خليل ابن فزع يعمل بالاسواق الكبيرة الكائنة في الشارع العام يرافقه بضعة شباب تحت ادارة مجتبى و شريكه ناصر ، هذا الاخير يمتلك منزلاً صغيراً في كربلاء خصصه للزوار ايام المناسبات الدينية و للاصحاب او الاقارب بقية السنة فاعتاد كرار امين الصندوق و اقدم العاملين على استعارة المفاتيح ليمكث هناك عند زيارة المدينة اذ يزورها عدة مرات بالعام الواحد و قبل عودته الى بغداد يقوم بتنظيف الدار و ترتيبه تجنباً للاحراج لكن صار يتكاسل تدريجياً حتى اصبح لا ينظفه.
اعتاد شقيق مجتبى و الذي يدعى صادق المرور على الاسواق و القاء التحية فهو يعرف الشباب و ناصر معرفة سطحية و في احد الايام استأذن مجتبى من ناصر لكي يقيم شقيقه بالمنزل ليلة واحدة و قوبل طلبه بالموافقة شرط ان ينظفه قبل المغادرة فتوجه الشقيق نحو كربلاء و بعد اداء الزيارة ذهب الى البيت الصغير ليجده متسخاً و الاواني و الافرشة مبعثرة و بقايا الطعام متناثرة و الكراج مغطى باثار الطين و الرمال و التراب لكنه غادر في الصباح التالي دون تنظيف المكان و قرر تكرار الزيارة مستقبلاً و لم تتصادف زيارات كرار و شقيق مجتبى في نفس الزمان رغم تعددها بالاونة الاخيرة و استمر كلاهما باهمال نظافة البيت يستغلان تساهل ناصر معهما و عدم درايته.
هناك كاميرتان مزروعتان داخل المنزل و متصلتان بهاتف ناصر عبر تطبيق معين لا يعلم بامرهما سواه ليتأكد من عدم وجود دخلاء او اشياء غير مألوفة فلاحظ تقصير صادق و كرار اخيراً و فكر بطريقة لعقابهما دون ان يدركا و انتظر حتى طلب صادق المفاتيح فاخبره انه يشعربالملل و الضيق و يريد الذهاب معه و اقترح على كرار ان يرافقهما ليحرجهما و يجبرهما على التنظيف و ستكون هذه المرة الاخيرة التي يسمح لهما بدخول البيت فترددا قليلاً خشية من عتابه اذا شاهد حال المكان لكنهما وافقا.
الطريق كان مسلياً مليئاً بالضحك و الاحاديث الطريفة ، وصلو الى كربلاء عند الساعة الثامنة مساءً، عندما دخلو المنزل تماسك ناصر نفسه و لم يوبخهما، كذلك فعل صادق و كرار تظاهرا و كأن شيئاً لم يكن فاخبرهما انهم يجب ان ينظفو المكان و يحضرو طعام العشاء ثم يتوجهون الى مرقدي الامامين الحسين و العباس اذ ليس هناك زحام في منتصف الليل لكن كرار اقترح ان يحضرو الطعام ثم يذهبون للزيارة و ينظفون المنزل حين يعودون فالتنظيف سيأخذ وقتاً طويلاً و ايده صادق فوافق ناصر مرغماً.
استغرق ناصر وقتاً طويلاً في قراءة الزيارة و الصلاة لما اكملها التفت يميناً و يساراً ثم خلفه فلم يجد رفيقيه اللذين يحاولان اتعابه بالبحث عنهما ليعود منهكاً و يكون الوقت قد تأخر جداً على التنظيف فيؤجله للصباح و عندها سيفكران بعذر مناسب ليتهربا منه و راح المسكين يبحث عنهما بين الصحنين الشريفين و هو يفكر مع نفسه متسائلاً يا ترى هل يستحق امراً تافهاً كل هذا التهرب و التخطيط و الحيلة؟ هل تنظيف المنزل شاق لهذه الدرجة؟.
مل من البحث فذهب ليستلم حاجياته و اكتشف غياب حاجيات صادق و كرار و كذلك المفاتيح فعلم انهما قد عادا الى المنزل فعاد اليهما و حين وصل كانت الانارة مطفأة و الباب مقفلة لكنه يشعر بوجودهما ففتح تطبيق الكاميرا في هاتفه و شاهدهما صامتين يستخدمان انارة فلاش الهاتف.
طرق الباب و ناداهما عدة مرات لكنهما لا يجيبان فصرخ عالياً قائلاً :
تره داشوفكم بالكاميرا فتحو الباب لا اگلب الدنيا عليكم
فتحا الباب سريعاً و قبل ان ينطق ناصر بكلمة صرخ صادق في وجهه و دار الحوار التالي :
- شوكت ربطت كاميرات؟
- من زمان اول ما اشتريت البيت
- ما تستحي ما تگول عيب خاف اجيب مرتي وياي؟ ما تگول عيب خصوصيات العالم
- لعد اعوف الحرامية و السرابيت براحتهم يطبون للبيت غير حتى اعرف اذا صار شي
و اضاف كرار قائلاً :
هاي واگفة والله و ما ينسكت عليها
استمر الجدال عدة دقائق و انتهى بالخصام و باتا الليلة لا يتحدثان مع ناصر و في الصباح غادرا مبكراً دون ان يكلماه و تركاه ينظف المنزل وحده و انطلق بعد الظهيرة الى بغداد خائباً متعكر المزاج.
بعد ايام باع ناصر المنزل لكن معاناته استمرت اذ اصبح يلقب "رجل الكاميرا".