المحرر موضوع: حيدر العبادي متحديا إيران: باق في المشهد السياسي وعائد إلى السلطة  (زيارة 1498 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31321
    • مشاهدة الملف الشخصي
حيدر العبادي متحديا إيران: باق في المشهد السياسي وعائد إلى السلطة
رئيس الوزراء العراقي السابق يصف المعادلة السياسية لسلفه بالملغومة.
العرب / عنكاوا كوم

ولاية ثانية وثالثة إن لزم الأمر
حين يتحدّث رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي عن أجندة أجنبية وراء عدم تجديد ولايته على رأس الحكومة، فإنّ أنظار الملاحظين تتّجه آليا صوب إيران، التي لم تنظر إلى الرجل بعين الرضا ولم تعتبره من ثقاتها الذين يمكن أن يؤتمنوا على مصالحها ونفوذها، فأوكلت لأكبر حلفائها المحلّيين مهمّة إقصائه عن دائرة صنع القرار ومحو بصمته السابقة والعمل على إلغاء دوره المستقبلي.

بغداد - أرجع رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي تراجع دوره في المشهد السياسي منذ فشله في الحصول على ولاية ثانية على رأس الحكومة إثر الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو من العام الماضي، إلى وجود ما سماه أجندة خارجية ومؤامرة حاكها البعض ضدّه.

ولمّح العبادي إلى أنّ مستقبله السياسي هو مدار المعركة الأساسية، متعهّدا من ثمّ إلى استعادة دوره والسعي إلى العودة إلى قيادة البلد من موقع رئيس الحكومة.

ولم يشر العبادي إلى الأطراف المتآمرة ضدّه ولا الطرف الخارجي صاحب الأجندة التي ذكرها، لكنّه غدا من الشائع داخل الوسط السياسي العراقي أن يشار بصريح العبارة إلى إيران وكبار حلفائها المحلّيين من قادة أحزاب وميليشيات شيعية بالأساس، لدى الحديث عن إخراج العبادي من السلطة وتهميش دوره السياسي، على اعتباره لم يكن موضع ثقة طهران ومتّهما من قبلها بموالاة واشنطن.

وسبق للسياسي العراقي الكردي المخضرم هوشيار زيباري الذي كان قد شارك في السلطة من خلال منصب وزير الخارجية ثم وزير المالية في حكومتي نوري المالكي وحيدر العبادي، القول إنّ الأخير “يؤكّد أن إيران حرمته من ولاية ثانية رغم الجهود الأميركية التي لم تكن عملية بما فيه الكفاية”.

وعلى صعيد عملي فقد حُرم حيدر العبادي من المشاركة في حكومة عادل عبدالمهدي، بعد أن كان حسب البعض مرشّحا على الأقل لتولّي منصب وزير الخارجية. ولم يقف الأمر عند ذلك الحدّ، بل إنّ بعض القرارات التي اتخذتها حكومة سلفه بدت موجّهة لمحو بصمته السياسية، وحتى “إهانته” عن قصد، ومن ذلك إلغاء جميع القرارات التي أصدرها خلال الفترة الانتقالية قبل تسليم السلطة لعبدالمهدي، ومداهمة القوات الأمنية للمنزل الوظيفي الذي كان العبادي يشغله في المنطقة الخضراء وسط بغداد وإخلائه بالقوّة.

وعلى عكس سلفه المالكي، فشل العبادي في الاحتفاظ بمنصبه لدورة ثانية، إثر خوضه انتخابات مايو 2018 بتحالف حمل اسم “ائتلاف النصر”، وعدم تمكّنه من عقد تحالفات من شأنها تأمين صدارته للمشهد السياسي بالبلاد.

واكتفى رئيس الوزراء العراقي السابق في توصيف أسباب تراجع حضوره السياسي، بالإشارة إلى خليط من “القراءات الخاطئة للبعض ومؤامرة من قبل البعض الآخر، وعمل آخرين في ضوء أجندات أجنبية”.

وقال في تصريح لوكالة الأناضول إنّه سيكشف المزيد من التفاصيل في الوقت المناسب، موضّحا أنّه لم يرشّح نفسه رسميا، لولاية ثانية على رأس الحكومة، وأنّه قرّر خوض الانتخابات في وقت متأخر.

لكنّ الرجل أكد في الوقت نفسه عزمه على خوض غمار المنافسة على المنصب التنفيذي الأوّل في البلاد مجدّدا، قائلا بهذا الخصوص “نعم وبكل وضوح وقناعة أقولها؛ لدي رؤية وإرادة وتجربة ناجحة لإدارة الدولة التي هي همّنا ومصيرنا المشترك، ولن أهرب من معركة بنائها وقيادتها”.

وتابع “إني هنا أفصل بين الذات والموقع، وليست رغبتي بالبقاء كرئيس للوزراء مسألة شخصية، ولو كنت كذلك لأعددتُ للانتخابات قبل عقدها بزمن، ولسخّرت الدولة وإمكاناتها لخدمة بقائي في المنصب، وهذا لم يحدث”.

اعتراف بالفشل في محاربة الفساد بسبب تعقد الظاهرة وارتباطها بمنظومة سياسية وإدارية تحتاج إلى تفكيك متزامن وشامل

وأضاف “كانت رسالتي التي أخذت جل اهتماماتي هي تحرير الدولة من الاغتصاب الداعشي، وإدارة ملفاتها السياسية والاقتصادية والسيادية بأفضل الممكن والمتاح وسط تحديات هائلة ومصيرية”.

ولم يستثن العبادي حكومة سلفه عبدالمهدي من الانتقاد معتبرا “أنّ المعادلة السياسية التي أنتجتها ملغومة ومتناقضة وهشة”،  قائلا “آمل أن تنجح وأساندها رغم أني، وائتلاف النصر، لم نُشرَك فيها بأيّ موقع”.

وسبق لعضو البرلمان عن تحالف النصر، ندى شاكر جودت القول إنّه جرى حرمان متعمّد للعبادي من تولّي أي منصب في حكومة عبدالمهدي، بعد أن كان قد وُعد بتسلّم حقيبة الخارجية.

وأضاف العبادي “القضية لا تتصل بالأشخاص بل بالمعايير، وعلى القوى السياسية تحييد ملفات الأمن والسيادة أو حتى الثقافة والتعليم عن المناكفات ونظام الصفقات المحاصصية فضلا عن تمرير رغبات الأجنبي أيا كان”، في إشارة ضمنية إلى إيران التي تساند خصومه السياسيين.

كما عبّر عن أمله في أن تنجح الحكومة الجديدة باستكمال الحرب على تنظيم داعش، قائلا “من يريد النجاح في معركته ضد الإرهاب، فعليه التحلي برؤية وإرادة وسياسة كونية قادرة على فهم طبيعة المعركة وشدة تعقيداتها وتوازناتها”.

وإشارة العبادي إلى الحرب على الإرهاب، هي تذكير بإنجازه الأكبر خلال ولايته على رأس الحكومة المتمثّل في النصر العسكري على داعش من خلال حرب شارك فيها تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة.

ولا يخلو حديث رئيس الوزراء السابق عن “سياسة كونية قادرة على فهم طبيعة المعركة وشدة تعقيداتها وتوازناتها”، من تلميح إلى المعركة السياسية الدائرة حول بقاء القوات الأميركية في العراق حيث يعمل حلفاء نافذون لإيران ومشاركون في حكومة عبدالمهدي ولهم تمثيل قوي في البرلمان على إنهاء الوجود العسكري الأميركي على الأراضي العراقية، ما يعني لدى العديد من الأطراف السياسية العراقية، وقد يكون العبادي أحدها، عدم فهم لكونية المعركة ضد الإرهاب ولتعقيداتها وتوازناتها.

وفي معرض رده على اتهامات له بالتقاعس في مكافحة الفساد، قال العبادي على العكس، أحالت إدارتي 8 وزراء وعشرات الوكلاء ومئات من ذوي الدرجات الخاصة (من حكومته وحكومات سابقة) إلى القضاء، وسنّت العديد من القوانين وأجرت إصلاحات هيكلية لمحاربة الفساد.

إلا أن الرجل أكد أنه لم ينجح في هذه المهمة تماما، معللا ذلك بأن الفساد منظومة سياسية إدارية ثقافية تحتاج إلى تفكيك متزامن ومترابط وشامل.

وعلى وجه العموم لم يواجه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي اتهامات مباشرة بالفساد، ويسود انطباع عامّ بنظافة يده. ومع ذلك لم يستطع فعل شيء يذكر لمحاربة الظاهرة والحدّ منها، رغم أنّه ظلّ طيلة السنوات الأربع من رئاسته للحكومة يرفع شعار الإصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، تحت ضغط الشارع الذي تفجّر غضبا في أكثر من مرّة، لكن العبادي حقّق في كلّ مرّة نجاحات في امتصاص غضبه بإجراءات وصفت بالسطحية ولم تنفذ إلى أعماق ظاهرة الفساد ولم تطل رؤوسها الكبيرة. وفي مقابل عدم اتهام العبادي بالفساد، فقد كان يتّهم بالضعف وعدم القدرة أمام كبار الفاسدين.

وقال لقد كانت خطتي للفترة الرئاسية الثانية تركز على تفكيك شامل لهذه المنظومة، ما يتطلب وقتا وإرادة وقوة.

ويصف البعض مجيء العبادي إلى الحكم بعد ولايتي سلفه نوري المالكي الذي ترأس الحكومة العراقية من 2006 إلى 2014، بأنّه مظهر على “سوء حظّه”، في إشارة إلى الأوضاع الكارثية على مختلف الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي خلّفتها فترة حكم المالكي، وانتهت بأكبر كارثة وهي سيطرة تنظيم داعش على ثلث مساحة العراق. ويرى مراقبون أن تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية في الجنوب خلال الأعوام الأخيرة ساهم في فقدان العبادي للكثير من أصوات القاعدة الشعبية الشيعية في انتخابات مايو 2018.

كما استمرت في البلاد حالة فقدان المكون السنّي الثقة في العملية السياسية، إثر ما تعرض له هذا المكوّن من انتهاكات على يد الأجهزة الرسمية والميليشيات الموالية للحكومة على السواء، رغم كون المكوّن ذاته هو المتضرر الأكبر من اجتياح داعش وهو ما حرم العبادي من استثمار أكبر إنجاز له خلال رئاسته للحكومة وهو تحقيق النصر على التنظيم المتشدّد واستعادة الأراضي التي احتلّها، وإنْ بأثمان باهظة ماديا وبشريا.