المطران القومي !
آخر صيحة في عالم التخلّف ونبذ الايمان .
أكاد لا اصدّق نفسي وانا اكتب عنوان المقال .
كيف لرجل دين مسيحي ان يصبح " قوميا " ؟
هل أظهرَ المسيح له كل المجد ، ومن بعده تلاميذه ، اي شعور افتخاري اتجاه قومياتهم ؟
ان عصيان يونان النبي ومحاولته الهروب من تكليف الله له للذهاب الى نينوى لغرض مطالبتهم بالكف عن ارتكاب الخطايا وتحذيرهم بعقاب الله ، كان بسبب شعوره القومي ( كونه عبراني ) ضد الاشوريين اعداءه ، كان يتمنى ان يظلّوا على خطاياهم كي يهلكهم الله ... فكان تأديب الله له رغم انه نبي الله والآشوريين عباد الاصنام ....
انها ليست صدفة ان يختار الله ذلك الحدث ،.. إختاره بعناية ليكون درسا لنا كي يتبع المؤمن " الايمان " في عمله ، متجردا من كل انحياز بشري شرير .
ألم تكن المرأة السامرية من قومية مختلفة يكرهها اليهود ؟ .
ألم يخصّ المسيح في مثاله " السامري الصالح " ليجعل عمله افضل من موقف الكاهن اليهودي ؟
ماذا جرى ، وماذا يجري في شرقنا الاوسطي لينتج لنا مثل هذه العجائب والغرائب في الافكار والاخلاق والايمان ؟
أبشر " ابو عدّاي " ونم في مثواك قرير العين .. فالمثل العراقي يقول : " اللي خلّف ما مات " .... وها نحن نشاهد التخلّف الذي بذرته وسقيته يعطي ثماره التي اسبغت سمومها على عموم العراق ، حتى بين بعض المسيحيين وقسم من رجال دينهم .
رجل دين مسيحي قومي ؟
ماذا أبقيتَ لبعض العامة الذين لا يحلو لهم إلا الخوض في المستنقع القومي الآسن علّهم يعثرون على مبتغاهم في الماء العكر ، ضاربين كل القيم الايمانية والاخلاقية عرض الحائط ... فإن كانوا قد نجحوا في إغرائكَ للخوض معهم من اجل قطف " الثمرة المحرّمة "، فلماذا لا تنزع ردائك الكهنوتى قبل الخوض كي لا " يتّسخ " ؟
ألا يخطر على بالك شيء عندما تصلّي وتقول : " لا تدخلنا في التجربة " ؟
هل تلعب لعبة العميل المزدوج ؟ ...المسيحية ترفض هذا التأرجح وهذه الازدواجية ... علّمنا رب المجد ان الانسان لا يستطيع ان يخدم سيّدان ، لا يستطيع ان يشرك في الايمان شيء آخر . ...
هل تحاول اقناع نفسك والاخرين بتفسير تبريري أشبه بالخداع ؟ أيوجد في المسيحية شيء اسمه الكذب على طريقة " ومكروا ومكر الله معهم " ؟
أن تعتز بقوميتك شيء ، وأن تكون " قوميا " شيء آخر , رغم ان العزّة لا تكون الا بالصليب ... هل قرأتَ الانجيل لتقع عيناك صدفة على : " وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ " ؟
ألم يخطر على بالك انه عندما تتفاخر بقوميتك التي ورثتها تجعل من نفسك اشبه بالعربي القومي الذي يتفاخر متغطرسا بعروبته او الكردي بكرديته ، او بالاسلامي الذي يردد دائما : " اشكر الله على نعمة الاسلام " ؟؟ !
لكن مدرسة التخلّف واحدة وإن اختلف موقعها ...
من يستطيع ان يصدّقك بعد الآن بعد ان كنتَ غير امين على ايمانك ؟ ... ماذا تتوقعه منا بعد ان تخلّيت عن مباديء المسيحية الانسانية الرحبة ، لتحشر نفسك في زاوية محدودة مظلمة ؟ ...
هل يُباع المسيح ثانية بـ " الثلاثين من الفضة " ؟
من أية زاوية تنظر الى محنة المسيحيين في الشرق ؟ من المنظار المسيحي الانساني ام من منظارك القومي ؟
الاقباط اكثر من عشرة ملايين ، مع ذلك لم اسمع رجل دين قبطي واحد يتحدّث عن قبطيته مهما كانت المناسبة .. فهو لا يجيد الكلام إلا عن مسيحيته ... يبدو ان التخلّف لم يستطع النفاذ لقهر ايمانهم .
ملاحظة : اختياري لكلمة " المطران " كان تعميما لرجل الدين المسيحي .
متي اسو