المحرر موضوع: الآشوريون والعرب والعروبة والتعريب - تحليل تاريخي آكاديمي  (زيارة 903 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Ashur Giwargis

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 880
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

الآشوريون والعرب والعروبة والتعريب
تحليل تاريخي آكاديمي 

آشور كيواركيس - بيروت

"إكذب ثم إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الناس".. هذا ما قاله جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية لألمانيا النازية في عهد هتلر، حين كان يقوم بغسل أدمغة الشعب الألماني حول ألوهية هتلر والعرق الجرماني، وهذا ما تطبقة المناهج الدراسية والسياسية في كافة الدول العربية اليوم (إن لم يكن أغلبها) وذلك ليس بنشر فكرة العروبة كون العرب هم جزء من تاريخ منطقة الشرق الأوسط ويحق لهم الإفتخار بعروبتهم (في مكان وزمان ما) ولكنهم ليسوا الكل، و"الشعب" العربي هو شعب شهم وطيب ولكنه ضحية "الكذبة الكبرى" ولا يحتاج سوى لأن يقرأ جيداً.

وبدون التطرّق إلى التخلف الفكري"العروبي" (وليس بالضرورة "العربي") في الممارسة السياسية والتربوية، سنعود إلى التاريخ الذي لا يرحم الكذابين، وخصوصا التاريخ الآشوري الذي وضع النقاط على الحروف في مواجهة كل مشروع مضاد للقومية الآشورية (اليوم) وكأن أجدادنا الآشوريون كانوا يحضّرون لما سيواجهه أحفادهم. فالعرب هم مكوّن قديم في المنطقة وإسمهم ليس حدثاً طارئاً، بل هم مجموعة قبائل غيورة قاتلت من أجل وجودها لا بل كانت طامعة (كما كل مجموعة) بالتوسع إلى أراضي "الغير"، ولعلّ الخطأ الأكبر الذي ارتكبته هذه المجموعة قبل الميلاد هي التحرّش بالآشوريين الذين ذكروهم في مدوّناتهم التي لا تحتاج إلى تفاسير ماسحي جوخ السلطان ليفسّروها على هواهم بمحاولاتهم الفاشلة في تقليدهم لغوبلز الذي مرّ ذكره.

إن كافة مدوّنات الملوك الآشوريين تذكر العرب و"بلاد العرب" في عدة مواجهات ومعارك، ففي المجاــّـد الأوّل من سلسلة "المدوّنات التاريخية لآشور من أقدم العصور إلى عهد شارّوكين الثاني" يذكر البروفسور دانيال لوكنبيل بأن الملك الآشوري شلمانسـّـر الثالث (شلمانو آشاريدو – شلمانو الممتاز) قد تلقى ضريبة ألف جمل من الملك "جنديبو العربي" (ص: 223)، أما تكلات بيلاسّر الثالث (توكلتي أبل إيشارا - توكــّـلت على إبن البدء) فيذكر "لقد فرضت الجزية على ملكة "بلاد العرب" زابيبي (ص: 276) وقتلت 1100 من جنودها واغتنمت منها 30.000 جملٍ و20.000 من رأس من الماشية .. و..و..و.."، كما يذكر ما يلي: "الملكة شمسي نكست بقـَـسـَـمِها لشمش فدمرت خيَم شعبها في سبأ في "بلاد العرب" فارتعدت مني وأخضعتها تحت أقدامي" (ص:279) - "أما روكيبتو إبن ميتيلين، فقد سيطرت على عرشه وحاول منعي وسعى إلى محاورتي فاقتحمت مدنه الخمسة عشر في بلاد العرب (ص:280).

أما الملك آشور بانيبال (آشور باني أبلي – آشور خلقَ وريثه) فهو الاخر يتحدث عن شخصية مزعجة بالنسبة له وهو الملك "يوتا العربي" الذي خلف بوعده للخضوع للدولة الآشورية. وحول ذلك، تذكر البروفسور باميلا جيراردي في كتابها "حملات آشور بانيبال على العرب" مدوّنات هذا الملك الآشوري عن يوتا المشاكس الذي قرّر آشور بانيبال معاقبته ومنها ما يذكره كما يلي: "هرب خادِمي يوتا ملك بلاد العرب إلى ناباياتي وطلب الحماية من الملك ناتنو، فارتعد ناتنو من هذا الطلب وسيطر عليه القلق" (ص: 77)، كما يتحدث آشور بانيبال عن ملكة عربية تمت معاقبتها وهي الملكة "أديــّـا" حيث يقول : "لقد عاقبت أديـّـا ملكة بلاد العرب وحاصرتها وجلبتها حية إلى آشور بيديّ" (أيضاً ص:77) ...

هذه الكتب وغيرها العشرات، مليئة بمدونات أخرى تسرد نفس القصص التي لا مجال لنشرها جميعا كونها تحتاج إلى أيام لقراءتها، ولسنا هنا في صدد سرد "البطولات الآشورية" لأننا لسنا بحاجة لذلك أصلاً، ولكن حين يقرأ القاريء اللبيب هذه المصادر تراوده بعض الأسئلة ومنها :

1- كيف يكون الآشوريون عرباّ حين يستعمل الملوك الآشوريون عبارة "ملك العرب" لخصومهم ؟

2- كيف تكون آشور أرضا عربية حين يستعمل الملوك الآشوريون عبارة "إقتحمت البلاد العربية" أو "أخضعت ملك بلاد العرب" ؟

فهل كان هذا يعني (بالمنظور العروبي المتخلف) بأن ملوك الآشوريين كانوا أيضا "حاقدين على الحزب والثورة ؟". إن هذه التلفيقات لا يستطيع مؤرّخو "الحزب والثورة" طرحها سوى في حلقاتهم الحزبية ومناهجهم المضحكة المبكية، أما في مؤتمرات "علم الآشوريات" التي تنعقد حول العالم فيضعون أذنابهم بين أرجلهم ويخرسون، وهذا ما يعزّينا نحن أحفاد شلمانسـّـر وآشور ناسربال.