ايزيديون ... ومسيحيون
قرأتُ مقال الست سندس سالم النجار بعنوان " خمسون راس منحور لاسيرات ايزيديات في قبضة داعش ( هدية للمكون الايزيدي لوحدته والتحامه وتكاتفه) !!! " المنشور على هذا الموقع في مطلع هذا الشهر .
تساءلتُ متى تكفّ الاخبار عن نقل الجرائم التي ارتكبت بحق المكوّن الايزيدي ، خاصة النساء والاطفال منهم ؟؟ ... يبدو ان هذا النوع من الاخبار سوف لن يتوقف نظرا لحجم الجرائم التي ارتكبت بحقّهم ...
هل سنعيش لنسمع خبرا ، خبرا واحدا مفرحا عنهم مهما كان بسيطا ؟
وأنا اتخيل مأسي اخواننا الايزيديين ، يسرح ذهني نحو الجرائم التي ارتكبت بحق المسيحيين ( ولا زالت المحاولات جارية ) وكذلك بحق اخواننا المندانيين .
ماذا فعل " اله الرحمة " بأصحاب هذه الديانات بعد ان غيّر مرادفات الرحمة في قاموسه لتصبح " نحرا واستعبادا واسترقاقا وتهجيرا " ؟
لنترك مسألة الانتماء الديني جانبا ... كيف لرجل يحترم رجولته ان يؤذي امرأة وديعة عزلاء على هذا النحو ؟ ... كيف تناغم فعله مع أفعال جميع الاخرين من على شاكلته ؟... ما هو الفكر الذي استطاع ان يجمعهم معا " كالبنيان المرصوص " ليجردهم من انسانيتهم ورجولتهم ؟ ... ما نوع الامهات اللواتي ارضعتهم ؟ هل تربطهم صلة ، اية صلة ، بالبشر ؟
كلنا سنموت يوما ونزول ... لكن وصمة العار هذه لن تمحوها الايام .
لكن ، استوقفني السطر الثاني من مقال الاخت سندس النجار القائل :
" خمسة اعوام على التشتت والانقسام الايزيدي الغير مسبوق ! "
لو سمحتْ لي الاخت سندس استعارة هذا السطر واجراء بعض التعديل عليه ، لكان مناسبا جدا لحالتنا نحن المسيحيين ... لكني سأسمح لنفسي ذلك لاعتقادي ان الاخت سندس لن تمانع ...لاننا في الاضصهادات سواسية ...
" خمسة عشرة عاما على التشتت المسيحي الغير مسبوق " !!!!
هل هي مصادفة ؟ ... ان يصيب الايزيديين ما اصاب ويصيب المسيحيين ؟؟
المنطق يقول ان المحن ، خاصة من هذا النوع ، تخلق تضامنا ومؤازرة بين جمع المضصَهدين في نضالهم من اجل البقاء ...
لماذا إذاً ؟ ... ما السبب ؟ .. ما الموضوع الذي كان من الاهمية حاليا ليطغي على قضية " الوجود المسيحي " ؟
اني لا اؤمن بـ " نظرية المؤامرة " من النوع اذي اخترعته الانظمة العربية والاسلاميه لتخفي طغيانها وفشلها عن جمهورها وذلك باتهام الغرب (الكافر) ....
لكني اؤمن بقوة بوجود مؤامرات داخلية لا تنقطع على مدار السنين يحوكها هذا ضد ذاك ....هذا الامر ظاهر للعيان ولا يحتاج الى برهان ...
فهل في داخل مكوناتنا من يخون ويتآمرمع جهات داخلية لقاء مغريات مادية او منافع سياسية لبث وادامة هذه الانشقاقات بين المكوُن الواحد من اجل صرف الانظار عما حصل وعما يحصل من مخططات لاجتثاث المسيحيين ؟...
لتنفيذ مثل هذه الخيانة ، الامر سهل جد ولا يحتاج الى عناء شاق في مجتمعاتنا الشرقية ... ما عليك إلا " إثارة شعار " يراه بعضهم برّاقاً ، بينما يُغيض البعض الآخر ...وما على ضميرك الميت إلا إذكاء الشعار والمحافظة على ديمومته كي لا يموت ...
نحن نعرف مدى تعلّق الشرقي بالشعارات ... كما نعرف أيضا ان كل الاجرام وجميع الموبقات كانت مغلّفة بشعارات رنانة زاهية ... ونعلم كذلك ان النيات الحسنه للمخدوعين بها كانت تقودهم دائما نحو التهلكة .
يكذب من يقول هذا شأن كل العراقيين ...وان ما يصيب المسلمين يصيب غيرهم من غير المسلمين ... ان هذا التعميم له دلالات لا تخفي على احد ، اولها محاولة تبرأة الاخوة الاعداء من الجرائم ضد غيبر المسلمين .
لان وضع المضطَهَد غير وضع المضطهِد... الاول يناضل من اجل البقاء والثاني يحارب من اجل الاستحواذ...فكيف يُقاس هذا بذاك ؟
يكذب ، مع سبق الاصرار ، من يحاول انكار او التخفيف من حجم النزاعات .. انه يقول ذلك ، سذاجة او خبثا ، ليعطي فسحة اكبر لصاحب الشعارات للمضي في ديمومة وزخم خيانته ...
يكذب او لا يعي ، من يحاول التخفيف من حجم الاضطهادات الحالية بحجة ان هذه الاضطهادات مستمرة منذ قديم الزمان ... ربما يقول ذلك لان عقليته لا زالت تعيش في ذلك الزمان ....لاننا نحن الان في القرن الواحد والعشرين والامر يختلف تماما ، وما يحدث في الصين نقرأه في امريكا ... ورغم كل التطهير العرقي في الماضي ، لم نسمع مثلا ان المناطق المسيحية في نينوى وشمال العراق تم تهجيرها مع اجراء تغيير ديمغرافي فيها على هذا النحو ؟...
فلا عذر من لا عذر له
متي اسو