هذا المقال الأخير الذي كتبه الأخ الراحل فارس ساكو .. كان أشارة واضحة منه بانه سيترك هذا العالم قريبا، بعد أن ضاقت به سبل الحياة، ويأس من تحقيق حلمه، ويستريح هو وعائلته من عذابات والام الغربة والأنتظار ومن مستقبل غير منظور .. لذلك كتب حلمه هذا (مقاله) والذي جاء فيه:
من اجل الوحدة المسيحية :
طبعا انا اعتبر نفسي إنسانا حالما ! لاني اطلب أمورا لن يقبل بها احد ! فكما ان الغني مضى حزينا لان يسوع قال له بع كل مالك ووزعه على الفقراء وتعال اتبعني هكذا لن يتخلى احد عن ماله ( كل شيء وليس المال فقط مثلا السلطة والعقائد البالية والتقاليد المتخلفة وووو....)
أخي الراحل فارس ساكو: مقالك هذا الذي كتبته قبل أقل من أربعة أيام من رحيلك المفاجىء ( يوم 18 اذار الجاري عند الساعة 7:44 )، فيه ألم وغصة كبيرين وفيه تمنيات مشروعة لا بل مقدسة كنت تحلم بتحقيقها .. علما بانها لم تكن تمنيات شخصية بل كانت تمنيات لصالح الجميع، وأوردت كلام وتعليمات الرب يسوع لتكون مصدرا لمفردات حلمك، وكما ذكرت في مقالك (المختصر هذا) بان الرب يسوع طلب من الأغنياء والماسكين بالسلطة من قادة مدنيين وروحانيين بترك سلطة وملذات الدنيا واتباعه، وطلب منهم الرفق بأخوته الصغار ليعيش الجميع سواسية! ما أجمل هذا الحلم.
وتقول في حلمك أيضا:
البابا رغم انه لن يقراء مااكتبه لكني احلم انه يوجد شخص واحد على الأقل سيوصل له بلغة الروح ما اطلبه منه ! انا اطلب من البابا ان يلغي عقيدة الانتقال وعقيدة الحبل بلا دنس اصلي وغيرها من العقائد التي تخالف الاخرين!
وهنا تطلب حالما من قداسة البابا فرنسيس الأول، أو أنك تتوسل من أحدنا أن يوصل تمنياتك او (حلمك) الى قداسته كي يعمل ومن منطلق مسؤوليته الدينية والروحية الكبيرة ومكانته بين أمم العالم، كي يعمل لأنشاء طريق موحد للأيمان تتلاشى فيه جميع نقاط الأختلاف، ولتتوحد كنائس المسيح جميعها في كنيسة واحدة تؤمن بأننا جميعنا أتباع المسيح الواحد.
وتستمر حالما بالقول:
احلم بان يلغي كل مايلقي إحمالا على المؤمن بحيث اصبح لايستطيع ان يقف باستقامة امام الله ليجيب الله القائل : (( انت انساني )) بالقول : (( انت الهي )) .
وتحلم طالبا من لديه السلطة بكل مسمياتها "أن يعملوا على تحرير المؤمنين من الأحمال والقيود الثقيلة التي يرزحون تحت نيرها" ليبقى هؤلاء المؤمنين قريبين من ألاههم، وليتحرروا من ماديات هذا العالم التي تدار من قبل القوى التي لا تريد للبشرية الخير ولا أن تعيش براحة وأمان.
وتحلم بكرسي الرب الواحد قائلا:
احلم بان لا يكون بعد كرسي لبولس وبطرس ولا مرقس او غيرهم بل كرسي واحد للرب الإلاه الواحد !
احلم الا قومية ولا وطن بل المسيح الواحد !
وتحلم بان تتوحد عقيدتنا التي توزعت تحت مسميات كراسي الرسل، وعلى اساسها تدعو كنائسنا بكل مسمياتها، لتغدوا كنيسة واحدة تحمل اسم كنيسة الرب يسوع، وما أروع هذا الحلم الذي في حالة تحقيقه سيزين طريق الأيمان بالزهور والنفوس بالراحة والطمأنينة، أنه حلم المؤمن الحقيقي بالرب يسوع.
وتحلم بان تكون لنا قومية واحدة، بعد أن أنهكت صراع التسميات قوانا وشتت قدراتنا وأبعدتنا عن البعض زارعة الكراهية بين الأخوة.
ولا تريد أن تستفيق من حلمك:
لا اريد ان استفيق من حلمي لان الواقع كابوس أسوء من اي حلم !
هل ساظل نائماً الى ان يتحقق الحلم ؟!
لأنك يأست من الواقع المرير الذي تعيشه البشرية في كل مكان والذي يعكس صورة ضعفنا وأنقسامنا المريب، وتحلم بما هو طوباوي وما يحفظ كرامة الأنسان في كل زمان ومكان؟ لذلك تمنيت أن لا تستفيق من حلمك المقدس والمشروع حتى تتحقق؟ يا ترى كم كنت متألما في حياتك.
وتقول متوسلا:
انني اتوسل بكل من يستطيع ان يحقق الحلم ان يفعل والا فليعلم ان هناك مؤمنون لا ينامون حتى يحلموا مثلي بل مستعدون عندما يكتشفوا انهم مخدوعون ان يعملوا كوابيس أشنع وافضع من كابوس الواقع هذا !
مع الأسف أيها الحالم الذي رحل متألما، لا أعتقد هناك من يستطيع أن يحقق حلمك المشروع هذا، وهو حلم المؤمنين الحقيقيين وحلم الرازحين تحت نير عبودية قادة العالم المتحضر؟؟
حلمك سيتحقق في حالة واحدة: وهو عندما يأتي الرب يسوع ثانية ويحكم بالعدل بين الناس ويقول للطيبين (من أمثالكم) تعالوا الي يا مباركي ابي ويا ايها المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم .. وسيقول للذين أضطهدوك ولم يسمعوك واضطهدوا الاخرين أبعدوا عني فأنا لا أعرفكم، حيث كنت جائعا ولم تطعموني، وعطشانا ولم ترووا عطشي، وعريانا ولم تكسوا جسدي الضعيف.
الحالم فارس ساكوT
أيها الأخ الراحل فارس: ليرحمك الرب يسوع الذي كرست حلمك لمجده العظيم، ويعطيك الراحة الأبدية في فردوسه ... امين يا رب المجد.
في النهاية: أطلب منك وانت الراحل بعيدا عنا " أطلب المغفرة " أن كنت قد أغضبتك يوما في كتاباتي أو تعليقاتي على مواضيعك، بسبب الاختلاف في الراي.
كوركيس أوراها منصور