رد على جواب السيد وردا اسحاق المحترم حول مقاله بعنوان " العلاقة بين المسيحية والاديان الاخرى "
الاستاذ وردا اسحاق المحترم
ارجو ان لا يُعتبر نقاشنا هذا دينيا او طائفيا .
لما كان موضوع مقالك عن " العلاقة بين المسيحية والاديان الاخرى " فإنه يؤثر ، شئنا ذلك ام ابينا ، على مستقبل ومصير جميع المسيحيين في الشرق العربي والاسلامي ، وارى ان من حق اي انسان ان يناقش هذا الامر .
عندما كتبتُ الرد على مقالك لم اكن أعرف ان حضرتك " لاهوتيا كاثولوكيا " ، وكي اكون صريحا معك ، كان هناك شعورا يخالجني احيانا من ان كاتب المقال ربما ليس مسيحيا ... فارجو المعذرة .
1. قبل الخوض في اي نقاش اريد ان استفسر ... هل ان رجال الدين المسيحيين بجميع رتبهم وطوائفهم ، وكذلك اللاهوتيين معصومون عن الخطأ ؟ ، هل يجوز انتقادهم عندما يتعلّق الامر بالحياة العامة للناس ، أم على العامة ان تسكت وتطيع ؟
( يجب ان اوضّح هنا ان انتقاد ما يكتبه او يصرح به رجال الدين عن وضع المسيحيين شيء ، وذلك الانتقاد الكريه الذي اعتاد البعض ان يُوجهه الى شخوص رجال الدين والكنائس شيء آخر ) .
انتقدتُ مرة تصريج الحبرالاعظم عندما صرّح بأن الارهاب الاسلامي مثل الارهاب المسيحي عندما يقتل الكاثوليكي احد الاشخاص مثلا ...هل تعتقد ذلك كان دقيقا من جناب الحبر الاعظم وهو يعادل الارهاب الاسلامي بجريمة عادية ؟ هل هروب المسيحيين خارج العراق هو بسبب الجرائم العادية ، ام بفعل الاجتثاث والارهاب ؟ ألا تعتقد بأن هكذا تصريح يشجّع الارهاب الاسلامي بعد ان اتضح له ان الكل يفعله حسب تصريح رأس الكنيسة ؟
هل تعتقد ان الدبلوماسية أفضل من الحقيقة ؟ اعتقد ان الانجيل يقول لنا " والحق يحرركم " وليس الدبلوماسية .
وحضرتك كذلك ، فعندما ركّزت مرتين على لوم المسيحيين ( الضحية ) بشدة لانهم لا يحملون في قلوبهم المحبة ( كما تقول ) تكون قد توصّلت الى نفس النتيجة في ايذاء المسيحيين دون ان تدري ... اعتقد انك تعيش في الخارج ...
رجاء لا تقل لي هذا خارج الموضوع ، لان من يصرّح بمثل هذه الاشياء هو نفسه الذي يحاول ان يصوّر لنا علاقة ايماننا بالاديان الاخرى .
2. حتما ان رجل الدين واللاهوتي يكتب عن جوهر الدين من وراء مكتبه وهو محاط بكتبه ... لكن ، هل يكتب بنفس الطريقة ( من وراء مكتبه ) عن حياة المضطهدين دون ان يعيش بينهم ليعاين دمائهم مختلطة بدموعهم وعرقهم ؟ هل يعيش قلقهم اليومي على اطفالهم ونسائهم ؟... ماذا حدث ويحدث لمسيحيي سهل نينوى ؟
3. في اجابتك ، كنتَ تردد دائما باني حاقد على الاسلام لانني ذكرتُ آيات من القرأن ! ، أتدري يا استاذ من انك تؤيدني دون ان تدري ؟ لانك تجد ان تلك الايات ( ايات السيف ) غير مقبولة ، ولهذا اتهمتني بالحقد عندما ذكرتها ...لماذا تفترض بأن الاخ المسلم يزعل من تذكيره بآيات من كتابه وهو يرددها من على المنائر بمكبرات صوت ؟؟ ... اني ذكرتها لان لها صلة وثيقة بموضوع العلاقة بين الاديان ... اني لم اكن متذبذبا ، أرفع وأكبس ( اشكرك على الوصف ) ، كنت اقارن " العلاقة بين الاديان " من وجهة نظر مسيحية واخرى اسلامية لذا بدت الصورة ( ولست انا ) متذبذبة.... لماذا تتهمني بعدم المحبة للاخرين ؟ هل محبة الاخر تشترط عدم تذكيره بما يفعله ؟ هل سألت نفسك لماذا لم أنتقد الملحد او البوذي او الهندوسي ؟ ايحتاج ذلك الى شرح ؟
4. بخصوص فتح الحوار ومد الجسور بين الأديان والشعوب لكي تعيش بسلام وتآخي مع بعضها ... الحوار الاسلامي المسيحي بدأ منذ عام 1995 بزيارة وفد اسلامي رفيع الى الفاتيكان ... ما النتائج التي حققها للمسيحيين وللمنطقة ؟ ، ام انها كانت فقط محاولة ترتيب علاقة " دولة الفاتيكان " بالعالم الاسلامي ؟ ... بعد ما يقارب ربع قرن والمناهج في الازهر ومعظم العالم الاسلامي تحرّض المسلمين على اضطهاد وقتل اليهود والمسيحيين ...الدكتور السيد القمني وهو من خلفية اسلامية اخذ نماذج من هذه الكتب وذهب والقى بها بوجه الامم المتحدة كي تجد حلا لتلك الكارثة ، ماذا فعلتم انتم ؟
من السهل ان تتهمني بـ " الحقد " ، لكن عوض ذلك يجب ان تكون موضوعيا ... مثلا ان تنكر وجود مثل هذه الكتب ...
لكن اذا قلتَ لي اننا مسيحيون ينبغي ان نحمل صليبنا دائما ؟ سيكون جوابي لك ، ما ذنب الملايين من الاخوة المسلمين الذين تُغسل عقولهم ليصبحوا ارهابيين ؟
وانت مسيحي ولاهوتي ويهمك امر الناس جميعا ، فكيف تسكت لما يجري للشباب المسلم ؟
اسمعت ما حدث للمسحيين منذ عام 1995 لحد الان ؟ ان تلك الفترة بالذات كانت فترة قطف غلال " الصحوة الاسلامية " بعد ان أينعت امام العالم اجمع ... والشيوخ المسلمون كانوا يمهدون لها يا استاذ بزيارات دبلوماسية لا يستفيد منها غيرهم .
5. اقتباس : " لهذا نرى بأن البابا فرنسيس ذكر أثناء زيارته للمغرب ما هو المشترك بيننا وبين الأسلام والذي هو الله ، لم يقل المسيح ، بل الله فقال ( إننا مسيحيين ومسلمين ، نؤمن بالله الخالق والرحيم ، الذي خلق البشر وجعلهم في العالم حتى يعيشوا إخوة " انتهى الاقتباس .
طبعا ان الله الخالق واحد .... لكن هل الله المعبود في المسيحية هو نفس الاله المعبود في الاسلام ؟... فإن كان المعبود واحد ، فما نفع المسيحية إذا ؟ بامكاننا خلق ايمان جديد متعدد الاديان كما تم التنويه عنه ، هل هذا هو المقصود ؟
لماذا هذا الاصرار على عدم ذكر اسم المسيح له كل المجد امام اصحاب الاديان الاخرى ؟ لماذا لم يذكره الحبر الاعظم في المغرب ؟ أليس اسم المسيح واردا في القرآن ؟ ومرة اخرى أسأل ، هل هذا يشمل انبياء الديانات الاخرى ايضا ام المسيح فقط ؟ كيف تبشّر بالمسيحية دون اسم المسيح ؟
صحيح اننا لسنا لاهوتيين ، لكننا لسنا سذجا .
حتما ان الحالة التي عاشها تلاميذ المسيح كانت اصعب بكثير من الحالة التي تعيشونها الان ، ماذا كان يقول تلاميذ المسيح بعد ان يّجلدون ويُههدون ويُطالبون بالكف عن ذكر المسيح ؟ ألم يكونوا يكرزّون باسم المسيح الذي حدّرهم من " خميرة الفريسيين " ، ويجادلوا اليهود ونفاقهم في تطبيق الشريعة ؟
هل تغيّر الانجيل او اللاهوت ؟
ام كان عليهم ايجاد صيغة بروتوكولية مع الاديان الاخرى في غرف مكيّفة ؟
6. وماذا عن توحيد الكنائس ؟...اننا لا نطلب الكثير الآن ، فإن كان لكم مثل هذه المحبة العارمة اتجاه الاخرين ( وانا لا اشك بذلك ) ، اليست هذه المحبة كافية لتوحيد اعياد المسيحيين مثلا ؟ ام ان الامر لا علاقة له بالمحبة هنا بل بمن " يتنازل " اولا ؟
اطلب من الاب وابنه يسوع المسيح ان يحفظ الجميع ، اطلب من الروح القدس ان لا يفارقنا ، وان يفتح عيوننا كي لا نخطأ ، وان ينير دربنا كي لا نقع في تجارب الشرير ,
تقبّل خالص تحياتي
متي اسو