المحرر موضوع: أردوغان يلقي خطاب الهزيمة في المدن الاستراتيجية وحيداً  (زيارة 1473 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31440
    • مشاهدة الملف الشخصي
أردوغان يلقي خطاب الهزيمة في المدن الاستراتيجية وحيداً
تفسير غياب الوزراء عن الوقوف إلى جوار أردوغان في شرفة مقر حزبه وهو يعترف بالهزيمة على أنه تمهيد لتغيير في أعضاء الحكومة أما غياب أفراد أسرته فهو لتفادي ردود أفعال قد يتعرضون لها من المجتمع بسبب الهزيمة في الانتخابات.

ميدل ايست أونلاين/ عنكاوا كوم
خسارة العدالة والتنمية في انتخابات البلديات ألحقت أضراراً فادحة بتحالف السلطة

بقلم: ذوالفقار دوغان
قال الرئيس العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية رحب طيب أردوغان في بادئ الأمر "أنا لا أثق في استطلاعات الرأي"، مشيراً إلى الدراسات الاستقصائية التي يقوم بها عدد من الشركات المختصة في هذا المجال، والتي تمارس العمل نفسه طوال مدة حكمه التي استمرت  17 عاماً، ثم ما لبث أن تمادى في حديثه، بعد ذلك، عندما أكَّد عشية ليلة الانتخابات أن نتائج التصويت ستُظهر مدى خطأ هذه الشركات.

ومع ذلك، فقد ظهرت عليه علامات الضيق والتذمر ليلة الانتخابات أثناء كلمته في إسطنبول، وخلال خطابه الذي ألقاه من شرفة المقر الرئيس لحزب العدالة والتنمية، عندما اشتكى من وجود "تقصير خلال الحملة الانتخابية لحزبه"، وذكر في تعليقه على نتائج الانتخابات "هذا يعني أننا لم نقدم أنفسنا لشعبنا كما ينبغي".

وعلى النقيض مما ذكره أردوغان، فقد كانت الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، التي بدأها قبل شهر من فترة الصمت التي حددتها اللجنة العليا للانتخابات، على أشدها؛ حتى إن الحزب كان يعقد يومياً اجتماعين جماهيريين أو ثلاثة اجتماعات، في حين تقوم قناتان أو ثلاث قنوات على الأقل من الإعلام الموالي لحزب العدالة والتنمية كل مساء ببث نشرات دعائية للترويج لبرنامج الحزب من دون توقف.

وعلى الرغم من أن تحالف الشعب الذي يتألف من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية قد فاز، من الناحية العددية، بأكبر عدد من مقاعد رؤساء البلديات، مقارنة بأحزاب المعارضة، إلا أنه تلقى ضربة قاسية في عدد من المدن التي تحظى بأهمية استراتيجية ورمزية، والتي لها ثقل كبير من الناحية الاقتصادية، التي ظل يسيطر عليها طوال 25 عاماً، وعلى رأسها العاصمة أنقرة التي يقيم فيها.

وفي حين كانت المعارضة تنظر، منذ البداية، إلى هذه الانتخابات باعتبارها مجرد انتخابات محلية، كان أردوغان، على وجه الخصوص، ومن ورائه حليفه حزب الحركة القومية يصران على إثارة الأجواء، حتى بدا الأمر وكأننا مقبلون على انتخابات عامة أو على استفتاء دستوري.

يتعين علينا في البداية أن نشير إلى نقطة مهمة للغاية؛ مفادها أن البيانات التي تبثها اللجنة العليا للانتخابات المعنية بمراقبة سير العملية الانتخابية، وإذاعة كل ما يتعلق بها من بيانات، قد انقطعت مرتين خلال ليلة الانتخابات، كما أوقفت وكالة أنباء الأناضول (وكالة الأنباء الرسمية التابعة للدولة)، والجهة الوحيدة التي كانت تبث معلومات عن نتائج الانتخابات، خدمة البث كذلك، ولم تعد تبث أي بيانات اعتباراً من الساعة 23:21 ليلاً.

وعندما بدأت المؤشرات الأولى لنتائج الانتخابات في الظهور بشكل غير رسمي، سارع قادة الأحزاب السياسية بالظهور، الواحد تلو الآخر، أمام الكاميرات، وراحوا يدلون بتصريحاتهم في هذا الخصوص. في حين عبَّر قادة جميع الأحزاب تقريبًا عن قناعتهم بفوز أحزابهم في الانتخابات، خرج الرئيس العام لحزب الحركة القومية دولت بهجلي ليلخص الأمر بقوله "لا يوجد خاسر في الانتخابات في هذا البلد".

 وفي الوقت الذي وجَّهت فيه زعيمة الحزب الصالح ميرال أكشينار رسالة إلى رئيس الجمهورية أردوغان؛ حثَّته فيها على التوقف عن سياسته العدائية بقولها "حان الوقت لأن تتخلى عن عدائك"، وجَّه الرئيس العام لحزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو الدعوة إلى أردوغان، بعد انتهاء الأجواء الانتخابية المشتعلة، بضرورة الالتفات إلى البرنامج الكارثي للاقتصاد التركي، وأن حزبه يستطيع تقديم العون إلى الحكومة الحالية من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة.

ومع ذلك، فقد حملت تصريحات أردوغان، التي ألقاها من شرفة المقر الرئيس لحزبه، رسائل  مفادها أنه لن يستمر في سياسته الداخلية بنفس الطريقة التي خلقت هذا الكم من التوتر.

وعلى الجهة المقابلة، وبينما يقول أردوغان إنه فَرُغ من البرنامج الانتخابي، مشدداً أنه تكون هناك انتخابات أخرى حتى يونيو عام 2023، وجدناه يوجه تهديدات ضمنية إلى مرشحي أحزاب المعارضة الذين فازوا في الانتخابات بقوله "كيف ستوفون بوعودكم التي قطعتموها على أنفسكم أمام الناخبين؟".

قال أردوغان، الذي قرن، طوال حملته الانتخابية، بين مسألة البقاء والقضية الكردية والإرهاب، وقام بافتتاح منافذ بيع حكومية لبيع السلع بأسعار مخفضة، أنه سيولي اهتماماً كبيراً للشؤون الاقتصادية، اعتباراً من اليوم، مشيراً إلى عزمه مراجعة عمل مجلس وزرائه، وعن عزم الحكومة إعادة النظر في أوجه القصور في هذا الشأن.

وفي حين تحدث أردوغان عن عزمه البدء في عملية تغيير جذرية داخل حكومته، عمد هو وحليفه بهجلي إلى التأكيد على أن الدولة خرجت من أجواء الانتخابات، وأنه لا عودة لإجراء انتخابات أخرى قبل أربع سنوات ونصف، في محاولة منهما لدرء أية محاولة للحديث عن إجراء انتخابات مبكرة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا في الوقت الحالي.

من ناحية أخرى، يمكن القول إن إصرار بهجلي، الذي يعد مهندس الانتخابات المبكرة سواء بالنسبة لانتخابات عام 2002، التي فتحت الطريق أمام حزب العدالة والتنمية لاعتلاء السلطة في تركيا، أو بالنسبة لانتخابات عام 2007 التي فتحت الطريق أمام عبدالله غول لتولي الرئاسة في تركيا، أو لانتخابات الأول من نوفمبر عام 2015، التي تمكن من خلالها حزب العدالة والتنمية من الانفراد بالحكم مرة أخرى، أو بالنسبة للانتخابات المبكرة في 24 يونيو 2018 التي فتحت الباب على مصراعيه أمام أردوغان للبقاء في السلطة من خلال إقرار نظام الحكم الرئاسي، كان انعكاساً لحالة القلق لديه من احتمال فقدان السلطة حال إجراء انتخابات مبكرة.

ربما لا تؤدي انتخابات 31 مارس إلى فتح الطريق أمام تغيير السلطة الحالية في تركيا، ولكن المؤكد أن تحالف السلطة لم يكن راضياً عن نتائج هذه الانتخابات، التي أفقدته الحكم المحلي في المحافظات التي يقطنها ما يقرب من 50% من سكان تركيا، وتستحوذ على ما يقرب من 70% من الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية في تركيا كلها. ومن أجل هذا، ربما يُغير أردوغان، الذي استخدم أسلوباً حاداً في حديثه من  شرفة المقر الرئيس لحزبه، سياسته، بل ربما يضطر إلى هذا رغماً عنه. 

ولعل في حالة الغموض والصمت التي سيطرت، حتى لحظة كتابة هذه السطور، على جناح السلطة واللجنة العليا للانتخابات ووكالة أنباء الأناضول الرسمية بشأن نتائج الانتخابات في إسطنبول، انعكاساً آخر على حالة الانكسار التي يعاني منها حزب العدالة والتنمية..

والأهم من ذلك، إلقاء زعيم حزب العدالة والتنمية ورئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان خطابه منفرداً من شرفة المقر الرئيس لحزب العدالة والتنمية.

اعتدنا من أردوغان في أعقاب الانتخابات السابقة أن يلقي كلمته على أنصاره من ذات الشرفة،  في حضور ابنتيه وزوجيهما، وفي لفيف من وزرائه والمسؤولين في المقر الرئيس للحزب، ولكن في هذه المرة خرج إلى الشرفة وحيداً ليلقي كلمته، لم يرافقه أي شخص منهم.

يمكن تفسير غياب الوزراء عن الوقوف إلى جواره في الشرفة على أنه تمهيد لتغيير جذري في أعضاء الحكومة. أما عن سبب غياب أفراد أسرته فهو لتفادي أي ردود أفعال غاضبة قد يتعرضون لها من جانب المجتمع؛ بسبب الهزيمة في الانتخابات التي تعرض لها الحزب؛ بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.. الخ

ومع ذلك، فقد بدت حالة الإحباط الشديدة التي يمر بها أردوغان واضحة على وجهه؛ فعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية كان، من الناحية العددية، أكبر الأحزاب حصولاً على مقاعد البلديات، إلا أن فقدانه لعدد من المحافظات الإستراتيجية، وعلى رأسها العاصمة أنقرة، يُضاف إليها محافظة إسطنبول، سيفقده قوته الضاربة في إدارة البلاد.

من ناحية أخرى، يمكن القول إن حزب الحركة القومية كان الفائز الأكبر في تحالف الشعب. وفي المقابل، كان حزب الشعب الجمهوري هو الفائز الأكبر في تحالف الأمة. وفي حين اكتفى الحزب الصالح بحجز مقعد لنفسه في العملية السياسية بتخطيه حزب الحركة القومية في نسبة الأصوات التي حصل عليها في الأماكن التي خاض فيها الانتخابات منفرداً، وجدنا أن الفوز الذي أحرزه حزب الشعب الجمهوري كان مضاعفاً؛ سواء من ناحية عدد البلديات التي فاز فيها، أو في عدد الأصوات التي اكتسبها؛ فهذه هي المرة الأولى لكمال كليجدار أوغلو، منذ توليه منصب الرئيس العام لحزب الشعب الجمهوري، التي يحصل فيها هو وحزبه على هذا القدر من النجاح. ومن ناحية أخرى، سيلجم هذا الفوز بعض الأسماء التي تخطط للترشح لرئاسة الحزب بدلاً من كليجدار أوغلو لفترة أطول.

وعلى الجهة الأخرى، يمكن القول إن حزب الشعوب الديمقراطي قد أدرك هدفه في الوصول، ولو بشكل جزئي، إلى مقعد رئاسة البلديات في جنوب شرق تركيا، وإلحاق الهزيمة بتحالف حزب العدالة والتنمية-حزب الحركة القومية هناك، وإن كان انخفاض نسبة التصويت في المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا سيثير بعض التساؤلات حول استراتيجية الحزب في هذه الأماكن.

الخلاصة، ليس من الخطأ القول إن الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس قد ألحقت أضراراً فادحة بتحالف السلطة.