المحرر موضوع: " المؤدلج "  (زيارة 1287 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
" المؤدلج "
« في: 08:52 12/04/2019 »
المؤدلج

يُعرّف المؤدلج بالشخص الذي اختار بمحض ارادته ،  ‏اولظروف إضطرّته ، الانتماء الى جماعة  تعتنق افكارا نابعة ‏عن مباديء ايدولوجية تؤمن بها وتعمل على نشرها والدفاع ‏عن مفاهيمها ، وغالبا ما تنتظم هذه الجماعة في حزب او تيّار ‏سياسي تكون مهمتها الاولى هي الاخلاص والتفاني في الدفاع ‏عن هذه العقيدة .‏
تختلف طبيعة الايدولوجيات باختلاف الاهداف التي تسعى الى ‏تحقيقها ، فهناك ايدولوجيات تسعى لتحقيق نظام اقتصادي ‏واجتماعي يلائم فلسفتها ، وهناك ايدولوجيات قومية واخرى ‏دينية ،  تسعى هي الاخرى الى فرض نفسها واحتواء ‏المخالفين لها .‏
لا يمكن وضع كل الايدولوجيات  في سلّة واحدة ، لكن مهما ‏اختلفت الايدولوجيات في طبيعتها ، إلا انها تشترك في أمرين ‏مهمين :‏
اولا: اعتقادها بامتلاكها الحقيقة كاملة .‏
ثانيا : محاولة فرض ارائها على الاخرين بمختلف الوسائل .  ‏
‏ وفي معرض الدفاع عن الايدولوجية ، يلجأ اتباعها الى ‏محاربة الافكار التي تنافسها او تلك التي تتقاطع معها ، وقد ‏تلجأ الى أساليب عنفية او انتهازية رخيصة في سبيل تحقيق ‏مآربها في السيادة على المجتمع واقصاء المخالفين .. ‏

استطاع الغرب الى حد كبير من تحويل الصراع السياسي ‏العنفي الى منافسة ديمقراطية بعد ان حجّم الكثير من المعتقدات ‏الايدولوجية او التطرّف الايدولوجي .‏
‏ ‏
مرحلة " الانتماء " الى جماعة ايدولوجية هي المرحلة الاولى ‏في حياة " المنتمي " في الطريق نحو " الادلجة " . ‏

وشيئاً فشيئ  يتم " قولبة " فكره لينحصر في الدائرة الضيقة ‏لفكر الجماعة / الحزب ، فيصبح عاجزا عن التفكير الذاتي ‏خارج افكار الجماعة ومواقفها ...وبمرور الزمن ينال بجدارة ‏لقب " المؤدلج " . ‏
فمثلا لو ادان حزبه عملية حدثت في مكان ما ، نراه يكرر ‏الادانة بكل قوته مع محاولة ايجاد اسباب لتلك الادانة ...لكن ،  ‏لو ان حزبه أيّد ذات العملية  ، نراه يؤيدها بقوة  مع استنباط  ‏المبرّرات لها .....‏
لقد خسر نفسه في اللحظة الذي ارتضى لنفسه قبول منعه من ‏محاسبة أفكار وعقائد الجماعة .‏‎ 
فالرجل / المؤدلج  قد تنازل وخسر فكره الذاتي دون ان يدري ‏، وأصبح فكره مستمدا من الجماعة بعد ان رضي ان يعطّل ‏فكره.... لم يعد ذهنه ينشط الا في حدود ايجاد المبرّرات ‏لمواقف الجماعة .‏
من الغريب ان الرجل/ المؤدلج لا يعلم انه  قد خسر وتنازل ‏عن حريته بمحض ارادته... بل قد يجد حريته ، وربما سعادته ‏، في القالب الفكري الضيّق الذي حشر نفسه فيه ، فهو لم يعد ‏يحتاج الى اي مجهود فكري مادامت الجماعة تقدم له الافكار ‏والمواقف معلبة وجاهزة .‏
قد يتشبّع بأفكار الجماعة ويتطرف الى حد التضحية من اجلها ‏وهو سعيد بالدور المتوقع منه والذي لا يتعدى اهميته احيانا ‏عن دور الحارس الليلي لمقر الجماعة .‏
من المفارقات التي تتكرّر كثيرا في الشرق العربي والاسلامي ‏هو قيام عضو واحد بالسيطرة على كل الجماعة ، لكن اخلاص ‏‏" المؤدلج " الى الجماعة تنتقل بسرعة الى " الشخص الواحد " ‏الذي يمثل الجماعة !!! .... اي ان ما يسيّر فكره الان هو " ‏الشخص الواحد " وليس الجماعة .‏
وهناك ظاهرة لا يمكن انكارها  ، وهي ان كلما زادت ظاهرة ‏‏" المؤدلجين " في مجتمع ما ، كلما زاد تخلّف ذلك المجتمع  ‏وتقهقره الى الوراء في جميع المجالات ... يرافق ذلك ‏صراعات حادة قد تكون دموية اذا لم تستطع الايدولوجيات ‏الحاضرة على الساحة السياسية كبح عنفها  بممارسات ‏ديمقراطية حقة .... ‏
ونرى " المؤدلج " يعمل ويقاتل ويضحي ويبرّر ، ويلقي ‏مسؤولية كل ما يحصل على الشماعة التي تختارها ايدولوجيته ‏‏.... فالرجل قد تحوّل الى " ربوت آلي " دون ان يعي ذلك .‏

ان ظاهرة " المؤدلج " لا تؤثر سلبا على المجتمع الذي يعيش ‏فيه فقط ، بل يكون السبب في سقوط الايدولوجية التي ينتمي ‏اليها دون ان يدري ...إذ  ان السبب الرئيسي لسقوط ‏الايدولوجيات هو كثرة تفريخها لـ " المؤدلجين " في تنظيماتها ‏‏... لان تركيزها الساذج وحرصها على انتاج العضو المؤدلج/ ‏المخلص ، يحرمها من تجديد افكارها مع تطوّر الزمن ، ‏يحرمها من النقد البنّاء ، يحرمها من ازالة الخلايا الميتة ليحل ‏محلها خلايا جديدة طرية كمحافظة الجسم على ديمومته ‏وصحته .... وليس غريبا ان تجد حزبا يردد ذات الشعار ‏ويمارس ذات السياسة ويرتكب ذات الاخطاء  لقرن من الزمن ‏‏... بل ان بعض الايدولوجيات قد تختفي لمدة من الزمن لتظهر ‏بقوة اكبر كلما وجدت فرصتها كما في حالة الاسلام السياسي .‏
ظاهرة " الادلجة " لها حضورها  القوي في مجتماعتنا العربية ‏والاسلامية ، بل تُعتبر من المستلزمات الضرورية للحفاظ على ‏ثوابتها ( كالاخلاص للقبيلة او المذهب )..وتكتسب الاحزاب ‏السياسية ذات الصفات  ...لذا نجد ان العنف فيها لا يهدأ  ... ‏
وكذلك نجد مواقف عجيبة ليس من السهولة بمكان فهمها ... ‏فمثلا ما الذي يدفع التقدمي او الماركسي لتأييد نظام حكم ‏اسلامي رجعي ؟
الجواب هو ان بوصلة " الادلجة السياسية " قد تّرغم الطرفين ‏الى نفس الاتجاه . ‏
كم يُفرح القلب عندما تسمع  ان اعضاء في حزب ما صوّتوا ‏لصالح حزب منافس ضد حزبهم ؟ ... يحق القول هنا ، ان ‏هؤلاء هم " منتمون " وليسوا مؤدلجين . وهنا فرق عظيم .‏
فمتى نرى في المجتمعات الشرقية امثال هؤلاء ؟
يجب او اوضح هنا ، ليس المقصود تلك الفئات التي تنشق ‏وتنسلخ للتحالف مع احزاب سياسية منافسة من اجل تحقيق ‏مصالح سياسية انتهازية ,,,, المقصود هنا هم اولئك المعتزّون ‏بانتمائهم السياسي ، لكن يعارضونه في مواقف معينة دون ‏الانسلاخ منه ... ‏

متي اسو



غير متصل نيسان سمو الهوزي

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 3606
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: " المؤدلج "
« رد #1 في: 09:44 13/04/2019 »
سيد متي : وَيَا ترى ماهي أسباب الأدلجة او بالأحرى ماهي الظروف الضرورية لتوجيه الشخص الى الأدلجة ! الا تعتقد بأن التخلف هو السبب ( لا تسألني الْيَوْمَ عن أسباب التخلف ) ! الا تعتقد بأن سبب تلك الأدلجة هي الانسان المتخلف نفسه ( لا تسألني عن الظروف الْيَوْمَ ) ! تحية طيبة

غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: " المؤدلج "
« رد #2 في: 22:39 13/04/2019 »
اخي العزيز نيسان
اود ان اشكرك على ملاحظتك .‏
نعم اخي نيسان ، انه التخلّف ..‏
وسبب التخلّف هو " قلة الوعي " ..‏
وسبب قلة الوعي هو ذلك العامل " الضاغظ " الذي  يسلّط ‏السيف على رقبة على كل من تسوّل لهم نفسه ان " يفكّر" ....‏
اخي نيسان ، الاديان ليت احداث طارئة ..‏
اليهودية قبل حوالي 3000 سنة
المسيحية قبل حوالي 2000 سنة ‏
الاسلام قبل حوالى 1400 سنة
ولما كان الحضور الديني باقيا وبقوة ، فإن تأثيره يكون مباشرا ‏وضاغطا على الشعوب ، حتى على اولئك الذين  يُحسبون على ‏‏" خانة المثقفين  " .‏
هنا تلعب النصوص الدينية التي تحدد " مساحة الحرية " دورا ‏بارزا في تقدم الشعوب ووعيها .. وما على الشعوب " ‏المضغوطة دينيبا " إلا ان تكسر الاطار الذي يحدد حريتها كي ‏تنطلق في الفضاء الرحب ... اني متفائل ، لان عولمة ‏الاتصالات ستأتي بثمارها ...‏
من السذاجة ان نقول بأن ما حصل وما يحصل هو بسبب ‏الاديان .... لان البشر كانوا أسوأ  قبل الاديان ( الحروب ‏والغزوات والعبودية ...)  ، وما فعله الغير متدينين  بعد ‏الاديان ، كان ولا يزال ،  فضيعا ايضا...‏
‏ ولم يروّض "روما " و " مقدونيا " اللتان غزتا العالم  إلا ‏الايمان المسيحي الذي حرص في نفس الوقت على اعطاء ‏مساحة كبيرة من الحرية للفرد ....‏
‏ ان عصر التنوير في الغرب كان مسيحيا علمانيا الذي عمل ‏على تقييد  أعمال الكنيسة التي كانت بعيدة كل البعد عن ‏الايمان المسيحي مثل تدخلها في السياسة وقتل الهراطقة ‏والعلماء وبيع صكوك الغفران.... الخ  ‏
في حين ان الاسلام فرض على مؤمنيه كل ما كان قبل الاديان  ‏، من الغزوات ( الفتوحات ) والسبي ومُلك اليمين وشدّد على ‏طاعة " ولي الامر " وعدم جواز الخروج على الحاكم ....‏
لهذا السبب كان اختلاف الوعي كبيرا...‏
لذا إزدهرت " الادلجة " في هذه المجتمعات ( الولاء للقبيلة ، ‏للطائفة ، للقومية ، للحزب ، للرئيس القائد .... )‏
لم يقتصر الامر على الاخوة المسلمين فقط ، فالعديد من ‏اصحاب الديانات الاخرى في المنطقة ( بضمنهم المسيحيين ) ‏تأثروا بهذه الصفات .‏

تحياتي
متي اسو

‏   ‏