الى اين يقودنا هذا التخبط يا سيادة الحبر الأعظم
الم يكن هناك طريقة اخرى لتكريم هؤلاء القتلة والمجرمين سوى الانحناءِ وتقبيل الأقدام.
منذ زمن بعيد وانا متابع مجتهد لأحداث السودان،ولقد تابعت عن كثب الحراك الجنوبي لما يمثلة من حق الفرد والمجتمع في حرية العبادة وفِي حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة والأقليات، لقد واجه الحراك الجنوبي وبصلابة فائقة النظير كل المحاولات من قبل الحكومة المركزية في الشمال لتطبيق الشريعة الاسلامية على الأقلية المتمثّلة بالوثنين و المسيحين في جنوب البلاد، مما اثار سخط وغضب الجنوبين فقاوموا ولسنين طوال هذا التوجه الأعمى المتمثل بالتطرف والحقد الدفين، فقدموا آلاف الضحايا قربانا لصنو معتقداتهم وأعرافهم وعاداتهم فكانوا مثار الشجاعة والصلابة، واستطاعوا في نهاية المطاف نيل ما كانوا يصبون اليه الا وهو الاستقلال التام عن الشمال، وتاسيس دولة جنوب السودان المستقلة.
لكن مجريات الامور بعد الاستقلال أخذت منحناً خطيراً، كغيرهم من حركات التحرر التي انزلقوا بعد التحرير الى التطاحن والاقتتال الداخلي (والكورد انموذجاً )من اجل بسط السلطة وجني الأموال.
وقد أودى هذا الصراع بمئات الآلاف،وأدى الى تشريد الملايين ،ولم تنجح جهود الوساطة وباتت بالفشل جميع المحاولات لانهاء النزاع وتقريب وجهات النظر وخنق المسافات فيما بينهم،وذاك لتعنت القادة وتشعب المصالح الشخصيةوهيمنة العشيرة والقبيلة على العدالة والقانون، الى ان تمت المصالحةبفعل الضغوطات الخارجية وليس بقناعة الفرقاء،فعادوا الى تقاسم السلطة والنفوذ بعد صراع مرير.
وما يهمنا من هذه المقدمة وهذا الشرح والإيضاح هو قيام الحبر الأعظم بابا الفاتيكان بزيارة الفرقاء في جنوب السودان، وما قام به من باب التكريم والتواضع (كما يحلو للبعض تفسير المشهد) بتقبيل اقدام هؤلاء القادة.(المجرمين والجناة)
ونحن اذ نثمن جهوده الخيرة من اجل العدل والسلام والتأخي والمحبة ،لكن في نفس الوقت نتسائل اما كان الأجدر بسيادته ان يكرمهم ويحتفي بهم بطريقة اخرى اكثر حضارية.
على الفاتيكان تقع مسؤليات كبيرة بما انها تمثل اكثر من نصف سكان الكرة الارضيّة إذن عليها ان تراعي مشاعر الناس من حيث الحداثة والتجديد والتحضر، تقبيل الأقدام ظاهرة غير حضارية وغير محببة مهما كانت الضرورات هناك الف طريقة وطريقة لتقديم الشكر والثناء كمنحهم ارفع الأوسمة والألقاب او منحهم شهادة سفراء السلام ....الخ وان كنت أتحفظ على تاريخهم الدموي المثقل بدماء الأبرياء وآهات وأنين ضحايا القتل والتهجير والاغتصاب ناهيك عن اعمال السلب والنهب.
اما عن سيدنا المسيح والاقتداء به،فالمسألة لا تقبل التأويل، تلاميذ سيدنا المسيح قد اصطفاهم الله من دون خلقه لم يكونوا مجرمين سفاحين مثل هؤلاء هذا من جهة ومن جهة اخري خلق المرء ليواكب التحضر والتمدن وتقبيل الأقدام ليس مقبولا على الإطلاق في زمن العقل والعلم وليس له ما يبرره.