المحرر موضوع: حول صحيفة ( ليتيراتورنايا غازيتا ) الروسية  (زيارة 1010 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ضياء نافع

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 846
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حول صحيفة ( ليتيراتورنايا غازيتا ) الروسية
ا.د. ضياء نافع
 صورة بوشكين وغوركي على صفحتها الاولى دائما , جنبا لجنب مع تسميتها , وذلك لان بوشكين اقترح اصدارها آنذاك, وصدرت فعلا عام 1830 وكان بوشكين محرر صفحة الشعر فيها , الا انها توقفت عن الصدور عام 1831 , أما غوركي فقد اقترح اعادة اصدارها عام 1929 في الاتحاد السوفيتي باعتبارها صحيفة ترتبط باسم بوشكين, وعادت فعلا للصدور حسب اقتراح غوركي, ولم تتوقف منذ ذلك الحين و لحد الوقت الحاضر . الحديث يدور هنا طبعا و حسب عنوان مقالتنا عن صحيفة ( ليتيراتورنايا غازيتا ) الروسية الاسبوعية , والتي يعرفها القارئ العربي جيدا الان , بحيث لم نعد نكتب له ترجمة تسميتها الى العربية - ( الجريدة او الصحيفة الادبية ) كما كنا نفعل سابقا , عندما نكتب عنها او نترجم من موادها الثقافية المتنوعة . وتعميقا لمعرفة القارئ العربي بهذه الصحيفة و تاريخها , نحاول هنا ان نقدّم بعض الملاحظات عنها , و التي نرى – من وجهة نظرنا - انها طريفة ومهمة اولا ,  و  نظن , ثانيا , ان القارئ العربي لا يعرفها عن هذه الصحيفة , ونعتقد بشكل عام , ان هذه الملاحظات تزيد من معرفة القارئ بالثقافة الروسية ومصادرها .   
ا نتوقف عند نقطة ترتبط بعدد النسخ التي تطبعها هذه الصحيفة , اذ توجد ارقام طريفة حول ذلك , وهذه الارقام هي مؤشّر لا يقبل الشك على نجاح او فشل تلك الصحيفة . كان العدد في عام 1930 هو 60 الف نسخة , و في عام 1962 اصبح 300 الف , وفي عام1973 ارتفع الى مليون و نصف مليون نسخة , وفي عام 1982 اصبح 3 ملايين  , وفي عام 1989 اصبح 6 ملايين ونصف المليون, وفي عام 1991 انخفض الى مليون ونصف , وفي عام 1993 اصبح 2 مليون , وفي عام 2010 تراجع الى150 الف فقط , وفي عام 2013 اصبح 148 الف نسخة .
ان النظرة التحليلية البسيطة على هذه الارقام ترسم لنا صورة ناطقة ( ان صحّ التعبير) لهذه الصحيفة . لقد بدأت الصحيفة برقم معقول و متواضع بالنسبة لبلد مثل الاتحاد السوفيتي في الثلاثينات - (60) الف نسخة , وتحوله الى (300) الف نسخة في الستينات ايضا رقم منطقي ومفهوم , اذ اصبح الاتحاد السوفيتي اكثر استقرارا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتغيرات المعروفة بعد وفاة ستالين والتي تسمى مرحلة ذوبان الجليد , ولكن هناك طفرة مدهشة وغريبة حدثت في السبعينات , عندما وصل الرقم الى ( مليون ونصف) نسخة , وتضاعف الرقم في الثمانينات – (3 ملايين) نسخة , وفي نهاية الثمانينات اصبح ( 6 ملايين ونصف) , وهي ارقام ضخمة وكبيرة جدا بالنسبة لصحيفة تعنى بالادب والفن , وتعتبر لسان حال اتحاد الادباء السوفييت ليس الا. صحيح ان الصحيفة اصبحت اوسع من الاهتمام بقضايا الادب فقط , وأخذت تتناول مواضيع حادة مطروحة امام المجتمع , بما فيها السياسة والاقتصاد , الا ان الاهم , هو ان ( ليتيراتورنايا غازيتا ) قد تحولت الى منبر للتعبير عن تطلعات المواطن السوفيتي نحو التعايش الفكري و الحضاري مع العالم المحيط به خارج مفاهيم الشعارات المعلبة والجاهزة , التي كانت (تخنقه!) , والتي ضجر منها حد القرف. اكرر الارقام مرة اخرى – في السبعينات مليون ونصف, في بداية الثمانينات 3 ملايين , في نهاية الثمانينات 6 ملايين ونصف , واذكّر القارئ , ان انهيار الاتحاد السوفيتي حدث عام 1991 . لقد استطاعت هذه الصحيفة ان تعكس كل تلك التغييرات الجذرية التي حدثت في المجتمع السوفيتي دون ان تتحول الى صحيفة سياسية تتابع الاحداث وتلهث خلفها ليس الا , وقد كنت شاهدا , عند زياراتي المتكررة اثناء العطل الصيفية في السبعينات والثمانينات الى روسيا , كيف كان القراء السوفييت يحصلون على اعداد تلك الصحيفة بصعوبة , وكيف يتجمعون عند اكشاك الصحف للحصول عليها قبل نفاذها, وقد اضطررت انا للاشتراك بها , اذ لم يكن بمقدوري ان اتنافس مع السوفييت للحصول عليها , وقد استفدت من ذلك الاشتراك بها كثيرا , لأني كنت اترجم مقالاتها اول باول في العراق , واختتم هذه الملاحظات عن الصحيفة بالاشارة الى بعض  المقالات , التي لازلت اتذكر عناوينها , والتي ترجمتها من تلك الصحيفة و نشرتها في صفحة (آفاق) بجريدة الجمهورية البغدادية عندما كان الصحافي العراقي الكبير محمد كامل عارف يديرها , ومنها – ( دالي يقول للحقيقة – كش ملك ) و ( نقاش مثل حبل طويل مع رسول حمزاتوف ) و ( حوار بين طبيب روسي وطبيب امريكي حول قول الحقيقة للمريض ) و ( الحرية – يا لها من كلمة حلوة ) ..الخ , وكنت حتى اعطي بعض تلك المقالات لزملائي كي يترجموها وينشروها باسمهم لأنه لم يكن باستطاعتي القيام بكل ذلك بمفردي .
صحيفة ليتيراتورنايا غازيتا الان اصبحت واحدة من الصحف الروسية الاعتيادية , ولم تعد تطبع اعدادها بتلك النسخ الهائلة طبعا , ولكنها لازالت تمتلك بريقها العتيق ومجدها التليد ...