المحرر موضوع: وا حزني عليك........  (زيارة 966 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وا حزني عليك........
« في: 00:43 29/05/2007 »
وا حزني عليك........
                            رشيد كَرمة
ما أن ننتهي من وداع أبدي لأحد مبدعينا حتى نفاجئ برحيل أبدي آخر لرمز من رموز ثقافتنا ومعلم من معالم نهضتنا التنويرية وكأن الموت يترصدنا في داخل العراق وخارجه في المستقرالذي أضحى منفى وفي المنفى الذي يكاد ان يكون مستقراً.. وشبح ورعب الموت ينقضُ علينا بشكل  او بآخر, حيث غيب الموت  في العام الماضي واحدا من اعمدة المسرح العراقي والعربي والعالمي على حد سواء لذافقد إستحق لقب ( وسيط الثقافات ) فإليك ياعون المسرح العراقي  , وكرم العراق أنحني إجلالا لجهادك ومواصلتك من اجل التجديد والتجريب وخدمة المسرح العراقي والكلمة الطيبة ,  فلقد تعلمنا منك الكثير ولعل أهمها الصبر والتريث والتفكير عميقا فيما نكتب ونعمل,, ومن أجل هذا  نقف في الطابور حيارى عن ماذا نكتب ؟ وما عسانا ان نقول ؟ بل وكيف نبتدء ؟ ومن أي من المحطات سسننطلق ؟ وجوم ُُ ُومرارة ُ ٌ وألم وذهول  نتصفح   تأريخ الذكرى رافضين تصديق نبأ المغادرة   المفاجئة التي لم يحن وقتها بعد  , فوا أسفي أيها القديس الذي حملت صليبك منذ ان جسدت دور ( المسيح يصلب من جديد ) وحتى الرمق الأخير حيث رفضت ان يتوقف العرض المسرحي بعد ان نال منك في ثاني عرض له في برلين عندما سقطت على خشبة المسرح وعندما أمرت ( رؤى *) بالخروج من غرفة العناية لئلا تصاب بألأذى من شدة الصراع مع الموت ........

وإذ يتأكد ( الرحيل ) ينحبس الدمع ولو الى حين  وتخرج الآهات مثل بركان لم يعد يتحمل  المزيد من التفاعلات فينطلق مزبدا مرعدا ثائرا ً قاذفا حممه الى عنان السماء محتجا  ورافضا .
وهكذا هو البشر في طباعه وسلوكه .
لقد شل رحيلك المفاجئ قدرتي على الكتابة حتى على مستوى كتابة نعي  وظللت ارتب مع الفنان المخرج المسرحي البصري ( لطيف صالح ) إمكانية السفر الى المانيا وإلقاء نظرة الوداع عليك ايها العزيز الغالي .
فلقد علمتني الكثير, انت وزملائك المسرحيين ممن تعملون بقلب نقي , ولابد من الإشارة الى ان العمل الذي ربطني وإياك وهموم الوطن والناس هو العمل الفني القيم ( مبادرات ) والتي كان الفضل في تعريفها الى الجمهور العراقي والعربي    جريدة ( طريق الشعب **) بداية السبعينات .
وللقارئ وعرفانا مني للراحل عوني كرومي في ذكرى رحيله السنوي الأول أنقل نص إجابته على سؤال( مجلة الثقافة الجديدة ***)
إن دور المسرح هو إستفزاز المتفرج كما يقول ـ بيتر بروك ـ ما هو رأي الدكتور  عـوني كرومي بهذا الدور للمسرح الذي يحمل معان ٍ ودلالات كثيرة ؟
الجواب :
أنا أعتقد أن المسرح هو مكان لتبادل المعرفة والخبرة وجوهر ما يحمله المسرح من المعنى هو أنه يحاول أن يقدم ويجسد الظاهرة الإجتماعية , وتكون الظاهرة الإجتماعية على الأكثر تلك التي لا تجمع الواقع والتي تحاول أن تدين أو تعري العلاقات الأجتماعية وتخلق حواراًمع المشاهد في أن يرى ويتحسس ويدرك هذه الظاهرة ...
المـسرح هو إعادة خبرة المشاهدبشكل فني جمالي وأدوات فنية يعجز المشاهد عن القيام بها , فيتمتع بها بواسطة المؤدي القادر على إنجازها , لأن المشاهد يعيش الموت والخوف والألم بدون أن يخاطر بحياته الذاتية وان يقدمها قربانا ً لفكره .
فالممثل هو من يقدم القرابين بواسطة فنه وليس بواسطة فعله الطقسي الحياتي .
والمسرح يجب ان أن يُمتَع ولكن هذه المتعة يجب ان لا تلغي متعة التهذيب والتعليم وإذا كان المسرح أخلاقا ً في كينونته , فلأنه يرتبط بالإنسان وحياته منذ الطفولة حتى الشيخوخة .
في بعض الفترات تحدث هوة بين الفن المسرحي التهذيبي التعليمي التبشيري وبين الترفيه والمتعة والإسقاط والتنفيس والتطهير , وان ردم الهوة يرتبط بإدراك وفهم وإستيعاب المسرحيين لوظيفة المسرح الجوهرية , وافهم ان هناك حدودا ًتكمن بين فكرة الإستسهال وفكرة التبسيط التي تقود دائما الى تدنِ في المعنى وتبعد عن المسرح فكرة الرقي ,
وإذا أدركنا أن المسرح وفن الشعر والشاعرية ندرك كم أن هذه الخصوصية في المسرح تخدم الإنسان ولغة التفاهم والتحاور , |
لأن العلم والشعر هما الوسيلتان لألغاء الفروقات الحضارية بين البشر .
عوني كرومي في سطور :
عوني كرومي (1945 - 2006) مسرحي اكاديمي من العراق ، مواليد الموصل .خريج معهد الفنون الجميلة قسم تمثيل وإخراج - بغداد عام 1965. تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة – بغداد عام1969. ماجستير علوم مسرح من معهد العلوم المسرحية جامعة همبولدت – برلين- ألمانيا عام1972. دكتوراه علوم مسرحية من معهد العلوم المسرحية جامعة همبولدت –برلين - ألمانيا عام1976 . درّس في عدد من الجامعات العراقية والعربية والألمانية بين الأعوام 1997-1977. شارك في العديد من المؤتمرات والمهرجانات والحلقات الدراسية العربية والعالمية بين الأعوام 1972 و2002.
أخرج أكثر من سبعين عملاً مسرحياً منها: فطور الساعة الثامنة، في منطقة الخطر، كاليكولا، غاليلو غاليليه، كريولان، مأساة تموز، القائل نعم القائل لا، تداخلات الفرح والحزن، فوق رصيف الرفض، الغائب، حكاية لأطفالنا الأعزاء، كشخة ونفخة، الإنسان الطيب، صراخ الصمت الأخرس، ترنيمة الكرسي الهزاز، بير وشناشيل، المحفظة، المسيح يصلب من جديد، الصمت والذئاب، عند الصلب، في المحطة، الشريط الأخير، المساء الأخير، الطائر الأزرق ،أنتيجونا، فاطمة، السيد والعبد.
نال العديد من الجوائز العالمية في مهرجانات بغداد، القاهرة، قرطاج، برلين . كما حصل على لقب ( وسيط الثقافات ) من مركز برشت في برلين. توفي في مدينة برلين بالمانيا يوم 28 مايو 2006 .
الهوامش :
رؤى : إسم إحدى بنات الراحل عوني كرومي 
طريق الشعب : الجريدة المركزية للحزب الشيوعي العراقي التي أغاضت البعثيين لما تمتعت به من شعبية وإنتشار واسع في السبعينات .
الثقافة الجديدة : العدد 284 ـ ايلول ــ تشرين أول 1998 وهي مجلة ( فكر علمي ثقافة تقدمية ) يصدرها الحزب الشيوعي العراقي .
رشيد كَرمـــة   السويد   28 أيار 2007  بمناسبة الذكرى الأولى لرحيل المخرج المسرحي العراقي   عــــــــــوني  كــــــرومي