نهلة عبدوكا – نجمة تسطع في سماء عينكاوة وجميع قرانا
من بين بيوت عينكاوة الجميلة وعبر مدة الانتظار في تركيا، ومن قلب طبيعة مدينة ملبورن/استراليا، جاءت ابنة عينكاوة التي خبرت حوادث الدهر وأوجاعه، وأصبحت ذاتاً كائنة في الكون وفرضت وجودها، وقالت: ها أنذا! إنها نهلة عبدوكا، وهي الابنة، الأخت، الزوجة، الأم، الصديقة والزميلة. إنها تلك المرأة التي نجحت في تحقيق التوازن بين الحاجة والضرورة لذاتها أولاً ومن ثم لأبناء جلدتها، وكانت موفقة في ذلك.
نعم، قدمتِ العون للذين بحاجة إليه، ولم تبخلي بالوقت لأجل تلبية احتياجات الآخرين، ولم تميلي إلى إيثار حب القريب فقط، بل وكذلك حب الغرباء الذين كان لهم حصتهم الكبيرة في تفكيرك؛ وقد تحقق هذا في الواقع، لأنك قلت في نفسك: في ذمتي لأساعدن كل محتاج. ومن هنا تبين للقاصي والداني بأنك مثال الإنسان المحسن، الذي ينطبق عليه المثل: "إنما المرء بأصغريه: قلبِه ولسانِه".
يا نهلة! لم تجد الأحزان والآلام مكاناً في تفكيرك ونفسك، ولكنك وقفت دائماً إلى جانب أولئك الذين لديهم ما يكفيهم من الأحزان والآلام وقدمت لهم العون اللازم. وكان همك الأكبر في الحياة هو ما يجري بحق أبناء شعبنا، الذين تفرقت بهم الطرق ووصلوا إلى ما هم عليه الآن؛ وطفقت تحزنين لأحزانهم وتتألمين لآلامهم، وكنت دائماً تقولين: "أنا ابنة هذا الشعب"، وعملت جاهدة لتقديم شتى الخدمات للناس ومن غير تقصير.
أبناؤك: عشتار، إيلونا وجوناثان يقولون أنك، بعد حين، ستقرأين شهادات تخرجهم وتدخل البهجة إلى قلبك، وستقرأين بطاقات زواجهم فتختلج كثرة من الأمور في تفكيرك، لماذا يا نهلة؟ لقد وجد كاميران وجداً
ومثله أهلك وكل أولئك الذين عرفوك وأحبوك. وها هي مدينة ملبورن الفرِحة دائماً تطلق صيحةً حزينةً تقول: لماذا تعجلت في الأمر يا نهلة؟
ما بين الغسق والسُّدفة أبت الحياة أن تستمر، وتوقف ذلك القلب الرؤوف عن الخفقان، الذي ما هو سوى شكل من أشكال تهدئة الإنسان والمكان، ومنعطفاً من منعطفات الزمان.
السلام معك؛ أنت معنا دائماً، أنت في ضمائرنا أبداً.
أمير يوسف، في 30/05/2019.