المحرر موضوع: انه عهر سياسي  (زيارة 1290 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انه عهر سياسي
« في: 16:15 08/06/2019 »
انه عهر سياسي


تيري بطرس


في العمل السياسي، تكون المصلحة هي العامل المؤثر في كل العلاقات السياسية، سلبية كانت ام ايجابية. فالعمل السياسي الناجح، ‏يرمي بالاساس لتحقيق مصالح الفئات التي يدعي السياسي الفرد او الكتلة او الحزب تمثيلها، وليس نشر ايديولوجيات معينة، وقد ‏اثبتت التجارب السياسية المارة علينا، سواء من خلال المشاركة او الملاحظة، ان من وضع الايديولوجية قبل اي هدف اخر، كانت ‏نتيجيته وخيمة العاقبة على من اتبعوه. ‏
ولذا فشخصيا، رايت في الغالب ان التحالف مع بعض القوى السياسية العراقية  وبالاخص الحزب الديمقراطي الكوردستاني ‏والشعب الكوردي عموما، لصالح شعبنا، بالرغم من ان هناك سلبيات كثيرة في العلاقة هذه، الا انها في كل التقييمات كانت ‏الافضل، وحسب رؤيتي. مشكلتنا الكبرى، ليست في العلاقة ونوعها، بل في الخيارات المتوفرة امامنا. فهل الرفض هو خيار حقا، ‏وخصوصا عندما يكون على حساب الوجود مثلا. نعم يمكن ان نرفض اي تعاون مع اي طرف، ولكن يجب ان لا يكون الرفض ‏على حساب شعبنا ومصالحه المشروعة واهمها ثبات وجوده على ارضه وتمتعه بالحقوق المتساوية مع الاخر. يجب ان لا يكون ‏الرفض على حساب تجريد شعبنا من قوى شاهدة على ما يحدث.‏
في التجربة السياسية، نلاحظ ان من اتبع خيار المقاطعة والانسحاب، كان الخاسر الاكبر دوما، وخصوصا حينما كان الانسحاب او ‏المقاطعة، لا تؤثر سلبا على الاخر. ولعل في تجربة دول ما عرف بدول المقاطعة والممانعة، والتي شملت في الكثير من الاحيان ‏سورية وليبيا واليمن الجنوبي ومنظمة التحرير الفلسطينية واحيانا العراق، فهذه الدول طالبت باقصى ما يمكن دون ان تقدم بديلا ‏او مقابلا، لان هذه الدول او المنظمات كان يوجهها الايديولوجية القومية المطعمة بثوابت اسلامية. وكانت ترفض اي مشروع ‏للسلام مقدما ما لم يتوافق مع المعلن حسب ادعاءها من المطالب. وكانت النتيجة الدمار لهذه الدول، لان بديلها الوحيد كان ‏الرفض.‏
ولكن الامر على من يكون في السياسية، حزبا او فردا، هو فقدان البدائل كما ذكرت اعلاه، اي كما يقول المثل الاشوري الدارج ‏ايداثا صيري (اياديه مربوطاتان، كناية عن العجز). السياسي الناجح يحاول ان يوفر له خيارات متعددة، وهذه لوحده يوفر له ‏مزايا وقوة تنافسية امام المنافسين او من يروم التحالف معه. ولكن في العمل القومي هناك الديموغرافية التي يمكن ان تساعد او ‏يمكن ان تقصم ظهر الانسان، فمثلا، عند تأسيس الامم المتحدة، كان موقع ودور الصين، ثانويا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، ‏ولكن ثقلها الديموغرافي فرض نفسه على الساحة، وتم فرضها كقوة من القوى الدولية، وان كان الصوت حينها منح لتايوان ‏باعتبارها الممثلة الشرعية للشعب الصيني. ديموغرافيتنا تقصم ظهرنا في الكثير من الامور وفي الكثير من المواقف.‏
ملاحظة سياسية اخرى، باعتقادي يجب ان نؤكد عليها مرارا، هي بيد من هي المظلة القانونية، التي يمكن للمرء انه من خلالها ‏او في ظلها يمكن ان يحيا بامان واستقرار. في الحقيقة المطلقة وفي العمل السياسي الوطني الصحيح، يجب ان تشمل المظلة ‏القانونية الجميع، لا فرق بين انسان واخر ولاي سبب كان. ولكن في الواقع، والسياسة تتعامل مع الواقع وليس الطموحات ‏والامال، فان هناك حقائق تفرض نفسها، ومنها الخلافات العشائرية والحزبية والقومية والدينية، هذه الخلافات، التي تمنح ‏لاطراف كثيرة امكانية توفير مظلة قانونية لمن يتبعها او يحتمي بها، او يتحالف معها. واحيانا وفي اوقات كثيرة، كانت الخلافات ‏الداخلية، الحزبية (خلافات الحركة الديمقراطية الاشورية مع اغلب احزاب شعبنا، والتسموية) سببا في طلب مظلة قانونية من ‏الاخر، والاحتماء او الاستقواء به على من يعارض او يعادي من داخل الشعب. اي ان الخلافات واحيانا العداء وفرت المساحة ‏والتبرير الكافي للبعض لكي يطلب او يتحالف مع اطراف لكي يحتمي بها من جور او ما اعتقده جورا من ابناء شعبه. ‏
اذا امام الواقع اعلاه، وكون مناطق شعبنا في الغالب هي في مناطق سيطرة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، هذا الواقع الذي لا ‏يمكننا ان نغيره. ولكن يمكن المساهمة في تنويره وتوسيع مساحة التعامل المرن والتسامح والانفتاح فيه. بدائلنا مع الاسف صفر. ‏ولكن كون بدائلنا صفرا، لا يمنح الحق للاخر ان يحاول ان يجلعها او يديمها صفرا. فهذا الامر نعتبره عهرا سياسيا، لانه يقف في ‏الضد من ارادتنا لجعل من يمثلنا ينطق بما نريده ويطالب به. من هنا يجب ان لا نستنكر فقط، بل ندين وعلنا ما تتناقله بعض ‏الاصوات في الحزب الديمقراطي الكوردستاني والتي تدعي بان الكوتا هي مع الحزب او انها ضمن الحزب، او ان اصواتها ‏مضمونة في جيب الحزب الديمقراطي الكوردستاني. وتجريدها من مهمتها الاساسية وهي الدفاع عن مصالح شعبنا وابناءه، ‏بالاظافة الى الدفاع عن مصالح كل ابناء العراق او اقليم كوردستان، باعتبار اعضاء البرلمان العراقي والكوردستاني ممثلين ‏للشعب كله.‏
في اطار الواقع المر، واقع عدم توفر البدائل السياسية، والبدائل المطروحة هي في الغالب بدائل الهروب والانعزال. ارى بان ‏تاثير الاخرين في شعبنا سيضل كما كان منذ وجود من يمثلنا في السلطات، سواء كان في العهد الملكي حينما كان هناك ممثل لنا ‏في مجلس الاعيان يعين بامر ملكي او حينما تواجد ممثلون من ابناء شعبنا في احزاب تسيير السلطة مثل حزب البعث، او منذ بدء ‏تجربة المنطقة الامنة، حيث ان من تواجد كان  دمية لا اكثر، نتيجة للواقع المر، وهو قلة الخيارات، وبالاخص لو اخذنا انه حتى ‏في احيانا كثيرة ومع توفر بعض الخيارات، قام سياسيينا بتدميرها، واهمها وحدة شعبنا امام الاخر، وشعوره الدائم بعدم اللجؤ ‏الى الاخر مهما كانت الظروف. علما ان الانجازات القليلة لشعبنا لم تتم في الغالب بفعل من مثلنا في السلطات، بل بيد من كان مع ‏الحزب الحاكم من ابناء شعبنا. مثال العطل الرسمية والتعليم السرياني.‏
نستنكر وندين مرة اخرى ما يصرح به بعض قيادي الحزب الديمقراطي الكوردستاني، من منح انطباع بان الكوتة هي في جيب ‏الحزب الديمقراطي الكوردستاني، كون مثل هذه التصريحات لا تحترم شعبنا والقانون الذي منحت بموجبه الكوتا، ولا تحترم من ‏يمثلنا في البرلمان العراقي او الكوردستاني. ولكن المطلوب ايضا من ممثلينا في هذه المواقع اظهار ردة فعلها السلبية لهذه ‏التصريحات الغير المسؤولة. نحن حلفاء و لسنا اتباع رغم كل شئ. ‏
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ