البرلمان الاشوري في المنفى ... والحاجة الملحة أليه اليوم ؟
آشور قرياقوس ديشو
تورونتو - كندا منذ 2003 تغيرت أوضاع شعبنا الاشوري السياسية والدينية والاجتماعية في الوطن بشكل كبير... حيث أصبح الدين عنصراً لا ينفصل عن صورة البلاد الرئيسية واصبحت الدولة تسير شيئاً فشيئاً نحو نظام جديد تقوده الاحزاب الدينية والمليشيات والتي جعلت المبادئ الدينية العمود الفقري للبنية السياسية في الوطن . حيث أدى الى تغييرات دستورية عديدة لتصبح كل اركان السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية تحت سلطة الاحزاب الدينية والمليشيات التابعة لها مما مهدت الى أصدار قوانين تحقق مأرب المكونات الكبيرة لانتهاك حقوق المكونات الصغيرة وسلبها .
أن هذا التغيير الجديد في الأطار السياسي والثقافي والاجتماعي والديني في الوطن سلّطَ تهديداته بشكل كبير على حياة وديمومة المكونات الاخرى ووجودها ومنها أبناء شعبنا الاشوري في أمنه وحقوقه ووجوده كشعب أصيل في الوطن . ومنذ أكثر من 15 سنة لازال أبناءه يتعرضون بشكل كبير ومستمر الى انتهاكات حقوق الانسان والاضطهاد والتمييز وعدم توفير تدابير امنية واضحة لحمايته مما دعته الى ترك أرضه وممتلكاته والهجرة والهروب لعدم توفير الحكومة مستلزمات الحماية والامن الكافي بل كان هناك دائماً عرقلة وتهديدات من بعض السلطات السياسية والدينية التي تمتلك المليشيات في المركز او الاقليم في سرقة حقوقه وممتلكاته وعدم تحقيق العدل والامن والمساواة له.
وهذه الاوضاع والظروف نفسها وفرت الارضية لظهور داعش والتي جلبت الى أرض الوطن الخراب وكان حطبها شعبنا الاشوري والقوميات والاقليات الضعيفة الاخرى مثل اليزيد والشبك وغيرها وتعرض الاشوريون فيها الى انتهاكات كبيرة وكثيرة لحقوق الانسان وسوء المعاملة وتعرضوا للعنف والترهيب والقتل والهجرة والترحيل. وحتى لا ندخل في تفاصيل وتجربة هذه المرحلة القاسية فليس هناك من لا يتذكر عندما أرغموا شعبنا في الموصل وفي مدن وبلدات سهل نينوى مابين أن يعتنقوا الاسلام أو يموتوا أو يغادروا قراهم ومدنهم وممتلكاتهم واعتبرتها الكثير من المنظمات الدولية وحقوق الانسان بالابادة البشرية بحق الشعوب الاصيلة في الوطن.
ومن جهة أخرى فشلت جميع أحزابنا السياسية ومؤسساتنا الدينية من الحصول على حقوقنا القومية و توفير مقومات الامن والسلامة لشعبنا الاشوري الذي كان قد وضع اماله ومستقبل وجوده في ارض الاجداد في أيدي هذه المؤسسات التي خذلته . وكانت النتيجة أن يضطر شعبنا في الهروب والهجرة الى شتات العالم بعد أن طالته جرائم القتل والتهديد وأغتصاب حقوقه وممتلكاته وبعد أن فقد الامل بهذه المؤسسات وتأكد له أن التوجه للمطالبة بهذه الحقوق من المكونات والفئات السياسية والدينية الحاكمة في الوطن هو هراء واضاعة الوقت وضحك على الذقون..
واصبح واضحاً ان الحرية والامان والمساواة والعدالة والحصول على الحقوق القومية التي ينشدها شعبنا الاشوري في الوطن لا يمكن ان تتحقق من خلال الواقع السياسي والحزبي الحالي.فلم يعد امام شعبنا سوى خياراً واحداً وهو التوجه للمجتمع الدولي واعتماد الوثائق والقوانين والحقوق الدولية التي أقرتها دوائر الامم المتحدة والمنظمات الدولية في حماية الشعوب الاصيلة وأقرار حقوقهم.
وهذا الخيار لا يتم سوى من خلال أختيار مؤسسة شرعية واحدة منتخبة من قبل أغلبية أبناء شعبنا الاشوري. وعلى ضوء ذلك تعالت اصوات كثيرة لتغيير مسار العمل السياسي والقومي وتنادي بنهضة سياسة جديدة لانقاذ ما تبقى من شعبنا في الوطن وتحقيق حقوقه ولزرع الامل في المجموعات الكبيرة من شعبنا التي تعيش الغربة للعودة والاستقرار في أرض الاجداد . فكانت الدعوة لأنشاء (برلمان قومي آشوري في المنفى ) بعد ان فقد شعبنا الاشوري الامل في عدالة العملية السياسية الحالية القائمة في الوطن .
وقد قامت مجموعة مخلصة ومثقفة ومؤمنة من شعبنا الاشوري بالخطوات الاولى في هذا المشروع وبطرح وتبني فكرة البرلمان الاشوري فقامت بتنظيم العديد من اللقاءات والاجتماعات مع ممثلي حكومات مختلفة و مع مسؤولين سياسيين في اوربا وامريكا وكندا وأستراليا ودول عديدة آخرى.كما أقامت العديد من اللقاءات والندوات مع أبناء شعبنا الاشوري في بلدان المهجر لطرح فكرة البرلمان وشرح وتوضيح مشروع تأسيس ( البرلمان الاشوري في المنفى ) والتحضير لعقد مؤتمر آشوري عالمي في الاشهر القادمة في أوربا أو أي بلد أو مكان آخر.
ويتحدد الهدف الرئيسي لانشاء البرلمان الاشوري في المنفى في أنتخاب هيئة تشريعية مكونة من مجلس وادارة عليا واحدة منتخبة ديمقراطياً تتألف من مجموعة من الاعضاء يمكن أن يُتفق عليه .. ويكون اعضاء هذه الادارة ممثلين من بلدان عديدة يعيش فيها شعبنا الاشوري في المنفى وسيكون لها دستور ونظام داخلي يحدد عدد أعضاء البرلمان ومدة الدورات الانتخابية والاعمار التي يحق لها الترشيح والانتخاب .
نتمنى قريباً أن نرى اليوم الذي سوف نحتفل به نحن الاشوريون بأقامة هذه الانتخابات التي سوف تهدف الى هذه اللجنة البرلمانية التي ستقود شعبنا الاشوري والذي يمكن أن نعتبره يوم نهضة ديمقراطية آشورية لذا ندعوا ابناء شعبنا في تقديم دعمهم لهذه المؤسسة القومية الاشورية الجديدة التي سيتم أنتخابها ديمقراطياً وينبغي علينا جميعاً في هذه الفترة الحرجة من تأريخ شعبنا الاشوري أعطاء المزيد من الاهمية لدورهم وواجباتهم القومية وأن يتحدوا أمام الجهات أو القوى التي تدعوا الى التقسيم والانقسام وحتى لا تقف هذه المجموعة القومية المتميزة في هذه المعركة القانونية والسياسية لوحدها ونحن بدورنا نشد على أيادي هؤلاء الاخوة . و بدورنا نود أن نطرح بعضاً من الاراء والافكار والمقترحات عسى ان تلقى قبولاً عندهم :
1- حتى يحصل البرلمان الاشوري في المنفى على التأييد والقبول والاعتراف الرسمي من حكومات العالم والمنظمات الدولية ولتنتقل قضية شعبنا الى السياق السياسي الدولي . ندعوا هذا البرلمان أن يقوم بأعلان وثيقة ملزمة تحدد الملامح الاساسية للبرلمان الاشوري تكون له هيئة تشريعية يصادق عليه أبناء شعبنا الاشوري ويلتزم بمبادئه .. يعلن البرلمان في هذه الوثيقة بصورة واضحة بأنه سوف يتقيد ويلتزم بمبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان على النحو المحدد في الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان ويؤكد في هذه الويثقة بالتاكيد على تعزيز الرفاه المعنوي والمادي لشعبنا وحماية حقوقه الاجتماعية والثقافية والدينية والسياسية من خلال (السبل السلمية والحضارية بعيداً عن العنف ).
2– ان يحافظ هذا البرلمان على صلات وثيقة مع أرض الوطن التي أُجبر الكثير من شعبنا الاشوري الفرار منها . وخلق وعي قومي حول قضية شعبنا الاشوري والعمل على حصول الدعم الرسمي من أصحاب الارض الاشوريين الموجودين في ارض الوطن يعتبر مهماً وأن يكون تأثيرالبرلمان الاشوري في المنفى أكثر من مجرد وجود جماعة تجتمع في الخارج لاصدار المنشورات الصحفية واعلانات الرفض والاستنكار كما تفعل مؤسساتنا السياسية والدينية اليوم .
3- أن لا يقوم البرلمان بالانخراط في الحزبية والطائفية والمذهبية التي تعتمد على صراع المصالح الحزبية الضيقة والانحياز الطائفي أي ما يسمى الصراع على مكاسب انانية ضيقة .. فالاشورية هي مجتمع وشعب واحد واسع يستمتع بسعادته عندما يكن مجتمعاً معاً لذا يجب على هذا البرلمان أن ينحاز الى الى المصلحة العامة ويلتزم بروابط الاخوة لاحداث تغيير ايجابي لمصلحة جميع ابناء شعبنا الاشوري ويتفاوض حول مستقبل شعبنا وامتنا في الوطن والمنفى .
4 - تشكيل سياسات أقتصادية واجتماعية لشعبنا مثل القيام بأستثمارات وتشجيع ابناء شعبنا الاشوري في المهجر للقيام بأستثمارات في الوطن لتشجيع شعبنا للبقاء في ارضهم الاصلية وخاصة هناك أعتقاد راسخ بأن الدولة العراقية وحكومة الاقليم لا تقوم على عدالة أجتماعية أو أقتصادية أو سياسية للمكونات . ومناقشة أوجه القصورهذه في النظام السياسي القائم في الوطن مع المؤسسات الانسانية والدول ومنظمات المجتمع المدني ودوائر الامم المتحدة
5 - ان يسعى البرلمان الى أنشاء مركز معلوماتي كبير يجمع ويضم وثائق وشهادات وأثباتات ولقاءات وأفلام للمظلوميات والتمييز والاضطهاد والانتهاكات وجرائم القتل والسرقة والتجاوزات الاستيلاء على ممتلكات وقرى وبلدات شعبنا الاشوري والترحيل القسري لهم من مناطقهم الاصلية . وان يقوم البرلمان الاشوري في المنفى بعرض هذه المعلومات على برلمانات وحكومات أجنبية والمنظمت الدولية ومناقشتها معهم .
6 - السعي والعمل للحفاظ على التقاليد الاجتماعية والثقافية والدينية والتراثية والحضارية لشعبنا الاشوري في المهجر . وأستمرارالالتزام بالقيم والثقافية التقاليد الاخلاقية والدينية والسلوك المستقيم للحفاظ على الهوية الثقافية والاجتماعية الاشورية .
7 - العمل مع المنظمات والمؤسسات الدولية للضغط على الحكومة العراقية للألتفات وتحقيق حالة من التعايش السلمي فيما يتعلق بوضع الدستور العراقي وبشكل خاص بالحرية السياسية وحرية التعبير وحرية الدين للشعوب الاصيلة وجميع الحريات التي تعتبر أساساً للحفاظ على قيم وثقافة شعبنا الاشوري .
هناك أيمان راسخ بين جميع أبناء شعبنا الاشوري بان الدولة العراقية والاقليم لا تقوم على عدالة سياسية أو أجتماعيىة أو دينية أو ثقافية أو أقتصادية لمكونات الشعب العراقي الصغيرة جميعاً بل يتحدد عملها لتحقيق منافع المكونات الكبيرة فقط . كما أثبتت بانها غير فعالة وجدية في حماية المناطق التي يعيش فيها شعبنا الاشوري . حيث سيظل مستقبل شعبنا في الوطن غير مؤكد وبذلك ستبقى افاق شعبنا الاشوري التاريخي في الوطن قاتمة طالما يبقى شعبنا الاشوري يواجه التمييز والاضطهاد والظلم والقتل والتشريد على ايدي المسؤولين والاحزاب الدينية والمليشيات المسلحة من المتشددين .
الله وشعبنا الاشوري من وراء القصد ...