المحرر موضوع: حكاية ثمرة الأرض (الفطر)... سالم الجبوري  (زيارة 3158 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فهد عنتر الدوخي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 750
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

حكاية ثمرة الأرض (الفطر)... سالم الجبوري

ومازالت...تلك النكهة...لا تفارقني....

عند شغاف البداية...في خمسينيات القرن الماضي...كانت لي حكاية..من اجمل حكايات الانسان...واقداره....في قريتنا قرية الخضرانية الجميلة...تتوسد جرف نهر دجلة الخالد بكبرياء لا نظير له...كنت طفلا بالكاد اتعرف على مايحيطني من الاشياء ولا ادرك من الحياة..غير حبي لأمي وتعلقي الشديد بها وما هو ممكن ان احصل عليه شئ يؤكل او يشرب..كاللبن والزبدة ... والخبز...وشئ من رمان..او تمر.....وكنت في اويخرات الربيع قد اكتشفت ( منجم ) للخير الطفولي....مزرعة ومحمية برية  في داخل الحوش ( للفطر ) قد غفل عنها الجميع لانشغاله في الاهم منها....كانت امي تخبز ..حين نهضت من فراشي بأتجاه رائحة ..الفطر...الزكية النكهة...تبعتها...وقادتني الى مسرح كل حياة..الحلال...والغنم....خلف ( لوذ ) التبن...المتصل مع ..كل حضائر الغنم...والحلال...وكانت بقايا العلف والتبن تملأ المكان
وقد تخمرت جراء اختلاط مياه الامطار مع التراب والتبن وكل مايتصل بالحلال واعلافه...واصبحت رائحة الفطر يعج بها كل شبر من هذا المكان...ولكن دون ان ارى اي ثمرة فطر واحدة...درت حول لوذ التبن من جهته اليابسه..واذا بي لا اتمالك نفسي من الفرح والدهشة والذهول..حين رأيت ثلاث من حبات الفطر الكبيرة جدا...قد شققت قشرة الارض وبان بياضها الشحمي اللذيذ الطازج وبحجم زهرات  عباد الشمس  الكبيرة جدا...فصرخت : يايمه هذا الفطر....وركضت وجلبت المسحاة...فرفعتها ببطئ وهدوء...نظفتهم وانا اكاد اطير فرحا  ملأتها دعكا بالملح...ناوشتها لأمي ووضعتها في التنور من فتحته السفلى...وبدأت رائحة الشواء اللذيذ وتفاعلات الملح  مع سوائلها الشهية...استوت وناولتني اياها امي مع رغيف الخبز المخلوط...من الحنطة والذرة الصفراء..كأنه وجه عروس عذراء...ليلة زفافها الى حبيب العمر....!!! جلست في ظل ذلك ( الجاسر ) الذي يروي حقبة طويلة من حياتنا..وعزمت امي على واحدة من فطراتي اللذيذات بأصرار فقد كانت تفضل ان اتمتع بها وحدي...ولكني...فضلت ان تتذوق امي شيئا مما انا وجدته وتدبرت امره...بأيثار طفولي برئ...واصبح منجم الفطر هذا...مصدرا لي بين وقت واخر...اتلذذ بخيراته واتنعم...بها...
سلاما لك...ذلك الزمن الجميل...لاتزال نكهتك...فينا لا..تزول...!