المحرر موضوع: وكالة عالمية: ألى متى سيتمكن المسيحيين العراقيين من البقاء في العراق؟  (زيارة 2480 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألى متى سيتمكن المسيحيين العراقيين من البقاء في العراق؟


كنيسة متضررة في مدينة الموصل القديمة، عام 2018، وقد وضعت عليها لافتة دالة على أنها غير آمنة بسبب خطر قنبلة غير منفجرة ومواد أخرى قابلة للإنفجار.

Crux Now – جون ل ألين ج ر.
عنكاوا كوم – ترجمة رشوان عصام الدقاق


روما: قبل عام واحد، قمت أنا و إنسيس سان مارتن من وكالة كروكس (Crux) برحلة إعلامية الى سهول نينوى في شمال العراق، حيث يُكافح المسيحيون المحليون لإعادة بناء منازلهم في أعقاب الدمار الناجم عن الاحتلال الوحشي لداعش.

بعد ذلك بشهرين قامت أليز هاريس من وكالة كروكس بزيارة لشمال العراق أيضاً، حيث وصلت الى بعض الأماكن التي لم أتمكن من الذهاب اليها، بما في ذلك مدينة الموصل. وكان في ذلك الوقت لدى المسيحيين أيضاً أملاً في العودة من المنفى الى ديارهم.
وكل ما خرجنا به آنذاك كان شعوراً عميقاً بالأمل. لقد فوجئنا بمرونة وتصميم المسيحيين الذين قابلناهم مندفعين على أمل أنه قد يكون للمسيحية مستقبلاً في المنطقة بعد كل ماحدث.
وبعد مرور عام، وجدنا أنفسنا نتساءل فيما إذا كنا ساذجين بعد أن لاحظنا تدهور الأوضاع والخطر المُحدق بالمسيحيين مرة أخرى.
وفي الآونة الأخيرة، أقرَّ رئيس الأساقفة نجيب ميخائيل موسى من الموصل، الذي عينه البابا فرانسيس في عام 2018، بأن عدداً قليلاً جداً من المسيحيين يعودون فعلياً الى المدينة التي تعرضت للخراب.
قال رئيس الأساقفة موسى لوكالة يورو نيوز أن حوالي 30 عائلة مسيحية فقط عادت الى الموصل، أي بنسبة 10% فقط من سكان الموصل المسيحيين الذين كانوا في الموصل قبل داعش، بسبب المخاوف الأمنية ونقص الفرص الاقتصادية.
في الآونة الأخيرة، قال أحد الذين على اتصال معنا من العراق، والذي سهَّل سفرنا قبل عام، قال كانت أليز هاريس محظوظة برؤية مدينة الموصل حين قامت بزيارتها، لأنه بالتأكيد لن يوصي بتلك الرحلة اليوم. وقال، إن قوة الميليشيات تتزايد طوال الوقت، في إشارة الى الجماعات الكردية والإيرانية المسلحة التي تعمل كحكومات فعلية في بعض المناطق من شمال العراق.
وقد أثار انتخاب منصور مريد الجبوري، في 13 من شهر أيار الماضي، محافظاً جديداً لمدينة الموصل مخاوف العديد من الأقليات الدينية في المنطقة، بسبب النظر اليه على أنه مدعوماً سياسياً ومادياً من قِبل تلك الميليشيات، وهو عضو نشِط في حركة عطاء، بقيادة قائد قوات الحشد الشعبي فالح الفياض، والتي تضم ميليشيات موالية لإيران.
والعديد من المسيحيين العراقيين مقتنعون تماماً بأنهم يشهدون حملة ترعاها إيران فيما يُسمونه "التغيير الديموغرافي". وهذا يعني الاستعمار الشيعي للبلدات المسيحية التاريخية في المنطقة. ويقولون إن هذا الجهد الى جانب السلوك العدائي من الميليشيات يُهدد كل من الاستثمار الحكومي والاستثمار الخاص في شمال العراق، مما يُهدد استمرار بقاء الطائفتين المسيحية واليزيدية في البلاد.
وتبدو الأمور أفضل في العديد من القرى المسيحية التقليدية في سهول نينوى، مثل تلسقف التي جاء الدعم لإعادة الإعمار فيها من قِبل حكومة المجر، وبلدة كرمليس التي جاءها الدعم من قِبل فرسان كولومبوس. ففي هذه البلدات تم إعادة إعمار نسبة مهمة من منازل المسيحيين، كما عادت نسبة أكبر من السكان الذين كانوا فيها قبل احتلال الدولة الإسلامية، مقارنة بغيرها من المناطق.
وحتى في تلك الجيوب الآمنة نسبياً، لا تزال الأمور هشة والخوف هو حقيقة يومية. وعندما سألنا قبل عام ما إذا كان الناس واثقين من تواجدهم في تلك القرى بعد 10 سنوات من الآن؟ أو ما إذا حدثت موجة جديدة من العنف تتمكن من طردهم مرة أخرى؟، لم يكن أحداً على استعداد فعلاً للقول أنهم يشعرون بالثقة.

مطران الموصل للسريان الكاثوليك، يوحنا موشي، يحتفل بالقداس في كنيسة مار توما السريانية الكاثوليكية في مدينة الموصل القديمة، يوم 28 من شهر شباط الماضي.

علاوة على ذلك لم يكن الدعم الدولي لإعادة الإعمار ضخماً كما يعتقد البعض. ففي ربيع هذا العام اضطرَّ رئيس الأساقفة بشار وردة في العاصمة الكردية أربيل، التي أصبحت أبرشيتها ملاذاً للاجئين الفارين من داعش في عام 2014، على تفنيد الشائعات القائلة بأنه فجأةً أصبح يسبح بالأموال الأميريكية، بعد أن أعلنت إدارة ترامب أنها ستقدم منحاً مباشرةً للكيانات الدينية في المنطقة، التي لديها أفضل الفرص للعمل لصالح الناس الذين خُصصت تلك الأموال من أجلهم. قال المطران وردة في ذلك الوقت، يعتقد الناس  أن الكنيسة أو أبرشيتنا تلقت مباشرةً مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الأميريكية ويُطالبوننا  بتوضيح كيف أنفقناها. وأكد أن ذلك ليس هو الحال. في تلك الفترة كانت المعونة الأميريكية الوحيدة التي استلمها بالفعل هي 350 ألف دولار، وذلك لغرض تجهيز مُعِدّات لإزالة الأنقاض.
لقد تحدثتُ مؤخراُ الى أحد الناشطين الذي يعمل ومنذ فترة طويلة نيابة عن المسيحيين العراقيين، إذ قال، على الرغم من أن وسائل الإعلام تقول بأن عدد المسيحيين قد انخفض الى حوالي 250 ألف نسمة من أصل 1.5 مليون نسمة قبل الغزو الأميريكي في عام 2003،  إلا أن الاحتمال الأكثر دقةً هو أن الأرقام الحقيقية أقل من ذلك بكثير. ويتوقع أن أعداد الطائفة المسيحية ستنخفض الى حوالي 30 ألفاً فقط متجمعة في عدد واسع من القرى التي كان يسكنها المسيحيين قبل داعش.
وقال، لقد فُقِدتْ قرية باطنايا بالفعل وأصبحت في يد الميليشيات. ويعتقد أن المزيد من ذلك سوف يتبعها، إما بسبب الاستنزاف أو الإكراه المباشر أو كليهما. وقبل داعش كانت باطنايا بلدة مزدحمة تضم حوالي 800 عائلة مسيحية، لكن اليوم هناك فقط 350 من عائلاتها ما زالوا في البلاد (وليس في القرية). وعلى الرغم من خلوها من داعش لكنها تقع في "أرض حرام" ومحصورة في الجانب الخطأ بين قوات البيشمركة الكردية والمقاتلين الشيعة المدعومين من إيران.
وفي مقابلة في أواخر شهر أيار الماضي مع وكالة يورو نيوز، أكد رئيس الأساقفة موسى بثقة كبيرة أن المسيحية في العراق لن تنتهي ولن تموت أبداً.
وكما نصَّ كلامه حرفياً، ربما يكون على صواب، بأنه سيكون هناك دائماً نوع من التواجد المسيحي في العراق، أحد أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، حيث تصل جذور العقيدة الكاثوليكية الى عهد رُسل السيد المسيح.
مع ذلك، هناك فرق مهم بين البقاء والازدهار. ومنذ عام مضى بدا أن هناك أمل بالازدهار، في الأقل تتوفر الفرصة للنضال فيما يتعلق بالمسيحيين العراقيين. أما في الوقت الحالي فإن السيناريو الأول (مسألة البقاء) هو السيناريو الأكثر أهمية وقبولاً ما لم يُكثف المجتمع الدولي، بطبيعة الحال، مشاركته بدرجة كبيرة وفي القريب العاجل.


أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية