المحرر موضوع: حين يكون رئيس البلاد قدوة ونموذجًا  (زيارة 1215 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لويس إقليمس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 424
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حين يكون رئيس البلاد قدوة ونموذجًا
لويس إقليمس
بغداد، في 4 آب 2019
لم أستغرب، كما زملائي، أن أقف صبيحة السبت 3 آب 2019، أمام رمز وطنيّ يستحق التقدير والإعجاب في دماثة الخلق وبساطة المعشر ولطافة الكلام من دون تكلّف ولا مجاملة ولا تزلّف. قامة وطنية عراقية بشخص الدكتور علي شكري، الذي تتمثل فيه كلّ مواصفات الكادر المهنيّ الوطني، علميًا وقانونيّا وإنسانيًا تستحقّ التقدير والاحترام. رجل ولا كلّ الرجال، يحمل بصدق هموم وطن تعبان متراجع وشعب بائس غارق في مجاهيل الفساد والتخلّف والتراخي. بالأمس، أرسى علي شكري ممثلاً لفخامة رئيس البلاد برهم صالح، أرقى أسس الاحترام والتقدير والتقييم لرسالة القلم الحرّ المستقلّ باعتذاره للخطأ غير المقصود الذي وقع فيه مكتب رئاسة الجمهورية في الأسبوع الماضي وتجاهله لكلمة رئيس تحرير الزمان في احتفالية تكريم السيد حسين محمد هادي الصدر. بحضوره شخصيا كما وعد، أثبت الدكتور علي شكري سلوك راقيًا في التعامل مع السلطة الرابعة. فالحضور هو بعينه تكريم وتقييم لكلّ قلم حر ورأي مستقلّ متمثل بقامة صحفية مهمة في البلاد متمثلة بالدكتور أحمد عبد المجيد وكادر الجريدة وكتابها وقرائها على السواء. بل هو بالشمول، تكريمٌ للصحافة العراقية أجمع ونشطائها وروادها ومَن على أمثال هذه الصحيفة النشطة، ومنها نظيرتها في النهج الوطني "المدى" الغرّاء وأخواتها السائرة على ذات النهج المستقلّ.
لم تكن صحيفة الزمان تسعى لمثل هذه الهالة الإعلامية التقديرية، أو لشيء متميز ومبهرج كي يثلج صدور إدارتها المتزنة ومعها كافة الحضور، ويعمّق الثقة بقدرة هذه الصحيفة اليومية المستقلّة المجتهدة على مجاراة الحدث بكلّ قدرة صحفية وبكل كلمة ناطقة عبر سياسة إدارتها ومن خلال آراء كتابها المتميزين بالجرأة. فالزمان، كما المدى ومَن على نهجهما الوطني الجريء، تعبّر عن هموم وطن ومعاناة شعب وصرخات محتاج وصيحات جيوش العاطلين طلبًا للعيش الكريم في بلد ضاق بأهله وغابت عنه كلّ مباهج الحياة وتراجعت فيه رايات العلم والتربية والأخلاق إلاّ ما جاد به ساسة الصدفة بكلّ خبث ورياء مِن بحثٍ غير شريف وتهافت مقيت على مكاسب غير مشروعة وإيغالٍ متزايد في سرقة المال العام وفي مفاسد غير مباحة. 
في اعتقادي المتواضع، فإنّ صاحب الجريدة، ورئيس تحريرها وكادرها المتمرّس وكتّابها بتلوّن اتجاهاتهم وآرائهم الحرة المستقلّة النابعة في معظمها عن حسِّ وطنيّ صادق، أرقى من انتظار تقييم أو تقدير إعلاميّ. وهُمْ لها في الجدارة والكفاءة والتعبير. ولكن عندما يصدر مثل هذا السلوك الراقي في التقييم من رأس دولة معروف بشعوره الوطنيّ وكياسته المتزنة في إدارة شؤون البلاد وبالجدارة التي عرفناها عنه لغاية الساعة، فهذا مدعاة مضافة أخرى للفخر والاعتزاز. وإنْ يدلّ هذا على شيء، فإنّما هو دليلٌ آخر على احتفاظ البلاد بكفاءات وطنية وأخلاق راقية وسيرة إنسانية من أمثال الرئيس برهم، الذي يعرف قدر نفسه وقدر الآخرين و"يعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، راغبًا في السير بالبلاد على طريق البناء الوطني السليم وفق أسس المواطنة والمساواة والجدارة وليس طبقًا للمحاصصة وتجيير المناصب لصالح أحزاب وأشخاص.   
أمّا حديث المعلّم المتواضع الراقي "علي شكري" بين الحضور، فيشعر المتلقي من خلاله بذلك النبض الوطني الذي يحرّك دواخل الرجل الزاهد في مكاسب الدنيا ومفاخر المناصب وبهرجة مواكب السيارات الفارهة. فهلْ من شجاعة للآخرين البعيدين عن مثل هذه الروح الوطنية الصادقة أن يتعلموا دروسًا وعبرًا من هاتين الشخصيتين الوطنيتين الفذّتين؟   
لقد استمع شخصه الكريم لمداخلات السادة الحضور بآذان صاغية وبروح منفتحة وبفكر نبيه، وكأنه يبحث عن مخارج وطنية سلسة من هذا اللقاء مع نخبة مثقفة ليضعها في برنامج وطني وينقلها بكلّ أمانة لرأس البلاد، راعي الصحافة والصحفيين، ومشجّع الثقافة والمثقفين، والقارئ النبيه لما ينقلُه القلم وما يسطّره أساطين الصحافة كلّ يوم.
لكما منّي يا سيادة الرئيس، ويا سيدي رئيس هيئة مستشاري الرئاسة، ولأمثالكما في سهول الوطن وجبالها، في سهوبها وصحاراها، في حقولها وأهوارها كلّ تقدير واعتزاز. فهذه المبادرة ستبقى في الذاكرة صورة وللقلم الناطق مهمازًا وللرأي الحرّ سراجًا. فعندما يكون الرئيس، أيّ رئيس تنفيذي أو تشريعي أو رئيس دائرة أو شركة أو مؤسسة أو حتى رأس أسرة نموذجًا في السلوك القويم وساميًا في احترام الغير وفي تقدير الآخر، فذلك دليل على بقاء شيء من نفحة الأخلاق الحميدة ومن جذوة المشاعر الصادقة باتجاه احترام جدارة الآخر واإقرار بوجوده وإن يكن مختلفًا. وهذا ما تسعى إلى التذكير به الأقلامُ الوطنية الحرة المستقلّة المليئة بحب الوطن والطامحة لرفعة شعبه الجريح وتنقية بيدره من الزؤان والشوك والعوسج.