المحرر موضوع: قراءة في الديوان الشعري ( نهر بثلاث ضفاف ) الشاعر يحيى السماوي  (زيارة 4472 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جمعه عبدالله

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 686
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قراءة في الديوان الشعري ( نهر بثلاث ضفاف ) الشاعر يحيى السماوي
يعجز الكلام والوصف في التجربة والمنجز الشعري للسماوي . لانه وبكل بساطة متناهية . عملاق في القصيدة والشعر . في خلق الصور الفنية المركزة , في السرد المكثف في الرؤية الشعرية الصوتية ,  في نغم الصوت واللحن والايقاع الموسيقي والشعري . في الابتكاروالخلق  في البنية  الشعرية . في  اللغة الجميلة المدهشة والساحرة في الابهار , دون الابهام والغموض ,  والتلاعب على المعنى , بل يتوجه بكل وضوح الى المرام والهدف والغرض . بالدهشة في الصياغة الشعرية . هذه مضامين  التجربة الطويلة , التي اكتسبت خبرة عملاقة , في الصياغة والتعبير , والرؤية الفكرية والفلسفية , التي تجعل القصيدة تحلق في الآفاق العالية , شكلاً ومضموناً , وهو يغرف من الشعر الاصيل , المعتق بالنبيذ من خمرته الاصيلة   . التي تشد احاسيس القارئ والسامع , بروح الدهشة في النص , الذي يخلق في  الاثارة والدهشة   . ويجعل القارئ يعيش حالات الابهار في الحلم , تجعله ينسى غصات الالم والوجع في داخله , وينصت  الى   شعر الموسيقى والايقاع , او بالعكس الموسيقى والايقاع في الشعر . الحالمة التي تشفي الجراح الوجدان  . هذه روحية النص الشعري , الذي اشتغل ويشتغل عليه السماوي  في  الشعر ,  الذي يتناغم مع الحلم والعشق  , يجعله حالة  وجودية او حياتية بالغة الاهمية , في الحلم المشتهى والعشق المرتجى , لكي يتغلب على الواقع المأزوم والمخنوق , ويمد له طوق النجاة والحياة . يجسدها في استلهام الرمز الاسطوي  في الحب والتضحية ( إينانا ) . يجعل الحلم والجمال والتضحية نهر بثلاث ضفاف , تحرسه ربة العشق ( إينانا ) . من اجل الخلاص والانقاذ من اليم الجارف . هذه مكونات استلهام فلسفة العشق وعوالمها العريضة والشاسعة  , يصوغها بشمولية عامة , تخرج من الذاتية الفردية الى الاشمل والاعم  , في دلالات الايحاء والمعنى الدال . في صياغتها المرهفة في الشفافية . التي تحرث في بناء مدينة الحلم والعشق الفاضلة . كما سبقه الفيلسوف الاغريقي ( افلاطون ) في بناء مدينته الفاضلة , التي سميت بجمهورية افلاطون , ولكن لعنة الشرق  , بأن هذه المفردة ( الجمهورية ) جاءت  بكل الاوساخ والقاذورات والقمامة  بأسم الجمهورية , لذلك السماوي يسعى الى بناء  المملكة العشقية وحارستها الرمز الاسطوري ( إينانا ) , في اعادة ترميم اوصياغة الواقع , بالحب والتضحية والعشق ( الثالوث المقدس من نهر إينانا بثلاث ضفاف ) . في سبيل ايقاظ الوعي والعمل ( حيَّ على خير العمل ) . هذه سكة الانقاذ ولا يوجد طريقاً اخراً للبديل , عن الحب والعشق . ولا يمكن ان يكتمل الخلاص إلا بهما . من اجل ايقاف ثعابين التوتر والتمزق والقلق الوجودي . لا يمكن إلا بنهر إينانا بثلاث ضفاف. ويجعلها السماوي مرجعية فوق المرجعيات الآخرى . ولكن لابد من الاشارة البالغة الاهمية . عودنا السماوي على الريادة , في الابتكار والخلق برؤية جمالية مدهشة . في التعبير والرؤية والاستلهام والاستخدام , فقد دأب الشعر العراقي , في توظيف الرمزي الاسطوري لمفردة  ( عشتار ) وقد كثر تردد ( عشتار ) في قصائدهم , حتى السياب كثر من توظيف ( عشتار ) في الكثير من قصائده , ولكنه  لا يعتبر هذا  التوظيف ان يعطيه سمة  الريادة في استخدام  الرمز الاسطوري  ( عشتار ) لان الكثير من الشعراء من  سبقه , استخدموا  هذه المفردة  أو  المصلح الاسطوري في قصائدهم  . بينما في حالة السماوي مختلفة تماماً  , لم يسبقه شاعر من قبل استخدم المصلح الاسطوري ( إينانا ) وهذا يحق  للسماوي ان  يعتبر الرائد في توظيف الرمز الاسطوري ( إينانا ) لآن لم يسبقه شاعر في توظيف هذا الرمز الاسطوري ,   وكما هو يحمل الريادة في المصطلحات العشقية  , التي لم تخطر على بال احداً في توظيف المصطلح العشقي ( عشقائيل ) وحي  العشق , و ( صوفائيل ) حكيم العشق . لذلك الديوان الشعري ( نهر بثلاث ضفاف ) هو موزع بين ( عشقائيل ) و ( صوفائيل ) . ونقتطف المقاطع الشعرية المختارة من الجانبين :
 1 - عشقائيل :
 × للعشق يبدأ بالصلاة  مع صوت الأذن . حتى يشعل القلب بنبض الحب أشتعالاً  , حتى يتنعم بمطر العشق الغزير في ضوئه النوراني , لتتفيء الصحراء بظليله, وتفيض الينابيع بغدران السلسبيل من اطياف الجنة  .
قـبـلَ الـنـداءِ الـى صَـلاةِ الـفـجـرِ :
فَـزَّ الـقـلـبُ ..
صـوتٌ كـالأذانِ أتـى .. أصَـخـتُ الـنـبـضَ ..
مَـنْ ؟
فـأجـابـنـي صـمـتـي :
هــو الــمَــطــرُ الـوبــيــلْ
*
فـانـثـرْ بـذورَكَ
آنَ لـلـصـحـراءِ أنْ تـتـفـيَّـاَ الأيْـكَ الـظـلـيـلْ
*
وتـفـيـضَ غـدرانٌ بـأعـذبِ سـلـسـبـيـلْ
*
ألـقـى عـلـيَّ تـحـيَّـةّ الـعـشـقِ الـخـرافـةِ هـدهـدُ الـبـشـرى
وقـال :
يُـخـصُّـكَ الـزمـنُ الـجـديـدُ بـجـنَّـةٍ   (قصيدة هبوط إينانا )
× فاكهة العشق وخمرته التي تسقي فسيلة الحب
تأبى كؤوسي غيرَ خمرك
لا تمسكي الينبوع عن عشبي
فناعوري
أبى أن يستقي
من غير بئركِ       ( قصيدة تضرع في محرابها )
--------------------
قبل أن تومئَ ليْ
أن ْ أدخل الفردوس إينانا
وتستقيني
شراباً من هديلٍ
ورغيفاً
من حنينٍ      ( قصيدة شراب من هديل )
 × ميلاد العشق : لوح الولاة والانبعاث. والصعود الى فردوس الملاك السومرية ( إينانا ) .
مـيـلادُ " إيـنـانـا " الـبـعـيـدةِ بُـعـدَ قـلـبـي عـن يـدي :
مـيـلاديَ الـمـكـتـوبُ فـي الـلـوحِ الـمُـقـرَّرِ قـبـلَ يـومِ ولادتـي
وغـوايـتـي فـي نـشـرِ أشـرعـةِ الـرَّحـيـلْ
*
إصـعَـدْ إلـيـهـا ـ قـال هُـدهُـدُهـا ـ لِـتُـبْـعَـثَ مـن جـديـدٍ :
عـاشـقـاً .. طـفـلاً رضـيـعَ الـلـثـمِ .. مـشـبـوبـاً فـتـىً ..
فـاهـنـأ بـمـيـلادِ الـمـلاكِ الـسـومـريَّـةِ أيـهـا الـشـيـخُ الـجـلـيـلْ
*
كـيـف الـصـعـودُ ـ أجَـبْـتُ ـ مـولايَ الـبـشـيـرَ
الـى جـنـائـنِ ربَّـةِ الـمـطـرِ / الـجـمـالِ / الـحـبِّ " إيـنـانـا " ؟
أنـا الـحَـيُّ الـقـتـيـلْ       ( قصيدة هبوط إينانا )
× مواثيق الحب : وصايا الحب هي مواثيق عشقية مقدسة . فلا يمكن ان ينال مرتبة العشق إلا بحفظ مواثيق الحب والعشق .
قالتِ العشق مواثيقُ
فلا عشق إذا لمْ تحفظِ الميثاقَ
ما أشرقت الشمسْ
وما آذانَ بالنجم الغسقْ
ليْ تعاليمي التي أوصى بها
رب الفلق
لا تكن
ذئباً على الظبيةِ والظبيِ
ولا سبعاً على الشاةِ
ولا إن شبتِ النارُ
ورقْ     ( قصيدة وصايا إينانا )
× هبوط العشق :
هبوط رمز العشق الاسطوري ( إينانا ) لتنقذ  البيدر والنهر من الجفاف  , لتفتح طريق لميلاد العشق , فغدت دجلة والفرات بهاء في موجة النعمة , وفساتين خضرة للواحات .
هـبـطـتْ إيـنـانـا مُـنـقـذةً ..
فـغـدَتْ دجـلـةَ
وأنـا صـرتُ فـراتْ
*
فـأعـادتْ لـلـنـهـرِ الـمـوجـةَ
والـوردةَ لـلـروضـةِ
وفـسـاتـيـنَ الـخـضـرةِ لـلـواحـاتْ   (  قصيدة حزمة قصب سومري )
× طقوس العشق : ربما في بعض الطقوس في الحب , تحمل غرابة في المراسيم , من الفرح  الى العسر, او من الابتهاج الى الحزن وبالعكس . ولكن رغم هذا وذاك , فعذاب الحب احسن عذاب ودلال . في شروقه وغروبه .
لا تسلني
عن طقوس العشق
في بدءِ شروقٍ
أو
نهايات غروبِ
لا مراسيم لعشقي
غيرَ أن أفنى هياماً
بحبيبي
ربما أضحك من حزنٍ
وأبكي من سرورٍ ..
فأنا
مختنق حيناً
وأحيانا
صداحُ العندليبِ                (  قصيدة طقوس العشق )
2 - صوفائيل : حكيم العشق وبصيرته النافذة .
×  القسمة العادلة , مال الله لله
 ما لقيصر من العروش والكنوز هي لولاية العشق . العشاق هم وحدهم  ورثة بركات ونعم الارض , وليس لقيصر والاباطرة .
لـلـهِ مـا لـلـهِ
لـكـنْ
مـا لــقــيـصـرَ مـن عــروشٍ لـيْ ..
ولـلـعـشـقِ الـولايـةُ ..
نِـعـمَ دِيـنـاً عـشـقُ " إيـنـانـا "
وأكـرِمْ بـالـخـلـيـلـةِ والـخـلـيـلْ    ( قصيدة هبوط إينانا )
× الاستقامة والعدل والشموخ بالحق , فلا تنحني   للمنبوذ والناقص واللئيم . ولا يمكن للغصن الفاسد , ان يخضر سنابل وأزهار . وكن سوطاً على الجاحد ومغتصب الحق حتى لو اظلم الدرب .
لا تـمُـدِّ الـيـدَ لـلآفِـكِ والـمـنـبـوذِ
والـكـامـلِ نـقـصـاً
وسَــفـيـهٍ ذيْ مـجـونٍ وحَـمَـقْ
*
ولـئـيـمِ الـجـذرِ والـغـصـنِ
فـإنَّ الـغـصـنَ نـسْـلُ الـجـذرِ ..
هـلْ يُـثـمِـرُ غـصـنٌ فـاســدُ الـجـذرِ كـرومـاً وحَـبَـقْ ؟
*
كُـنْ عـلـى الـجـاحـدِ ســوطـاً ..
ونـدىً لـلـوردةِ الـعـطـشـى ..
وإنْ أظـلـمَ دربٌ
كُـنْ ألـقْ    ( قصيدة وصايا إينانا )
× العمر :  لا يقاس بالسنين , وانما يقاس بسنين وولادته بالعشق  .
فـأضـافـتْ :
كـم مـن الـعـمـرِ لـكَ الان ؟
فـقـلـتُ :
الـعـمـرُ قَـيْـد الـبـدءِ مـولاتـي
فـإنـي لـم أزلْ نُـطـفـةَ عـشـقٍ فـاحْـبَـلـي بـيْ وانْـجِـبـيـنـي ..
ربـمـا أصـبـحُ فـي الـعـشـقِ ولِـيَّ الأولـيـاءْ
× الجهد الحياتي يحتاج الى سباق ومعاناة ولهاث . وسهرالليالي بالارق , هذه خلاصة الحياة المضنية بالتعب , لا بالرفاه والترف , والنوم على وسادة الحرير.
         
مـنـذ دهـرٍ
وأنـا  أركـضُ وحـدي
فـي سـبـاقِ الـفـوزِ بـالـجـنَّـةِ
أو بـئـس الـمـصـيـرْ
 
مـرةً يـسـبـقـنـي الـلـيـلُ  وأخـرى أسْــبـقُ الـصـبـحَ ..
وفـي الـحـالـيـنِ:
وحـدي أركـضُ الأشـواطَ  والـدربُ ضَـريـرْ
 
لـيـتـنـي أعـرفُ:
هـل كـنـتُ  بـهـا الأوَّلَ ؟
أمْ كـنـتُ الأخـيـرْ ؟
  × جهر بالحقيقة :  وقولها دون خشية وخجل وتردد   , أزرعها لتثمرثماراً في الجهر والكشف الباطل  ,  فكل شيء زائل إلا الحقيقة باقية   تضحك بوجهها الباسم  , مثل للنار لا يمكن  ان تضحك إلا بالحطب . والحقيقة مثل الازهار  تشمخ بعبير عطرها . 
  ما العيبُ في قولِ الحقيقة ؟
هل تكون النارُ ضاحكة اللهيبِ 
 بلا حطبْ ؟
أم تستحي الازهارُ من عبقِ العبيرِ
ومن سُلافتِهِ العنبْ ؟
فأنا الفراتُ
وأنتِ  دجلةُ
والسريرُ  بكوخنا شطُ العربْ     ( قصيدة جهر )
-------------------------
  × ولابد من الاشارة  الى المقدمة الرائعة بقلم الاستاذ النقد المعلم الكبير عبدالرضا علي
 × الديوان الشعري : نهر بثلاث ضفاف
× اصدار : مؤسسة المثقف العربي / سدني / استراليا
× المؤلف : الشاعر يحيى السماوي
× الطبعة الاولى : عام 2019
× لوحة الغلاف : بريشة الفنان عبدالله الشيخ
× عدد الصفحات : 146
   جمعة عبدالله