المحرر موضوع: عاشوراء مناسبة دينية تستخدم للتحريض السياسي  (زيارة 5768 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31433
    • مشاهدة الملف الشخصي
عاشوراء مناسبة دينية تستخدم للتحريض السياسي
إيران تستغل المناسبة لشد العصب الشيعي بإفراغها من بعدها الديني وإعطائها صبغة سياسية بحتة في مواجهة الدول الإسلامية السنية خاصة، جاعلة عبرها الطائفة الشيعية بمثابة حصان طروادة لإثارة الفتن.
العرب / عنكاوا كوم

تراجيديا عاشوراء
إحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين عادة اعتاد المسلمون على إحيائها، ويُجمع المسلمون بكل مذاهبهم وطوائفهم على استذكار الحادثة. لكن تحويل الذكرى من جانبها الديني الصرف إلى اتجاهات سياسية تغالي في الانتماء الطائفي وتكرس مفاهيم الثأر والندم الجماعي، أصبح ينم عن توجيه رسمي خفي يسعى إلى استغلال الحدث والحادثة في مصالح أيديولوجية وسياسية توظفها إيران لشق صف المسلمين.

 بغداد –  أحيا الملايين من المسلمين في الكثير من الأقطار العربية والإسلامية ذكرى عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين بن علي قبل نحو 14 قرنا.

ويحتفي السنة والشيعة بالمناسبة ويحيونها على أساس أنها تراث وكنز ثقافي ومعرفي وإنساني للجميع دونما استثناء، لكنها أخذت منحى خاصا في بعض الدول مثل إيران والعراق ولبنان واليمن وباكستان والبحرين والهند.

واتخذت سلوكيات اللطم والتطبير بعدا آخر بعيدا عن مجرد التذكير بحادثة الطف إلى استغلال لطاقة الحزن والغضب والتأكيد على الثارات السياسية.

ومنذ قيام الثورة عام 1979، عملت إيران على توظيف المناسبة في أجندة تخدم أيديولوجية خاصة، أجندة  قوامها تحويل الذكرى إلى تراجيديا تهدف من خلالها كل سنة إلى ترسيخ مبدأ الانتقام في الذهنية الشيعية وتجديد الأحقاد وصناعة الكراهية.

مناسبة للإذلال

إيران تستغل عاشوراء لشد العصب الشيعي بإفراغ المناسبة من بعدها الديني
أوضح الكاتب العراقي فاروق يوسف في حديثه للـ»العرب» أنه من المفاجئ أن تتحول الاحتفالات بمقتل الإمام الحسين إلى مناسبة للإذلال الذي يمارسه الإنسان في حق نفسه. وهو ما يمكن أن يستفيد منه نظام شمولي مثل نظام آيات الله في قفزه على القيمة المقدسة التي تنطوي عليها فكرة الحياة من أجل إشاعة ثقافة الموت.

وهو ما عبرت عنه الضغوط النفسية التي يمارسها حزب الله والميليشيات الشيعية في العراق من خلال المسيرات الجنائزية التي تتعطل بسببها الحياة لأكثر من أربعين يوما وتحويل تلك الممارسة إلى تقليد سنوي تهدر فيه الأموال ويتوقف فيه الناس لا عن العمل حسب بل وأيضا عن التفكير.

ومنذ فجر الإثنين قام مئات الآلاف من الشيعة في إيران والعراق بإحياء ذكرى «عاشوراء».

وشهدت مدينة مشهد الإيرانية وفي مرقد الإمام علي الرضا، حشودا ومسيرة عاشورائية بملايين من الزوار الأجانب.وانطلقت مراسم إحياء المناسبة في جميع المدن الشيعية، وخاصة في مدينة كربلاء (118 كلم جنوب بغداد) عند ضريح الإمام الحسين، في تقليد اعتاد الشيعة على إحيائه.

وحمل المشاركون أعلاما ملونة، وارتدوا الملابس السوداء، وقام البعض بضرب أجسادهم بالأيدي والسلاسل الحديدية، فيما قام آخرون بضرب مقدمة رؤوسهم بآلات جارحة حتى سالت دماؤهم، في مشهد يطلق عليه اسم «التطبير».

ولا تقتصر هذه الطقوس على العراق وإيران فحسب بل تمتد أيضا إلى تركيا وغيرها من البلدان حيث أحيا الآلاف من الأتراك من أتباع المذهب الجعفري، مراسم عاشوراء، بمناسبة الذكرى السنوية الـ1380 لاستشهاد الحسين و72 من أهل بيته وأصحابه، وفق التقويم الهجري.

واجتمع الآلاف، الاثنين، وسط مدينة إغدير، شرقي تركيا، لإحياء المراسم التي تقام كل عام، في اليوم العاشر من شهر محرم، حدادا على الحسين وأصحابه الذين قتلوا في واقعة كربلاء. واتشحت العديد من المنازل والشوارع في إغدير وأقضيتها بالسواد، بهذه المناسبة.

واستمرت فعاليات برنامج عاشوراء، من الصباح وحتى ساعات الظهيرة، حيث تخللتها فعاليات عدة. وتليت آيات من القرآن الكريم، وأدعية ومرثيات من أجل شهداء كربلاء، خلال البرنامج. ولم يتمالك الكثير من الحاضرين أنفسهم، وانهمرت الدموع من عيونهم، خلال إحياء المراسم.

وتقام عاشوراء في اليوم العاشر من شهر محرم. وهذا الموعد هو اليوم الذي قتل فيه حفيد النبي في معركة كربلاء على يد جيش يزيد بن معاوية. وفي لبنان ارتدى الآلاف الثياب السوداء، وعصبوا رؤوسهم، وضعوا وشاحات سوداء وصفراء اللون وهتفوا دعماً لحزب الله بعدما لبوا دعوته للمشاركة في إحياء اليوم الأخير من ذكرى عاشوراء.

ومع بزوغ فجر الثلاثاء، وتلبية لدعوة حزب الله، بدأ آلاف الرجال والنساء والأطفال بالتوافد إلى الضاحية الجنوبية، معقله في بيروت، لإحياء الذكرى السنوية لعاشوراء المتعلقة بالإمام حسين بن علي، حفيد النبي محمد الذي قتل على يد جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، في واقعة ألطف في العام 680 ميلادي، بمدينة كربلاء العراقية.

انتشرت ظاهرة اللافتات السود المدونة عليها عبارات مثل «ما تركتك يا حسين» و»السلام عليك يا أبا عبدالله» و»الحسين مني وأنا من الحسين»، وسواها من اللافتات الموقعة باسم العائلات الشيعية، التحاقا أو تقرباً من حزب الله أو حركة أمل، اللذين يمثلان الشيعة في السلطة.

وجلس البعض على الأرض، وتنهمر الدموع من أعينهم وهم يستمعون إلى مجلس عزاء يروي سيرة الإمام الحسين، وذلك في مكان قريب من الموقع الذي حصل فيه قبل أسبوعين هجوم بطائرتين مسيرتين مفخختين، واتهم حزب الله إسرائيل بشنه.

في لبنان ارتدى الآلاف الثياب السوداء، وعصبوا رؤوسهم، ووضعوا وشاحات سوداء وصفراء اللون وهتفوا دعماً لحزب الله
ثم سار عشرات الآلاف في مسيرة ضخمة، وهتفوا «علّمْنا إسرائيل أننا قوم ليس ضعيفا»، ورددوا شعار «هيهات منا الذلة» المأخوذ من مقولة للحسين، إمام الشيعة الثالث من أصل 12، والذي يرون فيه مثالاً للرجل الثائر والمظلوم.

وكان مقتل الحسين على يد والي يزيد في البصرة والكوفة حيث أرسل قوة لمواجهته مع العدد القليل من أنصاره، مما اضطره إلى مواصلة السير باتجاه كربلاء حيث جرت محاصرتهم ومنع الماء عنهم، ومن ثم قتلهم وأسر النساء والأطفال من أهله وبينهم ابنه، علي زين العابدين، الإمام الرابع لدى الشيعة.

وقد شكلت هذه الواقعة بمقتل الحسين وأنصاره وسبي أهله، منعطفا هاما في تحديد المنحى الذي سارت عليه طقوس الطائفة الشيعية، الأمر الذي أسهم، إلى حد كبير، في تشكيل هويتها.

ولئن كانت الذكرى في المنطلق رمزا لمناسبة دينية جامعة فإن الدولة الصفوية اشتغلت عليها لخلق تمايز ديني حقيقي عبر الحرص على تكريس سلوكيات جديدة، في إطار صراعها آنذاك مع العثمانيين، وركزت على نقاط الاختلاف والإثارة والفصل المذهبي بين السنة والشيعة.

وكرس نظام ولاية الفقيه، تحويل المناسبة الدينية الجامعة لمختلف الطوائف الإسلامية إلى منصة سياسية حرص وأتباعه على استغلالها وتوظيفها سياسياً عبر مختلف المنابر من أجل بث ونشر ثقافة الفرقة والاختلاف وبث السموم والدعوة للفتنة والتحريض على الشعوب والدول.

 ويدعي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي وحزب الله أنهما يمثلان الحسين، بغية استغلال عاشوراء وواقعة كربلاء كأداة لاستقطاب الشيعة، ومناسبة لتعزيز مصالحهما ومواقفهما السياسية لمنحهما شرعية باسم الحسين واستدرار عطف الشيعة، فيما الحسين براء من كل المواقف والحروب التي تخاض باسمه داخل الأمة.

ويرى فاروق يوسف أن إيران تتخذ من ممارسة الطقوس الدينية في المجتمعات ذات الغالبية الشيعية مناسبة لتكريس فكرتها عن المسيرات الجنائزية التي سبق للخميني أن اعتبرها واحدة من أهم ركائز بقاء الجمهورية الإسلامية.

لذلك فإنها تحرص على أن تكون تلك الطقوس واجهتها في مقابل عالم الإسلام «السني» الذي تعتبره عدوا لها، في محاولة منها لتشتيت الأنظار عن فشلها في إدارة ملفات أزماتها المتفاقمة والتي تدفع بها إلى طريق اللاعودة إلى المجتمع الدولي.

توظيف سياسي

عاشوراء بين الذكرى الدينية و"الاستغلال السياسي"
تستغل إيران المناسبة لشد العصب الشيعي بإفراغها من بعدها الديني وإعطائها صبغة سياسية بحتة في مواجهة الدول الإسلامية السنية خاصة، جاعلة عبرها الطائفة الشيعية في مختلف الأقطار العربية والإسلامية بمثابة حصان طروادة لإثارة الفتن وخدمة أجنداتها التخريبية.

ويستمر نظام الملالي في طهران، منذ ثلاثة عقود في سياسة توسيع نفوذه باعتماد الميليشيات، في لبنان والعراق واليمن ودول الخليج العربي، وتبدو هذه السياسة وكأنها ترجمة حرفية لمعتقدات خاصة، أقرب إلى العنصرية، تعتمدها طهران مستظلة بخطاب طائفي وديني لتبرير سلوكياتها العدوانية.

ويرى مراقبون أن إيران التي لعبت بقوة على البعد الطائفي في المنطقة، وحاولت استغلال هذا المعطى من خلال شحنه بمقولات سياسية، حولت وجود الطوائف، باعتباره عامل تنوع وإثراء داخل المجتمعات، إلى طائفية بكل ما تحيل إليه من تعصب وتشنج مذهبي، ثم حولته إلى منهج رسمي للدولة، تضافر مع خططها الإستراتيجية لتصدير الثورة.

واعتبر يوسف في تصريح لـ»العرب» أن طهران لا تملك بديلا واقعيا تستطيع من خلاله أن تحشد من أجل حروبها المؤجلة سوى أن تضع الجماعات التابعة لها بين قوسي مظلومية آل البيت المزعومة ومظلوميتها في عصرنا الحالي. وفي ذلك تستعمل كل ما لديها من وسائل لغسل العقول، بحيث تحل الخرافة القائمة على مرويات مشكوك في أمرها محل التفكير العقلاني الذي يعلي من شرط وجود الإنسان كقيمة عليا.