المحرر موضوع: العراق.. الفساد المقدس  (زيارة 2231 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31440
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق.. الفساد المقدس
« في: 19:24 20/09/2019 »
العراق.. الفساد المقدس
ارتباط الفساد بالمقدس أمر نجح فيه الاسلاميون ومازالوا بحيث أن شرائح واسعة من المجتمع متضررة بشدة من النظام السياسي وفساده لا زالت تتردد في قطع الصلة بالإسلاميين لأن ذلك يمس قداسة معتقداتهم.
ميدل ايست أونلاين/ عنكاوا كوم

فساد الاسلاميين قد تجاوزهم ليطال القيم والثوابت الدينية
بقلم: فوزي عبد الرحيم
يكاد يكون الفساد هو السمة الأساسية للنظام السياسي الحالي، مثلما هو العلة الجوهرية التي تقف خلف اخفاقاته، لكن مع ذلك ومع احتشاد غالبية المجتمع ضد فساد هذا النظام وسقوط تبريراته إلا أنه لا يبدو في طريقه للهزيمة أو أن الإسلاميين الحاكمين على وشك السقوط، وذلك بسبب ارتباط الفساد بالمقدس، وهو امر نجح فيه الإسلاميون ومازالوا بحيث أن شرائح واسعة من المجتمع متضررة بشدة من النظام السياسي وفساده لا زالت تتردد في قطع الصلة بالإسلاميين، لان ذلك يمس قداسة معتقداتهم التي مازالت ترتبط بالأفراد والجماعات الحاكمة، ورغم ان رد فعل شرائح أخرى في المجتمع على فساد الاسلاميين قد تجاوزهم ليطال القيم والثوابت الدينية فأن جزءا مهما من المجتمع مايزال يربط بين الحاكمين والمقدس على انهما شيء واحد.

لقد أفادت دراسة لجامعة أمريكية عام 2012 في أوساط طلبة الجامعات العراقية الى تزايد ظاهرة الالحاد بينهم كرد فعل على الاسلاميين وسياساتهم، ان صعوبة وتعقد المشهد السياسي وتعقده لجهة سيطرة الفساد على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها وعدم وجود بديل او مشروع بديل فان ذلك ليس الامر الاصعب فالعامل الاجنبي للفساد هو بوليصة تامين النظام السياسي وفساده والذي يوفر له الحماية واسباب البقاء بعيدا عن المعادلات الداخلية السياسية والاجتماعية, هذه المعادلات التي تتجه لانهيار حتمي لنظام الفساد وإن بعد وقت ليس بالقصير على خلفية استهتار الحاكمين بهذه المعادلات ومفرداتها كالوضع الاقتصادي المتردي وتصاعد مؤشرات الفقر وتفشي البطالة وانهيار البنى الاساسية اللازمة لتوفير الحد الادنى من متطلبات حياة الناس والفقدان التدريجي لعوامل استقلال البلد ناهيك عن تأكل مقومات الدولة.

إن التجاهل وعدم التعاطي الايجابي والعلمي مع مفردات المعادلات الاجتماعية والسياسية من قبل الحاكمين يفقد النظام السياسي مما تبقى من اسباب موضوعية للبقاء والاستمرار مما يجعل العامل الاجنبي هو العامل الاساسي والجوهري لوجود هذا النظام وهو امر خطير ليس فقط على الدولة والمجتمع بل على النظام السياسي ذاته مما يهدد السلم الأهلي الهش.

إن العمل الجاد والمثابر من أجل اصلاح الأوضاع من داخل وخارج العملية السياسية رغم حالة الياس والاحباط الشديدين وغياب الأفق هو أمر ضروري لخلق مساحة شرعية ضد الفساد ونظامه ما يفعل المعادلات الداخلية السياسية والاجتماعية ويبكر بها، وهو ما يجب ان يمضي بالتوازي مع جهود دؤوبة للحد من النفوذ الأجنبي، لأن أي تطور في عمل المعادلات السياسية والاجتماعية سيسهل من عملية التصدي للنفوذ الاجنبي كما هو تقلص هذا النفوذ سيصب في صالح اعادة الاعتبار للعوامل الموضوعية والحقائق السياسية والاجتماعية.

أواخر العام الماضي استلم السيد عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء وسط ظروف سياسية معقدة وصراعات بين القوى السياسية من اجل الحصول على منصب رئيس الوزراء، لقد كان رأسمال عبد المهدي الذي أوصله لهذا المنصب وسط صراع الاقوياء هو ضعفه الذي أغرى القوى السياسية بانها يمكن ان تتمتع بمساحة كبيرة من الحرية في ظل رئيس وزراء ضعيف لا ينتمي لكتلة سياسية قوية، سيما وأن ذلك جاء بعد اختبار لمدى مصداقية النظام السياسي وقوى الإسلام السياسي المكونة له تمثل بالعزوف الواسع للجمهور عن المشاركة في الانتخابات مع مظاهر الاستياء والاحتجاج على هذا النظام وقواه المهيمنة، لكن الرجل لم يكن معدوم الكفاءات فقد اظهر قدرته على تحقيق مصالح إستراتيجية امريكية وكذلك ايرانية في نفس الوقت وهو امر ليس سهلا اذ ان عدم اجادته اطاح قبل ذلك بحيدر العبادي الذي بدا ان ميزانه مال وان قليلا للأمريكان ما كلفه خسارة فرصته التي كانت معقولة لولاية ثانية.

من الناحية العملية فأن كل محاولات عبد المهدي اللاحقة للخروج عن أطار مصالح القوى النافذة في شكل قرارات او حتى تصريحات تراعي مصالح العراق وظروفه قوبلت بالصد والرفض من قبل هذه القوى وذلك بالتلويح بالإقالة او سحب الثقة بين حين وآخر.