لا كنيسة ولا مؤمنين من دون أرض
من رسالة مار أفرام إلى مار مارون عمرها أكثر من 1500 سنة
===================================
أبرم شبيرا
بينما كنت أقرا كتاب "تاريخ الآشوريين منذ بداية القرن العشرين خاصة في فترة الحربين العالميتين"، لمؤلفه رابي كورش يعقوب شليمون، ترجمه من اللغة الآشورية الحديثة إلى العربية الإستاذ وليم ميخائيل وطبع في مطبعة نينوى في شيكاغو – الولايات المتحدة الأمريكية عام 1995، أثار إنتباهي الشديد الصفحة الأخير من الكتاب حيث كان قد أدرج فيه رسالة من مار أفرام (المولود في نصيبين عام 306 والمتوفي في الرها عام 373) إلى مار مارون (المتوفي عام 410) يؤكد فيها على أهمية الأرض او الوطن وعلاقته بالمؤمنين والكنائس. ونظراً للأهمية القصوى لهذه الرسالة والذي يؤكد فيها مار أفرام، القديس الجامع لكل الكنائس الشرقية في هذه الرسالة للقديس مار مارون على أهمية الأرض، أو الوطن، في حياة المؤمنين والكنائس خاصة عندما نقارنها بعد أكثر من 1500 سنة مع وضعنا الحالي المأساوي في الوطن، فرضت علينا هذه المقارنة ضرورة تعميم فحوى هذه الرسالة عن أهمية الأرض للمؤمنين والكنائس، وفي أدناه نصها:
--------------------------------
رسالة عمرها 1500 سنة
من مار أفرام إلى مار مارون
من دون الأرض لا كنائس فهي التي تحتضن شعبنا
============================================
أبني الحبيب مار مارون القورشي
تحية آرامية بالمسيح وبعد.
من قلب الرها، ومن الجبل المقدس، حيث النساك والصوامع، حيث الصلوات لا تنقطع، متواصلة إلى ربنا وفادينا يسوع المسيح، من هذه الأرض الباقية لنا لنمارس فيها إيماننا في حرية، أكتب لك بمحبة مذكراً أياك بما حل بنا من جراء تهجيرنا من مدينتنا الحبيبة نصيبين العام 363 ... أن منطق القوة هو الذي غلب علينا، فنحن الذين نؤمن بالمحبة والتسامح وبتساوي البشر جميعهم، يحيط بنا جيران قد تملكهم السعي إلى السيطرة والقهر وحب الذات والأنانية.
وفي سبيل تجنب ما حل بنا أوصي تلاميذك، بأن الأرض التي نعيش عليها هي إيماننا، فمن دونها لا كنائس وبالتالي لا مؤمنين، فالأرض تحتضن شعبنا، والشعب يحفظ الإيمان والتراث، وبهذين الإيمان والتراث تستمر رسالتنا عبر الأجيال.
أنتهت الرسالة
====================================================
هوامش:
رابي كورش يعقوب شليمون: مؤلف الكتاب، ولد عام 1900 في أورمي وعايش سنوات المأساة والتهجير أثناء مذابح سيفو والهجرة التراجيدية من شمال إيران إلى بعقوبة ثم أستقراره في بغداد. ففي المجال القومي والتعليم كان أستاذا بارعاً وعمل كمدرس ومديراً لسنوات عديدة للمدرسة الآشورية الإنكليكانية في ساحة الطيران قرب منطقة كمب الكيلاني في بغداد، المدرسة التي أسسها قاشا خندو يونان والتي أنجبت خيرة مثقفي أمتنا في تلك الفترة.
وليم مخيائيل: مترجم الكتاب، ناشط قومي ومؤلف ومترجم، كتب العديد من المقالات في الشأن القومي كما ترجم العديد من الكتب، عرفته شخصيا كمثابر وحريص على تراث أمتنا وإهمامه الكبير بالشأن القومي وإنخراطه في العمل القومي السياسي. في وقت نشر كتابه هذا عام 1995 قام بإهدائه نسخة منه لي وبالمقابل ثمنت جهوده المثمرة والقيمة في نشر الوعي القومي والتاريخي لأمتنا.
مار مارون القورشي: مؤسس وشفيع وأب الكنيسة السريانية الإنطاكية المارونية، لقب بـ "القورشي" لأنه كان من منطقة قورش في شمال سوريا والتي كانت موطن التنسك والرهبنة والصوامع.
نصيبين: في عام 363 أندحر الروم أمام الفرس فأحتلوا المدينة ودمروا مدرستها الشهيرة والتي كان مار أفرام يدرس فيها فأنتقلت إلى الرها أو أورهي – حاليا أورفه في جنوب شرقي تركيا، ليستمر مار أفرام التعليم فيها ومن هناك بعث رسالته إلى القديس مار مارون.