المحرر موضوع: لا لعولمة الاستعمار في شرق يتغّول ولا يتعولم!!  (زيارة 1640 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لا لعولمة الاستعمار في شرق يتغّول ولا يتعولم!!
أوشـــانا نيســان
oshananissan@gmail.com
جاء التدخل التركي " المشروع عالميا" على شمال سوريا منذ 6 تشرين الاول الجاري على عفرين وقامشلي والحسكة وعين عيسى وكوباني، أيذانا ببدء مرحلة جديدة من الاستعمارالمعولم  في جميع بلدان الشرق الاوسط. فالمطلع على تاريخنا في الشرق يعرف جيدا، أن الاستعمار وتحديدا أستعمار بريطانيا العظمى، كان وليد النهضة العلمية الشاملة التي أجتاحت أوروبا الغربية قبل 259 عام.
حيث مثلما أرادت بريطانيا العظمى قبل قرن من الدهر صياغة خارطة جديدة للعالم يتفق ومصالحها الاستعمارية والاقتصادية، كذلك تحاول اليوم زعيمة العالم الولايات المتحدة الامريكية ومنذ أنهيار سور برلين نهاية عام 1989 وتفكك ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي الاسبق، تحاول العمل على تعميم نمط  حضاري – أستعماري معولم يتسامى فوق جميع الحدود القومية والهويات الوطنية ليتفق ومصالحها شرق المعمورة وغربها.
صحيح أن مسيرة العولمة أنطلقت مباشرة بعد أنهيار الاتحاد السوفيتي الاسبق ولكن ولربما يسأل سائل، ما هي علاقة العولمة بعفرين وحسكة وكوبانى أو غيرها من المدن التي وقعت تحت نيران الجيش التركي المشروع " ناتوويا" منذ أسبوعين. وللاجابة على هذا السؤال الذي يشعر به الكثيرون من أبناء منطقة الشرق، علينا أيضا أن نرجع بالتاريخ قرنا الى الوراء لنتحدث علنا عن أسقاطات الاستعمار البريطاني على الشعبين الاشوري والكوردي وغيرهما من المكونات العراقية التي لعبت دورا في تشكيل الدولة العراقية عام 1921، مشابهة تماما لما جرى ويجري هذه الايام في شمال سوريا. الفرق الوحيد بأعتقادي هو، أن الاستعمارالبريطاني كان محظوظا جدا بسبب شحة دورالاعلام وأداءه الضعيف أن لم نقل غيابه تماما، قياسا بشبكات تكنولوجيا المعلومات المتطورة في زمن العولمة ودورفضائيات الاعلام و وتكنولوجيا الاتصال حولّت العالم الى مجرد قرية صغيرة، هذا من جهة.
ومن الجهة الثانية، فأن الاستعمار البريطاني ومنذ أن وطأة أقدامه مدينة البصرة عام 1915 بهدف  أحتلال بلاد ما بين النهرين، فأن الانكليز حاولوا تجنيد عناصرعراقية بدلا من الجيش الانكليزي للعمل كمجندين لخدمة التاج البريطاني من خلال تشكيل " الجيش الليفي" في العراق، طبقا لمقترح من قبل ضابط بريطاني عمل في الجيش البريطاني الذي أحتل الهند. حيث أنطلق المشروع من خلال البدء بتجنيد 40 شخصا من أبناء العشائر العربية القاطنة حول الناصرية. تماما كما فعلت زعيمة العالم مع " قوات سوريا الديمقراطية / قسد " سبتمبر عام 2018. حيث تم تسليح قوات "قسد" بهدف مواجهة تحديات تنظيم داعش الارهابي في سوريا ووقف مخططاته الاجرامية. علما أن قوات " قسد" نجحت تماما في ألحاق هزيمة نهائية بتنظيم داعش وأسر أكثر من (  12) ألف مرتزق من مقاتلي التنظيم  وأفراد عائلاتهم وزجّهم في سجون "قسد". الامر الذي أغضب زعيمة العالم وحليفها التقليدي بعدما حاولوا بطريقة أو بأخرى تحريرهم ونقلهم الى مناطق أخرى.
أما أوجه التشابه بين تداعيات الاستعمار البريطاني لمنطقة الشرق الاوسط قبل 100 عام وبين سياسة أمريكا ونهجها في عولمة الأستعمارفي نفس المنطقة، يمكن حصرها كالاتي:



1- نجحت زعيمة العالم الولايات المتحدة الامريكية في عولمة الاستعمار ونحن في بدايات الالفية الثالثة، ذلك من خلال أعادة صياغة بنود الخطاب السياسي – الاستعماري الذي طبقته بريطانيا العظمى في بلدان الشرق الاوسط. حيث مثلما نجح الاستعمار قبل 100 عام في تشكيل دول يمكن تسميتها بدول الامر الواقع، كذلك تحاول أمريكا اليوم أستغلال دور الشعوب والمكونات العرقية الاصلية في تحقيق مصالحها وعلى الوجه الاتي:
أ- مثلما تم تهميش حقوق ووجود المكونات العرقية العراقية  وعلى رأسها الشعب الاشوري والكوردي عند تشكيل الدولة العراقية عام 1921، لآسباب تتعلق بالثروات الطبيعية وأبارالنفط، كذلك يتم اليوم علنا  تهميش دورنفس المكونات أي الكوردية والسريانية/الاشورية من قبل أمريكا، ضمن الادارة الذاتية التي شكلتها في منطقة "روزافا" السورية شرقي الفرات عام 2018.
ب- مثلما نجح الاستعمارالبريطاني في خلق المزيد من بؤرالتوتروالاستقطاب من خلال تكريس بنود أجندة الخلافات المذهبية والعرقية عميقا في بلدان الشرق الاوسط، ، بالقدر نفسه نجحت زعيمة العالم وحلفاءها في الشرق، نجحتا في خلق الاسلام السياسي مع دعم وتشجيع التيارات الاسلامية المتطرفة أبتداء بنشر ثقافة " الاخوان المسلمين" في معظم  بلدان الشرق الاوسط، ثم لاحقا أجندة  تنظيم  الدولة الاسلامية " داعش"، بهدف تكريس سياسات الفكر الاسلام السياسي والترويع والارهاب في المنطقة.
2- كثيرا ما نسمع القول القائل" لاحياء في الدين"، ولكن اليوم أصبحنا نسمع " لاحياء في السياسة"، لآن السياسة وفق منطق عقل المواطن الشرقي " كلها كذب ونفاق". فلو قدر لزعيم العالم السيد دونالد ترامب أن يكذب على شاشات التلفزة والاعلام في زمن العولمة بقوله، أن أمريكا لم تعط الاشارة لأردوغان ليغزو شمال سوريا، بينما أردوغان يؤكد في اليوم نفسه، انهم يكذبون لآنني طرحت فكرتي على أمريكا وحلف ناتو قبل الغزو ووافقوا على مشروعي فلماذا ينكروا.
حيث يعرف المتابع أن الجيش الامريكي أنسحب من المنطقة المنكوبة في الخامس من الشهرالجاري، والجيش التركي تسلل الى المنطقة في اليوم التالي. علما أن أردوغان أعلن أيضا عن طموحاته هذه أمام الجمعية العامة للامم المتحدة خلال دورتها ال ( 74 ).
3- لا فرق لنهج الاستعمارالقديم  أو نهج العولمة الامريكية الجديدة عندما يتعلق الامر بحقوق الشعوب والمكونات العرقية المضطهدة في جميع بلدان الشرق الاوسط والعالم كله. فالاستعمارالبريطاني  أدار ظهره تماما للاكثرية الشيعية في العراق خلال تشكيله للدولة العراقية "السنيّة" عام 1921، تماما مثلما تفعل زعيمة العالم مع " الادارة الذاتية في روزاوا"هذه الايام. ذلك بعد اتفاقها مع الحالم باستنهاظ حلم الامبراطورية العثمانية، رغم تداعيات الاتفاق هذا على مفهوم الديمقراطية التي تتشدق بها أمريكا ليل نهار. أّذ مثلما دفعت الاكثرية الشيعية والاشوريين والاكراد ثمن الاستعمارالبريطاني قبل 100 عام، سيدفع الاكراد والسريان الاشوريين من جديد ثمن غباوة زعيم العولمة بحجة " أن الاكراد ليسوا ملائكة.. وأضاف..الاكراد لم يساعدونا في الحرب العالمية الثانية.. ولم يساعدونا في انزال النورماندي ".
4-أحياء فكرة أنشاء المناطق العازلة وتحديدا على الحدود بين تركيا وسوريا. المقترح الذي قدمه دومينيك ترينكان الخبير العسكري السابق لدى الامم المتحدة بالاتفاق مع رغبة تركية " مدعومة من قبل فرنسا والولايات المتحدة الامريكية في عام 2011". حيث سبق أن أقيمت مناطق عازلة زمن الاستعماربين الكوريتين، في قبرص، في الجولان وبين أرتيريا وأثيوبيا. والهدف المعلن عنه زمن الاستعمار، كان حماية السكان المحليين، في حين تحول الهدف الاساسي من وراء أنشاء المناطق الامنة  زمن العولمة، الى تخفيف موجات الهجرة من بلدان الشرق الاوسط وطلبات اللجوء الى القارة الاوروبية والغرب.
وفي الختام يجب التأكيد على نقطة الخلاف الوحيدة والمهمة بين المرحلتين الاستعمارالبريطاني والعولمة الترامبوية ألا وهي، غياب الزعامات الكفوءة والنخب السياسية المتنفذة في العالم عموما وفي أمريكا وانكلترا على وجه الخصوص. حيث يعرف المتابع أن الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت قاد بلاده والحلفاء الى النصر بجدارة في الحرب العالمية الثانية وتحديدا بعد الهجوم الياباني المفاجئ  على ميناء    "بيرل هاربور" في 7 كانون الاول 1941. وأنه صنف من أعظم ثلاث رؤساء لامريكا. وعن مقولته الشهيرة يقول" الشئ الوحيد الذي يجب أن نخاف منه هو الخوف نفسه".
أما ونسنون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني في الحرب العالمية الثانية فغني عن التعريف بسبب سياساته وحنكته السياسية والادارية والعسكرية قياسا مع الرئيس الحالي بوريس جونسون. فالرئيس تشرشل هو رئيس الوزراء الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في الادب. وفي أستطلاع للرأي أجري عام 2002، وصف تشرشل بأكثر الشخصيات البريطانية تأثيرا في التاريخ البريطاني.
وللتأكيد على صحة ما نذهب أليه أدناه ما نشرته صحيفة" الرأى اليوم" المستقلة بتاريخ 25 سبتمبر 2019 حيث جاء فيها:
" يُواجه أبرز زعيمين .. في العالم أزمات سياسيّة ضخمة قد تُطيح بهما من السلطة، وكرسي الحُكم، وهُما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي بدأت التّحقيقات من قبل مجلس النواب حول تجاوزه الأعراف في مُحاولتهِ للإطاحة بخصمه الديمقراطي جون بايدن، والتعاون مع الرئيس الأوكراني في هذا المجال، أمّا الثاني، فهو بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، الذي ألغت المحكمة الدستوريّة وبالإجماع قراره بتعليق أعمال البرلمان لمُدّة شهر تقريبًا في إطار خطّته لإخراج بريطانيا من الاتّحاد الأوروبي دون اتّفاق.