المحرر موضوع: بطولات يجسدها سائقو الـ"تك تك" و"الكولجية" ساحة التحرير.. المحتجون ينظمون شؤونهم وسط حضور نسوي كثيف  (زيارة 4426 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الحزب الشيوعي العراقي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1291
    • مشاهدة الملف الشخصي
بطولات يجسدها سائقو الـ"تك تك" و"الكولجية"

ساحة التحرير.. المحتجون ينظمون شؤونهم وسط حضور نسوي كثيف


"الما يزور التحرير.. عمره خسارة".. هتاف يجد وقعه كثيراً بين المحتجين، ولكن دلالاته اليوم تكاد تكون واقعية. فمن لم يزر ساحة التحرير، حيث حشود المحتجين بعشرات الآلاف، لن يعرف ماذا يعنيه التكاتف والتضامن والتكافل.
ورغم أنه لا تعارف مسبق بين الكثير منهم، إلا أن حشود المعتصمين والمتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد، يديرون شؤونهم بشكل يرتقي إلى التنظيم، يساعد في ذلك نشطاء ومختصون في مختلف المجالات: أطباء، مسعفون، طباخون، متبرعون يبحثون عن ما يمكن أن يأتوا به إلى الساحة، و"الكولجية" لهم مهمة واحدة!
كل ذلك يجري في الساحة، وتحت نصب جواد سليم، حيث تنتشر خيم الاعتصام، بعضها مخصصة لتخزين الطعام والشراب، والبعض الاخر لتخزين الاغطية والمفروشات، وخيم أخرى للطبابة وإسعاف المصابين، يديرها أطباء وممرضون وطلاب في الكليات الطبية.
أما على جسر الجمهورية، فالوضع مختلف تماماً، أشبه بحرب مواقع، ومعارك كر وفر لا تخلو من وقوع إصابات بين المتظاهرين.
فالكتل الكونكريتية، تقطع الجسر إلى نصفين، النصف المؤدي إلى ما يعرف بالمنطقة الخضراء، وتتمركز فيه القوات الأمنية، ومن خلف الكتل الصماء تطلق القنابل المسيلة للدموع، والقنابل الصوتية.
وفي النصف الآخر من الجسر، يتمركز متظاهرون، يحملون الاعلام، يتقدمون خطوات ثم يرجعون إلى الخلف بسبب كثافة إطلاق قنابل الدخان والقنابل الصوتية.
ويشترك المحتجون في ساحة التحرير في كون مطالبهم متشابهة، أبرزها: فرص العمل، الخدمات، مكافحة الفساد..، كذلك يريد المحتجون أنزال العقاب بمن تسبب في سقوط عشرات الشهداء وإصابة الآلاف منهم، خلال أيام انتفاضة تشرين المستمرة، وتحميله المسؤولية السياسية والجنائية.

حضور نسوي كثيف

بين جموع المحتجين، تتواجد بكثافة وبشكل ملفت للنظر، شابات وسيدات تقدر أعدادهن بالآلاف. ورغم أن بعضهن يعمل على اسعاف المصابين والجرحى، إلا أن الغالبية منهن يشاركن في تجمعات الشباب مرددات معهم الهتافات والاهازيج الشعبية.
غالبية المتظاهرات هن طالبات جامعيات ساهمن في الاضراب الطلابي الذي شهدته جامعات ومدارس بغداد ومحافظات أخرى صبيحة يوم أمس.

بطولات الـ"تك تك"

وبين حشود المتظاهرين، تمر عجلات الـ(تك تك)، ذهاباً وإياباً، تسعف المصابين تارة، وفي تارة أخرى تنقل المواد الغذائية إلى خيم الاعتصام، وحتى إلى "المصنكرين" في أعلى بناية "المطعم التركي"، فضلاً عن نقلها المحتجين ولا سيما كبار السن والنساء وإيصالهم إلى نقطة التجمهر.
وعند المدخل إلى ساحة التحرير، قرب تمثال السعدون، تقف سيارة حمل صغيرة تحمل أجهزة صوتية ضخمة، تذيع أغانٍ حماسية، من بينها أغنية شعبية تتغنى ببطولات سائقي الـ(تك تك)؛ وجلهم شباب لا تتجاوز أعمارهم 25 عاماً.
في وسط الساحة، شابتان تبدوان طالبتان جامعيتان، نزلتا من الـ"تك تك"، إحداهما تجادل السائق الشاب، الذي يرفض أخذ "الكروة"، ويرد اليد التي تحمل النقود بكرامة واعتزاز.
إنها انتفاضة الـ"تك تك"، يقول المحتجون، وينسبون لسائقيها الفضل الكبير.. فلولا شهامتهم الكبيرة، لكانت هناك صعوبات بالغة في نقل المصابين وإيصال الطعام والماء إلى المعتصمين.

"الكولجية"

بين وقت وآخر، لا يتجاوز الخمس دقائق، تقذف القوات المرابطة على جسر الجمهورية من خلف الصبات التي يحتمون بها، قنابل الغاز المسيل للدموع، وقنابل صوتية، تجد طريقها بين حشود المحتجين.
وكلما سقطت قنبلة غاز مسيل للدموع بين الجموع الغفيرة، وتفرق عنها المتظاهرون، تقفز إليها مجموعة من الشباب الذين يرتدون قفازات سميكة، لرميها بعيدا عن المحتجين. بينما آخرون يحملون "بطانيات" مبللة، ويركضون بها نحو القنابل لإخماد دخانها.
شهامة هؤلاء الشباب، الذين يلقبهم المحتجون بـ"الكولجية" لا تقل عن شهامة سائقي الـ"تك تك"، في نظر المتظاهرين، فهم يواجهون مخاطر كبيرة في سبيل انقاذ المتظاهرين من الاختناق الذي تسببه تلك القنابل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص1
الثلاثاء 29/ 10/ 2019