المحرر موضوع: صحف عالمية: حاجز الخوف كُسر لدى المتظاهرين والحكومة عاجزة عن الرد  (زيارة 1163 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ankawa admin

  • المشرف العام
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2306
    • مشاهدة الملف الشخصي
ترجمة حامد أحمد

تشرين الثاني كان شهر الاحتجاجات في مناطق مختلفة من العالم بدءاً من هونغ كونغ مرورا بتشيلي الى لبنان والجزائر ، لكن أي من هذه التظاهرات لم تكن عنيفة دموية كما هو الحال في تظاهرات العراق .

عشرات الآلاف من المتظاهرين حاولوا اقتحام المنطقة الخضراء ، حيث تعيش الطبقة الحاكمة العراقية ، والتي عزلت بجدران كونكريتية لمنع وصولهم إليها ، لقد تمت مواجهتهم باجراءات مشددة من قبل قوات أمنية استخدمت فيها الغازات المسيلة للدموع والاطلاقات المطاطية مع الرصاص الحي . ما لايقل عن 240 متظاهراً لقى حتفه لحد الآن وانتقلت التظاهرات لتنتشر في عموم العراق بضمنها كربلاء والنجف .

إنها أكبر حركة تظاهرية احتجاجية يشهدها العراق منذ سقوط نظام صدام حسين ، يضغط المتظاهرون فيها بمطالبهم تجاه إقالة الحكومة المنتخبة ومحاسبة الفاسدين من السياسيين وإجراء انتخابات مبكرة .

كان الأمن في العراق قد تحسن على نحو دراماتيكي منذ انتهاء الحرب مع داعش وطرده من البلاد في عام 2017 ، ولكن اقتصاد البلد بقي في حالة سيئة . 90% من موارد الحكومة تأتي تقريباً من عوائد النفط وتنفق الحكومة نصف خزينتها تقريبا لسد رواتب موظفين حكوميين قليلي العمل . ازداد تعداد نفوس البلد ليصل الى 40 مليون نسمة تقريباً ، وفي كل سنة يصل حوالي 800 ألف شخص تقريباً الى معدل عمر العمل لكن لاتوجد فرص عمل لهم ليلتحقوا بصفوف آلاف آخرين قبلهم من خريجين عاطلين عن العمل .

تحشدات يوم الجمعة بعشرات الآلاف من المتظاهرين جاءت بعد يوم من اعتقاد مؤيدي رئيس وزراء العراق ، عادل عبد المهدي ، بانهم كسبوا دعم إحدى الشخصيتين المتنفذتين التي هددت منصبه ، وهو تطور بدى بأنه ثبت موقفه يوم الخميس . ولكن المحتجين الذين تحشدوا الجمعة في مركز بغداد يؤكدون بأن الرأي العام وليس الاتفاقات السرية هو من يحدد مصير الحكومة .

أيمن صبحي ، طالب متظاهر تحدث للغارديان من ساحة التحرير ، قال ” لقد كُسِر لدينا حاجز الخوف بشكل من الاشكال ، بامكانك ان ترى ذلك في أعين الناس هنا .”

عشرات الآلاف من العراقيين ، بدعم من المرجعيات الدينية الشيعية ورئيس البلاد ، تجمعوا في ساحة التحرير الجمعة في أكبر تحشد على مدى شهر من احتجاجات ضد الحكومة .

قُتِل متظاهران اثنان الجمعة ولكن يبدو أن رأي الجهات الدينية والقادة السياسيين هو تلافي حالات العنف المتكررة منذ الأيام الأولى للمظاهرات والتي راح ضحيتها ما يقارب من 150 متظاهراً على يد قوات امنية . المرجعيات الدينية قالت الجمعة بان على الحكومة أن تحافظ على سلامة المتظاهرين السلميين الذين يدعون بمطالبهم لوضع حد للفساد واجراء تغيير في القيادة ، في رسالة واضحة كررها الرئيس برهم صالح في خطابه . رغم أن عدد الخسائر قل نوعاً ما وبدت القوات الأمنية بانها تمارس ضبط النفس فان فترة الهدوء الحالية تقبع على حافة سكين .

منظمة العفو الدولية اتهمت قادة قوات أمنية عراقية هذا الاسبوع باستخدام قذائف غازات مسيلة للدموع ضد المتظاهرين على مستوى عسكري تفوق تلك التي تستخدم في فض التجمعات بعشرة مرات في محاولة منها للسيطرة على الوضع .

وراء الكواليس تعمد القوات الأمنية والمسؤولين المدنيين على إجراء مناقشات يومية تقريباً فيما إذا يتم استخدام قوة لإخراج المتظاهرين من جسر الجمهورية المؤدي للمنطقة الخضراء مركز المؤسسة الحكومية والبعثات الدبلوماسية .

ولأجل تلافي تكرار ما حصل من مشاهد عنف في بداية شهر تشرين الأول ، فإن هذا لم يحصل لحد الآن ، حيث تحولت احتجاجات صغيرة ضد الحكومة في بادئ الأمر الى حركة احتجاجية عمت البلاد . وبالاضافة لحالات الوفيات فإن هناك آلاف آخرين من المتظاهرين قد جُرحوا وتعرضوا لإصابات خطيرة .

أعضاء في البرلمان ومسؤولين حكوميين يناقشون سبل تلبية ولو بعض من مطالب المحتجين ، وبدا الرئيس صالح بأنه قد وضع نفسه الى جانب المتظاهرين .

وقال صالح ” الوضع الراهن لايمكن السيطرة عليه . نحن بحاجة لتغييرات كبيرة . ليس هناك حلٌ أمني ، نحن نرفض القمع واستخدام القوة والعنف . الحل هو بالإصلاحات .” اقترح صالح نبذ النظام الانتخابي الحالي الذي يقدم فيه الناخب صوته لقائمة من مرشحين تعود لحزب معين . عوضاً عن ذلك ، ووفقا لخطته ، فأنهم يصوتون لممثليهم وفقاً لمنطقتهم ، وهي خطة تدعو لجعل أعضاء البرلمان أكثر عرضة للمساءلة والحساب وتحد من نفوذ الأحزاب السياسية .

وقال رئيس الجمهورية أيضاً بأن عادل عبد المهدي سيستقيل ولكن فقط في حال توصلت الاحزاب الى تعيين خليفة له لتلافي حصول فراغ دستوري .

وكان سياسيون معارضون وكثير من المتظاهرين قد دعوا عبد المهدي للاستقالة ، وكان رجل الدين مقتدى الصدر الذي أيد التظاهرات قد بعث له رسالة هذا الاسبوع يحثه على التنحي عن الحكم .

أحد الضحايا يوم الجمعة كانت أول امرأة تفقد حياتها في المظاهرات عندما ضربت قذيفة غاز مسيلة للدموع رأسها . وذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها بأن قذائف الغاز المسيلة للدموع المستخدمة من قبل القوات الامنية العراقية هي قذائف معدنية شبيهة بالرمانات الهجومية تسبب باصابات مميتة حال ارتطامها بالرأس .

من جانب آخر أفردت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً لها أمس خصت به عربة التوك توك ذات العجلات الثلاث والتي أصبحت رمزاً لاحتجاجات العراق ضد الفساد ووسموها بلقب ” ثورة التوك توك ” لما تقوم به هذه العجلة من دور مهم وحيوي في نقل الجرحى والمصابين من المتظاهرين مجاناً لاقرب مستشفى أو سيارة إسعاف متحركة بسرعة بين حشود المتظاهرين حيث يتعذر لسيارة الإسعاف الدخول الى هناك.

كرار حسين 17 عاماً سائق عجلة توك توك من مدينة الصدر قال إنه مضى عليه في شوارع بغداد وساحة التحرير منذ اليوم الأول من الاحتجاجات ولا يأبه للمخاطر .

وأضاف حسين قائلاً ” أنا هنا لاقوم بواجبي في هذه الثورة . نحن نشعر بان هناك حاجة لنا وقد لبينا الدعوة .” في صبيحة يوم السبت تعرض لإصابة في ساقه بسبب قذيفة غاز مسيل للدموع ، رغم ذلك قام بنقل متظاهر جريح الى سيارة إسعاف ومن ثم تم معالجة جرحه قبل أن يرجع مرة أخرى لموقعه .

وقال حسين ” أنا سعيد لأننا حصلنا أخيراً على احترام الناس لنا الذي نستحقه لأننا بالنهاية جميعنا بشر . نظرة الناس لي ليست كما هي كانت في السابق كل شيء تغير الآن . إنها ثورة ضد كل شيء خطأ .”

حسين علي 19 عاماً ، سائق توك توك من مدينة الصدر قال وهو يرتدي قناعاً غازياً مفتخراً بعمله بنقل الجرحى ” هؤلاء الناس يطالبون بحقوقي للحصول على حياة كريمة ، هذا أقل ما يمكنني أن أقدمه لهم ، لا يهمني إن كنت وسط الموت ، ولكن ما يهمني هو عدم ترك هؤلاء الناس يسقطون وهم يعتمدون علينا . أشعر بالسعادة بحق وأنا أسوق العجلة الى الخطوط الامامية للمتظاهرين . هناك شعور لدي بانني أقوم بشيء كبير .”

عن نيويرك تايمز الغارديان الواشنطن بوست