المحرر موضوع: هل الحديث عن انقلاب مجرد لغو ؟  (زيارة 1183 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
            
هل الحديث عن انقلاب مجرد لغو ؟
                        د. مهند البراك
بعد مرور اربعة سنوات على سقوط الطاغية وبعد سلسلة جهود و فعاليات استهدفت انشاء دولة مؤسساتية، حصلت على تأييد جماهير واسعة تحدت الموت فيها، رغم اهمال قوات الأحتلال لها، ورغم محاولات تحجيم دورها منذ البداية، بعد قرارت تأطير المجتمع وفق المحاصصة الطائفية والعرقية، التي شرّعت بقوانين لم تؤدّ الاّ الى تحكّم الطائفية البغيضة والى نشوء ميليشياتها وتسخيرها دوائر الدولة المسلحة لتحقيق مآربها  . . في ظل وضع داخلي كثير التعقيد وتدخلات اقليمية متنوعة عربية ـ تركية وايرانية عمّقت المأساة العراقية بدل ان تساعد على التوصل الى حلول تنصف الشعب العراقي وتساعد على وضع اسس دائمة لتحقيق منافع متبادلة وازدهار في اغنى مناطق العالم .
   ورغم ان السنوات تلك حمت الولايات المتحدة من الأعمال التخريبية الخطيرة و( نقلت المعركة الى عقر دار الأرهاب !! ) على حد تعبير الرئيس الأميركي بوش، الاّ انها حوّلت البلاد الى ساحة حرب للأدارة الأميركية مع قوى الأرهاب والقوى الأخرى المناوئة لها الموجودة في المنطقة والتي اجتذبت اليها، والتي لم يدفع دمائها واثمانها الباهضة الاّ ابناء وبنات البلاد باختلاف اطيافهم.
   لقد صار واضحاً ان الأدارة الأميركية لم تحقق شعاراتها المعلنة بنشر الديمقراطية بالحرب ! الاّ انها حققت ماهدفت اليه دوائرها العسكرية والأحتكارات النفطية الأكثر تشدداً، بعد ان غيّرت المنطقة وجعلتها في صراعات عسكرية دموية طائفية، وامدت القوى الأرهابية وعلى رأسها القاعدة بمبررات واغطية لم تكن تحلم بها، بعد ان صار النضال ضد (المحتلين والجيوش الأجنبية) غطاءاً ماسياً لأعمالها الدموية البربرية .
   وفيما تشهد السياسة الأميركية تناقضات واختلافات بين اقطابها هي، بعد خسائرها وتصاعد الأصوات الداعية للسلام وضد اشعال الحروب والتي ادت الى خسارة الحزب الجمهوري في انتخابات الكونغرس الأميركي . . و اسفرت عن تشكيل لجنة بيكر ـ هاملتون وتوصياتها الداعية الى تركيز الجهود على تحقيق " الأستقرار " بدل " بناء الديمقراطية " تمهيداً لتخفيف القوات الأميركية للتقليل من التكاليف الباهظة، والتي اخذت تدعى بخطة . . . ( H – B ) .  .
    يرى مراقبون ان الدول الأقليمية آنفة الذكر تتحرّك للأستفادة من ذلك ايضاً لغايات ضيّقة، تاركة بذلك تأثيراتها المباشرة على القوى الداخلية المستقوية بها، مصطفة على انقسامات الأقطاب الأميركية ذاتها على وجهات لم يعد يمكن اخفاء تضارب مصالحها . . الأمر الذي يهدد بمفاجئات غير محسوبة او غير معلن عنها . في ظروف داخلية تزداد سوءاً رغم كل الجهود، اضافة الى عدم تحقيق مشاريع المصالحة خطوة على الطريق رغم كل التصريحات، وتفاقم البطالة والفراغ والهجرة والهروب من البلاد والضياع لأنعدام الحد الأدني من حاجات الأنسان . . ظروف جعلت حتى النجاحات المتحققة لمواقف العشائر الغربية في تصديها للقاعدة، والنجاحات المحلية في التقارب الشيعي ـ السني وغيرها، جعلتها تسير في مسارات قد لاتصب في تقوية الحكومة القائمة .
   وتطرح اوساط خبيرة، ان الوضع الداخلي الأقليمي الأميركي المتأزم فيما بينه وداخل كلّ طرف بذاته . . يطرح احتمالات متنوعة في ظروف يسود فيها تعتيم اعلامي، منها تغيير في مسيرة الحكم الذي  تتفاقم بمواجهته العقد التي لم يتوصل الى حلّ عملي لها، وصارت تلعب عليها اطراف التناقض آنفة الذكر كلّها . ففيما يمكن ان تنشط اطراف لتغيير المسيرة بتغيير سريع (انقلاب) في المسيرة السياسية اعتماداً على القوى الميليشياتية وامتداداتها في القوات النظامية لتحقيق برنامج يمكن ان يفتح باباً للتغيير بتقديرها، اعتماداً على دعم اقطاب اقليمية، وعلى ضوء اخضر من اقطاب اميركية ترحّب بكل تغيير يستطيع تحقيق (استقرار) وفق خطة H – B   للتخفيف من الأزمات التي تواجهها ادارة الرئيس بوش .
   يتساءل كثيرون الا تستطيع القوى العراقية بكل اطيافها سواءاً المشاركة في المسيرة السياسية او التي هي خارجها الآن . . الا تستطيع تذليل خلافاتها وهي تشاهد البلاد تتدمر ارضاً وشعباً وصارت مسرحاً لأنواع الذئاب . . الا تستطيع ايقاف التدهور والدمار والتحرك السريع للتوافق بينها ان كان هاجسها الوطن فعلاً، لاالمصالح الأنانية، للأنطلاق للتفاوض كجهة عراقية واحدة مع الدول الأقليمية والأطراف الأميركية .. وتحديد الحقوق و التنازلات المرحلية المطلوبة لكسب السلام والأستقرار وبمبادلة النفط بالأمان.
   وتحذّر اوساط اخرى، من  ان عدم الأصغاء للغة العقل في ظروف المحن القاتلة القائمة لن يؤدي الاّ الى تحوّل البلاد الى مستعمرة او محمية بلا قوات مسلحة وطنية . . (تحميها) قوات اجنبية بقرارات (الهيئات الدولية) في محاولة للـ ( الأستقرار ) ولتطويق نيران الأزمات والحروب التي بدأت ملامحها تظهر في عموم المنطقة، في احسن الأحتمالات . .  ان لم (تحميها) قوات اجنبية بالعنف وبالقوة العسكرية . . والناتو فيها وعلى تخومها الشمالية وحيث تحشّد القوات التركية على كوردستان العراق. 

5 / 6 / 2007 ، مهند البراك