المحرر موضوع: زعل مع ميخائيل ممو عمره أكثره من أربعة عقود ونصف العقد  (زيارة 2145 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
زعل مع ميخائيل ممو عمره أكثره من أربعة عقود ونصف العقد
====================================
أبرم شبيرا
كان أستاذنا الكبير وكاتبنا المبدع ميخائيل ممو من مسؤولي تحرير مجلة "المثقف الآشوري" التي كان يصدرها النادي الثقافي الآشوري في بغداد في بداية السبعينيات من القرن الماضي وكنت في حينها طالباً في  السنة الأولى لكلية القانون والسياسة  وعضوا في النادي. حاولت في حينها أن أدخل عالم الكتابة والتأليف فطرأت لي فكرة كتابة موضوع في السياسة ونشره في مجلة المثقف الآشوري. وفعلاً كتبت موضوعا بعنوان "مفهوم الديموقراطية وتطبيقاتها الواقعية" معتمدا على بعض المصادر، أن لم يكن في معظمه "سرقة" من هذا الكتاب أو ذاك، الذي كان ضمن مناهج التدريس في الكلية. كان الموضوع طويلاً ومتكون من عدة صفحات ظاناً بأن إطالة الموضوع سيزيده علماً وهيبةً. قضيت عدة أيام أدقق فيه من جوانب عديدة حتى أضمن سلامة قبوله من قبل فطاحلة الفكر والآدب والثقافة الذين كانوا يديرون ويشرفون على المجلة، ثم بعد ذلك سلمته إلى هيئة تحرير المجلة واثقاً بأنه سينشر فيها. بعد بضعة أيام ألتقاني  أستاذنا الكبير ميخائيل ممو في النادي وفي يده الموضوع الذي كتبته وحالما كشفه لي وجدت أوراقي مدمية بدماء حمراء وكأنها خارجة من حرب ضروس خاسرة بحيث لم يخلو ولا سطر من التصحيحات بقلمه الأحمر وبدت كأنها لوحة سريالية لم أفهم منها شيئاً ولم أتقن أسلوب نقده للموضوع.  فبعد الإطلاع على جروح الموضوع ومناقشات وإرشادات الأستاذ لتلميذه ختمها أستاذنا الكبير بكلمة واحد قائلا "الموضوع غير صالح إطلاقاً لنشره في المجلة ولا تتعب حالك في تصحيحه" فكانت كلماته بالنسبة لي كضربة المعلم لتلميذ فاشل وفي قرار نفسي زعلت زعلاً مؤلماً دفنته في كوامني الداخلية، ولكن للحق أقول بأنه كان درسا مفيداً لي في الإستمرار والتواصل في الكتابة.
منذ تلك الفترة عرفت أستاذنا الكبير ميخائيل وأستمرت معرفتنا في العمل سوية في النادي الثقافي الآشوري لا بل كان سندا لي في بعض الأعمال الفكرية والثقافية وحتى الأكاديمية. ففي مرحلة الدراسات العليا والبدء بكتابة أطروحتي في الماجستير وجدت في كتابه المعنون (ماهو البحث وكيف تكتبه – 1968) الذي أهداني نسخة منه، وجدت فيه مرشداً ممتازا في البحث بمنهجية علمية في أطروحتي الجامعية. أستمرت علاقتنا وتواصلت حتى في المهجر حيث ألتقينا في الكثير من الأحيان بمناسبات ثقافية وإحتفالات قومية وكان آخرها لقائنا في الصيف الماضي في شيكاغو ولا أخفي وأقول بأنه في بعض الأحيان كان "يوخنا جوجانا" رفيقاً مسلياً لنا يزيد من متعة هذه اللقاءات ويفتح شهيتنا للحديث في المسائل القومية المشتركة ويشحن ذكرياتنا الماضية سواء في النادي الثقافي الآشوري أو في مناسبات أخرى جميلة مرة علينا خلال العقود الماضية.
عندما كتبت كتابي المعنون (النادي الثقافي الآشوري – مسيرة تحديات وإلإنجازات – 1970 – 1980) كتبته رغم شحة المصادر والمعلومات عن النادي وأنا في لندن وما ذكرت فيه هو مجرد جزء بسيط جداً من هذه التحديات والإنجازات، ولعل تعتبر صدور مجلة المثقف الآشوري جزء مهم ومثير من هذه التحديات والإنجازات والتي كان كتابنا الكبير ميخائيل بطلها التراجيدي فيها. الموارد المالية مصدر أساسي بل هي أكسير الحياة لصدور وإستمرار أية مجلة. كان الإشتراك السنوي للمجلة 250 فلسا، أي أقل من دولار أمريكي واحد، لكن المصدر الأساسي لتمويل المجلة كان الوارد الذي يأتي من حفلة رأس السنة والذي كان يقدر بحدود 1000 دينار عراقي وتستهلك المجلة بحدود 500-700 دينار منه لكل عدد. كانت أيضا وزارة الإعلام تمنح بعض الإعلانات لنشرها في المجلة لغرض مساعدتها مالياً، كما كان الحال مع غيرها من المجلات، غير أنه بعد فترة أنقطعت هذه المساعدات حيث وجدت السلطات الرسمية عدم جدوى من مساعدة المجلة طالما لا تتماشى مع سياسة حزب البعث. ثم كانت الكوادر الصحفية المتمرسة ورقابة المطبوعات والطباعة والنشر والتوزيع كلها تحديات صعبة ولكن تمكن النادي من تجاوزها وتحقيق إنجازات تعتبر تاريخية في سياقها الزمني والمكاني، وكان ميخائيل فارساً من فرسان هذه التحديات والإنجازات خاصة الأصعب منها والتي أنخرط ميخائيل فيها بشكل مباشر وواجه أصعب التحديات منها طباعة المجلة  ونشرها وعلاقة ذلك بالجهات الأمنية. وإليكم هذا الحدث من هذه التحديات والإنجازات:
كانت المجلة تطبع في مطبعة "تايمز" في منطقة السنك في بداية شارع الرشيد على النمط القديم في تصفيف الحروف الرصاصية، أما قسم اللغة الآشورية فكان إما يكتب باليد وبخط جميل ثم في السنوات اللاحقة تم طباعته في المطبعة. بعد الطباعة كان يتطلب أخذ الصفحات إلى محلات "الوراقيين" لربط الصفحات وتلزيمها وتكبيسها ليكتمل شكل المجلة. كان جميع هذه المحلات موجودة في الأزقة الضيقة المتفرعة من شارع الرشيد بحيث لم يكن بالإمكان دخول السيارات فيها، بل كانت تنقل المواد في عربات صغيرة تدفع باليد. وذات يوم وبعد الإنتهاء من طباعة صفحات المجلة بقسميها العربي والآشوري حملها ميخائيل في عربة صغير وبدأ يدفعها في شارع الرشيد نحو أحدى محلات الوراقيين، فما كان إلا أن هبت رياح قوية فتطايرت أوراق المجلة من العربة على رصيف شارع الرشيد ثم بدأ ميخائيل وهو في حالة مرتبكة ومحرجة بجمع الأوراق بين أرجل المارة لوضعها في العربة غير أنه أستبشر خيراً عندما وجد شخص آخر يساعده في جمع الأوراق فعرف نفسه بأنه من رجال الأمن وبعد إطلاعه على أوراق القسم الآشورية أتهم ميخائيل بأنه يوزع مناشير يهودية وباللغة العبرية غير أن ميخائيل بذل قصار جهده لإقناعه بأن اللغة هي آشورية لمجلة المثقف الآشوري المجازة من قبل وزارة الإعلام وليست عبرية. رجل الأمن لم يقتنع لأنه بالأساس لم يكن يعرف بأن هناك لغة آشورية أو مجلة بأسم المثقف الآشوري، فما كان منه إلا أن أتصل بمسؤوله في مديرية الأمن العامة ليبلغه عن رجل يوزع مناشير يهودية في شارع الرشيد، فبدأ سلسلة الإتصالات والتحقيقات مع الجهات المعنية للوصول إلى حقيقة هذه اللغة والمجلة حتى توصلوا إلى قناعة للإفراج عن ميخائيل وعن صفحات المجلة لترى النور فيما بعد وكل ذلك بفضل ميخائيل الذي لم يكن محرر المجلة وىا أداريها ولا مدققها ولا متابعها بل للحق أقول كان "حمالا" – مع الإعتذار لهذه الكلمة – للمثقف الآشوري حيث كان يحملها بين يديه وينقلها من مكان إلى مكان وفي كثير من الأحيان شاهدته شخصيا يحمل نسخ كثير من المجلة بيده وينقلها من سيارة "بيكاب" إلى داخل النادي. هذه رواية من روايات التحديات والإنجازات للنادي الثقافي الآشوري والتي كان ميخائيل وغيره العشرات من فرسان هذه المسيرة الطويلة التي أنجبت خيرة مثقفي وكتاب وسياسي أمتنا.
وأخيراً حتى أعطي للقارئ بعض من سيرة ميخائيل الذاتية أعيد نشر السطور التي كتبتها عن أدباء النادي الثقافي الآشوري في كتابي المذكور، (النادي الثقافي الآشوري – مسيرة تحديات وإنجازات – 1970 – 1980 – طبع في مطبعة ألفا غرافيك، شيكاغو، الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1993. الفصل الخامس (ص 79 – 94) – عنوان أدباء النادي الثقافي الآشوري  ومنهم طبعاً ميخائيل، جاء فيه:
كان من الطبيعي جداً أن يعكس النادي هويته الثقافية في مجال الأدب وبشكل أكثر بروزا عن غيره من النشاطات الأخرى التي قام بها النادي طيلة عشر سنوات من مسيرته طالما أخذ على عاتقه مهمة إبراز الأدب الآشوري وإحيائه بشكل أكثر تطوراً وإنسجاما مع تطور المجتمع. فالمهرجانات الشعرية والآماسي الأدبية والحلقات اللغوية وإصدار النشرات والمجلات الأدبية تعني ضرورة وجود أدباء بالمستوى الرفيع لإنجاح مثل هذه النشاطات ... من هذا المنطلق، أصبح النادي مدرسة أدبية، أن صح التعبير، لخلق وصقل مواهب شابة وجديدة وساحة رحبة لكل الأدباء الآشوريين لإبراز نتجاتهم الأدبية وإبداعاتهم المتميزة... فأرتبطت أسماء الكثير من الأدباء الآشوريين بالنادي وبنشاطاته الأدبية. وإجلالا لكل الأدباء الذين ساهموا بنتاجاتهم الأدبية في نشاطات النادي وتفاعلوا معها كجبهة أدبية وثقافية واحدة من دون تمييز أحد عن الآخر، ادرجت بعضهم في الكتاب كأدباء الناي.
القد حاولنا، وأنا في بلد المهجر، أن اجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن أكبر عدد ممكن من أدباء النادي، فإضطررت أن نذكر بعضهم طبقاً للمعلومات المتوفرة عنهم وإعتبارهم كرموز لغيرهم من الأدباء الآشوريين من دون تفضيل أديب على آخر إطلاقا... وفي حينها ذكرت الأدباء الأجلاء كل من المرحوم إيشو القس عوديشو، المرحوم منصور روئيل زكريا (عضو فخري)، المرحوم زيا نمرود كانون، عوديشو ملكوم كيوركيس، المرحوم إختير بنيامين موشي (عضو فخري)، يوسف نمرود كانون، كوريال شمعون زيانو، أوراهم يلدا أوراهم، نينوس أندريوس يوسف (نيراري)، جورج أويا أرخيوام، وشملت الأسماء الأديب الكبير ميخائيل مروكل ممو، وهذه بعض السطور عنه التي توفرت لدينا في حينها:
•   ولد الأديب الآشوري ميخائيل مروكل ممو في عام 1947 (ماشاءالله بعدك شباب) في الحبانية وأنهى دراسته الإبتدائية والمتوسطة والثانوية فيها وتخرج عام1969 من معهد إعداد المعلمين فعمل منذ ذلك التاريخ في سلك التعليم مبتدئا بمدينة البصرة حتى أنتهى به المطاف في مدينة بغداد.
•   في مراحل دراسته أكتسب قابلية فذة في التعبير الأدبي والصحفي بإعتماده على النفس والمطالعة المستمرة مما أهله لدخول معترك الصحافة، فأشرف على تحرير صفحة الجامعة بجريدة الجنوب بين عامي 1966-1967 التي كانت تصدر في البصرة.
•   عمل بشكل دؤوب وفعال في بعض المؤسسات الثقافية والأندية الآشورية. فبعد إنتسابه إلى النادي الثقافي الآشوري عام 1971 عمل مع بقية زملاءه لإستحصال الموافقة الرسمية لإصدار مجلة المثقف الآشوري ثم كرس جلً جهده ووقته للعمل في تحرير ومتابعة صدور هذه المجلة، فعمل كسكرتير ثم كضو في هيئة تحريرها.
•   تولى في النادي مسؤوليات عديدة منها عضو في الهيئة الإدارية وفي لجنة التحرير والنشر كما كان من مؤسسي لجنة أصدقاء الأدب الآشوري، فشارك في الكثير من النشاطات الأدبية والمهرجانات الشعرية والمناظرات الثقافية، كما كتب ونشر العديد من القصص القصيرة والمقالات والبحوث الأخرى، وله كتب منشورة منها (ماهو البحث وكيف تكتبه – 1968) و (في رياض الشعر – 1976) كما له مخطوطات تنتظر النشر منها (موسم الرؤيا والفجر – شعر) و (بلا عنوان – مجموعة مقالات) و (في رياض الشعر والأدب – الجزء الثاني).
•   عمل خارج إطار النادي كسكرتير للهيئة المؤسسة لإتحاد الأدباء والكتاب للـ "الناطقين بالسريانية" ثم عضو في هيئته الإدارية كما عمل كسكرتير لنادي المجتمع الآشوري في منطقة الدورة ببغداد وشارك في الإعداد لبعض البرامج الثقافية لإذاعة وتلفزيون القسم "السرياني" في بغداد وكركوك.
•   وجد في المهجر درباً له، فواصل نشاطاته الأدبية والفكرية من هناك دون ملل وكلل.
==================================================
هذا جزء من مما عرفناه عن أديبنا ومفكرنا ميخائيل مروكل ممو.... أستعد وقم وأنهض يا صديقي العتيد لنلتقي هذه المرة ليس مع "يوخنا جوجانا" بل هناك حدث تاريخي مهم ينتظرك، فهئ نفسك وأمتطي فارسك لتنطلق نحو هذا الحدث الذي سيقام في وطننا العزيز بمناسبة نصف قرن على تأسيس النادي الثقافي الآشوري (أيلول 1970 – أيلول 2020) لتكون فارساً من فرسانه إلى جانب بقية فرسان النادي الثقافي الآشوري.
=================================================
صور مستلة من كتابي (النادي الثقافي الآشوري – مسيرة تحديات وإنجازات – 1970 - 1980)
في الصورة الثانية يظهر ميخائيل ممو الرابع من اليمين

 


متصل Eddie Beth Benyamin

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1627
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ الكاتب الموقر ابرم شبيرا

اقتباس
(( المرحوم إيشو القس عوديشو )) .

تصحيح في التقرير المرفق .. وشكرا

ادي بيث بنيامين

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ الفاضل والصديق الكاتب ابرم شبيرا الموقر
تحياتي..
أجمل التحيات وابهى الامنيات ارفعها لشخصكم الكريم على ما تفضلتم به وعلى ذاكرتكم التي عادت بنا أكثر من اربعة عقود ونصف من حياتنا الأدبية الاعلامية، وما اضفته من احداث قوضت نشاطنا رغم اصرارنا على مواصة التحدي الذي جعلنا نطرق أبواب الهجرة. وهناك العديد من الاشكالات التي عشناها وتغاضيت عنها ربما لعدم معرفتك بها. وعن كتابك الفريد من نوعه عن تاريخ النادي الثقافي الآثوري بحاجة على اعادة طبعه بملازمته للتنقيحات والاضافات. كما ونأمل من تحقيق ما سعيتم من اجله بخصوص مرور نصف قرن على تأسيس النادي الذي كان حقاً مدرسة لمثقفينا بولادة العديد من الادباء والشعراء في بغداد وفرعه في السليمانية.
ميخائيل ممو