المحرر موضوع: ميخائيل ممو.. اكتبْ فالكتابة سيف بتار !  (زيارة 2339 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Youssef Said

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
    • مشاهدة الملف الشخصي
ميخائيل ممو.. اكتبْ فالكتابة سيف بتار !
[/b][/size]

(اهدي هذه الكلمة لزميلي الأديب ميخائيل ممو الذي حظي بحفل تكريمي من قبل اتحاد الأندية الآثورية في السويد
 تثمينا لجهوده في حقل الأدب والصحافة والعمل القومي وبشكل خاص في مجلة حويودو الغراء)
[/size][/color]

بقلم الأب : يوسف سعيد / السويد

كان غريباً ومشرداً.  مراراً رأيته يتحدث مع الصخور وصديقه التراب كعقيدته ، انها الحجر الذي يعبد الطرقات اذا تلاحم  وتلاصق وتراصف ، فهو في الأصل من أقرباء الصخرة والشوعي ، والريح التي تحمل بقايا حزنه  وأوجاعه وآلامه وضجره المأساوي ، عائداً الينا حاملاً بندقية أنيقة وقلماً صخرياً وكآبة لطرقاته التي يسلكها مراراً وتكراراً ، انه نشيج شجنه وشجونه وأحزانه بعيداً عن الليلة الطويلة جداً حاملة في بستان الجسيماني احزانه اليسوعية. صارخاً على بيادر هشيمه. يا للوعة التي لا تقهر إلا بالمناجل الذهبية ، صارخة  في طريق الحبر والضحكات الى متاهات مبلطة بخبز الأعجوبة النازفة دماً قانياً على طرس الكتابة ، وتحمل بين اطرافها بياض زمهرير من الكتابة الآثورية .. هل هناك أكثر من هذا الصقيع الذي يصفعني ويضيعني وفي الآخر يحرسني بقامات من دم مجفف ، صارخاً كلبوة تتآكل الصرخة بين دواجذها ، وتتآكل في فمها عبارات من المودة ، عيناه مبقعة بسمرة آثورية فاقعة ، صوته كجرس لكنيسة تجاور الصخور الدهرية ، طولاً وعرضاً ومودة. أليس من الخوف تنبت عاقولة عميقة الجذور تحيطها ارض مخيفة تجاور الصخر تمتلئ خاصرتيه بشعر محتبك من سهول وسهوب فاغية في ارض نينوى ، لتولد من شدة الأسى والضياع والفزع ضبية تزرع ديار آثور بالرعب والخوف والأسى والجمال الأخاذ.

تعبأت خاصرتي بالوجع ، تأخذني صفنة النسور الآثورية الى مباهج حدائق بابل. انتظرت عودة المساءات لعلي اتحرر من خوفي وفزعي ومغامراتي المفروشة بسجاجيد قانية اللون ، لامعة بدم لغة آثور الضائعة  كطلوع القمر الهيمان ، مراقباً قافلة من فرسان يعربية اصيلة تمتص بهاء الغروب مضروبة في انحداراته نحو أفق مَغيبه تحت وفوق برج المراقبة ، القادمون على ظهور فرسانهم الحمراء اللون ازواجاً أزواجاً ، ليس من يصرخ ، تعطلت حنجرة الشاعر والكاتب الحبيس في صومعة تمتص جمالات السحر من أثداء نينوى وتفهرس في أحلامه قفيرة تحتفظ بعسل الورد المقتطع من وهاد  بسحر بقايا جيوب الليل وخيوط الاسما نجونية.

ميخائيل ممو.. أليس في شفرتي يراعتك تعبئ خواصر روحك بأحلامك الحرة وبمسرة قلم الكتابة ومخاضها الأبيض ،  قادماً أنت مع فرسان الغبطة لقداديس على أقدام ثقيلة أشبه بجرجر على بيادر الحنطة تُـدْرسها بنورجك ، تقصبها ، وتتركها صوتاً خفياً وخفيفاً يتقمص وجه الريح ، حاملاً حفيف أصابع الآلهة في نمرود ، متقمصاً جسد الصحراء العربية ، راكعاً قبالة فجر وليد في واحة تيماء غربي الجزيرة العربية ، وأنت بينما تحصد من مزارع أحلامك قمحاً مبطناً بالدم يفترس سنة كاملة مدعومة برتوش الهضبة المطلة على وادي الرؤيا.

ميخائيل ممو .. لِـما نسيت سلاحك في بيت الغابة ، حيث تبان من بعيد مرح الأيائل وزحفها نحو مشرق شمس آثور الرابضة قبالة ودائع آثور ، محاورة ملائكة قديمة لملاقاة الملاك في صراعه مع يعقوب ، والتحزم بشباك من أوردة الرب ، تتعاقد بالقوة في أعصاب من كتل ظهره ، حيث الأسوار ومتاريس تحرس ديارات من يحمل قلم الكتابة.

ميخائيل ممو .. حيث تحمل على منكبيك أوجاع الكتابة الآثورية السريانية مدججاً بأسلحة لامعة مشرقة ، رخي البال صارخاً  " افتحوا الأبواب ليدخل ملك المجد " لينظر الى الشمرة الكاسحة ظلال الموت من عليائه تنزف دماً في محبرته ، يرشف الفضاء بنغمات  قصائده ونفثات قلمه. 

وأخيراً جاء ميخائيل ممو " المثقف الآثوري " مدججاً بأسلحة احلامه ورؤياه المقضبة مجبولة بخيوط دم الذهب الأصيل.. راوياً حنجرتك بدم من معاصر العنب الشرقي ، راغباً في حل المعضلات ذات السواد الأحمر. ستحمل أختامك الشمعية وترحل صوب الشمس ، حيث الجمال الطالع مع عروس نمرود القادمة على صهوات من سحابة زرقاء وقاصدة مياه دجلة الخالد خلود الدهر.

ميخائيل ممو .. أكتبْ .. فالكتابة وسيفها البتار الوحيد الذي يفتح لنا أوداجها لندخل حاملين طيوباً لعذارى متكأءات على جدائل العريس القادم من جبال آثور ،  حيث هناك بقايا نكهة مطعمة بالبيلسان والبخور ، وبقايا من روائح النرجس العراقي في سفوح جبال معطرة برياح ذات هلهلات رشيقة وسعيدة ، تكتب فاتحة لنفحة في خاصرة الكتابة ، وتروي قصصاً عن لوحات آثورية تفقس بهجة روعه رَوّحها القلم.

عد الينا حاملاً على صدرك نبراس سيف الكتابة الآشورية ، وأكتب لنا عن أشباح الروح ، تحيطها أرض الرعب المحنطة ، تجاور صحراء أرواحنا المشردة ، محاوراً صخوراً دهرية تحيطها بعد مواكب حضارات أرض الرعب ، فتمتلئ أوداجنا بأحلام مجنحة سابحة ، راحلة في قفار اللذة المتناهية ، محرراً كلياً من شبق اللذة المؤقتة. هناك جاذبية قاهرة في قلمها ، يشدك نحو المجهول ، والى ينابيع تلهو فوق أشجارها عصافير المحبة.. هناك في أحلامك كنت تحاور مهرجانات ومرابد القصيدة الأخاذة ، وترحل عبر أحلامك على صهوات غيمة سمراء نحو الأفق البعيد.

ممو .. إذا عدت في يوم ما الى مهاجرنا فلا تنس اننا سنهديك قرنفلة قانية حمراء اللون.  وعندما تعود من ديار غربتك سنهديك بحق وردة ناصعة قانية تزرعها في حقول تحيط  بكرومك الفاغية ، لتعيش مع أمل تحاور في سرك وردة بيضاء.

سأترك في المنحنى كؤوساً لخمور معتقة فارغة ، وأتحدث عن ليلة جمعة حزينة ، وأحاور وجهي المنقط من حبر المعرفة ، ناظراً الى قسمات وجهي في مرآة أكثر إشراقاً على تقعراتها والتي تنم عن أشياء كثيرة منها عودة المرأة الى سادنها الذي هجرتها ليلتقي مع أشواق نفسه ، ويقدم على مذابح روحها خموراً معتقة من دنان طبع الليل على صدرها ، وأقفاص التواءاتها تفتح بياض نهارها أمام مواكب من دخان البخور والعطر ورائحة العسل الوردي.
عندما تعود الى منعطفات الجبال في آشور ، وتحرث بأصابع روحك وبسكة النور والنار حقول روحي تتركني وحيداً نامياً مع أظافر روحي لأحرس عوسجة موسى في الصحراء ، وأرحل داخل مواطن وبواطن عوالمي وصحراء روحي .. وأقول لميخائيل ممو ، عم صباحاً أيها الشبل الذي قلـّمَ أظافره تحت وارف عوسجة الصحراء ، وبمعيته نبي شردته أفكاره المقلقة ... فطردته الكنيسة الى صحارى التجارب القاسية والبعيدة.

ممو .. أنت آخر نموذج لولادة وعول البراري ، تعالى سريعاً ، ففي ثغاء كباش الرعية أكثر من نغمة.  تعال فالوقت من المفارز الخاصة بسويعات الظهيرة.
هل ستحمل في مجيئك الينا صناجات آثورية شيقة النغمات تزف روائعها على قماشة من طرس الكتابة؟
تعالى مع عذارى آثور الى جبال البطم والزعرور والزعتر والبلوط .