المحرر موضوع: هل ينتصر العنف في بلدي  (زيارة 1371 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 201
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل ينتصر العنف في بلدي
« في: 17:29 13/06/2007 »
                                       
هل ينتصر العنف في بلدي 
 
   
كم شغلت  بال الكثيرين هذه الدوامة العجيبة من العنف المتزايد في وطني العراق وهذه الماكنة العجيبة التي تعمل بوقود اسمه الجنس البشري, ماذا اصابنا وما الذي حل بهذا البلد هل هو وباء ام سرطان ام فايروس, هل على العلماء ان يجندوا طاقاتهم كي يكتشفوا لقاحا خاصا ضد الارهاب ,هل الارهاب اصبح مرضا معديا لايمكن ايقافه,هل اصبح العنف واحد من مبادئ الحياة الاساسية وهل اصبح الارهاب مدعوما من قبل الله من خلال كتبه السماوية,هل بتدمير الاخر وقتله نستطيع ان نغير افكاره ومعتقداته وايمانه,هل عجلة التاريخ والحضارة ترجع بنا الى عصور الظلام وهل اصبح الانسان وبعد كل هذا الكم الهائل من التراكمات الحضارية والدينية والتي جعلته واعطته قيمة عليا يرجع ليصبح اشد فتكا وقتلا لاخيه الانسان, وهل اصبحت القدرات التي يتميز بها الانسان عن الكائنات الحية الاخرى وسيلة للقتل والفتك الجماعي واصابة وتدمير اكبر عدد ممكن من اخواننا البشر,وهل اصبحت الاديان والمعتقدات حجر عثرى نحو حماية حقوق وكرامة وحضارة الانسان ,ام هل اصبحنا نعيش عصر الظلمات والرجوع اللاف السنين الى الوراء, وهل يمكن لبضع قطرات قذرة من الماء ان تلوث هذا المحيط  الهائل من الناس الطيبين .كثير وكثيرة هي الاسئلة وكثيرة وكثيرة هي الحلول ولكن المحزن حقا اننا جميعا نراقب كل مايجري من خلف النافذة كاننا نتابع فيلم سينمائي ابدع الكاتب في كتابة القصة والممثلين في اداء الادوار والمخرج في تدمير الانسان ووجوده وشارك في انتاجه كل دعاة الشر في هذا العالم.كل هذه الامور جعلتني اكتب هذه السطور.
يناشدنا السيد المسيح في موعظة الجبل احبوا اعدائكم وصلوا من اجل مضطهديكم واحسنوا الى مبغظيكم والسيد المسيح هو المعلم الاول وراعي اللاعنف من خلال كل ماعلم به  واللاعنف لايعني الخنوع والضعف والركوع بل يعني ان تطالب ثم تطالب ثم تطالب الى ان تحصل على حقك.
ويذكر مارتن لوثركبينغ اللاعنف لايعني تجنب العنف المادي مع الاخرين ,بل ايضا الروحي الداخلي انك لاترفض اطلاق الرصاص على شخص اخر فقط بل ترفض ان تكرهه, لاحظ هنا البعد الانساني والمفهوم الرائع لمعنى اللاعنف والذي يغيب عن بال الكثيرين’ ان اللاعنف يشمل لاعنف اللسان وليس استخدام ادوات واسلحة للقتل والتدمير فقط ,لان معظم الاعمال الشريرة تبدا بالعقل ثم اللسان ثم الفعل .
ويذكر غاندي احد رواد المنهج اللاعنفي في الحياة فيقول ان كلمة (ساتيا) او الحقيقة امرا مهما ,حيث ان الحقيقة عند غاندي لها اوجه مختلفة ولايمكن لفرد معين ان يمتلك كل الحقيقة بل بعضها وبهذا فاننا كلنا نحتاج لبعضنا البعض كي يكمل مفهوم الحقيقة ونصل الى الحقيقة الاكبر .اما عبد الغفار خان الملقب بجندي اللاعنف فيقول بانني سوف اقدم  لكم سلاحا فريدا لاتقدر الشرطة ولا الجيش الوقوف ضده,انه سلام النبي,لكن لاعلم لكم به,هذ االسلاح هو الصبر والاستقامة ولاتوجد قوة على وجه الارض تستطيع الوقوف ضده.
ويقول القديس فرنشسكو الاسيزي.
يارب استخدمني لسلامك,فاضع الحب حيث البغض ,والمغفرة حيث الاساءة,والاتفاق حيث الخصام ,والحقيقة حيث الظلال,والايمان حيث الشك,والرجاء حيث الياس ,والنورحيث الظلمة ,والفرح حيث الكابة.
وايضا ما قاله الشاعر الهندي المعروف طاغور علمني حبك يا الله فاذا اساء الي الناس هبني شجاعة التسامح واذا اسات انا الى الناس هبني شجاعة الاعتذار.
 ان ثقافة اللاعنف ليست ترفا فكريا ولا هي دعوات برجوازية حالمة ولكنها اصبحت في ايامنا هذه ضرورة حتمية يحتاجها الفرد في في تعامله اليومي مع العائلة والمجتمع ومن ثم بين الانسان واخيه الانسان في كل مكان وبين الدول والموسسات والاحزاب ويجب علينا نشر هذه الثقافة بين ابنائنا وترديدها في مدارسنا واماكن العبادة وفي بيوتنا الى ان تصبح مفاهيم وعادات وتقاليد موروثة .
واللاعنف لايمكن اعتباره مرادف للضعف كما يفهمه خطا البعض فهناك مثل يقول (تستطيع ان تاخذ الحصان الى النهر ولكنك لا تستطيع ان تجبره على شرب الماء) وجملة اخرى بنفس المعنى(تستطيع ان تكسر راسي ولكن لا تستطيع ان تحنيه). وكما يعتقد (جون ديوي) بان الاصرار على استعمال العنف هو امر سوف يودي الى الحد من استعمال الذكاء الانساني وان استخدام العنف يحد من حرية الاخر ويشل قدراته وهذا منافي لكل الرسالات السماوية وماجاءت به من تعاليم.. ولبيان ان اللاعنف له ايجابياته التي قد تفوق التصورحتى على مستوى النتائج . حيث لعب الكفاح اللاعنفي دورا في تقليل سلطة الانظمة السياسية في العالم الثالث وبلدان الكتلة الشرقية السابقة , حيث يبين( والتي وينك) في عام 1989 شهد اكثر من مليار ونصف مليار من البشر ثورات لا عنيفة حققت نجاحات باهرة مثل (الفيلبين, جنوب افريقيا, ايران, حركة التحرر في الهند) مما ينفي المقولات التي تزعم بان اللاعنف اسلوب فاشل, وما قاله  البابا يوحنا بولس الثاني في هذا المجال ومن كتابه (عبور حدود الرجاء)(تكن الكنيسة الكاثوليكية احتراما كبيرا للمسلمين اللذين يعبدون الله الواحد الحي القيوم مما يبرهن المسلمون انهم قريبون جدا من المسيحين في نظرتهم الى الله الواحد). الم يحن الوقت بعد لادخال هذه المفاهيم في مناهجنا الدراسية  متجاوزين عقدة ان اي شئ قادم من الغرب هو امر يحمل علامات الاستفهام وليس بالضرورة ان نجهد نفسنا كثيرا في تراثنا لنجد ماهو مماثل .وليس عيبا ان نجد ابداعات ومفاهيم كثيرة وعلى كل المستويات ممكن ان يكون لها التاثير الكبير في تغيير كل ماهو مسئ ويحط من قيمة الانسان والاهم من ذلك الغاء كل المفاهيم التي تؤدي الى الغاء الاخر وبالتالي الى العنف المتزايد  ولنلقي نظرة على مايدرس في السعودية كما هو مدون في ملتقى الحوار الوطني السعودي الثاني(1):
-   الوطنية ردة على الإسلام
- الحضارة المعاصرة حظيرة بهائم حيوانية صنعها فريق من الكفار والجهلة
- الأحزاب السياسية عذاب إلهي للكفرة
- ينبغي على المسلم الذي يسافر إلى بلاد الكفرة ليتعلم أو يتاجر أو يتطبب أن يقيم بينهم وهو يظمر العداوة لهم !!
و يقول عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق : - أن المسيحيين اشبه بمرض خبيث معد، يجب على المسلمين أن يظلموهم وأن يسيئوا معاملتهم ويحتقرونهم ويقاطعونهم حتى يضطروا إلى إعتناق الإسلام.
-   وفتوى سيد قطب : لا جنسية لمسلم غير عقيدته، فالمسلم لا يعتز بجنس ولا بقوم ولا بوطن ولا بأرض. فكيف يمكننا ان نربي ابناءنا واجيالنا القادمة على مثل هذه الافكار فان مثل هذه الافكار قد ادت الى تحول 10%الى 15% من تعداد المسلمين في العالم الى متطرفين كما حددهم الباحث دانييل بايبس اي نحو 100 الى 200 مليون متطرف. وان مكمن الخطورة عندما يعتبر المتطرف ان العنف والقتل والارهاب هما متساويان للجهاد في سبيل الله والدفاع عن النفس ومصارعة الطغاة والمستكبرين  مرتكزا في نظريته الى شرعية مايقوم به استنادا على المصادر الاسلامية .

  .
 وقد بدات الكثير من الدول بالاهتمام بمبدا اللاعنف  فنرى فرنسا قد طبقت درس الاخلاق في المناهج الدراسية. وعلى لسان وزيرة التعليم الفرنسي (سيجولين سوايال) ان العنف المتعاظم في مجتمعاتنا يتطلب وقفة جدية لايجاد الوسائل والسبل لكبح جماحه. وتطرقنا الى ان المدرسة لها دور كبير في نشر هذه الثقافات وسوف يتعلم الاولاد والبنات كيفية احترام الجسد الانساني وعدم اللجوء الى العنف او الاعتداء عليه. وتحضرني قصة رواها الدلاي لاما عن صديقه الناسك البوذي وتدور حول اعتقال الصينيين للناسك وتم احتجازه في معتقلات الغولاك الشبيه بنكرة السلمان .وتم اطلاق سراحه بعد عشرين عاما من التعذيب القاسي بعدها التقى بصديقه الدالاي لاما وبدا الحديث عن تجربته المريرة في المعتقل وتوقف قليلا ثم اكمل اني تعرضت لاخطار كثيرة جدا, فساله الدالاي لاما , بالتاكيد على حياتك؟فاجاب بكلمة لا حيث ان حياتي لم تكن مهمة ولكن كدت ان افقد رحمتي وحبي للصينيين عدة مرات فنلتامل هذه الحكاية وكم سنة ضوئية وكونية نحن بعيدين عن مثل هذه الروح.
(1) من مقالة للسيد مجدي خليل


د.عامر ملوكا
استاذ جامعي
ملبورن/استراليا