عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - يوسف زرا

صفحات: [1]
1
أحقا ثورة بيضاء ..... أم ماذا ؟

عبر التاريخ قرأنا ان في الكثير من المواقع الجغرافية من الكرة الارضية، حدثت عدة انفجارات بركانية . وخلفت كذا من الاضرار المادية وضحايا بشرية قد لا تحصى من دمار المدن والقرى المحيطة بها . ولازالت هذه الظاهرة الطبيعية مستمرة ولا يمكن لاي منجز علمي لاي تجمع بشري ان يصده او يتقي اضراره . ولكن فهذه الحالة من الجانب الثاني تعتبر هذه الظاهرة الطبيعية – براكين وزلازل وفيضانات وما فيها من الكائنات الحية . البشرية والحيوانية والنباتية . والمكونات الاخرى لتربتها . حالة صحية لهذا الكوكب ولغيره . لانها حالة تجدد وتغيير لكل ما هو على سطحه . وانه قانون الطبيعة فلا اعتراض عليه .
وهكذا فان ما حدث عبر التاريخ من الثورات البشرية الارادية والعفوية لحركة المجتمع الانساني، وللحالتين مبررات وضرورات حتمية لقانون الطبيعة. ومن هذه الثورات الموثقة ولها تأثيرها في حينها، الثورة الفرنسية عام 1789 والتي سميت بـ (كومنة باريس) لما تخللها العنف والتطرف بحق الطبقة الحاكمة وحاشيتها . وكيف تم ارسالهم الى المقصلة فردا فردا وبدون تاخير، لانها كانت ثورة بركان المجتمع الفرنسي الذي تحمل من الاضطهاد والاقصاء والتهميش من قبل الزمرة الحاكمة (طبقة النبلاء والاشراف) فتمزق غلاف هذا المجتمع كما تتكسر القشرة الارضية بفعل البركان – مكونة – تحت الانقاض قشرة جديدة وبمواصفات استحقاقية للحياة اليومية المعاصرة ولمستقبل افضل .
وليس وادي الرافدين تاريخياً بمنحى عن هذه الظواهر من البراكين الاجتماعية فكانت ثورة القرامطة (القرن الثامن) وفي عهد الخليفة العباسي – المعتضد – والتي اندلعت في العراق ومن مدينتي الكوفة والبصرة حتى شملت غالبية الدولة العباسية . واشهر قادتها – حمدان بن الاشعث – الملقب بقرمط . ورافقتها ثورة مماثلة هي ثورة الزنج بقيادة علي بن محمد وشملت جنوب العراق والكويت .
واذا كان في العراق الحالي وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، قد وصل الفساد الاداري والمالي ونهب ثرواته على يد الزمرة التي استلمت السلطة من المحتل الامريكي وخلال الاثني عشرة سنة من بعد سقوط النظام السابق ومجيء المحتل . فأن ارض العراق قد ضاقت بالبنى التحتية المسحوقة والمقهورة والمسلوبة الادارة وباسم الدين والطائفية والمحاصصة المذهبية المقيتة . فمهما كانت مساحة ساكنيها . فان تمدد الحياة لا يقاس بـ (بارومتر) سواء كان مؤي او فهرنهايتي في آنٍ معا . والى هنا ولا بد ان نقول .
فان تولي الدكتور حيدر العبادي مسؤولية هذه المرحلة الصعبة والمعقدة، والتي لا بد ان يحصل فيها التغيير الجذري في كل ميادين الحياة والمفردات اليومية، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والامنية . رغم علمنا ان هناك ... نعم هناك تراكم كمي لكثير والكثير من التنسيق المسبق والمبرمج من قبل الزمرة التي تولت سدة الحكم وتمكنت من استثمار ما كان قد ترسب من النظام الدكتاتوري السابق خلال اربعة عقود من السنين . وبدأت الزمرة الجديدة وبغفلة من وعي الشعب الذي امن بها وسلم امره لها . بدأت تشييد لها الكيان الخاص وباسم الدين تارة واخرى باسم المذهبية وغيرها باسم القومية .
وجعلت الستار الديني اكثر امانة لمن يعمل خلفه وبدون حساب وعقاب . وضنت هذه الزمرة ان الجدار الذي تم رصه طيلة العشرة سنوات الاخيرة واكثر وباسم الدين، وكانهم ورثة عرش تاريخي لهم ولا يحق لاي كان مجرد الاحتجاج او التظاهر ضدهم . في اعتقادهم انهم محميون بالدرجة الاساسية من المرجعية الدينية لكونهم الفئة السياسية القادرة على قيادة المجتمع وممثلة للمرجعية الدينية فعلاً . وبمعتقدهم هذا ينالون رضى وبركة المرجعية المذكورة . حتى وصل الامر ان الفساد الاداري والمالي والمنسوبية والمحسوبية ونهب اموال الشعب اصبح مكشوفا للجميع ولا اعتراض عليه من احد . وانهم زمرة في اعتقادها تمثل غالبية رجال الدين اثر توزعها كناطقين لهذه الكتلة او تلك من رجال الدين ذوي السمعة التاريخية المحترمة والدينية الواسعة ابا عن جد ولا يمكن محاسبتهم .
ولكن خابت حساباتهم حين انفجر الوضع في 7/ 8/ 2015 وقبل بأيام خرجت الجموع الجائعة والمحرومة من ابسط مقومات الحياة المادية والمعنوية والامنية . وكانهم رعاع وعبيد القرون الوسطى . فكانت اصوات الفقراء لا بد ان تدوي في اذان الكثير من الشخصيات السياسية الوطنية والاجتماعية والدينية الشريفة . والحريصة على مستقبل هذا الشعب والوطن الذي ظل الاحتلال الامريكي ومنذ 9/ 4/ 2003 يخطط لاشعال النزاعات والحروب الاهلية وان اقتضى الامر، والخارجية . عدا احتلال ما يسمى بـ (داعش) المحافظات الثلاثة – نينوى – صلاح الدين واخيرا الانبار بين ليلة ونهار وبدون مقاومة تذكر .
فكان ما كان وما حصل في جميع محافظات الجنوب واقضيتها ونواحيها وفي بغداد العاصمة ان صرخ الشعب وبصوت واحد بوجه الحرامية وناهبي ثرواته . ولا بد من محاسبتهم لما آل اليه الوضع في العراق . ولا بد من تغيير الوضع وبشكل جذري بدءا من مجالس النواحي والاقضية والمحافظات عبورا الى مجلس النواب التشريعي والمجلس القضائي وثم المجلس التنفيذي الاكثر فسادا ماليا واداريا . وتركوا الشعب لا حول له ولا قوة . محروم من ابسط الخدمات الحياتية – الكهرباء – الماء – الخدمات العامة – الصحية - المدرسية وغيرها .
واخيرا – احقا هي ثورة بيضاء . نعم بيضاء لان سلاحها هو العلم العراقي الجامع والصوت المدوي الواحد (شعب العراق بكل مكوناته) .وعلى رئيس الوزراء د . حيدر العبادي – اما تواصل قيادة هذه الثورة السلمية وتحقيق مطاليب الشعب المشروعة، وفي حالة خضوعه لضغوط كبار الحرامية وناهبي ثروات العراق . فان الثورة لابد ان يتحول لونها الى الوان قاتمة . ولا يحمد عقباها .

يوسف زرا
 12/8/2015

2
أدب / الارث المقدس
« في: 00:18 05/07/2015  »

الارث المقدس
رثاء الفقيد عبد الرحيم اسحق قلو

يوسف زرا


ولايزال
كلما لاح موكب بنعش
موشحٌ بأكاليل الغار
عبر دربٍ ما
وبرهية ما
كان في الصمت يخطو
هويدا هويدا
وعلى وقع ترنيمة صلاة
نحو رمس ما يزحف
كان كبير القوم يسأل
من ذا الذي انتم حاملون ؟
والى اين به انتم ماضون ؟
أهو من صلب الحاضرين ؟
ولاحق في السابقين
أهو حي ؟
ام هو ميت ؟
وكم بهذا الموكب انتمُ
في صفٍ وراءه تسيرون ؟
وبدون احصاء تسألون
اكلنا في مخاض هذا الكون ؟
صوت كصدى من خلف السراب
كان نداء لابي سعد
يا معشر البشر
الستم كجمع في فلك الحياة تدورون ؟
وشمس تحيّ مواكبكم نهارا
ولا تخفو
وقمر يحيّ مواكبكم ليلا
ولا يأفل
ايها القوم
الراحل يسخر منكم
فلا ميت في تابوتكم
انكم تودعون ضيفا
كان منكم
اكمل رحلة الحياة
في كوكب ما
وثق ابجدية المسيرة
وصاح مبتسما باخر حرف
نال الوسام وحقق الجلاء
ليس بمجهول عنكم
ولكم منه هذا النداء
يا رفاق العسر واليسر
دعوني امضي كما مضى الاسلاف
وكنت معكم في يوم ما
في موكب ما
حيناً بعمر طفل يحمل قنديلا
وحيناً بعمر كهل يحمل بيرقا
انه تغيير وتجديد
فقيد الحياة سخي
كينبوع لا ينضب
ارتوى منه المخلدون
فمنهم معلومون
ومنهم مجهولون
انه التاريخ
ولا يزال
الارث المقدس
لتجدد الحياة

1/7/2015


3


من أحفاد دربٍ لمجرى الحياة بلا نهاية


يوسف زرا

كائنان ... ينطقان
هو ... وهي
بكل اصرار ... يقولان
نرفض معنى البداية
لاننا في كل مكان وزمان
نحن الحياة
هو ... وهي
وبكل اصرار
نرفض معنى النهاية
لأننا في كل زمان ومكان
نأبى الممات
إذن ... من يكونا ... هو ... وهي ؟
فلتصغ الأذان
هو ... تلك البذرة الازلية
التي اعتلت سنبلة ما
وهي تلك الخلية السرمدية
التي حطت في شرنقة ما
كلاهما قادمان من مجرة ما
تحت خيمة زرقاء
بلا اعمدة
بلا اوتاد
كلاهما نزلا من فضاء مطلق
بلا ضفاف
بلا ابعاد
وكلاهما ... كأسطورة لولادة كلكامش
ثلثيه إله
وثلثه فطرة بهيمية
ومعه ولدت عشتار
إلهة الحب والخصب
في سهل شنعار

ثم تابعا المسار ايضاً
في اسطورةٍ لولادة انكيدو
مع الماشية في البرية
فرأتهُ سدوري صاحبةُ الحانةِ
عاشرتهُ
روضتهُ ... ثم عانقتهُ
وفي كلتا الحالتين
كانا .. هو وهي فقط اثنان ... آدم وحواء
رمزان لوثيقة تاريخية
قدما بعوامة عبر يمٍ كالمحيط
فَرَسَت قُربَ مَسلةٍ حجرية
نبض اوروك التاريخية
إنها قصةٌ حيّة
لكائنين ... عبر مخاض لنصبٍ
وجد مبصوماً على صخرة
ينطق بعدة لغات
إنه هو .... إنها هي
من أحفاد دربٍ لمجرى الحياة
بلا نهاية




7/6/2015



/center]

4
واقع المسيحية في المنطقة وعوامل التشظي والاندثار

بدأً لابد ان تقول .
اذا كان المجتمع الانساني منذ عمق التاريخ قد احتاج الى تنظيم حياته اليومية ضمن المستوى الفكري البدائي حصراً. و ثم ضاق به الزمن في رؤيته البسيطة لما حوله من الظواهر الطبيعية وتقلبات المناخ, وعاش تحت عواملها المؤثرة عليه مباشرة فتره طويلة قد امتدت الى الأف السنين, حتى اضطر الى التفكير تحت تأثيرات بايولوجية, في كيفية فهمها او ارضاءه لهذه الظواهر البعيدة من وعيه وادراكه لها. وصولا الى قناعته النسبية بأعتبارها القوى الفاعلة المؤثره كلياً عليه ومقررة لمصيره مما اضطر الى ابداع نوع من الحركات الجسدية ومقاطع صوتيه يعبر فيها خشوعة لها وطاعتها. وحسب اعتقاده ان يرضيها ويعيش بأمان اكثر, ولا يمكن مقاومتها او تحديها.
وهكذا بدأ الانسان ومنذ القدم يعيش هاجس افكار معينه وسلوك خاص. فبدأ بعبادة تلك الظواهر الطبيعية ومنها الزلازل والبراكين والفيضانات والقمر ليلا والشمس نهارا وغيرها .
ثم انتقاله الى عبادة الاسلاف, بعد ظهوره ضمن المجتمع افراداً ذات موصفات وسلوك مميز عن عامة الناس. واعتبارها القادرة على تنظيم الحياة اليومية الفكرية ثم الاجتماعية والاقتصادية وبدء استشمار الارض. وكهمزة وصل بينها كافراد والمجتمع من جانب.
 وبين القوى الغير المرئية والمتحكمة بأمور الأحياء ومنها الانسان.
وكان ذلك حصيلة فهمه وادراكه لمعظم تلك الظواهر الطبيعية كعوامل حتمية في كل زمان ومكان .
وهكذا مرت البشرية عبر قرون وقرون, وتعددت العبادات غير الطبيعية والاسلاف الى ان استقر فكرياً الى عبادة ( الله ) خالق الكون وصانع الحياة وعبر عدة معتقدات دينية ومنها السماوية, التي لازالت حية في اصقاع الكرة الارضيه, الى جانب ديانات وعقائد ذات طبيعة باطنية واخرى تحليلية ولها ايضاً تأثيرها على الكثير من المجتمعات القائمة في كل من اسيا وافريقيا وامريكا الجنوبية وبعض جزر الاوقيانوس القريبة من استراليا وغيرها .
وان جميع هذه الديانات جاءت عبر محاور لافراد ذات قدسيه خاصة وبمنزلة الانبياء.

ولكن لم يكتف المجتمع الانساني بهذا القدر من الاعتقاد ورسوخ العقيدة الدينية، فظهرت الاجتهادات وثم المذاهب ولها اتباعها وبيئتها الجغرافية والمدافعين عنها بهذا الشكل او ذلك.
أي بدء تأثير التغيير في نمط حياة الانسان الفكرية وثم الاجتماعية وفق ما تقتضيه عوامل التغير او التحول وصار لها كياناتها المتصارعة فيما بينها ولازال المجتمع الانساني وحتى المتحضر يعيش هذا الواقع من النزاعات والصراعات العقائدية. ويمكن القول، ان غالبية الحروب التي أدت الى زوال مجتمعات لأعراق بشرية ولحضارات عديدة. كان سببها الاختلافات العقائدية في المقدمة، علاوة على اطماع الكثير من الاباطرة والاسر الحاكمة في الكثير من الحضارات القديمة ومنها، وادي الرافدين- وادي النيل – وادي السند – النهر الاصفر في العالم القديم – حضارة مايا و انكا في امريكا الوسطى والجنوبية ( العالم الجديد ) وغيرها.
كانت اطماعها لغرض مد سلطاتهم الى غيرهم من الشعوب الضعيفة واحتلال اراضيها وسبي نسائها واموالها.
بمعنى عامل التغيير في البنية التحتية للمجتمع الانساني، والانتقال من حالة فكرية واجتماعية واقتصادية. كان سلبياً عليها ضمنياً، وايجابياً لأسر الحاكمة كشريحة وحيدة من الحروب والنزاعات الاقليمية والقارية والى هذا اليوم.
فلازال المجتمع الانساني يرزح تحت هذا التناقض المستمر – كقانون للحياة – ويعيش في وسط محيط هائج تظل امواجه تتلاطم مع بعضها وثم تضرب سواحل اليابسة وتجتاحها وتخلف عليها التغير في جغرافيتها وتضاريسها، وعلى البشرية بالمثل بهذا الشكل وبالآخر ولا ارادياً اي بمعنى وفق قوانين خاصة.
وان علماء الاجتماع والتاريخ خير مصدر للاعتراف بذلك. ويبقى سبب التغيير بواقع الانسان قائماً مدى الحياة على هذا الكون كظاهرة طبيعية وعلمية لا توقف لها. وهي من خصائص المادية التاريخية.
واننا لم نستعرض الماضي التاريخي البعيد والقريب لمراحل تطور الفكر الديني الانساني كدراسة مهما بهذا الشكل البسيط. بل كمقدمة لتبيان ما حصل ويحصل في جميع المجتمعات البشرية من الصراع العقائدي والتطرف الديني وما أدى ويؤدي الى كوارث بشعة على الكل. وان التاريخ خير شاهد على ذلك.
فلم يكن سقوط ( اورشليم – القدس ) بيد الاسلام ابان الحروب التي امتدت الى عقود من السنين في اوائل القرن الثاني من الالفية الثانية. كما لحقها سقوط روما في اواسط القرب الخامس عشر وقبلها سقوط بيزنطا في القرن الثالث عشر على يد الخلافة العثمانية وتسميتها بـ ( استنبول – او استيانا ) و بغداد على يد هولاكو في عام 656هـ. وغيرها.
وان ما يشهده الشرق الاوسط بالذات والعالم ثانية من التغييرات الديمغرافية والسياسية والادارية عدا التداعيات الخاصة من جراء التطرف الديني والمذهبي والاثني والقومي. ومنه ما يخصنا في العراق اليوم. وما اصاب الاقليات الدينية بصورة خاصة من الهجرة القسرية والابادة الجماعية على يد المنظمة الدينية المتطرفة ( داعش ) لجميع قرى سهل نينوى وثم مدينة الموصل، للمسيحيين واليزيدية وغيرهم. قد تكون بادرة مبيتة مسبقاً لأنهاء وجود هذه الاقليات واندثارها كلياً من المنطقة.
وان هذا التطرف الحالي ليس وليد اليوم. ولا جاء عفوياً من الداخل فهناك اكثر من اتهام للدول الغربية وفي مقدمتها امريكا بأن المحرك الرئيسي لهذا التطرف الديني والمذهبي ظاهرياً. ووفق ستراتيجية خاصة موثقة منذ عقود. لان عوامل التغيير السلبي في المجتمع العراقي خاصة. موروثة من قبل البنية التحتية له وتحت خيمة المذهبية المعلنة.
وما شمل ويشمل من الاثار المدمرة على الاقلية المسيحية في المنطقة.
ليس فقط هذه المظاهر المتطرفة لمنظمات دينية متعددة بل هناك عوامل داخلية متفاعلة سلبياً في المجتمع المسيحي ومنذ زمن بعيد ساعدت التطرف الحالي على الاستقطاب وسرعة التفاعل السلبي بمعنوية هذه الاقلية بالذات منها:-
وقبل ان ندخل في سرد تفاصيل هذه العوامل التاريخية والتي ادت وساهمت بصورة تفوق الخيال. بتمزيق وحدة وكيان النسيج الاجتماعي والديني للاقلية المسيحية.
فلابد ان نقول ان المكاشفة النزيهة للعوامل التاريخية التي قوضت وشتت هذه الاقلية، وبقلم نزيه متجرد من أية حسابات وتأثيرات لا ادبية و لا اخلاقية. هو الدافع الوحيد لما آل اليه الوضع الراهن للمسيحيين في العراق وباقي دول المجاورة. والتي لا تختلف اسبابها عن ما جاء اعلاه.

وتأكيداً على بدء اندثار الديانة المسيحية بالذات في العراق وثم في الدول العربية الاخرى المذكورة اعلاه. جاء تشخيصاً لما يلي :-
1-   نقل مقر رئاسة الكنيسة الشرقية ( النسطورية ) لباطريركيتها من العراق وهي الاقدم تاريخياً فيه. الى امريكا – شيكاغو – وقبل عقود من السنين ودون سابق انذار ومبرر. ولم توجه أية دعوة منها لانصارها بالهجرة الى دولة واحدة. مما ادى الى تشتتهم في القارات الثلاث وبنسب متفاوتة وهي امريكا – استراليا – اوربا – والشريحة الباقية في العراق لا تتعدى عدة آلاف نسمة اكثرها في محافظتي نينوى و دهوك تعيش في قرى صغيرة غير مطمئنة امنياً لمصيرها ومستقبلها. وهناك اعلام مشجع للهجرة لها الى فرنسا مبدئياً.
2-   تصريحات قادة الكنيسة الكاثوليكية الغربية – كالعراق وثم – السريان وبشكل مكشوف. بان مصير الديانة المسيحية في العراق سيكون كمصيرها في السعودية ( الجزيرة العربية ) وتركيا. وجاء ذلك نصاً على لسان رئيس ابرشية كركوك المطران يوسف توما وعقب سقوط مدينة الموصل على يد منظمة داعش. بعدة ايام. ولحق ذلك مؤخراً تصريح نيافة باطريرك الكلدان لويس ساكو. بانه لا مانع من هجرة أي مسيحي من العراق وبدون اي تحديد لجهة هجرتة. وقد يكون نيافة البطريرك لويس مرغماً بهذا التصريح نتيجة الضغط الحاصل من الواقع المؤلم لرعيته عليه، ولعدم مبادرة اية جهة رسمية حكومية محلية او دولية تحمل حماية هذه الديانة بكافة مذاهبها.
3-   مغادرة غالبية رجال الدين المسيحي لكنائسهم وقراهم بعد سقوط نينوى 10/6/2014 قبل رعايهم وخاصة القرى الاكثر كثافة في سهل نينوى ومنها قره قوش ( بخديدا )، كرمليس، برطلة، تلكيف، باطنايا، باقوفا، تللسقف، القوش. عدى شرفيا وعين بقرى وغيرها من القرى الصغيرة هي الاخرى. ولم يرجعوا ( رجال الدين ) اليها الا بعد عدة اسابيع. مما أدى الى هبوط معنوي شديد لدى عامة الناس. باعتبارهم ( رعاة ) لهم. ولسنا بحاجة الى تسمية هؤلاء رجال الدين سواءً كانوا بمستوى رئيس ابرشية او كاهناً كي لا نتهم بالتشهير بهم وهذا معلوم للجميع.




واخيراً لا بد ان نعود ونوثق بعض الاسباب التاريخية التي كانت ذات تأثير مباشر وقاتل لتشتت وتشظي الطائفة المسيحية في العراق خاصة وباقي دول العربية المذكوره ومنها :-

1-   الصراع المذهبي بين الكنيستين الشرقية النسطورية والغربية الكاثوليكية الكلدانية حصراً. عدا الانقسام الحاصل في طائفة السريان الى كنيستين ايضاً كاثوليكية وارثذوكسية وانشغالهم بذلك والى اليوم. مما أدى الى خلق صراع ونزاع داخل المجتمع المسيحي، تارة شبة مكشوف واخرى مبطن. وانعكاساتة على اهمية علاقة الفرد بوطنه ضمن ديانته، وتعصب مسؤولي تلك الكنائس بمواقفها الفكرية اللاهوتية ( اي الفلسفية ) والبنية التحتية العريضة للمجتمع المسيحي مهمشة كلياً.
2-   ضمور مكانة الفرد الواعي في المجتمع بعيداً عن علاقتة بالارض كوطن تاريخي يضمن بقاء المجتمع فيه ومدافع عنه. وسبب ذلك ميل رجال الدين الى التعاطف مع المجتمع الغربي ( الاوربي + الامريكي ) كمجتمع مسيحي مدافع عن المسيحيين في العراق قبل الدولة التي هو من صلب مجتمعها وملزمة بالدفاع عنهم دستورياً. وهذه الظاهرة العاطفية كانت موجودة لدى مسيحي العراق وايران ابان الحكم الفارسي للمنطقة وفي عهد بعض ملوكها المعادين للمسيحية. مما ادى الى ضعف مفهوم المواطنة كسبب رئيسي ومباشر. وثم امام انزواء واعتكاف الجميع تحت خيمة المذهبية دون الاهتمام بجوهر رسالة السيد المسيح الانسانية.
3-   تشبث بل استماتة قيادة جميع هذه المذاهب المذكورة بالسلطة الدنيوية عبر السلطة الدينية والعصمة لهم حسب اعتقادهم، وتكوين حاشية خاصة تحيط بهم وتسهل الامر لهم في جميع الحالات.
4-   إنزواء النخبة الثقافية الدينية غير المتعصبة والثقافية العلمانية بصورة عامة امام الفئة او الشريحة المترسبة والمتلونة وباسم ( الوجهاء) والحاضنة للعقلية الاجتماعية ذات المسحة القبلية المبطنة، وبمؤازرة المرجعيات الدينية قاطبة ومحاصرتها للنخب المذكورة وتهميشها وعدم تمكنها من التفاعل مع القاعدة الاجتماعية العريقة و محاربتها.
5-   تمكن المرجعيات الدينية وبقايا نفوذ الاجتماعي القبلي من تقديس ما سمي الارث المتوارث عبر الاجيال كسلاح بتار بيدهم. مما ادى الى بقاء غالبية فصائل المجتمع في ركود اجتماعي وفكري كشبه قاتل و لازال ايضاً مع فارق العصر.
6-   دور المخابرات الغربية وفي مقدمتها الامريكية خلال القرن الماضي خاصة والى اليوم. بخلق تنظيمات سياسية او ما يسمى بالمجتمع المدني ومنها ظاهرياً اما طائفية او دينية مذهبية او قومية أثنية لبقايا شرائح اجتماعية لحضارة ما بين النهرين – كلداني – اشوري – سرياني وغيرهم. مما ادى الى تعميق الانفصال والانقسام المجتمع الى اجزاء متقوقعة، وعجز اية فئة ثقافية خارجها للم الشمل والتقارب بينها ككتلة واحدة تعمل في خدمة الجميع ولأي منظمة كان الانتماء – سياسي – ثقافي – فني وغيرها. مما ادى الى فشل غالبية تلك المنظمات وانقسامها على بعضها.
7-   إفتقار غالبية القيادات للمنظمات المذكورة الى ميزة العصر واهمية وحدتها سياسياً واجتماعياً بعيدة عن مجاملة كل منها لمرجعية هذا المذهب او ذلك. وعلى حساب الخصوصية التاريخية الشبة متوارية كلياً او جزئياً.
8-   استثمار القوميات الكبيرة لضعف وحدة المجتمع المسيحي تاريخياً وحاضراً ومنها حصراً – القومية العربية ذات النفوذ الاجتماعي والديني والسياسي الاوسع في جميع الدول العربية المعنية. وثم القومية الكردية ثانية. دون ان يكون لها الدور المباشر علناً الاستفادة من الوضع المتشتت للمسيحيين وخاصة في العراق وسوريا. لاسباب لكونها هي الاخرى من القوميات المضطهدة تاريخياً ايضاً. بسبب صراعها الدائم مع القومية العربية. ولا بد ان نشير ان النخبة المثقفة من المسيحيين، وذات الافكار السياسية اليسارية والقومية تعاطفت مع التيار السياسي القومي الكردي طيلة العقود الماضية وساهمت معه حتى بالكفاح المسلح ولعدة عقود وحتى سقوط النظام في 9/4/2003.
9-   وصولاً لقناعة تامة لا جدال فيه. ان هذه الاقليات، المسيحية واليزيدية وغيرهما لشدة ضعفها بسبب اوضاعها الداخلية الخاصة، وتشتتها داخل الوطن عدى الاسباب القسرية الخارجية الاخرى التي ألمت بها طيلة قرون.



وتوضيحاً لذلك، لم يعد للديانتين تجمعات سكنية كبيرة الا ضمن قرى عديدة وضمن جغرافية ضيقة ومنها سهل نينوى خاصة وقرى صغيرة ضمن اقليم كردستان.
ووفق مصلحة الدول الكبرى والغربية منها قاطبة لم يعد يمكن الاستفادة منها حاليا ومستقبلاً. قيام كيانات سياسية وادارية معترف بها دولياً واقليمياً . وحتى من قبل القوميتين الكبريتين العربية والكردية وفق استراتيجية غربية خاصة بذلك.
10-   لا بد من الاعتراف بواقع الحال بان تمزق النسيج الاجتماعي للمسيحيين في العراق خاصة. ولأية طائفة اخرى، ومهما كانت الاسباب. فلا بد أن يؤدي الى بدء التشتت والتشظي بالكيان الاجتماعي التاريخي. وظاهره ليس تخلف هذه الكيانات عن الركب الحضاري فقط. بل الاندثار له وفقدان مقومات وجوده الانساني والجغرافي. وان التاريخ لا يمكن ان يعيد نفسه مهما كان السبب وليس الاعتراف بهذا الواقع اضعافاً لمعنوية المجتمع ومكانة الفرد فيه. لان الانهيار قد اصاب البنية التحتية للمجتمع المسيحي منذ عقود. ولا بد ان هناك ( ونكررها ثانية ) مخطط دولي كبير ذات مصلحة بذلك حالياً ومستقبلاً. وليست وثيقة او لائحة حقوق الانسان الا استهلاكاً اعلامياً في الساحة الدولية تجاه جميع الاقليات الدينية والقومية والاثنية في اجزاء المعمورة.
كما ليست تلك اللائحة الا لوحة رملية بدون اطار، وحبر على ورق النشاف، والمكاشفة صعبة واقرارها اصعب وأمر لذي العلاقة والكل يعلم بذلك ولا مفر منه.

يوسف زرا
18 تشرين الثاني 2014
[/b]

5
امريكا وسياسة خلط الاوراق اقليمياً و دولياً
بقلم : يوسف زرا

قبل عدة عقود من السنين، شعرت الولايات المتحدة الامريكية، أن هناك قوى اقتصادية وعسكرية متنامية بوتيرة عالية في اكثر من موقع جغرافي في آسيا، ومنها الصين والهند بصورة خاصة، ودخولهما مرحلة غزو الفضاء، وثم جمهورية ايران الاسلامية عدا نفوذها المذهبي في المنطقة.
وفي امريكا الجنوبية ظهور كل من الدولتين، الارجنتين و البرازيل في مجال الصناعات الخدمية وغيرها.
أما في اوربا . فكان ظهور روسيا كقطب اقتصادي وسياسي وعسكري و فضائي، بديلاً عن الاتحاد السوفياتي السابق، ومؤثراً نسبياً في الساحة الدولية، واصبح لها حساب لدى الغرب عامة وامريكا خاصة.
وان جميع هذه الدول الخمس المذكورة اعلاه، خارج الاحلاف العسكرية والتي لها تأثير فعال في الساحة الدولية، ومنها حلف (ناتو) وبقيادة الولايات المتحدة الامريكية ايضاً. ولابد لهذه الدول أن يكون لها تأثير مباشر على النفوذ الاقتصادي وثم العسكري والسياسي في الكثير من الدول، وتزاحم النفوذ الغربي بهذه الدرجة او بتلك.
وكان قد طغى على القطب الواحد ( ممثلاً بالولايات المتحدة الامريكية) خلال العقود المذكورة، الكثير من الغرور والغطرسة. وخاصة بعد نجاحها في اسقاط النظام الطالباني الديني المتشدد في افغانستان عام 2001. والنظام القومي العروبي المتطرف في العراق عام 2003. وثم نظام معمر القذافي في ليبيا عام 2012. وجميع هؤلاء الحكام من صنعها مع الكثير من الحركات الدينية الاسلامية السلفية المتشددة، والتي ظهرت في دول الشرق الاوسط العربي الآسيوي والافريقي، وفي مقدمتها الدول الخليجية، واحتضان قياداتها من قبل عدة دول اوربية، ومنها بريطانيا- فرنسا – المانيا. الى جانب الحاضن الرئيسي – امريكا – ومساهمة الدعم المالي والبشري والعسكري لهذه المنظمات، كل من السعودية و قطر والبحرين والكويت وتركيا وغيرها.
كل هذه الظواهر التي ازعجت الدول الغربية بصورة عامة وامريكا بصورة خاصة، واستفحل خطرها على شعوبها من الناحية الامنية والثقافية والاجتماعية.
ونؤكد الى جانب ذلك الخطر الداخلي عليها والذي اربك الاستراتيجية الاقتصادية والعسكرية لها خارج جغرافيتها الادارية والسياسية.
فبدأت الدول الغربية المذكروة وبقيادة امريكا. بخلق بؤر ومناطق مضطربة أمنياً، بتحريك الشرائح السياسية الدينية والقومية والطائفية النائمة، ودعمها مادياً وعسكرياً ولوجستياً.
بدءاً لما سمي بالربيع العربي لغالبية الدول لشمال أفريقيا ومنها تونس- ليبيا- مصر، وفي آسيا – اليمن – البحرين. وثم التركيز المباشر على سوريا بأشعالها الحرب الاهلية فيها ومنذ ثلاث سنوات، وعجزها من اسقاط نظام بشار أسد فيها. وثم امداد عمداً وبشكل مدروس لهيب التطرف الديني والقومي وباطار (مذهبي) مستقطب في العراق بين السنة والشيعة من جهة، وبين العرب والاكراد قومياً وبشكل شبه ظاهر من الجهة الثانية. ولازالت الحروب الاهلية مستمرة في غالبية الدول العربية المذكورة بدون استثناء. مع بعض الاطفاء في مصر بسبب نجاح الثورة الشعبية ( النهضوية ) واسقطت حكم الاخوان المسلمين الذي دام سنة واحدة وذلك عام 2013.
لم تستكن الولايات المتحدة بهذا المستوى من خلط الاوراق الاقليمي في الشرط الاوسط.
فكانت قد حركت القوى اليمينية المتطرفة سابقاً في بعض دول اوربا الشرقية ومنها يوغسلافية. والكل يعلم بما حل بها وتمزقها الى عدى دويلات مستنسخة غير فاعلة. وثم تحركها في اوكرانيا الأقرب الى روسيا كاستفزاز لها ومحاولة ضمها الى الحلف العسكري الغربي – ناتو – وما تشهده داخلياً بشكل حرب استنزاف في بعض أقاليمها الشرقية التي تطالب بالانفصال عنها.
كما لم تغفل أمريكا تحرشها بدولة الصين الشعبية بتحريك حليفتها اليابان بحرياً ومطالبتها ببعض الجزر الواقعة في بحر الصين الشرقي وفشلها بذلك.
ثم تحريك عملائها داخل الصين كالتيار السلفي المسلم المتشدد في الاقليم الغربي منها. والاضطراب الأمني الداخلي ايضاً في اقليم هون كونك، وقد تفشل فيه ايضاً كما هو متوقع. ولا زالت تحرك الزعيم البوذي – دالاي لاما – في اقليم التبت.
وهكذا فأن المتابع السياسي لما آل اليه الوضع في سوريا مؤخراً من تنامي القدرات العسكرية لهذه الفصائل السلفية المتشددة ومنها القاعدة – جبهة النصرة. واخيراً لما يسمى ( داعش ).
وامتداد أوج حريقه الى العراق واحتلال مساحات كبيرة من المحافظات الشمالية – خارج أقليم كوردستان – ومنها نينوى – الانبار – صلاح الدين – ديالى -. واقتراب اللهب الى حدود العاصمة بغداد. عدا لما لهذا التيار بعض النفوذ في محافظة بابل جنوب العاصمة وغيرها. حتى وصل الأمر في الاشهر الاخيرة الى انهيار التام لجميع فصائل القوات المسلحة العراقية وفشلها في صد هذه الحركة التي احتلت الكثير من المدن الرئيسية – الموصل- وتلعفر، وهيت وفلوجة والرمادي وتكريت وغيرها.
الى جانب استفحال الارهاب اليومي في جميع المحافظات تقريباً، بمعنى أن امريكا فعلاً نجحت في خلط الاوراق في الكثير من مناطق العالم الساخنة. واصبحت الباكية على شعوبها والداعية الى سرعة محاربة هذه التيارات المتطرفة . وفي مقدمتها – داعش – واستنفرت المحفل الدولي وهيئة الامم المتحدة للمساهمة المباشرة عسكرياً جواً وبراً. بغية جني الحاصل من سياستها العدوانية وابقائها القطب الواحد المتلاعب في مسيرة الشعوب الغلوية والضعيفة. وجعل هذه المناطق في مخاض دائم. وخير دليل على ذلك ما حل بالشعبين السوري والعراقي من هجرة الملايين من ابنائها الى الكثير من دول الجيران – تركيا – اردن – لبنان – وفي مقدمتهم بالنسبة للاقليات الدينية خاصة من المسيحيين واليزيدية والتركمان من سهل نينوى. وهجروا قراهم بنسبة 95% واكثر وبدون هدف، لا بل الى مصير مجهول لان عصابات – داعش – اكتسحت قراهم بصورة مفاجئة وبدون اية نجدة من القوات الحكومية المركزية تذكر وبعد سقوط مدينة الموصل مباشرة في 10/6/2014 وبدون اية مقاومة.
                                                                           

                                                                                 يوسف زرا
                                                                            13 / 10 / 2014

6
سُئلت الشمس .... ماذا رأيتِ في عراق اليومِ
1-    نعم --- بلا قســــم

رأيتُ الصدقَ في المَجلس التشريعي
مُتَقمِصاً لشخصية تاجرٌ سياسي
يخطب من فوق المنابرَ
 بجميع اللغات
واللهجات المحلية .... واعداً
كل المكونات الشـــعبية
بالحريــة والعدالة الاجتماعيةِ 

2-    نعم --- بلا قســــم
رأيتُ النزاهة  في المجلِس التنفيذي
لزعيـــم كتــلةٍ نيــابيةٍ
بصلاحيــــاتٍ استثنائيةٍ
معلناً المزايدة العلنية ِ
لمن يدفع اكثـــر
وبالدولار
 لاحد المناصب السياديةِ
يتولاهُ
طيلة المُدة القانونية
والتقاعديةِ
 برواتب خياليةِ

3-    نعم --- بلا قســمِ
  رأيت العدالة في المجلس القضائي
 لعدة مسوداتٍ قانونية ---- لحكوماتٍ
بشرعية ---- المُحاصَصَاتِ
الطائفيةِ
العشائريةِ
والقبليةِ
 المذهبية والوجاهيةِ
 وأخيراً
 حسماً للأكثرية
 ونزرا للأقلية

4-   نعم --- بلا قســـمٍ
رأيتُ الحقَ مهمشاً ومقصياً
في كُل ارجاءِ العراقِ
لكلِ مكوناتهِ التاريخيةِ
الاجتماعية والسياسيةِ
الدينية والقوميةِ
لبني يَعرُب
وَبَني الكُرد
لبَني التُركمان
وَبَني الكلدواشور
لِبَني داسنَ
وَلِبَني الشبك
وَلِبَني الصابئةِ
مِنْ ... مُسلمين ومَسيحيين
ولباقي المعتقدات الدينيةِ

5-    نعم --- بلا قســـمٍ
رأيتُ الامنَ مفقودا
وبعبوات ناسفةٍ
وَمِن جراء الانتحاريينَ
يسقط الشهداءُ
في جَميع أحياءَ بغدادَ
في الكاظميةِ
والدورة
في البياع
والكرادتين – مريم .. والشرقيةُ
في علاوي الحلة
والاعظمية
وفي المنصور
والرحمانية
وفي غالبية المحافظات
جزُ الرقابِ
وحربٌ أهلية

6-    نعم --- بلا قســـمٍ
رأيتُ في عراق اليوم
مالا يُصدقه اي كائن
شعبه مشردٌ
وتائه في كل مكان

7-   نعم وثم نعم –
وبلا قســم
فلا بُد أَن يستيقظُ الضَمير
ويوزن  استحقاق الانسانِ
بكفي ميزانِ
بكفي ميزانِ                                                           
                                                                 يوسف زرا
5/9/2014



 

7
سُئلت الشمس .... ماذا رأيتِ في عراق اليومِ

1-    نعم --- بلا قســــم
رأيتُ الصدقَ في المَجلس التشريعي
مُتَقمِصاً لشخصية تاجرٌ سياسي
يخطب من فوق المنابرَ
 بجميع اللغات
واللهجات المحلية .... واعداً
كل المكونات الشـــعبية
بالحريــة والعدالة الاجتماعيةِ 

2-    نعم --- بلا قســــم
رأيتُ النزاهة  في المجلِس التنفيذي
لزعيـــم كتــلةٍ نيــابيةٍ
بصلاحيــــاتٍ استثنائيةٍ
معلناً المزايدة العلنية ِ
لمن يدفع اكثـــر
وبالدولار
 لاحد المناصب السياديةِ
يتولاهُ
طيلة المُدة القانونية
والتقاعديةِ
 برواتب خياليةِ

3-    نعم --- بلا قســمِ
  رأيت العدالة في المجلس القضائي
 لعدة مسوداتٍ قانونية ---- لحكوماتٍ
بشرعية ---- المُحاصَصَاتِ
الطائفيةِ
العشائريةِ
والقبليةِ
 المذهبية والوجاهيةِ
 وأخيراً
 حسماً للأكثرية
 ونزرا للأقلية
4-   نعم --- بلا قســـمٍ
رأيتُ الحقَ مهمشاً ومقصياً
في كُل ارجاءِ العراقِ
لكلِ مكوناتهِ التاريخيةِ
الاجتماعية والسياسيةِ
الدينية والقوميةِ
لبني يَعرُب
وَبَني الكُرد
لبَني التُركمان
وَبَني الكلدواشور
لِبَني داسنَ
وَلِبَني الشبك
وَلِبَني الصابئةِ
مِنْ ... مُسلمين ومَسيحيين
ولباقي المعتقدات الدينيةِ

5-    نعم --- بلا قســـمٍ
رأيتُ الامنَ مفقودا
وبعبوات ناسفةٍ
وَمِن جراء الانتحاريينَ
يسقط الشهداءُ
في جَميع أحياءَ بغدادَ
في الكاظميةِ
والدورة
في البياع
والكرادتين – مريم .. والشرقيةُ
في علاوي الحلة
والاعظمية
وفي المنصور
والرحمانية
وفي غالبية المحافظات
جزُ الرقابِ
وحربٌ أهلية

6-    نعم --- بلا قســـمٍ
رأيتُ في عراق اليوم
مالا يُصدقه اي كائن
شعبه مشردٌ
وتائه في كل مكان

7-   نعم وثم نعم –
وبلا قســم
فلا بُد أَن يستيقظُ الضَمير
ويوزن  استحقاق الانسانِ
بكفي ميزانِ
 بكفي ميزانِ   
                                                       
 يوسف زرا
5 / 9 / 2014












 

8
النـــــــونُ  .....  والجـــدرانُ

أَيا حدبــــــــــــــاءُ
أيَ _  نونُ _ كُتِبت على جدرانكِ ؟
أهي _نون _ وادي الرافدين ؟
أهي _ نون _ بَينَ النهرينِ ؟
أم _نون _ مَجرى الفراتينِ ؟
.......
أَيا انســـــــانَ الحضــــــــاراتِ
باسمُكَ وُضِفَت نونـــــانْ _
كما باسمِ نينَوى _نونين _
اسمـــــــــــاً بــــــــــــه تؤامــــــــــان
أحقاً بِالجريمة يؤمنانْ ؟ .... حاشاهُما ؟
.......
ايا بنتُ نـــــينــــــــــــــوى
بالــــــــدمَ القـــــــــــــاني
الضــــــــــــــواري
عُلِمَت ابوابكِ بحرف _النون _
أفيكِ نهاية التاريخ
لأمم يَعلِنُ ؟
وَهم من صَلَبَ السومريين
أم فيكِ يُشردُ بقايا أقوامٍ
مِن سُلالة الأَكَديين
.......
هَبتْ عاصفةٌ صَفراءٌ
بل اعصارٌ اسودٌ
لينشُرَ الرُعبَ
 يجز الرقابِ
 لبني النَصارى
 وبَني داسن
 والتركمانَ
 وبني يعرب
.......
اهــــــــو انحـــــــدار ٌوتــــقـــهـــقرٌ
الــــــــى مشاعيـــــــــة المحمياتِ ؟
تسودها شريـــعة الـــغــــــابِ
أم في عصرِ حقوق الانسان
موثقة على لوحة من الرمال ِ
وفي عــــــــراقَ الحضـــــــــــاراتِ
يُقتـــــلْ ويهــــان أبــــن البشــــر
.......
الى مَن يشكوا صراخُ اليتاما ؟
الى مَن يشكوا نَحيب الثُكالى ؟
الى من يشكوا أنينَ الرضعِ ؟
والــــى مــَـن ..... والــــى مــَن ؟
.......
اذا كـــــــــان طبـــــــعُ الانســانِ
من طِباعَ الاسودِ والحيتانِ ؟
فلِما تقــــــــــــــام المـــــــــــــدن
وتســـــــــــــن القـــــــــوانيـــــن ؟
ويطمـــــــــــــح العـــــــلمــــــــــــــــاءُ
بارتــــــــــــــياد كــــــــــــــــــــــــــــــواكبٌ
وأكـــــــــوان ؟
.......
وهنا على ارضُ التاريخ
لحمورابي وهارون الرشيد
يســـــــــود غزو الكواســــــــــرِ
ووحــــــَـــــشَة الضـــــــــــــــــواري
تُــــــــخصــــب العـــــــــــــذارى
وتُــــــــــــسَوَقُ كـــــــالجـــــــــــــــواري
.......
أحقاً باسم مذهبٍ مـــــــا
يبـــــــــــــــــاحُ قطـــــــع الـــــــــرؤوس
وفـــــقَ عصمة وغفــــــــــــــران ؟
ويعلو صوتَ الاديان 
في كلِ مكان بدينهم
من فوق المعابد والمآذن
بالتنديدِ والأستنكار والأستهجان .
                                                                       
 يوسف زرا
   21 / 8 / 2014 
 القوش

9
أدب / آيا نَينَوى
« في: 22:27 30/07/2014  »


آيا نَينَوى

يوسف زرا

يا اُمُ حَدباءَ واختَ نمرود
الى متى تحومُ حولكِ أشباه الأسودِ؟
وتُسقَطُ الأِجنةُ من الأرحام
كي لا يُبصرَ لكِ وريثُ ولا مولود
أغَدُرَ بكِ الزمان وَغفا
أم بوغِتِّ فجرا بعهدِ ظلامٍ جديد؟
لا مَن يسألَ عَنكِ ولا مُجيب
هلاَ أحدُ يعلمُ بالقادمِ من بعيد ؟
أيةُ حضارة تُبيح تشردَ شعبٍ
وأيةَ ديانةٍ ترضى بهِ وتسود ؟
والسلامُ موشحُ براياتٍ سوداء
تُرفرِفُ فوقَ المعابدِ ودورَ السجود
والعوائلُ تتزاحمُ في قرى الاطرافِ
تائهة في الأزقةِ وحائرة كالمطرود
أغلبها من الأقلياتِ المهمشةِ
وكأنهم قادمون من خلفِ الحدود
انهم أبناءُ هذا الوطنِ التليدِ
ومِن صُلبِ شعب أبيُّ وعَتيد
لِمَن لائحةِ حقوقِ الانسانِ كُتبت
   أم نسألَ عنها الأجداد في اللحود ؟
ألم يكن لقومِ حُنين بن اسحقُ
يوماً ذا شأنٍ في بغدادَ الرشيد ؟
وطموحهُ بالعيشِ الرغيد شرعُ
وهل يتحققُ ذلك ببثِ الحقود؟
نداءُ الاُممَ عِبرَ الاديان كانَ
محبةٌ وسلامٌ والتاريخُ مليء بالشهود
ان كانتِ للحروب حججُ ومبررات
فتجارُها يذكونَ سِجرها بالوقود
فحقُ الشعوبِ لم ولن يموتَ
مهما كان الباغي مُتجبراً وعنيد


   23 / 7 /
2014

10
أدب / قيل ... لـ ....
« في: 22:23 30/07/2014  »
                          قيل ... لـ ....

قيلَ لبلبلٍ ... ما لكَ مغرداً فوق الاغصان  ؟
               فردَ البلبلُ وقال .   كي اناجي رفيقتي مدى العمرِ
قيلَ لنسرٍ ... ما لكَ يقظانُ فوق الروابي ؟
              فرد النسرُ وقالَ .   كي المحَ الفريسةَ من بعيد
قيلَ لأيلٍ  ... ما لكَ تنطُ هنا وهناك تحطُ
             فرد الأيلُ وقالَ .  كي اعزف لحناً ينطحُ الجسور*
قيلَ لارنبٍ ... ما لكَ توسع باطن الارضِ بالجحور؟
             فرد الارنبُ وقالَ .  كي تعلم الذئابَ صدق قدرتي 
قيل لنملةٍ ... ما لك بحبة زادٍ اكبرُ منكِ ؟
           فردتِ النملة وقالت . كي لا يباغتني الجوعُ كالجرادِ شتاءً
قيل لحية ... ما لك تجددين الثوبَ كل عامٍ ؟
           فردتِ الحية وقالت .  كي لا اهرِمَ وافقد نضرة الصلَ
قيلَ لجملٍ ... ما لك بسنامٍ وكرش كبيرةٍ ؟
           فردَ الجمل وقالَ . كي اقطعَ صحراءٍ بلا كلأً وماءٍ
قيل لثعلبٍ ... ما لكَ تطبق فكيكَ حين العوَاء ؟
        فردَ الثعلب وقالَ .  كي تعلم الطيور أنا (وا . وي)**
قيلَ لأسدٍ ... ما لكَ مليكً بلا صولجانٍ وتاجٍ 
         فردَ الأسدُ وقالَ .  كي اهبَ ما هو زائلَ للانسانٍ 
قيل لانسانٍ ... ما لكَ تبحثُ عن الجاه والمقامِ  
   فردَ الانسانٍ وقال .  كي يُبنى ضريح لي فوقة ربوة
                                                      
                                                                                   يوسف زرا
                                                                                14/ تموز / 2014
*: الجسور: الشجاع
*: (وا ....... وي) : هنالك قصة تقول :.
ان ثعلبً اصطاد طيراً كبيراً وبينما هر بين فكيه , قال له.. هل .         
    انت واوي أم ويوي؟   
    فحالاً وبعصبية أجاب , أنا وا ...... وي 
    وبعد فتح فكيه سقط الطير ونجى من الهلاك وطار. 
    فمنذ تلك الحالة وكعبرة لثعلباً , بان لا يقول انا واوي 
   وان كلمة ويوي اعتبرها استصغاراً واهانة له, وهو حيوان ذكي  وماكر




      

11
المتغيرات الاساسية ....... ولعبة الكبار دوليا واقليميا

يشهد عمق التاريخ , ان لا ثوابت لحركة المجتمع الانساني لمفردات حياته الاساسية وحتى الثانوية ,سواء كانت اقتصادية او اجتماعية قومية او دينية اثنية او عنصرية وخاضعة لتوازن القوى على ارض الواقع وتكون العلاقات الانية لاي فئة منها كبيرة او صغيرة مبنية على التحالف مع بعضها لفترة محدودة ,ثم تنقلب الاية ومن المتغيرات التي قد تحصل ,يختل التوازن بينها . ويبدأ العمل بموجب (تكتيك ظرفي) وبمقتضى ماتمليه استمرارية تفوق المتغيرات للكتلة الكبيرة (ضمن مفهوم التيار السياسي المتذبذب) على الطرف الثاني الحليف المؤقت, وتبادر كل الجهة البحث عن البديل ليأتمن لاطول مدة (حالة الاستقرار النسبي) بغية تنفيذ مشروع معين على حساب الطرف او الاطراف الاخرى , سواء كان المشروع حقوق ادارية سياسية اواجتماعية اقتصادية او فكرية عقائدية لأحدهم او لغيره.
ولابد من التحرك الاني ثانية مع الغير وفق شروط متفق عليها مسبقا كوثيقة تاريخية يعمل بموجبها جميع الاطراف كجبهة متحدة .
وخير دليل بسيط وضمن القرن الماضي والعقد الاول من القرن الجديد حصرا  - وكنموذج تاريخي ومؤثر لما حصل بين الدول الكبرى –الشرقية والغربية – ومنها الاتحاد السوفياتي سابقا,كدولة اشتراكية شرقية, تقاطعت مصالحها الاقتصادية والسياسية والفكرية مع جميع الدول الكبرى الغربية- بريطانيا-فرنسا- امريكا(اقطاب الرأسمالية العالمية )واصبحت هذه المجموعة اعداء امس( قبل عام 1939)بدء الحرب العالمية الثانية واصدقاء اليوم(فترة الحرب المذكورة لغاية عام 1945). ضد كل من الدول الكبرى- المانيا النازية- ايطاليا الفاشية (اوربية غربية) + اليابان –(شرقية اسيوية). اي بمعنى –دولة شرقية +كتلة دول غربية. ضد دولة شرقية يابان + المانيا (محور الحرب)وايطاليا. (كتلة غربية )شريك لها.
وجميع هذه الدول تحالفت مع بعضها وفق ماتمليه مصالحها الاساسية وبمقتضى استراتيجية قادتها (مصدر قوتها) وسعة نفوذ كل طرف انئذٍ ومستقبلا عبر القارات الثلاث – اوربا –اسيا- امريكا
وبعد انتهاء تلك الحرب والكل يعلم ماخلفته على شعوبها اولا وللبشرية ثانيا من الدمار الاقتصادي والثقافي والتخلف الاجتماعي ومقتل عشرات الملايين من مختلف الجنسيات .
وهاهي المانيا اليوم –دولة عظمى +يابان+ايطاليا( دول المحور) اعداء الحلفاء سابقا . امريكا –بريطانيا- فرنسا- (اصدقاء اليوم) ضد روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي – والكل يحاول تقليم اظافرها كي لاتعيد المجد والجبروت السياسي والاقتصادي والعسكري للدولة السوفياتية الفتية سابقا.
واذا اردنا ان نسلط الاضواء على مايحدث في منطقة الشرق الاوسط +شرق اوكرانيا بصورة خاصة وافريقيا بصورة عامة . فلا بد ان نستنتج بأنه لايوجد شبر من البقعة الجغرافية فيها تسمى وطنا ذو سيادة ومعترف به دوليا وعضو في هيئة الامم المتحدة وليس هناك صراع محتدم بين جميع مكوناته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية ,ظاهره –ديني –مذهبي ,قومي-قبلي-عنصري-اتني.(حصرا بدول الشرق الاوسط العربي وغير العربي). بدءأ بالكتل ذات النفوذ الديني الكبير – الاسلام- وانقسامه التاريخي الى مذهبين متصارعين –(سنة وشيعة)كل يحاول التحالف مع غيره وذات نفوذ مؤثر على ارض الواقع ,كالعراق وسوريا وتركيا وايران والاردن واليمن ودول الخليج العربي وغيرها.
فكان التيار الديني العروبي ولاكثر من اربعة عقود يمثل مصدر القوى والنفوذ المتحكم في البنية التحتية للمجتمع والنخبة السياسية القائدة.واصبح اليوم وبعد سقوط النظام في العراق في 9\4\2003 تيارا قوميا ضعيفا ومهمشا, لا بل مقصيا كليا(حصرا في العراق). واحتل بديله ودخل حلبة الصراع على كراسي الحكم, المذهب الشيعي ذو النفوذ الاوسع في العراق بصورة خاصة , فلابد ان يتحالف هذا التيار مع نقيضه سياسيا واداريا –التيار القومي الكردي صاحب النفوذ الاقوى الثاني على ارض الواقع وتقتضي مصلحة الطرفين حاليا ولفترة زمنية معينة, التحالف لاقصاء الطرف الثاني (المسلم) التيار السني القبلي والعروبي من الميدان السياسي المؤثر , وسبب ذلك هو ظهور متغيرات مهمة في النفوذ السياسي , خلفتها ستراتيجية الدول الغربية وفي مقدمتها امريكا.
بدءا بتأجيج مامترسب ومحتقن تاريخيا بين المذهبين الاسلاميين (على اثر ظهور جمهورية ايران الاسلامية ) كقطب مؤثر ثم توظيف ذلك بتحريك الاقطاب الاقليمية ذات المصلحة المباشرة في المنطقة . وبغية خلق نوع من النزاعات وصراعات تمتد الى عقود وعقود من السنين . ولابد من تحريك القطب الثاني المتمثل بالمذهب السني الاوسع نفوذا في دول المنطقة متمثلة ب(تركيا-السعودية –وبعض دول الخليج ).
فلا مصداقية بين اصحاب النفوذ الديني –المذهبي –والقومي- والاتني.
الا بصورة مؤقتة وحسب ميزان القوى والخلل الذي يطرأ عليه.
فكل شيئ في التغيير بدءا بالنمو والتحول والارتقاء ضمن اقوام وقبائل اجتماعية تتمثل فيها اقلية في النفوذ والسلطة واكثرية في النفوذ والسلطة معا.
وخلاصة القول:
1-   لايمكن بقاء النفوذ لأية عقيدة دينية في أية بقعة جغرافية كانت وهناك عدة منابر لزعامات مذهبية متصارعة على ارض الواقع وعلى كراسي الحكم التي لاشرعية لها غير السلطة الموروثة ,والشرعية الحاصلة في العراق خاصة من جراء عملية الانتخابات الصورية وللمرة الثالثة في 30\4\2014 وتحت خيمة الديمقراطية اللبرالية المهلهلة ودستور الدولة المشوه . والقوى الديمقراطية عامة مقصية لضعفها ولاسباب كثيرة .
2-    لايمكن بقاء النفوذ الديني  بغطاء قومي او مذهبي في اية دولة ضمن اقليم الشرق الاوسط عامة والعربي خاصة . وفي تركيبها الاجتماعي قبائل ومذاهب تتضارب وتتقاطع مصالحها لتنوع زعاماتها ومناهجها الفكرية والاجتماعية كما هو قائم فعلا في غالبية محافظات العراق –سنة –وشيعة.
3-    اما الاقليات الدينية والقومية والاثنية الاخرى في العراق وسوريا والاردن. فأنها منسية ومهمشة ولم تدخل في حسابات استراتيجية اقطاب الدول الغربية والاقيلمية لحمايتهم من الاندثار والضياع كما حدث للشعب الكردي في العرالق عام 1991 وبقرار من مجلس الامن .......... والذي حذر بموجبه تحرك القوات العراقية لحكومة النظام السابق البرية والجوية شمال خط عرض 036 وعلى اثره تمكن الشعب الكردي المباشرة ببناء اقليمه والتمتع نسبيا بقدر من الاستقرار والامن الداخلي .
4-   وبدأ يفكر في تقرير المصير بسبب الاختلال الحاصل في ميزان القوى في العراق لصالح التيار الديني المذهبي الشيعي واستئثاره في الحكم وابعاد غيره عن مواقع السلطة المؤثرة في الحياة اليومية . واستفحال الفوضى وفقدان الامن في جميع المحافظات بل وقد اجتاحت الشمالية والغربية والشرقية منها قوى مسلحة متعددة الجنسيات والتسميات الدينية ومدعومة من بعض الدول المجاورة ودخل العراق في حالة حرب شاملة , قد تكون اشرس من الحرب في سوريا واطولها اعواما .
 مما اظطرت القيادة السياسية لاقليم كردستان التفكير في عملية تقرير المصير وقيام دولة كردية مستقلة عن بغداد.
ولابد ان تنظر القيادة السياسية المذكورة الى الموضوع بانه لايمكن انجازه عمليا , واعداءه التقليديين متربصون له في كل من تركيا وايران والتيار القومي العربي في العراق وسوريا ان تمكن من النهوض واستلام السلطة عاجلا ام اجلا ويعيد التاريخ نفسه. لان الحقد القومي لدى غالبية الاقوام يبقى دفينا اجيال واجيال .
4-ان ملامح تفكك العراق واضحة, فهل مصيره دولة فدرالية من مجموعة اقاليم هزيلة ومتصارعة ام دولة( كونفدرالية ) تضم عدة دويلات صغيرة غير متجانسة اجتماعيا وسياسيا وفكريا.
ام يتجزأ العراق الى عدة(كانتونات)شبه مستقله تدور في فلك اقطاب المنطقة وغيرها.
5-   واخيرا لابد ان نشير الى الاصوات التي بدأت تصرخ من بعيد عبر دول المهجر بأسماء الجاليات للاقليات العراقية القومية والدينية والاثنية , من المسيحيين- كلدواشوريين وسريان- واليزيدية والصابئة وغيرهم وهي مسلوبة الارادة الصادقة ولاتأثير لها لان الحرب الاهلية قد مزقت نسيج مجتمعها التاريخي وانها فقط اصوات للاستهلاك الاعلامي لاغير.
6-   فأن القوى الوطنية العراقية وبكل مكوناتها الاجتماعية والسياسية والدينية والنخبة المثقفة من العرب والاكراد, ان يتحملوا جميعا المسؤولية التاريخية القانونية والاخلاقية . وان لايغفلوا او ينسوا ماحل وماسيحل بهذه الاقليات لاوطن لهم ولاراعي يرعاهم . وان التاريخ لايرحم ولايستثني احدا من هذه المهمة مهما طال ,  وجروح الكل لازالت تنزف الدم من ظلم الحكومات الرجعية والدكتاتورية السابقة .
وليس بامكان الاقلام المتواضعة هنا الا المساهمة بالتذكير ... والتأكيد على ذلك وبدون كلل.
                                                          
                                                        يوســـف زرا 
                                                        8 / 7 / 2014 
                                                         القــــــــــوش





12
شرعية عضوالبرلمان ........ مصداقيته !!
   ان اهم العناصر التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد,  هي البيئة الاجتماعية والدينية والمناخية واخيرا الجغرافية . اضافة مدى تمكن الفرد التمتع بالاستقلالية الشخصية نسبيا سلوكيا , مقارنة لماهو سائد في الوسط المعاشي فيه . والتي نادرا ماقد ينفرد من الطفولة شخص بهذه الصفة وتنمو معه حتى مرحلة الوعي النسبي ايضا التي تهيئه لولوج معترك الحياة وتحديد مسارها وحسب مايمكن تحقيقه وكسبه من القيم والاعراف ذات المفاهيم الفكرية والاجتماعية , تؤهله لبناء شخصيته المستقله ويحدد بموجبها علاقاته مع جيمع مكونات المجتمع وترافقها بتوازي معها احيانا وبتقاطع اخرى . وهذه المواقف قد تكون ضرورية ,لابل احدى مقومات شخصيته ونموها وفق افق واسع يسهل عليه استيعاب محنها وعبورها , ثم تخزين الايجابي منها كمكاسب انية ,لما يصادفه في مسيرته من العوارض والاقدار غير محسوبة الوقوع . وهو قادر على تجاوزها بأقل خسارة , ان لم تكن بدون اية صعوبة وعناء وتكون كنموذج لعلاقة الفرد بالوطن وخدمته له . 
   ان غالبية شعوب العالم المتقدم والتي اثبتت وجودها من خلال كفائتها بدرجة كبيرة عن غيرها , ومنها غالبية الدول الاوربية وثم بعض شعوب امريكا وشرق اسيا وغيرها . ولم يتم تحقيق هذه الصفة الايجابية كهبة ومعرفة شاملة للحياة من احد . بل تمكنها من شق طريقها بصعوبة بالغة واسبابها الرئيسية الادبية والاخلاقية , وثم مصداقيتها , ترافقها ثقتها بنفسها في علاقاتها العامة والخاصة ضمن محيطها ,ومع غيرها عبر المفردات اليومية الضرورية سواء كانت ذات مسؤولية قانونية او شعورا اجتماعيا تجاه غيرها .
   تأبى نفسها الانحراف عن خط النزاهة والحرص الشديد على السمعة الشخصية للفرد ضمن المجتمع وكمسؤولية باعتبارها خدمة يقدمها لمجتمعه وفق ضوابط انسانية قبل القانونية ,ومطلوبة منه تجاه غيره . وبهذه الحالة يكون الشخص المعني في حلٍ من اية مسؤولية ادبية واخلاقية ثم القانونية لما يقوم به ضمن الوسط الذي يعمل به . ولابد ان يكون في موضع تقدير واحترام المسؤولية عنه ويتمتع بشخصية موزونة في علاقاته مع الجميع بدون استثناء من المسؤولين وعامة الناس.
   ان ماذهبنا اليه في الاسطر اعلاه,ليس الا صورة حية لشخصية الفرد والعوامل التي تؤدي في بناءها ,وكيف يمكن لها من تواصل المسيرة في حالة انتقال من وسط وظيفي واجتماعي دون اختياره الشخصي ولاقرار له به . وتفرض هذه الحالة عليه ان يرتفع الى مستوى من الكفاءة في تحمل واداء المسؤولية ومدى مصداقيته في حالة قيامه بتولي مهام ذات صفات قانونية ودستورية وذات مسؤولية اوسع من السابق وضمن مؤسسة كبيرة من مؤسسات الدولة كعضو في المجلس الوطني او كوزير في الحكومة القادمة وكقاضي ضمن السلطة القضائية. وهذا لم يكن بغير حساب بل جاء بسبب اختياره ومشاركته في عملية ترشيحه ضمن القوائم السياسية المتنافسة او بشكل مستقل . وكيف يجب ان يعمل في حالة تم انتخابه ويبقى موضع الثقة والكلمة الصادقة والتي بموجبها تعهد لمن انتخبوه ومنحوه اصواتهم بدون مقابل واصبحوا امانة في عنقه وعليه العمل بكل نزاهة وشفافية ضمن امثاله في هذا المجلس ليقدموا الخدمات المطلوبة له والمستحقة وفق القوانين المرعية . وما الحالة التي يشكو منها الشعب العراقي خلال العشر السنوات من الفوضى العارمة وفقدان الامن والصراع على كراسي الحكم والتطاحن بين الكتل السياسية التي تبنت قيام حكومة المحاصصة الطائفية والمذهبية وقد تتحول الى عشائرية او عنصرية وقومية وغيرها . واصبح التناحر على المناصب الوزارية والدرجات الخاصة وغيرها لا لتقديم الخدمات المطلوبة للشعب بابسط مستحقاتها بل للمنافع الشخصية وان ما يشهده الوطن من الاختيالات الفردية والجماعية وضحايا الانفجارات والعبوات الناسفة يوميا غير الحالة المستعصية على الحكومة في المحافظات التي دخل عليها الارهاب المكشوف في كل الانبار وصلاح الدين وديالى ونينوى وبابل وغيرها .عدا مايحدث يوميا من الاعمال الاجرامية في بغداد العاصمة كل هذا يحدث بسبب فقدان شرعية اجهزة الدولة من المؤسسات الرئيسية التشريعية والتنفيذية وانهيار ثقة الشعب بها لعدم مصداقيتها ولا امل في وضع حد لها قريبا. وان موعد انتخابات اعضاء المجلس الوطني الثالث قريبا ولم يبقى سوى ايام معدودة والاضطراب الامني لا بل الحرب الاهلية المكشوفة في تلك المحافظات تتصاعد وتيرتها يوميا وبشكل شرس .فهل سيتمكن الشعب العراقي وقواه السياسية الوطنية والديمقراطية من خوض المعركة وانتخاب العناصر النزيهة وذات السمعة الوطنية كأعضاء للبرلمان القادم وثم تنبثق منه حكومة قادرة على اعادة هيبة القانون والدولة ووضع حد للحالة الامنية المنفلتة واقامة حكومة وطنية بعيدة عن المحاصصات المذكورة انطلاقا من المبدا القائل :" الرجل المانسب في المكان المناسب". بغض النظر عن انتماءه الديني والقومي والمذهبي والسياسي وغيرها ليتمكن هذا الشعب اعادة ثقته بقيادة جديدة وتبنيها سياسة رشيدة ومعالجة ماهو معلق من القوانين  التي لم يتم اقرارها في الدورة المنتهية مدتها ورأب الصدأ الحاصل بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان لما له من التأثير المباشر على العلاقات غير الطبيعية بين جميع مكونات وكيانات المجتمع العراقي التاريخية من العرب والاكراد وباقي الاقليات الاجتماعية وبدون استثناء .
   ان التاريخ لايمكن ان يمهل ولايهمل ولابد ان يقول كلمته بلسان الشعب العراقي صاحب الحق الشرعي والقانوني في العيش الكريم وضمن نظام ديمقراطي فدرالي مزدهر لتتمتع جميع فصائله بالحقوق والواجبات التي اقرها الدستور العراقي ولايمكن لهذا الشعب ان ينسى فترة الحكم المظلمة للنظام الدكتاتوري الشوفيني السابق ولافترة حكم المحتل الامريكي من بعد 9\4\2003 واستغلاله الاحتقان التاريخي الديني والمذهبي والقومي وتأثير تأجيجها من قبله لتعم الفوضى بين كيانات هذا الشعب بصورة ابشع من السابق وفق ستراتيجية عدوانية مدروسة في اقبية البنتاكون والى امد غير معلوم .
يوسف زرا 
15\4\2014

13
الانهيار الثالث ... و دولة الاقاليم




على اثر سقوط بغداد_عاصمة العراق الاولى _ في 9/4/2003 , و احتلال الوطن من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الامريكية . و ما ترتب على اثرها بعد عدة ساعات , الانهيار الكامل في جميع صنوف القوات المسلحة العراقية _ الجوية و البرية _ ( الجيش التاريخي ) الذي كان موضع حساب لدى اقوى الانظمة العسكرية الاقليمية و الغربية . و تمكنا انذاك من تشخيص اسباب ذلك التقهفر الكلي في المنظومة العسكرية , و ما لحق به لدولة العراقية الفتية من الانهيار التدريجي و حسب الخطة المقررة مسبقا من قبل قوات التحالف المذكورة (كاستراتيجية تشمل كل دول الشرق الاوسطية عامة و العربية خاصة )
فكنا قد كتبنا مقالا بتاريخ 30/6/2003 . بعنوان ( ا سقوط النظام بالعراق 000ام سقوط دولة العراق ) و نشر في جريدة – طريق كروردستان – لسان حال الحزي الشيوعي الكوردستاني – العدد – 234/2003
و بعد انتهاء مرحلة حكم –بول برايمر – قامت عدة حكومات غير متجانسة في هويتها السياسية و الوطنية , لابل غير مؤهلة ادارياً . و بكفاءات مهنية ضعيفة , و ذات افاق سياسية قصيرة . الغاية منها ملء الفراغ الحاصل في هيكلية الدولة و على شكل ( ملاك و قتي ) كحكومة تصريف الاعمال- او واجهة لجمهورية العراق الثالثة , و تحت امرت المحتل و توجيهاته المباشرة و غير المباشرة لعدة دول مجاورة , و لا زالت تلعب الدور الرئيسي في كثير من الاحداث الداخلية للدولة العراقية و استقرار الامن فيها . و عبر افراد و جماعات سياسية مرشحة مسبقا . و بدأت تطفو مباشرة على سطح الاحداث ظاهرة الصراع الدفين بين المكونات الاحتياجية التاريخية ذات النفوذ الواسع عبر البني التحتية – البسيطة للشعب العراقي . و منها بالدرجة الاولى – المذهبية – ممثلة في المكون العربي الاكبر طياته , الاحتقان التاريخي-بين السنة و الشيعة- و استقطاب بعد قيام جمهورية ايران الاسلامية عام 1979 بقيادة الطائفة الشيعية ذات الغالبية في ايران . و ثم التناحر القومي , التاريخي في شمال العراق ( كوردستان الحالية ) بين الفصائل الكوردية المسلحة . ذات التوجه السياسي القومي و بين الحكومة المركزية في بغداد . و ما ال ذلك حتى عام 1990 و بعد احتلال الكويت من قبل القوات العراقية . و ثم خروجها على يد قوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ايضا. . و حصل شبه انهيار في الجيش العراقي و للمرة الاولى في تاريخه . و ثم فرض حذر جوي و بري على القوات العراقية خلف خط عرض 36 . و ثم تمكنت القيادة السياسية للفصائل الكوردية في الشروع باقامة ادارة ذاتية لها , و بناء المؤسسات المهمة للدولة المستقبلية الاقتصادية و الامنية و الثقافية و غيرها .
الا ان الطائفة الشيعية لم تركن على الحالة الجديدة بعد تسلم الدكتور اياد علاوي زمام اول وزارة مطعمة بعناصر تمثل عدديا المكونات الثلاثة الرئيسية المذكورة – الشيعية – السنية – الكوردية . باعتبارها ( الطائفة الشيعية ) تمثل قراية ثلثي المجتمع العراقي , فيجب ان تكون القيادة للجهاز التنفيذي بأمرتها , و ان للمخابرات الغربية قاطبة الخبرة الكبيرة , بما هو دفين تاريخيا من الاختلاف المذهبي بين السنة و الشيعة منذ عهد الحكم العثماني لمئات السنين , و ثم الدولة العراقية الحديثة بعد عام 1921 . و الى جانب الصراع القومي بين المكونين العراقيين-العربي-والكوردي , و ما تمخض من الحروب و النزاعات المسلحة الداخلية . و التضحيات الجسام التي تكبدها الشعب العراقي بجميع مكوناته الاجتماعية و السياسية و القومية و يدون تمييز و استثناء فكانت الفرصة الذهبية للمخابرات الغربية بتأجيح هذا الاحتقان التاريخي و بدء الصراع على كراسي السلطة , و كل من يحاول السيطرة عليها و استلام زحام الحكم . و فعلا نجح الائتلاف الوطني الشيعي و احد اطرافها ( دولة القانون ) لدورتي البرلمان و بقيادة نوري المالكي باختكار السلطة الى جانب محاولته الاخيرة فرض نوع من الوصاية الشخصية لمرحلة ثالثة و باستحقاق قانوني و ما ال من حكمه خلال الدورتين السابقتين من تأجيج الصراع على كراسي الحكم . عبر الفرة القصيرة للدكتور ابراهيم الجعفري لتوليه رئاسة الوزراء من بعد د. اياد علاوي و تنحيته و تولي نوري المالكي الحكم من بعده . و كان الحاصل لفترة حكمه حتى هذا اليوم الانفلات الامني و الفساد الاداري في جميع اجهزة الحكم و استفحال البطالة و ضعف الخدمات الاساسية كالكهرباء و الماء و غيرها . و شعور الطائفة السنية بانها مهمشة لابل متقصبة عمدا و ليس لها اي موقع في السلطة التنفيذية و غيرها . و تضيق الخناق على مكونها الثاني في المحافظات الشمالية عدى اقليم كوردستان و هي نينوى – الانبار – ديالى – صلاح الدين و  غيرها و الاعتقالات العشوائية لكل تحرك او تظاهر في المحافظات المذكورة . و ان عجز البرلمان العراقي و في دورته الاخيرة من استجواب اية شخصية من اتباع الطائفة المذكورة من الوزراء و الدرجات الخاصة او من قادة الامن . و عدم قدرته على مسألة شخصية رئيس الوزراء عن اسباب استفحال فقدان المن و الاغتيالات المنظمة و عن الفساد المالي , و في اية دائرة او مؤسسة حكومية كانت .
هنا فعلا , ادى الى فقدان الثقة بين جميع هذه المكونات المؤتلفة شكليا في الحكومة الحالية و السابقة .
و اخيرا اصرار شخصية رئيس الوزراء على تولي الحكم للدورة الثالثة و ذلك بعد حصول على عدد من المقاعد في البرلمان الجديد الذي جرى انتخابه في 30/4/2014 , و تمكنه من اقناع الكثير من انصار الكتل الاخرى للانضمام الى قائمته و تشكيل الحكومة المقبلة , الى جانب استفحال الوضع الامني في محافظة الانبار و ظهور فصائل مسلحة و اقتحامها الكثير من المواقع المهمة في مدينة الرمادي و فلوجة و العامرية و الكرمة و غيرها و عدم تمكن القائد العام من تحقيق اي نصر عسكري عليها رغم استخدامه كافة الاسلحة من المدافع الميدانية و الصواريخ و الطائرات العمودية و غيرها . مما ادى الى هجرة مئات الالاف من العوائل من تلك المدن و حصول الدمار الشامل في مساكنها و مشاريعها الصناعية و الزراعية و غيرها و عدم تجاوبه مع الفئات السياسية و تلبية مطاليبها بغية حل الازمة سلميا و دون استخدام القوات المسلحة و اراقة  دماء الابرياء من النساء و الشيوخ و الاطفال .
و اذا بمدينة الموصل كبرى مدن العراق بعد العاصمة بغداد , بين ليلة و ضحاها تسقط فجأة بيد ( داعش) صباح يوم الثلاثاء المصادف 10/6/2014 , دون اية مقاومة من القطعات العسكرية_ الجيش و الشرطة . المتواجدة فيها و تسليمها كهدية لفصيل داعش المسلح  مما ادى الى توسع دائرة التعاطف للقاعدة العرقية للطائفة السنية في المحافظات المذكورة , و دون اعلان مسبق منها . قدمت ولائها للفصيل المذكور و كأنها فرصة ضرورية و تاريخية لتحقيق ما نصبو اليه الطائفة المذكورة لاقامة اقليم خاص بها اسوة باقليم كوردستان العراق . و هناك دعوات قديمة لاقامة اقليم البصرة و اقليم الفرات الاوسط و غيرها .
و ها هو القائد العام يستنجد بالمحفل الدولي و الى دول عربية للتدخل لصد الارهاب اذ اصبح عاجزا تحقيق اي نصر عسكري للمساحة الجغرافية الواسعة التي شملتها و احتلتها الحركة المسلحة المسماة باسم ( داعش ) . و لا بد من التفكير الجدي من قبل القيادة المركزية . و جميع الاطراف السياسية و الكيانات الاجتماعية المعنية و غير المعنية , بالمبادرة لحل الازمة سلميا . و لا يمكن لاي قوة عسكرية التدخل مالم تكن النتائج سيل من الدماء للابرياء و دمار شامل لكثير من المدن و القرى الكبيرة و الصغيرة . و ليس هناك رابح غير العدو التاريخي و الحالي للشعب العراقي الطموح للحرية و الديمقراطية و الاستقرار الامني و الازدهار الاقتصادي
فأيه جريمة ارتكبها هذا الشعب و بحق من ؟ لتنهار قواته المسلحة . و تتشتت مكوناته الاجتماعية التاريخية لعدة مرات و هي في عام 1990 في ازمة كويت و في 9/4/2003 و سقوط النظام السابق و في صبيحية 10/6/2014 و دون سابقة انذار .
اشهد يا تاريخ اشهد !!!
                                                                                           








                                                                                         












   يوسف زرا
             
11/6/2014

14

بحث فكري

العلاقة الفكرية التاريخية بين لغة العقل ولغة المنطق

     صنف علماء الاجتماع الانسان وفق المراحل الزمنية التي مر بها ، فكان ذلك حسب تطور مصدر ( فكرة الدماغ ) بايولوجيا ، وكل مرحلة وفق مقاييس صوتية كانت تستعمل كاشارات عن مايتحسس من الملموسات المادية والتاثيرات البيئية والمناخية ، واولى هذه المراحل هي التي سمي بها (الحيوان الناطق)، وهنا لابد ان نقف ونقول، بان كل النبرات الصوتية المستعملة كانت كماقطع ذات تعبير لحاجته من المفردات اليومية الضرورية ، سواء كانت اجتماعية بسيطة كعلاقته مع افراد اسرته البدائية المتكونة عبر مرحلة الصيد، او مقاطع اخرى تدل على مايحدث في مجرى حياته العامة كالاحزان والمخاطر التي يتعرض عليها ضمن الرقعة الجغرافية التي يعيش فيها. وامتدت به هذه المرحلة الى ان وصل يستعمل الى جانب المقاطع الصوتية ، الكثير من الاشارات الدالة بواسطة استعماله الاطراف الامامية والراس والتي تعتبر ايضا مشاركة منها لما يحتاجوه او مايتحسسه من المؤثرات الطبيعية ، وتمكن بعد هذه الفترة من الانتقال الى استعمال بعض الرموز وصور لتلك الاشارات الدالة ويبصمها إما على قطع طينية أو يحفرها على جدران الكهوف والمغاور التي كان يأوى اليها. وبواسطة قطع من حجر الصيوان الصلب والحاد او بواسطة عظام كبيرة وصلدة .
     وبسبب التطور البايولوجي الذي حدث على العمليات الجارية في الدماغ ، حدث تطور ايضاً في عملية التفكير وكيفية الانتقال من التعبير عن الصور والعلامات الرمزية الدالة ، الى مرحلة الانتقال الى النطق وبلغة معينة ولكل شئ تسمية خاصة به _أي دالة_. ومنها انتقل الى مرحلة اختراع الكتابة ، وهي الفترة المهمة والتي ادت بالانسان الى تدوين وتوثيق ماتوصل اليه في الحياة اليومية ومفرداتها المتعددة ، ولربما استغرق ذلك قرونا ً عديدة من السنين. وتعتبر فترة ظهور الكتابة مابين عام 3200 – 3000 ق.م وفي جنوب وادي الرافدين حصراً.اي ظهور اللغة ببدء فترة ظهور الثقافات ، فأعتبر ذلك بداية لتاريخ الانسانية بشكل جلي لمفردات حياته اليومية ولجميع خصائصه الاثنية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها.
   ولم يتم اكتشاف أي نوع من الكتابة في موقع جغرافي اخر قبل التاريخ المذكور حتى الان.
   وبعد انتقاله الى هذه المرحلة سُمي بـ(الحيوان السياسي). أي اصبح ينسق أعماله وحياته ومسكنه، واصبح تعامله مع بني جنسه ضمن الموقع المتعايش به ومع البعيد منه باسلوب مرضي ومقبول نسببياً ونتج عن ذلك علاقة الألفة والانسجام مع البعض بواسطة تطور لغته وسهولة التفاهم مع الغير . مما أدى الى تقليص النزاعات الفردية والجماعية الى حدٍ ما. ولابد ان يكون هذا الانتقال بعد ظهور القرية الزراعية، وبدء التبادل الاقتصادي بالمواد المنتجة وحسب الحاجة (المقايضة).
    علماً بان موضوع ظهور الكتابة في الحياة البشرية لازال يعتبر طفرة حياتية كبيرة وبدء بناء مستوطنات اجتماعية هنا وهناك كنواة لنشوء حضارات متعددة وبخصائص فكرية واجتماعية واقتصادية معينة ضمن البيئات الجغرافية والمناخية المتواجدة في تلك المستوطنات.
    وبعد هذه المرحلة،بدء الانسان يفكر ويحاول ايجاد مايمكن من الوسائل التي بموجبها يحمي نفسه ويأتمن على حياته ومعه اسرته ومجتمعه. وكانت مرحلة الاستقرار النسبي والبحث لما حوله من الظواهر الطبيعيه واهميتها وتأثيراتها على حياته السلبية والايجابية والآنية والمستقبلية، كالشمس ولماذا ظهورها نهاراً واختفائها كليا ليلاً، او القمر وظهوره ليلاً واختفائه كلياً نهاراً. وكذلك انتقل الى مرحلة عبادة الاسلاف، او الظواهر الطبيعية الاخرى، كالزلازل او الزوابع والاعاصير والفيضانات والبراكين، وماتلحق بحياته من الكوارث والمحن، وكيف يتعامل معها. وبدأ يحاول ان يطمأن ذاته بالخضوع لها أي (الرجاء والتوسل) كحالة لضعفه أو بتقديم بعض القرابين وإداء بعض الحركات الايقاعية ترضية لها، وكأنها في تفكيره آلهة كي تجعل حياته بلا كوارث أو صعوبات، ويعيش اكثر اطمئناناً. وبعد ظهور العبادة، بدأ بنشوء نوع من العلاقات وطقوس دينية مشتركة، وتشييد صروح واماكن خاصة لتقديم تلك القرابين واقامة المراسيم في مواعيد معينة. اي بمعنى ظهور الثقافة الدينية لعبادة الطبيعية.
     وبعد مرور قرون عديدة على حياة الانسان نضجت فترة وظهرت فيها لغة العقل واهميتها الفكرية التاريخية لتنظيم الحياة بصورة افضل، وبداية للتاريخ كما جاء اعلاه. ويمكن اعتبار ماتوصل اليه الانسان بعد ظهور الكتابة وتعدد اللغات، ثم ظهور عبادة الطبيعة كأول تطور في لغة العقل البشري التي توصل اليها بسبب قناعته باعتماده على التامل والانفراد في التفكير الذاتي أي (ظهور التصوف العقائدي البدائي)، بغية تفهمه لهذه الظواهر واسبابها وكيف يتعامل معها. لابل بدأ يناجيها ويحاول محاورتها (مع نفسه) لتقيه وتحميه من شرها. وكانت طفرة كبيرة  في تفكيره الفلسفي المثالي وكمهمة مرحلية تاريخية كانت كأحد الاسباب الرئيسية المؤدية الى نشوء حضارات عظيمة واستماتت حتى هذا اليوم في الدفاع عن قيمها الفكرية ومانتج منها ضمن العلاقات  الاجتماعية، ونظم الانسان حياته العائلية والادارية بموجبها، بعد ان صاغ بعض الاعراف والقيم والعادات بشكل انظمة، لابل قوانين لابُد من الالتزام بها واحترامها واعتبارها المنسق الضروري لحياته العامة والخاصة. وذات قدسية كبيرة وانتقل اثرها من جيل الى آخر وبشكل متوارث جماعي ضمن قبائل وشعوب الى يومنا هذا، حتى ظهرت الدولة الحديثة بعد سقوط عدة حضارات حكمتها سلالات متعددة الاجناس، ومنها الحضارة الرومانية في اواسط القرن السادس عشر (1550م) وظهور الدول الاوروبية الحالية وبتسميات جغرافية أو بانساب بشرية وبأنظمة ملكية أو امارات، ثم سقوط الحضارة الاسلامية العثمانية في العقد الثاني من القرن الماضي (القرن العشرين) ، وظهور الدول العديدة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا وبتسميات قبلية (مشايخ وامارات أوممالك) وكلها امتداد لحكم الطبقة الاقطاعية ولحد هذا اليوم لازال هذا النفوذ قائما في بعضها ومرتدياً ثوب الدين ومنها مذهب معين وغيرها. وغالبيتها الشرق اوسطية العربية والاسيوية تحكمها لغة العقل. أما الدول الاوروبية فأن ظهور عصر النهضة في القسم الغربي منها اواسط القرن الثامن عشر والطفرة العلمية والتقدم التكنلوجي في جميع المرافق الخدمية قلبت الامور وظهرت لغة المنطق وفلسفتها المادية التي توازي الفلسفة المثالية (لغة العقل) وتتقاطع معها في كثير من التحليلات الفكرية ولها اسبابها ومبرراتها لدى الفلسفتين وضرورة بقاء هاتين الفلسفتين كمحفزتان للعقل البشري للتغيير والتجدد الى أنماط من الحياة في المستقبل ولاتوقف لذلك مازال الفكر الانساني دائم ومتواصل في أنتاج الافضل فكرياً واقتصادياً واجتماعياً وغيرها.
    واذا اردنا أن نجزء التاريخ والمراحل التي يمكن اعتبارها مع تداخلها مع بعضها نسبياً بأنها كانت بداية لحضور الوعي والادراك النسبي في كل مرحلة وحسب مقتضى الحالة الحياتية، عدا العمليات الفسلجية  للظاهرة الفطرية والمنفصلة كليا عن الطفرات البسيطة في التفكير الانساني، والذي كان ناتج عن قدرة المخ على التكييف في محيطه والمستجدات التي تفرض على الانسان التعامل معها، لان تواصل الفكرة تؤدي الى تغييرات فسلجية في معظم اجهزه الجسم وعلى سبيل المثال:-
    إن تفرغ الاطراف الامامية للانسان للقيام بعدة عمليات، ومنها الحصول على طعامه من تسلق أعلى الجبال، أو قتاله مع الحيوانات بواسطتها وحتى تمكنه من استخدام القطع الحجرية كسلاح ضد العدو وغيرها. مما أدى الى تحررها كلياً من وظيفة المشي وأنتصاب القامة تدريجياً. وهكذا تطورت أساليب الإيمآت والاشارات من حركية الى صوتية، وثم الى مقاطع خاصة لمدلولات مادية ومعنوية كما جاء في البحث سابقاً.
      واذا تناولنا مراحل ظهور الحضارات في كثير من بقاع الكرة الارضية واسبابها البيئية والمناخية فلا بد من ان نتكلم بشكل مقتضب عن مفهوم الحضارة واسباب قيامها.
فان المقصود بالحضارة كما نعتقد، بانها تعتبر ناتج تجمع بشري في عمق التاريخ ضمن بقعة جغرافية معينة ووفق نظام اجتماعي وسياسي واقتصادي وعقائدي ولغة التداول فيها وبسبب تحول مقومات حياة الانسان- اعراف- قيم- عادات- الى مستوى من التقديس والعبادة واعتبارها إرثاً ينظم حياته بموجبها، مع روابط حيَّة دائمة التجدد وحسب الحاجة الآنية لكل مجتمع. ومن هذا المنطلق وعبر التاريخ تنوعت العقائد الدينية الناتجة من لغة العقل تميز بعضها عن البعض عقلياً وأجتماعيا ًوفكرياً، كما توصل اليها المؤرخ والعالم الاجتماعي الاغريقي–اليوناني(هيرودوتس) 485-425 ق.م. والذي يعتبر من أشهر علماء وفلاسفة العهد الاغريقي والذي تزامن عصره مع فلاسفة –أثينا- ومنهم سقراط وارسطو وزينون وغيرهم، والذين اهتموا في ذلك العصر بفلسفة المنطق. واهم هذه الحضارات وحسب مواقعها الجغرافية وقدمها التاريخي هي:-
1-   الحضارة الايرانية -3900- ق.م. وتعتبر امتدادا لحضارات الشرق الاوسط وتحديدا شرق وادي الرافدين، والتي ظهرت فيها عدة مستعمرات زراعية مزدهرة في الالف الثالث قبل الميلاد، اصابها الخمول وتعرضت الى تمزق، واقتصر الامر لتطور حضاري في بعض اجزائها الشمالية والوسطى، أما بخصوص الملاحم الادبية ذات طابع فلسفي للغة المنطق والتي ولدت الصراع بين الشك واليقين، أي بين فلسفة العقل (التامل) وبين فلسفة لغة المنطق، فأن قصيدة زرادشت (660 ق.م.) النبي الايراني، والتي جاءت بعنوان (عقائد الإله الواحد) ولم يقل عقيدة الإله الواحد، ومحتوى القصيدة عبارة عن طرح عدة اسئلة مستفسراً عن الشمس والنجوم والقمر والارض والسماء والمياه وغيرها. ولان-لغة العقل- غير قادرة أن تجيب عن هذه الاسئلة، فضلت تشك بحقيقتها، ولابد أن يعترف الانسان بأنه غير قادر على اكتشاف اسرار المعرفة عبر فلسفة العقل. الى جانب أن ولادة زرادشت في عام 660 ق.م. والتي تقول:-
    عندما كان الراعي –يوروزهاريو- يرعى ماشيته في حقل ما، فظهر له شبحان نوريان واقتربا منه وقدما له غصناً من نبات –الهوما- المقدس وأمراه ان يحملاه الى زوجته، وستحمل طفلاً بكيان روحاني. فمزج الرجل الغصن باللبن وحسب التوصية وشربه هو وزوجته وحملت وليداً وهو (زرافوشترا) أي زرادشت. وهناك عنصر مشترك بين ولادة زرادشت وولادة بوذا في الهند عام 568 ق.م. بان الملكة امه حلمت بأن فيلاً يحمل في خرطومه غصناً من نبات (البشنين) ودار الفيل ثلاث مرات حول فراشها، وثم مسَ جانبها الايمن ودخل رحمها وحملت ببوذا.
      وهنا نرى بأنه لم تكتف لغة العقل لدى الايرنيين بقبول هذه الاسطورة وظلت تعبد الطبيعة ايضاً كما في الديانة السومرية والبابلية والهندية وغيرها كعبادة ثانية احتياطية لعدم توفر اليقين بذلك.
2-   حضارة وادي الرافدين (3200)ق.م. والتي شملت الامتداد الجغرافي لكل من العراق وسوريا الحاليتين وجزء من تركيا حتى ارمينيا.
       فلابد ان نتكلم عن ميزة هذه الحضارة بصورة خاصة، بانها الموطن الاول للملاحم الادبية والقصص الاسطورية التي خلفتها للبشرية، والتي كان لها الفضل الكبير في مفاهيم فكرية وفلسفية سابقة لزمانها، وإن سرعة تطور حياة الانسان فيها وعامل الاستقرار بالوسط الجغرافي ساعد على أهمية التأمل في كيفية تنظيم الحياة لعشرات القرون. ثم سعى لتعميم ذلك داخل البيئة المتعايش بها وخارجها. واهم هذه المنجزات الفكرية والفلسفية التي ظهرت، هي كمنجزات للغة العقل ،وهي قصة الخلق السومرية والتي تقول بأن الآلهة-ماما- قامت بذبح الإله –وي إلا- أحد آلهة (تيامات) التي استخدمته كسلاح فتاك ضد الآلهة السبع بقيادة –مردوخ- وهو من غنائم الحرب، وبعد ذبحه خلطت دمه بالطين الاحمر النقي وقذفته في البرية فولد الانسان.
    وهنا لابد ان تقف البشرية بكل خشوع واجلال امام هذا التعبير الفلسفي لعقل الانسان قبل اكثر من ستة آلاف عام. والذي عبر فيه أبن الرافدين عن مفهوم ولادة الانسان من عدة عناصر مادية، وجعل الطبيعة، الرحم الذي حضنته ونما فيها وتحول وارتقى الى كائن حي، وهي صيغة فلسفية وواقعية لنفس الاطوار التي يولد فيها الانسان بعملية إخصاب البويضة، وهنا يمثلها الطين الاحمر النقي بواسطة دم وي-ألا-الذكر، والارض كرحم طبيعي أي الام الكبرى الحاضنة للمولود، الى جانب الانتقال الى تطور العقل الانساني وفرضية تنظيم الحياة كضرورة لظهور قوى ذات خصائص فريدة تمثل جميع أطرف ذات العلاقة بهذا المفهوم، وهي ظهور التوحيد التاريخي للأله الواحد –من سبع آلهه- وكل إله له وظيفة بأحدى ظواهر الطبيعة، وتنازل عنها بدون قيد وشرط الى اله واحد وهو (إله مردوخ) كرمز تاريخي يقوم مقام الكل ويفرض النظام والطاعة الطوعية الضرورية، مصحوبة بمركزية دينية مهمة لذلك الانسان.
3-   حضارة الفراعنة في وادي النيل (3100) ق.م. وشملت كل من مصر-سودان –ليبيا، وإن مايخص هذه الحضارة في موضوع الموت وفناء الجسد، فكان الفراعنة قد أعتقدوا  ووفق فلسفة العقل، بأن للانسان روح تسكن جسده، أي هي بمثابة –قرين- له، ففي حالة خروج القرين من الجسد إما بسبب النوم أو الموت. وبعد جولة غير محدودة مدتها وعاد القرين أي الروح الى مسكنها (الجسد) وحسب تصورهم بأن جسد الانسان في هذه الحالة بعد الممات يفنى. فأن الروح -القرين- ستتيه وتدخل جسماً غريباً قد يكون شريراً وتصبح شريرة ايضاً. ولهذا اضطرت الحضارة الفرعونية الى اكتشاف طريقة للاحتفاظ بالجسد بعد الممات سالماً، فكانت عملية التحنيط الطريقة الوحيدة التي جعلت أجساد ملوكهم وكهنتهم سالمة حتى هذا اليوم.
4-   حضارة الصين (3000) ق.م. وشملت وديان الانهار الثلاثة –النهر الاصفر- هوانج – والنهر الازرق يانغ تشي كانغ - والنهر الجنوبي- سي كيانغ – فان الحضارة الصينية كاي حضارة قديمة، فكانت تعتقد بوجود الحاكم الاعلى، والمسمى (شانج تي) والذي يمثل حسب اعتقادهم القوى الرئيسية المسيطرة على العالم، ولم يكتف الصينيون بالحاكم الاعلى، فقد اعتقدوا بوجود (الاله الاعظم) (تيان) وهو سيد كل الالهة، اي  (هو السماء بذاتها) وهذا الاعتقاد جاء باعتبار:-
1.   ان المطر الذي يروي حقولهم للرز ياتي من السماء.
2.   وان السحابة التي تحمل المطر تاتي من السماء.
3.   وان الريح التي تدفع السحابة تهب من السماء.
4.   وان البرق والرعد اللذان يفتحان السحابة موجودان في السماء.
5.   وان القوس والقزح الذي يظهر بعد سقوط المطر يبدو في السماء.
    واخيرا بما ان كل شيء من السماء فان (تيان) هو السماء. ولكن لغة العقل لم تكتف بهذا المعتقد الذي اقره المنطق، بل قالوا يجب ان يكون لتيان - روح – وبما ان الروح ممثلة بالعناصر النازله من السماء وهي:- روح المطر، روح السحاب، روح البرق والرعد، روح القوس والقزح –والجبل – والنهر وغيرها.
بمعنى ان ظهور عند الصينيين لغتين في ان واحد، وهي لغة العقل في الحاكم الاعلى، ولغة المنطق في الاله الاعظم - تيان – ثم تعدد الالهة بالارواح فعادوا الى استخدام لغة العقل لحسم الامر. بمعنى ان لغة المنطق غير معتمده كليا وان لغة العقل اقوى
5 – حضارة وادي السند – (2500) ق.م وشملت كل من الهند وباكستان وبنكلادش. وسبق ان تكلمنا عن المفهوم الفلسفي للغة العقل وتعدد الالهة في هذا الوادي مع عبادة الاله بوذا (المستنير) وكيف ولد مطابقا لولادة زرادشت وان هو الاقدم (اي بوذا) وقد تم التحدث عنه في الفقرة الاولى من الحضارة الايرانية.
    الا ان العبادة الاقدم في وادي السند (الهند) كانت البرهمية وهو الخالق للرجل والمرأة كزوجين وثم جاء من نسل كلاهما عن طريق تناسخ الارواح لجميع الكائنات الحية وفي مقدمتها حين أنقلبت الزوجة الى البقرة المقدسة، فأنقلب الزوج الى ثور وثم كلاهما الى زوجين جديدين من الاحياء –فرس وحصان- حتى وصولاً الى النمل.
    وحسب هذه العقيدة والتي هي من منشأ لغة العقل، تعتبر هذه الرموز من الاحياء، مصادر للقوة وكلها من الاله الاعظم برهما.ورغم انتشار هذه الديانة في الهند بشكل كبير الا أن هناك الكثير من الآلهه تمثل بالافاعي والقردة وغيرها مما يدل أن لغة العقل لدى الانسان ماقبل التاريخ كانت لغة التصوف اي الانطواء والعزلة على الذات. ولازالت هذه العقائد وبطقوس دينية متعددة قائمة في الهند وغيررها حتى هذه اللحظة، ولها قدسيتها وكتبها الدينية وإن اقدم مصدر عن الديانة الهندية كوثيقة تاريخية هي (الفيدالوجيا) –واخيراً نأتي على نهاية بحثنا هذا، مؤكدين إن الانسان اعتمد على لغة العقل كمصدر للتامل لغرض وصوله في تلك المرحلة الى نوع من الاستقرار الذهني والنفسي، وإضطر لعبادة الطبيعة والاسلاف فترة طويلة حتى ظهور أستخدام لغة المنطق وبدء عبادة الإله الواحد. ورغم ذلك فلازالت عبادة الطبيعة أوعبادة الاسلاف باقية في كثير من المناطق الجغرافية ومنها مجاهل حوض نهر الامزون في امريكا الجنوبية وفي بعض جزر الاوقياندس وجنوب شرق الصين والهند وغيرها .
المصادر:-
1-   موسوعة حضارات – عباس عباس
2-   قصة الاديان – سليمان مظهر
3-   فلاسفة اليونان – د. جعفر آل ياسين
4-   حضارة وادي الاندلس – د. احمد سوما
5-   المعتقدات الدينية في بلاد الرافدين – رينيه لايات



يوسف زرا
25-1-2014م

15
يا طيرَ الجبالِ ... غَـرِّد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مُــر بِنا يا طير الجبالِ
مر بنا وغَـرِّد لنا
بصُحبةِ هَـفـيـفِ جناحَـيـكَ
غِـنـوَة السهول
غـنـوة الروابي
ثم غرد للعذارى وللفتيان
غنوة الوديان
غنوة البراري
يا طير الجبال
مر بواحة
وحَيّ نخلها الباسقاتِ
وغرد لها
ستروي لكَ
قصةَ قافلةٍ لزمانٍ
لِـحـداةٍ العـيسِ
حَطَّـت تحتَ ظِلالها
أيام وأيام
وتَـغَـذّت من عسلها
ثم شدت الرحال
مع إبـلها صوبَ الـبيـدِ
وقصَّة العاشِـقَـينِ
تـسلـقا نخلة
وافـتَرَشا فَـوقَ وِسـادَتِـها الـشـوكية
وتـغازلا
وشـمّا نسيم مُـعَـطّرٍ
لربيعٍ .... لـنيـسانٍ
فاح كغيمة مخملية
ملء كَـبَـدَ الرقـيـعِ
وعَـبـرَ عـناقٍ
ناما بـنـشـوةٍ
في حُضن ِأغصانها
وطيرُ الجبالِ
من فـوقِ نخلة
ظَـلَّ يُـغَـرّد ويغرد
حتى مطلعَ فجرٍ
فأيـقَظَهُما من شهرِ العسلِ
فـوَدَّعَهُما
مُغـرِّدا بـلحنٍ رخـيـمٍ
ثم طارَ وطارَ
تُـرافِـقـه بُـلـبُـلة عـذراءٍ
إلى أعالي الجبالِ
*********
                                                           يوسف زرا 
                                                          1/1/2014

16
مقومات التغيرات الاجتماعية والفكرية
لمفردات الحياة اليومية

لم تكن ولن تكون مقومات الحياة للمفردات اليومية الاجتماعية والفكرية وليدة صدفة او ارادة مسبقة للانسان. بل هي من الفرضيات التي افرزتها العلاقات اليومية البسيطة للافراد ضمن الاسرة الواحدة, وكموجموعة اسر كونت المجتمع, وهي اولى الاستحقاقات الزمنية التاريخية لحركة المجتمع البشري بصورة خاصة. والتي ظهرت منذ نشوء المجتمع الزراعي البدائي, وضلت تتغير جزئيا مع  الاحتفاظ بهيكلية تكوينها ومصادره. ومنها القيم والعادات والتقاليد الاجتماعية ومنطلقاتها الثقافية والفكرية والاقتصادية وغيرها. وكؤسس لاي تجمع بشري, تنمو وتتحول وترتقي تحت تاثير عوامل بيئتها الجغرافية والمناخية. ولابد ان تتكيف وتتاقلم حسب ما يلائم وبالتتابع لحاجة كل جيل ضمن البيئة المذكورة. وتتحول هذه العوامل من وسيلة  للتعايش  او للتعارف اليومي, الى غاية او نظام  يكون الحكم الفاصل بين الافراد والعوامل ولمدة زمنية غير محدودة, وبنسب معينة لمقتضى حاجة كل فرد او شريحة منها. ولا يمكن ان يتوقف نمو وتغير هذه الظواهر الحية بمستوى او لحد ما ولفترة زمنية دائمية, ما لم يكن هناك اضطراب وفقدان امن وعدم الاستقرار في تلك العلاقات فان التغيير او التجدد, هو بمثابة تطوير لتلك المتغيرات والمفاهيم المعمول بها والمعول عليها في تعريف الاعمال لمفردات الحياة اليومية بصيغة ملائمة كمقومات آنية تفي حاجة المجتمع ولا يمكنه الاستغناء عنها. وهناك عدة اسباب اخرى تدفع العائلة او المجتمع ككل لمراجعة المتراكم من تلك المقومات المعمول بها بين فترة واخرى لما هو متحكم بها واصبح راكدا او خامدا او عائقا. ولم يعد يلبي حاجة المحتمع. وان رؤية الفرد في كثير من الحالات وكنموذج متقدم فكريا او اجتماعيا, قد تكون سباقة لمجمل روى الجمع. فاما قد تكون اقل طموحا لحاجاته الآنية, وفي هذه الحالة لابد من مناقشتها وثم تقييمها.او تكون  اكثر من استحقاقاته المذكورة. ففي هذه الحالة ايضا يجب التعامل معها بحذر وروي وبخطوات موزونة نسبيا. بغية ان لا تحدث تصادم او تقاطع مع الموروث القديم والمترسب على ارض الواقع. وان كانت الاقلية المتقدمة ولاكثر نضوجا قياسا لغيره, تشعر بضرورة الاستحداث, ولكن يجب مراعاتها وعدم سرعة الاخذ بها حرفيا, خشية اعتبارها خارج هيكلية العرف الاجتماعي والثقافي. او تطرف غير مقبول وتكون نتائجه سلبية على الجميع, وتؤدي الى حدوث شروخ في المجتمع وحتى القيام نزاعات جانبية تكون سببا في الركود في الحياة اليومية ويضر بالصالح العام لمدة طويلة. ويؤدي الى تخلف ذلك المجتمع عن ركب حضاري وفق قانون التردي والخمول وتوقف كلي في حركته.
وما فشل الكثير من الحركات الاجتماعية والسياسية كثورات اما سلمية او مسلحة. يعزى ذلك الى عدم قدرة نخبتها من الارتقاء بالمستوى المطلوب لقيادة البنية الاجتماعية التحتية العريضة, وصاحبة الشان والاستفادة المباشرة من اي تغيير وتجدد. الا انها تفتقر (( النخبة )) الى كيفية التعامل وتحريك تلك القاعدة وصولا الى رؤيتها التقدمية. والتاريخ الانساني حافل بمثل هذه التجارب وله رصيد كبير وارشيف واسع منه. رغم التباين والاختلاف في خصوصية كل مجتمع وبيئته المتعايش فيها عن غيره وضرورة الاخذ بها تجنبا للفشل او الانتكاسة غير المتوقعة في عملية التغيير الاجتماعية والفكرية والسياسية والادارية وغيرها.

 
                                                                            يوسف زرا
                                                                          8/1/2014 

17
دولة العراق على كرسي الاعتراف
اما للافتراق والانعتاق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اذا كان التجمع البشري من بعد المشاعية البدائية في بقاع المعمورة ومنها وادي الرافدين, قد خلف قسرا(العقد الجتماعي) اول تشكيل للمفهوم الدولة البدائية, كفرضية حتمية لحركة المجتمع الانساني, والذي ولده النظام الطبقي الاقطاعي. فكان كأول محاولة لتنظيم الحياة اليومية وفق ضوابط, أدت الى بدي استغلال الارض بشكل شبه فسق, ولابد أن يؤدي الى استقرار الانسان برقع جغرافية كوطن له. كما ان المجتمع الاقطاعي سعى الى ظهور الزراعة البدائية وروابط ذات طابع اجتماعي واقتصادي ومهني أساسها الاسرة. وان علاقة الفرد بغيره ضمن المشاعية المذكورة, كانت علاقة اجتماعية هامشية. اي كانت علاقة شبيه بالعائلة الحيوانية وضمن محميات جغرافية ومفتوحة طيلة مرحلة الصيد.
وبظهور النظام الاقطاعي, ظهرت شريحة الاقنان والعبيد كطبقة مملوكة لاصحاب النفوذ, يباعون ويشترون كسلعة, منهم مرتبطون بالارض يعملون فيها بدون اجر وبدون حق اي تمليك ولو لقطعة صغيرة منها. ومنهم كخدم لدى النظام المذكور  ولا يحق لاي فرد ترك موقعه الذي يعمل فيه دون اذن من مالكه. القن في الارض والعبد في البيت, حتى تطورت القرية الزراعية واتسعت سكنياً, وظهرت الحرف والمهن البسيطة, وحسب فرضية حاجة المجتمع ايضاً. كلما زاد نفوذ الاقطاع, أدى الى زيادة اعضائة كسلالة وراثية تتحكم بامور المجتمع اطول مدة وبدون منافس. مما ادى الى انبثاق دولة المدن وبدء انقسام مجتمعاتها الى فئات طبقية شبه متخصصة تقنيا مهنيا وخدميا. واكثر تماسكا ببعضها مما زاد احتكاكها السلبي مع النظام القائم وبدات الاحداث تتسارع وتتصارع بقيام دولة المدن الموحدة وبمركزية كعاصمة لها. واننا لسنا بصدد كتابة بحث اجتماعي تاريخي مختصر, بل كنموذج قيام الدولة على ارض هذا الوادي, وقبل اكثر من خمسة الاف عام مضت.
فكان ذلك نشوء الحضارة في وسطه وشماله وجنوبه. الا ان حركة المجتمع الانساني لا توقف لها, وحاجته على امتداد الزمن بالتغير والتجدد نحو الافضل. انها وثيقة من الماضي السحيق فكان لكرسي الاعتراف (تشبيها) كمكانة ضرورية ومفروضة, يمثل التاريخ ويحق له محاكمة الحكام جيلا بعد جيل لتبيان وبشكل صريح ومكشوف وصدق الكلمة امام الشعب, لينطق بكلمة الحق بهم ومدى صلاحيتهم في استمرار تولي المسؤولية وبصلاحيات جديدة وحسب متطلبات حاجة المجتمع بكل مفرداته اليومية. والا كان القرار للشعب العراقي ولا رجعه منه. وبين ليلة وضحاها يسقط النظام وحاشيته ويقوم نظام جديد ببزة جديدة وبعلاقات وظوابط وخدمات اجتماعية, اقتصادية وادارية. أفضل من سابقها. مع توسع مهمات النظام وزيادة ثقل وحجم المسؤولية عليه, وهذا ما عشناه منذ قيام الحكم الوطني في العراق في عام 1921 وحتى هذا اليوم. فلا زال التاريخ شاهدعلى كل من قدم عبر عقود وقرون من الخدمة الصادقة المطلوبة منه الى هذا الانسان الوفي لارضه ودافع عنها وروئ ترابها بدمائه الزكية. ولم يخل سجله من الماسي والويلات والمحن التي اصابته من جراء الاعتداءات والغزوات التي قامت بها الكثير من الاقوام المجاورة والقادمة من اصقاع بعيدة وقريبة, ومن حكام مستبدين من الداخل. ولا بد ان ننتقل الى واقعنا المزري ونقول:- الا ان هذا الشعب لم يستكن ولم يهدا لحظة واحدة, بل ظل وظل يداوي جروحة العميقة, ويشحذ الهمم ليكون صاحب الكلمة والوطن, وصاحب الحق بالعيش الكريم في ضل اوسع مفاهيم القيم الانسانية كاستحقاق زمني لائق ومعاصر ولجميع مكوناته الاجتماعية وبدون استثناء. انها شهادة حيه لها. انها دولة العراق التاريخية, فالى اين يسير بها المتنفذون؟
وهاهي الاحداث تؤكد على ما نقول, ومنذ سقوط النظام السابق تعقدت الامور يوماً بعد يوم على هذا الشعب وعلى دولته التاريخية. وذلك بسبب الصراع المحتم على كراسي الحكم, ظاهره سياسي وباطنه ديني ومذهبي, واستشراء الفساد المالي والاداري والمحسوبية والنظرة الحزبية الضيقة, مما ادى الى فقدان الامن بشكل خطير ونفاذ صبر المواطن, وامتداد ظاهرة الاغتيالات والارهاب المنظم الى غالبية اجزاء الوطن, حتى اصبح الفرد البسيط لا يأتمن على سلامته وسلامة عائلته ليوم واحد. وان ارتفاع الابواق لما تسمى بالقبلية والعشائرية هنا هناك ماهي الا للارهاب والتطرف القومي والديني, سواء علمت بذلك ام لا. والحكومة المركزية واجهزتها الامنية من غير قصد او قصد امام واقع صعب لانها عاجزة عن وضع حد لها, سواء في المحافظات ومنها. كركوك, صلاح الدين, ديالى, بابل وبغداد واخيراً وبشكل تصعيد خطير في محافظة الانبار
فنداء الوطن يصرخ بوجه جميع المسؤولين الحكوميين والاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمرجعيات الدينية, بان تتحمل المهمة التاريخية, وتبادر وبأسرع وقت ممكن لمعالجة الامر. والا فالحرب الاهلية قادمة وبشراسة ابشع مما هو في سوريا. فالكل وفي مقدمتهم الحكومة المركزية وجميع حكومات المحافظات واقليم كردستان مجبرون على الجلوس على كرسي الاعتراف, لقول الكلمة الاخيرة بحق وجوب وبقاء الدولة العراقية, فاما الافتراق او الانعتاق. وهي امانة برقاب الجميع امام التاريخ..... ولابد من عراق ديمقراطي امن وفدرالي مزدهر.
انه نداء الضعفاء والفقراء ..... ايها القوياء   
 




                                               يوسف زرا
                                             31/12/2013

18
أدب / أيا الوادي العظيم
« في: 13:55 10/01/2014  »




أيا الوادي العظيم



  يوسف زرا      


سألتك في زمن ما....... وانتظرت
أترغب بتذكارك لقرون مضت ؟
فاسمع ما قلته قبل الاف السنين
اتذكرك وانا طفل رضيع
اتذكرك وانا فتى يافعا
اتذكرك حتى هذه اللحظةِ
ألا في ضفافك كتبت ؟
قصة الخلقَ
رواية الطوفانَ
ملحمة كلكامش
وكم شريعة وقانون سطرت ؟
شريعة نيصابا وهاني
قانون اشنونا
قانون لبت عشتار
قانون حمورابي
وكم مدرسة في القدم اسست ؟
مدرسة سيبر
مدرسة بابل
مدرسة نيبور
مدرسة بورسيبا
مدرسة اورك
مدرسة المستنصرية
وكم رمز انساني حكمَ ؟
دعني اختصر ...... وبلا تعداد
الملك سرجون الاول الاكدي
الملك حمورابي البابلي
الملك نبوخذنصر الاول البابلي
الملك اشور بانيبال النينوي
أيا بين النهرين
تسالني عن حضارتك...... واين ؟
في شروباك ..... مدينة اوتانيشتم
في اورك ..... مدينة كلكامش
في اكد ..... مدينة سرجون
في بابل ..... مدينة حمورابي
في نينوى ..... مدينة اشور بانيبال
في بغداد ..... مدينة المنصور
أيا ..... أيا ..... أيا بين .....
فاعلم
انك منسيُ ومهمشُ بنا
وبلاغ لك
الى متى نبقى شتات سهولك ؟
الى متى نبقى ضياع جبالك ؟
الى متى نبقى تيه وديانك ؟
فهل تنضب ينابيع الزمان ؟
فكان الجواب ان وشلت البحار
لا ...... لا . صوت الشعب الموحد يصرخ !!
ودجلة والفرات لا زالا يجريان في ربوعك
أيا بين النهرين
ايا الوادي العظيم
لك الذكر والوقار الابدي


                                                                                                                                                                                                                                            
                                                7/12/2013

19
الأقليات بين مخاض الازمات ووثائق المؤتمرات

           اذا كان المحفل الدولي بصورة عامة والمنظمات الخاصة ذات الطابع الانساني والقانوني، والمدافعة عن حقوق الاقليات الاجتماعية والسياسة والدينية، قد تحسست منذ فترة ليست بالقصيرة, بان الاقليات الدينية بصورة خاصة في بعض الدول العربية وهي, العراق, سوريا, فلسطين, مصر, والاردن, وكانت نسبتها قد انخفضت الى اكثر من 50% خلال العقود الاخيرة من القرن الماضي, ومنها المسيحية واليزيدية والصابئة وغيرها, والتي تعتبر من الديانات القديمة في الدول المذكورة. وان الجهات الرسمية وغير الرسمية المتنفذة فيها قد حاولت وفق مخطط مهيء مسبقاً لتصفيتها عن طريق تضييق الخناق عليها ومحاربتها او تهميشها من قبل بعض الجهات السياسية والدينية والقومية المتطرفة, ومنها التيار القومي العروبي سابقاً والديني السلفي حالياً في كل من العراق وسوريا تحديدياً.
ومن منطلق ان هذه الاقليات الدينية او الاثنية في المنطقة هي العائق الرئيسي لقيام الوحدة الادارية والسياسية للامة العربية, وفق ماكان يطرح في غالبية مؤتمراتها القومية والقطرية لاحزابها السياسية المعلومة. فان الديانة المسيحية ذات الجدور التاريخية في هذه المنطقة ككل لا يمكن ازاحتها او الحد من نشاطها التبشيري السلمي بالطرق القانونية وبشكل مكشوف. فقد التجات الى تشديد الخناق على انصارها ما لم يعلنوا انخراطهم في صفوف احزابها القومية. مما ادى الى بدء الهجرة الفردية والجماعية من الوطن الام. وان دول اوربا الغربية والولايات المتحدة الامريكية مهدت لستقبالهم وتسهيل اقامتهم في اراضيها واحتضانها لكوادرهم العلمية والثقافية والمهنية, مما جعل الهجرة اليها ينشط حتى اليوم . ودليل ذلك ان قبل اكثر من سنتين كانت بعض دول اوربا الشمالية قد رفضت منح الاقامة ولو بصفة الانسانية او سياسية لاكثر من (750)عراقيا وغالبيتهم من المسيحيين . فحالا اعلنت الولايات المتحدة الامريكية قبولهم ومنحهم الاقامة فيها . ويعتبر هذا فعلا تشجيع مباشر لهجرة العراقيين بصورة عامة والمسيحيين منهم بصورة خاصة .لوطنهم الام. عدا ما خلفتهُ ومنذ عقود الحروب والنزاعات الداخلية التي حصلت في المنطقة خلال الاعوام, 1948 , 1956 , 1967 , 1973 ومع اسرائيل مباشرةً والمدعومة من الدول الغربية , وشاركت فيها جميع الدول المجاورة لفلسطين ومن ضمنها العراق. وكانت نتائجها قد انعكست على مجمل شعوب الدول العربية بصورة عامة, وفي مقدمتها مصر , سوريا, وفلسطين. وشعر المسيحيون ان هذه الحروب قامت بين العرب ظاهريا والاسلام باطنيا من جهة , وبين اليهود ودولة اسرائيل وبسبب الاراضي المقدسة في فلسطين من جهة ثانية.
ولا يخفى على احد ان الديانة المسيحية هي الاخرى وحسب القدم, كانت المستهدفة ايضا من قبل الحركة الصهيونية العالمية. وان تعداد المسيحيين في مدينة القدس حصراً قبل الحروب المذكروة كان بحدود مائة وخمسون الف نسمة, وحاليا لم يبقى منهم سوى خمسون الف نسمة فقط وباعتراف الجهات الرسمية الفلسطينية موخراً, ومعلوم ايضا ان الشعب الفلسطيني بجميع مكوناته الاجتماعية والدينية قاس الامرين من تلك الحروب ولا زال.
    الا ان ما أصاب الاقلية المسيحية فيها , كانت كنكبة كبرى بسبب نسبة ما تلقته من دعم مادي ومعنوي من الدول العربية قياسا لغيرهم من العرب المسلمين الذين تلقوا بعض الدعم من الدول العربية المجاورة وان الدعم الغربي للمسيحيين ولازال هو تشجيعهم على الهجرة فقط. ولم يمض وقت طويل على محنتهم , وقبل ان تلتئم جروحهم القديمة في عموم الدول العربية ومن جراء الحروب المذكورة. حتى هبت العاصفة الصفراء والتي اجتاحت العراق مباشرةً, وكان تاثيرها ولا زال قائما على مجمل مكوناته الاجتماعية بصورة عامة وقاسية. حتى شملت شعوب جميع دول منطقة الخليج بدءاً بالحرب العراقية الايرانية منذ عام 1980 حتى عام 1988 , وثم غزوة دولة الكويت عام 1990 .واخيرا حرب عام 2003 واحتلال العراق من قبل قوات الدول الغربية وبمقدمتها الولايات المتحدة الامريكية بعد 9/4/2003 . ثم تلتها فترة حكم بول برايمر التي قضت على جميع مؤسسات الدولة العراقية التاريخية, الاقتصادية , الثقافية والامنية وغيرها . حتى عام 2005 حين تولت السلطة فئات متصارعة على كراسي الحكم وبواجهات دينية طائفية ومذهبية مكشوفة , ثم المحاصصة المقيتة في توزيع كراسي الحكم , والتي من جرائها اصبح العراق بحكم الواقع ساحة حرب اهلية وغير معلنة بين الشيعة والسنة دون ارادة الشعب, واستشر الفساد المالي والاداري والسياسي وفقدان الامن على يد المنظمات الدينية والقومية المتطرفة , وبشكل منظم ومكشوف والموجه بصورة مباشرة  اولا  ضد جميع الاقليات الدينية المذكورة وفي مقدمتها المسيحية ولازال الاعتداء يمارس ضدها, وعن طريق الاغتيالات الفردية والجماعية لكثير من اصحاب الاعمال التجارية والكوادر العلمية والمهنية ورجال الدين. من غير تفجير الكنائس ودور العبادة وتحت بصر وانظار المسئولين دون ان تتمكن الاجهزة الامنية لوضع حد لها او حمايتها .
اما الحرب الاهلية في سورية والتي بداة قبل اكثر من سنتين وهجرة غالبية المسيحيين من المدن والقصبات الرئيسية فيها الى الدول المجاورة . وان كانت هذه الحرب كلفت وتكلف الشعب السوري الكثير من الكوارث والمصائب . الا انها بان بالنسبة لاي اقلية منها تعتبر محنة ونقمة كبيرة .
     ولابد ان نعود الى ماكان سائدا في مصر من التطرف الديني من قبل التيار السلفي المتشدد فيها منذ ايام الرئيس المعزول حسني مبارك ولعدة عقود قبله , ومن ثم على يد الاخوان المسلمين ورئيسها المعزول. ولازال الاعتداء مستمرا على المسيحيين الاقباط بشكل مباشر وشرس.
وفي مخاض الازمات التي عاشتها وتعيشها الاقليات الدينية في دول المنطقة, فقد توالت في الاونة الاخيرى عقد عدة موتمرات بحجة الدفاع عنها ومنها المنعقد بتاريخ 2/11/2013 في بيروت تحت شعار(الموتمر المسيحي المشرقي) "اللقاء المسيحي " . والذي حضره الكثير من ممثلي دول المنطقة ومنها مصر , العراق , لبنان, سوريا, الاردن, وفلسطين, كما حضره الكثير من رجال الدين المسيحي ممثلة عن كنائسهم في الدول المذكورة الى جانب ممثلي بعص الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات قانونية وغيرها . مطالبين فيه استحداث محافظة في سهل نينوى وبمشاركة جميع المكونات القومية والدينية المتعايشة في جغرافيته وغيرها من التوصيات.
           كما عقد في اربيل بتاريخ 23/11/2013 موتمرا اخر تحت شعار ( لا للتغيير الديمغرافي لمناطق المسيحيين الاصلية في العراق) وسمي ( موتمر اصدقاء برطلة). وبحضور شخصيات من اقليم كردستان وعدد كبير من المسؤولين الحكوميين والسياسيين من الاقليم ورجال الدين المسيحي ايضا . والقيت الكثير من الكلمات وبشكل مسهب لما تعرض ويتعرض عليه المسيحيين في العراق و واصبحوا في كثير من قصباتهم وقراهم القديمة اقلية مهمشة والتي كانوا يمثلون فيها قبل عقود نسبة 100% من ابنائها , وحاليا لم تعد نسبتهم اكثر من 40 % بسبب التغيير الديموغرافي القصري الذي زحف على مناطقهم, ومنها سهل نينوى بالذات . وناحية برطلة هي من اعمال قضاء الحمدانية احدى النماذج الحية وغيرها المنسية . وذلك بسبب هجرة نسبة كبيرة من عوائلهم خارج الوطن من جراء الاضطهاد المباشر لهم وفقدان الامن بصورة عامة .
وان انتهاء انعقاد هذه الموتمر في مركز ناحية برطلة من بعد التاريخ اعلاه والذي كان برعاية حكومة اقليم كردستان وبتحريك بعض الشخصيات السياسية اليسارية منذ يوم الاول لانعقاده , له اهميته الامنية حاليا والادارية مستقبلا بالنسبة للاقليم حيث ان سهل نينوى بالذات يعتبر اوسع مساحة جغرافية استقطبت فيه الديانة المسيحية منذ مئات السنين وانهم يُعتبرون الامتداد التاريخي الحضاري  لكلدواشوريين سريان . وفي نفس الوق ان سهل نينوى من المناطق الساخنة والمتنازع عليه بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان في اربيل .
              علما ان نسبة المسيحيين قبل نصف قرن او اكثر كانت بحدود 11 % من سكان العراق, وحاليا وكما ورد على لسان بعض المؤولين الرسميين بان تعدادهم لا يتجاوز ال (300000 نسمة ) وتقدير اخر بحدود ( 500000نسمة) من اصل مليون ونصف مليون نسمة سابقا . اي بمعنى ان نسبتهم اقل من 1 او 2 % من سكان العراق, وهي ضربة موجعة لمكون اجتماعي ديني اصيل من مكونات الشعب العراقي . فقد فقدَ مكانتهُ في وطنه الاصلي واصبح كشتات متشظية في ارجاء القارات الثلاث اوربا , اميركا , استراليا وكلاجئين انسانيين لاغير فيها .
فان جميع الحكومات التي توالت في العراق ولا زالت قائمة حاليا تتحمل القسط الاكبر من المسئولية الادبية والتاريخية لما حصل على هذا المكون المسالم من الشعب العراقي ومعها الاحزاب  السياسية على اختلاف اديولوجياتها سابقا ولاحقا تعتبر شريكة في العملية المذكورة . وذلك لالتزامها الصمت اتجاه هذا الغبن الذي لحق بهذه الاقلية, وبباقي الاقليات الدينية الاخرى كاليزيدية والشبك والصابئة وغيرهم .
واخيرا نقول فما زال مفهوم الاقلية والاكثرية وباي صفة كان متداولاً رسميا وشعبيا بين اروقة البرلمان العراقي وتحت اقبية جميع مباني الحكومة القضائية والتنفيذية. بمعنى انه يبقى الظلم والغبن هو السائد على ارض الواقع وان مفهوم حقوق الانسان المعترف بها عبر الكثير من الوثائق والعهود الدولية, ليس الا صخب اعلامي وتاكيدا لشريعة الغاب (القوي ياكل الضعيف) وسياسة التمضحك على الذقون .
        ولابد من الكفاح الطويل لكل القوة الديمقراطية والقومية والدينية التي تحترم الانسان حتى يتحقق الحلم بالمساواة بين ابناء هذا الشعب امام القانون , بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه وقوميته .
والا الكل في مركب متهرىْ وفي وسط محيط هائج

                                              يوسف زرا
                                            4/12/2013

20
رفقاً بالحاضر أيها المتراشقون للبعض

قال احدهم:- لو سُئل الأموات عن التاريخ..... لكفروا به.
لماذا.. وما ذنب التاريخ ليُنبَذُ ويُهان بهذا الشكل المريب؟
وهل التاريخ كائن حقيقي حي؟ أم رمزٌ معنوي لا دخل له في أية حادثة أو فعل وقع، سوى أنه مخزن بلا أبعاد وميدان بلا مقاييس، تتراكم فيه كلما يجرفه سيل الحياة لجميع الكائنات الحيَّة وفي مقدمتها الانسان.
أيحق لأي كان أن يضع التاريخ على منصَّة التشريح، ويبدأ يفكك مفاصل هيكله العظمي مفصلاَ مفصلاً ويتصرف بها كما يشاء.
أم يحق لأي كان أن ينسب التاريخ لنفسه، ولا يعلم بأنه عبارة عن تواصل بناء حضارة في زمان ومكان ما، وتراكم كمي لفعل شعب أو عدة شعوب متداخلة متلاصقة كحضارة وادي الرافدين والتي تمتد لآلاف السنين، وشاركت فيها مجموعة مكونات بشرية بدافع التسابق الغريزي في البناء والدفاع عن وجودها كـ(موكب ماراثوني) هناك من في مقدمته وثم من في وسطه وآخرون في المؤخرى. وكلها تمثل وحدة إجتماعية متجانسة، لا يمكن الفصل بينها، والموكب بحد ذاته يمثل حركة المجتمع، وحضارته ملكُ الكل وبدون تفضيل بعضٍ على بعض.  أو الإدعاء بملكية جزئها أو كلها. والواقع الحالي للإنسان العراقي يئن من هول التشظي والتنازع فيما بين جميع مكوناته التاريخية، دون أن تعرف أن العدو واحد وانه هو هو من الماضي السحيق تابع وراقب المسيرة الصعبة للأجداد ونكل بها. ويريد إعادة الماضي بأبشع من السابق ليمحو بقايا أقلياتنا ويربك الأكثرية وبقناع مغاير للماضي ومبطن.
ولو استعرضنا تاريخ الشعوب وحسب انتمائها الإقليمي أو القاري جغرافياً، فلا بد لكل منها موقع محدد ومخلفات تاريخية لمئات، لا بل لآلاف من السنين، فمنها قد حفظ في صروح عمرانية عملاقة ووضب فيها وفقاً لقيمهم وتقاليدهم الاجتماعية والدينية أنئذن. وما يمكن الاستفادة منه كناتج حضاري إنساني سابقاً ولاحقاً للأجيال القادمة.
ولكن ومع مزيد الأسف إن ما مساق إلى البورصة التجارية من المفاهيم والقيم الحضارية القديمة، والتي يجب احترامها لأنها لأجدادنا السابقين ومنهم الكلدوآشوريين السريان، وليس مزايدة على أحد ولا يمكن من ينكر إنهم من بقايا تلك الحضارة ومن حقهم التمسك بذلك ولكن لا المباهات بها كما لا يحق لأي فصيل منهم وبأي تسمية كان الإنفراد بالإنتساب لها وتهميش غيره كما هو حاصل ومتحول إلى تراشق البعض لبعضٍ ولأفراد داخل الوطن وخارجه ممن يعيش ضمن جاليات متشظية ومشتتة في المهجر وبدعوى ملكية الانتساب للتأريخ والحضارة والتسمية الخاصة له فقط. ويجهل أن بتراشقه لغيره وأي كان في الداخل والخارج، يقدم أكبر خدمة للعدو التاريخي والحالي ويزيد الفراق والخصام بين مكوناته المسلوبة لأبسط الحقوق الإجتماعية والثقافية والسياسية إسوة بباقي الأكثرية من أبناء الشعب العراقي من العرب والأكراد وباقي المكونات الأقلية الأخرى أيضاً
فرفقاً بالتاريخ وبالباقين من أبنائنا في هذه الأرض الطيبة وكفى تراشقاً ومزايدة في أحقية الانتساب لهذا الفصيل أو ذلك. وعلى الجميع أن يعلم أن لا قيمة لأية أقلية أو أكثرية إجتماعية، سياسية، أو طائفية دينية وأثنية وغيرها. ما لم يكن هذا الوطن كالخيمة الكبيرة الحامية للكل، وكلٌ فيه محفوظ الكرامة والحقوق الأساسية في الحياة. ولا بديل غير ذلك.



يوسف زرا
7 / 11 / 2013

21
الشباب ومنظمات المجتمع المدني

   هل إن كل منظمات المجتمع المدني هي بديل لتنظيم سياسي معيّن؟
أم هي رديف له والمساهمة الفاعلة في النهضة الثقافية والاجتماعية والفنية والفكرية وغيرها.
   نعم إنها كذلك وكلٌ حسب نظامها الداخلي وهويتها المهنية ومنها ثقافية، اجتماعية، فنية، اقتصادية وغيرها. تأسست لتعمل في الوسط الجماهيري ولتحفز عنصر الشباب الذي يملك الشحنة الوقادة لا تنطفئ والقادرة على تحمل المسؤولية التاريخية في عملية التغيير والتجديد والابتكار لجميع مقومات الحياة اليومية للمجتمع.
   وهي الشريحة الواسعة التي تتحسس ما في داخلها من الطاقة التي لا تنضب، وان مسيرتها ليست كطريق معبد مسبقاً ومفروش بالزهور ومكسية بحلة سندسية لفصل الربيع. بل هي مسيرة صعبة وحمل ثقيل، يفرض عليها استلام راية العمل وتتقدم بخطوات حثيثة أمام كل المواكب، ولابد من إسنادها من قبل من لهم الخزين الوافر لعقود وعقود من السنين من التجربة والخبرة المتنوعة على الصعيد الثقافي والفني والاجتماعي والسياسي وغيرها. وكعطاء إرادي وطوعي منها (الشريحة الشبابية) المفعم بالوعي وشعور عالي لتولي المسؤولية التاريخية، ولابد من احتضان هذا العطاء واحترامه وجعله شمعة وهاجة تنير دربها لتتجاوز الكبوات والانعكاسات الكبيرة دون أن تفقد الثقة بنفسها وباقي من الموكب الذي معها. وكل ذلك هو ضمن حركة المجتمع وإفرازاته الزمنية المطلوبة.
وان تقدم أي مجتمع لا يتحقق وفق الرؤية العصرية لكبار المثقفين والتربويين وعلماء الاجتماع وقادة الكتل السياسية، ما لم تكن قد ولدت منظمات جماهيرية متنوعة لتكون كجحر الزاوية في البناء الجديد. وان ظهور هذه المنظمات لم يكن ولن يكون بمكان ترفيهي وصرف الزمن الميت فيها. بل خلايا دؤوية لإنتاج ما يحتاجه المجتمع الجديد.
وإذا كانت الكتل السياسية على نطاق الوطن، ومنها بأحزابه ذات جذور تاريخية أو بمسحة أيديولوجية طبقية أو قومية أو لبرالية، تبدأ لتعمل بصورة شرعية وقانونية. فإنها لا يمكن أن تنطلق بغير كوكبة كبيرة من الشباب وبكلا الجنسين، إلى جانب أهمية بقائها العين الساهرة لما تقوم به جميع مؤسسات الدولة الرئيسية والفرعية وذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي أو إداري وغيرها. وتقدم لها الملاحظات البناءة وتنبهها لما يعترضها من التلكؤ والإهمال في واجباتها تجاه المجتمع.
ونستخلص من ذلك أن ولادات منظمات المجتمع المدني لتسمياتها وواجباتها المذكورة والمناط بها حسب ما تمليه حاجة المجتمع ضمن المسيرة الطويلة والشاقة. فهي منظمات ذات صفة وطنية كاملة وشاملة ورقابية إيجابية.
وقائدة لعملية التغيير والتجديد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وأي محاولة لأية جهة رسمية لإعاقة مسيرتها تعتبر خيانة للوطن، وعرقلة متعمدة لحركة المجتمع وخدمة للرجعية بكل مكوناتها الاجتماعية والفكرية. وان ما حدث ولازال يحدث في غالبية دول العالم الثالث وفي مقدمتها الدول العربية من الحراك الشعبي الثوري، لهو تأكيد لما جاء في متن مقالنا هذا ولابد أن يستمر حتى تتمكن هذه الشريحة من إثبات أحقيتها في المساهمة في عملية قيادة المجتمع وتجديده، وإنها بداية لمسيرة فريدة في تاريخ المجتمع الإنساني ذات صفات جديدة وجب احترامها ودعمها لا بل تقديمها لأنها حركة تاريخية للمجتمعات المقهورة والمسلوبة الإرادة وميزة لعصر جديد.

يوسف زرا
7/11/2013

22
رثاء الزميل سعيد سيبو

من خلال نادي بابل الكلداني في بغداد , وعبر المنبر الثقافي فيه بالذات . تعرفت بالراحل  سعيد سيبو قبل اكثر من عقد ونصف عقد من السنين وهو في المهجر , ومن خلال تواصل الهاتف بيننا استنتجت عنه ما يلي :
الفقيد سعيد سيبو , كان شخصية اجتماعية ادبية متواضعة
الفقيد سعيد سيبو , كان رجل المحبة والنزاهة والثقافية
الفقيد سعيد سيبو , نموذج للمعرفة والخلق النبيل والمصداقية التقيِتُ بالراحل في القوش عام 2003 , ثم توالت اللقاءات المباشرة معه كلما زار بلدته المذكورة , وعبر جلسات عامة واخرى خاصة   فكان انيساً وذو معشرٍ والفة وهادي والطبع ... رصين الكلام
سعيد سيبو , كان ثرياً معنوياً ونفسياً ولا يضاهيه اي ثراء .
سعيد سيبو , كان رجلاً يعتزُ بأي من ابناء جلدته مهما اختلف معه ... فكرياً اوسياسياً  او اجتماعياً
سعيد سيبو , نموذج انسان يستحق الذكر بكل ما للكلمة الطيبة من المعنى و التقدير , ولا يعوض عنه اي رثاء
   واخيراً : ليسى بو سعي الا ان اكد ...
بأن لا كل قصيدة تكفي لرثاء امثال الفقيد
وفي بيتين فقط ارثيه واقول :


                
تبقى للذاكرة أحـلام          *         حية تتسلق الأيــــام
               
وتبقى كالطير تحوم         *          وتذكر حنينا الأقلام


                                                                                                            يوسف زرا

23
المنبر الحر / نداء الإستغاثة
« في: 18:18 12/10/2013  »
نداء الإستغاثة

 ضمن مجرى مسيرة الحياة، لابد أن نشير إلى ما يعترض أي تجمع بشري معوقات لا إرادية    ومهمش كلياً، إما لقلة خبرته لتعايشه ضمن بيئة سياسية مضطربة وحالة إجتماعية تتقاطع فيها سبل الحياة به وتجبره في حالات عديدة لتأمل الفترة الزمنية التي مضت عليه وهو لازال محدود الكفاءة والمقدرة لإجتياز تلك المعوقات، ولكن تعتبر هذه الفترة غير واضحة المعالم والنظرة الجلية إلى المسيرة الطويلة والبعيدة عن أفقه على تحليلها. وقد يجابه صعوبات جديدة ومتنوعة وليس في خزينه إلا ما مضى عبر المرحلة الأولى، ويجب عليه الاستعداد لمجابهة ظروف أصعب وأشد ولا معين له غير الاستسلام، ولابد من التفكير والإصرار لمواصلة المسيرة والتحدي لها، أي بمعنى انه لابد أن يعي ويثق بنفسه ككائن إنساني عليه خوض المعركة وكسب الخبرة المطلوبة من خلال التجارب التي صادفته وجعلته في كثير من الأحيان بعيداً عن استرجاع الماضي الغابر لحياته، وكيف يجب أن لا يدب اليأس فيه ولا يتراجع عن الركب الحضاري. بل يمضي ويخوض في معترك الأقدار مهما كانت النتائج. ولكن إذا عدنا عدة سنين إلى الوراء واستعرضنا ما كان ولازال يطفو على سطح الأحداث من المفردات اليومية المصيرية لمجمل شعوب المنطقة العربية بصورة عامة والشعب العراقي بصورة خاصة، وإلى أي وضع إمتدت به الظروف وبسبب ما تعرض على أيدي مجموعة حكام من الذين أصابهم داء العظمة والغرور الشخصي والإنفراد بالسلطة المطلقة حد جعلوا من ذاتهم حكاماً معصومين وبمستوى القدسية، ولم يلتفتوا خطوة واحدة إلى الوراء، وما خلفته سياستهم الرعناء وركبوا رأسهم متشبثين غالبيتهم ولعقود عديدة بالفكر السياسي المتطرف، وابتعدوا حتى عن الإصغاء إلى نداء العقل المتزن والرجوع إلى جادة الصواب وإحترام أبسط حقوق الشعب العراقي بدلاً من إذلاله وزجه في آتون عدة حروب داخلية وخارجية مهلكة، رغم اضطرار مجمل الحركات الوطنية الطبقية والدينية المعتدلة وغيرها إلى طرح نداء الإستغاثة لمن سينقذهم من الحكم الدكتاتوري والقومي المتطرف. دون أن تقدر هذه القوى أن نداءها كان بعيداً عن سامعيه من أبناء الشعب العراقي المقهور والمسلوب الإرادة. مما اضطرهم إلى الرضوخ لشروط الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وهي، لابد من احتلال العراق والتحكم بثرواته وبمصيره، وتحت خيمة ما تسمى بالديمقراطية اللبرالية والتي كان كل عراقي وبدون استثناء مستعد لسماع هذه الكلمة ومتلهف لتحقيقها وبأي نسبة كانت. وهذا ما حصل في 9/4/2003 من احتلال الوطن وفرض الوصايا عليه وبشروط مجحفة ولمدة غير محدودة. ولم يكن المحتل صادقاً بقوله من إقامة نظام ديمقراطي ناجز ما لم يضمن تحقيق مصالحه الآنية والبعيدة وتخدم دولة اسرائيل معاً أيضاً. فكان المخطط الاستراتيجي ومنذ مدة طويلة هو ظرب القوى الديمقراطية والوطنية على اختلاف مناهجها السياسية والإجتماعية. طبقية يسارية، وقومية أو دينية معتدلة في عموم الدول المجاورة لإسرائيل. والتي تملك أعظم ثروة نفطية وغيرها في العالم.
فكانت البداية مباشرة وبعد سقوط النظام السابق، إقامة نظام حكم متصارع داخلياً بسبب تمكنه (أي المحتل) من تحريك وإذكاء الإحتقان التأريخي في البنى التحتية للشعب العراقي وتأجيج النزاع المذهبي والطائفي بين أبنائه وتشغيله فترة طويلة بإنتخابات صورية ولعدة مرات، وإقامة حكومات متعاقبة من المحاصصة الطائفية المتكونة من الأكثرية الشيعية والسنية من العرب من جهة. وثم محاولة تحريك النزاع التأريخي الخامد بين العرب والأكراد من الجهة الثانية. رغم أن الشعب الكردي تمكن من إقامة الحكم الذاتي في اقليم كردستان وضمان الأمن والاستقرار النسبي فيه قياساً بباقي أجزاء الوطن الذي سادتها الأعمال الإرهابية والإغتيالات الفردية، وتوجيه الضربات وبدون توقف لكل مكوناته الإجتماعية والسياسية عن طريق المفخخات والعبوات اللاصقة يومياً. وخاصة في المدن الرئيسية ومنها بغداد العاصمة والموصل، بصرة وكركوك، بعقوبة وتكريت وأخيراً أربيل عاصمة الإقليم وبدون أي رادع قانوني وأخلاقي، والذي لازال يسقط من جرائها يومياً مئات الشهداء والجرحة. وفشلت جميع الخطوات والتدابير المتخذة من قبل القيادات الأمنية المختصة. إلى جانب استشراء الفساد المالي والإداري وتزوير الشهادات في جميع مرافق الدولة.
واتهام كبار رجال الحكم جهاراً من الوزراء وزعماء الكتل السياسية داخل البرلمان وخارجه دون أن تطالهم يد العدالة لأنهم محميون من قبل تلك الزعامات، وكما يرد في الكثير من القنوات الفضائية وعلى لسان العديد من الشخصيات الرسمية والمستقلة من داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية، حتى وصل الأمر والاستياء بأنه لابد من ظهور شخصية عسكرية قوية ويستلم زمام الأمور، كما حدث في مصر. ولا أمل من رسو سفينة المجتمع إلى شاطء السلام دون إزالة الأشخاص المتربعين على كراسي الحكم وإحالتهم إلى العدالة. وكنداء منهم لإستغاثة الشعب العراقي وكشكوى لابد منها لمنقذ لهم من مأساتهم. وإلا المصير المجهول يشمل الجميع ولا ينجو أحد منه سواءً كان من الأقلية أو الأكثرية الإجتماعية والدينية أو من السياسية، طبقية أو قومية، طائفية أو اثنية. فهل من يلبي هذا النداء؟
ويحقق للكل الأمن... وللوطن الولاء؟
ولا يوتيبيا من السماء!!!

                                                                يوسف زرا
                                                             18 / 6 / 2013

24
عندما يتنازل الكبار عن كبريائهم!!

هل يعيد التاريخ استنساخ ذاته؟
كان ذلك يوماً مشؤوماً في تأريخ البشرية من عام 1961، حيث انذرت الولايات المتحدة الأمريكية الاتحاد السوفياتي بعدم السماح بوصول أسطوله البحري والحامل للصواريخ العابرة للقارات، والمتجه نحو كوبا الجزيرة التي لا تبعد عن سواحل ميامي سوى عدة عشر كيلومترات. وان تتوقف في عرض المحيط وإلا حالة الحرب النووية لا محال ستندلع بين الطرفين.
هاجت وسائل الاعلام في العالم واضطربت غرف العمليات العسكرية في جميع القارات وفي مقدمتها أوربا. وخرجت الصحف النهارية والمسائية في كل مكان ومنها بغداد العراق بالذات لتنقل الخبر المشؤوم وتقول بالحرف الواحد: أيها الانسان أينما كنت، عش اللحظات الأخيرة في هذه الدنيا بمشاهدة أي عرض سينمائي أو مشهد مسرحي، وتمتع بباقي الساعات الأخيرة من الحياة دون هدف ما. لأن الحرب الكونية الثالثة ستشتعل بين العملاقين. الأول الاتحاد السوفياتي الذي قرر نصب تلك الصواريخ على مقربة من العملاق الثاني -أمريكا- بغية حماية الدولة الصغيرة والحليفة له -كوبا- من العدوان عليها واسقاط نظامها السياسي الجديد وقيادته الثورية المتمثلة بشخصية كاسترو وغيفارا ورفاقهما.
في هذه اللحظات توقفت عقارب الساعة من الدوران. وشلت حركة الزمن، وزؤرت الشمس في عليائها، وترقبت الشعوب النبأ بقلوب خافقة.
نعم كان ذلك في يوم من عام 1961 والذي سمي فيما بعد (بأزمة الصواريخ السوفياتية إلى كوبا). حينما قررت القيادة السوفيتية عبر زعيمها نيكيتاخروشوف التحدي لجبروت أمريكا ونظامها الرأسمالي.
بعد أن أيقنت القيادة المذكورة أن الحلف الأطلسي في أوربا الغربية وبقيادة أمريكا، أصبح الخطر المباشر على الدولة السوفياتية والمنظومة الاشتراكية ككل، ولابد من التحرك لحمايته ومن ضمنه الدول الصغيرة ككوبا وغيرها. ودفاعاً عن السلم العالمي.
وكلا العملاقين يعلمان وبكل تأكيد أنهما الخاسران المباشر في هذه الحرب وثم البشرية إن اندلعت ولا يمكن لأي كان أن يوقفها. ولا مبرر عقلي أو أخلاقي لهذا التصرف إن وقع.
فما كان من القيادة السوفياتية إلا أن تعجل بمبادرة إنسانية وتطالب أمريكا أن تتعهد بعدم غزوها لكوبا. وان لا تتدخل في شؤونها الداخلية ولا تحاول اسقاط نظامها وقيادته مقابل أن يتوقف الأسطول السوفياتي أو السفينة الحاملة للصواريخ في عرض البحر وثم الانسحاب إلى قواعدها في حالة موافقتها وبشكل صريح على ذلك، دفاعاً عن نظامها الاشتراكي وكوبا واحتراماً للبشرية.
وفعلاً أعلنت أمريكا الموافقة على الشروط المذكورة. فسكتت أبواق الحرب في أوربا. وتنفست البشرية الهواء الطلق وركن خفقان القلوب لجميع شعوب الأرض. وكان أول هبوط لهيبة أمريكا ومسٌ بكبريائها. ولا يمكن اهمال موافقة الاتحاد السوفياتي لوقف سفينة الصواريخ في عرض البحر وهو أيضاً تنازل لهيبته ولكن حفظاً للسلام العالمي بالدرجة الأولى. وثم نعود لنقول ... ما أشبه اليوم بالبارحة؟
فها هي أمريكا ثانية وبعد أن أصبحت القطب الواحد في هذا العالم، تصول وتجول عبر العقود الثلاثة من بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي. ولم تتوقف غطرستها ولا سكن جبروتها وبرم عظلاتها بوجه الشعوب الصغيرة والكبيرة ولأي سبب كان، وبحجة الدفاع عن حقوق الانسان المكفولة بلائحة دولية. ولابد من تعميم ديمقراطيتها اللبرالية الجديدة على الجميع.
وها هي سوريا النموذج لدولة صغيرة، كادت تصبح غير مرغوب بها من قبل أمريكا وحلفائها الأوربيين وبعض الدول العربية الخليجية. وتحاول بشتى السبل اسقاط نظامها العروبي القومي، والذي قيل ظاهرياً المتحدي لا لأمريكا. بل لدولة اسرائيل والتي هي في حالة الحرب معها منذ عام 1948.    وبحجة أن نظامها دكتاتوري فردي وممول لحركة حماس الفلسطينية في غزة وحزب الله في لبنان ضدها. وواقعياً لا يمكن لأية دولة عربية في الوقت الراهن المحاذية لاسرائيل من مقارعتها.
فالقطب العملاق -أمريكا- الذي بدأ يفقدتوازنه في الآونة الأخيرة في الساحة الدولية وسبب ذلك سمو كبريائه حد الجنون ولابد أن يبقى حسب حساباته الخاصة يسمو ويسمو ما زال لا يوجد من يقف في مواجهته كقطب آخر. فكانت روسيا الوريث الشرعي للاتحاد السوفياتي السابق. ولابد أن تأخذ بالثأر التاريخي. وتضع حداً لعقلية القطب الواحد وتقول له كفى وقف في موضعك كما وقفت السفن السوفياتية في عرض المحيط عام 1961 ولأجل السلام العالمي سابقاً ولاحقاً. وعلى أمريكا أن تتنازل عن كبريائها ولابد من حماية أمن البشرية وعدم الانجرار وراء العنجهية والعقلية العسكرية للدولة الكبرى وأي كانت.

وأخيراً ولابد أن نقول في بيتين من الشعر وهي:

مـا شـاخَ جـبـلٌ بـعـلـوهِ وتـكـبّر         حتى هوى بـكـبـريـائـه وتـكسّر
وما ضاق العاقلُ بفطنتهِ وتجبر         حتى فطن وركن عقلهُ وتحرر

                                                                         يوسف زرا
                                                                       13/9/2013   

25
لمحة تاريخية مقتضبة

ان نزعة البقاء في كل زمان ومكان عبر التاريخ تعتبر المكون والمحفز الرئيسي في جعل أي كائن حي لا اراديا يخوض مسيرة الحياة بكبواتها وصحواتها وبدون انقطاع او توقف كحركة ديناميكية ازلية .
وما الانسان الا سيد هذه الكائنات وتميزه حسا ووعيا وادراكا لبيئته ، أي الوسط الجغرافي والمناخي الذي يعيش فيه . متجديا تقلبات الزمن ومخلفاته دون ان تشل غريمته وتتوقف المسيرة .
واذا اخذنا نموذجا خاصا لتجمع بشري ذات جذور تاريخية شق طريقه منذ اللحظة الاولى للأستقرار النسبي اجتماعا في مسطحات ارضية ووديان هذه البقعة المميزة بمكوناتها الطوبغرافية تمثل ( سهل فسيح جنوبا وسلسلة جبلية شمالا دون ان تكون هناك نبع او جدول او نهير ماء يرغمه او يغريه في بدء حياة ما فيها ، يصارع الطبيعة ومتغيرات مناخها القاسي دون كلل او ملل جيل بعد جيل ، يقارع طبيعة الارض الجبلية ووديانها ، بدءا ليختار له ملجأ فيها يؤى اليه ليقيه من برد الشتاء القارس ، وحر الصيف اللاهب والذي يكوي الجلد ويحرقه . وثم تستمر الحياة وفق نسق سلبا او ايجابا .
هكذا بدأ الانسان في قريته البدائية الصغيرة القوش قبل قرون وقرون ، وكلما يمر جيل ، فلا بد ان تزداد الثقة بالذي يليه في متابعة مسيرة الحياة ومصارعة الطبيعة . نازعا اليات العيش وديمومتها من صعداتها الجبلية جني الثمار الطرية والجافة من الشجيرات التي كانت تكثر فيها . وجعل حطبها للوقود وجذوعها لسقوف مساكنه القديمة .
تحدى انسان هذه القرية منذ مطلع القرن السابع قبل الميلاد ، ليكون في طليعة التجمعات البشرية القريبة منه والبعيدة عنه . لا بل عبر المسيرة الطويلة ولقرون عديدة ، اصبح عونا وظهيرا لكثير منها ، دون ان يعير اهمية لمصائبه ومحنه ، والتي تحداها وما انفكت تلاحقه الاعتداءات التي التي تعاقبت عليه منذ اواخر القرن العاشر ، وحتى اوائل القرن الحادي والعشرين الميلادي ، وشملت اعتداءات وغزوات لا تحصى من بعض الاقوام الغريبة الغالبية قرى المنطقة ، وليس ذكرها بشكل عابر لغرض تهيج الروح العاطفية ضد اولئك المعتدين الذين ان قدر لهم العودة للحياة ثانية لندموا على افعالهم واعتذروا لكل من اعتدوا عليهم في هذه المنطقة وها هي القوش البلدة العامرة وما حولها من القرى الكبيرة والصغيرة بجميع مكوناتها الاجتماعية والعقائدية تهنا نوعا ما بالاستقرار والامن الجماعي نسبيا وانعرف اهلها الى بناء حياة جديدة وعلاقات متميزة مع بعضها وبدون استثناء فشتان بين الماضي المظلم والحاضر المزدهر . . . . حقا انها لمحة تاريخية مقتضبة


                                                                                      يوسف زرا
                                                                                   25 / 7 / 2011

26
ضرب سوريا .. وشمولية الحرب الطائفية في المنطقة ‼

لا شك ان الحرب الأهلية في سوريا والتي نشبت منذ أكثر من سنتين، لها أسبابها وجذورها ومبرراتها التاريخية داخل المجتمع السوري، ومنها الانقسام المذهبي الإسلامي بالدرجة الأساسية رغم عدم إذكاء ناره منذ عقود وله أسبابه أيضا وهي.
إن بعد الحرب العالمية الأولى بين دول المحور الأوربية والإمبراطورية العثمانية ( الخلافة الإسلامية بقيادة المذهب السني ). وثم انتهاء الخلافة الإسلامية على يد الزعيم التركي القومي كمال اتاترك عام 1924. مما أدى إلى ظهور الدول العربية الحالية بقيادات قبلية ، أي تحكمها مجموعة أمراء ومشايخ عربية كان لها نفوذاً اجتماعياً واسعاً في البنية التحتية، ولازالت تسميات لغالبية تلك الدول العربية تسمى بأسماء أشهر قبائلها وأقواها على ارض الواقع. ومنها آل سعود في الجزيرة وال هاشم في العراق سابقا والأردن حالياً ، عدى الإمارات العديدة في منطقة الخليج التي لازالت تحكمها سلالات من المشايخ والأمراء لتلك القبائل المتحكمة فيها بعد الحرب المذكورة. وجميع هذه القبائل تنتمي إلى المذهب السني ، وبقي أنصار المذهب الشيعي بعيدين عن تولي أية سلطات رسمية في الدول العربية المذكورة ما عدا سوريا والتي كان يحكمها قبل حوالي أكثر من نصف قرن حزب سياسي علماني قومي وغالبة قادته من الطائفة العلوية ( الشيعية )، ولم يكن الحكم فيها طائفيا ولا دينيا بل حكم قومي عروبي والوحيد في الدول العربية المجاورة لدولة إسرائيل مباشرة، والداعمة للمقاومة المسلحة الفلسطينية كحماس في غزة وحزب الله في لبنان .
     وبعد قيام دولة إسرائيل في فلسطين عام 1948 وبدعم مباشر من الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا ، وعلى اثر احتدام الصراع على الأماكن المقدسة والمتنازع عليها بين المسلمين واليهود مما أدى إلى اشتعال عدة حروب طاحنة في المنطقة. وكانت مصر وسوريا وثمة العراق المشاركين الفعلي فيها ثم الأردن وسعودية وغيرها. وان ظهور التيار الديني إلى جانب التيار القومي في غالبية الدول العربية، كان العامل المساعد لنشوب النزاعات وحروب بين دولة إسرائيل والعرب والى مدة غير محدودة .
     ولكون منطقة الشرق الأوسط ذات أهمية إستراتيجية سياسيا واقتصاديا، وهذا مما أدى إلى احتدام الصراع فيها أيضا بين الدول الغربية من جهة والاتحاد السوفيتي في حينه وامتداده إلى هذا اليوم مع روسيا من الجانب الثاني لكونها الوريث الفعلي للاتحاد المذكور وطيلة العقود الممتدة منذ الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 عبوراً إلى الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945 . وثم الحروب العربية الإسرائيلية للأعوام 1956 / 1967 / 1973 وبقيادة مصر . مما أدى إلى ازدياد النفوذ الغربي في المنطقة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرئيسي لدولة إسرائيل، والمتعاملة مع الدول العربية بسياسة الكيل بمكيالين والغاية منها تحقيق أهدافها البعيدة، وهي السيطرة على ما كان يسمى سابقا المياه الدافئة أي منطقة الخليج والبحر العربي. وثم الاستحواذ على منابع النفط وبدون منازع باعتبارها الأغنى في العالم. مما أدى بالدول الغربية المذكورة ومنذ عقود السعي لإقامة حكومات فيها ذات ارتباط مباشر معها أو الموالية لها. بغية دعم أنظمتها الرجعية القبلية ومساندتها في حالة قيام شعوبها بثورات داخلية ذات اتجاهات سياسية واقتصادية متقاطعة مع مصالحها، وقد تؤدي إلى استمرارية الحرب بينها وبين إسرائيل وفي هذه الحالة لا بد من خلق اضطرابات شاملة في المنطقة ككل، والغاية منها ضرب الحركات الوطنية ذات طابع ديمقراطي وتقدمي، ثم جعل حالة الاضطرابات كنزيف دائم يضعف قدراتها الاقتصادية والعسكرية ويزيد الاحتدام والصراع المذهبي على السلطة بين زعمائها السياسيين وبين بعضها البعض على كراسي الحكم. وفعلاً كما حصل ولمدة 8 سنوات من الحرب بين العراق وإيران ( 1980 – 1988 ) والحرب العراقية ضد الكويت عام 1990 – 1991 ولا يمكن تحقيق أي استقرار امنيٍ واقتصاديةٍ وسلام دائما بين حكام المنطقة ككل والاحتقان التاريخي المذهبي والطائفي والقومي متوارث بين المكونين الإسلاميين الرئيسيين كثأر قائم بين السنة والشيعة من عهد الخلافة العثمانية ولمدة أكثر من ستة قرون. والذي فعلا لم تعد دولة عربية بصورة خاصة لا يوجد فيها بؤر وخلايا نائمة أو مشتعلة بهذه النسبة أو بتلك بين المذهبين المذكورين.
     وهناك عدة عوامل الفاعلة إلى تأجيج وإذكاء نار هذا النزاع، هو قيام الثورة الدينية في إيران عام 1979 وظهور الدولة الإسلامية فيها بقيادة الطائفة الشيعية وبمفاهيم فقهية لا تقبل المهادنة ولا المساومة عليها. وثم محاولة تعميمها على شعوب جميع الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط وخاصة المحاذية لإسرائيل. إلى جانب الحرب الإعلامية المتصاعدة بين الحكومة الإيرانية والدول الغربية بسبب محاولتها لامتلاك السلاح النووي والذي سيؤدي إلى اختلال التوازن العسكري في المنطقة لصالح الدول العربية وضد إسرائيل بالدرجة الأساسية .
    وان استغلال الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية استخدام سوريا السلاح الكيمياوي ضد المعارضة المسلحة أخيرا، وتهديدها بتوجيه ضربة عسكرية قوية للنظام السوري  ومحاولة إسقاطه. مما يؤدي بالدرجة الأولى ضرب المصالح الروسية في سوريا  والمنطقة ككل، وتضييق الخناق على النظام الديني القائم في إيران. ففي حالة ضرب سوريا فعلاً. فأنه سيؤدي إلى اشتعال سعير الحرب الطائفية في عموم الدول العربية وفي مقدمتها – لبنان – عراق – أردن – مصر . ولا بد أن يؤدي إلى اختفاء عدة دول مهمة تاريخياً. وقيام غيرها بكيانات هزيلة ومسيرة ومسلوبة إرادة شعوبها. وهو الهدف الرئيسي للدول الغربية وإسرائيل معاً. وثم تنفيذ خارطة المستقبل لهذه الكيانات ككانتونات لا استقرار فيها ولا سلام دائم بين شعوبها،وأخيرا لا بد أن تقول.
     وهل تتراجع أمريكا من تهديدها بضرب سوريا بسبب عزتها دولياً وعدم تجاوب أوربا معها. أو بتصلب موقف روسيا من الضربة المحتملة.؟
     أم التهديد أصبح نوع ( من الحرب النفسية ) تطلقها أمريكا لفشل سياستها في المنطقة بعد تدخلها العسكري المباشر في العراق وليبيا ومساهمتها بإسقاط نظاميهما وقيام حكم طائفي تتصارع فيهما القوى المتنفذة للمذهبين وتنشط فيهما المنظمات الإرهابية الدينية المتطرفة مما أدى إلى عدم الاستقرار وشبه الحرب الأهلية بين الفصائل المتناحرة على السلطة ؟

                                                                                           يوسف زرا
                                                                                        9 / 9 / 2013

27
الإعلام ورواتب التقاعد للدرجات الخاصة

قبل أكثر من شهر انشغلت الكثير من القنوات الفضائية بتحريك الإعلام حول عدم شرعية الرواتب التقاعدية للدرجات الخاصة. ( الرئاسات السيادية الثلاث – الوزارية ووكلاء الوزارات – النواب – أعضاء المجالس المحلية للمحافظات والاقضية والنواحي ) وغيرها. بغية سن قانون بإلغاء هذه الرواتب الممنوحة بدون أي سند قانوني وشرعي للدرجات المذكورة للسابقين واللاحقين. باعتبارها رواتب غير شرعية ويجب إلغائها قانونيا. وان هذه الأموال الضخمة المصروفة لتلك الدرجات تعتبر هدر للمال العام. وان العاصفة الإعلامية التي تغطيها والتي تقوم بها كثير من القنوات هي بغية سن قانون لإلغائها. كأنها فقط هي الظاهرة الوحيدة للفساد المالي المستشري في جميع دوائر الدولة. والذي بدأ الكثير من المسؤولين يقرون بذلك. وأصبح الأمر مكشوفاً ومفضوحاً ومعلوماً لدى أبسط شخص من أبناء الشعب. وان هول الإعلام عن ضرورة إلغاء هذه الرواتب, يجب تصعيده باعتباره من مقومات لا بل ركن من أركان النظام الديمقراطي للدولة العراقية . ومن حق الشعب إن يحتج على كل صغيرة وكبيرة غير شرعية ولا قانونية أو عقلانية , فهذا جيد. في حين نست أو تناست هذه الشبكات الإعلامية والقنوات الفضائية المتعددة , إن رواتب هذه الشريحة الكبيرة الشهرية من الدرجات الخاصة رواتب غير شرعية ولا عقلانية أيضا , لا بل نوع من النهب للمال العام والفساد المالي بعينه . في حين مضى أكثر من  سنتين على أمل إصدار قانون التقاعد العام , والذي جعل في مسودته الحد الأدنى للراتب التقاعدي للعراقي مبلغ (400 ) ألف دينار . ولازال القانون يتراوح في أروقة مجلس الوزراء , ولم يصل إلى مجلس النواب لإقراره بحجة في حالة سنهِ , قد لا تكون ميزانية الدولة قادرة على تسديد رواتب المتقاعدين وفقا للقانون الجديد . وحاليا فان راتب الوزراء والنواب الشهري وغيرهم أكثر من عشرة ملاين دينار لكل واحد وهو راتب شرعي وقانوني , غير ما يلحق به من رواتب لا أكثر من ثلاثين شخصا بحجة أفراد الحماية والحراسة الشخصية , وأكثرها أسماء وهمية وتصرف بدون حضورهم كما نوهت عنها بعض القنوات الفضائية عبر شخصيات مستقلة و رسمية .
فأي ظاهرة للفساد المالي والإداري أبشع من هذه الظاهرة المشرعنة قانونياً ولا يمكن لأحد الاحتجاج عليها عدا الفساد المالي والرشاوى المفضوحة في الكثير من الوزارات والحاصلة من جراء عقود وهمية أو المساومة على التلكؤ الحاصل من قبل الشركات المنفذة ويكتم عنها. ولا يمكن محاسبة أي كان لأنه مسند من القائمة أو الكتلة السياسية في الدولة وصاحبة النفوذ الطائفي أو القومي على أرض الواقع.
فلماذا هذا الاستهلاك الإعلامي الكثير حول الرواتب التقاعدية لتلك الدرجات الخاصة والتي تكلف خزينة الدولة نسبة كبيرة، ولا يعتبر هدر للمال العام. بإضافة الرواتب الشهرية الخيالية المدفوعة من خزينة الدولة للمناصب السيادية وغيرها ولا مثيل لها في العالم .
فأي شرعية لهذه الرواتب الشهرية التي تتباهى بها الحكومة. والشعب يئن تحت وطأة الفقر المتقع والبطالة القاتلة والإرهاب اليومي المنظم ؟ …. فهل من جواب ؟ 
                                                                                               يوسف زرا
                                                                                           19 / 8 / 2013

28
(( هل الفساد المالي إرث تاريخي ))
قبل أكثر من نصف قرن مضى، كان قد عرض فلم في سينما السندباد في بغداد – منطقة الاورفلي – وأعتقد كان عنوان الفلم إما ( سعيد أفندي أو أبو هيلة ) وكان من أبطاله الفنان القدير يوسف العاني ونخبة من الفنانين والفنانات أيام زمان.
وسرت الإشاعة عنة بسرعة البرق، بأن المغزى لهذا الفلم يدور حول الفساد الإداري والمالي المستشري في جميع مرافق الدولة للنظام الملكي. ويظهر الفنان يوسف العاني في شارع أبي نواس يشتري سمكة كبيرة من أحد السماكين المتواجدين في الشارع المذكور. فبادر الفنان بفحص السمكة بشمها من ذيلها. فسأله أحدهم لماذا تشم الذيل. فأجاب يوسف العاني لأن الخيسة قد بدأت من الرأس فهل وصلت إلى الذيل؟ . وفي اليوم الثاني أُغلقت دار السينما المذكورة ومنع عرض الفلم فيها، واختفى الممثل المذكور وبعض زملائه المشاركين معه. ولا حاجة لمواصلة ما حل بعد ذلك. وكنت أحد من اللذين شاهد الفلم.
إن ما ورد أعلاه هي وثيقة تاريخية حقيقية ولم تستنسخ من أرشيف مزور ولا من مخزون في جهاز الكومبيوتر الذي شاع استعماله حاليا والذي يمكن أن يزور أية وثيقة تاريخية وحتى لو كانت من العمق الحضاري ويطرحها في ميدان الإعلام المزيف.
كان ذلك في عهد لنظام حكم ملكي رجعي في عرف كل القوى الوطنية والأفكار التقدمية آنذاك ولا زال. ولم يكن رائجاً في السوق السياسي مفاهيم ديمقراطية ولا عدالة اجتماعية، ولا حقوق إنسانية، أو حرية إبداء الرأي بشكل علني، وتسقط الحكومة بمجرد انتفاضة للقوى الوطنية لمدة عدة أيام وتقدم التضحيات . وثم تهدأ الحالة بمجرد تشكيل حكومة جديدة وكأن شيئاً لم يكن.
ولكن بعد أكثر من نصف قرن من السنين، ها هو التاريخ يعيد نفسه بصورة أبشع متقمصا ميزة عصرية –  نظام جمهوري –  دستور دائم برلمان منتخب – محكمة اتحادية دستورية – أحزاب سياسية وصحافة ناطقة باسمها ومستقلة لا تعد ولا تحصى، إلى جانب عشرات وكالات الأنباء وقنوات خاصة وعامة تنقل ما يحدث في كل ساعة ودقيقة لما يقع على أرض الواقع في غالبية مراكز المحافظات من التفجيرات والأعمال الإرهابية التي تؤدي إلى استشهاد العشرات ومئات من الجرحى وخاصة في مدينة بغداد العاصمة وفي محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى وبابل والبصرة وغيرها. دون أن تتمكن الجهات الأمنية وضع حد لها أو تقليلها. أو إلقاء القبض على رؤوس الإرهاب المنظم عدى ما يكشف عنه عبر وسائل الإعلام عن استشراء الفساد المالي وبشكل مكشوف في جميع مرافق الدولة وخاصة وزارة التجارة والدفاع والكهرباء وغيرها. وكأنه أصبح الأمر مستعصيا على المسؤولين ومستحيل تشخيص هذه الحالة المزرية إلى جانب تفشي البطالة في صفوف النسبة العالية من الشباب، والخريجين منهم. ولم يعد أحد يسمع إلى مطاليب الجماهير من فقدان الخدمات الأساسية أو تدينها ومنها الكهرباء والماء والبطاقة التموينية إلى جانب فقدان الأمن كما جاء أعلاه .                                                                
وقد وصلت الحالة بأن مجلس النواب أصبح ميدان وساحة الصراع والمنازعة بين الكتل السياسية المتنفذة والمتصارعة على السلطة، ولم يعد بإمكان دعوة أي شخصية رسمية من الحكومة – كرئيس الوزراء – أو وزير التجارة أو وزير الكهرباء أو من قادة الأمن والتحقيق معهم وتحديد المسؤولية القانونية بدون تأخير أو مماطلة بمعنى انه ( مجلس النواب ) فقد شرعيته كسلطة شرعية منتخبة من قبل الشعب ومن حقها محاسبة أية شخصية سواء كانت في السلطة التنفيذية أو قضائية. والكل يدعي بسيادة القانون تبجحاً ورياءً .
فما أشبه اليوم بالبارحة وبعد مضي أكثر من خمسة عقود والفساد قد طال جسم الدولة وفي ظل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحرية الرأي وحقوق الإنسان .
هل يحتاج أي كان أن يفحص سمكة ولو صغيرة ويشمها من رأسها لا من ذيلها ولا يعرف إلى أين وصلت خيستها حقاً ؟
وهل الفساد المالي إرث تاريخي ؟  
أم الكل لا يرى ولا يسمع وبريء من كل شيء ؟




                                                                        
يوسف زرا

                                                                      
30/7/2013
 

29
أتموت الأشجار وهي واقفةً … وثم تسقطُ .. أم ؟

تعتبر حركة المجتمع الإنساني كقانون طبيعي، وسنة من سنن الحياة، غير خاضع للمجادلة ولا المزايدة عليه، كما لا يقبل أيضا التعطيل ولا المماطلة والتسويق بغية إبطال مفعوله، لأن آلياته وأجندته هي مكونات حيه  غير مستقرة ولا ساكنة، بل تتحرك وفق ما تمليه المفردات اليومية زماناً ومكاناً، وخاضعة للتغيير والتجدد، وحسب حاجة كل جيل ومجتمع وتحت تأثير ظروف مناخية وجغرافية معينة ، وعوامل اجتماعية واقتصادية وفكرية والتي تتماشى معها الأعراف والقيم المستنبطة من تلك الحركة الديناميكية، وعلى هذا الأساس إن ما يتفاعل ظاهريا في البنية التحتية العريضة للمجتمع. قد يتقاطع كليا أو جزئيا زمانا ومكانا مع ما هو مفروض عليها من قبل الشريحة المتحكمة وصاحبة النفوذ الناتج من جراء توظيفها في غفوة زمنية طويلة بحكم الموروث، دون الرجوع إلى القاعدة العريضة المسلوبة الإرادة والوعي والحق الشرعي في الحياة، لتكون صاحبة الكلمة والاستحقاق الناجز في العيش الكريم والاحترام المطلوب لجنس الإنسان، باعتباره أثمن كائن، وأغلى قيمة خارج المفهوم السوقي من المستغلين والمتضاربين به.
فإذا كان المجتمع الإنساني منذ القدم قد توصل لإقامة أنظمة اجتماعية واقتصادية وفكرية خاصة عبر مراحل زمنية معينة، فأن التفاعل في مكوناته وعبر الوسائل المتاحة قد تكون بنسب متفاوتة وغير متكافئة ومتقاطعة مع مصالح القلة المتربصة والمتحكمة بالمجتمع القائم عبر الشرعية الزمنية المفروضة كمرجعيات وراثية، سواء كانت دينية وتشعباتها المذهبية، أو علمانية طبقية للنظام القبلي الإقطاعي، والتي تسهل ديمومة البقاء كصاحبة النفوذ الأوسع، والحاصل من الصراع المبطن بين تلك المرجعيات، مستغلة أتباعها كسور للدفاع عنها، والتي لا بد من الاعتراف بأهميتها زماناً ومكاناً كشريحة شرعية وفق المنظور الوراثي الديني والطبقي، وهذا ما كان سائداً لعدة قرون في أوربا بصورة عامة والغريبة منها بصورة خاصة كمرجعيات دينية متحالفة مع مرجعيات طبقة النبلاء والأشراف حتى عصر النهضة الفكرية كثورات اجتماعية واقتصادية والثورة الصناعية منذ أواسط القرن الثامن عشر . والتي أدت إلى إنهاء الشرعيات الموروثة مهما كان نفوذها قائماً على أرض الواقع لأنه إجحاف بحق الإنسان في الحياة وتمثيل مبطن وغير شرعي، ولم تتنازل هذه المرجعيات عن امتيازاتها المذكورة إلا بعد فرض العزلة التامة عليها وإنهاء دورها من قيادة المجتمع كشرعية للنهضة بكل معانيها الحياتية ضمن قانون حركة المجتمع فإذا كان المجتمع الأوربي قد سبق جميع المجتمعات في نهضته الفكرية والصناعية وله الفضل في تحرير القاعدة العريضة المقهورة والمسلوبة الإرادة وكان ذلك قبل عدة قرون، فأن انعكاسه كان بطيئاً على غالبية المجتمعات في القارات الأخرى وله أسباب ومبررات  أدت إلى بعض الجمود وعدم النهوض الجماعي كثورات اجتماعية وفكرية. يرجع كل ذلك إلى قوة المرجعيات المذكورة. وكثرة الصراعات التي كانت ولا زالت قائمة بين مكونات هذه المجتمعات ومنها المذهبية والطائفية والقومية والعنصرية والاثنية وغيرها، وضلت تُنعش هذه الصراعات حتى إلى زمن قريب مما أدى إلى قيام حروب ونزاعات إقليمية وطنية بين مختلف هذه المكونات، إضافة إلى التدخل المباشر من قبل الاستعمار الغربي الذي  مازال قائما رغم تغيير نمط نفوذه من الكولونيالية الى الاقتصاد ، إلا انه ظل يذكي نار الفتنة المتعددة بين هذه الشرائح العريضة والتي ضلت منساقة وبدون إرادة مع التيارات المتصارعة على أرض الواقع وبشكل متنوع ومختلف جغرافيا .
إننا نعيش مباشرة هذا الصراع الدامي داخل العراق منذ عدة عقود وقد استفحل هذا الصراع في العقد الأخير بسبب الإرهاب المنظم لما يسمى بالقاعدة وكأنها الزلزال المدوي تحت أرضيته وبدون توقف، وما تشهده سوريا منذ أكثر من عامين من الحرب الأهلية بين مجموعة فصائل غير متجانسة دينيا ولا مذهبيا ولا قوميا، وألان في مصر واستقطاب الصراع بين التيار الديني المتطرف صاحب الشرعية القانونية المألوفة في وصوله إلى سد الحكم وما آل إليه الوضع بعد النهضة الثورية لقاعدة المجتمع المصري ووعيه بضرورة المبادرة لإلغاء الشرعية المذكورة لأنها حاصل فترة السبات والغفوة الزمنية الطويلة للشعب المصري، وقد يمتد الصراع إلى حرب أهلية لإصرار التيار الديني المتطرف على شرعية الحكم له وبين الجموع الثورية الناهضة وعدم اعترافها بالشرعية الشكلية، وهذا فعلاً يعتبر عملاً غير مسبوق في العالم الثالث وبهذا الشكل الجامح لإضعاف الشرعية الحياتية للقاعدة التحتية العريضة للمجتمع المصري التي قد تمثل أكثر من ثلاثة أرباع المجتمع إن لم يكن أكثر.
أخيرا لا بد أن نقول إن موت الأشجار وهي واقفة هو حقيقة واقعية حية متفاعلة لا خمود لها وسقوطها حتمي مهما اشتد الإصرار، إنها مرحلة الانفصال التاريخي بين شرعية الماضي المتهالك على البقاء وأحقية الحاضر في قيادة المجتمع مهما كانت التضحيات.
انه الموت بعيون مفتوحة وهي واقفة، والسقوط المحقق وبدون رجعة ولا سقوط لها وهي واقفة وثم الموت .


                                                                            يـوسـف زرا
                                                                        25 / 7 / 2013

30
أشرعية الصندوق أم شرعية النهضة؟

   إن ظاهرة التغيير والتجدد، هي فرضية في مسار حياة الانسان. وذلك لتميزه عن باقي الكائنات الحية بخاصية الوعي والإدراك أولاً. وثانياً، لأنها من المتطلبات الآنية والمستقبلية لتجدد مفردات حياته اليومية وفق منطوق (المادية التاريخية) (كحركة ديناميكية). ولا يمكن أن تتوقف هذه الحركة لأنها بمثابة انعكاسات واقعية لأي تجمع بشري، وهي ناتج خصائصه الاجتماعية والاقتصادية والفكرية. وان أي خمول أو كسل يصيب أي تجمع، قد يؤدي إلى مردودات سلبية في مجرى الحياة، ويؤدي إلى فقدان التوازن وخسارة لا تعوض لجميع المكتسبات للخصائص المذكورة، والتي تعتبر حاصل التراكم الزمني الكمي لأجيال وأجيال. وان تقدم أي شعب بمعنى حصول تجدد وتغيير في آليات الحياة. وتعتبر أيضاً إفرازات من عمق شعوره بنهضة شاملة لجميع تلك الآليات ومقوماتها الأساسية الحية وفق ما ورد أعلاه.
وإن أي شعور بأهمية النهضة يجب أن يصاحبها أداة التنفيذ (انتفاضة جماعية) متواصلة بغية تحريك البنية الاجتماعية العريضة ذات الشأن المباشر والمصلحة العليا سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية. وأية أسباب قد تؤدي إلى التلكؤ أو التباطؤ في عملية التغيير والتجدد، يكون لصالح الشرائح الفوقية المتوارثة والمترسبة في أرضية المجتمع ومتحكمة به ولا تقبل أي مسٍّ في مركزيتها وامتيازاتها الخاصة، وتحاول استخدام شتى السبل لإيقاف عملية التغيير والتجدد.
وان ما جرى ويجري منذ عدة أعوام بعيدة وقريبة في كل من مصر وتونس وليبيا والعراق وسوريا واليمن وتركيا وغيرها من دول منطقة الشرق أوسطية بصورة خاصة، ليس وليد أيام وأسابيع، بل وليد التناقض المستفحل والصارخ بين القديم المستبد والجديد الطموح للانعتاق والتحرر منه، ونحو مستقبل أفضل.
وان ظهور بعض الدول ذات الأنظمة الجمهورية في عدد من الدول العربية من أكثر من نصف قرن مضى، فهذا لا يعني انه حصل تبدل جوهري في مواقع وعقلية تلك الشرائح الفوقية والمستبدة، وذات النفوذ الاجتماعي القبلي أو الديني -مذهبياً وطائفياً- ولها أسبابها المتراكمة أيضاً ومعلومة لدى كل متابع لمجرى الأحداث، السياسية والاجتماعية والفكرية. وهي فعلاً الوريث التاريخي للنظام الاقطاعي والمرجعيات الدينية المتطرفة بدون استثناء. رغم انها متعايشة تحت خيمة المجتمع المدني ظاهرياً. إلا أنها متمسكة بزمام الأمور، حجتها تقديس الموروث الاجتماعي والديني بصيغته المنغلقة والمتطرفة، تحيطها فئات منتفعة وموالية لها. رغم تظاهر الكثير منها بتأسيس أحزاب وحركات سياسية ذات أيديولوجية معاصرة اسمياً، تستخدمها كأداة لشرعية عملها، متبجلة الديمقراطية اللبرالية كأبسط ضمان لديمومة بقائها شرعياً. وغالبية البنية التحتية العريضة لمجتمعاتها مقهورة ومسلوبة الارادة، إما لكون جميع الحكام في الأنظمة المذكورة تلتقي مصالحها ومصيرها معها، وإلا لا مكان لها مستقبلاً. وإذا كان الشعب المصري منذ مدة قد أصابه الخمول والكسل بنتيجة الارهاق المتواصل لعقود من السنين ومن جرّاء دخوله عدّة حروب قاسية وفاشلة مع اسرائيل المدعومة مباشرة وبشكل مكشوف ولا زالت. إلا أن الحكام المتعاقبين خلال العقود الثلاثة الأخيرة، قد أصبحوا أكثر ضياعاً ونفوراً. لا بل فقد الشعب الثقة بهم ولم يعد لهم أية مصداقية، ولا الأحزاب السائرة في فلكها.
أما الكتل والحركات السياسية المعارضة فهي مهمشة أو أو منقسمة على نفسها ولا نفوذ لها. عدى التيارات الدينية التي استغلت هذه الفترة ونظمت نفسها وتمكنت من كسب ود البسطاء وتحريكهم في أجوائهم كما يشاؤون. وخير دليل على ذلك. فإن حركة الاخوان المسلمين المصرية بالذات، كانت قد نشطت منذ أيام مؤسسها حسن البنا في الخمسينيات من القرن الماضي وظلت تعمل في جميع الأوساط الاجتماعية المقهورة سواء اقتصادياً أو فكرياً. وحتى عملت في الوسط الأكادمي وكسبت الكثير منهم. علّهم ستحقق لهم ما لم تتمكن الأحزاب المدنية على اختلاف مناهجها الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، وحتى الموالية للسلطة التي لم تحقق لهم أي مكسب مادي ومعنوي. فكان ما كان في العملية الديمقراطية المشوهة في انتخابات أول مجلس برلمان غير شرعي قانونياً وتم الغائه من قبل المحكمة الاتحادية الدستورية. وثم انتخاب رئيس الجمهورية وحصوله نسبة ضئيلة أكثر من النصف في المئة. واستلامهم (الاخوان) السلطة، وبدء من الأيام الأولى الاستئثار بها ومنذ اللحظات الأولى لحكمهم.
وهنا دق ناقوس الخطر ووصل رنينه إلى أبعد طبفات المجتمع، وتحسس الجميع بأنهم كانوا في غفوة زمنية لا بل في سبات عميق. فلابد أن ينهظوا ويقطعوا الطريق على هذه الكتلة التي باشرت بإصرار شديد بقلب كل الموازين لصالحها وتغيير هيكلية الدولة ومؤسساتها وما يناسب أفكارهم السياسية الدينية والمذهبية مستندين على شرعية الصندوق. وكائن الصندوق هو الحاسم الحقيقي لجميع مشاكل المجتمع. وهو القانون والدستور الأساسي لها. وزادت ثقتهم بنفسهم حد التقوقع وتهميش غيرهم حينما علموا أو تأكدوا أن مهما نهض المجتمع المصري، فانهم قد حسبوا ألف حساب للمستقبل القريب والبعيد. حيث الكل يعلم أن الحدود المصرية الليبية بعد سقوط نظام القذافي فتحت لجميع المهربين وتجار الأسلحة الخفيفة والمتوسطة وحتى الثقيلة، وتمكنت الأحزاب الاسلامية وفي مقدمتها (اخوان المسلمين) من خزن القسط الأكثر منها. وانهم شرعاً سيتمكنون من استخدامها باسم استحواذهم للسلطة التنفيذية مباشرة أو عن طريق تسليح انصارهم بها في حالات الطوارئ. وضرب أية معارضة مجردة من أي دعم رسمي أو شعبي حسب ظنهم.. وفعلاً تناقلت الكثير من القنوات بأنهم بدؤا يوزعون الأسلحة بعد اقالة رئيسهم على انصارهم.
وقد وعت القوى السياسية العلمانية، بأنها أصبحت بين قوسين أو أندى من محاصرة القوى السياسية الدينية لها، وبقيادة الإخوان مباشرة. وان هذه القوى مهما حاولت التظاهر ورص الصفوف سوف لن تتمكن من ازاحتها. وان شعار اسقاط رئيس الجمهورية سلمياً لا يمكن تحقيقه لأنها متمسكة بالشرعية الانتخابية وانها متربصة بها، وفي حالة أي احتكاك سلبي بها، قد تبيدها باسم الشرعية المذكورة والسلطة الرسمية. وان الحرب الأهلية لا مفر منها بين الطرفين إذا لم تخضع الأحزاب العلمانية لذلك وتعترف بالشرعية وتحترمها.
إلا أن المثل يقول... تهب الريح بما لا تشتهيه السفن.
فما كان بالقوى الوطنية العلمانية إلا أن تصر على رحيل رئيس الجمهورية باعتباره رأس حربة لهم. واستنجدت بالقوات المسلحة في الوقت المناسب وطلبت تآزرها واسنادها في معركتها السلمية مع القوى الدينية وفي مقدمتهم الاخوان. فان التاريخ السياسي لكثير من الشعوب المسلوبة الإرادة، قد تضطر إلى اللجوء إما إلى حمل السلاح والدفاع عن نفسها، أو إلى القوات المسلحة، رغم علمها بأنها قد تقع في مأزق مستقبلاً، خشية تشبث العسكر بالسلطة واقامة دكتاتورية جديدة صعوبة ازاحتها أيضاً. ولكن هناك مثل شعبي ولو عند الحاجة القصوى وبنظرة ضعيفة (حمة شديدة ولا موت محقق).
وإذا عدنا إلى تاريخ شعوب المنطقة، فنرى بأنه قد مرَّت بمثل هذه الظروف الصعبة وشهدت عدّة انقلابات عسكرية، وكان أبرزها والذي وقع في مصر في 23 يوليو 1952 وسقوط النظام الملكي فيها، وتأسست الجمهورية المصرية الحالية. وكان لهذه الحركة تأثيراً كبيراً على شعوب المنطقة برمتها وفي مقدمتها العراق وسقوط النظام الملكي في 14 تموز 1958 وقيام النظام الجمهوري الحالي. وغيرها من الدول العربية كالسودان واليمن وليبيا.
سنعود ونقول. هل ستتمكن قيادة الجيش المصري انجاز المرحلة المحددة لإجراء الانتخابات الجديدة لرئيس الجمهورية والبرلمان دون حدوث مواجهات دامية مع القوى الاسلامية المدججة بالسلاح داخلياً والمدعومة خارجياً من التيار الاسلامي المتشدد أيضاً. وثم يبدأ عصر الديمقراطية الحقيقية والاستقرار الأمني والازدهار الاقتصادي، ويعبر الشعب المصري هذه المحنة الكبيرة بسلام. أم تصر حركة الاخوان وأنصارها على التحدي لقرار العسكر بعزل الرئيس محمد مرسي، وتحاول استمالة بعض أجنحة أو وحدات عسكرية وتقوم بعصيان مسلّح قد تؤدي إلى الفوضى العارمة والاضطرابات الدامية بين الطرفين، ودون أن يعلم أحد بالمجهول المنتظر للشعب المصري ويفقد ثقته حتى بجميع الأطراف السياسية والعسكرية، إلى جانب التدخلات الأجنبية من جيران المنطقة والدول الكبرى. كما حدث ويحدث في سوريا حالياً.
أيصعب وضع النقاط على الحروف وما سيُقرأ بعد ذلك في اللوحة السياسية والعسكرية حالياً ومستقبلاً، وتخرج مصر من مخاضها العسير؟


يوسف زرا
7/7/203

31
تكريس الهوية الثقافية كفيل بمستقبل الجمعية

بمناسبة انتخابات الدورة الخامسة لجمعية القوش الثقافية فلابد أن نستذكر ، أن منذ تأسسها في 26 / 5 /2003، كان الهدف منها إقامة صرح أو مركز ثقافي و فني، تتبارى في ميدانه كل الكفاءات والخبرات لمختلف الأقلام والنشاطات، وفي مقدمتها حصراً الشابة منها، مدعومة من قبل من كان قد دخل معترك الحياة الثقافية والفنية والعلمية منذ عقود، وحمل قلمه المتواضع كشمعة وهاجة وكغصن مخضل وفي مقدمة المركب مع جميع الطاقات المنضوية تحت راية الجمعية مع الكوادر الثقافية والفنية والعلمية، وغيرهم من التدريسيين الذين كانوا شبه مهمشين جميعا في العقود السابقة، ولم تسنح لهم أي فرصة لتأسيس جمعية أو رابطة ثقافية أو فنية ذات هوية مستقلة عن أي دائرة رسمية ، كي يبدعوا ويوظفوا أقلامهم في خدمة ومسيرة المجتمع ككل والبلدة العزيزة القوش بصورة خاصة وبرؤية معاصرة دون أن تعتمد هذه الشريحة المؤسسة للجمعية على أي دعم مادي وحتى المعنوي من جهة حكومية سواء كانت اتحادية أو إقليمية، لا بل أي أحزاب أو حركات سياسية، ومع كل التقدير والاحترام لمن انخرط من أفرادها في صفوف الجمعية منذ تأسيسها وفق نظامها الداخلي الخاص بتحديد درجة معينة من التحصيل العلمي كي تستمد الجمعية شرعية هويتها الفنية والثقافية ومن أوساط هذه الشريحة الكبيرة المنسية، ولا أثر لأي إنتاج ثقافي أو فني لها بشكل معاصر. مع استحقاقها وأحقيتها بإصدار مجلة أو صحيفة ناطقة باسمها سواء إن كانت شهرية أو فصلية. وبهذه المناسبة لا بد أن نلمح عن المعوقات لا بل المحاولات العديدة التي صدرت من بعض الأفراد والمحسوبين على المثقفين أو من المتعلمين بإصرارهم على إفشال قيام هذه الجمعية وكمنبر ثقافي وفني من أول أيامه وبحجج واهية، وخابت محاولاتهم في حينها ومع ذلك فأن الجمعية شقت مسيرتها لأكثر من دورة وأصدرت مجلتها (السراج – شراغا ) منذ الأشهر الأولى لتأسيسها ولا زالت تصدر رغم بعض الهفوات والسلبيات التي اعترضتها وبكفاءات محدودة نوع ما. وتم تسويقها من عددها الأول داخل الوطن والى خارجه وحتى وصلت القارات ( أمريكا – استراليا – أوربا ).
إلا انه وبمزيد الأسف وبعد عدة دورات أصاب الجمعية الخمول وانحرفت عن مسارها الثقافي والفني رغم تحذيرنا في الدورة الثالثة من ذلك. وأصبحت ملتقى للعب واللهو بشكل عام ولشريحة محدودة من أعضائها.
ثم كرست ظاهرة تردد الكثير من العناصر الشابة والمراهقة ومن خارج عضوية الجمعية، وأصبحت كبار ومشرب لهم . عدا إن بعض زواياها صيفاً، أو غرفة أو غرفتين شبه مظلمتين أمست ملجئاً دائما ً لشلة من أعضاء الهيئة العامة يقضون فيها ساعات وساعات في اللعب واللهو دون الالتفات إلى ما آل للجمعية من تقلص تردد الكثير من أعضائها من ذوي الخزين والكفاءة الثقافية والفنية إليها، ولو لفترات قصيرة أسبوعيا.
ولابد أن نشير بشكل صريح وشفاف إن من تولى من الزملاء إدارة الجمعية أو إصدار المجلة حاول عمدا أو بدون عمد تهميش وإقصاء خبرة حملة قلم الثقافة والفن والغاية منها الانفراد والسيطرة عليها وعلى هيئة التحرير. وثم فرض الهيمنة المباشرة من قبل رئاسة الهيئة الإدارية مؤخرا وتحجيم صلاحية هيئة التحرير. مما أدى إلى فقدان الهوية الثقافية والفنية شيئاً فشيئاً .
حتى عجز كادر هيئة تحريرها مؤخراً من مواصلة تحمل المسؤولية، وتقلص عدد المساهمين في رفد المجلة بالمواضيع المهمة وحتى غير الصالحة للنشر .
وقبل الختام. أعود واكرر إن ما أصاب الجمعية من التعثر والانتكاسة في مسيرتها هي مسؤولية الكل وليس غيرهم ومنهم الهيئة التأسيسية بصورة خاصة والهيئة العامة، فلابد من طوي ما لحق بالجمعية من الأذى وان انبثاق هيئة إدارية شابة في الدورة الحالية . فاني اعتبرها حالة صحية رغم عدم أهلية غالبية أعضائها لمثل هذه المهمة ، ولمثل هذه المؤسسة. إلا انه يجب على كل حريص لنهوض هذه الجمعية وتكريس هويتها الثقافية والفنية في المقدمة، المبادرة لمد اليد لهذه الهيئة ورفع معنوياتها ومدها بكل ما يلزم من الخبرة والكفاءة المطلوبة .
وإعادة النظر وبكل شجاعة وثقة لهيبة الجمعية وتحديد الأيام المناسبة المخصصة لأعضاء الهيئة العامة لأخذ القصد الزمني من الراحة فيها ودون تكريس اللهو واللعب بدلا عن الهوية الثقافية .
وكذلك تحديد أيام معينة ومحددة لرواد الجمعية ليلا كمحل للشرب ومن الأعمار المناسبة من غير أعضاء الهيئة العامة ولست بأية غاية في الأسطر الأخيرة بدعوة مشروطة على الهيئة الإدارية . إلا إني أراها ضرورية لاستعادة مسيرتها الثقافية من الأماسي الشعرية والمحاضرات والندوات واللقاءات العائلية .
علماً بأنني لم اعد عضوا في الهيئة العامة وبمحض إرادتي ، ولن أكون بعيدا عنها وفي جميع المناسبات المطلوبة رغم إني احد مؤسسيها الرئيسيين وشكرا ً .
                                                                                    يوسف زرا
                                                                                 6 / 6 / 2013         

32
أدب / إلى متى ؟
« في: 23:36 09/06/2013  »


إلى متى ؟


  يوسف زرا


إلى متى لا نتحسس بفقد ذاتنا ؟
إلى متى لا نعلم بتهميش ذاتنا ؟
إلى متى لا نُبصر ارتباك ذاتنا ؟
إلى متى لا نشك بسهد ذاتنا ؟
إلى متى ……. إلى متى ……… وإلى متى ؟ ‼
وصراخ الصدى من بعيد ….. يدوي
ويقول ….. هيّا نوحد السؤال
أبشكوى على الزمن العابر ؟
فرد َ التاريخ وقالَ …. وما جُنحي أنا ؟
أبشكوى على واد ِ الرافدين ؟
فردَ الفراتين وقالا …... وما ذنب ُ كلانا ؟
أبشكوى على قانون الحياة ؟
فردَ دارُ العدالة وقال …… وما جرمي أنا ؟
أبشكوى على البشرية ؟
فرد َ صوت الشعوب وقال …… وما علتي أنا ؟
أبشكوى على الراقدين تحت الثُرى ؟
فردت القبور وقالت ……. وما فِعلُنا بعد الممات ِ ؟
أذن ….…. إذن ……… وإذن ؟ ‼
لما لا نكشف عن حقيقتنا ؟
لما لا نبحث عن كُنهنا ؟
وها نحن بلا خوف ٍ ……. نُقِرُ
إننا محط ومجمع الأسباب …… في تنازع كياناتنا
وصوت ينادي ……. ألا بخطوة واحدة ٍ نخطو إلى الأمام
فنحقق حرية وحدتنا
فنحقق قوة وحدتنا
فنحقق إنسانية وحدتنا  



                                                                
                                                                 25/5/2013

33
سوريا بين المطرقة والسندان
[/size]
منذ قيام دولة إسرائيل ( ذات هيكلية دينية قومية ) في فلسطين عام 1948 وتحسس جميع حكام الدول العربية والقوى السياسية الكلاسيكية العاملة ميدانياً، بأن هناك مؤامرة دولية ومنذ عهد بلفور وزير خارجية بريطانيا عام 1917 .
فكانت المحصلة السياسية الأولية والقناعة التامة لحكام العرب، بان مخاضاً كبيرا ً وبعيد الأهداف سيتم على مراحل تدريجية وبشكل مبرمج في عموم منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة والمنطقة العربية بصورة خاصة .
وأصبح أمام الجميع واقع معقد وصعب تحليله لان غالبيتهم كانوا يفتقرون إلى رؤية وافق سياسي بعيد، ولا خيار لأحد ٍ في رسم خطة سياسية قد تتقاطع مع مصالح إسرائيل في ارض فلسطين وطن الأجداد وقدسيته واحتلال العدو مدينة القدس، وأصبح الشعار العلني والمتفق عليه في جميع تلك الدول العربية والإسلامية إعلامياً، وكإستراتيجية آنية في تحركها محليا ً ودوليا ً وإقليميا ً هو تحرير فلسطين.
وكان الواقع مريرا ً بعد علمهم، إن نهاية حرب عام 1948 رغم كثافة القوى العسكرية العربية وتفوقها عدديا ً بشريا ً وحتى عدة. بأنه كان مقررا ً مسبقاً. وإن هناك الخط الأحمر الذي لا يسمح للجيوش العربية تجاوزه، وتوقف تقدم تلك الجيوش عنده، فولدت منطقة تحت شبه سيطرة العرب وبدون حدود مساحة معلومة وما سميت فيما بعد الضفة الغربية . ثم توالت الحروب بين إسرائيل والدول العربية المجاورة لها مباشرة ً وحتى الأقرب، ومنها العراق بصورة خاصة وصاحب الثقل والكفاءة العسكرية الأكثر من غيره. فأن نشوب الحرب في عام 1956 وما سمي بحرب السويس ( العدوان الثلاثي )وتمكن القوات المعتدية ( إسرائيل - بريطانيا – فرنسا ) من احتلال شبه جزيرة سيناء وبعض المدن الساحلية للبحر الأبيض المتوسط و البحر الأحمر لمدة قصيرة، بعد صدور إنذار الاتحاد السوفيتي الشهير بالتدخل بثقله السياسي والعسكري ما لم تسحب الدول المعتدية جيوشها من مصر وبدون قيدٍ أو شرط .
فتنفس الشعب المصري بصورة خاصة والعربي بصورة عامة، وأصبح في معنوية عالية نسبيا ً .
ثم لم يمضِ أكثر من عقد من السنين حتى تهيأت الظروف لإسرائيل وبإسناد مباشر من الغرب بصورة عامة والولايات المتحدة الأمريكية بصورة خاصة واندلعت الحرب الثالثة في عام 1967، وأصبحت كل فلسطين تقريباً بما فيها القدس وأجزاء أخرى من مصر في ( سيناء ) وهضبة الجولان في سوريا تحت الاحتلال الإسرائيلي .
وثم الحرب الرابعة في عام 1970 وانتكاسة أخرى للجيش المصري بشكل واضح وما ترتب على ذلك من تحميل المسؤولية إلى بعض من قادة الجيش المصري وفي مقدمتهم المشير عبد الحكيم عامر، وثم وفاة عبد الناصر المفاجئ واستلام السادات زمام السلطة من بعده مباشرة وشروعه بإعادة تركيب الجيش المصري وتهيئته لمعركة حاسمة في عام 1973، وما حققته فعلا ً في اختراق ( الخط الدفاعي الإستراتيجي العسكري – بارليف ) الذي انشاته إسرائيل في الضفة الشرقية لقناة السويس وثم صدور قرار مجلس الأمن المرقم 242 في 22/أكتوبر/1973 والقاضي بإيقاف العدوان وسحب إسرائيل جميع قواتها إلى مواقعها الأصلية.
فبدأت مرحلة التفاوض المباشر بين القيادتين العسكريتين الإسرائيلية والمصرية في موقع ( كيلو – 101 ) داخل الأراضي المصرية . ثم توالت اللقاءات خلف الكواليس وبإشراف الولايات المتحدة الأمريكية ودور رئيسها جيمي كارتر باللقاء التاريخي بين الرئيس المصري أنور السادات وقادة إسرائيل وما تمخض عنه من اتفاقية كمب ديفيد، وتعهد السادات بصنع سلام دائم بين مصر ( كبرى الدول العربية ) وبين إسرائيل وإعلانه صراحة بأن حرب أكتوبر عام 1973 ستكون آخر حرب مع إسرائيل، وفعلا ً كان ذلك وما تحقق على ارض الواقع خلال الأربعة عقود مضت منذ الحرب المذكورة وإلى هذا اليوم.
وكانت زيارة أنور السادات عام 1975 إلى القدس وتوقيع الاعتراف العلني لدولة إسرائيل وتبادل السفارات بين الدولتين ولا زالت قائمة إلى هذا التاريخ.
ومن هذه المقدمة والاستدراج التاريخي لأحداث مهمة في تاريخ المنطقة نرى، أن سوريا الحالية هي الوحيدة من بعد فلسطين حلت بها النكبة ولا زالت هضبة الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي وإن مصر استعادت جميع أراضيها التي كانت إسرائيل قد احتلتها عام 1967. وثم قيام نظام حكم ذات طابع قومي شبه متطرف وتشبثه إعلاميا ً بتحرير فلسطين كقضية مركزية لسياسة حزب البعث الحاكم فيها حاليا وسابقا في العراق بقيادة صدام حسين، ولم يحدث خلال العقود الأربعة من بعد 1973 أي احتكاك عسكري بين دولة إسرائيل وسوريا … ولكن إسرائيل تبقى قلقة من النظام القومي في سوريا ودعم روسيا وريثة الإتحاد السوفيتي لها عسكرياً واقتصادياً. فلا بد لهذه الدولة ومن يساندها من الغرب التحرك للتغيير السياسي والإداري في عموم المنطقة وفي مقدمتها سوريا. وهنا يبدأ مدخل ما يسمى بالربيع العربي وحصة سوريا ودعم المعارضة الداخلية من دول الخليج كوكيل عن أصدقاء إسرائيل ( دول الغرب وأمريكا ) في تمويل القوى الداخلية ( ذات التوجه غير المتجانس في نسيجها الاجتماعي والسياسي وحتى العقائدي) ( إسلامي – اتني – طائفي – مذهبي ) مع الدعم المباشر من هذا التشكيل من الخارج بشريا ً وماديا ً وجعل أرض سوريا في دوامة كبيرة من الحرب الداخلية - الخارجية الاستنزافية وإلى أمد طويل لتكون النهاية تحويلها إلى كانتونات عدوانية فيما بينها أيضا ومرتزقة اقتصاديا ً من الخارج ( الخليج – الغرب ) وان التركيز على مصير سوريا بحدودها ومساحتها ونظام حكمها الحالي، والذي أصبح النظام القومي العروبي الوحيد في الساحة السياسية العربية، وذو العلاقة التاريخية وبشكل وطيد مع إيران بعد سقوط نظام الشاه الملكي عام1979 وقيام حكم سياسي إسلامي شيعي.
وأصبح النظام الحاكم في سوريا الحليف المباشر لإيران والمساند الرئيسي للتيارين الدينيين المتشددين في لبنان متمثلا بحزب لله (شمال إسرائيل) وكذلك جماعة (حماس) في قطاع غزة (جنوب إسرائيل) وكلاهما رافعين راية المقاومة المسلحة الإسلامية ضد إسرائيل.
فان مصير هاتين المنطقتين المعاديتين لإسرائيل علنا، مرتبط بمصير سوريا ونظامها المتعاون المباشر مع إيران.
وان نظام الحكم في إيران هو الأخر وبحسابات الدول الغربية وإسرائيل يعتبر المحرك والممول والمساند الرئيسي لجميع التيارات الشيعية المتواجدة في المنطقة العربية بصورة خاصة ومنها (سوريا – عراق – بحرين – يمن – لبنان – قطاع غزة) وغيرها. فلا بد من خلط الأوراق على النظام في سوريا أولا، وجعل شعبها في دوامة ومخاض عنيف بفقدان توازنه بعد إدخاله في نفق مظلم ومصير مجهول. وجعل الحرب الداخلية – الأهلية – تطول حتى الاستنزاف الشامل في كل قدراته الاقتصادية والعسكرية والنفسية، ولاجئاً كشتات متنوعة في بلدان الدول العربية المجاورة والبعيدة. ومنهم قد يصل إلى دول المهجر – أوربا – أمريكا – استراليا. وتصبح إسرائيل ولمدة غير قصيرة مطمئنة من الأعداء التقليديين تاريخيا. وتبدأ تلعب لعبة أسد في محمية مغلقة الحدود جغرافيا. ومقطوعة عن العالم الخارجي نسبياً وان الشروع في الحرب كالدائر في سوريا لا ينتهي بهذه الصورة، فلا بد من انتقاله إلى كل من دول الجيران القريبة والبعيدة من إسرائيل وفي مقدمتها العراق بالدرجة الأولى والذي هو يغلي في داخله منذ سقوط نظام صدام حسين، والعاصفة بين فترة وأخرى تهب في سمائه وحتى تحين فرصة هبوب إعصار عليه، وكتله المتصارعة على كراسي الحكم والممثلة بالطائفية والمذهبية هي الأخرى مرشحة لنفس مصير سوريا. ويلي العراق الأردن ولبنان ومصر وغيرها.
حقاً إن كل من سوريا والعراق خاصة تاريخاً كانتا الصمام الأمان الوقتي داخلياً وللضرورة الخاصة المقتضية مصلحة أمريكا وحلفائها، والأحداث اليومية خير شاهد على ذلك. وكفى بالعقلاء الانتظار.
    
يوسف زرا
26-4-2013

34
من المحاصصة الطائفية
إلى المحاصصة العشائرية
[/size]

تأكد من خلال مسيرة الكثير من الشعوب، انه في حالة تخلف القوى الاجتماعية ذات الوعي السياسي والثقافي النوعي عن قيادة المجتمع في عملية التغيير والتقدم في كافة مفردات الحياة اليومية المهمة والضرورية، فلابد أن تدور عجلة حركة المجتمع في اتجاه آخر بغية سد الفراغ وتولي المسؤولية التاريخية البديلة عن القوى السياسية المذكورة أعلاه، ويكون انطلاقاً من موقع الضعف والوهان الذي أصاب تلك القوى، والحجة القاطعة للفئة الجديدة عدم استوفاء وتحقيق التغيير الضروري في البنية التحتية الاجتماعية المسحوقة، والتي تمثل في كل مكان وزمان أكثر من ثلاثة أرباع المجتمع وهي حجة دامغة لا شك فيها.
وهنا يجب عدم التهرب من قول الحقيقة وما ينطبق على واقع الشعب العراقي المأساوي الذي يعيشه من جراء التخبط الحاصل في العملية السياسية منذ عقد مضى.
فأن أية عودة بخطوة ولو واحدة إلى الوراء في المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والصحي وغيرها، سيكون بمثابة الانتحار لمفهوم حركة المجتمع وفقدان جميع المكاسب والحقوق الأساسية لجميع المكونات الاجتماعية عبر قياداتها التي تمثلت في تحمل المسؤولية الوطنية خلال هذه الفترة غير المنضبطة لزعماء الكتل السياسية المتصارعة فيما بينها .
وإن ما آل أليه الشعب العراقي منذ سقوط النظام السابق في 9/4/2003 ومن جراء التصادم الحاد بين أهداف تلك الزعامات والتي انصبت أهدافها في جني الأرباح المادية والتنافس على كراسي الحكم السيادية وغير السيادية، والمتاجرة بالمبادئ السياسية ذات الصبغة المذهبية والقومية، واستغلال الفرصة المناسبة للزعامات المذكورة لتكريس التوجه الطائفي والمذهبي والقومي .. وما أفرزته ظاهرة التطرف لبعض أجنحتها وأدى إلى تعميق الخلاف وزيادة التباعد فيما بينها. عدى عدم إعطائها أهمية الوضع الأمني المنفلت والطابع الإرهابي اليومي, غير التدهور الاقتصادي من جراء استفحال وطغيان ظاهرة الفساد المالي والإداري وبشكل مكشوف, لاختفاء الرادع الأخلاقي والاجتماعي, وتلاشي سلطة القانون.
ولم يعد بمقدور أية كتلة سياسية من المتحكمة بالأجهزة الرئيسية لمكونات الدولة، التشريعية والتنفيذية والقانونية بوقف تفكك تماسك نسيجها الاجتماعي والسياسي والوطني، إلى جانب استثمارها العشوائي للمفهوم الديمقراطي السياسي لصالحها الذاتي ككتل بأهداف سياسية وحزبية ضيقة ولمنفعة غالبية الشخصيات الرئيسية، وفي طليعتها الوزراء والنواب ووكلاء الوزارات والمدراء العامون وغيرهم وبرواتب خيالية.
وإذا كانت الشريحة العشائرية قد تمكنت من صد عجلة التطور الحياة وإزاحتها من المجتمع العراقي المدني والريفي بهذه النسبة أو بتلك، وخسر الشعب العراقي ما تبقى من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فإنها كانت ولازالت متربصة بالوضع العام، وتعمل كخلايا سياسية نائمة ضمن البنية التحتية الاجتماعية العريضة.
وفعلا هذا ما خلفته المحاصصة الطائفية، والتي سهلت لقوى الردة من الرجعية الداخلية وبإسناد مكشوف من الخارج، وديمومة الصراع المستميت والقاتل على كراسي الحكم وكأنها طوق النجاة لهم رغم علم الجميع.
إن هذه السياسة أدت إلى الفوضى العامة في جميع مرافق الحياة، وجعلت الشعب العراقي بكل فصائله الاجتماعية والسياسية وحتى الدينية، يفقد القدرة على معالجة الوضع الصعب، وحتى إلى إيصال نداء العقل إلى كل الكتل والزعامات المعنية والمسؤولة عن ذلك. وعن المصير المجهول من جراء المحاصصة الطائفية المقيتة.
فها هو الميدان السياسي والاجتماعي في عموم الوطن قد نهض نسبيا بعقلية قبلية عشائرية وبشكل شبه متماسك وخاصة في محافظات المنطقة الغربية والوسطى، وسببه الخلل الذي حصل في التوازن بين المكونات الاجتماعية والسياسية لكل الشعب العراقي. والتي كانت ظاهريا صاحبت النفوذ الأوسع خلال أكثر من جيلين على ارض الواقع وخاصة بعد ثورة 14 تموز 1958. وما طرأ من التغيير في القوانين التي كانت سائدة في العهد الملكي لصالح كبار الإقطاعيين، ولازالت وبقيت إلى هذا اليوم تحاول أن تثب وثبة الأسد على كل المكاسب الشرعية التي حققتها الثورة المذكورة، ومنها قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 / 1959 وقانون النفط رقم 80 / 1960 وغيرها والخروج من المعاهدة المركزية (حلف بغداد) ومن منطقة الإسترليني المالية.
فما بالكم أيها السادة في السلطة وخارجها. إذا حلت قوى الردة المنظمة والتي قد تستغل الخيمة العشائرية بدلا من المحاصصة الطائفية. فماذا سيكون مصير كل القوى السياسية الوطنية والاجتماعية وانتم في مقدمتها؟.
فالعشائرية قادمة وطلائعها مطروحة في حملة الانتخابات الحالية لغالبية مجالس المحافظات. وهي مقتنعة بأنه لا مجال بوضع حد للفوضى الطليقة ما لم تتولى هذه الطبقة المبادرة لإزاحة كل ما يعترضها، وقيادة المجتمع حسب منهجها ورؤيتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ولا بديل لغيره أنيا ومستقبلا.
علما إن الاستعمار البريطاني بعد احتلال العراق في عام 1914، كان قد طرح مسودة قانون للنظام العشائري عام 1918 والذي ظل نافذا مفعوله لغاية ثورة 14 تموز 1958 ثم الغي. والغاية منه كان لدعم النظام الملكي بتكريس النفوذ الاجتماعي القبلي حصرا باسم قانون العشائر. وحسب رؤية حكام الاستعمار البريطاني حينه، وأصبح ذلك القانون مدعوما رسميا بدستور الدولة العراقية الصادر عام 1925 ووفق المادة 114 منه.
فما بالكم أيها السادة ونحن نمر في الذكرى العاشرة لاحتلال العراق؟…..


                                                                                               
يوسف زرا
                                                                                             
9/4/ 2013
[/size]

35

بـحــــث
الاغتراب وخصائص البيئة

لا بد من القول بان كثيرا من الباحثين الاجتماعيين والمحللين النفسانيين ، من الذين اهتموا وواصلوا الكتابة عن موضوع الاغتراب ، ومنهم من عرفوه بأنه تغيير لبيئة جغرافية أو لوسط اجتماعي ، لفرد أو لمجموعة أفراد ، تختلف عنها مناخياً أو اجتماعياً ، متقدما ومنفتحاً أكثر من سابقها لا غير .
إذا كان بهذا المفهوم البسيط بُرِّرَ الاغتراب ، فإني أرى بأن، هؤلاء جاءوا برؤية ساذجة وهامشية لظاهرة الاغتراب ، وكأنها هجرة أو قطيعة تلك المجموعة لبيئتهم ، لأسباب مناخية أو اقتصادية ، اجتماعية أو أمنية ، بأخرى أكثر اعتدالاً مناخياً ، وأسهل كسباً اقتصاديا وأكثر تقدمياً اجتماعياً، وأوفر حماية امنياً. أي محققين بذلك المعدل الأفضل لمفردات الحياة اليومية الاستهلاكية، وكأنها معادلة بسيطة كالمقايضة بشيء (بضاعة)، كماً ونوعاً، بأخرى كماً ونوعاً، وكحاجة استهلاكية يومية فقط لا غير، دون النظر بعمق لدراسة أهمية المنشأ، أي البيئة وخصائصها، والمتحكمة في بنيان شخصية الفرد، بالمعنى الاجتماعي والمفهوم الثقافي، كحاجة أساسية للحياة كما يقول العلامة مالينوفسكي(1).
ورغم أهمية العوامل المذكورة أعلاه وما يبررها في الفرز العاطفي وبالحساب البسيط، وكأنها عملية مقايضة كما ذكرنا أنفاً وفي سوق تجاري قديم فحسب. إلا أنه وبهذا المنظور الضيق أيضا لغير هؤلاء الكتاب والباحثين والمحللين، يتراءى كذلك لكثير من المغتربين، ومنهم النسبة العالية من الشباب، المتعلم والأمي، من الذين استهواهم حب المغامرة والسفر من غير هدف ومن دون منهج فكري واجتماعي خاص مدروس مسبقا، لما سيترتب على اغترابهم بتبديل أو هجرة بيئتهم التي هيأت لهم مكونات اجتماعية ونفسية وفكرية خاصة، يجب أن يحملوها معهم أينما يحطوا، وبأي أفق أو مستوى ثقافي كانوا، لمعرفة المقومات الحياتية بمفرداتها الواردة أعلاه، لشعوب في مواقع جغرافية شتى، قد تكون متقدمة أو متأخرة، أكثر أو اقل من مجتمع هذه الفئة المغتربة. ولا يمكن لأي إنسان أن يتحسس عقليا وبمقياس تام، ماهية شخصية تلك المجتمعات، وان يكون تركيبها قائما على تقسيم طبقي مشابه لمجتمعه إلى حد ما، ما لم يكن قد عايشها مسبقا وألم بخصائصها، ومن أي طبقة أو شريحة اجتماعية كانت.
لان الخصائص الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والفكرية لأي شعب من الشعوب ، أي – البناء الاجتماعي الديناميكي – كما يسميه العلامة الاجتماعي راد كليف براون (2) في موضوع البناء الاجتماعي للفرد، لا يمكن تبنيها أو اقتباسها بسهولة، لأنها في نظري الشخصي، تمثل لدى كل إنسان (الناتج الحي للتراث الواقعي)، الذي ينبض بمقومات خاصة، ومن لا يتحسس هذا الناتج، وهذه المقومات الحياتية التي تعتبر كقانون ثابت في مسيرة الحياة للفرد والجماعة، أينما كانوا، لا يمكن لأي إنسان أن يأخذ موقعه كاملاً خارج بيئته ومجتمعه. ولا بد لكل جيل ( مجموعةً أو أفراد ) أن يحمل من تربة بيئته – تربوياً – تراثا واقعيا حياً نابعاً من بقعته الجغرافية التي عاش فيها من صغره .
وتبقى الشخصية لأي مغترب والتي هي الامتداد الطبيعي للطفولة تلازمه كرقيب على سلوكه وطبائعه ونزعات غرائزه، ويتحكم شعوره الباطني ( الأنا الواعي )، أو كما يسميه العلامة فرويد (الأنا الأعلى) بوجود اختلاف في تكوينه الفكري والاجتماعي، وأن كان مطابقاً، إلى حد ما، للمفهوم الإيديولوجي بالدرجة الأساسية ( البنيان الفكري والعقائدي )، يبقى يشعر بالنقص الملازم له أينما حلّ . ويمثل هذا الشعور ظل قامته الذي يريد التخلص منه، ولكن يظل يزحف معه وبضعف أبعاده الحقيقية، محملاً ثقل جميع العوامل العاطفية والوجدانية التربوية ( كيان شخصيته الكاملة ). علماً بأن أي إنسان كان، ومهما بلغ من الرقي الفكري والاجتماعي وحتى الفلسفي، يبقى مديناً لبيئته ولا يمكنه المساواة بغيرها وبشعور تام . وهنا ينطبق الأمر على جميع الأحياء، الحيوانات وحتى الحشرات التي تعتبر البيئة الرحم الطبيعي لها في الولادة وبناء خصائص شخصية الكائن، ويجب استمرار الحياة فيها جيلٌ بعد جيل، وينطبق ذلك على النباتات بأنواعها ما لم يتدخل الإنسان بذلك كما هو معلوم للجميع .
وخصائص البيئة تبقى تحفزه بالمفردة الأصلية المكونة لشخصيته المفضلة عنده، ليكون في موقع بين أقرانه، دون أن يشعر برغبته أو فضولية تواجده في الموقع الغريب عنه دون استحقاق مسبق، فكيف يمكن للمغترب أن ينقل معه كافة خصائصه التربوية، والتي لا يمكن التنازل عنها، لأيّ كان حتى قسراً، ما لم يخسر من تلك الخصائص أهميتها لحساب التعايش ظاهرياً مع البيئة الجديدة، وسجيناً أو أسيراً طوعاً بداخله فيها.
وهنا لا بد من طرح السؤال التالي: ( أي الأقوى " الطبيعة أم التطبع " ؟ ) ويقصد بالطبيعة ( السلوك الفطري للكائن دون تدخل الإنسان فيه ) . أي التأثير على البيئة بالنسبة لغيره، والتطبع يقصد به دور الإنسان بتغيير سلوك الحيوان تربوياً. (أي التأثير على البيئة الطبيعية في نشأته وخير برهان على ذلك) تدريب القطط على حمل الشموع فوق مائدة الطعام ( أي نقلها إلى غير بيئتها سلوكياً ) . وحال ظهور الفأر لها يتحكم السلوك الطبيعي بها ( أي تعود في سلوكها إلى المكونات الطبيعية للبيئة الأصلية ) بمعنى دور البيئة متحكم في سلوك أي كائن كان. ولا يمكن التخلص منه بسهولة . فالاغتراب إذن هو نزوح لشخصية الفرد إلى التخلص من تكوين وتركيب ماهيته الفعلية – الاجتماعية والفكرية – ( النسيج الحيوي ) له ، لحساب الموقع الجديد مرغماً ، بل مجبراً عليه، بمعنى هدم هيكل بنائه الاجتماعي والنفسي كلياً. وهو بالمفهوم البايولوجي للحياة الفطرية، تزاوج غير متكافئ بين بيئتين، ولابد أن يكون الناتج هجيناً بدنيا وعقلياً – اجتماعياً ونفسياً – أي أن المغترب لا وجود لذاته، أي لشخصيته، كاملة في البيئة الجديدة بالنسبة للجيل الأول. هناك عوامل جداً مهمة وليست عاطفية تُحسِس كيان كل مغترب، بين فترة وأخرى، كشكوى له طالبة منه العودة إلى الوطن الأم، أي موطن مقومات شخصيته الكاملة، ليعيد الثقة لها من جراء ما حصل فيها من الشعور بالنقص في البيئة الجديدة، ولابد أن يكون للفعل الوراثي للجينات الدور الرئيسي في هذه المعادلة المعقدة والمؤثرة علمياً واجتماعيا وفسلجياً . وإذا اعتبرنا كما تبين أن المغترب يجب أن يفقد شخصيته المكونة من الإرث الواقعي الحي، أو من البناء الاجتماعي، كما يسميه راد كليف براون، فإن الاغتراب شبه موت لا محال لخصائص بايولوجية واجتماعية في شخصية هذا المغترب، لحساب خصائص غريبة عنه، مفروضة عليه. وبمفهوم علمي أكثر وضوحاً، موت خصائص البيئة المذكورة سابقاً. ولابد من العودة إلى المقولة الفلسفية لأرسطو طاليس- القرن السابع ق.م – التي يقول فيها : اعرف نفسك من أنت، بمعنى ما إن عرف الإنسان بيئته بخصائصها الجغرافية، المكانية والزمانية، عرف حقيقية واحدة، عرف نفسه بوضوح من خلا بناء شخصيته الواعية وفق تأثير الموروث الحي الواقعي، دون أن يشعر بنقص منها. وفي هذه الحالة تبقى نزعة البقاء ( عامل التفاعل الدائم للانتقال إلى الأفضل )، هي الأخرى، حية، فيتفاعل الإنسان مع البيئة ويؤثر عليها، أي يخضعها لحاجاته الآنية والمستقبلية وبرؤية بعيدة ودقيقة. وهذه هي الميزة التي تُشخّص بها أممٌ، منها متقدمة بالمفهوم الاجتماعي والفكري، وغيرها متخلفة عنها، مع الاعتراف بعوامل عديدة تساهم في هذا التقدم وذاك التأخر للأمم والشعوب. لكل بيئة قواعدها وضوابطها، أي قوانينها ومقاييسها، تتباين فيما بينها وتلتقي في المفهوم – التنظيم الاجتماعي – وباستمرارية الحياة وفق خصائص لكل مجموعة. إنسانية في موقعها الجغرافي، وليس بالمقصود العادات والتقاليد، التي أصبحت لا تتماشى ولا تلبي حاجة الأجيال القادمة، لأن لكل جيل مقومات حياتية حية، تولد معه وترتفع إلى مستوى آفاقه وتطلعاته، وتختلف عن سابقاتها بنسب معينة، تدرج وليس بطفرة واحدة.
إن تبادل الخبرات الثقافية والاجتماعية بين الشعوب والأمم هو العامل الإيجابي والمهم لرفع مستوى هذه الشعوب والأمم، كلٌ في بيته، إلى المنسوب الذي يقلل من حالات التخلف الفكري والاجتماعي، وحتى الاقتصادي – العنصر الفعال في الركب الحضاري والمدني، ومهما بلغ التداخل من جراء الاغتراب، لا يمكن إلغاء البيئات الاجتماعية حسب المواقع الجغرافية والمناخية المتباينة على وجه الأرض، وهذه حقيقة لا جدال فيها وحولها بوجود المجتمعات ذات الخصائص القائمة على أسس جغرافية مناخية، مسلم بها تاريخياً، إلى جانب الاجتماعي والتربوي كقاعدة للبنية التحتية للمجتمع، لأنه حتى للحيوانات بيئات خاصة بها، تعتبر – محميات وطنية حياتية، ضرورة حمايتها والمحافظة عليها، أي المحافظة على خصائصها الحياتية المهمة، أسوة بالبشر التي انفرد بها الإنسان، نتيجة الوعي وعوامل فسلجية مميزة عن باقي الكائنات .
وإن التقدم المدني والتكنولوجي قد تحول حياة الإنسان من طبيعية إلى اصطناعية ضعيفة المقاومة، وقد تكون هذه الحياة في يوم ما عاجزة عن مقاومة الكوارث الطبيعية غير المتوقعة نتائجها السلبية على مجمل الكائنات الحية. إن أخضعنا الإنسان للعيش في بيئة جغرافية ومناخية موحدة مكيفة، مهما بلغت من الرقي والتقدم الفكري والاجتماعي والاقتصادي برفقة التكنولوجيا المتطورة، لكافة مجالات الحياة، عدا ما لا تحمد عقباه من الكوارث المدمرة، غير المتوقعة أيضاً من تطور هذه التكنولوجيا ونتائج المختبرات العملاقة في تفاعلاتها غير محدودة الطاقة وأنواعها غير المكتشفة، وفي غفلة من الزمن غير المحسوب بأجزاء من الثانية، قد تؤدي إلى فناء الحياة، ككل، بما فيها الإنسان وتدمير حضارته كلياً .
 الهوامش
1- الانتروبولوجيا الاجتماعية – الثقافة والكائن العنصري – ص 507 .
2- راد كليف براون – عالم اجتماعي انكليزي . كتاب الانتروبولوجيا العامة –
    د. قباري محمد اسماعيل ص 268 .   
   

                                                                                              يوسف زرا
نشر في مجلة السنبلة عام 2003 الصادرة في ديترويت / امريكا

36
بشكل موجز
المعرفة والمحاور الثقافية في القوش تاريخيا وحاضرا

منذ ظهور المجتمع البدائي للإنسان بدأ يبحث عن المعرفة كأهم مكون لشخصيته الاجتماعية ويذود عنها عبر بيئة قابلة للتغيير، وليس سهلا لكل شخص أن يتسلق سلم المعرفة بمفهومها الشامل ومن غير أن يحقق ذاته، أي المعرفة المقتدرة والمجردة من الأنانية والاستعلاء الذاتي على الغير ومجردة من الكراهية والضغينة القاتلة ويحق له ممارسة ومعايشة جميع متغيرات مفردات الحياة اليومية وبشكل مناسب وطموح.
والمعرفة هي تلك الرؤية الشفافة والآلية المهمة التي من خلالها يمكن مراقبة شخصية الإنسان وترويضها بغية البحث عن الحقيقة المجردة. وإذا تابعنا مسار تطور حياة المجتمع الإنساني منذ ظهور القرية الزراعية ( المجتمع البائي ما بعد مرحلة الصيد ).عبورا إلى النظام الإقطاعي كأول تشكيل اجتماعي بدأ يبحث عن المعرفة ضمن أجندته البسيطة ( العمل الجماعي ) أي ( بدء استثمار الطاقة الجمعية للإنسان ) ولصالح الإنسان ، ضمن تنظيم اقتصادي بدائي وهو ناتج من علاقة الفرد بالأرض وبدء الارتباط الجمعي بها أي الاستقرار فيها ، أي ظهور المواطنة جمعاً لأن الفرد في تلك المرحلة كان بمثابة أول لبنة حية وأساسية في بدء بناء الصرح الاجتماعي والحضاري للبشرية وبمركزية ونظام أبوي صارم ، لا حرية للفرد غير الارتباط المشروط جمعاً بالأرض ( الوطن الأم ) بالمفهوم الاجتماعي والاقتصادي والإداري ، ولا بد من العمل فيها أي (الأرض ) واستثمارها للصالح العام . وإذا كانت متطلبات الحياة المعاصرة بعد تعميم المدنية ومستحقاتها اليومية والتي تؤدي إلى ديمومة الحياة وتقدمها نحو الأفضل ، فلابد أن نبحث عن المعرفة الصادقة على كافة الأصعدة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وحتى الفلسفية باعتبارها المكونات الأساسية والحتمية لمفهوم المعرفة المراد تحقيقها عبر منطوق عقلي سليم يخدم الإنسانية في كافة مجالات الحياة ، فلابد أن تكون هناك آليات تتولى هذه المهمة وتتحمل المسؤولية بصدق التواصل المهني والتخصص العلمي . ولابد أن نشير إلى إحدى هذه الآليات المهمة والتي أصبحت من الضرورات لمقومات الحياة ومفرداتها ومنها الصحافة بجميع وسائل نشرها وإصداراتها المقروءة والمسموعة والمرئية سواء كانت عبر صحيفة يومية أو أسبوعية أو شهرية ، أو مجلة فصلية وغيرها وما هو المستحدث والأسرع للوصول إلى كل فرد وفي أية بقعة جغرافية كانت ، وهذه الآلية هي الانترنت والتي جعلت العالم قرية صغيرة واحدة يمكن لكل شخص متابع الوقوف على كل حدث وفي أضيق زاوية من زواياها واقتباس منها ما يفيده ويعممه ضمن رقعة وبيئة تعايشه . ولابد أن اكتفي بهذه المداخلة والمقدمة المركزة والتي أردت الكتابة فيها وهي إنما ظهر في ( قريتنا القوش سابقاً ) وبلدتنا حالياً ، وكي نكون صادقين في ذكر الماضي بكل أمانة . فكانت مدرسة مار ميخا النوهدري التاريخية والتي تأسست عام 415 م كأول مؤسسة ثقافية ذات مسحة دينية وحسب حاجة وقيم المجتمع حين ذاك ، وما تركته من الطفرة الفكرية والعلمية والثقافية بسبب تواصلها وتلاحمها زمان ومكان في الإبداع وفي نشر معرفة العلوم الطبيعية والإنسانية إلى جانب الدينية بهذه النسبة أو تلك وسباقة لكثير من القصبات والمدن القريبة ضمن المنطقة والبعيدة عنها . وما طرأ بصورةٍ خاصة من بعد 9/4/2003 بالذات ، بتأسيس أو قيام مجموعة من المحاور والمراكز الإعلامية والثقافية والفنية وبأقلام عديدة ضمن المسار السياسي والاجتماعي والأمني والتي تخص كل متعلم ومثقف وحسب رؤيته ومتابعته للحالة العامة . فأن هذه المحاور وحسب قدم صدورها هي كآلاتي :
1- مجلة السيراج ( شراغا ) : لسان حال جمعية القوش الثقافية من عددها الأول الصادر في كانون الثاني 2004 حتى هذه اللحظة ، وما صدر منها خلال هذه المدة كمجلة فصلية وما احتوته من المواضيع والمقالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والتراثية وغيرها معتمدةً على الاكتفاء الذاتي مادية ً نسبياً وتوزع داخلياً وخارجياً أيضا .
2- جريدة زهرة الجبل : صوت مجموعة من الشباب الأكاديمي وظهورها كصحيفة محلية متابعة أخبار المجتمع للبلدة والمنطقة والوطن بصورة عامة . ورغم توقف صدورها بعد مدة قصيرة ولعدة أسباب ومنها هجرة غالبية محرريها إلى خارج الوطن وعدم تمكنها من تسديد كلفة طبعها وتسويقها ، إلا أنها كانت محور ثقافياً وإعلاميا يكاد يصطفى إلى مقام صحافة وطنية رغم إن ميدان انتشارها كان ضمن رقعة جغرافية محدودة ، وان محرريها كانوا يملكون أفق واسعاً وجرأة عالية في الكتابة ونقل المعلومة والحدث بكل صدق وشفافية ولم تكمن مدعومة مادياً من أية جهة كانت .
3- جريدة صوت القوش : وهي لسان حال نادي القوش العائلي وصدرت قبل تسع سنوات وتولت أيضا أحوال مجتمع البلدة والمنطقة بصورة عامة منذ عددها الأول والى هذا اليوم .
4- مجلة أور : وهي لسان حال جمعية الثقافة الكلدانية في القوش وأول صدورها عام 2006 وغالبية مواضيعها تخص شؤون المجتمع بشكل عام وهي مجلة فصلية ولا زالت مستمرة إلى هذا اليوم .
5- مجلة بيرموس : وهي لسان حال منظمة الحزب الشيوعي العراقي في القوش وغالبية مواضيعها تخص قضايا فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتصدر بشكل دوري وفصلي .
6- مجلة شبابنا ( عليمن ) : وهي لسان ناطق باسم الشباب الجامعي على اختلاف تحصيلا تهم العلمية والثقافية وكان أول إصدار لها سنة 2011 .
وأخيرا لا بد أن أقول بأن صدور ( 6 ) محاور إعلامية وثقافية سياسية واجتماعية وعلمية في بلدة مثل القوش ، يعتبر بصدق قفزة معرفية تستحق الاحترام والتقدير وتقييم العاملين فيها ودعمهم ماديا ومعنويا بغية تمكنها من مواصلة الركب الإعلامي والثقافي وتطويره لما فيه من الخدمة الضرورية لهذه المرحلة بالذات والمستقبل لأبناء البلدة والمنطقة والوطن بشكل عام .

                                                                                      يوسف زرا
                                                                                     شباط 2013

37
الوطنية والـ ….   Expire

من المعلوم لدى كل شخص متعلم، وحتى إن كان تحصيله العلمي لا يتعدى المرحلة الابتدائية. بان جميع المواد العضوية والنباتية والكيماوية خاضعة للاستعمال والاستهلاك لمدة معلومة وفق فحص مختبري مسبق وتاريخه مثبت على كل بضاعة، سواء كانت غذائية أو أدوية طبية وغيرها. وإنها صالحة للتناول ضمن الفترة المحصورة ما بين تاريخ إنتاجها إلى تاريخ فقدان قيمتها الغذائية أو الدوائية المثبتة عليها.
وكثيرا ما نسمع ونشاهد ونقرأ عبر وسائل الإعلانات الفضائية والإذاعات والصحف المحلية، بان الوزارة المختصة بالمواد الغذائية أو الطبية، قد تمكنت من التأكد أن كذا أطنان من المواد المذكورة والمنتجة محليا أو المستوردة، بأنها كانت غير صالحة للاستعمال البشري وحتى الحيواني بسبب انتهاء الفترة الزمنية المحددة لها مختبري أي ( الـ Expire ) انتهى.
ترى. هل يمكن المقارنة بين ما ورد من انتهاء قيمة المواد المذكورة في المقدمة أعلاه، وبين مفهوم الوطنية ( كهوية مقدسة ) وفقدان خصائصها عبر المسيرة الطويلة للتيارات السياسية العاملة في وطننا عراق الحضارة. والمتحكمة بالواقع المعايش وصاحبة النفوذ الأكبر والأقوى، ومدى إمكانية تشخيص إن مناهجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وووو . قد أصبحت غير صالحة لقيادة هذا الشعب منذ عقد من السنين ولم يمض يوما واحدا من حياته الخاصة والعامة دون أن يصل صراخه ونحيبه إلى أذان جميع من في الحكم والى السياسيين المعنيين، من جراء هول الانفلات الأمني وفعل الإرهاب المنظم وبهوية جرميه معلومة لدى الجميع، إلى جانب الفساد المالي والإداري المستشري في جميع مرافق الدولة وبدون استثناء. وقد عجز المواطن وحتى البسيط منه من كثرة  تبجح الأجهزة الأمنية الرسمية بوضع حد للأعمال التي تقوم بها تلك الزمر، والمدعومة من الداخل والخارج ومنسوبة بشكل مكشوف إلى هذا التكتل والفصيل السياسي والمذهبي والى ذاك وبدون رادع ملموس. غير ما يقال في كل يوم باعتقال كذا عصابات من التي قامت بتفجيرات في المدينة الفلانية أو في الحي الفلاني. لا بل طال العمل الإرهابي أخيرا حتى الوزارات السيادية مباشرة كالعدل وغيرها. وما يسقط من جرائها العشرات من الأبرياء من النساء والرجال العزل والأطفال فيها بين قتيل وجريح، غير الاغتيالات الفردية والجماعية منها لرجال السياسة والوطنية.
وثاني يوم يصبح كل شيء في خبر كان وطي النسيان وتسدل الستارة على أي تحقيق نزيه.
ألا يعني هذا إن الجهات الأمنية المعنية يجب أن تقر بأنها أصبحت غير قادرة على معالجة الوضع المتردي، وحماية أبناء الشعب البائس وأسبابه مكشوفة، ومنها الصراع بين الكتل المتنفذة على كراسي الحكم والاستئثار بالسلطة، والإصرار على تهميش وإقصاء الغير من الأطراف السياسية للحركات والأحزاب الوطنية الديمقراطية التقدمية والأقل نفوذا، دون أن تعترف هذه الأجهزة بفشلها لا بل بأنها أصبحت خارج الصلاحية الشرعية للمسؤولية الوطنية، كتلك المواد الغذائية والطبية التي فقدت قيمتها ومدة استعمالها. وأصبحت كالسم القاتل لا يمكن تناولها لأي كان.
وبمعنى إن الـ ( Expire  الوطني ) لها مع ( الاعتذار ) قد انتهى منذ مدة طويلة وأصبح مرفوضا وغير مقبول حتى من غالب الأنصار والمقربين لهم.
فأيها السادة داخل السلطة وخارجها. إن كفاءة وصلاحية المحاصصة الطائفية والمذهبية وحتى القومية المغلقة قد نفذت وأصبحت خارج الخدمة الوطنية إن لم تكن عدوة الوطن. وإلا ‼‼ فالحرب الأهلية آتية فعلا إن لم تكن قد بدأت بشكل واقعي بعد سقوط النظام في 9/4/2003 . وتتجاهلونها عمدا، فان المخاض الدموي الرهيب المتفجر في كل من سوريا المجاورة ومنذ سنتين حصرا ومصر وليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية، وبالتسمية التهكمية للدول الغربية بـ ( الربيع العربي ). فانه تيار جارف وان وصل سيله إلى الوطن …. وكاد أن يعبر الحدود عدة مرات ومشخص من قبل جميع الجهات المعنية وغير المعنية ومن قبلكم بالذات، وما سيحمله من الخراب والدمار الشامل على ارض العراق.
أيها السادة. انه مخاض عسير لا يفرق بين الإنسان والحيوان.
إن كان الشعب العراقي قد سلم أمره لكم انتم كقيادات سياسية وبدون استثناء. أليس المطلوب من الجميع إعادة النظر بكل جدية وصدق الوطنية ووفق ما تمليه عليكم الإرادة المخلصة والنزيهة. والجلوس معا واحترام حق ومصير هذا الشعب بالعيش الكريم في ضل نظام جمهوري وديمقراطي تعددي وبكل مكوناته الاجتماعية امن ومزدهر. هذا الشعب الذي امن بكم حين أوصلكم عبر صناديق الانتخابات إلى كراسي الحكم، وان كانت مرحلة غير ناضجة ولا مستوعبة المفهوم الديمقراطي ورضي بالواقع كتجربة ضرورية ومهمة في الحياة السياسية.
فان مد اليد لبعضكم تحت خيمة هذا الوطن لا بد منه قبل فوات الأوان وان التاريخ لا يرحم أي كان.
يا سادة الحكم والسياسة فلا خيار لكم إلا بتسليم الأمانة لغيركم ممن لازالت الوطنية الصادقة تسري في شرايينهم. وعليكم التنحي جانبا وبدون أية جعجعة وقرقعة السلاح يا كرام إن لم تمدوا أيديكم لبعضكم تحت خيمة هذا الوطن.





                                                                            يوسف زرا
                                                                          22/3/2013

38
أدب / عِشقُ الفن
« في: 19:19 26/03/2013  »



عِشقُ الفن


يوسف زرا


1-
منذُ العقدِ الاولِ من العمرِ ….. عَشِقتُ الفَنَ
فكانَ بذرةُ فِطرةٍ
بَصمَتُها على كُتلٍ لصلصالٍ
لطيورٍ تُنشِدُ الصَمتَ
ولرؤسِ حيواناتٍ اليفةَ الطبعِ
تهوى الركون
                    ……

2-
وفي بدايةِ العقدِ الثاني ….. عَشِقتُ الفنَ
فكانَ بذرةُ فِطرةٍ أيضاً
جَسَّمتُها على قطعةٍ صغيرةٍ لصخرةٍ رملية
لرأسِ إنسانٍ يَبتَسِم
لأطفالٍ بمختلفِ الأعمارِ
أمسوا لهُ بالانتظار
                  ……

3-
بَعدَ عقدٍ ونيِّفٍ لسنين ….. واصلت عِشقَ الفنِ
فكانَ قلماً بفِطرَتهِ
أبكمٌ … أصمٌ
وكانَ يبصِرُ كلَ الألوان
ناجيتُ الأسوَدَ حصراً
فكانت صورةُ قديسٍ
يَحملُ طِفلاً
لقديمِ الزمان
                        ……

4-
ثُمَّ عَشِقتُ الفِطرَةِ معَ الأيام
وعِبرَ براءةِ الطفولةِ
ثُمَّ شابا يافعاً
بدءُ فترةَ تحَسُسَ الأقدارِ
تتخبطُ فيها الأوراق
فكان أولُ إنفتاقٍ
لبدءِ الانعتاق
                     ………

5-
فكانَ كُدساً لفطرةٍ ….. لما قَضى
بشكلِ طيورٍ صامتةٍ
برؤس حيواناتٍ أليفةَ الطبعِ
وبصورةِ إنسانٍ قديسٍ
يَحمِلُ طِفلاً ….. جمعها أضحت
كلَوحاتٍ رمزيةٍ
وبحركاتٍ فنية
                         ……
6-
وعِبرَ المسيرةِ
كاهلاً ….. فشيخاً
واصلتُ عِشقَ الحياة ….. أوثِقُ
عِبرَ الأبجديةِ وفَنُ الفطرةِ
فكان مخاضاً ….. لأدب وفنٍ  
غزلياً
غريزياً
وجدانياً
وعشقاً لي غذائياً




                                                  
                                            القوش في 1/2/2013
 


39
أدب / حُباً بالحياةِ
« في: 22:31 24/02/2013  »


حُباً بالحياة

يوسف زرا

1
 حباً بالحياةِ
أحصي دقات قلبي
لا بتعدادِ النجومِ
ولا لزمنٍ غير معلوم
منذُ الطفولةِ والى هذا اليوم
وهِبةٌ لمولودٍ غيرَ مفطوم


2
حُباً بالحياةِ
في كل صباحٍ
أمدُ نظري نحو الأفقِ
أبسط ذراعي الأيمنَ
صوب الشمس …. تحية لمشرقها
ومساءً صوبَ القمرِ
بدراً في كبدِ السماء
زُرقةٌ لونها
كمقلتَي طفلةٍ كبرعمٍ
تبتسِمُ في مهدها
تلعقُ بلسانها الوردي
بطونَ أناملها
عِشقاً للبنِ أمِها المزَبَد
وحتى يومَ زفافِها


3
 حُباً بالحياةِ
وفي كل فجرٍ
ارتشفُ الرحيقَ
من ثغرِ نرجسٍ
مُعطَرٌ بحباتِ الزنبقِ
كإكسير للفؤادِ
وخزيناً لأيامِ القحطِ والسباتِ


4
 حُباً بالحياةِ
في كلِ وجبةِ غذاءٍ
أودِعُ رغيفَ خبزٍ اسمرَ
إلى جوفِ بطني
اختمرت عجينتهُ في راحتي أمي
كغذاءٍ …. بذراتِ طحينهُ
أصون جسدي
كي لا أفقد الذكرياتِ


5
 حُباٍ بالحياةِ
في يومٍ ربيعي ما
وفي معبدٍ ما …. أقمتُ سهرةً
أمام َ شجرةِ التينِ
وعِبرَ مزاميرها …. ناشدتُ المهجةَ
وأنا في شوقٍ
شبكتُ عشري فوقَ صدري
بدءاً بصلاةٍ
لحفرِ قناةٍ في هامتي
يَشعُ منها دفءٌ لحبِ غيري
كرفيقِ دربٍ …. يحملُ رايةً بيضاءَ
رمزاً للسلامِ
رمزاً للحبِ
ولمدى الحياةِ


                                                  
                                             14/2/2013 يوم الحب



40
أدب / هيَ عجبٌ وكبرياءْ
« في: 22:29 24/02/2013  »
لذكرى يوم المرأة                              هيَ عجبٌ وكبرياءْ                                   1/1/2013
 في 8 شباط/2013                                                                                    يوسف زرا

من قــال إن المرأةَ ليست ببنـاء          والحجـــارةُ لهــا شهادةُ الوفاءْ
وكــأرضٍ يصولُ بها المخاضُ          وفـي أعماقهـــا ينمـو البقــــاءْ
وينســلُّ كـالبـرعمِ مـن حُضــنٍ          ويسقطُ كَكـوكبٍ مـن السمـــاءْ
وريثُ الدهـــــرِ بَــــذرةُ جنيـــنٍ           أمسـى من الأزلِ نزيـلِ الفِناءْ
أجنينــةٌ كواحـــةٍ تٌنبتُ الشجــــرَ          وثِمـــارُها أبـــداً تُقـارِع الفَناءْ
أم مغـــارةُ يدفئهـــــــا لبنيـــــــانٍ          وهبــــــةٌ منها للمطلقِ والجلاءْ
يا ليـــتَ كُـــلَ الـــروادِ خُلانهـــا         لألـــفِ ألـــفِ تذكـــرةُ العنـــاءْ
ويــا ليت الخــلانَ كسورٍ حولهــا         ونجــــدةٌ لهـــا لأيــــامِ الشقــاءْ
أو كــأســرابٍ لطيـــورٍ مغـــردةٍ          تعبـــر المحـن وتأبــى الرجــاءْ
وشمسٌ مستبـــرقةٌ تـرنــوا اليهــا          كـــرفيقٍ لعمـــرها بلا شتـــــاءْ
فهــي شرعُ الحيــــــاةِ وسُنُنُهـــــا          فبــأي منهــا يقاضيهــا القضـاءْ
إن كـــان لفطــرة الذَكـــر فضـــلٌ         فبدونهـا كل الحياة تشكو الجفـاءْ
وحيــن تقــرعُ طبــولُ العـــــرسِ         فيتقاســــم الفــؤادان قُبلة الهنــاءْ
ومــا قيمــــةَ لرمــزٍ ومـــا ثمنـــهُ         لحبيبيـــن وفـي أي وكـرٍ نـزلاءْ
فمــا كــــان آدمَ بدونهــــــا خيــالٌ         ما لم تكـــن هـــي مُهــرةُ نجلاءْ
ومـــا كـــان لــه كبريـاءٌ وعجــبٌ         ما لم تكـــن هــي عجبٌ وكبرياءْ




41
المماطلة : سياسة التهميش وإقصاء الغير

إذا كان المفهوم التاريخي للعقد الاجتماعي ذات أهمية وحتمية ولادته، فلا بد من اعتباره أول مبادرة إرادية للعقل الجماعي للإنسان بغية تنظيم حياة التجمع البشري ما بعد مرحلة الصيد وظهور القرية الزراعية البدائية وإقامة أسس أولية لآليات الدولة، ومنها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها.
فبعد ذلك كان لابد أيضا من بدء بروز فئة داخل التجمع ذات كفاءة نوعية لتولي مهام تنسيق الحياة اليومية وتصريف الأمور وفق متطلبات أنية وما يستجد عبر المسيرة التاريخية ولكل فترة زمنية لحركة المجتمع، كتجربة أولية عبر الاستقطاب الطبقي لكل جيل أو مجموعة أجيال وما تخللها من الأساليب القسرية التي كانت تظهر وتسود في المراحل المذكورة. فإنها بحد ذاتها تعتبر بدء تقديم خدمات عامة يقوم بها المتولون بتصريف شؤون المجمع. وفي هذه الحالة لابد أن يتميز السلوك الشخصي والمستوى الفكري بدرجة من الرزانة والثقافة النوعية عن غيرهم لتكون هناك نتائج ايجابية نسبيا أكثر من المخلفات السلبية من تصرف تلك الفئة، باعتبارها النواة الأولى لظهور ما يسمى (الحكومة) والتي أصبحت بحكم الفرضية الاصطفافية لتحملها المسؤولية المباشرة عن كيفية حماية المجتمع والدفاع عنه وعن ممتلكاته وصيانة حقوقه الأساسية بالحياة. ووضع الأسس اللازمة لتشخيص الواجبات المترتبة عليه.
وإذا كانت غالبية حكومات الدول العربية سابقا ومنها لازالت قائمة تمثل مصالح أنظمة شبه الإقطاعية والمدعومة بمرجعيات عشائرية و (دينية – مذهبية ). ومنها ملكيات أو جمهوريات شكلية غير دستورية، وقد استأثرت بالسلطة وبقت كقوة متنفذة ومستبدة في إدارة شؤون المجتمع، ومنها قد قفزت على كراسي السلطة التنفيذية عبر مسرحية الانتخابات الشكلية وبحماية فقرات ومواد من الدساتير القائمة ذات نصوص مبهمة كما حصل في العراق الجديد بعد سقوط النظام السابق في 9/4/2003 ودور المحتل في تعميم سياسة الفوضى الخلاقة وتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي والقومي والديني بين مكوناته المتعايشة منذ قرون وقرون.
فان ما تشهده الساحة السياسية فيه من التناقضات والاختناقات وتراكم الأزمات والتي تحاول الحكومة القائمة بشخص رئيس الوزراء، اللعب بالورقة النافعة لصالح حزبه فقط. فانه قد التجأ منذ توليه رئاسة هذه الحكومة قبل أكثر من سنتين من الدورة الثانية، إلى المماطلة والمراوغة في حل كل أزمة بما يناسب ويؤدي إلى الاستقرار الأمني والسياسي والازدهار الاقتصادي. إلا انه يحاول بين فترة وأخرى خلق أزمة بعد أزمة وتعليق السوابق على الرفوف بحجج غير مقنعة لمعارضيه والاستئثار بالحكم لأطول مدة ممكنة وفشل البرلمان بسحب الثقة من رئيس الوزراء لاختلاف كتله على ذلك. وأخر الأزمات التي كادت أن تشعل حرب ضروس بين قوات الحكومة الاتحادية وقوات البيشمركة لإقليم كردستان، لعدم رغبته بحل المعضلة الرئيسية بين الحكومتين وهي المناطق المتنازع عليها والمادة (140) حول كركوك، ومسألة قانون النفط والغاز وأحقية حكومة الإقليم من استثمار النفط والتعاقد مع الشركات العالمية وتصديره إلى جانب المتراكم منها، وهي المطاليب الشرعية للمتظاهرين في المحافظات صلاح الدين والرمادي والموصل وديالى وغيرها والتي مضى على بعضها عدة أسابيع وتخص إطلاق صراح الأعداد الغفيرة من المعتقلين والمعتقلات بدون توجيه أي تهمة جنائية ضدهم ومسألة قانون العفو العام والمساءلة والعدالة والمادة (4) الخاصة بالإرهاب وعدم انجاز مجموعة قوانين والمصادقة عليها من قبل مجلس النواب لاختلال النصاب لعدة جلسات بصورة متعمدة. ومنها قانون الخدمة الموحد وإنصاف المتقاعدين، وقانون الاتحادية وغيرها.
إلى جانب الفساد المالي والإداري المستشري في جميع مرافق الدولة وحماية كبار المفسدين من قبل زعماء القوائم المتصارعة على السلطة وفي مقدمتها قائمة كتلة رئيس الوزراء (دولة القانون) وأخر الفضيحة الكبرى من الفساد المالي هي التي رافقت صفقت الأسلحة الروسية وما يجري خلف الكواليس المماطلة في التحقيق النزيه وكشف رموز المفسدين المتورطين فيها، عدا انتشار البطالة في صفوف الشريحة الواسعة من الشباب والعاطلين عن العمل ومنهم جمع كبير من الخرجين والخريجات من الكليات والمعاهد الخاصة . وان الحكومة ورئيسها منشغلة في عملية إعطاء المواعيد والوعود الفارغة لحل جميع الأزمات والمعضلات المطلوبة وبدون جدوى، مما قد يؤدي إلى نفاذ صبر الشعب واستغلال الوضع المتردي امنيا واقتصاديا من العناصر المنتمية إلى فصائل التطرف الديني والمذهبي والقومي وإشعال فتنة الحرب الأهلية ولا يمكن لأحد من احتوائها.
وان سياسة المماطلة والاستئثار بالحكم وتهميش أو إقصاء باقي القوة السياسية لا يمكن أن تؤدي إلى ثمار ونتائج تخدم أي طرف، ولا بد من التروي والتحكم العقلي والإسراع في تفويت الفرصة للمتربصين بالوطن من الداخل والخارج بالإسراع في تلبية مطاليب جميع القوى السياسية الوطنية المعارضة كمطلب ملح لا غير.





                                                                            يوسف زرا
                                                                          12/2/2013     

42
أدب / أغزوة فضاء ام ماذا؟
« في: 12:12 13/01/2013  »


أغزوة فضاء ام ماذا؟



   يوسف زرا



كـــــــــاد الغيثُ يغفو من زحمة الايـــــــــــــــــام
                                                    ورذاذُ المــطرٍ يتسكعُ في حنايــا الظـــــلام
وكــــــادت الشمسُ تنزوي في بحـــــــر الرقيــــعِ
                                                    والقمرُ مُحاقٌ كأسيرَ الظلِ في المنــــــــــام
واذا السمــــــــــاء صباحــــــاً تغــــــزو الارضَ
                                                    بوابـــــلٍ من نُدفٍ صماء بثغرٍ بلا صمــام
فــــــــــي لحظاتٍ كست الجبــــالُ والوديــــــــان
                                                   والغــــزلانُ تنطُ وغدى ظهرُها كالسنــــــام
ايتهــــــــــــا الطبيعــــة ما الاروعَ فيـــــــــــــكِ؟
                                                   تتناوبُ الفصولُ عنكِ في كــــلِ عـــــــــــام
ففـــي فصل الربيعِ الارضَ كوسادة سندسيـــــــة
                                                   تشــــــدو فيها اسرابَ البلابل والحمــــــــام
ويليـــــــهِ القيظُ  يُلهبُ حتى جوفَ الصخـــــــــرِ
                                                   وفـي ارضِ الفرازِ مناجلَ الحُصادِ بازدحام
والخــــــريفُ فيـــــــه يئــــن الشجر والبيـــــــدر
                                                  وتجــفُ مياه الينابيع حتى تحت الرخــــــــام
والشتــــــاءُ يناجي المحراث ليستقبل المطـــــــرَ
                                                  والسيــــــول تُفَيِضُ كل السهوبَ بالركــــــام
ووداعـــــــة الاطفالِ تمرحُ فوق الحلــــــــــــــة
                                                   ترقصُ طرباً وتتحدى البرد والزكـــام
أغــــــــــزوة فضاءٍ بيضاء بــــــلا إنـــــــــــذار
                                                  كعطـــاءِ لبني البشرِ دون إعـــــــــــــــلام ؟
ام كـــــــــأسرابُ فراشاتٍ وديعةُ الطبــــــــــــع
                                                  تحملُ فـوق اجنحتها بذور الطعـــــــــــــام ؟
والسمــــــــــــاءُ بسخائها هبةٌ بلا عنـــــــــــوان
                                                  لكـــــــــــــــلِ ذرةُ ترابٍ وخبزٌ للارحــــــام
مجــــــــــــداً لغـــــزاتٍ من هذا القبيـــــــــــــل
                                                 ضيوفاً بيننا أبــــــــــداً للعدالة حكــــــــــــــام



القوش في  10/1/2013
9:30 صباحا
العاصفة الثلجية

                                                                    
                                                                                           

43
لا تدعوا حناجر الضعفاء تبح …. وإلاᴉᴉ
التاريخ زمن متراكم من فعل الإنسان كناتج مادي واجتماعي والحضارة ليست إلا الصورة المرتشة لذلك الكم المتراكم لها. ولكن هل يعلم المستطرق في شوارع واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبغداد والقاهرة … بامتداد ارض أي حضارة كان يمشي ؟.
هناك من عمق الماضي الزمني والمادي رنين لفؤوس ومعاول لأجيال وأجيال من الرجال قضوا نحبهم فيها , وأنين من أرتال وأرتال لأطفال يتامى, وصراخ مواكب ومواكب من النسوة كزوجات فقدن أزواجهن وأطفالهن, وأمهات فقدن فلذات أكبادهن وأخوات فقدن إخوتهن , كل ذلك بسبب المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية كحد أدنى للحياة اليومية ومقوماتها ‼
فإذا كان ارسطو طاليس قبل أكثر من ستة وعشرين قرنا ً قد قال :-
( في كل زمان ومكان … دولة ورجال … ولكل امة آحاد ) .
فمن هم أولئك الرجال وفي أي زمان ومكان كانوا ؟
ومن هم أولئك الآحاد …
قليلا ًمن حكمة العقل والإنصاف يا حكام اليوم في عالمنا المضطرب.
أليس هم قادةً لحروب عبر التاريخ ولازالوا يذكون آتون الحروب بأكداس وأكداس من الإنسان الأعزل ومسلوب الإرادة؟ فلا جواب .
أليس هم المتجبرون من أمثالكم من الذين يفوضون أنفسهم بصلاحيات وبدون حدود قانوني للتلاعب بواقع الملايين من الفقراء والمعدمين من ابسط حقوق الحياة وبالعيش ولو تحت شجرة مورقة في فصل الصيف اللاهب ؟… أو تحت سقف صريفة من القصب والطوف شتاءً وقاءً من برده القارس؟ طبعاً بلا جواب .
يبدو واضحا ً ومن بعيد , إن المتناوبين على تولي زمام قيادة ارتال وطوابير من جنسهم ومن عمق ذلك الزمن المتراكم والى هذا اليوم ومن أمثالكم , أيضا ً لم ترن في آذانهم ضربات الفؤوس والمعاول لتلك الرجال, ولا لأنين أطفال يتامى , ولا لصراخ مواكب الأمهات والزوجات والأخوات , بحثا عن ذويهن ومعيلهن وحاميهن .
أيها الراكبون خيولكم بلا سروج .
لم ولن يجف مداد الأقلام الحرة والتي حولت وتحول صراخ حناجر الضعفاء وان بحت … إلى مشاعل , زيتها دماء الشهداء من آلاف الضحايا اليومي في جميع مدن العراق وقصبا ته للإرهاب المنضم وتحت سمعكم وبصركم … تلك المشاعل التي لا بد أن تنير دربهم , ولا بد أن تصبح حتوف شهدائهم جسورا ً للمواكب العابرة إلى ضفة الأمان , مطالبة بحق الحياة والعدالة الاجتماعية.
وإلا , فالتاريخ ليس أبكم في ضنكم ولا يحتج معهم , ولا هو أصم لا يسمع الأنين والصراخ , ولا أعمى لا يرى ويبصر ما يغلي في بودقة الحياة ومرجلها , من المحاصصة الطائفية المقيتة , والفساد الإداري والمالي وتهميش وإقصاء كل الفصائل والشرائح الوطنية التقدمية وقادتها وعلى اختلاف مناهجهم السياسية والاجتماعية والاتنية وعدم مشاركتهم في عملية صنع القرارات التي تخدم الشعب ومسيرته الطويلة وبجميع مكوناته التاريخية من الأكثرية والأقلية كما تسمونها بلغة الحساب البسيط.
أيها السادة المحترمون … أحقا انتم غافلون لما يجري تحت أقدامكم ؟
انه زلزال من باطن الأرض , متى انفجر فلن تقوى صلابة وتماسك قشرتها مهما كانت صخرية أو من الصلب , فلن تؤجل تحطمها ونثر أجزائها في أعالي الفضاء , ثم رذاذاً على سطح الأرض كأشباه لرموس تحت الرماد ,
أيها السادة الكرام .   
لا تدعوا سبارتكوس يولد من جديد خارج ايطاليا إن لم يكن قد ولد هنا في أرضنا فعلا.
لا تدعوا حمو رابي يتحرك متململا فوق مسلته الكبيرة , إن لم يكن قد قفز منها فعلا ليبدأ عملية تجديد القوانين من جديد هنا .
لا تدعو – هوشامنا – يقسم بشعيرات لحيته الهشة بالعودة إلى فيتنام جديدة , دون رجوعه للعمل في سفن الاستعمار الفرنسي .
ولا تدعوا لوثرا جديدا بورقة إصلاح عقائدي أخرى وحسب ميزة العصر واستحقاق الإنسان الضعيف المؤمن بالحياة الكريمة
فلا تدعوا – ماوتسي تونغ – يبدأ مسيرة جديدة من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب , يرافقه – لي شاو شي – وبيده نسخه جديدة من كتابه القديم ( كيف تكون مناضل جديدا ) لا بل وكيف تكون ثائرا معاصرا وأمينا على المبادئ الإنسانية .
فما يجري داخل الوطن العتيد ( العراق ) نذير شؤم بقيام إعصار لا شبيه ل( تسونا مي في جزر اندونيسيا قبل سنين ) . ولا للإعصار الحالي ( اسحق ) الذي لا يزال يضرب سواحل أمريكا الغربية ويزيل من الوجود مدنً عن بكرة أبيها دون أن يُقيمّا الإعصاريين المذكورين , مما يمكن أن يلحق بهما من الفواجع . وكلها تنكر حضارة الإنسان العراقي الذي بناها عبر التاريخ ونام تحتها , ولا قيمة لأنين أطفال يتامى أو صراخ النسوة وفي مواكب جديدة عبر أثير الكون .
فيا أصحاب النشوة المؤقتة المحترمون في عاصمة الرشيد . نعم ليست نبؤه أو محصلة قرأة فال بمولد ابن بار ثانٍ من صلب ورحم الشعب العنيد , ليعيد بناء جمهورية عراقية ثالثة – فدرالية – ديمقراطية – تعددية – مستقلة – لا محاصصة مذهبية في تركيب سلطاتها الثلاث – التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن غير فساد إداري ومالي ولا تزوير الشهادات ولا غصب ولا غزو لمقاعد مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ومجلس النواب لأصوات شريفة .
فالشعب الذي أنجب رجالات 14/تموز/1958 ورمزهم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم .فلا بد أن ينجب رموزا جديدة , لأنه شعب حي من عمق التاريخ شعب الانتفاضات والوثبات والثورات البيضاء. فلن يكون بحاجة إلى سبارتكوس جديد ليحرر العبيد ولن يكلف قادة الثورات التاريخية العظيمة في الصين وفيتنام وكوبا وروسيا . بل سيبقون رموزا ً حية لكل البشرية .
أيها الحكام الوقتيون … ويا أصحاب النفوذ في عراق ما بعد الاحتلال الأجنبي …
هلا تفيقون لرشدكم وتتوبون من أعمالكم , وتطلبون المغفرة من هؤلاء الضعفاء قبل أن تبح حناجرهم في بغداد وغيرها . فكثيرون ممن سبقوكم عبر التاريخ القديم والحديث , قد ركبوا بغالهم ثم بلعهم إعصار ما عبر المحيط , أو طوتهم حفرة كبيرة وعميقة لزلزال ما تحت رماده … وإلا .             


                                                                                يوسف زرا
                                                                              6/ 9 / 2012

44
السياسة والثقة بالعقل

دأبت الاطراف السياسية ذات التوجه الديني والقومي المتنفذة والماسكة بزمام السلطة في كل من الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة اقليم كردستان في اربيل باطلاق التصريحات المتشنجة حول ما مختلف عليه بخصوص المادة ( 140 ) والخاصة بمنطقة كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها ضمن محافظات كل من نينوى وصلاح الدين وديالى. مما ادى الى تسارع الطرفين الى تحريك القطعات العسكرية باتجاه تلك المناطق, وكأن الامر وصل بانقطاع السبل السلمية بينهما ولابد من اشعال فتيل الحرب وبدء الصراع الدموي بين الطرفين، وانهما على استعداد لدخول هذا المعترك الخطير ولا رأي للشعبين العربي والكردي وباقي المكونات للمجتمع العراقي بذلك. في حين نرى وبمعرفة جميع المسؤولين في الموقعين، ان هناك في الداخل والخارج عدو تاريخي مشترك لهما ولكل الشعب العراقي، ويبذل في الخفاء والجهر كل الجهود لتصعيد الموقف حد الاصطدام المسلح بينهما، والكل يعلم ان عقلية النظام السابق والتطرف القومي الذي مارسه لعقود عديدة ماذا حل بكل الشعب والوطن ومن جراء الحروب التي شنها على الشعب الكردي وتضيق الخناق على مجمل القوى الوطنية التقدمية والديمقراطية حد إبادتها .
ولكن يجب على الكل التفكير بجد وتدارك الأمر من أن أوار الحرب الداخلية في سوريا كاد لا بل اوشك أن يمتد لهيبها الى داخل الوطن ليحرق الكل معاً .
فهل فقد مسؤولو الطرفين التوازن ولا سيما الحكومة الاتحادية باعتبارها حكومة لكل الشعب العراقي وليس لجهة اكثرية او اقلية سواء كانت دينية او قومية ؟ ام اصبح الوضع على كف عفريت كما يقال وغاب العقل السديد في الاسراع لنبذ التصعيد والكف عن الاعلام الاستفزازي والمتشنج من قبل الطرفين ، والشعور بالمسؤولية التاريخية والعودة الى الهدوء و ضبط النفس ولا بد من تحكم العقل بذلك .
واذا عدنا الى بعض اقوال عظماء التاريخ وفلاسفتها ومنهم اسبينوزا ، والذي يقول ومن عدة قرون ، ان ( الثقة بالعقل ) تعدت كل الافاق والتصورات ليتجاوز هو نفسه الصراع على مبدأ الحق . وهو الذي اعطى الاستقلالية الذاتية وحرر الانسان من الفكر الفلسفي الذي كان سائداً في اوربا في القرون الوسطى . ونحن الان في الالف الثالث الميلادي ‼! .
بمعنى اصبح العقل هو المتحكم بالانسان في كافة مجلات حياته ومنظم سلوكه وتصرفاته الاجتماعية والعقائدية . واعتبر كل ما هو خاضع للعواطف يمثل خواص للطبيعة البشرية غير الموزونة وسلبية في نتائجها .
ولما كان العقل هو مصدر التفكير ونتاجه ، بمعنى لا يجوز تهميشه او اقصائه مهما كان ولاي جماعة يكون ، لأن كل فئة أو شريحة اجتماعية أو طبقية ، أتنية وقومية أو دينية ، لها خصائص ذاتية وأليات لتوزيعها وتعميمها حسب الحاجة الاساسية للحياة اليومية ومتطلباتها المستمرة وهي شرعية بحكم قانون الحياة على أن لا تتقاطع مع شرعية غيرها .
واذا كانت السياسة هي احدى الوسائل الشائعة وكمحور مهم يتبنى ايصال قضية معينة او مجموعة قضايا تخص واقع الحالة الاجتماعية والاقتصادية والادارية وغيرها الى اوسع قطاع من تلك الشرائع وفق منهج محرر مسبقاً ، قد يفي بالحاجة الماسة لمقومات تلك الشرائع ، أو وفق اديولوجيا خاصة تصلح للتغير السلمي المستمر للواقع الاجتماعي المتلكئ أو المتعثر ، أو بسبب الركود والجمود الذي اصاب مرافق الحياة العامة ، ويطرح سبل المعالجة الدائمية لمجمل ما ورد في لوحة التغيير وغيرها من النزاعات الداخلية مهما كانت مستعصية .
ولما كان المجتمع التقدمي قد توصل عبر التراكم الكمي لتجاربه ، فلا بد هنا من سؤال . عن كيفية معالجة ما يعيق سبل التقدم والتحكم بالمستعصيات ، تجنباً للعواصف والاعاصير التي لا يمكن لأحد من صدها أو الوقوف بوجهها .
فإن الاضطراب الأمني والأرهاب اليومي المنظم الذي يعصف في كل بقعة من جغرافية العراق ولم تتمكن الاجهزة المختصة معالجتها أو الحد منها ، إضافةً الى ما يفرزه هذا الإضطراب من رمي يومياً بمئات الالاف من الشبان في سوق البطالة المروعة وإنعدام ابسط المقومات المادية للعائلة .
فلا بد من حدوث الزوابع هنا وانفجار براكين هناك ، وهبوب رياح عاتية كالتي في وسط المحيط بما لا تشتهي السفن .
ولا بد للربان أن يبذل المستحيل على التحكم عقليا بمقود أو سكان المركب وهو في وسط هذه الفوضى والهيجان . ويقوده الى شاطئ السلام . وكفى ابتكار الازمات وتصعيد الصراعات ولا طائل من ورائها ، وإلا فالمصير المجهول للمركب وبمن فيه وربانه يصيب الكل . وهناك ما يبرر هذه الحالة من الاضطراب الشامل للمنطقة الشرق اوسطية عامةً والعربية خاصةً من المؤثرات الداخلية والخارجية ، والنظر الى ما آل إليه لما يسمى بالربيع العربي ، والذي كانت أولى نتائجه المدمرة في اولى انطلاقته من شمال افريقيا ، بدأً بتونس وخلع الغطاء القديم واحتل محله اقبح منه . وثم ليبيا ويمن واخيرا مصر والكل يترقب وحذر لما يغلي بداخل مجتمعه ، عدا حالة الحرب المهلكة ومنذ ما يقارب العامين في سوريا وما آل اليه شعبها حد الانهيار انتهاءً بالدولة الفاشلة مستقبلاً كما هو متوقع .
وليس العراق خارج وبعيدا من هذا الدوار ، فمنذ سقوط النظام السابق في 9/4/2003 والى هذا اليوم يعيش شعبه في وسط هذا الربيع المتقدم زمناً والهائج بلا توقف .
فيا ترى هلا تعود قيادة قوافل هذا المجتمع ذات الاتجاهات السياسية والاجتماعية والدينية المتباينة .. نعم وتطلق العقل السليم من عقاله وتثق به كل الثقة كما قال اسبينوزا ، ليقرر ما ينفع أو ما يضر المجتمع بكل مكوناته المتعددة ، والذي ذاق الامرين طيلة العقود الخمسة المنصرمة من تقديم الضحايا بلا حساب وبلا تعداد . ناشداً الاستقرار الامني والازدهار الاقتصادي للكل ، وفي ظل دستور وخيمة ديمقراطية ونظام  يقر بالعدالة الاجتماعية وبتعدد المكونات السياسية والاجتماعية واحقيتها في تقرير المصير والحياة الكريمة والأمن الدائم .
و إلا فلا صراخ ونداء الف اسبينوزا وغيره يفيد ما لم يتم العودة الى الثقة بالعقل لحسم الامور للصالح العام ولا غير ذلك




                                                                         يوسف زرا
                                                                    20 /12 / 2012

45
أدب / رُفاتُ السلاطين
« في: 12:06 23/12/2012  »
رُفاتُ السلاطين
أسرابٌ لغربان ٍ ملونة ٍ يا الرافدين        في سماء ِ واديك َ قد لاحــــــــــــــت
وصخب ُ نعيقها هبَّ كإعصـــــــارٍ       وريحٍ صفراءَ كعاصفةٍ قد بانـــــــــت
لتحجبَ ضوءَ الشمسِ عن نخلـــــةٍ       وعن طفلٍ رضيعٍ ولمهدهِ طالــــــــت
تصاريحُ في مؤتمراتٍ تُعقـــــــــــدُ       لزعماءٍ بالديمقراطيةِ قد شاخـــــــــت
بينهُمُ دعاةُ مذاهبَ وأمــــــــــــــــةٍ        اثروا الخصام والمسيرةُ تاهـــــــــت
دستورٌ معطلٌ وبلا قُضـــــــــــــاة        والمحاصصةُ بها القوانين ضاعـــــت
والأقلياتُ ضحيةُ جــــــــــــــــورٍ        إسوةٌ بما لغيــرهم بهِ نـــــــــــــــــادت
أ تاريخٌ ظالمٌ وبهم إنطــــــــوى؟        أم صراعات الكراسي بحقهم ناهــــت؟
تقذفُ بهم أمواجُ المحيطـــــــات          والكواسرُ من كل حدب حامــــــــــت
أ حقوق إنسانٍ حبرٌ على ورقٍ             أم الأقوياءِ نواميس لها صاغـــــــت
وشريعةُ أيةِ سماءٍ بَصمَــــــت              لسيوفٍ ذي الحدين برقابهم طاحـت
أ في يومِ الدينونةِ يدانـــــــــون             أم يبقى المصيرُ بيدٍ جـــــــــــــارت
وصبرُ أيوبَ كجلدِ الإبــــــــــلِ             عبرَ الصحراء وبها ناخـــــــــــــت
فلمسيرةِ الشعوبِ سنـــــــــــــةٌ              ولابدَّ للحمل وان به ضاقـــــــــــت
فلا تشبُثَ بالأولياء نفعــــــــــاً               فإنهم لغير الصدقِ دانـــــــــــــــت
والأنبياءُ رسلٌ للبشريةِ كانــت              وبصلب الحياةِ للضعفاء جــــــاءت
شرائعٌ سنَت لكل إنســــــــــانٍ              كمراسيمٍ أزليةٍ موحدةٍ قامـــــــــــت
فويلٌ للسلاطين القُســــــــــــاة               وإن في القبور رفتهم ناحــــــــــت

                                                            يوسف زرا
                                                         ١٥/ ٤ / ٢٠١٢           

46
لا تدعوا حناجر الضعفاء تبح …. وإلا

التاريخ زمن متراكم من فعل الإنسان كناتج مادي واجتماعي ، والحضارة ليست إلا الصورة المرتشة لذلك الكم المتراكم لها. ولكن هل يعلم المستطرق في شوارع واشنطن ولندن وباريس وموسكو وبغداد والقاهرة … بامتداد ارض أي حضارة كان يمشي ؟.
هناك من عمق الماضي الزمني والمادي رنين لفؤوس ومعاول لأجيال وأجيال من الرجال قضوا نحبهم فيها , وأنين من أرتال وأرتال لأطفال يتامى, وصراخ مواكب ومواكب من النسوة كزوجات فقدن أزواجهن وأطفالهن, وأمهات فقدن فلذات أكبادهن وأخوات فقدن إخوتهن , كل ذلك بسبب المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية كحد أدنى للحياة اليومية ومقوماتها ‼
فإذا كان ارسطو طاليس قبل أكثر من ستة وعشرين قرنا ً قد قال :-
( في كل زمان ومكان … دولة ورجال … ولكل امة آحاد ) .
فمن هم أولئك الرجال وفي أي زمان ومكان كانوا ؟
ومن هم أولئك الآحاد …
قليلا ًمن حكمة العقل والإنصاف يا حكام اليوم في عالمنا المضطرب.
أليس هم قادةً لحروب عبر التاريخ ولازالوا يذكون آتون الحروب بأكداس وأكداس من الإنسان الأعزل ومسلوب الإرادة؟ فلا جواب .
أليس هم المتجبرون من أمثالكم من الذين يفوضون أنفسهم بصلاحيات وبدون حدود قانوني للتلاعب بواقع الملايين من الفقراء والمعدمين من ابسط حقوق الحياة وبالعيش ولو تحت شجرة مورقة في فصل الصيف اللاهب ؟… أو تحت سقف صريفة من القصب والطوف شتاءً وقاءً من برده القارس؟ طبعاً بلا جواب .
يبدو واضحا ً ومن بعيد , إن المتناوبين على تولي زمام قيادة ارتال وطوابير من جنسهم ومن عمق ذلك الزمن المتراكم والى هذا اليوم ومن أمثالكم , أيضا ً لم ترن في آذانهم ضربات الفؤوس والمعاول لتلك الرجال, ولا لأنين أطفال يتامى , ولا لصراخ مواكب الأمهات والزوجات والأخوات , بحثا عن ذويهن ومعيلهن وحاميهن .
أيها الراكبون خيولكم بلا سروج .
لم ولن يجف مداد الأقلام الحرة والتي حولت وتحول صراخ حناجر الضعفاء وان بحت … إلى مشاعل , زيتها دماء الشهداء من آلاف الضحايا اليومي في جميع مدن العراق وقصبا ته للإرهاب المنضم وتحت سمعكم وبصركم … تلك المشاعل التي لا بد أن تنير دربهم , ولا بد أن تصبح حتوف شهدائهم جسورا ً للمواكب العابرة إلى ضفة الأمان , مطالبة بحق الحياة والعدالة الاجتماعية.
وإلا , فالتاريخ ليس أبكم في ضنكم ولا يحتج معهم , ولا هو أصم لا يسمع الأنين والصراخ , ولا أعمى لا يرى ويبصر ما يغلي في بودقة الحياة ومرجلها , من المحاصصة الطائفية المقيتة , والفساد الإداري والمالي وتهميش وإقصاء كل الفصائل والشرائح الوطنية التقدمية وقادتها وعلى اختلاف مناهجهم السياسية والاجتماعية والاتنية وعدم مشاركتهم في عملية صنع القرارات التي تخدم الشعب ومسيرته الطويلة وبجميع مكوناته التاريخية من الأكثرية والأقلية كما تسمونها بلغة الحساب البسيط.
أيها السادة المحترمون … أحقا انتم غافلون لما يجري تحت أقدامكم ؟
انه زلزال من باطن الأرض , متى انفجر فلن تقوى صلابة وتماسك قشرتها مهما كانت صخرية أو من الصلب , فلن تؤجل تحطمها ونثر أجزائها في أعالي الفضاء , ثم رذاذاً على سطح الأرض كأشباه لرموس تحت الرماد ,
أيها السادة الكرام .   
لا تدعوا سبارتكوس يولد من جديد خارج ايطاليا إن لم يكن قد ولد هنا في أرضنا فعلا.
لا تدعوا حمو رابي يتحرك متململا فوق مسلته الكبيرة , إن لم يكن قد قفز منها فعلا ليبدأ عملية تجديد القوانين من جديد هنا .
لا تدعو – هوشامنا – يقسم بشعيرات لحيته الهشة بالعودة إلى فيتنام جديدة , دون رجوعه للعمل في سفن الاستعمار الفرنسي .
ولا تدعوا لوثرا جديدا بورقة إصلاح عقائدي أخرى وحسب ميزة العصر واستحقاق الإنسان الضعيف المؤمن بالحياة الكريمة
فلا تدعوا – ماوتسي تونغ – يبدأ مسيرة جديدة من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب , يرافقه – لي شاو شي – وبيده نسخه جديدة من كتابه القديم ( كيف تكون مناضل جديدا ) لا بل وكيف تكون ثائرا معاصرا وأمينا على المبادئ الإنسانية .
فما يجري داخل الوطن العتيد ( العراق ) نذير شؤم بقيام إعصار لا شبيه ل( تسونا مي في جزر اندونيسيا قبل سنين ) . ولا للإعصار الحالي ( اسحق ) الذي لا يزال يضرب سواحل أمريكا الغربية ويزيل من الوجود مدنً عن بكرة أبيها دون أن يُقيمّا الإعصاريين المذكورين , مما يمكن أن يلحق بهما من الفواجع . وكلها تنكر حضارة الإنسان العراقي الذي بناها عبر التاريخ ونام تحتها , ولا قيمة لأنين أطفال يتامى أو صراخ النسوة وفي مواكب جديدة عبر أثير الكون .
فيا أصحاب النشوة المؤقتة المحترمون في عاصمة الرشيد . نعم ليست نبؤه أو محصلة قرأة فال بمولد ابن بار ثانٍ من صلب ورحم الشعب العنيد , ليعيد بناء جمهورية عراقية ثالثة – فدرالية – ديمقراطية – تعددية – مستقلة – لا محاصصة مذهبية في تركيب سلطاتها الثلاث – التشريعية والتنفيذية والقضائية . ومن غير فساد إداري ومالي ولا تزوير الشهادات ولا غصب ولا غزو لمقاعد مجالس المحافظات والأقضية والنواحي ومجلس النواب لأصوات شريفة .
فالشعب الذي أنجب رجالات 14/تموز/1958 ورمزهم الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم .فلا بد أن ينجب رموزا جديدة , لأنه شعب حي من عمق التاريخ شعب الانتفاضات والوثبات والثورات البيضاء. فلن يكون بحاجة إلى سبارتكوس جديد ليحرر العبيد ولن يكلف قادة الثورات التاريخية العظيمة في الصين وفيتنام وكوبا وروسيا . بل سيبقون رموزا ً حية لكل البشرية .
أيها الحكام الوقتيون … ويا أصحاب النفوذ في عراق ما بعد الاحتلال الأجنبي …
هلا تفيقون لرشدكم وتتوبون من أعمالكم , وتطلبون المغفرة من هؤلاء الضعفاء قبل أن تبح حناجرهم في بغداد وغيرها . فكثيرون ممن سبقوكم عبر التاريخ القديم والحديث , قد ركبوا بغالهم ثم بلعهم إعصار ما عبر المحيط , أو طوتهم حفرة كبيرة وعميقة لزلزال ما تحت رماده … وإلا .             


                                                                                يوسف زرا
                                                                              6/ 9 / 2012
[/size]

47
تقلبات البيئة وسلوك الانسان
                                                                                                                                                           يوسف زرا

اذا كانت الحياة بمفهومها البدائي قد ظهرت على سطح كوكبنا فلربما  يشك بوجود كائنات اخرى على سطح عدة كواكب ايضاً . ان مجرى الحياة وعبر التاريخ لم يكن ولايمكن ان تكون قد بقيت على مستواها التشريحي للجسم والوعي النسبي للعقل كما ظهرت من عمق التاريخ وقبل ملايين مكن السنين . ولابد عامل الحركة الديناميكية لاي كائن حي وباي شكل وفي اية بيئة كانت , ان تنقل ذلك الكائن من حالة قديمة ذات خصوصية وظيفية محدودة , ومحدودية فعل الحركة لفترة زمنية معينة الى حالة جديدة تختلف عن سابقتها بخواص حياتية . ولما كان الانسان يعتبر ولا زال راقى انواع الكائنات الحية , فان فعل التطور يتحرر الاطراف الامامية لفعل عملية الانتاج . والخلفية للمشي بقامة منتصبة . فلابد ان يصاحبها تطور في الناتج العملي المناط بها وحسب الضرورة القادمة , ومردودها الايجابي سرعة الحصول على مقومات الحياة الغذائية بالدرجة الاولى , ثم سرعة الانجاز العملية بحد ذاتها ومهما كانت , مع ما رافقها من تحول او طفرة نوعية بايولوجية في عمليات الدماغ , وارتفاع نسبة ادراك العقل لما حوله من المكوانت المادية ومنها ( حيوانات , جبال , سهول , انهار , بحار , اشجار وغيرها ) ثم بدأ تفكيره اللاإرادي وبعل ناتج العمل العرضي يقوده ( النسان ) الى تصور فكرة جديدة , او محاولة التعرف على ماهية المحسوسات المادية . والتفكير لغرض بدء التعرف على الظواهر الطبيعية التي ترافق طوال ايام السنة وتقلبات البيئة المناخية والجغرافية , ومنها سقوط الامطار والثلوج وهبوب الرياح والعواصف وحدوث الزوابع والاعاصير وكذلك الزلازل والفيضانات واخيراً انفجار البراكين هنا وهناك الى جانب ظاهرة المد والجزر وعلاقتها بحركة القمر حول الارض وغيرها . وان علاقة درجة حرارة كل منطقة من كوكبنا تزامناً مع عدة فترات زمنية محددة مسبقاً بارتفاعها ةتعادلها ثم انخفاظها . كان هناك عوامل تعمل وفق مزاجية معينة لكل فنرة زمنية وعلى بقعة جغرافية معينة وتجعل كل الكائنات المتعايشة معها تحت فعل وتأثير هذه الظاهرة . ولا وجود لقوانين موضعية ثابتة تحدد حركة الاحياء بصورة عامة والانسان بصورة خاصة , وفق ماتفرضه هذه القوانين عبر الفرتات الزمنية ( الفصول السنوية الاربعة ) . وهل ان ادراك ووعي الانسان فرداً وجمعاً مقيد ام هو حر في التعامل مع هذه الظواهر ويتكيف وفق ما يلائمه فرداً او جمعاً . فان نظرية المادية التاريخية لا تنظر الى الانسان كائن فطري كبقية الكائنات يولد وينمو ويموت دون ان يتحسس ما حوله وان وجوده جيلاً بعد جيل ليس الا ناتج من عملية فعل الغريزة الجنسية للاستنسال لنسله فقط . ولايوجد في تكوينه الاجتماعي شرائح او طبقات تتقاطع مصالحها من بعضها كما لدى الانسان , منذ ظهور ( العقد الاجتماعي ) من عمق التاريخ ( الدولة ) بدأ الصراع ( عامل الدفع للتحول ) بفعل تأثيره الدائم وينتقل من حالة الى اخرى قد تكون في غالبيتها الايجابية لصالح الجميع ومضرة سلبية  في احيان اخرى , ولكن بنمو ادراك وتقدم وعيه وتطور ناتج عمله , تحكمت به قوانين جديدة مجبرة للتفكير الى الاحتفاظ بنوعيته ( ككائن ارقى ) وسيد الكائنات على هذا الكوكب , وبدأ يفكر في استحداث ما هو افضل في خدمة الجميع مع الاحتفاظ بخصوصية كل شريحة وطبقة ومكون منه بحالة تنافس شرعي سلمي في مجرى الحياة . فاذا كانت البيئة الجغرافية والمناخية ممكن ان تؤثر في بناء شخصية الفرد , وتحدد طبيعة سلوكه وتصرفاته في مراحل الحياة . فلابد ان نقول ان كل المجتمعات الراقية والمتخلفة تحكمها ما يفرز من العلاقة الاجتماعية من قيم وعادات وتقاليد , لانها ( في تكوينها الحياتي اجتماعية الطبع ) . وان تلك العادات والتقاليد والقيم لدى الانسان فقط قد تتحول الى قوانين تسري محتوياتها الى عدة اجيال . علماً ان لكل مجتمع قيمه وعاداته وتقاليده ( قوانينه ) ووفق ماتقتضيه المستجدات وسمة العصر مع التأثيرات الخاصة للبيئة الجغرافية والمناخية , فان المستجدات ظاهرة دائمية وناتجة من فعل حركة المجتمع , ويجب ان تكون بافضل من سابقتها لمجمل البنى التحتية  . ولكن نرى ان دور العقائد الدينينة والمكون الفعال للقيم والاعراف المقدسة لكل تجمع بشري الى جاني القضية الاقتصدية , وةالتي تكون نعاً عنصراً جوهريا ً وحيواً الى نشوء صراعات متفرقة ومتفاوتة في حدتها واعتادالها . وكل شريحة او طبقة او مكون اجتماعي مستقل يحاول التشبث بالتمسك بزمام الامور والتحكم بغيره ولصالحه ولمدة اطول . دون اعطاء قيمة لمفهوم ان لكل انسان الحق في حرية اختيار ما يؤمن به , لان مفهوم الايمان والعقيدة الدينية ملكية شخصية وارث مقدس , لايحق لغيره مسها او تغيرها بالعنف مع المكون التاريخي لكل فئة وبمستوى من القدسية ايضاً الانحدار الاثني والقومي . واذا طالما اردنا الكتابة عنه ولما يعانيه مجتمعنا العراقي بكل مكوناته الاجتماعية والدينينة والاثنية والقومية من بعد 9/4/2003 , واستفحال ظاهرة التعصب الديني والمذهبي والقومي عبر ظاهرة الارهاب المنظم وبقيادة الاطراف المتصارعة على كراسي الحكم وبشكل علني , وماعكسه على ارض الواقع من فقدان الامن الجماعي بصورة خاصة , ولم يعد لاية شريحة او جماعة وحتى طبقة اجتماعية تأتمن على سلامتها وعلى مصالحها . وان استشراء الفساد الاداري والمالي  وبشكل مكشوف لايمكن لاية جهة قانونية رسمية محاسبة احد , لان الاطراف المتصارعة تحمي ذلك لغرض تعميم الفوضى في جميع مرافق الحياة . ان الشعب العراقي اصبح عاجزاً عن الدفاع عن حقوقه الاساسية وعن حقه بالعيش الكريم . وان الديمقراطية بمحتواها الفارغ  تستغل من قبل الكتل الكبيرة المتصارعة غير مهتمة بما تؤول النتيجة من استمرار الوضع كما هو , ولا ينظرون لما حولهم في البلدان القريبة وشبه البعيدة , ما حل بحكامها حين داسوا على مقومات شعوبهم وكرامتها , هذا هو واقع الشعب العراقي الجريح والمؤلم من بعد الاحتلال في 9/4/2003 فان جميع فصائله الوطنية والاجتماعية والثقافية والغالبية الكادحة في واد وزعماء تلك الكتل في واد اخر . فهل حقاً ان تقلبات البيئة الجغرافية والمناخية تخلق انسان غير متزن السلوك والتصرفات تجاه بعضه والا ماذا ؟ فان نك الجروح القديمة اكثر الماً من طعنة جديدة بخنجر مسموم فان هذا الشعب ملكوم من زمان وللصبر حدود .

48
أ نزاعات إقليمية
أم
 حروب مدفوعة الثمن؟

إذا كان الصراع في المجتمع الحيواني بصورة عامة، وفي المجتمع الإنساني بصورة خاصة، يعتبر ظاهرة بيولوجية طبيعية. فان الصراع بمفهومه السلبي يؤدي إلى عدم الاستقرار وضمان الأمن الجماعي لجميع الأحياء. ولابد أن يقود جميع الكائنات الحية إلى استمرار النزاع والخصام كل في بيئته. وله ما يبرره في عالم الحيوان بالدرجة الأساسية كنزعة للبقاء (والبقاء للأقوى) وكقانون ثابت لاصطفاء النوعي الطبيعي للكائن الحيواني كحالة فطرية لا إرادية.
أما نزعة البقاء في المجتمع الإنساني، فهي أيضا قانون للاصطفاء النوعي الطبيعي والاصطناعي له. لان النزعة بحد ذاتها هي حافز ومحرك لاستقطاب الناتج (للأصلح أو للأفضل) وضمن عملية إرادية وبادراك مسبق لسلبياتها وايجابياتها. وان ظهور المجتمع الإنساني ونموه واتساع رقعة عيشه الجغرافية وبتعدد مكونات بشرية متباينة في العادات والقيم والمعتقدات، ومتقاطعة في المصالح الطبقية المادية والاجتماعية والثقافية، فلا بد من بروز هذه الظاهرة في مجتمعه، ولا بد أن تتوسع حدتها أو تخف بقدر ما تمليه ميزة البيئة وأفضلية الناتج للأكثرية ولفترة زمنية مهما طالت، لان لا ثوابت لما تقدم في المجتمع الإنساني و لأنها سنة حياتية.
وإذا كان المجتمع الإنساني وعبر مسيرته الحياتية الطويلة، وبسبب فرض عليه ظاهرة (نزعة البقاء) إلى جانب قانون توازن الأحياء في الطبيعة. قد ساقته إلى تحديد أهمية هاتين الظاهرتين وحتميتهما. فان التقدم المدني والحضاري اللتين انفرد بهما المجتمع وأدتا إلى قيام ونشوء النزاعات الداخلية ضمن مكوناته المذكورة وامتدادها إلى حروب خارجية مع غيره من المجتمعات، قد نتقدم عليه أو تتخلف عنه حضاريا ومدنيا لا خلاص منها.
وان تاريخ البشرية حافل بالشواهد بحدوث حروب ونزاعات طاحنة بين الكثير من الدول وأدت إلى انهيار مجموعة حضارات واختفاء مجموعة أجناس وأقوام واثنيات بكاملها. وان غالبية المتاحف العالمية والمحلية تنطق بذلك. وان معظم الحضارات القديمة والحديثة ومعلومة للمتتبع التاريخي ولا تحصى، فمنها اختفت كليا أو جزئيا، وبعضها لازالت قائمة وحققت تقدما واضحا في كافة مجالات الحياة. وان ما استخدم في عمق التاريخ في الحروب القديمة كانت أسلحة بدائية، اعتمدت قياداتها السياسية والعسكرية على كتل بشرية لا تعد ولا تقدر كوقود ولآتون تلك الحروب ولمدة عقود، لا بل قرون من الزمن. وثم السلاح الناري البدائي والذي كان عنصر النصر يعول عليه وبأقل عدد من الكتل البشرية لسابقاتها لاحقا.
وإذا كانت الدول والأقوام الكبيرة عبر التاريخ قد احتكرت لنفسها حق الدفاع عن منجزاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية وغيرها واستمرت بتطوير الكثير من الأسلحة الفتاكة، وامتلكت في العقود المنصرمة من القرن الماضي السلاح النووي والصواريخ العابرة للقارات، وأصبح لها ترسانات ضخمة منها، وانحصرت هذه التقنية العملاقة بيد عدد من الدول الغربية الأوربية، بريطانيا، فرنسا، ( الاتحاد السوفياتي سابقا ) وروسيا حاليا والولايات المتحدة الأمريكية وكأول دولة استخدمت السلاح النووي في الحرب العالمية الثانية ضد اليابان عام 1945. وبقيت هذه الدول مهيمنة عليه، خشية انتشاره إلى دول عديدة وحدوث نزاعات وحروب بين فصيلين منها أو أكثر وفي مقدمتهم الدول الكبرى المذكورة. فان نتائجها لا محال تكون بتوسع رقعة الحروب وتشمل معظم القارات المعنية وغير المعنية وذات المصلحة بها بدءا بأوربا وأمريكا واسيا، ثم أفريقيا واستراليا. ولا بد ولفترة قصيرة جدا أن تؤدي هذه الحروب إلى هلاك غالبية الجنس البشري إذا استخدم السلاح المذكور، والى اختفاء حضارات عديدة، علما إن ضحايا الحربين العالميتين للقرن الماضي تجاوزت السبعين مليون بين قتيل ومفقود ومعوق.
ولكن لو نظرنا إلى مجرى الأحداث وما جرى ويجري من التنافس والتسابق بين الدول الكبرى المذكورة وما وصلت إليه من القناعة التامة مجبرة على عدم أمكانية قيام أي نزاع أو حرب بين دولتين أو أكثر من التي تملك هذا السلاح المدمر وما تكون النتيجة منها على شعوبها بالدرجة الأولى.
فكان هناك الالتفاتة اللا أخلاقية واللا إنسانية من تلك الدول التي تملك التكنولوجيا المذكورة وقيامها بنقل هذه الحروب والنزاعات إلى ساحات عديدة وضمن أقاليم أو مناطق جغرافية بعيدة عنها نسبيا ً كظاهرة استمرار النزاع داخل المجتمع البشري، والسعي الحثيث لتحقيق توسعها العسكري والاقتصادي على حساب الشعوب المتخلفة أو الضعيفة . وفرض وصايتها عليها ضمن القارات الثلاث ( أو ما يسمى العالم الثالث ) أفريقيا ، أميركا الجنوبية ودول الشرقيين الأدنى والأوسط ، والتي تملك الكثير من الثروات الطبيعية كالنفط بالدرجة الأولى وغيرها والتي هي ذات أهمية قصوى لإدامة تطورها وتفوقها على غيرها . وفرض نظامها ( الرأسمالي ) ، وبغية تشغيل البشرية بحروب ونزاعات متفرقة في العالم .
وإذا أردنا أن نحصي عدد الحروب والنزاعات التي استفحلتها الدول الكبرى المذكورة والغربية منها وعلى وجه الحصر وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وخلال القرن الماضي والى هذا اليوم ومنها الحرب الكورية والفيتنامية وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي في العقد الأخير من القرن الماضي ، فسوف ترى أن في كل بقعة من المناطق المذكورة ، حدث نزاع داخلي وتطور إلى تدخل خارجي من قبلها أي الدول الغربية . ومنها حرب البلقان في يوغسلافيا وانشطار هذه الدول إلى عدة مقاطعات على أساس الدين أو العرق أو القومية ومنها . الصرب والكروات وكوسوفو ومقدونية ، وقبلها الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات من القرن الماضي وغزوة العراق للكويت بإعطاء الضوء الأخضر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ثم الحرب في أفغانستان في عام 2001 والحرب على العراق في 9 / 4 / 2003 وبالتدخل المباشر لدول الحلف الأطلسي وبقيادة أمريكا مباشرة وما تركته هذه الحروب لشعوب الدول المنكوبة ومنها لا زال النزيف الدموي المباشر قائما ً كأفغانستان والعراق وما آل إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني وتحت سمع وبصر المحفل الدولي .
وأخيرا ً لعبة ثورات الربيع التي بدأت في تونس قبل أكثر من عام وانتقالها إلى ليبيا وثم مصر وسقوط نظامها وتنحي حسني مبارك عن الحكم ومجيء التيار الديني الإسلامي عبر نفق الانتخابات الديمقراطية المزعومة والعاصفة الصفراء التي هبت على سوريا منذ ما يقارب ( 17 شهرا ً ) ولا زالت مشتعلة داخلها وبشكل هستيري بين قوات الحكومة والمسلحين من المدنيين المنشقين من الجيش النظامي . ولم تكن اليمن ولا زالت بمنحى عن هذه اللعبة واشتعال الحرب الداخلية فيها بهذا الشكل أو ذلك وسقوط رأس النظام ( علي عبد الله صالح ) وفق سيناريو فرضته دول الخليج ، عدا ما هو مستمر في الاقتتال ومنذ مدة ليست قصيرة في كل من الصومال والبحرين ، وبين دولتي السودان الشمالية والجنوبية في مد وجزر وغيرها . وما هو في غير الحساب ما يؤل إليه النزاع مع إيران بحجة محاولة امتلاكها السلاح النووي . وما يعكس ذلك إذا اندلعت شرارة الحرب معها ، لا أحد يقدر ما هي حصة دول المنطقة بصورة عامة من هول الدمار في البنية التحتية التاريخية لها والخسائر البشرية فيها .
حقا ً إن الاستعمار الغربي وبقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لا زال يفكر بعقلية القرون المظلمة في تعاملها من الشعوب الصغيرة والكبيرة الضعيفة وما حققته بنقل الكثير من الحروب والنزاعات إلى خارج دولها وبصورة مؤقتة وتمكنت في كثير من المناطق المضطربة من صب الزيت على النار وإذكاء لهيبها الذي يحرق الأخضر قبل اليابس، وتأجيج الاحتقان التاريخي الطائفي والمذهبي والقومي والعنصري داخل هذه الشعوب المتعطشة لأبسط مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية. حقا ً إنها حروب مدفوعة الثمن ومحصلتها مئات الآلاف لا بل الملايين من أبناء هذه الشعوب وبقيادات أجيرة ولمدد غير محددة لحين تهيئة رموز أخرى وتبديلها وحسب حسابات جديدة لها .
وهكذا يدور الدولاب لصالح نظام الرأسمالي العالمي وتحت مظلة هيئة الأمم المتحدة ومجلس أمنها ووفق مفاهيم الديمقراطية اللبرالية الوجه الجديد لنظام الدول الغربية وعولمته .
ولكن المحصلة العلمية والعقلانية تقول ( ليس أثمن من الإنسان على هذه الأرض ) ولا بد أن تسود العدالة الاجتماعية بين الشعوب ويدحر العدوان أينما كان ومهما كان ، وبلا نزاعات إقليمية ولا حروب مدفوعة الثمن         







                                                                          يوسف زرا 
                                                                    25 / تموز / 2012

49
المنبر الحر / مختارات مسرحية
« في: 20:43 02/07/2012  »
       مختارات مسرحية من أعمالي ، مرفقة كملف word

               يوسف زرا

50
                                        مفهوم الثقافة … ومفهوم المثقف

بدءا و بشكل مقتضب لا بد أن نقول …
إن الثقافة … هي مجموعة ينابيع وقنوات متجانسة ومتباينة ومن صلب وسط حياة الإنسان، ينهل ويستخلص منها ما يمكن أن يفيده، وما يمكن أن يقدمه عبر منبر الشعر، وعلى خشبة المسرح، وهي بنظري توءمان لا انفصال بينهما. فكلاهما يعكسان ما هو متفاعل وفاعل على ارض الواقع لمفردات الحياة اليومية، والطموحات الفكرية المشروعة.
ومنها ما يطرح كقصائد معبرة لهذا الشاعر وذاك، سواءً كانت ذات طابع اجتماعي، عُصارتها (التقاليد والأعراف والقيم) بأحزانها وأتراحها ووفق مقتضبات العصر، أو وصف للطبيعة بتجلياتها المناخية والجغرافية.
أو كنصوص مسرحية، ومنها ما هي ذات طابع رومانسي وتراجيدي أو كوميدي وفور كلوري. أو على شكل بحوث تاريخية أو لغوية، أو كمقالات سياسية وروايات وقصص رائدة ومعبرة عن ماهية المجتمع والصراعات المحتدمة بين شرائحه الطبقية والعقائدية وغيرها.
أما المثقف … وفي اعتقادنا. هو ذلك الشخص المتسلح نسبياً بممارسات حياتية ميدانية متنوعة وواسعة. ومنها اجتماعية وتراثية، فكرية وأدبية أو فلسفية وغيرها. والمثقف لا يسعى لتحقيق ذاته فحسب، لأنه وريث لما سبق، وإرث لما بعده.
فان تقييم المجتمع والمتلقي المباشر وغير المباشر لمنجزاته الثقافية المتنوعة والصادرة عبر وسائل النشر المرئية والمسموعة والمقروءة المختلفة، فهي بمثابة تحقيق معنوي له، وكهوية ثقافية خاصة به ورصيد لحياته. وان المثقف لا ينجذب إلى أحاديث غير منطقية وغير عقلانية، إلى جانب انه قليل الاشتراك في المناسبات غير الجادة في اعتقاده.
وان المثقف متمرد غالباً على الواقع، لا يساوم ولا يجامل أحداً على محصلته الفكرية والثقافية العامة، لأنها ملكيته الخاصة، وهي جزء من الملكية الفكرية والثقافية العامة لكل مجتمع.
وأخيرا … وباختصار شديد أقول.
إن ميدان الفكر والثقافة، كمحيط هائج لا سكون له ….
وإن المثقف كزورق في وسطه … يتصارع مع أمواجه
وإن المحيط بيئة مادية … والأمواج امتداد تاريخي لحركتها
وإن الإنسان هو جوهرها فقط.             
                                                                                      يوسف زرا
                                                                                  30 / 6 /2012

51
أطراف المحاصصة في لعبة جر الحبل

عندما تيأس فئة متنفذة في الساحة السياسية مدعومة من قبل البني التحتية الاجتماعية البسيطة والمنسوبة إلى ارتباطات جِهوية أو لمرجعيات مذهبية يصعب عليها فك ارتباطها اللا إرادي بتلك الجهة أو المرجعية ، وذلك لعدم قدرتها بتحديد مصيرها في وسط سياسي منشغل بدون مقاييس في كيفية إدامة نفوذها وضمان استمراره قابضة على السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية ، رغم عدم قناعة ديمومة وحدتها الأيدلوجية ضمن مجموعة أطراف تتنازع فيما بينها للحصول على المقعد الأمامي في القاطرة الكبيرة . وباقية تعمل في إزاحة أي طرف أو فرد يحاول المناورة لاستغلال الفرصة المناسبة لإسقاط الطرف المستأثر بالحكم والذي يعمل من خلف الكواليس عن طريق التشاور والتعاقد والتفاهم والاتفاق على كذا نقاط يمكن من خلالها اقتسام المناصب السيادية في السلطات الثلاث والانفراد بالتنفيذية الأكثر رواجا ً إعلاميا ً لشخصية الرجل الأول والذي يحاول في فرض وجوده على رأس المؤسسة الوزارية من خلال كسب الأصوات المتناثرة هنا وهناك ، سواءً من هذا الطرف القريب أو من أطراف أخرى تتقاطع مع نهجه .
وصولا ً إلى الوعود المقطوعة لهم بكذا منصب وزاري ، وبكذا صلاحيات استثنائية في إبرام عقود وعقود ...الخ
وان لعبة تسييد الطائفية باستقطاب المذهب الشيعي وتسييسه على ارض الواقع ( الحصة الكبرى ) وما يعكس ذلك ايجابيا ً على بقاء كتلتها قابضة وبشكل محكم على زمام الأمور ومحاولة تهميش أو إقصاء الطرف المتصارع معها والمتمثل في الجبهتين الأولى منها ، الكتلة المتبنية ظاهريا ً شعار قومي علماني ، وباطنيا ً مذهبي سني ( الحصة الصغرى ) ممثلة بالبنية التحتية المتخبطة هي الأخرى وغير المؤتمنة على مستقبلها بسبب انسلاخ علاقة الفرد بصورة عامة عن المواطنة والوطنية ، ولابد لكل تكتل مذهبي أو قومي في هذه المرحلة ان يعمل على التجمع حول محور وإيصال صوته عبر التهديد والوعيد إلى الأطراف المتصارعة معها والتي خلقها الاحتلال الأجنبي وأصبح الفعل الفاعل في ساحة العمل السياسي ، وبدون معرفة ما هو الهدف وما منهجه ، بل فقط لإثبات وجود التجمع كأكثرية تاريخية ، تارة خلاياها الفاعلة عبر المرجعيات نائمة أو في سبات عميق نتيجة مخدر منعش للجمع وقتيا ً . غير القوى العاملة على ارض الواقع واستغلت الاضطراب الأمني والسياسي والهيجان الاجتماعي والتردي الاقتصادي . وكان تاريخيا ً بين مطرقة ذاك الطرف وسندان الطرف الآخر حينما كانت الوطنية مشبعة بالعنصرية السوداء والشوفينية القومية المتمثلة بأنظمة الحكم في العراق الحديث بصورة خاصة . فكان التيار القومي العربي وباسم العلمانية بعيدا ً عن المذهبية والطائفية التي إن اعتمدت لانقلبت الأمور على ذويها ويعم الخصام بدون فائدة ، وان الصراع المذهبي لم يكن مستثمرا ً سياسيا ً ، فأن الكتلة الكردستانية في البرلمان المركزي وحكومة الإقليم وعيا ً على اللعبة القائمة بين طرفي الكتلتين المتصارعتين على كراسي السلطات السيادية وغير السيادية متمثلة بكتلة دولة القانون الشيعية بزعامة نوري المالكي ، والكتلة العراقية السنية بزعامة أياد علاوي .
فلا بد للقيادة السياسية الكردية من استغلال نفوذها الذي اخذ بفرض وجوده على جميع الأطراف ويتبنى صفة الجهة اللاعبة والقادرة على فض النزاع بين الكتلتين المتصارعتين وفي أية بقعة جغرافية تختارها وتفرضها على الكل . وبدا الكثير من أطراف الكتلتين تتحرك منذ مدة كالمكوك شمالا ً وجنوبا ً ووسطا ً . علما ً إن الساحة السياسية المتفاعلة فيها الكثير من الأحزاب السياسية ومنها ذات جذور تاريخية وبأيديولوجية معلومة ، وفئات اجتماعية          ( مكونات الأقليات ) تنتمي لتاريخ هذا الوطن أيضا ً وهي مقصية أو مهمشة كليا ً . وأحيانا ً تجاملها بعض ٌ من هذه الأطراف بغية الاستفادة من أصواتها  إذا دعيت للمشاركة في قرار ما دعما ً لها في مسرحية لعبة أطراف المحاصصة في عملية جر الحبل فقط . ولا حاجة لذكر تلك الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية ( الأقليات ) لأنها معروفة لجميع أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره كباقي أطراف البني التحتية العريضة للشعب العراقي وعلى مضض من الواقع المؤلم ولا سامع ولا مجيب .

                                                                               يوسف زرا
                                                                            8 / 6 / 2012     
[/size]

52
                        
       


رُفاتُ السلاطين

 
يوسف زرا

أسرابٌ لغربان ٍ ملونة ٍ يا الرافدين         في سماء ِ واديك َ قد لاحت
وصخب ُ نعيقها هبَّ كإعصارٍ             وريحٍ صفراءَ كعاصفةٍ قد بانت
لتحجبَ ضوءَ الشمسِ عن نخلةٍ            وعن طفلٍ رضيعٍ ولمهدهِ طالت
تصاريحُ في مؤتمراتٍ تُعقدُ                لزعماءٍ بالديمقراطيةِ قد شاخت
بينهُمُ دعاةُ مذاهبَ وأمةٍ                     اثروا الخصام والمسيرةُ تاهت
دستورٌ معطلٌ وبلا قُضاة                  والمحاصصةُ بها القوانين ضاعت
والأقلياتُ ضحيةُ جورٍ                      إسوةٌ بما لغيرهم بهِ نادت
أ تاريخٌ ظالمٌ وبهم إنطوى؟                أم صراعات الكراسي بحقهم ناهت؟
تقذفُ بهم أمواجُ المحيطات                والكواسرُ من كل حدب حامت
أ حقوق إنسانٍ حبرٌ على ورقٍ             أم الأقوياءِ نواميس لها صاغت
وشريعةُ أيةِ سماءٍ بَصمَت                  لسيوفٍ ذي الحدين برقابهم طاحت
أ في يومِ الدينونةِ يدانون                   أم يبقى المصيرُ بيدٍ جارت
وصبرُ أيوبَ كجلدِ الإبلِ                   عبرَ الصحراء وبها ناخت
فلمسيرةِ الشعوبِ سنةٌ                      ولابدَّ للحمل وان به ضاقت
فلا تشبُثَ بالأولياء نفعاً                    فإنهم لغير الصدقِ دانت
والأنبياءُ رسلٌ للبشريةِ كانت              وبصلب الحياةِ للضعفاء جاءت
شرائعٌ سنَت لكل إنسانٍ                    كمراسيمٍ أزليةٍ موحدةٍ قامت
فويلٌ للسلاطين القُساة                      وإن في القبور رفتهم ناحت

                                                         
                                                         15/ 4 / 2012           

53
عيد ُ المرأةِ

في كل عام ٍ والثامن يطل على آذار           عيــــد تكريـــــــــم المــــرأة
ولدى كل شعب ٍ واع ٍ يوم ٌ محسوب ٌ         صـــدق ٌ بحــــق النســـــوة ِ
والزمـن والقانــون عنــوان الحيـــاة          والميـــزان ُ رب ُ العدالــــة ِ
لا اختـــلاف بيــن الأمم والأجنـــاس           كحقوق ٍ للانسان في لائحة ِ
ولا تمايـز بيــن أصـل من الأصــول           وبيــــــــن الأخ والأخـــــت ِ
يتربيــان معــا ً في بيت ٍ أو خيمــة ٍ           كوطـــن ٍ لبيئــةٍ تاريخيــــة
الابــن بعــد الـــزواج يسمى ختنــا ً            والبنـــت تسمـــــى كنـــــة ٍ
هكــــذا اكتــب وقــــرائت القصـــة ُ            من عمــــق كـــل حضــارة ٍ
كـــم امـــرأة ٍ توجـــــن ملكــــــات ٍ             بسلطــــــان ٍ وحكمـــــــــة ٍ
فهـــن َّ سميراميــس وكليوباتـــرة             وعشتــــار بجنــس الالــهة
منــــذ ُ صيـــرورة ُ هــذا الكــــون             مـــــــــع العقـــــــــل ِ ولادة ٍ
كيــــان ُ البنيـــان ِ من الزوجيــــن             ميــــراث ٌ للأبنــاء والبنـات
لا فـــراقَ وخِصــــامَ فـي الحيـــاة ِ             فمــن حُّلـُّــلَ الكراهيـــــة ِ ؟
المـــرأةُ رمـــزُ رايـــةِ الســــــلام ِ             ورمــز العطـــاء والمحبـــة ِ
منهــــا انسلـــت كـــل البشريـــة ِ              ومنهـــا للتاريـــخ بدايــــــة ٍ


                                                             يوسف زرا
                                                          8 / اذار / 2012 

54
التيار الديمقراطي ..... حراك وليس جبهة

لو اطلعنا مليا على الوثيقة التاريخية التي صدرت عن المؤتمر التأسيسي للتيار الديمقراطي لمجموعة أحزاب وشخصيات وطنية وديمقراطية وذلك في 2011/10/22 والتي احتوت على ستة محاور مختلفة، ومنها السياسية والتشريعية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية ثم محور التعليم والثقافة والإعلام .
بهذه النظرة الاستعراضية السريعة، تبين لنا أهمية وقيمة المؤسسات الأساسية والدستورية لكل شعب، والتي لا يمكن إهمال جزء منها على حساب جزء آخر، لأنها مؤسسات مترابطة ومتداخلة تاريخيا، تمثل وحدة عضوية متفاعلة لمجموعة كيانات وركائز ضرورية للمجتمع المتحضر وفق قوانين وأنظمة متقدمة ذات علاقة موضعية لكل محور من محاوره المتضامنة والمتشابكة ولا يمكن الفصل بينهما أو الاستغناء عن بعضها أو أي جزء منها .
فمن هذه اللوحة الحية التي تمثل الهيكل الجامع والشامل لمقومات الحياة الضرورية والمستحقة لكل شعب والتي أقرتها الدساتير الحديثة ومنها الدستور العراقي ورغم بعض شوائبه، فهو يقر في مادته الأولى بأنه دولة جمهورية اتحادية واحدة مستقلة وذات سيادة كاملة. وان جميع مكوناته الاجتماعية متساوية في الحقوق والواجبات أمام القانون، ولا فرق بينها في التنوع القومي والديني والاثني، ولا في اللون والجنس.
وعلى هذا الأساس كان ظهور التيار الديمقراطي للقوى والشخصيات الوطنية والمستقلة، يعتبر مكونا تاريخيا لا بد منه، وكحراك فاعل في ميدان العمل السياسي والاجتماعي والثقافي وبرؤية شاملة للمحاور المذكورة أعلاه، ومتابعة تطبيقها بعيدا عن المساومة فيما بين الكتل القابضة والمسيطرة على زمام الحكم وصاحبة النفوذ الديني والقومي، والتي عملت وتعمل على تهميش لا بل إقصاء القوى الديمقراطية بأحزابها وشخصياتها الوطنية من المشاركة في صنع القرارات المصيرية وبناء دولة ديمقراطية فدرالية تعددية تساهم فيها جميع مكونات المجتمع وفقاً لمبدأ العدالة الاجتماعية وبدون تمييز بين الأكثرية أو الأقلية الاجتماعية، قومية كانت أو دينية، لأن ذلك يعتبر خرق للدستور العراقي واعتداءً صارخاً على حقوق الشعب.
فأن التيار الديمقراطي قام ليصحح المسار القانوني لأجهزة الدولة ومؤسساته الرئيسية التشريعية والتنفيذية والقضائية واستقلاليتها عن بعضها. وعدم فرض الوصاية غير القانونية على إحداها وذات طابع ديني أو مذهبي أو قومي يخل بميزان مهامها وواجباتها الدستورية، وبعلاقة الفرد بالمجتمع والوطن. وان انتشار الفساد الإداري والمالي واستفحال الإرهاب المنظم وفقدان الأمن الجماعي والفردي، والذي أوصل الشعب العراقي إلى حالة الاستنفار وعدم الثقة بهذه المؤسسات، مطالبا الجهات المعنية والتنفيذية منها بالدرجة الأولى احترام تاريخ هذا الشعب وقواه وأحزابه الوطنية والديمقراطية العتيدة وتضحياته الجسيمة منذ قيام الحكم الوطني الملكي في عام 1921. وما أصابه من الدمار الكبير طيلة العقود الأربعة الماضية من الحكم الدكتاتوري، وغياب  قيادات الأحزاب المذكورة عن الساحة السياسية، وثم سقوط النظام على يد قوات الاحتلال وفي فترة زمنية مختلة في 2003/4/9 وما أفرزته الأحداث خلال التسع سنوات الماضية من تفشي المحسوبية والمنسوبة والبطالة بين اكبر شريحة من الشباب على اختلاف أعمارهم وتخصصاتهم المهنية والدراسية، واحتدام الصراع على كراسي الحكم بين الكتلتين الكبيرتين، دولة القانون ذات الصفة المذهبية (الشيعية) والعراقية ذات الصفة القومية والمذهبية (السنية) والإصرار على إقصاء الأخر والتحكم بالسلطة التنفيذية بشكل منفرد، والانسياق السريع وتسارع الأحداث لقيام حكم فردي ودكتاتوري جديد وبدعم خارجي من بعض دول الجيران، ودون النظر إلى المصير المجهول من جراء هذا الصراع والانزلاق في هاوية، لا مصلحة لأحد من نتائجه إذا وصلت الحالة وتعنت الطرفين إلى قيام حرب أهلية بينهما.
لذا فان التيار الديمقراطي ولد كقوى متابعة وبمسؤولية عالية وضاغطة على جميع الأطراف المتصارعة حاليا ومستقبلاً، كي تعي على المصير المجهول ببقاء الحالة على ما هي ومن المستفيد؟ .
وان التيار الديمقراطي وحسب اعتقادنا ليس بمفهوم جبهة سياسية بين مجموعة أحزاب وطنية تحاول عبر احتجاجات ولعدة أيام ولغرض إسقاط حكومة وإقامة أخرى من صلب المخاض، كما كان قائما في العهد الملكي والجمهوري الثاني حينما كان الشعب العراقي وعبر وثبات وطنية تاريخية منذ عام 1948 مرورا بعام 1952 و1956، كيف تمكن من إسقاط عدة حكومات ثم كانت تنطفئ الجذوة الثورية لهذه الانتفاضات بسبب قيام النظام الملكي باستبدال واجهة الحكومة من أشخاص معلومة هوياتهم الرجعية بأخرى إما عسكرية قمعية أو بأشخاص حديثي الاستئزار. بمعنى إمكانيات القوى الوطنية وأحزابها التقدمية كانت تلجأ للالتئام في منهاج جبهوي ذات أهداف سياسية آنية ينتهي مفعولها بسقوط وزارة وقيام أخرى من نفس النمط لخدمة النظام الملكي وحاشيته وبقائه لا غير. حتى تكلل النصر التاريخي في 14/تموز/1958 وان كان على يد مجموعة من الضباط الأحرار للجيش العراقي ، ولكن كانت القوى الوطنية المهيء الرئيسي لنجاح تلك الحركة وتحويلها إلى ثورة حقيقية بإزالة النظام الملكي وقيام نظام جمهوري وبأفكار سياسية واجتماعية وطنية وديمقراطية وأسباب فشلها وسقوطها هو بتوجيه ضربة موجعة إلى أجنحتها التقدمية وبسبب التأمر عليها من عدة جهات داخلية وخارجية.
إلا أن التيار الديمقراطي الحالي وحسب أسباب ظهوره هو ليس جبهة اتحادية وطنية كالتي قامت في أواسط الخمسينيات كما ذكر أعلاه. ولا الجبهة المسماة القومية التقدمية والتي قامت في أواسط السبعينيات من القرن الماضي وأسباب فشلها أيضا انفراد التيار القومي الشوفيني في السلطة كما هو معلوم لمن عاشها وتابعها وفرض حالة من الاضطهاد لكوادر الحزب الشيوعي وتصفية قادته وقواعده الفاعلة. فان التيار الديمقراطي هو حراك متفاعل ليس في أهدافه إسقاط حكومة ما، أي تبديل غطاء قومي بأخر .
فأنه حراك مستديم وليس آني بأهدافه. فغرضه دعم كل تشريع وقانون تقدمي وإسناد نظام الحكم وتطويره. وهو حراك أيضا لنقد كل عمل لمؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية لا يخدم قيام دولة جمهورية ذات سيادة ونظام حكم ديمقراطي فدرالي تعددي يشارك فيه جميع مكونات المجتمع السياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية، ويعمل متعاونا مع السلطة التنفيذية للقضاء على الفساد الإداري والمالي والبطالة المستشرية بين الشباب ويعمل على استدباب الأمن وتقديم كافة الخدمات الأساسية للمجتمع.
هذا هو التيار الديمقراطي .... حراك وليس جبهة

 
                                                                                    يوسف زرا
                                                                                19 / 3 / 2012

55
ملاحظات حول مسودة موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني التاسع

للحزب الشيوعي العراقي


لقد احتوت المسودة المذكورة على (217) فقرة، شخصت خلالها وبشكل مسهب، ويكاد يكون في بعض لفقراتها تكرار وتتداخل في ما بينها، رغم إنها تمثل النظرة المبدئية لأهداف الحزب الشيوعي العراقي ووفق رؤية وتشخيص صحيح للواقع المؤلم والفاصل بين الحكومة الحالية غير المتجانسة وغير الكفوءة والبني التحتية المسحوقة اقتصاديا واجتماعيا، والمهمشة جميع نخبها الثقافية وأحزابها الوطنية المؤمنة بالديمقراطية السياسية والاجتماعية.
ألا أنه في بعض الفقرات هناك شبه إرباك في الرؤية الصحيحة لما هو قائم وكيفية معالجتها لما يخدم مصلحة الشعب وسيادته الوطنية.
ولا يختلف اثنان على ما هو في واقع الأمر كإستراتيجية واضحة للتيار المذهبي للأحزاب السياسية الدينية ومشخصة في هذه المسودة واستثمارها للديمقراطية الليبرالية لصالحها، وكأنها وفي نظرها تعويضا لما عانت من شتى أنواع الاضطهاد من الأنظمة السابقة وخاصة بعد الانقلاب الدموي بقيادة القوة اليمينية القومية العربية في عام 1963 وخلال العقود الأربعة من الحكم الدكتاتوري. فكانت بمثابة الفرصة الذهبية بعد سقوط النظام في2003/4/9 وبدأت التحرك والعمل للتمسك بزمام السلطة وبشرعية الديمقراطية المشوهة والتي أدت ظهور الخلاف ما بين المكونين الرئيسيين الشيعي والسني وتحت أنظار المحتل من جهة، وشعور التيار القومي العربي المتمثل بالمذهب السني بتهميشه وإبعاده من المشاركة الفعلية في السلطة من الجهة الثانية، وله ما يناسب من المقاعد في مجلس النواب. إلا أن الضغوط الخارجية المعولمة والتي كانت ولا زالت تمارس التدخل المباشر لهذه النسبة وغيرها بغية تحقيق عدم التوازن بين القوى المتصارعة على كراسي الحكم، وما رافقها من زيادة واستفحال الفساد الإداري والمالي والسياسي وبحماية زعماء الكتلتين وإهمال فقدان الأمن وشراسة أعمال الإرهاب المنظم ضد جميع القوى التقدمية السياسية والاجتماعية واتساعها تصفية رموزها وامتداد ذلك إلى الاضطهاد المباشر للأقليات الدينية والقومية دون أن تتحرك أجهزة الدولة لوضع حد لها، إلا أن ما جاء في المسودة تلميحا فقط حول ما نوهنا عنه أعلاه وضمن عدة فقرات ومنها 160، 161 ، 166 ، وغيرها، مما أدى إلى هجرة مئات لا بل ألاف العوائل من المدن الرئيسية ومنها بغداد ، بصرة ، موصل و كركوك إلى محافظات أخرى ومنها إقليم كردستان بنسبة قليلة لان غالبيتها اختارت مرغمة هجرة الوطن باتجاه دول الجوار تركيا ، سوريا ، أردن. ومنها غربا إلى المصير المجهول نحو أوربا وأمريكا واستراليا ولا بد أن نقول إن ما ورد في الفقرة (44) تقزيم الديمقراطية والتعامل الانتقائي مع الدستور فكان تشخيصا مبدئيا صحيحا، إذ وحسب رؤية المسودة يبقى مفهوم الديمقراطية وبشقيها السياسي والاجتماعي ذات المردود الايجابي ولصالح التيارين (الديني- المذهبي) من جانب، والقومي من الجانب الأخر لما لهذين التيارين التأثير المباشر وبدون حدود على القاعدة العريضة للبني التحتية وترويجها شرعية المرجعية الدينية في التدخل المباشر من داخل العراق وخارجه. والتأثير الواسع على غالبية مجتمع المكون المذهبي الكبير بصورة خاصة، وشعور فئة التيار القومي بالأقلية الأولى المتنافسة مع الأكثرية المذهبية المذكورة. ولا اثر لغيرهما في العملية الوطنية ومستقبل العراق. 
أما ما ورد في الفقرة (55) حول تشكيل الأقاليم، وكأنها صندوق مغلق لا يمكن معرفة محتوياته غير فئة ذات النفوذ المباشر والتأثير الأكبر على مجمل الساحة الاجتماعية والسياسية وفي بعض المحافظات التي احتدم الصراع لكتلهما على السلطة. ولم تتطرق الفقرة عن مصير الأقليات القومية والدينية المتواجدة فيها والمتداخلة مع بعضها عبر التاريخ، ومنها محافظة نينوى وكركوك و ديالى عدى محافظات إقليم كردستان والمحرومة في جميعها كليا من أي نص صريح وواضح في الدستور العراقي عن حقوقهم الأساسية أسوة بباقي المكونات الكبيرة والوارد ذكرها سابقا والمتضررة أو المهمشة ومنها (كلدان – أشوريين – سريان) – اليزيدية – التركمان – والصابئة وغيرهم.
 أما ما ورد في الفقرة (176) – التطورات في المنطقة – عواصف التغيير وأولت المسودة  الاهتمام الأكبر لها وهي ما يسمى بالربيع العربي، وليس إلا عبارة عن انفجار كيفي في البني التحتية لمجتمع الدول التي حصل فيها وقد يحصل في غيرها. وتركيبه الاجتماعي والفكري غير متجانسة وغير واضحة معالمه لأنه يفتقر في الأصل إلى قيادة ذات منهج سياسي واجتماعي واضح ومطروح مسبقا ولضرورة تواصل هذه الثورة لتحقيق الأهداف التي قامت من اجلها فعلا. وان ما ألت إليه في بعض دولها كتونس ومصر من نتائج بعد الانتخابات البرلمانية وبصورة مستعجلة وبعدة مدة قصيرة لانفجار الحركات المذكورة. وكانت نتائجها لصالح القوى الإسلامية والتي كانت متربصة مسبقا وعلى اختلاف تسمياتها سلفية – الإخوان – كانت للتغير الفوقي للسلطة القائمة فيها لا غير. ولان قياداتها كانت مدعومة إعلاميا وماديا ومنظمة مسبقا كجزء من المكون العولمي للنظام الرأسمالي. وفي حساباتها بان مصيرها مربوط بمصير الدول الغربية الحامي المباشر لها. ولأعوانها من الدول العربية الخليجية بصورة خاصة وغيرها.
أما ما يخص باعتماد المسودة على عاملين كحل للواقع المستعصي على النظام السياسي القائم والاعتماد الكلي على قدرة الجماهير للتغيير وفق المفهوم المادي لحركة المجتمع الإنساني. فلا بد من تحريك القوى الاجتماعية والسياسية ذات العلاقة المباشرة والمصلحة العليا بالتحويل نحو الأفضل. وهذا متوقف على الظروف الموضوعية والسلطة القائمة وخاصة في العراق ومنذ سقوط النظام السابق في 2003/4/9 ولغاية هذا اليوم وما حصل من القفزة المباشرة للتيار الديني والمذهبي مستغلة ضعف القوى التقدمية والوضع الذي خلفه النظام السابق علاوة على عدم تعاون القوى الوطنية والديمقراطية مبدئيا مع الحزب الشيوعي العراقي ذي الجذور التاريخية وكقوى محركة للبني التحتية الواسعة، وحاليا وليس عيبا أو تقصيرا أو تخلفا منه لوضعه الحالي لافتقاره إلى الكفاءة المطلوبة لذلك ولأسباب منها. تشتت قاعدته الطبقية التنظيمية داخليا بسبب الضربات الموجعة التي وجهت له ولقيادته طيلة العقود المنصرمة على يد الحكم الدكتاتوري المقيت وتأقلم غالبية كوادره الفكرية في المهجر والتي قد تمثل قوى نوعيا وعدديا له. إلى جانب الانقسام الحاصل في الحركة اليسارية والعمالية على ارض الواقع وكلاهما السبب الرئيسي لضعف قوة الحزب الشيوعي داخليا حاليا وليس من السهل تعويض مكانته كقوة ضاغطة على الأطراف اللاعبة بمقدرات المجتمع وحسب أهوائها ومصالحها الحزبية والمذهبية الضيقة. وكل ذلك إذا لم يراجع الحزب المذكور سياسته الحالية والعمل على لم شمل جميع الأضحة اليسارية ذات البعد الفكري السياسي والاجتماعي الماركسي. والمؤتمر الوطني أفضل فرصة لطرح هذا المقترح وبأفق واسع وبنظرة مبدئية حقيقية تناسب الحالة الواقعية له.
                                                                                       يوسف زرا
                                                                                     2012/2/10         

56
ملاحظات حول مسودة موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني التاسع

للحزب الشيوعي العراقي


لقد احتوت المسودة المذكورة على (217) فقرة، شخصت خلالها وبشكل مسهب، ويكاد يكون في بعض لفقراتها تكرار وتتداخل في ما بينها، رغم إنها تمثل النظرة المبدئية لأهداف الحزب الشيوعي العراقي ووفق رؤية وتشخيص صحيح للواقع المؤلم والفاصل بين الحكومة الحالية غير المتجانسة وغير الكفوءة والبني التحتية المسحوقة اقتصاديا واجتماعيا، والمهمشة جميع نخبها الثقافية وأحزابها الوطنية المؤمنة بالديمقراطية السياسية والاجتماعية.
ألا أنه في بعض الفقرات هناك شبه إرباك في الرؤية الصحيحة لما هو قائم وكيفية معالجتها لما يخدم مصلحة الشعب وسيادته الوطنية.
ولا يختلف اثنان على ما هو في واقع الأمر كإستراتيجية واضحة للتيار المذهبي للأحزاب السياسية الدينية ومشخصة في هذه المسودة واستثمارها للديمقراطية الليبرالية لصالحها، وكأنها وفي نظرها تعويضا لما عانت من شتى أنواع الاضطهاد من الأنظمة السابقة وخاصة بعد الانقلاب الدموي بقيادة القوة اليمينية القومية العربية في عام 1963 وخلال العقود الأربعة من الحكم الدكتاتوري. فكانت بمثابة الفرصة الذهبية بعد سقوط النظام في 2003/4/9 وبدأت التحرك والعمل للتمسك بزمام السلطة وبشرعية الديمقراطية المشوهة والتي أدت ظهور الخلاف ما بين المكونين الرئيسيين الشيعي والسني وتحت أنظار المحتل من جهة، وشعور التيار القومي العربي المتمثل بالمذهب السني بتهميشه وإبعاده من المشاركة الفعلية في السلطة من الجهة الثانية، وله ما يناسب من المقاعد في مجلس النواب. إلا أن الضغوط الخارجية المعولمة والتي كانت ولا زالت تمارس التدخل المباشر لهذه النسبة وغيرها بغية تحقيق عدم التوازن بين القوى المتصارعة على كراسي الحكم، وما رافقها من زيادة واستفحال الفساد الإداري والمالي والسياسي وبحماية زعماء الكتلتين وإهمال فقدان الأمن وشراسة أعمال الإرهاب المنظم ضد جميع القوى التقدمية السياسية والاجتماعية واتساعها تصفية رموزها وامتداد ذلك إلى الاضطهاد المباشر للأقليات الدينية والقومية دون أن تتحرك أجهزة الدولة لوضع حد لها، إلا أن ما جاء في المسودة تلميحا فقط حول ما نوهنا عنه أعلاه وضمن عدة فقرات ومنها 160، 161 ، 166 ، وغيرها، مما أدى إلى هجرة مئات لا بل ألاف العوائل من المدن الرئيسية ومنها بغداد ، بصرة ، موصل و كركوك إلى محافظات أخرى ومنها إقليم كردستان بنسبة قليلة لان غالبيتها اختارت مرغمة هجرة الوطن باتجاه دول الجوار تركيا ، سوريا ، أردن. ومنها غربا إلى المصير المجهول نحو أوربا وأمريكا واستراليا ولا بد أن نقول إن ما ورد في الفقرة (44) تقزيم الديمقراطية والتعامل الانتقائي مع الدستور فكان تشخيصا مبدئيا صحيحا، إذ وحسب رؤية المسودة يبقى مفهوم الديمقراطية وبشقيها السياسي والاجتماعي ذات المردود الايجابي ولصالح التيارين (الديني- المذهبي) من جانب، والقومي من الجانب الأخر لما لهذين التيارين التأثير المباشر وبدون حدود على القاعدة العريضة للبني التحتية وترويجها شرعية المرجعية الدينية في التدخل المباشر من داخل العراق وخارجه. والتأثير الواسع على غالبية مجتمع المكون المذهبي الكبير بصورة خاصة، وشعور فئة التيار القومي بالأقلية الأولى المتنافسة مع الأكثرية المذهبية المذكورة. ولا اثر لغيرهما في العملية الوطنية ومستقبل العراق. 
أما ما ورد في الفقرة (55) حول تشكيل الأقاليم، وكأنها صندوق مغلق لا يمكن معرفة محتوياته غير فئة ذات النفوذ المباشر والتأثير الأكبر على مجمل الساحة الاجتماعية والسياسية وفي بعض المحافظات التي احتدم الصراع لكتلهما على السلطة. ولم تتطرق الفقرة عن مصير الأقليات القومية والدينية المتواجدة فيها والمتداخلة مع بعضها عبر التاريخ، ومنها محافظة نينوى وكركوك و ديالى عدى محافظات إقليم كردستان والمحرومة في جميعها كليا من أي نص صريح وواضح في الدستور العراقي عن حقوقهم الأساسية أسوة بباقي المكونات الكبيرة والوارد ذكرها سابقا والمتضررة أو المهمشة ومنها (كلدان – أشوريين – سريان) – اليزيدية – التركمان – والصابئة وغيرهم.
 أما ما ورد في الفقرة (176) – التطورات في المنطقة – عواصف التغيير وأولت المسودة  الاهتمام الأكبر لها وهي ما يسمى بالربيع العربي، وليس إلا عبارة عن انفجار كيفي في البني التحتية لمجتمع الدول التي حصل فيها وقد يحصل في غيرها. وتركيبه الاجتماعي والفكري غير متجانسة وغير واضحة معالمه لأنه يفتقر في الأصل إلى قيادة ذات منهج سياسي واجتماعي واضح ومطروح مسبقا ولضرورة تواصل هذه الثورة لتحقيق الأهداف التي قامت من اجلها فعلا. وان ما ألت إليه في بعض دولها كتونس ومصر من نتائج بعد الانتخابات البرلمانية وبصورة مستعجلة وبعدة مدة قصيرة لانفجار الحركات المذكورة. وكانت نتائجها لصالح القوى الإسلامية والتي كانت متربصة مسبقا وعلى اختلاف تسمياتها سلفية – الإخوان – كانت للتغير الفوقي للسلطة القائمة فيها لا غير. ولان قياداتها كانت مدعومة إعلاميا وماديا ومنظمة مسبقا كجزء من المكون العولمي للنظام الرأسمالي. وفي حساباتها بان مصيرها مربوط بمصير الدول الغربية الحامي المباشر لها. ولأعوانها من الدول العربية الخليجية بصورة خاصة وغيرها.
أما ما يخص باعتماد المسودة على عاملين كحل للواقع المستعصي على النظام السياسي القائم والاعتماد الكلي على قدرة الجماهير للتغيير وفق المفهوم المادي لحركة المجتمع الإنساني. فلا بد من تحريك القوى الاجتماعية والسياسية ذات العلاقة المباشرة والمصلحة العليا بالتحويل نحو الأفضل. وهذا متوقف على الظروف الموضوعية والسلطة القائمة وخاصة في العراق ومنذ سقوط النظام السابق في 2003/4/9 ولغاية هذا اليوم وما حصل من القفزة المباشرة للتيار الديني والمذهبي مستغلة ضعف القوى التقدمية والوضع الذي خلفه النظام السابق علاوة على عدم تعاون القوى الوطنية والديمقراطية مبدئيا مع الحزب الشيوعي العراقي ذي الجذور التاريخية وكقوى محركة للبني التحتية الواسعة، وحاليا وليس عيبا أو تقصيرا أو تخلفا منه لوضعه الحالي لافتقاره إلى الكفاءة المطلوبة لذلك ولأسباب منها. تشتت قاعدته الطبقية التنظيمية داخليا بسبب الضربات الموجعة التي وجهت له ولقيادته طيلة العقود المنصرمة على يد الحكم الدكتاتوري المقيت وتأقلم غالبية كوادره الفكرية في المهجر والتي قد تمثل قوى نوعيا وعدديا له. إلى جانب الانقسام الحاصل في الحركة اليسارية والعمالية على ارض الواقع وكلاهما السبب الرئيسي لضعف قوة الحزب الشيوعي داخليا حاليا وليس من السهل تعويض مكانته كقوة ضاغطة على الأطراف اللاعبة بمقدرات المجتمع وحسب أهوائها ومصالحها الحزبية والمذهبية الضيقة. وكل ذلك إذا لم يراجع الحزب المذكور سياسته الحالية والعمل على لم شمل جميع الأضحة اليسارية ذات البعد الفكري السياسي والاجتماعي الماركسي. والمؤتمر الوطني أفضل فرصة لطرح هذا المقترح وبأفق واسع وبنظرة مبدئية حقيقية تناسب الحالة الواقعية له.
                                                                                       يوسف زرا
                                                                                      2012/2/10         

57
أدب / لأنه حي في ضمير الوجدان
« في: 13:04 07/02/2012  »

                                                                                                                                                                                          
 
لأنه حي في ضمير الوجدان

رثاء الصديق الأديب نوئيل قيا بلو   

يوسف زرا


 أتبقى الذكريات تحوم في الأذهان
                                                                         وتتسلق جبالا عـــــــــــــــبر الوديـــــان
 أم  تبقى كأســــــراب  مغــــــــــردة
                                                                         تنشد السحب لمطر الفيضــــــــــــان
أيعجــــــــــز القــــلم برســـــم صــــــورة
                                                                      لحزمــــة ضــــوء لقبضة الزمـــــــــــــان
ولا تعجـــــز الريشــــة بخــط لوحــــــــة
                                                                      لشجرة دائمة الثمر في  البستــان
أيعجـــــــــز الأزميــــــل بفتــــح فجــــوة
                                                                في صخرة أصلب من الصوان
ولا يعجـــــــز البنـــــــاء بناء منصـــــــة
                                                                      يعـــــــلو فوقهـــــــا نصب لصولجـــــــان
إن كان الإنسان لغز معجزة
                                                                      فآحاده أعمـــدة في البنيــــــــان
مـــــاهيتــــــه كبـــــــذرة جـــوهــــــــرة
                                                                      كفصـــــل الربيــــع وشهره نيســـــــــان
أيهــــــا الرقيــــــع مجــــــدا لصــــــيرورة   
                                                                     هـلا تذكــر الــــرواد في الجنـــــان
إذا تــــوقفـت قـــوافـــــــل المســـــــــيرة
                                                                  أتبقى الشمـوس طي النسيــان
وهـذا محــــــال لنــــامــوس الحيــــــــــاة
                                                                  فــأن الرمـــوز تخلـدهـــــا الأوطــان
درب نوئيــل خـــــلا من عثـــــــرة
                                                                 وسيرتــه خلت من زلـة اللســـــــــان
إن كان لكل حكيم حكمة
                                                                 فمثـــلــه يشـــــــار إليهـــــــــا بالبنـــــــــــــان
نوئيـــــــــل لا يرثـــــــى بنـــــــــــدوة
                                                                 لأنـه حي في ضمير الوجــــــدان
إن كان للحيــــــاة نهايــــــــة
                                                                 فحريــة المــــــوت لأزليــــــــة الإنســــــــــان

                                                                                                               
               15 / 1 / 2012




58
أحكام وليدة أنظمة مبادة .....  وإلا ماذا؟

اعتادت قيادات بعض الدول في العالم الثالث ومنها الإفريقية والشرق أوسطية بصورة خاصة، والتي تتسلم الحكم عبر انقلابات عسكرية بتسمية عملية السطو على السلطة بالثورات التاريخية متباهية بها، ومنها ثورة قدميه أو شعبية، وقد تأتي بتسميات معاصرة كديمقراطية وتحررية، وبعبارات تشد السامع إليها، بتعداد جداول بالطموحات الشرعية لشعوبها بكذا و كذا مكاسب. وكانت تسرع بإذاعة البيان الأول، معلنة الفرحة الكبرى كما اعتادت على تسميتها وكأنها مفاجأ آت لشعوبها واهبة لها حقوق تاريخية لا مثيل لها بعد تغيير القيادات السابقة والإطاحة بها، وتسمية فترة حكم الأنظمة السابقة ب (المبادة). وكان هذه العملية جأت بكل ما هو جديد لحياة شعوبها الطموحة إلى التغيير والتطوير والعيش الرغيد، وبموجب كذا دستور معاصر لم تتمكن أية قيادة وحكومة في المنطقة سابقا تحقيق الازدهار الاقتصادي والأمني الاجتماعي وحرية الفرد في التظاهر السلمي وابدأ الرأي وبدون إكراه ومحاسبة أو تضييق من أجهزة الدولة الأمنية المتخصصة وغيرها. وفي طفولتنا وللمذاكرة، كنا قد سمعنا الكثير في فصلي الشتاء والربيع بهطول أمطار غزيرة وسقوط بلورات ثلجية (الحالوب) وسببت إبادة جميع حمولة أشجار الفاكهة في البساتين والكروم. وان فيضانات مدمرة اجتاحت مزارع وحقول خضراء وهلكتها مع قطعان من الماشية والحيوانات البرية والدواجن إلى جانب غرق العديد من القرى الصغيرة مع فقدان الكثير من سكانها.
وان حروب نشبت بين عدة دول ودارة بينهما معارك طاحنة وأبيد الكثير من أهالي مدن وقصبات وقرى عديدة. ولم ينج منها غير القليل من الآباء والأمهات العجز وأطفال رضع.
بمعنى إن (الإبادة) بمفهومها اللغوي والعملي هو القضاء على جميع مكونات أحياء الأرض بما فيها من النباتات والحيوانات والإنسان معا.
لو تمعنا جيدا إلى ما يحدث حاليا على ارض الواقع في كثير من دول المنطقة التي انطلقت فيها ثورات شعبية واستمرت أيام وأشهر وقدمت الكثير من الضحايا من الشباب والرجال وحتى من الأطفال، وتم إسقاط غالبية الحكومات التي كانت قائمة فيها ومنذ عدة عقود، ومنها ....تونس، مصر، ليبيا ولازالت ثورات مشعلة في كل من اليمن بشقيه الشمالي والجنوبي وسوريا والبحرين وقد تندلع ثورات في دول أخرى في المنطقة أجلا أو عاجلا.
وان ما تبثه الفضائيات المتعددة في نشراتها الإخبارية العادية والعاجلة معلنة فرار رأس النظام المباد ومقتل دكتاتور النظام المباد وإحالة رئيس النظام المباد إلى المحاكم المختصة لكذا دولة وغيرها. وكان الأمر انقلاب الأرض وبما فيها رأسا على عقب، وجيء بقيادات جديدة لا صلة لها بسابقاتها ولا من مجتمعاتها التي كانت قائمة.وتم نصب فلان من الفئة الفلانية كرئيس للدولة وأخر من الكتلة السياسية الفلانية كرئيس للوزراء، وأخر من الحزب الفلاني قائدا للجيش .... وهكذا يتم إعادة بناء هيكلية الدولة والمؤسسات الأساسية وفروعها من صلب المجتمع نفسه، وتستمر بإصدار القرارات الإدارية والتعليمات الأخرى وفق مضمون نفس الدساتير والقوانين السائدة في الأنظمة (المبادة)، والتي كثيرا منها شرعت وسنت قبل عقود وعقود من السنين ولم يطالها أي تعديل تماشيا مع روح العصر وحاجات المجتمع المتغيرة. لان ذلك لا يخدم الزمر الحاكمة السابقة ولا تقبل التخلي عن كرسي الحكم.

فان معنى حكمة (المباد) في نظرنا وفي هذه الحالات ليس بإسقاط رأس الهرم فقط، والحاشية الملتفة حوله والفئة المنتفعة منه والمتخمة بسبب الفساد المالي والإداري والمحسوبية والمنسوبية، ومن الأصول الاجتماعية القريبة منه والبعيدة عنه. وكانت كل هذه الزمر تنظر إلى المجتمع وقواه الوطنية والتقدمية وكأنها حزمة من القصب اليابس، متى ما شاءت تبعثرها وتكسرها أو تحرقها متجاهلة حركة الشعوب والمتغيرات المطلوبة في كل عصر ووفق المقومات الحياتية المتجددة للمفردات اليومية.
وليس شعبنا العراقي بعيدا من هذه المحصلة المزرية بعد أن تعاقبت على حكمه زمر بعقليات مختلفة ومتعطشة للدماء وإقامة أنظمة استبدادية ظالمة لشعبها، ظلت تماطل وتراوغ بشتى الطرق الملتوية بغية استمرار حكمها الدكتاتوري الفردي وقوانين مختلفة.
وان غالبية شعوب العالم الثالث مبتلية بمثل هكذا حكام وأنظمة وراثية ومنها شعوب الدول العربية بدون استثناء وغالبية أنظمتنا جمهوريات صورية وليس غريبا أو بعيدا عن الشعب العراقي طيلة العقود الماضية بصدور بيانات وبيانات ب (البيان الأول) معلنة به و كالمعتاد .... بعد التوكل على الله والشعب وقواته المسلحة، ثم إسقاط الحكم الجائر وإزالة النظام (المباد) بثورة شعبية قومية .... وكانت المحصلة في جميعها سيول من الدماء لملايين من الشباب والرجال والنساء، وثم تصفية خيرة أبناء هذا الشعب وقادة أحزابه الوطنية والديمقراطية. ولم يخل بيت واحد ولم يفقد احد أبنائه وأكثر من جراء الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية مع الجيران طيلة المدة المذكورة. حتى جاء المحتل واسقط النظام السابق والأخير والذي كان من صنيعته منذ زمن بعيد. ولم يتغير حال الشعب عن سابقه إن لم يكن أسوأ منه والكل يئن من هول الإرهاب المنظم والذي يخلف يوميا عشرات الضحايا من الشهداء والجرحى، ما عدا تفشي الفساد الإداري والمالي والاضطراب الأمني والصراع بين الكتل الكبيرة على كراسي الحكم وبشكل مكشوف ولا احد يقرر، إن لم تراع مصلحة الوطن والشعب على المصلحة الفئوية والحزبية الضيقة والمحاصصة المذهبية. وإلا فأي نتيجة تتمخض عن الصراع والتحدي القائم بينها.
وأخيرا لابد أن نذكر وبكل احترام وتقدير الثورات الشعبية التي حصلت خلال القرن الماضي بالذات واتت بأنظمة جديدة لا بل بدلت وجه التاريخ لعقود عديدة. منها ما انتكست ومنها لازالت حية. كثورة العمال والجنود في روسيا الاتحادية في 7/أكتوبر/1917 والثورة الصينية التي انفجرت في أواسط العشرينيات من القرن الماضي وانتصرت في عام 1949 وثورة 14/تموز/1958 العراقية وثورة الشعب الجزائري عام 1959 والثورة الفيتنامية أواسط الخمسينيات والثورة الكوبية عام 1959 كخاتمة لثورات القرن المذكور.
ثم ثورات الربيع العربي التي انفجرت قبل عام ولازالت قائمة رغم عدم وضوح نتائجها لشعوبها، هل ستسرقها فئات دخيلة عليها ويقودها حكام ولدوا في رحم (الأنظمة المبادة) .. أم تتمكن قياداتها الشابة تحقيق النصر الحاسم لشعوبها. ؟

                                                                           يوسف زرا
                                                                          15/1/2012


59
أدب / من يقرأ لي التاريخ ؟
« في: 11:56 19/12/2011  »

من يقرأ لي التاريخ ؟


  يوســـــف زرا


في البدء وقبل صيرورة للتاريخ كلمةٍ
كان الإنسان قد بدأ يحفر له مغارةٍ
وكان ينقر حرفها الأول على صخرةٍ
في صعدة ، في سهل ٍ ، وفي وهدة ٍ
................................

حينئذٍ كانت بداية الحقيقة
في بناء سور وبيتٍ ومزرعة ٍ وجنينةٍ
كبرتْ القرية وانتشرت البشرية
كل تجمع في ارضهٍ مشاعة له الحرية
......................................

من يقرأ لي التاريخ مسطرة حروفه ؟
من سومر وأكد وبابل ونينوى والنهرين
إمتدت حكمتهم عبر الاوطان
امتدت علومهم عبر الامصار
.......................................

إرادةُ الساري تشقُ السماوات
إرادة الاهبل ِطريح السواق
الشمس لن تشرق في الاغتراب
الوطن المصان أثمن من المرجان
.............................

ايها المتشردون معكم الشتات والغبن
تخوضكم ذكريات بعيون دامعة
هلمو لميدان تحت الشمس ترون
لمحة من بعيد لسور ،لوطن الاجداد
...................................

منذ القدم ذوو قانون وشأن
بلا مباهات بلاثرثرة الشفاه
اتنتظرون منقذا ً من العبودية ؟
تزهو البشرية بالتاريخ وجمعُ الثقافات
..........................


(مترجمة لقصيدة لي من السريانية )                                                    
ألقوش                                  
25\10\2011

61
(( وان جارت الشمس عن السفر ))
  ( رثاء الى الزوجة الراحلة )                      يوسف زرا
 
ما طار طيرٌ وجال بالبصر                                  ومدى الغاية له كفي الأسر          واذا برفق زوج كمعشر                                     يهبطان معا فوق الشجر       فكان التوق احرُ من الجمر                                   لجمع الفؤادين في فضاء السمر  وان طالت اليام بالعمر                                      فالعناق لا يقاس بالدهر            قد يغفى المحبان حتى الفجر                                في البيدر وتحت الق البدر      ويبقى العشّ يعجُ بالسرّ                                     والحياة كالماء تجري في النهر والسنين لا تحسب بالأشهر                                  بل قرونٌ تحوم في رقيع الشعر  فأن هبت العواصفُ بالدار                                   قد تثلمُ حتى حجارة السور      وما الزوابع والرعد بالقدر                                  بل سننٌ تقضيها سلاطين الأمر واذا المنيّة اندست من ثغرٍ                                  خلسةً لتُطفئُه حزمةً من النور خابَ ثني العزيمة بالغدر                                     لأنها أصلدُ من الصخرِ             فتبقى يوثقها ضربُ الذكر                                   ولن تطويها اليام حتى في السهر  فلا أمرُ من الفراق في العسر                                كعزفٍ على العود مقطوعَ الوتر   رمزان بجسدٍ واحدٍ مُخضرٍ                                  فكيف يلفُ جزءه ثرى القبر   فيا ليت شعري في ساعة الصفر                           فبأيِ شجن سيطرب الكدر       فأن خطفَ الردى بصري                                   فلن أهبه صلاة ولا نذرِ              وان جارت الشمس عن السفر                             فالأنسان يبقى جوهرَ الدُرر        وان كان للحياة هدرٍ                                        فلا للقيامة قيمةٌ وقدرِ               ويبقى الغيمُ يدرُ للبشر                                     ويُسقى نبات السهل بالمطر والنبضُ يمتدُ ويمتدُ حتى القمر                            فينقلها الأثير كباقاتٍ من الشَرَرِ
 

62
أدب / اتذكـر . . . . ولا اتذكـر
« في: 00:09 23/07/2011  »



اتذكـر . . . . ولا اتذكـر


يوسف زرا
 


       أنا ، احد اوردة التاريخ
                قبل الف الف عام . . . اتذكر
      كنا جبلة طين لجسد واحد
          قبل الف الف عام . . . اتذكر
كنا من فصيلة دم واحد
         قبل الف الف عام . . . اتذكر
كنا نُحترم كشعب موحد
         قبل الف الف عام . . . اتذكر
كنا نكتب بحرف واحد
         قبل الف الف عام . . . اتذكر
كنا هيبة الوطن الشامخ
        اسمي محفوظ في كل مكان
                               *******************
انا ، لا اتذكر بابل خربة
       لانها كانت مركز البحث والعلم
لانها كانت بيت الحكمة والقانون
       لا اتذكر شروباك انقاضا
لان فيها بني الفُـلك
       وعاشت من بعد الطوفان
لا اتذكر نينوى مقفرةً
       لانها مدينة ذي هيبة
وفي بابها يشمخ ثور مجنح
       لا اتذكر اوروك مندحرة
وكلكامش ملكها وحاكمها
       وانكيدو رفيقه حتى الموت
                                ******************
انا ، نبع من الوطن
       اسأل سؤال واحدا
لم البعض يصرخ ؟
      اننا اشوريون فقط
اننا كلدانيون فقط
      اننا سريانيون فقط
اننا عربيون فقط
      اننا كرديون فقط
اننا تركمانيون فقط
      اننا مندائيون فقط
                                  *********************
انا ، ذو معرفة من صغري
           بغدادة قرب بابل
وموصل بنت نينوى
           واربيل اربع اللو
وكركوك كرخَ سلوخَ
           والبصرة في مصب النهرين
                                  *********************
انا ، اسأل واسأل واسأل
          اين موقع هذه المدن !
بتعداد مكوناتها
          وشعب بين النهرين ينادي
في وطن واحد عشنا
          آمين يا زمن آمين .  









                                                                      
                                                                    ١٨ / ٧ / ٢٠١١
  

63
مدخل لكتاب بعنوان
( المخاض العسير لما قبل وبعد 9 / 4 / 2003 )

المقدمة :-
    ليس استثناءا أو صدفة أن يكون وادي الرافدين الإقليم الجغرافي الوحيد أن تتواصل على أرضه وعبر التاريخ ، حوادث الحروب والنزاعات بين الأقوام التي عاشت فيه . منذ عهد سومر وأكد مرورا بعهود بابل وانتهاء بعهدي الأشوري 612 ق.م والكلداني 539 ق.م . ثم أن تتوالى ظهور مجموعة سلالات بشرية حكمت هذا الوادي عبر العهود المذكورة ، بدأ بالسلالة الاكدية الممتدة من عام 2334 ق.م إلى عام 2154 ق.م ، وبلغ عدد ملوكها ( 11 ) ملكا ولمدة (180 ) سنة . ثم سلالة أور الثالثة من عام 2112 ق.م إلى عام 2004 ق.م وبلغ عدد ملوكها ( 5 ) ولمدة ( 108 ) سنوات . مرورا بالعهود البابلية التسعة بدأ من عام 1894 ق.م لغاية 1595 ق.م وبلغ عدد ملوكها ( 11 ) ملكا ومدة الحكم      ( 299 ) سنة . عبورا بعهود الكيشيين وايسن والعيلاميين وغيرهم . ثم العهد البابلي الأخير بدأ من     ( 731 ) ق.م لغاية (627 ) ق.م وعدد الملوك ( 16 ) ملكا. ثم العهد الأشوري الأطول من عام         ( 911 ) ق.م لغاية عام ( 609 ) ق.م وعدد الملوك ( 117) ملكا . وآخرهم العهد الكلداني من عام     ( 612 ) ق.م لغاية عام ( 539 ) ق.م وبلغ عدد الملوك (6) ولمدة (86 ) سنة . . ثم الحكم الوطني بثلاثة ملوك من عام ( 1921 ) م لغاية ( 1958 ) م .
   هذه لوحة بسيطة وقراءة سريعة لعمق التاريخ وبأي مخاضات كانت الأحداث تدور على ارض هذا الوادي .... ولماذا ؟ .
    لا نستغرب من الأرقام وأنواع السلالات وعدد ملوكها الذين تناوبوا على حكم العراق القديم من الأصول الاجتماعية المتجانسة ، غير الأقوام الغريبة التي لم اذكرها أعلاه ، وكم من الحروب الطاحنة دارت بين هذين المجريين العظيمين وكم من العواصم التاريخية مسحت من وجه الأرض ، وكان لها دورها الفريد في إشاعة نور الحضارة للبشرية كبابل وأشور وغيرهما والتي قامت في الجنوب ، والوسط ، والشمال . ثم اندثرت أو تلاشت تلك الأقوام ، إلا ما هي شتات كمجموعات بشرية صغيرة هنا وهناك في الداخل والخارج مهمشة ، لا بل منسية وكأنها لا صلة لها بالماضي الحضاري العريق .
   وكان كل هذا في عصر لم تظهر فيه غير العجلة البسيطة ولا الأسلحة الحربية المدمرة ولا التكنلوجيا العلمية والخدمية كما هو حاصل .
   ولكن يبقى شيء مهم يجب أن نعترف بعدم زواله ، كعنصر الصراع بين الأمم والشعوب على اختلاف أجناسها وأقوامها ومعتقداتها . ولم يكن سببها ما في باطن الأرض من الثروات الهائلة المكشوفة. بل كانت دوافع تلك الحروب والنزاعات التي مازالت قائمة . الماء وخصبة الأرض المتميز بها وادي الرافدين ، وكغيره من الوديان التي قامت بها حضارات ثم انقرضت واندثرت غالبيتها ومنها ، حضارة وادي النيل في شرق أفريقيا ، وحضارة وادي السند في الهند القديمة ، وحضارة النهر الأصفر في الصين .غير حضارات العالم الجديد في الأمريكيتين مايا والانكا.
   فها هو النزاع ذكت ناره على هذه الأرض وبشكل راح الأخضر يحترق قبل اليابس ، وبمبررات عقلانية بمنطوقها وعدوانية بفحواها . توالت فيه عدد من أنظمة الحكم خلال القرن الماضي ، وبعد الحرب العالمية الأولى . والإنسان الرافديني بكل مكوناته الاجتماعية والدينية والسياسية ، لم يستكن له بال ، ولم يستقر له نظام وحتى هذه اللحظة . بل فقد هيمنته على أرضه المعطاء وأصبح كبيادق الشطرنج لعبة بيد الأقوياء من دول الجيران والغرب بالذات ذي الأطماع الآنية والبعيدة بخيرات هذا الوادي . ولم ينتبه أبناء الوطن على عناصر ضعفهم المتنامي والكامن في داخلهم . وكيف لا يسهل للأجنبي إثارتها وتأجيجها متى ما شاء ، كي تبقى أسباب الحروب والاقتتال في الداخل بالذات قائمة وهو ( ابن الوطن ) الضحية المقصودة بفقده هويته التاريخية والحالية ووطنه ، وحقه في العيش الكريم ضمن الركب الحضاري المتقدم ونظام حكم ديمقراطي .
فليس غريبا أن يستثمر الأجنبي ما خلفه النظام السابق من الأحقاد والكراهية والاحتقان المذهبي والديني والقومي والطائفي بين جميع مكونات هذا الشعب . رغم تعالي الصراخ والصيحات العالية من النخبة  الوطنية المخلصة إلى أهمية إقامة دولة ديمقراطية حرة مسالمة عصرية ، يحكمها شعبها بدون التفريق والتفضيل ، بعيدا عن المحاصصة المذهبية والقومية أو الأكثرية والأقلية .
وها هي قوات المحتل دخلت ارض العراق للمرة الثانية بصفة محررة له لا فاتحة . وكانت المرة الأولى في عام 1918 م بعد الحرب العالمية الأولى . وثم في 9 / 4 / 2003 للمرة الثانية , وهي ليست إلا عملة واحدة لوجهين مزيفين للاستعمار القديم والحديث .
ولرأي القارئ الكريم لكتابي هذا والذي جاء بعنوان ( المخاض العسير لما قبل و بعد 9 /4 / 2003 ) كل التقدير والاحترام مني مسبقا ومهما كان. 




                                                                                                المؤلف
                                                                                              يوسف زرا
                                                                                           7 / 7 / 2011   



المخاض العسير لما قبل وبعد 9/4/ 2003
سراب الرؤية وعنجهية الحكم قبل 9/4/2003
كان النظام السابق في العراق أيام حكم صدام حسين بالذات، وطيلة الثلاثة عقود ونصف من السنين. قد أسدل الستائر على جميع الأقلام الحرة، سواء كانت أدبية أو اجتماعية، اقتصادية أو سياسية، فكرية أو عقائدية.لا بل كان قد احكم السيطرة على كل نافذة أو بقعة ضوء كي لا يمكن لأي كان داخل الوطن ومن خلالها أن يتنفس الصعداء ويستنشق ولو فقاعات قليلة من الهواء النقي غير الملوث بفكره القومي والعنصري المتطرف. ضانا منه بأنه قد حقق بذلك ما أراده وبالقبضة الحديدية ما يخدم نظامه الشمولي المتسم بالمفاهيم القومية الشوفينية، وكأنه الوريث الشرعي للنازية الهتلرية والذي هو الآخر كان قد ادعى بأولوية وأفضلية العنصر الجرماني بقيادة المجتمع الدولي بصورة عامة والأوروبي بصورة خاصة، مدعوما بالأفكار الفاشية للتيار الموسليني القائد الايطالي وحليفه في الحرب العالمية الثانية، وفشل التياران بسبب خسارة قادة تلك الدولتين الحرب المذكورة وطواهما التاريخ إلى غير رجعة.
إلا أن صدام حسين بعد الانقلاب الدموي في 17-30/تموز/1968. كان قد فرض سيطرته بعد فترة وجيزة على زمام الحكم، وأصبح الشخص الأول والأخير على رأس القيادتين القومية والقطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي. لا بل القائد الملهم لتوحيد وقيادة الأمة العربية المشتتة الأجزاء ضمن ممالك وإمارات وجمهوريات شبه غير دستورية بالمفهوم الدولة المعاصرة. وكان التياران السياسيان في سوريا والعراق من دعاة القومية العربية ووحدتها الوحيدان في الميدان السياسي والحزبي في العالم العربي، يقودهما حزب قومي واحد وبتسمية واحدة. وكان هذا الشعار ذات شرعية واقعية في تلك المرحلة لأنه يمثل طموحات البني التحتية الواسعة للمجتمع العربي علاوة على الدعم القائم من النخبة السياسية الوطنية والديمقراطية مع ملاحظات في شكل الوحدة أو الاتحاد. رغم إن هذا الطموح من القيادة كان متأخرا بعض الشيء مقارنة مع مفهوم التحرر الوطني والقومي من النفوذ الغربي الاستعماري في تلك المرحلة.
فكانت الصحافة المحلية في العراق وبدون استثناء عدا فترة قصيرة بعد قيام الجبهة القومية التقدمية مع الحزب الشيوعي العراقي في أواسط السبعينات من القرن الماضي ولغرض كسب الوقت وسحب البساط من تحت أقدام الحزب المذكور والقوى الديمقراطية الأخرى. كانت تلك الصحافة وجميع وسائل الإعلام مليئة أعمدتها ونشراتها بعبارات تقديس الشخصية الفذة حد الآلهية. وكأنه القائد المصطفى تاريخيا للأمة العربية ولغرض تحقيق إمبراطورية مترامية الأطراف – لا دولة معاصرة تخدم شعبها بموجب دستور مركزي دائم وقوانين تقدمية، وتساهم بالركب الحضاري الإنساني -. وحسب مخيلته السرابية ملتقيا من حيث يعلم أو لا يعلم مقيما ومحفزا مجموعة أقلام المسخرة والمتلهفة غالبيتها لتحقيق الشخصية المعقدة وكأنه – دون كيشوت زمانه – وبشهوة جنونية لنيل رضاه وبركاته، وخير نموذج بارز أيام الحربين الإيرانية ودخوله الكويت 1980- 1988 / 1991. وفي حساباته الخاصة كأول انطلاقة لجيوشه الجرارة صوب دول الخليج والجزيرة العربية، وبمباركة أسياده في الدول الغربية وإسنادهم له ظاهريا بغية إيقاعه في الفخ الكبير، وبغية كسب معاداة حكام الدول له ومحاربة مشروعه التوسعي، وفي مقدمتها دول الغرب وراعية سياسته الرعناء الولايات المتحدة الأمريكية، علَه (صدام) ينجح في تحقيق ولو جزء من حلم الشعوب العربية وهي دولة العرب الموحدة بقيادته. وبعد فشله في ما كان يصبو له باتجاه الغرب من قيام الوحدة التشكيلية مع سوريا خاصة. والتي اختلفت قيادتها القطرية والقومية معه وتخاصما حد التأمر على بعضهما واشتداد العداء في ما بينهما أكثر من عداوتهما لإسرائيل وحلفائها دول الغرب الاستعماري. رغم تشبثهما إعلاميا بشعار تحرير فلسطين ريا ء وإنهاء دولة إسرائيل تزلفا ولهما كل العلم بان بقاء دولة إسرائيل مرتبط بمصير الغرب كله ونظامه الرأسمالي. وكانت القوى السياسية الوطنية والتقدمية قد أنذرته (أي صدام حسين) مرارا وتكرارا من مغبة ركوبه ظهر حصانه في الحرب مع إيران وغزوه لدولة الكويت. إلا انه عاملها. القوى السياسية والتقدمية العراقية كعدو له ونكل بها اشد تنكيل وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي بصورة خاصة.
نعم بهذه العقلية المنغلقة على الذات والعنجهية المفرطة، وكالذي أصابه الغرور وداء العظمة وأصبح لا يمكنه رؤية ضوء الشمس في وضح النهار ولا بقعة ضوء في الأفق. فعتم على الفكر التقدمي سواء كان سياسيا أو اجتماعيا، طبقيا أو ليبراليا أو قوميا أو دينيا معتدلا. لا بل تجاوز الحكم النازي الهتلري والفاشي الموسليني في محاربة كل تنظيم سياسي أو مهني أو ديمقراطي تحرري وأحزابها ومنظماتها العاملة على ارض الوطن منذ عقود وعقود، وأباح لعصاباته بارتكاب أبشع أساليب التصفية الجسدية لخيرة كوادرها القيادية. ولم ينج ابسط مؤيديها من القتل الفردي وضمن مقابر جماعية بطول العراق وعرضه وبشكل لا يحص ولا يعد. وكان الشعب الكردي في نزاع مسلح مع السلطة واستفحل الأمر في عهده وبشكل أكثر وحشية وشراسة ولم يتوان من استعمال الأسلحة الكيماوية المحرمة في مدينة حلبجة ومناطق أخرى من بهدينان وفي ما سماه الأنفال.
إلى جانب تحريم النظام المذكور تداول أية أفكار عبر الصحافة المحلية وعبر قنوات التلفاز والإذاعة المحتكرة له من قبل أجهزته الأمنية القمعية ومخابراته المنتشرة في كل زاوية وزقاق. وطغت المكتبات والأرصفة بالمجلات والكتب والجرائد وبأكداس من آياته غير (المنزلة) آل (56) والشبيهة بالكتاب الأخضر لشبيهه العقيد معمر ألقذافي في ليبيا، وأصبح المصير المحتم الموت والهلاك لكل من يعارض حكمه الفردي الدكتاتوري، وحتى وان كان من اقرب أصوله الاجتماعية إليه وكوادره الحزبية، وهذا معلوم لكل من عايش وعاش نظامه من قريب أو بعيد، مما أدى إلى الهجرة الجماعية من الوطن لخيرة أبنائه من القادة السياسيين وكوادر علمية واقتصادية وثقافية وفنية. وحتى تجاوز عددهم الثلاثة ملايين مهاجرا في أواخر أيامه مشردين في جميع أصقاع الدول العربية القريبة والبعيدة والعالم الغربي، أوربا وأمريكا واستراليا وغيرها. مما أدى إلى فراق واختفاء جميع القيادات للأحزاب والحركات السياسية المهنية والاجتماعية التقدمية. وحتى ممثلي التيارات الدينية المعارضة على اختلاف مذاهبها. السنية والشيعية بصورة خاصة. وأصبحت الساحة خالية من أية ظاهرة للمعارضة العلنية. إلا وتقمع بوحشية لا مثيل لها حتى اضطرت غالبية ممثلي تلك الأحزاب والحركات السياسية رغم تباين مناهجها الاجتماعية والسياسية والفكرية . اضطرت إلى الرضوخ للأمر الواقع وهي في الخارج واللجوء إلى الدول الغربية بصورة خاصة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدتها وبأية طريقة وأسلوب لإنقاذ الشعب العراقي والوطن من قبضة دكتاتورية النظام المذكور ، وأملت أمريكا وحلفائها على ممثلي المعارضة لديها شروطها وكيفية إزاحة النظام وإسقاطه ، وذلك بالتدخل العسكري المباشر رغم معارضة القوى اليسارية على ذلك. واسقط النظام وحاكمه في 9/4/2003 إلا أن رغم ذلك فأن النخبة الوطنية السياسية والاجتماعية والثقافية والمهنية والفنية البقية الباقية في الداخل . رغم انحصارها وتقوقعها في زاوية شبه مظلمة . فقد تمكنت ومنذ العقدين الأخيرين من القرن الماضي تقريبا أن تتكيف نوعا ما وتكون لها بعض المؤسسات الاجتماعية كنوادي عائلية وجمعيات ثقافية ذات صفات ترفيهية تلتقي فيها الكثير من العوائل خلال مناسبات خاصة كأعياد دينية أو وطنية أو لغرض إقامة حفلات الزواج لأبنائها ، ومنها الأقلية المندائية وفتح لها ( نادي التعارف ) والأقلية المسيحية بصورة استثنائية عدة جمعيات مجازة رسميا من قبل وزارة الداخلية ، مستغلة اعتراف الدولة بالحقوق الثقافية بالناطقين بالسريانية في عام 1972 نوع من الترضية لهم بعد أن تعرض النظام إلى الضغط الداخلي والخارجي وبصدور بيان 11/آذار /1970 بمنح الحكم الذاتي للشعب الكردي. وعلى اثر ذلك تشكلت جمعية باسم جمعية الناطقين           بالسريانية ، والتف حولها جمع لا بأس به من أبناء العوائل القاطنين في بغداد بصورة خاصة ومن اللغويين السريان بالدرجة الأولى الأدباء والكتاب والفنانين المستقلين في عرف السلطات المسؤولة . وفعلا تم تأسيس نادي اجتماعي باسم ( نادي بابل الكلداني ) وجمعية باسم ( جمعية أشور بانيبال ) ، ثم سكرتارية خاصة للأدباء السريان ملحقة باتحاد الأدباء والكتاب العراق . أسوة بسكرتارية أدباء الكرد والتركمان . وأصبح رواد النادي والجمعية المذكورين من خيرة الأساتذة المختصين بالقضايا التاريخية والأدب الرافديني القديم ، وأحيانا تلقى محاضرات وتقام ندوات وأمسيات ذات مسحة سياسية وفكرية تقدمية دون أن تتمكن أجهزة النظام من إعاقة نشاطها لان جميع الفعاليات الثقافية كانت لا تمس النظام القائم مباشرة بهذا الشكل أو ذاك علنا إلا ما ندر وضمن بعض الجلسات الشعرية والمهرجانات    السنوية ، وتلقى فيها بعض القصائد المتنوعة وباللغتين العربية والسريانية . وقد يكون لبعضها تعبير ومغزى وطني ضمني يتقاطع بنسبة معينة مع منهج النظام . وتعرض أحيانا كثيرة مشاهد لنصوص مسرحية ذات طابع كوميدي تراثي أو اجتماعي لا تجلب اهتمام وانتباه المسؤولين بها باعتبارها فعاليات ثقافية ترفيهية .
ولابد من ذكر باني كنت مع بعض الزملاء من الأدباء والفنانين من المساهمين في غالبية المناسبات المذكورة ومن أواسط التسعينات إلى أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة أصدرت عدة كتب ومنها خمسة دواوين شعر وباللغتين العربية والسريانية.كما كتبت عدة مسرحيات وباللغتين ومثلت بعضها على خشبة مسرح نادي بابل أو جمعية أشور بانيبال، وقد اخترت منها ما يقارب العشرين قصيدة باللغة العربية من أكثر من (150) قصيدة لي. وسيأتي توثيقها ضمن هذا الكتاب وفي باب خاص ضمن المقالات السياسية ذات طابع وطني وتاريخي صدرت في العديد من المجلات والجرائد المحلية وفي الخارج والتي تجاوز عددها آل (40) مقالا ممن عثرت على مسوداتها الباقية في أرشيفي الخاص.
من خلال هذه النشاطات الثقافية والاجتماعية والفنية ظهر العديد من الأدباء من الكتاب والشعراء وفنانين مسرحيين وعازفين موسيقيين إلى جانب إقامة معارض عديدة للفن التشكيلي لأبناء عوائل رواد المركزين الثقافيين نادي بابل وجمعية أشور بانيبال وبصورة مميزة ، ولابد من ذكر بعض من هؤلاء المبدعين من الأدباء والشعراء والفنانين وفي مقدمتهم :
اللغوي السرياني بنيامين حداد والفنان الشاعر لطيف پولا والمرحوم الفنان وديع كچو والأديب نوئيل شكوانا والكاتب المسرحي سعيد شامايا والمخرج المسرحي موفق ساوا والباحث سالم عيسى تولا والأديب السرياني روبن بيث شمول والأديب اديب كوكا والشاعر السرياني نزار حنا الديراني وبولس شليطا والدكتور المخرج عصام بتو والاكادمي المخرج هيثم ابونا والكاتب صبحي حداد والمسرحي عادل دنو والشاعر شاكر سيفو واللغوي جميل يوسف قوجا وغيرهم .
واستمر نشاط المركزين حتى دخول القوات المحتلة العراق وسقوط النظام في 9/4/2003 . وبدأ الوضع الأمني بالتراجع مما أدى إلى تقلص نشاط المركزين بسبب عدم تردد روادهما إليهما تدريجيا . حتى تلاشى كل نشاط فيهما ، أما ما يخصني شخصيا وهو إن بعد إحالتي على التقاعد في 7/4/1986 تمكنت من استثمار الزمن الفائض لي والتفرغ الجزئي للكتابة والمباشرة بتوثيق ما في خزيني التاريخي وعلى شكل قصص شبه طويلة وقصيرة وبعض النصوص المسرحية . إلى جانب انجازي أكثر من ستة مخطوطات من الشعر وباللغتين العربية والسريانية وثلاثة كتب باللغة العربية وذلك حتى عام 2003 وكان أول ما صدر باللغة العربية بعنوان – رنين السندان – ثم كتابي الأول بعنوان ( المعالم الحضارية والعمرانية في القوش ) إصدار دار النشر لوزارة الثقافة والإعلام عام 2000 وجميعها صدر بموافقة وزارة الثقافة والإعلام عدى الديوان الخامس وهناك مخطوطة سادسة تنتظر الإصدار وكتب أخرى .
وكنت في أواسط التسعينيات من القرن الماضي قد أنجزت مخطوطة جدا مهمة لي بالنسبة لأهم شخصيات بلدتي ( القوش ) خلال القرن العشرين والتي جاءت بعنوان ( من مشاهير القوش للقرن العشرين ) احتوت على سيرة ( 48 ) شخصية ، منها رجال الدين وعلماء وفنانون ووجهاء المجتمع الذين لعبوا أدوارا مهمة في الحالات والمحن الصعبة التي كانت المنطقة بصورة عامة تتعرض للعدوان من أقوام داخلية وخارجية ، وقرية القوش قديما كان يصيبها القسط الأكبر من الضحايا من أهاليها بين قتيل ومهاجر ومنها حصرا ضمن القرية المذكورة نكبة الشعب الاثوري عام 1933 ولجوء عدد كبير من الأطفال والنساء ورجال عجز إليها وحمايتهم لهم وبإصرار ووقوف من كان من الوجهاء في تلك الفترة بوجه القوات الحكومية الزاحفة نحو البلدة ومطالبة تسليم جميع اللاجئين إليها ، إلا أن حكمة العقلاء وقدرتهم على التصرف تمكنوا من احتواء الموقف سلميا وحماية الآلاف من اللاجئين والقيام بواجبهم مدة طويلة بعد أن اقنعوا المسؤولين بأن اللاجئين أناس عزل وعجز .
والى جانب سيرة عدد من الشخصيات في الكتاب ورود جدول بأسماء ( 860 ) شخصية ذوي تحصيل علمي متقدم من درجة البكالوريوس إلى ماجستير ثم دكتوراه في شتى الاختصاصات العلمية ، ومنها    ( 54 ) شخصية دينية و ( 30 ) شخصية اجتماعية فقط التي ليس لها تحصيل علمي متقدم .


مركب بلا سارية بعد 9/4/2003:- نعم تمكنت قوات الاحتلال من دخول بغداد وإسقاط الحكم
في 9/4/2003 وكبدت الشعب العراقي مئات الآلاف من الشهداء وإضعافهم من المشردين، وأقامت على أنقاضه عدة حكومات هزيلة بعد أن تسلم الحكم ولمدة قصية ممثل تلك الدول الأمريكي بول برايمر، والذي تمكن وبصلاحيات استثنائية من تمزيق كيان الدولة العراقية التاريخي، والقضاء على جميع مؤسساته الأساسية ومنها الأمنية ممثلة بقواته المسلحة وفي مقدمتها حل الجيش المهني العتيد. وكانت هذه الخطوة بحد ذاتها تمثل الضربة القاتلة على أهم ركن ودرع من دروع الدولة الحديثة للعراق، ثم تابع تدمير مؤسساته الاقتصادية – الصناعية والمصرفية، القطاع العام والخاص، ثم الثقافية والصحية وغيرها.
وأصبح الشعب العراقي حتى هذه اللحظة يئن من الضربة المؤلمة والموجعة التي أصابته جراء انتشار عصابات النهب والسلب لجميع مؤسسات ودوائر الدولة وتحت سمع وبصر لا بل تشجيع القوات المحتلة ومنها الأمريكية بصورة خاصة، إلى جانب تفشي البطالة في صفوف ملايين الشباب، وعمت الفوضى والإرهاب على يد جماعات متشددة دينيا ومذهبيا وأخرى قوميا واستشراء الجريمة المنظمة والقتل الجماعي بواسطة السيارات المفخخة والاغتيالات بأسلحة كاتمة الصوت.
وبروز التناحر بين الكتل السياسية ذات النفوذ الديني والمذهبي والقومي، والمتصارعة أحزابها ضمن القوائم الفائزة بأغلبية مقاعد البرلمان السابق واللاحق وسيطرتها على غالبية كراسي الحكم دون أن تقدم أي شيء ايجابي ملموس للشعب العراقي ولو بنسبة 1% . لا بل تدهور الوضع الأمني والاقتصادي والإداري، وتفشت الرشوة والفساد الإداري والمالي والمحسوبية والمنسوبية والشهادات المزورة في جميع مرافق الدولة .. من أعلى مسؤول في الوزارة إلى الموظف الصغير دون أن تتمكن أية جهة وضع حد لهذه الظاهرة ومحاسبة المسؤول عنها مهما كان موقعه الرسمي. وجموع الجياع والمشردين من اليتام والأرامل والعاطلين عن العمل لا احد يسمع شكواهم.
وغالبا ما وصل الأمر بتصعيد الصراع بين الكتل الرئيسية أصحاب النفوذ في الحكومة والبرلمان والى هذا التاريخ، أي وبعد ثماني سنوات من إسقاط النظام السابق. إلى شبه أو على حافة حرب أهلية، ولكنها حرب واقعة فعلا بهذا الشكل وذلك دون أن يعلن عنها احدهم صراحة، وقوات المحتل تقف متفرجة وكان الأمر لا يعنيها وليس لها ضلع فيه، إلى جانب دور دول الجيران ذات العلاقة الغير متكافئة مع العراق من عمق التاريخ، فترى الفرصة المناسبة لغرض تدخلها المباشر وخلق الفوضى في كل مرافق الحياة، ثم دور الرابطة المذهبية المشتركة والتي تشد العواطف بين بعض مكونات الداخل وتلك الدول، والتي ترى بأنه لابد أن يكون للعراق حكم، إما ضعيف بالدرجة تقي شره في حالة الخلافات بين النظامين، أو أن يكون النظام قويا ومتفوقا عسكريا أو اقتصاديا، والتاريخ شاهد على ذلك بين دولة العراق وإيران والكويت سابقا ولاحقا حصرا.
ورغم ما جاء في الصفحة الأخيرة من بعد 9/4/2003 ومن الحالة السلبية نتيجة الإستراتيجية الخاصة للسياسة الأمريكية وما تطرحه من مبدأ الفوضى البناءة بعد تدخلها عسكريا في أية دولة من العالم الثالث، أي هدم كل ما بناه الإنسان عبر قرون وقرون في بقعة جغرافية معينة وظهور الدولة ومؤسساتها الضرورية كأركان وأسس تاريخية لهيكلية الدولة الحديثة.
فلا بد من القول بأن الشيء الوحيد الذي تمتع به الشعب العراقي ونخبته السياسية بالدرجة الأولى وما كان محرما في النظام السابق ، هو قيام ما يسمى بالنظام الديمقراطي وان كان بشكل مظهري    وسطحي ، وظهور كيانات علنية للأحزاب السياسية التي كان لها تنظيمات سرية داخل القطر ولو بشكل ضعيف ، ومعها العشرات من المنظمات الدينية والمذهبية لا تحصى ولا تعد ، ومن منظمات المجتمع المدني وبأسماء مفبركة ووهمية ، إلى جانب ظهور منظمات ثقافية واجتماعية ومهنية تؤمن بالديمقراطية وتحترم الرأي الأخر كنقابات عمالية واتحادها العام والشبيبة وتنظيمات طلابية ونسائية تقدمية . ومنها اتحاد الطلبة العراقي العام والذي تأسس عام 1947 ورابطة المرأة العراقية التي أيضا تأسست عام 1953  واتحادات نسائية عديدة كظل لحركات وأحزاب سياسية ذات اتجاهات قومية واثنيه ، وكل هذا يعتبر أمر حيوي وحق طبيعي وضروري لأنه يعتبر تفجير الطاقات المكبوتة وجزء مهم من الحقوق الأساسية لأي مجتمع ، لان حرمان الشعب العراقي بجميع مكوناته الاجتماعية والسياسية والفكرية من حق التنظيم والتظاهر والكتابة والمطالبة بالحقوق الديمقراطية الفعلية وقيام نظام جمهوري ذات دستور معاصر يكفل حق العيش الكريم وفق المواثيق والعهود الدولية ولائحة حقوق الإنسان وحق تقرير المصير لأي مكون منه ، ضمن الدولة العراقية الموحدة . ثم ظهور عشرات الصحف والمجلات وبدون رقابة  ورخصة رسمية ووفق قانون خاص . رغم ذلك فهناك إهمال متعمد لعدم سن أو تشريع مجموعة كبيرة من القوانين لتنظيم الحياة بموجبها ، وتحمي تواصل إصدارها وبشكل معاصر وبناء دعما لمصلحة المسيرة التقدمية للمجتمع العراقي وخدمة لحرية الرأي والكتابة والنشر والتظاهر السلمي.
إلا أن الذي حصل وكما يقول المثل – هبت الريح بما لا تشتهي السفن – وانقلبت الآية منذ الأشهر الأولى لدخول قوات المحتل في 9 / 4 / 2003 وتشكيل مجلس الحكم المؤقت ثم صدور قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في 8 / 3 / 2004 والذي يشمل على ( 62 ) مادة والذي جاء في الديباجة نصا ما يلي :-
(( إن الشعب العراقي الساعي إلى استرداد حريته التي صادرها النظام الاستبدادي السابق ، هذا الشعب الرافض للعنف والإكراه بكل أشكالهما وبوجه خاص عند استخدامهما كأسلوب من أساليب الحكم ، قد صمم على أن يظل شعبا حرا يسوسه حكم القانون ..... وتسترسل الديباجة .... وساعيا في الوقت نفسه في الحفاظ على وحدة وطنه بروح الأخوة والتآزر ..... ووضع آلية تهدف فيما تهدف إليه إلى إزالة أثار السياسات والممارسات العنصرية والطائفية ومعالجة المشاكل المرحلية .
وأخيرا تقول الديباجة ..... فقد أقر هذا القانون لإدارة شؤون العراق خلال المرحلة الانتقالية الى حين قيام حكومة منتخبة تعمل في ظل دستور شرعي دائم سعيا لتحقيق الديمقراطية كاملة ))
في نظري إن الإمعان في قراءة هذه الأسطر فقط لهو تأكيد بأن الذين صاغوا مواد هذا القانون وكانوا يمثلون جميع الكتل والأحزاب السياسية المعارضة وصادقوا عليه بالإجماع . لهو ضرب من الخيال لما آل إليه الوضع من سوء إلى أسوأ وكان بمثابة لعبة للذين ساهموا بشكل مباشر في صياغة مواد هذا القانون ولغرض العبور فقط أي ( كله حبر على الورق ) لأنه يتقاطع منطوقه مع أهداف الكتل الحزبية الكبيرة ذات النفوذ الديني الواسع. وكان الغرض منه فرصة لانتهازية العمل السياسي وخداع الشعب وتهميش القوى الوطنية التقدمية الاجتماعية والسياسية والفكرية . وهذا ما حصل وكيف سارت الأمور منذ قيام الحكومة المنتخبة وبعد انتخاب المجلس الوطني الأول ثم الثاني وقيام حكومة الأغلبية البرلمانية الثانية وكان أسلوب المراوغة والمماطلة هو المعول عليه طيلة السنوات ألثمان المنصرمة وبصيغة ثابتة – سياسة التمضحك على الذقون –
وهكذا بدأ التراشق الإعلامي صعودا عبر الصحف اليومية والفضائيات المهتمة بالوضع الجديد والشعب العراقي الصابر على الغبن، ينتظر الانفراج. وان ما قام به (بول برايمر) طيلة فترة حكمه بسعيه إلى تعميم الفوضى البناءة وكما قلنا سابقا، وبتوجيه من أسياده الأمريكان كخطة مركزية لإرباك مجمل المسيرة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب العراقي، حتى ظهرت أحزاب دينية ذات نفوذ واسع في مناطق جغرافية كبيرة شملت منطقتي الجنوب والوسط من الوطن كحصة للمذهب الشيعي. وكان بداية الانقسام الإقليمي وبدء الصراع على السلطة بينها وبين الكتلة التي تظاهرت بالعلمانية ولكن باطنها يمثل بأغلبية سنية والمتواجدة على جغرافية المنطقة الشمالية من غير إقليم كردستان ومنها محافظة نينوى وصلاح الدين والانبار وديالى، ومتداخلة في بعض محافظات الوسط وبنسبة ضئيلة ومنها بغداد العاصمة بصورة خاصة وذات كثافة سكانية كبيرة وشبه مقسمة أحيائها اجتماعيا ومذهبيا بين المذهبين. والتي تجاوز تعداد سكانها الخمسة ملايين نسمة غالبيتها من المذهبين المذكورين ونسبة قليلة من الأقليات الكردية، الكلدواشورية  والصابئة المندائية. ولم تتجاوز نسبتهم أل 15% كحد أعلى بالنسبة لسكان العاصمة ويعتبر اكبر تجمع لهم في مدينة واحدة وعاصمة للدولة.
وكانت هذه الأقليات ومنذ دخول قوات المحتل منسية ومهمشة عمدا. لا بل كان التضييق عليها والاعتداء المباشر على كل مكون منها وفي أماكن سكناها بغية إبعادهم قسرا من العاصمة والاستيلاء على ممتلكاتهم وأموالهم وغالبيتهم لهم بعض الثقل البارز في الأعمال التجارية والمهنية والورش الصناعية ومن زمن بعيد جدا.
ولم يقتصر التهميش والإهمال هذه المكونات الاجتماعية للأقليات المذكورة في العراق، بل شمل القطاع الكبير من المثقفين ورجال القانون والمهن الطبية وكبار ضباط الجيش العراقي ككوادر عسكرية مهنية ذات خبرة فنية وعملية لعشرات السنين . إلى جانب انتشار ظاهرة القتل الجماعي بواسطة المنظمات الإرهابية وعدتها التقليدية الشائعة – السيارات المفخخة والعبوات الناسفة . مما أدى هجرة الوطن        ( المدن الكبيرة خاصة ) وبنسبة أكثر من 50% منهم والتيه والتشرد في دول الجوار واستقرار غالبيتهم في دول أوربا الغربية وأمريكا واستراليا . ومن بقي منهم في سوريا والأردن وتركيا ومصر وليبيا وتونس وغيرها . ولم يتمكنوا مغادرتها إلى هذا اليوم إلا بنسبة قليلة لضعف الإمكانيات المادية المكلفة والمستمسكات الرسمية المطلوبة منهم من قبل الدول الموافقة هجرتهم إليها . وبسبب تصاعد الصراع بيت الكتلتين الكبيرتين المذكورتين على كراسي الحكم حتى شملت الهجرة الجماعية والنزوح من محافظة إلى أخرى والى خارج العراق ، البني التحتية للمذهبين الشيعي والسني أيضا ولا زال النزيف القاتل لم ينقطع لجميع المكونات المجتمع العراقي هربا من فقدان الأمن وانتشار البطالة والفساد المالي والإداري في جميع دوار الدولة ، بسبب استحواذ أنصار الكتلة الشيعية بالدرجة الأولى والسيطرة على كل مرافق الحياة وبدون منازع .
وبعد سقوط النظام في 9 / 4 / 2003 وعودتي إلى بلدتي القوش بعد غيابي منها قرابة أكثر من نصف قرن .
بدأت تكريس قلمي المتواضع في متابعة الأحداث اليومية المهمة والمتفاعلة على ارض الواقع في كل شبر من الوطن العزيز ( العراق ) والردود الفعلية السلبية المنعكسة على جميع شرائح وطبقات    الشعب ، وما آل إليه الوضع الأمني المتردي حد الفوضى ، واستفحال البطالة والفساد المالي والإداري كما جاء سابقا . ولم يشهده بلد أخر وفي جميع مرافق الحياة وبتحدي سافر لكل الأعراف والقيم الأخلاقية والقوانين السائدة . وبتشجيع وحماية زعماء الأحزاب والكتل السياسية المتصارعة على كراسي الحكم إلى جانب الفئات القومية التي تدعي تبنيها المقاومة المسلحة لقوات الاحتلال زورا وبهتانا ومنها القاعدة.
وما لحق من الأذى الفادح بجميع مكونات الشعب العراقي ، وفي مقدمتهم الأقليات المذكورة والمغبونة حقوقها عبر التاريخ ومنها الكلدان – الأشوريين – السريان – الصابئة – واليزيدية والتركمان . وليس ذكر هذه الأسطر أكثر من مرة لغرض تأجيج الأحقاد بينها وبين غيرها ، لان الغبن حاليا طغى على كل مكون يسعى إلى الحياة الحرة والكريمة وفق لائحة حقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية التي تنص على ذلك .
واضطررت إلى تسخير قلمي البسيط أسبوعيا في الكتابة عن الوضع المتفاقم ونشره عبر عدة مواقع للانترنيت ومنها .
عينكاوا – تللسقبية – كتابات – القوش نت – حمورابي .
إلى جانب الكثير من المقالات السياسية الصادرة عبر الصحافة الوطنية داخل الوطن وخارجه ومنها بهرا ، طريق كردستان – طريق الشعب – صوت القوش – مجلة السراج وأور وبيرموس وحمورابي وغيرها وكان لا بد لي أن أوثق تلك المقالات وبعض القصائد التي تفاعلت مع الأحداث المؤلمة كمساهمة نابعة من شعوري الوطني تجاه ماسي شعبي خلال الثماني السنوات المنصرمة والتي وقعت   فيها جرائم بشعة بحق جميع مكونات المجتمع العراقي وليس لها شبيه غير أيام هتلر وموسليني في ألمانيا وايطاليا وجنرال فرانكو دكتاتور اسبانيا وسالزار في البرتغال وباتيستا في كوبا وغيرهم .
ولازلت أتابع الأحداث اليومية بصورة جدية وخاصة بعد انفجار ثورات الشباب في غالبة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنها ثورة شباب العراق المنطلقة في 25 / شباط وموقف الحكومة القائمة والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها بغية تطويقها في اصغر بقعة جغرافية وتفريقها وكان القيامة ستقوم في العراق من جرائها مما حدى بها إلى إنزال جميع صنوف القوات المسلحة بما فيها الدروع وترهيب المتظاهرين بالطيران الحربي فوق ساحة التحرير وبشكل واطئ بغية تحريك عاصفة ترابية خانقة للمشاركين في المظاهرة ، وهذا أول ابتكار حققته لا بل اخترعته حكومة المالكي في ضرب القوى المعارضة إلى جانب سقوط بعض الشهداء والجرحى واعتقال العديد منهم وتعذيبهم بشكل وحشي يتقاطع مع المفهوم الدستوري لحق التظاهر السلمي والمطالبة بتقديم الخدمات الأساسية للمجتمع والقضاء على الفوضى الأمنية والفساد المالي والإداري وغيرها .
وأخيرا لابد أن اذكر بأني قد ساهمت وبشكل خاص في تأسيس جمعية القوش الثقافية وذلك                في 26 / 5 /2003 وإصدار مجلة فصلية باسم ( السراج – شرِغِا ) وكنت أول صاحب الامتياز ورئيس تحرير لها ولمدة ثلاث سنوات ، ولا زالت مستمرة على الصدور إلى هذا اليوم .
والكتاب سيصدر لاحقا
 
                                                                                           المؤلف
                                                                                         يوسف زرا   
                                                                                      1 / 7 / 2011 

64
أديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق
أم وجهان لعملة مزورة

حينما صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 217د3 في 10/كانون الأول/1948 والخاص بحقوق الإنسان كوثيقة ولائحة تاريخية بثلاثين مادة لحمتها وسداها ان الانسان يولد حرا في كل زمان ومكان ويجب أن يعيش حرا محفوظ الكرامة ، والعيش أللائق به، دون التمييز في الجنس واللون والدين والعنصر واللغة والرأي السياسي والاجتماعي. ولايجوز استرقاقه او استعباده، ودون التمييز بين الرجال والنساء، ويجب الاعتراف بشخصيته القانونية وغيرها وغيرها.
وبعد اقل من عقدين من السنين صدر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من الجمعية العامة للامم المتحدة ايضا وتحت رقم ( 2200 )( الف ) في 16/ كانون الاول / 1966 والنافذ على ارض الوقع بتاريخ 23/ اذار / 1966 والذي احتوى على (53) مادة تشمل جميع استحقاق الحياة وحقوق الفرد والمجتمع الانساني فيها وبشكل واضح وصريح يخدم ويحمي مكونات جميع الشعوب الاجتماعية والسياسية والادارية والقومية والاثنية، ومن ضمنها حق تقرير المصير لاي مكون منها مهما كان أقلية أو أكثرية. بمعنى ان صدور هذين الاعلانين في زمنين متلاحقين وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945. كانت طفرة حضارية ورؤية انسانية لمرحلة جديدة من قيام التعايش السلمي بين الشعوب، وشجب كل ما هو مناف لاي مادة من مواد اللائحتين التاريخيتين المذكورتين اعلاه.
وبمعنى اخر ان المجتمع الانساني المتحضر وصل الى قمة الوعي والإدراك لاهمية تقييم الحقوق الاساسية لبني جنسه. وان الحكومات القائمة والمتعاقبة في كل دولة وفي اية بقعة جغرافية كانت. عليها ان تحترم ما جاء في الاعلانين المذكورين نصا وروحا. وبخلاف ذلك واي كان من النظم السياسية القائمة من الملكيات او الجمهوريات ووقعها حكامها فهم مسؤولون امام مؤسسات المجتمع الدولي ومنها هيئة الامم المتحدة والمحكمة الدولية وغيرها.
وذا كانت حكومتنا الحالية والتي انبثقت نتيجة عملية انتخابية ديمقراطية لمجلس الوطني ومجالس المحافظات، وتدعي شرعيتها الدستورية. فكان يجب عليها ان تحترم كلمة الديمقراطية والتي من خلالها وضع الشعب العراقي الثقة الكاملة لكل عضو من اعضاء المجلس المذكور. رغم ما تخلل  العملية الانتخابية من التزوير والاعلام المضلل في مصداقية الكثير من نتائجها كما اشيع ضمن حملة الانتخابات والتي جرت في 10/ 3/ 2010 باعتبارها ممارسة حية فريدة في تاريخ عراقنا الجديد.
الى أن ما شهدته الأحداث الأخيرة ومنذ 25 / شباط / 2011 وما لحقها من المظاهرات السلمية ، لهو تحقير وامتهان لأبسط مفاهيم الديمقراطية وحقوق الأنسان، بسبب الممارسات اللا قانونية واللا إنسانية في ضرب المظاهرات السلمية في قلب العاصمة بغداد وفي جميع مراكز المحافظات وقمعها من قبل رجال الامن المدججة بالسلاح وبشكل وحشي ولا اخلاقي وأعتقال انشط عناصرها من المثقفين والادباء والفنانين ومن عامة الشعب المسحوق . ومن غالبية وسائل الاعلام من نقل احداثها في ساحة التحرير . لا بل ملاحقة الكثير من مسؤوليها وأعتقالهم والاعتداء عليهم بشكل مخجل ولا أدبي خلافا لما جاء في الدستور العراقي من حق التظاهر السلمي والمطالبة في تقديم كافة الخدمات الاساسية للشعب ومحاسبة المقصرين والمفسدين والمزورين للشهادات .
واذا عدنا قرابة نصف قرن أو اكثر الى الوراء وفي زمن الطاغية الاول نوري سعيد . نعم سنرى انه كان هناك سجون ومعتقلات مشهورة بزنزاناتها تعج بخيرة قادة وابناء شعبنا من القوى السياسية التقدمية الديمقراطية والمعارضة للنظام الملكي الرجعي ، ومنها سجن الكوت وسجن بعقوبة وسجن نقرة السلمان وغيرها .
الا أن الشعب العراقي وفي جميع انتفاضاته التاريخية بدءا من عام 1948 مرورا بعام 1952 وصولا الى انتفاضة عام 1956 وحتى قيام ثورة 14/تموز/1958 كان ازلام النظام الملكي السابق يجهلون محاصرة الجماهير الغاضبة من ابناء الشعب العراقي بغلق الجسور والشوارع والطرق المؤدية الى الميادين الرئيسية في العاصمة وفي غالبية المدن في المحافظات بكتل كونكريتية وارتال من الاليات المدرعة . علما أن العراق لم يشهد قيام حكومة منتخبة بالمفهوم الحالي للديمقراطية . وكان الشعب يتحداها بكل قوة وأصرار ويسقطها في كل انتفاضة حتى تكلل نضاله المستميد في فجر 14/تموز الخالد وقيام النظام الجمهوري . ام النظام السابق . فكان قد تعلم من سابقه الملكي بأن لا يضيف سجن جديد الى السجون المشهورة لايام نوري سعيد غير سجن خلف السدة ومارس بدل ذلك سياسة الابادة الجماعية تجاه جميع مكونات المجتمع العراقي وفي مقدمتها القوى السياسية التقدمية والديمقراطية الوطنية بصورة عامة . ونال الشعب الكردي وفصائله المسلحة المجازر الوحشية الى جانب القتل الجماعي للأبرياء العزل . ولم يستثن من مكونات الشعب العراقي دون أن ينال التنكيل والاضطهاد الوحشي والتشريد القصري لخيرة ابنائه . وخير دليل على ذلك . ما خلفه النظام السابق من القبور الجماعية وفي كل مدينة وقرية والتي لم تتمكن اية جهة رسمية حكومية أو منظمة انسانية من احصائها وعدد ضحاياها . اي بدل السجون فوق الارض بالقبور تحتها .
فهل نسي زعماء كتلنا السياسية في البرلمان وقادة احزابهم الايام السود تلك وما ال اليه النظامان السابقان . الملكي والجمهوري الاول . فما بالكم تشوهون مفهومي اللائحتين التاريخيتين المذكورتين اعلاه . وتتبجحون امام المحفل الدولي بقيام نظام حكم ديمقراطي يحترم حرية الشعب وحقوقه وكرامته ويؤمن له العيش الكريم وحق التظاهر والاضراب وغيرها .
أهذه هي الديمقراطية وحقوق الانسان في مفهومكم في عراقنا الجديد وانتم على سدة الحكم . أم وجهان لعملة مزورة واحدة . يا سادة يا حكام . . . ؟



                                                                              يوسف زرا 
                                                                           26 / 3 /2011   
       

65
سلمية التظاهر والحشد البوليسي

 
منذ ولادة العقد الاجتماعي ، أي ولادة قيادة التجمع البشري ممثلة بفئة ذات نظرة واقعية مقبولة نسبيا لتحقيق نوع من العلاقات في التعامل اليومي بين افراد التجمع المذكور ، وضرورة صيانة وحماية وحدة التجمع اي بدء ولادة فئة ذات كفائة ومقدرة للم شمل الاصول الاجتماعية المشتتة والمتبنية اعراف وقيم منتشرة بينها وملزمة التمسك بها واحترامها . اي ظهور هيكلية اساسية لضمان حمايتها من النزاعات الداخلية والخارجية ، بمعنى ولادة الجهاز المكلف والمتفرغ لذلك .
ولا بد ان نقول وبشكل مقتضب ، ان مسيرة المجتمع الإنساني حتمت ظهور نظام ذات مركزية اجتماعية واقتصادية وفكرية صارمة ، ونمى هذا المجتمع وتوسع مع نمو الاستحقاق الزمني المتغير لطبيعة آليات المجتمع الضرورية له . اي ولادة النظام الاقطاعي على انقاض مجتمع المشاعية البدائية .
ولا بد ان نقول ان النظام الاقطاعي المذكور كان قد ظهر قبل الآفات السنين ولا زال قائما نسبيا في بعض المجتمعات الإنسانية وتحت إطار الدين او القومية وغيرها الى يومنا هذا .
الا أن مفهوم تبدل أو تغيير مجمل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والفكرية بين الناس كان ولا زال مرهونا بالتغيير الحاصل بأنقسام المجتمع الى شرائح وطبقات ، كل يدافع عن مكوناته واعرافه ومصالحه المادية . اي لا بد من الاهتمام بجهاز كفوء ومدرب ومخول بصلاحيات خاصة ليسهل عليه حماية الفئة القائدة للدولة بعد ظهور العقد الاجتماعي وتطوره ، بغية تامين افضل حالة امنية للفرد والمجتمع وحماية الممتلكات العامة والخاصة .
الى هنا نكتفي أن نشير الى نظرية سيكال الخاصة في بدء ظهور مجتمع الاقنان والعبيد والعقد الاجتماعي وأنقسام المجتمع الى طبقات واستمرارية تحولها من حالة اجتماعية وأقتصادية وفكرية الى حالة أخرى قد تتشابه نسبيا أو تتقاطع كليا  مع الماضي ولا بد من ذلك لانه حاجة كل شريحة وطبقة اجتماعية وفق فرضية ميزة العصر ، وكيف كانت ولا تزال الانظمة غير الديمقراطية تلجأ الى حماية نفسها وحكامها والى استخدام الالية البوليسية والقوات المسلحة لذلك . وما يؤدي الى حدوث نزاعات وحروب اهلية تمتد سنين وسنين وحسب قدرة القوى الجديدة رائدة التغيير وذات منهج جديد للعلاقات الاساسية المذكورة اعلاه . اي بمعنى تصبح الانظمة القديمة ذات القيادة الفردية ، انظمة دكتاتورية مغلقة على ذاتها ومتخلفة عن الركب الحضاري وتقدمه . اي تحاول اعاقة تقدم الزحف الاجتماعي وقوى التغيير للحالة الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها . الا ان الحكومات المتعاقبة في العراق بعد سقوط النظام السابق على يد القوات الاجنبية المحتلة له . رغم دعوتها بأقامة نظام ساسي واجتماعي ديمقراطي يحترم حقوق الشعب ويؤمن له احتياجاته المادية والمعنوية . وما ظهر في ساحات وميادين كل مدن وقصبات الوطن من الحشود الكبيرة ومن كل فئات وطبقات ومكونات المجتمع وخروجها في تظاهرات سلمية تنادي وتطالب بالحقوق الاساسية وشرعيتها القانونية وحسب ما تكفل بها الدستور الحالي للدولة رغم الثغرات الكثيرة الواردة فيه وبموجب الفترة الزمنية التي شرعت به . الا انه يعتبر من الدساتير المعاصرة نسبيا في المنطقة ويجب تقييمه واحترامه والالتزام به من قبل رجال الدولة والمجتمع ، لانه الفاصل والحاسم الايجابي بين الحاكم والمحكوم لتحقيق المطاليب الاساسية المشروعة للناس . والتي تتحسسها جميع الاطراف ولكن الجهات الرسمية المعنية وفي مقدمتها رئيس الوزراء والوزراء تغضوا النظر عنها وكأنها متعمدة بذلك وغايتها اذلال المجتمع وانتقاصا لكرامته وحقوقه الدستورية .
فكان الاجدر بدولة رئيس الوزراء بصورة خاصة أن يبادر قبل غيره للنزول الى الشارع منذ اللحظة الاولى للتظاهر السلمي يوم 25/ شباط بدلا من تكثيف الوجود العسكري وقوات الامن الخاصة وبغلق الجسور والشوارع الرئيسية والفرعية المؤدية الى ساحة التحرير والمنطقة الخضراء ومركز المحافظة وبناية مجلسها .
وأن يقبل بالامر الواقع والاستماع الى ما تصرخ به حناجر الالاف من الشباب والشيوخ والاطفال ، والى ما يعانونه من النقص الحاد في مقومات الحياة المادية الضرورية المعروفة والمشخصة مسبقا .
 أن المستوى الرفيع والخلق العالي التي تميزت بها الجموع المحتشدة في كل المدن العراقية قد فوتت الفرصة على العقلية القيادية العسكرية في التصدي لها في 4/3 رغم الاعتداء الذي كان قد وقع على المتظاهرين في بغداد وغالبية المحافظات في 25 / شباط وسقوط عدد من الشهداء والجرحى فيها والاعتقالات العشوائية لابرز عناصرها من الادباء والسياسيين وغيرهم . وهي حالة مرفوضة جملة وتفصيلا في النظم الديمقراطية . وهي من تصرفات الاحزاب والحركات السياسية الشمولية والمتطرفة . وقد عانى شعبنا الكثير من النظام السابق . ولا زالت اثاره قائمة في كل زاوية من زوايا الوطن . ولا بد من نبذه والدفاع عن النظام الديمقراطي وترسيخه وتطويره ليشمل كل مقومات الحياة العامة   .
 
يوسف زرا
7 / 3 / 2011


66
شرعية غضب الشباب في 25 / شباط والجذوة الثورية

إن شرعية الحياة بالعيش الكريم للإنسان عبر مسيرته التاريخية الطويلة ، الاجتماعية والاقتصادية بالدرجة الأساسية وما رافقها من المستحقات المفروزة من تفاعل العاملين المذكوراعلاه ، ومنها حرية التعبير والمعتقد لما يخدم حقوق الفرد بشكل قاطع وحقوق كل شريحة أو طبقة اجتماعية ، كل حسب عصرها وبيئتها ومقدار طموحاتها المادية والمعنوية عبر الوسائل المتاحة بغية تحقيق تغيير الوضع القائم وإزاحة سلبياته الطافحة من الموروث الزمني وما ترسب منها وأصبح عائقا أمام تقدم الحياة بصورة عامة وغير قابل للتغيير أو التجدد جزئيا أو كليا ، وما يمكن استخدامه من الآليات والصيغ ذات الشرعية القانونية السائدة والمكتسبة لأكثر من جيل ولمصلحة فئة اجتماعية فوقية سواء كانت ذات صفة طبقية إقطاعية أو برجوازية وطنية أو دينية وقومية معتدلة ، ومنها متطرفة وأقامت نظاما بوليسيا وحكما دكتاتوريا فرديا . أو لفئة يسارية يمثل مصالح الطبقات والفئات المسحوقة للبني التحتية العريضة في المجتمع من العمال والفلاحين وصغار الكسبة والارتال العاطلة من الشباب والخريجين ويصعب عليهم كسب لقمة العيش البسيطة ، إلى جانب الكتل الأخرى من المثقفين والأدباء والفنانين ورجال العلم والمعرفة وغيرهم .
كل هذه الأصناف البشرية والتي تعيش ضمن حدود ارض معينة، ماهي إلا مجموعة مكونات اجتماعية متفاعلة مع بعضها وفق ضوابط وقوانين أساسية، ومنها على سبيل المثال نزعة البقاء بمفهومها البيولوجي والاجتماعي والاقتصادي والفكري والتي تقود الإنسان وجميع الكائنات الحية إلى حصيلة حياتية فردية وجماعية أفضل من سابقها نوعا وكما، وهي شرعية أزلية وضرورية لاسطفاف الأفضل وفي كل زمان ومكان. إلى جانب قانون توازن الأحياء في الطبيعة وهو رديف القانون الأول ومتمم له. وان كلاهما ظهرا مع المكون الفطري للحياة ولابد أن يتطور ( أي ظهور الجديد وبصفات وخصائص جديدة أيضا ) وان المجتمع الإنساني وصل في تحقيق الأفضل لحياته وعبر استخدامه آليات وسبل غير مألوفة لما سبق من الأجيال البشرية. ولابد من المقارنة بين مفهوم نزعة البقاء بمفهومها الفطري وبين الجذوة الثورية التي تخلق الثورات لتحقيق التغيير الجذري في البني التحتية للمجتمع كقوى فاعلة ومتفاعلة في قيادة كتل بشرية لمختلف الأعمار والأجناس ومن مكونات اجتماعية واثنيه ودينية وقومية وسياسية وغيرها وتصهر في بودقة التغيير (التفاعل الجماعي) بغية الحصول إلى كم ونوع جديد من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية تتناسب ميزة العصر واستحقاقه الزمني لمسيرة طويلة وشاقة والتي لا تخضع لتوقف أو الركون. لان الحياة ليست إلا كسيل الماء المتدفق من الينابيع والعيون والتي لابد من تلاحمها لتكون جداول وانهرا تصب جميعها في المحيط. وان أية كتل أو مجتمعات بشرية تحمل في ثنايا خلاياها الحية بذرة الثورة أي أداة التغيير. وان الجذوة الجامحة لهذه البذرة لايمكن كبحها وصدها وإبطال تفاعلها. لأنها تمثل قوة الدفع للتغيير الضروري وكل حسب حاجته الإجمالية. أي ضمن وحدة التجمع وليس فرادا. وهذه العملية بحد ذاتها هي ظاهرة التمرد على الواقع غير الصالح والذي أصبح خارج مفهوم البقاء للأفضل لنزعة البقاء .
ولابد أن نأتي إلى ما نحن بصدده من الأنظمة القائمة بؤطرها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية وغيرها. ولا ترغب أن تعي مفهوم ضرورة التغيير وأهمية نبذ القديم والبالي منه والإتيان بالجديد. أي تغيير الشرعية المستبدة والمتحكمة بأمرها. والتي تضطر إلى تقديم الكثير من الوعود الفارغة وتراوغ وتماطل في الدفاع عن وجودها وتلجأ إلى استخدام الأجهزة والوسائل البوليسية القمعية القديمة بغية احتكار السلطة وحماية نفسها ومصالحها الأنانية.
وإذا كان الشعب العراقي قد عانى من النظام السابق الظلم والقهر والحرمان ولعدة عقود فان صبره لم يقبل بان يمتد الظلم والاستبداد بالسلطة إلى سنين وسنين. وان تسلب إرادته وتنتهك حقوقه الأساسية في الحياة، وتعيق تقدمه للالتحاق بالركب الحضاري والمدني لباقي الشعوب، وهذا حق شرعي وطبيعي لهذا المجتمع ولجميع مكوناته الاجتماعية التاريخية وضمن قوانين ودستور معاصر يحقق فيه الديمقراطية والتعددية والحياة الحرة الكريمة.
فجاءت السلطة الحالية وبعد مضي ثمانية أشهر من الانتخابات الأخيرة والثالثة خلال ألثمان سنوات من بعد سقوط النظام السابق ومجيء الاحتلال الأجنبي. حكومات متعاقبة قضتها في المراوغة فيما بينها بغية الاستيلاء على سدت الحكم والمماطلة والتسويف وسياسة الضحك على الذقون بتحقيق كذا وكذا مما أدى إلى فقدان الأمن والفوضة الاقتصادية وزيادة الفقر وهجرة مئات الآلاف من العوائل خارج الوطن  وداخله وخاصة من الأقليات الاتنية والدينية الكلدو أشوريين سريان ، صابئة ، يزيدية وغيرهم. إلى جانب استفحال الفساد المالي والإداري والمحسوبية في توزيع المناصب الوظيفية الخاصة وذات النفع المادي للأقلية الحاكمة.
فكان غضب شباب العراق الذي انفجر صبيحة يوم الجمعة المصادف 25/2 وفي كل المحافظات بدءا في العاصمة بغداد وخرجت الجموع الفقيرة لتعبر عن الواقع المأساوي والحالة المزرية التي يعيشها كل فصائل وشرائح المجتمع، وظهور فئة نفعية صغيرة من كبار أصحاب المليارات من الدولارات على حساب ملائيين العاطلين والمشردين من العوائل والشباب. وكانت انطلاقتهم في ساحة التحرير وباقي مدن العراق تنم عن مدى وعيهم واحترامهم للقانون وهم لا يحملون سوى لافتات وقطع من الكارتونات مثبته بها مطالبهم المشروعة وإصلاح النظام الفاسد والقضاء على أوكار الإرهاب والجريمة المنظمة واستدباب الأمن وتوفير العمل من الجيش من الشباب العاطل وغالبيتهم من حملة الشهادات الدراسية المتقدمة. إلى جانب احترام حرية الرأي والكلمة الحرة والأقلام المخلصة للوطن وتحرير المرأة من القيود المجحفة ذات الصفة القبلية الرجعية وغيرها.
وسارعت جموعهم في مواكب مسالمة لا تحمل إلا ما صرخت به حناجرهم لتصل أصواتهم إلى كل المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس الوزراء ورئيس البرلمان وغيرهم، والتظاهر السلمي قمة الوعي  الحضاري الاجتماعي التي تميزت به جموع الشباب والشعب العراقي فكانت الهجمة الشرسة والتنكيل بالجموع المتظاهرة وسقوط العديد منهم بين شهيد وجريح وأخر إحصائيات في جميع أنحاء العراق سقوط بحدود (20) شهيدا وأكثر من (200) جريح من الناس العزل. علما إن الدستور العراقي نص على حق التظاهر السلمي وتقديم الشكاوي. اهكذا يجاز الشعب العراقي الواعي المطالب بالحقوق الأساسية للحياة وتضرب تجمعاته في ساحة التحرير وفي غالبية مدن المحافظات بالرصاص. إلى جانب الاعتقالات التي طالت الكثير من المتظاهرين ورجال الإعلام.
ألا يجب على الحكومة الحالية أن تراجع نفسها وتصرفاتها وتشرع بإصلاح الأمر وضرب بيد من الحديد على كل من أمر بضرب هذه الجموع المتظاهرة سلميا وإحالتهم إلى العدالة. والإسراع بتلبية المطاليب المشروعة
أيها السادة الم تصل إلى أذانهم ما صرخ به الكثير من الشيوخ والنساء المسنات بان ( وصل السيل الزبى ) فكيف تريدون أن يسكن هذا الشعب على ما هو عليه وانتم تعيشون في فلل وقصور بعيدين عن الحالة المأساوية الاقتصادية والأمنية له.
حذار حذار من التمادي في اضطهاد شعبكم فانظروا إلى ما حولكم والقريب منكم وما جرى لحكامهم رغم جسامة التضحيات التي قدمتها شعوبها وعلى يد أداة القمع البوليسية لهم ضنا منهم أنها تحميهم من السقوط....... ولكن !!!
 
                                                                               يوسف زرا
                                                                             27/2/2011
 
 



67
الاستبداد بالحكم والمصير المجهول للمستبد

مضت اكثر من سبع سنوات , والشعب العراقي يعيش في دوامة ومخاضات عبر انفاق مظلمة , وهي حصيلة طبيعية لصراعات على كراسي السلطة بين فئاته الفوقية . غير آبهة بما آل اليه وضع البني التحتية المسحوقة والتي تفتقر الى ابسط مقومات الحياة اليومية الخدمية والتي لا يمكن لأية عائلة الاستغناء عنها ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب والطرق الغير مبلطة والرديئة للمواصلات الداخلية والخدمات الصحية والبطاقة التموينية والرعاية الاجتماعية لملايين الأرامل والعجز , واستفحال البطالة والتشرد الجماعي لنسبة كبيرة من الشباب لخريجي الجامعات والمعاهد الفنية والمهنية , الى جانب نزيف الدم المتمثل بالهجرة الجماعية ومن كل مكونات المجتمع العراقي الى دول الجيران والمصير المجهول . علاوة على ظاهرة التسول في كثير من المدن الكبيرة وفي مقدمتها العاصمة بغداد والتي بينت اخر احصائية تقديرية لهم بأكثر من مئة الف متسول من الاطفال وبمختلف الاعمار ومن كلا الجنسين وغالبيتهم لا معين لهم ولا مأوى .
   وتجلت الصورة البشعة للصراع الدائر طيلة هذه السنين وخاصة بعد الانتخابات الاخيرة لاعضاء المجلس الوطني ومجالس المحافظات والذي مضى عليه اكثر من سبعة اشهر ولازال هيكل الحكومة ناقصاً من اهم وزاراته كالدفاع والداخلية والتجارة والمخابرات وغيرها . وملتهية باستحداث وزارات غير فاعلة لا بل وهمية، وأحتارت الكتل المتنافسة على كيفية تقاسمها بينها وبآية اسماء وعناوين كانت. أي الغاية منها توظيف عدد من الرجال وملء جيوبهم برواتب خيالية لم يحصل عليها بصفة رسمية أي مسؤول لأية دولة في العالم من الملوك ورؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزارات وهلما جرى وما يتبع من المئات لا بل الاف الاشخاص برواتب فوق العقلانية وبأسماء نواب في البرلمان ومدراء عامين وغيرهم.
ولحد هذا اليوم لم يلتفت أحد من هؤلاء المسئولين وذوي النفوذ السياسي والاجتماعي والديني الى مايفرزه صراعهم على السلطة وتحت يافطة مشوهة ومبطنة.تارة بتسميات دينية او مذهبية وضرورة طغتيتها بصخب اعلامي لتبرير تاثيرها على السامع البسيط من عامة الناس وبغية تأجيج الخلاف وتصعيد التناحر الى حد نشوب حرب اهلية طاحنة بينها في حالات كثيرة. وما رافقها في كل يوم وساعة من القتل الجماعي بواسطة المفخخات والعبوات الناسفة, وسقوط الاف الضحايا بين قتيل وجريح من الابرياء ومن كل مكونات الشعب العراقي وبنسب متفاوتة.الى جانب الاغتيالات بالمسدسات الكاتمة لكثير من العناصر السياسية الوطنية وكوادر علمية وتربوية وعسكرية لاتحصى ولاتعد وفي وضح النهار. وتارة اخرى تنهال الهجمة الشرسة على غالبية الاقليات الاجتماعية والاتنية والدينية ومنها بالذات ( كلدان ، اشوريين ، سريان ) وغيرهم دون ان تكون لهذه الاقليات ضلعاً في الصراع الدائر بين الكتل الكبيرة المتنافسة على مقاعد الدولة قاطبة.
وهذا مما ادى الى اشاعة الفوضى والانفلات الامني في ارجاء الوطن كافة وبدون استثناء،واستفحال إنعدام الثقة بكل مسؤول وفي اي مستوى وعنوان رسمي يكون،بدءاً برئيس الدولة ونوابه مرورا برئيس الوزراء ووزرائه ورئيس البرلمان واعضائه. هذه النخبة المحترمة والمنتخبة من قبل ابناء الشعب بهذه الصورة او تلك. الى جانب قادة الكتل السياسية الموقرة وهم في حلبة الصراع وضمن المسؤولية الادبية والاخلاقية امام المجتمع. وكآن الآمر اصبح مستعصيآ على الجميع. وآصبحت شريعة الغالب هي السائدة والمتحكمة في امور الناس وبدون رادع قانوني لها في حين ترى ان الكل وحسب موقعه الرسمي في حالة شبه تنصل مما يجري على ارض الواقع. ويضع اللوم على الغائب المجهول والمسمى بالارهاب والجريمة المنظمة، وكآن الانسان العراقي اصبح بلا قيمة ولاحول له ولاقوة، وحتى عاجزآ بالدفاع عن نفسه، وفقد وعيه كما يتصورون.
ولكن الايام الاخيرة خير دليل وشاهد ان الشعب العراقي  واع رغم ان صبره كاد ينفذ، ونزلت جموع وبصورة ارادية ومنتضمة وفي الكثير من مدن العراق وبشكل مسيرات احتجاجية سلمية تطالب بما ينقصها من الخدمات المادية الاساسية الحياتية وحماية امنها. وهذا حق مشروع يقره الدستور العراقي في التظاهر السلمي والتعبير عن طموحاتهم في تحقيق نظام حكم ديمقراطي تعددي سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي . دون ان تملي عليهم بعض الفئات والعناصر المتطرفة دينيا اوامرها الحاقدة على الانفتاح الفكري وحرية الكتابة وتنظيم الحياة ضمن اتحادات وجمعيات مهنية وثقافية وفنية وغيرها.
ولابد ان نقول ونؤكد ان المسيرات والمضاهرات السلمية التي اجتاحت مدن العراق خلال الاسبوعين الاخيرين ولازالت مستمرة. لم تاتي بصورة عفوية او لا ارادية وبدون اهداف ومطالب حيوية ومشروعة كما قلنا مسبقا.
 
بل جاءت تعبيراً صادقاً عن الواقع المأساوي الذي تعيشه غالبية شرائح وطبقات المجتمع من جراء الفقر المدقع وظاهرة كبت الحريات كما جاء اعلاه ومن جانب اخر جاءت تضامناً مع المواقف البطولية التي خاضتها شعوب كل من تونس ومصر بصورة خاصة وامتدى لهيبها الى كل من المغرب والجزائر والاردن واليمن والعراق. والنتائج المذهلة التي حققتها الاحزب السياسية وشباب مصر وتونس في قلب الاوضاع السائدة على رأس حكامها وأجبروهم على الهروب او التنحي. فما اشبه اليوم بالبارحة ايام العدوان الثلاثي على شعب مصر عام 1956 من قبل بريطانيا وفرنسا واسرائيل إثر تأميم عبد الناصر قناة السويس والتضامن الكبير الذي قام به الشعب العراقي وقواه الوطنية التقدمية تضامناً مع الشعب المصري وسقطت حكومة العراق بعد المظاهرات الصاخبة التي اجتاحت العاصمة وغالبية مدن الوطن وختاماً نقول . ان حركة المجتمع الانساني في كل مكان وزمان لا يمكن ان تتوقف ولكل من يتصدى لها لا بد ان ينتهي الى التنحي والمصير المجهول.
 
 
يوسف زرا
12-2-2011


68
دور المثقف في دعم وتحقيق الحقوق المشروعة
ل ( كلدان – اشوريين – سريان )

قبل الدخول في صلب الموضوع في دعم وتحقيق الحقوق المذكورة أعلاه فلابد أن أشير إلى بعض الدراسات التي تخص الأقليات المتواجدة في غالبية المجتمعات البشرية، والدارة في الكثير من الموسوعات السياسية والاجتماعية العالمية المعترف بها، إلى جانب دساتير عراقية قديمة وقوانين وعهود دولية، واسردها بشكل مقتضب. ومنها .
1-   الموسوعة البريطانية (Encyclopaedia Britanicia) والتي تقول: إن الأقليات هي جماعات من الأفراد يتميزون عرقيا أو دينيا أو قدميا عن بقية الأفراد في المجتمع الذي يعيشون فيه.
وهذا المنطوق ينطبق على غالبية الأقليات الموجودة في العراق ومن عمق التاريخ ومنها شعبنا بالذات كلدان اشوريين سريان وغيرهم.
2-   الموسوعة الفرنسية لاروس (larrosse). والتي تقول بان الأقليات هي تلك الجماعة التي تكون اقل هيمنة من الأغلبية العددية بحيث لايكون لها إلا القليل من الأصوات.
 بمعنى إن أي مشروع أو قضية تخص أية أقلية في حالة طرحها للمناقشة والمصادقة، وفي أية مؤسسة رسمية كانت، كالبرلمان ومجالس البلديات على نطاق المحافظة والقضاء والناحية. ويفشل تحقيقه ما لم يتم تصويت الأكثرية عليه بغياب النزاهة والشفافية.
3-   عصبة الأمم: والتي قامت في عام 1919 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى والتي ورد في ميثاقها (13) اتفاقية تخص حماية الأقليات من الغبن اللاحق بها من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها .....
وهذا ما ينطبق على حالة جميع الأقليات العراقية منذ عقود وعقود ومنها ما هو مشخص في      دستورنا الحالي وبدون أي تطبيق حي يذكر. سوى ما يمثلها في البرلمان الجديد وبعض مجالس البلديات في بعض المحافظات وعن ما يسمى (بالكوتة) فقط.
4-   الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10/ ك1/ 1948 على اثر انتهاء الحرب العالمية الاولى والذي يعترف بالحقوق المدنية والسياسية وفق المواد من (3) إلى (21). وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمساواة بين أفراد القوميات ضمن الدولة الواحدة وفق المواد من (22) إلى (27). وقد وقعت عليه غالبية دول العالم. إلا أن مدى الالتزام به لازال ضعيفا .
5-   دستور الدولة العراقية الصادر عام 1925 بعد قيام الحكم الوطني الملكي عام 1921. وهو أول دستور للدولة العراقية وأقدمها. والذي جاء في المادة (17) منه وكما يلي: (يكون انتخاب النواب بقانون تعين فيه كيفية ترشيح النواب والتصويت السري في انتخابهم. ووجوب تمثيل الأقليات المسيحية والموسوية فيه. ويعتبر أول اعتراف أو وثيقة قانونية في تاريخ العراق الحديث بخصوص الأقليات وان جاءت بتسمية دينية وحسب الظروف الموضوعية انئذن.
6-   دستور الجمهورية العراقية لعام 1977. المادة (15) منه والتي تقول.
يتكون الشعب العراقي من قوميتين رئيسيتين هما ، القومية العربية والقومية الكردية. ويقرٌ بالحقوق القومية للشعب الكردي والحقوق المشروعة للأقليات كافة ضمن الدولة العرقية. وكان ذلك أول اعتراف رسمي وضمني صريح بحقوق الأقليات دون التمييز بينها وبين القوميتين الكبيرتين وان لم يحددها اسميا. وجاء ذلك بسبب الضغط الشعبي الكبير على الحكومة العراقية وصدور في 11/ حزيران / 1970 قانون الحكم الذاتي للشعب الكردي ولابد بعد هذا التوثيق لفقرات مهمة تقرٌ وتعترف بوجود أقليات في غالبية دول العالم مهمشة أو مهملة حقوقها الأساسية ووجوب مساواتها بما تتمتع بها الأكثرية الاجتماعية والسياسية والدينية.
ولابد أن نسأل : ماذا يترتب على قلم المثقف السرياني في تأييد ودعم الحقوق المشروعة لبني عمومته ولم هو مطروح حاليا على الساحة السياسية لقيام نوع من الحكم الذاتي له وعلى ارض محددة تاريخيا كجزء حضاري يعيش فيه. وهو سهل نينوى دون أن يلحق أي غبن بأي مكون أخر من مكونات الأقليات الأخرى المتواجدة على ارض الواقع وكشريكة معه. وهذا ما أجمعت عليه جميع الكتل والفصائل السياسية العاملة باسم ( كلدان – اشوريين – سريان ) واضطرت إلى توحيد الخطاب السياسي لهم بغية ودعم تحقيق المشروع بدون تأخير أو مماطلة.
وفي رأي الشخصي بان المثقف بصورة عامة، هو الإنسان الذي يتحسس واقع مجتمعه وبكل مكوناته أي (مجموعة أقوام واتنيات متعايشة ضمن جغرافية منطقة معينة)، وهذا الإنسان (المثقف) يتفاعل معها ( المكونات بصورة عامة ). ومع مكون قومه الذي ينتمي إليه بصورة خاصة. وسبب ذلك. لأنه المعبر المباشر عن جميع استحقاقاته من المفردات الحياة اليومية المادية والمعنوية وبشكل صريح وواضح. وكذلك عن ما على شعبه من الواجبات وبالتساوي ضمن القوانين السائدة للأكثرية ( المكونات الكبيرة ). وما له من الحقوق الكاملة قياسا بتلك المكونات المذكورة. وما هو دورها ( كأقلية ) في جميع مؤسسات الدولة ومساهمتها في الواجبات الأساسية ( الدفاع عن الوطن وبنائه وتقدم شعبه وخدمته ).
فالكل يتحمل المسؤولية وما يترتب من تقديم التضحيات المادية والمعنوية وبدون حساب (أقلية أو أكثرية ). وفي هذه الحالة يجب أن يكون هناك دستور يؤكد تطبيق ذلك على ارض الواقع. أي مساواة الجميع في الحقوق الأساسية في إدارة كل شريحة منها ذاتها، وتحت ايطار الدولة متعددة الأقوام. وخير دليل كنموذج لذلك. دولة سويسرا الصغيرة قياسا بالدول الأوربية المحيطة بها وبتعدد مكوناتها الاتنية والقومية كدولة اتحادية أيضا.
أو ضمن مكونات متعددة بإدارة لامركزية نوعا ما. أو إدارة ذاتية يقررها ويحميها الدستور المركزي الدائم ولرفع الغبن التاريخي عنها وحمايتها من العنف والجريمة المنضمة الموجهة إليها مباشرة وأين ما وجد أبنائها في جنوب الوطن ووسطه وخاصة في بغداد والموصل وغيرها.
وأخيرا أقول على المثقف السرياني أن يكون المبادر والسباق لغيره في دعم وتأييد تحقيق المشروع المطروح لبني قومه لأنه ابسط استحقاق له أسوة بغيره، وذلك عبر قلمه المتواضع وبكل مصداقية وأمانة وشفافية.


                                                                     يوسف زرا
                                                                   7/ 1 / 2011       
     

69
أيبقى مخاض الجياع لقمة خبز مضرجة بدماء حمراء . . . . وإلا . . . ؟


لا زال بعض قادة الدول التي تغريهم هيبة الكراسي المطعمة بالأحجار الكريمة وذات المقاعد الواسعة والوثيرة، والمصابين بالسادية وداء العظمة ينفردون بالسلطة المطلقة ويحكمون شعوبهم بالحديد والنار، وهم قابعون تحت قباب لقصور فخمة شيدتها سواعد أجيال من العمال المأجورين والمهنيين. نعم لا زال هؤلاء الحكام لا يفقهون من حركة المجتمع الانساني وفرضية قوانينه المتفاعلة مع الاحداث اليومية وفق منطوق المادية التاريخية المسيرة لاموره الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وذات صفة ديناميكية ومتجددة.
لا بل وبكل عنجهية هؤلاء القادة الغلاة، يطوون سجل التاريخ، وكأنه وسادة تارة يفرشونها تحت اقدامهم ويمشون عليها متبخترين غير مبالين بمأسي شعوبهم وحرمانهم من ابسط حقوقهم وحريتهم في الحياة الكريمة. وتارة تهمل فوق الرفوف عمدا فها هو التاريخ يروي لنا النتائج الوخيمة لفواجع الفقر المدقع لكثير من شعوب الارض. ولا لهيجانها حينما خوت بطونهم حتى من فتات خبز يابس وبدون ملح. وما ثورة العبيد في شمال ايطاليا في اوائل القرن الاخير قبل الميلاد، وبقيادت بطلها الاسطورة سبارتاكوس. ورغم انتهائها المؤلم وبدون تحقيق أي هدف لها واعدام قائدها والكثير من رفاقه عام 72ق.م . على يد قادة الامبراطورية الرومانية القساة. ولكن بموت سبارتاكوس ورفاقه. فأن التاريخ سجل الحدث كمعجزة لالئك العبيد وقادتهم. ووصمة عار في جبين الامبراطورية المذكورة وقياصرتها الطغاة. رغم مرور قرون عديدة على ركود المجتمع البشري . . . . . ولكن
لن ولم تخمد حركة وثورة الشعوب المغلوبة والمقهورة ظلما وعدوانا. فقد قامت للقرامطة وفي العهد العباسي ( القرن الثامن ) ثورة جبارة وذات اتجاهات سياسية ودينية، عصفت بالمجتمع الاسلامي ايام الخليفة المعتضد. وكان اندلاعها في العراق ومن مدينتي كوفة والبصرة واتسعت الى غالبية الدولة العباسية واشهر قادتها – حمدان بن الاشعث – الملقب بقرمط. ورافقتها ثورة مماثلة في اهدافها في تحرير العبيد من الظلم والبؤس، ومن قساوة الحالة المعاشية والاحتقان الفكري، وهي ثورة ( الزنج ) بقيادة علي بن محمد وشملت جنوب العراق والكويت. ودامت قرابة العقد ونصف العقد من السنين. وعدت هذه الثورة، كحركة اجتماعية ذات جذور فكرية واقتصادية وتحررية بعبيدة التطبيق ومقربة الى مفهوم الاشتراكية في انتزاع ملكية الأسياد وتوزيعها على العبيد،وتعتبر هذه الثورة في نظري بمثابة سبق زمني         
لتحقيق العدالة الاجتماعية في المنطقة. لافتقارها الى مفهوم العدالة الاجتماعية نظريا وعلميا. ولابد ان نعرج الى الثورات المعاصرة لحركة المجتمع البشري والتي قلبت وجه التاريخ لما كان سائدا، وجاءت بمفاهيم اقتصادية واجتماعية وفكرية جديدة وجذرية. ومنها ثورة الشعب الباريسي في 14/تموز/1789 حين هاجمت جموع الكتل البشرية الجائعة قصر قرساي وطوقت سجن باستيل الرهيب وحطمت ابوابه واسقطت اخر ملوك فرنسا – لويس السادس عشر – وزوجته ماري انطوانيت وارسلتهم الى المقصلة.
ويمكن اعتبار هذه الثورة بمفاهيمها الجذرية امتدادا لثورة الزنج التي ورد ذكرها سابقا. الا انها ايضا الت الى الانهيار لتصارع قادتها على السلطة فيما بينهم ولفقرها ايضا الى نظرية ثورية وقيادة موحدة تعمل بموجبها وسميت الى هذا اليوم بـ(كومونة باريس)  ( اي مشاعية باريس )
لم يركن التيار الثوري التجددي للمجتمع الانساني رغم مضي اكثر من قرن وربع القــرن على ( كومونة باريس ). فكانت ثورة العمال الروس التـي انفجــرت في 7 / اكتوبر عام 1917 كصفحة جديدة في تاريخ التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والفكري وعلى نطاق البشرية بصورة عامة والمجتمع الروسي والاوربي بصورة خاصة. ولاول مرة بداء الانسان الروسي مرحلة بناء الاشتراكية وفق نظرية اقتصادية وسياسية وفكرية علمية ناضجة، وتلتها الثورة الصينية التي بدأت اثر وفاة القائد الصيني الديمقراطي صن يات صن في عام 1909. وانحراف خلفه شان كاي شيك عن الخط المرسوم من قبل القائد المذكور. فلاحت بوادر قيام ثورة جبارة في الصين منذ عام 1927، وبرغم الاخفاقات والنكسات الكثيرة التي اصابتها عبر مسيرتها الطويلة والشاقة والمسيرة الكبرى لجيش التحرير الصيني. حتى انتصرت الثورة عام 1949 وانهزم شان كاي شيك الى جزيرة فرموزة. وقامت جمهورية الصين الشعبية وترسخت دعائمها المادية والفكرية وتطور مجتمعها تطورا اقتصاديا وفق اسس علمية حديثة ويشهد المجتمع الدولي على ذلك .
فليس من السهل ترك الشعوب تئن من الجوع ولا مكبلة حريتها وافكارها كما هو قائم في غالبية دول العالم الثالث بصورة عامة ودول الشرق الأوسطية والعربية في مقدمتها بصورة خاصة. تحكمها قيادات بعيدة كل البعد عن فهم ميزة العصر واهمية احترام قيمة الانسان وحقوقه المشروعة في العيش الكريم وبأختيار نظام حكمه بكل نزاهة وحرية ومصداقية. حقا انها قيادات غالبيتها جمهورية بالتسمية ووراثية بالواقع         ( كملوك بلا تيجان ) تعاقبت على دسة الحكم سنين وعقود واستبدت به دون ان تعي ضرورة قيام انظمة دستورية تكون قياداتها منتخبة بشكل ديمقراطي ونزيه وشفاف. والا لما الت الحالة المأساوية التي تعيشها شعوبها ومن الواقع المزري والفقر المدقع لغالبية البنية التحتية لها بسبب البطالة المستشرية فيها. الى جانب حكر السلطة وتفشي الرشوة والفساد الاداري والمالي والمحسوبية في غالبة دوائر الدولة. والشعب العراقي لا زال يئن من هول الفوضى الاقتصادية والامنية منذ اربعة عقود واكثر بسبب الحكم الدكتاتوري السابق والمحتل الاجنبي والى اليوم .
ومخاض الجياع لا يمكن وفي اي بقعة من الارض كانت فأن بؤرة ثورة عارمة اذا انفجرت فلا حدود لها، وليس ما حدث في تونس بالذات من الانتفاضة السلمية لشعبها والتي بدأت في العاصمة وامتد نارها الى سائر المدن والبلدات. وحاول الحكام اخمادها بالحديد والنار الا ان لهبها حاصرهم في قصورهم حتى فر رئيس الجمهورية وحاشيته وسقطت حكومته. الا ان مجرى الاحداث يبدو ان هناك محاولة الالتفاف على هذه الثورة التي روت دماء شعبها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى ارض تونس الخضراء. وذلك بأبقاء غالبية اعضاء الحكومة السابقة وبخطوة دستورية مشبوهة ومشوهة بغية ان لا تأتي حكومة شعبية من صلب الثوار وتحيل جميع رموز العهد السابق الى القضاء العادل، وبناء عهد جديد تسوده الديمقراطية الحقه.
وها هي الثورة التونسية لم تتوقف حتى امتد سعيرها الى جيرانها من دول المنطقة كالجزائر وموريتانيا، وقد تتوسع رقعتها ما دام الغبن والحكم الدكتاتوري الظالم يحكم الكثير من شعوب افريقيا ودول الشرق الاوسط والعربية منها بالذات .
فهي بالحق ثورة البؤساء والمحرومين من حتى لقمة العيش البسيط انها بمثابة صرخة مدوية بوجه كل طاغ ومستبد ومزيف لارادة الشعب . . . .
الا يتعظ المعنيون حتى يفيض تحت اقدامهم غضب شعوبهم المقهورة، ويوقفون هدر دماء ابنائهم ومن اي مكونات بشرية كانت  ؟
فلن يبقى مخاض جياع لقمة خبز مضرجة بدماء حمراء . . . . والا .

                                                                     يوسف زرا
                                                                 20 / 1 / 2011
    

71
ما أشبه اليوم بالبارحة يا أعداء الديمقراطية ؟

ليس بالجديد في التاريخ أن ترفع قوى الظلام والرجعية شعار معادات ومحاربة القوى الديمقراطية العراقية, السياسية والثقافية والاجتماعية .
فالكثير منا شاهد عيان على ذلك, ومنذ قرابة نصف قرن مضى. حين شعرت التيارات القومية المتطرفة بتضييق الخناق عليها بعد قيام ثورة 14/تموز/1958 التقدمية, بدأت قياداتها الرجعية تتخبط في تحركاتها واتصالاتها المريبة بغية التأمر على الثورة الفتية منذ أيامها الأولى, وراحت تحيك الفتن وتخلق الاضطرابات بغية إرباك مسيرة الثورة وتحريف مسارها التقدمي وترعب الأحزاب السياسية التقدمية المتمثلة بالمنهج اليساري للطبقة العمالية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي والطبقة البرجوازية الوطنية وحزبها الوطني الديمقراطي ورمزها السياسي كامل الجادرجي. وحزب الاستقلال والحزب الجمهوري وغيرها. ومنذ أن فشلت جميع محاولات عبد السلام عارف وأعوانه في حزب قيادة الثورة ممثلة بشخصية الزعيم الركن عبد الكريم قاسم. بدأت وسائل الإعلام الرجعية والعميلة للمخابرات الأجنبية في أوائل عام 1962 تتوحد تحت يافطة القومية العربية, وتوعد وتهدد كل القوى الوطنية التقدمية, وبرزت صحفها الصفراء تتولى المهمة ومنها جريدة الفجر الجديد وجريدة بغداد وغيرها. تساندها أبواق إذاعة صوت العرب المصرية. وإذا كانت الحركات السياسية القومية المتطرفة ممثلة بحزب البعث والاتحاد القومي, قد رفعت شعار إسقاط الجمهورية العراقية الأولى وقيادتها التقدمية. فكان الدعم المادي والمعنوي كالسيل الجارف يأتيهم من دول الجيران, ولا حاجة لذكرها لأنها معلومة بأدوارها التآمرية وحتى هذه الأيام, وما استجد من غيرهم ولضرب القوى الديمقراطية العراقية بالذات حاليا.
فكان الانقلاب الدموي الأسود في 7/شباط/ 1963 على يد تلك القوى الرجعية المذكورة وما آل بالعراق من الخراب الاقتصادي والفوضى الأمنية فما أشبه اليوم بالبارحة, وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في 9/4/2003 على يد قوى الاحتلال الأجنبي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
فكانت فترة هدوء نسبي للأشهر الأولى من بعد الاحتلال, حتى ظهرت على ارض الواقع فيض من الحركات السياسية وبتيارات فكرية بدون هوية أو منهج اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي ذات ملامح تقدمية تعي الديمقراطية وتحترمها. لابل ظلت ومن داخل مؤسسات دينية ومذهبية وذات نفوذ واسع على ارض الواقع تطلق بين حين وأخر شعارات محاربة الفكر والإلحاد والمقصود به كل مثقف وذي وعي سياسي واجتماعي يساري طبقي, ووطني معتدل. أي محاربة القوى والشخصيات الديمقراطية بدون استثناء, وذات الجذور التاريخية والمكانة المحترمة لدى جماهير الشعب الواعي. فلم يدم صمت التيار الديني والمذهبي المتطرف أكثر مدة, حين ضاق به الأمر وشعر بالتحرك الجماهيري الواسع وعلى كافة الأصعدة السياسية والثقافية والاجتماعية للقوى الديمقراطية والتقدمية, ليس الغرض منها مكاسب آنية ضيقة على صعيد عدة كراسي في هذه الدائرة, وتلك من مؤسسات السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضاء ولها كل الاستحقاق التاريخي بذلك. بل الغاية النهوض بالمجتمع العراقي بكل مكوناته السياسية والاجتماعية والقومية والدينية, وتعريفه بالمرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن والشعب, وما يتركه الانفلات الأمني والفساد الإداري والمالي الذي استشر بشكل فضيع في جميع مؤسسات الدولة إلى جانب الجريمة المنظمة والإرهاب البشع ضد جميع مكونات هذا الشعب صعودها بأضعفها عددا اوسندا من الأقليات القومية والدينية ومنها الكلدو أشوري السرياني, واليزيدية, والصابئة والشبك والتركمان, وبالنسبة للمكون الأول (المسيحي) وما تقوم به العصابات الموجهة من الإرهاب المباشر بالقتل الجماعي والفردي لأبنائها العزل وبدون مسوغ عقلي. وإذا كانت بعض الشخصيات السياسية ذات النفوذ الديني والمذهبي وفي جميع مرافق الدولة الرسمية والشبه الرسمية وميليشياتها المسلحة, ترى ضرورة التحرك واستغلال الظرف المناسب للانقضاض على القوى الديمقراطية المذكورة أو تحجيمها وتهميشها كليا بغية قطع الطريق عليها ومنعها من التصدي لها بالوسائل المشروعة دستوريا كالتظاهر السلمي بغية كشف مخططاتها ونواياها المعادية لكل ماهو تقدمي سواء كان فكرا سياسيا واجتماعيا أو اقتصاديا وثقافيا وهذا ما يفزعها ويرعبها. ولهذا أبدأت عناصرها التي تولت الكثير من المناصب المهمة في الحكومات المحلية (مجالس المحافظات والقصبة والنواحي ) تصدر القرارات والأوامر بمنع أي نشاط ثقافي لجميع لجميع منظمات المجتمع المدني والتي تكفل الدستور العراقي بحريتها لما يخدم مفهوم ترسيخ مبدأ العمل بالحياة الديمقراطية  والتعددية الاجتماعية والثقافية والدينية إلى جانب السياسية والإدارية وغيرها .
واذا كان في اوائل العقد الاول من الالفية الثالثة قد تمكنت حركة دينية متطرفة في افغانستان ( حركة طالبان ) وبمساعدة باكستان وغيرها قد استولت على الحكم وبدأت بفرض وصاياها وفق عقلية دينية منغلقة حد العتمة وتوجت تطرفها اللا اخلاقي بتفجير اكبر تمثال في العالم لبوذا. رمز الثقافة التاريخية الدينية للملايين من شعوب اسيا. فكان رفات بوذا في قبره اكثر انشراحا وهدوءا من سابقه والذي توفي قبل اكثر من ( 2400 عام ) . لان تمثاله كان معروفا وهو منحوت في واجهة جبل بعلو ( 56م ) في افغانستان وبعض دول اسيا فقط ، فأصبح اكثر معرفة في جميع انحاء العالم وبفكره المسالم .
وان اصرار الجهات المنغلقة في مجلس محافظتي بابل وبغداد وغيرهما على منع اقامة مهرجانات ثقافية فتتخللها نشاطات فنية غنائية وموسيقية ورقص وعلى ورفض تدريس فن النحت والموسيقى والرقص والغناء في المعاهد واكادميات الفنون الجميلة في بغداد وغيرها. الى جانب الامر يرفع كل التماثيل القائمة في واجهات اكادمية الفنون الجميلة في بغداد وهي ناتج فني وثقافي للفنانين المبدعين من خريجي تلك الاكادمية. فبأي خانة تاهت تلك الشخصيات المسؤؤلة والتي امرت بذلك. وما محيطها الثقافي والفني التي تراه بديلا عن هذه الثروة الانسانية والتي حتى الطبيعة تتغنى بها .
يبدو انها وفي نظري تأخرت في تطبيق المستنسخ الثقافي لحركة طالبان حين حطمت تمثال بوذا وحرمت كل المظاهر الثقافية والفنية في افغانستان فهلا تتعضو يا سادة بأن الكراسي لا تدوم لاحد. وبقوله الامام علي الدهر يومان .   
فأن كان لك فلا تبطر وان كان عليك فأصبر فكلاهما سيزولان والشعب العراقي صبر كثيرا على الضيم والحرمان وان امتد صبره اكثر فالفرج له.
وانتم المتوارون لا محال في مجاهل التاريخ . . .
 يوسف زرا 28/12/2010

72
بمناسبة أربعينية شهداء كنيسة سيدة النجاة

ما عذركم يا سادة العراق
   
أسألكم يا سادة القوم
بحق نخلة العراق
هل نحن الأقليات نحول دون وحدتكم ؟
وصوت من خلجان البصرة يجيب . . . كلا
إذن ما بالكم انتم الأكثرية لا توحدون صفكم ؟

أسألكم يا سادة العراق
بحق دجلة والفرات
هل نحن الأقليات نحول دون تحقيق إرادتكم ؟
وصوت من إطلال بابل يجيب . . . كلا
إذن ما بالكم انتم الأكثرية بدون إرادة الكلمة ؟

أسألكم يا سادة القوم
بحق ملحمة الطوفان
هل نحن الأقليات نحول دون انسجامكم مع بعضكم ؟
وصوت لأتونا بشتم يجيب . . . كلا
إذن ما بالكم انتم الأكثرية تتنازعكم الآراء ؟

أسألكم يا سادة القوم
بحق قصة الخلق السومرية
نحن الأقليات في وطننا التاريخي
مصابون بأمراض مزمنة
وصوت من آيا وأنليل يجيب . . . نعم تاجرتم
إذن ما بالكم انتم الأكثرية ألستم أصحاء ؟

أسألكم  و اسالكم
بحق سوري نينوى وبغداد
نحن الأقليات في عراقنا التاريخي
تاجرنا بالماضي الحضاري
وصوت لسنحا ريب ومنصور يجيب . . . نعم تاجرتم
إذن ما بالكم انتم الأكثرية تتاجرون بالعقيدة والمذهب ؟

أسألكم ثم أسألكم
بحق ملحة كلكامش
نحن الأقليات قاسمنا الزمن جغرافيا . . . بتسميات
كلدان في وسط الرافدين
أشوريون في شماله
وسريان يوحدون التسمية والوسط
وصوت لانكيدو يجيب . . . نعم تقاسمتم
إذن ما بالكم انتم الأكثرية تسودون ارض العراق
ولا يسود السلام بينكم

يا سادة العراق
نحن الأقليات . . . بدون استثناء
ما كان في حياتنا منازعة احد منكم
شاركنا الجميع وعلى مذبح الحرية
قدمنا القرابين معا
وصوت للأنبياء يجيب . . . نعم نازعتم . . . بل شاركتم
إذن ما بالكم انتم الأكثرية
من الحق السماوي ( منا ) في الحياة ؟

يا سادة الدين والدولة الأجلاء
ما رأيكم في مذبحة كنيسة سيدة النجاة في بغداد
وصوت الإنسانية وكل الأديان . . . يجيب
إنها جريمة صفراء . . . إنها جريمة سوداء . . . بحق شعبنا كله

فما عذركم يا سادة العراق
في تهميش وجودنا وحمايتنا ...
وكأننا كائنات حية
في محمية مطلقة الحدود

فيا أيها الجناة
فنحن الباقون في أرضنا
وانتم الزائلون
             
 

                                                   يوسف زرا

74
متى الصحوة يا أصحاب النفوذ ؟

يروي التاريخ منذ ظهور المجتمع الانسان البدائي لحد هذا اليوم. انتقاله من حالة اقتصادية واجتماعية وعقائدية، ما تخللتها من النزاعات والاقتتال الداخلي ضمن القبائل والمستوطنات البشرية المتداخلة جغرافيا، وما تعرضت البشرية عبر مسيرتها الطويلة، الى الحروب الخارجية بين مجموعة دول رغم تشابه او اختلاف انظمتها السياسية والاجتماعية والدينية، اثر نشوب خلافات عديدة وتراكمها. اما بسبب النزاع على الارض ذات التداخل الجغرافي والديموكرافي، لغرض تحديد كل طرف حدود دولته وسيادته عليها. او بسبب اطماع لحكام جشعين وتربصهم بالشعوب الضعيفة من دول المجاورة، واستغلال الفرص المتاحة لغزو اراضيها، لافتقار وجود قوانين ومعاهدات معترف بها، وجوب الالتزام بها واحترامها، تحدد اهمية كل طرف في تحديد مساحة دولته. ليس بالبعيد قيام مثل هذه النزاعات والحروب وفي عصرنا هذا وضمن الرقعة الاقليمية لمنطقة الشرق الاوسط بالذات حصرا. والتي ما انفكت ولحد هذا اليوم حدوث نزاعات حدودية لفترات متقطعة او شبه متواصلة او حروب لايام واشهر، لا بل لسنين عديدة. وكما حدث ويحدث على ارض الواقع بين اسرائيل والدول العربية المجاورة والقريبة والكل يعلم بذلك. علاوة على الحروب الطاحنة التي خاضها النظام الدكتاتوري العراقي السابق مع دولتي ايران والكويت، وحتى سقوطه في 9/4/2003 على يد قوات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة الامريكية. والتي ادت الى احتلال العراق وتدمير البنى التحتية التاريخية له ولجميع مؤسساته الاساسية كالاقتصادية والاجتماعية والصناعية والثقافية والامنية وغيرها الى جانب الحرب القذرة التي شنها النظام المذكور ضد الشعب الكردي منذ اوائل الستينات من القرن الماضي حتى اوائل السبعينات منه. وها هو الشعب العراقي ومنذ سبع سنوات يئس من هول


الضربة المؤلمة التي اصابته من فقدان وحدته الاجتماعية والسياسية والادارية وانهيار اقتصاده وانتشار الفوضى وانعدام سيادة القانون، من جراء استفحال النزاع بين مكونات هذا المجتمع وهيمنة القوى الطائفية والمذهبية والقومية المتطرفة على دست الحكم. الى جانب استقطاب الجريمة المنظمة للقوى الارهابية وبتسميات دينية وقومية عديدة وغيرها. كل ذلك والمحفل الدولي والدول المحيطة بالعراق تقف متفرجة وتحت سمعها وبصرها يذبح الشعب العراقي من الوريد الى الوريد وبدون ان يحرك احدهم ساكنا. لا بل هناك من يصب الزيت على النار المشتعلة من دول الجيران وبوضوح النهار وجهارا، غايتهم اذلال هذا الشعب الصابر بكل مكوناته الاجتماعية والقومية والدينية. والذي يطمح لبناء دولته بشكل معاصر يرفل فيها بقليل من التعايش السلمي والرفاه الاقتصادي واستقرار الامن، تحت ظل نظام ديمقراطي فدرالي تعددي، وهو استحقاق زمني وقانوني لما قدمته قواه السياسية واحزابه الوطنية التقدمية بكل مناهجها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية عبر عشرات السنين من التضحيات الجسام لخيرة ابنائها وقادتها في سجون ودهاليز الانظمة السابقة منذ قيام الحكم الوطني في عام 1921 وحتى هذه اللحظة نهاية العقد الاول من الالفية الثالثة. ومما يؤسف له ان الفئات المتنافسة ممثلة بكتلها السياسية المنتخبة ذات النفوذ الديني والاجتماعي والقومي والمذهبي، يزداد تناحرها فيما بينها، ويتفاقم نزاعها يوما بعد يوم على كراسي الحكم، وكانها طوق النجاة لها، دون ان يلتفتوا الى ما يدور حولهم ككل وبدون استثناء ويوميا من سقوط العشرات لا بل المئات من الشهداء والجرحى الابرياء، وفي كل شبر من ارض الوطن، وعلى يد العصابات المسلحة التي تصول وتجول في كل مدينة وقرية وبدون ان يناهلها الرادع، ودون ان تعير قادة جميع الكتل المذكورة اهمية لما

قد تطولهم يد الجريمة المنظمة والتي اصبحت كأعصار مدمر قد يؤدي الى فقدان التوازن وضبط النفس وتدور الدوائر على الكل، وحينها يدخل الشعب العراقي في دوامة حروب داخلية لا يحمد عقابها، ولا يمكن اخماد سعير نارها حتى تأكل الاخضر واليابس وتترك ارض الوطن محروقة ومقبرة جماعية. لهذا الشعب المسلوب الارادة والمغلوب امره. وحينها تبدأ الكواسر الخارجية والداخلية المتربصة به بتمزيق جسده الجريح. وقد لا يفيد الندم ولا الصحوة المتأخرة لمن يبقى من ممثلي الكيانات السياسية والاجتماعية والدينية، ولانها تكون كرجل في حال الموت السريري وليس من السهل انقاذ حياته بجرعة منعشة في غرف الرعاية الخاصة. لان الوقت يكون قد توارى والاعداء ركبوا صحوة جيادهم وبدأؤا بتصفية جميع الحسابات وترك الشعب العراقي الى المصير المجهول.
فهلا يا قادة الكتل السياسية والاجتماعية والدينية اصحاب النفوذ تحفزكم وطنيتكم وترن في اذانكم صرخة مدوية ونداء عاجل يطلقها جموع الجياع والفقراء وملايين الارامل والاطفال لتصحو على هذا الواقع المرير والمؤلم وتمدو الايدي لبعضكم وتنقذو الشعب والوطن وتنشدو نشيد هذه الارتال الضعيفة والغاضبة، والتي لا حول لها ولا قوة الا بضرورة التعجيل بقيام حكومة وطنية قوية تسرع ببناء الوطن على اسس سليمة وتفوت الفرصة على الاعداء والطامعين من الداخل والخارج . . . انه نداء المقهورين يا سادة البلاد الاجلاء.
                                                                     يوسف زرا
                                                                  1 / 11 / 2010       

75
ما عذركم ياسادة العراق
هل الأقليات تحول دون وحدتكم ؟
فما بالكم انتم الأكثرية لا توحدون الصف ؟
هل الأقليات تحول دون تحقيق أرادتكم ؟
فما بالكم انتم الأكثرية بدون أرادة الكلمة ؟
هل الأقليات تحول دون انسجامكم مع بعضكم ؟
فما بالكم انتم الأكثرية تتنازعكم الآراء ؟
ياسادة القوم !!!
نحن الأقليات في وطننا التاريخي مصابون بأمراض زمنية
فما بالكم انتم الأكثرية لستم أصحاء ؟
نحن الأقليات في عراقنا التاريخي تاجرنا بالماضي الحضاري
فما بالكم انتم الأكثرية تتاجرون بالعقيدة والمذهب ؟
نحن الأقليات تقاسمنا الزمن جغرافياً
بتسمية الكلدان في الوسط
 وبتسمية الأشوريين في الشمال
والسريان يجولون بين التسميتين والوسطين
فما بالكم انتم الأكثرية تسودون الأرض كلها ولا يسود السلام بينكم؟
نحن الاقليات ......... ماكان في حياتنا منازعة احد
بقلتنا شاركنا الجميع وعلى مذبح الحرية معا ؟ قدما القرابين
فما بالكم انتم الأكثرية من مبدأ الحق والمساواة في الحياة( منا )
فما عذركم ياسادة القوم
في تهميش حمايتنا وكأننا كائنات حية في محمية مطلقة الحدود




يوسف زرا
3/11/2010


76
أاستئثار مذهبي بالسلطة . . . وإلا ماذا ؟

إذا كنا نعتقد بضرورة وجود قوى ديمقراطية تقدمية لها ملامح اجتماعية متفتحة ، واُفق سياسي علماني واضح وتصور فكري مستقل وناضج لما هو سائد على ارض الواقع لعراقنا اليوم . ففعلا فهذه القوى موجودة ولكنها مهمشة ، بل مقصية عمدا كي لا تكون مؤثرة ومتفاعلة مع الأحداث اليومية لان لها تاريخها النضالي والعميق الجذور في ارض الوطن . ممثلة بتنظيماتها السياسية والمهنية والاقتصادية ، إلى جانب الفكرية والاجتماعية ولا بد من ذكرها بشكل موجز ومنها الطبقة العمالية العراقية وحزبها الشيوعي العريق واتحادها العام لنقابات العمال . إلى جانب شبيهتها الديمقراطية واتحاد طلبتنا التاريخي وتنظيم رابطة المرأة العراقية وغيرها من تنظيمات النسوة إلى جانب الأحزاب الوطنية ذات القدم التاريخي ونضالها المستميت في الدفاع عن حقوق الشعب وطموحاته ومنها الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الامة العراقية والحزب الاشتراكي العربي وغيرها .
إلا انه ومنذ سقوط النظام السابق في 9/4/2003 ، والتخبط العشوائي الذي ساد طيلة السنوات السبع الماضية وحتى هذه اللحظة ، وما أفرزته الأحداث اليومية من الصراعات الدموية بسبب الهيمنة المطلقة على مقاعد الحكم من قبل جميع الفئات التي توالت في تحمل المسؤولية ، وهي تفتقر إلى ابسط معايير للمفهوم الديمقراطي بمعناه الشامل والخاص في التعامل السياسي والاجتماعي والفكري . دون أن تنظر إلى ما آلت إليه الحالة الأمنية المنفلقة على يد عصابات الجريمة المنظمة وبتسميات دينية وقومية عديدة . وتقهقر الوضع الاقتصادي وتفشي البطالة في صفوف البنية التحتية للمجتمع ، وخاصة بين شريحة الشبيبة الواسعة ومن كلا الجنسين ، ومن ضمنهم ارتال الخريجين والخريجات من الكليات والمعاهد العلمية على اختلاف تخصصاتهم الدراسية . والرؤية القاتمة والمغلقة ، حد العتمة القاتلة للقوى السياسية المستأثرة بالسلطة والمهيمنة على ارض الواقع ولغالبية شخصياته ذات التوجه الديني للمذهب الشيعي بنفوذه الممتد الى غالبية محافظات الوسط وجنوب البلاد بشكل عام . وما يقابله من التيار السياسي لأكثرية الكتل والأحزاب السياسية المتبنية الخط العلماني ظاهريا والمذهب السني لبعضهم باطنيا ، وهو أيضا الممتد نفوذه السياسي والاجتماعي الى بعض محافظات الوسط وشمال الوطن .  خارج منطقة الحكم الذاتي لكردستان العراق والذي هو الآخر يسود حكومته التيار القومي الكردي المعتدل نسبيا متمثلا بكلا الحزبين الكبيرين ، الحزب الديمقراطي الكردستاني ، واتحاد الديمقراطي الكردستاني ، وتأثيرهما كقوى سياسية واجتماعية متحدة تحت تسمية جبهة التحالف الكردستاني ، ورغم ما لحق بها من الخسارة في عضوية البرلمان المركزي في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 7/3/2010 وانسلاخ منها بعض الشرائح السياسية الكردية وتحت تسميات متعددة . وهذا أمر طبيعي في مثل هذه الظروف المعقدة والصعبة التي تعصف بالعراق منذ سقوط النظام السابق على يد المحتل . وأصبح الوضع خطيرا ولا تحمد عقباه ونتائجه المدمرة ما لم تفق القوى السياسية والاجتماعية المهيمنة على ساحة العمل . وعلى ما آل إليه الأمر من جراء عدم احترام دستور الدولة رغم نواقصه والديمقراطية الخرساء والعرجاء . لا بل المشلولة وكرجل مريض لا أمل من شفائه إذا ضل الحال كما هو .
وإذا كانت قوات المحتل تعلن بين حين وآخر التزامها الأدبي واحترامها لبنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة وإنهاء سحب قواتها من كافة مدن العراق بحلول نهاية شهر اب الحالي 2010 فلا بد من القول .
اهو اتفاق سري بين تلك القوات والجهة المتمثلة بالحكومة الحالية المنتهية ولايتها منذ مدة باللجوء ،إلى أبشع الوسائل غير الدستورية وتصعيد العنف وعرقلة تشكيل حكومة قادرة على معالجة الوضع بأسرع وقت ممكن قبل أن تنهار أجهزتها الأمنية كليا لا بل تحاول الحكومة الحالية الالتفاف على الدستور والبقاء في دست الحكم ، والاستحواذ الكلي المطلق على ارض الواقع . والشعب العراقي يتخبط في انهار من الدماء التي تسيل يوميا وفي شتى بقاع الوطن والحكومة المركزية الحالية غير مبالية ولا معنية بالفوضى العارمة امنيا واقتصاديا ، وتصعيدا للصراع الدموي المستفحل بين الأطراف المتنافسة على كراسي الحكم بحجة شرعية النتائج المحسومة لعضوية البرلمان المنتخب ديمقراطيا وحسب ادعائهم ، غير مهتمة بالطوابير البشرية من الشباب والشابات ومن الشيوخ نساء ورجال تهاجر يوميا الوطن إلى هدف مجهول هربا من الفوضى الأمنية وبقية المبررات القائمة والتي يضرب المثل بها ( وصل السيل الزبى ) . وفقد المواطن توازنه وثقته بالحكم القائم ولا بد من القول التساؤل : أليس هذا التعنت المجحف من قبل جميع الأطراف دليل على سقوط مفهوم الوطن والمواطنة والوطنية ومصلحة الشعب العليا واحترامها لديها ، وضرورة سرعة الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية ، وتشكيل حكومة تتمثل فيها جميع مكونات الشعب العراقي السياسية والاجتماعية والقومية والدينية ، بعيدة عن المذهبية ومحاصصتها ، وإنهاء الصراع الدامي القائم بين الأطراف المذكورة ، والشروع في تهدئة الأوضاع وسرعة تحقيق الأمن والضرب بيد من الحديد على كل خارج عن القانون ، ولكي ينصرف الشعب العراقي الى أعماله ومهامه اليومية ، ويحترم ما نصه الدستور العراقي في إقامة دولة عصرية ديمقراطية فدرالية تعددية ، ويبعد شبح الحرب الأهلية التي لاحت بوادرها وغيومها السوداء في الأفق وبشكل جلي وواضح ، ولم تعد تنطلي على كل إنسان متتبع للواقع المرير وللحالة المزرية التي يعيشها الشعب العراقي بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية والدينية والقومية . وها هو يصرخ بوجه كل حاقد ومتآمر على هذا الوطن وشعبه الصابر من قوى الردة وعناصر الجريمة المنظمة في الداخل ، وبوجه كل من يساندهم من دول الجيران وقوات المحتل ، والذين لا يرضون من إقامة دولة عراقية ذات نظام جمهوري ديمقراطي امن ومستقر ومزدهر اقتصاديا ومتكاتف سياسيا واجتماعيا .
فهلا تصحون يا قادة وزعماء كتلنا السياسية وتنظرون إلى استئثاركم بالسلطة بأنه ليس إلا كإعصار قادم مدمر لا يستثنى احد منا . والكل يتحمل المسؤولية القانونية التاريخية أمام هذا الشعب إن أجلا أو عاجلا . . . . فالماضي ليس بالبعيد وما آل لحكامه ولا احد رثاهم ولا رحمهم .
وختاما نسأل : - أاستئثار مذهبي بالسلطة هذا وإلا ماذا ؟ ؟

                                                                        يوسف زرا
                                                             18 / 8 / 2010     

77
الأعلام : سلطة رابعة بلا أحكام
                                                                                                                                                                                                                 
   يوسف زرا
منذ ظهور التجمع البشري البدائي،ولدت في رحمه جنينا غير معلوم الأوصاف غير مألوف السلوك ،غير مفهوم الوظيفة مسبقا. انه (العقد الاجتماعي). اي ولادة الإطار ألبدائي لمفهوم الدولة بالمعنى الحالي. ومعها مؤسساتها الحتمية الولادة معها, لأنها تمثل الركائز التي ستحملها وبها تشق طريقها نحو مهمات غير مكشوفة معالمها, لأنها ولدت مع العقد الاجتماعي كتوائم أربعة غير منفصلة عن بعضها مبدئيا. فهي تصدر الأوامر والقرارات الأولى، وبواسطتها وبدون تخصص مستقل يجري تنفيذها وتعميمها على السواد الأعظم من المجتمع البشري المذكور، وبها ومنها يجري الحساب على من لايلتزم بالنصوص والتعليمات المطروحة، أو يقصر عمدا بأداء المهام المطلوبة . إذن إلى هنا وعبر أجيال وأجيال بانت ملامح واطر دولة وأركانها الثلاثة، أي سلطاتها الأساسية وهي التشريعية من دون أن تكون قد انتخبت من قبل أي فئة وبالمفهوم الحالي . لان ولادة (العقد الاجتماعي) زمانا ومكانا، كان ولادة النظام المركزي المطلق وهو الإقطاع. وكانت أولى خطوة متقدمة نوعيا في بدء تنظيم الحياة  الاجتماعية والاقتصادية والإدارية من بعد المشاعية البدائية، وظهور الاقنان في الأرض الزراعية والعبيد الخدم المملوك لدى السادة ومالكي الأراضي .أما السلطة الثانية، فهي الفئة المتداخلة مع السلطة الأولى وهي السلطة التنفيذية، وهكذا ولابد أن تظهر السلطة القضائية لتحاسب كل من لايلتزم بأوامر السلطة الثانية ، باعتبارها منظمة الحياة. بمعنى إن الدولة (العقد الاجتماعي). هو ولادة طبيعية وحتمية في رحم المجتمع الزراعي البدائي. وليس وثيقة موقعة بين شخصين أو مجموعة شركاء في مشروع معين. بل ظهور المركزية الاجتماعية كأفراد ضمن قانون الحياة الطبيعية . البقاء للأفضل أو البقاء للأقوى. فكان ظهور النظام الاجتماعي الإقطاعي الباطريكي مسبب انبثاق هذا القانون وتعميمه. ولكن رغم ذلك لم يكن نظاما عصاميا غير قابل النقد أو الاعتراض على كل ما يقرره وينفذه مع مرور الزمن. فكان لابد أن تتكون فئة وبصورة عفوية ضمن فرضيات الحياة ومن داخل الحاشية

المتنفذة ومن خارجها، تنقل ما يحصل في أروقة النظام من الصراعات والخلافات والتجاذبات من خلال مفردات الحياة اليومية بصورة عامة. وأما على مراكز سلطوية، سواء كان بسبب توسيع النفوذ لصاحب الكلمة الأولى، أي الذي يقرر السياسة العامة للنظام ، أكان ذلك لغرض اجتماعي أو اقتصادي أو إداري ،فلابد من حصول تناقضات متباينة في حدتها ونوعيتها فتتولى الفئة الرابعة عملية نشر وإيصال تلك الأحداث إلى عامة الناس ، بمعنى بدء ظهور الرقابة . ولابد أن يظهر الانقسام داخل المجتمع الإقطاعي بهذا الشكل وبأخر بعد ظهور فئات حرفية ومهنية مستقلة أو شبه مستقلة في كيانها وعملها . أي ظهور طبقة جديدة منتجة لسلع مهمة لكل عائلة بصورة خاصة وللمجتمع بصورة عامة ، يمكن تسميتها بالفئة الوطنية المنتجة التي أصبح لديها الخبرة الواسعة نسبيا وحسب الحاجة الآنية بتوسع ساحة وميدان عملها إلى نموه نوعيا وعددا لمنتوجاتها . ومع تطور الأحداث فلابد لشريحة الرقابة من زيادة احتكاكها بجميع مكونات المجتمع المتنامي ،فحتما أصبحت محاربة من قبل أصحاب النفوذ بسبب كشف تصرفاتهم وامتيازاتهم الكبيرة على حساب البني التحتية للمجتمع . إلا أنها تبدأ بتطوير وسائلها وتتبنى بناء كيانها كسلطة تتابع الأحداث اليومية التي تنفع المجتمع أو تضره وتنال موقع الاحترام والتقدير من الأطراف الداعمة لها في الحالة الايجابية . ورغم إن هذه السلطة لا يمكن لها أن تصدر قرارات وأحكاما على ما يجري هنا وهناك ، إلا أنها تعتبر المحرك الرئيسي للمجتمع وكجزء من ولادة عسيرة داخل مراكز القوة والسلطة المطلقة وتتطور بمرور الزمن وسائلها وأساليبها في نشر وإيصال ما تحصل عليه مباشرة أو بواسطة أفراد يتولون قمص الأحداث بغية محاربة الغبن والظلم الواقع على شرائح وطبقات المجتمع ولا رادع له ، وكلما احتدم الصراع داخل المجتمع تطورت وسائل الإعلام معها وبالمستوى المطلوب . حتى ما وصل الأمر إلى ما نحن عليه اليوم من تقدم التكنولوجية المعلوماتية ووسائل الاتصال المقرئة والمسموعة والمرئية ، عبر أجهزة التلفزة والفضائيات والانترنيت ، والتي جعلت العالم وكأنه قرية واحدة صغيرة بإمكان كل فرد متتبع أن يقف على كل حدث ومعلومة مهما كانت صغيرة أو كبيرة وفي كل مدينة أو منطقة من أنحاء العالم . هذه هي السلطة الرابعة وكيفية ولادتها ضمن مخاض عسير

 وأهميتها في الحياة اليومية في جميع المجتمعات البشرية .وإذا تناولنا الإعلام في الدول المتقدمة الغربية والشرقية ، فنرى إنها قد شرعت له قوانين خاصة لتنظيم أعماله وحماية كوادره وحرية تنقله ، ومنحت له الكثير من التسهيلات ، سواء كانت مادية أو معنوية ، كهوية خاصة للعاملين في داخل الوطن وجوازات سفر لمتابعة المؤتمرات والأحداث الجارية على الساحة الدولية .وبما أن مؤسسة الإعلام أين ما وجدت ، تعتبر العين الساهرة في كل مكان وزمان ،  وتعد رديف الديمقراطية وذراعها الحي الناطق باسمها . ولكن في وطننا العراق كانت في العهود السابقة ولازالت من المؤسسات المهملة ، لا بل المحاربة من قبل أجهزة الدولة ، وتعرضت إلى الكثير من الملاحقة وتشديد الخناق عليها ، كي تمنعها من إيصال حقيقة الواقع في جميع دوائر والأجهزة الحكومة من الفساد الإداري والمالي إلى جانب المحسوبية والمنسوبية في التوظيف وتوزيع المسؤوليات المهمة بدون كفاءة وخبرة . وقد تعرض الكثيرين العاملين في مؤسسات الإعلام ومن كلا الجنسين إلى الخطف والاغتيال وبوضح النهار وتجاوزت مئات الأحداث خلال السنين الأخيرة، إلى جانب ما يحصل من الاعتداءات على كوادرها داخل أروقة الدولة ، ومنعها من نقل الحدث والكلمة الحقيقية الى المواطن ، لا بل طوردت من قبل الكثير من الجهات الخارجة عن القانون وتحت سمع وبصر أجهزة الأمن المختصة دون أن تحرك ساكنا لحمايتها . وفي غالبية محافظات الوطن ومنها بغداد ونينوى والبصرة وديالى وكركوك وغيرها .هذا هو الإعلام كسلطة رابعة فرضها تطور المجتمع وفي عراقنا الحالي مكبل بأحكام ومضايقات غير شرعية وغير واقعية ، لا يمكنها كسلطة رابعة نشر وإيصال الأحداث كما وقعت بكل أمانة وشفافية . وبدون تشويه او تمويه للحقيقة ، لأنها رسالة إنسانية وليس لها أحكام على احد . ولا تريد غير حرية العمل ونقل المعلومات والأحداث كما تقع وبكل نزاهة ومصداقية . هكذا يعامل الإعلام في عراق الديمقراطية ، عراق القرن الواحد والعشرين أيها السادة المسئولون ، !!!
إن الإعلام الصادق هو مرآة المجتمع وعدسته الكبرى ، فهلا أنصفتموه ومنحتموه الحرية الكاملة والشرعية المهنية لواجبه المقدس ؟ .


78
أقلياتنا . . . . وجدوى المؤتمرات
أنعقد المؤتمر الثاني لمنظمة حمورابي لحقوق الإنسان في قضاء الحمدانية ومركزه مدينة بخديدا ( قره قوش ) التابع لمحافظة نينوى بتاريخ 26 /6 / 2010 وبرعاية الأستاذ اثيل النجيفي محافظ نينوى،وحضره مع من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية وممثلو بعض منظمات المجتمع المدني في المحافظة وغيرها.نعم انعقد المؤتمر وتوالت الكلمات وتشابكت أحرفها من ألفها إلى بائها والكل عبر عن معانات الشعب العراقي بصورة عامة من اضطرابات الوضع السياسي وعدم استقرار الأمن وكثرة البطالة بين الشباب بصورة خاصة.                                                                                         
نعم والكل شخص بكل شجاعة وصراحة الواقع المزري لأقلياتنا بصورة خاصة ضمن معانات الكل المذكورة،إضافة إلى الحرمان الدستوري والقانوني من الحماية الخاصة لهم لما يلاقونه من الاضطهاد المباشر من قبل عناصر الجريمة المنظمة وبعدة تسميات من القتل الفردي والجماعي على الهوية،وعلى مسمع ورؤية أجهزة الأمن المختصة دون أن تتمكن من  تحريك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها قانونيا وأخلاقيا وخاصة في محافظة نينوى عدى الاختطاف وطلب الفدية.
وهكذا تمر الأيام ويتفاقم الوضع سوءا لهذه الأقليات حتى غدت وكأنها تعيش ضمن محميات من غير سياج وضمن جحور يتحركون بداخلها،أي بلداتها وقصباتها وقراها الشبه آمنة بعضها والواقعة ضمن محافظة نينوى،وغيرها ضمن إقليم كردستان الأكثر أمنا واستقرارا.فحالما يسدل الليل ستاره يخيم على بعضها السكون منذ الأصيل حتى مطلع الشمس،يشكرون الباري إن مضت ليلتهم دون فقدان مجموعة  من أهلها على يد تلك العصابات.                                                                           
إهكذا هي حقوق الإنسان في عراق التاريخ،عراق الحضارة،العراق الذي صور فيه أو تشريع إنساني وقبل عشرات القرون نظم الحياة،وسن القوانين لحماية امن شعبه،ومتابعة علاقاته الاجتماعية والاقتصادية والإدارية وفق نظم وضوابط لم يسبقه غيره عبر التاريخ.
لم يذكر التاريخ أن هذه الأقليات ومنها الكلدان،الأشوريين،السريان كان لهم دور في نزاعات داخلية وحروب خارجية.                                                                                               
اضطرت هذه الأقليات ومنذ أكثر من أربعة عقود إلى هجرة كوادرها الشابة العلمية والمهنية إلى المجهول تخلصا من الظلم الواقع عليها والذي كان سائدا بسبب سياسة الحكام للعهود السابقة،وعدم إدراك خلفية التمييز في العرق والدين والمذهب والقومية لهذه الأقليات ودورها الريادي في تقدم العراق عبر التاريخ علميا واقتصاديا وفكريا واخصهم الأقلية الأولى بعد القوميتين الكبيرتين المتمثلة بالعرب والأكراد.فكان الأشوريين،الكلدان،السريان وهم الأقلية الأولى ضمن الأقليات من اليزيدية والتركمان والصابئة والشبك التي عاشت عبر الماضي السحيق بهذه النسبة أو تلك متآخين إلى درجة كبيرة .
أما اليوم وبعد سقوط آخر دكتاتوري على يد المحتل والذي دام قرابة الأربعة عقود وفي ظل دستوري جديد أقر بالتعدد الاثني والقومي والديني والمذهبي كموكنات أساسية للشعب العراقي على ارض الواقع واقر حمايتهم وبدون تمييز.أي اقر بالديمقراطية السياسية والاجتماعية والعقائدية.
إلا أن عصابات القتل الجماعي وفي وضح النهار،تمارس إرهابها المباشر ضد هذه الأقليات بصورة خاصة.ولا ننفي ما لحق بجموع الشعب من سقوط العديد من الشهداء والجرحى يوميا من جنوب البصرة إلى باقي محافظاته،وخاصة نينوى مركز تجمع تلك الأقليات تاريخيا وبالذات مدينة الموصل مركز المحافظة إلا أن هناك قتلا جماعيا آخر لا يقتل بشجاعة عن سابقه وبدون نزف قطرة دم واحدة وفي كل ساعة ودقيقة لهذه الأقليات واخصهم الكلدان،الأشوريين،السريان والصابئة ويليهم اليزيدية.وهو النزيف الذي لا احد يحاول أن يوقفه كليا أو جزئيا.انه نزيف الهجرة الجماعية والذي أكدت الصحافة الوطنية،أن هناك وفي كل يوم أكثر من عشرة عوائل من المسيحيين تهاجر الوطن دون أن يسأل احد.عدى الأقليات الأخرى.
نعم المؤتمر أعطى الأولية لمعالجة هذه الكارثة والتي تشبه كزلزال دائم أصاب مجتمعنا بصورة عامة والأقليات المذكورة بصورة خاصة.وهنا العجيب،حيث الكل يقف موقف المتفرج من الأمر سواء رجال الدولة ووجهاء المجتمع وحتى رجال الدين وبدون استثناء . . . . . . فأين الحل يا السادة الأجلاء ؟ نعم المؤتمر شخص الداء وأوصى بالدواء وبالمعنى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني وغيرها.واقر بأن ( لا استقرار للعراق بدون ضمان حقوق أقلياته ).نعم اقر المؤتمر على ضرورة وبصورة عاجلة قيام المصالحة الوطنية،والأمر مرهون بالدرجة الأساسية بمدى شعور الكيانات السياسية والاجتماعية والدينية ذات النفوذ الواسع على ارض الواقع بالمسؤولية الكبرى،وبعد مطالبة جماهيريا ووطنيا ملحا كي يتم التعايش السلمي بين جميع مكونات هذا المجتمع المسلوب الإرادة.                                                                 
نعم المؤتمر طالب الإسراع في تأسيس جامعة في منطقة سهل نينوى خاصة تتمتع بكافة المقومات العلمية والإدارية المطلوبة نعم المؤتمر طالب بتوفير الحماية اللازمة لكافة الأقليات وضمان ممارسة حياتهم الطبيعية دون قلق وفزع وليس على حساب غيرهم أو إهمالهم.
نعم المؤتمر طالب الحكومة بتفعيل المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق والمتعلقة بحقوق الأقليات.نعم المؤتمر طالب بضرورة اشتراك هذه الأقليات وكوادرها العلمية والسياسية والمهنية في مؤسسات الدولة وفي مراكز صنع القرار السياسي وبدن تمييز.                                                                             
كما اقر المؤتمرون بضرورة الاهتمام بمناطق سكناهم وتطويرها وتحسين الخدمات والبنية التحتية لها،وتشجيع الاستثمار في مناطقهم.وإلا فما جدوى المؤتمرات لهذه الأقليات؟                                                                                   
وأخيرا لا بد أن نقول ليكن هذا المؤتمر وتوصياته بمثابة ناقوس يرن صوته في أذان كل المسؤولين الحكوميين بالدرجة الأولى وجميع ممثلي الكتل السياسية والاجتماعية لتحمل هذه المهمة بكل صدق وأمانة بغية بناء عراق مزدهر اقتصاديا ومستقرا أمينا وديمقراطي فدرالي موحد.                                                                               
وإلا المصير مجهول للجميع . . . وهذا ما ينتظره أعداء العراق التاريخيين والآنيين من المحتلين الجدد وبعض دول الجيران المتربصة به . . . . .



يوسف زرا / القوش
2 / 7 / 2010
[/size]

79
السادة أعضاء اللجنة المشرفة
على تشغيل وصيانة المولدات المحترمون


م / استحقاق تيار
منذ أواسط القرن الماضي وحين تم تأسيس أول محطة توليد الطاقة الكهربائية حكومية في البلدة . كان هناك كادراً فنياً بسيطاً ومحدوداً , وكانت المحطة تفي حاجة المجتمع الاستهلاكية للإنارة فقط .لان وسائل التدفئة والتبريد كانت غير موجودة .واستمر الوضع على وتيرة واحدة رغم التطور البسيط الذي كان يحصل في مقتنيات العائلة من الأجهزة الكهربائية كالثلاجة والمجمدة والمبردة والمدافئ الصغيرة وغيرها . ثم اقتضت الحالة ربط البلدة بالخط المركزي الذي يغذي الأقضية والنواحي لمحافظة نينوى حتى سقوط النظام 4\9\2003 ، ثم ظهور المولدات للقطاع الخاص والاعتماد جزئيا للفراغ الحاصل من انقطاع التيار الوطني . إلا انه لم يمضي وقت قصير حتى ظهر الاستياء لدى غالبية المشاركين بالمولدات الخاصة لعدم انتظام تشغيل المولدات وسد القسط الزمني أي الساعات المتفق عليها لقاء اجر محدود للأمبير الواحد . وكان السبب أو الحجة حدوث عطلات وقضاء أيام وأيام في صيانة المولدة العاطلة أو عدم تجهيز الدولة حصة المولدة من الوقود الشهري ، وزاد الشك بغالبية أصحاب المولدات بعدم نزاهتهم في تقديم هذه الخدمة المستحقة ومقابل اجر محدد مسبقاً ولمدة محددة يومياً وفعلاً أصبح يقيناً بأن هناك تلاعب في مادة الوقود المجهزة من الدولة وبسعر مناسب وقيام غالبية أصحاب المولدات ببيعه بالسوق السوداء وتعطيل تشغيل المولدات أيام وأيام ، إضافة إلى الاتصالات كما قيل المشبوهة مع موظفي الكهرباء وتحديد فترة ربط التيار الوطني ومتى يقطع ، حتى وصل الأمر وزادت الشكاوي ، واستبشر الناس خيرا حين قام السيد سركيس آغاجان بتزويد البلدة بعدة مولدات وتحت مسؤولية الكنيسة ... إلا انه أيضا ولأسباب عدة أُنيطت المسؤولية بمجموعة من أهالي البلدة على أساس ذوي خبرة فنية وإدارية في تشغيل وصيانة المولدات ، وزاد في الطين بلاَّ حين استئاثر احدهم بالمسؤولية وبدء يلمح بأنه مخول بان يفعل كذا وكذا بكل من يفوه بكلمة نحوه .
واضطرت الجهات المسؤولة في مدينة دهوك ذات العلاقة الرسمية في الموضوع الى استبدال المسؤول ومن معه وربط مسؤولي المولدات بإحدى منظمات المجتمع المدني ، وكان إجراءً صائباً وعقلانياً إلى حد ما ، لان أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني سواءً كانت سياسية أو ثقافية ، اجتماعية أو مهنية لابد أن تشعر بالمسؤولية المطلوبة وتتعامل بكل شفافية ونزاهة أفضل من أي جهة كانت .
لم يمض وقت طويل ، وإذا تشكل لجنة من بعض منظمات المجتمع المدني المتواجد في البلدة . وكان هذا القرار الأكثر صواباً وعقلانية لان ممثليها لابد أن يرتفعوا إلى مستوى الواجب وتقديم أفضل الخدمات وبنفس الشروط السابقة-عدد الساعات اليومية وسعر الأمبير الواحد .
إلا انه ومع مزيد الأسف لم تمض عدة شهور وإذا بظهور فايروس يشوش جهاز الخدمة، حيث كان المتفق عليه أن يتم تشغيل المولدات كذا ساعات يومياً وحسب فصول السنة شتاءً وصيفاً وحسب حاجة الطقس دون أن تحسم من الحصة لأي فترة يومية ما يتداخل معها التيار الوطني ويعوض المشترك ما فقده من حصته المقررة لان المبلغ المدفوع شهرياً عن الكمية المستهلكة يومياً دون انتقاصها لأي سبب كان ولأنها عملية بيع وشراء بين المجهز والمستهلك .
ومما لاحظناه في الآونة الخيرة ، انه عند تشغيل المولدات فرضاً في الساعة كذا صباحاً أو ظهراً أو مساءً ولمدة مقررة كذا ساعة أو ساعتين أو ...... ، وإذا بعد التشغيل بدقائق يدخل التيار الوطني وتتوقف المولدات . وثم ينقطع التيار الوطني ضمن مدة تشغيل المولدات ناقصاً ربع أو ثلث أو نصف ساعة ، وتشغل المولدات بمقدار هذه الفترة فقط لما تبقى من الزمن المستحق والمحدد مسبقاً ومدفوع أجرة بالكامل ولا يتم تعويض المشترك ما فقده من حصته المذكورة ولابد أن نسأل ، من هو الذي يوعز بتشغيل المولدات الأجزاء المذكورة من حصة المستهلك دون أي تعويض مستحق ولو لخمسة دقائق .
أيها السادة الأجلاء
أين الشعور بالمسؤولية في تقديم أفضل الخدمات ؟
أيتها اللجنة الموقرة .. لماذا الحرص على عدم استهلاك الماكنة والكل يشك بذلك ، ولا الحرص على راحة العائلة وفي ساعات الظهيرة لأيام الصيف شديدة الحرارة وأيام الشتاء شديدة البرودة هل الساعات المقررة يومياً ومدفوع أجرها منحه من احد أم صدقة أو هبة لا يستحقها المواطن؟
رفقاً بالأطفال والشيوخ،رحمة بالمرضى والعجز.
أيها السادة
الكل يعلم أن هناك فائض من الواردات شهرياً يودع لصيانة وإدامة المولدات مهما كان عطلها...هلا من جواب...؟
وشكراً

              

المشارك
يوسف زرا
القوش / الحي الزراعي
20/6/2010
[/size]

80
فسقط جدار برلين يا سور بغداد
حقا الحضارة  تراكم كمي ونوعي لفعل الإنسان على مدى الزمن ، وهي ليست إلا مجموعة مخلفات لسلالات بشرية تسابقت في إقامة  صروح معمارية من القصور والمعابد ضمن مدن إحاطتها أسوار وأسوار تركت بصمات يد الإنسان عليها رموزا فنية ودلالات لعظمة كل مدينة ولما عاصرها من شعوب وحكام ، ملوكا وأمراء ، أباطرة وخلفاء ، وما أنجزوه من القيم والأعراف والعادات الاجتماعية وأنظمة اقتصادية ، وعقائد دينية وغيرها . والواقع خير شاهد على ما خلفته الحضارات البشرية من الأمور العظيمة ولا زال قسم منها شاخصة في مناطق عديدة من كوكبنا تحكي قصة شعوب أرادت أن تثبت للتاريخ مدى اعتزازها بأوطانها قل من قلده عبر آلاف السنين ومنها سور الصين العظيم بتصميمه الفريد وبطوله الخيالي الذي يمتد إلى قرابة 1500 كم بدءا من جنوب غرب البلاد مارا بالسلسلة الجبلية العملاقة ( هملايا ) نحو الشمال ومنتهيا شرقا ، مكونا حدودا لجغرافية ارض لأوسع ثاني دولة في قارة أسيا من بعد روسيا الاتحادية .
وإذا كان لسور المدن قبل عشرات القرون وفي وادي الرافدين بالذات له معان عدة ، فله أهداف عديدة أيضا ، ومنها حصانه ومنعة المدينة أمام الأعداء ، وشموخ حكامها وتباهيهم بتفوقهم على غيرهم في حماية سلطتهم وأمن وحياة شعبهم ، وقدرتهم على تكريس الطاقة الإنسانية وتسخيرها في بناء أعظم هياكل وجدران كأسوار حول عواصمهم وحتى قصورهم . فها هي بابل عظمة الدنيا وبهاء يومها ، لا زال بقايا سورها خير شاهد للعيان ، وإطلال نينوى التي يحتضنها سورها الحجري حتى هذه اللحظة ، وعلى مسافة عشرات الكيلومترات جنوبا و جنوب الغرب منها العاصمة القديمة أشور و مدينة الشمس الحضر بأسوارهما أيضا .
 ولكن كل هذا من مخلفات عصور وعصور لسلالات من الحكام احاطو لشخصياتهم هالة من القدسية ....... لا بل صفة إلهية لا تقهر حسب اعتقادهم ، استماتوا في الذود عن سلطانهم  واستبدوا بكثير من الشعوب واستثمروها . فكان بناء الأسوار ميزة عصرهم وأفضل وسيلة في الدفاع عن مدنهم وامتداد حكم سلالاتهم وليس بعيدا عن الذاكرة حين حطت الحرب الثانية عام 1945 في أوربا خاصة أوزارها بين دول الحلفاء المتمثلة سابقا  بالاتحاد السوفياتي العملاق وأوربا الغربية ، وبين دول المحور ممثلة بالنظام النازي الذي أقامه هتلر في ألمانيا والنظام الفاشي لموسليني في ايطاليا . ودحر النظامان واقتسمت ألمانيا وعاصمتها برلين بين دول الشرق بقيادة الاتحاد السوفياتي ودول الغرب بقيادة بريطانيا وأمريكا .
وحال تأجج الصراع بين النظامين السوفياتي الاشتراكي والغربي الرأسمالي ، حتى كانت برلين بالذات حتى عام 1961 وفي زمن الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف الذي أمر بتقسيم المدينة إلى جزئين شرقي كعاصمة لألمانيا الديمقراطية وغربي تحت احتلال القوات البريطانية والأمريكية وشيد بينهما الجدار الكونكريتي الشهير والذي سقط عام 1991 اثر انهيار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي ودول أوربا الشرقية الموالية له فكان الجدار وصمة عار في تاريخ ألمانيا النازية ، وبسقوطه توحدت هذه الدولة ثانية وتحت علم واحد . فهلا يتأنى حكامنا الإجلاء في العراق ويفكرون قليلا قبل أن يجعلوا بغداد محمية معزولة عن عراقها الحضاري ، هذه المدينة التي شيدها المنصور وازدهرت في عهد الرشيد حتى أصبحت عاصمة الدنيا ومنارها وقبلة طالبي العلم والمعرفة والراحة والاستجمام .
فهلا يتريث حكامنا المحترمون قليلا ويلغون فكرة جعل بغداد سجنا لأهلها . ما كان سور بغداد القديم أيام المنصور والرشيد إلا حفاظا لها كدرة الشرق وشمسها الساطعة .
فجدار بغداد اليوم وبطول (112) كم كما تناقلته الصحافة الوطنية سيكون لعنة على شفاء كل عراقي آبي ، يناشد الشرفاء من كل مكونات هذا الشعب المغلوب على أمره والمراد إنشاؤه بحجة منع الإرهاب من التسلسل إليها . يا لها من حجة عجيبة ؛؛
حقا فهو اعتراف علني عن عجز الدولة من مجلس جمهوريتها مرورا بمجلس وزرائها وحتى آخر من يدعي من مراتب حفظ الأمن والنظام .
وتحقير لقيم الجيش العراقي الآبي تاريخيا ، وتصريح واضح بعدم أهلية كل المسؤولين في حماية هذا الشعب من الجريمة المنظمة . فأيها المسؤولون ... قد تبنون هذا الجدار حول بغداد .... أفلا تتذكرون جدار برلين لماذا شيد وكيف سقط ؟ ....
لان إرادة الشعوب لا تحاصرها جدران من قطع كونكريتي مسلح وحتى وان صب من حديد الصلب ، فغدا لابد أن ينهار وتوزع أشلاؤه إلى أبناء شعب العراق ... وأنا كعراقي كان قد وصلتني قطعة صغيرة من جدار برلين مسندة على قاعدة من البلاستك الشفاف مرسوم عليها خارطة برلين المقسمة .
فهلا من موعظة وردة فعل قبل الشروع .... وإلا !!!





                                                           يوسف زرا
                                                    القوش  12/6 /2010         [/size]

81
منشأ العولمة تاريخيا وإفرازاتها

لم تكن ظاهرة العولمة الحالية التي افرزها النظام الرأسمالي العالمي بصورة عامة والغربي بصورة خاصة ، مع ثورة العصر ( تطور تكنولوجية المعلوماتية ) والتي انطوت على قيام علاقات اجتماعية واقتصادية استثنائية ، إلى جانب روافد فكرية وفلسفية مميزة . وان النظام الرأسمالي بحد ذاته هو وليد الطبقة البرجوازية الوطنية وهو الآخر وليد رحم النظام الإقطاعي . وكانت الثورة الصناعية التي انفجرت في القرن الثامن عشر الميلادي في أوربا الغربية بصورة خاصة . بقيادية البرجوازية الوطنية ، قد خاضت صراعا عنيفا اجتماعيا واقتصاديا وفكريا مع طبقة الإقطاع ذات النفوذ الواسع دينيا وعلمانيا المدعوم من قبل الكنيسة بصورة مباشر ة . ذلك النظام الذي حاول قسرا تعميم لا بل فرض مفاهيمه الاجتماعية والاقتصادية الفكرية على طبقة الاقنان المملوكة مع الأرض الزراعية وطبقة العبيد العريضة المملوكة خدميا لدى طبقة النبلاء والإشراف والأسر الحاكمة على مجمل القارة الأوربية . ومن عمق التاريخ على نطاق البشرية والذي لا بد أن نشير إليه ضمن إمبراطورية لا حدود لامتداد سلطانها ونفوذها الإداري والسياسي ، والتي ما انفكت تمارس أسلوب التوسع الجغرافي إقليميا وقاريا بشن سلسلة حروب طاحنة على شعوب الدول المجاورة لها والتحكم بمصيرها والتاريخ نفسه خير شاهد على ذلك من زمن الإمبراطوريات التي قامت في وادي الرافدين ، وادي النيل ، وادي السند ، ووادي النهر الأصفر في الصين ، عبر أكثر من أربعة آلاف عام ، حتى قيام الإمبراطورية الرومانية في أوربا قبل أكثر من ألف عام وسقوطها في القرن السادس عشر على يد البرابرة . ثم قيام الإمبراطورية العثمانية في بلاد الأناضول في القرن الخامس عشر واحتلالها غالبية دول أوربا الشرقية والوسطى والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسقوطها في العقد الثاني من القرن الماضي على يد الإمبراطورية البريطانية ، وظهور مجموعة كبيرة في الحالتين من دول ودويلات كمملكات وإمارات ومشايخ ، ولا زالت غالبيتها قائمة بمسميات قومية تحت خيمة الطبقة الإقطاعية ، أي كانت تحكمها أكثريتها اسر ، كال سبنسر في بريطانيا وال سعود ، وال هاشم ، وصباح ، ونهيان في الجزيرة العربية ومنطقة الخليج والأردن والعراق سابقا في العهد الملكي . ولو عدنا لدراسة مبسطة لكل مرحلة من مراحل نمو وتطور المجتمعات القديمة ، وما رافقها في فترة استقطاب النظام الإقطاعي على نطاق الكرة الأرضية ، رغم اختلاف المراحل الزمنية هنا وهناك . فكان في المحصلة . القائمة لذلك النظام ، تعميم المفردات الحياتية الاجتماعية والاقتصادية والإدارية ( المركزية المطلقة ) عل كامل المجتمع والأرض المسيطرة عليها أي جعله عالميا في آلياته اليومية لتلك المفردات . بمعنى ( عولمته ) وفق المفهوم الحالي . ولم يستثن أي مجتمع بشري في أي مكان وزمان من قيام إلى جانب نمط الحياة الاقتصادية الاجتماعية السائدة ، ظهور قيم وعادات وتقاليد ذات قدسية زمنية ، تناقلت مع الأجيال كمورثات تمثل في مضمونها مجموعة ، قوانين موضعية آنية تتحكم في تطبيقها حرفيا كل مكونات المجتمع البشري وتركيبه الطبقي على السواء ، بدءا من البُنى التحتية المتمثلة بطبقتي العبيد والاقنان المسحوقتين معاشياً والمسلوبتين إراديا ، ثم طبقة المزارعين والحرفين وصغار الكسبة ، وأخيرا الشريحة السلطوية الحاكمة من الملوك والأمراء والشيوخ والسراكيل وغيرهم من الموظفين العاملين بأمر الشريحة المذكورة .
بمعنى إن العولمة الحالية للنظام الرأسمالي بسلبياتها وايجابياتها هي الامتداد الطبيعي عبر المراحل الزمكانية للمجتمع الإنساني . ولا بد لانتقال المجتمع البشري إلى نظام اقتصادي واجتماعي وسياسي وإداري حاملا معه مفاهيم وقيم وعادات تلائم آليات التقدم في النظام الاشتراكي الأقرب نسبيا في تحقيق العدالة الاجتماعية والذي تتساوى فيه حقوق الإنسان وبنسب معينة وبوتائر انسيابية متداخلة . أي لا يوجد فواصل زمنية ومكانية بين مرحلة وأخرى على مر التاريخ واستمرارية الحياة في كوكبنا هذا . وهكذا تبقى الأنظمة المذكورة وعلى التوالي ارحاما لولادات جديدة مع خصائص جديدة لتلك الإفرازات والظواهر المذكورة ولها مكانتها واحترامها لعدة أجيال وبدون انقطاع .
وأخيرا لابد إن نقول إن المادية التاريخية كظاهرة علمية لحركة المجتمع الإنساني الديناميكية،تبقى ميدان الحياة المطلق مساحة ،لأنها تمثل القانون الحي المتفاعل رغم التباين المهم في التطبيق في كل مجتمع وحسب ظروفه وبيئته الجغرافية والمناخية والفكرية ولا غير ذلك.وما تفرزه من المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية والفكرية،هي بمثابة آليات مشاعة للبشرية،أي أممية بالمعنى السائد.عالمية التحقيق مستقبلا والمقصود(العولمة أيضا).

                                               


                                                                يوسف زرا
                                                          القوش 19/5/2010[/size]

82
            مخاض الانتخابات والصراع الكراسي

اذا كان العنف الطائفي والمذهبي قد رسا على قواعد وقناعات لبعض القوى والاحزاب السياسية ذات النفوذ الديني ، واصبح استخدامه هو الوسيلة الوحيدة للوصول الى دست الحكم والتحكم بمصير هذا الشعب دون النظر الى الوراء قليلا،وما الت اليه الحالة للسنيين الاربع الماضية بصورة خاصة للبرلمان المنتهية دورته في الشهر الماضي ، ورئيس الوزراء هو الاخر المنتهية ولايته بعد الانتخابات التي جرت في 7\3\2010 .
فان مايمكن قرائته في الافق السياسي القريب هو بدء سلسلة من الصراعات الدموية كوسيلة مهيئة مسبقا لكل كتلة للضغط على من ينافسها على تولي المناصب السيادية الثلاثة ،رئاسة جمهورية ،رئاسة الوزراء،رئاسة البرلمان. وفق المفهوم القانوني الذي يحددها للاغلبية النسبية في البرلمان المنتخب الجديد ،ولم تتمكن أي قائمة تحقيق ذلك لعدم حصولها الاغلبية الساحقة. فان اللجوء الى التكتل اصبح العامل الوحيد لكسب المعركة مع الاستفادة من الضغوط الارجية للدول المجاورة والمشخصة مسبقا لاي واع ومتتبع للسيناريو السياسي . وماهو مخطط له في الاقبية السرية للمخابرات الغربية وبعض الدول الشرق الاوسطية المكشوفة ايضا. فان الكتلة الموالية لايران لابد ان تلجاء الى منطوق قانوني يمكنها من تشكيل الحكومة الجديدة برئاستها ،اي تحقيق شرعية الكتلة البرلمانية وليس القائمة المتقدمة بفارق ضئيل من الاصوات وشرعيتها الرسمية ،وان القائمة الكردستانية لها شروطها الخاصة وبامكانها الضغط على اية كتلة للدخول معها في الحكومة الجديدة.
ورغم التصريحات التي توالت عقب اعلان نتائج الانتخابات المذكورة بان السلطة ستنتقل سلميا وبالذات على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية ولايته. الا انه ما افرزته الايام الاخيرة من اعمال العنف والجريمة الموجهة في بغداد خاصة والتي كانت المحصلة ليومي 6\4\2010 عشرات الشهداء والجرحة.
ففي هذه الحالة من الصعب التكهن بمستقبل الديمقراطية السياسية ومسارها السلمي الذي ينتظره الشعب العراقي بكافة مكوناته الاجتماعية والسياسية والدينية ، والذي كاد ان ينفذ صبره من كثرة التصريحات الطنانة والوعود الفارغة من قبل رؤساء القوائم المتنافسة في العملية الانتخابية ، وخاب امل غالبية القوى السياسية والشخصيات الوطنية والديمقراطية من النتائج التي ظهرت دون ان يكون ولو ممثل واحد لها في البرلمان الجديد، أي بمعنى ان الكتل الاربعة –الائتلاف الوطني العراقي،العراقية،قائمة دولة القانون،والتحالف الكردستاني. التي حصلت اكثر من 90% من مقاعد البرلمان.
وان غياب القاسم المشترك المطلوب وجوده بينها،هو مصلحة الشعب والوطن العليا فوق مصلحة أي طرف سياسي ،كالهوية الوطنية في المقدمة واحترام الديمقراطية بأوسع مفاهيمها والذي اقرها الدستور العراقي كوثيقة تاريخية لبناء دولة فيدرالية معاصرة وفق منظور تعددي سياسي وقومي تمثل في جميع مؤسساتها ( الدستورية ، التشريعية ، التنفيذية والقضائية) جميع مكونات هذا الشعب دون النظر الى الاكثرية والاقلية بل مفهوم الحسابي البسيط ، كمبدأ ثابت الشخص المناسب في المكان المناسب . مع احترام خصوصية كل مكون من الناحية الاجتماعية والعقائدية.
ولابد من احترام هيبة دولة القانون والسلطات المذكورة ، والسعي الى جعل العراق جمهورية ديمقراطية فيدرالية ذات السيادة ، والتعجيل باستقرار الامن والعمل على ازدهار الاقتصاد المترنح . مع تكفل الحكومة القادمة بالضرب بيد من الحديد على قواعد الارهاب والجريمة المنظمة والفساد الاداري والمالي ،وانهاء حالة الاحتلال الاجنبي للوطن ، والتخلص من البند السابع الذي هو الاخر يقيد ازدهار الاقتصاد ويقلل من الاستثمارات المالية وغيرها .
واذا اخذنا بنظر الاعتبار الاحداث المؤسفة التي وقعت في الايام الاخيرة في بعض المدن ومنها العاصمة بغداد بالذات ،وذلك بعد شهر واحد من انقضاء عملية الانتخابات ،وراح ضحيتها العشرات لا بل المئات من الشهداء والجرحة ونسف دور السكن. فهذا مؤشر مؤلم وخطير يحمل في طياته استمرار لا بل تصعيد مكشوف لأعمال الاغتيالات والقتل الجماعي للذي هو في صلب حلبة الصراع من روئساء القوائم والكتل السياسية المئتلفة بها ،والتحدي السافر لقوى الارهاب بافشال  التجربة الديمقراطية الفتية في العراق ، وابقاء الوطن ساحة صراع بين مكوناته الاجتماعية والسياسية داخليا ودور بعض دول الجيران السلبي بذلك.
فان تجربة الشعب العراقي بقرابة قرن من الحكم الوطني ، ومارافق هذه المسيرة الطويلة والشاقة من النضال الدؤوب لقواه الوطنية والديمقراطية من اجل قيام نظام حكم جمهوري ديمقراطي فيدرالي تسوده العدالة الاجتماعية والامن والازدهار الاقتصادي ،ولاشك بان المقومات المادية للثروات الوطنية الهائلة التي يمتلكها العراق ،كفيلة اذا استثمرت بشكل علمي وعملي لاصبح هذا الوطن وشعبه قبلة أنظار العالم .
فلا بد لقادة الحركات والاحزاب السياسية الوطنية الانفتاح على البعض واحترام حق الشعب العراقي في العيش الكريم والامن الدائم .
فان استقطاب معركة الكراسي وفرض الزعامات بوسائل غير ديمقراطية ليس في مصلحة أي طرف مهما كان نفوذه السياسي والاجتماعي .فان ادراك ذلك من قبل الجميع وفي هذا الظرف بالذات هو تكريس الديمقراطية  وخدمة الانسان كأسمى هدف ويفوت الفرصة على جميع اعداء الشعب والوطن



                                                                 يوسف زرا _القوش

83
للتاريخ خزين هائل من الاحداث اليومية ولقرون عديدة لمسيرة الإنسان ... هذا الكائن الغريب والعجيب في طباعه وسلوكه الاجتماعي والفكري والنفسي وبمزاجه المتقلب،والتي أفرزته هذه الصفات وميزته عن باقي الأحياء رغم ارتقائه سلم التطور وجعله أرقى الكائنات الحيًّة في التحسس والوعي والإدراك لما حوله من بعيد وقريب،وجعلته في كثير من المواقف الفردية والاجتماعية أسير ذاته ضعيفاً أمام شخصيتهِ القائمة على جملة من الأعراف والقيم والتقاليد وليدة المسيرة الاجتماعية الطويلة لأجيال وأجيال،لا يقوى على التخلص منها ما لم تُلبي حاجة كل جيل منه. إلا لقلة من جنسه تمثل نُخبة طليعية متقدمة فكرياً وإدارياً بين حين وآخر،وكما شخصها الكثير من علماء وفلاسفة الفكر والمجتمع وفي مقدمتهم الفيلسوف الإغريقي أرسطو طاليس قبل أكثر من 2400 عام. لتكون هذه النخبة كشمعة تسير بكل شجاعة وإقدام داخل نفق مظلم لا نهاية له،تضيء درب المواكب والقوافل من الأجيال البشرية المتعاقبة وبدون مقابل معنوي أو مادي ،وأشهر مقولة لهذا الفيلسوف هي (في كل مكان وزمان دولة ورجال...ولكل أمة آحاد) والمقصود بالدولة هي (المكون التاريخي للعقد الاجتماعي الإنساني) و(الرجال والآحاد) هم القدوة والصفوة الكفوءة لقيادة تلك الدولة والمجتمع.
 وبعد هذه المقدمة البسيطة .لابد ان اعرج الى مضمون المقال الذي جاء على شكل سؤال لمن يعمل في حقل السياسة وقيادة المجتمع,وفي اعتقادي لا زلنا نفتقر لمثل هؤلاء الرجال والآحاد لقيادة المجتمع وحسب الزمان والمكان ومتطلبات العصر. وان تواجد مثل هؤلاء , وهل تسنح لهم ظرووفنا الحالية تولي المسؤلية؟
وها نحن في نهاية العهد الاول من الالف الثالث الميلادي,ومجتمعنا العراقي وبكل مكوناته الاجتماعية والدينية والقومية يخوض تجربة قاسية ومخاظ عسيرا,قل من الشعوب مرت بها,وهي في عمق الانقسام والتجزئة في وحدته الاجتماعية والسياسية والفكرية .لا بل وصلت الحالة به وكما يضرب المثل به(وصل السيل الزبى).وكانت الحرب الاهلية والطائقية والمذهبية تعصف بيه, وذلك بعد سقوط النظام السابق في 9\4\2003 على يد القوات المحتلة والمتعدة الجنسيات وقيادة الولايات المتحدة الامريكية,القطب الاحادي والمتحكم بامور المجتمع البشري بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية المنطوية تحت مظلته حتى عام 1990 م.
فكان امل الشعب العراقي وقواه الديمقراطية والوطنية التخلص من الدكتاتورية المقيتة،واقامة دولة القانون والديمقراطية وجمهورية فيدرالية موحدة ، تتطلع الى بناء مجتمع متاخي القوميات والاديان ليعوض مافاته من ايام الحروب والنزاعات الدموية الداخلية والخارجية.والتي خاضها النظام المذكور طيلة العقود الاربعة من حكمه دون الرجوع الى ارادة الشعب واستشارة قواه الوطنية المخلصة،وما خلفته ملايين الضحايا من ابناء شعبنا العراقي بكل مكوناته التاريخية وبدون تمييز.ملايين الشهداء من الشباب والرجال والنساء والاطفال،وملايين الارامل من الزوجات والثكلة من الامهات.علاوة على مئات المقابر الجماعية من قادة واعضاء الاحزاب والحركات السياسية الوطنية العاملة على ارض الواقع،والتي كانت ولازالت تمثل جميع المكونات الاجتماعية والقومية والدينية لشعب العراقي منذ قيام الحكم الوطني في عام 1921 والى هذا اليوم.
ذلك النظام الهمجي الذي دخل التاريخ من بابه المظلم ،والذي لم يرحم قائده حتى من بني جنسه ودينه ومذهبه وابناء عمومته ممن ناهضوه وعارضوه بهذا الشكل او ذاك. لا لانه كان منصفا لايميز في تعامله بين ابناء هذا الشعب .بل كان شخصا فاقدا الهوية الانسانية.ولا يشفي غليل صدام حسين الرجل الاول في الحكم ويروي داء عظمته ما لم يرى سيل الدم يجري امامه في كل لحظة .
فكانت النتيجة وبدون استثناء التشرد والتشتت الداخلي والهجرة الى الخارج من جميع اطياف وطبقات المجتمع، وكازورافات متنوعة متباينة منها ومتجانسة غيرها تائهة في ارض الله لاهدف يجمعها سوى النجاة من الظلم القائم وطلبا للامن والاستقرار البسيط والعمل على تحصيل لقمة العيش كقوت لايموت لغالبية الفئات المسحوقة اقتصاديا واجتماعيا .
وهاهو التاريخ يعيد نفسه وبابشع صورة طيلة السنوات السبع من بعد سقوط النظام. ماانفكت الجريمة المنظمة والموجهة في القتل الجماعي والفردي تمارس من قبل عدة جماعات متطرفة وبمسميات مختلفة.منها مكشوفة الهوية وباسم الدين وغيرها مستورة ،تلتقي جميعها في بث الارهاب على ساحة دول المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة، واصبحت كافة مدنه الرئيسية ان لم نقل امتدت ظاهرة القتل المذكور على الهوية القومية تارة والدينية تارة اخرة  والمذهبية ايضاً وبدم بارد،امتدت الى الكثير من القصبات والقرى الكبيرة في غالب محافظات القطر عدا اقليم كردستان والذي ينعم بقسط كبير من الامن والازدهار العمراني والاقتصادي ومنذ اواسط تسعينات من القرن الماضي بعد فرض حضر أي نشاط عسكري لحكومة صدام شمال خط عرض 36 من قبل القوات الامريكية والمتحالفة معها انذاك .
الا انه رغم ان الجريمة المذكورة المرتكبة يوميا باسم القاعدة وباسماء دينية متعددة، ورغم شمولها كافة ابناء الشعب العراقي نسبيا.الى ان الاقليات الدينية والاثنية (القوميات الصغيرة) ذات الجذور والاصول الاجتماعية العميقة في تربة الوطن،قد طالتها الجريمة المنظمة وبصور بشعة طيلة الاعوام المذكورة، وبالتحديد محافظات نينوى في المقدمة وكركوك والبصرة وبغداد العاصمة بالذات. والتي يعيش فيها الكلدان-الاشورين-السريان-واليزيدية-والصابئة.وامتدت احيانا باسم الطائفية والمذهبية كصراع داخلي الى التركمان والشبك.وكانت مدينة الموصل بالذات مسرحا مكشوفا لمجموعات مسلحة تمارس القتل بحق المسيحين على مستوى الافراد والعوائل بالدرجة الاولى،وسكان اصلين فيها.مما اضطرت مئات لابل الالاف العوائل ولعدة مرات في السنتين الاخيرتين هجرة مدينتهم بصورة جماعية وكأنهم مجموعات من كائنات حية ضمن محمية طبيعية  لاحول لها ولاقوة ،وهاجمتها كواسر فضاقت بهم الارض وتاهوا في القرى و القصبات الشبه امنة ضمن محافظات نينوى ودهوك واربيل وبصورة مؤقتة ، لربما تتحرك السلطات الامنية المختصة في المحافظات المذكورة وتضع حدا لهذه الحالة ، وتحيل الجناة بحكم العدالة وتحقق الامن والاستقرار لهم .
وان تاطيرنا لهذه اللوحة البشعة للارهاب المنظم ضد تلك الاقليات المذكورة هو بسبب كونهم أناسا عزل ومستهدفون مباشرة . وليس معنى ذلك ان الجريمة لم تطل البقية من ابناء الشعب العراقي من قوميتين الكبيرتين العرب والاكراد، لان القتلة لا اخلاق لهم ولايرحمون احداً.
وان استهداف هذه المكونات الصغيرة وبهذا الظرف بالذات لابد ورائها اهداف وغايات بعيدة خارج حسابات القوى الوطنية والديمقراطية العراقية للقوميتين المذكورتين على ارض الواقع ولارباك المسيرة الديمقراطية خاصة .
ولكن الذي يؤسفنا ومعنا كل انسان شريف ومخلص لوطنه وشعبه ،ان الاجهزة الامنية المختصة لحد هذا اليوم لم تكشف تحقيقاتها عن هذه الجماعات والجهات التي ترعاها داخليا وخارجيا ، سوى مايذاع عبر اعلام بعض الفضائيات العاملة في المنطقة وبعبارات:تم القاء القبض على كذا وكذا من المجرمين .دون ان يعكس ذللك على ارض الواقع تغير في الوضع الامني ولو لشهر واحد في مدينة الموصل بالدرجة الاولى. مما استحالة السكوت الى مالا نهاية لكثير من الحركات والاحزاب والشخصيات الوطنية السياسية والاجتماعية وحتى الدينية وبدافع انساني وقانوني. الى طلب وبالحاح ملاحقة الجريمة بصورة جدية.
ولانغالي ان قلنا ان المحفل الدولي اصابه الشك وعدم الثقة بالسلطات الحكومية في المناطق المذكورة او بضعفها و عدم قدرتها على حفظ الامن وسلامة حياة كل مواطن وبدون استثناء او تمييز بين الدين والمذهب والقومية والعرق واللون والجنس كما نصت المواثيق الدولية المعترف بها من قبل الدولة العراقية ،ومنها لائحة حقوق الانسان الصادرة عام 1948 والتي تنص فقراتها الثلاثين،حق الحياة والحرية لكل انسان وبالعيش الكريم وبحقوق متساوية بكافة مجالات الحياة.
واخيرا لابد ان نقول. باننا كل ثقة بكافة المسؤوليين في هذه المحافظات المذكورة وباجهزتها الامنية والتي هي الاخرى قدمت اثناء الواجب المقدس القرابين الكثيرة دفاعا عن الوطن والشعب على يد الارهاب والجريمة المنظمة.
ونطمح مع كل شريف ومخلص بالعيش الامن والتاخي الصادق بين جميع مكونات هذا الشعب الصامد ، والى اقامة دولة ديمقراطية فيدرالية يسودها القانون ويعمها الازدهار والرقي في كافة مرافق الحياة........وشكرا.
                                              

                                                                             يوسف زرا _ القوش

84
لن تنضُبَ الينابيعُ ...... يا وطني

كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
وآيا إلهُ المياهِ
منذُ قرارِ الآلهةِ
ولازالَ سيدُ سماتُكَ
سيدُ المطرِ

كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
وأددُ إلهُ الزوابع ِ
قبلَ الطوفان ِ
ولازال يرعدُ ويزمجرُ
بين غيومِكَ
يا مهدُ الأساطيرِ

 كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
وأشنانُ إلهُ الزرع ِ
ومنذُ عهد سومر وأكد
حليفُ مزاريبِ الربيع ِ
وغدرانهُ
وسيلُ الأعاصير

كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
واوركُ محط آلهتهِ
وعشتار في معبدِها الأبيض ِ
في شروباكِ تصلي
وتناجي حبيبها ديموزي
هيا بنطفةٍ
لنجدِدَ الأسفارِ

كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
وندفُ الثلج ِ
لازالت في الشتاءِ تُغطي
قِمَمَ جبالِكَ الشماءَ
وسهوبِكَ الفسيحة
ووديانك الخُضرِ



كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
والأيلُ لا زال
يرقصُ للشمس ِ
فوقَ التلال ِ
فوقَ المحمياتِ
وبين قصبِ الأهوارِ

كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
والفراتُ حين ودعُ أريدو
كان يحيَّ بابلَ
يسقي روضها
وجنائنُها
تفيض بالأنهارِ

كيف تنضُبُ الينابيعُ ...... يا وطني ؟
ودجلتكِ يا بغداد َ
لازال يمرُّ أمام نينوى
يحيَّ سورها العظيمَ
ويصرخ بوجهِ الأشرارِ ..... مُردداً
هذا أنا والفراتُ معاً
نظلُ نسقي
ونسقي و نسقي
ارضَ سومرَ
ارضَ أكدَ
ارضَ بابلَ
ارضَ أشورَ
بالدم ِ المخَمرِ

وشعبُكَ يا واديَّ الرافدين ِ
بكل مكوناتهِ
والأبرارُ معاً
ينادونَ
شعبٌ واحد
وطنٌ واحد
يا عراق ...... يا عراق
يا متحدي الأقدارِ .
                                                                                 يوسف زرا
                                                                               القوش / 2009   








 

                                                                               




85
وَداعاً لعامِ الدماءِ بلا دموعٍ
            يا 2009

وَداعاً لأنينِ طفلٍ مُقمطٍ
لم يَرَ أُمُّهُ
حينَ صَبَّت في فمِهِ من ثَدييها
قطراتُ عصيرٍ أبيضَ
ثم هوت برصاصةِ قناصٍ جبانٍ
وجرحُ صدرها
ظلَّ وظلَّ
ينزفُ الطما والغرينُ الأحمرُ

وداعاً للحظةِ تأملِ الحياةِ
لعروسين عراقيينِ
ينظران البركة
في هيكلِ العبادِ
زفتهما هلاهلٌ خرساءَ
لشظايا قذيفةٍ
سقطت قربهما
وفرَّ الجُناة

وداعاً لبابِ مدرسةٍ مهشمٍ
وداعاً لصفٍ مهدمٍ
وداعاً لكتابٍ ممزقٍ
وداعاً لقلمٍ مكسورٍ
وداعاً لمعلمٍ جريحٍ
وداعاً لدمِ البراعمِ
مسكوبٍ على الجدرانِ
وعلى مناضدهم الخشبية

وداعاً لنهايةِ شيخٍ وقورٍ
حضِنَ حفيدهُ
بيَدَيهِ المرتجفتين
وعَبَرَ الرصيفَ
ثم سقطَ مغشياً عليهِ
أمامَ عربةٍ مُجنزرةٍ
وقبل الاستشهادِ
صاحَ
أنا التاريخُ
أنا العراقُ
البيتُ لنا
الأرضُ لنا
لكمُ الموتُ الشنيعُ
يا غُزاة ... يا قُساة
ولم تغمظ جفناهُ

وداعاً لعامِ الدماءِ بلا دموعٍ
يا 2009




                       يوسف زرا
               القوش 27/12/2009
 


 

86
تشرينان : وقانون انتخابي واحد

كان لانتفاضة تشرين الثاني عام 1952 أثرها البالغ في توحيد كلمة جميع القوى الوطنية والديمقراطية العراقية على اختلاف مناهجها السياسية والاجتماعية والفكرية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي تمكن من قيادة هذه الانتفاضة واستعاد مكانته وقدرته النضالية بعد الانتكاسة الكبيرة التي حلت به إثرى إعدام كادره القيادي التاريخي ( فهد - حازم - صارم ) عام 1948. وكان الوعي السياسي والوطني لغالبية الأحزاب الطبقية،القومية،واللبرالية قد أمتد إلى البني التحتية لسائر الجماهير العمالية والفلاحية والطلابية على طول وعرض ساحة العراق،حتى شملت الانتفاضة غالبية مدن وقصباته وبلغ تحدي الأحزاب الوطنية في أوائل شهر تشرين الثاني من العام أعلاه أوجهه حين أعلنت مقاطعتها لانتخابات أعضاء البرلمان المزمع إجراؤها لاحقا،وذلك بسبب غياب الديمقراطية السياسية وحرية الرأي وطغيان الإرهاب وسيادة القوانين الرجعية وتفشي البطالة والهجمة الشرسة على القوى الوطنية بصورة عامة. فكان لابد أن تسقط حكومة مصطفى العمري حين تأكد لدى الطغمة الملكية الحاكمة أن الأمور قد تتطور لغير صالحها وتفقد أجهزتها القمعية (الأمن والشرطة) السيطرة على الوضع رغم استخدامها كل الوسائل الهمجية والوحشية في التصدي لغضب الشعب العراقي،وامتدت الحالة حتى أواخر تشرين الثاني وسقط العديد من الشهداء والجرحة لمجمل الحركة الوطنية.
وبهذه المناسبة المؤلمة لمرور أكثر من سبعة وخمسين عاماً لإحدى بطولات وصولات شعبنا الجبار وقواه الوطنية،فلازال المشهد حياً أمامي حين كنت طالباً في الصف الرابع أدبي في إعدادية الجعفرية- القسم المسائي،والتي كان لطلبتها البواسل المساهمة الفعالة إلى جانب باقي طلبة الثانويات والمعاهد والكليات في هذه الانتفاضة،حين تدفق سيل المئات منهم والتحم مع الجماهير الهادرة نحو الاستعلامات البريطانية الواقعة في شارع الرشيد وتم حرق محتوياتها وسط الشارع المذكور والتي كانت تشغل طابقين من عمارة في منطقة من بعد سوق الشورجة غرباً،ولم تتمكن عصابات الشرطة الخيالة والأمن المشاة من اقتحام المظاهرة أو تفريقها. كما عجزت سيارات الإطفاء من الوصول إلى المنطقة لأن جميع المنافذ المؤدية إلى الموقع كانت مغلقة وتحت قبضة المتظاهرين.
فكان للقوانين الرجعية السائدة وانعدام أبسط مفاهيم الديمقراطية،أهم الأسباب الرئيسية لعدم انتخاب مجلس نواب بصورة نزيهة وحرة،وتزيف إرادة الشعب بوصول عناصر غير كفوءة وغير صادقة في تحقيق مطالب القوى والأحزاب الوطنية القائمة لانبثاق مجلس وحكم وطني يخدمان الشعب ويحترمان إرادته ويصونان كرامته ويحققان له العيش الرغيد.
إلا أن النظام التجئ إلى تشكيل حكومة عسكرية (كانقلاب لتبديل وجه الحاكم) برئاسة الفريق الركن نورالدين محمود الذي كان رئيساً لأركان الجيش آنئذ،فأعلنت حالة الطوارئ والأحكام العرفية،وانتهت الانتفاضة التاريخية بشن حملة اعتقالات واسعة شملت الكثير من القادة السياسيين وقيادات عمالية وطلابية وفلاحية وشخصيات وطنية مستقلة،وصدرت أحكام جائرة بحق الكثير من السجناء وبمختلف المدد وإعدام عدد من قادة الانتفاضة. إلا أن الجذوة       الثورية للقوى الوطنية وأحزابها التقدمية بقيت كالنار تحت الرماد.
فها هو المشهد يتكرر على أرض الوطن بعد قُرابة الستة عقود من السنين وخلال تشرين ثانٍ آخر،ولكن من غير أن تنزل الجماهير إلى الشارع،ومن غير أن تُقمع الحركة الوطنية بالحديد والنار ولها حساباتها.
ولكن ثانيةً،المشهد الحالي لا يقل بشاعة عن سابقه في إصرار القوى غير الديمقراطية والعناصر الإرهابية المدعومة من الخارج ومعهم الاحتلال الأجنبي كلها تصرُّ على التلاعب بمواد قانون الانتخابات ومع سلبياته،وبأي ثمن كان بغية تحقيق هيمنتها على مجلس البرلمان القادم،وذلك بتزييف إرادة الشعب ثانيةً عبر قانون مفروض بصورة ديمقراطية شكلية مشوهة،وتهميش دور القوى الديمقراطية الوطنية التقدمية في الحصول على النسبة المستحقة في المجلس القادم علاوة على الإصرار على مسخ وتهميش مكانة المكونات الأقليات الاجتماعية والدينية والقومية ذات الجذور التاريخية في أرض الوطن ومنها- الكلدو أشوريين سريان واليزيدية والشبك والتركمان والصائبة وغيرهم.
ونحن على إطلالة الشهر العاشر من عام 2009 فما أشبه اليوم بالبارحة مع اختلاف الزمن وميزة العصر وتقلباته. ولكن عجلة التاريخ وحركة المجتمع في كل زمان ومكان لا يمكن أن تتوقفا وإن تعتريهما بعض المحاولات في إبطائها من قبل الذين يجهلون معنى عجلة التاريخ لا غير.



     
                                                                  يوسف زرا
                                                     القوش في  27/تشرين2/2009 [/size]

87
    ماذا في إستراتيجية لعبة الأوراق .............؟؟

إلى ما قبل عقد من الزمن كانت أراضي سوريا موطنا ًللمعارضة المسلحة لفصائل حزب العمال الكوردستاني التركي . وبعد استفحال خطر تهديد تركيا لاجتياح الأراضي السورية بغية القضاء على فصائل وقواعد الحزب المذكور وإجباره على تجميد نشاطه المسلح ؛ ومنع تدريب كوادره داخل الأراضي السورية ومن ثم خروج قيادته منها مضطرة ؛ مما أدى إلى تمكن المخابرات الغربية وغيرها من إلقاء القبض على الزعيم السياسي والرجل القيادي الأول للحزب (عبدالله اوجلان) على أراضي كينيا الأفريقية والحكم عليه بالسجن المؤبد ونفيه إلى جزيرة امريل التركية .
من هنا بدأت لعبة الأوراق بين قيادتي الدولتين (تركيا وسوريا) وعلى عدة طاولات , تارة من منطلق امن تركيا باعتبارها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط الوريثة للإمبراطورية العثمانية التي امتد نفوذها العسكري والسياسي عدة قرون على كامل الأراضي لدول الشرق أوسطية عامة والعربية خاصة. والأراضي السورية التي كانت ولازالت تمثل مع العراق الواقعة على امتداد الخط الأمامي الفاصل بين الإمبراطورية المذكورة والعالم العربي وظلت الحكومات المتعاقبة على قيادة الدولة التركية الحديثة بعد سقوط نظام الخلافة العثمانية فيها . ترى انها الدولة الكبرى في المنطقة إلى جانب الاستعلاء العنصري والاثني التركي على غيره من شعوب المنطقة وخاصة العربي الذي كان لأمرائه وشيوخه الدور المباشر والفعال في التحالف العسكري مع الحلفاء في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 . فظل الحقد دفينا ً لمدى أجيال حتى لدى البنية التحتية الساذجة والفوقية الواعية سياسيا واجتماعيا ً على غير العنصر التركي .
ولا شك بأن قيام دولة إسرائيل على ارض فلسطين عام 1948 , كانت الفرصة الذهبية الأولى لتعبر الحكومات التركية المتعاقبة ضمنا وبشكل شبه مكشوف , بأن إسرائيل لابد أن تكون الحليف المركزي الأول لها في المنطقة (الشرق الأوسط) للانتقام من شعوب الدول العربية بصورة خاصة ضمن إستراتيجية طويلة الأمد في تحقيق الأهداف المرسومة لها سواء كانت عسكرية تارة واقتصادية أو أمنية تارة أخرى .
إن ذلك يعطي الخيار للدولة التركية باستعمال أوراق أخرى للضغط على دول الجيران الجنوبيين لها ومنها سوريا والعراق والذي أُستُغِلَ في الآونة الأخيرة وبشكل مكشوف , محاولة الحكومة السورية ومنذ سقوط نظام حكم صدام حسين على يد جيوش التحالف الغربي بقيادة الولايات الأمريكية المتحدة الحليف المركزي للدولة التركية من بعد الحرب العالمية الثانية والى هذا اليوم.
بحكم العقيدة السياسية ذات الصبغة القومية المشتركة بين قيادة الدولتين سوريا والعراق (حزب البعث العربي الاشتراكي) ورغم الخلاف الشديد بين القيادتين - حافظ أسد سوريا- وصدام حسين العراق . إلا أن سقوط النظام القومي الصدامي في العراق لم يلغي المسؤولية الأخلاقية والسياسية لقيادة سوريا الحالية من احتضان قيادة شقي البعث العراقي المنحل والموجودان على أراضيها , والتعاطف معها والسماح لكوادرهما السياسية وأجنحتها العسكرية مع ضرب القيادة السياسية والعسكرية العراقية ومحاولة إسقاطها مما أدى إلى تحرك تركيا كدولة جارة للطرفين والسعي لقيام تحالف ستراتيجي ثنائي بينها وبين سوريا , يخدم الطرفين بصورة خاصة والمنطقة بصورة استثنائية على حد تعبير الطرفين .
ولاننسى أن تركيا ومنذ سنين عديدة تلعب بورقة اقتصادية مهمة للضغط بها على العراق بشكل رئيسي , وهي ورقة حصته أي العراق من مياه نهر الفرات الشحيحة وما خلفته من أضرار جسيمة من تلف مساحات كبيرة من المزارع والبساتين , الواقعة ضمن حوض النهر المذكور منذ دخوله الأراضي العراقية مارا ًبالمنطقة الوسطى والجنوبية والى نفوق قطعان الماشية , وجفاف منطقة الاهوار , وبعد ذلك توجيه ضربة قاتلة لاقتصاد المنطقة وخسارة كبيرة للثورة الزراعية والسمكية والسياحية وتشرد سكان الاهوار .
ولم تكتف تركيا من استخدام عدة أوراق قديمة وجديدة ضد الطرفين عراق - سوريا بغية الوصول إلى فرض ستراتيجية الدولة الكبرى في المنطقة والهيمنة عليها اقتصاديا ًوسياسيا وعسكريا إن اقتضى ذلك مستقبلا ً.
وما نزاع سوريا لا بل الحرب والتي لازالت تعتبر قائمة بين العرب عامة وإسرائيل منذ عام 1948 وبين سوريا وإسرائيل خاصة وبقاء هضبة الجولان السورية تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام1967 والى هذا اليوم. واحتضان سوريا لعدة قيادات لفصائل المقاومة الفلسطينية ذات توجهات عقائدية دينية وعلمانية متطرفة بنظر إسرائيل. ولكون تركيا حليفة إسرائيل المهمة والوحيدة في المنطقة . فلابد أن تستغل أيضا ورقة المياه مع العراق وورقة السلام في الشرق الأوسط والمقصود مع سوريا الدولة الرئيسية ذات الحدود المشتركة وحالة الحرب غير الساخنة لازالت قائمة بينهما إلى جانب دولتي مصر والأردن والمعلوم بعلاقتهما مع إسرائيل ولبنان الدولة الضعيفة من كل الجوانب .
وفي هذه الحالة . فلابد من استذكار الماضي غير البعيد لما كان سائدا من النفوذ الغربي في منطقة الشرق الأوسط في النصف الأول من القرن الماضي ولغاية قيام ثورة 14 تموز 1958 في العراق والتي قلبت جميع الموازين في المنطقة لفترة قصيرة , وتساقطت رموز سياسية كثيرة فيها كانت تمثل مصالح تلك الدول الاستعمارية الغربية عامة والبريطانية والأمريكية خاصة .
والسؤال الذي يفرض نفسه على ارض الواقع هو :
هل الإستراتيجية الثنائية المعلنة قيامها بين سوريا وتركيا مفتوحة لانضمام غيرها إليها وخاصة المقصود العراق ثم إيران هو إحياء لحلف بغداد العسكري الذي قام سنة 1955 بين كل من العراق وإيران وباكستان وتركيا ومشاركة بريطانية وأمريكا وبتخطيطها المباشر ولغاية معروفة في حينها - تطويق الاتحاد السوفيتي - عسكريا. وسقط بعد ثورة 14 تموز 1958 وسمي بعد خروج العراق منه بحلف المعاهدة المركزية بين الدول الباقية الثلاث.
والإستراتيجية الجديدة هي حلف ذات طابع اقتصادي وسياسي وامني يخص الدولتين . أم هو بمفهوم خدمة للمنطقة, أي القضية الفلسطينية وفرض السلام الإسرائيلي على ارض الواقع ولا مانع لسوريا بتحريك تركيا بهذا الخصوص لأنها الأضعف تجاه إسرائيل. والعراق في دوامة وحالة سياسية وأمنية واقتصادية غير مستقرة ................

      أم ماذا.....................؟






                                                يوسف زرا

                                         القوش 18 / 9 / 2009





88
أتاريخ ظالم  .... أم نحنُ الظالمون ؟
[/size]

وأنا أتصفح جريدة فجر الكلدان الغراء،الناطقة باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني العدد (60) السنة السادسة 2009.واذا بمقالين بعنوانين بارزين في كل من الصفحة 4 و 5 .وكانت مفاجئة لي وفي هذا الظرف بالذات،لما انفرد كل من الكاتب باسم (برعيتا) في المقال الأول الذي جاء بعنوان- الجدال الأزلي الكلداني الأشوري،والمقال الثاني تحت عنوان- الكلدان بين الأُصلاء والسُفهاء- بقلم (بابلي أصيل).
لم تكن دهشتي من العنوانين اللذين في محتواهما التاريخي،مرتبط بفترات مظلمة وقاسية،عاشها أبناء جلدتنا وبأي تسمية سميت سابقاً وتسمى حالياً. بل لأنه في نظري توظيف غير ملائم لما آلت إليه هذه الأمة (بمفهومها السياسي والاجتماعي) وما حلَّ بها من التمزق والتشتت في البنية التحتية الساذجة والفوقية المثقفة والواعية لمجتمعنا في داخل الوطن الأم وفي شتات المهجر. واذا كان ما يبرره التاريخ ونتيجة سلوك وتصرفات بعض قادة وحكام تلك الفصائل ذات الانتماء الاثني والجغرافي الواحد،فلكل عصر مميزاته وتقلباته. ولكن استمرار هذا التمزق وهذه التفرقة إلى يومنا هذا ليس له مبرر سوى العنت وتوظيف الجهل المطبق في حياتنا اليومية مِن قِبَل مَن هُم في الخط الأمامي لهذه الفصائل التي مَنح لبعضهم الزمن من غير استحقاق أو باستحقاق بتحمل المسؤولية السياسية والاجتماعية والدينية والاستئثار بهذه المسؤولية التاريخية التي لا يمكن أن يغفر لها أحد ولما هو قائم ويَنخُرُ بجسم هذه الأمة التي تتبجح بأصالتها وانتمائها إلى العمق التاريخي لحضارة وادي الرافدين تشخيصاً منذ عهد سرجون الأكدي مروراً بحمورابي وانتهاءً بسنحاريب وأشورباﻨﭙل الرموز الخالدة تمجيداً لعظمة بابل وأور وأشور ونينوى. لما قدموه للبشرية من العلوم الإنسانية والطبيعية.
أما نحن ومع مزيد الأسف اللذين تمثل البقية الحيَّة من أحفاد تلك الحضارة،بقينا نجترُّ ذلك الماضي وكأنه جرعة منعشة كي نفيق من سباتنا ونبدأُ حياة جديدة مع باقي مكونات مجتمعنا العراقي الجديد دون النظر إلى الماضي ومأسيه وتقلباته،والى حاضره الذي يباع ويشترى به في أرخص الأسواق السياسية والفكرية دون الشعور بنتائج هذه المؤولية وعواقب سلبياتها على الجميع.
لا زلنا تحت كابوس المظالم التي جعلتنا نتناحر فيما بيننا كل يدعي الأصالة لنفسه وأحقيته بقيادة الأمة،والتاريخ يئن من الظلم الواقع عليه منا نحن أبناء التسميات العديدة ويصرخ بنا في كل لحظة (كفاكم نَعتي بالظالم) فأنتم الظالمون لي وظالمون لأنفسكم معاً.
منذ قرون عديدة توارت حضارة أجدادنا تحت أطلال أور وأريدو ونفر وبابل وشروباك وأشور ونينوى ونمرود ومعلثايا. ونحن اليوم نسنُ القامات والسيوف ونَحدُ السكاكين لنجتز رقاب بعضنا الباقي،ولا نلتفت إلى ما يدور حولنا،وكيف لا وهناك مَنْ كان قد راهن منذ زمن بعيد على إبادتنا عن بكرة أبينا،وها قد تنحى جانباً،من بعيد ومن قريب يصفق لنا ومعه أصوات عديدة مشجعة هذا الفريق على الضربة القاضية للفريق الثاني وكأننا في حلبة صراع بين عدوين تاريخيين،لا لغة ولا ثقافة مشتركة لنا،ولا أرض ولا قيم وأعراف تجمعنا منذ ألاف السنين.
أيها السادة المسؤولون. من حقي أن أعود بذاكرتي إلى قبل أكثر من سبعين عاماً يوم كنا نعيش في أقبية مظلمة لا نعرف عن أجدادنا غير تلك المعرفة البسيطة عبر كتب مدرسية عَبَّرَت عنا بشكل هامشي لا غير إلى جانب تحريف وتشويه وطمس معالمنا الحضارية.
كنا في جميع قرانا الكبيرة والصغيرة المتناثرة شمال العراق بين سهوله وجباله ووديانه لا نسمع من بعض إلا تسميات مقرفة فارغة لا معنى لها.هذا طورايا وذاك تيارايا وآخر تخومنايا وغيره جلوايا كأنها زمر تائهة لا صلة القرابة بينها،إلى جانب الجدار الحديدي الذي تمتدُ جذوره إلى قرون وقرون.فهذا آثورايا نسطرنايا وآخر ﭙروطايا وغيره كلذايا بابايا أو سوريايا يعقوبايا. بل كُنَّا نُوبَخُ من قبل بعضهم حين نسأل ما الفرق بين هذه الشرائح وما هي الخلافات،فكانت الأذان صماء والألسن خرساء بخرس أبي الهول.
ألا يكفي ما آل الزمن بنا يا سادة القوم والدين والمذهب ويا سادة السياسة من التشتت وبث الفرقة بسبب النزاع المذهبي،ونحن في العراق الجديد،نلوم وننتقد غيرنا ممن يتصارع على أرض الواقع من منطق مذهبي أو طائفي،والعدو الأكبر الأجنبي المحتل غير المتربصين بنا ممن حولنا ولا حاجة لذكرهم.لا يهمهم جميعاً استقرار وازدهار هذا الوطن بقدر ما يهمهم مصالحهم الذاتية وأطماعهم الجشعة.
وأخيراً أقول.ما هكذا توظف الديمقراطية يا منظماتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية لأبناء جلدتنا من الكلدان،أشوريين،سريان.
ويا ليتنا نعود إلى قبل قرون وقرون حينما كان بعضنا يعانق بعضه في السراء والضراء وتحت تسمية واحدة - سورايا – نعم سورايا لا غير.





                                        يوسف زرا
                                    القوش في 28 / 4 / 2009   
                                   
     
[/size]

89
أتاريخ ظالم  .... أم نحنُ الظالمون ؟

وأنا أتصفح جريدة فجر الكلدان الغراء،الناطقة باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني العدد (60) السنة السادسة 2009.واذا بمقالين بعنوانين بارزين في كل من الصفحة 4 و 5 .وكانت مفاجئة لي وفي هذا الظرف بالذات،لما انفرد كل من الكاتب باسم (برعيتا) في المقال الأول الذي جاء بعنوان- الجدال الأزلي الكلداني الأشوري،والمقال الثاني تحت عنوان- الكلدان بين الأُصلاء والسُفهاء- بقلم (بابلي أصيل).
لم تكن دهشتي من العنوانين اللذين في محتواهما التاريخي،مرتبط بفترات مظلمة وقاسية،عاشها أبناء جلدتنا وبأي تسمية سميت سابقاً وتسمى حالياً. بل لأنه في نظري توظيف غير ملائم لما آلت إليه هذه الأمة (بمفهومها السياسي والاجتماعي) وما حلَّ بها من التمزق والتشتت في البنية التحتية الساذجة والفوقية المثقفة والواعية لمجتمعنا في داخل الوطن الأم وفي شتات المهجر. واذا كان ما يبرره التاريخ ونتيجة سلوك وتصرفات بعض قادة وحكام تلك الفصائل ذات الانتماء الاثني والجغرافي الواحد،فلكل عصر مميزاته وتقلباته. ولكن استمرار هذا التمزق وهذه التفرقة إلى يومنا هذا ليس له مبرر سوى العنت وتوظيف الجهل المطبق في حياتنا اليومية مِن قِبَل مَن هُم في الخط الأمامي لهذه الفصائل التي مَنح لبعضهم الزمن من غير استحقاق أو باستحقاق بتحمل المسؤولية السياسية والاجتماعية والدينية والاستئثار بهذه المسؤولية التاريخية التي لا يمكن أن يغفر لها أحد ولما هو قائم ويَنخُرُ بجسم هذه الأمة التي تتبجح بأصالتها وانتمائها إلى العمق التاريخي لحضارة وادي الرافدين تشخيصاً منذ عهد سرجون الأكدي مروراً بحمورابي وانتهاءً بسنحاريب وأشورباﻨﭙل الرموز الخالدة تمجيداً لعظمة بابل وأور وأشور ونينوى. لما قدموه للبشرية من العلوم الإنسانية والطبيعية.
أما نحن ومع مزيد الأسف اللذين تمثل البقية الحيَّة من أحفاد تلك الحضارة،بقينا نجترُّ ذلك الماضي وكأنه جرعة منعشة كي نفيق من سباتنا ونبدأُ حياة جديدة مع باقي مكونات مجتمعنا العراقي الجديد دون النظر إلى الماضي ومأسيه وتقلباته،والى حاضره الذي يباع ويشترى به في أرخص الأسواق السياسية والفكرية دون الشعور بنتائج هذه المؤولية وعواقب سلبياتها على الجميع.
لا زلنا تحت كابوس المظالم التي جعلتنا نتناحر فيما بيننا كل يدعي الأصالة لنفسه وأحقيته بقيادة الأمة،والتاريخ يئن من الظلم الواقع عليه منا نحن أبناء التسميات العديدة ويصرخ بنا في كل لحظة (كفاكم نَعتي بالظالم) فأنتم الظالمون لي وظالمون لأنفسكم معاً.
منذ قرون عديدة توارت حضارة أجدادنا تحت أطلال أور وأريدو ونفر وبابل وشروباك وأشور ونينوى ونمرود ومعلثايا. ونحن اليوم نسنُ القامات والسيوف ونَحدُ السكاكين لنجتز رقاب بعضنا الباقي،ولا نلتفت إلى ما يدور حولنا،وكيف لا وهناك مَنْ كان قد راهن منذ زمن بعيد على إبادتنا عن بكرة أبينا،وها قد تنحى جانباً،من بعيد ومن قريب يصفق لنا ومعه أصوات عديدة مشجعة هذا الفريق على الضربة القاضية للفريق الثاني وكأننا في حلبة صراع بين عدوين تاريخيين،لا لغة ولا ثقافة مشتركة لنا،ولا أرض ولا قيم وأعراف تجمعنا منذ ألاف السنين.
أيها السادة المسؤولون. من حقي أن أعود بذاكرتي إلى قبل أكثر من سبعين عاماً يوم كنا نعيش في أقبية مظلمة لا نعرف عن أجدادنا غير تلك المعرفة البسيطة عبر كتب مدرسية عَبَّرَت عنا بشكل هامشي لا غير إلى جانب تحريف وتشويه وطمس معالمنا الحضارية.
كنا في جميع قرانا الكبيرة والصغيرة المتناثرة شمال العراق بين سهوله وجباله ووديانه لا نسمع من بعض إلا تسميات مقرفة فارغة لا معنى لها.هذا طورايا وذاك تيارايا وآخر تخومنايا وغيره جلوايا كأنها زمر تائهة لا صلة القرابة بينها،إلى جانب الجدار الحديدي الذي تمتدُ جذوره إلى قرون وقرون.فهذا آثورايا نسطرنايا وآخر ﭙروطايا وغيره كلذايا بابايا أو سوريايا يعقوبايا. بل كُنَّا نُوبَخُ من قبل بعضهم حين نسأل ما الفرق بين هذه الشرائح وما هي الخلافات،فكانت الأذان صماء والألسن خرساء بخرس أبي الهول.
ألا يكفي ما آل الزمن بنا يا سادة القوم والدين والمذهب ويا سادة السياسة من التشتت وبث الفرقة بسبب النزاع المذهبي،ونحن في العراق الجديد،نلوم وننتقد غيرنا ممن يتصارع على أرض الواقع من منطق مذهبي أو طائفي،والعدو الأكبر الأجنبي المحتل غير المتربصين بنا ممن حولنا ولا حاجة لذكرهم.لا يهمهم جميعاً استقرار وازدهار هذا الوطن بقدر ما يهمهم مصالحهم الذاتية وأطماعهم الجشعة.
وأخيراً أقول.ما هكذا توظف الديمقراطية يا منظماتنا السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية لأبناء جلدتنا من الكلدان،أشوريين،سريان.
ويا ليتنا نعود إلى قبل قرون وقرون حينما كان بعضنا يعانق بعضه في السراء والضراء وتحت تسمية واحدة - سورايا – نعم سورايا لا غير.





                                               يوسف زرا
                                    القوش في 28 / 4 / 2009   
                                   
     

90
إشكالية الساحة السياسية في العراق
بعد 9/4/2003
[/b] [/color] [/size]
المقدمة
إن الصورة المرئية للساحة السياسية في العراق بعد سقوط النظام في 9/4/2003 ، غير واضحة المعالم ، فهناك مواقف سياسية غير ناضجة لمجمل الحركات والتشكيلات الحزبية السياسية ، ومنظمات المجتمع المدني المستمرة بالانقسام على ذاتها ، بسبب محاولة أفراد أو جماعات ، قيادة كل تشكيل أو مكون سياسي واجتماعي حسب رؤية خاصة تتقاطع مع الباقين ، والتي مرَّت بظروف معقدة تداخلت فيها مقومات فكرية واجتماعية مختلفة ، تحمل في طياتها تناقضات عقائدية كثيرة ولعقود عديدة ، مما اضطرت غالبية الكتل والأحزاب السياسية ذات إستراتيجية قومية ، دينية أو طبقية بتفضيل العمل وفق تكتيك يومي مرحلي مفروض عليها ومطلوب منها الالتزام به إلى فترة غير محددة مسبقاً ، بغية كسب الوقت وتكريس النهج التوافقي الجزئي والوقتي لحين مضيء الفترة الكافية للعمل وفق أُفق سياسي ونظام داخلي آني وحسب ما تمليه الحاجة والحالة السائدة. ولذا لا بد أن نقول :
1- محاولة التيار الديني الإسلامي بشقيه ، السني- والشيعي. استثمار وتوظيف الصراع التاريخي المحتدم بينهما ، بسبب الاحتقان المذهبي لأجيال عديدة ، واستنفاره بعد خسارة المذهب السني السلطة والقيادة معاً. للدولة الإسلامية ( عبر الخلافة العثمانية لعدة قرون ) وتبع ذلك قيادة الدولة والحكومات العراقية منذ قيام الحكم الوطني في عام 1921 لغاية سقوط نظام صدام في 9/4/2003 . مما اضطر الطرفان مؤخراً ومرغمين بالتظاهر بوجه جديد ورؤية سياسية واجتماعية معاصرة نسبياً تمشياً مع الحالة المضطربة وتجنباً لحرب أهلية وشيكة الوقوع بينهما.
2-  محاولة التيارين السياسيين اليمني القومي الممثل بالمكون الطبقي للبرجوازية الصغيرة ذات ازدواجية المواقف ، والمتضرر الرئيسي مادياً وسياسياً في السنين الأخيرة ومنهم ( مكونات البرجوازية ) - الكمبرادور ، الملاكين للعقارات ، ثم الإقطاع والذي عزز وجوده على أرض الواقع في كافة القرى والريف العراقي تحت يافطة الصحوة الوطنية. وكذلك أصحاب المعامل والورش الصناعية المشلولة كلياً ومعهم الرأسماليون الكبار وخاصة الممولون منهم. والتي تحاول استغلال الوضع غير المستقر لصالح مكونها الاجتماعي والسياسي خارج إقليم كردستان  ( التيار القومي العربي ). ثم محاولة التيار اليساري الممثل بالطبقة العاملة وحلفائها من الفلاحين ( صغار الملاكين والمزارعين ) ونقابات العمال والكادحين والكسبة والمثقفين.
ومحاولة هذا التيار استعادة مكانته ضمن القاعدة الجماهيرية العريضة ، ووحدته السياسية ( الفكرية والتنظيمية ) ، بعد ما أصابها خلال العقود الأربعة من القرن الماضي من التشتت والعزلة الكبيرتين بسبب الاضطهاد الدموي الذي لحق بها من قبل النظام العنصري والشوفيني الرجعي لحكم صدام حسين. ممثلة بمكونها السياسي التاريخي ( الحزب الشيوعي العراقي ).
3-  محاولة دول الجيران ، حكومة إيران الإسلامية ، سوريا القومية ، وبعض دول الجنوب ، ملكية وإمارات وغيرها محاولة تأجيج الصراع داخل المجتمع العراقي وملء لفراغ السياسي بتسليح وإسناد منظمات إرهابية لبث الفوضى وتمزق المجتمع ككل ، خشية قيام نظام ديمقراطي سياسي واجتماعي تعددي ، وتأثيره على أنظمتهم ومجمل المنطقة ، لما للعراق عبر التاريخ دور مميز في الاستقرار والتوازن السياسي والاقتصادي فيها.
4-  لم تكن القوى الوطنية ذات التوجه الديمقراطي وريثة التيار السياسي المعتدل ممثلة بالحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال والحزب الجمهوري. وان كان الأخير أضعفهم على ارض الواقع وظهر في الميدان السياسي بعد ثورة 14/تموز/1958 ، رغم أن هذه الحركات تمثل البرجوازية الرأسمالية الوطنية وأفكارها السياسية ذات التوجه الليبرالي إلى حد ما. وكانت غالباً ما تنسحب من المعترك السياسي حال شعورها بأبسط خناق حولها ، وتختفي قياداتها وتُجّمِد نشاطها السياسي ، وترفض التحالف إلى أمد طويل مع القوى الديمقراطية اليسارية لأن في حساباتها الخاصة غير مستفيدة من تواصل التحدي والنضال ضد الأنظمة الرجعية والحكومات المستبدة ، وغير مستعدة لتقديم التضحيات الكبيرة.
5-  تمكن التيار القومي الكردي ( التحالف الكردستاني ) من استغلال فقدان الأمن وحالة الفوضى في عموم العراق. ومدَّ نفوذه السياسي والعسكري إلى كافة محافظات الوسط والشمال عدى الإقليم. ولازال يتعامل من موقع القوى مع الكثير من الأحزاب السياسية الدينية- السنية والشيعية لجعل كفة الميزان لصالحه في المواقف التوافقية. وخير دليل على ذلك دوره في البرلمان المركزي ونفوذه المؤثر على القرارات الصادرة منه طيلة دورته الحالية ، ومحاولته الضغط على المكونات الاجتماعية والسياسية للأقليات ، التركمان ، الشبك ، اليزيدية ، الكلدان ، الأشوريين ، السريان. والتأثير على غالبية فصائلها السياسية للسير في نهجه. والغاية من ذلك اغتنام الفرصة وكسب الوقت لتحقيق مطاليبه في المناطق المتنازع عليها بما فيها محافظة كركوك القضية المركزية بالنسبة له. دون النظر إلى حقوق تلك الأقليات والاعتراف بها كصاحبة الأرض أسوة بباقي المكون العراقي القائم تاريخياً أرضاً وشعباً.
6-  محاولة المحتل ( الولايات المتحدة وحلفاؤها ) الاستفادة من الصراع المذهبي والطائفي- شيعي- سني- بالدرجة الأولى ثم قومي عربي- كردي- بالدرجة الثانية بغية تمرير مخططاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية وفق مصلحتها لأطول مدة ممكنة وحسب إستراتيجيتها بعيدة التحقيق ( العولمة ).




                                                                يوسف زرا
                                             القوش  25/ 2/2009
                                                                 


صفحات: [1]