ankawa

الاخبار و الاحداث => أخبار العراق => الموضوع حرر بواسطة: الحزب الشيوعي العراقي في 23:53 13/12/2017

العنوان: بلاغ صادر عن الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
أرسل بواسطة: الحزب الشيوعي العراقي في 23:53 13/12/2017
الحزب الشيوعي العراقي
مركز الإتصالات الإعلامية ( ماتع )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ   

بلاغ صادر عن الاجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي
(7 – 8 كانون الاول 2017)
عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي يومي الخميس والجمعة 7 و8 كانون الاول 2017، اجتماعها الاعتيادي، الذي سبقه انعقاد الاجتماع الاستشاري الموسع للحزب.
بدأت اللجنة المركزية اجتماعها بالوقوف دقيقة صمت تكريما للشهداء وضحايا الارهاب والعنف من ابناء شعبنا، وللراحلين من رفاق الحزب واصدقائه في الفترة الماضية.
ودرس الاجتماع الذي التأم غداة الذكرى الاولى للمؤتمر الوطني العاشر للحزب (1-3 كانون الاول2016)، عددا من التقارير التقويمية الانجازية ذات الصلة بأداء الحزب وعمل منظماته في داخل الوطن وخارجه، وبعمل لجان الاختصاص المركزية، ولجنة الرقابة المركزية. كما توقف عند تقويم العمل القيادي في الفترة التي اعقبت انعقاد المؤتمر الوطني العاشر. وقد انجز ذلك بروح المسؤولية العالية والحرص على تطوير عمل الحزب في جوانبه المختلفة المترابطة، وتطوير ادائه والارتقاء به، بما يؤهله للدفاع على نحو افضل عن قضايا الشعب، وعن مطالب الكادحين والمحرومين والفقراء بشكل خاص.
وأولى الاجتماع الاهتمام لتحسين العمل القيادي على صعيد الحزب ككل، وتحسين عمل منظماته ولجانه، مشددا على تعزيز الايجابي المتحقق، وهو كثير، وبذل المزيد من الجهد لتلافي النواقص والثغرات، وبما يفضي الى النمو المضطرد لدور الحزب في الحياة السياسية، وفي بناء منظمات جماهيرية تعيش هموم المواطن اليومية، وتدافع عن مصالحه وحقوقه وطموحاته. واكد ايضا الاهمية الاستثنائية لتحريك الجماهير واستنهاض هممها، في النضال لنيل حقوقها والانتصار للقضايا الوطنية. كما اتخذ مجموعة من القرارات والاجراءات في هذا الشأن.
ودرس اعضاء اللجنة المركزية في اجتماعهم، تقريرا ضافيا عن سير انتخابات اللجان المحلية للحزب في بغداد والمحافظات وما تحقق في سياقها، وصادق على نتائجها.
كذلك ناقش المجتمعون باستفاضة موضوع انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب القادمة، واقر مجموعة من التوجهات التي تضمن مساهمة فاعلة للحزب فيها.
وتنفيذا لما نص عليه النظام الداخلي للحزب، جرى في اجواء ديمقراطية تنافسية ورفاقية حميمة، انتخاب الرفيق مفيد الجزائري نائبا لسكرتير اللجنة المركزية للحزب.
وشدد الاجتماع على الحاجة لادامة الزخم الذي اطلقه انعقاد المؤتمر الوطني العاشر ونتائجه وقراراته والنداءات التي صدرت عنه، والى استلهم ما خلص اليه، والتأسيس على ذلك في بذل المزيد من الجهود نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية على قاعدة العدالة الاجتماعية.
وبحث الاجتماع قرار الرئيس الامريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل المعتدية والمحتلة للاراضي الفلسطينية والعربية، واصدر بيانا يدين القرار ويجدد التضامن مع الشعب الفلسطيني والدعم لحقه في اقامة دولته الوطنية المستقلة على ارض وطنه وعاصمتها القدس.
وناقش الاجتماع "موضوعات سياسية" تعالج التطورات والمستجدات السياسية في البلاد، وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي، ومواقف الحزب منها، منذ الاجتماع السابق للجنة المركزية في نيسان 2017. وفي شأنها توصل الى ما يأتي:
تؤشر تطورات الاحداث في بلادنا في الاشهر الاخيرة  مسارات متناقضة. فقد تحقق انتصار وطني كبير على داعش والارهاب، وانتزاع لاراضينا من سيطرته، واعلان رئيس مجلس الوزراء التوجه نحو محاربة الفساد وهو ما يحتاج الى خطوات ملموسة رادعة، كذلك الانفتاح على المحيط الخارجي العربي والدولي. ولكن - من ناحية ثانية ما زال بلدنا ينوء تحت ثقل أزمة بنيوية عميقة تتجلى في ظهور مشاكل وأزمات جدية سياسية واقتصادية – اجتماعية، ومنها ازمة استفتاء اقليم كردستان، وواقع اداء الدولة وعجزها عن النهوض بدورها، ما يفاقم الاوضاع المعيشية للناس، ويؤدي الى تآكل القيمة الحقيقية للاجور والرواتب، وازدياد الاعتماد على الواردات النفطية، وانتهاج طريق الليبرالية المنفلتة، والتدهور المتواصل في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات. يضاف الى ذلك  استمرار المشاكل الناجمة عن عدم اسناد الوظيفة العامة على وفق معايير الكفاءة والنزاهة، واستشراء الفساد. فيما لم توضع موضع التطبيق الفعلي حتى الآن الدعوات الحكومية الى حصر السلاح بيد الدولة، وتطبيق القانون على الجميع، والفصل الضروري بين مهام وصلاحيات السلطات الثلاث، ومعالجة العديد من الملفات الاخرى العالقة.
ان اعدادا متزايدة من المواطنين ترفض استمرار الحكم وفق المنهج والاليات المعتمدة ذاتها وما انتهت اليه من فشل كبير، كما ان المراجعة في صفوف الكتل السياسية المتنفذة تتسع بهذا الشكل او ذاك، لكنها لا تمس حتى الان أسّ البلاء - المحاصصة المقيتة.
وفي هذه الاجواء برز على نحو ملح مطلب الاصلاح والتغيير الذي تنادي به وتدعو له جماهير واسعة، ما يتطلب حشد المزيد من القوى لتصعيد زخم الحراك الشعبي والمطلبي، وتوسيع صفوفه، وتحقيق مطالب المواطنين الاقتصادية والمعيشية، وكسر احتكار السلطة، وتحقيق اختراق بات مطلوبا لفتح فضاءات وتوفير امكانات تتيح للمشروع الوطني الديمقراطي ان يرى النور.

هزيمة داعش الارهابي وما بعدها

حققت قواتنا المسلحة بكافة صنوفها وتشكيلاتها انتصارا كبيرا على داعش ودحرته عسكريا، وتم الاعلان عن عودة كافة اراضينا الى احضان الوطن بعد تحريرها من دنس التنظيم الارهابي. وتجلى على نحو بالغ الاهمية التعاون والتنسيق بين مختلف الاطراف ذات العلاقة في احراز هذه الانجازات، وفي سرعة تحقيقها. ولم تتحقق هذه الحصيلة الايجابية الكبيرة من دون تضحيات جسام وخسائر بشرية غالية وشجاعة واقدام من المقاتلين على اختلاف تشكيلاتهم، فضلا عما لحق بالمدنيين وبالبنى التحتية ودور السكن والمنشآت العامة في المدن المحررة من قبضة الارهاب، من اضرار ودمار وخسائر بشرية ونزوح للملايين.
ان هذا الانجاز الوطني الكبير ما كان ليتحقق لولا الدعم والاسناد متعدد الاشكال، الذي قدمته جماهير شعبنا، خصوصا الكادحون والفقراء، الذين تحملوا الكثير من اجل ذلك، كما انه ليس بمعزل عن فتوى المرجعية ودعمها وجهدها المتواصل في رفع الهمم، الى جانب اسناد الاحزاب والقوى الوطنية، ومنها حزبنا الشيوعي، ودعمها وتشجيعها المواطنين على التطوع والقتال في صفوف القوات المسلحة النظامية ضد داعش الارهابي وبهدف تخليص ابناء شعبنا من شروره، فيما حظيت معركة شعبنا ضد الارهاب بتفهم ودعم دوليين واسعين، وقد تجلى ذلك في صيغ عدة، منها التدريب العسكري والدعم اللوجستي والاسناد الجوي والموقف السياسي الداعم.
ان هزيمة داعش ودحره عسكريا مفخرة لجماهير شعبنا وللمقاتلين من القوات المسلحة والمتطوعين في الحشد الشعبي والبيشمركة، ومن ابناء المناطق التي ابتليت به وذاقت الامرّين بسبب سلوكه الاجرامي الهمجي. وان من الواجب العناية بعوائل الشهداء والجرحى وضمان حقوقهم.
ومؤكد ان هزيمة داعش عسكريا لا تعني بعد هزيمة الارهاب، وان تحقيق هذا الهدف يحتاج الى مقاربات متكاملة سياسية وعسكرية – امنية واقتصادية واجتماعية وثقافية واعلامية. وستواجه المناطق المحررة مصاعب وتحديات كبيرة، يتطلب العمل السريع والمثابر على التعامل معها، سواء على صعيد الحكومة الاتحادية ام الحكومات المحلية.

عودة النازحين واطلاق عملية البناء

والى جانب المهمات الملحة المتمثلة بتأمين المناطق المحررة من المفخخات والألغام والعبوات التي زرعها التنظيم الإرهابي في هذه المناطق، والقضاء على جيوب الإرهاب المتبقية وكشف خلاياه النائمة ومنع تسرب الإرهابيين مجددا إليها، يتوجب الإسراع في إعادة الخدمات الأساسية اليها. وان مواجهة حجم الدمار الحاصل تحتاج الى معونة ودعم دوليين، والى العمل على توظيف كل الامكانيات لتأمين عودة سريعة للنازحين الى بيوتهم وقراهم ومدنهم، والتعامل المرن من جانب السلطات المعنية بذلك بعيدا عن كل ما يمس التركيب الديموغرافي للسكان، وعن اي محاولة للتعامل وفق مقاسات سياسية وطائفية وانتخابية. وعلى ان يتم ذلك من دون الاخلال بمعايير الامن والاستقرار، مع التوجه الى قطع الطريق على استئناف البؤر الارهابية نشاطها الاجرامي.
وتبرز بعد الانتصار على داعش مهمة عاجلة لا تقبل التاجيل او التراخي، تتمثل في السعي الحثيث الى ترميم النسيج المجتمعي في المناطق المحررة. فجرائم داعش والانتهاكات البشعة التي ارتكبها بحق أهالي تلك المناطق، كما حصل للنساء الايزيديات مثلا، ومشاركة بعض أهالي المناطق ذاتها من الدواعش في هذه الجرائم، خلفت أحقادا ونزعات قوية للثأر لدى بعض ذوي الضحايا وعشائرهم، وذلك ما ينبغي تداركه وتطويقه عن طريق إدارات فاعلة، على المستويين المدني والأمني، تحظى بثقة الأهالي، وتكون بعيدة عن التعصب القومي والديني والمذهبي والمناطقي، وان يكون القضاء هو الفيصل في نهاية المطاف لحسم الاشكالات الحاصلة.
ان العديد من القيادات السياسية والادارية والامنية في المناطق التي سيطر عليها داعش قد فقدت الكثير من صدقيتها امام الاهالي، وان البعض منها تلاحقها تهم الفساد، وحتى التواطؤ بهذه الدرجة او تلك مع الارهابيين او التخلي عن مناطقهم والهروب الى مناطق آمنة، فيما المواطنون يعانون الامرين في خيام اللجوء والنزوح، او يضطرون للبقاء تحت همجية التنظيم الارهابي. لذا فان هناك الكثير من الشكوك بشأن قدرة نفس القيادات على ادارة هذه المناطق بعد تحريرها، فضلا عن وجود مخاوف جدية من ان تتعرض الاموال التي ستخصص لاعادة الاعمار والبناء الى السرقة، كما حصل بالنسبة الى تلك المخصصة للنازحين، او ان تبدد عن طريق ادارة غير سليمة لها.
ان اوضاع هذه المناطق تحتاج الى اهتمام اكبر من جانب كل الاطراف الحكومية، وكذلك الفعاليات السياسية والاجتماعية والثقافية. فالمهمة العاجلة هي إعادة الحياة الطبيعية اليها، والتعامل معها باعتبارها مناطق منكوبة، والسعي الى النأي بها عن صراعات المصالح والنفوذ. وهناك في هذا المجال دور كبير لابناء هذه المناطق في التحرك والسعي الى فرض ارادتهم عبر مختلف التشكيلات والهيئات الضاغطة، وبما يساعد على اجتذاب العناصر الكفؤة والوطنية والنزيهة الى العمل وتولي المسؤوليات وخلق الاجواء لتحقيق مصالحة مجتمعية فاعلة.

كارثة داعش
واستيعاب دروس ما حصل

ومن المهم في هذا السياق العودة الى مراجعة ما حصل في 10 حزيران 2014 والتمعن في دروس الكارثة السياسية – الامنية، التي وضعت البلاد في مهب الريح آنذاك، واستخلاص الدروس والعبر منها، والتوجه الجاد نحو معالجة اسباب الكارثة وتداعياتها، وما سببته من خسائر باهضة بشرية ومادية وسياسية، والعمل على معالجة الاسباب كي لا تتكرر حالات مشابهة، وان لا يفلت المسؤولون عما حصل من العقاب القانوني، بغض النظر عن مواقعهم ومسؤولياتهم في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.
ومع ان هزيمة داعش الارهابي عسكريا قد تحققت، فمن الواجب الحذر من مشاريعه وخططه الاجرامية وسعيه الى تخريب الحياة العامة وشلها والحاق اكبر الخسائر بالمواطنين، وبالمؤسسات الحكومية والاهلية. فما من رادع يحول دون ارتكابه أخس الجرائم، ومن هنا ضرورة مكافحة الخدر وعدم الاستهانة بقدرات هذا التنظيم الدموي، والعمل على ردم الثغرات التي ينفذ منها، وسد المنافذ امامه، والعمل على تطوير قدرات الاجهزة الامنية وجهدها المعلوماتي والاستخباري بنحو خاص.
ان النصر العسكري الكبير المتحقق والذي نعتز به ونفخر مع ابناء شعبنا، يجب الا يتحول الى حالة من القلق على المستقبل، بل ان يصبح امكانية لمعالجة مشاكل بلادنا واجراء الاصلاحات السياسية، والتوجه نحو ابرام عقد وطني سياسي – اجتماعي لترصين اللحمة الوطنية وبناء السلم الاهلي، وإحداث تغيير حقيقي في نهج وإدارة الدولة، واعتماد المواطنة منطلقا وأساسا في بناء وعمل الدولة ومؤسساتها، وهو ما يسمح بمحاربة حقيقية للفساد وشبكاته، وتوفير أجواء ملائمة لتحقيق المصالحة المجتمعية والوطنية الشاملة.

انهاء مظاهر التسلح وحصرها بالدولة

شهدت بلادنا انتشارا واسعا للسلاح من دون ضوابط، نجم عن عدة اسباب منها ضعف الدولة وعدم قدرتها على فرض القانون على الجميع، والصراع بين اطرافها على السلطة والنفوذ والمال. واذا كان التوسع في تعبئة القوى وتسليحها دفاعا عن الوطن وعن حرمة اراضيه مفهوما ومقبولا في لحظات معينة، خاصة عند التصدي لداعش والسعي لدحره، فان الامر يغدو موضوع تساؤل عند زوال الاسباب الموجبة المذكورة.
وعلى هذا فان كل دعوات الحكومة الى حصر السلاح بيد الدولة مرحب بها، شريطة ان يجري التطبيق الدقيق للقوانين التي تحكم صلة وعمل التشكيلات المسلحة، التي تكونت في غمرة التصدي لداعش، وكان لها دور في دحره وبمعرفة الدولة وعلمها، بما يفضي في النهاية الى تقليص ظاهرة التسلح وعسكرة المجتمع، والتخلص من الترهل ومن التعدد المفرط للمؤسسات العسكرية والامنية، ليكون في حدود الحاجة الفعلية لادائها المهام المحددة دستوريا.
ولقد بات ملحا ان تقوم المؤسسات المعنية في الدولة بالتصدي الحازم لجماعات الجريمة المنظمة وعصابات السطو المسلح واختطاف المواطنين، وللجوء الى السلاح في حل الخلافات المناطقية والعشائرية. فالانتشار العشوائي للسلاح يثير القلق ويشيع مشاعر عدم الامان والاطمئنان لدى المواطنين، وذلك ما تتوجب المعالجة الحازمة له.

استفتاء اقليم كردستان وتداعياته

مضت قيادة الأقليم باصرار الى تنفيذ الاستفتاء في 25 أيلول الماضي، رغم المطالبات الداخلية والخارجية والمعارضة الواسعة لاجرائه من قبل السلطات الثلاث، بعد ان عارضته الحكومة الاتحادية، واصدرت المحكمة الاتحادية قرارها بعدم دستوريته وما ترتب عليه من نتائج، فيما كان مجلس النواب قد صوت نافيا شرعيته. كما وقف العامل الدولي والاقليمي بالضد من اجرائه، مشددا على وحدة العراق.
وانطلاقا من موقنا المبدئي والثابت إزاء تحقيق المطالب القومية المشروعة للشعب الكردي، فاننا نرى في الدولة الاتحادية (الفيدرالية) الصيغة المناسبة لتجسيد حق تقريرالمصير في ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة، ولما يضمنه الدستور من حقوق وصلاحيات واسعة للأقليم. وحيث ان حق تقرير المصير يتضمن الاتحاد الطوعي كما يتضمن الانفصال وتشكيل الدولة المستقلة، وان هذا الخيار الاخير ليس بالضرورة الصيغة الأنسب القابلة للتحقيق ولتأمين حقوق الشعب المعني، فان هناك صيغا متعددة دون الانفصال، منها الحكم الذاتي والفيدرالية. ولهذه الاعتبارات بيّن حزبنا ان اجراء الاستفتاء جاء في غير وقته.
وكما سبق القول فان الاستفتاء لم يحظ بتأييد اية دولة إقليمية أو أي من القوى الدولية، مثلما لم يتوفر له غطاء دستوري ولا اسناد من الأمم المتحدة. كذلك جاء توقيته في ظل انقسام سياسي وأزمة سياسية واقتصادية داخل الاقليم، وفي الوقت الذي تواصلت فيه الحرب ضد داعش، التي كانت تعتبر المهمة الأولى عراقيا واقليميا ودوليا.
لقد ادى الاستفتاء إلى أزمة أخرى من الأزمات المتتابعة للعملية السياسية. وهي لن تكون بالتأكيد آخرها، لكنها الاعمق، وستبقى مفتوحة ما لم يباشر الحوار الجدي لمعالجة الملفات العالقة.
وقد حصل خلال هذه الأزمة توافق ظرفي في المواقف والمصالح بين امريكا وقوى التحالف الدولي وايران وتركيا والسعودية ودول الخليج الأخرى، نجم عنه اجماع خارجي، الى جانب التأييد الداخلي الواسع لرفض الاستفتاء ولموقف الاقليم، وذلك ما سمح للسلطة الاتحادية بتحريك قوات الجيش والشرطة الاتحادية واستعادة السيطرة على معظم المناطق المتنازع عليها خارج الإقليم، وفي مقدمتها كركوك، وعلى معظم الحقول النفطية التي اصبحت تحت سيطرة البيشمركة بعد حزيران 2014، وفرض اجراءات اقتصادية وادارية على الاقليم، وحشد القوات للضغط على قيادته كي تسلم ادارة المنافذ الحدودية والكمارك والمطارات، التي نرى ان من الضروري التفاهم بشأنها على اساس الدستور.
واحدثت تداعيات أزمة الاستفتاء تغييرا كبيرا في موازين القوى، وقلصت من امكانات الاقليم، كما وفرت للقوى المتنفذة التي كانت تعاني من رفض شعبي متنامٍ، ناجم عن فشل سياساتها وإدارتها للدولة وعجزها عن تأمين الخدمات للمواطنين وتورطها في الفساد، فرصة استثنائية اسرعت الى توظيفها للخروج من الأزمة التي تحاصرها، موقتا على الأقل، ولاعادة ترتيب اوضاعها وتقديم نفسها كمدافع عن وحدة العراق وعن هيبة الحكومة المركزية، ومانع لتمدد الإقليم خارج المناطق والصلاحيات المحددة في الدستور. فيما طفحت، وللاسف، نعرات قومية ضيقة في الاقليم، واتجاهات شوفينية في مناطق العراق الاخرى.
وادت أزمة الاستفتاء الى نشوء صعوبات امام القوى التي تتبنى مواقف مبدئية متوازنة، وتدعو إلى معالجة الأزمة سلميا عبر الحوار ومن دون شروط مسبقة تعيق تحقيقه. كما اسهمت في صرف الاهتمام عن المطالبات بالاصلاح السياسي ونبذ نهج المحاصصة، والدعوة الى الدولة المدنية الديمقراطية.
ان أزمة الأستفتاء تمثل آخر المطاف احدى تجليات الازمة العامة التي تعصف بالعملية السياسية، وهي حصيلة لنهج المحاصصة الطائفية والأثنية المنتج للأزمات والملازم لدولة المكونات. وتتحمل سائر القوى المتنفذة المتحاصصة، مسؤولية نشوء وترسخ هذا النهج على حساب بناء دولة المواطنة. علما ان القوى النافذة في الأقليم تتشارك مع القوى المتنفذة المتحكمة بالسلطات الاتحادية، في الالتفاف على تطبيق العديد من مواد الدستور، عبر الصفقات والمساومات والاتفاقات السرية، بعيدا عن مصالح الشعب وارادته ورغبته في الاستقرار والبناء والتنمية المستدامة، وفي بناء نظام المؤسسات الدستورية التي تعتمد المواطنة بدلا عن المحاصصة.
وكشفت أزمة الاستفتاء جملة قضايا يمكن ايرادها كما يلي:
• تتحمل مسؤولية هذا الفشل جميع القوى المتنفذة التي تولت قيادة العملية السياسية على صعيدي السلطات الاتحادية وفي الإقليم، وادارتها لها وفق نهج المحاصصة الطائفية والاثنية. وتتناسب درجة المسؤولية مع حجم الصلاحيات والسلطة والنفوذ، التي يمتلكها كل طرف.
• تمثلت الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتفجر الأزمة في فشل القوى المتنفذة في تحقيق التوافقات الضرورية لتنفيذ العديد من مواد الدستور، وفي ايجاد الحلول للعديد من القضايا الأساسية في العلاقة بين الأقليم والحكومة الأتحادية، منها عدم تنفيذ المادة 140 بمراحلها الثلاث، والخلافات المزمنة بشأن تخصيصات الأقليم في الموازنة العامة السنوية، اضافة إلى عدم تشريع قوانين اساسية لاستكمال البناء المؤسسي للدولة الاتحادية كقوانين المجلس الاتحادي والمحكمة الدستورية والنفط والغاز، اضافة الى عدم تفعيل قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي. وساعدت بعض الصياغات الملتبسة والعمومية في الدستور على انفراد كل طرف في تأويله الخاص للمواد الدستورية، ما حوّل بعض الصياغات إلى الغام تتفجر عند تنامي الخلافات وتعذر التوصل إلى توافقات في تفسير المواد، مع عدم وجود ثقة بالمؤسسة القضائية المعنية بالفصل في الشأن الدستوري.
● تقدم أزمة الاستفتاء دليلا آخر على الترابط الموضوعي بين تطمين الحقوق والتطلعات القومية لأي مكوّن قومي في العراق، وبين البناء الوطني الديمقراطي السليم للدولة الاتحادية ولمؤسسات الأقليم التنفيذية والتشريعية والقضائية. فالخلل في بناء هذه المؤسسات وممارسة سلطاتها يشكل مصدرا مستديما لنشوء الأزمات وتفاقمها.

تعامل حزبنا مع الأزمة

• خطّأ الحزب اصرار قيادة الأقليم على تنفيذ الأستفتاء وعدم استجابتها للنصائح والمطالبات الدولية والاقليمية ومن قبل أصدقاء الشعب الكردي بتأجيله، فضلا عن معارضة تنفيذه في المناطق المتنازع عليها خارج الأقليم.
• ودعا إلى معالجة الأزمة سلميا عبر الحوار على أساس الدستور.
• وجدد الالتزام بمبدأ حق تقرير المصير، مؤكدا في الوقت نفسه أن تنفيذ هذا المبدأ لا يعني بالضرورة الانفصال، فتجسيده يتخذ أشكالا مختلفة حسب الظروف التاريخية الخاصة بكل بلد وبكل حالة، وان التجارب العالمية تقدم امثلة على ذلك منها الحكم الذاتي والفيدرالية.
• في العراق تبقى الصيغة الفدرالية الحل الأمثل للمسألة القومية للشعب الكردي على المدى الزمني المنظور.
• تعد تطورات ما بعد الأستفتاء من إعادة لبسط سيطرة الدولة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها، والمطالبة باعادة سيطرتها على المنافذ الحدودية والمطارات، امورا مشروعة دستوريا طالما جرت بصورة سلمية، وبالتعاون والتنسيق مع سلطات الأقليم، مع اعتماد مبدأ المشاركة في إدارة المناطق المتنازع عليها الى حين حسم أوضاعها وفقا للدستور.
• المطالبة بعدم تعامل الحكومة الاتحادية مع الأزمة وفق منطق الغالب والمغلوب، وعدم فرض عقوبات يتحمل أعباءها مواطنو الأقليم، لا سيما الفئات الشعبية الواسعة. كما يتوجب التصدي فكريا وسياسيا لمحاولات تأجيج مشاعر التعصب القومي في الاقليم، والترويج للأفكار الشوفينية وخطاب الكراهية الذي يجد في موروث الحكم الدكتاتوري السابق تربة صالحة لإعادة انبعاثه.

طريق حل المشكلة:

• استبعاد التصعيد بكل أشكاله، ولجم دعاة الحرب والكراهية القومية، والابتعاد تماما عن منطق العنف والقوة العسكرية او التلويح بهما، واعتماد منطق العقل ولغته.
• رفض المطالب غير المسؤولة لمن يدفعون في اتجاه فرض نوع من الحصار على الإقليم، وتجنب اتخاذ أي إجراء تشم منه رائحة العقاب الجماعي لشعب كردستان، والذي يؤذي في النهاية الكادحين والفقراء قبل غيرهم.
• دعوة حكومة الإقليم الى التعاون لايجاد مخرج آمن ومقبول من الوضع الخطير القائم منذ الاستفتاء، والى الإسهام الجاد في ذلك عبر اتخاذ مواقف تتيح اجراء الحوار في اطار الدستور.
• انطلاقا من ترحيب الإقليم بقرار المحكمة الاتحادية، واعتبار رئيس مجلس الوزراء الاتحادي والمسؤولين في الاقليم ان الاستفتاء اصبح من الماضي وان لا وجود لمترتبات عملية على إجرائه، ومن وجود مطالبات من الأمم المتحدة والقوى الدولية بتسوية الأزمة عبر الحوار، فان بالامكان مباشرة الحوار عاجلا على اساس الدستور بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان، وأن يتسع هذا الحوار ليشمل الأطراف الوطنية العراقية جميعا، في إطار حوار وطني شامل وفق جدول عمل واضح، وبسقف زمني محدد.
• دعوة الأمم المتحدة للاسهام في تيسير انطلاق هذا الحوار، وتسهيل التوصل إلى اتفاقات بشأن المشاكل القائمة، وتوفير الضمانات لتنفيذها بموجب جداول زمنية معتمدة.
• اتخاذ خطوات سريعة لمعالجة عوامل التوتر والاحتقان في المناطق المتنازع عليها، خصوصا في كركوك والطوز وسهل نينوى، والتوصل إلى صيغ لإدارتها تضمن حقوق أطياف أهاليها جميعا ومشاركتهم فيها، الى حين استكمال تنفيذ المراحل التي تنص عليها المادة 140 من الدستور.
• تعزيز التعاون بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في مجال مساعدة النازحين، والاسراع في تمكينهم من العودة إلى مناطقهم، بجانب مواصلة التعاون والتنسيق بين القوات المسلحة وقوات البيشمركة.
إن الوضع الجديد الذي نشأ بعد الاستفتاء، والتحول في موازين القوى، باتا يفرضان على القوى السياسية في الأقليم ان تضع في اعتبارها المعطيات الجديدة، وتقوم بالمبادرات الضرورية لفتح الطريق أمام انطلاق عملية الحوار والتفاوض بشأن مشكلات العلاقة بين الحكومة الأتحادية والأقليم. كما بات ملحا إعادة ترتيب الوضع الداخلي الكردستاني في اتجاه الوحدة وتحقيق الاصلاحات اللازمة لترسيخ البناء الديمقراطي لمؤسساته المختلفة وتوحيدها، وضمان الحريات الدستورية ومكافحة الفساد، ومعالجة حالة التفاوت الكبير في الثروة والعناية الفائقة بشؤون محدودي الدخل والفقراء والكادحين، والحرص على الثروات العامة، وتطوير الاقتصاد والعناية بتنوع مصادر الدخل وتطويرها، وتأمين الرواتب للموظفين والمتقاعدين.
كما تتأكد الحاجة إلى تعزيز علاقات التنسيق والتعاون بين القوى والأحزاب في كردستان والقوى والأحزاب المدنية الديمقراطية العراقية، والتي هي انعكاس للترابط والتأثير المتبادل للتطورات داخل الأقليم وفي عموم العراق.
وفي ضوء التعقيدات التي نشأت بعد الاستفتاء، تتأكد الحاجة ايضا الى مزيد من التلاقي والتشاور بين الحزبين الشيوعي العراقي والشيوعي الكردستاني بشأن التطورات المستجدة، وتعزيز آليات التنسيق والتداول في المواقف.

الحراك الشعبي والجماهيري والمطلبي












تواصل حركة الاحتجاج الشعبية انشطتها المتنوعة، وفي مقدمتها استمرار التظاهر في ساحة التحرير وفي مراكز بعض المحافظات، مؤكدة رفض المحاصصة والفساد وسوء الخدمات، في غياب اي معارضة برلمانية فاعلة، فيما يسعى ممثلو القوى المتنفذة، عبر القوانين والتشريعات، الى ترسيخ تقليد احتكار السلطة الذي يتناقض مع الديمقراطية، وتكريس سلوك الاستحواذ والهيمنة على القرار السياسي. وقد كشفت حركة الاحتجاج ذلك وفضحته، وبضمنه ادعاء تلك القوى التمثيل الديمقراطي، وعرت كل دعواها المزيفة.
وقد اتخذت حركة الاحتجاج الشعبية اشكالا عدة، ابرزها التظاهرات التي تواصلت وتيرتها واتسع نطاقها، بغض النظر عن صعود وهبوط اعداد المتظاهرين. وان من مظاهر قوتها هذه الاستمرارية باعتبارها احد اطر المعارضة الشعبية المتنامية.
 وتمكنت حركة الاحتجاج من تعرية حقيقة "شرعية" الفئة الحاكمة، بفضحها نهج المحاصصة الطائفية والاثنية الذي عجز عن بناء نظام مستقر، الى جانب فشله في توفير الخدمات خاصة الاساسية. كما انها ركزت على مطالب المواطنين المرتبطة باحتياجاتهم الاساسية.
وعملت حركة الاحتجاج على نشر الوعي بأهمية الهوية الوطنية بديلا عن الهويات الفرعية، واسهمت مع التيار المدني باطاره الواسع في الدعوة الى البديل المدني الديمقراطي، كما شكلت آلية مناسبة لرفع المطالب المشروعة، ووسيلة للضغط على اصحاب القرار.
ويتضح جليا تضايق المتنفذين من دور حركة الاحتجاج السلمية هذه، ونجاحها في صياغة مطالب تصب في مصلحة المواطنين، وتؤشر شجاعة المحتجين في فضح الفساد والمفسدين الذين نهبوا أموال الدولة وثروات الشعب.
ولم تفلح حملات المتنفذين لتشويه حركة الاحتجاج وقياداتها، عبر التخويف وإلصاق التهم بها واشاعة اليأس واللاجدوى من انشطتها، الى جانب التشكيك في ايجابية وجدوى معارضتها نظام المحاصصة والفساد. كما ان حملات الفاسدين واذرعهم المليشياوية لملاحقة قادة حركة الاحتجاج وابرز ناشطيها، لم توقف الحركة، بل على العكس استمرت في نشاطاتها وفعالياتها، رغم كل الضغوط والعراقيل والمخاطر التي وضعت في طريقها.
والسؤال الذي يطرح على المحتجين باستمرار هو: ماذا حققت حركتكم الاحتجاجية؟  والواقع انها تمكنت من توجيه الانظار نحو الصراع الدائر اليوم في البلاد، باعتباره صراع اغلبية الشعب المطالبة بحقوقها العادلة، مع طغمة فساد نهبت خيرات البلد. وقد شكلت عدم استجابة السلطات للمطالب التي رفعها المحتجون دوافع اضافية لاستمرار حركتهم، التي لم تتوقف أنشطتها المتنوعة منذ انطلاقها حتى اليوم، والمرجح انها ستستمر فترات أخرى.
والى جانب هذا اتسعت حركة المطالبة بالحقوق لتشمل قطاعات اجتماعية ومهنية متعددة، اضافة الى تحرك جماهيري مناطقي وقطاعي في العديد من المحافظات. وقد يتصاعد هذا على خلفية التدهور الحاصل في الخدمات، خاصة في التعليم والصحة والنقل والسكن وتزايد نسب البطالة والفقر. وهناك ايضا الحراك المطالب بصرف الرواتب والاجور وتسديد مستحقات الفلاحين، وتلبية مطالبهم بتفعيل الدعم الحكومي للعملية الزراعية.
ومن اللافت ايضا هذا الحراك الاحتجاجي المعارض لاسناد جباية رسوم الكهرباء الى شركات اهلية بدل قيام الدولة بالمهمة، وما يصاحب ذلك من ارتفاع في اسعار الوحدات الكهربائية المستلهلكة، والتي تثقل كاهل الفقراء وذوي الدخل المحدود وبعض شرائح الفئات الوسطى.
وتتواصل الاحتجاجات الرافضة لمشروع تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، ولموافقة مجلس النواب المبدأية على مناقشته. وفيما يستند هذا التعديل الى مادة دستورية هي موضع جدل (الرقم 41)، فان التعديل يعد خطوة الى الوراء في ما يخص حقوق المراة بموجب الاتفاقات والاعراف الدولية ذات الصلة.
ووسط هذا الاجواء حققت الطبقة العاملة العراقية وحركتها النقابية انجازا كبيرا بمصادقة مجلس النواب على الاتفاقية الدولية رقم 87 لسنة 1948 بشأن الحرية النقابية وحق التنظيم النقابي.
ويبقى مهما استمرار التفكير في آلية تطوير الحركة الاحتجاجية ودعم المطالب الجماهيرية، مع التشديد على الجوانب ذات المساس المباشر بالناس وقضاياهم، لا سيما في ما يخص الخدمات العامة وظروف المعيشة، كذلك كل ما له صلة بتقييد الحريات وانتهاك حقوق الانسان العراقي كما ينص عليها الدستور. هذا الى جانب ايلاء النشاط الاحتجاجي اهتماما اكبر في الاقضية والنواحي والارياف، وامتداد تنسيقات الحراك اليها ايضا.

انتخابات مجالس المحافظات
ومجلس النواب

بدأ الحراك السياسي - الانتخابي مبكرا جدا. وكالعادة لم يكتف المتنفذون ورموز المحاصصة وكبار الفاسدين بتشريع قوانين تؤبد وجودهم في السلطة وتعيد انتاجهم فيها، ومنها قانون انتخابات يضمن فوزهم وحدهم وابعاد القوى التي تناهض نهجهم. فهم الى جانب ذلك يعملون على حرف اتجاه الصراع الحقيقي، وتحويله من صراع بشأن "المنجز" الذي حققوه، وفشلهم على اكثر من صعيد، الى صراع مفتعل ضد الرافضين لنهجهم وسياساتهم.
ومعلوم ان مدخل التغيير المنشود هو اصلاح المنظومة الانتخابية برمتها، من قانون الانتخابات ومجلس المفوضية الى الاجراءات التي تحفظ اصوات الناخبين من التزييف والتزوير.
وقد شهد مجلس النواب صراعا حول طبيعة التغيير المطلوب للمفوضية وحول مستقبلها بين اتجاهين: اتجاه يريد اعادة انتاج المفوضية ضمن منطق المحاصصة ذاته ولكن بوجوه اخرى، واتجاه آخر يرى ان يتشكل البديل وفق معايير الحياد والنزاهة والصدقية، وان يتم ذلك عبر واحد من خيارين، الاول: اختيار قضاة مجرَّبين ومعروفين بالنزاهة والعدالة وعدم الانحياز، وقد صوت المتنفذون الذين تتناقض مصالحهم مع التغيير ضد هذا الخيار واحبطوه. فيما يدعو الخيار الثاني الى اعادة بناء المفوضية بعيدا عن المحاصصة، ووفق المعايير سابقة الذكر، الى جانب حسن اختيار اعضاء مجلسها بواسطة فريق عمل ترعاه الامم المتحدة، مثلما حصل عند اختيار اول مفوضية للانتخابات. لكن المتنفذين اهملوا هذا الخيار ايضا واختاروا مفوضية جديدة لادارة الانتخابات وفق نهج المحاصصة ذاته، ساعين بهذا الى ضبط سير العملية الانتخابية بما يؤمن اعادة انتخابهم لعضوية مجلس النواب، وبالتالي مواصلة الامساك بالسلطة.
ان تشكيل المفوضية على هذا النحو يستدعي مواصلة العمل الدؤوب، من داخل مجلس النواب ومن خارجه، لبناء المفوضية بعيدا عن هيمنة المتنفذين وعن المحاصصة الحزبية، لتتمتع بالاستقلالية حقا. وينطبق هذا بالطبع على سائر الهيئات المستقلة التي يتوجب ان تتمتع بالحياد والكفاءة والمهنية في عملها. كذلك الامر في ما يخص قوانين الانتخابات وسائر المنظومة الانتخابية. وفي هذا السياق ايضا يبقى مفيدا استمرار الضغط بمختلف الاشكال، بما فيها تنشيط وتفعيل حملة " لا تسرق صوتي ".
وفي شأن آلية المشاركة في الانتخابات وطريقتها، يبقى يحتفظ براهنيته ما توصل اليه المؤتمر الوطني العاشر لحزبنا واجتماع اللجنة المركزية في نيسان الماضي من تأكيد ان بلدنا يعيش حالة استعصاء واستفحال للأزمة العامة ولعجز القوى المتنفذة عن ايجاد الحلول لها. وجراء ذلك غدا الاصلاح والتغيير مطلب جماهير واسعة، يدفعها الحرص على انقاذ البلاد مما هي فيه والتوجه نحو اقامة الدولة المدنية الديمقراطية، كضرورة يفرضها تطور الاوضاع وما آلت اليه.
وفي هذا السياق شدد حزبنا على مواصلة العمل مع التيار الديمقراطي والانفتاح على سائر القوى المدنية والديمقراطية، وذلك ما تجسد في تشكيل تحالف القوى الديمقراطية المدنية " تقدم " وامكانات توسعه وانضمام قوى جديدة اليه. فيما بينت التطورات وتواصل الحراك الجماهيري وتعدد اشكاله، امكانية التعاون والتنسيق مع اطراف وطنية اوسع، بمن فيهم بعض الاسلاميين المعتدلين والمتنورين.
وقد وفرت هذه التطورات امكانية السعي الى اقامة اوسع اصطفاف مدني ديمقراطي وطني، لتشكيل كتلة انتخابية كبيرة تخوض الانتخابات وتكسر احتكار السلطة، وتفتح الطريق نحو بناء تجربة ديمقراطية حقة وحياة مدنية، في ظل دولة مؤسسات وقانون تحترم حقوق الانسان وتسود فيها قيم العدالة والمواطنة.
ويلقي هذا مسؤولية خاصة وكبيرة على عاتق حزبنا ومنظماته ورفاقه، ليرتقوا بدورهم ويعملوا على تحويل الحزب الى كيان واسع الصلات مع الجماهير، ويعمل باستمرار على تحسين ادائه السياسي والفكري والجماهيري والعلاقاتي والاعلامي، وصولا الى اداء دوره المنشود والمنتظر في الحياة السياسية في بلادنا.

مؤشرات اجتماعية - اقتصادية

على خلفية الازمة البنوية العامة والآثار المترتبة على التكاليف الباهضة للحرب ضد داعش وعلى الدمار الذي خلفته وتدني الايرادات النفطية، يواجه العراق صعوبات اقتصادية كبيرة. حيث يقدر انه يحتاج نحو 100 مليار دولار لتغطية متطلبات إعادة الأعمار في المناطق المحررة، وتأمين احتياجات النازحين وعودتهم ومواجهة النقص الشديد في الخدمات والبنى التحتية، اضافة الى متطلبات الحرب ضد داعش والارهاب. فيما التوقعات بشأن سعر النفط عالميا تشير الى بقائه في المستوى الحالي، في وقت ما زالت فيه موارد النفط الخام تغطي حوالي 95 في المائة من ايرادات الموازنة العامة، ونسبة تقارب 60 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي. ومن الواضح ان الموازنات الحكومية لا تستطيع توفير التمويل اللازم لكل هذه المتطلبات.
وفي الوقت الذي نفتقد فيه سياسة اقتصادية منسقة متكاملة، تجري إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي بالاعتماد على القطاع الخاص ووفق رؤية ليبرالية جديدة، تتمثل في تسريع عملية خصخصة الخدمات العامة والأساسية (التعليم، الصحة، ومؤخرا الكهرباء..).
إن الاهتمام بالقطاع الخاص وتذليل المصاعب والكوابح التي يواجهها أمر مطلوب، ولكن التوجه المفرط نحو الخصخصة، وعلى صعيد الخدمات العامة بشكل اخص، ستكون له آثار سلبية على الأحوال المعيشية لذوي الدخل المحدود والمتدني وحتى للفئات الوسطى، مما يعمق التفاوت الاجتماعي والفرز ذي الطابع الطبقي، ويشيع قلقا جديا لدى أقسام كبيرة من شعبنا، أخذت تعبر عن نفسها بالاحتجاجات المطلبية متعددة الاشكال.
ويتوجه المزيد من مؤسسات الدولة في الوزارات المختلفة، لا سيما الخدمية، نحو البحث عن وسائل لتعظيم مواردها وايراداتها، على خلفية سياسة التقشف الشديد التي تتبعها الدولة منذ الانخفاض الحاد في الايرادات النفطية.

تدهور الخدمات..
اعباء اضافية على الاسر

ويشمل ذلك العديد من الاجراءات ومنها : فرض رسوم، أو زيادتها، على الخدمات التي تقدمها الدوائر الرسمية والمؤسسات الخدمية، كما في وزارات الصحة والتربية والتعليم العالي والعدل وفي أمانة بغداد وفي دوائر الضريبة والتسجيل العقاري وغيرها. كذلك تخلي مؤسسات الدولة عن توفير بعض الخدمات من قبل أجهزتها والتعاقد مع القطاع الخاص للقيام بها، كما في وزارة الكهرباء، أو الانسحاب الكامل للدولة وعرض تلك الخدمات إلى الأستثمار، اي خصخصة الخدمة، و تحميل الاهالي ايضا بعض النفقات الحكومية كما في خدمات صيانة وإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات وغيرها.
ان من شأن هذه الاجراءات والتمادي فيها ان يضيف اعباء جديدة على الاسرة العراقية، في وقت تتفاقم فيه نسب الفقر والبطالة خاصة بين الخريجين، وتتنشر على نحو واسع صفقات بيع الوظائف العامة، او احتكارها من قبل المتنفذين في السلطة واحزابهم وكتلهم الانتخابية. كذلك التدهور الكبير والتلكؤ في توزيع البطاقة التموينية وتقليل مفرداتها، مع ان نسبة عالية من الاسر العراقية وحسب احصاءات وزارة التخطيط تعتمد عليها.
والحصيلة هي ان بعض الخدمات (كالصحة والتعليم) غدت غير متاحة لذوي الدخل الضعيف ولبعض الفئات الوسطى، ويؤدي هذا التمايز في الحصول على الخدمة إلى خلق فوارق اجتماعية وطبقية جديدة وتعميق القائمة منها، ويزيد من اختلال العدالة الأجتماعية.
ومما تقدم يبدو ان الأزمة المالية الراهنة وسياسة التقشف وفرت فرصة للاسراع في تمرير مشاريع الخصخصة و"الاصلاحات الهيكلية"، التي تعجل في تصفية القطاع العام، واضعاف دور الدولة والتحول الى اقتصاد السوق.
ان مساعي تهميش واضعاف دور الدولة وتدخلها في الاقتصاد، عوضا عن العمل على تفعيل هذا الدور عبر عملية اصلاح جدية لمؤسسات الدولة وتخليصها من الترهل والفاسدين والبطالة المقنعة والبيروقراطية، وعبر اسناد المسؤولية فيها الى العناصر الكفؤة والمهنية والنزيهة، انما هي هرولة الى امام واسقاط لتجارب اخرى وفرض لتوصيات المؤسسات المالية العالمية قسرا على واقعنا، من دون قراءة موضوعية ومعرفة بالحاجات الفعلية للاقتصاد العراقي. ونحن نرى ان دور الدولة كان وما زال ضروريا لاطلاق عملية تنمية مستدامة، اجتماعية واقتصادية.
من جانب آخر وفي كل الاحوال، يتوجب على الحكومة العمل على تجنيب الكادحين وذوي الدخل المحدود تبعات الازمة المالية وانخفاض واردات النفط، واعباء الاجراءات التقشفية المباشرة وغير المباشرة، وان عليها التوجه لزيادة الضريبة التصاعدية على ذوى الدخول العالية، وزيادة النسب الضريبية على مختلف اشكال الثروة، وتحسين جبايتها، وتخليصها من حالات الفساد والرشى.

تنويع مصادر الدخل الوطني

معلوك ان الاقتصاد العراقي وحيد الجانب، وهو ريعي يعتمد بنحو يكاد يكون مطلقا على واردات النفط، المتذبذبة والتي تعتمد على اسعار النفط عالميا، الخارجة عن سيطرة الحكومة والدولة العراقية. وتتضح الآن الاضرار الفادحة التي تسبب بها هدر المال العام والفساد المستشري، واقامة مشاريع اما وهمية او فاشلة، والادارة السيئة لاقتصاد البلد، والفشل العام في نهج وسياسة حكومات المحاصصة المتعاقبة التي اهدرت فرصة الوفرة المالية جراء الطفرة الكبيرة في اسعار النفط.
ويحصل حاليا تحسن نسبي في تلك الاسعار، حيث بلغ سعر برميل النفط نحو 62 دولارا، فيما السعر المقدر في موازنة عام 2017 هو 45 دولارا. ولهذا يأمل المعنيون والمتخصصون في عدم تضييع الاموال مرة اخرى، وان يجري الاستثمار الامثل لها عبر ترشيد الانفاق الحكومي وتحديد اولوياته، وسد الاحتياجات الآنية، وتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني عبر تعزيز وتطوير مساهمة القطاعات الانتاجية كالزراعة والصناعة وقطاع التشييد والبناء والخدمات، وتحديث وتطوير البنى التحتية.
ان الحاجة ملحة الآن الى اطلاق عملية اصلاح اقتصادي ضمن خطوات الاصلاح الشامل المطلوب، والعمل على ضع خطة اقتصادية - اجتماعية ستراتيجية، واضحة الرؤى والمعالم والآليات، تعتمد معرفة عميقة بواقع الاقتصاد العراقي وحاجاته، وتوظف امكانات قطاع الدولة والخاص والمختلط والاستثمار الاجنبي في مسار متسق يفضي الى تحقيق تنمية حقيقية، واعادة توزيع الدخل بما يؤمن قدرا معقولا من العدالة الاجتماعية.

المديونية

ما زالت الحكومة، رغم تحسن ايرادات النفط بشكل عام، تتجه نحو الاقتراض الداخلي والخارجي، وتتوسع في ذلك الى الحد الاعلى، الذي يقترب من اعلان افلاس اي دولة عند وصول ديونها الى اكثر من 60 في المائة من دخلها العام.
وحسب العديد من المختصصين والمتابعين بلغت ديون العراق اليوم 120 مليار دولار، وهي مبالغ كبيرة من دون شك، ويحذر الخبراء من الافراط في ذلك مشيرين الى ان تنامي المديونية سيرفع ايضا اعباء خدمة الديون، وستكون النتائج وخيمة في ظل استمرار البنية الاحادية الحالية للاقتصاد، وضعف قاعدة الاقتصاد الوطني، وعدم القيام بالاصلاحات الاقتصادية الواجبة. ويعبر هؤلاء عن القلق لكون تلك القروض ليست لاغراض الاستثمار الذي يمكن ان يعود بالربح على الدولة، بل هي موجهة نحو اعادة اعمار المدن المحررة من داعش، مع غياب الضمانات الحقيقة لعدم انتقالها الى جيوب الفاسدين والمرتشين.

موازنة 2018

تشير مسودة موازنة 2018 الى ان الايرادات ستبلغ اكثر من 90 ترليون دينار، بضمنها 77 ترليونا من ايرادات النفط أي بنسبة اكثر من 85 في المائة، على اساس سعر للبرميل يبلغ 46 دولارا وبمعدل تصدير يبلغ 3 ملايين و888 الف برميل يوميا بضمنها 250 الف برميل من النفط المنتج في الاقليم، كذلك على اساس صرف 1182 دينارا للدولار الواحد. فيما يقدر اجمالي النفقات بنحو 104 ترليون، اي بعجز يقرب من 13 ترليونا ( نحو 13 في المائة ). وجرى تخفيض حصة الاقليم من 17 في المائة الى 12.67 في المائة. فيما لم يصادق مجلس النواب بعد على الحسابات الختامية لسنة 2016، ولم تقدم اليه خلاصة اوجه صرف موازنة 2017. وان هذا وغيره يدفع الى المطالبة المستمرة بضرورة الشفافية في الموازنة، وبشأن مدى تطابق ارقامها مع الواقع الفعلي.
 وان ما يتوفر من المعلومات والمؤشرات الاولية يبين ان هذه الموازنة لن تختلف عن سابقاتها، ولن تكون رافعة للتنمية المطلوبة، وسوف يستمر الاقتراض الداخلي والخارجي وحالة التقشف، ووقف التعيينات في مؤسسات الدولة الا في اضيق نطاق وفي مجالات محددة، فيما تظل نسب الانفاق العام عالية. انها موازنة ازمة مالية واقتصادية واعتماد كلي على ايرادات النفط، واستمرار ارتهان اوضاع بلدنا الاقتصادية لعامل خارج السيطرة.

معا لمكافحة الفساد

رحب حزبنا باعلان رئيس مجلس الوزراء عن تشديد التوجه لمحاربة الفساد، والذي يشكل استجابة للمطالب التي رفعتها الاحزاب الوطنية وحركة الاحتجاج.
 فالتصدي للفساد عملية لا تقل اهمية عن محاربة الارهاب. وهما يدعمان بعضهما، ويشكلان وجهين لعملة واحدة.
وكما وحدت المعركة ضد الارهاب العراقيين، فمن المؤكد انهم سيدعمون اية اجراءات جدية فاعلة وملموسة في هذا الشأن، شرط ان تطبق بحق جميع الفاسدين وسراق المال العام، كبيرهم وصغيرهم، والمتهمين بمختلف اشكال الفساد الاخرى. وان الانتصار في هذه المعركة الوطنية لن يمكن الدولة من اداء مهامها على نحو افضل وحسب، بل وسيوفر مبالغ مالية كبيرة تمس حاجة بلدنا اليها لاغراض اعادة الاعمار وتوفير الخدمات وتحسينها واطلاق عملية التنمية.
ان معركة التصدي للفاسدين لن تكون سهلة وميسرة نظرا لما يمتلكه هؤلاء من امكانات، وجراء التشابك الحاصل بين المتنفذين والمهيمنين على مركز القرار في الدولة ومافيات الفساد، ما يتطلب حشد الطاقات الوطنية المخلصة ولا سيما تلك الداعمة للاصلاحات، وان يكون للجماهير دورها في ذلك.

تحوطات مستقبلية

 ان اعتماد بلدنا على تصدير النفط الخام كمصدر رئيس للدخل الوطني، يجعل واردات البلد غير مستقرة. وفيما يبقى الحل الامثل كامنا في تنويع مصادر الدخل واطلاق عملية تنمية متوازنة فعالة ومستدامة، يتوجب التفكير على غرار ما تقوم به دول كثيرة، في توفير مبالغ معينة وتعظيمها في مشاريع عامة لها اولوياتها، وتجنب الحالات الصعبة والحرجة في التمويل، والتقليل من التوجه نحو الاقتراض، كذلك التفكير بانشاء صناديق سيادية متعددة الاهداف، ووضع آليات مناسبة لاستثمار اموالها، واعتماد الشفافية فيها والحؤول دون تسرب آفة الفساد اليها، وذلك باسناد المسؤولية فيها الى عناصر وطنية مخلصة ومجربة.

ملف المياه

وهناك ملف آخر تزداد اهميته مع تقدم دول الجوار في تن