1
المنبر الحر / عنكاوا.. ألا تستحق ان تُقال بحقها.. كلمة حق؟!
« في: 22:59 19/04/2015 »عنكاوا..
ألا تستحق ان تُقال بحقها.. كلمة حق؟!
"كلمة حق لابد ان تقال"..هذا هو المبدأ..هذا هو الحق..هذا هو العرفان.فلماذا اراكِ يا بلدتي في العطاء سخية لكل من وطأت قدماه ارضك و استظل بخيمة حنانك وتنعم بدفء حضنك، في حين لا تلقين منه سوى العتب القاسي الذي قد يصل الى حد التجريح و الشتيمة، ولا يتوانى في كل محفل عن ان يرميك بحجر..حجر الحقد و الملامة و الجحود و الكراهية؟! فأنتِ بطبعكِ المعطاء لا تنتظرين كلمة شكر على ما تعتبرينه واجباً عليك، و لكن كلمة حق يجب ان تقال بحقك.."كلمة حق" التي تعلمنا ان نقولها حتى بحق من عادانا او اساء الينا. ألا تستحق ان تُقال بحقها.. كلمة حق؟!
مقولة سمعناها من الاجداد منذ القدم"عنكاوا خبزها فاهٍ""عنكاوا لوخماه باخيلى"، اي انه لا يغزر فيمن يأكل منه و يستطعم. ولكن اليوم غير الأمس..فأنتِ اليوم، شاء من شاء و أبى من أبى، أمٌّ رؤوم فتحت ابواب قلبها قبل ذراعيها لكل من لجأ اليها و احتمى بمرافئ عينيها و قصدها في محنته، حيث العيش الآمن لايزال ممكناً في زمن التطرف و الارهاب*.
في الماضي القريب، جار على بلدتي (عنكاوا) عرابوها و انتزعوا ارضها و اقتطعوا قطعاً من فؤادها، ليهبوها- دون وجه حق- لأُناس من غير اهلها، فشجعوا النزوح اليها طمعاً بالفوز بقطعة من الغنيمة، فاجتاحتها امواج النازحين موجة تلو موجة، لمزاحمة اهلها في ارضهم و لقمة عيشهم، و بموجب ما يحكم السوق في كل انحاء المعمورة من العلاقة بين العرض و الطلب، ارتفعت الاسعار واصبح الغلاء سمة لعنكاوا.. استقروا فيها و حصلوا على اراض من عقارها و مارسوا كل حقوقهم و زيادة، لكنهم لحد هذا اليوم، لا تلقى عنكاوا و اهلها من العديد منهم غير الملامة و السخط و الجحود!. وهكذا بدا المخطط واضحاً لاخلاء العديد من بلداتنا الآمنة من ابناء شعبنا، لتصبح لقمة سائغة للطامعين فيها، فضاع تاريخهم و ضاعت بلداتهم بعدما احتلها الغرباء، وتغيرت بشكل جائر ديموغرافية عنكاوا الى حد كبير..و اليوم وبعد تعرض ابناء شعبنا للتهجير القسري في الموصل و بلدات سهل نينوى، عجت عنكاوا بموجات بشرية هائلة فاقت طاقتها على الاستيعاب، الا انها بالمحبة و نكران الذات وسّعت صدرها و احتضنتهم جميعاً، لأنهم تركوا بلداتهم عنوة مخافة النحر أو الحرق او الاغتصاب، فاستقبلناهم بقلوب يعتصرها الألم، و لكن للاسف يا عنكاوا، اصبح بعض الوافدين اليك جارحين، وصار سلوكهم كسلوك ارنب بري! نسوا اننا (اهل عنكاوا الاصليين) ارتبطنا بجرحهم و حزنهم، نحمل معهم صليب العذاب لنخفف عنهم وطأة مأساتهم!.
نسوا ان بلداتنا التاريخية اختصرت في واحدة (عنكاوا)،لا نستطيع التنبؤ في اي وقت ومن اي صوب و بأي قرار سيأتينا و يأتيهم الدمار و الهلاك .
نعم.. كلنا مجروحون و أنتم جرحكم اكبر، حزينون وأنتم حزنكم اكبر.. لكن عليكم ان لا تعظموا بعض المآخذ لدرجة ان تصبح سخطاً موجعاً للأم التي احبتكم بكل جوارحها، وعند ذكرها كونوا صادقين بحقها، ستكونون ابناءها المرحب بهم في كل زمان و أوان.
لذا يجب ان نتطهر جميعنا من سواد الحقد و حليب الكراهية العكر، و نجعل من عنكاوا الصغيرة وطناً يسع جميع الوافدين اليها من ابناء شعبنا المهجر قسراً، ومن الذين سكنوها بالامس طوعاً او طمعاً.
بخلاف ذلك، سنُفرح من اراد لنا المذلة و التشتت، و ستُعمى بصيرتنا عن تشخيص المسبب الحقيقي لمأساتنا و ابادتنا، لتدارك الحاضر الخطير و المستقبل المبهم الذي ينتظرنا.
فلنترك الصغائر كي لا تضعف وحدتنا، و لنتمسك بكل ما يوحدنا لنضمن بقاءنا بكرامة و عزّة، لنحيا حياةً نستحقها لأننا اصحاب هذه الارض وصانعو حضارتها، و لنا اليد الطولى و الدور البارز في ارساء اعمدة في حاضرها و مستقبلها.
عنكاوا..وإن لم تُقال بحقك اليوم كلمة حق..فحتماً سيتذكر التاريخ غداً، بلدة صغيرة وديعة من بين بلدات شعبنا تدعى (عنكاوا)، قد فتحت يوماً قلبها و ذراعيها و مقابرها لتحتضن كل من التجأ اليها حياً او ميتاً..
جنان بولص كوركيس
*كُتب هذا المقال قبل حصول التفجير الارهابي في عنكاوا!!