عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - جميل حــنا

صفحات: [1]
1
حزب تحرير آشور والمشروع القومي الآشوري
         

الدكتور جميل حنا

 

كان تأسيس حزب تحرير آشور قبل أكثرمن عقدين ونصف حدثاً قومياً وسياسياً هاماً بين آوساط شعبنا بدون تمييز,وخاصة المهتمين منهم بالقضية القومية الآشورية.وأتى تأسيس الحزب في عام  1995في 15 حزيران,ليأكد على استمرارية الالتزام بثوابت الانتماء إلى هوية الأمة الآشورية,والتزام بالحق المشروع للشعب الآشوري بأرضه التاريخية.وإقامة كيانه الوطني والقومي المستقل كإستراتيجية بعيدة المدى,مرتبطة بالظروف والواقع الفعلي الداخلي والإقليمي والعالمي.التي تتيح تحقيق ذلك وكحد أدنى قيام إقليم آشورعلى جزء من أرضه التاريخية والحالية في شمال العراق .

 لقد عقد حزب تحرير آشور أربعة مؤتمرات خلال 27 عاماً منذ تأسيسه.وكان المؤتمر الرابع المنعقد بين 11-13-2023 هوالأخير.والذي تميزعن بقية المؤتمرات بأصدار ثلاثة وثائق 1- البرنامج السياسي الجديد,الذي تضمن أهداف الحزب الرئيسية هو تأسيس بلاد آشورحر ومستقل على أرضنا التاريخية والحالية, وإقليم آشوركحد أدنى,والعمل مع كافة التنظيمات الحزبية والحركات السياسية والمؤسسات الثقافية والشخصيات الفاعلة على الساحة القومية للأنخراط والمشاركة العملية والوحدة من أجل تحقيق المشروع القومي الآشوري على أرض آشور.ولكن البرنامج السياسي الجديد يختلف بأمورأخرى حيث كان البرنامج القديم الذي صغناه في ذلك الوقت كان 40% منه عن الوضع العالمي,وما يرد حول هذه النقطة فهوفي الإطارالعام او تحت بند آخر.وهو يتألف من المقدمة,الوضع في آشور,المشروع او المشاريع القومية الآشورية التي طرحت منذ عام 1917 وحتى بعد مذبحة سميل 1933,أهداف حزب تحرير آشور,مذابح إبادة الآشوريين,المرأة الآشورية,الشبيبة الآشورية,المالية,وسائل الاعلام ,التضامن العالمي مع القضية الآشورية,الخاتمة.

- أما الوثيقة الثانية هي عبارة عن توضيح صادرعن المؤتمر كما هو وارد أدناه: 2

((توضيح هام من حزب تحرير آشور!

توضيح صادر من المؤتمر الرابع لحزب تحرير آشورالمنعقد بتاريخ 11-13 تشرين الثاني 2022

حزب تحريرآشورينشرهذا التوضيح لجميع مؤسسات شعبنا الحزبية السياسية والثقافية والأفراد,من أجل معرفة الحقيقة.والتي يحاول البعض نشرأمور تنافي الحقيقة وغيرصحيحة مطلقاً فيما يخص حزبنا. نطلب من الجميع وبكل مودة  توخي الدقة في نشرالمعلومة الصحيحة فيما يخص شعبنا. والقضية القومية تخص كلنا وليست مختصرة على جهة بحد ذاتها والتزييف يضرالجميع.لقد تأسس حزب تحرير آشور في15 حزيران عام  1995وعلى مدى سبعة وعشرون عاما لم ينتخب أو يعين حزبنا رئيس او مسؤول للحزب او المكتب السياسي او سكرتير اللجنة المركزية بتاتاً.وأنما كان موقفنا منذ البدأ وحتى الآن بأن إدارة وعمل الحزب يتم بواسطة لجنة قيادية تقوم بجميع المهام الحزبية.ولا ندعي بأن هذا الشكل التنظيمي هو الصح وبقية الأشكال التنظيمية الأخرى هي خطأ. بل نحن رتبنا آمورنا على هذا النحو.ولذا نطالب من جميع الجهات المذكوره أعلاه, بعدم نشر أخبارغير صحيحة وخاصة على وسائل التواصل الإجتماعي اوغيرها, بأن فلان من الناس هو رئيس حزب تحرير آشور أو أي صفة أخرى ربما عن عدم الدراية بالحقيقة او ربما بقصد.وأن إعادة النشرللخبرالغيرالصحيح من قبل من يعرف الحقيقة من داخل حزبنا يعد خرقاً في كل المعاييرالتنظيمية والأخلاقية.كل من يدعي بأنه يناضل من أجل القضية القومية لشعبه عليه الإلتزام بالأخلاق القومية والصدق والتضحية وعدم إستغلال الفرص المتاحة للمصلحة الشخصية المادية والمعنوية.

عاش حزب تحرير آشور

ميلادية , 6772 آشورية2022-11- 13 ))

3- أما الوثيقة الثالثة فكان البيان الختامي عن أعمال المؤتر:

حيث ناقش المندوبون أوضاع أبناء الأمة الآشورية في بلاد آشور,العراق وسوريا وتركيا وأيران. ووضع الحركة القومية على الساحة والوضع المأساوي الذي يعاني منه شعبنا في بلداننا.وكان علينا أن نواجه الحقائق بكل جرئة ونقد ذاتي بما أعترض مسيرة تطورنا, وعدم تمكننا من الإرتقاء إلى حجم المأسي الفظيعة التي يمر بها شعبنا بكل تسمياتهم وكنائسهم,وما تعاني منه الحركة القومية الآشورية بشكل عام من هذه المعضلة, بكافة تنظيماتها وبدرجات مختلفة بين هذا الحزب وذاك.وهنا هذه الفقرة كما ورد في البيان الختامي.

((كما تمت مناقشات مطولة عن وضع حزبنا والمشاكل التي أعترضت مسيرته منذ التأسيس وحتى وقتنا الحاضر.لم تكن مسيرة الحزب منذ التأسيس وحتى غاية إنعقاد المؤتمرالحالي خالي من الإنتهاكات التنظيمية والمالية, والدخول في العزلة منذ زمن,(أعقب فترة الصعود والنشاطات والإنتشار بين أبناء شعبنا بفضل العمل المتفاني),والتقوقع على الذات بما ينسجم مع المصالح الذاتية للبعض.وترك مبدأ غياب المحاسبة الجدية للأخطاء الفظيعة أثراً بالغاً على تطورالحزب بين أبناء الأمة الآشورية.كما أكد المندوبون على العمل الحثيث والصادق من أجل تحقيق تجديد حقيقي في الحياة التنظيمية للحزب, وكذلك تفعيل دورالحزب كما كان سابقاً بين أبناء الأمة الآشورية, والمشاركة في ساحة النضال العام مع كافة أحزابنا وبقية القوى الوطنية في بلداننا))

وبالرغم من ذلك نؤكد على أن تأسيس حزب تحرير آشوركان إستجابة موضوعية على الإرهاصات التي كانت تمربها الحركة القومية الآشورية متمثلة بكافة مؤسساتها وتنظيماتها وأحزابها العاملة في صفوف شعبنا.غياب المشروع القومي الآشوري من البرامج السياسية للغالبية الساحقة من الأحزاب العاملة في الساحة القومية.ونعني به المشروع القومي لقادة الأمة الآشورية أمثال فريدون آتورايا وجنرال الأمة آغا بطرس وآشور يوسف ومار بنيامن شمعون ونعوم فائق وغيرهم من قادة الأمة العظماء,وقادة ثورة سميل 1933,الذين كان هدفهم إقامة دولة آشورالحر,وكحد أدنى إقليم آشور.أي ربط وجود واستمرارية أبناء الأمة الآشورية بقيام كيان لهم على أرض آشور.وكما يتضح من الوثائق ومطالب بعض وفود شعبنا إلى مؤتمر السلام المنعقد في باريس 1919,وكما قدمه الجنرال أغا بطرس في مؤتمرلوزان 1923,وأيضاً كما كان مطروحا في بيان أورمية للشهيد فريدون آتورايا ورفاقه في عام 1917.

وكان تأسيس حزب تحرير آشوردعوة قومية صادقة لجميع أحزاب شعبنا وحثها على تبني المشروع القومي الآشوري.والعمل والنضال المشترك والوحدة في إطار جبهة قومية عريضة تحقق طموحات وأهداف وحقوق شعبنا بالعيش بسلام على أرضه بلاد آشور.

لم يكن تأسيس حزب تحريرآشوربأي شكل من الأشكال هو بهدف محاربة تنظيماتنا القومية والسياسية التي كان غائباً عن برامجها السياسية مشروع إقامة إقليم آشور.بل كان تركيزنا يتم على نشر الوعي القومي,وحث جميع أبناء الأمة الآشورية ومؤسساتهم الثقافية,وكافة تنظيمات وأحزاب شعبنا السياسية,بتبني المشروع القومي الآشوري على أرضنا التاريخية بلاد آشور.ولم يكن مشروعنا يستهدف النيل من أي تنظيم من تنظيمات حزبنا.بل كنا وعلى مدى سنوات طويلة ومن خلال لقاءاتنا مع الجميع نأكد على أهمية التمسك والالتزام بالمشروع القومي الآشوري.لأنها قضية مصيرية, قضية استمرارية وجودنا على أرضنا, هي قضية بقاء أو فناء .وهذه حقيقة لا يمكن غض الطرف عنها وأقولها كمبادر وأحد المؤسسين لحزب تحرير آشور,هذا كان الموقف الرسمي الحزبي.ولا أجزم بأن جميع أعضاء الحزب ألتزم بهذا الموقف,ومن لم يلتزم بهذا الموقف,لم يكن  بالأصل موقفه يعود إلى أسباب قومية او المشروع القومي, بل لأسباب شخصية, لم ترتقي إلى مستوى الطرح القومي والفهم السياسي لحزب تحرير آشور.كنا نبذل جهداً كبيراً على تحقيق مشروعنا القومي. وذلك برص الصفوف على مستوى التنظيمات وعلى المستوى الشعبي,لأن تحقيق مشروع الأمة يجب أن يكون من أهداف الجميع.وتوحيد قوانا جميعاً وبدون إستثناء أحداً لتشكيل قوة مؤثرة وفاعلة,على الساحة الوطنية والعالمية من أجل تحقيق أهدافنا القومية المشروعة.والتي بدونها يصعب تحقيق أهدافنا القومية.لا أن تهدر طاقاتنا في الجدالات الداخلية.وتنحرف البوصلة عن المشروع والأهداف المقدسة لأمتنا بقيام كياننا الحرعلى أرض آشور.نعم كنا نحث تنظيماتنا السياسية وأبناء شعبنا على تبني المشروع القومي الآشوري,وما زلنا, وبناء جبهتنا الداخلية والعمل المشترك.وأن يكون تعاوننا ونضالنا موحداً مع بعضنا البعض.وأن تكون آيادينا ممدودة لبعضنا البعض قبل أن تكون ممدودة ومفتوحة بسخاء لمن يستهدف وجودنا القومي على أرضنا التاريخية أرض آشور.

وكنا دائماً ننظر بروح إيجابية لمى هو في مصلحة قضيتنا المشتركة, ونعتبر ما قامت به بعض تنظيمات شعبنا على المستوى الثقافي واللغوي وبث الروح القومية بين آوساط شعبنا من المنجزات والأعمال التي تستحق كل التقديروالأحترام.(والكلام هذا يدورعن زمن تأسيس الحزب في عام 1995) ولكن المشكلة في هذا التوجه بالرغم من أهميته البالغة ,لم تستطع هذه التنظيمات الخروج من حالة الجمود ومواكبة التطورات الحاصلة في بلداننا في العراق وسوريا وخاصة على أرض آشور.واستمرت الطروحات السياسية والقومية دون مستوى المشروع القومي الآشوري وتحقيق أهدافنا القومية.بأستثناء المطالبة ببعض الحقوق الثقافية واللغوية والعادات والتقاليد على الرغم من أهميتها.بدون أن يكون هناك مطالب وأهداف قومية مصيرية, وأكرر كما طرحها قادة الأمة في بدايات الثلث الأول من القرن العشرين.ولذا كنا نطرح بعض الأفكار,والتي كنا نرى فيها أهمية بالغة من أجل الحفاظ على كيان شعبنا بمختلف تسمياتهم.لأننا جميعاً بغض النظرعن قناعات البعض منا بأشوريته أو كلدانيته أو سريانيته,أو بقية التسميات المتداولة في صفوفنا.تعرضنا جميعاً للإبادات والاضطهاد الديني والقومي على يد القوى الغازية والمحتلة من العرب والترك والكرد والفرس لبلاد ما بين النهرين وخاصة على أرض آشور.ولم يميزأي منهم بيننا, بل أستهدفونا للقضاء على كياننا ووجودنا على أرضنا.وهذه أهم الطروحات القومية والسياسية التي وجدنا فيها حلاً لمآسينا القومية, ووضع حد للإبادات المستمرة والإضطهاد بكل أشكاله:

- توحيد الخطاب السياسي للأحزاب الآشورية ووضع استراتيجية قومية شاملة تنطلق من المشروع القومي الذي وضعة قادة الأمة في بداية القرن العشرين.

- أستقلالية القرارالسياسي الآشوري.

- بناء جبهة قومية عريضة بين مختلف المؤسسات السياسية والمدنية الملتزمة بالثوابت القومية.

- العمل على زيادة الوعي القومي المبني على الحقائق التاريخية والحالية والمنطق العلمي الصحيح, والفهم الصحيح للمواثيق والمعاهدات الدولية بما يخص حق تقرير المصير والاعلان العالمي لحقوق الإنسان,وميثاق الشعوب الأصيلة.

- العمل على التحرر والتخلص من الخوف والتبعية للقوى المستبدة الظالمة سواء كانت حكومات اومجموعات مسيطرة. 

- وضع مصلحة الأمة فوق المصلحة الشخصية,والكفاح والتفاني والتضحية الفعلية من أجل تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه, وليس العكس من ذلك بأستخدام الأمة اوالحزب او المؤسسة الثقافية اوغيرها من أجل المنفعة المادية والمعنوية.

وبكل أسف شديد لم تستطع جميع الأحزاب السياسية التي تتبنى الهوية الآشورية كلياً أو جزئياً من جعل القضية الآشورية قضية ذات أهتمام سياسي عالمي في المحافل الدولية ولا كقضية إنسانية لدى المنظمات العالمية.

ولا حتى الأحزاب والمؤسسات الثقافية والكنسية مجتمعة بكل التسميات المستعملة بين آوساط شعبنا من الآشورية والكلدانية والسريانية,وبكل إرثها الحضاري اللغوي والثقافي وعقيدة الإيمان المسيحي,وهوية الإنتماء والعادات والتقاليد المشتركة المنبثقة من حضارة بلاد ما بين النهرين بلورة موقف موحد من هذه القضايا المصيرية.ولذا لم يتمكنوا من خلق قضية شعب تعرض للإضطهاد والإبادات والتهجيرالقسري ويتعرض حتى وقتنا الحالي.لا على الصعيد المحافل السياسة العالمية ولا الصعيد الإنساني ولا على الصعيد العقائدي الكنسي العالمي ولا في وسائل الاعلام العالمية ولا حتى لدى الرأي العام العالمي, ولا لدى المؤسسات والمحاكم الدولية وحقوق الإنسان .بالرغم  من إرتكاب مذابح فظيعة ضد الجميع من قبل المنظمات الإرهابية في العراق وسوريا والأنظمة والسلطات السياسية الحاكمة,خلال العقدين الأخيرين ومنذ سقوط نظام صدام في العراق.حيث تعرض شعبنا إلى اضطهاد سياسي وقومي وديني ممنهج من قبل السلطات الحاكمة وتواطئها مع المنظمات الإرهابية, ومثال على ذلك غزوة داعش على نينوى 2014 وكذلك غزوتهم على الآشوريين في سوريا,على قرى الخابور2015.وفرض تهجير قسري بقوة السلاح وتغيير الديمغرافي,قتل وجرائم ترتكب بحق أفراد أومجموعة من أبناء شعبنا, وكان آخرها مآساة بغديدا " الحمدانية".هنا لا نتحدث عن مذابح الإبادات الكثيرة وخاصة في عام 1915 وكذلك مذبحة سميل 1933, بل فقط عن ما يتعرض وتعرض له شعبنا خلال العقدين الآخيرين. ومع ذلك لم نحقق أي نتائج تذكرفي المحافل الدولية من أجل لفت أنظارالعالم إلى المآسي والجرائم الفظيعة المرتكبة على أسس التطهيرالعرقي والديني.كل هذه الفظائع الرهيبة التي ترتكب بحقنا بدون إستثناء,لا تجعلنا أن نستيقظ,ونحس بأننا نواجه مصيرنا المحتوم عليه بالفناء.إذا كانت كل هذه المآسي لا تجعلنا أن نتحكم إلى المنطق العقلي فما الذي سيجعلنا أن نخرج من هذا التقوقع ,والتمسك بالتشرزم لا بالوحدة,بالتعصب لا بالتسامح,بالكراهية لا بالمحبة ,بتزييف الحقائق التاريخية لا بالحقائق الثابتة,متى سنتحرر من الأفكاروالمواقف التي تجعل من جلادينا,بأنهم حلفائنا,من الذين أستهدفوا ويستهدفون كياننا القومي والديني ووجدودنا على أرضنا.متى سنضع المصلحة القومية الحقيقة فوق المصلحة السياسية بتحالفنا مع من يستهدف بالأصل وجودنا وكياننا القومي.

وفي الخامس عشر من حزيران 1995كان الإعلان عن تأسيس حزب تحرير آشور ردا بالدرجة الأولى,على من راهن القضاء على هذا الشعب, وإنهاء قضيته القومية من القوى القومية العنصرية التركية والعربية والكردية.وكذلك كان ردا على تحطيم أسوارالخوف المزروعة في نفوس أبناء شعبنا وفك العزلة والتقوقع الذي أحاط بها شعبنا نفسه بها. وإعلان للرأي العام العالمي بأن أبناء الأمة الآشورية ما زالوا صامدين على أرضهم التاريخية التي يقيمون عليها منذ أكثر من سبعة آلاف عام.وهم يقدمون لأوطانهم كل التضحيات الجسيمة من أجل تقدمها وتطورها لبناء مجتمعات ديمقراطية مدنية علمانية, وأنظمة حكم يحقق المساواة بين كافة مكوناتها بدون تمييز ديني أوعرقي, ودساتير عصرية تقر بالهوية الآشورية كمكون أصيل في النسيج الوطني,وله كافة الحقوق المتساوية بدون تمييز عنصري ديني أو قومي.وكان الإعلان عن تأسيس الحزب بذات المشروع القومي الذي طرحه عظماء الأمة, فجرّغضب القوى الإقلييمية في بلاد ما بين النهرين وعلى أرض آشور,التي كانت تدعي بزوال هذا الشعب والذي لم يعد له أي وجود ولم تقم له القيامة,وكحد أقصى أعتبر جالية مسيحية  تركية أوعربية او كردية او فارسية, وعملوا على إلغاء هوية الإنتماء للشعب للآشوري في أوطانهم.

حزب تحرير آشور لم تكن مسيرته النضالية خالية من الأخطاء وأعني أخطاء أعضاءه ومنها أخطاء جسيمة اعاقت تطوروتقدم الحزب.وأن يستمرعلى الزخم النضالي الذي كان قائما كما في السنوات الخمس الأولى من تأسيسه.حيث بذل العدد القليل من المؤسسين وبتضحيات وجهد كبيربأن يكون المشروع القومي الآشوري حياً أولاً- أن إعادة إحياء المشروع القومي لقادة الأمة وإقامة أقليم آشور بعد ستة- سبعة عقود من الزمن منذ سميل 1933 يعتبر عملاً جباراً.وان كنا كمؤسسين قد تفرقنا عن بعضنا البعض,ولكن هذه حقيقة لا بد من ذكرها.وهذا المشروع الذي أصبح يردده ويطالب به أبناء شعبنا في الوطن وفي دول المهجر,نتيجة طبيعية لإعادة نشروإحياء المشروع القومي الذي بدونه سوف لن يكون لنا استمرارية وجود كشعب وكأمة حرة في بلاد آشور.

ثانياً- مسألة مذابح التطهيرالعرقي(سيفو) جعلناها قضية يسمع صداها في كل العالم بعدما كانت محبوسة بين الجدران الأربعة,وأيضاً بالجهد والتضحية والعمل المتواصل والقيام بفعاليات مؤثرة على الساحة الداخلية والعالمية.

ثالثا- الإعلام :حزب تحرير آشور أدرك منذ اللحظة الأولى من تأسيسه أهمية وسائل الإعلام في حياة الشعوب.ومن أجل ذلك بُذلت الجهود الكثيرة,وقدم أعضاء الحزب بشكل عام ومآزريه تضحيات وكل حسب الإمكانات الشخصية من أجل فتح قناة فضائية تلفزيونية خاصة لأبناء شعبنا. وكما سابقاتها من المشاريع والأهداف التي طرحها الحزب تعرضنا إلى حملة دعائية سلبية من بين أوساط شعبنا,وعدائية أيضا من قوى خارجية عديدة.ولكن الحزب بقي مقتنعا بأن ما سينجزه هو مشروع قومي لا بد من تحقيقه.

وحصل ذلك بالجهود المخلصة لأبناء شعبنا وذلك في 11آذارعام 2000حيث بدأ البث  ,القناة الفضائية الأولى                   ASSYRIATV المباشر لقناة  آسيريا تف في تاريخ لشعبنا.             

  ولكن بألم شديد لم نستطع الاستمرارفي البث أكثرمن ثمانية أشهر وذلك بسبب الكلفة الباهظة آنذاك,وتم إغلاق القناة لأسباب مادية, وبسبب أخطائنا وعدم توفرالخبرة في الإدارة والإعلام وإنسجام المواقف ضمن الحزب,ومواقف سلبية من بعض الجهات في الساحة الداخلية لأبناء شعبنا.وكذلك المواقف العدائية للقوى الخارجية التي عملت, لئلا يرى ويسمع  هذا الصوت الحرالجرئ بمشروعه القومي الذي يبث الوعي القومي ويكشف الحقائق, ومعانات شعبنا. وكل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى أغلاق قناة آسيريا الفضائية الأولى في تاريخ  أبناء الأمة الآشورية.ولكن هذا الإنجاز حرك المشاعر لدى الكثيرين وبيّن

أهمية أن يكون لنا وسائل إعلام متقدمة.والآن هناك العديد من وسائل الأعلام الفضائية لأبناء شعبنا,وهي قد لا ترتقي إلى مستوى طموحاتنا القومية,إلا أنها تعمل في ساحة شعبنا حسب الأهداف والخطط والحدود المرسومة لها.

وما قمنا به في السنوات اللاحقة من نشاطات سياسية وقومية ووطنية كثيرة هامة بين أبناء شعبنا ومشاركتنا مع بقية الأحزاب والمؤسسات كان استمراراً والسيرعلى المبادئ الثلاث المذكورة أعلاه.وما تحقق هو بفضل الجهود الجماعية المبذولة من قبل أعضاء الحزب منذ التأسيس ولغاية آخرالنشاطات التي شاركنا فيها,وكذلك بفضل الدعم من أبناء شعبنا بصفة شخصية ومن مختلف الإتجاهات السياسية الحزبية والثقافية والكنسية  .

2023-11-09

 

2
                            بيان  صحفي

عقد حزب تحرير آشور مؤتمره الرابع بتاريخ 11-13 تشرين الثاني 2022
تحت شعار:( الحماية الدولية وتدويل القضية الآشورية عالمياً, من أجل الوطن آشور الحر)

افتتح المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت على آرواح شهداء الأمة الآشورية عبرالعهود.
على مدى ثلاثة أيام  ناقش مندوبي المؤتمر ممثلي فروع الحزب كافة المواضيع الواردة على جدول الأعمال.منها الوضع العام للقضية القومية الآشورية في المهجر وخاصة على أرض الوطن والمخاطر الجدية التي تواجه كياننا على أرض آشور.كما بحث الوضع السياسي والأوضاع الأقتصادية والأجتماعية والتهديدات وممارسة الإرهاب والاستبداد والرعب الممنهج والتمييز العنصري القومي والديني الذي يتعرض له أبناء الأمة الآشورية في آوطانهم وعلى أرض آشور.لقد بحث مندوبي المؤتمر البرنامج السياسي الجديد المعروض للنقاش وبعد مداولات وأبداء الآراء تم الأقرار وبالإجماع على البرنامج السياسي الجديد. وسيقوم الحزب في المرحلة الزمنية القادمة  بطبعه وتوزيعه حسب الإمكانات وسيكون متوفراً ألكترونياً أيضاً على صفحة فرقونوعلى الفيس بوك لاحقاً.
لقد بحث الحزب وبشكل معمق الوضع العام لأحزابنا القومية وحالة التشرذم والضعف التي تعاني منها حركة التحررالقومي الآشوري.والدعوة إلى اليقظة حيال التهديدات والمخاطرالرهيبة التي تواجهنا ,والعمل على بناء الجبهة القومية العريضة المرتكزة على المشروع الآشوري.كما طرحها قادة الأمة في بدايات القرن العشرين مثل فريدون آتورايا وجنرال الأمة أغا  بطرس, وغيرهم من القادة العظماء.
وأكد المندوبون على الأهمية العظمى لتبني حزبنا المشروع القومي الآشوري لقادة الأمة الآوائل,والعمل والنضال المتفاني من أجل تحقيقه على أرض الواقع.على مدى سبعة وعشرون عاماً بذلنا جهود وتضحيات وكفاح متعدد الجوانب سواء على الساحة الداخلية لأبناء شعبنا وبين مؤسساته القومية من أجل توحيد الجهود ووحدة الصف القومي والتمسك والألتزام بتحقيق أهدافنا القومية.وعلى الصعيد الوطني عملنا من أجل وضع دساتيروطنية تقربالهوية الآشورية كمكون أصيل في آوطانهم والإقرار بإقامة أقليم آشور في شمال العراق, وتحقيق طموحاته القومية في الجزيرة السورية في إطار دولة موحدة,وكذلك في تركيا وأيران.كما أكد مندوبي المؤتمرعلى أهمية الاستمرار في الكفاح ضد كافة الأنظمة الاستبدادية العنصرية الدينية والقومية والمنظمات الإرهابية والميليشيات والمجموعات والقوى المعادية لطموحات شعبنا في العيش الكريم والحرية ومن يقفون ضد تحقيق المشروع القومي الآشوري.
كما تمت مناقشات مطولة عن وضع حزبنا والمشاكل التي أعترضت مسيرته منذ التأسيس وحتى وقتنا الحاضر.لم تكن مسيرة الحزب منذ التأسيس وحتى غاية إنعقاد المؤتمرالحالي خالي من الإنتهاكات التنظيمية والمالية, والدخول في العزلة منذ زمن,(أعقب فترة الصعود والنشاطات والإنتشار بين أبناء شعبنا بفضل العمل المتفاني),والتقوقع على الذات بما ينسجم مع المصالح الذاتية للبعض.وترك مبدأ غياب المحاسبة الجدية للأخطاء الفظيعة أثراً بالغاً على تطورالحزب بين أبناء الأمة الآشورية.كما أكد المندوبون على العمل الحثيث والصادق من أجل تحقيق تجديد حقيقي في الحياة التنظيمية للحزب, وكذلك تفعيل دورالحزب كما كان سابقاً بين لأبناء الأمة الآشورية, والمشاركة في ساحة النضال العام مع كافة أحزابنا وبقية القوى الوطنية في بلداننا.
وقد أنتخب المندوبون أعضاء اللجنة القيادية الجديدة لقيادة عمل الحزب في المرحلة القادمة.
ستبقى شعلة النضال القومي والكفاح مستمرة بين أبناء الأمة الآشورية من أجل تحقيق المشروع القومي الآشوري, من أجل الوطن آشورالحر.
عاشت الأمة الآشورية !
عاش حزب تحرير آشور!
المجد والخلود لشهداء الأمة الآشورية !
14-11-2022ميلادية ,,,,,,,    6772 آشورية




3
الدكتور جميل حنا   
 
لا للحرب..لأنها تعني الدمار..نعم للسلام..لأنها تعني التقدم والإزدهار!
الحروب تجلب المآسي الفظيعة للشعوب تبيد حياة العشرات والمئات والآلاف ومئات الآلاف والملايين من الناس.كما تدمر مستقبل الأجيال وتحطم البنية التحتية الحياتية للناس,والحروب تكرس الكراهية والعداء بين الدول والشعوب.والشعوب تساق للحروب بالضد من إرادتها الحرة من قبل الحكام اوالسلطات الحاكمة اوالفئات اوالمجموعات المسيطرة(أمبراطور,ملك,رجال دين,رئيس,أمير,رئيس عشيرة... )من أجل تحقيق مصالح متنوعة وأطماع توسعية وفرض هيمنة على الأخرين بقوة السلاح.
الصراع والحروب بين الأمبراطوريات والدول ومجموع دول متحالفة مع بعضها ضد مجموعة أخرى مستمرة منذ التاريخ القديم للبشرية حتى وقتنا الحاضر,وكمثال على ذلك الحرب العالمية الأولى 1914-1918 والثانية 1939-1945.قد تتغير الأساليب والحجج والأسلحة المستخدمة والسياسة والمصالح ,لكن تبقى السيطرة على المقدرات الجغرافية والموارد البشرية والمادية وإخضاع المغلوب عليه هدف رئيسي لكل الحروب.وشن الحروب منذ القرن الماضي تتم تحت شعارات الاستقلال والسيادة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المحقة ولكن( حق يراد منه الباطل في أغلب الأحيان).وذلك ما قامت به الدول الأستعمارية القديمة ولاحقاً أمريكا.وقد تتغير أشكال وأساليب وخطوات الدول الغربية وخاصة أمريكا ومعها بريطانيا إلا أنها ثابتة وواضحة المعالم فهدف السيطرة على العالم هدف ثابت اوأن تجري في فلكها.والسيطرة على عقول البشروخنقها في نطاق ضيق غير قادرعلى التفكير المنطقي لتكون أداة تخدم مصالح الأقوياء تكنولوجيا وأعلامياً وأقتصادياً وعسكرياً لكي لا يبزغ فجر تعددية الأقطاب في العالم,وإنهاء حقبة سيطرة القطب الواحد على العالم والعيش بأمان لكل الشعوب والدول في العالم بدون إستثناء.ومن هذا المنطلق نقول لا للحرب الروسية الأوكرانية الجارية,لا لحرب اوالعملية العسكرية الروسية على أوكرانيا ولا العمليات العسكرية الأوكرانية على دونيتسك ولوغانسك,حق تقرير المصير للشعوب,حق تقربه المواثيق والمعاهدات الدولية,والتمييزعلى أساس العرق والدين واللغة واللون والثقافة يخالف المواثيق الدولية.ونكرر لا للحرب بين روسيا وأوكرانيا لأن كيلا            الدولتين والشعبين الشقيقين سيدفعون ثمناً باهظاً,والمستفيدون هم القوى الخارجية التي حرضت وشجعت على إندلاع الحرب لتحطيمهم لأنهم مستهدفون منذ القدم وللتذكير فقط بعض الحقائق التاريخية التي يجب ألا ننساها لكي ندرك حقيقة الحرب الجارية بين روسيا وأوكرانيا.الدول الغربية ومنذ القدم تضمرالعداء للإمبراطورية الروسية لأسباب عقائدية وجيوسياسية وإقتصادية وجغرافية,العلاقة الوثيقة بين بريطانيا والسلاطين العثمانيين منذ القرن السادس عشر والمعادية للقيصرية الروسية,غزوة نابليون لروسيا سنة 1812,دعم إنكلترى وفرنسا وإيطاليا للعثمانيين في حرب القرم عام 1853 ضد الروس,دعم إنكلترى لليابان في حربها ضد روسيا في عام 1905,أعلان الحرب العالمية الأولى من قبل الأمبراطورية النمساوية الهنغارية وألمانياعلى صربيا حليفة روسيا القيصرية وأعلان تركيا تحالفها مع ألمانيا ومحاربة الروس.تأسس حلف الناتو العسكري 1949 المكون من 12 دولة غربية معادية للأتحاد السوفيتي أنذاك والمعسكر الأشتراكي,تأسس حلف وارسو عام 1955 وحل هذا الحلف في عام 1991.واستمر الناتو في البقاء, والأن عدد دول حلف الناتو 30 دولة ومنها محاطة بروسيا او قريبة من حدودها مثل دول البلطيق وبعض الدول الأشتراكي السابقة.حرب هتلر الفاشي ضد الأتحاد السوفيتي في عام 1941 وإنهزامه على يد الجيش الأحمر بالتحالف مع بريطانيا وفرنسا,وبالرغم من تحالف بريطانيا مع روسيا ضد هتلر,إلا أن تشرشل في نهاية الحرب حرض الولايات المتحدة الأمريكية بقصف الأتحاد السوفيتي بالقنابل الذرية, وضرورة إلقاء قنابل ذرية على 20-30 مدينة حتى تستجيب موسكو ل مطالب الغرب.كما فعل في نهاية الحرب 1945 بضرب هيروشيما ونغاساكي  بالقنبلة الذرية لتستسلم اليابان.حرب حلف الناتو على يوغسلافيا  حليفة روسيا1991.....الحرية والسيادة والأستقلال لكل دول العالم وكذلك الأمن والسلام  للجميع, والأمن المتكافيء لكل دول العالم هو ضمان السلام العالمي.لا للأحلاف العسكرية التي تفرض هيمنتها على دول العالم وشعوبها بأستخدام القنبلة الذرية كما حدث في عام 1945وبقوة ترسانتها من الأسلحة الفتاكة وسياسة الرعب ستواجه بمثلها.نتمنى على الطرفين الروسي والأوكراني بحل خلافاتهم بالطرق السلمية وعقد معاهدة سلام دائم تشد من روابط الأخوة بين الشعبين الجارين الذين يحملون ذات الإرث الحضاري والثقافي والعقائدي, وعلى كل طرف أن يراعي هواجس الطرف الأخر وتقديم حلول منطقية وتنازلات والمساومة على الأمور والقضايا الخلافية وتكون في مصلحة كيلا الطرفين.وكذلك من أجل إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن ووضع حد للرعب والخوف والقلق لدى شعوب العالم وهي تسمع وترى أصوات المدافع والصواريخ وهدير الطائرات,والخوف من أستخدام أسلحة الدمار الشامل.
2022-03-04
 


4
 
الاستاذ جان يلدا  خوشابا المحترم!
تحية طيبة!
في البدأ أتمنى لكم أعياد ميلاد سعيدة مليئة بالأفراح والمسرات والصحة الدائمة, وأن يعم السلام على البشرية جمعاء, ويخفف من عناء أبناء الأمة الآشورية في وطنهم آشور.
كما أقدم الشكر الجزيل على الكلمات الراقية والأراء القومية الناضجة التي تعبر عن عمق آلامنا والحالة المزرية التي نمر بها منذ زمن طويل.إني متفق بكل الأفكار الصائبة  التي طرحتها, وكل إضافة ورأي هو غنى للموضوع فشكراً على مساهماتك القيمة وأني أعتز بها. قلتها مراراً عندما يتحرر الإنسان الآشوري فكرياً على مختلف الأصعدة  الداخلية والخارجية حينها نستطيع تحقيق وحدتنا القومية الحقيقية ووضع حد لمعاناتنا لنصل إلى  أهدافنا القومية وإقامة كيان وطننا آشور.
أخوكم  جميل حنا 
عيد ميلاد سعيد !
وكل عام وأنتم بخير!

5
وبعد الإنتهاء من اللقاءات مع ممثلي وزارة الخارجية البريطانية في لندن سافرأعضاء اللجنة الثلاثية إلى تركيا.وفي 3 من كانون الثاني 1925 استلموا مذكرة الحكومة التركية في أنقرة,ومن ثم  سافر أعضاء اللجنة إلى قونيا وهناك عقدوا مباحثات مع كمال آتاتورك رئيس الجمهورية التركية.وأستمع أعضاء اللجنة هناك أيضاً حول وجهة النظر التركية حول مسألة الموصل ورسم الحدود الجديدة بين العراق وتركيا.وبعد ذلك سافرأعضاء اللجنة بالقطارإلى دمشق ومن هناك بالسيارة حتى بغداد.وقد ألتقى أعضاء الوفد بالملك فيصل في 17 كانون الثاني وأثناء حديثة حاجج اعضاء الوفد بالقضايا التاريخية وأهمية الموصل بحيث توفر ملايين الهكتارات من الأراضي الخصبة للإنتاج الزراعي.وأهمية إنهاء بناء سكة الحديد بين الموصل وبغداد وتسهيل عمليات التنقيب عن النفط.وقد عبرعن رؤيته لمسألة الموصل وقال :"الموصل يتبع العراق وهو جزء رئيسي لا يمكن فصله عن بقية الأجزاء العراقية"وأضاف بأن العراق يريد العيش بسلام وصداقة مع الجيران,والعراقيون يحترمون الشعب التركي.
وأثناء تواجد اللجنة في بغداد عقدت عدة لقاءات مع مختلف الوزارات وزيارة للأكاديمية العسكرية وبعض المستشفيات ومؤسسات تعليمية وبعض الأسواق التجارية ومخازن الحبوب والأخشاب ومراكز تجارية من أجل وضع خارطة إقتصادية للعاصمة وعلاقاتها مع بقية الأجزاء وخاصة مع الموصل.وخلال تواجدهم في بغداد كانوا ضيوف المعتمد البريطاني سيرهنري دوبس,والذي حاول التأثيرعلى أعضاء اللجنة,وقد أنتقد ممثلي الحكومة التركية المتواجدين في العراق وممارساتهم وطالب بتغييرهم,إلا أن اللجنة رفضت هذا الطلب,وأبلغت بالحادثة  للحكومة التركية.وكانت اللجنة تتعرض لضغوط من مختلف الجهات المشاركة في الصراع وتعمل لفرض وتحقيق رغباتها من خلال التقرير النهائي الذي سيقدم لعصبة الأمم.ولذا نرى التحذير التالي في رسالة السكرتير العام الأول لعصبة الأمم السيد إيريك دروموند إلى الكونت تيليكي بخصوص الترجمة والمترجمين,واليقظة حيال بعض الطلبات بشأن الأنخراط في عمل اللجنة من خلال بعض المترجمين.
(عصبة الأمم _ جنيف
24 كانون الأول 1924
عزيزي الكونت تيليكي,
شكراً جزيلاً على رسالتك المؤرخة في 21 أيلول.أنا آسف جداً بأن اللجنة تجد صعوبة في مسألة مترجم.لكن ليس لدي شك في ذلك بطريقة ما أو أخرى سيتم العثورعلى شخص أو أشخاص ترضون عنهم. لقد أرسلنا البرقيات للأشخاص المذكورين في البرقيات الواردة منك ومن مندوبنا في باريس وشاهد مديراللغة ل إيكولي لانجويس آورينتاليس فيفانتس. مم  دي بورتاليس وشاريرسيجلبون معهم وسوف تظهر لك نتائج هذه الزخارف عندما يتم إستلامها,حتى بعد وقت مغادرتهم جنيف,وبعد ذلك سيتم إرسال الردود إلى اللجنة في القسطنطينية,وأشياء أخرى على قدم المساواة, ونظراً إلى المهمة الحساسة للغاية للجنة وموقفها من الحكومتين المعنيتين.أنا أشك بأخذ رغبة أي شخص خدم أثناء الحرب في القوات الألمانية في الأراضي التركية, ولكن بالطبع إتخاذ القرار بهذه المسألة يقع بالكامل على عاتق اللجنة نفسها.أتمنى منك بأن يكون ممكناً تجنب طلب بعض الدومونيكان للخدمة.يمكن أن يكون هناك أعتراضات واضحة بهذا الشأن بالرغم من عدم وجود أي أساس له من الصحة, من المحتمل أن تكون ضارة.أسمح لي أن أغتنم هذه الفرصة للتعبيرعن أملي بألا تكون رحلتك مرضية فقط في نتائجها ولكن أيضاً ممتعة في حد ذاتها وخالية من أي نوع من الصعوبات.
تفضلوا بقبول فائق الأحترام , إيريك دروموند,                 
    صاحب السعادة الكونت بال تيليكي 
يوجيف تير 7 ,بودابست ,هنغاريا).   
الدراسات الميدانية في الموصل:
لقد وصل أعضاء اللجنة في 27 من كانون الثاني إلى الموصل.وقد أقاموا في المقر الملكي السابق للملك فيصل حيث أصبح مقراللجنة.وفي نفس اليوم الذي وصل فيه الوفد إلى الموصل تجول تليكي في المدينة برفقة مساعديه وقد لحق بهم الجنرال جيفاد باشا بالزي العسكري رئيس الوفد التركي.وأثناء التجوال تجمع حولهم مجموعة من الأشخاص مرحبين بالجنرال التركي ويرفعون شعارات يحيون تركيا.وبدأة أعداد الجموع تزداد شيئاً فشيئاً,وعندها ظهر بعض رجال الشرطة ومعهم ضابط إنكليزي,وبدأو بتفريق الجموع وحدثت مصادمات أيضا في السوق.وعندما وصل الجموع أمام النادي الوطني العراقي,كان هناك مظاهرة مضادة من جموع من الشباب الطلبة يحملون شعارات عراقية وينادون بهتافات تحيي العراق والملك فيصل.وكل التحركات الميدانية والصدامات الدموية بين مختلف المجموعات السكانية كانت مخططة لها من قبل الأنكليزوالحكومة العراقية والأتراك لفرض كل طرف في هذا الصراع شروطها وتحقيق غايتها حول رسم مستقبل الحدود الجديدة وتقرير مصير ولاية الموصل.
كان هناك أختلاف وتناقض بين الرؤية البريطانية التي كانت ترى بأن عصبة الأمم هي التي ستقررفي مصيرالموصل,بينما الأتراك كانوا يرون في العصبة وسيط بين الأطراف لتحديد مصيرإنضمام الموصل للعراق أم لتركيا.كان الأتراك يصرون على إجراء إستفتاء بين سكان الولاية لتحديد جهة ضم ولاية الموصل,لأنها كانت واثقة بأن الغالبية ستختار تركيا المسلمة على الحكومة العراقية المتحالفة مع بريطانيا الكافرة من وجهة نظرهم.
 بعد قضاء بضعة إيام في الموصل أفترق أعضاء اللجنة فيرسين( السويدي) بقي في الموصل لإجراء إتصالاته بالعشائرالمحيطة بالموصل وبالعشائرالعربية المتواجدة غرب نهر دجلة.وأجرى باوليس(بلجيكا) دراسة أوضاع محيط مدينة كركوك,كما قام تليكي(هنغاريا) بدراسة أوضاع محيط آربيل.ألتقى اعضاء اللجنة مجدداً في الخامس والعشرين من شهر شباط.ومن ثم بدؤا سويا بدراسة أوضاع مدينة كركوك وتأثير خط بروكسل المقررمسبقا وما هو مدى تأثيره على حياة العشائربفصلها بعضها عن البعض.
كانت تركيا ترغب بتحديد الحدود الجنوبية للموصل حتى جبل حمرين,ولكن اللجنة لم تأخذ بالأقتراح التركي لعدم توفرالأسباب التاريخية ولا الجغرافية ولا من حيث المناخ.بينما كان الأقتراح الإنكليزي بتحديد الحدود الشمالية في المناطق الجبلية أكثرواقعياً بسبب الكثافة السكانية القليلة في هذه المناطق.ومن الناحية الأخرى لتأمين الحماية اللازمة للشعب الآشوري,وإلتزام بالدورالفعال للآشوريين كحلفاء مخلصين في الحرب ضد الجيوش العثمانية وحليفتهم المانيا.(وحسب ما جاء على لسان ممثل القوات البريطانية في قيادة ما وراء القفقاس في الاجتماع الموسع الذي عقد في مدينة أورميا الإيرانية (28/1/1917) والذي حضره الزعماء الآشوريون مع قادة عسكريون من فرنسا وروسيا إضافة إلى بيان الحكومة البريطانية (31/5/1924) والذي نص: "أن الحكومة البريطانية تنظر في حماية مصالح الشعب الآشوري واضعةً نصب عينيها الخدمات التي أدوها لقضية الحلفاء أثناء الحرب العظمى وعلاقتهم في المستقبل بالدولة العراقية وقد قررت أن تسعى إلى مد حدودها إلى أبعد حد ممكن في الشمال لكي تستحوذ على القسم الأكبر من الشعب الآشوري". المصدر(تأريخ الوزارات العراقية).عبدالرزاق الحسني. وكما يقول  يوسف مالك في كتابه  الخيانة البريطانية للآشوريين ص.13 ـ ويكفي كضرورة ملحة إعادة كلمات ـ السير هنري دوبس ـ في المذكرة الموجهة الى السيدة سورما بيث مار شمعون ـ في 31 آيار1924,"إن حكومة جلالة المملكة  البريطانية اخذت على عاتقها,لمدة من الزمن مسألة الشعب الآشوري, وحماية مصالحهم آخذين بعين الاعتبار الخدمات الجليلة التي قدموها للحلفاء خلال الحرب من جهة ومستقبل علاقاتهم مع دولة العراق من جهة اخرى"
     وقد وجدت اللجنة صعوبات بتحديد تواجد السكان في المنطقة وخاصة البدوالرحل.وقد أعتمدت اللجنة معطيات أحصاء عام 1922-1924 لسكان المنطقة.وأثناء عمل اللجنة كانت الجدالات محتدمة بين ممثلي بريطانيا وأعضاء اللجنة وأتهامات متبادلة بين إنكلترا وتركيا.
كانت اللجنة الثلاثية المشكلة من قبل عصبة الأمم لرسم الحدود بين العراق وتركيا, لها صلات بأوساط أكاديمية أخرى لتبادل الأراء.ورسالة رئيس الجمعية الجغرافية الأمريكية إلى الكونت تيلكي يوضح مقدارالأهتمام والثناء على ما أنجزمن أعداد التقرير وخاصة الشق الجغرافي منه.كما يتضح من الرسالة إنخراط أوساط أكاديمية عريقة في تقديم المشورة والتعاون مع لجنة عصبة الأمم. 
( (الجمعية الجغرافية الأمريكية
برودوي شارع 156 ت ه , نيويورك  17 آيلول 1925
عزيزي تيليكي
قبل بضعة أسابيع وصلني تقريرك  إلى مكتبي عن النزاع الحدودي بين العراق وتركيا. ولكن كنت بعيداً في ذلك الوقت, فقط اليوم تمكنت من الشروع في دراسة جادة للتقرير.أجد كل من النص والخرائط رائعين إلى أعلى درجة.حالما أنتهي بأسرع وقت من القراءة والمراجعة الجغرافية سوف أجهزها للنشر في شهر كانون الثاني. يبدو أنه عمل رائع وأنا أهنئكم على الجزء الذي لعبتم فيه دور, وأشكرك على لطفك بتذكري والجمعية بنسخة منه.فكم سيكون من الأسهل تسوية مواضيع من هذا النوع إذا تم وضع أساس جغرافي ثابت في المقام الأول
مع الأمنيات الطيبة والتحيات الدائمة
تحياتي للكونتيسة تيليكي 
صدقني كما هو الحال دائماً
, صديقك المخلص
إيشياه بومان).     
لقد غادر أعضاء اللجنة الموصل بتاريخ 18 آذار 1925 أثناء تواجد الوفد في المنطقة قطعوا مسافات طويلة مشياً على الأقدام او التنقل على ظهور الخيول او بالسيارات او بالطائرة.وقد أستمعوا إلى ثمنمائة شخص من سكان المنطقة من مختلف الإثنيات العرقية والدينية.وقد أجتمع أعضاء اللجنة الثلاثية بممثلي كافة الكنائس المسيحية في العراق من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية وكنيسة المشرق الآشورية والسريان الكاثوليك وغيرهم وبممثلي الشعب الآشوري وهذه الرسالة الموجهة من أحد رجال الإرساليات المسيحية (أعتقد ذلك من فحوى الرسالة,وقراءة الأسم ليس واضحاً بدقة) الذين عاشوا بين أبناء الأمة الآشورية  إلى الكونت تيليكي  يُذكرهُ بهم.
(رسالة المبشر" الأسم في اسفل الرسالة المرفقة"_ جنيف , 13 حزيران 1925
لحساب تيلكي
عضو لجنة  عصبة الأمم للموصل _ جنيف
سيدي المحترم
قد تتذكر لقائنا في الموصل.أتذكرالاهتمام الذي أعربت عنه بالسيدة سورما وشعبها (الآشوريين,المترجم) وتعاطفك الواضح معهم.أرفق نسخة من ورقة أعدتها كمحاولة لحل مشكلتهم.تم وضع نفس الشيء في أيدي لجنتكم هنا في جنيف والأشخاص المسؤولين الآخرين المرتبطين بالعصبة.ستشرح الورقة نفسها بنفسها ولست بحاجة إلى التوسع فيها، فقط يجب الأعترف بأن لها ميزات تجعل قبولها صعبًا للغاية.وعلى كل حال  يجب أن يتم تقديمها فقط باحترام باعتبارها تتضمن كافة الاحتمالات.
إذا كنت مذنبًا بارتكاب مخالفة في مخاطبتك لهذا الموضوع، فأنا على ثقة من أنك ستعفو عني وتنسبه إلى حماسة ولدت لدي منذ ثمانية وثلاثين عامًا في الخدمة بين هؤلاء الناس وأنا معهم في المجاعة والطاعون والمذبحة - والتي بسبب عدم وجود أي شخص آخر لمناصرة قضيتهم أضطريت إلى المجيء والتحدث بكلمة نيابة عنهم.
صدقني,
خادمك المطيع جداً  ).                   
وقد لفتت اللجنة الأنظارنحو مسائل الإثنيات العرقية المتنوعة الآشوريين,العرب والكرد, والأرمن,واليزيديين والتركمان واليهود والصراعات القائمة بين المسلمين والمسيحيين واليزيديين,ونحو الأوضاع الجو سياسية السائدة آنذاك,والجغرافية,والتاريخية.لقد أجروا دراسات ميدانية على جغرافية وجيولوجية المنطقة وأستمعوا إلى مختلف الأراء والمطالب,ومن الناحية الرسمية كان فرسين( السويد) رئيس البعثة يقود المباحثات
والدراسات الميدانية كان يقودها تيلكي والغالبية من الدراسات مرتبطة بأسمه شخصياً.
لقد عملت اللجنة بتحضير تقاريرها حسب المعلومات المتوفرة لها من المصادر التاريخية والجغرافية وكذلك من المشاهدات والدراسات الميدانية,ومجموع اللقاءات التي أجراها أعضاء الوفد مع ممثلي الجهات الرسمية للدولة العراقية والبريطانية,والتركية بالأضافة إلى اللقاءات التي تمت مع ممثلي مختلف الأديان والقوميات العراقية,ومع أفراد من عامة الشعب,وحسب الأنطباعات والتجارب الشخصية لأعضاء اللجنة.وأثناء عمل اللجنة وتواجدها في الموصل كانت الأوضاع متوترة بين مختلف الجهات وحدثت مناوشات وصدامات عسكرية وسياسية بين مختلف الفرقاء.
 وقد اتخذت عصبة الأمم ومحكمة العدل الدولية في لاهاي في عام 1925 قراراتها بالضد من توصية اللجنة الثلاثية التي طالبت بإستصدار قوانين حماية الأقليات,ولكن المنظمة الدولية قررت حسب رؤيتها للموضوع على أساس المصلحة الإقتصادية.
في الجلسة المنعقدة لعصبة الأمم في 29 تشرين الأول 1925 كان التركيز يتمحور في قضية الحدود العراقية التركية ولم تطرح فيها معالجة قضايا الإثنيات العرقية المختلفة في العراق اوتركيا.وبهذا فقدت جميع القوميات في العراق حق تقريرالمصير,وتحطمت آمالهم التي أنتعشت بعمل اللجنة الثلاثية وتقريرها المقدم إلى عصبة الأمم.وبالرغم من خسارة تركيا الحرب لم يتم محاسبتها كما تم محاسبة ومعاقبة هنغاريا,وذلك بسبب السياسة البريطانية الجديدة من الجمهورية التركية الحديثة,والقائم على أساس المصالح الأقتصادية والعسكرية والجوسياسية الجديدة في العالم بعد الحرب العالمية الأولى.تقرير لجنة الموصل طالب ودافع عن حق تقريرالمصيرللشعوب, وقد أصيبت اللجنة ذاتها بخيبة أمل من قرار عصبة الأمم بهذ الخصوص والتخلي عن هذا المبدأ الأساسي.كان تشكيل اللجنة الثلاثية خطة إنكليزية لكسب الوقت لكي تصل إلى تفاهمات مع الحكومة التركية الجديدة بقيادة كما آتاتورك.لقد خاض الآشوريين الحرب العالمية الأولى مع الحلفاء إنكلترا وفرنسا منتصرين 
على دول المحور تركيا والمانيا,وبالرغم من ذلك كان الآشوريون أكبرالخاسرين من تلك الحرب المأساوية ليس فقط بسبب عدم تحقيق حقهم التاريخي في حق تقريرالمصيروقيام كيانهم القومي على أرض آشورفي شمال العراق وحكاري ,بل أيضاً بسبب التضحيات الجسيمة التي قدموا مئات الآلاف من الشهداء والجرحى,وتم تحطيم وحدتهم الجغرافية والإجتماعية وفقدان ممتلكاتهم وتدمير مقومات العيش والحياة الأساسية لتبدأ مرحلة جديدة من رحلة العذاب للبقاء على قيد الحياة بسبب الأمراض والمجاعة والأضطهاد والقتل الفردي والجامعي والتنقل القسري بين أجزاء الوطن المقسم بين تركيا والعراق وسوريا وإيران.لم يحصل في التاريخ العالمي بأن يعاقب المنتصرفي الحرب إلا الآشوريين ,وأن يكافأ المهزوم في الحرب إلا تركيا.وهو تأكيد صارخ أخر على الخيانة البريطانية للآشوريين وتخاذل وغدرمن كافة الدول المشاركة في صناعة القرارات النهائية في عصبة الأمم.وفي الختام وبكل ألم أقول بأن المؤسسات والأحزاب السياسية والثقافية والمدنية والكنسية لم تستطع على مدارما يقارب من مئة عام على تفعيل اوتحريك الرأي العام العالمي ولا المؤسسات الدولية من الأمم المتحدة إلى اتحاد الدول الآوربية ولا الدول الموقعة على معاهدة لوزان 1923,ولا محكمة العدل الدولية ولاالجنائية الدولية ولا  المنظمات الحقوقية الإنسانية لإجبار تركيا على تنفيذ بنود معاهدة لوزان فيما يخص حماية حقوق الأقليات غير المسلمة في تركيا بأعتبارها معاهدة دولية موقعة بين ممثلي الجمهورية التركية الحديثة في عهد كمال آتاتورك والعديد من الدول المشاركة مثل الإمبراطورية البريطانية, فرنسا,إيطاليا,اليابان,اليونان,رومانيا,والدولة الصربية الكرواتية السلوفينية من جهة وتركيا من  ناحية أخرى.ولم تعترف تركيا حتى اليوم بمذابح الإبادة العرقية ضد أبناء الأمة الآشورية ولا الأرمنية ولا اليونانية التي أرتكبتها خلال الحرب العالمية الأولى.
 
2021.12.21
  يوسف مالك , ترجمة إيليا يونان إيليا ,الخيانة البريطانية للآشوريين
قسطنطين بيتروفيج ماتفييف بارمتي,الآشوريون والمسألة الآشورية في العصر الحديث
مجموعة الرسائل والمصادر التاريخية المرفقة مع البحث
جميل حنا,معاهدة لوزان 1923 وحقوق الأقليات القومية والدينية في تركيا
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1014682.msg7750540#
msg775o540             
 https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=715225
Ormos Maria, Padovatol Trianonig ,1918-1920
Galantai Jazsef , Trianon es a kisebbsegvedelem
Raffay Erno,Trianon, Magyar tragedia –Trianon 75 eve cimu könyev     vitaja
Nyári Gábor: Nemzetiségi és vallási jogok kontra politikai és gazdasági   érdekek.Teleki Pál és a Moszul-kérdés, 1924-1925.International Relations Quarterly, Vol.7. No.1. (2016. Tavasz) 12 p.                                                                                                 


6
القضية الآشورية ومؤتمر لوزان, لجنة الموصل,وثائق من الأرشيف

الدكتور جميل حنا
 
هذا البحث يتناول ظروف عمل لجنة الموصل التي تشكلت بقرارمن عصبة الأمم في مؤتمرلوزان 1924لتحديد تابعية ولاية الموصل لدولة العراق أم لتركيا.وقد أنجزت هذا العمل منذ سنوات طويلة جداً من خلال الأطلاع الشخصي ودراسة وثائق الأرشيف في"معهد المحفوظات الوطنية الهنغارية "في بودابست.وسأرفق البعض منها التي تنشرلأول مرة مع هذا البحث او بالأحرى محتوى الوثائق مترجم إلى اللغة العربية.
 الموضوع جلب إهتمامي منذ أيام الدراسة الجامعية في هنغاريا لسببين السبب الرئيسي الأول هولماذا تم التغاضي عن حق تقرير المصير للشعب الآشوري,كشعب أصيل في أرضه التاريخية في بلاد آشور.والسبب الثاني هوأن أحدى أعضاء اللجنة الرئيسيين كان من هنغاريا وكنت أرغب معرفة دوره الخاص في اللجنة,سأتي على ذكر بعض الجوانب من سيرته الذاتية ودوره الشخصي في اللجنة الثلاثية أي لجنة الموصل.وكذلك هل كان للجنة وتحضيرتقريرها والدراسات الميدانية المقدمة إلى عصبة الأمم 1925 أي تأثيرعلى مصيرالشعب الآشوري وبقية المكونات من الأقليات القومية في العراق و بلدان الشرق الآوسط بشكل عام.كان يهمني معرفة آليات عمل اللجنة وكيفية إتخاذ القرارات والمنهج المتبع لدراسة الوضع الجغرافي والإجتماعي والتاريخي والحضاري لبلاد ما بين النهرين. كما كنت أبحث عن وثائق تتعلق بمجازرالإبادة العرقية التي أرتكبت ضد أبناء الأمة الآشورية أثناء الحرب االكونية الأولى في أعوام 1914-1918.لأن هنغاريا كانت جزء من الأمبراطورية النمساوية الهنغارية حليفة ألمانيا والدولة العثمانية في تلك الحرب الكارثية.لقد حصلت على بطاقة باحث من الجامعة التي كنت اعمل فيها من أجل الحصول على الموافقة للدخول إلى"معهد المحفوظات الوطنية الهنغارية"لإجراء البحث في هذه المواضيع المذكورة.سأضع بين أيدي القراء الكرام بعض الرسائل المتعلقة بعمل اللجنة وهذه المراسلات توضح بعض جوانب آليات عمل اللجنة وكذلك المراسلات مع مراكزأبحاث علمية وأكاديمية,إضافة إلى ذلك المصادر التاريخية المستخدمة في إعداد التقربرالنهائي للجنة الثلاثية المقدمة إلى عصبة الأمم في لوزان.وكما سيتم الأطلاع على الأراء والمواقف المختلفة بين كافة الأطراف المعنية بخصوص رسم الحدود النهائية بين العراق وتركيا وموقف بريطانيا ودورها في هذا الصراع,وكذلك موقف الآشوريين وبقية الإثنيات العرقية الأخرى.وقد نسخت أيضاً  مجموعة من الوثائق تتعلق بتوطين الآشوريين في الخابورفي عام 1933 بعد مذبحة سيميل التي ارتكبتها الحكومة العراقية بالتعاون مع بعض العشائر العربية والكردية.                                                                                  عندما دخلت بين المصنفات الموضوعة حسب تسلسل حرفي ورقمي منتظم على الرفوف المفتوحة كان الغبارالناعم قد تراكم عليها.وما يكاد المرء ان يحركها حتى تبدأ ذراة الغبار تتصاعد في هواء القاعة.وفي هذه الحالة يكون المرء ليس واقفاً امام وثائق تاريخية جامدة سيقرأها بل أمام غبارعقود من الزمن قد تراكم على هذه الوثائق,تتجلى فيها مآسي فظيعة حصدت أرواح حياة الملايين من البشر قتلوا في الحروب والإبادات ومنهم أبناء الأمة الآشورية.
لقد  قمت بتصوير مجموعة كبيرة من الوثائق بعدة لغات بعد الحصول على الموافقة اللازمة بتصويرها وهي مجموعة من الرسائل باللغة الإنكليزية والفرنسية والمصادر التاريخية باللغة العربية.كما قمت بتصوير وثائق تتعلق بهذا الخصوص من صحف تلك الحقبة عن معاهدة تريانون بين هنغاريا والدول المنتصرة في الحرب بريطانيا وفرنسا,والبعض الآخرلم يكن مسموح لي بتصويرها.وما كان علي إلا كتابة محتواها بخط اليد منها ملاحظات ومشاهدات شخصية تتعلق بعمل اللجنة والسفرإلى العراق والضغوط التي واجهت اللجنة.
كانت الحرب العالمية الأولى وما تمخض من نتائج تلك الحرب كارثية بالنسبة لبعض البلدان والشعوب في آوربا والعالم,كما كانت الحرب بحد ذاتها مأساة فظيعة حصدت حياة الملايين من البشر.ولكن حجم المآسي ومذابح الإبادة التي تعرض لها أبناء الأمة الآشورية قد تجاوزكل التصورات والأفكار والأعمال البربرية التي عرفها التاريخ حتى وقوعها على يد العثمانيين وبعض العشائرالكردية المتحالفة معهم بإبادة مئات الآلاف من أبناءالأمة الآشورية بكل تسمياتهم الكنسية بين أعوم 1914-1918والتي كانت استمرارية للمذابح التي سبقتها قبل ذلك التاريخ.
 أنتهت الحرب العالمية الأولى بهزيمة السلطنة العثمانية وإنهيارها على يد الدول الحليفة.وهذه الهزيمة فتحت الإمكانية أمام الدول المنتصرة لفرض هيمنتها على الدول التي كانت رازحة تحت نيرالسلطنة العثمانية التي أحتلتها وحكمتها لبضعة قرون بقوة الحديد والناروالدمار.
وبعد إنتهاء الحرب الكونية الأولى عقد مؤتمرالسلام1919 في قصرفرساي في باريس لترسيخ أسس الأمن والسلام العالمي.وقد بحث المؤتمر قضايا هامة جداً مثل رسم الحدود بين الدول الأوربية وحق تقريرالمصير للأقليات القومية ومسألة التعويضات ومسائل المضائق البحرية والشؤون المالية والتمويل والمراقبة وكذلك ما سيكون عليه مصيرالدولة العثمانية وغيرها من القضايا للحد من النزاعات والحروب الجديدة.ولكن الحقائق على أرض الواقع كانت أكثر كارثية على شعوب العالم بأندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939.وقد وضعت الخارطة الجديدة للعالم وتوزيع بلاد ما بين النهرين وبشكل عام بلدان الشرق الآوسط التي كانت رازحة تحت سلطنة العثمانيين بين الدول المنتصرة في الحرب وخاصة بريطانيا وفرنسا.وقد كانت مشاركة الوفود الآشورية بشكل محدود وغيرمؤثرفي مؤتمر السلام 1919المنعقد في باريس.ولم يكن بحجم الدورالعظيم والتضحيات الجسيمة التي قدموها في الأرواح والممتلكات أثناء الحرب العالمية الأولى وكحلفاء منتصرين مع  أنكلترا وفرنسا,وذلك بسبب العراقيل والمناورات السياسية اللائيمة لهؤلاء الحلفاء وخاصة إنكلترى. 
عندما إنعقد مؤتمر الحلفاء الاعلى في سان ريمو -فرنسا - في الفترة من 19-25 نيسان –ابريل 1920 للنظر في شؤون السلطنة العثمانية وممتلكاتها.وفي 26 نيسان 1920 أعلنت القرارات المتعلقة بتوزيع االانتداب بين الدول المنتصرة,حيث منحت بريطانيا الانتداب على العراق وفلسطين وأعطيت فرنسا الانتداب على سوريا ولبنان.وكان هذا التوزيع مبنيا على اتفاقية سايكس –بيكو.
.وفي 10 آب  1920،وقع الحلفاء مع الامبراطورية العثمانية معاهدة سيفر التي اعطت الصفة القانونية لاتفاقية سان ريمو ونظام الانتداب.وكان الوفد العثماني الذي أرسله السلطان محمد الخامس رضا توفيق والصدرالاعظم أي رئيس الوزراء الداماد فريد والسفيررشيد مخلص وهادي باشا وزيرالمعارف.ووقعها عن بريطانيا السير جورج ديكسون غراهام , وعن فرنسا الكسندر ميلران, وعن ايطاليا وولو نجاري.
وعندما عقدت معاهدة سيفر10/آب /1920 أقرت جميع الأطراف الموقعة على المعاهدة بحق تقريرالمصيرللأقليات القومية, وذلك كما نصت عليه المادة(63)على أنه يجب أن تضمن للآشوريين إمكانية التطورالقومي وإعادة كافة أراضيهم وممتلكاتهم التي فقدوها أثناء الحرب.وأكدة تلك المعاهدة أيضاً ضمن المادة(62-64) ما يضمن حل مشاكل القوميات الأخرى في العراق.ولكن تلك المعاهدة ولدت ميتة ولم تبصر النوروبقيت تلك البنود حبرعلى الورق.
وكانت دول الحلفاء من الناحية النظرية بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليونان ومن خلف الكواليس الولايات المتحدة الأمريكية التي دعمت محاولات الشعوب بالإستقلال والتحرر بالطرق الدبلوماسية والعسكرية لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم القومية.والنقاط الأربعة عشر للرئيس الأمريكي وودرو ولسون يذكرفي البند الثاني عشر( يجب تأمين إمكانيات  التطور الذاتي لجميع القوميات التي تعيش تحت حكم السلطنة العثمانية بدون مضايقات).ولكن الشرق الآوسط الغني بآبارالنفط وضع هذه المسألة الحيوية والهامة جانبا,امام تحقيق الرغبات الإقتصادية لمصلحة بريطانيا.وقد بحث المؤتمر قضايا هامة جداً مثل رسم الحدود بين الدول الأوربية وحق تقريرالمصير للأقليات القومية ومسألة التعويضات وكذلك ما سيكون عليه مصيرالدولة العثمانية,والأنتداب البريطاني والفرنسي.
 وبعدها أضيفت المسألة الآشورية الى جدول أعمال مؤتمرلوزان والذي عقد من أجل استبدال مقررات معاهدة سيفرالتي أقرت بحق تقريرالمصيرللشعوب وللأشوريين بحقوق الأقليات القومية غيرالمسلمة في تركيا.حيث أكدة معاهدة لوزان التي وقعت في 24 تموز 1923 بين مختلف الأطراف المشاركة في الحرب العالمية الأولى.وهذه المعاهدة وضعت اسس جديدة للعلاقة بين كافة البلدان المشاركة في هذه الإتفاقية تتضمن مسائل الأمن والسلام وحقوق الأقليات القومية سواء في أوربا اوتركيا.وفي هذه المعاهدة نصوص واضحة بالنسبة للحقوق السياسية والدينية والقومية والثقافية واللغوية لغيرالمسلمين من  الآشوريين والأرمن واليونان في الدولة التركية الحديثة,إلا أن هذه البنود لم تطبق في الجمهورية التركية منذ تأسيسها عام 1923 حتى اليوم .وقد بحث المؤتمر مسألة في غاية الأهمية ألا وهي رسم الحدود النهائية بين العراق وتركيا.وشكلت عصبة الأمم لجنة ثلاثية لدراسة الوضع الميداني في العراق وتقديم تقريرها لعصبة الأمم ليتم على أساسها الأقرار النهائي لوضع الموصل والحدود الفاصلة بين الدولتين.
حيثيات تشكيل اللجنة والوقائع السائدة آنذاك     
لقد دخلت قوات الجيش البريطاني لأحتلال بغداد في 9 من آذارعام 1917,وفيما بعد في 30 تشرين الأول عام 1918 دخلت مدينة الموصل.وفي مؤتمرسان ريمو, فرنسا  بتاريخ 19-25 نيسان عام 1920 الذي عقده المجلس الأعلى للحلفاء وحضره الحلفاء الرئيسيون في الحرب العالمية الأولى يمثلهم رئيس وزراء المملكة المتحدة (جورج لويد)، رئيس وزراء فرنسا (ألكسندر ميلران)، رئيس وزراء إيطاليا (فرانسيسكو ساڤريو نيتي) وسفير اليابان (ك. ماتسوي)، للبحث في شروط الحلفاء للصلح مع تركيا طبقاً لمعاهدة سيفر10 آب 1920.حيث عقدت معاهدة السلام وقررت دول التحالف بأن تساعد جميع القوميات التي كانت ترزح تحت حكم السلطنة العثمانية.وان يُمنحوا حق تقرير المصيرللشعوب سواء في تركيا وفي آوربا.كما تضمنت قرارات أخرى بأن تكون الدول الناشئة حديثا في بلاد ما بين النهرين والشرق الآوسط تحت حكم الدول المنتدبة( إنكلترى, وفرنسا) حتى تتمكن الدول الحديثة من إدارة شؤونها بشكل مستقل.وحسب إتفاقية سيفرالموقعة في العاشر من آب 1920تضم الموصل إلى العراق,وتكون تحت الإنتداب البريطاني.ولكن لم يتم التوقيع على الإتفاقية من قبل تركيا بقيادة كمال آتاتورك وبدأ بشن الحرب ضد قوات التحالف واليونان.وألحق هزيمة باليونان في عام 1921 في شهرآب في ساكاريا وبعد عام في دوملوبيران وبهذا تم حسم المعارك لصالحه.لم يتلق اليونان أي دعم لأن القوات البريطانية في العراق وخاصة في الموصل كانت تواجه إنتفاضة السكان ضدها.ولم ترغب في الدخول في حرب مع تركيا لأسباب عسكرية وإقتصادية كانت تتطلع إليها في العراق.وقد قررت دول التحالف إعادة النظر في الإتفاقيات المبرمة سابقاً.وفي معاهدة لوزان 24 تموز تم رسم الحدود التركية بإستثناء حدودها مع العراق.وقد ألتقى وزير خارجية بريطانيا اللورد كورزون ورئيس الوفد التركي عصمت انونو لبحث الخلاف حول الحدود الفاصلة بين العراق وتركيا.ولم يتوصل الطرفين لحل المشكلة وطلب من عصبة الأمم لتقديم المساعدة اللازمة لحل المشكلة.كانت مساحة ولاية الموصل تشكل 87890 كم2 وعدد سكانها كان يقدر 800000 ألف نسمة وسكان مدينة الموصل 100000 من مختلف القوميات والأديان.ولكن نقطة الحسم في هذا الخصوص كانت المصالح الإقتصادية,حيث كانت نقطة تقاطع طرق المواصلات وشبكة الحديد,وتواجد عسكري تحت الأنتداب البريطاني.وما أعطى أهمية قصوى للمنطقة توقعات وجود كميات كبيرة من النفط,وبعد أعوام تبين أن 13,5% من الإنتاج العالمي مصدره الموصل.بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى أعتبرالإنكليزأهم الأمورهو بناء سكة الحديد الذي أشرف على نهايته ولذلك يمكن نقل البترول الخام إلى الخليج وموانىء البحرالابيض المتوسط,وبناء خطوط سكة الحديد بحد ذاته كان مشروعا إقتصادياً مربحا.
وقد أعتبرت عصبة الأمم من الناحية النظرية أن أهم القضايا التي تهتم بها هي حقوق الإثنيات العرقية إنسجاما مع الأهداف المعلنة,كما طرحها الرئيس الأمريكي وودرو ولسن أي المبادىء 14 التي عرفت بإسمه.ولكن في حقيقة الأمركانت القرارات تتخذ على أساس المصالح الإقتصادية والجوسياسية للدول المنتصرة في الحرب.عصبة الأمم بدأت نقاشاتها حول رسم الحدود بين العراق وتركيا وفي 24 من شهر تشرين الأول 1924 وضع خريطة ترسم الحدود مؤقتا بما صار يعرف "بخط بروكسل" والذي كان يطابق حدود ولاية الموصل من الشمال.
في اجتماعات عصبة الأمم طرح كلا الطرفين الإنكليزي والتركي المتنازعين وجهة نظرهما حول الحدود الجديدة بين البلدين. ماتفييف,ص 126(وقد اقترح رئيس الوفد التركي اجراء استفتاء عام في ولاية الموصل,إلا انه كان لدى اللورد كيرزون كل الأسس المستوجبة للوقوف ضد هذا الاقتراح.وقد صرح هذا الوفد الانكليزي من اجل تعزيز موقفه هذا ان الحكومة الانكليزية تقف وراء تأسيس حكومة للأكراد والآشوريين في ولاية الموصل,بيد ان اينونو  في اجابته على ذلك صرح بأن للأتراك حقوقا مشروعة في الموصل).وكانت تركيا ترغب بإجراء إستفتاء بين سكان المنطقة لتحديد موقفها من تابعية ولاية الموصل.وكانوا يعملون على توسيع الحدود الجنوبية للولاية حتى منطقة مناخية مغايرة لأنهم كانوا يعتقدون بأنهم سوف يحصلون عليها.إلا أن الطرف العراقي والبريطاني وقعا مذكرة تفاهم بهذا الخصوص رافضين الطلب التركي وعدم توفر إمكانية إجراء إستفتاء محايد في غياب الظروف الملائمة للأشراف على الإنتخابات والتحضير لها.وأيضا بفعل التأثير الديني والجهل بين السكان وأستغلال التعصب الديني ضد الإنكليز.وإن إجراءالإستفتاء سيزيد من الصراعات الإثنية والدينية في المنطقة.وكان الأتراك واثقون إلى حد كبيربأن أصديقائهم من الأكراد سيختارون الأنضمام لتركيا في ظروف الدولة التركية الحديثة الذي سيكون أكثرإيجابية لحقوق الأقليات المسلمة.وذلك على ضوء العلاقة الجيدة القائمة بين الطرفين التركي والكردي أثناء الحرب الكونية الأولى وبين آتاتورك في بداية ترأسه للجمهورية التركية. وفي السادس من آب(1924) طلبت الحكومة البريطانية من عصبة الأمم إدراج مسألة تسوية الحدود العراقية التركية ضمن جدول أعمال الدورة(30) لمجلس العصبة وحصل الاقرار بالتسوية النهائية لمشكلة الحدود في (تشرين أول من عام 1924) والذي سمي بخط بروكسل وأصبح ساري المفعول واعتمد في حل النزاع الحدودي بين الدولتين واعتراف اللجنة المشكلة بذلك الخصوص في ضرورة حماية الآشوريين الذين أصبحت بعض أراضيهم شمال خط بروكسل.ماتييف ص.126(وهكذا لم تحل مسألة الموصل لا في المؤتمر ولا في الفترة الاضافية المحددة فيما بعد من قبل الاطراف ذات المصلحة في ذلك وقد ضم بشكل اوتوماتيكي إلى جدول اعمال مؤتمر القسطنطينية, ذلك المؤتمر الذي عقد ضمن اطر عصبة الامم في الفترة الواقعة بين 19 أيار و5 حزيران 1924 م وانطلاقامن التصورات الستراتيجية, طلب الممثل الانكليزي السير بيرسي كوكس في هذا المؤتمر توسيع الحدود الشمالية للعراق على حساب منطقة هاكاري (موطن الآشوريين في تركيا).
لجنة الموصل,تشكيلها والبدأ بالخطوات الفعلية لمهمتها وإجراء الدراسات الميدانية.
لقد ناقشت عصبة الأمم في جلستها المنعقدة في 30 من أيلول 1924 في جنيف تشكيل بما يعرف (لجنة الموصل) لتبحث أدق التفاصيل المتعلقة بأوضاع المنطقة.وأول الأسماء المطروحة كان أسم الكونت  تيلكي المعروف كعالم جغرافي ورئيس وزراء هنغاريا سابقاً. 
هنا سأذكر نبذة مختصرة جداًعن حياة الكونت تيلكي عضو اللجنة المكلفة من قبل عصبة الأمم 1924 لدراسة تابعية الموصل لتركيا ام للعراق.لقد كُتبت أبحاث وكتب كثيرة عن شخصيته التي مازال الجدل قائم حوله بأعتباره أحدى الشخصيات البارزة والجدلية في التاريخ الهنغاري بين أعوام 1920-1941بعد إنهيارالإمبراطورية النمساوية الهنغارية في نهاية الحرب العالمية الأولى.
تيلكي سليل عائلة إقطاعية كبرى ومن العائلات النبيلة المشهورة التاريخية في هنغاريا حيث شغل والده مناصب كبرى في الإمبراطورية النمساوية الهنغارية كوزير للداخلية.ولد في عام 1879 في بودابست بعد إنهاء دراساته شغل مناصب علمية في العديد من الجامعات وأكاديمية العلوم الهنغارية وهوعالم جغرافي وأونيط به كسياسي العديد من الحقائب الوزارية في عام 1920 رئيس الوزراء والخارجية ووزير شؤون الأقليات القومية.وفي عام 1924 أختير كعضو في لجنة الموصل من قبل عصبة الأمم لتحديد الحدود الجديدة بين الدولة العراقية وتركيا الحديثة.وبين عام 1939- 1941 شغل مجدداً منصب رئيس الوزراء.في عام 1940 أنضمت هنغاريا إلى دول المحور ألمانيا وإيطاليا واليابان.لقد كانت نهاية تيلكي نهاية مأساوية لقد وجد مقتولاً أومنتحراً في مكتبه في صباح يوم 3نيسان عام 1941معترضاً على أستخدام أراضي هنغاريا من قبل جيوش هتلر النازية للهجوم على يوغسلافيا وقد ترك خلفه رسالة مؤثرة موجهة لحاكم هنغاريا (هورتي ميكلوش),الذي كان حليفاً مقرباً من هتلر.وكان الهنغار يطمحون إلى إستعادة أراضيهم التي خسروها بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى.عقد مؤتمرالسلام في قصر فرساي ,ومعاهدة تريانون الموقعة بين هنغاريا والدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وضعت خارطة الحدود الجديدة بين هنغاريا والدول المجاورة. وكانت هذه الإتفاقية مجحفة بحق الهنغار حيث خسرت مساحات واسعة من أراضيها عقاباً لها بسبب مواقفها وتحالفها مع المانيا.بحسب المعاهدة تم تقليص مساحة المجر من283 ألف كم مربع إلى 93 ألف كم مربع وعدد السكان من 18,2 مليون إلى 7,6مليون إنسان.حيث لم يستطع عضو الوفد الهنغاري الكونت تيلكي آنذاك في مباحثات السلام وأثناءعقد إتفاقية الصلح تريانون مع دول الحلفاء إقناعها بمراعاة مبادئه حول حقوق الإثنيات العرقية المختلفة,ورغبتها في العيش في ظل الدولة التي تختارها.ولذلك تجرعت هنغاريا الكأس المرمن نتائج الحرب العالمية الأولى,وحلت بهم كارثة وطنية يعانون منها حتى هذا الزمن.
 وقد اختير الكونت تيلكي في اللجنة ليس بصفته كسياسي وإنما كعالم جغرافي معروف على المستوى العالمي.حيث بدأ دراساته في علم الإجتماع والجغرافية والزراعة في جامعة العلوم الهنغارية في عام 1897.وفي عام 1903 حصل على درجة الدكتوراه ,وكانت أطروحته النشأة الأولية للدولة,ومنذ البدأ أهتم بالمواد الجغرافية ونشر العديد من الدراسات الجغرافية.وفي عام 1909 كانت أولى أهم أبحاثه "تاريخ أطلس الجزر اليابانية "ومنح عليه وسام فرنسي رفيع المستوى كما نال آوسمة أخرى.وأنجز أبحاث علمية  بين أعوام 1907-1912 في كل من السودان وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية.وشغل منصب مدير  المعهد الجغرافي بين أعوام 1909-1913 ,كما شغل العديد من المناصب العلمية للعديد من المؤسسات كما كان عضو مراسل أكاديمية العلوم الهنغارية.وأثناء مباحثات تريانون  للسلام بعد الحرب العالمية الأولى ومنذ عام 1918 عمل بدون إنقطاع على دراسة التوزيع الجغرافي للأقليات القومية الساكنة في حوض كاربتيا.وحدد نسبة الهنغار في هنغاريا التاريخية وجهز خارطة التوزيع الدقيق لمختلف القوميات وسميت بالخارطة الحمراء, والتي لم تُأخذ باالحسبان في محادثات تريانون كما ذكر أعلاه.إلا أنها جلبت إنتباه العالم إلى منطق تفكيره والأساليب العلمية المستخدمة من قبله.وأعتبرت هذه الناحية إيجابية لدراسة أوضاع الموصل ذوالتنوع الديني والقومي.هذه كانت لمحة مختصرة جداً عن سيرة حياة عضو لجنة الموصل الكونت تيلكي.كان تليكي شخصية علمية مرموقة على المستوى العالمي وحظى بأهتمام من قبل معاهد أبحاث وجامعات مشهورة كما توضح الوثائق أدناه من خلال تبادل المراسلات بين هذه الأطراف وبين تيلكي.وكما توضح الرسالة المرفقة الموجهة من رئيس قسم الجغرافيا في جامعة كاليفورنيا يطلب نصيحة من الكونت تيليكي بخصوص أملاء منصب شاغر بشخص متخصص في العلوم الجغرافية من آوربا. 
  (الكونت بول تيليكي ،
جامعة بودابست,
بودابست ، هنغاريا
 تشرين الثاني11.  1924
عزيزي الكونت تيليكي
من المحتمل أن يتم فتح مركز مؤقت في هذا القسم خلال العام 1925-1926.أحد الأعضاء في القسم يخطط لقضاء عام في الدراسة في آوربا.إذا تم تنفيذ ذلك في الخارج,سيكون لدينا شاغر ومن أجل ذلك نود أن نؤمن جغرافياً آوربياً شاباً يستطيع التحدث باللغة الإنكليزية.
نظراً لمعرفتك سواء في الساحة الآوربية والظروف الأمريكية أود أن أطلب نصيحتك.الشيء الثابت الوحيد المطلوب في العمل بغض النظرمن يأتي سيحتاج إلى مساعدتي في دورة أولية حول مناطق العالم.خلاف ذلك سيكون لديه حرية الأختيار تقريباً فيما يتعلق بالدورات التعليمية, فقط بإستثناء الجيومورفولجيا الذي يخضع هنا لقسم الجيولوجيا.تم تخصيص 2500.00 دولارأمريكي للأشهر التسعة.أوصى البروفسور دي جيرالدكتور جيزلرمن جينا,والبروفيسور جونز من شيكاغو اقترح الدكتور شميدر والبروفسور فايبل.سأرحب كثيراً برأيك فيما يتعلق بهؤلاء الرجال,وكذلك أقتراح أي شخص آخر من قبلك قد يأخذ في الأعتبار.لدينا الفرصة الأكثر جاذبية للجغرافيا هنا، آمل أن نتمكن قريبًا من إنشاء منصب أستاذ زائر براتب كامل ؛مما سيتيح لنا فرصة التعرف بشكل متزايد على  زملائناالأوربيين. يؤسفني أنه لم تتح لي فرصة سماعك في معهد ويليامزتاون،خاصة بعد أكثر الروايات حماسة لعملك هناك التي حصلت عليها من أصديقائي البروفسورلاورنس مارتن و جيسي ريفر.
لك تحياتي الصادقة, كارل اوو سوير, رئيس القسم).
وكان العضو الأخرفي اللجنة العقيد البيرت باوليس البلجيكي,المتعهد في المستعمرات الإفريقية.وقد  أقترح من قبل ممثل الحكومة البلجيكية الذي كان يرأس جلسة المحادثات.
والعضو الثالث ورئيس اللجنة أيناراف فيرسين السفير السابق في بخارست وقد أقترحه رئيس وزراء السويد يلماربرانتينع.وقع الأختيارعليه بأعتبار السويد كانت دولة محايدة في الحرب.وقد شارك في البعثة أعضاء آخرون سكرتيرومسؤول مالي وكاتب.ولذلك رافق السكرتير الشخصي لتلكي معه إلى العراق إنسي بيتر وكمترجم الهولندي يوهانس هندريك والبرفسور كرامرس المدرس الجامعي في جامعة لايدن الهولندية.
ألتقى الأعضاء الثلاثة في جنيف في الثالث عشرمن تشرين الثاني( فيرسين, وتيلكي ,وباوليس )وتشكلت اللجنة رسمياً "لجنة الموصل". وبدأت اللجنة بدراسة وثائق عصبة الأمم ومعاهدة لوزان للسلام.ومنذ البدأ بأستلام مهمته انعكف تيلكي على دراسة كافة الوثائق المتعلقة بالقضية ومواقف مختلف الأطراف المتنازعة.وقد تلقى المساعدة من المعهد الهنغاري في برلين, حيث جمع كم كبيرمن المعلومات عن المنطقة,كما حصل على تقارير القنصلية الفرنسية.وقد أستخدم تيلكي كتب تاريخية وجغرافية للمرحلة الإعدادية الصادرة في مصر بين أعوام 1922-1923 وكذلك الأطلس سأرفق مع البحث وثائق مصورة عن المصادر التاريخية لمؤرخين أستخدمها تيلكي لدراسة تاريخ وجغرافية وشعوب المنطقة,ومن هذه المصادر( تقويم البلدان لأبي الفداء,معجم البلدان لياقوت الحموي,, مختصر جغرافية العراق لرزوق عيسى, تاريخ الموصل للقس سليمان صائغ,المسلك والممالك لأبي القاسم محمد بن حوقل البغدادي,أبو احمد بن علي القلقشندي,في كتابه صبح الأعشى في كتابة الأنشاء...).وبخصوص المصادر التاريخية لست بصدد تقييمها من ناحية المصداقية اوعدمها وعلى الأغلب كانت كتابة التاريخ عبرالأزمان تعكس وجهة نظرالمؤرخ والفئات الحاكمة اوالمسيطرة على مقاليد الحكم اوتخضع لأجندات سياسية وقومية ودينية معينة وأشياءآخرى.وكما قلت سأرفق هذه المصادراوالوثائق المصورة مع البحث,ولكن سوف لن أنسخ محتوى جميعها ضمن البحث, فمن يرغب بالأطلاع عليها فهي مرفقة أدناه كما ذكرسابقاً.وهذه المصادرأستخدمتها اللجنة في أعداد تقريرها ومعرفة تاريخ المنطقة وشعوبها في مختلف العهود.أعود وأقول أن هذه المصادرالتاريخية تبحث في الحدود الجغرافية للموصل وتاريخها القديم والشعوب التي سكنت المنطقة. ولذا نرى أحد الكتب المهمة من تأليف القس سليمان صائغ " تاريخ الموصل" طبع في مصر 1342هجرية,(1924م) استوفى فيه الكلام على الموصل وموقعها واقدميتها قديما وبعد دخول العرب فيها بعد الاسلام وعلى موقعها الجغرافي وثروتها الطبيعية وتأسيس نينوى وخرابها وأصل منشأ مدينة الموصل وسكانها قبل الفتح الاسلامي ومن سكنها بعد العرب وفي الدول التي استولت عليها من عهد الخلفاء الراشدين وبني أمية وبني العباس وكثرة الخوارج فيها في زمن بني العباس,وفي دولة الحمدانيين ودولة بني عقيل والدولة السلجوقية والدولة الاتابكية فيها.وفي الدول التي حكمت الموصل الى الوقت الحاضر).وهنا سأتي على ذكر مصدرآخر وهو" ابو العباس احمد بن على القلقشندي المتوفي 821 هجرية, ذكر القلقشندي في كتابه صبح الاعشى في كتابة الانشاء في الجزء  الرابع الطبعة الاميرية في 1332هجرية الموافق 1914 م ...............وإليك ما قاله القلقشندي في صفحة 314 من الجزء الرابع المذكور,الأقليم الأول: الجزيرة الفراتية ــ وهي أقرب أقطار هذه المملكة الديار المصرية والشامية لمجاورتها لبلاد الشام.قال في تقويم البلدان:ويحيط بها الفرات من حدود بلاد الروم وهو طرف الحد الغربي الجنوبي للجزيرة.فيمتد إلى الحد الجنوبي الغربي مع الفرات إلى ملطية إلى شمشاط,إلى قاعة الروم إلى البيره,الى قبالة منبج,الى السن,الى الرقة,إلى قرقيسيا, الى الرحبة, الى هيت,الى الأنبار.ثم يخرج الفرات عن تحديد الجزيرة ويعطف الحد من الانبار الى تكريت, وهي على نهر دجلة,الى بالس ,الى الحدبة على دجلة,الى الموصل,ثم يعطف من الموصل الى جزيرة ابن عمر,الى آمد.ثم يصيرالى الحد غربا ممتداً بعد أن يتجاوز آمد على حدود آرمينية,الى حدود بلاد الروم إلى الفرات عند ملطية من حيث وقع الابتداء........وقال القلقشندي أيضاً في صفحة 315 من الجزء الرابع المذكور نقلاًعن مسالك الأبصار لابن فضل الله العمرى المولود في شوال المتوفي في ذي الحجة 749
.....وهي مدينة من الجزيرة من الاقليم الرابع من الآقاليم السبعة حيث الطول سبع وثلاثون درجة, والعرض ست وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة.وهي على دجلة من الجانب الغربي, ويقابلها من الجانب الشرقي مدينة نينوى التي بعث يونس النبي عليه السلام الى اهلها, وهي الآن خراب وفي جنوبي الموصل مصب نهر الزاب الأصغر في دجلة. وهي في مستوٍ من الأرض.ولها سوران قد خرب بعضهما.وسورها أكبرمن سور دمشق..........وقال القلقشندي ايضاً في صفحة 316 من الجزء الرابع المذكور:ثم بها عدة مدن وقلاع مشهورة. وهي مذكورة في الجزء الرابع من ضفحة 316ـ327 وعد منها:ماردين, وحصن كَيفَا,وحران, وشمشاط, وحيزان,وميافارقين, وقرقيسي, وماكسين, ونصيبين, وجزيرة ابن عمر, وسنجار, وتل اعفر, والحديثة,وعانة, وآمد,وسِعِرت, أو إسعِرت, وتكريت,وبرقعيد, والعمادية,وقلعة كشاف,وقلعة مَنَك,ولشوسن,وعقرالحميدية,والهتاخ,وحانى وقال القلقشندي في آخر الكلام على الجزيرة الفراتية صفحة 326 من الجزء الرابع المذكور ما نصه: واعلم ان هذه الجزيرة مجاورة لمملكة الديار المصرية من حيث اتصالها بالبلاد الشامية من الجهة الشرقية.وقد تقدم ان بعض بلادها داخلة في اعمال جَلَبَ من ممالك الديارالمصرية,  كالرها,وقلعة جَعيروما والاهما. والمسافة بين حلب والرها معلومة ومن الرها الى حران يوم واحد.ومن حران الى رأس العين ثلاثة أيام. ومن رأس عين الى نصيبين ثلاث مراحل.ومن نصيبين الى الموصل أربع مراحل.وقد تقدم أن الموصل هي قاعدة بلاد الجزيرة في القديم. ومن الموصل الى تكريت سبعة ايام. وقد تقدم أن تكريت هي آخر مدن الجزيرة مما يلي العراق. زمن الموصل أيضا الى آمد اربعة أيام ومن آمد الى شمشاط ثلاثة أيام).
الموصل (عن كتاب المقدس وياقوت)
وهي واقعة على الشاطىء الغربي من دجلة وكانت تسمى في زمن الساسانيين باسم بوذ اراد شير,وفي زمن بني آمية كان لها شأن عظيم.وقد بنى بها جسر يصل هذه المدينة بمدينة سنحرائب نينوى. والموصل صارت عاصمة للجزيرة في حكم مروان الثاني آخر خلفاء بني آمية. كما استخدم غيرها من المصادر في دراسته وأعداد التقرير.
وقبل السفر إلى العراق ألتقى أعضاء اللجنة في لندن بممثلي وزارة الخارجية والمستعمرات البريطانية للتعرف على وجهة نظرهم.وقد كتب سكرتيروزارة الخارجية البريطانية السيد د.اوسبورني الرسالة التالية بتاريخ 8 كانون الأول 1924 إلى رئيس اللجنة الثلاثية السيد فيرسين يؤكد فيها تزويد أعضاء اللجنة بالوثائق اللازمة المتعلقة بهذا الشأن.
(سيدي, 
وجهني السيد وزيرالخارجية بشكل مباشر أن أنقل إليكم ثلاث نسخ من الوثائق التالية: -
محضر اجتماع لجنة حدود العراق لعصبة الأمم ، ثلاثة اجتماعات في لندن..1
رد حكومة جلالة الملك على الاستبيان الذي سلمته إليها اللجنة..2
3.رد حكومة جلالة الملك على المذكرة التي قدمتها الحكومة التركية إلى مجلس عصبة الأمم في سبتمبر / أيلول الماضي.
اتفاقية هدنة مودروس.*.4
المؤتمر الأنجلو فرنسي في ديسمبر  1920.5
6.قائمة الدول الأوروبية التي تحتفظ بالقناصل في العراق والتي نشرت تقارير قنصلية عن ذلك البلد قبل الحرب.
سيتبين أن مزاعم حكومة جلالة الملك حول مسائل المبادئ العامة قد أعيد ذكرها في الرد على المذكرة التركية.
امتثالا للاقتراح الذي قدمه الكونت تيليكي في اجتماع اللجنة في 29 نوفمبر،تم إرسال نسخ إضافية من الوثيقة إلى أعضاء اللجنة من خلال ممثلي جلالة الملك في بروكسل وبودابست وبوخارست، ولكن بسبب قصرالوقت المتاح،ربما لم يتم استيلامها في الوقت المحدد.إذا كان الأمر كذلك، فإن مجلس حكومة جلالة الملك تعبر فقط عن أسفها، ولكن يجب أن يُعزى هذا الإغفال إلى الوقت المحدود المتاح.
الوثائق والخرائط المشار إليها في الردود على الأسئلة الرابع والسابع والعاشر والثاني قيد الإعداد،وسيتم إرسالها بشكل جيد في أقرب وقت ممكن.
أنا , سيدي , خادمك المطيع).
*ــ (مودروس),( طبقاً لهذه المعاهدة استسلم العثمانيون في مواقعهم المتبقية خارج الأناضول،ووافقواعلى أن يسيطرالحلفاء على مضائق البسفوروالدردنيل،والحق في احتلال أي إقليم عثماني في حالة وجود تهديد للأمن.تم تسريح الجيش العثماني، وأصبحت الموانئ والسكك الحديدية والنقاط الإستراتيجية الأخرى متاحة لاستخدام الحلفاء.في القوقاز،تراجع العثمانيون إلى حدود ما قبل الحرب.
ومن الشروط التي أملتها انجلترا على تركيا: 
    ـ تسريح الجيش التركي ووضع رقابة الحلفاء على الإذاعة و التلغراف والطرق الحديدية.
. ـ احتلال مضايق البوسفوروالدردنيل ومرورالسفن الحربية التابعة للحلفاء من خلالها
   . ـ استسلام القوات التركية في البلدان العربية ( اليمن، العراق، سوريا،الحجاز)
    ـ انسحاب القوات التركية من إيران ومن الأجزاء المسيطرة عليها فيماوراء القوقاز..
    ـ احتلال الحلفاء باكو و باتوم مع احتفاظهم بالحق في احتلال أية مواقع إستراتيجية في داخل تركيا ذاتها في حالة ما إذا استجدت ظروف تهدد أمنهم وسلامتهم.
    ـ إعادة أسرى الحرب من المواطنين التابعين لدول الحلفاء دون أية شروط وإبقاء اسرى الحرب الأتراك تحت تصرف الحلفاء).

7
معاهدة لوزان1923 وحقوق  الأقليات القومية والدينية في تركيا

الدكتور جميل حنا

معاهدة لوزان وقعت في 24 تموز 1923 بين مختلف الأطراف المشاركة في الحرب العالمية الأولى .وهذه المعاهدة وضعت اسس جديدة للعلاقة  بين كافة البلدان المشاركة في هذه الإتفاقية  تتضمن مسائل  الأمن والسلام وحقوق الأقليات القومية سواء في أوربا  وتركيا .وفي هذه المعاهدة نصوص واضحة بالنسبة للحقوق السياسية و الدينية والقومية والثقافية واللغوية لغير المسلمين.وهذه المواد واردة في المعاهدة من البند38 حتى البند 44 وسنأتي على ذكرها كما وردة في المعاهدة.وسنأتي على ذكرالأطراف الموقعة على هذه المعاهدة الدولية والتي تضع جميع المشاركين فيها أمام إلتزامات قانونية دولية وسياسية وإنسانية.وهذه المعاهدة تم الموافقة عليها من قبل حكومة الجمعية الوطنية الكبرى  لتركيا ,بعد أن رفضت الموافقة على  معاهدة سيفر الموقعة في 10 آب من قبل ممثلي السلطان العثماني والتي تقر ب " حق تقرير المصير للشعوب"ولكن هذا الحق ألغي كلياً من معاهدة لوزان,وعوض عنه بمعاهدة حماية حقوق الأقليات ومنحها حقوقها السياسية والقومية والدينية والثقافية واللغوية والمواطنة الكاملة بحسب مواد المعاهدة.ولكن حتى هذه الحقوق المنصوص عليها في إتفاقية لوزان لم يكن سوى حبر على ورق, لم تلتزم الجمهورية التركية منذ نشأتها في عام 1923 حتى غاية اليوم بتنفيذ بنود المعاهدة ولم تمارس الأطراف الدولية الموقعة على الإتفاقية أي ضغوط أو مطالبات بتنفيذها.والبنود التالية تخص حقوق الأقليات غير المسلمة في تركيا الحالية.وهذه الأقليات غير المسلمة من الآشوريين والأرمن واليونان هم الشعوب الأصيلة أصحاب الأرض والتاريخ والحضارة والثقافة في تركيا, التي كانت جزاً من حضاراتهم .التي سقطت على يد الغزاة المحتلين, وهم يعيشون على هذه الأرض قبل آلاف السنين  قبل الميلاد, ولم يكن أي أثر للعثمانيين الأتراك على هذه الأرض,وهذه الشعوب تاريخهم المسيحي آلفين عام .وهذا المنطق السياسي بنعت شعوب أصيلة بأقلية او جالية مخالف للحقائق التاريخية,ويهدف إلى طمس الحقيقة من أجل تحقيق أهداف عنصرية قومية ودينية.ومع هذا كله لم نجد أي حماية لهذه الأقليات بل سحقت حقوقها القومية والدينية في الواقع الفعلي بعكس نصوص المعاهدة كما هو وارد في البنود التالية, والتي تتكون من 143 بند وفيما يلي البنود المتعلقة بحقوق الأقليات غير المسلمة في الدولة التركية:
المادة الأولى
منذ دخول المعاهدة الحالية حيز التنفيذ ، ستُعاد حالة السلام بالتأكيد بين الإمبراطورية البريطانية,وفرنسا, وإيطاليا, واليابان ، واليونان , ورومانيا والدولة الصربية الكرواتية السلوفينية من جانب ,وتركيا من جهة أخرى,وكذلك بين مواطنيها. سيتم استئناف العلاقات الرسمية على كلا الجانبين ,وفي الأراضي المعنية, سيلتقى الممثلون الدبلوماسيون والقنصليون, دون المساس بالاتفاقيات التي قد تُبرم في المستقبل ,وسيتم التعامل مع بنود المعاهدة  وفقًا للمبادئ العامة للقانون الدولي.
المادة37
تتعهد تركيا بأنها تعترف بالنصوص الواردة في المواد 38 إلى 44 كقوانين أساسية, وأنه لا يجوز لأي قانون أو لائحة أو إجراء رسمي أن يتعارض او يتدخل مع هذه الشروط, ولا يجوز لأي قانون أو لائحة أو إجراء رسمي أن يسود عليها.
المادة38
تتعهد الحكومة التركية بضمان الحماية الوافية االكاملة لحياة وحرية جميع سكان تركيا دون تمييز في المولد أو الجنسية أو اللغة أو العرق أو الدين. يحق لجميع سكان تركيا أن يمارسوا بحرية سواء في السر أو العلن,أي مذهب أو دين أو معتقد إذا كانت مراعاته لا تخالف الأمن العام والأخلاق الحميدة.تتمتع الأقليات غير المسلمة بحرية كاملة في التنقل والهجرة شرط مراعاة الإجراءات المطبقة في كل أو جزء من الأراضي على جميع الرعايا الأتراك,والتي قد تقررها الحكومة التركية من أجل الدفاع الوطني أو للمحافظة على الأمن العام.
المادة 39
يتمتع الرعايا الأتراك الذين ينتمون إلى أقليات غير مسلمة بالحقوق المدنية  والسياسية  ذاتها للمسلمين.جميع سكان تركيا سواسية في نظر القانون من دون تمييز في الدين . إن الأختلاف في الدين أو المذهب أو العقيدة  لا يسيء إلى أي رعية تركية في الأمور المتعلقة بالتمتع بالحقوق المدنية  أو السياسية مثلاً  كالاستخدام العام او التوظيف أو الألقاب أو ممارسة المهن والصناعات.
لا تفرض قيود على الأستعمال الحر من قبل أي رعية تركية لأي لغة سواء في الأحاديث الشخصية أو التجارة أو الدين أوالصحافة أو المطبوعات من أي نوع كانت أو في الأجتماعات العامة.وعلى الرغم من وجود اللغة الرسمية,تعطى التسهيلات المناسبة للرعايا الأتراك الذين يتخاطبون بغير اللسان التركي ليستعملوا شفاهاً لغتهم الخاصة أمام المحاكم.
المادة 40
يتمتع الرعايا الأتراك الذين ينتمون إلى أقليات عرقية أو دينية أولغوية بالمعاملة والطمأنينة ذاتها التي يمنحها القانون وكسائر الرعايا الأتراك,وخصوصاً يكون لهم حق مماثل في إنشاء وإدارة ومراقبة أي جمعيات خيرية ودينية واجتماعية ومدارس للتعليم الأبتدائي والثانوي والعالي وغيرها من المؤسسات التعليمية وذلك على حسابهم الخاص وباستقلال عن السلطات التركية وبدون تدخلها,مع استخدام لغتهم وممارسة ديانتهم فيها بحرية.
المادة 41
فيما يتعلق بالتعليم العام,تمنح الحكومة التركية تلك المدن والأقضية التي تقيم فيها نسبة كبيرة من الرعايا غير المسلمين, مناسبة تكفل أن يكون التعليم في المدارس الآبتدائية لأطفال مثل هؤلاء الرعايا الأتراك بواسطة لغتهم الخاصة,على أن هذا النص لا يمنع الحكومة التركية من تعليم اللغة التركية إلزامياً في هذه المدارس.
في المدن والأقضية ألتي تقيم فيها نسبة كبيرة من الرعايا  الأتراك الذين ينتمون إلى أقليات غير مسلمة,يجب أن تؤمن لهذه الأقليات حصة عادلة في التمتع واستعمال أية مبالغ تخصص من الأموال العامة في ميزانبات الدولة أو البلديات أوغيرها لأغراض تعليمية أو دينية أو خيرية.وتدفع هذه المبالغ للمندوبين المعتمدين للمؤسسات والمعاهد المعنية.
المادة 42
تلتزم الحكومة التركية بإن تتخذ فيما يتعلق بالأقليات غير المسلمة من حيث قوانينها العائلية وأحوالها الشخصية,الإجراءات التي تسمح بتسوية هذه الأمور وفقاً لتقاليد وعادات هذه الأقليات.
تضع هذه الإجراءات لجان تتألف من مندوبين عن الحكومة التركية ومندوبين عن كل الأقليات المعنية بإعداد متساوية.وفي حال وقوع اختلاف تعين الحكومة التركية بالتفاهم مع مجلس عصبة الأمم المتحدة حكماً فيصلاً يختار من المحامين الأوربيين.
تلتزم الحكومة التركية بمنح حماية كاملة للكنائس والمقابر وغيرها من المؤسسات الدينية التابعة للأقليات المذكورة أعلاه.
تمنح كل التسهيلات والصلاحيات للمؤسسات الدينية والهيئات الدينية والخيرية التابعة للأقليات المذكورة والموجودة حالياً في تركيا.ولن ترفض الحكومة التركية  من أجل إنشاء هيئات دينية أو خيرية جديدة,أياً من التسهيلات المضمونة للهيئات الخاصة الأخرى من تلك الطبيعة ذاتها.
المادة43
لا يجبر الرعايا الأتراك من الأقليات غير المسلمة على أداء أي عمل يشكل خرقاً لأيمانهم أو فرائضهم الدينية,ولا يتعرضون للتعجيز بسبب رفضهم حضور المحاكم أو أداء أي إجراء قانوني في يوم راحتهم الأسبوعية.
غير أن هذا النص لا يعفي هؤلاء الرعايا الأتراك من الواجبات التي تفرضها على الرعايا الأتراك الآخرين حفاظاً على الأمن العام.

المادة 44
 توافق تركيا على أنه بقدر ما تؤثر المواد السابقة من هذا القسم على المواطنين غير المسلمين في تركيا, فإن هذه الأحكام تشكل التزامات ذات اهتمام دولي ويجب وضعها تحت ضمان عصبة الأمم. لا يجوز تعديلها دون موافقة أغلبية مجلس عصبة الأمم. توافق الإمبراطورية البريطانية وفرنسا وإيطاليا واليابان بموجب هذا على عدم حجب موافقتهم على أي تعديل في هذه المواد يكون بالشكل الواجب الذي وافقت عليه أغلبية مجلس عصبة الأمم. توافق تركيا على أنه يحق لأي عضو في مجلس عصبة الأمم أن يوجه انتباه المجلس إلى أي مخالفة أو خطر لخرق أي من هذه الالتزامات. وأنه يجوز للمجلس بناء على ذلك اتخاذ مثل هذه الإجراءات وإعطاء هذه التوجيهات كما تراه مناسبًا وفعالًا في هذه الظروف. توافق تركيا كذلك على أن أي اختلاف في الرأي بشأن المسائل القانونية أو الوقائع الناشئة عن هذه المواد بين الحكومة التركية وأي دولة من الدول الموقعة الأخرى أو أي دولة أخرى ,عضو في مجلس عصبة الأمم, يجب أن يعتبر نزاعًا ذا طابع دولي بموجب المادة 14 من ميثاق عصبة الأمم. توافق الحكومة التركية بموجب هذا على إحالة أي نزاع من هذا القبيل , إذا طلب الطرف الآخر إلى محكمة العدل الدولية الدائمة. يكون قرار المحكمة الدائمة نهائيًا ويكون له نفس قوة وتأثير قرار التحكيم بموجب المادة 13 من الميثاق.
إن ألقاء نظرة موضوعية على بنود المعاهدة من المادة 38 حتى المادة 44 نجد بأنه هناك حقوق واضحة للأقليات غير المسلمة والقصد منها المسيحيون بكل إنتماءاتهم المذهبية من أبناء الكنيسة السريانية الأورثوذكسية والسريان الكاثوليك وكنيسة المشرق الآشورية والكنيسة الكلدانية والبروتستانت بالأضافة إلى كنائس الأرمن واليونان بكافة فروعها. وأبناء جميع هذه الكنائس المسيحية قبل أعتناقها العقيدة المسيحية كان لها إنتماء قومي وبنت حضارت راقية على هذه البقعة الجغرافية من الأرض. وما زالت هذه الشعوب تحافظ على وجودها القومي ولها كيان وطن قائم على جزء من أرضيهم التاريخية مثل آرمينيا واليونان .والآشوريون أستطاعوا أن يحافظوا على كيانهم القومي ولكن  بدون أن يستطيعوا المحافظة على جزء من كيان وطن مستقل خاص بهم .بالرغم من كل المحن والإضطهادات والإبادات الكثيرة التي  تعرضوا لها عبر التاريخ الطويل.
ومن خلال ألقاء نظرة على بنود معادة لوزان والحقائق على أرض الواقع في الدولة التركية هناك  فرق شاسع بين الألتزام الفعلي وبنود المعاهدة , حيث لم ينفذ أي جزء منها .بل على العكس من ذلك إضطهاد المسيحيين من أبناء الأمة الآشورية  لم يتوقف حتى هذه الأيام حيث أعتقلت السلطات التركية راهب من كنيسة السريان الأرثوذكس بتهمة التعامل مع منظمة إرهابية منظمة ب.ب.ك.الكردية.وبالطبع هذا إستهداف مقصود من قبل الدولة التركية.اليوم يعيش السريا ن الآشوريين بين المطرقة وسنديان الدولة التركية والعشائر الكردية.
أما على صعيد التعليم واللغة منع الأقليات المسيحية من تعلم اللغة السريانية الآشورية,لا يوجد في الدولة التركية أي شخص من هذه الأقليات يشغل أي منصب حكومي في الدولة التركية.التمييز العنصري الديني والقومي يمارس بشكل رهيب مقابل الأقليات المسيحية في الدولة التركية.الدولة التركية لم تلتزم بتنفيذ أي بند من بنود المعاهدة بما يخص ضمان حماية الأقليات الدينية والقومية غير المسلمة. ومع ذلك لم نجد الأطراف الدولية الموقعة على المعاهدة تطالب الدولة التركية بتنفيذ بنود المعاهدة وحماية الأقليات غير المسلمة.الأنتهاكات الفظيعة ضد الكنائس والتعليم اللغوي والأديرة والمقابر والممتلكات والحقوق الشخصية والمواطنة مسحوق بشكل كامل .وبسبب هذه السياسات العنصرية والملاحقة والقتل والإضطهاد المستمر حتى بعد قيام الجمهورية التركية ,لم يبقى في الدولة التركية أكثر من مئة ألف إنسان مسيحي من أصل تقريباً ثمانون مليون مواطن. لوزان سلب الأقليات القومية من حق تقرير المصير إلا أنها لم تحرمه من حقوق مواطنة أساسية, ولكن تحتاج إلى تطبيق هذه البنود. ومن هذا المنطلق نطالب هذه الأطراف الموقعة على المعاهدة , أن تعمل على تنفيذ بنود المعاهدة والضغط علي تركيا  للإيفاء بالتزاماتها القانونية .وفي حال عدم الألتزام بذلك على أحدى الأطراف الدولية التوجه إلى محكمة العدل الدولية, لتحقيق مبادىء العدالة وتنفيذ بنود المعاهدة بما يخص حقوق الأقليات غير المسلمة.والأطراف التالية جميعها يقع على عاتقها تنفيذ بنود المعاهدة.
الإمبراطورية البريطانية, فرنسا,إيطاليا ,اليابان , اليونان , رومانيا, والدولة الصربية الكرواتية السلوفينية من جهة وتركيا من  ناحية أخرى. والجميع متفقون في الرغبة في إنهاء حالة الحرب التي كانت قائمة في الشرق منذ عام 1914.ويرغبون إلى إعادة علاقات  الصداقة والتجارة الضرورية لتحقيق الرفاه المتبادل لشعوبهم .وبأعتبار أن هذه  العلاقات يجب أن تقوم على أساس احترام استقلال وسيادة الدول ,قرر المشاركين بتعيين مفوضين لهم:     
جلالة ملك المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا والأقاليم البريطانية الواقعة وراء البحار, إمبراطورية الهند:   
الرايت أونرابل السير هوراس جورج مونتاجو رومبولد , بارونيت ، جي سي إم جي ,المفوض السامي في القسطنطينية
رئيس الجمهورية الفرنسية :الجنرال موريس  بيلي  سفير فرنسا , المبشر السامي للجمهورية في الشرق ,الضابط الكبير في وسام جوقة الشرف الوطن.
جلالة ملك إيطاليا: صاحب السعادة ماركيز كاميلو جاروني , سيناتور المملكة ,سفير إيطاليا, المفوض السامي في القسطنطينية الصليب الأكبر لأوامر القديسين موريس ولعازر وتاج إيطاليا
السيد جوليو سيزار مونتانا, المبعوث فوق العادة والوزير المفوض في أثينا, قائد رهبانية القديسين موريس ولعازر, الضابط الأكبر لتاج إيطاليا
جلالته إمبراطورية اليابان : السيد كينتارو اوتشياي يوشامي إستحقاق الدرجة الأولى من وسام الشمس المشرقة, السفير فوق العادة والمفوض في روما   
جلالة ملك اليونان: إلفثيريوس  ك. فينيسيلوس , الرئيس السابق لمجلس الوزراء, وسام المخلص من الصليب الأكبر,م.ديميتريوس
كاكلامانيوس,الوزير المفوض في لندن قائد وسام المنقذ
جلالة ملك رومانيا: قسطنطين دياماندي , وزير مفوض,قسطنطين  كونتزيسكو , وزير مفوض
جلالته ملك السرب والكروات والسلوفيين: ميلوتين  يوفانوفيتش , المبعوث فوق العادة والوزير المفوض في برن
حكومة الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا: عصمت باشا إنونو وزير الخارجية ونائب أدريانوبل,رضا نور بك وزير الصحة والمساعدة العامة,نائب شركة سينوب, حسن بك وزير سابق نائب لطربزون. الذين قدموا وثائق أعتمادهم وصلاحياتهم الكاملة, والتي وجدت في حالة صحيحة جيدة  ومستحقة  وقد وافق الجميع على المعاهدة وتم الأقرار بها من قبل الجهات الرسمية لهذه الدول.
الأمم المتحدة ومجلس الأمن بكافة مؤسساتها الدولية وحسب المواثيق الدولية التي أقرتها  يقع على عاتقها حماية الأقليات القومية بالطرق القانونية.ومن هذا المنطلق أيضاً نطالب الجميع للتدخل من أجل حماية حقوق الأقليات في الدولة التركية.
2021- 04-11




8
·
رسالة مفتوحة إلى بابا الفاتيكان بمناسبة الزيارة المرتقبة له في آذار القادم إلى العراق
قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس الأول كلي الأحترام!     
إن زيارتكم المرتقبة لأرض الحضارة البابلية الآشورية حدث تاريخي بالغ الأهمية,بما تحمله من رسالة سلام ومحبة وتعاليم إنسانية راقية لأبناء هذه الحضارة العريقة بدون تمييز بين معتقداتهم الدينية وإنتماءاتهم الإثنية,كما هي رسالة لجميع بلدان وشعوب منطقة الشرق الآوسط الغارقة في صراعات وحروب دينية ومذهبية وعرقية مدمرة.
نحن المؤسسات الآشورية الموقعة على هذه الرسالة نتمنى من قداستكم بأن ينصب أهتمامكم وتبذلون ما بوسعكم من جهود كبيرة لتخفيف معاناة المسيحيين من أبناء الأمة الآشورية بكل مذاهبهم الكنسية في العراق.وتكونون مدافعين عن الحق والحرية الحقيقية.والمطالبة والدفاع عن الحق والحقيقة والحرية لأبناء الأمة الآشورية هو إلتزام حقيقي بتعاليم سيدنا يسوع المسيح له كل المجد.إننا لسنا بصدد شرح أوضاع العراق السياسية والإجتماعية والإقتصادية والإنسانية لقداستكم,وإنما لنأكد على أهمية زيارتكم ولتكون بداية طريق أمل ونور للشعب العراقي بشكل عام وخاصة للمسيحيين واليزيديين والصائبة المندائيين الذين يعانون من إضطهاد إثني وديني وتهجير قسري بفعل المظالم الكثيرة التي يتعرضون لها بسبب القوانين ودستور البلاد الذي يمييز بين المواطنين على أسس دينية مذهبية وقومية.وكذلك من جهات في حكومة المركز وأطراف آخرى فرضت وجودها على شمال العراق بقوة السلاح على أرض آشور,وكما يعانون من المنظمات الإرهابية والتطرف الديني والقومي.أن تحقيق المساواة الفعلية بين مختلف الأديان والأعراق والمذاهب والعيش المشترك على أسس حفظ كرامة الناس وحريتهم,يجب أن يكون فعلاً حقيقاً يمارس على أرض الواقع في الحياة اليومية وأمام القانون وبنود دستورعادل.وليس كلاماً نظرياً لم يحقق حتى الآن سوى المآسي الفظيعة للمسيحيين بكل إنتماءاتهم الكنسية,حيث تناقصت أعدادهم بشكل رهيب.ومن هذا المنطلق نتمنى من قداستكم بأن تكونوا صوت الحق وتنبذون العنف والكراهية والتمييزالعنصري على أسس دينية وعرقية وتكونوا مدافعين عن حقوقنا المنصوص عليها في المواثيق الدولية كشعب أصيل في وطننا العراق على أرض بابل وآشور.ولذا نرى بأنه من بالغ الأهمية وقوف قداستكم مع قضيتنا العادلة والتي نختصرها في النقاط التالية:
ا- الحكم الذاتي لإقليم آشور في شمال العراق.
الحماية الدولية لإقليم آشور.2
3- تغيير الدستور العراقي والأقرار بهوية الشعب الآشوري كمكون أصيل وله حق التمثيل  في كافة مؤسسات الدولة العراقية من الشمال إلى الجنوب من أعلى منصب في الدولة حتى أصغرها.وكذلك إلغاء الشرائع الدينية من الدستورالتي تكرس الإنقسام بين المواطنين على أسس دينية وعرقية.
4- إيقاف الإجراءات التعسفية للسلطات الحاكمة في شمال العراق وإجراءتها العنصرية بفرض سياسة التغييرالديمغرافي في مناطق سكن الآشوريين.
5- تغيير المناهج الدراسية بما ينسجم مع التنوع العرقي والديني في العراق, وكذلك إختيار علم وطني واحد يمثل حضارة بلاد ما بين النهرين وأيضاً التنوع الديني والقومي.
الاعتراف بمذبحة سميل 1933 .6
7- تقديم الحماية الفعلية ضد المنظمات الإرهابية وإعادة بناء ودعم المهجرين من بيوتهم وممتلكاتهم جراء العمليات الإجرامية الإرهابية بتواطئها مع جهات منفذة في العراق من سلطات محلية ومركزية.
8- تقديم كل الجنات الذين أرتكبوا جرائم قتل رجال الدين المسيحي وقتلة الآشوريين,وكل من تواطىء ودعم وتغاضى عن تلك الجرائم الفظيعة.
وقف إضطهاد وترهيب وقتل وتهجير المسيحيين في العراق     .9-
وفي الختام نتمنى بأن تحقق زيارتكم البابوية أهدافها الإنسانية النبيلة في خدمة الشعب العراقي بكل تنوعهم الديني والعرقي وخاصة أبناء كافة الطوائف الكنسية المسيحية من الكلدان وأبناء كنيسة المشرق الآشورية والسريان الأورثوذكس والسريان الكاثوليك والبروتستانت والأرمن.وأن تنعكس نتائج زيارتكم البابوية على كافة دول وشعوب بلدان الشرق الآوسط,وتجلب السلام والأمان للجميع وتضع حد للحروب الدموية الدينية والمذهبية والقومية في المنطقة.
_ ا1 - Assyrian Genocide International (Seyfo) Committee (AISC)
2 - Association of Assyrians in Latvia " ATRA"
3 - Save Assyria Front section of Europe
4 - Assyrian Association of Switzerland, 9545 Wängi Switzeland.
5 - Assyrian Institute .Sweden, Stockholm.
6 - Deutscher Assyrischer Jugendund Kulturverein Idstein e.V, Germany.
7 - Vereniging van Assyriërs in België .
8 - Assyrian Genocide Institute.
9 - Assyrian Public Organization "Bneta" Russia,Mosc
 10 - Assyria Liberation Party / FURKONO
02.13.2021
11.13.6770 Assyrian

9
ميقرا أخيقر شلاما دموران او عيذا او ريشتا بريختا !
أخي أخيقر تشكر على جهودك القيمة بنشر بعض الوثائق ووضع عناوين بعض الكتب التاريخية والثقافية تظهر فيها الحقائق التاريخية لتتنور بها العقول وتزين المعارف الثقافية للإنسان المحب لمعرفة الحقيقة.علينا جميعا تقبل الجديد المغاير لما نملكله من معارف أو معلومات سابقة وندقق بوعي وبدون تعصب كل جديد لنصل إلى قناعات مبنية على المنطق العقلي.
بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية نقدم لكم شخصيا التهاني القلبية وعام جديد مليء بالعطاءات المثمرة والخير الصحة والعافية والسلام لجميع أبناء الأمة الآشورية وإنهاء المعاناة الوطنية والقومية لهم على أرض آشور وفي جميع بلدان الشرق الأوسط كما نتمنى لجميع البشر السلام والتقدم في دروب النور بعيداعن الحروب والجرائم !
كل عام وأنتم بخير!
ودمتم ذخراً في خدمة العلم والمعرفة
أخوكم  جميل حنا


10
السيد وليد بيداويد المحترم!
لك أخلص التحيات القلبية وشكراً على التعليق القيم وعلى كافة جهودك وكتباتك المفيدة في الحقل القومي.
تاريخ حضارة بلاد ما بين النهرين تعرض منذ أزمنة طويلة وحتى يومنا هذا إلى التشوية وتزييف الحقائق التاريخية على يد القوى التي غزت وأحتلت الأمبراطورية الآشورية البابلية وبلاد الشام.ولكن من المألم أن يكون البعض من أبناء هذه الأمة بغض النظر عن التسميات التي يقتنعون بها سواء كانت التسمية الآشورية او الكلدانية او السريانية او الآرامية أو أي تسميات مركبة خنجراً في الظهر تطعن الجميع من دون أن تدري أو ربما ينفذون أجندات الغير للقضاء على وجودنا كلياً بدون إستثناء.من سلب أرضنا وحقوقنا القومية وهويتنا وثقافتنا ولغتنا لم يميز يوماً من الأيام بين هذه السمية أو ذاك كان الجميع مستهدفاً. و نحن جميعاً على حافة الأنقراض في وطننا الأصيل العراق وسوريا وتركيا وإيران.ولكن البعض منا بدل أن يوجه جهوده لفضح القوى والمجموعات والأنظمة القائمة في بلداننا وتحكمنا منذ مئات الأعوم كادت ان تقضي على وجدودنا وصهرنا في بوتقتها القومية والثقافثة واللغوية والدينية, يقوم البعض منا في محاولات الإنقضاض على ما تبقى لنا من وجود على أرضنا التاريخية أنه شيء محزن جداً جداً . العيون تذرف دموعاً والقلب يتقطر دماً على هذا الواقع المرير.ولكننا سنحمل الرسالة بأمان لنحافظ على إرث الأباء والأجداد وقيم أمتنا العظيمة التي قدمت خدمات رائعة للبشرية جمعاء.وكافة الشتام والأحقاد والضغائن ستدفن في نفوس أصحابها.ولن يكون إلا للحق نور يسطع في عقول الناس الصادقين مهما زادت مساحة الظلمة في عالمنا اليوم.
تقبل فائق التقدير والأحترام
أخوك جميل حنا


11
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (13)
الدكتور جميل حنا
(آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمز أرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بهاالحجارة والآثاروفن العمران والكتابات المكتشفةعلى أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
المهن اليدوية
حضارة بلاد ما بين النهرين بنيت على منظومة حياتية كاملة في كافة المجالات لتوفير متطلبات العيش للناس في ذلك العصر.ولذا نجد الإهتمام يمتد إلى نواح ومجالات عديدة لتسهيل أمور الحياة ألى حد ما وتقديم الخدمات اللازمة لهم.وفي هذا الجزء سأتطرق إلى أهم المهن المتدوالة والمهارات الفائقة التي كان يتمتع بها الحرفيون, والخبرة العالية في تحويل المواد الخام إلى أدوات ذات فائدة كبيرة جداً.وحفظت بقايا تلك الأدوات التي صنعت بإيادً بارعة لنا كنزاً عظيماً من المعارف وكذلك نمط الحياة السائدة في تلك الأزمنة والكتابات التي دوّنت على الأجر.
 لم يقتصر نشاط  سكان بلاد ما بين النهرين على الزراعة والتجارة وحدها،بل كان مزاولة الحرف في درجة عالية من التقدم،وأعمال فنية وكتابات كثيرة تثبت ذلك من خلال الحفريات والعثورعلى بقايا اللقى التي تأكد على أهمية وانتشار المهن بشكل واسع في المجتمع.وفرت البيئة الطبيعية في بلاد ما بين النهرين البعض من المواد الخام التي استعملت كمادة أساسية في الحرف اليدوية.وكان الطمي مادة أولية متوفرة بكثرة وصنعت منها الآواني بأشكالها المختلفة وطابوق البناء وألواح الكتابة الشهيرة التي حفظت لنا إنجازات تلك الحضارة العظيمة وأشياء كثيرة أخرى.
سكان بلاد ما بين النهرين  كانوا يعتقدون بأن المهن ممنوحة للبشرمن قوى خارجة عن الطبيعة،وهي هدية من آلهة أعماق البحر والحكمة، السومريون سموه (أنكي) والأكاديون (إيا) واعتقد به الحداد- البناء- الحذاء- بناء السفن- الحائك- الخزاف..الخ وهو شفيعهم.ويذكر الكاتب البابلي بيروسوس من القرن الثالث ق.م بأن "أوانيس" (الكائن السماوي الذي كان له شكل إنسان- سمكة).كائن من جسم السمك ورأس الإنسان،ويد الإنسان- وذنب السمك, خرج من أعماق مياه البحر في الأزمنة القديمة ومنح إنسان بلاد ما بين النهرين كل المعارف التي أحتاجها الإنسان.علم الناس على بناء المدن وتشييد المعابد والقصور والأبنية بمختلف المواصفات وأنواع الفنون والكتابة وتشريع القوانين والزراعة وأعمال قياس الأراضي ومنحهم قدرة التبصرالتنجيم وكل فروع المعرفة اللازمة للإنسان في حياته.
الحرف اليدوية التي كانت تزاول عرفت من وثائق الكتب المدرسية بعد الأكتشافات الأثرية التي أجريت في بلاد آشور,حيث صنفت الأعمال اليدوية التي كانت تدعي بأكادية (دُولي غاتي) وللقيام بهذه النشاطات المهنية,ولإنجازالحرف اليدوية  احتاج الأمر إلى موارد الخام الأولية كما ذكر,وكان قسماً منها متوفر محلياً، وكان القسم الآخر يستورد من الخارج،وفيما يلي أهم المهن المعروفة في بلاد ما بين النهرين:
الطحان- الخباز- القصاب- الجعي (صانع البيرة) صناعة المواد الغذائية لعب دوراً هاماً في حياة الناس
وقد أولى أهمية لهذا القطاع حيث كان الخبزمادة غذائية أساسية وكان الفلاح (انجار) ينتج القمح والحبوب اللازمة لصناعة الخبز والطحان (أرار) كلمات معروفة حتى قبل العهد السومري وكذلك الفران (أنديب) منذ الألف الخامس ق.م كان يتم طحن الحبوب بواسطة الحجر بأن توضع كميات من الحبوب بين حجرين دائري الشكل وسطحه خشن (المجرشة)أو(كورستو’كورستا).وكانت تدار بقوة اليد بواسطة مقبض مثبت على الرحى, وهكذا كان يطحن الحبوب بفضل النتوءات والحفرالموجودة على سطح الحجر الصلب,ومازال هذا النوع من طحن الحبوب موجود حتى يومنا هذا,وخاصة في المناطق النائيىة. وكانت تستخدم أنواع أصغر لطحن التوابل. وكانت النساء تزاولن في المقام الأول مهنة الطحن وخاصة الخادمات والعبيدات منهن. لقد تم اكتشاف لوائح طينية يذكرهذه المهنه.وقد ورد في هذا اللوح ذكر للأجور من عهد السلالة الملكية الثالثة لـ أور:
 (لقد سلم مانسوم ابن إراندا للنساء الطحانات أجرتهم وهي بمقدار 187 قوروش ملكي و 190 سيلا قمح حسب مقياس مانيا البرونزي,من العنبر الجيد للسيدة في شهر غود-بيار، بعد عام من تدمير قيماش)
الفران
كان الفران يقوم بتجهيز الخبز من الشعير على الأغلب وأحياناً من طحين القمح. حيث تخلط كميات معينة من الدقيق مع كمية الماء اللازمة وتعجن جيداً في آواني خاصة لهذا الغرض.وبعد ذلك يقطع من كتلة العجينة قطع صغيرة الحجم ويصنع صفائح توضع في الفرن على الحجرالموقد المسخن مسبقاً إلى درجات عالية أو كان يلصق بجدار الفرن كما قي حالة التنور في الوقت الحالي.وكان الخبز يصنع بأشكال وأنواع مختلفة، ولكل نوع من الخبز له تسمية خاصة، وعرفوا أنواع الفطائر،كما صنعوا الخبز الذي يدوم لفترات طويلة دون أن يتعفن أي "الباقسمات", نوع من الخبز المجفف.وأصحاب محلات الحلوى صنعوا أنواع مختلفة من الحلوى والكعك وكان يخلط بالتمرأو يحشى بالتمر,وجميع هذه الأنواع تحضرفي الكثير من المجتمعات وخاصة في بلاد ما بين النهرين.
القصاب
كان القصاب يمارس مهنته بالقرب من البلاط الملكي والمعابد وكان يشرف على الذبائح التي تقدم في المعابد والتي تقدم الطعام في البلاط .وكان القصاب او الجزار يذبح المواشي بكافة أنواعها ويقطعها حسب الطلب بعد سلخها من جلدها، حيث كان الجلد يرسل إلى أماكن خاصة لتصنيعه,بعدما كان يعامل بمواد وطرق مختلفة ليكون صالحاً للتصنيع.وفي العصور المتأخرة كان القصاب يقوم بعملية الطبخ أيضاً بعدما تم توسيع المسلخ والحق به أقسام المطابخ المجهزة بأدوات وآواني الطبخ اللازمة والمواقد النارية لتحضير كميات كبيرة من الطعام.
الجعة (البيرة)             
كان صانع البيرة الجعي يعمل بالقرب من المصانع الصغيرة المقامة بالقرب من المعابد والبلاط الملكي وكان عاملاً في خدمة المعبد والبلاط.وكان يسمى طباخ الجعة أو (رجل خبز البيرة) وكانت كميات البيرة المنتجة توزع في أغلبها على الخمارات التي كانت متوفرة ومنتشرة في كافة المدن في بلاد ما بين النهرين .وفي أغلب الأحيان كان أصحاب هذه المحلات نساء. وكانت هناك مراقبة شديدة على نوعية الإنتاج، وكانت القوانين تعاقب أصحاب المحلات عندما يكتشف أي غش في نوعية المشروبات.البيرة كانت من المنجزات الحضارية في المدن. هذا مقطع من نشيد نينكاسي:
  (الجعة اللذيذة في كأس القصب،
تعال إلي أيها النادل ! الخمار، طباخ البيرة
دعني أن اسكب بحيرة البيرة الفياض
أريد المرح، أريد المرح
أشرب الجعة، وقلبي يسبح في غمرة الفرح
أشرب الكحول، أحلق في الهواء
 قلبي مرح،
 قلبي مملوء بالسعادة
شعور اللذة  يغمر قلبي المريح)
الجعة كانت من المشروبات المتوفرة بكثرة في أنحاء الإمبراطورية وكان بمتناول الجميع وكانت أسعاره ملائمة لجميع فئات الشعب. وكانت صناعة البيرة معروفة أيضاً في العهد السومري وسميت البيرة باللغة السومرية (كاش) وبالأكادية (شيكارو))
جهزت الجعة من شعير الخبز المنقع في الماء ومن الملط (الشعير المنبت,براعم) كان يضع في إناء كبير عنقه رفيع،ونهايتها من الخلف ذو نهاية رفيعة تغرس في الأرض وكان وعاء صنع البيرة يسمى بالأكادية (نامزتو) لم تكن في تلك العهود حشيشه الدينار التي تكسب البيرة نوع من حرارة الطعم معروفة, لذلك تم تقمير الشعير بواسطة رماد ساخن وهذا كسبها نوع من المرارة. صنعت أنواع مختلفة من البيرة بيرة فاتحة اللون- بيرة مخمرة- بيرة بنية اللون- بيرة حمراء اللون وكانت هذه الأنواع تختلف بحسب طريقة الطبخ او التحضير ودرجات الحرارة ومدتها.تبين رسومات الألواح القديمة المكتشفة أثناء الحفريات بأن شرب البيرة كان يتم من نفس الإناء الذي تم تخمير البيرة فيه بواسطة قشة طويلة أو قصبة رفيعة (شلامونه). كما ذكر سابقاً كانت البيرة في متناول الجميع أي شراب عامة الشعب، والنبيذ شراب الملوك بسبب ارتفاع أسعاره وكانت صناعة النبيذ من العنب مهنة مفضلة ويحتاج إلى خبرة وذوق جيد.وكانت نوعية النبيذ تتعلق بأنواع العنب وطريقة التصنيع.وعصر العنب كانت مهنة خاصة،مثل استخلاص الزيت من السمسم.كان نوعية النبيذ على العموم جيد ومذاقه لذيذ، إلا أنه كان يستورد أحياناً بعض الأنواع من خارج الإمبراطورية, وكان النبيذ شراب دائم الحضور على مائدة الملك وعلى موائد الفئات الغنية من الشعب وفي المعابد.
الخزاف وحرق القرميد
طين الخزاف – كمادة خام أساسية في بلاد الرافدين استخدمت على نطاق واسع جداً.ونادراً قلما توجد مهنة تكون قريبة ومنسجمة مع الفنان مثل حالة التصنيع من طين الخزف,حيث تتحول إلى مادة مطاوعة تصنع منها الأشكال والأحجام والأنواع المختلفة من الأحواض الأدوات واللوازم البيتية.كما استخدم كمادة بناء بعد خلطة مع القش, وهذا النوع ما زال يستخدم في بلاد ما بين النهرين على نطاق واسع في  وكان الطابوق يشوى أي يعرض إلى درجات حرارة عالية فيتحول إلى القرميد المحروق وتؤكد على ذلك المعطيات المتوفرة من قبل عصر شاروكين.وكذلك تم خلط الإسفلت مع الطين، وحصل على مادة فضية قاسية مثل الحجر.وشكل القرميد الذي أستخدم في البناء تغير حسب الزمان والمكان.صنعت  قراميد مسطحة ومحدبة، في أوروك كان يفضل النوع الصغير من القرميد 6*6*16سم حتى 6*6*24سم وفي أماكن أخرى 9*9*18 حتى 7*47*47سم. وخلال مراحل التطور توصل حراقي القرميد في بلاد ما بين النهرين, إلى تصنيع ألوان مختلفة من الأنواع الكمالية أيضاً، وذلك بواسطة التشغيل على سطح القرميد استطاعوا أبراز أشكال ورسومات  مزخرفة غنية.كان الفنانون يجهزون مخططات القراميد والتنفيذ كان مهمة الخزافيين أي حرفيي صناعة القرميد.صناعة الخزف كانت أكثر المهن انتشاراً، وتعود بداياتها إلى ما قبل التاريخ.والتسمية السومرية أيضاً تؤكد على قدمها لأن هذا التعبير كان مستخدماً لدى الشعوب الذين سبقوا السومريين. كثيرمن الخزافيين عملوا بدرجات عالية من الدقة وصنعوا أشكال فنية رائعة زينت بمشاهد معبرة عن حدث ما أو تم تزيينها برسوم ملونة.كان الطين اوالمادة الخام المستخدم في صناعة الخزف رافق حياة الإنسان في بلاد ما بين النهرين منذ الأزمنة الغابرة حيث صنع من الطين الأوعية وقسم من الأدوات التي كانوا يستعملونها في حياتهم اليومية منذ الولادة حتى بعد الممات.أي صنع منه المهد للمواليد الجديدة,كما صنع منه التابوت لدفن الموتى,على أقل تقديراستخدمه الأغنياء.وربما أهم إنجاز الذي ترك لنا معارف كثيرة عن تلك الحقبة هي صناعة الألواح الطينية التي دوّن عليها كل القضايا الهامة في حياة البلد والبشر والبلاط الملكي وسلالات الملوك, وكان الكاتب يجهزها بنفسه.وصنع من الطين ألعاب خزفية بأشكال مختلفة.
 صناع  البردي وتصنيع القصب
المعنى المستخدم لمفهوم كلمة (أدكوب) صانعي القصب مصدرها من العصرما قبل السومري.والقارب
جهز من القصب وفروع شجر الصفصاف على شكل سلة دائرية يكسوبجلد الحيوانات كما كان الجلد يكسو بطبقة من الأسفلت لتكون طبقة عازلة تمنع تسرب المياه إلى داخل القارب.بهذه الطريقة حصلوا على وسيلة نقل مائية سهلة التوجيه. ويورد ذكر للقارب في كتاب هيرودتوس (حرب الإغريق والفرس)
وجهزوا من القصب أدوات استعمال  عديدة والكثير من اللوازم السكنية منها على سبيل المثال الستائر التي كانت بمثابة الأبواب أيضاً.واستعمل القصب كمشعل بعد ملئه بالإسفلت.القصب حل محل الخشب بشكل ممتاز في كثير من الحالات،بسبب عدم توفر الكميات الكثيرة من الخشب من أجل ابناء.
النجارة والموبيليا
كان النجارين كأفراد من الصعوبة أن يحصلوا على الخشب في بلاد الرافدين، لذلك كان الغالبية منهم يعملون لدى المعابد والبلاط. والكلمة السومرية نجارالمأخوذة من السكان الذين سبقوهم، والأكاديون يطلقون عليه نجارو وكانت هذه تسمية مشتركة على النجارين والموبيلجية صناع أثاث البيت.وبشكل عام كانت حرفة النجارة تضم صناعة الموبيليا وأثاث البيوت بكافة أنواعه وصناعة الأبواب أيضاً.وكان الأثاث من القطع الثمينة العائدة للسكن وتصنف في قائمة مستقلة أثناء توزيع الإرث أو أثناء البيع.وكانت صناعة السفن والعربات من مهمات النجار.
الحائك والنجار
الأخصائيين يبحثون في زمننا الحاضر عن جواب مقنع على السؤال التالي أيهما أقدم حرفة نسيج القصب أم نسيج الصوف أو الكتان؟
أما بهذا الخصوص فيعلق السيد اركي صالونين بسخرية، بأن حرفة الخياطة أقدم حرفة عرفتها الإنسانية، عندما –أكل الإنسان(آدم وحواء)  من تفاحة المعرفة على حين غرة أدركوا بأنهم عراة، وذهبوا لحانوت شجرة التين. نعلم، بأن الإنسان البدائي استخدم جلود الحيوانات ليكتسي بها.   
يمكن متابعة غزل ونسيج الصوف والكتان من العصورما قبل السومريين وكلمة الحائك إسبار أو أوسبار أيضاً قدم من الشعب الذي سبق السومريين، والأكاديون إسبارو.
والصوف المغُزل كان لونه طبيعي: الأبيض – الأسود – الأحمر البني – الأبيض والأسود – الرمادي الذي يجدل منه الخيوط. بعد ذلك تأخذ الخيوط المغزولة إلى المصبغة لإصباغها ولإضافة تأثيرعال على النسيج,كانت الخيوط تحبك في المصبغة بخيوط ذهبية. أما بشان غزل الكتان فإن المعلومات المتوفرة أقل عما يعرف عن غزل الصوف,وكان نسيج الكتان موضع تقدير،كُسيت تماثيل الآلهة بقماش الكتان.
والغالبية العظمى من غزل كميات الصوف كانت تتم بواسطة النساء الخادمات في المعابد. واستعمل لنسج الخيوط كرسي النسيج العامودي وكانت تظهر منه أجزاء صغيرة جداً فقط. وبعد ذلك يمر النسيج من عند المصنف الذي يحدد النوعية والكمية وحسب الألوان.
تم تحضير الأنواع المختلفة من الملابس من القبعة حتى الجوارب أي جميع أنواع الكساء اللازم.سكان بلاد ما بين النهرين كانوا يصدرون مودة الملابس إلى الأوطان المجاورة، وكان هناك إقبال شديد على منسوجات الملابس الرافيدية والملابس الجاهزة. ولم يبقى من القماش بلاد ما بين النهرين إلا جزء يسير لا يذكر يصعب تبيان الصورة الكاملة من خلال قطع قليلة باقية للألبسة للباس الناس.ولكن لحسن الحظ بفضل التماثيل والمنحوتات الجدارية يمكننا مشاهدة صورة  كاملةعن ملابس ذلك العصر.
ورشات المغازل والنسج العاملة بالقرب من المعابد والبلاط، كان غالبية العاملين فيهما هم من النساء العبيد والخدم.وحسب الوثائق الموثوقة من العهد البابلي الجديد تأكد، بأن الحائكين تجمعوا في اتحادات (جمعيات روابط) مستقلة. وعمل بالمغزل نساء الفئات الغنية أيضاً وعملوا في مجال تطريز الملابس للملك أو لكبار رجال المعابد أولأنفسهم لتزيين ملابسهم بزهوة رائعة,وكان الون الأحمرالفاتح والأزرق الغامق لتنقيش الحواف من الألوان المرغوبة.
المنتوجات الجلدية
 
الحذاء والصندل لم يكن شائعاً قبل عهد حمورابي في بلاد ما بين النهرين إلا بشكل قليل،كان قبل ذلك يصنع ويستخدم أكثر في المناطق الجبلية.وكانت أفضل أنواع الأحذية تلك المجهزة في ميتان وتصنع للجيش إضافة ألى لوازم عديدة أخرى مثل الأحزمة، حزام الخوذة، الدروع، السوط، محفظ السهام، وأغمدة السلاح.كما صنع من الجلد أكياس للفضة ولحفظ أنواع مختلفة من الأدوات، وجهز من جلد الخَروف وعاء لنقل الماء ومنطاد السباحة، وهذا الأخير كان يتم نفخه بالهواء ويستخدم لتسهيل السباحة. كان الحذائون ومحضري الجلود يتحدون في جمعيات أو اتحادات حرفية. وقوانين حمورابي تطرق بالتفصيل إلى طبيعة عملهم وأجورهم.وكذلك بدأت تتطور صناعة الرقائق -البردي حيث بدأت الكتابة على هذه الرقائق وأتحد أصحاب هذه المهنة في نقابة حرفية حرة,مستقلة.
الحداد، سكاب المعادن- (السنكري)
لم تقتصر حرفة صناعة المعادن على مهارة يد العاملين وإنما تجاوزتها إلى مجال أرقى إضافة إلى صناعة المنتوجات المتتالية أبدع البعض بإنتاج قطع قليلة حسبت في عداد الأعمال الفنية وتركت عليها بصمات صانعها الفني.
أحد أهم الشروط التي وجب توفرها، في الحداد الذي يقوم بصب المعادن وتحضير السبائك المعدنية، (مبادئ علمية أساسية كيميائية والخبرة التكنولوجيا اللازمة بهذا الخصوص).وقد استخدم السكان انواع مختلفة من المعادن ومنها النحاس الذي كان يسمى بالسومرية (أورودو) بالأكادي (إيرو) وجلب من أرمينيا وعيلام وأسيا الصغرى إلى بلاد ما بين النهرين.منذ 4 آلاف عام قبل الميلاد يمكننا أن نتحدث عن العصر النحاسي. والعصر الحديدي منتصف الألف الثاني ق.م – نجد إشارة واضحة إلى الحديد في عهد حمورابي وفي بداية الألف الثالث قبل الميلاد أستخدم الأشوريون أفران صهر الحديد ورمز فرن الصهر مثبت في الكتابة المسمارية.كان الحديد في البدء غالي الثمن لأنه كان يجلب من المناطق المذكورة أعلاه، وسماه السومريون (هدية السماء) وأعطوه السمة السحرية انتشر استخدامه تدريجياً، وفي دور شاروكين عثر على كميات غير محدودة من أدوات الحديد: سلاح، سلاسل، مسامير، عدُّة..الخ. كما عومل القصدير،الرصاص، انتيمون (إثمد) مغنزيوم في سبائك , الصهر والمزج لكسب المعادن مواصفات خاصة.
من بين المعادن الثمينة كان الصائغون يعاملون الذهب والفضة بدرجات فنية عالية ويصنعون قطع فنية رائعة ترتقى إلى مستوى أعمال فنية ،وخاصة الذهب ذو النقاء العالي كان له قيمة عالية.وبسبب نوعية الذهب السيئة حدثت أزمة دولية آنذاك بين الكاشيين والفراعنة.لذلك نرى أحتجاج ملك الكاشيين بورنابورباش على نوعية الذهب المرسلة له من أمينوحوتب الرابع في رسالة تم العثور عليها في مكتبة العمارنة وقد ذكر فيها:
 (وما يخص سفيرك الذي أرسلت معه 20 مانوم ذهب لم يكن ذهباً صافياً عندما وضع في الفرن لصهره، لم يبقى منه إلا أقل من 5 مانوم ذهب).
والحداد-ناباهو- كان يصنع الحديد (وكلمة سيموغ السومرية أتت من عهود قبل السومريين.والحداد كان حانوته دائماً بالقرب من بوابة المدينة وفي بورسيبا أطلقت على إحدى مداخل المدينة (باب الفرن)
في مثل هذه الأفران كان يتم صهر الفلذات لاستخلاص الحديد أو إعادة صهرالمعادن وصنع سبائك الحديد والرصاص، الرصاص والنحاس.
والحداد كان يصنع الأدوات الزراعية وأدوات القطع وفي المقام الأول السلاح وأدوات مختلفة أخرى. وتسمية كلمة ناباهوكانت ملازمة لكل الذين عملوا في حرفة (مجال المعادن النحاسي ناباهو سيباري – وصائغ الذهب ناباهو هوراسي أو كوتيمو أيضاً. وصانع السهام كان له اسم خاص.
قاطع الأحجار
قطع الأحجار(مقالع الحجر) لم تكن مهنة منتشرة بكثرة وإنما حمورابي يذكرهم في شريعته ويحدد طريقة دفع أجورهم. قاطع الحجر كان يحفر على الحجر كتابة ورسوم الأختام، والتي تعد البعض منها تحفة فنية.
بالإضافة لذلك جهزوا بواسطة المهارة اليدوية- أدوات مختلفة، مثل حفر حجر البازلت لطحن الحبوب، أواني مختافة، صحون، أكواب، هاون وأثاث العرش, والحفر على العاج كان يقوم بها أناس مختصين في هذا المجال.
الطلاب الحرفيين طلاب المهن
تعليم المهن المختلفة تطلب الأمر الذهاب إلى المدارس والتعلم ما يشبه إلى حد كبير المدارس المهنية في عصرنا الحاضر.وسنوات الدراسة اختلفت طول فترتها بحسب الحرفة التي كان الطالب يختارها.كانت حرفة البناء أطول مدة إذ تدوم لثمانية أعوام وأحياناً يصعب فهم لماذا احتاجت مهنة الغسل والتنظيف لستة أعوام من الدراسة للتمكن منها.ومهنة النجارونجار الموبيليا أحتاج الطالب إلى فترة دراسية على مدار خمس أعوام ليكون مؤهلاً في هذا الأختصاص.
والفران تعلم في المدارس خمسة عشرة شهراً. لقد عثر على بعض عقود الطلاب من العهد البابلي الجديد. كان أصحاب محلات العمل يأخذون الطلاب الخدم من مالكيهم، وكانوا يقدمون لهم الطعام يومياً وكان مجبراً بتأمين الملابس للمتعلم.بينما كان يلزم معلم المهنة نفسه، بأن يعلم الطالب المودع لديه حسب الفترة الزمنية المتفق عليها، وفي حال عدم تمكن الطالب من التعلم خلال تلك السنين يغرم المعلم بعقوبة مالية كبيرة.وفي عهد حمورابي عرفت طرق أخرى لتعليم المهنة بأن يتبنى صاحب العمل الطالب،وأما إذا لم يعلم الطالب بشكل جيد كان عقد التبني يلغى ويعود الطالب إلى بيت أهله – أسرته كما ورد في شريعة حمورابي (189-188).)
أجور العمل
بالرغم من وجود شرائع تحدد أجرة العامل إلا أنه لا يمكننا أن نأكد بأن العمال أصحاب المهن  كانوا يحصلون على كامل حقوقهم  ويتقاضون رواتب كافية.
إذا نظرنا إلى شريعة حمورابي الجزء الذي يخص الرواتب نشك بان تكون الرواتب عالية.الفقرة 274 من القانون يورد عشر مهن مختلفة، ويحدد للحرفيين رواتبهم اليومية ، وللأسف أن الألواح الطينية معطوبة في مواضع هامة إما أن تكون الأجرة واضحة والحرفة مفقودة وإما أن تكون الحرفة مبينة والأجرة غير واضحة، لذلك المعلومة المتوفرة الواضحة تعطينا نظرة عامة.
وأما الأجرة اليومية الواضحة فهي بالضبط صانعي الحبال 5-6 سي أوم (حبوب) فضة – النجار 4-5 "سي أوم  فضة". إذا قارن أجور المهنيين مع أجور العاملين بالزراعة، بالمقام الأول تلك الأجور التي كانوا يتقاضونها أثناء موسم الحصاد، نلاحظ الفرق كان الزراعيون يتقاضون أجورأعلى.ولكن أجرة الحرفيين كان أيضاً مرتبط بأهمية العمل وسرعة إنجازه.
الحرف في بلاد ما بين النهرين لم يكن مقتصراً على الرجال فقط كثيراً من المهن كانت تزاولها النساء أيضاً كالرجال.ليس فقط الحائكة والنساجة والطحانة والفرانة والطباخة وإنما نجد طباخة الجعة،والحدادة  والصائغة أيضاً.
نقابات الحرفيين
في النصف الثاني من الألفية 2 ق.م كانت المدن في بلاد ما بين النهرين مكتظة بالسكان،والحرفيين الذين كانوا يعملون لصالح المعابد والبلاط.كانت حاجات سكان المدن المكتظة في تزايد مستمروكان لا بد من توفير متطلباتهم اليومية المعاشية والخدمية.ولذا نجد فئة الحرفيين عملوا على تأسيس جمعيات لتأمين التطوروالإزدهار الإقتصادي لمصلحتهم والمجتمع,وعن طريق الجمعيات كان الحصول أسهل على المواد الخام.وكان بإمكانهم تلبية الطلبات الكبيرة وتأمين متطلبات النوعية للعمل.سكن أعضاء الجمعيات الحرفية في أحياء معينة – خاصة في المدن وتسمى بعض الشوارع بأسماء الحرف,كما هو دارج في وقتنا الحضر,شارع النجارين,الحدادين الصاغة...ألخ
وجمعيات الحرفيين كانت تملك الأراضي الزراعية لتأمين حاجات أعضائها من المواد الغذائية لكي لا يضطروا إلى شرائها أو كانوا يحصلون على الأنواع المنتوجات بالتقايض. موضوع الجمعيات الحرفية والحياة التنظيمية لها موضع نقاش بين الأخصائيين بعلم الأشوريات.لم يتم حتى الآن التأكد من استقلالية تلك الجمعيات.كان على رأس تلك الجمعيات مفتش أوغولا (سومري) فالكوم (أكادي) وفي العهود الوسطى البابلية لم يعد له وجود،عوضاً عنه يظهر"رابي", الذي يعني"معلم "الكلمة المتداولة بين الآشوريين في الكلام والكتابة حتى يومنا هذا.والصاغة كانوا يقومون بجميع مراحل العمل بدءاً من صهر المعادن حتى تحضير الشكل النهائي المطلوب,وكانوا يرصعون المعادن بالأحجارالكريمة.وجهزوا التماثيل اللازمة للطقوس،ويعملون على صيانة الحلى والمجوهرات بانواعها.مع زيادة إستيراد الأحجار الكريمة إلى البلد حصل الصاغة على كميات أكثرلتصنيعها بأعداد كبيرة مماثلة للأنواع التي ازداد  الطلب عليها: القرائط – السوارت – السلاسل...الخ كانت تصب في قوالب محفورة في الحجر الكلسي.
تطلب من الصاغة كفاءات عالية من المهارة لتلبية حاجات ورغبات الناس،وخاصة إذا كان صاحب الطلب من المشاهيرفي المجتمعو وكانت الدقة وجودة العمل المنجز شرطاً لا بد منه.وهذا ما نشاهده في بعض الكتابات من ذلك الزمن.عندما طلب ( موراشو وأبناءه أصحاب البنك طالبوا بترصيع زُمُرد في خاتم الذهب,الصائغ قدم تأمين ضمانة بقيمة 10 مانوم فضة سيدفعها إذا سقطت الزمردة من الخاتم خلال عشرين عاماً).وما نعيشه اليوم في كافة بقاع العالم وخاصة الدول المتقدمة الضمانات او التأمين المقدم على الأجهزة وغيرها من المقتنيات ما هي إلا استمرارلما كان قائم في حضارة بلاد ما بين النهرين وأساس الغالبية الساحقة من الحرف اليدوية الأساسية وضعها ومارسها أبناء هذه الحضارة العظيمة التي قدمت خدمات إنسانية رائعة لكل البشر في الكون.
2018-11-25
 
 
 


12
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (12)   
     

الدكتور جميل حنا
(آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمز أرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بهاالحجارة والآثاروفن العمران والكتابات المكتشفةعلى أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
في هذا الجزء سأواصل تكملة البحث عن الوضع الزراعي في بلاد ما بين النهرين لتكتمل الصورة وبشكل عام عن الظروف السائدة آنذاك. والأهتمام بهذا القطاع الهام جداً في حياة الإنسان في بلاد آشور سواءً على الصعيد الفردي اوعلى مستوى البلاط الملكي من ناحية التوجيه الأقتصادي وتوفيرالسلة الغذائية وتأمين الأمن الغذائي لسكان الأمبراطورية والتحديات والمخاطر التي كانت تواجه هذا الفرع  الأساسي في حياة البلد.
البستنة وإنتاج الفواكه
البساتين منحت بهاءً وجمالاً رائعاً إضافياً لروعة الحضارة في بلاد ما بين النهرين، والفاكهة طعماً لذيذاً آخر على المائدة.زراعة البساتين وإنتاج الفواكه كان منتشراً في كافة أنحاء بلاد ما بين النهرين وحسب المعتقدات السائدة في الأمبراطورية, كان البستاني يتمتع ببركة  خاصة من الآلهة.وقد عرفت بساتين الأشجار المثمرة بالسومرية غيس- سار وباللغة الأكادية كيرو.
كانت أشجار النخيل أقدم الأشجارالمزروعة في البلاد وأكثرها انتشاراً وكانت تسمى غيشيمار  بالسومرية وباللغة الأكادية غيشيمارو.وأنتشر النخيل من الجنوب نحو الشمال كان إنتاجه في الجنوب أفضل من الشمال بسبب الأحوال الجوية إلا أن حدود أنتشار الأشجارفي المناطق الشمالية  في العهود القديمة كان أكثر مما هو عليه اليوم.
كان التمر يشكل غذاءً أساسياً في وجبة الأكل للشعب، أشجار النخيل كانت تحتاج إلى معدلات درجات حرارة 21- 23 وإلى رطوبة تربة مناسبة، لذلك تم زراعتها بالقرب من ضفاف الأنهر. وتكاثرالأشجار تم بواسطة العُقل(جزء من الفرع) وأمكن التمييز بين جنس الشجر ذكر أم أنثى.احتاجت الشجرة الناضجة إلى مساحة عشرة م² وكان يتم التلقيح الاصطناعي لأنثى شجرة النخيل، كما يذكرهيرودتس في كتابه (حرب الإغريق- والفرس) شجر نخيل واحد كان كافياً لـ 60- 70 شجرة نخيل.
كانت كميات محصول التمرالناضج ونوعيته يختلف من منطقة إلى أخرى.حيث بلغ كمية الإنتاج من 120- 300ل للشجرة الواحدة .وكانت أشهر أنواع التمر التلموني (البحريني).شجرة النخيل حافظت على قدرتها الإنتاجية لفترة 70عام،وكتاب العصور القديمة يذكروا بأنه تم الاستفادة من شجرة النخيل ب 360طريقة.وأهم الأستخدامات كانت المادة الغذائية والمشروبات والبناء.وقد تم استهلاك التمر طازجاً ومجففاً،واستخرج من عصيره العسل والنبيذ ومن سائل الشجرة مشروبات خفيفة مرطبة، ولب التمر المجفف استعمل للتدفئة، وفي حال تبليله بالماء يقدم علفاً للماشية.صنع منه الحصيره والحبال والخيوط واستخدم في البناء...الخ  وتم الاستفادة من ظل شجرة النخيل بزراعة الخضروات تحتها، لذلك أطلق عل ىشجرة النخل تسمية ملك الأشجار وتم توصيفها وتعظيمها في الإبداعات الأدبية والملاحم في ذلك العصر: ملحمة مبارزة شجرة النخيل والطرفاء تنتهي على الشكل التالي
وعلى أغصاني تنمو الثمار بغزارة (
                                       ليفرح اليتامى والأرامل
تعلمين جيداً بأن الفقير يعيش عليها ثلاثة أشهر)
بالإضافة إلى شجرة النخيل كانت الأحوال الجوية ملائمة بشكل جيد لشجرة التين، وقدمت ثمارها على أطباق الاحتفالات لاستهلاكها، وخشبها كان مرغوباً جداً عند النجارين.
انتشر زراعة التين على وجه الخصوص في شمال بابل وفي أشور وأنتج العنب وكانت النبتة الواحدة تعطي إنتاج 8- 100عنقود. وكان العنب يستهلك طازجاً أو يعصر، وكانت تخلط مع كمية من الماء ويستهلك كشراب مرطب.عرف خمسة أنواع من النبيذ في ثلاثة مواصفات، وكان النبيذ الأحمرالأكثر انتشارا، واعتبر أجود الأنواع تلك التي تنتج في سفوح الجبال.
ومن أشجار الفواكه المعروفة في بساتين بلاد ما بين النهرين التفاح- الكمثرى-و الرمان الذي يعد ثمرة رمز الحياة وما زالت تحمل هذه الرمزية حتى وقتنا الحالي وكانت الأكثر إنتشاراً بعد النخيل.كما كانت زراعة وأنتاج الكرز- اللوز- التوت- الإجاص- الخوخ- الفستق- السفرجل من أشجار الفواكه المنتشرة.
الملك سنحاريب استوطن شجرة الزيتون في بلاد ما بين النهرين,ولا نملك معلومات دقيقة  حتى الآن عن إنتاج الحمضيات، وفي كل الأحوال لقد تم العثور في نيبورعلى بذور الحمضيات.
ومن النباتات المثيرة للجدل نبات الصوف (القطن) التي استوطنها الملك سنحاريب العظيم وقد أهتم بكافة أنواع العلوم وكان بارعاً فيها وقد شملت معارفه العلمية مجالات حيوية هامة جداً مثل الهندسة الميكانيكية والزراعية حيث دفع عجلة التطورالتكنولوجي بشكل مدهش إلى الأمام.وكذلك تشييد منشأت هائلة مثل المعابد والهياكل والقصور والأبنية العامة التي أقامها في مختلف مدن الإمبراطورية.وكذلك الأعمال الإنشائية الهيدروليكية التي عمل بتنفيذها في كافة أنحاء البلاد.إلا أن أعظم مكسب نالته المدنية الحديثة من مجهودات هذه الأعمال الزراعية هو توطين  بذرة (القطن) في بلدان الشرق الآوسط.الذي بقي هو والصوف الحيواني إلى ما قبل نصف قرن المادتين الأساسيتين لعمل الثياب والأثاث في العالم وإليك ما دونه في هذا الصدد:
 (وكان هناك حاجة إلى ماء جاركثير جداً من مياه الدلاء يومياً، فأمرت بأن تعمل أسلاك وأوعية من النحاس. وبدلاً من إقامة أسس الأجر
الطيني نصبت أعمدة ضخمة وعوارض خشبية فوق الآبار وعبر الأراضي وحدائق الزينة والخضروات).
العمل الزراعي احتاج بشكل عام إلى بذل العناية والعمل المتواصل للحصول على إنتاج غزير يفي بحاجات المنتج والمستهلك في آن واحد.
إذاً كان العمل في القطاع االزراعي وإنتاج المحاصل الزراعية على العموم  مرهقاً ويتطلب الصبر. فإن بعض القطاعات الزراعية لزم أمر إنتاجه جهداً وعملاً زائداً أكثر من بقية الفروع كما هو الحال لدى إنتاج نباتات الزينة والخضروات. وكانت كتب التخصص في الإنتاج الزراعي تقدم الإرشادات الزراعية اللازمة وخطوات سير العمل في الأرض الزراعية, بدءاً من تهيئة الأرض وحرثها وحفرالأثلام وإنجاز الأعمال الأخرى عزق الأرض- الحفر بالرفش- السقاية-القطف- مكافحة الحشرات والقوارض والأمراض...ألخ وحتى في عصرنا الحاضر وفي أكثر البلدان تطوراً تستخدم ذات المبادىء العلمية الأساسية التي أبدعها أبناء بلاد ما بين النهرين مع فارق تكنولوجي عصري بأستخدام آلات أكثر تطوراً في الحقل الزراعي.
البساتين وحدائق الزينة في بلاد ما بين النهرين أخذت شهرة فائقة منذ نشأتها حتى يومنا هذا, وذلك بفضل الخبرة الفنية والزوق الرفيع بزراعة أشجار الزينة والشجيرات والنباتات بأنواعها وتصنيفها وتوزيعها بشكل جمالي رائع على أرض الحديقة, وكذلك إقامة الأحواض والمدارج المختلفة وموزعة بشكل هندسي رائع.حيث تقدم للزائر إلى تلك الحدائق راحة نفس وإعجاب فائق بالتنسيق المدهش .ومن أهم الأعمال في هذا الخصوص كانت السقاية الدائمة، وتقليم الأشجار،ولكن من الأشياء المحيرة للمختصين حتى في عصرنا الحالي هو كيفية رفع المياه إلى الحدائق المعلقة وسقي النباتات وقد ظهرت بهذا الخصوص نظريات عديدة (حول طريقة رفع المياه) ولكن من المؤكد أنهم كانوا يملكون تقنية عالية في الهيدروديناميكية لرفع المياه إلى أعلا الأبراج.
من أهم الحدائق الشهيرة التي ذيع صيتها إلى خارج حدود الإمبراطورية حدائق بابل وكذلك جنائن نينوى التي شيدها الملك سنحاريب,حيث ورد وصفها في بعض الكتابات أقام الملك مصاطب على أقواس الجدران،زرعت بالأشجار والشجيرات والزهور، وتم بناء الأبنية من القرميد والإسفلت لذلك لم تصاب الأبنية بأضرار بسبب سقي النباتات.
استمر الاهتمام بالحدائق في مختلف عهود الإمبراطورية وكانت نباتات الزينة تستخدم في الاحتفالات الدينية وتوضع على مائدة الملك للزينة كانت أزهارالرمان مرغوبة، وأنواع ورد الجوري والزنبق وشقائق النعمان (شُقَّار)...الخ وكثير من المنحوتات والألواح الجدارية يشاهد عليها أنواع مختلفة من الزهور التي تشكل احد عناصر الزينة عليها.     
كانت حدائق ملك بابل مردوخ مشهورة بما تضمها من أنواع الخضروات مثل الجزر- الفجل- الخيار- اللفت- شلخم الأحمر ومن التوابل الأخرى الزعفران- الكزبرة.كما عرفوا الخشخاش ونوع مشابهه للفول استخدم كمنبه (قهوة) النعناع والشمندر السكري وبهار الكمون كان الثوم والبصل أكثر أنواع الخضروات المنتشرة.     
المستنقعات وزراعة القصب
عمل سكان بلاد ما بين النهرين كل ما بوسعهم للاستفادة من مصادرالثروة المتوفرة، لتحسين أحوالهم الحياتية، وتوظيف الخامات الوطنية والمستوردة لازدهار الوطن وتقدمه. وبذلوا جهداً كبيراً بتسخير الطبيعة لتأمين الحاجات الضرورية لأجل رفع مستوى المعيشة. لذلك نرى كثير من الملوك يحثون أعوانهم ويصدرون آوامرهم بغزو والاستفادة من كل القطاعات الاقتصادية المتوفرة تحت إدارتهم. 
وكثير من الرسائل الملكية المكتشفة تبين بأن الملوك كانوا يتباهون بالمشاريع المنجزة في عهدهم وإحدى تلك الرسائل بهذا الخصوص رسالة الملك سنحاريب يذكر فيها التالي:
((وفي أسفل المدينة (جنوبها) نشأت حدائق أعشاب وأشجار مثمرة- ثروة الجبال وكل البلاد، جئت بها من أجل رعيتي. نهر الخوشر (الخوصر) الذي كانت مياهه تجري منذ القديم- تحول مستواه. ولم يكن أي من الملوك أبائي قد أقام سداً لتلك المياه عندما تصب في دجلة. ولزيادة غلة الحقول الزراعية عند حدود مدينة (كسيري) وخلال البساتين في سواقي الإرواء وعند رؤوس مدن (وزعشتار) و(صولي) و(شيبانيبا) وجدت بركا فوسعت ينابيعها الضيقة، ووجهتها نحو الخزان.ومن أجل تحقيق مجرى لهذه المياه من خلال الجبال الشديدة الانحدار، شققت الأمكنة الوعرة بالفؤوس، وجهت جريان الماء إلى سهل نينوى، قويت أفنيتها، ورفعت ضفتيها بركام كارتفاع الجبل، وحولت المياه إليها وإكمالاً لمشروعي هذا وصلتها بمياه (الخوصر). أضفت مياهها إليه إضافة إليه إضافة أبدية جعلت كل البساتين تسقى في موسم الحر وفي الشتاء آلاف من الحقول المنتشرة في السهول وما يليها سقيتها سنوياً. ولإيقاف طغيان الماء عليها، قمت بعمل مستنقع وزرعت فيه أجمات من القصب لتأوي إليها طيور (اليكورو) والخنازير البرية ووحوش الغابة أطلقتها الكروم وكل شجرة تحمل ثمراً، كل نبت، كان ينمو فيها بوفرة، شجرة التوت والسرو من نتاج البساتين. والقصب في الدغل الذي هو المستنقع قطعته واستخدمته طبق المرام في بناء قصوري المنيعة)
مما ورد في الرسالة نرى إن الاستفادة من المستنقعات كانت عديدة ما زالت المستنقعات منتشرة بكثرة في المناطق الجنوبية كان نمو القصب بكميات غزيرة، أتاح للشعب الاستفادة من هذه المادة الخام، استعمل جزء منه للتدفئة وقسم آخر صنع منه السهام الرماح، واستخدم كأداة قياس الأطوال (غانوم- القصب)استخدم كوحدة قياس ودخل من اللغة الإغريقية واللاتينية إلى اللغة الفرنسية أيضا.ً
استعمل كأداة للكتابة- وآلة موسيقية، واستخرج منه الدواء والعطور. كما كان مادة أساسية في العمران (البناء المبني من الطابوق) وتقوية حظائر المواشي. وجهز من القصب الحصيره (تفرش به أرض البيت) وكانت دارجة ومرغوبة جداً، وما تزال منتشرة في سوريا والعراق ومناطق أخرى في العالم، وصنع من القصب أنواع السلائل (سلة) واستعمل كحواجز- سور- حائط وكوسيلة نقل مائي، والمستنقعات الجنوبية كانت تقدم المأوى للصيادين، ويسكنها حتى الآن الناس.والموسوعة البابلية الكبيرة تحوي اسم القصب واستخداماته في ثمانمائة طريقة.
إحدى الرسائل التي تم كشفها في مكتبة ماري من القرن الثامن عشر قبل الميلاد، يذكر القصب كمادة غذائية منقذة لحياة البشر وأيضاً المواشي في أوقات المحن والشدائد التي تحل بالوطن أوجزء منه.
تربية المواشي
تربية المواشي كانت تشكل إحدى الدعائم الاقتصادية للبلد، وكانت الثروة الحيوانية تضاهي في أهميتها المنتوجات الزراعية لأنها ذو فوائد عديدة حيث تشكل مورداً غذائياً عالي القيمة ومتنوع  (اللحم- الحليب- اللبن- الجبن- السمن) والاستفادة من صوفها وجلدها ووبرها في الصناعة، ويستعمل كحيوانات للعمل في الحراثة والجر والمواصلات ودراسة القمح...الخ
الرعي كان أساس حياة قبائل الرحل والنشاط الرئيسي في حياتهم، والرعاة كانوا يعيشون بعيداً عن الحياة الحضر،وكما نقرئ في الملحمة الموجهة للآلهة شاماش.
(للذي بعيداً عن أهله، للذي بعيداً عن مدينته،
في البراري المرعبة يركع أمامك الراعي،
الراعي المسحوق، الراعي الذي هجمه الأعداء،
أتضرع إليك...أه شماش)
مهنة الرعاة كان محفوفاً بالمخاطر ومليء بالمشاق، وقانون حمورابي يذكرهم (251- 265- 266-267
الوثائق الصادرة من عهد نبوخذ نصر تأكد على حماية القطعان الكبيرة، حيث كان يرافق الرعاة رماة القوس والنشاب، واعتبر الراعي الموثوق رمز الإنسان الصالح، واستخدم كلمة الراعي كصفة تسبق اسم الملوك. استخدم البقر في المزارع الحراثة ودرس الحبوب وللنقل بالأضافة للاستفادة من الحليب ومشتقاته، لم يستهلك السكان لحم البقر، إلا بكميات قليلة، بينما كان شائعاً في الأوساط المقتدرة، وكان يقدم كذبيحة للآلهة في المعابد.
تربية الأبقار كانت مكلفة كان يحتاج إلى مساحات مراعي كافية وإلى 2.5ل. من الحبوب يومياً. والثيران تم الاستفادة منها في الأعمال المذكورة أعلاه وكان يقدمونها كذبيحة للآلهة في المعابد والبعض الآخر يربى لإكثار النسل. تربية الأبقار والعناية بها احتاج إلى إنشاء حظائر تحميها أثناء الليل والشتاء القارص وكانت أحدى طرق تحسين النسل يتم  بإدخال ثيران برية إلى الحظائر كانت ترعى مع قطعان البقر.
كانت الأغنام والماعز أكثر انتشاراً تربيتها كان أقل كلفة من الأبقار،لأن كمية الأعلاف التي قدمت إليها كان بمقدار 1كغ من الحبوب.كان صوفها غزيراً وقرونها حلزونية وذيل ثخين والقطعان المربية من هذه الأجناس كانت تنسب إلى سهول أوروك وأمورو,كانت الأغنام تجمع في قطعان كبيرة.البعض كان يملك أعداداً قليلة جداً لتسد حاجاتهم المنزلية والبعض الآخركان يملك أعداد كبيرة وقطعان الأغنام كانت عرضة للأمراض والحشرات الطفيلية وكانت النفوق أحياناً بنسبة عالية يكاد يقضي على جميع القطعان.
تربية الأغنام لم يكن للاستفادة من صفوفها فحسب،حيث كان موسم الجز الرئيسي في بداية الصيف  وإنما أيضاً الاستفادة من لحمها. ولحم الخروف كان وجبة رئيسية على موائد المأكولات الاحتفالية.وما زالت هذه العادة دارجة حتى أيامنا هذه في بلاد ما بين النهرين.
جلود الغنم والماعز كانت سلعة هامة، جهز منها وعاء لنقل السوائل (القِرَب)، واستخدم كمنطاد سباحة (الطوف)، كما ربط عدداً من القِرب المنفوخة بعضها مع البعض تستخدم لتأمين قدرة العوم في القوارب المسماة (كيليك) والتي كانت بمثابة وسائل للمواصلات في الأنهار.
وكان الخنزير يربى بأعداد كبيرة في بلاد مابين النهرين بالرغم من الموقف السلبي من هذا الحيوان حيث أعد الخنزير من الحيوانات القذرة وكما يؤكد على ذلك المثل السومري (الخنزير دائماً قذر، أينما حل ترك خلفه خنزرة، يلوث الطرق وينشر العدوى).بالرغم من ذلك كما ذكر كان يربى بأعداد كبيرة وفي بعض الأماكن كانت الحظائر تضم المئات منه. واستهلك لحم الخنزير واستفاد من الشحم أيضاً، وكان لحم الخنزير يقدم كذبيحة في المعابد وفي نفس الوقت كان يحرم لحم الخنزير في بعض أيام السنة.
الحمير- الخيل- البغل- الجمل
الحمير كان أداة نقل هامة للبضائع التجارية بين كافة المناطق داخل الإمبراطورية وخارجها حيث استعمل الحمير للحمل والنقل والجر. تم تهجين الحمير وتربيته من الحمار البري الذي كان يشبه الحصان كثيراً،و كان رأسه صغير واذنانه قصيرة ، وأما الحمار الوحشي الإفريقي، رأسه كبير وأذنانه كبيرة طويلة.وتذكر المصادر من ذلك العصر عن ثلاثة أنواع من الحمير الرمادي، الأبيض، والأشهب ما تزال تعيش في بلاد ما بين النهرين. الحمير حيوان شره للعلف لذلك يستهلك كميات كبيرة من الأعلاف،ولكن كان يستفاد منه في مجالات عديدة هامةحيث كان يتنقل في المناطق الوعرة والجبلية بسهولة واستخدم كأداة مواصلات في الجيوش بجانب الخيل.
السومريون لم يذكروا كثيراً الحصان في مصادرهم وسمي لديهم باسم (انسي كورا) الحصان الجبلي ويعني ذلك اسم الحصان باللغة الحورية والحصان ظهر وجوده في بلاد ما بين النهرين بدءاً من أواخر الألف الثالث قبل الميلاد واعتبر عبر الأزمان الطويلة من الكماليات.
ولا يوجد ذكر الحصان في شريعة حمورابي. تربية الحصان في بابل تم أثناء عهد الكاشيين، وبشكل واسع الانتشار حتى وضع ذلك بالملك الحثي حاتوسيليس الثالث أن يكتب إلى زميله ملك بابل قاذشمان- إنليل الثاني (في بلد شقيقتي عدد الأحصنة أكثر من القش) زوجين من الأحصنة كان يشكل ثروة طائلة كما تشير رسالة حاكم قاتنا للملك إكالانوم إلى كمية الفضة التي تكفي لشراء 50عبدا.ً
(أنت ملك عظيم! طلبت مني حصانين، أمنيتك أرسلتها لك وأنت بعثت لي 20 مانون من الرصاص، لا يبدو أنك تريد أن نتصالح حيث أرسلت كمية قليلة من الرصاص.إذ أنك لم تكن ترسل لي قط شيئاً، أقسم بأبي الإله، لما كان قلبي حزيناً ثمن الحصان، مثله عندما في قاتنا 600 شيقلوم فضة وأنت ترسل لي 20 مانو رصاص...)تربية الحصان كانت تتم بأعداد كبيرة في الاصطبلات،الملكية ,هيرودوتوس يذكر في كتابه (حروب الإغريق- الفرس) أعداد خيالية.
تربية الحصان تطلب العناية الفائقة من حيث كمية ونوعية الأعلاف (شهرياً 60ل. من الشعير) والاهتمام والمراقبة الدائمة واعتبر حيوانا لجر العربات الحربية والصيد وكمطية للخيالة، كما تبينها التماثيل الآشورية. واشترط على أن تكون الخيول المستخدمة في الأعمال العسكرية غير مروضة مطلقاً وكما تؤكد على ذلك رسالة الملك سركون الثاني حيث يقول: (فيما يخص الشعب الذي يعيش في تلك المنطقة، في بلاد أوراتو،...فإنهم لا يميلون إلى المهارة في ركوب الخيل فالمهور...التي يربونها لأجل القطع العسكرية الملكية أو يصطاد لها سنوياً قبل أن تؤخذ إلى بلاد (سوبي) لأجل التدريب ورؤية كفاءتها لا يجوز أبداً أن يركب أحد على ظهرها ولا يجوز أن يعلمها أحد من الهجوم أو جر العربات أو التمارين العسكرية.لقد جلب سكان بلاد ما بين النهرين الحصان من المناطق الشرقية والشمالية المجاورة لإمبراطوريتهم وكانت أنواع الخيول مختلفة بحسب مصدرها,وكانت تقدم  أيضاً كقرابين للآلهة.واستخدم الخيول كأدوات قتالية هامة في العمليات العسكرية، لذلك كان يبذل الجهد الدائم لتأمين الخيول اللازمة وذلك بطريقة فرض الجزية أو على شكل غنائم أو بالتبادل مع بعض أنواع السلع والشراء.
الجمل أدخل إلى بلاد ما بين النهرين من الجزيرة العربية لم يكن له اسم محدد، وإنما أطلق عليه حمار البحرالملك أشور بانيبال أثناء حملاته جلب أعداد هائلة من الجمال ذو السنم الواحد من الجزيرة العربية، حيث أصبحت أسعارها زهيدة جداً، والجمال ذوالسنمين جلبت من المناطق الشمالية الباردة، وتم الاستفادة من الجمل في مجالات عديدة.     
البغل استخدم للجر والحمل وللركوب وكانت منتشرة في بلاد ما بين النهرين بأعداد كبيرة، وقد حصل على هذا النوع نتيجة عملية تلقيح الحمير والخيل, والهجين المولود منهم  كان يتمتع بالصفات الثنائية لكلا الجنسين وأعد من الحيوانات الاقتصادية الهامة في العصور القديمة وما زال كذلك في كثير من المناطق في العالم.
الدواجن
ولقد اهتم سكان بلاد ما بين النهرين بتربية الدواجن وكان لحم الإوز والبط أكلة مفضلة على مائدة البلاد الملكي. وكان يتم صيد الأنواع البرية منه من قبل الصيادين بواسطة شباك وقد هجن سكان البلاد أنواع البط والإو لأجل الاستفادة من لحمها وريشها. وكان يتم تسمينها بواسطة الحبوب، التي كانت تبلل بالماء وتشكل منها عجينة، ويقدم للطيور بكميات زائدة للتسمين السريع والحصول على كبد كبير وكما في الوقت الحاضر يجري في مزارع الإوز خاصة. وأهتم الناس بتربية الحمام أيضأً وتم الاستفادة من لحمه واستخدم البيض في الصناعة التجميلية أو الطبية. ويوجد ذكر للحمام في ملاحم بلاد ما بين النهرين المكتشفة ومنها ملحمة الطوفان البابلية.
الكلاب
عرف سكان بلادما بين النهرين أنواع حيوانات أخرى مثل الكلب، السومريون لم يرغبوه، ولكن الآشوريون استخدموه للصيد, ورافقت الكلاب قطعان المواشي في البراري لحمايتها من الحيوانات المفترسة. وتبين مراسلات ملوك ماري بأن تربية الكلاب تم بناءً على الطلب، أي انه كان هناك إقبال على بعض الأنواع.وحسب قوانين إسنونا كان صاحب الكلب مسؤولاً عن الخسائر أو الأذى الذي يلحقه بالآخرين نتيجة العض.
القط النمّس
عرف سكان بلاد ما بين النهرين الحيوانات الأليفة منذ العصور القديمة أو أنهم عملوا على تهجين الحيوانات البرية لتكون رفيقاً للإنسان تقدم له المنافع الاقتصادية الغذائية والحماية.كانت البلاد وخاصة في الجنوب حيث المناخ الحار كانت الأفاعي والعقارب منتشرة بكثرة، وكانت تسبب متاعب لإنسان ذلك العصر، لذلك نجد أنهم استعملوا القط والنمس وربوهم في البيوت لأجل القضاء على الأفاعي والعقارب والقوارض الأخرى التي تلجأ إلى البيوت.
النحل
العسل اعتبر مادة غذائية جيدة واستخدم كدواء أيضاً، تربية النحل كان معروفاً لسكان بلاد ما بين النهرين منذ القدم ولكن انتشاره بشكل واسع تم في العهود المتأخرة. وفي العهد الآشوري الجديد كان تربية النحل منتشراً بكثرة في أرجاء الإمبراطورية. 
في إحدى الرسائل يفتخر إحدى القادة المحليين لمنطقة الفرات الأوسط من (سوحي) بأنه جلب من جبال الشمال جبال آشور. (نحل ينتج عسل، والذي لم يشاهده أحداً قبلي من أسلافي، لقد وضعتها في حديقة مدينة جبارين.هناك يُجمع العسل والشمع وحسب تعليماتي تعلم البستانيين جمع العسل والشمع))
الصيد
الصيد بين الهواية والحاجة،الآن كما في العهود القديمة كانت تمارس من قبل كافة فئات المجتمع.ولكن شتان ما بين مزاولة الملوك للصيد للترفيه وفي أحسن الأحوال للرياضة، وبين صيد الأسماك والأحياء الأخرى في مياه الأنهار والبحار والبحيرات. والصيد بأشكاله الترفيهي والصيد لتأمين لقمة العيش كان سائداً في الأزمنة الغابرة. وكما يبدو ومن إبداعات الأعمال الفنية الكثيرة المكتشفة في بلاد ما بين النهرين يظهر في كثير من الأعمال الفنية المنجزة مناظر الصيد بأنواعه والعديد منها يمكن مشاهدتها في المتاحف العالمية.
الرسم الوقعي لتلك المشاهد، يقدم صورة حية على فهم كيفية القيام بأعمال الصيد، واستيعاب طريقة الصيد بشكله الحقيقي.اصطادوا الأسد- الفهد- النمر- الغزال- الخنزير البري- البقر الوحشي- الأيل- الذئب- الفيل. ومن الطيور النعام- البجع- الإوز- البط...الخ
الألواح المرسومة على الأغلب تبين بأن الصيد كان من النشاطات الرياضية الترفيهية للملوك. وتشير إليها الكتابات أيضاً كما يذكر تغلات إيل إشار يصف فيها وقائع الصيد في إحدى كتاباته.
 (بأمر نينورتا المحبة اصطدت أربعة ثيران برية ناضجة في صحراء بلد ميتان، عند مدينة أرازيقو التي تقع قبل بلد حاني بالقوس والنشاب الضخم المدعم بالحديد، ورماحي ذو الرؤوس الحادة قضيت عليها جلودهم والقرون أخذتها لمدينتي، إلى آشور وقتلت عشرة أفيال ضخمة في أرض حران، وضفاف نهر خابور، وقبضت على أربعة فيلان، جلودهم والعاج أرسلتها مع الأفيال الحية إلى مدينتي أشور، بأمر نينورتا المُحبة، قتلت مائة وعشرون أسداً بهجوم رجولي شجاع وقلب لا يعرف الخوف، بالوقوف على أقدامي قتلتهم جميعاً، وصرعت ثمانمائة منها من عربة الصيد، ومن جميع حيوانات البرية وطيور السماء بكل ضربة موجهة من سهامي صرعت واحداً منها). ومن خلال المراسلات الملكية لبلاط ماري نجد تلميحات لصيد الأرنب- الأيل- الدب. تبين إحدى المراسلات الطويلة بين حاكم المنطقة وبين الملك زمري ليم.
(سيدي أخبرتكم من قبل هكذا كتبت،
قبضت على أسد في مستودع أحد البيوت التابعة لـ أكاكا. إذا أراد سيدي سنحتفظ به في المستودع حتى قدومك وليكتب سيدي أيضاً، إذا رغب أن نرسله إليك، الآن الأسد منذ خمسة أيام في المستودع وقدمنا له خنزير وكلباً لكن لم يأكلها أقول (لربما الأسد حزين) أنا قلق.سأضع الأسد في قفص خشبي وأنقله على ظهر قارب، سآخذه لعند سيدي)
                      صيد الأسماك
صيد الأسماك كان من القطاعات الهامة، وأمن الحاجات الحياتية للعاملين في هذا المجال. واعد صيد الأسماك من المهن البدائية في بلاد ما بين النهرين،منذ الأزمنة الغابرةكانت مياه الخليج والمستنقعات غنية بالثروة السمكية.والصيادون كانوا يصطادون السمك باليد المجردة أو السنارأوالشبك إضافة لذلك كانوا يصطادون السلاحف والسرطانات بأنواعها مع السمك. ومن بقايا الأختام المكتشفة من العهد الآشوري القديم يبين الصيد بالرمح.يذكر سالونين في كتابه جميع أنواع السمك البحري والمياه العذبة في بلاد ما بين النهرين. وأدواة الصيد المستخدمة، ويعدد أنواع المأكولات المصنوعة من السمك، والسومريون حفظوا (تعليب)السمك بعشرة طرق.
صيد الأسماك حق ملكيته كان عائداً بشكل عام إلى البلاط الملكي، وإلى المعابد، وتجارة  السمك كانت مصدر دخل هام للأثنين على حد سواء. إن كميات السمك المصطاد كان يلبي حاجات البلاط والمعابد إضافة لذلك كان يباع من قبل الباعة في الأسواق. وقسم من الناس كان يصطاد السمك لحاجاته الشخصية.
وفي العهد الآشوري الجديد كانت مؤسسات الصيد تشرف وتنظم قوانين وعلاقات الصيد وتوزيع الثروة السمكية، والصيادون اعتبروا فئة اجتماعية هامة. لم تختلف الصورة في الوقت الحاضر عن تلك الأزمنة الغابرة حيث تشكل الثروة السمكية مع كافة الأحياء المائية كنز غذائي عالي القيمة لا يستغنى عنه وهو المصدر الوحيد للعيش لكثير من فئات شعوب مختلفة وخاصة تلك التي تعيش على ضفاف البحار والبحيرات والمستنقعات والعاملين في مجال تجارة الثروة السمكية أو المائية بشكل عام.
إذا ألقينا نظرة عامة على النشاطات التي كانت قائمة قبل ألاف السنين من قبل آسلافنا في بلاد ما بين النهرين لا نجد فارقاً كبيراً إلا في مجال التطور التكنولوجي وإدخال المكننة بشكل واسع في القطاع الزراعي.
المصادر:
1.   A.Salonen , Agricultura mesopotamica nach sumer+akkad.1960,32
2.   A. Ungnad, Babyloniische Briefe aus der zeit der Hammurabi-Dynastie VAB v1m 1934
3.   J. Battero,DADT 11, 1964
4.   R.Borger , die Inschriften Asarhaddons , 1965,35
5.   E.W.Moore , Neo+ Babylonian Business and Administrative Documents ,1965 N.150
6.   S.N.Kramer , Historie
7.   H.W.F. Saggs , Everyday life in Babylnia an Assyria m 1965 ,158-
8.    هنري ساغس, جبروت آشور الذي كان ,ترجمة د. آحو يوسف
9.   J. Klima , Mezopotamia,1976
10.   A.Salonen , Die landfahrzeuge des alten Mesopotamien m1951


13
رابي أخيقر يوخنا
شلاما او إيقارا لكنوخ
في البدأ أقدم لك الشكر الجزيل على المحبة الصادقة,لقد قرأت مقالك الموسوم (كتب تاريخية ومصادر اكاديمية لدحض الاباطيل والافتراءات ضد الاشوريين)وهذا جهد رائع تقدمه للباحثين عن الحق وللقراء الكرام, والبحث عن الحقيقة وعدم التنكرللحقائق يجعل البشر أصحاب الأراء المختلفة أكثرقرباً لبعضهم البعض, وأصحاب القيم والأفكار الإنسانية هم يدفعون بعجلة التطور نحو الأمام.نعترف ببعض الحقائق المأساوية التي نعيشها او هي جزء من تاريخنا لا نحبها وقد حصلت وتحصل اليوم لا ننكر وجودها كحقيقة واقعة على أرض الواقع.ولكن مع الأسف الشديد أقول مرة أخرى هناك البعض لو " وقفت تحت نور الشمس الساطعة وأشرت بأصبعك إلى قرص الشمس في السماء وقلت له ذاك هو الشمس لأجابك لأ هذه حجر الكعبة الأسود " لأنهم لا يرون النور لأن قلوب البعض وعقولهم ألغت مساحات الضوء في نفوسهم. أن المصادر التي قدمتها وتقدمها دائماً تأكيد على استمرارية وجود أبناء الأمة الآشورية.ولكن هذه الحقائق والمصادر لا تعني شيئاً لدى أصحاب الأفكار السوداوية ومزيفي الحقائق التاريخية.تشكر كثيراً على أسهماتك القيمة المفيدة للباحثين عن الحق. 


14
الدكتور جميل حنا

علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (11) 
     
 
(آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمز أرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
الزراعة
الأمن الغذائي كان وما زال أحدى أهم التحديات التي تواجه البشرية منذ القدم,وخاصة بعد مرحلة  التحضر و قيام التجمعات السكنية الكبيرة ونشأت الدول والأمبرطوريات الكبرى في أنحاء مختلفة من العالم. تأمين السلة الغذائية للسكان لم تكن من القضايا السهلة لأن التحكم بها تواجه تحديات طبيعية خارقة تتجاوز المقدرات البشرية من السيطرة عليها.ولكن بالرغم من كل الصعوبات الطبيعية المتنوعة أهتم ملوك الأمبراطورية الآشورية للسيطرة او الحد من تأثير العوامل الطبيعية لتأمين السلة الغذائية لسكان الأمبراطورية.وكان الأهتمام بالنشاط الزراعي وتربية المواشي من القضايا الأساسية لدى الكثير من الملوك لأنها تشكل أحدى المصادر الهامة للأستقرار والتقدم وتحقيق متطلبات الحياة اليومية وتأمين االغذاء اللازم للناس وتجنيب السكان من المجاعة والأمراض والحفاظ على الوضع الصحي .حيث نجد في عالمنا الحاضر موت ملايين الناس بالأمراض في أنحاء مختلفة من العالم بسبب نقص التغذية وتوفير المياه الصالحة للشرب بالرغم من التقدم العلمي التكنولوجي الهائل التي توصلت إليه البشرية في عصرنا الحالي.هذا البحث يتناول الوضع الزراعي في الأمبراطورية الآشورية وأهم المشاريع والنشاطات التي أنجزها الملوك  والعاملين في هذا القطاع.
الأحوال الطبيعية والمناخ الجوي حدد نمط حياة البشر,وتركت العناصر الأرضية والسماوية تأثيراً كبيراً على فكر وسلوكية إنسان العصور القديمة وما زال هذا النمط من التفكير قائم في العالم.ومن أهم العوامل الطبيعية التي تأثر في الأنتاج الزراعي هي العوامل  البيئية التضاريس (طبيعة الأرض – أرض خصبة – صحراء – هضاب جبال وديان..الخ)، والمناخ الجوي (الشمس – الحرارة – الأمطار والرياح – دورة الفلك ,فصول السنة... الخ) هذه العوامل مجتمعتاً حفرت بصماتها عميقاً في حياة البشر وكانت مصدر الخير والشر – المنافع والمضار.
 
الإنسان القديم منذ البدء عمل لتسخير عناصر الطبيعة، وتوظيفها في خدمته، لتفي بحاجاته الغذائية والكساء والمسكن. ويختار أرضاً صالحة للعيش وتلبي متطلباته الحياتية. نجد أن إحدى أولى الحضارات السومرية ازدهرت في الجزء الأسفل من حوض دجلة والفرات وحول الشواطئ العليا للخليج منذ مطلع الألف 4ق.م.
فمنذ الازل كان الماء العنصر الأساسي للحياة ومنها أنبثقت الحياة نحو اليابسة حسب نظريات التطور العلمي للكائنات الحية. ومازال دور الماء حاسم في الوجود لتأمين استمرارية الحياة والتقدم والازدهارفي العالم.
المناطق الزراعية الأولى أنشأت في شرق بلاد ما بين النهرين حيث كانت كمية الأمطار الهاطلة مساعدة لزراعة الحبوب وأنواع الأعلاف إذ بلغت نسبتها بين 500 – 700مم سنوياً. وهذه النسبة كانت كافية لازدهار الزراعة. وفي العصور اللاحقة تدرج السكان نحو وديان الأنهر والذي برر هذا الانتقال هي التغيرات الطارئة على الأحوال الجوية وبسبب هذه التحولات وخاصة أثناء فصل الشتاء والصيف أدى إلى هجرة السكان ولم تكن الهجرة بسبب زيادة السكان فحسب وإنما نقصان كمية الأمطار وارتفاع درجات الحرارة حيث كان الجو حار وجاف في الجنوب وتصل درجات الحرارة صيفاً إلى 50% وكمية هطول الأمطار يقل عن 25مم. كانت المستوطنات السكنية الأولى في بلاد ما بين النهرين أقيمت في البدء في المناطق الجنوبية ومن هنا انتشرت إلى جميع بلاد ما بين النهرين، على امتداد النهرين العظيمين دجلة والفرات حيث الأراضي الخصبة ابتداء من (كركيش) شمالاً حتى بلدة (كيش) في جوار بابل جنوباً على مسافة 1400كم لتوافر العناصر الأساسية للحياة فيه.الأرض الخصبة (الطمي)الذي تجرفه الأنهر أثناء الفيضانات, الماء حرارة الشمس.
فالعواصم والمدن العظيمة للإمبراطورية  الآشورية شيدت على ضفاف نهر الفرات ودجلة، كما ازدهرت على ضفاف نهري البليخ والخابور حضارة (تل حلف)
من الجلي أن الأنهار لعبت دوراً بارزاً على ازدهار حضارات بلاد ما بين النهرين، ولكن هذا الازدهار ما كان تحقق لولا التخطيط والعمل والجهد المتواصل، لما وصلت المياه إلى الأراضي الزراعية، إلا بنسبة ضئيلة جداً فبناء نظام الري وحفر القنوات وفر الكميات اللازمة من المياه لنمو المحاصيل الزراعية,أضف إلى ذلك مشكلة تملح (قلوية) التربة كما سنرى فيما بعد.
لم يكن من الممكن الاعتماد على الأمطار فقط في بابل، حيث كانت كمية الأمطار الهاطلة قليلة، وفصل الأمطار يبدأ في نهاية ت1 أوائل ت2. وأثناء فصل الشتاء كانت كمية الأمطار الهاطلة أيضاً غير كافية. ودرجة الحرارة تنخفض ليلاً إلى صفر مئوية ودرجات الحرارة تبدأ بالأرتفاع في شهر شباط. لذلك احتاجت النباتات النامية إلى كميات ضرورية من المياه لنموها.ولكن نسبة هطول الأمطاركان غير كافياً
نهري الفرات ودجلة كانا يفيضان بفعل ذوبان الثلوج في فصل الربيع، وكان تخزين المياه ضرورة حياتية وخاصة في الجنوب  للبابليين.وتؤكد إحدى الكتابات البابلية (المكان الذي لا يُسقى، لا يوجد بركة في الزرع)   
 
 
 
 
نظام الري الأصطناعي
أدرك سكان بلاد ما بين النهرين منذ أقدم العصورالأهمية الكبرى للزراعة والتجارة.وكانت نشاطات الحياة الزراعية والمشاريع الحيوية المتنوعة تضمن مسيرة تقدم الحضارة. وللأهمية القصوى للإنتاج الزراعي نجد البلاط الملكي يوجه جهوداً كبيرة لإنماء الموارد الزراعية إحدى الدعائم الرئيسية المحافظة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
إن أول الشرائع التي ظهرت في تاريخ الإنسانية(حمورابي) تبحث في المسائل الزراعية بكل فروعها، وتضع القوانين الكفيلة بتنظيم الشؤون المتعلقة بهذا الخصوص بدءاً من ملكية الأرض والعمل والإنتاج وكافة الأمور المتعلقة بهذا الشأن.إن التمايز الواضح في الأحوال الجوية والتضاريس بين الشمال والجنوب حدد نوعية انتشار النباتات في بلاد ما بين النهرين وإن كانت زراعة النباتات سائدة في كافة المناطق. إلا أنها كانت خاضعة كلياً للعوامل الطبيعية. ومن هنا تكمن الأهمية الفائقة لبناء نظام ري شامل يغطي مساحات الأراضي في أجزاء الإمبراطورية.
أقدم نظام للري عرفه التاريخ على الإطلاق كان في بلاد ما بين النهرين حيث كانت شبكة القنوات والجداول التي تم حفرها تخزن كمية المياه الناتجة من الذوبان في فصل الربيع، لفترات الجفاف، وإيصال المياه إلى الأراضي الزراعية وربط التجمعات السكنية ببعضها بواسطة المواصلات المائية. لم تستطع الأنهر على استيعاب كمية المياه المتدفقة  بفعل ذوبان الثلوج والفيضان الحاصل في الربيع. كثير من الملوك تباهوا من خلال كتابة الألواح الطينية المكتشفة بحفر الأقنية التي تمت في عهدهم، وغالباً ما تحدد أسماء السنوات بأسماء الفترة الزمنية التي تم فيها إنهاء حفر القناة مثال على ذلك سميت السنة التاسعة من حكم حمورابي بـ (قناة الثراء حمورابي). لذا نجد أن عمليات حفر القنوات وصيانتها وتأمين النظافة المنتظمة والعناية الدائمة من أهم المشاريع التي عني بها الملوك منذ القديم وهذا العمل لم يكن سهلاً وكما يؤكد على ذلك التقرير الذي أرسله كيبري – داغان إلى سيدة المالك ماري زيمريلم أوضح في تقريره بأن المشرفين على صيانة القنوات أكدوا في تقريرين منفصلين  بأن الأمور تسير على حسن ما يرام، ولكنه عندما ذهب شخصياً إلى موقع العمل ليتأكد من صحة ما كتبوه ويراقب سير العمل على أرض الواقع تبين بأن (القناة انسدت، أصبح تنظيف القناة يحتاج إلى عمل كثير من الناس، لذلك لم استطع الذهاب إلى تيرقا والعمل الذي بدأته صعب جداً للغاية.توجد بعض الأماكن حيث رفعت مقدار ذراعين من الطين وغيره و منذ أن بدأت العمل ليس لدي الوقت لأريح ذراعي، أرسلت هذه اللوحة إلى
 سيدي في الثاني عشر من شهر إجي-كور وفي اليوم الرابع سأوجه المياه من عند منطقة جا –إيل وبتغيير مسارها إلى منطقة دور– جحدونليم وحواضرها لسقيها.     
مما ذكر كان من المحتم صيانة الأقنية والجداول،لأن الأراضي التي كانت تجري فيها رخوة في كثير من المواقع وجوانبها هشة وتتساقط كتل التراب في الساقية وتسدها لذلك تطلب الوضع بذل جهود متواصلة وكبيرة للمحافظة على جودة الأقنية، وقد نصت القوانين على مجازات كل من يهمل أعمال الصيانة ويسبب أضراراً لغيره.كما وجب الاعتناء بالسدود أيضاً ومقاطع المياه وبخصوص هذه المسألة توجد وثيقة مكتوبة من رئيس ديوان حمورابي موجه إلى سين – إدينام حاكم لارسا:       
(إذا أصبحت كمية المياه كافية لسد حاجة مدينة لارسا- وأور لا تضع الحواجز المائية قيد العمل أما إذا لم تكن كمية الماء كافية لمدينة لارسا وأور أفتح أجهزة الحواجز المائية كما أشرت لتكون كمية الماء اللازمة متوفرة في لارسا و- أور)
كانت الأراضي بمحاذاة الأنهر والقنوات أغلى من غيرها من الأراضي وكان الملك يمنحها للأفراد الذين يقدمون خدمات مميزة للدولة تقديراً لأعمالهم. تأكد إحدى الوثائق المكتشفة وفيها يصدر حمورابي أوامره إلى حاكم مدينة لارسا يقول فيها (امنح ثلاثة بورومات" بوروم = 63510.5م²" من أراضي ملكية البلاط الواقعة أمام مدخل بوابة مدينة لارسا من تلك الأراضي الجيدة بجانب الماء للنحات سين – انجورانيم).
لم تكن الحاجة ماسة إلى هذا الحد لأجهزة السقي في آشور لان كمية الأمطار الهاطلة في نينوى كان يعادل أربعة أضعاف الكمية الهاطلة في بابل،هنا وجدت صعوبات من نوع آخر.أن هندسة قنوات الري حول عواصم ملوك الآشوريين من المشاريع التنموية الهامة مثل التي أقامها ناصر بال في "كالح" وسرغون الثاني في "دور شاروكين" وسنحاريب في نينوى وبفضل هذه المشاريع دشنت الحدائق والبساتين وزراعة النباتات الغريبة مثل القطن التي زرعها في حديقته حول نينوى ويسميه " الأشجار المثمرة للصوف" ويبين الهدف من زراعتها"يقطفون الأشجار المثمرة للصوف ويحيكون منه ثياباً"  .
عوضاً عن شق القنوات كان بناء السدود التخزينية وحفر النفق وبناء الأحواض لجر المياه وتوجيهها بالشكل الملائم من الأعمال والمشاريع المهمة وتطلب تنفيذ هذه المشاريع قدرة عالية من التقنية والخبرة اللازمة لنقل المياه ورفعها عبر الجبال والوديان.حيث نجد الكثير من حوليات  الملوك الآشوريين يتباهون بإنجازاتهم في مجال تطوير الثروة الزراعية النباتية والحيوانية.لقد ذكر تغلات بلاصر الثالث (1115-1077) " لقد أدخلتُ المحاريث إلى حيز العمل على الأرض في كل بلاد آشور,وبذلك جمعتُ بيادر من الحبوب أكثر من كل أسلافي.لقد أسستُ قطعاناً من الخيل والدواب والحمير بفضل الغنائم التي أخذتها, بمعونة سيدي الإله آشور,من البلاد التي كسبت السيطرة عليها"
وكما نشاهد أحدى الكتابات للملك سرغون الثاني (722-705) يطري على نفسه بضمير الغائب قائلاً:
" لقد حزم أمره...وأعدَ الأراضي المراحة وزرع البساتين. لقد صمم أن يجني محاصيلاً على المنحدرات الحجرية المائلة التي لم تكن في السابق قد أنتجت زرعاً.لقد قرر من كل قلبه أن يجعل الأخاديد في الأراضي البور التي لم تعرف المحراث قط, على زمن الملوك السابقين,وذلك لكي يغنَي الناس فرحين" ومن الكتابة التالية نستنتج الأهمية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية القصوى للإنتاج الزراعي حيث يقول: "فلأجل انقاذ البشر من الجوع والعوز...يجب أن  لا يكون الزيت –وهو راحة للإنسان يهدئ عضلاته – غالياً في بلادي, ويجب أن يكون من الممكن شراء بذور الكتان في السوق بسعر رخيص كسعر الشعير".كان المحصول الأساسي هو الشعير ويتلوه القمح في المرتبة الثانية,والدخن, والرز,الشوفان والشيلم والكرسنة والحميضة ( والسمسم "شماشامو"سماسامو") العدس والحمص والخيار  العنب والتين الرمان والزيتون والتمروالبصل والثوم والكراث واللفت وبهار الكمون وغيرها من النباتات. وكان يتم حراثة وبذار الأرض بواسطة المحراث كانت تجره ثيران او حمير وأحياناً الخيول. 
في عام 1933 اكتشف توركيلد جاكوبس الأمريكي المختص في علم الأشوريات بقايا سد تخزيني بالقرب من جير- وان وعلى صخرة منحوتة في الموقع ذاته يشير إلى المكان الذي تم جر المياه منه في عهد الملك سنحاريب. بناء قناة بطول 80 كم وجر المياه من الجبال إلى نينوى.وهذا المضخ المائي الوحيد المتبقي من عصور ما قبل الرومان. كان على ارتفاع ثلاثمائة متر متقوساً فوق الوديان، واستخدم لبنائه مليونا كتلة حجرية وبجدارة وفخر يستحقه كتب الملك سنحاريب يطري على نفسه (هذا الصرح العظيم الذي أنجزته لم يسبقني أحداً من قبل من بين أسلافي الملوك)
كما يشاهد على إحدى منحوتات آشور بانيبال في نينوى مضخ مائي آخر لقناة جر الماء يذكر أشور- أحدينا في إحدى كتاباته إلى الانتهاء من بناء النفق المائي الذي بدء بتشييده سلفه آشور – ناصر بال الثاني، وهذا النفق المائي اكتشفه لايارد بالقرب من نيحوب على بعد أربعين كم من نينوى والأماكن التي لم تكن مستقيمة نحتت الصخور وأنشأ هذا المشروع لربط الزاب الأعلى بمدينة كالحو.
صيانة شبكة الأقنية والاعتناء بها كان من مصلحة البلاط الملكي والشعب سوياً.وكان توفير كمية المياه اللازمة للزراعة والناس من المهام الأساسية. مجموعات العمل المشرفة على صيانة الأقنية كانت ملزمة بالقيام بواجباتها بشكل صادق، وكل من تقاعس بتنفيذ عمله هدد بمواجهة العقوبات الحازمة.
ما دام الاعتناء وصيانة قنوات الري كان جارياً بشكل جيد لم تتعرض الزراعة إلى مخاطر.كانت القنوات والجداول تتعرض للخراب بفعل العوامل الطبيعية ونوعية التربة والعامل المدمرالأخر هي الحروب التي كانت تدمر تلك القنوات لضرب الاقتصاد الوطني وإعاقة المواصلات بين أجزاء البلد.كانت أخر التدميرات القاضية النهائية أتى على يد التتر بقيادة جنكيز خان، حينما غزى المنطقة، حطمت أنظمة الري، وردمت الأقنية، ونتيجة ذلك تم القضاء على تقاليد بناء شبكة الري، وبدأت عملية التصحر في بلاد ما بين النهرين.إلا أن الإنتاج الزراعي كان يواجه مخاطر جمة ومنها كمية الأمطار التي تهطل في فصل الشتاء والربيع وكذلك الجراد الذي يغزو المحاصيل الحقلية. ولمواجهة هذه الصعوبات كان يلجأ إلى زراعة الشعير على مرحلتين زمنيتين مختلفتين مبكر ومتأخر لضمان الحصول على الإنتاج اللازم إذا تعرض أحدهما لأضرار الطبيعة.
تملح الأرض
الزراعة في كل العصوركانت وما زالت تتعرض للظروف المناخية الضارة بالإنتاج الزراعي ولمجابهة العوامل البيئية وعناصر الطبيعة يحتاج إلى بذل عناية فائقة وأستخدام  أساليب وطرق ملائمة لمكافحة العوامل المؤذية قد يكون الكلام سهلاً ولكن التطبيق صعباً للغايةومثال على ذلك التغيير المناخي الحاصل في الكون ومخاطره الشديدة على مستقبل البشرية.
البحث عن إيجاد الحلول الناجعة لمعالجة المشاكل التي تعترض الفلاح يحتاج إلى معرفة وتجربة طويلة من الزمن، ولكنها تكون مدمرة لحياة الكثيرين من البشر إلى غاية اكتشاف الدواء الناجح. ولكن ليست كل العوامل الضارة يمكن كشفها في الوقت المناسب، ومن هذه العوامل غير الظاهرة للعيان تلك الظاهرة التي تعرضت إليها الأراضي في بلاد ما بين النهرين وخاصة في الجنوب.هذا الخطر المخفي لم يلاحظ بسهولة ولكنه كان أكثر تدميراً إلا وهي تسرب الأملاح القلوية التي كانت تتم ببطء وتدريجياً إلى المياه العذبة وأحواض الأنهار وإلى مجرى القنوات بدون ملاحظته.
كانت الأراضي الزراعية الخصبة تقسم بواسطة السدود إلى قطع ومساحات محددة من الأراضي التي لم يتمكنوا من تجفيفها بواسطة صرف المياه الزائدة عنها، أن جذور النباتات تمتص رطوبة التربة، ويتكون على سطح التربة طبقة ملحية تدعى التزهر تتحول في فصل الجفاف إلى قشرة أرضية قاسية، إذا احتوت التربة على نسبة لا تتجاوز0.5%ملح كانت الأرض صالحة لزراعة القمح، أما إذا كانت النسبة 1% تكون صالحة لزراعة الشعير و2% صالحة لأشجار النخيل وأكثر من ذلك لا تصلح للنخيل أيضاً.
الأراضي في بلاد ما بين النهرين بدأت بالتزهر بدءاً من الجنوب وعرف هذا المصطلح مبكراً في اللغة السومرية جانا- مون (الأراضي القلوية).)
عثر على إحدى الوثائق الصادرة بين بقايا مكتبة الآلهة بابا في عهد أورو- أنيم- جينا وفيها الكهنة يشكون بمرارة بأن الأرض الزراعية التابعة للمعبد قد تملح جزء منها، وتحولت إلى أرض غير قابلة للزراعة.
ويشاهد في التقويم الفلاحي، من أوائل الألف الثاني قبل الميلاد بعض الإرشادات لتجنب تزهر التربة، واستخدام أساليب ري خاصة للمحافظة على خصوبة التربة، وذلك بمنع تملح الأرض: (احصد مرة واحدة في السنة واترك الأرض لتستريح، استخدم طرق ري معينة).
نعلم من ملحمة اترحاسيس البابلية الشهيرة عندما أيقظ الناس الأوائل بتصرفاتهم المزعجة وضجيجهم العالي الإله انليل من نومه العميق غضب منهم وعاقبهم على فعلهم هذا ورش أراضيهم بالملح.
ونقرأ شيء مشابه على إحدى أحجار علامات الحدود (حداد السيد الأكبر للري في السماء وعلى الأرض، صب الماء المالح على أرض المجرم (العدو) لتتحول إلى ارض قاحلة لتهلك شعيرة ونباتات الأعلاف الخضراء لكي لا تنمو).
تملح التربة جلبت تحولات كبيرة في حياة الفلاحين ولذلك لجأوا إلى استخدام تقنيات زراعية مغايرة. في عام 2400ق.م بلغ نسبة غلة القمح 16% بالنسبة إلى إجمالي محصول الحبوب، بينما تناقصت هذه النسبة بعد 300عام إلى 2%، ومن بعض تقارير الكتابة المسمارية من عام 1700ق.م ومن نفس المصادر يمكننا تتبع إنتاج محصول الشعير، في عام 2400ق.م بلغ إنتاج الشعير في الهكتار الواحد 25هـ.ل وفي عام 100ق.م تناقص الإنتاج إلى 14.5 هـ.ل وفي عام 1700ق.م 9هـ.ل/هكتار فقط على أساس تناقص كمية المحاصيل المذكورة نستنتج بأن الأراضي بدأت بالتملح. وكان هذا سبب ضعف المحاصيل الزراعية ومن ثم بدأت هجرة السكان من الجنوب إلى حواضر المراكز الرئيسية ونحو الشمال وهذا يدل على حدوث نشاط الحياة الاجتماعية للسكان في الشمال حيث نوعية التربة جيدة وخلوها من الأملاح أو احتوائها على نسبة ضئيلة. في هذه المنطقة بلغ نسبة محصول القمح 25% من إجمالي إنتاج الحبوب في حوالي عام 1300ق.م وبعد ثمانية قرون حافظت هذه النسبة على كمية ما مقداره 18% من إنتاج الحبوب وإنتاج الشعير 20هـ.ل في /هـ. وأن دل هذا على شيء إنما يدل على استخدام أساليب زراعية متطورة وأسفرت طرق المكافحة الناجحة بمواجهة مشكلة التملح ولذلك كانت الزراعة مزدهرة. وليس غريباً كما ذكر في الكتاب المقدس بأن يصف تلك المنطقة باللجنة أو ما يسمى (جنة عدن))
الرياح
الرياح والرمال عوامل ضارة إضافية مدمرة للحياة الزراعية وسبب الكثيرمن الكوارث الإنسانية في تاريخ البشرية وما زال كثير من دول العالم تعاني من هذه المشكلة الكارثة الضخمة حيث بدأ التصحر يغطي مساحات شاسعة من الأراضي التي كانت بالأمس أراض زراعية خصبة حقولها خضراء تعطي إنتاجاً غزيراً.
إن الرياح والرمال تركت تأثيراً قوياً على مجمل الأحوال الجوية في بلاد ما بين النهرين، وكانت سبباً رئيسياً في تدمير البنية الزراعية في أجزاء واسعة من الإمبراطورية الآشورية في بلاد ما بين النهرين. حيث كانت الرياح القوية القادمة من اتجاه الصحراء محملة بالرمال تقذف بها على الأراضي الزراعية الخصبة وتغطي مساحات شاسعة منها، وتملئ قنوات وجداول الري بالرمال وتشكل كثبان رملية مرتفعة متناثرة في كل مكان.العوامل الطبيعية القاسية أثرت سلباً بدرجة كبيرة في الوضع الزراعي في بلاد ما بين النهرين، وألحقت به أضراراً بالغة.
والملحمة السومرية تخبرنا عن قصة الآلهة انانا والبستاني شوكالي- تودا. وغضب الآلهة وانتقامها من البستاني ويتبين الجهود المبذولة الذي يقوم بها شوكالي- تودا للوقوف في وجه قوى الطبيعة شوكالي- تودا الذي أضناه تعب السقي تحت حرارة الشمس في البستان: 
تعصف رياح قوية     
العاصفة تقذف غبار الجبل بوجهه..
ألقت الرياح الغبار بوجهه ويده...
في هذه الأثناء خطر على باله فكرة زراعة نوع مميز من الشجر ذات الأوراق العريضة تحميه من الرياح القوية وتمنحه الظل الوافر:
في بستانه خمسة عشرة موضع يصعب الوصول إليه،
في كل مكان زرع شجر ذو ظل وافر,
خضار الشجرة كثيف، ظلها في الصباح
وفي قيظ الظهيرة
وعند المغيب
لا يزول أبداً
إن الصراع الدائم بين الطبيعة والإنسان، يدفع بالإنسان إلى التفكير بإيجاد السبل الصحيحة بإيقاف عوامل الطبيعة المدمرة. مما ذكر أعلاه يؤكد بأن الفلاح المجتهد قد اكتشف طريقة إيقاف عملية التصحر بزرع الموانع الشجرية التي تعيق تقدم الرمال نحو الأراضي الزراعية, وهذه العملية ما زالت تستخدم في كثير من بلدان العالم لإيقاف تنقل الرمال ووضع حد لعملية التصحر.
هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى أن ظلال الأشجار الوافرة تخلق مناخاً ملائماً لزراعة أنواع مختلفة من النباتات والاستفادة بأكبر قدر ممكن من الأرض الزراعية.
الفلاح
كان الدخل الوطني يتكون من فرعين أساسيين هما الزراعة والتجارة نجد حتى أيامنا هذه أن غالبية دول العالم ما يزالون يعتمدون على هذين المصدرين وهما العماد الأساسي للاقتصاد الوطني.
توفير المواد الغذائية،أعد من المهام الرئيسية في سياسة البلاط لأنه إحدى أهم القضايا الحساسة التي حافظت على استقرار الأوضاع الداخلية, ومنع قيام التمرد ضد السلطة القائمة، وتوفير المواد الغذائية اللازمة. وسد حاجات الناس كان من المهام الاجتماعية والسياسية التي تأثر بدرجة كبيرة في شعور الناس وتحدد مواقفهم من الوضع السائد سلباً وإيجاباً. أدرك أبناء حضارة بلاد ما بين النهرين وفي المقدمة منهم الملوك الأهمية القصوى للإنتاج الزراعي وكان مزاولة العمل الزراعي مبعث فخر، ودعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وزيادة الثروة إجمالاً كان موضع تباهي به كثير من الملوك من الكتابات المكتشفة على الألواح الطينية هناك كتابه لـ تغلات بلاصر الثالث (1115- 1077
يذكر فيه:
(لقد أدخلت المحاريث إلى حيز العمل على امتداد الأرض في كل بلاد آشور، وبذلك جمعت بيادر من الحبوب أكثر من كل أسلافي. لقد أسست قطعاناً من الخيل والدواب والحمير بفضل الغنائم التي أخذتها، بمعونة سيدي الإله آشور، من البلاد التي كسبت السيطرة عليها ) 
كان الفلاح والعاملون  في القطاع الزراعي في بلاد ما بين النهرين  لهم دورهام في المجتمع. منذ العهد السومري حيث سمي إنجار (الفلاح) والأكاديون سموه إيكارو ورمز إليه بعلامة المحراث ويقرأ باللغة السومرية أبين والأكادية إبينو. وكلمة الفلاح من أقدم الكلمات التي أخذها السومريون عن الناس الذين سبقوهم بالعيش في بلاد ما بين النهرين.
إذاً كلمة إنجار (الفلاح) دل على الشخص الذي يعمل بالمحراث، أي الفلاح الحارث. بما أن هذا الرمز عرف منذ نهاية الألف الرابع ق.م بدأ من ذلك التاريخ يمكن التحدث عن نشاط الفلاح الحارث. إضافة لذلك كان نفس الرمز يشير للمحراث ومن خلال علاقة الربط بين الفلاح والمحراث وبهذا المفهوم استخدم السومريون الكلمة المشتركة المقرؤة بـ أورو والأكاديون إيشو وهذا المفهوم لم يدل على الحراثة فقط بل شمل على مفهوم أوسع لأن المحاريث المستخدمة تجرها الثيران وهي شبيهة بالمحاريث الحالية وبعضها كان يزود بقمع مثبت فوق المحراث وتوضع فيه البذار وبهذه الطريقة تتم عملية البزارأي يمكننا الحديث عن اختراع البذارة الآلية وتعد بداية الثورة الزراعية في مجرى التطور الحضاري.
لقد استخدمت أنواع عديدة من المحاريث، وفي الشمال استخدمت المغزقة بدل المحراث لفلاحة الأرض. كان الفلاح يقوم بكافة الأعمال الزراعية بدءاً من الحراثة، البذار حتى الحصاد، والأرض كانت ملكة أو مستأجراو أنه كان يعمل في خدمة البلاط الملكي. وقد نظمت القوانين العلاقة بين أصحاب الأرض والمستأجرين لها، وكانت القوانين في أغلب الأحيان تحمي صغار المزارعين إذا تعرضوا لمظالم المالك. لأن السلطات كانت تراقب كمية البذار المزروع بواسطة المحراث القمعي. أثناء بدء فصل البذار كان قسماً من الفلاحين يعاني من نقص كمية البذار، لذلك يلجأ لقرض الكمية اللازمة من البذار وكان يسدها بعد موسم الحصاد مضافاً إليها نسبة الفائدة,لان قيمة المحاصيل كانت تنخفض في ذلك الوقت.
كما ذكر أن الزراعة كانت من الأنشطة الاقتصادية للبلاط الملكي وكان الفلاح- وفي هذه الحالة الخبير الزراعي- أو المزارع له دور بارز في العملية الإنتاجية، وكان يساعده في تنفيذ هذه الأعمال الشاقة مساعدين له في العمل الزراعي. وكانت قائمة العمال الزراعيون والخدم تضم أسماء أشغال مهن مختلفة مثل- الحارث- البذار- الحصاد- البيدري- منظف الحبوب- الحمال- المستودعي- مربي الماشية- الراعي- مساعد الراعي- نقال الماء- الغراف...الخ
الفنلندي أرماس صالونين الأخصائي في علم الأشوريات يذكر في كتابه الزراعة المزوبوتامية يذكر  ثمانين نوعاً مختلفاة من الأعمال الزراعية التي كانوا ينجزونها.   
كان البلاط الملكي يقدم الدعم اللازم للفلاحين ويشرف على مراحل الإنتاج الزراعي ليضمن حسن سير العملية الإنتاجية وتأمين الكميات اللازمة من المحاصيل, بل إنتاج كميات أكثر للتصدير وجلب مواد أخرى من الخارج غير متوفرة.وكانت توزع الأراضي على المزارعين الجدد حيث تمنح الأراضي البور لتحويلها إلى أرضاً زراعية تنتج محاصيل إضافية تقوي الوضع الاقتصادي.
وبهذا الصدد نجد نصاً من سرغون الثاني (722-705) يطري فيه على نفسه بضمير الغائب، قائلاً:
(لقد حزم أمره...واعد الأراضي المراحة وزرع البساتين. لقد صمم أن يجني محاصيلاً على المنحدرات الحجرية المائلة التي لم تكن في السابق قد أنتجت زرعا. لقد قرر من كل قلبه أن يجعل الأخاديد في الأراضي البور التي لم تعرف المحراث قط، على زمن الملوك السابقين، وذلك لكي يغني الناس من الفرح).
التقويم الزراعي
الإرشادات الزراعية كانت في غاية الأهمية بالنسبة للفلاح حيث تقدم النصائح المفيدة لإنجاز أعماله في المواعيد المحددة وبالشكل المناسب وطرق مكافحة العوامل الضارة، وإعطاء كافة المعلومات المتعلقة بالعملية الإنتاجية لاختيار أفضل السبل.لأن الأعمال الزراعية ذو علاقة وثيقة بخصوبة التربة وقدرتها الإنتاجية وبظروف الأحوال الطبيعية، في الجنوب حيث المستنقعات لم يكن من الممكن القيام بالأعمال الزراعية التقليدية السائدة في بقية المناطق. لذلك وجهة العناية للاستفادة من الواقع القائم، نتيجة التغير الحاصل لمجرى الأنهار الكبيرة خلال آلاف السنين بلغت مساحة الأراضي الزراعية بين أريدو وسيبار 30.000كم² في آشور كانت مساحة الأراضي الزراعية أقل من ذلك، وتقدر مجموع الأراضي الزراعية في بلاد ما بين النهرين بحوالي 50.000كم2 .بسبب اختلاف أنواع التربة والأحوال الطبيعية لم تكن كميات البذار ونوعيتها دائما متشابها في كل المناطق.
والمختصين في علم الأشوريات بناءً على أساس دراسة مئات المعطيات المتوفرة من خلال الكتابات المسمارية على الألواح الطينية، أجروا حسابات كثيرة وتوصلوا إلى التقديرات التالية بأنه في بوروم واحد=63510.5م²، كانت كمية البذار التي تبذر في الأرض بمعدل 180ل. وفي أيكوم الواحد (18=1بوروم) قدره كمية البذار اللازم بـ10ل. وفي عهد الكاشيين لكل 1.8 ايكوم استخدم 30ل. بذار. وفي العهد البابلي الجديد كثفت البذار أكثر إذا بلغت الكمية المزروعة في بلاد ما بين النهرين، ولذلك الأرقام المقدمة تقريبية.
بدء الأعمال الحقلية توقف على ذوبان الثلوج في فصل الربيع كانت الثلوج تتساقط أثناء فصل الشتاء وخاصة في شهر ك² البارد، والصقيع يعم مناطق الشمال، ونادراً ما كان الثلج يسقط في المناطق الجنوبية في قمم جبال أرمينيا ولذلك كان منسوب مياه نهر دجلة يرتفع، ومنسوب مياه الفرات يبدأ بالارتفاع في شهر آذار نيسان بسبب بطيء جريان الماء فيه وطوله كان موسم الحصاد يبدأ في نهاية نيسان في الجنوب بينما في الشمال يبدأ الحصاد في حزيران.
في بابل كان الحصاد ينتهي في حزيران ويجمع الحبوب ويتم درسها وتخزينها، ومن ثم يبدأ الصيف الحار والجاف جداً ينعدم سقوط المطر وفي الخريف في شهر أيلول تبدأ حراثة الأرض وتجهيزها للزراع,وفي هذا الفصل تهب رياح ساخنة تساعد على نضج البلح.
البذار الخريفي كان ينجز في شهر ت¹، والبذار الشتوي في ك¹، الأرض كانت في طور الراحة في شهر ك². ومن ثم تبدأ المحاصيل المزروعة في الخريف تنمو.المحاصيل الصيفية كانت تبذر في شهر آذار.
الملحمة السومرية تتحدث حول الجدال أو المحاكاة الدائرة بين (الصيف والشتاء) (إميس- إنتن) وفي نهاية المسابقة يعلن الإله عن النتيجة لصالح الشتاء، لأنه كان بالنسبة للسومريين مرغوب أكثر لأنه أهداهم الماء اللازم وبذلك أمن لهم وفرة الغلال.
 (الشتاء محقق الحياة...هو فلاح الآلهة...إنتن (الشتاء)يجلب الماء...ينتج كل شيء
ابني إميس (الصيف)، كيف تقارن نفسك بأخيك إنتن الشتاء؟... كلمة إنليل الساطعة لا تطعن.
قراراته لا تتبدل،... من يتجرأ برفع يده عليه ؟.
التقويم الفلاحي
أثناء الحفريات التي كانت تجريها البعثة الأمريكية في نيبورعام 1949- 1950 عثر على ألواح سومرية وكسرأخرى كانت إحدى الألواح بمقياس 7.5*11.5سم. يعود تاريخه إلى نحو 1700ق.م، احتوى هذا الكتاب الإرشادات الخاصة بمبادئ الزراعة، يقدم التعليمات الضرورية على مدار السنة بخصوص الأعمال الزراعية، والمختصون بعلم الأشوريات أطلقوا عليه مجازاً التقويم الفلاحي يتضمن الكتاب مجموعة نصائح يوجهها فلاح إلى ابنه بهدف إرشاده في الأعمال الزراعية في كافة فصول السنة.ولكن تبين في نهاية الكتاب أن هذه النصائح ليست من أقوال الفلاح نفسه بل هي إرشادات نينورتا الابن (والفلاح الحقيقي) للاله انليل. تبدأ إرشادات التقويم الفلاحي بالري وكيفية الاستخدام الأمثل لمياه فيضان الربيع، كما يتضح بمراقبة الحواجز المائية لكي لا ترتفع نسبة الماء في الحقول أكثر من اللازم.
أما إذا أشبعت الأرض بالماء الكافي عليه أن يمنع البقر والحيوانات الأخرى أن تدخل الأراضي المروية، لكي لا تدوس الزرع .وينبغي إحاطة الحقل بالسياج وأن تعجف وتزيل الأعشاب الضارة وجذور النباتات من موسم الحصاد السابق. بعد ذلك يجب عليه أن يعزق الأرض مرتين ويكسرها بالمعزقة (الفأس) ومرة ترفش بالرفش. وعلى نوعية هذه الأعمال التحضيرية الهامة يتوقف كمية الإنتاج إذا سارت الأمور بشكلها الصحيح.ولذلك كان ينصح الفلاحين أن ينجزوا هذه الأعمال التحضيرية الهامة وعليها يتوقف كمية الإنتاج إذا سارت الأمور بشكلها الصحيح، ولذلك كان ينصح الفلاحين أن ينجزوا هذه الأعمال بعناية فائقة.وبعد ذلك يشارك جميع أفراد العائلة والمساعدين بأعمال البذار، وكانوا يبذرون بواسطة المحراث القمعي (المحراث المزود بالقمع الموضوع فوق المحراث) المذكور سابقا.ً
التقويم يقدم إرشادات بأن تغرس البذارعلى أعماق متساوية في الأثلام. وكان يتم مراقبة البذار لئلا تسقط البذور إلى أعماق غير متساوية وأكثر من اللازم وكانت هذه بالنسبة للشعير بعمق أصبعين. القطعة الأرضية كانت تحرث طولا وعرضاً (في البدء أحرث الخطوط المستقيمة فاحرث بعدئذ خطوطا مائلة، وإذا أتممت حرث هذه الخطوط المائلة فاحرث خطوطا مستقيمة).
أزالوا الكتل الطينية، لكي لا تعيق نمو براعم الحبوب التي تشق الأرض.اعتبرت لحظات نمو براعم الحبوب، وظهورها على سطح التراب لحظات مقدسة بالنسبة للفلاح.عندها كان ينصح الأب ابنه بان يقدم الصلاة إلى الآلهة نين كيليما آلهة فئران وديدان الحقل كي لا يضروا الزرع النامي، وأن يطرد الطيور عن الحقول.
الخطوة التالية في العمل الزراعي كان الري إذ بلغ ثلاث مرات:
المرة الأولى عندما تملئ النباتات الثلم. وإذا غطت مساحة الأرض بشكل كثيف يرويه ثانية والمرة الثالثة عندما تنمو السنابل، وإذ لاحظ احمرار في الزرع المروي فأنها آفة (السمانا) (الخميرة الفطرية) الخطرة على الموسم. وإذا تحسن حال الزرع فعليه أن يرويه مرة رابعة وبذلك يضمن زيادة المحصول بمقدار العشر. وجب البدء بحصاد المحصول في الموعد الملائم وألا ينتظر الفلاح بل عندما ما  تزال النباتات قوية القوام قبل أن تبدأ بالإغناء والسقوط تحت ثقل السنابل.
يحضر الحصادون إلى الحقول وتبدأ عملية الحصاد ومن ورائهم الحزامون والمساعدون، بعد حصد المحصول كان يتم تجميعه في حزم لتسهيل رفعه بالمذراة ونقله إلى أرض البيدر.ومن ثم يأتي الدراسون لدرسها بعد جمعها في البيادر بواسطة النورج التي كانت تجره الثيران وكان عبارة عن لوحة خشبية ثبتت فيه أسنان من حجر الصوان، ويدور فوق المحصول، حتى يتم فصل الحبوب عن السنابل.بعد ذلك كانت تأتي عملية التذرية وكان يتم بواسطة جاروفات خشبية يقذف بالمحصول مع الريح فيحمل الريح معه التبن الخفيف بينما تسقط الحبوب في أرضها.ولكن إنجاز هذه العملية لم يكن وارداً في كل الأوقات لان تنقية الحبوب عن التبن احتاج الأمر إلى رياح مناسبة، وأحد الوثائق المكتشفة تخبرنا بهذا الأمر
(تم تنقية أربعة كوروم في أرض مونها، وفي الأراضي الباقية نظفت 2 كوروم فقط، لم تكن الأحوال ملائمة وأعاقتني بذلك، لو كانت الريح مناسبة لقمت بتذرية جميعها، ولكن خلال أربعة أيام سأنهي كل العمل ,من تقرير مدير الأملاك الملكية)   
الحبوب والمحاصيل الحقلية
لقد ذكر سابقاً بان الزراعة والتجارة كانا المصدرين الرئيسيين المكونين للاقتصاد الوطني، وفي القطاع الزراعي كانت محاصيل الحبوب تشكل الجزء الأساسي من الإنتاج الزراعي، واحتل مكانه متقدمة من بين المواد الغذائية.
 وكان الشعير من أهم أنواع الحبوب الرئيسية في بلاد ما بين النهرين وكان الأكاديون يسمون الشعير بـ إسنان، في الشمال كانوا ينتجون الشعير (ثنائي البذرة)، وفي الجنوب كانت السنبلة (سداسية البذرة) إضافة للشعير كان القمح البري (العلس) (ثنائي البذرة) وسمي باللغة الأكادية (بوتوتو) ومن أصل هذه الكلمة جاءت الكلمة المصرية القديمة (بوتى) إضافة للقمح البري كان إنتاج القمح العادي (قبتو) أيضاً يتم في كثير من المناطق.
وكان إنتاج الدخن "دحنو " معروفاً. وما زال ينتج في المنطقة هناك مجموعة من الحبوب التي عثر على بقايا لها، ولكنها لم تكن تنتج كمحصول زراعي هام وإنما تنمو في البراري أو بين أنواع المحاصيل الحبوب الأخرى مثل الشوفان الجودار والشيلم والكرسنة والحميضة وغيرهما من النباتات.
 الرز يعتقد أنه دخل بابل من بلاد فارس قادماً من الهند نبات السمسم يعطي الزيت اللازم للغذاء والإضاءة وتحضير المراهم الطبية واستخدم في الطقوس الدينية. كان السمسم ينمو بارتفاع الذرة وكمية الزيت المستخلص من النبات يعادل ربع- ثلث وزن النبات في عصور ما قبل التاريخ نمى الكتان في البرار

15
المرأة المشرقية والحقوق المغتصبة

الدكتور جميل حنا
 دور المرأة في المجتمع كان وما زال في مركزالأهتمام والدراسات المتنوعة في مختلف الثقافات العالمية.وهذه القضية تستحوذ على الكثير من النقاشات على الصعيد الوطني والعالمي.وطرح المسألة النسائية والتفكيربها والطروحات الجارية حولها في العالم,ليس من باب الترف بل للأهمية الكبرى للمرأة في حياة البشر جميعا بدون إستثناء.وتسليط الأضواءعلى واقعها ومكانتها في المجتمع وحقوقها الفعلية مقارنة مع الرجال.وما هي مكانتها في شغل المناصب القيادية في الدولة وفي مختلف الوظائف سواء في القطاع الإقتصادي اوالثقافي والتعليم والسلطة في الوزارات والبرلمان والأحزاب والقضاء وإدارة الشركات؟.ما هي حقوقها الدستورية المنصوص عليه في الدساتيرالوطنية والتشريعات الدينية والثقافية والعادات والتقاليد السائدة في مختلف المجتمعات؟وما هو مقدار تطابقها مع  حقوق المرأة في المواثيق والمعاهدات الدولية والأعلان العالمي لحقوق الإنسان ومدى الألتزام بها فعلياً؟.قضايا شائكة ومؤلمة تتعرض لها المرأة من العنف الجسدي والنفسي والإستغلال الجنسي والزواج القسري والإضطهاد والإنتقاص من كرامتها كإنسانة وحرمانها من حقوقها الطبيعية وسلبها حريتها.وكذلك تتعرض النساء لجرائم همجية بربرية في كثير من بقاع العالم وخاصة في منطقة الشرق الآوسط في ظل الحروب الدامية التي استهدفت المرأة فيها من مختلف القوى وخاصة المجموعات الإرهابية الإسلامية والميليشيات الطائفية الدينية والقومية العنصرية.إن عمليات الإعتداءات الجنسية والخطف وسبي النساء وتطبيق شريعة الرق وبيع الأسيرات في أسواق النخاسة والفظائع الشنيعة التي أرتكبت وترتكب بحق النساء عارعلى البشرية,وهولا يدل فقط على همجية الأعمال التي أرتكبها جحافل المجرمين المتعطشين لدماء الأبرياء,بل يدل على مقدارالإنحطاط الأخلاقي لدى الغالبية الساحقة من القوى العالمية المؤثرة التي تركت هذه المجموعات تسرح وتمرح لأرتكاب جرائمها الشنيعة.ومن هذا يتضح مقدار الفشل الذريع للدول الكبرى والمؤسسات العالمية وخاصة النسائية منها في توفير الأمن وحماية النساء ضد القوى العاتية.ومن مجمل هذه القضايا يتضح مكانة المرأة من ناحية الحقوق والمساواة مع الرجل,وما هي الحقوق السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية التي تشارك بها عمليا,وما هو مقدارالأمن والحماية الفعلية التي تأمن لها لتكون عضواً فعالاً مشاركاً بكل الإمكانات العقلية والجسدية في بناء الأوطان ودفع عجلة التطور في كافة مجالات الحياة نحو الأمام.وعلى ضوء هذه المعطيات يتضح طبيعة ومستوى التطورفي المجتمعات والنظم السياسية في مختلف بلدان العالم.
و بهذا يمكننا القول بأن النساء في بلدان الشرق الآوسط تعاني من كافة أنواع المظالم,حيث التمييز ضدها واضح في كافة مجالات الحياة مقارنة مع الرجال بدأً من الحرية الشخصية,إلى المشاركة الفعلية في إتخاذ القرارات المصيرية بشأنها وبالقضايا الوطنية والمشاركة في السلطة الفعلية وفي مجال العمل وشغل المناصب القيادية في مؤسسات السلطة والإقتصاد والسياسة.والمرأة مسيرة بفعل الشرائع التي تحد من حرية تفكيرها  وتفرض القيود عليها لتبقى اسيرة الأفكار والعادات والتقاليد البالية لتكون أداة سهلة للإستغلال من كافة النواحي في يد من يتحكم بمصيرها.وبالرغم من كل القيود التي تفرض بقوة الشرائع الدينية والأنظمة السياسية المتسلطة,وكل أنواع الجرائم لا تستطيع كبح جماح كافة النساء للمطالبة بالحرية.وتقديم كل التضحيات الجسيمة وتتحمل مختلف أنواع الإضطهاد والعذاب الجسدي والنفسي سواء في سجون الأنظمة أو سجون المنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية والقومية العنصرية أو سواء في هذه المجتمعات من أجل التخلص من القيود الظالمة وتحقيق الحرية والعدالة والمساواة.وتحاول المرأة المناضلة التخلص من وضعها المأساوي وكسر القيود الثقافية والشرائع الدينية التي تحرمها من حقوقها كإنسانة مساوية للرجل في الحقوق والواجبات,وتنهي العنف الذي يمارس ضدها. وهذه الفئة الشجاعة من النساء بمواقفهن وتضحياتهن الجسيمة يزرعن بذورالأمل لمستقبل أفضل ينهي فصول العبودية والتمييز,رافضين الخضوع للنواميس التي تنتقص من كرامتهن وحريتهن.وشرائح عديدة من النساء في المجتمعات الشرق الآوسطية يخضن كفاحاً مريراً ضد الأنظمة كما شاهدنا في إيران في الآونة الأخيرة وضربن أمثلة رائعة في الشجاعة  والتحدي لنظام ولاية الفقيه والمطالبة بحقوقهن وخلع الحجاب كرمز للعبودية,ونادين بالحرية.ونضال المرأة السورية والعراقية وفي تركيا ولبنان والأردن والسعودية تتخذ أشكالاً عديدة من أجل تحقيق أهدافها في الحرية والمساواة.وأفظع الجرائم أرتكبت بحق النساء بمختلف إنتماءاتهم الدينية والقومية في ظل الحروب المستمرة منذ سنوات في سوريا والعراق.وقد تعرضت النساء المسيحيات من أبناء الأمة الآشورية واليزيديات إلى جرائم بربرية على يد المنظمات الإرهابية بالتواطىء مع حكومات وسلطات إقليمية ومحلية لتحقيق مشاريع عنصرية دينية وقومية لإنهاء الوجود القومي لأبناء هذين المكونين على أرضهم التاريخية.
المرأة في هذه البلدان أمامها تحديات صعبة لا بد من مواجهتها بقدرعال من الوعي الجماعي وأنخراط فئات واسعة من النساء في النضال من أجل الحرية ورفض كل السياسات والشرائع الدينية التي تحرمها من حريتها الحقيقية.ولا بد من زيادة الوعي بين صفوف النساء لتدرك المعنى الحقيقي للحرية والحقوق الشخصية.وبكل أسف شديد ما زالت شرائح واسعة من النساء في بلدان الشرق الآوسط صامته او خنوعة أو راضية عن واقعها المزري او تجهل قضايا أساسية تخص شخصيتها وحقوقها كإنسانة.لأن الغالبية الساحقة منها مرتبطة بأجندات دينية وقومية وطائفية وسياسية للقوى المسيطرة على زمام السلطة,وهذا بحد ذاته يضع عائق كبير أمام توحيد القوة النسوية ونشاطاتها للتأثير في تغيير حالتها الإجتماعية. 
وفي ظل هذا الواقع المرير أن مرحلة النضال ستأخذ أمداً طويلا وستكون المعانات قاسية حتى على الأجيال القادمة.وفي هذه الحالة ليس أمام النساء إلا خوض معركة الحرية,وتفجير الثورات من أجل كرامتهن وتحقيق الحرية والمساواة.
07-03-2018       



16
رابي اخيقر يوخنا !
شلاما
شكراً على مروركم الكريم وأرائكم القيمة والنظرة الإيجابية حول نشاطات الشبيبة الآشورية في بلدان المهجر.في البدأ أأكد على نقطة هامة والكل يعلمها وليست خافية عن أحد بأن الشباب هم عماد المستقبل ولا بد من الأعتماد عليها في الوقت الراهن وفي المستقبل.ومع ذلك علينا أن نشخص الواقع الأليم بروح الموضوعية قدر الإمكان لكي لا نبقى أسيري مشاعرنا الصادقة تجاه شبيبتنا. بحسب رأي المتواضع وكأنسان ناشط على الساحة القومية والسياسية وبتواصل مع شبيبتنا ومن خلال كل النقاشات الدائرة مع الشبيبة وغيرهم من أبناء شعبنا,الغالبية الساحقة على قناعة تامة, والأراء متفقة بخصوص وضعنا المأساوي وبأن كافة أحزابنا السياسية ومؤسساتنا المدنية والكنسية والشبابية نشاطاتها وجميع تحركاتها على الساحة الداخلية والخارجية لم ترتقي إلى مستوى وحجم الدمار المأساوي الذي نعاني منه.وهنا لست بصدد العوامل الداخلية بين تشرذم شعبنا بين تسميات وكنائس ومواقف سياسية متناقضة بخصوص مصير شعبنا وحقه المشروع على أرض آشور وقيام كيانه الذي يحافظ على استمرارية وجوده.
أخي أخيقر ! 
تقول في تعليقك بأن (اولا ان كل الشباب الاشوري يفتخر  بانتماوءه  القومي  حتى الذين لا ينخرطون في نساطات اجتماعية او سياسية)هذا الشيء جيد بأن تفتخر شبيبتنا بإنتمائها القومي,ولكن هذا الشيء غير كاف كل قول وكل أفتخار أن لم يقارن بالعمل الفعال والتضحية هذا الأفتخار سوف لن ينقذنا ويقودنا إلى طريق الخلاص.الغالبية الساحقة من شبيبتنا التي تفتخر بإنتمائها القومي والمنتمية إلى الأندية الآشورية متقاعسة في نشاطاتها القومية والنضال السياسي وجلى أهتمامها هي بعض النشاطات الثقافية ولا نقلل من أهمية هذه الفعاليات ولكنها لا ترتقي إلى مستوى طموحاتنا وكفاحنا القومي,وهناك نسبة قليلة وأفراد ينجزون أعمال رائعة في تقديم المساعدات الإنسانية ويعملون على إظهار قضيتنا القومية في المحافل الدولية وفي بلدان المهجر.
أما بالنسبة لظاهرة الشباب المتعلم,نعم نسبة الأكاديميين بين آوساط شعبنا تزداد والمعارف العلمية في إزدياد بين آوساط الشبيبة والبعض حقق نجاحات على الصعيد الشخصي في العمل وفي بعض الدوائر الرسمية في بلدان تواجدهم.ولكن هناك فرق بين المستوى العلمي والوعي القومي والعمل السياسي من أجل حقوق أبناء الأمة الآشورية, ودعني أن أقول هناك محنة المثقف او المتعلم الإنتهازي الذي يبحث في المقام الأول على صنع مستقبله الفردي أو من أستغل مؤسسات شعبنا ليحقق لنفسه مكاسب شخصية,فهو غير مستعد للتضحية الحقيقية من أجل أمته وإذا شعر بأن نضاله القومي سيأثر على ما حققه من مكاسب شخصية فهو يبتعد من الخوض في غمار العمل القومي باالمستوى المطلوب,ولكنه يمارس اساليب مخادعة ليحافظ على الأمساك بالعصا من الوسط.وهذه الأمور نعيشها وهي في مركز جدالاتنا مع هذه الفئات.ولكنني أأكد مرة أخرى هناك فئة قليلة جداً من تساهم وبكل جدية في العمل السياسي والكفاح القومي وهي تستحق كل الأحترام.أنا أوافقك الرأي بما قلته (اعتقد ان الكادر السياسي الاشوري من ذوي التخصصات الاكاديمية هو افضل وسيلة سياسية لتنبى قضيتنا الاشورية)إذا أقترن ذلك بالفعل والتضحية والصبر وتحمل المشاق على مدى طويل من الزمن,وأن لا يبحث المرؤ عن المكاسب الشخصية.
أما بالنسبة لدور وسائل الأعلام الآشوري والتلفزيونات وكما يعلم الجميع بأن وسائل الأعلام سلاح فعال وقوي إذا إستخدم بشكل صحيح من أجل قضيتنا القومية.ووسائل الأعلام وخاصة التلفزيون هام جداً في نضالنا القومي,لي الفخربأني كنت واحداً من مؤسسي قناة آسيريا تفي الفضائية الأولى وأحد المسؤولين التي كان يمكن مشاهدتها في 86 دولة في العالم في عام 2000 وقد تحملنا الكثير ماديا ومعنوياً لإنجاز هذا المشروع القومي الهام جداً.ولكن بعد مرور أقل من عام قطع البث الفضائي لأسباب عديدة منها المحاربة الداخلية والخارجية بدون الدخول في التفاصيل.الآن قناة آسيريا تفي قائم على النت تحت إشراف مؤسسات وأندية آشورية,وكما يوجد العديد من القنوات الأخرى ولها أجندات مختلفة أقل ما يقال عن البعض منها لا تخدم المشروع القومي لأمتنا.
تقبل فائق محبتي وتقديري
ولك الشكر الجزيل



17
الشبيبة الآشورية والعمل القومي

الدكتور جميل حنا
الشبيبة تَبني كيان الأمم ومستقبلها.ومنذ العصور القديمة كان الشباب يلعبون دوراً هاما في حياة مجتمعاتهم في العمل والبناء والدفاع.كان منهم الطالب الذي يتلقى العلم والمعرفة و العامل في كافة مجالات الحياة والمحاربون في ساحات القتال يدافعون عن وطنهم.الشباب بقدراتهم الجسدية والفكرية يجسدون طموح وآمال الشعوب ببناء الوطن وتقدمه وتطورالمجتمع ليواكب التغيرات الحاصلة في الكون من أجل بلوغ  مستقبل مزدهرلأوطانهم,وهم مستقبله.إن نظرة موضوعية إلى واقع الشبيبة الآشورية في ظل الظروف المأساوية التي تمر بها بلداننا في العراق وسوريا وتركيا وإيران ولبنان, يوضح لنا حجم الدمارالفكري والنفسي والجسدي الذي لحق به نتيجة السياسات القومية والدينية العنصرية الحاكمة والمجموعات الإرهابية المتكاثرة في ظل هذه الأنظمة.وهذه الظروف المدمرة دفعت بالكثيرمن الشبيبة بالهجرة القسرية لئلا يكونوا وقوداً يحرقون من أجل بقاء أنظمة الاستبداد على عروشهم الواقفة على جماجم وبحر دماء الناس الأبرياء.ولا أن يكونوا أداة في يد الميليشيات او ما شابه من ذلك من تسميات لمجموعات قومية عنصرية التي فرضت وجودها بقوة السلاح من أجل تحقيق مشاريع تدميرية تهدف إلى تمزيق وحدة الوطن وكما هو الحال في شمال العراق والجزيرة السورية.ومع كل التغيرات الحاصلة في بلداننا سيبقى الشباب يمثلون الديناميكية الحيوية بالحفاظ على استمرارية وجودنا القومي على أرضنا والدفاع عن ما تبقى من أبناء الأمة.وبدون مشاركة الشباب والإنخراط في مؤسسات شعبنا منها السياسية والمدنية لا يمكننا أن نتصور أي استمرارية للكفاح القومي والأرتقاء بعمل وأساليب هذه المؤسسات ليكون في مستوى التحديات الخطيرة ألتي تواجهنا إلا بوجود هذه الفئة وبجدية تامة وبشكل كثيف في هذه الأطر التنظيمية.أن الأهتمام والعناية الواعية والتوجيه السليم للشباب يوفرأرضية صحيحة لمواجهة كل أنواع المخاطر.ولذا يجب أن تأخذ القضايا الشبابية ومؤسساتهم بإهتمام ودعم جدي من قبل الجميع لبناء جيلاً قوياً سليماً فكرياً وجسدياً.والعناية بهم من القضايا المصيرية حيث الظروف الصعبة التي تمربها بلداننا نتيجة الحروب المدمرة والسياسات التعسفية ومذابح الإبادات العرقية المستمرة ضد الوجود القومي لأبناء الأمة الآشورية,لقلع جذورنا من أرضنا التاريخية.أن شبيبتنا تواجه تحديات متنوعة وأغراءات كثيرة ويتعرض لضغوط شديدة للتخلي عن هويته القومية والإنصهار كلياً ضمن كيان القوميات المسيطرة على أجزاء وطننا المقسم.وأن المخاطر في دول المهجر ليست أقل تهديداً لوجودنا ولكن بشكل أخر,حيث تتعرض الشبيبة للإنصهار ضمن هذه المجتمعات الجديدة وتتحول إلى طاقات بشرية تخدم المصالح الأقتصادية وتطورهذه البلدان,وتقليد نمط حياة المجتمعات الغربية بكل حزافيرها من قبل البعض بسبب غياب الوعي القومي.وحتى في ظروف الأمان والسلام في هذه البلدان إلا أن الغالبية مع مرور الزمن يفقد هويته القومية,ومجموع القيم الثقافية واللغوية والتربوية والدينية والعادات والتقاليد الإجتماعية وهذا بحد ذاته نوع من أنواع الإبادة.ولذا يتطلب الأمربوضع إستراتيجية كاملة موحدة على أساس المصلحة القومية لضمان الحفاظ على الوجود القومي.والعمل على دعم المؤسسات الشبابية وتوفير الشروط اللازمة للقيام بمهامها بدون التدخل في شؤونها لكي تستطيع التطوروالإزدهار.ولابد من زيادة الوعي القومي بين صفوفهم,وطرح قضاياهم بكل موضوعية وبشعورعال من المسؤولية ومعالجتها بالطرق العلمية الصحيحة.وتطبيق أساليب عملية مفيدة تحاول مساعدة الشباب على مواجهة الصعاب التي تعترضهم والتشخيص والتحليل الموضوعي الصحيح لكافة المشاكل من أجل تقديم الحلول المناسبة.الحقائق الحياتية توضح لنا إن تحصين الشباب أزاء الأفكار العدمية واللامبالات والسلوكية الضارة يكمن في كسب الشباب للمساهمة في العمل القومي وربطهم بالقضية الوطنية.وتكوين الوعي السياسي لديهم وتوجيه طاقاتهم نحو أهداف محددة بالدفاع عن كيان الأمة.وصقل شخصيتهم يتم عبر المشاركة الفعلية وكسب الخبرة الفعلية لكي يستطيعوا ان يميزوا بين الأفكارالعدمية والأساليب الماكرة والمظاهرالبراقة التي تستهدف كيانه.لكي لا يسقطوا في شباك الدعاية الإستهلاكية وإلا ينقادوا وراء الحملات السياسية المشوها لحقائق التاريخ.إن التسلح بالمعرفة وكسب التجارب اللازمة ضرورية لكي يستطيع بواسطتها صد كل الممارسات والأساليب الضارية بقضايا الأمة,وتحمية من الإنزلاق نحو الممارسات الخاطئة التي تسيء إلى قيمه الإنسانية.على الشبيبة تحمل مسؤولياتها والقيام بمبادارات ذاتيه بتنظيم صفوفها بما يخدم المصلحة القومية مهما كانت طبيعة الظروف قاسية.و بدون الكفاح وتضحيات الشبيبة الذين هم عماد مستقبل الأمة سوف لن يكون هناك استمرارية الوجود.أن أبتعاد الشباب عن هموم وقضايا شعبهم بحجج واهية او حقيقية ليس له أي مبررفعليهم تحمل مسؤولياتهم بكل وعي وأخلاص والأبتعاد عن الأمور التي تدفعهم نحو اللامبالات تجاه القضايا المصيرية لأبناء شعبهم.وليشعر كل شاباً وشابةً من أبناء الأمة الآشورية بأنهم سفراء أمتهم المبعثرة في دول العالم وعليهم تحمل مسؤولية تمثيلها والدفاع عن وطنهم وإيصال مطالبهم إلى كافة المحافل الدولية والوطنية ولفت إنتباهها إلى الإضطهاد القومي الذي يتعرضون له في أوطانهم الأصلية.وعندما نتحدث بشكل عام عن الشبيبة في دول المهجر هناك الكثير من نقاط التقاطع بين الشبيبة في الوطن ومن هم خارجه.في ظل الأوضاع السياسية والأقتصادية والحروب المدمرة وخاصة في الوقت الراهن على المؤسسات الشبابية خارج الوطن وكافة المؤسسات السياسية والمدنية والدينية أن تولي الأهتمام الخاص بالشبيبة الصامدة على أرض آشو,روفي بلدانهم الأصلية في العراق وسوريا وتركيا ولبنان وإيران.وتقديم كافة أنواع الدعم المعنوي والمادي لهم لتوفير بعضا من شروط البقاء والصمود في مواجهة التحديات الخطيرة التي تواجههم من أطراف عديدة.سواء كانت الأنظمة والمجموعات العنصرية القومية والدينية إضافتاً إلى المجموعات الإرهابية من داخل هذه البلدان او المجموعات الإرهابية الصادرة من دول كثيرة في العالم والمستوردة إلى أوطاننا لتدمير حياة شعبنا والناس الأبرياء من بقية الشعوب.أمام المؤسسات السياسية والمدنية والدينية الكثير من المهام الصعبة والمعقدة على الصعيد القومي والوطني والعالمي ومنها مسألة الشبيبة,ولا يمكن تحقيق النجاحات والحفاظ على الوجود واستمرارية أبناء الأمة الآشورية على أرضهم بدون تضافر الجهود ووحدة الموقف من هذه القضايا المصيرية.
2018-01-07



18
الآشوريون  واستراتيجية العمل القومي

الدكتور  جميل حنا
منذ عهود طويلة يمرأبناء الأمة الآشورية بظروف مأساوية,كانت تتحكم بها وقائع دموية مدمرة ارتكبتها القوى الغازية التي كرست سلطتها الدموية بقوة الحديد والنارعلى أرض آشوروبشكل عام في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام .لقد أنعكست السياسات الدينية والقومية العنصرية العروبية والتركية والفارسية والكردية بشكل مأساوي على كيان أبناء الأمة الآشورية بكافة تسمياتهم الكنسية بدون تمييز.لقد تقلص اعداد هذا الشعب الأصيل أصحاب الأرض الشرعيين إلى شبه إنقراض كما هو الحال في تركيا بسبب مجازرالإبادات العرقية الكثيرة التي ارتكبت ضدهم خلال مئات الأعوام وخاصة المجزرة الكبرى في أعوام الحرب الكونية الأولى 1914-1918 وفي السنوات اللاحقة.وكذلك مذبحة سيميل وصورايا وغيرها في العراق وتقلص أعداد شعبنا حسب بعض التقديرات إلى الربع بعد سقوط نظام صدام في عام 2003 والحال ذاته في سوريا منذ الأزمة الدموية التي يعيشها الشعب السوري على ما يقارب من سبعة أعوام وخلال العقود المنصرمة من حكم حزب البعث القومي العروبي الإسلامي العنصري في كلا من سوريا والعراق تعرض الآشوريون إلى الأضطهاد القومي وأرتكاب جرائم كثيرة بحقهم وصهرهم في بوتقة العروبة وفرض أفكار وثقافة وتعاليم وقوانين عروبية إسلامية للقضاء على إنتمائهم القومي الأصيل.إلا أن هذه الأعمال البربرية لم تستطع أن تقضي على كل أبناء الأمة لأن جزء منهم تحمل كل أنواع الجرائم,ولم يتخلى عن هويته القومية بينما الغالبية أنصهر ورضخ وأصبح أدات في يد من يتحمكون بالسلطة سواء على مستوى البلد او مجموعات مسيطرة.وأنطلاقا من هذه المقدمة القصيرة ومن خلال التجارب الذاتية لشعبنا ومن موقع الأرتقاء  بالمسؤولية تجاه المستقبل والحرص على استمرارية الحفاظ على وجودنا على أرضنا تحتم علينا الظروف المدمرة البحث عن الوسائل الفعالة والقيام بخطوات فعلية تنقذنا من الفناء.من خلال نظرة موضوعية إلى التجارب الذاتية لشعبنا وتحليل واقعه المرير نرى الضعف التنظيمي والعملي للمؤسسات والأفراد على حد سواء وهذا بشكل عام مع بعض الإستثناءات القليلة التي لم تستطع حتى اللحظة بإحداث تغيير جوهري في واقعنا.ولذا تستوجب الحاجة ضرورة الإسهام وبشكل فعال في النضال القومي وبناء المنظومة الفكرية القومية المتحررة من التبعية وذلك من خلال زيادة الوعي القومي بالإرتكازعلى الموروث الحضاري الثقافي والتاريخي واللغوي والألهام من أفكار قادة الأمة.وكذلك زيادة وعينا السياسي بما يخدم أهدافنا القومية,وليس تكريس جهودنا في خدمة سياسات ومشاريع من يضطهدنا.أن التقارب بين مختلف المؤسسات المدنية والدينية  والسياسية والأفراد يدفعنا خطوة إلى الأمام لبناء جسم منسجم مع ذاته وموحد للأفكار التي تهدف إلى تحقيق أهدافنا القومية والحفاظ على وجودنا من الإنقراض من وطننا.أن تبنى أهداف قومية مشتركة ستدفعنا بالضرورة إلى تقارب شديد أن لم نقل وحدة كافة الفصائل من النواحي المؤسساتية,بل نعني وحدة في الأهداف وهذا بحد ذاته إنتصارعلى الأفكار والأفعال الهدامة التي كرست حالة الإنقسام بين شعبنا من ناحية التسميات والإنقسام الكنسي وغياب الطرح القومي كما جاء في أفكار قادة الأمة في بداية القرن العشرين والمشروع القومي المطروح آنذاك والذي كان يمثل كافة شرائح وكنائس شعبنا.أن تحقيق ذلك ممكن إذا توفرت الإرادة الصادقة ووضع مصلحة الأمة فوق كافة المصالح الأخرى.بالتأكيد لا ندعي بأن تحقيق ذلك من القضايا السهلة بل هي عسيرة المنال بفعل تعقيدات كثيرة وتشابك بين أمورعديدة خلال عقود من الزمن بين مؤسسات شعبنا السياسية والمدنية,ومنها مئات السنين مثل الإنقسامات الكنسية هذه من الناحية الذاتية.وهناك العوامل الخارجية التي فرضت على شعبنا بمختلف وسائل القمع والإضطهاد والقتل وإخضاع البعض بوسائل الرعب والترغيب وتحقيق مصالح ذاتية لبعض الأفراد الذين كرسوا جهودهم لإظهارصورة مشوهة عن حقيقة واقع شعبنا المؤلم من أجل الحصول على مكاسب شخصية. 
ولكن توفرالإرادة الصادقة والمبادرة لخلق الأجواء المقبولة للبحث عن إيجاد أشكال وأداة التنظيم الملائمة للقيام بالفعليات المشتركة لتحقيق أهداف محددة, وإدارة الحوارات والنقاشات الهادفة إلى تحقيق وضع خارطة أفكار ومهام مشتركة.وهذا يدفعنا لإنجاز أعمال تخدم تحقيق أهدافنا,وسيعززبالضرورة الروابط القومية بين أبناء شعبنا.أن الدفع نحو الحوار البناء من الأولويات التي يبنى عليها أساس الأنطلاق لمواجهة التحديات الصعبة التي تواجهنا جميعا بدون إستثناء.وأن الفهم المشترك لمصادر الخطر التي أستهدفتنا في الماضي وفي الوقت الراهن وفي المستقبل سيضعنا أمام وضع مشروع قومي موحد يهدف الحفاظ على ما تبقى لنا من وجود على أرضنا في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران. ولتنفيذ هذه المهمة لابد من وضع آليات للتضامن وبناء الثقة المتبادلة بين كافة الأطراف على قاعدة المشروع القومي الموحد الذي يضمن لنا حقوقاً قومية وسياسية وأقتصادية ودينية وأجتماعية ومشاركة فعلية في السلطات التشريعية والسلطة التنفيذية, ودساتير تقروتعترف بهويتنا القومية وحقوق مواطنة حقيقية بدون تمييز ديني او قومي .بدون هذه الأسس التي ذكرت لا يمكننا القيام بأعمال كبيرة ترتقي إلى مستوى طموحاتنا القومية,ولا يمكننا مواجهة التحديات التي تستهدفنا كل بمفرده,إلا بالموقف المشترك الموحد لرؤيتنا المستقبلية.ولتحقيق ذلك أكرر كل ذلك يبدأ بفتح باب الحوار واللقاءات المنتظمة,وبقدر ما نحمله من أفكار التسامح تجاه بعضنا البعض بهذا القدر نكون أقرب للواقع وأقرب لبعضنا البعض من أجل تحقيق الأهداف القومية والحفاظ على شعبنا من الإنصهار الكلي في وطنه المجزأ وتشريده بالوسائل العنفية إلى خارج وطنه.أن بناء أجواء الثقة المتبادلة بين كافة الأطراف وبدخولها في حوار جدي مثمرهام جداً,بعيداً عن كل التكتيكات الحزبية والمصالح الشخصية,التي لا تأتي بنفع للقضية القومية  المشتركة التي ندعي جميعا بأننا نعمل من أجلها.وقد أثبتت تجارب الحياة التي نعيشها بأن غياب الحوار المتبادل وانعدام الثقة والتضامن بين مختلف المؤسسات الحزبية السياسية اوالثقافية والأجتماعية وحتى الشخصية,دفعنا بالدخول في عزلة,والقوقعة حول الذات الحق ضرراً بالغاً بمجمل العمل القومي.وكذلك النظرة السطحية للقضايا القومية وتدني المستوى الفكري والفهم الحقيقي للحرية القومية والكفاح من أجلها خلقت حالة من اليأس واللامبالات لدى شرائح واسعة,وحتى جزء ممن يرفعون راية العمل القومي   والخضوع لسياسات مُضطهدي شعبنا من أنظمة حاكمة ومجموعات مسيطرة على الأرض.عدم توفرالأمكانات الحزبية والشخصية القيادية وتقديم الأجوبة المقبولة لهموم الأمة وعجزها عن تنفيذ المهام الكبرى زاد من عجز التفكير وخيبة الأمل لدى فئات واسعة من أبناء الشعب وخاصة في قادة مؤسساتهم السياسية الحزبية والكنسية والمدنية.وأن محاولات البعض لحكرالعمل القومي اوالسعي لذلك بأنهم يمثلون هذا الشعب,وهم بالأصل خاضعون لقوى قومية أخرى مسيطرة على الأرض,اثبتت التجربة الحياتية فشلها.كما أكدت الحياة ذاتها ان ساحة العمل القومي ساحة واسعة مشرعة الأبواب.الجزء الأعظم من هذه الساحة ما زال خالياً من العمل القومي الحقيقي,وهذا يحتاج إلى قدرات كبيرة وتضحية هائلة لتغطية وأملاء الفراغ القائم في ظروف بالغة التعقيد على كافة المستويات والأصعدة السياسية والدينية والأقتصادية والأجتماعية والجغرافية وفي أجواء فقدان الثقة, ثقة الشعب بمؤسساته المختلفة والموقف السلبي منها نتيجة ما قامت به من إرتكاب أخطاء جسيمة بعدم تبنيها المشروع القومي لقادة الأمة المطروح في بداية القرن العشرين والتصرفات الشخصية,أومما لم تستطيع أنجازه من مشاريع تخدم الثبات والحماية وتقديم الدعم المادي والمعنوي والسياسي للبقاء على أرض الوطن.والأنقسامات على مختلف المستويات وبين كافة المؤسسات الكنسية والحزبية والمدنية كان وما زال عائقاً بتحقيق ذلك.كما لم تستطع أي مؤسسة أو حزب القيام بالدور القيادي لتنظيم الجماهيرلأجل الأهداف القومية.أضافة لذلك مجموع العوامل الخارجية الأخرى المعادية لشعبنا,ألا وهي اتفاقية سايكس- بيكو وتقسيم وطن الآشوريين بين تركيا وسوريا والعراق وجزئيا أيران وهذا الواقع الذي فرض بالقوة الدولية بالتحالف مع قوى محلية كان كارثياً على وحدة الآشوريين من الناحية السكانية والجغرافية ونتيجة ذلك فرض ثقافات ولغات عرقية وشرائع دينية وقومية مختلفة غريبة على أبناء هذه الأمة.وهذا الواقع الجغرافي التاريخي الذي عاشه وما زال حتى الآن في ظل الأنظمة القومية الشوفينية وأحكام الشريعة الإسلامية, وما تعرض له من أضطهاد وقتل وتشريد ومذابح إبادة عرقية جماعية,ونتيجة ذلك الحالة النفسية التي يعيشها شعبنا والرعب الذي زرع في النفوس وحالة الخوف التي ما زالت تتحكم بكل تفكيره وتحديد تصرفاته سواء في الحياة اليومة اوالسياسية بالرغم من أختلاف مواقعه الجغرافية والأجتماعية والسياسية والأقتصادية بين مختلف البلدان, إلا أن حالة الخوف تلازمه على أجزاء أرض وطنه الأصيل. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه حالة دائمة أم يمكن احداث تغيير في هذ المجال؟ من يتحمل المسؤولية بخلق حالة الوعي والعمل لأجل المشروع  القومي؟
في البدأ أود أن أقول أنها مسؤولية فردية وجماعية مرتبطة بحالة الوعي القومي الحقيقي الذاتي.ولكن أذا كان هذا الوعي القومي الذاتي ضعيفا أوغائباً من فكرنا بسبب الظروف المذكورة أعلاه,فمن أين يكون الشعوربالمسؤولية القومية؟فإذا نظرنا إلى تاريخ الأحزاب على مدى ما يقارب قرنين من الزمن نجد بأن دور الأحزاب في حياة مجتمعاتها مؤثر,وأحدثت تغييرات جذرية على الصعيد الوطني في مختلف بلدان العالم,ودورالأحزاب أختلف بحسب طبيعة المجتمع والظروف السائدة والمرحلة التاريخية,ولذا كانت الأهداف تنبع من واقع حال البلد او لنقل الشعب,هل هذا الحزب يسعى إلى التحررمن نير الأستعمار وبناء الدولة المستقلة, ام أنه يسعى السيطرة على السلطة بوسائل القوة العسكرية, أو أستلام االحكم في البلد بالوسائل الديمقراطية,ام يسعى الحزب الحفاظ على الوجود القومي لشعبه في ظل أنظمة ديكتاتورية استبدادية قومية ودينية ,وتحقيق الحرية القومية ألخ...بكلمة واحدة هناك اختلاف كبير بين دوروأهداف الأحزب في دول العالم وهناك أمور مشتركة هذا ما تأكده وقائع التاريخ على مدى ما يقارب من مائتين عام على نشأت الأحزاب في العالم.والحال كذلك بالنسبة للشعب الآشوري فكان تأسيس أول حزب سياسي قومي في عام 1917,الذي أسسه المفكر والشهيد البطل فريدون آتورايا مع بعض من رفاقه, بنيامين أرسانيس وبابا بيت برهد ارهان وشليمون دسلماس " الحزب الاشتراكي الآشوري" وأصدر بيانه التنظيمي السياسي القومي في وثيقة عرفت " ببيان آورميا للإتحاد الآشوري الحر" ويسمى أيضاً ب " مانيفستو أورمي" وفيه أعلن عن أهداف الحزب وهو ( تحقيق الوحدة وتأسيس الحكم الذاتي في أورميا ونينوى وطور عابدين ونصيبين والجزيرة وجلمايرك والوحدة مع الاتحاد السوفيتي).كما ساهم الشهيد العظيم في تأسيس أول صحيفة قومية  هي صحيفة كخوا ( الكوكب) في عام 1906واستمرت في الصدور حتى عام  1918 ومن هذا نجد أن العمل القومي او الفكر القومي  في برنامج الحزب أنطلق من قضايا أساسية وهي شروط لا بد منها للحفاظ على استمرارية الأمة. التحرر من نير القوى الغازية لأرض آشور وقيام الحكم الذاتي لآشور بمنظارعلماني يتبنى الفكر الأشتراكي في بناء الدولة, الدعوة إلى الوحدة بين مختلف المذاهب الكنسية ونبذ التفرقة والأنقسامات بين صفوف الشعب بفعل التأثيرات الخارجية.كما عمل الحزب على نشر الوعي القومي بين أبناء الأمة,ولذلك نجد كتابات قادة الأمة من مختلف الكنائس تسير في ذات النسق والتأكيد على وحدة أبناء الأمة.وأدرك القادة بأن الأحزاب هي الطليعة الواعية والقوة المنظمة والمؤهلة لقيادة المجتمع والتي تقوده إلى التحرر والتخلص من الطغيان والاستبداد والاستعمار وبناء دولة عصرية مزدهرة ترتكزعلى قوانين تحقق العدالة والمساواة بين مختلف طبقات المجتمع,واستمد هؤلاء القادة  طروحاتهم  الفكرية من أفكار ثورة اكتوبرالأشتراكية في روسيا,لكنها في إطار الفكر القومي الآشوري الاشتراكي التحرري.لقد وضع هؤلاء الأسس الفكرية للكفاح من أجل الحرية القومية.ومن هذا المنطلق على الأحزاب أن تقود نضال الشعب إلى التحرر من نير الظلم والأضطهاد والحرمان من الحقوق القومية.وكذلك تعمل على نشر الوعي القومي وترسيخه بين أوساط الجماهيروتحريرالأفكارمن التبعية والخضوع لمشاريع غريبة لا تصب في مصلحة أبناء الأمة.  تقديم الصورة والقدوة والمثل الصالح في التضحية والشجاعة اللازمة من أجل الحرية القومية التي لا يمكن بدونها الحفاظ على الكيان القومي وتقدمه وأزدهاره.
أن نضال الشعوب وكفاحها وتضحياتها يخلق الظروف المناسبة لتحقيق الأهداف,لأن الظروف ليست شيئاً جامداً أنزل من السماء أو واقع أستنبط من باطن الأرض بل هو نتيجة الفعل أو الأفعال الذي يقوم به البشر.كلما كانت الطروحات القومية والسياسية واضحة في خدمة المشروع القومي كما ذكرأعلاه ستكون فرص تحقيق الأهداف أفضل,وسيكون التعامل مع القضية القومية الآشورية في المحافل الدولية بشكل مغايرة.من هنا تنبع الحاجة الماسة الضرورية ببناء أجواء الثقة المتبادلة لكي تستطيع الأحزاب والمؤسسات الآشورية القيام بالمهام الصعبة, ودفع عملية نضال الشعب نحو المسارالصحيح لتحقيق الأمال والأهداف.ولا يتحقق ذلك إلا من خلال الأتفاق وأتخاذ القرارالسياسي الجريء على قاعدة الموقف القومي الصلب الذي يضع مستقبل الأمة في المقام الأول.والعمل على اساس القواسم المشتركة وتجاوز الأعتبارات الحزبية والذاتية.ان تجاوز هذه العقد مطلب ضروري لتستطيع تجاوزالمحنة التي يعاني منها الشعب الآشوري.والأنتقال إلى مراحل نضالية أخرى معقدة حيث لا يمكن بلوغ أو تسجيل نجاحات فيها إلا بتوفيرالأرضية اللازمة لذلك.على الجميع إذاً الأدراك بأن العمل القومي تضحية وفداء وشجاعة ونكران الذات لأجل الهدف وليس العكس تكريس المؤسسات والأحزاب لأجل الغايات والمصالح الشخصية, وتكريس ذلك في الواقع العملي وليس النظري. والإيمان  بأن القضية التي يناضل من أجلها هي ضرورة حياتية لأجل البقاء ويمكن تحقيق الهدف.إذا استطاعت المؤسسات والأحزاب القومية كسب التأييد وجلب القوى اللازمة وتنظيمها,وكسب تضامن الغالبية من أبناء الشعب.ويقع على عاتقهم إبقاء  مشعل النضال موقداً دائماً .وأن يبقى الطرح القومي مطروحا باستمرار من قبل المؤسسات والأحزاب لأن الأحزاب انطلاقا من موقعها في وسط الشعب,ولأهمية دورها الذي يجب أن تلعبه,ونتيجة التجربة النضالية الغنية للأحزاب في العالم والتجارب الخاصة لأحزابنا يجب إرساء قواعد الفهم الصحيح للمطالب والحقوق القومية.
أما إذا كانت طروحات الأحزاب القومية تحت مظلة الخوف والحياء والتبعية لهذه السلطة المستبدة او لهذه القوة المسيطرة وميليشياتها العنصرية, فلن يأخذ وزنا من قبل العالم للقضية الآشورية.في غياب استراتيجية شاملة لمستقبل الاشوريين في وطنهم بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام على أرض آشور سيكون المستقبل أكثر كارثيا مما هوعليه اليوم, بالرغم من حجم المأسي الفظيعة.
قد يكون الطرح سهلاً ولكن أمور الحياة أعقد من ذلك بكثير وليس من السهل استيعابها والغور في عبابها الهائجة.ولكن من يريد الحياة والبقاء وتحقيق الهدف لا بد أن يمتطي عواصف الكون والحياة والصراعات السياسية العالمية بين القوى العالمية المختلفة, حتى ولو كنا كذرة صغيرة في هذا الخضم الهائج,لكنه سنكون جزء متحرك في هذا الجسم الضخم, ومن الذرة يشع النور.عندها سنمنح أنفسنا فرص  الحرية والتخلص من الظلم والطغيان.أما إذا بقينا أسير الأفكار السطحية والأفكار التي زرعها السلاطين و الحكام ورؤساء العشائر المسيطرة على الأرض في رؤوسنا,سوف نسحق جميعاً,والقتلة المجرمين سوف لن يمييزوا بين هذا وذاك حتى الخنوعين المستسلمين الجبناء سيأتي يوماً وتنتهي مهمتهم وسيسحقون تحت الأقدام  مكبلين بقيود المذلة والعار.ولكن شتانا بين الإنسان الحرالذي يقدم حياته فداء حرية  شعبه وبين من خان قضية أمته.بعض الأفكار التي  أود أن اختصرها في النقاط التالية:
توحيد الخطاب السياسي للأحزاب الآشورية ووضع استراتيجية قومية شاملة تنطلق من المشروع القومي الذي وضعة قادة الأمة في بداية القرن العشرين.
أستقلالية القرارالسياسي  الآشوري.
بناء جبهة قومية عريضة بين مختلف المؤسسات السياسية والمدنية الملتزمة بالثوابت القومية.
العمل على زيادة الوعي القومي المبني على المنطق العلمي الصحيح وينبذ التمييز العنصري.
العمل على التحررمن الخوف والتبعية للقوى المستبدة الظالمة سواء كانت حكومات اومجموعات مسيطرة .
وضع مصلحة الأمة فوق المصلحة الشخصية.
العمل على تحقيق المشروع القومي الآشوري’وليس الدعاية والعمل والدفاع عن المشاريع العربية والتركية والفارسية والكردية, على أرض آشور.لأن لكل قوم له رجاله ونساءه يدافعون عنه.
وختاما أقول أنني مع حرية أبناء الأمة الآشورية كما مع حرية كافة الشعوب في العالم,ولكنني أرفض رفضاً قاطعاً اي مشروع قومي وديني يسلبني حريتي وأرضي ويقيم عليها مشاريعة العنصرية ويلغي الوجود القومي الآشوري ويفرض مشاريع بقوة السلاح, كما ارفض رفضاً قاطعاً سياسة التعريب والتتريك والتكريد والتفريس .نحن مع العيش المشترك بين كافة مكونات المجتمع في سوريا والعراق وتركيا وأيران على أساس دساتيرلا تميز بين المواطنين بحسب الدين والقومية, بل تمنح الجميع حقوق متساوية وفق المواثيق والمعاهدات الدولية والأعلان العالمي لحقوق الإنسان, والأعتراف بهوية الشعب الآشوري دستورياً كشعب أصيل في وطنه.
2017-12-07
 



19
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (10)

(آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية,التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثاروفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذاالموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشورفخروكنز وزينة يملىء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة).
في هذا الجزء نواصل البحث في الأناشيد- الملاحم- الأساطير تكملة للجزء التاسع وكما ذُكر سابقاً (فأن ملحمة كلكامش تحفة أدبية خالدة لا تضاهيه في الأدب العالمي أي عمل أدبي آخرهذا ما يؤكده الباحثون في علم الآشوريات ويشاطرهم هذا الرأي بدون تحفظ الأدباء والكتاب العالميين.وبهذا يعترفون بأولية الأدب الجميل في بلاد ما بين وتعتبرملحمة كلكامش أكثر شهرة,ممثلة لهذه الآداب الرائعة.ليس الأخصائيين بعلم الأشوريات يرغبون ويبحثون لمعرفة منابع نشوء هذه الآداب الجميلة،وإنما المهتمين بعلم الأدب العالمي أيضاً).الملاحم والأساطير كانت أقل عدداً مقارنة مع نصوص العلائم والأدب الكلامي التي عثر عليها في أطلال مكتبة(آشور بانيبال)وفي مواقع أخرى,إلا أنها كانت تمثل قمة إبداع أدبي رائع.وكان التمايز الشكلي بين الملاحم والأساطير يكمن في أن الملاحم تعني بأعمال الأبطال,التي تجري في عالم الإنسان,رغم انطوائها على قدر كبير من الغيبيات بينما الأساطير تعالج أموراً ذات طابع إلهي.وكانت السمات الجوهرية للأساطير تكمن في مبدأين أساسيين ألا وهما  تفسير منشأ النظام الكوني والسمة الأخرى معالجة التوترات التي تنشأ على الصعيد الإجتماعي او السياسي او الشخصي,وبشكل خاص كانت مواضيع الأسطورة تبحث في المجالات التالية: أصل الكون, خلافات الآلهة,خلق الإنسان,النظام الإجتماعي.أكثرالأساطيرأهمية في بلاد ما بين النهرين في الألف الأول قبل الميلاد كانت "اسطورة الخلق" التي يدور حولها "مهرجان رأس السنة" في مدينة بابل وهي بحد ذاتها كانت تتكون من عدد من اساطير قبلها تم دمجها بشكل يتناسب مع هدف تمجيد الإله "مردوك"إله بابل ومن ثم الإله آشور حاكم الكون.
 
أسطورة الخلق (أينوما إيليش)
 تدورأحداث ملحمة "الأينوما إيليش"حول قصة خلق الكون والإنسان بعد صراع طويل بين الآلهة.وتتألف هذه الملحمة من 1100 سطر تم تجميعها من حوالي ستون نسخة تم اكتشافها في أماكن عديدة، هناك عدة نسخ للملحمة في بابل وآشورولاسيما في مكتبة الملك أشور بانيبال (673 – 668 ق.م).وقد كتبت على سبعة ألواح فخارية وكل لوح يحتوي من 115 إلى 170 ىسطراً.وقد اكتشفها هنري لايارد في عام 1849 أثناء حفريات التنقيب في أطلال مكتبة آشوربانيبال في نينوى وطبعها جورج سميث.وتعد ملحمة الأينوما إيليش إلى جانب ملحمة كلكامش من من أقدم وأروع الأبداعات الأدبية التي سجلت في بداية الألف الثاني قبل الميلاد,أي قبل ألف وخمسمائة سنة تقريبا من كتابة الإلياذة وتدوين اسفار التورات العبرانية.وإسم الملحمة مأخوذ من الكلمات الإفتتاحية في النص فأينوما إيليش تعني (فعندما في الأعالي لم يكن هناك سماء.. وفي الأسفل لم يكن هناك أرض...و لم يكن في الوجود سوى المياه الأولى ممثلة في ثلاثة آلهة (أبسو) المياه العذبة و( تعامة) و (ممو)." فأبسو"هو الماء العذب "وتعامة"زوجته كانت الماء المالح أما "ممو" فيعتقد البعض من الباحثين بأنها الأمواج المتلاطمة الناشئة عن المياه او الضباب المنتشر فوق تلك المياه.
    في البدء كانت الإلهة "نمو" ولا أحد معها، وهي المياه الأولى التي انبثق عنها كل شي
    أنجبت الإلهة "نمو"ولداوبنتا.الأول"آن" إله السماء المذكر والثانية "كي"إله الأرض المؤنث وكانا ملتصقين مع بعضهما وغير منفصلين عن أمهما "نمو"
    ثم قام "آن" بالزواج من "كي" فأنجبا بكرهما "أنليل" إله الهواء الذي كان بينهما في مساحة ضيقة لا تسمح له بالحركة.
 "إنليل" الإله الشاب النشط لم يتحمل ذلك السجن فقام بقوته الخارقة بفصل أبيه "آن"عن أمه "كي"، فرفع الأول فصار "سماء"، وبسط الثانية فصارت أرضا.ومضى يرتع بينهما
    ولكن "إنليل" كان يعيش في ظلام دامس،فأنجب "إنليل" ابنه "نانا" إله القمر، ليبدد الظلام وينير الأرض." نانا" إله القمر أو"سين" أنجب بعد ذلك "أوتو" أو "شمش" إله الشمس.وبعد أن ابعدت السماء عن الأرض،وأنبعث نور القمرالخافت وضوء الشمس الدافئ، قام "إنليل" مع بقية الألهة بخلق مظاهر الحياة الأخرى.
    حين السموات في الاعالي لم تكن قد دعيت بعد
    ولا كان للارض في الاسافل اسم يطلق عليها
    (ابسو) الواحد الاول،ومنجبتهم وصانعتهم( تيامة)
    التي ولدتهم جميعا ومزجت مياههم معا
    لكنها لم تشكل المروج، ولا اكتشفت غياض القصب
    ولا اسماء اعلنت، ولا اقدار رسمت
    عندها ولد" آلهة" في داخلهم
    انبثق " لحمو لحامو" واعلنت اسماؤهم
    وما ان نضجوا واكتمل تكوينهم ،
    حتى ولد "انشار كيشار" وتفوقا عليهم
    امضيا الايام حتى تمامها واضافا على السنين سنينا
"انو" اول مواليدهما نافس اسلافه
 
    فقد صنع "انشار" وليده "انو" شبيها له
    كما انجب "انو" (نوديميد ) على شاكلته
   و"نوديميد" تفوق على اسلافه
    عميق المدارك حكيما قوي الساعدين
انشار" الذي أنجبه.  تفوق قدرته بكثير قدرة سلفه "
  آلهة  ولم يكن له منافس بين اترابه
 من أهم القضايا الأساسية التي يمكننا أستنتاجها من هذه الملحمة الرائعة هي الأفكار والعبقرية الفائقة على التحليل وعلى النظام الكوني وعلاقة كافة المكونات مع بعضها البعض والتأثيرالذي تحدثه مختلف الشخصيات أو الآلهة في بناء حياة منتظمة من أجل سيادة الإنضباط وتأمين استمرارية البقاء والتطورفي الكون بالرغم من كل التناقضات والصراعات المختلفة بين القوى العديدة.وهذه الملحمة ما زالت قيد التحليل من قبل المهتمين بها وقد قدمت تفاسير كثيرة وتطرق إليها العديد من المؤرخين ولها ترجمات عديدة. 
 
والملحمة الأكثر أهمية في بلاد ما بين النهرين هي ملحمة كلكامش وتأكد الوقائع بأنه فعلاً كان هناك شخصاً بهذا الأسم وكان حاكم مدينة "أوروك" في آوائل الألف الثالثة قبل الميلاد,حيث كُتب العديد من الملاحم المختلفة حول شخصية كلكامش وفي بداية الألف الثانية قام شاعر بابلي ودون تلك الملاحم باللغة الأكادية ودمج هذه الملاحم بعضها مع البعض حيث ابدع في خلق ملحمة متكاملة وربط ذلك بذكاء ب "قصة الطوفان" التي لم يكن يجمعها قبلاً أي جامع مع كلكامش.هنالك أموروأحداث متعددة في الملحمة,لكن المحور الرئيسي تجري فيه الأحداث حول الخلود أي مسألة موت الإنسان وسعي الإنسان لجعل نفسه مساوياً للآلهة الخالدين والفشل المؤكد لهذا الهدف عبروصول الإنسان إلى لحظة الموت الحتمي.وقد تشكلت حول شخصه العديد من الحكايات الأسطورية والبطولية،ألتي تسرد أخبارأعماله الخارقة،وسعيه المستميت إلى معرفة سر الحياة الخالدة,والفكرة الأخرى وهي في غاية الأهمية أيضاً ألا وهي العلاقات الإنسانية أي الصداقة التي بدونها لا يمكن الخوض في مغامرات الحياة والكفاح من أجل تحقيق النجاحات والطموحات والأهداف من أجل العيش بشكل أفضل.
وقد عثر على أجزاء من الملحمة خارج بلاد ما بين النهرين مما يؤكد على إنتشارها على نطاق واسع.ويؤكد مؤرخو الحضارات القديمة على أن الحضارة الأغريقية (الهيلينية) إنما استمدت اصولها من حضارتي مصر الفرعونية وحضارة بلاد مابين النهرين,وقدم العديد منهم شواهد كثيرة على انتقال الآداب الآشورية البابلية إلى اليونانة " الأغريقية" ليبنى على اساسها آدب الملاحم الشعرية الخالدة- في فترة تسبق الألف الأولى قبل الميلاد.وقد بدا لهم بوضوح كاف أن شعراء الأغريق وأدبائهم الآوائل كانوا يلمون الماما كافيا بالقصص والملاحم والأساطير الآشورية البابلية وأنهم تداولوها وتأثروا بها.وفي مقدمتها ملحمتا "كلكامش " و "إينوما إيليش" كما تتضمن نصوص مكتبة "آشور بانيبال" الكثير من الملاحم الأخرى التي كانت تخلد انتصارات ملوك من العصر الآشوري الوسيط.
ملحمة كلكامش إبداع أدبي شعري راقي من الطراز الممتاز اكتشفت في عام 1853 في موقع مكتبة آشوربانيبال الملكية في نينوى وهي مدونة بالخط المسماري على أحدى عشر لوحا طينيا.ويحتفظ بالالواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني.
 وفي عام 1870 عكف جورج سميث على ترجمة ملحمة كلكامش إلى اللغة الإنكليزية وهو عالم الأثار المتخصص في علم الآشوريات وقد توفى في عام 1876.
وتعد ملحمة كلكامش من أهم وأكمل عمل إبداعي أسطوري شعري،كتبت سطوره منذ العهد السومري في المرحلة الواقعة بين (2750و2350) قبل الميلاد عن الملك كلكامش الذي عاش في مدينة أوروك الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وقد تشكلت حول شخصه باقة من الحكايات الأسطورية والبطولية،التي تسرد أخبارأعماله الخارقة،وسعيه المستميت إلى معرفة سرالحياة الخالدة وبلوغ أعلى الدرجات ليبقى الإنسان حياً خالداً.
وملحمة كلكامش تعكس لنا طبيعة الحياة الأجتماعية والسياسية وإدارة شؤون الدولة وكيفية إتخاذ قرار الحرب والسلم وطبيعة الأختلاف في التفكير بين جيل الشباب والشيوخ والمعتقدات السائدة في ذلك العصر,والكفاح المستميت
لوح الطوفان من ملحمة كلكامش:
لقد كُتب عن هذه الملحمة دراسات كثيرة من قبل المهتمين في مختلف بقاع العالم وقدمت تحاليل رائعة وشرح الأفكار الخالدة الواردة في الملحمة.ومع ذلك مازال تظهربين الفينة والأخرى بعض الأبحاث عن مضمون هذه الملحمة التي يجد فيها الباحثون أفكارأسطورية تستمد قوتها بفعل تطابقها على واقع حياة البشروأفكارهم على وجه الكرة الأرضية في الزمن الحاضر.والمسألة الأخرى التي تشغل أفكار الناس الحالة الميتافيزقية او ما وراء الخيال اوعالم الغيب,وبهذا الصدد ما زال الإنسان الحالي يطرح الأسئلة الكثيرة عن معنى الحياة وما الذي يحصل بعد الموت وهذه الأفكار التي تشغل بال الناس يدفع ببعض الباحثين لإيجاد الجواب غير العلمي( ربما في المستقبل غير المنظورقد يصل الإنسان إلى براهين علمية مقنعة)على هذه التسائلات التي قد تُطمئن أو تقلق الإنسان أكثر.ومما ذكر فهذه الملحمة الخالدة هي نتاج واقع حياتي عاشه الإنسان في بلاد ما بين النهرين منذ الأزل وبين أفكار الخيال الأسطوري المشوق منها والمحزن.وكما هي الحالة النفسية التي مرّ بها كلكامش عندما فقد صديقه الوفي "أنكيدو".وهذه الحالة النفسية يعيشها إنسان اليوم أيضاً بفقدان أحدى الأحبة على قلبه.والأفكار الغنية والتشعب في طرح كافة القضايا التي كانت تهم الإنسان القديم.وما زالت هذه الأمورهي في محور أفكار الناس في عصرنا,الكفاح من أجل إزالة الفوارق الإجتماعية بين البشر وكذلك مسألة المعتقدات والمقدسات,وحرية التعبيرعن الرأي,والتأكيدعلى الأختلاف على قاعدة المساواة بين الجميع بين الحاكم والمحكوم.وأن تكون المهام المناطة باالإنسان حسب مقدراته أي الإنسان المناسب في المكان المناسب وأن لا يكون عبر أستخدام التسلط بوسائل القمع والقتل والدمار.والملحمة تطرح مسألة هامة أخرى أيضا الشجاعة وعدم الإستسلام للخوف والجرأة على مواجهة الآلهة وفي عصرنا هذا مواجهة طغاة السلاطين.
ملحمة كلكامش تقدم لنا صورة واضحة عن كيفية إدارة شؤون الدولة وأتخاذ القرارات بشأن القضايا المصيرية مثل مسألة الحرب والسلام, حيث نجد صورة واضحة لطريقة الحكم عندما أرسل(آجا) حاكم مدينة كيش مبعوثين إلى اوروك، يحملون معهم إنذاراً نهائياً لتسليم اوروك للملك الغازي،وكان قرارالشيوخ بتسليم المدينة،ولكن مجلس الشباب أجتمع وبحث هذه القضية المصيرية ولم يوافق على تسليم المدينة للغازاة،وقد أثبتت وقائع الحياة صحة  قرارهم التاريخي.
إن رسل "أجا" بن "أنميبارا جيسي"
ساروا من كيش إلى كلكامش في اوراك
وقال لهم:
علينا إلا نذعن لبيت كيش ولنحارب بالسلاح
لكن مجلس شيوخ المدينة المنعقد أجاب كلكامش
لنذعن إلى بيت كيش ولا نحارب بالسلاح
إن كلكامش سيد كللاب مرة أخرى
عرض الأمر على محاربي المدينه وطلب القرار
فأجاب مجلس المحاربين المنعقد كلكامش
لن نذعن لبيت كيش ولنضربه بالسلاح
                  هذا الأسلوب في إدارة شؤون الدولة يوضح لنا المستوى الراقي في إتخاذ القرارات,وبأنه لا يمكن لأي حاكم العبث بحياة البشر من أجل الحفاظ على سلطته ومصلحة أعوانه.وهوأيضاً تأكيدعلى حرية الرأي والممارسةالديمقراطيةعلى أعلى المستويات.حيث نجد من خلال أجزاء من الملحمة معارضة أراء ومواقف مسؤولي الدولة أي مجلس الأعيان بدون التعرض إلى عقوبات بحق من ينتقد او يهاجم شخص ما يحمل مسؤولية في جهاز الدولة.
ونجد في مكان آخر في اجتماع مجلس الشيوخ مناقشة أمر سفر كلكامش وصديقه أنكيدو إلى غابة الأرز:
في الساحة العامة أجتمع الشيوخ
أنت شاب، والشباب كثير الحماسة
أنت طموح وطموحك ذهب بك بعيدا
سمعنا بان خمبابا لا كسائر الخلائق
أسلحته ثقيلة لا تقهر
لخمبابا زئير كهدير الطوفان
النار تنبعث من فمه، يتنفس موتا
لا احد يجرؤ على الوقوف في وجهه     
وهنا نقداً لمجلس الشيوخ الذين لم يرق للناس تصرفاتهم وربما أفكارهم او تقاعسهم في أداء مهامهم بالشكل المطلوب.
أشراف اوروك كئيبون في منازلهم
طغيانهم لا يكبح لا بالنهار أو الليل
نواحهم أناتهم بلغت مسامع الآلهة في السماء
دعوة الإلهة عشتار للقران بكلكامش يظهر قدرة وعظمة الرجل الشجاع والحكيم والقادر على تحطيم كافة الصعوبات التي تواجهه.
تعال يا جلجامش وكن عريس
هبني ثمارك هدية
كن زوجا لي وأنا زوجا لك
سأمر لك بعربة من ألازورد، وذهب
عجلاتها من ذهب وقرونها من كهرمان
تشد إليها عفاريت العاصفة بغلا عظيمة
وملفوفا بشذى الأرز بيتا
قبلت المنصة قدميك والعتبة
وانحنى لك الملوك والحكام والأمراء
يضعون غلة السهل والجبل أمامك، تقدمة
ستحمل عنزاتك توائم ثلاثة، ونعاجك مثنى
سيبز حمارك أثقال البغال
وخيولك تطبق الآفاق شهرة جريها
أما ثيرانك فلن يكون لها تحت النير نظير
ومن هذه الجزئية الواردة في الملحمة نجد إلهة معبودة تلجأ إلى إنسان في غير مرتبة الآلهة للحصول على رغباتها الجسدية.فطلبها الأقتران بكلكامش هو دليل واضح على إنها وجدت في الإنسان شيئا غير موجود عند الآلهة.وهذا الطرح يعكس الأختلاف بينهما حول ما هو الثمين وما هي القيم الأكثر أهمية.ونجد موقف صريح لكلكامش من العرض الذي تقدمت به عشتار:           
وأنا ما الذي أجنيه أن تزوجتك
أقدم لكِ زيتا، ثياباً فاخرة
خبزاً طعاماً     
أنتِ كباب البيت الخارجي لا يصد ريحا
لا يمنع عاصفة
كقصر عظيم أنتِ، كقصر يتحطم فيه الأبطال
كفيل عظيم يرمي عنه حليه
كالقطران أنتِ يلوث يد حامله
كقربة ماء أنتِ تبلل من يحملها
كحذاء تزل به قدم منتعله
أي من عشاقك الكثر أخلصت له الحب
أي راع قدر أن يرضيك
أصغي إلي أقص عليك خبر عشاقك
لن تستطيعي أن تنكري الخبر
هذا تموز، الشاب الوسيم زوجك الأمين
أمرت النادبات والنائحات
أن يندبنه، وينحن عليه سنة بعد سنة
وقعت في حب الطائر الشقران، الطائر
المرقش ذي الريش الجميل فماذا حدث له
كسرت جناحه، هام في البساتين
يئن صارخا يا لجناحي يا لجناحي
ثم ماذا؟ أحببت الأسد حفرت له سبع حفر
أحببت الحصان لكنك أخضعته للسوط والمهماز
حكمت عليه بالجري ساعات وساعات
قضيت أن ينضح بالعرق
عشقت راعي القطيع الراعي الذي جمع أكياس الفحم
ليشوي لك الجداء فماذا صنعت به
مسخته ذئبا تطارده كلاب القطيع
أحببت فلاح النخيل عند أبيك، ايشولانو
فماذا صنعت به؟ تنظرين إليه بشهوة، تقولين
تعال مد يدك إلى خصري، ضمني، متعني
بقوتك العجيبة يا ايشولانو
يجيب المسكين: أمي خبزت وأكل من خبزها
لماذا أكل خبز الشر والعهر
 ويتابع كلكامش في جزئية أخرى ما فعلته عشتار ب دوموزي بأمر منها أرساله إلى العالم السفلي, ونتيجة هذا الفعل الظالم بحق دوموزي تصاب الأرض بالجفاف والقحط ويلحق بسبب  ذلك أذى كبير بالإنسان.
                 
وهناك كان دموزي يجلس بجلال في مجلسه،
مرتديا ثيابا جليلة
قأمسك به الشياطين من,
وهجم عليه السابع من,
فلم يعد الراعي يعزف الناي ولا المزمار
وصوبت (انانا) نظراتها إليه (دموزي): نظرات موت
ونطقت بكلمة ضده: كلمة سخط
ونطقت صرخة ضده: صرخة إثم, وقالت خذوه
وهكذا أعطت أنانا المقدسة دموزي الراعي بيديهم
 
هذه الكلمات تحمل في طياتها حكمة الأفكار والعبقرية التي كان يملكها كلكامش.فهو يظهر للإلهة عشتار ومن خلالها ربما لأغلب الآلهة,وهو يذكرهم بمكانتهم ما هو الدور المناط بهم والمكانة التي يشغلونها والأفعال التي يقومون بها لكي يكونوا متميزين عن البشر.إن كان الآلهة يفعلون ما يفعله الإنسان العادي الفاني,فإذاً لماذا الخلود للآلهة وليس لشخص حكيم وجبار مثل كلكامش,وهذا ما كان كلكامش يسعى لبلوغه.ولكن يتضح لنا من الملحمة أن الآلهة كانت مختلفة عن بعضها البعض الإله شمش كان يوأزر كلكامش أثناء مغامرته مع صديقه أنكيدو لمواجهة خمبابا حارس غابة الأرز القوي.
وتكلم جلجامش مخاطبا شمش
تبعت شمش سلكت طريقا قدره لي شمش
أشفق شمش استجاب لصلاة كلكامش
فهاجت الرياح الإعصار هبت على خمبابا
الريح الشمالية العاتية والجنوبية العاصفة
هبت الرياح والزوابع الرياح الحارة
فأعمت عيني خمبابا
استسلم خمبابا، توسل
دعني يا كلكامش أذهب، أنت سيدي الآن
أنا خادم لك
الأشجار التي تعهدتها في جبالي هي لك
ابني منها بيوتا من خشب الأرز
وبعد معركة ضارية بين حارس الغابة الوحش المخيف الثور المقدس والقضاء عليه تقرر بعض الآلهة بالموت على أنكيدو لأنه شارك في قتل موكلهم حارس الغابة.وبعدها  يصاب كلكامش بحزن عميق على فقدان صديقه الحميم.
وأثر ذلك يقرر كلكامش رحلة البحث عن سر الخلود وبلوغ الإنسان الوحيد الذي حصل على الخلود وكان أسمه أوتنابشتم وفي طريقه يصادف سيدوري صاحبة الحانة المقدسة وتحاول ثنية بالرجوع إلى آوروك وتعرض عليه الملذات الجسدية:
ان الحياة التي تبغي لن تجد...
كن فرحاً مبتهجاً نهار مساء...             
اتخذ زوجة ونم بسلام على كتفها
أنها تجد المسرة في أحضانك
وانظر إلى الصغير على يدك...
... لكن كلكامش كان مصراً أن يواصل البحث,وترسله إلى أورشنبي ليساعده عبور بحر الأموات ليصل إلى أوتنابشتم الإنسان الوحيد الذي حصل على حياة الخلود الأبدية.
عندما واجه كلكامش أوتنابشتم
قال كلكامش له اوتنابشتم
ها أنذا جئت له اوتنابشتم
الذي يلقبونه بالبعيد
طفت جميع البراري والقفار
اجتزت الجبال الشاهقة
عبرت جميع البحار
لم ينعم وجهي بالنوم الهنيء
قتلت الدب والضبع والأسد والنمر
والأيل والوعل وجميع حيوان البر
أكلت لحومها، اكتسيت بجلدها، وها أنا
انظر إليك يا اوتنابشتم
شكلك عادي، واراك مثلي
نعم شكلك عادي، وأراك مثلي
قد صورك لي جناني بطلاً على أهبة القتال
لكن ها أنت مضجع على جنبك أو قفاك
                 قل لي كيف دخلت زمرة الآلهة وفزت بالخلود؟
وبدأ أوتنابشتم يسرد له قصة الطوفان العظيم الذي حدث بأمر الآلهة,ولم ينجى منها سوى هو وزوجته ولذا قررت الآلهة منحهم الخلود.ويرد عليه كلكامش بسرد قصة حياته مع رفيقه أنكيدو " البطل أنكيدو,رحل صديق قلبي,سوف لن يعود أبداً....ربما سأرقد بجواره,ولن أستيقظ ابداً.... وكان كلكامش مصراً على معرفة السرإلا أن أوتنابشتم يضع عليه شرطاً بأن يبقى يقظاً أكثرمن أسبوع ليلاً نهاراً,لكن كلكامش فشل في اجتيازهذا الأختبارالصعب,ولكنه يبقى مصراً على معرفة السر فتشفق عليه زوجة أوتنابشتم فتدله على عشب سحري في أعماق البحربإمكانه منع الشيخوخة.انطلق كلكامش وقصد المكان بحماس عله يتجنب ذات المصير الذي لحق بصديقه أنكيدو,وبعدها غاص في أعماق البحروأقتلع العشب السحري.وفي طريق العودة استلقى من شدة الإرهاق,وعندما استيقظ وجدى أفعي تزحف نحوى جحرها وقد أنسلخ جلدها وقد كانت ألتهمت النبتة.يعود كلكامش حزينا إلى أوروك مستسلما للقدر المحتوم ويتقبل فكرة الموت التي لا بد أنها قادمه.لكنه يقرر بأن يقوم بإرساء قواعد العدل وبناء المدارس لنشر العلم والمعرفة وتشييد المباني والآسوار ليبقى أسمه خالداً.وبعد مرور آلاف السنين على كتابة هذه الملحمة الرائعة ما زالت مصدر إلهام للأدباء والكتاب والشعراء والموسيقيين والباحثين في علم الآدب العالمي,وعلماء التاريخ وكافة المهتمين بالمكتشفات الأثرية والحضارة الإنسانية.
2017-11-03
1.   M.Lambert, RH,457,1961,21
2.   J.D.Wiesman ,BabyloniannWisdom literature, 1961
3.   S.N.Kramer, Sumerian Mythology
4.   S.N. Kramer , Historie
5.   W.G. Lambert –A.R. Millard , Atra-hisis.The Babylonian story of the Flood with the Sumerien flood story by M.Civl, 1969
6.   M.David , Le recit du )In :Gilgames et sa legend ,1958
7.   V.Schneider m Gilgamesch , 1967
8.   H.Schmökel , Das Gilgamesch _ Epos, eingefuhrt ,rhytmisch ubertragen und mit Ammerkungen verschen , 1966
9.   J.Klima  NO  11 /9 ,1966, 135 sk.
10.   B. Meissner , Literatur…,40
11.   I.M. Gyakonov ,Studies Landsberger, 1965 , 343 sk.
12.   V. Afanaszijeva , uber einige probleme in der sumerischen literatur ; 1974
13.   A. Parrot , Assur 297,302,306,181
14.   A. Draffkorn – Klimmer ,The Discovery of an Acient Mesopotamian Theory of Music, proceedings of the Amer. Phil . society 115/2 , 1971
15.   J.Klima , Meezopotamia
16.   هنري ساغس, جبروت آشور الذي كان ,ترجمة د. آحو يوسف
17.   أساطير من بلاد ما بين النهرين(الخليقة, الطوفان, كلكامش وغيرها))ترجمتها ووضعت المقدمة, ستيفاني م. دالي,ترجمة د.نجوى نصر إلى العربية.
18.   سومر وآكاد, د. وديع بشور,1981
19.   جرجس فتح الله,مباحث آشورية تاريخ ما أهمله التاريخ, 1996
 



20
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (9)
الدكتور جميل حنا
                                     
 (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة). 
الأناشيد – الملاحم - الأساطير
الصورة شعرٌ صامت,والشعرُ صورة متكلمة (بلوتارخوس – يوناني فخر أثينا)     )
المهتمين بعلم الأشوريات يزعمون بان ملحمة جلجامش تحفة أدبية خالدة لا تضاهيه في الأدب العالمي أي عمل أدبي آخر ويشاطرهم هذا الرأي بدون تحفظ الأدباء والكتاب العالميين. وبهذا يعترفون بأولية الأدب الجميل في بلاد ما بين النهرين، وتعتبر ملحمة جلجامش أكثر شهرة ممثلة لهذه الآداب الرائعة. ليس الأخصائيين بعلم الأشوريات يرغبون ويبحثون لمعرفة منابع نشوء هذه الآداب الجميلة، وإنما المهتمين بعلم الأدب العالمي أيضا.         
منذ عقود غير طويلة من الزمن كان جواب الأخصائيين في هذا المجال واضح متفق عليه، بان الكتابة في بداية تكوينها استخدمت الأناشيد والتراتيل.وحاول بعض الأخصائيين بعلم الأشوريات وبعض علماء تاريخ الآداب بإملاء هذا الفراغ الحاصل بالفلكلور الشعبي وإعطاء تفسيرات حسبما يروق لهم.
إن الاكتشاف الأثري الهام في تل أبو صلابيح أعطى جواباً مدهشاً لتصورات العلماء. لقد تم العثور بين مجموعة الألواح القديمة التابعة لتلك الفترة الزمنية في هذا الموقع الأثري الهام على ألواح من عصر أوروك أوشوروباك مكتوبة عليها أعمال أدبية ومن بينها نشيد" معبد كيش" وليس فقط ما يخص تسجيل الواردات والصادرات فقط.
لم تكن بالطبع هذه التراتيل أروع المؤلفات التي أبدعت في عصر الازدهار الذي ندهش له. وإنما هناك شيء مثير للعجب بأن النشيد حافظ بالبرهان القاطع على شكله ومحتواه القديم بدون تغيرات جوهرية تذكر خلال ثمانية قرون من الزمن، لأن السومريين منذ القرن السابع والعشرين قبل الميلاد كانوا  يتضرعون للإله أنليل حامي نيبور.
وهكذا سكان بابل في القرن التاسع عشر كانوا يصلون بنفس الكلمات، وكان المصلين في المعبد يتوسلون للإله نيبادا حامية الكتابة، وكانوا يتغنون بمعبد كيش (ترفع قمتها فوق قمم جميع معابد البلد...عظيم...معبداً حقيقي لذلك ظهر في الحلم المواد والأدوات اللازمة للبناء والأشكال الأخرى التي ظهرت في الحلم كانت ترمز للألهة أيضا.         
وأما الحمار كان يرمز إلى غوديا ذاته. (وملحمة جلجامش تبدأ أفعالها بتفسير حلم يتبنؤ بالمستقبل (جلجامش الحكيم) الذي يعلم كل الأمور والدته تفسر الحلم بأن ابنها سوف يكسب صديق مخلص،أنكيدو) ومن الحالتين المذكورتين يتبين بأن تطور الأدب في هذه المرحلة كان مرتبطاً ومتداخلاً مع الدين.
ولكن بالمعنى الحرفي للكلمة فإن الأدب الديني يتمثل في التراتيل التي كانت تتلو في المعابد وأما اختيار الرموز والصور الشعرية يتم من خلال التمسك بالعادات والتقاليد السائدة آنذاك. ليس غريباً ان نجد التشابه الكبير بين الأناشيد الأكادية والأناشيد السومرية في مراحلها المبكرة.عوضاً عن الشرح والتحليل نورد هنا مقطع من تراتيل الإله شمش الذي يبلغ مائتي سطر:
تنير الظلمة في قوس السماء،
تدمر الشرير في الأعالي والأعماق...
الشعب يستقبلك بالهتاف،
آه، شمش العالم  يتعطش إلى نورك...
المحتاج يشجو على ركبتيه بخشوع،
يصلي ويترجاك بصوت عال
الذي يركع أمامك  تباركه،
ومن يخضع لك تجيب دعائه,
يمدحون أسمك بخشوع،
ويمجدون عظمتك إلى الأبد.
والتراتيل في المقاطع التالية تمجد الإله شمش وعدالته:
لا يفر المجرم من شباكك
لا يفلت المجرم من بين عقدتك.
تكشف عن النذل
الذي نظر نظرة سوء إلى إمرأة  قريبة
أو الذي رفع نظرة على امرأة قريبة))
إذا وجهت إليه سلاحك لن يخلص
وحتى والده لا يستطيع مساعدته أمام القاضي
الذي لا يمكن أن ترشيهـ الذي يحمي الضعفاء،
الذي يرضي شمش تكون حياته طويلة على الأرض.
إلقاء نظرة على كتب أنبياء العهد القديم وكتب التراتيل (الأناشيد) نجد كم من المتغيرات المرافقة لبعضها بالطبع لم تكن هذه التراتيل من نفس العهد. ولكن التقليد السائد في الشرق الأوسط هو تشبيه الله بالنور وظهوره وسط العواصف والرعد والبرق ومجيئه لمحاسبة البشرعلى أفعالهم.وهناك تشابيه محددة راسخة من الكتب المقدسةومن أكثرهذه المواضيع المعروفة بداية خليقة العالم–الإنسان والطوفان.
المبارزة الشعرية.   
إن نبرة الحكم الشعرية كانت مستساغة إلى حد كبير في بلاد ما بين النهرين وخاصة نوع القصائد المشاحنة التنافسية بين الخصم(الهجاء).وفي هذا الجدال الحاصل كان كل واحد من الخصم المشارك في المبارزة واثقاً من صحة ما يقول ويحاول التغلب على خصمه وأن يضعه في موقف هزلي ويتغلب عليه.وهذا النمط كان قريباً جداً من قصص الحيوانات التي كثيراً منها ضمت الملاحم والأساطير أيضا.ً
(مثال على ذلك الجزء الذي يتهم بها جلجامش عشتار بعدم الإخلاص يشير إلى ذلك عدداً من قصص الحيوانات. أصل الضفدع – القصة التي تحكي زقزقة الطيور..الخ وفي عهد جلجامش تم إضافة تسجيل قصة حول الثعلب أيضاً وقصة حول الصقر والأفعى والتي أصبحت مقدمة لملحمة إتانا) ...الخ)
واشتهرت مجموعة نصائح الحكم الآشورية من عهد السلالة السركونية، وفيها أب ينصح أبنه (وحسب آراء أخرى المعلم ينصح تلميذه).وما يضاهي هذا الكتاب القيم هي حكم  احيقار الحكيم.
والعبرة دائماً نصيحة أو تحذير، مثال الدعوة إلى الحياة الأخلاقية مساعدة المعوزين النية الحسنة نحو الخصم، تحذير من النساء الطائشات، الخصام، والكلام غير المتزن الواعي كما يشير الكتاب والجانب الديني الدعوة بالدرجة الأولى الالتزام والقيام بالواجبات المفروضة تجاه الآلهة. والغالبية العظمى من النصائح صالحة لمدى الدهر
راقب لسانك، وحافظ على كلامك، بهذا تكمن قوة الإنسان.
قبل كل شيء لتتألق شفاك، اشمئز من الاستهزاء والاتهام، لا تهزء بالآخرين، لا تعطي نصائح شريرة، من يفعل خدعة، يفقد كرامته.
وأبيات شعرية آشورية أخرى (مشابهة على النمط المذكور أعلاه) على نفس النمط – على أغلب الاعتقاد السائد بأنها تراتيل موجهة للآله نينورتا ويحوي على دروس وعبر أخلاقية
من يضطجع مع امرأة رجل آخر، يقترف ذنب فظيع
القسم باطلاً, مهين للكرامة.(شهادة الزور,مهين للكرامة)
من يرفع يؤشر بأصبعه إلى قريبه بالنية الطالحة، ومن ينثر اللعنة على أخيه،
ومن يدفع مرؤوسيه إلى الفقر المدقع، ومن يستغل الفقير حسب أهوائه السيئة... إنسان شرير، والذي......)
الترنيمة الجنائزية
إن الآلهة والبشر خرقوا أسس ومبادئ الأخلاق العامة بالرغم من كل التحذيرات التي دونت ولقنت بعدم ارتكاب الفواحش، خلال عصور التاريخ دمرت المدن مرات عديدة، وعانى سكانها الويلات الفظيعة وذاقوا مرارة العيش وهلك الكثير من البشر، نتيجة هذه الأحوال السائدة ظهر نوع من الترانيم الجنائزية، وتنتمي إلى المؤلفات الأكثر سحرية (فتونة) من بين الأعمال الأدبية التي ظهرت في بلاد ما بين النهرين.
ومن بين هذه الأعمال الأكثر كمالاً وسحراً مبكى مدينة أور يعني المدينة المدمرة من أهم التراتيل السومرية التي عثر عليها
تتألف من إحدى عشرة ترنيمة غير متساوية الطول مجموعها أربعمائة وستة وثلاثون سطراً مكملة بالترنيمة الرد الجوابية
عبر الشاعر المجهول بمناسبة تدمير المدينة وخرابها اللإنساني بترتيله مليئة بالحزن والأسى العميق بما حل بمدينتهم
الناس يموتون جوعاً، والجثث مرمية في الشوارع، والعجزة يهلكون في البيوت الملتهبة بالنار،ونهر الفرات يجرف جثث الأطفال الرضع ومن خلص من المأساة أخذ للعبودية، تحولت المدينة إلى أنقاض مدمرة ومن تجاوز محنة المأساة التي أصابتهم أخذوا للعبودية العلاميين والشوبارتيين الطغاة المهاجمين يدمرون معابد الآلهة، وهؤلاء يغادرون مدينة أور على عجل. والترتيله تعبر عن الشكوك بالإلهة ولعدم قدرتها على تقديم العون وإنقاذ والدفاع عن الناس.
(في المعابد، حيث كان أصحاب الرؤوس السوداء يبحثون عن هدوء لأفكارهم يزداد الغضب والحزن عوضاً عن التقوى والخشوع)
وفي الخاتمة يميل الشاعر إلى التسامح – المسالمة – والثقة والتفاؤل:
(العاصفة، التي دمرت في السماء ووعلى الأرض وكل الأحياء وشعب الرؤوس السوداء
لتهدأ إذاً هذه العاصفة!
لتغلق الأبواب ورائها، كباب الليل الكبير!
لن نسمح للعاصفة بأن تطغي!
لنملك القوة بدق المسامير لغلق معبد انليل!
والترتيله الحزينة المشابهة على آخر الملوك السومريين إبي – سين والذي عثر على جزأين مكسورين منه في مكتبة معبد نيبور
.أن لا تعتني الأم بطفلها،
أن لا يدلع الزوج  قرينته،
أن لا تحصل المرأة على المتعة في سرير زوجها،
أن لا يكبر الطفل في أحضان أبيه،
أن لا تنوم المربية الرضيع،
أن يتغير مقر الكرسي الملكي،
أن يقيد الحكم العادل،
أن تنقل الملكية من البلد وتأخذ للغربة،
لكي يقدم إبي سين إلى أرض عيلام،
لينقل إلى أعماق الجبل، حتى انسانيج
لكي لا يعود لمدينته،
أن لا يعود إلى مدينته، مثل الطائر إذا دمر عشه، مثل الغريب
أن – إنليل ملك جميع البلدان،
هكذا أوصى بمصير سومرمن يتجرأ أن يحرف كلام آن؟
من يتجرأ أن يتهجم على كلام إنليل؟
يعرف كثيراً من ترانيم الحزن (مبكى نيبور عندما دمرت – مبكى أورو – انيم – جينا لأجل دما – مدينة لاغاس)
ونعلم عن البعض الآخر من عناوين الفهارس التي عثر عليها مثال
مبكى من أجل سقوط مدينة أغادا من عهد نارام سين))
مبكى من أجل تدمير سومر..الخ
بالإضافة لذلك عرفت ترانيم حزن متنوعة أخرى رددت في الطقوس الاحتفالية أو قيلت مثال على ذلك غناء الحزن لأجل دوموزي، والتي نظمت لأجل إله عالم النبات، والذي عرف من ملحمة بعنوان من السماء الكبرى – العظمى – نحو الأرض الكبرى.
يبكى على دوموزي عندما ينتقل إلى عالم الغيب، ويأتي الشتاء القارس ويمجد الطبيعة، ولكن مع قدوم الربيع يعود الآله ويحتفل بعودته بقيامته.
الأمثال
إن حكمة الشعب في بلاد ما بين النهرين تنعكس بوضوح في رؤيته من خلال الأمثال المتداولة. يعرف مئات الأمثال من العهد السومري، والتي كتب الكثير منها في مجموعة مؤلفات،كتب مدرسية. وقصد الأمثال في حالات عديدة غير واضحة لأننا لا نفهم أساس الوضعية التي قصد بها الكاتب، ولكن الغالبية من الأمثال واضحة جلية ومفهومة، تنقل صورة واضحة عن واقع العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ونشاهد أمثال مشابهة لها في عصرنا.والمثل التالي يعبر بواقعية عن هموم الإنسان الفقير
(إذا مات الفقير لا تقيموه: إذا ملك اللحم لا يوجد خردل، إذا ملك خردل لا يملك اللحم)
ويعرف سخرية الناس من ذلك العهد على المتعجرفين المتكبرين (يبني كالسيد ويعيش كالعبد، يبني كالعبيد, ويعيش كالسيد))
وأشاروا إلى المشاكل العائلية على الشكل التالي:
من لا يتزوج وليس له أطفال لا يربط أنفه بالرسن). (كان قديماً يوضع حلقه في أنف أسيرالحرب ويقاد بواسطته))
لم تكن الزيجات دائماً موفقة (قلب الخطيبة مليء بالفرح – وقلب الزوجة مليء بالحزن))
بعد لم يصطاد الثعلب يضع الحمل حول عنقه!
مثال عليه من هذا العصر (يشرب سلفاً لأجل فروة الدب!
والمثل الحالي من تحت المزراب لتحت المدلف!)
أو (في حين هربت من الثور الهائج سحقتني البقرة البرية)
المؤلفات السياسية :
بهذا الخصوص ايضا ابدع الملوك الآشوريين .حيث نجد الملك تغلاتي – نينورتا الأول يضع مؤلفا يوضح فيها وجهة النظر الآشورية من العلاقة بين الآشوريين  وبين الكاشيين الذين غزو بابل وفي هذه الكتابة يظهر فيها كالمدافع ومنقذ الوطن واالحاكم المختار من قبل الآلهة.وبعد مرورعقد ونصف من الزمن حيث نجد الكتاب في بلاط الملك تغلاتي – ابال- إيشارا يكتبون بنفس النمط حيث يصفون سيدهم الملك "الصياد الشجاع لبغال الجبال" وكما نشاهد بأن الملك آشور-أهيدينا يكتتب شعرا على إعادة إعمار بابل ومقدار الهم الذي يحمله في قلبه من أجل المدينة والخراب الذي أصابها بعد تدخل الغزات فيها.ومنذ أكتشاف هذه الوثائق تعتبرأحدى أهم الكتابات التي عثر عليها من هذا النوع ويوجد منها أربع نسخ وقد ترجمت إلى لغات عديدة, والنسخة الأصلية ليس لها عنوان والأصدارات الجديدة أعطت عنواين مختلفة لهذه الكتابة منها " نصائح إلى الملك" " مرآة الملك " تنبيهات للملك" " تحذيرات للملك بالتنجيم " وعالم الآشوريات الروسي  يسميه " بالكُتيب السياسي " والذي عنون للملك الشاب" سنحاريب".ولكن دعونا من كل هذه الأقتراحات حول التسمية,ولنركز كيف كان يتم مخاطبة الملوك الآشوريين العظماء,وكيف كانت تقدم لهم التحذيرات والنصائح.
ولنرى مثل على ذلك:
" الملك ,
إذا لم ينصاع إلى الدستور (القوانين )- سيتمرد الشعب عليه , وتتحول المملكة إلى خراب,
إذا خرق دستور وطنه – مصير الملك  سيحطمه القدر, غريبا يطرد إلى عالم "إيا",
إذا أنتقص من أجداده,أعماله تصغر(مزاياه تصغر,في عيون الشعب ),
إذا لم يستمع للأول(الحكيم) في البلد- ستبدأ القلاقل بين أوساط الشعب,
إذا ساد الفساد في المجلس- فسدة الأخلاق في البلد ,
إذا أستمع إلى نصائح "إيا " سيتقدم في طريق مستقيم ,والآلهة  ستحمي خطواته...
هذه الوثائق التي كانت محفوظة في مكتبة آشوربانيبال, ويوجد العديد من الأمثلة أيضا على الأداب الجميلة في بلاد ما بين النهرين.وكانت على الأغلب تلقى هذه الأعمال الأدبية شفهيا على الناس وكان يتداولها عامة الناس , ولذا نجد الكثير يتحدث عن الفلكلور في بلاد ما بين النهرين.
الأغنية .
كانت الأغاني هي من أكثر الأشياء الرائعة  التي يستمتع بها سكان بلاد ما بين النهرين.ويقول أحد الشعراء غير المعروفين من بابل أثناء سماعه لأحدى الأغاني أنها " أحلى من الخمر والعسل"
وعثر على سجل الأغاني في آشور والذي يصنف الأغاني حسب  نوعها : أغاني الصباح ,أغاني المناسبات السنوية ,أغاني العزائم والأحتفالات,أغاني الحب, والشجاعة, أغاني الرثاء,أغاني القتال, والعمل, وكان هذا النوع الأخير من الغناء يغنيه عمال شق الترع والقنوات . وقد عثر على لوحات في نيبورعلى نثر شعري سومري ويعد من أقدم أشعار الحب في الأدب العالمي.ويعتقد من كلماتها بأن لحنها كان عذبأ, إلا أننا لا نعرف بالتأكيد.
" حبيبي,كم أنت غال لقلبي,
عناقك رائعاً حلواً,مثل العسل
أسدِ,كم أنت غال على قلبي ,
عناقك رائعاً حلواً, مثل العسل.
أسرتني, مرتعشة  أقف أمامك,
 حبيبي ,لو تأخذني إلى أريكتك (الأريكه),
حبيبي دعني أضمك بين ذراعي,
قبلاتي الملتهبة حلوة , كاالعسل:
نستشف شهد شفتينا, على أريكتكَ,
في حضنك الرائع ,لنكن سعداء,
أسدِ, دعني أضمك بين ذراعي,
قبلاتي الملتهبة حلوة, كالعسل!
الموسيقى :
كانت الموسيقى والآلات الموسيقية لها دور بارز في حياة البلاط وخاصة في طقوس المعابد وفي الأحتفالات الوطنية خاصة أحتفالات رأس السنة وفي مناسبات كثيرة منها عندما يتم تدشين مشاريع حيوية ذات أهمية في حياة المجتمع.
لقد عثر على الكثير من المصادر الأدبية حول خصائص الموسيقى في بلاد ما بين النهرين وعن غنى الألحان والآلات الموسيقية وتنوع كبير نجدها في الرسومات المتوفرة بين أيدينا في الوقت الحاضر.في ذلك العصر لم يقتصرأهمية الموسيقى على الأستمتاع الذاتي بل كانت تؤدي وظيفة إجتماعية,وفي غالبيتها كانت تظهر في طقوس العبادة,والبعض الآخر كانت تستعمل في المناسبات الدنيوية .وكانت الموسيقى تلعب دوراً هاما في طقوس المعابد ومراسيم القصر على حد سواء. فعدا عن الترتيل الذي يقوم به ال " كالو" كانت هناك فئة \اخرى من الأشخاص المتخصصين في ذلك ويؤدون الألحان غناءً وعزفاً.وكان لقب الرجل من تلك الئة هو " نارو" ولقب المرأة "نارتو" غالباً ما يرد ذكر الموسيقى إلى جانب الكهان ال" الكالو" في طقوس المعابد.وغالباً ما كان ذكر الموسيقيين – رجالاً ونساءً على السواء  - بأعداد كبيرة فيما يتصل بشؤون القصر.كذلك كان الموسيقيون يرافقون الملك الآشوري في حملاته.وكان المزمار من اسهل الآلات الموسيقية التي جهزت من القصب ,وكان يسمى بالسومري " جي- جيد (جي = قصب),وفي البدأ كان الرعاة  من جهزها, وفيما بعد تم تجهيز,تصنيع المزمار من البرونز,والفضة والذهب.يذكر غوديا حاكم  لاغاس في احد الوثائق أن " إنليل راعي الماعز, ملىء أجواء قاعىة معبد "إنين"الجميلة بالمرح).
لقد عثر على انواع مختلفة من القيثارات اثناء الحفريات في المقبرة الملكية ل" أور", وهذا يتضح  بأن القيثارة كانت من الآلات الموسيقية المفضلة من خلال الحفريات التي تمت في الطبقة الرابعة,وذلك حتى قبل عهد  غوديا بخمسمائة عام. وفي ذلك الحين كانت القيثارة تتألف من ثلاثة آوتار, ولكن عثر على أختام أسطوانية  من القرن السابع والعشرون قبل الميلاد في عهد " مي ساليم" الصور تبين بأن القيثارة كانت لها ستة آوتار. وفي الحقيقة فأن القيثارة كانت من الآلات الموسيقية الملكية.
القيثارة التي عثرعليها في قبر الملكة " بو- آبي" كانت على شكل مستطيل كانت الحواف مرصعة بحجر اللازورد والصدف.ولكن أجمل قيثارة عثر عليها وهي مصنوعة من الخشب,وعليها مجسم رأس الثور مصنوع من الذهب, ومرصع بحجر اللازاورد.كانت هذه القيثارة الملكية تتألف من أحدى عشر وتراً وكانت مفاتيح الشد مجهزة من الذهب. وقد عثرعلى قيثارة بخمسة عشر مفتاح شد وهذا يدل بأنه كان هناك تنوع كبيرفي انواع القيثارات.وكانت القيثارة تسمى على الأغلب بعدد آوتارها مثلاً (ثاليثتو) أي ثلاثة آوتار  او مثلاً (سابيتو) سبعة آوتار.قد استخدمت آلات النفخ والطبلات بأنواعها الكبيرة والصغيرة ودف الخشخاش والصنج والعود الصغير ذات رقبة طويلة وصندوق صغير سميت ب ( بان-طور) أي القوس الصغير وأقتبس الفرس منهم وسموها (طان –بور)أو ما تسمى بآلة ( الطنبور) او البزق غيرها من الآلات مثل الكنارة واللير والقانون والناي والمزمار الهارب وغيرها. وقد عثرعلى مجسمات تصور هذه الآلات الموسيقية.ومن العهد الآشوري الحديث نشاهد مجسمات لآلات موسيقية وترية تتكون من خمسة عشر  وخمسة وعشرون  وتراً. ومن هذا يتضح بأن الآلات الموسيقية بالرغم من مرور آلاف السنين من ذلك العهود لم تتغير:ثيراً. وقد عرف العالم بفضل التنقيبات التي أجراها لايارد في مواقع القصور الملكية الآشورية من العهد الحديث على أنواع مختلفة من الآلات الموسيقية .
 لقد أبتكر أبناء بلاد ما بين النهرين الكثير من الآلات الموسيقية الرائعة الوترية منها والإقاعية والهوائية, وقد كانوا سباقين لغيرهم من الشعوب المجاورة في المنطقة بهذا الخصوص أيضاً كما في مجالات أخرى كثيرة جداً. وبذلك يكونوا قد قدموا إنجازات رائعة ذو أهمية بالغة لتاريخ وتطور الموسيقى وآلاتها في العالم.للموضوع صلة قادمه.
2017-09-16
 



21
الأخ وسام موميكا المحترم !
تحية قومية آشورية !
في البدأ أشكرك على مداخلتك السلبية على الحقائق العلمية التاريخية التي ذكرتها في هذا البحث.وهذه المعلومات هي من كبار الباحثين في علم الآشوريات والحضارات القديمة ومن علماء الأثار واللغات القديمة من مختلف الجنسيات العالمية.اما بالنسبة لأنقراض الآشوريين هذا موضوع لا فائدة من النقاش حوله طالما هذا الرأي لا يعتمد على الحقائق العلمية والمنطق وحقائق التاريخ.أن كل الجدالات المطروحة على موقع عنكاوا كوم المحترحول هذه المواضيع لم يجعلنا ان نتقدم خطوة واحدة نحو الأمام, فدعونا نحافظ على أقله على الود الإنساني والأخلاقي بيننا.أنا شخصيا وقلته أكثر من مرة لا مشكلة لي مع دعاة الآرامية,أنني أحترم قناعات الناس بما يؤمنون به بغض النظر عن رأي الشخصي بقناعات الآخرين,وسوف لن أستخدم كلمات نابية وشتائم بزيئة تحط من قيمة الإنسان,بسبب مواقفه وآرائه(وهذا الكلام غير موجه لحضرتك,ولم تستعمل في تعليقك كلمات غير لائقة,بالرغم من نظرتك الخاطئة حول الحقائق التاريخية, وسف لن أدخل في نقاشات لا طائل منها سوى مضيعة للوقت والطاقات وأنا شخصيا بغنى عنها لأنه لدي الكثيرأن أعمله من أجل الأمة الآشورية ولجميع أبنائها بمختلف تسمياتهم).الشعب الآشوري شعب حي حتى يومنا هذا وهو يكافح منذ آواسط القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا من خلال إصدار مجلات ثقافية (بهرا دزهريرا) أورمي ومن خلال العظماء من أبناء الأمة الآشورية أمثال نعوم فائق, آشور يوسف, برصوم برلي, الجنرال أغا بطرس,فريدون آتورايا,آدي شير,يوحنان دولباني, فريد نزها, يوحانون قاشيشو,فرنسيس شابو, والشهيد الرمز مار بنيامين شمعون والقائمة طويلة جدا, فلي شرف عظيم أن أكون معهم وأسيرعلى خطاهم من أجل أمتهم الآشورية وهم من أتباع مختلف كنائس شعبنا ولكن الجميع يجمعهم إنتماء قومي واحد,والكل قدموا حياتهم وأعمالهم وكافحوا من أجل الأمة الآشورية, وما زال حتى يومنا هذا مئات الآلاف أن لم نقل الملايين يتابعون مسيرة هؤلاء العظماء ويقدمون التضحيات يومياً من أجل حرية شعبهم المضطهد,فلنوحد الجهود ضد من فرض علينا سياسة التعريب والتتريك والتكريد والتفريس ,وسلب أرضنا وسحق حقوقنا جميعا بغض النظر عن التسمية وأرتكب مجازر الإبادة العرقية ضدنا ولم يمييز بين أتباع هذه الكنيسة أو تلك. لك مني أصدق التحيات ! 



22
الأخ سركيس كانون المحترم !
تحية أخوية لك من أعماق قلبي !
اقدم لك الشكرعلى مرورك الكريم,والأطراءالإيجابي بمداخلتك المشجعة.أن نشر الحقائق التاريخية ليست ضد أحد,بل هو إلتزام إخلاقي إلى جانب أنه بحث علمي يعتمد على الحقائق والمصادرالعلمية الصادرة من مراكز أبحاث عالمية مرموقىة مشهورة بأبحاثها ودراساتها العلمية,وهو بالتأكيد موجه للذين يزيفون الحقائق التاريخية من منطلقات عديدة منها التعصب,والكراهية والأحقاد, وبعضها الآخر بدوافع سياسية لتحقيق مشاريع قومية ودينية عنصرية من أجل القضاء على الوجود القومي لأبناء الأمة الآشورية على أرضهم التاريخية في بلاد ما بين النهرين على أرض آشور. تقبل أخلص تحياتي الأخوية !

23
الأخ بنيامين توما المحترم !
شكراً على مرورك الكريم ومساهمتك,فكل إضافة هو إغناء للموضوع وهو جهد يشكر عليه.نحن جميعا مدعون لنشر الحقائق التاريخية والدفاع بكل السبل ضد من يستهدف وجودنا القومي,وأن نفشل كل المحاولات التي تبذلها جميع الأنظمة الدينية والقومية العربية والتركية والفارسية والأحزاب الكردية للقضاء على وجودنا القومي وصهرنا في بوتقة صفوفهم. ومما يؤسف له أن البعض من أبناء شعبنا ينخرط في هذا المشروع بوعي أو بدون وعي أو لأسباب أخرى,بالرغم من أن العقائد الدينية والقومية والسياسية لهؤلاء المذكورين أعلاه يستهدف الجميع بغض النظرمن التسمية التي يتبناها أبناء شعبنا سواء الآشورية او الكلدانية او السريانية أو الآرامية.
أقدم لك أطيب التحيات القلبية!

24
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (8)

الدكتور جميل حنا             
 
 (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان  ورمز أرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
حوار الدبلوماسية والسلاح ما بين الحرب والسلام
"مدينته,كما الحمام البري,من فوق أشجارها أطاردها,كما طيوره من أعشاشها أرعبها,بسعر السوق الجيد ابيعها,في مدينته التي تحولت كالبراري سأملئه بعجاج الغبار..."
من الملحمة السومرية بعنوان " مبارزة إين ميركار وسيد آراتا "
يأتي هذا الجزء مكمل للموضوع السابق  والذي هو تحت عنوان " الراية الفسيفسائية للحرب والسلام"
الحملات العسكرية :
تشير المعطيات المتوفرة للملك سرغون,بأنه كان هناك موسم مناسب للقيام بالحملات العسكرية,فهو يقدم وصف لهذا الموسم بأنه " شهر الجبار" تينورتا"’الأبن البكرللإله إنليل, الأكثر جبروتاً بين الالهة,والذي سجله رب الحكمة "نينشيكو"على لوح طيني منذ الأزمنة الغابرة بصفة حاشد الجيوش لكي يكتمل المعسكر".إن الشهرالمعني هو" دوموزي"(تموز) وهذا يدل على الفكر السليم لدى"رب الحكمة "لأن الظروف المناخية وحرارة الطقس في سهول بلاد آشور كانت تصل تقريبا إلى خمسين درجة مئوية,ولذا كانت تقام المعسكرات في المناطق الشمالية من البلاد في المناطق الجبلية.بالإضافة إلى ذلك كان الحصاد وجمع المحاصيل الزراعية بشكل عام ينتهي خلال شهري آيار وحزيران, ولذا كان يمكن إستدعاء الفلاحين والعاملين في القطاع الزراعي إلى الخدمة العسكرية.ولكن لهذه القاعدة  كان يوجد إستثناء إذا ما حصل تمرد ما في أي فصل من فصول السنة.بينما نجد المحارب العظيم ,الملك آشور ناصربال,كان يفضل شهر آياراوحزيران.ولكن الحملات العسكرية الشتوية فكانت غيرمرغوب بها لأسباب تتعلق ببدأ الأعمال الزراعية في التشارين,وإذا ما أضطر الفلاحون الجنود أن ينضموا إلى الجيش في هذه الفترة كان يخلق مصاعب جدية بما يخص تأمين المنتوجات الزراعية.كان الجيش الدائم على أهبة الاستعداد يقوم بتنفيذ كافة العمليات العسكرية اللازمة على مدارالسنة,بغض النظر عن حالة الطقس.
الثكنات العسكرية والتجهيز الحربي:
كان الجيش الدائم يقيم معسكرات ثابته,وخاصة حول المدن الكبرى والعاصمة وكانت هذه التجمعات تسمى "إيكال ماشارتي" بمعنى "قصر المكان الذي يصطف فيه الجيش"وهذا يعني ثكنة عسكرية.
حيث نجد الملك آسر حدون( 680-669) يقول أن ال" إيكال ماشارتي"التي في نينوى " التي أقامها الملوك الذين سبقوني,أجدادي,لكي يضمنوا الإجراءات اللازمة للمعسكر ولرعاية الجياد والبغال والعربات والتجهيزات اللازمة للقتال ولنقل الغنائم...هذا المكان أصبح صغيراً لأجل تدريب الخيل ومناورة العربات"وكان يعمل في الثكنات موظفون أي كتاب يدونون الإمدادات اللازمة.وكانت الثكنات العسكرية بالقرب من العاصمة تقوم بمهام خاصة لقمع أي تمرد قد يحصل.وبهذا الخصوص نجد علاقة مباشرة بما أنجزه شلمناصر الثالث( 858-824) بإنشاء أول "إيكال ماشارتي" في كالح ,والإنتصارات التي حققها هو وخليفته.كانت القواعد العسكرية منتشرة على ضفتي نهر دجلة وكما ذكر في كالح وآربيل وكافة المناطق ضمن بلاد آشور,وكذلك خارج حدود البلاد لفرض الهيمنة والنفوذ والحماية من الهجمات الخارجية.كان توفير الأمدادات للجيش من مهام الوالي والمناطق التي يعسكر فيها الجيش او مناطق مرور الحملات العسكرية,حيث نجد آسر حدون يواجه مشكلات أثناء عبوره صحراء سيناء,والذي قدم المساعدة هي القبائل العربية الصديقة للآشوريين, وجلبوا المياه اللازمة على ظهر البعير.
كان بإمكان الجيش الآشوري إستدعاء قوات إضافية وحشدها في المعارك عند الضرورة, حيث تذكر المصادر بإن شلمناصر الثالث عندما عبرنهرالفرات نحو الغرب ب 120000جندي في عام 845 وكان الجيش عادة في أمرة الولات المحليين,تذكر أحدى الوثائق بأن الوالي كان تحت أمرته 1500 من جنود الخيالة وعدد الرماة 20000وإذا تخيلنا بأنه كان أكثر من عشرين مقاطعة وعندها يمكننا تصور العدد الذي يمكن تجهيزه للقيام بمهام الدفاع وصد الهجمات مثلما التي حدثت ضد العلاميين في "هالول"عام 691 التي قادها  الملك سنحاريب وإحكام السيطرة على المناطق المجاورة.كان الجيش الآشوري يراعي أثناء حملاته الطبيعة الجغرافية للأراضي التي ينتقل عبرها وكانت تأخذ الأحتياطات اللازمة حسب تلك الظروف.وكانت قوات الطلائع تقوم بمهام تأمين المنطقة ومخيمات الجيش, حيث كانت هذه القوات على إهبة الاستعداد والإستنفار الدائم للقتال,وهذا ما يتضح مما ذكره آسر حدون في عام 681 عندما تم إغتيال ابيه,وحينها كان قائد الجيش في القطاع الغربي للبلاد,وعندما تلقى رسالة الآلهة...."لم أتباطأ ولو يوماً واحداً ولم أنتظر جنودي ليجتمعوا كلياو ولم أعني باالوحدات الخلفية ولم أبال باكشف عن حال الخيول والمعدات وتجهيزات القتالو كما لم أجمع زاداً للطريق, لم أكن خائفاً من الثلج والصقيع في شهر شباط ولا قساوة الشتاء" ونلاحظ أنه أنطلق لقتال الأخوين الذين قاما بعملية الإغتيال , وما كان أقدم على هذه الخطوة لولا وجود قوات خاصة على إهبة الاستعداد تحت إمرته.
بعض الوثائق التي أكتشفت توضح بأن بعض الحملات العسكرية التي قام بها بعض الملوك لم تكن الغاية منها لخوض معارك ضد الأعداء بل كانت من أجل الترفيه والاستمتاع بالمناظر الخلابة لجبال شرق وشمال بلاد آشور.وبهذا الصدد نجد كلاما ل سنحاريب يقول " سلكت الطريق كثور بري هائج, ومعي نخبة حراسي وجنودي المقاتلين القساةو اجتزت الوديان والسهول والوديان والمنحدرات الخطرةعلى(شفير الهاوية),وحيث كان المسير صعباً كنت أتنقل وأتابع المطاردة حتى القمم الشاهقة, مثل غزال, وحين كانت تتعب ركبتاي كنت أجلس على صخرة جبلية,وأصب الماء البارد من قربتي لأروي غليلي"
التقنية والتكتيك الحربي:
كانت التجهيزات العسكرية المتوفرة لدى الجيش الاشوري تساعده على التنقل السريع بين مختلف المناطق المتنوعه التضاريس,حيث نجد الأنهار كانت تشكل عائقاً إلا أنها لم تحول دون تقدم الجيش, بحيث كان لدى الجيش قوارب وأطواف تحمل التجهيزات اللازمة للعبور.ويذكرآشورناصربال عن بناء قوارب في إحدى المدن قرب الفرات بواسطة القوارب التي صنعتها من الجلود التي حملها جيشي معه طول الطريق, عبرت الفرات عند بلدة " هريدي"ولم يكن هذا النوع من الأستخدام ل"الكليك" فقط من جانب آشور ناصر بال بل نجد تغلات بلاصر أستعمل ذات الوسيلة منذ حوالي 1100 لكي يلحق ببعض الآراميين على الجانب الآخر من نهر الفرات الأوسط.
في أوائل القرن السابع قام سنحاريب بإستخدام رائع للقوارب, أثناء حربه ضد العيلاميين في جنوب غرب إيران الحالية.لقد أدرك سنحاريب بأن القوارب النهرية غير مجدية بتنفيذ خطته, لذلك أستدعى بناة سفن من سوريا ليبنوا أسطولاً في نينوى "من صنع بلادهم" أي من السفن البحرية,بعد أن تم بنائها وتجهيزها أبحرت السفن بقيادة بحارة فينيقيين عبردجلة حتى موقع بغداد حالياً, ومن هناك عبر قنال إلى نهر الفرات, ومنه إلى الخليج, حيث استخدمت لنقل الجنود والخيل وكافة المعدات الحربية اللازمة للحرب.والتي أستخدمت لصد الهجوم الذي قام به الجيش العلامي عند شط دجلة في عام 691:" مثل هجوم أسراب الجراد في الربيع, جاءوا مجتمعين ضدي لخوض المعركة,وكان غبار أقدامهم يغطي أديم السماء العريضة مثل العاصفة المكفهرة في الشتاء البارد القاسي.ووقفوا في وضعية القتال في "هالول"على شط دجلة وقطعوا طريقي إلى مياه الشرب وأستعدوا للمعركة".بعد التضرع للآلهة طالبا النصرعلى الأعداء أرتدى سنحاريب درعه وصعد إلى عربته وتقدم في طليعة جيشه للقتال وحقق النصر بعدما أن سحق الجيوش الغازية.وكان لدى الجيش الآشوري مختلف أنواع التكنيك العسكري ووسائل النقل البري مثل العربات التي تجرها البغال والخيول والثيران.حيث نجد أن المركبات والمشاة كانت الوسائل الرئيسية التي أستعملت في هذه المعركة وذلك حسب طبيعة الأرض. بينما نجد في مكان آخر أن والد سنحاريب المللك سرغون يذكر بوضوح أنه كسب المعركة بواسطة سلاح الخيالة,وكان ذلك في الجبال الواقعة شمال غرب إيران.وكان أحدى الأشكال الرئيسية للحرب الآشورية هو الحصار, الذي تميز بدرجة عالية من التنظيم, وكان العامل الرئيسي الأول هو المواصلات الفعالة , التي لا بد منها لنقل الأليات الثقيلة لحصار المدن,مثل منجنيقات القصف المدرعة ذات العجلات إلى جانب أنواع مختلفة من الأسلحة الفعالة لتحقيق النصر على الأعداء.وكانت الخطط العسكرية والتنسيق بين مختلف الفصائل العسكرية والقيادة العسكرية والإتصال بينهم وبين البلاط يتم عبر نقاط عسكرية تأمن التواصل الدائم,وكان مجموعة الجواسيس توفر المعلومات اللازمة عبر تواجدها في مناطق العدو.حيث نجد من أحدى المراسلات التي بعثها ضباط إلى الملك يقدمون تقريراً عن حركة جنود آورارتو وأعدادهم وطرق المسار المتوقع والهدف النهائي للتحركات.وتفيد أحدى الرسائل بأن خمسة من ولاة المناطق في آورارتو,تذكربالأسماء,قد حشدوا جيوشهم في مدينة معينة استعداداً لشن حملة عسكرية’ كما هو واضح,وإضافة أخرى" فيما يخص الأمر الذي أرسل لي الملك سيدي,رسالة بشأنه قائلاً " أرسل رجل – دايالو- إلى هناك,فإنني أرسلت أناسا مرتين.بعضهم عاد وقدم هذه المعلومات وبعضهم الآخر لم يعد حتى الآن, يعتقد من النص بأن "الدايالو"هم الجواسيس العاملين في مناطق العدو.بل كان العمل التجسسي يشمل أيضا التحركات المشبوها والقيام بتمرد ضد الملك وكما تذكرالرسائل حول تمرد فصيل من البابليين وأهداف تحركهم. التجسس العسكري لم يقتصرعلى جمع المعلومات عن تجمعات الجنود,بل كان التجسس يستخدم وسائل عديدة بنشر معلومات وأخبار تؤثرعلى معنويات العدو, حيث نجد في رواية التوراة عن حصار أورشليم في عهد الملك سنحاريب.أن التوراة يصف, ضمن الحديث, كيف أن الجنرال الآشوري ال"ربشاقي" يشن هجوما على معنويات المدافعين عن المدينة, وكيف أن إحدى" الدعايات’ الوخزات"في الحجج التي يسوقها كانت تحديه لتعويلهم على مساعدة إلههم "يهوه" فالحجة التي كان يراد بها زعزعة ثقتهم هي أن الإله "يهوه" ذاته "هو الذي أزال حزقيا مرتفعاته ومذابحه وقال ليهوذا ولأورشليم أمام هذا المذبح تسجدون في أورشليم (2ملوك 18:22).ومثل هذا الأسلوب أستعمل في مناطق أخرى أيضا,وكان التواصل مع السكان المحليين وجيش العدو يتم بواسطة مترجمين يتقنون لغات الشعوب المجاورة للأمبراطورية الآشورية.
 
لقد  أستعمل الآشوريين الحرب النفسية ضد الأعداء كما هو سائد في آيامنا هذه بين مختلف القوى المحاربة من دول كبرى وصغرى ومجموعات عرقية مختلفة.وكانت الحرب النفسية التي يمارسها الآشوريين ينسجم مع احساسهم برسالتهم السماوية, وفرض الإيمان على الشعوب الآخرى.فضمان الاستقرارفي المنطقة كان يرتكز على القوة الآشورية ويتطلب إقناع الشعوب الأخرى بأنه لا جدوى من محاولات معاداة الدولة الآشورية.
أسرى الحروب: (بعد السيطرة على مدينة معادية,كانت معاملة سكانها تختلف حسب الظروف. كان هناك تمييز سياسي واضح بين المدن او المناطق التي ضُمت حديثا إلى فلك الدولة الآشورية وتلك التي كانت جزءاً بالأصل من الدولة, ولكنها كانت تُقدِم علىتمردات مسلحة. وفقط في حالات من الفئة الثانية,وفقط في حالات التمرد الأكثر فظاعة, كانت تحدث عقوبات بشعة ضد سكان المنطقة المقهورة.ونذكرعلى سبيل المثال تمرد السكان الآشوريين في أحى المدن ومحاولتهم احتلال القاعدة العسكرية الئيسية والمخازن, والأنتفاضة التي جرت في مدينة تقع تحت الإدارة الآشورية المباشرة,تم فيها قتل الوالي الآشوري وتنصيب ملك محلي آرامي من سكان المدينة.في مكان آخر من حوليات آشورناصربال هناك رواية عن عملية عسكرية جرت بقصد الاحتلال وليس قمع التمرد,ولذا لا نجد فيها ذكراً لأعمال التنكيل,ففي حالات كهذه تجري الإشارة فقط إلى أسرى السجناء دون التلميح إلى إعدامات او تنكيل.إنأي شخص ذا دماغ مغسول بروح الأعتقاد بأن الآشوريين كانوا ساديين على طول الخط, يجب أن ينظر بصرامة إلى ثقافتنا الراهنة,كما تبدو  في المقتطف التالي من برنامج تلفزيوني للأطفال عام 1978(نقلا عن فينينشال تايمز)" لا أحد سيأخذ روحه سواي.سوف أسلخ الجلد عن جسمه الحي وأرتديه مثل عباءة" أن تنكيلا من هذا النوع في بلاد آشور لم يكن سادية لذاتها بل إجراء تأديب متعمد يتم بأسم الحكومة المركزية الآشورية , وتحت إدارتها, في الحقيقة, متمثلة بشخص الملك, ولا توجد حالة أكيدة جرت فيها فظاعات ارتكبها جنود آشوريين من تلقائهم بقصد ممارسة السادية.صحيح هناك بعض المشاهد على اللوحات المجسمة تصور اعمال التنكيل اوالقتل البربري(عن طريق السلخ مثلا) للسجناء, لكن الدلائل تشير إلى أن تلك المشاهد تمثل ما كان يتم ارتكابه بحق زعماء التمردات, بأمر من الملك, وليس اعمال اعتباطية ناجمة عن بربرية جنود عاديين.حقيقة توجد أدلة على أن الملك كان يصر على انضباط صارم جداً في مسألة التعامل مع آسرى الحرب.وثمة هناك رسالة ملكية إلى موظف آشوري مسؤول عن تموين مثل هؤلاء الأسرى,تحمل تحذيراً فعلياً لهذا الموظف" يجب عليك ألا تكون مهملاً وإلا فسوف تموت"
أن أفضل مصير بالنسبة للأسرى الذين قبض عليهم, اثناء فتح مدينة جديدة او قهر منطقة متمردة كان السبي. فالإشارة في الرسالة المذكورة للتو فيما يخص العناية بعيش المسبيين هي موقف نموذجي, رغم أن الأساسي في موقف كهذا كان عملياً أكثر من كونه إنسانيا محضاً. كان الأسرى جزءاً من الموارد المتوفرة في الأمبراطورية الآشورية وكانت السلطات تريدهم أن يصلوا بعافية إلى المناطق التي تقرر سبيهم إليها وأن يستقروا هناك على نحو مفيد,وكانت تتخذ الإجراءات الإدارية المدروسة حتى إنهاء الأمر.إننا نسمع ليس فقط عن ترتيبات تفصيلية لإطعام السبايا أثناء تنقلهم, بل وحتى لتأمين أحذية لهم وما شابه, لدرجة أننا نصادف مثالاً على المساعدة في تزويج المسبيين.ونرى أيضاً,من خلال اللوحات المجسمة أنه يتم –في بعض الأحول- توفير عربات لنقل النساء والأطفال أو تقديم الحمير والخيل لهم من أجل ركوبها. ولا توجد امثلة على تفريق العوائل , زد على ذلك أن معطيات النصوص المسمارية والتوراة تشير في آن واحد إلى أن كل العائلات والفئات كانت تسبى بوصفها جماعات كاملة.
لم يكن هدف السبي هو التأديب بقدر ما كان إفادة الإمبراطورية الآشورية على الصعيدين الاقتصادي والأمني.فبعض السبايا كان يتم إسكانه في المدن, حيث يكون احتياطيا من اليد العاملة المفيدة لمشاريع البناء الكبيرة ومن الحرفيين المهرة, في حين يذهب البعض الآخر إلى المناطق الزراعية التي يتم تأهيلها, فتتسع بذلك رقعة الأرض الزراعية ويزداد الانتاج الزراعي, وكل هذا يزيد الرخاء الاقتصادي. كذلك كان جزء من السبايا ينقل إلى المناطق التي أجلي عنها قاطنوها من ذي قبل بعد تمرد ما,والمثل المعروف جيداً من التوراة هو منطقة السامرة في فلسطين, التي كانت قد أفرغت من السكان في بعض بقاعها لدرجة ان الأسود أصبحت مشكلة حقيقية والإله "يهوه" يلوم كالعادة الناس (2ملوك 24:7-28)
عموما يبدو ان السبايا, في ظل الآشوريين,كانوا يسكنون في بيوت جديدة.فمما يستحق الهتمام أن اليهود الذين سباهم الآشوريون من السامرة إلى مناطق الخابور في شمال غرب بلاد الرافدين, وإلى حيث الميديون شمال غرب إيران("في مدن مادي") (2ملوك6:17)قد انصهروا تماماً,على ما يبدوا, لأنهلم يسمع عنهم شيء , فيما بعد.وهذا يختلف عن وضع يهوذا الذين تم سبيهم لاحقا من مدينة آورشليم على يد الملك البابلي نبوخذنصر إلى بابل,والذين حافظوا على شعورهم باستقلال الهوية إلى الحد الكافي لعودة عدد كبير منهم إلى ألورشليم في وقت لاحق.ويجب أن نعزو هذا الاختلاف إلى واقع أن الآشوريين كانوا يختارون بتروّ –مع إستثناءات عرضية- المناطق التي يُسكِنون فيها السبايا بحيث تكون البيئة مشابهة لتلك التي سبيوا منها.فال"ربشاقي" في خطبته المذكورة,التي كان يحث فيها سكان أورشليم المحاصرة على الاستسلام, يشير خصيصاً إلى هذا المبدأ, مؤكداً أنه سوف يأخذهم إلى أرض تشبه أرضهم (2ملوك32:18)
لقد ترك الآشوريون في التاريخ حتى يومنا هذا بصمة عميقة جدا في تطور الحضارة الإنسانية.وحتى بعد إنهيار أمبرطوريتهم وسلطتهم السياسية أكثر من ألفين وخمسمائة عام,ما زالت في مركز الأبحاث والدراسات العالمية وذلك لأهمية دورها الرائع في بناء خدمة تطور المدنية العالمية.أبناء آشور في وطنهم المقسم يكافحون بشتى الوسائل المتاحة من أجل البقاء وتحقيق جزء من طموحاتهم القومية.
2017-07-24
المصادر:
1.   S.N. Kramer , Historie…;30
2.   M.E.L.Mallowan , L,aurore  de la Mesopotamie et de IIran; 1966;86 es 95.sz.kep
3.   F.Thuteau ,Dangin,SAK I, 11 sk.
4.   M. Lambert, Ra 59,1965,81 sk.
5.   M.Lambert ,RDSO XI.I, 1966,29 sk
6.   E. Sollberger , Orientalia 28 , 1959, 350
7.   J.Klima ; No14/11 , 1959
8.   J.M. Sasson , The Military Establishmant at Mari,1969,33
9.   R,Borger,Esarhaddon ,104,r
10.   J.Bottero , DADT ,II
11.   F.J. Tritsch, Fluchtling in Ugarit, Akten Munch.Orient kongr.1957
12.   W.Hinz, Dasreich Elam, 1964
13.   G.Dossin , Syria 32,1955
14.   J.r. Kupper4 RLV 1972
15.   C.Niebuhr i. m. 14
16.   هاري ساغس,جبروت آشور الذي كان , ترجمة د.آحو يوسف
 
 


25
رابي اخيقر  المحترم !
شكرا على المعلومات التاريخية القيمة التي قدمتها عن العلاقة التاريخية القديمة بين الشعبين الآشوري والأرمني العلاقات التاريخية القديمة التي كان يشوبها الصراع دموي بحكم شعبين جارين منذ القدم. إلا أن العلاقات بين الشعبين بإستثناء بعض الفترات كان وما زالت جيدة, وعانى الشعبين الآشوري والأرمني من الغزوات الإسلامية والعثمانية لأوطانهم وأرتكبوا أبشع مجازر التطهير العرقي بحقهم. ولكن نأكد بأن العلاقات بين الشعبين,وحكومة أرمينيا قائمة على الأحترام المتبادل والأعتراف بحقنا كشعب أصيل على أرضنا, والأعتراف بمذابح الآشوريين هو احدى الدلائل على الموقف النبيل لدولة أرمينيا. وبالطبع هذا الاعتراف ما كان قد تحقق لولا الجهود التي بذلها حزب تحرير آشور ومؤسساته المختصة بمذابح شعبنا منذ1996مع الحكومة الأرمنية.وقد تجلت هذه العلاقة بزيارة العمل للمنظمات الآشورية إلى يريفان في عام 2011 وكذلك دعوة رئيس يريفان لهذه المنظمات لحضور المنتدى العالمي والذكرى المئوية لمذابح الإبادة الأرمنية وهنا أضع الرابطين حول الزيارتين.الشعب الأرمني والحكومة الأرمنية واللغة والسياسة والثقافة  والتاريخ ووسائل الأعلام لا تستخدم سوى كلمة " آشوري" – آسوري-
وفد ممثلي التنظيمات الآشورية في زيارة عمل لجمهورية أرمينيا الشقيقة
بعد التنسيق والتشاور والتحضير ما بين لجنة متابعة مجازر إبادة الآشوريين ( سيفو ) العالمية
“Hayadta” و اتحاد المنظمات الآشورية في جمهورية أرمينيا
وفد ممثلي التنظيمات الآشورية يلتقي
رئيس وزراء أرمينيا السيد ديكران سركيسيان
وفد ممثلي التنظيمات الآشورية في زيارة عمل لجمهورية أرمينيا الشقيقة
بعد التنسيق والتشاور والتحضير ما بين لجنة متابعة مجازر إبادة الآشوريين ( سيفو ) العالمية و “حيادوثا
اتحاد المنظمات الآشورية في جمهورية أرمينيا . .
قام وفد رفيع المستوى من ممثلي التنظيمات ومؤسسات آشورية من الوطن ودول المهجر بزيارة عمل إلى جمهورية أرمينيا من الفترة الواقعة بين 28 أكتوبر والسادس من نوفمبر عام 2011 .
لقد أستقبل الوفد بحفاوة بالغة من قبل السلطات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني كما ألتقى أعضاء الوفد بأبناء الجالية الآشورية وممثلي مؤسساتهم في جمهورية أرمينيا, كما زار القرى الآشورية.
على مدى أسبوع كامل أجرى أعضاء الوفد سلسلة من اللقاءات الرسمية والشعبية وكان في طليعة هذه اللقاءات أن ألتقى الوفد رئيس وزراء أرمينيا السيد ديكران سركيسيان في مقر رئاسة الوزراء.وتباحث الوفد مع سيادة رئيس الوزراء أهم القضايا المشتركة وفي مقدمتها قضية مجازر التطهير العرقي التي تعرض لها الشعبين الأرمني والآشوري أثناء الحكم العثماني التركي خلال أعوام الحرب العالمية الأولى 1914- 1918.والتي ذهب ضحيتها مليون ونصف من أبناء الشعب الأرمني وأكثر من نصف مليون من أبناء الشعب الآشوري بمختلف إنتماءاتهم الكنسية.كما قدم الوفد شرحا تفصيليا عن وضع الشعب الآشوري في العراق وخاصة بعد 2003 وما يتعرض له من حملة إبادة لإنهاء وجوده القومي والمسيحي من على أرضه التاريخية.كما تطرق الوفد إلى استمرارالعنف والعمليات الإرهابية وممارسة سياسة التمييزالتي تطبقها السلطات الحاكمة في العراق من شمال الوطن إلى جنوبه, أرغمت مئات الألاف من أبناء الشعب الآشوري إلى الهجرة القسرية.وأكد أعضاء الوفد على أهمية تطبيق القرارات والمعاهدات الدولية ومنها مسألة الأعتراف بحقوق الشعوب الأصيلة وكذلك تطبيق مقرارات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948.كما أكد الوفد على أهمية الحقوق المشروعة للشعب الآشوري في الحكم الذاتي في إقليم آشور ضمن وحدة التراب الوطني العراقي من أجل الحفاظ على هويته القومية والدينية.
وقدم الوفد أيضا شرحا عن أوضاع الشعب الآشوري في الوطن سوريا وتركيا وفي دول المهجر.
وطالب الوفد العون من سيادة رئيس الوزراء بتأسيس مركز الدراسات الآشورية في يريفان يهتم بالشأن الآشوري وبالقضايا المشتركة بين الشعبين الأرمني والآشوري.كما طالب الوفد بأن يمثل بعضوا في اللجنة التحضيرية لإحتفالات الذكرى المئوية لإرتكاب مجازرالإبادة ضد الأرمن والآشوريين واليونان التي ستقام في يريفان بهذه المناسبة الأليمة والتي ستكون فيه مشاركة عالمية.
وقد رحب سيادة رئيس الوزراء بالوفد وطرح العديد من الأسئلة الهامة تتعلق بالشعب الآشوري وأوضاعه في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في العراق.وأبدى سيادته تفهما عميقا وتأييدا لمطالب الوفد. وأكد على دعمه لهذه المطالب المحقة وسيعمل بما في وسعه من أجل أن يكون مستقبل الشعب الآشوري أفضل في وطنه.وأن يعيش بأمان واستقرار يتمتع بكافة حقوقه القومية ويمارس شعائره الدينية بكل حرية بدون تمييز.
كما أجرى أعضاء الوفد في مبنى البرلمان الأرمني سلسلة من اللقاءات الهامه مع العديد من المسؤولين منهم نائب رئيس البرلمان الأرمني السيد صاموئيل نيكويان كذلك رئيس الوفد الأرمني للجمعية العامة لبرلمانيي الدول الأرثوذكسية ال28السيد ميكرديج ميناسيان.و كذلك السيد فاهان إد هوفانيسيان رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الطشناق, كما ألتقى الوفد برئيس المجلس العام لأرمينيا السيد فازكين مانوكيان.وقد ألتقى أعضاء الوفد في مقر البطريركية الأرمنية بنائب البطريرك المطران ناتان أوفانسيان ورئيس قسم الأعلام في مقر البطريركية يجمازين . وكذلك رئيس مكتب رئيس الوزراء وكذلك مديرمعهد متحف الإبادة الأرمنية السيد الدكتور هايك ديمويان والسيدة شوشان ساراتيكيان مسؤولة في قسم الشؤون الدينية والأقليات في مكتب رئاسة الجمهورية وشخصيات ثقافية حائزة على جوائز من الدولة الأرمنية ومن الاتحاد السوفييتي سابقا.
وفي الختام نلخص أهم القضايا التي طرحت للنقاش مع كافة المسؤولين في الدولة والبرلمان والمؤسسات المدنية والثقافية في النقاط التالية والتي لاقت قبولا وتأييدا إيجابيا من قبل الجميع بدون إستثناء:
الاعتراف بمجازر إبادة الشعب الآشوري التي أرتكبت على يد السلطات العثمانية التركية في أعوام الحرب العالمية الأولى 1914-1918.والعمل على دعم ومساعدة إيصال صوت ومطلب الشعب الآشوري إلى المحافل الدولية من أجل الاعتراف بهذه المجازر.
دعم ومساعدة الشعب الآشوري في الحكم الذاتي في العراق في إقليم آشور على الأرض التاريخية والحالية لهم.وذلك من خلال إجراء إتصالات مع دول ذات نفوذ على الساحة العالمية.
تأسيس مركز الدراسات الآشورية في يريفان يهتم بالقضايا المشتركة بين الشعبين الأرمني والآشوري وبقضايا البحث التاريخي والثقافي والعلمي. وكذلك من أجل الحفاظ على الثقافة واللغة الآشورية وخاصة لأبناء الجالية الآشورية في أرمينيا.
توثيق العلاقة بين الشعبين ومؤسساتهم ذو القضايا المشتركة والتأكيد على دور الاعلام بشكل عام ومنها الاعلام الأرمني للإهتمام وإبراز قضايا الشعب الآشوري.
إقامة نصب تذكاري آشوري بالقرب من النصب التذكاري الأرمني في يريفان, تخليدا لأرواح شهداء مجازر الإبادة, التي نفذتها السلطات العثمانية التركية في الحرب الكونية الأولى.
منح قسم خاص لتذكار شهداء مجازر الشعب الآشوري في متحف مجازر الأرمن. لكي يتم عرض الصور والكتب والأفلام والصحف وأشياء أخرى تثبت إرتكاب المجازر بحق الشعب الآشوري.ومن أجل إطلاع أكبر قدر ممكن من الناس على المجازر التي تعرض لها الشعب الآشوري.
لقد أنجز الوفد الآشوري لقاءات تاريخية هامة وعلى مستوى رفيع وهذه اللقاءات هي استمرار للعلاقات التاريخية الأخوية بين الشعبين الأرمني والآشوري والتي تمتد إلى آلالاف السنين. وهي تأكيد على تعزيز العلاقة بين مختلف مؤسسات الشعبين التي بدأها حزب تحرير آشور ومؤسساته مثل اللجنة العالمية لمتابعة مجازر الشعب الآشوري(سيفو), ومعهد آشور, والسير بها قدما لمصلحة الشعبين.إن ما أنجز من عمل هام هو بداية لتحقيق أهداف الزيارة في الزمن اللاحق. ومن أجل تحقيق الاهداف التي طرحها الوفد لا بد من تضافر جهود كافة تنظيمات ومؤسسات الشعب الآشوري للوصول إلى الأهداف المطروحة.
حيث تالف الوفد من ممثلي التنظيمات والمؤسسات الآشورية التالية:
حزب تحرير آشور ممثلاً بمؤسساته :
لجنة متابعة مجازر إ لآبادة الآشورية (سيفو) العالمية
الدكتور : أبراهيم أفرام والدكتور جميل حنا .
المعهد الآشوري في ستكهولم ( السويد )
الدكتور جميل حنا وسمعان بوليdز
جبهة إنقاذ آشور : السيد ألياس يلدا
الحزب الآشوري الديمقراطي سكرتير المكتب السياسي المهندس نينوس أيشو
اتحاد التنظيمات الآشورية “خويادا” في أرمينيا السيدة أيرينا كاسباريان .
المنبر العالمي للنشطاء الآشوريين المستقلين ( أستراليا / سدني )
السيد : ألياس يلدا
المركز الثقافي القومي الآشوري المستقل في موسكو ( روسيا الأتحادية )
البرفسور يوسف زيا
أتحاد الشبيبة الآشورية قي جمهورية جورجيا
المحامي أدفر بيث بونف
المركز الثقافي الآشوري في جمهورية لأتفيا
السيد بافل سيدوف
النادي الآشوري في بلجيكا
السيد كيوركيس شليمون
ومن أهم النشاطات زيارة المقاطعات والقرى التي يتواجد فيها أبناء شعبنا وهي التالية :
_ زيارة أبناء شعبنا في مقاطعة دفين العليا .
_ زيارة أبناء شعبنا في قرية آرتيغس العليا .
_ زيارة أبناء شعبنا في مقاطعة ديمتروف .
_ زيارة أبناء شعبنا في مقاطعة آرزني .
_ زيارة مقر جمعية آتور الآشورية في العاصمة يرفان .
_ وضع أكليل من الورد على ضريح الشهداء .
_ جولة في متحف الأبادة الأرمنية .
_ في الختام مؤتمر صحفي على قاعة فندق غولدن تيلوب .
زيارة للمكتبة الوطنية في يرفان وخصوصاً قسم الآشوريات الذي فتح خصيصاً بمناسبة زيارة الوفد
http://furkono.com/?p=2794         
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,779704.msg7384330.html#msg7384330 



26
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (7)

الدكتور جميل حنا
(آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
تحت " الراية الفسيفسائية للحرب والسلام "
انتهت الحقبة الذهبية للسلام والاستقرار في المنطقة، عندما بدأت تظهر الفروقات الاقتصادية،وبدأ النزاعات وعموماً بسبب المناطق الجغرافية المناسبة، والسعي للسيطرة على المناطق الإستراتيجية الهامة، التي وفر إمكانية الحصول بيسر وسهولة على الموارد الطبيعية، وفرض السيادة عليها،مما  أدى إلى انفجار نزاعات وحروب محلية ومن ثم امتدت إلى مناطق الجوار خارج حدود الدولة.في البدء كانت القرى تباغت بعضها  البعض بهجوم أو تقوم بعمليات السطو، ويؤدي هذا إلى نشوء قتال بين الأطراف المتنازعة ويسبب اندلاع حرب محلية،ومن ثم كانت النزاعات الداخلية تخرج عن نطاق حدود المنطقة الضيقة لتشمل رقعة اكبر وعدد أكبر من التجمعات والأرياف والمدن. في الملاحم السومرية، أبطال ما قبل التاريخ شهروا أيضاً سلاحهم واستخدموا العنف في مواجهة البعض، مآسي الحروب، خراب المدن، عذاب الأسرى وآلاف القتلى، كل ذلك خيم بظلاله القاتمة على الآداب والفنون في بلاد ما بين النهرين. وبعض الملوك خلد ذكرى انتصاراته الحربية وغزواته بإقامة التماثيل التي تمجد انتصاره على الأعداء.
عثر المنقبون على صندوقين مرصعين بأحجار اللازورد تعود إلى منتصف الألف الثالث ق.م في المقبرة الملكية لـ أور،والتي تذكر عادة في المصادر التاريخية بالراية الفيسفيسائية للحرب والسلام.
وعليها مجموعة من المناظر والجانب الذي يرسم حوادث الحرب في الصف الثالث من الأعلى للصندوق، يبدأ بمشهد مثير عرض عسكري للجيش المنتصر، عربات عسكرية تجرها رتل من أربعة حمير، تسير على جثث الأعداء. وفي الصف الوسط يشاهد قوافل الأسرى، عراة لبُّسوا بمبذل (روب ذو شامبر) أو قفطان من اللباد، وجنود بخوذات جلدية مسلحين يدفعونهم أمامهم. وفي الصف الأعلى أسرى موثوقي اليدين والجنود المنتصرون يقودونهم كل واحد على حدى أمام الملك. ويشاهد الملك في منتصف المنظر يعلو قليلاً عن بقية المشهد، والذي يمثل قمة الإبداع الفني لهذه اللوحة المرسومة. ويقف خلف الملك وزرائه والمسئولين وفي الخلفية عربته الحربية.
والجانب الآخر من الراية الفيسفيسائية يرمز للسلام يجلس الملك المنتصر سعيداً في الوليمة الملكية المقامة بمناسبة سحق الأعداء وتحقيق النصر والغنائم التي تم الاستيلاء عليها. وفي الصف السفلي نوع الغنائم. يتكرر المنظر حيث يقودوا الحمير ويأخذوا من على ظهرها الحمل الثقيل. وفي الوسط يسوقوا قطعان الماشية الثيران – الأغنام الماعز والجدي للذبيحة الإلهية. والصف الأعلى من المنظر يشاهد وليمة الموظفين الذين يرتشفون الخمر ويتناولون الطعام ويستمتعون بسماع أنغام العود.
حل الخلاف الحدوي بين لاغاس وأوما
الكثير من كتابات السجلات الملكية في الأغلب تتحدث عن الحرب والسلام.ومن بين أكثرها ملفتاً  للإانتباه كتابة اللاغاسي –" إن اتيمينا "من أواسط الألف الثالث قبل الميلاد، سجل الخلاف الحدودي بين مدينتين جارتين" أوما"و " لاغاس– غيرسو"حدث الجدل بسبب الأراضي الخصبة الواقعة على ضفة القناة، والتي كانت بمثابة مخزن طبيعي للحبوب، ومصدر حياة رئيسي لمن ملك هذه الرقعة من الأرض.
ما يقرأ في الكتابة بأن الإله" إنليل"بنفسه عين لأول مرة حدود سيادة الإله "نينغيرسو" شفيع لاغاس – غيرسو, والإله" شارا" شفيع أوما. وفي العهود المتأخرة إن ذكرى هذا الترتيب الحدودي قد خفت. لذلك لزم تعيين الحدود من جديد بناءً على أوامر" ساترام" إله العدل والحق حاكم كيش " مي ساليم". ورتب الحدود من جديد ووضع عواميد حدودية كنقطة استناد للازمنة القادمة. بالرغم من ذلك قام "أوس" حاكم "أوما " على رأس جيشه بمهاجمة الحدود وقلع عواميد الحدود ودخل أراضي" لاغاس-غيرسو". إن تسلسل الحدث الزمني للخلاف الحدودي يذكر على الشكل التالي (نينغيرسو من محاربي أنليل الشجعان انصياعاً لكلام " أنليل" الصادق شن الحرب ضد أوما. وبكلمة انليل نشر عليهم شبكته الكبيرة. وفي ساحة القتال في أماكن مختلفة جمع أكوام الجثث).
"إي-انا – توما" ممثل لاغاس،" إن تيمينا "الأخ الكبير لممثل لاغاس، و"إين-آ – كالا "ممثل أوما رسموا الحدود، حفروا خندق طويل من عند قناة "ايدنون "حتى غويدين، وعند الخندق وضعوا عواميد مكتوبة عليها  (نصبوا عواميد مي- ساليم ,في مكانه...
بالرغم من ذلك لم ينتهي الجدال بين الأطراف المتنازعة.إن خسارة الحرب عنت بالنسبة للمهزوم فقدان قسم من أرضه وفرض عليه ضريبة تعويض خسائر الحرب.مدينة " أوما "التي خسرت الحرب فقدت 12.5 كم2 من أراضيها الخصبة بالإضافة إلى تقديم 40 سيلا كبير من الشعير سنوياً كضريبة. لذلك كانت دوافع الحرب قائمة، ومع تقدم الزمن ودفع الالتزامات ازدادت رغبة الرد." أور- لوما "حاكم" أوما" بعد مضي أربعين عاماً أوقف دفع الضريبة الإجبارية، وهاجم خطوط الحدود المرسومة ودمر عواميد الحدود، والنصب التذكارية القريبة للألها. ولكن تم طردهم من أراضي لاغاس بواسطة إن-تيمينا ابن" إي-آنا – توما"، وجمعت جثث جيشه المتناثرة في السهول في خمسة أكوام. وبعدما اعتلى إن- تيمينا الحكم صد هجوم" إيلو" مغتصب العرش في أوما. وقررت محكمة نيبور اتخاذ قرار لصالح ان -تيمينا بموافقة أطراف النزاع. بعد ذلك أقام "إن - تيمينا " المعابد لشفيعي المدينة عرفاناً بالجميل لما حققه من انتصار على خصمه، وألقى اللعنة على كل من يحاول تغيير الحدود القديم.
إن قرار محكمة نيبور لم ينهي عداوة الطرفين لبعضهم ولا الخوف من عقوبة ولعنة الآلهة الرئيسية. المهزوم كانت تدفعه الرغبة دائماً للسيطرة على قناة الماء الحيوية (ماء الحياة) المحاذية للحدود، وإن الصراع بين المدينتين ثم إيقافه وبشكل نهائي في عهد" أور- أنيم –جينا "حاكم لاغاس لصالح" أوما " التي كان يحكمها "لوغال – زاعني – سي" قال في لعنته المكتشفة على إحدى الألواح الطينية.
 (عدوي، من غزا هذا المكان ودمره، هكذا ليجد بالمقابل في مدينته، كعش للأفاعي السامة، ولتتحول قلاع مدينته إلى رماد, وأن يصيب ألم الأسنان الخصم  حاكم البلاط المحلي).
االجيش الدائم والاحتياط
المرحلة الأولى الكبرى للخدمة العسكرية الإجبارية في بلاد ما بين النهرين بدأت في عهد" شاروكين الاكادي" (سرجون) وحسب بعض المختصين بعلم الأشوريات يعتبرونه صاحب النزعة التوسعية الأولى في التاريخ العالمي, الذي قام بغزو بلاد الفرس وسوريا وقبرص وآسيا الصغرى.كان شاروكين يملك جيش دائم، ويفتخر به.وفي إحدى كتاباته يذكر بأنه كان يومياً يتناول الغداء برفقة 5400 رجل وأثناء الحاجة كان يدعوا الاحتياط.
بالطبع لم يكن الوضع هكذا في كل العهود. في عهد السلالة الثالثة ل" أور" توقفت الحروب الخارجية لمائة عام – وسمي هذا العصر من الزمن بالسلام السومري خلال مائة عام من عهود حكم السلالة الثالثة لـ أور. إن التنظيم البيروقراطي للإمبراطورية بني على أساس الدفاع عن النفس. وهذا التكتيك انعكس في تسمية السنين – يقرأ من معطيات الوثائق المؤرخة عن تلك الحقبة (بعد عام من بناء الملك سو- سين لحائط الامورو أي بناء حائط دفاعي لصد هجوم البدو الأمورييين).
وفي تلك العصر أيضاً استعمل السلاح في فترة حكم "سولغي "الطويلة انطلقت حملة عسكرية ضد عيلام ولكن في هذه المرة أيضاً كان الدور الرئيسي للتجار والبنائين والأدباء.لقد دفعت "آور" كثيراً بسبب سياستها السلمية, وقوتها العسكرية ضعفت ولم تكن كافية لصد هجمات قبائل الامورو السامية القادمة من الغرب. والمغنين السومريين عوض عن أغاني النصر,بدأوا بغناء  تراتيل الرثاء المشهور لتدمير مدينة أور,سأتي على ذكرها في احدى الأجزاء القادمة).
حمورابي أعظم ملوك سلالة الامورو وضع نصب عينه تنظيم جيش قوي لتحقيق أهدافه السياسية الهجومية. بما أنه كان  القائد العالم للجيش تم بناء وتنظيم الجيش وتدريبه وتسليحه حسب التعليمات والمبادئ التي يصدرها ويعطي التوجيهات التنظيمية، وخاصة لحكام الولايات الريفية, وشريعته تضم توجيهات تنظيمية والعديد من القوانين شروط الخدمة، والتي تعد نواة أقدم نظام عسكري.
الخدمة الإجبارية للجيش بالأساس كانت عامة، ولمراقبة ذلك أعدوا قوائم بأسماء المطلوبين للخدمة العسكرية، والاستثناء كان من صلاحيات الملك فقط.سأل الحاكم المحلي من حمورابي هل بإمكانه إعطاء استثناء لأشخاص مطلوبين من الخدمة العسكرية لأربعة فرانين في المدينة ,كان جواب حمورابي يستثنى واحد (يذكر اسمه) بشرط أن يضع أحد في مكانه.
حمورابي قسم الجيش إلى قسمين كبيرين: المشاة ووحدات متدربة على القتال المائي، ما يشبه القوات البحرية.
شريعته لا تذكر الخيالة ووحدات العربات، تلك التي لعبت دورهام لدى ملوك الآشوريين العظماء بألف عام بعد ذلك.بطاقة إبلاغ للخدمة الإلزامية كانت موجهة للشخص المكلف، ولم يحق له نقلها إلى شخص آخر، كان يعرض حياته للخطر أن لم يلبي تنفيذ التكليف أو أن يرسل مرتزق عوض عن نفسه، يحرم نفسه من الحصول على حصة من ورثة العائلة، ولكن تنقل لذلك الشخص، الذي أراد إرساله بدل نفسه إلى ساحة القتال.
حمورابي دافع عن أفراد عامة الجيش، وفي وجه قسوة أصحاب الرتب العالية، وكان الجيش يصنف إلى قسمين – واستخدمت التعابير السومرية الرتبة العالية" با.با" والرتبة الدنيا" أنو- باندا".بالاكادي (لابوتوم).
إذا ارتكب آمر ما، جريمة إختلاس أموال أو سرقة واتهم بها أحد مرؤوسيه أو عامله معاملة قاسية، أو أعطاه مقابل رشوة بإيجار لشخص ثالث، أو لم يقم بحمايته، مقابل خصم أقوى، وإذا أثبتت التهمة بهذه الحالات ضد الضابط كانت عقوبته الموت (34). بالنسبة لحمورابي كان الجيش في المقام الأول يعني بناء الإمبراطورية، لذلك عمل ليس لتقوية الانضباط فقط،وإنما الاعتناء بأفراد الجيش والاهتمام بهم، ليس في حالات الحرب فقط، وإنما في الحياة  العامة أثناء مزاولة أعمالهم .لأن الجيش كان يقوم بعملية الإنتاج في الأراضي الزراعية، التي كانت تمنح كهبة، وهذه الأرض ملكيتها غير قابلة للتحويل إلى شخص آخر، من اشترى مثل هذه الأرض فقدا نقوده، وعادت ملكية الأرض إلى صاحبها الأصلي. ومالك الأرض لم يكن مسموحاً له تقديم الأرض رهينة أو هدية لزوجته أو برسم الأمانة لبناته. ابن المالك فقط كان يحق له استخدام الأرض، أما إذا كان الولد قاصر، كان من واجب الأم تربيته، لذلك كان ثلث ملكية الأرض للأم (29). حمورابي منع الجيش من بيع الماشية المقدمة له برسم الأمانة (غنم – ماعز – بقر – خنزير) وكان بيعها ممنوعاً، ومن اشترى من هذه الماشية خسر نقوده (35) والذي سلم الأرض له وتركها لفترة عام، ولم يعد إليها لقد فقدها نهائياً. إذا عمل شخص ما في الأرض لثلاثة سنوات متواصلة، وكان صاحبها قد غادرها أصبحت ملكية الأرض للمستخدم الجديد (31.30).
حمورابي اهتم بهؤلاء الذين وقعوا في الأسر أيضاً. إذا استطاع الأسير الفرار من الأسر أعيدت له الأرض، حتى ولو كان يستخدمها شخص آخر. بغض النظر عن أن المالك الحقيقي كم من الزمن لم يكن  يستخدم الأرض (27). إذا حرر تاجر ما الأسير من الأسر بدفع الفدية، وجلبه إلى البيت، التكاليف يدفعها سكان القرية وإذا لم يكن بإمكانهم، كان على معبد القرية بدفع التكاليف. وإذا لم يكن بمقدوره حصل التاجر على تكاليفه من خزينة البلاط. ولم تمس الأرض التي كان ينتج عليها العسكري قبل وقوعه في الأسر.اعتبر الوقوع في الأسر كعمل وقع حدوثه بدون إرادة المفقود لحريته وأعدى كحادث وشريعة حمورابي ضمنها بفقرتها المتعلقة بالزواج.
(إذا وقع شخص ما  في الأسر،( وكان متزوج) ويوجد في بيته (الزوجة) أثناء وغياب زوجها (لتحافظ) على جسمها و (لا تنتقل) إلى (بيت إنسان آخر) إذا كانت المرأة المعنية لم تحافظ على جسمها وانتقلت إلى بين إنسان آخر وثبت على المرأة، بعد ذلك ترمى في الماء.
عندما يقع شخص ما في الأسر، ولا يوجد طعام في بيته وزوجته انتقلت إلى بيت آخر هذه المرأة غير مذنبة.
إذا وقع شخص ما في الأسر، ولا يوجد طعام في بيته وانتقلت زوجته لبيت إنسان آخر وولدت أطفال عند عودة زوجها (الأول) عليها أن تعود إليه إلى بيتها، والأطفال المولودين يتبعون أبوهم الحقيقي( 135-133).
السلاح والتكنيك الحربي لحصار المدن
التجمعات القروية البدائية للسومريين القدماء أيضاً استخدموا السلاح. أثناء ظهور أزمة كانت تبدأ عملية سباق التسلح." إي– أنا – توما" بسلاحه وتكنيكه الحربي الأفضل يحقق النصر على أعدائه، كما يشاهد في تمثال مسلة النسر.كان لمقاتلي لاغاس حظاً أوفر، بالانتصار لتسلحه الجيد حيث استخدم الدروع والخوذ، وترتيب وحدات القتال المغلق.إن مناظر التماثيل المرسومة على" الراية الفسيفسائية للحرب والسلام" وأن صورة إحدى المعارك الشهيرة، كان الوصول إلى هذه الدرجة العالية من التقنية الحربية احتاج الأمر إلى محطات كثيرة خلال ألفين عام.إن فن القتال الحربي الأشوري مرّ بمراحل تطور طويلة للوصول إلى القمة. سنتطرق باختصار إلى موضوع علم حصار المدن المذكورة في القواميس والموسوعات الاختصاصية.
الهدف الرئيسي من العمليات العسكرية كانت السيطرة أو احتلال مدينة الأعداء، بقيت إحدى الكتابات التي عثرعليها في وثيقة مكتشفة في خرائب ماري، والتي فيها" إسمي – داغان" – حاكم إكالا يخبر فيها أخيه " ياسماح – أداد" نائب ملك ماري
 (بعدما سيطرت على مدن تارام ,هاتكا, وسونهام، تقدمت إلى مدينة هورار. وحاصرتها من كل الجهات ونصبت أبراج الحصار وكباش تحطيم الجدران، وخلال سبعة أيام سيطرت عليها . إبتهج !).
الأداتين الأساسيتين المستخدمتين في التكنيك الحربي للجيش المهاجم برج الحصار ديمتو (أكادي)كلمة رديفة لديمتوأي " القرية المحصنة"، وكبش محطم الجدار" ساشيبو". ويعتقد أن هاتين الأداتين تم تجهيزهما في ماري.كان البرج يسير على عجلات، وفي القمة مقاتلين محميين بشكل جيد ضد القوات المهاجمة من خلف دفاعات العدو.وكان كبش تحطيم السور في الجزء التحتي من البرج يوجه رأسه بواسطة مقاتلين مخفيين تحت، لتحدث ثقب في سورالعدو. وكأداة مساعدة استعملت السلالم واحتاج الأمر لإيقافها تسوية سطح الأرض، لذلك استخدموا مصطبات صناعية، بالإضافة تم حفر خنادق وممرات تحت أسوار العدو.
وفي الجيش الأشوري كان يخدم عناصر المتفجرات نعلم من مذكرات أشور – أهيدينا، بهدف الاستيلاء السريع على المدينة (تحت جنح سكون الليل تم إملاء الخندق المحفور حول السور بالزيت وأشعلت بها النار). لا نعلم ما إذا كان الأشوريين لديهم طرق أخرى مشابهة غير ذلك باستخدام المتفجرات النارية، كالتي عثر عليها أثناء حملاتهم على بني إسرائيل بقايا رمح لم يكن حاد الرأس، وإنما على شكل بيضوي محاط بغطاء معدني بثقوب، ويحشى بقماش مبلل بالزيت، وقبل رمي الرمح كان يشعل به النار.وهذا ما يتأكد من مناظر المنحوتات الأشورية حيث تشاهد مدن تحترق مما يدل على استخدام هذا النوع من السلاح.
الأشوريون لم يكونوا متفوقين في تكنيك الحصار فحسب وإنما، بهذه المتانة المتفوقة شيدوا حصونهم أيضا.استندوا في هذا المجال إلى تقاليد قديمة. تذكر إلى حد بعيد بأسوار حصون أوروك الشهيرة التي أنشدت في ملحمة جلجامش أو حصن مدينة ماري الضخمة. ومن الإمبراطورية الأشورية آشور,بابل نينوى إضافة لذلك نذكر مثال مميز بالمرتبة الأولى دور شاروكين (قلعة شاروكين) التي شيدت، من القرميد وكانت سماكة الجدران 24م كما بنيت على أساس صلب من الحجر بقياس 1.5م وعلى أسوار القلعة أقيمت أبراج على بعد مسافات منتظمة. ومدخل الحصن شيدا بالأصل تحسباً لوقوع الحصار، وفي ساحة مدخل الحصن من الجانبين تم بناء قلاع محصنة لتأمين الحماية الخاصة للمدخل. ولم يكن أقل عظمة حصن بابل، الذي شيده نبوخذ نصر، حيث بني سور حول المدينة  واعتبرمن عجائب العصور القديمة.
كل هذه الإجراءات مفهومة، إذا أخذنا بعين الاعتبار بأن أشور وبابل، كانت خلال قرون طويلة تتعرض  لهجمات لامتناهية التي كانت تقوم بها شعوب مجاورة بربرية, ولصد هذه الهجمات شيدت القلاع الحصينة.
الجيش الآشوري وسياسة الردع العسكري
كان التوراة المصدر الرئيسي لزمن طويل عن الأمبراطورية الآشورية,حيث كان القارىء المهتم يجد في " كتاب الملوك الثاني"يخصص إصحاحين كاملين  (,19,18) لحصار آورشليم من قبل الآشوريين , ونجد الرواية أيضا في سفر إشعيا (37,36) وبعض المقاطع من الإصحاحات الأخرى تتحدث عن الهجمات الآشورية على دولة اسرائيل الشمالية.وكان هذا هو المصدر الوحيد للمعلومات حول بلاد آشور  ولكن الحقائق الفعلية والصورة  الصحيحة بدأت تظهر مع بدأ أعمال التنقيب والكشف عن الكنوز الثقافية والحضارية وكافة مجالات الحياة الإجتماعية في المجتمع الآشوري,وسلط الضوء بصورة مغايرة على الحقائق التاريخية .كانت الدولة الآشورية قادرة على نشر جيوش يصل قوامها إلى مئات الآلاف من الجنود,لكن العمليات العسكرية الآشورية لم تكن فقط على شكل حملات بهذه الضخامة.بل كانت تنظم عمليات عسكرية بقوى محدودة العدد او بواسطة حاميات كانت تسيطر على تقاطع طرق رئيسية .وفي كلا الحالتين كان الأستخدام الفعال لهذه القوى يرتكز على عاملين أساسيين ألا وهما التنظم والإنضباط.لم يكن الجيش الآشوري مجموعة من الفلاحين المتعطشين للدماء والبطش والنهب والدمار,بل في الواقع العملي كان الجيش الآشوري قوة عسكرية معقدة التكوين جيدة التنظيم  تضم وحدات عسكرية متنوعة تناط بها مهام مختلفة.كان قوام  الجيش الآشوري يتكون من الجيش الدائم ويستدعى الإحتياط في حالات ظهور الخطر على الأمبراطورية.الجيش الدائم كان يقوم بإنجاز مهام مختلفة ومنها في المقام الأول ضمان الأمن الشخصي للملك, وكان ذلك يتطلب الحارس الشخصي المرافق الدائم.وكانت هناك حاميات عسكرية دائمة الإنتشار في نقاط رئيسية في أراضي الأميراطورية,وكانت هذه الحاميات تتألف من الجنود المحترفين القادرين على مواجهة المخاطر التي تواجههم من الخارج.(كانت إحدى قطع الجيش الدائم التي كثيراً ما نسمع عنها في المصادر هي مجموعة ذات منشأ قبلي"قبيلة إتوعا" تتكون عرقيا من أناس ليسوا آشوريين.كان ال "إتوعا" قبيلة آرامية من أقصى جنوب البلاد الآشورية, وقد كانوا في فترة من الفترات مزعجين جداً للسلطات الآشورية. فيما بعد تم أخضاع ال "إتوعا" تماما, وحين نجد لهم ذكراً في المراسلات الملكية ابتداء من أواخر القرن الثامن, نجدهم وحدة عسكرية متميزة,يتم استدعاءها للمهام الخاصة.فنجد ال "إتوعا" مثلاً,يجلبون إلى منطقة لبنان لفرض النظام هناك بعد تمرد شعب صيدا ضد الضرائب وقتل مفتش للضرائب هناك.إن ظاهرة ال"إتوعا" تبين أن الجيش الآشوري لم يكن يتكون  فقط من الآشوريين. لم يكن لدى الآشوريين تحامل عرقي وكانوا يجندون أفراد الشعوب الخاضعة لهمفي قواتهم المسلحة على قدم المساواة مع الآشوريين الأصليين.كانت كل مجموعة عرقية تحافظ على هويتها في شؤون القتال وتشكل – تبعا لعدد المجندين- أفواجا أو وحدات أصغر وتبقى على نمازج السلاح وشكل الثياب العسكرية المميزة للموطن الأصلي.هكذا نرى على اللوحات المجسمة تصويراً لمجموعات مثل رماة النبال ورماة المقاليع والسيافين والرماحين وفرق المشاة الخفيفة وفصائل المشاة الثقيلة وكلها تتميز من حيث الأحذية واللباس وأغطية الرأس,عدا عن تميزها من حيث الأحذية.ولكن هؤلاء المقاتلين  كانو بحاجة إلى دعم تقني, ولذ نجد معلومات عن وحدات تقنية وعربات لنقل التجهيزات اللازمة,التي كانت تشمل ليس فقط الأشياء الضرورية كالطعام والخيام بل وكذلك مواد خاصة مثل التجهيزات الهندسية للحصار والمنجنيقات.وعندما كان مرور العربات والمراكب في الدروب الوعرة يصبح صعبا كان لا بد من تعبيدها, وتلك مهمة جنود الاستطلاع المزودين بفؤوس ومعاول  من البرونز والنحاس والحديد. أحيانا كان الجيش يصل إلى نهر يتوجب عبورها مما يجعل ضروريا إشادة الجسور او تصميم الأطواف).وكانت قوات الأستطلاع تسهل امام الوحدات القتالية تنفيذ الخطة العسكرية مثلا عندما كان الجيش الآشوري يصل إلى المدينة المعادية ويحاصرها,كانت قوات الأستطلاع تقوم ببناء السلالم وحفر الخنادق.وكان يرافق الجيش مجموعة من النساخين الذين يدونون أحداث المعركة والغنائم التي حصلوا عليها, وكان هناك مترجمون وضباط إستخبارات, وكذلك ممثلي رجال الكهنوت الذين كانوا يقومون بتفسير العلائم ويقوون المعنويات القتالية للجنود, ويشدون من أزر المقاتلين في الظروف الصعبة.هكذا  نجد أن أسرحدون – بعد إغتيال سنحريب على يد أَخويه – تحرك لملاقاة جيش القاتلين بإيعازمن الألهة لتأديب القتلة وزرع الرعب والذعر في صفوف المولين للأخوين قاتلي أبيهما.وكذلك يذكر آشوربانيبال آية زوده بها كاهن أثناء حملته ضد اخيه المتمرد الذي كان ملكا على بابلو كانت مكتوبة على قاعدة تمثال إله القمر: "على كل ال1ين يتآمرون ضد آشور بانيبال ويضمرون له العداء سوف أنزل موتا بغيضاً,بخناجر الحديد اللامعة وباضرام الحرائق وبالمجاعة والطاعون, سوف أنهي حياتهم". ويذكر في وثيقة أخرى بينما كان الجيش يتقدم كان عليه ان يقطع نهراً في لحظة الفيضان ولكن المنظر أرعبهم, فما كان من خادم الطقوس أن يقدم رؤية سماوية لتشجيع وتطمين الجنود:"شاهد الجنود نهر –إيدايد_ وهو سيل عارم فخافوا من العبور,لكن الإلهة عشتار التي تسكن في آربيل أرت جنودي رؤية أثناء الليل, وقالت لهم "سوف أسير بنفسي أمام آشور بانيبال, الملك الذي خاقته يداي"هكذا أطمئن جنودي لهذه الرؤية وعبروا نهر –إيدايد-بأمان".
بلاد آشور كانت مستعدة للحرب ولكن ليس منذ القدم,حيث كان أهتمامها ينصب على التجارة منذ أوائل الألف الثانية قبل الميلاد بفضل الموقع الأستراتيجي لمدينة آشور كموقع تجاري ترتبط به مستعمرات تجارية  في المناطق البعيدة حتى أواسط الأناضول.ومع ذلك نجد الحوليات تتحدث عن الحروب,وليس التجارة.ونلاحظ هذا التغيير بعد نهاية السيطرة الميتانية على بلاد آشور في القرن الخامس عشر قبل البلاد, فما كان على الآشوريين إلا أن يقاتلوا من أجل استعادة استقلالهم. وبعد تحقيقهم الاستقلال كان لا بد من حماية حدودهم المتاخمة لشعوب وقبائل كثيرة لها أطماع في السيطرة على المناطق الزراعية الخصبة والمواقع الأستراتجية الهامة لبلاد آشور.ومن أجل ذلك وضعوا الحاميات العسكرية لضمان أمن وسلامة الأرض لكنها لم تكن كافية لردع الأعداء مما دفع ببلاد آشور للقيام بحملات عسكرية وتوسيع رقعة الأرض المسيطرة عليها لضمان أمنها, وتأمين بعض الخامات الغير متوفرة واليد العاملة .وبطبيعة الحال كان العامل الأقتصادي وضمان الأمن لبلاد آشور هما العاملان الرئيسيان لدى ملوك آشور.وكان هناك عامل آخر ليس أقل أهمية ألا وهو الأعتبار الديني –مشيئة الإله آشور- "الذي يهزم جميع المتمردين" والذي " يبعثر الأشرار" و "الذي يعمل ضد الذين لا يخشون كلمته" والذي" لا يفلت من شباكه مقترفوا الآثام" ونلاحظ في الكثير من الكتابات أن الملوك الآشوريون يؤكدون على رسالتهم السماوية.حيث نجد تغلات بلاصر حوالي عام  يتوجه إلى الآلهة1100 متحدثا عن نفسه بضمير الغائب؛"لقد ألقيتم عليه قدره العظيم"الجليل"لامتلاك السلطة وقررتم أن ذريته ككاهن رفيع ستبقى إلى الأبد في المعبد(معبد الإله آشور), وبعد مضي ما يقارب من أربعة قرون نجد أسر حدون يقول :( الآلهة ,فوضتني ضد أي بلد يخطىء بحق ألإله آشور) ويضيف أيضا "آشور, أب الآلهة منحني سلطة إجلاء سكان وإعادة توطين سكان آخرين لكي تتوسع حدود الأرض الآشورية"كما نقرأ في حوليات الملك سرغون وإعتقاده بأن بلاد آشور تحمل رسالة سماوية بأن تحكم ," في السنة الخامسة من عهدي نكث-بيسيري- ملك كلاكميش بعهد الآلهة العظام وراح يرسل إلى ميتا ملك الموشكي رسائل ملؤها العداء لبلاد آشور.فرفعت يدي إلى سيدي الإله آشور, وبذلك أخذت – بيسيري - وعائلته كأسرى".وأصبح هذا التوجه أحدى الركائز ومحاولات المحافظة على التطور والأمن  في بلاد أشور,وليس فقط من أجل الظروف الفعلية الخارجية والداخلية التي فرضت,بل هي المشيئة الإلهية.تتمة هذا الموضوع في الجزء القادم.
28-06-2017
 

27
مذابح إبادة الآشوريين في الذكرى الثانية بعد المئة   
     

الدكتور   جميل حنا 

نقف اليوم امام حدث جلل إلا وهي ذكرى المذابح التي أرتكبت ضد أبناء الأمة الآشورية بمختلف كنائسهم وتسمياتهم على يد العثمانيين الأتراك بمشاركة الغالبية الساحقة من العشائر الكردية.والتي نفذت جرائمها البشعة بوسائل بربرية يندى لها جبين الإنسانية,استشهد خلال سنوات الإبادة 1914-1918 والسنوات القصيرة التي تلتها 750.000 إنسان.أننا نتمسك بحقنا, بل هو واجبنا القومي والوطني والديني أن نحافظ في عقولنا وقلوبنا على ذكرى المذابح ونعني بها كافة المذابح التي أرتكبت ضد شعبنا. أن الحفاظ على شعلة ذكرى أرواح شهداء الإبادة (سيفو) هو كفاح من أجل الحقوق القومية, وكفاح من أجل آشور ومن أجل العدالة والحق والسلام,وهو كفاح من أجل الوجود والثبات في أرض وطننا.وحث العالم القيام بواجبها المنصوص عليه في المواثيق الدولية تجاه الشعوب الأصيلة ومنها شعبنا الآشوري,والاعتراف بجميع المذابح التي كادت أن تنهي على وجود شعبنا.أن السكوت على المذابح التي أرتكبت ضد شعبنا شجع على الاستمرار في ارتكاب المذابح على يد ذات السلطات الحاكمة الدينية والقومية والمجموعات الإرهابية التابعة لها.النهج العنصري الديني والقومي لتركيا الحالية وللغالبية الساحقة من العشائر الكردية بسمياتها الحزبية والعائلية وقواها القومية الشوفينية وولاية الفقيه الفارسية وكافة السلطات العروبية الإسلامية الحاكمة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام تتحمل حتى هذه اللحظة مسؤولية كافة المذابح التي أرتكبت وترتكب حاليا ضد أبناء الأمة الآشورية.ونحن نتذكر مذابح الإبادة (سيفو) قبل أكثر من مائة عام , إلا أننا نعيش إبادة مستمرة على أرض آشور وأكرر على يد ذات القوى والمجموعات الإرهابية التابعة لها.أن غزوات المجموعات الإرهابية في نينوى 2014 وما قبلها خلال سنوات طويلة وكذلك غزوة داعش الإرهابية في الخابور 2015 وما يجري في سوريا والعراق وعلى أرض آشور يدخل في أطار التطهير العرقي القومي والديني وفقا لمبادىء مجازرالتطهير العرقي ألتي أقرتها الأمم المتحدة " اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري " نجد أن كافة البنود الواردة في هذه الوثيقة الهامة تنطبق جميعها على أبناء الأمة الآشورية بمختلف مذاهبهم الكنسية :
أ . قتل أفراد أو أعضاء الجماعة
ب . إلحاق أذى أو ضرر جسدي أو عقلي خطير أو جسيم بأعضاء الجماعة.
ج . إخضاع الجماعة لظروف وأحوال معيشية قاسية يقصد منها إهلاكها أو تدميرها الفعلي كليا أو جزئيا.   
د.فرض تدابير ترمي إلى منع أو إعاقة النسل داخل الجماعة.
هـ- نقل أطفال أو صغار الجماعة قهرا وعنوة من جماعتهم إلى جماعة أخرى.
لا شك أنه لكل جريمة ترتكب دوافع محددة تكون سببا للمجرمين بتنفيذها,وإذا كانت مجازر إبادة التطهير العرقي وفقا لمختلف التعاريف المتداولة تعد جريمة بحق الإنسانية,بل هي من أخطر الجرائم التي تتعرض لها البشرية ,لأنها ترتكب بدوافع دينية أو عرقية أو سياسية أو اجتماعية.
ولذا يتوجب على الأمم المتحدة وكافة المؤسسات التابعة لها,ومنظمات حقوق الإنسان وكافة الدول التي تحترم شرعة الأمم المتحدة ومواثيقها,وحكومات الدول واتحاد الدول الأوربية بكافة هيئاته ومؤسسات المجتمع المدني أن تعمل على فضح وإيقاف المجازر التي ترتكب في العالم وتقديم الجناة إلى المحاكم الدولية,من أجل صيانة السلم الأهلي والعالمي.
ولو ألقينا نظرة سريعة ولكن بتحليل موضوعي وعلمي على المذابح التي تعرض لها الشعب الآشوري سنجد أن كل البنود المذكوره أعلاه تنطبق عليه تماما.فإذا مذابح أبناء الأمة الآشورية,أتخذ بحقها كافة هذه الأساليب بدأ من القتل الفردي والجماعي على اسس عرقية ودينية,ألحق به الأذى العقلي والنفسي جراء السياسات القومية الشوفينية التي مارسها حزب البعث في كلا من سوريا والعراق وسياسة التعريب وعدم الأعتراف بالهوية الإثنية لهذا الشعب وعدم الاعتراف به دستوريا كمكون اساسي وأصيل من النسيج الوطني وحرمانه من تعلم لغته الأم في المدارس,وفرض عليه الثقافة والتفكير والسلوكية العربية الاسلامية.خلق ظروف إقتصادية دمرت عماد الحياة المعيشية للمجتمع الآشوري كفئة مؤثرة ومساهمة في بناء الوطن,من خلال الاستيلاء ومصادرة الأملاك,حرمانه من حقوقه القومية والسياسية والثقافية.إضافة إلى ذلك ممارسة الأضطهاد والتمييز العنصري القومي,وممارسة الضغوط بالتهديد والتخويف والأعتداءات الفردية والجماعية والتخوين والملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية والإعتقالات والسجون,والهجرة القسرية بسبب هذه الظروف.كما يتعرض الشعب الآشوري إلى حملة شرسه بألغاء دوره التاريخي وتزوير الحقائق التاريخية.وفرض واقع جديد على الأرض من خلال التغيير الديمغرافي التي تمارسه السلطات العشائرية الرجعية المسيطرة على آشور في شمال العراق على ما تبقى من الأراضي وممتلكات هذا الشعب بتسمياتهم المختلفة من الكلدان والسريان الآشوريين.وكذلك ما يحصل في الجزيرة السورية لفرض مشروع قومي شوفيني بالتنسيق والتعاون الكامل مع سلطة الاستبداد وبدعم القوى الكبرى العالمية.وما زالت سياسة التتريك والتكريد والتعريب مستمرة, وهذه القوى تمارس كافة أنواع الإضطهاد القومي والديني وتستخدم أنواع مختلفة من القتل الفردي والجماعي والتهجيرالقسري من أجل الأستيلاء على ما تبقى من الممتلكات وعلى أرض آشور.
ذكرى شهداء مجازر إبادة شعبنا ستبقى حية في قلوبنا وسنعمل من أجل نيل اعتراف الدولة التركية والأكراد بهذه المذابح وكذلك دول العالم وخاصة الكبرى منها والمؤسسات الدولية ذات الشأن,وتنفيذ ما يترتكب عن ذلك من اعتراف بالهوية الإثنية للأمة الآشورية وقيام كيانها الحر على أرض آشور.
أقدم للقراء الكرام هذا العمل المتواضع تخليدا لذكرى شهداء الإبادة (سيفو)
" قصة إبادة الآشوريين بمذابح (سيفو) 1915 "
https://www.youtube.com/watch?v=KyTVN8EMEu0&feature=youtu.be   

23- 04-2017

28
رابي اخيقر !
وثائق التاريخ هي كنور الشمس تسطع لا يمكن لأحد أن يخفيها عن العيون والعقول,فمن لا يرى نور الشمس فهو مصاب بالعمى العقلي والضمير وعيونه لا ترى إلا الظلام,فلذلك لا يرى نور حقيقة الشعب الآشوري وتاريخه العريق وتضحيات عظماء الأمة من العهود القديمة  وحتى قادة الأمة في آوائل القرن العشرين الذين كانوا من أتباع كافة كنائس شعبنا بدون أستثناء,وحتى كافة المناضلين في يومنا هذا الذين قدموا التضحيات الجسيمة من أجل الدفاع عن وجودنا القومي على أرضنا في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام.أن كل الوثائق التاريخية منذ العهود القديمة ومن العهود المسيحية حتى يومنا هذا ( مار أفرام السرياني ,الآشوري ومار ميخائيل الكبير ....) لا تنفع  لمن يحمل أجندات ظلامية لإنهاء كيان الأمة الآشورية على أرض آشور. أن مثل هؤلاء الناس الحاقدين لو مسك الآشوري بيد واحد منهم  وبجانبه مائة شخص من الشهود وقلت له أنظر إلى الشمس في كبد السماء ,لنكر ذلك وسيقول لك أن الذي تراه هو حجر الكعبة , وليس قرص الشمس. ولذا لا آرى أي فائدة من أضاعة الوقت والرد المباشر على مثل هؤلاء الأشخاص. تقبل فائق محبتي الأخوية ولك الشكر على نشر حقائق التاريخ.



29
السيد علاء رفعت!  شكرا على التعليق  كل إنسان حر أن يبدي برأيه حول أي موضوع كان.اختلاف الأراء شيء طبيعي .عنوان سلسلة هذا البحث واضح أن تاريخ الشعب الآشوري يتعرض منذ عهود طويلة إلى حملة تشويه من قبل الحركة الصهيونية العالمية ولأسباب تعود إلى معتقداتهم ونظرتهم العدائية للآشوريين. وهم ليسوا الوحيدين الذين حملوا راية العداء للشعب الآشوري وتشويه الحقائق التاريخية  بل القوميين العروبيين الإسلاميين والحركات الكردية وحديثا بعض  الأفراد الذين يكرسون جم وقتهم من أجل كيل الشتائم  وتزييف الحقائق التاريخية .نحن آشوريون أصلاء ونفتخر بذلك ونحن أصحاب أرض بلاد ما بين النهرين المغتصبة من قبل  غزاة  كثر.حقائق تاريخ الشعب الآشوري أرخه مئات الباحثين والمؤرخين وعلماء الأثارالعالميين, من مختلف بقاع الكون ومن مختلف الجنسيات والأديان, وآشوريي اليوم هم أحفاد الآشوريين القدماء .ومن أجل فهم الموضوع من أساسه أقرأ الجزء الأول والأجزاء الأخرى أيضا من هذا البحث وهذا هو الرابط :

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,799667.msg7443043.html#msg7443043


30
أخي يوخنا البرواري !
اشكرك جزيل الشكر على المشاركة القيمة والرد على تعليقات القراء الكرام. الأمة الآشورية صامدة بالرغم من تعرضها إلى مجازر الإبادة العرقية على مدى التاريخ الطويل.وكذلك محاولات  الأشخاص المدلسين والسلطات الحاكمة ومحاربتها لكيان الشعب الآشوري لم تكسر إرادة الحياة والكفاح من أجل الحرية لدى شعبنا.وأصدقاء الشعب الآشوري وتاريخه العريق هم من أشهر الباحثين والمؤرخين والمنقبين في العالم, ولأبحاثهم العلمية مصداقية عالية في الأوساط العالمية.الشعب الآشوري تحمل الكثير من مختلف أنواع الإضطهادات وسوف يتحمل ويواجه التزييف المتعمد بهدف القضاء على كيان الأمة الآشورية, وهذا سوف لن يحصل وطالما يبقى بشر على وجه الأرض سيبقى الآشوري حيا في هذا الكون.

31
الأخوة بنيامين توما  وهاني مانويل ! أشكركم على التشجيع والأهتمام بالوضوع.ما أقدمه للقراء الكرام هي أبحاث تاريخية  تعتمد على الحقائق والمكتشفات الأثرية ويدرسها أساتذة الجامعات ومؤلفي هذه الكتب هم يحملون مراتب علمية جامعية عليا ويدرسون أو درسوا في جامعات عالمية راقية. وهذه السلسلة من المقالات جزء يسير من كم هائل من الأبحاث والكتب والدراسات التي تنشر في العالم وتدرس في أرقى وأشهر المعاهد العالمية.

32
أخي كورية حنا !
أشكرك من أعماق قلبي ومشاركتك يتشرفني والمساهمة بالرد بمعلومات وأفكار منطقية تزيد الموضوع قيمة .سوف نتابع العمل من أجل الحفاظ على شعلة النور تضيء ظلمات العقول والقلوب, ونحن كنا وما زلنا مع العيش الأممي المشترك لا نحمل الضغائن والأحقاد وندعوا الأخرين أن يكفوا عن ممارسة القتل والإرهاب والإضطهاد والتمييز العنصري والتعصب الديني والقومي. نحترم الأراء المختلفة ولكننا ندين نشر الكراهية وسوف نتصدى لها , لأنها ضد القيم الإنسانية.

33
رابي اخيقر يوخنا !
أنني متمنن لك وأشكرك من أعماق قلبي يا صاحب القلم البارع.أن المعلومات المضافة من قبلك هي بمثابة تكميل للموضوع . والكم الهائل من المعلومات والحقائق التاريخية سلسلة طويلة لا تنتهي , ونور الشمس لا يمكن حجبها بالكم الهائل من الأكاذيب والأفتراءات ونحن متعودون على قراءة وسماع الأفكار الظلامية التي تحمل الأحقاد على جبروت الشعب الآشوري الذي قدم للإنسانية خدمات جليلة, يعترف بها كثيرون على المستوى العالمي من رجال العلم والتاريخ والثقافة ألخ... ولكن هذه الحقائق التاريخية لا تصل إلى العقول والقلوب المملؤة بالبغض والأحقاد والكراهية . شكرا على جهودك في مجال البحث ونشر مواضيع قيمة في خدمة  الجميع .

34
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (6)
                                                           
الدكتور جميل حنا
 
 (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان  ورمز أرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
التاجر والمصرفي
(تجارك كانوا أكثر من نجوم السماء)
خراب نينوى وجميع الإمبراطورية الآشورية
(    3 التوراة: النبي ناحوم;16)
تداول النقود ومنح القروض  الاستيراد والتصدير.             
ملكية الأرض,المنتوجات والأعمال الزراعية.
بني الأقتصاد في بلاد ما بين النهرين على هاذين الفرعين الرئيسيين , وأرتبطت الحياة الأجتماعية بمدى نجاحهما في تأمين السلة الغذائية للسكان وتوفيرالأموال في إدارة شؤوون الدولة.ومن هذا المنطلق نجد منذ العهود القديمة أوعطيّ الأهتمام الفائق بهما, وسنّت القوانين الناظمة لتأمين التقدم والعمل المستمر الجيد وخلق الضوابط الملزمة لمن يعملون في هاذين القطاعين الهامين بتحديد الواجبات والمسؤولية التي تقع على عاتق من يعملون في القطاع المالي والزراعي.
بلاد ما بين النهرين مارس العمل التجاري الداخلي والخارجي منذ القدم حاله كحال بقية الدول في أصقاع العالم. وذلك من أجل تلبية حاجات الناس الماسة  لبعض السلع الضرورية, ومنها سلع كمالية ايضا لم تكن متوفرة محليا,او تلك التي لم يتمكنوا من صناعتها ,بل كانوا يستوردونها من الدول المجاورة ومنها البعيدة أيضا.
 مما دفع بالناس إلى مزاولة النشاط التجاري القائم على أساس التبادل أو المقايضة التجارية، وبالمقام الأول تم تبادل الفائض من المنتوجات الزراعية مع الجوار ببضائع أخرى فائضة عن الحاجة. أثناء إجراء الحفريات الأثرية في بلاد الرافدين تم العثور على آوان وأشياء أخرى مصنوعة من السبخ (زجاج بركاني أسود عادةً) نسب إلى العصور القديمة الأولى، هذه المواد تم جلبها من مناطق بحيرة وان.وعثر في موقع تل حلف على صدف المحار الذي يعيش في شواطىء المحيط الهندي، ومن عصر العوبيد وجدت آثار أختام اللازورد وتلك الأحجار نصف الكريمة يعود مصدرها إلى ريف منابع أوكسوس، نقلت من بادهستان – أفغانستان عبر إيران. وتعود إلى تلك الحقبة الزمنية، العثور في جنوب بلاد ما بين النهرين على آثار نحاسية، ويعتقد أنها جلبت من تيلمون .
هذه القطع الأثرية التي عثر عليها تؤكد بأن العمل التجاري الخارجي قد تأسس منذ عصور قديمة جداً في بلاد ما بين النهرين . ولكن بالتحديد كيفية ونوعية وماهية ذلك التبادل التجاري الحاصل الجواب على هذا السؤال تعطيها الكتابات الأولية لذلك العصر. والدليل الأول تقدمها الملاحم السومرية القديمة، عنوان نشيد تنافس "انميركار" مع سيد" أراتا" يقرأ عن ملك سومري، الذي بدل القمح بالذهب والفضة، واللازورد مع ايران .ونشيد" انكي" وترتيب العالم (انكي والنظام العالمي) في مؤلف سومري أخر يتحدث عن نقل باخرة محملة بالذهب والفضة واللازورد من ميلوحا إلى نيبور. وقبل عهد سلالة أغادي تتوفر معطيات كثيرة بخصوص تجارة البلاط ومعابد لاغاس إضافة إلى تجارة الحبوب تم تصدير الأسماك والأقمشة.
الطرق التجارية  ووسائل النقل
يعتبر الفرات بطيء الجريان والدجلة سريع الجريان من أقدم طرق الشريان الحيوية التجارية.الوثائق المكتوبة التي عثر عليها بخصوص وسائل النقل  النهري بالسفن في الفرات من عصر ما قبل السلالة الثالثة لـ أور.
"السفينة تقدمت من لاغاس – غيرس بحمولة مقدارها 18 طن وطاقم مؤلف من 15 شخصاً نحو اتجاه النهر بالصعود إلى نيبور، وقطعت مسافة 150كم خلال أسبوعين. وتقطع هذه المسافة خلال خمسة أيام بالاتجاه المعاكس أي الاتجاه نحو الأسفل. وتنظيم النقل النهري نجدها في قوانين" اسنونا"، والتي تحدد أجرة السفينة حسب أطنان الحمولة والأجرة اليومية للقبطان.و في حال غرق السفينة نتيجة اللامبالاة، يلزم القبطان بدفع الخسارة ويغرم بغرامة مالية كل من يحاول حجز السفينة بدون أسباب مقبولة. شريعة حمورابي تتطرق إلى تسعة بنود بخصوص النقل النهري. يتكفل باني السفينة بجودتها، ويتحمل الكابتن حماية السفينة المستأجرة ونجد بين هذه القوانين(240 )أسس نظام النقل أيضا.   
السفن كانت وسيلة النقل الرئيسية،و تنقل بضائع مختلفة تسير في رتل كبير وراء بعضها البعض. وكانت العوامات المائية(كلاك) منتشرة بكثرة كوسيلة نقل هامة. ما زالت موجودة في العراق والعبارة" كالاكو" (أكادي). وكان يربط بالعبارة جلود الأغنام منفوخة بالهواء التي تساعدها على الطفو وعدم الغرق نتيجة الحمولة الزائدة.وهذه الأشكال من العوامات تشاهد في مناظر المنحوتات التي عثر عليها. إضافة إلى العبارة، تم بناء السفن ذو حمولة كبيرة وسفن كانت مقدمتها عالية وأنواع صغيرة، وقوارب وعوامات مختلفة. وتطور بناء السفن في بلاد الرافدين تؤكدها الأشكال والوظائف المختلفة حسب حجم الحمولة ونوعيتها أطلقت عليها تسميات مختلفة.
جهزت سفن خاصة لنقل الحبوب، البلح، الخشب، القرميد، المواشي، الصوف...الخ
حركة النقل النهري للفرات تعبر عنها وثيقة التعليمات التي وجهها حمورابي، إلى" شماش – حاسير" حاكم لارسا.     
"كتبت إلى" إيغميل- سين" بخصوص بناء سفينة، وأمرته:( احضر إلى عندي لأبلغك، بالذي قررته) بما أنه لم يأتي أرسلت إليه رسالتي هذه بالرغم من ذلك بدون أي إعاقة أعطه حبوب وتمر، بالكمية التي يطلبها، ليكون لديه عمال كافين لغزل القصب. جدير بأن نفكر ملياً بكم سيكلف إلى حين قبل إنهاء العمل! أعطي للعمال الحبوب والتمر المخصص لهم، لكي لا يتأخروا في بناء السفينة ويتقاعسون عن العمل".
الميناء النهري " كاروم " لم يكن يقصد  به فقط ضفة النهر التي ترسى فيها السفن، بل يضم الطرق المؤدية إلى مركز المدينة التجاري أيضاً، ومساكن عمال النقل، والمستودعات والحراس ومقر جميع مسئولي النقل المائي والقضاة الذين يحسمون الخلافات التجارية والنقل.
 المدن التي شيدت على ضفاف نهر الفرات أسست وكالات تجارية وأحيانا كانت لها هيئة قضائية تابعة لها تدافع عن مصالحها. كان لـ" سيبار" وكلاء تجاريين  في ماري وميسلانو.
لم تفقد الطرق المائية من قيمتها أبدأ في مختلف العصور. وكان سكان بلاد الرافدين في البداية يستعملون النقل النهري فقط، وفيما بعد بدأوا بالنقل البحري، انطلاقاً من الخليج باتجاه المحيط الهندي، والمياه المحيطة بالجزيرة العربية. والبحر الأبيض المتوسط  تحول في الألف الأول قبل الميلاد إلى طريق بحري تجاري هام، منتوجات بلاد الرافدين انتشرت في  العالم بفضل البحارة الفينيقيين وفيما بعد الإغريق.
الطرق البرية لم تتطور كالطرق المائية التي كانت أكثر فائدة اقتصادية،وآمنة وغير مرهقة. وأحيانا تم ربط طريقي النقل البري والبحري مع بعضهما البعض لتتابع الحمولة المائية  نقلها بالطرق البرية ويعلم من إحدى رسائل بلاط ماري تعليمات السلطات بخصوص الجمع بين طريقة النقل المائي والبري.
"مواد الخشب الذي يجب نقله إلى مدينة سوبات – إنليل، في مدينة ماري حملها على الباخرة، وأنقلها  حتى مدينة كاتومان. في حال وصولك بالسفينة إلى هناك،ليضع عمال النقل الكاتوميين الحمولة في عربات وأنقلها إلى عندي، في مدينة" سوبات- إنليل".
الموقع الجغرافي المميز لبلاد الرافدين ربط بين طرق التجارة العالمية الهامة بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب,و تحول إلى نقطة التقاء طبيعية لكافة المسافرين. وأشار الأكاديون إلى كلمة طريق (حارانو) برسمة تصالب طرق، وكلمة "حارانو" عنيت بنفس الوقت –السفر- واستخدم بمعنى -بعثة تجارية- أيضاً
شبكة طرق المواصلات البرية في بلاد ما بين النهرين لم تكن كثيفة، كانت المدن والتجمعات السكنية متصلة مع بعضها بواسطة قنوات مائية لذلك كان النقل المائي سائداً. الطريق البري الرئيسي كان يربط مدينة سوزا ومدينة افسس في أسيا الصغرى.
الطرق البرية لم تكن معبدة في أغلب الأحيان،لأن الحجارة لم تكن متوفرة بسهولة وكان القرميد يستخدم لتغطية الجدران ويصب او يدهن بالإسفلت.كانت هناك حالات استثنائية لبناء طريق نقل جيدة مثال ذلك الطريق الذي شيد من أجل نقل تمثال الإله مردوخ من بابل إلى آشورفي أجواء إحتفالية.حيث يذكر الملك " آشور بانيبال"ويكتب بالتفصيل عن الطريق البالغ طوله 350كم، وكل عشرة كم منه كانت النيران والمشاعل تضيء الطريق.
وقد أوكل صيانة الطرق  للعاملين في خدمة المعابد والبلاط الملكي.و كتابة أحجار الحدود تبين بان الذين منحوا أراضاً للملك، كانوا يحصلون على عفواً  من واجبات صيانة الطرق والجسور.
السفر لم يكن خالاً من المخاطر، لذلك كانت الطرق التجارية الهامة، وطرق قوافل الدبلوماسيين ترافقهم حراس مسلحين، وأحياناً بالرغم من ذلك كانوا يتعرضون لهجوم قطاع الطرق.
تقرير قائد إحدى القوافل التي هوجمت يكتب على الشكل التالي
 وكان يحصل بسبب حوادث طبيعية أن يعاق  (قطعوا طريقنا، لذلك لم استطع اليوم أن أعطيك خبر)
تقدم المسافرين.
يقرأ في إحدى رسائل مكتبة ماري (سقطت عليهم عاصفة مطرية، والوحل الجارف بسبب غزارة الأمطار أوقفهم، وعندما كتبت لك حسب حديثنا الأول، لم أغادر الموقع. الآن عندما اكتب لك رسالتي الثانية بدأنا بالانطلاق نحوك). وكانت تحصل أثناء السفر أمور مفاجئة ومخاطر مثل قطاع الطرق، حيوانات مفترسة كانت تهجم على القوافل، كسر عجلات العربات أو سقوط العربات، والإنسان في بلاد ما بين النهرين حاول تجنب المخاطر بالتوسل والدعاء إلى شماش شفيع الراحلين، الإله شماش الذي كان ينير طريق القوافل.
" تساعد المسافر في طريقه الشاق,
تشجع البحارة في خضم الأمواج,...
تتضرع إليك القافلة، في طريقها المحفوف  بالمخاطر، آه شماش!
التاجرالجوال,التاجر الحقائبي ,
يتضرع إليك شاكراً صياد السمك آه، شماش"
كان التجار في بلاد ما بين النهرين يدونون ملاحظاتهم أثناء السفر، ولذلك يمكن معرفة المدة الزمنية التي يمضونها في قطع المسافات وطول الطرق بين مختلف المناطق. وتعد بعض الملاحظات التي تم تدوينها على شكل يوميات السفر بمثابة كتاب دليل سياحي.إحدى تلك الوثائق التي عثر عليها ويعتقد بأنها تعود إلى عهد حمورابي، يكتب فيها المسافر عن سفره من لارسا إلى بابل وعبر سيبار إلى نينوى وبعد ذلك بمحاذاة الفرات إلى توتول، ومن هناك عبر حران وإلى أراضي آشور اليابسة إلى سيبار وبعد ذلك عبر بابل عائداً إلى لارسا ومن هذه الوثيقة المسجلة يقدم المسافر وصف لمحطات توقفه فيه وكم استغرق قطع الطريق. حيث يتبين من الوثيقة بأنه قطع مسافة 2000 كم خلال ستة أشهر وأربعة عشر يوماً . إذا أخذنا بعين الاعتبار أثناء انطلاقه ذهاباً قضى فترة أربعة عشر يوماً في بابل وأثناء العودة ثلاثة عشر يوماً وفي سيبار وأشناك عشرة أيام، وفي سونا ستة وعشرون يوماً إذًاً هذه قدرة فائقة جديرة التفكير بها.
كما عثر على بيانات الشحن والبيع: تأكد أحدى وثائق التاجر الآشوري التي تمت في كانيس بيان شراء البضائع." سلعة القافلة التي اشتريتها وجب عليها نقلها إلى آشور.وحسب البيان أن مسئول القافلة استلم مبلغ " 32 مانوم و 42 ونصف شيقلوم فضة.و يورد في الوثيقة السلع التي تم شرائها (مثل، الملابس، والرصاص،والحمير)، وبعد ذلك يسجل مصاريف القافلة (الحرس المرافق، ثمن الملابس، كلفة أعلاف الحمير والمصاريف الضرورية لنفقتها والأدوات اللازمة، الجمارك، أجرة رئيس القافلة والتي كانت تشكل جزءاً يسيراً من مجموع قيمة الصفقة) ولم يغب بند مصاريف مستجدات طارئة أو مصاريف إضافية أخرى.
 من المقايضة إلى التجارة بالنقود
بالتأكيد لم يكن الطريق قصيراً للوصول إلى مرحلة التعامل التجاري بالعملة , إذاً ما  قبل مرحلة أخذ العملة المعدنية تلعب الدورالعام في تحديد القيمة للمواد المطروحة للبيع والشراء مرت التجارة في مراحل تطور لتبلغ  إلى هذا المستوى.
في لاغاس وسوباراك كانت عقود العقارات تحدد قيمة العقار بمقدار قيمة المعدن, حيث كان قيمة العقار تقيّم على أساس قيمة وحدة الحبوب بالنحاس او الفضة في اليوم الذي يوقع على العقد .
قطع الأرض كانت تحدد قيمتها اولاً بالحبوب وفيما بعد بالفضة حسب كتابة  مسلة" مان – إشتوشو" 1كوروم حبوب= 1شيقلوم فضة. وبقية المواد المباعة يظهر ثمنها بشيقلوم الفضة فقط وفي قوانين" اور – نامو" كان القضاء يحدد عقوبة الغرامة المالية بالفضة بحق من يرتكب الجرم ويتعدى على ممتلكات المالك ويعوض عن الخسائر التي ألحقت به, وبقيت هذه القوانين سارية في العهود المتأخرة أيضا.ً
قوانين" إشنونا" يذكر الفضة في  المقام الأول بتحديد  السعر وقيمة الإيجار يحدد قيمة وحدة الفضة محسوبة على قيمة بضائع مختلفة (مثال  1شيقلوم فضة قيمتة يساوي 1كوروم حبوب، 6مانوم صوف، 3 مانوم نحاس، 1 سوتوم 5 قوم دهن خنزير, 2 كوروم ملح الخ...) وبعد ذلك يعدد البضائع المختلفة  وفق قيمتها ووحدة القياس(الكمية) الحبوب وحسب البيع بالمفرق (مثال يمكن شراء 30 قوم حبوب بـ 1 قوم زيت.
تم تحديد أجار العربة، وسائق العربة، وحيوانات اجر العربة بالحبوب والفضة بآن واحد: قيمةالإيجار بـ 100 قوم حبوب أو3/1 شيقلوم فضة. وبنفس الطريقة المشابهة حددت الأجرة اليومية لعمال الحصاد أيضا ورواتب العمال الزراعيين الشهرية حددت بالفضة فقط ،إضافة على ذلك كان يستلم 1 شيقلوم فضة و 60 قوم حبوب أيضا.ً
بقايا العلاقات القديمة في تبادل الإنتاج الطبيعي دام عصوراً طويلة، وتنعكس الازدواجية في عملية تبادل المنتوجات في الكلمات السومرية أيضاً، عندما يستخدم فعل الدفع بمعنى مدادوم أي يقيس (الحبوب) أو شاقالوم يزن المعدن.
الدفع بالحبوب كان يلحق الأذى بالمشتري: إذا ما تم الدفع بالحبوب لأجل شراء الدهن، إذا حسب قائمة الدفع في قانون" إشنونا "يحصل على أقل 3 ب قوم دهن خنزير، ما إذا كان الدفع بالفضة.
الكثير من ملوك بلاد ما بين النهرين ، أصدروا لوائح الأسعار،والتي لم ترتقي إلى مستوى القوانين. ولكن كانت تصدر قرارات مختلفة تلائم الظروف السياسية والاقتصادية لفترة زمنية محددة.   
عثرالمنقبون  على وثيقة من القرن التاسع عشر ق.م من" سين – كاشيد" ملك أوروك القرار الصادر يحدد أسعار السلع الضرورية (الحبوب، الصوف، الزيت، النحاس) وتوحيد أسعارها، والقرار يحدد كمية السلعة بقيمة 1 شيقلوم فضة، يتضح من ذلك، بأن أخصب الأراضي في بابل كانت في آوروك لذلك كانت قيمة الحبوب أرخص بثلاثة أضعاف منه في" مان- إشتوشو أغاديا أو في إسنونا. الملك يعلن بثقة تامة في نهاية القرار الصادر،بأنه وفر لمرؤوسيه حياة مزدهرة. بينما وثائق أخرى تؤكد بان الأسعار كانت أعلى مما ذكر في هذا القرار.
قوانين حمورابي لا تتضمن لوائح أسعار السلع, كان الملك  يصدر قررارت خاصة تتعلق بالأسعار وكما  ورد في شريعة حمورابي اجرة بعض الحرفيين والعمال المياومين.
"إذا شغل أحد المواطنين أجير، من بدء العام حتى الشهر الخامس من السنة ليدفع له مقدار 6 سيوم فضة فضة في اليوم، ومن الشهر السادس ولغاية آخر العام يدفع 5 سيوم فضة في اليوم ($273)
في أيام الصيف حسب تقويمنا الحالي بدءاً من نهاية شهر آذار حتى نهاية شهر آب كان العمال الزراعيون يحصلون على أجرة أعلى بمقدار الخمس، بما أنه كانت تجري خلال هذه الفترة عمليات الحصاد وجمع المحصول, وكانت الأيام أطول، وحسب لائحة الإيجار كان العامل يكسب مقدار 10 شيقلوم سنوياً، إن عمل على مدار السنة.
بقي من عصر حمورابي وثيقة كتابية صادرة من الملك الآشوري" شمشي – أداد الأول"، يحدد فيها القيمة العظمى للسلع الضرورية. قيمة 2 كوروم حبوب تساوي 1 شيقلوم فضة، هذا كان يعادل نصف السعر الذي تم تحديده بواسطة" مان – اشتوشو"، ولكنها كانت أكثر بالثلث من لوائح أسعار" سين – كاشيد". إذا نظرنا ألف عام إلى الأمام نجد في كتابات الملك "آشور بنيبال" لوائح أسعار الحبوب، التمر الزيت...الخ. وإذا قورنت مع السابقات يتضح بان الحبوب مقارنة مع لائحة أسعار" شمشي - أداد "قد ازدادت بمقدار الثلث.
ارتفاع الأسعار في بلاد الرافدين استمرت بهذا الاتجاه وسبب ارتفاعها لم يكن نتيجة سوء المحصول فقط وإنما بسبب الحروب أيضاً عندما حاصرالملك" أشور بانيبال" بابل ارتفعت أسعار الحبوب ستون مرة ضعف الأسعار الرسمية. وارتفاع الأسعار استمرت في العهد البابلي الجديد أيضاً حيث بلغ قيمة 3/2 كوروم من الحبوب 1 شيقلوم.
وأثناء الحكم الفارسي لبلاد ما بين النهرين ارتفعت الأسعار بسبب الإقبال على حبوب بلاد ما بين النهرين في بلاد فارس، كان يشتري بـ شيقلوم واحد 15 ل. حبوب فقط وفي أحسن الأحوال ونادراً 40ل. مقابل شيقلوم واحد ، أي خمس الكمية ما قبل احتلال بابل. وفي العهد السلوقيديين تناقصت الأسعار إلى حد ما.
الفضة كعملة للدفع ودور الذهب
 
في بابل عندما أخذ المعدن دور أداة التبادل العام، بينما كان النحاس لزمن طويل أداة الدفع الأساسية، وفي العهد الآشوري القديم كان القصدير الوسيلة المستعملة في التبادل التجاري, والفضة كأداة دفع انتشر متأخراً. من إحدى الرسائل التجارية السومرية من بداية الألف الثاني قبل الميلاد يحدد قيمة النحاس مقابل الفضة.
("لو– ميس كا لمتا- أي, و نيغ – سيسا – ناب – سا الشركاء التجاريين استلموا من أور – نيمار – كي 1500 ل.زيت و30 قطع قماش ملابس وقيمة 1 كغ فضة، لكي يشترون في تيلمون... في حال العودة من السفر سالمين وبصحة جيدة سيدفع لصاحب الطلب مقابل 1كغ فضة 190 كغ نحاس".
تحول الذهب في العهد الكاشي إلى قيمة عامة مرادفة، متكافئة ولكن الفضة حافظت على دورها حتى العهد الفارسي.
كان يقاس المعدن بكتلة فضية،او سبائك أو في حلقات. وحدة القياس كانت مانوم (=0.5كغ) وشيقلوم =8.4غ)
القطع الموزونة في غالب الأحيان كانت  تختم برمز معين لتثبيت نوعيتها. (كما استخدم في روما القديمة عندما كانوا يدفعون المعدن مستطيل الشكل الذي كان أداة دفع، ما يسمى أياز سيغناتومو.
ظهور الفضة كعملة نقدية معدنية في عهد سنحاريب نصف شيقلوم (= تقريبا 4 غ فضة) .
ظهر في النصف الثاني من الألف الأول ق.م في الوثائق المكتشفة كلمة إستاتيرو أي باليونانية ستاتيروس على غرار العملة النقدية الفارسية، صنعت من الذهب، وزنها كان 1شيقلوم بابلي
وحدات الوزن البابلية تحولت إلى قياس جميع أنظمة تقسيم العملة متأخراً والعملة اليونانية التي أخذتها على أساس نظام القسمة الستينية.
ظهر الذهب في عصر السلالة الملكية الأولى لـ أور في سومر كسلعة مالية كما تشهد على ذلك بقايا المقبرة الملكية لـ أور من الواضح كان الذهب من السلع المتداولة بكثرة كما نجد في شريعة حمورابي الفقرة (112) حيث كان يسلم للذين يعملون  في مجال نقل الفضة والأحجار الكريمة وفي حال اختلاس الذهب يعاقب بدفع غرامة تعادل خمسة أضعاف الكمية المختلسة.
تم تأشير الذهب بطرق مختلفة: الأبيض، الأحمر، النقي..الخ ويعتقد بأن الذهب كان يستورد إلى بلاد ما بين النهرين من ميلوحا بلاد الهندوس أو من مناطق حاحو الواقعة في  جبال طوروس عبر الطرق التجارية. وفي عهد السلالة الثالثة لـ أور جلب الذهب من عيلام، وفي العهد الكاشي استلم من الملوك المصريين كهدية. وبعض السجلات من العهد الآشوري القديم تذكر بأنهم استخلصوا الذهب في كبادوكيا بطريقة الغسل.
قيمة الذهب ارتبطت بعوامل مختلفة. في عهد السلالة الثالثة لـ أور كانت نسبتها مقابل الفضة 1:10 كقيمة متداولة عامة.
في عهد حمورابي كانت قيمة الذهب مقابل الفضة 1:6، وفي العهد البابلي الجديد 1:12 وفي عهد الاحتلال الفارسي 1:15. تذكرعقود توزيع الورثة في العهد البابلي الجديد على أهمية الذهب ودوره في التعامل التجاري.يعلن في وصية الورثة بتوزيع كل ما يملكه بدءاً من القش حتى الذهب. في سوزا كان يوزع على الورثة  كل ما كان يملكه الفرد من الحبوب والفضة والذهب وكل الأشياء التي منحها الإله للإنسان.وكان يلزم كل فرد لا يلتزم بتنفيذ بنود العقد التجاري او يخالفه بدفع الغرامة المالية بالذهب.
في عهد حمورابي أصبح الذهب مغريا للسارقين لذلك كان يعاقب بشدة  كل من يقوم بسرقة  الذهب.
ولذا قوانين حمورابي كانت تفرض عقوبة قاسية على كل فرد يختلس من آملاك غيره.
"إذا أراد شخص ما شراء فضة أم ذهب، أو عبيد، أوعبيدة، أو بقر، أو غنم،أو حمار، أو أي شيء بأي اسم يسمى ,من شخص ما أو من عبيد بدون عقد أو بدون شهود, ذلك الشخص  يعتبر لص, اقتلوه"(7) 
من قضايا تلك العصر التي بحثت في المحاكم لم يبقى أي ملف ولكننا نعرف رسالة موجهة إلى الملك آشور– أهدين يخبر فيها عن سرقة صفيحة من الذهب لقد أخذت أو سرقت من المعبد، وجدت في يد أحد صانعي الأختام الاسطوانية.
ومن العهد البابلي الجديد أيضاً سجلت حالة سرقة: لقد سرق من معبد شمش ذهب وفضة ومن الوثيقة يتضح إعطاء أمر البحث عن المسروقات.
التاجر العامل الرئيسي في التجارة
التاجر المتجول كان ينتقل من مدينة إلى أخرى يعرض بضائعه على الناس إما مشياً على الأقدام أو على دابته. وفي حوانيت الخمر كانت النساء تبيع بالمفرق ما تنتجه، وحول نشاطها تكتب قوانين حمورابي في البند (188-111) .   
الفلاحون ومربي المواشي كانوا يبيعون منتجاتهم الزراعية ومواشيهم بشكل مباشر إلى المستهلك بدون وسطاء، كأصحاب الحرف اليدوية الصغيرة. وطريقة البيع هذه كانت تتم بيسر بعقود بسيطة، كما تأكدها إحدى الوثائق الباقية من العهد البابلي القديم:
("الباب الذي بحوزة مردوخ – موباليتي هي لصاحبها ابن شمش-بيل- إلي نابيوم اشتراها من مردوخ – موباليتي. المشتري دفع مبلغ ا شيقلوم فضة. مدققه بحضور إيبكات -آبيل ابن– إليشو. يوم11 آيار في ذاك العام، الذي نصب الملك أبي – أيشوح تمثال إينتين".
هؤلاء البقالين، وأصحاب حوانيت الخمر والحرفيين اليدويين والصناعيين الصغار لم يكونوا تجار (تامكاروم). التاجرالفعلي بكل معنى الكلمة كان يطلق على الذين يقومون بنشاط منح القروض المالية إلى جانب بيع وشراء السلع التجارية. إن النشاط المالي-المصرفي وفر الإمكانية اللازمة أمام التجارلأنشاء  مؤسسات تجارية كبيرة, ونتيجة نجاح العمل التجاري تكدست لديهم رؤوس الأموال. لذلك كان الملك وكهنة المعابد، يقدرون عالياً عمل التجار، وكانوا غالباً ما يمنحوهم امتيازات خاصة.
لقد عثر الباحثون في موقع كانيش على أجزاء من ألواح مكسورة من العهد الآشوري القديم، ومن هذه البقايا يتبين أقدم نظام سوق معروف حتى الآن. وقوانين حمورابي في العديد من فقراته يتطرق إلى مكانة التجار (تامكاروم) في المجتمع.وحسب القوانين كانت تشترط على من يمارس العمل التجاري أن يكون نشاطه التجاري متنوع وله عقود تجارية و شبكة  التسويق والشراء.
الشروط الرئيسية لهذه القوانين إنشاء شبكة واسعة ومتشعبة من النشاطات التجارية المختلفة, بدأً من مكاتب تسجيل العقود التجارية، والنقل، والزبائن. هذه القوانين نظمت العلاقة بين التاجر والوكيل التجاري" شامولوم" (أكادي) حامل كيس النقود كان الساعد الأيمن للتاجروكانت مهمته تقوم  على إيصال الطلبات إلى التاجر. كما يقوم بمهام التنقل من مكان إلى آخر لتأمين صفقات تجارية، ويؤمن شراء المواد الخام، ويبيع البضائع.
يقرأ في الفقرة (104-107) من شريعة حمورابي " إذا سلم التاجر للبائع الجوال حبوب، زيت ,صوف أو أي بضاعة أخرى بهدف البيع, يجب عليه تسجيل المبلغ أي ثمن البضاعة وعلى التاجر الجوال إعادة قيمة البضاعة للتاجر. وفي حال تسليم النقود عليه أن يستلم وصل الدفع مختوم من قبل التاجر.و إذا لم يأخذ التاجر الجوال من التجار وصل تسليم النقود بسبب إهماله, النقود غير الموثقة بوصل مختوم لم تدخل في الحساب. إذا سلم التاجر البائع الجوال مبلغ من النقود، ونكراستلامه المبلغ على التاجر أن يبرهن أمام الإله والشهود بإعطائه المبلغ للتاجر المسافر، وفي حال التأكيد عليه دفع ثلاثة أضعاف المبلغ. إذا كلف التاجر الجوال، وأعاد للتاجر بما كلف به، ولكن إذا نفى التاجر باستلامه من التاجر الجوال ما عهد إليه عليه أن يبرهن أمام الإله والشهود بأنه أعاد المعهود إليه للتاجر،وبما أن التاجر اتهم باطلاً التاجر الجوال عليه إعطاء ستة أضعاف ما أخذه".     
نلاحظ بأن العقوبة الممنوحة للتاجر أكبر من عقوبة التاجر الجوال (شامالوم) إذا كان  شخص ما في مكانة اجتماعية أرقى، بسبب الخداع وعدم الأخلاص تكون عقوبته أكبر ( (المسؤولية تلزم صاحبها التقيد بالقوانين وفي حال خرقها تكون العقوبة المستوجبة كبيرة بحجم المسؤولية الموكله إليه))".
تعليمات قوانين حمورابي نظمت طريقة تأمين القروض أيضاً يعدد بعض الحالات العامة المتعلقة بالقروض  والأراضي الزراعية الخصبة وذلك بسبب ارتفاع قيمتها.
" إذا أقترض رجل مالا من تاجر واععطى إلى التاجر حقلا جاهزا لنتاج الشعير او السمسم وقال له (للتاجر)أزرعالحقل واجمع ( أحصد) وخذ الشعير او السمسم الناتج,فإذا انتج الفلاح الذي استأجره التاجر لزراعة الحقل شعيرا او سمسما. في الوقت الحصاد يستلم صاحب الحقل الشعير او السمسم ,وعليه ان يعطي غلى التاجر الحبوب مقابل النقود التي استلمها منه,"أي القرض القرض الذي حصل عليه من التاجر"وعليه كذلك ان يعطيه تكاليف الزرع, اي المصاريف التي انفقها أثناء عملية الزرع"
وكذلك الحال ان كان الحقل الذي أخذه التاجر من الفلاح مزروعا بالحبوب او السمسم, وهذا ما نصت عليه المادة (50) في قانون حمورابي وعلى الشكل التالي((فإذا اعطى رهن رجل حقلا مزروعا بالشعير او السمسم , فإن صاحب الحقل هو الذي يستلم الشعير او السمسم الذي نتج في الحقل, وعليه أن يدفع النقود المقترضة مع فائضها للتاجر"
كما منح القانون للفلاح المدين ان يدفع دينه بالحبوب او السمسم الذي ينتجه في حقله, والذي اكدته المادة (51)والتي تنص على "إذ1 لم تكن لديه أي لدى الرجل الذي رهن حقله النقود ليدفعها, فعليه ان يدفع للتاجر شعيرا او سمسما قدر قيمتها المتداولة في السوق بالسعر الذي قرره الملك بدل نقوده التي اقترضها من التاجر مع الفائض" فان لم ينتج حقله حبوبا او سمسما فلا يجوز له ان يغير عقده مع الدائن, وهذا ما نصت عليه المادة (52) وعلى النحو التالي"" إذا لم ينتج الفلاح , المستأجر, شعيرا أو سمسما في الحقل , فلا يجوز له أن يغير العقد"
أن قوانين حمورابي تطرقت إلى مختلف أنواع التعاملات التجارية والاستثمار في الأراضي الزراعية وأنواع الأذى والأضرار والتجاوزات التي تحصل وتحديد مسؤولية كافة الأطراف المشاركة في الصفقة التجارية.     
ليست كل المعاملات التجارية كانت تدر الأرباح على التاجر، التاجر الجوال  او المسافر خارج بلاد ما بين النهرين والعائدين إلى وطنهم، الذين اشتروا خلال سفرهم عبيد أو عبيدة، والتي كان يتعرف عليها صاحبهم وجب إعادتها حسب قوانين حمورابي البند 280 (تمنح لهم الحرية بدون دفع أي فضة إذا كان العبيد ليس بابلياً الإنتماء، ألزم صاحب العبيد او العبدة بدفع فدية للتاجر لكي يحرر عبيده $281).
التاجر في خدمة البلاط الملكي
 
كان التاجر إضافة إلى قيامه بنشاط التجارة الخارجية الهامة، تناط إليه مهام استخباراتية أيضاً. لا نعرف الكثير عن طبيعة المهام،والخدمات المحددة التي قام بها التاجر،حيث كان تواجد  الشخص التاجراعتيادي في كل الأماكن وليس غريبا ولم يكن يلفت الإنتباه والحذر من نشاطه.كان التاجر أثناء سفره إلى المناطق والبلدان البعيدة، كان يراقب الظروف والأحوال المحلية، مثال هل كانت تجري في البلد المجاور التحضيرات للحرب، إذا كان الجواب نعم، إذاً ما هي حجم ودرجة الاستعدادات الحربية، وما هي الحاجات الحربية الضرورية، والطلب على المواد الخام والسلع المطلوبة، هل تجري في البلاط الملكي منازعات أو أي حدث، الملك يمنح التجار امتيازات خاصة على خدماتهم التجسسية التي يعطونهم عن العدو أو الخصم. ويصدر القرارات بهذا الشأن، ولكي لا تكون القضية مكشوفة في نفس القرار يمنح بعض رجال الدين أيضاً امتيازات معينة، وممثل عن أحد الفئات الاجتماعية.
وقوانين حمورابي إضافة لذلك تطرقت في البند 40 إلى إمكانية بيع التاجر عقاراته حتى ولو كانت محملة بأعباء الخدمات، كانت هذه الأعباء تنقل إلى المشتري الجديد بعد تبيانها.    .
الحياة التجارية كانت تتم في الميناء، حيث السفن تحمل وتنزل البضائع، هنا تكونت المراكز التجارية – كاروم- حسب مرسوم أمي – سادوقا في جنوب بلاد الرافدين كان يوجد إحدى عشرة مركزاً تجارياً أي في جميع المدن الكبيرة. في كل ميناء (كاروم) كانت تعمل غرفة التجارة، والتي كان على رأسها كبير التجار (فاكيل تاماري) أي وكيل التجار، كان هو ممثل التجار لدى السلطات المعينة والبلاط الملكي ومع الزبائن ويمثل مصالحهم.
 
البداية القديمة لتكوين نظام البنك
 
اكتشف في بلاد الرافدين خلال إجراء الحفريات الأثرية آلاف الألواح الطينية، المكتوب عليها معاملات تجارية تمت بين أفراد أو جماعات تشهد على بدء النظام البنكي وتشبه إجراء الصفقات البنكية في عصرنا هذا، وكانت تمنح قروض للأشخاص أو مؤسسات ويأخذون عملة نقدية أو فضة أو أي ثروة أخرى رهينة.هذه الوثائق الاقتصادية دفعت بالمهتمين في شأن تاريخ الاقتصاد أن يبحثوا بعمق عن بداية الصفقات التجارية والمعاملات البنكية في بلاد ما بين النهرين ,وليس لدى الإغريق, لأن التعامل البنكي أنتقل إليهم عبر التجار الفينيقيين.الذين كانوا تلاميذه التجار البابليين الآشوريين.وكان  يعمل لدى البلاط الملكي رجال المعابد والأعمال والمال المقتدرين الكفئوين أو في مؤسسات خاصة مستقلة.
وفي عصور مبكرة جداً تم تحديد الفائد ,وفي قوانين اشنونا وحمورابي نجد الحد الأقصى للفوائد أيضاً: 20 بالمائة دفع نقدي (فضة) في حال منح قروض الحبوب 33  3 |1 ,إلى هذا الحد لم يعتبر استغلال أما إذا تجاوز الدائن هذه النسبة حسب قوانين حمورابي تأخذ كافة النسبة المئوية للأرباح المطلوبة
(إذا طلب (أخذ) التاجر نسبة فوائد أكثر من (100قوم حبوب) بعد كل كوروم 6/1 شيقلوم وستة سي اوم فضة (شيقلوم فضة واحد) على كل فضة أخذها.   
إن القوانين المكتوبة على الألواح الطينية أو المحفورة على الحجر، لم تطبق في كل الأحيان في الحياة العملية. لقد تم تجاوز هذه القوانين في أوضاع إستثنائية و حسب الظروف السائدة في المجتمع آنذاك
كان التجار بحكم وضعهم المالي كانوا أقوياء ومؤثرين، وحتى الملك كان بحاجة إلى مساعداتهم، كما حافظوا على استقلاليتهم، وحتى البلاط لم يستطع أن يتدخل في شؤونهم.
ومن بين التجار ظهر رجال مال أغنياء جداً بعد أن كدسوا أموال طائلة من العمل التجاري، وقد زاولوا أخيراً مهنة منح القروض أي إنشاء بنك أو"بيت المال" بعد أن تراكم لديهم رأسمال كبير. وبهذه الطريقة استطاع كسب شهرة فائقة" بالمو- نامحي" من جنوب بابل في لارسا الذي مارس العمل المالي في القرن التاسع عشر قبل الميلاد. لقد بقي جزءاً من دفاتر حساباته ولكنها كافية لتعطي صورة عن حقيقة هذا الشخص الذي أصابه الغرور بسبب النجاح الذي حققه في حياته المالية، لم يسكن في حي التجار في لارسا وإنما بعيداً عن أعين الناس، كان يعامل مدينيه بشدة، ويطلب كفيل لضمان حصوله على القرض الذي يقدمه.لم يكن" بالمو- نامحي "الوحيد من رجال المال ما قبل عهد حمورابي الذي اكتسب شهرة بسبب صفقاته المالية وسياسة منح القروض التي اتبعها.     
وفي آشور القديمة في مدينة كانيش ازدهرت الحياة المالية والمعاملات البنكية والمكتبة المحلية لمدينة  ماري تبين وثائق المعاملات المالية. المدين (تاجر آشوري أو من اسكان المدينة) تعهد بأن يدفع القرض وفائدته ضمن الفترة الزمنية المحددة، ومن خلال الوثائق المكتشفة يمكن معرفة المؤسسات التجارية المانحة للقروض، فضة، قصدير، أو الحبوب إضافة للتجار الأشوريين كان بعض سكان المحليين أيضاً يمارسون العمل المالي
وفي مكتبة ماري عثر على كثير من وثائق المعاملات المالية هذه الوثائق قريبة جداً من إيصالات المالية (شيك) الحالية أو شبيهة بأوراق الاعتماد. يكتب الملك شمشي – أداد الأب العطوف من آشور لأبنه في ماري،" ياسماح– اداد، الذي احتاج لتزويده بمبلغ من النقود ليتزوج من خطيبته.
"أنا شخصياً من اليد باليد أستطيع منحك (إعطائك) 3 بيلتوم فضة (1بيلتوم=3 ,30كغ) أما ما يتعلق بالباقي سوف أعطي لوحة لـ" لامو" بمقدار 1 بيلتوم فضة" بلا شك هذه أوراق اعتماد مالية لنقل كمية 30كغ من الفضة من آشور إلى ماري..
حيوية العلاقات التجارية دفعت لتطور الإنتاج ومن البديهي احتاج ذلك إلى وسائل التشغيل الملائمة، هكذا نشأت البنوك  الشركات والتي كانت تلعب دورهام في الحياة الاقتصادية وكان قطاع مربح. وفي حالات عديدة كانت هذه المؤسسات المالية عائلية تنتقل ملكيتها من أفراد العائلة عبر أجيال كثيرة بالوراثة. هذه لوحة شركة مالية (بنك) الشركات في بابل (أجبي وأولاده) أو في نيبور(موراشو وأولاده). إذا أردنا التعرف على أوراق البنكين التجارية، وجب دراسة مئات الألواح التي تضم المعاملات المالية والصفقات المالية التي قام بها. تلك المؤسستين الماليتين سجل بدقة متناهية كل القروض الممنوحة والتعهدات: السهم المالي أو الحصة المستلمة، والودائع المالية (فضة) والعينية..الخ كلفة إنشاء المؤسسات المالية كان عالياً جداً. ولكن العائدات الواردة من القروض والرهائن (عربون) المودعة من أرض وغيرها والكفالات المالية، كانت تؤمن ربحاً وافراً لهذه المؤسسات المالية.
البلاط الملكي لم يكن في وضع يحسد عليه في حال حصول خلافات بين رجال المال.كان عليه أن يضع أمام نظره الوضع الذي يمر به البلد والمصلحة العامة للمجتمع، والمحافظة على التوازن الاقتصادي للبلد، بما أن الأعباء الكبيرة كانت يتحملها السواد الأعظم من أبناء المجتمع. ولكن كان لرجال المال أيضاً دورهام للإسهام والتأثير في خزينة الدولة, وتمكينها من مواجهة القلاقل الداخلية وتكاليف حماية البلد والحروب.
الملوك العادلين في مختلف العهود التي حكموا بلاد ما بين النهرين وبغض النظر عن الظروف السائدة في البلد سنّ قوانين لتنظيم الحياة المالية، ووضع حداً لجشاعة رجال المال، وتحديد سقف الفوائد..الخ
حسب تشريعات "اشنونا "كانت تحرم على البنوك منح القاصرين والعبيد قروض مالية، كما كانت تمنعهم باستلام أي وديعة مالية أو عينية منهم.
وشريعة حمورابي ($116و117) صياغة تشريعاته في هذا المجال جاءت للتخفيف من العبء القاسي المفروض على الكفلاء، في حال عدم الإيفاء بالتزاماتهم، بتحديد فترة العبودية بثلاث سنوات، ومنع التعذيب أو الموت وأما إذا حصل من هذا القبيل فكان الدائن يُعامل بالمثلز
الحياة الزراعية في بلاد آشور.
كانت الحياة الزراعية مزدهره في بلاد آشور وذلك بسبب خصوبة الأرض الزراعية ووفرة المياه والأمطار عكس الجنوب من البلاد مع بعض الإستثناءات.وكانت الأراضي الزراعية هي الشائعة التي تأخذ حيزا واسعا من مساحات الأرض. وكانت المدن الكبرى في شمال البلاد محددة كآشور ونينوى وآربيل (أربخاإيلا) كالح (أطلال نمرود )العظيمة, كرخ سلوخ (كركوك) كاليزي وكوريال وشيبانيا.
كان المجتمع الزراعي يتكون من الفلاحين الفقراء والعمال الزراعيين والعبيد والملاكين الكبارويضاف إليهم الآسرى الذين كانوا بمرتبة مماثلة للآشوريين الفقراء من أهل البلد , والملوك يوضحون ذلك في بعض الأحوال حين يقولون عنهم "لقد جعلتهم مثل شعب بلاد آشور" .وكان هناك توثيق دقيق لملكية الأرض وأحدى هذه الوثائق التي عثر عليها يبين الملكية الزراعية لأحد الفلاحين في مقاطعة حران.
"أداد-دوري , فلاح.
نشوح –ديليني,ابنه في سن المراهقة.امرأة واحدة, الأجمالي ثلاثة.
ثلاثون واحدة من الأرض, منها خمس عشرة واحدة محروثة.
بستان واحد.
وهذا مجمل العقار الزراعي أريزو
في المقاطعة الإدارية حران"
كان الملوك الآشوريون على دراية تامة بأهمية الإنتاج الزراعي, حيث نجد أكثر من واحد  يتحدث عن زيادة المنتوجات الزراعية والحيوانية بوصفه احد انجازاته ارائعة. مثال على ذلك نرى بأن  تغلات بلاصر الثالث (1115-1077) يخبرنا بالتالي:
" لقد أدخلتُ المحاريث إلى حيز العمل على امتداد الأرض في كل بلاد آشور, وبذلك جمعتُ بيادر من الحبوب أكثر من كل أسلافي. لقد أسستُ قطعانا من الخيل والدواب والحمير بفضل الغنائم التي أخذتها, بمعونة سيدي الآله آشور,من البلاد التي كسبتُ السيطرة عليها"
كما نرى في وثيقة أخرى من سرغون الثاني (722-705) يطري فيه على نفسه قائلا:
"لقد حزم أمره...وأعدّ الأراضي المراحة وزرع البساتين. لقد صمم أن يجني محاصيلاً على المنحدرات الحجرية المائلة التي لم تكن في السابق قد أنتجت زرعا.لقد قرر من كل قلبه أن يجعل الأخاديد في الأراضي البور التي لم تعرف المحراث  قط, على زمن الملوك السابقين, وذلك لكي يغنيّ الناس من الفرح" هذه السياسة كانت لها إنعكاسات اجتماعية وإقتصادية على حياة الناس "فلأجل انقاذ البشر من الجوع والعوز... يجب أن لا يكون الزيت – وهو راحة للإنسان يهدىء عضلاته – غالبا في بلادي ,ويجب أن يكون من الممكن شراء بذور الكتان في السوق بسعر رخيص كسعر الشعير".
لقد عمل الملوك على بناء قنوات الري وخاصة حول المدن الكبرى نينوى وبابل ولتأمين مياه السقي للمزروعات الزراعية.
وبالرغم من كل الأهتمام الذي بذله الملوك من أجل تأمين الغذاء اللآزم لسكان الأمبراطورية إلا أن التغيير المناخي والجفاف الذي ضرب بلاد ما بين النهرين أدى إلى تدهور الحياة الزراعية وسبب مجاعة حقيقية وهذه التغيرات في الأحوال المناخية  قادة إلى كارثة مدمرة لحياة الناس في بلاد ما بين النهرين.للموضوع تتمة قادمة.
2017-04-10



35
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (5)

 الدكتور جميل حنا


 (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة).
 
الزمن وكتابة التاريخ   
إن اهتمامات الناس المثقفين لم يقتصر فقط على دراسة اللغات وإنما شملت معارفهم تاريخ وطنهم أيضاً. بل بذلوا قصارى جهدهم من أجل المحافظة على كافة العلوم المكتسبة  والمعارف اللازمة التي تلبي كافة متطلبات الحياة وتوريثها للأجيال القادمة.ولذا تطلبت الحاجة لوضع نظام زمني ثابت كان في مصلحة الحياة التجارية ومواكبة التطورات الجارية بسرعة في ذلك الزمن. وان الدافع الغريزي الأقوى لتسجيل الحوادث هي في خدمة التصورات المتكونة حول عالم الآلهة والعبادة.و حسب الاعتقادات السائدة بأن الآلهة كلٌ وحسب ألوهيته المميزة يتدخل بطريقته الخاصة في شؤون البشر وتقرير مصيرهم.
ولذلك حاول الناس بناء علاقة ود وصداقة وسلام معهم  وتقديم الفروض لنيل رضاهم وإبعاد الأذى عنهم وعن ممتلكاتهم.
إن حساب الزمن في بيث نهرين لم يبدأ من نقطة زمنية محددة، كما الحال بحساب السنوات في الثقافات المسيحية واليهودية. وإنما طريقة حساب الزمن اختلفت كما ورد في قوائم الملوك، كان الطوفان نقطة الصفر في التاريخ الزمني، تحدثوا عن زمن ملوك قبل الطوفان وزمن بعد الطوفان.كان الملوك يؤرخون السنوات على أساس إحدى الحوادث أو المناسبات الهامة الجارية في السنة الماضية. كانت في كثير من الأحيان علامة بسيطة او حدث ما  بداية لتسجيل  الزمن أو التاريخ .
مثال: يقال السنة الأولى لحكم الملك... أو الملك العاشر وتعظيم شأن الملك حينما كان يقوم بإنشاء عمران كبير أو بانتصاره على الأعداء.إن حمورابي حدد السنة الثالثة والثلاثون من حكمة على الشكل التالي. (حفر حمورابي قناة لإغناء الشعب من المياه الكافية إلى الأبد للمدن التالية لـ نيبور – أريدو – أور – لارسا – أوروك – إيسين وأعاد تعمير دولة سومر وأكاد المدمرتين. وانتصر في ساحة المعركة على مدينة ماري ومالجي وبعض مدن ماري و(...) وشوبارتو وقعت على معاهدة السلام وخضعها لأوامره.)
ومثل هذه المدونات التي عثر عليها التي تمتدح إنجازات الملك تعد من الوثائق بالغة الأهمية  لتحديد أحداث التاريخ . وكانت هذه التسجيلات ملازمة لكل المعاملات والعقود الرسمية الجارية بين الناس.
 وفي عهد الكاشيين كانت تحسب السنوات حسب سنوات حكم الملك. وفي الإمبراطورية الأشورية كانت السنوات تحسب باسم الشخص الذي كان يشغل أعلى سلطة (ليمو) وكان ينتخب لمدة عام. كما كان الحال في العهود اللاحقة في آشور,وكان القادة مسجلين في قوائم منفصلة. ومن هذه السجلات بالغة الأهمية  وخاصة فيما يتعلق بعلم الفلك حيث تقدم مساعدة كبيرة وبشكل دقيق بتحديد القيمة المطلقة للجدول الزمني لأعوام 668-811 قبل الميلاد. حيث سجل القائد" بورساجلا" أنه حدث في شهر حزيران خسوف الشمس، وبهذا الدليل تم الإمساك برأس الخيط , لأن هذا الحدث أي خسوف الشمس تم في 15 حزيران عام 763 قبل الميلاد وعلى هذا الأساس أمكن تحديد أسلاف وورثة هذا القائد بشكل موثوق كل حسب تسلسله الزمني.
استحق الأشوريون التقدير العالي لأعمالهم الخالدة إضافة لذلك تركوا بصماتهم  واضحة في كتابة التاريخ إذ أن ملوكهم كانوا يضعون في ركن الأبنية الهامة ألواح مكتوب عليها وقائع  وسرد حوادث العام المنصرم. وتتحدث عن البناء المشيد، إضافة لذلك تعتبر مصادر لمعرفة الحروب وتسجيل الحوادث بالتسلسل.
إن المعلومات المدونة من قبل الأخصائيين قدمت فائدة هامة لمؤرخي التاريخ وكانت التقارير المسجلة التي عثر عليها  وهي مدونة  على 10- 6 ألواح إضافة إلى التواريخ المسجلة على العواميد والتماثيل والمنحوتات وعلى ألواح الجدران وكذلك الكتابة على العواميد البازلتية السوداء مثلما فعل" شولمنو أساريدو الثالث". ومن بين المصادر التاريخية المعتمدة ما يسمى برسائل الآلهة أي الرسائل الموجهة للآلهة (آشور أو الآلهة الأخرى) وتضم تقارير مقدمة للآلهة للانتصارات التي حققها الملك على الأعداء.
الجغرافيا والخرائط
إن الاهتمام بالجغرافيا بالدرجة الأولى هو نتاج أسلوب الحياة البداوة ونمو العلاقات التجارية والحروب. كان القاصد إلى المدينة من حواضرها ومن المناطق البعيدة يشاهد قمة المعبد ويتجه نحوها. وأن هذا التخيل الذي يصور العالم في ملحمة إتانا لشاء مجهول ليس مفاجئاً أن يكون سكان بيث نهرين قد وضعوا تصوراتهم الجغرافية برسم خرائط محددة.
إن أقدم خريطة محفورة على لوح فخاري تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، تبين أسماء المدن والمناطق السكنية. وقد اكتشفها الباحثون الأمريكان عام 1930 في نوزي، وتشير الخريطة إلى الجبال برسم تلال فوق بعضها البعض وعليها المياه (أنهار – السواقي – المستنقعات) بالإضافة إلى المناطق السكنية .وهذه الأخيرة كانت أسمائها محاطة بدائرة. وعلى الغالب نستطيع تحديد أبعاد الخريطة حيث في الوسط دائرتين يعطي سطح المساحة المرسومة (تقريباً 150هـ) كانت الاتجاهات تختلف عن الخرائط الحالية، كان اتجاه الشرق فوق واتجاه الشمال في الجانب الأيسر.
كما تم العثور في أنقاض مدينة سيبار على خريطة أخرى تعود للعهد البابلي الجديد _قياس 8*12سم) يبين العلماء حسب تصوراتهم , في الوسط بلاد ما بين النهرين محاط بمساحة شريط طولي، ويظهر على الخريطة نهر الفرات. وفي الوسط على شكل مستطيل يرمز إلى بابل وعلى اليسار يشاهد دائرة إشارة إلى آشور ويحاط بالإمبراطورية دائرة أخرى وخارجها يوجد النهر المر. ويتصل مع الدائرة سبعة أشكال مثلثيه يبين طول الطرق الهامة الرئيسة ومميزات المناطق .وفي أحد المثلثات يشاهد كتابه (المكان الذي لا يشاهد الشمس) من الصعب التكهن بأن كان البابليون لهم علم بالقطب أو أنه مجرد مقارنة منطقة مع أخرى.
إن الأبحاث الجغرافية يعود مصدرها إلى عهد" شاروكين" إلى الكتابة المسمارية ويعطي وصفاً لمساحة الإمبراطورية الأكادية ويحدد امتداد مساحتها من "هيزا "إلى" أبولا "ومن "أبولا "حتى "حلب " تمتد غوتيوم.
ويحدد طول بعض الطرق مثلاً الطريق إلى عيلام 92 ساعة مضاعفة والطريق لأكاد يستغرق 182 ساعة مضاعفة وبناءً على هذه المعلومات المقدمة يحق لنا بكل جدارة أن نسمي علماء الجغرافيا في بيث نهرين بالرواد الأوائل وأخذ اليونان عنهم هذه العلوم ومن ثم فيما بعد اخذها العرب .
التقويم
تأسس تقويم بيث نهرين على مراقبة الظواهر الفلكية، النهار والليل وتغيرات القمر وفصول السنة وأصبح التقويم كتاب لا يستغنى عنه في العلاقات والعقود والزراعة والتجارة والقروض. أصلاً في البدء كان التقويم القمري التقويم الشهري 29أو 30يوم يبدأ في ذلك اليوم الذي يظهر القمر من جديد في الربع الأول. وإذا شوهد القمر من جديد في الربع الأول في اليوم الثلاثين يكون الشهر الماضي 29يوماً. وإذا تم ظهور القمر في اليوم 31 واحد والثلاثين فيكون الشهر الماضي 30 يوماً
تكونت السنة من اثني عشر شهر قمري، تغيرات القمر قادهم إلى تشكيل  أربعة أسابيع كل اسبوع من سبعة أيام. ازداد الفرق الزمني بين السنة الشمسية والسنة القمرية نتيجة الحسابات الخاطئة والحروب، لذلك وجب تنسيق الحساب الزمني بما يتطابق مع الوضع الحقيقي. وكانت المدن ولزمن طويل لها تقويمها الخاص وهذا أيضاً سبب مصاعب.
 ظهرت أسماء الأشهر في الألف الثالث قبل الميلاد  وسميت الأشهر بأسماء الأعمال الزراعية المميزة الجارية في ذلك الشهر أو باسم الأعياد الهامة.
حمورابي وضع التقويم  الموحد على  طراز تقويم نيبور. وانتشرت أسماء الأشهر في كافة أنحاء الإمبراطورية. واستخدم هذا التقويم مع تصحيح طفيف طرأ عليه  حتى عصور متأخرة من العهد البابلي. وفيما بعد أخذ عنهم اليهود اسماء الأشهر, وبواسطة كتاب العهد القديم انتقلت الأسماء إلى عامة الناس. وحسب تقويم حمورابي كانت السنة تبدأ في شهر نيسانو ومعنى الكلمة النور أو شهر الربيع. وفي ذلك الوقت تساوى نهار وليل الربيع هذا الشهر يصادف قدومه إذاً مع النصف الثاني من شهر آذار والنصف الأول من شهر نيسان الحالي، ويتبعه بعد ذلك شهر أيارو (شهر الورود) سيمانو (شهر النضج) دوموزو (شهر الآلهة). وأسماء الأشهر الباقية كالتالي) أبو – إيلولو _ تشريتو _ أراحسامنا _ كيسليمو _ تبيتو _ شاباتو _والشهر الثاني عشر هو  أذارو وهذا الأخير سمي بشهر مغيم.
تكونت السنة من ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوماً. وبالنسبة للفرق الحاصل مقارنة مع السنة الشمسية حاولوا التغاض عن ذلك من زمن لآخر بوضع شهر اضافي. وهذا كان يتم بناءً على أوامر خاصة من الإمبراطور لان ذلك كان يؤثر على خزينة الدولة وتحصيل الضرائب وليس فقط  على حساب الزمن. ولم يتم التغاضي عن دفع الضرائب.
حمورابي قرر التالي
" في هذا العام  يوجد شهر إضافي، الشهر التالي يكتب بـ "أيلولو الثاني" لذلك يجب دفع الضرائب المستوجبة لغاية 25 تشريتو  ولذا يجب تسديدها حتى 25 أيلولو الثاني.
كان اختيارالشهر السادس أيلولومن السنة ملائماً حتى ذلك الحين يتم إنهاء الحصاد وقطف البلح. واتخذت قرارات مشابهة بالنسبة للسنة الكبيسة أيضاً. وتم تثبيت ذلك أثناء الحكم الميدي بمبادرة من الفلكي كيدينو بوضع نظام دورة زمنية مكونة من تسعة عشرة عاماً مقسمة على النحو التالي. السنة الثالثة التي تلي السنة الأولى والسادسة والحادية عشرة والرابعة عشرة والسابعة عشرة والتاسعة عشرة يضاف شهر آخر إضافي آذار في السنوات المذكورة وفي السنة الثامنة شهر أيلولو.
وتوزعت السنة على اثني عشرة شهراً، وكان ملائما  مع تقسيم اليوم إلى اثني عشرة ساعة مزدوجة (كل ساعة مزدوجة قسم إلى  ثلاثين جزءا وكل جزء يقابل أربعة دقائق).
وكانوا يحسبوا الأيام من مغيب الشمس عندما يحل الظلام  الذي كان يحصل فجأة في هذا الجزء من الكرة الأرضية. وقسموا الليل إلى ثلاثة مراحل: فترة ظهور النجوم- الحرس الوسطي – الفجر.
في الألف الثاني قبل الميلاد كان بداية النهاريحسب منذ بزوغ الشمس ولكن في العهد البابلي المتأخركان النهار من منتصف الليل. كانوا يحددون الفترة الزمنية من ظهور إحدى النجوم حتى اليوم التالي من لحظة ظهوره مجدداً بواسطة كمية الماء الجارية من الساعة المائية وتقاس كمية الماء الجارية من الساعة المائية إلى اثني عشرة جزءاً وكل جزء يعادل زمن ساعتين وكانت تسمى هذه الكمية مينا، بهذا تكونت علاقة مستمرة بين الوزن والزمن.
بيرسوس استعمل في قياس الزمن مصطلح" ساروس "وهذا هو الشكل اليوناني للكلمة السومرية"سار" كانت بالأصل ترمز إلى الرقم 3600. وقيمتها تغيرت في العهد البابلي المتأخر وطبق في حساب كسوف الشمس والقمر. ومصطلح "ساروس " كان يشير إلى فترة زمنية تتكون من تسعة عشرة عاماً وعشرة أيام وثلث اليوم أو ربما إحدى عشر يوماً وثلث اليوم. بعد مرور تلك الفترة الزمنية كان الكسوف يتكرر تقريباً في نفس الموعد. كيدينو حدد الشهر القمري بـ 29 يوماً واثني عشرة ساعة وأربعة وأربعون دقيقة وثلاثة ثواني وثلث الثانية. وكان هذا التحديد يزيد فقط بمقدار 0.6 ثواني عن الزمن الحقيقي.
سجل الفلكيون من آواسط القرن الثامن قبل الميلاد كسوف الشمس والقمر والظواهر الفلكية الاخرى على سبيل المثال المذنبات. وإن سجل الظواهر الفلكية البابلية لا تزال تُعد صالحة كركيزة أساسية في تحديد حساب زمن بلاد النهرين .مثال على ذلك تم تسجيل كسوف الزهرة في عهد حكم " أمي – سادوقا" التي تم العثور عليها في مكتبة نينوى بين لوحات مجموعة التنجيم  الفلكي بعنوان " انوما – أنو- أنليل". وعلى أساس تكرار الكسوف المنتظم أمكن على درجة كبيرة من الدقة تحديد التسلسل الزمني للتاريخ البابلي، وإذا أخذنا بعين الاعتبار إضافة لذلك قائمة خورساباد الملكية ووثائق مكتبة ماري أيضاً. وإن التدوين الدقيق اعتمد على طول الفترة الزمنية المنقطعة بين سلالة حمورابي التي تفصله عن العهد البابلي القديم.
العالم الجغرافي اليوناني كلاوديوس بتوليمايوس الذي عاش في القرن الثاني الميلادي حددّ بدقة تاريخ الملك "نبوناصر" يوم إعتلائه العرش في 26 شباط عام 748 قبل الميلاد وذلك في كتابه"كانون" (الماجست وبالعربية  تقرير الماجست).وفي العهود المتأخرة في آوربا ترجم إلى اللغة اللاتينية وسمي  ميغالي سونتاكسيس) استخدم لذلك ثلاثة أقدم تسجيلات لكسوف القمر من بينها الأول في عهد" نابو – ناصر" في العام السابع والعشرين لحكمه. وصدفت هذه الظاهرة الفلكية مع نفس الحدث الواقع في شهر "توت"او "ثوث" الفرعوني في التاسع والعشرين منه في عام 721 قبل الميلاد  19 آذار. وذلك من خلال دراسته ومراقبته للظواهر الفلكية المصرية. وحسب رأي بتوليماوس كان الكسوف كلياً وبدأ بعد ساعة من ظهور القمر. وهذا الاختلاف الجزئي يعود لسبب أن البابليون كانوا يحسبون الزمن بالساعة المزدوجة بينما العالم اليوناني الاسكندري استخدم مصطلح الساعة.
وهناك الكثير من الألواح المكتشفة التي دونت الأحداث الهامة في شؤون الدولة مثل الحروب وتبوء الملك الفلاني لعرش الأمبراطورية اوتعيين ولاة الأقاليم وكبار الموظفين في البلاط الملكي. ومثال على ذلك جداول ال (ليمو) لقب يطلق على الشخص الذي يترأس إقامة المراسيم الحكومية في آشور.وكانت تسند  هذه المهمة لعام واحد لكبار المسؤولين في الدولة, وكان الملك يتقلد هذا المنصب في أول عام من حكمه. وهذه الجداول تقدم التسلسل الزمني الدقيق لكافة التحولات الجارية في الحياة العامة للبلد,وتسجيل الظواهر الطبيعية بدقة مثل خسوف الشمس وغيرها .
هذه الألواح المكتشفة تبين مدى التطور العلمي في تحديد الزمن بأدق الثواني والأبعاد وتقسيم السنة والأشهر والخرائط.وهذه الكنوز التي قدمها أبناء الأمة الآشورية للبشرية تركت بصماتها العظيمة في سلم رقي التطور البشري في مختلف مجالات الحياة, ومنها الصعود إلى القمر ومعرفة المزيد من الأجرام السماوية.ولكن هذه الحضارة العظيمة تعرضت إلى هجمات تدميرية في العاصمة الآشورية  على يد القطعان البربرية الهمجية للمنظمات الإرهابية متمثلة في الدولة الإسلامية (داعش) وأخواتها ومن قبلهم جحافل الغزات والمحتلين . وبالرغم من التدمير الممنهج على مدى أكثر من ألفين عام , مازالت الأثار الآشورية في نينوى تظهر في وسائل الاعلام العالمية والتي لم تكن قد شاهدت النور قبل ذلك كما حصل قبل أيام بعد طرد داعش وكشف قصر جديد لملوك آشور. وقد بني هذا القصر للملك سنحاريب ثم أجرى الملك آسر حدون عمليات تجديد وتوسيع عليه بين أعوام( 681-669), ومن ثم بعده أعاد التجديد والبناء مرة أخرى الملك آشور بانيبال, حسب ما ورد في وسائل الاعلام العالمية.
2017-03-12



36
علم  الآشوريات  وتزييف الحقائق التاريخية (4)


الدكتور جميل حنا
    (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشورعنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثاروفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذاالموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشورفخروكنز وزينة يملىء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة).
العلوم الطبية, والعقاقير,الداية, المستشفيات والمعاقين !   
أن تاريخ علم معالجة الأمراض مرّ بطرق متعرجة  بدءاً من كتابة و قراءة الطلاسم,التعاويذ وطرد الأرواح الشريرة والسحر.إلى غاية الوصول إلى البحث الواقعي عن الأسباب الحقيقية للمرض وإنهاء العاقبة واستخدام طرق العلاج المهني العلمي.واعتبر حتى زمن قريب بأن هيبوقراطس من جزيرة كوس الأغريقية  أب علم الطب (القرن الخامس قبل الميلاد).ولكن في عهده لم يعرف أحداً لا في أثينا ولا في روما أنه بين الدجلة والفرات  في بلاد ما بين النهرين كان علم الطب متطوراً أكثر منذ  ألفين عام قبل ذلك التاريخ.
وحتى بعد تلك الحقبة من التاريخ لم يساعد أب التاريخ هيرودوتس (حرب اليونان- الفرس) على الفهم الحقيقي للعلوم الطبية. وذلك  بناء على أساس المعلومات الخاطئة لمرافقيه, حيث أعطيت صورة غير صحيحة عن أساليب العناية  بالمرضى والمعالجة البابلية، وفي أحسن الأحوال كانت  استنتجاته قائمة على أوضاع الريف.وأغلب التقدير كانت هذه الطرق سائدة ربما في المناطق الريفية النائية، كانوا يجلبون المرضى إلى ساحة السوق, وبما أنه لا يوجد طبيب. كانوا  يأخذون بنصائح المارة الذين أصابهم المرض قبل ذلك،وحول طريقة العلاج هذه يذكرالكتاب المقدس كيف كان السيد المسيح يعالج المرضى أثناء تنقله من مكان إلى مكان قبل آلفي عام. ولكن في المدن الكبرى في بلاد ما بين النهرين كان يوجد أطباء بمختلف الاختصاصات.وأن كتب هيبوقراطيس تقبل اليوم بتحفظ شديد جدا ، بينما كتابة اللوحات المسمارية نعرف بدقة طرق العلاج التي كان يختارها الطبيب ووصفة الدواء.كما نعرف اسم الطبيب السومري الذي مارس مهنة الطب في أورفي عام 2700 قبل الميلاد وكان يدعى لولو، وطبيب آخر من نيبور آواخر الألف الثالث قبل الميلاد مجهول الاسم واشتهر بوصفاته الطبية، ونلاحظ في كتبه لا يوجد أي دليل على استخدام التعويذة والسحر وإلى ذلك من طرق الشعوذة.
أن الختم الاسطواني الذي عثر عليه لأبن الطبيب غوديا- نينغيرسو أور وعليه الكتابة التالية (للآله أدين – موغ- نائب الآله جير الذي يساعد المرأة التي تضع مولودها ، خادمك الطبيب لوغال أدينار- أور). وهذه الطريقة بالطبع كانت لغاية الدعاية الذاتية  كطبيب موجود تحت الحماية الإلهية، وعلى الختم الاسطواني صورة الإله وأوسمته, والتي اعتقد خاطئاً في البداية بأنها أدوات طبية.
ومن بين الكثير من بقايا الأختام نذكر ختم الطبيب ماكور- مردوخ الآشوري.حيث نجد على الختم الدعاء الإلزامي للآلهة, إضافة لذلك نقرأ ختم الطبيب ماكور- مردوخ ابن الطبيب سين- أشاريد ومن هذا يتضح بأن المهنة كانت وراثية.
والطبيب الآشوري نابولياو الذي اشتهر بفضل كتابه. وكانت أبحاثه وأعماله تعتمد على العناصر العلمية, لحد كبير وهي مشابهة لدرجة كبيرة لكتب العلاج بالأعشاب الطبيعية الطبية المعروفة اليوم.كان الكتاب مقسم إلى ثلاثة عواميد في العامود الأول اسم الأعشاب الطبية المقترحة ,والعامود الثاني اسم الداء, والعامود الثالث طريقة تجهيز الدواء واستعماله.
اسم الطبيب باللغة الأكادية" آسو" (السومرية أ- زو) "عارف الماء"(عالم الماء)وكان يسمى أحيانا "عارف  الزيت"(عالم الزيت) " ايا- زو".وكان يعبر عن كلمة او مفهوم  علم الطب ب" اسوتو" وأحياناً استعمل كلمة علم الطب بمعنى" أزو- غالوتو" ومن المأرجح  كان استخدام الكلمة في مصطلح التخصص في علم الطب,وكان يسمى في آشور ب"هيئة الأطباء العليا" .
أخصائيي علم الأشوريات وبالأجماع الكامل  أقروا بهذه المصطلحات الطبية  ولذلك أخذ عنهم معنى كلمة عارف الماء( عالم الماء).وفي إطار نشرهم للمعلومات المتوفرة بناء على المكتشفات الأثرية ومنهم  كورت بولاك في كتابه (علم طب الحضارات القديمة),حيث  يعد علم الأشوريات من العلوم حديثة العهد وهو في تطور مستمر وما يظن بان البارحة كان صائباً قد يكون غير صالح للغد او قد يعزز بالمزيد من المعلومات، ولذلك صنفوا كلمة" آسو " بين الكلمات التي تحتاج إلى تثبيت أصلها وكان أحد المصادر الهامة  هو قاموس شيكاغو الآشوري.
الكلمة لا تعني أو ترمز لشخص الذي يعرف الماء أو عارف الماء
(Not to be interpreted as one, who knows the water)
ويتضح أن رمز كلمة يعرف كتبت بشكل آخر وليس كما كان متعارف عليه حسب العادة.ولذلك نجد اللغويين يميلون في الوقت الحاضر لتفسير كلمة "آسو"( بالكاتب المختص بالعلاج ) أي تصنيف الطبيب بين الحرفيين.
وهذا المعنى يتناسب بشكل أفضل مع مصادر الكلمة المكونة من المصدر الأصلي حيث يوجد في كتاب شريعة حمورابي تذكير لكلمة " آسو- البيم , وآسو أماريم" أي  (طبيب البقر , و طبيب الحمار- الطبيب البيطري). وكان الأطباء يشكلون جمعية, فئة مميزة مثل الحرفيين وكانوا يسمون" آسوتو"ويترأس هذه الجمعية المسؤول الكبير وكان يدعى " رابي آسو " أي معلم الأطباء.( رابي= معلم ,آسو= طبيب).
وكان الأطباء أسوتا ببقية الأشخاص الذين كانوا يشغلون مناصب عليا يقومون بقسم الخدمة, وكان   القسم يحدث  أمام رجال الدين.وكان يحضر حفل التخرج ممثل البلاط الملكي كما يؤكد على ذلك رسالة رئيس كهنة معبد العاصمة المرسلة لـ أشور بانيبال يبلغه (إلى الملك,إلى سيدي - خادمك عشتار- سوم-إيريس. أحييك سيدي الملك! ليبارك  نابو ومردوخ  المللك, سيدي .القاطنين في المدينة من كتاب – ومنجمين- أطباء- موظفي القصر- منجمي الطيور مجبرين بوضع القسم في السادس عشر من شهر نيسانو (نيسان) إذاً يجب إنهاء القسم غدا.ً
كما يذكر كورت بولاك في كتابه لا نعرف كلمات القسم لأطباء بلاد ما بين النهرين. ولا نعلم  ما إن اقسموا بأنهم سيمارسون مهنتهم بأفضل معارفهم وقدراتهم كما هو الحال في قسم هيبوقراطس. ولكن نعلم بأنه كان لهم آلهة تحميهم ومن بينهم الإله " غولا" أو باسم آخر (السيدة التي تمنح الحياة للموتى), كان رمزها الكلب كما لدى اليونان اسكليبوس. زوجها الآله نينورتا لم يكن آله الحرب فقط ولكن منقذ البشرية من الكوارث والأمراض. واعتبر نيناسو ابن ارشكيغال آلهة العالم السفلي والترجمة الحرفية (السيد الدكتور) وحفيدها نينغيزيد (سيد الشجرالحقيقي) وحتى يومنا هذا هو رمزعلم الطب والصيدلة الأفعى الملتوية على العصا.واعتقدوا بان الأفعى كما ورد التأكيد في ملحمة جلجامش كلما غيرت الأفعى جلدها تجدد شبابها باستمرار.كانت الأفعى في مدينة دير تسمى نيراح (كممثلة للإله ساتاران) وكانت خنثا (ذكر- أنثى) وقدروها كسيدة الحياة او سيد الحياة.
قوانين حمورابي سوية أوضاع الأطباء والبيطريين فقط. ويورد ذكر غلابو بوصمة العبيد ويخصونه بالأعمال طبابة الأسنان أيضا.ً
ولم يذكر المنجمين- وطاردي الأرواح الشريرة وقراء التعاويذ الذين كانوا تابعين لرجال المعابد وانخرطوا بمعالجة المرض بطريقة السحر.
وسبب استثناء حمورابي لهؤلاء باعتباره من المتنورين في شؤون الإدارة والعدالة لم يتحدث حول رجال الدين وهذا هو سبب استثنائهم من قوانينه.
حمورابي حدد رواتب الأطباء في حالات إنقاذ حياة المريض بعملية جراحية صعبة أو بصره وجبر الكسور ومعالجة العضلات الممزقة. وبنفس الوقت يوضح مسؤولياتهم إذا أرتكبوا أخطاء طبية في معالجة المريض وسببوا حالة الوفاة أو فقدان البصر.وفي هذه الحالة كان يعوض المريض بمبلغ  من المال, وكان مقدار التعويض وتحمل المسؤولية هو بحسب المكانة الأجتماعية للفرد.
كان الطبيب  ملتزم بتعليمات محددة بالدرجة الأولى تتعلق  بطقوس ممارسة المهنة,تسمى هذه الاجراءات في وقتنا الحاضربالقوانين الرسمية في مزاولة علاج المرضى.وكانت هذه الطقوس مرتبطة بالاعتقادات السائدة,والتي تؤثر ليس على طبيعة عمل الطبيب. وإنما الغاية كانت في المقام الأول تجنب العلاج في الأيام غير المناسبة, يوم غير محظوظ ( يوم مشؤوم أو يوم النحس أو يوم سوء) باللغة الأكادية" ليم نو" . وفي أشور كان اليوم السابع وخلال الشهر يعد اليوم السابع والرابع عشر والحادي والعشرون والثامن والعشرون وما يسمى بدل اليوم الضائع (يوم التاسع عشر من الشهر الذي كان يحسب على أساس 7*7=49 محسوباً على الشهر السابق ثلاثين يوماً وكان يحدد على هذا الأساس). في هذه الأيام المذكورة "راعي الشعب"  أي الملك لم يأكل الخبز واللحم المجهز المشوي على فحم الخشب, لم يغير ملابسه، ولم يلبس ملابس جديدة، لم يقدم الذبائح, لم يجلس في العربة, لم يصدر الأوامر, المنجمين لا ينجمون في أماكن مغلقة, والأطباء لا يعالجون المرضى.
والقرارات الأخرى تتعلق بوظائف ومهام  الوقاية من الأمراض والإجراءات اللازمة اتخاذها. لم تكن الأمراض الوبائية ظاهرة استثنائية كما يتضح من تقرير طبيب الصحة العامة كيبري- داغان وحاكم مدينة تيرقا إلى ملك ماري زيمريليم.
((لسيدي اقول – بهذا يخبرك خادمك كيبري- داغان) داغان وأكروب إيل الآلهة بخير, مدينة تيرقا وضواحيها بخير, في مناطق كول حيتيم مدّ الإله يده على الأبقار والناس, يومياً يموت 2-3 أشخاص)
وكان الملك  يطلب تقارير مستمرة عن الوضع الصحي للسكان بعد الحملات العسكرية.
"ما يخص الأمراض المعدية التي طلب سيدي تقريراً بشأنها ظهرت أمراض معدية في توتول ولكن الوفيات قليل، أما في دونوم توفي أكثر من عشرون شخصاً خلال يومين. الناس غادروا المدينة, وذهبوا إلى القرى,العدوى لم تصل إلى المناطق المحيطة بـ مويان ومانوحاتان ودونوم, المرض المعدي في دونوم فقط، مدينة ماري ومحيطها لم يصبها العدوى).
إن الإجراءات الوقائية القديمة المتخذة ضد الأمراض المعدية تعتبر من الطرق الحديثة. وكانت درجة الجاهزية عالية إذا وجب الحذروالخوف من انتقال المرض المعدي إلى القصر الملكي.هكذا ينبه الملك عقيلته سيبتوم إلى الخطر المحدق (لقد سمعت أن نانامي وصيفة القصر قد أصيبت بمرض معدي وبالرغم من ذلك التقت مع العاملين في القصر واستقبلت زوار كثيرين في غرفها. اتخذي الإجراءات بأن لا يشرب أحداً من كوبها, وأن لا يجلس أحداً في كرسيها,وأن لا يضجع أحداً في سريرها, وأن لا تستقبل في القصر الضيوف، مرضها معدي).
كثيرة مثل هذه الإجراءات والمعطيات التي تؤكد ضرورة الالتزام بالقوانين الصحية وتنفيذها لضمان منع انتشار الأوبئة.
في الإمبراطورية الآشورية كان الأطباء العاملين في بلاط أشور بانيبال يشكلون الهيئة العليا للأطباء أو الغرفة العليا للأطباء توجيهاتهم وتعليماتهم كانت المقياس الذي يحدد على أساسها أطباء الإمبراطورية عملهم. نقرأ من بينها التالي (إذا كان الشخص يعاني من الاصفرار وجهه ورأسه وجسمه وعرق لسانه أسود الطبيب لا يستطيع فعل أي شيء المريض سوف يموت لن يشفى من مرضه).
إن طرق العلاج للمختص بالشعوذة التي كان يمارسها أشيبو او الكاهن المشهور والتي عثرعلى مسلسل من اربعين لوحة مكتوبة ,والتي بقي معلومات كثيرة حول طريقة عملهم.كان سكان بلاد ما بين النهرين  يعتقدون أن منشأ الأمراض مصدره هو اسباب غيبية ما وراء الطبيعة.ويتضح من الألواح التي عثر عليها أن يد الألهة كانت تتدخل في أمور صحة الأنسان .ومن هذه الألواح  نجد بعض الأمثلة ومنها:"إذا بقي المريض يصرخ رأسي ! رأسي ! فإنها يد الإله فلان .إذا بقي رأسه يؤلمه  وبقيت الحمى  تداهمه فإنها يد الإله عشتار.إذا كان صدغه يؤلمه ويبقى يصرخ و بطني بطني ! فإنها يد الروح.إذا تغير كلامه وبقيت الحمى تداهمه فإنها يد الإله نينورتا.وهناك الكثير مثل هذه الكتابات التي تدل على  الطبيعة الإلهية في مسببات المرض ولذلك أحتاج مساعدة آشيبو ,الكاهن لتلاوة التعويذة. بينما لم يتوفر بهذا القدر معلومات كثيرة عن عمل وأساليب المعالجة للأطباء التي أختلفت كليا عن أساليب الشعوذة او السحر ,ولا نعرف الكثير على طرق إجراء الفحوصات الطبية للطبيب.
استخدم الأطباء طرق العلاج الطبيعي بشكل اساسي بما يتناسب مع المعارف الاختصاصية لذلك العصر, والمعرفة والأطلاع الواسع عن تركيب وطبيعة المواد الطبيعية التي كانت تستخدم في العلاج .أن العلاج بطرق إجراء العمليات الجراحية لم يستطع القيام بها قارئ التعاويذ وطارد الأرواح الشريرة.وبالطبع كان هناك فرق جوهري بين طريقة الأطباء وبين المشعوذين في معالجة الأمراض, وبالرغم من هذه الفروق نجد هدف مشترك بينهما ألا وهو معالجة المريض. وبالرغم من ذلك نعثر على حالات المزج بين الطريقتين لمعالجة المرض في آن واحدومنها مثلا: أن" آسو" يقدم طريقة علاج واقعية ويداوي بالعقاقير والضمادات لوقف نزيف الدم وهذا شيء علمي ولكن نجد في نفس الوقت ينصح بتلاوة تعويذة. بينما ال " آشيبو" كان يلجأ إلى التعويذة مع استخدامه طرق علاج بالأدوية. ولذا نجد حتى الوصفات الطبية تستمد هيبتها من الهيبة الدينية. ويتبين ذلك من التذييلات الذي ألحقة" آشور بانيبال" ببعض النصوص الطبية التي ضمها إلى مكتبته المشهورة هذه (وصفات شافية , لكل شىء, من الرأس حتى أخمص القدمين,ومجموعة خارجة عن جملة الأشياء المعروفة,با عتبارها تتصل بوظيفة الإلهين , الطيبين العظيمين " نينورتا " و "غولا".       
ذكرنا بأن قوانين حمورابي تتطرق بشكل عام للعلاج وإجراء العملية بالسكين البرونزي (العمليات الصعبة إنقاذ العين جبر العظام المكسورة والعضلات الممزقة). ولا يمكن أن نتوقع من الناحية الطبية شرح واف وتفصيلي في بنود شريعة حمورابي ولكن نلاحظ على الألواح الطينية بعض التعليمات التي تستحق الانتباه.
"إذا كان في جمجمة المريض ورم مملوء بالماء...افتح, ونظف الجمجمة, وأبعد السائل, لكي تنهي العلة, افصل برأس السكين البرونزي.. إذا كان الورم قد اخترق النخاع العظمي، تخلص منه، ونظف العظم وأبعد الجزء المتهالك منه".
ولوحة آشورية أخرى معطوبة بعض كلماتها غير واضحة تشرح طريقة إبعاد ورم الكبد، ينصح "بأستئصال القيح من الورم, وذلك بإجراء ثقب بين الضلع الثامن والتاسع, وإبعاد القيح".وفي هذه الحالة كان لا بد من أدوات فعالة تستخدم لإزالة الخبث كما هو أيضا في حالة الورم في الجمجمة.
أننا تطرقنا إلى المعلومات التي تشير إلى إجراء عمليات تثقيب الجمجمة ومعالجة الداء. ويعتقد الكثيرون أن استخدام هذه الطريقة كان وارداً في العهود القديمة أيضاً. ويستنتج ذلك من شكل فتحة الجروح المنتظمة على الجماجم المكتشفة.ولكن بعض الأخصائيين يعتقدون أن هذه الجروح ناتجة من إصابات قتالية وليس نتيجة إجراء عمليات جراحية ويعتمدون على أقوالهم هذه على جماجم ثلاثة جنود آشوريين من حرس الجيش الآشوري, الذين قتلوا في القرن الثامن قبل الميلاد المكتشفة في لاحيش الفلسطينية.
حتى يومنا هذا يكتنف الغموض حول بعض العمليات الجراحية لعظم الجمجمةو عظم الصدغ (آكادي ,ناق قبتو). قانون حمورابي الفقرة 215 يتحدث عن عملية جراحية لإنقاذ العين ولكنه لا يتحدث عن أعراض المرض.
إن الطبيب ( ريني لابا) المختص بترجمة الكلمات الطبية الآشورية لا يعتقد بان تكون الجراح المبينة نتيجة إجراء عملية جراحية لإبعاد غشاء البياض من على العين. وإنما هذه الجروح نتيجة إبعاد الأورام الناتجة على عظم الحاجب ومثل هذا المرض ما زال يحدث في العراق ويسمى (التورم البغدادي). إذا أهمل المرض وترك القيح في الورم فإنه يعدي العين ويسبب العمى. كما أنه ينفي الاعتقاد السائد الأخر بأن العمليات كانت تجرى لتصحيح أوتار العين المنحرفة. يقرأ بولاك من كسرة لوح أشوري نصف جملة: "إذا غطى غشاء أبيض عين المريض، بالسكين البرونزي.." وكسرة لوحة أخرى تخبرنا  أكثربقليل" إذا ظهرغشاء أبيض شديد,على عين شخص ما, والذي بعد زواله يعود كما كان..."
مراراً ما يكون لنا مماسك على النصوص القانونية الواقعية الجافة ولكن كم من المعطيات (المعلومات) المثيرة تقدمها لنا عن الحياة الاجتماعية في بيت بلاد ما بين النهرين. نعلم من احد العقود المبرمة التي تجري حول تبني طفل عمره سنتين.كان قد فتح عينه على نور العالم عن طريق عملية قيصرية، وكان هذا بتاريخ السنة الثالثة والعشرون من حكم حمورابي.
ويضيف أن المولود المأخوذ من رحم أمه أن والدته تحتضر أو أنها قد توفيت. لم يجروا العمليات الجراحية للأجهزة الداخلية ولم يقوموا بتشريح الجثث لمعتقدات دينية التي كانت تمنع تشريح الجسم وهذا كان عائقاً لمعرفة تركيب الجسم بشكل جيد.على سبيل المثال لم يكن يعرفوا الطحال،المثانة،الأعصاب، الأوعية الدموية، الغضاريف. كان اهتمامهم موجهاً (للكبد- المرارة) التي يحصلون عليها من الحيوانات المقدمة كذبيحة ويفحصونها وعملوا مجسمات للكبد وبقي بعضاً منها وكان المنجمون يستعملونها لمعرفة الغيب.
عثر على كثير من الكتابات حول أمراض الكبد وأعراضه " أذا أكل شخص ما خبز, وشرب البيرة, وشبع ولم تهضم معدته الأكل, ويحس بالحرقة ,في أحشائه وبطنه يقرقر,يكون مصاب بمرض مو- شي- قي- نيم . وهذا التشخيص للمرض لم يكن الطبيب قد حدده, وإنما قارئ التعويذة الذي كتب عن أعراض مرض الكبد ووصف له الدواء اللازم المحضر في المقام الأول من النباتات الطبية وخاصة فصيلة الصنوبريات دائمة الخضرة.     
وخلط أنواع مختلفة من التوابل مع النبيذ وكان على المريض ان يشربها في الفجر الباكر(والمعدة خاوية) وبعد ذلك يتنبأ بأن كان المريض سيشفى.
الهدف المشترك للطبيب والساحر معالجة المريض ولكن طرق العلاج اختلفت ولم تتشابه، الطبيب يشخص حالة المريض على أساس الأعراض الظاهرة ويطبق أساليب العلاج التي أعطت نتائج جيدة، ولكن الساحر كان يعتقد بان أسباب المرض هو القوى الغيبية ما فوق الطبيعة والأرواح الشريرة.وكان يستعمل الطلاسم وقراءة التعويذة لطرد الأرواح الشريرة ويستخدم أحياناً طرق العلاج بالنباتات الطبية.
والفرق بين طريقتي العلاج والتشابه يوضحها الكتاب الأكادي للأطباء الذي يصف الأمراض والتشخيص والتوقعات كما يصفها الطبيب-"يني لابا". تتكون من خمسة سلاسل مرقمة مرفقة بفهرس معلوماتي تتألف من مجموعة أربعين لوحة. تحوي إرشادات صحية والتي بجوهرها لم تختلف من القرن الثامن حتى القرن الخامس قبل الميلاد. وليس مستحيلاً أن تكون أصل الفترة هذه تمتد حتى عهد كاشو أو أكثر إلى عهد حمورابي.
اللوحان الوحان الأول والثاني ذو طبيعة سحرية نورد بعض كلماتها مختصراً "عندما يتقدم طارد الأرواح الشريرة إلى بيت المريض...وباب البيت يبدأ يقرقع حيث المريض المضجع ...المريض سيموت...وإذا التقى طارد الأرواح الشريرة بكلب أسود, أو خنزير رضيع، المريض سيموت.. إذا سقطت أفعى على سرير المريض سيشفى. إذا شوهد عقرب على الحائط المقابل لوجه المريض سيتركه المرض"....
من اللوحة الثالثة حتى الخامسة والثلاثين لا يذكر طرق العلاج السحرية. ولكنها تشخيص واقعي للمرض ولحالة المريض "إذا كان المريض يعاني من آلام في الرأس والرقبة والظهر والعضلات يكون قد أرهق نفسه".
ولكننا نعلم في كثير من الحالات أن المرض هو نتيجة ملامسة الآلهة أو مصيبة من الآلهة. ولكنه بالرغم من ذلك انه مدهش يستحق الانتباه وصف أعراض بعض الأمراض (كتاب الصحة)حيث أنه يمس جوهر المسائل الطبية والطبيب, كـ أعراض المرض أو تشخيص المرض، علم المرض، وصف حالة المريض ,والحالة المرتقبة وحقاً أعد هذا تطوراً مذهلاً في علم الطب. أن الاستنتاج التالي يكشف عن الخبرة العالية التي كانت بحوزتهم "إذا ظهر على جسم المريض بقع حمراء، وكان جسمه أسود، إذاً المريض حصل على هذا المرض بعد الجماع مع امرأة غريبة حينما تلامسه يد الإله سين سيشفى من المريض".
إن قراءة التعاويذ على رأس المريض كان لها تأثير نفسي، الشخص المريض كان يعتبر قارئ التعاويذ رجل دين ويملك سلطة ويخلصه من الأرواح الشريرة التي هي سبب مرضه.
"أنا القارئ, رئيس كهنة آيا..، عندما أدخل عتبة بيت المريض, شماش أمامي، وسين خلفي، ونرجال على يميني، ونينورتا على يساري .عندما اقترب من المريض حينما أضع يدي على رأسه لتكن النيات الحسنة الشافية و المحافظة,و لتكن الأرواح الخيرة الحامية حاضرة معي ,لتكن ! الطالح أوتوكو والشرير ألو...، المرض والموت...، المصير الطالح , من تكن, أرحل عني!- أخرج من هذا البيت!. أنا القارئ آيا انشر كلماتي المقروءة فوق المرض... أرحل عني! أطاردك في السماء أطاردك في الأرض! لا تقترب من هذا الشخص... لا ترجع إليه"!
"أنا طارد الأرواح الشريرة، المنتصر على الأرض ! أنا القارئ, الذي يتجول في جميع أنحاء المدينة... عندما أكون عند المريض, الذي غزاه نامتار, وأستولا عليه أساكو- عندما اقتربت من المريض, لأشاهده لأفحص عروقه، وعضلاته وجسمه...، عندما آواسي المريض, عندما ألمس وجه المريض...، عندما ابدأ بقراءة كلمات  إريدو, لتأتي الأرواح الصالحة، لتأتي الأرواح النية الحسنة المحافظة, ليكن الاثنين هنا، آوسمة أيا هنا موجودة في يدي, شوم سلاح  آنو العظيم هنا في يدي.هنا في يدي غصن النخيل ذو القوة العظيمة"
امسك بيدي اليمنى الغراب، مبعوث الآلهة...، وامسك بيدي اليسرى الصقر هذا الطائر النادر، ضد نياتك  الشريرة، ولبست القفطان الأحمر المرعب. وعلقت على الباب فأر, وعلى العود وضعت غصن القبار وضربتك بالسوط, مثلما يضرب صوف الغنم......
وإذا تصورنا إلى جانب الكلمات المستخدمة,مظهر المشعوذ طارد الأرواح الشريرة في شكله غير المألوف, حليق الرأس والوجه, والقفطان الإحمر المهيب, حينها  لا نستغرب بأن ممارسة هذه الطقوس يمكن أن تكون مؤثرة على حالة المريض إيجاباً. أما أسلوب الطبيب آسو اختلف كثيرا, والغير مريح في بعض الأحيان مثل وضع الشخص المريض مرتفع الحرارة في بخار الماء الساخن جداً, وبهذه الطريقة كان يخفض درجة الحرارة المريض.
العقاقير الطبية
للعلاج علاقة وثيقة بالعقاقير، التي لها تقاليد قديمة جداً تمتد من آواخر الألف لثالث قبل الميلاد كما تشهد على ذلك قائمة العقاقير السومرية.
الأثاريين الاميركان اكتشفوها في نيبور ومحفوظة في مستودع متحف جامعة فيلادلفيا. إن حجم اللوحة 16*9.5سم للوهلة الأولى لا تجذب النظر (لا تلفت الانتباه) وعلاوة على ذلك الجزء الأمامي معطب.
المحاولات الأولى لترجمة اللوحة باءت بالفشل ليس فقط بسبب تشوهها وإنما بسبب المصطلحات الغير مفهومة. ولكن الجهد الحثيث المستمر الذي أبداه السيد س.ن- كرامر استطاع أخيراً فك أسرار رموز اللوحة. وبهذا الصدد يقول السيد كرامر التالي:
(عندما أصبحت مجموعة الألواح لمتحف الجامعة في عهدتي,لأحافظ عليها،تكراراً كنت أذهب إلى ذلك المخزن الذي وضع فيه الوحة الطبية. وكنت أخذها بيدي والقي عليها نظرة، وكانت تدفعني الرغبة للبدء بترجمتها.ولكن في كل مرة كنت أعيد اللوحة إلى مكانها، وانتظرت اللحظة المناسبة. في صباح أحد أيام السبت ربيع عام 1953 دخل إلى غرفة عملي رجل شاب، عرف على نفسه بأنه مارتن ليفي- كيميائي من فيلادلفيا، كان قد حصل على درجة دكتوراه في العلوم الطبيعية.
وشرع يسألني ألا أعرف شيء عن الألواح السومرية لكي استخدمها في أبحاثي العلمية تاريخ العلوم الطبيعية. كانت هذه فرصتي السانحة!
وذهبت إلى المستودع ورفعت اللوحة من مكانها، ولكن في هذه المرة لم أعدها إلى مكانها حتى أن انتهيت من الترجمة الأولية لها.وعملنا أسابيع كثيرة مع ليفي لمعرفة الكلمات، واقتصر جهدنا في المقام الأول على قراءة الرموز السومرية ومفاهيم التركيب القواعدي.بعد ذلك بفضل  ليفيوفي ضوء معرفته بالطرق التكنولوجيا والكيمائية القديمة استطاع إحياء أول كتاب للبشرية للوصفات الطبية لأجزائه المفهومة.
كتاب الوصفات الطبية الجزء الأكبر منه يحتوي على أكثر من خمسة وعشرون وصفة طبية- لها علاقة بعلم النبات. ومن بين النباتات المذكورة- القصب,الشعير,الزعتر,ترمس,آس,كاسيا,ومن بين الأشجار يورد اسماء بعض الأنواع مثل النخيل,العرموط,التين,الشوح ,الصفصاف. وقد استخدمت لمعالجة أمراض مختلفة بأخذ بعض الأجزاء منها مثل ,اللحاء أو الجذور ويقومون  بطحنها وتجفيفها, وكانت تحفظ كما يحدث اليوم أما بشكل مسحوق بودرة أو بشكل سائل,عصارة النباتات للشرب.لقد قدم الباحث (ر.تومبسون )في "قاموس النبات الآشوري "                                   )R.C.Thompson,Dictionary of Assyrian)         
      خدمة رائعة لتحديد  نوع النباتات المذكورة لدى الآشوريين وأي الأنوع المؤثرة على المرض وقارن أسماءها بالأسماء المستعملة في لغات  الشرق الأدنى, وحتى بعض الأسماء المستعملة نجدها في اللغة الأنكليزية .مثال على ذلك نبات أطلق عليه "لسان الكلب" وكان يستخدم لعلاج السعال واليرقان وذات الأسم لنبات  في أنكلترى "لسان الكلب"وكانت  وقد استخدموا المنتجات الحيوانية مثل الحليب وغيره كما استعملوا ايضا أجزاء من أعضاء الحيوانات في المعالجة مثل - جلد الأفعى, درع السلحفاة, السرطان,الحلزون,العظاية (سحلية),الدم...الخ
ومن بين الأملاح المعدنية التي أدخلت في العلاج ،كلوريدالصوديوم, ونترات البوتاسيوم  وكان يستخدم الأول كمطهر والثاني مهدئ للألم كما هو مذكور في كتاب الوصفات الطبية.
وكانت تجهز العقاقير بطحنها على شكل مسحوق وتذاب في المحلول الملائم وتضاف إليها مواد مختلفة أخرى وبعد تصفيتها كانت تمزج المقادير مع بعضها البعض. "اطحن الطمي جيداً، واعجنه بالماء والعسل وصفي عبر هذه العجينة او الخلطة زيت البحر وزيت الأرزالساخن".
وصفة أخرى تكتب" يجفف التفاح ثم يكسر إلى قطع صغيرة جداً ويخلط مع جذر الخمان ويضاف إلى العجة, البيرة ويسقى للمريض".وكانت العقاقير الطبية توضع على الجسم وتثبت بالضماد أو شرب المحاليل أو عن طريق الحقن في مختلف فتحات الجسم , حقن شرجية, او نفخ الدواء في أنف المريض, أو أذنه بواسطة نوع خاص من القصب أو إلى قضيب الرجل عبر انبوبة دقيقة من البرونز او القصدير..
وفي كتاب الوصفات الطبية في الجزء التالي منه لا يوجد ذكر في أي حالة مرضية تستخدم الوصفة، وربما كان الذكر على القسم المشوه من اللوحة أو على سلسلة ألواح أخرى.أو يعتقد بان تكون هذه لوحة تمارين لأحد طلاب مدرسة نيبور
الداية أو القابلة
من بين الناس المعنيين بصحة الإنسان لن نترك أن يمر الحديث بدون ذكر القابلة التي كان لها دورهام في هذا المجال، والتي كانت تدعى باللغة السومرية "شا زو" أو (عارفة رحم الأم) وسميت باللغة الأكادية" شاب سوتوم"..
كما نعرف من ملحمة أتراحاسيس الحامية القديمة لهذه المهنة الآلهة الحكيمة مامي ( داية الآلهة) التي ساعدة عند خلق الإنسان.
في كتاب الأحرف الأبجدية السومرية- الأكادية توجد مصطلحات سومرية" شا زو" ويذكرما يناسبه  بالأكادية ليس فقط" شاب سوتوم"بل أيضاً "جلابوم" أي الحلاق إذ كان من وظائف القابلة تجهيزالمرأة الحاملة للولادة بحلاقة الشعرفي المناطق السفلى.
كان كثير من أعمال القابلة ذو طبيعة سحرية، كان يوضع على جسم المرأة التي تضع مولودها (عشب الولادة) أو (حجر الولادة) وكان يوضع في تجويف الحجرالمحفور حصوة صغيرة رمز للرحم.
وكانت تقرأ التعاويذ  لأبعاد "لاماستوم" جالب النحس والخطر.وكانت الداية  تدهن جسم المرأة  بزيت مخلط مع تراب مطحون, بودرة لتسريع الولادة.     
 والكتاب المذكور أعلاه  يناقش ظروف الولادة. (إذا كانت جبين المرأة الحاملة مصفر,المولود,الذي  تحمله, ولد.. .إما إذا كان جبينها ابيض مبهر ستضع بنت - ستكون غنية إذا كانت الطفلة المولودة مسودة- ستعيش بالسلام, إذا كان الطفل المولود محمر- سوف يموت...
كان الأطباء يعملون في مجال توليد النساء كما يشهد على ذلك الختم الاسطواني لـ أور- لوجال- ادينا من أور.ولكن العناية بالنساء اللاواتي وضعن حملهن,كانت من وظائف القابلات, التي كانت موضع تقدير المجتمع. واعتبرت مهنتهم لحد ما ذو طابع رسمي هناك محضر جلسة المحكمة من سامسو- ألونا-كوري  جدل حول تأكيد شخصية الأب.
إن محضر الجلسة يصف تفاصيل الحدث حيث استدعت أم الرجل المتوفى القابلة كشاهدة إلى المحكمة التي ساعدت كنتها أثناء ولادة حفيدها، وأن شهادة القابلة الذي أبدته منع عم الطفل من أن يحرمه من ورثة أبيه.
إن قرارات البلاط للملوك الأشوريين يذكر القابلات مع كاهنات المعابد " قاديشتوم"اللاواتي كن يسكن معهن في مبنى خاص بهن. وعلى الأغلب كانت ال " قاديشتوم" بمثابة المربية, وقوانين حمورابي رتب وضعها الاجتماعي.
المستشفيات ودور المعاقين
لم يكن في بلاد ما بين النهرين مستشفيات بالمعنى الحقيقي للكلمة, التي نعلمها الآن، ولكن البناء الذي كان المرضى يرقدون فيه كان مميزاً من الخارج عن غيره من الأبنية.     
 كان المدخل معبد بالإسفلت مطلي بالجبس، وتضع أمام البناء تماثيل ودمى الآلهة وتعلق الطلاسم وتحت عتبة البناء طمروا الذبائح. وبجانب سرير المريض بخور مطيب وشعلة ويعلق رأس الذبيحة، قانون حمورابي (148) ينص أن الرجل الذي يطلق زوجته بسبب مرضها المزمن عليه أن يوفر لها المأوى حتى نهاية حياتها.       
لم يشيدوا أبنية خاصة للمعاقين إذ كانوا يفرقون بين الأمراض العقلية المؤقتة وبين الدائمة وبين الساقطين او الفاسقين اجتماعياً. 
واستخدموا المعاقين عقلياً أحيانا في بعض الطقوس السائدة في البلاد ليقوموا بدور الملك في حال حدوث كسوف القمر." في آغادا  في حال حدوث كسوف القمر ,كان يجلسون معاق عقليا على العرش الملكي، لكي لا تشكل الأيام الغير المناسبة خطراً على الملك".
الأشخاص المصابين بانفصام الشخصية كانوا تمارس عليهم بعض الطقوس كقراءة التعاويذ والتنجيم، ويذكر الكتاب مثال:"إذا  بقي شخص لفترة طويلة مريضاً ويتحدث بدون وعي ويتخيل خروف- سيبقى مريضاً وسيموت...إذا بقي شخص فترة طويلة مريضاً، ويتحدث بدون وعي ويتخيل غزاله، المريض سيشفى".
إن التفكير الواقعي في العهود القديمة تناقض, أصطدم مع طروحات الفكر الخيالي الميتافيزقي في كثير من مجالات الحياة وأن هذه التناقضات لم تؤدي إلى أزمة حادة كما الحال في مجال العلوم الطبية ، حيث كان المحافظة على صحة الإنسان وحياته الهدف، كانوا يقدمون الضحى المفروضة للقوى الغيبية ما فوق الطبيعة وممارسة بعض الطقوسالسحرية للآلهة, وبنفس الوقت كانوا يجاهدون ضد أسباب العلة الواقعية للمرض.وشارك في هذا الصراع العنيد الطبيب السومري "آسو" والكيمائي والصيدلاني معا.ً
وفي نفس الوقت نجد كأنما من يمارسون قراءة التعاويذ السحرة كهنة الدين, هم أيضاً كانوا يشكّون بأن سبب المرض هو الأرواح الشريرة. وأن الآلهة لهم أصبع في المرض، إن ضرورات الحياة استوجبت او فرضت عليهم اللجوء إلى وسائل عملية تلبي الحاجة والتي أثبتتها الحياة بنفسها.
أن أهتمام أبناء الأمبراطورية الآشورية بشتى أنواع العلوم لم تتوقف وحتى بعد سقوط بابل ونينوى. حيث نجد بعد ذلك بعصور طويلة كان أبناء هذه الحضارة العريقة يقفون في هرم نشر المعارف والعلوم في كافة مجالات الحياة. وقد حافظت مركز علمية وفلسفية وتعليمية على مكانتها لعهود طويلة في جنديسابور,أورهوي (الرها) , ونصيبين,وحران, وبصرى, والحيرة, ونينوى, وآميد وغيرها من المراكز الهامة.وكان في هذه المراكز العلمية علماء جبابرة رفعوا راية العلوم الطبية والفلسفية من أجل خدمة الإنسانية عاليا ومنهم على سبيل المثال: جورجيوس بن جبرائيل,بختيشوع بن جورجيوس,جبرائيل بن بختيشوع,  سرجيس الرأسعيني (ريش عينا) , بختيشوع بن جبرائيل ,يوحنا بن ماسوية, عيسى الرقي,ثابت بن قره الحراني, وسنان بن ثابت قره ,حنين بن إسحق,و إسحق بن حنين ,وغيرهم.
31-01-2017
 
المصادر:

    1-J. Klima , Mezopotamia,1976
2 – J.M. Aynard , DADT II, 806
3- S.N. Kramer , Historie… , 127
4 – C.J. Gadd ,  Teacher and students in oldst schools ,1956
5 – Campbell – Thompson , A Dictionary of Assyrian Chemistry and Geology m 1936
6 – M. Levey; Chemistry and Chemical Technology in Ancient Mesopotamia,1959 
7 –G.Contenau ,La medeciene en Assyrie et en Babylonie; 1938
8 – R.Cambell-Thompson,Assyrian Medical Text, 44N: 1-2R.Labat
9 – M. Weitemeyer ,  Archive and Library Techniqe in Ancient Mesopotamia .1956
10 – F.Köcher, Die babylonisch-assyrische Medizin in Texten und untersuchungen,22
11 – W. von Soden , Herrscher im  Alten Orient , 1954
12 – J. Bottero , DADT I
13 – W . Eckschmitt , pamet nardu ( Nepek  emlekezete) 1974
14 – E. Weidner , AFO , 16 , 1951
15 – A. Falkenstein , Die  Sumerian King List , 1957
16-  B.Meissner , Babylonisch –Assyrsche literatur , 1928
17 – H.W.F.Saggs ,Evryday life in Babylonia and Assyria, 1965
18 – A. Parrot  , Assur
19- هنري ساغس ,جبروت آشور الذي كان , ترجمة الدكتور آحو يوسف
20-  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=543669


37
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (3)



الدكتور جميل حنا
 
 (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة).
في هذا البحث أقدم جزء آخر من كتاب " ميسوبوتاميا" للمستشرق (جوزيف كليما) المختص في حضارات الشرق.
المكتبات والمحفوظات المخطوطات والرسائل...
" يجب ألا نستهجن بقدرات الآخرين من البشر فقط لأنهم عاشوا قبلنا بعهود طويلة, بينما فقط الآن نحصد ثمار أعمالهم" (  تور هييردال) عالم نرويجي ورحالة مغامر تخصص في علم الأعراق وتاريخ انتقال الحضارات في مختلف أنحاء المعمورة.           
إن بقاء كنوز حضارة بلاد ما بين النهرين لغاية هذا اليوم وبالرغم من سقوط نينوى وبابل منذ أكثر من ألفين وخمسمائة  عام،لا يعود الفضل فقط إلى مقاومة الألواح الطينية للعوامل الطبيعية والخراب الذي ألحق بها. وإنما الفضل يعود  إلى نشأت مهنة هامة  وما زالت هذه المهنة تزاول حتى يومنا هذا بدون تغيير، وتلعب دوراً مفيداً جداً في الحياة الثقافية إلا وهي مهنة المكتبات والمحفوظات المراسلات.هؤلاء العاملين في هذا التخصص أهتموا بتصنيف وحفظ الألواح في المكتبات.حيث  كانت توضع في صناديق أو علب وسلات مجهزة من الطين,الإسفلت، أو القصب، وفي رفوف الجدران أيضا.ً
سلة اللوحات كانت تسمى (بيسان – بود – با)ويعلق  عليها لوحة تحمل عناوين محتوياتها.كان العامل  المكتبي وأمين سر المحفوظات لهم رؤية وأطلاع دقيق بشأن  تنظم وتوزيع الكميات الهائلة من المواد الموكلة إليهم  حسب خصائصها. إن الباحثين الأثريين الفرنسيين اكتشفوا 70.000 سبعون ألف لوحة أثناء تنقيباتهم في مكتبة مدينة لاغاس. وكذلك هناك كميات مشابهة منها في سومر وبابل وفي مكتبات مدن آشور الأخرى.إن مكتبة سوروباكي الشهيرة احتوت في المقام الرئيسي على الكتب المدرسية والاقتصادية بفروعها المختلفة. وجدير بالذكر من الناحية التقنية مكتبة أوروك، حيث اعتنت بتوفير المناخ الداخلي المناسب للمحافظة على سلامة محتويات المكتبة بتأمين الحرارة والرطوبة المناسبة (كانت توضع في أرضية المكتبة أحواض مملوءة بالمياه) بالإضافة إلى المكتبات العظيمة، مكتبة ماري، أوغاريت، إيبلا ومكتبة بابل الجديدة للبنوك والتجارة.     
كان استخدام  المكتبات يختلف عن مبنى المحفوظات (الوثائق والرسائل). حيث جمعت في المكتبات الاعمال الادبية الجميلة السومرية والمؤلفات العلمية وترجماتها الأكادية أيضا. كتبت المؤلفات الطويلة على سلسلة من الألواح  المرقمة مثال على ذلك حيث  كتبت  أسطورة التكوين لـ إينوما إليش على سلسلة مؤلفة من سبعة ألواح.
وكذلك كتبت ملحمة جلجامش على اثني عشرة لوحة مسلسلة, وعثر على أعمال بلغت عدد اللوحات المسلسلة من 20- 100 لوحة. المكتبات كانت تحفظ الألواح حسب  فهرس يوثق المحتويات  وعناوين الكتب على أساس الكلمات الأولى للمؤلفات. وفي مراحل متأخرة استخدموا الصفحة الأخيرة التي كانت تحتوي على معلومات خاصة تتعلق بالإصدار إضافة إلى الكلمات الأولى للكتاب والعنوان.(كما هو الحال في عصرنا الحالي حيث يكتب على الصفحة الأخيرة معلومة مقتضبه عن محتويات الكتاب) وإذا كان الكتاب سلسلة يكتب السطر الأخير من اللوحة السابقة ويعاد كتابتها في أول سطر على اللوح الذي يليه، كما وجدت أحياناً ملاحظة الكاتب على اللوحات (كتبها ودققها على أساس النسخة الأصلية).
وكانت الألواح المكتوبة  ذواهمية كبيرة  ولذا نجد منذ نهاية القرن الثالث عشر قبل الميلاد الملك تغلاتي – نينورتا الأول, وأثناء  حروبه  استولى على كميات هائلة من الألواح التي نقلها كغنائم حرب إلى آشور. وتعد أقدم مكتبة تم بنائها في عهد تغلاتي -أبال – إيشارا في آشور.أن الشهرة الفائقة التي اكتسبها أشور بنيبال تعود لتلك الورثة العظيمة الهائلة التي حصل عليها وخلفها وطورها, وليس فقط لأنه أنشأ إمبراطورية قوية وإنما أيضاً إلى خصائصه وقدراته الفائقة وأهتمامه بالعلوم والثقافة . واستحق بكل جدارة أن تطلق عليه صفة (المتنور). حيث أسس في عاصمة إمبراطوريته مكتبة ضخمة التي احتفظت باسمها وشهرتها حتى يومنا هذا(مكتبة آشور بانيبال). وفي بداية حكمة عبر بوضوح (بأن أهداف  سامية تقوده من فوق).
("إني أعرف كل ذلك الذي عرضها الحكيم آدابا أمام الشعب:تعلمت سر كنوز مهنة الكُتاب المتنوعة أعرف علم الفلك وأن أميز بين العلامات السماوية والأرضية, واستطيع المجادلة بهذا الخصوص في مجالس العلماء، وقادرعلى الحديث مع أشهر المتنبئين ’المنجمين حول الألواح المكتوبة التي عنوانها (الكبد انعكاس السماء). واستطيع حل تمارين الحسابات المعكوسة، واعقد حسابات الضرب في حين لم تكن النتيجة النهائية معطاة سلفا.أستطيع قرأة ألواح كل العلماء بشكل ممتاز, والتي تكون الكلمات السومرية غير دقيقة أو الكلمات الأكادية التي لا يمكن قرائتها إلا بصعوبة فائقة بشكل صحيح. افسر الكلمات السرية الجامدة والغير متساوية المحفورة قبل الطوفان على الحجارة، وأني متمكن من معرفة  اسرارمهنة الكتابة"
إن مكتبة آشور بنيبال ومحتوياتها التي لا تقدر بأي ثمن لم تبدأ أهميتها فقط عندما تم اكتشافها في القرن الماضي، ولكن المعاصرين من أبناء الإمبراطورية الآشورية كانوا يعلمون ويقدرون القيمة الفائقة للمكتبة. وتشهد على ذلك التنبيهات الموجهة للقراء التي تشبه نسخة نظام استعارة الكتب في عصرنا الحالي: الكتابة المرسلة  بواسطة نابور – أوسور – سو.( الذي يخاف من الآله نابو، لا تحاول بأي وسيلة مخادعة أن تأخذ اللوحة المستعارة من المكتبة وبذلك تحرم الآخرين من استخدام والاستفادة من المكتبة) وألواح أخرى تنذر بالعقوبة لمن لا يستعمل الألواح بشكل صحيح:
(القارىء العالم الذي يُعيد الألواح إلى الرف ليستعملها الآخرون، تباركه عشتار. وتلعن بغضبها  كل فرد يريد أن يأخذ لوحة من مكتبة المعبد).
المشرفين العاملين في مكتبة آشور بانيبال كانت تعترضهم صعوبات وعمل مضني، ومتاعب كثيرة للمحافظة على المكتبة ومحتوياتها وتنظيمها .لأن المكتبة حتى بعد نقل جزء من موادها إلى المتحف البريطاني والذي بلغ عدد اللوحات المنقولة جرداً 23357 ثلاثة وعشرون ألفاً وثلاثمائة وسبعة وخمسون لوحة. وحسب قوائم التي عثر عليها في المكتبة كان عدد عناوين الألواح أكثر من ذلك بخمسة آلاف قطعة. وإذا تصورنا هذا الكم الهائل بنسخته الأصلية على الأغلب كانت قياسات الألواح 30*20 سم وسماكة 2سم لعلمنا كم كانت هموم العاملين كثيرة لتأمين المكان وحفظها من التلف.
كتب الأحرف الأبجدية, القواميس,الموسوعات,المخطوطات,الرسائل...
 
كانت المكتبات المركز النموذجي الأول للبحث العلمي لمختلف الاختصاصات.إن تعايش الأكاديين والسومريين سويا أعطى تأثيراً متبادلا على الشعبين المختلفين وقادهم إلى المنافسة الإيجابية. اعتنت المدرسة بتعليم الطلاب السومريين علوم اللغة والحضارة الأكادية وفعل الأكاديون كذلك بالعكس لدراسة اللغة والثقافة السومرية. وهذا العمل بدأ بكتب الأحرف الأبجدية ومن ثم كتابة القواميس  وقادهم هذا البحث إلى معرفة مؤلفات كتب الاختصاص في آداب علم اللغة.
القارىء المبتدأ او التلميذ  كانت  ألواحهم مقسمة إلى ثلاثة عواميد في الوسط علامات الكتابة المسمارية  ويبدأ بالأسهل وعلى اليسار القيمة الصوتية لرموز الكتابة  او الكلمة وعلى اليمين اسم الرمز.إضافة إلى  ذلك استوجبت حاجات التدريس إلى ملزمات مكملة احتوت على القيمة الصوتية للأحرف وكانت أيضا مقسمة إلى ثلاث عواميد: في الوسط رمز الكلمة كتابة مسمارية وعلى اليسار القراءة السومرية وعلى اليمين الأكادية.وهذا النوع من النوتات يسمى في أوساط الأخصائيين بكتب الأحرف الأبجدية، ولكن بالحقيقة كانت إلى حد ما تنوب عن القواميس. وفي مراحل متأخرة تم تأليف نوتات التي كانت تضم الكلمات المرادفة المشابه لبعضها وسميت بـ الملزمة الملكية (ملكو شارو).وهناك بعض العلامات السومرية التي تشير إلى كلمة كاملة تُستخدم بنفس الطريقة في اللغة الأكادية فمثلاً,كانت كلمة "ملك" والتي كانت تلفظ في السومرية "لوغال" أستعملت لنفس المعنى في الأكادية, ولكن اللفظ كان مختلفا " شارو" والألواح كتبت عليها جميع الكلمات والمفاهيم المختلفة التي لها علاقة بكلمة المصدر الأساسية. مثال: الملك، القصر، الغرف، العرش، النخيل..الخ
مع زيادة التأثير السياسي لبابل وآشور في بيث نهرين وصلت القيم الثقافية إلى أوجها وامتدت إلى بلدان بعيدة ولهذا أصبحت الحاجة الماسة لتعلم لغتهم  ضرورية وخاصة للشعوب المجاورة لبلاد ما بين النهرين. ونتيجة العلاقات الدبلوماسية القائمة مع مصرتعلم الكتاب المصريون اللغة الآشورية إحدى اللهجات الكبرى للغة الأكادية وأتقنوها بشكل جيد وأصبحت لغة المراسلات الرسمية. أنجز الحثيين على غرار كتب الأحرف الأبجدية السومرية الأكادية مجمع الكلمات, وإضافة المصطلحات الحثية المناسبة، وبهذا العمل يكون قد جهزوا قاموس من ثلاثة لغات كان هناك القاموس الأكادي – الحوري أيضاً. وأثناء سيطرة الكاشيين على بابل تطلبت الحاجة لكتابة قاموس كاشي – بابلي لتوضيح الكلمات الكاشية الغير مفهومة. وكما حاول أخيراً اليونان في عهد السلقوديين التغلغل في أسرار الكتابة المسمارية واللغة الأكادية ويتضح ذلك من قراءة الألواح التي عثر عليها أثناء الحفريات والتي تشير إضافة للغة الأغريقية إلى قواعد اللغة السومرية الأكادية.وكان الهدف الأساسي من اختراع الكتابة في العهد السومري من أجل تدوين المحاصيل والبضائع  الموجودة في المخازن. ومع تقدم الزمن أستعملت اللغة لتدوين الاساطير والملاحم وآدب الحكمة وعلوم الفلك وقرارات البلاط وتسجيل أحداث التاريخ والإرشادات الزراعية ومسائل الحساب والمعاهدات ونصوص التعاويذ  والاتفاقات التجارية والوثائق الرسمية وكتب التمارين المدرسية والرسائل الموجه إلى مختلف شرائح المجتمع  ومن الملوك والقادة ورسائل موجه إلى الآلهة  والقواميس  والأتفاقات مع الدول المجاورة.
إن الكُتاب المثقفين ألفوا قوائم والتي تعتبر بداية  اوسلف الموسوعات الحالية, على الأقل كانت هذه غاية المؤلفين حيث جمعوا أكثر مما استطاعوا من المعلومات و المصطلحات التي تخص جانب محدد من جوانب الحياة. ومثل إحدى هذه السلسلة من  الألواح  تلك التي تنتمي لمجموعة المسلسل السومري – الأكادي. والتي كانت الكلمة الأولى فيها هار (هوبولو) =استعارة وأخذت تسميتها من هذه الكلمة.حيث  نجد  فيها قائمة المواد المصنوعة من الخشب وكل أنواع الشجر المعروفة آنذاك, وكذلك أنواع
الحجارة وما يصنع منها من أدوات،وتضم أسماء الحيوانات الداجنة والبرية وكذلك أسماء  جميع أنواع السفن،وكافة المصطلحات  الزراعية, وكلمات مهنة صانعي الآواني الفخارية, وأسماء الأنهار والنجوم وتصنيف الناس حسب وضعهم الاجتماعي. ونشاهد بيسر هذه المساعدة العظيمة التي قدمتها تلك اللوائح للاخصائيين في علم السومريات والأشوريات.
وقد صدرت عن تلك المدارس سلسلة كتب ذو طابع تخصصي, والتي تشهد على الجوانب العلمية العديدة للكُتاب مثال على ذلك سلسلة السومر – أكادي أنا إتيسو (الإرشادات). كان يضم المصطلحات القانونية والدوائر الرسمية وإجراء المعاملات فيها وملاحظات توجيهية وكان يعتبر بمثابة كتاب نموذجي للكُتاب الذين يقومون بصياغة وكتابة العقود من موظفي الدوائر الرسمية أو ما يشبه اليوم( بالكاتب العدلي)
الكتاب المثقفون كانوا بدراية عالية في مختلف مجالات الحياة الثقافية وكانوا يفسرون كلمات مؤلفات الآداب الجميلة بدقة متناهية. وفي كثير من الأحيان يعود الشكر لشرحهم وتعليقهم لفهم المغذي الحقيقي للمؤلف.كما يعود الفضل للكتاب المثقفين بالمحافظة على اللغة السومرية وبقائها زمناً طويلاً بالرغم من أنها لم تعد لغة متداولة كاللغة اللاتينية في العصور الوسطى وكذلك للجهود والحماس الشديد الذي بذلها الكتاب اللغويين.ان الأرث الحضاري الذي تركه السومريون في مختلف مجالات الحياة منها الطقوس الدينية واللغة المستخدمة , وكذلك ما يتعلق بالأنسان والصحة والولادة والمصطلحات المستخدمة الخامضة لما أستطاع العلماء تفسيرها لولا الشروحات المعطات من كُتاب ذلك العصر عن تلك الكلمات الغامضة ومثال على ذلك: اومين في حالة ولادة المرأة اوسيميا وهذا يعني أن المرأة أنجبت طفل مشوه برأسين.وغيرها الكثير من المصطلحات التي كانت مصدر إلهام للباحثين أن يمنحوا قدرا كافيا من الجهود الجبارة والاهتمام بحضارة بلاد ما بين النهرين وما قدموه للحضارة الإنسانية من ثقافة وعلوم.أن أن الكم الهائل من الوثائق المكتوبة في بلاد آشور اعطتنا الكثير من المعلومات والأدلة المادية عن تلك الحقبة التي من خلالها نطلع على حياة البشر في المجتمع واهتمامات الناس وطقوسهم الدينية والتعليم والدفن والأقتصاد والقوانين والرسائل اسفار الوحي نصوص العلائم الأساطير والملاحم وأدب الحكمة وكافة الأنشطة الحياتية للإنسان.
المخطوطات الملكية الآشورية:
كان هذا النمط من المخطوطات الملكية الآشورية  بدأ بالظهور والتطور في بلاد آشور منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد.هذه المخطوطات كانت تدون روايات الملوك وحملاتهم العسكرية ووصف إنجازاتهم في مختلف مجالات الحياة .هذه المخطوطات قدمت نصوص تاريخية تسجل ما يقدم للإله وما ينجز على
على شرفه في تسلسل زمني.استفاد الباحثون منها بعد أكتشافها لمعرفة  فترة حكم الملوك والأعمال التي أنجزت في عهده ,وما قدمه من خدمات للإله إلى جانب تشييد المنشأت والبناء والسدود والمعابد. ولم يكن الهدف من هذه المخطوطات عرضها على عامة الشعب بل كانت توضع في أساس البناء المشيد ولذا نجد في العديد من المخطوطات الآشورية التي تتطرق إلى هذه الناحية:
"في الأيام القادمة ,أياً كان من الملوك أبنائي, ذلك الذي يعلن الإله آشور اسمه لكي يرعى البلاد والشعب: عندما يصبح هذا القصر قديما ويتحول إلى اطلال,ليبنَ الملك أطلاله من جديد,لينظر في المخطوطة المكتوبة باسمي, ليدهنها بالزيت وليعدها إلى مكانها, عندئذ سيسمع الإله آشور صلاته"
ولكن لم تكن كل المخطوطات توضع في اساس الأبنية المشيدة من قصور ومعابد , بل كان البعض منها يزين على مجسمات جدارية في داخل القصور, يخلد ذكرى الانتصارات الآشورية, والبعض الأخر كان ينقش على تماثيل الثيران والأسود التي تقف حرساً على بوابات القصور الملكية . وهذا النوع من المخطوطات المنقوشة على البعض من تماثيل الأسود والثران التي أقامها آشورناصر بال. وبالأساس تتكون هذ النصوص من تمجيد الملك لذاته بمناسبة جولة قام بها إلى البحر الأبيض المتوسط. والمخطوطات تتطرق إلى أمور أخرى أيضا غير عسكرية مثل توكيله من قبل  الإله نينورتا والإله فرغال برعاية الحيونات و الوحوش البرية وأمره بصيده. حيث نجد مخطوطة سجل عليها عدد الفيلة والثيران البرية والأسود التي صادها الملك.
القوانين:       
شريعة حمورابي ملك بابل اشهر مجموعة قوانين معروفة من بلاد ما بين النهرين, ولكن هناك مجموعات أخرى من بابل وآشور .حيث تم أكتشاف مجموعتين من قوانين العصر الآشوري الوسيط في مدينة آشور الأولى تخص بشكل رئيسي ملكية الأراضي والثانية تتعلق بالنساء وحقوقهم ومكانتهم في المجتمع. وهذه القوانين كانت مصاغة من قبل رجال القانون الذين كانوا يعملون تحت أشراف الملك, وهي عكس شريعة حمورابي لم تكن صادرة عن الملك بل من الأخصائيين في مجال الحقوق.
أسفار الوحي:هذا النوع من النصوص يتعلق بشؤون الدولة, وهي نصوص صادرة عن أشخاص يملكون حكمة وألهام  وخاصة من النساء التي كانت تعتبر  رسائل من الآلهة موجها إلى الملك, مثال على ذلك:
"لا يجب أن تخاف يا أسرحدون ,هذا أنا ,الرب, أتحث إليك.إني أراقب أعماق قلبك,مثل أمك وهبتك الحياة. ستون إلها عظيما يقفون معي ليحرسوك.الإله سين ( القمر) على يمينك والإله شمش(الشمس) على يسارك.ستون إلها عظيما يقفون بجانبك وقدتنطقوا الإعصار. لا تثق بإ نسان , ارفع عينيك نحوي ,حدق في.أنا  عشتار أربيل.الإله آشور منحك الرفاه. حين كنت صغيراً حملتك, لا تخشى شيئا معي"
الوثائق الأقتصادية: تتضمن  عقود بيع وشراء البيوت والأراضي والعبيد  وعقود الزواج وإتفاقات التبني وصفات طبية ,عقود العمل قوائم الأجور وثائق منح الأراضي من قبل الملك,و القرارات الصادرة من البلاط .
الرسائل: لقد عثر على الكثير من الرسائل أثناء عمليات التنقيب في مواقع مختلفة . تعود إلى العصر الآشوري القديم بداية الألف الثانية قبل الميلاد في موقع كبادوكيا . وبعض الرسائل من العصر الآشوري الوسيط  نهاية الألف الثانية قبل الميلاد من مواقع عديدة , وهناك مجموعة من الرسائل من العصر الآشوري الجديد نهاية اللف الأول قبل الميلاد وقد أكتشفت في العديد من المواقع ومنها "قلعا شرغات"(مدينة آشور القديمة) ومن  ،"نمرود " (كالح القديمة) ومن" كوينجيق"( نينوى القديمة) ومن" تل حلف" (غوزان القديمة). وكانت الرسائل عبارة عن رسائل من خبراء شؤون الدولة موجهة للملك وكان قسم منها عن السحر والتنبؤ بالغيبيات ومثال على ذلك:
" إلى الملك سيدي, عبدك عشتار- شوم- إريش.ليكن بخير الملك , سيدي ليقدس ( نابو)و ( مردوك) سيدي. فيما يخص مصلى الإله ( ناشوح)الذي أرسل لي الملك و سيدي , رسالة بشأنه قائلاً: " انظر يوما يكون حسن العلامة وأكتب وارسل إلي كيف سيقيمونها"شهر سيوان ( حزيران) هو شهر مناسب واليوم السابع عشر منهمناسب. لكن ذلك الشهر انتهى ومضى ,فمتى سيكون بإمكانهم ان يفعلوا" أيلول شهر جيد. أنه الشهر المطلوب لذلك.ليفعلوا ذلك, ليقيمواها خلال هذه الفترة"
وكانت الرسائل الحكومية  الآشورية هي الرسائل الواردة إلى الملك من المسؤولين الأداريين, وخاصة ولاة المناطق وآمري الحاميات العسكرية, وتقارير التجسس العسكري وتفاصيل العمليات العسكرية ونقل الآسرى وتجميع الخيول لأجل الجيش والأستعدادات العسكرية , ورسائل تتعلق بالخلافات بين المسؤولين.
سلاسل الطقوس ونصوص العلائم  والأساطير وأدب الحكمة وأنواع أخرى من النصوص سأعود إليها لاحقا.
2017-01-04
المصادر:
 
    1-J. Klima , Mezopotamia,1976
2 – J.M. Aynard , DADT II, 806
3- S.N. Kramer , Historie… , 127
4 – C.J. Gadd ,  Teacher and students in oldst schools ,1956
5 – E. Chiera , Sie schrieben auf Ton , 1941
6 – K. Oberhuber , Die Kultur des Alten Orients ,
7 – B. Hrozny ,
8 – E. Unger , RLA I , 142
9 – M. Weitemeyer ,  Archive and Library Techniqe in Ancient Mesopotamia .1956
10 – R. Labat CRAI , 1972
11 – W. von Soden , Herrscher im  Alten Orient , 1954
12 – J. Bottero , DADT I
13 – W . Eckschmitt , pamet nardu ( Nepek  emlekezete) 1974
14 – E. Weidner , AFO , 16 , 1951
15 – A. Falkenstein , Die  Sumerian King List , 1957
16-  B.Meissner , Babylonisch –Assyrsche literatur , 1928
17 – H.W.F.Saggs ,Evryday life in Babylonia and Assyria, 1965
18 – A. Parrot  , Assur
19- هنري ساغس ,جبروت آشور الذي كان , ترجمة الدكتور آحو يوسف
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=497798

جميل حنا - علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية
www.ahewar.org
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية - جميل حنا ... التبرع للموقع - ادعمونا ...





38

علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية (2)
                       
                           المدارس

 (آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثار وفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذا الموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشور فخروكنز وزينة مملوء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة)
في هذا البحث أقدم جزء آخر من كتاب " ميسوبوتاميا" للمستشرق (جوزيف كليما) المختص في حضارات الشرق,وله العديد من المؤلفات عن حضارة بلاد ما بين النهرين. وكما ذكرت في الجزء الأول بأن هذا البحث هو نتاج ترجمة بتصرف وكذلك مع إضافات أخرى يعتمد على مصادر علمية وأجتهادات شخصية.
وفي هذا الجزء سأتنال وضع المدارس في بلاد ما بين النهرين, وأنظمة التدريس وأهمية التعليم في المجتمع منذ أكتشاف الكتابة.
لقد لعبت المدارس دوراً تنويرياً هاماً في المجتمع, وساهمت في تنظيم الحياة الاجتماعية,برفدها كافة قطاعات الحياة بأفراد مؤهلين. بدأً من البلاط الملكي والمعابد ومؤسسات الدولة والحياة الاقتصادية والزراعية ,ومسك الحسابات والسجلات. وكذلك بالكوادر اللازمة ليشرفوا على إدارة شؤون الدولة وإلى جانب ذلك  نشر المعرفة والثقافة العامة.
وكافة الملوك المتنورين قد تعلموا على يد الكتاب في المدارس .ولذا كان دور المتعلمين في المدارس يؤهلهم لتبوء مراكز هامة في الحياة العامة.والمعابد كان لها دور أساسي في هذا الحقل من أجل تأمين ممارسة الطقوس الدينية. وكان لا بد من يخدم في الهيكل عليه أن يكون قد حصل على تعليم من مستوى رفيع.
والتعليم  كان له وظيفة مزدوجة في المجتمع,وظيفة دينية ووظيفة دنيوية يخدم تطور المجتمع وإدارته في مختلف مجالات الحياة ونشر المعرفة وكافة أنواع العلوم.

منذ القدم أدرك القادة المتنورين للحضارات القديمة الناشئة على ضفاف الأنهر بأن ( المدرسة هي أساس الحياة)
وفي بلاد ما بين النهرين قدر السومريون أهمية المدرسة والتعلم ونشر الثقافة في سومر حسب الأفكار السائدة في تلك العصور)
ولذا نرى بعض الكتابات التي تم أكتشافها ويعود تاريخها إلى أكثر من ثلاثة ألاف عام قبل الميلاد تأكد على معرفة الكتابة, حيث نجد أمثال شائعة  في المجتمع مثل:
(معرفة الكتابة، أم الخطباء وأب القادة المثقفين)
(ما هذا الكاتب الذي لا يتقن اللغة السومرية)
نشأت المدارس  الأولى في ما بلاد ما  بين النهرين بعد تكون كتابة اللغة.وكانت تسمى المدارس عادة (إ – دوب – با) أي بيت اللوح والمدير (أوميا) وكان يدير شؤون المدرسة، وجميع المدرسين ومسئولي الصفوف ومساعدي المدرسين وممثلي المدرسة والطلاب يمتثلون لأوامره.وفي المعاهد العليا كان الأساتذة(البروفسور حسب المصطلح الحديث) يدرسون الطلبة حسب أختصاصهم  ولذا نجد استخدام أسماء بعض مواد التدريس قديماً منها مثلاً:
الرياضيات  كان يسمى(دوبسار نيسيد)، والهندسة والرسم (دوبسار أساغا) ومدرس اللغة (دوبسار جنجيرا). وكان يعمل في المدرسة شخص بمنصب سكرتيرالمدرسة  وكانت مهمته المحافظة على النظام ويحق له معاقبة الطلاب.
لم يكن الذهاب إلى المدرسة والتعلم  متاح أمام كل فرد وذلك  بسبب الإنتماء الطبقي الذي كان قائماً في المجتمع. وتميزت معاملة أبناء الفئات الدنيا (الفقيرة) في المدارس أو قبولهم فيها ببعض الأذى والتمييز الطبقي. وكان التحصيل العلمي والثقافي بالدرجة الأولى في متناول أبناء العائلات الميسورة فقط. وكانت نسبة الفتيات اللواتي يحصلن على التعليم قليلاً. وكان عدد العبيد الحاصلين على التعليم في المدارس قليلاً جداً.وهذا يلاحظ من الاستهجان  التالي الذي تدواله البعض آنذاك:
(أحقاً هذا العبد تعلم اللغة السومرية)
وعلى الأغلب كان السيد يرسل عبيده إلى المدرسة ليتعلموا  إحدى المهن وخاصة إدارة الأعمال الزراعية والمحاسبة.
ومن ناحية أخرى نجد نصيحة أب آشوري لأبنه (تعلم ما تقوله ألواح المدرسة, باحترام الآلهة يمنحون نياتهم الحسنة, وبتقديم الذبائح يطول العمر). ومن هذا نستنتج بأن الثقة كانت عالية  بالمدارس وبما تقدمه من معارف متنوعة.
ومن أكتشاف قوائم الكتاب ودراستها يتضح من  أسماء أبائهم ونشاطاتهم، بأن غالبية الآباء كانوا موظفون يشغلون مناصب رفيعة في البلاط الملكي أو المعابد ودوائر الوزارات أو ممثلي المدينة
ومن خلال الاكتشافات الأثرية نتعرف على التجهيزات المدرسية وأثاثها.     
حيث كان الطلاب يجلسون على مقاعد مبنية من الطين.وكانت الكتب المدرسية والدفاتر ألواح طينية ثقيلة.عندما كان الطالب يخطأ بالكتابة يبلل أصبعه بالريق ويمسح الخطأ.الطالب كان يكتب على إحدى وجوه اللوح ويكرر كتابتها مرات عدة.و كانت الألواح المليئة بالأخطاء تلقى في سلة المهملات المصنوعة أيضاً من الطين. وبقي الكثير منها حتى يومنا هذا، والكثير من هذه الألواح التالفة أثارت حفيظة الباحثين طويلاً، إلى أن استنتجوا بأنها عينات ألواح إملاء مملوءة بالأخطاء.
ونتعرف كذلك على نماذج بعض الأسئلة الموجهة للطلاب في الامتحانات النهائية. وكان على الطالب إعطاء الجواب الصحيح  مثال على ذلك:
هل تستطيع أن تترجم الكلمات السومرية إذا كانت فوق والأكادية إذا كانت تحت ؟أو بالعكس الكلمات الأكادية فوق ومن أسفل السومرية؟
ومثال آخر: يختبر معرفة  الطالب ما إذا كان يعرف أن يفرق بين كلام الصايغ والبناء والراعي والقبطان وما هي مميزات حديثهم؟
نشأت في معابد بلاد ما بين النهرين مستويات راقية من التعليم في المعاهد العالية  وذلك بتقديم صنوف المعرفة وإعداد الأخصائيين.
كما الحال في أديرة القرون الوسطى وكان أسلافهم يدرسون الجبر والهندسة والشريعة والعلوم الطبيعية علم الطب والصيدلة وعلم الفلك ودراسة اللغة وعلم اللاهوت.
كان يجب على طلاب المعاهد العليا للمعابد أن يحصلواعلى تجارب غنية, وأن يملكوا المعارف الدينية الكافية لممارسة الطقوس الدينية وخاصة تعليمات طقس تقديم الذبيحة ومهنة التنبؤ والشعوذة وأسرار السحر وقراءة التعاويذ وطرد الأرواح الشرير.     
وكان للكهنة في بابل أبنية بجانب المعابد  يسكنون فيها مع الطلبة حيث كانت تسمى (بيث مومي)  "بيت العلوم والفن"
كان الطلاب يتدربون على علم النحت وترميم تماثيل الآلهة ولكنهم كانوا ايضا  يقضون أوقاتاً طويلة بالكتابة والقراءة.
الغالبية من هؤلاء(مجهولي الأسماء) تركوا أعمال رائعة خلفهم  في الآداب الجميلة.
ويعود الفضل لهم بتسجيل أحداث العصر وتقديم  الكثير من المواد الحسية التي  تساعد في بحث تلك الحقبة من التاريخ.ومثال على ذلك  فهرس الكتب وبيانات وقوائم الملوك والحكام وكبار الموظفين وكتابة التاريخ والملاحم وعلم الفلك وقوائم الملوك وطقوس العبادة وأعمال كتابية أخرى كثيرة. وهؤلاء لم يتركوا خلفهم فقط آداب جميلة بل وضعوا الخطوات والمحاولات الآولى بترسيخ  علوم الآداب التي كانت تعكس روح ذلك العصر.

والتعليم في آشور يعكس من خلال ما أكتشف في مكتبة آشوربانيبال حيث نجد الملك  العظيم يمتدح دور المدرسة وكيف  تعلم القراءة والكتابة حيث يقول " قرأت  النصوص المعقدة  باللغة السومرية  المبهمة وباللغة الأكادية الصعبة  الوضوح, بحثت في الكتابات المسمارية على أحجارما  قبل زمن الطوفان " وكيف تعلم أتقان مهنة النسخ والحكمة حيث يقول أنه " تعلم حكمة نابو وأتقن فن النسخ تماماً ومعارف كل الخبراء, وتعلم الرماية بالقوس وركوب الخيل والعربات وكذلك الامساك بزمام الخيل" ومن هذا يتضح لنا بأن التعليم كان ركنا أساسيا في بناء الدولة وتنظيم شؤونها.   
التعليم في مدارس بلاد ما بين النهرين ترك لنا أرثا حضاريا عالميا .حيث ورث للإنسانية كمية هائلة من النصوص المعرفية في مختلف مجالات الحياة  العملية والفلسفية ,الأساطير والملاحم ,أدب الحكمة,الطقوس الدينية,علم الفلك والتنجيم,سجلات الملوك,سجلات الغلال ,الشرائع والقوانين, المراسلات,الطب,الزراعة,والبيئة ألخ
وقد سار أبناء حضارة بلاد ما بين النهرين على ذات النهج والتمسك بالمدارس والتعلم وجعلها منبرا للتنوير, ونشر المدنية حتى بعد سقوط نينوى وبابل. وقد استطاع أبناء حضارة الأمبراطورية الآشورية في العصور الوسطى من بناء أعرق الجامعات في نصيبين وأورهوي (الرها) وكانت قلاع لمختلف العلوم ونشر المعرفة والفلسفة الروحية وعلم اللاهوت والطب والهندسة وترجمة الكتب من وإلى اللغة اليونانية القديمة.وبعد الغزوات الإسلامية لبلاد ما بين النهرين وبلاد الشام بدأ دور المدارس ومن ثم الدور الثقافي لأبناء الأمبراطورية الآشورية يتناقص مع اشتداد ساعد العرب المسلمين وفرض الشرائع الأسلامية على أبناء المنطقة أصحاب الأرض الحقيقيين.ولذلك نجد في العهود اللاحقة التعلم يجري في نطاق ضيق ضمن أسوار الأديرة والكنائس ويقتصر على دراسة اللاهوت والطقوس الكنسية.وقد تعرض هذا الشعب إلى أبشع مجازر الإبادة العرقية الدينية والقومية على يد كل القوى الغازية وخاصة الغزوات الاسلامية والمغولية والتترية والعثمانية والفارسية والكردية, ومنذ منتصف ستينات القرن الماضي على يد القوى العروبية الأسلامية المتعصبة.وللبحث صلة

2016- 12-21
المصادر :

    1-J. Klima , Mezopotamia,1976
2 – J.M. Aynard , DADT II, 806
3- S.N. Kramer , Historie… , 127
4 – C.J. Gadd ,  Teacher and students in oldst schools ,1956
5 – E. Chiera , Sie schrieben auf Ton , 1941
6 – K. Oberhuber , Die Kultur des Alten Orients ,
7 – B. Hrozny ,
8 – E. Unger , RLA I , 142
9 – M. Weitemeyer ,  Archive and Library Techniqe in Ancient Mesopotamia .1956
10 – R. Labat CRAI , 1972
11 – W. von Soden , Herrscher im  Alten Orient , 1954
12 – J. Bottero , DADT I
13 – W . Eckschmitt , pamet nardu ( Nepek  emlekezete) 1974
14 – E. Weidner , AFO , 16 , 1951
15 – A. Falkenstein , Die  Sumerian King List , 1957
هنري ساغس ,جبروت آشور الذي كان , ترجمة الدكتور آحو يوسف -16 
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=497798

39
الأخوة الكرام:
 Ruben ;IBN ASHU
اشكركم جزيل الشكر على مداخلاتكم الرائعة ومقطع اليوتوب , وأنا ىسعيد جدا بمشاركتكم وأبداء الرأي المنطقي المبني على الحقائق, وكل مساهمة منكم هي إضافة قيمة وتساهم في أغناء الحوار وتساعد على إيصال أفكار جديدة تضاف إلى الموضوع وهذا هام جدا.
نحن نواجه تحديات كثيرة ومعقدة في آن واحد. الأعداء كثر على مر العصور الطويلة أرتكبوا مجازر الإبادة العرقية ضد أبناء الأمة الآشورية بكل كنائسهم المذهبية. والعدو لم يميز بين هذا أو ذاك. ولكن الأمة تنخر من الداخل , كالسوسة التي تضرب البذار من الداخل.ولكن يا أخوتي كل الأعداء وكل السوس سوف لن يقهر إرادتنا ,من صمد أكثر من ثمانية آلاف عام على وجه الآرض سيصمد الآن وفي المستقبل.أن إرادة التحدي والصمود وتحمل المصاعب سيخلق مستقبل أفضل.
أن الشعب الآشوري حمل راية الكفاح عاليا سوف لن يستسلم أو يتخاذل أو يركع للطغاة والمستبدين, شعبنا حمل راية الحرية عاليا سوف ينتصر.وقوافل العبيد تأكلهم الغيرة والحسد لأنهم ضعفاء جبناء مذلين خاضعين لأسيادهم يرددون ما يمليه عليهم أسيادهم لأن لا إرادة لهم.ولكننا مع ذلك ننتظر لليوم الذي يتحرر هؤلاء العبيد من الظلم والعبودية والطغيان, كما تحرر عبيد روما من أباطرة روما.


40
ميقرى رابي احيقر
شلاما
الحقيقة يا أخي أحيقر أنا مدان لك بالشكر من كل أعماق قلبي, وكما قلت سابقا انا مقصر بحقكم ولكن بدون قصد متعمد لأنه لي مشكلة مع الوقت, وأعتقد الكثير منا يحتاج الى المزيد من الوقت خلال اليوم ليستطيع أنهاء أعماله.اشكرك كثيرا على المداخلات القيمة وعلى المعلومات الرائعة  وروابط الابحاث التاريخية القيمة التي تزودني بها كل مرة.هذه الحقائق العلمية التاريخية هي مفيدة ويأخذها كل باحث عن الحقيقة محمل الجد والتفكير بوضوعية حول حقائق الأمور بعيدا عن التعصب.ولكن مع الآسف الشديد البغض والكراهية والأحقاد تعمي بصيرة البعض,ولم يبذلوا جهدا روحيا للتحررمن عبودية الشر بالرغم من إدعاءاتهم المزيفة بمسيحيتهم وقوميتهم ,الدين والقومية بريئة من أفكارهم الشريرة, أنهم يرتدون رداء المسيحية والقومية تحت أي مسمى كان من أجل التمويه . ولكن الحقيقة الواضحة التي لا يستطيعون أخفائها هو الدفاع المستميت على طغيان السلاطين , ورضوا أن يكونوا عبيدا مذلين مطيعين لأسيادهم.أسيادهم الذين أستعربوهم  وحلت في عروقهم دماء العروبة والأسلام وأفكارهم محشوة بالفكر العنصري العروبي البعثي الفاشي الأسلامي. فهم يرددون كالببغاء ما يمليه عليهم أسيادهم, والحقيقة لي شفقة عليهم لأنهم من الخاسرين أخلاقيا ودينيا وتربويا وتعليميا وقوميا.هؤلاء يرددون الشعارات التي يمليها عليهم أسيادهم بدون أن يدركوا مغذاها المهينة لهم ,لأنهم لا يملكون أخلاق وكرامة.
رابي احيقر
 رأيك صائب بأن نتجنب مثل هؤلاء, ولكن المرء ينطلق من نفسه ويقول ربما بصيص النور الخافت في ظلمة الشرور في أعماق نفوسهمربما ستضيء قلوبهم وأفكارهم السوداء.
أنا لست ضد الرأي المخالف, وأختلاف الأراء ضرورة حتمية من أجل التقدم , ولكن العض لا يمييز أو يقصد إهانة الأخرين أو هكذا يعتقد بينما يهين ذاته المهانة أصلا.ولكن الشتائم والكلمات والأتهامات الباطلة حاضرة على لسانهم لأنه هكذا كعبيد تعلموا من أسيادهم.
السؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن لأي شخص تلقى فعلا تربية وتعليم مسيحي أن يكون بهذا المستوى المنحط الذي هو عليه المدعو عادل السرياني وكما قلت السريانية بريئة منه وكذلك الدين المسيحي
على هذا الشخص أن يسأل نفسه ما هي الأخلاق المسيحية " البذرة الصالحة تعطي ثمرا صالحا" فإذا البذرة غير صالحة يجب البحث عن مصدرها الحقيقي حتى أعطت هذه الثمرة الرديئة.
يمكن أن يعبر الإنسان عن أراءه المناقضة لآراء الأخرين بأسلوب وحوار ومنطق مقبول , لا أعلم لماذا الشتائم هي الطريقة المثلى لهؤلاء المرضى نفسيأ.
سنكمل المشوار سوف لن نحيد عن هدفنا عن وطننا آشورعن أمتنا الآشورية, ولن يعيقنا أي تهديد أو تضحية ولا أي سفاح طاغية.نور الشمس أقوى من الظلمة. والحق أقوى من الباطل.


41
ميقرا رابي وليد
شلاما
أشكرك من كل أعماق قلبي على تفاعلك المنطقي والأخوي وأدالأختلاف في تحليل بعض الجزئيات نابع من الحرص المشترك والقلق على مصير شعبنا ولذا الأختلاف لا يفسد الود بيننا, بل هو حاجة لكي نمعن النظر ونتعمق أكثر في التفكير من أجل مصلحة شعبنا الذي يتعرض إلى أبشع حملات الإبادة العرقية على يد السلطات الحاكمة في بلدان الشرق الآوسط وعلى يد المنظمات الإرهابية البربرية التي تسفك أرواح البشر,وتدمر الموروث الحضاري والتاريخي للأمة الآشورية, وتهين الكرامة الإنسانية.
أن الأوضاع المأساوية الجارية في سوريا هو نتيجة سياسات عنصرية وسلطة استبداد فرض بقوة السلاح والإرهاب المنظم من قبل الإجهزة القمعية آداة تنفيذ الإرهاب ضد المواطنين إلى جانب الممارسات الإرهابية الأخرى .
أخي العزيز وليد سأعطيك بعض الأمثلة والتي لا تغيب عنك , ولكن لبعض القراء الذين تغيب عنهم بعض هذه القضايا.أولا عندما أستولى السفاح المقبور السلطة في سوريا بأنقلاب عسكري في 1970 بدأ بتدخلات خارجية في لبنان والآن تعلمان وضع لبنان , وتشكيل حزب الله اللبناني بالتنسيق مع إيران وتم القضاء على قوات الأنصار التابعة للحزب الشيوعي اللبناني والذي كان يضم في صفوفه من كل الأديان والأعراق, وكما ترون كيف دمر لبنان, إضافة الى الأغتيالات التي طالت قيادات مسيحية, جبران تويني , بيير جمييل, جورج حاوي .
في عام 1976 أخرج حافظ الأسد من السلك التعليمي الجامعي  كافة الشيوعيين ويساريين أحرار ووضع بدل عنهم جماعة الأخوان المسلمين, ثم أنقلب هؤلاء عليه في 1980, أو هكذا خطط وتم بعدها تصفية الجيش ليحوله إلى جيش الطائفة العلوية.
لقد زج نظام القمع المخابراتي بأبناء شعبنا في السجون منذ منتصف عقد الثمانينات في القرن الماضي, وذلك لكسر إرادة شعبنا وإرهابه, والسيطرة عليه وزرع الرعب ليكون  خادما مطيعا للنظام أستسلم الكثير لضغوطات الأجهزة القمعية, لكنه لم يستطع إركاع الآشوريين أو إخضاع الجميع, بدأ ينخر جسد الأمة من داخلها بواسطة عملائه من أبناء هذا الشعب, وبدأت التدخلات المهينة في شؤون  مؤسسات شعبنا الكنسية والتابعة لها مثل الفوج الكشفي الرابع في مدينة القامشلي واستخدامهم آدواتهم الآراميين للأعتداء على أبناء الكنيسة من الآشوريين.وكانت تهمة الأجهزة القمعية المخابراتية جاهزة ضد كل من تريد زجهم كان يتهم بأنه من حزب الكتائب اللبناني وحتى بعض الشيوعيين المسيحيين  كانوا يواجهون هذه التهمة.
بعد توريث السلطة الديكتاتورية في عام 2000 إلى بشار من خلال تغيير الستور السوري خلال دقائق في مجلس الشفب ليكون ملائما لعمر بشار, بالرغم من هذه العملية الإنتقالية للسلطة وراثة جمهورية, تقبل الناس في سوريا وتفائلوا خيرا بأن هذا الشاب المتعلم سيكون غير أبيه الديكتاتوري ولكن سرعان ما كشر عن أنيابه بعد فترة وجيزة وزج بنخبة المثقفين والأحرار من مختلف التيارات السياسية من شيوعيين ويساريين وليبراليين وديمقراطيين من كافة أطياف المجتمع السوري بدون إستثناء من علويين, ودروز , وآشوريين  ومن المسلمين والمسيحيين بدون إستثناء.وسميت حركة المثقثفين السوريين بربيع دمشق الذي تمخض عنه أعلان دمشق 2005من مختلف التيارات الفكرية والأعراق والديانات.
بشار الأسد زاد على والده ببناء المساجد والمعاهد والمدارس الدينية الأسلامية والقبسيات لحفظ القرأن وقدم لها الدعم المادي الكبير من خلال وزارة الأوقاف ,لكنه لم يبني كنيسة واحدة أو دفع راتب كاهنا واحدأ.
أن موقف أحزابنا  من الوضع الراهن ليس وليد ثورة الشعب السوري التي بدأت منذ خمس سنوات, بل تمتد إلى عقود طويلة.
لماذا أتيت على ذكر بعض الأمور , يبدو لي أحيانا بأنه هناك تصور غير دقيقة عن الحياة السياسية في سوريا خلال عقود طويلة من الزمن , تحت سلطة البعث العربي الآشتراكي ذو التوجه العروبي الأسلامي
تصوير الوضع الحالي في سوريا كأنه صراع بين المنظمات الإرهابية وليدة النظام السوري وبين النظام, وهذه الصورة هي تشويه متعمد وتزييف وإهانة كبرى للشعب السوري بكل أطيافه.
أنها ثورة شعب ضد الظلم والطغيان. القوى الوطنية والمعارضة السورية وفي جميع مؤتمراتها ووثائقها الأساسية تقر وتعترف  بهويتنا القومية وبحقوقنا القومية وتأكد على تثبيت ذلك دستوريا, وهذا الشىء غير متوفر في دستور سوريا الحالي ليس هناك حرف واحد أو كلمة واحدة يعترف بغتنا أو قوميتنا أو تاريخنا...ومن يدعي ذلك يخالف الحقيقةو وأن كانت لديه العكس , فليأتي بأي فقرة أو بند من بنود الدستور السوري يوجد أعتراف بنا.
بل هناك فقرات تمييزية عنصرية كثيرة وبرأي ستبقى هذه الفقرات مستقبلا مثل رئيس الدولة يجب أن يكون  مسلما, الشريعةأي أساس القوانين والتشريع هي الشريعة الأسلامية وما الى ذلك بنود كثيرة, ولذا نأكد بأن الأدعاء بأن هذا نظام علماني  لا يميز بين دين ودين وبين قومية وقومية غير صحيح مناف للحقائق.
نحن في سوريا تحالفنا مع القوى الوطنية السورية التي  تدعم وتدافع عن قضية الشعب السوري ومنها قضية السريان الآشوريين كما هو وارد في وثائق قوى المعارضة الوطنية السورية. ولكن مع ذلك نحن كقوى سياسية آشورية في سوريا لنا ملاحظاتنا وموقفنا الواضح  من المواقف والأخطاء والممارسات السلبية أو الضارة لبعض القوى ضمن المعارضة, ونواجه هذه المواقف بوضوح ونعلن بكل شجاعة  موقفنا, لأن مصلحة شعبنا هي في آولويات عملنا أننا لا نجامل أحدأ ولن نتخلى أو نساوم على حقوق شعبنا وسنبذل قصارى جهدنا تحقيق مطالبنا قدر المستطاع, وأن لم يتحقق ذلك سنستمر في كفاحنا, وسوف نحمل الدول الكبرى وخاصة الدول المؤثرة مباشرة في الوضع السوري  روسيا وأمريكا بعدم تحقيق مطالبنا.
ونحن كفاحنا سلمي سياسي بالكلمة الحرة والجريئة نواجه إرهاب نظام الاستبداد, وكما قيل
الكلمة هي البداية والنهاية.
"في البدأ كان الكلمة,والكلمة كان عند الله,وكان الكلمة الله"
" والكلمة صار جسدا وحل بيننا"(يو 1:1و ,14)
ولادة الطفل يسوع المسيح حق وحقيقة نورومحبة للبشرية...سلام وحرية...الظلمة تزول في النور...وفي النورلا ظلم ولا ظالم ولا استبداد ولا استعباد ولا عبودية ولا خوف ...ولا قتل ودمار...في النور السلام والأطمئنان.
ولادة الطفل الثائريسوع المسيح وكما يقول جبران خليل جبران( لم يجىء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزا للحياة بل جاء ليجعل الحياة رمزا للحق والحرية)
(لم يخف يسوع مضطهديه ولم يخشى أعداءه ولم يتوجع أمام قاتليه بل كان حراًعلى روؤس الأشهاد وجريئأ أمام الظلم والاستبداد,يرى البثورالكريهة فيبضعها,ويسمع الشر متكلما فيخرسه,ويلتقي الرياء فيصرعه.بل جاء ليبث في فضاء هذا العالم روحا جديدة قوية تقوض قوائم العروش المرفوعة على الجماجم وتهدم القصور المتعالية فوق القبور وتسحق الأصنام المنصوبة على أجساد الضعفاء المساكين)
وهنا عناوين بعض مقالاتي بهذا الخصوص:
متاهات المعارضات والحرب السورية
الائتلاف الوطني السوري وثقافة إزدواجية المعايير
الثورة السورية والمنعطف التاريخي
سوريا والغزات الجددالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية أمام تحديات افلتزام بثوابت الثورة أم الأنحراف
ومنذ المقالة الأولى عند بدأ الثورة تحت عنوان" النظام السوري أمام إستحقاقات الإصلاح أم التغيير!؟ كان لنا موقف واضح وصريح وتأكد على ألتزامنا بالمبادىء وقيم أمتنا الآشورية وغيرها الكثير من المقالات بهذا الخصوص تجدونها على الرابط التالي:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile;area=showposts;u=24802
أخي وليد
هذه بعض الأمور للقراء الكرام الذين يريدون ان يعرفوا أكثر لماذا الآحزاب الآشورية في المعارضة وأعني منذ عقود وليس الآن , لأن الشعب الآشوري شعب حر ولا يقبل العبودية بإرادته الحرة, فهو لا يريد أن يكون عبدا لأي سلطان, فهو يقدم التضحيات الجسيمة من أجل حريته وحقوقه القومية ومن أجل أرضه.وهذا الموقف الشجاع والجبار يشعر الأخرين بضعفهم , ويزيد من خضوعهم ومذلتهم للطغاة السفاحين.بدل أن ينهض هؤلاء ويضعوا يدهم في يد ابناء شعبهم ودينهم حتى يكون موقفنا جميعا أقوى أمام كل القوى الوطنية وعلى الساحة الأقليمية و العالمية.


42
السيد عدنان فتوحي المحترم
تحية المحبة  المسيحية الصادقة التي علمنا  أياها الرب فكرا وقولا وممارستا.
اشكرك جزيل الشكر على المداخلة التي فيها الكثير من الأفكار التي تهمنا جميعا, ولكننا مختلفون حولها منذ زمن طويل.لأنه لا إرادة صادقة لدى الكثير منا للوصل إلى القناعات المشتركة. وعندما نتحاور لا نهدف مطلقا أو نضع هدفا للوصل إلى قواسم مشتركة, وتقريب وجهات النظر.وكل واحد يحاول التمترس في موقعه ويعتقد بأنه الوحيد الذي يملك الحقيقة الكاملة.بعد هذه المقدمة دعني أقول لك وبكل محبة  وبدأ من صياغة سؤالك حيث تقول  أولا" تقول انك تدافع عن حقوق شعبك فهل تحترم من يقولون اننا سريان اراميون وهل يدخلون ضمن أمتك" هذه صياغة تشكيك بما أقوله, هل تعتقد أن مواجهة الأنظمة الديكتاتورية وسلاطين الطغيان والأجهزة القمعية المخابرانية هل تعتقد أنه  ترف نقوم به حينما نتهدد من قبلهم بتصفيتنا جسديا .هل تعتقد أنه ترف لنا عندما نخسر كل أتعابنا في الحياة .نحن نحمل  هدف أسمى في الحياة  هو الدفاع عن حرية شعبنا بكل تسمياتهم.
الأحزاب الآشورية منذ عقود طويلة تتعرض للأضطهاد السياسي والقومي الممنهج من قبل الأنظمة الديكتاتورية التي أستولت على السلطة بقوة السلاح في سوريا والعراق. وقدمت الأحزاب الآشورية تضحيات جسيمة من أجل أبناء هذه الأمة بكل أطيافهم. وهنا سأذكر لك تحديدا أولا عن زوعا بغض النظر ما إذا كنا متفقين أو مختلفين معها أو حولها. ألم تقدم هذه الحركة شهداء من أجل قضية شعبنا وحقوقه القومية, ألم يقدم التضحيات ألم يتعرض للملاحقات وأضطهاد, وأنا أتحدث عن تاريخ الآلاف والمئات من المنتظمين في صفوف هذه الحركة ولن أدافع عن المواقف الخاطئة لهذا المسؤول أو ذلك. هل ما تحقق في العراق وخصوصا على أرض آشور في شمال العراق من تحقيق بعض المنجزات الثقافية وتحديدا المدارس وتعليم اللغة السريانية أقتصرت هذه الفائدة على الحركة الآشورية أم أستفاد منها أبناء شعبنا بكل تسمياتهم من الكلدان والسريان والآراميين ,هل قالت الحركة الآشورية نحن قدمنا التضحيات والشهداء ونحن كنا في المعارضة بينما أنتم كنتم مع البعث العربي الفاشي الآسلامي وسوف لن تحصلوا على أي شيء.الأحزاب الآشورية في سوريا تعرضت خلال عقود طويلة إلى الملاحقة والاضطهاد وزج بهم في السجون  تعرضوا للتعذيب منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي حتى اليوم ورئيس المكتب السياسي للمنظمة الآثورية الديمقراطية كبرئيل موشي كورية يقبع في سجن الطاغية بشار السفاح, هل هو إرهابي وهو متهم في محكمة الإرهاب, هذا الرجل لم يقم بأي عمل مخل حتى للدستور السوري ,طالب بالحرية لشعبه وللشعب السوري,وبالرغم من كل ذلك قالها الرجل نحن سوف نقدم التضحية وسنتحمل عبىء المرحلة لكي نحصل على حقوقنا, وأن حققنا أي شيء سيكون للجميع, لأبناء شعبنا بكل تسمياتهم , ولم يقل أنكم أيها الآراميون حلفاء النظام وأجهزته المخابراتية  سوف لن تحصلوا على شيء إذا تحقق شيء لأنكم أدخلتم وتعاونتم مع عناصر المخابرات وأدخلتوها إلى مؤسسات الكنيسة, وزرع الفتنة و الفرقة ومزق صفوفنا, ومارس التهديد والرعب لمن لا يخضع لآوامرهم , ولن أتحدث عن إنتهاك الكرامات.
االسيد عدنان طرح الأحزاب الآشورية هو طرح إنساني طرح ينظر إلى كافة مكونات شعبنا كأمة وشعب واحد بتسميات مختلفة.
 أما في  حال قيام دولة او إقليم آشور سيكون مواطني الإقليم  بغض النظر عن دينهم ومذاهبهم وتسمياتهم الإثنية مواطني آشور الوطن أو الأقليم ولكل مواطن الحق والحرية المطلقة بممارسة حقوقه القومية واللغوية...  ووو من خلال دستور ديمقراطي يحقق العدالة والمساواة يتعهد فيها الجميع على حماية وطنهم آشور.
أما بالنسبة لبقية الطروحات لا أريد الدخول في الجدالات العقيمة حول التسمية والتاريخ ,أنت سوف لن تتزحز من موقفك  ولن تستطيع حضرتك من تغيير هويتي وقناعتي السياسية ورؤيتي في الكثير من القضايا , نحن نتناقش فقط من إجل المشاكسة والنقاش من أجل النقاش لا أكثر ولا إقل.كل واحد يدعي باالمنطق والعلم والعقلانية ولكن بالحقيقة هي غائبة ,لا توجد غير الأحقاد والبغض والكراهية.
السيد عدنان المحترم لي على هذا الموقع المحترم عنكاوا كوم أكثر من مائة بحث ومقال ولم أدخل في يوما من الأيام في جدالات عقيمة إلا في حالة نادرة في مقالتي الحالية وفي بحثي " علم الآشوريات وتزييف الحقاق التاريخية" ولا أريد ذلك مستقبلا ليس لي الوقت الكافي مع كل مودة ومحبة لكافة المعلقين سلبا أو إيجابا ,وقتنا مخصص لمواجهة التحديات الكبرى التي تهدد كياننا جميعا بغض النظر أن كنت آشوريا أو سريانيا أو كلدانيا أو آراميا وعلى الجميع أن يفهم هذه الحقيقة ألعداء لم يمييزوا في ا] يوما من الأيام بين هذه التسمية أو ذالك . الجميع كانوا ضحايا مجازر الإبادة العرقية على يد السلاطين العثمانيين  مع الغالبية الساحقة من العشائر الكردية, وضحية أنظمة الاستبداد والمنظمات الإرهابية.
ولك جزء من الرد حول التاريخ, ولكن سوف لن أدخل مطلقا في أي نقاش حول التسمية والتاريخ.كل واحد له الحق أن يعبر عن مواقفه وآرائه ومعتقداته فأنا أكن كل الأحترام لك أن قلت عن نفسك سرياني أو كلداني أو آرامي لا مشكلة لي مع كل هذه التسميات . ولكن ليس منطقيا أن يحرمني البعض بدوافع التعصب المذهبي أوالتسمية القومية من إنتمائي إلى الأمة الآشورية. وحول السريانية لك هذا البحث 
 
 ولك هذا البحث التالي للبرفسور رولينغر
اكتشاف تاريخي جديد يؤكد الارتباط بين التسميتين  سرياني وآشوري
  نشرت من قبل Zenda News في 19 شباط 2007
  بقلم: أفرام بار يعقوب
  ترجمها عن الهولندية: سعيد لحدو - هولندا
كتابة على صخرة عمرها 2800 سنة ألقت الضوء من جديد على المصطلح الحالي آشوري (Assyrian) والعلاقة بينه وبين المصطلحات الأخرى سورويو (Suroyo) وسوريويو (Suryoyo) و أسورويو (Asuroyo) . حيث يرى البروفيسور روبرت رولينغر أن الغز قد حُـلَّ أخيراً. فالمصطلحات سورويي (Suroye) أو سوريويي (Suryoye) لا تعني سوى الآشوريين (Assyrian). وذلك في حديث له لـ: Hujada.com .
لكن الدكتور أسعد صوما أسعد لديه اعتراض على ذلك.
الصخرة المكتشفة مع الكتابة الهامة وجدت مؤخراً في جنوب شرق تركيا وبالتحديد في (Cinek, y,) بالقرب من مدينة أضنة.
يقول الأثريون أن هذه الكتابة تعود إلى العام 800 قبل الميلاد. مما يعني أن عمرها 2800 سنة. وما يلفت النظر بهذه الكتابة أنها وجدت بلغتين: الفينيقية , واللوفيان-الحثية.
اللغة الفينيقية التي لم يعد أحد يتحدث بها اليوم كانت في ذلك العهد لغة الفينيقيين الذين كانوا يتعاطون التجارة على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. أما اللوفيانية-الحثية فهي لغة أخرى ميتة كان يتحدث بها سكان الأناضول, إذ حلت محلها اللغة الآرامية حوالي سنة 500 قبل الميلاد. وقد تمت ترجمة الكتابة بنجاح من قبل الأثريين وفيها يظهر أن الملك المحلي أوريكي (Urikki) من منطقة (Cinek,y) يتحدث عن علاقته مع الإمبراطورية الآشورية. في الكتابة الفينيقية وردت التسمية آشور بالصيغة (Assur) بينما في النص اللوفياني, والذي هو ذات النص الفينيقي, وردت التسمية ذاتها باللفظ سور (Sur) .
هاتان اللفظتان اللتان كان يقصد بهما آشور (Assyria) جذبتا انتباه الباحثين وأوجدتا نهاية للجدال الذي يجري حول التسميتين: آشور (Assyria) وسوريا (Syria).
مجلة (دراسات الشرق الأدنى) (Journal of near Eastern Studies) الصادرة في تشرين الأول 2006وفي موضوعها الرابع المنتشي بروح الاحتفال كتبت مهللة أن البروفيسور روبرت رولينغر من جامعة ليوبولد – فرانزيس (Leopold- Franzes) في إنسبروك (Innsbruck) في النمسا أكد أن الكتابة على صخرة (Cinek,y) أعطت جواباً نهائياً على السؤال المثير للجدل منذ القرون الوسطى وبدون أدنى شك تؤكد أن الاسم سوريا Syria هو مجرد نسخة مختصرة من الاسم آشور Assyria.
البروفيسور رولينغر الذي يعتبر أبرز عالم في تاريخ لغات وثقافات الشرق لم يتلق على استنتاجاته تلك من البحاثة الآخرين سوى التعليقات الإيجابية. كذلك الأمر من المجتمع الآشوري الذي طالما تجادل حول هذا الأمر . وقد نحى البروفيسور رولينغر كل الأسئلة الأخرى فيما يتعلق بهذا الأمر جانباً.
ويصرح البروفيسور رولينغر لـ Hujada.com: "باعتقادي سوف يضع هذا حداً لكل النقاشات حول موضوع التسمية. إنني متأكد 100% لأنها كتبت بوضوح تام في النقش. لقد كان من حسن حظنا أن وجدت الكتابة بلغتين: الفينيقية من جهة واللوفيانية-الحثية من الجهة الأخرى. واضح إنه نقش مزدوج اللغة. في النسخة الفينيقية وجدنا كلمة آشور في شكلها الأصلي مع (آ) A في البداية على هذا الشكل (Assur) . أما في النسخة اللوفيانية للنص نجد الكلمة ذاتها ولكن بدون حرف البداية (آ) A أي سور (Sur)
وهكذا فالإسم آشور يحمل حرف البداية (آ) الذي فقد في النسخة اللوفيانية. وبالطبع كلتا التسميتان آشور (Assur) وسور (Sur) تشيران إلى الإسم ذاته وتعنيان آشور (Assyria) . الفارق الوحيد هو استعمال اللفظ المختصر من كلمة آشور (Assyria) في النص اللوفياني."
 
البروفيسور رولينغر أوضح أن اليونانيين في عام 800 قبل الميلاد كانوا على اتصال مع ثقافات مختلفة في الشرق الأوسط. واستخدموا اللفظ سور (Sur) بالصبغة اليونانية حيث تحورت اللفظة إلى سوريا (Suria) . هذه التسمية التي مازالت حتى يومنا هذا تستخدم تحت اسم سوريا (Syria) . نتائج هذا الاكتشاف وتبعاته سوف تعني الكثير بالنسبة للباحثين وللآشوريين على السواء.
البروفيسور رولينغر راهن على تأثير هذا الاكتشاف على الوضع في أيامنا هذه.
ويتابع قوله: "دعنا نقول أن هذه ماهي إلا مساهمة أوضحت من أين جاء هذا الاسم. ومن خلالها وُضِعَت نهاية للجدال الطويل حول العلاقة بين المصطلحين: أسيريا Assyria وسيريا Syria . كيف سيواجه المجتمع الآشوري هذه المعلومة الجديدة ونتائجها الممكنة؟ لا أدري بعد.. ولكن يجب أن ننتظر ونرى ما الذي سيحدث" .
هكذا أبدى البروفيسور ملاحظته. فماذا ستكون تبعات استنتاج البروفيسور رولينغر فيما يخص آشوريي اليوم؟
بقدر ما يمكننا التذكر كان كلا المصطلحان سورويي (Suroye) و سوريويي (Suryoye) واردين ومستعملين في لهجتنا الغربية. أما في لهجتنا الشرقية فقد استعمل سورايا (Suraya) و سوريايا (Suryaya) . وكلا الشكلان من اللفظ الشرقي والغربي يتطابقان مع اللفظ سور (Sur) المكتشف في كتابة (Cinek, y) . والذي يعني آشور (Assyria) كما سبق.
هل يمكن أن تكون الألفاظ Suryaye, Suraye, Suryoye, Suroye تعني جميعها آشور (Assyrian)؟
وهل كان لدى الحركة الآشورية (الآثورية) الاستنتاج الصحيح عندما ربطت بين هذه الأسماء منذ البداية؟
البروفيسور رولينغر نفسه لا شك لديه في هذا الارتباط. ويقول في هذا الصدد: "إنني مقتنع تماماً أن هذه التسميات جميعها تعني آشور (Assyrian) . وعلم اللسانيات يوضح أساس منشأ الكلمة.". ويؤكد البروفيسور أنها لفظ مختصر من كلمة آشور (Assyria) ثم يضيف: "….بالطبع في هذه المنطقة من كيليكيا وشمال سورية وبالضبط المرحلة التاريخية التي نتحدث عنها (حوالى 800 ق.م.) كان هناك آشوريون وكثير من الآراميين واللوفيانيين (الحثيين) واليونانيين. وبالطبع فقد استخدم الآراميون هذا التعبير للتدليل على آشور (Assyria) ."
ويتابع البروفيسور رولينغر: "…. على العموم يجب أن نفرق بين أمرين: الأول هو المستوى اللغوي لمنشأ التسمية. والثاني هو الهوية التي يعبر عنها بالتراث الثقافي والعرق والجنس وأشياء أخرى ذات علاقة. وهذه الأشياء الأخرى هي من الصعوبة والتعقيد بمكان لكي تتم دراستها وبحثها. ولكن ما يخص التسمية فهي الآن واضحة كلياً". بحسب هذا الباحث الفذ.
ولكن الدكتور أسعد صوما أسعد, أستاذ السريانيات في جامعة ستوكهولم ليس متأكداً من صحة ذلك. والسريانيات هي تسمية عامة لدراسات الكنائس السريانية ولغتها وثقافتها. ومنذ مدة طويلة والدكتور أسعد يدافع عن الهوية السريانية-الآرامية لشعبنا رافضاً الآشورية كهوية لنا. ورغم موقفه الرافض هذا وبعد أن قرأ نص البروفيسور رولينغر, بدا الدكتور أسعد حاضراً الآن لقبول فكرة أن صلة ما تربط بين التسميات سورويي (Suroye) وسوريويي (Suryoye)وأسورويي (Asuroye) . ويقول تعليقاً على هذا الاكتشاف: "قد يكون من الصحيح 100% أن سورويو (Suryoyo) و سوريويو (Suroyo) قد اشتقت من كلمة أسورويو (Asuroyo) آشوري. ولكن قد يتم في لحظة ما في المستقبل اكتشاف أو ظهور إثباتات أخرى". ويتابع روايته بالشرح أن هذه النظرية استخدمت لمدة طويلة ومن أشخاص عديدين كدعاية لأصل كلمة سورويي وسوريويي مع نقص الأدلة التاريخية. قائلاً:
"جميع الكتاب السريان عبر الزمن وباتفاق الجميع ذكروا أن كلمة سوريويي Suryoye جاءت من اسم شخص هو سورس Sures أو سيرس Syres . ونحن في الواقع لم نعثر على تاريخ سورس/سيرس هذا. لذا فهذا كلام غير علمي وبإمكان الفرد اعتبارها حكاية أو أسطورة. وهناك الكثير من الحكايات والأساطير التي ابتدعها الإنسان لتفسير بعض الأمور"
ويرى الدكتور أسعد أن الإنسان يجب أن يفرق في الوقت ذاته بين تسمية شعب وبين الهوية العرقية لذلك الشعب. وباعتقاد الدكتور أسعد أن جميع الكنائس السريانية الأم Syriac ومنذ القرن الثالث بعد الميلاد ارتبطت مع الآرامية. هذا ما يمكن ملاحظته في كتاباتهم. ومثال على ذلك القديس مار أفرام المشهور. إذ كتب في القرن الثالث وصفاً للمفكر برديصان على أنه فيلسوف الآراميين. وفي الوقت ذاته يرى أن هذا المنهج لا يظهر فقط في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ولكن في الكلدانية والنسطورية أيضاً.
 
هذه الظاهرة درسها الكاتب الآشوري يوحانون قاشيشو الذي كتب عن عراقة إيمان الكنائس الأم التي تأثرت بالوصف السلبي للآشوريين في التوراة. فالعهد القديم كتب من قبل اليهود الذين كانوا يرون الآشوريين كأعداء ومن خلال هذه النظرة تحدثوا وكتبوا عنهم بصورة سلبية. وهذا هو السبب في أن الكنائس الأم المتأثرة بقوة بالتوراة اختارت رفض اسمها القديم الآشوري Assyrian وارتبطت بالاسم الآرامي الذي كان له وقع إيجابي في الكتاب المقدس.
ورغم أن الدكتور أسعد يقر بأن كلمة سورويي (Suroye) تعني آشوريين (Assyrian) لكنه يظل متحفظاً في التعميم بحيث لا يحبذ الذهاب أبعد من الجانب اللغوي إذ إن التسمية قد تحمل دلالات مختلفة في المراحل التاريخية المختلفة. ويقول بهذا الشأن:
"… إنه ليس من الصحيح في يومنا هذا أن كلمة سورويي (Suroye) أو سوريويي (Suryoye) يمكن ترجمتها إلى كلمة آشوري (Assyrian) لمجرد أنه منذ مدة طويلة كانت كلمة سورويي (Suroye) قد جاءت من كلمة أسورويي (Asuroye) . نحن يجب أن ننظر إلى المعاني التي حملتها الكلمات في العهود التاريخية المختلفة. لا يمكننا اليوم استعمال ذات الكلمة بذات المعنى الذي كانت تدل عليه قبل 2600 سنة".
الإلحاح بالسؤال يجعلنا نظن أن الدكتور أسعد يعتقد بأننا ننتمي إلى العرق الآشوري رغم أنه يظل يشدد على أن يبقى ذلك في نطاق ضيق. وفي هذا المنحى يقول: "الآشوريون-الكلدان-السريان في العراق وبخاصة أولئك الذين في شمال العراق لهم جذور آشورية. الآشوريون القدماء لم يعودوا موجودين لأنهم أبيدوا, ومن نجا منهم اندمج مع الآراميين. اليوم لا يوجد آشوريون بعد, لا في اللغة ولا الثقافة ولا التراث ولا الجنس. لقد سموا أنفسهم آراميين. ومع الزمن نسيوا جذورهم الآشورية".
هذا ما يقوله الدكتور أسعد الذي يعرف نفسه بلغته الأم سوريويو Suryoyo أي آشوري Assyrian.
باحث آخر لا يتفق مع الدكتور أسعد هو زاك شيري Zack Cherry الذي يسمي نفسه آشوري والذي يعد للدكتوراة في حقل الآشوريات في جامعة أوبسالا في السويد
علم الآشوريات هو اسم مشترك للدراسات التراثية والثقافات القديمة في الشرق الأدنى. وبعكس الدكتور أسعد فإن الباحث زاك شيري يتفق مع استنتاج البروفيسور رولينغر فيما يتعلق بالارتباط بين الكلمات سوريا (Suria) وآشور (Assyria) و كذلك سوريويي (Suryoye) وسورويي(Suroye) والتي تحمل ذات المعنى الذي هو آشوريين (Assyrian) . وهنا يقول الباحث شيري:
"ما أريد التأكيد عليه هو أن أجدادنا الآشوريين لم يأتوا من خارج إطار شعبهم ولغتهم بفرضية سورايي (Suraye)أو سورويي (Suroye). وكمثال على ذلك لغة اللوفيانيين. حيث أن من خلالها سموا أنفسهم مرة سورايي(Suraye) وأخرى سورويي (Suroye) عوضاً عن آشورايي (Ashuraye) . وسبب التبدل في اللفظ أن تحول آشورايي إلى اللفظ سورايي أو سورويي يمكن إثباته في اللغة الآرامية حيث أن الملك الآشوري ولأسباب استراتيجية وبشكل طوعي تقبل اللغة الآرامية وجعلها في مستوى اللغة الإمبراطورية الآشورية منذ عام 900 قبل الميلاد إلى جانب لغتهم الأقدم التي كانوا يسمونها الآشورية أو الأكادية Ashuritu, Akadittu , والتي استطاعت أن تحتويهما".
زاك شيري هو حالياً طالب دكتوراه ضيف لمدة عام في معهد الاستشراق في جامعة ليبزغ Leipzig في ألمانيا. قال إنه في أثناء دراسته وجد الكثير من الوثائق والإثباتات التي قارنها ببعضها والتي تؤيد الهوية الآشورية. هذه الإثباتات سيعمل على طباعتها ونشرها في المستقبل القريب. ويرى شيري أنه حتى الآن لا يوجد بحث جدي يتنكر للهوية الآشورية. وفي المقابل يوجد كثير من الأبحاث التي تؤكد هذه الجذور.
وهكذا يلتقي الباحث شيري مع البروفيسور رولينغر ويتفقان على الترجمة الصحيحة للتسمية سورويي, سوريوييو أو سورايا, سوريايا والتي تعني جميعها آشوري (Assyrian) . فقط الدكتور أسعد متفق مع المعنى اللغوي الأصلي ولديه عدد من الأفكار فيما يخص الشرح الموسع للعلاقة بين مفاهيم مثل سورويي(Suroye) وآسورويي (Asuroye).
ومن حيث المبدأ فإن ما يثير العجب أن الدكتور أسعد بالرغم من سلوكه وتحفظه السابق بهذا الشأن فإن الإثبات الجديد مرحب به ومقبول حول هوية شعبنا. ولكي نصل إلى اتفاق حول هذا الموضوع الواسع والشائك سيكون الدكتور أسعد مثالاً يحتذى في قبول الإثباتات الجديدة عوضاً عن رفض كل ما لا يتفق مع الأفكار المسبقة عن الآشورية(Assyrian) أو السريانية (Syriac).
 
معلمنا القومي نعوم فائق لم تكن لديه أية مشكلة في الاعتراف بأصوله الآرامية أو الآشورية. لهذا يتساءل المرء: لماذا هي بالنسبة لنا في الوقت الحالي مشكلة إذا أردنا احتضان بكل فخر واعتزاز الاسم الآرامي كما الآشوري ؟ في الوقت الذي كلا الاسمين يرمزان إلى أعظم وأقدم حضارة عرفتها البشرية



43

  و يوخنا البرواريEissaraو ܬܚܘܢܝܐ,
أشكركم جزيل الشكر على تعليقاتكم البناءه والتي تنبع من باب الحرص والتخوف على مستقبل شعبنا في سوريا وان يحصل له ما حصل ويحصل في العراق وهذا حقنا المشروع جميعا. والمعذرة على الرد الجماعي تفاديا للتكرار.
مع الأسف الشديد السياسة العالمية والدول الكبرى المؤثرة في وضع العراق وسوريا لعبت دوريا سلبيا من قضية شعبنا والكثير من مجازر الإبادة وما يتعرض له شعبنا من تهجير قسري كان بسبب السياسة الأمريكية تحديدا, وعدم الأكتراث لما يحدث لشعبنا.وقد تركت الإرهاب يستفحل في خدمة مشاريع الغير ولم تمارس أي ضغوط على الحكومات العراقية من أجل حماية شعبنا  من الإرهاب ,لم تبالي السلطات أي أهمية بقضايا شعبنا.والأمور لا تختلف عنها كثيرا في سوريا والأوضاع السياسية حول سوريا هي أكثر تعقيدا, وفي لحظة من اللحظات أعتقدنا أن الأمور ستكون أفضل حالا بوجود الحليف الروسي, ولكن وبكل آسف شديد نحن غير موجودين على أجندات السياسة الروسية إلا بما يخدم مصالحها ولكن ليس مصلحة شعبنا. وهي تدعم فصيل كردي لإقامة مشروع عنصري قومي كردي في الجزيرة السورية على حساب وجودنا.وبعد أن قدمنا وجهة نظرنا إلى الحكومة الروسية ونظرتنا حول مستقبل سوريا, تلقينا دعوة من وزارة الخارجية الروسية وعقدنا لقاء مع ميخائيل بغدانوف مبعوث بوتين للشرق الآوسط  في وزارة  الخارجية في موسكووتباحثنا معهم مختلف قضايا المنطقة وتحديدا أوضاع شعبنا في العراق وسوريا وقدمنا لهم رؤيتنا حول مستقبل شعبنا وأكدنا على أهمية وقوف روسيا الاتحادية بجانب قضية شعبنا كمكون أصيل على أرضه التاريخية وضرورة تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بخصوص الشعوب الأصيلة والأعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من الأمور, وقد عبروا عن رغبتهم بدعمنا ولكن أقول بأسف من الناحية العملية لم نجد شيئا ملموسا.
أخي يوخنا شكرا على الملاحظة" لقد سقط سهوا ذكر القائد" أن جنرال الأمة القائد العظيم آغا بطرس سيبقى خالدا في وجدان كل المخلصين لقضية أمتهم أن التاريخ يحفظ ذكرى قائدنا بحروف من ذهب.كان القائد وسيبقى رمزامن رموز الأمة البارزين .أني أثمن كثرا مداخلاتكم وآرائكم مفيدة لنا جميعا.


44
أخي وليد بيداويد !
شكرا على مداخلاتك القيمة ورؤيتك حول وحدة شعبنا, والموقف الرزين الذي أساس اي حوار له مقومات  الوعي الثقافي والحضاري ,حتى لو أختلفنا في طروحاتنا.لكل إنسان الحق إبداء رؤيه المقتنع به بدون أن نهين كرامات الآخرين الذين يختلفون معنا بآرائهم.ولكن قد تكون ردات فعلنا أحيانا قاسية أو خفيفة, وفي هذه الحالة يفهم التواضع ضعفا من قبل البعض الذين يملكون رؤية وموقف عدائي تجاه من يختلف معهم. وفي كل الأحوال سيبقى الجدال قائما بين البشر بأساليب مختلفة.
أخي وليد ما ذكرته حول زيرتك إلى سوريا واحاديثك ومشاهداتك هي صحيحة, ولكنها لا تمس القضايا الجوهرية الأساسية في بنية النظام السياسي القائم على الاستبداد , وعدم قبول اي نقد بناء يهدف إلى تصحيح الأوضاع الأقتصادية والسياسية والإجتماعية. أن سوريا كانت منذ عقود طويلة ليس بحسب أبناء سوريا بل المؤسسات الدولية "كانت دولة الفساد والمحسوبيات دولة مخابراتية قمعية, دولة نظامه السياسي فاسد بكل المقاييس.وهنا لن أدخل في كل المشاكل التي عانى منها السوريون خلال حكم حزب البعث العربي الاشتراكي,بل سأذكر بإختصار بعض ما تعرض لها أبناء شعبنا بكل تسمياتهم بدون إستثناء.كانت الجزيرة السورية هي المركز الرئيسي لأبناء شعبنا, وقد تم إعادة إعمار مدنها وقراها وبناء مدن جديدة مثل مدينة بيث زالين (القامشلي) وغيرها في الثلث الأول من القرن الماضي بواسطة الناجين منمجازر الإبادة الجماعية في السلطنة العثمانية وتحولت هذه البلدات إلى مراكز حضارية ثقافية مزدهرة ومدارس تدرس باللغة السريانية وآندية ثقافية ورياضية مشهورة وكانت الألااضي الزراعية والأنتاج الزراعي من حصة أبناء شعبنا.بعد إستيلاء البعث العربي الآسلامي الفاشي على السلطة تم مصادرة ممتلكات أبناء شعبنا وبذلك ضربت البنية الاقتصادية, وبدأت سياسات التمييز العنصري القومي العربي والديني ضد أبناء شعبنا.
خلال أربعين عاما من استبداد سلطة عائلة الأسد هاجر الجزيرة السورية ما يقارب ثلاثماءة ألف إنسان  من مختلف مذاهب شعبنا, إليس هذا دليل على دحض وفضح طبيعة هذا النظام الفاسد. والذي يستغل مفهوم الأقليات في خدمة أهدافه السياسية.بالرغم من عدم وجود أي ذكر لأبناء شعبنا في دستور سوريا ولا أعتراف به لا قوميا ولا ثقافيا ولا لغويا ولا سياسا.
ولكن شعبنا أثبت على مدار تاريخه الطويل بأنه شعب مكافح يستطيع بناء نفسه أقتصاديا ضمن الحدود المسموح به من قبل السلطات الحاكمة.
ولذا أقول أن حاجة الإنسان أو أبناء شعبنا لم تكن الملبس والمسكن والمأكل بل كان أكثر من ذلك " الحرية" كان يعني من سياسة التمييز العنصري القومي والديني .كانت ممارسات الأجهزة القمعية المخابراتية وأعتدائها على كرامات الناس وفرض الأتاوات والسلبطة على رقاب الناس . جعل كثير من أبناء شعبنا أن يتركوا أموالهم ومشاريعهم الصناعية والزراعية والتجارية ووظائفهم لأنه كان بالنسبة لهم موضوع الكرامة الإنسانية والحرية وحقوق الإنسان أهم من المال.
المؤسسات السياسية والثقافية لأبناء شعبنا منذ عقود طويلة هي في معارضة لهذا النظام , ولكن بالطرق السلمية السياسية والثقافية.وأن مواقف أحزابنا منذ بدأ الأحداث في سوريا ومن خلال العديد من البيانات الرسمية الصادرة منها تأكد على موقفها المبدأي الدفاع عن حقوقنا القومية بالطرق السياسية السلمية, من فرض العسكرة والعنف على الساحة السورية هي سلطة الاستبداد السلطة القائمة على العنف والدمار الرافضة لأي إصلاحات في البلد.
ما يحدث في سوريا هو نتيجة سياسات البعث والسلطة الديكتاتورية التي حكمت البلد بمختلف وسائل القمع.وما وجود هذا الكم الكبير من التطرف الديني الأسسلامي والتنظيمات الإرهابية البربرية هي بسبب هذه السياسات وهي بالأصل صنيعة هذا النظام المخابراتي.
وان الكثير من العمليات الإرهابية التي تعرض لها أبناء شعبنا في العراق قتل رجال الين وتدمير الكنائس والأديرة كانت بسبب قطعان الإرهابيين المدربين في سوريا من قبل المخابرات السورية.
النظام السوري مارس الإرهاب وصنع الكثير من المنظمالت الإرهابية منها " فتح الأسلام" " جند الشام" " الجبهة الإسلامية في العراق" إضافة إلى مجموعات وأفراد أستخدمتها في عمليات إرهابية في لبنان وقضية ميشال سماحة في لبنان معروفة للجميع.أننا نحارب الإرهاب والإرهابيين وكل أنواع الاستبداد ونعمل مع القوى الوطنية التي تؤمن بالعيش المشترك وبحقوقنا القومية في ظل نظام ديمقراطي تعددي علماني. المخاطر التي تهدد كيان سوريا كثيرة لأن القضية السورية  قضية صراع عالمي متفق عليه بين القوى الكبرى.
منذ خمسة عقود نعاني من الإرهاب المنظم للسلطات الحاكمة في العراق وسوريا ومنذ 2003 نعاني من المنظمات الإرهابية والعديد من القوى السلطوية


45
 
الى عادل
أن قذفك لي بإتهامات وكلمات مسيئة باطلة تدين نفسك بنفسك , وتأكد على المستوى الخلقي والحالة الفكرية الرديئة التي انت فيه. لست طبيبا نفسيا لكي أعالجك من أمراضك النفسية, ولكن الرب هو الشفافي.لذا أقول و بكل صدق ومن أعماق قلبي بأني أصلي إلى الرب أن يشفيك من كافة الأرواح الشريرة التي سيطرة عليك,هذه أولا.
وكما قلت سابقا لك الحق أن تعبر عن موقفك بشرط أن تلتزم بآداب الحوار. وإذا لم تعلم ماهي آداب الحوار سأذكرها لك في بعض الكلمات المختصرة.المحبة ولأن الله محبة,التسامح رسالة الغفران و السلام, والله منح الإنسان العقل لكي يستنير به لا أن تنطق بالكلمات الشريرة.وأنا كأنسان مسيحي أنتمي إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وكسرياني آشوري وكعضو فعال في جسد الأمة الآشورية,لقد تلقيت معارفي والتربية الدينية والقومية والتعاليم السريانية الآشورية في أسرتي وهي بأختصار شديد هي تعاليم الكتاب المقدس تربويا وخلقيا, ومن الناحية القومية نحن السريان الاشوريين الكلدان الكاثوليك البرتستانت أبناء بلاد آشور بلاد مابين النهرين والشام شعب واحد الذي فرقنا هي المذاهب الكنسية لا غير.ولذا كان العيش المشترك والزواج والعادات تجري في اطار هذه الوحدة الروحية والقومية, هذه القيم التي تربيت عليها,بالطبع سوف لن أتطرق الى كل الأمور الحياتية الآخرى.
يا سيد عادل لك الحق أن تختارأي تسمية قومية  تريدها وأنا لا مشكلة لي مع تسميات شعبنا أكن لها الأحترام والتقدير.ولكن دعني أن أقول لك وبكل آسف شديد أنك لا تمثل قيم السريانية ولا القيم الدينية التربوية والتعليمية والأخلاقية المسيحية من خلال طروحاتك التي تدل وبكل وضوح عن فكر عروبي أسلامي إرهابي لا صلة للدين المسيحي ولا السريانية بهذه الطروحات الإرهابية.
ولك بعض الأتهامات التي تأكد بأنك عبد مذل وليس إنسان حر, ولذا تقول بأني خائن.
هل أنا خائن لأني أطالب منذ عقود الأعتراف باللغة السريانية كللغة وطنية في سوريا والعراق , وأن تدرس رسميا في كافة المراحل الدراسية لكافة أبنائها.
هل أنا خائن لأني أطالب الأعتراف الدستوري بحقوق الشعب السرياني الآشوري في سوريا, وتحقيق المساواة بين كافة مكونات المجتمع السوري,
هل أنا خائن لأني أطالب بألغاء الدساتير القومية الشوفينية العنصرية العروبية الأسلامية.
هل أنا خائن لأني أطالب بالحقوق المتساوية أسوة ببقية مكونات المجتمع العراقي والسوري لكافة أبناء شعبنا.
هل انا خائن لأني أطالب بإقامة إقليم آشورعلى جزء من أرض آشور في العراق في اطار وطن موحد.
هل أنا خائن لأني أطالب بالحكم الذاتي للشعب السرياني الآشوري في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا.
هل أنا خائن لألغاء التمييز الديني والقومي والأمتيازات الممنوحة للعرب والكرد.
هل أنا خائن لأني أكافح من أجل حرية شعبي.
هل أنا خائن من أجل تحرير شعبنا من أضطهاد واستبداد وطغيان الحكومات العربية الأسلامية.
بكل بساطة العبد ليس له موقف , وأنما العبد يردد مقولات أسياده, أو سيده الطاغية السفاح , لأن مطالب الشعوب من أجل الحرية والكرامة تتعارض مع مصالح الطغاة.
أنك تتهمني بأني خائن أعمل على تفكيك بلدي سوريا ,هل تستطيع أن تأتي بدليل واحد أوكلمة يثبت كلامك. وألا الأفضل أن تبتعد عن مثل هذه الأتهامات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة.
وهذا هو ردي عليك بأختصار شديد, وأتمنى بأن تتحلى بأصول آداب الحوار وأن تبذل جهدا على تهذيب نفسك أخلاقيا ودينيا وقوميا, أفضل لسلامت نفسك وأن تأتي متأخرة أفضل مما أن لا تأتي أبدا.

46
تيه بعض المثقفين والسياسيين الآشوريين

الدكتور جميل حنا
عند إلقاء نظرة على تاريخ الشعوب وفي مراحل تاريخية مختلفة نجد بأن المثقفون المفكرون لعبوا دورا بارزا في تكوين الوعي الجماعي لدى شعوبهم. وأنتشرت أفكارالبعض منهم إلى المجتمعات العالمية المختلفة.ولم يكن الوضع مختلفا لدى أبناء الأمة الآشورية, ومنذ منتصف القرن التاسع عشر كان الوعي الثقافي القومي ينبثق  بين آوساط الشعب من خلال مجلة "زهريري دبهرا" أشعة النور.وقد ظهر الدور الفعال وبشكل جلي للمثقفين الآشوريين في بداية القرن الماضي وتجلى ذلك من خلال تأثير وأفكار القادة الآوائل الذين نشروا الوعي الثقافي الحديث بين أبناء الأمة أمثال رائد الفكر القومي المعلم نعوم فائق وآشور يوسف وفريدون آتورايا وبرصوم برلي ومار شمعون بنيامين وغيرهم.وكان النشاط الثقافي والفكري لهؤلاء القادة المثقفون تأكيدا على استمرارية السيرفي النهج الثقافي لآسلافهم.ولكن بصورة جديدة تواكب روح العصر,وتضع مسألة الوعي الثقافي القومي في جوهر نشاطاتها الفكرية إلى جانب الثقافة العامة,والبحث في القضايا المصيرية لأبناء الأمة.وقد تركت مجازرالإبادة العرقية  الجماعية التي أرتكبتها السلطات العثمانية بالتعاون مع الغالبية الساحقة من العشائرالكردية ضد أبناء هذا الشعب في أعوام 1914- 1918أثرا مأسويا فظيعا بأستشهاد الكثير من القادة المفكرين أو هجرة الآخرين تحت ضغوط التهديد والقتل والملاحقة و ترك الوطن.ولكن آخرون استمروا في الكفاح وتقديم التضحيات الجسيمة وأصروا على السير في طريق القادة الآوائل من أجل الحفاظ على كيان الأمة وبقائها في العطاء. ولكل زمن له رجاله ونساءه يظهرون من بين صفوف الشعب لا يبالون بالمخاطر يتحملون أعباء الأخلاص لقضية أمتهم وكما حصل قبل وأثناء مذابح الإبادة العرقية التي أرتكبت ضد الآشوريين في عام1933 في سيميل من قبل الحكومة العراقية بالتعاون مع بعض العشائر العربية والكردية,إضافة إلى خيانة بريطانية للآشوريين وتحالفها ضدهم وتواطئها مع مرتكبي المجازر.وفي احداث تلك المجزرة المأساوية ظهر قادة مثقفون يتمتعون بحس قومي صادق يدافعوا بكل الوسائل المتاحة لهم بالدفاع عن حقوقهم القومية على أرض آشور,أمثال مار إيشاي شمعون ,ملك ياقو اسماعيل و يوسف ملك, ملك لوكو شليمون وغيرهم.لقد أنبرى هؤلاء القادة والمثقفون من أبناء الأمة ومئات الآلاف من الشهداء ضد الظلم والقهر والاستبداد والطغيان,ضد كل أنواع الحكام والسلاطين والمجموعات العشائرية الإجرامية التي أرتكبت أفظع المجازربحقهم. وقدمت كل هذه التضحيات من أجل نيل الحرية وتحقيق الحقوق القومية المشروعة على أرض الأباء والأجداد.وبعد أخماد ثورة الشعب الآشوري واغتيالها من قبل الأنكليزوحلفائها في الحكومة العراقية مع بعض العشائرالكردية والعربية, خيم الصمت على أبناء الأمة ولكنهم حافظوا على الجمرة وقادة جمرة الأرث الحضاري الثقافي, جمرة التضحية والفداء من أجل الحق والحقوق جمرة الحرية بالرغم من كل الفظائع والعدد الهائل من الشهداء.فكانت ولادة المنظمة الأثورية الديمقراطية في عام 1957من قبل بعض المثقفين ردا طبيعيا على المظالم والاضطهاد الذي يتعرض له الشعب السرياني الآشوري في سوريا وفي تركيا والعراق وإيران.وأتت الخطوة تأكيدا على التمسك بالأرث القومي والثقافي وبقيم الأمة الآشورية وبأفكار وتضحيات القادة الآوائل والسير بها حتى تحقيق الحرية.وكان هذا صوت الضمير الحي الصارخ في وجه كل الحكام والسلاطين والعشائر الهمجية الذين أرتكبوا مجازرالإبادة ضد هذا الشعب في أعوام الحرب الكونية الأولى وفي مجزرة سيميلي1933.وبعد إنطلاقة التنظيم الأول بين صفوف شعبنا تأسست العديد من التنظيمات القومية في الفترات اللاحقة بين الشعب الآشوري في العراق والمهجر, وكان أخر التنظيمات السياسية التي تأسست في المهجرفي عهد الأنظمة الديكتاتورية هو حزب تحرير آشور في عام1995,وبعد سقوط ديكتاتورية نظام صدام حسين في عام 2003 تأسست العديد من التنظيمات بين صفوف أبناء الأمة الآشورية لها برامجها وتسمياتها الخاصة,وأيضا في سوريا خلال بضع السنوات الماضية.
أين يقف المثقف والسياسي الآشوري بكل تسمياتهم من قضيته القومية؟
على مدى عقود من الزمن كان  الضوء يسلط على عقدة الخوف من الدخول في معترك الحياة السياسية في المجتمع الآشوري بسبب بطش الأنظمة الديكتاتورية ضد المناضلين من أجل الحقوق القومية لأبناء الأمة الآشورية.كان فئة من أبناء هذه الأمة من المثقفين وغيرهم من مختلف طوائفها الكنسية السريان الأرثوذكس السريان الكاثوليك الكلدان أبناء كنيسة المشرق الآشورية بروتستانت في سوريا والعراق ينتمون إلى حزب البعث العربي الأشتراكي.وكما هو معروف هذا الحزب لا يعترف بكيان أي قومية أخرى على أرض الوطن سوى القومية العربية, بل يتنكر لوجود أي شعب أو ثقافة أو لغة غير لغة العرب.أدبيات المؤسسين لهذا الحزب ميشيل عفلق يقول" جوهر العروبة هو الأسلام" "لولا الأسلام لما أنتشرت العروبة" "ومن شعاراتهم المقدسة "أمة عربية واحدة, ذات رسالة خالدة, أي الرسالة المحمدية" " والنشيد الوطني السوري في ظل البعث العلماني!؟ " يؤكد على ذلك حين يقول" عرين العروبة في بيت الحرم" الحرم المكي "هذه بعض الأمثلة فقط من جملة نظرية حزب البعث العربي الأشتراكي, قومي عنصري أسلامي والمنطلقات النظرية لهذا الحزب هو إزدراء وإحتقار لكل المكونات الإثنية غير العربية, وتنكر تام لوجودها وحقوقها القومية دستوريا.
وكان قسم أخر من أبناء هذه الأمة ينتسبوا إلى الأحزاب الشيوعية بل كانوا المؤسسين لهذه الأحزاب في غالبية الدول العربية. وهذه التنظيمات الأممية كانت تهدف إلى تحقيق حقوق كافة الشعوب والقوميات والأقليات على أسس متساوية بدون تمييز.وكان هؤلاء يناضلون من أجل مجتمع متعدد الثقافات والآديان منسجمة مع بعضها البعض في اطاروطن موحد,لكل منهم ذات الحقوق المتساوية, على الأقل هكذا كانوا يتأملون. ولكن هذه الأحزب حرفت عن جوهرها وخطفت من دورها الأممي والإنساني وخاصة في العراق وسوريا ليصبح حزبا مدافعا عن الكرد في ظل قيادة ديكتاتورية خالد بكداش الذي كان جالسا في موسكو سعيدا يستمتع بملذات وعطاءات الكرملين, بينما فرج الله الحلو المسيحي رفيق دربه سكرتير الحزب الشيوعي السوري اللبناني الذي كان صامدا على أرض الوطن يتابع نضاله الوطني والأممي في ظل ظروف قاهرة.وقد تم القبض عليه من قبل المخابرات الناصرية العروبية الاسلامية في سوريا ومصر. وقد آذابته هذه الأجهزة البربرية  في برميل الأسيد في أيام الوحدة بين سوريا ولبنان من قبل المجرم جمال عبد الناصر,وهكذا تخلص منه بكداش في إطار وشاية عن مكان تواجده.والحال لم يكن أفضل بالنسبة للحزب الشيوعي العراقي حيث أستولى عزيز محمد على الحزب الشيوعي وأستخدم هذا الحزب على الساحة الأممية العالمية من أجل الكرد دون سواهم,بل صمت على جرائم جلال الطلباني بقتل الشيوعيين في بشتآشان, وربما كان متأمرا أيضا, لأن المهم له في النهاية هي قضيته الكردية وليست قضية الشعب العراقي بكافة مكوناته ولا المسأ لة الأممية إلا بمقدار ما تخدم أهدافه القومية الكردية وليست الأممية, بل أختزل تاريخ وحضارة الشعب الآشوري العريق وبقية المكونات بالطبع بإستثناء الكرد والعرب بكلمة واحدة بكلمة واحده ألا وهي "الأخرى" الى جانب ذكر فقط العرب والكرد.الشيوعية والأممية وقيم اليسارالقيم الإنسانية بريئة من التصرفات التي أرتكباها بحق الأممية والشيوعية وبالقيم الإنسانية وحتى الوطنية لأنهما تحالفوا مع القوى القومية الديكتاتورية العنصرية الحاكمة في إطار الجبهات الوطنية المزيفة,ولاحقا مع أعتى القوى الظلامية الدينية مع ولاية الفقيه. والسياسات الفردية وعبادة الفرد قادت إلى تدمير هذين الحزبين الذين قدما قوافل الشهداء من أجل حرية الشعب و الوطن واستقلاله,من اجل وطن حر وشعب سعيد. واليوم لم يبقى من هذه الأحزاب سوى مجموعات متشرذمة مذلة لا قيمة ولا وزن لها في الساحة الوطنية وبين الجماهير خاضعة للعديد من القوى سواء على الساحة الوطنية أو الأقليمية .ولكن نقول ألف تحية لمن بقى وفيا صامدا في طريق الأممية والقيم الإنسانية الحقيقية الصادقة,وليس حسب الإدعاءات المزيفة المخادعة.
ومما سبق نقول أن المثقفين من أبناء الأمة الآشورية أنقسموا على التيارات السياسية التالية:
التيار القومي الذي يتكون من مجموعة الأحزاب الآشورية والمؤسسات التابعة لها,التي كافحت وتكافح من أجل الحقوق القومية في إطار الوطن الواحد الديمقراطي العلماني التعددي,وتحقيق المساواة بين الجميع والأعتراف بالهوية القومية لهذا الشعب دستوريا,وكافة الحقوق السياسية والثقافية والإجتماعية والاقتصادية والمشاركة الفعلية في إدارة الدولة.كما عملت هذه الأحزاب على إلغاء سياسات التعصب القومي والديني والكف عن ممارسة سياسة التعريب والتكريد والتتريك, والتنكر للوجود القومي لهذا الشعب, والكف عن محاربته بمختلف الوسائل القمعية المخابراتية والملاحقة والزج بهم في السجون, وممارسة كافة الضغوط القهرية لإرغامهم على الهجرة القسرية وكما حدث خلال خمسة عقود من الزمن..
التيار القومي العربي ,حزب البعث العربي الآشتراكي ,الوحدة العربية ,الأمة العربية, الرسالة الخالدة.مارس سياسة التعريب على أبناء كافة المكونات غير العربية.فرض أفكار ومناهج تعليمية عنصرية, وحقائق تاريخية مزيفة, ووسائل اعلام تخدم هذا الفكر العنصري وتروج للسلطة الحكمة المستبده.
التيار الأممي,الأحزاب الشيوعية وخاصة في العراق وسوريا الذين قدموا تضحيات جسيمة وقوافل الشهداء من أجل وطن حر وشعب سعيد ومن أجل وطن ديمقراطي يحقق العدالة والمساواة بين الجميع بدون تمييز.ولكن أصيب الكثير من صفوف هذا التيار بخيبة أمل كبيرة جراء السياسات المنحرفة والعنصرية والديكتاتورية التي مارستها قيادتا هذين الحزبين.
وأحدى الأشكاليات الكبرى لدى بعض المثقفين والسياسيين الذين يمثلون التيار القومي الآشوري هو إزدواجية المعايير في مختلف القضايا السياسية والقومية المصيرية, حيث تختلط رؤية المثقف بالرؤية السياسية ,والعكس حينما يكون الموقف السياسي يتطلب من السياسي رؤية سياسية نجد هذا الموقف يختلط مع أصحاب الرؤية الثقافية في مختلف القضايا الحياتية.أي حينما لا تكون رؤية السياسي قائمة على مبادىءعلم السياسة والمعرفة الحقيقية بواقع الحياة والوضع السائد في البلد والمنطقة والعالم,وأنعدام القدرة على التحليل السياسي المنطقي لإدارة الصراع السياسي السلمي وأن أقتضت الضرورة حتى الصراع العسكري من إجل الدفاع عن الحقوق المسلوبة, وتحقيق الحرية القومية الحقيقية.غياب الأستراتيجية السياسية والتكتيك السياسي أى فن المناورة من اجل تحقيق الهدف.واحيانا ضعف الإيمان بحق الشعب الآشوري بممارسة حقه السياسي, وغياب الهدف الأساسي بأن يكون له كيان على أرضه التاريخية على أرض آشور في بلاد ما بين النهرين, ويتنكر لهذا الحق المشروع التي تقر به كل المواثيق والمعاهدات الدولية. حينما يصرح هذا السياسي أو ذاك بأن إقامة إقليم آشور أو منطقة آمنة أوأي تسمية أخرى أمر مرفوض وليس له اساس دستوري أو أي موضوعية على الأرض ويعتبر هذه المطالب خارج مصلحة الشعب,وحينما يقول أخرون أن الدستور العراقي دستور عنصري قومي عربي كردي أسلامي يقف نفس الشخص ويدافع عن هذا الدستور.ومنذ الأطاحة بالنظام الديكتاتوري لصدام حسين في عام 2003 وحتى يومنا هذا وبالرغم من كل مجازر الإبادة العرقية لأبناء الأمة الآشورية في العراق وكل أنواع الأعتداءات والتهميش والتشريد والقتل والتغيير الديمغرافي والاستيلاء على الممتلكات وتدمير الأرث الحضاري الآشوري وأخلاء مدينة نينوى من سكانها الأصليين ما زال بعض السياسيين لا يبالون أي أهمية إلى قضية شعبهم التي من المفروض أن يكونوا المدافعين والمضحين من أجل القضية ولكنهم لا يرون الأمور إلا من خلال مصلحتهم الشخصية, وتسقط حقوق الأمة أمام المنافع الذاتية, وهم لا يزالون متمسكون بمواقفهم المدمرة.
في هذه الأيام نحن على عتبة الدخول في العام السادس من ثورة الشعب السوري ضد سلطة الاستبداد التي أنطلقت في الخامس عشر من آذار 2011التي بدأت بمظاهرات سلمية تطالب بإجراء إصلاحات على مختلف الأصعدة في الدولة.ولكن سرعان ما أغرقت القوى والأجهزة القمعية المخابراتية والجيش حشود المتظاهرين سلميا في بحر الدماء بأستخدام كافة أنواع الأسلحة ضدهم.وهنا لست بصدد الوقوف على مجريات الأمور خلال خمسة أعوام من عمر الثورة, ولكن الذي اريد الأشارة له هو موقف بعض الساسيين والمثقفين من السريان الآشوريين.من يتابع وسائل التواصل الأجتماعي ويقرأ ويشاهد ما ينشر سيرى العجائب وما كان مستورا أصبح مكشوفا ومن يعتقد أنه يخفي أمورا لكي لا تظهر للأخرين وهذه أصبحت أيضا مكشوفة لمن له بصيرة.
الشعب السرياني الآشوري عانى من اضطهاد قومي على مدى عقود طويلة في ظل النظام الديكتاتوري تحت سلطة البعث منذ عام 1963حتى يومنا هذا. وكانت مؤسسات وأحزاب هذا الشعب تطالب بالطرق السلمية تحقيق الحقوق القومية والاعتراف الدستوري بهويته وبلغته وبكيانه كمكون أصيل. وكان من الطبيعي عند إندلاع الثورة أن يكون موقف هذه القوى بجانب الشعب السوري الذي يطالب بالأصلاحات وتحقيق الحرية والكرامة للشعب السوري وأنهاء السلطة الديكتاتورية.ولم تدخل هذه القوى حتى هذه اللحظة في صراع مسلح لأن مشروع هذه القوى هو مشروع التغيير السياسي السلمي والأنتقال بالسلطة إلى كافة مكونات المجتمع السوري وإقامة البديل الديمقراطي العلماني التعددي في إطار دستور يضمن حقوق الجميع بدون تمييز.وكان موقف هذه القوى منذ البدأ واضحا بأصدار بيانات سياسية حول رؤيتها بهذ الخصوص بأن الصراع العسكري سيكون مدمرا للبلد وكارثيا على الشعب السوري بكافة أطيافه. ولكن كانت هذه القوى واضحة بأن الذي أستخدم أعتى أنواع الاسلحة ضد المتظاهرين السلميين هي سلطة الاستبداد. وتحولت المظاهرات السلمية بسبب العنف المفرط الى صراع مسلح يدفع الجميع ثمنا باهظا .الشعب السرياني الآشوري تكبد خسائر كبيرة وأصابه أكثر مما أصاب الآخرين لو أخذنا بعين الأعتبار تناقص أعداده في مناطق سكنه الأصلي في الجزيرة السورية,بسبب الجرائم الإرهابية التي ترتكبها داعش وكذلك ممارسات قوى سلطة الاستبداد وميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي(ب ي,د) المتحالف مع النظام والذي منحه الأمكانات والدعم للسيطرة على الجزيرة السورية منذ بدايات الأزمة.
ولكن بالرغم من وضوح الرؤية والموقف الصريح السياسي لهذه القوى من سلطة الاستبداد على مدى عقود من الزمن وخلال خمس سنوات من عمر الثورة ألا أن هناك البعض من يتبنى موقف نظام الاستبداد كل من قال للطاغية أرحل فهو إرهابي ,كل من طالب بالحرية والتغيير السياسي ارهابي. كل من يطالب بالحقوق القومية للشعب السرياني الآشوري فهو ارهابي.بالرغم من أنهم يملؤون صفحات التواصل الاجتماعي ضجيجا بآشوربانيباليتهم لأظهار مقدار آشوريتهم لكسب عطف هذا أو ذاك وما لبس رداء الأمة الآشورية سوى خداع يستخدم لتغطية ما هو خلف الستار.أن هؤلاء يسيؤون الى المبادىء والقيم الإنسانية للأمة الآشورية ويشوهون سمعة القادة الآوائل للأمة الذي ضحوا بحياتهم في مواجهة الظلم والطغيان والاستبداد(الظالم, الطاغي, المستبد).يبدو ان البعض الذين كانوا من منتسبي حزب البعث العربي الاشتراكي القومي العنصري الاسلامي, مازال دماء العروبة والبعث الفاشي تجري في عروقهم فلذا لا خيار أمامهم إلا الدفاع عن سيدهم الطاغية السفاح القاتل المجرم بشار,هؤلاء أرتضوى لأنفسهم أن يكونوا عبيدا, وأبناء الأمة الآشورية الشرفاء والمخلصين براء من هؤلاء الذين يشوهون المثل العليا لهذه الأمة حتى لو ارتدا مثل هؤلاء يوميا عشرات المرات رداء الأمة الآشورية.هؤلاء لم يكن لهم موقف تجاه التحالف الروسي الاسرائيلي الصهيوني الامريكي الغربي بدعم ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي لفرض مشروعه العنصري على ارض الجزيرة السورية. يبدو"من شب على الشىء شاب عليه"وتحديدا ما هوموقفهم من الدعم الروسي العسكري والايراني بقتل الشعب السوري.ما هو موقفهم من الميليشيات الشيعية الايرانية اللبنانية الأفغانية الباكستانية... وكما قلت في نظرتهم الشعب السوري إرهابي,لأنه طالب بالحرية والكرامة وإسقاط الديكتاتور.بل أنهم يتهمون تنظيمات الأحزاب والمؤسسات السريانية الآشورية باالارهابيين.من هو الارهابي هل الذي يدافع عن حرية شعبه أم المذل الخنوع العبد الجبان الخاضع للسفاح قاتل الأطفال والنساء ومدمر الوطن من إجل الحفاظ على كرسي السلطة, يقتل , وتباح الأعراض من قبل رجاله,وعلى فكرة البعض هرب من سوريا بسبب هذه الأعمال الشنيعة التي ارتكبت بحق عرضهم وناموسهم, ولكنهم اليوم أكثر المدافعين عن هذا المجرم.(أي أخلاق,أي ضمير, وأي حس إنساني,لدى هكذا بشر).
كل زمن وحدث تاريخي له رجاله ونساءه الذين يستحقون كل الأحترام والتقدير,ولأبناء الأمة ألآشورية الشرف ورأسهم مرفوع لأنهم شركاء مع كافة أطياف المجتمع السوري لبناء مستقبل أفضل لكل أبناءه,أنهم الشجعان الذين لم يستسلموا للذل والعبودية, ولم يهابوا لإرهاب النظام ولا لإرهاب المنظمات الإرهابية (الجبناء لا يصنعون وطن). كان هناك رجال خلدهم التاريخ من أبناء الأمة من بدايات القرن الماضي من مثقفين ومدافعين عن حقوق أمتهم. وكذلك رجال ونساء سوف تخلدهم الأجيال منذ مذابح سيميلي. وثورة الشعب السوري سوف تخلد اسماء رجال ونساء قدموا التضحيات وكذلك الشعب السرياني الآشوري وكل القوى الوطنية الشريفة ستذكر القائد كبرئيل موشي كورية ونضالاته وتضحياته الجسيمة من أجل حرية سوريا وكرامة شعبها, وحرية شعبه السرياني الآشوري( أليس عارا على هؤلاء ان يتهم من يدافع عن أعراضهم وكرامتهم وشرفهم يتهم بالإرهاب وهو في السجن من أجلهم جميعا).وهناك الكثير من النماذج الآخرى المخادعة,تتجنب تسمية الأمور بسمياتها وتتجنب بوسائل مختلفة بأستخدام شعارات ورموز آشورية,لتحريك المشاعر السطحية لدى البعض ,ولا تتطرق بكلمة واحدة الى الطاغية بشار وحلفاءه في الساحة الدولية أو الأقليمة,مثل هؤلاء انصاف المثقفين وأنصاف السياسيين  الانتهازيين ليسوا أفضل بكثير من عبيدي المستبد.
 الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري مستمر حتى اللحظة والبلد يتعرض إلى الدمار بفعل التدخل العسكري الخارجي الأيراني الروسي والمنظمات الإرهابية بكل تنوعها الطائفي الاسلامي وقوى دولية وأقليمية ولكل طرف له أجنداته الخاصة التي لا تخدم  مستقبل سوريا.ألا بشرط أن تتخلى الدول الكبرى بدون أستثناء من فرض مشاريع تقسيمية على سوريا سوف لا يكون فيها للسريان الآشوريين أي حق مساولهم كمكون اصيل على أرضهم التاريخية. بل سيكون التقسيم من نصيب وفي مصلحة الكرد بدعم روسي أسرائيلي وكذلك غربي, ودولة علوية أيضا بدعم روسي أسرئيلي وغربي, وهم لا يريدون أكثر من ذلك. وما تبقى دولة للسنة خاضعة لتركيا والسعودية وقطر والمنظمات الارهابية,حتى ولو بقيت سوريا موحدة شكلا في الواقع العملي ستكون الأمورهكذا.فليفرح عبيد النظام والبعض من مؤيديه من أبناء الأمة الآشورية ومن يدعون بأنهم مثقفون او سياسيون لما سيحصل في سوريا الاسد...!؟
03-03-2016


47
السيد عادل!
من يكتب بدافع المحبة لا يتهم الأخرين زورا وبهتانا بأمور وهو بريء,وتطلق أحكام وتنعت الآخرين بالخيانه بدون أي مبرر,ومن  يكتب بدافع المحبة لا يستخدم الكلمات البذيئة بحق الآخرين.
أولا- أنت بارع بأستخدام الكلمات البذيئة,
ثانيا- النفاق والإتهام بدون أي مبرر ودليل قاطع إلا ما هو موجود في مخيلتك المريضة
ثالثا.أنت تنشر بذار الفتنة ولذلك تلجأ إلى أحتقار مقدسات الآخرين
رابعا- لقد سقطت القناع المزيف عن وجهك
خامسا – الدين المسيحي والتعاليم المسيحية والسريانية بريئة منك, لأن التعاليم والتربية المسيحية هي بعيدة كل البعد عن أفكارك
سادسا- أنت تستخدم الدين والنعرة المذهبية العنصرية والتسمية السريانية كأدواة لغايات سأتي على ذكرها, السريانية والدين لآ علاقة لها بأفكارك .
سابعا – لقد عبرت وبشكل صريح عن فكرك التكفيري العروبي الأسلامي الداعشي, وكما قال مؤسس حزب البعث الفاشي "جوهر العروبة هو الأسلام ,لولا الأسلام لما أنتشرت العروبة" وأنت أبن هذه المدرسة لاغيرها.
ثامنا –الحقد والكراهية والضعف الشخصي وايضا الذين أمثالك , هو وراء كل هذا الهجوم الغير مفهوم لكل إنسان يملك قليا من الحس الإنساني
تاسعا- كلامك مردود عليك وزد "بالكيل الذي تكيلون يكال لكم" و " لا تدينوا لكي لا تدانوا"
عاشرا- ينطبق عليك المثل القائل " ضربني بكى وسبقني أشتكى"أنك تطرح أراء وتسائلات كثيرة وعندما أجيب بالطبع على البعض منها , لا يروق لك لأنه ليس لديك ما ترد وأكرر غير الشتائم والأتهامات.
الحادي عشر- تكرهون لمن له تاريخ كفاح لمن له الجرأة والشجاعه ويصرخ في وجه الأعداء.
يا سيد عادل, أعلم مسبقا أنه لا فائدة من االحقائق التي سأذكرها طالما أنت تتنكروكما قلت سابقا لكتابة منقوشة على الحجر وعمرها 2800 عام , وحتى أشد الآراميين تعصبا لم ينكر هذا الأكتشاف   
أني أرد عليك ولا تقتنع وتردد كالببغاء مقولات عليك أثباتها .
وهنا سأرد على بعض الأمور والأتهامات والأكاذيب التي ذكرتها
 أولا حول كنيسة المشرق الآشورية, أطالبك بالكف عن أحتقار وإزدراء هذه الكنيسة المقدسة الذين أعتنقوا الدين المسيحي منذ بدأ رسالة التبشير على حواري السيد المسيح مار آداي وما ر ماري.
كنيسة المشرق الآشورية لا تعيش أي عزلة كما تدعي باطلا وعلى لسان بابا روما الكاثوليكي حيث  قال عندما ألتقى مثلث الرحمة الراقد في الأخدار السماوية البطرك مار دنخا الرابع " إن ما يجمعنا  هو أكثر بكثير مما يفرقنا"(تيلي لوميار – 2013.10.11
وهذا الكلام يأتي تأكيدا على الحوار الذي كان قد بدأ بين الكنيسة الآشوريّة المشرقيّة والكنيسة الكاثوليكيّة بصورةٍ عامة  وقد أدّى الى التوقيع على اعلان كريستولوجي مشترك في العام 1994 اعترف من خلاله قداسة البابا يوحنا بولس الثاني وقداسة البطريرك دنخا الرابع بأن ايمانهم ايمان واحد وهو الإيمان بيسوع المسيح وبسر التجسد.
رسالة غبطة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو إلى قداسة البطريرك مار دنخا الرابع والدعوة إلى الحوار وكان الرد كما ورد في وسائل الأعلام"  رحّب بطريرك كنيسة المشرق الاشورية مار دنخا الرابع بالدعوة الى الحوار التّي وجهها إليه مؤخرًا بطريرك الكنيسة الكلدانيّة لويس روفائيل الأول ساكو الذّي اقترح ايضًا انشاء لجنة مشتركة تعمل على مواجهة المسائل الطارئة المُشتركة بين الكنيستَين.فكتب رأس الكنيسة الآشوريّة الى غبطة البطريرك ساكو في رسالةٍ حصلت وكالة فيدس على نسخةٍ منها: "يسرنا أنّكم ابديتم عن استعدادكم لتجديد الحوار معنا من أجل تحقيق الوحدة. ونحن نوافق على ذلك وندعمكم في مسعاكم هذا للتقرب من بعضنا البعض بصفتنا أخوة في المسيح وأبناء وبنات بلدٍ واحدٍ فهذه كانت رغبة الكنيسة الآشوريّة وستبقى.ويمكنك التأكد من هذه المعلومات من المصادر الكنسية ومن وسائل الأعلام. فهذا يدحض الأفتراء الذي تدعيه.
أما بالنسبة للحرمات في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ضد تعاليم نسطور كانت تستخدم سابقا , وقد تم الكف عن أستخدامها منذ زمن طويل.وذلك أيضا في أطار الحوار المشترك بين الكنيستين.أما ألقائك الأتهامات الباطلة وكما قلت فهي موجودة فقط في مخيلتك المريضة." فانتم خونة لكنيستكم وامتكم ولبلدكم المبارك سوريا.......وفي السويد وهي أعظم بلد ديمقراطي لو قمت بتشكيا حزب يدعو لآنفصال أقليم وضمه إلى النرويج....لآتهمت بالخيانة العظمى" وهنا لب الموضوع التي تكتب من أجله لا شيء آخر. سأشرح لك.الأشوريون السريان, أو السريان الآشوريون محترمون في كنيستهم السريانية الأرثوذكسية وهم فعالون ونشطاء في كافة المؤسسات  الكنسية منها المجالس الملية ,كانوا وما زالو المحرك الفعال في التعليم اللغوي والثقافي والرياضي والغنائي والمسرحي وكافة النشاطات الأخرى.
ولكن الذي يزعجك وهو الجوهر بالنسبة لك هو موقف الأحزاب الآشورية وكما تذكر في المطاكستا هو موقفها من أنظمة الحكم وخاصة في سوريا.وهذا يدل  على عدم المعرفة بما قامت وتقوم به الأحزاب الآشورية من أجل الحقوق القومية لأبناء الأمة الآشورية
ويفهم من كلامك كل من يعارض الظلم والطغيان والانظمة الاستبدادية فهو خائن لبلده. كم هو موقف محزن ومبكي وساذج شخص لا يميز بين الوطن والأنظمة أو السلطات الحاكمة,فأنت تدعوا إلى الطاعة والأستسلام  والخنوع والمزلة وتقبل الظلم والحرمان من الحقوق القومية والثقافية واللغوية والسياسية ....هذا النظام الديكتاتوري الدموي في سوريا الذي أنبرأت للدفاع عنه سأذكر بعض النقاط فقط لا غير على أرتكابه الجرائم بحق شعبنا من مختلف كنائس شعبنا بدون تمييز:
حزب البعث  الفاشي ومنذ استلامه السلطة في سوريا بأنقلاب دموي في عام 1963أرتكب جرائم بحق الشعب السوري وخاصة ضد شعبنا منها أغلاق المدارس وحرمان أبناء شعبنا من تعلم اللغة السريانية , الاستيلاء على آراضي شعبنا وتوزيعها على عشائر العرب والبالغ عددهم مائة ألف إلى الجزيرة السورية ولبناء الحزام العربي أستقدمهم من محافظة الرقة ودرعا.
لقد هاجر على مدى أربعون عاما من الجزيرة السورية حوالي ثلاثمائة ألف إنسان من مختلف كنائس شعبنا وذلك بسبب الأضطهاد القومي والسياسي والثقافي واللغوي وممارسة الأجهزة القمعية والأعتقالات وممارسة الضغوط بمختلف الوسائل اللأقانونية وأمو آخرى كثيرة .
يا سيد عادل من هو الخائن ؟ هل الذي يتجرأ ويقف في وجه السلطان وأجهزته المخابراتية ويكتب في وسائل الأعلام بكل أشكالها  المطالبة بأن تكون اللغة السريانية لغة وطنية وحق التعليم باللغة السريانية ويطالب بالحقوق القومية منها السياسية والثقافية والأعتراف بالهوية الأصيلة للسريان الآشوريين لشعبنا حسب مطالب الأحزاب الآشورية وتثبيت كل ذلك دستوريا,وهل المطالبة بالعدالة والحرية والكرامة والمساواة مع كافة مكونات المجتمع السوري والحصول على الحقوق كاملة بدون تمييز....أم هو الخائن الذي لا يتجرأ على المطالبة بالحقوق القومية لشعبه ويكون أداة في يد المخابرات والسلطات الحاكمة تستخدمها لمصلحتها للبقاء في السلطة وممارسة النهب والقتل والدمار. من هو الخائن هل هو الذي يجلب الماء ويوزعها على السكان العطشى في قرى الخابور أو الذي وضع يده في يد المخابرات ؟ هل الذي دخل السجون أو الذي وقف مع السجان من هو الخائن للوطن والشعب؟هل المضحي والشجاع أو الجبان الأنتهازي الذي ينتمي إلى حزب البعث الفاشي العروبي الأسلامي.هذا النظام الذي تدافع عنه هو سبب مأساة شعبنا والشعب السوري بكل مكوناته.هل  من تجرأ وخرج إلى الشوارع سلميا يطالب بالحرية والكرامة والحقوق القومية لشعبنا أصبح خائن أو الذي قمع هذا الشعب وتعاون مع أجهزة المخابرات هو الخائن. هل الذي دخل السجن من أجل حرية الشعب أم الخائن الذي لم يدافع عن حرية الشعب.
الأحزاب الآشورية مع وحدة سوريا أرضا وشعبا, وهو يطالب بالحقوق القومية كاملة أسوة ببقية مكونات المجتمع السوري وبدون تمييز ديني أو قومي ومن يطالب بحقوقه كاملة ليس خائن بل الذي لا يتجرأ أن يطالب بالحقوق يبقى عبدا مطيعا لأسياه الآشرار القتلة, لا فرق بين داعشي يذبح وبين آخر يقصف ويدمر.
الفكر التكفيري الداعشي والفكر الإقصائي الذي لا يعترف بالأخر ويتنكرلكيان الآخر وجهان لعملة واحدة هو الإرهاب, وهناك ارهاب الأنظمة والحكام المستبدين وإرهاب المنظمات الإرهابية, لا فرق بين هذا وذاك.
ياسيد عادل أبتعد عن هذا الفكر الإرهاب الفكري الأقصائي لأن هذا لا ينطبق مع المعايير الأخلاقية الإنسانية ويتعارض مع كل المواثيق والنواميس وتعاليم الدين المسيحي ومع المواثيق والمعاهدات الدوالية والأعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أني أصلي من أجلك كما أصلي من أجل كل داعشي أن يرشده الرب يسوع المسيح إلى طريق الحق والحياة إلى طرق النور وأن يخرج من ظلمة الأفكار الشريرة إلى نور المحبة المسيحية الحقيقية وليس الإدعاء المزيف.لأنه " ليس كل من قال يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات"وهنا أنهي  معك التواصل إلا إذا عدت وألتزمت بتعاليم السيد المسيح ولهم تربية مسيحية حقيقية والألتزام بالمعايير الأخلاقية المتعارف عليه بين البشر الذين لهم قيم ومبادىء إنسانية.
.
 

48
السيد عادل
عيد ميلاد مجيد وكل عام وأنت بخير!
أن تعليقك الثاني على بحثي العلمي والرد عليك ببحث علمي آخرلم يزدك إلا ثباتا على كرهك وحقدك وتعصبك وضعفك الثقافي. وليس لديك شيء آخر غير التهجم وكيل الأتهامات وتردد الأموركالببغاء حيث تم الحوار والنقاش حول مثل هذه القضايا مئات المرات. وأن لم تتعلم من تلك كل الجدالات التي حصلت على صفحات المواقع الألكترونية خلال عقد من الزمن, سوف لن ترتقي بأسلوبك العدائي مهما عشت من الزمن أن لم تتحكم إلى التفكير المنطقي,وأن تحاول الخروج من مستنقع الكراهية المنغمس أنت فيه من أخمص قدميك حتى رأسك.
يا سيد عادل  لقد أجبت على سؤالك ببحث علمي معترف به ولم يعترض عليه حتى أشد المتعصبين للأرامية, إلا أنت أهملت الموضوع ولم تعترف به .فأذا كنت ترفض ولا تعترف بكتابة منقوشة على الحجر منذ 2800عام فكيف ستقتنع بكتابات علماء التاريخ الآخرين,أنت لا تبحث عن الحقيقة "وكما قلت أنت أنك تتسلى,ولكن تسليتك مقيته ليس بسبب موقفك بل بسبب الألفاظ البذيئة والأتهامات غير الصحيحة.
مرة آخرى أقولها لك لقد جاوبتك على سؤالك وإن لم تفهم الرد فهذه مشكلتك وليست مشكلتي(( يا أيها المثقف الرصين)) يبدو أنك من النوع الذي يتلذذ بكيل الأتهامات باطلا للآخرين,وكما يبدو أيضا هذا هو أسلوبك في الحياة , هذا ما يظهر ما تعليقاتك.
ياسيد عادل أقرأ البحث مجددا, وأقرأ بحث البرفسوررولينغر"اكتشاف تاريخي جديد يؤكد الارتباط بين التسميتين سرياني وآشوري" ومن منطلق هذا البحث المعترف به عالميا لأقول لك أنك تتمسك بأصلك من حيث لا تدري كلمة سرياني تساوي آشوري وهذا هو الجوهر وهنا يكمن لب استمرارية ابناء الأمة الآشورية, إذا كان هذا لا يقنعك فلا يوجد شيء آخر ومهما قدم من أدلة فلا تنفع وكا قلت أنت لا تبحث عن الحقيقة .
ومن هذا المنطلق كان التمسك باالهوية الآشورية بين مختلف أبناء كنائس شعبنا من السريان الأرثوذكس والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والسريان الكاثوليك والبروتستانت,ولم يكم هذا التمسك بالإنتماء القومي الآشوري مقتصرا على أبناء كنيسة المشرق الآشورية, وكل أدعاء آخر فهو باطل وأبناء هذه المذاهب ملتزمون بكنائسهم , ولم يكن عائقا في التمسك بهويتهم القومية الآشورية.
والدليل على ذلك ياسيد عادل هل تعلم من كان مثلث الرحمة مار أفرام برصوم الأول المطران ومن ثم بطريرك كنيسة السريان الأرثوذكس,, الذي حضر مؤتمر السلام في باريس عام 1919 بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى ومذابح إبادة التطهير العرقي الجماعي التي أرتكبتها السلطات العثمانية التركية بالتعاون مع الغالبية الساحقة من العشائر الكردية في السلطنة العثمانية, كان ذهابه على رأس وفد للدفاع حقوق أبناء الأمة الآشورية وآشور.
هل تعلم  آشور يوسف وبرصوم برلي ونعوم فائق وفريدون آتورايا ونعوم فائق ويوحنا دوالباني وشكري جرموكلي وفريد ألياس نزها ومثلث الرحمة بطريرك كنيسة الكلدان مار روفائيل بيداويد, هل تعلم من أي مذهب كنسي هم ولكن أقول شيء واحد لم يتنكروا لأصلهم وهويتهم القومية.
يا سيد عادل تتهجم على أحزاب شعبنا ورجال الدين بدون أن يكون لك أي حرمة بالأقل للحقيقة,
هذه الأحزاب قدمت تضحيات جسيمة من أجل الحفاظ على الوجود القومي لك ولأبناء هذه الأمة,أقول لك لا تعرف حجم التضحيات والمآسي الكثيرة التي عانت منها هذه الأحزاب , الحرمة لآرواح الشهداء الذين قدموا حياتهم دفاعا عن كرامتك وعرضك وناموسك وأرضك عاني الكثير من كوادر هذه الأحزاب من الملاحقات والسجون والضغوط النفسية ومحاربتهم بلقمة العيش , ولكنهم لم يكونوا عمللاء ومرتبطين اجندات المخابرات العراقية والسورية,أن أحدثك على أحزاب وليس عن فرد هنا وهناك أرتكب أخطاء كبيرة أو صغيرة هنا أو هناك أنا أتحدث عن تاريخ كفاح مرير عاى مدى عقود طويلة من الزمن قدمها المئات بل الآلاف من كوادر أحزاب شعبنا التي حملت راية الدفاع عن الأمة الآشورية .كل المؤسسات والأحزاب التي تشكلت في القرن العشرين ومنذ بيان آورميا ل فريدون آورايا" الحزب الديمقراطي الشتراكي الآشوري, والمنظمة الأثورية الديمقراطية والحركة الديمقراطية الآشوري, والحزب الآشوري الديمقراطي , وحزب تحرير آشورووغيرها من الأحزاب التي تضم في صفوفها وقياداتها من أبناء مختلف كنائس شعبنا,بينما لم يكن هناك أي تنظيم سياسي قبل عام 2003 بين ابناء شعبنا يحمل أي تسمسة آخرى وهذا لها دلاالات عميقة عليك التفكير بها بشكل جدي وموضوعي. عليك أن تخرج من هذه العقدة بأن الأنكليز وراء الأتسمية الآشورية, بينما كان الأنكليز هم وراء كل المآسي التي تعرض لها الشعب الآشوري منذ نهاية الحرب الكونية الأولى وفي مؤتمر لوزان 1923 وفي سميلي 1933 وحتى مواقفها في آيامنا هذه.هل ذهب الأنكليز إلى ألاشوريين الصينيين وقالوا لهم أنتم آشوريين,هل الأنكليز قال ويقولون للأرمن والفرس وللمغول الأتراك المستوطنين في بلاد ما بين النهرين "تسمية آسوري" آشوري.
كان المرحوم والدي والنساء والرجال المسنين من شعبنا يقولون شيئأ عليك التفكير به جيدا(الوهو محاسي كل مشيحويو او صورويو)" الله يرحم كل مسيحي و آشوري "( عيذو بريخو لكل مشيحويو صورويو) عيد مبارك لكل مسيحي او آشوري.هل تعتقد بأن الأنكليز ذهبوا إلى هؤلاء في الجبال العصية في هكاري وجبال آشور وطور كاشيري(طور عابدين)
وهناك أشياء آخرى فقط للتذكير عليك أن لا تخلط بين الأنتماء القومي والديني المذهبي.
فكر قليلا ماذا فعلت الحملات الصليبية بالمسيحيين المشرقيين أي باباوات روما الكاثوليكية , فكر بالأعمال الشنيعة التي فعلها المبشرين الغربيين في بلاد ما بين النهرين, ضد المسيحيين الأصلاء السكان المحليين أبناء تلك الأرض منذ آلاف السنين..
فكر عن الفضائح الجنسية المشينة في الكنيسة الكاثوليكية.
السيد عادل الأحزاب الآشورية والمؤسسات الآشورية موجودة منذ عقود طويلة على الساحة وتكافح من أجل الحقوق القومية المشروعة, وأن الحركات السياسية  التي تشكلت خلال العقد ونيف الأخير هي عملت لضرب الحركة القومية الآشورية وتحريم أبناء هذه الأمة بكل تسمياتهم من حقوقهم في وطنهم آرض آشور في بلاد ما بين النهرين.الأصل لا يضعف الفرع, بل الفرع بأجندات الآخرين يضعف الأصل.وأتمنىبأن يكون فهمك كافيا وتحلل هذه الأمور بنفسك. ولا داعي إلى مزيد من الكلمات البذيئة قاموسي الكلامي ليس ناقصا.
 

49
شلاما رابي أخيقر يوحنا !
تحية طيبة !
عيد ميلاد مجيد كل عام وأنتم بخيرّ
شكرا على المداخلة والمساعدة بتقديم المعلومات والنصائح القيمة. بالنسب للبحث مع الحق وكما ذكر آخرو، من الأخوة أيضا. أني قصدت هذا البحث بالحقيقة بالدرجة الأولى للباحثين المهتمين بهذا الشأن وحاولت أن أقدم خدمة للباحثين بهذا الشأن. مع الأسف أعلم أن القراء الكرام ليس ليهم الوقت الكافي لقراءة المقالات الطويلة , ولكن أحيانا للضورة أحكام.
رابي أخيقر البعض لا يهم مهما قدمت لهم من براهين حسية ملموسة يقدمها علماء مشهورين على مستوى العالم.من يتنكر لكتابة منقوشة عاى حجر وعمرها 2800 عام سوف لن تفيد مع هكذا أشخاص لو أتيت بالمئات من البراهين والوثائق.
مع تحياتي الخالصة لكم بالتوفيق

50
السادة عبود دنخا,ألبرت ماشو,جورج إيشو,قشو ابراهيم نيروا !
تحية طيبة لكم جميعا!
المعذرة على الرد الجماعي توخيا للتكرار, وشكرا على تفهمكم.
عيد ميلاد مجيد وكل عام وأنتم بخير!
شكرا على التعليق الإيجابي والتشجيع على هذا البحث العلمي الذي هو نتاج طبيعي لأبحاث مؤرخين عالميين من مختلف الإجناس من دول العالم,الذين أعتمدوا المنهج العلمي, في تثبيت احداث ومجريات التاريخ بدون تشويه الحقائق.وهذا الجهد الشخصي لا يشكل إلا ذرة ماء في المحيط,وهو أيضا جزأ بسيط من الجهد الجبار الذي يقدمه الباحثين والمهتمين والأخصائيين من أبناء شعبنا بهذه القضية الهامة,وهناك الكثير من أبناء أمتنا العظيمة من هم أكثر كفائة وقدرة والمؤهلين علميا أكثر مني.أنا خادم صغير في هذه الأمة وأستغفر الله على المديح والوصف والأطراء الذي نعتموني به, فأنا لا أستحق كل ذلك, ومن قبل يدي مرة واحدة أقبل يده مائة مرة.ما أقوم به ليس هو لأرضاء أحدا في الكون,هذا هو أنا,هذه هويتي,هذا هو وطنيتي, هذا هو تاريخ وطني آشور,هذا هو تاريخ قومي بكل سلبياته وإيجابياته.على كل فرد من أبناء هذه الأمة عليه واجب قومي ووطني أن يتمسك بأصالة الأنتماء إلى جذوره التاريخية والثقافية بغض النظر عن مواقفه السياسية بما يجري حولنا من مآسي ومجازر إبادة التطهير العرقي الجماعي التي يتعرض لها أبناء الأمة الآشورية سواء في العراق أو سوريا.أقدم لكم الشكر على كافة التعليقات والرد على بعض الأراء والتسائلات التي يطرحها الأخ عادل.
لكم مني أصدق التحيا ت الأخوية  وشكرا

51
شلاما رابي عدنان !
ايدوخ وريشت شيتوخ برختا, كل عام وأنتم بألف خير وسلام!
شكرا على المداخلة القيمة والأهتمام بهذا البحث الذي  هو واحد من ابحاث كثيرة قدمها الكفوؤين من أبناء أمتنا في مختلف بقاع العالم.بالنسبة لألقاء محاضرات عن البحث ربما تكون  هناك خطة في المستقبل للقيام بذلك إذا سمحت الظروف.البحث الأساسي هو ترجمة من كتاب مكون أكثر من ثلاثمائة صحيفة وكما ذكرت وهذا جزء فقط من الكل وسأقوم بنشر أجزاء أخرى في المستقبل.ونشر هذا الفصل أو الجزء يشكل بحثا كاملا مستقلا عن الأجزاء الأخرى ليكون فيه فائدة لمن يريد الإستفادة منه.أقدم لك الشكر على كافة المداخلات والرد على بعض اسئلة وأراء الأخ عادل.
لك مني أصدق التحيات

52
السيد Eddie Beth Benyamin 
تحية طيبةزعيد ميلاد مجيد وكل عام وأنتم بخير.
شكرا على التعليق والرد المنطقي.مع الأحترام والتقدير لكل الأراء التي تطرح ومنها المخالفة على شرط الألتزام بالقواعد الأخلاقية وعدم أستخدام الألفاظ البزيئة.ولكن مع الأسف البعض بدافع الحقد والكراهية يلجأوزن إلى أستخدام كلمات غير لائقة.
شكرا على لطفك
لك  مني أصدق التحيات


53
 
السيد عادل السرياني!
شكرا على التعليق, عيد ميلاد مجيد وكل عام وأنتم بخير!
السيد عادل كل إنسان حر أن يعطي رأيه بكل قضية, ولكن يفضل أن يكون الرأي مبنيا على شيء من المنطق بعيدا عن روح التعصب والكراهية والأحكام المسبقة , وأسلوب التحدي السخيف لا يليق بالإنسان المثقف الواعي. ما قدمته هو بحث تاريخي وهو يعكس أبحاث علماء التاريخ من مختلف الأجناس ودول العالم ,أنت غير مقتنع بهم أنت حر.قدم أبحاثك العلمية التاريخية العالمية للبشر لكي يطلعوا عليها وربما يكون فيها فائدة للجميع.وأما أطلاق أتهامات وتعابير وما غيرها من سرد كلام لا قيمة له وهذا الحقد والكراهية للآشوريين,لا يعبر إلا عن حالة مرضية وحسد وضعف وليس كما أنت تتصور من حمل راية الكفاح من أجل آشور والأمة الآشورية على مدى التاريخ الطويل هم المؤمنون بإنتمائهم وهويتهم القومية الآشورية الذين لم يتخلوا أو يستسلموا للطغاة والقتلة والمجرمين والحكام السفاحين,بل حملوا راية النضال من أجل آشور والحقوق القومية الآشورية,وليس من أجل أي شيء آخر.
أما بالنسبة لإضافة  السرياني إلى أسمك فهذا يسرني جدا, وهذا يبدو أنك متمسك بأصلك من حيث لا تدري, لأن السرياني هو من الآشوري. ولك هذا البحث التالي للبرفسور رولينغر.
اكتشاف تاريخي جديد يؤكد الارتباط بين التسميتين  سرياني وآشوري
  نشرت من قبل Zenda News في 19 شباط 2007
  بقلم: أفرام بار يعقوب
  ترجمها عن الهولندية: سعيد لحدو - هولندا
كتابة على صخرة عمرها 2800 سنة ألقت الضوء من جديد على المصطلح الحالي آشوري (Assyrian) والعلاقة بينه وبين المصطلحات الأخرى سورويو (Suroyo) وسوريويو (Suryoyo) و أسورويو (Asuroyo) . حيث يرى البروفيسور روبرت رولينغر أن الغز قد حُـلَّ أخيراً. فالمصطلحات سورويي (Suroye) أو سوريويي (Suryoye) لا تعني سوى الآشوريين (Assyrian). وذلك في حديث له لـ: Hujada.com .
لكن الدكتور أسعد صوما أسعد لديه اعتراض على ذلك.
الصخرة المكتشفة مع الكتابة الهامة وجدت مؤخراً في جنوب شرق تركيا وبالتحديد في (Cinek, y,) بالقرب من مدينة أضنة.
يقول الأثريون أن هذه الكتابة تعود إلى العام 800 قبل الميلاد. مما يعني أن عمرها 2800 سنة. وما يلفت النظر بهذه الكتابة أنها وجدت بلغتين: الفينيقية , واللوفيان-الحثية.
اللغة الفينيقية التي لم يعد أحد يتحدث بها اليوم كانت في ذلك العهد لغة الفينيقيين الذين كانوا يتعاطون التجارة على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. أما اللوفيانية-الحثية فهي لغة أخرى ميتة كان يتحدث بها سكان الأناضول, إذ حلت محلها اللغة الآرامية حوالي سنة 500 قبل الميلاد. وقد تمت ترجمة الكتابة بنجاح من قبل الأثريين وفيها يظهر أن الملك المحلي أوريكي (Urikki) من منطقة (Cinek,y) يتحدث عن علاقته مع الإمبراطورية الآشورية. في الكتابة الفينيقية وردت التسمية آشور بالصيغة (Assur) بينما في النص اللوفياني, والذي هو ذات النص الفينيقي, وردت التسمية ذاتها باللفظ سور (Sur) .
هاتان اللفظتان اللتان كان يقصد بهما آشور (Assyria) جذبتا انتباه الباحثين وأوجدتا نهاية للجدال الذي يجري حول التسميتين: آشور (Assyria) وسوريا (Syria).
مجلة (دراسات الشرق الأدنى) (Journal of near Eastern Studies) الصادرة في تشرين الأول 2006وفي موضوعها الرابع المنتشي بروح الاحتفال كتبت مهللة أن البروفيسور روبرت رولينغر من جامعة ليوبولد – فرانزيس (Leopold- Franzes) في إنسبروك (Innsbruck) في النمسا أكد أن الكتابة على صخرة (Cinek,y) أعطت جواباً نهائياً على السؤال المثير للجدل منذ القرون الوسطى وبدون أدنى شك تؤكد أن الاسم سوريا Syria هو مجرد نسخة مختصرة من الاسم آشور Assyria.
البروفيسور رولينغر الذي يعتبر أبرز عالم في تاريخ لغات وثقافات الشرق لم يتلق على استنتاجاته تلك من البحاثة الآخرين سوى التعليقات الإيجابية. كذلك الأمر من المجتمع الآشوري الذي طالما تجادل حول هذا الأمر . وقد نحى البروفيسور رولينغر كل الأسئلة الأخرى فيما يتعلق بهذا الأمر جانباً.
ويصرح البروفيسور رولينغر لـ Hujada.com: "باعتقادي سوف يضع هذا حداً لكل النقاشات حول موضوع التسمية. إنني متأكد 100% لأنها كتبت بوضوح تام في النقش. لقد كان من حسن حظنا أن وجدت الكتابة بلغتين: الفينيقية من جهة واللوفيانية-الحثية من الجهة الأخرى. واضح إنه نقش مزدوج اللغة. في النسخة الفينيقية وجدنا كلمة آشور في شكلها الأصلي مع (آ) A في البداية على هذا الشكل (Assur) . أما في النسخة اللوفيانية للنص نجد الكلمة ذاتها ولكن بدون حرف البداية (آ) A أي سور (Sur)
وهكذا فالإسم آشور يحمل حرف البداية (آ) الذي فقد في النسخة اللوفيانية. وبالطبع كلتا التسميتان آشور (Assur) وسور (Sur) تشيران إلى الإسم ذاته وتعنيان آشور (Assyria) . الفارق الوحيد هو استعمال اللفظ المختصر من كلمة آشور (Assyria) في النص اللوفياني."

البروفيسور رولينغر أوضح أن اليونانيين في عام 800 قبل الميلاد كانوا على اتصال مع ثقافات مختلفة في الشرق الأوسط. واستخدموا اللفظ سور (Sur) بالصبغة اليونانية حيث تحورت اللفظة إلى سوريا (Suria) . هذه التسمية التي مازالت حتى يومنا هذا تستخدم تحت اسم سوريا (Syria) . نتائج هذا الاكتشاف وتبعاته سوف تعني الكثير بالنسبة للباحثين وللآشوريين على السواء.
البروفيسور رولينغر راهن على تأثير هذا الاكتشاف على الوضع في أيامنا هذه.
ويتابع قوله: "دعنا نقول أن هذه ماهي إلا مساهمة أوضحت من أين جاء هذا الاسم. ومن خلالها وُضِعَت نهاية للجدال الطويل حول العلاقة بين المصطلحين: أسيريا Assyria وسيريا Syria . كيف سيواجه المجتمع الآشوري هذه المعلومة الجديدة ونتائجها الممكنة؟ لا أدري بعد.. ولكن يجب أن ننتظر ونرى ما الذي سيحدث" .
هكذا أبدى البروفيسور ملاحظته. فماذا ستكون تبعات استنتاج البروفيسور رولينغر فيما يخص آشوريي اليوم؟
بقدر ما يمكننا التذكر كان كلا المصطلحان سورويي (Suroye) و سوريويي (Suryoye) واردين ومستعملين في لهجتنا الغربية. أما في لهجتنا الشرقية فقد استعمل سورايا (Suraya) و سوريايا (Suryaya) . وكلا الشكلان من اللفظ الشرقي والغربي يتطابقان مع اللفظ سور (Sur) المكتشف في كتابة (Cinek, y) . والذي يعني آشور (Assyria) كما سبق.
هل يمكن أن تكون الألفاظ Suryaye, Suraye, Suryoye, Suroye تعني جميعها آشور (Assyrian)؟
وهل كان لدى الحركة الآشورية (الآثورية) الاستنتاج الصحيح عندما ربطت بين هذه الأسماء منذ البداية؟
البروفيسور رولينغر نفسه لا شك لديه في هذا الارتباط. ويقول في هذا الصدد: "إنني مقتنع تماماً أن هذه التسميات جميعها تعني آشور (Assyrian) . وعلم اللسانيات يوضح أساس منشأ الكلمة.". ويؤكد البروفيسور أنها لفظ مختصر من كلمة آشور (Assyria) ثم يضيف: "….بالطبع في هذه المنطقة من كيليكيا وشمال سورية وبالضبط المرحلة التاريخية التي نتحدث عنها (حوالى 800 ق.م.) كان هناك آشوريون وكثير من الآراميين واللوفيانيين (الحثيين) واليونانيين. وبالطبع فقد استخدم الآراميون هذا التعبير للتدليل على آشور (Assyria) ."
ويتابع البروفيسور رولينغر: "…. على العموم يجب أن نفرق بين أمرين: الأول هو المستوى اللغوي لمنشأ التسمية. والثاني هو الهوية التي يعبر عنها بالتراث الثقافي والعرق والجنس وأشياء أخرى ذات علاقة. وهذه الأشياء الأخرى هي من الصعوبة والتعقيد بمكان لكي تتم دراستها وبحثها. ولكن ما يخص التسمية فهي الآن واضحة كلياً". بحسب هذا الباحث الفذ.
ولكن الدكتور أسعد صوما أسعد, أستاذ السريانيات في جامعة ستوكهولم ليس متأكداً من صحة ذلك. والسريانيات هي تسمية عامة لدراسات الكنائس السريانية ولغتها وثقافتها. ومنذ مدة طويلة والدكتور أسعد يدافع عن الهوية السريانية-الآرامية لشعبنا رافضاً الآشورية كهوية لنا. ورغم موقفه الرافض هذا وبعد أن قرأ نص البروفيسور رولينغر, بدا الدكتور أسعد حاضراً الآن لقبول فكرة أن صلة ما تربط بين التسميات سورويي (Suroye) وسوريويي (Suryoye)وأسورويي (Asuroye) . ويقول تعليقاً على هذا الاكتشاف: "قد يكون من الصحيح 100% أن سورويو (Suryoyo) و سوريويو (Suroyo) قد اشتقت من كلمة أسورويو (Asuroyo) آشوري. ولكن قد يتم في لحظة ما في المستقبل اكتشاف أو ظهور إثباتات أخرى". ويتابع روايته بالشرح أن هذه النظرية استخدمت لمدة طويلة ومن أشخاص عديدين كدعاية لأصل كلمة سورويي وسوريويي مع نقص الأدلة التاريخية. قائلاً:
"جميع الكتاب السريان عبر الزمن وباتفاق الجميع ذكروا أن كلمة سوريويي Suryoye جاءت من اسم شخص هو سورس Sures أو سيرس Syres . ونحن في الواقع لم نعثر على تاريخ سورس/سيرس هذا. لذا فهذا كلام غير علمي وبإمكان الفرد اعتبارها حكاية أو أسطورة. وهناك الكثير من الحكايات والأساطير التي ابتدعها الإنسان لتفسير بعض الأمور"
ويرى الدكتور أسعد أن الإنسان يجب أن يفرق في الوقت ذاته بين تسمية شعب وبين الهوية العرقية لذلك الشعب. وباعتقاد الدكتور أسعد أن جميع الكنائس السريانية الأم Syriac ومنذ القرن الثالث بعد الميلاد ارتبطت مع الآرامية. هذا ما يمكن ملاحظته في كتاباتهم. ومثال على ذلك القديس مار أفرام المشهور. إذ كتب في القرن الثالث وصفاً للمفكر برديصان على أنه فيلسوف الآراميين. وفي الوقت ذاته يرى أن هذا المنهج لا يظهر فقط في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية ولكن في الكلدانية والنسطورية أيضاً.

هذه الظاهرة درسها الكاتب الآشوري يوحانون قاشيشو الذي كتب عن عراقة إيمان الكنائس الأم التي تأثرت بالوصف السلبي للآشوريين في التوراة. فالعهد القديم كتب من قبل اليهود الذين كانوا يرون الآشوريين كأعداء ومن خلال هذه النظرة تحدثوا وكتبوا عنهم بصورة سلبية. وهذا هو السبب في أن الكنائس الأم المتأثرة بقوة بالتوراة اختارت رفض اسمها القديم الآشوري Assyrian وارتبطت بالاسم الآرامي الذي كان له وقع إيجابي في الكتاب المقدس.
ورغم أن الدكتور أسعد يقر بأن كلمة سورويي (Suroye) تعني آشوريين (Assyrian) لكنه يظل متحفظاً في التعميم بحيث لا يحبذ الذهاب أبعد من الجانب اللغوي إذ إن التسمية قد تحمل دلالات مختلفة في المراحل التاريخية المختلفة. ويقول بهذا الشأن:
"… إنه ليس من الصحيح في يومنا هذا أن كلمة سورويي (Suroye) أو سوريويي (Suryoye) يمكن ترجمتها إلى كلمة آشوري (Assyrian) لمجرد أنه منذ مدة طويلة كانت كلمة سورويي (Suroye) قد جاءت من كلمة أسورويي (Asuroye) . نحن يجب أن ننظر إلى المعاني التي حملتها الكلمات في العهود التاريخية المختلفة. لا يمكننا اليوم استعمال ذات الكلمة بذات المعنى الذي كانت تدل عليه قبل 2600 سنة".
الإلحاح بالسؤال يجعلنا نظن أن الدكتور أسعد يعتقد بأننا ننتمي إلى العرق الآشوري رغم أنه يظل يشدد على أن يبقى ذلك في نطاق ضيق. وفي هذا المنحى يقول: "الآشوريون-الكلدان-السريان في العراق وبخاصة أولئك الذين في شمال العراق لهم جذور آشورية. الآشوريون القدماء لم يعودوا موجودين لأنهم أبيدوا, ومن نجا منهم اندمج مع الآراميين. اليوم لا يوجد آشوريون بعد, لا في اللغة ولا الثقافة ولا التراث ولا الجنس. لقد سموا أنفسهم آراميين. ومع الزمن نسيوا جذورهم الآشورية".
هذا ما يقوله الدكتور أسعد الذي يعرف نفسه بلغته الأم سوريويو Suryoyo أي آشوري Assyrian.
باحث آخر لا يتفق مع الدكتور أسعد هو زاك شيري Zack Cherry الذي يسمي نفسه آشوري والذي يعد للدكتوراة في حقل الآشوريات في جامعة أوبسالا في السويد
علم الآشوريات هو اسم مشترك للدراسات التراثية والثقافات القديمة في الشرق الأدنى. وبعكس الدكتور أسعد فإن الباحث زاك شيري يتفق مع استنتاج البروفيسور رولينغر فيما يتعلق بالارتباط بين الكلمات سوريا (Suria) وآشور (Assyria) و كذلك سوريويي (Suryoye) وسورويي(Suroye) والتي تحمل ذات المعنى الذي هو آشوريين (Assyrian) . وهنا يقول الباحث شيري:
"ما أريد التأكيد عليه هو أن أجدادنا الآشوريين لم يأتوا من خارج إطار شعبهم ولغتهم بفرضية سورايي (Suraye)أو سورويي (Suroye). وكمثال على ذلك لغة اللوفيانيين. حيث أن من خلالها سموا أنفسهم مرة سورايي(Suraye) وأخرى سورويي (Suroye) عوضاً عن آشورايي (Ashuraye) . وسبب التبدل في اللفظ أن تحول آشورايي إلى اللفظ سورايي أو سورويي يمكن إثباته في اللغة الآرامية حيث أن الملك الآشوري ولأسباب استراتيجية وبشكل طوعي تقبل اللغة الآرامية وجعلها في مستوى اللغة الإمبراطورية الآشورية منذ عام 900 قبل الميلاد إلى جانب لغتهم الأقدم التي كانوا يسمونها الآشورية أو الأكادية Ashuritu, Akadittu , والتي استطاعت أن تحتويهما".
زاك شيري هو حالياً طالب دكتوراه ضيف لمدة عام في معهد الاستشراق في جامعة ليبزغ Leipzig في ألمانيا. قال إنه في أثناء دراسته وجد الكثير من الوثائق والإثباتات التي قارنها ببعضها والتي تؤيد الهوية الآشورية. هذه الإثباتات سيعمل على طباعتها ونشرها في المستقبل القريب. ويرى شيري أنه حتى الآن لا يوجد بحث جدي يتنكر للهوية الآشورية. وفي المقابل يوجد كثير من الأبحاث التي تؤكد هذه الجذور.
وهكذا يلتقي الباحث شيري مع البروفيسور رولينغر ويتفقان على الترجمة الصحيحة للتسمية سورويي, سوريوييو أو سورايا, سوريايا والتي تعني جميعها آشوري (Assyrian) . فقط الدكتور أسعد متفق مع المعنى اللغوي الأصلي ولديه عدد من الأفكار فيما يخص الشرح الموسع للعلاقة بين مفاهيم مثل سورويي(Suroye) وآسورويي (Asuroye).
ومن حيث المبدأ فإن ما يثير العجب أن الدكتور أسعد بالرغم من سلوكه وتحفظه السابق بهذا الشأن فإن الإثبات الجديد مرحب به ومقبول حول هوية شعبنا. ولكي نصل إلى اتفاق حول هذا الموضوع الواسع والشائك سيكون الدكتور أسعد مثالاً يحتذى في قبول الإثباتات الجديدة عوضاً عن رفض كل ما لا يتفق مع الأفكار المسبقة عن الآشورية(Assyrian) أو السريانية (Syriac).

معلمنا القومي نعوم فائق لم تكن لديه أية مشكلة في الاعتراف بأصوله الآرامية أو الآشورية. لهذا يتساءل المرء: لماذا هي بالنسبة لنا في الوقت الحالي مشكلة إذا أردنا احتضان بكل فخر واعتزاز الاسم الآرامي كما الآشوري ؟ في الوقت الذي كلا الاسمين يرمزان إلى أعظم وأقدم حضارة عرفتها البشرية

54
السيد Eddie Beth Benyamin 
تحية طيبةزعيد ميلاد مجيد وكل عام وأنتم بخير.
شكرا على التعليق والرد المنطقي.مع الأحترام والتقدير لكل الأراء التي تطرح ومنها المخالفة على شرط الألتزام بالقواعد الأخلاقية وعدم أستخدام الألفاظ البزيئة.ولكن مع الأسف البعض بدافع الحقد والكراهية يلجأوزن إلى أستخدام كلمات غير لائقة.
شكرا على لطفك
لك  مني أصدق التحيات



55
ولكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك,بل كان القدر رؤوف به, وبالطبع لعب وعيه وسخائه دورا كبيرا في ذلك.لقد ذاع خبر وجود سيد آوربي في الموصل يدفع أجرة جيدة لعمال الحفريات من أبناء المنطقة.وعندما بدأة الحفريات تقترب من نهايتها كان من الطبيعي أن يسود القلق بين عمال الحفريات من فقدان العمل.وفي هذا الأثناء توجه بوتا إلى موقع خورسباد على بعد ثلاثة ساعات مشيا على الأقدام إلى الشمال الشرقي.وهناك ألتقى أحد سكان المنطقة, وكان جلب قطعتين من القرميد في راحة اليد وعليها كتابة مسمارية. وحدثه الرجل بأن لدينا في القرية نبني البيوت من هذا النوع من الآجر,ويمكنني أن أجلب لك كميات كثيرة بقدرما ترغب به.ولم يعلم بوتا في تلك اللحظة إلى أين كان قادما, وبدأ الرجل يسرد عليه المزيد ويوضح في حديثه ليس فقط لدينا من الآجر (الطوب) بل يوجد مجسمات وتماثيل,وأشياء آخرى أيضاغير معروفة مجهولة بالنسبة لهم.وتبين لاحقا بأن هذا اللقاء كان نقطة تحول جوهري ولحظة مصيرية, ليس فقط في حياة بوتا وأنما أيضاعلى صعيد الأكتشافات الآثرية في بلاد ما بين النهرين.وهذا اللقاء بدأ يؤسس لشهرة بوتا وحقق حلم جوليس,بأن يكون لمتحف اللوفر في باريس مقتنيات آثرية بالغة الأهمية,حيث خصص قسم للآثار الآشورية في المتحف العالمي الشهير.
بعد هذا اللقاء أنتقل بوتا مع كافة أعضاء بعثة التنقيب في آذارعام 1843 إلى خورسباد.وبدأت أعمال الحفريات في الموقع بدون أن يكون لديه أي فكرة بأنه في مقر قصرسرغون الثاني الشهير,قلعة( دورشاروكين).ومن هناك بعث بخطاب إلى جوليس الأب الملهم والداعم لبوتا في إجراء التنقيبات.وعندما استلم جوليس موهل الخطاب قام بنشرتقرير بوتا أمام أكاديمية العلوم الفرنسية,وحصل على دعم مالي قدره ثلاثمائة ليرة ذهبية من وزارة الداخلية,ولم يكن هذا المبلغ هو الأخير.كانت أخبارالأكتشافات الآثرية في خورسباد بين أعوام 1843-1846 أدهشت العالم.وفي فرنسا عمت موجة من الأفتخار,وأرتفع الشعورالقومي.وبيًن بوتا بأن ثقافة بلاد ما بين النهرين هي بقدر المساواة مع الثقافة المصرية القديمة المعروفة حتى ذلك الزمن.وفي باريس بدأت التكهنات والتعليقات تظهر بين مختلف الآوساط بأن متحف اللوفر سيكون له كنوزوربما أكثر من متحف بريتش في لندن.أن حفريات خورسباد عوضت بوتا الخيبة التي أصاب بها في حفريات نينوى وفشله هناك, وكان عليه مواجهة تحديات ومقاومة وعوامل كثيرة منها الظروف البيئية غير الصحية,بعوض الملاريا, والتي كنت تهدد حياة العمال وحياته. وقد أعدت هذه من الأمور غي المهمة أو الثانوية, حيث أعترضته أمور أخطر من ذلك وهو حظر إجراء عمليات التنقيب بقرار من والي الموصل محمد, حيث أعتبر بأن الحفريات هي بمثابة خنادق حربية, ومقر الأقامة بمثابة قلعة محصنة, وكل محاولات الأقناع ودفع الأموال لم تنفع لإزالة شكوك الوالي. وقد أستغل بوتا التوقف عن أعمال التنقيب بتجهيز الرسومات.وقد كلف لهذا المهمة أوكين نابليون فلاندينEugene Napoleon Flandin))الذي أرسلته أكاديمية العلوم الفرنسية, الذي كان يتقن بشكل ممتاز مهنته.لا نعلم كم من النقود دفعتها السفارة الفرنسية في القسطنطينية لوزارة الخارجية العثمانية آنذاك للحصول على تراخيص أستكمال أعمال التنقيب لإي خورسباد.ولكن بعد أن عاود عمال التنقيب مجددا الحفريات في الخنادق التي بدأ بها سابقا,أخذت المعاول تكشف عن التماثيل واحد بعد الآخر في قصر شاروكين,ثيران مجنحة برأس إنسان,ومجسمات منقوشة حجرية محفورة على الجدران,والكثير من اللقى المتنوعة. وقد وضعت تلك المكتشفات الآثرية في صناديق, وتم نقلها أولا نحو الأعالي نهر دجلة حتى الموصل,ومن هناك حملت على طوافات نهرية في حزيران عام 1845,إلى ميناء البصرة,ومن هناك تم نقل الحمولة بالسفن وفي عام 1846 في شهر كانون الأول وصلت الحمولة إلى ميناءLe Havre في فرنسا.وكانت هذه الآثارالأولى من هذا النوع تحل على الأرض الآوربية,ومن هناك نقل عبر نهر السن و وفي عام 1847 في شهر شباط وصلت سالمة إلى باريس,والتي عرضت مباشرة في متحف اللوفر.في الأول من آيار 1847 عمت الأحتفالات أبتهاجا وأستيقظ الناس منذ الصباح الباكر ووقف الآلاف من سكان العاصمة باريس ينتظرون أفتتاح متحف اللوفر أبوابه أمام الجمهور المندفع نحو الداخل لمشاهد الآثار والأكتشافات الآثرية القادمة من أعماق التاريخ البشري من بلاد مابين النهرين.
ومع هذا لم تنتهي مهمة بوتا عند هذا الحد ووصول هذه الكنوز الفخمة إلى متحف اللوفر.كان عليه فحص لغة الكتابات المسمارية, وتقييم التاريخ الثقافي لهذه الكنوز.وقد صدرفي عام 1849-1850 خمس مجلدات بعنوان" ذكريات أطلال نينوى المكتشفة بواسطة بوتاMonuments de Niniveh decouverts et decrits par P.E. Botta)). وفي هذه المجلدات الخمس توجد رسومات فلاندين أيضا.وقد دعمت الحكومة الفرنسية بمبلغ 420000 ألف فرنك فرنسي لأصدارهذه المجلدات الخمس,ويضاف إلى هذا المبلغ مستحقات فلاندين مقابل الرسومات التي رسمها.وفي هذا الموضع يقف مهد فرع جديد من العلوم.ومع ذلك علم الآشوريات لم يبلغ بهذه الخطوات مرحلة النضوج الحقيقي لإجتياز الأمتحان.وأنما كل هذا دفع عجلة الإسراع بالكشف عما تطمره التلال وخرائب المدن لمصلحة البشرية جمعاء.
آوستين هنري لايارد(Austen Hanry Layard)
توقفت أعمال التنقيب وخيم صمت القبور على بابل وخرسباد, ولكن ليس على نينوى الذي فشل بوتا في التنقيب هناك ولم يحالفه الحظ, وأنما أحتاجت التنقيبات في نينوى إلى نوع آخر من الرجال والذي يملك الكفاءة,وعملي,شجاع,رحال زار مناطق عديدة في العالم, قادرعلى التواصل مع السكان المحليين,والتكلم معهم بلغتهم ومراعات أمزجتهم.وكان الرجل الذي يملك هذه الصفات كان الأنكليزي الذي برز كأحدى ألمع الشخصيات في علم آثار بلاد ما بين النهرين الذائع الصيت الرحالة والدبلوماسي (هنري أوستين لايارد) (Henry Austen Layard). ولد لايارد في باريس عام (1817- 1894) وتربى من سن مبكرة في البندقية،والسنوات التي أمضاها في سن الشباب في أيطاليا تركت فنون البندقية ولامبورديا تأثيرا كبيرا في نفسه,وحتى عندما أصبح رجلا بالغا كانت قصص ألف ليلة وليلة لا تزال تسحره.وكانت مذكرات ريتش المشهورة عن بابل تجذب أهتمامه بشدة.ولم تبقى لدية الرغبة الاستمرارفي العمل لتأمين مستقبله في مكتب محماة ممل لخاله الذي كان محامياً ناجحاً في لندن.لم يمضي في ذلك العمل سوى أقل من سبع سنوات.وقررلايارد السفر في عام 1839 إلى سيلان للألتحاق بالخدمة الدبلوماسية والعمل في منصب رفيع المقام لدى المحكمة العليا هناك.استعد بترتيب أموره للسفرالقريب برفقة صديق له يدعى إدوارد ميتفورد.ولكنه لم يصل مطلقا إلى سيلان,بما أن صديقه كان يعاني من مرض دوار البحر ولم يتجرأ ركوب الباخرة, ولذلك قرروا الذهاب برا.
وانطلق الاثنان عبر أوربا براً،كانت هذه رحلته الثانية التي يقوم بها بعيداً عن فرنسا وانكلترا،حيث قام بجولة قبل ذلك إلى الدنمارك وفنلندا وروسيا في صيف عام 1838.وكانت تلك الرحلة تركت في نفسه انطباعاً ورغبة للتعرف عن قرب على عالم الشرق المسحور.وقد أعترض سفرهم الكثير من المغامرات الخطرة التي كادت أن تقضي عليهم,ولكنة بلغ بلاد فارس وحيدا في عام1840 بعد أن أنفصل عن صديقه,ووجد نفسه في منطقة لورستان وسط عشيرة "البختياري"التي كانت متمردة على السلطة وهناك دخل في علاقة غرام مع أبنة رئيس العشيرة,وسمحت له الظروف أن يعاين أطلال الآثار القديمة في مدينة سوسا.وهذه الظروف التي مرً بها و في تلك اللحظة تقرر مصير لايارد ومستقبله.لايارد تعلم اللغة العربية والفارسية وقرأ كل ما توفر له من أدبيات حول حضارة بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس.وسافر إلى بغداد بعد أن تعرض إلى مغامرة كبيرة وتم نهبه من قبل قطاع الطرق.بعد كل هذه المغامرات اخطرة التي مرً بها ولم يبقى لديه أي نقود قررالعودة إلى القسطنطينية للقاءالسفيرستراتفورد كانينغ( Stratford Caninng)وقد أسقبله السفي أحسن أستقبال,وخاصة بما قدمه من شرح مفصل وعن أنطباعاته عن الأوضاع في بلاد فارس.وقد أستطاع السفير أستنتاج مقدارالأستفادة من الإمكانات والخبرات الممتازة للشاب لايارد الذي كان بعمر 22عاما . وقد عرض عليه السفير أن ينضم إلى السلك الدبلوماسي البريطاني, وعرض عليه الدعم المالي للقيام بأعمال التنقيب.وبهذه الطريقة لقد وصل لايارد إلى الموصل,وثم إلى بغداد,وأثناء سفره أنعرج نحو نمرود لألقاء نظرة وتفحص أطلالها,والتي أسست لشهرته العالمية فيما بعد.والتقى من جديد بمتفورد فانطلقا سوياً في عام 1840 إلى الموصل حتى بلغاها في شهر نيسان بدون عائق. نزل الرجلان ضيفين على وليم فرنسيس انيسورت الطبيب المهتم بالآثار الذي أصدر (أبحاثا حول بلاد آشور وبلاد بابل وبلاد الكلدان) وعلى السيد كريستيان رسَّام الأشوري من سكان بلاد ما بين النهرين الذي كان يشغل منصب نائب القنصل البريطاني في الموصل.ومن ثم سافر من بغداد متنكراًبملابس أهل المنطقة إلى جنوب غرب بلاد فارس إلى منطقة خوستان بين القبائل الجبلية للقيام بمهام المرسلة من أجله, لآرسال تقرير عن الأوضاع الأجتماعية والجغرافية والسياسة.وبعد عامين من ذلك التاريخ أي في عام 1842 قرر العودة إلى القسطنطينية,ولكنه في هذه الفترة الزمنية كان قد أجرى دراسات عن المنطقة الممتدة بين نينوى وآشور.وقبل عودته من الموصل ناقش مراحل التنقيب مع كل من بوتاBotta )والسيد(Sir RobertKerr Porter) الفنان الممتاز الذي يعرف الكثيرعن بابل والمدن الأخرى في بلاد ما بين النهرين,من خلال منشورات الرحالة,وقد جهز رسومات عنها.وخلال مكوثه عدة أيام قام برفقتهم لألقاء نظرة على أطلال(كوينجيق) و(النبي يونس).
بعدها غادر إلى القسطنطينية والتقى بالسفير البريطاني وهناك ترك انطباعاً حسناً لاطلاعه الواسع.وفي الحال عينه في منصب السكرتير الشخصي له,آوكل بمهمة تحري الحقائق في منطقة البلقان،حيث كانت الاضطرابات تهدد المصالح الأوربية.بعد انقطاع دام ثلاثة سنوات يعود لايارد إلى الموصل مرة أخرى.بعدما نجح بإقناع السفير بمساعدته ماليا لأجل متابعة الحفريات في بلاد ما بين النهرين.حيث كان يطلعه على أخبار الحفريات التي يقوم بها القنصل الفرنسي السيد (بوتا) والإنجازات الكبيرة والكشف عن الآثار النفيسة في (خورسباد), والتي تشكل إساءة لسمعة بريطانيا.وعلى خلفية النجاحات التي حققها بوتا بدأت آلية الأجراءات البروقراطية الحكومية تتحرك بمرونة,وقد أستغرقت هذه الفترة ثلاثة أعوام, وقد حصل على الدعم المادي والتراخيص اللازمة بهذا الشأن.وأخيرا عاد لايارد في شهر أكتوبرعام 1845إلى الموصل.على الفور قام لايارد بعد عودته إلى المنطقة بإجراء الحفريات.وأجرى التنقيب  أثرى الحفريات التي قام بها سابقا بوتا, ولكن بدون أن يحقق أي نتيجة.ولذلك قرر نقل أعمال التنقيب إلى الجنوب على بعد 35 كيلومترأحدى مقار الملوك الآشوريين"كالح"أو "كالحو" أي "نمرود".في شتاءعام 1845 في التاسع من شهر كانون الثاني بدأ بأعمال التنقيب,وما أن بدأت معاول العمال تكشف تماثيل المجسمات في قصر آشوربانيبال,حيث بدأت العوائق تظهر لمنع أعمال التنقيب من قبل باشا الموصل محمد قيريتليغولو,ضاربا عرض الحائط ترخيص الحكومة المركزية في القسطنطينية.وكان من الصعب أن يحدث ذلك الحظر,لوأن لايارد لجأ إلى المثل اللاتيني الذي يقول"pencunia non olet" لا رائحة للنقود".ذلك الباشا القصير والسمين والذي لا يرى إلا بعين واحدة ويسمع بأذن واحد فقط ذوالوجه الجدري,كان يفكر بشىء واحد أن هذه الكنوزمن الذهب التي عثرعليها في هذه الأرض هي ملكه.لايارد لم يعرف الأسلوب المناسب للتعامل مع هكذا أشخاص,وكانت الطرق المستخدمه غير ناجعة,بل لجأ الباشا إلى حيل ماكرة حيث نقل بالسرمن المقبرة القريبة شواهد القبورإلى موقع الحفريات لإثارة المشاعر ضد لايارد أو أعمال التنقيب,وأنه بحجة إهانة المقدسات يمنع الاستمرار في التنقيب,وهذه الأمور معروفة من كتابات لايارد وكذلك فيلهلم سيرام(Wilhelm Ceram ).
ومن حسن حظ لايارد بدأ أعوان الباشا يتضايقون من تصرفات الباشا المشينة,ولذلك تم عزله,وعين اسماعيل باشا بمكانه.ولم يقم الوالي الجديد بمنع الحفريات.إلا أنه لايعني بأن المضايقات قد أنتهت,حيث كان قاضي الموصل أيضا يضمرعداءً أيضا ليارد,لأنه لم يحصل على (البخشيش)رشوة.ولذلك قام بتحريض عمال الحفريات ضد لايارد بأن الكتابات المكتشفة تهين" الذات الألهية".ولكن الفضل يعود إلى هرمز رسام (1826-1910) زميل لايارد في متابعة التنقيب والذي ورث متابعة أعمال التنقيب بعد لايارد سنأتي على ذكره.ولكن ظهرفجأة مشكلة أخرى عندما عثر العمال على أسد مجنح برأس إنسان.وأدعى أحدهم بسبب الرعب الذي أنتابه بأنه يشاهد امام عينه نمرود بذاته النبي العظيم,وفرمن المكان متجها إلى الموصل وذاع الخبر هناك.ولكن الفرمان الجديد الصادر من القسطنطينية حمى لايارد من المضايقات.ومع هذا قد خسر ما يقارب من عاما, وبدأ مجددا فقط في عام 1846ي شهرتشرين الأول الاستمرار في أعمال التنقيب في موقع كالحو القديم, في قصر أربعة ملك آشوريين.
في نهاية حفرياته قبل عيد الميلاد في تشرين الثاني 1846 يكشف عن دروعاً وخوذات من الحديد والنحاس وكذلك آوان من الرخام الشفاف والزجاج وتماثيل الثيران مجنحة ومسلات من الرخام الأسود ويبلغ ارتفاعها ستة أقدام ونصف ولوحات مجسمة ترسم حصار قلعة ما، واستلام الملك للأسرى،عبورالملك مع جيشه نهر ما ...الخ .كما يكشف خلال الأشهرالأولى من عام 1847 في القصر الشمالي الغربي غرفة ملأى بالعاج المنقوش،وغرف فيها رسوم جدارية باللون الأبيض الأسود والأحمر والأزرق.كما أجرى لايارد حفريات في (قلعا شرغات) عثر على تمثال شخص جالس من البازلت الأسود ولقيات اخرى كثيره.كما بدء بإجراء حفريات عميقة في (كوينجيق) لكنه توقف عن العمل وتابع مسيرة الحفريات من بعده السيد هرمز رسّام.
وفي ربيع عام 1847 قبل عودته إلى نينوى توقف عند تل" قلعة شرغات"حيث أكتشف التمثال الجالس المشهور لشلمانو آشاريدو الثالث,ولم يكن يعلم بأن معاوله تمس العاصمة الآشورية- آشور.وبالرغم من موقع المدينة على ضفاف دجلة لم تذكره بالمدينة القديمة.ولكنه أعتقد بأنها "مدينة آور أبراهيم" التي أكتشفت في جنوب العراق.كان لايارد يقصد بشغف أهداف أو مواقع مؤكدة, كما كانت نينوى.ومن ثم عاد مرة أخرى إلى تل"كوينجيق"وكان قد امتلك خبرات هامة في التنقيب والتنظيم.في آواسط شهر آيارعام 1847 وأمام أعين سكان الموصل الفضوليين بدأ بالمرحلة الجديدة من الحفريات.حقا كان هناك أمورمدهشة تستحق رؤيتها.وحالا في الأيام الأولى أكتشف جدران قصر الملك التي حرقت أثناء سقوط نينوى,حيث أكتشف تماثيل ثيران مجنحة برأس إنسان ضخمة بطول خمسة أمتار وأرتفاع أربعة أمتار.وفي آواخر شهر تشرين الثاني،اكتشف قطعاً حجرية عليها سلاسل رائعة من اللوحات الحجرية المجسمة التي تصور مشاهد الحروب الآشورية, ومشاهد الصيد.كل ذلك كان تم تشييده في عهد سنحاريب أبن الملك شاروكين الثاني ملك قصرخورسباد.وبعد أن توقف لايارد لعامين عن أعمال التنقيب عاد متابعة الحفريات مجددا في خريف عام 1849حتى ربيع عام 1851 في"كوينجيق".خلال هذه الفترة أكتشف ألفين مجسم,وأثنان وعشرون بوابة محفورة بالنقوش,وعشرة ثيران مجنحة.وقد اكتشفت هناك مقاطع من منحوتات ومخطوطات،مع آوان سليمة وقرميد منقوش بكتابات في كرامليس تم الكشف عن قاعدة فخارية وتأكد على الطابع الأشوري للأطلال من خلال المخطوطات المكتوبة على القرميد، والتي تضمنت اسم ملك خورسباد.
والأكتشاف الهائل حدث في الأخير,ألا وهو أكتشاف جزأُ مكون من غرفتين من مكتبة آشور بانيبال المشهورة في قصرالملك آشوربانيبال التي أحتوت على بضع آلاف من الألواح الطينية,والقسم الأعظم منه كان مكسراً.أن أكتشاف هذه التحف الأثرية الرائعة حثت هرمز رسام على متابعة التنقيب بعد مغادرة لايارد.والحماس المنقطع النظير توج أعمال التنقيب والكشف عن المكتبة التي هي الآن فخر متحف بريتش.كان لايارد يقوم بشكل منتظم أثناء عمليات التنقيب في تسجيل ملاحظاته وتفسير اللغات من لوحات مجسمة ومخطوطات وتماثيل حجرية كبيرة تصّور الثيران والأسود،وكان يقوم بتفسير المخطوطات الأشورية كما أجرى حفريات في أماكن أخرى.مثل تل (باشيخة) (تل بيلا) موقع بلدة (اشيبانيبا) الأشورية القديمة.أن كافة التنقيبات التي أجراها لايارد في بلاد مابين النهرين كان مساعده الأول في هذه الأكتشافات هرمز رسًام.
إلا أن نقص المال اللازم لتغطية مصاريف الحفريات شكل عبأ كبيرا لليارد.الدعم المالي الأولي كان قد حصل عليه بشكل شخصي قدمه السفير البريطاني في القسطنطينية من ماله الخاص.وبعد محادثات طويلة وصعبة مع متحف بريتش في لندن حصل على دعم مالي لإجراء عمليات التنقيب في نمرود وكوينجيق.لقد حصل لايارد على مبلغ مقداره 6450 جنيه أسترليني,وكان هذا المبلغ أقل بكثير مما حصل عليه بوتا.وحينما جفت منابع الدعم المالي رجع لايارد إلى لندن,ولم يعد مطلقا بعدها إلى بلاد ما بين النهرين
وقد قام السيد (لايارد) برفقة السيد (هرمز رسّام) برحلة لفترة شهرين تقريباً إلى الجبال الأشورية – التيارية(جنوب شرق تركيا حاليا)،ابتداءً من أب 1846 وسجل انطباعاته ومشاهداته عن أحوال الشعب الأشوري وجرائم الإبادة العرقية التي ارتكبها بحقهم السفاح المجرم بدرخان الكردي,ذكرى هذه المجازر في كتابه الصادرعام 1849" بقايا نينوى" 
بعنوان(Niniveh and its Remains )وبعد مائة عام يصبح هذا الكتاب مطلوبا:في عام 1965 صدرباللغة الألمانية وبأعداد أكثر بكثير من ذي قبل وقد تم بيعه خلال أيام معدودة حيث قام  هارتموت شموكل (Hartmut Schmökel).
وبعد عودته أمضى سنوات طويلة في العمل السياسي والدبلوماسي,ولكنه خصص جزءا من الوقت لكتابة كتابه بعنوان(Discoveries in the ruins of Niniveh and Babylon) " أكتشافات بين أطلال نينوى وبابل"الذي صدر في عام 1853).وفي عام 1880غادر السلك الدبلوماسي,وسافر إلى البندقية لمزاولة عشقه الأول مع الفن الأيطالي.وفي عام 1887 أصدركتابه بعنوان(Early Adventures in persia , susania and Babylonia)" المغامرات المبكرة في بلاد فارس,سوسا و بابل" وكان هذا الكتاب صدر قبل وفاته بسبع أعوام ,حيث يتذكربمرارة " أن جلالة الملكة تقديراعلى كل الخدمات المتنوعة وأكتشافاتي كافأتني بتعييني قنصلا في القسطنطينية بدون راتب"وقد ذكرهذا ليعبرعن خيبة الأمل والشعوربالمرارة,ويذكر بأنه منح درجة دكتوراه فخرية من قبل جامعة أوكسفورد,والمواطن الفخري للندن.ولكن المكافأة الحقيقية حصل عليها بعد وفاته بسنوات طويلة وذلك في عام 1963 في المؤتمرالعالمي الثاني عشر لعلماء الآشوريات,حيث قام متحف بريبش في لندن بتنظيم  معرض ضخم على شرف إنجازاته.
هرمز رسّام(Hormuzd Rassa)
السيد هرمز رسّام الأشوري الذي عمل منذ البدء مع لايارد إحدى عمالقة علم الأشوريات.كان له دورعظيم في الحفريات والاكتشافات الرائعة التي أبهجت الإنسانية,وألقت الضوء على أحقاب غابرة سحيقة فلذلك كان له النصيب الأكبر بالكشف عن أمجاد أسلافه المطمورة تحت أنقاض خرائب المدن التي أصبحت تلال منثورة في بلاد ما بين النهرين.
السيد رسّام الذي حصل على تعليمه في كلية أوربيل في اوكسفورد امتلك الإمكانات العلمية اللازمة وأثبتت فورته من خلال العمل بأنه لا يقل كفاءة عن السيد لايارد رئيس البعثة الأثرية بما انه كان من أبناء المنطقة، أهلته خبرته ومعارفه الكبيرة باختيار المواقع الأثرية وكان خير مرشد في ذلك لرئيس البعثة الأثرية.
حين تنحى السيد (لايارد) عن المشاركة في البعثة الثالثة بسبب تردي وضعه الصحي وسوء تحويل العمل، اقترح على أمانة المتحف البريطاني الممول لمشروع الحفريات تعيين السيد هرمزرسّام خلفاً له، ليعمل تحت إشراف البريطاني السيد (راولنسون)الذي مر  ذكره. بدء السيد رسّام العمل مجدداً في عام 1852، وفي هذا العام ظهر على الساحة القنصل الفرنسي المعين جديداً، هو فكتور بلاس أبلغ راولنسون عن رغبته إجراء حفريات في (كوينجيق) لم يعترض عليها هذا الأخير، ولكن السيد رسّام كان يرغب متابعة الحفريات التي قام بها مع السيد لايارد في نفس الموقع لأنه كان يعتقد بأنه هناك الكثير لإنجازه.
لذلك كان موضع خلاف بين رسام وبلاس ولكن بدأت الحفريات بآن واحد وفي نقاط مختلفة من التل.مع تقدم الحفر إلى طبقات أعمق وتوسيع رقعة الحفركان الحظ حليف السيد رسّام الذي اكتشف السلسلة الرائعة من اللوحات المجسمة التي تصور صيد الأسد من قبل أشور بنيبال وكثير من الألواح والبقايا الأثرية التي شكلت قاعدة لإنشاء علم الأشوريات.تابع السيد رسام حفرياته في (قلعا شرغات) وفي خورسباد ونمرود، وكانت النتائج ممتازة حيث استمر بتسجيل النجاحات الباهرة التي بدءها مع السيد لايارد.
وكان القنصل الفرنسي بلاس أيضاً من الذين ساهموا بشكل فعلي في الكشف عن الكثير من الآثار.وخاصة بقايا القصوروالمباني ومخططاتها حيث اكتشف في خورسباد على مئة وستاً وثمانين غرفة جديدة من القصرالآشوري الذي كان سلفه (بوتا) قد اكتشف جزءاً بسيطاً منه.
أنهى السيدان رسام وبلاس أعمال الحفر في سنة 1854 بعد ذلك دخلت عملية الحفريات مرحلة جديدة في بلاد ما بين النهرين حيث بدأ البحث عن مواقع جديدة في الجنوب.
كما نلاحظ ما مر ذكره إن علم الأشوريات قطع شوطاً متقدماً في مجال البحث والوصول إلى إيجاد تفسير صحيح للصيغ الكتابية وفك رموز الكتابة المسمارية.نعلم عندما أصدر راولنسون مذكراته، كان كثيراً من رموز الأحرف المسمارية المكتوبة على الألواح الطينية قد شاهدت النور وأخرجت من تحت الأنقاض بواسطة الأثاريين في آشور وبابل.
آلاف المخططات التي اكتشفت تحت أنقاض مكتبة نينوى الشهيرة ساعدت الأخصائيين على هذه الرموز وإعطاء الحلول الصحيحة وأهم البقايا الذي قدم تسهيلات بالغة للباحثين في علم الأشوريات سجل الكلمات التي عثر عليها في أنقاض المكتبة أنفة الذكر.حيث تبين طريقة قراءة المقاطع,الكلمات كما اكتشفوا بعض الرموز أيضاً وطريقة القراءة الايديوغرافيا.
(- الايديوغرافيا (صورة أو رمز) تستعمل في نظام كتابي ما (الهيروغليفية الصينية) وتمثل شيئاً أو فكرة خاصة بهذا الشيء أو تلك الفكرة).
الطلائعي الحقيقي في علم الأشوريات كلاوديوس جيمس ريتش( Claudius James Rich) المولود لأبوين انكليزيين في فرنسا 1828- 1785).تم تعيين ريتش بعد انتهاءه من الدراسة 1802 كتلميذ ضابط في شركة شرق الهند (East India Company) في عام 1808 تزوج ابنة قاضي بومباي الفيلسوف السكوتلندي (جيمس ماكنتو (James Macantos)تجول في المنطقة سنوات عديدة وزار مدينة بابل مرتين إحداها في عام 1811 والثانية في عام 1817,أي بزمن ما قبل البدء بعمليات التنقيب المنظم.كان يجيد اللغة العربية والتركية نشر كثيراًعن الكتابات المسمارية وملحق خريطة أنقاض مدينة بابل ومخطط الآثار إذ قام بأولى الحفريات العملية وساعدة على ذلك تولية منصب القائم بالأعمال السفارة الأنكليزية في بغداد. نشر في عام 1813 (مذكرات على أطلال بابل (Memoir on the of Babylon  وفي عام 1818 بـ (المذكرات الثانية) (Second Memoir) في صيف عام 1820 قام (ريتش) برحلة استطلاعية عبر جبال أشور.وأثناء تجواله في المنطقة كان يدوّن الملاحظات القيمة عن المواقع الأثرية الأشورية ويضع وصفاً دقيقاً عن حالة التلال ويسجل البراهين التي يشاهدها على آثار العصور القديمة.كما تفحص ريتش بإمعان شديد أطلال مدينة نينوى وكتب وصفاً رائعاً عما شاهده واختلجة مشاعره. وكان يساعد (ريتش) في عمله بحار يوناني قام بمسح المنطقة من أجل وضع خارطة نينوى والتلال المحيطة بها التل الجنوبي يسمى بـ (النبي يونس) أو النبي (يونان) لم يستطع ريتش إجراء دراسة عن هذا التل بل قام بكشف سطحي شامل للتل الأكبرمن بين تلال نينوى (كوينجيق) كما أبدى (ريتش) اهتماماً فائقاً بتل (قلعا شرغات) الذي يعرف بأنه موقع العاصمة القديمة لآشور.تصريحات ومؤلفات ريتش ألهمت الشاعر بايرون أيضاً وكان تأثيره واضحاً في مؤلفه بعنوان (دون جوان) 1821.مات (ريتش) مبكراً في عمر 35 عام بمرض الكوليرا في بلاد فارس,حينما قدم المساعدة اللازمة للمصابين من أهل شيراز.
جورج سميث (George  Smith)
يعد من أحد الطلائعيين في علم الآشوريات وأعمال التنقيب في بلاد ما بين النهرين.وخلال فترة حياته القصيرة(1840-1876) لقد قدم الكثير من اجل تطور علوم هذا الفرع, بل كرس حياته من أجله, ولكن بدون أن يتخلى عن مغريات العمل السياسي والدبلوماسي.بدأ حياته العملية في صناعة النقود,وكان يمضي معظم أوقات فراغه في دراسة قسم آشور في متحف بريتش.الأهتمام الشخصي والتعليم الذاتي جعله أن يصبح وبعمر27 عاما يفسرمعاني الكلمات الآشورية الصعبة.وقد أشرقت الشمس عليه في ذلك اليوم الذي وقعت يده على أحدى اللقى في متحف بريتش في لندن التي أكتشفها لايارد في نينوى وهي عبارة عن قطعة من لوح مكتوب عليه.وكان عليه قصة الطوفان,وتبين بأنها جزء من ملحمة كلكامش.وكان ينقص من نهاية الوح خمسة عشرسطرا ولكنها كانت كافية بأن تهيج مشاعرالإنكليزفي كافة المملكةعندما تم نشرالخبر.وتبين للجميع بأن قصة الطوفان لم يكن الكتاب المقدس الأول الذي يذكرقصة الطوفان.حيث بدأت حمى السباق من أجل علم الآشوريات,إذ قامت دايلي تلغراف الجريدة اليومية الندنية بتبرع 1000 جنيه أسترليني لمتحف بريتش على قيامه بترجمة هذا الجزء الهام المكون من بضع سنتيمترات مربعة.وعلى أثر ذلك تم إرسال جورج سميث في عام 1873إلى"كوينجيق"من قبل متحف بريتش"للبحث عن الجزء الباقي المفقود من الوح أو "ملحمة كلكامش"وبعد خمسة أيام فقط من الحفريات التي أجراها في الموقع أكتشف الهدف,وهي بقية الوح المكسوروعليه الجزءالأخير من قصة الطوفان البابلي.ولذا أطلق عليه تسمية" مكتشف الأبرة في كومة البيدر"وفجأة نتيجة هذا الأكتشاف أصبح من أحد المشاهيرو,وقامت جريدة دايلي تلغراف بحملة كبيرة من الدعاية لتقرارسميث,وقد حصلت على عائدات مالية مربحة أكثر مما كانت منحته سابقا لمتحف بريتش.أن مصاريف إعمال التنقيب في كوينجيق قام بتمويلها متحف بريتش.وفي البعثة الثانية أكتشف أجزاء جديدة أخرى من "ملحمة كلكامش".وأثناء البعثة الثالثة وفاته المنية وذلك في عام 1876 في التاسع من شهر آب وذلك بسبب مرض الديزنتريا الذي أصيب به هناك.وقد تم دفنه خلف أسوار قلعة حلب في سوريا في مقبرة الأرمن في الجزء المخصص للأنكليز.
نأتي في هذا التسلسل على شخصية أخرى كان له دورهام في ولادة علم الأشوريات الانكليزي(William Henry Fox Talbot) وليم هنري فوكس تالبوت(1800-1877 )توصل إلى نتائجه العلمية في مجال البحث في الأشوريات من خلال علم الرياضيات، واشتهر في مجال التصويرأيضاً.وكان صاحب براءة اختراع المسمى باسمه تالبوتيبيا (انعكاس الضوء التصويري).أنجز ترجمة التعويذة المكتوبة على لوحة مثمنة الأضلاع للملك سنحاريب والملك آشور أهيدينا إلى اللغة الإنكليزية.ونال شهرة فائقة بمبادرته التي طرحها وأصرعليها,على أن يجتاز علم الأشوريات الأختبار اللازم للتأكد من صحة الترجمات أوالتفسيرات ألتي قام بها العديد من الباحثين.
كان منطقياً بعد بلوغ هذا المستوى من المعارف وتعدد الآراء والباحثين.التأكد من صحة ومصداقية النتائج ومراقبة الحلول التي تم التوصل إليها بتفسير رموز الكتابة المسمارية حيث كانت قراءة أسماء الأعلام ما تزال تشكل صعوبة كبيرة.حاول البعض زعزعة ثقة الباحثين بأبحاثهم  والنتائج التي توصلوا إليها ووضع العراقيل والشكوك حول النتائج التي توصلوا إليها.وقد أعترف راولينسون بأن الشكوك راودته في مرحلة ما بعد الهجوم الذي تعرض له من البعض,وأراد التوقف عن الأبحاث التي كان يقوم بها.ولكن العامل المشجع والحافزالقوي الذي تمسك به هؤلاء العلماء هوكثرة الكتابات التي أكتشفت وشاهدت النورأثناء حفريات التنقيب,وأخرجت من أعماق الأرض لتكون سندا وبرهانا قويا يتمسك به هؤلاء الباحثون.وأن يقاوموا كل الضغوط  الممارسه عليهم , وأبدوا أستعدادهم والعمل الجدي على أجتياز الأختبار بنجاح.
لم يكن الوصول إلى فك الرموز وتقديم الحل السليم بعملية سهلة مطلقاً، كيف استنتج او توصل الباحث مثلا الى قراءة دقيقة لمقاطع الرموز التي كان يتم قراءتها بسهولة أحياناً.كالمجموعة التالية: آن – آغ – دو – شيش ,يجب تفسيرها علامة كلمة اي رموز كلمات سومرية.أن تفسير الكلمة السومرية يمنح قيمة لمقطع رمز الكلمة,مثلا علامة أورمز (آن )بالسومرية (دينجير) =(الإله) ورمز (أغ) قراءتها (نبو) إذاً العلامتان قراءتها (الإله نبو) و نيغ – دو قراءتها كودوروم (المولود البكر). (شيش) قراءتها (ناصاروم) معناها (يحمي )قراءة الجملة كاملة نبو – كودوروم – ري أوشور معناها (الإله نبو يحمي المولود البكر) كيف توصل الأخصائيين بتقديم الحلول المنطقية بتفسير الكتابات الأثرية المسمارية؟ كيف استنتج الباحث بانه اسم الشخص المذكور في اللوحة هو تلك الشخصية المشهورة المذكورة في التوراة نبوخذنصر يبقى موضع استغراب وأعجاب في نفس الوقت على الأبداع العلمي والمنطقي.
امتحان علم الأشوريات     
مما تقدم نجد بأنه من الأهمية أن تحصل كل الجهود المبذولة وغزارة المعلومات المتراكمة.ونتائج البحث الشاق الذي وصل إلى درجات متقدمة بتفسير كثير من الكتابات التي كانت مجهولة للبشرية.بينما كانت هذه الكلمات والرموز التي تعبر عن الفكر الراقي في بلاد ما بين النهرين مهد الحضارة الإنسانية ومنها انطلقت أسس المدنية العالمية.أن تنال مكانتها اللائقة,أن تمنح وثيقة تشهد على عظمتها ليس على عظمة الحضارة, بل على ما اكتشف وأنار عهود سحيقة في تاريخ التطور الإنساني,لان عظمة حضارة بلاد الرافدين لا تحتاج إلى وثيقة. لان مستوى التطور الإنساني الذي تعيشه البشرية اليوم هو نتاج المستوى الراقي التي كانت عليه حضارة بلاد ما بين النهرين.
بعد المبادرة التي أطلقها (تالبوت) في هذا الخصوص نجده يقوم بالخطوات العملية بتنظيم طريقة الامتحان حيث يقوم بتاريخ 17 آذار عام (1857) (في مقر الجمعية الملكية الآسيوية) في لندن حيث وضع في ثلاثة  مغلفات مختومة, ترجمته لاكتشافه الجديد مخططات (تغلاتي أبال إيشار الأول) واقترح مترجمين آخرين أيضاً هم (أدور هينكس) الايرلندي (1886 – 1792). وراولينسون الذين فكوا رموز الكتابة المسمارية. إضافة إلى هؤلاء دعي (جوليس أوبار) كان على المشاركين في هذا الامتحان أن يرسلوا نتائج عملهم أو أجوبتهم بتفسير الكتابات المسمارية. ضمن مغلف مختوم بتاريخ 25 أيار1857
عقدت اللجنة جلستها برئاسة (رئيس الجمعية الملكية الأسيوية) السيد (هوريكل هايمان ولنسون)
وفتحت المغلفات المختومة وتم مراقبة الحلول المقدمة من السادة المشاركين،وتبين التطابق التام للترجمة مع بعض الاختلاف البسيط جداً بخصوصية التعابيرالمستخدمة في بعض الأجزء.واتخذ قرارمن قبل اللجنة المشرفة باجتيازالامتحان بدرجة جيد جداً.حيث برهن الباحثون المشاركون في هذا النشاط,بان فك رموزالأحرف المسمارية أصبح حقيقة منجزة,لأنها أستطاعت تقديم نتائج باهرة وذات مصداقية عالية من الترجمة الصحيحة. هكذا كان ولادة هذا الفرع الجديد من العلوم "علم الأشوريات" الذي يدّرس في كثير من الجامعات العالمية في كافة بقاع الكون.وله المئات بل آلاف من الأخصائيين والمهتمين في مجال الدراسة والبحث والتدريس والتفسير في علم الأشوريات.
في نهاية القرن التاسع عشر أصبحت أخبارالكتابة المسمارية تشغل بال كثيرمن المهتمين،لأسباب مختلفة منهم من كان يبحث عن كنوز الماضي التليد،والبعض كان يريد تحقيق شهرة في هذا المجال،والبعض عشق البحث والتنقيب وإخراج منجزات إحدى أهم الحضارات العريقة من تحت الأنقاض لتكون ملكاً للبشرية وليطلع الناس على مستوى التطور الذي كانت عليه حضارة بلاد ما بين النهرين.بدأت رقعة البحث والتنقيب تشمل وتمتد إلى مساحات ومناطق جديدة بعد النجاحات الأولية التي تحققت في آشور ونينوى وبابل ومواقع أخرى.ومع نمو كمية الآثار المنقبة ازدادت المصاعب أيضاً أمام الباحثين.
حيث اكتشف بان المنطقة كان يسودها لغات أو لهجات متقاربة وأخرى مختلفة في حقبات زمنية متفاوتة،وأحياناً كانت تستعمل أكثر من لغة أو كتابة في حقبة زمنية معينة.استطاع الأخصائيون معرفة حقيقة اللغة الأشورية والبابلية بأنها لغة واحدة وهي لهجتان للغة الأكادية متقاربتان جداً.ويعود تسمية اللغة إلى مدينة (أغادا) أو (أكاد) التي شيدها الملك شاروكين الأكادي.ولكن هذه الازدواجية سببت متاعب كثيرة لأوائل المهتمين بعلم الأشوريات.منهم أوبيرت وراولينسون الذي سمى السومريون (بابلي سكينا) تسميتهم الأثنية أكاديين.ولكن أوبيرفي عام 1869 اعتبر اللغة السومرية خاصة بالشعب السومري.بقي النقاش سائداً بين الأوساط المختصة إلى أن تم التوصل إلى قناعة مشتركة بعد مضي عشرات السنين من الجدل.بأن اللغة السومرية والأكادية السامية لغتان مختلفتان.احد الأخصائيين البارزين في علم الأشوريات فريدريك ديلتزت (1922- 1985)يذكر في مقدمة كتابة قواعد اللغة الآشورية في عام 1889 يرفض كلياً مقولة أوبيرت (الساميين الأكاديين سيكون لهم الحق إذا نسبوا اختراع لغتهم إلى إلههم نبو وهذه الحقيقة،بأنه لم يذكر في أي مكان أبداً باستثناء الكاشيين شعب سومري – أكادي ثالث. وأخيراً يقدم موقفاً بأنه لم يكن وجود لهكذا شعب بينما نجد ليون هيوذي (Leon Heuzey) (1912- 1884) يصدرمؤلفه الكبير بعنوان (اكتشافات إيرنست دي سارذيك في كلديا) الذي يحتوي فقط على الكلمات السومرية وعلى صور التماثيل والمجسمات الجدارية ويلاحظ حتى الإنسان العادي الفرق الشاسع بينها وبين مثيلاتها السامية في نينوى أوخورسباد كما نجد إصدار مؤلف آخر في ذلك الوقت عن أنواع النصب السامية المعروفة ينشرها رودولف إيرنست برونو بعنوان (مسجل تنظيم... كل الرموز المسمارية....) الذي يعد إحدى المؤلفات الأساسية في علم الأشوريات. ويضم جميع المصطلحات السومرية المعروفة حتى ذلك الحين.
في عام 1907 يصدر كتاب فرانسوا شويارد – دانفين الفرنسي بالترجمة الفرنسية – والألمانية (سجل الكتابات الملكية السومرية والأكادية الذي كان بداية تحول رئيسي بخصوص الكتابة المسمارية السومرية.
وفي عام 1913 يصدر ديلتز سجل الكلمات السومرية. وفي العام التالي يصدر (أسس قواعد اللغة السومرية) هذه اللغة التي كان كثيراً من الأخصائيين يشك بحقيقة وجودها,وبهذ وضع حدا للجدل القائم حول اللغة السومرية,ولكن بقي التسائل قائما حول من هم السومريون.
المراكز العالمية لعلم الآشوريات
إلى جانب أهم الدول التي أهتمت تقليديا بحضارة بلاد ما بين النهرين وبعلم الآشوريات مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا بدأت تظهردول أخرى على الساحة الدولية,ومنها روسيا التي أبدت عناية فائقة بهذا الخصوص حيث قام السيد (ف. س غولينيسجق) و (أ.ب ريفتين) وآخرون مهتمين بعلم الأشوريات.هؤلاء وضعوا أسس المدرسة الروسية بعلم الأشوريات ذو الشأن الهام عالميا قبل الحرب العالمية الأولى،التي تعتمد على مجموعة كنوز الكتابات المسمارية الموثوقة والتحف الموجودة في متحف الأرميتاج في بطرسبورغ ومتاحف أخرى التي أشرف عليها (ي.م جاكنتوف) من الأوائل على الساحة الدولية.
ومن ثم بدأ الأهتمام وبشكل قوي يأتي من وراء المحيطات بحضارة بلاد ما بين النهرين.الكثير من المعاهد والجامعات بدأت بأبحاث مستقلة,وأصبح لكل واحد منه مجموعتة من الأحرف المسمارية.وفي وقتنا الحاضر يعد معهد الأستشراق في شيكاغو أحد أهم المراكزالمهتمة بعلم الآشوريات,حيث تم تحت رعايته أصدار القاموس الآشوري في جامعة شيكاغو الذي يعتبر أحد المصادر الهامة في علم الآشوريات الحديثChicago Assyrian Dictionary) ,), The Assyrian Dictionary of the Oriental Institute of the University of Chicago) 
 وبعد الحرب العالمية الثانية بدأ اليابان أيضا يبدي أهتماما بعلم الأشوريات, وأيضا إيطاليا حيث أجرت البعثة الإيطالية خلال عام 1933 تنقيبات في موقع (كاليزي) إلى الجنوب الشرقي من اربيل.لكن نشاطها توسع في مجال البحث والتنقيب في بلاد ما بين النهرين وسوريا وبشكل ملحوظ بعد الحرب العالمية الثانية.وفيما بعد بولونيا، يوغسلافيا,فنلندا,الدنمارك,سويسرا,استراليا,هولندا.وبعض الدول من مجموعة الدول الآشتراكية سابقا مثل هنغاريا وجيكوسلوفاكيا.
علم الآشوريات الجيكي
كل أكتشاف جديد يعني المزيد من الكتابات والوثائق  الجديدة,وهذا يأتي بمزيد من التسائلات والقضايا  التي تجذب أهتمام ليس فقط الباحثين التقليديين في علم الآشوريات وأنما أهتمام  دول أخرى لم تكن حاضرة عند نشأة  هذا العلم,الكثير من الدول ومنهم دولة جيكوسلوفاكيا سابقا يسعون لتعويض النقص ومواكبة التطور الحاصل في هذا المضمار.ويمكننا القول ان الباحثين الجيك كانوا تقليديا مهتمين ومنذ القدم بتاريخ الشرق القديم ,وذلك بألهام من الكتاب المقدس,حيث يظهرذلك في مؤلف الوقائع الصادرعن" كوسما" في بداية القرن الثاني عشر,وكذلك مؤلف الوقائع الصادرعن "داليميلوفا" في القرن الرابع عشر,ولاحقا في زمن مبكر من إنطباعات وملاحظات الزوار إلى المنطقة.ومن هؤلاء الزوار الأوائل الراهب الجيكي  "فرياولي اولدريج" في القرن الرابع عشر,حيث يأتي في كتابه الصادرعن رحلته باللغة اللاتينية عن برج بابل, وكذلك مارتين  كاباتنيك في كتابه الصادر باللغة الجيكية في بداية القرن الرابع عشر يقدم وصف عن رحلته الطويلة عبر القسطنطينية وآسيا الصغرى وسوريا وفلسطين ومصر,وفي عام 1608يصدركريستوف هاران وصفا عن زيارته بعنوان"رحلة من مملكة الجيك إلى البندقية ومنها إلى الأراضي المقدسة,إلى أرض يهودى ومنها إلى مصر.كما قام جوزف فونتش برحلة إلى منطقة الشرق الآوسط حتى بحيرة " فان" وجلب معه من هناك لوح وعليها كتابة مسمارية تشبه الكتابات المسمارية في بابل, وقد أهدى هذه اللقى إلى متحف نابرستك للفنون الشعبية.وقد أسس يارومير براتسلاف كوشوت علم الأبحاث الشرق القديم في جيكوسلوفاكيا, وكان قد حصل على درجة الدكتوراه بعمر خمسة وعشرون عاما عن ابحاثه في اللسانيات الشرقية في عام 1879 وبعد عام توفي في سن مبكر.وقد تابع مسيرة الأبحاث في اللسانيات الشرقية رودولف دوفارك الذي حصل على درجة الدكتوراه وهو بعمر ثلاثين عاما,وذلك في عام 1890وأنصب جل أهتمامه وبشكل خاص على بلاد ما بين النهرين. واستمرت مسيرة التقدم والأهتمام بعلوم الشرق القديم.وقد أنخرط العديد من الباحثين في هذه البحوث ومع تقدم الزمن أزدادت أعدادهم ومنهم البرفسور بيدريتش هروزني الذي فسر كتابة الأحرف الحثية.وكذلك اللاهوتي البروفسور فاتسلاف هازوكات مدرس علم الآشوريات والساميات ومنذ عام 1911ركز في أعماله على العلاقات الأجتماعية والأقتصادية والقوانين السائدة آنذاك في بلاد ما بين النهرين.
وأخيراً حول علم الأشوريات في موطنها الأصيل العراق وسوريا.هذان البلدان ورثا حضارة بلاد ما بين النهرين بعد حصولهم على استقلالهم الوطني.كما أبديا اهتماماً كبيراً للتحريات الأثارية وبدؤوا تقنيات مدروسة على أسس علمية صحيحة للكشف عن ماضيها التليد.إلى درجة أنهم يعتبرون علم السومريات والأشوريات من علومهم الوطنية ويرون في هؤلاء الأمم أسلافهم.وتقوم هذه الدول بإعداد وتهيئة الكوادرالوطنية المختصة في علم الآثار ولها فروع في جامعاتها بغية تخريج طلبة أخصائيين يعتمدون النهج العلمي في البحث والتنقيب.ويقوم هؤلاءالكوادرالوطنية بعد تخرجها وإنهاء دراساتها من القيام بالمهام المناط إليها وتنفيذها بالشكل العلمي الدقيق.ولعبت دوراً بارزاً في الكشف والحفاظ وحماية الكنوز الأثارية من التلف والضياع.وما زال أمام الكوادرالوطنية الكثير من  المهام والوظائف الشاقة في مجال التنقيب وتفسيرأوترجمة الكتابات المكتشفة ونشرها,وفصل أبحاث علم الآثاروالتنقيب عن مجريات الحياة السياسية السائدة في البلد.أن الأثار القديمة لهذين البلدين تعرضا للنهب والسرقة ودمار الحروب,وعدم صيانتها وحمايتها من عوامل الطبيعة, وتجارالأثار والناقمين على القيم الحضارية الإنسانية.يعد المتحف الوطني في بغداد الذي شيد في عام 1924 من المتاحف المشهورة عالمياً بغناء كنوزه الأثارية.(قبل تعرضه للنهب والسرقة والتخريب الممنهج من قبل الأعداء في الداخل والخارج)
ويضم متحف دمشق وحلب روائع أثارية نفيسة اكتشفت في أوغاريت،ماري،تل حلف، إيبلا وبقية المواقع وتعد هذه الكنوز ثروة وطنية حضارية تراث للإنسانية جمعاء تحفظ لنا قيم أسلافنا المادية والروحية من العهود الغابرة.
علم الآشوريات يرتكز على وقائع تاريخية فعلية وبراهين حسية  ملموسة بكم هائل من المصادر الثقافية,والآثارالعظيمة التي تخلد ذكرى تلك الحضارة العريقة وكنوزمادية وفنية وعمرانية متنوعة, وحقائق علمية مدعومة باللغة المكتشفة على الألواح أثناء عمليات التنقيب في بلاد ما بين النهرين على أرض آشور وبابل وفي الجزيرة السورية وفي شرق وجنوب شرق تركيا.
2015-12-22
المصادر
1-J. Klima , Mezopotamia,1976
2-P.Schnabel ,Berossos und die babyl._ hellenist Literatur , 1923
3-S.A. Pallis , The Antiquity of Iraq ,1956
Historia religions veterum persarum , 1700
4-D.J. Wiseman , The Expansion of Assyrian studies , 1962
5-R. Hasse , Einfuhrumg in das stadium keilschriftl , Rechtsquellen , 1965
6-R.Labat,1973, Comtes rendus _ Academie des Inscriptions et Belles – letters  cuneiform texts from Babylonian Tablets…in the British museum
7-L.Messerschmidt , Die Entzifferung der nKeilschrift,1910
8-R.Borger, Reallexikon  der Assyriologie und Vorderasiatischen Rrchäologie III(1975-1971)
9-W.Meyer ,G. Fr. Grotefends erste Nachrich von seiner Entzifferung der keilscrift
10-H.Schmökel, Wiederkehr einer verlornen Handscrift,Frankf.All.Zt.1974.XII.30
11-J. Oppert , Journal Asiatique ,18 ,1851
12-J.Menant , Manuel de la langue assyrienne,1890, S.A.Palles
13-C.Bezold, Zeitschrift fur Assyriologie,1905-6, 169
14-A Royal Asiatic Society 1857 of  may ,29 Inscrptions of  Tiglath Pileser I,King of Assyria ; B.C.1150 as Translated bay Sir Henry Rawlinson , Fox Talbot; Dr.Hincks an Dr. Oppert ,Jelek es Csodak , Budapest,1962
15-Martina Kabatnika  utja Csehorszgbol Jaruzsembe es Kairoba az 1491-92
16-Kristofa Haranta es Bizdruzic ,utazas a cseh kirlysagbol Velencebe, majd innen a szentföldre, Judea földjere es tovabb Egyeptomba ,1855
17-J.Klima , Archiv Orientalni , 1954 , 20
18-B.Hrozny , Öneletrjazom diohejban ,venko v , 1931 I.I
19-L.Matous ,Letunt kulturak nyomaban,1949
20-L.Hajek ,Az okori mezopotamia muveszete  a baghdadi Irak , Muzeum gyujtemenyeben , 1973
21-J.Hermanova- novotna , No 24, 1969
22- M.Verner ,No,24 , 1969
23- V.Soucek , Bevezetes az ekirasba es a babiloni nyelbe , 1972
24- I.J. Gelb , Von der keilschrift zum Alphabet,1958
25-K. Oberhuber ,Die kultur des Alten Orients ,1972
26-S.N.Kramer ,The sumerians,their History,culture and character , 1963 ,29
27-Athanasios Kircher 1678 ban  kiadta fejtegetseit a , Babel tornyarol
28-C.J. du Ry, Art of the Ancient Near and Middle East, 1969
29C.W.Ceram ,Ruhmestaten der Archäololgie,1965
30-P.Pottier ,Catalogue des Antiquites Assyriennes,1924
31-A.H.Layard,Auf der Suche nach Ninive(H.Schmökel translated ,1965
32-J.E. Taylor, Notes on the Ruins of Muqeyer,JRAS ,25,1855
33-E.Sollberger , The Babylonian Legend of the Flood ,1962
34-M.A. Beek ,Bildatlas der babyl –assyr. Kultur , 1961
35-H.Keiser ,Die Stadt der Grossen Göttin , 1967
36-E:Klengel-Brandt , Reise in das alter Babylon,1970
37-E:Unger , Babylon , die heilige Stadt nach der Beschreibung der Babylonier , 1931
38- W.Hinz , Das Reich Elam , 1964
39- Sir L: Woolley ,A Forgotten Kingdom, 1953
مراجع أخرى
   هنري ساغس ,جبروت آشور الذي  كان , ترجمة الدكتور آحو يوسف-1
-2_ سيمو باربولا, الآشوريون بعد سقوط بلاد آشور.قدم البحث في المؤتمر الآشوري ,لوس أجلس 4 أيلول-2 1999,ترجمة زكاي ننوايا
   3_جرجس فتح الله  مباحث آشورية , تاريخ ما أهمله التاريخ, 1996
من مقالات الكاتب     
    http://www.ahewar.org/m.asp?i=2095
   http://www.ankawa.com/forum/index.php?action=profile;area=showposts;u=24802





56
علم الآشوريات وتزييف الحقائق التاريخية

الدكتور جميل حنا
آشورالوطن حقيقة تاريخية وأزلية في الكون,كما الشعب الآشوري حقيقة تاريخية وأزلية.بلاد آشور والشعب الآشوري عنوان ورمزأرقى حضارة وثقافة عرفها تاريخ الإنسانية.التي بنت أعظم حضارة مزدهرة على أرض بلاد ما بين النهرين.والحقائق التاريخية تنطق بها الحجارة والآثاروفن العمران والكتابات المكتشفة على أرضه.والمكتشفات العلمية والأدبية والفلكية والفلسفية وكافة العلوم الأخرى,التي منحت للبشرية جمعاء أعظم الخدمات الجبارة في سلم الرقي الثقافي والحضاري للإنسانية.والعلوم المزدهرة بكافة مجالاتها الأجتماعية والعسكرية وبناء الدولة والسلطة والقوانين والتعليم والفلسفة والآداب والفنون والعمران والعادات والتقاليد والأعياد والعائلة وعلوم البيئة والزراعة وأمورأخرى كثيرة كل هذه الأسس الحضارية فخر للإنسانية.وهذاالموروث الحضاري والثقافي لبلاد آشورفخروكنز وزينة يملىء به أشهر المتاحف ومعاهد الأبحاث التاريخية والجامعات العالمية العريقة.
وبالرغم من كل ذلك فحضارة الأمبراطورية الآشورية العظيمة وتاريخ شعبها العريق تعرض وما زال يتعرض حتى يومنا هذا إلى حملة شرسة للنيل من عظمتها وتشويه الحقائق التاريخية والحالية,من أجل الأستيلاء على الأرض والثقافة والتاريخ وأمجاد أبناء الأمة الآشورية.ومنذ آلفين وخمسمائة عام يتعرض أبناء الأمة الآشورية منذ سقوط كيانهم السياسي والوطني إلى مجازر إبادة التطهير العرقي على يد الغزات منذ العصور القديمة وكذلك الغزات الجدد منذ قرون عديدة وفي أيامنا هذه على يد قوى دينية وقومية عنصرية وأنظمة ديكتاتورية استبدادية ومنظمات إرهابية.كل هذه القوى العاتية عملت وما زالت تعمل على إنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري على أرضه التاريخية في بلاد مابين النهرين وعلى أرض آشور.أن حملات التعريب والتتريك والتكريد والتفريس التي فرضت بقوة السلاح والقمع والإرهاب والإبادات وبقوانين السلطات القومية والدينية العنصرية الحاكمة.
وما زالت سياسات القمع والترهيب وفرض التغيير الديمغرافي والمشاريع القومية العنصرية في شمال العراق وعلى أرض الجزيرة السورية من قبل المنظمات الإرهابية والقوى القومية الكردية العنصرية مستمر للإستيلاء على ما تبقى من الأرض وأفراغ المنطقة من أبنائها الحقيقيين من الشعب الآشوري المكون الأصيل لهذه البقعة من الأرض منذ فجر التاريخ.
كل  الأكتشافات الأثرية الجديدة والقديمة التي بدأت منذ آواسط القرن التاسع عشر وحتى آخر المكتشفات في شمال العراق على آرض آشور تؤكد الهوية الآشورية,حيث أعلن علماء ألمان كما ورد في وسائل الأعلام العالمية في شهر أيلول 2015 والموجود في الكثير من المواقع الألكترونية وعلى الغوغل العثور على مدينة آثرية تابعة للأمبراطورية الآشورية في موقع تل (قلعة ساتو) يعود تاريخها إلى فترة العصر الحجري والتي أزدهرت قبل 2900عام قبل الميلاد إضافة إلى مكتشفات أخرى كثيرة حديثة العهد.وكذلك المكتشفات الآثرية التاريخية في الجزيرة السورية حيث أعلنت البعثة الأثرية الأمريكية من جامعة شيكاغو في عام 2005 عن أكتشاف مدينة في تل  حمو كارالأثري الذي يقع بالقرب من جبل سنجار على بعد خمسين كيلومترا نحو الجنوب الغربي وعلى بعد ستين كيلومترا من نهر جغجغ الذي يخترق مدينة زالين أو نصيبين الجديدة (القامشلي) يقدرتاريخها بسبعة آلاف عام.وكذلك الموقع الأثري في تل ليلان وتل حلف وريش عينو (رأس العين)وعلى ضفاف نهر الخابور وغيرها الكثير من المواقع ألتي تم أكتشافها في الجزيرة السورية.وأيضا وجود الكثيرمن المدن القائمة حتى اليوم في تركيا  مثل آميد (ديار بكر) نصيبين,ماردين,مديات أورهوي(الرها) وغيرها من البلدات المنتشرة في جنوب شرق تركيا,وغيرها من اكتشاف الكثيرمن المواقع الأثرية في جنوب شرق تركيا الحالية وبالقرب من مدينة آميد (ديار بكر) مثل موقع قزل تبا وحصنو دكيفو (حصن كيف)وغيرها من المواقع الأثرية الأخرى وجميع هذه المدن والبلدات((الآن يقطنها أعداد قليلة من أبناءه الورثة الشرعيين من أبناء الأمبراطورية الآشورية وبمختلف طوائفهم الكنسية,حيث تم التغيير الديمغرافي لسكان هذه المناطق بفعل جرائم إبادة التطهيرالعرقي الجماعي التي أرتكبتها السلطات العثمانية التركية مع الغالبية الساحقة من العشائر الكردية)) والمكتشفات الأثرية تاريخها مرتبط بتاريخ الحضارة الآشورية حسب علماء الأثار والمنقبون والمأرخون من مختلف بقاع العالم.
وبالرغم من كل هذه المكتشفات الأثرية القديمة والحديثة ووجود شعب حي أحفاد وأبناء تلك الحضارة العريقة والورثة الحقيقيين الساكنين على أرض أبائهم وأجدادهم .ألا أن الشعب الآشوري وتاريخه العريق والأرض التاريخية له تتعرض إلى حملة من التزييف والدجل,تمارسها حركات قومية سياسية وثقافية كردية وعربية وتركية وقوى إسلامية متعصبة,والسلطات الحاكمة.حيث يشنون حملة من الدعاية الكاذبة وتحريف الحقائق التاريخية,وخاصة من قبل العديد من القوى السياسية العشائرية الكردية.وحتى بعض أحزابهم التي تدعى العلمانية ومنها اليسارية والماركسية, وكتاب من مختلف التيارات السياسية,ولا نعني الجميع,بل هناك قلة قليلة جدا لمن يتصدى لهذه الأفتراءت الباطلة.وهذه الحملة لا تندرج في أطار الدعاية السياسية فقط بل أنهم يشنون حربهم الهمجية على أرقى حضارة إنسانية, وبما أنهم لا يملكون تاريخ عريق وإرث حضاري وكنوزأثرية تؤكد إدعاءاتهم الكاذبة.لذا يقومون بتدمير بقايا الحضارة الآشورية وتشويه الحقائق ليصنعوا لأنفسهم أمجاد مزيفة في التاريخ بدون إي أدلة وبراهين حسية ملموسة, كما تملكها الحضارات والشعوب الأخرى كما هو الحال على سبيل المثال حضارة الفراعنة أو الهنود الحمرأو الحضارة الآشورية أو حضارات أخرى في مختلف بقاع العالم.
الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإنسان الآشوري وحضارته العريقة هي بهدف مسح تاريخ مشرق وثقافة إنسانية رائعة وإبداع فكري إنساني قائم على القيم والمبادىء الراقية التي تؤمن بالسلام والعيش المشترك وقبول الأخر المختلف وبروح التسامح وبقيم الحرية والعدالة والمساواة بين كافة البشروبكافة المواثيق والمعاهدات الدولية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان.أن ما قامت به داعش من نهب وتدمير مدينة نمرود الآشورية الأثرية أحدى العواصم الآشورية القديمة الهامة,هوهجوم على أعظم الكنوزالأثرية والثقافية العالمية في العالم,وكذلك تحطيم آثار تدمرالتاريخية العريقة.وما قام به هذا التنظيم الإرهابي وكافة المنظمات الإرهابية الأخرى والميليشيات المذهبية والدينة والقومية لا يختلف كثيراعن المنظومة العقائدية الفكرية والسياسية المترسخة بين بعض الأعراق الغازية لبلاد مابين النهرين وبلاد الشام.بل هذه المجموعات وممارساتها الهمجية تعبرعن الجوهرالفكري المتخلف السائد في المنطقة العاجز عن مواكبة التقدم الحضاري والثقافي والإنساني الحاصل في العالم.وهذه القوى بذلت وبطرق مختلفة وحسب مقتضيات زمنية وسياسية بتدمير الحضارة الآشورية الفكرية والمادية منها.ولسوء حظ كل هؤلاء,ولحسن حظ أبناء الأمة الآشورية,عملت دول العالم المهتم ولو لأسباب عديدة خارج إطار هذا البحث لن اتطرق إليه,أستطاع إنقاذ كم هائل من الأرث المادي والفكري لهذه الحضارة الإنسانية الرائعة من الدمار.حيث نقل علماء الأثار الكثيرمن القطع الأثرية الشهيرة مثل تماثيل الثيران المجنحة والكنوزالذهبية والأحجارالثمينة والأختام واللقى المختلفة من آوان وألواح وقطع فخارية مليئة بالنقوش والكتابات وغيرها  من أدوات كان يستعملها الإنسان في حياته اليومية.
التأثير الفكري والثقافي لحضارة بلاد مابين النهرين على الثقافة العالمية !
أساطير بلاد مابين النهرين والملاحم والقصص التي تم أكتشافها تقدم صورة واضحة عن الحياة الثقافية السائدة وعن المعتقدات الدينية,وظهورهذا التأثير في الأديان سواء الوثنية أوالسماوية منها كما يقال.ومثال على ذلك كتابة البابليكا التي كتبها بيروسيس كاهن معبد مردوخ بابل بالأغريقية حوالي عام 218ق.م.للملك أنطيوخي الأول,ليروي للإغريق تقاليد بلاد مابين النهرين الثقافة القديمة ويعرف هذا العمل فقط من خلال أجزاء متقطعة وردت لاحقا في أعمال كُتاب إغريق."كذلك اجمع اليوم مؤرخو الحضارات او كادوا على ان حضارة الأغريق (الحضارة الهيلينية) أنما استمدت اصولها من حضارتي مصرالفرعونية وحضارات شعوب مابين النهرين وبالأخص البابلية- الآشورية منها.وقدم العديد منهم شواهد كثيرة على انتقال الآداب الآشورية البابلية إلى اليونان ليبنى على اساسها ادب الملاحم الشعرية الخالدة – في فترة تسبق الألف الأول قبل الميلاد.وقد بدا لهم بوضوح كاف ان شعراء الأغريق وأدباءهم الآوائل  كانوا يلمون الماما كافيا بالقصص والملاحم والآساطير الآشورية – البابلية وأنهم تداولوها وتأثروا بها. وفي مقدمتها ملحمتا (كلكامش )و (اينوما إيليش).وكانت الآداب الغنية بتنوعها يحمل خصائص ومميزات المرحلة الزمنية ويعكس الواقع التاريخي والاجتماعي المختلف حسب الزمان والمكان."ما كان ظهر هذا التأثير الثقافي في الأدب العالمي لولا أختراع الكتابة المسمارية التي سنأتي على ذكرها في  أجزاء قادمة."اختراع الكتابة المسمارية وتطويرها بشكل عام اتسعت لكل التعامل في الحياة-انما تم في بلاد ما بين النهرين(العراق اليوم) على يد( السومريين) و(الاكديين) في الألف الرابعة قبل الميلاد.طورها وارتقى بها البابليون والآشوريون وما أن جاء مطلع الالف الثالثة ق.م حتى صارت هذه الكتابة مع لغتها المتطورة الوسيلة الوحيدة للمكاتبات والمخاطبات في آسيا الغربية.استخدمها(العيلاميون) في ايران,و(الحثيون)في نهاية آسيا الغربية. و(الأوغاريتيون) على ساحل البحر المتوسط. و (الاورارتيون اىسلاف الأرمن) في القفقاس.جرت المحاولات الأولى لترجمة معظم القصص القديمة منذ حوالي قرن من الزمن.وكانت محاولات رائعة رغم عثراتها.عندها كان الناس يطالبون بتأكيدات على صدق الحقائق التي وردت في الكتاب المقدس لدعم المعتقدات الدينية المرتكزة على العهد القديم في مواجهة نظرية التطور.أما اليوم فلم يعد استعمال قصص بلاد ما بين النهرين مستندا لدعم الأصولية,بل لتأمين مواد للمقارنة بين ما ورد في التوراة وبين تقاليد الأغريق.وكذلك لدراسات أوسع تتعلق بتطور الحضارة البشرية.قليلون هم من الذين ينكرون اليوم أن بلاد ما بين النهرين القديمة لم تكن في جذور حضارتنا فحسب,وإنما تشكل جزءأً من عوامل واسعة الأنتشار ولها مساهمات قيًمة في القيم الإنسانية في الثقافة العالمية. أمااللغة التي كتبت بها القصص فقد كانت تتمتع بطواعية أكبر من اللغة الإنكليزية."
.Chicago Assyrian Dictionary&Von Sodens Akkadisches Handwörterbuch       
وكما ذكر تأثرت الحضارة الإغريقية بحضارة بلاد ما بين النهرين,والحضارة الأوربية أرتكزت على الثقافة الإغريقية وأرتقت على  سلم التطور الحضاري والثقافي.
هذا البحث هو نتيجة أهتمام شخصي بالحضارة الاشورية وهوعلم خارج تخصصي العلمي ولذلك أعتبر نفسي متطفلا على هذا العلم,ولكن الذي شجعني على القيام بهذا العمل هو الدافع المعرفي والعلمي وحب الاطلاع منذ سن مبكر.في بداية العقد الأخير من القرن الماضي بينما كنت أتجول بين المكتبات في بودابست عاصمة المجر لشراء بعض الكتب وقع نظري على كتاب بعنوان ميسوبوتاميا للبرفسور(جوزيف كليما )المختص في حضارات الشرق.والذي له العديد من المؤلفات عن حضارة بلاد ما بين النهرين,منها أساطير بلاد مابين النهرين,ملحمة كلكامش.وهذا الكتاب ترجمه من اللغة الجيكية إلى اللغة الهنغارية آغ آندراش في عام 1983.وما أن وصلت إلى البيت بدأت أتصفح الكتاب,وقررت حالا بأني سوف أترجمه إلى اللغة العربية,وباشرت بترجمته من اللغة الهنغارية,وهذا الكتاب يتكون من إثني عشر فصلا,يقع في 320صفحة من القطع الكبير.الترجمه التي قمت بها للكتاب هي ترجمة بتصرف وبأختصار.وكنت أود أن يصدرما قمت بترجمته في كتاب مع صورالتماثيل والمجسمات والألواح المسمارية والجداول ولكن لأسباب خارج أمكاناتي المالية قررت أن أنشره على شكل  دراسات وابحاث منفصلة عن بعضها.وفي هذا الجزء أو الفصل سأتناول موضوع نشأة علم الآشوريات وهذه هي ترجمة بعض الأجزاء من الفصل الأول والثالث مع بعض الأضافات الطفيفة جدا,التي لا تأثرعلى صياغة النص الأساسي.فيكون هذا البحث اجمالا نتاج ترجمة وأجتهاد شخصي يعتمد على مصادر ذو شأن علمي في هذا التخصص.وفي هذا البحث سأحاول تقديم عرض تاريخي على حيثيات وظروف تأسيس علم الآشوريات,متى بدأ الأهتمام به وما هي الدراسات والأبحاث التي تمت,وما زالت جارية حتى يومنا الحاضر.وسنحاول الإيجابة بأختصارعلى هذه التساءلات الهامة عسى أن نقوم بتقديم خدمة للمهتمين بهذا الشأن.وهذه هي الترجمة من الكتاب الأساسي القائم عليه هذا الجزء من البحث.
علم الآشوريات
كافة العلوم المتعارف عليها في العالم لها تسمياتها المتفق عليها عالميا كمثال على ذلك علم الفلك,علم الأحياء,علم الفيزياء....وهناك بالطبع علوم حديثة وعلوم تقليدية تكونت في مناطق محددة ومختلفة من الكرة الأرضية إلا أنه معترف بها على المستوى العالمي.وفي منطقة الشرق الأوسط تكونت علوم تقليدية قديمة ونذكرمن بين هذه العلوم التقليدية الشرق الأوسطيةعلى سبيل المثال علم المصريات,علم العربيات,علم العبرانيات,علم الساميات,كما يصنف ضمن هذه المجموعة أيضا علم الآشوريات بالإتفاق العام حسب معظم الباحثين والمؤرخين وباالطبع المختصين بعلم الآشوريات."نسبة إلى الحضارة الآشورية التي نشأت على ضفاف نهري الدجلة والفرات.حيث تأسست أمبراطورية قوية ومدنية مزدهرة أمتدت إلى أكثرمن أربعة آلاف عام  قبل الميلاد حتى إنهيار النظام السياسي في نينوى وبابل612-539.ق.م."وأبناء الحضارة الآشورية ما زالوا يسكنون في بلدان الشرق الأوسط تحت تسميات شعوب مختلفة.إلا أنه ما زال قسم منهم يحتفظون بالتسمية الآشورية واللغة والعادات والتقاليد والأرض وهم يعيشون في العراق وسوريا وتركيا وإيران ولبنان والأردن وفلسطين وهم أيضا منتشرون الآن في أكثر من خمسين بلدا في العالم بسبب الإضطهاد الذي يتعرضون له في آوطانهم الأصيلة".
المنقبون أكتشفوا الكثيرمن اللقى وكنوزالأثار وبقايا عمرانية في الآوابد التاريخية والتلال المنتشرة بكثرة في بلاد ما بين النهرين وبقايا المدن المندثرة تحت الركام.والتي كونت طبقات فوق بعضها البعض خلال مئات الأعوام بسبب الحروب المدمرة والكوارث
الطبيعية التي أجتاحت المنطقة,وتكون بفعل ذلك سويات عديدة لهذه الأوابد.إن البحث وإجراء الحفريات في مواقع هذه الآوابد التاريخية الذي بدأ منذ آواسط القرن التاسع عشر,وما زال جاريا في وقتنا الحاضر سيدوم كثيرا للكشف عن المخزون المادي والفكري و ذكريات الأمجاد الغابرة.وترجمة ما يتم العثورعليه من كتابات إلى لغات متداولة وسهلة الفهم للكثيرمن البشرمن مختلف الأعراق والأجناس في العالم.وفي هذا السعي للكشف عن المزيد من هذه الأثار والكنوز العظيمة يبذل اللغويون والباحثون للحاق بالتقدم السريع الحاصل في مجال العثورعلى المزيد من اللقى والكنوزوالألواح المكتوبة عليها لترجمتها من الكتابة المسمارية إلى اللغات العالمية الحديثة.إن علم الآشوريات مرى بمراحل طويلة حتى ظهوره مجددا بعد إنقطاع دام ما يقارب ألفين عام.ولذلك عندما بدأ الباحثون والمؤيدون لعلم الآشوريات بطرح الفكرة مجددا,تعرض هؤلاء إلى السخرية من قبل المختصين في فروع العلوم الآخرى خوفا من المنافسة.وقد صعب موقف هؤلاء المهتمين بهذا الفرع من العلم لعدم وجود نقطة إرتكاز للإنطلاق منها كما كان الحال في المصريات عندما أكتشف شامبليون تـفسيرالكتابة الهيروغلفية.وكان من الصعب التحدث في وقتنا الحاضرعن علم الآشوريات.لو لم يكن في العصورالغابرة لغة آشورية حية, لغة أمبراطورية عظمى, حكمت على مناطق شاسعة من العالم آنذاك. لغة تكلم بها أبناء الأمبراطورية,لغة كانت تدرس في المدارس يدرسها الكتاب والمعلمون.لما كان هذا العلم يتداول به في العالم لولم يكن هناك طلاب يتعلمون هذه اللغة من كتب الأحرف الأبجدية وكتب التعليم والحكم والأمثال ودفاتر الحسابات التجارية والصكوك العقارية وعلوم الفلك والطب والشرائع وغيرها من الكتابات الهامة في حياة المجتمع والدولة.           
الحفريات الجارية منذ آواسط  القرن التاسع عشر في بلاد ما بين النهرين،واكتشاف كمية هائلة من الآثار التي بواسطتها تم الحصول على معلومات غزيرة.استطاع الإنسان معرفة الكثيرعن تلك الحقبة التاريخية وعن تاريخ الشعوب التي سكنت هذه البلاد,ونمط حياتهم في المدن والأرياف والنظام السياسي والعسكري والاجتماعي والمعتقدات الدينية والعادات والتقاليد والأعياد والمسكن والمأكل كانت الإمكانات المتوفرة لفك معاني الرموز والكتابات المسمارية التي عثرعليها قليلة جداً وخاصةً في البدء.
" أولا,لعدم توفر الإختصاصيين،ومازال هذا النقص قائماً لأنه لم يتمكن من مواكبة تقديم الشرح،وتحليل رموزكتابة ما عثر عليه من الألواح الطينية أوالرقيمات المختزنة في كثير من مستودعات المتاحف العالمية.ثانياً,عدم توفر الإمكانات المادية. ثالثاً, أوربما
لأسباب أخرى ليس للقائمين عليها مصلحة,إلا بما يخدم مصالحهم"بما أن الورثة الشرعيين لهذه الآثار من أبناء الإمبراطورية الآشورية,لا يملكون كياناً سياسياً مستقلاً لرصد طاقات بشرية ومادية بدراسة تلك الآثار المكتشفة أو الكشف عن المزيد من الآثار المتراكمة تحت طبقات الأرض.وإن كان بعض أبناء هذه الأمة لعبوا دوراً ممتازاً بكشف ودراسة تلك الآثار مثل هرمزرسام وأخرون لاحقا.إلا أن آثار بلاد ما بين النهرين ستبقى ملك لجميع أبناء المنطقة، وكنزاً للبشرية جمعاء, تغرف منه مناهل العلم والمعرفة.هذه الحضارة العريقة التي منها انطلقت أسس المدنية وأشاع العلم والمعرفة في العالم."
علم الأشوريات كإحدى فروع العلم تاريخه لم ينتهي حتى الوقت الحاضر.التنقيبات سوف تستمر والآثاريون سينقبون لزمن طويل بحثاً عن القيم الحضارية والمادية والروحية المختبئة تحت طبقات الأرض وفي التلال المنتشرة بكثرة في بلاد ما بين النهرين وعلى أطراف الأنهر التي نشأت على ضفافها المجمعات السكنية الأولى والباحثون واللغويون يحاولون مواكبة المسيرة بتفسيرما عثرعليه أو ما اكتشف من ألواح طينية وفك رموزها أو ترميم الأدوات الأثرية ذكرى بقايا تلك الحضارة.
وفق لكل المعطيات التاريخية وعلى اساس الأكتشافات الأثرية التي تم العثورعليها في بلاد ما بين النهرين في العشرات من المواقع المنتشرة في كل المناطق وخاصة في نينوى.حيث يعتبر الملك الحكيم المثقف آشوربانيبال واسع الأطلاع الذي أمتلك معارف كثيرة وأحب العلم والثقافة أب علم الآشوريات.منذ ذلك الزمن القديم مؤسس مكتبة نينوى الشهيرة عالميا الذي جمع فيها عشرات الآلاف من الألواح المكتوبة التي تحتوي على كنوز المعرفة في مختلف مجالات الحياة.التي كانت تعد مصدرا رئيسيا للمعرفة ومختلف العلوم لا يمكن تقديرها بأي ثمن ليس لمعاصريها فقط في ذلك الزمان,بل في عصرنا الحالي أيضا لكل الباحثين المهتمين بهذه الحضارة العريقة التي تعد كنز لايقدر بأي ثمن للإنسانية جمعاء.
ويستحق أن نطلق أيضا لقب أب علم الأشوريات الحديث على السيد هنري ك.راولينسون الذي عاش بعد آشور بنيبال بألفين وخمسمائة عام,الذي لم يكن يعلم شيء عن اللغة والكتابة المسمارية.وليس الفارق الزمني فقط يفصل بينهما,حيث كان لآشور بنيبال معلمون يفتخر بهم ويناقش معهم  قضايا هامة,وتعلم القراءة والكتابة على يدهم كما يذكر في كتاباته التي أكتشفت في نينوى وسميت بأسمه.بينما كان راولينسون(H.C.Rawlisont) يواجه الصعوبات وحيدا في فك رموز الكتابة المسمارية,الذي لم يكن يعلم شيأُ عنها قبل الخوض في تفسيرها.
من الصعب أن نتصوركيف كان من الممكن أن يتغير مجرى التاريخ لواستطاع اسكندرالمقدوني أن يحقق طموحاته ويعيد بناء بابل لتكون عاصمة إمبراطوريته المترامية الأطراف.عندما دخل جيش الإغريق والموظفين والتجار بلاد الرافدين أخذوا بعين الأعتبار الفائدة التي يجنونها من معرفة الأحرف الآشورية,ومن جملة التعليمات التي أعطيت لجميع هؤلاء,جملة تقول (الفوائد النابعة من معرفة الحروف الآشورية).حيث المعلومات التي كانت بحوزتهم حسب التقاليد القديمة ان الامبراطورية الآشورية كانت قوى عظمى,استطاعت غزو أرض الفراعنة في يوم ما أرض مصر.إلا أنهم لم يملكوا المعلومات الكافية بأن اللغة الآشورية البابلية لهجات قريبة،من الأكادية.في ذلك الحين أصدرت الآوامر إلى المتجهين إلى المنطقة وخاصة المراسلين أوالمبعوثين وقوات الجيش المشرفين على قوى الأمن من تعلم وفهم كتابة الكلمات المسمارية وتعلم طريقة كتابة الأحرف المسمارية.ولذلك وضعت أساليب لكتابة الأحرف المسمارية الكلمات الأكادية و ترجمتها إلى الإغريقية.هذه الكتابات الإغريقية- الآشورية graeco- assyriacak تعتبردعما وسندا قويا لعلماء الآشوريات والمختصين في هذا العلم كأحد المراجع الهامة.
بلاد مابين النهرين كان موضع اهتمام وجذب النخبة المثقفة منذ العصورالقديمة.فلذلك نجد أب كاتب التاريخ هيرودوتس في نهاية القرن الخامس بداية القرن الرابع قبل الميلاد أولى أهمية كبرى لبلاد ما بين النهرين في كتابه حرب الإغريق – والفرس.وقد وثق معلومات احيانا غير دقيقة حصل عليها من مرافقيه حيث يذكر بأن داريوس أقام النصب او(المسلة )على شاطىء بوسبوروس وعليها الكتابة الإغريقية – الآشورية بأنه أقامها لذكرى حملته على السكيثيين.وقد أهتم مأرخون أغريق آخرون أيضا من ذلك العصربكتابة تاريخ بلاد ما بين النهرين, أمثال المؤرخين ثوكوديديس، اكتازياس الكنيري واسابيوس الصقلي، واقليموس وغيرهم من اللذين اهتموا ببلاد ما بين النهرين.كان استخدام المصادر المسمارية نادراً أو بشكل خاطئ أو يذكرونها بشكل غير صحيح حيث أن ديودوروس الصقلي مثلاً (قرن قبل الميلاد) يكتب عن كتابه شاميرام على صخرة بيهيستون بينما هي كتابة شهيرة لداريوس وتمثاله المحفور.تسيسرو يذكر في أحاديث توسكولومي سردينبال بالإغريقي( آشور بانيبال) وإنجازاته، ويظهر اسم آخر في معرفة علم  الفلك البابلي الكاتب هوراتيوس ولكن كل هذه المؤلفات لم تساعد على ولادة علم الأشوريات. (numeri Babylonii)
بعد هذه الفترة خيم صمت طويل على حضارة بلاد مابين النهرين بأستثناء ما ذكر في التوراة,وذكريات عن دمار برج  بابل العظيم واطلال نينوى وعن الطوفان وحروب الآشوريين,السبي البابلي لليهود.وبدأت الأخبار الجديدة تظهر مجددا عن حضارة بلاد ما بين النهرين عن طريق الحجاج إلى دول المشرق ومن المشاركين في الحملات الصليبية.وأن الأهتمام غير المشجع بدأ ببلاد مابين النهرين عندما جلبت بعض القطع الأثرية وبطريق الصدفة إلى آوربا,قطع من الأجروعليها كتابات ورموز غير معروفة,وألواح طينية,واحجارمنقوشة,وأختام أسطوانية وعليها علامات غير مفهومة,وبأعتبارها أشياء غريبة حملها هؤلاء الزوار معهم إلى آوربا.وكما في قصص ألف ليلة واليلة شبه البعض هذه الرموز بعض النمل.وفي بداية القرن الثامن عشر شبه الأنكليزي توماس هايد والطبيب الألماني انكلبرت كامبفر هذه العلامات الواردة من برسابوليس باالاهرامات.والبعض الأخر شبه الكتابة المسمارية وبطريق غريبة بالعلامات الصينية,وآخرون باالكتابة الهيروغلوفية وكان هذا الأعتقاد سائدا وبشكل جدي بين بعض الآوساط آنذاك.
وآخرون من أبناء المنطقة كتبواعن التاريخ القديم لبلاد ما بين النهرين ومنهم بيروسوس كاهن معبد بيل البابلي الذي شاهد النور أثناء فترة حكم اسكندر المقدوني.الذي كتب موسوعة من ثلاثة مجلدات بعنوان بابولونيكا ( Babyloniaca)  التي أهداها إلى انطيوخوس الأول السلجوقي. في مؤلفه يكتب عن تاريخ بلاد ما بين النهرين ما قبل الطوفان حتى عهد اسكندر المقدوني.والكثير من الأخصائيين تعرفوا على أجزاء من هذا المؤلف الكبير بواسطة يوسفوس فلافيوس,وإيسيبيوس وأخرين(,Josephus Flaviu , Eusebios) ...
 ومع مرور الزمن بدأ يتضائل معرفة قراءة وتفسير الكتابة المسمارية شيئا فشيئا وحتى بعض التفسيرات بدأت تظهر بشكل خاطيء. حيث ذكر ديودوروس الصقلي ( Diodoros) في القرن الأول قبل الميلاد مثلا, بأن الكتابة على صخرة بيهوستون تعود للملكة شاميرام(سمير أميس) بينما هذه الكتابة تعود إلى داريوس.وفي أحد الحكايات الإغريقية توسكولومي يذكر سيسرو في أحاديثه سردانيبال باليوناني أي آشور بانيبال. كما ظهر في ذلك العصر هوراتيوس في معرفة التنجيم الفلكي البابلي مع ذلك كل تلك المؤلفات والإعتماد عليها فقط, لم يساهم بشكل فعال بولادة علم الآشوريات.
وبعد مرور هذه الحقبة من الزمن مضت قرون طويلة ولم يبقى من تلك الحضارة العظيمة سوى بعض الذكريات البسيطة يتداول بين الناس.وهذه الذكريات والأحاديث عن تلك الأمبراطورية العظيمة أنتقلت إلى الغرب بواسطة الحجاج والحملات الصليبية على بيت المقدس بعد هذه الفترة خيم صمت طويل على حضارة بلاد مابين النهرين بأستثناء ما ذكر في التوراة.وذكريات عن دمار برج  بابل العظيم واطلال نينوى وعن الطوفان وحروب الآشوريين وأنتصاراتهم,السبي البابلي لليهود.وبدأت الأخبار الجديدة تظهر مجددا عن حضارة بلاد ما بين النهرين عن طريق الحجاج إلى دول المشرق ومن المشاركين في الحملات الصليبية.
الزوار الأوائل
كان الزوارمن آوربا العصور الوسطى إلى بلاد مابين النهرين نادرا وهم بالأحرى من الحجاج  بهدف  زيارة الأماكن الواردة ذكرها في الكتاب المقدس وخاصة بابل ونينوى.ولم يكن الزوار فقط من المسيحيين بل من رجال الدين اليهود الذين أظهروا أهتمامهم لتلك البقعة من الأرض.ومن أول الحجاج الأوربيين كان الرابي اليهودي من مملكة نافارا الأسبانية وذلك بين أعوام 1160-1173 قام بزيارة فلسطين وسوريا عبر تدمر والفرات حتى الموصل على ضفاف دجلة, وزيارة أطلال نينوى ,اصدر مؤلفا عن رحلته وبعد أربعة قرون من تلك الزمن في عام 1543صدر الكتاب باللغة العبرية وفي عام 1575 باللغة اللاتينية.وفي عام 1290 قام الراهب ريكولدو بنيني مونتي دي كروسي برحلة إلى الموصل ويذكر في مذكراته عن الرحلة" بعد رحلة طويلة وصلنا إلى مدينة نينوى العظيمة,التي شيدت بشكل شريط طولي رفيع على نهر الجنة على ضفاف نهر دجلة.وقد أروني تلك التل الذي وقف عليه يونان والنبع الذي شرب منه.وحتى يومن هذا يسمى بنبع يونان.لقد دمرت المدينة كليا,ولم يبقى سوى أثر  الأسوار المدمرة.وفي وقتنا الحالي تم البناء مجددا على الطرف الآخر من ضفة النهرويسمى الموصل"وحوالي عام 1400 قام شيلتبرغر الألماني وكذلك ليونهارد راولف في عام 1573-1576 برحلة إلى بلاد مابين النهرين وغيرهم من الزواروكتب الجميع وصفا عن رحلتهم ومشاهداتهم وذكرياتهم عن أطلال المدن المدمرة وخاصة بابل ونينوى.
وأن الأهتمام غير المشجع بدأ يظهر مجددا ببلاد مابين النهرين والمشرق عموما.عندما جلب بعض الحجاج او الزوارإلى آوربا بعض القطع او اللقى لأثرية التي كانوا يشاهدونها بالصدفة وبأعتبارها كانت أشياء غريبة لهم قطع من الأجرالمكتوب عليه, والواح طينية,احجار منقوشة,وأختام اسطوانية وعليها علامات غير مفهومة.وكما في قصص ألف ليلة وليلة شبهة بعض النمل.وفي بداية القرن الثامن عشر شبه الأنكليزي توماس هايدThomas Hyde) (والطبيب الألماني انكلبرت كامبفرEngelbert Kampher) (هذه العلامات الواردة من برسابوليس باالاهرامات.والبعض الأخر شبه الكتابة المسمارية وبطريقة غريبة بالعلامات الصينية,وآخرون باالكتابة الهيروغلوفية.وكان هذا الأعتقاد سائدا وبشكل جدي بين بعض الآوساط آنذاك.ولكن واحدة من تللك المقاربات أو الأراء لامسة الحقيقة التي كتب عنها من برسابوليس بيترو ديلا فالي Pietro Della Valle))عام 1621م. في 21 أكتوبرمن بلاد فارس حيث كتب علينا قراءة الكتابة المسمارية كما هي الحال في كتابتنا يجب أن تقرأ من الشمال إلى اليمين.
فك رموز الأحرف المسمارية
ساهمت العلاقات الدبلوماسية بين الدول الأوربية وفارس جذب اهتمام بعض الدبلوماسيين والمهتمين بالآثارالقديمة من أوربا بإجراء تنقيبات تحت أنقاض خرائب المدن وبقايا التلال والقصور.وأنه من سخرية القدرأن يأتي أساس فك الرموزالمسمارية ليس من بابل أو نينوى أو أشور ولكن من كتابات أرض فارس(الميديين)المنتصرين على بابل.تلك الكتابات جاءت من مركز الملوك الفارسيين في برسابوليس القديمة من موقع (تحتي جامشيد)، استطاع السفيرالاسباني دون غارسيا سيلفا فيغوورفي عام 1617، نجح بالبرهان , وعلق بالشرح في مراسلاته او تقاريره على مميزات الكتابة المسمارية, وهو شبهها بالأهرامات الصغيرة والمسلات.
إلا أن الإسهام الأكبر جاء على يد العالم الألماني( كارستن نيبوهر)Carsten Nieburhr) من مواليد مدينة هانوفرالذي كتب كتابا بعنوان) وصف رحلة عن العربية وبعض الدول المجاورة الآخرى( عن رحلته في بعض دول المشرق(Reisebeschreibung nach Arabien und anderen um leigenden Ländern) في عام 1778نشرنسخة طبق الأصل حول كتابة برسابوليس التي  أصبحت  نقطة بداية لفك رموزالكتابة المسمارية.أدرك بان الكتابة تتضمن ثلاثة أنظمة مختلفة من الكتابة،أي ثلاثة أنواع من الأحرف. في المجموعة الأولى استطاع عدّ 42 علامة (9 منها لم يشيرعلى حرف) وأن واحداً منها هو نظام أبجدي،ورمز إليها بالأعداد اللاتينية التالية:I,II,III أي  قسمها إلى ثلاثة مجموعات،.قد أستطاع التعرف والتوصل إلى هذه النتيجة بفضل مهاراته الخاصة.
الخطوة التالية فقد وضعها الدينماركي فريديك مونتيرفي عام ,1798 أما(Frederik Munter) في طريق فك الرموز،حيث طوراكتشاف ينبوهر: جزم بأن المجموعة الأولى كتابة صوتية، والثانية كتابة مقطعية، والثالثة اصطلاح. كما أكد ووضع رأيه النهائي بان الكتابات الثلاث كلماتها نفسها ولكنها مكتوبة بثلاثة لغات مختلفة، من المعلوم أن الملك الفارسي داريوس كان يكتب مخطوطاته على التوازي بثلاث لغات هي البابلية والعيلامية والفارسية القديمة. في بحثه الصادرعام 1800 قارن مجموعة العلامات المتشابه المتكررة في نفس الموضع وحدد كلمات ملك – ملوك – ملك الملوك وقبله كان قد توصلAntoine Isaac de Sacy)) انطوني سلفستري دي ساكي في عام 1793 إلى نفس النتيجة على أساس كتابات نقشي – روستمي بهليوي التي بين كلمات ملكا ملكان) أي ملك الملوك انطلاقاً من مرادفتها اليونانية.
 Georg Fredrich grotefendمأثرة جورج فريدريك غروتيفند-1775 -1853 معلم اللغة اللاتينية – اليونانية في ثانوية غوتينغن الألمانية الذي اكتشف مفتاح سر فك رموز الأحرف المسمارية.تقديرا لأبحاثة في مجال تفسير الكتابة المسمارية والنتائج التي حققها تم تكريمه في أحتفال دولي في عام 1975 في جامعة غوتينغن بذكرى مرورمائتين عام على ولادته.الباحث الذي أحرز أهم وأول إنجاز كبير في هذا الاتجاه.غروتيفند اشترط مع زميله بأنه سوف يفك رموز الأحرف المسمارية خلال زمن محدد وقد حقق ذلك ضمن الموعد المحدد وحصل على نتائج باهرة. زميله فيوريلو (fiorillo) عرض نتائج أبحاثه في أيلول عام 1802على رابطة علماء غوتينغين تفسيرات غروتيفند باللغة اللاتينية كان عنوان البحث (تقرير أولي لقراءة وتفسير حول ما يسمى الكتابة المسمارية البيرسيبوليس). اعتمد غروتيفند بشكل كبير في حل لغز رموز الأحرف المسمارية بقدراته الفذة على الربط بين معلوماته الغزيرة باللغة اليونانية واللاتينية، والتوراة وبين كتاب الديانة الزرادشتية (آفيستا) أوالفارسية.كانت الخطوة الأولى التي  قام بها, البدء بتفسير الأحرف الأبجدية حسب التصنيف الذي وضعه نيبوهر،إي كتابة المجموعة الأولى (حسب مونتير الكتابة الصوتية).
كانت المجموعة الأولى في الموضع الأول، لذلك اعتقد أنها اللغة الرسمية للعائلة الملكية الحاكمة،إذ كتبت باللغة الفارسية وتنسب إلى العائلة الملكية الاخمينية (الأخمينيين). في الكتابتين ظهرت بنفس الترتيب سبعة رموز بدون تغير،والتي قرئها (الملك). في إحدى الحالات شاهد في مجموعة الرموز السبعة إحدى المجموعات التي تتكرر وراء بعضها مرتين، وارتبط في بداية الرموزالسبعة دائماً أربعة مجموعات رموز مختلفة أخرى.غروتيفند فسر الترتيب المدون وقرئها (ملك الملوك)في أحدى المجموعات  ومن ثم (الملك العظيم) في مجموعة أخرى.في بداية الكتابتين شاهدا سبعة علامات ولكنها غير متشابه.كما استنتج أن العلامات في بداية  الكتابةا الأولى تتكرر في المجموعة الثانية ولكنه في الموقع السادس أعتبرغروتيفند الرموز السبعة اسم ملك الأخمينيين وأثبت بأن الكتابة الأولى رموزها الأولى، تتكرر في الكتابة الثانية، ولكن في الموقع السادس.ومن هذا استنتج بأن الكتابة الثانية الملك ع اسم والد الملك س، والتي ورد ذكر اسمه في بداية الكتابة الأولى.
القدرة العالية للربط بين الرموز ونجاحه الفائق يعود إلى معارفه بالتاريخ الفارسي،إذ لاحظ من البدء بأن الكتابة الأولى اسم الوالد يلقب بالألقاب الملكية كانت هذه نقطة الانطلاق أو التحول الهام.والآن وجب عليه تصنيف السلالة الملكية الاخمينية الحاكمة. كان الحاكم موضوع البحث أو الكتابة كامبوسيس (باللغة الفارسية كامبوجيا) الذي كان والده قوروش وكان حفيده كامبوسيس أو هوستابيس الذي كان ابنه داريوس حفيده كسيركيس (خشايارشا). في الحالة الأولى لتشابه اسم الجد والحفيد، وضع هذا الاحتمال جانباً، وفي الحالة الثانية تتناسب مع رموز الكتابة, كان التشابه مطابقا. بعد ذلك بمساعدة كتاب الديانة الزرادشتية،عوض القيمة الصوتية للأحرف بالرموز.بما أن لغة (أفيستا) الفارسية كانت مشابه  للغة الفارسية القديمة،لذلك لم يكن ممكناً الحصول على نتائج مطابقة مائة بالمائة.غروتيفند كان مقتنعاً بأنه حل لغز تسعة وعشرون رمزاً أي جميع أحرف الأبجدية وإنما الحقيقة حل عشرة رموز صحيحة.وكما ويتضح من كتابات مونتير تفسير رمزين إضافيين. بهذا يكون ثلث الرموز المسمارية للغة الفارسية القديمة معروفة لم يعد سرا.
غروتيفند كان له أتباع كثيرين منهم الفرنسي أيوغين بونوف (Euge'ne Burnouf) والنرويجي كريستيان لاسين (Christian Lassen) الذين كانا صديقين ولكنهم عملوا بشكل منفصل عن البعض.بورنوف فسر رمز (k) و (z) بينما توصل لاسين إلى تفسير جميع رموز الكتابة الأبجدية الفارسية القديمة.وبناء على معارفه في اللغة السنسكريتية توصل إلى نتيجة بأن حرف الألف في الأبجدية الفارسية القديمة تكتب في أول الكلام وأمام الأحرف الساكنة.
الكتابة المسمارية لبرسابوليس الفارسية قد تم فك رموزها بينما بقي الشكلين الأخرين ينتظران الحل.المجموعة الثانية من الكتابة المقاطع سماها غروتفيند ميدية والثالثة الكتابة البابلية،ولكن بسبب تقدمه في السن لم يستطع فك رموزها.ولكن قبل وفاته وجد في شخص الباحث الأنكليزي(Edwin Norris) 1795-1825 الذي استمر بمتابعة ما بدأ به بنجاح كبير.الباحث ايدفين الانكليزي الذي غرف من النسخ الذي التي أنجزها من قبل راولينسون عن كتابة بيهستون.وهو كذلك أستطاع فك رموز كتابة المقاطع العلامية على أساس أسماء العلم.
راولينسون وكتابة صخرة بيهستون
عندما توقفت البعثة الإنكليزية بالتنقيب بإشراف (لايارد) لأسباب سنأتي على ذكرها،يظهرفي هذا المجالH.C. Rawlinson(هنري كريسويك راولينسون) (1884- 1810)الانكليزي الشخصية المرموقة.الذي لعب دوراً رئيسياً في نشأة علم الأشوريات إلى جانب السادة المارذكرهم أمثال كروتفيند والبعض الأخر سنأتي على ذكرهم أمثال السادة – بوتا – لايارد – رسام- وغيرهم كثيرين.عندما أصدر(راولينسون) مذكراته كانت الكثير من كلمات الكتابة المسمارية أصبحت معروفة.كان المنقبون في المواقع الأثرية في أماكنها الأصلية في آشور وبابل قد أكتشفوا في البداية المئات ثم الآلاف ومئات الآلاف من الكتابات المسمارية التي أخرجوها إلى النور,على جدران القصورالملكية,وعلى التماثيل,وخاصة على الالواح الطينية.ومع إزدياد المواقع الأثرية أزداد أعداد المهتمين بعلم الآشوريات.  وكما مرالذكر بان الشكل الثالث من كتابة بيرسيبوليس المسمارية المكتوبة بثلاث لغات على صخرة (ديودوروس الصقلي) بقي فك رموزها لغزا ينتظر الحل.بجانب الطريق الممتد من همدان إلى كرمنشاه تقع صخرة بيهستون أو كما تسمى أيضا(بيسوتون)أرتفاع 540 مترا.بناءً على أوامر داريوس الأول أُقيم هذا النصب المحفورعلى الجدارالصخري القائم عمودياً على أرتفاع 120م فوق الأرض تخليداً لانتصاره على المتمردين بقيادة غاوماتا (السميرديس) مخطوطاً عليه بثلاث لغات مختلفة هي الفارسية القديمة – العيلامية – والبابلية بارتفاع 7 أمتار وعرض 20م يدعو للدهشة.أن فك رموز الكتابة البابلية علىصخرة بيهيستون بقي تحدا حقيقيا أمام الباحثين لتفسيرها والكشف عن أسرارها.وقد تطوع (روالينسون ) القيام بهذه المهمة,وأخذ على عاتقه فك رموزالكتابة المسمارية المجموعة III.
كان راولنسون ضابطاً في الجيش الانكليزي (شركة شرق الهند) يتقن اللغة العربية واجتاز امتحانات اللغة كمترجم عندما كان عمره سبعة عشرة عاماً في اللغة الهندية والفارسية. في عام 1835 عين كمستشارعسكري لشقيق الشاه في كرمنشاه.عندما زارالصخرة لأول مرة كان عمره آنذاك 25 عاماً, وكان قد وصل إلى بلاد فارس وهو بعمر 23عاما.ومنذ اللحظة  الأولى التي شاهدا هذا النصب والكتابة المسمارية, لم يخلد للسكون مما تركته من تأثير كبيرعلى نفسه. وكأنسان عسكري في البدء فحص النصب التذكاري بواسطة المنظارعن بعد.وبعدها بواسطة سلالم وحبال صعد إلى موضع الكتابة المسمارية المجموعة الثالثة، وبواسطة ورق نشاف بدء يجهز نسخ عنها.وفي غمرة عمله استلم أمراً عسكرياً بالرحيل لاستلام مهام القائم بالأعمال في بغداد خلفاً للكولونيل (تايلور) بقي بعيداً عن الصخرة لمدة ثلاث سنوات كان خلال هذه الفترة كلما سنحت الفرصة له يقوم بتفسير جزئي لما تم نسخه.
في شهر أيار من عام 1842 شارك في معركة قنداهار جنوب أفغانستان،وبعد ذلك سجل في عداد المفقودين حتى ظهر مرة أخرى سالماً بالقرب من صخرة بيهيستون وبدء العمل ولكنه أستدعي بأمر عسكري تاركاً أبحاثه.وفي عام 1844 حينما كان أربعة وثلاثين عاماً رقي إلى رتبة عقيد.وعاد للمرة الثالثة إلى الصخرة لإنهاء مهمته وبشكل نهائي.وفي عام 1851 أصدربرعاية الجمعية الملكية الآسيوية,اللندنية كتابه بعنوان (مذكرات عن الكتابة البابلية الآشورية)  Memoir on the Babylonian and Assyrian Inscriptions وقد اعلن بأنه فك رموز الكتابة المسمارية على صخرة بيهيستون المخطوطة الثالثة, لقد فسرلغز 246 رمزاً من أصل 600 حرف مسماري.وقد تحقق هذا الأنجاز بعد أربعين عاما على ما بدأه (غرتفيند) بفك رموز الكتابة المسمارية على صخرة بيهيستون.وبعد ذلك لم  يتوقف راولنسون عن أبحاثه,بل تابع أبحاثه العلمية مع باحثين أخريين ويصدر أربع موسوعات حول الكتابة المسمارية(الكتابة المسمارية لغرب آسيا). ثم تصدر الموسوعة الخامسة بعد موته,وقد لقب بأب علم الآشوريات بعد وفاته,وقال عنه غريمه الباحث Jules Oppert) ( "يمكننا القول بحق بأن راولينسون قدم مآثرعظيمة في مجال أبحاثه  حول تطورتاريخ الإنسانية" الباحث راولينسون قدم جلى خدماته للإنسانية جمعاء ويعد بحق مأثرة عظيمة في تاريخ البحث بفك رموز الكتابة المسمارية, الكتابة البابلية الآشورية، ويمكن القول بكل جدارة بأنه يستحق هذا اللقب"أب علم الأشوريات"
مع التطور الحاصل في مجال التنقيب عن الأثار في بلاد ما بين النهرين أزداد عدد المهتمين بعلم الآشوريات.لا يسعنا ذكرالجميع,بل البعض ومنهم الباحث السويدي Isidor Löwenstren  الذي عمل في مجال تفسير كتابة خورساباد وأستطاع تحديد  كلمة "الملك" وكذلك "العظيم" وعلامات الجمع.كما يزعم الفرنسيون بأن السيدFelicien Caignart de saulcy)  1807-1883) كان له دور كبير في تفسيرالمجموعة الثالثة من الكتابة المسمارية على صخرة بيهستون. السيدJoahim Menant يواهيم مينانت(1820-1899)الباحث الفرنسي أول  من أصدر كتابا عن علم الاشوريات.والسيدFrancois de lenorman(1837-1883) أول من وضع مؤلفه عن قواعد اللغة السومرية.
جوليس اوبيرت,Jules Oppert(1825-1905 ) لعب دورا مرموق في مجال بحوثه الجارية عن الكتابة المسمارية. وقد حصل على شهرة كبيرة ليس فقط في مجال أبحاثه في علم الآشوريات,وأنما أيضا كواضع أسس علم السومريات, التي كانت تواجه بعض الصعوبات وبذل جهدا كبيرا لأزالة العوائق ومواجهة الجدل العميق وأختلاف الأراء,بخصوص علم السومريات.وتقديرا لجهوده البارزة سميت بأسمه القاعه الكبرى في المعهد الفرنسي في باريس,والتي تعقد فيها المؤتمرات عن علم الآشوريات. الشاب جوليس من مواليد هامبورغ  وبعمر 22 عاما يغادر وطنه في عام 1848 بسبب الأضطهاد العنصري.وحصل على شهرة عالمية في وطنه الجديد فرنسا.
باول إميل بوتا. (Paul Emil Bota)
وصل بوتا في نهاية عام 1842 إلى الموصل لأستلام مهامه الدبلوماسية,ولكن قد أخذ على عاتقه القيام بأعمال التنقيب وأجراء الحفريات بحثا عن الآثار القديمة لبلاد ما بين النهرين.وقد برزأهتمامه بشكل جلي نحو هذا المجال,ولكن كانت تنقصه الخبرة العملية والمعارف في مجال التنقيب كما غيره في ذلك الزمن.ولكن مدرسة الحياة العملية جعلت منه باحثا آثاريا مرموقا بالرغم من العثرات الآولية والفشل الذي لحق بأعمال التنقيب التي أجراها,في كوينجيق عام1842 بدعم من"الجمعية الآسيوية".استمرفي التنقيب وأظهر ثباتا في مجال التنقيب وبدعم مادي من الحكومة الفرنسية.وكان يشاهد من نافذة مكتبه المطل على نهر دجلة الضفة الأخرى للنهر حيث موقع مدينة نينوى.وبالحقيقة أرسل إلى المنطقة لأستكشافها وذلك في أطار الصراع أو التنافس القائم آنذاك بين مصالح فرنسا وأنكلترا ودول آوربية أخرى تسعى للسيطرة على المنطقة والطرق التجارية المؤدية إلى الهند,ومنطقة الشرق الآدنى. وبجانب الصراع السياسي أخذ التنافس يظهر واضحا في مجال الحفريات والتنقيب عن ألاثار.عندما بدأ بوتا بالتنقيب كانت معاول العمال لاتخرج سوى بعض القطع الفخارية المكسرة التي لم يكن لها قيمة آثارية تذكارية. ونتيجة ذلك أصيب بخيبة الأمل,وقد أنتابه الخوف من فقدان الثقة الممنوحة له من الوزارة.ويا لسخرية القدر ومن حيث لا يدري كان يقف على ذلك التل الذي  يطمر قصر آشوربانيبال ومكتبته المشهورة.ولكن لحسن حظ علم الآشوريات تم أكتشاف مكتبة آشوربانيبال بعدما  كان المنقبون أكتسبوا خبرة كافية وقدروا أهمية أكتشاف هذا الصرح والكنز الحضاري العظيم.كانت الحفريات التي تم توكيل بوتا  للقيام بها في نينوى يعود الفضل إلى يوليوس موهلت 1800-1876Julius Mohl)) المختص بالإيرانيات.والذي بدأ حياته العلمية المبكرة وهو بعمر 26 عاما كبرفسور في الآداب الشرقية في توبينغن,حيث  كلفته الحكومة الفرنسية كتابة تاريخ ملوك فيرداوسي بعنوان ( شاه نامى).ويتحول أسمه من يوليوس إلى جوليس وتقلد منصب سكرتير( الجمعية الآسيوية), وفيما بعد برفسور اللغة الفارسية في المعهد الفرنسي, وعضو أكاديمية العلوم الفرنسية.عندما زار متحف بريتش في لندن وشاهد اللقى الآثارية التي جلبها ريتش,منذ تلك اللحظة لم يهدىء له البال,ولم تخلد نفسه للراحة بدأ يفكر كيفية حصول متحف اللوفر في باريس على كنوز آثارية مشابه ليفتخر بها.وبدأجوليس بوضع خطته بعناية فائقة, ودرسها بعمق من مختلف الجوانب,وقد آوكل ضمن خطته المرسومة بالدور الرئيسي إلى بوتا,الذي كان ألتقاه سابقا في مصروتعرف عليه ونال أعجابه.ولذا وضع كل ثقله وتأثيره لدى الحكومة الفرنسية لأنشاء قنصلية فرنسية في الموصل, وأن يعين بوتا كقنصل عام على رأسها.وحدث كما آراد,ولكن قبل أن يغادر بوتا فرنسا متوجها إلى الموصل ألتقاه وقدم له النصائح والإراشادات والمعلومات اللازمة.ليس ما يجب فعله في المجال الدبلوماسي, وأنما ماذا يجب عليه فعله في مجال البحث عن الآثار,وما هي الأمورالتي عليه التنقيب والكشف عنها.كان من المفهوم بديهيا بأن يتخوف بوتا من فقدان ثقة داعمه,بعد الفشل الذي لحق به في حفريات نينوى.
ولكن لحسن الحظ لم يحدث ذلك,بل كان القدر رؤوف به, وبالطبع لعب وعيه وسخائه دورا كبيرا في ذلك.لقد ذاع خبر وجود سيد آوربي في الم

57
ألف التهاني القلبية إلى قداسة البطريرك مار كوركيس صليوا بمناسبة حلوسه على سدة كنيسة المشرق الآشورية خلفا لمثلث الرحمة مار دنخا الرابع الطيب الذكر ويكون بذلك البطريرك الحادي والعشرين لكنيسة المشرق الآشورية.أن أختيار قداستكم بوحي من الروح القدس يلقى على عاتقكم مهام روحية عظيمة في هذه الظروف المأساوية التي يمر بها أبناء الأمة الآشورية في بلادما بين النهرين على آرض آشور.كما نتمنى لكم التوفيق في مهمتكم المقدسة لجمع شمل أبناء الأمة على أرض آشور وتحقيق المشروع القومي الذي عمل من أجله الشهيد البطريرك مار بنيامين شمعون.كما نصلي ونتضرع إلى الرب أن يمنحكم القوة الكافية لقيادة الكنيسة وجمع كنائس شعبنا على أسس الايمان المسيحي وليتحقق مبدأ كنيسة جامعة رسولية واحدة . وستبقى جهودكم الحجر الأساس في الثبات في الايمان والتمسك بقيم الأمة الآشورية وبأرض آشور,نتمنى لك الصحة والعافية وسدد الرب خطاكم وأن يلهمكم الرب بالحكمة من أجل خلاص شعبنا.




     مع فائق التحيات والأحترام لكم


الدكتور جميل حنا   


58
بيان حزب تحرير آشور بمناسبة السابع من آب يوم الشهيد الآشوري

    في السابع من آب يتذكر أبناء الأمة الآشورية قوافل الشهداء الذين سفكت دمائهم على مذبح الحرية والحقوق القومية والوطنية,ومن أجل الوطن آشور.يوم الشهيد الآشوري ذكرى تخليد أرواح الشهداء الذين سقطوا على مرالعهود الطويلة حتى يومنا هذا بسبب حملات الإبادة العرقية الجماعية التي أرتكبت ضده من قبل القوى الغازية لأرض أشور.الشهادة مستمرة على أرض الأباء والأجداد,وهي حقيقة ثابته في حياة كل فرد وعائلة من أبناء هذه الأمة.شعبنا الذي تعرض لمجازر الإبادة العرقية على مدى عصور طويلة ما زالوا سائرين في طريق الفداء يقدمون التضحيات الجسيمة,فهم يجسدون ثقافة الشهادة تأكيدا على استمرارية التمسك بالأرث الحضاري والتاريخي والوطني والقومي.وأصراراعلى تحقيق المشروع القومي بإقامة كيان آشور على أرضهم التاريخية.فالتضحية بالنفس وتقديم الغالي والنفيس,ينبع من عمق الأيمان اللامتناهي بحق أبناء الأمة الآشورية بكافة إنتماءاتهم الكنسية في الوجود والعيش على أرضهم التاريخية بحرية وكرامة.وهو استمرارفي الكفاح من أجل التحررمن طغيان وجرائم الأنظمة الاستبدادية والمنظمات الإرهابية,والتخلص نهائيا من كافة أنواع الممارسات القمعية وجرائم القتل والتهجير والصهرالتي يتعرض لها على يد القوى العنصرية القومية والدينية العربية والكردية والتركية والفارسية.
في  ذكرى يوم الشهيد االآشوري نتذكر شهدائنا الأبرار,ولكن لا يغيب عن فكرنا الواقع المريرالذي يعيشه شعبنا والمآسي الفظيعة التي يعيشها بسبب الحروب الداخلية الجارية في العراق وسوريا.واليوم كما في الأزمنة الماضية القريبة والبعيدة منها يتعرضون للعنف والبطش والقتل والتشريد القسري وعمليات التصهير والاستيلاءعلى ممتلكاتهم وأرضهم,وفرض مشاريع عنصرية على أرضهم التاريخية بهدف إنهاء وجودهم والقضاء عليهم كليا.
ما بين السابع من آب كل عام ذكرى شهداء الأمة الآشورية,وبين شهداء مجازر الإبادة العرقية في عام  1915, وما قبلها وبعدها مثل مذبحة سيميل 1933 وكذلك صوريا 1969,والمذابح المتكررة في العراق منذ 2003 مرورا بالحدث المأساوي 2014بغزوالإرهابيين نينوى بالتواطىء مع قوى مسيطرة عديدة كردية وعربية متشبعة بروح قومية ودينية عنصرية. وما جرى ويجري في الخابور والجزيرة السورية 2015واستشهاد دافيد جندو بأسلوب الغدر والخيانة قائد قوات حرس الخابورعلى يد مجموعات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي فرع حزب العمال الكردي التركي.ما يجمع تاريخ هذه االمآسي الفظيعة سويا هي رابطة الدم والشهادة التي رسخها الشهداء في وجداننا, من أجل الدفاع عن الحقوق القومية المشروعة,ومن أجل حرية أبناء الأمة.وهو أيضا تأكيدا على همجية وبربرية قوى شوفينية ودينية مجرمة تركية وكردية وعربية وفارسية تهدف لإنهاء الوجود القومي الآشوري والاستيلاء على أرضه التاريخية وفرض مشاريعهم العنصرية ومحو تاريخ هذا الشعب العريق الأصيل على أرض آشور.
ذكرى يوم الشهيد الآشوري دعوة لأبناء الأمة من أجل اليقظة والكفاح وتوحيد الجهود للتخلص والأنعتاق من نير العبودية والظلم والطغيان التي فرضته القوى الغازية والأنظمة الاستبدادية الحاكمة في بلداننا وكذلك القوى الظلامية الإرهابية الدينية والقومية العنصرية.وهي دعوة من أجل تحقيق طموحاتنا ومطالبنا القومية,لكي نحافظ على كياننا من الإنصهار والحفاظ على وجودنا على أرض آشور.وهي دعوة لبذل المزيد من الجهود والمشاركة مع كل القوى الشريفة التي تعترف بهويتنا القومية وحقوقنا الكاملة في ظل أنظمة سياسية ديمقراطية تعددية تصون حقوقنا وتعترف دستوريا وفعليا بكياننا وتحقق المساواة بدون تمييز بين مختلف مكونات المجتمع على أسس عرقية أو دينية أو سياسية.
إن روح الشهداء والتضحيات العظيمة التي بذلوها من أجلنا ستبقى نبراسا نهتدي بها من أجل تحقيق الأهداف التي قدموا حياتهم من أجلها.
عاش الشهيد الآشوري
عاشت الأمة الآشورية
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
حزب تحرير آشور
2015-08-03

59
متاهات المعارضات والحرب السورية
الدكتور جميل حنا
منذ أربعة أعوام ونيف من الحرب على سوريا وشعبها يخوض كفاحاُ مريرًا ويقدم تضحيات جسيمة من أجل الحرية والكرامة, ومن أجل وطن يكون لجميع أبناءه بدون تمييز.كانت أسباب إندلاع الثورة واضحة بالنسبة لجزء كبيرمن أبناء الشعب السوري.ولذلك خرج مئات الآلاف بل الملايين في كافة أنحاء سوريا إلى الشوارع في مظاهرات سلمية  كانت تطالب بالأصلاح ومن ثم لاحقا بإسقاط النظام .ومنذ البدأ أنتهجت سلطة الاستبداد العنف والقتل والتدميرالممنهج لأخماد ثورة الشعب السوري ومطالبه المحقة في الحرية والكرامة.ومنذ تلك اللحظة تمرالثورة في مراحل صعود وهبوط  وسلكت طرق عديدة ومنها حمل السلاح للدفاع عن الجماهير,وطرأت تغيرات جذرية على بنية الفصائل المسلحة والجيش السوري الحر وقوى المعارضة. وفي مرحلة التقدم الذي أحرزته المعارضة والجيش السوري الحر دفع بالمجموعات الإرهابية الأكثر همجية وعنفا لسحق الثورة ومحاربة الجيش الحر والنشطاء السلميين الميدانيين في الحراك الثوري السوري.وعندما أصبحت التنظيمات الإرهابية النصرة وخاصة داعش لها أمتداد جغرافي على مساحات واسعة من الأرض السورية.كان لا بد أن يصطدم هذا التوسع بشكل  ما مع سلطة الاستبداد ,كل واحد منهم يريد تعزيز وإثبات نفوذ سلطته وسيطرته على أكبر قدرمن البلد.لقد أنتقلت داعش من مرحلة الأداة في يد النظام إلى مرحلة بناء مشروع إقامة الدولة الأسلامية لأنها بالأصل كرست وجودها في الشمال والوسط وشرق سوريا بالتواطىء مع سلطة الآستبداد.وقد تراجعت فصائل الجيش السوري الحرأمام التحالف غير المعلن بين النظام وداعش والقصف المستمر بكافة أنواع الأسلحة وبالطائرات الحربية وأستخدام البراميل المتفجرة وحتى السلاح الكمياوي في المناطق التي كان يسيطر عليها الجيش الحر,حتى  تتمكن المجموعات الإرهابية للدواعش من الدخول وأحتلال تلك المناطق.والشيء الأخر الذي أدى إلى تراجع الجيش السوري الحر وأنحسار سيطرته في أماكن محدودة وخاصة في الجنوب هوبسبب التقاعس الدولي ومن أدعوا بأنهم أصديقاء وأشقاء الشعب السوري, وعدم تقديم السلاح الفعال والمساعدات اللازمة بل منع من أن يصل السلاح الفعال إلى يد الجيش الحر,بينما أحدث الأسلحة تسلم إلى داعش.أن سيطرة المنظمات الإرهابية داعش والنصرة على أجزاء واسعة من سوريا أحدث تحول دراماتيكي على مسار الثورة والمجتمع السوري, وأظهرت الفظائع والأخطاء الجسيمة والسلبيات الحقيقية والنظرة العنصرية بين مختلف مكونات وشرائح المجتمع السوري التي أظهرت للسطح تلك المشاعر وثقافة الكراهية التي كانت تغذى بمختلف الوسائل في المجتمع على مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن.ولكن هذه المشاعر كانت تخمد تحت سيطرة الحكم الديكتاتوري وسلطة الاستبداد وأجهزته القمعية المخابراتية, حتى إندلاع الثورة .وبعد أندلاع الثورة أستطاعت إستثمار هذه المشاعرالدينية والطائفية والعرقية والسياسية التي كرستها في المجتمع  لصالحها في صراعها ضد ثورة الشعب السوري.أن ما حدث ويحدث للبلد من الكوارث والمأسي الفظيعة والدمار والقتل والتهجير يتحمل مسؤوليتها نظام الاستبداد الأسدي والقوات المحتلة الأيرانية وميليشياتها  والمنظمات الإرهابية .ومع كل هذا كانت ثورة الشعب السوري حتمية تاريخية لا بد منها لإنهاء عقود من الحكم الديكتاتوري الفردي وإسقاط نظام الاستبداد والحزب الحاكم الواحد.ومنذ إندلاع الثورة في آواسط شهرآذار2011ولغاية اليوم حصلت تغيرات مأساوية كثيرة في الساحة الداخلية بين مختلف القوى الثورية المعارضة بكافة تياراتها العقائدية السياسية والدينية والمذهبية ,وبين كافة الفصائل المسلحة.وأنقسام دراماتيكي مؤلم بين مختلف مكونات الشعب السوري على الأصعدة الدينية والمذهبية والسياسية والأقتصادية.وأصبح كفاح الشعب السوري من أجل الحرية وبناء الدولة العصرية وبناء جسور الثقة بين مختلف مكونات الشعب السوري أكثر تعقيدا مما كان عليه في بداية الثورة,فعليه أن يحارب على جبهات عديدة كثيرة ويمكن أن نحددها في الأمور التالية: أولا إسقاط سلطة الاستبداد الطائفي الأجرامي في البلد.
ثانيا- محاربة الإرهابيين الوافدين من مختلف دول العالم وخاصة من الدول العربية والمنظمات الإرهابية والتطرف الديني.ثالثا – محاربة كافة المجموعات والفصائل الإرهابية الطائفية الغازية التابعة لملالي طهران وكذلك التدخل العسكري الأيراني .رابعا - محاربة ونبذ التعصب الديني والمذهبي الذي يلغي كيان الآخر,الذي لا يقبل إلا ذاته المقيته.خامسا- الصد للفكر القومي العنصري ,ومحاولات فرض مشاريع قومية شوفينية تقسيمية على أسس عرقية وجغرافية.سادسا- محاربة أمراء الحرب والأقتصاد والقضاء على نفوذهم ومصالحهم المدمرة للوطن والمعادية لطموحات الجماهير.سابعا- العمل على تحقيق استقلالية القرار الوطني السوري الذي يحرص على مصالح الوطن والشعب السوري بكافة مكوناته الدينية والعرقية بدون تمييز, والتخلص من الهيمنة  الخارجية المعادية بل المدمرة للبلد.ثامنا-السعي لبناء أفضل العلاقات مع مختلف دول العالم على أسس المصالح المشتركة وأحترام سيادة القانون والمواثيق والمعاهدات الدولية.ولكن هل الأرضية الثقافية مترسخة في كيان المجتمع السوري لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه,بالرغم من الحالة الكارثية التي يمر بها المجتمع كما ذكرسابقا.
أن هذه الأهداف يمكن تحقيقها عندما تتوفر الإرادة السياسية المبنية على مصلحة الوطن ووضع هذه النقطة المفصلية فوق كل الأعتبارات الأخرى منها الدينية والمذهبية والقومية والأقتصادية.وأن رأب الصدع في كيان المجتمع والدولة لا يمكن أن يتحقق إلا بالقضاء على الأسباب الحقيقية التي أدت إلى إنطلاق الثورة.إلا وهي الحكم الديكتاتوري واستبداد سلطة الفرد أو الحزب الواحد,الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية فعليا وعدم تشريع القوانين التي تخدم  وتحمي من هم في السلطة, دور الجيش في الدولةحماية الوطن وليس السلطة,مهام الأجهزة الأمنية ,أهمية وجود قوانين وضوابط عمل  صارمة تحد من طغيان هذه الأجهزة على أبناء الشعب, المحاسبة الصارمة وتطبيق القانون على الجميع بدون أستثناء مهما كان المركز الذي يشغله الفرد,التوزيع العادل للثروة الوطنية,حقوق القوميات.وهذه الأمور مجتمعة  دفعت بالجماهيرللخروج إلى الشارع سلميا تطالب بالحرية والكرامة,مرحلة ما قبل عسكرة الثورة.إذا كانت هذه الأسباب وراء إندلاع الثورة, فإذا لا بد من خطوات فعلية عكس ما كان قائما في مختلف مجالات الحياة وخاصة على صعيد إدارة الدولة ومشاركة كافة أطياف المجتمع ومسألة الحريات العامة وحقوق الإنسان, وحل مسألة الإثنيات العرقية بشكل يحفظ وحدة التراب الوطني,نبذ الطائفية والعنصرية الدينية والقومية.المعارضةالسورية بطيفها الواسع التي تعمل على إسقاط النظام تطرح حلول وتقدم أقتراحات بشأن إيقاف الحرب والمرحلة الإنتقالية  التي ترتكز على بنود  بيان جنيف الصادر في 30حزيران 2012 المقدم من قبل أمريكا وروسيا, كما تعمل المعارضة على تطبيق بيان جنيف فعليا. ولكن هاتان الدولتان لم تبذل مساع جدية لتطبيق هذه المبادىء التي أقترحتها على أطراف النزاع ,سلطة الاستبداد وقوى المعارضة .وبالرغم من عقد أجتماع جنيف  واللقاءات على مدى أيام لتطبيق هذه المبادىء إلا أن تعنت النظام والتمسك بالحل العسكري لإنهاء ثورة الشعب السوري أدى إلى فشل هذه المباحثات. ولم تمارس الدول المعنية بهذا الملف أي أمريكا وروسيا أي ضغوط على النظام للقبول بالمبادىء ألتي أقترحوها والتي من أجالها عقد مؤتمر جنيف.ومنذ فشل مفاوضات جنيف تحاول المعارضات السورية الاتفاق على  خطة موحدة من أجل الحل السياسي في سوريا.وقد عقد مؤتمر القاهرة آحدث مؤتمرات المعارضة بين 8-9 حزيران وبالطبع كما هو الحال مع بقية المؤتمرات  لم تشارك كافة قوى المعارضة في هذا المؤتمر. ولكن لو دققنا النظر في كافة الوثائق الصادرة عن مؤتمرات المعارضة بدأ من المجلس الوطني السوري والائتلاف وبعض الوثائق الجزئية من اللقاء التشاوري لمجموعة عمل قرطبة يرى المرء فيها طروحات إيجابية على المستوى النظري.بالرغم من التفاوت بينها من حيث الصياغة أو التطرق بوضوح وبشفافية تامة لبعض الأمور والضبابية والتعابير الفضفاضة في بعض الأمور.ولست بصدد المقارنة بين هذا وذاك,والذي أريد قوله الجميع متفقون على مبادىء بيان  جنيف. فإذا لماذا لم تتحد فصائل المعارضة التي ابدت أستعدادها وموافقتها على بيان جنيف من أجل الحل الديمقراطي السياسي والمرحلة الأنتقالية.ويبدوا أن عدم أمتلاك القرار السياسي المستقل لدى الغالبية الساحقة من قوى المعارضة ,وعدم وضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل الأعتبارات,والخضوع لأجندات القوى المحلية والأقليمية والعالمية  التي لها المصلحة في استمرار الحرب السورية,ما زالت مسيطرة على عقلية الجزء الأكبر من المعارضة.ولذا كل المبادىء الايجابية والأفكار المنطقية حول سوريا المستقبل التي تطرح من قبل المعارضة تبقى حبرا على ورق ما لم يقترن القول والكتابة بالفعل على أرض الواقع وذلك من أجل الأسراع في وقف الحرب المدمرة.وماذا تفعل كافة المعارضات أمام خطر فظيع يهدد كيان الوطن وتقسيمه إلى أجزاء,وضياع وطن بكامله.أن أفشال المخططات الخارجية والقوى الظلامية الإرهابية وسلطة الاستبداد لا يمكن القضاء عليه إلا بتوحيد الجهود والعمل حسب الرؤية السياسية المتفق عليها من أجل الحل وإنهاء الحرب, وكما ذكر هذا الأجماع قائم بين مختلف قوى المعارضة بالموافقة على بيان جنيف.ولكن في الواقع العملي أن ثقافة التمييز وسياسة التهميش والأقصاء من قبل شرائح واسعة من المعارضة سيؤدي إلى كارثة ,تؤدي إلى تدمير الوطن وسيتحقق المشروع التقسيمي للوطن وفق أجندات المشروع الغربي الأمريكي الصهيوني,وسيحصل كل من تعاون معهم على جزء من سوريا.وسيتم القضاء الكلي أو شبه الكلي على السريان الآشوريين في الجزيرة السورية,ويتقلص الوجود المسيحي في أجزاء سوريا إلى نسبة قليلة جدا,بعدما كانوا يشكلون ثلث السكان قبل ستة عقود.
2015-06-25





60
الذاكرة الحية في المنتدى العالمي ضد جريمة الإبادة - يريفان
الدكتور جميل حنا    
الذاكرة الجماعية للشعوب أحدى الوسائل الفعالة للحفاظ على الأرث الثقافي والحضاري والعادات والتقاليد وحكايات الأباء والأجداد عبر مسيرة التاريخ الطويل.ولكل منها ميزتها الخاصة,قد يخفت بريق البعض منها عبرالزمن أو يدخل في طي النسيان.إلا أنه هناك بعض القضايا المصيرية التي تلعب دورا رئيسيا في حياة الشعوب لا يمكن وضعه في طي النسيان بالرغم من كل محاولات الكتمان أو التنكرله.هذا هو حال ذاكرة ثلاثة شعوب تعرضت لجرائم الإبادة العرقية على يد العثمانيين الأتراك قبل مائة عام.الذاكرة الحية كانت حاضرة وبشكل قوي في المنتدى العالمي ضد جرائم الإبادة العرقية التي شارك فيها ممثلي أكثر من 65 دولة ومنظمات عالمية وأقليمية ومن ضمنهم ممثلي برلمانات دول من منطقة الشرق الآوسط ومن مختلف بقاع العالم  ونائب رئيس البرلمان الأوربي ورؤساء بعض الدول ومنهم الرئيس بوتين رئيس روسيا الاتحادية وكذلك الرئيس هولاند رئيس فرنسا ورؤساء كل من قبرص وصربيا ورئيس اتحاد جمهورية البوسنة والهرسك وعشرة وزراء من بينهم وزير الخزانة الأمريكي ووزير خارجية لبنان ووزير الصحة الإماراتي ووزير الهجرة الكندي ,إلى جانب رئيس أرمينيا سرج سركيسيان,وكذلك وفد المنظمات الآشورية, وكان لي شرف العضوية فيه.وكان من الفريد أن تلاحظ كيف تعيش الذاكرة الجماعية للأرمن والآشوريين واليونان حية حاضرة وبشكل حيوي ليس فقط لدى أبناء هذه الشعوب بل أيضا لدى جميع من شارك في هذه الذكرى من مختلف بقاع العالم وفي طروحات وأفكار العلماء من مختلف الأختصاصات والسياسيين المشاركين في هذا المنتدى العالمي وعلى قدرمن التفاوت بين هذا وذاك.ولكن ما هو مؤكد أن كافة الكلمات التي ألقيت من قبل الرؤساء,وممثلي برلمانات الدول والعلماء والمختصين والكتاب القانويين والمؤرخين والباحثين في شأن جرائم الإبادة,أدانوا جرائم الإبادة العرقية التي تعرضت له هذه الشعوب,والتنكرلها,من قبل ورثة المخططين الفاعلين والمنفذين لتلك الجرائم.كما أدانوا كافة جرائم الإبادة ضد الشعوب منها القديمة والحالية,وخاصة في العراق وسوريا.
أن تمسك  الآشوريين والأرمن واليونان بحقهم الحفاظ على ذاكرتهم حية في شأن جرائم الإبادة هو كفاح من أجل العدالة والسلام والحق والحقيقة والاعتراف بهذه الجرائم وما يترتب عليها من خطوات فعلية كفيلة ببناء علاقات أفضل بين شعوب المنطقة,وهي خطوة نحو وضع عقبة أمام إرتكاب المزيد من الجرائم كما يحدث في يومنا هذا في العديد من بقاع العالم.وأما التنكر لهذه الجرائم هو التأكيد على السير في نهج الكراهية والأحقاد والبغضاء لأرتكاب جرائم جديدة والاستمرارعلى ذات المنطق الفكري الأيديولوجي الذي أرتكب تلك الجرائم البربرية قبل مائة عام. ولذا كانت الدعوة للتحلي بالجرئة والاعتراف بالخطيئة سيفتح آفاق جديدة لإنهاء جرائم الإبادة,وتحقيق السلام بين مختلف الأعراق والأديان
 شعوب بلدان الشرق الآوسط وفي بقية البلدان التي يوجد فيها صراعات إثنية ودينية ومذهبية.وقد أكد فيجان سركيسيان,رئيس ديوان الرئاسة الأرمنية على فكرة هامة جدا حيث قال"إن فكرة ترك التاريخ للمؤرخين تلقي بظلالها على صناع القرار في تركيا,مؤكدا على أهمية التعامل مع جريمة الإبادة على المستوى السياسي بين الحكومات وأنها تتطلب شجاعة سياسية وأنه لا يمكن ترك القضية للمؤرخين وننسى الإطار السياسي والاجتماعي والقانوي للإبادة,والذي سيؤدي إلى وقوع مزيد من الإبادة".أن الأحتفال بالذكرى الئوية للإبادة يهدف إلى زيادة الوعي لدى الرأي العام العالمي ولأن الإبادة ليست ضد شعب واحد وإنما ضد الإنسانية عامة"
وفي صباح 22 نيسان افتتح لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الحالي جلسات المنتدى.وتناولت الجلسة الافتتاحية قضايا منع جرائم الإبادة وفقا لمباديء القانون الدولي، والقضاء على عواقب الإبادة المؤلمة.وتركزت كلمات ممثلي الدول على ضرورة وقوف المجتمع الدولي بجانب المجتمع الارميني في محنته التي يعاني منها منذ مائة عام.وفي اليوم التالي كانت الجلسة مخصصة للبرلمانيين وعقدت تحت عنوان" برلمانيون ضد الإبادة" شارك بها برلمانيون من الكثير من الدول.
وترأس الجلسة الافتتاحية للمنتدى الذي استمر يومين سيرج ساركسيان رئيس أرمينيا ورئيس برلمان أرمينيا جالوست ساهاكيان ووزير الخارجية إدوارد نالباناديان والكاثوليك كاريكين الثاني مطران عموم الأرمن والأمين العام للمجلس الأوروبي ثوربيورن جاجلاند إضافة إلى رئيس المنظمة الدولية لباحثي المذبحة دانييل فييرستين.
 طالب السيد سيرج سركيسيان رئيس الأرمن المجتمع الدولي الاعتراف بجرائم الإبادة التي ارتكبتها تركيا ضد شعبه,وأكد الرئيس الأرمني على أن الهدف من المنتدى هو دعوة المجتمع الدولي للا لتفاف إلى خطرالإبادات الإنسانية التي تحدث من قبل بعض المنظمات العالمية.التذكر يفيد الأحفاد الجدد لمعرفة تاريخ أجدادهم وما حدث لهم, وأن هذه الطريقة الصحيحة للمصالحة, كما أن نسيان الضحايا يساوي قتلهم مرة أخرى". وقال أن انكار الإبادة الجماعية ليس فقط ضياع لحقوق وكرامة الشعب الذي تعرض للابادة ولكن يدمر أسس الحقوق العالمية والاخلاق ويتسبب في دمار كبير للعلاقات بين الدول والشعوب والتعايش السلمي، مؤكدا أن تجاهل جزءا من المجتمع الدولي ووقوع جرائم الإبادة والسماح بعدم المعاقبة والإدانة والإنكار يتسبب في مزيد من جرائم الإبادة و خسائر في الأرواح,وأن هذا التفكير الشرير الذي خطط ونفذ المذابح الوحشية التي ارتكبت في حق الأرمن ولد عنه وقوع الهولوكست وجرائم الإبادة في رواندا ودارفور، لافتا إلي أن الإنسانية تدفع ثمنا باهظا بإنكار جرائم الإبادة.
وإن الإبادة الأرمينية جريمة ضد الإنسانية والحضارة، مشيرا إلى أن الأرمن الناجين من المذبحة عاشوا في دول كثيرة، ولم ينسوا وطنهم الأم, ومن ارتكب الإبادة أقول له أنه سيفشل في إزالة وتدمير ما يؤكد ويثبت ارتكابه للجريمة.
كما قدم سيرج ساركيسيان رئيس جمهورية أرمينيا، الشكر للشعب العربي الذي وفر "ملاجيء آمنة للجاليات الأرمينية من جريمة الإبادة على يد الأتراك" حسب تعبيره، كما قدم الشكر لأصدقاء من تركيا وروسيا وأمريكا وأوروبا، ساهموا في احتضان الأرمن وتخفيف معاناتهم. وذكر سركسيان أن بلاده تحيي ذكرى عمليات الإبادة التي وقعت قبل ١٠٠ عام، لأن هناك التزاما أخلاقيا تجاه "مليون ونصف مليون" أرمني، خسرتهم، في مجازر بدأها حزب "تركيا الفتاة" بقتل المفكرين الأرمن في القسطنطينية، مستشهدا بمقولة لأحد حائزين جائزة نوبل الذي قال إن "نسيان الضحايا يساوي قتلهم مرة أخرى"
أكد كيراكين الثاني كاثوليكوس مطران عموم الأرمن أن تجاهل جرائم ومجازر الإبادات وعدم التنديد بها هي أداة ممنهجة لاستفزاز شعب أرمينيا. وأضاف أن الإنسانية لديها واجب النضال المعنوي ضد المجازر,فآلاف البشر يصبحون ضحايا القتل الممنهج وخاصة في بلدان الشرق الآوسط.إنكار بعض الدول للاعتراف بالإبادة الجماعية التي حدثت للشعب الأرمني أنها تتسبب في تكرارها مستقبلا وتـنظيم حملات ممنهجة لتزوير التاريخ.
المنتدى وجه رسالة إلى المجتمع العالمي لإطلاعه على أنه ما زالت هناك جرائم لا إنسانية تحدث ولا بد من التصدي لها قائلا " لا لجرائم قتل الإنسانية"
وقد استهدف المنتدى تعريف العالم بجرائم الإبادات العرقية على مر التاريخ, وخصوصا المذابح التركية ضد الشعب الأرمني وأيضا الآشوريين واليونان والتي حدثت عام 1915
كما تطرق الكثير من المشاركين إلى جرائم الإبادة التي تحدث في سوريا والعراق من قبل أطراف عديدة.
وعبرت بارونيس كارولينا،ممثلة البرلمان البريطاني،عن خجلها لعدم اعتراف بلادها حتى الآن بالإبادة التركية للأرمن وطالبت خلال مشاركتها في المنتدى الدولي "ضد جرائم الإبادة" والمنعقد في العاصمة الأرمنية يريفان، بمواجهة كل ملامح المجازر في العالم، عن طريق الاعتراف بكافة المذابح.وقالت:"من مصلحة تركيا الاعتراف بالمذبحة"، مؤكدة احترامها للمجموعات والأفراد والمؤسسات التركية التي تدعم حق الأرمن في الاعتراف بمذابح الإبادة العرقية.

أن إنعقاد المؤتمرتحت شعار"أتذكر وأطالب"حتى بعد مائة عام من إرتكاب أسوأ جريمة إبادة,واهتمام المجتمع الدولي وتزايد عدد الدول التي تعترف بهذه المجازريعززثقة أهل الضحايا بأنه لا بد أن يأتي يوما ويعترف أبناء وأحفاد من أرتكبوا الإبادة بهذه الإبادات,لأن التنكر لقتل الإبرياء يساوي قتلهم مرة أخرى.أن السير والتمسك بنهج الأنكار هو سير مستمر في درب الكراهية والقتل, وهو تمسك بطبائع إجرامية.العالم لا يبنى بالأحقاد والبغض والكراهية والقتل,وأنما التمسك بالقيم الإنسانية بالسلام والمحبة وطلب الغفران عما أرتكب من خطيئة وذنوب.أن أصدار" إعلان يريفان" عن المنتدى العالمي المنعقد بين 22-23نيسان 2015ستبقى وثيقة تاريخية هامة يمكن الأعتماد عليها من أجل الاعتراف بمجازر إبادة الأرمن والآشوريين واليونان.
2015- 05-01

61

إلى أخي العزيز
خوشابا سولاقا
لك مني ألف تحية أخوية وأشكرك جزيل الشكرعلى تشجيعك وتعليقاتك الإيجابية,ولا بد لي أن أقدم أعتذاري لك كما قدمته لأخوة أعزاء آخرين بسبب تقصيري نحوك ونحو بعض المعلقين الكرام على مقالاتي أو عدم توفر الظروف لأسباب قاهرة, التعليق على مقالاتكم الرائعة المليئة بالأفكار والطروحات المفيدة لنا جميعا.كما أقدرعاليا كتابات الكثير من الكتاب الأفاضل التي تنشرعلى موقعنا الألكتروني عنكاوا كوم الملتزم بقضايانا القومية والإنسانية.
أخي العزيز كل كلمة تضاف تعليقا من قبلك على مقالاتي فهي غنى بالنسبة لي وأفتخر بها وأرحب بها وأتقبل بسعة الصدر أي أراء ومواقف لا تتفق مع آرائي.
الذكرى المئوية للمجازر يظهر مدى حرص أبناء أمتنا بكل تسمياتهم ومذاهبهم الوقوف أمام هذا الحدث التاريخي المأساوي, وأصبح الجميع اليوم يتحدثون عن مجازر إبادة شعبنا( سيفو). ولكن الوضع لم يكن هكذا قبل أعوام ,وهذا يعد خطوة إيجابية. وبكل فخر نقول أن الجهود المبذولة من قبل أفراد الشموع المجهولة تعطي ثمارها اليوم إلى حد ما.عندم أخرجنا قضية مجازر شعبنا من بين الجدران الأربعة إلى الساحة العالمية قبل أكثر من سبعة عشر عاما تعرضنا إلى هجمة شرسة من الأعداء ونقولها بكل ألم شديد إلى هجمة لا تقل شراسة من داخل صفوف شعبنا . ولن أدخل الآن في التفاصي المؤسسات والأحزاب السياسية والمدنية والدينية ألتي أعترضت على كفاحنا من أجل قضية الأعتراف بالمجازر. بالطبع كنا نتفهم هذه الردود السلبية والمحاربة الشديدة التي لها جذورعميقة في مجتمعاتنا ورثناها بسبب القتل والإرهاب الدائم ولاستبداد والخوف الشديد الذي كان لا بد من كسر أسوار الخوف والأنطلاق نحو العالمية ورفع الصوت عاليا في وجه الطغاة . وتوحيد صفوفنا من إجل نيل حقوقنا الكاملة بدون نقصان.
وهذه الأمور الهامة أكدة عليها في عام 2001 في لاهاي هولندا أمام محكمة العدل الدولية, وهذه نص الكلمة :
 
ألقيت هذه الكلمة بتاريخ 24 نيسان 2001 أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي (هولندا).أمام المشاركين عن الأضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أيام,إحتجاجا على مذابح الإبادة العرقية في الذكرى السادسة والثمانون,التي أرتكبت ضد أبناء الأمة الآشورية بتسمياتهم المختلفة.وقد شارك وتضامن مع هذا الحدث أشخاص من مختلف التسميات السائدة بين أبناء شعبنا وقوى وأحزاب سياسية ورجال دين بصفة شخصية لا تمثل الجهات المنتمية إليها.وقد نظم هذا الأضراب عن الطعام حزب تحرير آشور,ولجنة متابعة مجازرإبادة الآشوريين (سيفو )العالمية التابعة للحزب.وكانت هذه كلمة اللجنة المنظمة للأضراب التي كلفت بكتابتها وألقائها أمام الحاضرين, وكمشارك في الأضراب عن الطعام.
الأخوة والأخوات المضربين عن الطعام
الأخوات والأخوة المشاركين في هذا الأحتجاج ضد المجازر والظلم والقهر والعدوان.
جئنا اليوم إلى هذا المكان (أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي,هولندا) لنتذكرمآسينا ونحن نحني برؤوسنا وهاماتنا حتى تلامس الأرض إجلالا وخشوعا أمام ذكرى ضحايا مجازرالإبادة الجماعية التي أرتكبها الطغاة السفاحين في 24 نيسان عام 1915.خلال الحرب العالمية الأولى في طور عابدين,آميد آورهي هكاري وآورمي, وفي كافة بقاع بيث نهرين الذين سفكت دمائهم في أبشع مجزرة نفذت بحق شعبنا المسالم.
اليوم نتذكر بمرارة وبألم وحسرة ضحايانا الذين سقطوا في هذه المذابح والتي تجاوزت بضع مئات الآلاف من الشهداء من مختلف كنائس شعبنا بتسمياتهم المختلفة.وتشريد مئات الآلاف وتدمير قراهم وكنائسهم وأديرتهم,والأستيلاء على كافة ممتلكاتهم,ومثلت بأجسادهم بشكل وحشي,وارتكبت أفظع أنواع الممارسات البشعة اللاإنسانية.
24 نيسان يوم مشؤوم في تاريخنا المجيد,ذكراه سجل بالدم,وحفرت آلامه في أعماق وجداننا لا ينسى مدى الدهر.وفي الوقت ذاته سجل قاتم ودليل ساطع على همجية وبربرية الطغاة السفاحين أعداء الإنسانية والمدنية المتعطشة لدماء الأبرياء.الذين أرتكبوا جرائمهم الشنعاء في كل مكان على أرض وطننا آشور.بهذا التاريخ قامت الأفواج الحميدية بالتعاون مع العشائرالرجعية الكردية التي سلحتهم الدولة التركية ونفذوا جرائمهم سويا.
في هذا اليوم يكون قد مر ست وثمانون عاما على تلك المجازر التاريخية المأساوية بحق شعبنا.ولكن ذكراها ما زالت ماثلة أمام أعيننا جميعا بما فيها الجيل الصاعد ,لهول المصيبة, وهي تترسخ أكثر فأكثر في وجداننا.مازالت حوادثها الأليمة حية في نفوسنا ويسمع في الآذان أنين آلام الأطفال والنساء الحوامل اللواتي بقرت بطونهن,والرجال المسنين والعزل من كل سلاح,إلا من سلاح إيمانهم بعقيدتهم الدينية والقومية.أن معاناة الألم توحد أبناء أمتنا أينما كانوا,ليس هناك من قوة في العالم تستطيع من صدنا عن طريقنا بتوحيد مشاعرنا الجياشة في هذا اليوم الملىء بالإرادة والتصميم على تحقيق وحدتنا.ولنحول هذا اليوم إلى يوم غضب عام,وكشف حقائق السفاحين وأفعالهم البربرية للرأي العام العالمي.لنحول 24 نيسان إلى يوم رمز وحدتنا القومية.أن أعظم وأعتى قوة تضعف وتزول أمام قوة أبناء شعبنا الموحد.وأقوى إرادة شرظالمة في العالم يجب أن تخضع صاغرة ذليلة أمام الحق والعدل,حينما يهدد بها أبناء أمتنا بصوتا واحدا.يجب أن لا يموت هذا الصوت الذي ينادينا للحياة الحرة,لأنه يريد تحررنا ورفع الظلم عنا.إرادة أمتنا تدك وتحطم قيود الظلم والحرمان ولننشد للحرية سويا.ويتحقق كل ذلك حين يتحد أبناء شعبنا في سبيل مصلحتهم القومية.
اليوم في ذكرى مأساة مجازرالإبادة نتناول حالة وطننا الممزق وما تعرض له شعبنا من مآسي فظيعة عبرالتاريخ الطويل.وما علينا في هذه المناسبة الأليمة إلا أن نتكاتف ونتضامن سويا,ونبني جبهتنا القومية الشاملة ووحدتنا القومية لنحافظ على وجودنا من الإنصهاروالفناء.ولصد التحديات المدمرة التي تواجه أبناء أمتنا بجميع تسمياتهم والنهوض بمسؤولياتهم القومية إستنادا إلى الإرث التاريخي المشترك الذي يجمعنا.
إن صرخة الألم النابعة من دم شهدائنا وأرواحهم تدعونا للوحدة والكفاح.وتسألنا إلى متى نظل متفرجين صامتين غيرمنظمين.أن وحدتنا هي الضمانة الأكيدة لنحافظ على كياننا وتراثنا ولغتنا وتاريخنا وثقافتنا المميزة,التي قدمت كنوزالعلم والنور للبشرية جمعاء.وقوفنا اليوم أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي(هولندا) للمرة الأولى في تاريخ شعبنا لنتذكر فيها مجازر الإبادة الجماعية , ليكن بادرة خير لاتحاد أبناء شعبنا بتسمياتهم المختلفةآشوريين سريان, كلدان.أرواح شهداء مجازرالإبادة (شاتو دو سيفو) التي أزهقت فداءلأجل دينهم وقوميتهم.يدعوننا إلى روح العمل الجماعي واليقظة حيال مكائد الأعداء وغدرهم.
الاتحاد إذا هو ضالتنا المنشودة!
إن دماء شهدائنا وأرواحهم الطاهرة المتناثرة على قمم جبال طورعابدين وآشور وكل بقعة من أرض وطننا بيث نهرين أصبحت وردا تقلع الشوك من طريق شعبنا.وتجعلنا أن نقف بخشوع وإجلال لذكراهم ,لأنهم سطروا تاريخ أمتنا بالنور والدم.وهم ضمير أمتنا الحي,ومشاعل تضيء الطريق أمامنا جميعا وأمام الأجيال القادمة,وجسرا نعبره نحو الخلاص والحرية .دم الشهداء أمانة في أعناقنا, والوفاء لأرواحهم الطاهرة فريضة دينية وقومية.أننا مدعون لرفع أصواتنا إلى الرأي العام العالمي دول وهيئات دولية ومؤسسات إنسانية بفتح ملف قضية شعبنا والاعتراف بحقوقنا الإنسانية والقومية المشروعة والتضامن مع قضيتنا العادلة.
كما نطالب محكمة العدل الدولية بشكل خاص بفتح ملف مجازرالإبادة الجماعية التي أقترفتها الدولة التركية بحق شعبنا وتقديمها للمحكمة والاعتراف بالجرائم التي أرتكبتها  ضد شعبنا وتعويضه عن الخسائر البشرية المعنوية والمادية التي لحقت به.
يا أبناء أمتنا العظيمة!
لقد آن الآوان لنا جميعا أن نرفع أصواتنا عاليا ونطالب بحقوقنا المقدسة التي هضمها الطغاة السفاحين وفي المقدمة منها حقوقنا القومية كأمة كاملة دون نقصان أو المساس بوحدتها.الاعتراف بمجازرالإبادة التي نفذت بحقنا.أهيب بكل أحزابنا وتنظيماتنا السياسية ومؤسساتنا الثقافية وكنائسنا وأبناء شعبنا جميعا في هذا اليوم المشؤوم,أن نوحد صفوفنا ونهدرمعا بصوت قويا واحدا في وجه الطغاة: ها نحن هنا كل أفعالكم الشنيعة وجرائم العار المسجلة في تاريخكم لم تقهرنا أو تثني من عزيمتنا!ها نحن هنا عاقدين العزم أن نتابع مسيرة الأباء والأجداد الذين وقفوا في وجهكم بكل شجاعة وإخلاص وتفان لأجل دينهم وقوميتهم,ولم يرضوا العيش بالذل والعار, لم يرضوا العيش إلا بالشرف والكرامة.المجد والخلود لشهداء مجازرالإبادة(شاتو دو سيفو).المجد والخلود لكافة شهداء أمتنا الذين سقطوا دفاعا عن كرامتنا.
عاش نضال أمتنا العادل لأجل حقوقها القومية.
مجلة فرقونو العدد 4, نيسان سنة 2001(6751)آشورية
تقبل فائق أحترامي ومحبتي الأخوية ودمتم
لأخوكم  جميل حنا
2015-04-19

62
الذكرى المئوية لإبادة الآشوريين والأرمن واليونان في الأمبراطورية العثمانية


الدكتور جميل حنا
الذكرى المئوية لمذابح إبادة التطهيرالعرقي الجماعي ضد أبناء الأمة الآشورية بكل تسمياتهم  ومذاهبهم الكنسية  والأرمن واليونان وبشكل عام المسيحيين على يد العثمانيين الأتراك وحلفائهم من الغالبية الساحقة من العشائر الكردية,حدث تاريخي مأساوي بكل المعايير.المنعطف التاريخي لهذه الذكرى الآليمة فرصة لتذكير الأجيال التي لم تعش الحدث,عن وقائع تلك المجازرالبربرية التي أقترفها الجزارون بني عثمان وحلفائهم من العشائر الكردية ضد إناس م
سالمين لم يرتكبوا أي جرم أوحملوا السلاح ضد مضطهديهم.بل فقط لأنهم ينتمون إلى دين وإثنية عرقية أخرى.وعلى كل إنسان مخلص للقيم الإنسانية أن يتمسك بالحقيقة والوقائع الفعلية على الأرض بعيدا عن روح التعصب الديني والقومي.وعلينا ذكر الحقائق التاريخية كما هي بدون تجميل أو تشويه كما قال الفيلسوف الآشوري السرياني أوقيانوس بارسيادوس(125-185) "أن مهمة التاريخ قول الحقيقة وليس الاهتمام بالجمال,فمن الخطأ أهمال ذكر الحوادث" وقال أيضاً: "أن التاريخ لا يحتمل البتة السماح بالكذب مهما كان طفيفاً" ولذا من الخطأ مجاملة أي فردا أوأي جهة من أجل مواقف سياسية أو شخصية,ولن أشوه أو أصمت عن الجريمة أو ذكر نصف الحقائق على حساب الحقيقة والحق والعدالة.ولن أتخلى عن ذكر الحقيقة كاملة,والتستر على البعض وسأكون واضحا كوضوح الشمس كما أنا عليه في كل طروحاتي التي هي في متناول الجميع ويمكن الأطلاع عليها في العديد من المواقع الألكترونية وقبل ذلك في بعض المجلات الدورية,ولأن الحدث المأساوي الفظيع لا يحتمل البتة السكوت عن ذكر الحقائق.وكما قلت مرارا ليس هدفنا هو زرع روح التعصب والفتنة وأنما ألتزامنا بالحقيقة, وأن يكف القتلة عن جرائمهم,ودعوة إلى يقظة الجميع للعمل لوضع حدا للأعمال الأجرامية والعمل سويا من أجل بناء مجتمعات إنسانية خالية من العنف والقتل والدمار والظلم والاستبداد والطغيان,وطن و مجتمع يكون لكافة  أبناءه بدون تمييز ديني او قومي, مجتمع العيش المشترك والسلام.لقد مضى مائة عام على تنفيذ أكبر مذبحة بربرية بشعة في التاريخ البشري,مائة عام من العار على من أرتكبوا تلك المجازر وولأنهم يتنكرون للإبادة , ومائة عام من العار على دول العالم وقادتها الصامتين على هذه المجازر الرهيبة.حيث قتل خلال فترة زمنية قصيرة بتخطيط وتنفيذ السلطات العثمانية التركية بالتعاون مع حلفائها في أعوام الحرب الكونية الأولى 1914-1918 وحتى بعد هذه الفترة الزمنية أكثر من خمسمائة ألف من الآشوريين ومليون ونصف من الأرمن ومئات الآلاف من اليونان.آلام مائة عام من المآسي ما زالت حية في وجدان أبناء هذه الشعوب,ومذابح الإبادة مستمرة حتى يومنا هذا ضد المسيحيين بشكل عام في بلدان الشرق الآوسط.هذه المجازرأرتكبت بدافع الحقد والتعصب الديني والقومي لإنهاء كيان ثلاثة  شعوب كانوا يعيشون على أرضهم التاريخية قبل أن تغزوهم قبائل الرعاة الهمج القادمين من السهول المغولية والفارسية في غفلة من الزمن والمتعطشين للدماء وحياة الأبرياء من الناس المسالمين.مجزرة واحدة أستهدفت ثلاثة شعوب وتم القضاء عليها وأقام الغزاة سلطتهم عليها بالحديد والنارعلى تلك البقعة الجغرافية التي كانت لآلاف السنين مركز حضاري وثقافي يشع منه العلم والمعرفة والرقي الإنساني.
أن الهدف الرئيسي من أرتكاب تلك المجازرهو التخلص من غير المسلمين وغير الجنس التركي.وكما ورد على لسان قادة حزب الاتحاد والترقي التركي,الذين قاموا بالتخطيط والتنفيذ الدقيق لتلك الإبادة العرقية الجماعية, وذلك بدافع التعصب الديني والقومي على عكس الشعارات التي طرحها هذا الحزب(الحرية,والعدالة, والمساواة):"ولكن سرعان ما أعلن الأتراك الفتيان عن سياسة التتريك الشوفينية,أي توحيد جميع الشعوب التركية تحت قيادة تركيا.وكما كانت قبيل الحرب العالمية الأولى كذلك ابانها كانت القيادة التركية الفتية ترى حل المسألة القومية في تركيا عن طريق الإبادة الجسدية للشعوب المسيحية أو تهجينها بالقوة.وقد أكد على ذلك الكثير من قادتهم ومنهم الدكتور ناظم منظر واحد اقطاب السياسيين الأتراك الشبان بقوله:"فقط لو يقف المحرضون من صوفيا وأثينا عن التدخل في شؤوننا عندها سنحقق الحرية الحقيقية وحينها سيرى الجميع كيف سنذوب بسهولة جميع اليونانيين والعرب والالبان ونصنع منهم شعبا واحدا ذو لغة ام واحدة" وكررمواقفه الشوفينية هذه حينما أكد في احدى أجتماعات حزب فتاة تركيا"اريد بان يعيش على هذه الأرض التركية,فقط التركي, ويسيطر دون منازع,فليغيب جميع العناصر الغيرالتركية من أية قومية أودين كانوا,يجب تنظيف بلادنا من العناصرغيرالتركية"وقد كرر ناظم زميله في الحزب شاكرالذي اعتبر"انه في ثقافتنا القومية يمكن ان نسمح بالازدهار للبذورالتركية فقط.نحن ملزمون بتنظيف وطننا من جميع الشعوب غير القريبة المتبقية واقتلاعهم من جذورهم كما تقتلع الاعشاب الضارة,هذا هوهدف وشعار ثورتنا" وصرح انور احد الحكام الثلاثة القائدين للبلاد بقوله:"انا غير ناوي فيما بعد على تحمل المسيحيين في تركيا".وبعد فترة من ذلك(أي في صيف 1915)اعلن وزير الداخلية طلعت عن نوايا الباب العالي:"باستغلال الحرب العالمية من أجل التخلص نهائيا من الأعداء الداخليين,الذين هم(المسيحيين المحليين) كون ذلك لا يستدعي حينئذ تدخلا دبلوماسيا من الخارج".وانطلاقا من توجيهات القيادة التركية الفتية بدأت الاوساط الحاكمة في الامبراطورية العثمانية بتطبيق برنامج مدروس بدقة وتخطيط وتنفيذ خاص بإبادة المسيحيين القاطنين في تركيا بما في ذلك الشعب الآشوري).وهذه الأفكار التي طبقت عمليا تدحض كل الطروحات التي تنادي بها الحكومات التركية منذ قيام الجمهورية التركية في عام 1923حتى يومنا هذه بأن الحرب والخيانة أي العمالة والتعاون مع القوى الأجنبية والحصاروالمجاعة والحرب الداخلية هي سبب موت بضع مئات الآلاف من الناس.وهذا الأدعاء أفتراء ولا ينطبق على الحقائق التي جرت حينها,وأن التنكر لها وحرف وتشويه الحقائق لن يدفع الأمورنحو إيجاد الحلول المناسبة وتطبيق العدالة الإنسانية لكي يوضع حدا لإرتكاب المجازر الحالية بحق الشعوب.وليس صحيحا إدعاءات الساسة والدبلوماسية التركية وأستنادا إلى الدراسات والأبحاث بعض الكتاب الأتراك أنفسهم:منهم مولان زاده الذي كان شاهد عيان وذات نفوذ في بلاط السلطنة العثمانية ومطلع على كواليس ومجريات صنع القرارات السياسية صاحب كتاب" الوجه الخفي للإنقلاب التركي" صدرعن مطبعة الوقت
بحلب 1929. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=211871
كما يوجد العديد من الكتاب والباحثين الأتراك الحاليين المختصين مثل كمال يالجين يؤكدون في أبحاثهم وعشرات الكتب التي أصدروها بأن المجازرأرتكبت على خلفية عقائدية دينية وقومية وسياسية عنصرية أستهدفت وجود المسيحيين من الآشوريين والأرمن واليونان. يقول الكاتب عندما دخلت العشائر التركية إلى أراضي تركيا الحالية قبل ما يقارب حوالي 900 عام كان عددهم أربعمائة ألف.وكان عدد المسيحيين من الآشوريين والأرمن واليونان خمسة ملايين إنسان.وحسب الأحصاء التركي الرسمي لعام 1913كان عدد سكان تركيا الحالية ستة عشر مليون ونصف من بينهم أكثرمن أربع ملايين مسيحي منهم مليون من أبناء الشعب الآشوري بمختلف مذاهبهم الكنسية.واما حاليا فأن عدد سكان تركيا البالغ ثمانون مليون تقريبا فلا يوجد سوى مائة ألف مسيحي بدلا من أن يكون على أقل تقدير حسب نسب الزيادة الطبيعية أكثر من عشرين مليونا مقارنة مع العدد الأجمالي لسكان تركيا حاليا.ولا يوجد في جنوب شرق تركيا المناطق الأساسية لمناطق سكن الشعب الآشوري بدأ من بحيرة وان وهكاري وطور عابدين وآميد (ديار بكر)وأنطاكية سوى بضعة آلاف.لقد تم إبادة أكثر من ستمائة وخمسون ألف منهم أثناء الحرب الكونية الأولى.ولذا ليس صحيحا الأدعاء بأن البعض مات بسبب المجاعة أو بعض اعمال الشغب التي حصلت أثناء الحرب.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=232163
وإذا كان الأمر كذلك لماذ حاولت الدولة التركية الحديثة إخفاء الوثائق والصحف الصادرة في تلك الحقبة، ولكنها لم تفلح بالرغم من رصدها طاقم بشري ومادي كبير لتلك الغاية ومن أجل تحريف الحقائق التاريخية.برغم من كل المحاولات لم يقتنع أحد بالإدعاءات التركية، بأنها لم ترتكب المذبحة.ونحن نأمل أن تأخذ العدالة مجراها بشكل قانوني بحق من أرتكب مجازرالإبادة الجماعية,أي السلطة الوريثة.وأن تعترف بلدان العالم بمجازر الإبادة العرقية التي ارتكبت بحق شعبنا والأرمن وبقية الفئات على الأرض التركية خلال الحرب الكونية الأولى.ووفقاً للمصادر العثمانية التركية نفسها ومن خلال الوثائق الرسمية الصادرة من وزارة الدفاع والداخلية ورسائلها الموجهة إلى ولاة الولايات التركية ورسائل الولاة إلى الحكومة المركزية في القسطنطينية (اسطنبول)والتي تؤكد تنفيذ المذبحة بحق أبناء الأمة الآشورية بكل تسمياتهم.ومرة أخرى الوثائق التركية ذاتها التي كشف عنها البرفسور "كانت" السويدي تدحض كل المحاولات الفاشلة لتنكر حدوث المجازرأوالمبالغة في الأرقام.وهذه الوثائق الرسمية العثمانية المحررة آنذاك والتي تؤكد وقوع المجازرالوحشية البشعة.ومن خلال عرضه لإحدى الوثائق الرسمية من الأرشيف التركي والتي بينت عدد السكان والقتلى في منطقة آمد (ديار بكر) ومن مختلف الطوائف المسيحية الذين عاشوا على أرضهم التاريخية وهنا أسجل بعض الأرقام وكما وردت في الوثيقة الرسمية العثمانية التركية والتي عرضها البروفسور "كانت"
(الأرمن الغريغوريون عدد السكان 60 ألف وقتل منهم 58 ألف وتكون نسبة القتلى 97%، الأرمن الكاثوليك العدد 20020 وقتل منهم 11010 بنسبة 55%، الكلدان 11020 قتل منهم 10100 بنسبة 92%،السريان الأرثوذكس العدد 84725 قتل منهم 60725 وبنسبة 72%، البروتستانت العدد 725 وقتل منهم 500 وبنسبة 69%).إن مجموع الأشخاص  الذين ورد أعدادهم في الوثيقة من المسيحيين في هذه المنطقة قد بلغ 176490ألف إنسان وقد قتل منهم 140335إنسان أي بمعدل 80%.والسؤال الذي يطرح نفسه هل قتل ثمانون بالمئة من المسلمين من الأتراك والكرد والجركس واللاز..فإذا كان إدعاء الأتراك صحيحا بأن من مات كان بسبب الحصار والمجاعة والشغب والحرب الداخلية فعليه يجب أن يكون عدد قتلى الأتراك وحلفائهم من مختلف العشائر ما يقارب عشرة ملايين إنسان.وبما أن هذا غير وارد على الأطلاق وغير صحيحح مطلقا,لأن مجموع قتلى الحرب الكونية الأولى بلغ أقل من تسعة ملايين إنسان.وأن الغالبية العظمى من المقتولين كان من الجنود في ساحات القتال,وليس من المدنيين العزل كما كان حال المسيحيين بشكل عام.
وثائق من الأرشيف التركي حول مذابح الإبادة الآشورية (سيفو)1915    
http://www.azad-hye.org/article.php?op=details&id=85
http://www.furkono.com/modules.php?name=News&file=article&sd
 وعندما وضعت الحرب الكونية الأولى أوزارها لم تتوقف عمليات قتل المسيحيين حتى بعد الحرب,واستمرت عمليات القتل و الاضطهاد والملاحقة والسخرة وسحبهم إلى الجيش ومن ثم قتلهم.وحتى بعد قيام جمهورية تركيا الحديثة 1923 لم تتوقف الأعمال الأجرامية ضد كافة الشعوب غير المسلمة,الآشوريين بكل طوائفهم والأرمن واليونان البنطوس.ولكن بكل أسف بقي العالم صامت أمام أفظع المجازر التي شهدها التاريخ الإنساني.بالرغم من تأكيدات البعثات الدبلوماسية حينها في القسطنطينية( أستنبول) اليوم ومنهم السفير الأمريكي هنري مورغنطاو والبعثة الدبلوماسية السويدية وغيرهم جميع تقاريرهم المرسلة إلى قيادة بلدانهم تأكد حدوث مجازر إبادة عرقية منذ عام عام 1915.وكذلك تقارير المبشرين المسيحيين ومنهم لبسيوس وأيضا مراسلي الصحافة العالمية من أمريكا وبريطانيا وغيرهم من الدول الكبرى.وبعض الكتاب شهود عيان المجزرة الذين كتبوا بعض الكتب عن مجازر تلك الحقبة الدموية ومنهم الأب إسحق أرملة  صاحب كتاب ( القصارى في نكبات النصارى)عام 1919.وعشرات الآلاف من الناجين من المذابح هم شهود عيان على من أرتكب المجازروكيف وفي أي ظروف وحسب مختلف المناطق الجرافية,ولكن جميع الإبادات كانت تتم  بنفس الأساليب,وكان الجناة معروفون.وبالرغم من مرور مائة عام على الإبادة العرقية الجماعية لهذه الشعوب إلا أن الرأي العام العالمي مازال صامت لايهتم بهذه المسألة الإنسانية ذو الأبعاد الخطيرة على السلم العالمي وحياة الكثير من الشعوب في العالم التي تشجع على إرتكاب مثل هذه الجرائم بدون تعرض أحد للمسائلة القانونية, وتقديمهم إلى العدالة الدولية.أن التنكرلإرتكاب مجازرالإبادة هو استمرار للفعل نفسه. لم يعترف حتى الآن سوى حوالي 24 دولة بمجازرالأرمن,وفقط ثلاث دول بمجازر الآشوريين البرلمان  السويدي الأول الذي اعترف بالمجازرفي 11آذار 2011 وكذلك أرمينيا أعترف برلمانها في 24 آذار بمجازرالآشوريين 2015 وهولندا في 9من نيسان 2015وكذلك بعض المنظمات العالمية والمقاطعات أو الولايات أو المحافظات في بعض بلدان العالم.
بهذه الذكرى الأليمة نطالب تركيا بأن تنظربشجاعة كاملة إلى الحقائق التاريخية بخصوص مجازر إبادة الآشوريين والأرمن واليونان.وأن تعترف بهذه المجازر بأعتبارها الوريث الشرعي للحكم العثماني الذي أتخذ قرارالإباده.وأن تعوض هذه الشعوب ما لحق بها من خسائر معنوية ومادية.فليكن مثال ألمانيا حاضرا في الأذهان عندما اعترفت بالهولكوست اليهودي لم تخسر هذه الدولة أو تفقد من مكانتها العالمية.بل أنتقلت من حالة الشعور بالذنب إلى الأعتراف بالخطيئة والتخلص من تأنيب الضمير.هل سيتمتع الأتراك بالشجاعة التي تحلى بها الألمان ويعترفون بالجريمة,أم أن منظومة المعتقدات الفكرية الثقافية و الدينية والقومية العنصرية ستبقى عائقا بأن لا يخطو خطوة إيجابية نحو الأمام والاعتراف بالمجاز التي أرتكبوها ضد الآشوريين والأرمن واليونان.
2015-04-17
     

63
رابي آخيقر يوخنا
في البدأ أتمنى لك ولجميع القراء وكافة أبناء شعبنا أن يحل الأول من نيسان العيد الوطني والقومي لأبناء الأمة الآشورية بسلام على الجميع.وأن يكون العام الجديد ملىء بالخير والعطاء ويكون نهاية المآسي التي يتعرض لها شعبنا بكل تسمياتهم والمسيحيين بشكل عام في كافة بلدان الشرق الآوسط.
لك مني ألف تحية أخوية وأشكرك جزيل الشكرعلى تشجيعك الإيجابي,ولا بد لي أن أقدم أعتذاري لك بسبب تقصيري نحوك ونحو بعض المعلقين الكرام على مقالاتي أو عدم توفر الظروف لأسباب قاهرة التعليق على مقالات رائعة لبعض كتابنا الأفاضل التي تنشرعلى موقعنا الألكتروني عنكاوا كوم الملتزم بقضايانا القومية.
كما أقدم لك الشكر على الروابط التي أرفقتها في تعليقك عن آكيتو.
تقبل خالص مودتي ومحبتي الأخوية
جميل حنا



64

 الأول من آكيتو- نيسان رأس السنة البابلية الآشورية

الدكتور جميل حنا

منذ 6765 عاما شمس آشور يشرق على الكون,والبشرية تتقدم نحو الأمام بفضل  نوره الذي يشع على الكون.أبناء الأمة الآشورية يستقبلون هذا العام على وقع أحداث أليمة لا تكاد تنفصل عن تاريخه الطويل.ومسلسل الإبادات منذ سقوط نينوى 612 وبابل 539 حتى الآن لم يتوقف بدون إنقطاع.التاريخ البشري مليء بالحروب بين مختلف الدول والشعوب وشهد القرن العشرين حربين عالميين خلال فترة وجيزة,وكذلك التاريخ مليء بالأحداث المأساوية ومجازر إبادة التطهير العرقي الجماعي التي تعرضت له بعض الشعوب في مختلف بقاع الكون.ألا أنه لا يوجد شعب في الكون يتعرض لمذابح التطهيرالعرقي على مدى آلفين وخمسمائة عام  كأبناء الأمة الآشورية.وهم ما زالوا صامدين على آرضهم حتى اللحظة,ولوبأعداد قليلة نسبيا مقارنة مع أعدادهم التي كانت بعشرات الملايين حسب بعض التقديرات.لأنهم كانوا أصحاب الأرض الحقيقيين والمكون الأصيل لبلاد ما بين النهرين وبلاد الشام قبل غزوة شعوب مختلفة من بقاع جغرافية مجاورة للأمبراطورية الآشورية,وتكوين كيانات دول جديدة في منطقة الشرق الآوسط وعلى أرض آشور.وذلك في مسلسل حروب وغزوات دموية شنها الغزاة على الشعب الآشوري وكذلك نتيجة تآمر الدول الغربية الأستعمارية على كيانه.
في هذا العام وكما في أعوام مضت فرحة نيسان لم ترتسم على الوجوه والبسمة غائبة عن الشفاه والحزن يتقطر دموعا من العيون ودم من القلوب.ألا أنه مهما كان حجم المآسي فظيعة نحن على موعد أبدي مع الأول من نيسان نستعيد ذكريات التاريخ العظيم.ستبقى قيم نيسان تعيش في نفوسنا قيم إنتصارإرادة الحياة على الموت,وإنتصارالنورعلى الظلمة وسيبقى نيسان رمز الفداء والشهادة والإيمان وطريق الخلاص.
وأنطلاقا من هذا الواقع المريرعلى أبناء الأمة الآشورية تحت أي مسمى كان إعادة تقييم دقيق للحالة المأساوية التي تعصف بهم.واتخاذ خطوات جريئة سواء على صعيد البيت الداخلي وتقديم الحلول والمساومات التي تهدف تخفيف حجم المأساة وتحقيق أهداف البقاء على أرض الوطن,وتحقيق الأهداف القومية,والخروج من حالة التقوقع والتشبث بالأراء المسبقة التي لم تقدم أي حلول تخدم مصلحة الجميع.لأن مصير الأمة على المحك وربما تكون وأقول وأكرر ربما تكون المعزوفة الأخيرة التي ينشدها أبناء هذه الأمة بكل تسمياتهم.
أننا نعيش في عالم مليء بالتناقضات الرهيبة على المستوى الأخلاقي والسياسي التي تتبناه وتمارسه حكومات العالم وخاصة الدول الكبرى صاحبة القرارات المؤثرة على الوضع العالمي إجمالا.ولذا يجب البحث عن السبل الناجعة في هذه الحالة السائدة في العالم لنستطيع الوصول إلى برالأمان وتجاوز المحن الفظيعة.ولن يتحقق ذلك إلا بتوحيد الجهود وبناء جبهة قومية عريضة تضم أحزاب سياسية ومؤسسات مدنية وثقافية ومؤسسات كنسية تضع استراتيجية مشتركة متفق عليه ذو أهداف قومية واضحة,أولا الحق في الأرض الحرة لهذا الشعب وكذلك الحقوق القومية على مختلف الأصعدة السياسية والثقافية واللغوية والسلطة والثروة وأمور آخرى.ومهما كانت الأحوال والظروف وإذا توقفنا على ما نحن عليه فدورة
الفلك وعجلة التاريخ والزمن لن يتوقف,كما لن يتوقف التآمر وسياسة الأرض المحروقة التي تطبق من قبل دول وقوى مسيطرة على المنطقة مدعومة بدول وقوى خارجية تستهدف إنهاء كيان الأمة الآشورية.وكما كان الحال عليه في القرن العشرين وفي القرون السابقة أيضا تحالفت القوى الغازية مع القوى الخارجية,وما أشبه اليوم بالبارحة لم يتغير شىء سوى اللغة الدبلوماسية والاعلام الكاذب وتضليل الرأي العام العالمي عن الحقائق الجارية على الأرض والسياسات المخادعة.
ولذى نرى بأنه بالرغم من كل الأفعال البربرية وحملات الإبادة التي يتعرض لها أبناء الأمة الآشورية بكل تسمياتهم وإنتماءاتهم الكنسية ما زال العالم صامت أمام محنتهم.ولم يتجاوزردة فعل المؤسسات الدولية الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والدول الكبرى صاحبة القرارات المؤثرة مجلس الأمن واتحاد الدول الأوربية مستوى التصاريح الصحفية والإدانة وأبداء القلق أزاء ما يصيب أبناء هذا الشعب والمسيحيين بشكل عام في بلدان الشرق الآوسط,بدون أن يقدموا على خطوة عملية واحدة تهدف إلى حمايتهم وتقديم المساعدة لتخفيف معاناتهم.وأنما يكتفوا بإتخاذ قرارات غير ملزمة كما حدث في البرلمان الآوربي في 12 أذار 2015 حيث صوت البرلمان على إقامة ملاذ آمن لشعبنا بكل تسمياتهم وبقية المكونات في منطقة سهل نينوى في شمال العراق,وجلسة مجلس الأمن في 27 آذار سوف لن تكون أفضل حالا بالرغم من أهميتها.وهذه لا تعد سوى ذرة رماد في العيون لا تعمي إلا من أراد أن تعمى بصيرته عن الحقيقة.إن مطالب الآشوريين واضحة وقد توجهوا بطلبات إلى الأمم المتحدة واتحاد الدول الآوربية بحماية دولية فعلية لضمان بقائهم في وطنهم وعدم الهجرة تحت ضغوط القتل والدمار والإرهاب بكل أشكاله من مختلف القوى الإرهابية والدينية والقومية الشوفينية ومن قبل السلطات الحاكمة وقوى مسيطرة تتواطىء مع القوى الإرهابية من أجل القضاء على كيان هذا الشعب والاستيلاء على ما تبقى من أرضه وفرض مشاريعهم القومية العنصرية على أرض آشور.أن كل النداءات والطلبات من مؤسسات وأحزاب سياسية وثقافية وشخصيات مستقلة من أبناء هذا الشعب ورجال دين من مختلف الكنائس الشرقية لم تلقي آذانا صاغية لدى قادة العالم.أن كافة القرارات الدولية التي اتخذت ضد المنظمات الإرهابية وقوى الاستبداد لم تحقق أي شيء لصالح الأمن والسلام وحماية الشعوب الأصيلة في آوطانها وعلى أرضها التاريخية.وهذه القرارات لا تساوي قيمة الحبرالذي كتب على الورق ما لم يحافظ على حياة البشر ويحقق الاستقرار والعيش على أرضهم بسلام.وهنا رابط على قرارات مجلس الأمن ضد داعش والنصرة أي ضد الإرهاب.
 قرارمجلس الأمن ضد داعش والنصرة ماذا قدم للمسيحيين في بلدان الشرق الآوسط؟
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=429085
 أن ما حدث للآشوريين في عام 6764 آشورية في الموصل وسهل نينوى من تهجير قسري وقتل وسبي والاستيلاء على الممتلكات وحرق الكنائس وتدمير الآثارالآشورية على يد منظمة داعش الإرهابية والقوى المتاوطئة معها يشكل خطرا حقيقيا للقضاء على هذا الشعب الأصيل في وطنه الأم, وتدمير الأرث الحضاري والثقافي والعمراني وتغيير الخارطة الجغرافية للمنطقة.وهذا يستدعي من الأمم المتحدة والدول الكبرى التدخل وفق المواثيق والمعاهدات الدولية لحماية شعب يتعرض للأنقراض إذا استمرت الأمورعلى هذه الوتيرة المأساوية.وما تعرض له الآشوريون في قرى الخابور في سوريا بتاريخ 23 شباط 2015 يعد خطة مدروسة تكرارلسيناريو نينوى تهدف تحقيق مشاريع ما بعد مرحلة داعش التي سوف لن تدوم طويلا.إلا أن فترة وجدودها كافية لأخلاء الأرض الآشورية من سكانها الأصليين وإستيطان وإستيلاء وتغيير ديمغرافي لصالح القوى التي تتعاون مع الحركة الصهيونية وتخدم مصالح ومشاريع القوى الغربية في منطقة الشرق الآوسط.
أن إزدواجية المعايير الأخلاقية والسياسية التي يتخذها قادة العالم حيال مأساة الشعب الآشوري والمسيحيين بشكل عام في منطقة الشرق الآوسط يتنافى مع منظومة القيم الأخلاقية التي تتبناها المواثيق والمعاهدات الدولية.وعندما يطالب أبناء الأمة الآشورية بكافة تسمياتهم وكنائسهم بالتدخل الدولي والحماية الدولية أنما يأتي إنسجاما مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تمنح الحق للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتدخل من أجل منع إرتكاب المجازو التي ترتكب ضد الإنسانية على أسس عقائدية دينية أو قومية شوفينية أو سياسية,جرائم ترتكب ضد شعوب من أجل القضاء عليها وتحقيق مشاريع عنصرية.
(فليكن واحد نيسان يوم إنعتاق شعوب بلاد ما بين النهرين بكل انتماءاتهم الدينية والقومية من الظلم والاضطهاد, وبناء مجتمع ديمقراطي علماني يحقق المساواة بين كافة أبناءة .أن الشعلة الحضارية والثقافية والتاريخية والاجتماعية والمدنية والفلسفية التي أبدعها أبناء الإمبراطورية الآشورية لا تستطيع القوى الإرهابية وكل قوى الشر إطفاء نور شعلة نيسان.لأن نور الشمس وجبروته لا يمكن إخماده أو إخفاءه.حقيقة الأول من نيسان كحقيقة نورالشمس.لا يمكن لأي ظلم وطغيان أن يطفئه, بالرغم من سيل أنهار الدماء التي سفكت من جسد أبناء هذه الأمة حفاظا على وجوده القومي والديني).
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=130992
2015-03-29


65

غزوة  داعش الجديدة ضد الآشوريين في الخابور 
 

 الدكتور جميل حنا
غزوات المنظمات الإرهابية وهجماتهم وأفعالهم البربرية في العراق وسوريا ضد المسيحيين أصبحت احدى السمات المميزة لأكثر من عقد من الزمن. والغزوة الحالية على الآشوريين في الخابور يدخل ضمن مسلسل يكاد لا ينقطع ويتكرر السيناريو ذاته بأختلاف الموقع.كانت الغزوة الهمجية التي أرتكبت ضد أبناء الأمة الآشورية بكل تسمياتهم وإنتماءاتهم الكنسية في نينوى في 10حزيران من عام 2014.هي بدورها أحدى العمليات الإرهابية المرتبطة بسلسلة تاريخية طويلة تعود جذورها إلى موروث القيم الثقافية والعقيده الأيديولوجيا التي لا تقبل الآخر الذي يخالفها الرأي في معتقداتها العنفية ونمط عيشها.ولذا ترى هذه المنظمات الإرهابية كل من يخالفها في عقائدهم  وثقافتهم فهم يستحقون الموت حسب شرائعهم.أضافة إلى قتل البشر فهم يدمرون كل المظاهر الحضارية من الكتب التي تضم في صفحاتها كنوزالمعرفة والإيمان عبرآلاف السنين,تجمع هذه الكنوز الثمينة من قبل الإرهابيين بعدما يستولون عليها وتحرق خلال ساعات من الزمن.تدمر وتحرق أيضا دور العبادة وخاصة كنائس وأديرة المسيحيين, ويتم تدمير الرموز الحضارية مثل التماثيل والآسوار التاريخية,كما أظهرت الأفلام التي نشرها تنظيم داعش الإرهابي ما فعله في نينوى حيث دمر الإرهابيين رموز الحضارة الآشورية الموجودة في متحف موصل وتدمير أجزاء من سور المدينة القديم.الإرهابيون هم ضد كل القيم الحضارية والثقافية والإنسانية,وضد التطور والتقدم وضد حقوق الإنسان والحرية فهم يسعون بعودة المجتمعات إلى عهود الظلام.
إن الجرائم التي أرتكبها هذا التنظيم الإرهابي في العراق بالتواطىء مع قوى محلية وتخاذل من قبل المجتمع الدولي ترك أثرا مأساويا على المسيحيين في العراق.وما زال حتى اللحظة مستمرفي جرائم الإبادة لإنهاء كيان أبناء الأمة الآشورية حيث ينفذ أجنداته الإجرامية الخاصة به من أجل إخلاء العراق وسوريا من سكانها الأصليين.
وما يحصل في هذه الأيام ضد الآشوريين في الخابور يندرج في إطار هذا المخطط الإجرامي ,وقد تطرقنا في العشرات من المقالات إلى المعانات والمذابح التي تعرض له هذا الشعب عبر عهود طويلة.ولكن اليوم نحن نقف مذهولين أمام صمت العالم المخزي بالرغم من التطورالعلمي الفائق الذي توصلت إليه البشرية  ولكن بمقدار التطور العلمي الذي تحقق خلال قرن من الزمن إلا أنه حصل بالمقابل إنحدار في القيم الأخلاقية لدى قادة العالم وصانعي القرارات السياسية في العالم.وبالرغم من كل المواثيق والمعاهدات والمؤسسات العالمية التي تأسست على أساس القيم الإنسانية إلا أنها لم تنفذ.
وكما أسلفنا سابقا الشعب الآشوري يتعرض إلى كارثة حقيقية بعد غزو قراهم في الخابور من قبل تنظيم داعش الإرهابي, قتل حتى الآن عشرة أشخاص وعدد المخطوفين حسب أخر الأخبار بلغ عددهم ما يقار ثلاثمائة وثمانون إنسانا بين طفل وأمرأة ورجل.أن حياة جميع هؤلاء في خطر شديد لأن هذا التنظيم الإرهابي لن يتوانى في قتلهم أو ذبحهم حسب شرائعهم الظلامية التي يؤمنون بها في أي لحظة. والساعات والأيام القليلة القادمة ستكون أكثر سوادا بالنسبة لأبناء الأمة الآشورية والمسيحيين بشكل عام في كافة بلدان الشرق الآوسط.
إننا نناشد كل الشرفاء في العالم أن يرفعوا صوتهم عاليا وكلا من موقعه الخاص أن يعمل لمنع إرتكاب المذبحة بحق هؤلاء الناس الأبرياء المسالمين في بيوتهم.
في حين نطالب المجتمع الدولي القيام بواجبه حسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية لإنقاذ حياة المخطوفين, والقيام بعمل عسكري جدي على الأرض.ونعتقد بأن كل الأمكانات متوفرة لإنجاز مهام خاصة من إجل إنقاذ حياة هؤلاء جميعا.إلا أنه سنحمل المسؤولية إلى الدول صاحبة القرارات الدولية والأقليمية والقوى المحلية  إذا حدث أي مكروه لهؤلاء الناس الأبرياء.
2015-02-26 



66

كلمة الحق والسلطان
             
الدكتور جميل حنا                                             
 
الكلمة هي البداية والنهاية.
"في البدأ كان الكلمة,والكلمة كان عند الله,وكان الكلمة الله"
" والكلمة صار جسدا وحل بيننا"(يو 1:1و ,14)
ولادة الطفل يسوع المسيح حق وحقيقة نورومحبة للبشرية...سلام وحرية...الظلمة تزول في النور...وفي النورلا ظلم ولا ظالم ولا استبداد ولا استعباد ولا عبودية ولا خوف ...ولا قتل ودمار...في النور السلام والأطمئنان.
ولادة الطفل الثائريسوع المسيح وكما يقول جبران خليل جبران( لم يجىء يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزا للحياة بل جاء ليجعل الحياة رمزا للحق والحرية).
(لم يخف يسوع مضطهديه ولم يخشى أعداءه ولم يتوجع أمام قاتليه بل كان حراًعلى روؤس الأشهاد وجريئأ أمام الظلم والاستبداد,يرى البثورالكريهة فيبضعها,ويسمع الشر متكلما فيخرسه,ويلتقي الرياء فيصرعه....بل جاء ليبث في فضاء هذا العالم روحا جديدة قوية تقوض قوائم العروش المرفوعة على الجماجم وتهدم القصور المتعالية فوق القبور وتسحق الأصنام المنصوبة على أجساد الضعفاء المساكين).
والله حق وحقيقة لمن آمن به....ولذا كلمة الحق أعظم الكلمات...وفيها تجلى الكون والحياة
الكلمة عرشها في السماء....في العقول ...في القلوب...على الألسنة.
تنير ظلمات الكون, تنتشركثريات تلألأ في السماء....على سطح المياه....على وجه الأرض
عطر كلمة الحق منثورعلى الأرض يحل من السماء على الكون.
صورة الحق للمظلوم ليست كما صورة الحق لدى الظالم...ولكن الحق هو الحق مهما بلغ النفاق والخداع درجات عليا في الشذوذ الذي يفوق خيال الإنسان... الذي يبدية السلاطين...لكي يظهروا الباطل والشر بأنه الحق....من آمن بالحق لا يستسلم للذل والظلم والطغيان والاستبداد...الحق والعدل والحرية...مطلب كل إنسان...ومن تخلى عن هذه القيم أصبح عبيدا خاضعا لشريعة الغاب...يبطل الحق عنده في هذا المكان...كلمة الحق تقف مذهولة أمام بشاعة الباطل والأفعال الشريرة...صمت كلمة الحق يطول أو يقصر...يراقب لحين ومن ثم ينقض على الباطل يهدم آسوار الطغيان والسلاطين ... ثورة الحق على الباطل إرتقاء نحو العلى..تحطيم لقيود العبودية والاستبداد.
 
الكلمة روح الوجود....كلمات الكون لا تكفي لوصف الكلمة...الكلمة لا تريد لذاتها إلا الذات....وفي الذات الموت والحياة...بها الوجود  والفناء....بها يحي الإنسان ويفنى.
 
عرش الكلمة لايتزعزع ...عروش الكون كلها تتزعزع وتزول....وإنما عرش الكلمة أزليا لا يفنى بزوال الوجود.
 
الكلمة نور الشمس,والكلمة تجلب نور الشمس للكون...تزيل ظلمة الليل.
 
الكلمة موت وحياة ....أزلية أبدية بها تحيا وتموت الشعوب.
 
الكلمة تتكلل بنور الكلمات....وتتوشح سواداُ بكلمة السوء.
 
كلمة الحق قنديل لا ينضب زيته....ولا ينطفىء نوره....ناره على الشهاد وقاد....لا يعلو على كلمة الحق شيء.
 
الكلمة حكمة الله في الإنسان في الكون...تنسل إلى العقول ....تنيرها كشعاع الشمس.
الكلمة تتألم بسبب عذاب الكون.....يصيبها ما يصيب الكون ...لأن بها الوجود...لا تموت بفعل عذاب الروح والجسد...تصمد في وجه الألام...لتنبعث بحياة جديدة....مليئة بالخير والعطاء والسلام في الكون... وكلمة الحق حياة أبدية لمن أمن به.
 
الكلمة ينخفت نورها....تطفىء حينا....في العقول...القلوب...الضمير,لكنها لا تموت....تصمت أمام الظلم والظالمين....تطعن بالحراب.... تضعف...تمهل ولكنها لا تهمل....تتهيأ لتنطلق قويا...تنفجر كالبركان مدوية....تقذف بحمم النار تحطم أركان الطغيان.
 
الكلمة تهتز هنا وهناك بفعل الشر....لكنها تصمد في وجه الظلم....باسقة كشجر الأبانوس.
كلمة الحق لا تموت وتفنى... أبدية لا تضمحل أو تضعف بذاتها...بل النفس البشرية تركع أمام الشرعندما يضعف إيمان الإنسان بكلمة الحق....الحق أزليا بمعناه لا يتحول ولا يتبدل
الكلمة تترنح بفعل العواصف البحرية الهوجاء..... لكنها تصل إلى بر الأمان...محدثة عاصفة في وجه الطغيان والظالمين....تُلفق الكلمات الباطلة بحق كلمة الحق.....الكلمة تكشف الحقيقة لتكون أبدا ساطعة كنور الشمس.....الإيمان بالكلمات الباطلة...موت أبدي لمن أمن بها...بكلمات الشر يحكم السلاطين...تحول الأوطان إلى سجون...وفي الزنازين تذهق الأرواح.
تنتهك كلمة الحق وقدسيتها ... بأفعال السلاطين الشريرة ...ترتكب المظالم والحروب والقتل والجرائم والمذابح بالكلمات الشريرة للسلاطين, التي تدعوا إلى سفك الأرواح البريئة. عاصفة الأشرار وشرورهم يجتاح بلدي...لا ترحم الصغار...ولا الكبار ...ولا النساء ...ولا الرجال...نحيب الأطفال في كل مكان ...وآذان العالم صماء لا يسمع آلام الموجوعين...بل يحسب الأرباح على حساب حياة الشعوب....دموع ودماء وأشلاء وخراب في كل بقعة من أرض الوطن...سجون ممتلئة بالأحرار...عشاق الحرية...المساواة...العدل...الديمقراطية...الكرامة...والحقوق...بصائرنا تترقب إنتصار الحق والعدل والحرية.كل الشرفاء في العالم مدعون إلى الدفاع عن الكلمة الصادقة عن الحق والعدل والحرية...حرية الشعوب ...الدفاع عن المضطهدين المعذبين المساكين الملاحقين والمسجونين من أجل الكرامة الإنسانية...الدفاع عن قيم المحبة والتسامح والسلام.من يدعي بأنه يتبنى القيم الإنسانية فما عليه إلا إدانة السلاطين الذين يقتلون أبناء أوطانهم ويدمرون البلد من أجل الحفاظ على سلطتهم القمعية الاستبدادية...لا فرق بين مستبد مجرم يقتل الأطفال بالرصاص أو بالمواد السامة وبين إرهابي همجي يقطع الرأس بحد السيف أو السكين ...الشرفاء ومن يملكون مثقال ذرة من الأخلاق لا يسكتون عن قتل الأطفال والأبرياء من الناس وهتك الأعراض بغض النظر من يرتكب هذه الأفعال الشريرة...إن إدانة الأفعال والجرائم البربرية والجبانة التي تزهق أرواح الأطفال والنساء والرجال العزل في دور العبادة,وفي البيوت والمدارس والساحات ووسائل المواصلات العامة والأسواق الشعبيةأوفي أي مكان كان.وكل من يعتبر أن العمليات الإرهابية الخسيسة الجبانة التي ترتكب في هذه الأماكن عمل شجاع فهذا الشخص أما أن يكون مختل عقليا وفاقد المشاعر الإنسانية وعنصري وأكثر من نازي.لأن لافرق بين من يرتكب الجريمة ومن يؤيدها...المؤيد هو مثل بن لادن... والزرقاوي... والبغدادي... والجولاني...والشيشاني...والتركماني...والإيراني والأفغاني...وو...وأن كل الكلام والكتابات الفلسفية التي تبررإرتكاب وتنفيذ العمليات الإنتحارية وتفخيخ السيارت لتنفجر أمام الكنائس على المصلين أو تدخل مجموعة إرهابية الكنيسة وتذبح المصلين هو تشجيع لإرتكاب المزيد من هذه الأعمال الإرهابية...واعلان الجهاد لقتل المسيحيين في العراق وسوريا وفي بلدان الشرق الآوسط يندرج في إطار العقيدة الجهادية والفكر المحرض الداعي لإرتكاب المذابح بأبشع صورها....إن إفراغ نينوى من شعبها الأصيل من أبناء الأمة الآشورية بكل مذاهبهم الكنسية بفقوة السلاح والتهديد يندرج أيضا في إطار مخطط إرهابي ديني وقومي شوفيني منظم بين القوى الظلامية الإرهابية وبين القوى القومية العشائرية المتعصبة المسيطرة على شمال العراق على أرض آشور...من أجل إنهاء كيان الشعب الآشوري صاحب الأرض والتاريخ والحضارة...والاستيلاء على ما تبقى من أرضهم...ومن يسكت على استبداد السلاطين وجرائمهم البشعة بقتل  أبناء الشعب...(هم مثل من يؤيد جرائم المنظمات الإرهابية)...بكل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمواد السامة...وزج مئات الآلاف من المواطنين الأبرياء الذين كان سلاحهم الوحيد هي كلمة الحرية والكرامة...والفكرالذي يؤمنون به هي مبادىء الديمقراطية والسلام والعيش المشترك...والمواثيق والمعاهدات الدولية وشرعة حقوق الإنسان.ولذا نقول الحرية لكل الشرفاء أصحاب الرأي والفكر الحر القابعين في سجون السلاطين الصغاروالكبار في بلدان الشرق الآوسط.الحرية لكافة معتقلي الرأي أصحاب مشروع السلم والسلام والحرية والديمقراطية والكرامة,القابعين في سجون سلطة الاستبداد في دمشق ومنهم السيد كبرئيل موشي كورية مسؤول المنظمة الأثورية الديمقراطية والقيادي الدكتورسمير إبراهيم وكل معتقل وطني حر فردا فردا.الحرية للمطرانين المخطوفين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي من قبل المنظمات الإرهابية منفذة أجندة سلطة الاستبداد.الحرية لكل الأحرارالشرفاء في سجون السلاطين في بغداد وشمال العراق وفي كل الدول العربية بدون إستثناء وفي إيران وتركيا....فليكن ميلاد الطفل يسوع المسيح ولادة سوريا جديدة وحرة وديمقراطية... جميع أبنائه بمختلف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم القومية المختلفة متساون بحسب دستور علماني يحقق المساواة والحقوق بين كافة المواطنين....وليكن كذلك ولادة عراق جديد يكون لكل مكونات المجتمع العراقي حسب دستورجديد يحقق المساواة ويلغي بنود التمييز العنصري الديني والقومي...نظام وطني حر غير مرتبط ومنفذ لأجندات الصهيونية ولأجندات ولاية الفقيه .... ذكرى ولادة الطفل يسوع المسيح في هذا العام ليكن بداية ولادة آشورالوطن الحر والمستقل في شمال العراق...وليكن بداية لدحرالمخطط العنصري لأفشال محاولات القوى الغازية لأرض آشورمن قوى إرهابية وقومية شوفينية لإنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري على أرض آشور الوطن.
مرة أخرى بصائرنا تترقب إنتصار الحق والعدل والحرية,وهذا هو مطلب كل الشعوب المحبة للسلام والعيش المشترك بأمان في كنف الوطن الواحد يكون فيه الفرد غير خاضع ومذل ومستعبد من قبل الآخرين.الحرية لشعوب بلدان الشرق الآوسط.
2014-12-23
 



67
الأخ الفاضل خوشابا سولاقا
تقبلوا تحياتنا القلبية الخالصة مع التقدير والمحبة الصادقة
اشكر كلامكم الرزين والموضوعي والحوار الراقي والنقد البناء الحريص الهادف لتحقيق الأفضل لشعبنا.أني أثمن كثيرا تعلقك وتعليق كافة القراء الكرام سواء كانت تعليقاتهم هجومية جارحة للكرامة الإنسانية وأقول بكل صدق لا أستطيع فهم هذه الروح العدائية أو استخدام كلمات نابية بحق الأخرين جزافا من قبل بعض المعلقين وبالرغم من ذلك أحترم آرائهم.وبالتأكيد أنني مسرور جدا لتعليقك الإيجابي التي تفوح منها الروح الصادقة وكلام المثقف الذي يعي ماذا يقول. و قد لا نتفق في بعض الطروحات أو المواقف السياسية بما يخص قضية شعبنا وحقوقه القومية سواء في سوريا أو العراق وبكافة تسمياتهم بدون إستثناء,وهذا ليس عائقا أمام الأحترام المتبادل.
أخي العزيز خوشابا لن أطيل عليك بكتابة بعض أحداث التاريخ الأليم لشعبنا لأنك تعلمها أكثر مني ولكن فقط للتذكير سأذكر البعض منها بدون الدخول في التفاصيل مجازر التطهير العرقي الجماعي التي تعرض لها شعبنا  بكل تسمياتهم من الآشوريين والسريان والكلدان وبشكل عام المسيحيين من أبناء كافة كنائس شعبنا , مجازر محمد الراوندوزي ( مير كور)1836, مجازر محمحد بدر خان 1843-1846 والمجازر الكبرى 1915و وسيميل 1933 وصوريا 1969 وحتى الأنفال التي أستهدفت شعبنا 1988, والسبب الذي دفعني لذكر هذه المجازر هل أرتكبت هذه المجازربسبب المطالب القومية والغير الواقعية لشعبنا في زمن لم يكن بعد أي وجود أو حتى تأسيس أي حزب في الساحة الآشورية أم أن العنصرية الفاشية الدينية والهمجية القومية المتطرفة لدى الأتراك والكرد والعرب والفرس كانت السبب بهدف القضاء على أبناء الأمة الآشورية وعلى المسيحيين بشكل عام. وأكد مرة أخرى أن أرتكاب المجازر لم يكن بسبب المطالب الموضوعية او عدمها.هل تعرض شعبنا في شمال العراق على أرض آشور لكافة أنواع الأضطهاد القومي والديني ومجازر التطهير العرقي التي تطبق ضده من قبل المنظمات الإرهابية والسلطات الحاكمة في الشمال والوسط والجنوب حتى الساعة هل بسبب طروحاته السياسية الغير الواقعية أم بهدف إنهاء كيان هذا الشعب والاستيلاء على ما تبقى من الأرض والممتلكات وتحويل من تبقى من القلة القليلة إلى ذميين خنوعين مذلين بكل المقاييس.
الجزيرة السورية وحسب كل المعطيات التاريخية والجغرافية وآلاف الآوابد الأثرية المنتشرة في الجزيرة السورية تأكد على أن هذه الأرض كانت مسكونة بأبناء شعبنا منذ فجر التاريخ , والمدن الكبيرة في الجزيرة السورية مثل الحسكة والقامشلي (بيث زالين) أو نصيبين الجديدة ورأس العين والدرباسية وعامودا كانت عامرة لأبناء شعبنا وهم من أعاد الحياة والأعمار لهذه المدن بعد الحرب العالمية الأولى ومثلا كانت القامشلي المدينة الحديثة التي لا تبعد عن نصيبين التاريخية بناها أبناء شعبنا من مختلف الطوائف وكان سكانها حتى سبعينات القرن الماضي يشكلون الغالبية الساحقة  وحتى آوائل التسعينات كانوا الغالبية وكذلك بقية المدن الرئيسية كانوا يشكلون أكثر من النصف, وكانت الأراضي الزراعية والانتاج الزراعي الشهيرهو في يد وملكية أبناء شعبنا ولكن بعد إستيلاء البعث الفاشي على السلطة وتطبيق سياسة العروبية الاسلامية العنصرية يأثر سلبا بل كارثيا على وجودنا على أرضناز ولذا نحن نرفض رفضا قاطعا سياسة الأمر الواقع , وأي تغيير قد يحصل يجب أن يأخذ هذه الأمور بعين الأعتبار ولذا نطالب أن يتم تمثيلنا والأعتراف بحقوقنا بغض النظر عن العدد ونتمسك بالأحصاءات القديمة قبل سيطرة البعث على السلطة 1963 لأن الواقع الجديد فرض بالأكراه وهو ما زال مستمر وقائم حتى اليوم.
هناك محاولات من بعض القوى والأحزاب الكردية العنصرية التي تويف الحقائق التاريخية والحالية وهي تسعى لتكريد الجزيرة السورية وفرض مشروع قومي عنصري وأختزال وجودنا بنسبة  واحد ونصف بالمائة.أن الوجود المسيحي في خمسينات القرن الماضي كان حوالي الثلث وقي الجزيرة السورية كانوا الغالبية في المدن الكبرى. اما ما يخص الحكم الذاتي فأن تمسكنا بهذا المبدأ هو تمسك بالحق بغض النظر عن أمكانية تحقيقه من عدمه ولكن نحن سنعمل من أجل ذلك , ونتمسك بمبدأ المساواة ورفض التمييز العنصري ومنح البعض إمتيازات وحرمان البعض الأخر من أبسط الحقوق.
أننا نتمسك بوحدة الأرض السورية أرضا وشعبا ومنح جميع مكونات المجتمع السوري القومية والدينية حقوق متساوية بدون تمييز عنصري بين هذه الفئة أو ذاك , وسنبقى ملتزمين بهذا الخيار لأنه ينسجم مع جوهر المواثيق والمعاهدات الدولية ومع شرعة القانون الدولي وسوف نحاول السباحة في بحر السياسة الهوجاء العالمية والظالمة بحقنا من أجل تحقيق الحد الأدنى مع سعينا تحقيق الهدف الآسمى إقامة إقليم آشور.
أخوكم بالروح الإنسانية   جميل حن

68
رد5 : الحكم الذاتي.للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا
الأخ عبد الاحد !
أخي العزيز أنت حر بأرائك السياسية ومواقفك القومية, حقا إن وجدت لديك هكذا إنتماء, تختار ما تشاء أن تكون آشوريا أو أراميا أو كلدانيا أو سريانيا أو مسيحيا أو أي شيء تريد الإنتماء إليه فلا مانع لدي,ولن أهينك بسبب أي تسمية تفضلها, لم أفعلها في الماضي ولن أفعلها في المستقبل.ولكن يا أخي هل يجوز إلقاء الأتهامات والشكوك وكتابة آمورغير صحيحة وبعيدة عن الحقيقة عن أي شخص بدون معرفة الحقيقة,ألا يعد هذا خداعا ودجل وإهانة لمن تكتب ضدهم, اليس أفضل لراحة ضميرك أن تستخدم الكلام اللائق بدل زرع الكراهية وإتهام الأخرين بألفاظ لا تليق بإنسان يملك شيء من الحس الإنساني, وسوف لن أستعمل كلمات بذيئة ولا أهانة بحقك لأنك أخي في الإنسانية وربما في الدين وأقصد ليس كل من قال يارب يارب سيدخل ملكوت السموات, وليس كل من أدعى أنه مسيحي فهو حق مسيحي حسب تعاليم الكتاب المقدس. وهنا سوف أتطرق إلى بعض النقاط التي ذكرتها في تعليقك الثاني على الموضوع:مع الأسف الشديد ومن خلال ما كتبته لا تفقه شيء عن الأحزاب الآشورية بدليل أولا ,لا يوجد بين أحزاب شعبنا حزب يسمى"الحزب الديمقراطي الأثوري"بل يوجد حزب وهنا صحح وضف إلى معلوماتك والصحيح هو" الحزب الآشوري الديمقراطي"وهو من الأحزاب القديمة. اما بالنسبة لإدعائك بأنني( منشقا من الحزب الديمقراطي الأثوري في سوريا وهومن القامشلي السورية,فقد شكل حزبا آخر وأسمه(اثرا دحيرا)جملة من المغالاطات والإدعاءات التي الغير صحيحة وهنا أيضا أذكرك بأنني سوف لن أستخدم الكلمات البذيئة هنا بحقك,والتي قد تكون مناسبة لهذا الطرح المنافي للحقيقة. مع أحترامي للحزب الآشوري الديمقراطي لم أكن في يوما من الأيام عضوا فيه, فإذا لم أكن عضوا فكيف أصبحت منشقا عن هذا الحزب حسب إدعائك.
أما بالنسبة (فقد شكل حزبا آخر وأسمه(اترا دحيرا) وهنا أقوا مرة أخرى وبأسف شديد أنك لم تقرأ الموضوع مطلقا والدليل أن أسم الحزب الذي مثلته في المؤتمر مذكور بوضوح الشمس لا لبس فيه ألا وهو" حزب تحرير آشور" ولن أنسب لنفسي شرف تأسيس هذا الحزب بل كنت واحدا من المؤسسين وهذا هو الشرف العظيم لي,أليس هذا دليل على الأخلاص التام لبني قومي ,بدل أن كثيرا من أبناء شعبنا أعضاء في حزب البعث العربي الأشتراكي وهم الدعاة القوميين الجدد بين صفوف شعبنا أيهما أشرف تكون مؤسس لحزب يكافح من أجل كراودة وحقوق شعبه أم أن يكون عضوا في الحزب الديمقراطي الكردستاني.أما بالنسبة لعدد أعضاء الحزب الذي لا تعلم عنه شيء,ولذا مناقشتك في هذا الموضوع غير مفيد وهل العدد الذي طرحته أنت متأكد منه وكيف أم هو أدعاء باطل كما أدعاءتك الأخرى. وفي كل الأحوال العدد ليس هو المهم إن كنا 15 أو5 أو ثلاثمائة شخص," حزب تحرير آشور" اليوم عشرات الآلاف من أبناء شعبنا ومن مختلف كنائسه يتبنون مواقف الحزب في الحكم الذاتي وحتى ,طن آشور حر ومستقل وهذا أيضا شرفا عظيما لهذا الحزب,وهذا الحزب رجم من الجميع بسبب مواقفه المبدأية وطروحاته السياسي وحديدا من أجل الحكم الذاتي لأقليم أشور حتى زمنا قريبا جدا, ولكن الآن الجميع بدون أستثناء إلا القلة القليلة من لا يريد تحقيق هذا الهدف أليس هذا مدعاة فخر لهذا الحزب بالرغم من كل وسائل التعتيم والضليل والتهميش الذي تعرض له وما زال يتعرض له من قبل البعض.اما بالنسبة للشهادة كما تذكر(وأعتقد بأنه يحمل شهادة دكتوراه من سوريا العربية باختصاص الزراعة او الذرة ولكن ليس بأية ذرة.....) فعلا أنك إنسان غريب وهنا أيضا سوف لن أسعمل الكلملت البذيئة التي قد تكون لائقة للإدعاء والأستهزاء والتهجن والشك الذي تطرحه.لقد قلت لك في تعليق سابق ليس المهم ما هي الشهادة أوالشهادات التي حصلت عليها أنك تحكم على ما أكتبه بسبب إنتمائي إلى الأمة الآشورية وليس على الموضوع بحد ذاته, وأنت قدمت البرهان على نفسك من خلال تعليقك على هذا الموضوع ومن جملة المغالطات التي ذكرتها.هل أصبح حمل شهادة في فلسفة العلوم الزراعية أو الذرة أو أي شهادة أخرى أصبحت إهانة لحاملها,وهل كان يوم من الأيام مهنة الطب أو أن يكون الطبيب أو المحامي أو أي تحصيل علمي أخر عائقا أمام أن يكون الإنسان فنانا وشاعرا وموسيقارا مبدعا.ومع الأسف الشديد حتى الإنتماء للوطن أصبح إهانة(من سوريا العربية)أضف إلى معلوماتك أفتخر بسوريا وتاريخها الحضاري كما أفتخر بالحضارة الآشورية.وهنا أيضا إدعاء أخر غير صحيح بأني أحمل شهادة دكتوراه من سوريا العربية,دراستي الجامعية وحصولي على درجة الدكتواره تم في آوربا أضف لمعلوماتك.في النهاية مطلوب منك يا أخي أن تقدم الدليل والبراهين على كافة إدعائتك الباطلة وغير الصحيحة أو تقديم الأعتذار كما هو معروف بين البشر المتحضرين,عندما توضع الحقائق أمامهم, يعتذرون على أخطائهم.
 أخوك جميل
أدعوا لك بسلامة الجسد والفكر



رد 6: الحكم الذاتي  للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا
أخي أدور وكافة الأخوة الذين شاركوا في التعليق سلبا أو إيجابا أشكركم من أعماق قلبي. وهنا أضع الوثيقة النهائية ,وأسماء الأحزاب والمؤسسات التي شاركت في هذا اللقاء.أخي أدور ليس هناك أي أقصاء لأحد من أبناء شعبنا من التمثيل.الكثير من قادة هذه الأحزاب والمؤسسات الذين شاركوا في المؤتمر وفي صياغة الوثيقة النهائية هم من مختلف كنائس شعبنا من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية والكاثوليكية وكنيسة المشرق الآشورية, وهنا النص ليتضح للجميع إن هذه الطروحات هي لكافة هذه المؤسسات والأحزاب وليس موقف فرد بحد ذاته:
الوثيقة النهائية الصادرة عن اللقاء التشاوري للسريان الآشوريين السوريين ـ مدريد
يمثل السريان الآشوريون كشعب أصيل في سوريا امتداداً للحضارة التي كانت سوريا تاريخياً مهداً لها. وتمثل ثقافتهم ولغتهم السريانية امتداداً طبيعياً متواصلاً للحضارات الأكادية – البابلية - الآشورية - الكلدانية – الآرامية في بلاد مابين النهرين. والسريان الآشوريون هم ذلك المكون الذي يتوزع اليوم على الطوائف والكنائس المتعددة.
ورغم اسهاماته الحضارية تلك ومشاركاته الفعالة وتفاعله الإيجابي مع كل الشعوب والسلطات التي تعاقبت على المنطقة على مر القرون، وإسهاماته العلمية والثقافية والاقتصادية في تطور وتقدم هذه البلدان، إلا إنه عانى من المذابح والتهجير والتمييز القومي والديني في كل مرة كانت تصيب المنطقة حالة من عدم الاستقرار، أو بروز نزعات متطرفة في مجتمعاتهم. مما يؤدي في النهاية لموجة جديدة من التهجير من وطنهم التاريخي. وهكذا تناقصت نسبة الشعب السرياني الآشوري إلى مايقارب النصف بعدما كان يشكل في سنوات الخمسينات أكثر من 25% من مجموع عدد سكان سوريا.
مع اندلاع الثورة السورية في أواسط آذار 2011 وجد السريان الآشوريون في شعارات الثورة السلمية تعبيراً حقيقياً عن تطلعاتهم في استرداد حريتهم وكرامتهم كما كان حال أبناء الشعب السوري عامة. إلا أن العنف الذي استخدمه النظام دفع إلى عسكرة الثورة مما أفسح المجال لدخول تيارات متطرفة تحمل أجندات خاصة بها تتعارض مع شعارات الثورة الجامعة ومبادئها. وهذا جعل الكثير من السوريين ومنهم السريان الآشوريين يشعرون بالقلق المتزايد على مصيرهم وعلى وجودهم الذي بات مهدداً بالاقتلاع نهائياً من وطنهم التاريخي.
وعليه فإننا نتطلع لسوريا المستقبلية الجديدة وفق الرؤية التالية :
إن الحل السياسي للأزمة السورية، هو السبيل الأمثل لإنهاء الأزمة السورية بالشكل الذي  تتحقق فيه أهداف وتطلعات الشعب السوري للتخلص من النظام الديكتاتوري الشمولي، وإنجاز التغيير الديمقراطي عبر مرحلة انتقالية، تقودها هيئة حاكمة تتمثل فيها كل قوى ومكونات المجتمع السوري.
 سوريا دولة متعددة القوميات والديانات والثقافات، يقر دستورها بحقوق المكونات القومية والدينية كافة وبشكل متساوٍ، واعتبار لغاتهم وثقافاتهم لغات وثقافات وطنية سورية وهي خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها.
تعديل اسم الجمهورية العربية السورية إلى الجمهورية السورية، واعتماد علم ونشيد وطني يعكس
حقيقة تنوعها القومي والديني والثقافي.
 الاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين ، واعتبار لغتهم السريانية، لغة وطنية رسمية.
سوريا جمهورية ذات نظام برلماني علماني، يعتمد الديمقراطية ومبدأ حيادية الدولة تجاه الأديان، منهجاً له ، ويحقق تمثيلاً حقيقياً وعادلاً بدون تمييز لكل مكونات الشعب السوري، مع احترام الدور الإيجابي للدين في الحفاظ على قيم المجتمع وتقدمه.
يقر الدستور بمبدأ تداول السلطة، عبر الانتخابات الحرة، وفصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
إقرار الدستور بمبدأ المواطنة المتساوية، وشرعة حقوق الإنسان، ومجمل المواثيق والإعلانات والاتفاقات والعهود الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وحقوق المكونات والشعوب الأصلية. والمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، وإلغاء كل أشكال التمييز ضدها.
منح المغتربين السوريين حقوق المواطنة الكاملة للاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم في خدمة الوطن الأم.

نبذ العنف والإرهاب بكافة أشكاله.
اعتماد اللامركزية الإدارية، بما ينسجم مع الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
إلغاء كل القوانين المجحفة بحق مكونات أو فئات معينة في المجتمع السوري ومنها السريان الآشوريين. وإعادة الأراضي والممتلكات التي تم الاستيلاء عليها في المرحلة الماضية، وتعويض المتضررين بشكل عادل.
وضع مناهج دراسية عصرية تتوافق مع التنوع الاثني والديني للمجتمع السوري، وتكافؤ فرص الحضور في وسائل الإعلام الرسمية للمكونات في التعبير عن نفسها ضمن الإطار الوطني العام.
التركيز في القوانين على المساواة التامة بين كل المكونات العرقية في المجتمع السوري لضمان المشاركة الفعلية لها في أجهزة الدولة، وعدم ربط أي منصب في الدولة بأي عرق أو دين, لتأكيد مشاركة كل المكونات في القرار الوطني المستقل.
البدء بفتح حوار جدي بين مختلف مكونات وفعاليات المجتمع السوري وصولاً إلى تعزيز ثقافة التسامح ونبذ التفرقة والتمييز بين القوميات والأديان والثقافات المختلفة.
اعتماد مبدأ العدالة الانتقالية، لتطبيقه بعد انجاز التغيير الديمقراطي، يقوم على قيم التسامح من أجل لأم الجراح، وجبر الضرر، ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب السوري، وتقديمهم للعدالة.
ختاماً نقول :
إن مستقبلنا كسريان آشوريين وكمسيحيين، يرتبط ارتباطاً وثيقاً ببقائنا في وطننا مع شركائنا، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون العيش بحرية وكرامة، وعلى أساس الشراكة الكاملة بين الجميع في دولة ديمقراطية عصرية، ونؤكد بأن الوجود القومي للسريان الآشوريين، بما يمثل من عمق وامتداد حضاري، هو مسؤولية عربية وكردية وتركمانية، بقدر ما هو مسؤولية السريان الآشوريين أنفسهم، وأن الوجود المسيحي بما يحمل من قيم ومعان إنسانية سامية، هو أيضاً مسؤولية إخوتنا من المسلمين قبل غيرهم، كما أن الحفاظ على حالة التنوع القومي في سوريا بقدر ماهي مسؤولية السوريين، فإنها أيضاً مسؤولية المجتمع الدولي. الذي لابد له أن يستفيق من حالة اللامبالاة والصمت والتخبط تجاه مآسي السوريين عموماً ومعاناتهم. وأن يقوم بدوره الإنساني والأخلاقي في مساعدتهم لإنهاء هذه المحنة بالشكل الذي يحقق للشعب السوري طموحاته في وطن عصري متمدن يعيش فيه الجميع بأمن وسلام وكرامة.
المنظمة الآثــــورية الديمقراطية
حزب الإتحاد السرياني السوري
حزب تحرير آشـــور
الاتحاد السرياني الأوروبي / ESU
اتحاد تنسيقيات السريان الآشوريين
كتلة السريان الآشوريين في المجلس الوطني
المجلس الوطني السرياني السوري
اتحاد الأكاديميين السريان
اتحاد النساء الآشوري في السويد
المرصد الآشوري لحقوق الإنسان
فضائية سورويو ت.ف
اتحاد الشبيبة السريانية
لجنة المرأة الآثورية في سوريا
الاتحاد النسائي السرياني
الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان

69
رد1:الحكم الذاتي للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا                     
أخي هاني! شكرا على التعليق,ليس أمامنا إلا أن نبذل الجهد الكثيرمن أجل الحفاظ على كيان أمتنا وتحقيق الحلم في إقامة إقليم آشور على جزء من أرض وطننا المغتصب من قبل الغزات بكل أشكالهم وألوانهم.
 
رد2:الحكم الذاتي للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا
أخي أخيقر! أنني من الشاكرين لك دوما على تعليقاتك الإيجابية والتشجيع على الأراء المطروحة , وأكن لك كل الأحترام على ما تبذله في حقل الكتابة خدمة لأهداف أمتنا. أعتقد بأن كل فردا من أبناء هذه الأمة يستطيع تقديم خدمات لشعبه,والتمسك بقيم الأمة والدفاع عنها من واجب الجميع لأننا جميعا مهددين بدون إستثناء فالعمل الجماعي الصادق من أجل الحقوق القومية المشروعة وإقامة إقليم آشور في شمال العراق, وحقوقنا القومية في سوريا بالمساواة مع الأخرين بدون تمييز عنصري يتطلب منا جميعا بذل الجهود وطرق الأبواب في كل أنحاء العالم لتحقيق أهدافنا.
 
رد3:الحكم الذاتي للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا
أخي عبد الأحد قلو!
لك مني الشكر وأنا أحترم آرائك التي تختلف مع آرائي وطروحاتي القومية, وهذا أختلاف في وجهات النظر ولكنك ستبقى أخا, مصيري ومصيرك واحد لأننا نجلس في نفس السفينة, لا تستطيع أن تنفصل عني كما لا أستطيع الأنفصال عنك بمفهوم الكيان القومي وكما تشاء.العدو الذي أحتل أرضي وأرضك والذي صهر ويريد صهر من تبقى منا لم يمييز يوما بين هذه التسمية أو ذاك سواء كانت تسمية قومية أو كنسية ليس في الماضي ولا في المستقبل.أتمنى لك الصحة والعافية الدائمة.
رد4:الحكم الذاتي للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا
أخي بزنايا! شكرا على الحكمة نور الحضارة الآشورية يشع على الكون بالرغم من كل أنواع الظلام والتعتيم المستهدف لأخفاء بريق وجبروت آشور الذي كان , وسيعود بهمة المخلصين من أبناء الأمة.لك مني ألف تحية



70
الحكم الذاتي للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا
الدكتور جميل حنا
الشعب السوري وعلى مدى ما يقارب من أربعة أعوام يخوض معركة شرسة ضد سلطة الاستبداد وضد صنيعته من المنظمات الارهابية وكافة المنظمات الارهابية المدعومة من دول إقليمية وعالمية.ثورة الشعب السوري السلمية الفريدة من نوعها كانت بمثابة دق ناقوس الخطر,بالنسبة للغالبية الساحقة من الأنظمة في منطقة بلدان الشرق الآوسط التي تفرض سلطانها بمختلف الوسائل على شعوبها.وأن تبني البعض لمطالب ثورة الشعب السوري في الحرية والكرامة كان بهدف أحتواء الثورة وحرفها عن مسارها الصحيح وخطفت الثورة من أبناء سوريا لتكون أداة في تنفيذ المخططات الأقليمة ولتصب في خدمة بقاء سلطة الاستبداد قائمة حتى ولو شكليا من أجل تحقيق أهداف القوى الغازية الخارجية.وتحطيم سوريا بكافة مقدراتها العسكرية والأقتصادية وتكريس الانقسام بين مختلف مكونات المجتمع السوري عرقيا ودينيا وطائفيا والقضاء على وحدة سوريا أرضا وشعبا في الواقع الفعلي.وكان استخدام العنف المفرط بحق المتظاهرين سلميا واستخدام القوة العسكرية بكل ما تملكه في ترسانتها العسكرية ضد الشعب أغرقت ثورة الشعب السلمية في بحر الدماء والدمار, وفتحت الأبواب أمام مصراعيها لأستقدام ودخول القوى الارهابية من مختلف بقاع العالم إلى سوريا.الشعب السوري بالرغم من كل المآسي الفظيعة التي تعرض إليها يتطلع إلى حلول سلمية سياسية لإيقاف الحرب المدمرة التي يشنها نظام الاستبداد والمنظمات الارهابية الكثيرة المتواجدة على أرض سوريا.المعارضة السورية بالرغم من كل الجهود المبذولة لم تستطع إنهاء معاناة الشعب السوري بسبب تخبط الرؤية السياسية وعدم وجود استراتيجية واضحة تطمئن كافة مكونات المجتمع السوري والمجتمع الدولي.والعالم اتخذ موقف متخاذل من ثورة الشعب السوري ولم يقدم له الدعم الحقيقي لوضع حد نهائي لهذه لمعاناته الكارثية.أن ضرب بعض مواقع داعش وغيرها من المنظمات الارهابية التي أتت متأخرة جدا أن كان الهدف منها مسألة الأحتواء وليس القضاء عليها سيعني إطالة آمد الحرب على الشعب السوري لسنوات طويلة.وفي هذه الحالة سيكون الوطن السوري أمام مسألة مصيرية أما الحفاظ على كيان وحدته الوطنية أو إنهيارالوطن وتجزئته حسب مراكز القوى المسيطرة على الأرض والتي ستفرض سياسة الغاب والشرائع الارهابية الظلامية والتعصب القومي الشوفيني.وفي خضم هذا الصراع الدموي هناك قوى وطنية ما زالت تؤمن بالحل السياسي السلمي مع الحفاظ على حق الشعب السوري الدفاع عن نفسه بالقوة العسكرية ضد سلطة الاستبداد والمنظمات الارهابية.وأن الحراك الوطني من أجل التغيير الجذري مستمر بين مختلف شرائح المجتمع السوري وأحدى هذه المجموعات التي تبذل جهودا من أجل سوريا حرة ومستقلة تحقق العدالة السلمية الانتقالية للسلطة وحقوق كافة المكونات العرقية والدينية هي مجموعة قرطبة التشاوري "اللقاء التشاوري الوطني السوري" ومنذ تشكيلها قبل خمسة عشرة شهرا عقدت لقاءات تشاورية للعديد من المكونات العرقية السورية. وبتاريخ 2-3 من كانون الأول2014 كان موعد اللقاء التشاوري السرياني الآشوري في مدريد برعاية وزارة الخارجية الاسبانية والاتحاد الاوربي. وقد حضر جلسة الأفتتاح السيدة آراذاذو بانون دافالوس ممثلة وزارة الخارجية الاسبانية مسؤولة ملف الشرق الآوسط وألقت كلمة وزارة الخارجية في الجلسة الافتتاحية,وكذلك ممثلي الائتلاف الوطني السوري وشخصيات وطنية وأيضا مجموعة عمل قرطبة ألقوا كلماتهم في هذه المناسبة,كما ألقى ممثلي الأحزاب ومؤسسات الشعب السرياني الآشوري كلماتهم التي تعكس رؤيتهم لمستقبل  سوريا. وكان لنا الشرف أن نلقي كلمة حزب تحرير آشور في الجلسة الأفتتاحية, التي تقدم رؤيتنا لحل الأزمة ومستقبل سوريا وحقوق الشعب السرياني الآشوري في سوريا الحرة والمستقلة وهذا النص الأساسي:
السادة الكرام
في البدأ نقدم جزيل الشكرللحكومة والشعب الاسباني والسيدة ممثلة وزارة الخارجية ولأتحاد الدول الآوربية لرعايتها هذا اللقاء التشاوري من أجل تقديم العون للشعب السوري لإنهاء أزمته المأساوية.وكذلك الشكرلمجموعة عمل قرطبة ورئيس اللجنة المنظمة للقاء التشاوري الوطني السوري السيد محمد برمو الفاضل على جهودهم الوطنية الصادقة.
الأخوات والأخوة ممثلي الأحزاب ومؤسسات الشعب السرياني الآشوري.
الشعب الآشوري هو أحدى أهم وأعرق وأقدم الشعوب في تاريخ منطقة الشرق الآوسط,والحضارة الآشورية وثقافته ولغته وتاريخه وعلومه المختلفة قدم للإنسانية خدمات جليلة تركت بصماتها بشكل واضح على تطورالمجتمع الإنساني, وكافة الأكتشافات الأثرية والمتحاحف والجامعات العالمية العريقة,وأشهرالباحثين والمؤرخين من مختلف أنحاء العالم يؤكدون على ذلك بدون شك وبالبراهين القاطعة, وهو شعب حي يساهم بكل أخلاص وبكافة مقدراته الفكرية والعملية في بناء الوطن.
الشعب السرياني الآشوري تعرض في تاريخه الحديث والقديم وما زال حتى اليوم إلى مختلف أنواع مجازرالإبادة العرقية وكافة أنواع الاضطهاد القومي والديني لإنهاء وجوده في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام وعلى أرض آشورمن قبل كافة  الشعوب والقوى التي غزت المنطقة.
وبسبب ذلك شعبنا أكثر الشعوب المتضررة في المنطقة, ولذا هو أكثر أحساسا وشعورا لآلام الشعب السوري,لأن آلامه من آلام كافة مكونات المجتمع السوري وهو يعاني كما غيره من الوضع المأساوي الذي يمر به وطننا سوريا في ظل نظام الاستبداد ومنذ أكثر من خمسة عقود من الزمن.وخاصة منذ أن شنت سلطة الاستبداد اللاشرعية بتاريخ 15 آذار 2011 حربها الهوجاء المدمرة ضد سوريا وشعبها العظيم,كما يعاني شعبنا من همجية وبربرية المنظمات الإرهابية.
إنهاء الأزمة المأساوية السورية يحتاج إلى إرادة وطنية سياسية صادقة بعيدة كل البعد عن التعصب والتمييز القومي والديني من قبل كافة مكونات المجتمع السوري.ومشاركة كافة مكونات المجتمع السوري فعليا في إنشاء النظام السياسي التعددي العلماني ويتم تداول السلطة سلميا في االبلد.وبدون إستثناء أحدا بغض النظرعن العدد,في صنع القرار السياسي السوري الوطني المستقل.وأنصهارالجميع في بوتقة الوطن السوري, مع ضمان حقوق كافة المكونات العرقية دون إستثاء وتمييز,وبدون أن تمس وحدة سوريا وشعبها. والجزيرة السورية جزء لا يتجزء من سوريا الموحدة وهي لكافة مكوناته من السريان الآشوريين والعرب والكرد والأرمن واليزيديين,ولذا فرض أي مشاريع سياسية قومية عنصرية من جانب أحادي من أي طرف أتى,أومنح أي مكون أي أمتياز دون الأخر يعد إنحرافا عن جوهر أهداف ثورة الشعب السوري وخرقا لميثاق ومعاهدات الأمم المتحدة وتمييزاعنصريا مدانا بكل المقاييس.وإذا أصرا شركائنا في الوطن على منح البعض إمتيازات في الإدارة الذاتية أوالحكم الذاتي فأننا نطالب بأن يكون للسريان الآشوريين ذات الحقوق في الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي.الشعب السرياني الآشوري لا يقبل بإرادته الحرة استبدال ديكتاتورية نظام البعث القومي العنصري بأي شكل من أشكال الديكتاتورية و الاستبداد والظلم والعنصرية تحت أي تسمية كانت.ومن أجل الحفاظ على التواصل الاجتماعي والوحدة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب السوري يلتزم الأمر وجود لغة رسمية واحدة للبلد وفي هذه الحالة العربي هي اللغة المشتركة الرسمية بين الجميع.ويجب إعادة الأعتبار للغة السريانية الآشورية بإعتبارها لغة سوريا القديمةعلى مدى قرون طويلة من الزمن.ونرفض رفضا قاطعا تصنيف سوريا على أساس الدين الأول والثاني والقومية الأولى والثانية واللغة الرسمية الأولى والثانية.لغة القوميات هي ملزمة لأبنائها فقط ولا تفرض على الأخرين إلا طوعا. كما أننا نرفض وبالمطلق نعتنا بأقلية أو جالية مسيحية أو مسيحيين بهدف القضاء والغاء إنتمائنا وهويتنا القومية وأختصار تاريخنا الحضاري والثقافي الذي يمتد إلى أكثرمن سبعة آلاف عام بتاريخ المسيحية.
من أجل بناء الدولة العصرية الحديثة لا بد من دستورعلماني يصاغ على أسس المواثيق والمعاهدات الدولية والاعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة بخصوص الشعوب الأصيلة.دستور يفصل قيادة الدولة عن الدين ويعمل على بناء المؤسات المدنية في المجتمع للمشاركة الفعلية في اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية,وقضاء مستقل عن السلطة السياسية.ومن هذا المنطلق نؤكد على رؤيتنا لمستقبل سوريا الديمقراطية,ديمقراطية الحقوق المتساوية وليست ديمقراطية العدد والأصوات الإنتخابية,وخاصة أننا نعيش في ظل دولة تضم مكونات عرقية ودينية مختلفة يجب أن تراعى مصالحها وحقوقها القومية وخصائصها ومميزاتها التي تضمن استمراريتها في الوجود وهذا يعد غنا ثقافيا وحضاريا للبلد.
سوريا المستقبل,سوريا الحرة الموحدة والديمقراطية,سوريا العيش المشترك بأمان وسلام بين مختلف أطياف المجتمع,يحتاج إلى التزام أخلاقي وإنساني ودستور يرتكز على النقاط التالية:
الأعتراف دستوريا بالحقوق القومية وبالهوية الشعب السرياني الآشوري كمكون أصيل من النسيج الوطني السوري
الأعتراف باللغة السريانية الآشورية كللغة وطنية سورية تاريخية قديمة.
الأعتراف دستوريا بالحكم الذاتي للشعب السرياني الآشوري في الجزيرة السورية والإدارة الذاتية في عموم سوريا.
الألتزام بالأحصاءات السكانية قبل سيطرة البعث على مقاليد السلطة,والذي فرض تغييرا ديمغرافيا في مناطق تواجد الشعب السرياني الآشوري في الجزيرة السورية بسبب السياسات القومية العنصرية والقمعية.
إعادة الأراضي والممتلكات والمدارس والنوادي الشعب السرياني الآشوري التي تم الأستيلاء عليها منذ بداية ستينات القرن الماضي وحتى الآن وتعويض كافة المتضررين جراء السياسات التعسفية.
نبذ سياسة الأقصاء والتهميش المتعمد للشعب الآشوري ودوره الحضاري والوطني في بناء سوريا قديما وحديثا
البدأ بفتح صفحة جديدة بين مختلف مكونات المجتمع السوري بتنوعه القومي والديني لترسيخ أسس العيش المشترك والمواطنة الحقيقية والحقوق المتساوية بدون تمييزعنصري ديني أو قومي أوطائفي.
الألتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية والأعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة بخصوص الشعوب الأصيلة.
تحقيق المساواة التامة بين كافة المكونات العرقية والدينية السورية,وضمان المشاركة الفعلية لهم في كافة أجهزة الدولة,وعدم ربط تبوئ أي منصب في الدولة من قمة هرم السلطة إلى أدناه بأي دين أوعرق.
نبذ العنف والكراهية والتمييز العنصري القومي والديني.
تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية لكافة مكونات المجتمع السوري,وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في كافة مجالات الحياة.الانتقال السلمي للسلطة وتطبيق العدالة وتقديم كل الجنات الذين أرتكبوا جرائم بحق الشعب السوري وبحق الإنسانية إلى محاكم عادلة ومستقلة.
وسائل الاعلام الوطنية يجب أن تراعي التنوع القومي والديني للمجتمع السوري,ومنح الجميع فرص متكافئة في المشاركة ببرامج في مختلف أنواع وسائل الأعلام المرئي والمسموع والمقرؤ.التعليم لا بد من وضع مناهج دراسية تتوافق مع متطلبات المجتمع ومع روح العصروالحياة السياسية الجديدة التي تنسجم مع أهداف وروح ثورة الشعب السوري في التقدم والمساواة والحرية والكرامة لكل المواطنين.الكف عن تزييف الحقائق التاريخية والشروع في كتابة التاريخ الحقيقي لسوريا,وليس كما يريد البعض بتاريخ مزيف ينسجم مع طروحاتهم السياسية.
التوزيع العادل للثرة الوطنية.
الأرتقاء بالخطاب السياسي لكافة قوى المعارضة ومن مختلف المكونات العرقية والدينية والسياسية إلى مراتب بناء شراكة مواطنة حقيقية اساسه المساواة التامة في الحقوق والواجبات,من أجل بناء وطن يحس فيه كل فرد بالأمان.الدولة العصرية الديمقراطية العلمانية الحرة ترفض رفضا باتا وجود ميليشيات مسلحة حزبية أو فئوية,تضرب وحدة الوطن واستقراره وتهدد السلم الأهلي.
شكرا للجنة المنظمة على جهودها الصادقة
مدريد ,2014-10-03
.

71
الدكتور جميل حنا
قرار مجلس الأمن ضد داعش والنصرة ماذا قدم للمسيحيين في بلدان الشرق الآوسط!   
                     
قرارجديد آخر يتخذه مجلس الأمن لمحاربة الإرهاب, يضاف إلى العديد من القرارات السابقة بهذا الشأن التي أقرت على الصعيد العالمي وصعيد القوانين الوطنية في كثير من بلدان العالم,وخاصة بعد تفجيرات 11سبتمبر2001.أن تبني مجلس الأمن القرار2170 وتحت البند السابع, الذي يمنع دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية المتطرفة, ومنع تدفقهم إلى سوريا والعراق وتحديدا تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام"داعش" وجبهة النصرة.هذا القراريعد خطوة تراوح في المكان ما لم يدخل حيز التنفيذ  بضربات عسكرية شاملة سواء في العراق أو سوريا وشل القدرات العسكرية لهذه التنظيمات الإرهابية  التي تشكل خطرا كارثيا حقيقيا على أمن المنطقة وعلى شعوبها.ولذا يجب وضع حدا للأعمال الهمجية والجرائم الشنيعة التي تقترفها هذه المجموعات الإجرامية بحق الإنسانية, وليس فقط بإبعاد خطرها عن منطقة جغرافية وتركها تسرح وتمرح كما تشاء في مناطق أخرى من سوريا أوالعراق.ما لم يتم ذلك على أرض الواقع سيعد هذا القرارمجرد وثيقة هامة ولكنه بدون جدوى لا يخدم مصلحة شعوب منطقة الشرق الآوسط وأنما يخدم مصلحة أعضاء مجلس الأمن الدائمين. وهي ليست إلا ذرة رماد في العيون,لأن هذه القرارات سوف لن تجد لها التطبيق الفعلي على أرض الواقع أو الجزئي إلا بما يتفق مع المشاريع وسياسات هذه الدول.وذلك في المكان والزمان التي تقتضيه مصالحهم, وليست مصالح الشعوب أو كل الشعوب.وذلك وفق إزدواجية المعايير الأخلاقية والسياسية التي أتخذتها هذه البلدان حتى هذه اللحظة من بعض الشعوب المضطهدة المظلومة, يتركون بعض الشعوب تقتل تدمر تقطع رؤوسهم تهجرمن بيوتهم تسبى نسائهم لا يحركون ساكنا.وفي مكان آخرعندما يظهر الخطر ويحدق بملامحه على الأخرين تهب هذه الدول بتحريك وسائل إعلامها والرأي العام لشعوبها  وطائراتها وبوارجها الحربية والطائرات المحملة بالسلاح ومواد الإغاثة لنجدتهم.وهنا لا نعارض تقديم العون لكل من يحتاج ذلك من شعوب العالم ,بل أتحدث وللتذكيرفقط عن إزدواجية المعايير الأخلاقية لدى هذه الدول والتمييزبين الشعوب,وفق معاييرها الخاصة. وهذا مخالف لكل المواثيق والمعاهدات الدولية التي أقرتها هذه الدول وللقيم الأخلاقية والإنسانية.وهنا أذكر مثال واحد فقط لغبطة بطريرك الكلدان لويس ساكاعندما قال" امريكا لم تتدخل لحماية المسيحيين بل لحماية آربيل "لم تتدخل هذه الدول أو أنها أتخذت قرارا واحدا تحت البند السابع من مجلس الأمن للدفاع وحماية الآشوريين المسيحيين الكلدان السريان في العراق وسوريا وهم الشعب الأصيل في المنطقة أين هم من ميثاق حقوق الشعوب الأصيلة, ومن الأعلان العالمي لحقوق الإنسان؟
هذا القرار ترك الضوء الأخضر مفتوحا حتى هذه اللحظة أمام المنظمات الإرهابية لأرتكاب مجازرها البربرية ضد بعض الشعوب(الشعب السوري ومنهم المسيحيون) وهذ واضحا من القرار ذاته,حيث أكد السفير الروسي بيتر ايليشيف أن القرار" لا يمكن أعتباره موافقة على عمل عسكري ضد هذه التنظيمات" قبل إتخاذ هذا القرار كانت أمريكا قد شنت هجمات وقصف بسلاح الطيران على مواقع داعش, ولم تنتظر أي موافقة من مجلس الأمن من أجل تنفيذ هذه الضربات.هل ستتخلى هذه المنظمات الإرهابية عن إرتكاب أبشع الجرائم التي ترتكب بحق الإنسانية مجرد صدورقرارمن مجلس الأمن أم وراء هذا القرارمن أهداف غير معلنة, وكما يقال حق يراد منه باطل.حتى ولو كان هذا القرارتم تحت الفصل السابع, ولكن المادتين 41 و42 توضح لنا مراحل التنفيذ وحيثياته والصعوبات والعوائق التي تعترض تحقيق هذه الخطوة ما لم تتوفر الإرادة السياسية لدى جميع أعضاء مجلس الأمن.
المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة: " لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية".
المادة 42 من ميثاق الأمم المتحدة: " إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحد. ولذا فأن هذه القرارات ستنفذ وستتخذ الإجراءات العسكرية وأستخدام القوة بما يتلائم ومصالح هذه الدول ومشاريعها السياسية التي خططت وتخطط لها في منطقة الشرق الآوسط.وهذه المشاريع ستأثربشكل مباشر على مصير الشعوب الأصيلة ومنها الشعب الآشوري المسيحي بكل تسمياتهم بدون إستثناء. وأن مجريات وأحداث التاريخ القريب والبعيد لا يجعلنا مطمئنين, وذلك بسبب التهديدات الخطيرة التي تواجه كيان الشعب الآشوري ومشروعه القومي بإقامة إقليم آشورعلى جزء من أرضه التاريخية.وأمال الشعب الآشوري المسيحي في تناقص متزايد في الحصول على حماية دولية,بالرغم من كل النداءات والتصاريح والطلبات المرسلة إلى الأمم المتحدة وأمينها العام واتحاد الدول الأوربية والدول الكبرى, والمنظمات الإنسانية من قبل كافة المؤسسات الدينية المسيحية وقواهم السياسية ومؤسساتهم المدنية.ولم يرد في هذاالقرارأوذكر وبشكل واضح لا لبس فيه عن حماية الشعوب الأصيلة صاحبة الأرض الحقيقيين مثل السريان الآشوريين والإيزيديين وأختزل كيان أمة عريقة تمتد جذورها في أعماق التاريخ والحضارة الإنسانية" بالأقليات العرقية, والدينية" وذلك لحساب مشاريع وأجندات سياسية تستهدف كيان هذا الشعب والأستيلاء على المزيد من أراضيه,بعد تحريرها من داعش بمساعدة أمريكا والأنكليز والفرنسيين والألمان.المسيحيون في بلدان الشرق الآوسط وخاصة في سوريا والعراق تطالب الدول الغربية وأعضاء مجلس الأمن الإيفاء بألتزاماتها القانونية حسب المواثيق والمعاهدات الدولية والإنسانية وتقديم الحماية والدعم لهم بدون تمييز أو مماطلة.لأن الأنظمة الحاكمة والقوى السياسية المسيطرة لم تستطع توفير الحماية لهم ضد المنظمات الإرهابية بل هي ذاتها أرتكبت جرائم بحقهم. أن قرارمجلس الأمن بشكله الحالي ما لم يتعمق في أصل المشكلة وأستخدام أقسى الوسائل الرادعة ضده سوف لن ينهي بأي شكل من الأشكال الأفكار الإرهابية المستفحلة أو يقضي على المنظمات الإرهابية الجهادية.قرار مجلس الأمن لا يعالج أصل الإرهاب وإنما يتطرق إلى معالجة الظاهرة.وهذا بحد ذاته غير كاف للقضاء على المجموعات الإرهابية طالما منابع تفريخ الإرهابيين يعمل بدون أن يتعرض لأي مسائلة جدية من قبل مجلس الأمن ومن قبل القوى والدول التي تأمن بالحرية والقيم الإنسانية وبالمواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان.وهذا لن يكون مفيدا مطلقا وهذا يأكد من عدم جدية هذه القرارات, وعدم توفر الإرادة السياسية لدى قادة العالم لأنهاء التطرف والإرهاب.لأن هذه المنظمات تخدم مصالح هذه الدول لأنها أما صنيعة أومخترقة من قبلها, ولأن لها مصالح أيضا مع منابع الإرهاب ذاته.وإلا لكان القرار يجب أن يكون واضحا ضد الدول الداعمة لللإرهاب والعقائد الدينية والسياسية التي تنتهج هذا الإرهاب الدموي العنيف, وفقا لنصوص كتابية واضحة تحض على أستخدام العنف والجهاد في سبيل الله"طبعا إلههم" وليس إله بقية البشر والعالم.وأن كافة القرارات التي أتخذت حتى الآن في محاربة المنظمات الإرهابية لم تجدي نفعا.حيث يأكد القرار الجديد ويعيد تأكيده على القرارات السابقة للمجلس وبياناته الرئاسية  ذات الصلة.1267(1999),1373(2001),1618(2005),2083(2012),2129(2013),2133(2014),2161(2014)
- وإذ يؤكد من جديد أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل واحدا من أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين، وأن أي أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية لا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها، وأيا كان مرتكبوه.إذ يكرر إدانته للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة مع تنظيم القاعدة في شن أعمال إرهابية إجرامية متواصلة ومتعددة تهدف الى التسبب في وفاة الأبرياء المدنيين وغيرهم من الضحايا وتدمير الممتلكات وتقويض الاستقرار بشكل كبير. ويشير إلى أن متطلبات تجميد الأصول وحظر السفر وحظر الأسلحة في الفقرة 1 من القرار 2161 (2014) تنطبق على  داعش وعلي جبهة النصرة، وعلي جميع الأفراد الآخرين والجماعات والمؤسسات، والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة.
 
وإذ يؤكد من جديد علي محاسبة أولئك الذين ارتكبوا، أوكانوا مسئولين عن،الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، أو انتهاكات حقوق الإنسان في العراق وسوريا، بما في ذلك اضطهاد “الأفراد على أساس دينهم أو معتقداتهم المستهدفة،
- وإذ يعرب عن قلقه العميق ازاء خضوع أراضي في العراق وسوريا لسيطرة داعش وجبهة النصرة، كما يعرب عن القلق ازاء الأثر السلبي لذلك على الاستقرار في العراق وسوريا والمنطقة، بما في ذلك التداعيات الإنسانية المدمرة على السكان المدنيين، والذي أدي الي تشريد أكثر من مليون شخ
- وإذ يساور المجلس القلق البالغ ازاء التمويل، والموارد المالية وغيرها التي حصلت عليها داعش والنصرة ،وغيرهما من الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة، ويؤكد أن هذه الموارد سوف تدعم أنشطة إرهابية في المستقبل.
إذ يدين المجلس بشدة حوادث الاختطاف واحتجاز الرهائن التي ارتكبها تنظيم داعش وجبهة النصرة، وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة، لأي غرض من الأغراض، بما في ذلك، الحصول علي تنازلات سياسية. ويؤكد المجلس أن دفع الفدية لتنظيم داعش وجبهة النصرة ولجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة بشأن عمليات الخطف المستقبلية واحتجاز الرهائن، سوف يخلق المزيد من الضحايا ويديم المشكلة.
وإذ يعرب المجلس عن قلقه ازاء تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى داعش والنصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة
وإذ يدين المجلس بأشد العبارات التحريض على الأعمال الإرهابية، ومحاولات تبرير أوأيجاد أعذار للأعمال الإرهابية التي قد تقود الي مزيد من الأعمال الإرهابية.
إذ يؤكد المجلس من جديد استقلال وسيادة ووحدة وسلامة أراضي العراق وسوريا، ومقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
                      - وإذ يلاحظ المجلس بقلق التهديد المستمر الذي يشكله تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة مع تنظيم القاعدة، للسلام والأمن الدوليين، ويؤكد من جديد العزم على معالجة جميع جوانب هذا التهديد."وإذ يتصرف بموجب الفصل
1- يستنكر بأشد العبارات الأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش وأيديولوجيته المتطرفة العنيفة، بما في ذلك استمرار الانتهاكات الجسيمة والمنهجية واسعة النطاق لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، والقتل العشوائي، والاستهداف المتعمد للمدنيين، والعديد من الفظائع وخصوصا في محافظات الرقة ودير الزور وحلب وإدلب في سوريا، والفظائع التي ارتكبت في شمال العراق، وخاصة في تميم، وصلاح الدين ونينوى، بما في ذلك تلك التي تنطوي على عمليات الإعدام الجماعية والقتل خارج نطاق القضاء، و اضطهاد الأفراد على أساس  دينهم أو معتقدهم، وخطف المدنيين والتهجير القسري لأعضاء جماعات الأقليات، والاستخدام غير القانوني للجنود الأطفال، والاغتصاب، والاحتجاز التعسفي، وتدمير أماكن العبادة
2- يذكر المجلس أن أي هجمات واسعة النطاق أو منهجية ضد أية مجموعة من السكان المدنيين بسبب  خلفياتهم العرقية أو الدينية أو معتقداته، قد يشكل جريمة ضد الإنسانية، ويؤكد على الحاجة إلى ضمان مثول مرتكبي ومنظمي ورعاة الأعمال الإرهابية للمساءلة، ويحث جميع الأطراف على منع هذه الانتهاكات والتجاوزات.
3- يحث جميع الأطراف على حماية السكان المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال، من أي  شكل من أشكال العنف الجنسي يقوم به تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
4- يطالب تنظيم داعش وجبهة النصرة، وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة، بوقف جميع الأعمال الوحشية والأعمال الإرهابية.
5- يحث جميع الدول،وفقا لالتزاماتها بموجب القرار 1373 (2001)، على التعاون في الجهود الرامية الى  التوصل لمرتكبي ومنظمي ورعاة الأعمال الإرهابية وتقديمهم إلى العدالة.
6- يدين قيام داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، بتجنيد المقاتلين الأجانب، الذين يشكل وجودهم ويطالب جميع المقاتلين الإرهابيين الأجانب المرتبطبين بداعش والنصرة وغيرهما من الجماعات الإرهابية، بالانسحاب فورا، ويعرب عن استعداده للنظر في إدراج تجنيد أو المشاركة في أنشطة داعش والنصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة، في نظام الجزاءات الخاص  بتنظيم القاعدة
7- يدعو جميع الدول الأعضاء إلى اتخاذ تدابير وطنية لمنع تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى داعش والنصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة، ويكرر ضرورة التزام الدول  الأعضاء بمنع تحركات الإرهابيين أو الجماعات الإرهابية، وفقا للقانون المعمول به دوليا، وذلك، في جملة أمور، وضوابط فعالة على الحدود، ، منها تبادل المعلومات على وجه السرعة، وتحسين التعاون بين السلطات المختصة لمنع تحركات الإرهابيين والجماعات الإرهابية من وإلى أراضيها ، وتوريد الأسلحة للإرهابيين وتقديم التمويل الذي من شأنه دعم الإرهابيين.
8- يشجع الدول الأعضاء على الانخراط مع المجتمعات المحلية داخل أراضيها الذين هم الأكثر عرضة لخطر التجنيد والتطرف العنيف للحد من السفر إلى سوريا والعراق لأغراض دعم أو القتال مع داعش والنصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة تنظيم القاعدة.
9- يؤكد من جديد على قراره السابق بضرورة قيام الدول الأعضاء باجراءات للقضاء على توريد الأسلحة، بما فيها الأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، الي الجماعات الإرهابية، فضلا عن دعواته للدول لايجاد سبل لتكثيف وتسريع تبادل المعلومات بشأن الاتجار في الأسلحة، وتعزيز تنسيق الجهود على المستويات الوطنية و الإقليمية والدولية.
10- يؤكد من جديد قراره 1373 (2001) وعلى وجه الخصوص ما قرره بأن تتعاون جميع الدول في منع ووقف تمويل الأعمال الإرهابية والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم، الصريح أو الضمني، إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في الأعمال الإرهابية.
11- يؤكد من جديد قراره 1373 (2001) بأن تحظر جميع الدول على رعاياها أو علي أي أشخاص أو كيانات داخل أراضيها إتاحة أي أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية أو خدمات مالية أو غيرها، بشكل مباشر أو غير مباشر، لصالح الأشخاص الذين يرتكبون أو يحاولون ارتكاب ،أو يسهلون أو يشاركون في الأعمال الإرهابية، بما في ذلك الأفعال التي يرتكبها تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
12- يلاحظ مع القلق أن حقول النفط والبنية التحتية ذات الصلة التي يسيطر عليها تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما من الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بتنظيم القاعدة، يمكن أن يولد الموارد التي من شأنها دعم جهود التوظيف وتعزيز القدرة التشغيلية لتنظيم وتنفيذ هجمات  إرهابية.
13- يدين أي انخراط في التجارة المباشرة أو غير المباشرة مع داعش أو جبهة النصرة أو مع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
14- يشدد على أهمية جميع الدول الأعضاء التمسك بالتزاماتها لضمان ألا تكون تبرعات المواطنين والأشخاص الموجودين في أراضيها للأفراد والكيانات الذين تعينهم اللجنة المنشأة عملا بالقرارين 1267 و 1989 أو أولئك الذين يعملون نيابة عن أو بتوجيه من الكيانات المعينة.
15- يعرب المجلس  عن قلقه من أن الطائرات التي تقلع من الأراضي التي تسيطر عليها داعش يمكن أن تستخدم لنقل الذهب أو غيرها من الأشياء الثمينة والموارد الاقتصادية للبيع في الأسواق الدولية.
6- يدعو جميع الدول الأعضاء الي العمل علي منع أعمال الاختطاف واحتجاز الرهائن التي يقوم بها تنظيم داعش وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.
17- يلاحظ أن داعش هي مجموعة منشقة عن تنظيم القاعدة، وهي كيان مدرج على قائمة العقوبات لتنظيم القاعدة، وفي هذا الصدد، يعرب عن استعداده للنظر في إدراج الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات التي تقدم الدعم لداعش في نظام قائمة العقوبات، بما في ذلك أولئك الذين يعملون من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإنترنت والإعلام الاجتماعي، لصالح تنظيم داعش.
18- قرر أن يبقي المسألة قيد نظر.
إذُاً أعضاء مجلس الأمن على هذه الدراية العالية من الخطر التي تمثله داعش وكافة المنظمات الإرهابية على دول المنطقة وشعوبها والعالم. لماذا لم تقم  بضربات عسكرية جوية على مواقع داعش في الرقة ودير الزور وإدلب ومناطق حلب بالرغم من الجرائم الفظيعة التي أرتكبتها ضد المسيحيين وضد الشعب السوري على مدى ما يقارب ثلاثة أعوام؟أو لماذا أعترضت هذه الدول على التسليح النوعي للجيش الحر السوري الوطني الذي يحارب داعش وأخواتها من المنظمات الإرهابية؟ أو لماذا لم يوفر الحماية للمدنيين السوريين الذين ذاقوا الويلات من جرائم داعش وهمجيتهم التي لا توصف؟, بينما بقى الباب مفتوحا وبتخطيط مسبق أمام  هذه المنظمة للتسلح بأحدث أنواع الأسلحة!
أعضاء مجلس الأمن يتحملون مسؤوليات كبيرة  حسب ميثاق الأمم المتحدة وكافة المعاهدات الدولية بحفظ الأمن والسلام العالمي ,أمن وسلامة وحماية الشعوب المضطهدة,ومحاربة الإرهاب, والدفاع عن حقوق الإنسان وحق العيش بحرية وكرامة أينما كان في العالم.ومن هذا المنطلق ندعوا أعضاء مجلس الأمن وبقية أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة,أن تبذل قصارى جهدها بل ملزمة بتفعيل وتنفيذ بنود قراراتها والألتزام بمواثيقها التي تحدد مهامها وواجباتها على الصعيد العالمي.
وأنطلاقا من هذه المبادىء التي تأسست بموجبها هذه الهيئات الدولية ندعوها إلى:
. الدفاع عن الشعوب الأصيلة في بلاد ما بين النهرين على آرض آشوروبلاد الشام,الشعب الآشوري المسيحي بكل تسمياتهم من السريان والكلدان, والإيزيديين.
. دعم إقامة إقليم آشورفي شمال العراق وحماية الشعبين الآشوري المسيحي والإيزيدي ,وتأمين الحماية الدولية للأقليم ولهذين الشعبين.
. دعم الحقوق القومية للشعب السرياني الآشوري كشعب أصيل في سوريا ,وتأمين الظروف الملائمة لإدارة ذاتية له في الجزيرة السورية بأعتباره صاحب هذه الأرض وباني حضارتها القديمة والجديدة.
.حماية الشعوب والمسيحيين من المنظمات الإرهابية والمتطرفين.
. محاربة الفكر الإرهابي ومصادره العقائدية الدينية والسياسية.
.فرض عقوبات مشددة على الدول التي تتضمن مناهجها التعليمية في كافة مراحله على أفكار الكراهية والتمييز العنصري على اسس دينية أو عرقية أو سياسية والتي تحرض على قتل الآخرين لأسباب عقائدية دينية.
. فرض عقوبات على الدول التي لا تسمح بحرية الفرد على إعتناق أي معتقد ديني أو ترك دين وأعتناق آخر بدون أن يتعرض إلى خطر الموت, أو تمنع ممارسة الشعائر الدينية للأخرين لمن لا ينتمون إلى دين الدولة الرسمي.هذه جزء من القضايا الهامة التي يمكن أن تضع حدا للإرهاب على المدى البعيد.
2014-08-19   


72
الأخ آشوربيث شليمون !
شلاما دماران !
شكرا على المداخلة القيمة والمفيدة,الأمة الآشورية ما زالت حتى اللحظة تتعرض إلى حملات إبادة منذ قرون طويلة.ولكن إرادة الإنسان الآشوري القوي لم تضعف أو تسقط أمام التحديات والمآسي والمذابح التي لحقت به.اليوم في الوطن آشور وفي كل بقاع الكون حيث يتواجد أناس من أبناء هذه الأمة  يرفعون راية الكفاح والعمل القومي من أجل إقليم آشور والحقوق القومية في آوطاننا العراق وسوريا وتركيا وإيران,هؤلاء الشرفاء يستمدون القوة من إرثهم الحضاري والثقافي والتاريخي الطويل المتجذرفي أعماق تاريخ وطننا آشور,ومن عزيمة تقاليد روح التضحية في سبيل الحقوق القومية,الذي تجلى في أبهى صوره من خلال عظماء الأمة في بداية القرن العشرين.هؤلاءالعظماء هم قدوتنا في العمل القومي,وهم من مختلف كنائس شعبنا بكل تسمياتهم ولكنهم جميعا قدموا التضحيات الجسيمة من أجل أمتهم الآشورية.
أخي آشور! في هذه الظروف الكارثية التي نتعرض لها,حيث أصبح وجودنا في وطننا على المحك بسبب سياسات الأنظمة المستبدة والمنظمات الإرهابية,مازال البعض مستمر في زرع الكراهية والبغض بين أبناء شعبنا لإضعاف قوتنا والهائنا بأموروجدالات عقيمة لا تقربنا من بعضنا البعض,ولا توصلنا إلى توحيد قوانا وتحقيق هدفنا القومي أو الحفاظ على وجودنا بتسمياتنا المختلفة.اني مستغرب وحائرمن مواقف هكذا أشخاص,ألايشعرون بالخطرا لذي يهددنا جميعا.هل يعقل بأنهم لا يرون العدو الذي يقتلهم والذي صهرهم في بوتقته وسلب أرضهم وحرمهم من حقوقهم القومية ومن تعلم لغتهم...
مع كل المحبة والمودة
أخوكم جميل حنا 
 2014-08-08


73
الأخ عبد الأحد قلو!
شلاما دموران! شكرا جزيلا على التعليق والأهتمام بغض النظر عن الأتفاق أو الأختلاف حول مضمون الموضوع والأفكار التي طرحت.المهم أن يكون الحوار ضمن أطر ثقافية حضارية لا تهين الكرامة الشخصية للإنسان بسبب إنتماءه القومي او الديني أو المذهبي أو أفكاره السياسية وأن يتهم أحدا الأخر تهم باطلة لا تمت للحقيقة بأي صلة,أي الألتزام بأصول الآداب العامة, وعدم استخدام الكلمات والألفاظ البذيئة.بالطبع لا أقصد شخصك الكريم من هذا الكلام وأنما أقوله بشكل عام.
أخي عبد الأحد ! أننا نتعرض إلى حملة إبادة ممنهجة ومنذ زمن طويل جدا على يد قوى دينية وقومية عنصرية مسيطرة على مقاليد السلطة في بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وعلى وطننا آشور.هذه القوى لم تميز يوما من الأيام بين أتباع هذه الكنيسة أو ذاك التي ينتمي إليها أبناء شعبنا سواء كانوا من الكنيسة الكلدانية أو السريانية أو كنيسة المشرق الآشورية او السريان الكاثوليك أو البروتستانت, وهذا هو موقفي الثابت من هذه المسألة وقد نشرلي في مجلة (فرقونو) بهذا الخصوص قبل حوالي 17عاما  مقالا يأكد على ذلك .قناعتي الشخصية  ومعرفتي العلمية ودراستي وأبحاثي تأكد لي بأننا أبناء أمة واحدة,شعب واحد بثلاث تسميات الأطار الحضاري والثقافي والتاريخي واللغوي لهذا الشعب " الأمة الآشورية" . وأني مطلع على الغالبية من الطروحات والأفكار والمقالات والآراء التي ظهرت بين آوساط شعبنا وخاصة بعد سقوط النظام الديكتاتوري لصدام العروبي الإسلامي الشوفيني البعثي في عام 2003 ,هذا الحزب العروبي الأسلامي الذي أنتسب أليه نسبة من أبناء شعبنا في سوريا والعراق.اليوم الجزء الأكبر من هؤلاء الأشخاص أي بعد سقوط نظام البعث أصبحوا يتبنون أفكار قومية مغايره ليست عروبية إسلامية, وأنما بتسميات أبناء الأمة الآشورية, ليس بهدف تحقيق المطالب المشروعة لهذا الشعب , وتحقيق الأهداف القومية النبيلة التي ناضل من أجلها العظماء من أبناء هذه الأمة في بداية القرن العشرين أمثال آشور يوسف,برصوم بالي , فريدون آتورايا, نعوم فائق ,مار بنيامين شمعون, وغيرهم , بل من أجل تقسيم أبناء الأمة وضرب المشروع القومي الوحيد الموجود على الساحة.وبذل القوميين الجدد جل جهودهم ومقدراتهم في مختلف المجالات بتكريس الخلافات وتعميقها وإثارة المشاعر المذهبية واللغوية وموضوع التسمية وزرع التفرقة أكثر وأكثر بين أبناء شعبنا. وهذه السلوكيات ومختلف المواقف أنعكس بشكل سلبي على وجودنا جميعا وما نتعرض له اليوم في العراق أو سوريا جزء كبير نتحمل نحن مسؤوليته , بسبب عدم توحيد رؤيتنا حول مستقبلنا على أرضنا وعدم الألتفاف حول المشروع القومي الوحيد المطروح قبل مائة عام.بل أكثر من ذلك أتخذ الكثير موقف المؤيد والداعم والأخر أصبح أداة أعلامية لترويج المشاريع القومية والشوفينية التي تنفذ على أرضنا التاريخية, بينما يعادون المشروع القومي لقيام كيان إقليم آشور.لأن هؤلاء لم يروى في المشروع الكردي والعربي والتركي والفارسي العنصري عدوا لهم يريد أنهاء وجودهم وإبادتهم,بل أنصبت كافة الجهود لمحاربة التسمية الآشورية والآشوريين,ويعتقدون أنهم يؤدون واجبهم على أتم وجه.من خلال هذه السلوكيات والمواقف والطروحات والكثير منها مليئة بالأحقاد والكراهية تساهم بإرادة أو غير إرداة معرفة أو غير معرفة إنهاء وجودهم وكيانهم الجديد الذي يدعون به. وهنا أكد على حق كل إنسان تبني التسمية التي يريدها ويرغب الإنتماء إليها, والذي اقصده كفى مهاترات في هذا الموضوع ,المطلوب توحيد الحد الأدنى من الجهود المشتركة لحماية أنفسنا من الأنقراض,وقف كل الطروحات العدائية والمغزية والهدامة التي لا تفيد أحدا من أبناء هذا الشعب بغض النظر عن التسمية التي يتبناها,الجميع ذاهب إلى الهلاك بهذا المنطق والعقلية التي لا تخدم سوا الأعداء.
أخي عبد الأحد!
اما بالنسبة لسؤالك حول " تخاذل الفاتيكان تجاه مسيحيي الشرق" لا أعتقد مطلقا بأنك تجهلها, ومع ذلك سيكون جوابي مقتضبا مجرد إشارات لا أكثر:
. هل أعترف الفاتيكان بمذابح (سيفو) مجازر إبادة المسيحيين بكل تسمياتهم  من الآشوريين السريان الكلدان الذي أرتكبه العثمانيين الأتراك أثناء الحرب العالمي الأولى.ماذا فعل الفاتيكان من أجل المسيحيين في تلك الفترة المأساوية الصعبة, أثناء وبعد إنتهاء الحرب؟
. ماذا قدم الفاتيكان للمسيحيين في محنتهم في العراق خلال أكثر من عقد من الزمن وفي سوريا خلال الأعوام الثلاثة الماضية على الحرب هناك.ما هو مقدار الدعم المادي والدبلوماسي الفعلي على الساحة الدولية ,لوضع حد لمعانات المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط؟
. هل الدعم المادي والدبلوماسي والسياسي الذي قدمه الفاتيكان لمسلمي كوسوفو,هو بمقدار ما يقدمه او قدمه للمسيحيين في بلداننا؟
. أليس مبشري الفاتيكان هم الذين حرضوا العشائر الكردية لقتل واضطهاد المسيحيين الآشوريين في هكاري وغيرها من مناطق شعبنا, من أجل اعتناق المذهب الكاثوليكي, وضرب وحدتنا القومية, وزرع الفتن الطائفية بين أبناء الشعب الواحد.
. من زرع الشقاق بين أبناء الكنيسة النسطورية مسيحيي الشرق في عام 1553أليس الفاتيكان؟
. ماذا فعل الفاتيكان ضد مسيحيي الشرق أثناء الحملات الصليبية؟
أما بالنسبة لقداسة البطريرك مار دنخا الرابع الجالس سعيدا على سدة الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق الآشورية,فهذه شأن المجمع المقدس للكنيسة تقررأين يكون مقرها.السؤال الذي يطرح نفسه والأهم لماذا الغالبية الساحقة من أبناء هذه الأمة بكل تسمياتهم يعيشون في دول المهجر,ماهي الظروف التاريخية والأغتيالات والظروف السياسية والآضطهاد القومي والديني والقتل وحملات مجازرالإبادة والتمييز العنصري الذي تعرض وما زال حتى هذه اللحظة يتعرض لها شعبنا.كنا نتمنى لوأن جميع أبناء شعبنا يعيشوا في وطنهم بسلام ويتمتعون بحقوق المواطنة الصحيحة بدون تمييز عنصري على اساس الدين أو القومية.
.السؤال الذي تطرحه بالنسبة لتخصصي,بالتأكيد ليس سرا, ولكن لدي أحساس بأن أي تخصص أو شهادات جامعية وأكاديمية دكتوراه حصلت عليها سوف لن تفيد طالما تحكم على ما أكتبه من خلال إنتمائي إلى أبناء الأمة الآشورية وبكل فخر وأعتزاز.ولذا أطلب منك بكل محبة ومودة هناك قواسم مشتركة تجمعنا  أكثر بكثير مما تفرقنا, وليكن قادم الأيام والكتابات تعبر عن الروح المشتركة التي نعاني منها, من ذات المصير, من محاولات الفناء وإنهاء وجودنا.
مع أطيب التحيات والمودة!
2014-08-07


74
تهجير المسيحيين من نينوى,الجديد القديم
الدكتور جميل حنا
غزوة الدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابية ,داعش وأعلان دولة الخلافة االإسلامية استمرارللخلافة الراشدية والأموية والعباسية والعثمانية.وما يحدث اليوم ليس بالشيء الجديد على المسيحيين منذ أن ظهر في الجزيرة العربية محمد وتأسيسه الإسلام, حيث بدأ بإضطهاد المسيحيين وملاحقتهم وقتلهم وإرغامهم على إعتناق الاسلام ودفع الجزية.وشن محمد غزوات على القبائل التي كانت تتبع الإيمان المسيحي, وخلال فترة زمنية قصيرة وبعدما أرتكب مجازر الإبادة ضد المسيحيين واليهود أستطاع بحد السيف إنهاء الوجود المسيحي للسكان الأصليين لأبناء الجزيرة العربية.والعداء الفكري الشرير والعنف والجرائم والقتل التي نفذها محمد ليس هو إتهام باطل نابع من الفراغ بل هي حقائق تاريخية يعترف بها كل مسلم, وأن حاول البعض وضع الحقائق والأعمال الأجرامية التي نفذت في غير موضعها الصحيح.والنصوص القرآنية والأحاديث المنسوبة إلى محمد والتراث وأمهات الكتب الإسلامية المعترف بها من قبل المراجع الإسلامية ومنذ 1400عام حتى اليوم هي المصادر الرئيسية والدليل القاطع على أرتكاب جرائم بحق الإنسانية تحت غطاء الدعوة إلى إعتناق الإسلام.وما حصل في نينوى والرقة وغيرها من القادم هو إلتزام وتنفيذ أمين من قبل داعش للنصوص القرآنية والأحاديث والتمسك بالفعل ما فعله محمد.أن دعوة داعش أهل الموصل المسيحيين الشعب الأصيل من أبناء الأمة الآشورية إلى مغادرة المدينة خلال مهلة زمنية قصيرة جدأزأو تخييرهم بين إعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو القتل بحد السيف.هل فعل داعش الأجرامي وغيرها من المنظمات الإرهابية والمتعصبن  المتزمتين من المسلمين المتمسكين بحرفية الإسلام يخالفون أفكار وأفعال قدوتهم وما أمر به من قبل هذه القدوة. ألم يقل محمد في الحديث الصحيح وبأعتراف كبارعلماء ومشايخ المسلمين حينما قال:لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما, وخيرهم بين الجزية والإسلام أو القتل بحد السيف وما فعله أبو بكر البغدادي وغيره من الإرهابيين هل هو تطبيق لهذا النهج أو مخالف له؟وما يقوم به كل المتطرفين والمتزمتين هوتطبيق فعلي لما أمر به القرآن كما ورد في سورة التوبة: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " التوبة 29" وغيرها الكثير من النصوص وأحاديث التي تدعوا إلى الكراهية والبغضاء والقتل, والاستيلاء على النساء والأعراض والأطفال والممتلكات والإذلال, والتمييز العنصري الفاشي اللاأخلاقي واللاأنساني.هل هناك كنيسة واحدة للمسيحيين في السعودية ؟ هل هناك مسيحي واحد يتجرأ أن يحمل الصليب على صدره أو أن يحمل الكتاب المقدس أو أن يبشر بالمسيحية؟أليس كل هذا يتناقض مع طرح ملك السعودية عبد الله عندما يدعوا إلى حوار الأديان والتسامح.الأولى بالملك أن يبدأ بالتسامح والحوار وقبول الأخر غيرالمسلم والسماح للمسيحيين أن يمارسوا ويعتنقوا العقيدة المسيحية بحرية تامة في السعودية عندها ستكون لدعوته شىء من المصداقية, أنه التناقض والإنفصام والأزدواجية في الطرح والمواقف غير الصادقة في التعامل مع العالم.والغريب في مواقف الكثيرمن المسلمين أن إذلال الأخرين وأحتقارهم وقتلهم يعتبرونه رحمة وتسامح من رب العالمين"طبعا هم ربهم وليس الإله الحقيقي , لأن الله الحقيقي هو إله محبة وسلام وتسامح وليس إله قتل وماكر وخداع وجرائم وإرتكاب الفاحشات ,إله حقود يكره الإنسان ويضع الخطط الشنيعة للإنسان ويحدد له مصيره مسبقا بغض الظر عما يفعله ويميز بين البشرليس بحسب أعمالهم.وما العهدة العمرية إلا تأكيد على الاستمرار في ذات النهج الذي وضعه محمد للمسلمين لإذال غير المسلمين وتثبيت النهج العنصري الفاشي."
    {1} ««( نص العهدة العمرية عن كتاب لأبن القيم الجوزية»    عن عبد الرحمن بن غنم
    كتبتُ لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام، وشرَط عليهم فيه
    الا يُحدِثوا في مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب،
    ولا يجدِّدوا ما خُرِّب،
    ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم،
    ولا يؤووا جاسوساً،
    ولا يكتموا غشاً للمسلمين،
    ولا يعلّموا أولادهم القرآن،
    ولا يُظهِروا شِركاً،
    ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوا،
    وأن يوقّروا المسلمين،
    وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس،
    ولا يتشبّهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم،
    ولا يتكنّوا بكناهم،
    ولا يركبوا سرجاً،
    ولا يتقلّدوا سيفاً،
    ولا يبيعوا الخمور،
    وأن يجُزُّوا مقادم رؤوسهم،
    وأن يلزموا زيَّهم حيثما كانوا،
    وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم،
    ولا يُظهِروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم في شيءٍ من طرق المسلمين،
    ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم،
    ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً،
    ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة المسلمين،
    ولا يخرجوا شعانين،
    ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم،
    ولا يَظهِروا النيران معهم،
    ولا يشتروا من الرقيق ما جَرَتْ عليه سهام المسلمين،
 والشقاق،  وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم،
هذه الشروط المهينه فرضها الغزات المحتلين العرب المسلمين لبلاد الشام على مسيحيي أصحاب الأرض الحقيقيين الذين يسكنون هذه البقعة من الأرض منذ فجر التاريخ.ومنذ ذلك الزمن بدأ إضطهاد المسيحيين في تلك البقعة حيث كانوا يشكلون الغالبية الساحقة من سكان بلاد الشام والرافدين.ومنذ بدأ الغزوات خارج الجزيرة العربية على بلاد آشور بلاد ما بين النهرين تعرض الشعب الآشوري المسيحي إلى حملة إبادة تطهير عرقي و قد قتل من قتل وأسلم الكثير منهم تحت حراب السيف وعدم التمكن من دفع الجزية وتحصن الجزء الأخر في جبال آشورالحصينة هكاري وطورعابدين وغيرها من الأماكن  وهم الناجين ,الذين ما زالوا يحافظون على هويتهم القومية الآشورية بالرغم من استمرار المذابح التي ارتكبت في مختلف عهود الخلافات العديدة ومنها المجزرة الكبرى الحديثة التي أرتكبها العثمانيون الأتراك بين أعوام 1914-1918منذ أربعة عشر قرنا إضطهاد وقتل المسيحيين مستمر في بلدان الشرق الآوسط, وهم كانوا أصحاب الأرض الحقيقيين في سوريا وفلسطين ولبنان والأردن والعراق ومصر. واليوم لا يتجاوز عدد المسيحيين في هذه البلدان مجتمعة نسبة 10-12بالمئة ولبنان هوالأكثر نسبة من بين الجميع.مما ذكر أعلاه ليس فضح أو كره لبني البشروأنما ضد فكر ونهج أجرامي معادي للقيم الإنسانية.لي القناعة التامة وبصدق ومن خلال تجارب الحياة والعيش المشترك بين الأخوة المسلمين. يوجد الكثير من الوطنيين والناس النبلاء الذين هم في قمة الإنسانية ولهم قيم وأخلاق عالية, وصادقين ومخلصين ويكرهون العنف والقتل. وملتزمون بحقوق الإنسان ويحاربون الأفكار الظلامية والتفرقة والتمييز العنصري أو هم مؤمنون بالفطرة بسبب العائلة التي خلق فيها,لا يحملون الضغائن والحقد والكراهية للأخرين هؤلاء الشرفاء يستحقون كل المحبة والتقدير منا. وهم من مختلف شرائح المجتمع الأسلامي من المثقفين والعلماء والنساء والطلاب والناس العاديين, وأصحاب المبادىء والأفكار الإنسانية من مختلف التيارات السياسية.التي تؤمن بالمساواة والعدالة وتنبذ الأفكارالعنصرية على أسس دينية وعرقية.ومع كل ذلك هؤلاء جميعا يقع على عاتقهم بذل المذيد من الجهد والعمل على حماية العيش المشترك مع مختلف مكونات المجتمع بتنوعه الديني المذهبي والعرقي.وفضح منابع الكراهية وتسليط الضوء أكثر وبجرئة تامة على مصادر العنف وأسبابها الحقيقية بدون تجميل الصورة.هذه القوى المؤمنة بالأعلان العالمي لحقوق الإنسان وشرعة القوانين الدولية وتؤمن بالقيم الإنسانية مدعوة لتنظيم صفوفها وتشكيل مؤسسات على المستوى العالمي والمحلي لمحاربة الأفكار والنصوص العقائدية التي تدعوا إلى القتل والكراهية والعنف والتمييز الديني والقومي ويضطهد المرأة ويسحق حق الطفولة والأمومة. لأن الخطر الإسلامي لن يختصرعلى المسيحيين فقط بل سيشمل كل هذه الفئات من المجتمع وفرض شرائع للعيش في مملكة الظلام.وأن تقوم هذه القوى والتيارات والأفراد بالتوجه إلى المؤسسات الدولية لتوضيح الصورة الحقيقية وطلب العون للصد والحد من إنتشار الأفكار المعادية للإنسانية وللجنس البشري.
من يتحمل مسؤولية حملات إبادة الآشوريين المسيحيين  المشرقيين بمختلف كنائسهم من السريان الأرثوذكس والكلدان وكنيسة المشرق والسريان الكاثوليك وغيرهم:
. الإسلام,الغزوات الإسلامية إلى بلاد ما بين النهرين,بلاد آشور وكذلك بلاد الشام.
(الخلافة الراشدية,الخلافة الأموية,الخلافة العباسية, الخلافة العثمانية التركية)
.حملات التتار والمغول على بلاد آشور وبلاد الشام.
. الأستعمار الغربي الحملات الصليبية ,الأستعمار الحديث الأنكليزي, الفرنسي , الأمريكي
.الفكر العروبي الإسلامي ,وكما يذكر مؤسس حزب البعث ميشيل عفلق" جوهر العروبة هو الإسلام, العروبة هو الجسد والروح هو الإسلام, كل عربيا يجب أن يكون محمديا,  لولا الإسلام لما أنتشرت العروبة, وأفكار عنصرية عملت على صهر الشعب الآشوري الأصيل في بوتقة العروبة والاسلام, أمة عربية واحدة" من المحيط إلى الخليج" ذات رسالة خالدة " الرسالة المحمدية".....عرين العروبة في بيت الحرام-مكة....سياسة التعريب
.الأنظمة الديكتاتورية الاستبدادية والقومية الشوفينية في سوريا والعراق وتركيا .
.سيطرة الأكراد على أجزاء واسعة من أرض آشوروتنفيذ مخطط التغيير الديمغرافي في المناطق الآشورية المتبقية.
. المجازر العديدة التي أرتكبها الأكراد ضد الآشوريين المسيحيين  في هكاري وطورعابدين وآميد (ديار بكر) على مدى عقود بالتعاون مع العثمانيين.   
.تخاذل الفاتيكان تجاه مسيحيي الشرق.
.أما بالنسبة للعقود الأخيرة وخاصة السنوات الأخيرة وحتى الأن نحمل مسؤولية حملات الإبادة التي يتعرض لها الشعب الآشوري المسيحي في العراق وسوريا وبقية بلدان الشرق الآوسط على دول مجلس الأمن الخمس دائمة العضوية: أمريكا, روسيا الاتحادية,أنكلترى, فرنسا,الصين حيث يتحمل قادة هذه الدول الخمس المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه ما يحصل لشعبنا من مجازر إبادة للقضاء على كياننا بدون أن يحركوا أي ساكن لوضع حدا لمآستنا.ولم يقدموا سوا التصاريح الفارغة بالرغم من إدعاءاتهم بحماية الأقليات, والحقائق تثبت زيف إدعاءاتهم وما التصاريح التي يطلقوه سوى استغلال لقضية شعبنا ومن أجل مصالح الأنانية , وتحقيق ذلك على حساب دمائنا ووجودنا.
.أملنا في أبناء أوطاننا الشرفاء والمخلصين الذين يؤمنون بقيم العيش المشترك, والذين يؤمنون بأننا متساون في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الإنتماء القومي والديني.الأوطان لا تبنى إلا على قيم السلام والعيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع بدون تمييز عنصري ديني أو قومي.
2014-07-29


75
رابي اخيقر يوخنا
اقدم لك جزيل الشكر على أبداء الرأي والأهتمام بالمواضيع التي تنشر لي على موقع عنكاوا المحترم. همومنا وقضيتنا مشتركة علينا جميعا أن نبحث عن الحلول المناسبة لحماية كياننا من الإندثار, وتحقيق أهدافنا القومية المشروعة على أرضنا التاريخية والحالية, ولذا لا بد من توحيد جهود أبناء هذه الأمة بكل تسمياتهم من أجل تحقيق الأهداف والحفاظ على استمرارية وجودنا في وطننا آشور.
 
 
الاستاذ بولص شليطا
شكرا على التعليق القيم, وكل ما ورد فيه سواء في الجانب التاريخي لقضية شعبنا وهي حقائق ثابته ولكن مع الأسف غدر وخيانة البريطانيين لشعبنا أنعكس بشكل كارثي على مصيرنا ووجودنا على أرضنا وفي وطننا آشور,وما  يتعلق بالمهام الواجب القيام به على الساحة الدولية فهو أحد أهم الخطوات المفيدة القيام بها , ولكن يجب توحيد الخطاب القومي والسياسي حول مصير شعبنا على أرض آشور وموقف كافة أحزابنا ومؤسساتنا السياسية والمدنية والدينية من مسألة الحكم الذاتي لآشور. حينما تأمن كافة قوى شعبنا بتسمياتهم المختلفة بحقهم  بأنهم أصحاب حق وليسوا أقل مرتبة من الأخرين بل أنهم متساون بالحقوق والواجبات مع كافة أبناء العراق بشكل عام وبخاصة على أرض آشور. ولذا يجب أن يحصلوا على حقوقهم القومية كاملة بدون نقصان إذا كان للغير حق تقرير المصير فلماذا ترضى قوى شعبنا بأقل من ذلك. والتجارب اليومية  منذ سقوط صدام وما قبل ذلك أيضا,الاستيلاء على مزيد من أراضي وممتلكات شعبنا بمختلف الوسائل القمعية والترهيب والترغيب وعمليات التغيير الديمغرافي في مناطق شعبنا, هذه محاولات تهدف إلى إنهاء كيان أبناء شعبنا بكل تسمياتهم. والسؤال الذي يطرح نفسه متى سيكون ولاء الكثير من قوى شعبنا لقضيته القومية, وليس ولاء للمشاريع التي تهدف القضاء على كيان شعبنا ووجودنا القومي على أرض الأباء والأجداد؟


76
إقليم آشور والحماية الدولية هو الحل!

ما يجري في العراق ليس بجديد في هذا البلد المنكوب  بكل أنواع المآسي منذ عقود طويلة من حروب داخلية وخارجية وبأنظمة ديكتاتورية واحتلال خارجي دولي وإقليمي.واقع مرير مليء بالقتل والدمار,وصراع قومي وديني ومذهبي وأوضاع اجتماعية مزرية كالفقر والحرمان من مقومات العيش الكريم, وسياسة التهجير القسري والتهميش والإقصاء المتعمد لمكونات إثنية ودينية أصيلة وأساسية في كيان النسيج الوطني العراقي.كالشعب الآشوري بكل تسمياتهم ومذاهبهم الكنسية من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكلدانية والسريان الكاثوليك وكنيسة المشرق الآشورية وغيرهم.الحملة البربرية الصاعدة في الآونة الأخيرة استمرارللعنف الذي تمارسه السلطات الحاكمة ضد إرادة الشعوب الطامحة إلى الحرية والعيش بكرامة,واستمرار للعنف والقتل الهمجي التي ترتكبه المنظمات الإرهابية القاعدة بكل مسمياتها من داعش واخواتها التي تستغل ثورة الشعوب الثائرة على الطغيان لفرض شرائعها الظلامية الإجرامية في العراق والشام,بل في كل العالم إذا تمكنت.الحروب الدموية المدمرة الجارية في العراق وسوريا صراع من أجل المصالح الفردية والفئوية والمذهبية والدينية والحزبية للسيطرة أوالحفاظ على مقاليد السلطة والسطوعلى ثروة البلد والمخزون البشري تحت شعارات دينية ومذهبية وقومية.كل الفئات المتصارعة على الساحة تعمل بوسائلها العديدة على تحقيق أجنداتها الخاصة والكثير منها مرتبط بالمشاريع  الدولية والإقليمية.فإذا هذا الصراع هو بين الحق والباطل,بين القيم الإنسانية والأفعال الإجرامية.المحق الوحيد في هذا الصراع والكفاح المريرهي القطاعات الواسعة من الجماهيرومطالبها المحقة المشروعة في الحرية والكرامة, وضد الظلم والطغيان ,التي تعاني منه على أرض العراق,من الشمال إلى الجنوب من أبناء هذا الوطن بكل أديانهم وقومياتهم ومذاهبهم وطوائفهم الدينية.وبكل آسف شديد يستعمل جزء من قطاع الجماهير كوقود لتنفيذ المشاريع الهدامة التي تخطط لها السلطات المسيطرة في العراق,وكذلك المنظمات الإرهابية.
وغير المحق هو الإرهاب الذي ترتكبه المجموعات الإرهابية بكل أشكالها وألوانها المختلفة والكثيرة على الساحة العراقية من داعش وأخواتها وكافة الميليشيات الحزبية والدينية والقومية والمذهبية العنصرية المختلفة من الشمال إلى الجنوب.إضافة إلى ذلك الإرهاب المنظم التي تمارسه السلطات المسيطرة على مقاليد السلطة في العراق.
الحماية الدولية لإقليم آشور!
الشعب الآشوري قدم تضحيات جسيمة في بناء الدولة العراقية الحديثة منذ 1921ولكن كل إسهماته البناءة لم يجنبه من الاضطهاد والظلم والتشريد القسري وعمليات التعريب والتكريد وصهره كليا لإنهاء وجوده كشعب أصيل بنى آرقى الحضارات على أرض بلاد الرافدين.تعرض هذا الشعب إلى الاضطهاد والظلم وقتل أبناءه, وهدم قراه, وسلب أرضه وممتلكاته وانتهاك الاعراض من قبل بعض القوى والأفراد المتنفذين  والمسيطرين في شمال العراق. وتعرض أبناءه إلى القتل والإغتيال السياسي ومذابح كثيرة نذكر منها مذبحة سيميلي 1933,وصوريا, والأنفال, وحتى حلبجة ولكنها كانت تسجل في صالح قائمة الأكراد, وكانت تطمس الحقائق عمدا.القتل والتهجير وتدمير المقدسات وقتل رجال الدين وانتهاك الأعراض من قبل من أستطاع بدأ من يملكون زمام الأمور في كافة المناطق وكذلك المنظمات الإرهابية.كل هذه الأفعال الإجرامية هي سلسلة متواصلة من الجرائم ولم يقدم فيها شخص واحد إلى المحاكم أو يسأل على فعله الإجرامي وهم يسرحون ويمرحون في آربيل  ونوهدرا(دهوك) الموصل أو غيرها من المناطق.بعد سقوط نظام صدام في عام 2003 تفائل أبناء الأمة الآشورية بالخير لأنهم كانوا جزءا فعالا من المعارضة العراقية لإسقاط النظام,ولكن بدل أن يحصلوا على حقهم القومي والوطني المحق ,خاب ظنهم في الدستور العراقي الذي شرعن التمييز العنصري الديني والقومي بحق المسيحيين بشكل عام وخاصة ضد الحقوق القومية لأبناء الأمة الآشورية,فتحول بفعل هذا الدستورإلى مواطن من الدرجة الدنيا في المجتمع العراقي. وتحول أيضا هذا الشعب من شعب أصيل وصاحب حضارة عريقة تمتد جذوره إلى آلاف السنين في عمق تاريخ الرافدين إلى جالية مسيحية في أعين الطلباني والبرزاني والمالكي وغيرهم من أستولوا على العراق.
الشعب الآشوري وفق كل المواثيق والمعاهدات الدولية يحق له طلب الحماية الدولية تحت إشراف الأمم المتحدة,لأنه يتعرض إلى حملة إبادة من مختلف القوى الحاكمة التي تعمل على إنهاء وجوده القومي المميز على أرضه التاريخية وصهره في بوتقة الأكراد والعرب, وتمارس بحقة سياسة التمييز العنصري الديني والقومي.
منذ عقدين من الزمن كنا وما زلنا على موقفنا الصائب الذي تحملنا الكثير من المتاعب بسببه, بأنه لا يمكن للشعب الآشوري أن يحافظ على كيانه ويحصل على حقوقه القومية إلا بإقامة إقليم آشور على جزء من أرضه التاريخية في شمال العراق ويحق له حق تقرير المصير كما يحق للأخرين, وهذا مثبت في البرنامج السياسي لحزبنا "حزب خلاص آشور" وكذلك في كتاباتنا الشخصية.نذكر البعض منها
(الحكم الذاتي والحقوق القومية"الحرية"للشعب الآشوري في وطنه الأم بلاد ما بين النهرين)
http:www.furkono.com/modules.php?name?=News&file=print&sid=86
موقع فرقونو:2003آيار12
( الحكم الذاتي لآشور الضمانة الوحيدة لحماية شعبنا من الإنصهار والفناء الكلي في العراق)
http://www.furkono.com/modules.php?name=News&file=article&sid=1837
موقع فرقونو:2006شباط 28
( إقليم آشور هو الحل)
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=157285
موقع الحوار المتمدن:23-12-2008
وكذلك عشرات المقالات ذات الصلة يمكن مشاهدتها على على المواقع التالية :
الحوار المتمدن ,  عنكاوا كوم  , فرقونو وغيرها الكثير من المواقع.
ومن هذا المنطلق يقع على عاتقنا جميعا كل من يأمن بإنتمائه إلى الأمة الآشورية أو إنتماءه إلى الشعب الكلداني أو السرياني في هذه الظروف المأساوية أن نوحد جهودنا ونعمل سويا على الساحة الدولية من أجل الحفاظ على وجودنا على أرضنا التاريخية ووضع إقليم آشور تحت الحماية الدولية. جميع أبناء شعبنا بكل تسمياتهم مستهدفين من قبل جميع الذين يسيطروا على السلطة في العراق سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب. ولذا يجب وضع كل الطاقات المتوفرة على الساحة الدولية وبين أبناء شعبنا في خدمة القضية الرئيسية ألا وهو مسألة البقاء في الوجود في الحياة" بقاء أو فناء"
2014-07-02


77
الأخ الكريم سمير عبد الاحد!
 صباخ الخير لك وشكرا على مرورك وأبداء رأيك حول المقالة.لا تتهم لكي لا تتُهم,أنا من دعات المحبة ووحدة شعبنا بكل تسمياتهم وأكن كل الأحترام والمحبة والوقار لكل كنائس شعبنا, وكافة الكلمات البذيئة والأتهامات الباطلة سوف لن تزعزع مثقال ذرة واحدة من محبتي لكافة كنائس شعبنا. وقناعتي الذاتية المبنية على العلم والمعرفة والدراسة والبحث بالأضافة إلى نشأتي الإجتماعية تجعلني أن أكون واثقا ومؤمنا ايمانا عميقا بأننا نحن أبناء  الأمة الآشورية العظيمة.اما إذا كنت لا تمثل هذا الرأي وتعتبر بأن الكلدان أو السريان أمة قائمة بحد ذاتها ولا علاقة لها  لا ثقافيا ولا لغويا ولا تاريخيا ولا حضاريا ولا اجتماعيا,فأنت حر وأحترم رأيك وليس بالضرورة أن أتفق معك. ووفق ما  نؤمن به ولست وحدا في هذا الكون وقد سبق هذه الأجيال عظماء الأمة الآشورية الجنرال آغا بطرس والمفكر آشور يوسف والمعلم نعوم فائق والشهيد المطران آدي شير, والمطران يوحانون دولباني, والشهيد البطل فريدون آتورايا جميعهم من أبناء كنائس مختلفة ولكنهم عملوا وضحوا بحياتهم وقدموا إنتجاتهم الفكرية بالدفاع عن حقوق أمتهم العظيمة ولم يكن الأختلاف الكنسيي عائقا مطلقا أن يؤمنوا بأنتمائهم إلى الأمة الآشورية.ومن هذا المنطلق نعمل من أجل إزالة الإنشقاقات التي كرسها أعداء هذه الأمة بين صفوفنا وأفشال تحقيق أهدافهم وغاياتهم المنبوذة  بإضعافنا والسيطرة علينا وإنهاء وجودنا تحت أي مسمى كنا.من أرتكب المذابح ضدنا من الاتراك والكرد والعرب والفرس لم يمييزوا بين هذا وذاك على أساس طائفي .لقد ذبح الجميع بغض النظر أن كان أبن الكنيسة الكلدانية او كنيسة السريان الأرثوذكسس او أبن كنيسة المشرق الآشورية أو كاثوليكيا أو بروتستانتيا.أما بالنسبة أننا قتلنا بكوننا مسيحيين فقط فهذا لا يطابق الحقيقة بالكامل ,قتلنا كوننا مسيحيين ولنا هوية قومية, عرقية غير العرق التركي وكما يؤكد على ذلك قادة حزب الاتحاد والترقي الذين أرتكبوا المذابح بحق شعبنا.هل وجدت شعبا في الكون بدون إنتماء قومي. أن النظر إلى حضارة شعب عظيم صنع أحدى أرقى الحضارات في الكون أن يختزل أرثه الإنساني وما قدمه للبشرية من كنوز المعرفة والعلم والثقافة واللغة والعمران والفلسفة والعمران في إطار مذهب كنسي هذا أحتقار وإنتقاص لهذا الشعب بكل تسمياتهم, مع أعتزازنا وفخرنا بإيماننا ببشارة المسيح له كل المجد.أما بالنسبة للتعليق الثاني فلن أرد عليك إلا بسؤال واحد. هل الإنسان العاقل الذي يملك مثقال ذرة من العقل والفكر يخاطب العدم,المنبوذ المندثر, المنقرض؟!!.

الأخ العزيز  رابي انطون الصنا !
شكرا على مرورك الكريم وسررت كثيرا على أبداء رأيك !
آوافقك بكل الأفكار التي وردت في تعليقك ,وأثمن جهودك الصادقة في حقل الكتابة والدفاع عن حقوق شعبنا بتسمياتهم المختلفة. وعملك الصادق والدؤوب من أجل وحدة كلمة شعبنا لمواجهة التحديات الكبيرة التي تهدد استمرارية كياننا على أرض وطننا آشور. وخاصة في هذه الظروف الصعبة التي يتعرض ابناء شعبنا إلى حملة سياسية وقومية شوفينية تهدف وجودنا,وذلك بالسيطرة على ممتلكات وأراضي شعبنا والاستيلاء على المزيد مما تبقى منها من قبل القوى والأحزاب الكردية المسيطرة على شمال العراق أرض آشور, وتنفيذ خطة التغيير الديمغرافي العدائي لشعبنا, ولا يمكن وصف هذه الممارسات إلا بالعدوانية والتمييز العنصري.أن التخاذل العالمي ومنذ الخيانة البريطانية لشعبنا حتى يومنا هذا يجعلنا نعاني من الاضطهاد والإبادة المستمرة وذلك استمرارا للمذابح الكبرى 1915 مرورا إلى مذبحة سيميلي 1933 وإلى الإبادات اللاحقة  أثناء سلطة البعث بقيادة صدام حسين,حتى الساعة ما يحدث على أرض آشور في الشمال من قبل  قوى  الحزبين الكرديين وقوى اسلامية كردية  مسيطرة.
 أخوكم                       جميل حنا
الأخ العزيز Mediator!
 أشكرك على مساهمتك ودفاعك عن أمتك الحية التي يساهم أبنائها الصامدين على أرض آشور بالدفاع عن استمرارية وجودهم .وكذلك الذين هجروا قسرا من تركيا والعراق وسوريا وايران بسسب المذابح والاضطهاد القومي والديني في ظل كافة السلطات الاستبدادية العنصرية القومية والدينية التي سيطرة على وطننا.
أخوكم
جميل حنا

78
مذابح إبادة الآشوريين في هكاري 

الدكتور جميل حنا
مذابح الشعب الآشوري بكل تسمياتهم أصبح جزء لا يتجزء من حياة هذا الشعب منذ قرون طويلة حتى يومنا هذا.وهذه المذابح تتخذ أشكالا وأساليب عديدة ضمن ظروف ووقائع سياسية وصراعات مختلفة تعيشها بلدان الشرق الآوسط والعالم.وهذه العوامل التي تحيط بهم محليا وعالميا تأثر سلبا وبشكل كارثي على كيان أبناءهذه الأمة.والهدف الرئيسي الوحيد من إرتكاب المجازرهو إنهاء الكيان القومي لأبناء الأمة الآشورية كشعب أصيل صاحب الأرض والتاريخ والحضارة,والقضاء على الوجود المسيحي في بلاد آشوروالشام وبلدان الشرق الآوسط بشكل عام.ووفقا لمبادىء مجازر إبادة التطهير العرقي التي أقرتها الأمم المتحدة"اتفاقية منع جريمة إبادة الجنس البشري" ،نجد أن كافة البنود الواردة في هذه الوثيقة الهامة تنطبق جميعها على أبناء الأمة الآشورية بمختلف مذاهبهم الكنسية من الكلدان والسريان وأبناء كنيسة المشرق والكاثوليك والبروتستانت.
 أ . قتل أفراد أو أعضاء الجماعة.
ب . إلحاق أذى أو ضرر جسدي أو عقلي خطير أو جسيم بأعضاء الجماعة.
ج . إخضاع الجماعة لظروف وأحوال معيشية قاسية يقصد منها إهلاكها أو تدميرها الفعلي كليا أو جزئيا.
د.فرض تدابير ترمي إلى منع أو إعاقة النسل داخل الجماعة.
هـ- نقل أطفال أو صغار الجماعة قهرا وعنوة من جماعتهم إلى جماعة أخرى.
لا شك أنه لكل جريمة ترتكب دوافع محددة تكون سببا للمجرمين بتنفيذها,وإذا كانت مجازر إبادة التطهير العرقي وفقا لمختلف التعاريف المتداولة تعد جريمة بحق الإنسانية, بل هي من أخطر الجرائم التي تتعرض لها البشرية ,لأنها ترتكب بدوافع دينية أو عرقية أو سياسية أو اجتماعية.
ولذا يتوجب على الأمم المتحدة وكافة المؤسسات التابعة لها, ومنظمات حقوق الإنسان وكافة الدول التي تحترم شرعة الأمم المتحدة ومواثيقها, وحكومات الدول واتحاد الدول الأوربية بكافة هيئاته ومؤسسات المجتمع المدني أن تعمل على فضح وإيقاف المجازر التي ترتكب في العالم وتقديم الجناة إلى المحاكم الدولية, من أجل صيانة السلم الأهلي والعالمي.
ولو ألقينا نظرة سريعة ولكن بتحليل موضوعي وعلمي على المذابح التي تعرض لها الشعب الآشوري سنجد أن كل البنود المذكوره أعلاه تنطبق عليه تماما.فإذا مذابح أبناء الأمة الآشورية أتخذت كافة هذه الأساليب بدأ من القتل الفردي والجماعي على اسس عرقية ودينية,ألحق به الأذى العقلي والنفسي جراء السياسات القومية الشوفينية التي مارسها حزب البعث في كلا من سوريا والعراق وسياسة التعريب وعدم الأعتراف بالهوية الأثنية لهذا الشعب وعدم الاعتراف به دستوريا كمكون اساسي وأصيل من النسيج الوطني وحرمانه من تعلم لغته الأم في المدارس, وفرض عليه الثقافة والتفكير والسلوكية العربية الاسلامية.خلق ظروف إقتصادية دمرت عماد الحياة المعيشية للمجتمع الآشوري كفئة مؤثرة ومساهمة في بناء الوطن,من خلال الاستيلاء ومصادرة الأملاك,حرمانه من حقوقه القومية والسياسية والثقافية.إضافة إلى ذلك ممارسة الأضطهاد والتمييز العنصري القومي,وممارسة الضغوط بالتهديد والتخويف والأعتداءات الفردية والجماعية والتخوين والملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية والإعتقالات والسجون ,والهجرة القسرية بسبب هذه الظروف.كما يتعرض الشعب الآشوري إلى حملة شرسه بألغاء دوره التاريخي وتزوير الحقائق التاريخية. وفرض واقع جديد على الأرض من خلال التغيير الديمغرافي التي تمارسه السلطات الرجعية المسيطرة على آشور في شمال العراق على ما تبقى من الأراضي وممتلكات هذا الشعب بتسمياتهم المختلفة من الكلدان والسريان الآشوريين.وكذلك ما يحصل في الجزيرة السورية لفرض مشروع قومي شوفيني بالتنسيق والتعاون الكامل مع سلطة الاستبادا الأسدية في سوريا للقضاء نهائيا على الهوية القومية لهذا الشعب  وتكريدهم في بوتقة الأكراد كما يحصل في العراق.
وبعد هذه المقدمة  عن أشكال الإبادة وبشكل مختصر جدا نعود إلى عنوان المقالة والمذابح التي تعرض لها الآشوريون في السلطنة العثمانية بين أعوام 1914-1918والتي ذهب ضحيتها أكثر من نصف مليون شهيد على يد السلطات العثمانية المتحالفة مع الغالبية الساحقة من العشائر الكردية وتحديدا في هكاري قلعة الآشوريين على مدى قرون طويلة من الزمن.
وكما قلنا في المقدمة وفي مقالاتنا السابقة هناك تاريخ طويل من المذابح التي تعرض لها أبناء الأمة الآشورية. ومنها مجازرعام 1895-1898م التي نظمتها السلطات العثمانية ضد السريان الآشوريين القاطنين في مدن آورهوي( أورفه أو الرها) وآميد(ديار بكر) وماردين وغيرها من القصبات التابعة لهذه المدن الرئيسية.( وسقط نتيجة هذه المذابح الهمجية الآلاف من الشهداء,والشعب الآشوري يحمًل المسؤولية الأولى في مأساتهم  على الأتراك,لذلك نرى انه عندما قامت تحت تأثير الثورة الروسية البرجوازية الأولى 1905-1907 الثورة التركية البرجوازية (تركيا الفتاة) ساندها المواطنون الآشوريون في البلاد, وكان ذلك طبيعيا أذ ان جزءا من قيادة الثورة وقف إلى جانب حل المسألة القومية بواسطة تأسيس مقاطعات ذات حكم  ذاتي ومن أجل لا مركزية للأمبراطورية العثمانية(بتروسيان يو.أ- حركة تركيا الفتاة ,النصف الثاني من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين,1971م).ولكن سرعان ما أعلن الأتراك الفتيان عن سياسة التتريك الشوفينية,أي توحيد جميع الشعوب التركية تحت قيادة تركيا.وكما كانت قبيل الحرب العالمية الأولى كذلك ابانها كانت القيادة التركية الفتية ترى حل المسألة القومية في تركيا عن طريق الإبادة الجسدية للشعوب المسيحية أو تهجينها بالقوة.وقد أكد على ذلك الكثير من قادتهم ومنهم الدكتور ناظم منظر واحد اقطاب السياسيين الأتراك الشبان بقوله:"فقط لويقف المحرضون من صوفيا واثينا عن التدخل في شؤوننا عندها سنحقق الحرية الحقيقية وحينها سيرى الجميع كيف سنذوب بسهولة جميع اليونانيين والعرب والالبان ونصنع منهم شعبا واحدا ذو لغة ام واحدة" وكررمواقفه الشفينية هذه حينما أكد في احدى أجتماعات حزب فتاة تركيا"اريد بان يعيش على هذه الأرض التركية,فقط التركي, ويسيطر دون منازع,فليغيب جميع العناصر الغير التركية من أية قومية أودين كانوا,يجب تنظيف بلادنا من العناصر غير التركية" وقد كرر ناظم زميله في الحزب شاكر الذي اعتبر"انه في ثقافتنا القومية يمكن ان نسمح بالازدهار للبذور التركية فقط.نحن ملزمون بتنظيف وطننا من جميع الشعوب غير القريبة المتبقية واقتلاعهم من جذورهم كما تقتلع الاعشاب الضارة هذا هوهدف وشعار ثورتنا" وصرح انور احد الحكام الثلاثة القائدين للبلادبقوله:"انا غير ناوي فيما بعد على تحمل المسيحيين في تركيا". وبعد فترة من ذلك(أي في صيف 1915)اعلن وزير الداخلية طلعت عن نوايا الباب العالي:"باستغلال الحرب العالمية من أجلالتخلص نهائيا من الأعداء الداخليين الذين هم  كون ذلك لا يستدعي حينئذ تدخلا دبلوماسيا من الخارج"(المسيحيين المحليين).وانطلاقا من توجيهات القيادة التركية الفتية بدأت الاوساط الحاكمة في الامبراطورية العثمانية بتكبيق برنامج مدروس بدقة خاص بإبادة المسيحيين القاطنين في تركيا بما في ذلك الشعب الآشوري.وطبيعي في مثل هذا الوضع القائم والخطير للغاية ان ينتظر الآشوريون المساعدة والانقاذ من جارتهم روسيا فقط,التي وصلت علاقاتها مع تركيا إلى المرحلة الحرجة ثانية.ومن جانبها اخذت روسيا ولاسباب مفهومة جدا)مرتبطة بتوتر الوضع في الشرق الأوسط) تبدي اهتماما كبيرا في كسب الاقليات العرقية والدينية في تركيا وايران إلى جانبها بما في ذلك الآشوريون ايضا.) وفي صيف 1914 بدأ الأتراك بعمليات الإبادة ضد الآشوريين في آورمي وهكاري , وخاصة بعد ابرام اتفاقية التحالف في 2 آب 1914 بين ألمانيا وتركيا.وحتى قبل هذه الموعد كان الأتراك قد دخلوا قرية بقره خاتون في مقاطعة قارص واعدموا جميع رجالها الذين حاولوا النجاة غير أنهم قطعوهم بسيوفهم.(كما تحدث شاهد عيان.س.مرقصوف).كما تحثت شاهدة عيان مريم عن فرار عشيرتها كاور من مدينة اورمي من أمام الاكراد.كما انه في منطقة آلباق في تركيا تم سلب ثمان قرى آشورية هي:كوزي,آرجي,اطيس,منكيلاوا,اوزن,بوروك,باليس,كالانيس, قتل قسم من سكانها اما القسم الأخر فقد هرب إلى ايران والى سالمصار. وفي  نهاية تموز 1914م بدأ الأتراك بسحب الاحتياطي العسكري إلى الحدود الايرانية واخذوا يسلحون القبائل الكردية. ..فقد قام الضباط والجنود الأتراك بالتعاون مع الفصائل الكردية بإرتكاب المجازر ضد الآشوريين على الأراضي التركية وعلى جزء من الأراضي الايرانية...وفي 28حزيران1915 م قامت القوات التركية مدعومة بفصائل كردية بهجوم من الموصل وباتجاه تياري السفلى,بقيادة والي الموصل حيدر بك....وفي 12 حزيران 1915م تحرك الشيخ الكردي اسماعيل آغا من آرتوش نحو تياري العليا...وبعد المجازر الفظيعة التي تعرض لها الآشوريون في هكاري قررت القيادة الروحية بزعامة مار شمعون مع ملوكه أخراج جميع السكان الآشوريين من ولاية هكاري إلى الجبال,حيث بلغ عدد ضحايا المجازر إلى ذلك الحين بنحو 50 الف شهيد.وبكل آسف وحزن عميق ما زال لتلك المجازر الفظيعة استمرارية من ذات الجهات ولكن باشكال واساليب مختلفة تنفذ ضد أبناء الأمة الآشورية أمام صمت العالم المخز.
للموضوع تتمة
المصدر: الآشوريون والمسألة الآشورية, في العصر الحديث
قسطنطين بيتروفيج ماتفيف بارمتى
ترجمة:ح.د.آ
2014.06.02




79
إلى عائلة ال المالح الكرام !
الأخ العزيز امير المالح !
لقد تلقينا ببالغ الحزن والآسى رحيل الدكتور سعدي المالح الشخصية الوطنية والقومية,التي تعد بحق أحد الوجه البارزة على الساحة الثقافية. ورحيله عن إدارة مديرية الثقافة والفنون السريانية خسارة كبيرة للثقافة السريانية.إن كتاباته الصادقة تجاه شعبه وإبداعاته الفكرية الأدبية ستبقى تخلد ذكراه العطرة.أن رحيل الفقيد خسارة كبيرة لعائلته ولأهل عنكاوا ولكل العراق ولجميع أبناء شعبنا في العالم.الراحة الأبدية لنفس المرحوم,مثواه بين الأبرار والصالحين في ملكوت السماوات.
تعازينا الحارة إلى كافة أفراد وأقارب المؤسوف عليه الدكتور سعدي المالح.كما نتمنى الصبر والسلوان والإيمان بالرب يسوع وهو المعزي لنا جميعا.
من آمن بي وأن مات فسيحيا!
الدكتور جميل حنا والعائلة
2014.05.31

80
مجازر إبادة المسيحيين في بلاد ما بين النهرين – الدم المسفوك – الجزء السادس
                                                                                                                      الدكتور جميل حنا

"الذكرى التاسعة والتسعون لمجازر إبادة التطهير العرقي الجماعي ضد المسيحيين في السلطنة العثمانية بين أعوام 1914-1918.في هذا الجزء نتابع عرض بعض من وقائع المجزرة الكبرى من خلال شاهد عيان عاصر تلك الحقبة الدموية المظلمة, ألا وهو المرحوم عبد المسيح قره باشي مؤلف كتاب " الدم المسفوك".والذي يأتي على تفاصيل الأحداث الأليمة التي شاهدها بأم عينه والتي سمع عنها في زمن حدوث تلك المجزرة قبل تسعة وتسعون عام مضت.حيث تم إبادة للمسيحيين بمختلف تسمياتهم الكنسية من السريان الأرثوذكس والكنيسة الكلدانية والسريان الكاثوليك والبرتستانت وكنيسة المشرق وكذلك أبناء الكنائس الأرمنية واليونانية وبشكل عام ضد كافة المسيحيين في السلطنة العثمانية وضد الشعوب غير التركية وغير المسلمة كالشعب الآشوري والأرمني واليوناني.قبل تسعة وتسعون عاما فقدت الأمة الآشورية أكثر من نصف مليون شهيد من أبنائها.وكما خسرالشعب الأرمني في هذه المجازرالرهيبة مليون ونصف من الشهداء على يد السلطات العثمانية, وأستشهد مئات الآلاف من اليونان وقتل كل هؤلاء بسبب عقيدتهم الدينية وإنتمائهم القومي."
في هذه الأيام يتذكر أبناء وأحفاد ضحايا المذابح في كل العالم شهدائهم الذين سقطوا في المذبحة الكبرى
 في السلطنة العثمانية.وهم  اليوم أكثر إصرارا على إحياء هذه الذكرى, والاعتراف بالمجازرمن قبل الدولة التركية الوريثة الشرعية  للإمبراطورية العثمانية.وكما يطالب الرأي العام العالمي ودول العالم والمؤسسات الدولية التي لم تعترف بالمجازر حتى الآن أن تعترف بهذه المجازر,ووضع نهاية للمظالم القائمة بحق السريان الآشوريين والأرمن واليونان وتحقيق العدالة لهم.أن الفعليات التي تجري في هذه الأيام على الساحة الدولية تؤكيد قاطع بأن أحفاد شهداء المذبحة الكبرى سوف لن يتخلوا عن حقهم بالاعتراف بالمجازر.وهم يبذلون قصارى جهدهم لكي يتم الاعتراف بالوجود القومي للشعب السرياني الآشوري دستوريا,كشعب أصيل له الحق بالعيش على أرضه التاريخية بسلام وتعويضه عن الخسائر التي لحقت به على مستوى الصعيد المادي والمعنوي.وكذلك تأمين العودة الآمنة لديارهم والعيش بسلام وحرية وكرامة ومساواة مع بقية مكونات المجتمع.إن سياسة التنكر من قبل الحكومات التركية سوف لن ينهي هذا الجدل القائم على مدى تسعة عقود خلت. بالرغم من كل الحقائق والإثباتات الدامغة والوثائق العثمانية ذاتها تؤكد على حدوث هذه المذابح. والتي تم التخطيط  والتنفيذ لها بدقة من قبل السلطات العثمانية التركية, ولم تكن هذه المذابح بسبب أعمال عشوائية قام بها البعض, ولا بسبب الحرب كما يدعون, بل أستغل حالة الحرب الخارجية الحرب العالمية الأولى بهدف القضاء الكلي على الوجود الديني المسيحي وعلى السريان الآشوريين والأرمن واليونان.
بعد هذه المقدمة أعود إلى كتاب المرحوم عبد المسيح قره باشي" الدم المسفوك" وأعرض بعض الوقائع التي عاصرها كشاهد عيان على تلك المذابح الفظيعة التي نفذها وحوش كاسرة أشباه البشر,يصعب وصف تلك الأعمال والجرائم السادية التي قام بها هؤلاء الجزارون.
مجزرةبيت زبدي(آزخ) والجزيرة
بيت زبدي وتدعى جزيرة ابن عمر.....تقع على ضفة نهر دجلة جنوب مدينة ماردين.......كانت هذه المدينة مسكنا لجموع كثيرة من المسيحيين السريان والكلدان وبعض اتباع الكنيسة الكاثوليكية. وكان لهذه الطوائف مطارنة وكهنة وكنائس فخمة.في نيسان عام 1915,بعث الطاغية الضابط الوالي رشيد باشا رجلا من وجهاء ديار بكر يدعى (زلفي), هذا الشقي قصد الأكراد وحرضهم على قتل المسيحيين.....وساهم الكثيرين منهم في قتل المسيحيين....وفي 17 آب 1915, دخلت تلك القوات  المدينة والقوا القبض على المطران ميخائيل ملكي وعلى القس بولس .....ثم قصدوا كنيسة الكلدان وأعتقلوا الأسقف يعقوب وثلاثة قسس هم:يوحنا وإيليا ومرقس وألقوهم في السجن مع آخرين........في 28 آب 1915دعا المطران ميخائيل والمطران يعقوب الى المحكمة وطلبوا منهما السلاح الموجود في حوزتهما ولدى شعبهم. وأجاب ان لا سلاح عندنا...أنهالوا عليهما ضربا وسالت دمائهم....ثم أطلقوا على كل منهما ثلاث طلقات من بنادقهم, فسقطا شهيدين, وأوثقوا أرجلهما وألقوا بجثتيهما عاريتين خارج المدينة......وفي يوم 29 آب ألقوا القبض على كل الرجال المسيحيين وسجنوهم وعذبوهم لأربعة أيام ...ساقوهم إلى جنوب المدينة (بيت زبدي) على مسافة نصف ساعة ‘الى مكان يدعى (نهرسوس) وقتلوهم جميعا رجما بالسيوف والسكاكين والعيارات النارية بدون رحمة ولا شفقة....في الأول من أيلول  ...جمعوا النساء والأطفال والصبايا والفتيات....وأخذوهم  هم أيضا إلى نهر سوس وهناك قتلوهم بعد أن جردوهم من ثيابهم ومصاغهم وما كان بحوزتهم. وأختاروا ...من الفتيان والفتيات ونقلوهم إلى بيوتهم.ولم يسلم من أهل الجزيرة إلا أربع نساء لجأن إلى أحد المسلمين الذي أخفاهن في منزله.
مجزرة مدينة سعرت, تقع مدينة سعرت قرب شاطىء نهر دجلة...كان عدد المسيحيين في سعرت ينيف على الأثني عشر ألف شخص.سريان وكلدان وأرمن. وكان مطران الكلدان يومها العلامة الكبير والشهيد الطوباوي مار آدي شير...في آواسط حزيران عام 1915 هاج طغاة الأكراد وآغاواتهم وأنقضوا على بيوت المسيحيين وطفقوا يعذبونهم ويقتلون. وألقوا القبض على وجهاء المسيحيين...وأودعوهم في السجون وعذبوهم .. وهجم عليهم الطاغية (أحمد آغا خجو)وأمسك بالقس ابراهيم كاهن السريان وقطع رأسه وألقاه في سوق المدينة....وأخذوا يرفسونه ويلعبون به كالكرة.وهاجم( قاسمو)ورفاقه منزل القس جبرائيل الكلداني وساقوه إلى المحكمة.وعند وصله أدخلوه غرفة وعروه من ثيابه أخذوا يخزونه ويهينونه ويضربونه بالسيوف والحراب.وفي كل ضربة أو طعنة كانوا يقولون له:أكفر بالمسيح واشهر إسلامك. أما الكاهن الشهيد فكان يصرخ قائلا:أموت على دين المسيح حتى سلم روحه بيد خالقه وقطعوا رأسه والقوه في خندق للأوساخ قريب من منزل أحمد آغا
وبعد ان أمضى المسيحيون مدة أربعة أيام في السجن......ربطوهم وأوثقوهم وقادوهم إلى واد يدعى(زرياب)......فأبادوهم جميعا وقتلوهم وأخذوا ثيابهم ووزعوها فيما بينهم ولم يرتوي غليلهم.بل أنقلبوا على بيوت المسيحيينفجمعوا النساء والأطفال والعذارى ووزعوهم على ثلاث قوافل, وقادوهم جميعا إلى المجزرة(المذبحة)بعد أن عروا الجميع,النساء والبنات والأطفال والأولاد,والجميع حفاة عراة جائعين عطاشا وقد تفجرت الدماء من أقدامهم لسوقهم في الطرقات الوعرة والمليئة بالصخور والحجارة والشوك زيادة في تعذيبهم . وكانوا عندما يخلعون ثيابهم يدنسون النساء والعذارى ثم ينفذون شهواتهم الوحشية وساديتهم,فيقتلون الواحدة تلو الأخرى غير مستثنين أحداأما البنات اللواتي نجون من الموت وهن القاصرات غير البالغات,فختارهن آغوات الأكراد ليكن جواري لهم مكملين بهن شهواتهم الحيوانية.....جمع آغاوات الأكراد هؤلاء الأولاد المسيحيين وقتلوهم في مكان يدعى(سرهزينا)
أما المطران آدي شير...وقبل ان يقتلوه وينفذوا بحقه حكم الأعدام,طلب المطران منهم أن يمهلوه خمس دقائق,وسجد على ركبتيه وصلى ووضع صليبه على صدره قال لهم:الآن افعلوا ما تريدون,فهجموا عليه وقتلوه وخلعوا ثيابه وأتوا بها إلى علي وحاكم الولاية,ليؤكدوا لهما قتله.وحسب العادة تابعوا عملهم بسرقة ونهب بيوت المسيحيين وتوزيعها على بعضهم بعضا...وحولوا كنيسة الكلدان إلى مسجد دعوه(مسجد الخليلي)باسم خليل باشا طاغية المنطقة ومجرمها المشهور....وعلى هذا المنوال تم الزحف على القرى والبلدات المسيحية وإبادة سكانها ومن ثم نهب وسلب ممتلكاتهم .هذه الحقائق الدامغة توضح وبشكل قاطع أن هؤلاء الشهداء لم يشاركوا في اي عمليات عسكرية ولم يموتوا على جبهات القتال وليس بسبب المجاعة,إلا تلك التي فرضتها السلطات العثمانية بحصار المدن والبلدات والقرى ونهب قوت الناس لكي يموتوا جوعا.ولذا تعد طروحات الحكومات التركية حول مجازرالإبادة التي نفذتها السلطات العثمانية تنافي الحقيقة, وتأكيد على استمرار ذات العقلية وتفكير هؤلاء الذين نفذوا المذابح.
2014-05-03
.

81
مجازر إبادة المسيحيين في بلاد ما بين النهرين – الدم المسفوك - الجزء الخامس
                                                                             
الدكتور جميل حنا
الذكرى التاسعة والتسعون  لمجازر إبادة التطهير العرقي الجماعي ضد المسيحيين في السلطنة العثمانية  بين أعوام 1914-1918.في هذا الجزء نتابع عرض بعض من وقائع المجزرة الكبرى من خلال شاهد عيان عاصر تلك الحقبة الدموية المظلمة, ألا وهو المرحوم عبد المسيح قره باشي مؤلف كتاب " الدم المسفوك".والذي يأتي على تفاصيل الأحداث الأليمة التي شاهدها بأم عينه والتي سمع عنها في زمن حدوث تلك المجزرة قبل تسعة وتسعون عام مضت,حيث تم إبادة للمسيحيين بمختلف تسمياتهم الكنسية من السريان الأرثوذكس والكنيسة الكلدانية والسريان الكاثوليك والبرتستانت وكنيسة المشرق وكذلك أبناء الكنائس الأرمنية واليونانية وبشكل عام ضد كافة المسيحيين في السلطنة العثمانية وضد الشعوب غير التركية وغير المسلمة كالشعب الآشوري والأرمني واليوناني.قبل تسعة وتسعون عاما فقدت الأمة الآشورية أكثر من نصف مليون شهيد من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق وكنيسة السريان الكاثوليك والبروتستانت.وكما خسرالشعب الأرمني في هذه المجازرالرهيبة مليون ونصف من الشهداء على يد السلطات العثمانية, وأستشهد مئات الآلاف من اليونان وقتل كل هؤلاء بسبب عقيدتهم الدينية وإنتمائهم القومي.
  أنتهت مرحلة  الإبادة العرقية الجماعية الهمجية مع إنتهاء الحرب العالمية الأولى,إلا أن المأساة لم تنتهي بسبب الطبيعة البربرية القاسية والعنف المستخدم وإتساع نطاقه ليشمل الجميع صغارا وكبارا رجالاً ونساءً,صدمة نفسية كبيرة ما زالت تعيش في نفوسنا ليس فقط لهول الفاجعة الكبرى. وإنما أيضا بسبب استمرار وحدوث مجازرالإبادة العرقية بأشكال عديدة حتى يومنا هذا ونذكر على سبيل المثال لا الحصر مذبحة سيميل في العراق عام 1933.إن العقائد الدينية والقومية الشوفينية والأفكارالعنصرية وروح الغطرسة والبغضاء التي كانت وراء إرتكاب تلك المجازرالبشعة ما زالت متعشعشة في النفوس, وفي سياسة السلطات الحاكمة, والأحزاب القومية والدينية العنصرية, وفي داخل المجموعات المتطرفة والإرهابية في منطقة الشرق الأوسط.إن سياسة إنتهاك حقوق الإنسان وإرتكاب المجازر من قبل السلطات الرسمية ضد إثنيات عرقية معينة من أبناء المجتمع ,لا تنال الإهتمام اللازم من قبل القوى العالمية صاحبة القرارات المؤثرة لردع أو الضغط ومعاقبة من يرتكب جرائم ا لإبادة بحسب المواثيق والمعاهدات الدولية, وتقديم الجنات إلى المحاكم الدولية لكي تأخذ العدالة مجراها الطبيعي.
إذكاء روح التعصب الديني والمذهبي والقومي وتكريس سياسة التمييز العنصري مازالت تستخدم كأدوات تفرض على المجتمع للهيمنة, ولأرتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية,من قبل القوى المذكورة أعلاه.وما يحز في نفوسنا هو رفض مبدأ المحاسبة للمخططين والمنفذين والمحرضين والداعمين ضد من  أرتكبوا مجازر الإبادة بحق الشعوب والتنكر لحدوثها,وعدم الاعتراف بما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية.تلك الجرائم التي نفذت بحق إناس أبرياء لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم ينتمون إلى دين وإثنية غير دين وإثنية الأكثرية.وبكل أسف ما زال هذا الفكر الإجرامي ساريا في أوساط مختلفة في مجتمعات الشرق الأوسطية وبلدانها.ويعتقد هؤلاء أن  هذا جزاء كل من لا يخضع لشرائعهم ومعتقداتهم وسلطانهم وسيساتهم العنصرية.
أبناء الأمة الآشورية والآرمن واليونان وبشكل عام كل المسيحيين الذين تعرضوا لمجازر التطهير العرقي في السلطنة العثمانية ينتظرون تحقيق العدالة والإعتراف العالمي على صعيد الدول والمؤسسات العالمية للإعتراف بمجازرهذه الشعوب الثلاث. 
في هذا الجزء سأتطرق إلى مجزرة نصيبين, وىلآلام وعذابات الإبادة التي أصابت مسيحيي آمد (ديار بكر) وبشكل مختصر جدأ.نصيبين مدينة شهيرةبقدمها,فيها تأسست مدرستها الشهيرة حيث علم مار أفرام السرياني والمعلم نرساي. غنية بجنانها وبساتينها. ويقسمها نهرها الشهير هرماس واليونان يسمونه(كندركنيس)والعرب يدعونه (جقجق)وكانت يوما مدينة الحدود الفاصلة مابين اللملكتين الرومانية والفارسية.وكان غالبية سكانها من المسيحيين, وكانت تعيش فيها عائلات يهودية.في عام 1916 أسس فيها الألمان بنيانا كبيرا وقلعة شمال المدينة وخزنوا فيها مؤونة ومواد كثيرة لحاجة العمال الذين كانوا يشتغلون بسكة الحديد.ومن أشهر معالم المدينة القديمة كنيسة مار يعقوب النصيبيني التي يعود تاريخها إلى بداية القرون الأولى للمسيحية.تعرض أهل المدينة والقرى المجاورة لها إلى مجازر فظيعة أثناء الحرب الكونية الأولى.(يوم الأحد السادس من حزيران فقد أعتقل الأشرار مسيحيي نصيبين.اما عبد الله بك الشركسي وعبد العزيز داشي فذهبا إلى القرى المحيطة وأوثقا المسيحيين فيها وأتيا بهم إلى نصيبين...يوم الثلاثاء 15 حزيران ...وجمعوا كل المسيحيين رجالا وشبابا وألقوهم في السجون. وفي منتصف الليل قادوهم إلى مكان يدعى(خراب كورت)أي الجورةأو الخربة, وذبحوهم جميعا وسالت دمائهم.  ثم ألفهؤلاء فرقة برئاسة رفيق بن نظام الدين حتى يقتلوا المسيحيين المقيمين في القرى المحيطة لنصيبين, وتبعه قدور بك وسلمان مجر وقد أعلموا رؤساء القرى الفرقة والآغاوات محرضين ان يقتلوا المسيحيين). وقد نفذ الغالبية الساحقة من وجهت لهم الدعوة بقتل المسيحيين حيث أبادوا سكان القرى ولم يتركوا أحدا ينجوا من الموت,... ما عدى شخص واحد أعطى الأمان للمسيحيين في قرية (كرشيران) ونجوا من الموت...........أما هذا الشرير قائد جيش الخمسين, فجمع النساء والأطفال في كنيسة مار يعقوب, ثم أخرج النساء وقتلهن في مكان يدعى (خرابة كورت).وبعد أن انتقى هو وجماعته البنات الجميلات عاد وربط الأولاد بحبال وأخرجهم إلى البرية وسلط عليهم الخيول التي وطأتهم لأقدامها وماتو.ثم جمع هؤلاء الظالمون أموال ومقتنيات المسيحيين ووزعوها فيما بينهم.
أما محمد رئيس عشيرة (طي) فأمر جميع أبناء عشيرته والمنتسبين إليه أن يحافظوا على المسيحيين ويحموهم, لا سيما الذين يلجأون إليهم وأن يعتنوا بهم وبعث كثيرين من المسيحيين إلى صديقه البار (حمو شرو)- أتينا على ذكره في الجزء الرابع- صاحب سنجار ولم يفعل شرا مع المسيحيين بل لم يأخذ شيئا من أموالهم ومقتنياتهم.......................أخذت الشرور والويلات تمتد إلى ديار بكر عندما بدأ أعضاء حزب الاتحاد والترقي يتآمرون في العاصمة (القسطنطينية)واختاروا رجلا شريرا يبغض المسيحيين يدعى(رشي) وأقاموه واليا على ديار بكر. وفوضوه حرية القرار في كل عمل أو تصرف, ووضعوا بتصرفه قطيعا شريرا من البلشيين المعروفين بقساوة القلوب وبغضهم للمسيحيين وكرههم لهم.
......ومن صباح يوم الاثنين الثاني عشر من شهر نيسان إلى يوم الخميس الخامس عشر من شهر نيسان, القوا القبض على ستمئة وأربعة عشر رجلا من وجهاء الأرمن من محلة(فاتح باشا) ومحلة(حصولي) ووضعوهم في مكان يدعى بيت الضيافة والغرباء,ولما ضاق هذا السجن بهم أخذوا يضطهدونهم بأنواع العذابات المريرة,فكانوا يقبعون أظافرهم بالكلبتين وبعضهم يقبعون أسنلنهم وأضراسهم بدون رحمة. وغيرهم يثقبون أيديهم وأرجلهم بالسكك الحديدية. وكثيرون من هؤلاء المساكين ماتوا في السجن من كثرة العذابات والأقوا بجثثهم على المزابل.ولم يكتفوا بأفعالهم الشريرة اللاإنسانية بل خرجوا إلى قرى المسيحيين المحيطة بديار بكر وبدأ العساكر والطغاة يقتلون المسيحيين وينهبون بيوتهم وينزلون بهم أنواع الاضطهاد والعذاب بدون رحمة)........لقد قتل الجميع وكذلك رجال الدين بعد أن أذاقوهم أصناف العذابات............بعد أن قضوا على كل الرجال بدأوا بجمع الأطفال ويقودونهم قوافل قوافل.......إلى الموت. وهكذا فرغت ديار بكر من المسيحيين.......إلا بعض المشردين التعيسن الذين نجوا من  الموت وبعض الأطفال والفتيات دون الثانية عشرة من العمر....ومن تبقى مات الكثير منهم بسبب الجوع والعطش والبرد والوباء(الكوليرا)........
إننا نطالب العالم وكل الشرفاء من كتاب ومفكرين ومؤسسات ثقافية  وأحزاب سياسية  ومؤسسات حقوق الإنسان  والمؤسسات الدولية وحكومات وبرلمانات  الدول, في الذكرى التاسعة والتسعون لمجازر الإبادة العرقية الجماعية ضد أبناء الأمة الآشورية والأرمن واليونان, وبشكل عام ضد المسيحيين بكل إنتماءاتهم الكنسية  من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية والسريان الكاثوليك والكنيسة المشرقية والبروتستانت, إدانة هذه المجازر والاعتراف بها, وتسليط الأضواء عليها بمنطق علمي وتحليل موضوعي بعيدا عن التعصب, لأنها مجازر أرتكبت بحق الإنسانية ,التصدي للمجازر الحالية لن يتم إلا إذا استنكرنا ما حدث من مجازر سابقا لأن المجازر الحالية أيضا ستتحول إلى ماض أن لم تستطع البشرية وضع حد للمجازر الحالية,الآفلات من العقاب وعدم محاسبة المجرمين تشجيع على إرتكاب مزيد من المجازر, ونبذ كل الأفعال الإجرامية التي ترتكب بأسم الدين أو التعصب القومي أو من أجل السلطة أو بسبب المواقف السياسية.
 2014-04-16
 


82
الحرب الوطنية السورية في الذكرى الثالثة لشرارة الثورة

الدكتور جميل حنا
التاريخ يعيد نفسه بأبشع صوره القاتمة حيث عاشتها سوريا على مدى تاريخها العريق.والحرب الدائرة رحاها على أمتداد جغرافية سوريا من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب تضحد كل المقولات بأن التاريخ لا يمكن أن يعيد نفسه.وأن إعادة التاريخ لذاته ليس  بالضرورة صورة طبق الأصل كما يحدث على آلة الأستنساخ.بل المقصود هنا هو الجوهربما يحدث اليوم مقارنة باالماضي.التاريخ السوري عرف غزوات خارجية كثيرة عبرالأزمنة القديمة والحديثة.وكل الغزات الخارجيين أندحروا أمام أرادة وصلابة الروح الوطنية والتضحيات الجسيمة التي منحوها من أجل حرية وطنهم,وكان النصر دائما للشعب السوري.وما أشبه اليوم بالبارحة سوريا الشعب والوطن تم الإستيلاء عليه من قبل فئة من أبناء الوطن بقوة السلاح والإنقلابات العسكرية, وفرضت أحكام ديكتاتورية وقوانين جائرة بحق الشعب السوري,وخاصة ضد مكون أصيل يمثل أساس الكيان الوطني السوري ألا وهم السريان الآشوريين وبقية مكونات المجتمع السوري.منذ إندلاع الثورة السورية تحولت سوريا تدريجيا إلى دولة محتلة من قبل أيران وجلبت كل أتباعها الطائفيين من العالم إلى سوريا لقتل أبناء الشعب السوري.كما أستخدمت أيران حكومة المالكي العراقية ودولة حزب الله اللبنانية الخاضعة لولاية الفقيه كقوى محاربة مؤثرة في الحرب السورية.وأصبح معلوما للجميع بأن أيران هي من تدير كافة المعارك ضد الجيش السوري الحر وضد الشعب السوري.وبهذا يكون الوضع الذي كان سائدا على مدى عقود طويلة في سوريا حيث كان محكوم عليها بقوة الأجهزة القمعية والسلطة السياسية والعسكرية إلى دولة محتلة.وتحولت السلطة السياسية الديكتاتورية إلى سلطة عميلة لقوى خارجية هدفها الحفاظ على سلطتها الطائفية العنصرية والإرهابية.
وكما عهدنا عبر التاريخ الطويل بأن الشعب السوري لن يرضخ لغزاته الداخليين والخارجيين,هكذا في هذه المرة أيضا كان وفيا لتقاليده الوطنية.أطفال سوريا ونسائه ورجاله الأحراروالقابعين في الزنازين وأصحاب الرأي الحر والمنفيين والمهجرين قسرا والمظلومين وأبناء القوميات المضطهدة والمثقفين والكتاب والصحافيين الشرفاء وفئات الشعب الكادحين الفقراء والمعدومين هؤلاء جميعا معا أشعلوا شرارة الثورة السورية  في الخامس عشر من آذار عام 2011. والجيش السوري الحروليد الثورة أنحاز لجانب مطالب الشعب من أجل الإصلاح والتغيير الجذري ومن ثم إسقاط النظام.هذا الجيش يلتزم بالكفاح المسلح لحماية الشعب ضمن الأمكانات العسكرية المتاحة لمواجهة العمليات الحربية التي يستخدم فيها النظام المنقاد من الخارج والقوى الغازية كل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا كسلاح الكيمياوي.إرادة الصمود والتحدي والمقاومة الحقيقية للشعب السوري ستحقق النصر على أعدائها مهما كانت جبروت قوتهم وغطرستهم العسكرية.سوف لن يتم إنهاء وإبادة الشعب السوري عن بكرة أبيه مهما كانت الجرائم والعنف والدمار والتهجير مؤلما والمجازرفظيعة وكارثية على شعبنا.ومن سيتبقى من الشعب السوري سيصنع النصرعلى كل هؤلاء الطغاة السفاحين قتلة الشعب السوري.والتاريخ شاهدا حي على هكذا جرائم ومجازرإبادة عرقية كما حصل للشعب السرياني الآشوري في بلاد ما بين النهرين على أرض آشوروفي بلاد الشام حيث تعرض لمجازرإبادة عرقية جماعية كثيرة في تاريخه الطويل.إلا أنه بالرغم من كل المآسي الفظيعة ومئات الآلاف من الشهداء وعشرات الآلاف من المهجرين قسرا ما زال الشعب الآشوري حي يساهم في الإنجازات الوطنية في بلدان الشرق الأوسط,بالرغم من كل أنواع الأضطهاد القومي والديني,ويشارك في مسيرة التطورالحضاري للبشرية جمعاء.
ثلاثة أعوام من عمر الثورة السورية فرصة تاريخية ومفصلية هامة لنقف قليلا ونعيد التفكير وندرس بعمق وموضوعية أحداث الأعوام الثلاث.نطرح على أنفسنا بعض التسائلات والأفكار وأسئلة كثيرة لا بد من الإجابة عليها بصدق حتى ولو كانت مؤلمة بالنسبة لكل الوطنيين الأحرارالصادقين الطامحين إلى بناء دولة سوريا الحرة والديمقراطية دولة الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة.دولة تأمن بالتعددية الإثنية والدينية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية والتدوال السلمي للسلطة, دولة مدنية تلتزم المواثيق والمعاهدات الدولية,دولة المؤسسات والقوانين الإنسانية.لا دولة دينية ظلامية عنصرية ولا دولة علمانية ديكتاتورية عنفية قومية شوفينية.أن الوقوف على مكامن القوة والضعف في أداء قوى الحراك الثوري عسكريا وسياسيا مهمة عاجلة وضرورية لكافة القوى المعارضة السورية.إعادة التقييم من مختلف الجوانب سواء على الصعيد العالمي والإقليمي أو الداخلي يمنحنا إمكانية معالجة الأخطاء الذاتية وتصحيح المسار والخلل في بعض الجوانب الأخرى. وتقوية الصالح منه ليكون أكثر صلابة وتماسكا من أجل إنجاح الثورة ووضع حد لمعاناة الشعب السوري.أحدى الأهداف الرئيسية للثورة السورية إسقاط نظام الإستبداد وإقامة البديل الوطني الديمقراطي التعددي,ولكن هل نجحت قوى المعارضة السياسية والعسكرية وقوى الحراك الشعبي من إسقاط هذا النظام سواء كان سياسيا أو عسكريا؟قد يبدوا هذا التسائل ساذجا بعض الشيء! لأن النظام من وجهة النظر القانون الدولي هو ما زال السلطة الرسمية المعترف به عالميا. وهو ما زال ممثلا في المؤسسات الدولية والغالبية الكبرى من دول العالم ما زالت تحتفظ بعلاقاتها الدبلوماسية وسفاراتها وقنصلياتها ما زالت تعمل في دمشق,سلطة الأمر الواقع قائمة رسميا.ولكن إلقاء نظرة من جهة أخرى هذا النظام ساقط بالأصل لأن إستيلائه على السلطة لم يكن بالطرق الشرعية, حتى وأن فرض سلطته بالقوة والعنف وبواسطة أجهزته القمعية المخابراتية فهو نظام ساقط من وجهة النظر الشعبي, وهذا النظام ساقط منذ أن سقط أول مواطن في المظاهرات السلمية. وهذا النظام ساقط لأنه لم يستطع حماية مواطنيه ضد الإرهاب والمجموعات الإرهابية بل هو من يمارس الإرهاب وهو من صنع بعض المجموعات الإرهابية ومن جلب الميليشيات الإرهابية الطائفية من أجل حماية النظام,النظام ساقط من وجهة نظر المؤسسات الإنسانية العالمية والحقوقية ومنظمة العفو الدولية,هذا النظام ساقط من وجهة نظر العديد من دول العالم وهو فاقد للشرعية.ولكن مع كل هذا وذاك هل أنتهت معاناة الشعب السوري.هل أستطاعت قوى المعارضة السورية إستثمار ما ذكر من سلبيات وإيجابيات في صالح تحقيق أهداف الثورة.لا بد التوقف وإعادة تقييم الواقع وتحليل الماضي بإجبياته وسلبياته في أطار أوسع وأشمل لقوى المعارضة من خلال لجان تخصصية يمكن الإستفادة من أرائها ومقترحاتها ووضع خطط واقعية للمستقبل.
هناك سؤال يطرح ذاته بكل قوة بين أوساط المعارضة السورية وبين قوى عالمية وأقليمية أهمية إعادة هيكلة الائتلاف الوطني السوري, ما هو الهدف من إعادة الهيكلة ما هو الإجابي والسلبي في هذا الخصوص,هل الهيكلة في صالح تحقيق أهداف الثورة أم حرفها عن مسارها. وهل هيكلة الجيش السوري الحرأصبحت قضية أكثر إلحاحا وخاصة بعد التغييرات الأخيرة.من الضروري أنشاء نواة جيش وطني سوري مستقل يمثل كافة أبناءه, مهمته الدفاع عن الوطن وأمنه من الأعداء الخارجيين,لا جيش عقائدي مهمته حماية السلطة السياسية القائمة في البلد.
أن ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية تقف أمام تحديات كبيرة وخاصة بعد فشل مباحثات جنيف 2 الذي أنعقد بهدف تنفيذ وثيقة جنيف واحد وحسب قرار مجلس الأمن 2118 كأساس لحل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري.حيث أصبح الحل السياسي مستبعدا نظرا للتناقض بين وجهة نظر النظام الذي يتمسك بالحل العسكري للقضاء على الثورة مدعوما بالقوة العسكرية الايرانية والمالية وبين الجيش السوري الحر والائتلاف الذي يرى في الحل السياسي إنهاء معاناة الشعب السوري والعمل العسكري كأحدى الوسائل الدفاعية عن الشعب .أذا كانت كافة قوى المعارضة السورية متفقة جميعها على مبدأ إسقاط النظام إلا أنها لا تعكس رؤية سياسية موحدة لمستقبل سوريا. وهذا ما ينعكس سلبا على دعم الثورة.لأن العالم والدول المؤثرة في القرارات الدولية ومنها الغربية وخاصة أمريكا تتخوف من مستقبل سوريا أو بالأحرى من القوى المتطرفة التي تزداد نفوذا في أوساط المقاتلين.هل ستنجح قوى المعارضة من تبديد مخاوف دول العالم من تأثير المنظمات الإرهابية والتطرف في سوريا المستقبل.أم سيبقى النجاح لسياسة النظام ووسائل أعلامه والاعلام الداعم له بأنه يحارب الإرهاب والإرهابيين في سوريا والحقيقة هو من يمارس الإرهاب ويتعاون مع الإرهابيين ويستخدمهم في قتل النشطاء السياسيين والأغاثيين وأفراد الجيش السوري الحرويخطف رجال الدين والمدنيين للإساءة للثورة.أمام قوى الحراك الثوري وكافة القوى الوطنية المعارضة تحديات جسيمة لمنع حرف الثورة عن مسارها الصحيح ومنع خطفها من قبل أعداء الشعب السوري.
إعادة تقييم الذات على الصعيد الشخصي والعسكري والسياسي والإغاثي والتعامل مع وسائل الإعلام العالمي والعمل الدبلوماسي والخطاب السياسي ضرورة لابد منها لكسب تعاطف الرأي العام العالمي.أن تأييد وتبني أفعال بعض الفصائل المتطرفة ترك أثرا سلبيا وكارثيا من ناحية الرأي العام العالمي ودعم الثورة السورية.أن التوقف عن التصاريح المتناقضة والمتذبذبة وغير الدقيقة والمغايرة لأهداف الثورة سينعكس سلبا على الدعم والتضامن العالمي مع الثورة السورية, وسيستمر العالم في صمته المغزي تجاه مأساة شعب يعاني من أقسى أنواع الحروب التي تستهدف كيانه ووحدة ترابه الوطني.
في الذكرى الثالثة لإنطلاقة شرارة ثورة الشعب السوري نقف أجلالا وأحترما أمام أرواح شهداء الثورة.ونحيي بطولات الجيش السوري الحر في محاربة قوات الإستبداد الأسدي وقوات الإحتلال الأيرانية وميليشيات(حالش) وقوات المالكي وميليشياته وداعش.نحيي صمود أهلنا وتضحياتهم من أجل الحرية والكرامة.
2014-03-15
 


83
المرأة السورية في أتون الحرب الظالمة ! 
   

الدكتور جميل حنا
المرأة السورية تخوض معركة الوجود في ظل حرب ظالمة شنها المستبدون عليها منذ إنخراطها في ثورة الشعب قبل ثلاثة أعوام.بل أن أحد أسباب الثورة كان بسبب المرأة لأن بعضهن عبرن وبشكل جريء عن مواقفهن بطرح أفكار ضد الديكتاتورية,ووضعن أفكارهن حول رسم خارطة مستقبل أفضل للشعب السوري.ولكن بسبب أفكارهن الواقعية والجريئة تعرضن للأعتقال والسجن والتعذيب وإنتهاك حرماتهن.إلا أن النساء السوريات يتمسكن بحقهن المشروع مستمرين في ثورتهن ضد الطغيان والظلم والعبودية والتمييز, رافضين الإستسلام للقوى الظلامية الإرهابية بكل أشكالها المسيطرة على الأرض السورية. بدأُ من إرهاب النظام إلى إرهاب كافة المجموعات الإرهابية المذهبية الهمجية المقيته الغازية لأرض سوريا.تشبث المرأة  بحقها بالمشاركة الفعلية في صنع مستقبل الوطن في هذه الظروف المأساوية, بالرغم من كل أنواع العنف الذي يمارس عليها جسديا ونفسيا, دليل الوعي لحقها كأنسانة تملك قدرات عقلية كاملة وتملك إرادة حرة تعبرعن ذاتها.ولذلك نجد بأن أجهزة الأمن القمعية استهدفت النساء خلال الثورة,وتعرضت آلاف منهن للتعذيب والأغتصاب وتمتلىء السجون بهن.وأعداء المرأة السورية لا تقتصر على الإرهاب المنظم من قبل سلطة الإستبداد وإنما تتعرض إلى ابشع إرهاب سرطاني مدمر تمارسه المنظمات الإرهابية للقاعدة مثل "داعش" والنصرة, والشبيحة, والميليشيات الطائفية الغازية من العراق وإيران ولبنان وغيرها من البلدان.في خضم هذا الصراع الدموي الذي فرض على المرأة السورية وعلى كافة أبناء الوطن, تبقى الأولوية في هذه المرحلة الصعبة العمل على إسقاط سلطة الإستبداد, والدفاع عن النفس من أجل البقاء والحفاظ على وحدة التراب الوطني ضد مشاريع التقسيم التي يراد أن تكون أحدى نتائج إيقاف الحرب.وحتى في احلك الظروف يجب ألا نغض النظر عن قضايا هامة وشائكة ومشاكل خطيرة تتعرض لها المرأة مثل العنف العائلي ودورها وحقوقها في الأسرة والمجتمع وفي الحياة السياسية والإقتصادية.وفي ظروف الحرب المأساوية تضاعفت عشرات المرات الجرائم التي ترتكب بحقها, مثل قضايا الإتجار بهن أو الزواج القسري, وتزويج القاصرات, والإعتداء الجنسي عليهن, والهجرة القسرية ,الحرمان من حق الأمومة الطبيعي والرعاية الصحيحة في هذه المرحلة  الخطيرة.ولذا فأن ثورة الشعب السوري ضد نظام الإستبداد والظلم لم تكتمل أركانه ما لم تكن ثورة عارمة ضد كافة أشكال العبودية والعنف ضد المرأة وضد كل العادات والتقاليد والأعراف والعقائد التي تحرم المرأة من حق مساواتها مع الرجل. والقضاء وإنهاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة كما تنص عليها المعاهدات والأتفاقات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة.مشاركة المرأة في الثورة وتحمل كافة مخاطرها حتى الموت ينبع من قناعتها المطلقة بأن تضحياتها الجسيمة تصب في خدمة تحقيق أهداف نبيلة على مختلف الأصعدة السياسية والإقتصادية والإجتماعية وحقوق الإنسان بشكل عام وخاصة حقوق المرأة. وذلك ببناء مجتمع يحترم شرعة القوانين الدولية ويحقق المساواة التامة بين الجنسين في سوريا المستقبل.أن مشاركة المرأة السورية بكل مكوناتها الإثنية والدينية أصرارعلى بناء دولة يُمنح الجميع حقوق متساوية بدون تمييز.وسعي جاد من أجل خلق علاقات إجتماعية قائمة على أسس صحيحة وإنسانية بعيدة عن الأحقاد الطائفية والدينية والقومية والسياسية.هذه أهداف واقعية ونبيلة والعمل من أجل تحقيقها يتطلب المزيد من الوعي والصبر لكسر كل الحواجز المدمرة التي كرستها سياسة نظام الإستبداد على مدى عقود طويلة وخاصة في السنوات الثلاث من الحرب المستعرة على الشعب السوري.
المرأة تتحمل أعباء كبيرة في مسيرة الثورة السورية وهي مشاركة بشكل فعال وجزء لا يتجزء من صميم ثورتها ضد الطغيان بكل أشكاله.فهي تقوم بمهام جبارة من أجل نجاح الثورة وتحقيق الحرية والكرامة,متواجدة في مجال الإغاثة والصحة, والإعلام, والكفاح السياسي,والكتابة, والمظاهرات السلمية, والدعم المعنوي.وبسبب شجاعتها وتحديها لسلطة الإستبدادي تتعرض المرأة السورية للأعتقال والتعذيب حتى الموت. أن مصادر المنظمات الدولية وشبكات حقوق الإنسان تتحدث عن معطيات وحالات موثوقة مرعبة بما أصاب ويصيب المرأة خلال هذه الأعوام الثلاث وهذه التقارير لا تتحدث عن الحالات غير المعروفة في ظروف الحرب.يذكر أن أكثر من 6000 أمرأة سورية تعرضت للاغتصاب منذ بداية الثورة عام 2011، بحسب أرقام صادرة عن الشبكة الأوروبية-المتوسطية لحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايتس وتش.وهذا ما استطاعت بعض  المنظمات من توثيقه بناء على تصريحات من نساء تعرضن للاغتصاب، ما عدا النساء اللواتي تكتمن على آلمهن.وتصف هذه المنظمات بأن هذا أسلوب ممنهج للامتهان والأذلال تمارسه السلطات ضد أنصار المعارضة.حيث يقدر عدد السجينات اللاتي ما زلن على قيد الحياة في المعتقلات ومراكز الاحتجاز ما يقارب من أربعة آلاف أمرأة والآلاف من القتلى.أن مأساة المرأة السورية وبشكل عام مشاكل المرأة في بلدان الشرق تتغذى من أرضية ثقافية تأمن بالعنف ولا تولي أي أهمية أو قيمة لحياة الإنسان.
بمناسبة الثامن من آذار عيد المرأة العالمي ألف تحية إجلال وإكبار للمرأة السورية شريكة الرجل في إنطلاقة الثورة من أجل الحرية والكرامة الإنسانية.تحية لكل أمرأة تضامنت مع المرأة السورية في محنتها. الغزي والعار لكل أمرأة صمتت أمام حالات إغتصاب وتعذيب وقتل وتهجير وتزويج قاصرات وتكفير المرأة السورية. تحية لكل أمرأة شريفة في العالم قدرت أهمية الحرية والكرامة للمرأة السورية.
2014-03-01

84
المنبر الحر / جنيف 2فخ أم إنقاذ
« في: 19:19 17/02/2014  »
جنيف 2فخ أم إنقاذ

الدكتور جميل حنا
الشعب السوري يعشق الحرية ومن أجلها يقدم قوافل الشهداء.شعب كافح عبر تاريخه الطويل لكي يعيش حرا أبيا,كان ينالها عبر كفاح مرير ويفقدها حينا آخربسطوة الغزات الخارجيين أو بالأستيلاء على السلطة بقوة السلاح والإنقلابات العسكرية الداخلية.إلا أنه لم يصمت على المذلة والإهانة وأن تحملها على مضض عبرعقود من الزمن.
ما يقارب من ثلاثة أعوام سلطة الاستبداد الأسدي ترتكب مجازر إبادة بحق الشعب السوري وتدمر البلد بكل أنواع الأسلحة المدمرة وتحاصر المدن تمنع وصول المواد الغذائية والأدوية وتحطيم البنية التحتية للقضاء على كل مقومات العيش.نظام أمتهن الإرهاب لللأستيلاء على السلطة منذ عقود, وتوغل في جرائمه الإرهابية وسياسته القمعية  لكي يحافظ على سلطته بقوة الحديد والنار,وبمختلف الوسائل الهمجية والبربرية.حيث لم يشهد لها التاريخ العالمي مثيل بأن قامت أي سلطة أوحكومة بقتل أبناء الوطن وتدمير البلد وتشريد ملايين المواطنين بالشكل الذي يجري في سوريا منذ ثلاثة أعوام.ثورة الشعب السوري التي تقترب من طي عامها الثالث وهي ما زالت تسطر ملاحم بطولية ضد الطغيان وهذا الشعب يقدم تضحيات جسيمة من أجل الحرية والكرامة ومن أجل مستقبل أفضل لوطن حربعيدا عن نظام الاستبداد والطغيان وإرهاب السلطة الحاكمة وإرهاب المنظمات الإرهابية والتطرف,يكون فيه لكل إنسان الحق في العيش بدون خوف.
على مدى هذه الأعوام الثلاث ما زال العالم صامت لم يتخذ أي مواقف صلبة ثابتة ضد جرائم النظام السوري إلا ما يتعلق بمصالحها مثل قضية التخلص من الإسلحة الكيمياوية.أما ما يتعلق بمأساة الشعب السوري أعتمدت القوى العالمية إطلاق التصاريح السياسية والدبلوماسية المتذبذبه وعدم إتخاذها إجراءات فعلية لإنهاء معاناته.وما زال الصمت المغزي هو سيد الموقف العالمي حيال قضية شعب يقتل بكل الوسائل الهمجية وبكافة أنواع الأسلحة المدمرة المحرمة دوليا.بل أصبح إعتقال وتعذيب وقتل وإرتكاب المجازر وتشريد الملايين,وتحويل سوريا إلى ساحة دخلت إليها قوى إقليمية رسمية وميليشيات إرهابية ومجموعات إرهابية ترتكب جميعها أفظع الجرائم بحق الإنسانية,وبالدرجة الأولى ضد الشعب السوري,وتدميروطنه وحضارته وتحطيم وحدته الوطنية وإنهاء مقومات العيش المشترك في إطار الوطن الواحد.كل هذه الأمور بالغة الخطورة تبدوا أمورا طبيعية لا تحرك ساكنا لدى القوى العالمية من لهم المقدرة لإنهاء هذه المأساة. 
في مثل هذه الأجواء أنعقد مؤتمر جنيف2بنسخته الأولى والثانية بدون أن تحقق أي شيء أو حتى لإعطاء بريق من الأمل بأن هناك حل قادم ينهي العنف ويحقق الحرية والكرامة للشعب السوري.هذا المؤتمر عقد تحت الضغط الدولي على الائتلاف الوطني السوري وعلى النظام لإيجاد حل سياسي وفق بيان جنيف1 وتنفيذ بنوده وأولها تشكيل الهيئة الحكومية الإنتقالية التي تملك كافة الصلاحيات السياسية والعسكرية والأمنية بإدارة المرحلة الإنتقالية وصياغة دستورجديد عصري يهدف إلى بناء دولة المؤسسات,والتعددية السياسية, والتداول السلمي للسلطة  ويحقق المساواة بين الجميع بدون تمييز عنصري ديني أو مذهبي أو قومي ,وإجراء إنتخابات حرة نزيهة تحت إشراف دولي في نهاية المرحلة المحدده.
إن عقد جولتين من المفاوضات لم يتمكن الفريقين من مناقشة بنود جنيف1 وذلك بسبب إصرار وفد السلطة حرف إتجاه المفاوضات إلى مسالك عرجاء تهدف إلى الإبتعاد عن الحل السياسي للأزمة السورية, والأنخراط في جزئيات هي نتيجة للحالة المأساوية التي سببها نظام الاستبداد.هل كان النظام السوري متمسكا بمواقفه الثابته أثناء المفاوضات أم كان هناك من أي تبدل؟
لنتذكر جميعا ما كان موقف سلطة الاستبداد قبل ثلاثة أعوام,عندما خرجت أعداد غفيرة من أبناء الشعب السوري في بعض المدن السورية بمظاهرات سلمية تطالب النظام بإجراء إصلاحات جدية. وأن موقف غالبية الجماهير والكثير من مؤسسات المجتمع المدني وقوى سياسية وطنية لا تسعى إلا لإجراء إصلاحات حقيقية وبدون مماطلة.هذه القوى تنطلق بمواقفها هذه من حرصها على سلامة الأوضاع في الوطن.وهذا الموقف السليم يتطلب وقفة مماثلة من النظام والأقدام على إجراء إصلاحات سياسية وأقتصادية كبيرة. يحقق تقسيما عادلا للثروة الوطنية على أبناء الشعب السوري ومشاركة سياسية حقيقية لكل القوى الوطنية في إدارة الوطن عبر إنتخابات ديمقراطية حرة.إن الإستجابة لمطالب الجماهير المتظاهره سلميا هي ضرورة وطنية, يجنب الجميع خسائر جسيمة, وأولها التصدع في الوحدة الإجتماعية. التي ستكون مخاطرها كبيرة على الوطن ونتائجها وخيمة,لا يرغب بها المخلصين لوطنهم.إن الصمت وعدم الإصغاء إلى مطالب الجماهير,والاستهتار بكل القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني من قبل النظام.يدفع بالأمور نحو الإنزلاق إلى منعطفات خطيرة وأليمة على الجميع ويكون الخاسر الأكبر فيها الشعب والوطن.
أن حق التظاهر السلمي كفله الدستور ولذا يجب التعامل حضاريا معه وعدم إستخدام العنف و السلاح وقتل بعض المشاركين في هذه المظاهرات الإحتجاجية المشروعة ضد الفساد السياسي والإداري والأقتصادي .وضد ممارسات الأجهزة الأمنية والكف عن ملاحقة الناس بسبب أرائهم السياسية.تعديلات جذرية في الحياة السياسية أصبح مطلبا شعبيا لأن الجماهير تريد أن تمارس حقها الدستوري في إطار نظام ديمقراطي مدني يراعي مصالح الجميع ويحقق العدالة والمساواة بدون تمييز عل أساس حزبي عقائدي وديني وقومي.والكف عن إتهام المواطنين بالعمالة للدول الأجنبية وإسرائيل الذين يريدون تحسين أوضاعهم المعيشية. وينتقدون الأوضاع السياسية الخاطئة والممارسات اللاقانونية من قبل الأجهزه القمعية...
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=251870
النظام السوري أمام إستحقاقات الإصلاح أم التغيير!؟ بتاريخ23-03-2011
ماذا كانت ردة الفعل لسلطة الاستبداد على المطالب المحقة والمشروعة إتهامات باالخيانة والعمالة وقتل المتظاهرين سلميا واستخدم العنف والسلاح والرصاص الحي منذ اللحظة الأولى.وأدعى بأنه يطبق الإصلاحات المطلوبة,ولكن كان هناك تناقض بين الإصلاح الذي يدعية النظام,الإصلاح لا يقوم على أستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين سلميا , الإصلاح والعنف مفهومان متناقضان الحوارالديمقراطي لا يقوم على مبدأ التخوين وتخويف المتظاهرين سلميا وإلصاق التهم الباطلة بهم. والحوارالجاد يجب أن يرتكز على قواعد حقيقية وصحيحة بدون تمييع الجوهر والأنحراف عن مطاليب الشعب المشروعه. الإصلاح والحوار يجب أن يكون مع القوى المعارضة للنظام السياسي ويشمل كافة مكونات المجتمع السوري بأديانة وقومياته وقواه السياسية المختلفة. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=261809الأحزاب الآشورية و جمعة -أطفال الحرية بتاريخ 04-06-2011¨
هل كانت مواقف وتصريحات وفد النظام السوري منذ أن وطأة أقدامهم سويسرا وجلسة الإفتتاح في مونترو تختلف عن مواقف النظام منذ إندلاع الثورة باالطبع لا شيء التخوين والإتهامات الباطلة والإدعاءات الكاذبه والتضليل وتزييف الحقاق هو الصفة المميزة التي تحلى به هذا الوفد الذي يمثل جوهر عقلية نظام الطغيان.هل هذا النظام الذي واجه المتظاهرين سلميا بالسلاح لديه أي إردة سياسية للدخول في مفاوضات سياسية من أجل الإنتقال السلمي للسلطة إلى الشعب.لو كانت هذه الإرادة موجودة في ذهنية الديكتاتور ومن حوله لما حصلت كل هذه المآسي للشعب السوري.هذا النظام الذي لا يفهم إلا باالقوة وحكم بقوة الجيش والإجهزة القمعية على مدى عقود طويلة سوف لن يتخلى عن السلطة المسلوبة بالتفاوض السياسي.وهم وضرب من ضروب الخيال من يعتقد بأن هذا النظام الديكتاتوري سوف يرحل بالطرق السلمية وهو يستند إلى حلفاء مخلصين له يمدونه بالرجال والعتاد ويقدمون التمويل المادي والأسلحة العصرية المتطورة لإنهاء ثورة الشعب السوري.بينما من يدعون بأنهم أشقاء الشعب السوري وأصدقاءه بعيدون كل البعد من دعم حقيقي للجيش الحر لخلق موازين قوى متقاربة في الميدن بإمداده بالسلاح النوعي.وهذا التوازن بجانب ضغط دولي واقعي من أشقاء وأصدقاء الشعب السوري سترغم الطاغية للمثول لإرادة الشعب السوري إلا وهو الرحيل عن السلطة وتقديم كل من تلطخت إيديهم بالدماء السوريين خلال الأعوام والعقود الماضية إلى المحاكم الوطنية والدولية.الاستمرارفي مفاوضات جنيف2 بدون توفر إرادة دولية صادقة سوف لن ينهي معانات الشعب السوري بل العكس وتيرة العنف وكمية البراميل المتفجرة وقصف الطيران سيزداد على الأهداف المدنية, وتهجير السكان من مناطق سكناهم وإحداث تغيير ديمغرافي على الأرض سيزداد أيضا.إن الانحراف عن جوهربيان جنيف1 والدخول في عملية تفاوضية عديدة المسارات مثل بحث القضايا الإنسانية وفك الحصار عن هذا الحي وأخراج المرضى أو الأطفال والمسنين من هذا الحي أو ذاك وبدون التركيز على الإنتقال السياسي للسلطة سيكون أغراق الثورة بملفات قد تدوم لعشرات من السنين مع نظام أختبر المراوغة ولم يلتزم بأي مواثيق وتعهدات دولية.الشعب السوري يعاني من النظام الإرهابي,والأفعال الإرهابية الذي يمارسه النظام يجب أن يكون أحدى نقاط التفاوض,وما وجود المجموعات الإرهابية ليست إلا من صنيعة النظام نفسه أو وجودها هو نتيجة تحويل سوريا من قبل النظام إلى ساحة صراع مذهبي شيعي سني.أول الخطوات الفعلية تجاه الحل هو وقف إرهاب النظام ضد الشعب السوري.إخراج كل الميليشيات الإرهابية ألتي أتى بها النظام بواسطة أيران من حزب الله وميليشيات أبو فضل العباس وغيرها من ميليشيات عراقية شيعية ومن بلدان أخرى وكذلك تنظيمات إرهابية مرتبطة بالقاعدة.هذا النظام الذي جلب جحافل الغزات من ميليشيات طائفية ومجموعات إرهابية لتدمير سوريا, وتصفية أمور مذهبية تاريخية تعود أحداثها إلى ما قبل ألف وأربعمائة عام مضت.العالم يعيش في بدايات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين,ولكن ما زالت العقلية الهمجية والبربرية سائدة في النهج الفكري والممارسة العملية,حيث أستطاع نظام الاستبداد الأسدي (البعثي,العربي,الأشتراكي,القومي,الوحدوي,التقدمي) تكريس الصراع الدموي بين مختلف مكونات المجتمع إلى أبعد الحدود وفرض واقع مأساوي وتعميق العنف الديني الطائفي المذهبي والقومي. وحول نظام الاستبداد حربه على الشعب السوري إلى صراع إقليمي مذهبي بحيث أعادنا النظام الديكتاتوري إلى صراع تعود جذوره إلى قرون بعيدة في الزمن.
جنيف2 هل سيكون الشعب السوري والوطن سوريا ضحية المؤامرة والتخاذل العالمي!؟
2014-02-16
 
                الدكتور جميل حنا


85
الائتلاف الوطني السوري وثقافة إزدواجية المعايير!
الدكتور جميل حنا
منذ ثلاثة عشرشهرا ثورة الشعب السوري مستمرة من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية
ضد النظام الاستبدادي المجرم.بالرغم من كل الإنحرافات والتشوهات التي تنخر في جسد الثورة من قبل كل القوى المعادية لحقوق الشعب السوري.التي فرضت واقعا مؤلما على الثورة بالوسائل الهمجية والتدميرالممنهج والقتل بكل أنواع الأسلحة من السواطير والسكاكين إلى السلاح الكيمياوي والصواريخ والبراميل المتفجرة وقصف الطائرات الحربية للمناطق الأهلة بالسكان المدنيين إلى عمليات الإعتقال والخطف وتدمير بيوت العبادة لمكونات الشعب السوري.ويضاف إلى ذلك أخطاء أنصارالثورة التي ترتكب بقصد أو بدونه لٌلإستيلاء, وسلب طموحات الشعب السوري للعيش في بلد آمن تسوده قوانين تحترم شرعة القوانين الدولية,وحقوق المواطنين في مزاولة حياتهم وفق دستور يضمن المساواة والعدالة بين الجميع بدون تمييزعنصري على أساس ديني أوعرقي أو طائفي أو سياسي.إلا أن ثورة الشعب السوري ستبقى ثورة شعب أنتفض من أجل الحرية والكرامة وإسقاط نظام الاستبداد والطغيان رغم أنف شاء من شاء وأبى من أبى.
وهنا نتوقف على جانب من سلوكيات وأفكارأنصارالثورة الذين يمثلون شريحة واسعة من كافة مكونات المجتمع السوري بتركيبته الدينية والعرقية والطائفية ومدارسه الفكرية السياسية المتنوعة.وكل هذه القضايا الهامة تلعب دورا مؤثرا في مسيرة الثورة,منها ما يمنح الثورة قوة دفع إلى الأمام, ومنها ما يقف عائق من أجل تحقيق أهداف الثورة, بما تلعبه من دور سلبي سواء على الساحة الداخلية أو على النطاق العالمي.إن الصراع بين مختلف هذه المكونات والإتجاهات الفكرية والعقائدية يخلق حالة سلبية ومدمرة بتقسيم القوى,بالرغم إتفاق الجميع على إسقاط النظام. إلا أن النظرة المستقبلية لبناء الدولة السورية الحرة بكل تركيبتها ونظامها السياسي يبقى مصدر صراع قائم بين كافة القوى المتحالفة لإسقاط سلطة الاستبداد.إذا هناك أختلاف جوهري حول المشروع الوطني السوري بين مختلف التيارات المشاركة في الثورة.وتحديداهذه الناحية تستغل بشكل زكي من قبل النظام ووسائل الإعلام الداعم له والمتحكم به وأيضا في وسائل الإعلام العالمية.حيث يتم إيظهار ما يحدث في سوريا هو قتال بين مجموعات إرهابية مسلحة وبين النظام,وهذا الواقع والتصورلا يزال ينعكس بشكل مأساوي على سوريا وشعبها.
وهذا الوضع المأساوي لم يأتي من الفراغ بل يستند وبشكل قوي إلى الموروث الثقافي والديني والقومي والسياسي المتعصب,الذي آدى بإدخال البلد في حالة حرب دموية.بعد سلسلة من الإنتكاسات الرهيبة التي مر بها المجتمع السوري على مستوى التنمية وتوزيع الثروة الوطنية والعدالة الإجتماعية,وفي مجال حقوق الإنسان والحريات العامة,وسياسة الإقصاء والتهميش لقوى وطنية شريفة,والزج بأصحاب الفكر والقلم الحر في السجون وعدم الاعتراف بالتعدد السياسي والقومي والديني للبلد والاستهتاربكل الشخصيات والتيارات والمكونات العرقية والأراء السياسية المخالفة لسياسة النظام,على مدى أكثر من خمسة عقود من الحكم الديكتاتوري الشمولي لحزب البعث ومن ثم طغيان عائلة الأسد على السلطة بإنقلاب عسكري ومن ثم توريث السلطة.
إن التخلص من هذا الموروث الثقافي الإيقصائي والتهميش والتعصب بكافة أشكاله هو جزء هام وأساسي في مفهوم وأهداف ثورة الشعب السوري ألا وهي الحرية والكرامة.
والائتلاف الوطني السوري الذي يمثل الغالبية الساحقة من الشعب السوري وقوى المعارضة الرئيسية والأساسية يكافح من أجل إسقاط النظام ويسعى في إقامة النظام البديل التعددي السياسي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية, تنبذ التعصب والتمييزبين أبناء ومكونات المجتمع على أسس عرقية ودينية.إن الالتزام بثوابت ثورة الشعب السوري ليست مجرد شعارات تطرح بل أنه تمسك فعلي بقيم الثورة.ومن هذا المنطلق ومن باب حرصنا على تحقيق أهداف ثورة شعبنا ومن أجل أن ترتقي مواقف الائتيلاف إلى أعلى درجات المسؤولية والتخلص من الموروث الثقافي السلبي الذي كان سائدا على مدى العقود الخمس الماضية.إن عدم حدوث تغيير جذري في هذا المجال يعني هو السيرفي سياسة الاستبداد والإقصاء والتهميش الذي تبعها ويتبعها النظام الديكتاتوري البعثي وعائلة الأسد منذ عقود طويلة.
إن الالتزام بثوابت ثورة الشعب السوري يحتم على الائتلاف الدفاع عن مصالح كافة المكونات الإثنية والدينية للمجتمع السوري,وتحقيق المساواة بينها بدون تمييز ديني وقومي. وعكس ذلك مخالف لقيم الثورة ولا يأتي بشىء جديد يختلف عن أساليب ومنطق سياسة نظام الاستبداد.هذا النظام الذي يسعى الشعب السوري إلى إسقاطه عبر تضحيات جسيمة.
المكون السرياني الآشوري جزء هام وفصيل أساسي في المعارضة السورية وهو عضو مؤسس في المجلس الوطني السوري وفي الائتلاف,ووجود المؤسسات والأحزاب السياسية الآشورية في صفوف المعارضة السورية هو ليس وليد اللحظة أو نتيجة إندلاع الثورة, بل معارضة سلمية تمتد إلى مدى العقود الخمس الماضية. وذلك بسبب عدم الاعتراف الدستوري بهوية الشعب السرياني الآشوري وعدم الاعتراف باالحقوق القومية واللغوية والثقافية وبسبب سياسة التهميش والإقصاء المتعمد الذي مارسه النظام ضد أبناء هذا الشعب
وبسبب الضغوط والتعدي والإنتهاكات لكرامته بكافة أشكالها والاعتقالات من قبل الأجهزة القمعية المخابراتية وسياسة التمييز القومي والديني.وأيضا بسبب كل هذه الأعمال المشينة التي أرتكبها النظام دفع بما يقارب من ثلاثمائة آلف سرياني آشوري أن يهاجر من محافظة الحسكة الجزيرة السورية خلال الأربعة العقود الماضية.
إن تحصين الجبهة الداخلية للمعارضة وخاصة الائتلاف الوطني السوري يتطلب موقف جريء بالابتعاد كليا عن الفكر والممارسات التي نفذها وينفذها النظام الاستبدادي.منذ إندلاع ثورة الشعب السوري نطالب العالم والمؤسسات الدولية بالالتزام بالقوانين والمعايير الدولية وعدم ممارسة الإزدواجية في تقييمها لثورة الشعب السوري,والتمسك بالقيم الأخلاقية تجاه معاناة شعبنا,ولامبالين لما يحدث من مأساة فظيعة داخل وطننا.كيف يمكن أن نكون منتقدين ومنددين بشدة مواقف دول العالم تجاه ثورة الشعب السوري وعدم تقديم دعم حقيقي لإنهاء معاناته, وفي ذات الوقت نمارس الإزدواجية ضمن صفوفنا!؟
كما أسلفنا سابقا الشعب السرياني الآشوري مكون أصيل من المجتمع السوري فهو لا يحتاج إلى صدقة من أحد تاريخه وثقافته وحضارته جذوره عميقة في تاريخ سوريا وكما قيل مرارا تسمية سوريا من تسميتهم.ولكن التشارك الوطني لكافة مكونات المجتمع في القرار السياسي وفي السلطة والمساواة بين الجميع والاعتراف بالحقوق المشروعة يظهر الوجه الحضاري والإيمان بالتعددية القومية والدينية للبلد.ومن هذا المنطلق إن إقصاء المكون السرياني الآشوري عن حكومة أحمد طعمة يدخل في إطار سياسة الإقصاء والتهميش والتمييز والإزدواجية في المعايير الأخلاقية.وهو إقصاءعن حق طبيعي وواقعي وهو غير عادل ولا يحقق مبدأ المساواة بين مكونات المجتمع السوري.
ولكن أمام الائتلاف الكثير من الاستحقاقات العاجلة ألا وهوأن مؤتمر جنيف على الأبواب إذا ما عقد كما يشاع. ولذا نطالب بأن يكون شخص من الكتلة السريانية الآشورية في الائتلاف الوطني من الوفد السوري المشارك في مؤتمر جنيف2من أجل إنهاء مأساة الشعب السوري ونقل السلطة إلى ممثلي الشعب السوري.
كما نطالب بأن يكون دعم الائتلاف الوطني لكافة مكونات الشعب السوري بالتساوي وبدون تمييز تحت أي حجة كانت. إن دعم قضية قومية لمكون سوري دون سواه من المكونات الأخرى يعد تمييزا عنصريا ونهجا مخالفا لكل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
الشعب السرياني الآشوري له الحق تاريخيا وحضاريا وثقافيا ولدوره وتضحياته في بناء دولة سوريا الحديثة في الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية في الجزيرة السورية وبقية أماكن تواجده على الأرض السورية أسوة بأي مكون آخر وفق دستور ديمقراطي حضاري يلتزم المعايير الدولية.أمام الشعب السوري وقوى المعارضة بناء دولة حضارية عنوانها التقدم والإزدهار والأخاء بين كافة الأعراق والأديان إذا تم الالتزام بالقيم الأخلاقية وبالمواثيق والمعاهدات الدولية,وغير ذلك سيكون تقسيم الوطن والقتل والدم والدمار والتشرد.
2013-12-22

86

مجازر إبادة المسيحيين في بلاد ما بين النهرين – الدم المسفوك - الجزء الرابع

الدكتور جميل حنا

نتابع في هذا الجزء عرض بعض الوقائع عن مجريات المجزرة الكبرى التي ارتكبت ضد المسيحيين بشكل عام في السلطنة العثمانية بين أعوام 1914-1918 من خلال شاهد عيان عاصر تلك الحقبة الدموية المظلمة, ألا وهو المرحوم عبد المسيح قره باشي مؤلف كتاب    " الدم المسفوك".والذي يأتي على تفاصيل الأحداث الأليمة التي شاهدها بأم عينه والتي سمع عنها في زمن حدوث تلك المجزرة.قبل ثمانية وتسعين عاما فقدت الأمة الآشورية أكثر من نصف مليون شهيد من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق وكنيسة السريان الكاثوليك والبروتستانت.وكما خسرالشعب الأرمني في هذه المجازرالرهيبة مليون ونصف من الشهداء على يد السلطات العثمانية وأستشهد مئات الآلاف من اليونان وقتل كل هؤلاء بسبب عقيدتهم الدينية وإنتمائهم القومي.
  أنتهت مرحلة  الإبادة العرقية الجماعية الهمجية مع إنتهاء الحرب العالمية الأولى,إلا أن المأساة لم تنتهي بسبب الطبيعة البربرية القاسية والعنف المستخدم وإتساع نطاقه ليشمل الجميع صغارا وكبارا رجالاً ونساءً.صدمة نفسية كبيرة ما زالت تعيش في نفوسنا ليس فقط لهول الفاجعة الكبرى وإنما استمرار وحدوث مجازرالإبادة العرقية بأشكال عديدة حتى يومنا هذا ونذكر على سبيل المثال لا الحصر مذبحة سيميل في العراق عام 1933.إن العقائد الدينية والقومية الشوفينية والأفكارالعنصرية وروح الغطرسة والبغضاء التي كانت وراء إرتكاب تلك المجازرالبشعة ما زالت متعشعشة في النفوس وفي سياسة السلطات الحاكمة والأحزاب القومية والدينية العنصرية وفي داخل المجموعات المتطرفة والإرهابية في منطقة الشرق الأوسط.إن سياسة إنتهاك حقوق الإنسان وإرتكاب المجازر من قبل السلطات الرسمية ضد مجموعات معينة من أبناء المجتمع لا تنال الإهتمام اللازم من قبل القوى العالمية صاحبة القرارات المؤثرة لردع أو الضغط ومعاقبة من يرتكب جرائم ا لإبادة بحسب المواثيق والمعاهدات الدولية وتقديم الجنات إلى المحاكم الدولية لكي تأخذ العدالة مجراها الطبيعي.
إذكاء روح التعصب الديني والمذهبي والقومي وتكريس سياسة التمييز العنصري مازالت تستخدم كأدوات تفرض على المجتمع للهيمنة وإرتكاب أبشع الجرائم بحق الإنسانية.وما يحز في نفوسنا هو عدم محاسبة المخططين والمنفذين والمحرضين والداعمين والرافضين لفكرة محاسبة من أرتكب مجازر الإبادة بحق الشعوب والاعتراف بما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية.تلك الجرائم التي نفذت بحق إناس أبرياء لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم ينتمون إلى دين وإثنية غير دين وإثنية الأكثرية.وبكل أسف ما زال هذا الفكر الإجرامي ساريا في أوساط مختلفة في مجتمعات الشرق الأوسطية وبلدانها.ويعتقد هؤلاء أن  هذا جزاء كل من لا يخضع لشرائعهم ومعتقداتهم وسلطانهم وسيساتهم العنصرية.
في هذا الجزء سنتطرق إلى دور اليزيديين في حماية المسيحيين ومواقفهم الشجاعة والإنسانية وتضحياتهم الجسيمة التي ستبقى موضع تقديرنا وأحترامنا لذكرى كل الذين ساهموا بأنقاذ أرواح الأبرياء من الناس الفارين من أمام سيف المجرمين.وقبل الدخول إلى صلب هذه الفقرة نقدم بأختصار شديد جدا بعض الجمل عن هذه الطائفة الكريمة.
يقول أمير الطائفة اليزيدية أنور معاوية الأموي "ان تاريخ اليزيدية يكتنفه الكثير من الغموض بسبب كونهم طائفة صوفية منغلقة على ذاتها"تاريخ وحقوق اليزيدية- توضيح تاريخ اليزيدية 20.12.2006"موقع" أنا حرة" وكما يذكر في نفس المقال وفي العديد من المواقع المختلفة والتصاريح حيث يقول عن الشعب اليزيدي(رغم ديمومة تداول اللغة الكردية مع العربية في نواحي اليزيدية فان هناك شعوراً متنامياً لديهم باصولهم السريانية الرافدية. في عام 1919 اشتركوا مع الآشوريين بوفد موحد بقيادة الجنرال آغا بطرس في مؤتمر السلام في باريس للمطالبة بحقوقهم. لقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط في /24 - 2 - 1993/ برقية من شيخ اليزيدية الأمير معاوية يقول فيها: "انه ليس لمسعود البرزاني ولا جلال الطلباني - القادة الاكراد - الحق بالادعاء بانهما يمثلان اليزيديين والآشوريين". ثم نشرت مجلة "حويودو- الوحدة" السريانية (عدد 43-1994) بياناٌ للأمير معاوية يتحدث فيه عن: "نبتة أجدادنا أيام الامبراطورية الآشورية..... اننا فهمنا تاريخنا باننا والآشوريين من أصل واحد......"
 ويضيف في موقع أخر مجلة فرقونو العدد 7 لعام 1998 " اليزيديون يعبدون الله وليس الشيطان" ردا على إتهامات الخصوم ونعتهم بعبدة الشيطان.وفي كتابه " اليزيدية , التاريخ العقيدة المجتمع" الصادر عام2002 في السويد يتحدث الؤلف بشكل مفصل عن التاريخ والعادات والإنتماء الديني والقومي للشعب اليزيدي... ان اليزيدية بحاجة الى الاعتراف بهم كفئة دينية عراقية اصيلة تجتمع في داخلها كل تنوعات الأمة العراقية لغويا ودينيا وتاريخيا، فهم لغويا يجمعون التأثير السرياني والعربي والكردي ، ودينيا يجمعون الميراث الديني العراقي بكل تنوعاته ومراحله: عبادة الكواكب العراقية ثم المسيحية والمانوية البابلية ثم التصوف الاسلامي. انها ديانة عراقية رافدينية اصيلة بكل ما للكلمة من معنى. وبهذا الصدد يقدم الباحث العراقي سليم مطر وصفا رائعا في كتابه "الذات الجريحة"ص.465- 466
(يمكن إعتبار اليزيدية اشبه بقصر تاريخي مظهره اسلامي مزين بنقوش عربية وعبارات كردية. لكن لو ازلنا هذه الأصباغ الخارجية عن الجدار لإكتشفنا تحتها طبقة من نقوش مسيحية بأيقونات ملونة وصلبان منحوتة. ولو تعمقنا اكثر بالحفريات لاكتشفنا طبقة ثالثة من جداريات آشورية ورسومات آلهة النهرين وكتابات مسمارية. ولو تعمقنا في الحفريات سنصل الى اعماق تاريخ المنطقة وجذورها البدائية المخفية. ان اليزيدية من بين الكل هي اقل الطوائف التي نجحت بإخفاء طبقاتها التاريخية، بحيث تبدو وكأنها موزاييك رائع للتراث الديني والأقوامي لبلاد النهرين)
عدد اليزيدية ربما يبلغ الآن اكثر من 300 ألف في العراق، 85% منهم يقطنون في جبل "سنجار" غرب الموصل، والباقون في قريتي "الشيخان" و"باعذرى" شرق الموصل. بعض اليزيدية موجودون أيضاٌ في سوريا وفي تركيا وفي أرمينيا.
جبل سنجار يتحمل الضيقات والحصار من أجل المسيحيين" لما رأى المسيحيون في ماردين وضواحيها, مهما أبدوا من طاعة وخضوع وعبودية للحكومة العثمانية ولشعبها,يستحيل عليهم ان يرضوا طغيانهم وظلم شعبها...ولذا قرر البعض الفرار إلى جبل سنجار. وعندما كانوا يبلغون المكان.كان اليزيديون يستقبلونهم بكل محبة وفرح. وخاصة رئيسهم(حمو شرو) المشهور بالإحسان والرحمة والمحبة الإنسانية. هذا الرجل كان يستقبلهم بكل مودة وعطف. ويخصص لهم مساكن للإقامة والمعيشة ويكمل حاجاتهم الضرورية...وكان يعزيهم ويتألم معهم للأخبار المؤلمة التي كانت تسمع في تلك الأيام.
وقد نال محبة واحتراماً واكراماً عظيماً لدى المسيحيين في كل مكان,وذاعت له شهرة عظيمة في العمل الإنساني...كانت قوافل السوقيات تقاد إلى مختلف المناطق وخاصة البراري والأماكن المقفورة والصحارى لكي يموتوا جوعا وعطشا ممن لم يقتلو ويبادوا على يد الفيالق الحميدية وبعض العشائر الكردية المتحافة مع السلطنة العثمانية لقتل المسيحيين...ومن هذه السوقيات التي وصلت إلى الشدادة ودير الزو كان قسما منهم من أستطاع الذهاب إلى جبل سنجار. ..أما اليزيديون الذين كانوا يسمعون هذه الأخبار فكانوا يقصدون أماكن هؤلاء المشردين فيذهبون ويخطفون الأطفال ومن يتمكن منهم من المجيء معهم, ويأتون بهم إلى سنجار ويسلمونهم إلى المسيحيين ليعتنوا بهم...ولما ضرب الجوع والوباء والغلاء سنجار وضواحيها. قصد المسيحيون عشائر طي العربيةغير أبهين بالموت ومتحدين الأخطار..استقبلهم هؤلاء القوم ذوو الشهامة ومنحوهم كميات كبيرة من الشعير والذرة والدهن وسائر حاجات القوت والطعام واستقرت حياتهم... فلما سمع العثمانيون ان كثيرين من المسيحيين لجأوا إلى سنجار ونجوا من الموت. عادت الحكومة وأصدرت أمراًبقتل من نجا من المسيحيين وقصد جبل سنجار, ودفعت جنودها إلى جبل سنجار مدججين بأنواع الأسلحة ليذهبوا ويحتلوا سنجار والجبل ويقتلوا كل المسيحيين هناك...وصلت القوات العثمانية وحلت في جبل سنجار, وفرضوا حصارا قويا على المنطقة وأرسل قائد العسكر المدعو( محيي الدين بك) ورئيس المخابرات والتفتيش في جبل سنجار كتابا إلى الزعيم حمو شرو....وهذا نص الكتاب: " أرسل إلينا كل المسيحيين الذين هربوا ولجأوا إليك مع كل أنواع الأسلحة التي بحوزتك, وإذا لم تخضع للأمر ستحل بك مصائب وآلام مريرة لا تتصورها. وسوف نهدم بيتك وبيوت جميع أهللك وذويك وعشيرتك"... ولما قرأ حمو شرو هذه الرسالة غضب جداً وقال: " كيف يسمح لي ضميري لأسلم هؤلاء المسيحيين الذين لجأوا إلي وأنا أعطيتهم عهداً وأقسمت بشرفي وديني ألا أغشهم( لاوفيستا) هي يمين معظمة لدى اليزيديين.لن أسلم ,احدأً منهم ما دام في عينيَ ماء,أما إذا قتلت أنا وأولادي فبإمكان الأعداء ان يفعلوا بهم ما يشاءون...ويوم سبت النور ليلة عيد القيامة, تقدمت القوات الحكومية نحو الجبل. وبدأ الهجوم على الجبل إلا أن الزعيم حمو شرو كان أمينا وقاتل ببسالة لصد القوات العثمانية , ولكن نوعية الأسلحة المستخدمة والقوات العسكرية كانت كبيرة جدا, وأستطاعت أحتلال المنطقة وفرضت الهيمنة عليها من قبل العسكر.
الشعب اليزيدي تعرض إلى مجازرالإبادة الجماعية في عهد السلطنة العثمانية حاله حال المسيحيين وربما أكثر. وهنا نذكر بعض المجازر التي أرتكبت بحق الشعبين السرياني الآشوري والمسيحيين بشكل عام واليزيديين.وهذه المذابح أرتكبت من قبل طغاة سفاحين أشتهروا بإعمالهم الإجرامية البربرية التي يعجز اللسان عن وصف همجيتهم التي فاقت بكثير وحشية الحيوانات الكاسرة في الأدغال والبراري.ونذكرمن هذه المجازر المشتركة التي حلت بكلا الشعبين من قبل الزعيم الكردي محمد باشا الراوندوزي الملقب محليا باسم مير كور(أي الأمير الأعور) ما بين أعوام 1831-1836.وكذلك مذابح الزعيم الكردي السفاح بدرخان بين أعوام 1843-1846. وأيضا مجازر الإبادة الكبرى بين أعوام 1914-1918 التي أرتكبت من قبل السلطنة العثمانية والكثيرمن العشائرالكردية المتحالفة معها.
التاريخ فيه صفحات مظلمة صنعه رجال وقبائل متمرسة في الإجرام, وللتاريخ صفحات مشرقة صنعها رجال ونساء عظماء وشعوب بما قدموه من أعمال إنسانية وتضحية وشهامة وصدق وأخلاص وأمان ووفاء للعهد وضمير إنساني حي.نحن بأمس الحاجة اليوم إلى هذه القيم الإنسانية في وقتنا الحاضرحيث أصبحت الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية لا تخدش مشاعرالكثيرمن البشرفي عالم متقدم حضاريا وتكنولوجيا ولكنه متخلف أخلاقيا وفاقد للضمير الإنساني.
2013-11-02.

87
             
اليوم العالمي للأمم المتحدة في ميزان مأساة سوريا  الدكتور جميل حنا
الرابع والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين الأول اليوم العالمي للأمم المتحدة كرس هذا اليوم إحتفاء لمناسبة تأسيس منظمة الأمم المتحدة قبل ثمانية وستين عاما عقب إنتهاء  الحرب العالمية الثانية 1945.و كان الأعلان عن تشكيل هذه المنظمة الدولية حدثا هاما في تاريخ البشرية. لأن المبادىء التي ظهرت على أسسها هذه المنظمة كانت سامية الأهداف تصب في خدمة جميع الدول وشعوب العالم قاطبة.وأهم المبادىء الرئيسية التي تأسست عليها المنظمة الدولية هي السلم والأمن العالمي,تنمية العلاقات الودية بين الأمم وتعزيز التقدم الاجتماعي,وتحسين مستويات المعيشة, والتركيز على حقوق الإنسان.عندما تأسست هذه المنظمة وقع على إعلان تشكيلها احدى وخمسون دولة والآن يبلغ عدد أعضائها 193 دولة وقد أنضم الجميع لهذه المنظمة والموافقة على مبادئها بمحض إرادتهم الحرة والمستقلة وبطلب منهم .
وقد أنبثق عن المنظمة العالمية للأمم المتحدة عشرات المنظمات الدولية, وصدر عنها آلاف البلاغات والمواثيق والاعلانات وربما كان أهم ميثاق صدرعنها هو الاعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948, والتي تحث كافة الأعضاء الالتزام وتنفيذ كافة بنود هذا الأعلان العالمي الهام على الصعيد العالمي. وكان صدوره ثمرة جهود دولية بذلت أثناء الحرب العالمية الثانية وعقب تأسيس المنظمة الدولية.ونظرا لكون هذه المنظمة موحدة للجميع بطابعها الأممي وقبول جميع اعضائها بميثاقها فهي تمنح لها صلاحيات واسعة ضد كل من لا يلتزم بمبادئها واتخاذ أجراءات رادعة وحاسمة ضد البلدان والأنظمة السياسية الحاكمة التي تخرق مواثيق الأمم المتحدة على مختلف الأصعدة.
لقد خصصت منظمة الأمم المتحدة يوما من الأيام على مدار السنة لتذكير دول وحكومات العالم وشعوبها تنفيذ التزاماتها القانونية والأخلاقية والإنسانية وتطبيق ما تعهدت به أثناء أنضمامها للمنظمة الدولية.
 وهنا نذكر بعض الأيام التي خصصتها الأمم المتحدة على مستوى العالم  والتي تهم كافة شعوب الكون بأعتبارها احد الأركان التي تبنى عليها العلاقات بين الدول والشعوب وأيضا بناء مجتمع ونظام حكم يحترم وينفذ المعاهدات والمواثيق الدولية وعلى الأخص الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وبقية المواثيق الهامة.وهنا نسرد بعض الأيام بأختصار شديد وعلى الأخص ما يتعلق بالحالة السورية الراهنة.
اليوم العالمي: للتضامن,حقوق الإنسان,التمييز,العنف ضد المرأة,الطفل ,الشباب ,الفتيات .التراث, التعذيب والأعتقال,الشعوب الأصيلة,المرأة ,اللاجئين,الأقليات,الفقراء,المهجرين,أستخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية, الأسرة,الصحة والأطباء,الغذاء,الصحافة,التعليم,الحرية,اللعنف,الديمقراطية والكرامة الإنسانية,مقاومة الحروب والاحتلال...هذا غيظ من فيض القضايا الهامة التي خصص لها يوم عالمي.ولكن السوؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد.ماذا قدمت المنظمة الدولية للشعب السوري خلال عامين ونصف من تعرضه للقتل والإبادة والتدميرمن قبل سلطة الاستبداد والقوى الغازية المحتلة للبلد. حيث تم  خرق فاضح وبشكل همجي لكل المواثيق والمعاهدات الدولية بدون أن يكون هناك رادع فعلي من قبل المنظمة الدولية يمنع القتلة والمجرمين من الاستمرار بأفعالهم الشنيعة ضد الشعب السوري.أين هي المنظمة الدولية من مسألة التضامن مع الشعب السوري!ماذا فعلت هذه المنظمة من أجل إيقاف العنف والقتل والسلم؟ماذا فعل اليونسف من أجل أطفال سوريا؟ماذا قدمت اليونسكو من أجل حماية التراث والتعليم والثقافة في هذا البلد المنكوب؟أين هي منظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية  من مسألة المعتقلين في سجون سلطة الإجرام في سوريا؟ أين هي منظمات الإغاثة العالمية من قضية تجويع الشعب السوري من أجل إركاعه؟أين هي منظمة الصحة العالمية من أجل الدفاع عن الكادر الطبي والمسعفين والممرضين الذين يقدمون خدمات إنسانية من أجل معالجة الجرحى والمرضى؟أين هي محكمة العدل الدولية ومحكمة جنايات روما لمحاسبة المجرمين؟أين هي المنظمات النسائية والإنسانية من حماية النساء والفتيات والأطفال من العنف والأعتداء والتعذيب والقتل؟أين هي الصحافة العالمية من قتل الصحفيين والأعلاميين وكوادر التواصل الإجتماعي؟أين هي منظمة الأمم المتحدة من إستخدام السلاح الكيمياوي ضد الشعب السوري من قبل سلطة الاستبداد؟ هذه بعض الأسئلة أو التسائل عن دورالمنظمة الدولية وهل تستطيع القيام بواجبها وتنفيذ المهام الملقات على عاتقها من أجل الحفاظ على حياة البشر ووضع حد للمجرمين السفاحين الذين يتفنون بقتل كل من ينادي بالحرية والكرامة الإنسانية.أن ميثاق الأمم المتحدة والأعلان العالمي وكل المعاهدات التي وافق عليها المجتمع الدولي. والتي تم صياغتها من قبل الدول الكبرى المؤثرة في القرارات الدولية ووافق عليها حتى الآن 193 دولة مستقلة في العالم. لم تلتزم الدول الكبرى بتنفيذ هذه المواثيق وكانت السبب وراء خرقها من قبل الكثير من دول العالم وذلك بسبب المواقف السياسية للدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن والتي لها حق الفيتو على أي قرار يصدر عن مجلس الأمن.سوريا أحدى الحالات المأسوية و سجل عار وخذي وإنعدام الأخلاق والقيم الإنسانية وعدم التزام بالمواثيق ألتي أقرتها وخرقت القوانين الدولية وخاصة من قبل الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
سوريا كانت عضوا مؤسسا لمنظمة الأمم المتحدة وقد وقع القائد السوري العظيم فارس الخوري على ميثاق الأمم المتحدة وعضوية الأنضمام إليها بشكل رسمي.وبسبب مواقفه الوطنية الصادقة وحنكته السياسية والدبلوماسية البارعة وسلوكه الراقي كرجل دولة, نال إعجاب شديد من قبل مندوبي الدول المشاركين في جلسة الجمعية العمومية  للأمم المتحدة.والتي طالبت بعقدها آنذاك سوريا من أجل أستقلال سوريا ورحيل القوات الأستعمارية الفرنسية عن أرض سوريا. وقد لعب الخطاب الذي ألقاه وقبله الجلوس على كرسي مندوب فرنسا لمدة خمسة وعشرين دقيقة كان كفيلا بأن يوافق الأعضاء على طلب سوريا بالأستقلال ورحيل القوات الأجنبية. وبعد ذلك بفترة وجيزة جدا حصلت سوريا على أستقلالها عام 1946 في السابع عشر من نيسان.ربما تكون هذه المرة الأولى من قبل المنظمة الدولية ما قدمته من دعم معنوي للشعب السوري للتخلص من القوى الخارجية وتحقيق الأستقلال.جميع القرارت التي أتخذت من قبل المنظمة الدولي بشأن الصراع والحروب مع إسرائيل لم تنفذ بأستثاء فك الأرتباط بين الجيش السوري والجيش الأسرائيلي.وهذا كان مقابل الحفاظ على النظام تحت سلطة الديكتاتور حافظ الأسد وتحقيق أمن أسرائيل من جبهة الجولان.
ومن هذا المنطلق يمكننا أن نجزم وبشكل قاطع من خلال مأساة سوريا بأن المنظمة الدولية للأمم المتحدة فاشلة وفشلت بالمهام الملقاة على عاتقها ولم تستطع تحقيق الأهداف والمبادىء التي من أجلها ظهرت للوجود.المنظمة الدولية هي أسيرة الأعضاء الخمس الدائمي العضوية وذلك لأمتلاكهم حق الفيتو على أي قرار يصدر عن مجلس الأمن.فإذاهي خاضعة لإرادة هذه الدول وهي مكبلة بقيود تمنعها من القيام بتنفيذالقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرها من المعاهدات والمواثيق الدولية.منذ نشأة المنظمة الدولية أندلعب حروب كثيرة في بقاع مختلفة من العالم , ولم تستطع المنظمة منع قيام هذه الحروب بل كانت الدول الأعضاء الدائمين من مجلس الأمن مشاركين في هذه الحروب ليس دفاعا عن الشعوب والحرية والديمقراطية والقيم الإنسانية بل من أجل تحقيق أهداف سياسية وعسكرية وأقتصادية وفرض السيطرة والنفوذ في بقاع مختلفة من العالم.
إن فشل المنظمة العالمية الأولى عصبة الأمم التي تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919ومنذ قيام هذه المنظمة العالمية عام 1920 لم تستطيع تحقيق أهدافها وهو الحفاظ على السلم والأمن الدولي بسبب طغيان إرادة الدول الأوربية على العصبة , وعدم تمكنها من حل المشكلات الدولية وفرض الهيمنة والقوانين على الجميع ولأفتقارها إلى القوة العسكرية كما تذكر الكثير من المصادر في تلخيص أسباب الفشل.
وهناك عوامل مشتركة بين أسباب فشل عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة:
لم يتحقق السلم والأمن العالمي,لم تحل المشاكل العالمية الحروب مستمرة , خرق لميثاق الأمم المتحدة من قبل الجميع وخاصة الدول الكبرى.هيمنة الأعضاء الخمس الدائمين على المنظمة, عدم وجود قوة عسكرية تفرض الحلول في إطار الشرعية الدولية.
إذا كان هناك جدية في الالتزام بمبادىء ميثاق الأمم المتحدة وبكل المعاهدات والمواثيق الدولية والمنظمات العالمية المنبثقة من هذه المنظمة, والتقيد بقيمها الإنسانية والأخلاقية وبالقانون الدولي يتطلب تنفيذ بعض الأصلاحات الضرورية من أجل مستقبل أفضل للبشرية وتحقيق مبدأ العدالة والمساواة بين الدول الكبرى والصغرى وبين الشعوب كثيرة العدد وقليلة العدد ومن هذه النقاط التي نرى بأنها ضرورية هي كالتالي:
. زيادة أعضاء مجلس الأمن إلى عشرين عضوا يمثل مختلف القارات.
. إلغاء حق الفيتو كليا من ميثاق الأمم المتحدة, إتخاذ القرارات بالأغبية.
. تشكيل جيش عالمي  يتدخل في أي دولة يخرق ميثاق الأمم المتحدة, والأعلان العالمي لحقوق الإنسان, وليس قوات حفظ السلام.
. إلغاء كافة الأحلاف العالمية العسكرية والأقتصادية,بل أن يكون حلف الأمم المتحدة هو الوحيد في العالم.
. تقليص ميزانية الجيوش الوطنية لصالح جيش الأمم المتحدة.
. إلغاء الإزدواجية والمعايير والمواقف الملتبسة لمنظمة الأمم المتحدة.
 وأخيرا نتسائل هل ديكتاتورية بشار الأسد وسلطته الاستبدادية أقل من ديكتاتورية صدام حسين ومعمر القذافي وسلطتهم الاستبدادية , أم أن إزدواجية المعايير الأخلاقية والأنحطاط وأنعدام القيم الإنسانية تقف وراء مواقف الدول الكبرى. ومن يدعي بأن المصالح هي تحدد مواقف هذه الدول فإذا لا قيمة لوجود منظمة الأمم المتحدة. لأن ميثاق الأمم المتحدة والأعلان العالمي لحقوق الإنسان والقوانين الدولية ومحكمة العدل الدولية ومحكمة جنيات روما وكل المنظمات الدولية قائمة على المبادىء الإنسانية والأخلاق والضمير الإنساني ومن ليس مقتنع بهذا الكلام عليه قراءة هذه الوثائق.
مصدر: ويكيبيديا.
2013.10.20

88
سوريا ومصر ثورات حاضرة وتاريخ قديم 
   

الدكتور جميل حنا
ما بين سوريا ومصر إرث حضاري تاريخي مشترك يمتد إلى آلاف السنين من التوافق والإنسجام وكذلك صراع وغزوات وحروب متبادلة بين بلاد الشام والرافدين وبين الفراعنة.وقواسم مشتركة في بناء حضارات عريقة على ضفاف النيل ودجلة والفرات والعاصي وبردى والزاب وغيرها من الأنهار وعلى شواطيء البحار.من هذه الأرض أنبثقت البذور الأولى للحضارة الإنسانية,والتي أينعت ثقافة عظيمة أبهرت بها الكون. هذه الحضارات قدمت للبشرية خدمات رائعة في مجال العمران والبناء والثقافة والعلوم والآداب والفلسفة وعلوم الفلك والإدارة والقوانين المنظمة لشؤون الحياة الإجتماعية والسلطة والدولة وكثير من الملاحم والأساطير التي مازالت تدهش العالم حتى يومنا هذا.تأثرة كلا الحضارتين ببعضهما البعض كثيرا في مختلف النواحي الثقافية واللغوية والعسكرية.
هذان البلدان تعرضا في تاريخهم الطويل إلى غزوات خارجية مشتركة كثيرة نذكر منها الغزو البيزنطي الروماني والإسلامي والعثماني والإستعمار الغربي.هذه الغزوات غيرت مجرى التطور والتاريخ في بلاد الشام والنهرين ومصر, والشعوب الأصيلة فيها قدمت ملايين الضحايا من أجل الحفاظ على كيانها الثقافي واللغوي والديني.
 القرن العشرين زمن التحولات الكبرى في العالم في مختلف مجالات الحياة وتدشين عصر جديد شهد حربين عالميتين متتاليتين خلال ربع قرن من الزمن. وكذلك تطور تكنولوجي عظيم في كافة المجالات وخاصة في مجال التنقل والإتصلات الآلي والألكتروني ووسائل الأعلام المتطورة أصبح العالم كأنه قرية صغيرة بفضل وسائل التواصل الإجتماعي بين مختلف شعوب الكون. وبدأ هذا العالم الكبيربواسطة هذه التكنولوجيا المتطورة تكشف لمئات الملايين من الناس حول العالم بشكل أوضح ما يجري على الكرة الأرضية وأصبح التبادل الثقافي بين مختلف الحضارات احد الرموزالمميزة للقرن العشرين. وكان لا بد لهذا التأثير العظيم أن يترك بصماته المأثرة على عملية التطور والتقدم والتغيير على كافة الأصعدة في سوريا ومصر.
والنصف الثاني من القرن العشرين بدأ يتحقق تحول كبير في العلاقة السورية المصرية وذلك بعد إستقلال سوريا عام 1946وكذلك إنهاء الحكم الملكي في مصر عام 1952 وأصبح البلدين مستقلين من الإستعمار الخارجي وأصبح القرارالسياسي وقيادة الدولة في يد القوى الوطنية.إلا أن هذه القيادات التي حكمت البلدين دفعت عجلة التقدم نحو مسالك خاطئة ومدمرة وذلك بسسبب المنهج الفكري العقائدي المتعصب الذي لم يراعي جوانب الإختلاف في الإرث الحضاري والثقافي والإجتماعي لسوريا ومصر.
وهنا نعني تحديدا الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958- 1961هذه الوحدة التي فشلت بسبب إعتبارات وأسباب كثيرة منها الداخلية والخارجية ولسنا بصدد تحليل هذه التجربة الفاشلة إلا أنه يمكننا القول أن من بين أهم الأسباب :إنعدام الديمقراطية ,الحكم الديكتاتوري,التعصب القومي الشوفيني العقائدي,سياسة الإقصاء والتهميش للقوى الوطنية والشعبية السورية ومؤسساتهم المدنية والسياسية وزج وأعدام المناضلين الوطنيين الشرفاء من أبناء سوريا على سبيل المثال سكرتير الحزب الشيوعي السوري اللبناني فرج الله الحلو الذي أذيب في برميل الأسيد, ونهب ثروات سوريا وشعبها.وكذلك مصادرة القرار السياسي للشعب السوري وقواه الوطنية وعوامل آخرى كثيرة.إلا أن إرادة الشعب السوري في التخلص من هذا الحكم الإستبدادي أسقط هذه المحاولة الوحدوية الفاشلة التي جلبت كوارث فظيعة للشعب السوري.لإنها بنيت على أسس عنصرية شوفينية قومية عقائدية إقصائية وأخطاء جسيمة كثيرة.
إن فرحة الشعب السوري لم تدم طويلا بعد التخلص من الوحدة مع مصر حيث سيطر حزب البعث على السلطة بإنقلاب عسكري وفرض سلطة الحزب الواحد بعقيدته القومية الشوفينية في عام 1963في الثامن من آذار.كانت هذه بداية التأسيس للنظام الديكتاتوري المطلق ومن ثم كرس سلطة الفرد والقائد إلى الأبد في عهد حافظ الأسد الذي غدر برفاق دربه في الحزب وأنقض على السلطة بإنقلاب عسكري في عام  1970(الحركة التصحيحية) وزج برفاقه من رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وبقية أعضاء القيادة في السجون. وهذه هي المنظومة الأخلاقية والفكرية التي يحكم بها سوريا منذ ذلك التاريخ تحت شعارات البعث الشوفيني. إلا أن هذه الشعارات أستخدمت من قبل كافة مؤسسات الدولة وخاصة الأجهزة المخابراتية القمعية ,ووسائل الإعلام , والتوجيه التربوي في مختلف مستويات التعليم من الأبتدائي حتى الجامعي والنقابات العمالية والفلاحية لتصب فعاليات جميع هذه الأدوات الفكرية والدعائية والعملية  في خدمة تكريس عبادة الفرد والسلطة المطلقة وتأليه القائد.وبسبب هذا النهج الإستبدادي الذي تمارسه السلطة الحاكمة يعاني الشعب السوري الويلات الفظيعة منذ أكثر من نصف قرن من الزمن.سلطة قمعية صادرة كافة أنواع الحريات وحقوق الإنسان وفرضت قيودا صارمة على حرية التعبير عن الرأي الحر المستقل الذي لا يقبل المذلة والخنوع , والذي لا يريد أن يكون أداة إنتهازية وصولية في يد السلطة الحاكمة وخادما مطيعا لأوامر الأجهزة القمعية المخابراتية.والسلطة الديكتاتورية فرضت الهوية القومية العربية كأنتماء وحيد للشعب السوري على حساب مكون أصيل وصاحب البلد تاريخيا وثقافيا وحضاريا ألا وهو الشعب الآشوري السريان.
ومصر بعد إستلام العسكر السلطة عام 1952 لم يكن أفضل حالا من سوريا لأن ذات العقائد القومية الشوفينية الإقصائية حكمت البلد بقوة الحديد والنار وتم القضاء على الحياة السياسية وعلى كافة القوى الممثلة لمختلف التيارات الإيديولوجية. وتعرضت حقوق المواطن إلى إنتهاكات فظيعة في مختلف مجالات الحياة السياسية والأقتصادية والإجتماعية وحقوق الإنسان والتمييز بين مختلف شرائح المجتمع وخاصة سياسة التمييز ضد الأقباط المكون الأساسي الأصيل لشعب مصر والذي حافظ على الإرث الحضاري القديم لهذا البلد بدون الإنتقاص من المكونات الأخرى للمجتمع المصري.
الشعب السوري والمصري تحمل الكثير من المظالم اللاإنسانية بسبب السياسات القمعية التي مارستها السلطات الحاكمة في كلا البلدين. إلا أن الشعب المصري ثار في25 يناير2011 ضد نظام مبارك الذي كان أمتداد لسلطة السادات وجمال عبد الناصرالذي كانت في قيادة السلطة منذ 1952.وخلال فترة وجيزة من إنطلاق الثورة حزم الجيش أمره ووقف بجانب الشعب وأختار السير في طريق السلم الأهلي ووضع مصلحة الوطن فوق كل الأعتبارات السياسية والسلطوية وتم إقالة مبارك من منصبه. وجرت إنتخابات رئاسية في عام 2012 فاز فيها مرسي الأخواني مرشح القوى الإسلامية. ومنذ أن استلم الأخوان بقيادة حزب الحرية والعدالة دفت السلطة بالطرق الديمقراطية أنقلب هؤلاء على الديمقراطية ولم يراعوا القيم الديمقراطية التي أوصلتهم إلى سدة الحكم.بدأ الأخوان فرض السيطرة الأخوانية على كافة أجهزة الدولة ومنها القضاء وأجروا تغييرات هامة في هرم قيادة الجيش ومارسوا سياسة الإقصاء والتهميش وإصدار الإعلان الدستوري الذي يضمن الحكم الديكتاتوري للرئيس ويجعله فوق المسائلة القانونية مهما أرتكب من أخطاء أو جرائم بحق الوطن والشعب. ومنذ أن تم نصب مرسي كرئيس لجمهورية مصرفي 30 من يونيو 2012 فرض قيودا على الحريات العامة وأزداد التطرف وبدأ الهجوم المركزعلى  وسائل الإعلام الحرمن أجل إضعافه,ولجأوا إلى تدمير منهجي لمؤسسات الدولة بهدف السيطرة عليها كليا. وأصبحت الأوضاع الإقتصادية أكثر سوءا, ولم يستطع بناء شراكة وطنية حقيقية مع القوى الشعبية وقوى المعارضة الوطنية. وضرب مرسي وجماعة الأخوان المسلمين مبادىء الديمقراطية عرض الحائط والتي كانت الأداة التي أوصلتهم إلى السلطة.مرسي لم يستجب لنداء الشعب المصري ولا لمطالب حركة "التمرد" الشبابية لأجراء إنتخابات رئاسية مبكرة. ولا أستمع إلى تحذيرات الجيش والمهل المعطاة له للإستماع لمطالب الشعب والحوارالجدي مع جبهة الإنقاذ, لوضع الحلول للمشاكل التي تواجه مصر والتغلب على التحديات الداخلية والخارجية بإرادة وطنية موحدة لأن الوطن للجميع. حكم الأخوان كرس النهج الديكتاتوري في الحكم وكأنه لم يحدث أي شيء في مصر بعد ثورة 25 يناير التي أختطفوها من الثوريين الحقيقيين.ومارس أساليب الحكم الإستبدادي كنظام حزب البعث الواحد وحكم مبارك.وفي الثلاثين من يونيو خرج أكثر من ثلاثين مليون مصري إلى الشوارع والساحات في كافة أرجاء مصر ينادون بصوت واحد"إرحل"وعلى مدى ثلاثة أيام فكان للجيش الوطني المصري كلمة الفصل لصالح الشعب ووقف مع الشعب لتصحيح مسار ثورة 25 يناير.هذا التدخل من قبل الجيش وأن لم يندرج في إطار الفعل الديمقراطي المتعارف عليه فهو يندرج في كل الأحوال في إطار الشرعية الثورية, والديمقراطية تعني سلطة الشعب والإنصياع لمطالب الشعب يهدف إلى تحقيق الديمقراطية.لأن السلطة السياسية الحاكمة لم تراعي على مدى عام كامل أساليب الحكم الديمقراطي بل العكس صحيح دمرت كل القيم الديمقراطية. وكانت تتجه نحو الحكم بحسب شرائع تعيد مصر عهودا طويلة إلى الوراء من خلال الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي .عندما تدخل هذا الجيش لم ينحاز لفئة أوفرد لكي يحمي سلطته بل تدخل من أجل السلم الأهلي وأمن الوطن ومن أجل الشعب ,تدخل من أجل حقوق المواطنين في الحرية والعيش الكريم تدخل من أجل أحترام القيم الديمقراطية الحقيقية.خلال عامين تدخل الجيش المصري إلى جانب الشعب ولم يطلق رصاصة واحدة نحو صدور المتظاهرين السلميين من أجل قتلهم عمدا أو إرهابهم للتخلي عن مطالبهم.أن تدخل الجيش فرضته الضرورة الوطنية لحماية الثورة وتحقيق مطالب الجماهيرضد سياسة الأقصاء والتهميش والتطرف والإستيلاء على كافة مفاصل الدولة.هذا التدخل الجراحي للجيش لإستئصال هذا الورم الخبيث هذا الفكر المتعصب التدميري البعيد كل البعد عن كافة القيم الإنسانية ضرورة فرضته المصلحة الوطنية العليا لمصر وشعبها.
أن حركة"تمرد" الشبابية السلمية بهذا العمل الثوري قد نجحت بوضع حد للسير في النفق المظلم, وقد تكون بداية للرجوع قليلا بضع خطوات إلى الوراء وتقييم الأمور بمنطق علمي واقعي بعيدا عن التعصب والتشنجات السياسية والفردية.الزخم الثوري الذي تجلى في 30 يونيو بالعمل الدؤوب الذي قادته حركة"تمرد" يمكن أن يتحول إلى طاقة هائلة لترسيخ أسس بناء مجتمع قائم على قيم إنسانية بعيدة عن إستخدام العنف, ولكل فرد فيه الحق في الحياة الكريمة بدون تمييز بين المواطنين حسب إنتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية أو الإجتماعية.والعمل على بناء دولة تعتمد على قدراتها الذاتية, وترفض التدخل الخارجي وأملاءات الغرب وخاصة أمريكا,السيادة المصرية يجب أن تكتمل على القرار السياسي والإقتصادي من أجل بناء الدولة العصرية المتقدمة في ركب الحضارة الإنسانية.
الشعب السوري يتطلع بروح الإعجاب إلى مواقف الجيش المصري والذي أختارا الدفاع عن الوطن ومقدراته العسكرية وأنحاز لحماية الشعب من السلطة الإستبدادية.بينما يتطلع بروح الحزن والألم الشديد إلى الجيش السوري الذي كرس كل الأمكانات المادية والبشرية والسلاح لحماية حكم الإستبداد المتمثل في عائلة الأسد. هذا الجيش الذي قتل بهذا السلاح أكثر من مائة ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى ومثلهم من المفقودين وأكثر من ستة مليون مهجر في الداخل والخارج وتدمير المدن والبلدات والقلاع والمساجد والكنائس والقلاع والأثار القديمة وحرق المزارع والمحاصيل وأستخدام السلاح الكيمياوي وكافة أنواع الأسلحة الثقيلة. جيش أعلن حرب إبادة على الشعب السوري بدعم خارجي بالسلاح الروسي وبدعم خبراء وميليشيات إيرانية وحزب الله وميليشيات شيعية عراقية وغيرهم من المرتزقة من دول عديدة. يجري كل ذلك من أجل الحفاظ على سلطة الطاغية بشار الذي طالما أدعى الممانعة والمقاومة. وكما يبدو عما يجري على أرض الواقع هو الممناعة والمقاومة ضد الشعب السوري وليس ضد العدو الإسرائيلي الذي يحتل الجولان.كان الشعب السوري ينتظر من حماة الديار أن يكونوا فعلا حماة الديار وأن لا يرتكبوا المجازر مع شبيحة النظام والميليشيات الشيعية من خارج سوريا ضد أبناء الشعب السوري.وفي هذا الصدد نحي المواقف الشجاعة لكافة أبناء الجيش السوري الذين أنشقوا عن الجيش النظامي وكونوا الجيش السوري الحر من إجل حماية الشعب.
الإرث الحضاري المشترك للشعب السوري والمصري خلق إدراك عميق وروح تحد لمواجهة السياسات الإقصائية وإلغاء الوجود القومي لمكونات أصيلة من المجتمع  قسرا والتهميش من دور الشعب ومؤسساته المدافعة عن حقوق الإنسان, والأستهزاء بإراء الناس في صناعة القرارات السياسية المتعلقة بشأن الوطن ومصيره.
الشعب المصري ثار في 25 يناير 2011 م على الحكم الإستبدادي لمبارك, وكذك ثار في 30 يونيو على الحكم الإستبدادي للأخوان المسلمين ومرسي وكان للجيش المصري في هاذين الحدثين مواقف وطنية شجاعة أختارا الوقوف بجانب الشعب.واليوم بعد إنتصار الثورة, الإنتصار الحقيقي هوفي الاستمرار في طريق التضامن الإجتماعي والتكاتف ومواجهة مخاطر الثورة المضادة بإرادة صلبة موحدة, والسيرفي  عملية البناء والاستقراروالتقدم والتطور في مختلف مجالات الحياة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وحقوق المواطنة وصياغة دستور يتضمن كافة القيم الإنسانية ويحقق العدالة والمساواة بين كافة أبناء الشعب بدون تمييز على أسس دينية أو عرقية, دستور يكفل للجميع حرية التعبير عن الرأي الحربدون عقاب.
الشعب السوري ما زال ثائر في طريق الثورة منذ 15 آذار عام 2011  فهويخوض أقسى المعارك البطولية دفاعا عن الشعب ضد الهجمة الحربية الشرسة ومجازر الإبادة التي تنفذها سلطة الإحتلال بالتعاون مع حلفائها من القوى الغازية, وصمت مغزي من العالم أجمع.إنها ثورة مستمرة حتى تحقيق مطالب الشعب في الحرية والكرامة والديمقراطية من أجل بناء وطن يكون فيه الجميع متساون أمام القانون الذي يضمن الحقوق المتساوية للجميع بدون تمييزعنصري ديني أو قومي.
07-07-2013

89

مجازر إبادة المسيحيين في بلاد ما بين النهرين- الدم المسفوك- الجزء الثالث

د.جميل حنا
في هذه الأشهربدأً من شهر نيسان حتى بداية الخريف تحل الذكرى الثامنة والتسعون لإبادة المسيحيين بمختلف تسمياتهم الكنسية من السريان الأرثوذكس والكنيسة الكلدانية والسريان الكاثوليك والبرتستانت وكنيسة المشرق وكذلك أبناء الكنائس الأرمنية واليونانية وبشكل عام ضد كافة المسيحيين في السلطنة العثمانية وضد الشعوب غير التركية وغير المسلمة كالشعب الآشوري والأرمني واليوناني.مجازرعام 1915 كانت أمتدادا لمجازرعام 1895و1909 وما قبلها من المجازرالعديدة الأخرى التي نفذة خلال الحقبة العثمانية.كافة المجازر أرتكبت في عهد السلاطين المتشبعين بروح التطرف والتعصب الديني على أنهم ورثة الخلافة الاسلامية ومنهم السلطان عبد الحميد.إلا أن المجزرة الكبرى التي أرتكبت عام1915,والتي نفذة بالتخطيط والتنظيم من قبل الليبراليين الأتراك الجدد بقيادة حزب الاتحاد والترقي الذي رفع شعارات(الحرية,والعدالة,والمساواة)التامة بين جميع مواطني الأمبراطورية العثمانية.ولكن جرائمهم بإرتكاب أفظع المجازر فاقت كل المجازر التي أرتكبت على يد السلاطين من قبل وكان عهدهم من أكثر العهود الظلامية والمأساوية التي مر بها المسيحيون.ومنذ ذلك الحين حتى يومنا هذا لم يتبدل بشكل جوهري حال المسيحيين في الدولة التركية.وهم من أتهموا السلطان عبد الحميد بتحمل مسؤولية أرتكاب المذابح التي حدثت في عهده.وكافة الشعارات والمواقف السياسية التي طرحوها ببدأ عهد جديد من الأخوة بينهم وبين شعوب الأمبراطورية سرعان ما برهنوا على زيف إدعاءاتهم الباطلة بما أقترفوه من جرائم بشعة ضد المواطنين المسيحيين المسالمين.
ما أرتكبه العثمانيين الأتراك من ممارسات جهنمية همجية وجرائم بربرية تقشعر لها الأبدان ويندى لها الجبين لم يسبق لها مثيل في التاريخ من قبل.العارلا يزول إلا بالإعتراف بتلك المجازرألتي أقترفته أياديهم الملطخة بدماء الأبرياء من الناس والأعتراف بكيان الشعب الآشوري كمكون أصيل من المجتمع التركي لأنه صاحب حضارة عريقة تمتد إلى آلاف السنين قبل الميلاد.وكان تواجده على أجزاء كبيرة من تركيا الحالية ثابتا عبر التاريخ وهو ما زال يحتفظ بوجوده القليل بالرغم من كل المجازر الوحشية ألتي ارتكبت بحقه.ستبقى جرائم الإبادة العرقية الجماعية التي نفذة في تلك الفترة بحق الشعوب غير التركية والغير مسلمة وصمة عار على جبين كل من أقترفها ومن يتنكر لحدوثها وعدم الإعتراف بها.وهوعارعلى جبين الإنسانية والمجتمع البشري الصامت على مأساة تلك المجازرالرهيبة والتي مازالت جراحها عميقة في وجدان أبناء وأحفاد من أرتكبت بحقهم تلك المجازر الرهيبة.والمسيحيون جميعا وخاصة في بلدان الشرق الآوسط لا يزالون يعانون من هذه الآلام الفظيعة حتى وقتنا الحاضر. لأن الكارثة كانت بحجم هائل كادت أن تقرض شعوبا بأكملها من الوجود في هذه المنطقة وأن واقع الحال للمسيحيين ليس على ما يرام حتى في الوقت الحاضر.إن تحقيق العدالة مطلب شرعي يجب أن ينال أصحاب الحق من المسيحيين حقهم على مختلف إنتماءاتهم القومية والكنسية.العدالة حق سماوي شرعته حتى العبادات الوثنية في مختلف الحضارات الإنسانية,وأكدت عليه الأديان التي تؤمن بالله الواحد.وأصبح مبدأ العدالة ركنا أساسيا في حياة البشروالمجتمعات والدول,ولذا نادى به الجميع على مختلف الأعراق والأديان والثقافات المتنوعة في الكون.وأنشأ من أجل تحقيق العدالة المؤسسات المحلية والوطنية والعالمية لكي تحكم بالعدل بين الأفراد والشعوب والدول.وخصصت لها أموال طائلة لكي تقوم بواجبها الإنساني وتضع حد لكل الممارسات والمخالفات الخاطئة والاجرامية والجرائم التي ترتكب بحق الأفراد والشعوب.هذه المؤسسات التي يقع على عاتقها  المسؤولية القانونية والإنسانية أن تحكم بالعدل بين الأطراف المتنازعة وأن ينال كل جزاءه حسب أفعاله وأن يعطى الحق لمن هدرة حقوقه وأرتكبت ضده المجازر على أسس عرقية ودينية وطائفية. ولكن شتان بين القول وتبني فكرة العدل في كل العالم وبين التطبيق الفعلي لهذا المبدأ الإنساني.وتسحق العدالة من قبل المؤسسات العالمية والوطنية بدل أن تكون هي الحريصة على تطبيق العدالة.بل تستخدم فكرة العدالة والحق كأداة في يد الأقوياء عالميا وقطريا ومحليا والسلطات الحاكمة لفرض هيمنتها على الآخرين.
وبعد هذه المقدمة الطويلة شيء ما أعود إلى صاحب المؤلف (الدم المسفوك)المرحوم عبد المسيح قره باشي الذي كان شاهد عيان لجزء من تلك المجازر الرهيبة ألتي أرتكبها الجزارون من بني عثمان بالتحالف مع الغالبية الساحقة من العشائر الكردية المتحالفة مع العثمانيين.
وهنا نذكر بعض مما ورد في الكتاب من أحداث أليمةحيث يتطرق المؤلف إلى عمليات القتل والاضطهاد والتهجير والضيقات المريرة التي ألمت بمدينة دياربكر والقرى المسيحية حولها عام 1915.قره باش القرية التي ينحدر منها مؤلف الكتاب يقول الكاتب (في العشرين من شهر نيسان سنة 1915,حضر يحي بن ياسين آغا آمدي وصدقي برنجي قائد الخمسين في الجيش يتبعهما خمسون جنديا من فرقة الخمسين وطوقوا قره باش ثم دخل خمسة جنود مع المختار وفتشوا القرية بيتا بيتا وجمعوا كل ما رأوا من سلاح كالسيوف والرماح والخناجر والمعاصم والخوذ والبندقيات فجلبوها ووضعوها أمام قائد الخمسين وجيشه.فرح الطغاة وتأكدوا ان سرقة ونهب هذه القرية بات سهلا وصولا إلى غاياتهم الشريرة بقتل أهلها ونهب ممتلكاتهم ومقتنياتهم.وأعلموا الأكراد في القرى المجاورة سرا ان قره باش خالية ومفرغة من السلاح وليس فيها سكين.وبدأوا إجرامهم بالقاء القبض على عشرين رجلا أوثقوهم وساقوهم الى ديار بكر ,ومن ثم بعد خمسة أيام أخرجوهم خارج المدينة على مسيرة سبع ساعات بلغوا أبواب قرية (شرابي)على ضفة نهر الدجلة هناك أوقفوهم وخالعوا ثيابهم وعروهم وقتلوهم جميعا.وبعد يومين أي في الثاني والعشرين من شهر نيسان عام 1915,عادت تلك القوات مرة أخرى الى القرية وقبضوا على الرجال والشيوخ...وانقض عليهم الاكراد كالذئاب الكاسرين موصدين البوابات والطرقات ومخارج البيوت ...وطفقوا يذبحونهم كالنعاج ولم ينج إلا قليلون وهم الذين هربوا تحت جنح الظلام غير مبالين.)ويسرد الكاتب العديد من المرائرالأليمة التي حدثت عندما دخل الأكراد قرية قره باش وما فعلوه بحق النساء والاطفال.
هذا النوع من الأعمال البربرية أستخدمها المجرومون في غالبية هجماتهم على القرى والبلدات المسيحية.حيث كانت قوات جيش الخمسين المدججة بالسلاح تحاصرهم ومن ثم تستدعي وجهاء القوم ويدخلون مع مجموعة من العسكر ويفتشون القرية بيتا بيتا ويجمعون كل آلة حادة كالسكاكين والخناجروغيرها من الأسلحة أن وجدت.وحتى بعد ذلك كانوا يطالبون بمزيد من السلاح الذي لم يكن بالأصل موجودا إلا في مخيلة المجرمين لأن هذا الشعب المسالم لم يرفع السلاح بوجه أحداُ.( يا سادتنا...ها نحن جلبنا لكم ماعندنا  ولم يبقى لدينا شيء,فأجابهم الضباط...لا بل لديكم خوذات وبنادق ومدافع وسواها...اجلبوها الى هنا...وإلا فسوف تقتلون. ومن ثم يقبضون على مجموعة من الرجال ليوثقوهم ويربطوهم ويعذبوهم, ويتم قتل البعض ويساق الأخرون إلى ديار بكر يجمعونهم في (مسافرخانة)أي خان المسافرين.وهناك يتم تعذيبهم لبضعة أيام ومن ثم يخرجونهم من المدينة ويسيرون بهم ساعات طويلة مشيا وهم جائعون ومجروحون ومنهكون.وعند بلوغهم أماكن معينة كانوا يعروهم من كافة ملابسهم ويقتلوهم بأبشع الطرق البربرية.وفي أحيان أخرى كانوا يسوقون أهل القرى صغارا وكبارا نساء وأطفالا خارج قراهم وبعد مسيرة طويلة كان يتم خلهم ملابسهم ويبقى الجميع عراة ومن ثم يبدأون بأرتكاب الفاحشات والتعذيب والقتل باالخناجر والسيوف والمناجل والفؤوس والرصاص ويتركون في تلك الوديان او على جوانب الطرقات أو يرمون في الأبار أوالأنهاروالوديان.بعد أن يتم أفراغ القرى من الرجال تقوم العشائر الكردية بالهجوم على هذه القرى يقتلون وينهبون ويخطفون ويمارسون افعال مغزية وتنتهك أعراض النساء والسبي(أواه من المصائب المريرة والضيقات الأليمة والظلم الذي لا يوصف,وأنت ترى هؤلاء يخطفون الأطفال من أحضان أمهاتهم ويمزجون دمائهم بالحليب, والأمهات تنتهك أعراضهن عن مرأى الكل وليس من يمنع أو يردع,...)
هذه بعض الأمور التي تمت بأختصار شديد في القرى والبلدات المحيطة بديار بكر مثل قرية قره باش,الكعبية,قرطبل,جاروخية,سعدية برافة,هوارجي,اميد,جمه هوار,سيلة,قرطة,ديربشور,مقسي أوغلو,زورافا,هواردحلة.هوار خاصه,بجه جيك,بوزبينار,كوشك,عباسه,جرنق...
قتل المسيحيين والاضطهادات التي أصابت قرى منطقة ماردين عام 1914.
يقول الكاتب(ما أكتبه هنا ليس إلا نقطة صغيرة من بحر الدم الذي سفك في قرى المسيحيين,لأن الشرور والسيئات التي اقترفها البرابرة ليس بإمكان قلم ودواة(محبرة)ان تعبر عنها.وكذلك لا تسعها مجلدات ضخمة من الكتب والمنشورات.لكنني سأذكر القليل جدا من الكثير الذي أصاب المسيحيين في هذه القرى وذلك للعبرة والتاريخ والذاكرة)
ديرالزعفران:(ديرالزعفران أو ديرمارحنانيا,يقع شرق ماردين مسافة ثمانية كيلومترات.كان يقيم في هذا الديرأثناء الحرب الشرسة التي ضربت المسيحيين آلاف الرجال والنساء والأطفال المشردين والهاربين,الذين نجوا من القرى المسيحية التي تحيط بهذا الدير وهي :قلعتمرا, المنصورية,بنابيل,بكيرة وسواها مع رهبان دير السيدة العذراء...ودير ماريعقوب السروجي القريبن من دير الزعفران في قلب الهضبة المطلة على الدير... سكان الدير والمقيمون فيه واللاجئون إليه كانوا ينتظرون في أية ساعة سيهجم عليهم الأكراد ويقتلونهم.وفي الرابع من تموز صباح يوم الأثنين 1914 هجم البرابرة على الدير وطوقوه...كان المؤلف بين المقيمين في الدير). لم تنجوا أي قرية من هجمات المجرمين الذين أرتكبوا فيها أفظع الجرائم من النهب والسلب والقتل والسبي كما حصل في بنابيل, ودارا,معصرته,بافاوا,بكيرة,منصورية, القصور,قلث,ارزون.ديرمارآحو في ارزون(لما ثار الاضطهاد على المسيحيين.هرب رهبان دير ما آحو وهم: الراهب يعقوب الحبسناسي واالراهب جبرائيل البشيري.وكاهن الرعية مع سائر المؤمنين الذين لجأوا لإلى الطاغية " جميل جتو" الذي استقبلهم ووعد أن يحافظ عليهم.لكنه نكث بوعده عندما اضطر من البرابرة ان يسلمهم إياهم مدعيا انه يحفظ حياته إذا سلمهم وغلا سيموت معهم.لذا تآمر مع هؤلاء الوحوش وأخذ يختار اثنين اثنين من كل قرية والكهنة الثلاثة فسلمهم إياهم ليقتلوهم.هؤلاء الكهنة الرهبان والقس,عندما علموا انهم ذاهبون إلى الموت كانوا فرحين في سيرهم ولم تتوقف أفولههم وألسنتهم من التسبيح والشكر لله الذي أهلهم للشهادة المقدسة وهم يصلون ويتلون المزامير.وجاء دور الشعب ليموت الكل.فساقوهم كالنعاج والخراف إلى المجازرالوحشية.واحد من هذا الشعب ضعف أمام التجربة فأعلن إسلامه لكنهم لميرحموه بل قتلوه أولاً.وهكذا قضوا على كل مسيحيي منطقة ارزون ولم يعد إليها مسيحي منذ ذلك اليوم.)ويا لها من صورة قاتمة يعيشها شرقنا المظلم! للموضوع تتمه.
25.06.2013



 
                                                                     


90
سوريا والغزاة الجدد     
                             

الدكتور جميل حنا

الشعب السوري مستمر في ثورته التي أشعل شرارتها الأولى قبل عامين وما يقارب  من ثلاثة أشهر تقريبا.بالرغم من كل التضحيات الجسيمة التي قدمها خلال هذه الفترة المأساوية الصعبة في تاريخه الطويل. حيث سقط ما يقارب من مائة ألف قتيل ومائتي ألف مفقود وأكثر من خمسة ملايين مهجرفي الداخل والخارج,وتم تدمير أكثر من خمسين بالمئة من البنية التحتية للبلد.وذلك نتيجة الأعمال البربرية التي تنفذها السلطة المستبدة ضد الشعب والوطن.
خرج الشعب السوري قبل عامين ونيف في تظاهرات سلمية في المدن السورية تطالب السلطات الحاكمة بإجراء إصلاحات حقيقية وبدون مراوغة.حيث أظهرة الجماهير المنتفضة حرصها الشديد على سلامة الوطن والمواطنين.ألا أن سلطة الاستبداد المتمترسة خلف عقيدة البطش والعنف والإرهاب,واجهت المطالب المحقة للجماهيرلا بروح السلطة المسؤولة والحريصة على أمن المواطن والوطن.بل كان سلوكها عدوانيا ومورس القمع الدموي بحق المتظاهرين سلميا بينما هذه السلطات ذاتها تدعي بأنها تحكم بإسم الشعب وحريصة على أمن المواطن والوطن.وبالتأكيد هذا الكلام لا يتفق مع معانات الشعب السوري على أرض الواقع.
ومنذ الأيام الأولى لأندلاع الثورة السورية أكدنا على(ان الاستجابة لمطالب الجماهير المتظاهرة سلميا هي ضرورة وطنية,ويجنب الجميع خسائر جسيمة وأولها التصدع في الوحدة الوطنية. ...ويدفع بالأمور نحو الأنزلاق إلى منعطفات خطيرة وأليمة على الجميع ويكون الخاسر الأكبر فيها الشعب والوطن).من مقالة بعنون(النظام السوري أمام استحقاقات الإصلاح أم التغيير,23-03-2011).
عاشت سوريا عبر تاريخها الطويل مراحل صعبة ومأساوية في بالغ الخطورة هدد استمرار وجودها ككيان دولة مستقلة,وذلك بسبب الغزوات الخارجية الكثيرة منذ العصور القديمة.كانت كافة الغزوات تهزم أمام إرادة كفاح الشعب السوري وتضحياته وبطولاته والتفاني من أجل الوطن.بالرغم من خسارته لأجزاء عزيزة من وطنه بسبب المؤامرات الاستعمارية وتواطيء بعض مراكز السلطة في البلد مع هذه  المخططات ومنها احتلال هضبة الجولان وضمها الى اسرائيل. ومن قبله سلب لواء اسكندرون وغيرها من المناطق الشاسعة وضمها إلى الدولة التركية بمؤامرة استعمارية.
ولكن أشرس غزوة تتعرض لها سوريا في تاريخها الطويل هي غزوة سلطات الاستبداد التي تحكم سوريا بقوة الحديد والنار بالتعاون مع الحرس الإسلامي الإيراني وميليشيات حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية التي غزة أجزاء من أرض سوريا الحبيبة.هذه القوى التي كان من المفترض عليها إتخاذ موقف أخلاقي مشرف يفرض عليها الوقوف إلى جانب الشعب السوري على ماقدمه لهم من مساعدات وتضامن أخوي لمئات الآلاف من العراقيين الهاربين من هول الحروب الخارجية واالداخلية في العراق بدون التمييز بين أبناء هذه الطائفة او تلك وبين أبناء الأديان والقوميات العراقية المختلفة.اليوم نجد قسم من هؤلاء يدخلون إلى سوريا وهم يمارس ويرتكبون أفظع الجرائم بحق المواطنين السوريين,يقتلون الأطفال والنساء بحجة الدفاع عن المزارات الشيعية.أن العصابات الغازية الخارجية التي تقاتل إلى جانب القوات الأسدية, تقتل أبناء الشعب السوري على خلفية طائفية, وهي من أقذر الممارسات الإجرامية التي يمكن أن يرتكبها الإنسان بحق إنسان آخرعلى خلفية إنتماءه الديني أو الطائفي أو القومي أو السياسي.
حزب الله يحتفل بدخوله إلى مدينة القصير ويعتقد بأنه حقق النصر الآلهي بعد أن دمر المدينة كليا على مدى ثلاثة أسابيع متواصلة من القصف الجوي والصاروخي والمدفعي.يحتفل على أشلاء أجساد أطفال سوريا ونسائها كأنما حررا الجولان من العدو الاسرائيلي او كما دخل حيفا ويافا والقدس.يا له من عار أبناء القصيروكافة المناطق المجاورة للحدود اللبنانية كانوا قد استقبلوا شيعة حزب الله في بيوتهم وقدموا لهم الطعام والمسكن ووقفوا بجانبهم إبان حرب تموز2006 الذي شنته إسرائيل على لبنان.هل هكذا يرد المعروف والحسنة والكرم والتضامن والأمان والأستقبال والأخوة بالغدر والخيانة والقتل والتدمير.هذا ليس غريبا على هذا الحزب الذي حول لبنان إلى جزء من ولاية الفقيه,وجعل من حلفائه السياسيين أقزام خنوعين مذلين ذميين لا حول ولا قوة لهم سوى التمجيد لسيدهم, وتم ألغاء أي دور مؤثر لكافة مكونات المجتمع اللبناني.
وبكل أسف وألم شديد أكدت سابقا بإن أكبر التحديات أمام المعارضة السورية والشعب بإلا ينجح الطاغية تحويل ثورة الشعب السوري المحق في مطالبه بالحرية والكرامة والديمقراطية إلى حرب أهلية وطائفية يهدد كيان الوطن والوحدة الإجتماعية لأبناء سوريا.(والتحدي الأكبرهو كيفية كبح جماح النظام في أستخدام العنف بكل أنواعه ضد المتظاهرين سلميا والمعارضين, وإيقاف القتل والأغتيال وزج الأحرار في السجون,حتى تحقيق إسقاط النظام. وبدون أن يستطيع النظام إلى إدخال البلاد في حالة حرب أهلية والفتنة الطائفية والتدخل الخارجي).من مقالتي بعنوان (المعارضات السورية أمام مفترق الطرق بتاريخ 14-10-2011).نعم لقد تحول البلد إلى ساحة دخلها أجناس بشرية من كل حدب وصوب, والشعب السوري يتحمل كافة المآسي جراء هذه التدخلات.
سلطات الاستبداد جلبت عشرات الآلاف من المرتزقة الأجانب لمحاربة  وقتل الشعب السوري بعد أن عجزت القوات الأسدية في مواجهة الجيش السوري الحر وإرادة الصمود لدى المدافعين عن كرامة المواطن. ولذلك أستعان بالقوى الخارجية لكي تمده بالرجال وبكافة أنواع الأسلحة الفتاكة التي تدمر البلد بكل همجية لا يمكن أن يتصورها أي إنسان يملك قليل من الحس الإنساني.الشعب السوري والجيش السوري الحر يخوض معارك بطولية ضد الغزاة الخارجيين المحتلين لأجزاء من الوطن الغالي الذين أنتهكوا حرمة الأراضي السورية.ومن جانب آخريسطر الجيش السوري الحر ملاحم بطولية بإمكاناته المتواضعة ومما يتوفر له من سلاح خفيف ومتوسط في مواجهة أعتى أنواع الأسلحة الفتاكة التي يزود بها المرتزقة والشبيحة والقوات الأسدية.ولكن إرادة التحدي والصمود والدفاع عن الحق المشروع لهذا الشعب يجعل هؤلاء الثوار أن يدكوا معاقل سلطة الاستبداد في كل بقعة من أرض الوطن لإنهاء مأساة الشعب السوري.فهم يخوضون حرب الاستقلال والدفاع عن أرض الوطن ضد المرتزقة.ومن أجل تحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية وبناء الدولة القائمة على أسس حضارية, لا تميز بين أبنائها حسب إنتماءهم الديني أو المذهبي أو القومي أو السياسي.الشعب السوري يحارب الطاغية والغزاة سويا.سيرحل كل الغزاة عاجلا أم آجلا, تحت أي ذريعة دخلوا بها في  الأراضي السورية,سينهزمون كما أنهزم من قبلهم غزاة كثر.لأن النصر دائما وأبدا هو للشعوب صاحبة الحق مهما طال الظلم والعبودية والقتل والتدمير,ستنتصر مبادىء الحرية والاستقلال والكرامة والعدل والمساواة.
ثورة الشعب السوري كشفت حقائق ثابته لكل من يملك قدر من التفكير الحر والمستقل وبغض النظر أن كان مؤيد لهذا الطرف أو ذاك.
زيف إدعاءات الصمود والتصدي,المقاومة والممناعة إذ أكدت أحداث العامين الماضيين من الثورة السورية التحالف السري بين نظام الاستبداد في دمشق وبين إسرائيل. وهذا ما كان واضحا للكثيرين حيث أمن هذا النظام حماية أمن أسرائيل من الجبهة السورية على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن. وحيث تم ربط بين الأمن والأستقرار في سوريا بالأمن والأستقرار في إسرائيل.
حزب الله الذي سحب ميليشياته من جنوب لبنان للأنخراط في قتل الشعب السوري,لم يكن يحدث هذا إلا نتيجة تفاهمات سرية مباشرة أو غير مباشرة بين إسرائيل وحزب الله .حيث تتعهد إسرائيل بعدم القيام بأي عمل عسكري في لبنان لكي ينجز حزب الله مهامه القتالية على أتم وجه في سوريا والحفاظ على سلطة بشار الأسد وقتل أطفال ونساء الشعب السوري وتدمير البنية التحتية من أجل الحفاظ على المزارات الشيعية.وهذا يصب في خدمة إسرائيل كما سيكون نصرا أيضا لحزب الله أن تم إنقاذ بشار الأسد من السقوط.حزب الله وغيره من القوى الأخرى الداعمة للسلطة الأسدية تنفذ المشروع الأسرائيلي الصهيوني بتقسيم الأوطان على أسس طائفية وزرع الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد وبين الدول المجاورة. وهي تكرس حالة مقيتة ألا وهي حرب الطوائف والأديان في المنطقة خدمة لأهداف الفرس.
أن التدخل من قبل حزب الله وضح مدى تعمق الفكر الطائفي لدى هذا الحزب وهذا ينعكس من خلال كل عمله السياسي والعسكري على الساحة البنانية والسورية وفي بقاع أخرى من العالم تنفيذا لآوامر ولاية الفقيه.
وهذا التدخل كرس حالة الإنقسام الشديد بين أبناء الوطن الواحد ويعيد شعوب المنطقة إلى الحروب الطائفية بين الشيعة والسنة إلى ما قبل ألف وأربعمائة عام وبين أتباع مختلف الأديان.
هذا التدخل قدم خدمة جبارة لأسرائيل, كسر التحالف والتعاون والتضامن الذي كان قائما بين الشعب السوري وبين هذا الحزب والتضامن الأخوي بين الشعب العراقي والسوري.ومن ثم إضعاف ما يسمى المقاومة بتكبدها خسائر فاضحة على الأرض السورية مما سينعكس سلبا على دورها المقاوم الذي تدعية. ولن يستطيع  هذا الحزب القيام بإي عمل عسكري ضد إسرائيل  مهما حرضته على ذلك في المدى المنظور.وهذا ما يجعل إسرائيل تتابع سيرها نحو التقدم في كافة مجالات الحياة.
التدخل من قبل أيران وحزب الله والميليشيات الشيعية العراقية في سوريا لا يخيف ولا يقلق إسرائيل وأن دل هذا على شيء ما إنما يدل على التحالف السري أو أقله إطمئنان إسرائيل على أمنها بأن هؤلاء جميعا لن يقوموا بإزالة أسرائيل كما يأتي في تصريحات القادة الإيرانيين.لو كانت إسرائيل تتخوف على مستقبلها وكذلك لو تخوف الغرب وخاصة أمريكا على إسرائيل لما تركت الحلف الشيعي يقوى أو الهلال الشيعي الذي يمتد من أيران والعراق وسوريا ولبنان.والذي يحيط بإسرائيل من كل الجهات هل يعقل أن تدع إسرائيل وأمريكا أن ينجح هذا المشروع أي مشروع ولاية الفقيه والتحكم بمنطقة الشرق الأوسط كخطوة آولية,ومن ثم الأنطلاق نحو العالم أجمع. إذا كان هذا يشكل خطرا على وجود اسرائيل أليس من المنطقي وخاصة في هذه الظروف أن تقوم اسرائيل وأمريكا والغرب بتسليح ودعم المعارضة السورية من أجل أسقاط هذا الحلف عبر أسقاط بشار الأسد من السلطة.
ثورة الشعب السوري تقف يتيمة في مواجهة قوى عديدة كما ذكر,ولكن الشعب السوري لا أصدقاء حقيقيين له على الساحة الدولية.لقد حرم الشعب السوري من كافة وسائل الدفاع الجدية عن نفسه, بالدرجة الأولى ممن يدعون أنهم أشقاء الشعب السوري.ولم يمنح هذا الشعب إلا حفنة من النقود للأستمرار في القتال من أجل أن يموتوا وأن لا يحققوا أي نصر على النظام. ولم يسمعوا إلا تصاريح نارية وجعجعات كلامية فارغة, أستخدمت هذه التصاريح من قبل السلطة الأسدية وحلفائه لقتل المزيد من أبناء الشعب السوري ومن أجل الأستخدام الأعنف من كافة أنواع الأسلحة بما فيها الكيمياوي ومزيد من التدميرلسوريا.
الخلافات بين الدول الذين يدعون بأنهم أصديقاء الشعب السوري وأشقائه ترك أثرا مدمرا على الشعب السوري وذلك بسبب التناقض بين أهدافهم السياسية وأستراتيجياتهم لمسقبل المنطقة ومن أجل تحقيق أهدافهم ومصالحهم الأنانية على حساب حياة الشعب السوري من خلال بعض المجموعات الموالية لهذا الطرف أو ذاك سواء منها السياسية أو العسكرية العاملة في الساحة السورية.
الثورة السورية كشفت وبشكل قاطع مدى إرتباط الأنظمة العربية وتركيا باالقرارالصهيوني الصادرعبرالإدارة الأمريكية وعدم الأستقلالية والخضوع التام بما تمليه السياسة الأمريكية بدون إستثناء مهما أطلقت على نفسها هذه الدول من أوصاف,الصمود والتصدي والممانعة والمقاومة والملكيات والمشايخ والجمهوريات.أن تسليح المعارضة أو تقديم أي دعم فعلي يغير من موازين القوى على الأرض لصالح الشعب السوري لن يأتي إلا بقرار خارجي من إسرائيل عندما يحين الوقت المناسب لذلك.
ولا بد من القول بأن الشعب السوري قام بثورة حقيقية حتى ولو لم تحقق أهدافها حتى الآن. وهذا ما يزعج الكثيرين في العالم بأن ينتفض الشعب السوري من تحت نير الاستبداد والطغيان ويواجه أعتى أنواع الأسلحة بوسائل بسيطة جدا وفي البدايات بصدور عارية.أن التحول الديمقراطي العلماني وبناء دولة المؤسسات والدستور العادل الذي يقر بمساواة أبناء الوطن بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية أو القومية أو الطائفية, دستور يقر الأعتراف بالهوية الإثنية للآشوريين السريان والكرد واليزيديين والأرمن وبقية المكونات إلى جانب العرب لا يرضي من يقفون في وجه حقوق الشعوب من دول وقوى سياسية قومية ودينية شوفينية.
العالم يتقدم في كافة مجالات الحياة نحو الرقي والتقدم وتحقيق المزيد من الحرية وحقوق الإنسان والمساواة والرفاهية.وكذلك إبداعات فكرية علمية وأختراعات تخدم البشرية, وإنتاج أدوية جديدة للتخفيف من معانات البشر وآلامهم. وإبداعات ثقافية أدبية تسمو فيه الروح الإنسانية المسالمة المتسامحة المحبة.بينما تعيش بلدان الشرق وغيرها من الدول الأسيوية والأفريقية في الظلمات حيث هناك فكر ينتج ثقافة الموت والشروروالإرهاب والقتل والطائفية والصراع الديني والتعصب بكافة أشكاله.أعمال أجرامية وممارسة العنف و الطغيان, وسلطة تقام بحد السيف المسلط على الرقاب وأنظمة الاستبداد والقتل, ومنظمات إرهابية تفتخر بجز الأعناق.يا له من هول فظيع تعيشها هذه الشعوب المغلوبة على أمرها في عالم يخيم عليه الجهل وينعدم لدية منطق التفكير وتغيب عنه معرفة الحق والحقيقة. ويتيه في عالم الجهل والشرور.



91
إرهاب الأنظمة المستبدة أم إرهاب المنظمات الإرهابية !

الدكتور جميل حنا
ما زلنا آسرى الخوف الممنهج الذي طبق علينا من قبل سلطات الإرهاب والعنف والأكراه.بدون أن نتجرأ على قول الحقيقة وأن نسمي الأشياء بمسمياتها خوفا من العقاب الشديد حتى الموت.ومن تجرأعلى قول الحقيقة بحق أنظمة الطغيان وتوصيفها كما هي على حقيقتها تعرض ذاك الإنسان إلى أقسى العقوبات حتى إنهاء حياته.كل فعل إرهابي يرتكب هو مدان بكل المعايير السماوية والإنسانية وحسب القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية.كل إنسان حر يملك مثقال ذرة من الأخلاق والقيم الروحية والإنسانية والضمير والحس الإنساني عليه أن يدين وبكل جرأة كل فعل إرهابي إجرامي يقتل الأبرياء من الناس سواء كان هذا الفعل الإرهابي الاجرامي يأتي من قبل الأنظمة الحاكمة او السلطات المستبدة أو المجموعات والمنظمات أوالأفراد الذين يمارسون العمل الإرهابي.لأن الإرهاب هو عمل مخالف لكل القيم الإنسانية والسماوية من أي جهة أتى.وتعريف الإرهاب واضح في الكثيرمن المواثيق والمعاهدات الدولية في مختلف مجالات الحياة ولكن هذه المفاهيم الواضحة تتعرض إلى التشويه من قبل من لا يلتزم بها. كما يرد مفهوم الإرهاب في دساتير الكثير من بلدان العالم حيث توضح مفهوم الإرهاب والتي تفسره بأشكال مختلفة ومتناقضة تتماشى مع مصالح هذه البلدان وعقائدها الدينية والسياسية والثقافية.وأحيانا أخرى يتم الخلط  عمدا بين مفهوم التحرروالاستقلال والتخلص من كافة أنواع الإستعمار,وبين حق الشعوب في الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية, وبناء الدولة العصرية التي تؤمن بحقوق كافة المواطنين على مختلف عقائدهم الدينية والسياسية وإنتمائهم القومي على أساس دستور وطني لا يفرق, بل يحقق المساواة بين كافة المواطنين.في هذه العجالة سأتطرق  إلى الإرهاب كعمل إجرامي مدان من قبل الناس لأنه فعل كارثي يجلب الدمار والقتل والفتنة  والإقتتال الديني والمذهبي والقومي فهو يدمر كيان المجتمع ويقف عائقا أمام التطور والسلم الأهلي والأمن والأستقرار.وكل أبناء الوطن خاسرون ويدفعون ثمنا باهظا نتيجة العمل الإرهابي,بغض النظر من هو الطرف الذي يمارس هذا الإرهاب.والإرهاب يطال الجميع لايستثي احدا من المكونات الإجتماعية وبشكل عام هوضد الأبرياء من الناس العاديين بغض النظرعن إنتماءاتهم الدينية والعرقية.إن ضحايا الإرهاب حتى الآن كان غلبيتهم من الناس العاديين.وفي بعض الحالات يكون العمل الإرهاب أو الفعل الاجرامي موجه بحق بعض الفئات الإجتماعية أو احدى المكونات الإثنية أو الدينية أوالمذهبية وهذا  يكون ربما أكثر كارثيا وتدميريا لكيان الوطن وبشكل عام الفعل الإرهابي هو ضد الإنسانية جمعاء, ومحاربة الإرهاب على مختلف أشكاله عمل إنساني وواجب يقع على عاتق كل إنسان يؤمن بقيم التعايش السلمي والعيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد و بين مختلف أبناء الجنس البشري ويؤمن بالقيم السماوية.
الإرهاب هو أحد الوسائل المستخدمة من قبل الأنظمة لفرض سيطرتها على مقاليد الحكم والاستمرارفي قيادة البلد لمصلحة فئة قليلة تملك القوة العسكرية والسياسية والمالية وأجهزة المخابرات التي تصفي نفسيا أو جسديا لكل معارض لهذه السلطة  وتزرع الرعب بين الناس لصالح الفئات الحاكمة ومن أجل أن تحصل هي على مكاسب شخصية وتكون فوق القوانين.والإرهاب الذي يمارس من قبل منظمات إرهابية أو أفراد أو مجموعات من البشرلتحقيق أهداف محددة تؤمن بها هذه التشيكلات.فهي تمارس العنف بأبشع أشكاله ضد كل من لا يقبل أفكارهم ولذا هم يلجأون إلى العمل الإرهابي بهدف فرض شرائعهم الخاصة وأرائهم ومعتقداتهم الدينية والسياسية والإثنية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية وأسلوب العيش وأخضاع كل الناس على أختلاف إنتماءاتهم لشرائعهم العقائدية بالأكراه..
إن ظاهرة الإرهاب لها إتجاهات فكرية وعقائدية متنوعة منه ما هو مرتبط بحالة آنية وواقع محدد لتحقيق أهداف مجموعة ما بوسائل العنف والإكراه.أوما هو دائم مرتبط بجذور ومنشأ تلك العقائد لتحويل العالم أجمع إلى ما هم عليه ولا ترى هذه المجموعات إن ما تقوم به
إرهابا بل عمل يهدف إلى خدمة الله ويفتح لهم أبواب اللجنة المزعوم كما يعتقدون.وطبعا.هذا لا يتفق مع طبيعة الله الحقيقي بل ينسجم مع طبيعة الشيطان إله الشر والعنف والقتل.
أنظمة الطغيان تمارس الإرهاب والقتل بأسم القوانين التي شرعتها وهو الدفاع عن أمن الوطن والمواطن وبالحقيقية هي تمارس هذا العنف اللامحدود للدفاع عن سلطتها اللاشرعية.
إن تجفيف منابع الإرهاب يأتي من خلال إزالة وأغلاق المصادر الرئيسية للإرهاب وفضح حقيقتها ومنبعها في وسائل الأعلام العالمي والمحلي وليس فقط محاربة الظاهرة الإرهابية التي هي نتاج عقائدي ديني وسياسي وقومي فاشي.وهذا يجب أن يكون قاعدة أساسية تطبق بحق كافة الأنظمة الإستبدادية أو المجموعات الإرهابية بدون تمييز لأن الإرهاب هو إرهاب سوى كان من قبل السلطات التي أستولت على السلطة بقوة السلاح والتي ترتكب أفظع المجازر بحق المواطنين الأبرياء والعزل من السلاح او من قبل المجموعات الإرهابية التي تقتل الأبرياء من الناس..
إن أحدى المشاكل الكبرى التي تقف عائقا  أمام إنهاء أو التخفيف من ظاهرة الإرهاب المنتشر في العالم يكمن في إختلاف وجهات النظر حول مفهوم الإرهاب بين مختلف العقائد الدينية والسياسية السائدة في العالم وبين مختلف المدارس الفكرية والحضارية والثقافية العالمية.وعدم التوصل إلى تعريف متفق عليه يكمن أيضا في إصطدم مع بعض المفاهيم والعقائد الدينية المتجذرة في الكثير من دول العالم وفي طبيعة الأنظمة السياسية السائدة منها القوية أوالضعيفة والكبيرة أوالصغيرة وتضارب المصالح فيما بينها.
وفي حقيقة الأمر لا توجد إرادة دولية حقيقية في المجتمع الدولي ولا لدى القوى العالمية المؤثرة للتصدي بشكل فعلي لمنابع الإرهاب والإستبداد والظلم والإكراه.وإنما يتم مواجهة بعض إفرازات أو ظاهرة الإرهاب وهذا ما يجعل القضاء على الإرهاب شبه مستحيل.لأن هذا الإرهاب يرعى أو يحمى ويتم الدفاع عنه تحت مختلف الذرائع من قبل دول وحكومات في مختلف بقاع العالم.وقد يكون هذا الإرهاب مطلب وصنيعة من قبل قوى عالمية وأنظمة مستبدة أوغيرها لتحقيق أهداف وأستراتيجيات بعيدة المدى من أجل السيطرة على مقاليد السلطة أو تحقيق أهداف على المستوى العالمي وفرض الهيمنة على الشعوب.وظاهرة الإرهاب الذي يمارس من قبل الأنظمة أو المنظمات الإرهابية يكون مفيدا للبعض حيث يستعمل كذريعة للتدخل من قبل قوى عالمية في شؤون الشعوب أو حتى من قبل أنظمة الطغيان التي ساهمت بتكوين مجموعات إرهابية وتنفيذ عمليات إرهابية سواء في الداخل أو الخارج من أجل تحقيق أهداف ومصالح السلطات الحاكمة.وتستخدم هذه الحجة لكسر إرادة الشعوب وسلبها الحرية والكرامة كما يحدث اليوم في سوريا.إن الشعب السوري أنتفض ضد الطغيان وفجربركان الثورة الشعبية لإنهاء عقود من الإرهاب والإستبداد.وقد لصقت تهمة الإرهاب والمندسين بحركة الجماهير العفوية  المنادية بالإصلاح ومن ثم بالحرية والكرامة
والإرهاب الفكري الممنهج ظهر في سوريا منذ الستينات من القرن الماضي عندما سيطر حزب البعث الشوفيني على السلطة بإنقلاب عسكري.ومنذ ذلك الحين مورس الإرهاب الفكري والجسدي والملاحقات والزج في السجون والتعذيب والنفي كوسائل أكراه وعنف قمع بها أصحاب الأراء السياسية المخالفة والرافضة للأفكار العنصرية وسلطة الحزب الواحد والرافضين لإيديولوجية البعث الشوفيني المنافي للقيم الإنسانية التي تميز بين مكونات المجتمع على اساس الإنتماء القومي وحتى الديني منه جزئيا.
هذه المجموعات خارج القانون الدولي وخارج القوانين والدساتيرالوطنية بغض النظرعن طبيعة الأنظمة التي تعيش فيها هذه المنظمات أو المجموعات الإرهابية,وضحايا هذا النوع من الإرهاب هم من الناس الأبرياء.وتستخدم هذه المجموعات الإرهابية بشكل إنتقائي من قبل بعض الأنظمة أو تقوم بعض الأنظمة بتأسيسها لتوظيفها من أجل تحقيق أهداف وأستراتيجيات سياسية محددة والحصول على مكاسب من خلال هذه المنظمات كورقة ضغط وأداة تستعمل في الصراع بين مختلف الدول وضمن الدولة الواحدة.وفي هذه النقطة تلتقي أهداف المنظمات الإرهابية وأهداف الأنظمة الإستبدادية في منطقة الشرق الأوسط.كافة الأنظمة في بلدان الشرق الأوسط  لا تملك الشرعية الدستورية لأنها أستولت على السلطة بوسائل العنف بالأنقلابات العسكرية والأنظمة الحالية هي وريثة تلك المجموعات التي أستولت على السلطة بقوة السلاح وهي فرضت بالرغم من إرادة الجماهير.وما مهزلة الأستفتاء أو إنتخاب الرئيس القائد إلى الأبد وبنسبة 99باالمئة هي أحدى وسائل الأكراه التي فرضت على الجماهيربمختلف الأساليب القمعية وإدخال الرعب في النفوس.والمنظمات الإرهابية التي تستخدم العنف وبث الرعب والقتل بمختلف الطرق الهمجية تعمل من أجل الاستيلاء على البلد وقيادته حسب شرائعهم.
السلطات الحاكمة والمنظمات الإرهابية لم تستطع فرض عقائدها الدينية والسياسية بالطرق السلمية على المجتمع فلذلك لجأت وما زالت إلى العنف بكافة أشكاله تستهدف كيان الإنسان جسديا ونفسيا وإرغامه على إعتناق عقائدهم.
ومع ذلك فهناك فرق بين إرهاب السلطات الحاكمة وبين إرهاب المنظمات الإرهابية.
السلطات المستبدة قد أستولت على مقدرات البلد وعلى كيان دول قائمة منذ آلاف السنين ذو حضارة وثقافة وتاريخ عريق ومؤسسات دولة تدار بواسطة قوانين ودساتير سخرتها لمصلحتها وتبنت دساتير وقوانين جديدة ترسخ من هيمنتها وسيطرتها على السلطة في البلد. وهذه السلطات مارست العنف بأسم القوانين والدساتير التي فرضتها على المجتمع فإذا السلطات الحاكمة تمارس الإرهاب المنظم والممنهج في اطار الدساتيرالعنصريةالإرهابية. وهذه السلطات الحاكمة تخادع وتنتهج سياسة الكذب والنفاق لأن ممارساتها الفعلية تتناقض حتى مع جزء كبير من الدساتير التي أقرتها بنفسها. وأهما مبادىء الحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان, وحرية ممارسة العقائد بدون تمييز وحرية التعبير عن الرأي بدون خوف. والكثير من المبادىء المتعلقة بكرامة الإنسان وقضايا مصيرية مثل الدفاع عن الوطن والاستقلال وتحرير الأراضي المحتلة وحماية أمن الوطن والمواطن من العدو الخارجي والداخلي.لقد سحقت كل هذه القيم بفعل الأكراه والعنف الجسدي والنفسي والتربوي والمدرسي والسياسي والعقائدي والأعلامي والتمييزالعنصري الديني والقومي ضد مكونات وطنية أصيلة متجذرة في أرض الوطن منذ آلاف السنين, وضد الوطن وكافة المواطنين.وبشكل عام ضد الأبرياء من الناس العاديين بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية والعرقية والدينية
إن حكومات الأنظمة الديكتاتورية الشمولية في البلدان العربية أستخدمت كافة وسائل العنف والرعب والقتل والإرهاب النفسي والجسدي,عانى ومايزال يعاني فئات واسعة من المجتمع من هذه السياسات القمعية التي تمارسها الأجهزة المخابراتية الأداة الأكثررعبا في يد سلطات الإستبداد.وهذا النوع من الإرهاب مورس بشكل عنيف بحق الشعوب الأصيلة ذو الثقافات العريقة وأصحاب الأرض الحقيقيين من السريان الآشوريين والأقباط والمسيحيين بشكل عام على أرض بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام ومصر وتركيا وإيران وكذلك الأمازيغ في دول شمال أفريقيا.
(ولقد اعتبر المجتمع الدولي أن جرائم التمييز العنصري والتفرقة على أساس العرق أو الجنس من الجرائم ضد الإنسانية الني تهدد السلم والأمن الدوليين, ولكن مازالت بعض الدول تمارس الإرهاب والتمييز العنصري سواء من خلال سلطاتها الرسمية أو من خلال بعض المجموعات التي تنشأها لهذا الخصوص...)
فإذا كان الإرهاب يهدد وينتهك بكل وضوح تام حقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه,أن لايتعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أوالتي تهين الكرامة الإنسانية. والمنصوص عليها في المادتين(5.3)من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10.12.1948م  وأحتقار هذه المواد وعدم تطبيقها والإلتزام بها يؤدي إلى إرتكاب أعمال بربرية وقتل همجي يندى لها جبين كل إنسان.إن  قانون العقوبات لعام 1949 م  قانون العقوبات السوري فقد عرف جريمة الإرهاب في المادة304(جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعروترتكب بوسائل كأدوات المتفجرة والأسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطرا عاما).إذا إنطلاقا من القانون الدولي والقانون الوطني السوري فنظام الإستبداد في سوريا نظام إرهابي تنطبق عليه كافة المعاييرالإرهابية لأنه يمارس أبشع الجرائم ومجازر الإبادة بحق المواطنين السوريين المسالمين. ويستخدم كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا,وشرد الملايين وقتل خلال عامين ما يقارب مائة ألف إنسان ومئات الآلاف المعتقلين والمفقودين.وقد دمرت أكثر من نصف البنية التحتية للبلد بفعل القصف الجوي والصاروخي والمدفعي وأستخدام كافة أنواع الأسلحة الموجودة في ترسانته التي خزنت لأستخدامها ضد أعداء سوريا وشعبها. ولكن بكل أسف وألم شديد هذا السلاح الذي دفع ثمنه من لقمة عيش المواطن السوري على مدى خمسة عقود من الزمن. الشعب السوري يقتل بهذا السلاح أمام أنظار ومسامع المجتمع الدولي دون أن تتحرك لهم مثقال ذرة من الضمير.
2013.05.18




 
 

92

تحية وسلام إلى كافة الأخوة المعلقين , وشكرا جزيلا على إبداء الرأي. أني احترم كافة الأراء بغض النظرعن الخلاف في وجهات النظر. لكل إنسان الحرية المطلقة أن يطرح أفكاره التي تنسجم مع قناعته الشخصية, ولكن بدون أستخدام كلمات نابئة أو جارحة للمشاعر وقد يكون البعض يستخدم كلمات يظنها بأنها عار بينما  هو في الحقيقة  فخر وأعتزاز ونور يسطع من السماء على رؤوس الجميع (نور الشمس تشرق على الأبرار والأشرار).
أن الخوض في جدالات عقيمة  ظهرت وبشكل قوي بين أبناء شعبنا حول التسمية وخاصة بعد 2003 وأحتلال العراق وظهور مشاريع قومية مختلفة على الساحة العراقية ,مما أدت إلى إنقسامات حادة بين أبناء شعبنا بل كرست نوع من الكراهية غير المبررة . وكل هذه القضايا لا تخدم أي طرف من بين أبناء شعبنا بغض النظر عن التسمية التي يؤمن بها . أني شخصيا أكن الأحترام والتقدير لكافة كنائس شعبنا بدون تمييز. أن مجازر إبادة المسيحيين في الدولة العثمانية التركية شملت كافة كنائس شعبنا بدون إستثناء بما فيهم شهداء الكنيسة الكلدانية. والعثمانيين الأتراك والأكراد لم يميزوا بين أبناء الكنيسة الكلدانية ولا السريانية ولاغيرها الأستهداف كان بشكل عام للجميع بأعتبارهم مسيحيين واستهدفوا من أجل القضاء على كيان الشعب  الآشوري والأرمني واليوناني.
أشكر كافة الأخوة الذين يقدمون لي الدعم والتشجيع على طروحاتي وأفكاري.وخاصة الأخوة الذين لم تتح لي الفرصة من قبل أن أشكرهم على تعليقاتهم على هذه المقالة أو غيرها. الرب يوفق الجميع بما فيه خير وحدتنا جميعا بتسمياتنا المختلفة على أرض آشور. وشكراجزيلا


93
الدولة العثمانية التركية ومفهوم العدالة وإبادة الشعوب


الدكتور جميل حنا

الدولة العثمانية التي نشأت نواتها الأولى في عام 1299 بقوة الحديد والنار على أرض آشوربلاد مابين النهرين وعلى أرض الأمبراطورية البيزنطية وأرمينيا بعد أن غزو هذه المنطقة على شكل عشائر وقبائل قادمة من السهول المغولية.وجراء حروب دامية عبرفترات زمنية أصبحت قوة عسكرية كبيرة.وعلى مدى قرون من الظلم والأضطهاد ومجازر الإبادة الجماعية العرقية كادت وبشكل شبه كامل القضاء على الشعوب الأصيلة الساكنة في هذه البقعة من الأرض منذ آلاف السنين قبل الميلاد.وتم تدميرأمجاد حضارات وثقافات عريقة تاريخية قدمت للبشرية كنوز وأسسس وقيم عظيمة وما زالت تساهم بأفكارها العظيمة وتراثها الخالد في تقدم البشرية جمعاء بدون إستثناء.
بعد بضعة أيام قلائل تحل الذكرى الثامنة والتسعون لإرتكاب أفظع مجازر الإبادة العرقية الجماعية في الدولة العثمانية بين أعوام 1914-1918ضد المسيحيين بكل إنتماءاتهم القومية  من الأرمن واليونان والآشوريين وبمختلف كنائسهم من السريان الأرثوذكس والكدان وكنيسة المشرق والسريان الكاثوليك والبروتستانت.
حكمت الدولة العثمانية لعدة قرون على مناطق واسعة في العالم تمتد إلى أجزاء من آسيا وأفريقيا حتى آوربا.وكان لصعود دورها والتحكم بمصيرشعوب كثيرة مثل العرب واليونان والأرمن والسريان الآشوريين والبلغاروالصرب وغيرهم تأثيرا مدمراعلى كيان هذه الشعوب.وفي العقود الأخيرة من وجودها أطلق عليها لقب "الرجل المريض"بسبب ثورات الشعوب وتمردهم على سلطة طغاة السلاطين وخاصة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني حيث تفاقمت الأوضاع داخل الدولة العثمانية وضعفت قوة السلطة المركزية.في عام 1908 سيطر حزب الاتحاد والترقي على السلطة ووضع دستور جديد,عسى ولعل  يستطيعون بواسطته إيقاف التدهور الحاصل في الدولة العثمانية وأن يعيدوا النفوذ المفقود للسلطنة.ولكن هذه المرة بأسم شعارات,الحرية,والعدالة,والمساواة,وأنهم سيبدأون بناء عهد جديد من الأخوة بين شعوب السلطنة.ولذا أستقطبوا قوى مختلفة من بين مختلف الشعوب الرازحة تحت سيطرتهم ودعموا هذه المبادىء السامية,لأنها تلبي طموحات كافة الشعوب في الامبراطورية العثمانية.ولكن سرعان ما تبين زيف إدعاءاتهم الباطلة بهذه الشعارات الليبرالية وكشفواعن حقيقتهم الإجرامية وحدقهم اللامتناهي لكل الشعوب التي فرضوا عليهم سلطتهم بالقوة الهمجية وأستعملوا البطش العثماني بروح بربرية تقشعر لها الأبدان.ونصبت أعواد المشانق في بلاد الشام للأحراروبقاع أخرى ونفذة  أكبر مجزرة إبادة في التاريخ البشري الحديث ضد المسيحيين على أختلاف قومياتهم ومذاهبهم الكنسية في الامبراطورية العثمانية.
السؤال الذي يطرح نفسه لماذا ارتكبت الدولة العثمانية بقيادة حزب الاتحاد والترقي كل هذه المذابح الرهيبة من أجل إبادة شعوب بكاملها عريقة في قدمها وصانعة أمبراطوريات عظيمة في التاريخ البشري.كل الحقائق على أرض الواقع وممارسات هذا الحزب الفعلية في السلطة,وجميع الوثائق التي ظهرت عنه,من المعاصرين لتلك الحقبة وفيما بعد الكثير من العلماء والكتاب والمهتمين بتلك الفترة.تأكد حقائق وبراهين ثابته تكشف المنظومة الفكرية والقاعدة الأخلاقية التي انطلق منها في السيطرة على السلطة وقيادة البلد والتعامل مع الشعوب غير التركية وغير المسلمة في السلطنة العثمانية.ويمكن أختصار تاريخ هذا الحزب وجرائمه ضد الإنسانية جمعاء في النقاط التالية:آ- الإيديولوجية,تبني فكرة تحقيق الحلم الطوراني بأنشاء الامبراطورية العثمانية التي تمتد من الصين إلى آوربا وتضم فقط العرق المغولي الذي ينحدرون منه ب- التعصب القومي والديني بناء دولة ذات لون واحد لغة تركية واحدة قومية تركية دولة إسلامية ج- السياسة الدخول في الصراعات السياسية والتحالف الخارجي من اجل السيطرة على دول العالم,الدعم السياسي والعسكري والمالي الألماني.جميع هذه القضايا الخطيرة كانت الدافع الرئيسي وراء إرتكاب هذه المجازر الفظيعة ضد المسيحيين من القوميات المختلفة من السريان الآشوريين والأرمن واليونان.
إذا من هذه المنطلقات أتخذ حزب الاتحاد والترقي في مؤتمراته قرار إبادة الشعوب غير المسلمة وغير التركية.وأن الاعتراف بمجازرهذه الشعوب مطلب شرعي وإنساني وهوينسجم مع القوانين الدولية.ولكن لن يكون هناك إعتراف من قبل تركيا بتلك المجازرطالما يتم التمسك  بتلك الأفكار والدوافع السياسية التي كانت سبب المجازر.
تركيا مطلوبة اليوم أن تواجه تاريخها بكل جرأة وإنفتاح وتعترف بمجازرالشعوب,كما أعترفت ألمانيا بمذابح اليهود.ولأنه توجد آلاف الأدلة والقرائن الدامغة من شهود عيان عاشوا المجازر ومراسلات الدبلوماسيين والصحف وكتاب وشهود عيان من أتراك ومسلمين عرب وشهود أعيان من الأجانب ومن عشرات الآف الناجين من المذابح من الأرمن والسريان الآشوريين واليونان.منذ ستة عشرعاما قدمت آلاف الوثائق من قبل لجنة متابعة مجازر إبادة الشعب الآشوري العالمية(سيفو) إلى برلمان الدول الأوربية وأمريكا ومحكمة العدل الدولية.     Assyrian International Genocide Seyfo Committee   
أن الاعتراف بالمجازر لن يكون إلا بقرار سياسي من قبل تركيا لو قدم ملايين الوثائق الإضافية الأخرى عن المجازر.وعلى دول العالم أن تتخذ قرارات سياسية بما ينسجم مع القوانين الدولية والبدأ بالأعتراف بمجازر الشعب السرياني الآشوري.ولا بد لمؤسسات هذا الشعب منها السياسية والثقافية والإجتماعية وكافة الجهات المهتمة بشأن المجازر بذل قصارى الجهد وخاصة في مجال العمل الساسي والدبلوماسي من أجل نيل أعتراف العالم بالمجازر وكذلك على تركيا أن تقوم بهذه الخطوة الجريئة وتتصالح مع ماضيها وتعترف بهذه المجازر بأعتبارها الوريث الشرعي للسلطنة العثمانية.
  الشعب السرياني الآشوري شعب يدعوا إلى السلام والتعايش السلمي بين كافة  أبناء المجتمع بمختلف أطيافه الدينية والإثنية.وشعبنا يكافح من أجل تطبيق المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحترم شرعة حقوق الإنسان وتحقق المساواة بين أبناء الوطن الواحد على قاعدة دستور وطني يعترف بحقوق كافة القوميات والأديان والمذاهب المتنوعة.
ومن هذا المنطلق ندعوا الدولة التركية إلى القيام بالخطوات التالية والتي تنسجم مع القوانين الدولية:
الإعتراف بمجازر الشعب السرياني الآشوري التي أرتكبتها السلطات العثمانية بين أعوام 1914.1918
.الأعتراف دستوريا بهوية الشعب السرياني الآشوري واعتباره مكون أصيل ضمن الدولة الدولة التركية الحالية. الإعتراف باللغة والثقافة السريانية واعتبارها جزء من الثقافة الوطنية للدولة التركية وإلغاء كل تمييزعنصري بحق شعبنا من المناهج الدراسية.
الإعتراف بالحقوق السياسية وكافة أنواع الحريات الشخصية والملكية والتعبير عن الرأي التي تتضمنها المواثيق الدولية من الحرية الشخصية والملكية والتعبيرعن الرأي وكافة الأمورالأخرى.
وقف كافة الإعتداءات التي تتم بحق أراضي وأملاك ديرمار كبرئيل, وكذلك وقف المحاكم القائمة على خلفية سياسية بحق هذا الديرالعريق الذي يعد أحدى القلاع المسيحية في بلاد ما بين النهرين على أرض آشور.إعادة كافة الأملاك التي تم الإستيلاء عليها سواء كان من قبل السلطات التركية أو بسسبب أعتداءات أخرى إلى أصحابها الشرعيين الأصليين.
إيقاف كافة المضايقات وممارسة التهديد والتخويف والتخوين بحق أبناء شعبنا سواء  كأفراد أوكجماعات وكذلك التجاوزات والممارسكات المخالفة للقوانين الدولية.
إن هذه المطالب التي ندعوا إلى تحقيقها هي مطالب مشروعة وعادلة تنسجم مع المواثيق والمعاهدات الدولية وميثاق الأمم المتحدة.ولذلك من المنطقي بأن هذه المطالب الإنسانية والمحقة أن تجد لها المكان المناسب في دستور الدولة التركية وفي أروقة صانعي القرار السياسي للدولة التركية.وخاصة تركياعلى أبواب الإنضمام إلى اتحاد الدول الأوربية التي تضمن حقوق الإنسان على مختلف الأصعدة.


94
الولادة العسيرة لربيع الثورة السورية 
 

تمر ثورة الشعب السوري منذ إنطلاقتها قبل عامين وأسبوعين بإنعطافة تاريخية هامة في حياة الوطن والشعب.إنها محطة بالغة الأهمية.محطة مفصلية يقف فيها الشعب السوري وقواه الثائرة من الجيش السوري الوطني الحر أمام أسوار سلطة الاستبداد التي حصنها على مدى أكثر من خمسة عقود.إن تحطيم هذه الأسوار لن يكون سهلا لا حاضرا ولا مستقبلا.لا شك لدي بأن الثورة ستنتصر وتزيل كل المتاريس العسكرية والقلاع المحصنة للنظام من أجهزة قمعية مخابراتية ووسائل أعلام مروجة لقوة هذه الأسوار والحصون.لأن إرادة الشعوب على الإنتصار أثبتت على مدى العقود والقرون الماضية أنها قادرة على تحطيم أعتى القلاع.وأن تهدم كل الأسوار التي بنيت من أجل الحفاظ على سلطة وسلامة الطغاة.فمن هذه الناحية فأن الإنتصار قادم لامحال منه, ولكن هناك الإنتصارالأكبرألا وهوتحطيم القلاع وأسوارها المشيدة في العقول والقلوب والسلوكيات على مدى أكثر من خمسة عقود من الزمن. والتي يقوي دعائمها الطاغية بشار بدماء الأبرياء من الناس بأرتكابه أبشع المجازر الدموية ضدهم ودفع الأمورإلى أقصى درجات الكراهية والأحقاد والعنف والأنتقام وزرع الفتنة الأهلية وتقسيم الوحدة الإجتماعية.وهذا ما يتخوف منه كل إنسان عاقل وشريف ومخلص لوطنه سوريا وملتزم بالقيم الإنسانية.والإنتصار على هذا النوع من الأسوارلايتم إلا بفكروسلوكية راقية تأمن بالقيم الإنسانية وبالمواثيق والمعاهدات الدولية التي تحافظ على كرامة الإنسان. وتحقق له كافة الحقوق الشخصية وتصون حق كل مواطن في ممارسة معتقداته الدينية وإنتماءه القومي ,وحرية ممارسة السياسة بدون خوف وأبداء حرية التعبير عن الرأي بدون إعتقال صاحبه بسبب آرائه المخالف.ويحتاج الأمر كذلك إلى بناء مجتمع يسوده المساواة والعدالة بين كافة المواطنين على أسس قوانين شرعنة حقوق الإنسان وبناء نظام سياسي تعددي مدني علماني يفصل الدين عن الدولة.لا نظام سياسي ديكتاتوري تحت أي مسمى كان لأن ذلك يخالف روح وجوهر مبادىء الثورة ألتي قدم الشعب السوري من أجلها تضحيات جسيمة .فهوا لا يريد إستبدال نظام ديكتاتوري بدكتاتوريات من نوع آخر ولا استبدال ديكتاتور بدكتاتوريين,كما هو الحال في العراق.وان لا تكون الدماء التي سقت أرض الوطن والأرواح التي زهقت مصدر بؤس مستقبل سوريا حتى بعد سقوط الطاغية. بل أن تكون الدماء الزكية مصدر إلهام للجميع من أجل بناء دولة عصرية يكون اساسه التآخي والمواطنة  المشتركة بين مختلف المكونات الإجتماعية.فستكون الثورة حينها قد حققت أهدافها نحو بناء مستقبل أفضل للجميع.
لأن الولادة العسيرة للثورة السورية وإنطلاقها من رحم المعاناة الذي أمتد على مدى أكثر من خمسة عقود من الحكم الديكتاتوري, وحكم البعث القومي العنصري تحمل الشعب السوري خلال هذه المرحلة وما زال الكثير من المظالم وسحق الكرامات وسلب الحريات وإلغاء الإنتماءت الإثنية وعدم الاعتراف بها كمكونات أساسية في المجتمع السوري والتي يمتد تاريخها إلى أكثرمن خمسة آلاف عام قبل الميلاد وهي الأصل كالشعب الآشوري بكافة مسمياتهم .وأبناء هذه القومية السريان الآشوريين هم من أكثر المكونات الإثنية السورية التي ألحق بهم الضرر وتعرضوا للأذى والاضطهاد القومي , وتم سلب وصهر الكثيرين منهم في بوتقة العروبة نتيجة ممارسة كل أنواع القهر التي لم يستطع الكثير من الناس الصمود أمام الهجمة العنصرية .ونتيجة سياسات البعث القومي الشوفيني تم تحطيم النية الإجتماعية والإقتصادية لهذا الشعب.حيث تم الاستيلاء على أملاك المزارعين والفلاحين منهم وتوزيعها على الفلاحين من أبناء القومية العربية التي جلبتم السلطات السورية من محافظة الرقة وأماكن أخرى أسطوطنتهم وملكتهم الأراضي العائدة للسريان الآشوريين في الجزيرة السورية أي محافظة الحسكة.وذلك ضمن خطة سياسية عنصرية أتبعها نظام البعث  لبناء حزام عربي على عمق عشرة كيلومترات تبدأ من الحدود التركية.وشعر الكثير منهم بأنهم أصبحوا محاصرين من كل الجهات, وبسبب هذه السياسات العنصرية والمضايقات والملاحقات والأعتقالات السياسية والاتهامات الباطلة وزجهم في السجون بدون محاكمات وأغلاق مدارسهم وأنديتهم والتدخل في شؤونهم الكنسية والتصرفات  اللاأخلاقية للأجهزة القمعية والحرمان من الحقوق القومية كان الدافع الرأيسي وراء هجرة أعداد كبيرة منهم إلى دول المهجر في آوربا وأمريكا وأستراليا.ولقد شهدة العقود الأربعة الماضية أكبر الهجرات للسريان الآشوريين وحسب بعض المصادر أن ما يقارب ثلاثمائة آلف شخص هاجر من مدينة (القامشلي) بيث زالين الحسكة, والمالكية, قبري حوري(قبور البيض)ريش عينو(رأس العين) الدرباسية والقرى التابعة لها. وعلى العموم لقد هاجر من سوريا خلال هذه الفترة أكثر من مليون إنسان مسيحي في فترة حكم عائلة الأسد الاستبدادية.
والنظام الذي يدعي على مدى هذه العقود بأنه حامي ( الأقليات) كان يخادع ويكذب وكان يستخدم كل الوسائل للترويج لهذه القضية. بينما كان في حقيقية الأمر يمارس الاضطهاد بكافة أشكاله وما زال يستمر في لعبته القذرة بالرغم ما يقترفه من جرائم فظيعة بحق كل مكونات المجتمع السوري بدون إستثناء.إن الجرائم التي أرتكبها وما زال يرتكبها لا تعد ولا تحصى وهي تجاوزت منذ أمد بعيد جدا كل القيم والأعراف ولا يمكن إلا وضعها في خانة الجرائم الكبرى التي أرتكبت بحق الإنسانية جمعاء. وهي جرائم وخيانة عظمى ترتكب بحق سوريا وشعبها.
هذه العقود الطويلة من الظلم والاستبداد وسلب الحرية والكرامة  والظلم أدى بالشعب السوري ليطلق شرارة الثورة فكان الثمن باهظا والكلفة لا تقدرحتى الوصول إلى لحظة إندلاع الثورة. فإذا كان الشعب السوري قدم كل هذه التضحيات  حتى بداية إندلاع الثورة ,فكم ستكون ولادة إنتصار الثورة التي تمر في مرحلة مخاض عسير دموي مألم يكلف الوطن والشعب تضحيات جسيمة لا يمكن حصرها فقط في ارقام أو أعداد القتلى الذين يسقطون جراء العنف والحرب العشوائية المعلنة من قبل الطغمة الاستبدادية على الشعب السوري.أن الكارثة اللاأخلاقية ومفاهيم العنف الدموي والإحتكام إلى القوة المدمرة لفرض إرادة فئة ما في المجتمع أرادتها على الأخرين والهيمنة على السلطة وسلب حقهم في الحرية والتي هي سبب وأساس كافة المأسي التي يتعرض لها الوطن. وأن الاستمرار في هذا النهج بعد إنتصار الثورة سيكون أيضا أكثر كارثيا على الجميع بدون إستثناء.وكما ذكرهذا هو المسعى الذي يراد فرضه على الواقع السوري حتى بعد إنتصار الثورة فرق ومجموعات تتقاتل كل يريد فرض ذاته بقوة السلاح ويسيرعلى نفس النهج الاستبدادي كما كان. والحكم بيد من الحديد والنار وفرض شرائع ظلامية يرفضها الغالبية من أبناء الوطن وسلب الحريات والكرامة وكأنما لم يحدث شيئا ما .الشعب السوري حتى هذه اللحظة يسجل إنتصارا عظيما بعدم الإنجراروراء مخططات النظام الاستبدادي والإنغماس في أتون الحرب الأهلية.وليس بشار وحده مع أجهزته القمعية وحلفائه خاصة أيران بدفع الأمور في هذا الأتجاه.بل قوى ودول تعتبر داعمة ومساندة وصديقة لثورة الشعب السوري هي أيضا تدفع الأمور في هذا الأتجاه التدميري بالنسبة لمستقبل سوريا بعد سقوط النظام.وذلك بسبب مواقفها المتخاذلة وعدم تقديم العون الحقيقي لإنهاء هذه الحالة المأساوية أو تقديم مساعدات مالية والسلاح لفصيل ما دون سواه وتقويته على حساب الأخرين,وهذه المجموعات  لاتمثل رأي غالبية النسيج الوطني.هذه المواقف التخاذلية والعنصرية يضع العراقيل الكبرى أمام الولادة اليسيرة وأنتصار الثوار الوطنيين,لكي يبنى وطن للجميع بدون تمييز.
والمعارضة السورية تتحمل جزء من المسؤولية بعدم الأرتقاء بمواقفها إلى مستوى الحدث المأساوي الذي يتعرض له الشعب السوري. وما زالت التجاذبات الشخصية والولاءات والمواقف السياسية المتناقضة مع مصلحة الوطن والتبعية لأرادة قوى خارجية وتنفيذ مشاريعهم  يقف عائق أمام ولادة إنتصار الثورة.وكذلك المعارضة السورية مطلوبة اليوم أكثر من أي وقت مضى إدانة وملاحقة كل من يرتكب الأعمال الأجرامية من القتل والخطف والاستيلاء على الممتلكات. وأن تكون مواقفه أكثر وضوحا  بالنسبة إلى معاملة الأسرى من أبناء الشعب السوري وكذلك ملاحقة كل من يرتكب جرائم على أساس ديني أو عرقي أو مذهبي.وعلى المعارضة الوطنية السورية أن تشجب كل الأفعال المنافية لأهداف الثورة التي ترتكبها بعض المجموعات المحسوبة على الجيش السوري الحر.
إن الخروج من هذه المأساة العاصفة بالشعب السوري لايمكن تحقيقها إلا بالوحدة الشعبية بين مختلف المكونات. وكذلك الالتزام بالثوابت الوطنية وقيم الثورة ومبادئها وعدم الأنحراف بها نحو مشاريع تدميرية للنسيج الأجتماعي والوحدة الجغرافية للوطن.وأن إنتصار الثورة وتحقيق أهدافها ومبادئها ستلبي طموحات كل المةاطنين على أختلاف طيفهم الأجتماعي وهي الضمانة الوحيدة لترسيخ وحدة الوطن.إنتصار الثورة سيكون إنتصار لكل الشعب السوري من مسلمين ومسيحيين وللعربي والسرياني الآشوري والأرمني والعلوي والدرزي والكردي واليزيدي والأسماعيلي والجركسي.إنتصار الثورة والتمسك بقيمها سيضع الحياة السياسية وحقوق المواطنة والحقوق القومية في مسارها الصحيح. وسيمنح الجميع ممارسة شعائرهم الدينية وممارسة تقاليدهم وعاداتهم الإثنية وتعلم لغاتهم إلى جانب اللغة الوطنية المشتركة.وأنتصار الشعب على الاستبداد سيرفع الظلم ويحقق التمثيل الحقيقي لكافة اللطيف الوطني في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضاء والتعليم والإعلام.ستكون مرحلة إنهاء عقود من الظلم والتمييز العنصري. وتأكيدا على الشراكة الوطنية والمساواة بين كافة المواطنين على أسس دستورية تكفل حق الجميع بدون تمييز عنصري(الدين لله والوطن للجميع)هذا ما نتمناه أن يتحقق على أرض الواقع وأن لايكون مجرد كلام ووثائق كتبت من قبل المعنيين بهذا الشأن.
ربيع ثورة الشعب السوري مستمرة تستمد أصالتها من إرثها التاريخي الحضاري. الأول من نيسان قادم في كل عام .ولا يستطيع أحدا في الكون أن يحجب نور الشمس مهما طال أمد الخريف والشتاء والظلمة. ومهما بلغت الهمجية مستويات تفوق مقدرات التخيل إلا أن النور سيسطع وحركات الشعوب التواقة إلى الحرية والنور تستمر في إنسجام تام مع ذاتها ومع  دورة الطبيعة التي لا تقف بدون هوادة.فليكن ربيع الشعوب في كل العالم ومنها شعوب بلدان الشرق الآوسط وخاصة الأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشوري وأن يكون بدية حياة جديدة لهذا الشعب الذي تعرض لمجازر كثيرة واضطهاد دائم لم يتوقف على مدى التاريخ الطويل. وليكن الحادي والعشرين من آذارعيد نوروز الفارسي والكردي بداية حياة جديدة في دول المنطقة
2013.03.31.



 


95
المرأة السورية من زنوبيا إلى يارا
   

الدكتور جميل حنا   
المرأة حاضرة في الكون منذ الآزل وما أكتمل الكون إلا بوجودها.إذا هي الركن الأساسي والعمود الفقري في الكيان البشري.بدونها لا وجود للأسرة والمجتمع,وأي إنتقاص من مكانتها هو إنتقاص لأهمية الأسرة وبالتالي لكافة أركان المجتمع بما فيهم مجتمع الرجال.إن منح المرأة مكانة دونية هو المساس بمكانتها الطبيعية التي حصلت عليها عبر صيرورة تكوين المجتمعات البشرية على سطح الكرة الأرضية.وهذه النظرة السلبية تكون مناقضة ومنافية للقيم الإنسانية السائدة في الكون وللشرائع السماوية.
كفاح المرأة من أجل الحرية والمساواة بدأ يظهر بشكل واضح منذ قرنين.ومع مرور الزمن وخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين شهد العالم تحولا كبيرا في مجال حقوق المرأة.وقد أستطاعت المرأة بفضل التضحيات الجسيمة التي قدمتها على مر العهود أن تحصل على الكثير من الحقوق والمكاسب ومساواتها بالرجل في الكثير من المجتمعات العالمية.إلا أن أجزاء أخرى كثيرة من العالم وفي مناطق جغرافية مختلفة وفي ظل ثقافات وعقائد دينية مازالت المرأة ترزح في ظل العبودية وتعاني من الإضطهاد الجسدي والنفسي والإستغلال في مختلف المجالات.ولذلك نجد بأن مئات الملايين من النساء في العالم يقفن أمام تحديات رهيبة للتخلص من نير الظلم والإنتقال إلى الحياة الحرة التي تمنح المرأة كرامتها وقيمتها الإنسانية.ونضال المرأة مستمرفي بقاع مختلفة من العالم من خلال المنظمات النسائية ومؤسسات حقوق الإنسان والأنخراط في الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية العالمية والمحلية من اجل تحقيق مطالبها في المساواة والحرية وإنهاء العنف الذي يمارس عليهن بمختلف الاشكال. وتشارك المرأة بشكل فعال في الحراك الجماهيري إلى جانب الرجال من أجل الحرية والكرامة, وضد الاستبداد وأنظمة الطغيان التي تهين الكرامة الإنسانية.
الملكة زنوبيا, بات زباي (بنت زباي),قبل ألف وسبعمائة عام جسدت هذه المرأة السورية إرادة الإنسان الحر ورفضت كل أنواع الظلم والتبعية.هذه المرأة العظيمة أصبحت أحدى الرموز التاريخية الهامة التي كرست حياتها من أجل حرية مملكتها والتحرر والدفاع عن الاستقلال وخوض المعارك الكثيرة ضد مختلف القوى الخارجية سواء كانت  من الشرق أو الغرب.وقدمت المثل الرائع في حياتها ولم تتنازل عن الحق حتى بعد وقوعها في آسر الإمبراطورأورليانوس.المرأة السورية اليوم تسلك ذات الطريق تتمسك بحقها وتدافع بكل جرأة عن مطالبها. تواجه الظلم تتحدى الطغاة تقدم ملحمة في الصمود والفداء في مواجهة أعتى أنواع الاضطهاد والقتل والتعذيب وهدر الكرامة, والإغتصاب التي تمارسه القطعان الهمجية من الشبيحة والقوى الأمنية.هذه الأدواة القذرة في يد الطاغية بشارالتي تستخدم من أجل الحفاظ على سلطته القمعية والاستمرار في السلطنة اللاشرعية.النساء في سوريا منذ إندلاع الثورة وما زالت حتى الآن على مدى ما يقارب العامين مواطنة شجاعة وشريكة حقيقية للرجل في  ثورة الشعب السوري.لقد استشهد منهن الآلاف بسبب قصف البلدات والمدن والأحياء المدنية بالصواريخ وبالطائرات وبالبراميل المتفجرات وبكل أنواع الأسلحة.وكذلك قدمن أعمال بطوليه في وجه الجلادين في أقبية التعذيب وأستشهدن بسبب تمسكهن بحقهن المشروع في الحياة الحرة والكريمة.المرأة السورية تسطر ملحمة بطولية بجرأتها الفائقة فهي الصحفية والكاتبة والمدونة والمعلمة والطبيبة والممرضة والمهندسة والعاملة والفلاحة التي تصنع إنتصارات يومية بتحديها سلطة الاستبداد.زنوبيا ويارا وطل وهديل وزينب وسهير وريما وماري وفاطمة ومريم... وكل النساء السوريات اللاواتي يتحدين سلطة الطغيان هم نجوم ساطعة وضمير الثورة والثوار. وهن تقدمن كل ما تملكهن من مقدرات مادية ومعنوية ومشاركة فعلية من أجل تحقيق أهداف ثورة الشعب السوري وإسقاط نظام الاستبداد. وجلب كل من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري إلى المحاكم. من أجل تقديم الحساب على الجرائم التي أقترفت وما زالت تقترف حتى هذه الحظة بحق أبناء سوريا.وقد قتل حتى الآن أكثر من سبعين ألف إنسان ومن بينهم الآلاف من النساء وكذلك مثلهم من الأطفال و تدمر البنية التحتية, وملايين المشردين في داخل الوطن وخارجه.
صرخة حرائر سوريا من أجل الحرية والكرامة والعدالة والمساواة لا ينفصل عن صرخة زنوبيا بوجه الظلم الذي مارسته الإمبراطورية الرومانية على الشعب السوري.وأن خسرت زنوبيا المعركة ضد أورليانوس ولكن أنتصرت المبادىء والقيم التي حاربت من أجلها مبادىء الحرية والأستقلال والكرامة وقد تحقق إنتصار الهوية السورية في بلاد الشام.ورحل الإمبراطور والإمبراطورية الرومانية وبقي الشعب السوري و النساء السوريات. واليوم يحاربن طاغية جديدة من نوع جديد ولكنه سيرحل كما رحل من قبله كل الذين كانوا على شاكلته.لأن النصر دائما وأبدا هو للشعوب. مهما طال الظلم والعبودية والقتل والتدمير ستنتصر مبادىء الحرية والاستقلال والكرامة والعدل والمساواة.
المرأة السورية رسخت تقاليد التضحية والفداء من أجل حرية الوطن في كل الأزمان. وساهمت بقدر المستطاع في المشاركة الفعلية إلى جانب الرجل ضد كل الغزاة الذين أحتلوا سوريا منذ القدم مرورا بالاحتلال العثماني والأستعمار الفرنسي.مما تتعرض له المرأة السورية لا مثيل له في التاريخ الحديث للبلد حيث تتعرض إلى أبشع المظالم التي يعجز اللسان عن وصفها. تهان وتسحق كرامتها الإنسانية ويعتدى عليها من قبل المجرمين وتغتصب بكل الأساليب الهمجية المنافية لسلوكية البشر العاديين تقتل وتعذب في السجون لكنها لا تستسلم للقتلة المجرمين.كل قطرة دم أمرأة سورية سقت به أرض الوطن وكل طفل قتل بسبب القصف البربري هي بريق أمل لمستقبل أفضل وتضحية من أجل إنهاء عهد الظلام.والمرأة السورية صامدة تتحدى كل الصعاب ولكنها تستغيث وتصرخ في وجه العالم وخاصة مجتمع النساء في العالم بدون إستثناء أن تخرج من صمتها المخزي لتمد يد المساعدة لأختها المنكوبة تحت دمارالحرب التي أعلنها نظام الاستبداد ضدها وضد كل أبناء الشعب والوطن.صرخة من أجل تحريك الضمير العالمي وحث مؤسسات المجتمع الدولي والرأي العام العالمي من أجل التضامن والتكاتكف معها وإنهاء هذه الحرب القذرة في سوريا.

96
المرأة ضحية الأنظمة السياسية الإستبدادية

الدكتور جميل حنا
المرأة في البلدان العربية تقف أمام تحديات كبيرة فهي محاصرة من كل الجهات.تعاني من قيود الأسرة عليها وقيود المجتمع بعاداته وتقاليده التي لا تصلح كلها لحياة العصر الحالي.وهي محاصرة كذلك في المدارس والجامعات وفي أماكن العمل.مكبلة بالقيود السياسية بكافة أشكالها وبطبيعة الأنظمة التي لا تمنح المرأة حقوقها ومساواتها مع الرجل لأن الدساتير والقوانين تميز بين الرجل والمرأة فتجعلها مواطنة من الدرجة الثانية.وبعض العقائد الدينية التي تحط من مكانة المرأة وقيمتها كإنسانه لها كل الحقوق وليست مجرد أداة للجنس.كل هذه العوائق التي تقف حائلا أمام المرأة بإن لا تشعربالإطمئنان والحرية والمساواة مع الرجل وتجعلها عرضت للتحرش الجنسي بمختلف درجاته.لذلك يجب معالجة كافة الأسباب التي تؤدي إلى إنتهاك حرية المرأة وكرامتها وتقلل من مستويات التحرش الكلامي بها إلى أدنى المستويات.
ما تتعرض له المرأة في البلدان العربية ينافي المنطق الفكري الأخلاقي ويناقض كل القيم الإنسانية التي منحت للإنسان عبر القوانين الطبيعية والسماوية.لأن التحرش الجنسي فعل لا ينسجم بل يتعارض مع ما يعتبره الرجل من المقدسات بالنسبة له ألا وهي الأم والأخت والأبنة والزوجة.كيف يرضى الرجل بأن تكون هذه المقدسات ساحة لسحقها وإذلالها وإهانتها والأعتداء على كرامتها الإنسانية.فمن أعتدى على كرامات الناس سيعتدى على كرامته وهل يقبل الرجل المعتدي بذلك.
ظاهرة التحرش الكلامي والجنسي يعكس مقدار وحجم المشاكل النفسية التي يعاني منها الرجال في المجتمعات العربية ولا نعني كل الرجال بل من يقوم بفعل التحرش بكل مستوياته.والتحرش إنعكاس سلوكي عملي لمكنونات الفرد  الداخلية وهو الظاهر من الكم الهائل من المشاكل النفسية التي يعاني منها الرجل في البلدان العربية.هذا التصرف يبين بشكل من الأشكال مقدار الوعي والمستوى الثقافي في المجتمع.وهو يبين في ذات الوقت المكانة الدونية للمرأة في الأسرة والمجتمع.وهذا التمييز واللامساواة بين النساء والرجال يرتكز أيضا على أسس راسخة قوية في كافة المجتمعات العربية بمختلف آنظمتها الملكية والعشائرية العائلية والجمهورية والعلمانية بسيساتها القومية العلمانية والدينية.أن كافة هذه الأنظمة لم تضع أي حد لمصادر إنتاج التحرش والأعتداء الجنسي والأرضية التي تستقي منها قوتها. ولم تقم الأنظمة السياسية بسن القوانين والتشريعات التي تحد من فعل التحرش والأعتداء الجنسي.والتصدي لهذه الظاهرة يحتاج إلى إرادة غالبية المجتمع وذلك من خلال بناء نظام قائم على احترام حقوق الإنسان ويحقق المساواة بين الرجل والمرأة بدون تمييز.
الأنظمة السياسية وأجهزتها القمعية المخابراتية في البلدان العربية وبدرجات مختلفة هي تمارس وعلى مدى أكثر من خمسة عقود التحرش والأعتداء الجنسي بدون أن يقدم أي عنصر منهم أي حساب على ما فعله.وهذا المناخ والحاضنة السياسية مازالت حتى يومنا تشجع على إنتشار هذه الظاهرة السلبية والإجرامية.السقوط الأخلاقي للأفراد تبقى حالات فردية قد تزداد نسبته في هذا المجتمع أو ذاك.ولكن الأنظمة القمعية عندما تلجأ إلى هذا الفعل الشنيع وبشكل ممنهج من أجل أهداف سياسية لكسر إرادة المعارضين,هي بفعلها هذا تجعله مباح للأخرين ووسيلة إنتقام.وظاهرة التحرش والأعتداء الجنسي في ظروف أحتدام الصراع بين القوى المعارضة والأنظمة القائمة يستخدم كأحد الأسلحة المدمرة نفسيا. لأنها تأخذ قدرا كبيرا وإنتهاك أشمل وبشكل جماعي وأمام أعين الأهل مما يجعله يتميز عن بقية الحالات التي تحصل في حالات اللاحرب. وهذا الفعل العدواني الهمجي الغاية منه في ظروف الثورات العربية تحطيم معنويات الحرائر والثوار وإهانتهم وكسر المعنويات لدى الناشطات في الحراك الثوري.وهي أحدى الأساليب البربرية التي تمارسها العصابات الإجرامية والطغاة من أجل إرضاخ الشعوب.وكانت أقبية السجون أماكن يقوم بها أفراد الأجهزة الأمنية حامية السلطة السياسية القمعية في البلد بالأعتداء الجنسي الممنهج وإنتهاك كرامة المرأة. الأنظمة السياسية في البلدان العربية تتعامل بإزدواجية وتمييزعنصري مهين مع قضايا المرأة من ناحية الحقوق والواجبات والمساواة أمام القانون.وهذا يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد على المساواة التامة بين النساء والرجال.
أن ظاهرة التحرش والأعتدء الجنسي يجب معالجته على مستويات مختلفة من أجل إنهاء أو التخفيف من هذه الظاهرة المشينة التي لا يمكن القضاء عليها مائة بالمائة إلا أنه يجب حصرها في حالات فردية ونادرة.
. الأسرة إتباع أساليب تربية لا تميز بين الجنسين وتقديم المعارف القائمة على أسسس صحيحة تكون شخصية الإنسان السليم الذي يحترم كيان المرأة كإنسانه كاملة بدون إنتقاص من قيمتها الإنسانية.
.المدرسة المناهج الدراسية التي تتبع الأساليب العلمية والتربوية لتنشئة أجيال سليمة الفكر والمنطق تؤمن بالمساواة بين النساء والرجال.
.وسائل الأعلام والمجتمع,التوعية المجتمعية للتخلص من العادات والتقاليد والموروث العشائري والاجتماعي السلبي وكافة العقائد التي تحرم المرأة من حقوقها.
.النظام السياسي,أنظمة سياسية تؤمن بحقوق المواطن لا تميز بين النساء والرجال ونظام سياسي يلتزم بالمعاهدات والمواثيق الدولية ويعترف بحقوق كل مكونات المجتمع بدون تمييز ديني مذهبي أو إثني.


97
 
منظومة الأخلاق العالمية في حيثيات الوضع السوري       
 

الدكتور جميل حنا
الشعب السوري يتعرض إلى أبشع عملية إجرامية يرتكبها نظام الاستبداد منذ أكثر من إثنان وعشرون شهرا.ولم يشهد التاريخ الحديث على عملية تدمير ممنهج يقوم بها الحاكم الطاغي بتدمير البلد وتعريض أمنه  للإنقسام الجغرافي وضرب الوحدة الوطنية.وكذلك تجذير الصراع الدموي بين مختلف مكونات المجتمع  إلى أبعد حدود وفرض واقع مأساوي وترسيخ العنف الديني والطائفي والقومي. كل ذلك يتم  من أجل الحفاظ على الاستمرارية في السلطة اللاشرعية التي تم الاستيلاء عليها أكثر من أربعة عقود."فإما السلطة أو تدمير الوطن"والعالم الخارجي من قوى إقليمية وعالمية تدعى نفسها صديقة وأخرى شقيقة للشعب السوري تقف على مدى ما يقارب العامين أمام محنة الشعب السوري عاجزة وغير قادرة ولا راغبة بتقديم مساعدة حقيقية للتخلص من هذا الوضع المدمر.كل ما تقدمه حتى هذه اللحظة سيلا من البيانات الحكومية وتصاريح صحفيية تأييد للمطالب المحقة للشعب السوري وحقة في الحرية والكرامة.ولكن الكثير من هذه المواقف تكون إستفزازية وتحريضية وأخرى تكون على شكل رسائل تقدم للنظام الضوء الأخضر بإستخدام كافة أنواع الأسلحة من القصف بالطيران والصواريخ وراجمات الصواريخ والمدافع  والقنابل العنقودية وبراميل المتفجرات إلا السلاح الكيميائي الذي يعد خط أحمر.وعندما أستخدم النظام هذاالنوع من السلاح الكيميائي بشكل جزئي على بعض المناطق السكنية  لإخماد الثورة.إلا أن هذه الدول الكبرى وخاصة أمريكا تسارعت وقللة من أهمية  وتأثير هذا السلاح الكيميائي .أي أنه يمكن للنظام أن يستخدم هذا النوع من السلاح بكميات محدودة وبجرعات متفرقة توزع هنا وهناك من المناطق السكنية لكي لا يأثر على الدول المجاورة بل أن يكون تأثيره فاعل في إبادة الشعب السوري فقط.عدد ضحايا الحرب التي ينفذها النظام ضد الشعب السوري بلغ حتى الآن وبحسب توثيق المؤسسات الدولية بلغ أكثر من ستين ألف مواطن, وعدد المهجرين إلى خارج الوطن فوق ستمائة ألف مواطن والمهجرين في داخل الوطن والمحتاجين إلى المساعدات الإنسانية العاجلة حوالي أربعة ملايين إنسان.
إذا نظر الإنسان مجردا عن أخلاقه الإنسانية لما يحدث للمواطن السوري سيجد في هذا الكم الهائل من المآسي مجرد أرقام حسابية لا تحرك في حسه الإنساني الميت أي مشاعر تجاه هؤلاء الضحايا.كل هؤلاء الذين سقطوا في هذه المذابح من أطفال ونساء وشيوخ ورجال عزل وشباب مسالمين لم يرتكبوا ذنبا سوى مناداتهم بالحرية.ولكن بالنسبة للإنسان الذي يملك ضمير حي يرى أن مايحدث هو مأساة إنسانية حقيقية.مأساة شعب يتعرض إلى أبشع حملة إبادة, كل فرد قتل كل أسرة تم إبادة جميع أفرادها كل جريح وكل معتقل وكل أسير وكل بيت سوي بالأرض وكل بستان زيتون تحمل في طياتها حكاية وطن جريح يذبح, و قصص حياة بشر وكفاح ناس من أجل حياة أفضل خاضوها على مدى عقود طويلة من الزمن.فإن فقدان طاغية دمشق لكافة القيم الأخلاقية والقيام بهذه الأعمال الإجرامية وتدميره الوطن بطريقة بربرية يدل على أنه فاقد لأبسط المشاعر الإنسانية.والسؤال الذي يطرح نفسه أين هي القيم الأخلاقية لقادة دول العالم المؤثرة في السياسة العالمية التي لا تضع حدا لهذه الحرب الجنونية ضد الشعب السوري؟
بالتأكيد المنظومة الأخلاقية للبشرلا تحتاج إلى وضع قوانين واصدار الأوامر من أجل أن يتقيد بها المرء لأنها نابعة من باطن الشخص من أعماق الحس الداخلي.والضمير الحي يدفع بالإنسان القيام بما هو لخيرالأخرين ويلتزم بما يمليه عليه ضميره وأخلاقه الإنسانية بإرادته الحرة.لا أن ترتكب الشرور التي تهين الكرامة الإنسانية أو الدفاع عن هكذا أعمال إجرامية من أجل غايات وأهداف عديدة  ولكنها بالتأكيد لا تدخل ضمن دائرة التصرف أو الموقف الأخلاقي.وكما يعلم الجميع فأن القيم الأخلاقية رافقت مسيرة تطورالإنسان منذ بدأ التاريخ الإنساني.وتكوين هذه المنظومة الداخلية لايمكن عزلها عن الوعي الإنساني أو فصلهما عن بعضهما البعض.والإنسان يعبر بشكل طبيعي عن أخلاقه التي يتحلى بها وهذه لا تحتاج إلى وضع قوانين وضوابط .وإنما مع التطورالإجتماعي في الكون أقتضت الضرورات الإنسانية العالمية والعلاقات الدولية بين مختلف الحضارات بتنوعها الثقافي والتاريخي والديني والعرقي, ونشوء كيان الدول في العالم منذ القدم إلى وضع قوانين أخلاقيات الحياة النابعة في الأصل من مجموع القيم الأخلاقية الباطنية, والتي تحدد كيفية التصرف حيال القضايا والمشاكل والحروب التي تتعرض لها الشعوب .ولذا نجد أن دساتير وقوانين الكثيرمن الحضارات القديمة والحديثة تضمنت هذه المبادىء اي الارتكازعلى اسس منظومة الأخلاق الإنسانية.والمدعومة بالمواقف السياسية المختلفة بالرغم من المصالح المتناقضة الرهيبة بين مختلف الدول وأنظمة الحكم ,لأن جميعها أخضعت مواقفه السياسية إلى منظومة الأخلاق الإنسانية الكائنة في النفس البشري. التي تهتم بالإنسان وكافة القضايا التي تمس حياة الناس في الكون من البيئة حتى الخصوصيات الذاتية للإنسان. ومن أجل ذلك تم  تأسيس الهيئات والمنظمات المحلية والعالمية ,بدأ من عصبة الأمم, والأمم المتحدة وكافة المؤسسات التابعة لها.وقد أكدت جميع الوثائق والقرارات والمبادىء والمعاهدات الدولية على تبني وتطبيق وحماية والدفاع عن منظومة القيم الأخلاقية في العالم والتي يكمن في جوهرها" الإنسان"ذاك الإنسان الذي يحمل في ذاته منظومة أخلاق منذ البدأ.والتأكيد بأن كافة البشر على سطح الكرة الأرضية بتنوعها الفريد تشترك مع بعضها البعض بقيم ثابته أصيلة. وهذه المبادىء المشتركة بين العائلة البشرية يجب أن يحثها على القيام بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية تجاه بعضها البعض.
ولذلك كان حكماء اليونان القدامى يؤكدون بأن الشعورالأخلاقي لدى الإنسان هو في أعلى المراتب من بين كافة المخلوقات وهذه الخصوصية المرتبطة بالوعي أو الإدراك العقلي ميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية.والتأكيد على آولوية الإنسان وحريته وكرامته على السلطة والحاكم.لإن كل شيء يجب أن يكون من أجل الإنسان لا أن يقتل ويهان ويذل ويضطهد ويعذب أو أن يحرم من الحرية والكرامة الممنوحة له في القوانين الدولية والسماوية والطبيعية. والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في عام 1948 يؤكد بأنه في الحرية والعدالة والسلام تتحقق الكرامة الإنسانية.والكثير من المواثيق والمعاهدات الدولية التي تأكد على كرامة الإنسان وحريته وحقوقه القومية والثقافية والإجتماعية والسياسية والإقتصادية والدينية وحرية التعبير عن الرأي.وهذه القيم الاساسية يجب أن تكون متاحة لكل البشر على أختلاف معتقداتهم الدينية والعرقية والسياسية والاجتماعية. وأن صياغة آي قانون أو دستور وطني يجب أن يصون هذه القيم ولا يتعارض معها أو يلغيها بقوانين أخرى جائرة وعنصرية ومضادة لحقوق الإنسان تقضي على قيم الحرية والكرامة الإنسانية. لأن هدف أي نظام يجب أن يكون بناء مجتمع تسوده العدالة ويحافظ على مبادىء تحقيق الكرامة الإنسانية.وهذه القضايا الحساسة الهامة كانت وما زالت أحدى أكثر القضايا المطروحة للبحث في المؤسسات الدولية.
وأنطلاقا مما ذكر فإن حق الدفاع عن هذه القيم حق ممنوح بالشرع السماوي والطبيعي والقوانين الدولية.والشعب السوري يمارس حقه في الدفاع عن نفسه منسجما مع هذه القيم الأخلاقية الإنسانية.وفي مسيرة الصراع المرير من أجل الحرية أن ارتكاب الأخطاء أو إرتكاب الجرائم من بعض الأشخاص أو الأفراد ليست من أهداف الشعب,بل أنها ضد إرادته, وهي بالضد من منظومة القيم الأخلاقية الإنسانية.وهي لا تخدم أهداف الثورة من أجل الحرية وكرامة الإنسان وبناء مجتمع ينبذ العنف بكل أشكاله.أن قتل الأبرياء المسالمين هو عمل إجرامي وينافي كل الشرائع والقوانين الدولية ولا يوجد أي مبرر لقتل الناس بسبب مواقفهم وآرائهم السياسية في آي طرف من أطراف الصراع كان الإنسان.الشعب السوري يقتل بمختلف الطرق الهمجية ويمارس ضده أبشع أساليب العنف البربري وترتكب الجرائم والمجازرالمتكرره في مناطق مختلفة من البلد وعلى مدى أكثر من إثنان وعشرون شهرا.وهذه الحقائق تؤكدها منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وبقية الهيئات والمنظمات الدولية والأقليمية التي تؤكد على إنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان.وهذه الإنتهاكات التي تقوم بها كافة الأجهزة الأمنية والشبيحة والجيش لا تستثني أي فئة عمرية سواء كانوا أطفال أو شيوخ أونساء أو أبرياء.
وأمام هذا المشهد الرهيب الذي يتعرض له الشعب السوري يقف الرأي العام العالمي وقادة الدول المؤثرة في الوضع السوري عالميا وإقليميا موقف المندد والمشجب لهذه الجرائم.ويعقدون المؤتمرات ويصدرون التصاريح المؤيدة لمطالب الشعب السوري بدون إتخاذ أي موقف عملي ينهي معانات الشعب السوري ويضع حدا لهذه الحرب المدمرة لكيان الوطن والشعب.وتحولت  قضية الشعب السوري الثائر من أجل الحرية والكرامة  وبناء النظام التعددي السياسي الذي يحقق المساواة والعدالة بين كافة مكونات المجتمع السوري إلى قضية شعب لاجىء يحتاج إلى بعض الخيم والمساعدات الإنسانية الطبية والغذائية وحتى تلك لا يستفيد منها الغالبية الساحقة من المتضررين الحقيقيين حسب كل المعلومات المتوفرة وعلى مختلف المستويات.
الشعب السوري يريد موقف سياسي أخلاقي إنساني واحد من قادة العالم لإنهاء الحرب الجنونية التي ترتكبها الطغمة الحاكمة. وألا يكفي المتاجرة والصراع من أجل تحقيق مصالح بعض الدول والفئات على حساب حياة الشعب السوري وتدمير وطنه.

98
المنبر الحر / يسوع الطفل الحزين
« في: 15:25 28/12/2012  »
يسوع الطفل الحزين

الدكتور جميل حنا 

ميلاد السيد المسيح كان حدثا عظيما للبشرية جمعاء,لأنها أظهرة محبة الله لبني البشر.فرسالة المحبة تكمن قوتها في مغذاها الإنساني الدائم والراسخ في وجدان البشر منذ الأزل وهي تلامس ضمير كل إنسان منفتح على الأخر الذي يتقبل القيم الإنسانية- المحبة والسلام والتسامح-
بالرغم من إبتعدنا زمنيا عن ميلاد السيد المسيح قبل أكثر من ألفين عام, وكذلك إبتعدنا روحيا عن مغذى ولادة السيد المسيح من مريم العذراء بإعجوبة إلاهية.ألا أنه تبرز اليوم أكثر فأكثر حاجة البشر للتمسك بميلاد الطفل يسوع رمزمحبة الله للبشر.لأن المنظومة الأخلاقية للكثيرين في هذا العالم تحتاج إلى ترميم وإعادة البناء ووضعها في المسلك الصحيح, لكي يسود السلام على الحروب والقتل والدمار,ولكي ينتشر نور المحبة الحقيقية على كل الأنوار الزائفة, وعلى السلاطين أسياد الشرور والبغضاء والكراهية. وأن يوضع حدا لطغيان الحكام الفاسدين والمجرمين القتلة الذين ينشرون الأحقاد والقتل بين البشر في كل مكان.
عيد ميلاد الطفل يسوع حاجة ضرورية لكل البشر لأن كل شخص في هذا العالم له مخزون من طاقة المحبة في قلبه عليه إظهارهذه المحبة بدون خوف, بكل جرأة  لكل الناس بأختيلاف أعراقهم وأعتقاداتهم ومذاهبهم وإنتماءاتهم الوطنية.التجرأ على إظهار المحبة الساكنة في القلب من أجل أن يسود روح التسامح والمساواة والعدالة بين الشعوب ويتم سحق البغضاء والكراهية والإجرام.ولكي يسود السلام بين البشرجميعا ليتمكن الجميع من بناء عالما يمنح الإنسان الحرية والكرامة والحياة اللائقة بعيدا عن كل أنواع المظالم والعبودية بشكلها الروحي والجسدي.
 فرحة ميلاد الطفل يسوع لا تقتصر على الروحانيات والتعبد وسماع التراتيل التي تمجد المولود الجديد والذهاب إلى الكنائس والأديرة ,بل يرافق كل هذا تحضير أحتفالي يشمل تزيين البيوت من الداخل والخارج وتكون شجرة الميلاد التي أصبحت تقليدا منذ بضعة قرون هي درة الزينه المادية أثناء فترة الأعياد.شجرة الميلاد التي تعبر عن فرحة الميلاد للإطفال والكبار.ولكن شجرة الميلاد ليست كما كانت بالنسبة للمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط عامة وخاصة في العراق وسوريا.حيث تضاء شجرة الميلاد بشموع على أرواح ضحايا العنف والحروب, ونور الطفل المولود يسوع يضيء على شرور الطغاة والقتلة المجرمين وخاصة في سوريا حيث الدمار وقصف الأفران بالصواريخ وخطف الأبرياء وإرتكاب المجازر وقتل الأطفال وتدمير البيوت وتشريد الناس والسكن في الخيم و العراء والكهوف.
الطفل يسوع حزين من أجل أطفال سوريا وعذاباتهم وإنتهاك مقدسات الطفولة, ومن أجل المشردين والمسجونين وكافة الأسرى,ومن أجل أطفال العالم من الجائعين والعراة والفقراء الذين يعانون من الأمراض ويتعرضون لكل أنواع الأضطهاد والاستغلال الجسدي والنفسي, والذين يقعون ضحية طمع وجشع النفوس المريضة.
والطفل يسوع حزين من أجل اليتامى والمحرومين من رعاية الوالدين في كنف الأسرة الذين يفتقدون إلى العطف والحنان .الطفل يسوع موجوع من أجل الفقراء والمحرومي والمرضى والجائعين في العالم الطفل يسوع يتألم من أجل آلام كل الناس.الطفل يسوع يتألم بسبب ظلم الطغاة الظالمين والقتلة والمجرمين.
الطفل يسوع هو ملك لكل البشر ولأجلهم لأنه رسالة للجميع وكلمة محبة وسلام للعالم أجمع.يسوع الطفل أتى للعالم ليكون بشارة لإنهاء الاستبداد والعبودية بعيدا عن العنف النفسي والجسدي,وغطرسة السلاطين والحكام بكل تسمياتهم.ومن أجل المساواة بين الفقراء والأغنياء بين النساء والرجال بين الضعيف والقوي المساواة بين الرؤساء والمرؤوسين والعلاقة بينهم أن تقوم على المحبة  والألتزام بالقوانين وتحمل المسؤوليات والواجبات,لا على التسلط والظلم والنهب وسلب الأموال وزهق الأرواح ونشر الجهل والفقر والخوف وترهيب الناس لفرض الهيبة والسلطة بالقوة.
الطفل يسوع حزين من أجل مأساة الشعب السوري.فليكن عيد ميلادك القادم يا طفل المحبة والسلام يا كلمة الله خلاص لكل البشر من براثن الشر.وأن يحل السلام في كل العالم وأن يتوقف الدمار والقتل في سوريا ولتصبح سوريا لكل السوريين بكل مكوناتهم الدينية والمذهبية والإثنية في سوريا حرة تحافظ على كرامة الإنسان وتحقق العدل والمساواة بين الجميع بدون تمييز, من أجل السلام الدائم والراسخ.
                       
 .

99
سوريا بين الحقيقة والخيال 

الدكتور جميل حنا
ما لم يتصوره الإنسان حتى في الخيال أصبح حقيقة واقعية على الأرض تنفذ منذ تسعة عشر شهرا.وهذه الحقيقة المأساوية التي لم تكن واردة في الأذهان لأنها تفوق كل التصورات الشيطانية.بلد يدمرما بناه الأجيال عبر الأزمنه وشعب يقتل بكل أنواع الأسلحة الفتاكة ويهجر إلى خارج الأوطان ويشرد في أرض الوطن في كل مكان. تسعة عشر شهرا وإبادة الشعب السوري لا تتوقف, أكثر من خمسة وثلاثين ضحية ومئات الآلاف خارج الوطن والملايين المشردة داخل الوطن. أما بسبب تدمير سكناهم أو هربا من قصف الطائرات بالصواريخ وبراميل المتفجرات الملقات من الطائرات على السكان والواقفين أمام الأفران لجلب رغيف الخبز. عشرات الآلاف المفقودين والمعتقلين لدى الأجهزة القمعية لنظام بشار.
هل كان أحدا يتخيل حتى في أسوأ حالاته النفسية أو تحليلاته السياسية اللامحدودة في الخيال قبل عشرين شهرا يتصور أن يكون طاغية الشام بهذه الكراهية يحرق البلد ويدمره ويقتل الأطفال والنساء والشيوخ والعزل من الناس بحجة محاربة المسلحين من أجل البقاء في السلطة مدى الحياة كما هو الحال في النظام العلماني الأسدي ليورث من بعده السلطة لأبنه الأسد الثاني في جمهوريتهم الوراثية كما ورثه من مملكة أبيه الجمهورية العربية السورية.
الواقع السوري الأليم والمأساوي إلى حد يصعب على المرأ وضعه في خانة الحقيقة على الأقل بالنسبة لمن يملك قليل من القيم الإنسانية والأخلاق وقليل من نواميس الشرائع السماوية.
ومن كان يتصور في يوما من الأيام بأن شعار يطرح من قبل شبيحة النظام أما الأسد أو نحرق البلد يصبح حقيقة تطبق يوميا على الشعب السوري حيث يتم حرق الأخضر واليابس كرمال عيون بشار.
أما نيرون وأما حرق البلد! نيرون أفتعل حريق روما من أجل القضاء على المسيحيين في عام 64 ميلادية.وكان نيرون ينظر من برج عال إلى روما وهي تحترق  وهو كان في قمة السعادة ويستمتع بمنظر روما وهي تحترق, وقد أحترق عشرة أحياء من أربعة عشر حيا آنذاك ونيرون في يده ألة طرب جالسا يغني أشعار هوميروس التي كتبها عند حريق طروادة وهو لم يفعل شيئا لأخماد النار.هلك في هذا الحريق أكثر من مائة ألف إنسان ومن بينهم رسل السيد المسيح بولس وبطرس.أتهم المسيحيين وأدعى أنهم يكرهون روما بدأ يلهي الشعب بالقبض وإضطهاد المسيحيين سيقوا إلى الموت بمنتهى الوحشية فالبعض وضع في جلود الحيونات وألقوا بهم إلى الكلاب المسعورة والبعض الآخر ألقوهم للحيونات الكاسرة المفترسة والبعض صلبوا وآخرون أشعلوا فيهم النار بعد طليهم بالقار والدهون أحياء وعلقوا مثل المشاعل في حديقة قصر نيرون الذي كان يستمتع مع ضيوفه بهذه المشاهد.أستمر أضطهاد المسيحيين الدموي أربعة سنوات وفي هذا الأثناء كان نيرون مزهوا بإنتصاراته فكان يغني(أنا نيرون الجبار أقتل من أشاء وأملك من أريد وأقطع الأعناق وأسفك الدماء...والجميع يخضع لمشيئتي لأني سيفا حادا أقصم ظهورهم ونار هائلة تحرق أجسادهم, أنا نيرون الجبار). وبشار يفتعل الحجج في محاربة الإرهابيين من أجل القضاء على الشعب السوري لأنه طالب بالحرية والكرامة. وهل محاربة مجموعات إرهابية يتطلب تدمير الوطن وقتل الناس الأبرياء بعشرات الآلاف.أليس هذا النظام من أدخل عناصر القاعدة الإرهابية إلى سوريا وقدم الدعم اللازم لها من تدريبات ومتفجرات وأرسلها إلى العراق ليفجر الكنائس والأديرة ويخطف رجال الدين وغيرهم وذبحهم وتفجير المساجد والأسواق التجارية والمدارس والأماكن العامة ووسائل الموصلات وقتل العشرات الآلاف من الناس الأبرياء.
هذا النظام حليف للإرهابيين عندما يخدمون مصالحه, وهم ورقته الإعلامية الرابحة أمام الرأي العام العالمي عندما يستخدمهم كأعداء.هذا النظام الذي هيأ مجموعات  إرهابية في لبنان وأستخدمها من أجل مشاريعة المدمرة في المنطقة.وأن قضية ميشيل سماحة والكثيرين من قبله من مجموعات إرهابية يؤكد على دور النظام السوري وأجهزته القمعية في صناعة الإرهاب من أجل الحفاظ على سلطته وزرع الرعب والخوف والقتل في كل مكان تطال يده إليه.وهذا النظام الأكثر دموية خلال أكثر من أربعة عقود وهو يمارس إرهاب السلطة الدموية على الشعب السوري.
فأذا الإرهاب صناعة محلية في المقام الأول والفائض منه للأستخدام الخارجي من أجل تحقيق أهداف محددة لصالح من أنشأه. وهذه المجموعات الإرهابية عندما تنقلب على مؤسيسها من الأنظمة المستبدة والعنصرية والظلامية تبدأ هذه الأنظمة بمحاربة الشعب, بدل أن تحارب الإرهابيين فعليا وتجنب السكان الأبرياءمن القتل.والغالبية الساحقة من أبناء الشعب والذين يقتلون لا صلة لهم بهذه المجموعات الإرهابية.والنظام يعمل ليل نهار بكل الوسائل الأعلامية والعسكرية وأجهزته القمعية على تدمير الوطن وزرع الفتنة الدينية والطائفية والقومية بين مختلف مكونات الشعب السوري ودفع البلد نحو حرب أهلية مدمرة للجميع.ما ذنب الناس الأبرياء الواقفين في طوابير طويلة أمام الأفران من أجل الحصول على ربطة خبز يطعموا بها فم أطفال جائعين, ومن ثم تسقط عليهم براميل المتفجرات وصواريخ الطائرات تحولهم إلى إشلاء متناثرة .
منذ إندلاع ثورة الشعب السوري ضد الإستبداد تعددت الأراء حول توصيف الحالة المأساوية التي يعيشها أبناء سوريا, وأختلفت مواقف االدول بهذا الشأن وكل حسب مصالحه قدم الوصفة التي تنسجم مع مصالحه.وأهم هذه المواقف الدولية هي إدانة من الغالبية العظمى من دول العالم ومؤسساته الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان للنظام السوري بإرتكابه مجازر إبادة ترتقي إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية. ولكن بدون أن ترتقي هذه المواقف إلى درجة تصل إلى مستوى الضغط الحقيقي لإيقاف المجازر التي ترتكب بحق الشعب السوري.بل على العكس من ذلك لقد حصل النظام على الضوء الأخضر من الدول الكبرى بإيجاز قتل السوريين بكل أنواع الأسلحة بإستثناء الأسلحة الكيميائية أليس هذا تواطئ من هذه الدول مع النظام.أليس هذه إزدواجية في المعايير الأخلاقية والسياسية وأين مبادئ الدفاع عن حقوق الإنسان وكافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تأكد على حماية المدنيين.أليس على حق كل هؤلاء الذين يتحدثون عن مؤامرة كونية ضد الشعب السوري وثورته المشروعة ضد الإستبداد.هل كان يتصور الكثير من الناس بأن يبقى العالم صامتا أمام هول الفظائع التي يتعرض لها الشعب السوري.هل كان يتصور أحدا بأن يحرم هذا الشعب من وسائل الدفاع عن نفسه, وخاصة من هؤلاء الذين يدعون بأنهم أصديقاء الشعب السوري, والقسم الأخر الذي يدعوهم باالأشقاء.هناك فرق شاسع بين مواقف هؤلاء جميعا في وسائل الإعلام وبين الحقائق على الأرض .الشعب السوري كان ينتظر دعما حقيقيا للتخلص من النظام الديكتاتوري وبناء دولة علمانية مدنية تحكم بحسب دستورعصري يؤمن الحقوق الدينية والمذهبية والقومية لكافة مكونات الشعب السوري .لا أن تتحول إلى مملكة الظلام تحكمها البغضاء والتعصب الديني والمذهبي والقومي وذلك بسبب إمادة فترة الحرب على الشعب ربما لسنوات طويلة وتأثير ذلك على مختلف مكونات المجتمع من كافة النواحي. وكذلك بسبب تخاذل الدول الكبرى المؤثرة في مجريات الأمور وكذلك دول المنطقة التي بقي موقفها منسجما من الناحية العملية مع مواقف هذه الدول.
كلما طالة فترة عمر النظام كلما أزدادت الحساسيات الدينية والمذهبية والقومية وأزداد الشرخ والإنقسامات في المجتمع السوري. وعندها يبدأ كل طرف إتهام الطرف الآخر بإتهامات باطلة لا تمس إلى الحقيقة بأي شئ. ربما ترى بأنها فشلت في تحقيق ماتريده حتى الآن ولذلك تحمل الأخرين المسؤولية بدون أن يكون لها نظرة واقعية لتعقيدات الوضع داخليا وخارجيا, ومواقف بعض المجموعات ضمن العارضة بحد ذاتها يكون موضع شكك من قبل أطراف أخر. ومثل هذه المواقف تدفع بالأمورأكثر فأكثر إلى التأزم وهذا ما يسعى النظام إلى تحقيقه. ويجب العمل على التخلص من هذه السلبيات والعقلية التي لاتنفع لبناء دولة الحرية والكرامة.
قوى المعارضة السياسية التي لها مشروع سياسي لبناء دولة عصرية تحترم حقوق الإنسان وكذلك الجيش السوري الحرمطلوب منها التأكيد بأن هذه هي ثورة الشعب السوري بكل مكوناتهم الدينية والمذهبية والقومية من أجل التخلص من نظام الإستبداد.إنها ثورة من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية للجميع على قاعدة المساواة بدون تمييز, والصد ومحاربة كل موقف لا ينسجم مع مواقف الثورة.وكما أكدنا مرارا نبذ وإدانة كل عمل وسلوكية تهدف الإساءة إلى أهداف الثورة الشعبية,أو تمزق الوحدة الوطنية,وتمارس العنف والتعصب ضد مدنين عزل, وهذا هو بالنقيض من أهداف الثورة.وأن التعايش الوطني المشترك بين مختلف مكونات المجتمع في إطار الأحترام المتبادل على أسس دستورية تضمن الحقوق المتساوية للجميع هي الضمانة الوحيدة لبناء دولة عصرية متقدمة ومزدهرة, تصون الحقوق الشخصية لكل إنسان.
إننا عبرنا سابقا والآن عن هاجسنا وقلقنا حيال ما يحدث من فظائع أليمة يتعرض لها الشعب السوري. وقوفنا ودعمنا ومشاركتنا في صفوف الثورة من أجل الحرية والتخلص من الظلم ونظام الإستبداد, لآ يعني القبول والتحول تحت أي ذريعة كانت إلى ظلمة وظلام وعبودية وإستبداد من أي نوع كان أو تحت أي رداء أسود آخر.
مصدر.:ويكيبيديا.


100
الدكتور جميل حنا

مذابح الشعب السوري,بشار وقسم أبيقراط

توصيف المذابح في القانون الدولي واضحة وضوح الشمس وهي بإختصار شديد كالتالي وتُعرًف المجازر ضد الإنسانية بانها أي فعل من الأفعال المحظورة والمحددة في نظام روما متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد اي مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن هذه الأَفعال: القتل,إلحاق آذى جسدي أو روحي خطير بالجماعة,إخضاع الجماعة,عمدا لظروف معيشية يراد منها تدميرها المادي كليا أو جزئيا, فرض تدابير تستهدف الحؤول دون الإنجاب,نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.وبناء على توصيف القانون الدولي إن ما يجري في الحالة السورية الراهنة من عمليات إجرامية عسكرية ضد الشعب هي مذابح ترتقي إلى مستوى مجازر ضد الإنسانية. وهو ما أكدته منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وفق معاينتها للأوضاع الجارية في سوريا.وأكدة (لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا الذي عرض في جنيف يتضمن أدلة دامغة ضد نظام دمشق,الذي أرتكب جرائم غير مسبوقة, وتجمع عناصر كافية لإثبات إرتكاب النظام السوري وميليشياته جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب على نطاق واسع).منذ إندلاع الثورة السورية على مدى ثمانية عشر شهرا سقط حتى الآن ما يقارب ثلاثين ألف قتيلا على يد القوات العسكرية والشبيحة والأجهزة القمعية.إذا قتل المواطنين أي المجازر الجماعية التي أرتكبها النظام السوري في الحولة, والترميسه, وداريا,ويرتكبهافي كافة المناطق السورية هو عمل مخطط ومنظم يستهدف إلى قتل الناس المتظاهرين سلميا وضد الثوار المدافعين عن حرية الشعب والوطن بهدف إخضاع الثائرين وإنهاء الثورة,لكي تتوقف مطالب الشعب السوري الداعية إلى إسقاط بشاروإنهاء حكم الطغيان في سوريا.
لا يوجد أي شك لدى الغالبية الساحقة من أبناء الشعب السوري والكثير من شعوب العالم, بأن نظام الإستبداد في دمشق هو الذي يرتكب المذابح بحق الشعب السوري على مدى ثمانية عشر شهرا منذ إندلاع الثورة.وما تأكيدات منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بعد توثيقها بالأدلة الدامغة على صحة الحقائق الميدانية التي كان الشعب السوري يأكدها و يطلق صيحات الإستغاثة إلى المنظمات والهيئات العالمية والرأي العام العالمي من اجل إيقاف هذه المجازر البشعة في كافة أنحاء سوريا والتي يرتكبها النظام بكل همجية لا توصف.إن مقتل مايقارب من ثلاثين ألفا وعشرات الآلاف من المفقودين والمعتقلين وما يقارب من ثلاثمائة ألف من المهجرين قسرا والفارين من العمليات العسكرية إلى الدول المجاورة وأكثر من مليونين مهجرداخل الوطن.هذه الأعداد الهائلة من الضحايا وهي في زيادة مستمرة كل يوم ليست نتيجة تمثيلية هزلية يقوم بها الشعب السوري لكسب عطف بعض الناس في العالم. بل هو نتيجة القتل الممنهج الذي تنفذه الطغمة الحاكمة بالطائرات الحربية وإلقائها بالصواريخ وبراميل القنابل على المناطق الأهلة بالسكان ودك المدن والبلدات براجمات الصواريخ والمدافع والدبابات وبكل أنواع الأسلحة المتوفرة لدى النظام لإركاع الشعب وإنهاء ثورته المشروعة.
السؤال الذي يطرح نفسه على كل إنسان,على من تقع مسؤولية كافة هذه الجرائم؟
حسب المنطق والمواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية وكل الأعراف المتعارفة عليها في العالم إن سبب الفشل كما النجاح تعود إلى المسؤول, بغض النظرعن مرتبته الوظيفية وكل يتحمل المسؤولية حسب المنصب الذي يشغله, سوى كان رئيس دولة أو قائد الجيش أو مدير معمل أو ألخ...وهو يتحمل المسؤولية الكاملة من أجل ذلك.
ومن هذا المنطلق لنرى من يتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية عما يجري في سوريا!
بشار الأسد وقسم أبيقراط! الأطباء في الكثير من بلدان العالم عند تخرجهم من كلية الطب البشري يقسمون بشرف مزاولة مهنة الطب.وهذا التقليد متعارف علية منذ العصور القديمة في الأمبراطورية البيزنطية وكان أشهروأعظم أطباء ربما لعصور طويلة أبيقراط وكان يلقب بأبو الطب وضع هذا القسم الشهير.وقسم أبقراط هو نص عادة ما يقسمه الأطباء قبل مزاولتهم لمهنة الطب.تجدر الإشارة أنه توجد على غرار هذا القسم نصوص أخرى تختلف حسب البلدان والهاجس الديني مثل على سبيل الذكر: ميثاق الشرف النقابي العربي،رابطة الأطباء في فرنسا, وبقية البلدان في العالم حسب عاداتها وثقافتها.والقسم هو على الشكل التالي:(أقسم بالطبيب أبولو وأسكليبيوس وهيجيا وبانكيا وجميع الأرباب والربات وأشهدهم، بأني سوف أنفذ قدر قدرتي واجتهادي هذا القسم وهذا العهد. وأن أجـعل ذلك الذي علَّمني هذا الفن في منزلة أبويّ، وأن أعيش حياتي مشاركًا إياه، وإذا صار في حاجة إلى المال أن أعطيه نصيبًا من مالي، وأن أنظر بعين الاعتبار إلى ذريته تمامًا كنظرتي إلى إخواني وأن أعلمهم هذا الفن -إذا رغبوا في تعلمه- دون مقابل، وأتعهد أن أعطي نصيبًا من التعاليم الأخلاقية والتعليمات الشفهية وجميع أساليب التعليم الأخرى لأبنائي ولأبناء الذي علَّمني وللتلاميذ الذين قبلوا بالعهد وأخذوا على أنفسهم القسم طبقًا لقانون الطب، وليس لأي أحد آخر. ولن أعطي عقارًا مميتًا لأي إنسان إذا سألني إياه، ولن أعطي اقتراحًا بهذا الشأن. وكذلك لن أعطي لامرأة دواءً مجهضًا. وسوف أحافظ على حياتي وفني بطهارتي وتقواي. ولن أستخدم الموسى حتى مع الذين يعانون من الحصوات داخل أجسامهم. وسوف أتراجع لمصلحة الرجال المشتغلين بهذا العمل. وأيا كانت البيوت التي قد أزورها، فإنني سأدخل لنفع المريض، على أن أظل بعيدًا عن جميع أعمال الظلم المتعمَّد، وجميع الإساءات وبخاصة العلاقات الجنسية سواء مع الإناث أو مع الذكور أحرارًا كانوا أو عبيدًا. وسوف أظل حريصًا على منع نفسي عن الكلام في الأمور المخجلة، التي قد أراها أو أسمعها أثناء فترة المعالجة وحتى بعيدًا عن المعالجة فيما يتعلق بحياة الناس، والتي لا يجوز لأحد أن ينشرها. فإذا ما وفيت بهذا القسم ولم أحِدْ عنه، يحق لي حينئذ أن أهنأ بالحياة وبالفن الذي شَرُفت بالاشتهار به بين جميع الناس في جميع الأوقات؛ وإذا ما خالفت القسم وأقسمت كاذبًا، فيجب أن يكون عكس هذا نصيبي و جزائي)
بشار الأسد خريج كلية الطب البشري فهو طبيب قبل أن ينصب رئيسا وراثيا جمهوريا بعثيا غير شرعي على سوريا وشعبها.وبحكم مهنته يفترض أنه أثناء تخرجه أقسم بشرف مزاولة مهنة الطب.وأي كان القسم الذي آده عند تخرجه سوف لن يكون مغايرا في جوهره عن قسم أبيقراط.ومن هذا المنطلق سنأتي على بعض الأفكار الواردة في هذا القسم ومدى إلتزام بشار الأسد بها كطبيب.
ما هي التعاليم الأخلاقية التي يقدمها بشار للشعب السوري والرأي العام العالمي عندما يقوم بقصف المدن والبلدات بكافة أنواع الأسلحة ويقتل الأطفال الرضع والنساء والشيوخ والناس العزل ويتهم كل من يعارض حكمه بالمندسين والعملاء والخونه ومواطنين غير صالحين وعصابات مسلحة.ألا يرتكب بشار الظلم والقتل بحق الأبرياء الذين لا دخل لهم في العمل العسكري.إلا يدمر بيوت الناس على رؤوس قاطنيه وهم بنوها بعرق الجبين ودم القلب على مدى عقود من الزمن... ولن أعطي عقارًا مميتًا لأي إنسان إذا سألني إياه...على مدى ثمانية عشر شهرا قدم بشار التعذيب والقتل للأطباء الذين قدموا المساعدات للجرحي وعلاج الناس وهم يقومون بعملهم الإنساني وألتزموا بأخلاقيات وشرف المهنة, وهم يعالجوا الصديق والعدو وتم تصفية الجرحى في المستشفيات الميدانية والعادية بدل أن يقوم بمعالجتهم.هل بهذا الشكل يتدخل لمنفعة المرضى!
.. ..وكذلك لن أعطي لامرأة دواءً مجهضًا...حسب تقارير المنظمات الحقوقية العالمية ومنظمات الإغاثة الدولية إن أكثر من مليونين من الناس تم تهجيرهم قسريا من بيوتهم نتيجة القصف الممنهج والعشوائي على المناطق الأهلة بالسكان ودمرت مساكنهم.وبشار قدم عقارالصواريخ والقنابل والنار إلى عشرات الآلاف بل مئات الآلاف منهم نساء وأجهض أعداد غير محدودة بسبب ذلك.سوءال أخيرفي هذا الصدد هل أخلص بشار لزملاء المهنة ومن علموه مهنة الطب. .. وإذا ما خالفت القسم وأقسمت كاذبًا, فيجب أن يكون عكس هذا نصيبي و جزائي...وسأكتفي بهذا القدر مما جاء في القسم وأنتقل إلى القسم الرئاسي.
خطاب القسم الذي آداه بشار الأسد أمام جلسة مجلس الشعب في اليوم السابع عشر من شهر تموز عام 2000,أكد على حماية والدفاع عن سيادة الوطن وإستقلاله, وأن يعزز رفعته وأن يراعي مصالح الشعب وينجز الرفاه, وترسيخ الوحدة الوطنية ,وتحقيق الإصلاح والديمقراطية في سوريا.هل حقق بشار الأسد أي من وعوده أم حدث عكس ذلك تماما.لم يتم ترسيخ قيم الديمقراطية في المجتمع ,بل رسخ نهج الإستبداد وحكم الفرد المطلق أي الاستمرار بما كان قائما من حكم ديكتاتوري فردي كما في العقود الماضية. وبدل الوحدة الوطنية الإنقسام بين مختلف مكونات الشعب السوري ومحاولات زرع الفتنة الطائفية.وبدل الإصلاح السياسي التمسك بالحكم الديكتاتوري,نهب خيرات الوطن إتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء,الفساد الإداري والمالي والقضائي.وما يحصل اليوم في سوريا هو نتيجة السياسة الفاشلة حيث هناك خرق خطير لسيادة الوطن وإستقلاله الفعلي ويتعرض أمن الوطن والمواطن إلى إنتهاكات خطيرة تهدد وحدة كيان الوطن.
وفي الختام نقول من فشل أمام إلتزاماته أمام القانون الدولي والمواثيق والمعاهدات الدولية , وقام بعمليات إبادة جماعية ضد شعبه وأرتكب الجرائم البشعة. لا يستحق أن يكون رئيسا لسوريا وشعبها العريق.
الإنسان الذي لا يلتزم بأخلاقيات ممارسة مهنة الطب وخنع بالقسم , وتجرد من المشاعر الإنسانية تجاه شعبه لا يصلح أن يكون رمزا.
الإنسان الذي لم يطبق أي فقرة أو بند من بنود القسم أثناء تنصيبه رئيسا رغم إرادة الجماهير الحرة ولم يلتزم ببنود الدستور الوطني,تحقيق مصالح الوطن والشعب.
من فشل قانونيا وأخلاقيا ودستوريا عليه الرحيل وترك الوطن والشعب بسلام.
المصدر:ويكيبيديا


101
مجازر إبادة المسيحيين في بلاد مابين النهرين
  " الدم المسفوك" الجزء الثاني
             

الدكتور جميل حنا
في الذكرى السابعة والتسعين لمجازر إبادة المسيحيين في السلطنة العثمانية التركية التي تصادف في الرابع والعشرين من نيسان نقدم عرضا ملخصا في هذا الجزء عن كتاب "الدم المسفوك" للمؤلف عبد المسيح قره باشي.الذي يعرض وقائع تاريخية عن مجازر الإبادة العرقية التي تعرض لها المسيحيون في بلاد مابين النهرين أثناء فترة الحرب الكونية الأولى 1914- 1918.وسقط في هذه المذابح الرهيبة أكثر من نصف مليون من أبناء الأمة الآشورية من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق وكنيسة السريان الكاثوليك والبروتستانت.وكما خسر الشعب الأرمني في هذه المجازر الرهيبة مليون ونصف من الشهداء على يد السلطات العثمانية وأستشهد مئات الآلاف من اليونان وقتل كل هؤلاء بسبب عقيدتهم الدينية وإنتمائهم القومي.                           
في الجزء الأول من الكتاب تطرقنا إلى السيرة الذاتية و بشكل مختصر جدا لحياة المألف البارع, وأهم أعماله في خدمة شعبه والإنسانية.وكذلك خدماته في مجال التعليم وتوثيق الحقائق التاريخية التي عاصرها لتبقى شاهدا حيا على معاناة شعوب تعرضت للظلم والقتل الجماعي على أسس عرقية ودينية.وليكن هذا الكتاب كغيره من الكتب والمؤلفات التي بحثت في مواضيع التطهير العرقي حافزا لكل إنسان شريف في هذا الكون, بغض النظرعن إنتماءه الديني او العرقي الإمعان بروح عالية من المسؤولية الإنسانية بإن هذه الأعمال الإجرامية تنافي القيم الإنسانية والشرائع السماوية والقوانين والمواثيق الدولية.الجرائم التي ترتكب بحق البشر مدانة تحت أي حجة كانت سياسية أو دينية او عرقية او على أساس المصالح الإقتصادية أو من أجل السلطة كما يحدث في منطقة الشرق الأوسط في وقتنا الحاضر.وقد أكدنا مرارا ان ذكر الوقائع التاريخية الحقيقية ليست بهدف زرع الكراهية بين الشعوب. بل بالعكس هي من أجل يقظة الجميع والإرتقاء بالوعي الإنساني والأخلاقي بمنع إرتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة لأننا جميعا أخوة في الإنسانية ولنعمل سويا من أجل البشرية كلها والعيش بسلام ومن أجل مستقبل أفضل لكافة الشعوب في هذا الكون.
التعصب الديني والقومي والكراهية  والأحقاد لا تجلب إلا الدمار والخراب والتخلف.وهذه لا تأتي إلا بفعل التخلف العقلي والجهل وثقافة إزدراء الأخرين, والنظرة الفوقية,ومنح الذات بدون رادع أخلاقي حق الإقرارعلى مصائر حياة الآخرين. ومصادرة حق الآخرين في الحياة الحرة, وسلب أموالهم وممتلكاتهم بكافة أنواعها.هذه المنظومة الفكرية السائدة كانت وما زالت تقف خلف الأعمال البربرية التي يقوم بها الكثير من الناس لإرتكاب جرائمهم ضد المسيحيين في بلاد ما بين النهرين. وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا في العراق وخاصة في شمال العراق.حيث يتعرض الشعب المسيحي من الكلدان والآشوريين والسريان والكاثوليك والبروتستانت إلى حملة تطهير عرقي عبر حملات التغيير الديمغرافي التي تفرض بقوة السلطات المحلية والمركزية.إذا الشعب المسيحي مستهدف من قمة الهرم السلطوي مرورا بإحزاب ومؤسسات وأفراد تسعى لإنهاء الوجود الديني والقومي للمسيحيين في العراق.
هذا المنهج الفكري والسلوكي كان أحدى الأسباب الرئيسية بإرتكاب مجازر التطهير العرقي ضد المسيحيين في الأمبراطورية العثمانية.والعامل الثاني هوالصراع  بين مختلف القوى العالمية والإقليمية والمحلية من أجل النفوذ والسيطرة على الأرض التاريخية للآشوريين السريان.
كان إندلاع شرارة الحرب الكونية الأولى بين النمسا وصربيا إثر إغتيال ولي العهد النمساوي وزوجته في صربيا ومن ثم إنضمام المانيا وحليفتها تركيا إلى جانب النمسا.كما دخلت روسيا وإنكلترى وفرنسا في الحرب وبذلك تشكل مجموعة دول المحور ومجموعة دول الحلفاء.هذه الحرب التي بدأت تغير ملامح الكون وخاصة في بلاد مابين النهرين. حيث كانت الحرب كارثية على الشعب الآشوري السرياني بسبب الإبادة العرقية التي تعرضوا لها في السلطنة العثمانية على يد السلطات العثمانية والغالبية الساحقة من قوى العشائر الرجعية الكردية المتحالفة مع العثمانيين.وقد قضت مجازر الإبادة العرقية الجماعية على أكثر من ثلاثة أرباع عددهم,وكاد أن يقضى نهائيا على وجودهم. وكانت من النتائج النهائية للحرب تقسيم الأرض التاريخية للشعب الآشوري السرياني وبذلك تقسيم من تبقى من هذا الشعب بين كيان عدة دول في المنطقة منها تركيا والعراق وسوريا وإيران.كانت الأوضاع في السلطنة العثمانية إبان إندلاع الحرب الكونية الأولى صعبة من النواحي الإقتصادية والعسكرية والإضطرابات الإجتماعية كانت تعم في عموم السلطنة وسئمت الشعوب العيش تحت ظلم العثمانيين وأنتفضت من أجل التحرروالتخلص من العبودية التي كانوا يعيشونها .كل هذه الظروف لم تكن عائقا أمام السلطنة العثمانية الدخول في الحرب وذلك بتشجيع من حليفتها ألمانيا إذ قامت بتزويدها بالمال وبكافة أنواع الأسلحة اللازمة والدعم العسكري البشري للإشراف وتدريب الجيش العثماني التركي. وكان التحالف وطيدا بين العثمانيين والألمان. حيث كانت السلطنة العثمانية تتبع الألمان حتى درجة الخضوع التام. وكان الملك غليون يؤكد ويصرح علنا قائلا "ليتأكد الثلاثمائة مليون مسلم المنتشرين في كل المسكونة أن قيصر ألمانيا هو صديق مخلص للمسلمين مدى الحياة " وكانت السلطنة العثمانية يحكمها آنذاك أنو رباشا وطلعت باشا وجمال باشا وكانت الأمبراطورية كلها ألعوبة في أيديهم وخاصة أنور باشا, وصار هو الأخر خادما ومنفذا لمشيئة ألمانيا.
هنا نتطرق إلى بعض الوقائع التي يذكرها شاهد العيان مؤلف الكتاب عند إندلاع الحرب وهو يأتي على أدق التفاصيل والأسماء ولكننا سنكتفي بأخذ ملخصا عنها.
( وما أن بدأت الحرب حتى بدأوا بجمع المؤن وسلب المواشي حيث كان الجنود يهجمون على البيوت ويستولون وينهبون كل ما يوجد من مواد غذائية وخاصة السمن.يوم الخميس 15 ت2 رفعت أعلانات في المدن مكتوبا عليها : صدرت أوامر ملكية أنها حرب مقدسة ضد فرنسا وإنكلترا وروسيا. يوم الخميس 18 شباط 1915 صدر أمر بقتل وإعدام أثني عشر شابا من قرية قره باش.بعد قتل شباب قره باش الأثني عشر وعدم نجاح مطران الأرمن بتجنيبهم كأس الموت, إن كان بدفاعه القانوني المستميت أو المال الذي تعهد بدفعه للحكومة, هناك أقتنع المسيحيون أن يد الشر أستفحلت, ولا سيما وقد عاينوا الضباط الألمان والنمساويين أية معاملة سيئة يعاملون المسيحيين ويعذبونهم ويقتلونهم على الرغم من شعور المسيحيين أن هؤلاء النمساويين والألمان هم مسيحيون, ولكن لسوء الحظ لم يكن للمسيحية في قلوب هؤلاء الظالمين أي مكان, بل كانوا أعداء المسيح وهم ينتمون إلى المسيحية بالأسم فقط.بل كانوا يحرضون المسلمين على قتلهم,خاصة وأنهم لم يحرزوا أي إنتصار على أعدائهم الإنكليز والفرنسيين, وكانوا ينسبون كل هزيمة لهم إلى المسيحيين أبناء الأرض والبلد).التاريخ يعيد نفسه لو قدر للكاتب أن يعيش حتى الإحتلال الإمريكي للعراق 2003 لكان شاهد ذات المواقف المأساوية لشعبه عندما كان يقتل المسيحيون على يد القوى الدينية والقومية العنصرية المتسلطة على الحكم في العراق , أتى بهم الأمريكان على ظهر دباباتهم وكذلك على يد المجموعات الإرهابية, ولم يحرك الأمريكان ساكن لحماية المسيحيين العزل ,للإلا يثير حفيظة حكام العراق الجدد الذين آستمادوا في قتل المسيحيين وتهجيرهم قسرا وفرض التغيير الديمغرافي لإنهاء وجودهم كليا.
الكاتب يتطرق إلى المؤامرات التي كانت تحاك ضد المسيحيين ومن ثم يبدأون بإضطهادهم وطردهم من بيوتهم وسوقهم إلى المنفى وتصفية كثيرين بقتلهم ظلما وعدوانا وبدون رحمة وصولا إلى الإبادة الجماعية, فازداد الشر وتضرجت السيوف بالدماء النقية البريئة وسادت الوحشية التي لا يستطيع ان يصفها قلم.وسالت الدماء ونهبت أموالهم واملاكهم ومقتنياتهم وهدمت الكنائس والأديرة وأحرحقت القرى ,احياء المسيحيين بشكل لم يعرف له مثيل.
ويقول الكاتب هذه المشاهد الحاقدة المجرمة القاسية الظالمة المتوحشة,قادتني ان أتوقف عن تصويرها بقلمي, ولم يبق لي مجال لأعبر وأرسم صورة هذه الجرائم. وعليه قررت أن أنتقل من الكتابة عن الاضطهادات العامة إلى الاضطهادات الفردية.
ويستمر الكاتب بتوصيف الحالة المأساوية التي يعيشها شعبه المغلوم على أمره من كل حدب وصوب إذ يذكر(أقول ان هذه المظالم التي أصابت شعبنا المسيحي من أيدي هؤلاء المجرمين الألمان والنمساويين والعثمانيين والأكراد وحلفائهم والأشرار, من يستطيع ان يدونها!)..............
( وليتأكد القارىء العزيز ان القرن العشرين الذي توسمنا فيه خيرا ومدنية ورقيا وصولا إلى الحرية والنور,قد أفرز هذا القرن,وأسفاه, وحشية وتجاوزت وحشيات عصور كثيرة عبرت ومضت. فالحيوانات المفترسة في الغابات والقفار والبراري لم تتصرف ولن تتصرف بفظاعة هؤلاء المجرمين المتوحشين. ولا حول  لنا ولا قوة إلا بالله الحنون.......
القتل والإبادة, (يوم الجمعة 9 نيسان 1915 ,أمر والي ديار بكر (الياور) أي مرافقه المدعو (شاكر بك) الجركزي وكتيبة الجيش والعسكر, أن يلقوا القبض على وجهاء المسيحيين والمسؤولين عنهم ورؤسائهم,..أعتقلوا ألف ومئتي رجل ووضعوهم في مكان يدعى (مسافر خانة)...فبدأوا يكوون بعضهم بأسياخ حديديةنارية, وبعضهم يقطعون أصابعهم وغيرهم يقلعون أظافرأيديهم وأقدامهم بكلبتين وبعضهم يقطعون آذانهم وهم أحياء.وبهذه الوسائل الإجرامية عذبوا أسراهم ... وفي يوم 25 من نيسان  أخذوهم في قوارب في نهر دجلة  وبعد مسيرة يومين أوصلوهم إلى قرية قرية المجرم (عمركي) التي تدعى (شكفته) وهناك نقلوهم إلى شاطىء النهر.وبعد أن عروهم من ثيابهم وكل ما كانوا يحملون ذهبوا بهم إلى واد عميق وهناك قتلوهم ببنادقهم وأحرقوا جثثهم ولمدة ثلاثة أيام كان الدخان يملأ المكان. وما أن عاد العسكر أمر بالقبض على خمسمءة رجل أخر وخرجوا بهم إلى ظاهر المدينة, وبدأوا يقتلونهم, وهكذا امتلأت الوديان والسهول والأبار بجثث هؤلاء القتلى, شهداء الإيمان. وتلوث جو المنطقة بروائح الجثث وآثار جراءم هؤلاء الوحوش...
ويتحدث الكاتب عن أعمال السخرة والأعمال الشاقة والتعذيب الوحشي والمجاعة التي يتعرضون لها حتى الموت.
هجرة المسيحيين والقتل في مدينة ديار بكر,..صدر أمر بإجلاء العائلات الأرمنية من آمد( ديار بكر) وفي كل يوم كانوا يسوقون أربعين أو خمسين عائلة أرمنية...وكان الجنود يرافقونهم إلى مدينة (دارا) مابين ماردين ونصيبين. وفي تلك البقعة كانوا يقتلونهم ويلقون بجثثهم في الآبار...(ولم يكن قتلهم طبيعيا, بل كانوا ينادون ويدعون الطغاة والظالمين والأشقياء من القرى الكردية,المعدومين من كل أنواع الرحمة. ويبدأون بقتلهم متفننين. فمنهم من يقتلونهم بالفؤوس وغيرهم بالسيوف وكثيرين بالمطارق والمكالب والمنشار.والأصوات تتعالى وتستغيث وليس من يجيب والذي قدره الله ورحمه ألقى بنفسه في الآبار, ليموت أفضل من هذا العذاب القاسي):
ويمضي الكاتب  ذكر الأحداث الأليمة التي شاهدها أو التي سمعها من شهود عيان آخرين حيث يتطرق إلى المآسي التي تعرضت له الفتيات والنساء العفيفات الطاهرات من سبي وخطف واعتداءات وزواج قسري وتعذيب وقتل.والكثير منهن فضلن الموت على الإستسلام للطغاة المجرمين وقاومن حتى أخر رمق من حياتهن, وحافظن على عفتهن وطهراتهم.ويذكر الحالات الفردية التي سجلت فيها الفتيات والنساء مواقف شجاعة وجبارة وأختاروا درب الشهادة وعدم تلبية الرغبات الشيطانية القذرة لهؤلاء المجرمين. وهنا نأتي على ذكر حالتين مما ورد في الكتاب نقلا عن أحد امسؤولين الذين كانوا يرافقون قوافل المسيحيين المرحلين من ديارهم إلى رحلتهم الأخيرة والذين يقتلون ويرمون في الوديان والأبار والمغائر والأنهر وفي البراري حيث يقول المسؤول(كنت ذاهبا مع قافلة من سبسطية متجهة نحو ماردين ورافقتها على مدى خمس ساعات خارج المدينة. ..هذه القافلة كانت مؤلفة من من أربعين ألف نفس خرجت من بوابة ماردين. وذهبت معهم إلى ضفة نهر دجلة ولما بلغوا الجسر الكبير. وإذا بخمسين أمرأة بعضهن يحملن أولادهن وغيرهن يمسكن الأولاد... رأيتهم جميعا وقد انتقلوا من القافلة وقصدوا الجسرو النساء والأولاد جميعا,وظن العسكر أنهم هربوا منهم إلا ان السيدات والأولاد وقفوا على الجسر المرتفع عن الماء خمسين مترا ونادوا باسم المسيح ورفعوا أيديهم إلى السماء فالقوا بإنفسهم في النهر النساء والأولاد معأ.فأطلق عليهم الجنود الرصاص. ولم يدركوا ان المجموعة أعدت نفسها للموت بدلا من أن تفقد النساء شرفهن وعفتهن. وذلك بشجاعة نادرة حيرت الجنود وكل من رأهن وكن يشجعن الآخرين على الموت.
وتابع قائلا.أمس لما أتيت إلى حدود قرية (زوغة)رأيت قافلة صغيرة حوالي خمسين شخصا عراهم الجنود من ثيابهم ليقتلوهم.وكان في هذه القافلة سيدة جميلة,بعد ان قتل الجنود صديقاتها,دعاها قائد الجنود إلى الإسلام لتزوجها وتعيش في منزله حياة هنيئة.وكانت المرأة تهزأ به وتحتقره.ولما بذل محاولات كثيرة لإغرائها واجتذابها لم يفلح ولم تخضع له....ولما فقد الأمل من طاعتها له وخضوعها, تقلد بندقيته ووجهها إلى صدرها...وسقطت المرأة مسلمة روحها إلى ربها... للموضوع تتمة.
.
 

102
سوريا والوجه القبيح للعالم   
                 

الدكتور جميل حنا
ستة عشرا شهرا ليس كافيا للعالم لكي ينظر بجدية وواقعية لإنهاء مأساة الشعب السوري.وهذا الموقف من قبل العالم لا يظهر بالتأكيد الوجه المشرق للبشرية.بل بالعكس هو إنعكاس للنزعة العدوانية التي تخفيها الطبيعة البشرية.بالرغم من كل المجازر التي أرتكبت ومازالت مستمرة حتى اللحظة في العديد من المناطق مازال العالم يردد إسطوانته المشروخة, حول وحدة المعارضة السورية على أحقيته الذي يصب في صالح الثورة السورية إلا أنه حق يراد منه الباطل. وإتخاذ ذلك ذريعة  بعدم  إتخاذ قرارات حاسمة بدعم الثورة وإنهاء معانات الشعب والقضاء على نظام الإستبداد في سوريا وبناء الدولة الديمقراطية والتعددية السياسية وتداول السلطة بالطرق السلمية. وأمام هذا الواقع المرير يتساءل الكثيرين أين أصبح الضمير العالمي ؟ ألم يبقى منه إلا حفنة من النقود أيعقل بأن تكون المصالح الدولية لا تكرث بحياة البشر إلى هذا الحد الفظيع من العبثية بمصائر الناس.
أصبح المشهد السوري بصورته المأساوية أمرا إعتيادي  بفضل الكثير من وسائل الإعلام العالمية ويشاهده الناس كما يشاهدون فيلما سنمائيا لا يحرك أي مشاعر إنسانية لدى غالبية ساحقة من الناس. ولا تكون ردود الأفعال من البشرإلا في إطارتدميرهذا الطرف أو ذاك وفقا لمواقفه من اطرف النزاع بدون النظرإلى أن القتل وإرتكاب المجازر وتدمير المدن والبلدات والتهجيرخسارة للوطن وخسارةمؤلمة للأجيال القادمة ناهيك عن ممن يعيشون هذه المأسي حاليا,بل أنها أعمال إجرمية ضد الإنسانية.
أمام هذا المشهد المروع ما هي المشاريع السياسية والخطوات الفعلية التي على أصحاب القرارات الدولية إتخاذها لكي تعيد السلام إلى ربوع سوريا وتحقيق مطالب شعبه في الحرية والديمقراطية والكرامة. أم أن هناك قضايا أهم من السلام وحياة المواطنين السوريين ألا وهو النفوذ المالي والعسكري والسلطة السياسية على حساب الدم السوري!
لغز مأساة سوريا يؤرق أصحاب النفوذ العالمي والإقليمي والمحلي والناس العاديين أصحاب الضمائر الحية والكل يريد خاتمة للمأساة حسب رغباتهم ومصالحهم. إلى جانب ذلك هناك قوى على مستوى العالم تريد لهذه المأساة ان تدوم أطول فترة زمنية ممكنة حتى يدمر الوطن في تركيبته الإجتماعية ووحدته الجغرافيا وتحطيم البنية التحتية والإدارية. حيث يكون من الصعب بعد ذلك بناء الشخصية الوطنية السورية على المدى القصير. والتأسيس لوعي جماعي وطني ينبذ الإختلاف العرقي والديني والمذهبي والسياسي والإجتماعي والجنس.وإن تنقية النفوس من التشويه والعقد والنعرات بكل أشكالها التي كرست على مدى عقود طويلة حتى اللحظة. والعمل بكل السبل القوية والمتاحة القضاء نهائيا وإزالة التفكير القمعي العنفي من المجتمع. والذي فرض بوسائل عديدة في المجتمع الحالي وكذلك على الجزء الموروث منه عبرالأزمنة. والعمل على تجسيد الأفكار والقيم الإنسانية في التطبيق العملي والإنحياز إلى جانب بناء مجتمع يسوده التسامح ,وأخلاقية قائمة على إحترام الأخر المختلف بإنتماءه العرقي والديني والمذهبي والسياسي.وتحقيق المساواة والعدالة بين الجميع على أساس دستور يراعي مصالح الجميع وخاصة في مجتمع تعددي قومي وديني والإلتزام بقيم الديمقراطية التي تمنح الجميع حقوقهم المشروعة وليس ديمقرطية الأغلبية التي تتحكم بها صناديق الإقتراع..
وإلا سيكون ثقل المعانات والألم والمآسي كارثيا على الشعب السوري في المستقبل.ولذا على القوى العالمية إنسجاما مع المعاهدات والمواثيق الدولية العمل على تجفيف منابع السلاح والقوة العسكرية للنظام التي تقتل المواطنين الأبرياء وتدمر الوطن وكل مصادر العيش الضرورية لحياة الإنسان.وهل قدر السوريين هو دفع الثمن الباهظ من أجل التغيير والمطالب المحقة المشروعة.منذ البداية قبل سته عشره شهرا شن النظام حملة عسكرية وإستخدام العنف بأبشع صوره في كل المناطق السورية من أجل كسر إرادة المواطن.ولكي يحافظ على السلطة السياسية التي سلبها بالضد من إرادة الشعب لتكون هذه السلطة في خدمة الفرد والعائلة  والمقربين.وكذلك من أجل المصالح الإقتصادية والسيطرة على مقدرات الوطن.ولعب العامل الإيديولوجي والمستخدم في الدعاية الإعلامية للنظام المؤامرة العالمية التي تستهدف دور سوريا المزعوم في المنطقة وأمن سوريا ووحدة أراضيها. ولكن الحقائق على الأرض تثبت بإن هذا النظام هو من حول سوريا إلى بقعة يتم عليها وفيها تصفية الحسابات بين الأطراف الدولية.وهذا النظام هو من يدمر الحياة الإقتصادية , وأيضا هو من يرتكب مجازر يومية بحق المواطنين.هل النظام يخوض حرب الدفاع عن أرض الوطن أم أنه بطبيعته العدوانية رأى في الجماهير المطالبة بالإصلاح جماهير مندسة من خارج الوطن.وبالطبع سوف لن يدعي أي نظام ديكتاتوري إستبدادي في العالم بأنه يخوض الحرب على شعبه من أجل ذاته, بل سيدعي بإنه يخوض الحرب دفاعا عن الوطن والشعب.ولكن هل الرأي العام العالمي مغفل إلى هذا الحد لتمرير هكذا إدعاء باطل أم أن هذا الإدعاء يتفق مع مصالح وأهداف بعض القوى العالمية التي لا تريد لسوريا وشعبها التقدم والإزدهار والحرية والديمقراطية.
إن المبادرات الدولية ومهمة بعثة المراقبين الدوليين التي بائت بالفشل,والتي لم تقدم أي حلول, ولم تضع أي حد لمعانات الشعب السوري.تتداول في هذه الأيام بين قادة العالم المؤثر قضية لجنة الإتصال الدولية بعد فشل مهمة كوفي عنان, وعقد مؤتمر دولي حول سوريا بمشاركة دول الجوار وإيران في هذا المؤتمر. أليس هذا بحد ذاته إستهتار من قبل المجتمع العالمي بحياة أكثر من خمسة عشرألف إنسان قتلوا على يد النظام وعشرات الآلاف من المهجرين وعشرات الآلاف من المفقودين إضافة إلى الدمار الذي تعرض له الوطن.هل يريدون لهذا المؤتمر أن يكون على شاكلة لقاءات السداسية الدولية وإيران بشأن الملف النووي الإيراني.هل يريدالعالم أن يستمر النظام بإرتكاب المجازر اليومية حتى مالا نهاية.متى سيزيل العالم الوجه القبيح عن ذاته ويظهر الوجه الإنساني المختفي حتى الآن في الشأن السوري لكي يضع حد للمذابح  وتجنيب الشعب السوري المزيد من الخسائر في الأرواح والممتلكات والتهجير القسري.
  .

103
مجازر النظام السوري " جمعة أطفال الحولة"   
   

الدكتور جميل حنا
العنف والدمار والقتل والدم والتهجير القسري ومجازرجماعية هو اللون القاتم الذي يخيم على ربوع الوطن.هذا النظام الذي غير ألوان سوريا الزاهية ومدنها وبلداتها ومدنها الهادئة بشوارعها وساحاتها المليئة بضجيج مفعم بالحياة, يكدح الإنسان فيها من أجل لقمة العيش الشريف إلى ساحة معركة قاتمة ومحزنة جدا. يقتل فيها الأطفال بعمر براعم الزهر والنساء والشيوخ والرجال الأبرياء العزل بكل الأساليب الهمجية .نظام الاستبداد حول الصورة الحيوية المفعمة بالحياة إلى جحيم متنقل على إمتداد ساحة الوطن. وجعل من هذا الوضع المأساوي المدمر رمز سوريا اليوم,سوريا الحضارة والتنوع الثقافي والديني والقومي والتلاحم الوطني والتعايش المشترك بين مختلف المكونات الإجتماعية, تتعرض إلى كارثة حقيقية بفعل الجرائم الفظيعة التي يرتكبها نظام الاستبداد.في هذه الظروف المأساوية يزول الوجه الإنساني لهذا البلد وتظهرالصورة البشعة التي تطبع اليوم في عقول وقلوب الملايين من البشر في العالم لتظهر الطبيعة الإجرامية والهمجية والبربرية التي يتصف بها الحكام المستبدين من أجل السلطة.هذه السلطة التي أخذة بقوة السلاح والإنقلابات العسكرية والوراثية تفرض ذاتها ببث الرعب المفرط وإرتكاب أبشع المجازر لزرع اليأس والخوف في نفوس الناس من أجل الإستسلام لرغبات وإرادة المجرم والبقاء على سدة السلطة لعشرات السنين وربما لأجيال قادمة.
مجزرة الحولة هي واحدة من المجازر الفظيعة التي أرتكبها النظام الأسدي وهذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة حتى أن يسقط النظام الاستبدادي.هذا النظام الذي سعى منذ الأسابيع الأولى للثورة جر البلد إلى حرب أهلية, وهو لم يدخر جهدا من إجل ذلك. حيث زج بالجيش والأجهزة القمعية حامية النظام والشبيحة بإرتكاب القتل بأبشع الأساليب  ضد الأطفال ومجازر متنقلة في العديد من المناطق بحق الأبرياء المتظاهرين سلميا وحتى المتواجدين في بيوتهم.ولكن الشعب السوري بقي صامدا أمام هذا التحدي يتحمل الفظائع الرهيبة على مدى خمسة عشرة شهرا ولم ينجر حتى اللحظة وراء الأعمال الإجرامية التي يرتكبها النظام ببث الطائفية وحرب الأديان والمذاهب.وهذا البلد يشهد له التاريخ بالحقائق أن كل محاولات ضرب الوحدة الوطنية من قبل الغزات الخارجيين وتقسيم الوطن بائت بالفشل. لأن الجميع وقفوا يدا واحدة في وجه المستعمر ولم تسطتع كل المؤامرات التي كانت تحاك من قبل المستعمرين ببث الفرقة بين أبناء سوريا بمختلف إنتماءاتهم الدينية والمذهبية والإثنية. من أجل دفعهم إلى حروب أهلية ومن أجل ديمومة بقائهم وسيطرتهم الإستعمارية. من أفظع الجرائم التي يرتكبها النظام الإستبدادي حاليا هي محاولات ضرب الوحدة الوطنية وخلق نزاع ديني مذهبي وقومي بين مختلف مكونات المجتمع السوري بغاية الاستمرار بالسيطرة على السلطة في البلد أو جزء منه.
مجزرة الحولة قد تشكل بداية النهاية لهذا النظام, وبداية تخرج الرأي العام العالمي وبعض الدول الهامة جدا على الساحة العالمية قليلا عن صمتها إثر المجزرة المرعبة.كم من المجازر؟ وكم من أعداد القتلى يحتاجه العالم لكي يتخذ إجراءات حاسمة ومؤثرة على النظام لإيقاب آلة القتل وإرتكاب المجازر؟ وهل أصبح الضمير الإنساني العالمي مرتبط بأعداد القتلى وكيفية قتلهم ؟متى سيخرج أصحاب المتحكمين  بالقرارات الدولية من الدول الكبرى سواء في الشرق أو الغرب من دائرة المساومة على دماء وحياة الشعب السوري؟ألم يحن الوقت بعد خمسة عشرة شهرا من الترهيب والرعب و قتل أكثر من خمسة عشرألف مواطن وعشرات الآلاف من المعتقلين والمفقودين وعشرات الآلاف المهجرين خارج الوطن وأكثر من مليون من المهجرين داخل الوطن ليقوم المجتمع الدولي بالتزاماته الإنسانية وتطبيق شرعة القوانين الدولية؟ الشعب السوري ليس بحاجة إستنكار شفهي وتصاريح صحفية  البعض منها نارية عند الكشف أو وقوع بعض المجازر كما حصل مع مجزرة الحولة, ومن ثم الصمت واللامبالات تجاه شعب يذبح.إليس مواقف هذه الدول تشجيعا على سياسة الغاب, وتشجيع المجرمين لإرتكاب المزيد من الجرائم؟ألا يعد هذا تشجيعا للحكام الطغاة بإدخال البلد في حرب أهلية طاحنة يذهب نتيجتها أعداد هائلة من الضحايا وتدمير شبه كلي للبلد؟ أن ردة الفعل الدولية إثر المجزرة المروعة في الحولة أختزل حتى اللحظة بطرد بعض سفراء النظام السوري من بعض العواصم العالمية. وربما تكون هذه الخطوة إجراء لإمتصاص غضب الشرفاءعلى هذه المجزرة الرهيبة.الشعب السوري يتطلع وبروح المسؤولية  العالية بأن تكون مواقف هذه الدول وغيرها بداية تحول جذري وحاسم ضد هذا النظام. ووضع حد لممارساته لكي لايدخل البلد في مأساة الحرب الأهلية, والذي يبدوا في هذا الوقت العصيب بأن النظام قد ينجح أو أصبح أقرب بخطوة لتحقيق ما كان يخطط له من البداية إلا وهو إدخال البلد في حرب أهلية وقد تمتدإلى المنطقة بأسرها.أن الخطوات التي إتخذت من بعض الدول بقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا إستنكارا للمجزرة تعد خطوة صغيره جدا في الإتجاه الصحيح والسير نحو وقفة جدية تضع حدا لممارسات النظام. أن تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري وكافة وسائل الدفاع عن ذاته في إطار الحق المشروع واجب على المجتمع الدولي لإنهاء معاناته.
النهج العدواني المتجذر في كيان نظام البعث العنصري وقادته الذين حكموا البلاد بأسمه بالحديد والنار والإعلام المنافق على مدى أكثر من أربعة عقود ضد إرادة الشعب ومستهترين بالناس.وتنفيذ المجازر بحق المواطنين تجسد الطبيعة الفكرية والمنظومة الأخلاقية الهمجية  والمنحطة التي يتحلى بها .هذه المجزرة التي يندب لها جبين كل إنسان شريف على وجه الأرض يجب أن لا تمر مرورالكرام وتسجل كسابقاتها في لائحة جرائم النظام ضد الشعب السوري. بل على الدول والمنظمات العالمية والرأي العام العالمي ممارسة أقصى درجات الضغط لمنع إرتكاب المزيد من المجازر والعمل على رحيل بشار الأسد من السلطة لكي لا يمارس العنف والقتل ضد الشعب السوري وتقديم الجناة إلى محكمة العدل الدولية.
أطفال سوريا في ميزان العدالة الدولية,العالم أمام خيارين أما أن يأرجحوا ميزان العدل لصالح أطفال سوريا أي الوقوف مع العدالة ومع مواثيق المعاهدات الدولية وحقوق الإنسان والحرية ,وإما الوقوف إلى جانب القتلة والمجرمين الطغاة, قتلة الأطفال والنساء والناس العزل. وكل فرد ومؤسسة ومنظمات محلية ودولية وأحزاب ودول العالم حرة في إختيارها مع من تقف.ولكن للتاريخ والمستقبل أحكامه الذي يوضح من كان على الجانب الخطأ.
الشعب السوري من مسلمين ومسيحيين بكل مذاهبهم ثائرون في دروب الثورة من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب والجميع قدموا التضحيات والشهداء من أجل إسقاط النظام. ولذا على هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الحقوقية الدولية محكمة الجنائيات الدولية ومحكمة العدل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات العالمية القيام بدورها المنصوص عليه في المواثيق والمعاهدات الدولية.أن عدم إتخاذ خطوات رادعة بإيقاب القتل والصمت حيال ما يجري في سوريا هو دعوة مفتوحة لكل الحكام أو أي مجموعة مسلحة تملك المال والسلاح والمقاتلين لإرتكاب القتل والمجازر ضد مجموعات أخرى من هم أقل عددا وعدتا من أبناء الوطن الواحد.
على العالم أجمع العمل على منع النظام إدخال البلد في حرب أهلية لأنها ستكون كارثية على الجميع وستعيد العالم إلى حروب الأديان والمذاهب.العالم المنقسم على ذاته حيال الأوضاع في سوريا عليه إتخاذ مواقف أخلاقية بعيدا شيئا ما عن المصالح المالية والعسكرية والنفوذ وكل حسب موقفه من هذه الأوضاع. حلفاء النظام عليهم إقناعه إن إرتكاب المجازر وممارسة العنف سوف لن يجدي نفعا على المدى الطويل, بل أنه مدمر وكارثي. وحماية وأمن المواطنين هي مسؤولية الدولة وإذا كانوا مقتنعين بأن الذي يقتل الأطفال والنساء والعزل هم مجموعات إرهابية فما عليهم ألا القيام بواجبهم تجاه المواطنين وحمايتهم من هؤلاء الإرهابيين.وهل دك المدن والبلدات بالمدافع والدبابات والراجمات  وتهديم البيوت على رؤوس المواطنين الأبرياء هي محاربة للإرهاب والإرهابيين .أليس هذا النظام من درب ودعم وجود الأرهابيين على أرض سوريا ومن ثم إرسالهم إلى العراق لتفجير الكنائس والأديرة وخطف رجال الدين المسيحيين وقطع رؤوسهم,وتنفيذ العمليات الإنتحارية في المساجد والأماكن العامة في المدارس وفي الأسواق ووسائل المواصلات.أليس هذا هو نفس النظام الذي قدم رئيس وزراء العراق المالكي شكوى وطلبات إلى مجلس الأمن لمنع سوريا من تصدير الإرهابيين والإرهاب إلى العراق إنطلاقا من سوريا وفقا لأدلة دامغة وشهود .أليس هذا النظام حليف الجهاديين السلفيين المتطرفين في نهر البارد في لبنان.أن وجود القاعدة والإرهابيين في سوريا هي بسبب النظام الذي قدم لهم الفرص والدعم ليتواجدوا على أرض سوريا المحكومة بقبضة فولاذية مخابراتية,وهؤلاء الإرهابيين القادمين من العديد من الدول العربية وغيرها والذين كانوا يسرحون ويمرحون في المدن والبلدات السورية المتاخمة للحدود العراقية ,ينتظرون لدخول العراق لإيصال رسالتهم الجهادية أي القيام بعمل إنتحاري لقتل أطفال العراق فمن قتل أطفال العراق لا يصعب عليه قتل أطفال الحولة ودرعا وحمص وحماة ودير الزور ودمشق وحلب ووو....
المزيد من دول العالم أصبح اليوم أكثر قناعة بإن منح الفرص للنظام يعني إرتكاب المزيد من القتل والمجازر.وأن كافة المبادرات العربية والدولية بائت بالفشل ولا أهمية لها على أرض الواقع. حيث استمرار القتل والتدمير بالسلاح الثقيل لم يتوقف لحظة واحدة.والنظام يستخف بكل دول العالم التي تعارضه ويستمربتهديده بإحراق المنطقة ويستهزء بعقول البشرعبر وسائل إعلامه وعرض نتائج أولية عن التحقيقات حول مجزرة الحولة أي إستسخاف وعرض مسرحي هزيل.وهذا النظام لم ينفذ بندا واحدا من مبادرة عنان بل يعلن في وسائل إعلامه إلتزامه بالمبادرة. واصبح دورالمراقبين الدوليين تسجيل  البعض مما يستطيعون معاينته على أرض الواقع من القتل والدمار والمجازر.لتكن جمعة أطفال الحولة بداية توحيد الجهد العالمي والتضامن الحقيقي مع الشعب السوري لإنهاء معاناته والتخلص من النظام الإستبدادي.                                                               



104
تحديات أمام الثورة السورية !

الدكتور جميل حنا

"الشعب يريد إسقاط النظام " تاريخ البشرية عبر العصور شهدت ثورات كثيرة البعض منها كان لها تأثيرا على مجمل الوضع العالمي, والقسم الأخر كان له تأثير على المستوى القطري او على عدة دول مجاورة.ولكن مجمل الثورات العالمية العظيمة الشأن أو الثورات الوطنية لم تشهد تدخلات قوى إقليمية وعالمية وداخلية متنوعة الإيديولوجيات السياسية والدينية والمذهبية بتنوعه العرقي من الصين وروسيا وآوربا وبلدان الشرق الأوسط والقارة الأمريكية مثلما تمر بها ثورة الشعب السوري.قبل أربعة عشر شهرا لم يعلم حتى هؤلاء الأطفال الأبرياء أن مجرد كتابة شعار على جدران مدرستهم او جدران البيوت  كانوا قد شاهدوه على شاشات التلفزيونات التي كانت تعرض وقائع الثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن " الشعب يريد إسقاط النظام". أن يتحول إلى قضية عالمية تتصارع فيما بينها على الساحة السورية من أجل مصالحها الإقتصادية والعسكرية وإيديولوجياتها الدينية والسياسية.هؤلاء الأطفال الذين تمثلوا بروح الشجاعة ولكن ببرائة الطفولة كان كافيا لأن يحرك الإجهزة القمعية وينتقموا من هؤلاء الأطفال ويعرضوهم للتعذيب الجسدي في أقبية النظام.لأن هذا النظام على مدى أكثر من أربعة عقود كان قد أوهم نفسة وكتم إنفاس الشعب بكل الوسائل القمعية أن يعبروا عن مواقفهم العلنية بوقوفهم خلف القيادة الحكيمة وحب القائد ومبايعته إلى الأبد, نفديك بالروح والدم في المناسبات ومسيرات التأييد وفي المناسبات الإجتماعية حتى في مجلس التصفيق والوقوف أو ما يسمى بمجلس الشعب أو مجلس السلطة الذي يعد إنتهاكا لكرامة المواطن.هذا النظام وأجهزته القمعية التي اصابها الهستيريا لم يرق لها أن ترى  ا  شعار في هذه الدرجة من الخطورة على النظام يكتب على جدران مكان عام, هذه الأجهزة الحريصة على إستمرار حكم الإستبداد. وهم من كرسوا ثقافة الخنوع والمذلة وبأن لا يروا إلا شعارات التأييد والتأليه وتماثيل القائد وصوره في كل مكان.هؤلاء الأطفال عبروا عن المشاعر الحقيقية الدفينة في نفوس الغالبية من أبناء الشعب السوري.وبالرغم أنهم لم يقرأوا أو يسمعوا بصرخة الفيلسوف الفرنسي فولتير وغيره من الأحرار عبر تاريخ البشرية"إسحقوا العار" إلا أن الغريزة الفطرية لهؤلاء الأطفال كانت أكبر وأقوى وأشجع من موقف الكبار.هذا الفعل البريء والمحق والقول الجريئ كشف زيف وعورة النظام.وكما قال الفيلسوف الفرنسي"إنه لأمر خطيرأن تكون على حق عندما تكون الحكومة على خطأ". وبما أن السلطة الديكتاتورية طالما تعودة  خلال حكمها الطويل أن لا تسمع إلا ما يرضيها ويبجلها فكان وقع هذا الشعار مدويا عليها. فتعاملت بكل قسوة وهمجية مع هذا الحدث الطاريء بدون أن تحسب ردة الفعل لدى الجماهير الطامحة إلى الحرية, والمحقونة بمشاعر الكراهية تجاه أعمال العنف التي يمارسها النظام تجاه المواطنين. الشرارة الأولى التي أطلقها الأطفال سرعان ماتحولت إلى بركان جماهيري زلزل أركان النظام وخلال أسابيع معدودة أستطاع جزء هام من كافة مكونات أبناء الشعب السوري أن يحطم سور الخوف وكانت هذه أكبر التحديات النفسية الذي أستطاع الشعب السوري تجاوزها بكل جدارة ولكن عبر سيل الدماء والتضحيات الجسيمة.
فثورة الشعب السوري ليست ثورة ترف إنطلقت من خيال مفكر أو كاتب أوصحفي أو تآمر خارجي أو مجموعات مندسة. بل هي ثورة شعب بكل طيفة الوطني الواسع الذي يضم كافة الأديان من المسلمين والمسيحيين بمختلف مذاهبهم  وجميع المكونات الإثنية من العرب والآشوريين السريان والأكراد وغيرهم إنها ثورة كل هؤلاء, ثورة على الظلم والإستبداد ومن أجل القضاء على نظام التسلط الديكتاتوري وإقامة البديل الديمقراطي.هذه الثورة التي أشعل شرارتها الأولى الأطفال هي ثورة المفكرين والأحرار والكتاب والمعارضين من كافة فئات الشعب الذين عانوا على مدى عقود من هذا النظام, وهم بتضحياتهم وشجاعتهم زرعوا بذار الثورة لتنفجر من أعماق المضطهدين المحرومين من الحرية والتواقين إلى حياة حرة وكريمة.
أن التراكمات النفسية والأفعال السلبية التي ترسخت في وعي الجماهير جراء ممارسات النظام إتجاه الشعب خلال عقود طويلة وعلى مستوى الأفراد والجماعات, وكافة اللطيف الإجتماعي بتنوعه الديني والمذهبي والقومي, وبكافة التوجهات السياسية بتياراتها المختلفة تركت أثرا سلبيا بل كارثيا على التطور العام للبلد في كافة مجالات الحياة بدأ من حرية التعبير عن الرأي والقضايا الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وحقوق الإنسان.الشعب السوري قال كلمته لا لهذا النظام وهو يرفض وبأشكال مختلفة إستمراره على رأس السلطة ورفض الحكم الديكتاتوري الفردي وحكم الإجهزة القمعية التي لم يتجنب شرها أي فئة من فئات المجتمع .ولا أتباع أي دين أو مذهب أو قومية وحتى أفراد من القوى الحليفة مع النظام لا من اليسار ولا من اليمن ولا من الشيوعيين الشرفاء.الملاحقات والإعتقال والتعذيب وإذلال الناس ومحاربتهم بلقمت العيش وطردهم من أشغالهم وممارسة العنف النفسي على نطاق واسع وإنتهاك الكرامات والفساد وسرقة الثروة الوطنية لصالح المتنفذين. وأصبح الوطن ملكية خاصة للأسرة الحاكمة ومن لف لفيفهم وأختزل دورأفراد المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني إلى دورالخادم المطيع والعبد المنتج لصالح الفئة الحاكمة.هذه الأمور الداخلية في حياة المجتمع السوري كانت عوامل كافية لأن تخرج الجماهير الصامته إلى التظاهر السلمي في الشوارع. ومن هنا بدأ الشعب السوري الذي أندفع بروح عالية من المسؤولية ليشكل معارضات على مختلف المستويات بهدف تنظيم المظاهرات السلمية وإسقاط النظام وبناء الدولة الديمقراطية العلما نية المدنية وتحقيق المساواة والحقوق لكل مكونات المجتمع على أسس دستورية بدون تمييز.
الشعب السوري يملك إحتياطي من القدرة الهائلة المخزونة على مدى عقود من الضمور أو الإنكماش بعدم إظهاره التحدي للنظام في الشوارع والساحات والجامعات وفي وسائل الإعلام ,تلك الفترة ولت بدون رجعة بالرغم من بطش النظام وإستخدام الأسلحة الثقيلة وإستشهاد أكثر من أحدى عشر إنسانا على مدى أربعة عشر شهرا من الثورة وعشرات الآلاف من المفقودين والمسجونين والمهجرين.
إن أهم التحديات الكبرى أمام الثورة السورية هي بدون شك إسقاط النظام ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من خطوات عملية لإنجاز مهام الثورة والوصول إلى الهدف المنشود, وأهم هذه الإجراءات نوردها كالتالي:
.وضع المعارضات الحالي يترك تأثيرا سلبيا على واقع الثورة السورية عمليا ومعنويا شئنا أم أبينا,وهذا الوضع يتخذ حجة من قبل الرأي العام العالمي ومراكز القرارات الدولية بعدم اللجوء إلى خيارات وإجراءات أشد ضد النظام.أن تنظيم صفوف المعارضات وتوحيد جهودها إن لم نقل صفوفها قضية مصيرية ملحة لإنهاء معانات الشعب السوري..
.زخم الثورة وتقدمها وإنتصارها مرتبط بعاملين أساسيين أولا. قدرة الجماهير على مزيد من المواجهة السلمية وتقديم التضحيات اللازمة التي لم يبخل بها الشعب السوري حتى الآن لكي يبقى لهيب الثورة مشتعلا.
.العامل الثاني القيادة أو قيادات المعارضات أن تكون قادرة على استثمار منجزات الثورة وتضحيات الشعب السوري في الإستخدام الأمثل في العمل القيادي على الساحة الدولية والداخلية وبناء أفضل الصلات  بين مختلف الفصائل الثوارية في الداخل, ودراسة كل الأراء وتحليل جميع المواقف بنظرة واقعية علمية بعيدة عن التشنجات والإنتماءات.أن الحالة التي تمر بها أجزاء هامة من المعارضة تعاني من التقوقع والتمسك بظروف نشأتها الطارئة وعدم الأخذ باالحسبان التطورات المأساوية وغتساع دائرة المعارضة للنظام التشبث بالمواقف وصد الأبواب والآذان أمام كل ماهو مفيد سوف لا يجدي نفعا.
. وضع الخطط اللازمة والخطوات الفعلية على أرض الواقع ليتمكن المتظاهرون سلميا الاستمرار في الثورة ومواجهة آلة القمع والاستبداد. تأمين الحد الأدنى من مستلزمات الحياة اليومية,تقديم الخدمات الطبية في علاج الجرحى والمرضى ,إعالة اسر الشهداء,العمل بكل الوسائل لتأمين الحد الأدنى من الحماية للمدنيين.إدانة كل عمل إرهابي يسيء إلى الثورة وكذلك العمل على فضح الأعمال الإجرامية التي يقوم بها أفراد أو مجموعات مسلحة خارج إطار الثورة من أجل الإستفادة المادية وترهيب السكان أو الإستيلاء على الممتلكات الخاصة .
.تصحيح وضع المعارضات بما يتلائم مع متطلبات الثورة وإعادة النظر في هيكلية هذه المعارضات سواء في المجلس الوطني السوري أو غيرها المتفقة على تغيير النظام .وأن يكون تصحيح المسار يخدم العملية الديمقراطية ويوفر شروط المشاركة الجماعية والتنوع الوطني لإبعاد السيطرة الفردية أو الفئوية فسح المجال أمام الشخصيات الكفوئة القادرة على العطاء و تحمل المسؤولية.
. الظهور في وسائل الإعلام بمواقف واضحة مفهومة للجميع ومقبولة لكافة مكونات الشعب السوري وتكسب عطف الرأي العام العالمي وذلك  بتوضيح برامج المعارضات وتصوراتها عن سوريا المستقبل لكي يطمئن الشعب في الداخل ويكسب تأييد الحكومات والدول في عدد أكبر من العالم.
.فتح قنوات إتصال مع مؤسسات المجتمع المدني في أوربا وروسيا وأمريكا ومع كافة الدول والحكومات مهما كانت مواقفها من الثورة السورية.
.التنسيق والتكامل بين معارضة الداخل والخارج, وإن نجاح الثورة مرتبط بقدرة وفاعلية طرفي هذه  المعادلة  في مواجهة النظام..
.وقف إبتزاز الثورة من قبل بعض أطراف المعارضة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن من أجل الحصول على مكاسب شوفينية قومية تهيء لتجزءة الوطن.
.الثورة السورية تتعرض لمحاولات  القضاء عليها من قبل النظام وقوى إقليمية تدعمه بالرجال والسلاح والمال .وكذلك من قبل قوى متطرفة إرهابية مدعومة من النظام وأخرى تعمل خارج نطاقها لبناء دولة  تطبق فيها شرائعها في القتل وقطع الرؤوس وكل من يخالفها الرأي.وهناك بعض القوى التي تريد فرض نمط عقيدة  دينية تؤدي إلى الاستيلاء والتحكم بالسلطة مستقبلا وحرف الثورة عن مسارها الوطني الديمقراطي .
.برامج المعارضات السورية يجب أن يأكد بشكل لا يقبل الشك الإلتزام بقيم الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة. والإعتراف دستوريا بحرية المعتقد وحرية التعبير عن الرأي وكذلك الإعتراف دستوريا بحقوق المكونات الإثنية من الآشوريين السريان والأكراد وغيرهم على قاعدة المساواة التامة ضمن وحدة التراب الوطني بدون أي إمتيازات لأي طرف كان.والتأكيد على الإلتزام بمثاق العهدالوطني كأساس لبناء سوريا المستقبل.
أبناء سوريا من مسلمين ومسيحيين من عرب وآشورين سريان وكرد وأرمن ويزيديين وعلويين ودروز وإسسماعيليين أمامهم فرصة تاريخية لبناء وطن التآخي والعيش المشترك بسلام جنبا إلى جنب وبناء دولة عصرية. فلنعمل سويا لبناء النموذج السوري الفريد الذي يضمن حقوق متساوية للجميع في وطن ديمقراطي يحترم شرعة القوانين الدولية.ومن هذا نقول لا للنموذج التركي لا للنموذج الوهابي لا لنموذج ولاية الفقيه لا للنموذج العراقي نعم لنموذج سوري مميز.                       
   
 

105
المنبر الحر / " الدم المسفوك"
« في: 18:18 22/04/2012  »
" الدم المسفوك"

الدكتور جميل حنا               
مجازر إبادة المسيحيين في بلاد ما بين النهرين
في الذكرى السابعة والتسعين  التي تصادف في الرابع والعشرين من نيسان لمجازرإبادة المسيحيين في السلطنة العثمانية التركية  نقدم عرضا ملخصا في هذا الجزء عن كتاب "الدم المسفوك " للمؤلف عبد المسيح نعمان قره باشي الذي يعرض وقائع تاريخية عن مجازرالإبادة العرقية التي تعرض لها المسيحيون في بلاد ما بين النهرين أثناء فترة أعوام الحرب الكونية الأولى 1914-1918وسقط في هذه المذابح الرهيبة أكثر من نصف مليون من أبناء الأمة الآشورية من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق وكنيسة السريان الكاثوليك  والبروتستانت.وكما خسرالشعب الأرمني في هذه المجازرالرهيبة مليون ونصف من الشهداء على يد السلطات العثمانية وأستشهد مئات الآلاف من اليونان وقتل كل هؤلاء بسبب عقيدتهم الدينية وإنتمائهم القومي.
قبل الدخول في صلب الموضوع لا بد أن نعرف القارىء الكريم بشكل مختصر جدا عن حياة المألف البارع, وأهم أعماله في خدمة شعبه والإنسانية. وفي مجال التعليم وتوثيق الحقائق التاريخية التي عاصرها لتبقى شاهدا حيا على معاناة شعوب تعرضت للظلم والقتل الجماعي على أسس عرقية ودينية.وليكن هذا الكتاب كغيره من الكتب والمؤلفات التي بحثت في مواضيع التطهير العرقي حافزا لكل إنسان شريف في هذا الكون, بغض النظر عن إنتماءه الديني او العرقي الإمعان بإن هذه الأعمال الإجرامية تنافي القيم الإنسانية والشرائع السماوية والقوانين والمواثيق الدولية.الجرائم التي ترتكب بحق البشر مدانة تحت أي حجة كانت سياسية أو دينية او عرقية او على أساس المصالح الإقتصادية أو من أجل السلطة كما يحدث في منطقة الشرق الأوسط في وقتنا الحاضر.وقد أكدنا مرارا ان ذكر الوقائع التاريخية الحقيقية ليست بهدف زرع الكراهية بين الشعوب, بل بالعكس هي من أجل يقظة الجميع والإرتقاء بالوعي الإنساني والأخلاقي بمنع إرتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة لأننا جميعا أخوة في الإنسانية ولنعمل سويا من أجل البشرية كلها والعيش بسلام ومن أجل مستقبل أفضل لكافة الشعوب في هذا الكون.     
ولد عبد المسيح في قرية قره باش من قرى آميد(ديار بكر) في عام 1903من والدية نعمان ووالدته منوش ونسب إلى قريته فعرف طيلة حياته بأسم (عبد المسيح قره باشي). وفي السادسة من عمره توفي والده,وفي عام 1911 أرسله المطران الياس شاكر مطران آميد إلى دير الزعفران في ماردين وهناك تعلم اللغة السريانية والعربية والتركية وعلم اللاهوت.في عام 1921 غادر الدير وعاد إلى آميد لأن سكان قريتة تم إبادتهم.وبعد ذلك سافر إلى بيروت وفي عام 1926 علم في الميتم السرياني في بيروت وفي عام 1937 دعي إلى بيت لحم في فلسطين لتعليم اللغة السريانية وبعد سنتين أنتقل إلى القدس حيث علم السريانية لمدة 12 عاما وفي عام 1951 أختار القامشلي  في سوريا ليعلم في مدارسها لمدة 17 عاما لحين أغلاقها من قبل سلطات البعث العنصري في عام 1967وفي عام 1972 عاد إلى بيروت ودرس اللغة في أكليركية مار آفرام اللاهوتية,بتاريخ 24 حزيران 1983 لبى نداء ربه في بيروت.من أهم مؤلفاته: الدم المسفوك بالسريانية (ܕܡܐ ܙܠܝܚܐ- دمو زليحو),- سلسلة كتب لغوية وقواعد وآدب سرياني – ترجمة رباعيات الخيام في 351 بيتا –ترجمة بتصرف تاريخ " كلدو آثور" للمثلث الرحمة المطران الشهيد آدي شير, كما ترجم إلى السريانية كتابي " النبي" و" يسوع أبن الإنسان" لجبران خليل جبران, ومقالة "الوجود" لميخائيل نعيمة,وكتيب" البستاني" لرابندرانات طاغور, كما له ديوان شعر في مواضيع مختلفة مثل حب الوطن والأمة والحب والغزل...الكاتب يعتبر رائد تعليم اللغة السريانية في القرن العشرين حيث ترك إرثا لغويا كبيرا لأبناء شعبه ومن المهتمين الباحثين في هذه اللغة.
كتاب " الدم المسفوك" مقسم إلى ثلاثة أبواب,الباب الأول يتحدث الكتاب عن إضطهادات المسيحيين منذ بدء رسالة التبشير بالدين الجديد على يد اليهود والرومان في العهود الوثنية والفرس مرورا بكافة الغزاة الذين أجتاحوا بلاد مابين النهرين وبلاد الشام.الباب الثاني يبحث في مجازرعام 1895في المناطق الجنوبية من تركيا الحالية,والباب الثالث وهو يشكل الجزء الأكبر من الكتاب مكرس لمجازر إبادة المسيحيين في طور عابدين في جنوب شرق تركيا حاليا في آميد(ديار بكر) وماردين وتوابعها.ترجم الكتاب من اللغة السريانية إلى اللغة العربية نيافة المطران ثاوفيلوس جوج صليبا مطران جبل لبنان صدر في عام 2005.كتاب هام جدا يضم في صفحاته حقائق تاريخية مأساوية عاصرها المؤلف كشاهد عيان على الفظائع الرهيبة التي حلت بشعبه وبالمسيحيين إجمالا تحت حكم السلطات العثمانية وأدواتهم المنفذة لتلك الجرائم البشعة من غالبية العشائر الكردية المتحالفة مع القوى الظلامية العثمانية على أسس الأحقاد الدينية والقومية ومن أجل المكاسب المادية الشخصية.
كتاب " الدم المسفوك" وثيقة تاريخية هامة تسلط الضوء على مراحل تاريخية مليئة بكوارث الحروب المدمرة التي دمرت كيان حضارات مزدهرة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام. والكاتب يقدم لنا في الباب الثالث الذي يتكون من ستة فصول كيفية بدا الحرب وأسبابها ويحدث عن الوضع العام السائد آنذاك والباب الرابع يتكون من أحدى وأربعون فصلا يقدم فيها صورة حقيقية عن وقائع تلك المجازر الرهيبة والتي عاصرها كشاهد عيان. إذ يذكر بداية الحرب العالمية الأولى.(نشبت الحرب العالمية الأولى في الشهر الثامن آب من عام 1914,حيث كان دخان الحقد والغضب يرتفع من مختلف أنحاء المسكونة,والممالك الكبيرة المهمة تزمجر مهددة الواحدة الأخرى,وكل منها ينظرإلى الأخرى بعين حاقدة متوعدة وقد امتلأت قلوب الحكام ضغينة ونقمة,بل تسعى كل أمة إلى افتراس الأخرى بالهجوم والانقضاض لتحتلها وتسيطر عليها وتبسط سلطتها عليها وبالتالي على العالم,كل العالم...باقتناء الأسلحة على أنواعها ...وهي تزرع الرعب والحقد والبغضاء في نفوس مواطنيها ليقاوموا كل مملكة أو أمة تقف حائلا دون تحقيق أطماعها وجشعها).ويستمر الكاتب في نظرته التحليلية الثاقبة عن أسباب إندلاع الحرب الكونية الأولى وإنخراط الإمبراطورية العثمانية في تلك الحرب عل أثر مقتل ولي عهد مملكة النمسا وزوجته في عام 1914  في صربيا. وإثر ذلك شنت النمسا الحرب على صربيا بتاريخ 28تموز 1914وبعد ها بأيام معدودة تكون حلف ألمانيا النمسا وتركيا وبلغاريا وفي الجانب الآخر بريطانيا وفرنسا وروسيا,وآخرين أنضموا لكلا الحلفين لاحقا.
السلطة العثمانية كانت تربطها علاقات تحالف قوي مع ألمانيا وكانت تتبع السياسة الألمانية لأن ألمانيا كانت تقدم لها الدعم العسكري والمالي والدفاع عنها ضد دول التحالف. حتى أن غليون ملك ألمانيا كان يصرح علنا قائلاً:"ليتأكد الثلاثمائة مليون مسلم المنتشرين في كل المسكونة, ان قيصر المانياهو صديق مخلص للمسلمين مدى الحياة".وكان القصد من ذلك أن يثير حفيظة وعواطف المسلمين الخاضعين للأنكليز أن يقوموا ضدهم.ويتطرق الكاتب إلى دور أنور باشا السىء الذي كان العوبة في يد الألمان ينفذ مشيئتهم.ويتسائل الكاتب بإندهاش وغرابة كبيرة كيف أرتضت النمسا وألمانيا بقتل المسيحيين وإبادتهم في الأمبراطورية العثمانية.(بل بالعكس فانهم شجعوا وحرضوا العثمانيين على سفك دماء المسيحيين الزكية على الرغم من كونهم من أتباع ديانة الألمان أي مسيحيين مثلهم). التاريخ يعيد نفسه الكاتب توفى في عام 1983 ولم يرى الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 وما حصل من مجازر وتهجير قسري واضطهاد وتدمير للمسيحيين العراقيين تحت الحماية الأمريكية وحتى يومنا هذا حتى بعد إنسحابهم ولم يقدموا أي دعما للمسيحيين بل قدموها للمسلمين.
يتحدث الكاتب عن مساوىء العثمانيين وعدم إحترام شرعة القوانين الدولية وحتى تلك التي وقعوا عليهاإذ يقول (واضح أن قوانين وشرائع ودساتير وشروطا تحكم الحروب.وليس مسموحا لأية مملكة أو دولة أن تتجاوزها.وإذا لم تخضع لهذه القوانين والأسس,تدان بحسب الأحكام والقوانين الدولية, ومن هذه القوانين المتعلقة بالحروب, ان الحرب تكون بين الجيوش والمحاربين فقط. وغير مسموح أن تمس أحد حياة وحرية الشيوخ والنساء والأطفال).يتطرق المؤلف إلى مؤتمر عام 1899 الي عقد في مدينة لاهاي/هولنداوحضره ممثلي اثنين وعشرين دولة من ضمنها تركيا. وسنت قوانين مفيدة أهمها:ان القوات المتحاربة هي عدوة بعضها البعض, ممنوع أن يمس الآذى والخراب المواطنين العزل. كما نصت هذه القوانين ألا تصادر حرية الناس عند احتلال مدنهم. ومن لم يلتزم بها يدان حسب بنود المعاهده .وبالرغم من ذلك عندما أندلعت الحرب وقرعت طبولها أنبرى الشيوخ في المساجد يخطبون ويدعون الناس في الساحات والمجتمعات وفي السراي إلى الجهاد والحرب وضرورة ذلك,والقضاء على الكفار(الكاور)وسلب أموالهم وممتلكاتهم وسبي نسائهم بدعم ومساندة السلطات الحاكمة وفق آوامر عليا أو حتى بدونها.ونقولها بأسف وألم شديد حتى بعد مضي 97عاما من إرتكاب المجاز الوحشية بحق المسيحيين في الدولة العثمانية, مازال هذه العقلية سائدة في عقلية آوساط دينية مسلمة والسلطات الحاكمة في الغالبية الساحقة من بلدان الشرق الأوسط.آن الآوان للتخلص من هذه العقلية العنصرية المقيته ومن الهمجية والتعطش إلى دماء الأبرياء من الناس الذين لا ذنب لهم ما يحصل في بلدانهم, والألمان هم شركاء العثمانيين الأتراك في إرتكاب مجازر إبادة المسيحيين في بلاد مابين النهرين.
يقول الكاتب عندما كان في دير الزعفران- ماردين(مذ نشبت الحرب العالمية الأولى 1914,أخذت بقدر ما استطعت ان أدون الحوادث المهمة التي كنت أعاينها أو أسمعها من بعض الناس الصادقين).سجل المؤلف بعناية تواريخ الأحداث والأشخاص والقرى والمدن والكنائس والأديرة ورجال الدين وقوافل المساقين إلى الخدمة العسكرية منذ الثالث من آيار عام 1914  من السن العشرين إلى الخامسة والأربعين من العمر.(يوم الجمعة 21 آب تم حرق ألف وخمسمائة وثمانية وسبعين محلا تجاريا ودكانا ومركزا وجميع هذه المحلات كانت ملكا للمسيحيين وهذه كانت بقرار من والي ديار بكر ويوم الأثنين بتاريخ24 آب أنهال العسكر والقوات على الدكاكين والحوانيت في مدينة ماردين وسرقوا ونهبوا كل الموجودات في المحلات التجارية , وفي يوم 14 أيلول هجم العسكر على كنائس المسيحيين وألقوا القبض الكهنة واشمامسة والعلمانيين وساقوهم إلى السري ولم ينج من أيديهم إلا من تمكن سرا أن يعطيهم مالاكرشوة).اليوم لا يوجد في مدينة ديار بكر إلا بضع عائلات مسيحية وحينها كانت غالبية السكان منهم وكذلك الحال بالنسبة لمدينة ماردين ومنطقة طورعابدين وهكاري حتى بحيرة وان. للموضوع تتمة لاحقا.

.



106
هل سيتوقف النظام السوري عن إرتكاب المجازر؟

الدكتور جميل حنا

في هذه الأيام وتحديدا في هذه الساعات حيث دخل وقف اطلاق النار حيز التنفيذ في سوريا في تمام الساعة السادسة بالتوقيت المحلي في الثاني عشر من نيسان بحسب المهلة التي حددتها خطة الموفد الدولي والعربي كوفي انان لإنهاء أعمال العنف المستمرة  منذ عام. وكان يفترض بأن يقوم النظام السوري بسحب آلياته العسكرية من المدن والمناطق السكنية يوم الثلاثاء في العاشر من نيسان ولكنه لم يفي بإلتزامه بالخطة التي وافق عليها بل صعد من عملياته العسكرية ضد المدنيين. في هذه المرحلة العصيبة يتحدد مسار مستقبل سوريا المنغرقة بدماء ابنائها والرازحة تحت وطأة هديرالدبابات والمدرعات والعبوات الناسفة التي حولت البيوت العامرة إلى ركام أنقاض تفوح منه رائحة الدم والموت. الحزن يعم كل المدن والبلدات وكل بيت في سوريا.أن صمت هدير المدرعات والدبابات وراجمات الصواريخ وأزيز الرصاص في الشوارع السورية يجب أن يكون بداية النهاية لعام من المآسي المليئة بالقتل والدمار.بداية من أجل بناء دولة المستقبل دولة الحرية والكرامة, دولة تنهي عقود من سلطة النظام الديكتاتوري الفاسد.سوريا تعيش مخاض ولادة عسيرة مرفق بآلام جمة وبدماء غزيرة وتضحيات هائلة ومعاناة قاسية,والمولود الجديد شكله مجهول قد يكون أروع ما أبدعه الخالق وإرادة الإنسان التواق إلى الحرية وقد يكون مسخ لا يتعرف عليه حتى من أنجبه بفعل إرادة الصمود والتضحيات الجسيمة.ولكن الغالبية الساحقة من أبناء سوريا وكافة القوى السياسية بمختلف تياراتها الدينية والقومية والسياسية ومؤسساتها المدنية قد قطعت عهدا وطنيا على نفسها بإن تكون سوريا لكافة أبنائها بدون تمييز بين الأديان والقوميات, للجميع حقوق متساوية يكفلها الدستور الديمقراطي العلماني في دولة مدنية.
اللحظة التاريخية تستدعي من كافة القوى الساعية لبناء دولة المؤسسات الديمقراطية اليقظة حيال مكائد النظام الخبيثة وحيال المخططين والداعمين له من قوى إقليمية وميليشيات دينية عنصرية وكذلك قوى إرهابية سواء كانت صنيعة النظام أو غيرها بجر البلد إلى حرب أهلية لا يكون فيها رابح إلا أعداء سوريا وشعبها.المرحلة في غاية الخطورة وتحتاج إلى أفكار بناءة وأفعال مثمرة تنقذ الوطن والشعب من الدمار الفظيع التي تتوعد بها هذه القوى المذكورة.
الشعب السوري الذي فجر ثورته السلمية بتظاهرات شعبية لإسقاط النظام سلميا أو لإجراء إصلاحات حقيقية على أرض الواقع وليس وعود كاذبة يطلقها النظام. تعرض هؤلاء إلى القمع وعلى مدى أشهر طويلة واجه المتظاهرون العنف والقتل وإنتهاك الأعراض بصدور عارية حتى أن بدأت إنقسامات من الجيش النظامي إحتجاجا عن إنحراف هذا الجيش عن مهامه الوطنية وزج في معركة إنقاذ النظام ضد الشعب, وأنحاز المنشقون للدفاع عن أهلهم في وجه آلة القمع .ومع زيادة أمتداد الثورة لتشمل قطاعات واسعة من الشعب السوري على الإمتداد الجغرافي للوطن بدأت وتيرة العنف الحربي والدمار والقتل يزداد يوما بعد يوم وتحول الوطن إلى ساحة معركة حقيقية ليس بين إسرائيل وسوريا وإنما بين النظام والشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة.وكانت المهل التي تعطى للنظام الأسدي من قبل جامعة الدول العربية والمهلة الأخيرة من قبل الممثل الدولي والعربي والتخاذل العالمي حيال الوضع في سوريا فرصة وتشجيعا لهذا النظام لتصعيد وتيرة العنف الحربي ضد المدنيين إلى أن أصبحت هذه الأعمال ترتقي إلى مستوى مجازر إبادة حقيقية ترتكب على يد الجيش السوري النظامي والأجهزة القمعية المخابراتية والشبيحة والقوى الوافدة من ميليشيات دينية مذهبية عنصرية لنصرة النظام ومن تجندهم من عصابات إجرامية لذبح الشعب وتدمير المدن والبلدات وقتل الناس العزل بدم بارد أمام مرىء الأهل والجيران بدون رادع يذكر لهذه الأعمال البربرية .لا تحركات عملية من الرأي العام العالمي والمنظمات والهيئات الإنسانية التي تخفف من معاناة الشعب السوري الذي أصبح مئات الآلاف منه مشردا داخل الوطن وعشرات الآلاف في الدول المجاورة, سوى بعض تصاريح إدانة لا تغير شيء في الواقع المأساوي الذي يعاني منه الشعب السوري وخلال فترة وجيزة من مهلة عنان سقط أكثر من آلف قتيل وأرتكبت مجازرفي محافظة حمص وأدلب وحلب.
ومع مرور الزمن وبعد عام من الثورة وبعد كل القتل الذي مارسه في كافة المحافظات السورية قدم النظام صورة واضحة أكثر جلاء عن وجهه الحقيقي وأكد على الطبيعة الإجرامية في قدرته على إرتكاب المزيد من العنف الهمجي وإن منابع القتل والفظائع لم تجف لدى النظام بل تزداد وحشية وهي تحاول السباق مع الزمن ومع المهل ومع الخوف من تبدل في المواقف الدولية فلذا كثف النظام في الآونة الأخيرة من عملياته العسكرية ضد المحتجين على سلطته.والعنف بأشكاله المختلفة كان آداة النظام خلال أكثر من أربعة عقود من الزمن ليمارس سلطته القمعية وبكل الوسائل المتاحة.
إن المنظومة الأخلاقية للحكم الاستبدادي الذي مارسه النظام على مدى العقود الطويلة يكمن في تقسيمه الوطن والشعب إلى فرق عديدة من خلال آليات متنوعة تحقق جملة مصالح فردية وفئوية على المستوى الجغرافي والإجتماعي ليحكم سيطرته المطلقة على الجميع.هذا التوجه التربوي المدرسي والإعلامي والقومي والسياسي والعقائدي والعنصري لعب ويلعب دوره السلبي التخريبي في كيان شخصية المواطن السوري وبأشكال مختلفة تنعكس صورتها اليوم في هذه الظروف الكارثية بتوجهات دينية ومذهبية وقومية وسياسية متنوعة والتي هي نتيجة ممارسات سلطوية قمعية بذلت الجهود البشرية والمادية لفرض نمط واحد من التفكير والسلوكية التي تخدم النظام ومن لم يلتزم بهذا المسلك اصبح في عداد سجناء الرأي الحراواصبح في بلدان المهجر.هذه المحاولات التي بذلها النظام على مدى العقود الطويلة من أجل تحطيم الوحدة الوطنية بين مختلف مكونات المجتمع بإنتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية  والسياسية المختلفة فشلت حتى هذه اللحظة وذلك من خلال المشاركة المتنوعة بدرجات متفاوتة من أبناء الشعب السوري بكل مكوناتهم من المسلمين بكل مذاهبهم من السنة والعلويين والدروز والإسماعيليين والمسيحيين والعرب والآشوريين السريان والكرد واليزيديين في هذه الثورة التي تطالب بإسقاط النظام والكف عن قتل الأبرياء من الناس.وكانت هذه المشاركة بين كافة أبناء الطيف الإجتماعي السوري صدمة للنظام وهو يصب جم غضبه ونارآلته العسكرية التي يحترق بها الجميع بدون إستثناء بإتجاه محدد من أجل تكريس الطائفية ودفع البلد نحو الحرب الأهلية.
المعارضات السورية سواء في الداخل أو الخارج التي تؤمن ببناء دولة مدنية ديمقراطية ترتكز على مؤسسات فعلية تملك صلاحيات حقيقية حسب تخصصها ومهامها المنصوص عليها في دستور مدني علماني يفصل الدين عن الدولة وكذلك سلطات إدارة شؤون الدولة والمجتمع, ويؤمن بالحرية والكرامة والمساواة والحقوق المتساوية للجميع في وطن موحد بدون أي تقسيمات عنصرية في بلد فيه تنوع ديني وقومي,هذه المعارضات تقف أمام تحديات جسيمة عليها بذل أقصى درجات الحكمة لتجاوز التركة الثقيلة لنظام الإستبداد الذي كرسها في النفوس ألا وهو بناء الركن الأساسي في الدولة هو بناء الإنسان الذي يؤمن بالقيم الإنسانية بالمبادىءالمذكورة أعلاه يؤمن بالعدالة وينبذ العنف والقتل بكل أشكاله.وأن لايكون هناك أي مبرر ديني أو سياسي أو حسب العادات والتقاليد إرتكاب أي جريمة, وأن يحاكم مرتكب الجريمة أمام محاكم عادلة ليست خاضعة وليس فيها محسوبيات دينية وقومية وعشائرية وسياسية الجميع متساون أمام القانون من الفرد العادي في المجتمع إلى أعلى المناصب في الدولة.العمل على تكريس روح التسامح الفعلي ونبذ التمييز العنصري بكل أشكاله, لآ إمتيازات  لأحد الفئات وحرمان فئة أخرى منها.
  من أجل كل هذه القيم والمبادىء أنطلقت ثورة الشعب السوري لتتحرر من ظلم الديكتاتورية التي حاولت تجريد الكثيرين من الناس من قيمهم الإنسانية.وكما أكدنا في كتاباتنا السابقة علينا التمييز بين العمل الثوري والمطالب الشعبية المحقة , وبين جرائم من يدخلون على خط الثورة وتشويه قدسيتها وتحريفها عن مسارها الصحيح.وكما ذكر سابقا أيضا الطريق طويل وشاق ومليىء بالتضحيات الجسيمة وثمن الحرية غال تسفك دماء وأرواح كثيرة من أجلها,معاناة مكونات إجتماعية واضطهاد عقود طويلة.لذا على هذا الشعب بتنوعه الديني والمذهبي والقومي أن يحصل على ثمار الثورة لآ فئات متطرفة إرهابية وعنصرية تخطفها أوفئات تريد تقسيم الوطن أو فئات تريد إسقاط النظام الديكتاتوري ومن ثم يمارسون هم ديكتاتوريتهم حسب أمتلاك القوى والمال وميليشيات الإرهاب والتخويف والقتل كما هو الحال في العراق.إننا نتطلع جميعا لبناء وطن مزدهر يسوده الأخوة والمساواة الحقيقية بين كافة مكونات المجتمع السوري من المسلمين والمسيحيين من الآشوريين السريان والعرب واليزيدين والكرد. وكافة مكونات المجتمع السوري مدعون اليوم وفي هذه الظروف الكارثية التوحيد وبذل أقصى درجات التضامن الأخوي والوطني من أجل إنهاء سلطة النظام الديكتاتوري .
 


.!

107
عام على ثورة الشعب  السوري ضد الطغيان 
                               

الدكتور جميل حنا
الشعب السوري يستمر في كفاحة المرير ضد نظام الإستبداد من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية.الخامس عشر من آذارعام 2011 حتى الخامس عشر من آذار 2012 عام من حياة الشعب السوري لا يختلف عن الأعوام السابقة من حيث المقياس الزمني.ولكن هذا العام كان بكل جدارة واستحقاق عام أسطورة الشعب السوري الذي أستعاد فيها عظمته التاريخية بعد عقود من الخضوع والمذلة تحت ظل النظام الديكتاتوري العنصري. هذا العام المليء بالمآسي الفظيعة من قتل بربري يشمئز له ضمير كل إنسان يملك مثقال ذرة من الشعور الإنساني.عام من التضحياة الجسيمة والشعب السوري واجه وحيدا آلة القمع والدمار الفتاكة بكل انواعها من الصواريخ والمدافع والدبابات والطائرات بصدور عارية ينادي بالحرية سلميا لا يملك إلا تلك الحناجر التي تصدح من أجل حياة كريمة.وتلك الحناجر التي أبدعت سمفونيات ثورية سيبقى الشعب السوري يرددها في المستقبل كرمز من رموز الثورة والتي ألهمت الجماهير بروح الشجاعة والتحدي لألة القمع .وتلك  الحناجر كانت وما زالت تصب عليها لهيب الغضب والأحقاد ولهيب النار والرصاص والسكاكين التي تقطعها أربا.الشعب السوري يقف اليوم شامخا يتحدى طغيان الفئة الحاكمة بقيادة بشار الأسد الذي أكد أنه يتحمل كل ما يجري في سوريا اليوم. والشعب السوري ينتظر ذلك اليوم الذي يقدم فيه بشار الحساب على جرائمه البشعة ضد أبناء الوطن.
الحديث عن ثورة الشعب السوري لايمكن إختزاله في كتابة مقال أو المئات والآلاف منه. لأن ثورة الشعب السوري أعظم مما يمكن إختصارها في محيط ضيق من الكلمات والأسطر والمقالات.هذه الثورة التي أنطلقت منذ عام هو تاريخ معبر عن صراع الإنسان المكافح من أجل الحرية كما هو الحال في كافة الحضارات والثقافات المختلفة بغض النظر عن تكوينها العرقي وعن المكان والزمان.عام الثورة السورية هوتاريخ مشرق يجسد الإبداع الفكري الخلاق والغريزي أيضا من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والمساواة والعدالة. الشعب السوري الذي فجر ثورته على الظلم والقهر والطغيان والمستبدين لم تكن ثورته الأولى على الحكام الطغاة والسلاطين.بل أن تاريخ الشعب السوري مليء بالثورات الشعبية والوطنية ضد الغزات الخارجيين الذين أحتلوا هذا البلد بقوة السلاح والجيوش الجرارة القادمة من كل حدب وصوب.
  ثورة الشعب السوري تحمل في طياتها مميزات خاصة تجعلها تختلف كثيرا عن بقية الثورات في تاريخها القديم والحديث.إنها ثورة من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والاستقلال والتحرر من نير الظلم .ليس من الغزات الخارجيين بل من الطغمة الحاكمة الفاسدة من داخل الوطن. التي اهانت هذا الشعب على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن, ساد فيها كل أنواع المظالم التي عرفها التاريخ البشري.عندما أنطلقت شرارة الثورة بفعل تراكمات إجرامية مارستها الأجهزة القمعية والسلطة السياسية على مختلف الأصعدة في الحياة الأجتماعية وعانت الجماهير من ويلات هذا النظام الفاسد على المستوى الأخلاقي والوطني والإنساني.هذا النظام الذي أطلق نعوت مختلفة على الثائرين ضد النظام منذ ايامها الأولى  بأنهم بعض المندسين وعملاء للخارج ومخربين ومن ثم إرهابيين ومن ثم عصابات مسلحة إرهابية تعبث بأمن الوطن.
إذا نظرنا عبر التاريخ لم نجد مطلقا نعوت بهذا الشكل يطلق على الغالبية من أبناء الوطن ليس لعمل أجرامي أرتكبوه. بل لأنهم خرجوا في تظاهرات سلمية تطالب في البداية بالأصلاح والتغيير الديمقراطي وقليلا من الحرية ولكن النظام أستكثر هذه المطالب المحقة للشعب ولكن هذه المطالب من قبل الشعب أعتبرها النظام إنها مطالب العملاء والمندسين والإرهابيين وجماعات مسلحة تريد تدمير الوطن.وعلى هذه الأسس أستمر النظام في إعلامه بمحاولات تشويه مصداقية ثورة الجماهير السلمية.وإذا نظرنا عبرالتاريخ لم نجد مطلقا نعوت بهذا الشكل بأن غالبية الجماهير التي طالبت وتطالب بالحرية تصبح من وجهة نظرالسلطة الحاكمة لا شرعيا بأن هذه الجماهير هم مندسين وعصابات مسلحةوإرهابيين.
ولكن الحقيقة الثابته في التاريخ أن عظمة وتطور وتقدم وبناء الأوطان هو بفضل قوة الشعوب عقليا وجسديا.كما أثبت التاريخ أن الفئات الحاكمة الفاسدة هي من كانت تمارس الإرهاب على مواطنيها وكذلك الظلم والفساد وتنهب أموال الشعوب وترتكب الجرائم الفردية والجماعية وتزج بالأحرار في السجون, لكي تستمر في السلطة لا قانونيا تعيش حياة الترف والبذخ وتسرق الملايين بل الملياردات من قوت الشعب,والشعب يعاني من الفقر والحرمان ومن أبسط مقومات الحياة التي تليق بالإنسان.
هذا النظام الذي يرتكب أبشع الجرائم بحق الأبرياء من أبناء الشعب لا تردعه أي مباديء وقيم إنسانية وإخلاقية أو وطنية لأن تمسكة بالسلطة هي فوق كل الإعتبارات. ومن أجل ذلك ينفذ أقذر المخططات الإجرامية من أجل الحفاظ على سلطته القمعية.وربما يعتقد بهذا الأسلوب سيقود البلد لعقود طويلة كما ورثها من الأب ومن ثم يورثها بعد عقود إلى الحفيد وهذه الأفكار الراسخة في عقلية الحكام الطغاة تجعلهم أن يعيشوا خارج التاريخ. ويرى هؤلاء العالم بمنظار يختلف عن الغالبية الساحقة من البشر, ولكن بئس المصير, النهاية قادمة.لم يشهد التاريخ العالمي بان طاغية أنتصر على شعبه مهما طال الزمن ومهما أشتد الظلم على الشعوب وفي النهاية النصر لأصحاب الحق وهي الشعوب, لأبناء الوطن بكل إنتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية.
الشعب السوري بكل مكوناتهم الإجتماعية قدموا تضحيات جسيمة خلال عقود طويلة من الحكم الديكتاتوري.خلال عقود طويلة تم سحق إرادة الجماهير,والتعبير عن الرأي الحر, وعن التوجهات السياسية الديمقراطية.وتم قيادة البلد على أساس دستور عنصري لايعترف بالحقوق القومية للشعب الآشوري السرياني وبلغته وثقافته بأعتباره المكون الأصيل لهذا الوطن منذ آلالاف السنين وكذلك بقية المكونات العرقية.الد ستورالعلماني المفصل بحسب العقلية العنصرية الشوفينية لحزب البعث الذي يميز بين حقوق المواطنين على أسس الإنتماء الديني والقومي.
الشعب السوري وكافة قوى المعارضة سوى في الداخل أو الخارج تقف أمام تحديات كبيرة جدا لإنهاء نظام الإستبداد. وكما أثبتت  تجربة عام من الكفاح المرير, وملحمة الصمود التي قدمها الشعب السوري وحيدا أمام صمت العالم يتلذذ بمنظر دماء وجراح الأبرياء والمدن والأحياء والبلدات المدمرة والمهجورة من ساكنيها وتدمير الوطن السوري. والشعب السوري يقف مذهولا أمام هذا الدمار الشامل وأمام صمت العالم. فلتكن هذه الأمور دافعا قويا أمام كل الشرفاء الوطنيين السوريين لتوحيد قواهم ورص صفوفهم لإنهاء معانات المواطنين والوطن والبدء في بناء دولة حضارية ديمقراطية علمانية تعددية بعد التخلص من الحكم الإستبدادي الحالي.والشروع في صياغية دستور علماني حقيقي يعترف بالتنوع القومي والديني ويحقق المساواة الفعلية بين كافة المكونات الإجتماعية والأعتراف دستوريا بالهوية القومية الآشوري وكافة المكونات الإثنية الأخرى ضمن كيان الدولة السورية الموحد الأرض والشعب.الوطن للجميع والدين لله. فليكن هذا وطننا جميعا بغض النظر عن إنتماءنا الديني والقومي ولتكن عقيدتنا الدينية وإيماننا علاقة شخصية بين الإنسان وربه, بين العبد والمعبود.                            16 آذار2012


 

108
               

المعارضات السورية والالتزام بالمبادىء الإنسانية

   الدكتور.جميل حنا  

عشرة أشهرمضت منذ إندلاع ثورة الشعب السوري والساحة الداخلية تشهد في البلد منعطفا خطيرا وإنقساما حادا بين السلطة الحاكمة وبين الشعب السوري.عشرة أشهر من الألم والمآسي والدمار والقتل يعاني منها الشعب على يد السلطات الحاكمة التي تمارس العنف بأبشع الطرق الوحشية.ولكن كما يبدو من تشابك الأمور في الساحة الداخلية حيث تمركز الجيش والأجهزة القمعية وعصابات الشبيحة والسلاح والمال في يد السلطة.إضافة إلى الدعم الخارجي من أيران والعراق وروسيا وحزب الله وكذلك الصراعات الدولية.والشعب السوري المتظاهرين سلميا والعزل من كل سلاح ,إلامن سلاح الإيمان بقضيتهم العادلة وبالحرية.مجموع هذه العوامل تجعل من كل هذه المعانات والمآسي التي تصيب هذا الشعب منذ عشرة أشهرأمام أنظارالعالم ما هي إلابداية مآسي أفظع.إلا إذا أتخذة المؤسسات الدولية خطوات فعلية بتطبيق الشرائع الدولية لحماية المدنيين.الصمت حيال الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري بإستثناء بعض التصاريح وعدم القيام بخطوات فعلية من قبل المجتمع الدولي لإنهاء معانات الشعب لم تثني من إرادة المنتفضين الثائرين على النظام. الذين أتخذوا قرارهم بتغيير جذري لنظام الإستبداد القائم حاليا والفاقد لشرعيته من الأصل, وبناء دولة ديمقراطية حرة.في الشهر العاشر من الثورة شهدت الساحة الداخلية في في سوريا وعلى صعيد جامعة الدول العربية والساحة العالمية مواقف وتحركات تتعلق بشأن الصراع القائم بين الشعب والسلطة الحاكمة في البلد.كان من أبرز معالم أو الأحداث التي عاشتها الثورة في شهرها العاشرهو إرسال المراقبين العرب إلى سوريا للإشراف ومراقبة كيفية الالتزام وتنفيذ بروتوكول ومبادىء الإتفاق بين جامعة الدول العربية والسلطات السورية.كل الحقائق على الأرض أثبتت فشل مهمة المراقبين الذين لم يستطيعوا تقديم أي شىء يفيد الشعب السوري بوقف العنف وقتل المتظاهرين سلميا.خلال هذه الفترة استمر تمركز قوات الجيش السوري والأجهزة القمعية والشبيحة بكافة أنواع أسلحتهم تواجدهم في الكثيرمن  البلدات والمدن, تقتل وتعتقل من المتظاهرين سلميا.لم تفرج السلطات السورية عن عشرات الآلاف من المعتقلين على خلفية المشاركة في المظاهرات السلمية.ولم يتم تنفيذ بقية بنود البرتوكول وسقط خلال فترة تواجد المراقبين في سوريا أكثر من أربعمائة إنسان.وبلغ عدد الشهداء حتى الآن أكثر من ستة آلاف منذ إندلاع الثورة السورية.وقد عكست تركيبة لجنة المراقبين العرب حالة الإنقسام السائدة بين مختلف الأنظمة العربية في كيفية التعاطي مع القضية السورية.بالرغم من موافقة تسعة عشرة دولة عربية على مهمة بعثة المراقبين العرب وفرض العقوبات على سوريا.إلا أن التعامل الفعلي أظهر تعاطف ممثلي بعض الدول مع النظام السوري وخاصة رئيس البعثة السوداني محمد الدابي المتهم بجرائم حرب إبادة في دارفور وتأسيسه ميليشيات الجنجويد الذين أرتكبوا جرائم إبادة ضد المدنيين.والجدل القائم حاليا ما جدوى وجود المراقبين العرب أن لم يستطيعوا تقديم الحماية اللازمة للمدنيين من الاستبداد والقتل وآلة الدماروردع النظام من إرتكاب العنف ضد المتظاهرين سلميا.
الشهرالعاشرمن الثورة كان استمرارلما قبله من الأشهر من حيث المواقف الدولية المدانة للنظام من تصاريح مسؤولي الدول والمنظمات الإنسانية.تلك المواقف أكدت على قضايا إنسانية هامة ألا وهي الدعوة إلى وقف قتل المواطنين .وسحب الشبيحة والاجهزة القمعية والجيش وكافة مظاهر التسلح من الشوارع. والإفراج عن المعتقلين على خلفية المشاركة في المظاهرات السلمية من أجل إسقاط النظام.السماح بدخول وسائل الاعلام العالمي والتنقل بحرية,كما نص عليه برتوكول جامعة الدول العربية. وطالبت بعض التصاريح ضرورة تنحي بشار الأسد وتسليم السلطة إلى الشعب السوري.بالمقابل هناك مواقف من بعض الدول المتضامنة مع النظام السوري من أجل مصالحها الاقتصادية والسياسية. وربما كان من أبرزتلك التحركات الدولية في الشأن السوري هي المبادرة الروسية التي قدمت إلى مجلس الأمن. والتي تهدف إلى الحفاظ على النظام السوري من أجل استمرارية الحفاظ على مصالحها وتواجدها العسكري في المنطقة.حيث لم تعد ومنذ أمد بعيد القضية السورية هي مجرد مشكلة داخلية للبلد بل هي قضية عالمية تتصارع عليها قوى عالمية مختلفة من أجل بسط السيطرة والنفوذ على هذا الموقع الاستراتيجي الهام من العالم.إلاأن المبادرة رفضت من قبل الدول الغربية وأقترحت إدخال بعض التعديلات عليها ولكنها جوبهت بالرفض من قبل روسيا. ويمكن القول أن المبادرة ولدت ميتة وروسيا تعلم ذلك سلفا,إلا إذا إدخل عليها تعديلات جدية.
في الشهر العاشر من الثورة ألقى بشار الأسد الخطاب الرابع منذ إندلاع الثورة. وهذا الخطاب عكس ما هومعروف في نهج النظام منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن, ولكن بوحشية وفظائع أكبر وأشمل يمتد على ساحة الوطن وإزدراء بمطالب الشعب المحقة.أكد بشار الأسد مجددا في خطابه هذا بأنه سيتم القضاء على العصابات المسلحة وهو ما يروج له النظام.ويعتبر أبناء الشعب السوري المنتفضين ضد سلطته الاستبدادية ما هم إلاعصابات مسلحة ومندسين من الخارج وعملاء الغرب وإرهابيين.ومن هذا المنطلق يرى أن سحق هؤلاء يجلب الأمن للبلد,وهذا يعني جلب الأمان له ولحاشيته الحاكمة.وحتى هذه الجماعات حسب توصيف بشارالأسد قبل إندلاع الثورة الشعبية بأسبوع لم يكن لها وجود,لأنه حينها أعتبر الشعب السوري واعي ومثقف ويحب قيادته.ولكن السوءال الذي يطرح نفسه من أين أتى مئات الآلاف بل الملايين من المتظاهرين السلميين من أبناء الشعب السوري, والتي لا يرى النظام والطغمة الحاكمة فيهم إلا عصابات مسلحة.والنقطة الثانية تركيزه على شعار العروبة المهترىء والتي لفظته الشعوب المنتفضة.تلك الشعارات والطروحات القومية الشوفينية التي حكم بها الشعب السوري حكما ديكتاتوريا قمعيا. وعاني الويلات وما زال تحت الحكم الشمولي الفردي لنظرية البعث العنصري المعادي للحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية .والمعادي لحقوق الشعوب أبناء الوطن الواحد بسبب إنتمائهم غير العروبي من الآشوريين السريان والكرد وغيرهم.أو ربما أعتقد بشار بأنه يخدع سامعيه  عندما يطرح شعار العروبة وتمسكه بها وأن غيره من العرب هم من المستعربين كما قال ليفهم بها السامعين بأنه ليس جزء من ولاية الفقيه وإذا كان هذا القصد,هل هناك إنسان عاقل يصدق كلامه؟ وتأكيده بأن سوريا قلب العروبة النابض وغيرهم من العرب وجامعة الدول العربية ما هم إلا أدواة بيد الأخرين (عندما يهجم علينا شخص وبيده سكين هل سنحارب السكين أم الشخص...)لغة التهديد والوعيد ضد كل من لايقف معه ويدعم بقاءه في السلطة يستحق الموت وسيتم القضاء على التمرد والذى أضحى على نهايته كما يعتقدهو.
الشهر العاشر كان مثقل أيضا بمقتل الصحفي الفرنسي جييل جاكييه في حمص نتيجة قذيفة أستهدفت الوفد الصحفي. وكل الاتهامات تتجه نحو النظام بقتل الصحفي وبناء على أقوال شهود عيان مرافقين ومشاركين في الوفد الصحفي. وفرنسا طالبت بإجراء تحقيق مستقل والكشف عن ملابسات  الحادث.
الشعب السوري استمر في الشهر العاشر من ثورته السلمية بتسجيل صفحة رائعة في سجل تاريخ الثورات السلمية. لتدخل في تاريخ كفاح الشعوب من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة والتحرر من نظام الطغيان ,الذي يستبد بالشعب والوطن منذ أكثر من أربعة عقود.إن إندلاع الثورة بعد كل هذه العقود كان نتيجة حتمية لتراكمات عانى منها أبناء الوطن من سلطة الاستبداد.الشعب السوري ينشد من أجل الحرية الحقيقية,تلك الحرية التي تهدف إلى بناء وطن يرتكز على قيم الحرية بكل ما تتضمنه الكلمة من قيم نبيلة لا تميز بين البشرعلى أساس العرق والدين والمذهب والجنس واللون والأنتماء السياسي والولاء.ليس للحرية لون نلونه كما نشاء حسب مقتضيات مصالحنا وأهدافنا القومية والدينية والمذهبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.الحرية كلمة رافقت تاريخ البشرية على مدى التاريخ البشري ولذا للحرية قيم ثابتة وموحدة في القاموس الإنساني.
وكفاح الشعب السوري وثورته المحقة ضد نظام الاستبداد يهدف للحصول على الحرية الحقيقية. ولذلك يقدم عشرات الشهداء يوميا من أجلها, وللحرية هنا لون واحد هو دم الشهداء.وكان رد الشعب السوري على خطاب بشار الأسد الأصرار في السير في طريق بذل التضحية من أجل نيل الحرية الحقيقية. والشعب السوري قبل التحدي بالتحدي ولكن هناك فرق شاسع بين تحدي الشعب وتحدي الطغاة.تحدي الشعب السوري هومن أجل قيم إنسانية نبيلة من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدل والمساواة من أجل السلام والعيش بأمان وضد الظلم. والشعب السوري لن يرضخ بسبب القتل والعمليات الارهابية من تفجيرات هنا وهناك تقوم به السلطة لترهيب المدنيين والمتظاهرين سلميا. وتحدي بشارالأسد مناف للمنطق الإنساني الذي لايكن أي تعاطف ومشاعر إنسانية تجاه أبناءالوطن ,هو تحدي المستبدين الذين يدمرون الوطن ويقتلون الشعب من أجل بقائهم في السلطة.
المعارضات السورية
تمر سوريا بأخطر المراحل في وقتنا الحاضر منذ إندلاع الثورة الشعبية السلمية قبل عشرة أشهر. الشعب السوري يكافح من أجل الحرية,وكان رد نظام الاستبداد على مطلب الجماهير المحق بدفع بالبلد نحو حرب أهلية.هذه الحرب لا قدرالله وأن وقعت لن يكون فيها من رابح بل سيكون الجميع فيها خاسر, وذلك بسبب ترابط النظام مع منظمات وأنظمة قمعية لا تهمها حرية الشعوب ولا حياة الناس لأن لا قيمة للأنسان إلا بمقدار استخدامه وقودا من أجل تحقيق مآرب الحكام وأيديولوجياتهم العنصرية.الشعب السوري أبدى شجاعة باسلة في مواجهة السلطة  وأدواته القمعية وقدم التضحيات فداء الوطن والشعب ويتحمل المعاناة الشديدة.
من هنا تكمن الأهمية القصوى في عمل وبرامج المعارضات السورية ألتي كان ولادتها أو نشأتها بحافزالشجاعة والتضحيات وآلاف الشهداء الذين سقطوا من أجل الوطن وحريته في المدن والبلدات السورية.جميع قوى المعارضة عليها التزام مبدئي إنساني ألا وهوالإرتقاء بمواقفها وتحركاتها السياسية والوطنية إلى مستوى تلك التضحيات التي يقدمها الشعب يوميا على الأرض السورية.هذه المعارضات التي كان ولادتها وتشكيلها بدافع الحرص على مستقبل الوطن وحرية الشعب عليها إتخاذ خطوات فعلية تجاه بعضها البعض ومن أجل إنهاء حالة التشرزم وتوحيد الرأى حول كيفية إنهاء معانات الشعب السوري.في هذه الظروف الحرجة يقع على عاتقها مسؤوليات كبرى على مستوى الحدث العظيم والخطير على مستقبل الشعب والوطن.فلذلك يتطلب من هذه القوى بذل المزيد من الجهود وتوحيد القوى والبرامج لمواجهة التحديات الصعبة وتحقيق أهداف الثورة. لأن تحقيق أهداف الثورة لن يكون أمرا سهلا في ظل المناخ الأقليمي والعالمي المعقد.
المعارضات السورية التي تشكل طيف واسع في المجتمع السوري سواء كانت معارضة الخارج أو الداخل.خلال أربعة عقود من الزمن زج النظام الديكتاتوري بعشرات الآلاف في السجون وتعرضوا لكافة أنواع التعذيب النفسي والجسدي.وهذه المعارضات من مختلف الأثنيات القومية والعقائد الدينية والأتجاهات والايديولوجيات السياسية هؤلاء دفعوا ثمن باهظ بسبب معارضتهم للنظام الديكتاتوري.هناك مجموعات معارضة نشأت في الفترة الأخيرة والبعض منها أنبثق من رحم الثورة وأفراد لم يجدوا سبيلا الى أحدى أطراف المعارضة والغالبية الصامتة كل هؤلاء يشكلون قوة في حال تم توحيد هذه المعارضات على أساس مبادىء وأهداف الثورة فإنها ستحسم الأمور لبزوغ فجر جديد قريبا. إذا الثورة السورية كانت حافزا لكثير من الأشخاص للأنضواء تحت راية المعارضات السورية بطيفها المتنوع وما زال القسم الأعظم من الناس يكون بشكل من الأشكال معارضته الذاتية للنظام بدافع الحس الوطني والإنساني من أجل التخلص من نظام الاستبداد.أن حرية الشعب والوطن والمستقبل الذي يوفرالأمان للجميع يحتاج إلى قيم إنسانية ثابتة لا تتزعزع بحسب التغييرات السياسية .أن الالتزام بالقيم الإنسانية هي ضمانة لبناء وطن مزدهر يحقق المساواة والعدالة والحرية بدون تمييز بين فئة وأخرى في المجتمع على أسس سياسية أو دينية أو قومية أوأجتماعية.
الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية وبمعاهدة حقوق الإنسان.والنظربمنهج فكري إنساني ومنطقي  إلى واقع اللطيف الاجتماعي السوري الذي يتكون من أديان وقوميات عديدة لذا على الجميع  أحترام هذه الميزة الفريدة.وأن يتضمن دستور سوريا المستقبل القريب الاعتراف بالقومية الآشورية السريانية وأعتبارها مكون أصيل في النسيج الوطني السوري لأنهم أصحاب الأرض الحقيقيين على مدى آلالاف السنين قبل الميلاد, وما زالوا يحافظوا على خصوصيتهم الثقافية واللغوية.أن سياسة الإقصاء والتهميش لا يخدم بناء مجتمع ديمقراطي. والمجتمع الديمقراطي لا يبنى فقط على أساس صناديق الأقتراع وخاصة في بلد فيه تنوع ديني وقومي. وحيث يشكل أتباع أحدى الديانات أ والقومية الغالبية الساحقة من المجتمع, فهذه بالتأكيد ليست إلا ديمقراطية مزيفة تفرض فيها  إرادة الأغلبية على أتباع الديانات والقوميات الأقل عددا وهكذا تنتهك الحقوق القومية والمبادىء الإنسانية. الديمقراطية الحقيقية هي عندما يضمن دستور البلد حقوق متساوية على أساس المواطنة وعلى أساس التنوع القومي والديني الذي يمنح للجميع حقوق متساوية, فصل الدين عن الدولة وبناء دولة ديمقراطية علمانية على أساس دستور ديمقراطي مدني يحقق التعددية السياسية وتداول السلطة السياسية سلميا ويحترم شرعة حقوق الإنسان.
أن ضمان حرية التعبير عن الخصوصية القومية يجب أن يكفله الدستور وتقر به كافة قوى المعارضة التي تؤمن بالقيم الإنسانية وتحترم المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان من أجل بناء النظام الديمقراطي العلماني الذي يحقق العدالة والمساواة بين الجميع بدون تمييز.
الثورة الشعبية السورية أنطلقت من أجل أهداف نبيلة والثورة حتى الآن حافظت على سلميتها .بالرغم من كل محاولات التشوية التي تتعرض لها من قبل النظام بلصق تهمة الارهاب بها.أن العمليات التفجيرية الارهابية في حي الميدان والآخرأمام أحدى المقارالأمنية في دمشق تشير كل الدلائل والوقائع أنها من عمل الأجهزه السورية. بهدف ترهيب المتظاهرين السلميين ولصق تهمة الارهاب بهم في نفس الوقت. وكذلك حرف أنظار بعثة المراقبين العرب عن الجرائم التي يرتكبها بحق المواطنين ومن أجل خداع الرأي العام العالمي.وتقوم عصابات النظام الشبيحة بعمليات الخطف والأعتداء على الكرامات والقتل والنهب وترعيب السكان من أجل أخماد صوت الوطنيين الأحرار من أبناء الشعب.وهناك عصابات مسلحة قطاع طرق مستغلة ظروف الثورة تقوم بعمليات الخطف وأخذ الفدية والقتل وترهيب السكان المسالمين وهذه الأعمال الأجرامية تسىء إلى القيم النبيلة  التي من أجلها أنطلقت الثور الشعبية.أن مختلف تيارات المعارضة الملتزمة بالقيم الإنسانية مدعوة لإدانة وشجب هذه الممارسات الأجرامية ألتي ترتكبها عصابات النظام الرسمية وغيرها من العصابات. والعمل على فضحها والحد من قيامها بأعمالها الأجرامية, سيزيد من مكانة المعارضة وثقة أوسع فئات الشعب السوري بها.أن الحد من هكذا أعمال إجرامية سيعزز مواقف المعارضة بين أوساط الجماهير,وسيكونون بذلك أكثر إندفاعا وتأييدا وأنخراطا في صفوف الثورة.الثورة يجب أن تعني للجميع بأنها ستجلب السلم الأهلي والأمان والمساواة والعدالة والحرية وحقوق متساوية لكافة أبناء الوطن بغض النظرعن إنتماءه الديني أو القومي و سيكون الجميع  متساون أمام القانون الذي لايميز بين المواطنين .يجب على بعض مكونات المجتمع أن تشعر بأن الثورة ليست بهدف الإنتقام من أحد بل ثورة من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية بدون إستثناء.             
.


109
الثورة الشعبية السورية وتحول الأنظمة في البلدان العربية


الدكتور.جميل حنا

الثورة الشعبية السلمية السورية في شهرها العاشر مستمرة في التظاهرمن أجل تحقيق الحرية.أيام معدودة فقط ويكون هذا العام خلفنا ولكن سيكون لهذا العام 2011 خصوصية تميزه عن بقية الأعوام بأنه عام الثورات العربية أو الربيع العربي.لا بد من وقفة سريعة لنرى ما تم إنجازه خلال عام 2011ونحن على مدى أيام قلائل لندخل عام جديد مجهول. ولكننا نتفائل ونتطلع بنظرة إيجابية بأن يكون العام القادم أفضل للبشرية ولكافة الشعوب في البلدان العربية بكافة إنتماءاتهم الإثنية والدينية.نظرة على واقع البلدان العربية من خلال ما تم من تحولات في العديد من الدول العربية, ثورة الشعب التونسي في نهاية عام 2010 ورحيل بن علي زين العابدين وكذلك تنحي مبارك رئيس مصرعن منصبه تحت ضغط الثوار في ساحة التحرير,وكذلك إسقاط نظام معمر القذافي وقتله بمساعدة حلف الناتو. وأندلاع ثورة الشعب اليمني ضد نظام صالح وكذلك ثورة الشعب السوري ضد نظام بشاروكذلك إنتفاضات وتحركات شعبية في الجزائر والمغرب والسعودية والبحرين واليمن والعراق والأردن كل هذا يدفع بنا بأن نقول إن هذه البلدان تقدمت بضع خطوات نحو الأمام أو هكذا يريد البعض أن يصورالأمور لنفسه. وقد يكون هذا التصور مجرد أمنية كنا نريد تحقيقها في الواقع العملي.وليس سقوط الطغاة وأنظمتهم الإستبدادية هو كل شيء أن لم يكن البديل لهؤلاء الديكتاتوريين وأنظمتهم يتفوق بقيمه الإنسانية وسياسة التعليم والإعلام والقضايا الإجتماعية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والحرية الدينية والحقوق القومية وتداول السلطة وبناء نظام علماني مدني ديمقراطي وصياغة دساتير ديمقراطية عصرية لا تميز بين مختلف مكونات المجتمع على أسس دينية وطائفية وقومية وسياسية.وأن الحكم سلبا أو إيجابا على التحولات الجارية قد يكون من المبكرأعطاء تقييم دقيق إلا بعد مرور بعضا من الزمن ومع ذلك نجد إنقسام بين الناس من مختلف البلدان على مستوى العالم وبين الشعوب العربية حول ماهية هذه الثورات.الغالبية من الناس تدعم التغييرات الجذرية في بنية النظام الديكتاتوري وبناء مجتمع ديمقراطي علماني. وقفت الشعوب مع أهداف الثورة من أجل تحقيق الحرية والتداول السلمي للسلطة وفصل الدين عن الدولة.ولو نظرنا بتجرد على مجريات الأمور سنجد تراجع أو تراوح في المكان. الطبيعة الجوهرية في إدارة الحياة السياسية لم تتقدم خطوات نحو الرقي الحضاري المدني من أجل تكريس مبادىء العيش المشترك بين مختلف مكونات المجتمع,الاستمرارفي النظرة الفوقية العنصرية الدينية لدى الفئة الحاكمة الجديدة.أن إنقضاض القوى الإسلامية وإلتفافها على منجزات الثورة الشبابية المصرية أكبر مثال على ذلك.ومن هذا المنطلق ثمة آراء تأكد بأن تراجع حصل وهناك خوفا شديد بين الناس من العودة بالمجتمع والحكم بعقلية القرون الوسطى.وسيبقى الجدل دائرا في البلدان العربية وعلى الساحة الدولية قائما حول مغذى الثورات في البلدان العربية.ماهو الجدوى الفعلي المفيد منها لتقدم البلد وإزدهاره ولمواكبة روح العصر والسير في طريق بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي ينسجم مع المواثيق والقوانين الدولية, يكون جوهره أحترام حرية وحقوق الإنسان. وأن يمارس  الناس حياتهم بدون خوف أو فرض قيود دينية وقومية وسياسية تنافي حرية التفكير,وتعيق تطور البلد نحو الأمام.
إن إنطلاق الثورات في البلدان العربية كان بدافع التخلص من الظلم والنظام الإستبدادي الديكتاتوري ومن أجل الحرية والديمقراطية والمساواة والكرامة الإنسانية. وضد الطغيان والفساد في جهاز الدولة,وضد ممارسات الأجهزة القمعية ,وضد الفقر والقهر الإجتماعي وضد التمييز وسياسة الإقصاء.إذاً كان هناك مشروعية أخلاقية إنسانية ومطلبية محقة ذات أهداف نبيلة بقيام هذه الثورات. والمطلوب بإن لا تتحول هذه الثورات نقمة على الثائرين وتنتج استبداد من نوع جديد, بعد كل هذه التضحيات الجسيمة التي قدمت على مذبح الحرية.وهذا بحد ذاته يتطلب تضافر الجهود وتضحيات كبيرة من كافة القوى السياسية على مختلف تياراتها الفكرية والمثقفين والشخصيات المستقلة التي تكافح من أجل بناء النظام الديمقراطي العلماني المدني الحقيقي.
الثورة السورية في شهرها العاشر
ثورة الشعب السوري مستمرة ضد نظام الإستبداد والحكم الديكتاتوري بالرغم من حملات الإبادة التي ترتكبها الأجهزة القمعية والشبيحة والجيش وتقصف الأحياء السكنية والمواطنين العزل بالسلاح الثقيل وتوجه السلاح الحي إلى صدور المتظاهرين سلميا. وفي الأونة الأخيرة أزداد شراسة النظام بقتل المتظاهرين سلميا منذ مهل جامعة الدول العربية وبعد التوقيع على بروتوكول الجامعة والموافقة بدخول مراقبين يمثلون جامعة الدول العربية ووسائل الأعلام. واليوم في السابع والعشرين من كانون الأول دخل بعض المراقبين أطراف مدينة حمص ولم يتوجهوا إلى الأحياء السكنية التي تقصف ولا إلى ساحة الساعة التي شهدت تظاهرة كبيرة, وواجهتها الشبيحة والجيش والأجهزة القمعية بالرصاص. وسقط العديد من القتلى ولم تفد نداءات الأغاثة من قبل المواطنين للتوجه إلى الساحة ليروى أعمال القتل .لم تنسحب الأليات الحربية وإنما تم إعادة التمركز,وهذا يعطي فكرة بسيطة حتى الآن عن بعثة الجامعة العربية على كيفية القيام بمهمتها.الشعب السوري يطالب الجامعة العربية أن تتعاون البعثة مع المتظاهرين سلميا وممثليهم من التنسيقيات في مختلف الأماكن وأن تتجاوب بأقصى سرعة ممكنة على الأرض أي في المدن والبلدات التي يتم فيها قتل المتظاهرين.أن أرواح الشعب السوري وكل فرد يسقط في سوريا أمانة في أعناق المراقبين وما عليهم إلا القيام بمهمتهم بكل أمانة وبدون تقاعس ولا تواطئ ولا كسل, وكشف الحقائق لا تخلوا من المخاطرة وعليهم أن يكونوا على مستوى المهمة الإنسانية ألتي كلفوا بها. لأن نظام الإستبداد وأجهزته القمعية المتمرسة في الإجرام والخداع ستضع كل الخطط والحيل لحرف أنظار المراقبين عن المناطق المشتعلة.الشعب السوري قدم تضحيات هائلة خلال أربعة عقود من الزمن تحت سلطة الإستبداد التي قادها حزب البعث والذي أنتج نظاما ديكتاتوريا فرديا يقود البلد بالحديد والنار. وهذ النظام يرتكب العنف والقتل والجرائم اليومية بحق الشعب لكي يحافظ على سلطته على أجساد الشهداء وأنهار الدماء.لم يشهد التاريخ العالمي إنتصار الطغاة على شعوبهم مهما بلغ الإجرام حدود فظيعة بالنهاية  النصر للشعب السوري العظيم.




110
حقوق الشعب الآشوري في بلاد مابين النهرين في الذكرى الثالثة والستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان

الدكتور.جميل حنا

مأساة الآشوريين المسيحيين مستمرة في بلاد مابين النهرين وخاصة في العراق وتحديدا على أرض آشور في شمال العراق.يتعرض أبناء هذه الأمة بكل تسمياتهم المختلفة إلى حملة عنيفة على مختلف الأصعدة لإنهاء وجودهم القومي والديني من على أرضهم التاريخية.في الثاني من كانون الأول يوم الجمعة قام قطعان من الارهابيين بعد خروجهم من المسجد بالهجوم على المسيحيين في نوهدرا وسميل والأعتداء على ممتلكاتهم وأحراقها,وبث الرعب بين المواطنين المسيحيين واليزيديين في محافظة دهوك.كل هذه الأعمال الارهابية تمت أمام أعين السلطات الحاكمة في الشمال المتمثلة بالحزب الديمقرطي الكردي بزعامة مسعود البرزاني والحزب الوطني بزعامة جلال الطلباني وميليشياتهم  وأجهزتهم القمعية  التي تزرع الرعب بين المواطنين.أن حماية المواطنين هي من مهام من في يدهم السلطة ولذا نحمل كافة السلطات المحلية والمركزية مسؤولية الأعمال الأجرامية التي ترتكب ضد شعبنا.الهدية قدمت للمسيحيين في هذه الذكرى العالمية الهامة على صعيد حقوق الإنسان. وكانت الرسالة واضحة وضوح الشمس هذا ما تستحقونه, جزائكم أما الاستسلام الكلي وأما الهجرة عن أرضكم.هذه الأعمال البربرية ليست فوضى وليست عفوية بل عمل ممنهج ومخطط له على أعلى المستويات من قبل الجهات المتحكمة في السلطة في شمال العراق على أرض آشور.أن إحراق الممتلكات والتهديد بالقتل والأستيلاء على الأراضي وبث الرعب في النفوس هو عمل إرهابي تمارسة الجهات القابضة على السلطة في هذه المناطق.هذه السياسة التي تهدف إلى التغيير الديمغرافي والجغرافي لتحقيق الأطماع العدوانية التوسعية بعد القضاء على وجود الشعب الأصيل صاحب هذه الأرض من أبناء الأمة الآشورية بكل مذاهبهم الكنسية المختلفة من الكلدان واالسريان وكنيسة المشرق والكاثوليك والأرمن وغيرهم.
وتحاول بعض الأطراف التقليل من مخاطر هذه الأحداث الهمجية وتحميلها للفوضويين وثلة من الناس الغوغاء.وهل قرارات برلمان شمال العراق بشأن قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي والغاء مقاعد الكوتا لشعبنا,والاستيلاء على مزيد من الأراضي في أربيل ونوهدرا(دهوك) وكافة الأجراءات التي تتخذ من أجل تحقيق التغيير الديمغرافي في سهل نينوى, وبناء الأبراج الأربعة في عنكاوا من أجل أحداث التغيير السكاني وتحطيم خصوصية هذه المدينة هل هذه أيضا بسبب الفوضويين والغوغاء أم هي سياسة مبرمجة تنفذها السلطات في شمال العراق.هل المناهج المدرسية ووسائل الإعلام وسياسة التعصب القومي والديني التي تبث هي لهؤلاء الإرهابيين؟
لقد أكدنا مرارا أن العمليات الإرهابية التي نفذت بحق المسيحيين منذ 2003 حتى الأن من قبل المنظمات الإرهابية الإسلامية في العراق أو أي عمل إرهابي من قبل مجموعات إرهابية غير قادرة على إنهاء كيان  أي شعب مهما كان عدده هذا الشعب قليلا. ولكن سياسة الأنظمة الحاكمة المتواطئة مع الإرهاب والتي تمارس إرهاب الدولة أوالسلطة هو الذي يهدد بقاء كيان الشعب الآشوري المسيحي بكل إنتماءاتهم الكنسية المختلفة من الكلدان والسريان وكنيسة المشرق وغيرهم بالحفاظ على وجودهم في أرضهم التاريخية. وأن الهجرة القسرية لمئات الآلاف من أبناء هذا الشعب كان بسبب سياسة التمييز العنصري الديني والقومي. والدستور العنصري والمناهج التعليمية ووسائل الإعلام وقرارات السلطة السياسية والبرلمان والسياسة الشوفينية التي ينتهجها الإئتيلاف السلطوي بين الأحزاب الكردو_إسلامية في العراق للقضاء على أصحاب الأرض الحقيقيين والأستيلاء على ما تبقى من أرضهم وممتلكاتهم.
بهذه المناسبة الأليمة نطرح السؤال التالي ماهي حقوق الشعب الآشوري المسيحي في العراق؟ طبعا في الواقع الفعلي وليس وفق التصريحات الفارغة للمسؤولين التي لم تقدم أي شيء سوى الأستيلاء على مزيد من الممتلكات ولا حل لمشاكلهم.
هل هناك فرق بين عقلية من خطط ونفذ هذه الأعمال البربرية وغيرها وبين من أرتكب مجازر الإبادة العرقية ضد المسيحيين في الإمبراطوية العثمانية؟
ثلاثة وستون عاما منذ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما زالت البشرية في بقاع مختلفة من العالم تقدم التضحيات الجسيمة من أجل أن يدخل هذا الإعلان حيذا التنفيذ في الواقع الفعلي وذلك لأهميته العظمى. بما تضمنه هذه الوثيقة من قيم إنسانية تحقق رغبات الإنسان في العيش الكريم والحرية والمساواة.
إن مسألة حقوق الإنسان قديمة في التاريخ البشري, وأقدم شريعة عرفتها البشرية هي شريعة حمورابي في بابل وتعود إلى العام 1790 قبل الميلاد وهناك العديد من من الشرائع القديمة لمثل شريعة حمورابي من بلاد آشور منها مجموعات القوانين والتشريعات تتضمن مخطوطة أور- نامو ومخطوطة إشنونا ومخطوطة لبت-إشتار ملك آيسن إلا ان تشريعات حمورابي هي الأولى في التاريخ التي تعتبر متكاملة وشمولية لكل نواحي الحياة في بابل.
وهي توضح قوانين وتشريعات وعقوبات لمن يخترق القانون.ولقد ركزت على السرقة والزراعة(أو رعاية الأغنام)وإتلاف الممتلكات وحقوق المرأة ,وحقوق الأطفال,وحقوق العبيد , والقتل, والموت والإصابات.تشريعات حمورابي تنظم الحياة المدنية داخل المدن ومعاقبة المتسببين بأعمال تودي بالأمن والسلم الأهلي للمدينة.
قبل 3800عام كانت السلطات الحاكمة في بابل وآشور تحكم بقوانين دولة عصرية يفتقر إليها الكثير من بلدان العالم في يومنا هذا.هل سيعاقب من خالف القوانين حسب شريعة حمورابي المذكورة أعلاه جزاء أفعاله أم أن القانون يسقط أمام المصالح السياسية الأقتصادية والتعصب الديني و القومي الشوفيني.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 هي وثيقة رئيسية وهامة تبنتها الأمم المتحدة وتنفيذ بنودها مسؤولية أخلاقية تقع على عاتق كافة الحكومات والجهات التي في يدها السلطة.بل هي مسؤولية كل الشرفاء في العالم بغض النظر عن المعتقد الديني والأنتماء الإثني والوطني. حماية الشعب الآشوري المسيحي في العراق مسؤولية الأمم المتحدة واتحاد الدول الأوربية وكل الدول المعترفة والموقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.أن تقديم الحماية لهذا الشعب الذي يتعرض إلى حملة إبادة ممنهجة من قبل المجموعات الإرهابية والجهات الحكومية المتواطئة معها هو إلتزام قانوني حقوقي وتنفيذ للمواثيق والمعاهدات الدولية,ولذا على هذه الجهات تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية.وهل ستقوم الأمم المتحدة والدول الأوربية بالقيام بواجباتهم لإيقاف الإرهاب المنظم وسياسة التمييز العنصري ضد المسيحيين في العراق وتوفير الحماية لهم ليتمكن مئات الآلاف العودة إلى بيوتهم وأرضهم بأمان.
متى ستقوم هذه الدول ومنظمات حقوق الإنسان بكل أشكالها من القيام بواجباتها المنصوص عليها في مواثيقها.أن محكمة العدل الدولية وبنود محكمة الجنايات في روما يجب أن تشمل كل المجرمين الذين أرتكبوا جرائم بحق الإنسانية وبحق شعوبهم حتى ولو كانوا حلفاء الصهاينة وأمريكا.             
المصادر: ويكيبيديا ............ وموقع عنكاوا كوم





111
الذكرى السنوية الأولى لإرتكاب مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد

                                                                                                               الدكتور.جميل حنا
  
              
بهذه المناسبة التذكارية الأليمة نقدم لكافة أبناء شعبنا بكنائسهم المختلفة وخاصة أبناء كنيسة السريان الكاثوليك وعلى رأسهم قداسة البطريرك يوسف يونان الأنطاكي بأحر التعازي لفقدانهم أكثر من خمسين شهيدا في هذه المجزرة الرهيبة . ونتمنى لأهل الشهداء الصبرفي محنتهم والثبات في إيمانهم .
متى ( طوبى للمضطهدين من أجل الحق , لأن لهم ملكوت السماوات)5:10,11  
 إن الشهداء الذين فدوا بحياتهم من أجل ثباتهم في الإيمان هم نور العالم وبذارالحياة قدموا حياتهم لنكون أحرارا يا صانعي السلام, سلام الرب معكم في ملكوت السماء.
صرخة الطفل آدم يملىء الكون ويتردد صداه في كل يوم على أرض العراق .لأن صراخ الغضب والألم لم يتوقف منذ أن أطلق أدم صرخته الشهيرة في وجه القتلة المجرمين من الإرهابيين المنفذين لتلك العملية الأجرامية, ومن يقف ورائهم بالدعم المادي والمعنوي والحماية. المسيحيون يقتلون كل يوم في العراق الجريح يذبحون بسبب إيمانهم المسيحي وهويتهم الأصيلة المتجذرة في بلاد مابين النهرين على أرض آشور منذ آلاف السنين قبل الميلاد.   .
إن العمل الإرهابي الذي أرتكب بتنفيذ المجزرة في كنيسة سيدة النجاة كان إستهداف للوجود المسيحي في بلاد ما بين النهرين. المأساة هي مأساتنا والألم هو ألمنا جميعا .هذه المجزرة كانت مجزرة بحق براءة الطفولة في العالم أجمع من يقتل الرضيع إ بن أربعة أشهر على صدرأمه والطفل أبن ثلاثة أعوام وهويصرخ كافي...كافي...كافي هذا كان ما يملكه , وهي أيضا جريمة بحق الإنسانية بقتل
 المصلين في معبد الرب من الكهنة والرجال والنساء والفتياة والشبان الأبرياء. هؤلاء المجرمين وكلاء الشر بوحي شيطاني لأنهم يعتقدون بقتلهم الأبرياء سيدخلون إلى جنتهم المليئة بالحواري والغلمان المخلدين...
في الذكرى السنوية الأولى لمجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد.هذه المجزرة لا يمكننا فصلها عن تاريخ مجازر الإبادات الكثيرة التي نفذها الأوباش بحق المسيحيين قبل هذه المجزرة في بغداد والموصل ,واستهداف المسيحيين وقتلهم وتشريدهم من أرضهم التاريخية والحالية مستمر حتى يومنا هذا أمام الصمت المغذي للعالم, وتقاعس السلطات المتواطئة مع المجرمين لإنهاء الوجود القومي والديني لأبناء الأمة الآشورية بأنتماءاتها الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والمشرقية. أن حملة التطهير العرقي يدخل ضمن مخطط رهيب ينفذ بدقة وإحكام . والمسيحيون عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم أمام القوى الظلامية التي تهدف للسيطرة على ما تبقى من الأرض وتشريد وقتل من تبقى وتنفيذ عمليات التعريب والتكريد وتزوير الحقائق التاريخية ..

 شهداء كنيسة سيدة النجاة قدموا ملحمة أسطورية في الشهادة السلمية  أتخذوا من الشهادة عبرة لهم ممن سبقوهم في نيل إكليل الشهادة. لأن الشهادة ملحمة صمود في حياة الإنسان المسيحي من أجل الثبات في عقيدة إيمانه. المسيحي لا يسعى إلى الشهادة, ولكن إن فرضت علية وخير بين التمسك بالحياة بدون إيمانه أو الشهادة وهو متمسك بأيمانه فهو يفضل الثبات في إيمانه ومن أجل ذلك قدم ملايين الشهداء  حياتهم على مذبح عقيدة الإيمان بالمسيح . ومن هذا المنطلق كانت تقاليد الشهادة راسخة في تاريخ الشعب الآشوري وقدم الملايين من الشهداء منذ أن أعتنق الدين الجديد في القرن الأول الميلادي. ومنذ ذلك الحين بدأ إضطهاد المسيحيين في روما على يد نيرون الطاغية وفي بلاد ما بين النهرين وهو مستمر حتى يومنا هذا. فالشهادة تضحية جسيمة من أجل الحياة والعيش بكرامة في أرض الوطن حرا. وتضحية وإلتزام صادق بمبادىء وقيم الأمة والعقيدة الدينية من أجل المحافظة على ديمومتها لتواكب مسيرة تطورالإنساني
الذكرى السنوية لمجزرة كنيسة سيدة النجاة وسقوط عشرات الشهداء الأبرياء في معبد الله أدمت قلوبنا وأدمعت عيوننا وتركت حسرة وألما شديدا في نفوسنا.إنها مناسبة أليمة والألم يزداد حينما يكون هناك استمرار لإبادة المسيحيين على أرضهم ولا أحدا يحرك ساكنا من أجل إيقاف الأعمال البربرية.
نحتفي بهذه المناسبة الأليمة على روح الشهداء لنأكد على التضامن مع أبناء شعبنا والوقوف في وجه الإرهاب ومجازر الإبادة العرقية الجماعية الدينية والقومية  ونعلن عن تضامننا من أجل قضية شعب يقتل غدرا بدون أن يكون أرتكب ذنب سوى أنه ينتمي إلى هوية إنتماء قومي وديني مغاير للأغلبية.
نتذكر لكي نعزز وحدتنا القومية لأن بدون ذلك لاصمود ولا بقاء لنا أمام هذه الهجمة الشرسة.
 الوحدة تمنحنا القوة والضمانة الأساسية لتحقيق أهدافنا القومية ولنبني جبهتنا القومية الموحدة لتكون القاعدة الصلبة التي ننطلق منها نحوالمستقبل . الاتحاد أهم وأقوى مبدأ بهذه المناسبة نرد فيها على كل من يريد  إنهاء وجودنا القومي والديني.

هذه المناسبة ملك لكل الشرفاء والأحرار في بلاد مابين النهرين والعالم وخاصة المسيحيين. الشهادة كانت من أجل الوطن والشعب الحر من أجل  الديمقرطية من أجل السلام من أجل كل القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع كافة  الشعوب . فلتكن هذه القيم القاعدة الأساسية لكل القوى الخيرة من مختلف الإثنيات والأديان لإيجاد الحلول الإنسانية التي تضع حدا للعنف والقتل على أساس الدين والعرق.

أن دماء شهداء كنيسة سيدة النجاة وكل الشهداء الذين سقطوا على أرض بلاد الرافدين هي سراج تنير لنا الطريق . هم عبدوا طريق الآلآم لنا بدمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة لنسير سويا متحدين في هذا الطريق لبلوغ الهدف.لكي نحافظ على بقائنا في الوجود ولكي لا تذهب دماء الشهداءهدرا .علينا تحمل الإمانة التي وضعوها في اعناقنا بأمان  لتنبعث الحياة مجددا بتألق وأزدهار وإيمان ثابت.شهدائنا بذار الحياة في الأرض وديمومة الحياة الأبدية في ملكوت السموات.
أيها الأخوة
أن دماء الشهداء الذين قدموا حياتهم من اجل عقيدتهم الدينية وقوميتهم في كنيسة سيدة النجاة وكل الشهداء هو رافد من روافد إنماء حالة الوعي القومي وإيقاظ المشاعر من حالة السكون إلى حالة الحركة تتفاعل مع هذا الواقع الأليم بروح التحدي والصمود والكفاح من أجل تحقيق مطالب شعبنا في الحصول على حقوقه القومية والدينية .ولكن نقولها بكل أسف بعد مرور من الزمن على تلك المجزرة الرهيبة لم يتقدم أبناء شعبنا ومؤسساته الدينية والسياسية والثقافية خطوة جدية لتغيير واقع الشعب المسيحي إلى الأفضل. ما زال القتل والتهجير والخوف والاستيلاء على ممتلكاته مستمر والجميع عاجزون لوضع حد إنهاء معانات هذا الشعب المضطهد لأن الكل مشغول بالخلافات الداخلية والولاءات للأخرين ومتمسكين بمصالحهم الشخصية ويعيشون في دائرة الخوف ولا يبذلون جهدا للخروج من هذا الواقع المرير.أنني أكدة مرارا وفي العديد من الكتابات التي نشرة على العديد من المواقع الألكترونية والمكتوبة أن الخروج من هذا المأزق لا يتم إلا بتوحيد  الخطاب السياسي للأحزاب الآشورية ووضع استرتيجية قومية شاملة تنطلق من المشروع القومي الذي وضعه قادة الأمة في الثلث الأول من القرن الماضي أمثال فريدون آتورايا وأغا بطرس وآشور يوسف وغيرهم كثر.
العمل سويا من أجل إقليم آشور الضمانة الوحيدة من أجل الحفاظ على كياننا القومي والديني من الفناء في العراق ووضعه تحت الحماية الدولية يعيش فيه الآشوريون والعرب والكرد والصابئة المندائيين واليزيديين والشبك بسلام متآخين
بناء جبهة قومية عريضة تشمل أبناء الأمة الآشورية بتسمياتها الكنسية المختلفة.
العمل على تعديل دستور العراق بما يضمن الحقوق المتساوية لكل مكونات النسيج الوطني العراقي بدون إستثناء ولا تمييز بين الأديان والقوميات العديدة.صياغة دستور علماني ديمقراطي يحقق المساواة والعدالة للجميع.
 الوحدة سلاحنا الوحيد من أجل البقاء,بدونه لا استمرارية لأحد منا على أرضنا التاريخية في بلاد ما بين النهرين تحت أي تسمية كانت.
أن دماء الشهداء الذين سقطوا في كافة المجازر ومنه كنسية سيدة النجاة أمانة في أعناق الجميع. وستبقى أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية نور يضيئ الطريق أمامنا وفي الوقت نفسة هو خذي وعار لمن أرتكب الجريمة ومن دعم وخطط ومول وساعد في تنفيذ هذه المجزرة.
وفي الختام ندعوا الحكومة العراقية بأن تقوم بتوفير الأمن والأمان للشعب العراقي ومنهم المسيحيين وبالمناسبة نحن نحمل مسؤولية ما يتعرض له الشعب الآشوري المسيحي على الحكومة العراقية وذلك بسبب سياساتها الدينية والقومية العنصرية.وندعوها للكف عن التصاريح والبيانات الهزيلة بل القيام بخطوات فعلية تثبت إلتزامها بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تأكد على الحقوق , والحريات الدينية والقومية والمساواة والعدالة للجميع .وتوفير الأمن والحماية للمواطنين من الأخطار الخارجية والداخلية
المجد والخلود لشهداء كنيسة سيدة النجاة ولكل شهداء مجازر الإبادات العرقية . كثير من الأفكار الواردة في هذه المقالة قد وردت في  بعض مقالاتي السابقة .وهنا جملة من المقالات التي تناولت وضع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في العراق, والتي نشرةعلى موقع عنكاوة النير والمكافح بنشر وتغطية أخبار شعبنا في العالم  ومواقع الكترونية أخرى مثل فورقونو.وكذلك تجدون هذه المقالات في الموقع الفرعي للحوار المتمدن  

الموقع الفرعي  في الحوار المتمدن: http://www.ahewar.org/m.asp?i=2095
الدفاع عن الأنظمة الاستبدادية ضد المسيحيين
ديمقراطية قتل العراقيين
الديمقراطية في العراق وسوريا وحق الشعوب
 شهداء الشعب الآشوري المسيحي العراقي في عام 2010 والشهاده من أجل الوطن
التحالف الغربي الإمبريالي الصهيوني و الإسلامي من أجل القضاء على مسيحيي المشرق  
أوقفوا إرهاب الإسلام المتطرف من على المسيحيين في بلاد ما بين النهرين
من يقف وراء قتل المسيحيين في العراق والحقائق المرة ؟
لمصلحة من استمرار إبادة المسيحيين في العراق
نتائج إنتخابات مجالس المحافظات العراقية والواقع المأساوي
ما هي الحكمة في الذكرى الخامسة لأحتلال العراق  
من قتل الشهيد مار بولص فرج رحو  
هل العراق وطن لكافة أبناءة ؟    
أساليب إبإد ة الشعب الآشوري
ا ستمرار إبادة المسيحيين في العراق
قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 2-2                                                                                                            
قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب 1 _2
الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين        

112
المعارضات السورية أمام مفترق الطرق
د.جميل حنا
في الثاني من شهر تشرين الأول عام 2011كان لتأسيس المجلس الوطني السوري في أسطنبول وقعا إيجابيا بين أوساط الشعب السوري المنتفض ضد النظام. وكذلك بين الغالبية الساحقة من قوى المعارضة للنظام من مختلف التيارات السياسية ومكونات الطيف الاجتماعي بتنوعه العرقي والديني.( المجلس الوطني السوري يمثلني )كان تأسيس المجلس الوطني بعد مضي أكثر من  ستة أشهر على الثورة السورية حدثا تاريخيا هام.سجل بداية منعطف أساسي في المزاج العام لدى الجماهير وقوى من عزائم الكثيرين وأثره سينعكس بشكل فعال على نوعية الحراك الشعبي في الداخل وكذلك في الخارج على الساحة الدولية. حيث أصبح للمعارضة أو الجزء الأكبر من المعارضة تتمثل في هذا المجلس وأصبح يملك الشرعية الثورية لأن يمثل الشعب السوري في المحافل الدولية ويقوم بالإتصالات الدبلوماسية والسياسية بمختلف دول العالم والمنظمات العالمية لنيل الإعتراف به. والدفاع عن الشعب السوري الذي يتعرض إلى مجازر حقيقية على يد الأجهزة القمعية وميليشيات الشبيحة والجيش.
أن المهام الملقاة على عاتق هذا المجلس كبيرة جدا ولكنها نبيلة في الوقت عينه وهذه المهمة المقدسة تتلخص في تحرير الوطن والمواطن من نظام الاستبداد وتحقيق الحرية والديمقراطية والكرامة للمواطن. والتحديات المنتصبة أمام المجلس أكبر سواء في الساحة الداخلية أو الخارجية, لا يمكن تجاوزها والتغلب عليها إلا بالإرادة الفولاذية والتفاني والتضحية الجسيمة, والإنفتاح والشفافية المطلقة بين مختلف فصائل المعارضة المكونة للمجلس. وكذلك الإنفتاح على بقية المعارضات في الداخل والخارج التي ما زالت خارج المجلس الوطني. إن الاستماع إلى آراء وأصوات المعارضات الأخرى مهم جدا لبناء قيادة مشتركة,وتشكيل قيادة معارضة حقيقية موحدة تضم الكل من أجل إسقاط النظام, لتكون فعلا وحقيقة الإطار الموحد للمعارضة في الداخل والخارج. ولكي تكون المرجعية السياسية الموحدة للشعب السوري بعد إنضمام الجميع أو الغالبية المطلقة من القوى الفاعلة في الساحة الداخلية وفي الخارج. وعدم إستثناء أي قوى تسعى لإسقاط النظام, وتسعى لبناء الدولة الديمقراطية المدنية العلمانية.وكما جاء في البيان التأسيسي للمجلس الوطني(إقامة دولة مدنية دون تمييز على أساس القومية أو الجنس أو المعتقد الديني أو السياسي, وهو مجلس منفتح على جميع السوريين الملتزمين بمبادىء الثورة السلمية وأهدافها).
 ومن الأولويات الكفاحية الهامة للوصول إلى الهدف المنشود هو التفاعل المطلق مع نبض الشارع, وأمتلاك القدرة على التحرك والتنظيم والتخطيط والتوجيه والسيطرة والمبادرة وزيادة قدرة الصمود والمثابرة في تحمل أعباء إسقاط النظام.إن استكمال بناء الهيكلية الموحد ة للمعارضة وتوحيد الجهود المشتركة سيدفع بالجميع أن يعمل كخلية النحل في إطارغرفة قيادة موحدة. ولكنها متفرعة إلى لجان تخصصية تدير الشؤون المالية والإعلامية والإتصال والصحة وكافة الشؤون التي تضمن استمرارية الثورة على المدى الطويل.
والتحدي الأكبر هوكيفية كبح جماح النظام في أستخدام العنف بكل أنواعه ضد المتظاهرين سلميا والمعارضين, وإيقاف القتل والأغتيال والتعذيب وزج الأحرار في السجون, حتى تحقيق إسقاط النظام . وبدون أن يستطيع النظام إلى إدخال البلاد في حالة حرب أهلية والفتنة الطائفية واالتدخل الخارجي.
لا شك أن توحيد صفوف المعارضة سيعطي دفعا وزخما أكبر للثورة, وسيكون تفائل الجماهير أكبرفي هذه الظروف الصعبة والخطيرة من حياة البلاد. إن الأمال الإيجابية التي أنطلقت لدى الكثير من أبناء الشعب ستتعاظم بتوحيد جهود كافة القوى الداعية إلى إسقاط النظام.وإسقاط نظام متمرس في إرهاب الشعب على مدى أربعة عقود من الزمن, ويملك قدرات عسكرية ضخمة  وسيطرة على كل مفاصل الدولة وموارده لن يكون أمرا سهلا. بل يحتاج إلى كفاح مرير من قبل شرائح واسعة من المجتمع السوري.الشعب بمختلف مكوناتهم الإجتماعية وقوى المعارضة الوطنية المكافحة من أجل التغيير الديمقراطي السلمي للنظام, أن تبذل مزيد من الجهود لإقناع أكبر قطاعات من الجيش السوري بالعودة إلى الثكنات العسكرية ,وإلى حدود الوطن لحمايته وتحريرأرضه المحتلة بما أنهم حماة الديار .لا أن يمارس العنف ويقتل الجماهيرالمتظاهرة سلميا,هذا الجيش الذي أقسم بشرفه العسكري أن يدافع عن الوطن والشعب وحاميه من كل إعتداء.والشعب السوري يؤكد على أن يبقى بعيدا عن إرتكاب القتل بحق المتظاهرين سلميا ولذا أطلق الثوار على هذا اليوم جمعة أحرار الجيش لأن ثقتهم مازالت قائمة بالجيش الوطني .ولذا يجب أن يكون هذا الجيش  مع الشعب في قضيته العادلة وليس قمع المطالبين بالحرية والديمقراطية, وأن لا يكون أداة قمع وشريكا للشبيحة في جرائمهم بقتل أبناء الوطن .
والتحدي الأخر الكبير هو كسب التأييد العالمي لثورة الشعب السوري في الواقع العملي وليس على مستوى التصريحات التي لم تستطع حتى الآن إنقاذ حياة أي طفل في سوريا, يقتل على يد الشبيحة والأجهزه القمعية.أن الظروف الدولية الشائكة والصراع بين مختلف الأقطاب على الساحة العالمية والصراع الإقليمي, وتضارب المصالح مع بعضها البعض ,والتقاطع في مكان ما يجعل من تحرك المجلس الوطني على الساحة العالمية بنجاح من أكبر التحديات.ويحتاج الأمرإلى البراعة في العمل الدبلوماسي والسياسي وقيادة العمل المشترك بين مختلف الفصائل. وأعطاء صورة واضحة ومقنعة بأن سوريا المستقبل لن تكون جزء من أي تحالف ضد تحالف أخر وأنما سينطلق في علاقاته الدولية والإقليمة من منطلق المصالح الوطنية للشعب السوري بكافة مكوناته.ولن ينخرط في مشاريع الدول الأقليمية والدولية وسف لن يدعم الارهاب ولن تكون أرضه قاعدة إنطلاق إرهابيين إلى الدول المجاورة والعالم .وإنما سيصنع الشعب النموذج السوري المميز المنسجم مع الأنظمة العالمية لبناء دولة عصرية تلتزم المعاهدات والقوانين الدولية,القائمة على حرية الانسان وحقوقه والمساواة والعدالة في المجتمع. سوريا المستقبل ستكون ديمقراطية مدنية تعددية يتم تداول السلطة فيها سلميا على أساس دستور ديمقراطي علماني يضمن الحقوق الدينية والقومية لكل مكونات المجتمع السوري, دستور يفصل الدين عن الدولة.
الأختبار الكبير أمام المعارضات السورية هي في النهج الفكري والسلوكي وكيفية التعامل مع مختلف القضايا الوطنية والاجتماعية  والسياسية والأقتصادية, وكيفية معالجة مختلف المشاكل التي يعاني منه المجتمع.إن تراكمات العقود الخمسة من الحكم الديكتاتوري الشمولي للحزب الواحد في السلطة كان عنصريا ومدمرا في الحياة السياسية وقيادة البلد والسلطة وتوزيع الثروة الوطنية  وسياسة التنمية  وقضية القوميات والأديان والمذاهب.و ستكون جميع هذه القضايا المحك الفعلي أمام المعارضات السورية لبناء دولة عصرية حضارية تنسجم مع مطالب التغيير في إنتهاج سياسة مختلفة كليا عما هو سائد الآن . ان طبيعة النظام الديكتاتوري القائم على الغاء الرأي الآخر والتهميش والأقصاء وسلب الحريات العامة وعدم الأعتراف بالتنوع القومي في المجتمع وإتباع سياسة عنصرية تجاه هذه المكونات ترك أثرا سلبيا على الوحدة الوطنية .
المجلس الوطني السوري بالرغم من مرور أقل من أسبوعين على تأسيسه وتركه الأبواب مفتوحة لأنضمام قوى معارضة  أخرى إلى هذا التحالف إلا أنه مدعو للعمل بجهود أكبر لتوحيد صفوف المعارضة وليس التقوقع من منطلق حزبي وسياسي وشخصي والوقوع في متاهات الغرور والإنانية التي ستنعكس سلبا على أداء المجلس في تحقيق هدف إسقاط النظام.
المعارضات السورية تمثل طيف المجتمع السوري بكل مكوناته الدينية والقومية والجميع عانى من النظام الديكتاتوري على مدى العقود الأربعة وعندما يتحرر الشعب من الإستبداد ونظام الطاغية لا بد من تحقيق العدالة للجميع وليس منح مكاسب لأحد وحرمان البعض الأخر منه تحت أي حجة كانت.
عندما يقر البعض بحق تقرير المصير للعلويين فلماذا لا يقرللدروز وإذا أقر للأكراد فلماذا لا يقر بحق تقرير المصير للآشوريين وأن قرر فرض الشريعة الإسلامية على الدولة والمجتمع فلماذا لايقربتعاليم الدين المسيحي على المجتمع والدولة, كل هذه قضايا مصيرية لا بد من التأكيد عليها.
أن منح حق تقرير المصير لفئة وإنكاره لفئة أخرى سيكون له عواقب وخيمة على كيان وحدة التراب الوطني والوحدة الشعبية وعلى مستقبل كيان الوطن.وفرض عقيدة دينية بحد ذاتها خرق لحقوق الانسان وفق المواثيق والمعاهدات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الانسان .
أن منح الجميع حقوق قومية متساوية في اللغة والثقافة والإعلام والتعليم  وتبوأ المناصب في الدولة على أسس المواطنة المشتركة, بدون تمييز على أسس دينية وقومية. وفق دستور ديمقراطي علماني مدني يضمن المساواة الفعلية بين كافة المكونات الاجتماعية هو الضمانة لإزدهار الوطن وتقدمه وعدم الوقوع في الفتنة الدينية والطائفية والقومية في سوريا الديمقراطية العلمانية.
إن ثقة الجماهير وخاصة المكونات العرقية غير العربية من الآشوريين والأكراد تأتي بقوى المعارضات السورية أو الجز الأكبر منها. بأن هذه المعارضات تقر بالحقوق القومية لهذه المكونات ضمن الكيان الموحد للتراب الوطني السوري. وهذا يعتبر تقدما يخدم مصلحة الوطن وهذا التنوع الثقافي سيكون أداة تطور المجتمع السوري إذا ألتزم الجميع بالدستور الديمقراطي العلماني. وأن لا تحاول أي قوة بساعدة قوى خارجية إقليمية الإنقضاض على منجزات الثورة لفرض مشاريع سياسية عنصرية
في الوقت الذي ندعوى إلى وحدة المعارضات السورية بكافة طيفها الديني المسيحي والإسلامي بمذاهبهم المختلفة وكل المكونات القومية العربية والآشورية والكردية وكافة القوى السياسية بجميع تياراتها الفكرية التي تسعى لإسقاط نظام الإستبداد في سوريا. كذلك ندعوا قوى المعارضات الآشورية إلى توحيد صفوفها ضمن إئتيلاف آشوري أو جبهة المعارضة الآشورية  أو تحت أسم مجلس أو تيار آشوري. كل ذلك يهدف إلى تعزيز مطالب الشعب الآشوري وتحقيق الأهداف القومية, والأعتراف بكيانه دستوريا كمكون أصيل, صاحب حضارة بلاد مابين النهرين وبلاد الشام .ويعزز كذلك الحراك الشعبي الآشوري والمساهمة بفعالية أكبر في حراك ثورة الشعب السوري من أجل إسقاط النظام. أن توحيد جهود قوى المعارضات الآشورية في الداخل والخارج على غرار المعارضات الوطنية سيكون تأثيره أكثر فاعلية ونتائجه أفضل.وفي الختام نؤكد مرة أخرى على أهمية توحيد صفوف المعارضات الوطنية السورية بكل مكوناتهم الدينية والقومية من أجل بناء الدولة الديمقراطية العلمانية  المدنية التعددية.
.

.



.
 


.
 
                         





113
الأحزاب الآشورية في صلب المعارضة السورية

الدكتور جميل حنا 
بعد مضي ستة أشهرعلى الإنتفاضة الثورية للشعب السوري ضد نظام الطغيان, الزخم الثوري مازال مستمرا وهوفي اتساع من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب على ساحة الوطن ليشمل كافة أبناءه بمختلف مكوناته الاجتماعية الإثنية من الآشوريين(السريان) وعرب وأكراد ومن المسيحيين والمسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم الدينية المختلفة من السنة والعلويين والدروز والاسماعيليين وغيرهم.
المعارضة السورية أستطاعت خلال أشهر الثورة من تكوين وبلورة رأي موحد متفق علية من قبل كل الأطراف,ألاوهوأن النظام غير قابل للإصلاح. لذلك يجب الاستمرار في الإنتفاضة الثورية حتى إسقاط النظام, وتقديم المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المتظاهرين سلميا في الشوارع, وعن الجرائم  المرتكبة بحق السجناء السياسيين وتعذيبهم حتى الموت إلى المحاكم الوطنية والدولية لأنها جرائم أرتكبت وما زالت ترتكب بحق الانسانية.ولكن المعارضة السورية امامها الكثير من العمل والتضحيات لتحقيق أهدافها, أولا توحيد صفوف المعارضة وبلورة رؤية استراتيجية مستقبلية ضامنة تلبي المطالب المحقة لمختلف المكونات الدينية والإثنية بدون تمييز بين هذه الفئة أو ذاك أوبين هذا الدين أوالأخر. وأنما بناء نظام ديمقراطي مدني علماني, وفصل الدين عن الدولة كليا.أن كثير من أطراف المعارضة لا تقبل بأي شكل كان أستبدال الطغيان العائلي الحزبي والقومي بطغيان ديني سواء كان معتدل أو متشدد الوطن للجميع, الوطن لم يخلقه لا هذا الدين ولا ذاك, الوطن نتاج تطور تاريخي حضاري ثقافي إنساني. لكل فرد من أبناء الوطن له الحق في الحياة الحرة والكريمة والعيش حسب قيمه ومعتقداته الدينية والقومية التي ينتمي إليها. وأن يستطيع ممارستها بدون خوف وبحرية مطلقة. وهذه ليست منة من أحد على أحد وإنما هو حق طبيعي لكل البشر.
وإنطلاقا من واقع الحال السائد في الساحة الداخلية يجد النظام فيها نفسه عاجزاالقضاء على الإنتفاضة الثورية بالرغم من كل إدعاءاته الأعلامية الكاذبة.إن الجرئة الفائقة التي أظهرها المنتفضون وتحديهم سلميا لآلة السلاح و القمع الفظيع وأستعدادهم لتقديم التضحيات الجسيمة من أجل الحرية وإسقاط النظام.كل هذا يدفع بالنظام وأجهزته الأمنية الأجرامية إلى المزيد من الهستيريا وممارسة الجرائم والعنف بأقسى الطرق الوحشية لكسر إرادة الشعب السوري المنتفض ضد نظامه الإستبدادي.والنظام يبذل ما بوسعه بدفع الوطن نحو الحرب الأهلية وإدخاله في الفوضى العارمة مما سيكون سببا لتدخل دولي.وذلك بسبب التمسك بالسلطة الديكتاتورية وإنحلال القيم الأخلاقية في التعامل مع المتظاهرين سلميا وعدم الإلتزام بأسس اللعبة السياسية الإيجابية في حل المشاكل والتي تهدف إلى الدفاع عن الوطن وإستقلاله وحرية ومصلحة الجماهير.
إن ممارسة الأجهزة الأمنية القمع بكافة أشكاله وقتل الأبرياء والزج بهم في السجون بدون إرتكاب أي ذنب يذكر سوى المطالبة بالحرية والدفاع عن كرامتهم الانسانية التي سحقه النظام الإستبدادي وأجهزته الأجرامية على مدى أربعة عقود من الزمن.
هذه الممارسات القمعية التي أفقدت النظام سلطته الشرعية القائمة بالأساس على اللاشرعية الدستورية وأنما فرضت أيضا بقوة السلاح والإنقلاب العسكري منذ عقود أربعة, ومنذ ذلك إضطهاد الناس مستمر بمختلف الوسائل القمعية والسياسية والأجتماعية والأقتصادية.
هذا المسلسل الإجرامي الذي يمارسه النظام على الشعب السوري خلال أربعة عقود من الزمن كان يتخذ أشكال مختلفة من العنف واضطهاد الناس. وكلما شعر النظام بحجم المخاطر التي تهدد كيان هيبته السلطوية المفروضة بالقوة وبوسائل الإعلام والتعليم المدرسي وعن طريق المؤسسات الخنوعة الخاضعة ألتجأ إلى أستخدام القوة العنيفة ضد الجماهير التي كسرت حاجز الخوف المعبرة عن إرادتها بالحرية والكرامة والديمقراطية وأنتقم من المطالبين بالحرية بأبشع الطرق من الزج في السجون وأقبية النظام وتعرض المعتقلين لأبشع أنواع التعذيب والقتل من الأطفال والنساء والرجال.
الأحزاب الآشورية
الشعب الآشوري(السرياني)مكون أصيل في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام وتاريخ حضارته في هذه البقعة من الأرض يمتد جذورة إلى آلاف السنين قبل الميلاد وتسمية سوريا هي من تسمية هذا الشعب.وإذا هذا الشعب هو التاريخ والحضارة والثقافة واللغة والعمران والوطن هوجزء من الوطن, والوطن منه.والشعب الآشوري(السرياني) هو جزء هام وأساسي في طيف النسيج الوطني السوري فهو يحمل معاناة الشعب السوري ومعاناة سوريا الوطن في وجدانه بكل أخلاص وهذا ما يشهد عليه التاريخ الطويل, البعيد والقريب.شعب قدم التضحيات الجسيمة ضد كافة أنواع الغزوات الاستعمارية بكافة أشكالها القديمة والجديدة منها.
والشعب الآشوري يعاني ما يعانية الغالبية الساحقة من أبناء الوطن بمختلف إنتماءاتهم الدينية والقومية.وأول الأمور التي يعاني منها هوعدم الأعتراف بكيانه القومي بالرغم أن أسم الوطن من التسمية القومية لهذا الشعب .هذا الشعب يعاني من التهميش وتعرض للإضطهاد على مدى عقود طويلة من الزمن. وإنطلاقا من هذا لو أردنا أن نكون منصفين وواقعيين فأن الآشوريين هم معارضين حقيقيين في الجزيرة السورية بحكم الأنتماء القومي, وفي ظل نظام أستبدادي قمعي وقومي شوفيني.لقد هاجر من الجزيرة السورية بضع مئات الآلاف من الآشوريين (السريان) خلال أربعة عقود من كافة المدن والبلدات وخاصة زالين(القامشلي) التي بناها الآشوريون في الثلث الأول من الٌقرن الماضي. وكان الشعب الآشوري  يشكل الغالبية الساحقة من سكان هذه المدينة حتى أوائل الثمانينات وكذلك الحال للعديد من المدن حيث بدأت الهجرة المكثفة وأيضا من الحسكة و المالكية ورأس العين وقبور البيض وغيرها وأصبحت عشرات القرى والبلدات خالية كليا من سكانها الأصليين.ومن أسباب الهجرة هو واقع الإستبداد وممارسة الأجهزة الأمنية التي أنتهكت كرامات وأعراض الناس وأنتهاك حرمة البيوت والممتلكات الخاصة, التسلط والسلبطة من قبل هذه الأجهزة والتدخل في الشؤون الكنسية والمؤسسات المدنية وزرع الفتن والتخريب وزرع المندسين للتجسس على أبناء جلدتهم وعدم الشعور بالأمان.وكذلك التدخل في الحياة الشخصية العائلية بين الناس وأعمالهم التجارية والزراعية وغيرها من الخصوصيات. في مثل هذه الظروف إضافة إلى الأهمال المتعمد للجزيرة السورية وعدم أستحداث أي مشاريع أقتصادية مهمة للتقليل من البطالة ,كل هذه العوامل مجتمعة أصبح مئات الآلاف من الآشوريين (السريان )خارج أوطانهم ليس حبا بالغرب وأنما للحفاظ على كرامتهم والعيش في الحرية.
الشعب الآشوري(السرياني)أكثر المتضررين من نظام البعث القومي العنصري بفكره القومي الذي يلغي وجود قومي أخر ولا يعترف بالتنوع القومي على الساحة السورية الكل حسب نظريته الشوفينية عرب,وكذلك بسبب رسالته الخالدة الدينية الأقصائية وأعتبار من ليس منهم أقل مرتبة فهم ذميين, ولذى كان تحريض الأخرين عليهم من قبل الأجهزة الأمنية أمرا سهلا وكانت الأعتداءات من قبل الجيران عليهم يفض إلى نتيجة واحدة(الآشوريين هم الخاسرون)
منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي يتعرض أبناء الشعب الآشوري إلى مضايقات وحملة أعتقالات وأقدم سجين سياسي سوري آشوري هو يعقوب حنا شمعون معتقل منذ عام1985 تموز وهو من مواليدعام 1963القامشلي. 26عاما وهو مازال في سجون النظام الطاغي بالرغم من كل المراسيم الرئاسية الكاذبة بالأفراج عن المعتقلين السياسيين وكان قد أعتقل أخيه الأصغر سنا فواز وبقي سجينا 11 عاما.وخلال أربعين عاما أصبحت لغة التفاهم في العائلة الآشورية هي اللغة العربية وليست لغة الأم بسبب السياسة العنصرية التعليمية والأعلام والتوجيه القومي الشوفيني وسياسة التعريب بكل الوسائل المتاحة في يد السلطة الإستبدادية.وتعرضت الأحزاب الآشورية وكوادرها إلى إعتقالات ومضيقات كثيرة وأستدعاءات إلى مقار الأجهزة الأمنية وأجراء التحقيقات وحرموا من السفر خارج الوطن.
الأحزاب الآشورية(السريان)منتفضة مع أطياف المجتمع السوري بكل مكوناته القومية والدينية من أجل الحرية والكرامة وإسقاط النظام الإستبدادي وبناء دولة ديمقراطية مدنية علمانية يحقق المساواة للجميع بدون تمييز على أساس دستور يصون حقوق كافة الحقوق القومية والدينية بالتساوي بدون تصنيفات فئوية على أي  أساس كان.
الأحزاب الآشورية أمامها مهام عاجلة ومصيرية ألا وهو توحيد الصفوف وتشكيل جبهة أو ائتيلاف آشوري موحد يكون المرجعية الحقيقية في إطار المعارضة السورية من أجل تفعيل دورها أكثر في الداخل السوري وفي الساحة الدولية. أن تشرزم القوى لايخدم تحقيق الأهداف المشتركة, والتقوقع في إطار المصالح الحزبية الضيقة الآنية والشخصية لا يجلب إلا المأسي والحرمان من الحقوق القومية المتكافئة مع حقوق الأخرين في سوريا المستقبل سوريا الديمقراطية.هل تتعظ الأحزاب الآشورية السورية من التجربة المريرة لأخوتهم الأحزاب الآشورية العراقية الفاشلة والمدمرة بالنسبة لقضيتهم وحقوقهم القومية.
وفي الختام أن قوى المعارضة السورية بكل مكوناتها مدعوة للوقوف أمام هذا الحدث التاريخي العظيم الذي يصنعة الشباب الثائر في الشوارع والساحات السورية, في كل بقعة من أرض الوطن الغالي.حيث أجتمع الجميع بروح واحدة يد بيد, صدور عارية تواجه السلاح .أنهم كسروا حواجز الخوف كسروا كل القيود المناطقية والدينية والإثنية,حناجر مدوية تقول لا للظلم والإستبداد لا للطائفية لا لتعليم البعث ومدارسه,تقول نعم لأسقاط النظام,نعم لأسقاط الرئيس,نعم للدولة الديمقراطية المدنية العلمانية,هدف واحد يجمعهم الحرية.كافة قوى المعارضة مدعوة للأرتقاء بمواقفهم وطروحاتهم السياسية إلى مستوى طرح المنتفضين الثائرين في الساحة السورية. الذين يصنعون التاريخ الحديث ويعيدون الكرامة والحرية المسلوبة للوطن والشعب.



   

114
سوريا

قانون أحزاب أم إسقاط النظام في سوريا !؟ 
             

الدكتور.جميل حنا 

تمر سوريا بأصعب الظروف منذ أن حصلت على إستقلالها في عام 1946 من الاستعمار الفرنسي بالرغم من حروبها العديدة مع إسرائيل, بدأً بحرب عام 1948إنتهاءا بحرب 1973. وكذلك التدخل في لبنان في آواسط السبعينات حتى انسحاب الجيش السوري منه في عام 2005 بعد إغتيال رفيق الحريري.يعيش الشعب السوري أوضاع مأساوية في ظل النظام الاستبدادي منذ أكثر من أربعة عقود وخاصة منذ إندلاع الإنتفاضة الشعبية في 15 آذار 2011حتى الآن. حيث تتعرض الجماهير المنتفضة  سلميا من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية إلى حملة دموية قمعية شديدة تمارس الأجهزة الأمنية وشبيحة النظام, ميليشياته المسلحة العنف وقتل المتظاهرين وحاصرة وتحاصر قوات الجيش بأسلحتها الثقيلة العديد من المدن السورية, منها درعا وبلدات الحوران وحمص وحماة وريف دمشق ودير الزور والبوكمال .ودخلت دبابات ومجنزرات الجيش في العديد من المدن والأحياء السكنية ,ولم تخلوا أي محافظة من محافظات القطر من الانتفاضة الشعبية ,من أجل تحقيق التغييرالجذري الثوري للنظام السياسي الفاسد الذي سلب حرية الناس وأهان كراماتهم على مدى العقود المنصرمة.
وفي خضم الصراع الدموي الذي يجري في كافة انحاء سوريا يحاول النظام القضاء على القوى المنتفضة بكل الوسائل وإظهار المشاركين في الانتفاضة الشعبية بأنهم عصابات مسلحة وخارجة عن القانون .كذلك إصدار مرسوم رئاسي حول قانون الأحزاب وإجراء إنتخابات برلمانية قبل نهاية العام الحالي.هذه الأمور لم تعد لها فائدة من وجهة نظر المعارضة والجماهير الثائرة ضد الظلم والتي تواجه السلاح الحي بصدورها العارية ,وسقط منهم حتى الأن أكثر من ألفين قتيل وآلاف الجرحى والمفقودين وحوالي خمسة عشر آلف من المعتقلين .والمعارضة ترى بأن النظام بمجملة من قمة الهرم السلطوي بأجهزته القمعية فاقد للشرعية فلذلك ليس أمام النظام إلا الرحيل وترك السلطة السياسية وعدم جر البلاد إلى الفوضى والدمار.
وفي هذا الصدد نود التطرق إلى بعض النقاط ومنها قانون الأحزاب والانتخابات بشكل مختصر جدا.ومن خلال هذه المراسيم التشريعية يحاول النظام للإحاء للناس بأنه يسير في طريق الاصلاحات ويتجاوب مع مطالب الشعب. فهل ما يقوم به النظام من محاولات هي حقا إصلاحات تصب في تحقيق مطالب المعارضة والجماهير المنتفضة أم أنها مناورة وخداع لا يهدف إلى تحقيق أي تغيير سوى الحفاظ على السلطة بأجراءات وهمية مخادهة للجماهير ولبعض القوى في الداخل أو الخارج, وأن النظام السوري جاد بما يقول ؟!
المقدمة"...لقد قامت الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا لتعبر عن التعددية السياسية والوحدة الوطنية,وضمت احزابا تحمل اتجاهات فكرية وسياسية متعددة تجمعها أهداف وطنية واجتماعية جرى التعبير عنها في ميثاق الجبهة,وبغية تفعيل الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد والارتقار بها كان لا بد من إصدار قانون ديمقراطي للأحزاب ينطلق من تجربة بلادنا وجصائصها ويتلاقى مع المفاهيم المعاصرة للاسهام في تعميق الديمقراطية وتوسيع المشاركة السياسية والشعبية, وقوننةالحياة الحزبية وتنظيمها على أسس مؤسساتية وعملية على أن يستند هذا القانون على الدستور والفصل الرابع من الباب الأول والمادة (26) منه.

ج- رفض العنف والارهاب بمختاف اشكالهما ونبذ التطرف والعنصرية والتمييز بين المواطنين أي سبب كان.

و- لا يجوز ان يقوم الحزب على اساس ديني أو مذهبي أو طائفي أو جنسي أو مناطقي ولا بد ان يكون مفتوحا لكل المواطنين.
هذه بعض الفقرات  أعلاه كما ورد في قانون الأحزاب.هل هذا القانون ديمقراطي ومعاصر يساهم في تعميق الديمقراطية, وتعددية السياسية.بالنسبة للتعددية الحزبية التاريخ يشهد على ذلك ومن بين الأحزاب المشاركة في الجبهة الوطنية التقدمية الحزب الشيوعي السوري الذي تأسس عام 1924 وكان له نضال طويل في مقارعة الاستعمار الفرنسي والمشاريع الاستعمارية ومحاربة الاقطاع والدفاع عن حقوق العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والفقراء وجموع الكادحين,حزب ناضل من أجل الحرية والديمقراطية ومن أجل العدالة الاجتماعية المساواة وكرامة الانسان ولقمة العيش الشريف. وكان ذلك حتى تاريخ إنضمامه إلى الجبهة الوطنية التقدمية في آوائل العقد السابع من القرن الماضي في ظل حكم حافظ الاسد الذي أستولا على السلطة بأنقلاب عسكري على رفاقة في حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1970,وسميت بما يعرف بالحركة التصحيحية. قبل هذا التاريخ كانت هناك تعددية سياسية وحزبية بكل المقاييس المعاصرة. بعد هذه الفترة وتحديدا منذ أستيلاء البعث على السلطة عام 1963 أصبحت التعددية الحزبية والسياسية مقيدة بقيود عقلية التسلط القومي الشوفيني الحاكم بأجهزة أمنية قمعية, ومنذ دخول الحزب الشيوعي الجبهة الوطنية فقد كافة خصائصة النضالية وأصبح حزب تابع لا سياسة مستقلة له , وتخلى عن المبادئ الاساسية التي تأسس من أجلها, ولذلك فقد شعبيته في الشارع السوري وتخلى عنه الغالبية الساحقة من أعضاءه بسبب المواقف المخذية لقياداته في إطار الجبهة الوطنية.
السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن بناء حياة ديمقراطية حزبية معاصرة والدستورذاته يستند إلى بنود ينافي الديمقراطية وروح العصر وضد مبادئ حقوق الانسان كما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948. لايمكن أجراء إنتخابات ديمقراطية ولا تداول سلمي للسلطة والبند الثامن من الدستور السوري يقر بأن حزب البعث قائد الدولة والمجتمع.
حزب البعث كرس العنصرية والتمييز في المجتمع السوري أنطلاقا من المادة الثامنة من الدستور حيث منح أعضاء حزب البعث مميزات في الدراسة والقبول في الجامعات والعمل ووظائف الدولة ومراكز السلطة العلية والدنية والحصول على مختلف الامتيازات المادية والمعنوية.
الفقرة الثالثة تعتبر الفقة الاسلامي اساس التشريع آلا يعتبر هذا تمييزا بحق اتباع الاديان اخرى وخاصة المسيحيين منهم,أليست هذه الفقرة وغيرها من البنود الدستورية هي التي تكرس العنف والتطرف والارهاب والتمييز العنصري.
المجتمع السوري مجتمع تعددي عرقي وديني وأحترام هذه الخصوصية ينسجم مع الاعراف والقوانين الدولية ويؤكد على مدى الإلتزام بالمبادئ الديمقراطية في الحياة السياسية والاجتماعية.
من هذا المنطلق لا يحق لأبناء الشعب الآشوري وبقية المكونات العرقية الأخرى بتأسيس أحزاب تضمن الحفاظ على حقوقها القومية والثقافية وتمارس عاداتها وتقاليدها في اطار التنوع الاجتماعي.أليس العرب عرق كما الآشوريين والكرد والأرمن وغيرهم !لماذا يحق لحزب البعث أن يكون حزبا قوميا للعرب ولا يعترف بوجود أي تنوع أثني أخرفي الوطن أليس هذا تمييز عنصري ومنافي للقوانين الديمقراطية المعاصرة.
أستنادا للفقرات التي وردة في قانون الاحزاب يجب على حزب البعث أن يحل نفسة لأن وجوده بهذا الشكل الذي يتبنى الفكر القومي الشوفيني العربي ينافي بنوده.
نعتقد لا يمكن وضع قانون أحزاب ديمقراطي ومعاصر إلا إذا أرتكز على دستور ديمقراطي علماني مدني ينسجم مع المواثيق والمعاهدات الدولية  التي تراعي حقوق الانسان والتعدد الأثني للمجتمع بغية تحقيق العدالة والمساواة بين كافة ابناء الوطن الواحد. ومن هذا المنطلق فأن الانتخابات المزمعة لا قيمة لها على أرض الواقع قبل هذا التاريخ خلال أربعة عقود تمت انتخابات دورية في سوريا وكما هو معلوم أن مجلس الشعب السوري ليس له أي دور في الحياة السياسية سوى إضفاء نوع من الشرعية المزيفة لنظام الاستبداد
قوى المعارضة بكل فصائلها وانتماءاتها السياسية المختلفة مدعوة لتشكيل لجنة حقوقية تضع مشروع دستور للبلد للمرحلة القادمة يختلف كليا عن هذا الدستور العنصري الذي يكرس التمييزالعنصري والكراهية بين أبناء الوطن.ويحقق العدالة والمساواة والسلام بين كافة الآديان والقوميات وبناء بلد التقدم والأزدهار ويقضي على الأحتقان الديني والمذهبي والقومي.عندئذيمكن القول بأن الثورة الشبابية الثورة الشعبية قد أنجزة ثورة التغيير لنظام الحكم الذي يرتكز على أسس سياسية واضحة في قيادة الدولة والمجتمع عندها يمكن أن يطمئن الجميع بأن الثورة السياسية من أجل التغيير قد حقق أهدافه المشروعة.

 



115
إرهاصات المعارضة


رؤية المعارضة السورية حول إسقاط النظام !
                 

الدكتور.جميل حنا
عاشت سوريا عبر تاريخها الطويل مراحل صعبة هدد استمرارية وجود كيانها كدولة مستقلة. وذلك بسبب الغزوات الخارجية الاستعمارية الكثيرة منذ العصور القديمة مرورا بالغزو الإسلامي ومن ثم العثماني وأخرهم الفرنسي.وكان من نتيجة الغزوات الإستعمارية المحتلة لأرض الوطن سلخ وأحتلال أجزاء عزيزة من الوطن. ما زال لواء إسكندرون أنطاكيا وكيليكيا من سواحل البحرالأبيض المتوسط حتى النقطة الحدودية مع العراق حتى جبال طوروس الحدود الطبيعية لسوريا.إضافة إلى الجولان المحتل ذو الموقع الاستراتيجي الهام المحتل من قبل العدو الصهيوني في عام 1967 في عهد نظام البعث العنصري الذي أنقض على السلطة السياسية في إنقلاب عسكري عام 1963 .إن تاريخ الشعب السوري مليء بالبطولات ضد الغزات المحتلين, والثورات السورية التي اندلعت شرارتها في كل بقاع الوطن في القرن العشرين قادة البلد إلى الاستقلال وجلاء المستعمر الفرنسي عن ارض الوطن عام 1946 .بعد ذلك شهدة سورية مرحلة من التغيرات السياسية وإنقلابات عسكرية وكانت فترة الخمسينات ارقى فترة زمنية عاشها الشعب السوري على الصعيد الحياة السياسية البرلمانية الحرة الديمقراطية المفعمة بالحيوية والعطاء, في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والإجتماعية والسلطة الحاكمة بموجب إنتخابات ديمقراطية ترتكز على دستور ديمقراطي علماني لا يميز بين المواطنين على اساس الدين أو القومية أو المذهب أو الحزب, كانت نتائج الإنتخابات الحرة والديمقراطية هي الفيصل من يحكم البلاد.لم تدم هذه الفترة الزمنية طويلا, الوحدة السورية المصرية عام 1958 وضع حدا لهذه التجربة الرائدة حتى الإنفصال عام 1961 كانت هذه مرحلة إنهيار الدولة الديقراطية العلمانية المدنية في سوريا. وبعد ذلك تمت محاولات إنقلابية وحراك سياسي كثيف للعودة إلى مرحلة ما قبل الوحدة.ولكن الإنقلاب العسكري المشؤوم الذي قاده حزب البعث في عام 1963 واستلامه السلطة قضى على التحولات الإيجابية في الحياة السياسية والعلاقات الإجتماعية. وكرس سلطة ديكتاتورية الحزب الواحد المشبعة بأفكار قومية شوفينية يتنكر لوجود أي مكون إثني آخر في الوطن,الجميع حسب معتقدهم عرب وذلك حسب الدستور الذي فرضوه على الشعب.
منذ خمسة عقود من الزمن والشعب السوري يعيش في ظل النظام الديكتاتوري الشمولي الذي دفع بالبلد نحو منعطفات خطيرة تجلب المآسي للشعب والوطن وذلك ببناء النظام الأمني القمعي المخابراتي الذي سلب حرية الناس وأهان كراماتهم وزج بالالاف في السجون وتعرضوا ويتعرضون إلى التعذيب الجسدي والنفسي والموت في أقبية النظام وهجرة الكثير من الاحرار إلى خارج الوطن بسبب الممارسات القمعية,وأصبح الوطن يدار من قبل الأجهزة الأمنية بدون أن يكون للقوى السياسية إي دور في إدارة البلد.الشعب السوري تحمل ويتحمل الويلات على يد هذه الأجهزة القمعية ,والمواطن يتحمل أعباء الوضع الأقتصادي والعيش في الفقر وأرتفاع البطالة وتتحكم البرجوازية الطفيلية مع المنتفعين من رجال السلطة بإكثرية الثروة الوطنية,بينما تعاني الغالبية الساحقة من الناس من أوضاع معيشية صعبة.الشعب السوري الذي فقد حريته على مدى العقود المنصرمة وعاش الخوف والتقوقع على الذات وتأقلم غالبية الناس مع هذا الواقع المرير مكرهين.وكانت الثورات الشبابية والجماهيرية في العديد من البلدان العربية حافز دغدغ الروح الثورية المكبوته التواقة إلى الحرية في النفوس لدى الشعب الشوري, تنهض من سباتها لتعيد ما خزن في ذاكرة الأجيال من ثورات الشعب السوري ضد القهر والطغيان وظلم المستبدين من الغزات بكل الأشكال والألوان.
والشعب السوري سجل منذ الخامس عشر من آذار 2011 بداية عهد جديد بفعل حدث عرضي صغير,ولكن ذو مدلولات كبيرة سيدخل تأريخ الأحداث الوطنية الهامة.إن إنتفاضة الشعب السوري ضد النظام من أجل الإصلاح الديمقراطي والتغيير السلمي الجذري للنظام السياسي هو نتاج تراكمات عقود طويلة من الممارسات الظالمة للنظام الديكتاتوري وأجهزته القمعية ضد المواطنين وسلب الحريات الشخصية. ومع مرور الأيام من إنفجار بركان إنتفاضة الشعب التي تحولت من مناطقية محدودة لتشمل كل أجزاء الوطن ومختلف فيئات الشعب بتنوعه القومي والديني والمذهبي, وتوجهاته السياسية المعارضة للنظام. بدأت الإنتفاضة تكتسب سمات الثورة الشعبية الذي كشف حالة الوعي لدى مختلف الأطياف, بأن معانات الجميع هو بسبب هذا النظام المستبد.وكانت شعارات الإصلاح والمطالبة بالحرية والديمقراطية وإلغاء حالة الطوارئ وسلطة حزب البعث كقائد للدولة والمجتمع وأمور أخرى.النظام السياسي وأجهزته القمعية واجهت المظاهرات السلمية بالعنف الشديد, وأطلقت الرصاص الحي على المشاركين في هذه المظاهرات, وسقط الشهداء بأعداد كبيرة في مختلف المدن والبلدات. وبلغ عدد الشهداء حتى الآن حسب مصادر لجان حقوق الانسان أكثر من 1300وعدد المعتقلين أكثر من12000 إنسان وعدد اللاجئين الفارين بسبب الخوف إلى الدول المجاورة أكثر من عشرة آلاف إنسان, وقوات الأمن والجيش تحاصر العديد من المدن والبلدات في مختلف المحافظات.
خلال الشهور الأربعة الماضية بدأت المعارضة السورية تواكب تطور سير الأحداث في الشارع السوري وتشارك في المظاهرات السلمية وترفع شعارات الإصلاح والتغيير الديمقراطي والحرية...إلى إسقاط النظام سلميا.وفي هذه الجزئية الجوهرية تظهر مواقف متباينة بين مختلف المجموعات المعارضة للنظام سواء كانوا تنظيمات سياسية حزبية أو مؤسسات مدنية أو أفراد أو الجماهير التي فجرة الإنتفاضة الشعبية.والخلاف يدور حول شكل الانتقال من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي العلماني المدني.هل هو بالحوار مع النظام أم لا حوار مع النظام فاقد الشرعية التي تلطخت يده بدماء الأبرياء من المتظاهرين سلميا.جميع أطراف المعارضة تصر على سلمية المظاهرات والجميع متفق على تغييرالنظام السياسي أو السلطة الحالية.البعض يصر بالضغط الجماهيري لإجراء إصلاحات جذرية بصياغة دستور جديد يؤسس إلى بناء الدولة الديمقراطية العلمانية المدنية يحقق التداول السلمي للسلطة.والبعض الأخر يعول على الضغط الخارجي لإجبار النظام إجراء إصلاحات حقيقية وتنفيذ الوعود التي قطعها النظام على نفسة بهذا الصدد.لكن المعارضة والجماهير المتظاهرة سلميا فقدت الثقة بهذا النظام الذي لم يحقق شئ من الإصلاح بل زاد من القبضة الأمنية على الجماهير وأرتكب مجازربحق المواطنين.المعارضة السورية تعقد اللقاءات وتناقش الإوضاع وتطرح رؤيتها لمستقبل سوريا سواء في الداخل أو الخارج  لإيجاد الحلول وسبل الخروج من الكارثة الوطنية وإنقاذ الوطن قبل الإنزلاق نحو أحداث خطيرة لا يكون فيها إلا الخاسرون.المعارضة تفتقر إلى أليات مشتركة لإجراء التغيير الحقيقي للنظام القائم في سوريا . نظام حكم بالقبضة الحديدية على مدى أكثر من أربعة عقود يحتاج إلى معارضة قوية موحدة حول ألية إسقاط النظام الحالي, وأيضا شكل النظام السياسي الذي سيحكم البلد في المستقبل.إذا ما أتفقت المعارضة على هذه النقاط وأقتنعت بها الجماهير ستحقق أهداف الثورة خلال فترة زمنية قصيرة ويجنب الوطن الويلات.
الشعب السوري يتطلع بتفائل كبير بأن توحد المعارضة صفوفها وهذا يمنح مختلف أطياف المجتمع الطمأنينة بأن تغيير النظام سيجلب السلام والحرية الحقيقية والحياة الديمقراطية والمساواة للجميع لا فئة تطغي على فئة ولا أحد يهدد الأخرين تحت أي ذريعة كانت, القانون يحكم فوق الجميع.
لأن الجماهير المتظاهرة سلميا في كافة بقاع الوطن يجسدون طموح وأمال الغالبية الساحقة من الناس في التغيير الجذري للنظام الديكتاتوري الاستبدادي, والهدف بناء دولة عصرية حديثة مزدهرة.الشعب السوري يدرك بأن المعاناة التي يعيشها هي بسبب النظام الفاسد الذي كرس نهج قمعي مخابراتي ,إقصائي سلطوي سحق طموحات الجماهير في الحياة الحرة والكريمة والحياة الديمقراطية.ولذلك الجماهير المنتفضة والأغلبية الصامته تنتظر مواقف ورؤية واضحة حول المستقبل السياسي للبلد لكي تطمئن  لتنخرط بأعداد أكبر في المظاهرات السلمية وهذا سيعطي الثورة زخما وتأثيرا أكبر سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية.غالبية الشعب السوري لا يرغب بإستبدال السلطة الديكتاتورية للحزب الواحد ذو إتجاه قومي عنصري بدكتاتورية السلطة الدينية.الشعب السوري يقول لا لأجندات الدوا الاستعمارية,لا للنموذج العراقي,لا للنموذج التركي,لا للنموذج الإيراني, نعم للنموذج السوري الحضاري الانساني.
الشعب السوري حطم حاجز الخوف,وأنتقل من حالة الصمت على إنتهاك حقوقه يواجه السلاح بصدور عارية  من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية.
هؤلاء المتظاهرون الذين يبذلون الحياة من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة ويقدمون التضحيات الجسيمة فكرة إنسانية هي ضد فكرة طغيان فئة على فئة تحت أي ذريعة  كانت مثل الأكثرية أو الدين أو القومية أو المذهب ...وأحترام هذه القيم وتجسيدها في الواقع العملي هو تقدير للتضحيات العظيمة التي قدمت على مذبح هذه القيم.
ومن هذا المنطلق أن صياغة دستور جديد يتوافق مع متطلبات الواقع الاجتماعي السوري بتنوعه الثقافي والقومي والديني والمذهبي أساس بناء الدولة الديمقراطية,فصل الدين عن الدولة( الدين لله والدولة للجميع),إحترام ممارسة الشعائر الدينية, الحرية الدينية للجميع, وعدم إعتبار أي دين كان مصدر للتشريع لإنه ينفي أساس الدولة الديمقراطية ويناقض أسس التعايش السلمي لإي مجتمع متعدد الأديان والقوميات.
دستور يفصل السلطات السياسية عن السلطة القضائية.دستور ديمقراطي علماني مدني يصون حرية إبداء الرأي وحرية الصحافة والأعلام بكل أنواعة, حرية الأنضمام إلى مؤسسات المجتمع المدني والنقابات.
دستور يكون الجميع فيه متساون أمام القانون في الحقوق والواجبات بدون تمييز عنصري على أساس الدين أو القومية أو السياسة أو الإنتماء الطبقي.والدستور الجديد يضع حدا نهائيا للحكم الشمولي وإنهاء سلطة الفرد والحزب الواحد وتداول السلطة سلميا وتوزيع سلطة البلد بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان والسلطة القضائية.دستور يضمن حق كل مواطن للترشح لإي منصب في الدولة ومنها رئاسة الجمهورية بغض النظر عن الدين أو القومية أو المذهب.دستور يعترف بالتنوع القومي والديني للمجتمع, ومنح الحقوق القومية للشعب الآشوري ولبقية المكونات العرقية.أن تحقيق هذه الأمور كفيل بكسب ثقة وتعاضد كل مكونات الشعب السوري بمختلف الإديان والقوميات والمذاهب ومختلف الشرائح الاجتماعية, للوقوف إلى جانب ثورة التغيير من أجل بناء نظام سياسي يسود فيه الوئام والسلام بين كافة مكونات الوطنو يحقق التقدم ويقضي نهائيا على الكراهية والإحقاد والتمييز العنصري.
أن ثورة بناء الوطن المتقدم يحتاج إلى جهود كافة أبناءه.والشعب السوري الذي لم يستسلم لإرادة الطغاة خلال تاريخة الطويل كان يقاوم بكل جرأة ويقدم التضحيات من أجل الحرية والاستقلال الوطني والدفاع عن ترابه. خمسة عقود لم تشهد إلا ثورة الأفراد على الظلم والطغيان. ولكن للظلم حدود وللزمن نقطة تحول.ويوم الخامس عشر من آذار 2011 كان الفاصل الزمني الحديث في تاريخ سوريا.
أستيقظ أحفاد الثورات السورية في كل بقعة من أرض الوطن تنطلق هذه المرة من جنوب الوطن من درعا ليمتد إلى كل جزء من أرض الوطن الغالي,بكل أديانه وقومياته ومذاهبه,حجر الاساس في إنطلاقة الثورة الشبابية,ثورة أطفال سوريا,ثورة ممثلي جموع الشعب من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والديمقراطيين واليبراليين وجيش الفقراء والعاطلين عن العمل ثورة المناضلين من أجل الحرية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.ثورة من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.
يا أحرار سوريا لنصنع النموذج السوري الذي يليق بحضارتنا وثقافتنا وتنوعنا الديني والقومي.لا لأجندات المستعمرين! لا للنموذج العراقي !لا للنموذج الإيراني!لا للنموذج التركي! 


116
القصارى في نكبات النصارى- شاهد عيان,  إبادة شعب – الجزء الثالث والأخير

بلاد ما بين النهرين مهد الحضارات القديمة الغنية بثقافتها ما زالت تجلب إهتمام الباحثين والكتاب والمؤرخين حتى يومنا هذا. هؤلاء المهتمون  من كافة أصقاع الكون بهذا الجزء من العالم يدونون تاريخ المنطقة الغني الزاخر العريق في كافة مجالات الحياة التاريحية والتراث والعقائد الدينية والثقافية والأداب والفلسفة...وكل الأحداث الهامة.هذه الحضارة قدمت للبشرية قيم ثقافية وعلمية وعمرانية وفنية وفلسفية ينهل من كنوزها المتطورة والمزدهرة في سبيل خدمة البشرية جمعاء.ولكن تاريخ المنطقة لم يكن فقط الإزدهار والبناء والتقدم والسلم .وإنما تعرضت مسيرة تطور الشعوب في المنطقة إلى إنتكاسات خطيرة بسبب حروب الغزوات الخارجية المدمرة التي أدة إلى هلاك ملايين البشر وخاصة من السكان الأصليين وتم تدمير المدن والقرى والممتلكات الزراعية مصدر العيش الأساسي للسكان, وأنتشرة المجاعة والأمراض, وأستفحل العداء بين مختلف الأقوام مما آدى إلى مـآسي فظيعة.وما زالت المنطقة تعيش حالة اللاستقرار وشبه حروب دائمة وهجمة شرسة للتعصب الديني والقومي وارهاب مخيف يحصد ارواح الابرياء من الناس سواء كانت من العنف الذي تمارسه السلطات الحاكمة أو المنظمات الارهابية.وفي هذه الظروف التي تشهدها العديد من الدول العربية بما يسمى ثورات الربيع العربي تقف الشعوب في هذه البلدان ومختلف القوى السياسية والاجتماعية أمام خيارات مصيرية لترسم معالم المستقبل. وحسن السير في الطريق السليم سيفتح آفاق المستقبل نحوالحرية والحياة الديمقراطية وبناء المجتمع وفق دساتير وقوانين إنسانية وديمقراطية تحقق العدالة لكل الشركاء من أبناء الوطن على اساس مساواة الجميع أمام القانون.وفي هذه الظروف التي تشهد بداية التحولات السياسية في الحياة الاجتماعية يقع على عاتق القوى المتنورة من مختلف التيارات اليسارية والليبرالية والشيوعية والديمقراطية والعلمانية بذل الجهود الكفيلة بعدم حرف الثورات عن مسارالمطلب الشعبي في التغيير الجذري للنظام السياسي وتحقيق الحرية والكرامة للمواطنين. والعمل على نبذ الممارسات العنصرية والحد من زرع ونشر الأفكار الهدامة للوحدة الاجتماعية, سواء في المدارس أو وسائل الأعلام أو من أي جهة أتت تحت طائلة تحمل المسؤولية القانونية على من يعمل على تكريس ذلك في المجتمع.أن توحيد الجهود وبناء النظام الديمقراطي المدني العلماني كفيل بأن يضع الحد لإنهاءالقتل وأرتكاب جرائم إبادة ضد الشعوب.وعلى القوى المذكورة أعلاه العمل على بناء علاقة صحيحة بين مختلف مكونات المجتمع وأحترام التنوع الديني والقومي والمذهبي ومنح الجميع حقوق بدون تمييز والتصدي لمحاولات التهميش أوالتعدي أوالقتل أو الإبادة أو حرمان أي فئة من حقوقها الطبيعية في الحياة الحرة والكريمة.
ما زالت البشرية في بداية القرن الحادي والعشرين وهي  قطعت أشواطا في مجالات التطور العلمي والمعرفة العامة وتكنولوجيا وسائل الإتصال بين شعوب خلال العقود المنصرمة.و الكون  باالرغم من كل هذا التطور الحاصل لم تستطع البشرية حتى الآن وضع حدا للحروب الطاحنة بين مختلف الشعوب ودول العالم.وهذا يدل على أن البشر بشكل عام وخاصة القوى المحلية والقطرية والاقليمية والعالمية المسيطرة على الوضع لم ترتقي بمستوى تفكيرها الإنساني إلى درجات عالية من الرقي ليكون رادعا لها لعدم إرتكاب الجرائم وقتل العشرات والمئات والآلاف والملايين من البشر من أجل الحفاظ أوالسيطرة على السلطة السياسية والا قتصادية والعسكرية ووسائل الاعلام... ومن هذا المنطلق أن غايتنا من الكتابة عن هذا الموضوع هو التأكيد, بأن ما يحصل اليوم في بقاع مختلفة من العالم من ممارسات إجرامية من قبل سلطات حاكمة أو دول أو قوى محلية أو منظمات إرهابية ,لا يختلف عما جرى قبل قرن أوأكثر من الزمن.والإضاءة على أحدى هذه المراحل التاريخية المظلمة  والمأساوية التي عاشتها الشعوب بسبب التعصب الديني والقومي والجهل وبسبب ذلك أزهقت حياة مئات الآلاف من أبناء الأمة الآشورية بكل مكوناتها من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والكاثوليكية والبروتستانتية وأبناء كنيسة المشرق.وهدفنا من هذا كما ذكرنا سابقا ليس زرع الكراهية والعداء بين بين مختلف الأقوام وإنما أخذ العبر. أن جرائم الإبادة التي ترتكب ضد أبناء أي إثنية عرقية أو دينية أو مذهبية أو سياسيةهي كارثة للجميع ,هي مأساة للوطن .وأن اليقظة حيال الافكار والممارسات العدوانية لا يتم إلابالكشف المبكر عن دوافع الجريمة والعمل على منع حصولها باالوعي الثقافي وبروح المحبة والتسامح الحقيقي والألتزام بالقيم الإنسانية. والتأكيد بأن الجميع شركاء على الكرة الأرضية وفي الأوطان والجميع يتحمل مسؤولية مشتركة من أجل بناء حياة أفضل للبشرية جمعاء بعيدا عن الحروب .عالم يسوده السلم والتعايش المشترك بين جميع أبناءه.
بعد هذه المقدمة التي طالت شئ ما ,أعود مرة أخرى إلى كتاب( القصارى في نكبات النصارى- شاهد عيان) للأب إسحق أرملة, الذي دون ما شاهده من فظائع مريعة وسمعه أثناء الحرب الكونية الأولى,عن المذابح التي ارتكبت ضد المسيحيين في الأمبراطورية العثمانية .في منطقة ماردين هذه المدينة العريقة في القدم التي كانت تشكل جزء من الأمبراطورية الآشورية  قديما .
أن الجرائم الفردية وجرائم الإبادة التي كانت شبه مستمرة منذ نهاية القرن التاسع عشرأستمرت وبشكل يتجاوز كل التصورات .وعندما دخلت الحكومة العثمانية الحرب الكونية  الأولى 1914- 1918 إلى جانب ألمانيا والنمسا. وتحديدا في هذه السنوات بدء الشروع بتنفيذ مخطط رهيب ,وهو القضاء على من تبقى من المسيحيين. وفي الأول من تموزعام 1915  تم حصار المدن والبلدات والقرى حتى العاشر من شهر آب في منطقة طور عابدين جنوب شرق تركيا الحالية. وخلال فترة زمنية قصيرة ومنطقة جغرافية محددة  قضي على عشرات الآلاف من الناس الأبرياء , ودمرة المساكن والممتلكات والمزارع على يد قوى العشائر الكردية المتعاونة مع العثمانيين. وكما ذكر سابقا كان والي آميد (ديار بكر) رشيد باشا السفاح كان المسؤول عن الولايات الشرقية ماردين آورهي(الرها) سعرة,سيواص, وان, بدليس, أرض الروم ...(إلتزاما للأوامر العليا كان يصدر آوامره المشددة لرجالة ويعطي الإيعاز للأغوات الأكراد أن يقوموا على رأس عشائرهم بقتل الرجال والنساء والأطفال بدون شفقة وبأساليب همجية. والعمل بكل الوسائل الى إبادة المسيحيين في مناطق سكناهم وإبادة قوافل المهجرين منهم.وتطبيقا للأوامر الصادرة كان المأمورون يقومون بتنفيذ الجرئم وإبادة المسيحيين بالتعاون مع العشائر لكي يبرهنوا عن اخلاصهم للحكومة ولدينهم.
لم ينجوا من القتل إلا من ترك دينه مرغما أو من رغب فيهم من الأغوات فأخذوهم عبيدا- غير أن الذين نجوا لا يشكلون واحدا بالألف من الذين قتلوا في عشرات المدن والقرى في المناطق المذكورة- كان آلاف الأطفال الأبرياء يقتلون أو يرمون وهم أحياء في نهر دجلة أو يرموهم في الأبار العميقة أو الوديان السحيقة.كانت آلاف الأمهات تقتل فيبقى أولادهن الرضع على صدورهن يرضعون الجثة حتى يموتوا جثة على جثة. كانت آلاف النساء والفتيات تهتك أعراضهن ثم يقتلن والبعض كن يؤخذن سبايا للعيش في الذل والعبودية).
هذا الكتاب يضم في طياته صفحات مؤلمة وأحداث تاريخية مأساوية لايمكن للعقل الإنساني أن يتقبلها لفظاعة كيفية إرتكاب المجازر الوحشية بحق الأبرياء من الرضع إلى المسنين من الرجال إلى النساء.يسأل المرء نفسه هل يعقل أن يقوم إنسان ما بإرتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة؟ هل يمكن أن يصل  الإنسان إلى هذه الدرجة من الوحشية؟ أن شهود العيان وهم كثر من عاشوا وشاهدوا ونجوا من المجازر تحدثوا مما شاهدوه وقد تم توثيق الكثير من هذه الأحداث بواسطة هؤلاء الناجين. وكما يؤكد الكاتب كشاهد عيان على هذه المجازر هذه بعض الأمثلة حيث يذكر.مذبحة الجزيرة ,أثار رشيد بك والي ديار بكر الأكراد وحرضهم على سفك دماء المسيحيين دون استثناء وقتل رجال الدين وتم التنكيل بالجثث حيث قتلوا أعدادا كبيرة منهم وأستولوا على الأموال وسبوا النساء من الفتيان والفتيات وقتل في بلدة الجزير(7510) حسب وثيقة المطران (البطريك فيما بعد)مار أفرام برصوم المقدمة إلى مؤتمر السلام في باريس عام 1919 .
مذبحة سعرة ,كان يسكن هذه البلدة أكثر من أثني عشر ألف نسمة من المسيحيين. سعرة  بلدة من ديار ربيعة قريبة من شط دجلة وكان يقيم فيها آدي شير المؤرخ والعلامة المشهور وكان يدير شؤوون الكنيسة الكلدانية.في آواسط حزيران 1915 تم الهجوم على بيوت المسيحيين ونكلوا بهم شديد التنكيل وقتلوهم وألقوا القبض على أكثر من ستمائة شخص وزجوهم في السجن وتعرضوا إلى التعذيب الشديد والقتل وأستدعي رجال الدين وتم تعذيبهم وقتلهم.
مذبحة دير العمر ودير الصليب وباسبرينا ومذيات وصلح جاء في وثيقة احصاء عدد القتلى في عام 1919 لأبناء كنيسة السريان الأورثوذكس التي قدمها المطران مار أفرام برصوم إلى مؤتمر السلام في باريس1919 بان عدد القتلى السريان في قصبة مذيات وضواحيها قد وصل إلى (25830)شخص.
مذبحة نصيبين ودارا ,نصيبين مدينة عريقة في القدم كانت مركزإشعاع حضاري وصرح علمي وديني ضم أكبر جامعات القرون الوسطى. كانت المدينة الفاصلة بين حدودالأمبراطوريتين الرومانية والفارسية, وكانت مركز مسيحي هام في الشرق منذالقرن الأول الميلادي بعد أن أعتنق سكانها من الآشوريون المسيحية, وأحتلها المسلمون في الثلث الاول من القرن السابع الميلادي,وما زالت فيه بعض الكنائس أشهرها كنيسة مار يعقوب النصيبيني . بلغ عدد الذين قتلوا حسب الوثائق المقدمة إلى مؤتمر السلام في باريس عام 1919 (7000) شخص.حيث كانت المدينة وضواحيها عرضة لهجمات العشائر الكردية وكانوا يبيدون المسيحيين. ويتطرق الكاتب إلى الكثير من الأحداث الدامية التي وقعت في تلك المنطقة ونذكر واحدة منها,(ويوم الثلاثاء 15حزيران احاط الجنود تكرارا بدور الارمن والسريان والكلدان والقوا القبض على جميع الرجال والشبان وزجوهم في السجن واستاقوهم نصف الليل الى خراب كورت وذبحوهم.
,ثم نظمت الحكومة لجنة للفتك بارواح المسيحيين المستوطنين في القرى المجاورة وخصت رئاسة اللجنة برفيق بن نظام الدين وقدور بك وسليمان مجر.فارسلوا رسلا الى المشايخ في قتل المسيحيين.من ذلك ان ابراهيم آغا خزنه اخرج النصارى من قريته وذبحهم قاطبة.واحمد اليوسف صاحب السيحة جمع نصارى القرى المصاقبة لقريته وذبحهم بيده.وعلى هذه الحالة يتطرق الكاتب كيف تم إبادة المسيحيين من سكان القرى مع الأسماء وكذلك حوادث دير الزعفران ومذبحة قلعة المرأة ومعصرتا وبافاوا وبنابيل والمنصورية والقصور. وفي الجزء الخامس والأخير يستعرض الكاتب الوان العذابات التي تعرض لها المسيحيون على يد قاتليهم وكيف كانوا يتفنون في اختراع الطرق الشيطانية للتنكيل بالبشر.
هذا الكتاب التاريخي الوثائقي الذي دون بدقة أحداث مأساوية يضع كل الشرفاء في العالم أمام تحديات كبيرة للوقوف في وجه الأعمال البربرية ومنع حصول مجازر إبادة عرقية جماعية  جديدة لأي شعب كان على الكرة الأرضية.ودعوة للجميع وخاصة لهؤلاء الذين أرتكبوا المجازر أي من هم الورثة لهم الاعتراف  بتلك المذابح.
             

117
الأحزاب الآشورية و جمعة "أطفال الحرية "   
           

د.جميل حنا
في الثالث من حزيران يوم الجمعة 2011 لم تقتصر المظاهرات الإحتجاجية التي تعم الكثير من المدن والبلدات السورية المطالبة بالتغيير الجذري للنظام السياسي , وضد ممارسات الأجهزة الأمنية التي تمارس القمع والعنف وترتكب الجرائم بحق المتظاهرين سلميا ومنهم الأطفال.هذه التظاهرات السلمية يشارك فيها وبدرجات متفاوتة كل أطياف المجتمع السوري بإنتماءاته الدينية ومذاهبه وقومياته  وقواه السياسية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة .أبناء سوريا الأحرار في كل بقاع العالم يعبرون عن مواقفهم حول الأحداث المؤلمة الجارية على أرض الوطن الحبيب ويعبرون عن تضامنهم مع ذويهم وأبناء الوطن الداعين في التظاهرات السلمية إلى الحرية. وفي الثالث من حزيران نظمت  ثمانية  تنظيمات مختلفة من الأحزاب الأشورية والمؤسسات الثقافية والأجتماعية تظاهرة إحتجاجية في ستوكهولم. وحضر هذه التظاهرة بعض فعليات قوى المعارضة السورية وألقت كلمات تضامنية مع الشعب السوري ,وألقت ممثلة حزب اليسار السويدي كلمة معبرة في هذا التجمع والدفاع عن حقوق المواطنين السوريين في الحرية والديمقرطية والتعددية السياسية والإثنية.ولجنة الأحزاب الآشورية أصدرت بيانا " الحرية والمساواة والديمقراطية للشعب الآشوري في سوريا!"
وتطرق البيان إلى حملة الإعتقالات التي شنتها الأجهزة الأمنية على مقر المنظمة الآشورية الديمقراطية في القامشلي وأعتقال ثلاثة عشر من قياديي وكوادر المنظمة في 20 من آيار وتم الأفراج عنهم بعد ستة أيام .وتمارس الأجهزة الأمنية العنف النفسي والترهيب والأعتقال للذين يشاركون من أبناء الأمة الآشورية في التظاهرات السلمية والمعارضين لطبيعة النظام السياسي  ومنع بعض قياديي المنظمة الآثورية الديمقرطية والحزب الديمقرطي الآشوري من السفر إلى الخارج.تأتي هذه التظاهرات السلمية المستمرة منذ 15 آذار حتى الآن عشية النكسة ألتي أصابت سوريا جراء إنهزام الجيش العقائدي السوري أمام الجيش الصهيوني الذي مازال يحتل جزءا عزيزا من الوطن "الجولان "المحتل .ونكسة الوطن مستمرة جراء أحتلال أجزاء أخرى من الوطن مثل لواء الإسكندرون وكيليكيا وماردين والنصيبين...  والنكسة مستمرة في الحياة السياسية والاقتصادية والإجتماعية والأمنية وفي مجال الحريات والديمقرطية وفي النظام السياسي الذي فشل بتقديم مشروع وطني حقيقي يخرج البلاد من محنته. الشعب الآشوري يقف بجانب الأحرار والوطنيين المخلصين من أجل بناء دولة المؤسسات الديمقراطية. ويدين كل ممارسات العنف والتعذيب والقتل وأطلاق الرصاص على المتظاهرين.وفي الكلمة التالية ألتي ألقيت في تظاهرة ستوكهولم من قبلنا بإسم ثمانية تنظيمات سياسية وثقافية وأجتماعية, تأكد على اللحمة الوطنية بين كافة مكونات المجتمع السوري ووقوفها صفا واحدا في وجه الظلم, والكفاح من أجل  الإصلاح والتغيير السلمي.       
بإسم الأحزاب الآشورية نحيي كافة المشاركين من ممثلي الأحزاب والتنظيمات  السياسية والثقافية والإجتماعية والأفراد المستقلين الحاضرين في هذه الساحة.كل الحاضرين من نساء ورجال وشباب جاءوا إلى هنا ينادون بالحرية والكرامة والديمقراطية للشعب السوري.
أيها الأخوة والأخوات ! نجتمع اليوم هنا لنعلن عن تضامننا مع أخوتنا وأهلنا المتظاهرين سلميا في سوريا من أجل الإصلاح والتغيير الديمقراطي السلمي.ولكي نقدم التعازي لذوي الشهداء الذين سقطواعلى يد قوى الأجهزة الأمنية في المدن والبلدات السورية, والذين أستشهدوا في السجون تحت التعذيب والطفل حمزة الخطيب رمز للشهادة من أجل الحرية والإصلاح والتغيير.هذا الفعل الإجرامي وصمة عار للنظام السياسي وأجهزته القمعية.ننحني إجلالا أمام التضحيات والشجاعة الباسلة للمتظاهرين سلميا, الذين يواجهون الرصاص بصدورهم العارية, يتحدون ألة العنف والهمجية بالإيمان والثقة بقضيتهم العادلة. قضية الإنسان المضطهد المظلوم, قضية الإنسان الذي سلبت منه الحرية مسحوق الكرامة, في ظل النظام الإستبدادي الذي يستخف بحقوق المواطنين, ويكبح حرية التعبير عن الرأي المستقل المعارض للنظام.بل يزج بالأحرار في السجون من أجل دفاعهم عن الحرية.
الحرية كلمة عظيمة ترهب أنظمة الاستبداد,الحرية الحقيقية هي مطلب الجماهير في كل مكان ,الشعوب الحرة تزيل عروش الطغيان , الحرية تقرها الشرائع السماوية والإنسانية والمواثيق والمعاهدات الدولية,كفاح الشعوب من أجل الحرية  يتفق مع القيم الأخلاقية السماوية والأرضية .ثمن الحرية باهظ ,ضريبته الدم وحياة الأبرياء, والشعوب المضطهدة المسحوقة  تمنح دمها وروحها بسخاء من أجل الحياة الحرة والكريمة.
هناك تناقض بين الإصلاح الذي يدعية النظام ,الإصلاح لا يقوم على أستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين سلميا , الإصلاح والعنف مفهومان متناقضان الحوارالديمقراطي لا يقوم على مبدأ التخوين وتخويف المتظاهرين سلميا وإلصاق التهم الباطلة بهم. والحوارالجاد يجب أن يرتكز على قواعد حقيقية وصحيحة بدون تمييع الجوهر والأنحراف عن مطاليب الشعب المشروعه. الإصلاح والحوار يجب أن يكون مع القوى المعارضة للنظام السياسي ويشمل كافة مكونات المجتمع السوري بأديانة وقومياته وقواه السياسية المختلفة.
إن الأحزاب الآشورية في سوريا تكافح مع جميع الوطنيين الأحرار من أجل  الحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.وإقرار دستور ديمقراطي علماني مدني يفصل الدين عن الدولة يصون حقوق كل أطياف المجتمع السوري ومنها الحقوق القومية للشعب الآشوري(السرياني) وإعتباره مكون أصيل للمجتمع السوري. دستور عصري يأمن المساواة والعدالة والشراكة الوطنية الحقيقية لكل أبناءه بدون تمييز عنصري ديني أومذهبي أو قومي أو سياسي.دستور علماني أساسه الإعلان العالمي لحقوق الانسان .أفساح المجال أمام الحريات العامة ووسائل الاعلام, وإيقاف الممارسات القمعية للأجهزة الأمنية ضد المواطنين, وعدم التدخل في كافة مفاصل الحياة العامة للناس.وإلغاء طبيعة نظام الحكم الشمولي للحزب الواحد,والعمل مع كافة القوى الوطنية لتكوين البديل الديمقراطي لنظام الحكم في البلد. وعدم أستبدال نظام حكم استبدادي بنظام حكم استبدادي آخر تحت أي تسمية أوإيديولجية دينية أو سياسية أو قومية عنصرية.كما نعمل من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية ووحدة الترب الوطني وأستقلاله وعدم الإرتباط  بإجندات خارجية  تضر بمصالح الشعب والوطن .
إننا ننطالب بإجراء تغيير جذري حقيقي في بنية النظام السياسي الاستبدادي الفاسد وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية الذي ينبذ التمييز العنصري ويحقق المساواة للجميع بغض النظرعن العدد, دولة علمانية ديمقراطية تصون حقوق الجميع وتحقق العدالة والمساواة بين كافة أطياف المجتمع بدون تمييز عنصري.
وفي الختام نحيي شجاعة و إرادة التحدي للمتظاهرين سلميا, الذين كسروا حاجز الخوف والرعب الذي زرعه النظام في النفوس على مدى أربعة عقود من الزمن.
عاشت سوريا  حرة!
عاش الشعب السوري بكل مكوناته!
الحرية والكرامة للشعب السوري !
/03/06/2011





118
الدفاع عن الأنظمة الاستبدادية ضد المسيحيين

د. جميل حنا                  

الحوار المتمدن والراقي سمة حضارية ثقافية ووع ذاتي يتمتع بها الفرد وفق ثقافته المكتسبة بواسطة التعلم وحصوله على المؤهلات العلمية والثقافية والمعارف العامة والتجارب الشخصية وفهم وإدراك ما يدور حوله في الكون من شؤون الحياة, وأستخدام ذلك بأفضل الطرق الراقية للتواصل والحوار مع الأخرين بالأسلوب الصحيح.وهناك منطق الموروث عبرثقافة التوريث تربويا في الأسرة عبرسلسلة معقدة من العادات والتقاليد, وهنا يكون للدين والإنتماء القومي دور رئيسي في سلوكية ومنطق تفكير الإنسان وخاصة في مجتمعات الشرق الأوسط.
ومن هذا المنطلق أنني أأمن أيمانا صادقا, بأن الحوار المتمدن والمنطقي الذي يأخذ بالحقائق التاريخية والعلمية وحقائق الحاضر وتفسيرها وتحليلها تحليلا موضوعيا كما هو على أرض الواقع الفعلي بدون مواربة هو الذي يعطي الثمارالصالحة المفيدة. ويساعد على التقدم لإزالة الفرقة بين الناس وبناء علاقة إنسانية صحيحة بين كافة البشر على قاعدة المساواة التامة بدون تمييز عنصري قائم على أساس الدين أو القومية أوالمواقف السياسية.والأبتعاد قدر الأمكان عن زرع البغض والكراهية والأحقاد التي لا تؤدي إلا إلى هدم العلاقات الإنسانية والتفرقة بين البشر.أن الاعتراف بالغلط وبحقائق الأمور من قبل البشر إتجاه بعضهم البعض يفتح الطريق السليم نحو التسامح وتحقيق العدالة للمظلومين.
لا أعتقد أبدا بأن شخصا ما يملك الحقيقة أومعرفة الحقيقة كاملة بالمطلق,قد ما يكون بالنسبة لي حقيقة مطلقة قد لا تكون حقيقة بالمطلق لدى البعض الأخر, أو أن تكون حقيقة نسبية ولكن لكل شخص له الحرية المطلقة أن يعبر عن معارفه وإدراكه للكون كما يراها وأن يطرح أراءه بكل حرية ويقنع الأخرين بها بالطرق السلمية وأن لا تفرض بقوة السلاح أو التهديد والضغط والخوف.أن الأختلاف بين الأراء والأشخاص لا يحسم بإستخدام العنف والقوة والقتل في أسوأ الاحوال, أو إستخدام الفاظ وكلمات غير لائقة فهذا ليس حوارا متمدنا ولا يعبر بأن صاحبها إنسانا يملك أي مشاعر إتجاه شعور الأخرين و كرامتهم لأن الإنسان الحريص على كرامته لا يتعرض لكرامات الأخرين.
بعد هذه المقدمة الوجيزة سأدخل في صلب الموضوع, قد نشر لنا مقال موسوم بعنوان( القصارى في نكبات النصارى – شاهد عيان , إبادة شعب1) ستجدونه على الرابط أدناه,  في هذه المقالة الجزء الأول منه تم تسليط الضوء على كتاب الأب أسحق أرملة ,1919( القصارى في نكبات النصارى- شاهد عيان) ليطلع عليه أكبر قدر ممكن من القراء الكرام لأهمية هذا الكتاب الذي كتب بواسطة شاهد عيان الذي عاش مجازر الإبادة الجماعية التي تعرض لها المسيحيين بكل إنتماءاتهم المذهبية من أبناء الأمة الآشورية.

" المسيحيون مستهدفون في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في العراق ومصر.وهم يتعرضون إلى هجمات بربرية على يد الطغمة الحاكمة في كيلا الدولتين وأجهزتها الأمنية وميليشياتها القمعية التي تمارس الجرائم بحق الأبرياء من أبناء الوطن. والعمليات الإرهابية التي تنفذها القوى الدينية الإسلامية المتطرفة في هذين البلدين ينسجم تماما مع سياسة التمييز العنصري التي تنتهجه هذه الحكومات المتسلطة على رقاب الشعوب"

وقد رد على هذا المقال الباحث هنري بيدروس كيفا بمقالة تحت عنون( المسيحيون لا يتعرضون لحرب إبادة في شرقنا الحبيب...)

سأحاول الرد الآن وبشكل مختصر جدا قدرالإمكان على جزء مما ورد في مقال الباحث بيدروس كيفا المليء بالتناقضات.

من المؤسف جدا أن يكون شخصا يدعي بأنه باحث ولا يستطيع أن يميز بين الأصل والفرع ويلجأ إلى الإنتقائية بأخذ الكلمات أو جملة يخرجها من سياق الموضوع أو ما هو الجوهر الذي كتب من أجله الموضوع.
أن الموضوع الذي كتبت عنه هو عن مذابح إبادة المسيحيين في الإمبراطورية العثمانية التي ارتكبت منذ سنوات1890 وحتى المذبحة الكبرى التي ارتكبت أثناء الحرب الكونية الأولى وخاصة في عام 1915 وكان هدفنا هو تقديم الفرصة لأكبر عدد ممكن من القراء الكرام ليطلعوا على هذا الكتاب القيم لمن لم يطلع عليه, الذي كتب بواسطة شاهد عيان.

كان تعليق الباحث هنري كيفا بمقال تحت العنوان المذكور أعلاه على ما كتبته بشكل غير علمي ويفتقر إلى الموضوعية وعدم الإنسجام بما طرحه من تناقضات وتشوية للحقلئق وإتهامات باطلة لا تمت إلى الحقيقة بأي شيئ.وكان الرد يتمحور حول النقاط التالية كما
- الموضوع الذي كتب عن المجازر التي تعرض لها المسيحيون في السلطنة العثمانية أستغلها الباحث ورأى فيها  فرصة ثمينة له للتهجم على الآشوريين والآشورية.
- الدفاع عن الأنظمة الاستبدادية في البلدان العربية وخاصة في فترة زمنية حيث الشعوب في هذه البلدان انتفضت ضد حكامها في ثورات شعبية شبابية.ويشهد العديد من الدول العربية ثورات لإزالة حكم الطغيان من السلطة والسعي لبناء مجتمع ديمقراطي مدني يحقق العيش المشترك بسلام بين كافة مكونات المجتمع على قاعدة المساواة بين الجميع بدون تمييز.
-  تزييف وطمس الحقائق التاريخية والحالية,ناكرا بأن يكون المسيحيين يتعرضون لإبادة.
-   إتهامات باطلة وكاذبة لا تمت إلى الحقيقة ضدنا شخصيا.
 -   استخدام ألفاظ وكلمات غيرلائقة برجل يدعي أنه باحث.
في هذه المقالة سنرد على على جزء يسيرمما أورده الباحث ضدنا: يقول"من المضحك المبكي أن هذا الأكاديمي لم يذكر الجريمة النكراء التي تمت في كنيسة سيدة النجاة وذهب ضحيتها أكثر من خمسين شهيد!"
هل يحق لأي شخص أن يطلق إتهامات كاذبة قبل أن يتأكد من الحقائق والحقيقة وخاصة في حال شخص يدعي أنه باحث.أي مصداقية لهكذا باحث عندما ينشر الأكاذيب للقراء الكرام إلا يعتبرهذا عملا غير لائق.وماذا يكون موقفه عندما توضع الحقيقة الدامغة أمامه أم سيصر على التمسك بالأفتراء(عنزة ولو طارة)
نقولها لكي لاتبقى الحقيقة محجوبة في ظلمة الأكاذيب وأعداء الحقيقة.نعم لقد كتبت أيها الباحث عن كنيسة سيدة النجاة ولا ننتظر تعليمات من أحد في الكون أن نكتب في خدمة أجندات الغير. الأملاء الوحيد الذي نرضخ له هو الضمير الحي الإنساني المليء بالمحبة تجاه البشر جميعا بدون إستثناء وكيف لا عندما يكون من تعرض للإبادة جزء لا يتجزء من روحنا ووجداننا وأمتنا حتى وأن لم يروق ذلك للباحث.
خلال الأعوام المنصرمة كتبت عشرات المقالات عن العراق وأوضاعه المأساوية وخاصة ما يتعرض له المسيحيون من أبنا الأمة الآشورية بكل مذاهبهم الكنسية من أبناء الكنيسة السريانية الأورثوذكسية والكلدانية والمشرقية والسريانية الكاثولكية وغيرهم.( وكيف لا العراق وشعب العراق يعيش في وجداننا وألامه هي آلامنا وتاريخه وحضارته هي لنا لكل إنسان شريف في الكون) وهذه المقالات نشرة في العديد من المواقع الألكترونية ولك جملة مما كتبناه وسأضع بعض الروابط لقراءة المقالة كلها . العنوان:"أوقفوا إرهاب الإسلام المتطرف من على المسيحيين في بلاد مابين النهرين!" مجزرة إبادة جماعية جديدة ترتكب بحق المسيحيين الأبرياء في العراق الجريح داخل كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في قلب العاصمة بغداد.في اليوم الأخير والأحد الأخير من شهر أكتوبر في 31 منه واليوم الأخير للحياة الدنيوية للعشرات وبداية حياة أبدية... واستشهد فيها حتى اللحظة حسب الأنباء الأولية خمسين شخصا بين أمرأة...توجه بعد ظهيرة اليوم البارحة ليتعبدوا ربهم رب المجد الحقيقي..." ونشرة هذه المقالة مباشرة في الأول من نوفمبر قبل الظهر يا أيها الباحث أليس لهذا دلائل ومعاني إنسانية قد يصعب على الباحث كيفا أن يفهما لأن لغته وكلامه هو بث روح الكراهية والأحقاد والبغض وهذا ما يؤكده هو بنفسه عندما يقول لم نكتب عن كنيسة سيدة النجاة أنه لم يقصد إلا السوء.
المقالة الثانية في 19نوفمبركتبناها عن كنيسة سيدة النجاة تحت العنوان:"التحالف الغربي الإمبريالي الصهيوني والإسلامي من أجل القضاء على مسيحيي المشرق"على الرابط أدناه المقالة.إذا كان الباحث هنري بيدروس كيفا يجري كل أبحاثة على هذا الشكل من السطحية أو لنقل بدافع الكراهية فأي مصداقية لأبحاثه.( الأعتذار من سمة الناس الراقين عندما يرتكبون خطأ).أني كتبت مقالين وليس صحيحا أني لم أكتب وكنيسة سيدة النجاة والمجزرة التي نفذة فيها تستحق أن يكتب عنها آلاف المقالات. وهل طلبت مرة واحدة من الكاتب الباحث هنري بيدروس كيفا مثلا: لماذا لم يكتب عن إستعادة آرام دمشق للآراميين بواسطة حزب سياسي آرامي يؤسسه من أجل إستيعادة أمجاد آرام دمشق؟

أستخدم الباحث هنري كيفا تعابير وكلمات غير لائقة حسب ما ينسجم مع ذوقه ولصق بنا إتهامات  لكي ينال رضى نفسه و يحافظ على طبيعة الخلق التي يتحلى بها.وهنا بعض ما قاله "بعض الكتاب المغامرين والمدعين بالتسمية الأشورية"..."رجال الدين المسيحيين ورغم تعرضهم لكثير من الجرائم الشنيعة يحاولون وصف هذه المأسي والمضايقات بكلمات دقيقة لأنهم يعرفون أن مفتعلي هذه الجرائم هم مجموعات صغيرة  لا تمثل شيئا...تعابير متطرفة...هذا الأكاديمي المغامر ... لايوجد خطط مدبرة لإبادة المسيحيين ولا يوجد حكومات ضالعة أو مؤيدة للعمليات الإجرامية التي تعرض لها بعض المسيحيين! نحن لا نستغرب من صاحب هذا المقال المتطرف أن يردد هذه العبارات بدون أن يدرك خطورتها..."

أولا: هل يحق لشخص ما أوجهة رسمية حكومية أن تطلق على أصاحب الرأي المخالف بأنهم مغامرين ومتطرفين.وهل الأختلاف في الرأي يستدعي كل هذه الحدة, أليس هذا دليل تخلف فكري, ثقافي.

ثانيا:كل من يؤمن بأن المسيحيين يتعرضون لجرائم إبادة( ولم أقل حرب إبادة) إذاُّ تنطبق عليهم الصفات التي أطلقها علينا الباحث كيفا ... هنا أشكر الرب من كل قلبي لست وحيدا وهناك العشرات أن لم نقل المئات من  الكتاب والمثقفين والمفكرين المسيحيين من بلدان الشرق الأوسط والمؤسسات الثقافية ورجال دين إضافة إلى غالبية المسيحيين.وسأورد بعض الأمثلة فقط , لأن سرد الجميع سيكون صعبا جدا لكثرتها.

  البيان الصحفي(أوقفوا إبادة المسيحيين في العراق) الصادر في السويد في الرابع عشر من نوفمبر عن 36 مؤسسة ثقافية وأعلامية و كنسية و سياسية واتحادات ورابطات نسائية وشبابية وأندية مسيحية آشورية سريانية ,كلدانية, آرامية والحركة المندائية. وحسب تقييم الباحث أن جميع هذه المؤسسات التي تقروتطالب بإيقاف مجازر إبادة المسيحيين في العراق.(لنقف في وجه إبادة مسيحيي العراق) هل هي مجرد تهم كاذبة ومتطرفة ومغامرة!!!؟؟؟ ومن هذا المنطلق حسب الباحث هنري بيدروس كيفا وليس حسب رأي بأن النائب البطريركي مار بنيامين أتاش والتنظيمات الآرامية الثقافية والأعلامية التي شاركت في صياغة هذا البيان هي تنظيمات متطرفة ومغامرة لأنها تقر بوجود إبادة للمسيحيين في العراق.ومن هذا المنطلق حسب رأي الباحث كيفا بأن"رجال الدين المسيحيين ورغم تعرضهم لكثير من الجرائم الشنيعة يحاولون وصف هذه المأسي والمضايقات بكلمات دقيقة..."فإذا ليس كل رجال الدين دقيقين.وما قاله الباحث بحقنا ينطبق على هؤلاء أيضا.والسؤال الذي يطرح نفسه على المؤسسات الآرامية ورجال الدين المحسوبين على هذا الصف, هل الباحث الداعية الآرامي هو مع التنظيمات الآرامية أم مع أنظمة الحكم الاستبدادية والارهابية التي تنفذ جرائم إبادة المسيحيين وكما ورد في مقالتي في العراق ومصر.
وكذلك المؤسسات المذكورة بتسمياتها أعلاه للمسيحيين وغيرها من بلدان الشرق الأوسط من هولندا والمانيا وبلجيكا وسويسرى وغيرها نظموا تظاهرة أمام مقر الاتحاد الاوربي في بروكسل تنديدا بمجزرة سيدة النجاة وطالبوا بحماية المسيحيين وإيقاف مجازر إبادة المسيحيين في العراق.
رئيس أساقفة السريان الكاثوليك: الحكومة لا تفعل شيْا لحمايتنا" وكالة( أجي) نقلا عن عنكاوا كوم 11|11| 2010
فرانتيني وزير الخارجية الايطالي: ايطاليا ستقدم مشروع قرار للأمم المتحدة لحماية المسيحيين(15 نوفمبر 2010,( آكي )الايطالية للأنباء نقلا عن عنكاوا كوم.
مجلس الامن الدولي يعتبر الاعتداءات على المسيحيين في العراق مروعة , قال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة جيرار ارو ان ثمة "ارادة متعمدة في القضاء على الطائفة المسيحية في العراق من جانب المتطرفين"الدفاع عن مسيحيي العراق ليس مطلبا اخلاقيا فحسب بل هو ضرورة سياسية".نقلا عن الأخبار السويسرية11|11|2010
المئات من ابناء شعبنا في ايران يخرجون بمظاهرة غاضبة امام مكتب الأمم المتحدة في طهران"رفع المتظاهرون لافتات احتجاجية كتبت عليها بالفارسية وانكليزية:اوقفوا الارهاب ضد الآشوريين المسيحيين العراق"نقلا عن عنكاوا كوم|16|2010.11
بطريرك السريان الكاثوليك يدعوا المجتمع الدولي غلى ضمان سلامة مسيحيي العراق 30 نوفمبر 2010 نقلا عن عنكاوا كوم
المونسنيور القس موسى طلب تدخل الأمم المتحدة للدفاع عن المسيحيين...وأضاف " أن بعض السياسيين متورطين في أعمال الإرهابيين, وتحصل عمليات قتل باسم أحزاب سياسية" وأضاف لم تتخذ الحكومة أي إجراء قانوني ضد من قتل المسيحيين" روما7 مايو  2010 زنيت اورغ
اللجنة الاسقفية لوسائل الإعلام تدعوا إلى يوم تضامني مع مسيحيي العراق, صليب العراق ينزف فمتى القيامة؟ ندوة صحفية المركز الكاثوليكي للإعلام( زنيت اورغ) جل الديب الثلاثاء 2مارس 2010
 كلمة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان ...رسالة موجهة إلى نوري المالكي رئيس وزراء العراق "إنهم يقتلون ويذبحون وينكل بهم, في الشوارع والمدارس وحتى في البيوت,لا لسبب سوى انتمائهم إلى ديانة تختلف عن الأكثرية القاطنة في تلك المدينة.(الموصل) والأنكى ان لا من سائل عن العدالة والحق, ولا من يعاقب المعتدين...وطالب بأن يعطى السلاح للمستهدفين الأبرياء للدفاع عن أنفسهم.
المطران ميشال قصارجي" نحن هنا لأن الكنيسة في لبنان كانت ولم تزل وستبقى منبر الحريات, لأننا نؤمن بأن المسيح جاء ليحرر الإنسان من العبودية والقلق" والخوف"...لماذا يدفع المسيحيون في العراق ثمن حروب الأخرين...لماذا الأمم والدول والحكومة العراقية لاتبادرالى التحرك الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أهلنا وشعبنا في العراق من مذابح تقشعر لها الأبدان؟" هل أصبح المسيحيون أهل ذمة, وهل الكل متواطىء لتهجير المسيحيين في العراق؟ ومن المسؤول؟ وهل صحيح بأن المجرمين والقتلة والإرهاب ضد المسيحيين يأتون من كوكب أخر؟أسأل الإسلام أين هم من هذه الأصولية المجرمة التي تدك الكنائس وتذبح المؤمنين, وقتل الكهنة والأساقفة وتخطف العزل وتهجر والكل يتفرج؟ "

السيد حبيب افرام... , على مرأى ومسمع من الدنيا الملتهبة بأخبار التفاهات, يقتلع الشعب المسيحي السرياني الآشوري الكلداني من أرضه في الرافدين في إبادة ممنهجة...الحكومة مسؤولة عن كل نقطة دم ...هل معقول انه لم يلق القبض على أي ارهابي ضد المسيحيين؟ هل معقول ألا تقول الحكومة من هم وراء هذه الأعمال؟

البطريرك مار اغناطيوس زكا الأول عيواص الأرثوذكسي :" هناك مؤامرة لتفريغ العراق من المسيحيين ونشك في نية الحكام والمسؤولين" زنيت اورغ دمشق الثلاثاء 2 مارس 2010

سأكتفي بهذا القدر من تقديم الأدلة من رجال الدين من مختلف كنائس المسيحين في بلدان الشرق الأوسط عسى ولعل أن يستفيد منها الباحث هنري بيدروس كيفا ويقدم أعتذارا شخصيا لي على إتهماته الباطلة وإدعاءه الغير الصحيح , وتقديم الأعتذار لكل المؤسسات الكنسية بمختلف تسمياتها المذهبية وكافة المؤسسات الثقافية والسياسية والأتحادات والاندية والمؤسسات الأعلامية على أتهماته الباطلة حتى وأن لم يسميها بالأسم.أتمنى بأن يتحلى الباحث هنري كيفا بشىء من الجرأة ويعترف بأخطاءه. وألانضمام إلى صفوف رجال الدين والسياسيين والشخصيات المستقلة وعامة الشعب الذين يقرون بوجود  جرائم إبادة ترتكب ضد المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط.أن غالبية المؤسسات الكنسية المسيحية في بلدان الشرق  والتنظيمات السياسية والثقافية وكثيرمن منظمات حقوقي الانسان ورءساء دول أكدوا على أهمية التدخل الدولي لحماية المسيحيين وهذا الكلام له دلالاات عميقة.ونذكر منها واحدة بخصوص مصر"بطريركية موسكو تدعوالمجتمع الدوليإلى التدخل لحماية المسيحيين في مصر,زنيت.اورغ 12 مايو 2011.ولمعرفة المزيد على الباحث أن يستخدم غوغل لمعرفة ما تم ويجري اليوم  ضد الأقباط. ليعرف ما هي إبادة شعب.وليطلع على أصحاب الرأي في الشأن القبطي من منظمات حقوقية وأفراد وأسم واحد فقط لتسهيل الأمر" مجدي خليل"الناشط والمفكر القبطي.

14|5|2011


http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,479836.0.html
http://www.zenit.org/article-8088?l=arabic
http://www.ahewar.org/m.asp?i=2095
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,479836.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,458705.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,453778.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=487292.0

119
الذكرى 96 لمجازر إبادة المسيحيين في الامبراطورية العثمانية

د.جميل حنا   

في 24من نيسان من كل عام ذكرى ملايين الشهداء من المسيحيين الذين أزهقت أرواحهم بأبشع الأساليب على يد السلطات العثمانية وقوى العشائر الكردية المتحالفة معها ابان الحرب العالمية الأولى.في هذه الأيام يحيي أبناء الشعب الآشوري والأرمني واليوناني وكافة مؤسساتهم الدينية والثقافية والسياسية ذكرى هؤلاء الشهداء الذين وهبوا حياتهم من اجل الحفاظ على إنتماءهم العقائدي الديني وهويتهم القومية.
يقف ابناء هذه الشعوب مندهشين أمام هول المأساة الفظيعة التي حلت بهم,ينظرون إلى حاضرهم المتخم بألام الماضي والمأسي الكثيرة.الأجيال الحالية وهذا الحاضر يقف مذهولا يلقي نظرة عتاب ولعنة على تلك الأحداث المأساوية. الزمن يسيروأمور كثيرة لم تتبدل جوهريا في تلك البقعة التي ارتكبت فيها المجازر,حتى الآن الدولة التركية لا تعترف  بتلك المجازر.وكلما مر الزمن أصبحت ذكرى شهداء الإبادة أكثرحيوية في الذاكرى الجماعية لأبناء هذه الشعوب.
قوافل الشهداء سطروا التاريخ بدمائهم من أجل أمتهم,هؤلاء الشهداء رموز الأمة وضميرها الحي الذي منه ينهل قوة الصمود والتحدي من أجل البقاء.
تاريخ مجازر إبادة الشعب الآشوري يمتد إلى قرون طويلة من الزمن,قوافل الشهداء جذورهم في أعماق التاريخ والأرض عميقة.هؤلاء الشهداء كانوا رموزالصمود والتفاني والتضحية بالنفس من أجل الحفاظ على استمرارية بني قومهم ودينهم.وكانت هذه الملاحم الأسطورية في الشهادة يمنح الناجين من المذابح على تجاوز المحن الأليمة. وكانت هذه أحدى أبرز السمات التي تمتع بها الإنسان الآشوري وإظهار قدراته على إعادة بناء الذات الجريحة بفعل الغدر من خلال التمسك بإنتماءه إلى جذور وأصالة هويته القومية والتمسك بأرضه التاريخية.هذا الالتزام الذي أمتزج بعقيدتة الدينية خلال قرون طويلة فأصبح التمسك والتضحية من أجلهم لا ينفصلان بعضهم عن بعض.وذلك بسبب عدم وجود سلطة سياسية أو كيان دولة مستقلة يحكم الشعب في إطارها وذلك منذ سقوط نينوى 612 ق.م وبابل 539ق.م. وهذا التداخل كان له تأثيرا كبيراعلى مجمل تاريخ وسلوكية الإنسان الآشوري سلبا وإيجابا.

كانت معظم المجازر التي تعرض لها الآشوريون هي بسبب الغزوات الخارجية التي أرتكبتها القوى الغازية في بلاد مابين النهرين وبلاد الشام مثل قبائل البدو القادمة من الجزيرة العربية وكذلك القبائل التترية المغولية والعثمانية والكردية القادمة من بلاد فارس ومنغوليا.
أن أفظع المجازرالتي تعيش في الذاكرى الجماعية لعموم الآشوريين المسيحيين بإنتماءاتهم الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية الأرثوذكسية والمشرقية وغيرهم ,هي تلك التي ارتكبت خلال مايقاب القرنين الماضيين وخاصة المذبحة الكبرى في أعوام الحرب الكونية الأولى بين أعوام 1914_1918 في السلطنة العثمانية وذهب ضحيتها أكثر من نصف مليون إنسان.

الشعب الآشوري يحًمل مسؤولية مجازر التطهير العرقي الجماعي التي نفذت بحقه في تلك الفترة التاريخية العصيبة على السلطات العثمانية وقوى العشائر الرجعية الكردية المتحالفة معها والمشحونة بالتعصب الديني. هذه المذابح التي نفذت تحت إشراف السلطات العثمانية بقيادة حزب الاتحاد والترقي.هذا الحزب الذي أستولى على السلطة في ثورة 1908 التي كانت شعاراته تلبى مطالب كافة الشعوب في الأمبراطورية, المساواة والعدالة والأخوة,وكان من الطبيعي أن يلقى وقوف الشعوب في السلطنة إلى جانب الثورة التركية البرجوازية(تركيا الفتاة)لأنها طرحت حل المسألة القومية بواسطة تأسيس مقاطعات ذات حكم ذاتي ومن أجل لا مركزية للامبراطورية العثمانية.

ولكن لم يمضي إلا وقت قصير من الزمن حتى أعلن الاتراك الفتيان عن سياسة التتريك الشوفينية,أي توحيد جميع الشعوب التركية تحت قيادة تركيا. ولذلك رأت القيادة التركية حل المسألة القومية عن طريق الإبادة الجسدية للشعوب المسيحية أو الأسلمة.
وكما يذكر بأن الدكتور ناظم منظر الحزب واحد اقطاب السياسيين الأتراك الشبان بقوله:" لويقف المحرضون من صوفيا وأثينا عن التدخل في شؤوننا عندها ستحقق الحرية الحقيقية وحينها سيرى الجميع كيف سنذوب بسهولة جميع اليونانيين والعرب والالبان ونصنع منهم شعبا واحدا ذو لغة ام واحدة"(كابيدولين- ثورة تركيا الفتاة,1939). وأضاف في احدى أجتماعات هذا الحزب "أريد بان يعيش على هذه الأرض التركية,فقط التركي ويسيطر دون منازع,فليغب جميع العناصر الغير التركية من أية قومية أو دين كانوا, يجب تنظيف بلادنا من العناصر غير التركية" (البرفسور م.إ. فيرسيسيان,يريفان,1966- مذابح الأرمن في الأمبراطورية العثمانية مجموعة وثائق ومواد)

وأكد على قوله هذا زميله القيادي في الحزب شاكر الذي اعتبر(انه في ثقافتنا القومية يمكن ان نسمح بازدهار للبذور التركية فقط. نحن ملزمون بتنظيف وطننا من جميع الشعوب غيرالقريبة المتبقية واقتلاعهم من جذورهم كما تقتلع الاعشاب الضارة ,هذا هو هدف وشعار ثورتنا)

ومن ذات المصدر صرح انور احد الحكام الثلاثة القائدين للبلاد بقوله "انا غير ناوي فيما بعد على تحمل المسيحيين في تركيا"( وبعد فترة من ذلك أي في صيف 1915)اعلن وزير الداخلية طلعت عن نوايا الباب العالي: "باستغلال الحرب العالمية من أجل التخلص نهائيا من اعداء الداخليين الذين هم ( المسيحيين المحليين)كون ذلك لا يستدعي حينئذ تدخلا دبلوماسيا من الخارج"

وإنطلاقا من هذه الأفكار الفاشية والسياسة العنصرية ضد المسيحيين بدأ التحضير المدروس ووضع الخطط المنظمة بدقة تامة بإبادة المسيحيين في السلطنة العثمانية بما في ذلك الشعب الآشوري أصحاب الأرض الحقيقيين الساكنين في تلك البقعة من الارض قبل آلاف السنين قبل الميلاد.
وأتخذ من إندلاع الحرب الكونية الأولى التي كانت تركيا أحدى أطرافه الرئيسيين بناء على أساس اتفاقية  التحالف المبرمة بينها وبين ألمانيا في 2 آب وبعد ذلك بيومين أنطلقت العمليات الحربية في الساحة الآوربية. وحتى قبل إنطلاق الحرب الكونية الأولى منذ صيف عام 1914 بدأ غزو القرى الآشورية من قبل الأتراك والاكراد, بقرة خاتون في مقاطعة قارص وأعدموا جميع رجالها الذين حاولوا النجاة غير انهم قطعوهم بسيوفهم, وفي منطقة آلباق تم سلب القرى وفرمن أستطاع .وانطلاقا من أن الاتراك والاكراد بدأوا غزو الآشوريين غير المعلن مسبقا,فقد اعلمت وزارة الخارجية الروسية سفيرها في طهران في 27تموز 1914م.بان انتفاضة الآشوريين تعتبر مطلوبة الآن, وان وزارة الحربية ستسلح الآشوريين في حال استمرار الاجراءت العدوانية التركية(المائدة الفارسية, وارشيف الياسة الخارجية الروسية.ف."ديوان وزارة الخارجية"الارشيف السياسي," المكتب الفارسي" المكتب التركي" لأعوام 1912-1914.

وأمتد سعير الحرب وألتهمت نيرانها الممتلكات ودمرت كافة مرافق الحياة الزراعية والسكنية والاجتماعية وأزهقت الارواح في كل مكان بدأ من أورمية ومناطق بحيرة وان وهكاري وطور عابدين وآميد(ديار بكر) وماردين , وأنطاكية. وفي ربيع وصيف عام 1915 كان ابناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية يتعرضون إلى أبشع حملة إبادة عرقية على يد العثمانيين والعشائر الرجعية الكردية المتحالفة معها.ونتيجة هذه المجزرة الرهيبة تم قتل الغالبية الساحقة من المسيحيين وكما يقول الباحث والكاتب التركي(وبحسب الأحصاء التركي الرسمي لعام 1913 كان عدد سكان تركيا الحالية ستة عشر مليون ونصف من بينهم أكثر من أربعة ملايين مسيحي منهم مليون من أبناء الشعب الآشوري بمذاهبهم المختلفة. واما حاليا فأن عدد سكان تركيا البالغ ثمانون مليون تقريبا فلا يوجد سوى مائة ألف مسيحي بدلا من أن يكون على أقل تقدير حسب نسب الزيادة الطبيعية أكثر من عشرين مليونامقارنة مع العدد الأجمالي لسكان تركيا حاليا).ويضيف الكاتب(لا يوجد في جنوب شرق تركيا المناطق الأساسية لمناطق سكن الشعب الآشوري بدأ من بحيرة وان وهكاري وطور عابدين وآميد(ديار بكر)وأنطاكية سوى بضعة آلاف. لقد تم إبادة أكثر من ستمائة وخمسون ألف منهم أثناء الحرب الكونية الأولى).

وهذه القلة القليلة لا تجد أطمئنان لها في تركيا الحالية في ظل حكم المسلمين المعتدلين من حزب العدالة والتنمية التركي الواقفين على عتبة باب آوربا للدخول في عضوية اتحاد الدول الأوربية. حيث يتعرض دير مار كبريئيل للسريان الأرثوذكس في طور عابدين إلى حملة شرسة للأستيلاء على أملاكها واستمرار التهديد وممارسة الرعب على ساكنيها من الرهبان ورجال الدين وبعض الطلبة وكل ذلك يتم بالتعاون والتنسيق الكامل مع بعض رجال العشائرالكردية المتحالفة مع حزب أردوغان رئيس وزراء تركيا المعتدل الأسلامي الديمقراطي!!!؟؟؟ دير مار كبريئل يعد صرحا دينيا وثقافيا وعمرانيا على المستوى العالمي.لقد شيد الدير منذ أكثر من 1700عام وتحديدا في عام 397 م أي قبل الاسلام بقرون وقبل احتلال العثمانيين لتلك الأرض بأكثر من ألف عام .
وبهذه المناسبة الأليمة نطالب الحكومة التركية بالكف عن ممارسة اضطهاد المسيحيين في تركيا عمليا وليس بالأقوال والأعلام والتصاريح والتقارير المقدمة إلى أوربا والعالم.إيقاف ممارسة الارهاب النفسي وسلب اراضي الدير وممتلكات المسيحيين الذين فروا من القتل.كما نطالب تركيا الاعتراف بالمجازر التي ارتكبتها السلطات العثمانية التركية خلال أعوم الحرب العالمية الأولي ولأن مجازر الإبادة العرقية الجماعية لا تزول بالتقادم حسب المواثيق الدولية.
الذكرى السادسة والتسعون في الرابع والعشرون من نيسان لمجازر الإبادة العرقية الجماعية يصادف عيد القيامة المجيد للمسيحيين في كافة العالم. بهذه المناسبة نتمنى أعياد سعيدة للجميع في عالم خال من الحروب والعيش في عالم يسودة السلام بين كافة شعوب العالم والتحرر من الظلم والاستبداد. ونتمنى بأن تكون مناسبة هذا العام بداية قيامة الشعب الآشوري بكل تسمياتهم ومذاهبهم الكنسية من تحت نير التفرقة والتشرزم, وتوحيد صفوفهم من أجل البقاء وحماية كيانهم من الأنصهار في أوطانهم وخاصة في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام والشرق الأوسط عامة.

المصدر: والأقتباسات:
1-الآشوريون والمسألة الآشورية في العصر الحديث _ ق.ب. ماتفييف(بارمتي) ترجمة:ح.د.آ
2- الكاتب والباحث كمال يالجين ومذابح إبادة المسيحيين في الإمبراطورية العثمانية,د. جميل حنا

يوم الجمعة العظيمة, 22 نيسان2011





120
القصارى في نكبات النصارى – شاهد عيان
2 إبادة شعب-

د.جميل حنا
ان إرتكاب مجازر الإبادة العرقية الجماعية ضد أي شعب من شعوب العالم له عواقب كارثية على كيان ذلك الشعب.ليس فقط من الناحية الجسدية بقتل الأبرياء وتحطيم الحياة الإجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية وهي الأفظع بالطبع,بل وأيضا التأثيرعلى الناحية النفسية والسلوكية على الناجين من هذه المجازرونقل معاناتهم  ومشاهداتهم الأليمة إلى الأجيال شفهيا وهي الأكثر شيوعا أوكتابيا بواسطة قلة قليلة ناجية ولها المقدرة على ذلك.والكاتب الذي نحن بصدده الآب المرحوم إسحق أرملة واحد من هؤلاء الكتاب النادرين الذين نجوا و أرخ حقبة المذابح الرهيبة التي أرتكبت في منطقة جغرافية محددة في آميد(ديار بكر)وقرى طور عابدين الواقعة حاليا في جنوب شرق تركيا.وكان كتاب القصارى في نكبات النصارى الصادرفي عام 1919 باكورة الكتب التي وثقت جزء من تلك المجازرالمؤثرة على نفسية أبناء الأمة الآشورية بكل إنتماءاتها الكنسية المختلفة.
في الجزء الأول تناولنا نكبات سنة 1895التي تعرض لها الشعب المسيحي في الإمبراطورية العثمانية.وفي هذا الجزء سنقدم شيئا بسيطا من مشاهدات مؤلف الكتاب الأب إسحق أرملة عن مذابح 1915.كان لإنطلاق العمليات الحربية في الرابع من آب عام 1914 بين ألمانيا وحلفائها الدولة العثمانية والنمسا والمجر وبلجيكا وبين بريطانيا وفرنسا وروسيا وصربيا وانضمام أمريكا لهم في المراحل المتقدمة من الحرب, التي استمرت حتى11 تشرين الثاني 1918تأثيرا كارثيا على المسيحيين بكل إنتماءاتهم القومية والكنسية المختلفة الواقعة تحت السيطرة العثمانية.هذه المجازر التي أرتكبت أثناء فترة الحرب سجلت بداية منعطف تاريخي مأساوي بشكل خاص على كيان الشعب الآشوري المسيحي بكل مكوناتهم الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والمشرقية والآخرين.إندلاع الحرب  بسبب الصراع الذي كان محتدما بين الدول الآوربية لبسط الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على منطقة الشرق الآوسط والطرق المؤدية إلى الهند.أرتأ قادة حزب الاتحاد والترقي العثماني  بأن الفرصة مؤاتية  لهم بتنفيذ قراراتهم المتخذة منذ سنوات قبل إندلاع الحرب بالقضاء على المكونات الإثنية غيرالتركية من المسيحيين.وأستغلت ظروف إشتعال نيران الحرب ذريعة لإرتكاب مجازر إبادة ضد المسيحيين.وحسب بعض التقديرات سقط  ما يقارب ثلاثة ملايين من الأرمن واليونان والآشوريين.هذه الحرب التي أمتد لهيبها إثرحادثة إغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرديناند فرنس وزوجته من قبل طالب صربي أثناء زيارتهما لسرييفو.لم يكن للمسيحيين في الدولة العثمانية أي دورلا في عملية الإغتيال ولا في الصراع القائم على المصالح أنذاك بين الدول المشاركة في الحرب.ومع ذلك تعرض المسيحيون جميعا في الدولة العثمانية إلى أفظع مجازر إبادة عرقية جماعية منظمة تنفذها السلطات العثمانية بالتعاون مع القوى الرجعية العشائرية الدينة المتعصبة الكردية الحليفة معها.
وما أشبه اليوم بالبارحة مايحدث في العراق منذ الاحتلال الأمريكي في عام 2003 للمسيحيين الذين لم يكن لهم أي دور في الصراع بين مختلف القوى العالمية والمحلية في تلك المنطقة .ولكن الشعب المسيحي هو الأكثر المتضررين والمهجرين والمضطهدين والمهددين من قبل أطراف عديدة سواء من اطراف أوشخصيات مشاركة في السلطة و القوى الارهابية.

في الجزءالثاني من كتاب "القصارى في نكبات النصارى- شاهد عيان"  يتطرق الأب  إسحق أرملة الشاهد على هذه الفظائع التي ارتكبت بحق المسيحيين أثناء الحرب العالمية الأولى.نكبات الحرب العامة منذ اشهارها حتى حزيران 1915 بدأ الهجوم على البيوت والكنائس وتفتيشها ونبشوا الأضرحة بحثا عن السلاح والفارين التي لم يعثروا على أي شيء. ويذكر الكاتب(وفي الاحدالتالي التاسع من أيار أحضر شرذمة من الجنود القس حنا شوحا الكلداني من نصيبين مدعين انه اخفى عنده بعض الفارين.وعند الظهيرة ألقوا طوقا حديديا برقبته واستاقوه في الجادة العمومية في هرج ومرج اذ كان الاعلاج يتبعونه ويقذفونه بالحجاره ويذرون التراب على هامته.وافضت بهم اللآئمة ان القوا برقبته لفائف الدخان وهي مشتعلة لزيدوه أذى وعذابا.وما برحوا يجرعونه اكواب الشتم والسب والهزء حتى وصلوا به الى باب البلد الغربي فعاد الاعلاج الاوغاد الى بيوتهم وسار الاب المظلوم في جماعة من الجند الى ديار بكر ليحاكمه رشيد الوالي....ما ان وضع قدميه بمدينة ديار بكر جرثومة الشرور حتى لقيه الانذال... والقوا جلجلا في رقبته تأسيا بالحاكم ابن العزيز العلوي صاحب مصر في اواخر القرن العاشر فانه على ما اورد ابن العبري في تاريخه المدني السرياني امر المنادين ان ينادوا من لم يدن بالاسلامية يرذل ويحتقر ويعلق في عنقه خشبة كالصليب وزنها اربعة ارطال بغدادية. واذا دخل الحمام وجب ان يعلقوا في عنقه جلاجل ليتميز من المسلمين.غير ان اوباش ديار بكر سودت وجوههم ما اكتفوا بذلك كله بل لطخوا لحية الأب الموما اليه الاقذار وقذفوا عليه الاوساخ حتى بلغوا به توا الى اعماق السجن وهناك افحشوا في ضربه وتعذيبه حتى فاضت روحه بيد خالقه.

وفي الخامس عشر من آيار اوفد رشيد بك والي ديار بكر احدى اصديقائه الى ماردين وأجتمع بالوجهاء وابلغهم مكنونات الوالي الشريرة" قد ان الاوان لانقاذ تركيا من اعدائها الوطنيين اعني المسيحيين"وظل هؤلاء الوجهاء مجتمعين يتحيلون على اخذ النفوس والفلوس حتى 24 ايارفانتجت فكرتهم ان يوفدا المنادي ينادي في شوارع البلد ويقول "يلزم على النصارى عموما ان ينقلوا(يسلموا)ماعندهم من البواريد في مدة اربع وعشرين ساعة الى مقام القومندان العسكري"وكانوا يعرفون حق المعرفة ان اغلب النصارى انلم نقل كلهم لا يقنون مثل تلك البضائع او ان وجد عند نفر منهم شيء منها فليس بذات اهمية).
ويذكر الكاتب كيف قام احد هم في 23 ايار بجلب الفتى عيسى بن قريو الى بستانه وربطه الى شجرة وقضى...وجذع انفه واخذ يبتر بقية جوارحه...ودعا جميع المقيمين في البستان لينعموا ناظرهم بذلك المشهد الوحشي فوقفوا يتفرجون وهو يمازحهم امام مشهد يفتت الصخور ثم شرع ثانية يقصب فريسته على مرأى منهم فيقطع بخنجره اوصاله ويبضع لحمانه حتى فاضت روح ذلك الفتى المسكين من بعد ان ذاق الوان العذاب.
مذبحة القافلة الاولى , سار المسيحيين موثقين اربعة اربعة وخمسة خمسة وكان القسان والمطران مربوطين اخر الجميع والجنود محيطين بهم مدججون بالاسلحة...اما المسيحيين فكانت قواهم خائرة وعزائمهم واهنة لشديد ما كابدوا من السغب والغوب اثناء اقامتهم في السجن فتعذر عليهم الاسراع في المشي....وما تبلج ضوء الصبح حتى يفرزون الشيوخ والعاجزين وينحونهم عن البقية...ويقتلونهم ويعودون ثم يؤخذ غيرهم اشرعوا فيهم السيوف والخناجر وعروهم وقصبوهم ... والقوا جثثهم في بئر...وهكذا كان يفرز منهم مجموعات وتعرض عليهم الأسلمة وبما أنهم لم يقبلوا ذلك كانوا يقتلون بأبشع الاساليب.على هذا االأسلوب قضى على هؤلاء الأربعمائة والسبعة عشر شهيدا في قنن الجبال وبطون الوديان كشهداء النصرانية الأولين...تم استشهادهم في العاشر والحادي عشر من حزيران 1915 .

وهكذا استمر القتلة الأوغاد بسوق قوافل المسيحيين خارج المدن الى البراري والجبال والوديان  ويجردونهم من ملابسهم وكل ما يملكونه ويتم التمثيل بهم بأبشع الطرق وتعذيبهم حتى الموت ومن ثم يلقون في الوديان والأبار أو يتركونهم على قارعة الدروب.
قافلات النساء القادمات من ديار بكر5-15تموز, ومنذ خامس من تموز اخذت قوافل النساء         والاولاد تتوارد من ديار بكر ونواحيها طبقا بعد طبق فكان اعداء النصرانية يبادرون مسرعين وينتقون الحسان من فتيات وفتيان ويخطفونهم ويمضون بهم الى بيوتهم ويذهبون بالبقية الى دارا ونواحي ويران شهر وراس العين فيعرونهم ويذبحونهم ويلقون الجثث في المغاور والابار ويحتوون على الاسلاب من الحلي والثياب ويعودون.وفي الختام نورد مثلا واحدا على القوة التدميرية التي ابادة المسيحيين في( آميد)ديار بكر وتبين للقارىء ما جرى لأصحاب الأرض الحقيقيين الذين سكنوا تلك البقعة من الأرض أكثر من ستة آلاف عام.كان عدد سكان ديار بكرخمسة وثلاثين ألف نسمة في آواخر القرن التاسع عشر أي قبل ارتكاب مذابح 1895,اما الأن فأن عدد المسيحيين لا يتعدا بضع مئات. هكـذا تم إبادة شعب والعالم مازال صامت أمام تلك المجازرالرهيبة التي ارتكبت أثناء الحرب الكونية الأولى ولم يعترف بتلك المذابح سوى البرلمان السويدي منذ أكثر من عام. وبكل أسف شديد نقول أن عمليات إبادة واضطهاد المسيحيين مستمرة في العديد من بلدان الشرق الاوسط وبأساليب مختلفة لإنهاء كيانه القومي والديني تطرقنا إلى هذه الأمورفي مقالاتنا السابقة.أن سياسة التمييز العنصري الديني والقومي, والدساتير التي تكرس التفرقة بين الناس وحق المواطنة على اساس الدين والقومية الأكثر عددا,إنها تهدف القضاء على من هم أقل عددا من أبناء الأديان والإثنيات العرقية في المجتمع.
                                                                                 
المصدر:
القصارى في نكبات النصارى . شاهد عيان . الآب إسحق أرملة.
الذات الجريحة "إشكالات الهوية في العراق والعالم العربي الشرقاني للباحث العراقي سليم مطر.
13.04-2011


121
النظام السوري أمام إستحقاقات الإصلاح أم التغيير !؟ 
                     

د.جميل حنا

رياح الثورة هبت من المغرب العربي وتحديدا من تونس فأسقطت أولا الديكتاتور زين العابدين. وأتجهت نحو الشرق إلى أرض الكنانة مصر, وأسقطت ثانيا الديكتاتور مبارك رئيس أكبر دولة عربية في ساحة التحرير.والثورة مشتعلة في ليبيا ضد الطاغية معمر القذافي الذي أستخدم كل أنواع الأسلحة من قصف جوي وبالصواريخ والمدافع والدبابات ضد شعبه.مما أستدعى الوضع المأساوي لتدخل دولي للحد من إرتكاب مزيد من الجرائم بحق المواطنين العزل.فرياح الثورة تجتاح كل المنطقة تنتقل من الدول العربية في القارة الأفريقية إلى الدول العربية في القارة الأسيوية لا تستطيع حدود جغرافية طبيعية وتضاريسها ولا حدود مصطنعة أن تكون عائقا أمام تقدمها. ولم تستطع كل الأجهزة الأمنية العسكرية والمدنية المدججة بالسلاح أن تقف عائقا أمام أندلاع الثورات والمظاهرات الإحتجاجية في السعودية والأردن والخليج وخاصة في البحرين واليمن. حيث يستخدم الديكتاتورعلي عبد الله صالح السلاح الحي ضد المواطنين الذين يطالبون برحيله من على رأس السلطة في البلاد.ورياح الثورة يهب على الربوع السورية من بوابتها الجنوبية درعا تطالب بالإصلاح إلاأن الأجهزة الأمنية قمعت المتظاهرين بالسلاح. وسقط عددا من الشهداء وأعتقل عدد غير معروف حتى الآن من المواطنين. رياح الثورات في العديد من البلدان العربية أحدث تصدع في حاجز الخوف هنا وهناك. وهذا التصدع سينهار كليا مع مرور الزمن حيث وقفت الجماهير بصمت أمام هذا الجدارعلى مدى العقود الطويلة تتحمل الاضطهاد وعذاب السجون والحرمان والملاحقة والظلم والإهانة.
خرجت أعداد غفيرة من أبناء الشعب السوري في بعض المدن السورية بمظاهرات سلمية تطالب النظام بإجراء إصلاحات جدية. وأن موقف غالبية الجماهير والكثير من مؤسسات المجتمع المدني وقوى سياسية وطنية لا تسعى إلا لإجراء إصلاحات حقيقية وبدون مماطلة.هذه القوى تنطلق بمواقفها هذه من حرصها على سلامة الأوضاع في الوطن.وهذا الموقف السليم يتطلب وقفة مماثلة من النظام والأقدام على إجراء إصلاحات سياسية وأقتصادية كبيرة. يحقق تقسيما عادلا للثروة الوطنية على أبناء الشعب السوري ومشاركة سياسية حقيقية لكل القوى الوطنية في إدارة الوطن عبر إنتخابات ديمقراطية حرة.إن الإستجابة لمطالب الجماهير المتظاهره سلميا هي ضرورة وطنية, يجنب الجميع خسائر جسيمة, وأولها التصدع في الوحدة الإجتماعية. التي ستكون مخاطرها كبيرة على الوطن ونتائجها وخيمة, لا يرغب بها المخلصين لوطنهم.إن الصمت وعدم الإصغاء إلى مطالب الجماهير, والاستهتار بكل القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني من قبل النظام. يدفع بالأمور نحو الإنزلاق إلى منعطفات خطيرة وأليمة على الجميع ويكون الخاسر الأكبر فيها الشعب والوطن.
أن حق التظاهر السلمي كفله الدستور ولذا يجب التعامل حضاريا معه وعدم إستخدام العنف و السلاح وقتل بعض المشاركين في هذه المظاهرات الإحتجاجية المشروعة ضد الفساد السياسي والإداري والأقتصادي .وضد ممارسات الأجهزة الأمنية والكف عن ملاحقة الناس بسبب أرائهم السياسية.تعديلات جذرية في الحياة السياسية أصبح مطلبا شعبيا لأن الجماهير تريد أن تمارس حقها الدستوري في إطار نظام ديمقراطي مدني يراعي مصالح الجميع ويحقق العدالة والمساواة بدون تمييز عل أساس حزبي عقائدي وديني وقومي.والكف عن إتهام المواطنين بالعمالة للدول الأجنبية وإسرائيل الذين يريدون تحسين أوضاعهم المعيشية, وينتقدون الأوضاع السياسية الخاطئة والممارسات اللاقانونية من قبل الأجهزة,لأن هذه إهانة للأنظمة قبل أن يكون للمواطنين الشرفاء.وإن الاستمرار في الصمت من قبل الحكام عن مطالب الجماهير يعني الاستمرار في النهج القديم الذي لم تعد الجماهير تتحمل أعباءه الثقيلة والمهينة لكرامة الانسان. .وان الاستمرار بأساليب الحكم الاستبدادية وحرمان الشعوب من الحرية والديمقراطية وحقوقها المدنية والسياسية والأقتصادية والإجتماعية, تدفع بالجماهير لبذل كل ما يملكونه بالوسائل السلمية لتغييرالنظام والتخلص منه.وهذا يدفع بالطغاة أستخدام القوة المفرطة وسحق تحركات الجماهير بكافة أنواع الأسلحة كما يحصل في ليبيا  وغيرها.كلمتان تنقض على مضاجع الطغاة في البلدان العربية منذ إندلاع الثورة التونسية الإصلاحات والتغيير, كلمتان تهزعروش السلاطين.وكل جبروت الطغاة لاتستطيع مسح هاتين الكلمتين من المعاجم والقوامس. ولا تستطيع إلغائها من بين جملة الشعارات المرفوعة في أيدي الأحرار.كلمتان تمتزجان بدم الشهداء وبإرادة الصمود من أجل الحرية.
الأنظمة في البلدان العربية أنفقت مبالغ طائلة على الأجهزة الأمنية التي مارست القمع وأرهبت الناس  وأهانت كراماتهم.هذه الأموال التي أنفقت على هذه الأجهزة كانت كافية بأن تنشأ مشاريع أقتصادية ضخمة تقلل من جيوش العاطلين عن العمل وترفع من مستوى نمط الحياة المعاشية للناس ومستوى التعليم والثقافة.أن أسباب الثورات في جميع البدان تنطلق من أرضية مشتركة واحدة مطاليب الجماهير السياسية والأخر تتعلق بأوضاع الجماهير المعيشية.
الشعوب في البلدان العربية من المحيط إلى الخليج تسجل صفحة ثورية جديدية ليكون بداية تاريخ جديد في حياة الشعوب في هذه المنطقة. بداية التغيير الجذري لهذه الأنظمة التي لم تستجب إلى مطاليب الشعوب في إجراء إصلاحات فعلية, تساهم في تحسين الأوضاع الأقتصادية للناس وتوفر أجواء الحرية والحياة الديمقراطية وأحترام حرية الرأي .أن أسباب الثورات في جميع البدان تنطلق من أرضية مشتركة واحدة مطاليب الجماهير السياسية والأخر تتعلق بأوضاع الجماهير المعيشية. وأن الأسباب المؤدية إلى إنطلاق الثورات في هذه البلدان هو واحد السبب الرئيسي هو مطلب الجماهير في كل مكان هو الحرية بمفهومه الواسع هوضد طبيعة الأنظمة الاستبدادية .إنفجار الثورات هو ضد الظلم والقهر ضد الأنظمة الديكتاتورية وحكم الطغاة وأجهزتها القمعية. وضد الدساتير البالية وضد الفساد ونهب ثروة الوطن, ضد حكم العائلة وضد العقلية الرجعية والعشائرية. هي ثورة الجياع والمحرومين المسحوقة كرامتها من قبل حكامها من قمة هرم السلطة حتى أصغر رجل في الأجهزة الأمنية. ثورة ضد الفساد الإداري والسياسي والإقتصادي والإجتماعي, ثورة ضد قمع الرأي الحر, ثورة ضد التمييز العنصري في بلدان متعددة الإثنيات العرقية والدينية, ثورة ضد نهب ثروات الوطن لصالح العائلة الحاكمة والمقربين منها, ثورة من أجل كرامة الإنسان وحريته, من أجل المساواة والعدالة الأجتماعية.
 سجل تاريخ الشعوب حافل بالثوراة ضد الاستعمار والأنظمة القمعية والديكتاتورية في مختلف قارات العالم . وكانت ثورات التحرر من الاستعمار المباشر في البلدان العربية والتخلص من الجيوش المحتلة لهذه الدول حصل على الأغلب في الاربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي.وكانت معظم هذه الدول تتبنى الفكر القومي العربي بصبغة إشتراكية بدأت بتأميم القطاع الأقتصادي بدأ من الجزائرومصروليبيا واليمن الجنوبي والعراق وسوريا وبدأ صعود ثقل الدويلات الخليخية بسبب توفر الكميات الهائلة من النفط والغاز.الشعوب في الكثير من بلدان العالم خلال نصف قرن من الزمن حققت تقدم هائل في مجال التطور الاقتصادي والتقدم العلمي وزيادة في رفاهية حياة الناس وأرتفاع نسبة التعليم فيها من درجات متدنية إلى مستويات عالية.أن الدول العربية بالرغم من توفركميات كبيرة من الخامات الطبيعية وفي مقدمتها البترول والغاز الطبيعي والثروة الحيوانية والزراعية والطاقة البشرية الكبيرة, لم تستطع تحقيق تقدم مميزعلى الساحة الدولية.بل على العكس هناك مشاكل إجتماعية وأقتصادية وتدني مستوى التعليم ونسبة كبيرة من الأمية في بعض البلدان العربية وهناك جيش عاطل عن العمل ونسبة كبيرة من الفقراء والوضع الصحي يعاني الكثير من النواقص الجدية,والكثير من المجتمعات تعاني من مشاكل التعصب الديني والنعرة الطائفية والمذهبية بين مختلف الفئات داخل البلد الواحد.
كافة الأنظمة في الدول العربية لم تستطع تقديم حلول منطقية لمشاكل وهموم المواطن على مدى نصف قرن من الزمن.أن الغالبية الساحقة من الأنظمة في الدول العربية أستولت على السلطة في البلد بواسطة الأنقلابات العسكرية وحافظت على سلطتها بقوة السلاح والأجهزة الأمنية والأستيلاء على خيرات الوطن لتكون ملكا شخصيا للعائلة الحاكمة والمقربين والمدافعين عن الأنظمة . من الناحية القانونية هذه الأنظمة لا تملك أي شرعية دستورية في الحكم لأنها لم تصل إلى قيادة البلد عن طريق الإنتخابات الديمقراطية والحرة ولا في ظل التعددية الحزبية الحقيقية التي توفر الفرص المتكافئة للجميع و تفرض سلطة الحزب القائد الأوحد للدولة بواسطة دستور عنصري يقسم الوطن إلى فئات ونخب من الطراز العالي والأخر أقل مكانة ومشكوك في وطنيتها وأخلاصها للوطن وغير مؤهلة حسب إعتقادهم إلى قيادة البلد. في ظل  هذه الأنظمة التي حكمت على مدى هذه العقود بهذه العقلية المنافية لمنطق الأمور والمنافية للقيم والأعراف الإنسانية والقوانين الدولية المتطورة. قاد هؤلاء الحكام دولهم وشعوبهم إلى الفشل الذريع وإلى تأجيج الصراعات القومية والدينية والمذهبية والسياسية, وأضطرابات إجتماعية أدة إلى أخذ منحى خطير على كيان بعض الدول بسبب عدم إيجاد الحلول المناسبة لهذه القضايا الهامة بالطرق الديمقراطية.


الثورات التي تشهدها الدول العربية إذا هي نتاج تراكمات العقود الطويلة من الممارسات الظالمة والاستبدادية والسياسات الخاطئة ألتي أنتهجتها هذه الأنظمة الطاغية ضد شعوبها.ثورة شباب تونس دشنت عهد الثورات الشعبية في المنطقة وأنها أطاحت حتى الأن بدكتاتورية علي زين العابدين وحسني مبارك وهناك ثورات مشتعلة في العديد من الدول العربية ليبيا الذي يقوم سفاحها بقصف مواطنية بالطائرات والصواريخ والمدافع وبكل أنواع الأسلحة للقضاء على ثورة الشعب الليبي المحقة وفي اليمن الذي يستخدم الغازات والرصاص وقتل المتظاهرين وفي الجزائر والمغرب والسعودية والبحرين والأردن والعراق وفي سوريا مظاهرات تستخدم القوى الأمنية الرصاص الحي سقط فيها شهداء وحملة من الأعتقالات تشمل العديد من المواطنين.تحركات جماهيرية تندد بهذه الأنظمة وتطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية
الشعوب تخرج إلى الساحات والشوارع لإسماع صوتها ومطالبها سلميا للحكام. ولكن سرعان ما تحول أنظمة الطغاة المظاهرات السلمية إلى ساحة معركة غير متكافئة بين المتظاهرين سلميا.الذين يرفعون جملة من الشعارات السياسية والمطلبية لإصلاح وتحسين أوضاع الناس وتأمين العمل والأفراج عن سجناء الرأي وبين رجال الأمن المدججين بالسلاح, يطلقون الذخائر الحية على المتظاهرين ويسقط الشهداء من أجل الحرية.الذهاب إلى ساحات التحرير والحرية وشواع المدن وأزقتها, ومواجهة السلاح بالصدور ليست كمن يذهب بنزهة إلى الربوع الخلابة في الوطن على ساحل البحر إو على سفح جبل ووديانه  ومنحدراته الخضراء أو إلى حديقة عامة أو إلى مرج زاهي بالورود.ساحات الصمود وشوارع المدن تسفك فيها الدماء ويسقط الشهداء, واللون الأحمر والشهادة يصبح رمزالفداء من أجل الوطن والصمود في مواجهة الطغاة تتحول إلى مسألة حياة أوموت, وإرادة الحياة لدى الأحرار تنتصر على الظلم
الحكام في الدول العربية بعيدين كل البعد عن نبض الجماهير وعن معاناتهم ولا تهمهم مصلحة الوطن والناس إلا بقدر ما يدر لهم هذا الوطن والشعب من أموال وسلطة سياسية. وإلا لكانوا أجروا إصلاحات فورية وجذرية تخدم السلم الأهلي وتجنب الوطن من مأس كبيرة وتمزيق الوحدة الوطنية.أن الجماهير لا تسعى إلى السلطة, كل هدفها هو تحقيق مطالبها المشروعة في الحياة الكريمة.
عندما أندلعت شرارة ثورة تونس كانت تصاريح الحكام في البلدان العربية بأن الوطن الذي يحكمونه ليس كتونس وبعدها ليس كمصر. والأن الثورات في بلدانهم سقطت كل رهناتهم وإدعاءاتهم بأنهم قادرين على إخماد صوت الجماهير الغاضبة.النصر حليف الشعوب مهما طال الزمن هذا هوما علمنا التاريخ به.




122
المرأة الآشورية شريكة في النضال في عيد المرأة العالمي   
         


د.جميل حنا 

في الثامن من آذار يوم المرأة العالمي تتوجه الانظار في هذا اليوم,في كل بقاع الكون نحو المرأة الأم والأخت والأبنة.البشرية تحتفل بهذا اليوم تقديرا وإجلالا للنساء وتضحياتهم الجسيمة في خدمة البشرية والدورالعظيم الذي تلعبه في تقدم وإزدهارالإنسانية.كافة وسائل الإعلام العالمية المرئية والمسموعة والمقروؤة تتناول قضايا المرأة بحسب طبيعة الأنظمة السياسية السائدة في مختلف بلدان العالم.وكل مجتمع يبحث هذه القضية الهامة بما يتلائم مع العقائد الدينية والقومية والثقافية لمجتمعاتها
إن الإقرار بالثامن من آذار عيدا عالميا للمرأة كان نتيجة طبيعية لتاريخ طويل من النضال القاسي والمعاناة والاضطهاد التي تعرضت له المرأة في جميع دول العالم على مر العصور المختلفة.

المرأة تركت بصماتها وبشكل جلي على مجمل تطور المجتمع الإنساني منذ أن خلق الله الكون،حسب المعتقدات الدينية وفي كافة الحضارات والثقافات المختلفة في مختلف الأزمنة القديمة والحديثة. وكما ورد في قصة الخليقة (وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة لأنها من امرئ أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً).
تلك هي قصة وجود المرأة في قصة الخليقة العبرية فقد وجدت (لان ليس جيداً أن يكون آدم وحده فليضع له معين ينصره). منذ ذلك الحين المرأة رفيقة الرجل في مسيرة الحياة, بل كائن لا غنى عنها. ولا استمرارية في الحياة بدونها.وهذا يبين الأهمية العظمى والمكانة الراقية للمرأة في المجتمع وفي العائلة.إلا أن المكانة التي حصلت عليها المرأة لم  يرتقي إلى مقام الدورالعظيم الذي أدته.هذه المكانة  والمقام الهام الذي منحتها حرية وحقوق متساوية مع الرجل لم تكن ثابتة في عرف المجتمع بل كانت تخضع لتغير طبيعة النظام الحاكم والمعتقدات الدينية ألتي أمن بها وبمدى التطور الحضاري.ومنذ الأزمنة القديمة كان الصراع في المجتمع قائم بين مختلف الأوساط على دور ومكانة المرأة في الحياة العامة والعائلية.إلا أن المرأة  في كل المراحل التاريخية كانت تقوم بتأدية رسالتها الإنسانية بالرغم من كل أنواع الصراع الجاري بشأنها أو تهميشها والتقليل من شأنها.كان العالم الذكوري أو نقل السواد الأعظم منه من أراد سلب حرية المرأة وإرادتها. وجعلها كائن خاضع لسلطان الرجل لا حول ولا قوة لها .وبما أنها كائن أو نصف كائن وثانوي حسب إعتقاد الرجل فلا رأي لها بأمور الحياة,الرجل هو صاحب العقل الكامل والقرار الصحيح.وفي كل المراحل التاريخية الهامة في حياة البشرية كانت النساء تكافح من أجل تغيير هذا الواقع الأليم .النساء كن ضحية بعض المعتقدات الدينية  وما زلن مهمشين بسبب ذلك. بل أيضا طبيعة بعض الأنظمة السياسية والأقتصادية السائدة في العالم حرم المرأة من حقوقها الطبيعية.   

النصف الثاني من القرن التاسع عشر سجل بداية مرحلة نضال منظم للنساء العاملات ضد الاضطهاد الرأسمالي. الذي كان يستغل النساء بأبشع الطرق ويسلب حريتها و يهين كرامتها ويحرمها من حقوقها السياسية والإقتصادية والإجتماعية.المرأة حققت نجاحات باهرة في الكثيرمن المجتمعات العالمية. وهي تستمر في نضالها وكفاحها اليومي للحفاظ على المكتسبات التي حصلت عليها بدم الشهيدات اللاوتي سقطن في ساحة معارك النضال من أجل حرية وحقوق المرأة.وما زالت المرأة في غالبية دول العالم تعمل من أجل الوصول إلى الحرية المسلوبة بفعل الدساتيرالجائرة والعادات والتقاليد والقيم الثقافية المتخلفة.المرأة تناضل ضد التمييز العنصري المكرس ضدها في المجتمع, فهي تطالب بحريتها من والدها وإخيها وإبنها, فهي تطالب بالمساواة بمن أنجبها وبمن أنجبت وبأخيها.تريد أن تكون ندا للرجل الذي هو جزء من كيانها في الحقوق والواجبات.تحقيق المرأة لأهدافها ونيل الحرية والمساواة في هذه المجتمعات يحتاج إلى ثورات نسائية.لأن الأنظمة الاستبدادية والحكومات الطاغية التي تحكم بالشرائع الدينية والقومية الشوفينية والعشائرية والعائلية لا تمنح الحريات, بل سلطتها قائم على سلب حرية كل البشر.الحرية والمساواة تأخذ ببذل الدم والحياة والشهادة من أجل تحقيق ذلك.وثورة الشعوب في تونس ومصر وليبيا كما ثورات الشعوب الأخرى في العالم برهان قاطع على ذلك.

المرأة الآشورية تعيش في وطنها الأم بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام الشرق الأوسط بشكل عام وهذه الدول تحكمها أنظمة استبدادية.وفي ظل هذه الأنظمة تكون المرأة مستهدفة بكونها أمرأة كبقية النساء في هذه المجتمعات تعاني من الظلم وأيضا بسبب إنتمائها الديني والقومي.
إن دراسة واقعها في ظل هذه الأوضاع والكشف عن نقاط الضعف والقوة السائدة تاريخياً، وترسيخ مفاهيم وقيم وتقاليد معينة لديها وإظهارالمشكلات التي تعاني منها لا يمكن أن يستهان بها.لان المرأة حسب المفاهيم السائدة في هذه المجتمعات أقل مكانة من الرجل،ولذلك حضورها في كافة مجالات الحياة أقل شأناً، وقد انعكس ذلك على المرأة الآشورية بدرجات متفاوتة. حيث كانت نسبة التعليم بين صفوفهن عاليا مقارنة مع قريناتها من بنات القوميات الأخرى. وكانت لها حقوق وحرية بقدر ما كانت الظروف تسمح بذلك. كما ساهمت المرأة إلى جانب الرجل بكل الأعمال، فكانت الأم والزوجة والأخت. تحملت بصبر ودافعت بشجاعة فائقة عن كيانها ضد الطغاة السفاحين وهانت عليها حياتها في أوقات الشدائد.قبلت الموت في سبيل عدم الاستسلام للمجرمين الذين استهدفوا كيانها كامرأة ودينها وقوميتها قدمت مثلاً رائعاً في معنى الشهادة, وان يستشهد الإنسان دفاعاً عن كرامته الإنسانية ودينه وقوميته ووطنه.وكانت الرفيق الوفي للرجل وتحملت المعاناة وقدمت حياتها في مجازر الإبادات العرقية التي تعرض لها شعبها من أجل الحفاظ على كرامتها وحرمتها وإنسانيتها.
 المرأة الآشورية تتعرض لكل أنواع القهر والظلم كما بقية النساء في العراق  المحتل من قبل الامريكان وفي ظل الحكم الاستبدادي.تقتل المرأة في دور العبادة ,تقتل في الطريق إلى المدرسة والجامعة, والعمل,تخطف تهان تغتصب تسحق كرامتها تقتل على يد الارهابيين وعلى يد الميليشيات وغيرهم من المتنفذين لا أحد يحاسب المجرمين.العنف والأسلمة و فرض طريقة الحياة بقوة السلاح والقتل.العنف السائد في المجتمع العراقي ضد المرأة بشكل عام يحتاج إلى تضافر الجهود من قبل كل النساء بغض النظر عن الإنتماء الديني والقومي والمذهبي الإهانة هي إهانة لكل أمرأة. أن التخلص من هذا العنف المستفحل في المجتمع يتوجب وضع مبدأ تساوي الرجل والأمرأة موضع التنفيذ في جميع البدان والعراق وفقا لمبادىء ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
إن التمييز ضد المرأة  بإنكاره أو تقييده و تساويها في الحقوق مع الرجل يمثل إجحافا أساسيا ويكون إهانة للكرامة الإنسانية.
تتخذ جميع التدابير المناسبة إلى إلغاء القوانين والأعراف والأنظمة والممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة.
 ولتقرير الحماية القانونية الكافية لتساوي الرجل والمرأة في الحقوق وخصوصا أن ينص على مبدأ تساوي الحقوق في الدستور أو يكفل قانونا على أي صورة أخرى.
الحرية لكل نساء بلاد الرافدين وبلاد الشام ونساء العالم والف باقة ورد وتقدير للمرأة في الثامن من آذار.

المصدر:
إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة(7 نوفمبر 1967)











123
  ديمقراطية قتل العراقيين
                                                 


د.جميل حنا                       

العنف والقتل والدمار,السلب والنهب والارهاب سيد الموقف في العراق, منذ ان أحتل الامريكان البلد, وسقوط نظام صدام الديكتاتوري في التاسع من نيسان2003 وتنصيب حلفائها المتعاونين معها في السلطة بقوة السلاح.وهذه الحكومة وسابقتها تسمي نفسها بحكومة منبثقة من العملية الإنتخابية الحرة والديمقراطية. وهذا ما تدعية أمريكا أيضا لإظهارنجاحها بفرض الديمقراطية والحرية والرفاهية للشعب العراقي.الواقع الأليم الذي يعيشه الشعب العراقي على مدى ثمانية أعوام من الإحتلال, وتعاقب حكومات عديدةعلى السلطة تظهر عكس ذلك تماما. وخاصة في الوقت الذي تعم فيه إنتفاضة الشعب العراقي في كل أنحاء الوطن من الشمال إلى الجنوب ويشارك فيها العربي والكردي والآشوري واليزيدي والصائبة المندائيين والشبك والتركمان, المسلمين والمسيحيين بكل فئاتهم المذهبية المختلفة.

فإذا هناك خلط بين ديمقراطية- وديمقراطية, كل الأ طرف في العملية السياسية والحياة الإجتماعية يستخدم هذا السلاح الفعال لتحقيق مصالحه السياسية والاقتصادية والسلطوية
والمالية والعسكرية.نظرتان مختلفتان ومفهومان متناقضان أحدهما يعبرعن الديمقراطية الصحيحة والثانية عن الديمقراطية المزيفة.ديمقراطية الحكام الطغاة الذين أتوا إلى السلطة على ظهردبابات الإستعمار الأمريكي الصهيوني أمثال المالكي والطلباني والبرزاني والحكيم والميليشيات الصدرية وفيالق البدروغيرهم. ديمقراطية هؤلاء هو التعصب الديني والقومي والاستبداد والفتنة والفساد والسلب ونهب قوة الشعب من العمال والفلاحين والفقراءوبقية الناس بكل أطيافهم.ديمقراطية هؤلاء هي أمتلاك ميليشيات حزبية ومذهبية وقومية متعصبة لفرض سلطتهم وإرهاب الناس والقتل, وإهانة الناس وإنتهاك الكرامات و نشر أجواء الرعب والخوف .ديمقراطية هؤلاء هو الإرتباط  بأجندات القوى الخارجية الدولية وعلى رأسها السياسة الأمبريالية الامريكية الصهيونية في المنطقة. وقوى إقليمية مثل إيران التي تحاول إرجاع البلد إلى القرون الوسطى لكي تستطيع فرض سيطرتها على الجماهير بإستغلال المشاعر الدينية لدى الناس.

ديمقراطية الشعب هي العدالة والمساواة والحرية والسلام.ديمقراطية الشعب ليس فيه خوف ورعب ولا ميليشيات القتل والإجرام. ديمقراطية الشعب بنيانه يرتكز على الأمان للجميع بعيدا عن التعصب الديني والقومي والمذهبي. وديمقراطية الشعب يؤمن بأن الوطن للجميع يعيش ويعمل المرء أينما شاء على تراب الوطن. ديمقراطية الشعب أوسع من الحدود الجغرافية للمحافظات والأقاليم, مساحته الإنسانية تسع للجميع,وكل يحفظ خصوصياته الثقافية والقومية والدينية وعاداته وتقاليده بدون الأصطدام مع الأخر.ديمقراطية الشعب هو إحترام القيم الإنسانية وحرية التعبير عن الرأي وحرية إختيار المعتقد الديني بدون عواقب.ديمقراطية الشعب هو الدستور الديمقراطي المدني العلماني الذي يصون الحرية الحقيقية للجميع بدون تمييز عنصري على أساس الدين أو المذهب أو القومية أو الجنس أو المحاصصة الطائفية.

الديمقراطية مطلب كل الشعوب في العالم لأنها الضمانة الأكيدة للمحافظة على كرامة الإنسان.والديمقراطية الحقيقية هي مطلب الشعب العراقي بكل مكوناته الدينية والقومية والثقافية.ولذلك تم الإستيلاء على الديمقراطية من قبل الطغاة ليكون أداة للسلطة في يدهم للقمع والاستبداد. ويرفعون شعار الديمقراطية البراق والكلمة المستحبة للآذان سماعها لكي يسيطروا على السلطة السياسية ويتحكموا بمصيرالناس كما يشاءون .ولكن في حقيقة الأمرهذه الديمقراطية ماهي إلا ديكتاتورية مموها بثياب الديمقراطية.

الصراع يجري اليوم في العراق بين أنصارالديمقراطية الحقيقية من أبناء الشعب المضطهدين بكل إنتماءاتهم الإجتماعية وبين الطغاة بكل إنتماءاتهم من حكام العراق الفاسدين المنادين بالديمقراطية المزيفة.

إن دراسة الحالة المأساوية التي يعيشها الشعب العراقي لها أسبابها, ولا بد من تحليل واقعي بعيدا عن التشنجات العصبية الدينية والمذهبية والقومية والحزبية والعشائرية والعائلية. وإذا اعتمدنا هذا المبدأ كأساس في نظرتنا للأمور بالتأكيد سنصل أو نقترب من بعض الأسباب الحقيقية للحالة التي يعيشها الشعب العراقي وأسباب الإنتفاضة الحالية.
  الاحتلال الأمريكي وما نتج أو تمخض عنه من فرض قيادة من المتسلطين على الحكم بحسب رغبة دولة الاحتلال من قادة إتيلاف الأحزاب الشيعية وإتيلاف الحزبين الكرديين بقيادة الطلباني والبرزاني المتعاونين مع الأحتلال الأمبريالي الصهيوني.
  قيادة البلد لا تملك السلطة الشرعية الشعبية لأن الانتخابات في ظل الا حتلال لا يمكن أن تكون حرة ونزيها, مهما أدعى الغرب وعلى رأسها أمريكا لمنح الشرعية للمتحالفين معها من حكام العراق, و لحرف الأنظار عن الجرائم الكبرى التي ترتكب بحق الشعب العراقي. 
  سيطرة الميليشيات الحزبية والتيارات الدينية التي مارست وتمارس العنف وتزرع الرعب في النفوس
  الدستور الذي كرس إنقسام المجتمع على أساس ديني وقومي ومناطقي.الدستور شرعن التمييز العنصري الديني والقومي في المجتمع.حيث قسم أبناء الوطن الواحد إلى مراتب متفاوته في الحقوق.
  طريقة توزيع السلطة بين المتنفذيين من حلفاء أمريكا وإيران أو ما يسمى بالمحاصصة الطائفية المبنية على التمييزالعنصري.
   سياسة الائتيلاف أو التحالفات القائمه التي كرست حالة الإنقسام في المجتمع وفرض أجنداتها الخاصة, والتلاعب بمشاعر أتباعهم دينيا ومذهبيا وقوميا.
   تدخل الدين في السلطة السياسية وإدارة الدولة ونظام الحكم من خلال الشريعة الاسلامية ومحاولات أسلمة المجتمع برمته في كافة مجالات الحياة.
    عدم وجود دستور ديمقراطي مدني يحقق المساواة بين الجميع بدون إستثناء.
    التوزيع الغير عادل للثروة الوطنية بين مختلف المكونات الإجتماعية.
    السلب والنهب للمال العام من قبل السلطات الحاكمة.
    تنفيذ أجندات خارجية تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الداخلي.
   عدم تمكن السلطات الحاكمة من توفير الأمن للشعب.
   تعرض الناس لإنتهاك حريتهم وكرامتهم وطريقة حياتهم اليومية.
   فرض شرائع الدين الإسلامي في مجتمع متعدد الأديان والقوميات و ترفضها شرائح واسعة في المجتمع من قوى ىسياسية ومستقلين ومثقفين ويساريين وليبراليين وشيوعيين وغيرهم.
   الارهاب المنظم والمخطط له من قبل بعض الجهات الحكومية ضد المسيحيين.
  تواطئ بعض أجهزة الدولة مع الإرهابيين.
 عدم كشف التحقيقات التي تمت عن العمليات الإرهابية التي نفذة ضد دورعبادة المسيحيين وقتل رجال الدين والمدنيين منهم وكذلك الذين هم وراء التهجير.
 
   وهناك جملة من المطاليب الجماهيرية المحقة والمشروعة الضمان الصحي والعمل والمدارس والسكن والخدمات العامة والكهرباءومياه الشرب.وبالطبع هناك أمور أخرى كثيرة ولكن هذه بعض النقاط الهامة التي ذكرناها.
ولذلك لا بد من تحريرالمجتمع من هذه الأمور التدميرية والذين ينفذون هذه السياسة المشينة بحق الوطن والشعب.والخطوة الأولى في هذا الصدد يكمن في وضع دستور جديد للبلد.دستور ديمقراطي مدني يحفظ حق كافة الشعوب المكونة للنسيج الوطني العراقي في الحياة الحرة والكريمة.العراق فيه مكونات دينية وعرقية عديدة والغالبية الساحقة لا تريد العيش في ظل شرائع دينية تسلب حرية الفرد وتفرض الاستبداد. ومن المهم صياغة دستور جديد ينسجم مع المعايير الدولية يحترم حقوق الإنسان بغض النظرعن الإنتماء الديني والقومي.
التوزيع العادل للثروة الوطنية بين كافة مكونات المجتمع وفي كافة المناطق بدون تمييز.
فصل الدين عن الدولة وشؤونها وعدم تدخل الدين في الأمور السياسية للبلد.ويجب منع أستخدام الدين لأغرض ودعايات سياسية وإنتخابية.
منح كافة المكونات العرقية حقوق متساوية في وسائل الإعلام, وبناء المدارس والجامعات والتعلم باللغة الأم وعدم فرض أي لغة أخرى بالضد من إرادة الناس.
إلغاء كل إمتياز يعطى على أساس الدين والمذهب أو القومية.
حل كافة الميليشيات التابعة للأحزاب تحت أي مسميات كانت.لأن بناء الدولة المدنية الديمقراطية ينافى مع وجود ميليشيات تفرض الرعب والأجندات الحزبية على بقية الفئات الإجتماعية.ولذلك لا بد من توفير الشروط والظروف المتساوية للجميع لكي يقرروا بحريتهم التامة بدون خوف ولضمان المساواة والأختيار الحربدون أي تدخل.
إيقاب نهب ثروات الوطن إلى جيوب المتسلطين, بينما الاغلبية الساحقة من أبناء الشعب بكل مكوناتهم الدينية والعرقية تعاني من الفقروالحرمان.
وضع سياسة إعلامية تنبذ التمييزبكل أشكاله,وتضع حدا لمحاولات الفتن التي ينشرها بعض المسؤولين من أجل تحقيق غايات سياسية حزبية ومذهبية وقومية شوفينية.تستغل مشاعر الجماهيرالغفيرة التي هي ضحية الصفقات السياسية التي تجري خلف الكواليس بين الكتل  والأحزاب والقوى المتنفذة في العراق.
الكثير من أبناء الشعب العراقي فقد ثقته بحكامه وذلك بسبب الهوة الشاسعة بين أقوالهم وافعالهم.العراق بحاجة إلى وقفة جريئة من قبل كافة الفصائل الشيوعية واليسارية والقوى الديمقراطية الحقيقية والليبرالية والمثقفين وكل الشرفاء لوضع حدا للاستبداد الذي يمارسه الطغاة من حكام العراق بكل أطيافهم الدينية والقومية. أن تعاضد أبناء الشعب العراقي بكل شرائحه الإجتماعية وقواه السياسية الوطنية كفيل بأخراج العراق من محنته ووضد حد للحكم الاستبدادي وإيقاف العمليات الإرهابية ضد المواطنين الأبرياء من القوميات والأديان . والشعب العراقي الذي قدم رجال عظماء أمثال فهد وحازم وصارم  قادر اليوم أن يقود الجماهير إلى بناء مجتمع ديمقراطي حقيقي.إننا نتضامن مع كل الشرفاء والشهداء الذين سقطوا من أجل العراق الديمقراطي الحر.وندين إستخدام القمع وقتل الأبرياء المشاركين في المظاهرات السلمية التي نظمها الشباب الطامحين إلى الحرية من أجل عراق ديمقراطي مستقل.

124
سقوط نظام مبارك سقوط لأنظمة الحكومات في الدول العربية

د.جميل حنا 

الثورة الشبابية المصرية سطرت ملحمة الروح الثورية لدى الشعوب المظلومة المناهضة للإستبداد.ثورة الخامس والعشرين من يناير التي فجرها الشباب الطامح إلى الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة سجل بداية عهدا جديدا.سيدخل هذا الحدث العظيم كتب التاريخ بحيث تأرخ مجريات الأمورحسب تاريخ الثورة سيوضع فاصل زمني يذكرالأحداث ما قبل ثورة الشباب وما بعده.ثورة الشعب المصري أسقط مبارك ونظامه البائد. وهذا النصرهزيمة لسلاطين الطغيان في كل الدول العربية من المحيط إلى الخليج.إن إنتصار قيم الحرية والديمقراطية هي نتاج تراكمات عقود طويلة من الممارسات اللاإنسانية والسياسات الظالمة والديكتاتورية والقمعية التي طالت فئات واسعة في المجتمع.وكذلك نتاج تطور ونضوج الروح والوعي الثوري العفوي الذي أستوعب الواقع وفهم طبيعة أساليب وخداع النظام والديكتاتور.وتأكد للغالبية من الناس بأن كل المأسي التي يعاني منه المجتمع وخاصة قطاع الشباب والشعب عامة,هي بسبب طبيعة النظام المعادي لحقوق الجماهير.هذه الحالة أدت إلى يقظة ثورية أستطاعت إخراج الشباب من الحالة العفوية الفردية للتمرد على واقعه المريرإلى واقع عملي منظم قوي ومتحد الصفوف بفعل الإستخدام الزكي لتكنولوجية الثورة المعلوماتية والإتصالات. وكانت شبكات التواصل الإجتماعي على الإنترنت الأداة الفعالة. فبذلك تكون ثورة شباب تونس ومصر أول الثورات العالمية في بداية الألفية الثالثة التي أسقطت أنظمة حكم ديكتاتورية بفضل إدخال الشباب هذا السلاح الفعال في معركتهم ضد نظام الحكم الإستبدادي.إن سيرعجلة الزمن و تطورالأحداث الداخلية في مصرالتي قادت إلى ثورة الخامس والعشرين من ينايرأحتاج إلى عقود طويلة من الزمن.فكانت إنطلاقة الثورة بداية تحول كبير في حياة الشعب المصري. ليجعل من ذلك الماضي المقيت لحكم الطاغية الديكتاتور,عهد الظلم ينتهي, ليحل مكانه عهد جديد. تصبح أفكار الثورة ومطالب الجماهيروبطولاتهم نبراسا لكل الشعوب في البلدان العربية.ثمانية عشر يوما من حياة الثورة المليئة باالتحديات والصمود والشجاعة والمأسي كانت كفيلة بأن يسقط الديكتاتور.ثمانية عشر يوم كان العالم مندهشا للبطولات التي صنعها الأحرار في ساحة التحرير. وكل الشعوب المحبة للحرية والديمقراطية كانت تقف بأجلال وبروح تضامنية وتأييد كامل لشباب مصر وشعبه وتقدم له الدعم المعنوي لكي ينتصر.ثمانية عشريوما من الكفاح الجبار أسقط النظام وطاغيته. ونجاح  أفكار الثورة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية في بناء مجتمع ديمقراطي علماني يحقق المساواة والحرية الحقيقية والعدالة يحتاج إلى استمرار الثورة, الثورة الفكرية والممارسة العملية لتطبيق شعارات الثورة وتحقيق التغييرالجذري الشامل في كيان النظام على مختلف الأصعدة السياسية والإجتماعية  والقضائية وصياغة دستور جديد كليا يتوافق مع متطلبات العصر ومع مطالب ثورة الشباب والشعب.والحفاظ على منجزات الثورة وتحقيق الأهداف المحقة للجماهير ينبغي على القوى الشبابية تنظيم صفوفها بما يلائم متطلبات مرحلة البناء ليكونوا العمود الفقري في كيان السلطة السياسية لكي لا يتم الإستيلاء وخطف ثمار ثورتهم وتحريفها عن مسارها الصحيح.

إن الاستمرار في الشجاعة التي أظهرها الشباب المصري في ساحة التحرير والخطوات الواعية والصلابة في الطرح والصمود ضمانة لسلامة الثورة والحفاظ على قيمها.ومن أجل تحقيق ذلك لا بد من تعزيزالوحدة الوطنية بين كافة مكونات المجتمع من المسلمين والمسيحيين وبين مختلف شرائح المجتمع. والتصدي لكل محاولات القوى الظلامية التي تسعى لزرع الفتن الدينية والمذهبية والسياسية والحفاظ على روح الوحدة الوطنية التي تجلت في ساحة التحرير.لا بد من نبذ التفرقة الدينية وسياسة التمييز العنصري الذي مارسة النظام السابق وإصلاح ما أفسده النظام البائد.فلذلك يجب أن يبقى السعي إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على المؤسسات على قاعدة دستور بعيد عن الشرائع الدينية هوالطريق القويم لبناء مجتمع خال من التفرقة والتمييز ويكون الجميع متساون أمام القانون في الحقوق والواجبات بدون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الإنتماء السياسي أو الطبقي الإجتماعي. وان يكون الدستور الجديد صمام الأمان الذي يضمن تحقيق العدالة ويضع حدا نهائيا للحكم الشمولي وإنهاء سلطة الفرد المطلقة وحكم الحزب الواحد.ويحقق تداول السلطة سلميا وتحديد الفترة الرئاسية بعدد من السنين ولا تتجاوز إنتخاب الرئيس سوى دورتين إذا فاز في إنتخابات حرة وديمقراطية.ان يحق لكل مواطن أن يرشح نفسة لرئاسة الجمهورية بغض النظر عن الدين والعرق.الوطن ملك كل أبناءه والإخلاص للواطن هو معيار المواطنة الصالحة وليس الإنتماء لأي شيء آخر.أن تحقيق ذلك كفيل بكسب تعاضد كل فئات الشعب بأديانه ومذاهبه وشرائحه الإجتماعية المختلفة والسبيل الوحيد لبناء نظام سياسي مستقر يحقق التقدم والإزدهار ويسود فيه الوئام والسلام بين كافة مكونات الوطن.

وأن ثورة البناء والإنتقال بالمجتمع الذي يعيش أكثر من أربعين باالمائة من شعبه تحت خط الفقر إلى  مستقبل أفضل يفسح المجال لتقليل هذه النسبة إلى أدنى المستويات ستكون من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات القادمة.ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التغيير الجذري وقطع كل صلة بما كان سائدا في العهد المشين, لكي لا يكون الوطن ملكية خاصة يتصرف به الطغاة كما يشاءون.الوطن هو التراب والبشر بكل إنتماءاتهم العرقية والدينية والمذهبية والثقافية والسياسية ولكل فرد في المجتمع له خصوصيته الشخصية.وله الحق في العيش الكريم وإبداء الرأي بكل حرية وبدون خوف من أجهزة القمع والإرهاب التي تسلطها الحكومات على شعوبها.بل يجب أن يحافظ على كل فرد في المجتمع وأن لا تفرض عليه أي أمر يخالف أراءه وقناعته الذاتية, لأن كل فرد ذو شخصية حرة ومستقلة.الدستوروتطبيقة الفعلي من قبل الجهات المختصة كفيلة بأن تحافظ على حرية الفرد وحمايته من كل أنواع الظلم والظالمين.

إن التجارب المريرة التي تعيشها الشعوب في البلدان العربية مع حكامها ,هي أن الأنظمة في هذه البلدان ترى في الوطن شركة خاصة له والشعب عامل لديه يحصل على لقمة العيش أن وجدة مغمزة  بكرامته المسحوقة المهانه.فلذلك أقترح أن يتضمن الدستورالجديد لمصر وتونس ولكل الدول العربية أن تصيغ دستورا جديدا يتضمن ما ذكر أعلاه مع الإضافات التالية:
- على كل مرشح لرئاسة الجمهورية أن يقدم بيان كشف عن أمواله المنقولة وغير المنقولة وحساباته في البنوك الوطنية والدول الأجنبية وكذلك لأفراد عائلته.
- تشكيل لجنة أخصائية تنتخب من قبل البرلمان تتكون من شخصيات كفوئة ومستقلة تشرف على الأمور المالية للرئيس المنتخب خلال حكمه ورصد كل تجاوز وإستيلاء على المال العام أ والحصول على المكاسب المادية بالطرق غير الشرعية.
 - تحديد راتب شهري يضمن حياة كريمة ولائقة للرئيس المنتخب.
- تحديد راتب رئيس الوزراء والوزراء وأعضاء البرلمان وتكون منسجمة مع راتب المدرس الجامعي.
- أن لاتكون الفروقات بين راتب رئيس الدولة والوزراء واصحاب الكفاءات العلمية والموظفين الكباربشكل فاحش.
- دستور البلد يجب أن يتضمن هذه الأفكار ويحددها في بنود واضحة وتفصيلية لكي يتم محاسبة كل من يخرق الدستور ليجنب الوطن والشعب من ويلات الحكام.

أن ثورة الشعب المصري وشبابه الثائر نصر لكل الشعوب المظلومة في بلدان الشرق الأوسط .والأنظمة في البلدان العربية وفي إيران فاقدة الشرعية الشعبية بعد إنتصار الثورة في تونس ومصر.
فألف تحية لأحرار مصر بمناسبة إنتصار ثورتهم.إ ن إعصار ثورة الغضب المنطلقة من تونس ومصر سوف تعصف بكل الأنظمة الإستبدادية في المنطقة جمعاء.

18.02.2011



125
ثورة الشباب المصري أمل الشعب
                                 

د.جميل حنا

خاضت الشعوب في البلدان العربية بكل إنتماءاتها الوطنية القومية والدينية نضالا تحرريا ضد الإستعمار الغربي الإنكليزي والفرنسي والإيطالي. وحققت هذه  الشعوب الإنتصارات والإستقلال لإوطانها.وقدمت الشعوب ملايين الشهداء في سبيل تحقيق الإستقلال الوطني والعيش بكرامتها. وكانت إرادة الشعوب والتضحيات الجسيمة والكفاح المسلح والعمل السياسي والدبلوماسي والمقاومة الشعبية بكل أشكالها فرضت على المستعمر المحتل الهزيمة ومغادرة البلدان العربية.

إلا أن الاستعمارلم يتخلى عن مخططاته للسيطرة على تلك البلدان بشتى الوسائل ونصب حكومات ملكية أوجمهورية حليفة للإستعمار. واستمر الصراع في البلدان العربية على السلطة بين مختلف التيارات الوطنية وكانت الإنقلابات العسكرية هي التي حسمت الموقف لصالحها. لأنها كانت تملك أداة القوة المنظمة التي أوصل الطغم الحاكمة إلى السلطة منذأكثر من نصف قرن من الزمن.

الشعوب في البلدان العربية التي تحررت من نير الاستعمار المباشر إلا أنها لم تتحررمن التبعية للإستعمار ولم تتحرر من استبداد الأنظمة الحاكمة والصراع مستمر بين الجماهير وبين أنظمة الحكومات الملكية والجمهورية الوراثية وكل أشكال النظم الفاسدة في هذه البلدان.

والشعوب في البلدان العربية تعيش مرحلة نضال ثوري من نوع جديد هي ثورة الشباب .وثورة تكنولوجيا الإتصالات النت, السلاح الفعال الذي يسيطر عليه ليس فقط الحكومات وإنما المسيطر الحقيقي هو جيل الشباب. الذي يعرف كيفية أستخدام هذه الوسيلة الإعلامية الهامة, وبذلك حطم إحتكار الأنظمة لوسائل الأعلام التقليدي.وثورة الشباب المصري وقبلها ثورة الشباب التونسي تكمن قدرتهم على التحكم و أستخدام هذا السلاح بشكل فعال وإيصال مطالبهم وأهدافهم إلى كل الشعوب في الداخل والخارج.

الشباب المصري يجسدون طموح وأمال الشعب المصري في التغيير الجذري في طبيعة النظام الديكتاتوري الاستبدادي وبناء دولة عصرية حديثة مزدهرة.وليس صدفة أن يكون الشباب هم الذين فجروا الثورة فمنذ العصور القديمة قد لعب الشباب دورا هاما في حياة البشرية. فكانوا دائما في طليعة النضال لأجل التغيير ومن أجل قضايا شعوبها للتخلص من الظلم والاضطهاد.والشبيبة المصرية أنظار الأحرار في العالم متجه نحوها وخاصة الشعب المصري الذي يعاني من النظام الاستبدادي.والشعب يرى في جموع الشباب الثوري مستقبل الوطن. وهم يحملون أحلام الجماهير في التغيير ومطامحهم التي لم يستطيعوا أحداثها في العقود الماضية.فلذلك يريدون لهذه الثورة الشبابية أن تنجز ما لم ينجزوه, يريدون تجسيد الأفكار والطموحات إلى واقع حقيقي.
والشباب الثوري الذي له توقا زائدا للحرية يبذلون كل ما بوسعهم لتحقيق غايتهم بالوسائل المتاحة,وهم يسخرون هذه الديناميكية الحيوية التي يتميزون بها للصالح العام وفي الأتجاه الصائب. وهم يرفعون من شأن قدرات الشعب لمواجهة التحديات الخطيرة وبعث روح التفائل في النفوس من تحقيق التغيير الجذري وبناء النظام الديمقراطي العلماني.الشباب الثوري الذي يلعب الدور القيادي في تفجير هذه الثورة الشبابية, كان من المستحيل تصور ذلك بدون الشعور العالي بالمسؤولية تجاه الوطن والشعب. وبدون الوعي وفهم طبيعة النظام الاستبدادي والفهم الكامل والصحيح, بأن معاناة الشباب والشبيبة هو بسبب طبيعة النظام الفاسد. الذي كرس نهج فكري قمعي ومخابراتي وإقصائي وسلطوي سحق طموحات الجماهير في التحرر والإستقلال الحقيقي وقاد المجتمع نحو الفقر والبطالة.

الشباب الثوري المصري حطم حاجز الخوف والصمت, وهو يقف شامخا في ساحة التحرير يطالب بالتحرر من حكم الاستبداد وإسقاط الديكتاتور وبناء الوطن الديمقراطي. الشباب المصري لا يتقبل هذه الأفكار والممارسات التي تستهتر بالإنسان والقيم الإنسانية. أنها تريد العيش في مجتمع يسوده العدل والمساواة والناس يعيشون في سلام ووئام مع بعضهم البعض وليس في مجتمع الظلم والظالمين المفسدين وأجهزة القمع والسجون.

أن حيوية الشباب الثوري المصري اسقط النظام ورئيس النظام الديكتاتوري, حتى ولو بقي على رأس سلطته القمعية فهو فاقد الشرعية منذ أن سقطت الضحية الأولى في ساحة التحرير.ولتستمر الثورة الشبابية والفكرية في مصر وكل البلدان العربية لتتحرر الشعوب من الظلم والظالمين.

126
القصارى في نكبات النصارى- شاهدعيان
إبادة شعب- 1

 د.جميل حنا


المسيحيون مستهدفون في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في العراق ومصر. وهم يتعرضون إلى هجمات بربرية على يد الطغمة الحاكمة في كيلا الدولتين وأجهزتها الأمنية وميليشياتها القمعية التي تمارس الجرائم بحق الأبرياء من أبناء الوطن.والعمليات الإرهابية التي تنفذها القوى الدينية الإسلامية المتطرفة في هذين البلدين ينسجم تماما مع سياسة التمييز العنصري التي تنتهجه هذه الحكومات المتسلطة على رقاب الشعوب.وما الهجوم البربري الأخير الذي أرتكب ضد نادي آشور بانيبال الثقافي في بغداد هو مثال ساطع لنا سطوع الشمس. ألا وهو دور الأجهزة والحكومة بمختلف شرائحها تنفيذ خطة مدبرة ومنظمة بإحكام للقضاء وإنهاء الوجود المسيحي في العراق بغض النظر من كان الشخص المباشر لتنفيذ هذه العملية الإجرامية, كامل الزيدي أو القاعدة أو بعض الأطراف في الحكومة أو اي شخص أخر وهم كثيرون, أنه نهج فكري يجمع كل هؤلاء بهذا الخصوص. والتصريحات الشكلية التي تظهر التعاطف مع الشعب المسيحي هي دموع التماسيح المخادعه. من يكون حريصا على الوجود المسيحي وله السلطة في البلد عليه تقديم الحماية الفعلية للمواطنين وليس التباكي وإظهار العطف الذي لا ينهي معاناة المسيحيين ومن ساهم في  صياغة دستورا عنصريا  ومنحازا لا مصداقية له.

إن جرائم الإبادة التي يتعرض لها الشعب المسيحي هي أحدى السمات البارزة التي  يمتاز بها تاريخهم.وما أشبه اليوم بالبارحة, الأعمال البربرية والتعطش إلى دماء المسيحيين الأبرياء كانت وما زالت تنطلق من ذات المنبع التي تتغذى منه ألا وهو التعصب الديني والقومي أو ما يسمى الجهاد ضد الكفار. وكتاب (القصارى في نكبات النصارى) بقلم شاهد عيان  للمؤلف الأب إسحق أرملة. وهذاالكتاب يوضح الكثير من أوجه التشابه بين من حيث المنطق الفكري والأسلوب العملي بين المذابح التي أرتكبت قبل قرن ونيف وما يتعرض له المسيحيون في بلدان الشرق الأوسط وخاصة في العراق. طبع هذا الكتاب لأول مرة في عام 1919 في بيروت والطبعة الثانية في السويد عام1998.الأب إسحق أرملة من مواليد بيث نهرين التركية 6 شباط 1879سيم كاهنا في 8 أيلول 1903 وتوفي في 2 ايلول عام 1954 في بيروت.
من مؤلفاته:1- الأصول الابتدائية   في اللغة السريانية وطبع عام 1922
2- القصارى في نكبات النصارى, طبع عام 1919. 3-تاريخ مخطوطات دير الشرفة
4- ورغبة في الأحداث ألفه بالسريانية وهو جزآن 5- ناشر رسائل ف.بيت رابان وبركيلو,..الخ.

يتطرق المؤلف في الجزء الأول من الكتاب إلى حوادث ما بين النهرين الغابرة بين أعوام 1890-1914 وفي الجزء الثاني يكتب عن نكبات الحرب العامة 1915 أو ما يسمى مجازر الإبادة أثناء الحرب الكونية الأولى بين أعوام 1914-1918 وفي الجزء الثالث والرابع والخامس يكتب المذابح والسبي والسجون وسائر الفظائع الأخرى وكذلك مذابح التي نفذت في منطقة طور عابدين ضد القرى والأديرة والكنائس وإبادة سكانها بأفظع الطرق البربرية بإسم الجهاد الديني لقتل الكفار( الكاور) من المسيحيين.
 هذا الكتاب يعتبر وثيقة تاريخية نادرة, وذات أهمية كبرى تسجل تفاصيل حملات الإبادة والأعمال الإجرامية التي مورست بحق الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ والعزل من السلاح.وهي ذات قيمة فائقة لأنها كتبت من قبل شاهد عيان من أبناء الأمة الآشورية التي أرتكبت المجازر بحق كافة كنائسهم المختلفة من الكلدان والسريان الأورثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وكنيسة المشرق.وما كتب في هذا المؤلف القيم يأتي متطابقا مع كتاب شهود عيان أخرين مسلمين عرب كالسيد فائز الغصين(مذابح أرمينيا) والسيد الصحفي العثماني المرموق مولان زاده رفعت(الوجه الخفي للإنقلاب التركي)وقد تطرقنا إلى مؤلفاتهم في كتابات سابقة وهي موجودة على الموقع الفرعي لنا في الحوار المتمدن شاكرين لهم جهودهم الجبارة.                                                      http://www.ahewar.org/m.asp?i=2095               وما كتب عن مجازر الإبادة والأحداث الأليمة والمآسي الفظيعة التي ورد ذكرها في الكتاب يتفق تماما مع المعاناة الحقيقية التي عاشها أهلنا, آبائنا وأجدادنا الذين قدر أن يكتب لهم الحياة.والذين بدورهم كانو ينقلون لنا قصص وحكيات تلك المجازر الفظيعة, وذكرياتهم  عن تلك الجرائم الكارثية والألام التي عاشوها في تلك الأيام الرهيبة.والكتاب هو نادر والأول الذي صدر, وكانت لا تزال أعمال القتل ترتكب في مناطق أخرى في بلاد مابين النهرين.حيث دمرة البنية الإجتماعية و العائلية والأقتصادية  وكافة مقومات الحياة,حيث  تم إبادة أكثر من ثلثي الشعب وكان المشردون الباقون في العراء أو ما تبقى من الأديرة والكنائس يعانون من الأمراض والمجاعة.

والكاتب يتحدث بشكل دقيق عن مجريات الأحداث في العديد من البلدات والمدن والقرى في منطقة طور عابدين وهو يذكر مجازر آميد( ديار بكر)عام 1895 على الشكل التالي:(في غرة تشرين الثاني 1895 شبت نيران الاضطهاد على المسيحيين عموما وعلى الارمن خصوصا في بلاد ارمينية.فشمر وجهاء المسلمين بديار بكر كجميل باشا واولاده وبهرم باشا...وغيرهم وكتبو الى جميع الاكراد والعشائر يستعدونهم على النهب والقتل.ووعدوهم في حين حضورهم الى ديار بكر يدفعون لهم الاسلحة الكافية ليفتكوا بالنصارى ويحتووا(يستولوا)على اموالهم.ثم صرحوا لهم ان يوافوا عند الظهيرة الى جامع ولي جامي
...)وبناء على طلب الوجهاء تم التجمع أمام الجامع وأجتمعوا من بداخله وحسب الخطة المرسومة بدأ إطلاق النار ومن ثم هجموا على المخازن والدكاكين والأسواق والبيوت...وعند غروب الشمس قلبوا زيت ا لبترول على ما بقي بها من البضائع واحرقوها كلها.أما القنصل الفرنساوي فلما شاهد المسلمين والاكراد هائجين صعد الى سطح القنصلية وتناول الراية واخذ يرفعها ويخفضها طالبا النجدة والمغوثة. فاوفد انيس باشا الوالي  الى داره عشرين جنديا ليحموه. وكما يقول المؤلف ...وثابر المسلمون والاجلاف يقتلون وينهبون حتى صباح الاثنين رابع تشرين الثاني.وبعد ذلك توجه بعض من وجهاء الأرمن كالخواجا اوسيب قزازيان  كبير الأرمن الكاثوليك الى دار الحكومة يطلبون من الوالي ان يلقي القبض على اصحاب الفتنة لتسود الطمأنينة.وبدل أن يستجيب لطلبهم تم الزج بهم في السجن.

وبذل مطران السريان الأرثوذكس جهودا للحد من عمليات القتل والنهب في مدينة ديار بكرولكن بدون جدوى. ومن ثم طلب الوالي البطريرك عبد المسيح أن يحضر إليه من ماردين ولبى الدعوة حالا وتوجه إلى دار الحكومة حيث كان الوالي مجتمعا مع كبار العشائر يتشاورون.طلب الوالي منه أن يصدر الأوامر الى المسيحيين ليدفعوا للحكومة ما عندهم من الاسلحة فوعده البطريرك بذلك.وغادر البطريرك برفقة مسؤولين والعسكر إلى الكنيسة ولم يجدوا أي سلاح. ...وباغت الاكراد دور الوجهاء ونهبوا وقتلوا من شاؤا واستحيوا من شاؤا وكسروا صناديق الجواهر واختلسوا وسلبوا البضائع والامتعة وظلوا كذلك ثلاثة ايام.وفي هذه الأثناء جمع البطرك والكهنة المسيحيين في الكنائس يؤمنون لهم ما استطاعوا من الغذاء  وشيء من الحماية. .. وبعد ايام حضر البريد الى ماردين في عشرين ضابطا حاملين الرسائل من وجهاء ديار بكر الى المسلمين يقولون لهم" لو كنتم مسلمين لافتعلتم بماردين ما افتعلنا بديار بكر" فنشم المسلمون في الشر طبقا لشورتهم كما سترى.واستمرة المخاطر على المسيحيين في ديار بكر حتى 18 كانون الاول فحضر من العاصمة ثلاثة مفتشين وهم سامي بك وعبد الله باشا الفريق ويوسف رشدي.  فسار الرؤساء الروحيين لزيرتهم فستقبلوهم بالاكرام.ثم اندفع سامي بك يطمئنهم ويؤمنهم ونشر ورقة فيها مانصه بتصرف (لقد تحقق لجلالة مولانا السلطان ما جرى من اواقائع المزعجة في بعض انحاء الاناضول كسامسون وسيواس ومعمورة العزيز وديار بكر لسبب ثورة الارمن وبناء على طلب رؤساء الولايات من الاعتاب الشاهانية قد صدرت الادارة السنية بارسالنا للتفتيش عما جرى واتخاذالوسائل الفعالةلاصلاح الولايات وارجاع الراحة والطمأنينة اليها.فغادرنا العاصمة وطفنا تلك اولايات فرأينا ان ما حدث فيها من الفظائع يفوق ما جرى في ديار بكر فتأسفنا لذلك مزيد الاسف. ..."ان من قاوم اوامر السلطان قاوم اوامر الله فاعداء الدولة القوا المشاغب في بعض اللمالك المحروسة ليسببوا الاضرار لعموم التبعة.فتأتي من ذلك ان  الضررشمل الدولة والملة معا وتناول عموم المسلمين والمسيحيين.مع ان الدولة لا ترغب الا راحة عموم المنتمين اليها على ان الرعية كلها في نظر الحكومة متساوية لا فرق عندها بين المسلم والمسيحي طبقا للشريع الاسلامية والنظامات السنية. ومما يؤيد ذلكانعامات مولانا السلطان عبد الحميد خان الثاني على المسيحيين بالرتب السامية ولاوسمة الشريفة. لان المسلمين والنصارى في نظرهم هم على حد سوى. ولا فرق بين مال المسلم والنصرني.واعلموا ان ما قلناه منقول عن لسان الذات الشاهانية وها اننا بفضلها متخذون الاحتياط اللازم لراحة العموم. ولا يغلب على ظنكم ان الحقوق مهضومة.كلا بل لا بد ان يعود لكل حقه).
أولا المعذرة على هذا النقل الطويل شيء ما. ولكن هدفنا من ذلك هو الكشف عن أوجه التشابه في طرح هؤلاء قبل أكثر من قرن ونيف, وبين الطغمة الحاكمة في العراق ومصر بشأن حقوق المسيحيين, والمذابح التي ترتكب بحقهم, ومواقف السلطات الحاكمة فيها وأساليب التستر على الفاعلين. وعدم الكشف عن من أرتكب تلك المذابح وعدم تقديم أي مقصر ومتواطىء ومساهم ومخطط ومنفذ لتلك الأعمال البربرية. وكذلك التصاريح الخالية من أي حقيقة ألا وهي المساواة بين المواطنين بغض النظر عن الإنتماء الديني والقومي.وهذا افتراء فاضح ينافي كل الحقائق على أرض الواقع.كما لم تكشف كل التحقيقات قبل قرن من الزمن عن أي نتائج تذكر, سوى تلك التي تخدم مصالح السلاطين وكذلك الحال هو في العراق  أو مصرسوف لن تظهر نتائج حقيقية إلا بعض التسريبات التي تخدم مصالح الطغم الحاكمة.وان مطالب رجال الدين المسيحي بمختلف كنائسهم  ودعوتهم السلطات الحاكمة في العراق لحماية المسيحيين ومنحهم حقوقهم الدينية والقومية لم تغير شيء من واقع المعاناة والاضطهاد والقتل والتشريد الذي يتعرضون له. وهذا يؤكد بطلان مقولة المساواة والعدالة وصاحب الحق يأخذ حقه , والكل متساون في نظر الحكومة. وعلى ما يبدوا أن الطغم الحاكمة بالرغم من كل المعاناة والقتل والتشريد القسري الذي يصيب المسيحيين تعتقد بأن حقيقتهم غير مكشوفة للناس. وما زالوا يمارسون لعبتهم القذرة بحق الشعوب ويستمرون في الكذب والنفاق. كما فعل أسلافهم من الطغاة السلاطين سابقا1895(جاء في الرسالة التي ارسلها نائب القنصل الفرنسي في ديار بكر السيد مايرييه في يوم 18|12|1895الى سفير فرنسا في القسطنطينية "اسطنبول" السيد كامبون ان الاحداث المأسوية التي حصلت بتاريخ الأول والثاني والثالث من تشرين الثاني عام 1895 قد تمت فيها إبادة أكثر من35 الف من الآشوريين"السريان" في مدينة ديار بكر والقرى التابعة لها.وحتى هذا التاريخ الدولة لم يتم الإعتراف بتلك المجازر وتحمل المسؤولية لجهات خارجة عن آوامر السلطان والسلطة كما هو الحال اليوم في العراق.

 



127
  الثورة الشعبية التونسية إلى أين ؟   
                                 

                                                                                                                د.جميل حنا

الثورة يصنعها الرجال والنساء الرافضين للإستبداد والأنظمة الديكتاتورية, والشجعان الذين  لم يستسلموا لإرادة الطغاة من السلاطين. ثورة أبناء تونس الخضراء والحمراء فجرها جموع الكادحين من العمال والمثقفين الثوريين والديمقراطيين والليبراليين وجيش العاطلين عن العمل. جيش المناضلين من أجل الحرية الحقيقية والعدالة والمساواة بين كافة أطياف الشعب. ثورة من أجل لقمة العيش الكريم والكلمة الحرة المعبرة عن الروح الإنسانية التي كانت تختنق في الحناجر.ثورة حطمت نير نظام الإستبداد وحكم الفرد الديكتاتوري وحاشيته من اللصوص والإنتهازيين سارقي لقمة الفقراء.الشعب التونسي قدم درسا عظيما لكل شعوب المنطقة في البلدان العربية من المحيط إلى الخليج. بأن إرادة الشعوب في الحياة الحرة والكريمة يمكن تحقيقها بالوسائل السلمية حينما تواجه الأيادي الخالية من أي سلاح والصدور المنفتحة لتقبل كل الضربات والتضحيات من أجل بناء مجتمع علماني ديمقراطي وحر يحقق المساواة بين الرجال والنساء وينبذ التمييز العنصري بكافة أشكاله.ثورة من أجل بناء دولة حديثة يكون نظام الحكم فيه للشعب ويكون تداول السلطة فيه سلميا وديمقراطيا حسب دستور متطور ينسجم مع أرقى الدساتير العالمية ويلتزم روح وجوهر المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحافظ وتأمن الحرية والسلام والعدالة والمساواة لكافة أبناء الوطن.

الثورة الشعبية التونسية هي الأولى في القرن الحادي والعشرين في عقدها الأول.ثورة تونس الحاضرة في حياتنا والتي أسعدتنا ومنحتنا الأمل والبسمة, يسجل صفحة ثورية جديدة للتاريخ ليكون بداية سجل التغييرات في حياة الشعوب في البلدان العربية من المحيط إلى الخليج.الثورات القادمة ستكون ثورات المضطهدين والمسحوقين والفقراء وجيوش العاطلين عن العمل والعمال والفلاحين والمثقفين الثوريين المحرومين من الحرية والحقوق ولقمة العيش الكريم. المرحلة القادمة ستكون عهد الثورات الشعبية التي ستحطم حصون أجهزة القمع وأنظمة الإستبداد والطغيان لتدشين عهدا جديدا هو عهد الشعوب الحرة.

عندما أضرم محمد البوعزيزي النار في جسده لم يكن يعلم أنه أضرم لهيب النار والثورة الشعبية بالديكتاتور وحكمه الإستبدادي.وأن روح التضحية والشهادة من أجل القضية العادلة قضية الشعب أيقظ جموع الجماهير المستسلمة لواقعها المرير وأشعل سراج لتنير الدرب أمام المضطهدين لتسير في طريق الحرية والإنعتاق من الظلم والعبودية.والشهادة من أجل الوطن والشعب لا بد أن يعطي ثماره للجميع. وثورة الشعب السلمية لاتكون بدون زهق الأرواح وبذل الدم, لأن الطغاة يسفكون دماء الأبرياء من أجل الحفاظ على سلطتهم, والقمع والقتل وسيلتهم في ذلك.والتحررمن العبودية له سجل خالد في حياة الشعوب على مدى التاريخ ,أن عبيد روما سطروا ملحمة بطولية في وجه القيصر الطاغية ومنذ ذلك الحين شعوب الكون في كل القارات تقدم التضحيات الجسيمة من أجل التحرر والحرية. وفي كل الأزمنة الطغاة لا يؤخذون العبر بأن الشعوب لن ترضخ للعبودية مهما مورس بحقها من أساليب الإستبداد والقتل وزج الأحرار في السجون وحرمانها من لقمة العيش.الشعوب تضحي بحياتها من أجل الحرية ولن ترضى العيش بدون كرامة وهي مذلة خنوعة. وإما الحياة الحرة الكريمة وإما الموت أو الإستشهاد من أجل الوطن والشعب.

الشعب التونسي يحقق مكاسب هامة في تاريخه وهذا هو حقه الطبيعي . وهذا المكسب قدم من أجله الشهداء وتضحيات جسيمة على مدى عقود طويلة من الزمن في ظل النظام الديكتاتوري وسلطة الفرد المطلقة .حيث زج بالمناضلين من الشيوعيين واليساريين وغيرهم في السجون بسبب مواقفهم من سلطة الفرد والحكم الديكتاتوري.أن تحقيق الثورة يتطلب تضحيات جسيمة, والحفاظ على مكاسب الثورة يحتاج إلى عمل أكثر, وحنكة إدارية وسلوك فردي يكون المثل الصالح, وكذلك اليقظة الثورية وتنظيم الصفوف في مواجهة أعداء الثورة . الذين سوف ينتحلون أشكالا مختلفة في العمل الدعائي السياسي والعملي لضرب الثورة أو العمل على إفراغ الثورة من مضمونها وجوهرها الحقيقي. أن أعداء الثورة هم كثر في العالم العربي بالرغم من التأييد والبيانات المؤيدة لثورة الشعب. إلا أن القوى الرجعية والديكتاتورية  والأنظمة الإستبدادية لن يهدء بالها بوجود نظام ديمقراطي علماني حقيقي في بلد عربي لأنه يشكل تهديدا مباشرا لنظامها. وأن القوى الدينية الظلامية التي ستحاول السيطرة وخطف منجزات الشعب والطبقة العاملة لصالحها بدعم من مختلف الأنظمة والدول المحيطة بتونس وغيرها في المنطقة العربية.

أن الحركة اليسارية والشيوعية والديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات التي لها تاريخ نضالي عريق وتجربة في الحياة التنظيمية ستكون بحاجة اليوم ربما أكثر من أي وقت مضى. إلى تنظيم صفوفها وبناء جبهة عريضة قوية تشمل كل القوى التي تؤمن بالنظام الديمقراطي العلماني, ويفصل الدين عن الدولة والسياسة, و الذي يحقق المساواة بين المرأة والرجل, ويؤمن بالتداول السلمي للسلطة . أن اليقظة الثورية لا بد أن تكون من سمات المرحلة القادمة لكي تحافظ الثورة على منجزاتها وتحقيق المزيد من المكاسب للوطن والشعب.
أننا فخورين جدا بثورة الشعب التونسي ونحيي إراتهم في التضحية وتقديم الشهداء.نبارك لكم ثورتكم وحافظوا عليها كما تحافظون على قرة عيونكم. عاشت ثورة تونس الخضراء الحمراء.والحرية لكافة الشعوب بكل إنتماءاتها العرقية والدينية في البلدان العربية من المحيط إلى الخليج.

128
الديمقراطية في العراق وسوريا وحق الشعوب 
               

                                                                                                              د.جميل حنا

كان وما زال النضال من أجل الحياة الديمقراطية ودمقرطة المجتمعات أحدى سمات القرن العشرين,الذي توج كفاح شعوب كثيرة في مختلف قارات العالم على مدى عهود طويلة. وقدمت تضحيات جسيمة من أجل تثبيت مفهوم الديمقراطية في الحياة الإجتماعية. والديمقراطية هذه الكلمة المتوارثة لشعوب الكون منذ عهد الأمبراطورية الرومانية البيزنطية تجلت مضامينها في حياة الكثير من المجتمعات كنظام قيم إجتماعية وسياسية وثقافية بأرقى أشكالها الإنسانية. وأصبحت نظام حياة للأفراد قبل أن تكون من مبادىء وقيم الأنظمة السياسية الديمقراطية. والديمقراطية العملية أو الفعلية كانت مصدر قوة في بناء مجتمعات متطورة ومزدهرة تحافظ على حق الفرد في الحرية الشخصية وحرية أبداء الرأي في كافة أمور الحياة, ومنها ممارسات نظام الحكم والحكام والسلطات بأنواعها في البلد على المستوى القطري والمحلي. وكذلك إبداء الرأي حول سياسة الأحزاب ومختلف المؤسسات العاملة في الوطن أو خارجه. بدون أن يترتب على من يبدي رأيا مخالفا لأهل السلطة أي عقوبات, أو ينتابه أي شعور بالخوف أو إلحاق الأذى به بسبب أرائه ومواقفه هذه.لأن السلطة المنبثقة من العملية السياسية الديمقراطية لا تخاف الشعب الذي منحها الثقة لكي تقود البلد بشرط أن تنجز مهامها بما يخدم مصالح الوطن والشعب, وليس المصالح الفردية والحزبية والطائفية. أن وجود هؤلاء في قيادة البلد هوبفضل الحياة الديمقراطية كما يدعون أذا الديمقراطية حقوق وواجبات ومسؤولية كبرى يجب تحمل نتائجها سلبا وإيجابا. وهذه الديمقراطية يمارسها الفرد وعلى السلطة أن تمارسها أيضا بروح المسؤولية التامة وأن أحترام الرأي المغاير مصدر قوة السلطة.على أن لا تستعمل السلطة المنتخبة ديمقراطيا لفرض توجهاتها بالطرق اللاشرعية على المجتمع أو المعارضين لها. وإنما إفساح المجال أمام الجميع ليمارس نشاطه السياسي والمدني والثقافي ويدافع عن حقوقه وخصوصياته بما ينسجم مع تعزيز الوحدة الوطنية وتطويره في كافة المجالات وحماية الوطن من التدخل الخارجي.

الديمقراطية نظام حياة قبل أن تكون  نظام سياسي وهي مجموعة من القيم التي تبنى عليها الحياة الإجتماعية في الكثيرمن البلدان التي أختارة السيرفي طريق النهج الديمقراطي.وهذه الديمقراطية لا تأتي من الفراغ بل تبدأ ممارسته وتعلمه في حياة الفرد في العائلة ومن ثم تستمر في الحياة الإجتماعية منذ أن يدخل الطفل في مجتمعة الجديد في دورالحضانة والمدرسة والجامعة. وذلك بتدريس مناهج التعليم التي تحترم التنوع الثقافي والحضاري والديني والإثني التاريخي لمكونات المجتمع.الذي يمنح للجميع فرص متساوية في الدراسة والعمل وتبوىء مناصب الدولة بحسب إنتخابات حرة ديمقراطية صحيحة مع مراعاة حقوق المكونات الإثنية والدينية الأقل عددا.وكذلك في العمل والحياة السياسة أوالأنخراط  في نشاط مؤسسات المجتمع المدني.أي بناء مجتمع خال من طغيان أي فئة على فئة أخرى تحت أي حجة كانت, سوى كانت تحت شعارالأغلبية او تحت شعار ديني أو قومي أو سياسي.أن عدم الإلتزام بهذه المبادىء او خرق أي جزئية فهو مضاد لمبادىءالديمقراطية تحت اي من الشعارات المذكورة.وفي هذه الحالة تكون الديمقراطية أداة قمع في يد من يملك القوة العسكرية والمالية والغالبية القائمة على أساس السياسة أو الدين أوالقومية ضد مكونات المجتمع الأقل عددا والمغاير عقائديا وإثنيا عن الأكثرية.

ومن هذا المنطلق هل هناك من تطبيق عملي لديمقراطية حقيقية في العراق وسوريا؟

أن حياة الإنسان والمجموعات البشرية قائم على مجموعة من القيم والقوانين تنظم بحسبها أمور الإنسان وتعامله مع البيئة المحيطة به.وهذا الأمر كان سائدا منذ أن وجد الإنسان على وجه الأرض. وقبل أزمنة الكتابة كانت حياة البشر قائمة على قوانين بسيطة غير مكتوبة ولكنها كانت محفوظة وجدانيا يتبعها الفرد في أسرته وفي العشيرة لكي تسيرالحياة وفق منهج يضمن استمرارالحياة المشتركة للجميع بالرغم من قساوة شؤون الكون من حولهم.
وفي عهد الكتابة ظهرت للوجود أول شرائع الكون على يد المشرع حمورابي في بلاد الرافدين الذي يتضمن قوانين حياة المجتمع وحقوق وواجبات الفرد في مجتمعه. ومنذ ذلك الحين نجد أن حياة الدول والأمبراطوريات عبرالتاريخ يبنى على أساس كم هائل من القوانين يضمن حق المواطن و سلامة حسن سيرالمجتمع في الأتجاه الصحيح.
فإذا أساس أي حق للفرد في المجتمع يجب أن تكون مثبتة في قوانين الدولة والدستور يجب أن يكون كتاب كل أبناء الوطن بمختلف الأعراق والأديان والثقافات والكل يجب أن يجد فيه ما يضمن حقه في ممارسة خصوصياته الثقافية واللغوية والدينية والقومية ...
فإذا ألقينا نظرة على دستور العراق وسوريا نجد فيه إجحاف وتمييز عنصري ديني وقومي
أنطلاقا من أن الإسلام مصدرأساسي للتشريع وهذا البند في الدستور كافي أن يلغي كافة التفاصيل الأخرى على إيجابيتها. لأن هذه الفقرة تلغي جوهر الدستور الضمانة الأساسية في فكرة المساواة والعدالة في المجتمع وبين أتباع مختلف الأديان والأثنيات.هل يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية وفرض أحكامها على غير المسلمين من المسيحيين واليزيديين والصائبة المندائيين والدروز والعلويين والأسماعيليين وغيرهم من أبناء الوطن من العلمانيين وكافة الإتجاهات الأخرى التي لاتأمن بالشريعة الإسلامية وأن كانوا مسلمين.
هل يعترف الدستور السوري بالمكونات العرقية الأخرى في المجتمع السوري وهل تملك أي حقوق قومية الشعب الآشوري بتسمياتهم المختلفة من السريان والكلدان أو الآراميين وهم المكون الأصيل لسوريا عبر التاريخ وهل يملك الأكراد واليزيديين وغيرهم بأي حقوق دستورية.الدستور العراقي همش دور وتاريخ الشعب الآشوري بكل تسمياته المختلفة وأيضا هو المكون الأصيل للبلد بأعتراف الجميع وأنتقص من مكانته التاريخية والثقافية.
في سوريا لآ يوجد أي تمثيل للمكونات العرقية في الهيئات التشريعية والتنفيذية . وفي العراق أختزل تمثيل الشعب الآشوري بكل مكوناته بوزارة خدماتية لا تعبر عن حقيقية ودور هذا الشعب وتضحياته عبر التاريخ من أجل العراق. ولن أدخل في جزئيات كثيرة في دستور هذين البلدين كنموزج للحالة السائدة في منطقة الشرق الأوسط , وأن الأدعاء بالديمقراطية لا ينطبق مع الواقع العملي في حياة هذه المجتمعات وخاصة على المكونات غير العربية.

ولذلك نجد في الغالبية العظمى من أنظمة الحكم في بلدان الشرق الأوسط أن تبني شعار الديمقراطية ما هو إلا أداة قمع لضرب أصحاب الرأي المغاير واضطهاد أبناء القوميات والعقائد الدينية الأقل عددا وحرمانها من حقوقها القومية والدينية وتنتهك الحريات والحقوق الفردية لأبناء هذه المكونات الاجتماعية.لأن هذه الدول التي عملت وتعمل على بناء نظام إسلامي يلتزم الشريعة الإسلامية في مجتمعات متعددة القوميات والأديان وأحزاب سياسية مختلفة النظريات الفكرية.  وسياسة البلد قائم على التعتيم الأعلامي والتاريخي والثقافي سواء في المدارس أو الجامعات وهناك إجحاف بحق هؤلاء بشغل مناصب في أجهزة الدولة كممثلين عن المكون الديني والإثني الذي ينتمون إليه. لذلك نجد الكثير من أبناء الوطن في مناطق مختلفة لا تعلم شيئا عن التنوع الثقافي والديني القومي اللغوي لشركائه من أبناء الوطن بسبب ظروف ومكان العيش الذي هو فيه ربما لا يوجد في محيطه هذا التنوع. ولا يدرس في المدارس عن هذا التنوع الثقافي في المدارس بل يدرس التاريخ المزيف وتحرف الحقائق التاريخية ليخدم مصالح ووجهة قومية ودينية وسياسية معينة وبالطبع هذا يخالف مباديء الديمقراطية والعيش المشترك. لآن الديمقراطية ليست أرقام لصالح الغالبية وأنما الديمقراطية يعني هو تأمين حقوق الجميع بغض النظر عن العدد والإنتماء الديني والإثني وهذا هو هدف الديمقراطية.

ولذى في هذه الحالة أنه لم يتبقى من الديمقراطية الفعلية المطبقة في الواقع الفعلي في حياة المجتمع سوى الكلمة الخالية من قيمها الحقيقية التي تستخدم من قبل الأكثرية كرقم حسابي وهذا لا يحقق قاعدة أساسية لبناء مجتمع قائم على المساواة والعدالة بين مختلف مكونات الطيف الوطني.وتفقد الديمقراطية جوهرها وتتبخر ولم يتبقى منها سوى الإطار الظاهر منه حيث يستعمل كدرع وسلاح فتاك ليكون أداة قمع واضطهاد وتسلط في يد الأكثرية.وما يسمى بالديمقراطية المطبقة في بلدان الشرق الأوسط تدمر وتقضي على مبادىء المساواة بين الجميع على قاعدة الحقوق الدستورية التي تضمن حقوق متساوية لجميع مكونات المجتمع بغض النظر على الدين والقومية والثقافة والتوجه السياسي منسجما مع مبادىء وأعلان حقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

ولذلك نجد أن الإيمان بالديمقراطية بدأ يفقد من مكانته بين أوساط واسعة بين الجماهير نتيجة المظالم التي يعاني منها قطاعات شاسعة من الشعوب في هذه البلدان. وأصبح مفهوم الديمقراطية مرتبط بالاضطهاد والقتل والسجون وسلب الحريات القومية والدينيةوالملاحقات السياسية والخوف الدائم والجهل والبطالة والفقروتدني مستوى التعليم.فهذه المظالم تصيب بالأساس أبناء الإثنيات الأقل عددا في المجتمع والتي تعاني الحرمان على مدى عشرات السنين في ظل أنظمة تطلق شعار الديمقراطية والإنتخابات الحرة. وهذه الجماهير لم تلمس أي شيء إيجابي هام بالنسبة لها من الديمقراطية المطروحة بشكلها المزيف.

وبعدما كانت الديمقراطية فكرة عامة شهد لها القرن العشرين بإنجازاة على الصعيد الإنسانية  وخاصة مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.ألا أن العقدين الأخيرين يشهد تحولا وردة فعل سلبية من الديمقراطية وذلك بسبب إنتهاك الديمقراطية ولم تعش شعوب منطقتنا الديمقراطية الحقيقية بل أصبح بعض الناس ينبذ فكرة الديمقراطية. أذ أن وعي الجماهير أرتبط بمفهوم الديمقراطية بأنه لا تجلب إلا الويلات لأنهم لم يجدوا من الديمقراطية ما يفيدهم. وربما كان هذا أحدى أدواة المتسلطين وهدفهم إبعاد الجماهير عن المطالبة بالديمقراطية وفقط لكي يبقى شعارا براقا بل وأن لا يكون إلا مجرد أداة في يد من يملك السلطة يستخدم حسب متطلبات المرحلة وبهذا ضمانة لاستمراروإهانة الشعوب والرضوخ لسلطة الحاكم والعائلة والحزب الحاكم .

أن الديمقراطية خلال تاريخها الطويل منذ القدم كانت عرضة لمحاولات أعدائها  لتشويهها ومعترضيها لخنقها أو الكتمان على قيمها في العصور المختلفة حتى يومنا هذا في ظل أنظمة عديدة في بلدان العالم وخاصة في بلدان الشرق الأوسط. ولكن حاجة الناس له كمطلب أساسي في الحياة الأجتماعية والسياسية والثقافية وكأساس عدل ومساواة بين المواطنين بغض النظر عن الإنتماء العرقي أو العقائدي الديني والسياسي أصبحت الديمقراطيةمطلب البشرية جمعاء فلذلك لم تستطع القوى المعادية إيقاف تأثير فكرة الديمقراطية على عقول الناس في العالم . ولذلك أخذت الأنظمة في العديد من بلدان العالم تبحث عن ديمقرطيتها الخاصة بهاوالتي لا تغير من حيث الأساس من جوهر ممارسات وطبيعة تلك الأنظمةالتي تتسم بالطابع القومي العنصري والتعصب الديني والحكم الديكتاتوري المتمثل في شخص القائد وأفراد عائلته مع القابه الطويلة وحكم الحزب الشمولي المطلق.وإنما أصبحت الديمقراطية سلاح فعال من في يدهم زمام قيادة البلد يستعمل لإضطهاد المعارضين للسلطة والسلطان.فلذلك أصبحت الديمقراطية في العديد من المجتمعات بدل أن تكون أساس للمساواة والعدل والحرية أصبحت أداة قمع واضطهاد ومصادرة حرية الأخرين من فئات المجتمع بتنوعهم القومي والديني والثقافي والسياسي.

وهنا تبرز أمور خطيرة في المجتمع أولها الأنقسام الأجتماعي وهشاشة الوحدة الوطنية وإضعاف البلد في مواجهة التحديات الخارجية.ومن ثم فقدان النظام شرعيته لأنه يمثل فئة واحدة حتى ولو كانت أكثرية على حساب بقية مكونات المجتمع من أديان وقوميات أخرى.
والأذى الكبير الذي تتتعرض له هذه المكونات بعدم الحصول على أي دور في قيادة البلد وأنما يكونون عرضة لأتهامات مسبقة بالعمالة للخارج والخيانة للوطن تحت طائلة قانون الأحكام العرفية السائدة في البلد أو شرائع أحكام الشريعة الإسلامية أو الدساتير القومية الشوفينية.عدم تكافىء الفرص بين الغالبية وأبناء المكونات الأخرى في الجتمع في مجال العمل والتمثيل في مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية وأشغال مناصب هامة في الدولة. عدم الحصول على المال من موارد الثروة الوطنية لتطوير الحياة الأقتصادية لرفع مستوى المعيشة لهذه المكونات في مناطق تواجدها. حرمان أبناء المكونات العرقية المختلفة من التعلم بلغتها الأم وثقافتها في مدارس الدولة.عدم منح أي فرصة لأبناء هذه المكونات لأظهار ثقافتها وعاداتها وتقاليده ولغتها وتاريخها في وسائل أعلام الدولة المقرؤة والمسموعة والمرئية.
وهذه الأمور مجتمعة تجعل أبناء هذه المكونات تشعر بأنهم مواطنين من الدرجات الدنيا وعدم الشعور بالأمان والأستقرار ومصدر توتر بين مختلف مكونات المجتمع مما يدفع بالكثيرين إلى الهجرة بحثا عن الأمان المفقود في أوطانهم.

هذه الأنظمة لا تراعي التنوع الإثني والديني لمجتمعاتها ولا تراعي القوانين والمعاهدات الدولية بأن حقوق الشعوب لا تمنح على أساس العدد, وإنما الحقوق تمنح على أساس التنوع الإثني العرقي و الديني والثقافة و التاريخ واللغة.

أذا الديمقراطية الحقيقية لا وجود لها تحت حكم سلطة النظام الديكتاتوري والقومي الشوفيني والديني العنصري.لا ديمقراطية حقيقية في الأنظمة الأستبدادية التي تحرم قوميات وأديان من حقوقها الطبيعية وتسلط أجهزتها الأمنية القمعية وميليشياتها لأرهاب الناس وقتلهم وزجهم في السجون.لا ديمقراطية حقيقية في ظل الشريعة الإسلامية التي تفرض بقوة السيف والقوة والجريمة على مكونات المجتمع أبناء الأديان الأخرى من المسيحيين واليزيديين والصابئة المندائيين والدروز والعلويين والأخرين.لا ديمقراطية في الدول القوموإسلامية في بلدان الشرق الأوسط وما يحدث اليوم في العراق وسوريا ومصر للمسيحيين هو بسبب المخطط المنظم من قبل هذه الأنظمة بأنهاء الوجود القومي والديني للمسيحيين في المنطقة.
وللأطلاع على المزيد شاهدوا مقالنا الموسوم بعنوان: الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين , الحوار المتمدن العدد 2127تاريخ12\ 12\ 2007
www.ahewar.org/m.asp?i=2095
2011|01|02

   





 

129
 
شهداء الشعب الآشوري المسيحي العراقي في عام 2010 والشهاده من أجل الوطن


                                                                                                                   د.جميل حنا

أيام قلائل تفصلناعلى عتبة وداع عام 2010 وإستقبال عام 2011 . وبهذه المناسبة نتمنى بأن يكون العام الجديد عاما سعيدا لكل البشرية ويتحقق فيه التقدم والإزدهارللعالم أجمع,عاما خال من الحروب والاضطهاد والظلم. وأن تعيش الشعوب في عالم يسوده السلام والأمان والحرية للجميع.أن عام 2010 هو من حيث المقياس الزمني كغيره من الأعوام السابقة لايختلف بشيء عن الأعوام المنصرمة.ولكنها قد تعني للبعض الكثير ولأخرين قد لا تعني شيء سوى أنه مضى عام أخر من العمر.الأعوام من حيث الأحداث ليست بنفس المغذى للجميع, أعوام في التاريخ تحمل في طياتها أحداث تاريخية هامة أحدثت منعطفا تاريخيا هاما في حياة البشرية جمعاء أو في حياة الدول والمجتمعات والأفراد وذلك بسبب الحروب الكونية أو الحرب بين بعض الدول أو حروب أهلية وإرتكاب مجازر إبادة جماعية أو كوارث طبيعية أو أختراعات هامة في خدمة البشرية أو إلى ما أخره من أمور سجله التاريخ وذلك لأهميته أو أمور هامة على الصعيد الشخصي .

أذا نظرنا إلى عام 2010 وبالطبع لست بصدد عرض أحداث العام بكل مجرياتها ولكن بعض الأمور التي تخطر على الذهن أثناء كتابة هذه الأسطر.لم يشهد العالم حربا جديدا بالمعنى الحقيقي للكلمة بين الدول بأستثناء استمرار ما هو قائم مثل الوضع في الشرق الأوسط بين فلسطين وأسرائيل ولبنان واستمرار الهدوء التام على الجبهة السورية الإسرائيلية  ووضع العراق المأساوي والحرب في أفغانستان وملاحقة الفصائل الإرهابية في باكستان واليمن وضرب بعض أوكارها من قبل أمريكا جوا وكذلك الصراع في دار فور بين بعض الفصائل المسلحة والقوات الحكومية السودانية وكذلك العمل لإتمام الإجراءات اللازمة  لأنتخابات جنوب السودان والإقرار حول مصير الجنوب بالوحدة أو الإنفصال.  والحرب الأهلية الصومالية والحرب في اليمن مع الحوثيين وكذلك الأقتتال حاليا في ساحل العاج على خلفية نتائج الأنتخابات التي حصلت في البلاد. الخلاف الغربي وغالبية الدول العربية مع إيران على خلفية برنامجها النووي.وجنوب شرق آسيا ايضا لم يكن خاليا تماما من المشاكل وذلك بسبب المناوشات الحدودية بين الكوريتين وبسبب البرنامج النووي الكوري الشمالي وكوارث طبيعية.

وكذلك خلافات في القارة الأمريكية بين فنزويلا وكولومبيا وكوارث طبيعية ومرض الكوليرا في هايتي.
واستمرار تدخل أمريكا في شؤون دول المنطقة ودول أخرى كثيرة في العالم .إتفاقية الحد من الأسلحة الاستراتيجية بين روسيا الاتحادية وأمريكا بإنتظار التصديق عليها من قبل الهيئات التشريعية في البلدين.الأزمة المالية العالمية وإنعكاسها على أوضاع الدول والشعوب في مختلف القارات العالمية.تنظيم ألعاب كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في القارة السمراء في جنوب أفريقيا.
العمليات الارهابية للقاعدة مستمرة في العالم وأخرها العملية الارهابية في ستوكهولم.وكذلك استمرار العنف والاضطهاد الديني والقومي والصراع المذهبي في بلدان الشرق الأوسط واستهداف الوجود المسيحي في المنطقة من قبل الأنظمة والفصائل الإسلامية المختلفة.دور بعض وسائل الأعلام في تغذية الصراعات الدينية والقومية والثقافية في العالم بين مختلف الشعوب.فضائح نشر الوثائق الأمريكية على موقع ويكيليكس الذي كشف ما كان من حيث الجوهر معروفا ولكنه كشف مع ذلك تفاصيل حساسة للدور والتعامل الأمريكي ومنطق تفكيرهم وتعاملهم من مختلف القضايا العالمية.
هذه بعض الأمور التي عاشها العالم بخطوطه العريضة مع تفرعاتها التي لاتحصى ولكن أعود بعد هذه المقدمة وبشكل مقتضب إلى أوضاع الشعب الآشوري المسيحي في العراق الذي قدم  قوافل الشهداء من أجل الوطن والهوية القومية وعقيدته الدينية.
الشعب الآشوري باني أحدى أعظم الحضارات العالمية المزدهرة في بلاد ما بين النهرين واستمرت سلطته السياسية قرون طويلة من الزمن حتى سقوط آشور وبابل عام 612و539قبل الميلاد.ومن ثم استمرار الحكم الآشوري في ممالك متفرقة في بلاد ما بين النهرين لقرون عديدة بعد الميلاد(الرها).
وفي القرن الأول الميلادي أعتنق الشعب الآشوري المسيحية على يد مار ماري ومار آدى ورأور في العقيدة الجديدة ما يتفق مع معتقداتهم الدينية في التوحيد أي وحدانية الله. وكذلك وجدوا فيه طريق للخلاص من الإحتلال الفارسي والروماني وذلك بتوحيد قواهم تحت راية المسيحية لبناء أمجاد أمبراطوريتهم مجددا.ولكن إعتناقهم المسيحية كلفهم الملايين من الشهداء.ومنذ ذلك الحين بدأ إضطهاد المسيحيين في روما على يد نيرون الطاغية وأيضا في بلاد ما بين النهرين من قبل الفرس والرومان وهو مستمر حتى يومنا هذا.وكان إضطهاد المسيحيين الآشوريين وقتل أعداد هائلة منهم من أجل أضعاف قوتهم البشرية للقضاء نهائيا على طموحاتهم السياسية القومية بإعادة بناء أمبراطوريتهم وكذلك القضاء على العقيدة الجديدة في المهد التي كانت تخالف المعتقدات الوثنية في كلا الأمبراطوريتان الرومانية البيزنطية والفارسية.

لذلك نجد أن إنتشار المسيحية بين صفوف الشعب الآشوري كان منذ اللحظة الأولى قائم على مبدأ التضحية بالنفس أي الشهادة من أجل عقيدة الإيمان وإنتمائه القومي وتحرير وطنه من المحتلين وبناء سلطته السياسية مجددا والتحرر من نير العبودية. ولذلك نجد منذ قيام كيان دولة العراق الحديث 1921 كان الشعب الآشوري رأس الحربة في الذود عن الحدود الجغرافية الحالية لعراق اليوم ولم يتحقق ذلك إلا نتيجة التضحيات الجسيمة وقوافل الشهداء التي قدمها من أجل تحرير وضم لواء الموصل إلى الدولة العراقية التي حاولت الدولة التركية خليفة السلاطين العثمانيين من سلبها والإبقاء عليها كما  كان الوضع على مدى أربعة قرون من الزمن.فكان الدفاع وتحرير أرض آشور قضية وطنية وقومية لتحرير هذا الجزء من الإحتلال العثماني التركي لكي يعيش الشعب الآشوري بإنتماءاته الكنسية المختلفة حرا في وطنه غير مستعبد من قبل أي محتل كان لأرضه التاريخية.

وكانت التضحيات الجسيمة هي من أجل الدفاع عن الذات وحماية الإنتماء والهوية القومية من الإنصهار أو الخنوع لأي قوة ظالمة تعمل بأساليب الترغيب والترهيب لإبتلاع ما تبقى من أرض آشور.ولأن الشعور بالمسؤولية كان ينبع من الوعي القومي والثقافي والحضاري تجاه مصير هذا الشعب ,لم يستسلم أبناء الأمة لكل محاولات الترغيب والوعود الكاذبة التي أختبرها شعبنا , وذلك من خلال التجارب المريرة التي عانى من مجازر الإبادة العرقية الجماعية التي أرتكبت ضده من قبل السلطات العثمانية وقوى العشائر الكردية المتعصبة دينيا وقوميا المتحالفة معه.ومن هذا المنطلق أصبحت فكرة البقاء والحفاظ على استمرار الكيان القومي لايمكن أن يتحقق إلا من خلال أرض آشور الحاضنة الطبيعية والضمانة الوحيدة للحفاظ على الوجود القومي لأبناء الأمة الآشورية,لكي يعيشوا أحرارا بحسب خصائصهم القومية والثقافية واللغوية والدينية وعاداتهم وتقاليدهم.

إن دماء الشهداءالذين قدموا حياتهم من أجل عقيدتهم الدينية والقومية في العراق في كافة العهود الملكية
 والجمهورية والديكتاتورية ومرحلة الأحتلال الأمريكي الصهيوني للعراق( مذبحة سميل1933مذبحة صورايا 1969ومذابح وتدمير1988ما يعرف بأحداث الأنفال.كان ينصب في إطار بناء الكيان القومي على جزء من أرض آشور.والشهداء الذين سقطوا على مدى أعوام الأحتلال الأمريكي الصهيوني للعراق منذ عام 2003 وتحالفهم مع القوى الأحزاب الإسلامية والقومية العربية والكردية الشوفينية,وكانت التضحية بالذات هو من أجل ذات الأهداف التي قدموا حياتهم من أجلها قوافل الشهداء. وكانت أهداف تلك القوى إنهاء الوجود القومي والديني وتحطيم إرادة التصميم في التمسك بالأرض والهوية القومية.

 دماء شهداء كنيسة سيدة النجاة  الذين أستشهدوا في المجزرة الرهيبة, التي أرتكبتها منظمة القاعدة الإسلامية وقوى أخرى متواطئة معها في السلطة, كان من أجل تمسك هؤلاء بعقيدتهم الدينية وإنتمائهم لأرضهم التاريخية.ودماء الشهداء كان سبب ورافد من روافد إيقاظ المشاعر القومية والدينية لدى الراقدين في سباتهم العميقة. وشكل بدء مرحلة بناء الوعي القومي لهؤلاء الغائبين عن واقعهم المأساوي. ويمكن الإرتقاء بهذه المواقف إذا أحسن التعامل معها لكي ترتقي بمواقفها وتتعامل مع الواقع المريروتتفاعل بروح المسؤولية والصمود على المدى الطويل أمام هذه الهجمة الشرسة.وان لا تكون ردود الأفعال آنية بل ذو أبعاد وأهداف استراتيجية تهدف إلى تحقيق مطالب أبناء الأمة الآشورية بأنتماءاتها الكنسية المختلفة في أرضهم التاريخيةعلى أرض آشور.روح الشهداء الطاهرة ودمائهم الزكية ترمم ما اًفسد في جسد الأمة عبر الدهور فهو يلعب دورإعادة تأهيل الوعي القومي والنفسي لمن انحرف بعيدا عن أهداف أمته. شهداء الشعب الآشوري المسيحي هم أكاليل المجد فوق رؤوس أبناء أمتهم ومشعل في أياديهم ينير الطريق أمامهم. فالأمة التي لا تمجد شهدائها تُبيد.

الشهداء الذين سقطوا في العراق في كنيسة سيدة النجاة وفي بغداد وفي الموصل وفي كل بقعة من أرض بلاد الرافدين تأكيد على روح الأنتماء الديني والقومي.فلذلك الشهادة ملحمة صمود في حياة الإنسان الآشوري المسيحي. وقد ترسخت تقاليد الشهادة في تاريخهم منذ القرن الأول الميلادي حتى يومنا هذا. وأن العلاقة الجدلية بين الثبات في عقيدة الإيمان وبين التمسك بالإنتماء القومي قام منذ البدء من أجل بناء الكيان القومي الحر لهذا الشعب على جزء من آرض آشور في إقليم آشور.
ومن هذا المنطلق أن الإنحراف عن هذه القيم يعد جريمة بحق ملايين الشهداء على مدى ألفين عام. وهو إنتكاسة للمواقف القومية المطروحة في برامج بعض الأحزاب الآشورية.أن التمسك بأسم الوطن التاريخي آشورهو التمسك بقيم حضارة بلاد الرافدين وثقافتها وتاريخها العريق الذي كان أحدى مراكز التنوير والمدنية في العالم والذي قدم للإنسانية مختلف العلوم. والتمسك بهذه القيم  موحدي الصفوف و القوى يحقق طموحات هذا الشعب في كيان دولة العراق الموحد في أقليم آشور.وما دون ذلك كطرح محافظة  للمسيحيين فهو تقزيم لتاريخ وأمجاد أمبراطورية وثقافة عريقة وتهدئة للخواطر ولعبة سياسية لا يمكن تحقيقها ولأسباب كثيرة منها داخلية وخارجية.
أن تمجيد الشهداء في أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة وأقتصارالأحتفالات على ذكراهم واجب ديني للمسيحيين في بلاد ما بين النهرين, وواجب قومي لأبناء الأمة الآشورية.ولتكن دماء الشهدء وأرواحهم في مناسبة أعياد الميلاد ولادة لإقليم آشور. وليكن هذا مطلب كافة المؤسسات الدينية والسياسية والثقافية والأجتماعية لمكونات هذا الشعب بمختلف كنائسهم من الكلدان والسريان الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت وكنيسة المشرق.

23.12.2010


 

130

التحالف الغربي الإمبريالي الصهيوني و الإسلامي من أجل القضاء على مسيحيي المشرق
                                                                                                                        د.جميل حنا
الصراع بين الشرق والغرب جذوره عميقة في التاريخ , وهي تعود إلى حقبة ما بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية البابلية 612- 539 قبل الميلاد, أي بعد سقوط نينوى وبابل.وهذا الصراع كان يهدف السيطرة على بلاد مابين النهرين وبلاد الشام.ومن أجل ذلك بدء أٌلإسكندر المقدوني على رأس جيشه الجرار يزحف من تخوم أوربا في عام 335 قبل الميلاد متجها نحو الشرق التي كانت محتلة من قبل الفرس. وأصطدم الجيشان في معارك ضارية وكان النصر لجيش ألإسكندر المقدوني على جيوش داريوس.وأصبحت تلك البلاد تحت السيطرة البيزنطية لقرون طويلة حتى مجيء الإحتلال الإسلامي في بداية القرن السابع الميلادي.
وفي االقرن الأول الميلادي عندما بدأت رسالة البشارة بالعهد الجديد  أعتنق أبناء بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام من الآشوريين والآراميين الدين المسيحي, الذي تأملوا بواسطته الخلاص من الإحتلال وجمع شملهم مجددا تحت راية المسيحية وإعادة بناء الممالك الآرامية والإمبراطورية الآشورية مجددا.وبسبب إعتناقهم الدين المسيحي تعرضوا للإضطهاد والتعذيب وقتل منهم أعدادا هائلة على مدى أكثر من ثلاثة قرون من الزمن.ولغايةعام 313بعد الميلاد عندما أصدر الإمبراطور قسطنطين الأول مرسوم ميلانو  الذي أعلن فيه إلغاء ملاحقة وإضطهاد المسيحيين و إعتناقه الدين المسيحي . وأصبحت الإمبراطورية تتبع الدين الجديد بعد صراع داخلي بين القوى التي كانت تريد الاستمرار في عبادة الأوثان وبين أتباع الدين الجديد وفي النهاية كان النصر للعقيدة المسيحية على الوثنية.
إلا أن تحول بيزنطة إلى المسيحية لم يجلب لأبناء الإمبراطورية الآشورية السلام المرجو وإعادة بناء سلطتهم السياسة ودولتهم القومية ولا حتى قيام الممالك الآرامية.حيث بدء صراع داخل الكنيسة المسيحية حول الطبيعة اللاهوتية للسيد المسيح متأثرة بتفسيرمختلف المدارس الفلسفية. وكان الجدل اللاهوتي حول الطبيعة الإلهية للسيد المسيح  قائم على مرتكزات سياسية اهمها التوجه في أن تكون المسيحية في أيران ذات سمة مميزة عن المسيحية البيزنطية                       وقد صمد ت  كذلك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية أمام عاصفة الاضطهاد البيزنطي. وفي القرن الخامس بدأت الأنقسامات الحادة في الكنيسة, وعلى هذا الأساس أنقسمة الأمة الآشورية بين الكنيسة السريانية الأرثوذكسية وكنيسة المشرق الآشورية.
وفي نهاية القرن الحادي عشر 1095بدات الحملات الصليبية الأولى على بيت المقدس وقد تعرض المسيحيون الشرقيون وأتباع المذهب الأرثوذكسي إلى إضطهاد شديد وتدمير للمتلكات والقتل على يد القوات الصليبية.وهذه الحملات ساهمت في إضعاف الطاقات البشرية والمادية للمسيحيين المشرقيين. وما زالت تلك الحملات الصليبية التي جلبت الكثير من الويلات عليهم قبل غيرهم ,تستخدم كذريعة من قبل الكثير من المسلمين لإرتكاب المجازر بحق المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط.

وفي منتصف القرن السادس عشرنظرا للظروف والأوضاع المحيطة بالمسيحيين وتخلصا من الاضطهاد ات ونتيجة العمل التبشيري بينهم ألتجأ قسم من أبناء كنيسة المشرق الآشورية إلى الارساليات الكاثوليكية وإعتناق المذهب الكاثوليكي في عهد البابا يوليوس. وسمي هذا مار يوخنا سولاقا بطريركا عليهم وذلك في 20 شباط عام .1553وكانت هذه نقطة تحول خطير في حياة كنيسة المشرق الأشورية وزاد من إنقساماتها.أما دخول الكثلكة بين صفوف الكنيسة السريانية فقد تم في غضون القرن الثامن عشر على يد الأباء الدومنيكان الذين قدموا إلى بلاد مابين النهرين والتي كانت تعمل مسبقا في سوريا.
ولعبت الأرساليات التبشيرية دورها في عمليات الإبادة التي تعرضت له القبال الآشورية في تياري وحكاري على يد بدر خان 1843-1846

وأثناء الحرب العالمية الأولى 1914-1918تحالف الألمان مع العثمانيين(الخلافة الإسلامية) في عهد حكم حزب الاتحاد والترقي وقدموا لهم الدعم العسكري والمادي والسياسي وشجعوهم لإرتكاب مجازر إبادة عرقية جماعية ضد المسيحيين المشرقيين من الأرمن واليونان وكنائس الأمة الآشورية من السريان الأرثوذكس والكاثوليك والكلدان وكنيسة المشرق الآشورية.

بعد إنتهاء الحرب الكونية الأولى خرجت دول الحلفاء التي كانت تضم كل من بريطانيا وفرنسا في المقام الأول ومن ثم لاحقا أمريكا خرجت منتصرة من هذه الحرب. وفي مؤتمر فرساي المنعقد في ضواحي باريس عام 1919أقر بالحقوق القومية للشعب الآشوري في الحكم الذاتي حسب الوعود المعطاة من قبل بريطانيا. لأن هذا الشعب كان من المشاركين والمنتصرين مع الحالفاء في هذه الحرب.إلا أن بريطانيا تراجعت عن وعودها وتخلت عن الشعب الآشوري بعدما تحالفت مع تركيا ورضخت لمطالبها في مؤتمر لوزان1924,و فضلت علاقتها مع تركيا على حساب حقوق ودم مئات الألاف من الشهداء الذين سقطوا في هذه الحرب. ومسلسل الغدر والخيانة البريطانية لم يتوقف عند هذا الحد بل استمر لإرتكاب مجازر جديدة بحق هذا الشعب في عام 1933 في سيميل وتعاون الحكومة البريطانية مع حكومة االعراق لتنفيذ هذه المجزرة التي ذهب ضحيتها الألاف من المسيحيين, وهجرالألاف منهم.وما زال مسلسل التعاون والصمت والتغاضي قائما بين الدول الغربية والإحتلال الإمبريالي الأمريكي الصهيوني وبين حكام العراق المسلمين في عمليات الإبادة والتهجير التي يتعرض لها المسيحيين في العراق.ومن هذا السرد المختصر بشدة يتضح العداء الذي يكنه الغربيون للمسيحيين الشرقيين بغض النظر عن الإنتماء المذهبي لأبناء الكنائس الشرقية.
 
مذبحة كنيسة" سيدة النجاة "

المجزرة المأساوية الدامية التي حصلت في كنيسة سيدة النجاة في بغداد في31 من تشرين الأول, والهجمات التي نفذة بالقنابل المورتورز وصواريخ الهاون على بيوت المسيحيين, الذي ذهب ضحيتها العشرات من القتلى,كشف مجددا لنا في سلسلة من الإكتشافاة الفظيعة التي إرتكبت على مدى14قرنا. والمستوى الأخلاقي المنحط  والتوجيه التربوي الديني  والقومي الشوفيني المحرض والداعي إلى إرتكاب القتل والمذابح والجرائم المستمرة بحق الأبرياء والأطفال والنساء والرجال العزل ,ليس لأي سبب وأنما فقط لأنهم يدينون بدين أخر. لكي يحصلوا على الحوريات والغلمان ا لمخلد ين في الجنة حسب زعمهم وخرافاتهم الشيطانية وأن أساليب الغدر والخيانه التي يعملون بها فهي تأكد على أن مرتكبي هذه الجرائم هم جبناء وأفعالهم الإجرامية هي ما تثبت ذلك.

إن مجزرة كنيسة سيدة النجاة يستوجب الكثير من التفكير وإعادة النظر في أساليب وعمل المؤسسات الدينية والسياسية والثقافية للمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط .وعلى وجه الخصوص في العراق بكافة طوائفهم المختلفة من السريان الكاثوليك والكلدان والسريان  الأرثوذكس وكنيسة المشرق والبروتستانت وكذلك تقييم طريقة  التفكير الذي أٍّتبع حتى الآن واستخلاص العبر المفيدة التي تحافظ على سلامتهم .

هذه المجزرة الرهيبة والمأساوية كشف مجددا مدى الضعف المخيف الذي يعاني منه الشعب المسيحي في العراق منذ سبعة أعوام من الاحتلال الأمريكي الصهيوني للعراق.وهذا العمل الوحشي الهمجي الذي نفذ في كنيسة سيدة النجاة في 31 تشرين الأول حرك الساحة المسيحية مشاعريا بدون أن يقوم بخطوات عملية مؤثرة تفرض ذاتها على الساحةالداخلية في العراق ولا في المنابر العالمية بأستثناء بعض الإدانات التقليدية المدانة للعمل الإرهابي وبعض المظاهرات في العديد من دول العالم للإدانة بهذا العمل الخسيس الجبان.والتي لا تحظى بأهتمام كبير بمستوى خطورة الوضع الذي يهدد الوجود المسيحي في بلدان الشرق الأوسط في دوائر القرار السياسي العالمي, ولا في وسائل الإعلام الغربي المؤثر.ولأسباب باتت معروفة لكل إنسان وهو الصمت أو التنديد الشكلي بما لايضرالمصالح الإقتصادية والسياسية والدبلوماسية لهذه الدول مع أنظمة الحكم في الدول الإسلامية وفي العراق.

ومهما أختلفت الأراء حول من يقف وراء هذه المجزرة المؤلمة, هل هي بدافع ديني أم سياسي أم ديني سياسي؟ وهل تقف وراءه قوى إرهابية إسلامية متطرفة وأجهزة أمن عراقية أو ميليشيات الرعب التي تملكها أحزاب السلطة الفعلية في العراق أو أو... لاتغير كثيرا في الجوهر والهدف من وراء إرتكاب هكذا مجزرة بحق مصلين أبرياء هو زرع الرعب وتهجير من تبقى منهم.هؤلاء المصلين كانوا يتعبدون لربهم لإنقاذ العراق والعالم من الحروب والأمراض والمجاعة والفقر. ويرجون ربهم أن يمنح السلام لكل البشر بدون تمييز بين دين وعرق وأن يزرع المحبة في القلوب ويبعد الإنسان عن إرتكاب الشرور .هذا ما كان هؤلاء المصلين يريدونه للعراق وللعالم ولكل إنسان, وبالمقابل ما هي رسالة هؤلاء المجرمين للعالم ولكل الناس,إرتكاب المزيد من الجرائم و قتل الأبرياء من الرضع والأطفال والنساء والرجال العزل.

إن العملية الإرهابية لم تكن عشوائية ومحض صدفة فهي تندرج في إطار مخطط سياسي ديني قومي شوفيني يستهدف القضاء على الكيان القومي الآشوري بكل مكوناته الكنسية من أبناءالكنيسة السريانية الكاثوليكية والكلدانية والسريانية الأرثوذكسية والمشرقية. وهذا مسلسل لم يتوقف منذ قرون بوتائر عنف متغير حسب مقتضيات المرحلة التي تمر بها أنظمة الحكم الإسلامي.تارة تشتد وتارة تخف ولكنها تسير في النسق المخطط له لتحقيق الهدف النهائي ألا وهو القضاء على الوجود المسيحي في منطقة الشرق الأوسط أو الأسلمة. وقد عانى المسيحيون من هذه الأعمال البربرية على مدى 14 قرنا. وقد أختبروا كل أنواع المجازر في ظل الأنظمة الإسلامية بدأ من ظهورو إنتشار الدعوة الإسلامية في الجزيرة  العربية  وأحتلالها بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام بقوة السيف وفي عهد الخلفاء الراشيدين والخلافة الأموية والعباسية والعثمانية وفي ظل الأنظمة الأسلامية حتى يومنا هذا. وأن كانت بعضهذه الأنظمة تحت مسميات سياسية تدعي العلمانية في منطقة الشرق الأوسط واقع الحال هو نفسه بالنسبة للمسيحيين. وهذه الأمور معروفة للقاصي والداني وليس فيها من جديد.إلا أن الشعب المسيحي في العراق وفي بلدان الشرق الأوسط عليهم أن يحسموا أمرهم فيما يريدون قوله وفيما يريدون لأنفسهم بدون خوف ولا مجاملات تفتقر إلى المصداقية. بل قول الحقيقة التي أختبروها على مدى عهود طويلة من الزمن, بأن الذي يقف وراء هذه العمليات الإرهابية هي التعاليم الدينية الشريرة التي هي ليست من عند الله .لأن الله الحقيقي لايدعوا إلى قتل النفس البريئة وغير البريئة , وكل إنسان يقدم الحساب يوم الدينونة  أمام ربه على ما أرتكبه من أفعال صالحة أوطالحة. الله لم يضع شرائع القتل بل شرائع  المحبة والسلام . الله لم يوكل أحدا ولا قتلة مجرمين لتنفيذ عمليات الإرهاب والقتل وتصفية الشعوب والأشخاص الذين لايسيرون خلف العقيدة التي تشرع القتل لأبناء الديانات الأخرى.

إن التطرف وإرتكاب المجازر ضد أتباع دين ما لا يأتي من لا شيء.وإنما المجرم يستمد  أفكار الكراهية والحقد والغدروقتل الأخرين من التعاليم الدينية والتوجيه التربوي المدرسي العائلي السياسي الذي يتلقاه في مختلف المراحل العمرية .ومعظم الجرائم التي ترتكب لمجرد غاياة مادية  إقتصادية لا  ترتكب الجريمة على أساس ديني مذهبي, هذه  الجرائم تنحصر في حالات فردية تدل على الوضع النفسي للقاتل وقد يكون المغدور به من أقرب المقربين أو له نفس الإنتماء الديني والعائلي والقومي.
ولوأفترضنا بأن هؤلاء المجرمون يرتكبوا أعمالهم الإرهابية ردا على الأنظمة العربية والأسلامية التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية حسب قولهم أو بسبب الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وبسبب غزوا الأمريكان للعراق وأفغانستان حسنا أو بسبب الأوضاع الإقتصادية السائدة في بلدانهم والمظالم التي تلحق بهم . فإذا ما ذنب الطفل الرضيع أبن أربعة أشهر والطفل أبن ثلاثة سنوات والكاهن والمرأة الحامل والفتياة والنساء والشباب الأبرياء في كنيسة سيدة النجاة أو أي دور عبادة أخرى أو مدرسة,أو في سوق مكتظ بالناس الفقراء. ما دخل هؤلاء بنظام الحكم في السعودية والعراق وأفغانستان وباكستان ومصر وإيران وسورية وبنغلاديش والصومال واليمن و...وما دخل هؤلاء بالمحتل الأمريكي الذي أحتل العراق بمساعدة قادة المسلمين من الشيعة والسنة والكرد أنفسهم.وهذا المحتل الأمريكي الصهيوني لم يقدم أي دعم وسند وحماية  للمسيحيين للحصول على حقوقهم التاريخية المشروعة في العراق بل يقدمها للحكام المسلمين. ما دخل هؤلاء بالمحتل الصهيوني الذي شرد المسيحيين من أرضهم المقدسة وقتل من قتل منهم أليس المسيحيين كانوا في طليعة المقاومين للعدو الصهيوني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية( الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية) أليس أسلاف هؤلاء الصهيانة صلبوا السيد المسيح.
السؤال الذي يطرح نفسه, لماذا لا يحارب هؤلاء الإرهابيون الصادقين لدينهم أذا المحتل والسلطان الحاكم ظلما كما يدعون والسؤال الأخر الذي يطرح نفسه وهل سيكون حكم الإرهابيين أكثر عدلا وإنسانية للمسلمين أنفسهم ولغير المسلمين حسب الشريعة الإسلامية, كما حدث في عهد طالبان في أفغانستان قبل الغزو الأمريكي له.

وهنا سؤال أخر ألا يوجد عشرات الملايين المضطهدين من المسيحيين  في كافة قارات العالم وخاصة في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية يعانون في بلدانهم من صعوية الأوضاع الأقتصادية والفقر والأمراض أو بسبب الإنتماء العرقي أو أراءئهم السياسية والتمييز الطبقي, هل قام أحد من هؤلاء الملايين بعملية إرهابية إنتحارية ضد الأبرياء وفجر نفسه في كنيسة أو مسجد أو حسينية أو مدرسة أو أي مكان مكتظ بالناس العاديين.فإذا هناك خلل خطير ليس  فقط في هؤلاء الإنتحاريين وإنما في العقيدة التي توجه سلوكيتهم وتبرمج أفكارهم من أجل القيام بهكذا أعمال إجرامية.
وهذا لايعني أن كل من ينتمي إلى الدين الإسلامي فهو إرهابي الكثيرمن المسلمين في العالم مشاعرهم الإنسانية وتفكيرهم وسلوكيتهم وأفعالهم في الحياة اليومية أرقى وأسمى من التعاليم المحرضة على القتل, ونكح الأطفال الرضع, ورضاعة الكبير, وبول البعير, والغلمان والحوريات, والثعبان الأقرع الذي ينهش جسد المسلمين في القبور وما إلى أخره من خرافات التي هي ليست وحي من عند الله بل هلوسات شيطانية.
ونحن نؤكد بأننا شخصيا وكمسيحيين لا نضير أي كره للأخوة المسلمين بالرغم مما أصابنا من مجازر إبادة جماعية لم ينجى من كل عائلة شخص أو شخصان, والكثير من العائلات تم إبادتها عن بكرة أبيها والدليل على ذلك العلاقات العائلية القائمة بيننا وبين الكثير من عائلات المسلمين نشاركهم افراحهم وأحزانهم وكذلك يفعلون هم أيضا.ومن ناحية أخرى ينظر المسيحي إلى أخية المسلم كأخوة وشركاء في الوطن ولا ينظرون أليهم نظرة عدائية أو كره ونتعامل بكل صدق ومحبة وهذا ما يرغبه المسيحييون أن يعاملهم الجميع بالمثل, وليس قلة من المسلمين أبناء المجتمع .هذه حقائق عاشها أبائنا وأجدادنا ونعيشها اليوم في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام المحتل من قبل الإستعمار العربي الإسلامي وفي كافة بلدان الشرق. وما نقوله هي حقائق حدثت وتحدث اليوم ولكل عائلة مسيحية قصة حقيقية حول مجازر الإبادة الجماعية التي أرتكبت خلال القرن العشرين فقط المذبحة الكبرى أثناء الحرب العالمية الأولى في الأمبراطورية العثمانية قتل على يد المسلمين ما يقارب ثلاثة ملايين مسيحي ومجزرة سيميل في عام 1933 وكذلك مجزرة صورايا 1969والمجازر الكثيرة الفردية والجماعية الأخرى التي تنفذ بحق المسيحيين مرورا بمجزرة كنيسة سيدة النجاة وما تبعها وقتل العشرات في التاسع والعاشر من شهر نوفمبر وما سبقها من مجازر منذ أحتلال العراق2003.

ولكن دراسة موضوعية من الناحية التاريخية والإجتماعية والنفسية والعادات والتقاليد في الجزيرة العربية لفترة ما قبل الإسلام وما بعده قد يعطي جواب واضح لمن تراوده الشكوك عن السبب الحقيقي لإرتكاب هذه المجازر بحق المسيحيين. ليسأل القاريء الكريم نفسه أين أتباع الدين المسيحي واليهودي من أبناء الجزيرة العربية؟ ما هي أسباب عدم وجود أثرلهم؟ هل هناك كنائس في السعودية؟ وهل يسمح ببناء الكنائس؟وهل هناك حرية إعتناق الأديان ليثبت صحة تسامح الدين الإسلامي؟ العالم بحاجة إلى أفعال عملية يراها في الواقع. وليس مجرد أيات منسوخة لا قيمة لها إلا لأستخدامها في اللغة الدبلوماسية وخداع الأخرين بها.ألا تستخدم العبارات الدينية الله وأكبر والجهاد في سبيل الله  ووو... أثناء إرتكاب الجرائم وقتل الأبرياء من الناس أليس هذا دليل على أنه يفعل ذلك ليرضي ربه المزعوم ويطبق التعاليم الدينية التي أمن بها. وهل تجد في كل ديانات الكون من المسيحيية واليهودية والبوذية والهندوسية والزراداشتية و... يستعملون شعارات دينية عندما يرتكب شخص ما جريمة قتل ؟أليس هذا دليل أخر في قائمة الأدلة التي لاتنتهي على أن الدين الإسلامي هوالذي يحرض أتباعه على القتل. ولكن الشكرلله و لمنطق العقل السليم والقيم الإنسانية التي يملكها الكثير من المسلمين في الكون المتأثرين بقيم السلام والعيش المشترك وأحترام الرأي  الأخر والجرءة التي يتحلون بها وقدرة على التحليل العلمي وثقافة عالية وكذلك الناس العاديين  بغرائزهم الفطرية المدعون للعيش بسلام ووئام في بيئتهم وإلا لكان العالم يعيش حروب دامية وتخلف وفقر وأمراض ومجاعة أكثر مما يعيشه عالم اليوم وعلى نطاق أشمل في جميع الكون.

هذه حقائق عاشها أبائنا وأجدادنا ونعيشها اليوم في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام المحتل من قبل الإستعمار العربي الإسلامي وفي كافة بلدان الشرق. وما نقوله هي حقائق حدثت وتحدث اليوم ولكل عائلة مسيحية قصة حقيقية حول مجازر الإبادة الجماعية التي أرتكبت خلال القرن العشرين فقط المذبحة الكبرى أثناء الحرب العالمية الأولى في الأمبراطورية العثمانية قتل على يد المسلمين ما يقارب ثلاثة ملايين مسيحي ومجزرة سيميل في عام 1933 وكذلك مجزرة صورايا 1969والمجازر الكثيرة الفردية والجماعية الخرى التي تنفذ بحق المسيحيين مرورا بمجزرة كنيسة سيدة النجاة وما تبعها وقتل العشرات في التاسع والعاشر من شهر نوفمبر وما سبقها من مجازر منذ أحتلال العراق2003.

وهناك سؤال هام يطرح نفسه لماذا لا يتجرىء المسيحي في بلدان الشرق الأوسط والدول الإسلامية قول الحقيقة والمعانات التي يعيشها.أليس وراء ذلك أسباب فظيعة ومأس كبيرة تجعله يتردد في نطق الحقيقة. أعتقادا  أن السكوت قد يجنبه من  القتل وأنهاء المظالم.دون أن يدري بأن السكوت شجع لإرتكاب المزيد من المجازر جلال قرون بدون أن يقوم بفعل يدرء عن نفسه المجازر.ماذا نفع السكوت وعدم المقاومة هل أوقف الجرائم بحق المسيحيين ومنح السلام والأمان هل أوقفت المظالم هل حصلوا على حقوقهم؟

 السلطات العراقية


المجزرة الرهيبة في كنيسة سيدة النجاة كان فظيعا ومرعبا وأظهر مرة أخرى للعالم مدى خطورة الأفكار والعقائد التي تدفع بهؤلاء الوحوش المتعطشة لسفك دماء الأبرياءعلى الإنسانية جمعاء, وضرورة التصدي لها هي مهمة كل البشرية وكل إنسان شريف على وجه الأرض. لأن هذه الأعمال البربرية تنافي القيم الأخلاقية الإنسانية والسماوية وكل المواثيق والعهود الدولية التي وافق عليها المجتمع الدولي في إطار منظمة الأمم المتحدة وعليها حماية المبادىء الإنسانية التي وضعتها والألتزام بها وتنفيذها بدون معايير مزدوجة,لتشمل كل البشر على وجه الكرة الأرضية وبدن تمييز.

وفي هذا الصدد نقول إذا كان سلاطين العراق صادقين ولو مرة واحدة وجادين وليسوا وراء ما يحدث سيطرحون قضية المسيحيين أبناء العراق الأصيلين في مؤسسات الدولة  التشريعية والتنفيذية والقضائية والدستورية و يؤكدون على حق الشعب الآشوري بتسمياتهم الكنسية المختلفة في منطقة آمنة في سهل نينوى وكافة مناطق تواجدهم في اقليم آشور ليعيشوا بأمان ضمن عراق موحد جغرافيا وأجتماعيا. أذا حل مشكلة المسيحيين يأتي بحلول جذرية أما منحهم الحكم الذاتي في أقليم آشور ضمن الأستحقاقات الدستورية كما يدعون ويطبقون ذلك في أرض الواقع. او أنه مجرد شعار يطرح وما قيمة ذلك للشعب المسيحي . وهو يؤكد على أنهم غير جادين وغير صادقين بما يقولونه في  تصاريحهم عن حقوق المسيحيين والمساواة بين كافة الأديان والقوميات مكونات المجتمع العراقي.بل يؤكد للعالم أجمع وخاصة  للمسيحيين بأن الذين يقفون وراء هذه المجازر ليسوا  بعيدين عن بعض أطراف السلطات الحاكمة في العراق متواطئين مع قوى خارجية أقليمية ودولية.
وإما إتخاذ قرار سياسي على مستوى الرئاسات الثلاث والميليشياة والقضاء والأحزاب الإسلامية والقومية المتعصبة بترحيل المسيحيين قسرا من العراق كما حدث لليهود.والتخلي عن النفاق في التصاريح الصحفية وبيانات الأستنكار(يقتلون القتيل ويمشون في جنازته). وأحدى هذين الحلين هو الأفضل من أن يقتل المسيحيين على دفعات وتزداد عذاباتهم على يد الميليشيات والقوى المتطرفة في اعلى قمة السلطة في العراق وقوى الأمن والقوى الإرهابية.

وإلا سنبقى نصرخ مع الطفل آدم أبن ثلاث سنوت في كنيسة سيدة النجاة  كافي...كافي ...كافي...حتى أصبح شهيدا في بيت الله , سوف نصرخ في هذا العالم حتى يسمعنا أو نفعل شيء يجبر العالم على سماعنا. ونقول كافي أيها الجبناء الغدارون القتلة هذه ليست رجولة ولا أعمال بطولية أنه عمل خسيس وجبان لا يفعله إلا الجبناء والضعفاء المهوسين فكريا ودينيا وعديمي الأخلاق

ما العمل مسيحيا!
-   .توحيد الخطاب السياسي للأحزاب الآشورية ووضع استراتيجية قومية شاملة تنطلق من المشروع القومي الذي وضعة قادة الأمة في الثلث الأول من القرن الماضي أمثال فريدون آتورايا, أغا بطرس,...(الأطلااع على كتاباتنا في الأعوام المنصرمة بهذا الصدد)
. توحيد كنائس الشرق والاتحاد في كنيسة الأم الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الإنطاكية  الكنيسة المارونيةوكنيسة السريان الأرثوذكس والسريان الكاثوليك والملكيين وكذلك توحيد كنيسة المشرق التي أنقسمت في القرن السادس عشر  والأنقسامات التي حدثت نتيجة  الارساليات التبشيرية في القرن التاسع عشر في حكاري وأورمية . والدخول في حوار جدي بعيدا عن الفاتيكان الذي لم يولي أي أهمية للمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط , بل العكس عمل على تمزيق الأمة إلى مذاهب كنسية ضعيفة لا حول ولا قوة لها و إلغاء هويته القومية.
.تشكيل مجلس موحد يمثل هذه المؤسسات , وأمانة ناطقة بأسمه في المحافل الدولية.
.البحث في أمكانات تكوين قوة إقتصادية  تدعم صمود وكفاح المسيحيين في البقاء على أرضهم التاريخية في بلاد ما بين النهرين.
.تشكيل لجان عمل في كافة الدول التي يتواجد فيها أبناء الشعب الآشوري بتسمياتهم المختلفة لخلق لوبي يؤيد الحقوق القومية والدينية للمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط.
.إنشاء مؤسسة إعلامية موحدة تلتزم الثوابت القومية (تلفزيون , مواقع ألكترونية, ..).
.إنشاء معهد أبحاث يهتم بالشأن القومي والديني والتاريخي والثقافي والتراث الحضاري والسياسي والمجازر التي تعرض لها الشعب المسيحي  في بلدان الشرق الأوسط.
أن ردة الفعل للمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط يجب أن تكون بحجم المخاطر الجسيمة التي تستهدف إنهاء وجوده الديني والقومي بغض النظر عن قناعاته بخصوص التسمية القومية التي يؤمن بها والمجرمين القتلة لم يمييزوا في أي وقت مضى بين الكلداني والآشوري والسرياني والآرامي ولا بين الأرثوذكسي والكاثوليكي والملكي والموراني والبرتستانتي والمشرقي...
نحن جميعا مدعون إلى يقظة جدية وجديدة بعيدة عن كل التحزبات الطائفية والكنسية , لأن الكل مهدد بالفناء.
.الوحدة سلاحنا الوحيد من أجل البقاء,بدونه لا استمرارية لأحد من المسيحيين في بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام.
دماء الشهداء الذين سقطوا في كافة المجازر وأخرها شهداء كنيسة " سيدة النجاة" أمانة في أعناق جميع المسيحيين المشرقيين. وستبقى أروحهم الطاهرة ودمائهم الزكية نور تضىء الطريق امام الإنسانية ولكنها تكشف عن العار والذل والصمت المخزي لدول الغرب تجاه المسيحيين المشرقيين.
ولنحافظ على كنيسة سيدة النجاة كما هي على حالها لتبقى وصمة عار عبر التاريخ على جبين من فكر و خطط ومول وساعد وتواطىءونفذ هذه المجزرة الفظيعة في بيت من بيوت الله المقدسة بحق الأبرياء.
من أجل أرواحكم أيها الشهداء نصلي , ولتكن دمائكم الزكية خاتمة لقوافل الشهداء من أجل عراق ديمقراطي علماني حر كل أبناءه متساون في الحقوق الدينية والقومية وفي السلطات التنفيذية والشريعية.
2010-11-20

المصادر:
1_ تاريخ كنيسة المشرق- ألبير أبونا
2 _ ثقافة السريان في العصور الوسطى- نينا بيغوليفسكايا -ترجمة خلف الجراد
3-الخيانة البريطانية للآشوريين- يوسف مالك –ترجمة أيليا يونان أيليا
4- الآشوريون بعدسقوط نينوى المجلد السادس- هرمز م.أبونا
-5-الهوية الآشورية والتسميات مقارنة بين الحقيقة والواقع-آشور كواركيس   
 
http:ashoury.jeeran.com/archive/2009/5/876391.html
 
 

131

  أوقفوا إرهاب الإسلام المتطرف من على المسيحيين في بلاد ما بين النهرين!

 
                                                                                                            د.جميل حنا

مجزرة إبادة جماعية جديدة ترتكب بحق المسيحيين الأبرياء في العراق الجريح
 داخل كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في قلب العاصمة بغداد.في اليوم والأحد الأخير من شهر أكتوبر في31منه واليوم الأخير للحياة الدنيوية للعشرات وبداية حياة أبدية في ملكوت السماوات. واستشهد فيها حتى اللحظة حسب الأنباء الأولية خمسين شخصا بين أمرة وطفل ورجل وحوالي سبعين جريحا.توجه المصلون بعد ظهيرة اليوم البارحة لتعبدوا ربهم رب المجد الحقيقي وهم ممتلؤن محبة وسلام.لأن الله الذي يعبدونه هو إله محبة وسلام. ولكن أبناء الله الحقيقتين يتعرضون دائما وأبدا إلى هجمات الشيطان لتدمير الجسد والروح والنفس, وتحريف الفكر والسلوكية عن( طريق الحق والحياة).إلا أن العقيدة المسيحية تدعوا أبناءها إلى الثبات في الإيمان, وهم يستشهدون تمسكا بعقيدتهم الدينية وتمسكهم برب المجد. وليس بإله كاذب وبالشيطان الذي تقمص في شخص إنسان والإدعاء بما هو ليس عليه كذبا وبهتانا.  ثأر الشيطان من المسيحيين لم يتوقف بسبب انتصار السيد المسيح على الموت وانتصاره على الشيطان بحد ذاته .ومنح أبناءه المؤمنين بالله الحقيقي الحياة الأبدية وذلك حسب وعده لهم(من يتبعني ستكون له الحياة الأبدية).
 
الصدمة كبيرة في نفوسنا والمأساة فظيعة لنا نحن المسيحيين أبناء بلاد الرافدين  والشرق الأوسط والعالم أجمع, وخاصة المسيحيين العراقيين ولكل إنسان يملك مثقال ذرة من الإنسانية والضمير والأخلاق.إن استمرار الغزوة الهمجية البربرية ضد المسيحيين في العراق وخاصة بعد الاحتلال الأمريكي الصهيوني للعراق في عام 2003 وسقوط نظام حسين الديكتاتوري كان وما زال كارثيا على المسيحيين .وهو يستهدف إنهاء الوجود المسيحي التاريخي من منطقة الشرق الأوسط.وهذه الأعمال اٌلإجرامية تعمل على سلب حرية العبادة وإرادة الحياة في العيش حرا في الوطن الحر من قيود الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري الديني والقومي.ولكن هذه السلوكية الإجرامية هل له من مبررات أخلاقية؟ أي شريعة إلهية وإنسانية وأخلاقية! تدعو إلى قتل الأبرياء والمصلين في دور العبادة وهم يسجدون لربهم (الإله الواحد الأوحد)).
 
هذه العملية الإرهابية تأتي بعد ثمانية أشهرمن العملية الانتخابية التي جرت في العراق والتي لم تسفر حتى الآن عن تشكيل حكومة في البلد. والصراع مستمر بين مختلف القوى على السلطة السياسية وعلى نهب الثروة الوطنية للعراق وقوت الشعب, وغير مهتمة بأمن الشعب وإنما تنفذ المخططات المحلية والإقليمية والدولية. وأننا نؤكد على موقفنا الثابت أن مسؤولية أمن المواطن والمسيحيين ودور العبادة هي مسؤولية السلطات الحاكمة في العراق, ولذلك نحمل الحكومة العراقية بكل فصائلها مسؤولية هذه المجزرة الفظيعة.
وهذه المجزرة تأتي أيضا بعد كشف موقع فيكيليس عن الجرائم التي قام بها المتسلطون على حكم العراق ضد أبناء العراق على خلفية دينية طائفية سياسية شخصية.
وكذلك تأتي هذه المجزرة بعد أيام معدودة من انتهاء سينودس كنائس الشرق الأوسط للمسيحيين في الفاتيكان وخروجه ببيان هزيل وقرارات إنشائية لا ترتقي إلى حجم ومستوى المأساة التي يعيشها المسيحيين في بلدانهم الأصلية في بلدان الشرق الأوسط الكبير. هل من دلالات ورابط بين كل هذه وبين استمرار إبادة المسيحيين وتهجيرهم من أوطانهم أوالأسلمة.تساءلات تحتاج إلى أجوبة ولكل منا له أجوبته الخاصة بهذا الشأن. وربما الأيام القليلة القادمة ستكشف لنا المزيد عن هذه المجزرة المأساوية وتكشف لنا نتائج التحقيقات المرتكبين الحقيقيين والممولين والمتساهلين والمتعاونين في تنفيذها. وربما ستبقى نتائج التحقيقات في طي الكتمان في دوائر صانعي القرار السياسي وأجهزتها المخابراتية القمعية لتستعمل في الحصول على مكاسب سياسية على حساب دم الشهداء ومن تبقى من المسيحيين في العراق.
وأطلب بكل محبة من القراء الكرام بأن يطلعوا على  مقلاتنا في هذا الصدد ستجدون الكثير منها على الموقع الفرعي في الحوار المتمدن:
www.ahewar.org/m.asp?i=2095
وفي الختام نقدم لأهالي الشهداء والجرحى أحر التعازي القلبية راجين من الرب أن يمنحهم مزيد من الإيمان والصبر في تحمل هذه المحنة الفظيعة. المجد والخلود للشهداء الأبرار.



132
الكاتب والباحث كمال يالجين ومذابح إبادة المسيحيين في الإمبراطورية العثمانية


                                                                                                                      د.جميل حنا
الباحث والكاتب كمال يالجين ألف حتى الآن إثنى وعشرون كتابا. وقد أمضى عشرون عاما من البحث حول مجازر الإبادة الجماعية التي أرتكبتها السلطات العثمانية أثناء الحرب الكونية الأولى ضد المسيحيين.وبسسبب أبحاثه هذه قدم للعديد من المحاكم في تركيا. وبالرغم من ذلك فهو مستمر في البحث والكتابة لنشر المزيد من الكتب حول هذه المجازر.أكد الباحث بأن جل إهتمامه كان منصبا على مذابح الشعب الأرمني واليونان. ولكن منذ خمسة أعوام بدأ باالبحث والكتابة من مذابح الشعب الآشوري بكافة إنتماءاتهم الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية  والكلدانية والبروتستانتية كما ذكرهو. وذلك لأنه لم يقرأ في التاريخ التركي الذي كان يدرس في المدارس بمراحله المختلفة عن هذا الشعب, وأنما فقط عن الأ رمن واليونان.وكانوا يدرسون حتى ذلك بشكل ينافي الحقائق التاريخية وبصورة  سلبية, بأن الشعب الأرمني طعن الأتراك من الظهر. وهذه تزييف للحقائق في الواقع الفعلي وعكس ما حدثت الأمور في حقيقتها كما يقول الباحث. ويؤكد أن حزب الاتحاد والترقي كان خطط منذ زمن قبل ذلك تنفيذ المجازر بتوصية ودعم عسكري ومالي من ألمانيا.وكانت فعليا تنفذ مجازر متفرقة هنا وهناك في المناطق النائية البعيده في الامبرطورية قبل أي محاولة للأرمن للدفاع عن أنفسهم والتحالف مع الإمبراطورية الروسية.

وتحدث السيد يالجين في محاضرته وبفخر إلى إنتمائه إلى منطقة كولوسي (رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي) وتحديدا قرية هوناس الذي ينتمي إليها. تلك المنطقة المليئة بالأعمدة الرومانية المنتشرة بكثرة في المنطقة ومجاري مياه دارا والمخازن الحجرية من العهد الروماني البيزنطي( ولم تكن تعني لنا هذه الأثار سوى خراب من أكوام الحجر) .وذكر ان عدد سكان هذه القرية في عام 1920 كان يتكون من 1500شخص من اليونان و1000من الأتراك. وبين ليلة وضحاها لم يبقى أي واحد من هؤلاء اليونان تم تهجير الجميع إلى اليونان, بعد أن جمعوا  في عنبر لمدة شهر.وهنا تحدث الكاتب عن قصة إنسانية بين عائلة جده وبين عائلة يونانية , كانوا يقدمون لهم الغذاء أثناء فترة تواجدهم في ذلك العنبر قبل أن يهجروا. وأثناء مغادرتهم القسرية سلم أمانة إلى جد الكاتب التي هي عبارة تجهيز من الملابس لفتاتين عندما تصبحن عرائس .وكانت العائلة اليونانية تأمل بالعودة إلى بيتها ووطنها الأصلي ولكن ذلك لم يحدث حتى هذه الساعة. قبل أن يتوفى الجد سلم الأمانة لأبنه لكي يسلمها بدوره إلى أصحابها عندما يعودون (الأمانه هي الأمانه).وتحدث السيد يالجين عن الزيارة التي قام به والده له في المانيا في عام1994 وسلمه الأمانه وطلب منه أن يسلم الأمانة لأهلها في اليونان وبعد نقاش لم يكن له أي مفر منه أضطر تحت إالحاح والده  أن يبحث عن  أصحاب الأمانه. وبعد بحث دام ثلاثة أشهر وجد العائلة وتم تسليم الأمانة لهم بعد مرور 74عاما والأمانة تحمل عنوان أحد كتبه وعليه صورة الأمانه.

يقول الكاتب عندما دخلت العشائر التركية إلى أراضي تركيا الحالية قبل ما يقارب حوالي 900 عام كان عددهم أربعمائة ألف. وكان عدد المسيحيين من الآشوريين والأرمن واليونان خمسة ملايين إنسان. وحسب الأحصاء التركي الرسمي لعام 1913كان عدد سكان تركيا الحالية ستة عشر مليون ونصف من بينهم أكثر من أربع ملايين مسيحي منهم مليون من أبناء الشعب الآشوري بمذاهبهم المختلفة.واما حاليا فأن عدد سكان تركيا البالغ ثمانون مليون تقريبا فلا يوجد سوى مائة ألف مسيحي بدلا من أن يكون على أقل تقدير حسب نسب الزيادة الطبيعية أكثر من عشرين مليونا مقارنة مع العدد الأجمالي لسكان تركيا حاليا. ولا يوجد في جنوب شرق تركيا المناطق الأساسية لمناطق سكن الشعب الآشوري بدأ من بحيرة وان وهكاري وطور عابدين وآميد (ديار بكر)وأنطاكية سوى بضعة آلاف .لقد تم إبادة أكثر من ستمائة وخمسون ألف منهم أثناء الحرب الكونية الأولى.

وتطرق الكاتب في محاضرته إلى مخطط حزب الاتحاد والترقي بقيادة أنور باشا وطلعت باشا وغيرهم بضرب كافة الشعوب المسيحية وأنهاء وجودهم القومي المتنوع . بالرغم من العثور على أحدى البرقيات من طلعت باشا موجه إلى المسؤولين في منطقة طور عابدين بعدم المساس بأبناء الكنيسة السريانيةلقديمةالأرثوذكسية ولكن لم يكن لهذه البرقية أي أهمية لأن والي ديار بكر رشيد بك من حزب الاتحاد   والترقي أمر بقتل كافة المسيحيين بالتعاون مع قدور بك المحلمي وتم تشكيل فرق خمسينية لتنفيذ الإبادة. وكذلك تم قتل قائمقام مدياد لأنه رفض أوامر قتل المسيحيين.وذكر المحاضر عن الإبادة الجماعية التي حلت بالمسيحيين مع ذكر بعض الأمثلة كيف أن 18 عشيرة كردية  تم تسليح خمسة عشرة ألف من رجالها بمساعدة الأتراك وكيف قام هؤلاء المسلحين مع عشرة آلاف من الجيش التركي بمحاصرة قرية عين ورد. والهجوم عليها وقتل الكثيرين منهم بدون أن تستسلم وذلك بفضل المقاومة الشديدة التي أبداها المحاصرون في القلعة بقيادة مسعد المزيزحي البالغ عددهم خمسة عشرة إنسانا بما فيهم الأطفال والنساء والشيوخ تجمعوا من القرى المجاورة.وبعد أسابيع من الصمود أستهلك مخزون الطعام  والملح وبدأة الأمراض تنتشربينهم ولكنهم بقوا صامدين ولم تستطع كل تلك القوى من الدخول إلى القرية وحصنها المنيع. وعمل رئيس أحدى العشائر الكردية جلبيو على مساعدة المسيحيين من سجنه وإيصال الملح اللازم لهم بالسر . بينما كانت العشائر الكردية الأخرى بقيادة حاجو وبطي وسرحانو والأخرون يواصلون أرتكاب المجازر بحق أبناء الكنيسة السريانية في منطقة طور عابدين ويستمرون بمحاصرة عينوردو وغيرها من القرى. وبذل الشيخ فتح الله  المحلمي جهودا لأنهاء الحصار ولعب دور الوسيط بين الطرفين وكان شرط فك الحصار عن هذه القرية الصامدة أن يسلم المدافعين السلاح الذي كان في حوزتهم وقبل بهذا الشرط على أساس عدم الهجوم وأعطاء الأمان بعدم قتل أحد . ولكن أخل بالوعد بعد أن تم تسليم السلاح وعودة الناس إلى قراهم المجاورة. كان رجال العشائر الكردية تقتل وتهاجم العزل وتخطف النساء والأطفال. وقامت عشيرة حاجو  بالهجوم على دير مار كبريئل وقتل خمسة وعشرين راهبا.وعندما خرج جلبيو من السجن أفرغ ديرمار كبريئل من رجال عشيرة حاجو. وبدأ يبحث في القرى التي له سيطرة فيها على الأطفال والنساء المسيحيات اللاوتي خطفوهن وإعادتهن إلى ذويهم. وكذلك فعل الشيخ وهبي وحمى خمسة وسبعين طفلا مسيحيا.

وقال الكاتب من هذا السرد نجد بأن الغالبية الساحقة من السلطة العثمانية التركية خطط وساهم ونفذ الجرائم ضد المسيحيين بأستثناء القلة أمثال قائمقام مدياد. وكذلك الأمر بالنسبة للأكراد الغالبية الساحقة أشتركت في إبادة المسيحيين بإرادتها الحرة طمعا في المال والنساء والأملاك ومن منطلق التعصب القومي والديني.بينما نجد رئيس عشيرة كردية وشيخ كردي أخر ورئيس عشرة محلمية أخرى تحمي المسيحيين.

وبعد ذلك تحدث المحاضر عن مرحلة ما بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى وإستلام كمال أتاتورك السلطة في تركيا واستمرار النهج المعادي لبقية الشعوب غير المسلمة في تركيا. وذلك من خلال  ما قدمه عن البطريرك مار أغناطيوس شاكر الياس بطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الذي وقف إلى جانب الحكومة التركية الجديدة وأستقبل أتاتورك عندما دخل على رأس جيشه إلى أنقرة. وعين عضوا في المجلس التركي, ودعى إلى المشاركة والتعاون مع الأتراك. وأنشأ ورشة عمل خياطة من سبعين خياطا  لخياطة الملابس للجيش التركي.ومع ذلك أتت إتفاقية لوزان مجحفة بحق الآشوريين /السريان وعدم تعلم لغتهم الأم. وذكر الكاتب وأخيرا في عام 1931 تم سحب الجنسية التركية وجواز السفر التركي من البطريرك ونفي إلى بغداد وذهب بعد ذلك إلى الهند وتوفي هناك. ومع كل ما قدمه البطريرك من دعم للسلطات الجديدة لم تعامل هذه السلطات البطريرك وأبناء رعيته بالمثل بل استمر إبادتهم بكافة الوسائل حتى لم يبقى منهم إلا بضعة آلاف. وهذا ما يضحض الأدعاء التركي بأن الأرمن طعنوهم في الظهر ولم يقولوا ذلك عن الآشوريين بكافة كنائسهم ومع ذلك تم إبادتهم.أخذ أبنا الشعب الآشوري إلى الخدمة العسكرية وكان يقتل الكثير منهم خلال تلك الفترة وكان ممنوع عليهم حمل السلاح بل كانوا يقومن بالأعمال الشاقة والسخرة وشق الطرق ,وفرض عليهم ضريبة الوجود في الحياة عام 1942  بعد أن تم تسريحهم من الجيش في عام 1941 .وتحدث الكاتب عن قيام وفد من الأتراك الذهاب إلى المانيا ودرس كيفية وظروف كمب داخاوا في المانيا لقتل اليهود.لأنشاء كمب أرزروم ,أشقلة لتنفيذ الأعمال الشاقة للمسيحيين. ولكن على أثر أنتصار السوفييت على هتلر في معركة لنينغراد أخرج المسيحيين من الكمب.
وفي عام 1950من أصل تسعمائة ألف من تبقى من المسيحيين تجمع في أسطنبول ثلاثمائة ألف.واثناء هذه الفترة كان يتداول في الدولة التركية بأنهاء الوجود المسيحي كليا في الذكرى الخمسمائة على أحتلال القسطنطينية في عام 1953.لم تنفذ الخطة لآسباب ما ولكن في عام 1955 في الشهر السابع قامت دائرة الحرب التركية بتدمير أكثر من خمسة آلاف محل تجاري وشركة للمسيحيين بهدف أن لايبقى مسيحي واحد .

وفي النهاية أكد الكاتب أن الحكومات المتعاقبة على السلطة في الدولة التركية حاولت على مدى ما يقارب تسعة عقود خداع شعبها وتدريس تاريخ خاطيء عن الشعوب المسيحية صاحبة الأرض الحقيقيين .لكن العقد الأخير كان بداية لتصدع جدار الكذب والنفاق وبدء يتداول هذا الموضوع أي مجازر المسيحيين من الآشوريين واليونان والأرمن بين مختلف أوساط الشعب التركي من الرافضين والمؤيدين . وقال انه سيأتي يوم لآ اقول أنه قريب ولكن سيأتي فيه ذلك اليوم التي تعترف به تركيا بمجازر إبادة المسيحيين أثناء الحرب الكونية الأولى.إننا نقدر عاليا البحث العلمي والوثائقي للأضاءة على الأحداث التاريخية بشكل حقيقي كما حدثت بدون تزييف الحقائق وتجميل وجه المجرم وتبرئته من أعماله الشنيعة أو نكران ما أقترفته آياديهم الأثمة ضد الأبرياء. الباحث التركي كمال يالجين يقدم مثلا صالحا لأبناء مختلف الشعوب وخاصة المثقفين والكتاب والباحثين , لتقديم العدالة والحق والصدق على إنتمائهم الديني والقومي.فالباحث كسر حواجز الخوف والتعصب القومي الشوفيني الذي ترعرع عليه في المدارس.فهو نقض تلك المقولة(إنصر أخاك ظالما أو مظلوما) فهذه ليست عدالة الله.وإنما عدالة الله  هي أن تقف إلى جانب        الضعفاءوالمضطهدين وتدين المجرمين وأعمالهم الآجرامية, والمجرم يجب أن يحاسب على أفعاله الشريرة ويدان من قبل الجميع وليس الدفاع عنه وتبرءته
وكما يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي 3,25((وأما الظالم فسينال ما ظلم به, وليس محاباة)).
 

 
 



   

 





 

 

133
النظام السوري والأحزاب الآشورية والإعتقالات  
               
د.جميل حنا

يبدو أن التراث الحضاري والتاريخي والرموز الوطنية الآشورية لسوريا تشكل عبء سياسيا على السلطات السورية وأجهزتها الأمنية. ونقمة على أولئك الذين يحافظون على هذا الإرث الحضاري والتاريخي والثقافي لسوريا القديمة.وإلا كيف يمكن تفسير ممارسة الأجهزة الأمنية وأعتقال مواطن رفع علما في حفل فني و أخر بائع الرمز. هل يشكل هذا الفعل تهديدا للنظام والأمن العام وأستقرار النظام السياسي, ويضعضع من مقومات الصمود والتصدي؟ أم أن الموضوع أبعد من ذلك له أهداف ونوايا سياسية لزرع الرعب والخوف في النفوس وكسر إرادة الراغبين إلى الحرية.وهو يهدف إلى إنهاء الوجود القومي الآشوري الورثة الحقيقيين المحافظين على أرث أجدادهم بأعتبارهم مكون أصيل في المجتمع السوري.أن إعتقال الأبرياء الذين لم يرتكبوا أي عمل مخالف للقوانين يعتبر خرقا لحقوق الإنسان في التعبير عن ذاته بالطرق السلمية.أن اعتقالات المواطنين من مختلف شرائح الشعب السوري بأنتماءاتهم الدينية والقومية المختلفة لا تخدم مصلحة الوطن. وأنما هو تأكيد على سياسة القمع والتمييزبين المواطنين على أسس غير عادلة.
سياسة التمييز العنصري
إن الإستبداد في تاريخ سوريا يعود إلى حقبات مختلفة من تاريخها, منها ما كان بسبب القوى الخارجية الاستعمارية المحتلة للوطن. ونذكر فقط على سبيل المثال الاحتلال العثماني الذي دام اربعمائة عام, وجلب المأسي الفظيعة على سوريا وشعبه.والقمع الداخلي من أنظمة الإستبداد الديكتاتورية التي أستولت على السلطة بقوة السلاح والأنقلابات العسكرية, وكرست نهج الإستبداد والظلم على الشعب السوري بكل مكوناته وإثنياته العرقية المختلفة. وكان الظلم يأخذ اشكالا متنوعة على كافة أبناء الوطن. وذلك حسب طبيعة النظام المتسلط على مقاليد الحكم في سوريا.إلا أن القاسم المشترك بين كافة الأنظمة الديكتاتورية والقومية الشوفينية كانت هي معاداة الحقوق القومية للشعب الآشوري وبقية المكونات غيرا لعربية . وكانت الضغوط مستمرة من حيث المبدأ مع فترات تهدئه مؤقته. ولكن مع استمرار النهج الثابت الذي استهدف ويهدف إنهاء  وصهرمن تبقى من أبناء الأمة الآشورية بكل تسمياتهم من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية والكلدانية في بوتقة الثقافة العربية ولاسلامية بطرق مختلفة تبدا من المدرسة ووسائل الأعلام والترغيب والترهيب وممارسات السلطة وسياسة التمييز العنصري القومي والديني.
إن الضغوطات النفسية والأعتداءات على الأفراد ترك أثرا نفسيا سلبيا كبيرا على أبناء هذه الأمة بعدم شعورهم بالأمان. ويعيشون تحت ضغط عامل الخوف الدائم والتمييز مما دفع بالغالبية إلى مغادرة الوطن بحثا عن الأمن المفقود, وأختيار بلدان آوربا وأمريكا وأستراليا وكندا وبلدان آخرى للعيش فيها. ليس حبا بتلك البلدان وإنما لإنقاذ حياتهم والتخلص من أجواء الارهاب النفسي .ونذكر على سبيل المثال مدينة زالين(القامشلي) التي بناها الآشوريين في الثلث الأول من القرن الماضي, كانت الغالبية الساحقة من سكانها من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية والكلدانية على مدى ما يقارب نصف قرن, أما الآن فيشكل المسيحيين في هذه المدينة أقلية, وكذلك كما هو الحال في العديد من المدن والبلدات في الجزيرة السورية. في الظروف الطبيعية عدد سكان أي بلد في العالم أو قرية هو في إزدياد دائم بنسب مئوية معينة. وإذا ما تم عكس ذلك فيعود ذلك إلى عوامل كثيرة منها الكوارث الطبيعية والحروب والأمراض بشكل مؤقت.وأن نقصان عدد الشعب الآشوري ليس بسبب هذه العوامل المذكورة, وإنما بسبب ظروف الاضطهاد الديني والقومي, والسياسة العنصرية, وممارسة الأجهزة الأمنية, والأعتقالات والضغوط غير المبررة, الذي يعيشه هذا الشعب والحرمان من الحقوق القومية.وهذه الممارسات القمعية بدأت تنفذ وبشكل جلي منذ آوائل الستينات من القرن الماضي عندما أستولت القوى القومية العنصرية على السلطة في سوريا بقيادة حزب البعث.ومن ثم بدأت الهجرة المكثفة من سوريا إلى الخارج في آواسط السبعينات من القرن الماضي وما زالت مستمرة حتى الآن.

إن محاولة إجتثاث الوطن من مكون أصيل من أبناء الوطن يهدف القضاء على أستمرارية الوجود القومي لهذا الشعب من على أرضه التاريخية. وهو ما يسعى إليه العديد من القوى داخل النظام السوري والسلطة السياسية والأجهزة الأمنية وقوى محلية خارج السلطة دينية وقومية عنصرية. وهذا المنطق ينافي كل القيم والأعراف الانسانية والمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق المواطنة.وهذا المنطق يتعارض أيضا مع منطق المجتمعات والدول الراقية التي ترى في التنوع الديني والقومي والثقافي غنى للوطن ولجميع مكوناته.أن نهج التمييز القومي العنصري لا يصب في خدمة الوحدة الوطنية, ولا يعزز من مكانة الوطن في العالم بل على العكس فهو يخلق حالة من التوتر الداخلي وعدم الأحساس بالأمان مما يدفع بالناس ترك الوطن . وربما هذا هو هدف الأجهزة الأمنية والسلطات السياسية لأرغام أبناء القوميات الأقل عددا وخاصة الآشوريين الى الهجرة لأخلاء الوطن من مكونه الأصيل.إن إنكار الوجود القومي للشعب الآشوري وبقية القوميات الأخرى وفرض الهوية العربية لايتفق بأي شكل من الأشكال مع مباديء حقوق الإنسان والقوانين والمعاهدات الدولية التي تصون حق الإنسان بأنتماءه القومي والديني والثقافي .
الخيار السلمي
المرجعية الأساسية والوحيده للشعب الآشوري وأحزابهم في التعامل مع مختلف القضايا التي تواجههم والمعيار الأساسي الذي يبنون عليه مواقفهم هو الأرث الحضاري والتاريخي والثقافي والوطني, بأعتبارهم المكون الأصيل الذي بنى هذا الوطن. وعلى هذا الأساس  يتخذون قراراتهم لا يفرطون بأي شكل من الأشكال بالمصالح الوطنية الحقيقية وبوحدة التراب الوطني والوحدة الأجتماعية وأستقلال الوطن.وهم قدموا التضحيات الجسيمة في عهود الغزوات الخارجية والأحتلال للدفاع عن الوطن ,وقدموا قوافل الشهداء في العهد العثماني. وكذلك من أجل تحرير أرض سوريا الحبيبة من الأحتلال الصهيوني الأسرائيلي, ودافعوا عن أستقلال وطنهم وحرية شعبهم.إلا أن التضحيات الجسيمة  لم يقابلها سوى الحرمان من الحقوق القومية والاضطهاد. وكانت المضايقات نهجا مستمرا يمارس بشتى الأساليب المباشرة وغير المباشرة وعبر قنوات عديدة مختلفة على مؤسساتهم الدينية والثقافية والأجتماعية والسياسية .

أن نظرية التآمر والتشكيك التي تروج له بعض الأوساط من داخل النظام التي تأخذ بالفكرة القائلة( من ليس معنا فهو ضدنا)إلى حد يصل عند البعض من ليس مثلنا فهو ضدنا !!؟ يا لها من أفكار فاشية مخيفة. وعلى أساس هذه القاعدة فأن الشعب الآشوري وتنظيماته التي تدافع عن الحقوق القومية والسياسية والثقافية وخصوصياتها الأجتماعية فهي تعد في نظر الأجهزة الأمنية وأوساط في السلطة موضع الشك في وطنيتهم. وهذه الجهات لاتملك أي أدلة على ذلك ووأنما شكوكهم نابعة من طروحاتهم السياسية ومواقفهم الدينية والقومية العنصرية. بالرغم من تأكدهم معرفة الحقائق على الأرض بأن الشعب ألآشوري شعب وطني ومخلص لوطنه بالعمل والتضحية والفداء. ولم يكن أبناء هذه الأمة في أي يوم من الأيام أداة تهدد الوطن والسلم الأهلي.لأن مشروع الشعب الآشوري وأحزابه هو مشروع ديمقرطي سلمي, لا يشكلون أي تهديد أو خطرا لأي نظام أو فئة في المجتمع. لأنهم أختاروا أسلوب النضال السلمي لتحقيق الأهداف القومية من خلال بناء مجتمع ديمقراطي علماني يحقق المساواة والعدالة الأجتماعية والحقوق القومية لكل مكونات المجتمع بدون تمييز. أن حرية جميع المكونات هو الذي يحقق الأمن والسلام للجميع.الشعب الآشوري بتسمياته المختلفة ليس له مشروع تخريب وتفجير وقلب النظام ولا مشروع فرض شريعة ظلامية يسعى من خلاله حكم العالم ,وكل من يخالفهم مصيره الموت بأبشع الطرق كم يحصل في العراق.
مشروع السلام لا يعني السكوت عن الإستبداد والممارسات القمعية والأخطاء !

مشروع الأحزاب الآشورية  هومشروع السلام وهو ما تدعوا إليه عقيدتهم الدينية وهو المشروع السياسي الذي يتبناه الجميع إنطلاقا من القناعة التامة بأن الخيار السلمي هو أفضل السبل لتحقيق الحقوق القومية.ولذلك فأن النشاط الثقافي المحدود محليا والعمل السياسي المتواضع الذي تمارسة الأحزاب الآشورية على الساحة السورية لا تشكل أي تهديدا لأي نظام عسكري عقائدي ديني قومي.
من هذا المنطلق من غير المفهوم ممارسة الضغوطات المستمرة والأعتقالات غير المبررة التي بدأة وعلى فترات متقطعة منذ آواسط الثمانينات من القرن الماضي وعمليات التوقيف والأستدعاء إلى مقار الأجهزة الأمنية ومنع السفر للعديد من قادة الحزب الديمقراطي الآشوري, والمنظمة الآثورية الديمقراطية.وكذلك منع هذين الحزبين وأنصارهم من الأحتفال بالأول من نيسان عيد الرأس السنة البابلية الآشورية العيد الوطني والقومي لهم.
بينما تسمح السلطات السياسية والأجهزة الأمنية وتشارك بكل ثقلها على مستوى الجزيرة السورية بنفس هذه المناسبة التي أقامتها فئة أخرى من أبناءهذا الشعب, متعاونة مع الأجهزة الأمنية, ولم يكن ذاك الأحتفال الذي أقامته سوى أحتفالا بعثيا من الطراز الأول ليس له صلة بالأول من نيسان.أن سياسة فرق تسد مارستها الأجهزة الأمنية والسلطات السياسية منذ أزمنة بعيدة لتفرض قبضتها على الجميع . وكانت دائما حجة المتعاونين مع هذه الأجهزة هو الدفاع عن مصالح الوطن والشعب, وكمثال على ذلك كما فعل عملاء وقوى أثناء الحرب العالمية الثانية من المتعاونين مع الفاشية النازية الهتلرية التي أحتلت هذه البلدان في أوكرانيا وجمهوريات البلطيق وفرنسا بلدان أوربا الشرقية.ولكن العمالة للقوى النازية والعنصرية والديكتاتورية والأنظمة الإستبدادية والديكتاتورية والأجهزة القمعية لا يخدم مصالح الشعب وأنما يخدم المصلحة الفردية المؤقته لهؤلاء.

لذلك نرى أن إيقاف التدخل في الشأن الداخلي و الإجراءات التعسفية واعتقال أفراد من الشعب الآشوري لا يخدم المصلحة الوطنية والأجتماعية. والأفراج عن المعتقلين ناهير وكبرئيل وبقية المعتقلين الذين لم يرتكبوا أي جريمة بحق الوطن, ورفع منع السفر عن بعض مسؤولي الحزبين الآشوريين المذكورين, وإيقاف الإضطهاد النفسي مطلب مشروع لابد من تحقيقه  .والألتزام بكل المواثيق والعهود الدولية والإتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان الخاص بالحقوق المدنية والأقليات الإثنية والأعتراف بالحقوق القومية للشعب الآشوري.

2010-10-04
 

 


 


 



 

134
        
      
من يقف وراء قتل المسيحيين في العراق والحقائق المرة؟
                                         
                                                                                                 د.جميل حنا

يبدوان الواقع الأليم  قد فرض على المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط أن لايتحدثوا إلا عن القتل والإبادة العرقية والتهجير والمظالم والأضطهاد والحرمان من الحقوق القومية والتمييز العنصري الديني والأثني.ولذلك نرى الكثيرمن الكتابات التي تظهر على صفحات المواقع الألكترونية التي توفر فسحة أعلامية لأن يعبرالكتاب المسيحيون عن معانات أبناء دينهم وقومياتهم, وهذه ليست هواية مستحبة يفضلون ممارستها على الأطلاق.بل هذه الكتابات تفرضه الحقائق على أرض الواقع لتقدم صورة عن المأسي الفظيعة التي تمارس بحق المسيحيين. وهذه الكتابات ليست جميعها قادرة أن تعبر بشكل دقيق عن حجم المعانات, أو أنها لا تلقي آذان صاغية وأهتمام فعلي, أوأن تكسب تضامن شعوب تلك البلدان وقواها السياسية والثقافية والأعلامية وهيئات المجتمع المدني للوقوف إلى جانبها في محنتها, بأستثناء بعض التصاريح الصحفية وأصدار بيانات الإدانة. ويعتقدون أنهم بهذا الشيء يبرءون أنفسهم من الأعمال الأجرامية التي تنفذ ضد المسيحيين. وكذلك تهدف الكتابات إلى تبيان عمق الأخطارالرهيبه التي تستهدف إنهاء الوجود المسيحي والمسيحيين في بلدان الشرق الأوسط في ظل الأنظمة الأسلامية و(التسامح الأسلامي !!!؟) والأنظمة القومية العربية العنصرية التي تحرم أبناء كافة القوميات الأخرى من حقوقها الطبيعية.

يحاول الكتاب المسيحيون الأستفادة بالقدر المستطاع نشركتاباتهم على صفحات المواقع الألكترونية لأن وسائل الأعلام العربية والأسلامية لا توفر فرصة أمام الكتاب والأحزاب والمؤسسات الثقافية والدينية ان تعبرعن واقع حال المسيحيين إلا ما ندر.بل العكس من ذلك تحاول بعض وسائل الأعلام إظهار المسيحيين بمواطنين غير صالحين ومرتبطين  بالغرب متناسين بأن الذين يحكمون في هذه البلدان هم العرب والمسلمون وهم من يتعاونون مع إسرائيل والصهونية والدول الغربية وهم من فتح المجال أمام القواعد العسكري الغربية لحمايتهم من شعوبهم ومن بعضهم البعض .والحقائق الحالية في العراق وغيرها من بلدان الشرق الأوسط يؤكد حقيقة من هم المرتبطين بالقوى والأجندات الغربية ومن هم الذين خانوا ويخونون الوطن والشعب حتى هذه اللحظة.هذه من ناحية وسائل الأعلام اما الكتاب والمثقفون والكتاب المسلمون والعرب وأحزابهم فمواقفهم ليست أفضل حال من وسائل الأعلام المرئية والمسموعة. إلا بأستثناء القلة الذين نكن لهم كل المحبة والتقدير ونثمن عاليا جهودهم المخلصة ودفاعهم عن الحق والحقيقة وتحملهم نقد أبناء جلدتهم لهم نتيجة دفاعهم عن المواطنين المسيحيين شركائهم في الوطن.

من يقف وراء قتل المسيحيين في العراق؟

قد تم مناقشة هذا الأمر على مدى السنوات الماضية وتعرضنا إلى هذا الموضوع في  الكثير من كتاباتنا التي تم نشرها في العديد من المواقع الألكترونية. وما زال مجال بحث حتى وقتنا الحاضر منذ أحتلال العراق 2003 من قبل أمريكا وتقسيم الوطن بين المسلمين الشيعة والكرد والسنة. لأن مال المسلمين هو للمسلمين كما يعتقدون هم  أي مال المسيحيين ونسائهم وأوطانهم وممتلكاتهم التي اغتصبوها منذ بداية الغزوات الأستعمارية الأسلامية في الثلث الأول من القرن السا بع الميلادي. ومن ثم غزوات المغول والتتر والترك العثمانيين والكرد الذين دخلوا بلاد ما بين النهرين قبل ستة قرون من الزمن. وكأنما المسيحي يولد لكي يقتل, ومنذ نشأة العقيدة المسيحية قبل ألفين عام منذ لحظتها الأولى يقتلون من أجل عقيدتهم وأيمانهم الجديد على يد اليهود والرومان والبيزنطيين والفرس.
بالتأكيد في هذه العجالة لسنا بصدد قتل المسيحيين عبر التاريخ وأنما فقط للتذكير ومن أجل إيضاح موقف المسيحيين من كان وراء قتل المسيحيين في تلك العهود.إذ كانت مواقفهم موحدة بشأن من هو القاتل ولم يكن هناك خلاف على ذلك بينهم حتى مجازر الإبادة الجماعية المرتكبة في بداية القرن العشرين ومجزرة سيميل, إلا ما يقارب العقدين الأخيرين عندما دخل مفهوم اللعبة السياسية والتحالفات المشبوه لبعض الأفراد أوالمؤسسات والأحزاب من بين الوسط المسيحي مع بعض القوى التي كانت السبب وأداة تنفيذ قتل المسيحيين على أساس المصالح الذاتية.وبسبب ذلك أنقسم المسيحيون على أنفسهم بصدد أسباب قتل المسيحيين في العراق وحول من يقف وراء قتلهم وتنقسم الأراء بحسب بعض الأمور التي يمكن أن نوجزها في النقاط التالية:

-  الأحزاب السياسية وأختلاف أرائها السياسية وغياب  المشروع القومي للغالبية الساحقة من هذه الأحزاب الذي وضعه قادة الأمة الآشورية بطوائفهم المختلفة في بداية القرن العشرين(مشروع وطن).
- قيادات الأحزاب التي تفتقر الى الحنكة السياسية والدبلوماسية وغياب القائد الكارزمي.
- إنقسام الكنيسة المسيحية إلى طوائف ومذاهب عديدة تأثر سلبا على وضعها.
- دور بعض رجال الدين السلبي من الحقوق القومية للمسيحيين في بلاد ما بين النهرين.
- ضعف التعاون والتنسيق بين المؤسسات الدنيوية والكنسية ,وتوزيع المهام  بالشكل الصحيح من أجل حماية المسيحيين من القتل.
- إنعدام الصلة بين الكثير من الأحزاب حتى في القضايا المصيرية.
- تحالف بعض الأحزاب مع قوى خارج الصف القومي المسيحي على حساب المصلحة القومية لأبناء الأمة الآشورية بتسمياتهم المختلفة من أبناءالكنيسة  السريانيه والكلدان.
- عامل الخوف السائد بين المسيحيين والتأثير الرهيب على أنفسهم,وتفاوت درجات الخوف بين الأفراد والمؤسسات.
- الجهل بحقيقة ما يجري من تخطيط مشاريع تستهدف أرض والشعب المسيحي بتقسيم أبناء الأمة الواحدة إلى أمم وشعوب.
- ضعف الوعي القومي واللامبالات لدى أوساط واسعة من الشعب,والمصلحة الشخصية.
- المواقف الأنتهازية والغير الصادقة لبعض الكتاب التي تعمل على تكريس الأنشقاق بين أبناء الأمة الواحده.

أننا نأكد على الثوابت على طرحناها في كتاباتنا على مدى السنوات الماضية بأن العمليات الارهابية التي ترتكب ضد المسيحيين في العراق هو بسبب النظام العقائدي الديني والقومي الشوفيني والسياسة العنصرية التي كرسها قانون إدارة الدولة العراقية المؤقته والدستور الدائم للعراق والائتلاف الحكومي الشيعي الكردي والارهاب الأسلامي المتطرف. لأن جميع هذه القوى تمثل نهج فكري قائم على التمييز العنصري وممارسة أفعال في الواقع العملي تخرق كل المعاهداة والمواثيق الدولية وأولها المساواة بين أبناء الوطن الواحد وهذا المنطق مغيب كليا في مفهوم هؤلاء.

عندما يستعرض المرأ واقع المسيحيين في العراق يكشف عن  تخبط في الرأي والطروحات السياسية الصادرة عن أبناء ومؤسسات هذا الشعب, وتقييم للوضع السائد لايتفق في الكثير من جوانبة مع الحقائق على الأرض. يبدوا أن البعض يتناسى بأن المهمة الأولى لأي فرد هو الدفاع عن مصالح شعبه وتعرية الممارساة الخاطئة والأجرامية التي ترتكب بحق هذا الشعب, وليس تبرءة والدفاع عن الممارساة الخاطئة والأفعال الأجرامية التي ترتكب من قبل الأطراف المذكورة أعلاه. ليس مفيدا البحث عن إيجاد المبررات لهذا الطرف أو ذاك, وتمييع الأمور الخطيرة التي تمس وجود هذا الشعب الذي يسكن في وطنه منذ آلالاف السنين.ولنأخذ أحدى العمليات الارهابية كمثال على أختلاف والتناقض الكبير بين مختلف أفراد ومؤسسات هذا الشعب لحد لا يكاد يصدق.

    
أن العملية الارهابية الكبيرة التي نفذة ضد الطلبة الجامعيين في بغديدا في الثاني من أيار,كانت واحدة في سلسلة من العمليات الارهابية الكثيرة التي كان لها صدى أليم في نفوس المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط وخاصة في العراق.لم تكن هذه العملية الارهابية كبقية العمليات الارهابية ليس لأن العمليات التي سبقتها أو تلتها أقل كارثية على المسيحيين. بل لأن هذه العملية كانت تحمل دلالات رمزية-المستقبل- كان أستهداف الطلبة الجامعيين رمز المستقبل والاستمرارية بمواكبة التطور في الحياة والحفاظ على الهوية القومية والدينية لهذا الشعب. بغض النظر من كان الفاعل والمستفيد من هذه العملية الارهابية كانت الرسالة الواضحة  التي أرادوا إيصالها إلى المسيحيين أن لا مستقبل لكم في العراق على المدى الطويل.وكذلك أرادوا إيصال رسالة أخرى إلى المسيحيين بدون إستثناء مع أي طرف له تحالفات في الساحة العراقية بأنكم لستم سوى ورقة آنية تستعمل في أطار لعبة كبيرة قذرة حتى تتحقق الأهداف. وبعدها أما أن تقتلوا جميعا أو تهجروا قسرا أو الأسلمة  أوالتعريب أوالتكريد أو التتريك هذه هي أحدى الخيارات أمامكم.

بالرغم من الهدف الواضح من هذه العملية البربرية التي أستهدفت كيان شعب بكامله بغض النظر عن التسمية التي يفضلها المسيحيين على الأخرى. إلا أن المسيحيين أنقسموا على أنفسهم حول  من يقف وراء العمليات الارهابية في محافظة نينوى وتباينت الأراء على أسس غايات شخصية أو على أساس تحالفات قائمة مع هذه القوى أو تلك , وعلى هذا الأساس بدأة محاولة تبرءة هذا الطرف أو ذاك. وما ظهر من كتابات كان وما زال يبعث الألم في النفوس من ناحية وهي مدعاة للسخرية من ناحية آخرى. وهنا أورد مثال واحد فقط تقول أحدى الكتابات ان العملية الارهابية وقعت على بعد مائة متر من نقطة تفتيش الميليشيات الكردية التابعة للبرازاني, وكتابة أخرى تقول أن العملية نفذة على بعد ثلاثمائة متر من مفرزة الجيش في محافظة نينوى ومحافظها أثيل النجيفي. وقيل الكثير في هذا الصدد الذي يبين الشرخ العميق في الوسط المسيحي بدون الأرتكاز إلى الحقائق والتحليل الموضوعي الذي يأخذ بعين الأعتبار مجمل الوضع العراقي في الحسبان بدأ من الأحتلال ومن هوالائتلاف الذي يحكم العراق من يملك السلطة الفعلية من الجيش والميليشيات المدججة بالسلاح وقوات المخابرات(الأمن)واالمال والدعم الخارجي الأقليمي والدولي لا يمكن ان تكون هذه الأرارء تملك أي مصداقية بل تؤدي إلى مزيد من الأنقسام في الصف المسيحي.

وهذه تأكد على الجهل أو التجاهل في المعرفة السياسية واللعبة السياسية الحالية في العراق التي لا تعرف حدود أخلاقية أو إنسانية. وأنما تهدف إلى مزيد من سيطرة الأقوياء المتسلطين على الشعوب الأقل عددا من أبناء الوطن الذين لا يملكون ميليشيات الارهاب والقتل والسلطة والجيش والمال.وهذا الأنقسام يؤدي إلى إضعاف أمكانات الشعب المسيحي, ويشجع القوى المتواجدة على الساحة في الاستمرار في تصعيد هجومها وحملاتها وممارساتها بمختلف الاساليب التي تستهدف إنهاء وجوده.

أننا أوضحنا من هي تلك الجهات التي تستهدف إنهاء الوجود القومي والديني لأبناء الأمة الآشورية بتسمياتهم المختلفة.ولكن هناك دور سلبي من قبل بعض المؤسسات والشخصيات المسيحية نفسها, لأن التحليل الذي يقدمونه لواقعهم لايرتكزعلى الحقائق الميدانية والتاريخية والثقافية والسياسية  فتساهم وبشكل غير مقصود تشجيع إنهاء الوجود القومي لهذا الشعب وإصهاره في بوتقة الشعوب الأخرى.لذلك نجد أن الأفراد والمؤسسات التي تدافع عن هذا الطرف أو ذاك في السلطة يشجع على إبادة المسيحيين بإرادة أو بدونها بعلم أو جهل.كل الأفراد والمؤسسات الدينية والسياسية الذين يقسمون الأمة الواحدة إلى شعوب وثقافات عديدة  ويؤججون موضوع تسميات هذا الشعب لتمزيق وحدة الأمة.كل وسائل الأعلام التي تظهر المعتدي بالمنقذ, والتستر على الأعتداءات وأستيلاء الأملاك وممارسة الرعب بحق المسيحيين كل من يقف في هذا الصف يقف عائقا أمام الطموحات القومية للمسيحيين في العراق.ملاحظة بعض الأفكار المذكورة في هذا المقال قد أوردناه في العديد من كتاباتنا السابقة.


 
        

135
التاسع من آيار يوم النصر السوفييتي على الفاشية 

د.جميل حنا 

القرن العشرين كان قرن الأحداث والتغيرات الكبيرة في حياة البشرية. حيث شهد هذا القرن تغيرات جذرية في النظام العالمي إجتماعيا وسياسيا وأقتصاديا. وثورة تكنولوجية متطورة في كافة مجالات الحياة. وعاش القرن الماضي إنتكاسات خطيرة وعانى من ويلات الحرب العالمية الأولى التي شنتها ألمانيا مع حليفتها تركيا على فرنسا وأنكلترى وروسيا.ومن ثم صعود الفاشية الألمانية بقيادة هتلر في ثلاثينات القرن إلى السلطة وشنه الحرب الكونية الثانية في عام 1939 أي بعد ربع قرن من شن أسلافه الحرب العالمية الأولى.والقرن العشرين يذخر بأيام خالدة في تاريخ البشرية أجمع ألا وهو يوم النصرعلى النازية. 

التاسع من آيار عام 1945 بدون شك هو إنتصار الجيش الأحمر على الجيش الهتلري النازي.وهذا اليوم كان إنتصار الشعب السوفييتي على الفاشية, كما كان إنتصارا لكل شعوب العالم قاضبة ,وإنتصار السلام على الحرب.في الثامن من آياراستسلمت الحكومة النازية وجيشها المنهزم للجيش الأحمر المنتصرورفعت رايات الأستسلام للمقاتلين البواسل الذين دخلوا العاصمة برلين في الأول من آيار ورفعوا راية النصر, العلم السوفيتي فوق مبنى الرايخستاغ.ووقع ممثلي الحكومة النازية صك الأستسلام لجيش الشعب السوفييتي ولقائدالأستراتيجيات الحربية جوكوف وزملاءه روكوسوفسكي وكونييف وغيرهم الكثيرين.

لم يكن الثامن من آيار يوم الأستسلام يتحقق وأعلان التاسع من آيار يوم النصر لولا البطولات الخارقة التي قام بها الشعب السوفييتي برمته, وتكبده خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات التي لاتقدر بأي ثمن.

يوم النصرللشعب السوفييتي كان وما زال يوم النصر لكل شعوب العالم أجمع على النازية.
وفي الذكرى الخامسة والستون ليوم النصرليس بوسع المرء أن يصف تلك الآحداث الأليمة والبطولات الأسطورية والتضحيات الهائلة من أجل تحرير الإنسانية من خطر النازية المدمرة لكل الشعوب.وما بضع كلمات وأسطر في هذه المناسبة العظيمة لا تمثل إلا ذرة في المحيطات مقارنة مع أدب المقاومة أثناء الحرب العالمية الثانية .أن سنوات الحرب الوطنية العظمى في الأتحاد السوفييتي أبدع أدبا عالميا رائعا عن المقاتلين والمقاومةعلى مختلف جبهات القتال وخلف خطوط العدو , ومواجهة العدوفي ظروف بالغة الخطورة , والتضحيات الجسيمة من أجل الحرية وكرامة الإنسان من أجل كل شبر من أرض الوطن. أن ملاحم البطولة التي سطرها المقاتلون السوفييت وكل قوات الأنصار من المتطوعين رجالا ونساءا سجلوا صفحة ناصعة في تاريخ البشرية من أجل الحياة الحرة والدفاع عن القيم الإنسانية والوطن وحرية الشعب.

التاسع من آيار يوم النصر على النازية, وضع حد لأنهاء الحرب المدمرة, وصمتت طلقات المدافع وكل أنواع الأسلحة وهدير الطائرات في مختلف الجبهات وساحات القتال في المدن وكل مكان.
يوم النصر كان فرحة لمئات الملايين من البشر في كل المعمورة وخاصة في آوربا التي عانت أكثرمن غيرها في هذه الحرب المدمرة. ولكن هذه الفرحة كانت تشوبها مرارة الحزن على عشرات الملايين من الشهداء ومثلهم من الجرحى والمعوقين والكثير من المفقودين , فرحة كانت تطل برأسها من تحت الأنقاض لتخرج من تحت الدمار الذي خلفه الجيش النازي, في هذا اليوم قبل خمسة وستون عاما خرج الملايين من بين حطام  الأبنية يهتفون للنصر,النصرالذي تحقق بفضل الصمود الخارق والأيمان بالنصر من أجل البقاء, كانت معركتهم من أجل الحياة أو الموت و وفي يوم النصر أنتصرة إرادة الحياة على الموت والنازية.ولكن النصر لم يجلب الفرح للكل, لا للنازيين ولا المتعاونين معهم لا في البلدان العربية ولا في آوربا ولا الذين خانوا أوطانهم  وأرتكبوا الجرائم البشعة بحق الشعوب.

يوم النصر كان بداية إعادة الأعمار وبناء ما دمره الحرب. نهض الشعب السوفييتي من تحت أنقاض الحرب بفضل تضحياته الجسيمة وإيمانه اللامحدود وحبه لوطنه استطاع  بناء وطنه مجددا بالرغم من المجاعة والأمراض والفقر وويلات الحرب.

ولم تكن معركة البناء السلمي للوطن مجددا أقل تضحية وفداء من الحرب ذاتها. أن إعادة الأعمار أحتاج إلى فترة زمنية طويلة لإعادة الأوضاع الأجتماعية والأقتصادية والسياسية إلى وضع أفضل. ساعد الاتحاد السوفييتي الدخول في مرحلة التطور والتقدم الصناعي التكنولوجي وغزو الفضاء الخارجي والصناعة الحربية الثقيلة ويصبح قوة عظمى في العالم . والأهتمام بمستوى الحياة المعاشية للناس وذلك بزيادةالأنتاج في القطاع الزراعي والصناعي وأستخراج الثروات الباطنية لتلبية حاجات الناس الضرورية من أبناء الوطن الناهضين من تحت الدمار شبه التام الذي خلفته الحرب النازية على وطنهم.وأصبح هذا اليوم مدعاة فخرللشعب السوفييتي وهو يستحق بكل جدارة أن يحتفل بهذا اليوم ومعه كل شعوب الكون.

يوم ذكرى النصر هو فرصة لكل الشرفاء في العالم لكي يكافحوا من أجل عالم خال من الأفكار الفاشية والعنصرية.هذا اليوم أنتصار القيم الإنسانية ومباديء الأخوة والمساواة والعدالة والديمقراطية . يوم النصر يوم نبذ الحروب بكل أشكالها دعوة إلى بناء عالم خال من أسلحة الدمار الشامل, وعالم خال من المجاعة والفقر والصراعات العرقية والدينية والمذهبية والثقافية.يوم النصر هو لجميع الشعوب يوم النصر على العدوان والأستبداد والكراهية والشر. يوم النصر السوفييت هويوم نصر البشرية على الأفكار النازية.

في الذكرى الخامسة والستون ليوم النصر العالم بحاجة لتسجيل أيام إنتصارات جديدة على الأفكار العنصرية والفاشية والأنظمة الأستبدادية والسلطة المطلقة التي تسبب مأس كثيرة لشعوب كثيرة في العالم وخاصة في بلدان الشرق الأوسط.فليكن يوم للنصر للشعوب في هذه البلدان قريبا.

عاش اليوم التاسع من آيار يوم النصر إلى أبد الدهر.



136
  
السادس من آيار عيد الشهداء في سوريا ولبنان

د.جميل حنا
  
يحتفل الوطنيون الأحرار من أبناء الشعب السوري والبناني في هذا اليوم لأحياء ذكرى الشهداء الذين حكم عليهم بالأعدام من قبل السلطات العثمانية التركية إبان الحرب الكونية الأولى.وأختير هذا اليوم من شهر آيار ليكون رمزا لكل الأيام التي سقط فيه الشهداء خلال أربعة قرون ونيف من الزمن. وكذلك تخليدا لأرواح العدد الكبير من الشهداء الذين أعدموا في هذا اليوم في دمشق وبيروت.حكم السلاطين في السلطنة العثمانية بيد من الحديد والنار وأحكموا قبضتهم على الشعوب بالبطش والإبادة, ونصب الخوازيق وأعواد المشانق في كل مكان. واستمر الوضع على ما هو عليه بل أصبح الوضع أشرس في السنوات الأخيرة من إنهيار السلطنة العثمانية. وخاصة منذ أنقلاب حزب الاتحاد والترقي في عام 1908 وأستلام زمام السلطنة. حيث تميزة هذه الفترة بمجازر إبادة الشعوب غير التركية الواقعة تحت سيطرتها في أوربا وبلاد ما بين النهرين وبلاد الشام والدول العربية الأخرى.وكانت محاولات هذا الحزب بعد أستلامه السلطنة هو تتريك شعوب كافة الدول المحتلة من قبلهم, والقضاء كليا على الإنتماء القومي والثقافي واللغوي لتلك الشعوب.

العنف والبطش الدموي الذي مارسه العثمانيون الأتراك, دفع بالوطنيين الأحرار في كل من سوريا ولبنان إلى تنظيم صفوفها في المقاومة الشعبية بكافة أشكالها للتخلص من الحكم الإستبدادي العثماني.الذي أرتكب الجرائم البشعة بحق شعوب بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام من قتل البشروتدمير الحياة الأجتماعية والأقتصادية والقضاء على الهوية القومية والوطنية وسلب حرية الشعوب. كل هذه الأمور مجتمعة جعلت الوطنيين الأحرار يدعون الجماهير للألتحاق بالثورة العربية للتخلص من نير العبودية والطلب من فرنسا وأنكلترا الدخول إلى بلاد الشام وتحريرها من الحكم العثماني التركي الدموي ومن جمال باشاا لسفاح الذي أقام المحاكم الصوري للوطنيين الأحرار من المسيحيين والمسلمين في سوريا ولبنان في أعوام 1915و1916 وعلقوا على أعواد المشانق. ونذكر البعض من هؤلاء الشهداء تخليدا لذكراهم  وتضحياتهم الجسيمة من أجل حرية الوطن والشعب:الأميرعمر الجزائري حفيد الأمير عبد القادر الجزائري ,شكري بك العسلي, عبد الوهاب الأنكليزي, رفيق رزق سلوم,بترو باولي, جرجي حداد عبد الغني العريسي الخوري يوسف الحايك, الشيخ أحمد طبارة , نخلة باشا المطران,شاهر بن رحيل العلي الشقيقان فيليب وفريد الخازن, الشيخ محمد مسلم عابدين,علي الأرمنازي محمود المحمصاني,  محمد ملحم , الشقيقان أنطوان وتوفيق زريق...والقائمة تطول لتمليء صفحات الكتب بأسماء الشهداء من أبناء بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين.

وكان العثمانيون الأتراك يعتبرون تحرر أي شعب من حكمهم الأستبدادي أو المناداة بالتخاص من الظلم والقتل والدعوة إلى الحرية هي بمثابة خيانة "الباب العالي"وخسارة للسلطنة العثمانية, ولذلك كانت ثصدر الأحكام  الصورية بحق الوطنيين.وأتاحت فرصة إندلاع الحرب العالمية الأولى وإتخاذها ذريعة لإبادة الشعوب غير التركية بقوة السلاح وتدمير البنية التحتية والقضاء على كل أسباب العيش وتهجير السكان.

ذكرى شهداء السادس من أيار هو رمز وطني ونضالي نحو الأنعتاق من نير العبودية والتحرر من الطغيان العثماني التركي. وسيبقى هؤلاء الشهداء نبراسا لكل الأحرار.لأنهم قدموا الغالي والنفيس من أجل كرامة الوطن والشعب وستبق لتضحياتهم دلاائل عميقة في وجدان كل المخلصين لأوطانهم بغض النظر عن إنتمائهم الديني والقومي. أن ذكرى هؤلاء محفوظة في الذاكرة الجماعية, مهما حاول الطغاة من الحكام المستبدين محوها من كتب التاريخ ومناهج التدريس ومحاولة إضفاء صورة مشرقة عن عهود الظلام وبحجج واهية تارة حرصا على سمعة الخلافة الأسلامية العثمانية ومرة أخرى تحت ذريعة المصالح المشتركة مع دولة تركيا الحالية القائمة على أرض الشعوب ألأخرى التي أحتلتها بقوة تدمير الشعوب الأصلية لتلك الأرض.

ما بين السادس من آيارعيد الشهداء في سوريا ولبنان وبين الرابع والعشرين من نيسان ذكرى مذابح الإبادة الجماعية والشهداء الذين علقوا على أعواد المشانق في خربوط وفي أسطنبول والذين قتلوا في كافة المناطق من أورمي,وان, وهكاري, وطور عابدين ,آميد(ديار بكر) وكيليكيا وأنطاكية ,ولواءأسكندرون من المسيحيين الأرمن واليونان ومن أبناء الأمة الآشورية بمذاهبهم الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والكنيسة المشرقية والبروتستانتية رابطة الدم والشهادة من أجل الحرية.ذكرى قوافل الشهداء الذين قدموا حياتهم على مذبح حرية وطنهم وشعوبهم.ذكرى الشهداء الخالدين الذين سقطوا على يد الارهاب والغدر والطغيان العثماني.دمشق وبيروت وطور عابدين وخربوط وهكاري وآميد...تربطهم روح الشهادة وإرادة الحياة. السادس من آيار والرابع والعشرين من نيسان سيبقيان في ذاكرة شعوبنا يرمزان إلى الارهاب والهمجية والبربرية والعنصريةالتي مورست بحق الشعوب لقمعها وأخضاعها لسلطان القتل والتدمير والشر,وهي في ذات الوقت تعبر عن الإرادة الحرة واالصمود والتمسك بالقيم الإنسانية لأبناء هذه الشعوب المظلومة.




137
الذكرى الخامسة والتسعون لإرتكاب مجازر إبادة المسيحيين في السلطنة العثمانية
المذابح في أرمينيا    
                                       

د.جميل حنا
تأليف: فائز الغصين
حلب:1991
المؤلف في سطور
فائز بن زعل الغصين(1300-1387ه-1883-1968م)
"صاحب" مذكراتي عن الثورة العربية"ومن أعضاءجمعية "العربية الفتاة
ولد في اللجاة, من أعمال حوران وتعلم بدمشق وادخل مدرسة "العشائر" باسطنبول وعاد فعين قائم مقام في ولاية معمورة العزيز(خربوط)لمدة ثلاث سنوات ونصف وأقيل فافتتح مكتبا للمحاماة وكان شريكا ل شكري بك العسلي وعبد الوهاب الانكليزي. وأعتقل سنة 1333ه1915م بوشاية من رشيد بن سمير الدوخي (رئيس عشيرة ولد علي, من عنزة)وكانت بين عشيرته وعشيرة الغصين , في اللجاة,ضغائن. وسيق إلى ديوان الحرب العرفي في عالية. وظهرت براءته فأطلق قبل اعدام القافلة الأولى من الشهداء بثلاثة أيام وقد لقي أكثرهم عند مغادرته السجن. وفوجيء قبل الانطلاق بأنه منفي إلى ديار بكر فرحل اليها وسجن 23 يوما وأطلق. وفر منها في رحلة شاقة منهكة إلى أن دخل بادية العراق. واستقر البصرة 66 يوما. ووجد الوسائل للسفر إلى جدة, فدخلها سنة 1916 م, بعد الثورة بقليل. ولحق بالشريف فيصل بن الحسين في ينبع فكان"سكرتيرا" له إلى دخول دمشق, وكان معه في مؤتمر الصلح. وعمل محاميا في القضاء بدمشق إلى أن كان “مفتش عدلية” في العهد الفرنسي بسورية وأحيل إلى التقاعد  إلى أن توفي.
من أعماله المطبوعة:
1-"المذابح في أرمينية" مصر 1917 له طبعات عديدة وترجمات إلى الأرمنية والفرنسية والأنكليزية والألمانية
2- " المظالم في سورية والعراق والحجاز" 1918
3-" مذكراتي عن الثورة العربية" دمشق الجز ء الاول 1939من كتاب " الأعلام" للعلامة خير الدين الزركلي مع بعض الأضافات 4-"       1970مذكراتي عن الثورة العربية"دمشق الجزء الثاني
تعرض المسيحيون في السلطنة العثمانية إلى الكثير من مجازر الإبادة العرقية وكان  .
السيد فائز الغصين هو أحد الشهود الذي رأى  قسما من هذه الفظائع التي أصيب به  المسيحيين عموما في بداية القرن العشرين في الأمبراطورية العثمانية قبل خمسة وتسعين عاما وقسم أخر سمعها أثناء وجوده في السجن في ديار بكر. وهو يؤكد بأن للحرب نهاية ولا بد للأمور أن تنجلي وكل ما يرد في هذا الكتاب(هو حقيقة وهو قليل من كثر الفظائع التي ارتكبها الأتراك بحق الأمة الأرمنية المنكودة الحظ  وكل آت قريب) والكاتب يوضح هدفه من تأليف هذا الكتاب هو تبرئة الإسلام من تلك الجرائم الشنيعة التي نفذة بحق المسيحيين (فكرت في نشر هذا الكتاب خدمة للحقيقة ولأمة ظلمها الأتراك وخوفا عما سيرمي به الاوربيون الدين الاسلامي من التعصب كما بينته )في آخر الكتاب والله يهدينا إلى الصواب)
ويعرض الكاتب جزء من تاريخ الأرمن وتوزيعهم في ولايات عديدة والجمعيات التي كانت لهم , والشخصيات الأرمنية المرموقة  في المجتمع , ويتحدث بأختصار شديد أيضا عن المذابح التي حدثت في عام 1896وكيف كانت الحكومة تثير الأكراد والأتراك  المسلمين )بأسم الدين لقتل المسيحيين(نظرا لجهل المسلمين أحكام دينهم الصحيح)
ويتطرق السيد الغصين إلى بيان الحكومة التركية الذي قرر تهجير الأرمن بسبب مخالفتهم القوانين وحيازة الأسلحة ومساعدة الروس في وان ولما كانت الحكومة في حالة حرب مع أنكلترىا وفرنسا وروسيا وخوفا من القرقل التي قد يحدثها الأرمن تقرر أجلاء هؤلاء وسوقهم إلى ولايتي الموصل و سوريا وللواء دير الزور على أن تكون أعراضهم وأموالهم وأنفسهم في أمان من اعتداء المعتدين وتسليط المجرمين , وكذلك تأمين السكن وكل أسباب الراحة إلى أن تضع الحرب أوزارها. هذا ما أكده البيان احكومي بهذا الخصوص ولكن الحقائق على الأرض كانت شيء مغاير كليا. حيث وضعت خطط سرية للقضاء على الأرمن عن بكرة أبيهم ومن أجل ذلك تم تأليف فرق "مليس" لأجل معاونة الدرك على قتل الأرمنز,( فعينوا رشيد بك لولاية ديار بكر وأعطوه سلطة واسعة وزودوه بشرزمة من القتلة المشهورين كأحمد بك السرري ورشدي بك وخليل بك وأمثاله))
وقيل أن سبب هذه الأجراءات الأجرامية كانت بسبب أرسال عشرين فدائيا من مصر وأوربا لقتل طلعت وأنور وأسباب أخرى لا تمت إلى الحقيقة بصلة. ويتساءل الكاتب ولو كان الأمر كما يدعون لماذا لم يتم معاقبة من قام بأعمال ضد الدولة(فساقت الحكومة قوة عسكريةمع فخري بك باشا, فذهب وهدم قسما من الزيتون وقتل نساء وأطفالا ولم ير فخري باشا مقاومة من الأرمن وقد جمع الرجال والنساء وأرسلهم مع كتائب الجند وهذه قتلت كثيرا من رجالهم.وأما النساء فلا تسأ ل عما جرى بهن فأن الأعراض أصبحت مباحة للجند العثماني والأطفال ماتت من العطش والجوع ولم يصل من الرجال والنساء إلى سوريا الا كل اعرج واعمى. لايقدر ان يعيش نفسه.وأما الشبان فقد قتلوا جميعا والنساء الجميلات فقد صرن سبايا لشبان الاتراك).
ويتحدث المؤلف عن عذابات الأمهات والحوامل التي يضعن حملهن في الطريق فيتركوهن في البراري والقفار الخالية... والنساء كن يتركن أطفالهن في البراري ...والأمراض التي فتكت بهن فتك الذئاب بالغنم.(والأتراك والأكراد تهتك اعراضهن والجوع يهلك الباقيات منهن). ويضيف أنه شاهد الكثير من المظالم ومعانات الناس العزل والأبرياء من كل الأعمار ويسرد ما شاهده بأم العين حيث يقول (وبعد ان سرنا من الرها بدأنا نرى أيضا جماهير من النساء أعياهن التعب والشقاء وامات نفوسهن الجوع والظمأ ورأينا جثث الموتى ملقاة على حافتي الطريق)
وتحدث عن النساء العاريات اللاواتي قتلن على اطراف الطرق بعد ما سلب المجرمون ثيابهن ,وعن تلك الأجساد التي كانت  تقشعر لها الأبدان من شدة الألم وكيف بدأ النحيب على الأطفال والنساء الذين قتلن بالفأس واللاواتي انتهك أعراضهن.ومن شدة الألم الذي شاهده الكاتب والأعمال الهمجية يرى بأن الاتحاديون لا يفهمون أدارة الدولةولا معنى الحرية والدستورية فلذلك أقروا العودة إلى ما كان عليه أجدادهم التاتار من خراب البلاد وأهلاك العباد بدون ذنب ولا سبب أذ هم قديرون على ذلك.ويطلق السيد الغصين صرخة ألم لم يستطع فعل شيء أمام هذه المأساة الانسانية التي يرها بأم عينه فيقول ( فبالله ماذا فعلن تلك النسوة؟ هل حاربن الاتراك أم قتلن أحدا منهم؟ ما جريمة هؤلاء التعيسات اللاواتي لم يكن لهن ذنب الا انهن كن ارمنيات عالمات بتدبير منازلهن أحسن تدبير ويربين أطفالهن أحسن تربية لاهم لهن الا أسعاد رجالهن وأولادهن والقيام بوظائفهن تجاههم..؟
أتعد هذه جريمة أيها المسلمون؟بالله عليكم فكروا قليلا ما ذنب هؤلاء التعيسات؟ أهل انهن سبقن التركيات بكل شيء؟)ويؤكد أن ما يراة أنه أمر فظيع لم يسبقهم لمثله أحد من الأمم التي تعد نفسها من الامم المتمدنة.الأجساد المرمية تحت أشعة الشمس الحارقة والأطفال الصغار بكل الأعمار من الولادة أما موتي وأما عراة بين الحياة والموت والأجساد المحروقة.ويروى المؤلف عن مشاهداته وهو في طريقة إلى السجن في ديار بكر وعن الفظائع الرهيبة, وفي السجن يسأل أحد المسجونين وهو مسلم من أهالي ديار بكر قصة ما جرى للأرمن في ديار بكر (فسألته ماسبب وقعة الارمن؟) فهل قتل الآرمن أحدا من مأموري الحكومة أو من الاكراد أو من الاتراك في ديار بكر؟فأجاب كلا لم يقتلوا أحدا...ويتحدث الكاتب عن عذاب القتلى من المساجين الأرمن, وتبادل الأحاديث معهم عن كل الذي كان حتميا وحتى بعد دفع  الفدي.
     والسيد الغصين يتطرق إلى قتل المسيحيين من أبناء الكنييسة  البروتستانتية والكلدانية والسريانية وهو يقول:
(وقد عم القتل طوائف البروتستانت والكلدان والسريان. ولم يبق في ديار بكر ولا شخص من البروتستانت وقد أتلف ثمانين عائلة من السريان وقسم من الكلدان في ديار بكر. أما في الملحقات فلم يخلص أحد إلا في مديات وماردين... أما السريان الذين في قضاء مديات فأنهم شجعان, أشجع جميع العشائر التي في تلك الجهات ولما سمعوا ما حل بأخوانهم بديار بكروحواليها اجتمعوا وتحصنوا بثلاث قرى قريبة من مديات مركز القضاء ودافعوا عن أنفسهم دفاع الأبطال, وأظهروا بسالة تفوق التعريف ,قد أرسلت الحكومة تابورين من الجند النظامي عدا عن تابور الدرك الذي أرسل قبلا إلى هناك. وألبت عليهم عشائر الكرد فلم يأخذوا منهم لا حقا ولا باطلا وهكذا حموا أنفسهم وأعراضهم وأموالهم من مظالم هذه الحكومة الجائرة...)أن الذي ذكر يتطابق مع ما ذكر مع أختلاف جوهري ومأساوي وعندما بدأت الأمور تهدأ شيء ما بدأت بعضا من العشائر الكردية تحاوروا من أجل الصلح وبعدما قبل السريان بذلك وفتحوا الأبواب من أجل الصلح في قراهم أنقضت عليهم بعض تلك العشائر بأسلوب الغدر وأبادة الكثيرين منهم.والكاتب  يضيف ( ان حكومة بتليس لم تبق نصرانيا"مسيحيا"واحدا في ولاية بتليس ولواء موش, لو أن طبيبا ذكر لمريض أن الدواء الذي يشفيه من مرضه قلب نصراني"مسيحي" وفتش عليه في جميع ولاية بتليس لما وجده).
ويتحدث المؤلف عن أنواع القتل والأتلاف  وأستأجار الدولة قصابين لذبح البشر, وعن وحشية أفراد الدرك وبعض العشائر الكردية , وعن قلع أسنان الذهب ,تفاخر البعض من الأغوات بأعداد المقتولين على يدهم, وكذلك عن فض بكارة النساء قبل الموت وبعده.وينقل الكاتب لنا الأحاديث التي دارت بينه وبين مدير احد النواحي والحديث مع المأمورين,مومع محام ومتصرف وبيع المتروكات, قتل قائمقام بسبب عدم تنفيذ أوامر إبادة المسيحيين في البشيرية وكذلك افتخا ر أحد القضاة بقتل الأرمن ,ويتطرق إلى موضوع حماية عشائر العرب للأرمن, وأمور أخرى كثيرة تقشعر لها أبدان كل انسان يملك مثقال ذرة من الانسانية.وفي الختام أقدم جزء من الخلاصة التي سطرها الكاتب بنفسهيقول هكذا(أذ سألت الحكومة التركية عن أسباب قتل رجال الأرمن ونسائهم وأطفالهم ولإباحة أعراضهم وأستحلال امولهم أجابت ان هذه الأمة قتلت المسلمين في ولاية ,ان. وانه ظهر عندها اسلحة ممنوعة وقنابل منفجرة وعلائم تشكيلات دولة ارمنية,كريات وأمثاله وكل ذلك يدل على أن هذه الامة لم ترجع عن غيها وانها عندما تسنح لها الفرص تحدث شغبا وتقتل المسلمين وتستعين بدولة الروس عدوة الدول العثمانية على متبوعتها.هذا ما تقوله الحكومة التركية وانني قد تشبثت الامر من مصادره وسالت من أهل وان ومن مأموريها الذين كانوا موجودين في ديار بكر, هل قتل الأرمن أحد من المسلمين في مدينة وان أو في ملحقاتها؟ فقالوا, كلا بل ان الحكومة أمرت أها المدينة ان يفارقوها قبل وصول الروس اليها وقبل ان يحدث شىء أو يقتل شخص ما,ولكن الحكومة طالبت من الأرمن تسليم السلاح فلم يسلموها خوفا من هجوم الأكراد عليهم وخوفا من الحكومة.وقد طلبت الحكومة أيضا انيسلم زعماء الأرمن ووجهاءهم للحكومة بمقام رهائن فلم يقبل الأرمن.كل ذلك كان عندما تقدم الروس نحو مدينة وان وتقربهم منها, وأما في اللحقات وفقد جمعت الحكومة جميع الأرمن وساقتهم للداخل فقتلوا جميعا, ولم يقتل أحد من مأموري الحكومة ,ولا من الأكراد ولا من الأتراك...ويأتي ببعض الأحاديث والآيات القرآنية التي تدين الأعمال ألجرامية التي أرتكبت بأسم الدين الاسلامي.
أن كتاب المذابح في أرمينيا للسيد فائز الغصين هو واحد من الوثائق الهامة التي توثق بعض الحالات في محيط ولاية ديار بكر وبالطبع في المدينة ذاتها. وهويكشف كل هذه الحقائق من منطلق انساني وبدافع الحرص على دينه كرجل مسلم متنور, ومن أجل أن يقف كل انسان شريف وقفة صادقة مع ضميره ويدين هذه الممارسات الأجرامية بغض النظر عن إنتماءه الديني والقومي. والسيدالغصين لم يدافع عن المسلمين الأتراك بل برء دينة من هذه الأفعال الفظيعة وأدان هذه الإباداة الجماعية للأبرياء الذين لم يقترفوا أي ذنب.فليكن هكذا رجال قدوة حسنة لنا عندما نتخذ موقف صادق من مثل هكذا قضايا انسانية.
                  المصدر: المذابح في أرمينيا ,تأليف فائز الغصين ,طبعة حلب 1991      

138
مذابح إبادة التطهير العرقي للمسيحيين في الأمبراطورية العثمانية 1914-1918
                                                                                        د.جميل حنا

قتل أمة
مذكرات هنري مورغنطاو
السفير الأمريكي في تركيا مابين (1913-1916)
عن المذابح الأرمنية في تركيا
ترجمة الدكتور الكسندر كشيشيان
يتناول هذا الكتاب المذابح التي تعرضة له الشعوب المسيحية وخاصة الأرمن في الأمبراطورية العثمانية أثناء فترة تواجد السيد مورغنطاوكسفيرأمريكا في أسطنبول مابين أعوام 1913-1916
الحرب الكونية الأولى التي بدأت في 28حزيران 1914 لم تكن أمريكا حينها طرفا في هذه الحرب عند إندلاعها و التي كانت بين  المانيا وتركيا من جهة وبين أنكلترى وفرنسا وروسيا من جهة أخرى.وقد عانت شعوب كثيرة من ويلات الحرب وخاصة تلك التي كانت تحت السيطرة العثمانية.وتأتي أهمية مذكرات السيد مورغنطاومن أهمية الموقع الدبلوماسي الذي كان يشغله والتي أتاحت له الفرصة بأن يلتقي قادة الدولة التي كان يحكمها (حزب الاتحاد والترقي). وخاصة الثلاثي الذي أحكم قبضته على كل  مفاصل الحكم في الدولة وهم أنور باشا, طلعت باشا,وجمال باشا وهذا الأخير المعروف في التاريخ العربي بجمال باشا السفاح. بسبب الأعمال الشنيعة التي قام بها في بلاد الشام, ضد الشعب وعلق المشانق للوطنيين الأحرار في دمشق وبيروت .واتاحت فرصة اللقاء بهؤلاء معرفة الأفكار والأراء التي كانوا يطرحونها وسلوكياتهم الشخصية وأنعكاس ذلك على مصير الشعوب الأخرى ضمن الأمبراطورية العثمانية.ومن ناحية أخرى كان يمثل دولة محايدة في هذه الحرب أثناء فترة تواجده كسفير في أسطنبول.
وفي هذا الكتاب يضع السيد مورغنطاو القارىء في أجواء الحوارات التي كان يجريها مع قادة الدولة على خلفية اعمال الإبادة التي كانت تنفذ بحق المسيحيين. والمطالبة بالطرق الدبلوماسية إيقاف هذه الممارسات الشنيعة وتقديم العون للمهجرين. ويتضح من خلال تلك الأحاديث الفكر الفاشي والتعصب القومي والتصرف البربري الذي كانوا يتحلون به هؤلاء القادة تجاه الشعوب غير التركية.
كما يتضح من خلال هذا الكتاب الهام معانات الشعوب كافة تحت وطئة النير العثماني وخاصة بالتركيز على قضية الشعب الأرمني والمسيحيين عموما.وبأعتبارة شاهدا على واقع الأستبداد بكل اشكاله أستطاع أن ينقل بواقعية ما شاهده بأم عينه والنقاشات التي كانت تدور حول الإبادة.وهذا الكتاب يقدم الحقائق التاريخية بدون إنحيازويسلط الضوء على المحن والنكبات الفظيعة التي تعرض لها المسيحيون.
في الفصل الأول(التركي يرتد إلى طباع أسلافه) من الكتاب يعرض الكاتب شخصية الانسان التركي وكيفية تفكيره ومواقفه من الشعوب الأوربية, ومن المسيحيين خصوصا.ويصفه بالشعب الجبان عندما يتكالب أعداءه ضده وهو كالأسد عندما تسير الأمور على هواه, (يزدري أعداءه المسيحيين بكل مافي الكلمة من معنى). ويتطرق السيد مورغنطاو إلى مشاهدته الغريبة إلى عملية التغيير في علم النفس والسلالات, وكيفية تحول الأنسان التركي كأنسان يعيش في بداية القرن العشرين إلى التركي أبن القرن الثالث عشر والرابع عشر, الذي أحتل كل الشعوب القوية , وأسس في آسيا وأفريقيا وأوربا أمبراطورية كبرى عرفت في التاريخ بالأمبراطورية العثمانية.
ويقول الكاتب(إذا أردنا أن نقيًم بحق طلعت وأنور والأحداث التي تجري الآن, يجب أن نفهم جيدا التركي خلفية آل عثمان وكيف أستعملوا القوة التدميرية الهائلة في أنحاء العالم.يجب علينا  أن نفهم أولا أن الحقيقة الأساسية في العقلية التركية هي الاحتقار المطلق لجميع العروق البشرية...أن العبارة الشائعة والأعتيادية التي يستعملها التركي هو "كلب" (و"خنازير" "كاور"أي "كافر")وفي ظنه أن هذا التعبير غير مبالغ فيه...) ويضيف الكاتب (كانوا ببساطة فرسانا متوحشين وغزاة,والمفهوم السياسي لنجاح القبيلة عندهم هو الأنقضاض على الشعوب التي كانت أكثر حضارة منهم وسلبهم.وفي القرنين الرابع عشر والخامس عشر اكتسحت هذه القبائل مهد الحضارات في آوربا , وبلاد مابين النهرين كان يعيل سكانا كثيرين وكانت بغداد من أكبر المدن وأكثرها أزدهارا في الوجود. وكانت القسطنطينية أكثر سكانا من روما ومنطقة البلقان وأسيا الصغرى كانت فيها عدة دول قوية.أجتاح الأتراك كل هذه المنطقة من ا لعالم كقوة تدميرية هائلة وأصبحت بلاد مابين النهرين صحراء قاحلة خلال سنين معدودة , واصاب مدن الشرق الأوسط البؤس وأصبح سكان هذه المناطق التابعة لهم عبيدا.هذه النعم الحضارية  التي حصل عليها الأتراك خلال خمسة قرون أخذت كلها من الشعوب التابعة لهم.تأتي ديانة التركي من العرب ولغته أصبحت لها قيمة أدبية بعد أستعارته الكثير من اللغة العربية والفارسية, أما أحرفه الكتابة العربية. إن أجمل أثر هندسي لمدينة القسطنطينية هو جامع آيا صوفيا الذي كان في الأصل كنيسة بيزنطية مسيحية,...وأن آلية التجارة والصناعة كانت دائما في يد الشعوب التابعة لها كالأرمن واليونانيين والعرب...في الحقيقة أعطى السلاطين الأوائل الشعوب الخاضعة  في الأمبراطورية بعض الحقوق,ولكن هذه الحقوق في الواقع كانت تعكس جو الأزدراء الذي كان يعيش فيه غير التركي).وأما فيما يخص التحولات الخطيرة التي حدثت في تفكير والمنطق الفكري والسلوكية الجديدة لدى القادة الجدد حيث يذكرالكاتب (تبنى الأتراك الشباب الآن كثيرا من أفكار عبد الحميد وجعلوا من المسألة الأرمنية سياسة خاصة بهم. إن شغفهم وولعهم لتتريك الأمة كان لا بد أن يكون منطقيا بإبادة الونانيين والسوريين والأرمن.كانوا معجبين بالقادة الأتراك في القرن الخامس والسادس عشر ولكنهم آمنوا بغباوة أن أولئك المحاربين العظام أخطأوا خطأ مميتا لعدم إبادة المسيحيين بشكل كامل عندما كان ذلك ضمن امكاناتهم المتاحة...شعروا أن الخطأ كان كبيرا ولكن لا زال بامكانهم تخليص شيء من هذا الدمار. سينقضون على كل اليونانيين والأرمن والسوريين وباقي المسيحيين). هذا جزء بسيط مما ورد في الكتاب لتوضيح طريقة التفكير وسلوكية الانسان العثماني الذي أرتكب مجازر الإبادة العرقية بحق الشعوب غير التركية كما أسلف وخاصة ضد المسيحيين منهم.
وهو يتناول مسألة المهجرين قسرا من مدنهم وقراهم وكيف كانوا يبادون عن بكرة أبيهم ,بأساليب الغدر وهم عزل من السلاح من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال, وكيفية قتل الجنود الموجودون في السخرة بأبشع الطرق البربرية والمهجرين أيضا حيث يذكر الكاتب(كان عملاء الدولة في العادة يسبقون القافلة ويخبرون الأكراد أن قافلة من الأرمن تقترب ويأمرونهم أن يعملوا واجبهم الملائم.لم يتدفق القبليون المتوحشون من جبالهم على هذا الحشد الجائع الضعيف من الناس فقط,بل النساء الكرديات جئن بسكاكين الجزارين الكبيرة لكي يكسبوا ثوابا من عند الله وذلك بقتل مسيحي.هذه الإبادات لم تكن حوادث فردية منعزلة.يمكنني أن أسرد عليكم بالتفصيل سلسلة أخرى من الأحداث الكثيرة والفظيعة.جرت محاولة منظمة من قبل الدولة التركية لقتل كل الرجال المسيحيين الأصحاء في أنحاء الامبراطورية العثمانية).
وكانت الصحف التركية الصادرة آنذاك تقوم بتحريض المتعصبين والجهلاء على القيام بالأعمال الأجرامية لأزالة الوجود المسيحي. وكانت الدولة قد ابتكرت أسلوبا جديدا بالقضاء على الأرمن والمسيحيين بدل الطريقة المباشرة ألاوهو الإبادة بطريقة التهجيرالتي كان يؤدي إلى الموت المحتوم.وكانت هذه المذابح يرتكبها الناس العاديين من الترك والأكراد بسبب التعصب الديني لأجل كسب الثواب عند ربهم كما كانوا يعتقدون,عكس الوثيقة التاريخية الصادرة عن شريف مكة الملك حسين بن علي سنة 1336ه1917م وفيها يوصي الأميرين فيصل وعبد العزيزالجربا بالمحافظة على النصارى.
ويذكر السيد مورغنطاو بأن (أخترع الأتراك طرقا لاتحصى لتعذيب مواطنيهم المسيحيين جسميا في مدى خمسمائة عام, ولكن لم يفكروا أبدا بتهجيرهم من بيوتهم التي سكنوها لآلاف السنين وإرسالهم إلى الصحراء على بعد عدة مئات الكيلومترات. ...حيث يؤكد بأن الأدميرال أوزيدوم أحد أكبر الخبراء البحريين الألمان في تركيا أخبرني أن الألمان أقترحوا فكرة التهجير على الأتراك وبذلك نرى أن فكرة التهجير كانت ألمانية...)
وابالطبع لم تكن فكرة التهجير هذه وحدها التي خططت لها المانيا وأنما كل الدعم العسكري والمالي وتمويل العمليات الحربية وعمليات إبادة المسيحيين كان مخططا ألمانيا من أجل تحقيق طموحاتهم الأمبراطورية وفرض سيطرتهم على منابع النفط والطرق التجارية إلى الهند والصين.  
عزيزي القارىء الكريم هذا هو أحد الكتب الهامة لشاهد عيان على جزء وفترة زمنية محددة من عمليات الإبادة التي تعرض لها المسيحيين من الأرمن واليونان والآشوريين بكل مذاهبهم الكنسية من السريان والكلدان والبروتستانت في الأمبراطورية العثمانية.وكان الهدف من ثقديم أجزاء أو مقتطفات مطولة أحيانا من الكتاب لأعطاء الفرصة للقاريء الكريم للأطلاع على المزيد ما يتضمنه الكتاب من مذكرات الشخصية للسيد هنري مورغنطاو.
المصدر:قتل أمة -مذكرات هنري مورغنطاو- تعريب الدكتور الكسندر كشيشيان.    
 



 
 
 

139
مذابح إبادة المسيحيين في الأمبراطورية العثمانية
             

د.جميل حنا       
على ضوء كتاب (الوجه الخفي للإنقلاب التركي)
كتاب الوجه الخفي للإنقلاب التركي تأليف مولان زاده رفعت صدر عن مطبعة الوقت بحلب 1929, تعريب الدكتور توفيق برو,عدد الصفحات207 .يبحث في القضايا الخفية والخطيرة التي كانت تجري في الأمبراطورية العثمانية وخاصة منذ أنقلاب حزب الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد والسيطرة على السلطة في الدولة العثمانية.وكيفية قيام هذا الحزب بالتخطيط وتنفيذ مجازر إبادة المسيحيين وخاصة الأرمن في الأمبراطورية العثمانية أثناء الحرب الكونية الأولى1914 -1918.
الهدف من تسليط الضوء على هذا الكتاب القيم جدا هو من أجل الإطلاع على الحقائق التاريخية .الذي دونها الكاتب بأعتباره شاهد عيان وقريب من مراكز إتخاذ القرارات السياسية والطبقة الحاكمة ,وكذلك من أجل نشر المعرفة بشكل عام حول فترة مليئة بالدمار شبه التام للمسيحيين في الأمبراطورية العثمانية.مؤلف الكتاب هوصحفي وكاتب عثماني تركي مرموق مخلصا لأنتماءه وولاءه للسلطة العثمانية.ولكنه دون الحقائق التي شاهدها بدقة وعلم عنها في وقتها كصحفي. وكان الكاتب ذا صلة وثيقة بالقصر السلطاني.عاش بين أعوام 1872-1950.(كل المعلومات المتوفرة عن مولان زاده رفعت تشير إلى أنه كان متبحرا في السياسة العثمانية كثير العلم وواسع الأطلاع وصاحب مبدأ ورجل قلم مكافح)
إن كتاب( الوجه الخفي للإنقلاب التركي) يتحدث عن فترة عصيبة مليئة بالأحداث المأساويةعلى الشعوب غير التركية من العرب واليونان والأرمن والآشوريين السريان ,على المسيحيين عموما خلال الفترة الممتدة بين أعوام 1908-1922.فالكاتب يتطرق وبشكل مشوق إلى كل تفاصيل الحياة السياسية والحزبية في تلك الحقبه وخاصة منذ أن وقع الأنقلاب العسكري الذي قام به (حزب الاتحاد والترقي) في 24 تموز 1908.وكان المؤلف بفضل علاقاته مع القصر الشاهاني وبأعتباره صحفيا مرموقا أستطاع الحصول على الكثير من خفايا الدولة ومن خلال علاقاته الوطيدة بالقصر والجهات الحكومية والحزبية.فكان ذو أطلاع واسع على الخفايا التي كانت تدور في أروقة البلاط.وبعد قيام دولة تركيا الحديثة نفي طوعا إلى حلب وفي عام 1929 تعرض إلى محاولة قتل بالسم كما أكد هو((أن أعوان مصطفى كمال يريدون القضاء عليه بغية التخلص منه)). كان عارفا بأسرار السياسة التركية الداخلية. حيث كتب وبشكل من التفصيل عن المؤتمر السري الذي عقده حزب الاتحاد والترقي في سلانيك عام (1910).وفي هذا المؤتمر تم تداول مسألة القوميات غير التركية في الامبراطورية العثمانية . وخرج المؤتمر بأقتراح حل مسألة الأقليات القومية بتتريكهم بالقوة أو إبادتهم.وتقرر كذلك ممارسة سياسة عنصرية ولقد أتخذ القرار هنا (بأن تزال اللغات غير التركية وتتريك العناصر وإذا لم يتيسر ذلك فالإبادة بقوة السلاح).لم يوافق بعض الأتراك على هذه القرارات , وأنتسبوا في 21 ك2 ,1911إلى حزب ((حريت وائتلاف))المعارض.
وهذا الحزب يعد أقدم الأحزاب التركية,تأسس عام 1899في باريس أستنادا إلى دائرة المعارف البريطانية(15)والمصادر الأرمنية تشير إلى تاريخ أبكر منه هو 1889.وفي عام 1912 كسب الاتحاديون معركة الأنتخابات للمرة الثانية ولكن الأوضاع كانت مضطربة في أسطنبول بسبب ضياع ليبيا 1911 وذلك بسبب سحب جيشها من طرابلس وأرساله إلى اليمن لقمع  الثورة المندلعة هناك في 1910المناهضة للعثمانيين,وما تبعها من حرب البلقان(1912-1913).
ويتطرق الكاتب إلى الأجتماع السري الذي عقد في أسطنبول في آوائل عام 1915 حضر للأسلوب الذي يجب على الاتحاد أن ينتهجه لتطبيق وتنفيذ مفعول القرارات المتخذة سابقا ضد الشعوب غير التركية.وكيفية انخراط تركيا في الحرب الكونية الأولى إلى جانب الألمان.وكانت تركيا تحت السيطرة الألمانية كليا بسبب الدعم المالي والعسكري.ودور السفير الألماني(فانكنهايم)وعلاقته مع كبار الدولة وتأثيره بأتخاذ قرارات تخدم مصلحة المانيا وأستمالة الكثير من قادة الدولة إلى ما يشتهي ويريد.والنقاشات التي كانت تدور بين مختلف أقطاب قيادة الدولة حول دخول تركيا إلى الحرب إلى جانب ألمانيا.ويتطرق الكاتب إلى مسألة البرجتين الحربيتين((غوين))و((برسلو ))الألمانيتن التي كانت عرضة لمطاردة عنيفة من قبل الأسطولين الإنكليزي والفرنسي في البحر الأبيض المتوسط . ومن ثم دخولهما عبر مضيق الدردنيل  إلى ميناء أسطنبول, والضغوط التي مارستها دول الائتلاف على الحكومة العثمانية مطالبين بتسليم هاتين البارجتين الحربيتين.وبعد زمن وجيز جدا للخروج من هذا المأزق تم تسليم القطعتين الحربيتين إلى الدولة العثمانية. وأستخدمت فيما بعد بالهجوم على الأسطول الروسي ودك قلاع أوديسا على البحر الأسود.
ويتحدث الكاتب على الدورالمدمر الذي لعبه الثلاثي الديكتاتوري أنور,طلعت,وجمال على الأمبراطورية وبسبب أحلامهم الطورانية,ودخولها الحرب الكونية الأولى بناء على رغبة الألمان.والاتحاديين الذين حاربوا أستبداد السلطان عبد الحميد كانوا هم أكثر أستبدادا من السلطان الأحمر بإرتكابهم مجازر إبادة بحق الشعوب غير التركية.كما يؤكد الكتاب  أن عمليات الإبادة التي نفذة بحق الأقليات( الأرمن واليونان والآشوريين السريان بين أعوام 1914-1915) إنما هي إبادة مدبرة مخططة ومنفذة حكوميا, وهو إنعكاس طبيعي لمنطق التفكير العنصري لدى زعماء حزب الاتحد والترقي وأفكارهم الهدامة بتحقيق أقامة الأمبراطورية((الطورانية)).وفي المرحلة اللاحقة (1918-1920)التي أعقبت الحرب العالمية الأولى وبعدما تبين أن الهزيمة حاصل لا محالة بالنسبة لتركيا,والتي تحالفت من دون مبرر مع الألمان. راحت حكومة الاتحاديين المذعورة تتلف كل الوثائق المكتوبة المتعلقة بإبادة الشعوب المسيحية من الأرمن واليونان والآشوريين السريان بكل أنتماءاتهم الكنسية المختلفة.ولكن بالرغم من كل المحاولات لم تستطع إتلاف الكثير من الوثائق.
وفي تلك الفترة أنشغلت وسائل الأعلام التركية كثيرا بهذه المسألة , والحكومة الجديدة ألقت بالوم على (السلطان عبد الحميد, وعلى حزب الاتحاد والترقي). وتوضح الصحيفة الفرنسية (لا رونيسانس)الوحيدة الصادرة آنذاك في العاصمة من كل تلك النقاشات الدائرة علنا في وسائل الأعلام أمرين-
-أن الجريمة قد حصلت فعلا.
-المسؤولون معروفون. ولم يوجد من يصر على عدم وجود خطة إبادة مدبرة مسبقة,بل يقولون((لست أنا,بل هو)),أنا لم أفعل إلا ما أمرت به...
كما يتطرق الكاتب في الفصل السادس إلى -النفوذ الصهيوني في الدولة العثمانية-ودور (جمعية صهيون)وما آلت إليه الأمور في السلطنة العثمانية.ودور السيده(خالدة أديب) أبنة رجل يهودي من الدونمة وعلاقتها الحميمية مع كل من جمال وطلعت ومصطفى كمال باشا. ويشبه دورها أو وضعها بالنسبة لهؤلاء شبيها بوضع مدام ((بومبادور))بالنسبة للملك الفرنسي ((لويس الخامس عشر))كما لم يخل الأمر من تدخلها في شؤون الدولة.
وفي الفصل الثاني عشر -القضية العربية -لم تقتصر مهازل الاسراف والمجون التي مارسها الاتحاديون ,ورذائلهم وجرائمهم على الأستانة. بل أمتدة إلى الولايات . يضاف إلى هذه الرذائل شنائعهم وجرائمهم التي ارتكبوها في سوريا , والتي تقشعر لها الأبدان,حين أقاموا في مصيف ((عالية))بجبل لبنان ديوان الحرب العرفي.الذي قدموا اليه شبان العرب من مسلمين ومسيحيين,سواء منهم الأعيان أو المنورون من الشبيبة العربية, فحكم عليهم بالإعدام وعلقوا على أعواد المشانق لأتفه الأسباب.ففي 6 آيار 1916 أعدم في كل من دمشق وبيروت من المسيحيين والمسلمين في يوم واحد أحدى وعشرون شخصية مرموقة ومعتبرة.كما يبحث الكاتب مواقف الشريف حسين ومراسلات (حسين -ماكماهون)للتخلص من الحكم العثماني.
وفي الفصل الثالث عشر والأخير يتطرق إلى موضوع إنهيار السلطة العثمانية بعد ستة قرون من قيامها.ويختتم الكاتب كتابه  بمقالة كتب عنها هو هكذا(صدر حتى الآن كثير من الكتب والبحوث حول جمعية الاتحاد والترقي.وإذا كان كثير من القول قد قيل عنها, لكن ما قيل لا يضاهي, في قوته, ما جاء في المقالة التي نشرتها جريدة ((الوحدة)) الحلبية في عددها الصادر في 8 تموز 1928 بتوقيع ((رفيق خالد)) وعنوان خواطر تموز وهو يدرج المقالة كاملة وهي مؤثرة جدا.
وفي الختام لا بد من قول كلمة واحدة بحق الصحافي العثماني الشريف الذي دون الحقائق التاريخية وقدمها لكل الشعوب ليكشف الحقيقة عن ممارسة السفاحين الذين ارتكبوا أبشع مجازر إبادة التطهير العرقي بحق الكثير من الشعوب. والشعب التركي بريء من هذه الأعمال الأجرامية الشنيعة.فهذا كتاب يستحق التذكير به لما يحتوية من معلومات قيمة.
المصدر:الوجه الخفي للإنقلاب التركي----بقلم مولان زاده رفعت ---مطبعة الوقت بحلب-1929
تعريب الدكتور توفيق برو


140
يونادم كنًا مرشح لرئاسة جمهورية العراق, ولماذا لا!

 د.جميل حنا

المرأة المناسبة والرجل المناسب في المكان المناسب!
لا تستغرب(ي) ياعزيزتي(ي) القاريءالعراق بلد ديمقراطي على الأقل هكذا يقال فأذا كان هذا هو الحال فيجب أن تكافيء الشخصيات الكفوءة والمخلصة بغض النظر عن إنتمائها الديني والإثني والسلطة والمال لقيادة البلد.
لا تستغرب يا عزيزي القاريء هذا ليس وهما هذه حقيقة تستند إلى واقع حقيقي تعيشه وتشعر به وتتحدث عنه وتكتب وتعبر بالكلام عنه في وسائل الأعلام المسموع والمقروء وفي مجالسك الخاصة: العراق بحاجة إلى شخصية أو شخصيات وطنية صادقة مخلصة ويدها نظيفة لأخراج العراق وشعبه من المأساة التي يعيشها.لأن قيادة الدولة ومؤسساتها لايمكن أدارة شؤونها وأخراج الوطن الجريح والنازف للدم من هذا الواقع الأليم. إلا الإنسان الذي يملك الكفاءات اللازمة ويضع المصلحة الوطنية فوق كل المصالح الشخصية والفئوية, في وطن تسوده الشرائع والنواميس الإنسانية تحقق العدالة الأجتماعية والمساواة بين كافة مكونات المجتمع المختلفة دينيا وقوميا.
ألم يقل الشاعر :لابد لليل أن ينجلي وللصبح أن ينبلج وللقيد أن ينكسرعلى ما أظن ,أليس هذا ما تسعى اليه ,من أجل بناءالوطن الحر والشعب السعيد.ولكن لماذا وقع أختيار الوطنيين على السيد يونادم كنا وحتى بدون تسميته بالأسم علنا.وذلك للأسباب التالية وبكلمات بسيطة جدا هو رجل وطني عراقي صادق يملك الكفاءات والقدرة على التوازن بين كل الطيف النسيج الوطني العراقي والتوافق بين المصالح المختلفة.وهذا لايعني بأنه لايوجد وطنيين صادقين آخرين كثر على الساحة الوطنية العراقية.وقف الرجل وقفة الرجال الوطنيين الشجعان المخلصين ونبذ التعصب الديني والقومي والطائفي قولا وفعلا,عكس الغالبية الساحقة من قادة العراق.وضع المشروع الوطني الديمقراطي العلماني لبناء وطن حر وشعب سعيد يتحقق من خلاله المساواة بين كافة المكونات الإثنية للشعب العراقي في وطن موحد.كان السيد كنًا في عهد صدام حسين أحدى الشخصيات الرئيسية في المعارضة لأسقاط النظام الديكتاتوري.وهو زعيم أكبر الأحزاب الآشورية في الساحة العراقية والحركة الآشورية الديمقراطية قدمت الشهداء والتضحيات الجسيمة من أجل حرية الوطن والشعب.وهو الزعيم الذي حصل على60%من أصوات الناخبين في الأنتخابات الآخيرة أي 3مقاعد من أصل 5 من أصل الكوتا المخصصة للشعب الآشوري بتسمياته المختلفة وهذا مالم يحصل عليه أي سياسي أخر في العراق.السيد كنُا أبن ثالث مكون إثني عراقي من حيث العدد بعد العرب والكرد , وطبعا هذا كله تم بعد حملات إبادة التطهير العرقي والتهجير القسري الذي مارس بحق الشعب الآشوري بكل تسمياته المختلفة على مدى عصور طويلة. وبأعتباره أبن أقدم إثنية أصيلة عراقية بأستطاعته التواصل مع الأرث الحضاري التاريخي لبلاد الرافدين وبين مستقبل العراق المزدهر وحاضره.
أستطاع بمرونة فائقة التراجع عن المشروع القومي الذي أقر في لندن 2002 الذي سن فيه مطالب وأستراتيجية تلك الأحزاب لمرحلة ما بعد سقوط نظام صدام. وتخلى عن ذلك المشروع القومي حينما رأى بأن كيان وحدة الوطن والشعب مهدد بالأنقسام من قبل الأخرين فوقف وقفة الرجال ونبذ التعصب بكافة أشكاله, وندد بالأحتلال الأمريكي. وخلال سبعة أعوام منذ سقوط صدام برهن بجدارة على رؤية الأمور بمنظار آخر يختلف عن رؤية الغالبية الساحقة لقادة دولة العراق وأحزابها وميليشياتها المختلفة المبنية على أسس دينية وطائفية وحزبية .كل منها يسعى لنهب القدر الأكبر من قوت المواطن وثروة الوطن وفرض السيطرة السلطوية والعسكرية والأقتصادية.الكثير من قادة العراق والمؤثرين في الساحة السياسية والسلطة اياديهم ملطخة بدماء شعبهم من أبناء جلدتهم وبدماء أبناء الوطن. أم السيد كنُاحتى هذه اللحظة بريء من هذه الأفعال الشنيعة على الأقل هذا هو المعروف عنه.على عكس الكثير من قادة العراق المتسلطين على مقاليد الحكم سواء في الشمال أو الوسط أو الجنوب.
حكام العراق يدعون بأن العراق يحكم بالطرق الديمقراطية, ولكننا نتسائل هل الديمقراطية مجرد شعار وكلام نظري يطرح أم هو ابعد وأعمق من ذلك بكثير.الديمقراطية تحتاج إلى ممارسة فعلية في حياة المجتمع. أليس من الأفضل إثبات ذلك عملياوتوكيل مهام رئيس الجمهورية إلى رجل مسيحي الذي يمثل عدديا الثاني بعد الأسلام, ولأظهار التسامح الديني الذي يدعون به.أسناد مهام رئيس الجمهورية أثبت بكل جدارة على الأخلاص للعراق ولشعبه بكل مكوناته من العرب والكرد والتركمان واليزيديين والشبك.
أيها القاريء الكريم أذا كان هذا هو مطلبك بأن يقود العراق رجل برهم\ن على وفاءه للوطن والشعب .رجل لم تلطخ يده بدماء الأبرياء. رجل لم يتعامل مع الصهاينة ليجزء الوطن.رجل فرض أحترامه على الأخرين ليس بقوة المال والسلاحوالميليشيات المدججة بالسلاح.فكم بالأحرى يجب أن يكون مطلب الأحزاب الشيوعية بكافة فروعها في العراق والقوى الديمقراطية والعلمانية واليبرالية والشخصيات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني أن تطالب رسميا بأن يكون رئيس الجمهورية العراقية القادم السيد يونادم كنًا الذي يستحق هذا المنصب بكل جدارة ولأخراج العراق من المحصصة الدينية والطائفية والقومية بأعتبار السيد :نًا ليس له مشروع قومي ولا ديني ,بل مشروع وطني لكل الشعب العراقي بغض النظر عن الدين والقومية.وأما من ناحية أخرى بالنسبة لي أختلف مع السيد يونادم كنًا في أمور تدخل ضمن أطار حرية الرأي مثل التحليل السياسي والمشروع القومي.     
 
 

141
نيسان ( آكيتو) يثأر على الظلام   
   

د.جميل حنا

الأول من نيسان عيد رأس السنة البابلية الآشورية في الأمبراطورية الآشورية. يحتفل بهذا العيد الوطني والقومي في بلاد آشور منذ 6760عام.إيذانا ببدء فصل تجدد الحياة والعطاءوالنور.الطبيعة تدور حول نفسها في دوران مستمر لا تتوقف بأنتظام تترتب من خلالها شؤون الكون. تثور الطبيعة على ذاتها متحدة مع الكون الخارجي مع شعاع الشمس ونوره ودفئه, مع القمر المنير في السماء والكواكب المتناثرة بأنتظام في الفضاء الفسيح وحسب قوانينها التي تحددها مع محيطها وبتأثيرمتبادل.الطبيعة لعبت الدور الأساسي في حياة البشر منذ أن بدأ تطور وجود الانسان على الأرض. وكان تعلق الانسان بالطبيعة وقوانينها تحسبا لجبروت وسر العظمة التي كانت تملكها, وقدرتها على أحداث التغيير في حياة كل الكائنات الحية من البشر وعالم الحيوان والنبات والدبيب على سطح اليابسة وفي مياه البحار والمحيطات والأنهاروحتى على طبيعة التضاريس.هذا التغيير الذي لم يخلق من العدم بل هو نتيجة العلاقة بين أقطاب الكون علاقة الشمس بكوكبنا كوكب الأرض,الكوكب الأزرق الذي منحنا أسباب العيش والحياة عليه,هذا الجزء الصغيرالذي نحيا عليه ونتفاعل مع قوانينه سلبا وإيجابا.
الإنسان منذ البدأ وبحسب ما كان يملكه من القدرة العقلية  يفكر في أكتشاف سرعظمة الطبيعة الجبارة أو رضخ بدون تفكير لقوى الطبيعة مستسلما لأمره وراضيا بكونه الكيان الأضعف في هذا الكون أمام قوة الطبيعة المحيطة به مباشرة ومن الفضاء الخارجي.
كانت نور الشمس الحارقة وقرص القمر ولألأة الكواكب في مجرة درب التبانة التي تشع على الأرض أكثر غموضا من أن يستوعبها. وكانت الرياح والعواصف والبرق والرعد وأمواج البحر والجبال الشاهقة والنار والفيضانات كل هذه الظواهر القادمة من محيط الانسان ومن الفضاء الخارجي أظهر عجز الانسان على فهم الظواهر الطبيعية .فكان الأستسلام وعبادة الطبيعة وظواهرها ومن ثم أعطيت القرابين لها لأرضائها وكسب مودتها وإتقاء لشرها وتقديم السجود لها السبيل الوحيد الذي أعتقد الإنسان بأن يقيه من غضب الطبيعة.هذا كان لدهور طويلة في حياة البشر إلى أن جاء نيسان,نيسان بابل وآشور ونور شمسه المشرق وشعاعه الذي أشرق في عقول الحكماء والناس وهذه الأشراقة أنتجت فكراعظيما خالدا حرر الإنسان من عبودية الخوف من مظاهر الطبيعة وكيانها.وقدم تفسيرا عقلانيا علميا سليما لقوانين الطبيعة والعلاقة بين مختلف الظواهر والعناصر المكونة لها , والصراع الدائر بدون توقف بين جميع هذه المكونات لتعطي المغذى الحقيقي لوجود الإنسان وحياته في الكون وتفاعله مع محيطه بحدود المعقول من أجل المحافظة على استمرارالحياة.
في ربيع كل عام تثأر الطبيعة على ذاتها في صراع أبدي على الظلمة وتنتصر أرادة الخير والنور والحياة على الموت والشروالظلام.نيسان رمز الحياة والعطاء والثأرلا يدع دورة الفلك تدور بدونه لأن بغيره لا حياة في الكون.
بلاد صانع الأمجاد في نيسان بلاد ما بين النهرين يعيش في وقتنا الحاضرصراع مرير بين قوى الخير والشر. والشعب الآشوري في وطنه آشوريتعرض إلى حملات إرهابية ومجازر إبادة عرقية تستهدف القضاء على كيانه القومي والديني.وهذا الشعب مدعو للأنتفاضة على واقعه المرير والأنطلاق في طريق الأنعتاق من قيود الخوف لتحقيق طموحاته في الحرية الكاملة من أجل حياة أفضل والعيش بأمان في وطن شعاره المساوة والحرية والأخوة لجميع أبناء الوطن الموحد تحت راية النظام الديمقراطي العلماني الذي يمنح السلام للجميع, كما يمنح الربيع الخضار والورود بألوانها الزاهية وعطورها العبقة لمحيطها لكل البشر.فليكن نيسان بابل وآشور رمز المحبة بين الشعوب وألف تحية في الأول من نيسان إلى كافة أبناء الأمة الآشورية وجميع الشعوب في بلاد ما بين النهرين.




 

   
 

142
البرلمان السويدي الأول في العالم يعترف بمجازر إبادة الشعب الآشوري إبان الحرب الكونية الأولى في السلطنة العثمانية.شكراً للسويد!   

د.جميل حنا

الحادي عشر من آذار 2010 سيبقى يوما تاريخيا مشهودا له في حياة الشعب الآشوري بكل تسمياته المختلفة,بأعتباره المرة الأولى الذي ينال فيه أعترافا رسميا بمجازر إبادة التطهير العرقي من قبل برلمان أحدى الدول المشهود لها بعراقتها في ممارسة الحياة الديمقراطية.وهو يوم عظيم كذلك في حياة البرلمان السويدي الذي أتخذ هذا القرار الصائب والجريء والمحق, والذي أنتصر فية مبادىء القيم الإنسانية على القيم المادية البحته.السويد بخطوته الطليعية هذه سيبقى رمزا للقيم الإنسانية, ومثلا يحتذى به في العالم الديمقراطي الحر.أن الأعتراف بمجازر الشعب الآشوري هي ثمرة جهود كبيرة بذلها أبناء هذه الأمة بكافة مؤسساتها الدينية والثقافية والسياسية والأجتماعية خلال ما يقارب خمسة عشر عاما من الجهد المتواصل في الساحة الدولية وخاصة في آوربا.
كان التصويت لصالح مشروع  قرارإبادة الشعب الآشوري والأرمن واليونان إنتصارا للعدالة ,إنتصارا لقيم السلام على الحرب, إنتصار روح التسامح على العنصرية والكراهية والقتل.الأقرار بمجازر إبادة الشعوب الأصيلة صاحبة الأرض والتاريخ العريق في دولة تركيا الحالية التي نشأة على دماء وأجساد وأرض هذه الشعوب المسيحية بمختلف إنتماءاتهم القومية والثقافية من الآشوريين واليونان والأرمن ,أعتراف بالحقوق القومية والدينية المشروعة لهذه الشعوب في وطنها تركيا حاليا, وتعويضها بما الحق بها من من تدمير شبه كلي بناءاً على كافة المعطيات الحقيقية الذي ما تزال تعيشها هذه الشعوب في أرض الواقع.وهو أعتراف بأن هذه الشعوب لن تتخلى عن حقوقها مهما طال الزمن بالرغم من كل محاولات وأساليب القتل والترهيب والترغيب والتهجيروسلب الممتلكات الذي مارسته الحكومات المتعاقبة على السلطة في الدولة التركية منذ نشأتها الحديثة في عام 1923حتى يومنا هذا.
خمسة وتسعون عاما منذ 1915عندما أرتكبت المجزرة الكبرى التي قضت على أكثر من الثلثين من أبناء الأمة الآشورية والشعوب المسيحية الأخرى رغم مرور هذا الزمن الطويل على تلك المجازر الرهيبة ماتزال ذكراها محفورة في عقول وقلوب من تبقى في الحياة ولكنها أيضا محفورة في الذاكرة الجماعية لأبناء هذه الأمة لشدة هول المصيبة .والدليل على ذلك هو أن أبناء  هؤلاء الشهداء وأحفادهم هم الذين يقفون وراء مشروع القرار الذي أقره البرلمان السويدي.أنه ليس محض صدفة أن يتخذ هكذا قرار في السويد بل هو ثمرة جهود مؤسسات هذا الشعب في هذا البلد الذي وفر الأمان للمهجرين والفارين قسرا من القتل في تركيا ليمنحهم الحق في الحياة الكريمة وحرية العمل من أجل الحصول على حقوقهم الدينية والقومية.والعمل من أجل أن تعترف تركيا بمجازرإبادة التطهير العرقي التي أرتكبت في أعوام 1914- 1919ضد الشعب الآشوري بتسمياته الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية والكنيسة المشرقية وبقية الطوائف الأخرى والمسيحيين عموما.
في صبيحة الحادي عشر من آذار توجه  ممثلي المؤسسات الثقافية والدينية والسياسية من أبناء الشعوب التي تعرضت لمجازر إبادة التطهير العرقي إلى مبنى البرلمان السويدي لمتابعة مجرى المناقشات الدائرة في جلسة البرلمان المخصصة لأتخاز قرار بشأن المجازر .هذه المرة الثالثة التي يناقش فيها البرلمان السويدي مسألة مجازرهذه الشعوب الأولى في عام 2001والثانية في 2008 "1" وهذه كانت الثالثة. منذ أن افتتح النقاش حول مشروع القرار كان النقاش محتدما بين الائتلاف الحكومي اليميني وبين كتلة الأحزاب اليسارية الحزب الديمقراطي الأشتراكي وحزب اليسار وحزب البيئة.وفي نهاية النقاشاة طرح مشروع القرار للتصويت عليه من قبل أعضاء البرلمان البالغ عددهم 349 عضوا , وقد صوت لصالح القرار 131وضد 130وامتنع عن التصويت 88 عضوا, وكان من المصوتين لصالح القرار أربعة أعضاء من الكتلة اليمينية.وهذا القرارنال رضى وفرحة الشعوب التي أرتكبت بحقها مجازر إبادة التطهير العرقي ,لكنها أغضبت الحكومة التركية جدا.وكان موقف الكتلة اليسارية واضحا بشأن هذا حيث أن أكبر أحزاب المعارضة كان أقر الأعتراف بمجازر إبادة هذه الشعوب في مؤتمرها المنعقد آواخر عام 2009.وقد صرحت رئيسة الحزب الديمقراطي الأشتراكي (بأن القرار الذي أتخذ في البرلمان هام,خاصة بالنسبة لمن لايزالوا يعانون من إرث وتداعيات هذه المجازر)وكان مشروع القرار الذي طرحتة المعارضة اليسارية على البرلمان (ينص على أن السويد تعترف بإبادة 1915بحق الأرمن والسريان والآشوريين واليونانيين الذين كانوا يقيمون على أراضي السلطنة العثمانية).
هذا اليوم نصرا لكل قوى المحبة للسلام, ولكل الشعوب المظلومة التي ترزح تحت نيرالطغاة وتحذير لمن يرتكب الجرائم بحق الشعوب المضطهدة.
لمطالعة المزيد حول هذا الموضوع لمن يرغب بذلك يمكنة العودة إلى مقالات الكاتب بهذا الخصوص على العديد من المواقع نذكر بعضا منها :
1-البرلمان السويدي يرفض للمرة الثانية الاعتراف بمجازر الإبادة الجماعية المرتكبة في عام 1915في تركيا العثمانية ضد الآشوريين والأرمن واليونانيين.
2-الاعتراف بمذابح الشعب الآشوري مطلب وحق إنساني.
3- تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في آوربا.

     

 
         

143
المرأة الآشورية في عيد المرأة العالمي جراح وصمود من أجل البقاء
                       
د.جميل حنا

العالم يستقبل الثامن من آذارعيد المرأة العالمي بباقة من الزهور,ببسمة وقبلة وحب ومحبة وتكريما واحتراما وسلاما للمرأة .هذه الكائنه التي تمنح البشرية أسباب الاستمرار في الحياة.إلا المرأة الآشورية المسيحية في بلاد ما بين النهرين على أرض آشور يحل عليها عيد المراة هذا العام كما أعوام كثيرة في تاريخها بالقتل ونزيف الدم والتهديد وانتهاك حرمتها الطاهره وفقدان الأحبة, ومطعونة في كرامتها الانسانية.في بلد يسوده شريعة الغاب بعدما وطأت اقدام المحتل الغازي بكل أشكاله على مرالعصورهذه البقعة من الأرض .بينما كانت هذه الأرض وشعبها الأصيل أبناء الأمبراطورية البابلية الآشورية قد منحوا البشرية شرائع إنسانية تصون كرامة المرأة وحقوقها.وكان للمرأة دور هام في حياة المجتمع كانت الملكة والكاهنة وربة البيت وشريكة الرجل في العمل في الحقل وفي كافة مجالات الحياة .ولم يكن كيانها مستهدف بسبب كونها أمرأة.وفي هذه الظروف الصعبة التي تعيشها المرأة في ظل أوضاع غيرطبيعية وفي أجواء التهديد المستمرالذي يستهدف كيانها يكون من الصعب تقديم تحليل موضوعي شامل لواقع المرأة الآشورية من كافة جوانبه التاريخية والأجتماعية والأقتصادية والدينية والقومية والوطنية.وذلك بسبب الظروف الاجتماعية التي تعيشها ضمن كيانات سياسية وقومية ودينية وثقافاة مختلفة في (العراق,سوريا ,تركيا, لبنان, آيران ,دول المهجر).فهي تعيش اليوم في ظل أنظمة عديدة بسبب تمزيق وطنها التاريخي بلاد ما بين النهرين آشورإلى أجزاء موزعة بين كيان دول حديثة العهد بينما كانت هي صاحبة الملك الشرعية لهذه الأرض لآلاف السنين. ويحكم في هذه الكيانات (الدول) إما نظام شوفيني قومي وديكتاتوري أو نظام ديني متعصب وأما عشائري قبلي عائلي.والمرأة الأشورية المسيحية تتعرض اليوم وخاصة في العراق إلى كل أنواع الأضطهاد وأنتهاك حرمتها والخطف والقتل والرعب والتهديد.فهذا الواقع الأجتماعي المأساوي يفرض وضعا في غاية الخطورة على المرأة.ويؤدي ذلك إلى إنحسار دورها الفعال في المشاركة الحقيقية في الحياة اليومية فيتجه كل تفكيرها وجهدها نحو إنقاذ ذاتها وعائلتها من مذابح إبادة التطهير العرقي التي تتعرض له في العراق من الشمال إلى الجنوب وخاصة في هذه الآونة الأخيرة في محافظة نينوى. وهي مخيرة بين إنتهاك عرضها والأسلمة والقتل والأضطهاد الديني والقومي والانساني وبين الهجرة القسرية إذا أستطاعت ذلك .فأي حقوق ومساواة وأي دور يمكن أن تقوم به ىالمرأة في في ظل نظام سياسي عنصري حقن النسيج الوطني بروح الكراهية والأحقاد لتمزيق الوحدة الوطنية ومن أجل تحقيق المصالح الشخصية والحزبية الضيقة في خدمة تنفيذ الأجندات الخارجية.هكذا نظام سياسي يفتقرإلى أبسط مقومات الأخلاق الانسانية والذي آثر في شرائح واسعة من المجتمع.ونستثني من هذا البعض من أبناء الشعب العراقي بمختلف إنتماءاتهم القومية والدينية.وأنما نقصد في المقام الأول حكام العراق الفعليين واعوانهم من شمال العراق إلى جنوبه الذين هم سبب المآسي التي يعيشها الشعب وخاصة المرأة.
إن الفرق الشاسع بين طبيعة الأنظمة التي يعيش فيها أبناء شعبنا يعكس واقعاً مختلفاً ومشاكل لهاخصوصية معينة، في ظل النظام الديني تكون الشرائع الدينية هي الناظمة لحقوقها وواجباتها، والأنظمة الديكتاتورية والقومية الشوفينية تسلب أبناء شعبنا كافة حقوقه القومية والسياسية وحريتة الشخصية.ومن ناحية آخرى العيش في دول المهجر حيث تتوفر فيها الحرية والديمقراطية إلا أنها لم تجلب للمجتمع النسائي عالم خال من المشاكل بل هناك الكثير من المشاكل في غاية التعقيد. لذلك يعتبر العمل السياسي في الوسط النسائي من المهام الملحة والمعقدة أمام أي تنظيم سياسي او أجتماعي. ويعتبر النشاط السياسي والاجتماعي، والتوعية القومية بين النساء في المرحلة الراهنة ذو أهمية بالغة وذلك لما تتعرض له من مشاكل. وتتزايد أهمية الموضوع لأنه يستحيل تسجيل أي نجاحات في التطور الاجتماعي أو في ساحة العمل القومي ونصف المجتمع في حالة شبه شلل.ولذلك
إن المساهمة الفعالة في حياة المؤسسات وحمل المسؤولية يمنح قوة دفع أساسية للقضايا المصيرية التي تواجهنا في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. قوة وفعالية منظمات الشعب الآشوري يرتبط ارتباطاً كلياً بمدى المشاركة الفعلية للمرأة في هذه المؤسسات.ويتعاظم دورهذه المنظمات كلما كان الدورالنسائي فيها جدياً.وهذا يؤدي إلى القيام وأنجاز المهام الملقاة على الجميع بطريقة أنجع ويدفع نحو التطور في الحياة الأجتماعية في كافة المجالات ونحوتحقيق الحقوق القومية.ويمكن للمنظمات النسائية أن تلعب دوراً مميزاً في هذا الخصوص،والقيام بعمل سياسي مؤثر على الساحة الوطنية والخارجية.
وداخلياًعلى مستوى الصعيد القومي إقامة علاقة شراكة مصيرية قومية واحدة مع مختلف التنظيمات العاملة بين صفوف شعبنا بتسمياته المختلفة.
خارجياً تقوية الروابط بين تنظيماتنا النسائية ومؤسساتها المختلفة وبين مختلف التنظيمات المحلية والعالمية.ولفت انتباه هذه المؤسسات العالمية إلى معاناة المرأة الإنسانية (الأنثوية) والاجتماعية والسياسية والقومية.والعمل على كسب تعاطفها ودعمها وتضامنها والدفاع عنها ضد كل الممارسات اللانسانية والاضطهاد التي تعاني منه . وربما تأتي هذه القنوات بنفع ونجاح اكبر لما للمرأة من مشاعر إنسانية رقيقة أكثر من عالم الرجال الخشن. من هنا تبرزالمسؤولية الضخمة لمنظماتنا النسائية القومية بتكثيف نشاطاتها في أوساط النساء ونشر الوعي القومي بينهم للمشاركة في الحياة السياسية وبشكل فعال للأرتقاء أكثربرفع شأن المرأة بتحمل مسؤولياتها التاريخية والحالية للحفاظ على أمتها من الفناء. واليوم وفي ظل ظروف الانقسام التي تعيشها الحركة النسائية لأسباب قاهرة خارجة عن إرادتها بانقسام الوطن وظروف الهجرة القسرية والعيش في كيانات اجتماعية مختلفة فرض عليها أوضاعاً اجتماعية صعبة, واليوم تتعرض إلى أبشع حملات الإبادة العرقية في العراق على وجه الخصوص. هذه الأوضاع المعقدة والصعبة تطرح مسألة في غاية الأهمية بل قضية مصيرية بتقوية المنظمات النسائية وجذب النساء إليها وتفعيلها. والدعوة إلى إنشاء منظمة نسائية موحدة تضم مختلف المنظمات النسائية العاملة بين أوساط شعبنا والقيام بنشاط دبلوماسي على الساحة الدولية مع مختلف التنظيمات النسائية العالمية. لكسب الدعم والتأييد
لقضايانا القومية والدفاع عن حقوق المرأة الآشورية بكل تسمياتها المختلفة انطلاقاً من القوانين الدولية التي تمنحها الحق بالمساواة. وتحويل قضية المرأة إلى مسألة هامة للنقاش وإخراجها من نطاقها الضيق وجعلها قضية عامة. ولا يتحقق ذلك إلا ببذل جهود جدية بدراسة الوضع الحالي والإمكانيات المتوفرة لديها لإجراء التحولات الكفيلة بتهيئتها لتستطيع إنجاز المهام الكبرى الملقات على عاتقها. وذلك بتحويلها من منظمة محدودة الفعالية وثانوية تابعة لهذا التنظيم أو ذاك إلى منظمة رئيسية تشمل نصف المجتمع. وتأخذ المبادرة والقيادة بيدها بعقل نير متفتح والخروج من حالة الخمول والمواقف السلبية إلى المواقف الفعالة المؤثرة التي تنجز وتخطط كل يوم لبرامج جديدة لخدمة الأهداف المنشودة.
إن إلقاء نظرة على أوضاع المرأة ومن خلال نشاط التنظيمات العاملة بين أبناء الشعب الآشوري بمختلف المسميات والشرائح السياسية والثقافية وحتى الدينية ومحاولاتها لجذب النساء إلى مؤسساتها,لا يمكننا القول أنها حققت نجاحات تذكر. ولم تستطع هذه المؤسسات استيعاب المرأة وجذبها إلى صفوفها ويعود ذلك إلى أسباب موضوعية وذاتية أوردها كالتالي.
- انعدام (غياب) الكيان القومي المستقل الذي في كنفه يمكن للمؤسسات النائية أن تشارك في عملية تطور المجتمع وازدهاره، إذا كان النظام السياسي ديمقراطياً يؤمن المساواة الفعلية بين المواطنين بغض النظر عن الجنس.
- استبداد الأنظمة الحاكمة المعادية لحقوقنا القومية في وطننا بلاد ما بين النهرين آشور والحملات الإرهابية والمجازر الجماعية التي استهدفت شعبنا على مدى تاريخه الطويل.
- غياب الديمقراطية والحرية في وطنه المقسم بين الكيانات وسيادة الحكم الديكتاتوري المطلق والقومي الشوفيني الذي أدخل الرعب إلى نفوس أبناء هذا الشعب.
- حملات القمع والممارسات اللاإنسانية وعمليات التتريك والتكريد والتعريب لأنهاء الوجود القومي لشعبنا الآشوري في وطنه التاريخي بلاد ما بين النهرين هذه الممارسات تركت آثاراً سلبية قاتلة في نفسية المرأة .وهذه الانعكاسات السلبية شملت كل مؤسساتنا، ولم تبدي تنظيماتنا السياسية والثقافية اهتماماً كافياً للحركة النسائية. وكان ينظر إلى القضية النسوية كقضية ثانوية، وترك العمل بين النساء للعفوية وللأمور الاعتباطية .أضف إلى ذلك أن الكثير من الرجال الملتزمين بالقضايا القومية يعلنون في تصريحاتهم عن مواقف ويتصرفون في الواقع عكس ذلك بما يخص الموقف من المرأة ومشاركتها في الحياة العامة إضافة للعوامل الموضوعية المذكورة آنفاً هناك عوامل ذاتية:
- يرتبط بموقف المرأة ذاتها من قضيتها وما تحمله من رواسب تاريخية اجتماعية دينية وتربوية. وإن تحرر المرأة من كل الرواسب والمخلفات السلبية فكرياً وعملياً,هي من المصاعب الشاقة على المنظمات النسائية تجاوزها والتغلب على كل ما يعترض مسيرة تطورها ومشاركتها نداً لند مع الرجل في العمل القومي.
- ضعف أساليب العمل والخبرة النضالية. انخراطها في العمل السياسي يكسبها تجربة نضالية، تلك التجربة التي تفتقر لها المرأة.
- ضعف الشعور القومي، وعدم بذل الجهد اللازم لإنماء وتحريك المشاعر الخامدة في الأعماق.
- ضعف المستوى الثقافي بين النساء،عدم الثقة بنفسها، فعليها أن تشعر بأنها رفيقة الرجل في الواجبات والحقوق وعليها تحمل مسؤولياتها، وعليها أن تعكس ذلك في سلوكها وإظهار قوة شخصيتها وتبيان مدى إدراكها لمسؤوليتها أمام ذاتها وأمام مجتمعها. على المرأة أن تأخذ المبادرة بتحررها من القيود الاجتماعية التي تحرمها من حقوقها بممارسة العمل النضالي بالتساوي مع الرجل. وعليها إدراك حقيقة ساطعة أنها لا يمكن أن تنال حريتها الكاملة المبنية على الأسس الصحيحة والقيم الأخلاقية إلا إذا أرادت المرأة نفسها أن تتحرر.فبقدر ما تكون المرأة فعالة ونشطة وتشارك في القضايا القومية المصيرية، بقدر ما ترتقي على سلم الحرية لتصل إلى الهدف المنشود. إن حرية الإنسان بغض النظر عن الجنس امرأة كانت أم رجل ليست حرية تامة إذا لم تتوفر الحرية القومية. فإن الحرية والكرامة الشخصية هي ومن حرية وكرامة القومية التي ينتمي إليها الانسان، إلا إذا تخلى الفرد عن قيمه القومية. إن الحركة القومية النسائية  الآشوريةعلى ما تعانيه من مشاكل موضوعية وذاتية إلا أنها تملك مقومات إيجابية يمكن التغلب على الكثير من الصعوبات إذا عرفت استخدام تلك المقومات بشكل سليم.
- إدراك النساء لحقوقهن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وتنامي في الوعي القومي جزئياً.
- ازدياد نسبة المتعلمات بين صفوفهن ومشاركتهن الرجل في مختلف الأعمال الفكرية والإنتاجية.
- الاستفادة من الإرث التاريخي لدور المرأة بتحمل السراء والضراء إلى جانب الرجل.
- وجود أندية ثقافية تساهم المرأة في مختلف نشاطاتها.
- وجود نساء تساهمن في العمل القومي وإن كان هذا العدد لا يرقى إلى المستويات المطلوبة.
ولكن مازالت الأغلبية من نساء شعبنا أسيرات المنازل وبعض العادات والتقاليد التي لا تأتي نفعاً على أحد بل ترهق المرأة. وإن هذا الواقع السلبي يؤثر هو الآخر سلباً على مجمل الحركة القومية. والعكس صحيح كلما كانت مساهمة المرأة فعالة وتسعى لتقوية مؤسساتها النسوية خاصة ومؤسسات شعبنا عامة بمشاركتها الجادة في الحياة الاجتماعية والسياسية والنضال لأجل الحقوق القومية، والبحث أيضاً عن إيجاد الحلول الملائمة لمشاكل المرأة، لأن فعالية وتأثير أي تنظيم ودرجة تطوره تقاس بمدى مشاركة المرأة في مؤسساته الثقافية والسياسية والاقتصادية.
إن دراسة أوضاع المرأة والكشف عن نقاط الضعف والقوة السائدة تاريخياً، وترسيخ مفاهيم وقيم وتقاليد معينة لدى المرأة الآشورية، وإظهار المشكلات التي تعاني منها الحركة النسائية لا يمكن أن يستهان بها، إذ أنها قضايا موروثة عبر أجيال وعهود طويلة ثبتت في الفكر والممارسة لدى الجنسين. كما لعب نقص الوعي القومي أوغيابه كلياً حيال هذه القضية دوراً رئيسياً. وقد ارتبط تخلف المرأة أو غيابها عن المشاركة الفعلية في العمل القومي نتيجة للأوضاع السياسية الغريبة المسيطرة على كيان بني قومها ووطنها. لان المرأة حسب المفاهيم السائدة في هذه المجتمعات كانت أقل مكانة.وكان حضورها في كافة مجالات الحياة أقل شأناً، وقد انعكس ذلك على المرأة بدرجات متفاوتة، حيث كانت نسبة التعليم بين صفوف النساء الآشوريات عالية مقارنة مع قريناتها من بنات القوميات الأخرى. وكانت لها حقوق وحرية بقدر ما كانت الظروف تسمح بذلك. كما ساهمت المرأة إلى جانب الرجل بكل الأعمال، فكانت الأم والزوجة والأخت. تحملت بصبر ودافعت بشجاعة فائقة عن كيانها ضد الطغاة السفاحين وهانت عليها حياتها في أوقات الشدائد، قبلت الموت في سبيل عدم الاستسلام للمجرمين الذين استهدفوا كيانها كأمرأة ودينها وقوميتها قدمت مثلاً رائعاً في معنى الشهادة. وأن يستشهد الإنسان دفاعاً عن كرامته الإنسانية ودينه وقوميته ووطنه كما يحدث الآن في العراق وكما حدث على مدى عصور طويلة أثناء حملات إبادة التطهير العرقي التي ارتكبت بحق الشعب الآشوري هي شجاعة وبسالة رائعة قدمتها وتقدمها من أجل أمتها.فهي تستحق كل التقدير والأحترام وتستحق قبلة وألف باقة من الورد وستبقى الرمز الذي نفتخر بها ولها كل الشكر. وأحر التهاني لها ولكل نساء العالم الذين يحبون السلام والمساواة في الثامن من آذار عيد المرأة العالمي.    
إن البشرية خلال مسيرة تطورها التاريخي، منذ بدء الخليقة حتى وقتنا الحاضر تواجه قضية أساسية، ألا وهي مكانة المرأة في الحياة الاجتماعية.قضية المرأة تبحث في كافة المنابر القطرية وفي مختلف المحافل الدولية لمعالجة المشاكل التي تحد من مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية والأقتصادية والسياسية ,بل أن هذه المشاكل تتنوع في المجتمع الواحد بحسب وضع المرأة الثقافي والتعليمي والاقتصادي والديني.
إن تطور أي مجتمع مرتبط بمدى مشاركة المرأة في الحياة العامة للمجتمع. ويمكن تحديد طبيعة الأنظمة القائمة من خلال التعامل مع القضية النسائية. إن الأمم التي كانت للمرأة لها مساهمات كبيرة وأنجازاة في مختلف مجالات الحياة كانت المرأة تحتل مكانة اجتماعية بارزة لما تقدمة من خدمات عظيمة لوطنها وشعبها.ولذا كانت تلك المجتمعات في مستويات عالية من الازدهار والتقدم.والمتتبع لدور المرأة عبر التاريخ سوف يرى دورالمرأة كعامل حاسم بتحديد مسار التطورفي حياة البشرية.المرأة تركت بصماتها على تطور المجتمع الإنساني منذ أن خلق الله الكون .
المرأة رفيقة الرجل في مسيرة الحياة بل هي الأم والأخت والزوجة والبنت هي كائن لا غنى عنها. ولا استمرارية في الحياة بدونها. إلا أن المكانة المنحطة التي تقبع فيها المرأة في الكثير من دول العالم في ظل أحكام وتقاليد إجتماعية ودينية ,تهين المرأة وتنال من حقوقها لتعيش بمساواة مع النصف الآخر من الرجال في المجتمع.لتغييرهذا الواقع المريريحتاج الأمر إلى نهضة فكرية تواكب روح العصر تنبذ العبودية والظلم تنتفض فيه المرأة ,وتدعوا إلى المساواة بين المرأة والرجل وتنخرط في الحياة الأجتماعية والسياسية والأقتصادية لكي تفرض معادلة جديدة في حياة المجتمع.وهذا يحتاج أيضا أن تتضامن المرأة مع ذاتها وترفض وتعي بشكل تمام الحالة المهينة التي هي عليه لكي تستطيع مواجهة هذا الواقع المرير وتسعى للحصول على حقوقها بمساواة تامة مع الرجل.
الثامن من آذار سيبقى رمزا نضاليا يشع النور على البشرية إلى الأبد.فألف تحية إلى نساء العالم ,وتحيةخاصة إلى المرأة الآشورية المسيحية المجروحة الغارقة في دمها ودم بني قومها في العراق الجريح.
المصدر:
مقالة الكاتب في مجلة حويودو(الاتحاد)الصادرة عن إتحاد الأندية الأثورية في السويد العدد280-281عام 2001 الجزء 1-2 العنوان (المرأة السريانية الآثورية والعمل القومي بقلم الدكتور كورية شمعون)











144
الشهيد الآشوري في آصالة الموقف ونقيضه
 
د.جميل حنا
في السابع من آب كل عام يتذكر أبناء الأمة الآشورية بكافة إنتماءاتهم الكنسية المختلفة من الكلدان والسريان والكنيسة المشرقية يوم الشهيد الآشوري تخليدا لروح الشهداء الذين سقطوا في كل مكان وزمان أثناء حملات الإبادة العرقية الجماعية التي أرتكبت ضدهم.
في ذكرى عيد الشهيد الآشوري  يتذكر أبناء هذه الأمة العظيمة أيضا قوافل الشهداء الذين قدموا أرواحهم على مذبح حريته. ليجسدوا بذلك ثقافة الشهادة لدى أبناء الشعب. والتأكيد على الاستمرار بالتمسك بالإرث الحضاري والتاريخي والوطني والقومي والثقافي والأجتماعي. والأرتباط بأرض الوطن أخلاصا ودفاعا عنه. وكيف لا فهذه الأرض بشعبها  منبع العطاءات العظيمة ظهرة عليها أحدى أعظم الحضارات العالمية. وقدمت للبشرية خدمات جبارة في كافة مجالات الحياة العلمية والأدبية والفلسفية وعلم الفلك والطب والزراعة والبناء, وبناء الدولة القائمة على الشرائع والقوانين الأنسانية. التي تفتقر إليها الكثير من دول العالم حتى في يومنا هذا .هذا الإرث الحضاري شكل قاعدة  اساسية لتطور البشرية على سلم التقدم والرقي في العصور اللاحقة.فالتضحية والعطاء والخدمات الإنسانية موروث تاريخي لدى الشعب الآشوري.فالشهادة من أجل الوطن والأخرين ومن أجل العقيدة والقيم الإنسانية والحقوق القومية أمر مؤلوف يتقبلها, بالرغم من أنه لا يسعى إليها. ولكن عندما تفرض عليه فرضا فهو يتقبلها بأرادة صلبة لأنه يفضلها على عدم التخلي عن قيمه ومعتقداته الدينية والقومية. فإذا هويتقبلها بأرادته الحرة ,لا يتخلى عن مبادئ الدفاع عن عقيدته الدينية وحقوقه القومية. فهو بهذه التضيحة اللامتناهية وعطاءه العظيم يمنح قدرة الحفاظ واستمرارية بني جنسه في الحياة. واستمرارية القيم التي آمن بها. أو أن يستسلم للقتلة المجرمين ومطالبهم بتغيير عقيدته وقوميته  فيسلم من الموت الجسدي. ولكن يصبح في هذه الحالة ميتا روحيا وعقليا. فيصبح آداة طيعة في يد الآخرين يستعمل وفق مصالحهم العقائدية الدينية والقومية.                                           فالشهادة لدى الإنسان الآشوري لاتعني نهاية الحياة بل بداية لها فهو بشهادته يؤسس إلى استمراية الحياة في الكون إلى أبد الدهر.إن ظاهرة الفداء هو موروث تاريخي من أجل خلاص الأحياء. الشهادة في عقيدة الآشوري هي بذل الذات من أجل الأخرين ومع ذلك فهو لايبحث عنها أو يسعى لأن يكون شهيدا كما في بعض المعتقدات الأخرى التي تنفذ عمليات إنتحارية تحصد أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ الأبرياء من كل جنس ودين. لكي يكسبوا الجنة وحورياته التي لا تحصى كما يزعمواهم .كيف يمكن  كسب الجنة بقتل الأبرياء تحت أي ذريعة كانت.الإنسان الآشوري يتقبل الشهادة من أجل الحفاظ على عقيدته الدينية وإنتماءه القومي وهو جالس في بيته أو يتعبد ربه في كنيسة أو دير أو يحرث الأرض في حقل أو معلم يعلم مبادئ العلم والنور أو في طريقه إلى العمل او يخطف من بيته أو كنيسة أو عمل أو ووو  فيسقط شهيدا على يد القتلة من الارهابيين الاسلاميين المتطرفين والقوميين الشوفينيين كما حدث في الكثير من مجازر إبادة التطهير العرقي الجماعي التي أرتكبت ضد هذا الشعب ونورد بعض الأمثلة فقط على ذلك 1836 وكذلك1843-1846 على يد محمد الراوندوزي وبدر خان و1895 و1914-1918 على يد السلطات العثمانية ,ومجزرة سميل في العراق عام 1933 على يدالحكومة العميلة بدعم من الانكليز, 1969 صورايا في العراق 2003-2009في العراق منذ الأحتلال الأمريكي للبلد.
أن الشهيد كما  ّذكر لا تنتهي حياته عندما يفارق حياة  هذا الكون بل يستمر في وجدان المخلصين من أبناء الأمة فهي تعيش في الوعي الجماعي للشعب الآشوري.
الشهداء الذين قتلوا في سبيل قضية الشعب سيبقون في ذروة الكفاح من أجل الحقوق القومية.والإلهام الفكري الذي يستلهم من تضحيتهم كل العبر الفكرية والعملية. والعمود والسند القوي الذي يستمد من عظمتهم كل أسباب البقاء والإبداع في كافة المجالات الفكرية والعملية من أجل الدفاع عن الحقوق المسلوبة.وكذلك قوة الفداء والتضحية والعمل المتفاني من أجل قيام إقليم آشورعلى الأرض التاريخية والحالية لأبناء هذه الأمة.
من هؤلاء الشهداء جميعا الذين يقفون في رأس الحكمة لكل المخلصين الصادقين من أجل حرية هذا الشعب, يرسم طريق المستقبل ويسلك في دروب العمل والتضحية. من أجل البقاء في أرض الوطن كيانا يتمتع بكافة الحقوق القومية أسوة ببقية مكونات المجتمع.
في يوم الشهيد الآشوري يواصل الشعب الآشوري السير في دروب الكفاح مناهضين لكل القوى الظلامية الدينية والشوفينية القومية التي تستهدف إنهاء الوجود القومي لهم ولا يرضخون للمخططات والمشاريع المشبوهة التي تتعارض مع مصالحه الأستراتيجية.
   
الشهداء بشهادتهم من أجل الحقوق القومية يشكلون أحد الروافد الهامة بتأسيس إنماء حالة الوعي القومي. وإيقاظ المشاعر الراكده لدى الكثيرين من هذا الشعب. الذين تاهوا الطريق بحكم الظروف السياسية السائدة في بلدان الشرق الأوسط وخاصة في بلاد ما بين النهرين على أرض آشور التي حكمت وتحكم من قبل أنظمة قومية ودينية متعصبة نظام الحكم الشمولي والعائلي العشائري والقائد الأوحد .حيث يجرد الانسان من حريته وإنتماءه الإثني الطبيعي ليتبنى تحت ظروف القهر والظلم والقوانين والدساتير الشوفينية قومية غير قوميته الأصيلة وذلك بقوة السلطة السياسية وأجهزة القمع حامية هذه الأنظمة .
ليس من السهل كثيرا تعداد مناقب الشهداء والشهادة في سبيل القضايا الوطنية والقومية إلا أنه يمكن إختصاره بكلمة واحدة إلا وهي أن الشهادة أو الأستشهاد هو الحياة بعينه لأن الشهادة سعي من أجل تخليد الحياة إلى أبد الدهر.

عندما نتحدث عن الشهداء نشعر بالحزن والأسى من أستخدام هذه الكلمة العظيمة . إذا ما ألقينا نظرة واقعية على حال هذا الشعب الأليم, حيث أصبح الشهداء في يوم الشهيد سلعة خطابية وكتابية في سوق السياسة للكثير من الأحزاب والمؤسسات والأفراد. خالية من أي مضمون حقيقي وواقعي. وبعيدة كل البعد عن معاني التضحية والشهادة والفداء والعمل. وبعيدة كل البعد عن أفكار والمواقف الفعلية  لشهداء هذه الأمة أمثال فريدون آتورايا ,أشور يوسف آدي شير ومار بنيامين شمعون و بولص فرج رحو ... وبعيدة كل البعد عن أفكار ومواقف المفكرين والقادة أمثال نعوم فائق وأغا بطرس ويوحنا دولباني...

حين نقرء الخطاب السياسي للغالبية الساحقة من أحزاب هذا الشعب نجد حالة الإرهاص الفكري في طروحات هذه الأحزاب. والفرق الشاسع بين الموقف الفعلي والنظري بين ممارسات ومواقف هذه الأحزاب, وبين الموقف الفعلي والطرح النظري لهؤلاء الشهداء والمفكرين .حيث نكتشف حالا تدني الوعي القومي الحقيقي المطروح في الساحة السياسية لهذا الشعب في الوقت الراهن مقارنة مع الطرح الذي قدم كل هؤلاء الشهداء حياتهم من أجل قضية أمتهم.وكذلك الفرق بين الممارسة العملية وروح التضحية والفداء لدى كل قوافل الشهداء في كل مكان وزمان وهذه الفروقات يمكن إيجازها بأختصار شديد في النقاط التالية:
- غياب الطرح الأستراتيجي العام في غالبية البرامج السياسية لهذه الأحزاب .هذا وأن وجد برنامج سياسي بالأصل.
- غياب المشروع القومي للشعب الآشوري كما طرحه الشهداء أمثال فريدون آتورايا ,وآشور يوسف واغا بطرس ومار بنيامين شمعون وكل المناضلين والمفكرين في بداية الثلث الأول من القرن الماضي.
-غياب التسمية الوطنية والقومية لأقليم آشوركوطن تاريخي وجغرافي وحضاري وثقافي للشعب الآشوري.
-غياب إستقلالية الطرح السياسي لهذه الأحزاب في القضايا الوطنية والقومية.
- هذه الأحزاب تنفيذ أوامر القوى المتسلطة في شمال العراق على أرض آشورلتحقيق مصالحها الأستراتيجية  وتوسيع رقعتها الجغرافية على حساب الشعب الآشوري.
- التحالفات القائمة  خارج إطار الصف القومي ضد المصالح القومية للشعب الآشوري(بأنتماءاته الكنسية المختلفة  الكلدانيه,والسريانية , والمشرقية).
- الدعوة والعمل بالرضوخ لأمر الواقع  المرير, عكس إرادة كل المفكرين والعظماء من شهداء هذه الأمة الذين لم يرضخواو يستسلموا للمجرمين القتلة. أبى كل هؤلاء إلا أن يكونوا شهداء ,وأن لا يستسلموا, ويشاهدون شعبهم يحصل على حريته. ويقيم كيانه الوطني على أرض آشور.ويتخلصوا من الذل والعبودية والخنوع .ومن المؤسف أن الكثير من هذه الأحزاب والمؤسسات تروج إلى إظهار القبول بأمر الواقع الأليم  يخدم مصالح هذا الشعب وليس في اليد حيلة. أهكذا تصرف قادة الأمة؟
- رفض هذه القوى بناء جبهة قومية عريضة تلتزم الثوابت القومية والمشروع القومي الذي طرحه المفكرين والمناضلين والشهداء من أبناء هذه الأمة.
فبعد كل هذا هل من الحكمة والمنطق أن تقوم هذه الأحزاب أحتفالات تذكاريه وإصدار بيانات ومقالات في يوم الشهيد الآشوري.

إن روح الشهداء وتضحياتهم وأفكارهم ملك لأبناء هذه الأمة بأنتماءاتها الكنسية المختلفة وخاصة المخلصين منهم السائرين على خطاهم القومية وطروحاتهم السياسية .ولكي تكون روح الشهداء  ملك الجميع يجب أن تعيد الكثير من هذه القوى النظر في مواقفها القومية وطروحاتها السياسية.و أن نرتقي جميعا بوعينا وأعمالنا النضالية إلى مستوى نستطيع من خلاله إستيعاب دروس التضحية والفداء والأخلاص. لنتمكن من تحقيق طموحاتنا ومطالبنا القومية. ونحافظ على كياننا من الأنصهار والحفاظ على وجوده على أرض آشورفي وطن موحد يتمتع الجميع بحقوق متساوية بدون هيمنة الطغاة . مجتمع يعيش فيه الجميع بالتساوي في ظل نظام ديمقراطي علماني يصون حقوق التعددية الإثنية والأعتراف دستوريا بمكونات الوطن والأختلافات الثقافية التي تعد الركن الأساسي لتقدم الوطن وإزدهاره.                                             
 



   


 

145
نتائج إنتخابات مجالس المحافظات العراقية والواقع المأساوي
                                                                                                    د.جميل حنا
العملية الإنتخابية حدث هام في حياة الشعوب للتعبير عن مواقفهم من مختلف شؤون الحياة بكافة جوانبه. وهي إستكشاف للمزاج العام للناخبين ,وفرصة لأجراء تغيير سياسي أو التأييد لما هو قائم. وأختيار الناخب للمرشح الذي يجد فيه القدرة على تحقيق خطط سياسيه و إقتصادية وإجتماعية, تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وتوفير الأمن والعمل والمسكن والدراسة.وكذلك هو تأييد أو رفض  من أجل تحسين الأداء السياسي أو التغيير السياسي وإجراء تحولات في هذا المجال على الصعيدين الداخلي والخارجي. والناخب هو العنصر الأساسي في هذه العملية يفترض ان يكون كذلك ,ولكن هل واقع  الحال في العملية الإنتخابية في الكثير من بلدان العالم وخاصة تلك الرازحة تحت سلطة الأنظمة الديكتاتورية والقومية الشوفينية والدينية هو كذلك .

إن الإنتخابات الأخيرة التي حصلت في نهاية كانون الثاني وظهرة نتائجه النهائية الرسمية قبل اسبوع . أظهرة هذه الإنتخابات عن خروقات فاضحة حتى قبل إجراء العملية الإنتخابية بما أقر من قوانين  ومحاصصة طائفية عنصرية تعسفية بحق بعض الكيانات القومية العراقية.وكذلك خروقات خلال العملية الأنتخابية وأثناء فرز الأصوات كما صرح بذلك أكثر من جهة متنفذة وغير متنفذة.ولكن في مقياس المراقبين الدوليين بلرغم من أعترافاتهم بحصول بعض الأخطاء هنا وهناك ولكن أعتبروا في المحصلة النهائية بأن  العملية الإنتخابية كانت  إنتصار للديمقراطية .وهناك جزء آخر من القوى الداخلية على مختلف مشاربها السياسية والقومية والدينية أعتبرة العملية الإنتخابية إنتصار للديمقراطية .ولكن هناك حقيقة ساطعة لاتخفى على المتتبع للأوضاع السائدة في العراق ,بأن مواقف هؤلاء جميعا سوى كانوا قوى وبلدان ومؤسسات دولية أو من القوى الداخلية في العراق فأن مواقفهم مبنية على أسس سياسية تخدم مواقف ومصالح تلك القوى من العملية السياسية برمتها.إن الأقرار بحصول بعض الأخطاء و الخروقات أو التزوير الجزئي لنتائج الإنتخابات,ليس مجرد أخطاء صغيرة أو كبيرة حصلت هنا وهناك الواقع والحقائق الميدانية تحدثنا عن شيء آخر كليا ألا وهو النهج السياسي القائم على أسس عنصرية بتهميش كل كل المكونات التي لاتملك قوة السلاح والمال.

الشعب الآشوري بكافة إنتماءاتة الكنسية المختلفة كان أكثر المتضررين من هذه العملية الإنتخابية ومن الإنتخابات السابقة كذلك .وذلك إنسجاما مع روح الدستور والقوانين العنصرية التي بموجبها تم تهميش وسلب الحقوق القومية لهذا الشعب وأعتباره من الفئات الدنيا في المجتمع عمليا وليس نظريا.وقد تكون الحالة الإنتخابية عكست واقعا حقيقيا ديمقراطيا إلى حد ما في أوساط بعض المكونات الأجتماعية في الجنوب أوالوسط بين أبناء الطائفة الشيعية والسنية الكريمة .ولكن هل واقع الأمر كذلك بالنسبة لأبناء الشعب الآشوري أم أنه مختلف عن ذلك؟ بالتأكيد جوابنا هو نعم هناك أختلاف كبير بين الإنتخابات والناخب الآشوري والواقع المذل الذي يعيشة وبين أخوته في المواطنة من بقية مكونات المجتمع.

ليس من المفيد أن نتحدث عن إنتخابات نزيه وديمقراطية وحرة , ونشوة الإنتصار الخنوع تغمر فرحا البعض منا بين صفوف المهجرين بفعل الإرهاب والمخططات السياسية والقتل.أي حق ديمقراطي وحرية يملكها هذا المهجر قسرا من أرضه وبيته ,هذا الناخب المرتعب المهدد بكيانه ولقمة عيشه . أي ديمقراطية وحرية يتحدثون بها ومئات الآلاف من أبناء هذا الشعب تم تهجيرة من أرضة التاريخية إلى الخارج.أي حرية أختيار ترك للناخب الذي يعيش تحت وطأة الأرهاب والقتل وتهديد الميليشات المستمر.أي حرية أختيار يتمتع بها هذا الناخب المغلوب على أمره وهو مشرد في وطنه وأرضة محتلة من قبل الغرباء , وأي حق سيمنحه هؤلاء المحتلين لأرض الأباء والأجداد والساعين لأنهاء الوجود القومي لهذا الناخب المسكين.

الديمقراطية اصبحت كلمة مرادفة للإرهاب, ترهب بها الشعوب المستضعفه وهي وسيلة إضطهاد وتهميش تستعمل ضدنا وضد كافة المكونات الأقل عددا في المجتمع. وهذه الديمقراطية هي على قياس الطغاة لا صلة لها بالديمقراطية الحقيقية .تمنح الديمقراطية مفاهيم خاصة تنسجم مع مصالح المتسلطين لتنفيذ مآربهم الشخصية والعائلية والعشائرية للحفاظ على طغيانهم.أنهم يريدون تحويل الديمقراطية التي تحققت في الكثير من بلدان العالم بعد نضال طويل وشاق, وقدم الملايين من الضحايا في العالم عبر التاريخ الطويل من أجل تحقيقها بمفهومها الصحيح إلى ديمقراطية خاصة على قياسهم .و تحويل هذه المكاسب أي الديمقراطية من نعمة إلى نقمة. لا وجود للديمقراطية في ظروف أستخدام العنف بكافة أنواعه وإنعدام الأمن.الديمقراطية التي ينادي بها المتسلطون مبنية على العنف ,وهذه ليست ديمقراطية بل طغيان.الديمقراطية لها شروطها وتطبيقاتها العملية في الحياة اليومية من هرم السلطة التنفيذية والتشريعية إلى المواطن العادي في المجتمع وبين مختلف مكوناته الدينية والقومية والسياسية. وهي لا تفرق بين مواطن وآخر على أساس ديني وعرقي وسياسي ومحسوبيات لهذا وذاك. أن الديمقراطية تعني المساواة المطلقة بين أبناء الوطن الواحد وتكافيء الفرص بينهم في الإنتخابات وقيادة البلد وفي كافة مجالات الحياة. أن هؤلاء المتسلطين يحاولون تدنيس الديمقراطية لأعطاء المشروعية لطفيانهم من خلال سلب إرادة الناخب بكل الوسائل غيرالشرعية مثل إستخدام المال العام والأمور المذكورة أعلاه لتكون نتائج الإنتخابات صالحهم.

إنطلاقا مما تم سرده وما جرى على أرض الواقع خلال الحملة الإنتخابية وأثناء التصويت إلا دليل آخر على زيف الأدعاء بأن الإنتخابات كانت حرة وديمقراطية. وحرمان الكثير من أبناء هذه الأمة من الأدلاء بأصواتهم لا يدل على ذلك  .وكان الناخب الآشوري بكافة تسمياته من أبناء الكنيسة السريانية والكلدانية والكنيسة المشرقية بغالبيته,  لمن تسنى له أن ينتخب من  عنصر هام في العملية الإنتخابية إلى أداة ثانوية لاحول ولا قوة له يستخدم صوته في صالح أجندة غير مصالح أمته.الناخب المسلوب الحرية والممتلكات والأرض والمسكن والمذل لايمكن أن ينتخب بحريته.

أن الشعب الآشوري يعاني من مشاكل سياسية وإجتماعية وإقتصادية وإضطهاد ديني وقومي وقتل وتشريد وسلب لأرضه وممتلكاته . لذلك فهو ليس بأفضل الحالات النفسية من كافة النواحي المذكوة فهو مسلوب الإرادة والحرية .فهو لاينتخب لبرنامج سياسي لأحدى أحزاب شعبه , وإنما أختياره ينبع من الواقع الأليم الذي يعيشه لا يستطيع أن يعبر بكل حرية ووعي قومي عن مواقفه لأن آلة التهديد والقتل والحرمان من أبسط مقومات الحياة ترفرف فوق رأسه لتكون سيفا مسلطا على رقبته.في ظل النظام الديمقراطي تداول السلطة بين مختلف القوى السياسية بكافة مدارسها الفكرية أمر إيجابي يخدم الحراك السياسي  السلمي الوطني. الذي يصب في مصلحة الوطن وليس الأفراد أو العائلات والسلطة المطلقة للفرد أي أنه ليس هناك من ديمومة وراثية في السلطة وليس فية فرض لأجندة محدده .

أن كافة الشعوب في منطقة الشرق الأوسط تسعى بما تملكه من إمكانات وطاقات فكرية لتطبيق الحرية والديمقراطية الحقيقية لأنها تصب في خدمة كافة شعوب المنطقة .وليست الديمقراطية والحرية المزيفة التي يصوره المتسلطين في بلاد ما بين النهرين القابعين في السلطة على رأس الأنظمة الديكتاتورية والقومية الشوفينية والسلطة المطلقة للفرد والعائلة والعشيرة . أن نضال كل القوة الخيرة من أجل الديمقراطية والحرية سوف تكلل بالنصر عاجلا أم أجلا.

 



146
الزمن يمضي والمآسي تدوم

د.جميل حنا

البشرية ودعت منذ أيام عام 2008 على أمل بعام أفضل يليه.ودع أكثر من   6مليارد انسان حول العالم بدا من نيوزيلندا وأستراليا مرورا بكل القارات عام 2008 وأستقبلت بفرح وبهجة وسرورعظيم العام الجديد, وبأمنيات طيبة على مستوى الصعيد الشخصي والإنساني والوطني والعالمي.كانت لحظات الوداع والأستقبال في آن واحد عظيما لدى كل البشر. بالرغم من أن العام الفائت لم يكن مليئا بالخير والسلام على البشر في كل العالم.كانت الكثير من شعوب العالم تعاني من حروب مختلفة على كافة الأصعدة الحياتية منها الحروب الأهلية والخارجية,والحرب على الارهاب والفقر والمجاعة والأمراض والجهل.وحروب من أجل نظام عالمي يحفظ كرامة الإنسان في كل بقاع الكون, نظام عا لمي متعدد الأقطاب يراعي مصالح كل الثقافات العالمية التي يتكون منها هذا الكون.البشرية ودعت العام الماضي على أمل ببناء عالم يسوده العدل والمساواة بين الشعوب , والحرية للشعوب المضطهده, والتحرر من حكم الطغاة والديكتاتوريات في الكثير من بلدان العالم.وعالم خال من التمييز العنصري والقتل على أساس الإثنية والدين والمذهب والإنتماء السياسي. وكذلك عالم خال من الإغتيالات الجسدية والنفسة , وعالم خالا من العمليات الارهابية والإنتحارية.في العام الماضي لم تكن الأوضاع الاقتصادية والأحوال الأجتماعية أفضل مما تمناه البشر قبل ذلك بعام ,تفاقم البطالة والمجاعة والموت بسبب الفقر ونقص الغذاء والأمراض وعدم توفر العلاج اللازم, وعدم توفر مستلزمات الحياة الاساسية من المرافق الصحية وتوفر الماء الصالح للشرب حيث زهقت حياة االملايين من البشرحول العالم.عام آخر مضى وكان احتدام الصراع فيه أكثر بين الشعوب والدول في العديد من قارات الكون عكس ما تمناه البشر قبل ذلك من عام.بينما كان العالم يودع العام الماضي ويستقبل بفرح وسرور العام الجديد, كانت غزة تسبح في دماء الأطفال والظلمات, والأشلاء تملىء أزقتها وجيش الأحتلال الأسرائيلي لا يأبه بصراخ الأمهات والأطفال الفلسطينيين ولا بأحتجاج الملايين في العالم عما تقترفه من مجازر إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني,ولا قادة أسرائيل الصهاينة يولون أي أهتمام للمواثيق والمعاهدات الدولية ولا يلتزمون بقرارات مجلس الأمن ولا بنداءات المنظمات  الدوليه و الانسانية  .وبرغم كل المآسي التي كانت تعاني وما زالت تعاني منها البشرية أستقبلت البشرية عامها الجديد بذات الروح التفائلية كما في الأعوام التي سبقتها.الأمل ما زال يحتل مركز الصدارة في تفكير الانسان برغم من كل الأهوال والمصائب.لأنه بفقدان الأمل يفقد الانسان إرادة الكفاح من أجل حياة أفضل للذات  والوطن وللبشرية والعالم أجمع. الإرادة الصالحة للبشر في الكون قادرة بأن تخلق عالم أفضل مما هو عليه الآن,عالم يسوده الأمن والأستقرار والسلام .الإرادة الصالحة الخالية من البغض والكراهية والأحقاد والضغائن والروح العنصرية.الإرادة الصالحة المتوجة بالإرادة السياسية المبنية على أسس أحترام  مباديء حقوق الانسان الشخصية والعقائدية والإثنية .من أجل بناء عالم خال من الحروب, وبناء مجتمع إنساني متضامن ومتكاتف لمكافحة جميع المشاكل التي تعترض مسيرة حياة الانسان في التقدم والإزدهار,ومواجهة الكوارث الطبيعية التي تصيب البشر في بقاع مختلفة من العالم,وإيجاد الحلول الملائمة للمشاكل الإقتصادية والإجتماعية من أجل بناء عالم يتوفر فيه العيش الكريم لكل البشر.لا بد من التمني لأن بالتمنيات يمنح الانسان ذاتة قوة ليتغلب على صعاب الحياة في كافة جوانبها,ولكي يستطيع التقدم والإزدهار نحو آفاق أفضل في الحياة.

والشعب الآشوري حاله كحال الكثير من شعوب الكون أستقبل العام الجديد بروح تفائلية. وهو يتطلع بكثير من الصبر والإيمان وروح التضحية بأن يكون العام الحالي أفضل بكثيرمما سبقه من الأعوام,في بلاد ما بين النهرين وخاصة في العراق .حيث تعرض إلى عمليات إرهابية كثيرة في السنوات الماضية على يد  تنظيم القاعدة والتنظيمات الارهابية الاسلامية المتطرفة التي قتلت رجال الدين المسيحي والكثير من الابرياء وتم تفجير الكنائس والأديره.وخلال الأعوم المنصرمة تم تهجير أكثر من نصفهم مرغمين بقوة السلاح والتهديد والقتل أوفرض الجزية وأعتناق الاسلام وبسبب الأوضاع الأمنية السيئة.يتفائل أبناء هذه الأمة أن تتخذ السلطات الحاكمة خطوات فعلية بألغاء التمييز العنصري بحقه وتأمين حقوقه القومية أسوة ببقية مكونات الشعب العراقي وتثبيت ذلك في الدستور بما يضمن مساواته في الحقوق القومية مع القوميتين الأكثر عددا وهم العرب والكرد.وكذلك الغاء كل الممارسات والأجراءات التعسفية بحقه وضمان قيام إقليم آشور على جزء من أرضه التاريخية ضمن عراق فيدرالي موحد.ويأمل أبناء هذه الأمة أن يتم إعادة النظر في بعض بنود الدستورالتي همشت كليا دور هذا الشعب العظيم في بناء دولة العراق حاليا والتضحيات الجسيمة التي قدمها من أجل ذلك.وكذلك بأعتباره صاحب الأرض الحقيقية وباني أحدى أعظم الأمبراطوريات على أرض بلاد الرافدين , وأحدى المكونات الأساسية لنسيج الطيف الوطني العراقي.نتمنى للعراق وشعبه ولكافة شعوب المنطقة والعالم السلام والأمان.

147
إقليم آشور هو الحل     
                   

                                                                                                      د.جميل حنا
 
الغزوة الهمجيبة الصاعدة التي قام بها البرابرة في الآونة الأخيرة ضد الآشوريين المسيحيين في نينوى,على أرض حضارة بلاد ما بين النهرين,لا يخرج عن إطار مسلسل ارهابي تنفذه بعض التنظيمات الاسلامية المتطرفه, ومخطط إجرامي ارهابي رسمي, ينفذه المتسلطون على مقدرات العراق من الشمال إلى الجنوب يستخدمون كل الأمكانات المتاحة لهم عسكريا وأقتصاديا وبشريا وعقائديا وتعصب قومي,مدعومين بقوة المحتل الأمريكي الصهيوني لأنهاء كيان الأمة الآشورية بأنتماءاتها الكنسية المختلفة من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكلدانية والكنيسة المشرقية.
منذ أن سقط العراق في يد المحتل الأمريكي الصهيوني وحلفاءة في الداخل, تعرض الشعب الآشوري إلى مزيد من حملات التصفية القومية والدينية والترهيب والتهجيرالقسري تحت ضغط الممارسات القمعية المختلفة على يد الميليشيات والأحزاب المتحالفة مع قوات الأحتلال.وحسب معطيات بعض المؤسسات الدولية والمحلية لقد هجًرا أكثر من60% من أبناء هذا الشعب.وهذه النسبة تبين الفرق الشاسع بين المهجًرين من ابناء الشعب الآشوري وبين بقية المكونات الإثنية العراقية الذين هاجروا الوطن بسبب الحرب والأوضاع الأمنية غير المستقرة والأوضاع الأقتصادية الصعبة وهي بنسبة 10-12%من مجموع سكان العراق.
أن المآسي الكثيرةالتي تعرض لها الشعب الآشوري من قتل فردي وجماعي وتفجير الكنائس وقتل رجالات الدين, والعيش في ظل التهديدات الدائمة والاضطهاد وأرغام الناس على الهجرة القسرية,كل هذه الممارسات الأجرامية  بأرتكاب الإبادة العرقية يهدف إلى إنهاء الإرث التاريخي والحضاري والثقافي والجغرافي للشعب الآشوري من على أرضة التاريخية والحالية.ونؤد مرة تلو المرة أن ما يتعرض له الشعب الآشوري من مآس وتطهير عرقي يندرج في إطار مخطط مرسوم ومنظم بدقة على مختلف المستويات بدءاً من المنظمات الارهابية حتى الجهات الرسمية المتسلطة في حكم البلد.
أن ما يتعرض له أبناء هذا الشعب في نينوى وفي جميع أنحاء العراق من حملة إبادة تطهير عرقي واضطهاد قومي. يجب النظر إلية ضمن خط بياني زمني وواقع سياسي يهدف إلى إنهاء كيان الشعب الآشوري.و في مراحل زمنية مختلفة و ظرف واقع سياسي مختلف. يهدف تنفيذ مخططات ومشاريع قومية شوفينية وتطبيق شرائع دينية تعصبية تفرض قسرا علية.وكل المجازر التي أرتكبت بحق هذا الشعب عبر التاريخ الطويل حتى يومنا هذا يمكن تلخيصها للأسباب والأهداف
االتالية:أولاً-أحتلال مزيد من الأراضي الآشورية والسيطرة على مقدراته البشرية وثرواته الباطنية والخارجية.ثانياً-إنهاء الكيان القومي للشعب الآشوري وصهرة ضمن كيانات الشعوب المسيطرة على بلاد مابين النهرين,وإذلالهم بمختلف الممارسات العنصرية.ثالثاً-المشاريع والأطماع الأستعمارية الخارجية في بلاد ما بين النهرين, مثل الغزوات القديمة في العهود الرومانية والبيزنطية ومن ثم الغزوات الاسلامية وبعد ذلك الغزوات العثمانية والكردية إلى المنطقة في القرون الماضية,وحديثاً الأستعمار الأوربي إنتهاءاً بالمحتل الأمريكي الصهيوني حتى يومنا هذا.رابعاً- الصراع الداخلي على السلطة السياسية وثروات البلد بين مختلف المذاهب الإسلامية.خامسا-الأنظمة الديكتاتورية الشمولية وممارساتها المعادية لحقوق الانسان.سادساً- التعصب الديني والقومي والشرائع الإسلامية , والقوانين والدساتير القومية المتعصبة التي بموجبها تحكم السلطات البلد.والتعصب القومي الشوفيني لدى الأحزاب الحاكمة في بلدان الشرق الأوسط التي لا تعترف  بالكيان  القومي لبقية المكونات الإثنية في الوطن وبالوجود القومي للشعب اللآشوري ككيان أصيل متجزر في أرض الوطن أكثر من سبعة آلاف عام .سابعاً-الأجهزة القمعية لحماية الأنظمة وميليشيات الرعب والارهاب التي تمتلكها بعض الأحزاب المسيطرة في العراق وخاصة على أرض آشور.ثامناً-إنعدام اليمقراطية والتسامح والمساواة والحرية في بلاد ما بين النهرين.تاسعاً-المنظمات الارهابية الإسلامية المتطرفة التي تفرض الإسلام بقوة السيف وقطع الرؤوس وفرض الجزية على المسيحيين.هذه بعض العوامل الهامة التي تم ويتم في إطارها إنهاء كيان هذا الشعب من الوجود وأحتلال ما تبقى من أراضية التاريخية.
 
إن ما يصيب أبناء هذه الأمة من حملات إبادة تطهير عرقي جماعي, ما هي إلانتيجة إفرازات النهج الفكري الديني والقومي المتعصب المليء بروح الكره والعداء والجريمة لكل ما هو مغاير لهم.إن الاحتلال الأمريكي الصهيوني المتحالف مع الأحزاب الأسلامية والقومية المتعصبة جلب مأساة حقيقية,كاد يقضي على كيان الشعب الآشوري بكافة إنتماءاته الكنسية.هذا الشعب كان وما يزال ضحية الصراعات والمشاريع السياسية  الداخلية والخارجية للقوى المتنفذة في الداخل والخارج. في أطار هذه العوامل المذكورة التي لم يكن هذا الشعب طرفا فيها. وأنما هو ضحية كل المشاريع السياسية منذ القدم سواء على الصعيد الداخلي بين مختلف القوى,  أو صراع القوى الخارجية وأطماعها في المنطقة.وفي مختلف الأزمان والأوضاع كانت تثار قضايا محددة لتنفيذ مخططات سياسية منها العلنية وبعضها الأخرسرية,  يستهدف إنهاء الوجود القومي والديني للشعب الآشوري. لتحقيق مكاسب للقائمين على تنفيذ هذه المخططات على حساب هذا الشعب. والأستيلاء على أرضة  وصهره وإنهاء وجوده القومي في أرضة التاريخية.
كل ا لجرائم التي ترتكب بحق هذا الشعب يجب التفكيربه بمنطق واقعي وتحليل الواقع بموضوعية على اٍساس الوقائع على الأرض والأرتكاز على ما هو ثابت لقول الحقيقة. وكشف الأمور كما هي وتسمية الأشياء بأسمائها وليس التجني على الحقائق الثابتة . وإنطلاقا من هذ الفكرة البسيطة أنتابني كما الكثيرين من أبناء هذه الأمة في الوطن والمهجر, وخاصة في الآونة الأخيرة العصيبة التي يعيشها أبناء الشعب الآشوري بمختلف مذاهبة الكنسية مشاعر الألم. وخلق في نفسي في الوقت ذاته قدر كبير من السخرية على هذا المشهد الدرامي-الكوميدي. هذا الأستعراض المسرحي الهزيل من قبل الحكام المتسلطين على العراق الذين أعلنوا عن تضامنهم مع المسيحيين(يالها من سخرية القدر) وكأن المسيحيين العراقيين  ليس لهم إنتماء قومي يمتد في أرض حضارة بلاد ما بين النهرين. بل كانوا هم من بنى هذه الحضارة قبل أكثر من سبعة آلاف عام.وهؤلاء الحكام  وكأنهم يعلنون عن تضامنهم مع شعب خارج العراق يعيش في قارة أخرى أو ربما يعيش في كوكب آخر.وكأنما ليس هم الذين ألغوا المادة 50 من قانون إنتخابات مجالس المحافظات الذي يمنح بعضا من الحقوق المؤقته في المرحلة الراهنة في العراق للمسيحيين .وكأنما ليس هم مع أسيادهم المحتل الأمريكي الصهيوني وضعوا صياغة قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت, ودستور العراق الدائم الذي همش والغا دور وحقوق الشعب الآشوري المسيحي وهويته القومية, وتم سلب إرادته في الأنتخابات وحرم من التصويت, وتم مصادرة حقة في التصويت الحر لممثلي أبناء أمته.وكل  ما يحدث اليوم لهذا الشعب يتم أمام نظرهم, وليس في الخفاء.  هؤلاء المتسلطون عملوا ويعملون على إنهاء الوجود والهوية  الآشورية من على الأرض التاريخية لأبناء هذه الأمة .
أن محاولات هؤلاء المتسلطين بألغاء الأنتماء القومي لهذا الشعب وتسميته  بعقيدته الدينية هي محاولات إسقاط حقة القومي والتاريخي في الأرض والوجود. وتسهيل تنفيذ مخططاتهم اللانسانية بتحويل الشعب الآشوري ذو الأنتماء القومي الأقدم    في عمق تاريخ بلاد ما بين النهرين إلى مسيحي كردي,ومسيحي عربي .وربما  أكثر من ذلك في المستقبل حيث يطلق على الآشوري مسيحي سني ومسيحي شيعي.(يا لها من غرابة أليس كذلك) وإلى مزيد من ذلك حتى يصلوا إلى قناعات ثابتة بعد تخصيص الأموال الطاءلة بتحريف الحقائق التاريخية مع أسيادهم الصهاينة بأن حمورابي وأسرحدون وآشور بانيبال وسركون وسنحاريب ووو كانوا ملوكاً عربا وكرداً, وهم كانوا صانعي الحضارة الآشورية في بلاد ما بين النهرين(في قديم الزمان كان يطلق عليهم الشعب الآشوري أما اليوم فهم اليوم يسمون أنفسهم عربا وكردا).نعم وبكل بساطة هكذا تجري الأمور في عراق اليوم أكذب وأكذب ثم أكذب حتى يصدقون كذبتهم على أنفسهم وعلى الآخرين وتصبح  هذه الأكاذيب هي الحقيقة المطلقة لدى بعض الفئات والإثنيات. وكأنما ليس لهذا الشعب  تاريخ عريق تمتد جذوره في أرض العراق إلى أكثر من سبعة آلاف عام. ويشهد على ذلك الشعب الآشوري الذي ما زال حيا يساهم في بناء الوطن اينما كان.وبالرغم من كل ظروف القهر والظلم حافظ على جزء كبير من تراثة ولغته وثقافتة, وذلك بفضل قوافل الشهداء التي قدمها من أجل الحفافظ على كيانة القومي . ويحاول البعض طمس وتدميرالآثار والأوابد التاريخية التي تذخر بها أرض الرافدين , وأشهر المتاحف العالمية مليئة بهذه التحف التي تفتخر بها.نعم كان الشعب الآشوري أمة عريقة بنى احدى أعظم الحضارات العالمية حتى قبل مجيئ المسيحية بآلاف السنين.إلى أن دخلها الغزات القادمين من الشرق والغرب وحطموا الكيان السياسي للأمبراطورية الآشورية , ولكن الشعب الآشوري بقي صامدا بالرغم من كل غزوات الإبادة الجماعية التي نفذة بحقهم .
إنطلاقا مما ذكرفأذاً يحق كذلك للأشوريين بأن يسموا العرب والكرد بالمسلمين , بأعتبارالغالبية الساحقة من العرب هم ممن اعتنقوا الأسلام بحد السيف أو طواعية بالوراثة فيما بعد. وكذلك بالنسبة للكرد نفس الشيء بأعتبارهم مسلمون فيصح القول انهم مسلمين أو أسلاميين, وأذا كانوا لايأمنون بالاسلام  ويدعون العلمانية ولايؤمنون فرضاً باالله فإذاً يحق للغير أن يسميهم وثنيين أو عباد الصنم أو زرادشتيين أو أي عقيدة دينية أخرى,وذلك ليس أحتقاراً لهذه العقائد الدينية وأنما تماشيا مع طرحهم على أبناء الأمة الآشورية .ولكننا نؤكد بأن هذه الطرحات خاطئة تعبر عن الروح العنصرية وعن الأهداف والمخططات المبيته  للذين يلغون الأنتماء القومي للشعب الآشوري ويسمونه بأنتماءة حسب عقيدته الدينية .كل شعوب الكون بدون إستثاء لها إنتماء وطني وقومي,وعلى كل إنسان يملك مثقال ذرة من الأخلاق والانسانية علية أحترام خصوصيات كافة الإثنيات في العالم  وحقها في العيش الحر بما يضمن لها العيش حسب عاداتها وتقاليدها ومعتقداتها وثقافتها وقيمها الحضارية .وهي ماتضمنة المواثيق الدولية والأعلان العالمي لحقوق الانسان.
 
أن إلغاء المادة 50 تأكيد واضح على المنطق الفكري لحكام العراق, ومن ثم إعادة صياغة هذا البند ومنح بعض المقاعد اليتيمة للمسيحيين. هو تأكيدعلى التهميش الكامل لدور الشعب الآشوري, وتعبير صارخ عن روح التمييز العنصري التي يتحلى بها طغاة العراق اليوم من الحزبين الكرديين وبعض الآحزاب الشعية الاسلامية المليئة بالأحقلد والضغائن والتعصب القومي والديني ضد الشعب الآشوري بكل إنتماءاته المختلفة.
 
كان رئيس وزراء الحكومة الاسلامية-الاسلامية(الكردو-عربية) صرح بأن ما يتعرض له المسيحيين هو نتيجة( مخطط سياسي )وهم سيد العارفين في هذا الشأن  ولكنة لم يوضح من يقف وراء هذا المخطط الأجرامي.ولكنه كان يوجه أصابع الإتهام إلى حلفاءة الاسلاميين في شمال العراق هكذا فهم الكثيرين في العالم ومنهم الكثير من أبنا الشعب الآشوري وجزء كبير من الصحافة العالمية , بأنة يوجة تهمة صريحة لحلفاء ه في قيادة الحزبين الكردييين وخاصة إلى مسعود البرزاني.وذلك لأمتلاكة أدلة قاطعة حول حقيقة من يقف وراء قتل وتهجير الآشوريين المسيحيين من الموصل.ولم يكشف حتى الآن عن نتائج التحقيقات وهي في عهدة رئيس الوزراء.ولن يكشف عنها لدواع إنتخابية ومصالح إتلافية, والكشف عنها مرهون بنتائج  الانتخابات القادمة وما يتمخض عنها من تحالفات جديدة أو البقاء عليها كما كانت. وأما أن يكون رئيس الوزراء مع حليفية الكرديين سويا وراء هذا المخطط الأجرامي. الذي يستهدف إنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري بكافة تسمياتة من من أرض العراق وخاصة في الشمال وفقا لمساومات وصفقات  سرية بينهم لتحقيق مصالحهم العنصرية بالقضاء على كيان هذا الشعب.وأن التحقيقات التي تمت هي لتهدءة الرأي العام والسخط من قبل بعض المنظمات الانسانية في العالم.
بناءا على كل المعطيات والحقائق الثابتة التي تم تكريسها وتطبيقها فعليا من قبل هذه الفئة الحاكمة منذ أن ساهمت في أحتلال العراق من قبل الأمريكان . ومن ثم صياغة قانون إدارة الدولة العراقية المؤٌقت ومن ثم دستور العراق الدائم وقانون الإنتخابات, وحرمان الشعب الآشوري بأن ينتخب ممثلية بارادتة الحرة وكما تم مصادرة حقة في الأنتخاب. كل هذه الأمور التي حدثت خلال خمسة الأعوام المنصرمة يدعوا أبناء الآمة ألآشورية بكافة تسمياتهم المختلفة الوقوف في صف واحد لحماية هذا الشعب من الأندثار والأنصهار وتصفيته قوميا .والوقوف بحزم في وجه كل الذين يسعون القضاء عليه وكشف كل آلاعيب ونفاق الفئة الحاكمة ,وعدم السير في مشاريعهم المدمرة لهذه الآمة. وهذا يتطلب إتخاذ مواقف جريئة والعمل سويا بغض النظر عن الخلافات القائمة بين أبناء هذه الأمة على مختلف الأصعدة الشخصية ,والسياسية, والكنسية والكف عن الأنتماء المزدوج لقوميتين متناقضتين في التاريخ والثقافة واللغة والمصالح القومية. أذ لا يمكن أن يكون المرء صادق لهكذا إنتماء مزدوج أما أن يكون صادق لأحدهما وخائن لآخر وأما أن يكون خائن الأثنين معا .إنطلاقا مما ذكر أن أبناء هذه الأمة مدعون إلى:- التمسك بالمبادىء والقيم القومية لهوية شعبهم التي تكونت عبر التاريخ الطويل متمثلة في الأنتماء الحضاري والجغرافي والثقافي واللغوي والعادات والتقاليد.
-التمسك الفعلي بالمشروع القومي لأبطال الأمة كأمثال نعوم فائق والشهيد فريدون آتورايا, والقائد العظيم آغا بطرس والشهيد مار بنيامين شمعون والشهيد آشور يوسف , وكل الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن شرف أمتهم والدفاع عن حقوقها القومية المشروعة في أرضهم التاريخية آشور.
-العمل المشترك من أجل تحقيق المشروع القومي التاريخي للشعب الآشوري الذي طرحه هؤلاء الأبطال هو السبيل الوحيد من أجل إنقاذ هذا الشعب من الدمار الكلي.أن هذا المشروع هو أكثر ألحاحا من ذي قبل بسبب المجازر المستمرة التي تهدف القضاء على الوجود القومي لهذا الشعب وأكثر واقعيا لأنة مطلب واقعي يضمنة الحق الدستوري في عراق فيدرالي إتحادي موحد.لكي يستطيع أبناء هذه الأمة ا لمحافظة على وجودهم القومي والعيش بسلام مع كافة شعوب الوطن والمنطقة.
-العمل بروح قومية صادقة وجريئة على إقامة إقليم آشورعلى جزء بسيط من الأرض التاريخية لهذا الشعب بأعتباره الضمانة الوحيدة لحماية هذا الشعب من مخططات إنهائه وصهره في بوتقة الشعوب المجاورة له.
-توحيد الخطاب السياسي من أجل تحقيق الأهداف الأستراتيجية لضمان استمرارية هذا الشعب في الحياة والمحافظة على إنتماءه وهويته القوميه .
-الشفافية في الطروحات السياسية والمطالب القومية .
-الدعوة إلى مؤتمر يشارك فية كل القوى السياسية والثقافية  لأستكشاف حقيقة مواقف كل الأحزاب والمؤسسات من المشروع القومي المطروح من قبل العظماء من أبناء هذه الأمة قبل ثمانين عاما.بحث كافة القضايا القومية ,وتقريب وجهات الخلاف في الطروحات السياسية بما يخدم مصالح أزدهار الأمة وليس مصالح الأفراد.
-تحديد مفهوم العدو والصديق, وكذلك القوى التي تقف عائق أمام حصول الشعب الآشوري على حقوقة القومية المشروعة أسوة ببقية مكونات الوطن.
-الشعب الآشوري لا يعادي أي شعب من شعوب الكون ولا يقف عائق حصول كل شعوب المنطقة على حقوقهم المتساوية .وهو يدعوا القوى المسيطرة على عقول ومقدرة شعوب المنطقة أن تكف عن عدائها ومحاربة الحقوق القومية للشعب الآشوري , وإيقاف عمليات التتريك والتعريب والتكريد لهذا الشعب , لأنها تعد عمليات أجرمية حسب كل الأعراف الدولية والانسانية.
 

148
البرلمان السويدي يرفض للمرة الثانية الاعتراف بمجازر الإبادة الجماعية المرتكبة في 1915في تركيا العثمانية ضد الآشوريين والأرمن واليونانيين   

                                           

    د.جميل حنا
                     


قبل ثلاثة وتسعون عام أرتكبت السلطات العثمانية التركية مجازر إبادة عرقية في أعوام 1914-1919 ضد الشعب الآشوري والأرمني و اليوناني . وسقط بسبب هذه المجازر أكثر من مليونين ونصف حسب بعض التقديرات . وهذه الشعوب الأصيلة التي كانت تسكن على أرضها التاريخية قبل الميلاد وقبل مجيء العثمانيين بألاف السنين , إلى أن تم أحتلال هذه الأرض التي تمتد من بحيرة وان  حتى البحر الأسود وجبال هكاري ومنطقة طور عابدين وآميد (ديار بكر ) وإنطاكية على البحر الأبيض المتوسط  من قبل العثمانيين قبل خمسمائة عام .وخلال الحكم العثماني تعرض المسيحيون إلى الكثير من مجازر الإبادة العرقية الجماعية لإنهاء الوجود المسيحي والشعوب غير العثمانية التركية . وكانت أفظع تلك المجازر التي ارتكبت في أعوام 1843-1846على يد السفاح بدر خان وكذلك مجازر الإبادة التي نفذة أثناء الحرب الكونية الأولى . وذلك بسبب حجم الخسائر في الأرواح والتدمير الشامل للبنية التحتية والقضاء على التركيبة الأجتماعية الأصيلة .وبالرغم من مرور أكثر من تسعون عام من تلك المجازر ما زالت حكايات تلك المأسي الحقيقية  التي يقصها الأباء والأجداد تعيش في نفوس كافة الأجيال التي تلت تلك المذابح حتى يومنا هذا .ويوجد الكثير من المؤسسات بين آوساط الشعب الآشوري والأرمني واليوناني تنشط على الساحة الدولية من أجل نيل اعتراف العالم بهذه المجازر . وكانت لجنة  متابعة مجازرالشعب الآشوري العالمية                                                          (Assyrian International Seyfo Committee) الأولى التي تأسست بين صفوف الشعب الآشوري لمتابعة والقيام بفعليات سياسية وتوعية ومسيرات في بعض العواصم والمدن العالمية وخاصة في آوربا وأستراليا وأمريكا  وتظاهرات أمام السفارات التركية وغيرها والقيام بأحتجاجات أضراب عن الطعام  وأصدار بيانات ومذكرات إلى المؤسسات الدولية وبرلمان اتحاد الدول الأوربية وإلى الكثير من حكومات العالم والأتصال المباشر مع ممثلي هذه الحكومات لنيل تأييدها واعترافها بهذه المجازر . ورفع مذكرة إلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات في روما وكافة المؤسسات الدولية ذات الشأن للضغط على تركيا للأعتراف بهذه المجازر التي أرتكبتها في نهاية العهد العثماني . بالرغم من أن مسألة وقوع المجازر في تركيا لم يكن موضع إنكار بحدوثها , بل كان  الأتراك الجدد آنذاك يوجهون أصابع الأتهام لبعضهم  البعض(لست أنا من ارتكب المجازر بل هو)  بعد إنتهاء الحرب وهزيمة تركيا بعد الحرب في عام 1918 و سقوط حكومة الاتحاد والترقي .وصل إلى سدة الحكم الحركة القومية التركية بقيادة مصطفى كمال آتاتورك . وقد ناقشت صحف آنذاك الوقت إبادة المسيحيين عامة وكل القوميات غير التركية الأرمن والآشوريين واليونان و تعرضهم إلى مجازر إبادة جماعية عرقية . وبسبب ذلك قدم العديد من القادة العسكريين إلى المحكمة بتهمة "جرائم الحرب" وجرائم ضد الانسانية  وادين العديد بسبب أرتكابهم مجازر إبادة وحكم عليهم بالاعدام أو السجن في تلك المحاكمات . وكشفت وسائل الأعلام التركية ومحاكمها آنذاك عن تفاصيل رهيبة من اضطهاد الاقليات وإبادة في الامبراطورية العثمانية .ولم يكن موضوع حدوث المجازر موضع خلاف بل كانت كل القوى والشخصيات تؤكد على ذلك . ولكن لم تدم هذه الحالة  سوى فترة زمنية قصيرة حتى تكوين الدولة التركية الحديثة 1923 . وبعد ذلك تم تشكيل لجان خاصة لأتلاف كل الوثائق ومحاضر جلسات المحاكم وصحف ذلك الزمن وكل القرارات الحكومية والوثائق الحزبية  أو وضعها وتخزينها في أماكن سرية . ولكن كل المحاولات التي تمت بهذا الخصوص بائت بالفشل وأصبح جزء من هذه الوثائق الدامغة بارتكاب المجازر في متناول اليد .
 
في الحادي عشر من شهر حزيران بحث البرلمان السويدي أربعة مقترحات من أجل الاعتراف بمجازر الشعب الآشوري والأرمني واليوناني . كانت لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان قد رفضت مسبقا هذه الألتمسات بحجة أختلاف آراء العلماء  وأيضا الحاجة إلى مزيد من البحث بهذا الخصوص. بعد مناقشات وتداول الموضوع من وجهة النظر السويدية عرضت هذه المقترحات  للتصويت علية من قبل أعضاء البرلمان الحاضرين الذين بلغ عددهم 282عضوا وغياب 66عضوا وامتناع واحد عن التصويت وبلغ عدد المصوتين لصالح الاعتراف بالمجازر 37عضوا وهم يمثلون مجموع أعضاء برلمان الكتلتين من حزب اليسار وحزب البيئة وعضوان منهم من الحزب الأشتراكي وهم بالأصل من أبناء الشعب الآشوري وهم يلماز كريمو وأبراهيم بايلان  وعضوا من حزب الشعب أي بنسبة 13 % المصوتين لصالح القرار من مجموع الحاضرين و10,6%من مجموع أعضاء البرلمان . وكانت الحجة الأساسية التي ساقوها في صياغة رفض الاعتراف هو أختلااف العلماء والحاجة إلى مزيد من البحث . وما هذه الحجج إلا حجج وهمية لاتعبر عن الحقيقة ,بالأضافة إلى عدم صحتها وواقعيتها .هناك الكثير من القضايا العالمية الهامة وليس هناك أجماع بالرأي حولها ,نذكر على سبيل المثال فقط . لا يوجد إجماع كامل من قبل العلماء في العالم أجمع عن ارتكاب المحرقة أو الهولوكوست ضد اليهود من قبل النازية الهتلرية  , ولكن ولكن السويد وكل الدول الغربية والمؤسسات الدولية تعترف بهذه المجازر . بل أن قوانين بعض البلدان ومثال على ذلك تعاقب كل من يتنكر لمحرقة اليهود حتى ولو كان انسان عاديا . أن المصالح الأقتصادية والسياسية هي وراء الصمت المخذي للدول الغربية وغيرها بعدم الاعتراف وليس هو نقصان الأدلة الكافية أو أختلاف العلماء . لأن أرشيف حكومات هذه البلدان تتضمن مواد ووثائق لآ تترك أي مجال للشك في تلك المجازر التي حصلت خلال الحرب الكونية الأولى .
وكما ذكر في عنوان المقالة للمرة الثانية يطرح في البرلمان السويدي موضوع الاعتراف بمجازر الشعب الآشوري , كانت المرة الأولى في عام 2001 , وتم رفض الاعتراف بالمجازر تقريبا لنفس الأسباب. وعلى  أثر خلفية ذاك القرار كان لي رأي متواضع بهذا الخصوص وكتبت مقالة تم  نشرها في العدد الأول من مجلة( حويودو ) عام 2002 التي كان يصدرها اتحاد الأندية الآشورية في السويد بعنوان   معهد, مذابح 1915 قضيتنا المشتركة والمأساة التي تجمعنا بأسم د. كورية شمعون وهذا هو النص الكامل للمقالة كما ورد في المجلة :
بعض الأحداث التاريخية في حياة الشعوب لا يمكن نسيانها مهما مر الزمن. بطولات ومآس، يمنحها الوقت فهما أعمق وتحليلاً أصدق، وعبراً ودروساً بليغة تستخلص من تلك الأحداث بما تضمنته من عوامل سلبية وإيجابية.
هكذا هو حالنا مع المجازر الجماعية والتصفية العرقية التي مورست ضد شعبنا أثناء الحرب الكونية الأولى. إن ذكرى تلك الأحداث الأليمة لا زالت ماثلة في أذهان أجيالنا حتى الفتية منها. بل تزداد رسوخاً في وجداننا المعاناة التي عاشها  أجدادنا. إن ذلك الحدث المأساوي يجب أن يوحد صفوفنا ويزيدنا تصميماً على تعرية ومحاسبة المجرمين على ما اقترفته أياديهم الآثمة.
 هناك إجماع كامل من قبل أبناء شعبنا بمختلف فصائله الكنسية والسياسية والثقافية بأن المجازر التي ارتكبت لم تميز بين فئة وأخرى ولم يستثن من ذلك مذهب أو طائفة أو تسمية. إذا تم ترجمة هذا إلى ممارسة فعلية وعمل مشترك سيعطي بدون شك نتائج إيجابية تفيد قضيتنا القومية. إن وحدة الموقف بين مؤسسات شعبنا الدينية والدنيوية، وتوحيد الجهود المبذولة وصب كل الطاقات لنيل الاعتراف الدولي بهذه المجازر البشعة في غاية الأهمية وسيكون المدخل للإقرار بوجودنا وحقوقنا القومية.
 إن وحدة الموقف يشكل قاعدة قوية وأساسية لا بد منها لتحقيق الهدف المنشود، كما سيساهم هذا الموقف في رفع مستوى نشاطه للدفاع عن حقوقه القومية وتعزيز مكانتنا في الساحة الدولية. إن بذل الجهود وإظهار القدر الكافي من روح المسؤولية إجلالاً لأرواح شهدائنا هو من صميم واجباتنا القومية. بعض القضايا لا تحتمل النقاش العقيم والجدالات البيزنطية التي سترمي بنا في أعماق الهاوية. في الآونة الأخيرة بدأت القضية تتفاعل في أوساط شعبنا وفي معمعان التحضير والعمل تسابقنا مع بعضنا البعض، فكانت خطواتنا غير مدروسة وليست بمستوى وحجم قضية مجازر الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد شعبنا أثناء الحرب الكونية الأولى (شاتو دوسيفو) 1915.
إذا قلنا مجازاً أن العملية تتفاعل ضمن قارورة ,غليان في محيط محدد فإذا لم يتم توجيه الطاقة  الناتجة في المسار الصحيح سيترك انعكاسات سلبية مدمرة لقضايانا القومية. أما إذا تم التحكم بهذه الطاقة الصاعدة وتوجيهها بالشكل السليم فستعطى نتائج جيدة وسينعكس ذلك على مجمل أوضاع قضيتنا وسيمنحنا زخماً وقوة جديدة للعمل لمتابعة نضالنا القومي.
إن التحضير وتهيئة الأجواء ضرورية لانتزاع الاعتراف بمجازر الإبادة الجماعية التي ارتكبتها السلطات التركية بحق شعبنا. إنها من المهام الصعبة ويحتاج الأمر للبحث العلمي وجمع الوثائق الخاصة بالمجازر.
في هذا العام تمت محاولتان في البرلمان السويدي لتسليط الأضواء في المحافل الدولية على المذابح لنيل الاعتراف بها وإدانة السلطات التركية. استعرض البرلمان السويدي قضية المجازر وأقر بان الشعب السرياني الآشوري تعرض لأحداث مأساوية في تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى .إلا أنهم لم يقروا بان شعبنا تعرض للإبادة الجماعية، إلا أن نقاش القضية بقي مفتوحاً. المحاولة الثانية إلقاء محاضرة على ممثلي الأحزاب السويدية المشتركة في البرلمان وبعض مسؤولي الدولة لتقديم بحث أو أكثر حول المذابح وإعطاء المعلومات والتوضيحات اللازمة وتم نقاش أولي بين الحاضرين. كان من المقرر مشاركة الأخصائية بقضايا شعبنا الألمانية غبريللا يونان وإلقائها محاضرة حول المجازر إلا أن خللا في ترتيب الأمورمنعها من  الحضور. إن ما حصل شيء مؤسف ولكنه أمر طبيعي ولا يمكن توضيح أكثر من ذلك ضمن الواقع المؤلم الذي نعيشه. أن ما جرى من  خطوات لا بد منها, وإن كانت خطوات متعثرة في مسيرتنا للوصول إلى هدفنا، لكنها هامة لأخذ العبرة اللازمة. الطفل أيضاً لا يسير على قدميه منتصباً بعد الولادة، يمر بمراحل حتى يتمكن من السير بخطى واثقة يتقدم إلى الأمام. ولئلا تتحول هذه المحاولات الفاشلة  إلى تصفية حسابات شخصية أو سياسية. علينا البحث عن نقاط الخلل سوية وبروح المسؤولية الصادقة لإيجاد أنجع الأساليب والطرق لبلوغ الهدف. المهم ألا يصيبنا اليأس بل أن نزداد إصراراً وعزيمة على متابعة العمل على أسس علمية صحيحة، ولتحقيق ذلك أرى أنه من المفيد القيام بالخطوات التالية:
-   تأسيس معهد (سيفو) للدراسات السريانية – الآثورية – الكلدانية. تضم كل الأخصائيين المهتمين بقضايا شعبنا من مثقفي شعبنا والأجانب المتعاطفين، بكافة الاختصاصات الروحية وفي كافة المجالات وخاصة الحقبة التاريخية التي تشمل الحدث.
-   أهداف المعهد يجب أن تكون واضحة تلتزم بقضايا شعبنا المصيرية. يلتزم كل من ينضوي تحت لواء المعهد بشروط وأهداف المعهد، غير خاضعة للمواقف السياسية للمشاركين ويحافظ على استقلاليته ويعمل بصدق وإخلاص ضمن أهدافه.
-   تقديم الدعم اللامحدود من كافة مؤسسات شعبنا السياسية والدينية والثقافية مع المحافظة على استقلالية المعهد،لإنجاز مهمته المقدسة.
-   أن يسعى المعهد بكل عزم من أجل تحقيق التقارب وتمتين أواصر الوحدة القومية بين مؤسسات شعبنا بتسمياته المختلفة.
-   العمل لإنشاء لوبي مؤيد لشعبنا من الأحزاب والبرلمانات والشخصيات والكنائس في الدول الأوربية والعالم.
-   إصدار نشرة دورية حول الأبحاث الجارية وكراريس باللغات الأجنبية الهامة لتعريف العالم بتاريخ شعبنا وبأوضاعه وثقافته في الوقت الحاضر. وتبيان مميزاته وحقوقه القومية في بلاد الرافدين وأماكن تواجده.
هذه هي  بعض من النقاط الهامة المذكورة أعلاه , وعليه أن يقوم المعهد كمؤسسة رسمية تمثيل شعبنا بإرادته الحرة. دعوة العالم الحر والمحافل الدولية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان وحقوق القوميات المضطهدة وكل القوى الديمقراطية والمحبة للحرية الإنسانية وقوى السلام والهيئات الحكومية والمؤسسات الإنسانية الوطنية والدولية في كافة بقاع العالم لدعم قضيتنا العادلة. ومناشدة الأمم المتحدة واتحاد البرلمان الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية للضغط على الحكومة التركية للاعتراف بما اقترفته من مذابح بحق شعبنا بتسمياته وكنائسه المختلفة في تركيا خلال تاريخه الطويل على أرض أجداده والتي كان ذروة تلك المذابح ما جرى عام 1915 حيث ذهب ضحيتها أكثر من نصف مليون إنسان. إذا كانت غاية هؤلاء البرابرة إنهاء وجودنا القومي على أرضنا التاريخية. فما علينا إلا الاستمرار والتمسك بقيمنا الإنسانية وهويتنا القومية وإثبات وجودنا وشرعية مطالبتنا بالحقوق القومية للشعب السرياني الآثوري.
لقد آن الأوان أن نوحد قوانا بدون تمييز ونرفع صوتنا عاليا ونطالب بحقوقنا المسحوقة. وندين سوياً الأفعال الشنيعة وجرائم العار التي ارتكبها المجرمون السفاحون بدءاً من الدولة التركية والعشائر الرجعية الكردية وكل المؤيدين لهم في ذلك الزمان وفي وقتنا الحالي .لنحول 24 نيسان إلى يوم رمز وحدتنا القومية وليكن يوم فعالياتنا الموحدة. هذه بعض النقاط الهامة التي طرحتها تحتاج إلى إرادة صادقة بغية تحقيق اهدف المشترك لنيل اعتراف العالم بمجازر الشعب الآشوري . وما زال موضوع تأسيس معهد سيفو من أحدى المهام الضرورية لتنفيذها  بمشاركة كافة المؤسسات السياسية والدينية والثقافية والشخصيات المهتمة بهذه القضية .
 
   

149
وحدة الأمة السريانية الآشورية والمصير المشترك      
                         

د.جميل حنا
                         

حالة الأنقسام والتشرذم الذي يعيشة الشعب الآشوري وكافة مؤسساتة السياسية والثقافية والدينية كان وما زال سببا رئيسيا في مآسي هذه الأمة .وهذه المقالة المتواضعة قد نشرة قبل عشرة أعوام في مجلة فرقونو عام 1998 العدد 52 لشهر آيار حزيران, تحت أسم        د.كورية شمعون  .وأرى بأنها تعكس واقعنا الحالي فلذلك أردة نشرها مجددا , وأترك للقاريء الكريم الحكم على مضمونها. وهذا هو النص كما ورد في المجلة :
يمر النضال القومي لشعبنا السرياني الآشوري في مرحلة اختبار شديدة التعقيد، في ظل ظروف الصراعات المحلية وتداخل وتشابك العلاقات الدولية المتناقضة. وحالة الانقسام الداخلي الذي يعاني منه شعبنا نتيجة التآمر الخارجي الذي فرض عليه. في مثل هذه الأجواء يعمل شعبنا لإثبات كيانه بالطرق السليمة، والاستمرار في العطاء الذي منحه للبشرية منذ فجر التاريخ الإنساني حتى يومنا هذا. إن نظرة علمية موضوعية لواقع المأساة التي يعيشها شعبنا في بلاد ما بين النهرين والشتات، يخلق لدى المرء مشاعر متناقضة، فهناك من يرى قضية شعبنا ومستقبله برمته بشكل سوداوي قاتم يزرعون اليأس في النفوس، وهناك من يرى عكس ذلك مدركا طبيعة المأساة التي تعرض لها شعبنا خلال مراحل التاريخ الطويل، ومما يواجهه من ظلم واضطهاد وقتل وتشريد حتى الآن.
فهذا الوضع الأليم يخلق لدى بعض القوى في صفوف شعبنا أفكار ومشاعر مبعثة للتفاؤل، رافضين هذا الواقع المرير، يخوضون نضالا قوميا شديد الضراوة داخليا لبث وإحياء المشاعر القومية ودفع كفاح شعبنا إلى مواقع متقدمة في النضال وإحساسه بحقوقه كشعب له كيانه المستقل. وخارجياً يخوضون كفاحا سلميا ضد الأعداء الذين كانوا وما زالوا سبب معاناة شعبنا الذين يقفون بكل الوسائل في منع تحقيق طموحات وآمال شعبنا وحقوقه القومية في آشور.  كما  يواصل البعض منهم ما بدئه الأوائل بعطائهم المبدع من أفكار وأعمال خالدة في سبيل تطور المدنية الإنسانية، ويتابعون مسيرة المناضلين والشهداء المدافعون لإثبات الهوية القومية لشعبهم.
إن شعبنا الذي تعرض للقتل والمذابح الفردية والجماعية من قبل الأعداء الذين لم يميزوا بين مذاهبه الدينية ولا بين تسمياته (السريان الآشوريين الكلدان)، بل كان الجميع مستهدفا، قتل مئات الألوف منهم لأجل الدفاع عن دينهم وهويتهم القومية.
هذا الأمر البديهي الذي لا يغيب عن ذهن الصغير والكبير من أبناء شعبنا، يستدعي من كافة الطوائف والملل الدينية والأحزاب السياسية والحركات الثقافية والأفراد، انتهاج سياسة موحدة بوجه الأعداء وكل من يقف حجرة عثرة في طريق العمل المشترك لأجل تحقيق أهداف شعبنا القومية. يعتبر هذا المنهج حاجة موضوعية، وشرطا ملزما لإنجاز المهمات المشتركة التي تجمع كافة مؤسسات شعبنا، في الظروف الراهنة والمستقبلية المتميزة باشتداد انصهار أبناء شعبنا في الشتات وما يتعرض إليه الصامدين على أرض أجدادهم وآبائهم من قتل وتشريد واضطهاد ديني قومي إنساني.
إن تأجيج التناقضات الثانوية والدفع باتجاه تعميق الخلافات في مختلف المجالات، وتغليب العوامل الذاتية المجردة وخلق ظروف تكريس وتجسيد التجزئة والانقسام إضافة لما هو كائن من واقع مرير أو كظاهرة ملازمة لشعبنا ومؤسساته بمجملها. وقد أسهمت التغيرات الدولية والمحلية وما نتج عنها من هجرة إلى ظهور اتجاهات سياسية وثقافية، تمارس نشاطا ثقافيا، بالتأكيد على ضرورة الارتقاء بالعمل القومي، وتجديد شروطها، وقواها ارتباطا بتعميق المضامين القومية وتحديد طبيعة المهام والخلافات المطروحة لحلها عن طريق الحوار البناء والجاد.
ولعبت هذه التغيرات السلبية والإيجابية بآن واحد والتي عمقت الخلافات الكامنة وظهرت كموضوع ملموس للبحث والنقاش. بعثت الحيوية في نفوس الكثيرين من أبناء شعبنا، يمكن أن تتحول إلى فعل إيجابي إذا عرف استخدام الواقع الجديد في مصلحة حقوقنا. إذاً فهو يضع كافة المذاهب الدينية السائدة بين صفوف شعبنا والأحزاب السياسية والمؤسسات الثقافية أمام مهام صعبة بالغة التعقيد. يجب تحديد وفهم طبيعة الصعوبات الموضوعية والذاتية، الناتجة عن هذه التغيرات والقوى القومية والدينية والثقافية المؤهلة للنهوض بالمهام العظيمة.
إن التأكيد على موضوعية الفرز تاريخيا في صفوف شعبنا بين قواها التي تنشد العمل القومي أي التقدم ومواكبة روح العصر نحو الأمام باتجاه المواقع الفكرية والسياسية للأحزاب القومية وبين فئاتها المحافظة الدينية وغيرها لا يتعارض مع النهج العملي المشترك، لأنه يستند إلى أساس مطلب موضوعي ويوسع القاعدة الاجتماعية حول الأهداف المشتركة ويضيف عنصرا إيجابيا بناءً يزيد من طاقة وهمة أبناء شعبنا ويأثر على أوساط أقل نشاطا وجذبها إلى ساحة العمل أو على الأقل التأييد أو الحياد لوقف كل المهاترات الكلامية الضارة بوحدة شعبنا.
لأن حالة الانقسام بين صفوف شعبنا إذ يؤدي إلى إضعافها وتبديد قواها في صراعات جانبية على حساب الوحدة القومية. ويبث الضعف في جسد الأمة ويشجع القوى المعادية على الاستمرار في تصعيد هجومها وحملاتها وممارساتها الغير الإنسانية بحق شعبنا السرياني الآشوري. ويخلق حالة من الإحباط واليأس في نفوس شعبنا لذلك يجب السعي والعمل بحزم ضد كل المحاولات والممارسات التي كرست حالة الانقسام المضر. المساهمة بجدية بكل الوسائل بتحقيق وحدة شعبنا وصيانته والحفاظ عليه، باعتباره الشرط الرئيسي لقوته والوقوف في وجه كل المحاولات والأعمال الإجرامية التي تستهدف تصفيته كشعب له مميزاته الخاصة.
والعمل على تعبئة أوساط واسعة من أبناء شعبنا وحثها على المساهمة في العمل السياسي والثقافي لإنماء الروح القومية.
ولكن العمل السياسي والثقافي الموضوعي الذي يجري في صفوف شعبنا غالبا ما يصطدم بالأمور التحزبية نزوع ذاتي لتحويل العملية الموضوعية التي تعكس عمق المأساة التي نعيشها وما يترتب عليه من ضرورة بإجراء تحويلات كبيرة وعميقة إلى نهج للتفريط وتبديد الإمكانات وإشاعة الانقسام والتجزئة ويجسد هذا النزوع حالة العجز السياسي لدى أوساط واسعة من أبناء شعبنا هزها وضع الانقسام ونفاذ الصبر.
إن الظروف الأليمة التي يعيشها شعبنا في وطنه بيث نهرين وما نتج عن ذلك من هجرة اضطرارية إلى تسارع عملية الفرز الموضوعي بين أوساط شعبناو تولدة قناعات فكرية جديدة، وتجد لها مناخا سياسياً وتنظيمياً يشق الطريق بصعوبة للأسباب المذكورة آنفاً. ولكنها تجري في سياق عملية تاريخية تشمل أبناء شعبنا أينما كانوا، وتتحكم فيها قوانين المنافسة الديمقراطية، ويستلزم دفعها بالاتجاه الصحيح، وتحويلها إلى عنصر إيجابي في ساحة العمل القومي وتنشيط العمل السياسي على أوسع نطاق والمشاركة الفعالة في صياغة البرامج المعبرة عن التطلعات المشتركة في الظرف المحدد والملموس لأبناء شعبنا بكافة فئاته الدينية والقومية. وهو ما يستلزم قبل كل شيء وحدة العمل المشترك لكل القوى التي تعمل لمصلحة هذا الشعب من قوى سياسية وثقافية والطوائف الدينية المكونة لهذا الشعب. ووحدة نشاطها وفي الإطار الأوسع وحدة الأمة ووقوفها ودعمها لهذا الاتجاه الصائب.
إن سيادة الروح الديمقراطية في نقاشاتنا وعلاقتنا مع البعض، وتملكنا القدرة على تحمل الآراء المخالفة واحترام كل رأي يطرح ودراسته بعناية فائقة قد تكون فيه جوانب إيجابية وذو أهمية ولا يحق لأحد أبدا أن يعتقد أن رأيه هو الصواب الكامل وأنه يملك الحقيقة وان الآخرين لا يملكونها. فكل رأي جدي يطرح من قبل الأحزاب السياسية والمؤسسات الدينية والثقافية والشخصية يجب أن تؤخذ محمل الجد والبحث عن العناصر الإيجابية والسلبية وما يخدم مصلحة شعبنا.
اعتماد مبدأ النقاش الموضوعي الهادئ الهادف يغني ويطور ويدفع إلى إيجاد حلول مناسبة لمعاناتنا ويخلق أجواء الثقة والتفاهم المتبادل عندما تتوفر النية الحسنة. أما التشبث بالرأي المسبق الصنع والمواقف الجاهزة المقولبة فيؤديان إلى خلق أجواء الكراهية وتوتير العلاقات الضعيفة أصلاً بين مختلف مؤسسات شعبنا وقد يؤدي ذلك إلى الاستمرار في الانقسام.
مدعون نحن جميعاً اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نلقي بنظرة علمية عميقة إلى الواقع الأليم الذي يعيشه شعبنا وأن نتحمل مسؤولياتنا تجاه مستقبله. إن نظرة جدية إلى الحياة وسن تطورها وبروح انتقاديه تمنحنا القدرة لانتقاء السلوك الأمثل في تعاملنا مع البعض.
إن المزج بين كل الإمكانات المتوفرة لدى شعبنا يحوله إلى أمة قادرة على تحقيق قوة فعالة يدفع شعبنا إلى الاتجاه السليم وتحقيق طموحاته القومية. إن هذه القوة ضرورية لأنها تؤمن الطاقة اللازمة للوصول إلى الهدف المنشود.
إن وحدة الإرادة والعمل التي بدونها لا يمكن تحقيق أهدافنا أو أن نتصور تحقيق حتى الأشياء البسيطة وبالعكس سوف نفقد ما نملكه اليوم نتيجة المخاطر التي تواجه شعبنا من كل الأطراف.
إن وحدة المواقف من القضايا المصيرية التي تشكل أساس وحدة عمل كافة التنظيمات السياسية تساهم في نهوض النشاط السياسي لأبناء شعبنا وتصقل مداركه ويقظته نحو مكائد الأعداء. وتستقطب شريحة واسعة مخلصة متفانية من أبناء شعبنا للدفاع عن مصيرها والحرص على المشاركة في العمل السياسي الإيجابي.
ومن شأن وحدة العمل المشترك للمؤسسات العاملة في خلق الأجواء السياسية الملائمة لإدارة النقاش والصراع السلمي في إطار العمل القومي بتحقيق الأهداف المشتركة.
وبيان المخاطر القريبة والبعيدة المدى التي تستهدف تصفية شعبنا وفضح نشاط القوى التي تقف في وجه وحدة العمل المشترك وتكريس حالة الانقسام.
إن إيجاد الأجواء الملائمة للنقاش بين كافة التنظيمات تمكن الأحزاب القومية أينما كانوا من التغلب على الصعوبات التي تعيق المهام المشتركة سواء في الوطن بيث نهرين أو المهجر ويتيح الفرصة أكثر لإجراء حوار يستند إلى مبدأ التحليل الموضوعي العميق حول القضايا المصيرية لشعبنا.
إن المهمات الصعبة والمعقدة التي تواجه شعبنا والظروف النضالية السياسية في أماكن تواجده، والأهداف الطموحة لصياغة برنامج مشترك،يجب أن يدفع بكل القوى السياسية القومية إلى الجهد لإيجاد آلية ملائمة تحقق مشاركة الأحزاب القومية في العمل سويا تحرص على رص صفوفها وتأكد على صحة وفعالية خطها السياسي لأنها تخوض الكفاح المرير في ظروف بالغة التعقيد. 
كل القوى السياسية مدعوة لتطوير أساليب العمل المشترك ليضمن الانتصار ويحقق الأهداف القومية المشروعة. كل الجهود ومصادر القوى يجب أن تصب باتجاه واحد لتحقيق هدف محدد بغض النظر عن اختلاف منابعها على أن تلتقي لتكون ثورة جبارة تحقق هدفا إنسانياوهو الحفاظ على هذا الشعب من الفناء وتوجيه أنظار أمم العالم إلى معاناتنا. ولكن قبل كل شيء يجب أن ندرك عمق مأساتنا ونحدد ما نريده.وأن نصوغ أهدافنا وطموحاتنا بشكل واضح وإيقاظ مشاعرنا القومية من سباتها العميقة وبناء أجواء الثقة المتبادلة بين مختلف الأطراف وإيقاف المهاترات أو المضايقات أوالتملق وكل السلوكيات المضرة بوحدة شعبنا.كل ذلك يحتاج إلى جهود مضنية لا بد من تحقيقها لنستطيع بناء المستقبل الذي نرغب به.
إن إغماض العين وشد الأذان والأفواه عما نعانيه لا يعني مطلقا عدم وجود مشاكل مأساوية كبيرة نعاني منها أو حلا للمعاناة الكبيرة. إن حياتنا كشعب مليء بالصراع لأجل البقاء كان هناك انتكاسات كثيرة خلال عصور التاريخ الطويل ولكن بقي شعبنا صامدا بالرغم من كل المجازر والاضطهادات التي تعرض لها. إذاً كانت هناك هزائم وانتصارات ,ومشاكل خطيرة نعاني منها. يجب أن نبحث بالطرق السلمية والعملية والبحث عن الحلول الموضوعية اللازمة لها. إن النقاشات الجارية عن الأخطاء يدخل ضمن إطار الحرص من قبل المخلصين من أبناء شعبنا لإيجاد السبل السليمة لحل الأخطاء الضارة بوحدة شعبنا.
إن قضية وحدة شعبنا كأي ظاهرة أو عملية اجتماعية يجب النظر إليها ليس فقط من الناحية التاريخية, وإنما أيضا الانطلاق من الواقع الحالي, لخلق موقف مشترك من القضايا الهامة والمصيرية . وإذا كنا حتى هذه اللحظة لم نستطع تحقيق خطوات ناجحة في هذا الاتجاه فنحن مدعون جميعا أن نحقق هذه الخطوة العظيمة ونسجل موقف مشرف على هذا الطريق .الذي يتطلب بذل جهود وتضحيات كبيرة وفهما عميقا لمأساة شعبنا. والحد من تكريس الانقسام أو زرع الشكوك واليأس من قبل المتشائمين الذين يستضعفون من عظمة شعبنا وقوته الذي بقي صامدا بالرغم ما تعرض له من مذابح، استطاع البقاء والاستمرار ومواكبة مسيرة البشرية وروح العصر حيث تشتد النزاعات الدولية والإقليمية والقومية والفردية لأجل البقاء.
علينا أن نتعلم من تجاربنا المريرة ونقيم تحالفا قويا بين أبناء شعبنا ليستطيع الوقوف في وجه كل المؤامرات التي تستهدف شعبنا وأن نقيم هذا التحالف القوي أسوة ببقية دول وشعوب العالم التي أقامت تحالفات عسكرية _ اقتصادية، اجتماعية على أساس المصالح المشتركة مؤقتة أو طويلة الأمد لتحقيق غايات محددة سياسية، عسكرية، اقتصادية وجودية.
بالرغم من اختلاف تكوينهم التاريخي والجغرافي والثقافي والغوي. بالمقابل نجد أن قضية وحدة شعبنا ليست وليدة رغبة عاطفية أو فكرة حزبية أو جماعة أو شخص من الناس. بل هو مطلب وقضية مصيرية، قضية مستقبل ,ونتيجة لتطور تاريخي مستقل عن الرغبات. إعادة لحمة الشعب إلى مسارها الحقيقي ووقف معاناة شعبنا بالتشرذم.
وإن ما يجمع أبناء شعبنا على مر العصور الطويلة بالرغم ما تعرض له من قتل واضطهاد وتشريد وما أقيم ويقام أمامها من عوائق مصطنعة لا تستطيع كسر الروابط التاريخية والثقافية واللغوية والأرض المشتركة والمعاناة المشتركة والمستقبل المشترك.
كل هذا يؤدي إلى ازدياد التقارب بين مختلف الاتجاهات السياسية والتسميات المطلقة على شعبنا (السريان الآشوريين الكلدان) إدراكا منها لحاجة واقعية موضوعية تنبثق منها قضية وحدة شعبنا وإنشاء جبهة عريضة تشمل كافة القوى الدينية والمؤسسات العلمانية لإيصال شعبنا إلى بر الأمان.


 

150
واحد نيسان (آكيتو)  عيد رأس السنة في حضارة بلاد ما بين النهرين
 


                                                                 
د.جميل حنا

واحد نيسان عيد الطبيعة المبتهجة بنور الشمس والحياة الجديدة .وعيد الإنسان المبتهج والمنسجم مع الطبيعة وتجدد دورة الحياة  في مسار الفلك في حركة أزلية لا تنتهي . تعيد تكرار ذاتها في ألق وعطاء وازدهار, وتؤمن استمرار الحياة في الكون .يحتفل الغالبية الساحقة من شعوب العالم           بقدوم الربيع وكل حسب عاداته وتقاليده الثقافية و التاريخية . وهذا التقليد الاحتفالي يعود إلى الأزمنة القديمة في مختلف الحضارات القديمة من الهنود الحمر في الأمريكيتين وفي الصين واليابان وفي الإمبراطورية الفارسية كانوا يحتفلون بعيد النيروز وكانت تقام طقوس ومهرجانات احتفالية بهذه المناسبة .
وفي الإمبراطورية الآشورية في واحد نيسان ( آكيتو ) كان سكان بلاد مابين النهرين يحتفلون بهذه المناسبة. الذي  أعتبر بداية السنة الجديدة في بدء الربيع في الأول من نيسان, مع بداية تجدد الحياة في الطبيعة . وكان الاحتفال دينيا ووطنيا يبدأ به من واحد نيسان ولغاية أثنى عشر يوما. 
حضارة بلاد الرافدين تركت أثرا كبيرا على كل الحضارات القديمة وهذا ما نراه من أساطير الإمبراطورية  الآشورية . والتي نجد ظهورها فيما بعد بتأثير الثقافة الآشورية في ميثولوجيا الشعوب الأخرى كالآراميين والفينيقيين والإغريق حيث انتقلت كثير من هذه الأساطير مثل (ديموزي وعشتار ) إلى الشعوب المجاورة , فالإله( ديموزي ) في الميثولوجيا الآشورية يصبح فيما بعد لدى الإغريق أدونيس , وعند الآراميين (تموز)وكان أحدى آلهة اليهود حسب (حزقيال النبي 14: 8 )كذلك عشتار إلى عشتاروت لدى الفينيقيين و( أفروديت السموات ) عند الإغريق وملكة السموات عند اليهود(إرميا 7: 8 ,44 : 17, 19 , 25 ). كما تحولت إلهة الموت عند الآشوريين إلى (برسيفوني ) اليونانية  . وكذلك انتقلت فكرة الاحتفال في الأول من نيسان بدءا من أول ليلة الاعتدال الربيعي  إلى الشعوب الأخرى , في سوريا وفينيقيا واليهودية ( آستير 9 : 1 ) وبلاد فارس حيث احتفل به الزردشتيون منذ القرن السابع قبل الميلاد وكانوا يسمونه (نوـروز) أي اليوم الجديد .

وكما ذكر فأن الاحتفالات كانت تستمر لأثنى عشر يوما حسب طقوس معينة, كانت  تعكس الواقع الثقافي والحضاري لأساطير بلاد ما بين النهرين. وظهر ذلك من خلال المكتشفات الأثرية وخاصة مكتبة آشور بانيبال التي تم كشفها بواسطة عالم الآثار الانكليزي  (هنري لايارد ) ومساعده الآشوري من الموصل ( هرمز رسام ). وأثناء الحفريات تم العثور على الكثير من الملاحم ومنها ملحمة الخلق (إينوما إيليش) ,(عندما في العلى) ,مدونة بالأحرف المسمارية على سبعة ألواح وتحكي قصة خلق الكون والبشر خلال سبعة أجيال.وحيث نجد انعكاس فلسفة الأسطورة البابلية الآشورية في بلاد ما بين النهرين على العقائد الدينية السماوية . كما يؤكد على  ذلك فكرة الخلق والتكوين في التوراة وجدلية التجسد الإلهي في الدين المسيحي .
وكما ذكر أعلاه فأن الاحتفالات كانت تستمر لمدة أثنى عشر يوما وفق طقوس معينة تقسم حسب التالي باختصار شديد.من اليوم الأول إلى الثالث تطهير النفوس وطلب الغفران , حيث يقوم كاهن الأيساغيلا ( بيت مردوخ ) مع بقية الكهنة والناس بتلاوة ترانيم حزينة تعبر عن خوف الإنسان من المجهول. في اليوم الرابع تستمر طقوس التعبد وفي المساء تتلى ملحمة الخلق (إينوما إايليش) تتكلم عن بدء الكون . في اليوم الخامس كان يوم خضوع ملك بابل أمام الإله مردوخ , وكان يجرد الملك من حلية وصولجانه وتاجه , ثم يصفع الملك ويركع ويطلب الغفران من الإله مردوخ وفي اليوم  السادس حضور الألها الأخرى أو بالأحرى ما كان يرمز لها من تماثيل من نيبور وأوروك وكيش وأريدو  إلى معبد مردوخ. في اليوم السابع تحربر الإله مردوخ من الأسر .في اليوم الثامن تجمع الألهه . في اليوم التاسع يسير موكب النصر إلى( بيت آكيتي) الذي يحتفل به بانتصار مردوخ في بدء الخليقة على التنين تيامات آلهة المياه السفلى . في اليوم العاشر احتفال مردوخ مع آلهة العالمين السفلي والعلوي والاحتفال في المدينة . في اليوم الحادي عشر تعود الآلهة برفقة سيدها مردوخ_آشور لتجتمع في بيت الأقدار.وفي اليوم الثاني عشر تعود الآلهة إلى معبد سيدها مردوخ وتعاد تماثيل الآلهة إلى المعبد وتعود الحياة اليومية إلى بابل ونينوى وباقي المدن في الإمبراطورية الآشورية إلى وضعها الطبيعي .

فليكن واحد نيسان يوم إنعتاق شعوب بلاد ما بين النهرين بكل انتماءاتهم الدينية والقومية من الظلم والاضطهاد, وبناء مجتمع ديمقراطي علماني يحقق المساواة بين كافة أبناءة .أن الشعلة الحضارية والثقافية والتاريخية والاجتماعية والمدنية والفلسفية التي أبدعها أبناء الإمبراطورية الآشورية لا تستطيع القوى الإرهابية وكل قوى الشر إطفاء نور شعلة نيسان . لأن نور الشمس وجبروته لا يمكن إخماده أو إخفاءه.حقيقة الأول من نيسان كحقيقة نور الشمس. لا يمكن لأي ظلم وطغيان أن يطفئه, بالرغم من سيل أنهار الدماء التي سفكت من جسد أبناء هذه الأمة  حفاظا على وجودها القومي والديني. كما كان آخرها دم الشهيد يوسف عادل عبودي كاهن كنيسة السريان الأرثوذكس في بغداد . والشهيد الأول الذي سقط في اليوم الخامس من احتفالات الأول من نيسان عام 6758 آشورية 2008 ميلادية .فلتكن دم الشهيد وكل الشهداء التي أزهقت أرواحهم على مذبح الحرية نبراسا لانبعاث شعوب بلاد ما بين النهرين ومنها الشعب الآشوري من وضعها المأساوي  نحو حياة جديدة مليئة بإشراق شمس نيسان .               
     

151
ماهي الحكمة في الذكرى الخامسة لأحتلال العراق
   


 د.جميل حنا
في الذكرى الخامسة لأحتلال العراق ينتاب المرء مزيج من الأحاسيس الشخصية والوطنية والقومية والدينية والأممية .ذكرى الأحتلال ليست هذه السنوات الخمس الماضية بل أبعد من ذلك بكثير يمتد إلى عقود خلت من نظام صدام الديكتاتوري .تلك العقود من الحكم الديكتاتوري سبب مأسي حقيقية للعراق ولشعبة ,. وخاصة بعد سيطرة صدام على زمام الأمور كليا في المنتصف الثاني من العقد السابع من القرن الماضي . وكان إندلاع الحرب بين أيران والعراق بداية الكوارث الكبرى التي حلت بالعراق بعد المأسي العديدة التي عاشها الشعب منذ قيام الدولة العراقية الحديثة 1921 .
في تلك الفترة من الزمن كنا نحن أبناء العمال والفلاحين والفقراء والمعذبين من مختلف بقاع العالم بكافة إنتماءاتنا الدينية والعرقية وبكل توجهتنا السياسية الوطنية اليسارية والشيوعية والقومية نتابع دراستنا الجامعية وتخصصاتنا العليا في الأتحاد السوفييتي وبقية دول المنظومة الأشتراكية .كان أحدى محاور النقاش الهام بيننا  آنذاك هو وضع العراق والحرب الدائرة رحاها بين العراق وأيران .وسقوط مئات الألاف من القتلى وتعرض القوى الوطنية والمعارضة للنظام الديكتاتوري وخاصة أعضاء الحزب الشيوعي العراقي ومؤازرية إلى الأضطهاد والزج في السجون والتعذيب حتى الموت وملاحقتهم في كل جزء من الوطن .كانت الأخبار والمعلومات التي تصلنا ليست كما هي الحال الأن من وفرة وسائل الأتصال . كانت تلك الأخباء التي نتلقاها بواسطة طريق الشعب والثقافة الجديدة ونضال الشعب والدراسات الأشتراكية والنهج ونشرات أخرى يصدرها الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية .لم تكن تلك الأخبار مسرة على الأطلاق بسبب سقوط الضحايا في الداخل وعلى جبهات القتال . كنا نعيش أحلام الليل واليقظة بسقوط النظام الديكتاتوري الذي سبب آلاما لا تحصى للعراق وشعبة .
ومن هؤلاء المناضلين الذين كنا نناقشهم قي جميع القضايا التي تهمنا بعد إنتهاء دراساتهم عادوا إلى الوطن . كانت إرادة الأنخراط في النضال  وروح التضخية والفداء من أجل الوطن الحر والشعب السعيد أقوى من آلة الموت التي صنعها الديكتاتور .فمنهم من نال أكليل الشهادة في أقبية سجون الموت , ومن استشهد في كمائن الغدر والخيانة  التي نصبت لهم .
في الذكرى الخامسة لسقوط الديكتاتور يصعب على الكثير منا أن نميز بين ما هو شخصي بدافع الغرائز الأنتقامية والثأر بما حل به على الصعيد الشخصي العائلي أو ما أصاب رفاق الدرب والأصديقاء أو يثأر  لما أصاب الوطن والشعب من كوارث مزهلة .بين هذا وذاك يفقد الإنسان التوازن المنطقي السليم المبني على أسس المبادئ والأهداف الإنسانية التي آمن بها وبين الدافع الشخصي .و كلا الحالتين لها ما يبررها ألى حد ما لهول المصائب الكثيرة .
ذلك الحلم الذي راود الملايين من أبناء العراق أصبح حقيقة في التاسع من نيسان عام 2003 .تم أسقاط نظام صدام على يد قوى الأحتلال الأجنبية . سقوط الأنظمة الديكتاتورية في أي بقعة من العالم هو إنتصار للجماهير . لأنه يفتح افاق جديدة أمام الناس ملئ بالتفائل وبمستقبل أفضل في الحالات الطبيعية  . وهذا الحلم لكان أجمل وأكثر بهاء لو توج نضال عقود من الزمن ودم مئات الألاف من الشهداء بأسقاط الديكتاتور على يد القوى الوطنية  بأقتحامها قصور الديكتاتور وكسر قيود السجون وتحرير المناضلين منها وأنضمام الجيش إلى الجماهير الثائرة . ولكن ذلك لم يحصل لأسباب كثيرة منها العنف الذي أستخدم ضد الجماهير بأقسى الوسائل ,وتحطيم كل الأنتفاضات التي قامت من أجل أسقاط الديكتاتور .عدم توفر الدعم المحلي والعالمي للتغيير في العراق . إلا عندما حان وقت إنهاء دور نظام صدام  من على خارطة المنطقة حسب المخطط الأمريكي .ليست هذه المرة الأولى يتم أسقاط أنظمة على يد القوات الأجنبية  نذكر على سبيل المثل لا الحصربعد الحرب العالمية الثانية تم تحرير ألمانيا والغالبية الساحقة من الدول الأوربية التي وقعت تحت نير النازية الهتلرية من قبل الجيش السوفييتي وقوات التحالف الغربي بقيادة أمريكا .لن أتطرق إلى عملية إعادة الأعمار في هذه البلدان في كافة مجالات الحياة الأقتصادية والأجتماعية وترسيخ أسس بناء المؤسسات الديمقراطية .
ماذا جلب الأحتلال للعراق وشعبة ؟
أن التحليل الواقعي للوضع في العراق يجب أن ينطلق من الحقائق الحياتية اليومية التي يعيشها الشعب والوطن. وليس حسب ما يتمناه المرء في مخيلتة أو بما ينسجم مع آراءة السياسية ,والتي ليس بالضرورة أنها تعكس الحقائق على الأرض كما هي وأنما تهدف إلى خدمة أهداف معينة . وكذلك ليس على أساس الموقف الشخصي من الديكتاتور صدام  بل يجب أن يرتكز التحليل  على المنطق العلمي  لتشخيص النهج الفكري والنظام الشمولى  الأستبدادي القمعي للأجهزة الأمنية , وطبيعة النظام المعادية لحرية الجماهيرفي ذلك العهد .هذا من ناحية ومن ناحية آخرى يجب النظر إلى ما تم تحقيىقة في الواقع الفعلي خلال خمس السنوات الماضية . هل تحقق التحرير أم أنة أحتلال بكل المعايير .هل تحقق السلام المنشود للوطن وحصل الشعب على الحرية واليمقراطية . وهل تم تحطيم المؤسسات القمعية من أعلى السلطة إلى أدنى المستويات .هل تحقق المساواة والعدل وتأمين حقوق جميع القوميات التي تشكل النسيج الوطني العراقي .أم تم محاصصة الوطن وشعبة والمؤسسات والخيرات الأقتصادية والطبيعية والسلطة وتم توزيعها على المتسلطين المتعاونين مع قوات الأحتلال الأمبريالي الصهيوني. كم هائل من الأسئلة يمكن طرحها لتبيان ما هو التحرير وما هو الأحتلال. أختلاف الأراء بهذا الشأن تنطلق كل حسب موقعة وأراءة السياسية ومصالحه الشخصية وأرتباطاتة الدينية والقومية والأيديولوجية .
سقط نظام صدام الديكتاتوري على يد القوات الأمريكية بحجة أمتلاكه أسلحة الدمار الشامل,وتهديد أمن المنطقة والعالم إلى الخطر, وتعاونة مع القاعدة ,وكذلك من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية للشعب العراقي .في الواقع العملي لم يحصل أي تحرير من أي نوع كان سوى التخلص من صدام .وذلك أنطلاقا من واقع المآسي التي يعيشها الشعب العراقي . هل كان هذا هو التحرير الذي أنتظره الشعب على مدى عقود من الزمن . وهل تحرر العراق وشعبة من الظلم والإضطهاد والقتل والتهجير القسري والخوف .هل أغلقة السجون السياسية . هل تحرر الإنسان العراقي من الرعب المزروع في داخلة منذ حكم صدام , أم زاد لدية أكثر فكرة تعرضة للموت .وأصبح القتل يشمل أعدادا هائلة من الإبرياء بدون أي تهمة توجه لهم .
هل تحرر الشعب العراقي من أستبداد الفئات الحاكمة . كان صدام ديكتاتور على الجميع على القريب والبعيد , ولكن اليوم في العراق ديكتاتوريات كثيرة وفي مستويات مختلفة .كارثة الأحتلال كبيرة على العراق وشعبة .التحرير لا يعني مطلقا إسقاط ديكتاتور والأتيان بالعديد من الديكتاتوريين .
هل أصبح العالم والمنطقة أكثر أمانا من بعد صدام وأسلحة الدمار الشامل المذعومة التى لم يعثروا عليها . هل جلب الوجود العسكري الأمريكي الأستقرار للعراق ولكل المنطقة .
هل كانت القاعدة والمنظمات الأرهابية الأسلامية المتطرفة في عهد صدام يصولون ويجولون في العراق كما هو الحال الأن .ويفجرون الكنائس والمساجد والحسينيات والمدارس والأسواق العامة والشوارع.
هل حصل الشعب العراقي على الحرية والديمقراطية ,أم ما زال الإضطهاد بكل أشكالة من الفقر إلى القتل  والسجون والمعتقلات السرية والعلنية وتهجير ملايين الناس في داخل الوطن وخارجة .
هل يمكن أعتبار ضرب الوحدة الوطنية و قوى اليسار والديمقراطيين ,ووحدة النضال المشترك بين كافة الفصائل التي كانت تقف صفا واحدا آنذاك وفي المقدمة منهم الحزب الشيوعي العراقي                  لأسقاط النظام الديكتاتوري تحريرا .والذي قدم قوافل الشهداء من أجل  تحرير حقيقي للعراق ولشعبة  من كافة أنواع العبودية . وأنقسم الحزب الشيوعي العراقي وأصبح أحزاب شيوعية عراقية بأسماء مختلفة . والبعض من هذه الفصائل  متعاون مع القوي الأحزاب الرجعية الدينية والقومية الشوفينية المتحالفة مع قوى الأحتلال الأمريكي الصهيوني .
وأصبح المنطق الديني والطائفي والتعصب القومي والعنصرية سمة تسيطر على أفكار وممارسات الغالبية الساحقة من القوى في الساحة العراقية .حطمت الوحدة الوطنية والنضال المشترك بين أبناء الوطن من الشمال إلى الجنوب.تدمير البنى التحتية والأجتماعية التي ستترك اثارها السلبية لعقود طويلة على البلد وقتل مئات الألاف من أبناء الوطن .
على مدى التاريخ الطويل للأستعمار كان هناك فئات من أبناء الوطن تتعاون  مع الأستعمار .وهؤلاء كانوا الأدوات المحلية بتنفيذ ا لمخططات الأستعمارية . وهؤلاء لقاء تحالفهم مع القوى الغازية يمنح لهم المناصب في الدولة أضافة إلى المنافع المادية .في نظر هؤلاء ومن يدور في فلكهم يعتبرون الأستعمار أو الأحتلال تحريرا . ولكن التحرير لا يقاس بما حصل علية بعض الأفراد والفئات في المجتمع , بل بما حصل علية الوطن وكل مكونات المجتمع بكافة إنتماءاتة الدينية والمذهبية والقومية من حقوق متساوية بدون تمييز عنصري .بل العكس صحيح هذه السلطة التي تحكم بقوة آلة الأحتلال شرعن العنصرية دستوريا بين الأديان والقوميات المختلفة التي يتكون منها الطيف الأجتماعي العراقي .وقد تطرقت إلى هذه الأمور في العديد من المقالات المنشورة في مواقع ألكترونية مختلفة , وقسم منها موجود على الرابط الفرعي في أدناة .ولكن هنا سأذكر بأختصار شديد على الطبيعة العنصرية للسلطة القائمة في ظل الأحتلال بما يخص الشعب الأشوري .
ساهم الشعب الآشوري في بناء الدولة العراقية الحديثة منذ قيامها 1921 ولن أتطرق الى التاريخ القديم.كما شارك الآشوريون في نضال الحركة الوطنية العراقية في كافة المراحل النضالية . والكل يعلم بأن مؤسس الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان (فهد)هومن أبناء الأمة الآشورية .أشترك الأشوريون مع الأكراد منذ ستينات القرن الماضي من أجل الحقوق القومية والحكم الذاتي .في الحرب العراقية الأيرانية سقط 42 ألف شهيد .أثناء عمليات الأنفال دمر أكثر من ثلاثماءة قرية آشورية في الشمال على أرض آشور . كما قدم العديد من الشهداء من أجل أسقاط نظام صدام الديكتاتوري وتعرض أبناءة إلى السجون والتعذيب النفسي والجسدي , وتم تهجير عشرات الألاف منهم بعد تدمير قراهم في داخل الوطن وإرغامة على مغادرة الوطن . ساهم الشعب الآشوري وبقواة السياسية في الساحة العراقية بكل فعالية في قوى المعارضة العرافية من أجل أسقاط نظام صدام .
بماذا كوفئ أبناء الآمة الآشورية بكافة تسمياتهم من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والكنيسة المشرقية , مزيد من العنصرية الدينية والقومية والتهميش والحرمان من الحقوق القومية ومن حقة في أقامة أقليم أشورعلى جزء بسيط من أرضه التاريخية في شمال العراق على أرض آشور .
التحرير الحقيقي لا يتحقق إلا بواسطة الناس والقوى السياسية المتحررة من الروح العنصرية ومن التعصب الديني والقومي . وكذلك التحرير لن يتحقق إلا بالذين يؤمنون باالعدالة والمساواة الحقيقية بين كافة الأديان والقوميات المكونة للنسيج الوطني .كيف يمكن للبلد أن يكون محرر ويقودة إناس وقوى هي ذاتها غير متحررة من الأفكار والممارسات العنصرية , ومن روح الأضطهاد والأستعباد للأخرين ويمارسون العنف بكل أشكالة على أبناء الوطن وبمعاييرمختلفة حسب قربها أو بعدها من هذه الفئات هناك تناقض صارخ بين التحرير الحقيقي والأدعاء بالتحرير .كيف يمكن أن نسمي العراق تحرر وما زال يسقط عشرات الفتلى والجرحى يوميا وحسب بعض المصادر 300 ألف قتيل حتى الأن وأربعة ملايين مهجر في الداخل والخارج .كرامات الناس مهانة وتسحق فئات واسعة في المجتمع والفقر والمرض يتفاقم ولم يتحقق الأمن والأمان للبلد والشعب حتى هذه اللحظة .
في الذكرى الخامسة للأحتلال حكمة واحدة على كافة الأحرار والشرفاء وقوى اليسار والشيوعيين والديمقراطيين واليبراليين ومحبي السلام أن يأخذه بعين الأعتبار (في الأتحاد القوة ). الأنعتاق من نير السلطات الحاكمة ومن قوى الأحتلال لا يأتي إلا  بوحدة هذه القوى لبناء مجتمع متحرر من كل المظالم  يحقق الحقوق القومية والدينية المتساوية لكافة أبناء العراق في وطن حر .وبناء دولة ديمقراطية علمانية يتمتع كافة أبناء ة بالحريات العامة والشخصية والحقوق المتساوية في كافة مجالات الحياة.

152
من قتل الشهيد مار بولص فرج رحو؟


  عهدا ودمعة ووردة لروحك الطاهرة أيها الشهيد وكل شهداء أمتنا سنبقى أوفياء لذكراكم                                                     د.جميل حنا
الوضع المأساوي يستفحل في العراق على المسيحيين بكافة إنتماءاتهم المذهبية . شهيد آخر ينضم إلى قوافل الشهداء مما سبقوه في طريق الخلود دفاعا عن كلمة الله والحق وعقيدة الأيمان بالسيد يسوع المسيح, الذي قدم نفسة فداء لكل البشر.وهكذا أبى شهيدنا الباسل الأب الفاضل مار بولص فرج رحو     ألا يغادر هذا الكون إلا مرورا في طريق الجلجلة التي سار فيها من قبله سيده يسوع المسيح, لكي ينال اكليل ا لشهادة .ولكي ينضم إلى الصالحين الأبرار من قوافل الشهداء الذين سبقوه في دروب الألام من أبناء أمته امثال مار آدي شير ومار بنيامين شمعون والأب رغيد وأسكندر ومئات الكهنة وكذلك مئات الآلاف من أبناء الشعب الأبرياء  الذين أستشهدوا اثناء مجازر الإبادة العرقية التي أرتكبت بحق الشعب الآشوري بانتماءاتهم المذهبيىة المختلفة من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية في أعوام 1843 ـ1846 على يد السفاح بدر خان وأثناء الحرب الكونية 1914ـ1918 على يد السلطات العثمانية وقوى العشائر الرجعية الكردية المتعصبة  المتعاونة معها.
إن ظاهرة الإرهاب التي يتعرض لها المسيحيون في بلدان الشرق الآوسط وخاصىة في بلاد ما بين النهرين ليست بجديدة على أبناء هذه الأمة. إنها ظاهرة مستفحلة منذ 1400 عام تشتد احينا وتأخذ طابعا بربريا دمويا وهمجيا بقطع الرؤوس بحد السيف, وبأبشع أساليب القتل والتعذيب الجسدي والنفسي. وأحيانا يأخذ الإرهاب منحى أقل عنفا وذلك حسب الظروف المحلية والدولية . ولكن الإرهاب مستمر بأشكال مختلفة أخرى كأجبار المسيحيين على أعتناق الدين الأسلامي في ظل التهديد بحد السيف أو أرغامة على دفع الجزية وأعتبارة ذميا من الفئات الدنيا في المجتمع وعمليات السلب والنهب للمتلكات والبيوت وخطف النساء وتفجير الكنائس,  والضغوط النفسية والجسدية لأرغام المسيحيين على مغادرة أوطانهم الأصلية التي يقطنون فيها أكثر من سبعة آلاف عام. كل هذه الأعمال الأجرامية تستهدف القضاء على الوجود المسيحي في هذه المنطقة من العالم . هذه الأعمال الوحشية ليست وليدة فكر بعض المجموعات الإرهابية المتطرفة .وأنما نتاج طبيعي للعقيدة الدينية التي تدعوا معتنقي هذه العقيدة من هذه المجموعات للقيام بالأعمال الأرهابية أو ما يسمونه بالجهاد في سبيل الله لينالوا الجزاء الحسن في جنة الخلد المليئة بالحوريات كما يتوهمون هم عن الآخرة .هذه الأعمال البربرية هي نتاج تربية دينية وعقيدة تحث أتباعهاعلى نشر القتل والرعب والأضطهاد من أجل دين الحق كما يدعون .
أن الصراع المحتدم بين امريكا والمنظمات الإرهابية الأسلامية ومنذ دخول جيش الأحتلال الأمريكي بدء العنف وقطع الرؤوس وأضطهاد المسيحيين يأخذ منحى خطير. يذكر المسيحيين المشرقيين بالغزوات الأسلامية التي انطلقت من الجزيرة العربية نحو بلاد الرافدين وبلاد الشام في بداية الثلث الأول من القرن السابع حيث قتل أعداد هائلة  منهم وأجبر الغالبية الساحقة منهم على أعتناق الأسلام بحد السيف بعدما كان الغالبية الساحقة من سكان هذة المنطقة من المسيحيين  .والأسلام المتطرف اتخذ من الصراع بين الغرب الأستعماري وبين دول الشرق ذريعة للأنقضاع على السكان أصحاب الأرض الحقيقيين بالرغم من مواقف المسيحيين الوطنية ومناهضتهم للأستعمار بكل أشكالة بدءا من الحملات الصليبية حتى آخر أحتلال كما هو حاصل في العراق اليوم من قبل الأحتلال الأمريكي .ولكن كل هذه المواقف الوطنية والعيش المشترك لم يبدل مواقف الكثير منهم ,بل لم  يضع الكثير من المسلمين آي شئ آخر نصب أعينهم, سوى أتهام المسيحيين بالعمالة للغرب المسيحي متخذين من ذلك ذريعة للأنقضاض على المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط . وكما يعلم الجميع في كافة الصراعات التي كانت وما زالت قائمة بين الدول الغربية وفي الكثير من الدول التي يحكم فيها المسلمون , هم الذين يتعاونون مع الدول الغربية وهم يمنحون هذه الدول القواعد العسكرية وهذه الدول الأستعمارية هي التي تحمي هذه الأنظمة الأسلامية في افغانستان أو العراق أو القواعد العسكرية في الخليج وما وجود المنظمة الإرهابية القاعدة تظهر للوجود إلا بالدعم الأمبريالي الأمريكي .
أن التغيير السياسي الذي حصل في العراق منذ عام 2003 لم يأتي بالأمن والأستقرار ولا تأمين الحقوق القومية للشعب الآشوري بأنتماءاته المذهبية المختلقة من أبناء الكنيسة الكلدانية والسريانية والكنيسة المشرقية . بل أصبح هذا الشعب عرضة للهجمات الإرهابية المتطرفة وهجرة قسرية بأستخدام العنف ضدهم . وأن السلطات السياسية الحاكمة في العراق بحماية ودعم الأمريكان تمارس التمييز العنصري بحق شعوب عراقية أصيلة كالشعب الآشوري وهذا ما كرسة في قانون إدارة الدولة المؤقت وفي الدستور الدائم للعراق بعدم  منحه حقوق متساوية كالعرب والكرد لا دينيا ولا قوميا . وفي نفس الوقت لم تعمل قوات الأحتلال توفير الأمن للمسيحيين ولم تقم لهم منطقة آمنة على جزء من أرضهم التاريخية آشور .

 ومما سبق ذكره إننا نحمل مسؤولية  إستشهاد مار بولص فرج رحو ومن سبقة من الشهداء الأبرار وكل المعذبين والمهجرين من أرض العراق كل  المنظمات الإرهابية الأسلامية المتطرفة والتيارات القومية الكردية المتعصبة دينيا وقوميا والإتلاف الشيعي الكردي الحاكم في العراق وكذلك قوات الأحتلال الأمريكي .
أن الشهيد وكل من سبقة من قوافل الشهداء هم وسام شرف على صدر المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط  وعنوان التضحية والفداء من أجل  الوطن .
   
           



153
                     
  الدولة الديمقراطية العلمانية 
         

د.جميل حنا

السعي لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية هدف نبيل .إضافة إلى كونه هدف نبيل هو مطلب جماهيري وحاجة موضوعية تتطلبه الضرورات الموضوعية والعصرية لبناء دولة متقدمة مزدهرة توفر الأمان لكافة أبناء الوطن بدون تمييز عنصري .والساعون إلى بناء هذه الدولة العصرية في بلدان الشرق الأوسط العراق وسوريا ومصر ... لا بد أن ترتكز على مبادئ الحرية والمساواة والعدالة واحترام كيان الإنسان في الفكر والعيش الكريم . مجتمع خال من الاضطهاد والخوف والتعذيب النفسي والجسدي والسجون والاعتقالات على أساس أحكام صورية .هذه القوى التي تناضل في سبيل تحقيق ذلك تتمثل بتياراتها المختلفة الأساسية من الشيوعيين واليسار بشكل عام والديمقراطيين الحقيقيين بكل المداس الفكرية من اشتراكيين وليبراليين. وكافة المؤسسات المدنية في المجتمع الداعية إلى بناء الدولة الديمقراطية العصرية التي تؤمن بالمساواة والحرية وتداول السلطة على أساس دستور علماني ديمقراطي .يحقق العدالة  لجميع أبناء الوطن بكل مكوناته القومية والدينية بدون تمييز عنصري . أن بناء  هذا الشكل من النظام هي الضمانة المنطقية والإنسانية الوحيدة ليعيش أبناء الوطن الواحد في أمان واستقرار. ويتمتع الكل بكافة حقوقهم القومية والدينية والمدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. مجتمع خال من الهيمنة العائلية والعشائرية والأحزاب القومية العنصرية  والرجعية والأحزاب الدينية التي تفرض نفسها بأساليب العنف النفسي والجسدي وتضطهد أبناء الشعب بغض النظر عن انتمائهم الديني و القومي .
 ولطالما هذا المجتمع غير قائما حتى الآن و لم يتحقق في المنظور القريب  ما دام العراق يعيش في دوامة العنف بكل إشكاله البغيضة . وما دام الغالبية الساحقة من هذه القوى الديمقراطية واليسارية والشيوعية والليبرالية لا تملك برامج علمية و ديمقراطية حقيقية على أرض الواقع باستثناء الطرح النظري لمعالجة الأوضاع المأساوية التي  يمر بها البلد .وأن الغالبية الساحقة من هذه القوى تفتقد إلى المصداقية فيما تدعيه وما تمارسه على أرض الواقع . وذلك انطلاقا من معاينة مواقف هذه القوى في الحياة السياسية وانحيازها وتنفيذها لمصالح السياسات الفئوية والقوى الرجعية والعائلية بأحزابها المشحونة بالتعصب القومي وامتلاكها لمليشيات قائمة على أسس عنصرية لا تخدم سوى مصلحة القائمين عليها . أن الموقع الطبيعي الفكري والإيديولوجي والقيم الإنسانية التي تنادي به مجموع هذه القوى يفترض أن يكونوا في جبهة واحدة متراصة وفي موقع نضالي واحد بغض النظر عن الاختلاف في بعض الآراء ووجهات النظر غير الجوهرية في هذا الشأن أو ذاك . لا التحالف مع القوى التي تضطهد أبناء الوطن وتفرض الاستبداد في المجتمع, وقائمة على أساس قومي شوفيني وتعصب ديني .
في ظل الاحتلال الأمريكي الذي يعيشه العراق, وفي واقع  الانقسام الحاد الذي يمر به المجتمع على مختلف المستويات بين كافة مكونات الوطن قوميا ودينيا وسياسيا وإيديولوجيا  تدفع الجماهير ثمنا باهظا بسبب هذا الواقع الإرهابي الذي يعاني منة في حياته اليومية . وبسبب الدعم للمشروع الامبريالي الأمريكي حتى من قبل قوى محسوبة بشكل عام على اليسار والقوى الديمقراطية وبعض التيارات أو الأطراف الشيوعية.و جعل من المأساة والظلم والقتل والتهجير وطأته البغيضة  تتضاعف على أبناء الوطن وخاصة على القوميات التي لا تملك ميليشيات مسلحة ولا تخدم المشاريع الأمريكية في العراق والمنطقة بشكل عام  ومن ضمنها الشعب الآشوري بكل مكوناته من كلدانية وسريانية  يعيش أوضاع مأساوية حقيقية .وهذا الشعب .يضع كل أماله  في وحدة القوى الديمقراطية و اليسارية والشيوعية والاشتراكية واليبرالية الملتزمة قولا وفعلا بما تنادي به وتنفذ في أرض الواقع المبادئ  والقيم  الإنسانية التي تطرحها في برامجها السياسية .لأن المفكرين العباقرة الأوائل وعلى رأسهم لينين العظيم أقر بحق كافة الشعوب والقوميات بحق تقرير المصير بدون استثناء. والسؤال الذي يطرح نفسه هل الشيوعيين العراقيين وقوى اليسار عامة والديمقراطيين يناضلون ويدعمون الحقوق القومية للشعب الآشوري وإقامة الحكم الذاتي لآشور فعلا. وهل  مثبتة ذلك بشكل واضح وصريح بعيدا عن العموميات  في برامجهم السياسية وهل طرحت في مؤتمراتهم الحزبية وتنظيماتهم كما هي مطروحة القضية الكردية . تساؤلات تحتاج إلى إجابات علمية تنطلق من القيم  والمبادئ التي يدعون بأنهم يؤمنون بها .
الشعب الآشوري سيواصل كفاحه المرير, بالرغم من كل المآسي التي يتعرض لها حتى يتحقق المساواة في المجتمعات التي يعيش فيها ويحصل على حقوقه القومية أسوة ببقية الشعوب مكونات المجتمع في إطار الوطن الموحد جغرافيا واجتماعيا  واقتصاديا . وأبناء هذه الأمة يقفون على عتبة تحولات وتطورات مصيرية تمس كيانه سلبا بإنهاء وجودة القومي , وإما إيجابا بحقيق طموحاته  القومية المحقة .وكل ما يتحقق سلبا أو إيجابا يكون نتيجة وحدة العمل المشترك لأبناء الأمة ألآشورية من أجل حقوقهم القومية  . وأيضا نتيجة الصراع المرير الذي يدور في أوساط المجتمع بين القوى الديمقراطية واليسارية والشيوعية ومؤسسات المجتمع المدني وقواه الداعية  إلى بناء الدولة الديمقراطية العلمانية , وموقفها من القضية الآشورية من جهة وبين هذه القوى وبين القوى الإرهابية الظلامية والتيارات الدينية والطائفية وأحزابها العنصرية والأحزاب الرجعية القومية الشوفينية والقوى العشائرية العائلية الاحتكارية المسيطرة على ممتلكات الشعب والدولة والمحكمة برقاب الناس بقوة ميليشياتها المدججة بالسلاح , لنشر القتل والرعب والإرهاب  والسجون في أرض الوطن من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب .
 
وفي الختام لا يسعني إلا أن أعبر عن  التأييد والدعم الصادق لوحدة قوى اليسار والديمقراطيين           
 والشيوعيين والليبراليين لبناء دولة ديمقراطية علمانية ترتكز على مؤسسات المجتمع المدني
وتدعم حقوق كافة القوميات بدون تمييز. وتصوغ ذلك في برامجها  السياسية  بوضوح كامل
بدون أي التباس في المقصد والمعنى .

154
  الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين
                     



د.جميل حنا

الديمقراطية هذه الكلمة الساحرة رغب الإنسان بها  منذ العهود القديمة في مختلف الأزمنة والمجتمعات الإنسانية, وفي كافة العقائد الدينية القديمة والجديدة .وسعى الإنسان إلى تطبيق الديمقراطية تحت مسميات مختلفة بحسب البيئة الثقافية والمعتقدات الدينية التي آمن ويؤمن بها أو يعيش تحت تأثيرها . والإغريق القدامى هم أول الشعوب في الكون من أستخدم كلمة الديمقراطية بشكل واضح وجلي (حكم الشعب ) كنظام سياسي يقود الدولة والمجتمع . وطبقها كأداة لتحقيق إرادة الشعب في السلطة وإدارة شؤون الدولة . وطبقت الديمقراطية كدواء لمعالجة القضايا الاجتماعية بالطرق السلمية . وهي تهدف إلى تحرير الإنسان من عبودية الخوف لكي يكون الإنسان كائنا حرا يعبر عن أفكاره بدون عواقب وخيمة . وكما تهدف الديمقراطية  إلى المحافظة على كرامة الإنسان وعدم تعرضه  إلى المذلات والاضطهاد النفسي والجسدي , وتصون حقوقه الشخصية في عقيدته الدينية والقومية  والسياسية وتؤمن المساواة بين جميع أبناء الوطن بدون تمييز . والطريق إلى بناء النظام الديمقراطي و تطبيقه  فعليا في حياة الكثير من المجتمعات لم يكن في آي عهد من العهود أو في آي مجتمع كان لا في الماضي ولا في الحاضر ولن يكون كذلك  في المستقبل طريق مفروش بالورود .جميع الشعوب التي حققت بناء المجتمع ا لديمقراطي خاضت ثوراتها في مختلف مجلات الحياة , كما خاضت الشعوب نضالا شاقا وفي هذه المسيرة النضالية  قدمت التضحيات الجسيمة والدماء والدموع والشهداء. وكل شعب من شعوب الكون الذي حقق بناء النظام الديمقراطي خاض تجاربه الخاصة للوصول إلى الديمقراطية المنشودة .

وإن مسيرة الحياة الديمقراطية في العديد من البلدان حتى بعد تطبيقها لم يشهد استقرارا وثبات في النهج . بل تعرضت التجربة والحياة الديمقراطية إلى انتكاسات , وكذلك  ضربت في الصميم  ديمقراطيات ناشئة أو حرفت عن جوهرها النبيل , لتتحول إلى وسيلة اضطهاد تستعمل ضد من يشكلون أقلية ضمن الكيان الاجتماعي أو السياسي والحزبي , وضد الشعوب الأقل عددا التي تشكل جزء هاما من كيان الوطن . وتستخدمها القوى السياسية المسيطرة على مقدرات الشعوب التي تمثل الغالبية في المجتمع كأداة قمع ضد الشعوب الأقل عددا , ولفرض هيمنتها وزرع الفتن والخلافات الاجتماعية لتضمن أحكام سيطرتها على السلطة السياسية على الجميع . وذلك من الفهم الخاطئ للديمقراطية الصحيحة أو التعمد للفهم الخاطئ لمعنى الديمقراطية . لأن الديمقراطية لا تقر بأن يقرر أي شعب مهما كثر عدده وملك من السلاح والقوة الاقتصادية بأن يقرر على حق تقرير المصير لأي شعب آخر واضطهاده  وسلب حريته مهما قل عدده أو هضم حقوق الآخرين لأنهم يمثلون عددا أقل في المعادلة السياسية أو القومية أو الحزبية أو الوطنية ...  . الديمقراطية تعني الحقوق المتساوية  لجميع أبناء الوطن بدون تمييز على أساس قومي أو ديني أو سياسي أو على أساس العدد.

والشعوب في البلدان العربية  تبحث عن الديمقراطية الحقيقية المفقودة في بلدانها  الرازحة تحت سلطة الأنظمة الملكية والديكتاتورية و السلطة المطلقة للفرد أو العائلة أو الحزب أو القومية أوالدين. والغالبية الساحقة من الناس في هذه البلدان تعاني من الفقر ومن مشاكل اجتماعية كثيرة.  والكثير من المناضلين المدافعين عن الحريات الديمقراطية يقبعون في ا لسجون, والقسم الآخر ملاحق من قبل أجهزة المخابرات وكافة دوائر الأمن القمعية .   وهي تتعرض إلى ممارسات وضغوطات  لا إنسانية من قبل السلطات الحاكمة .وكافة الأنظمة في البلدان العربية بغض النظر عن اختلاف طبيعة الحكم فيها  إلا أن جميعها تشترك في صفة قمع شعوبها . وكل الأفراد والعائلات أو الأحزاب أو المذاهب الدينية الحاكمة في هذه البلدان  تتفاخر بديمقراطيتها الخاصة ( كمهزلة الانتخابات التي تجريها) المفصلة على قياسها لتنسجم مع مأربها وسلطانها المطلق ومع طبيعة الأهداف الفئوية الضيقة المعادية لحقوق المواطنين . 

وأن شعوب الإثنيات العرقية الأقل عددا بالنسبة  للشعب العربي تعاني من الحرمان من حقوقها القومية . وهي تعاني من اضطهاد مزدوج بحرمانها من حقوقها القومية وحريتها  إضافة إلى الاضطهاد العام ا لذي يقع على كل الناس . والشعب الآشوري السرياني  الذي هو جزء هام أساسي وأصيل في التكوين الاجتماعي في   وطنه الأم في كل من سوريا والعراق وتركيا وإيران , إلا أنة يمثل عددا أقل بالنسبة للقومية العربية والتركية والكردية  .وذلك بسبب مذابح الإبادة العرقية  الكثيرة التي تعرض لها خلال عهود طويلة , وبسبب الاضطهاد الديني والقومي والعنف السياسي  وانعدام الديمقراطية الحقيقية في هذه البلدان . والشعب الآشوري السرياني  يعيش في أرضة التاريخية موزعا على كيان هذه الدول بعد أن قسم وطنه التاريخي بلاد ما بين النهرين في عام 1916 بحسب اتفاقية سايكس_بيكو الاستعمارية (الانكليزي _الفرنسي )  على هذه الدول وهو يعاني من كل أنواع الاضطهاد القومي والديني والسياسي والاجتماعي على المستوى الشعبي والرسمي وبدرجات متفاوتة في هذه البلدان .                   

في بلاد ما بين النهرين كان وما زال اللجوء إلى العنف  بأشكاله  المختلفة  أكثر بكثير من اللجوء إلى الأساليب الديمقراطية والحلول المنطقية الإنسانية. وكان العنف المدمر سيد الموقف في كافة المراحل التاريخية .وكلما حدث خلاف خارجي أو داخلي كانت تفتعل أزمات وتوجه الاتهامات الباطلة وكان أهل السلطة يلتجئون إلى ارتكاب المذابح الجماعية كما حصل في تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى بحق الشعب الآشوري  .وما يجري في العراق هو دليل آخر على زيف الادعاء الأمريكي والسلطات  الحاكمة  بالديمقراطية , حيث عمليات القتل والتهجير والاستيلاء على الممتلكات و الأراضي وإجراءات الصهر وإلغاء الهوية القومية للشعب  الآشوري  في أوجها .وخاصة منذ أن وضع شمال العراق تحت حماية الامبريالية الأمريكية منذ عام 1991 ومن ثم احتلال العراق في نيسان عام  2003 . وأصبح العنف وسيلة مقبولة ومرسخة في النهج الديني والقومي والسياسي لكل أولئك الذين يملكون عصابات وميليشيات الأجرام والإرهاب للقضاء على أبناء الشعوب الأقل عددا دينيا وقوميا . العنف والعنف وحده هو منطق هذه الغالبية بحل الأزمات القائمة في المجتمع دون أن يخطر على بالها بأن الديمقراطية الحقيقية هي الحل الأنسب للجميع بدون اللجوء إلى العنف . لأن الموروث في عقليتها وثقافتها مبني على العنف .العنف المعادي لكل القيم والمبادئ الإنسانية نقيض الديمقراطية . وكان بالأحرى على القوى التي استولت على السلطة في العراق بدعم العسكري الأمريكي اللجوء إلى التطبيق الفعلي والحقيقي للديمقراطية ليكون أداة فعال بحل الأزمات والخلافات والمشاكل القائمة وتقديم الحلول المقبولة للجميع وخاصة في مجتمع متعدد الأديان والأثينيات العرقية كما في  العراق وكبقية الدول في المنطقة مثل سوريا وتركيا وإيران .وكانت جنبت شعوب هذه البلدان  الكثير من المآسي التي يعاني منها .وكان بأمكان تقديم الحلول المناسبة بدون اللجوء إلى العنف كما يحصل وخاصة على أرض العراق.وكما أن الديمقراطية أداة لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وقيادة البلد  وتداول السلطة وحل الأزمات بالطرق السلمية وأمور آخري كثيرة .وعدم التمسك بمبادئ القيم الديمقراطية وتطبيقها يترك أثار سلبية مدمرة كثيرة على الوطن و في حياة المجتمع والفرد.

وكذلك الديمقراطية تحتاج إلى ضمانات لحمايتها والحفاظ عليها من انقضاض أعدائها عليها . وتطبيق الديمقراطية يحتاج إلى هذه الضمانات ليتم على أساسها بناء نظام الحكم والمؤسسات واللجوء إليها أثناء حدوث الأزمات والخلافات وفي الظروف الطبيعية . والشعوب بمعظمها تعمل على تطبيق الديمقراطية في مجتمعاتها ,لأنها تمنحها حقوقا كثيرة وتحافظ على كرامته وتزيل الرعب من القلوب . وهذه الديمقراطية التي نبحث عنها لتطبقها  في حياتنا تحتاج إلى وضع آليات لنظام الحكم الديمقراطي و تداول السلطة سلميا . وعلى  القوى السياسية في المجتمع إبداء أرائها وإظهار مواقفها الحقيقية من الديمقراطية وأن تلتزم بالقيم الديمقراطية وتحميها من أعدائها . وأن تطبيقها تطبيقا فعليا صحيحا بحيث يضمن الاعتراف بالتنوع القومي والديني والسياسي ويضمن للجميع حقوق متساوية بدون نقصان بغض النظر عن العدد لأن الحقوق في المجتمعات الديمقراطية لا   تقاس بحسب كثرة أو قلة العدد . وهنا يأتي دور النخب السياسية في الوطن          التي تؤمن فعليا وبدون مراوغة ببناء مجتمع ديمقراطي حقيقي .

والأمر الأخر المهم لحماية الديمقراطية بناء دولة القانون وذلك من خلال التشريع السليم القائم على أساس المبادئ الإنسانية وبناء مؤسسات القضاء المستقل عن السلطات التنفيذية . وتشريع قانون علماني يدين التمييز العنصري بكافة أشكاله وغير خاضع لنفوذ الأغلبية  .وسن قوانين واضحة تنظم شؤون الحياة وتحدد العلاقة بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية .وعدم سن قوانين تتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية بشأن حقوق الإنسان .

القوانين التي تؤمن حرية الرأي لأنها الضمانة العملية لحماية الديمقراطية و الحرية الشخصية في غاية الأهمية  لأن قمع الحريات الشخصية يؤدي إلى بناء شخصية ضعيفة غير واثقة من ذاتها ومحكومة بعوامل الخوف والرعب . ولا يمكن للإنسان الذي يعيش في أجواء الخوف والخنوع والتبعية أن يساهم في الدفاع عن نفسه وعن حقوقه المشروعة في كافة مجالات الحياة .                                                                   و إن يساهم بشكل فعال في بناء المجتمع . حماية الأفراد من الظلم والاضطهاد والاعتقال التعسفي , ومنع التعذيب الجسدي والنفسي وإلغاء كل الأساليب التعسفية والاستبداد , والالتزام بالمواثيق الدولية التي تحرم (( كل تمييز بين البشر بسبب العرق واللون والجنس أو اللغة أو الديانة أو الآراء السياسية أو بسبب المنشأ الوطني أو الطبيعي أو مكان الولادة والثروة الفردية )) وسن  قوانين حماية الملكية الفردية والعامة. وتأمين الحقوق القومية وحرية ممارسة الشعائر الدينية كما تؤكد على ذلك المواثيق الدولية ((لكل إنسان الحق بالتمتع بحرية الفكر والضمير والديانة وبحرية الرأي والتعبير ونشر أفكاره بأية وسيلة وبحرية الاجتماع والانضمام إلى أية تنظيمات سلمية ))

إن الالتزام  بهذه القيم يؤسس إلى بناء علاقة متينة بين مختلف شرائح المجتمع .ويعزز العيش المشترك بين الأديان والقوميات والثقافات المختلفة المكونة للطيف الوطني .بالطبع إذا كانت القناعة قائمة على أساس الوعي بأهمية الديمقراطية الحقيقية في المجتمع بين أبناء الوطن الواحد ولأجل مصلحة الوطن .ومن هذا المنطلق وانسجاما مع مبادئ القيم الديمقراطية الحقيقية                         ندعو إلى إيقاف العمليات الاستبدادية  وتزوير الحقائق التاريخية  وكافة إجراءات التتريك والتعريب والتكريد بحق الشعب الآشوري السرياني . ومنحة حقوقه القومية كاملة بدون نقصان أسوة بالحقوق القومية للكرد والعرب في العراق .   

155
الحقوق القومية المسلوبة بفعل السياسة وتأثير ا 


د.جميل حنا


 السياسة بدعة الفكر لدى الإنسان للوصول إلى الأهداف المعلنة وغير المعلنة ,وهي أداة يسعى الإنسان بواسطته تحقيق أهداف نبيلة أو شريرة للتحايل على ألآخرين . كل شيء مباح في السياسة ,ولا توجد معايير أخلاقية في الفكر والممارسة السياسية من أجل الوصول إلى المبتغى المنشود وهذا لا ينطبق على الكل بالتأكيد وإنما على الكثير من الدول والقوى العالمية والمحلية والأفراد .ولم يعد للسياسة وجه محدد واضح يعرف مساره, ليحكم من خلالها على من يمارسها بشكل قاطع وواضح المعالم , لأنها تتبدل باستمرار وبسرعة في عصرنا هذا. ويلاحظ هذا من التداخل والتقاطع في المواقف السياسية  بين دول مختلفة في العالم منها من تتبنى  الإيديولوجية الرأسمالية الامبريالية و الصهيونية ومنها من تتبنى الشيوعية وبين قوى يسارية وديمقراطية وليبرالية واشتراكية وقومية شوفينية ودينية ... .حيث تلتقي هذه الاتجاهات السياسية المعادية لبعضها البعض إيديولوجيا في مواقف وقضايا سياسية معينة متفق عليها من الجميع .

يقال بأن( السياسة هي فن الممكن) وهي أداة لإدارة شؤون الكون وتنظيم العلاقات بين الدول وبين مختلف القوى المكونة للمجتمعات الإنسانية , والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد, هل هذا الفن الممكن يلتزم فكرا وممارسة بالمنطق الأخلاقي للقيم الإنسانية .وهل العقل السياسي تحرر من قيود الموروث الثقافي والديني والقومي المتعصب . ما هو المنطقي واللامنطقي في الممارسة السياسية . ما هو دور وتأثير المشاعر في الفكر والممارسة السياسية .ما هي الحدود الفاصلة بين الفعل السياسي النبيل والجريمة السياسية أم أصبحت السياسة والجرائم السياسية تمثل فكرة واحدة في عالمنا الحالي .بسبب الانتهاكات البشعة التي ترتكب ضد الشعوب المضطهدة تحت ذريعة المصالح السياسية . وإن الدول التي تبني سياساتها على أساس المصالح الوطنية  والقومية وخاصة الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية تفرض هيمنتها على العالم بالقوة لتحقيق مصالحها الاقتصادية وإركاع العالم لأردتها وإحكام السيطرة بأساليبها السياسية المختلفة حسب الزمان والمكان والظروف , بل هي تخلق الظروف الملائمة لتتدخل في كل بقعة من بقاع العالم .وتحت ذرائع كثيرة منها الإرهاب وحماية بعض الشعوب من الإبادة العرقية وإقامة مناطق أمنية تحت حمايتها وإسقاط أنظمة معينة وكل ذلك من أجل تحقيق مصالحها الاستعمارية.

وإذا كانت هذه سياسة الدولة الإمبريالية الأولى في العالم , فهل يندرج هذا الموقف على أنظمة سياسية أخرى  وعلى الأحزاب الشيوعية واليسارية وتحديدا في البلدان العربية وما هي مصالحها السياسية التي تتبعها بحسب الإيديولوجية التي تتبناها بالدفاع عن مصالح الشعوب المضطهدة والعمال والفلاحين والكادحين والمساواة بين كافة الشعوب بدون تمييز ديني قومي ... .وهنا يطرح نفسه سؤال مشروع كيف يلتقي موقف الدولة الإمبريالية الأولى في العالم والدولة الصهيونية مع مواقف الأحزاب الشيوعية واليسارية في دعم قضية قومية لشعب ما دون سواه من الشعوب في العراق تحديدا . إن الإجابة على تساؤلاتي البسيطة هذه يحتاج إلى الالتزام الصادق والأمين بالمبادئ الماركسية اللينينية واليسارية وكافة القيم الإنسانية . وفي هذه الكتابة سأتطرق إلى فكرة واحد فقط وهو دور المشاعر في تحديد المواقف السياسية للإنسان التي تم نشر بعضا من الفكرة في مواقع الكترونية عديدة .

الإنسان يواجه ذاته الموروث من حالة اللاوعي المكتسب من الموروث الثقافي الديني العائلي من أجل تحقيق الذات الواعية المطلوبة لتنسجم مع روح القيم الإنسانية والعيش المشترك في عالم  يسوده الأمن و السلام خال من الحروب والاضطهاد والفقر.والإنسان في البلدان العربية بغض النظر عن الانتماء الديني والقومي والإيديولوجي له اقل الشعوب تحررا من الموروث الثقافي الديني العائلي مع السعي الدءوب من قبل فئات واسعة في المجتمعات العربية لتحقيق الذات المنطقية .وهكذا       
يعيش الإنسان  بين نقيضين مختلفين  في التفكير والممارسة  المبنية على أساس المشاعر التي يملكها بالفطرة أو تتولد لدية في المراحل اللاحقة من الحياة في العائلة والمجتمع  .وبين النقيض الأخر المبني على المنطق, الذي يتكون لدى الإنسان باكتساب الخبرة الحياتية في الواقع العملي , والمعارف العلمية واعتناق مبادئ سياسية معينة وامتلاك القدرة على التحليل الواقعي لكافة أمور الحياة بميدانه الواسع . وكلا الحالتين يتأثران بجملة من العوامل والمؤثرات الرئيسية والثانوية , ومعقدة في ذات الوقت لصعوبة الفصل بينهما وخاصة عند اتخاذ قرارات مصيرية أثناء التحولات التاريخية الهامة سواء في حياة الأفراد أو الشعوب.وفي كل الأحوال هذان المنطقان يحددان مسار سلوكية الإنسان في التفكير النظري والعملي في الحياة .

ولأجراء أي مقارنة فكرية وعملية على واقع بلدان الشرق الأوسط وشعوبها , يتبين لنا وبكل وضوح سيطرة الحالة العاطفية النابعة من صميم المشاعر الدينية والمذهبية والقومية على الآراء الشخصية , والتي على أساسها يحسم الناس مواقفهم من مختلف القضايا . ولذا نجد في مرحلة التغيير الجذري الذي يمر به العراق بعد الاحتلال الأمريكي في التاسع من نيسان عام2003 , الانقسام الحاد المرتكز على المشاعر الفئوية , مما يؤدي إلى تناحر دموي يومي بين مختلف أطياف  مكونات المجتمع العراقي بانتماءاتها الدينية والمذهبية والأثينية . وهذا التناحر أدى إلى مزيد من التدخل الخارجي والتطاول داخليا على سيادة وحدة الوطن لإضعاف كيان الدولة لتحقيق مكاسب فئوية على حساب حقوق  الآخرين . في هذه المرحلة الصعبة والحرجة وفي ظروف التحول السياسي  الكلي , تتخذ السياسات و الاستراتجيات المختلفة  وفقا لموازين القوى المتصارعة لتفرض نظرتها حول بناء دولة المستقبل وفق مفاهيمها الفئوية الضيقة .
والصراع الدائر بين مختلف القوى, لأخذ الأدوار الرئيسية, والسيطرة على البلد وقيادته حسب أهوائها الفئوية , منقادة بتأثير عواطفها الذاتية , متنكرة ومعادية لطموحات الآخرين . والقوى الأكثر تشبث بمواقفها , تلك المنصاعة لإرادة منطق المشاعر الفئوية التي تملك ميليشيات مسلحة تزرع الرعب والإرهاب بين المواطنين  , والتي تسيطر على السلطة التشريعية والتنفيذية وخيرات الوطن . وكل المواقف السياسية المتخذة على مسرح الحياة السياسية , تلعب المشاعر الذاتية الدينية والقومية والمذهبية الدور الرئيسي الوحيد المؤثر في وعي أو اللاوعي  للإنسان وسلوكياته في هذا البلد  . وانطلاقا من هذه الحالة اللامنطقية  أو الهستيريا  , نشاهد قوة الدفع السلبي لهذه القوى حيث تجلب الكثير من الويلات والكوارث على البلد وشعوبه وعلى وحدة كيان الوطن.

وفي هذه المحاولات البائسة الرجعية والدينية والقومية المتعصبة والسياسية تمارس أبشع الجرائم العنصرية للقضاء على كيان الشعب الآشوري وإلغاء الهوية القومية للآشوريين كشعب أصيل تمتد جذوره في أرضة التاريخية إلى سبعة ألاف عام  وذلك بالاستيلاء على مزيد من أراضيه وممارسة الإرهاب والقتل والخوف والاضطهاد الديني والقومي                و أجبارة على ترك الوطن . ضاربين عرض الحائط مبادئ العيش المشترك , وكل القوانين والأعراف الدولية . وكذلك تستمر محاولات القضاء على الشعوب الأقل عددا مثل  اليزيديين والصابئة المندائيين وغيرهم وصهرهم في بوتقة القوميتين الأكثر عددا وهم العرب والأكراد .
وفي ظل هذه الظروف المأساوية نلاحظ تراجع قوي لدور الموضوعية والممارسة الفعلية المرتكزة على الوعي والتفاهم المنطقي , وعلى أساس المصلحة الوطنية والاحترام الكامل للأخر وقيمة الثقافية وخصائصه القومية ومبادئ الأخوة والمساواة والعيش المشترك على أرض الوطن بسلام حقيقي ,ولكي يشعر المواطن في أي جزء كان  من الوطن بالأمان التام .وقد أنحسره أهمية هذه القيم الإنسانية إلى ادوار ثانوية إمام الهجمة الشرسة للمشاعر المليئة بالأحقاد تجاه الآخرين  ولا تلعب السياسة في هذه الحالة سوى الدور المنظم لفرض الرغبات العاطفية  التي يحملها هؤلاء المتصارعين , لمنحها شئ  من المشروعية  بفرض قوانين ودستور وانتخابات لا شرعية لا تخدم سوى مصالح صانعيها ودولة الاحتلال.
 
التغيير الجذري الذي حصل في العراق منذ سقوط النظام الدكتاتوري , والأوضاع المأساوية التي يعاني منة الغالبية الساحقة من أبناء الوطن , وما تم خلال هذه الفترة من إقرار قانون إدارة الدولة  العراقية المؤقت والدستور الدائم    والانتخابات ا لبرلمانية وتشكيل الحكومة المركزية وفي الشمال وكذلك ما تشهده الساحة اللبنانية منذ سنوات من صراعات بين مختلف الفئات من أجل تحقيق السيادة والاستقلال والحرية وعدم التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية.         كل هذا يقدم لنا صورة أكثر وضوحا  حول تأثير المشاعر التعصبية على تهديد الأمن الوطني والوحدة الاجتماعية . ويؤكد تفريط النخبة الفئوية بالمصالح العليا للوطن , وفرض إرادتها على أتباعها باستخدام الورقة العاطفية . هذه اللعبة القديمة الجديدة يوضح حالة التردي الفكري لواقع ا لنخب الفئوية وانجرارها وراء العاطفة الذاتية . وهذا يظهر حالة التناقض الكبير في المجتمع بين سلوكيتين مختلفتين كليا  ,وهما السلوكية القائمة على المشاعر النابعة من العقيدة الدينية والطائفية والمذهبية والتعصب القومي , وبين من يحددون مواقفهم بموضوعية على أسس المنطق العلمي  والتحليل الواقعي لأوضاع المجتمع وتاريخه وتنوعه الثقافي والقومي والديني والمذهبي , لكي يضمن وفق هذا المنطق تأمين الحقوق والمساواة لكافة مكونات المجتمع , ولبناء وحدة وطنية سليمة , وإلغاء سيطرة الشعوب الأكثر عددا على أبناء الوطن الأقل عددا وصهرهم في بوتقتهم بوسائل العنف السلطوي , والعمل على حل كافة الميلشيات الفئوية المؤسسة على أسس قومية ودينية ومذهبية التي تزرع القتل و الرعب في المجتمع , وتأمين مشاركة الجميع في المؤسسات التشريعية والتنفيذية وكافة مؤسسات الدولة  بدون تمييز عنصري دينيا وقوميا وسن دساتير علمانية .

لا نستطيع التنبؤ إلى متى يمكن أن تستمر هذه الحالة العاطفية  التي على أساسها تتصرف غالبية الناس التي ترسخها النخب السياسية في عقولها لفرض هيمنتها للمحافظة على مصالحها السلطوية والاقتصادية والسياسية. ولكن              باستطاعتنا القول بأن هذه الحالة اللاسليمة أو اللامنطقية لا بد إن يصطدم بالواقع الاجتماعي والسياسي في مراحل      قادمة, عندما يصحوا الناس من غفوة المشاعر العميقة ليكتشفوا بأن هناك تناقض سياسي واقتصادي واجتماعي وطبقي بينهم وبين النخبة التي تتسلط على رقابهم بقوة العاطفة التي تبثها وتزرعها في عقولهم . ومن ثم تبدأ عمليات اصطفاف جديدة في المجتمع على أسس أكثر عقلانية وموضوعية لتحديد مواقفها من القضايا المصيرية الوطنية والحياة السياسية والاجتماعية والعيش المشترك وقيادة الدولة على أساس الكفاءات ، وليس حسب الانتماء الديني أو المذهبي أو القومي , والولاء الشخصي . ولكن إلى أن يتحقق ذلك سيخسر الوطن الكثير من قيمة , وإعادة بناء الحياة على أسس موضوعية وسليمة سيحتاج إلى جهود جبارة من كافة المخلصين بدون استثناء.

 
وفي ظل هذا الواقع المرير يدفع الناس العاديين الأبرياء من أبناء الوطن بدون استثناء التضحيات الجسيمة.ولكن نظرة موضوعية إلى الواقع الذي يمر بة العراق منذ أن وقع في قبضة الاحتلال الأمريكي ,يرى بأن الشعب الآشوري بكافة تسمياته الطائفية من أبناء الكنيسة الكلدانية,و الكنيسة السريانية الأرثوذكسية, والكنيسة المشرقية أكثر القوميات التي تعرضت إلى حملة إبادة عرقية منظمة على يد القوى الإرهابية وحكومة الإتيلاف الرجعية الشيعية الكردية المتحالفة مع الامبريالية والصهيونية .ومنذ سقوط النظام الديكتاتوري في العراق أصبح نصف الشعب الآشوري خارج وطنه التاريخي ليس فقط بسبب العمليات الإرهابية التي يتعرض لها وإنما أيضا بسبب سياسة التمييز العنصري التي تمارسها الحكومة العراقية بموافقة دولة الاحتلال  أو على الأقل الصمت حيال هذه الجرائم , ونكران حقوقه القومية المشروعة وإلغاء وجودة الحضاري الثقافي دستوريا. وكذلك نكران الدور النضالي والتضحيات الجسيمة والشهداء التي قدمها منذ تأسيس دولة العراق في عام 1921 ودورة الشجاع في المعارضة العراقية من أجل إسقاط النظام الديكتاتوري .

الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي عامة وخاصة الشعب الآشوري وبقية الشعوب الأقل عددا في ظل هذه الظروف الصعبة والمصيرية التي يمر بها العراق , يتطلب موقف واضح وجريء من قوى وشخصيات اليسار والأحزاب الشيوعية في العالم وخاصة في البلدان العربية من قضية الحقوق القومية للشعب الآشوري وإقامة إقليم آشور لهذا الشعب على جزء بسيط من أرضة التاريخية في شمال العراق ضمن الاتحاد الفدرالي الموحد لدولة العراق .
والإعلان عن التضامن الحقيقي مع الحقوق القومية المشروعة للشعب الآشوري لأن مؤسسي الفكر اليساري والشيوعي
أقروا بحق تقرير المصير لكافة الشعوب بدون استثناء لأنهم كانوا منطقيين ومتحررين من عبودية المشاعر الدينية والمذهبية والقومية الشوفينية . وإن المسعى الصهيوني والامبريالي لإنهاء الوجود القومي والديني للشعب الآشوري من منطلق المصالح الإستراتيجية والمشاعر الدينية والتاريخية المتعلقة بقصص التوراة , فأن مصلحة اليسار والشيوعية وكل الشرفاء في العالم اتخاذ موقف مناقض لهذه المواقف العنصرية . وبذل كافة الجهود بدعم وتأييد والتضامن مع هذا الشعب المضطهد انطلاقا من المبادئ والقيم الإنسانية التي يؤمنون بها , وهذا ما يتطلبه المنطق الإنساني .   


        لمشاعر                                                                                                                                 

156

اليسار العالمي والصراع من أجل الوجود

           د.جميل حنا



منذ أن وجد الإنسان على وجه البسيطة كان في صراع أبدي مع الطبيعة ومع الآخرين والذات,صراع بين الأقوياء والضعفاء بين الفقراء والأغنياء بين السلاطين والمضطهدين , بين الظالم والمظلوم بين العبيد والأسياد .وفي هذا الصراع الدائم دفع الملايين بحياتهم من أجل حياة أفضل.العبيد في روما القديمة خاضوا ثوراتهم ضد أباطرة القياصرة ليتحرروا من عبوديتهم , والفلاحين منذ القرون الوسطى أشعلوا فتيل ثوراتهم ليتخلصوا من ظلم الإقطاعيين, وبعد انطلاقة الثورة الصناعية أواخر القرن السابع عشر خاض العمال كفاح مرير في القرن الثامن عشر ضد   مضطهديهم من أرباب العمل للحصول على حقوقهم في تحسين ظروف العمل وتقليل ساعات  العمل في اليوم وزيادة مرتباتهم . واستمرت الثورات والمظاهرات والإضرابات العمالية في بقاع مختلفة من العالم , وكانت قمة الانجازات الثورية التي حققها العمال والفلاحين قيام ثورة أكتوبر 1917 في روسيا القيصرية وانتقال السلطة إليها .وبعد ذلك شهد العالم تطورات عالمية كبيرة  انهيار إمبراطوريات قديمة والاستعمار القديم . القرن العشرين كان القرن الذي أحدث تغييرا جذريا في النظام السياسي العالمي وفي البنية الاجتماعية والاقتصادية وعلى صعيد الثورة التكنولوجية  والمعلوماتية, وفوق كل ذلك المكاسب التي حققتها الغالبية الساحقة من شعوب العالم والتحرر من الاستعمار وحصول معظم الدول على استقلالها.وتحقق الكثير من المطالب الجماهيرية في بقاع مختلفة من العالم مقارنة مع القرون السابقة .وما كان تحقق ذلك بدون التضحيات الجسيمة  التي قدمتها الشعوب بقيادة اليساريين والديمقراطيين والشيوعيين في العالم بدعم الاتحاد السوفييتي  . إلا أن هذه المنجزات تعرضت إلى انتكاسات كبيرة في مختلف دول العالم , ومنذ العقود الأخيرة من القرن العشرين كان هناك جدل حاد دائر في أوساط اليساريين والأحزاب اليسارية في العالم وخاصة الدول الغربية عن التوجه الجديد لقوى اليسار وأي طريق عليهم أن يسلـــكوه. وهذا الصراع أدى إلى ضعف اليســـار بسبب الخلافات الداخلية والانقسامات الحاصلة في صــفوف هذه القوى, وضعف القوى اليسارية وأحزابها في الدول الغربية  لم يكن بسبب انهيار الاتــحاد الســـــــوفيتي وإنما بسبب الصراع الداخلي في أوساط اليساريين و تغيير مواقفهم وتوجهاتهم من مسائل كثـــيرة في العالم.وكان أهم عامل من عوامل ضعف اليسار ومواقفه التقليدية التاريخية الداعمة لمطالب الــــجماهير الكادحة ،تحوله من دعم مطالب الجماهير المحقة , إلى دعم  نظام السوق الرأسمالي الحر . هذه السياسة كانت سببا بنمو وزيادة التناقضــــات الاجتماعية  وكذلك على المستوى العالمي أدى ذلك إلى زيادة نفوز قوى اليمين في العالم . وحققت القوى اليمينية بعض النجاحات هنــا أو هناك وخاصة في العقد الأخير من القرن الماضي بعد انهيار المعسكر الاشتراكي في بلدان أوربا الشرقية .واتخاذها مواقف سياسية مغايرة لنهجها السابق أعقبها تحول مفاجئ في الحياة الاقتصـادية والاجتماعية, وتلتها جملة من المآسي المفاجئة لفئات واسعة من الجماهير وهذا التحول الدراماتيكي القي بكثــــــــير من الناس إلى الشارع عاطل عن العمل وفقد كل الضمانات التي كانت متوفرة في ظل النظام الاشتــــــــــــــراكي . والنخب السلطوية الحاكمة والرأسماليين في  الدول الغربية  لم تبدي استعدادا حقيقيا لمواجهة الأسباب الحقيقــية للأزمات والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها غالبية الدول في العالم . وأن كانت أسباب الأزمات معروفة منذ زمن طويل ولكن الدول الرأسمالية لم تعمل للحد من انفجار الأوضاع بالشــــــكل المأساوي كما حدث في العديد من المناطق مثل انتشار المجـــــــــاعة (الصومال ، إثيوبيا ، السودان, كوريا الشمالية ) ، والمجازر العرقية في تيمور الشرقية وبين قبائل هوتو والتوتـــــــسي وما يجري حالياً في دارفور والعراق وفلسطين .
وقيام أمريكا وحلفائها بحروب مخالفة لقرارات ومبادئ الأمم المتحدة كالتي حدثت في البلقان ضد يوغسلافيا ، وفي العراق حاليا . صانعي القرار السياسي في واشنطن وعلى رأسها النــخبة السياسية اليمين المحافظ في أمريكا ساهمت اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً بخلق الظروف السائــــــــــــدة في البلقان ، أفغانستان ، العراق والشرق الأوسط وفي العالم عامةً وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية وتدعي بأن الإرهاب لعب دوراً بتكوين هذه الحالة .
            إن الحركات اليسارية المعادية لسياسة العولمة بشكلــــــها الحالي المجحف بحق الشعوب  الفقيرة ، تدعوا وتناضل بكل الإمكانات التي تملكها لحث الدول الغربية وخاصة أمريكا ولفت أنظارها للوقوف بكل موضوعية وجدية إلى المشاكل العالمية وتحليل الأوضاع بمنطقية وأن تدرس أسباب الأزمات بعقلانية بعيدة عن الاستهتار بحياة الشعوب . لان أمريكا و الدول الغربية تستطيع   الحد من انتشار بعض الصعوبات في بلدانها . ولكن الحياة برهنت بأن سياسة العولمة التي عملت على تطبيقها لا يأتي فقط بالنفع على هذه الدول ، ولكن يمكن للشعوب المضطهدة المحرومة من حـــــــريتها وتعاني من الفقر والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية ومن الأنظمة المستبدة إن تنقل أزماتها الداخلية إلى عقر دارهـم ، ويجعلهم إن يعيشوا في خوف دائم وعدم الأمان وان تلحق بهم الضرر الاقتصادي وتشل بعض الــــقطاعات وخلق حالة من ا للاستقرار لدى أوساط داخل المجتمعات الغربية .
            إن الغالبية الساحقة من دول العالم المتحررة من الاستعمار لــــــم تحصل على اي مكاسب في ظل النظام العالمي الجديد باستثناء الدول النفطية  .لعبت القوى الوطنية في الدول العربية دورا رئيسيا في النضال ضد القوى الاستعمارية من أجل التحرر والاستقلال مثل مصر, سورية, الجزائر, اليمن الجنوبي , العراق ذات التوجه  الاشتراكي منذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي ,و تمت  تحــولات اجتماعية كثيرة في هذه الدول شملت الغالبية العظمى من أبناء المجتمع ، وحققت لها مكاسب جزئية في بعض المجالات الحياتية. ولكن الكثير من الشعارات الخيالية لم يتحقق منها إلا الجزء اليسير. وما تحقق كان بفضل المشاريع الاقتصادية الكبيرة  التي أنجزت بدعم من الاتحاد السوفييتي والصين. حققت مكاسب واسعة لقطاعات واسعة من الجماهير . هاتان الدولتان قدمتا الدعم للدول ذات التوجه الاشـــــــتراكي لتقوية حلفائها في المنطقة ، وكانت هذه العلاقات مبنية على أساس المنافع المتبادلة . وكانــــــت انجازات المشاريع تعود بالنفع على الجماهير الكادحة . ولكن الشعوب في هذه الدول بقية أسيرة السياسات المستبدة لهذه الأنظمة الديكتاتورية فهي تناضل من أجل الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي والحريات العامة وتأسيس الأحزاب السياسية وبناء مؤسسات الدولة حسب المعايير الدولية الغير مرتبطة بالنظام السلطوي وأجهزته القمعية .وتعمل فئات واسعة في المجتمع من أجل تحقيق المساواة بين المواطنين بغض النظر عن المحسوبية و الانتماء الديني أو القومي أو السياسي .وتعاني هذه الدول من المشاكل الأثينية العرقية الدينية والمذهبية , وتضطهد شعوب وقوميات أصيلة في موطنها التاريخي كالشعب الآشوري (السريان) الذي يسكن بلاد ما بين النهرين وسوريا منذ سبعة آلاف عام , واليوم أصبح كيانه مهدد بالفناء بسبب السياسات القمعية التي مورست وتمارس من قبل الأنظمة السياسية والمنظمات الإرهابية الإسلامية .
  وهاتان الدولتان التي قدمت مساعدات اقتصادية كبيرة لدول المنطقة أخذ دورها في الانحسار وخاصة بعد الهزيمة التي مني بها الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ومن ثم انهـياره في التسعينات ودخول المؤسسات المالية الغربية والشركات فوق القومية الرأسمالية إلى الاتحاد السوفييتي ، فرض تقاليد الحداثة ونمط الحياة الغربية بدل التقاليد القومية بوسائل متنــــوعة . وظهر العنف في المجتمع الذي كان يعيش حسب التقاليد القديمة الموروثة من القرون الماضيـــــــــــة وبين القيم الاشتراكية التي عاشها سبعين عاما  وبين  نظام الرأسمالي الحر  المتطور .وفقدت الشعوب نتيجة هذا التحول  في الكثير من بقاع العالم وخاصة القوى اليسارية سندا وحليفا أساسيا لها في نضالها من أجل بناء مجتمعات قائمة على أسس ضمان واحترام كرامة الإنسان والعيش بدن خوف أو كراهية ويتمتع بالحرية . 
ومنذ ثمانينات القرن الماضي بدأ تحول في  دور اليسار عامة  في المنطقة وكانت مؤشرات تلك التحولات  الثورة الإسلامية الدينية الإيرانية . وبعد استلام الملا لي السلطة وجهت ضربات قاضية إلى اليسار وفي طليعتها حزب (تودة ) الإيراني الذي قاوم المشاريع الاستعمارية في المنطقة  وكان مدافع عن حقوق الجماهير.وأعلن خميني الجهاد المقدس عام 1980 ضد الشيوعية و أصبح خميني رمز إسلامي عالمي , وبدأت أمريكا وحلفائها بالضغط والتأثير أكثر فأكثر على دول  العالم مستخدمة إمكاناتها العسكرية والاقتصادية ونفوذها السياسي . وبالتوازي بدأت الحركة اليــسارية تفقد مواقعها في العالم الثالث . فـــي بعض الدول العربية حقق التوجه الأمريكي بعض النجاحات الظاهرية للنخبة الحاكمة وقوي سلطتها ، دون إن تكون قادرة على مواجهة أو تقديم حلول أو الحد من الفقر والمجاعة ، وفي أعوام التسعينات فــي جنوب شرق أسيا وإفريقيا أصبحت الأوضاع أسوأ كبقية دول كثيرة في بقاع  مختلفة من العالم وزادت الفروق الاقتصادية غير العادلة في المجتمع .
وبالرغم من النفوذ الواسع التي تتمتع بيه أمريكا  إلا أن مكانتها  الدولية بدأ بالتناقص ليس فقط بسبب السياسة الاقتصادية ، وإنما أيضا بسبب الدور الأحادي الذي لعبه  في الساحة الدولية وأناط لنفسه دور الشرطي العالمي ، بدون أن يوكل إليه بأي قرار من الأمم المتحدة أو أي هيئات رسمية  دولية على أساس القانون الدولي . ولم يكن هـــــــــناك اتفاق عالمي على الدور الذي خول  لنفسه كقوى عظمى وحيدة . تحدد السياسة العالمية وتحركها حـــسب ما تقتضيه مصالحها القومية .
وأن الغالبية العظمى من الدول العربية تحكمها أنظمة وحكومات محافظـــــــة وملكية وحكومات عسكرية دكتاتورية وأنظمة إسلامية ودول أخرى في المنطقة كتركيا وإيران تحكمها أنظمة  إسلامية وباكستان التي قدمت مساعدات للـقــــــــوى المتطرفة الإسلامية لاستلام السلطة كحركة طالبان في أفغانستان وبمســـــــــاعدة أمريكا في التسعينات من القرن الماضي . وبعض الدول العربية التي تحولت من طريق التوجهات الاشتراكية إلى النظام الدكـــتاتوري واختيار طريقهم الثالث الخاص بهم بسبب امتلاكهم ثروة نفطية مثل العراق وليبيا ومن ناحية أخرى عانت الحكومات الرجعية المحافظة الإسلامية من نظام العولمة لان سلطتهم أصبحت تواجه تــــــــــــحدي الجماهير لأنهم ينظرون إلى أنظمتهم كحكومات تابعة كليـاً للنـــظام الرأســـمالي الأمريكي .
             في التسعينات اجتاح العالم موجة من الاحتجاجات بسبب الظروف الاجتماعية السيئة التــي عانت منها الجماهير في الدول الرجعية المحافظة حدثت فروق اجتماعية كبيرة واتسعت       الهوة بين النخبة الحاكمة والقوى المتعاونة معها والمرتبطة بمصالحها معها ، هذا من ناحية ومن الناحيـــــــــة الأخرى بين الغالبية الساحقة وأصبحت الفرو قات الاجتماعية سبباً في خلق حالة من التــــذمر . وفي الدول ذات التوجهات الاشتراكية أصبحت القوى الإسلامية قوية . وأصبحت قوى يحـــــــــــسب لها الحساب . وللحد من تأثير هذه القوى قامت السلطات بمواجهتها بأســـــــــاليب مختلفة كما فعل في سوريا سابقا وكما يحدث الآن في مصر والجزائر . وعملت إلى تقليص نشاطها وإضعاف مواقعها ، وبدأت السلطات تصطدم بواقــع جديد ، وبدأت تبذل جهدا كبيراً لتأمين الاستقرار الداخلي . والقوة المتطرفة التي تعمل على إعادة الأمور في الحياة الاجتـماعية إلى العصور القديمة تحارب وترفـــض قيم التنــــــوير والحـــــــداثة . وتحـــارب بشدة الأفكار اليسارية والديمقراطية ولا تقبل بأي رأي مغاير ولا بأي عقــيدة دينية غير عقيدتها ولا بأي نظام سياسي وأي علاقات اجتماعية غير النظام الإسلامي .هذه القوى الظلامية  يزداد نفوذها في معظم الدول العربية وذلك بسبب الممارسات الخاطئة والنهج السياسي المعادي لقيم الديمقراطية وفرض نظام الحكم المطلق للحزب والفرد , وسحق الحركات اليسارية الحقيقية واحتوائها بأساليب الترهيب والقتل والترغيب .
  أن أوضاع الأغلبية من الناس في معظم الدول العربية والإسلامية ليس أفضل من العقود التي  سبقتها,و ا لحركات الدينية في العالم الإسلامي تستغل هذه الأوضاع وتوظفها في خدمة مصالحها   الأيديولوجية وتشكل جزء كبير من المعارضة للأنظمة  وتجند مجموعات معادية للرأسمالية والمطالبة بحصتها في الاقتصاد العــالمي بإعلانها الجهاد ضد الكفرة و تحت شعارات لا تعد  ولا تحصى ومنها العدالة والمساواة بينما هذه التنظيمات تحرم كل إنسان من العدالة والمساواة ممن ليس مثلهم .ومن ليس مثلهم فهم كفرة وقتلهم حلال .وهذه التيارات الإسلامية المتعصبة تقدم تفسيراتها الدينية والجهاد والموت في سبيل الدين من أجل كسب الآخرة(هكذا يعتقدون هم)وتلاقي دعواتهم هذه إقبالا في أوساط شرائح معينة في هذه البلدان .وعلى الأغلب الفئات المسحوقة تقع بسرعة أكبر تحت تأثير الدعاية والتعصب الديني وإيديولوجيتها  السياسية وغسل الدماغ وأساليب الضغط النفسي الديني ويتحولون إلى أداة طيعة إرهابية تنبذ الإنسان .و التيارات الإسلامية المتعـــــصبة على اختلاف مشاربها يحاربون التطور والحداثة بعكس الغالبية من شعوب العالم بينما يلهثون  من أجل تحقيق مأربهم الإرهابية .
           النظام العالمي الجديــــد يعاني مـــــــــــن مشاكل معقدة جداً وكثيرة ومتنوعة على مختلف المجالات, و الحياة  الاجتماعية مليئة بالتناقضات الرهــــيبة ضمن كيان مجتمعات كثيرة في دول العالم . ضعف القيم الأخلاقية والتعامل الإنساني وانـــــــعدام العدالة والمساواة وضعف المؤسسات الدولية . والأمم المتحدة وهشاشة القوانين الدولية وازدواجــــــــية المعايير في استخدامها او تطبيقها بحسب المعايير السياسية والمصالح الاقتصادية ، انتشار العنف بأبشع إشكاله كما يحدث في العراق إرهاب المجموعات الإسلامية المتطرفة ، تفجير الكنائس والمساجد وقــــطع الرؤوس ، تفجـــــــير الطائــــرات ، المجازر العرقية  الجماعية ، تفجير المساكن في موسكو ، الهــــــجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك ، قتل الأبرياء ، تفجير المدارس والجامعات ووسائل المـواصلات والأسواق التجارية والطرقات والجسور وكل شيء مسموح استخدامه ضد الكفار بالنسبة للإرهابيين الإسلاميين المتعصبين . الإرهاب الإسلامي أصبح كإحدى مصادر الحصول على لقمة العيـــــش يلتقي مع الأرضية الفكرية في نفوس الإرهابيين . و الأفكار الجهنمية تقود الى الافعـــال الجهنمية الى التعــصــــب الديني والقومي . البحث عن أفضــــــــــــــل السبل للعيش في عالم قائم على اسس ديمقراطية حقيقية وقائم على العدل والمساواة والمصالح المشتركة والحرية للجميع دينياً وسياسياً واقتصادياً وقومياً ، للتمكن من القضاء على الارهاب وقلع جذوره وبناء عالم يسوده الاطمئنان والسلام . 

                               

             

                                         

157
           
قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب
         
   
  الجزء الثاني


 د.جميل حنا
الوضع العالمي وتأثيره على شعبنا !
في زمن التحولات والأزمات العالمية الكبرى كان الشعب المسيحي في دول الشرق الأوسط وخاصة في بلاد مابين النهرين وبلاد الشام يدفع ثمنا باهظا بسبب هذه الأزمات. كما حصل أثناء الحملات الصليبية التي شنتها الدول الغربية في نهاية القرن التاسع الميلادي على منطقتنا للتخلص من أزمتهم الاقتصادية والاجتماعية, ومن الصراعات الداخلية على السلطة والنفوذ بين الملوك والأمراء من جهة وبين بابا روما الذي كان يحكم أوربا . وللتخلص من أزمتهم الداخلية تم تجهيز حملات استعمارية باسم الدين أطلق عليها الحملات الصليبية  للسيطرة على بلاد المقدس والمنطقة . وأثناء هذه الحملات الاستعمارية تعرض المسيحيون المشرقيين إلى اضطهاد  فظيع من قبل الصليبيين و من ناحية أخرى عانى الكثير على يد المسلمين وهم ما زالوا عرضة للاضطهاد بحجة هذه الحملات وبسبب الاحتلال الاستعماري للمنطقة في عهود لاحقة .وبعد انتهاء هذه الحملات التي دامت قرابة ثلاثمائة عام من بدءها .وفي بقاع أخرى في البراري المنغولية وما وراء جبال القوقاز كانت تتهيأ جحافل غزاة  جدد للسيطرة على بلاد ما بين النهرين والشام , فكانت الغزوات المنغولية التترية التي تركت تدميرا شبه كامل للمنطقة وخاصة على الوجود المسيحي حيث دمرت أديرتهم وكنائسهم وأحرقت كتبهم الدينية والعلمية والتاريخية والفلسفية والعلمية وكل ما يمت بصلة لحضارتهم العريقة وتدمير البنية الاجتماعية والممتلكات . وفي غفلة من الزمن أستول العثمانيون القادمون مع جحافل المغول والتتر على بلاد ما بين النهرين والشام  وأجزاء أخرى من العالم حتى نهاية الحرب العالمية الأولى  1918.أن العثمانيين الذين فرضوا  سيطرتهم على أجزاء واسعة من آسيا وأوربا وأفريقيا  خلال ما يقارب أربعة قرون كان له أثر مأساوي على الشعب الآشوري المسيحي بسبب الظلم الذي مارسه المحتل على شعبنا وبسبب الصراع بين الدول الغربية على تركة الرجل المريض الإمبراطورية   العثمانية التي فقدت سيطرتها  على أجزاء واسعة من أفريقيا وأوربا .وعندما اندلعت الحرب الكونية الأولى في عام 1914 -1918 بين ألمانيا المسيحية  والدولة العثمانية التركية المسلمة  وبين دول الحلفاء إنكلترا وفرنسا وروسيا القيصرية , ارتكبت السلطات العثمانية مجازر إبادة عرقية جماعية بحق الشعب الآشوري  بمختلف مذاهبهم من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة الكلدانية والكنيسة المشرقية .وكان الهدف المخطط له من ارتكاب هذه المجازر الوحشية القضاء كليا على هذه الأمة و إنهاء الوجود القومي والديني له من على أرضه التاريخية التي سكن فيها قبل ستة آلاف عام من ألاحتلال العثماني  .قدم شعبنا سبعمائة وخمسون آلف شهيد سقطوا على يد الفيالق الحميدية والعشائر الكردية المتحالفة معها باسم الجهاد على الكفرة المسيحيين  . وكان الصراع القائم بين دول المحور من جهة وبين دول الحلفاء واندلاع شرارة الحرب بينهم حجة أستغلها العثمانيون للانقضاض غدرا على أبناء هذه الأمة .وما أن وضعت الحرب أوزارها قسم بلاد ما بين النهرين بين المستعمرين الجدد إنكلترى وفرنسا بحسب اتفاقيه سايكس – بيكو  وبقي جزء كبير تحت السيطرة العثمانية التركية إلا أن الصراع بقي قائما بين هذه الدول لرسم الحدود بشكلها النهائي بين هذه الدول . ونتيجة هذا الصراع قدم الإنكليز الشعب الآشوري ضحية على مذبح مصالحهم الاستعمارية وخانوهم بعدما كانوا حلفاء لهم أثناء الحرب .وافتعلوا المؤامرات وحرضوا على ارتكاب مجازر جديدة ضد شعبنا  لكي يحافظوا على مصالحهم ويتخذوا منها حجة  لأطالة أمد بقائهم في العراق والتدخل في شؤونه .ونتيجة هذه المؤامرة قامت وحداة من الجيش العراقي بقيادة بكر صدقي الكردي وبعض العشائر العربية والكردية في السابع من آب 1933 بارتكاب مذبحة بشعة ضد  أبناء شعبنا ذهب ضحيتها أكثر من أربعة آلاف شخص في سيميلي وآلاف المهجرين إلى سوريا ومناطق أخرى في العراق .بعد الحرب الكونية الأولى أصبح الشعب الأشوري  ووطنه مقسم بين كيان دول عديدة وكان الثلث الأول من القرن العشرين مليء بالماسي على شعبنا   نتيجة الأطماع الاستعمارية وبعد هذه المرحلة المؤلمة بدء من تبقى من شعبنا بلملمة  صفوفه ومعالجة جراحة العميقة . وما أن خرج العالم من الحرب الكونية الأولى حتى بدء يحضر نفسه للحرب العالمية الثانية .التي وقعت بين عام 1939 -1945 بين ألمانية النازية الهتلرية وبين إنكلترا وفرنسا والاتحاد السوفييتي وأمريكا .وبعد الحرب العالمية الثانية شهد العالم تحولات جذرية في النظام العالمي الجديد  .حيث أصبح العالم ثنائي القطب كان محورة الاتحاد السوفييتي و أوربا الشرقية والأخر أمريكا والدول الغربية  . وكانت دول العالم تتأرجح بين هذين المحورين والبعض الآخر كانت تربطه علاقات اقتصاديه وسياسية وعسكرية وأمنية ودفاعية مميزة بهذا القطب أو ذاك . بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في بداية العقد الاخيـر من القرن  الماضي وبعد هزيمته في أفغانستان على يد حركة طالبان الإسلامية المتطرفة والمجاهدين الإسلاميين من الدول العربية بقيادة بن لادن بالدعم المادي والسلاح والخبرة العسكرية الأمريكية  . أصبحت أمريكا الدولة العظمى الوحيدة في العالم، ولم تستطع القيام بالمهام أو الدور الذي كان  يقوم بيه الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي وممارسة التأثير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في انحاء عديدة مختلفة من العالم .ولجأت أمريكا إلى استخدام العنف وإعلان الحرب في أماكن عديدة في العالم كالبلقان على صربيا في بداية العقد الأول من القرن الماضي وحرب الخليج الثانية على العراق .كانت بلاد الرافدين محط الأطماع الاستعمارية في كل العهود بسبب موقعها الاستراتيجي وخيراتها والبترول .والقرن الحادي والعشرين دشن بعملية إرهابية في الحادي عشر من أيلول عام 2001 ضد أمريكا على مركز التجارة العالمي والبنتاغون بواسطة طائرات مختطفة .والذين نفذوا هذه العملية كانوا حلفاء أمريكا منظمة القاعدة بزعامة بن لادن .وإثر هذه العملية الإرهابية تم غزو أفغانستان من قبل أمريكا .وأعلنت القاعدة ضرب الصليبيين ومصالحهم  أينما كانوا  في العالم بالقيام بعمليات إرهابية .واتخذت أمريكا من محاربة الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل ذريعة لاحتلال العراق في التاسع من نيسان 2003 . ومنذ ذلك الحين يتعرض المسيحيون ا لعراقيون إلى حملة إبادة دينية , دون أن يحرك الغرب وأمريكا آي ساكن للدفاع عن المسيحيين الذين يذبحون بحجة الانتماء الديني المشابه لدول الغرب وبأنهم عملاء لهم .ولكن يعلم الإرهابيين قبل غيرهم إن الذين تعاونوا مع أمريكا والغرب كما فعلوا هم سابقا , ما هم إلا المسلمين من الشيعة والسنة العرب والأكراد الذين سهلوا دخول المحتل وهم يحتمون به ويستولون على السلطة . وبسبب تداخل المصالح بين أمريكا ومن نصبتهم على السلطة في العراق من بعض الأحزاب الشيعية والحزبين الكرديين الطلباني والبرزاني, لم تبذل الحكومة العراقية أي جهد لحماية المسيحيين من مجازر الإبادة الجماعية  ,وكذلك يصب إنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري في خدمة المشاريع الكردية للاستيلاء كليا على أرض آشور. وأمريكا لاتهمها من شأن المسيحيين  أي شيء لأنهم لا يدخلون في معادلاتها الإستراتيجية في الدول العربية والإسلامية .أن وجود المحتلين الأمريكان والصهاينة في العراق هو بدعم المسلمين أنفسهم . وما ارتكاب العمليات الإرهابية من قبل المنظمات الإسلامية الجهادية  بحق المسيحيين العراقيين إلا دليل بأنة نابع من صميم عقيدتهم وقناعاتهم الدينية.لأن المسيحيين العراقيين أبرياء من المحتلين والاحتلال كما أن الله بريء من كل العمليات   الإرهابية التي ترتكب باسمه لأن الله محبة وسلام وآمان واطمئنان وليس كما يريده  المجرمون القتلة من ذبح الرؤوس وقتل الأبرياء والمؤمنين وتفجير دور العبادة والمدارس والجامعات والأماكن العامة .                   

158
> قتل المسيحيين في العراق وعقيدة الإرهاب    
   

د.جميل حنا
> في خضم الصراع العنيف الذي يسود في بقاع مختلفة من العالم ,يثير جدل عميق
> في مختلف أوساط المجتمع من معاهد الأبحاث والجامعات والعلماء والمحللين
> السياسيين والأحزاب والهيئات والمنظمات العالمية والناس العاديين في كافة
> بقاع العالم ,عن أسباب العنف والحروب الداخلية والخارجية , ومجازر
> الإبادة العرقية الجماعية ألدينية والأثنية  في بعض المناطق  من العالم ,
> والإرهاب الذي ينتشر على الساحة العالمية. وتختلف الآراء بحسب العقائد
> الدينية والسياسية ومستوى الوعي الثقافي العام للناس والمنشى الديني
> والقومي والمكان .كل جهة وفرد  يعطي  التفسيرات  التي  تنسجم مع منطقة
> الفكري . وبغض النظر عن اختلاف الآراء حول هذه القضايا . إلا أن هناك
> إجماع عام بالرأي بأن منطقة الشرق الأوسط وخاصة بلاد ما بين النهرين تنال
> حصة الأسد من هذه المآسي الفظيعة . وتعاني شعوب المنطقة من أزمات
> اقتصادية خانقة وحرمان من حرية الفكر , وتناحر ديني ومذهبي ,وصراع على
> السلطة والثروة .ويعاني العراق منذ الاحتلال وسقوط النظام الديكتاتوري في
> التاسع من نيسان عام 2003 من حرب أهلية وعمليات إرهابية ذهب ضحيتها عشرات
> الآلاف من القتلى والمشوهين وملايين المشردين داخل الوطن وخارجة . ويتعرض
> الشعب الآشوري المسيحي إلى أبشع حملة إبادة عرقية جماعية تستهدف القضاء
> على كيانه القومي باعتباره الشعب الأصيل للعراق وبسبب عقيدته الدينية .
> وبعد الغزو الأمريكي أصبح أبناء الأمة ألآشورية بمختلف مذاهبهم من أبناء
> الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكلدانية والكنيسة المشرقية هدفا للهجمات الإرهابية من قبل المتطرفين والتكفيريين الإسلاميين.
> ويتعرضون إلى عمليات التطهير الديني وتعرضت كنائسهم  إلى انفجارات مدمرة
> وتم قطع رؤوس رجال الدين وفرض الجزية والاستيلاء على ممتلكاتهم وسبي
> النساء , وإجبارهم على اعتناق الإسلام أو إرغامهم على الهجرة .وهذا ليس
> الشيء الوحيد الذي يتعرض له هذا الشعب . بل هناك الأفظع من كل هذه الجرائم الإرهابية .
> المخطط الإرهابي المنظم  الذي تنفذه السلطات الحاكمة المتمثلة بالشيعة
> والأكراد في العراق, والتي استولت على مقدرات البلد  بواسطة  جيش
> الاحتلال الأمريكي . وتجلى مواقف هذه الحكومة العنصرية من خلال ما كرسته 
> في الدستور الدائم , من إلغاء وتهميش الدور الحضاري والتاريخي والثقافي
> والديني للشعب الأشوري  في العراق وبناء أحدى أعظم الإمبراطوريات على أرض
> بلاد الرافدين أرض آشور العظيمة  ونكران حقوقه القومية في الأرض والسلطة والثروة .إرهاب
> الإسلاميين المتطرفين  والمخطط   الإرهابي المنظم التي تمارسه السلطات
> الحاكمة بعنف في العراق بواسطة ميلشياتها التي تزرع الرعب والقتل والتعدي
> على كرامات الناس وعمليات السلب والنهب للممتلكات كل هذه الأعمال
> الإجرامية أرغم مئات الآلاف من أبناء شعبنا أن يهاجروا أرض الآباء
> والأجداد قسرا , بعدما كانوا هم الأصحاب  الشرعيين لهذه الأرض منذ أكثر
> من ستة آلاف عام  .أصبح شعبا مهددا ببقاء كيانه في العراق . حيث تؤكد
> تقارير الأمم المتحدة والمنظمات العالمية بأن عدد اللاجئين العراقيين إلى
> الخارج تجاوز الملونين ويشكل المسيحيين المهاجرين 42% .وهذا يشكل كارثة
> حقيقية على الحفاظ على وجودهم في العراق .وكما ذكرت في البدء هناك آراء
> وتحاليل مختلفة حول الأعمال الإجرامية التي تطال المسيحيين في العراق والدوافع الحقيقية للقضاء على كيانهم القومي .
> وتتعدد الأسباب والأهداف والدوافع وراء هذه الممارسات اللاإنسانية
> واللامنطقية , ومنها أسباب عقائدية وسياسية وثقافية ومصالح اقتصادية
> وتعصب ديني وقومي أو بسبب الهيمنة الأحادية على القرارات الدولية ,
> والصراع بين مختلف الثقافات العالمية .والبعض الأخر يحمل أفكار بعض
> المحللين السياسيين والمفكرين أو تصاريح بعض الساسة أو بضع رسوم
> كاريكاتورية سببا مباشر للهجمة الشرسة .ونذكر على سبيل المثال أفكار  الأيديولوجي الأمريكي  صاموئيل
> هونتيغنون التي انتشرت بسرعة     هائلة  في العالم وخاصة بعد إنفجارات الحادي
> عشر من أيلول 2001.
> - صاموئيل هونيتيغنون يقدم طروحاته النظرية (صراع الحضارات ) في شرح   مفصل
> للتحولات الأساسية في التاريخ  وعصرنا الحالي واصطدام الأديان .وأفكاره
> مبنية على أسس أيديولوجية , يظهر فيها التناقضات القائمة بين الشعوب
> ومختلف الحضارات بغض النظر عن الفروق الواقعية الكائنة ضمن كل مجتمع بحد
> ذاته .أنه يقدم تحليل يخدم مصالح من يؤمنون بهذه الإستراتيجية حول
> التاريخ القومي والسياسة القومية وحسب رأيه فأن المبادئ والأديان
> والتقاليد الثقافية تحرك التاريخ .وهو يقدم الحضارة الغربية كعدو محتمل
> ضد الحضارات الأخرى ومع الإسلام .بعض وسائل الأعلام الغربي  كرس  هذه
> الأفكار للبحث عن العدو الجديد . وهذه الأفكار بالطبع  تولــد وتعمق
> مشاعر التعصب الديني حسب بعض المحللين السياسيين. إن مجرد طرح هذه
> الافكار او التحاليل  النظرية  للوضع العالمي في الوقت الراهن  ومواجهة
> هذه الأفكار بالعنف  يعبر بشكل واضح عن الازمة الحادة التي يعيشها العالم 
> ومراحل التطور الذي يمر به  ما يسمى النظام العالمي الجديد .
> ويعتقد البعض ان هذه الافكار تحمل قدراً كبيراً من المخاطر المغذية
> للصراع او الاختلاف بيـــــــن الاسلام وبين الغرب ، وتحويل الخلاف
> القائم أصلا إلى خلافـات وصراعــات حادة حقيقية تدفع العالم نحو القلاقل
> الدائمة او تعميق الخلاف اكثر بين الشمال والجنوب . وهـــؤلاء البعض يضيف
> بأن هذه النظرية قد تكون مناسبة على صعيد الخلافات الثقافيــة ،ولكن
> عندما تتطرق إلى الأمور العقائدية أنها تـبث روح الحرب .وخاصة أذا لم تحل
> الكثير من مشاكل الحياة الاجتماعية والسياسـية والاقتصادية والديمقراطية
> والحريات العامة في الدول العربية والإسلامية.انتقل وسينتـــقل الكثير
> لاسباب الفقر والحروب الدينية والمذهبية والصراع السياسي واستبداد
> الأنظمة  بأعداد كبيرة للهجرة إلى دول الغرب .
> الهجمات الإرهابية التي نفذت في الحادي عشر من ايلول  2001 ضد امريكا وما
> قـــــبله وبعده من عمليات ارهابية في بقاع مختلفة من العالم تعرض لها
> المسيحيون وخاصة في العراق و لبنان ومصر والسودان ودول آخري في العالم
> يحكم فيها  المسلمون . يمكن للمـرء ان يقدم أسباب وتفسيرات مختلفة عديدة
> لحدوث هذه العمليات الإرهابية  ,ولكن ليس كما يروق  للإرهابيين تفسيره
> وتبرير افعالهم حسب منطقهم الفكري الارهابي . ويضـــعوا في مقدمة الاسباب
> التي تدفعهم للقيام بهذه الاعمال هي الاوضاع الاجتماعية السائدة في
> اوطانهــــــم والفقر النامي في دولهم  .فبإعلانهم الجهاد المقدس ضد
> الغرب المسيحي الكافر قد ابتعدوا كليا عن العمل والكفاح الذي يــؤدي الى
> تغيرات في مجتمعاتهم لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الانظمة
> المستبدة التي تحكم هذه الدول حسب دساتير مستمده من الشريعة الإسلامية .
> أو أنهم يسعون للسيطرة على الحكم في هذه البلدان ليطبقوا الشريعة
> الإسلامية بحذافيرها  ويرجعوا العالم آلف وأربعمائة عام إلى الوراء إلى
> عهد الغزوات والسيطرة على الشعوب بحد السيف وقطع الرؤوس .أم  أن العقيدة
> الدينية التي يؤمنوا بها تدفعهم للقيام بهذه الاعمال الارهابية والا ما
> علاقة المسيحيين الشرقيـــــــــين اصحاب الارض الحقيقيين الذين يقطنون
> هذه الأرض بآلاف  السنين  قبل سيطرة المسلمين على هذه الدول بالغرب
> الكافر وما علاقة مسيحيي الدورة والموصل  والعراق عامة ولبنان  وما علاقة
> المسيحيين المصريين والفلسطينيين والأتراك والباكستانيين  و بقية بلدان
> الشرق الأوسط ووو بهذا الصراع الدائر ولماذا يتعرض المسيحيون في الدول
> العربية الى الاضطهاد والقتل والتهجير القسري .ما علاقة المسيحيين في كافة دول الشرق برسم كاريكاتوري من صهيوني أو تصريح سياسي أو تحليل من استراتيجي .
> هل المسيحيون هم الذين يحكمون في هذه البلدان فلذا هناك الفقر
> والتــــخلف والجــــهل والمــــرض والارهاب ام المسلمون هم الذين يحكمون
> حسب الشريعة الاسلامية فلذلك هــــــناك الفــــــــــروقات الاجتماعية
> الرهيبة ويقسم المجتمع الى طبقات ودرجات عديدة وعبيد ولا مساواة ولا
> عدالـــــــــــــة اجتماعية ولا ديمقراطية ولا حرية الرأي ولا ولا ولا...
> كيف يمكننا أن نعطي  تفسير منطقي لمواقف الإرهابيين الذين يؤمنون بعقيدة
> ويحاربون حقيقة نتائجها الفعلية في الواقـع العملي في الحياة الاجتماعية
> والاقتصادية وإدارة شؤون الدولة . أم انهم يسعون للسيطرة كلياً على قيادة
> الحكـــــم في بلدانهم والبدء مجدداً بغزو العالم  أجمع، بعدما فرضوا
> احكام سيطرتهم على بلاد ما بين النهريـــــــــن ودول الشرق الاوسط .
> وعلى ما يبدو حتى الان من ارتكاب الاعمال الارهابية في بقاع مختلفة مـن
> العالم هدفهم هو القضاء على كل من لا يؤمن بعقيدتهم أو ان يعلن عن اسلامه
> أو دفع الجزية التـــــي لا يمكن للغالبية الساحقة من الناس في العالم  دفعها إلى خزينة مال
> المسلمين .                           الجزء الأول
>
>

159
               
الشهيد  الآشوري يبكي في يوم الشهادة

                                                                                     
د.جميل حنا
الشهادة ملحمة صمود في حياة الإنسان الآشوري من أجل الحياة والعيش بكرامة في وطنه آشور الحر . وتضحية جسيمة والتزام صادق بمبادئ وقيم الأمة , من أجل المحافظة على ديمومتها لتواكب مسيرة تطور البشرية على وجه الكرة الأرضية . والشهادة جزء هام لم ينفصل أبدا عن مسيرة حياة الإنسان الآشوري عبر تاريخه الطويل لإظهار قدرته في العطاء اللامتناهي  والتضحية. وأن  حياة الشهيد  يهون علية من أجل الأمة وحريتها , ولإبراز شأنها عاليا بين أمم الكون. وفي ذات الوقت تحد وصمود جبار في وجه الطغاة والقتلة المجرمين الذين قتلوا أبناء شعبنا على مدى العهود الطويلة حتى يومنا هذا . 
إن عظمة الشهادة لا يفوقها آي تضحية مهما بلغت لأن التضحية بالنفس لأجل الوطن والشعب سيبقى أقدس المقدسات.والشهيد الآشوري قدم حياته من اجل عظمة أمته , ولكي يحول هذه العظمة إلى واقع استمراري في الكون إلى أبد الدهر .وشهادته ليس من أجل ماض , بل من أجل ديمومة الحياة لأمته وازدهارها حاضرا ومستقبلا . وقدم حياته ودمه قربانا لأمته ليزيل الشيخوخة والضعف من عروقها ويحقنها  بدماء ذكية  تقدم على مذبح قدسيتها يزودها بزاد الحياة الأبدية لتستمر بعطائها الإنساني , ولكي يحافظ على كيانها من الفناء . والشهيد واجها قوى الظلام العاتية بكل جبروت متحدا كل قوى الشر يواجهها بالشهادة وإرادة صلبة لا متناهية . وكذلك يؤكد على وحدة الأمة مهما تنوعت التسميات والمذاهب , وأن استشهادهم هي من أجل ذات الانتماء القومي والعقيدة الدينية , ولأجل ذات التاريخ والثقافة والعادات والتقاليد واللغة والأرض التي يعيشوا عليها أكثر من سبعة آلاف عام . دمائهم رمز هويتنا القومية الواحدة . وبشهادتهم يؤكدون على وحدة الأمة مهما حاولت الأطروحات السياسية تفرقتهم خدمة لمصالح أعداء الأمة . إلا أن الحقائق التاريخية والواقع العملي السائد بين أبناء شعبنا أقوى من كل المحاولات الهادفة إلى ضرب وحدتنا .دماء قوافل الشهداء رمزا للفداء والتضحية ,ونداء لأبناء الأمة على العطاء والتضحية والدفاع عن الحرية والحقوق القومية كاملة أسوة ببقية شعوب الوطن وحق تقرير المصير ليحكم نفسه حسب نواميسه وقوانينه لكي يضمن لنفسه العيش في وطن خال من العبودية والخوف والاضطهاد والإرهاب والقتل والتشريد .
شعبنا قدم التضحيات الجسيمة وقوافل الشهداء من اجل الحفاظ على هويته القومية وعقيدته الدينية منذ دخول الإسلام غزاة محتلين لبلاد الرافدين وسوريا , وضد المغول والتتر والعثمانيين الأتراك والأكراد , ووقفوا ببسالة في وجه عمليات الأسلمه والتعريب والتتريك والتكريد حتى يومنا هذا ولذلك ارتكبت وترتكب بحقهم مجازر الإبادة العرقية الجماعية والفردية لإفنائهم من الوجود وفرض الاحتلال الدائم على أرض بلاد مابين النهرين وخاصة أرض آشور.
من أجل كل هذا قدم أبناء شعبنا التضحيات الجسيمة و قوافل الشهداء .وفي يوم الشهيد الآشوري ينظر الشهداء في عليائهم من السماء وهم يبكون على الحالة المأساوية التي تعيشها أمتهم من تمزق في الصفوف . حيث أصبحت الأمة الواحدة أمم وشعوب لدى البعض (كلدو آشورية )والبعض الآخر (كلدانية)( سريانية) (كلدانية آشورية سريانية)(كلدانية آشورية سريانية آرامية مسيحية)( والشعب الكلداني والآشوري) لم تعش الأمة انقسام حاد بهذا الشكل الخطير حتى منذ القرون الأولى لأعتناقه المسيحية ,  حيث أصبح كيانه مهدد بالفناء .والشهيد لايبكي على هذه التسميات القومية والمذهبية المقدسة ,بل على طروحات بعض القوى السياسية والكتاب التي تحاول إظهار كل تسمية بأنها لا صلة لها بلآخر ولا تجمعهم تاريخ وأرض ولغة وثقافة واحدة كأنهم آتوا من كواكب مختلفة هذا إذا اعترفوا بوجود الآخر , إن لم يصنفوه من الدينوصورات المنقرضة منذ ملايين السنين .
والشهداء يبكون ألما بسبب بعض المواقف السياسية لبعض الأحزاب القومية الآشورية ومسئولي هذه الأحزاب التي تقول أن المطالبة بالحقوق القومية أسوة ببقية الشعوب والقوميات الأخرى مطلب عنصري بالطبع المقصود بة شعبنا , أما بالنسبة للآخرين مطلب شرعي ويحق لهم حق تقرير المصير والانفصال مستقبلا . وموقف آخر لمسئول حزب آشوري آخر , حيث يدعوا حزب آشوري آخر بأن يغيروا برنامجهم السياسي لأنهم يطالبون بحقوق قومية متساوية أسوة ببقية الشعوب على الأرض التاريخية التي يقطنون فيها أكثر من سبعة آلاف سنة .وأن يلغوا الهدف الرئيسي للحزب بتحقيق مطامح الشعب الآشوري بالوصول إلى الإعلان عن قيام الوطن آشور حر ومستقل كحد أقصى وكحد أدنى إقليم آشور ضمن الفدرالية العراقية الموحدة .وحسب زعم المسئول أن هذه المطالب تخيفهم ولا تنسجم مع أطروحاتهم السياسية وأهدافهم القومية .فلذلك لا يمكنهم التعاون السياسي مع هكذا حزب قومي له سقفية عالية من الطموحات القومية . ويضيف هذا المسئول قائلا بأنه لهم علاقات واسعة مع أحزاب شعبنا وأحزاب الشعوب التي تشاركنا العيش على أرض الوطن . والكثير من هذه الأحزاب من الشعوب الأخرى لها أهداف وبرامج سياسية عنصرية تعمل على التكريد لأرضنا  وتزوير الحقائق التاريخية وأمور كثيرة أخرى يعلمها الجميع . والشهداء لا يبكون على هذا الحزب ومسئوليه لأنهم يلتقون ويتعاونون مع هذه الأحزاب السياسية , بل هل يتجرأ  هذا المسئول ويطالب هذه الأحزاب بتغيير برامجها السياسية وأهدافهم القومية . أم أنهم يكيلون المديح لتلك  الأحزاب على صفحات الانترنت التي يملكها هذه الأحزاب مقابل حفنة من الإطراءات الكلامية التي لا تنفع أمته وحزبه  الآشوري ,بل تخدر هذا المسئول وحزبه معه حتى ينتهي هؤلاء الآخرين من مشاريعهم التوسعية ويفرضون آمر الواقع ,وبعد مضي الزمن و تفويت الفرص التاريخية ليعود هذا المسئول ويستشهد بأمر الواقع . الشهيد يبكي على تلك الأحزاب ومسؤولية الساذجين والمستسلمين , الذين يرضخون للمشاريع التوسعية للأحزاب الكردية , ويدعون بأنهم سيحصلون على جزء من الحقوق القومية عندما يحقق هؤلاء قيام دولتهم الكبرى . والتي لم يعد يستطع الكثيرين في العالم متابعة زيادة هذه الرقعة الجغرافية على سطح الكرة الأرضية , والتي ربما ستمتد إلى الفضاء الخارجي.أن الشهيد لا يبكي على ما يحلم به  الآخرون , وإنما على مسئولي هذه الأحزاب الذين هم في هذا المستوى من التفكير والوعي القومي والمعرفة التاريخية وفي هذه الرؤية الإستراتيجية والتحليل للواقع الحالي . أن الذين ارتكبوا مجازر الإبادة العرقية الجماعية ضد شعبنا منذ خمسة قرون حتى يومنا هذا عندما  دخلوا  بلاد ما بين النهرين وأرض آشور غزاة مرتزقة . وهم ما زالوا حتى الآن  يمارسون الظلم والاضطهاد  بحق شعبنا, وإلغاء هويتنا القومية,استولوا على مدننا وقرانا وممتلكاتنا وهم جاثمين محتلين على أرض آشور . الحقوق القومية تأخذ لا تمنح فلذلك قدم هؤلاء الشهداء حياتهم . لا لكي يعبث بدمائهم الزكية من قبل آي شخص كان مهما كانت سلطته الدينية أو الدنيوية .
والشهداء يبكون على المأزق المأساوي التي تعيشها الأحزاب السياسية لشعبنا , أحزاب ضعيفة التنظيم لا تملك قاعدة جماهيرية وا لتي لها شيء من هذا القبيل فهي ضعيفة لا تملك آي تأثير .وأصبح الحزب أحزاب بفعل الانقسامات , وأصبح الغالبية الساحقة من الأعضاء خارج صفوف أحزابهم بسبب التصرفات والعقلية غير المنطقية والتسلط الفردي , وغياب الروح الديمقراطية والعمل الجماعي , وإنفراد المتسلط في هذه المجموعات الحزبية باتخاذ القرارات الهامة والمصيرية والأقل أهمية وفرض وجهة نظرة بكل السبل لأنة لا يقبل إلا أن يكون هو الصائب ولو صوت الجميع لصالح أي قضية أخرى. 

الشهداء يبكون على بعض الكتاب الذين سخروا أقلامهم من أجل ضرب وحدة الأمة وزرع روح التفرقة والنزعة المذهبية وتقسيم الشعب الواحد إلى شعوب وقوميات مختلفة .ومدافعين عن الحقوق القومية للآخرين وحقهم في تقرير المصير والانفصال وأطماعهم التوسعية , بينما لا يريدون لشعبهم  إلا حقوق من الدرجة العاشرة .وهؤلاء الكتاب يكتبون عن ديمقراطية القتلة وكأنهم يتحدثون عن سويسرا . وعندما يكتبون عن أرضنا المستكردة بقوة الهمجية والعنف والقتل لمئات الآلاف وتشريد مئات الآلاف الأخرى من أبناء شعبنا بتسمياتهم المختلفة ,تسيل أقلامهم أوصاف يعجز آي إنسان يمللك مثقال ذرة من الوعي القومي والمعرفة العامة أن يتقبلها ,لأن لا صلة لها بالحقيقة مطلقا . وفي نفس الوقت لا يملكون مثقال ذرة من الواقعية والجرأة  وكتابة الحقائق التاريخية وذكر اسم وطنهم آشور .ولكن روح الشهداء ستنقض على مضاجعهم حتى يعودا إلى رشدهم وأحاسيسهم القومية لكي تخدم أقلامهم قضية أمتهم العادلة والمشروعة .  هذه بعض القضايا وباختصار شديد ومقتضب عن أسباب بكاء الشهداء.

السابع من آب 1933 يوم مفصلي في تاريخنا المعاصر كانت بداية النهاية للتضحيات الكبرى من أجل الوطن آشور . وبداية أحكام سيطرة المحتلين على أرض الوطن وممارسة كافة أنواع ألقتل والإرهاب ضد شعبنا أجبارة على التهجير وترك أرضة التاريخية, والاضطهاد والتهديد والرعب لضرب وحدة الأمة , وبث الضعف في الصفوف , ليتم القضاء علية كليا . أنة يوم مليء بالآلام لا ينسى مدى الدهر. إلا أنة يوم ناصع سجل في تاريخ شعبنا , الذي اثبت مجددا قدرته على تقديم الغالي والنفيس من أجل المحافظة على وجودة القومي الموحد ولأجل حرية وطنه . أن دم الشهداء حطمت كل الأسوار المصطنعة  بتفرقتنا . دم الشهداء والألم والمعانات توحدنا جميعا أينما كنا ومهما أطلقنا على أنفسنا من تسميات مختلفة , لأن الدم  الذي كان في عروق هؤلاء الشهداء يسيل اليوم في عروقنا .

160
         
استمرار إبادة المسيحيين في العراق
                     


 د.جميل حنا

يعيش المسيحيون في أوضاع مأساوية بالغة الخطورة في  بلدان الشرق الأوسط وخاصة في العراق منذ سنوات عديدة , ويكاد الوجود المسيحي أن ينتهي في هذه المنطقة من العالم إذا استمرت الأمور على هذه الوتيرة , من ارتكاب الجرائم بحقهم  .حيث.يتعرض المسيحيون إلى حملة إبادة دينية وأثنية منظمة . يقتلون على يد الجماعات الإرهابية الإسلامية , والإسلام والعالم الإسلامي والأنظمة العربية والنخب السياسية والمثقفة ووسائل الأعلام في غالبة في صمت مخزي أمام هذه المأساة والأعمال الإجرامية التي ترتكب باسم الله والجهاد (الله بريء من هذه الأفعال الشنيعة )للقضاء وإنهاء الوجود المسيحي والمسيحيين الذين هم جزء أساسي وأصيل من سكان العراق منذ فجر التاريخ .والصمت في هذه الظروف الأليمة التي يعيشها المسيحيون من قطع الرؤوس وفرض الجزية والإجبار على اعتناق الإسلام بحد السيف أو أرغامهم على الهجرة وترك وطنهم التاريخي وعمليات السلب والنهب للممتلكات والبيوت وخطف النساء وتفجير الكنائس يعد جريمة بحد ذاتها . منذ أربعة عشرة قرنا  طاعون الإرهاب مستفحل في بلاد ما بين النهرين , وخلال هذه القرون الطويلة يتعرض المسيحيون إلى حملة إبادة منظمة , ونتيجة هذه الأعمال البربرية والقتل الجماعي والفردي أصبح عدد المسيحيين لا يتجاوز عشر السكان بعدما كانوا يشكلون الغالبية الساحقة من السكان قبل بدء الغزوات الإسلامية و مجيء الإسلام وفرض نفسه بحد السيف على سكان بلاد الرافدين ودول ا لشرق الأوسط  . وتلك المبادئ التي طبقت بحق المسيحيين منذ أربعة عشرة قرنا تستخدم اليوم في العراق (أسلم تسلم )القتل,  اعتناق الإسلام , دفع الجزية, الاستيلاء على الممتلكات , خطف النساء , إرغامهم على الهجرة .             
أربعة عشرة قرنا ومسيحيي الشرق يعانون من الإرهاب  والاضطهاد  وقدموا ملايين الضحايا لأجل الحفاظ على عقيدتهم الدينية وكيانهم القومي . والعالم وتحديدا بعض الدول الغربية يعاني منذ عدة سنوات من جزء يسير جدا من الإرهاب يكاد لا يذكر قياسا  مع الإرهاب الذي مورس بحقنا على مدى قرون طويلة . ومع الأسف الشديد كل ما حصل من مجازر إبادة ويحصل اليوم لم يدفع بهذه البلدان للإحساس بمآسينا أو أي يقظة ضمير لديهم أو التضامن معنا والوقوف بجانبنا في محنتنا إنسانيا .
إن حملات اضطهاد المسيحيين اخذ منذ القدم مسلكا واحدا هو القضاء عليهم بمختلف الوسائل . ومن يعيش من المسيحيين في وسطهم أن يشعروهم بالمذلة والخوف والرعب والإرهاب والسيف المسلط دائما وأبدا على رقابهم , وأشعارهم بأن حياتهم لا قيمة لها لدى المسلمين .وأنهم عرضة للقتل متى ما شاء المسلمون  أو القبول باعتناق الإسلام  .وفي كل المراحل الزمنية والانتكاسات التي كان يعيشها المسلمون كانوا يصبوا كل غضبهم على المسيحيين بحجج لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة باتهامهم عملاء للغرب أو أنهم غير مخلصين لأوطانهم .وهؤلاء الإرهابيين وكل القتلة متناسين الحقائق التاريخية  بأن المسيحيين هم أصحاب الأرض الحقيقيين وهم يقطنون هذه الأرض حتى قبل مجئ  الإسلام غزاة إلى بلاد ما بين النهرين والشرق الأوسط بآلاف السنين .
والحقائق التاريخية تثبت بأن المسيحيين أوفاء لأوطانهم وقدموا كل التضحيات الجسيمة من آجلة
والحقائق التاريخية تثبت على مدى الصراع العربي الصهيوني من الذي خان مصالح الوطن . والحقيقة التي نعيشها اليوم في العراق ليس المسيحيون هم الذين سهلوا احتلال العراق من قبل الجيوش الأمريكية بل المسلمين . ومن تدرب على يد الموساد الأسرائيلي ومن المتسلطين الحاكمين في العراق هو مسلم وليس مسيحي . من جلب القواعد الأمريكية إلى الدول التي يحكم فيها الإسلام هم المسلمون ,والعديد من الأنظمة في الدول العربية محمية من قبل أمريكا بطلب من المسلمين . وبالتأكيد لا نعني بأن كل المسلمين هكذا , بل أنة رد على هؤلاء المتعطشين لدماء الأبرياء من الإرهابيين والمتعصبين والمؤيدين لهم .ومن يقف ضد هذه الجرائم علية إنكارها وإدانة مرتكبيها . واتخاذ موقف موحد من قبل المرجعيات الدينية الإسلامية على اختلاف مذاهبها إصدار فتاوى صريحة تحرم على المسلمين قتل المسيحيين , أو فرض الجزية عليهم أو اضطهادهم أو إجبارهم على اعتناق الإسلام  وحرمان  أي نوع من الممارسات اللاإنسانية التي تمس أمان واستقرا وسلامة المسيحيين في العراق وكافة بلدان الشرق الأوسط .والصمت على القتل والإرهاب وعدم التبرئة منة تأكيد على الموافقة . وفي هذه الحالة نتساءل مع كل المؤمنين الحقيقيين الصادقين في العالم . أين التسامح الديني الذي ينادى بة ؟أين الضمير الإنساني ؟أين القيم  الدينية والسماوية ؟
ومواقف الأحزاب العلمانية السياسية في العراق والدول العربية والأنظمة التي تدعي العلمانية        ليس أفضل حال بكثير من المتدينين  المتعصبين وذلك أما بسبب حالة الضعف التي يعانون منها , أو ربما خوفا من الأنظمة أو من المتطرفين والإرهابيين الإسلاميين وعدم وجود أنظمة علمانية ديمقراطية  .وما يصيب المسيحيين من قتل وتهجير يصيب كل المجتمع, وهو خسارة للوطن .ولذا نعتقد بأن إعلان هذه القوى عن تضامنها وبذل كل ما بوسعها لوقف قتل المسيحيين يعد خطوة في الاتجاه الصحيح  . واتخاذ مواقف وإجراءات سياسية وعملية تضع حدا بإيقاف الأعمال الإرهابية وقتل المسيحيين , وإرساء الأسس الديمقراطية بين أبناء مختلف الأديان والقوميات المكونة للنسيج الوطني , وإلغاء التمييز العنصري الديني والقومي بحق المسيحيين . والإعلان باعتبار المسيحيين مواطنين متساوين  في الحقوق والواجبات مع كافة أبناء الوطن,واعتبارهم شعب أصيل وأساسي في كيان المجتمع وتثبيت ذلك في دساتير دول الشرق الأوسط .

أن الأوضاع المأساوية التي آلت إلية أوضاع المسيحيين ليس سببه فقط الاحتلال الأمريكي وإنما الجزء الأعظم منة بسبب المواقف العنصرية للحكومات المتتالية على السلطة تحت حماية الاحتلال الأمريكي , والدستور العنصري الذي أقر كان نكسة لكل القيم والمبادئ الديمقراطية بالنسبة لشعبنا . وما يعانيه المسيحيين من قتل وإرهاب وتهجير وتدمير الكنائس وقتل رجالات الدين المسيحي , نحمل مسؤوليتها إلى رئيس الوزراء نور المالكي ورئيس العراق جلال الطلباني والبرلمان العراقي ودولة الاحتلال أمريكا .لأن حماية المواطنين من الاعتداءات الإرهابية هي من واجبات السلطات الحاكمة الوطنية والأجنبية .  وتأمين حماية المسيحيين من الذبح والاضطهاد , والتمييز العنصري والديني والقومي يأتي من خلال تغيير النظرة لهم كفصيل أصيل وتثبيت حقوقهم الكاملة في الدستور أسوة بالعرب والكرد ,وفي الأوضاع الحالية أن تتراجع السلطات الحاكمة عن تقاعسها المتعمد , وتباشر بأرسال قوات أمن وجيش يتمركز في المناطق التي يتعرض فيها المسيحيون لمجازر إبادة بشعة .

أن مسلسل الأجرام الذي يرتكب بحق أبناء أمتنا بأنتماءاتها المذهبية المختلفة من ابناء الكنيسة الكلدانية , والكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية والمورانية وكافة مكونات هذه الأمة هدفها واحد هو القضاء على الوجود المسيحي في المنطقة . وهو استمرار لمذابح الإبادة العرقية التي اقترفها السفاحان محمد الراوندوزي الكردي وبدر خان الكردي في القرن التاسع عشر , والعشائر الرجعية الكردية أثناء الحرب العالمة الأولى . هذه الجرائم المأساوية التي ينفذها أعداء الله بحق شعبنا وهم لم يميزوا بين أبناء هذا المذهب أو ذاك , الكل مستهدف بغية إنهاء عقيدتنا المسيحية وكياننا القومي.لنرتقي بمواقفنا السياسية والدبلوماسية وكافة نشاطاتنا العملية على الساحة الدولية والداخلية إلى مستوى المحنة التي تواجهنا جميعا, لإيقاف الجرائم الشريرة الشيطانية. وتوحيد جهودنا سويا , وأن نكثف من جهودنا لكسب تأييد ودعم العالم لحمايتنا وتأمين مطالبنا القومية المشروعة في الحكم الذاتي في إقليم آشور لأن الأرض هي الأم الحاضنة والضمانة الوحيدة لحمايتنا من الفناء الكلي ,وأي خيار آخر لن يكون فية نفعا لأمتنا على المدى البعيد .

فليكن دماء  آخر شهيد القس رغيد كني ومن قبلة القس اسكندر وكل الشهداء الذين سبقوهم أمثال آدى شير ومار بنيامين شمعون ... حافزا لنا بتوحيد صفوفنا وتحقيق مطالبنا القومية المشروعة في أرضنا التاريخية لكي ننال أكليل النصر كما شهدائنا الذين نالوا أكليل الشهادة لأجل دينهم وقوميتهم .     

161
الاعتراف بمذابح الشعب الآشوري مطلب و حق إنساني 
   
 د.جميل حنا
           

في الذكرى الثالثة والتسعون لمذابح الإبادة العرقية الجماعية التي ارتكبتها السلطات العثمانية التركية مع حلفائها من العشائر الرجعية الكردية والأفواج الحميدية , ضد الشعب الآشوري بمختلف طوائفه ومذاهبه من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكلدانية والمشرقية ... والتي ذهب ضحيتها أكثر من نصف مليون شهيد .
في هذه المناسبة الأليمة نتذكر شهداء مذابح (سيفو ) في أعوام الحرب الكونية الأولى 1914-1919 والجرائم الفظيعة التي نفذت للقضاء على الوجود القومي والديني لأبناء أمتنا , وإلغاء كيانه كشعب ذو حضارة وثقافة عريقة, مدت  البشرية وكافة ثقافات الشعوب الأخرى بعلومها المتقدمة من علم الفلك والملاحم الفلسفية الدينية والاجتماعية والحكم والعلوم التطبيقية في كافة مجالات الحياة ... .
بهذه المناسبة المريرة في قلب كل فرد من أبناء شعبنا المخلصين والأوفياء لدم وروح الشهداء من الآباء والأجداد . نقف امام ذكرى الفاجعة الكبرى نستعيد ونتذكر الأحداث التاريخية خلال أعوام المذابح لنستخلص منها الدروس العملية لتحقيق أهدافنا بالكفاح والإرادة الصلبة ,والسير في طريق الفداء والتضحية .وبالمواقف الجريئة لكي نستطيع التطلع نحو مستقبل أكثر أمان خال من مجازر الإبادة ومن محاولات إلغاء وإنهاء وجودنا الديني والقومي في وطننا بلاد ما بين النهرين آشور .
والتأكيد على إستمراريتنا  وعدم استسلامنا لواقع الأمر الظالم ولا إلى محاولات السفاحين عبر التاريخ وكل المجازر التي نفذوها بحق شعبنا لم تستطع إنهاء وجودنا القومي . وما زلنا شعب حي يقدم التضحيات الجسيمة في وطنه الأم لأجل الحفاظ على أرثة التاريخي والحضاري , وكيانه كشعب له هوية انتماء قومي مميز في الانتماء الوطني الصادق وفي اللغة والثقافة والتاريخ والعادات والتقاليد ,وكشعب بني أحد أعظم الحضارات العالمية على أرض آشور منذ أكثر من خمسة آلاف عام .
الذاكرة الجماعية لأبناء هذه الأمة تحفظ في أفكارها وسلوكها الحياتي وكافة أعمالها  الفكرية والأدبية والثقافية, ومختلف أنشطتها وفعالياتها المختلفة في الوسط الاجتماعي الديني والعلماني ذكرى مذابح الإبادة في عام 1915 .وحاضرة بقوة لما لها من دلالات عميقة وتأثير كبير في أنفسنا لفظاعة وبشاعة المجازر التي ارتكبت ضد أعداد هائلة من أبناء شعبنا كادت أن تنهي وجودنا من على أرضنا التاريخية بلاد ما بين النهرين آشور .
ولكن العثمانيين الأتراك الذين ارتكبوا المجازر يتنكرون لجريمتهم البشعة . وهم يبذلوا قصارى جهدهم بمختلف الوسائل المتاحة لهم من ترغيب وترهيب لكي يرغموا أبناء أمتنا التخلي عن فعالياتنا السياسية والدبلوماسية على الساحة الدولية وإيقاف كل الأنشطة الداخلية التي نقوم بها لأجل ألاعتراف بالمجازر. وقد استطاعت الدولة التركية بإيهام البعض من أبناء أمتنا وبعض القوى السياسية ,بأنها بريئة من اقتراف المجازر بحقنا . وتعمل على محو ذكرى المجازر من ذاكرة شعبنا ناسية بأن الذاكرة الجماعية للشعوب أقوى من كل أساليب العنف والأغراء وأقوى من كل أولئك المغرضين السائرين وراء المخطط التركي لأجل مصالحهم السياسية والشخصية الضيقة. ومنذ قيام الدولة التركية الحديثة 1923  تحاول كل الحكومات المتعاقبة على السلطة السياسية حتى يومنا هذا بإنكارها ارتكاب المجازر بل تظهر للشعب التركي بأنها الضحية من خلال وسائل أعلامها وتحريف الحقائق التاريخية وتدريسها في المدارس ,وذلك بزرع الروح العنصرية تجاه الشعوب غير التركية والمسيحيين وخاصة تجاه شعبنا , وكادت بأن تنجح اللجان التي أنشأتها الدولة بهدف إتلاف كل الوثائق الصادرة آنذاك عن السلطات العثمانية المتعلقة بالمجازر قبل الحرب الكونية الأولى وحتى بعد انتهاء الحرب . وكل المحاولات البائسة والأموال الطائلة والأفراد الذين استخدموا لم يستطيعوا طمس الحقائق التاريخية . وباءت هذه المحاولة بالفشل الذر يع من خلال  ما تبقى من وثائق كثيرة متفرقة داخل وخارج الدولة التركية ومن خلال بعض الوثائق التي شاهدة النور من الأرشيف التركي ذاته, خلال السنوات المنصرمة. ولم تنطلي هذه المحاولات الفاشلة على كل أبناء الشعب التركي , ولا على محوها من ذاكرتهم, بالرغم من كل الجهود التي بذلوها في هذا المضمار . بل نجد بعض الشرفاء من الكتاب والصحفيين والمثقفين وبعض أساتذة الجامعات وبعض الناس العاديين يطالبون دولتهم الاعتراف بالمجازر التي ارتكبوها بحق الأرمن والأشوريين والمسيحيين عامة .
وأما بالنسبة لأبناء أمتنا ينظرون بعيون وأفكار حائرة إلى تلكأ الدول الغربية قاطبة بعدم اعترافها بالمجازر التي ارتكبتها تركيا بحق شعبنا , وحيال ما تدعيه من  قيم إنسانية ونبذ للعنصرية وإدانة لمرتكبي المجازر العرقية  , والكيل بمكيالين ,وذلك بمعاقبة كل من يتنكر لمذابح اليهود في بعض البلدان الغربية .والكثير من هذه الدول تملك وثائق وحقائق دامغة في أرشيف دولهم حول مجازر شعبنا وخاصة ألمانيا وإنكلترا وفرنسا . فما عليها إلا أن تكشفها أمام وسائل الأعلام  وأمام الباحثين لدراستها . وإذا كان هذا الأمر يتعذر على هذه الدول القيام به لأسباب سياسية ومصالح اقتصادية أو لأسباب مادية بحتة لا تريد تخصيص الأموال اللازمة لإخراج هذه الوثائق من الأقبية المظلمة أو فسح المجال وتسهيلها أمام الباحثين من أبناء أمتنا فم عليها إلا  قراءة ودراسة كل الوثائق والملفات التي قدمتها لجنة متابعة إبادة الآشوريين( سيفو )العالمية إلى برلمانات هذه الدول والى  برلمان إتحاد الدول الأوربية والى الأمم المتحدة وأمينها العام والمنظمات العالمية المهتمة بقضايا المجازر والى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وبلدان أخرى خلال عشرة الأعوام المنصرمة منذ تأسيس هذه اللجنة .هذه من ناحية ومن ناحية أخرى في              أي إطار يمكن وضع مواقف ثمانية عشرة دولة اعترفت حتى الآن بمذابح الأشقاء الأرمن التي ارتكبها الأتراك بحقهم وبحقنا في نفس الفترة الزمنية وفي نفس الظروف وضمن السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى . أبناء أمتنا الذين عانوا من المجازر ينتظرون مواقف إنسانية من الدول الغربية قائمة على الأسس والقوانين والأنظمة العالمية التي صاغوها بأنفسهم في المؤسسات الدولية , والاعتراف بمجازر الشعب الآشوري .  وكذلك ندعو الدولة التركية الاعتراف بالمجازر التي ارتكبتها ضد شعبنا ومنحة حقوقه القومية الكاملة . 

162
المنبر الحر / نيسان
« في: 10:34 30/03/2007  »
                       
     نيسان               

د.جميل حنا

حل الربيع على حين غرة,إيذانا ببدء فصل جديد , فصل النور وبدء حياة جديدة , مليئة بالحيوية والنشاط والقوة والعطاء الصالح ,حيث ترتدي الطبيعة ثوبا خلابا زاهيا .
الطقس كان غير الأمس ,بديعا كأنة لوحة رائعة الجمال رسمت بيد فنان بارع .كانت الشمس مشرقة والسماء صافية , قلما تمر الأيام رائعة بهذه الصورة الخلابة في هذا البلد (هولندا ). جلست في باحة الدار أمعن النظر إلى شجر السرو الباسق ,وزوج من اليمام يسمع هديلهما الشجي . يبنيان عشهما بين الأغصان الكثيفة , ويطيران من حين لأخر يجلبان بمنقارهما مواد لبناءة , وتأمين مسكن (عش) للفرخ تعيش فيه بأمان وتحميهم من كل مكروه , حتى يقويا على الطيران .ولتبدأ مسيرة الحياة , تلك المسيرة القائمة على صراع دائم لا يتوقف منذ الأزل .كل كائن حي يبحث عن موطن تتوفر فيه شروط الحياة ليحافظ على جنسه من الانقراض ,والعيش بسلام مع العالم الخارجي المحيط به .ولكن قانون الطبيعة هو الذي سيسري .
اليوم الأول من نيسان عام 6751 آشورية الموافق 2001ميلادي عيد رأس السنة الجديدة لدى شعبنا السرياني الآشوري الكلداني. تاريخ يذكرنا بمجد وعظمة أمتنا منذ آلاف السنين. يحتفل أبناء شعبنا بهذه المناسبة في أرض الأجداد وطننا بلاد مابين النهرين وفي الكثير من بقاع الكون أينما وجدوا . 
بينما كنت جالسا على كرسي في باحة الدار أنظر إلى السماء الصافية وهي تزداد بعدا" وصفاء" ونور الشمس يغمر الكون . وربما حدقت كثيرا" في الفضاء اللامتناهي الذي جذبني إلية فلم أعد أعرف أميز أهي حقيقة أم أحلام يقظة ,بدأت ترتسم لي في الأفق البعيد سهول مترامية الأطراف وحقول قمح معطاء وكروم وبساتين فيحاء وقطعان مواشي وشواطئ رملية وجبال شاهقة مكسوة بالثلوج والأشجار . أسير من الغرب نحو الشرق , لا أعلم كم من الزمن سرت بينما يتكسر تحت قدماي الثلج الجامد كصفائح الزجاج , فأخذة السماء تتلبد بالغيوم القاتمة كلما تقدمت نحو الشرق , والبرق والرعد يهزان الكون . بدأت أسرع ثم أركض لاهثا أبحث عن ملجأ يقيني من الطبيعة الغاضبة . وجدة فجأة كهفا صغيرا بين الصخور الضخمة في جبال آشور , ربما طور إيزلا (طور عابدين )أو في قمم جبال هكاري , فدخلته , رميت بنفسي على الأرض من شدة الأرق كأني على سريرٍ مريح دافئ غفوت في نومٍ عميقٍ لا أعلم كم من الوقت مضى !
تراءى لي شخص ذو لحية بيضاء وسيم الوجه , مظهره يبعث الاطمئنان والأمان فقال لي ( أخطأت الطريق يا بني ) . غدا" عندما تشرق الشمس أنطلق. وفي اليوم التالي سرت جنوبا عبر أراضٍ قاحلة وصحراء موحشة بدى لي كأنها الأراضي الممتدة من بابل إلى بادية الشام ,و رمالها الحارقة كانت تلهب قدمي لا أبالي بذلك .لا أعلم كم من الزمن سرت على هذه الحالة حتى بلغت واحة خضراء تبدو كأنها مليئة بمياه عذبة باردة ألقيت جسدي فيها . لم تكن سوى مستنقع مياهه راكدة عفنة وأكوام الطين تغطي جسدي , كنت أنغمر نحو الأعماق ,جاذبية الأرض تسحبني , كدت أغرق لم أستطع إنقاذ نفسي من هذه الوضعية المرعبة , إلى أن ظهر فجأة شخص طويل القامة قوي يرتدي ملابس ملائكية بيضاء , نور الشمس كانت تحجب رؤية وجهه عني , كنت اصرخ اطلب النجدة فتقدم نحوي وأمسكني بيده القوية وأخرجني من حالة الهلاك وقال بصوت غير مألوفٍ انك (أخطأت الطريق يا بني ) وفي صباح اليوم التالي غيرت مسالك الطرق وسرت في طريق مفروش بالأعشاب ومروج فسيحة تتخللها هضاب ووديان , حتى تراءى لي شاطئ بحر أزرق خيل لي بأنه البحر الأبيض المتوسط , أنها السواحل السورية أو اللبنانية أو ربما الخليج في العراق . أسرعت نحوه كانت الفرحة تغمرني , وعندما وصلت الشاطئ الذي كنت أبحث عنة وإذا بعاصفة بحرية قوية تقذف بأمواج عاتية تجتاح بعيدا"عن الشاطئ وتقلع أشجار النخيل , وتدفع بأكوام الرمل نحوي, ويجرفني الموج  نحو الأعماق ويقذف بي تارة آخري باتجاه الشاطئ ذات اليمين وذات اليسار .ولم أعرف كم من الوقت استغرقت على هذه الحالة ,ولكن بعدما عدة من حالة اللاوعي وجدة جسدي كان مرميا في وسط سهل فسيح لا يرى أطرافة البعيدة . كان مليئا بأنواع الزهور من ابيض وأحمر وأزرق ...بينما كنت أستمتع بهذا المنظر الخلاب ونور شمس الربيعي يزيد من روعة الطبيعة . تخيلت حمامة بيضاء تنزل من قرص الشمس ,وكانت فرحتي لا تقاس بالمعايير العادية , حيث اختلطت كل الاتجاهات  ببعضها , وأصبحت الاتجاهات المعاكسة ذات اتجاه واحد . والاتجاه الواحد أصبح اتجاهات متعاكسة . وتخيلت بأن الروح القدس حل علي ليخلصني من ضياعي .ولكن خيبة أملي كانت مرعبة حيث وجدة نفسي بين مخالب طائر خرافي كأنة خرج الآن من أساطير بلاد ما بين النهرين , وأنزلني في عشه حيث كانت الفرخ تنتظر صيده دسمة لتعيش وتنمو وتكبر وتقوى على جسدي أنا الضحية .وبدافع غريزة البقاء لكي لا أكون ضحية طائر الشر , بل ذبيحة على مذبح معاني الأول من نيسان .         
استيقظت أو ربما عدة من أحلام اليقظة , كنت لا أزال أنظر إلى السماء الصافية الزرقاء , وأنا لا زلت جالسا على كرسي في حديقة المنزل . يا ترى ما كان ذلك !جبال ثلوج ,رمال حارقة مروج مستنقع سهول بحار, طائر خرافي,  اتجاهات مختلفة .هل لكل ذلك معنى؟ لا أعلم ,ربما .
هل صحيح إننا أخطئنا الطريق ؟ أي طريق كان يجب علينا اختياره ؟ 
نحن في العام الأول من الألفية الثالثة .فماذا يخفي لنا يا ترى هذا القرن الجديد ؟ الله يعلم ! أمن حقنا أن نتفاءل بعد كل هذا أم لا !  ولم لا نتفاءل !
عبيد روما حرروا !بدأت أعلام الحرية تخفق .حطموا قيود الظلم والاضطهاد وسحقوا الأباطرة الطغاة . ولم يرضوا بالذل والعار والعبودية والحرمان من الحرية . الله لا يحب الجبناء المتخاذلين المستسلمين . وكما قال الشاعر الهنغاري العظيم بتوفي شاندور شاعر ثورة الاستقلال والحرية في عام 1848 ضد الإمبراطورية النمساوية (الجبناء وحدهم لا يريدون وطنا حرا لكي يعيشوا فيه أحرارا) على خلفية الصراع الدائر آنذاك بين أنصار الحرية والاستقلال والمدافعين عن الحقوق القومية الهنغارية وبين الموالين لللأمبراطورية  بحكم ارتباط مصالحهم الشخصية مفدين بالوطن والشعب والحقوق القومية من أجل ذلك .فهل نتعظ من دروس التاريخ !
لقد ذاق شعبنا مرارة العيش من مجازر جماعية وفردية واضطهاد وتشريد ,وسلب الحريات الشخصية والقومية ,وأهانت كرامته . وهو مسحوق ومحرم من حقوقه القومية .أصبحت أمتنا مذلة مهانة بعدما أن كانت أمة عظيمة ساهمت في بناء الحضارة الإنسانية , وقدم شعبنا للبشرية أحرف النور والعلم والمعرفة.وعلم الشعوب مبادئ العلم والآداب والفلسفة والمنطق... . هل تعامل الآخرون مع شعبنا كما قيل (من علمني حرفا"كنت له عبدا) . شعبنا لم يعلم حرفا فقط بل آلاف والآلاف من المجلدات ,
هل لقي الاستحسان والجميل ورد المعروف له بالمعروف . أم كان جزاءه مقابل خدماته الإنسانية الرائعة النبيلة مجازر إبادة عرقية قومية ودينية وحشية يندى لها جبين الإنسان وتهجير قسري واضطهاد  وحرمان من الحقوق القومية والدينية. وأخيرا متى ستشرق شمس نيسان, وشعبنا قد نال حريته .فلتشرق شمس نيسان دائما وأبدا ! لتنير عقول الضالين عن طريق أمتهم العظيمة من أبناء شعبنا .
فليكن الأول من نيسان يوم صحوتنا القومية !   

ملاحظة:جزء من هذه المقالة قد تم نشرها تحت أسم د.كورية شمعون في عام2001 في مجلة حويودو بتصرف في العدد التاسع .

163
         
تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في أوربا

         د. جميل حنا

تركيا في دائرة الجدال الدائر داخليا وخارجيا , من جهة بين أوساط المثقفين الأتراك وداخل المؤسسة العسكرية والحكومة حول ماهية الفكر التركي وتحديد أركانه والتشبث بما هو قائم , أو إعادة النظر ببعض المفاهيم المترسخة في عقليتهم وبذل الجهود من قلة قليلة من المثقفين للتخلص من هذه العقلية  والممارسات الشوفينية بحق الشعوب والقوميات التي تقيم على أراضيها التاريخية منذ فجر التاريخ كالشعب الآشوري بمختلف انتماءاته المذهبية من أبناء الكنيسة السريانية والكلدانية والمشرقية ... . وجدل آخر يدور في أروقة محافل اتحاد الدول الأوربية ومؤسساتها حول الفكر التركي , وقدرة الساسة الأتراك على أمكانية انسجامها مع الفكر الأوربي والالتزام الفعلي بهذه الأفكار وقيم الحرية والديمقراطية والمساواة بين كافة الشعوب ألمقيمه على أرضها  ضمن الدولة التركية وإلغاء القوانين العنصرية  بحقها .
وهذا الجدل يزداد سخونة أو برود بتقدم بحث الملفات الحساسة والشائكة المتعلقة بانضمام تركيا إلى إتحاد الدول الأوربية . وكل طرف يحاول كسب أكبر قدر ممكن من المكاسب . تركيا تريد من انضمامها إلى الاتحاد تحسين وضعها الاقتصادي و الاستفادة من الإمكانات الأوربية في هذا الشأن . أما بالنسبة للدول الأوربية الأهم من الناحية المادية التأكد من الأهداف الحقيقية والنيات الصادقة للدولة التركية برغبتها بتبني القيم الأوربية في بناء الدولة العلمانية الحقيقية وليس كما هو شائع الآن , ومساءل تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة , وحرية الرأي والصحافة  والقضاء المستقل المرتكز على الشرائع والقوانين الدولية والأوربية والاعتراف بكيان القوميات غير التركية والاعتراف بمجازر إبادة الشعب الآشوري والأرمني ومساءل تتعلق بالعيش المشترك وإلغاء التمييز العنصري بين دين ودين وقومية وآخري . وأن يكون شغل المناصب العليا في الدولة ليس حكرا على أبناء القومية التركية بل أن يشمل أبناء كافة القوميات وعلى أساس الكفاءات الشخصية . ومن خلال بحث هذه الملفات يريد الأوربيين لاستنطاق المنطق التركي وكشف نوابهم الحقيقية وذلك انطلاقا من التجربة التاريخية مع الإمبراطورية العثمانية  وفيما بعد وريثتها الدولة التركية .

إن الأوربيين لم يتمكنوا من إعطاء الجواب المقنع لأنفسهم قبل غيرهم إلا بعد مناقشة كل الملفات خلال عقد أو عقدين , ولن يكتشفوا حقيقة التأثير التركي إلا بعدما يمضي عقد أو عقدين من الزمن على عضوية تركيا ا لفعلي في إتحاد الدول الأوربية . أن تغيير القوانين لأجل المصلحة السياسية والاقتصادية قد يكون من أسهل الأمور خلال العملية التفاوضية بين الطرفين , ولكن تغيير المنطق الفكري لتركيا سيحتاج إلى عقود طويلة  لينسجم مع المنطق الأوربي حتى ولو كانت تركيا جادة بتحقيق التغيير الجذري .
ومن هذا المنطلق هل يهدد الأتراك حرية أوربا مثلما حصل في القرن السادس عشر والسابع عشر ؟ هل يمكن أن تعيش الثقافة الأوربية والتركية مع بعضها البعض ؟ الثقافة الأوربية المتطورة التي تستمد إنسانيتها وتمدنها من قيم الدين المسيحي وقيم الثورة الفرنسية المرتكزة على مبادئ الحرية والأخوة والمساواة , وبين الثقافة التركية التي تستمد قيمها من العقلية العثمانية التركية المتعصبة قوميا ودينيا . هناك جدل دائر في كافة الدول الأوربية على مختلف المستويات بين أوساط أبناء دول الاتحاد على المستوى الشعبي والرسمي وخلف الكواليس  وفي مراكز القرار حول منح تركيا  العضوية الكاملة أو أن يقيم الاتحاد الأوربي معها علاقات مميزة  وهذا الطرح والأسئلة ليست جديدة . ولكن كل سؤال يحمل جملة من التناقضات الكثيرة في القبول أو عدمه .
أن القرار الذي أتخذ في الثالث من أكتوبر 2005 للبدء بالمباحثات لقبول تركيا البالغ عدد سكانها 73 مليون نسمة وهذا العدد يتجاوز عدد عشرة دول كانت قد انضمت إلى الاتحاد قبل هذا القرار ولا يوجد من أراضي الدولة التركية الحالي  إلا الخمس في القسم الأوربي وهي القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي استولى عليها العثمانيون في القرن الخامس عشر. وكذلك الغالبية الساحقة من الشعب التركي يسكن في القارة  الأسيوية ,وفي حال انضمام تركيا إلى عضوية دول الاتحاد  أليس من الأجدر تغيير أسم الاتحاد ليشمل أسم الدولة التركية أو القارة التي تقع فيها تركيا ليعبر عن واقعية أسم الاتحاد .

أن الرأي العام الأوربي له مخاوف واقعية وكثيرة من انضمام تركيا إلى الاتحاد لأنها ترى في الدولة التركية عضو غريب في الكيان الأوربي , لأن أوربا موحدة الجذور الثقافية وتستمد عراقة تمدنها من قيم الدين المسيحي وأن الديمقراطية خطت فيها خطوات متقدمة, وبناء مؤسسات الدولة بكافة إشكالها متطورة, مبنية على أساس تحقيق المساواة والعدالة, وحماية حقوق الإنسان الجماعية والفردية وممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأي  وحقوق كلفة القوميات والأثينيات العرقية مصانة في الدستور وتمارس خصائصها القومية بكل حرية بدون اضطهاد وحرمان  عكس الدولة التركية التي مارست كل أنواع القهر والحرمان وارتكبت المجازر بحق الشعب الآشوري بكافة مذاهبه من أبناء الكنيسة السريانية والكلدانية والكنيسة المشرقية والأرمن والمسيحيين بشكل عام  حيث كان عدد السكان المسيحيين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يشكل ثلث 33% من أصل أربعة عشر مليون في الدولة التركية وأن عدد المسيحيين لا يتجاوز المائة أي بنسبة أقل من واحد بالمائة  أين اختفت تلك الملايين ماذا حل بهم  . أن الجواب على هذا السؤال سهل جدا قتلهم الأتراك والأكراد وأرغموا على الهجرة قسرا واعتناق الإسلام . وما زالت الدولة التركية لا تعترف بالمجازر التي ارتكبتها بحق الآشوريين والأرمن وهم يعانون من الاضطهاد القومي والديني ومحرومون من ابسط الحقوق المدنية ولا يعترفون بهويتهم القومية المميزة .

الثقافة التركية المشبعة بالروح العنصرية تجاه كل مغاير لها في الدين والانتماء القومي  ستصبح يوم ما عضوا في اتحاد الدول الأوربية المبنية على مبادئ الإنسانية والديمقراطية والحرية واحترام كل الأديان والمذاهب والقوميات . ومن هنا يأتي استياء الشعوب الأوربية من فكرة انضمام تركيا  إلى دول الاتحاد . ويتساءلون ماذا سيحصل لنا عندما تصبح تركية عضوا في الاتحاد , أنهم قلقون على مستقبلهم . وإن الاستفتاء الذي تم في فرنسا وهولندا أكد بأن الشعوب الأوربية تعارض فكرة انضمام تركيا الى الاتحاد ,ولذلك تم إلغاء الاستفتاءا لذي كان مقررا إجرائه في بعض البلدان الأوربية حول هذه المسألة . أن الشعوب الأوربية خائفة على حريتها ومصالحها ورفاهيتها ونظامها الديمقراطي .  وحتى الدولة النمساوية عارضت حتى اللحظة الأخيرة على فكرة قبول الموافقة على قرار بدء المباحثات لقبول  تركيا في عضوية دول الاتحاد وذلك انطلاقا من تجاربها التاريخية المريرة مع العثمانيين الأتراك عندما حاصروا عاصمتهم فيينا في عام 1529 في المرة الأولى وفي عام 1683 في المرة الثانية , وأنهم خائفون من الحصار الثالث في هذه المرة الذي يختلف عن الحصار ين الأولين . حينذاك انتصرت إرادة الشعب النمساوي ورد جحافل العثمانيين على أعقابهم , ولم تسقط  فيينا في يدهم .

ولكن الشعب النمساوي متخوف كثيرا من الحصار الثالث بعدما وافقت  الدولة النمساوية تحت ضغوط خارجية على قرار بدء المباحثات لقبول تركيا عضوا في الاتحاد  ,وأن تسقط هذه المرة   عاصمتهم فيينا في يد الأتراك عن طريق الغزو السلمي وبطرق الخداع التي أستخدمها العثمانيون بالاستيلاء على دول البلقان وغيرها وخاصة  على قلعة بودابست الحصينة التي دخلوها بالخداع  كسائحين مخفين أسلحتهم تحت ملابسهم وتم الاستيلاء على القلعة بعدما تم فتح الأبواب من الداخل أمام جحافل الجيوش  العثمانية التي كانت تحاصر المدينة .

هل سينجح الأتراك بغزو عواصم الغرب بأساليب الخداع كما حصلت لقلعة بودابست أم أنهم سيندحرون مرة أخرى كما اندحروا أمام العاصمة فيينا وبلغراد . وفي المحصلة النهائية أن المصالح السياسية والاقتصادية , والتناقضات داخل دول الاتحاد وبين دول الاتحاد وأمريكا واللوبي الصهيوني وقوة الصراع بين هذه الأقطاب سيحدد النتائج النهائية . و بناء على أساس القرار المتخذ , إن هدف المحادثات مع الدولة التركية هو الانضمام إلى دول الاتحاد ,  ولكن هناك بند يقول : إن قبول الأعضاء الجدد يتعلق بإمكانيات دول الاتحاد  الأوربي . وفي كل الأحوال هذا القرار وضع الدول الأوربية أمام مأزق حقيقي وينطبق عليهم المقولة الهنغارية السائدة منذ أن أحتل العثمانيون   بلدهم قبل ثلاثة قرون ( قبضت على التركي ما يتركني )[/b][/font][/size]

164
         
تركيا وآمال تحقيق الحلم القديم الجديد في أوربا

                                                                   
   د. جميل حنا

تركيا في دائرة الجدال الدائر داخليا وخارجيا , من جهة بين أوساط المثقفين الأتراك وداخل المؤسسة العسكرية والحكومة حول ماهية الفكر التركي وتحديد أركانه والتشبث بما هو قائم , أو إعادة النظر ببعض المفاهيم المترسخة في عقليتهم وبذل الجهود من قلة قليلة من المثقفين للتخلص من هذه العقلية  والممارسات الشوفينية بحق الشعوب والقوميات التي تقيم على أراضيها التاريخية منذ فجر التاريخ كالشعب الآشوري بمختلف انتماءاته المذهبية من أبناء الكنيسة السريانية والكلدانية والمشرقية ... . وجدل آخر يدور في أروقة محافل اتحاد الدول الأوربية ومؤسساتها حول الفكر التركي , وقدرة الساسة الأتراك على أمكانية انسجامها مع الفكر الأوربي والالتزام الفعلي بهذه الأفكار وقيم الحرية والديمقراطية والمساواة بين كافة الشعوب ألمقيمه على أرضها  ضمن الدولة التركية وإلغاء القوانين العنصرية  بحقها .
وهذا الجدل يزداد سخونة أو برود بتقدم بحث الملفات الحساسة والشائكة المتعلقة بانضمام تركيا إلى إتحاد الدول الأوربية . وكل طرف يحاول كسب أكبر قدر ممكن من المكاسب . تركيا تريد من انضمامها إلى الاتحاد تحسين وضعها الاقتصادي و الاستفادة من الإمكانات الأوربية في هذا الشأن . أما بالنسبة للدول الأوربية الأهم من الناحية المادية التأكد من الأهداف الحقيقية والنيات الصادقة للدولة التركية برغبتها بتبني القيم الأوربية في بناء الدولة العلمانية الحقيقية وليس كما هو شائع الآن , ومساءل تتعلق بحقوق الإنسان والحريات العامة , وحرية الرأي والصحافة  والقضاء المستقل المرتكز على الشرائع والقوانين الدولية والأوربية والاعتراف بكيان القوميات غير التركية والاعتراف بمجازر إبادة الشعب الآشوري والأرمني ومساءل تتعلق بالعيش المشترك وإلغاء التمييز العنصري بين دين ودين وقومية وآخري . وأن يكون شغل المناصب العليا في الدولة ليس حكرا على أبناء القومية التركية بل أن يشمل أبناء كافة القوميات وعلى أساس الكفاءات الشخصية . ومن خلال بحث هذه الملفات يريد الأوربيين لاستنطاق المنطق التركي وكشف نوابهم الحقيقية وذلك انطلاقا من التجربة التاريخية مع الإمبراطورية العثمانية  وفيما بعد وريثتها الدولة التركية .

إن الأوربيين لم يتمكنوا من إعطاء الجواب المقنع لأنفسهم قبل غيرهم إلا بعد مناقشة كل الملفات خلال عقد أو عقدين , ولن يكتشفوا حقيقة التأثير التركي إلا بعدما يمضي عقد أو عقدين من الزمن على عضوية تركيا ا لفعلي في إتحاد الدول الأوربية . أن تغيير القوانين لأجل المصلحة السياسية والاقتصادية قد يكون من أسهل الأمور خلال العملية التفاوضية بين الطرفين , ولكن تغيير المنطق الفكري لتركيا سيحتاج إلى عقود طويلة  لينسجم مع المنطق الأوربي حتى ولو كانت تركيا جادة بتحقيق التغيير الجذري .
ومن هذا المنطلق هل يهدد الأتراك حرية أوربا مثلما حصل في القرن السادس عشر والسابع عشر ؟ هل يمكن أن تعيش الثقافة الأوربية والتركية مع بعضها البعض ؟ الثقافة الأوربية المتطورة التي تستمد إنسانيتها وتمدنها من قيم الدين المسيحي وقيم الثورة الفرنسية المرتكزة على مبادئ الحرية والأخوة والمساواة , وبين الثقافة التركية التي تستمد قيمها من العقلية العثمانية التركية المتعصبة قوميا ودينيا . هناك جدل دائر في كافة الدول الأوربية على مختلف المستويات بين أوساط أبناء دول الاتحاد على المستوى الشعبي والرسمي وخلف الكواليس  وفي مراكز القرار حول منح تركيا  العضوية الكاملة أو أن يقيم الاتحاد الأوربي معها علاقات مميزة  وهذا الطرح والأسئلة ليست جديدة . ولكن كل سؤال يحمل جملة من التناقضات الكثيرة في القبول أو عدمه .
أن القرار الذي أتخذ في الثالث من أكتوبر 2005 للبدء بالمباحثات لقبول تركيا البالغ عدد سكانها 73 مليون نسمة وهذا العدد يتجاوز عدد عشرة دول كانت قد انضمت إلى الاتحاد قبل هذا القرار ولا يوجد من أراضي الدولة التركية الحالي  إلا الخمس في القسم الأوربي وهي القسطنطينية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية التي استولى عليها العثمانيون في القرن الخامس عشر. وكذلك الغالبية الساحقة من الشعب التركي يسكن في القارة  الأسيوية ,وفي حال انضمام تركيا إلى عضوية دول الاتحاد  أليس من الأجدر تغيير أسم الاتحاد ليشمل أسم الدولة التركية أو القارة التي تقع فيها تركيا ليعبر عن واقعية أسم الاتحاد .

أن الرأي العام الأوربي له مخاوف واقعية وكثيرة من انضمام تركيا إلى الاتحاد لأنها ترى في الدولة التركية عضو غريب في الكيان الأوربي , لأن أوربا موحدة الجذور الثقافية وتستمد عراقة تمدنها من قيم الدين المسيحي وأن الديمقراطية خطت فيها خطوات متقدمة, وبناء مؤسسات الدولة بكافة إشكالها متطورة, مبنية على أساس تحقيق المساواة والعدالة, وحماية حقوق الإنسان الجماعية والفردية وممارسة الشعائر الدينية وحرية الرأي  وحقوق كلفة القوميات والأثينيات العرقية مصانة في الدستور وتمارس خصائصها القومية بكل حرية بدون اضطهاد وحرمان  عكس الدولة التركية التي مارست كل أنواع القهر والحرمان وارتكبت المجازر بحق الشعب الآشوري بكافة مذاهبه من أبناء الكنيسة السريانية والكلدانية والكنيسة المشرقية والأرمن والمسيحيين بشكل عام  حيث كان عدد السكان المسيحيين في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يشكل ثلث 33% من أصل أربعة عشر مليون في الدولة التركية وأن عدد المسيحيين لا يتجاوز المائة أي بنسبة أقل من واحد بالمائة  أين اختفت تلك الملايين ماذا حل بهم  . أن الجواب على هذا السؤال سهل جدا قتلهم الأتراك والأكراد وأرغموا على الهجرة قسرا واعتناق الإسلام . وما زالت الدولة التركية لا تعترف بالمجازر التي ارتكبتها بحق الآشوريين والأرمن وهم يعانون من الاضطهاد القومي والديني ومحرومون من ابسط الحقوق المدنية ولا يعترفون بهويتهم القومية المميزة .

الثقافة التركية المشبعة بالروح العنصرية تجاه كل مغاير لها في الدين والانتماء القومي  ستصبح يوم ما عضوا في اتحاد الدول الأوربية المبنية على مبادئ الإنسانية والديمقراطية والحرية واحترام كل الأديان والمذاهب والقوميات . ومن هنا يأتي استياء الشعوب الأوربية من فكرة انضمام تركيا  إلى دول الاتحاد . ويتساءلون ماذا سيحصل لنا عندما تصبح تركية عضوا في الاتحاد , أنهم قلقون على مستقبلهم . وإن الاستفتاء الذي تم في فرنسا وهولندا أكد بأن الشعوب الأوربية تعارض فكرة انضمام تركيا الى الاتحاد ,ولذلك تم إلغاء الاستفتاءا لذي كان مقررا إجرائه في بعض البلدان الأوربية حول هذه المسألة . أن الشعوب الأوربية خائفة على حريتها ومصالحها ورفاهيتها ونظامها الديمقراطي .  وحتى الدولة النمساوية عارضت حتى اللحظة الأخيرة على فكرة قبول الموافقة على قرار بدء المباحثات لقبول  تركيا في عضوية دول الاتحاد وذلك انطلاقا من تجاربها التاريخية المريرة مع العثمانيين الأتراك عندما حاصروا عاصمتهم فيينا في عام 1529 في المرة الأولى وفي عام 1683 في المرة الثانية , وأنهم خائفون من الحصار الثالث في هذه المرة الذي يختلف عن الحصار ين الأولين . حينذاك انتصرت إرادة الشعب النمساوي ورد جحافل العثمانيين على أعقابهم , ولم تسقط  فيينا في يدهم .

ولكن الشعب النمساوي متخوف كثيرا من الحصار الثالث بعدما وافقت  الدولة النمساوية تحت ضغوط خارجية على قرار بدء المباحثات لقبول تركيا عضوا في الاتحاد  ,وأن تسقط هذه المرة   عاصمتهم فيينا في يد الأتراك عن طريق الغزو السلمي وبطرق الخداع التي أستخدمها العثمانيون بالاستيلاء على دول البلقان وغيرها وخاصة  على قلعة بودابست الحصينة التي دخلوها بالخداع  كسائحين مخفين أسلحتهم تحت ملابسهم وتم الاستيلاء على القلعة بعدما تم فتح الأبواب من الداخل أمام جحافل الجيوش  العثمانية التي كانت تحاصر المدينة .

هل سينجح الأتراك بغزو عواصم الغرب بأساليب الخداع كما حصلت لقلعة بودابست أم أنهم سيندحرون مرة أخرى كما اندحروا أمام العاصمة فيينا وبلغراد . وفي المحصلة النهائية أن المصالح السياسية والاقتصادية , والتناقضات داخل دول الاتحاد وبين دول الاتحاد وأمريكا واللوبي الصهيوني وقوة الصراع بين هذه الأقطاب سيحدد النتائج النهائية . و بناء على أساس القرار المتخذ , إن هدف المحادثات مع الدولة التركية هو الانضمام إلى دول الاتحاد ,  ولكن هناك بند يقول : إن قبول الأعضاء الجدد يتعلق بإمكانيات دول الاتحاد  الأوربي . وفي كل الأحوال هذا القرار وضع الدول الأوربية أمام مأزق حقيقي وينطبق عليهم المقولة الهنغارية السائدة منذ أن أحتل العثمانيون   بلدهم قبل ثلاثة قرون ( قبضت على التركي ما يتركني )[/b][/font][/size]

165
الموضوعية والخيار الاستراتيجي في طرح المؤتمر الآشوري الموسع في  السويد , المنعقد تحت شعار "آشور فخر العراق ,العراق وطن الآشوريين"
[/color]
د.جميل حنا

 البركان الذي أنفجر في التاسع من نيسان بسقوط النظام الديكتاتوري في عام 2003 في العراق أحدث صدمة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في العراق .وبدأت الأحداث تتسارع في بلاد مابين النهرين وخاصة على أرض آشور. وهذا البركان المدوي أحدث فجوة كبيرة في كيان دولة العراق , وكاد أن يقسم الوطن الواحد إلى كيانات عديدة . وفي الواقع العملي وإن لم يكن معلنا رسميا فأن العراق أصبح مقسم بين الكيانات التي تملك الميلشيات المسلحة وتفرض نفسها بقوة السلاح والقتل والاضطهاد وتزرع الرعب في نفوس كل من لا ينتمي إلى هذه الفئات , وتفرض حالة التعصب القومي والديني المليء بالعنف والشوفينية . وتعمل القوى المسيطرة على مقدرات العراق حاليا على إلغاء الوجود القومي والديني للآشوريين الذين هم السكان الأصليين للعراق  ,ويسكنون هذه الأرض منذ آلاف الأعوام . وأن هذا الواقع الأليم الذي فرض على العراق له انعكاسات سلبية على واقع الشعب الآشوري , وذلك لارتباط القوى المسيطرة على الوضع العراقي الحالي التي لا  تملك مشاريع وطنية متكاملة تهدف الحفاظ على وحدة  ا لتراب الوطني العراقي , بل تعمل هذه القوى على تنفيذ مصالحها الفئوية الضيقة وعلى تنفيذ المصالح الإستراتيجية للدول التي لها نفوذ كبير في منطقة الشرق الأوسط , وهكذا تتداخل طموحات القوى الداخلية مع مصالح الدول المؤثرة في مراكز القرار السياسي . والتناقض بين مختلف العوامل و التأثيرات الداخلية والخارجية يفرض واقعا أليما على حياة الشعوب في العراق وخاصة الشعب الآشوري الذي لا يملك قوة عسكرية , وليس له موقع بارز في إستراتيجيات الدول المتصارعة في المنطقة .وعدم الاهتمام بقضية الشعب الآشوري يعود إلى أسباب موضوعية تتعلق بطبيعة الأنظمة الديكتاتورية ومصالح الدول الكبرى ,وذاتية تعود إلى غياب المشروع القومي المتكامل لدى الغالبية الساحقة من الأحزاب السياسية  لشعبنا  التي لم يكن لها مطالب إستراتيجية قومية بعيدة المدى, ولم تتجاوز مطالبها سوى بعض الحقوق الثقافية المحددة التي لا تحيي الأمة . وكانت التغييرات الجذرية بعد سقوط النظام الديكتاتوري أحدث انقسامات جديدة في كيان الأمة الأشورية وذلك تلبية لرغبات وضغوطات بعض الأحزاب الكردية من أجل تحقيق أهدافها على أرض آشور والقضاء على الكيان والهوية القومية الآشورية  ووجد البعض من أبناء شعبنا  فرصة لتحقيق مأربهم الشخصية النفعية , وأصبحوا أداة تستعملها القوى التي تقف عائقا بتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الآشوري بتقرير مصيره أسوة ببقية مكونات المجتمع العراقي على قدم المساواة .

أن الشعوب الطامحة إلى الحرية لم يكن طريقها إلى التحرر من الظلم والاضطهاد مفروشا بالورود في أي عهد أو مجتمع كان . طريق الخلاص كان مليئا بروح التضحية والشهادة والفداء لأجل تحقيق الأهداف .ومن أجل إزالة الواقع المرير الذي فرض بالعنف والقتل والتهجير ألقسري ولذا لم يبقى أمام الشعب الآشوري سوى العمل الجاد للتخلص من هذا الواقع المأساوي ,والسير في طريق العظماء من أبناء هذه الأمة أمثال الشهيد فريدون آتورايا , والقائد العظيم آغا بطرس , والشهيد ماربنيامين شمعون وكل الشخصيات والوفود المشاركة في مؤتمر السلام بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى التي طالبت بالحكم الذاتي لآشور آنذاك وتحقيق العدالة والمساواة والحرية والحقوق القومية لأبناء الأمة الآشورية أو الاستسلام لواقع الأمر المرير الذي سيؤدي إلى الفناء وإنهاء الوجود القومي للشعب الآشوري بانتماء مختلف مكوناته من أبناء الكنيسة السريانية الأرثوذكسية , والكنيسة المشرقية , والكنيسة الكلدانية .

وانطلاقا من هذا الواقع المرير , وفي مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة في العراق , عقد المؤتمر الآشوري الموسع في السويد . لبحث أوضاع شعبنا الأليم وإيجاد السبل والمقترحات الملائمة للخروج من هذا النفق المظلم , وإنقاذ هذا الشعب وهويته ووجوده القومي من الانصهار والفناء الكلي نتيجة السياسات الشوفينية التي تمارس بحقه . خلال ثلاثة أيام من 15-17 كانون الأول 2006 تباحث المؤتمرون الذين يمثلون أحزاب وتنظيمات سياسية ومؤسسات وناشطين أوضاع شعبهم المأساوي . وذلك نتيجة الغبن والتهميش وحرمانه من حقوقه القومية والتقسيم الذي فرض علية .
ناقش الممثلون في هذا المؤتمر وبعمق أوضاع العراق الداخلية والعوامل الخارجية المؤثرة فيه .
وطرحت هذه القوى بعض المقترحات والحلول لأبناء شعبنا ووضعت أهداف مصيرية , ستعمل على تحقيقها مع كافة أبناء شعبنا وقواه السياسية ومؤسساته المتنوعة الحريصة على مصير ومستقبل الشعب ألأشوري , وبتأييد وتضامن قوى داخلية على الساحة العراقية . والعمل على كسب التأييد العالمي وخاصة الدول المؤثرة في الوضع العراقي . وهذه الأهداف الرئيسية هي :

أولا – الإقرار بأن الآشوريين هم الشعب الأصيل في العراق . وذلك انطلاقا من الحقائق التاريخية والحضارية والثقافية الممتدة عبر آلاف السنين بأن هذا الشعب الذي  شيد أحدى أعظم  الحضارات العالمية في العراق يسكن هذه الأرض منذ أكثر من خمسة آلاف عام , وهذه الحقائق تنطق بها الحجارة والآثار المكتشفة في هذه البقعة من العالم . وتأكد على ذلك أمهات المكتبات والمتاحف العالمية بما تحتويه من كنوز بلاد ما بين النهرين وخاصة تلك التي اكتشفت في أرض آشور. وكما يؤكد على ذلك مئات المؤرخين والكتاب العالميين من مختلف الجنسيات والأديان في العالم أجمع . إن الإقرار بالحقائق التاريخية والمطالبة بتطبيق ذلك في دستور العراق لا يعتبر مطلبا غير واقعي .

ثانيا- المطالبة بتثبيت الآشورية في الدستور العراقي كهوية قومية شاملة . الأمة الآشورية أمة عريقة ويشهد التاريخ والعالم على ما قدمته للبشرية جمعاء من مختلف أنواع  العلوم والمساهمة الفعالة في بناء المدنية العالمية . هذه الأمة تعرضت خلال ألفين وخمسمائة عام منذ  سقوط  نينوى وبابل وفقدان السلطة السياسية المركزية الموحدة إلى غزوات خارجية كثيرة وقسمت الإمبراطورية بين الفرس والبيزنطيين ,والانقسامات المذهبية  الدينية ومن ثم الغزو الإسلامي والحملات الصليبية والغزوات المغولية والتترية  والعثمانية وحملات التبشير ونتيجة ذلك تعرض هذا الشعب إلى القتل والاضطهاد والعنف وتغيير الكثير من أبناءة  دينه ومذهبة وهويته القومية إنقاذا لحياته . وبسبب هذه العوامل تعرض الشعب الآشوري إلى ‘انقسامات مذهبية منذ القرون الأولى لاعتناقه الدين المسيحي وتم تجزئة هذا الشعب بين كيانات دول عديدة مما ترك أثرا نفسيا كبيرا علية , وأضعف قوة الشعب الآشوري بتجزئته . والعمل بتدمير وإنهاء الهوية والوجود القومي الآشوري , وتقسيمه إلى  كيانات مذهبية وأضعافه وإنهاء حقه الشرعي التاريخي والحالي بأن يكون له حقوق قومية متساوية كبقية مكونات المجتمع العراقي . 


ثالثا – الإقرار بإقامة إقليم آشور. هذا المطلب هو إحياء للمشروع القومي الآشوري الذي طرح من قبل العظماء من أبناء الأمة بمختلف مذاهبهم في الثلث الأول من القرن الماضي . وقدم من أجل ذلك قوافل الشهداء . ومنذ أن تأسست دولة العراق الحديث في عام 1921 قدم أبناء هذه الأمة قوافل الشهداء من أجل تحرره وساهموا بكل أخلاص وبكل ما يملكونه من جهود جسدية  وطاقات عقلية هائلة ببناء الوطن العراقي .وشارك الكثير من أبناء الشعب الآشوري في الحركة الكردية في عام 1961 من أجل الحصول على حقوقه القومية . وقدم هذا الشعب عشرات الآلاف من الشهداء في الحروب التي خاضها نظام صدام مع إيران والكويت . وتعرض أبناء الشعب الآشوري إلى مذبحة في سيميلي عام1933 وكذلك مذبحة صوريا 1969,  وكذلك تهجير قسري من قراه والاستيلاء عليها سواء كان من الأكراد أو من قبل السلطة المركزية في عملية الأنفال 1988 . وساهم الشعب الآشوري مع بقية القوى الوطنية العراقية ضد نظام صدام الديكتاتوري حتى سقوطه على يد قوات الاحتلال الأمريكية في التاسع من نيسان 2003 . وانطلاقا من هذه الحقائق المذكورة ,فأن لهذا الشعب الحق بان يعيش حرا على أرضة التاريخية , وانسجاما مع ما طرحة الدستور العراقي بالمساواة بين كافة أبناء الوطن بدون تمييز وضمن الرؤية المطروحة في ا لدستور ذاته بالفيدرالية التي يجب أن يكون حقا لكل مكونات الشعب العراقي . 

كل أبناء الشعب العراقي مهما كان انتمائه القومي أو الديني أو المذهبي  له الحق بأن يعيش بكرامة وأن تكون حقوقه الطبيعية محفوظة  . لأن قوانين الطبيعية والنواميس والشرائع الدينية وكل المواثيق والمعاهدات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان , والغالبية الساحقة من القوانين الوطنية تقر بحقوق الشعوب في تقرير المصير والمساواة بين كافة مكونات الوطن بغض النظر عن العدد .
 
أن هذه القرارات التي أتخذها المشاركون في المؤتمر منسجمة وتنطلق من الحق الذي منحة الدستور العراقي لكافة مكونات الوطن بالرغم من إجحافه بحق الشعب الآشوري وكذلك منسجمة مع كل المواثيق والمعاهدات الدولية . وتأتي هذه القرارات المصيرية ليس من منطلق سياسي قد يتبدل ويتغير بتغيير الواقع السياسي  . إن هذه القرارات  تتعلق بمسألة البقاء أو الفناء . لأن الأرض هي الأم الحاضنة التي تجمعنا سويا وتحافظ على وحدتنا وعدم اندثارنا ,والإقرار بالهوية القومية الآشورية لضمان عدم انصهارنا وإنهاء وجودنا , والإقرار بأصالة الشعب الآشوري لضمان الحقوق القومية والمساواة التامة مع كافة مكونات المجتمع العراقي .
أن اتخاذ هذه القرارات الهامة يأتي من الشعور بالمسؤولية نحو مصير ومستقبل هذا الشعب والمحافظة على كيانه وهويته من الانصهار. أن متخذي هذه القرارات المصيرية يدركون الصعاب التي تقف عائقا أمام تنفيذها , ولكن الاستسلام لواقع الأمر المرير سيكون مدمرا حتما .
ولذا علينا اتخاذ مواقف تاريخية جريئة وصائبة  تكون على مستوى المرحلة المصيرية بالنسبة لنا جميعا , ونضع جميعا خلافاتنا السياسية والشخصية جانبا لأجل المصلحة القومية العليا ولأجل الحفاظ على كيان امتنا , ونتضامن كلنا من أجل أن نحكم أنفسنا حسب قوانيننا التي ستكون الضمانة الرئيسية للمحافظة على وجودنا بمختلف انتماءاتنا المذهبية  . توحيد الجهود في هذه المرحلة المصيرية يجب أن تسموا فوق كل الاعتبارات . [/b] [/font] [/size]

166
           
  الديمقراطية والعنف في بلاد ما بين النهرين                     
[/color]


د.جميل حنا

الديمقراطية هذه الكلمة الساحرة رغب الإنسان بها منذ العهود القديمة وطبقها كأداة لتحقيق إرادة الشعب في السلطة وإدارة شؤون الدولة . وطبقت الديمقراطية كدواء لمعالجة القضايا الاجتماعية بالطرق السلمية . والطريق إلى تطبيق الحياة الديمقراطية لم يكن في الماضي والحاضر ولن يكون في المستقبل مفروش بالورود , ولم يكن كذلك في أي عهد من العهود أو في أي مجتمع كان.جميع الشعوب التي حققت بناءا لمجتمع ا لديمقراطي خاضت ثوراتها , وقدمت الدماء والدموع والتضحيات الجسيمة والنضال الشاق وتجاربها الخاصة للوصول إلى الديمقراطية المنشودة .

وإن مسيرة الحياة الديمقراطية في العديد من البلدان لم يشهد استقرارا وثبات النهج بل تعرضت التجربة والحياة الديمقراطية إلى انتكاسات , وضربت في الصميم  ديمقراطيات ناشئة أو حرفت من جوهرها النبيل , لتتحول إلى وسيلة اضطهاد تستعمل ضد من يشكلون أقلية ضمن الكيان الاجتماعي أو السياسي والحزبي , وضد الشعوب الأقل عددا التي تشكل جزء هاما من كيان الوطن .وتستخدمها القوى السياسية المسيطرة على مقدرات الشعوب التي تمثل الغالبية في المجتمع كأداة قمع ضد الشعوب الأقل عددا ولفرض هيمنتها وزرع الفتن والخلافات الاجتماعية لتضمن أحكام سيطرتها على السلطة السياسية على الجميع . وذلك من الفهم الخاطئ للديمقراطية الصحيحة أو التعمد للفهم الخاطئ لمعنى الديمقراطية , لأن الديمقراطية لا تقر بأن يقرر أي شعب مهما كثر عدده بأن يقرر حق تقرير المصير لأي شعب آخر مهما قل عدده وأنمى الديمقراطية نقيض ذلك تضمن حقوق متساوية للجميع .

والجميع في بلدان الشرق الأوسط يبحث عن الديمقراطية الحقيقية المفقودة في بلدانه البائسة الرازحة تحت السلطة المطلقة للفرد أو العائلة أو الحزب أو القومية أوالدين. وكل من يملك السلطة في هذه البلدان  يتفاخر بديمقراطيته الخاصة المفصلة على قياسه لتنسجم مع مأربه وسلطانة المطلق ومع طبيعة الأهداف الفئوية الضيقة .

وبكل أسف وألم شديد نحن أبناء الأمة الآشورية  بمختلف أبناءة من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية والكنيسة المشرقية والكنيسة الكلدانية وفئات آخري من هذا الشعب الذي هو جزء هام ولكنة يشكل الآن عددا أقل من أبناء القوميات الأكثر عددا في وطنه الأم وذلك بسبب المذابح الكثيرة التي تعرض لها خلال عهود طويلة و وبسبب الاضطهاد الديني والقومي والعنف السياسي  وانعدام الديمقراطية الحقيقية في هذه البلدان . والشعب الآشوري الذي يعيش في كيان دول عديدة في المنطقة   مثل العراق وتركيا وسوريا وإيران بعد أن قسم وطنه التاريخي بلاد ما بين النهرين على هذه الدول ,وهو يعاني من كل أنواع الاضطهاد وبدرجات متفاوتة في هذه البلدان على المستوى الرسمي والشعبي .

اللجوء إلى العنف  بأشكاله  المختلفة  كان وما زال أكثر بكثير من اللجوء إلى الأساليب الديمقراطية. وكان العنف المدمر سيد الموقف في كافة المراحل التاريخية .وكلما حدث خلاف خارجي أو داخلي كانت تفتعل أزمات وتوجه الاتهامات الباطلة وكان أهل السلطة يلتجئون إلى ارتكاب المذابح الجماعية كما حصل في تركيا أثناء الحرب العالمية الأولى .وما يجري في العراق هو دليل آخر على زيف الادعاء بالديمقراطية حيث عمليات القتل والتهجير والاستيلاء والاغتصاب على الممتلكات واحتلال مزيد من الأراضي وإجراءات الصهر وإلغاء الهوية القومية لهذا الشعب . وأصبح العنف وسيلة مقبولة ومرسخة في النهج الديني والقومي والسياسي لكل أولئك الذين يملكون عصابات وميليشيات الأجرام والإرهاب للقضاء على أبناء الشعوب الأقل عددا دينيا وقوميا . العنف والعنف وحده هو منطق هذه الغالبية بحل الأزمات القائمة في المجتمع دون أن يخطر على بالها بأن الديمقراطية الحقيقية هي الحل الأنسب للجميع بدون اللجوء إلى العنف . لأن الموروث في عقليتها وثقافتها مبني على العنف .العنف والديمقراطية مبدءان متناقضان. ولو استعانت هذه القوى إلى الحلول الديمقراطية ووضعتها في المسار الصحيح ,واستخدمت كأداة يمكنها الحد من الأزمات والخلافات القائمة في المجتمع وخاصة في المجتمعات متعددة الأديان والأثينيات العرقية  كمجتمعاتنا في بلاد ما بين النهرين وعلى أرض آشور .لتمكنا تجنب الكثير من المآسي التي نعاني منها وأمكن تقديم الحلول المناسبة بدون اللجوء إلى العنف كما يحصل وخاصة على أرض العراق.وكما أن الديمقراطية أداة لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وقيادة البلد  وتداول السلطة وحل الأزمات بالطرق السلمية وأمور آخري كثيرة .وعدم التمسك بمبادئ القيم الديمقراطية يترك أثار سلبية كثيرة في حياة المجتمع والفرد.

وكذلك الديمقراطية تحتاج إلى ضمانات لحمايتها والحفاظ عليها من انقضاض أعدائها عليها . وتطبيق الديمقراطية يحتاج إلى هذه الضمانات ليتم على أساسها بناء نظام الحكم والمؤسسات واللجوء إليها أثناء حدوث الأزمات والخلافات وفي الظروف الطبيعية . والشعوب بمعظمها تعمل على تطبيق الديمقراطية في مجتمعاتها ,لأنها تمنحها حقوقا كثيرة وتحافظ على كرامته وتزيل الرعب من القلوب . وهذه الديمقراطية التي نبحث عنها لتطبق في حياتنا تحتاج إلى وضع آليات لنظام الحكم الديمقراطي و تداول السلطة سلميا ,إظهار دور ومواقف القوى السياسية في المجتمع والتزامها بالقيم الديمقراطية لحماية الديمقراطية ,وتطبيقها تطبيقا فعليا صحيحا يضمن الاعتراف بالتنوع العرقي الأثني والديني والسياسي ويضمن للجميع حقوق متساوية بدون نقصان بغض النظر عن العدد لأن الحقوق في المجتمعات الديمقراطية لا ينتقص منها بسبب العدد . وهنا يأتي دور النخب السياسية التي تؤمن فعليا وبدون مراوغة ببناء مجتمع ديمقراطي حقيقي .

والأمر الأخر المهم لحماية الديمقراطية بناء دولة القانون وذلك من خلال التشريع السليم القائم على أساس المبادئ الإنسانية وبناء مؤسسات القضاء المستقل عن السلطات التنفيذية . وتشريع قانون علماني يدين التمييز العنصري بكافة أشكاله وغير خاضع لنفوذ الأغلبية  .وسن قوانين واضحة تنظم شؤون الحياة وتحدد العلاقة بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية .وعدم سن قوانين تتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية بشأن حقوق الإنسان .

القوانين التي تؤمن حرية الرأي لأنها الضمانة العملية لحماية الديمقراطية و الحرية الشخصية في غاية الأهمية  لأن قمع الحريات الشخصية يؤدي إلى بناء شخصية ضعيفة غير واثقة من ذاتها ومحكومة بعوامل الخوف والرعب ولا يمكن إن يساهم بشكل فعال في بناء المجتمع . حماية الأفراد من الظلم والاضطهاد والاعتقال التعسفي , ومنع التعذيب الجسدي والنفسي وإلغاء كل الأساليب التعسفية والاستبداد , والالتزام بالمواثيق الدولية التي تحرم (( كل تمييز بين البشر بسبب العرق واللون والجنس أو اللغة أو الديانة أو الآراء السياسية أو بسبب المنشأ الوطني أو الطبيعي أو مكان الولادة والثروة الفردية )) وسن  قوانين حماية الملكية الفردية والعامة. وتأمين الحقوق القومية وحرية ممارسة الشعائر الدينية كما تؤكد على ذلك المواثيق الدولية ((لكل إنسان الحق بالتمتع بحرية الفكر والضمير والديانة وبحرية الرأي والتعبير ونشر أفكاره بأية وسيلة وبحرية الاجتماع والانضمام إلى أية تنظيمات سلمية ))

إن الالتزام  بهذه القيم يؤسس إلى بناء علاقة متينة بين مختلف شرائح المجتمع .ويعزز العيش المشترك بين الأديان والقوميات والثقافات المختلفة المكونة للطيف الوطني .بالطبع إذا كانت القناعة قائمة على أساس الوعي بأهمية الديمقراطية الحقيقية في المجتمع بين أبناء الوطن الواحد ولأجل مصلحة الوطن .ومن هذا المنطلق وانسجاما مع مبادئ القيم الديمقراطية الحقيقية                         ندعو إلى إيقاف العمليات الاستبدادية  وتزوير الحقائق التاريخية  وكافة إجراءات التتريك والتعريب والتكريد بحق الشعب الآشوري بمختلف تسمياته المذهبية .    [/b]  [/font] [/size]

167
دور المشاعر في تحديد المواقف السياسية  للإنسان 


 د.جميل حنا

يعيش الإنسان  بين نقيضين مختلفين  في التفكير
والممارسة  المبنية على أساس المشاعر التي
يملكها بالفطرة أو تتولد لدية في المراحل
اللاحقة من الحياة



 
وبين النقيض الأخر المبني على المنطق, الذي
يتكون لدى الإنسان, باكتساب الخبرة الحياتية
العملية والمعارف العلمية والتحليل الواقعي
لكافة أمور الحياة بميدانه الواسع . وكلا
الحالتين يتأثران بجملة من العوامل والمؤثرات
الرئيسية والثانوية , ومعقدة في ذات الوقت
لصعوبة الفصل بينهما أثناء التحولات التاريخية
الهامة سواء في حياة الأفراد أو الشعوب.وفي كل
الأحوال هذان المنطقان يحددان مسار سلوكية
الإنسان النظرية والعملية في مختلف القضايا
الحياتية .
ولأجراء أي مقارنة فكرية وعملية على واقع بلدان
الشرق الأوسط وشعوبها , يتبين لنا وبكل وضوح
سيطرة الحالة العاطفية النابعة من صميم المشاعر
الدينية والمذهبية والقومية , والتي على أساسها
يحسم الناس مواقفهم . ولذا نجد في مرحلة التغيير
الجذري الذي يمر به العراق, الانقسام الحاد
المرتكز على المشاعر الفئوية , مما يؤدي إلى
تناحر دموي يومي على الساحة , وإضعاف لكيان
الدولة  مما يتيح المجال أمام التدخل الخارجي .
في هذه المرحلة الصعبة والحرجة وفي ظروف التحول
السياسي  الكلي , تتخذ السياسات و الاستراتجيات
المختلفة  وفقا لموازين القوى المتصارعة لتفرض
نظرتها حول بناء دولة المستقبل وفق مفاهيمها
الفئوية الضيقة .
والصراع الدائر بين مختلف القوى, لأخذ الأدوار
الرئيسية, والسيطرة على البلد وقيادته حسب
أهوائها الفئوية , منقادة بتأثير عواطفها
الذاتية , متنكرة ومعادية لطموحات الآخرين .
والقوى الأكثر تشبث بمواقفها , تلك المنصاعة
لإرادة منطق المشاعر الفئوية التي تملك
ميليشيات مسلحة , وتسيطر على السلطة التشريعية
والتنفيذية وخيرات الوطن . وكل المواقف
السياسية المتخذة على مسرح الحياة السياسية ,
تكاد تكون المشاعر الذاتية الدينية والقومية
والمذهبية العوامل الرئيسية الوحيدة المؤثرة
في وعي الإنسان وسلوكياته . وانطلاقا من هذه
الحالة اللامنطقية  أو الهستيريا  , نشاهد قوة
الدفع السلبي لهذه القوى بجلبها الكثير من
الويلات على البلد ,ومحاولاتهم البائسة لإلغاء
الهوية القومية للآشوريين والاستيلاء على مزيد
من أراضيه وتوسيع رقعة نفوذهم على حساب الآخرين
. ضاربين عرض الحائط مبادئ العيش المشترك , وكل
القوانين والأعراف الدولية .
وفي هذه الأثناء نلاحظ تراجع قوي لدور
الموضوعية والممارسة الفعلية المرتكزة على
الوعي والتفاهم المنطقي , وعلى أساس المصلحة
الوطنية , ومبادئ الأخوة والمساواة إلى ادوار
ثانوية إمام الهجمة الشرسة للمشاعر المليئة
بالأحقاد تجاه الآخرين . ولا تلعب السياسة في
هذه الحالة سوى الدور المنظم لفرض الرغبات
العاطفية  التي يحملها هؤلاء المتصارعين ,
لمنحها شئ  من المشروعية  بفرض قوانين ودستور
وانتخابات لا شرعية لا تخدم سوى مصالح صانعيها .

التغيير الجذري الذي حصل في العراق منذ سقوط
النظام الدكتاتوري , والأوضاع المأساوية التي
يعاني منة الغالبية الساحقة من أبناء الوطن ,
وما تم خلال هذه الفترة من إقرار قانون إدارة
الدولة  العراقية المؤقت والدستور الدائم   
والانتخابات ا لبرلمانية وتشكيل الحكومة
المركزية وفي الشمال وكذلك ما تشهده الساحة
اللبنانية منذ أكثر من عام من صراعات من أجل
تحقيق السيادة والاستقلال والحرية بين مختلف
الفئات , كل هذا يقدم لنا صورة أكثر وضوحا  حول
تأثير المشاعر التعصبية على تهديد الأمن الوطني
والوحدة الاجتماعية . ويؤكد تفريط النخبة
الفئوية بالمصالح العليا للوطن , وفرض إرادتها
على أتباعها باستخدام الورقة العاطفية . هذه
اللعبة القديمة الجديدة يوضح حالة التردي
الفكري الواقعي للنخب الفئوية وانجرارها وراء
العاطفة الذاتية . وهذا يظهر حالة التناقض
الكبير في المجتمع بين سلوكيتين مختلفتين كليا
,وهما السلوكية القائمة على المشاعر النابعة من
التربة الدينية والطائفية والمذهبية والتعصب
القومي , وبين من يحددون مواقفهم بموضوعية على
أسس المنطق العلمي  والتحليل الواقعي لأوضاع
المجتمع وتاريخه وتنوعه الثقافي والقومي
والديني والمذهبي , لكي يضمن وفق هذا المنطق
تأمين الحقوق والمساواة لكافة مكونات المجتمع ,
ولبناء وحدة وطنية سليمة , وإلغاء سيطرة الأكثر
عددا على أبناء الوطن الأقل عددا, وحل الميلشيات
التي تزرع الرعب في المجتمع , وتأمين مشاركة
الجميع في المؤسسات التشريعية والتنفيذية بدون
تمييز عنصري .
لا نستطيع التنبؤ إلى متى يمكن أن تستمر هذه
الحالة العاطفية  التي على أساسها تصرف غالبية
الناس . ولكن باستطاعتنا القول بأن هذه الحالة
اللاسليمة لا بد إن يصطدم بالواقع الاجتماعي
والسياسي في المرحلة القادمة , عندما يصحوا
الناس من غفوة المشاعر العميقة. ولتبدأ عمليات
اصطفاف جديد على أسس أكثر عقلانية وموضوعية
لتحديد مواقفها من القضايا المصيرية الوطنية
والحياة السياسية, واستلام المناصب  القيادية
العليا والدنيا في الدولة على أساس الكفاءات ،
وليس حسب الانتماء الديني أو المذهبي أو القومي
, والولاء الشخصي .
وهذا الواقع المرير لا يستثنى منة الشعب
الآشوري بكافة تسمياته الطائفية من أبناء
الكنيسة الكلدانية,و الكنيسة السريانية
الأرثوذكسية, والكنيسة المشرقية . وفي ظل هذه
الظروف الصعبة والمصيرية ، تستدعي الحاجة
الضرورية إلى إجراء حوار جدي بين أبناء الأمة
بغض النظر عن التسمية التي يتبناها  آي طرف , لأن
الوجود القومي مهدد بالقضاء علية  . وأن البحث في
القضايا المصيرية الإستراتيجية وتوحيد الرؤى
في هذا الشأن هام للجميع , لأن الاستمرار في
الجدال اللامنطقي وربما المحق في كثير من
الأحيان لا يأتي بنفع  بالشكل الذي هو قائم علية
الآن , وعلى الجميع البحث في آليات حوار منطقي
يصون بقاء هذا الشعب على أرضة التاريخية , ولأن
مسألة توحيد المواقف من القضايا المصيرية مثل
الهوية القومية , الحكم الذاتي , الحقوق القومية
...الخ هي مسألة بقاء أو فناء . أن مصير هذا الشعب
مصير واحد منذ القدم حتى ألان وتأكده كل إحداث
التأريخ المأساوية بارتكاب مجازر الإبادة
الجماعية والاضطهاد الديني والقومي ولم يميز
مرتكبي هذه الجرائم بين إتباع الكنيسة
الكلدانية أو الكنيسة السريانية أو الكنيسة
المشرقية الكل كان مستهدفا . وأن ما يجمع أبناء
هذه الأمة  اللغة المشتركة الأرض ,التأريخ
,الثقافة , العادات والتقاليد الشعبية والدينية
المشتركة . متى يستيقظ  البعض منا من غفوة
العاطفة ويتحكم إلى المنطق العلمي والموضوعية ,
ويضع مصالح الأمة فوق المصالح الذاتية .
[/b]

صفحات: [1]