عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - محمود الوندي

صفحات: [1]
1
مرض كورونا وعزلة النظام الإيراني
محمود الوندي

ان الانتشار السريع والمذهل لفيروس كورونا (بالإنجليزية (Coronavirus على الكرة الأرضية، بحيث جعل اغلبية الدول تصاب بالخيبة والاستسلام للامر الواقع بعدم التمكن من ايقافه بكافة السبل المتبعة، وهناك خوف حقيقي من هذا الفيروس. وكل الفضائيات من خلال الأخبار تتكلم عن خطورته وارتباطه بالموت!! وإن هذا المرض تكتنفه الأسرار والأقاويل والتهويلات والتخويف والترهيب فمن خلال تتابع نشرات الأخبار. هذا الامر الذي جعل الكثير من الحكومات يهتمون باهمية توعية الشعوب بضرورة الحفاظ على انفسهم من الوقوع في هذه الامراض التي انتشرت بشكل كبير.
فهذا المرض يعدى الحدود بكل سهولة؛ وبات ان يكون وباء عالمي، ويمكنه أن تشل اقتصاد العالم؛ بحيث كل دول العالم وخاصة الكبرى حدثت فيها اصابات دون استثناء على الرغم من إمكاناتها الصحية الكبيرة والمتطورة. عندما تبحث عن أصل المرض وأعراضه، تشعر وكأن العالم على وشك الانتهاء. ومن شأنها أن تحول مدن العالم إلى مدن أشباح.
حسب المصادر الصحيفة، أزمة تفشي فيروس كورونا في إيران، تتجاوز قدرات مستشفيات مدنها بما فيها العاصمة طهران تعاني من إنتشار الوباء. نظرا لمعاناة المدن من نقص الأطباء وأسرة المستشفيات، ولم تستطيع وزارة الصحة الإيرانية بإمكاناتها الحالية مواجهة فيروس كورونا. فحيث أصبحت الحركة شبه معدومة في المدن الايرانية، وفي شوارع التسوق، أخذت الناس يغطون أنوفهم وأفواههم بالقناع مريب فعلاً. وتجسدت أحدث صورها في مشاهد تناقلتها وسائل إعلام محلية لمطار طهران الدولي وهو خاوٍ من المسافرين.
وقد وصل الفيروس إلى قمة السلطات الإيرانية؛ ما أدى إلى وفاة مستشار لآية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران. رغم ذلك لم تغلق ايران حدودها البرية مع أي من الدول المجاورة، ولم توقف رحلاتها الجوية مع دول العالم.
(تعطيل التجارة والنقل، مهمة صعبة، إذ يعبر التجار بانتظام حدود إيران في كلا الاتجاهين لممارسة الأعمال التجارية، ويمكن للبضائع المرور عبر العديد من المعابر الرسمية وغير الرسمية على الحدود المشتركة).
بادرت بعض الدول المجاورة الى غلق حدودها البرية مع إيران، وإيقاف حركة التبادل التجاري، في محاولة لمنع انتقال الفيروس إليها, حيث تعتبر ايران بؤرة الوباء بعد الصين، وأتْخذتْ إجراءات لإيقاف الرحلات الجوية من والى ايران، تضمنت بعض القرارات بتقديم الدعم الأمني والحماية للمنافذ الحدودية، والذي تضمن منع سفر المواطنين الى إيران، وحظر سفرالإيرانيين الى دولهم، لمنع انتشار المرض على نطاق أوسع. إذ باتت إيران في عزلة دولية، ولا نافذة لها على العالم.
الكثير من الناس تعتبر ان الفايروس عبارة عن لعبة سياسية حاكتها دول غربية لغرض الضغط النفسي على بعض الأنظمة، في هذا الإطار استعرضت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية تقارير رسمية عن مستوى تفشي فيروس كورونا في إيران، من المقرر استكمال استراتيجية الضغط القصوى ضد ايران عبر إصطلاح فيروس كورونا.



2
قراءة متأنية في مفهوم الاعلام والهجرة

محمود الوندي

لوسائل الاعلام دور مهم وخطير في توجيه وعي المتلقي من كافة الأعمار من خلال ضخ الكم الهائل من المعلومات ، يؤكد العلماء في هذا المجال على أن دور هذه المؤسسات الأعلامية يعد من الأدوار الخطيرة في توجيه التطور والحضارة البشرية ومن خلال معرفة المجتمع وفي ما يدور في هذا العالم من أحداث ومتغيرات ، كونها أصبحت في متناول الجميع ومن مختلف المستويات الأجتماعية .
كما ان وسائل الاعلام تلعب دورا مهما لعراقيي المهجر في الحفاظ على الهوية الثقافية والقومية لبلدهم ومجتمعهم ، من خلال تحديد العلاقة بين الجمهور المشاهد في المهجر ووسائل الاعلام وخصوصا عند بث البرامج الحية المباشرة ، بحيث تكون لدى هذه الوسائل برامج خاصة للمهاجر للحصول على معلومات مناسبة حول الاحداث المهمة في البلد ، ، وتكون كل الاحداث العالمية وبالاخص المحلية في متناول اليد ، الى جانب ذلك تستفيد هذه الوسائل من الطاقات الابداعية الكامنة لدى المهاجر للتفاعل مع تلك الوسائل من خلال الأخذ والعطاء بين كلا الطرفين وهذا يعتمد على السياسة الاعلامية التي تتبعها الوسائل الاعلامية لأغناء نفسها والمتلقي في آن واحد ومن ثم جعل المتلقي زبونا طالبا للقنوات التي تكون من المفضلات لديه .
لقد عولجت موضوع الهجرة والمهاجرين من خلال العديد من الدراسات ومن جوانب متعددة للمسألة إلا انه من النادر ان تجد دراسات عالجت هذا الموضوع من زاوية علاقته بوسائل الاعلام ، خاصة القنوات الفضائية التي فرضت نفسها من بين وسائل الاعلام على المشاهد المتلقي بشكل كبير وتأثيرها على حياة الفرد المهاجر اليومي ، بعد ان غزت الفضائيات دور الناس وأحدثت ثورة عملاقة في عالم المعلومات التي كانت سابقا حكرا على الصحافة الورقية والاذاعات ومحطات التلفزة الموجهة .
إن موضوع العلاقة بين الانسان في المهجر والقنوات الفضائية لم تحضى أهتمام الدارسين والباحثين الا قليلا ، ألا أننا ندرك مدى أهتمام الناس في المهجر بهذه الوسيلة وذلك لأسباب عديدة لا يسع المجال هنا لتناولها غير أننا نوجز ذلك في ظاهرة الحنين الى الوطن بكل ما تحمل هذه العبارة من تفاصيل منها اللغة والثقافة التي ترعرع معها منذ الطفولة والرغبة في سماع الموروث الغنائي الى آخر ما يمكن قوله في هذا الصدد .
أهمية التوجية الاعلامي الى أفراد المهاجرين تتناسب طرديا مع عدد المهاجرين ، فكلما زاد عددهم كلما كان التوجه أهم ، فعدد المهاجرين في تزايد مستمر تبعا للتباين الكبير بين الدول الصناعية ومستوى المعيشة فيها وبين دول الشرق أوسطية التي تعاني من فساد أقتصادي وسياسي وأداري وعدم وجود فرص العمل بالاضافة الى الوضع الامني الذي يزداد سوءا يوم بعد آخر .


3
تصعيد العنف بحق المنتفظين لإنهاءالانتفاضة

محمود الوندي

الانتفاضات والاحتجاجات ليست وليدة اليوم. ففي تاريخ الإنسانية الطويل توجد الثورات والاحتجاجات لدى الشعوب ، وإذا كانت مقموعة من قبل السلطة الحاكمة ولا تستجيب لمطالبها المشروعة. أي بمعنى .. أينما وجد الظلم الاجتماعي او الاقتصادي أو السياسي، وفقدان الرعاية الصحية والحياتية، فإن الانتفاضات واقعة لا محالة. حيث تثور الشعوب وتنتفض، وتلجأ إلى الثورات لتغير النظام الحاكم برمته.
مع تصعيد العنف بمواجهة التظاهرات الشعبية المتواصلة في بغداد العاصمة ومدن جنوب البلاد ووسطها، وأعتداءات غير عادية عليها من قبل المليشيات الحزبية، عقب سلسلة من عمليات الاغتيال التي طاولت ناشطين وتعرضهم للاختطاف فيما بينهم فتيات (لا تزال عمليات الاختطاف مستمرة)؛ ورغم كل ذلك تشهد بغداد وتلك المدن التظاهرات أكثر تحديدا للمليشيات والسلطة القائمة. 
بعد دخول عناصر مسلحة ملثمة ساحة الخلاني والسنك؛ استغلال الفراغ الامني، وابعاد الأجهزة الأمنية عن الساحات المنتفضين، لعدم قدرتها على مواجهة المسلحين، وتمهيداً لعناصر الملثمة بالإعتداء على المتظاهرين. فعلا قاموا الملثمين، بعد قيام الحكومة بقطع التيار الكهربائي عن منطقة (السنك والخلاني) خلال المجزرة، لاستفزاز المتظاهرين ومنعهم من التواجد في تلك المناطق، واطلاق نار كثيف وجه صوب المجتمعين ما أوقع عددا من الضحايا. وكما تعرض عدد من المنتفضين السلميين الى الاعتداء بالاسلحة النارية والسكاكين والادوات الجارحة وقنابل المولوتوف لحرق المكان واخلائه، وكذلك تم خطف ثلاثة وعشرين متظاهرا سلميا. وهذا ما وثقته وسائل الاعلام المحلية والعالمية .
رغم كل ذلك .. توافداً لآلاف المواطنين غالبيتهم من الطلاب والطالبات الجامعيين والثانويات الى ساحة التحرير وجسر الجمهورية، بينما استمر تجمهر المتظاهرين في ساحتي الخلاني والطيران وقرب جسر السنك والمرأب القريب منه. ترديد شعارات تطالب أسقاط النظام ومحاسبة الفاسدين والقتلة، وتدعى المتظاهرون إن الطرف الثالث يمثل المليشيات ولائهم الى الأحزاب المتنفذة، التي دخلوا بقوة على خط قمع التظاهرات وإنهاءها. من خلال ممارستهم عمليات قمع واسعة للتظاهرات.
وكذلك الحال في الجنوب والوسط، حيث شهدت ساحات اعتصام بابل كربلاء والنجف والبصرة والسماوة والناصرية، احتشاداً واسعاً للمتظاهرين، وسط تنظيم لفعاليات مختلفة من قبل ناشطين داخل تلك الساحات، تعددت بين جمع تبرعات لأسر ضحايا التظاهرات كون غالبيتهم من الطبقة الفقيرة ..هذه دلالة، لان هزيمتهم على يد الثوار السلميين في جميع الساحات .. تبشر كلها بالانتصار الميمون.
رغم كل هذه التهديدات، أطلق العراقيون صرخاتهم طالبين حياة أفضل، وارتفع سقف مطالبهم من محاربة الفساد إلى إقالة الحكومة وحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة بعد إعداد قانون جديد للانتخابات ومفوضية انتخاب نزيهة. وتجديدًا لكامل المؤسسات السياسية في البلاد.

4
"التظاهرات المضادة" تكتيك الأحزاب السياسية المتنفذة

محمود الوندي

تستمر ثورة الشعب وانتفاضته في وجه السلطة، ومطالبه الواضح والصريح؛ حيث تفترش الجماهير الغاضبة الطرقات والدروب في ساحة التحرير وشوارع مدينة بغداد العاصمة، وفي محافظات الجنوب والوسط، ويطالب بالعيش الكريم ومحاربة البطالة والفساد الإداري والمالي ومحاسبة المسؤولين الفاسدين والفاشلين.
إلا أن تكتيك الأحزاب السياسية المتنفذة التي ادعت الى "التظاهرات المضادة"، الذي اتبعته في ساحة التحرير بالعاصمة العراقية،. بعد ان ألتجئت مليشياتها الى الهجوم المسلح على المتظاهرون قرب جسر السنك وساحة الخلاني، وسط بغداد، وتسبب في سقوط عدد من القتلى والجرحى. بعد تجريد القوات الأمنية من سلاحها .. أي بمعنى اعطاء الضوء الأخضر للخارجين عن القانون بقتل المتظاهرين العُزّل !!!
عندما أيقنت الاحزاب المتنفذة أن ساحات الاحتجاج عبر البلاد لا تهتم لمشاورتها السياسية التي تدور منذ أيام خلف كواليس، لاختيار خليفة لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، إلى أن الشارع العراقي سيرفض كل مخرجات المفاوضات السياسية، بما في ذلك رئيس الحكومة الجديد، الذي يراد له أن يخرج من أوساط المتظاهرين أنفسهم. 
فان المنتفضين يؤكدون أنهم يريدون في تغيير النظام السياسي للبلاد بكل مؤسساته دون استثناء وعلى رأسها المؤسسات التي تؤصل لنفوذ الإحزاب داخلها على توازن المحاصصة. لذلك لجأت الأحزاب السياسية المتنفذة إلى تكتيك "التظاهرات المضادة" وبث الاشاعات لتشويه الانتفاضة السلمية، وللتغطية على جرائم النظام.
بعد فشل تجربة التظاهرات المضادة، التي نفذتها الأحزاب الحاكمة، في إجهاض حركة الاحتجاج الواسعة ضد الفساد وسوء الإدارة والمحاصصة، تختبر السياسين نموذجاً جديداً يقوم على فكرة "التوازن الاجتماعي" في ساحات التظاهر. بالسعي إلى السيطرة على ساحة التحرير، معقل الاحتجاجات في بغداد،، على اعتبار أن المحتجين لا يمثلون الشعب العراقي كله، ومحاولة فض الاعتصامات فيها بذريعة وهمية القضاء على المندسين وطردهم.   
في هذا السياق، تشجع الأحزاب السياسية المتنفذة جمهورها، على النزول إلى الساحات، ومحاولة خلق التوازن مع المتظاهرين الموجودين فيها منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من خلال رفع شعارات باسم المرجعية. وكذلك رافعين شعارات ليست مألوفة، من قبيل الموت لـ "حزب البعث" و"داعش" والولايات المتحدة وإسرائيل، وكان البعض ملثمون يحملون أسلحة رشاشة ويقفون عند مداخل الساحة تهيياً للاعتداء على المنتفضين الحقيقيين ضد الحكومة الفاسدة والفاشلة. بهدف إشاعة الرعب في صفوف المحتجين لتفريقهم وافشال مساعيهم .. ما أثار استغراب المتظاهرين المعتصمين في ساحة التحرير.


5
شرارات اندلعت واذا بشظاياها تصاب المسؤولين الفاسدين

محمود الوندي

يشارك الشبان العراقيون بالآلاف منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكومة من يوم الأول من شهر أكتوبر (تشرين الأول) في العاصمة وامتدادها سريعا إلى جنوب البلاد. تصدي قوات الأمن للمظاهرات السلمية بإطلاق الذخيرة الحية والرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة على أجساد المتظاهرين. إلى أن قتلت ما لا يقل عن 320 شخصا، وجرحت حوالي 15 ألفا، بحسب مكتب الأمم المتحدة في العراق.
الانتفاضات المتواصلة منذ الشهر الماضي في أنحاء العراق فبعد الفشل الذريع لأحزاب الاسلام السياسي بسبب الفساد والبطالة والتدخل الإيراني في شؤون الحكومة، وكذلك تدخل السعودية وتركيا بشكل حثيث لافشال الدولة المدنية في العراق, وتطالب المنتفضين  بتغيير النظام الطائفي في العراق ورحيل الزعماء الذين يعتبرونهم فاسدين.
أن كثيرا من المنتفضين هم من الطبقة العاملة ومن العوائل المسحوقة والذين سيطروا على الحواجز المنصوبة في العاصمة العراقية بغداد والمدن الاخرى في الوسط والجنوب، التي تهز عرش الفاسدين والمتسلطين على شؤون الدولة. 
إن العراقيين عانوا لعقود من الحرمان الاقتصادي والاضطهاد السياسي، بالإضافة إلى القمع الحكومي على ايدي الاجهزة الامنية خلال الحكم الديكتاتور صدام حسين، بعد تغيير النظام عام 2003 واخذت هولاء يشعرون بالإحباط من الحكومة الجديدة لأنهم ما زالوا يعانون من الفقر والحرمان والبطالة ورغم الثروة النفطية العراقية، ولم يشعروا بأي تحسن في حياتهم.
وان السبب الرئيسي لمعاناة الشعب، ان دول الجوار سيطروا على اقتصاد العراق ليكون سوقاً لبضائعهم ومنبعا الاولية الوفيرة الرخيصة, وبهذا وضح بكل الوضوح السبب الذي يدفع البعض الى محاربة الصناعة الوطنية والانتاج الزراعي. وهذا بالطبع يفقد الشعب مصدر رزقه وعدم ترويج بضائعه في اسواق العراق . ونجد عملاء دول الجوار يحاربون الصناعة الوطنية والانتاج الزراعي بكل الوسائل المطروحة وغير المشروعة.
هنا تبينت، أن الحكومة العراقية غير مستعدة للعمل بأي ثمن من خدمة المجتمع خدمة صحيحة وانها ليست قادرا على اناطة كل عملها بمصالح الشعب، لانها افلست سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وحتى فكريا وبعد ان استفحلت المتناقضات بين الاحزاب المتنفذة نتيجة للتفاوت بين سرقاتهم. لذلك عصفت بوجه الفاسدين مجموعة من الشباب التي نفخت بهم روح التضحية والنضال بعد ان كاد اليأس يتسرب الى قلوبهم وارشدتهم الى طريق الخلاص من الحكومة الفاسدة والفاشلة والمطالبة ترحيل الحكومة .. من الطبيعي ان تركز الحكومة من خلال الاجهزة الامنية المتنوعة على القمع وبجميع الوسائل الوحشية على المنفضين!!!
شرارات اندلعت واذا بشظاياها تصاب المسؤولين الفاسدين فيحرقهم. واذا بهم مذهولين. خائفين وكيانهم يهتز من هذه الشرارات. لذلك تحاول الطبقة الحاكمة الفاسدة معاملة المنتفضين بكل قساوة وارهابهم بكل وسيلة وحملهم على كسر الانتفاضة والقضاء عليها مهما كانت النتائج المرة. فأخذت الاجهزة الامنية تطلق النار في الهواء اولا وبعد ذلك أخذت توجهه نحو المنتفضين فأخذ الرصاص يخترق اجسامهم, الى جانب اختطاف الناشطين وتعذيبهم .
مطالب المتظاهرين مشروعة، وعلى الحكومة العراقية وان تستجيب لها وتؤمن للشعب العراقي حياة افضل، وابتعاد عن الاجندات الاقليمية التي تفرض نفسها على المشهد السياسي العراقي، ان تكون للعراق اجندته الخاصة به وليست اجندات خارجية !!! 


6
انتفاضة الجياع ضد الفاسدين
محمود الوندي

تعدُ هذه التظاهرات هي الاعنف منذ سقوط نظام البعث في عام 2003 وحتى الان، اذ خرج الالاف احتجاجا في تظاهرات احتجاجية مطالبين بتوفير الخدمات، وتحسين الواقع المعيشي، وتوفير الوظائف للعاطلين، والقضاء على ظاهرتي البطالة المتفشية في المجتمع، والفساد المالي والاداري المستشري في دوائر الدولة ومؤسساتها.
ظهر احتقانا شعبيا كبيرا تجاه الوضع المعيشي الصعب الذي يعانيه غالبية العراقيين جراء غياب العدالة الاجتماعية واستشراء الفساد، مع اتساع رقعة الفوارق الاجتماعية.. حيث نشأ في العراق الفارق الطبقي الكبير (طبقة مترفة للغاية وأخرى لا تجد ثمن عشاء يومها)، الى جانب الإخفاقات الأمنية !!. هناك أيضاً أفرزت فضائح عديدة بتورّط شخصيات سياسية بارزة بعمليات تهريب وغسل الأموال واستيراد مواد صحية وأغذية فاسدة للعراقيين. ناهيك عن الأزمات العميقة التي يعاني منها العراق نتيجة النهج المحاصصة للعملية السياسية.
أن جملة ظروف وعوامل تكدست في السنيين الماضية، وفشلت الحكومة العراقية في إدارة الدولة بصورة صحيحة، وفقد العراقيين ثقتهم بها، كانت كفيلة لخلقها شرارة تفجر التظاهرات في دفع العراقيين للنزول إلى ساحات المدن والشوارع للاحتجاج على سياسة الحكومة، والمطالبة بحقوقها المشروعة. واحتجاجا على الفساد المتفشي في صفوف الأحزاب الحاكمة وعدم إرساء أسس القضاء المستقل النزيه لمحاسبة الفاسدين. وهناك ما تصدره المنظمات الاستقصائية التي تثبت في كل مرة أن معدلات الفساد المالي في العراق بازدياد مستمر!!!
ان الاحزاب والكتل المسيطرة على إدارة البلاد منذ عام 2003؛ لم يقدموا أي خدمات الى الشعب العراقي، وحرمانه، من أبسط شروط العيش الكريم، من الماء والكهرباء، إلى جانب ارتفاع معدلات الفقر والبطالة الواضحة في صفوف الشباب وعدم إيجاد فرص العمل لهم، أضافة الى ذلك بان المحاصصة الطائفية أدت الى أقصاء الكفاءات والمختصين وابعادهم عن مؤسسات الدولة، ولم تستفيد من عقولهم في بناء العراق الجديد.
لقد انحسرت فرص العمل والوظائف بالمقربين من الأحزاب السياسية وأهملت شريحة كبيرة من المثفين والشهادات العالية، فيما زادت الجماهير العراقية في نقمة متزايدة على الحكومة، بحيث  دفعت الطبقة الكادحة الى الشارع العراقي الى التظاهرات والاحتججات، بشكل أكثر عنفوانا. 
أصبح اليوم، يوم اسود على الحكومة، عندما برزت الصحوة العراقية وتعاطف واسع من المثقفين والمنظمات المدنية مع المنتفضين، لذلك لم تتمكن الاجهزة الامنية من قمع هذه الانتفاضة، رغم سقوط مئات الشهداء والجرحى. وتعتبر هذه بداية الشرارة أن تستبدل طبقة سياسية غير نزيهة التي حكمت العراق وظلمت الشعب بكل شرائحه، وفرقت الشعب على كانتونات طائفية وعرقية.

7
لم ودعتنا مبكراً يا نبراس الشعر والادب ابراهيم الخياط ؟؟

محمود الوندي

 




سيبقى بصري مدى العمر وفيّاً مديناً للفجر،
ولطيفه المُبهر بالألوان ..
محياه لا يبارح أزمنة الحلم..
وما أعذب غَسقَ حزنه،
فكل يومٍ يُطلّ على سيمائي،
يغسلُ همي من الألم..
ابكي لفراغِ عم روحي..

الشاعر والفنان التشكيلي حكيم نديم الداوودي

صدق هذا الشاعرالمبدع في ابياته انّ وجهاً مشرقاً كالخياط ابراهيم ترك فراغاً وفراقاً وخراباً في مدن الوفاء والمواقف الجميلة... حقا ان القلم ليعجزعن وداعك يا راحلنا الكبير، فكنت نعم الصديق ونعم الرفيق...
فوداعك الخاطف سحب بساط السعادة والذكريات من تحت أقدامنا ، انْ حرمنا الزمن اللقاء بك، فلن ُيحرّمنا ابداً عن ذكراك، أنك في قلبي وفي فؤاد محبيك.. أعدك يا صديقي وعد الاوفياء انْ لا أنساك وانت الآن في جوار ربك ستعيش وتخلد في ضمائرنا مع ديمومة مبادئك السامية وشمائل اخلاقك العالية وتبقى نبضً حياً ترشدنا نحو معالم الطريق الذي سلكته طيلة حياتك الحافلة بالنشاط والعطاء، والعامرة بالمواقف الانسانية وبذل العطاء المستمرفي سبيل تنوير المجتمع نحوغد مكلل بالامان وحرية تعبيرالرأي بلا قيود وضمان سعادة وازدهار لشعب منذ عقود وهويتوق لنشر المحبة والوئام وتثبيت دعائم الازدهار.
لا أدري عن ماذا اكتب يا خياط؟ عن سرد نزاهتكم وسيرة ثقافتكم ام عن اخلاقكم وصدقكم وعن تعاملكم الراقي مع لطائف اناسٍ احببتهم واحبتكم، والتواضع واحترام الاخرين كانت عناوين دائمة لكم لمبتدأ اصبوحتكم واماسيكم؟ عن ماذا اكتب؟ اكتب عن سيرتكم الحافلة بالمواقف الجميلة والمحطات المضيءة بالعطاء والشمائل التي تشهد لكم على علو قامتكم الانسانية والثقافية الاجتماعية مع جميع المكونات الاجتماعية .
اكتب عن ماذا؟ وانا لهذه اللحظة اعيش صدمة ولم افق منها وكيف اصدق رحيلك الموجع اكتب عن ذكرياتي التي لا تنسى يوم ألتقينا في خانقين ولأول مرة في مقهى عبد المجيد لطفي عندما أصبحتَ رئيساً لجمهورية البرتقال من خلال قراءتك لقصيدتك الرائعة عن مدينة بعقوبة، مدينة الشعراء واريج القداح والبرتقال. فقد قضيت معك أوقاتًا جميلةً في خانقين وسهرة على سد نهرالوند، مفعمة بالتألق ودردشة استعادت فيها ايام الماضي من النشأة والميلاد والحب والثورة وعشق المبادئ حتى الرمق الاخيروكنت على أمل أن نلتقي في مجيئي القادم ولم ادر انّ القدر سيحيل بيننا ، بالوداع الابدي وأن نفترقَ بهذه العجالة
حقاً تعجز الكلمات في رسم مرارة وداعكم، يا صديقي الشاعرالنبيل، انت في القلب ستتألق اكثرإشراقاً، فهل كنت مجبَراً على هذا الرحيل بغيرأوان ام كنت مع موعد خفي مع الاقدار وانت تمر مع ثلة من محبيك بين بغداد واربيل وتنثرعلى انغام صوت فيروز ورد المحبة والوداعية وتقول للعصافيرالطائرة تمهلوا قليلا سأحلَق معكم ومعي قصائد موشاة بالحنين ولي رغبة لاستراحة محارب كاد ان يقول لمناصريه ولونده الوفي وداعا ... ساغفو قليلا لاستلهم ساعاتي الجديدة في عالم اخراكثر امناً، لا فيه مللٌ ولا وجلٌ ، ولا دوي مدفع ولا غيابٍ بلا عودة .. لك سلام .
والمٌ وتحية اكبار، واكاليل من المودة الصادقة وانت تدشن غياب عالمك الجديد بابتسامةٍ عطرة وكلمات خالدة تظلّ تعبق بالحبق والورود.







8
أَصدَقُ الدُّموعِ في رِثاءِ الصديق
محمود الوندي

يثير الموت في قلوبنا الرهبة الكبرى!! وحيث نبكي على الراحل، كما نذكره مرارة وألم وشعور بالغ بفقدانه، ونذرف الدمع في وداعه. إن كل الآمنا ودموعنا وفرقنا وقلقنا لأننا لن نلتقي بعد اليوم في دنيانا، ولو نحن سائرون إليه شئنا أم أبينا؟ فكل شخص مهمــا طال غيابه لا بد وانه الى اهله يؤوب... ولكن هناك رحلة الى الدار الأخرة ولم نعد فهذا قدرنا !!!
لإن تراجيديا الموت، بكل قسوته وفداحته ومرارته، التي تغور جروحه عميقاً في القلب، وتستوطن أوجاعه في ثنايا الروح، وقد لا تبرحها، قبل غياب الروح المكتوب منذ الأزل، لولا نعمة النسيان، التي من الله بها على الإنسان.
وحسرة القلب المعجونة بالاهات لا تخفف من اللوعة والقهر بفقدان الصديق العمر "إبراهيم حسن الباجلان" الذي صدمني نبأ وفاته ورحيله الابدي مودعـا هذه الدنيـــا (بعد صراع طويل مع المرض الخبيث). لان كان عنوانا عريضا للإنسانية والصداقة, ونبعا متدفقا للخلق المتسامي والشرف العالي، وكان يتلمس فيه القيم الاخلاقية العالية والصلابة الفكرية كمناضل وجهادي من اجل قوميته، وفي سبيل عراق خال من الدكتاتورية. 
نعم إنها فاجعة ، أنه صديقا مخلصاً ووفياً لصداقته، وله مواقفا شامخة على انف الزمن، وانه خلف تراثا ممسقا من الاشراقات والعطاءات ، كان ملتزما بالوطنية والقومية الحقة بأن أيمـانه كان قويـا وعزيمته كانت الأقوى. وكان شخصية اجتماعية معروفه في محافظة ديالى ومدينته خانقين، وكان يمتع بكل الصفات الانسانية والاخلاقية فهو متواضع وانسان بسيط يحب الناس والناس تحبه ، لقد وجد فيه الأصالة الأخلاق والبعيدة كل البعد عن مغريات الدنيا والمنافع الذاتية، إضافة الى نظارته وابتسامته التي كانت لا تفارقه لحظة. وبذلك فقدت مدينة خانقين شخصية عرفت بالطيبة ودماثة الخلق وحب كوردستان والعراق .
ولا خطرت ببالي رحليك يا صديقي كان مرّاً.. هل تعلم بأن رحيلك أضاع النور في حلك الليالي .. فذكرك سوف يحيا في خيالنا وقلوبنا .. سيبقى أسمك في رحاب الخلد نسراً
لقد رحلت يـا صديق العمر عنا وفضلت البقاء حيث رحلت، وتركت في نفوسنا لوعة من النار والحسرة، نعم رحلت ايهـا العزيز، ورحيلك بهذه العجالة قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة، وفي عيونهم دمعـا ، وفي قلوبهم غصة ... كنـت اتمنى ان اكون في مديتنا الحبية "خانقين" يا زميلي وصديقي لتوديعك الى مثواك الأخير ... فنم قرير العين في مثواك السرمدي يـا قرة عيني، ومهجة قلبي، فمـا هذه الدنيــا الا دار فناء وزوال ، لكنك رغم بعادك عنـي فانت تعيش في عقلي، ووسط قلبي ، وفي ضميري .
تؤم الناس بيتك كي تعزي
ولكن من يعزيني بحالي
نعم الموت حق على جميع الناس، ولكن حينمــا يموت الأنسان ويترك اثـارا حسنة فهذه نعمة من الله، فالمرحوم الباجلان مات بعد مسيرة حافلة بالعطاء الإنساني والأخلاقي اكسبته سمعة طيبة بين اصدقائه ومعارفه وبين اهالي مدينة خانقين.


9
الى متى ينتظر الشعب وعودهم الكاذبة

محمود الوندي

تشهد العديد من المدن العراقية تقصيرا أمنيا وخدمياً وتسيبا فيما يخص محاربة الجريمة ومكافحة المخدرات بأنواعها وأشكالها، التي تحوّلت إلى خطر يهدّد تماسك المجتمع واستقراره، كما تشكو العراقيون من قلة الخدمات الحياتية والإنسانية وأنتشار الفقر والمرض في ظل غياب واضح للسياسات الاقتصادية الوطنية التي من شأنها أن تقدم تلك الخدمات للمواطنين ومعالجة الفقر وتقديم الرعاية الصحية. وتقلل من معاناة العوائل الفقيرة. 
خمسة عشر عاما والعراقيين ينتظرون ويتأملون .. بعد تغيير النظام السياسي في العراق ولسوف ينتعمون بدولة ديمقراطية وحكومة تخدم الشعب وتلبي حاجاتهم الاساسية وتنتهي مأساتهم مع تغييرأحوالهم المعيشية. حيث أنتظروا مفاجآت تدفعهم لتصديق الوعود التي كان عبد المهدي قد أطلقها. ليفتح ذلك عهداً جديداً في تغيير نهج الحياة السياسية العراقية عند تشكيل حكومته. بإن الأسماء التي ترُشح لمنصب الوزارات بحسب الاختصاصات عبر النافذة الإلكترونية. بل إن "عبد المهدي جاء بعكس ما قاله ووعد به تماماً، "فهذه ليست سوى ضحك على الذقون واستخفاف بالعقول". ومعتبراً أن الحكومة الحالية لا تختلف عن سابقتها.
فالكابينة التي قدمها عبد المهدي لم تكن بمستوى طموح الشعب العراقي، أي لا جديد في تشكيل الحكومة العراقية, لمعالجة جراح السنوات الماضية، والمساهمة في شفائه التي تعمقت بفعل الاحداث والكوارث التي تعانيها وعانته ابناء الشعب بعد دخول الدواعش الى العديد من المدن العراقية .. ونعود الى موضوعنا الرئيسي أن "التشكيلة الوزارية الجديدة" هي مخيبة للآمال، لأن أغلبية الوزراء الذين صوّت البرلمان بالموافقة عليهم هم أقرباء زعامات سياسية؛ إذن فان تشكيل الحكومة الجديدة لا تخدم العراقيين كسابقتها. بل أخطر من حكومات محاصصة، هو تدشين عهد جديد لـ "حكومات الأقارب". هنا تبين وتؤكد، فإن حكومة جديدة هي أكثر هشاشة من الحكومات السابقة.
فالالية التي اعتمدها عبد المهدي في اختياره لوزراء حكومته الجديدة غير منصفة وغير عادلة، كما لم يتم اختيارهم وفقا للمهنية. لإن أغلب الأحزاب المتنفذة ترغب في توزيع المناصب وفق المحاصصة لسيطرة على الوزارات في تشكيلة جديدة بحجة حسب المستحقات البرلمانية. الطامعة بالمناصب سعت الى فرض نفسها من جديد، ولذلك مارست أنواع الضغوط لتدفع الامور على سكة المحاصصة ذاتها، التي ارهقت الشعب والبلد بمساوئها وتداعياتها الكارثية".
إن الشعب يتحمل جزء أكبر من هذه الكوارث التي تلحق به، لأنه ساكت ونائم وعايش عن التأملات والوعود الكاذبة .. اذا لم ينهض الشعب ويستيقظ من سباته ليضع نهاية للفاسدين والخادعين، فان الفقر والمرض سوف تعصف بالعراق ويهلك الأخضر واليابس. وعليه إن يواصل الاعتصامات والاحتججات ويضع حدا للظلم التاريخي الذي تعرض له العراقيين قرابة 16 سنة على الاحتلال الأميركي للعراق بفعل الفساد الحكومي والحزبي.


10
لعبة سياسية لسياقت اتفاقيات سابقة
محمود الوندي

ظنّ الكثير من العراقيين بعد سقوط نظام البعث، أن ساعة النحس العراقية الطويلة قد ولّت.. وأن تغيير النظام السياسي سوف يضع أسس لبناء دولة معاصرة. لتبدأ الحياة سعادتهم.. وأنتهى القمع والحروب المتتالية وسوء الأحوال المعيشية. سيتمكّنون من إعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية هادفة على المعايير الوطنية والعدالة الاجتماعية، بتصوّر أن الحكومة الجديدة سيتولّى إدارة الدولة هم ذوو كفاءات وخبرات عالية المستوى، أن يكون العراق بلداً مستقرّاً ينعم سكانه بثرواته الطائلة حال نظرائه من الدول النفطية. وأصبحوا مطمئنين أنفسهم ستكون الأمور أفضل. 
ولم يمض الكثير من الوقت ليكتشف العراقيون أنهم!! إنّما بنوا في أذهانهم قصوراً من رمل وقشّ. قد حُشر الشعب العراقي في نفق شديد الظلمة لم يكن يلوح ضوء في نهايته. فقد استشرى الفساد في جسد القطاعين العام والخاص في العراق. منذ البداية شكلت هيئة رئاسة الحكومة العراقية وفق نظام المحاصصة، التي المعمولة به طيلة السنوات الماضية. وبحيث استطاعت المفسدين أن تعرقل كل الجهود المبذولة لدفع العراق إلى مستقبل أفضل. من خلال هيمنتهم على مفردات القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ورغم ذلك محاولاً لتضليل الناس بلعبة سياسية جديدة لسياقت اتفاقيات سابقة".
إن ما جرى داخل البرلمان هو أختيار هيئة رئاسة مجلس النواب الجديد ومجلس الوزراء ورئيس الحمهورية، من "الألاعيب السياسية التي تجري هذه الأيام وخصوصاً عمليات التزييف والتزوير التي جرت في مجلس النواب، وهذا ما ينذر بكارثة مضاعفة في الواقع. فتقاسم السلطة والمناصب وفق نظام المحاصصة بين القوى المتنفذة التي تسيطر على البرلمان، هنا مؤكداً أن "الحكومة المقبلة لن تختلف عن حكومة تقليدية كما كانت سابقتها، ولم يتغير اي شيء اطلاقا عنها، ولن تنتهِ إلا بمزيد من المصائب والنكبات على الشعب العراقي".. وهنا تبين لا تريد القوة المسيطرة على السياسة العراقية أن تنتج عنها حكومات حقيقية، ولا توجد نواة حقيقية لديهم لعملية التغيير في العراق نحو بدايات دولة وطنية حديثة.
وما زال يستمر التقليد السياسي في العراق والذي خارج عن نطاق الدستور منذ 2005، على أن تقاسم هيئة الرئاسة بين قوى سياسية معينة، إن "عملية التصويت في البرلمان شابها الشكوك وعلامات الاستفهام وسوء التصرف، لا سيما بعد تحول المجلس الى بازار بيع وشراء". مؤكداً أن رؤساء الكتل "أبرموا" الاتفاقيات على المناصب داخل قاعة البرلمان وخارجها، فيما كشف عن اتفاقات سياسية حصلت بالأسبوعين السابقين لتحديد مرشحي رئاسة البرلمان، وباعتقادي تكون حالة المناصب الأخرى حالة رئيس البرلمان سوف تدخل الى بازار بيع وشراء.
كان من المؤمل ان عمل هيئة رئاسة البرلمان في هذه الدورة يتجلى بإعادة الهيبة للمؤسسة التشريعية عبر تفاعل جميع اعضاء مجلس النواب في إداء مهامهم.تفعيل الاداء التشريعي والرقابي لمجلس النواب العراقي وبما يتوافق مع طموحات أبناء الشعب العراقي بكافة مكوناته. وتقديم أفضل الخدمات لابناء شعبنا، وستسعى جاهدين لتطوير عمل وكفاءة اداء اللجان النيابية ومكاتب مجلس النواب في عموم العراق. ومحاربة الفساد بشتى اشكاله وعلى كافة المستويات بغية تحقيق الإصلاح المنشود. ولكن خيبة آمال الشعب العراقي مرة أخرى.









11
مأثرة شباب مدينة خانقين

محمود الوندي

عاش الشعب العراقي تحت القمع البعثي منذ ان استلم السلطة مرة اخرى عام 1968.. وحّول جميع مؤسسات المجتمع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وحتى الدينية الى مؤسسات أمنية تابعة للنظام الحاكم للسيطرة على مقدرات المجتمع العراقي من خلال ممارسات قمع بوحشية لكي تقتل امل العيش والحرية لدى الناس.. وفقدان الثقة بين العراقيين، بحيث لا يستطيعون العمل معا وتجلى ذلك في تحدي العراقيين في هز اركان ومن ثم الى سقوط النظام البعثي.وكان الشعب الكوردي في مقدمة الشعوب التي تصدت لدكتاتورية البعث من خلال قيامه للحركة المسلحة ولترسيخ وجوده المشروع على ارض اجداده التي حولتها القوى الاستعمارية الى اجزاء مقسمة على الدول التي خدمت مصالحها، ولم يكتف الشعب الكوردي بالنضال المسلح في ترسيخ وجوده وانما التجأ الى الطرق السلمية وللغة الحوار لنيل وتثبيت حقوقه المشروعة وفق مباديء القانون الدولي. وقد تمخض نضاله المسلح الى توقيع اتفاقية سلام مع قيادة النظام العراقي ومنها اتفاقية 11 اذار في عام 1970.. وبعد مرور اربع سنوات على توقيع الاتفاقية وتنصل القيادة العراقية من تنفيذ ها، والغاء الاتفاقية المذكورة وبدء الصراع المسلح بين القوات الكوردية وقوات النظام ليتحول الى صدام مسلح بينهما. بدل اعترافه بحقوق الشعب الكوردي المشروعة. وإيقاف الحرب المدمرة معه، شرع النظام الى اتخاذ اسلوب آخر لحسم المشكلة هو تنازله المهين عن نصف شط العرب ومئات كيلو مترات من الآراضي العراقية الى الحكومة الإيرانية. مقابل فشل المقاومة الكوردية من خلال توقيع اتفاقية الجزائر 1975. بعدها عاشت كوردستان تواجدا عسكريا حكوميا مكثفا وتوترا لمنع نشوء بوادر الحركة الكوردية المسلحة، ورغم بطش النظام ووحشية اساليب اجهزته القمعية ظهرت مرة اخرى طلائع المقاومة الكوردية في جبال كوردستان الشماء .
وفي ظن النظام الفاشي كان يتوقع انه قضى على طموحات الشعب الكوردي من خلال تلك الاتفاقية وتنازلاته المشينة للحكومة الإيرانية. واخذ يحتفل بهذا الانتصار سنوياً وتضامناً مع ميلاده في كل سنة.
في ليلة 7 نيسان عام 1977 التي تصادف عيد ميلاد حزب البعث وكعادته يحتفل العراق في هذه المناسبة كل عام. ومن الطبيعي تحتفل حزب البعث في مدينة خانقين ايضاً حالها حال بقية المدن العراقية. وأخذ الحزب تزين شوارع وازقة مدينة خانقين، بلافطات تعبر عن شعارات الحزب، وتهيأ الى حفلات لليوم الثاني. لقد بادرت مجموعة من شباب المدينة الذين كانوا في التنظيم السري الجديد. قيامهم بعملية تمزيق اللافطات تحديداً للنظام.. واجتمع كل من الصحفي علي مراد ميخان (روز نامه نووس) ونبيل محمد حسين والشهيد عبد الكريم شكر. ودرسوا الموضوع جيدا من كل الجوانب ووضعوا خطة محكمة لتجنب الفشل عملهم. وفي حالة كشف أمرهم حيث حددوا أن يلتجؤوا الى بستان المرحوم أحمد قنة. وكان المكان أوفر وأمن لهم وأبعاد شبه عن عوائلهم. ويكون الانسحاب خلال فروع المدينة واحيائها صوب نهر الوند وثم طرق البساتين لاخفاء انفسهم وعدم وقوعهم في قبضة الأجهزة الأمنية او الحزبية.
لقد حددوا ساعة في منتصف الليل لبدأ العمل مع حلول ظلام دامس بعد حصولهم على دبة بلاستك سعة خمسة لترات من التيزاب من محل والد نبيل (كون والده يداول مهنة بيع البطاريات والتيزاب) ومع آلية رش المبيدات، ولحسن الحظ كانت زغات مطر خفيفة تسقط في تلك الليلة، مما كانت تساعدهم لأتلاف اللافطات.. وانطلقوا لتنفيذ العملية. لقد قاموا رش التيزاب على اللافطات المرفوعة داخل مدينة خانقين.. وفي اليوم التالي هز عرش النظام في خانقين. وأخذ ألقاء القبض على الكثير من شباب المدينة وتحقيق معهم, ولكن لم تستطيع الاجهزة الامنية والحزبية للوصول الى الفاعلين الحقيقيين.
هكذا تجازفت أبناء مدينة خانقين بحياتهم من أجل قضيتهم المشروعة وهي حقوق الشعب الكوردي والحفاظ على طبيعة مدينتهم ان تبقى كوردستانية.
المجد والخلود للشهيد كريم شكر وعمر مديد لكل من نبيل محمد حسين والصحفي علي مراد ميخان (روز نامه نووس).

(*) الشهيد عبد الكريم شكر شقيق كاتب المقالة.

12

عن اية حرية تتحدثون؟
أحمد رجب

مع إنتفاضة جماهير كوردستان العارمة في آذار  1991 التي كانت تعبيرا عن إرادة شعب كوردستان ضد النظام الدموي للدكتاتور صدام حسين وحزب البعث العربي والتي سجلت بدماء قانية وبتضحيات البيشمةركة وسهر ابناء الشعب الكوردستاني والمكونات والشرائح الاخرى ورص صفوف الاحزاب والاطراف السياسية معاني المجد المشرقة والانتصار الساحق على الجور والقوى الظلامية وبؤر ارهاب السلطات المستبدة السابقة ولكن الاحزاب التي كانت تناضل في الجبال ومنذ دخولها القصبات والمدن اعلنت على الفور وصايتها على الانتفاضة.
بعد إنتصار الإنتفاضة وتشكيل المؤسسات الحكومية في اقليم كوردستان، بدأ ""الحزبان الكبيران"" كما يحلو لهما الوصف – الحزب الديمقراطي الكوردستاني (حدك) والاتحاد الوطني الكوردستاني (اوك) السيطرة على تلك المؤسسات دون اي حساب للاحزاب الأخرى, وهنا اشير بأن حزبنا { الحزب الشيوعي العراقي} كان دوره فعالا، وشارك مع جماهير الشعب بالتصدي الحازم لقوات ومرتزقة النظام الدموي في رانية {بوابة الإنتفاضة} وأول شهيد كان من حزبنا.
منذ الايام الاولى للإنتفاضة نادى " الحزبان الكبيران" زؤرا وبهتانا بالديمقراطية، واخذ المسؤولون يتشدقون ويتطلعون الى حل مشاكل المواطنين وتسخير كل شيء من اجل الحفاظ على مكتسبات الانتفاضة، وبدأت ابواقهم بالثناء وتمجيد قادتهم، ولكن الكذب والدجل كان ديدنهم ولم يفعلوا شيئا يذكر وللمثال على قولنا هذا وخلال حكمهم ولحد اليوم لم يستطيعوا من توفيرالكهرباء للناس, وبالعكس من ذلك قاموا بتصفية الكتاب والصحفيين والمناضلين وكوادر الاحزاب وفي طليعتهم الشيوعي البارز لازار ميخا { ابو نصير} ، ولازال المجرم طليقا حتى يومنا هذا، لان اللجان التحقيقية تقاعست عن مهامها، ولا تجرؤ تقديم الجاني للمحاكمة.
لا ادري عن أية حرية تتحدثون يامن اصبحتم اصحاب كوردستان ؟ لقد قمتم بتعطيل عمل الجبهة الكوردستانية التي تأسست بعد عمليات الانفال السيئة الصيت، ومن ثم التنصل منها، ولم تكونوا صادقين مع الجماهيرن واستمريتم على الكذب والدجل على انكما مع الحريات، ولكن الايام كشفت عن قمعكم للحريات وتكميم الافواه عندما اغلقتم ا قناة { أزادي } التابعة للحزب الشيوعي الكوردستاني، هذه القناة التي كانت صوتا للشيوعيين واليسار في كوردستان لاسكات اصواتهم.
عن اية حرية يتحدث "الحزبان الكبيران" وحكومتهما الفاشلة؟ حرية قتل الشوعيين واليسارين من امثال فرنسيس شابو ونذير عمر والشاعر بكر علي،  حرية قتل سوران مامه حمه، حرية قتل سردشت عثمان، حرية قتل كاوه‌ گه‌رمیانی، حرية اغتيال الصحفيين الشجعان والنشطاء القديرين اصحاب الاقلام الحرة، كل هذه الاكاذيب ويزعمان بأن " العدالة في كوردستان نزيهة"؟؟؟؟.
اغلاق قناة ل{ آزادي } لا يرتبط بإجازة عمل كما يزعمون، ان الإغلاق يرتبط بغطرسة قسم من مسؤولي السلطة الفاشلة، وتكميم افواه الاحرار والمواطنين لكيلا يطالبوا بحقوقهم فالقناة حاولت الحصول على الاجازة مرات عديدة ولكن دون جدوى.
عن اية حرية يتحدثون؟ عن قناة { آزادي} او عن حرية المتهمين الهاربين من ساحات قتال دولة الخلافة الاسلامية المقيتة (داعش)، والمنسحبين من شنكال دون ان يطلقوا طلقة واحدة، حرية الذين تخاذلوا وخانوا وتركوا وباعوا شنكال والمنطقة بأكملها الى قوى الشر والظلام وتركوا المدينة بيد داعش والمنظمات الارهابية، حرية من خلقوا كارثة شنكال ومنهم : سربست بابيري - / مسؤول الفرع السابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني، موسی كه ردی ، الشيخ علو، سعيد كيسته يي وعدد أخر من الضباط وهؤلاء كانوا يعملون تحت اشراف مسرور بارزانى، وبهذا الصدد يقول المواطنون أين وعود مسعود بارزاني بمحاكمة متهمي الكارثة؟. عن أية حرية يتحدثون؟ حرية قتل المواطن الشاب بارزان رشيد امام الناس في التريفكلايت في شارع  في اربيل من قبل ضابط، ولانه قريب من عضو قيادي في حدك لم تلقي الشرطة القبض عليه. تتحدثون عن الاتفاق مع تركيا لاخذ نفط كوردستان لمدة 50 سنة ( فقط لا غیر) !. الجماهير وبرلمان كوردستان لا علم لهم بمحتويات الاتفاق المشؤوم. يتحدثون عن حرية ضرب المواطنين العزل وحرق مزروعاتهم وهدم بيوتهم وقتل الماشية بالمدافع والطائرات الحربية والهليكوبترات من قبل دولة تركيا العنصرية.
عن اية حرية يتحدثون؟ حرية استقبال الغزاة الاتراك؟ حرية قيام اعضاء حدك إقامة مأدبة افطار لهم، ويجري هذا العمل المشين في الوقت الذي اعلنت تركيا علنا بأنها  تغزو جبل قنديل ، ومن اجل ذلك ترسل تركيا عن طريق حدك الاسلحة والدبابات الى المواقع الجديدة والمواقع القديمة التي احتلتها تركيا في الاعوام الماضية..
ان إعلاق قناة { آزادي} جاءت باوامر الدول الاقليمية وبالتحديد تركيا، إذ انها قناة من القنوات التي تفضح الاساليب التركية الوحشية ضد ابناء الشعب الكوردستاني، وهي تطالب الحكومة التركية العنصرية بغلق مواقعها العسكرية في كوردستان والانسحاب والخروج من المنطقة التي اصبحت ساحة حرب، وباسم الدمقراطية والحرية يسمح المسؤولون باطلاق مخالب تركيا للعبث وقتل المواطنين الابرياء.
عن اية حرية يتحدثون؟ حرية أغلاق قناة مناضلة تكشف اسرار وزيف السراق، سراق النفط ، اصحاب العقارات في تركيا وبريطانيا وامريكا واوروبا، وقناة آزادي تفضح ارباب الدولارات في بنوك ايطاليا وسويسرا والنمسا وسويسرا وامريكا وغيرها، هذه القناة التي تسلط الاضواء على جرائم الارهابي رجب طيب اردوكان وسماسرته ومريديه هنا وهناك.
عن اية حرية يتحدثون؟ حرية المعارك الطاحنة بين " الحزبين الكبيرين " التي ادت الى قتل المئات من الشباب الكوردستانيين، وإعاقة وإخفاء الآلاف، والحرية التي تتحدثون عنها مهدت ارضية جيدة لتدخل الدول الاقليمية ايران و تركيا، كما سمح الحزب الديمقراطي الكوردستاني دخول قوات الدكتاتور صدام حسين في 31 آب  1996 ، وان الجماهير الشعبية لا تنسى تلك الخيانة.
يتحمل الحزب الديمقراطي الكوردستاني إغلاق قناة آزادي بقرار من وزارة الثقافة في حكومة كوردستان الفاشلة، وحرية هؤلاء السادة تأتي في الوقت الذي تجري الإستعدادات للإنتخابات البرلمانية وأرادوا  بهذه الخطوة الجبانة الإنتقام من الموقف الصائب للحزب الشيوعي العراقي الذي صرح بأن الإنتخابات الأخيرة للبرلمان العراقي لم تكن نزيهة وجرى التلاعب بنتائجها لصالح "الحزبين الكبيرين"، علما انهما يسيطران بشكل واسع على القطاع الاعلامي، ولهما العشرات والمئات من محطات الراديو والقنوات التلفزيونية المحلية وقنوات فضائية، ويجري الصرف عليها من قوت الشعب دون حسيب او رقيب.
عن اية حرية تتحدثون ياسادة؟ تتحدثون عن الحريات التي اهديتموها الى الهارب المتهم من وجه العدالة طارق الهاشمي وبحجة انه ضيف كوردستان، كما آويتم البعثيين، وفي مقال سابق اشرت الى اسمائهم، وصرفتم عليهم من أموال الشعب الكوردستاني الذي وبسبب تردي الاوضاع المعيشية المزرية عاش ويعيش بصعوبة، ومن جراء عملكم المتهور يواجه المجتمع الكوردستاني الآن من امراض عديدة اولها واهمها تفشي الفساد الخلقي والدعارة، والرشوة والسرقة في مفاصل حكومة كوردستان الفاشلة.
عن اية حرية تتحدثون؟ تتحدثون عن الحرية الممنوحة للمنبوذ العنصري رجب طيب اردوكان ليهدد مرة اخرى المواطنين الإيزديين، ويذكرهم بما جرى لهم في مثل هذا اليوم قبل اربعة سنوات على يد دولة الخلافة الاسلامية السيئة الصيت (داعش)، والعنصري اردوكان هذا يهددالمسؤولين في اقليم كوردستان قائلا: يجب ان تتعاونوا مع قواتنا لتنفيذ مهامها، وهنا اشير بان كوردستان نجت من مخالب صدام حسين لكي تهدى الى احفاد كمال اتاتورك.
من الضروري ان يتعرف شعب كوردستان على موقف نقابة صحفيي كوردستان من قرار إغلاق قناة { آزادي }.. لا ، للقرار الجائر، لا، لإغلاق قناة آزادي، نعم لصوت الشيوعيين واليساريين.
الحديث طويل، وليعلم من لا يعلم بان التاريخ لا يرحم الذين يحاربون الحريات، فالحرية حق طبيعي للمواطنين.
3/8/2018


13
الإستراتيجية الأمريكية في تخريب الشرق الأوسط
محمود الوندي

بعد انتهاء الحرب الباردة بتفكك وزوال الاتحاد السوفيتي عام 1991 أصبحت الفرصة السانحة للقيادات السياسية الأمريكية من أجل إعادة إحياء مشروعها بالهيمنة على العالم ، عبر إقامة نظام سياسي اقتصادي دولي خاضع لها.. من باب الدفاع والحفاظ على امنها القومي. وهذه الإستراتيجية تتعلق بتغيير الانظمة في الشرق الاوسط.
جاءت أحداث 11 أيلول 2001 كحدث أساسي لتنفيذ استراتيجيتها في الشرق الأوسط وترسيم ملامح نظام جديد يخدم مصالحها. بحجة بأن امريكا تواجه الاحتمال المخيف بقيام المتطرفين الإسلاميين بارتكاب أعمال إرهابية ضخمة في بلدها. والتي قامت بموجبها الولايات المتحدة الامريكية بشن حرب عالمية طويلة الامد ضد عدو مجهول وغامض متمثل في شبح الارهاب الإسلامي. في الحقيقة التخطيط الأمريكي سبق تلك الأحداث لأن الهجمات على البرجين في امريكا أقوى من إمكانيات القاعدة كان تقودها بن لادن.   
إن الخطوة الأولى لتحقيق تلك الهيمنة على العالم في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، بدأت من منطقة الشرق الأوسط.. بعد ان اصبحت توجهات بعض الأنظمة تتقاطع مع استراتيجيات امريكا. وثم هشاشة الأنظمة العربية، لذلك صرفت اموالاً طائلة من اجل إيجاد أنسب السبل إلى تطبيق إستراتيجيتها في الشرق الاوسط وفق مصالحها الخاصة بالمنطقة. 
لقد أعتمدت الإستراتيجية الأمريكية على استقطاب قوى سياسية معارضة، لتوظيفها في تغيير وضع النظام في بعض بلدان المنطقة بحجة القضاء على دكتاتورية السلطة والسير في طريق الإصلاح ونشرالديمقراطية والعمل على نقل القيم الحضارية الى الدول المتأخرة.
فحاولت عن طريق خلق لفوضى الخلاقة تثبيت مصالحها الاستراتيجية في بعض دول المنطقة بحجة محاربة عصابات الارهاب حفاظاً على أمنها القومي.. ومن بعدها السعي لخلق بؤر مناسبة للصراعات الإقليمية واثارة الصراعات الدينية والطائفية والعرقية والاثنية في المنطقة، لتحول شعوب المنطقة من مفهوم الشعوب إلى مكونات وطوائف وجماعات. ومن ثم التدخل في إدارتها حتى تصل إلى فرض الحلول المناسبة لها بما يخدم المصالح الأمريكية. 
بأن بسط سيطرتها على الشرق الاوسط هو مفتاح الأمان الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلاله السيطرة علي النظام العالمي بما يسمح لها من تحقيق مصالحها. خاصة بعد تبدد مشاعر الخوف من التهديدات التي كان يمثلها الوجود السوفيتي السابق كقوة عظمى منافسة.
قامت الولايات الأمريكية تشكيل البيئة الداخلية للعديد من الدول في الشرق الأوسط، وصولًا إلى ترسيم ملامح نظام إقليمي جديد يخدم المصالح والتطلعات استراتيجيتها الجديدة. باستخدام كافة الوسائل وبغض النظرعن شرعية تلك الوسيلة ام لا.. وبغض النظر عن مصالح دول المنطقة. وقد أمكنت أن الاعتماد على تنفيذ برنامجها الأمني والسياسي في منطقة الشرق الأوسط والذي يشمل مجموعة من الأولويات الضرورية للارتباط الأمريكي في المنطقةومن ضمن إستراتيجيتها تركيز على السياسات الاقتصادية الأمريكية والتي تتمثل في تأمين الطاقة. والتنافس التجاري مع الدول الكبرى في الشرق الأوسط ما تتمتع به من مميزات اقتصادية.. والذي يمكن الوصول إليه من خلال ملامح أهدافها التي تسعى دائماً لتحقيقها في ضوء المصالح الحيوية لها.
أستخدم الإدارة الامريكية وعلى نطاق واسع مبدأ ضمان ما يسمى (المصالح الحيوية الامريكية) في الشرق الأوسط.. بموجب هذا المبدأ، اتخذت شتى الاجراءات فيها، بما في ذلك استخدام القوة وإحداث التغيير المطلوب في المنطقة، وتحاول ان تفرض على الدول كيفية التصرف في مواردها الطبيعية، وتهدد بإنزال العقاب في حال رفضها!!.
حيث أصبح تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع منطقة الشرق الأوسط يسير وفق حاجات مصالحها التي تقتضي فرض واقع الاستقرار في المنطقة، حيث تنبع كافة أهدافها بضمان الهيمنة على العالم بأسره، من أجل تكريس قدرتها في الانتصار على العالم وفرض شروطها على حلفائها الأساسيين في أوروبا واليابان. 


14
جواد كيف سَّقطُ من جوادك

جاني خبر وهز القلب ودقّاته
يوم قالوا صديقك مات والحقّ صلاته
رحت ودعيت بصدق وانا بصلاته
عسى الله يغفر بدعواي ماضي حياته
رفعت النّعش وعلى كتفي ثباته
وكل همّي الفردوس تصبح جزّاته
أنحنيت عند قبره على ركبتي من غلاته
وبكيت والنّاس يقولون من يسوي سوّاته
ما دروا إن صديقي تحت التّراب أصبح مباته
وأنا فوق التّراب أتثاقل خطاته
محمود الوندي

أليس هُناك أشد قسوةً وألماً على الشخص عندما تسمع نبأ وفاةِ صديقٍ لك. خاصةً إذا ما كان الصديق وفياً صادقَ الوعدِ لهذهِ الصداقة لآخرِ لحظةٍ قَبل أن يأخذهُ الموت مِن صديقه. على الرّغمِ مِن أنّ الموت حقٌ على كُلِ إنسان، لكن جائني خبرٌ وهزَ القَلب ودقّاتِه، يوم قالوا صديقَكَ غادر هذه الدنيا إلا أنّهُ كان الأقسى والأصعب والأفجَع على النفسِ، ولا يبقى لي سوى اتذكُر الذكريات التي كانت تجمعنا معهُ وكل ليلة في غرفة البرلمان وثم الدعاء له في قبره. 
أفتَقِدُكَ كثيراً يا صديقي، يا أَرقُ وأَنقى قلب عرفتُه، نعم أنا أتألم بلا ألم، وأبكي بلا صوت، نارٌ في صدري بلا لَهب وقودها ذِكرى، فتيلها لحظاتٌ أنهت حياةُ إنسان لم تكتمل فرحَتُهُ في هذهِ الدنيا.
كل ليلة عندما أدخل غرفة البرلماني العراقي في البالتوك تأتيني ذِكرياتُك، في لمحِ البصر تَمُرُ كُل المشاهد دَفعةً واحدة، ولا أدري هل تتسابق لتواسيني، أم أنها تخشى من أن تطولَ لحظاتِ الألم فتقتلني .. لا أدري بما أعزي بهِ نفسي أم أعزي أهله وأقربائه. لأنها لحظاتٌ رهيبةٌ مَرَت علي بسرعةِ البرق وثُقلِ الجبال.
أعلم يا صديقي بأنك لن تكلمني، أعلم أنك لن تأتيني، لكني أتمنّى من كُلِ قلبي أَن تعود اللحظاتُ ولَو لساعةٍ فقط، لدقائق، لثوانٍ قليلة، لأقوَل لك عن حبنا لك وألمك في أعشاشنا .. كأنك كنت تعلم بأنهيار الكورد ولم تحقق احلامهم لذلك غادرت الحياة بهذه سرعة لكي لا تتألم مثلما نحن الآن نحرق بأنفسنا  أُصارِع أمواج المآسي، أعلمُ مُنذ احتضَنكَ القبر تحت الترابِ وقفتُ كذاكرةٍ تقف على شفيرِ النّسيان.
ونهايتي أقول: عظيمٌ اغتالهُ الموت في غُلسِ الشّباب، الذِكر يبقى زماناً بعد صاحِبه، وصاحبَ الذِكرِ تحت الأرضِ مدفون.


15
هل سنترحم على صدام حسين أم لا ؟

محمود الوندي

لا ينبغي للقاريء ان يتوقع مني اجابة شافية على السؤال الاعلاه: ربما يكون سؤال بصيغة اخرى ايهما افضل عهد صدام حسين أم عهد الاحتلال الامريكي وحكومة المحاصصة ؟ باعتبارهما الفترتان الاكثر تأثيراً في تاريخ العراق. واتسمت المرحلتان بسيطرة الاحزاب الأيديولوجية.
 فبالرغم من  تغير فلسفة الحكم في البلد  من القومية الى الدينية،  إلا ان المفارقة التي يراها المشاهد والمتابع لهذا المشهد هي الثقافة الشعاراتية الفضفاضة ، وضياع البوصلة الوطنية،  بكلا المرحلتين. في كلا الحالتين دفعت ابناء الشعب العراقي بكل مكوناته ارواح ابنائهم وضياع ممتلكاتهم.
ومن الطبيعي ان يدافع المنتفعون من النظام السابق او المقربون منه عن ذلك العهد الدموي المباد, وبالمقابل، سيدافع المنتفعون من العهد الجديد من الذين فتحت امامهم  بوابات الثراء الفاحش وفرص تهريب اموال الشعب العراقي المسكين تحت مسميات النضال المزيف ضد نظام حكم  السابق.
العراق الديني اليوم، لم يكن بأحسن حال من العراق القومي السابق،  لم يستطع ان يؤسس النظام الجديد حكومة قانونية ومؤسساتية  تدير شؤون الدولة العراقية التي تراعي فيها حقوق المواطنة وترسيخ دولة القانون وتوفير الامن للجميع ..
لقد عانى الشعب العراقي كثيرا في عهد نظام البعث، تعرضت العراقيين باقذر حملة اجرامية بعد ان سيطر حزب البعث على زمام السلطة في العراق سنة 1968 لملاحقة أبنائها البررة وزج كثير من شبابها في السجون دون وجهة الحق وهناك الكثير من الجرائم سبق ان نشرنها في الجرائد والمواقع الالكترونية الى جانب الفضائيات من خلال الحوار والمقابلات التلفزيونية.
أن "الوضع في العراق يسير منذ 14 عاما من سيء إلى أسوأ هنا اقصد في"عهد جديد". بدأت تشعر العراقيين باليأس وفاقدي الأمل والمستقبل، فلم تلبي طموحاتهم من قبل النظام الجديد التي كانت تحلم بها، واصبحوا مرة اخرى شبة منعدمين، مع ارتفاع معدلات الفساد الاداري والمالي والسياسي المنتشر أكثر في عهد النظام السابق، الكثير من المواطنين يعيشون كوابيس التهديدات اليومية لحياتهم، والكثيىر من العوائل فقدوا أعزاء لهم في دورات العنف. هنا سؤال ما فرق بين العهدين؟؟؟!!!
وعندما أغتيلت الثورة الكوردية التحررية، بدأت سياسة ترحيل الكورد من مدنها وقراها الى جنوب العراق وغربه بسبب انتمائهم القومي وبمنتهى القسوة والوحشية، ومن ثم قام نظام البعث بتعريب اكثر المدن الكوردية وتغيير ديمغرافية المناطق الكوردية، فاستباحوا امام انظارمنظمات  المجتمع الدولي محرماتهم نهبوا اموالهم، وثم الاستيلاء على ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة من قبل الاجهزة الامنية والحزبية القمعية التابعة لاعتى نظام  دموي شهده تاريخ الدولة العراقية، فكانت المماراسات اللاانسانية ادمت عيون وقلوب جميع المتعاطفين مع قضية الامة الكوردية في الداخل والخارج  ممارسات وحشية اندت لها جبين الانسانية، ولكن لم يستطع أي مسؤول حكومي او حزبي في عهد صدام حسين ان يتصرف بهوائيه ان يستولي على الممتلكات أي شخص كان يحاسب حسابا عسيرا مثلما يحدث اليوم في عهد الحكومة الجديدة حكومة المحاصصة الطائفية والإثنية لسرقة المال العام والخاص، وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003 من قبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، وانهيار الدولة العراقية، حيث تم إجراء بناء عملية سياسية قائمة على أساس المحاصصة الطائفية والإثنية، وطمس الهوية الوطنية الجامعة لصالح الهويات الفرعية. هذه المحاصصة وفّرت البيئة والمناخ الملائم لمسؤولي الدولة لسرقة المال العام والخاص، الذي انتشر بشكل مُرعب خلال السنوات وحيث ابتُليت به مؤسسات الدولة العراقية منذ التغيير ولحد الان, وبعض المسؤولين امدت أيدهم لسرقة المال الخاص واستولوا على ممتلكات الاشخاص باستغلال نفوسه الحزبي والمنصبي كما حدث معي في مدينة كركوك.
سبق ان استولى العميد اورهان خليل جمعة (مدير استخبارات كركوك سابقا وينتمي الى حزب الدعوة) على داري في منطقة رحيم آوه "دور معمل كولا" بعد طرد المؤجر بدون علمنا وسكن فيه زوجته الثالثة، لاستغلال منصبه لتخويف المؤجر ويجبره على أخلاء الدار وبصفته شقيق زوجتي وله حق لذلك واستغلال وجودنا خارج العراق، ورغم ذلك لم يبلغنا بتصرفاته واعتدائه على المؤجر، وبعد علمنا بالحادث لم نأخذ أي إجراءات بحقه بسبب هو شقيق زوجتي.
وبعد ذلك قام العميد أورهان ببيع قطعة الارض التي تقع امام دارنا ما يسمى (فضلة طريق) العائدة الى مديرية بلدية كركوك، في حالة بناء تلك القطعة سوف تؤثر على دارنا سلبا وتضايقنا في حالة الذهاب والاياب الى الدار، أليس هذا سرقة لممتلكات الدولة والاعتداء على حقوقنا وضرب القانون عرض الحائط وثم الخيانة الكبرى لشقيته.
عندما واجهته لحل هذه المعضلة ويتراجع عن البيع ولكن ألتجأ الى تهديد بصفته مدير استخبارات يستطيع يعمل أي شيء واذا لم اسكت عن حقي، وقلت له سوف يكون القانون بيننا فضحك وقال القانون بيدنا وفعلا كلامه صحيح .. عندما حاولت ان ألتقي بأي مسؤول في المدينة وكان الجدار البشري والكونكريتي يمنعني من أتصال بأي المسؤول .. واخيرا لم استطيع بأخذ أي إجراءات بحقه سوى أن ألتجأ الى وسائل الاعلام لكشف حقيقة الفساد المنتشرة في مؤسسات الدولة وهياكلها .ولعلم ترفع السارق الى درجة أعلى ونقل الى مقر وزارة الداخلية أكراماً لسرقته, كما كان يفعل حزب البعث بترفيع الشخص المنافق عندما يكتب التقارير عن المقربين له.
والان نرجع الى مصدر العنوان هل نترحم على صدام حسين عندما نكون نحن من المظلومين في العهد الجديد مثل ما كنا مظلومين ايام نظام البعث. هنا يكمل القول بان المعارضي صدام حسين اليوم هم من المنكوبين والاعتداء عليهم من قبل اشخاص نظام البعث الذين استغلوا الطائفية اللقيطة واستلموا المناصب العليا في العهد الجديد، والسطو على ممتلكاتهم، وثم تهديهم بالخطف والقتل، هنا السؤال من الفرق بين العهدين، اقول ان العهد الجديد أسوء من العهد السابق، واكرر سؤالي هل يعقل العاقل ان نترحم على الانسان المجرم بعد ما ذاقنا الحكم الحالي من الويلات.




16
ارهاق المواطن العراقي في بعض دوائر الدولة
في ظل غياب المعايير الانسانية
والروتين القاتل

محمود الوندي

بعد إسقاط نظام البعث، كان المواطن العراقي في عموم محافظات العراق بعد سقوط النظام السابق يتأما بان التغيير الشامل يشمل كل مرافق الدولة العراقية وبمافيها اتباع الاسلوب الحضاري والديمقراطي في التعامل مع معاناة العراقيين الذين اكتتوا بنار الظلم والكبت وسياسة القهر المتبعة ابان حكم البعث البائد. وظهور أفق عهد جديد أمامه، ولكن للاسف انفتحت عليهم في اول تجربة لتعامل وتعالي بعض ساسة الحكم الذين قدموا من الشتات وقادوهم ليترحموا على ايام النظام البائد لكثرة اساليب الخداع والتسويف ووتمشية معاملات المواطنين عن طريق دفع الرشوة او اللجوء الى البحث عن منافذ اخرى من اجل انهاء معانتهم اليومية بداء من التحقيق في اسم جد المواطن السابع الى الاصرار على اكمال اصغر مستمسكات روتينية والتي يعفى منها من له سند ونفوذ في اكمال معاملته خلال ساعات ان لم تكن دقائق فاليوم أستمرت المأساة الانسانية وستسير من سئ الى الاسوء، فحصد المواطن سنوات صبره شوكا لا زهورا زاهية ..واصبح  اليأس أحالة عامة لدى الانسان العراقي; لان في كثير من الأحيان !.. يستخدمون وجود المسؤولين في الحكومة والبرلمان في ترسيخ سياسة المماطلة والكذب والتظليل، ومن خلال اعطاء حزمة من الوعود والتعهد باجراء مجموعة من الأصلاحات  ولم يقيض المواطن المقلوب على امره غير الوعود الكاذبة وفوات الفرص ، وبالتالي زعزعة ثقة العراقيين . بهم وبوعودهم بأنفسهم.
السبب الرئيسي لكل تلك المأساة التي تعيشها العراقيين سببها اتباع الساسة لنهج المحاصصة والاستحواذعلى إدارة الحكم ومن خلالها خلفت اللصوص والفاسدين الذين لم يتوقفوا عن القيام بسرقة المال العام واتباع أسوأ الطرق لاجل التحايل على القانون. وبذلك استثمروا فرصة استلام مقاليد الحكم في العراق، والاستحواذ على كل المؤسسات لخدمة مصالحهم الشخصية، من دون مراعاة لحقوق الانسان والاشخاص الذين انتخبوهم. 
وظهرت المافيات والحيتان داخل المؤسسات التي اصبحت خطوطآ حمراء تخشى الدوائر الرقابية ايقافها, واخذ كل مسؤول يصرف عبر طريقته الخاصة وهو يحقق ارباحآ خيالية.
ان كل هذا الفساد المنتشر في المؤسسات الحكومية المتراكم بافرازاته المؤلمة المخيبة لآمال الجماهير العريضة، حيث يسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط، بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي.   
فينبغي على حكومة العبادي توخي الحذر التام من هذا الخطر الذي قد يسبب خراب البلد، وعليها التصدي لضرب الفساد والقضاء على بؤرالمفسدين وتعقب ومتابعة مساراتهم وزواياهم وتقديمهم للعدالة ،وأسترجاع ما نهبوه من المال العام والخاص، وتشخيص كل مظاهر الفساد الإداري والمالي وتطوير الاجراءات الرقابية لمكافحة الفساد والحد من خطورته. 

اين الحل 

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن طرح فكرة التغيير الجوهري للوزارات ثم الدعوة إلى تشكيل حكومة من التكنوقراط، بعيدا عن الأحزاب والكتل السياسية. تسنُم الوزارات من قبل قيادات مهنيّة تنظر بمهنيّة وانسانية الى جانب الوطنية في إدارة تلك الوزارات، لكن الحكومة التكنوقراطية ليس فقط بتغير الوزير, فيجب ان تشمل المناصب الادارية العُليا من وكلاء وزارة ومُدراء عامين، والمناصب الاخرى.
ان نجاح أي مؤسسة من مؤسسات الدولة يتوقف علي مهارة العمل من خلال ان يكون الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن المحسوبية والمنسوبية والتحزب. تشكيل الهيئات المستقلة ومن الخبراء في السياسة والقانون وعلم الأجتماع وحسب الحاجة جميعها وعلى نفس الأسس الوطنية والمهنية، وتأخذ على عاتقها أعادة النظر في مواد الدستور بما يؤمن في خدمة شعبنا وبلدنا، ومعالجة الثغرات القانونية والحقوق والواجبات بما يتلائم مع وحدة نسيجنا الأجتماعي وتماسكه.
أعادة بناء اي مؤسسة المهنية والعلمية، وتناط بأناس أكفاء ومهنيين يتمتعون بالخبرة والنزاهة والأمانة، فان نجاح المؤسسة وحسن المستوي الاداري والفني ليست عملاً سهلاً بل هي علي جانب كبير من الصعوبة؛ إن الأمر لا يقتصر فقط على الوزير بل يقتصر على كل المنتسبين من اكبر الموظف الى اصغر الموظف. تقع نجاحها وبالاخص على موظفي الادارة، وعلى المسؤول الاداري تمتلك من المهارات الأساسية، الذي تمكنه من النجاح في إدارة وقيادة المؤسسة. لأن الإدارة علم وفن فأحدهما بدون الآخر يكون ناقصاً؛ فالعلم عبارة عن مجموعة قوانين ونظريات ومبادئ يلزم استيعابها سلفاً، ثم يأتي دور الفن الذي يعتمد على الموهبة الشخصية والخبرة العلمية والمهارة الفردية واستنباط طرق لخدمة المجتمع

دراسة الاثار السلبية للفساد الاداري

نعرج الآن دراسة الآثار السلبية لعملية الفساد الاداري/ والمقصود منه (هو نوع من أنواع الفساد الذي يكون وظيفيا ويكون من ضحاياه بعض المنتسبين من نفس المؤسسة). والتى تحدث عبر استخدام النفوذ السياسى لبعض المسؤولين في الدوائر، التي تعد ظاهره من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلد، إن آثارها المدمرة ونتائجها السلبية, وعلى الرغم من وجود ترسانة قانونية لتنظيم لادارة المؤسسات الحكومية إلا أنها تصطدم للحيتان الفولاذية.
أن مظاهر الفساد الإداري شيوعاً في الأجهزة الحكومية عدم التزام الموظفين بأوقات العمل الرسمية تكاسلهم في أداء مهمات عملهم وجود علاقة عكسية بين مستويات الفساد الإداري والتدوير الوظيفي. كل هذه الأمور وغيرها توضح لنا بما لا يدع مجالا للشك مدى خطورة وتداعيات هذه المشكلة، إلا ان تحتاج هذه المسألة إلى وضع الحلول المناسبة لها. ولا ريب في أن استمرار الفساد الاداري يخلق حالة انفصام بين الموظف وإدارة الدائرة.
لتفشي هذه الظاهرة المقيتة وما على الحكومة من دور كبير جدا في التصدي لها ا. لو تمعنا بنوع من التروي في ظاهرة الفساد لتبين لنا ان لهذه الظاهرة تنطلق من الجانب الأخلاقي والذي يعتبر معيارا ومدى التزام المجتمع بالعادات والتقاليد واحترامها، وضمن هذا الإطار تختفي النظرة إلى العمل بوصفه الحاجة الحيوية الأولى للإنسان بل وتهتز نظرة الناس إلى الإخلاص والأمانة والنزاهة.
في الآونة الأخيرة تغييرت بعض الوزرات بصفة الوزير التكنوقراطي. وهنا السؤال هل يستطيع الوزير او (الوزيرة) تغير المدراء العامين في الوزارة الذين هم بؤرة الفساد واختيار بديلهم من التكنوقراط بعيدا عن المحاصصة؛ وحسب القانون يكون الرجل المناسب في المكان المناسب، بحيث يؤدى كل الفرد واجباته على وفق ما تمليه أخلاقيات الوظيفة العامة، فإن مساحة الفساد ستنحسر في إطارها. ما يجعل من الامور الادارية من الايجابيات خاصة في مجال المعاملات العامة، وما تقدمه من خدمات، إذ من شأنه سرعة الانجاز، وتخفيض التكاليف وتبسيط الاجراءات، فضلاً عن تحقيق الشفافية في الادارة ومكافحة الفساد الإداري
يحدث في كثير من الدوائر لضياع المعاملات لمراجعين ومنتسبيهم وبالاخص عندما يتحول الموظف الى حالة التقاعد وعدم انجاز معاملته بصورة صحيحة، وبالاخص الموظف الذي مفصول سياسيا الذي يرجع الى دائرته يعاني من ضياع حقه التقاعدي بدلا الاحتساب خدمة العمل في السابق له عندما تحال على التقاعد يل يحال على تعين جديد وتحرق كل تعبه في الدائرة وحرمان من الخدمات الماضية من اجل التقاعد ويحصل على الراتب الضئيل. والسبب بان الموظف الذي يدير الادارة ليس كفؤا ولا بمقدرته تعالج هكذا المشاكل لانه تنصب الى المكان لا يستحقه بل تنصب من خلال المحسوبية والمنسوبية الى جانب المحاصصة. إضافة لعدم تفصيل مبدأ العقاب وتطبيق القانون على المخالفين أو المستغلين العمل لمصالحهم الشخصية.
ان الموظف مهما كانت مرتبته علت أو دنت أو كينونة عمله المختص بها انما وضع لإنجاز مهام مؤتمن عليها كونها تدخل في مسؤوليته سواء كانت تلك المسؤوليات اشخاصاً تحت ادارته، أو أسرار عمله وما يرتبط به. لذا فإن كل ما خالف القيام بهذه المسؤولية شرعاً وعرفاً ونظاماً فانه يعتبر فساداً إدارياً.
تتمثل أسباب الفساد الإداري في تشابك الاختصاصات التنظيمية للوحدات الإدارية وغياب الأدلة الإجرائية المنظمة للعمل ووضوح. وعدم وجود معايير واضحة للتعيين في الوظائف الدولة مع ضعف الدور الرقابي على الأعمال ، مما يؤدي إلى ضعف المسؤولية الإدارية عن الأعمال الموكلة أو المحاسبة عليها. من خلال سوء اختيار القيادات والأفراد. 
وهناك أيضا أسباب سياسية تتمثل في ظاهرة المحاباة، والتعيين لأغراض سياسية والتساهل في تطبيق القانون والواسطة، إضافة لطبيعة العمل التشريعي وما يصاحبه من وسائل ضغط وانتشار الرشوة وبروز التكتلات السياسية وتأثيرها على المؤسسات الحكومة من خلال المقايضات السياسية.







17

المصالح الاميركية وتخطيها لحقوق الانسان في الشرق الاوسط

محمود الوندي

   يعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم توترا أمنيا، والأكثر صراعا بين الدول الكبرى والاقليمية. هناك عوامل عدة يمكن أن تجعل من هذه الصراعات ان تبقى مشتعلة لفترة طويلة من دون ايجاد حلول لتسويتها او وقفها. وجل تلك العوامل تجدها متحققة في المنطقة. وهي في الواقع السبب الاساسي في تعزيز استمرار وادامة النزاعات المتعددة في المنطقة بين الاطراف المتصارعة. وتقف خلف تأجيج تلك الصراعات وعدم ايجاد الحل الجذري لها هي وجود جهات وتعدد لاعبين كبار خلفها وهي التي تعيق حسم تلك الصراعات المحتدمة بين الفرقاء المتحاربين وبالتالي لا يرغب ااي طرف من تلك اللاعبين على ايجاد الحل لوقف النزيف المستمر في المناطق المتأججة بالحروب.
فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، أعتقدت الولايات المتحدة الأمريكية انها اصبحت هي القوة العظمى الوحيدة في العالم؛ ولا بد ان تكون لديها إستراتيجية فعالة من أجل حماية مصالحها في العالم، حيث انها وضعت استراتيجية جديدة لإعادة التوازن في منطقة الشرق الأوسط، وهذه الإستراتيجية تبنت فكرة تغيير الانظمة الطاغية بحجة دفاعاً عن حقوق الإنسان وأنهم يريدون إنقاذ الشعوب من قسوة الدكتاتوريات المتوحشة والانظمة المستبدة في احتكار السلطة، ومن جهة اخرى بحجة محاربة الارهاب؛ وخاصة بعد تفجيرات البرجين في الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 داخل أمريكا من قبل القاعدة و(كلنا نعرف بان القاعدة هي كانت مجرد أداة في يد الإدارة الامريكية). فتمكنت الولايات المتحدة الامريكية في نشر لاضطراب والفوضى، وخلق نوع من عدم الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط وتفتيت نسيجها الاجتماعي مع دعم التوجهات الطائفية والعنصرية وخلق عداء وأحقاد بين جميع مكونات المنطقة. من اجل سهولة الهيمنة خيرات ومصادر الثروات في الشرق الأوسط ،فحاولت عن طريق خلق لفوضى الخلاقة تثبيت مصالحها الاستراتيجية في بعض دول المنطقة بحجة خطر عصابات الارهاب وامتدادخ خلاياها، فاعتمدت في البدءعلى بعض القوى السياسية في المنطقة والحكومات المحلية لتوسيع الاحقاد بين مكونات المجتمع وتشجيع الطائفية في المنطقة لتحول شعوب المنطقة من مفهوم الشعوب إلى مكونات وطوائف وجماعات.
ويبدو ذلك واضحاً لدى الولايات الامريكية المتحدة في تحالفها مع الجماعات الإسلامية في المنطقة بعد اندلاع ثورات ما سمي بالربيع العربي جعلها تتعامل بازدواجية المعايير تجاه الأحداث، سياستها المعلنة في محاربة الإرهاب وتعقب عناصره، في حين تقوم بدعم الإرهاب، حيث راهنت واشنطن على تيارات الإسلام السياسي بالمنطقة كحليف بديل للأنظمة البائدة، لا سيما مع بزوغ هذا التيار كفاعل رئيسي بعد ثورات الربيع العربي. فالتطورات السياسية الجديدة في الشرق الاوسط دفعت الشعوب الى الانتفاضة ضد حكوماتهم باسم الربيع العربي والذي اصبح الربيع العربي بعد خراب نسيج الدولة ومؤسساتها الدستورية الى نقمة وشتاء قارس على المواطن البسيط والتي أدت الى فوضى عارمة مع اشتداد الخلاف بين مكونات وطوائف المنطقة، وتوسيع الهوة وبالدرجة الاولى بين الطوائف المذهبية .
في الحقيقة أن المعركة الجارية هي متعددة الأطراف وليست بين طرفين. لان كل طرف لديه دعم قوى من قبل قوة أجنبية – من منهم تلقي دعما من الولايات المتحدة ،وروسيا ،إيران وقطر والسعودية، واخيردخول تركيا على الخط، وكل تلك التدخلات ادت الى استمرار القتال لوقت أطول في محتلف المناطق التي دمرتها الحرب والاقتتال الداخلي لذا فتحاول الولايات المتحدة الامريكية تجيير تلك الصراعات والتناقضات لخدمة مصالحها الاستراتيجية دون النظر إلى الثمن الذي سيدفعه الشعوب. حيث تصرفت النظرعن انتهاكات حقوق الانسان في المنطقة على ايدي المنظمات الارهابية والجيوش الحكومية ومليشياتها من باب حماية مصالحها.
أخذتْ  الولايات المتحدة الامريكية الدعمْ من مؤسساتها الكبرى في خلق الاضطراب وعدم الاستقرار في الشرق الاوسط، لذلك صرفت اموالاً طائلة من اجل إيجاد أنسب السبل إلى تطبيق إستراتيجيتها في الشرق الاوسط لغرض مصالحها الخاصة. هذا ما يعد السبب الاساسي في تعزيز وادامة النزاع فيها.
لقد تدهورت الاوضاع في كل المناطق التي ضعفت وانهارت سياسياً واقتصادياً واجتماعيا. أن آثار تدميرية تتكرس في المنطقة يوما بعد يوم، وهي عدد الضحايا الأبرياء وكثرت اللاجئين وأخيرا حجم الدمار الذي أصاب البنية التحتية في مختلف القطاعات للدول المظطربة, لقد تحول أمل للشعوب إلى كابوس حقيقي، ومصدر رعب كبير يدفع ثمنه غالبية الناس العاديين من كل الأطياف الوثنية والطوائف الدينية، خاصة مع الصعود المفاجئ لنجم ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش". 
على ضوء هذه التداعيات ووصلت مرحلة خطيرة عكستها تلك التدخلات الخارجية من قبل الدول الكبرى والدول الإقليمية في شأن بعض الدول العربية وعلى أساس طائفي وتعاملهم المزدوج مع الإرهاب، ودعمهم الى الميليشيات الطائفية لصب الزيد على النار. الذي يفتك بشعوب المنطقة، أي أنهم يحاربون بعض "الإرهابيين" ويستخدمون البعض الآخر لمصالحهم.
وفعلا شهدت المنطقة تغيرا واضحا وتطورا استثنائيا بعد انتفاضة الربيع العربي. وصار الحديث أنه يجب أن يكون دولة للسنة وأخرى للشيعة، بالإضافة الى تكوين دول الاخرى خارج النطاق المذهبي، وعلى ضوء هذه المطالبات تم خلق الصراعات في بعض البلدان التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم الدول وتفككها.
ان الحرب الدائرة في الشرق الاوسط الان هي حرب طائفية صريحة الخطوط واضحة المعالم, وان شعوب المنطقة تدفع فاتورة صراع مذهبي وطائفي، سبب هذه الصراعات والنزاعات بين الطوائف والقوميات، يرتفع وينتشر بشكل غير معهود الارهاب في مناطق كثيرة من الدول العربية وبالتحديد في سوريا واليمن وثم العراق مقابل ازدياد فيه الكوارث البيئية والإنسانية".
هذا السباق الدموي والهمجي بين المنظمات الارهابية والمتمثلة بداعش وبين العسكرات الدكتاتورية الذي أدى الى تمزيق الشرق الاوسط. وغدت الشعوب المنطقة أسيرة لعمليات الكر والفر الميدانية وعيش تحت رحمة الميليشيات المسلحة والفوضى. كما أن المعطيات تشير تدخل الولايات المتحدة الامريكية في شؤون الشرق الاوسط لتغير الانظمة الفاسدة وتسلميهم الى الاحزاب الاسلامية، تحاول احتواءها وتجييرها لمصحلتها؛ بحيث يقوم الإسلاميون بالمحافظة على المصالح الغربية الأمنية والاقتصادية والسياسية كما هي، مقابل تركهم يقومون بخلق مجتمعات إسلامية ، فإن مثل هذه الصفقات ما هي إلا زواج متعة لا تدوم طويلاً بسبب سذاجة الاحزاب الاسلامية ،
واما داعش الذي صنع على أيدي أمريكا وحلفائها في المنطقة من أجل أغراض سياسية في المنطقة، واعترف بها حتى كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية مثل جو بايدن وهيلاري كلنتون، "هي في النهاية ورقة من أوراق لعبة 'بوكر' إقليمية ودولية، لا يلبث دورها أن ينتهي بعد أن تُلقى على مائدة اللعب الخضراء أو الحمراء في هذه الحالة". وعلى ضوء هذه الأحداث المتلاحقة أصبحت منطقة الشرق الأوسط معضلة كبيرة، ولا يستطيع احدا ان يتكهن الى مستقبله، سوف يكون ألامر اصعب مما يتوقعه اصحاب القرار السياسي في المنطقة والعالم.






 


18
الشرق الاوسط بين فكي كماشة الارهاب والدول الكبرى!
محمود الوندي

عندما تم تغيير النظام في العراق، وانتقال العراق الى مرحلة ما بعد الديكتاتورية التي دامت على ثلاثة عقود ونيف، وتبعت بعد العراق تغيرات جذرية في المنطقة والتي عرفت بالربيع العربي وشمل ذلك التغيير بعض البلدان العربية، ومنها مصر وتونس وليبيا واليمن، فالكثير من مثقفينا وسياسيينا وإعلاميينا وكتابنا وحتى الناس البسطاء كانوا يعتقدون أن الديمقراطية يمكن أن تبدأ أوتوماتيكياً في تلك البلاد بمجرد سقوط تلك الأنظمة الديكتاتورية ولكم بعد مرور اشهرعلى تلك الاحداث تبينت أن الديمقراطية شعارات وتطبيقها محض سراب وخيال في اذهان اهل السياسة، وأن ممارستها في هذا الجزء من العالم ليس بالسهولة التي كان يتصورها البعض قبل حدوث تلك الثورات لأسباب ومنها ما تتعلق بتركيبة تلك المجتمعات وتنوعها العرقية والوثنية والمذهبية، إضافة الى  السياسية والعقائدية في بلدان العربي.. حيث “لا أحد يهتم بحقوق الإنسان” لأسباب تتعلق بتركيبة المجتمعات ذاتها. وبدلًا من الديمقراطية، ملأ الفراغ كل من سفك الدماء والتعصب.
أن معظم الأنظمة الدكتاتورية كانت تحكم  شعوبها ومنذ عقود وفق مبدأة ‘فرق تسد’، فكانت تعزز التناقضات العرقية والطائفية والقبلية بين مكونات الشعب واشعال نارالفتن والتناحر فيما بينهما وضربهم ببعض واشغال ابناء الوطن بالخلافات والصراعات لاجل السيطرة والتحكم بهم. لا شك أن تلك الأنظمة لعبت دوراً كبيراً في صنع هذا التشرذم وترسيخه في عقلية الطوائف والمذاهب والقوميات بدل صناعة التكاتف والمحبة ورفع روح المواطنة في قلوب الجميع والتي تعد  من العوامل الاساسية في استقرار البلد وسيادة مبادئ الديمقراطية.
الساسة الجدد في المنطقة هم من عرقلوا مسيرة تطبيق مبادئ الثورات في الدول العربية المنتفضة ودمروا بلدانهم بسبب مشاكلهم الانشغال بتطبيق المحاصصة المقيتة والمعرقلة لمسيرة شؤون الدولة وبالاخص مسالة الطائفية التي ادت الى تمزيق الأمة الإسلامية وضرب أبنائها بعضهم ببعض.
اليوم، الشرق الاوسط تعصف به الحرب ويرزح تحت نير الاستبداد وتحت وطأة ثالوث الفساد والفقر والهجرة. حيث يعيش أسوأ مراحل حضارته المهددة بالانقراض أو الانفجار وثم التقسيم. ويشهد فقراً وبؤساً لا مثيل لهما منذ عقود.. ولم يخرج احدا من رجال السياسة او من رجال الدين يدعو المسلمين الى العقل ونبذ الصراع بين المذاهب الاسلامية بدلا ان يشعلون نار الفتنة وينفخون كيرها. 
ان الحرب الدائرة في الشرق الاوسط الان هي حرب طائفية صريحة الخطوط واضحة المعالم, وان شعوب المنطقة تدفع فاتورة صراع مذهبي وطائفي. فمجمل القول هو أن الاسلام اصبح قوة تفكك أكثر من قوة تكاتف، إذ إنه يقوم انشقاقاً حاداً بين المذهبي الشيعة والسنة وبالاخص بين شيعة وسنة العرب ، كلاهما حللا قتل الآخر والتي تولدت أحقاد وكراهيات بينهما ورغم يجمعهم رب واحد ودين واحد وقبلة واحدة، ؛ وستبقى الأحقاد موروثة إلى يوم يبعثون؛ وهذا واقع لا يستطيع أحدٌ التهرب منه وتحويره.
وهذا الصراع الطائفي هو غالباً "مؤامرة" على الشعوب لتضعيف شعورهم الوطنية، لرسم حدود لأنظمة جديدة على طراز طائفي ومذهبي وعنصري، تحل محل الحدود السابقة التي رسمها بريطانيا وفرنسا قبل مائة سنة والمعروف باسم (سايكس وبيكو) لمصالح الدول الكبرى التي سيطرت عليها الطمع والجشع في الاستثمار السعودي والخليجي والعراقي والدول الاخرى في الشرق الاوسط. هذه الحرب التي يدفع ثمنها الأطفال والنساء تزيد الارباح العالم من تجارة السلاح اضعافا مضاعفة. وتضعيف خزائة الدول العربية وبعض الدول الاسلامية وبالاخص إيران وترهق كاهلها.   
بسبب هذه الصراعات والنزاعات بين الطوائف والقوميات، يرتفع وينتشر بشكل غير معهود الارهاب في مناطق كثيرة من الدول العربية وبالتحديد في سوريا واليمن وثم العراق مقابل ارتفاع مؤشر االنازحين الذي تنخفض فيها مؤشرات حقوق الانسان ويزداد فيه الكوارث البيئية والإنسانية".
أظهرت أن الانسانية ما زالت بعيدة المنال كثيراً في هذه الدول لأسباب تتعلق بتركيبة المجتمعات ذاتها من الناحية السياسية والعقائدية. وما يتعلق بمجتمعات قبلية وعشائرية وطائفية ومذهبية وميتافيزيقية. لذلك فرضت الحرب على سكانها. خيارين، الموت قتلاً بالخوف والرصاص أو الموت غرقاً في البحار .. والنهاية في الخيارين واحدة وهي: الموت!!
وغدت الشعوب المنطقة أسيرة لعمليات الكر والفر الميدانية. وما هو السباق الدموي والهمجي بين المنظمات الارهابية وبين العسكرات الدكتاتورية الذي أدى الى تمزيق البلد وعيش تحت رحمة الميليشيات المسلحة والفوضى، وثم أدى الى سقوط اكبر عدد سكاني في المنطقة، وهروب العوائل الى خارج البلاد وسقوطهم من قوارب الموت في البحر المتوسط ويكونون طعماً للحيتان والاسماك، او اللجوء الى المخيمات التي تفتقد لأبسط أسس الحياة الإنسانية ولا تقل قسوة عن حياة المتبقين في بلادهم. 
نستطيع ان نقول !!! هذه الصراعات والنزاعات بين قيادات سياسية انتقلت الى الحروب الاهلية وهي الأخطر والأسوأ من الحروب الخارجية.. وقد تسبب في قتل وجرح (يصل الى حد الإعاقة) لنحو مليون انساناً وأكثر وتدمير ممتلكات الناس وقطع مصادر عيشهم واستبيحت فيها اعراض نساءهم ، حيث دفعت كثيرين من العوائل الى الهجرة وترك مدنهم واملاكهم ووظائفهم والتشتت في دول اوربية، والكثير يموتون غرقى على شواطئ الدنيا وهم شاردون خوفاً من الموت. 
اليوم تطورت هذه التداعيات ووصلت مرحلة خطيرة عكستها تلك التدخلات الخارجية من قبل الدول الكبرى والدول الإقليمية في شأن بعض الدول العربية وعلى أساس طائفي وتعاملهم المزدوج مع الإرهاب، ودعمهم الى الميليشيات الطائفية لصب الزيد على النار. الذي يفتك بشعوب المنطقة، أي أنهم يحاربون بعض "الإرهابيين" ويستخدمون البعض الآخر لمصالحهم.
إن تواطيء الدول الكبرى والاقليمية مع المنظمات الارهابية حيث سُمح الكثير من المتطرفين الاسلاميين في دولهم العبور عبر المطارات الرئيسية وبوثائق سفر رَسمية الى تركيا وثم العبور الى داخل العراق وسوريا وألتحاق بتلك المنظمات ، ويتم إدخالهم الى معسكرات تدريبية ضمن ستراتيجية مخابراتية مُعلنة تهدف لتحويل بلداننا لمكبّات لنفاياتهم الارهابية.
طبعاً لم يكن ممكناً وصول عشرات الألوف من الإرهابيين الأجانب إلى الشرق الاوسط من مناطق شتى في كل انحاء العالم والانضمام الى التنظيمات الارهابية بدون دعم وتمول بالمال والسلاح من الدول الاقليمية وبمباركة الدول الكبرى، وتوفير لوجستي دولي من بعض دول المنطقة ومع توفير الارضية الجغرافية لهم.

19
أحزاب سياسية بعلقية بعثية
محمود الوندي

يواجه العراق أزمات كثيرة، منها نقص الخدمات، وتفشي الفساد، والإرهاب. الآحزاب السياسية الذين جاؤوا  بديلاً عن نظام البعث، همهم الوحيد هو خلق الأزمات ، لخدمة أغراضهم السياسية الفئوية. ولترسيخ مبدأ الواسطة والى جانب تفشي امراض المحسوبية والمنسوبية. وان "فسادُ النظام السياسي الحاكم هو السببٌ المباشر في نشوء الإرهاب وتبعاته، ومنها طبعاً التدهور الاقتصادي، وتفكك البنية الاجتماعية وضعف الرادع الأخلاقي مما جعل العراق ان يكون ضمن قائمة الدول الفاشلة، بحيث ان العراقيين اصبحوا قطيعاً يهرول خلف كل من يقدم له علف انتهازيته ووصوليته.. هو الواقع المؤلم الذي نعيشه وعلينا الاعتراف به.
لقد افتقدت الحكومة العراقية منذ التغييرفي 2003 حتى الآن الى الرؤية الواضحة للإصلاح بسبب الصراعات والنزاعات بين المحاصصين، ولذلك بدت سياساتها ضعيفة، متلكئة ومتعثرة، ولم تكون لديها أي برنامج شاملا للإصلاح، بحيث يزداد فيه مؤشر الكوارث البيئية والإنسانية" في البلاد. وأدى ذلك الى غلبة الريبة والشك في قدرةالمسؤولين الجدد على المضي في طريق الإصلاح، وإخراج البلد من النفق المظلم الذي دفعته اليه سياسات المحاصصة، التي شكلت علامة فارقة لنظام الحكم الحالي عن الانظمة السابقة.
نهج المحاصصة الطائفية- الاثنية، التي هي اس البلاء في المشاكل التي نواجهها حتى اليوم، وكما يعج بالصراعات والنزاعات بين رجالات الاحزاب السياسية الحاكمة, والتي شوهت الديمقراطية وحفزت على انتهاك الدستور والاساءة الى المؤسسات القانونية، وانزلاق البعض الى هاوية التخلف والأنحطاط. كما أدت الى شرخ في صفوف العراقيين. واتجاههم على اساس خطوط طائفية وأثنية وانحرافهم عن الوطنية.
ولم يعد خافياً على احد أن أخذت الاحزاب الحاكمة تتصرف بعقلية حزب البعث من منظور المصالح الذاتية والحزبية والطائفية والعرقية الضيقة وممارسة النفوذ واستغلال المناصب لأغراض شخصية، إضافة الى ما يحصل من سرقات واختلاسات علنية والإثراء غير المشروع, استغلت هذه التصرفات من قبل الأنتهازية والوصولية والنفعية مما أدخل البلاد في نفق الصراع المستتر والتنافس غير الشريف بين مختلف الأطياف.
عندما اهمل المسؤولين الوطن والمواطن وانعدمت الخدمات الأساسية الضرورية كالكهرباء والنقل والوقود والماء الصالح للشرب، من الطبيعي تخلق تفاقم الأزمة المعاشية والبطالة وغلاء المعيشة، الى جانب تدهور الأوضاع الأمنية. وعدم أستقرار الحياة الأجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتطبيق العدالة الاجتماعية بصورة صحيحة. يرتفع وينتشر بشكل غير معهود الارهاب في مناطق غربية مقابل ارتفاع مؤشر الفقر في ذات الوقت الذي تنخفض فيها مؤشرات حقوق الانسان والحريات العامة .
ومن حق الجماهير أن تغضب وتخرج إلى الساحات والشوارع في جميع المدن العراقية لتعرب عن غضبها وسخطها في تظاهرات سلمية، ومطالبة رئيس الوزراء بمعالجة هذه الأزمات وان يشدد على الحلول المنسجمة مع مصالح الشعب الوطنية العليا، بما يعيد مسار العملية السياسية الى الطريق القويم المفضي الى تعزيز المسيرة الديمقراطية وترسيخها، وتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحريات العامة، والمضي في اجراءات مكافحة الفساد المستشري وتحقيق مستلزمات الانتصار على الارهاب وداعش. إصلاح بنية الدولة وإصلاح النظام السياسي في البلاد وتخليصه من وباء المحاصصة الطائفية وإبعاد مؤسسات الدولة عن الولاءات الحزبية وإبعاد الفاسدين عن المسؤولية وتقديمهم الى العدالة. 



20
هل تتلاشى احلام الفاسدين ومغتصبي السلطة !!؟؟
محمود الوندي
 
راود الشعب العراق بعد عام 2003 احلام كثيرة على ان تستند الحكومة الجديدة على مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين أمام القانون وتزدهر فيه العدالة الاجتماعية وحريات الانسان، ويتصف بالعقلانية والتنوع والاختلاف، ورؤية مجتمع ديمقراطي جديد ، يطبق فيه مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب، وتعين من أصحاب الكفاءات والوطنيين وأصحاب الأيادي البيضاء في مؤسسات وهياكل الدولة لخدمة الشعب والوطن. لكن هذه الاحلام تلاشت بسرعة، وبعد جراء بناء عملية سياسية قائمة على أساس المحاصصة الطائفية والإثنية، وطمس الهوية الوطنية الجامعة لصالح الهويات الفرعية.  وبدأ خوف الإنسان العراقي على حياته من العنف الذي استشرى في جسم المجتمع العراقي ، وسال فيه الدم حتى غطى خارطة العراق بكل أجزاءها وصبغها باللون الأحمر القاني وسيطرت الميليشيات الطائفية على المشهدين السياسي والأمني في العراق. 
أستمرت بعض المستفيدين والمستنفعين من المحاصصة في الجلوس على نفس الكرسي وبعناوين عديدة ، فالوظائف لهم والتعيينات لأقربائهم حصرا وخزينة الدولة أصبحت ملكا طابو لهم، وكما يتقلبون في الوظائف والمناصب الكبيرة كما يحلو لهم دون ان يراعوا هذا الشعب المسكين المغلوب على أمره. وأصبح الفاسد والسارق هو صاحب اليد الطولى في المجتمع العراقي!!.  لذلك أن التظاهرات التي تشهدها المدن العراقية حالياً خرجت من إطارها الخدمي أو المطلبي بعد أن ضاقت العراقيين بهم السبل وتحطمت آمالهم طيلة اثني عشر عاما من الحكم المحاصصة، إلى فضاء أوسع يتعلق بمصير وطن، ويطالب بتغيير المشهد السياسي الحالي الذي أنتج طبقة "لا تكترث" لمصير البلد ومصلحة الشعب. 
بعد انتظار العراقيين على مدى 12 سنة للحكومات المتعاقبة وأجبروا على العيش الذل والهوان طيلة تلك السنين، كي تتقدم بالبلد إلى الامام لكن ما حصل هو "تراجع أمورهم وتفاقم" الأزمات وتتلكأ الحكومات المتعاقبة على الحكم  في العراق (بعد 2003) في اداء واجباتها حيال العراقيين، ويأس الشارع العراقي من كل الوعود الكاذبة ، ﮐﻤﺎ أﺼﺒﺢ ﺘﻔﺸﻲ اﻟﺒطﺎﻟﺔ ﻻﺴﻴﻤﺎ ﺒﻴن اﻟﺸﺒﺎب ، وانتشار نسبه الفقر والفقراء بين الشعب العراقي.
اصبحت الحياة لا تطاق ببركة الاحزاب السياسيه الفاسده والمفسده لكل ما هو جميل في العراق ، لقد بلغ الفساد المتفشي في أجهزة الدولة العراقية، وتردي الخدمات ومنها أزمة الطاقة الكهربائية، وسوء معاملة الموظفين في دوائر الدولة للمراجعين، وعدم تمشية معاملاتهم إلا بعد دفع الرشوة، إلى حد أن بلغ السيل الزبى مما أدى إلى إنفجار الجماهير في تظاهرات احتجاجية في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد والمدن الاخرى, علت الأصوات وطالبت الحكومة بكشف ملفات الفساد وتقديم الخدمات الحياتية والانسانية ومنها توفير الكهرباء والماء الصافي، حيث تلجأ إليه متظاهرين الضغط على حكومة العبادي من أجل تحقيق مطلبهم بتشريع عاجل للقوانين التي تقوي قبضة القانون وتضرب المفسدين.   
 صحى الشعب العراقي على انتفاضه كانت شرارتها لم يحسب لها حساب لا من بعيد ولا من قريب لا من الجهات الحكوميه ولا من الاحزاب السياسيه الاسلامويه . وتشهد ساحة التحرير في بغداد والمدن الاخرى العراقية أكبر المظاهرات ضد الفاسدين والسراق الذي ابتُليت به مؤسسات الدولة العراقية منذ التغيير ولحد الان، والذي انتشر بشكل مُرعب خلال السنوات الأربع الاخيرة على وجه التحديد.
ان العراقيين اليوم بأمس الحاجة الى قول الحق والتصدي للفساد الاداري والمالي وكشف عن السراق وتقديمهم الى العدالة ,ان المال العام يجب ان يصرف للمواطن العراق لا ان يستفاد منه أصحاب النفوذ الضعيفة، وعلى السيد حيدر العبادي (رئيس الوزراء) ان يضع العراق وشعبه نصب أعينه ويستغل الفرصة الذهبية ليكسب ثقة الشعب وعليه أن يكون أكثر "جرأة وشجاعة" في خطواته الإصلاحية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والضرب بيد من حديد لمن "يعبث" بأموال الشعب ومحاكمه الفاسدين والمفسدين وتشكيل حكومه تكنوقراط ، وإبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وان تصنع تحولاً ملموساً وواضحاً ووضع "الرجل المناسب في المكان المناسب” من خلال تعديل حكومي ، وترشيق الوزارات والهيئات. هذه الإجراءات سيرفد ميزانية الدولة بالاموال الضخمة.
 


21
أقلام في خدمة أعداء العراق

محمود الوندي

بعد الأطاحة بالنظام البائد ظهرالمتطفلون والمتملقون { لوكية } من كتاب التقارير في بكاء القائد الجديد والمعزول ، هولاء ما زالوا يعيشون على هامش الأستبداد والدكتاتورية ، التي أنتجت في العقود الخمسة الماضية من الكتاب في تمجيد الطغاة ، وهولاء الكتاب المندسين بين الأحزاب والتيارات التي تشكلت حديثاً أي بعد سقوط نظام البعث ، ما هم إلا خبثاء الذين يكرسون كل جهدهم لزرع الفتنة بين أطياف ومكونات الشعب العراقي ، وأستغلالهم ظروف العراق الراهن والفترة العصيبة التي يمر بها العراق ، لأشعال الفتنة بين مكونات الشعب العراقي بدلاً من تظافر جهودهم للخروج من الأزمة الحالية ، ولكن مع شديد الأسف لا يريدون خروجاً من الأزمة أوحتى أنفراجها خدمة لأسيادهم وأعداء العراق من دول الجوار، ويدسون السم بالعسل ويدقون مسامير الخبث والنذالة في نعش الأخرين بحجة الدفاع عن الشيعة تارة وعن العراق ووحدة أراضيه تارة أخرى ، أن مثل هكذا أقلام مأجورة تقدم خدمة كبيرة الأعداء الشعب العراقي ، وتساعدهم على تنفيذ مخططاتهم الجهنمية ، وستكون هذه الأقلام الأنتهازية والنفعية أخطر من الأرهابيين القتلة .
بين فترة وأخرى تظهر علينا مقالات التي أسميتموها بالمقالات لنشر ثقافة الكراهية بين أطياف الشعب العراقي ، التي تفتقرالى الطرح الأكاديمي العلمي وتبتعد عن الكياسة الأدبية في الحوار، ولم أجد فيها شيئاً جديداً سوى أستخدام عبارات جارحة ضد الشعب الكوردي وأطلاق كلمات غير لائقة على الرموز الكوردية خوفاً من التطورالسياسي والأجتماعي في أقليم كوردستان وينقل الى أنحاء العراق ويؤثرعلى مصالحهم داخل العراق وعلى مصالح أسيادهم خارج العراق ، لأن الأعمار والنهضة والتطور جاري في مدن كوردستان العراق بمثابة ضربة قاضية لأولئك العنصرين والحاقدين على الشعب الكوردي الذين حاولوا بكل الطرق سد الطريق التقدم والتطورعن الكورد ، وقد فشلوا وسوف يفشلون أيضاً في محاولاتهم المستقبلية لوقف أمال وتطلعات شعبنا الكوردي ، وهولاء الكتاب متناسين هذا الشعب الوحيد من بين شعوب العالم أبتلى على طول التأريخ بالحكام الطغاة ، وقدم التضحيات الجسيمة من أجل كرامته وحريته ، وأصرارهذا الشعب على النهوض والنمو والعمل رغم كل الظروف الصعبة التي مربها ويمر بها اليوم بعد سقوط البعث ، ولم يستطيعوا تقليل من عزيمته  .
بعد هجوماتهم وتطاولاتهم العديدة وتصعيد من لهجتهم الأسقاطية ضد الكورد وماضيهم وحاضرهم وحتى مستقبلهم من هولاء حاقدين على الشعب الكوردي، ويتهمون الكورد بالخيانة وسرقة خيرات الشعب العراقي ، بالأضافة الى عدم أخلاصهم للوطن ووووالخ من كلمات الذين درسوها في ماكنة البعث الدعائية ، السؤال الذي يطرح نفسه هنا! من سرقت خيرات العراق منذ سقوط نظام البعث؟ لماذا تغضون النظر عنهم ؟ وسرقة المليارات من الدولارات خلال ثلاث سنوات المنصرمة من أموال العراق ، ولماذا لا تسألون عن تلك المليارات ؟
الكل يعرف الهدف الحقيقي من وراء هكذا أتهامات باطلة وكاذبة في جوهر تلك المقالات التي بدأت بعد تغيير منصب رئيس الوزراء ، ويردد من قبل الأبواق المشبوهة والمعروفة جيداً لدى غالبية الشعب العراقي، محاولاً تهميش دورالكوردي على سياسة العراقية وأبعاده عن واجهة العراق ، وأعادة القومية الفاشية بلباس أخر ليكون العراق البقرة الحلوب لمن هب ودب ، وحصولهم على المكاسب المالية المقدمة من مصادر تمويلهم الفكري  .


22
ثرثرة كُتاب في اثارة الفتن

محمود الوندي


يتحدث بعض الكُتاب العراقيين بأستمرار عن العدالة والمساواة ومبدأ المواطنة للجميع ، وهم قابعون في ابراجهم الاوربية بعيداً عن واقع مجتمعهم واوضاعهم السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية ، في محاولة لاستقطب انتباه جمع غفير من الجماهير باتهام الآخرين بالشوفينية بروح العنصرية او الطائفية ، كأنهم لا يسمعون شيئاً مما يجري على ارض الواقع . فاحترامي لهولاء الكُتاب ، وتصرفاتهم هذه قد تفيدهم الى حين في تشويش افكار الناس .
من المفارقات الغريبة العجيبة في الامر ان معظمهم يتكلمون عن التجربة الديمقراطية من خلال الفضائيات بملئ الفم وهم ابعد الناس عنها او يكتبون في المواقع الالكترونية والصحف الورقية عن الوطنية والديمقراطية والحرية فهم لا بفقهونها ، يتباكون عن وحدة العراق .. فالتعصب يقطر من اقلامهم وآفواههم وبعيداً عن احترام اراء الآخرين . كل هذا تلفيق الاكاذيب وفبركة الافتراءات وتخوين الآخرين لتلميع وجه اسيادها الممولين مهما كانوا على خطأ وان كان الاخرون على جادة الصواب .
يسقط الكاتب في مطبات كثيرة حين يكون أسلوب تناوله لموضوع ما خاطئاً أو فاقداً للموضوعية. ويزداد الأمر سوءاً حين يكون أسلوب تناول شخصية ما تناولاً خاطئاً ومضراً بالشخصية مدار البحث وبالكاتب ذاته من خلال التحامل ، لان الكتابة فن وعلم وثقافة في آن. ويمكن أن يتلمس القارئ ذلك من أسلوب تناول القضايا التي يبحث فيها هذا الكاتب أو ذاك.   
العراق يحتاج ثقافة التسامح ، ومطلوبة أكثر من أي وقت مضى ، سواء داخل المجتمع المتنوع أثنياً ودينياً ، لان ثقافة التسامح أصبحت ضرورة وطنية وانسانية ملحة . لان الطائفية نجحت في بث الرعب في عمق مكونات الشعب العراقي ، وأنها تترك آثار وخيمة على بنية المجتمع ، وهذا اخطر الداهم ما يواجهه العراق الذي بات يهدد وحدة نسيج المجتمع العراقي .
لذلك المسرح السياسي العراقي بحاجة الى مشهد جديد ثابت يرسي آمال الثقة والاستقرار والسلام الدائم على بر الأمان للشعب العراقي على ارض الواقع ، وليس بحاجة الى الكتابات الخادعة ، والادعاءات الكاذبة بتمسك البعض بقيم الإنسانية والنخوة والكرم .
يدرك اغلب الكُتاب ان المسؤولية التي تقع على عاتقهم كبيرة جدا, من خلال نقل الاخبار وتنشرها في وسائل الإعلام , وتأتي هذه المسؤولية بسبب الاتصال المباشر بينه وبين الجمهور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي , ولهذا من الضروري ان يلتزم الكاتب بضوابط واليات تحكم عمله الصحفي من حيث صدق المعلومة والامانة في النقل وخلق الثقة بينه وبين الجمهور المتلقي , اضافة الى عدم الانحياز والتودد لطرف على الاخر, لان هذا سيخلق فجوة ثقة بين طرفي الاتصال.



23
مفهوم الديمقراطية يعني انتقاص الأحزاب من بعضها

محمود الوندي
 
يمر العراق بأزمة سياسية واقتصادية حقيقة وانقسام اجتماعي مرير تهدد كيانه ومستقبله كدولة موحدة وشبح التقسيم والتشرذم على الابواب فالتناقضات الاجتماعية والتناحر الطائفي والصراعات القومية تزداد عمقا وتزداد الهوة بين مكوناته الاساسية اتساعا , وما ترتب على ذلك من نتائج مأساوية على المستوى الداخلي ومن ناحية أخرى كارثية التدخل الاقليمي والدولي وتصفية حسابتها على حساب مستقبل العراق , ومع تفشي الفساد بشكل مُرعب ، انّ هذا الفساد هو السّبب الرئيسي لاظهار القوى الارهابية , لأن أتاح للارهابيين فرصاً ذهبيّة كبيرة ليتمدّدوا جغرافياً الى داخل العراق ووقوع قرابة ثلث العراق تحت سيطرتهم.   
الصورة العراقية الحقيقية ، تؤكد تماما أن الوطن يعيش اليوم حالة عداء سياسي متصاعد، لهذا فأن حقيقة المعاناة التي يعاني منها الشعب العراقي اليوم بشكل عام تتمثل أساسا في أن أحزاب وشخصيات سياسية جميعها تفتقر إلی مسمی النضوج السياسي. بمعنی أن المشكلة ليست في شخصية الانسان العراقي تحمل افكاراً ليبراليا أو يساريا أو إسلاميا ، أو تنتمي الى القومية او الطائفة  ، بل إن المشكلة تكون بين قادة الاحزاب حين تتهم بعضها البعض من خلال هذه المسميات أن كل الطرف منه يشكل خطرا حقيقا علی الآخر، لان مجملهم يواصل تحريك طاحونة الطائفية البغيضة ، حيث التصريحات النارية والاتهامات والتشكيك بالآخر ، ومن ثم يجعل من الوطن ساحة للصراع بين مكونات الشعب العراقي.
العداء السياسي الذي يخيم عليه اليوم لأن لم توفر لدی الساسة والأحزاب والقوی المتنفذة في داخل الحكومة او البرلمان أدنی قدر من النضوج السياسي ولا يفقه مفهوم السياسة ، حيث حول هذا المفهوم إلی نوع من الصراع والانتقام ، غير مدرك بعد أن السياسة في شكلها العام فنا وكل فن له قواعده وسلوكياته الخاصه به.
للأسف الشديد لدى جميع أن مفهوم الديمقراطية يعني انتقاص الأحزاب من بعضها البعض ، وأن يسخر كل حزب منها صحفه وقنواته الإعلامية في سبيل تجريم ونقد الأحزاب الأخری ، وتستعمل لغة التهديد والانتقام من الآخر، وهذه الكلمات يسمعها يومياً المواطن العراقي من المسؤولين والساسة العراقيين. ومن المضحك المبكي وتجد كل حزب في الوقت نفسه تطالب الحكومة تعمل بالدستور والقانون ومحاسبة المقصر .
 


24
البطل حسين منصور
الشهيد الذي زفته جماهير كوردستان
بمهج القلوب قبل الدموع

محمود الوندي
استشهد حسيننا منصور
عند الله ضيفُ مُكرّم
فاجمعه يا ربي مع الصدّيقين
في سِفرفردوسك مُخلَداً
قلوبنا لا تحزن على الشهيد
فيا داعش الشر أتعلم ؟
أنّ حسيينا أضحى نبراساً
أم تبقى جاهلاً
ولا تتعظُ  ولا تعلم

كان الحلم يدغدغ خواطر الأرض والرمل والحجر، وكان الحلم يمر في أعطاف طفولتنا ليعيد لنا مشاهد التاريخ ، والنضال، والتضحية ، وكنا نصنع من طفولتنا رجولة تأبى انتظار أوان البلوغ . قبيل البدء في كتابة هذه الخاطرة الموجعة لقلوبنا حول استشهاد أبن كوردستان الوفي ابن الوند الشهم حسين منصور ،  حرت عن التعبير وأية كلمة أو عبارة تكفي لوصف تضحية هذا البطل وعن شخصيته وسجاياه ، وعن تعامله مع اخوانه المقاتلين في خنادق المقاومة وعن فكره وعقله ونضاله .
بعد استشهادك انتابت موجة من الحزن والأسى أبناء مدينتك خانقين المنجبة للثوار والشهداء .. خانقين الصمود وقلعة التحدي والشوكة الدامية لعيون المحتلين ، غشانا الحزن والأسى لموقفك البطولي وموقف رفاقك الاوفياء للدفاع عن كوردستان والعزيز على القلوب كركوك . ورويت بدمك الزكي أرض كوردستان وباستشهادك صنعت  لأمتك الكوردية حياة السعيدة ، ورسمت للجيل القادم خارطة الحب والوفاء ، ورفعت هامة كوردستان ومدينتك خانقين واثبت بالدم والنضال أخلاصك لوطنك بعيداً عن الشعارات والظهور الاعلامي في اشد اللحظات الحرجة التي تمر بها كوردستاننا العزيزة وابناء أمتك المهددة من قبل اعداء الانسانية والحرية والمصير . فلو لا دماء أمثالك الشهامي لسقطت مدننا بأيدي العدوان الداعشي .
نعدك وعد الاوفياء .. سنسير على الدرب الذي سلكته ونبقى حماة لكوردستانك الحبيبة ، وعهد كل المناضلين ان يكون صدأ منيعاً امام زحف الاشرار او نروى بدماءنا ارض كوردستان من خانقين الى كركوك وكوباني ، والى كوردستان سنمدّ جذورنا لتتشابك مع جذور كوردستاننا الكبرى .
الشهداء لا يموتون ويبقون رموزاً ناصعة في صفحات تاريخننا ما دامت الدنيا .
وأخيراً قبل أن انهي هذه الخاطرة انحني خشوعاً واجلالاً أمام هذا الجندي القائد المقدام والشجاع .. فأقول نم قرير العين يا شهيد الخندق المقدس والرسالة العطرة رسالة الدفاع عن شرف مدننا الكوردستانية .
يا حسين مو خسارة جسمك الطاهر  ... خام أبيض مايلفهيا
 يا حسين أنت في قلوبنا خالد  ... سجلك في تاريخ محد يحرفه













25
الحمدلله على خسارة منتخبنا

محمود الوندي

أعادت فرحة فوز المنتخب العراقي لكرة القدم على نظيره الإيراني في تصفيات كأس آسيا التي تجري في أستراليا ، أعطى الثقة للعراقيين بقدرتهم على تجاوز الظروف الصعبة ، للسير ببلادهم نحو مستقبل أفضل . بعدما فرقتنا السياسة وجعلت وطننا ملاذا للارهابين والقتلة واللصوص .
ما قدمه المنتخب العراقي يستحق الثناء والاعجاب ، لأن لم يتبقى لنا سوى الرياضة لتوحدنا ولا سيما كرة القدم التي تزرع الفرح والسرور في قلوبنا بعدما نال الارهاب ما ناله من وطننا ، علينا  ان نساند منتخبنا الوطني ونقف خلفه بكل ما نملك من روح وطنية ورياضية  حتى يتمكن من نيل لقب البطولة وهذا هدفنا المنشود حتى تعود هيبة الكرة العراقية على مستوى أسيا والعالم .
انتصار كروي يلهب معنويات العراقيين ويرفع ثقتهم في مواجهة الارهاب والفساد ، حيث نزل آلاف العراقيين إلى شوارع بغداد ومدن أخرى ، متحدين الظروف الصعبة للاحتفال بفوز فريق منتخبنا الكروي ، وبلوغه المربع الذهبي ..  للأسف الشديد تحول أفراحنا بفوز منتخباتنا في كرة القدم في المباريات الدولية إلى مآسٍ بعشرات الضحايا الأبرياء بين قتلى وجرحى ، نتيجة إطلاق النار في الهواء .. إذن لا قيمة للسعادة أمام سقوط ابرياء من الرصاص الأعمى . وازهاق عشرات الأرواح .
هذه ظاهرة متخلفة تثير رعب المواطنين من الرصاص الأعمى الذي لا يعرف مطلقوه أين سيسقط أو في أي جسد سيستقر ليطفئ الفرح ويصنع مأساة ويسفك دماء بريئة ويوقع خسائر مادية جسيمة". هذا دليل على ذلك انعدام الوعي والجهل المطبق لهؤلاء الذين تسببوا بقتل الكثير من الأبرياء وحرمان الناس من فرحة الانتصار ".
" يفترض على المواطن العراقي ﻻ ان يحتفي بفوز المنتخب بالمسدسات والبنادق مخلفين ضحايا وجرحى ، يحب عليه ان يعرف قيمة الحياة ومعنى السلامة واﻷمان . وعليه ان يفرح مع أقرانه بأسلوب حضاري بفوز منتخبنا . التعبير عن الفرح ليس بواسطة إطلاق العيارات النارية ، حيث كان بالامكان الاحتفال بتهنيئة ، بل بتوزيع الحلويات على الأصدقاء والأحباء .
خسارة منتخبنا اليوم امام كوريا الجنوبية انقذ الكثير من ارواح الابرياء . لان هناك ناس من الضالين يعبرون عن فرحتهم بإطلاق العيارات النارية وتسبب بقتل الناس الابرياء ، وينقلب الفرح في بعض البيوت الى التعازي .
خسارة المنتخب العراقي ولا قتل الناس الابرياء . ولذا أقل الحمدلله على خسارة منتخبنا العراقي ....

26
وقفة تأمل في استقبال العام الجديد

محمود الوندي

لا بد يحتفل العراقيون كباقي الشعوب في جميع انحاء العالم باعياد راس السنة الجديدة ، وكما يتأملون بتحقيق بعض من امانيهم في العام القادم لأنهم عانوا على مدار اعوام ماضية من تفاقم النزاع السياسي والطائفي والويلات والآلام من الجرائم بكل أشكالها ما تهتز الأبدان ، والفوضى العارمة بسبب غياب القانون والانهيار الشامل لمؤسسات وهيئات الدولة ، وعجز الحكومة للقضاء على الفاسدين والمرتشين داخل هياكلها ، وعجزت ايضا لتحشيد طاقاتها لبناء العراق الجديد وتوحيد مكونات الشعب العراقي وتقارب قلوبهما وتربيتهم على الحوار والتسامح والاحترام الأخر  .
لم  يطرا على حياة العراقيين منذ تغير النظام السابق الى هذه اللحظة  أي نوع من التحسن على كل الاطر بدءاً من الكهرباء الى البطاقة التموينية التي تعاني التذبذب في عمليات التوزيع الحاد وفي الكميات والنوعيات , وفقدان الخدمات العامة الأنسانية والأجتماعية والحياتية والاسوء من كل ذلك الوضع السياسي المتدهور ووجود الفراغ الأمني ، والقتل الجماعي للناس الأبرياء الذين ليس لهم في السياسة ناقة ولاجمل . ولم يشعر الأنسان العراقي  بالأمان والأستقرار والراحة نتيجة تلك الأسباب المذكورة . اليوم الذي ينتظره الفرد العراقي بفارغ الصبر ليخرج من تلك الحقبة المظلمة ، ولينعم بالأمن والأستقرار . كان يحدوه الأمل بأن يطل العام القادم من عيون العراقيين بنظراتهم المفعمة بالامل وأحلامهم المنتظرة لما هو أفضل .
هذا العام كان مختلفا بكل المعايير عن السنوات السابقة حيث كان زحف ارهابيي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على محافظات تقطنها أكثرية من السكان السنة الذين شكوا على مدى سنوات من سياسات قالوا إنها "طائفية" اتبعها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
لا توجد هناك ما يمكن ذكره من مشاهد مفرحة أو انجازات في العراق في 2014 قياسا بحجم الحرب الدامية والأزمة الإنسانية المأساوية التي كانت عنوان ومضمون ما شهدته العراق في العام الحالي الذي شارف على الانتهاء . وكان الهجوم المباغت والسريع لداعش في حزيران الماضي على شمال وغرب البلاد وسيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي والمدن والبلدات والقرى .
سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين من العراقيين لاسيما في ظل اللحظات الراهنة ، هل يكون وضع العراق في العام القادم افضل مما عليه الحال ، بل يزداد تحسناً ؟!!!  وهل ممكن في العراق يكون يوما الرجل المناسب في المكان المناسب ويكون بديلا على معايير المحاصصة الطائفية والمحسوبية الحزبية ؟ !!! لإنقاذ الدوائر والهيئات الحكومية من المحاصصة ومن ايدي الفاسدين . هل ستحدد الاحزاب الحاكمة على مسار الوفاق السياسي الحقيقي في العراقي لخدمة المواطن العراقي ؟ !!! وأن يفعلوا شيئا من أجل إيقاف هذا الموت اليومي على العراقيين والفوضى العارمة داخل البلاد .. لم يشهد له مثيل في تأريخ العراق . وكذلك يتسأل المواطن ما هو دور الحكومة واجهزتها الامنية وقضائها التي تقف موقف المتفرج الذي لا يفعل شيئاً لتحجيم دور مثل هؤلاء الصعاليك المهيمن على الهيئات الحكومية ومؤسساتها الامنية والذين يتحركون وبكل هذه المساحة من الحرية ؟
يتأمل الإنسان العراقي بأن يشهد العراق في العام المقبل نقلة نوعية على درب تقديم الخدمات الحياتية والانسانية لعموم الشعب العراقي معززا بالامان والاستقرار في عموم البلاد بعد القضاء على مجموعة ذئاب جائعة التي تقوم بتقسيم الفريسة فيما بينهم ، وكشف الاشخاص الذين يحمون هذه الذئاب التي تسئ الى الشعب العراقي الذي عانى ما عاني طيلة أعوام المنصرمة التي احرقت الحرث والنسل . وإن تنظر الحكومة الجديدة الى مصلحة الوطن وتتحرك للقضاء على الفساد الإداري والمالي حيث المستشري كالسرطان في جسمهم بأبشع اشكاله واكثرها قذارة ينخر اليوم من المؤسسات والهيئات الحكومية علي حساب ابقاء الاغلبية تحت وطأة الجوع والمرض والعوز والبطالة .
سوف يودع الشعب العراقي عام 2014 بكل ما فيه من المصائب والمعاناة والالام واستقبال عام 2015 بالامل والتمنيات المتمثلة في امنياته بسيادة أجواء الامن والطمأنينة والسلام ودخول البهجة والسعادة الى قلوب الناس . ويأمل أن يكون العام الجديد عام العيش بأمن وسلام وتحسين مستوى حياة ومعيشة الفرد العراقي وعودة البهجة والفرح والسرور للعراقيين جميعا .. وتوفير الخدمات ، وتعمل عمل تنظيف الوزارات ومؤسساتها من شائبة السيئة ، والقضاء على بؤر الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات والهيئات الحكومية بمختلف أشكال ظهوره ، وتشخيص الجناة الحقيقين من القتلة والسراق والعملاء لدول الجوار .. بعيداً عن بؤر الاحتقانات وبرك الدماء ، بمزيد من التفاهم بين اطياف الشعب العراقي والقضاء على النهج الطائفي والديني والتمييز القومي. ذلك لن يتحقق إلا بالقضاء على الفساد الاداري والمالي داخل الهيكل الحكومي   .


27
الشعب الكوردي شعب  مسالمٌ وعريق
لا يناله الموتورين من حثالات النوادي الليلية
محمود الوندي

ما زال هناك هجوماً ظالماً على الشعب الكوردي من قبل بعض الواعظين الجدد الذين يتسترون خلف ستاراليسارية وفي ذاتهم عداء وكره  مستميت تجاه الاخرين من اجل النيل من مكانة الكورد وعلو كعب هذا الشعب في سُلّم الانسانية والوطنية .
فهولاء ينفثون سمومهم كالأفاعي ضد الكورد ويحاولون سوق جملة من الاتهامات المزيفة والكاذبة بحقهم ؛ من خلال تزيفهم للحقائق للتستر على الفساد المالي والإداري في المؤسسات الدولة في حقبة حكومة المالكي السوداء وتبرئة ساحتها من سقوط ثلث العراق بيد مسلحي دواعش ، ومن ثم بكائهم الكاذب بدموع التماسيح على مدينة كركوك بحجة تجاوز الكورد عليها , بدل شكرهم  للشعب الكوردي ولقيادته الوطنية لحمايتهم وإنقاذ لها من هجمات مجرمي داعش .
في حين هولاء الواعظين قد غمضوا عيونهم عن مجزرة سباير ومعسكر مثنى في محافظة صلاح الدين وعما جرى ويجري في بغداد العاصمة والمدن الأخرى من الاعمال الأجرامية من قتل وتنكيل وتهجير للعراقيين الأبرياء بالسيارات المفخخة والمتفجرات من قبل جماعة داعش الارهابية والمتسللين من خارج الحدود وبدعم وتمويل بعض دول الجوار .
فهولاء يعرفون الحقيقة جيدا ويعلمون من هو العدو الحقيقي للشعب العراقي ومن الذي يدّعي الوطنية بدل ان يقولوا الحقيقة للناس أخذوا يصبون جام غضبهم على الكورد بحجج واهية ، فهناك قول يعرفه الجميع ان الجهل بالحقائق ليس عيباً ، ولكن اطلاق التهم الكاذبة دون معرفة الحقيقة تكون عيباُ ، فهذا يعدّ بحد ذاته افلاساً فكرياً وسياسياً وشعوذة شيطانية من قبلهم . يجب ان نشير الى حكمة شعبية مأثورة مفادها ان (البعض عندما يطعن في السن يخرّف) . فهل اخرَفوا هولاء أم انهم أفصحوا عن ماهيتهم الطائفية والعنصرية ؟ والايام ستكشفهم وتبين حقيقتهم الشوفينية ولا يخفى على القاصي  والداني.
ولمن سخرية القدر ان مثل تلك النماذج يعيشون في دول أوربية غربية أي في الدول الرأسمالية ويبقون يتشبثون بشماعة القيم اليسارية وولائهم التام للمعسكر الاشتراكي ، ويتمتعون بالمعونة الإجتماعية الشهرية المخصصة للعجزة والعاطلين عن العمل ، ويحتسون المشروبات الكحولية ويجالسون الصعاليك في بعض الحانات ، ولا يقدمون شيئاً للدول الحاضنة لهم بل انهم في ارذل العمر يكونون عالة على تلك الدول المضيّفة .
هل انقلبوا هولاء الوعاظين الجدد فجأة من الشيوعية والماركسية كما كان يدّعون الى أشخاص طائفيين وعنصريين وباتوا يسقطون في المستنقع الحقد البغيض ، وتخلوا عن أفكارهم التي حملوها وتغنوا بها لسنين طويلة .. وتحولوا في ليل وضحاها الى عروبيين او اسلامويين أو بأحرى الى مذهبيين طائفيين وعنصريين .   
وللأسف ان حكومة كوردستان قد استضافت بعضهم واعتنت بهم وتم تكريمهم من قبل بعض المسؤولين الكورد فهنا سؤال وجيه يطرح نفسه ، الا هو: ماهي مصداقية انسان كتب الكثير عن كوردستان وتغنى بشعبها وطبيعتها ثم يلعنها بين ليلة وضحاها ويطلق عليها من أشنع النعوت والاكاذيب ؟ فمثل هذه النماذج من الكتاب المرتزقة والنفعيين يسبقهم دوماً ميول التبعية والتسوّل , ولو يعتبرها البعض كنوع من الفهلوة والشيطنة والشطارة  يتباها بها, بين اقرانه ام اصبحت في هذه الايام كوسيلة  ارتزاق قذرة ومخدشة للسمعة الانسانية والادبية أم كان لهم فيها غايات ما يبررها , من دون الشعور بسقوطهم في قعر الحقارة المطلقة .
فالوعاظين الجدد الآن يتربصون ومنذ مدة لاقتناص مثل تلك الفرص من اجل كيل الشتم والسباب  لجميل معروف الشعب الكوردي  المسالم ، ارضاءً لولي نعمهم المتعددة المنافذ ، واليوم بات للجميع حقيقة مثل تلك النماذج اللقيطة التي مرقت من المبادئ اليسارية الانسانية  وبدأو يتقيؤن حقدهم وبث سمومهم  السفراء منذ استلام السيد المالكي للحكم وللان . لابد ان ندع هولاء الغافلين ان يغرقوا في قعر مستنقع السقوط او ان يعترفوا بخطأهم الفادح و يعتذرون بشدة من الشعب الكوردي ان قبل هذه الشعب الكريم المناضل اعتذارهم .
فمثل تلك المشاعر المعادية للكورد من قبل البعض  لم تكن وليدة  ساعة او يوم ، بل هي تراكمات  قديمة مختزنة في ذواتهم النتنة وهي  من شجرة التعصب  البعثية الخبيثة المتوارثة من حزب البعث منذ استلامهم للسلطة في العراق .
هولاء يعانون حقاً من اوجاع نفسية معنوية وضيق خبيث يجتاح مفاصل حياتهم التعيسة , انهم في حالة نكوص تام ولا يمكنهم ان يخطون الى الأمام نحو السلام والانسانية ، لذلك نراهم بين فينة واخرى لا يحسنون المنطق الانساني سوى اجادتهم التامة للغة النباح والعواء المستمر على قافلة مسيرة الكورد الانسانية والعمرانية كلما سنحت لهم فرصة سانحة للتسول على ابواب اباطرة السحت الحرام ومن جيوب سارقي قوت الشعب العراقي  ووجدوا وبعدها تراهم يفرغون ما في بطونهم النتنة وعقلهم الخاوية .
وهكذا نجد ان المثقف (المتثاقف ) يسقط سريعاً  مثل الذباب على الاماكن القذرة أمام الاغراءات المادية ولمكارم الحكام الفاسدين , ليختم على اوراق  خيانة مبادئه الفكرية والانسانية التي غنى بها دوماً في داخل الوطن وخارجه .











28
صمود مدينة كوباني
تذكرنا صمود ستالينغراد الروسية


محمود الوندي

بعد الانتصار الكبير الذي حققته وحدات حماية الشعب الكوردية (YPG) ووحدات حماية المرأة في روز آفا (كوردستان سوريا) وبعد معارك طاحنة ضد تنظيم داعش من أجل تحقيق حرية جميع القوميات السورية ، حيث تمكنت هذه القوات من تحرير أراضيها وشعبها من العبودية ، ومن سيطرت عصابات داعش .
بعد تحرير المناطق الكوردية وأعلان الحكم الذاتي للشعب الكوردي في روز آفا (كوردستان سوريا) ، حيث استفزت حكومة تركيا من هذه الانتصارات ، حوفاً ان تكون في المستقبل حافزاً ودافعاً لأكراد تركيا لتصعيد مطالبهم بحق تقرير المصير وإقامة الدولة الكردية ، أخذت تدعم الارهابيين من عصابات داعش وتحركها ضد الكورد باجتياح مناطقهم والقضاء على طموحاتهم  المشروعة ، لكي لا يهيمن وحدات حماية الشعب الكوردية (YPG) على المنطقة الكوردية التي تشكل عمقا ستراتيجيا لمقاتلي حزب العمال الكوردستاني التركي الذي تعده الحكومة التركية تنظيما "إرهابيا" وعدواً لذوذاً لها ، الى جانب قصف الطائرات التركية لتجمعات المقاتلين الكورد السوريين في محيط كوباني بحجة ان بينهم مقاتلين من حزب العمال الكوردستاني التركي ،  وكما امتنعت عن فتح حدودها أمام المتطوعين الذين أرادوا الانضمام إلى القوات المدافعة عن كوباني ، ولا سمحت بإيصال أسلحة أو ذخائر إلى قوات المقاومة . والاكثر من ذلك هو منع وصول المساعدات من اقليم كوردستان الى كوباني عبر الاراضي التركية.   
تعرض ويتعرض مدينة كوباني لأعمال بربرية وحشية على يد داعش (الدولة الاسلامية) وتطهير عرقي وابادة جماعية منظمة كان ضحيتها المئات والالاف من الأبرياء العزل من الكورد ، بعد أن قبع المدينة تحت الحصار اللاإنساني من جهاتها الثلاث منذ ثلاثة اشهر ، ومحاصرة من الجيش التركي من الجهة الشمالية الذي يمنع وصول أي مساعدات من أي نوع اليها ، واصبحت كوباني ضحية جديدة لستراتيجية الأميركية وسياسة الابتزاز التركية ؛ تتجاهل دول المنطقة ودول العالم مأساتها ، وتقاعس قوات التحالف في شن هجماتها الجوية على التنظيم الداعشي ؛ والتجاهل الامريكي لنداءات الاستغاثة التي اطلقها سكان مدينة كوباني .
ان ما تتعرض له المدينة هي جرائم تنافي كل القيم الإنسانية والدينية , صمت المجتمع الدولي والمحافل الدولية والحكومات والمنظمات العربية والإسلامية تجاه هذه الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين كل مَن له مبادئ وقيم وشعور انساني ، ما هي الا دليل دامغ على حجم المؤامره الدوليه والأقليمية ضد الكورد ، وانحطاط قيمة الانسان في الواقع الدولي .
الهجمات البربرية التي يشنها تنظيم داعش على كوباني تأتي تلبية لرغبة تركية التي تسعى بكل الوسائل الى اضعاف حزب العمال الكردستاني وكسر ارادة المقاومة لدى مناصريه في كوردستان سوريا . وإرغام الكورد على التخلي عن أية مكتسبات سياسية يمكن أن يتوصلوا اليها من جراء الوضع المتشظي في سورية . لأن تركيا تعاني من كابوس رهيب ، هو كابوس الشعب الكردي ومطالبته بحقوقه القومية المشروعة التي ينكرها عليهم تركيا الى جانب إيران وسوريا وحتى العراق .
يقاتل سكان كوباني بما يتوافر لديهم من اسلحه بسيطه بعد ان العالم خذلهم . لصد هجمات الداعش الارهابي ، ولم يكن في المدينة سوى بضع مئات من المقاتلين من أبنائها ، الذين رفعوا رأس الأحرار عاليا بصمودهم التاريخي ، ولم يرَ العالم قوة محاصرة بذلك القدر العظيم من المعنويات المرتفعة .
أصبحت مدينة كوباني قلعة صامدة تحمي شمال كوردستان وتحمي شرق وغرب روزآفا كوردستان لا تزال صامدة تقاوم بكل ما لديها من اسلحة فردية بسيطة . وكشفت عن وجه تركيا الحقيقي التي لم يحركها نزف الدم الكوردي .
لا استطيع حتى الان ان اجد تعبيرا يناسب البطولة والشجاعة والبسالة والصمود , الذي نراه في كوباني ، إلا أن اشبهها بمدينة ستالينغراد الروسية , التي اشتهرت بصمودها التاريخي في الحرب العالمية , عندما حاصرها الالمان .
صمود كوباني ( فيما هم على مرمى حجر من العدو ) ، والتضحيات الجسام التي تقدمها قوات حماية الشعب بشاباتها وشبانها الشجعان ، أثبت أن «الدواعش» حفنة من العصابات يمكن صدهم ودحرهم ، وبقوة مستمدة من إيمان عميق . وسيعطي هذا الصمود درسا وقوة دفع كبيرة لكل المقاتلين في مناطق العمليات الباقية ، وأعطى دفعاً قوياً لاستقلال الكورد وتشكيل دولتهم المنشودة .


29
مدينة كوباني تنزف وتحترق .. ألا هل من مغيث ؟
  محمود الوندي
تتعرض مدينة كوباني الكوردية السورية اليوم لهجمات شرسة من عصابات داعش مجرمة وخبيثة ، بدعم امريكا والدول الحليفة لها في المنطقة .. والقدرات التي تتمتع بها مسلحي داعش بقدرات كبيرة في مختلف المجالات .. وإمكانية فائقة في تسخير الدين الإسلامي لتضليل المجتمع الاسلامي ولخدمة أغراضه الشريرة . 
ما يحدث في منطقة كوباني الآن هو مذبحة ومجزرة إنسانية بشعة تدخل في إطار جرائم ضد الإنسانية ، أودت بحياة العشرات  (وغالبية القتلى هم  من المواطنين العزل) ، والاف الجرحى ، وتهجير الآلاف من سكانها الكورد ، ولم تسلم أسرة منها من فقدان عزيز لها ، الى جانب حصار مطبق منذ أشهر من قبل عصابات داعش ، وهدم الاف المباني والبنى التحتية الأساسية وغير الأساسية امام عيون وسماع المنظمات الإنسانية والمحافل الدولية ، مع الأسف لم يهتز الوجدان الإنساني وضمير الرأي العالمي في معظم دول العالم .     
ان وحشية هذه الهجمات على كوباني "غرب كوردستان" وباسم الإسلام ، والتي تستهدف كرامة وشرف ووجود الأمة الكوردية بأسرها ، تعتبر حرب إبادة الجنس من قبل أخطر تنظيم إرهابي الذي يحاول فرض جهله على الامة تعرف بثقافتها وإنسانيتها . 
لا تنفذ عصابات داعش هذه الجريمة بوحدها فقط إنما ينفذها بالتواطؤ المباشرة وغير المباشرة مع عدد من الحكومات العربية وغير العربية انتقاماً من الكورد ، ولذلك سكوت العالم كله عن جرائم داعش خوفاً عن مصالحهم ان تضرر مع تلك الدول . لأن هناك هدفا واحدا يشغل كثيرون من حكام الدول العربية والإسلامية التي كانت وما زالت ترتبطهم بحلف مقدس مع أمريكا والغرب ، وتربض على أراضيهم أخطر وأكبر القواعد الأمريكية ، ألا وهو تصفية الشعب الكوردي ، أو حشرها في أضيق زاوية يمكن أن تنمسخ فيها قضيته وحقوقه المشروعة .   
أن الهجمات التي تشنها مرتزقة داعش على مقاطعة كوباني "تهدف إلى ضرب إرادة الكورد" مدعومة دوليا واقليميا ضد الأمة لا حول وقوة لها ، وهذه الجرائم يلون قلوبنا بالدمع والألم والفجائع وصيحات الألم لأن هناك المزيد من الضحايا سواء من الاطفال او النساء او الشيوخ ، إضافة الى انقطاع كل وسائل الحياة اليومية للسكان الباقين على قيد الحياة من اتصال ووقود وماء وكهرباء ونفاذ الأغذية والمؤنات الطبية .
إن ما يجري في كوباني حلقة من حلقات تهويد كوردستان واجتثاث شعبها وأن تكون سكرات موت للضمير العالمي في الوقت ذاته ، ومما يعمق إحساس الرأي العام وحقوق الإنسان بالعجز ، وفقدان الثقة بذاته  .
لكن ان تدرك داعش ومن يدعمه هذه الحقيقة ، ما ترتكبه من الحماقات في سياسية القتل الجماعي لا تستطيع ان تحقق مرامهم ولا بموت إرداة الإنسان الكوردي . ولن تكسر ارادته في الصمود على ارضه ونيل من حقوقه المشروعة .
لا شك ما يحدث في كوباني هو أسوء مجزرة إنسانية تستهدف الابرياء تمنح فيها الدول المجاورة والمحافل الدولية رخصة القتل والتدمير لداعش تنفيذ مذبحة الهستيرية بحق الشعب الكوردي الذي يجتاح قرى كوباني المحاصرة ، وتحطيم بنيتها التحتية ، وتشريد العوائل الكوردية من بيوتهم ومناطق سكناهم .
سكوت المجتمع الدولي والاقليمي ضد انتهاكات عصابات داعش الارهابية وعدم إدانة جرائمها بحق الكورد في كوباني وعدم تقديم المساعدات لرد عليهم ، دلالة على ان عصابات داعش مدعوماً أقليمياً ودولياً للقضاء على أمنيات الشعب الكوردي  .

30
أين التغيير في تشكيلة الحكومة الجديدة ؟ !

محمود الوندي

بعد الماراثون الطويل والشاق من المفاوضات والنقاشات الساخنة بين القوائم الفائزة على منصب رئيس الحكومة واخيرا تم تشكيل الحكومة بولادة قيصرية على يد القابلة الامريكية الصارمة وبعد شهور طويلة من الصفقات السرية والعلنية التي اتفقت عليها الكتل السياسية المتنازعة ، التي قضى فيها هولاء الساسة في جو من المشاحنات والمصادمات العقيمة حول تغليب المصالح الخاصة على القضايا الوطنية. شهدت الفترة التي سبقت الاعلان عن الحكومة صراعا شرسا بين القوى السياسية المتنازعة من أجل الفوز بأكبر عدد من المناصب العليا والوزارات وليس لأجل الوطن ورفاهية الشعب ، كل ذلك في محاولة للحصول على ما يمكنه الحصول عليه من المنصب أو الشهرة ولتعمير أسمه وجيبه ، ومفضلاً المصلحة الشخصية الضيقة على كل شيء . وهي في الغالب فاسدة تضع مصالحها الخاصة الضيقة فوق مصالح المجتمع   .
ان منافع الأمان والاستقرار والقضاء على الفساد الإدراي والمالي ما زالت بعيدة المنال . فالعراقيين يعيشون في بلد ما زالت تعجز عن توفير الأمن الاستقرار والخدمات الأساسية . وبعد كل هذا الوقت ، يتساءل العراقيون عما اذا كان محكوما عليهم بالحياة في دولة عاطلة . 
عشرسنوات تدار شؤون العراق من قبل نخبة سياسية فاشلة تسودها الطائفية والمحاصصة المقيتة وصفقات الفساد, عشر سنوات تتكررت ذات الوجوه  الكالحة الفاقدة للصدق والوفاء للوطن ولدماء الشهداء أسماء مكررة منذ عقد ولا تتبدل سوى شكل الكراسي  , يكذبون ينافقون يسرقون ويهربون تحت الشعارات والوعود والخطوط الحمراء  يتخاصمون امام كاميرات القنوات الفضائية امام الشعب وفي الخفاء يتبادلون نخب الملايين من الدولارات من قوت الشعب العراقي المسكين, عشر سنوات جعلوا هؤلاء الجوعى والمتسكعين على ابواب دهاقنة مانحي المناصب والوظائف وفق درجة الخنوع وتمرير الصفقات وتطبيق سياسة تجويع الشعب وتدمير البلاد من خلال افتعال الازمات تلو الازمات والهاء الناس والرأي العام بقضايا تافهة وتهديدات جوفاء وبعد مرور مدة تجدهم يتسارعون ويتفقون على تقاسم النفوذ والمال وكأن لم يحدث شيء. وهذه ظاهرة تدعو الى المزيد من القلق بمعنى ان الخارطة الجديدة للوزارة توحي للمتطلع وكأن العراق خال من الكفاءات والطاقات إلا من لمة من الوزراء تبقى أسماهم تتكررفي كل وزارة جديدة منذ تغير النظام عام 2003 .
ما طرأ حتى الآن هو أن التغيرات التي حصلت في الحكومة الجديدة هي تغير عدد قليل من السادة المستوزرين في الحكومة ، واما الباقي هم نفس أعضاء الحكومة السابقة التي تفشى حالة الفساد الأداري والمالي حد العفونة في مؤسسات وزاراتهم ، ما يجعلنا أن نقول عنها أنها وجه جديد لبطانة حكومات سابقة ، فلا يجد المراقب للاحداث أختلاف كبير إلا من الشكل الخارجي المزركش بخيوط  الديمقراطية الاميركية للخياط الماهر جون كيري عراب الجولات الامريكية للعراق ومنطقة الشرق الاوسط ، فالفساد سيبقى إذن متصدراً قائمة كل عناوين حكومة السيد العبادي.
يبحث الشعب العراقي اليوم عن حكومة فاعلة ومخلصة لكي تتمكن من تقديم خدمات وتلبية مطالبه لأنه عانى من أفتقاد الخدمات الأساسية منذ سنوات طويلة ، ويحافظ على سلامته وأمنه ولا يكن لقمة سائغة بأيدي أعدائه ، إن رغبته باظهار وجوه جديدة وعقول نيرة تحمل أفكارا حديثة وكفاءات متمكنة من التكيف وفق معطيات العصر تتطلع إلى الأمام نحو نهضة وتنفض الغبار عن المعدن العراقي الأصيل ، ترفع ديمقراطية العراق الفتية إلى مصاف العالم الديمقراطي المتطور المتحضر ، وينبغي أن يتخلى حكام جدد عن تعصباتهم المذهبية والدينية والقومية ، وعن لهاثهم وراء الكراسي وعن المغانم لمصلحة الشعب والوطن . 
فأمام الحكومة الجديدة مهمات صعبة واصبحت أكثر مسئولية من ذي قبل ، لإصلاح الكثير من أخطاء حكومة نوري المالكي ، والقضاء على الفساد الأداري والمالي ، وإعادة الإعمار وتوفير الخدمات ، والأهتمام بالثقافة العراقية الجديدة ودفع عجلة النمو الأقتصادي والأجتماعي للبلاد نحو الأفضل ،  وان تشرع الحكومة الجديدة على تنظيف وزاراتها ودوائرها من شوائب حكومة المالكي السابقة  ، وتسهم في بناء المجتمع العراقي الديمقراطي .
ترى هل تستطيع هذه الحكومة الجديدة تنفيذ وتحقيق طموحات شعبنا المظلوم ومعالجة اخطاء الحكومة السابقة وعدم تكرارها بهذه الدزينة المعلبة من الوزراء ؟؟؟ وهل تثبت للشارع العراقي وللرأي العام العراقي بأنها هي الأكثر كفاءة وقدرة وصدقية لرفع المستوى المعاشي للمواطن ؟؟؟ سؤال يصعب علينا الأجابة عليه بنعم .. لان هذه المهمة شاقة تحتاج الى قادة نزهاء مخلصين وكفؤيين في عملهم  . ووضع الوزير الكفوء في المكان المناسب ، ليقدم أفضل الخدمات للمجتمع والوطن وتزداد إنتاجية الحكومة بأقل الصرفيات ، أي ليس بالضرورة أن يكون الوزير حزبيا او طائفيا  ليبحث عن مصالحها الحزبية والشخصية ، وإنما الكفاءة والحرص على المال العام والالتزام بالدستور تكون هي المعيار قبل الالتزام ببرنامج الحزبه وتعاليمه  .
هذه المحاصصة بين القوى المتنفذة , من الطبيعي يكون ضررا في مسيرة الديمقراطية العراقية الوليدة ، حيث يقودنا نحو نفق مظلم خطير .. ويكون مضاره كثيرة على العراقيين حيث تذهب أمنياتهم وتوقعاتهم أدراج الرياح ، باختصار ان ما جرى هو ترضيات بين السياسين على حساب الشعب العراقي ، بان لا جديد بالواقع في الحكومة الجديدة ، إلا في ما تعلق بدراماتيكية صعود شخصيات حزبية الى دفة الحكم  .

31
ألقموا أفواه بعض الأبواق الناعقة بحجر المذلة
محمود الوندي

مرت على الشعب العراقي وبجميع أطيافه أياماً عصيبة منذ ان تسلمت الحكومة الجديدة مقاليد السلطة في العراق بعد تغيير النظام السابق على أيدي الأمريكان وحلفائها , كل يوم يشهد العراق , بأستنزاف  مواطنية وثرواته وكرامته وسيادته ، بسبب مجموعة الاحداث متتابعة ومترادفة مع بعضها البعض , وكنتيجة لذلك سرت موجة من الاحباط والقلق بين العراقيين .
لقد اتضح جهل الحكومة وسياسته الطفولية إزاء معالجة الأمور بالحكمة والعقل ، وبسبب أخطاءها واعتمادها على الطائفة واحدة وضيق على الطوائف الاخرى وحتى بني جلدتها وعدم أشراكهم في القرار السياسي ، دفعت ألاف الشباب من الطائفة الاخرى الأنضمام الى جماعة الأرهاب .
وليس جديدا علينا طرق واساليب الحكومة الحالية في محاولة خداع الشعب العراقي . والأساليب المستخدمة الذي كان يستخدمه نظام البعث في تسقيط معارضيه وأعدائه ، واتهامهم بالعمالة لإسرائيل والدول المجاورة .
هذه الحملة بأدواتها ووسائلها ضد الكورد تذكرنا بذات النمط العدواني للنظام السابق في تلفيق الاكاذيب لخداع الشارع العراقي في التعامل من الاحداث ، لذلك تجدها تحاول تسقيط الطرف المقابل بكل الوسائل ودون سبب منطقي ورميّ اللوم على الاخرين من خلال ارسال الاشارات الى ابواقهم الناعقة لقلب الحقائق وتضليل الرأي العام العراقي .
لكننا في هذا السياق نريد ان نوضح الحقيقة ونضع النقاط على الحروف . وحتى نفند حجج الذين يتصيدون في الماء العكر ونقول لهم ان السيد المالكي في فترة رئاستة الاولى والثانية قد فشل فشلاً ذريعاً في معالجته لملف الارهاب ويعد هوالسبب المباشر وراءهزيمة الجيش العراقي امام الجماعات المسلحة المسماة بتنظيم داعش ، ولم يستطع الدفاع والحفاظ على أرواح المواطنين ، كما عجزت تلك الجماعات المسلحة عن هزيمة البشمركة الكوردية . 
حيث نراه مجموعة ما يسمى بالمثقفين ينضمون إلى جوقتهم من أشباه اليسار ويتخبطون اكثر من اي وقت متناسين أن الدواعش يسيطرون على ثلث العراق وهم على ابواب بغداد العاصمة . ونرى بعض الكتابات غير المنضبطة تعكس جهل وحقد واستفزاز مشاعر غيره وبالاخص مشاعر الشعب الكورد وينتقدهم لانهم قارعوا نظام البعث وكما اليوم يرفضون الدكتاتورية والطائفية ، فكأن لسان قلبهم الاسود يقول ان صدام كان على حق عندما نكل بالكورد . وهذه النظرة الطائفية تسيء لتضحيات جميع الشهداء الذين ناضلوا ضد النظام السابق ، وانهم يحمّلون السيد مسعود البرزاني مسؤولية فشل المالكي وعجزه في إيقاف زحف تنظيم  داعش وحماية المدن من السقوط ، فالرئيس البرزاني والقيادة الكردية هم  اول من ابلغوا السيد المالكي بنية داعش في احتلال المدن العراقية وبالذات محافظة الموصل ، ورد المالكي عليهم – لا خطر علينا وعليكم بحماية اقليمكم .
لم تكن الحكومة الحالية أفضل حالا من سابقتها في شراء الذمم خشية المنافسة على السلطة ، ستجد اليوم بعض الشعراء يتغزلون وثلة من الكتاب يمدحون من اجل ارضاء ولي نعمتهم ، ومعهم وعّاظ السلاطين في اي زمان ومكان دائماً يشرّعون دائماً استبداد الحاكم وغلبته مقابل الوصاية على الناس ومحاربة كل دعوة جدية تهدف الى ترسيخ روح الديمقراطية والعدالة الاجتماعية .  ومحاولين ارجاع العراق مرة اخرى الى الحكم الفردي والدكتاتوري .
هولاء الواعظين لا يرون ابعد من حجم المبلغ الذي يحتويه دفتر المكرمات لأنهم لا يفقهون ابسط معانى الوطنية العراقية سوى الأنتماء والولاء الى سيدهم المصون من الفشل , حيث انهم يخلطون الأوراق ليثيروا الفوضى وأرباك الرأي العام العراقي وتشويه وعيه والأساءة لمشاعره الصادقة ولا يتحرك ضميرهم ووجدانهم لما يؤول اليه مستقبل العراق وشعبه المسكين .
سقطت اقنعة وجوهم فوصل بهم القبح والصلافة انهم يطبلون لقائدهم الاوحد ومهلهلين بذكاءه  وهم يرون بأم أعينهم وامام انظار العالم كيف تباع النساء العراقيات من الطوائف المتخلفة في أسواق النخاسة وكيف يذبح الرجال كالخراف امام ذويهم ، وتهدم الجوامع والكنائس والأثار القديمة .
من نافلة القول ان هولاء معذورين  لأنهم تعلموا على العيش على آلام الغيرولعق فتات موائد حكومتهم الدسمة واخذ مكرمات السحط من المال العام ، والتفكير في كيفية الحفاظ على مصالحهم الشخصية ، فأصبحوا من أجل قبض حفنة من المال صمٌ بكمٌ لا يسمعون وعميٌ لا يبصرون . كأنهم لا يسمعون صراخ  النساء والاطفال امام مشاهد ذبح الرجال .. ولا يرون هزائم الجيش العراقي المتتالية وعلى جميع المسارات امام عصابة داعش الارهابية .
فهولاء لا يخجلون عندما يتمتمون ويتلعثمون ويبررون فشل ولي نعمتهم المهزوم  القابع  في المنطقة الخضراء!! . .


32
لِمَ كل هذا التجني على الكورد
بحجة الحفاظ على وحدة العراق وهو مُقسّمٌ منذ سنين

محمود الوندي

من المؤسف نشاهد  ونقرأ منذ سقوط مدينة الموصل العريقة بيد الارهاب بعد هزيمة الجيش العراقي وتخليه عن واجبه المقدس في الدفاع عن شرف العراقيين . قيام بعض من الكتاب المقربين من حكومة السيد نوري المالكي بشن حملة ظالمة وشرسة على الشعب الكوردي والأساءة الى مشاعره عبر القنوات الفضائية الطائفية وفي الصحف والمواقع الإنترنيت وباساليب انشائية هابطة , كتّاب اعتادوا ان يعيشوا في الأوحال والمستنقعات الموبوءه ، والضرب على اوتار التفرقة الطائفية من خلال الكذب والمراوغة والتسقيط وكراهية الآخر . فهولاء اصبحوا اليوم آلة للتشهير بالكورد بمناسبة أو دونها في العهد الماضي والحالي في مساندة  وتأييد اخطاء ولي نعمهم  مستخدمين في ذلك نفس اسلوب نظام البعث ، لبث الفرقة والتناحربين ابناء الشعب العراقي بمختلف مكوناته واثنياته ليدخلوا البلاد مرة اخرى في نفق الاحتراب الطائفي المظلم .
وما يصدر من اتهامات كاذبة وملفقة من قبله ما هو إلاّ ارهاب فكري وخداع وتضليل الإنسان العراقي الطيب المتآخي محاولين بعملهم تلك حجب شمس الحقيقة بواسطة الافتراء وتلفيق التهم الباطلة لهذا المكون او ذاك !! ويعتقدون ان ما يقولونه ويكتبونه ستنطلي على ابناء الشعب العراقي وبالاخص خداع وتضليل إخواننا الشيعة في بغداد وفي جنوب العراق وتأجيج نار الكراهية في صدروهم ليحقدوا على الشعب الكوردي العراق ، وانهم يعلمون جيدا ان مثل تلك الاتهامات والاكاذيب لا تجد لها صدى امام وعي العراقيين وامام تكاتفهم في مثل هذه الساعات العصيبة.
فألقاء التهم على الكورد لإخفاء الحقيقة عن العراقيين فهي من تداعيات انهيار المنظومة الأمنية في الموصل والمناطق الاخرى ، ولذا يحاولون التماهي على العدو الحقيقي للمذهب الشيعي . فلجأوا عوض ذلك نبش كل ما يثير التشكيك بمواقف القيادات الكوردية الوطنية وقوات البيشمركة الجريئة في حفاظهم على المدن الاخرى التي كادت ان تسقط بيد فلول الارهابيين بعد انسحاب الجيش العراقي من مواقعه وترك ثكناته وانهزامه امام الارهاب .
وقد وقع للاسف بعض أشباه المثقفين اليساريين في مطبات الطائفية البغيضة وانجرفوا مع موجة المديح والثناء . ووجدوا في الطائفية ضالتهم المنشودة ، وراحوا يكيلون  التهم والسباب وبشكل شوفيني ضد شعبنا الكوردي وبنفس العقلية المنهجية البعثية ، وتجاوزهم على بني فكرتهم من  الكتاب اليساريين ، عندما ينتقدون اسلوب السيد المالكي وسياسته الخاطئة في تهاملة مع مشاكل العراق الداخلية وفي نظرهم ان من ينتقده فهو خائن وضد العملية الديمقراطية العراق وعميل لأمريكا  ونسفوا انفسهم انهم اول من دخلوا العراق على ظهور الدبابات الامريكية ولولا تلك القوات لكانوا في منافيهم يحلمون برؤية جبل او قرية عراقية الى يوم يبعثون وكأنهم هم الذين اسقطوا النظام السابق وليست القوات الامريكية التي أتت بهم  ليسرقوا قوت الشعب وينهبوا ويخربوا العراق ويخططوا بتقسيم العراق وينشروا الافكار الطائفية النتنة في المدن العراقية , والعراق منذ وجوده لم يعرف اي تفرقة او تمييز بين مكوناته المتآخية غير المودة والوئام وحب الجميع .
فهولاء الوعاظ يلمحون للكورد ان يقبل بالأمر الواقع الذي فرضه نظام البعث في تعريب المدن الكوردية العديدة وعدم مطالبتهم بها او  رجوعها الى اهلها الاصلاء ، بعدما تمسكت حكومة السيد المالكي بنفس قرارت تعريب تلك المدن الكوردستانية خلافاً للمادة 140 من الدستور العراقي التي نصت على حل مشكلة التعريب والاستفتاء حول عائديتها للمواطنين .
المتثاقفون والمتنافقون قاموا بخلط الأوراق عبر مقالاتهم الأنشائية من خلال بعض الموقع الالكترونية المغمورة ليقنعوا بعضهم بعضا بانهم مثقفون ويجب ان ينظّروا ويفلسفوا على الناس بافكارهم المريضة وبمقالاتهم وحتى بسخرياتهم البائسة احيانا ومحاولينً بث الفوضى لأرباك الرأي العام العراقي لكي لا يميزوا بين العدو من الصديق وتشويش وعيه بدل مخاطبة وجدانهم النقية حول الأحداث الدامية وعلى مستقبل العراق المهدد ؛ ولا يريدون التطرق الى هزيمة الموصل وخيانة المسؤولين في القوات المسلحة العراقية وتقصيرهم المتعمد في عدم حفاظهم على المدن العراقية امام فلول الارهاب الداعشي وافكارهم المضللة لمحاسبة المقصر .. انهم بتدبيج تلك المقالات والاراء يُريدون ان يعيدونا الى نفس اجواء وايام " لا صوت يعلو فوق صوت المعركة " وكل شيء من أجل المعركة " ويريدون ايضاً احياء نفس الذكريات الاليمة والبائسة للحرب العراقية الايرانية أو حرب الخليج القذرة .
المشكلة هولاء  قد وضع اغلبهم قدم الرحيل على اعتبات الثمانين من العمر , بدلا ان يكونوا حريصين على تقوية التكاتف والتاخي بين المكونات الشعب العراقي ، بل  يحاولون لتفرقتهم من خلال تخريب الفكري والسياسي والأخلاقي .. فاعتقادي انهم يريدون اليوم بسياستهم وافكارهم المريضة والموبوءة بالحقد والكراهية الطائفية تعويض امتيازاتهم الضائعة التي خسروها بعد سقوط النظام السابق .

33

ولاء بعض الساسة في العراق لفكر البعث  الداعشي

محمود الوندي

منذ إستيلاء بعض الاحزاب على السلطة السياسية في العراق بعد سقوط نظام البعث ، أظهروا البعثيين والذين لا يخفون تعاطفهم مع أفكار البعث , بثوب جديد يجعل من الدين سُلَّم تسلق له ليواصل من خلال تبني الطائفية ، ونشر سمومه الفكرية بمظهر المدافع عن المكون الطائفي في العراقي ، ويعملون على ترسيخ الصراعات السياسية بين أطراف السلطة . 
ليعودوا مرة اخرى إلى الساحة السياسية العراقية دون ان ينبسوا ببنت شفة حول سيئات وجرائم حزبهم , ويأخذون طرقاً جديدة لتحقيق اهدافهم من خلال استغلالهم طبيعة الحكم الجديد في العراق من ضمن العملية السياسية التي تسمح لهم بذلك .
تلك الاحزاب الحاكمة, لم يكن بمستطاعها , التخلي عن كوادر البعث بحجة نقص الكادر العراقي المؤهل لقيادة مؤسسات الدولة وبالاخص المؤسسات الامنية , أوكلت لهم مفاصل هامة من مفاصل الاجهزة الامنية , وأخطر ما إعادة العشرات ، وربما المئات من ضباط الجيش والاجهزة الامنية السابقة الى الخدمة , بحجة تخليهم عن حزب البعث وسياساته الرعناء فاصبحوا من التوابين .
حيث نشاهد نتائجها تلك الأخطاء ، هدر الثروات ، وأغراق البلاد في حمى الصراع الطائفي والعرقي . لأن هولاء أسلموا ولم يؤمنوا بديمقراطية العراق وفكروا ان يخربوا العملية السياسية الجديدة من الداخل ، كما فعل أبو سفيان وابنه معاوية والمئات من أمثاله . أسلموا دون إيمان ، ليخربوا الدين من داخله .
فيْ ظل تصاعد الازمات الامنية في العراق ، وتمدد الإرهاب وسريانه في الجسد العراقي ، وسيطرة العصابات الاجرامية على مساحات واسعة من أراضيه وأحتلال الموصل تحديداً , لا شك أن المسؤولية الأولى تقع على عاتق السياسيين المتصارعين على الكرسي والمنصب طوال العقد الماضي . والى جانب الفساد الإداري والمالي المنتشر في جميع مؤسسات الدولة وهياكلها .
استغلوا البعثيون الذين يختبأون اليوم خلف واجهة العملية السياسية ومن خلال بعض الاحزاب الاسلامية هذه الأزمات لبث سموهم بإتجاه الكورد وبالتصريحات الكاذبة والملفقة غير الدقيقة وغير صحيحة ومنافية للحقيقة والواقع حول الاحداث الجارية على الارض الواقع في المحافظات الغربية واصفة للكورد بـ"رعايتها للإرهاب" ، معبرين عن ذلك كله من خلال الفضائيات التي تستضيفهم دوماً . التي تحولت الى ما يشبه المسلسلات التلفزيونية اليومية . هذه الاتهامات تضلل وتربك الوضع الامني وتعطي انعكاسات وتداعيات سلبية بما يخدم مصالح معادية للشعب والوطن .
هولاء هم أنفسهم ينظرون الى الكورد بنفس الروح العنصرية والتعالي الشوفيني ، برغم تغير الحزب وتبديل الملابس من زيتونية الى عمائم من ماجدات الى لبس الحجاب , لكن ما بالقلب من سواد لا تنظفه أطنان كل منظفات الكون .   
ليس من العدل القاء اللوم على الطرف الآخر هم سبب انهيار عشرات الالاف من ابناء القوات المسلحة العراقية الذين هربوا من ساحة المعركة وتاركين سلاحهم ، ومن الضروري ان تلقى اللوم على القادة العسكريين الذين تخاذلوا بتأدية واجبهم في ساحات القتال ضد جرذان داعش بعد أن تخلوا عن أسلحتهم في ساحة المعركة وإحالتهم إلى القضاء حفاظا على سلامة العملية السياسية ، ويجب اللوم للذين وضعوا هذه القوات في هذه المناصب الرفيعة .
مع الأسف بعض المسؤولين والقيادات السياسية  ، بدلا من التفكير في حلول للازمة التي يمر بها البلد بشكل يضمن تهدئة وتطبيع الاوضاع بين المكونات العراقية المختلفة وردم الهوة التي حدثت بين هذه المكونات . فإنهم أطلقوا العنان للبعثيين السابقين والاسلاميين حاليين ، بحيث يطلقون التصريحات الشوفينية المليئة بالحقد والكراهية تجاه الكورد ويحملونهم جزءا من هذه المشاكل والازمات وفي إثارة المجتمع الشيعي ضد الكورد حفاظاً على ماء وجهه لسياسة الحكومة الفاشلة وتبرير الفشل الذريع للمؤسسة العسكرية وخذلانها امام مسلحي داعش ، تصبح هذه الاصوات الشاذة تهديدا للتعايش والتآلف بين الشريحتين المتأخين , برغم ان قوات البيشمركة الكوردية يتصدت حاليا لهذا الزحف الداعشي المخيف , وهو ما جعل مقاتلي داعش يتراجعون إلى الخلف أمام ضربات قوات البيشمركة . لان أكثر العمليات "مسلحي داعش وجماعة الأخرى المسلحة غالبا ما تكون على أطراف المدن الكوردية ومنها محافظة كركوك وقضاء خانقين وأطراف مدينة طوزخورماتو .




34
بكاء الحالمين في ظل الدكتاتورية القادمة
محمود الوندي

الكتابة هي فن وعلم وثقافة في آن واحد فالقارئ اللبيب بامكانه تمييزاسلوب اي كاتب عندما يكتب حول قضية ما . وملاحظته لهنات الكاتب عند وقوعه في مطبات كثيرة ، وعندما يفتقد الكاتب في بحثه الدقة وابتعاده عن الموضوعية والنزاهة في ما كَتبْ وعدم نجاحه في رؤيته التحليلية. ويزداد الأمر سوءاً حين يكون أسلوبه تلك  مليئ بالاكاذيب والمغالطة من خلال تحامله الاعمى على الطرف الآخر ، وأساءته لبعض الوجوه الوطنية الذين لهم باع طويل في مسيرتهم النضالية . واستعجاله في توجية التهم اليهم والنيل من مواقفهم الوطنية المشرّفة . بطريقة خبيثة وتلفيق الكلام دون اي اساس حقيقي . هدفه هو مجرد الدفاع الاعمى عن الطرف المستفيد منه ، اللجوء الى مدح سيده والتغني بمسيرته الفاشلة ومثل هذا الكاتب لا يتصف باقل شعور وطني بمسؤليته المهنية . فينبغي على الكاتب ان يدرس  الاسباب ومن ثم النتائج بعيدا عن المشاعر العاطفية والتحيز  لجهة ما ، لكي يأتي تقييمه  اكثر واقعية واعمق رصانة .
لهذا وفي اعتقادي ان اي تحليل يهمل جانبا من هذه الجوانب الأساسية في معرفة الأسباب والعوامل الفاعلة والمؤثرة ، سيكون تحليلا ناقصا وغير منتج ، ومع الأسف فان البعض من الكتاب نجدهم غير مدركين بخفايا عالم لسياسة بشكل عام ، وكما هو معروف فان كل فنون من الفنون  له قواعده وسلوكياته الخاصه به . الكثير منهم وجدوا ارضية خصبة في ظل المُستجدات السياسية وراحوا يقذفون القوميات المتآخية الأخرى في العراق بنار حقدهم الدفين  وبشررالضغينة واستخدامهم للعبارات المشينة والمُستهجنة لغرض الإيقاع بين المكونات العراقية ومن تحقيق بعض اهدافهم الدنيئة بغية الوصول الى غاياتهم القذرة  .
ومن نافلة القول ان المجتمع العالمي وبقيادة امريكا ساهم في إسقاط نظام وبشكل مباشر باعتباره كان نظاما شمولياً ، واقام مكانه نظاماً ديمقراطياً يحترم ارادة الشعب ويؤمن بالتعددية وباعتبار الديمقراطية هي الآلية الحضارية  المناسبة في حل الصراعات والخلافات بين الجهات السياسية المتصارعة عن طريق الحوار البنّاء واعتماد الوسائل السلمية في حل النزاعات بين الاطراف المتخاصمة .
لقد شاهدنا في بداية تغيير النظام في العراق ، كيف تشكلت حكومة المحاصصة الطائفية والعنصرية  والتي ( تبكي عليها بعض الواعظين باسم الديمقراطية ) ، واتفاقهم على  النظام التوافقي بحجة مراعات و إنصاف كافة المكونات . فقد تحوّلت التوافقية  تلك بعد مدة قصيرة الى كانتونات مستقلة مجموعة في عقد زواج قسري مهدد بالطلاق مع بروز ادنى خلاف او سوء اتفاق .  فاصبحت الحكومة بعيدة كل البعد عن الديمقراطية لانها ضمت  منذ البداية عناصر لا تؤمن اصلا بالديمقراطية ، وهم من استخدموا الإرهاب كطريقة في نشر الرعب بين الناس الآمنيين ، السعي في شراء الأقلام المأجورة لغرض لتشويه صورة الديمقراطية الناصعة ، وافراغها من دورها التاريخي كوسيلة للتقدم والتنوير ، الامر الذي قلل من فرص قيام الديمقراطية الحقيقية القائمة على مبدأ حرية الرأي واحترام الرأي الآخر ، فالديمقراطية حسب تصورهم القاصر لاتعني سوى الانتقاص من الأحزاب الاخرى المخالفة لطروحاتهم الحزبية .
فالصورة العراقية الحالية تؤكد تماما أن العداء السياسي الذي يخيم علی البلاد اليوم من تلفيق التهم الى الطرف الآخر . ليست الا من اجل تصعيد الصراع بين مكونات الشعب العراقي ، وتسخير كل طرف من الاخوة الاعداء في النيل من مكانة الآخر عبر صحفهم الحزبية وقنواتهم الإعلامية . والمشكلة الرئيسية لدی تلك الأحزاب السياسية المتنفذة هي من تطالب اليوم بالتغيير والعمل بالدستور والاحتكام الى القانون لمكافحة الفساد المستشري في اجهزة الدولة . استغلال السلطة باسم الاكثرية او الديمقراطية .
المشكلة الحقيقية ان الحزب السياسي المتنفذ التي ورث الحكم من حقبة البعث لا يمتلك اية رؤية سياسية او برنامج عمل وطني في حل النزاعات القومية او الطائفية ، فلم يقدم خلال السنين العشر الاخيرة من حكمه اي مشروع انساني لحل مشكلة قومية واحدة في العراق ، والسبب يعود  في نظري وبشكل عام الى افتقار الحزب السياسي الحاكم وقيادته إلی الرؤية الصائبة وعدم نضوج تجربتهم السياسية ، لذا جعلوا من البلاد ساحة للصراع بينهم وبين الاطراف الاخرى وحتى مع بني جلدتهم . وان القابضين على السلطة لم يستطيعوا من  تقديم أبسط الخدمات للشعب وعدم حل مشاكلهم المتعصية ، وليس لهم سبب مقنع في تلكئهم في تقديم الخدمات الضرورية سوى رميّ اللوم على الاخرين  وتعليق فشلهم على شماعة الأطراف الأخرى في الساحة السياسية .
فالشعب العراقي على قناعة تامة بأن الديمقراطية لايمكنها ان تجد لها طريقا في العراق مالم تتغيّر الحكومة باكملها ، وأن يؤمن كل من يتحمل مسؤولية السلطة في العراق بحقوق القوميات والاديان والمذاهب الأخرى بعيدا عن شراء  ذمم الواعظين وتقوية اجهزتهه الامنية لحماية سلطتها الفاشلة ، وعليه ان يبادر الحكم القادم إلى تطبيق المساواة بين مكوناته وذلك عن طريق تحقيق مبدأ تكافئ الفرص و إلغاء الفوارق الطبقية أو الاجتماعية بين الناس ، ونشر العدالة الاجتماعية ، واطلاق الحريات العامة وعدم تقييد الاعلام والصحافة . واحترام آراء الآخرين ووجهات نظرهم مع عدم الحط من شأنهم .


35
متى تتبلور قضية حلبجة بإعلام كوردستان
محمود الوندي

من الثابت ان وسائل الإعلام المرئية هي من تصيغ قناعات ومفاهيم لدى الاغلبية من المواطنين ، من الوسائل الاعلامية المقروءة والمسموعة. فالكثير من الشعوب تتجاوب بسرعة ما يملي عليها الإعلام المرئي ، لذلك اصبحت تأثير الحرب إلاعلامية أكثر فعالية في الحملات الاعلامية التي تستخدم في اسقاط وتعرية الخصوم من الحملات العسكرية العديد من في تحقيق أهدافها ، فمجرد أن تعلن قوى معينة عن حربها اللاعلامية مقال جهة ما تحشد قبل كل شيء اعلامها بشكل فعال من خلال توجيه العديد من التهم والوثائق في كسب رأي العام الداخلي والخارجي ، والتركيز في اسقاط الخصم من خلال اظهاره امام العالم ان الخصم تجاوز على مبادئ حقوق الانسان وخرق القانون الدولي. ومع استمراره في هجومه الاعلامي لكسب رأي  المنظمات والمعاهد الدولية المتخصصة في مجال المجتمع المدني.
هنا عندما أتحدث عن الأعلام المرئي فإنني أشير إلى ما يقدم من مشاهد درامية تلفزيونية وما يقدمها أفلام سينمائية لغرض تنبيه الاعلام الكوردي لشرح جوهر الجرائم اللاانسانية التي ارتكبت بحق الكورد وعبر عقود القرن الماضي والتي بلغت ذروة في البشاعة في نهاية القرن الماضي . قد تستثير الرأي العام العالمي نحو القضايا التي يتعرض لها شعبنا المظطهد ، وتغيير قناعته وتعاطفه التام مع مظلوميته وتهيئة نفوسهم في نصرة وانصاف الكورد .
سابقا كانت أبواب العالم الخارجي مقفلة بوجه الكورد ودون أي تعاطف إعلامي خارجي في إيصال صوتهم الى الرأي العام العالمي في الوقت الذي تكالب على الشعب الكوردي كل القوى العنصرية المعادية للوجوده وممارسة ابشع اشكال القمع والبطش ضد وجوده القومي من خلال المعاهدات والاجراءات التي أتخذتها الدول التي ساهمن في تقسيم ارضه الأم كوردستان . واحكام الحصارالتام على معاناته والآمه وخنق صوته ، مع وضع شتى العراقيل في سبيل تحرره وتشويه نضاله العادل امام  وسائل الاعلام وفي الهيئات الدولية والمنظمات الإنسانية لعدم التعاطف مع قضيته . 
عندما استولت قوات البيشمركة الكوردية على مدينة حلبجة في العام 1988 . بدل مقاومة الجيش العراقي لتلك القوات قام بقصف المدينة ، لأرغم المقاتلين الكورد على الانكفاء إلى الجبال المحيطة بها ، ووقوع العديد من الضحايا في صفوف المدنيين العزل من النساء والاطفال . حيث بدأت طائرات العسكرية العراقية بالتحليق في أجواء المنطقة في 16 اذار 1988 ، وألقت مزيجًا من غاز الخردل وغاز الاعصاب وغاز سارين على السكان ، مما أدى في مسح المدينة من الوجود ، واصبحت في ثواني مدينة الأشباح . وما زال عدد من الناجين يعانون من آثار تلك الغازات . لم يلق صدى عالمياُ وتغطية كافية من قبل الصحف العالمية الكبرى ، ولم تحتل هذه الكارثة مكانها في وسائل الاعلام العالمي أنذاك ، لإن وسائل الإعلام وفي مقدمتها شركات التلفزة والصحف كانت في حالة الكساد أمام فداحة مأساة قصف مدينة حلبجة ، وبسبب شراء ذمم الكثيرين من الصحفيين والإعلامين من قبل نظام البعث .   

ما أشبه اليوم بالبارحة

مر حوالي ستة وعشرين عاما على قصف مدينة حلبجة وعملية الانفال , لم تجلب الانظار وسائل الاعلام الغربية إليها بصورة جيدة بسبب عدم نقل الحدث من قبل حكومة أقليم والاعلام الكوردي الى الرأي العالم عامة ، والرأي الاوربي والامريكي خاصة ، وعدم تعريف الرأي العام بمعاناة  الكورد على ايدي الحكام العراقيين . وعدم استغلال هذه الكارثة واسلوب التعامل معها لكسب عواطفهم للوصول الى هدفهم المشروعة .   
ولا تزال حلبجة تحيي الذكرى السنوية لقصف عليها عند النصب المخصص لضحاياه عند طرف المدينة ، وفي المقبرة التي تحمل قبورها اسماء ضحايا لم يتم العثور على جثث بعضهم ولكن بعيدا عن حضور وسائل الاعلام المختلفة لمشاركة لهذه الذكرى السنوية الأليمة لا من الدول الاقليمية ولا من الدول الكبرى ، ولم نشاهد الافلام الروائية لا في صالات السينمائية او شاشات التلفزة ؛ وقد تبدو هذه الاحداث الاجرامية بحق الكورد احداثاً باهتة في وسائل الإعلام الخارجية لقد تبين لم يكن الرأي العام الإعلامي يملك إلا النزر اليسير من المعلومات ، ولم تكلف وزارة ثقافة حكومة اقليم كوردستان نفسها  بإخراج افلام سينمائية روائية وعرضها على صالات سينمائية او من خلال الفضائيات على المجتمعات بعدة اللغات لكي يفهم الرأي العالمي عن معاناة الشعب الكوردي . كما عمل اليهود وعرض معاناتهم ايام الحرب العالمية الثانية على يد السلطات الألمانية أثناء هيمنة الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر . باستغلال وسائل الاعلام المتنوعة بالصور وعشرات الأفلام التي التقطت لمعسكرات الموت النازية .
الاعلام في عالم عامة ، وفي العالم الغربي خاصة ، أهم من الحقيقة . وقد وعى اليهود جيدا على استغلاله ، فذلك تَجدهم قد شحذوا عقولهم واموالهم حول مظلوميتهم وابادتهم على ايدي النازيين ، حيث نرى سرعة التجاوب الرأي العام وبالاخص الاوربي والامريكي مع ما ينشر او يذاع او يبث التي تصدر من الاعلام الغربي حول معاناة اليهود في الماضي والحاضر .
اتخذ اليهود من قضية الهولوكوست ومن خلال الاعلام معتبرا أن هذه الإبادة النازية بحقهم ،  وباتت الهولوكوست الوتر الذي يعزفون عليه وجعلوا منها سبيلا للوصول إلى مبتغاهم . واستطاعوا تحويلها إلى سلاح أيديولوجي التي استغلت لتبرير الدعم الولايات المتحدة واوربا غربية للسياسات الإسرائيلية ، وبالإضافة الى هذه الحملة الاعلامية جنت أموالا خالية من أوربا باسم " ضحايا الهولوكوست المحرومين .
لذا نرى دائما ان وسائل الاعلام العالمية تهتم بأخبار اليهود بشكل واضح ومبالغ احيانا . ونلاحظ ان قيمة الانسان اليهودي غالية في نظر العالم اجمع في حين قيمة الانسان الكوردي ليس بذلك في نظر العالم فما فيها دولهم .
وكان من المنطق والبديهية ان تكون كوردستان قبلة الإعلام العالمي في هذا الظرف وتعرض عليه عّما حصل من الاجرام بحق شعبها وعن تلك المرحلة القاسية التي مرّ بها الشعب الكوردي ، سواءً ما حصل في حلبجة او الأنفال من عمليات الاضطهاد القومي أو التعريب والتهجير أو غير ذلك ، مما أوغل فيه الحكومات السابقة وخصوصاً في ظل الحكم البعثي . لان الكورد بصفة يتمتع بها الآن لم يتمتع سابقاً . وعليه ان يفعل الاشياء الكثيرة عن طريق وسائل الإعلام فـ ( الفضائيات وتقنية التصوير السينمائي ) الى مخاطبة الشعوب لإبقاء ذكرى هذه الفاجعة حية في ذهن الضمير العالمي ، لان الشعوب يشارك في قلب موازين بدفع الحكومات الى إتخاذ موقف وسياسات إزاء قضيتنا المشروعة .
متى تتبلور قضية حلبجة باعلام كوردستان والى متى تظل قضية حرية الشعب الكوردي تشكو الغموض الشديد في ضمير الرأي العام العالمي وتبديد تلك الغيوم عنه . ولماذا لم تستغل هذه الظروف الآنية لإيصال مظلوميته الى العالم الخارجي وتحويل معاناته ومأساته الى سلاح قوي لإستقطاب الشعوب ودعم الحكومات الكبرى لصالح مصلحة الكورد !!!! .




36
قراءة محايدة لأحداث مدينة الدبس
بقلم : محمود الوندي

كانت الجماهير الكوردية تعتقد ان بعض من الأحزاب جاءت من اجل تخليصها من العذاب والقهر الدكتاتوري وتحريرها نهائيا من المستعمر ، والاستقلال الحقيقي وقيادة الشعب الكوردي نحو مدارج التقدم والحرية . مع الاسف ان مواقف بعض الاحزاب المتصارعة اصطدمت مع ارادة الشعب وطموحاته القومية .  وكما حدث هذه الحالة المأساوية في مدينة دبس ( التابعة اداريا الى محافظة كركوك ) والتي من شأنها ان يقوي نفوذ المعادين لآمال وطموحات الشعب الكوردي في محافظة كركوك والمدن التابعة لها  تلك القوى الشوفينية التي يتحدون وجود الكورد التاريخي والاعتراف بواقعهم ، مع رفضهم المستمر في تطبيق 140 واعتبارها ميتة  لديهم بسبب تقادم السنين عليها. ومن الطبيعي ان مآل هذا الصراع  الغير الحضاري بين بعض الاحزاب يؤول في مصلحة الاطراف التي ترفض انضمام كركوك الى اقليم كوردستان ، واضعاف دور الكورد فيها .
وقد انعكس عدم وعي تلك الاطراف وعدم استيعابهم لحساسية الوضع السياسي والنفسي على مدينة دبس ، والتي حدثت فيها  تلك الهجمة الشرسة على دوائرها الحكومية وتحديدا الهجوم الوحشي الذي ايده ودبره  طرف محدد  ومعروف الذي يعرفه جميع اهالي الدبس عند هجومهم على  البيوت وعلى بناية المحكمة وحرق جميع الملفات والاوراق والمحتويات في داخلها والاعتداء على الموظفين ومن ثم التطاول على حرمة بيت القاضي العادل محمد نديم الداوودي المشهود لدى كل اهالي الدبس باخلاقه الحميدة ولنزاهته في تطبيق القانون وحياديته المطلقة في اصدار حكمه القضائي ، وحرق ونهب بيته مع جميع محتوياته بحجة وجود الارهاب في المنطقة واطلاق سراحه للموقوفين في مركز الشرطة . للاسف ولحد هذه الساعة لم تأخذ السلطات المسؤولة وبالاخص السيد نجم الدين كريم ومجلس المحافظة اية إجراءات قانونية صارمة بحق تلك المجاميع الخارجة على القانون ، ولو لا وجود جموع من الناس الشرفاء في المدينة لكان السيد القاضي الداوودي وعائلته  ضحية تطرف المجاميع الخارجة على القانون في المدينة . وكلنا نعرف ان الارهابيين متواجدين في جميع المدن والقصبات العراقية وبما فيها مدينة كركوك وتحدث يومياً في كركوك  وفي المدن التابعة لها العشرات من التفجيرات بسبب ضعف الاجهزة الامنية ، وليس بسبب تهاون دوائر العدل او ضعف رئيس المحكمة في الدبس .. وان هذا العمل البربري الذي قام به الطرف المهاجم يجب ان يدان من قبل الجميع وبالاخص من قبل المنظمات المدنية والمدافعين عن حقوق الانسان في كوردستان والعراق . ضد حاكم المدينة محمد نديم الداوودي والذين اتهموه ظلما وعدوانا بانه افرج عن الموقفين ولا يعرفون انه احد ضحايا يد الارهاب القذرة عندما استشهدوا اخية المحامي في حسينية طوزخورماتو في 2013، وتضرر بيته جراء العمل الانتحاري القريب من بيته وكيف انسان متضرر بيد الارهاب والارهابين يعقل ان يفرج عن موقوفين بتهم الارهاب .. واتهامه بانه متواطئ بل محسوب على الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالرغم انه انسان مستقل وليس له علاقة مع اي حزب من الاحزاب لان القاضي احد شروط تعينه ان يكون مستقلا ومحايدا حتى يكون قراراته صائباً . وأن ما حدث عليه من اعتداء من قبل المحرضين والقتلة وحرقهم للمحكمة ودار القضاء . أمر غير مقبول وتهديد مباشر على القضاة وترويهم واهانة كبيرة لهيبة  المؤسسات القضائية .. ولميزان الحكم والعدالة في كوردستان وفي العراق الديمقراطي.
نناشدكم جميع المسؤولين  في اقليم كوردستان وفي العراق الفدرالي كسر حاجز الصمت واليعاز بتشكيل لجان تحقيقية  في كشف ملابسات القضية ومعاقبة المتجاوزين وتقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل جراء ما اقترفوه من الاعتداء على قيم وحرمة  رمز العدل في قضاء الدبس.


37
تصريحات غير مسؤولة لاذكاء روح الطائفية

محمود الوندي

كان امل حميع مكونات الشعب العراقي بعد تغيير النظام في 2003 هو تصحيح الوعي الخاطئ الذي غرُزَ في عقل الإنسان العراقي ، وكانت السنوات العشر السابقة كافية لزوال هواجس الخوف وعدم الثقة ما بين مكونات الشعب العراقي والاخص بين القوميتين الرئيسيتين العربية والكوردية بعد عودة اقليم كوردستان وشعبه الى احضان العراق طوعاً ، بعد انفصاله عن الحكومة المركزية في آذار  1991 . والاعلان عن ولادة اقليم جديد باسم اقليم كوردستان العراق .   
فمنذ الوهلة الأولى دب الخلاف بين الأطراف المتنفذة في الدولة والمشاركين في تشكيل الحكومة العراقية ، بدأنا نسمع أصوتاً شاذة عن قاعدة الولاء للوطن ، وتردد بلا توقف مفردات التهميش والإقصاء والعزل ترافقها حملات اعلامية مشحونة بالنفس الطائفي والعنصري ، وبدات الحملات الإعلامية الجائرة بالعزف على أوتار الطائفية الكريهة بنفس الوتيره والنغمات الانظمة الفاشية السابقه , حيث تلبدت سماء التآخي والود بغيوم الشكوك وغلبة الجوانب السلبية بشكل تدريجي وانتشار الفساد في جميع مؤسسات الدولة ، واصبحت المحسوبية والمنسوبية هي القاعدة في هياكل الدولة في التعامل مع المواطن العراقي ؛ صار النفاق السياسي هي البضاعة الرائجة وبشكل واسع في سوق السياسة العراقية , والتي اصبحا من اهم المقومات الاساسية للكتل البرلمانية بهدف المحافظة على المكاسب والامتيازات التي كسبوها بخداع الجماهير والرأي العام العراقي بطرح الشعارات البراقة والخطب السياسية الرنانة في وسائل الإعلام المختلفة , واليوم يشبه البارحة  من حيث غياب الصراحة والمصداقية وهنا تنطبق على الكثير من الكيانات السياسية اثناء تعاملهم مع الملفات السياسية مقولة جورج أرويل ( نحن فعلاً نعيش اليوم في زمن الخديعة ، حيث صار الكذب فن من الفنون الإعلامية في تضليل الرأي العام ) .
لكن ما يحزن الناس ان مجمل نشاط السياسيين يواصل تحريك طاحونة الطائفية البغيضة ، حيث التصريحات النارية والاتهامات والتشكيك بالآخر ، متشبثين بما ثبت خطأه وفشله ، وهناك أصوات في البرلمان العراقي وفي الحكومة العراقية كأنها لا تريد للإنسان العراقي ان يطمئن . أبواق سياسية وإعلامية تغذي الوعي الشعبي العربي  بعداء للشعب الكوردي او تعميق الطائفية بين مذهبي الاسلام ، المشكلة ان الاحزاب المتنفذة لا تمتلك اية رؤيا في لحل النزاعات القومية او الطائفية ، فلم تقدم خلال السنين العشر الاخيرة من التغيير اي مشروع انساني لحل مشكلة قومية وطائفية في العراق سوى تشويه صورة المكون الآخر لينشب حريق فتنة وبث روح الكرهاية بين العراقيين . أن "الشعب يعلم أن هذه المخططات تأتي للتغطية على الفساد الاداري والمالي وهو الذي ينخر في جسم الدولة العراقية".
يبدو ان بعض النواب او المسؤولين في الحكومة العراقية الحالية لا يجيدون الا التصريحات واطلاق الشعارات البراقة لاسيما عند الازمات ، وليس لهم مبرر للأدعاء بعدم حلها وتحاول يلقي اللوم على الاخرين مهما كانت نوايا هؤلاء الاخرين لاعتقادهم بانها كلما ازدادت حدة ونارية ارتفعت شعبيهم وكثرت حظوظهم بالبقاء في مناصبهم لفترة اطول ؛ كأن هؤلاء لا يعلمون اما الآن فعصر الحوار والمصالح المتبادله ، من المعلوم بأن التفاوض الدبلوماسي هو وسيلة من وسائل تسوية النزاعات بهدف صياغة إتفاق مشترك بين أطراف النزاع في إطار رعاية المصالح المتبادلة للجميع .
قبل أيام خرج علينا أحد المسؤولين من البصرة بلهجة متشنجة غاضبة مهدداً بقطع ميزانية كوردستان 17 % وتهدد بايقاف النفط البصرة إذا لم تقطع تلك النسبة   ، لانه يعتبر بان هذه النسبة تأخذ من وارداة نفط البصرة ، والى جانب ذلك خرجت علينا احدى البرلمانيات تدعو لمنع الكورد لدخول مدينة بغداد العاصمة وبقية المدن الاخرى خارج اقليم كوردستان .
هنا يتضح بان هناك بعض البرلمانيين والمسؤولين خارج الزمن ، وفَقِدَ ذاكرتهم لا يدركون بان عصر الكلمات الفارغة والخطابات الناريه قد انتهى التي مقتها معظم العراقيون بل اصبحت موضع سخريه واستهزاء وتندر لانها سلوك يتنافى مع العصر الحاضر وكل معطياته . ولقد تبين بان هؤلاء لا يدركون شيئاً عن اقتصاد العراق بصورة عامة واقتصاد كوردستان بصورة خاصة ، وليس لديهم اي معرفة حول التضحيات الشعب الكوردي التي قدمه في دروب النضال وتصدي لعدو قاسي في الماضي ، ولا لهم دراية عن الشعب الكوردي الذي استطاع أن يضمد جراحه ويوحد صفوفه بعد انتفاضته المجيدة المعروفة عام 1991 . إذ باشروا في تشكيل حكومته وبرلمانه ودون فضل من أي قوى سياسية متنفذة في الحكم في وقتنا الحاضر !!؟ بل على العكس من ذلك فقد قدم الشعب الكوردي وقياداته الدعم الكامل لبقية قوى المعارضة العراقية الوطنية التي كانت تناضل من إجل إسقاط نظام البعث آنذاك وهذا معروف لدى الجميع ، فان القيادة الكوردية " كان لها دور بارز" في بناء العراق الجديد وصياغة الدستور العراقي وبناء عراق ديمقراطي ( ولو تتراجع" العملية الديمقراطية في العراق يوما بعد يوم ) .
 



38


الانتخابات العراقية
بين احتيال المرشح وعفوية الناخب
محمود الوندي

تُعتبرالعملية الانتخابية في الدول المتقدمة جزء من العملية الديمقراطية ، فمعيار ديمقراطية النظام الانتخابي هو معيار لمدى حرية التنافس بين النخب الحزبية دون قيود للحصول على تأييد الناخبين ، مع الاقتناع التام للنتائج التي تفرزها صناديق الإقتراع . إن النظام الانتخابي في أي دولة يجب يضمن الحقوق والحريات العامة بصورة دقيقة وبدون قيود عليها وخاصة حرية التجمع التي هي قاعدة التنظيم الانتخابي وانتقاد العمل العام والقائمين لدفة الحكم . وفى هذا السياق تطرح الورقة المفاهيم الأساسية المتعلقة بالنخب والإضافات العلمية الجديدة في مشروعهم الجديد ومنها الخصائص التعليمية والمهنية والاجتماعية لناخبيهم ، وتقدم مجموعة من الأفكار عن أزمة النخب السياسية القديمة والجديدة وبصفة عامة ، فإن مفهوم النخبة يشير إلى أحد سمات البناء الاجتماعى .   
من يراقب الأجواء الانتخابية العراقية هذه الأيام وإزدياد سخونتها في الأيام القادمة مع متابعة الأساليب التي يتبعها المرشحين للترويج عن برامجهم الانتخابية ، نجد البعض منهم يلجأ إلى شراء الذمم وضحك على ذقون الناس البسطاء وطرح انفسهم بانهم الوحيدين الذين سيسعون الى تطبيق معايير الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية . لان القوى السياسية المتنفذة في العراق الساعية لترسيخ وجودها ، في البرلمان أو الحكومة تحاول لتخطي العتبة الانتخابية بأي طريقة كانت . فاستغلال الفقر والبطالة هي التي يعول عليها الجميع لكسب اصوات الناخبين ، إذ إن هذه الثنائية هي وحدها الكفيلة بخلق مجال واسع للنفوذ والاستقطاب اصواتهم مرة أخرى ، لان المرشحين للانتخابات من الكتل المتنفذة يعتقدون بان الشعب معروض للبيع والشراء في مزاد انتخابي ؛ على مدى التجارب الانتخابية الماضية في العراق كان تعول على شراء الأصوات الأنتخابية والنجاح في الانتخابات ، فيعتقد الناخب هي طريقة وحيدة وتتمثل في أن بطن المواطن هي الطريق الأقصر والوصول الى البرلمان . بدلا ان يفكر لترميم البنية التحتية المنهارة وانجاز مطاليب الشعب في تحسين الظروف المعيشية وتحسين الخدمات الضرورية للمواطنين , وتجلب الاستقرار السياسي والامني للبلاد من خلال تقديم برنامجه الانتخابي .
 ابعد من ذلك هناك حاضِنات طائفية هي التي باتت تعول عليها بعض القوى المتنفذة ، وتعتقد أنها محسومة لها ، فإن التنافس على هذه الحاضِنات من قبل من يرون أنهم الممثلون الوحيدون لأبناء هذه الحاضِنة ربما يكون أحيانا أخطر من التنافس بين كتل وقوى سياسية تراهن على حصد الأغلبية في الانتخابات . وانسجاما مع هذه الحقيقة ، فإن الكتل السياسية المتنفذة تتمول سواء من الدول المجاورة أم الذي استحوذت على المال من المال العام عبر صفقات الفساد من رجال السياسيين الذين هيمنوا على حركة الأموال في العراق يحاولون إنفاقها بطرق وأساليب مختلفة على الأحزاب والقوى السياسية الموالية لهم لشراء الاصوات بطريقة غير شرعية .
ففي الوقت الذي كان الشعب ينتظر لأي مرشح يروم الفوز في الانتخابات ، أن تؤسس بداية جديدة في العراق ، ابرز سماتها تمثل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ، والتحول في علاقة النخبة بالجماهير وازدياد الحدود على دورها في ضوء انتشار الأفكار الإنسانية والنظم الديمقراطية ، وازدياد دور المواطن العادى في أمور الشأن العام . ولا يريد الشعب تدخل في باب المساومات السياسية والإنتخابية على أهواء وأمزجة حزبية أو طائفية .
إن اسباب هذه التخبط في النظام الانتخابي هو فقدان قانون الانتخابات وقانون الاحزاب ولم يشرع لحد الآن ،  لأن الأحزاب المتنفذة لا ترغب في تشريعه ، لأنه يفضح مصادر التمويل ان كانت من الدعم الخارجي او من الفساد المالي الذي ينتشر في هياكل الدولة من الجهة ، ومن الجهة الاخرى يكون العتب على الشعب ينتخب هكذا الاشخاص ويرضى باعمالهم وافعالهم المشينة .




39
الارهاب يتقوقع في سياسة الفاشلين

محمود الوندي
ظهرت الاضطرابات الامنية في العراق منذ تغيير النظام في العراق على يد قوات دولية التي قادتها أمريكا ، تزايد نشاط تنظيم القاعدة في العراق ، حيث قتل مئات الاشخاص في التفجيرات التي تمارسها الارهابيون ضد شعبنا في الأسواق والمقاهي والمساجد والمزارات الدينية منذ عام  2003 ومعظم هؤلاء القتلى من المدنيين .
لا شك أن أخطر ما يهدد العراق اليوم هو الإرهاب ، الى جانب الفساد المالي والإداري وهو الأشد خطورة من الارهاب حيث أن هذا الخطر هو امتداد ودعم من قبل المسؤولين المتنفذين في كل مفاصل مؤسسات الدولة وهياكلها ، وسبب كل تلك التداعيات مرده عدم بناء العراق الجديد وفق الأسس العلمية الرصينة في كيفية التخلص من مخططات الارهابيين ، وبُعد ترسيخ حكم القانون والعدالة الاجتماعية في إدارة الدولة ، لان أغلب السياسيين العراقيين ليسوا –- ممثلي وطن ، بل ممثلوا طوائفهم وأحزابهم ، لذلك تستغل الطائفية بكل انواعها لخداع السذج والمغفلين في سبيل كسب أصواتهم الانتخابية أثناء الانتخابات . 
وهناك أشخاصا استغلوا مناصبهم لأغراض كيدية ومنها سرقة المال العام ، وفي التصفيات سياسية بعيداعن بناء دولة المواطنة ناهيك عن ان اغلبهم لا صلة لهم بالعمل المتخصص على الاطلاق ، ويتقايضون رواتب خيالية ، ومن امتيازات أخرى ، منها توفير الحماية الامنية ومخصصات السفر الى الخارج ومخصصات العلاج في  الدول الأجنبية .
حيث ان المسؤولين همهم الوحيد هو تقاسم الكعكة العراقية ، ولا نسمع ونشاهد منهم من غير النعيق والضجيج الاعلامي ، واختلاق المشاكل بين مكونات وأطياف شعبنا العراقي . لو رصدنا اليوم ما يجري على الساحة السياسية العراقية لرأينا العجبحيث ان الامور تتحول من سيئ الى أسوء وكل يغني على ليلاه ( وليلى العراق عليلة ) .
الشعب الذي كان يحلم بالتغيير يتضاعف حزن يوماً بعد يوم . ولم يتغير حياته نحو الافضل . ولم تتخذ السياسين خطوات عملية نحو بناء  نظام ديمقراطي شامل وتفعيل الروح المواطنة في العراق الجديد ، لان اكثر من تسعين بالمائة من سياسي العراق هم طلاب المال والمنصب والجاه ، فقدوا ولاءهم للوطن والشعب .
ان حلم الشعب العراقي ما زال بعيدة المنال . فهو يعيش في بلد تديره نخبة سياسية تسوقها الطائفية وهي في الغالب فاسدة تضع مصالحها الخاصة الضيقة فوق مصالح المجتمع . لان العقول السياسية على الساحة العراقية لا تستوعب مسألة الديمقراطية ولا بناء دولة المواطنة . لذا تكم حقيقة الارهاب !!! في تشخيص أسبابها بشكل صريح وواضح ومن أهم تلك الاسباب وجود الفساد المستشري في داخل هياكل الدولة ، وتفشي البطالة داخل المجتمع العراقي مما يدف البعض منهم الى الوقوع في براثن المجاميع الارهابية من اجل تأمين لقمة الخبز , لم تستطيع الحكومة العراقية منذ عشر سنوات في القضاء على الارهاب وتوفير الأمن والخدمات الأساسية للشعب ، وحماية المؤسسات من الفساد المالي والإداري   .





 


40
ساسة العهد الجديد يتجاهلون الكورد الفيلية

محمود الوندي
لا اريد ان اتكلم عن معاناة وآلام الكورد الفيليين الذين نالوا من الظلم والمعانات والابادة والتهجير وتعرضهم للمضايقات وللصهر القومي ألقسري على يد سلطات الدولة العراقية خلال فترات طويلة أشدها قسوة في فترة السبعينات والثمانينات ، حيث تم تغيب عشرات الآلاف من أبنائهم ومصادرة ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة بسبب هويتهم وانتمائهم القومي وطمعا بقوتهم التجارية والاقتصادية وثقلهم في الشارع العراقي . ولا اريد ان تتطرق لتاريخهم المتميز في بناء دولة العراق في جميع جوانبه الحياتية ، واخلاصهم وتفانيهم في عملهم ولدورهم البارز على الساحة السياسية وبالاخص في صفوف الحركة التحررية ألكوردستانية وفي جميع مراحل المعارضة العراقية . هنا اريد اكشف جانباً من المعاناة هذه الشريحة الكوردية في العهد الجديد ، عهد الديمقراطية المزيفة ، لانهم لم ينصفوا هذه الشريحة المضحية لحد هذا اليوم .. فلم يعيدوا إليهم كامل حقوقهم (الجنسية، الممتلكات، التعويضات) ، ورد الإعتبار الإعتبار ولو ببيان يتيم من قبل البرلمان .
يحاول الكورد الفيليون منذ اسقاط النظام السابق الحصول على حقوقهم المسلوبة ، واعادة العيش والحياة الطبيعية لهم ، لكونهم مكون عراقي اصيل لاقوا الظلم والحيف . ورد الاعتبار لهم عن طريق اقرار القوانيين عملياً ، للأسف الى انه لم يؤخذ بنظر الاعتبار لهم ، تغييبهم الواضح وتعمد اقصائهم عن حقوقهم الدستورية ، واعادة مشهد الظلم والاقصاء من جديد وعدم منحهم مقاعد (الكوتا البرلمانية) شأنهم شأن من تم منحهم مـن المكونات .
ومن الضروري الإهتمام للكورد الفيلة حتى يسودهم الإطمئنان على مستقبلهم .. وليساهم في بناء دولة العراق ، فكان من المفروض تخصيص مقاعد مناسبة في مجلس النواب لهم أسوة ببقية المكونات العراقية الاخرى ، على وفق نظام إنتخابي يحقق التوازن والعدالة لجميع القوائم والكتل والمكونات ، بحيث مجلس نيابي يعبر عن الفسيفساء والموزائيك المتنوع الجميل !!، الذي يعكس ماهية المجتمع العراقي بكافة ألوانه وأطيافه الإثنية والدينية والمذهبية .. وبذلك يكون أداء المجلس أفضل سياسياً واجتماعيا ، و‌أقوى قانونياً ومهنياً ، وأجمل وأحسن إنسانياً .
حرمان الكورد الفيليون من نظام الكوتا في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي ، أصابة الفيلية بصدمة كبيرة لأضاع فرصة ثمينة لإنصافهم من التهميش والإهمال ، وهذا يعدّ اهانة للانسانية وتنافيا لمضامين حقوق الانسان ، وخرقا قانونيا صارخا يتقاطع مع الدستور العراقي والمادة (49) التي تنص على الحق الدستوري في تمثيل مكونات الشعب العراقي كافـة بتخصيص كوتا لهم ضمن دائرة انتخابية واحدة في الانتخابات .
لذا نتساءل !!!   من المسؤول عن  هذا التهميش والأقصاء المتعمد للكورد الفيلين في عهد النظام الجديد لإزالة تبعات سياسات النظام السابق ، وعدم انصافهم برد الأعتبار اليهم ، بعد ما حل بهم من كوارث وجرائم في عهد نظام البعث ؟؟؟ ولماذا لا یتعامل العراق الجدید مع آلام الکورد الفيليين ولم یضمن لهم حقوقهم المشروعة ؟؟؟
لقد اظهرت الحقيقة أن "صفقة سياسية" تمت بين الكتل السياسية الكبيرة حرمت الكورد الفيليين من حصة الكوتا في مجلس النواب المقبل ؛ من هذا المنطلق سوف تتحمل الكتل السياسية الكبيرة في مجلس النواب العراقي بكافة مسؤولية الظلم والحيف الذي طال الكورد الفيليين وحرمانهم من حقهم الدستوري في التمثيل بمجلس النواب" وغياب التمثيل السياسي الحقيقي لهم ، وهذا يعتبر لهم تهجير قسري من النوع السياسي . أن ذلك مشابه لما فعله النظام البعثي بحقهم .
أليس من حقي ان اتطلع في وجوه أعضاء البرلمان على بساط المحاصصة وأسئلهم !! متى سيتم رد الاعتبار الرسمي للكورد الفيليين بالاعتراف بهم كأحد أهم مكونات الشعب العراقي وتخصيص مقاعد مناسبة في مجلس النواب لهم أسوة ببقية المكونات العراقية الاخرى ، ما دمتم تحدثون يوميا عن معاناة ومأساة هذه الشريحة في الدعايات الانتخابية  .






41
حمزة الجواهري امام طاولة الحقيقة

محمود الوندي
كنا ننتقد حزب البعث لانه كان يسلك سلوك شاذاً الا هو شراء ذمم بعض ضعاف النفوس من الادباء والفنانين والأغداق عليهم بالمنح والمكرمات والرواتب الضخمة . حيث كان لهم مكانة خاصة لدى نظام البعث بسبب مدحهم له وعلى تغطية جرائمه ضد الشعب العراقي من خلال كتاباتهم والقاء اشعارهم ، والأمثلة على ذالك كثيرة ولا داعي هنا لذكر أسماء ، وقد حارب النظام في حينه الاصلاء واصحاب المباديء من المثقفين الاصلاء وزج من يظهر اعتراضه او استياءه من سياسة النظام في السجون واخفائه في أقبية اجهزته الامنية . ومما يزيد الطين بلة ظهور الموجة الإعلامية السقيمة بعد 2003 التي تندب وتعول على نوايا السيئة لاتهام بعض الاطراف بالخيانة لتبرئة الحاكم والتباكي على الفاسد ويعتبر بانه مظلوم . ويحاولون بقدر الإمكان خدع مكون من الشعب العراقي بإن المنبع للإرهاب من مكون فلاني بسبب حقدهم على رئيس الوزراء لكونه من المذهب الفلاني ومن استغلال الطائفية ان يُقنعْ البعض من ينتقد الحكومة الحالية هم أعدائنا . برغم هؤلاء الناس فقدوا الامل بالحكومة وسياستها الخاطئة وذلك بسبب الفساد الضارب الأطناب وانتشار حالة اللامبالاة وضعف الشعور بالمسؤولية . لان النخب السياسية تلهث خلف مصالحها الشخصية والحزبية والطائفية والعرقية .
بعد عشر سنوات عجاف ، من عدم الاستقرار والأمان في البلاد لوجود الإرهاب والجريمة المنظمة في قتل الشعب العراقي مع انتشار الفساد المالي والإداري في معظم مؤسسات الدولة وهياكلها تزكم روائحها الانوف ، لا يمكن للعقلاء أن ينكروا التشظيات التي تعيشها مجتمعاتنا اليوم ، وأن الانقسامات المريعة المتزايدة اليوم . تظهر لنا احد الواعظين بأنه محلل سياسي او خبير اقتصادي او مؤرخ ... الخ ، حيث ينكر الاحباط وتدهور الوضع الامني العام في العراق ، ويحاول أتهام بعض الآطرف بقيام باعمال الهَشيمة لعرقلة الحكومة لتقديم الخدمات للعراقيين بحجة اختراق العناصر المعادية للنظام الجديد للكثير من دوائر الدولة ومفاصلها المؤثـّرة . ليست المشكلة في الفاسدين وحدهم ، ولكن المشكلة الحقيقية تتمثل بالتستر على الفاسدين وتبرئتهم ، بل في جعل احدهم صالحا ومواطنا مخلصا .  وتحاول ان تكثر الاتهامات وتبث الاشاعات عن جماعات اخرى في حين يتم التستر على آخرين من المختلسين والمتهمين والمفسدين الحقيقيين .
لا بد لي من كتابة هذه المقدمة لادخل في صلب الموضوع حول ما نشرت المقالات من قبل بعض الكتاب وتوجيه اصبع الاتهام الى الكورد بعرقلة تقديم الخدمات وتحمله مسؤولية العجز بتصدير النفط ، ودفاعهم المستبدة عن الحكومة المركزية ويسحقون على جراح العراقيين ، وبامكاني احاورهم بهدوء حول هجومهم اللاذع على الامة الكوردية  وطعن بوطنيتها . لان هكذا الكتابات تحمل اغراضاً شخصية وتهدف الى تضليل الرأي العام .
قرأت المقالة للاستاذ حمزة الجواهري رداً على النائبة والصحفية " ماجدة التميمي " حول خسارة العراق 45 مليار دولار بسبب تقديرات خاطئة لنائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني , وحاول ان يغطي الشمس بالغربال بأتهام الكورد حول تلك الخسارة ، بان جميع التفجيرات التي استهدفت خط جيهان التركي والتي قامت بها في معظم الأحيان مجاميع حزب العمال الكردستاني المدعوم من قبل قيادات كوردية في إقليم كوردستان العراق ، دون معرفته في المنطقة والمشاكل الموجودة بين حزب العمال الكردستاني بين حكومة اقليم كوردستان ، وباعتقاد داركين بشؤون الحركة الكوردية ما ورد في كلام الجواهري من معلومات مشوهة وتلفيقية واتهام باطل للكورد للاسباب التالية :
1 – ان انابيب النفط الممتدة الى ميناء جيهان التركي لم تمر من المناطق الكوردية لانها تمر من خلال محافظة نينوى داخل الاراضي العراقية مرورا الى محافظة آدنا داخل الاراضي التركية في كلا الطرفين تبتعد الانابيب عن مدن كوردستانية .
2 – في طول تاريخ الحركة الكوردية لم تأمرالقيادة الكوردية مهما كانت الاسباب بتفجير انابيب النفط او الايعاز بتخريب البنية التحتية للبلد  .
3 – ليس لحكومة الاقليم أي سلطة على حزب العمال الكوردستاني لكي يدفعها لقيام بهذه الاعمال غير الإنسانية . إضافة الى كثير من المشاكل وسوء التفاهم بين الطرفين .
4 - ان معظم التفجيرات التي استهدفت خط جيهان التركي كانت بتدبير جماعة القاعدة وبالتواطئ مع فلول حزب البعث وبالاخص في المناطق التي تقع تحت نفوذهم والخاضعة عمليا لأمرتهم من مدينة بيجي مرورا بمدينة الشرقاط والقيارة ومدينة الموصل والى حدود تركيا ، وانك في مقالك كمن تحاول ان تتستر على جرائم هؤلاء القتلة واتهام الكورد  وقيادته بتلك العمليات الاجرامية الا احراق وهدر قوت الشعب العراقي المسكين . 
5 – صرح عضو اللجنة المالية في البرلمان العراق حول عجز الموازنة ليس يقصد عجز لتصدير نفط كركوك فقط برغم نفط كركوك لا يتجاوز من تصدير النفط سوى ثلث ويمكن أقل ، بل قصد البرلماني هو شمل جميع أبار النفط في العراق ،  ولكن لا ادري لماذا انت قصدت نفط كركوك واتهامك فورا للكورد .
6 – لماذا لم تؤشر تسريب وسرقة النفط في الاوسط والجنوب وتكشف تهريب آلاف البراميل من النفط الخام يومياً وهي أكثر بكثير من حجم العجز التصديري للنفط . يكون سبب العجز في الميزان العراقي .
7 – نشرت جميع وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة حول هذا الموضوع لماذا اختار الجواهري فقط جريدة المدى لكي يأخذها عذرا لديه لهجوم على الكورد لإرضاء السيد الشهرستاني الذي يحقد على الكورد ( يعرفها القاصي والداني ) .
برغم العراق اليوم يمّر بأصعب مرحلة تاريخية متوحشة في حياته يعاني من انفلات أمني كبير وواقع متسم بعدم الاستقرار السياسي وانتشار الفساد المالي والإداري ، وبات ساحة مكشوفة للصراعات الارهابية المحلية والاقليمية والدولية والمذهبية والحسابات المخابراتية ، مما لا شك فيه أن السيد الجواهري يعرف هذه الحقيقة ولكن يتجاهلها ، وهذا ليس ظلما واجحافا واستخفافا بالشعب العراقي فقط ، انما اسباب قد اسهمت في اتساع رقعة الارهاب وفي اشعال حرائقه وزيادة اعداده مجنديه . 
يضن الجواهري بصفته محلل سياسيا وخبيرا نفطيا بإن ما يكتبه سوف يصدقه الإنسان العراقي ولكن لا يعلم سيادته ان هناك العديد من الخبراء الاقتصاديين أبدوا بتحليلاتهم الموضوعية عبر القنوات الفضائية حول نجاح استثمار النفطي في كوردستان ونجاح ما اتبعتها الحكومة المركزية والسيد الشهرستاني في استثمار النفط في الوسط والجنوب . لذلك كان الاجدر به أي السيد الجواهري نقل الحقائق وبالكلمة الصادقة وعدم تضليله للرأي العام العراقي وعدم توجيهه الإتهام المباشر الى أخوته الكورد ظلما وبهتانا وتحميلهم مسؤولية العجز في تصدير النفط ومحاولته في تشويه سمعتهم دفاعا عن الباطل ولربما لمصالح خاصة ، وعدم توجيهه بتلك الملاحظات الى المعنيين بملف النفط من المسؤولين الفاسدين والمفسدين داخل المؤسسات النفطية الذين يتسترون على عمليات التهريب المنظم لقوت الشعب .
ويتجاهل الجواهري ان في قناعة المواطن العراقي أن الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولحد الآن تعاملت مع جميع الملفات ومنها الملف النفطي بشكل دون رؤية وانما تعاملت من منظور السعي لزيادة النفوذ الحزبي في الدولة وشراء الذمم والسعي لتصفية أو تقليل نفوذ القوى السياسية المنافسة لها أو المتصارعة معها . وانا بالاعتقادي لا يستطيع الجواهري ان تعزل الشمس بالغربال لان الشعب العراقي على علم بهذه الحقائق ،  ويعرف ماذا يحدث داخل اورقة مؤسسات الدولة وهياكلها من الفساد المالي والإدراي والتهريب الالاف من البراميل من النفط خارج العراق .


42
صراع الشرق الاوسط باستراتيجية امريكية

محمود الوندي
بعض التطورات السياسية الجديدة في الشرق الاوسط وشمال إفريقيا التي أدت الى فوضى عارمة وسقوط بعض الحكومات وقيام حكومات جديدة ، هي التي تشجع الى امتداد نفوذ الدول الكبرى الى المنطقة .  وتسعي الولايات المتحدة الامريكية في ظل حال الاضطراب وعدم الاستقرار لتهيمن علي الشرق الأوسط ، حيث وضعت استراتيجية جديدة لإعادة التوازن في منطقة الشرق الأوسط  ودعم التحول الديمقراطي في المنطقة التي تنسجم مع المصالح الأمريكية ، وكبح جماح إيران في المنطقة وتقليل مخاوف حلفاءها . 
لا بد ان تكون لدى الولايات المتحدة الأمريكية إستراتيجية فعالة من أجل حماية مصالحها في الشرق الاوسط ، لانها أدركت مدى أهميته الذي بدأ الاهتمام الفعلي به بعد ان اصبحت هي القوة العظمى الوحيدة في العالم وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ؛ وهذه الإستراتيجية تتعلق بتغيير الانظمة في الشرق الاوسط بحجة دفاعاً عن حقوق الإنسان وأنهم يريدون إنقاذ الشعوب من قسوة دكتاوريات متوحشة ومستبدين في السلطة ، ومن حهة اخرى بحجة محاربة الارهاب ، وخاصة بعد تفجيرات البرجين في الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 داخل أمريكا من قبل القاعدة ( أن المخابرات الأميركية من وراء تفجيرات سبتمبر ، لآن القاعدة مجرد أداة في يد الإدارة الامريكية ) ، ومن جهة ثالثة اخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل ، ومنع حدوث سباق تسلح نووي في المنطقة ، والقصد هنا منع إيران من ان تصبح قوة نووية . واحتواء الخطر الإيراني ، وذلك من أجل حماية حلفاءها من الوقوع تحت مظلة نووية إيرانية ، في نفس الوقت لتهميش الدور الروسي في المنطقة قدر المستطاع . أدت تلك العوامل مجتمعة لان تجعل من الشرق الاوسط مركز الاهتمام نسبة الى امريكا .
أن دوائر القرار في الولايات المتحدة تبين بوضوح لديها دراية كاملة على أدق تفاصيل التناقضات الداخلية موجودة داخل الدول والصراعات الاقليمية في منطقة الشرق الاوسط ، لذلك أنها تسعى لتجيير تلك الصراعات والتناقضات لخدمة مصالحها الاستراتيجية دون النظر إلى الثمن الذي سيدفعه الشعوب .  لذلك صرفت الولايات المتحدة الامريكية بالدعم من مؤسساتها الكبرى ، اموالاً طائلة من اجل إيجاد أنسب السبل إلى تطبيق إستراتيجيتها في الشرق الاوسط لغرض مصالحها الخاصة . وفعلا شهدت المنطقة تغيرا واضحا وتطورا استثنائيا بعد القرن العشرين .   
تقوم هذه الإستراتيجيات في المنطقة على سياسات جوهرها تدمير منظومة القيم الأخلاقية للشعوب ، أي إلحاق أشد الأضرار بالشعوب والمزيد من الكوارث ، وحيث تعتمد على بعض القوى السياسية في المنطقة والحكومات المحلية لتوسيع الاحقاد بين مكونات المجتمع وتشجيع الطائفية في المنطقة . بالتأكيد يختلف كثيرون معي لإستراتيجية أمريكية خاصة . برغم سقطت الأقنعة على وجهه الولايات المتحدة وهي تحاول نشر الفوضى على الأرض لا في باطنها في تفتيت النسيج الاجتماعي في الشرق الاوسط . مع ازدياد من احتقانات طائفية وعنصرية وعداء وأحقاد بين مكونات المنطقة .
العارفون ببواطن الأمور ترحب بالتغيير وإبعاد شبح التشدد عن المجتمع الشرقي ويرغبون بتغيير هذه الأنظمة المستبدة والموافقين على المشاركة الدولية لتغيير الانظمة الفاسدة وينظرون بإيجابية لتغير الوضع الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة ، لكنهم يخشون من صعود الإسلاميين المتشددين فتغرق توقعاتهم في المياه الداكنة ويكون تغيير مؤلماً وتتبع تأثيراته قاسياً على الشعوب .
كما أن المعطيات تشير تدخل الولايات المتحدة الامريكية في شؤون الشرق الاوسط لتغير الانظمة الفاسدة وتسلميهم الى الاحزاب الاسلامية ، تحاول احتواءها وتجييرها لمصحلتها ؛ بحيث يقوم الإسلاميون بالمحافظة على المصالح الغربية الأمنية والاقتصادية والسياسية كما هي ، مقابل تركهم يقومون بخلق مجتمعات إسلامية ، فإن مثل هذه الصفقات ما هي إلا زواج متعة لا تدوم طويلاً  بسبب سذاجة الاحزاب الاسلامية ، لأن صلب الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الإسلامية يتناقض بشكل صارخ مع مبادئ العولمة التي تقوم بنشر المبادئ الرأسمالية دونما هوادة . 
فستكون النتائج هذه الإستراتيجية على العكس تماماً ، عدم تمتع منطقة الشرق الاوسط بحياة هادئة ومستقرة في ظل الانظمة الجديدة والمتمثلة بالاحزاب الاسلامية ، وتكون الشعوب الأكثر تعرضاً للظلم لكونها تخضع لحكم القبضة الحديدة ، لان ليست لدى الاحزاب الإسلامية أي ايدولوجية مع تطور العولمة وعدم انسجامهم مع المجتمعات المتطورة والمتقدمة والحضارية الحديثة ، وتستخف بنظام الاتصالات وتبادل الافكار والمعلومات ،  بما ان يشير مصطلح " العلمانية او العولمة " إلى فصل واضح بين المؤسسات أو السلطة السياسية وبين المؤسسات أو السلطة الدينية  وهذا لا ينسجم نهائيا مع العقلية الاسلامية  . 
وحتماُ سيؤدي هذه الإستراتيجية الى إشعال المنطقة (هو طبيعة التنافس القوي بين السنة والشيعة ) إذا أستلم احدى الطائيفتين للسلطة ؛ تدفع المنطقة الى الاحتقان الطائفي ومزيد من التوتر ومن البؤس والفقر وتمزق النسيج الاجتماعي" , ويدفع المتطرفين السنة وبدعم السعودية والحكومات الخليجية إلى تصعيد معدل الهجمات ضد الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة ، وهي أيضا تدفع الشيعة ، وبدعم من ايران ضد الحكومة التي تسيطر عليها السنة ( كما حدث في احتلال العراق ويحدث اليوم في سوريا  ، إضافة الى وضع لبناني متردئ ، وما تجرى من الاحداث في تونس , مصر , ليبيا , اليمن حسب وسائل اإعلام ) ، ولهذا السبب ان الخاسر الأكبر ستكون الشعوب . وان هذا التدخل واستعمال القوة العسكرية في الشرق الاوسط من الطبيعي يواجه استنكار شعوب ارهقتهم الحروب . لان تصبح المنطقة بسفينة تتقاذها أمواج عاصفة لم يكن أحدا يعرف الى اين سينتهي المطاف بها.
ازاء ذلك ، لا بد من ان يطرح السؤال التالي على الذين يتباكون بدموع التماسيح على شعوب الشرق الاوسط ؛ لماذا لم تُدعمْ المعارضة الحقيقية والنظيفة داخل دول الشرق الاوسط من قبل الدول التي تريد استهداف الدكتاتوريات والحكومات المستبدة وإزاحتهم ، وانقاذ الشعوب من الهلاك والتدمير ؟! أم تكون لدى الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها إستراتيجية ابعاد الارهاب عن شعوبهم وتحويله الى الشرق الاوسط ؛ وبالاخص بعد ان تعرض لها إبان تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 ، أم هي لغرض زرع "الفتنة"، والفرقة بين الطوائف والقوميات وخلق الاضطراب وعدم الاستقرار من خلال الصراع الطائفي بين المسلمين حتى تهيمن علي الشرق الأوسط . أليست إستراتيجيتها جرائم ضد الشعوب وعدوانا على العدالة وحقوق الإنسان وعلى قيم الأرض والسماء بحجج واهية ؟! 


43
الازمة العراقية في تحليل "إسطيفان وجاسم الحلفي"
محمود الوندي
لقد قرأت مقالاُ للسيد عزت يوسف إسطيفان رداً على مقال السيد جاسم الحلفي ، وأشاراته الى عدم مسؤولية رئيس الوزراء حول الازمة التي تعصف بالعراق والفساد المنتشر في جميع مفاصل الدولة ، وبمحاولة السيد إسطيفان توزيع الازمة على الجهات المختلفة. مختتماً المقالة بفوائد ستراتيجية حكومات مابعد الاحتلال في معالجتها لهذه الازمة (ان كانت هناك ستراتيجية اصلا) ؛ ويتطلب بعض الوقت لمعالجتها , للوقت المتبقي لحلها بشكل نهائي . فقد أثبتت الحكومة العراقية فشلها وعجزها على مختلف الميادين والصعد فهي عاجزة عن توفير الخدمات وفشلها اقتصاديا ودبلوماسيا من خلال علاقتها المتشنجة مع دول العالم . وكما هي عاجزة عن توفير الأمن ؛ وان الجيش العراقي والشرطة الوطنية والقوى الامنية الاخرى التي يزيد تعدادها على المليون ونصف مقاتل غير قادرة على مواجهة الارهابيين .
قبل البدء في مناقشة جوهر الموضوع يجب علينا ان نقول الحقيقة ما نشاهده او نتابعه للوضع العراقي بعد 2003 ، ويجب ان نكن حياديين في تحليلاتنا ومواقفنا عبر النقد البناء لأحترام الشعب العراقي والحفاظ على المسيرة الديمقراطية في العراق ، ويجب تقييم موقف كل مسؤول في الدولة لنعرف سبب الازمة التي تعصف بالعراق ، وانعكاساتها على حياة المواطن العراقي ومعيشته . ولكي لا اظلم طرفا معينا سوف اتناول هذا الموضوع المهم من جميع جوانبه .
يدهشني ويستغربني حول  "انطباعات واستنتاجات" السيد اسطفيان عن الازمة العراقية التي تمس حياة الانسان العراقي  وانه يدعي بأن الحكومة الحالية لقد حولت العراق من مستنقع تزدهر فيه الأمراض والأوبئة ، الى الأمان والبناء والازدهار الاقتصادي ، وجعلت منه قوة اقتصادية فريدة في التاريخ ؛ واتهام غيره بعرقلة تقديم الخدمات الى الشعب بحجج واهية ويدعي هناك إنجاز للفترة الزمنية ولديه دلائل حول تلك الانجازات ، ومنها :
1 – جرى في العراق ثلاث جولات من الإنتخابات البرلمانية وثلاثة لمجلس المحافظات ويكتب مجلس النواب الدستور ويستفتي الشعب عليه وكلها تمت حسب المعايير الدولية .
-   واحب اقول للسيد اسطيفان ، هل الانتخابات كانت نزيهة ؟ ولم تكن على أساس الطائفية بدون شرع قانون الانتخاب ؟ وليس تنامي ظاهرة شراء الذمم والأصوات الانتخابية من قبل القوائم ، وتهديد من لا ينتخبهم ؟ تمثله من تزوير للارادة الوطنية وتخريب لعملية الانتخابات . وعرقلتها من بعض القوائم في حالة معرفتهم المسبقة أنهم سيخسرون مقاعدهم في البرلمان العراقي .
2 - ويخرج القوات الأجنبية ويستعيد الإستقلال الوطني والسيادة الوطنية ويلغي عشرات القوانين والقرارات الإقتصادية المجحفة بحق العراق والتي أصدرها الحاكم المدني الأمريكي بريمر ؛ ولا يسمح بموقع عسكري واحد له في حين أنه طلب الأمريكيون 320 قاعدة وموقعاً عسكرياً حسب صحيفة الإندبندنت البريطانية .
-   لا اعتقد بان أمريكا سقطت حكومة البعث من أجل العين العراقي ، وليس لديها أي مصلحة في العراقي ، ولا أصدق بخروج قواتها من العراق بدون تخطيط ، ولا ادري من يدرب الجيش العراقي ومن يحمي السفارة الامريكية في العراق ، وما دور سفير امريكي في العراق ؟ ! وهناك كثير من الادلة بوجود امريكان في العراق . ودورها في العراق ، كما تعترف انت بعرقلة مسيرة العراق نحو ديمقراطية .
3 - ومن ثم يُخرج العراق من طائلة البند السابع الذي منع قدوم شركات عالمية رصينة إلى العراق .
-   لا ادري متى خرج العراق من البند السابع بصورة صحيحة ، بعد سقوط النظام البائد تدفقت شركات عالمية نحو العراق ، وتصدير النفط الى الخارج ، وفتح خطوط الجوية العراقية مع جميع دول العالم ، وفتح استيراد المواد المتنوعة والمختلفة على مصرعيها ؛ كلها بقوة أمريكا ، وخروج من البند السابع لم يطل عمره إلا شهور قليلة ، وبدعم أمريكي في الامم المتحدة ، ورغم ذلك ما زال منع المواطن العراقي من السفر الى دول اوربا وغيرها من الدول . 
4 - إرتفاع معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي إلى (350) دولاراً تقريباً بعد أن كان ربع دولار، رغم الحرائق والدمار الإرهابي . لا أنسى أن توزيع الدخل تنقصه العدالة وهذه قضية ليست وليدة النظام الجديد والحكومة ولكنها قضية ولدت مع ولادة المجتمعات الطبقية . لكن  معدل الفقر في تناقص وهناك خطة وطنية أعدتها وزارة التخطيط للقضاء على الفقر .
-   وفي هذه الفقرة يحاول السيد اسطيفان تبرير السراق حول توزيع الدخل الشهري للفرد العراقي يعتمد على ولادة المجتمعات الطبقية ، ويدعي الفرق الدخل العراقي بين الماضي والحاضر ، لا يدري بأن هناك ملايين من العراقيين يعيشون تحت الفقر ، وأكثر رواتب المتقاعدين لا تتجاوز بحدود 250 ألف دينار عراقي ، عكس ما يتقاضاه عضو البرلمان العراقي ، ولا اريد ان اتحدث عن اسعار المواد الغذائية او إيجار البيوت بين الحاضر والماضي .   
5 - بدأ العراق الجديد عام 2003 ومقدار إنتاجه من الكهرباء بلغ (2500) ميكاواط وبلغ حجم الطلب (5000) ميكاواط . بينما يبلغ الإنتاج الآن (11000) ميكاواط والمزيد قادم خلال الأشهر القادمة ؛ حيث أن زيادة الطلب على الكهرباء بهذا القدر الهائل يعني إرتفاع نوعية حياة العراقيين ومستوى معيشتهم .
-   هناك كثير من التقارير والمقالات بأن الحكومة العراقية عاجزة عن ايجاد حل لازمة الكهرباء التي تعتبر عصب الدولة المتحضرة ، التي أثرت بشكل كبير على نمط الحياة اليومية للمواطن , دون ان تلوح في الأفق أي حلول في المستقبل القريب , ومعدل التغذية في بغداد العاصمة بحسب مراجعة لمراسل "المونيتر"، يصل في أفضل الأحوال إلى ستّ ساعات ، فيما تغيب الكهرباء تماماً عن بعض المناطق ، لا اريد ان اتكلم عن فساد المسؤولين واهمالهم في وزارة الكهرباء  .
6 - لأول مرة ومنذ (30) سنة بلغ إنتاج العراق الزراعي  من الحبوب (3) ملايين طناً رغم الأحوال الجوية السيئة التي مرت على هذا الموسم .
-   ألم يسمع السيد اسطيفان وصول البواخر محملة بالحبوب الى الميناء العراقي بين آونة واخرى ، والفلاحي العراقي يعترف لم يوجد أي دعم حكومي له .
7 - فقد رفعت الحكومة مستوى الإنتاج النفطي إلى مستويات قياسية منذ ثمانينات القرن الماضي . ولولا هذا الإنجاز لضربت العراق الأزمة الإقتصادية العالمية الخطيرة في معيشة مواطنيه . 
هل يوجد تشريع قانون النفط والغاز ولحد الآن وكذلك قانون البنى التحتية وغيرها من القوانين التي تمس حياة الكادحين العراقيين ، واما جولات التراخيص لإحالة مشاريع نفطية وفق صيغة "عقود خدمة" لا تخدم العراق حسب تقارير المختصين في النفط  .
8 -  إرتفع الرصيد الإحتياطي إلى (76) مليار دولار بعد أن بلغت مديونية العراق أكثر من (150) مليار دولار .
m-w
 
-   ارتفع الرصيد الاحتياطي الى (76) مليار دولار لا يدري السيد اسطيفان ان سعر البرميل ارتفع من سبعة دولارات الى تسعين دولار فأكثر , واما تتكلم عن ديون العراق فان كثير من الدول تنازل عن ديونها بضغط امريكي , رغم ذلك لم تستطيع الحكومة الحالية خلال 8 سنوات محاربة الفساد ورفع المستوى المعيشي وتحسين الوضع الامني . فلدينا مثالا عندما كان الميزانية العراقية لا تتجاوز ملايين في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم وخلال اربعة سنوات قدمت الحكومة انذاك الكثير من المشاريع فمقارنة مع الحكومة الحالية .
وهذا أستغرابي أن السيد اسطيفان لديه انطباعات واستنتاجات" عن الازدهار الذي تعيشه البلاد مخالفاً لانطباعات واستنتاجات" السيد جاسم الحلفي عن الازمة التي تعيشها البلاد ؛ وبرغم الكثير من العراقيين اليائسين من الحال ، وغير المتفائلين بإمكانية أن يتبلور إصلاح سياسي واقتصادي من داخل الحكومة .


44
تنشئة الطفل بين جدلية المناهج الدراسية وتربية الأسرة
محمود الوندي
ما من شك أن المدرسة لها دور أساسي وإيجابي في تربية وتنمية الطالب في بداية عمره من خلال قيامها ببرامج تربوية صحيحة ، فضلاً عن تنفيذها مناهج تعليمية تستهدف إعداد وتأهيل كوادر مستقبلية تقود قطار التنمية في مجتمعها بجميع مجالاتها . لذلك تعتبر المدرسة أهم المؤسسات التربوية بالحفاظ على الطفل وضبط سلوكياته وتأمين استقراره ؛ وتطوير عقلية الطالب ، وتجعله عنصر بناء في المجتمع .
إن الطفل بحاجة ماسة إلى تربية وتعليم صحيحة  من والده ووالدته وثم من خلال المدرسة ، ويجب أن ينشط الطفل ويوجه في عمله وتفكيره عن طريق حياته في هذا المجتمع  لمواكبة ومسايرة عصر التقدم والتكنولوجيا ؛ لان المدرسة هي التي تكشف عقبرية الطالب (الطفل) وتعده بصورة صحيحة حتى يتبّوأ مكانته المناسبة في المجتمع . فإن إصلاح الطفل يتوقف إذاً على إصلاح المعلم والمدرسة والى جانب أسرته ، فإن تهيئة الطفل  يكون إنتاجاُ وافراً وهذا ما يزيد من تطور البلاد وازدهارها ونموها إلى الرقي ومسايرة موكب الحضارة المتطورة .
التعلم الراقي للأطفال على أساسيات العلم والتربية سوف يلعب دوراً مهماً في نجاح الأطفال بما يتيح لهم فرصاً لإمكانية التواصل مع قنوات المعرفة العلمية ومع مجالات الثقافة ، وتساعد على توفير الرفاهية لهم ، ويحفزهم على المضي قدماً في دراستهم وتحقيق أهدافهم التعليمية . كلما يكتسب الطفل من المهارات والقدرات سيقضي على أي تميز طبقي في مجالات وميادين ومستويات العلم المختلفة . 
الكثير من الأسرْ عاجزة عن القيام بوظيفة تكوين أطفالها والإعداد لوحده ليس كافياً لوحده بالاخص إذا كانت الآباء لم يحصلوا على تعليم كافِ ، لذلك على المدرسة ان تكمل ما عجزت الأسرْ على تكوين أطفالها ( وخاصة من ناحية التعليم ) باعتبارها هي العامل الأساسي في هذا المجال ؛ لان الآباء سيواجهون صعوبات كبيرة في القراءة والكتابة في تعليم أطفالهم (مستوى تعليم الآباء غير كافي سوف يؤثر في أطفالهم من دون شك ) . إن هذه الدراسة هي ربطها المشترك بين التحصيل التعليمي المتدني للآباء وضعف المستوى الدراسي لأطفالهم وبين دور المدرسة في تكوين وتنمية شخصية الاطفال وتنمية قواهم ومواهبهم ،  لكي تتيح لهم الفرص لنموهم الكامل والتحسن الجيد . ان رسم  الاستراتيجيات  للتعليم ما هو  إلا جزء من حلقة من حلقات التنموية في اي بلد ، فالتعليم والتربية يجب ان  تبدأ من الطفولة  المبكرة بين  شتى  مراحل  الدراسة : الحضانة ، الابتدائية ، الثانوية ، الدراسة الأولية والدراسات العليا .
أن للتربية المدرسية تأثيراً بالغ الأهمية في تغيير عادات الأطفال وأنماط سلوكهم وطرائق تفكيرهم وتنّشيط عقولهم وتطوير قدراتهم الذهنية وتحسين مستوياتهم العلمية لان المدرسة تعتبر كيانا اجتماعيا وتربوياً ، بمعنى أن التربية المدرسية تُكسبهم القيم الإنسانية والأخلاقية وتقوّم سلوكهم بشكل إيجابي صحيح وتجعلهم أكثر توازناً ،  وتُعِدُّهم لمواجهة الصعاب في حياتهم العملية والتغلب عليها من خلال وجود المعلمين الكفؤين لقيادة التعليم والعلوم . تنهض المدرسة على ثلاثة مكونات رئيسية هي : الطالب الذي بدونه لن تكن هناك مؤسسة تعليمية ، والمعلم الذي بدونه لن تستكمل العملية التعليمية أصلاً ، والإمكانات المادية التي بدونها لن تنهض المؤسسة التعليمية ولم تحقق أهدافها .
إن الفشل الكبير في تربية الطفل اليوم خارج الأسرة يرجع إلى إهمال مبدأ أساسي لإدارة المدرسة لانها لا يمكن فصلها عن الاسرة من ناحية تربية وتعليم الاطفال ، والمدرسة تتلقى أبناء هذه الأسر وتهيئهم لأن يحتلوا مكانتهم في المجتمع كمواطنين صالحين ، ولهذا تنظر التربية الحديثة إلى المدرسة باعتبارها مكمّلة ما بدأها الاسرة الى جانب التعليم  . عند وجود المعلمين الكفؤين في المدرسة سوف تلعب دوراً مهماً في نجاح الأطفال في مستوى التعليمي واكتساب المزيد من العلم . كما يجب على المسؤولين في الحكومة او التربويين في وزارة التربية  أن تراعي التطورات التي صاحبت تطور التكنولوجيا الحديثة بظهور وسائل تعليمية متطورة تتطلب منا المزيد من التقدم في العلم والتطور في الفكر . الى انه من غير الممكن لأي معلم مدرسة او تدريسي جامعي ان يؤدي وظيفته بشكل جيد وفعال أذا كان أميا رقمياً ، ولا يمكن بعد الآن  تجاهل ما تقدمه شبكة الانترنت من كنوز معرفية مذهلة في جميع ميادين المعرفة .
في الكثير من الدول المتطورة وبالاخص حديثة العهد قد أحدث  طفرة كبيرة  في  المستوى التعليمي  فيها عندما  اتركزت على التعليم  المبكر لانه من أهم المؤشرات على تطور المستوى المعرفي  في اي بلد ، إن مستوى التعليمي يلعب دوراً مهماً في نجاح التعليم في المدرسة هذا يعني أنه قد يكون من الضروري لأي تعليمي لاكتساب المزيد من العلم . وقد تبين لنا أنه كلما ارتفع مستوى تعليم المعلمين (بكل اصنافها) كلما كان تأثيرهم إيجابياً على الأطفال في المدرسة وفي مساعدتهم على تحقيق أهدافهم التعليمية .
من الضروري ان نشخص الواقع التعليمي في العراق ( تمثل واحدة من أكبر الأزمات المهملة في العراق )  وعن أسباب تخلفه ونشخص الأسباب الرئيسية لأساليب في تربية الأطفال ، وتراجع المستوى التعليمي للأطفال العراقيين ؛ ان أساليب في تربية الأطفال في المدارس هي احد الأسباب الرئيسية في تكريس إدارات المدارس فغالبا ما تكون بالأسلوب القهري القمعي دون مراعاة لقواعد التربية الحديثة ، ولا شك أن سلطة المدرسة ستجعل من المعلم مستبداً وتمارس أسوأ انواع التسلط وفي النتيجة سيختفي الحوار الديمقراطي والتفاعل الحي بين الطلبة والمعلم ، ويلقى فيه المعلم مواعظه ويملئ إملآءاته على طلابه ويجعل منهم مستمعين ومتلقين فقط ؛ وهذا أسلوب تربوي فاشل سوف يؤثر في نفسية الأطفال من دون شك وتراجع مستواهم التعليمي ويخلق لهم نفسيات مهزوزة مطوّعة خاضعة ، وأخيراً يتركون المدارس ويلتجأون الى الاعمال في الطرق والساحات ، يتم استغلالهم من قبل اإرهابيين في تنفيذ هجمات انتحارية .
وإزاء ذلك من الضروري أن تعيد المؤسسة التعليمية نظرها في تغيير المناهج الدراسية لتتوافق مع تربية الطفل وتحسين المهارات التعليمية لديه لاكتساب المزيد من العلم ، على المستويات كافة ، بحيث ان تكون تأثيرها إيجابياً على الأطفال في المدرسة ، ويحفزهم على المضي قدماً في دراستهم وتحقيق أهدافهم التعليمية ؛ وتنهض المؤسسة في الأساس على تنمية قدرات المعلمين ، وشحذ مهاراتهم وإبداعاتهم ؛ وأن تعمل على كسب الطالب إمكانات مضاعفة القدرة على تحقيق طموحاته الذاتية والمجتمعية ، وحثه على الانطلاق تجاه التقدم المنشود .  وأخيراً تكون المؤسسة التعليمية مساعداً على نجاح الطالب في دراسته .
وعلى المسؤولين في وزارة التربية بتوفير المدارس النموذجية للأطفال ومنها " رياض الأطفال " و" حضانة الاطفال " وتوفير كافة مستلزمات التعليم للتدريس الجيد وغيرها من عوامل التعليم الحديث ، والحرص على التربية الجيدة وتوفير كل مستلزمات الحياة السعيدة بإبعادهم عن العمل وجميع أساليب العنف والاضطهاد ، وعلى السلطة التشريعية بإصدار القوانين الخاصة بحماية الطفولة ، وعناية خاصة بهم اكثر من اية شريحة اخرى ، وإيقاف كل العوامل التي تؤدي إلى حرمان الأطفال من التعليم والتربية المدرسية ، وتوفيرلهم كل مستلزمات الحياة من الغذاء والصحة والتعليم .   

45
مرض الزميل قيس قره داغي
بين فرح الشامتين ولا مبالاة الحكومة الكوردية

محمود الوندي

يخطئ من يظن أن الجهود الأعلاميّة للزميل " قره داغي " شيء من العبث أو شيء من هواية يومية ، على من لا يعرف أن يعرف ان كل ما يكتبه " قيس قره داغي " تعبيرُ لِما يجيش في خاطره من أحاسيس وطنية مسؤولة وكذا ما يقدّمه في الفضائيات وباللغات المختلفة ، ربما لا أغالي إذا قلت أن مايقدمه زميلنا ( قيس ) الواقع في أسر المستشفيات يوازي كل الجهد الأعلامي لفيلق الأعلاميين الكورد وخصوصاً باللغة العربية هذا ما فتح الباب على مصراعيه أمام شمت الشامتين الذين يأملون أن لا يكون للكورد لسان يدافع به عن قضيته العادلة ، في المقابل تتبادرعلى ذهن الجميع فكرة عدم اكتراث المسؤولين الحكوميين والحزبيين بصحة المدافع الأمين عن الحكومة الكوردية .. أيريد وأن يقولوا لنا كفّوا ايها الكتاب عن الدفاع عنا فأنتم لستم من آل بيتنا ! ؟
عُد إلينا عزيزنا " قيس " ولا تحزن قلوبنا وقلوب الملايين معك .. أن الله معنا وليذهب السَّنح الحرام  الى الجيوب اللاهثة وراء المال والنفوس المريضة التي لا تعرف من حب الوطن شيئاً .

46
الحكومة العراقية تختار البعثيين عونا لها
محمود الوندي
تمر هذه الايام ذكرى مرور عشر سنوات على سقوط نظام البعث وطاغية العصر الذي كان يتلذذ بتعذيب الشعب العراقي ، ومارس كل انواع التعسف والظلم ضد ابناء شعبه .. وتكميم الافواه .. وسفك الدماء على طول البلاد وعرضها ، وقد استخدم كل الوسائل لهدم الحضارة الانسانية في العراق ، وتغيير البنى التحتية الاجتماعية ... وتغيير جغرافية المدن .. وانفرد بدمويته على كل القوى المعارضة والشخصيات الشريفة المناهضة لنظامه التعسفي والدموي .
بدأ البعث سلطته بالعدوانية على كل فئات الشعب العراقي منذ ان وصوله الى دفة الحكم . واول المتضررين كانواعوائل الفقراء من المناضلين الذين اودى بحياة الآلاف من ابناءهم بعد ان زج بهم في حروبهم العبثية او في سراديب وأقبية الاجهزة الامنية ، وكانت التهم جاهزة ومخطط لها بتعاونهم مع الاحزاب المعارضة او كرههم للقائد الضرورة وما شاكلها من التهم ، وواضطر الكثير منهم لمغادرة العراق وترك وظائفهم وحتى تركوا ما لديهم من الاملاك .
بعد ان مضى عشر سنوات على تغيير النظام في العراق على يد الامريكان ، اصبح هؤلاء المضحين خالية الوفاض معاناتهم ومأساتهم ما زالت تأني ، واسترجاع الى وظائفهم ما زالت في أدراج الروتين ، واليوم يستجدون لوزاراتهم لعودة الى وظائفهم . والروتين القاتل بين وزارة الهجرة والمهاجرين وبين وزاراتهم ، لتمشية معاملاتهم  .
يوم التاسع من نيسان عام 2003  ليستيقظ العراقيون لصباح يوم جديد متحررين من قبضة حكم البعث ، مع الأسف لكن الرياح اتت بما لا تشتهيه ارادة العراقيين حيث نسمع بين آونة واخرى قرارات لمصلحة البعثيين ، وآخر قرار الحكومة القاضي بإعادة  " البعثيين وإحالة فدائي صدام على التقاعد " ؛ اما العوائل الاصلاء والمعارضين الحقيقين لحكم البعث عموما هم اليوم مهمشين ولا يحسب لهم أي حساب أي انهم في طاولة المناقشات السياسية" لا في الحسبان ولا في البال " ، وتاركين في أحضان البطالة بلا مورد رزق لعائلاتهم ، بعكس ما نرى عودة المجرمين والقتلة من البعثيين الى المناصب الحكومية ( مع كل ارثهم الاستبدادي ) تحت مسميات مختلفة " الحوار الوطني او المصالحة الوطنية أو نشر روح التسامح والعمل على تجفيف منابع الإرهاب .. الخ " ، مع الترويج الاعلامي ، وجعلت الحيرة والذهول تنتاب الشارع العراقي ، وهذه الحالة تستفز جراح العراقيين الشرفاء ، وابناء واسر الشهداء والضحايا النظام المباد".
وليس من العدالة لعرقلة نحو عشرات الآلوف من ابناء شعبنا المظلومين على ايدي البعث لاسترجاعهم الى وظائفهم ، فالوظيفة هي مصدر رزق عوائلهم . ولكن قررت رئاسة مجلس الوزراء (بجرة القلم) أرجاع الأعضاء السابقين في حزب البعث الى وظائفهم ، أليس هذا إجراء خاطئ !!!! ضمن قائمة طويلة من الاخطاء التي ارتكبتها السلطات الحكومية منذ سقوط حكم البعث الغاشم ولحد الآن ؟! أليس هذا الإجراء هو متسرع وإنتقامي ؟! أليس هذا الإجراء يقدم خدمة كبرى لأعداء شعبنا ؟! تكون في هذه الحالة  أن المستفيد الوحيد من هذا الإجراء التعسفي ، هو فلول البعث ، الذين تلطخت ايادهم بدماء أبناء الشعب ( يعتبر القرار إعادة الاعتبار لحزب البعث ) ، والخاسر الاكبر هم المضحين من اجل الشعب والوطن الذين عانوا من الاضطهاد على يد البعث ، أبناء المقابرالجماعية ، ويعتبر هذا الإجراء تجاوزا على حقوق الضحايا واستفزاز للشارع العراقي . 
لذلك اهيب من مجلس الوزراء بالتصحيح مسار العملية السياسية وانصاف أسر ضحايا نظام البعث بدلا من انصاف قتلة الشعب العراقي ، وأن تعيد النظر في هذا الإجراء العشوائي والاعتباطي في ارجاع البعثيين الى وظائفهم بالأخص استبعاد من يثبت ارتكابه جرائم بحق الناس ، وتسهيل امور الناس الشرفاء ( هم جيش من الاكاديميين والأكفاء ) في تمشية معاملتهم المتعلقة بين الوزارات ودوائرهم ووزارة الهجرة والمهاجرين . والإستفادة من خبراتهم بشكل إيجابي  في بناء العراق الجديد  .
يجب على الحكومة الى التعامل مع الجميع وفقا لمعيار واحد واضح أن تنظر بعين المساواة إلى كل الأسر العراقية لتخفف من معاناتها دون تمييز" ، وتفرق بين الظالم والمظلوم . 

47

نتمنى الشفاء للكاتب والاعلامي قيس قره داغي

محمود الوندي
سلامتك ياغالي مليون سلامه
والله يحفظك يا عيوني ويرعاك
ليت الوجع بعروق قلبي ولا فيك
لوبيدي ازيل الالم واصنع الفرحة لعيونك
واشتري راحتك بعمري وانتظر اني اشوفك
من المؤسف لقد تلقيت نبأ بان الكاتب والاعلامي قيس قره داغي  يرقد في أحدي المستشفيات في اقليم كوردستان العراق .
هذا الكاتب الكوردي الاصيل  قدم قلبه وقلمه وصوته للعراق وكوردستان بكلمات المحبة والأمتنان بكل فخر وأعتزاز ، تحملَ هذا الكاتب بين نبضات قلبه وبين سطور كتاباته وبين كلمات حنجرته معاناة وألام شعبنا الكوردي ، لقد واجه قره داغي أعداء العراقيين عامة والکورد خاصة من خلال مداخلاته ومناظراته التلفزيونية علی الفضائيات العربية .
كان قره داغي ينشر الود والمحبة بين أطياف شعبنا ، ويدفع كل إنسان شريف الذي يؤمن بالحياة والإنسانية الى التأخي والوئام والتكاتف والنضال من أجل الحرية والديمقراطية والفيدرالية وحب الوطن من خلال أقلامه الحرة وكلماتها الجميلة والبسيطة وصوته جهوري من خلال مدخلاته الفضائية . 
أبعث للأستاذ قيس قره داغي باقة الورد وبيها محبة زاهية معطرة مع تحيات ملؤها الحب والاحترام من صميم قلبي وبهذه المناسبة ندعو بخالص الدعاء للزميل المثابر الشفاء العاجل ونتمنى له أيضاً العودة الميمونة الى أهله وأصدقائه بسلامة والعودة الى كتاباته القيمة ومداخلاته من خلال الفضائيات لخدمة العراق وشعبه وخدمة الشعب الكوردي  .
وبأطيب الامنيات لان يعود الينا معافى مشافى بإذن الله




48
رحيل الحبيب في اشجان مغترب

محمود الوندي
يحس الانسان باللوعة والحزن والاسى على فّـقدْ من أحبه منذ ان خلقت الحياة ، لانه خلقت معها موازين الفراق ولا بد للفراق ان يكون الرثاء ، الرثاء والفراق هما ملازمان للانسان منذ نشوء المجتمعات البدائية .
يا لقساوة للموت فانه اعتاد ان يسرق مني احلى وأغلى حبيبتي رغم فراقها عقود من الزمن ، بسبب الظروف القاسية .. حيث اني أشعر بالذنب وتأنيب الضمير عن فراقها الأولي ، وما كان الفراق اختياري إلا اني كنت مجبراً على ان اودعها والتنازل عن حبها ، خوفا على حياتها (من الأجهزة الامنية التي تطاردني في نهاية السبعينات) ، وعلما كنت أحس بعمق عواطفها وحبها باتجاهي ؛ ولكن الخبر عندما قرع مسامعي عن موتها ، لقد فجع قلبي أعمق حزنا ومرارة على فراقها الابدي .. وقلبي ينزف دما من وداعها الأبدي ... لإن العمر الجميل قد رحل مني وانتهت احلامي ، برغم صبري على عَجف السنينِ تاّملاً ، وأحرق حنيني اليها والى كل ذكرياتها .. برغم كل شيء سأشتاق الى صوتها لكني لا استطيع ان اسمع صوتها .. سأشتاق الى رؤيتها .. لكني لن أتأمل على رؤيتها .
نعم رحلت عني بصمت الى الحياة الابدية تاركة لي المفجوعة برغم اني كنت احلم بلقائها لان ذكراها العطرة ما زالت تعشعش في أعماقي وفي قلبي وشريان دمي .. رغم ذلك صعب أن يعود الحب كما كان قبل الفراق ، لان منذ البداية كان حبنا انزلق نحو الهاوية .. الأصعب أن أظل أحلم عودتها كما كان .. ولكني ما زلت أسير لذلك الحب والحبيبة .. وأعزف سمفونية حبها على أوتار قلبي ... ومازال الحنين باقى فى قلبي لها ومازلت أذكر ذكرياتي فيها .
كنت احلم .. وأحلم .. فربما شاءت الأقدار لنا يوماً لقاء مرة اخرى يعيد ما مضى .. وما أجمل أن نتذكر تلك لحظات الزمن الجميل  .. وإذا شاءت الأقدار واجتمع الشمل بيننا يوماً فلا أبدأ بالعتاب والهجاء والشجن .. ولا أفتش عن اشياء الذي ضاع مني ، وأحاول أن تتذكر آخر لحظة حب بيننا لكي تصل الماضي بالحاضر .. ولحظة اللقاء اجمل بكثير من ذكريات وداع موحش .. وكنت احلم اذا اجتمع الشمل بينا مرة آخرى أحاول أن تتجنب اخطاء الامس التي فرقت بيننا ( لأن الأنسان لا بد أن يستفيد من تجاربه ) ، للأسف شاءت الأقدار ان يكون الفراق الأبدي . وبـريــق تطفي شموعها في حياتي . وهذه المرة أتأمل على رؤيتها في منامي أن تأتيني بثوبها الابيض على ظهر فرسها ، فألتقطها وأخبأها ضلعا في صدري .
فراقكِ غرس سهما في قلبي وترك جرحا عميقا وألماً ومشاعر الوحشة ، وجعلتني كزهرة زبلت تحت أشعة الشمس ، لأنكِ ألقيت مفتاح قلبي الى المجهول .. نعم تظل فراقكِ تنخز في قلبي طالما انا على قيد الحياة ، ولم أجد بلسماً لجراحه ؛ والان اعترف لكِ بحبي الأزلي .. ألأبدي اللانهائي فحبكِ كان البداية والنهاية .. واسمكِ عنوانا لقصة حبي ، حتى وإن كان قد ذبل ومات . بما أنكِ جزء من تأريخي حياتي .. سوف اصنع من حبكِ اسطورة رائعة أنتِ بطلتها الأسطورية مثل رائعة شرين وفرهاد .. تتحدث الآجيال عنها ؛ واجعل في ايامي مجموعة من الصور الجميلة لكِ ما دمت تسكنين قلبي ... لان اتذكر ملامحكِ ، وبريق عينيكِ الحزين ، وابتسامتكِ في لحظة صفاء .
ألمْ صابِني لحظة فراقكِ الابدي بقلبي عليل .. وفراقكِ مَزَجَتُ حُزنيَّ في دَمعيْ ، ولا استطيع أسعفَ الدَمعُ ما بيا ، فيا ويلَ حُزنٍ ما شَقَا الكثير مِثلَي .. ولا يجدي بكاء العين ونحيب القلب . فراقتنا الظروف في الماضي ، فلا أبحت بسرٍ كان بيننا ولا كنت احاول ابداً تشويه الصورة الجميلة لهذه الزهرة التي احببتها .
 جعلت من قلبي مخبأ سرياً لكل اسراركِ وحكاياتكِ ( فالحب اخلاق قبل ان يكون مشاعر ) . فراقكِ الآن كم هزّ وجـــــــــــدي ( الم الفراق لايشعر به الا من عانى فراق الحبيب ) .. فلا الأشواق ترحمني فأنســــــــــى .. ولا الذكريات لنـــــــــــــومي تتـــــــــــــركني ؛ فأرقدي بسلام ايتها الفاتنة الجميلة يا من حملت انسانيتكِ حتى انفساكِ الآخيرة تلك الانسانية التي تجسدت فيها كل معاني المحبة والصفاء .   
كل صباح أبحث عن صورها .. لا بد أتذكر لمن كنت احبها بكل احساس صادق .. فأراها منثورة فوق كتبي وأوراقي التي تملأ مكتبي .. وكل اليوم انا أجلس وحيداً أحاول ان أجمع ذاكرتي ظلال ايام جميلة عشتها معها ... حيث أتذكر عنها بكل ماهو رائع ونبيل .. لأني أريد أن أحنط ذكرياتها وكل ما يمت اليها بصلة في زاويا ذاكرتي .. سأكتب عن أحلامي الماضية التي رحلت مع المساءات الحزينة ، وسأقص لأوراقي حكايات هذا القلب الذي أثخنته الجراح ، اترك بعيداً كل مشاعر الالم والوحشة التي فرقت بيننا ، أحاول ان أجمع في اوراقي كل الكلمات الجميلة التي سمعتها منها ، وكل الكلمات الصادقة التي قالتها لي ؛ لكي تبقى لي حروف اسمها قصيدة دوم انشدها ؛ لاني كنت مستعدا ان اعطيها عمري واسكنها في قلبي ... وإذا فرقت الايام بيننا .       
كلمات قلتها لأجلكِ إذا مات الأمل في عقلي يظل الشوق بفؤادي ، رغم قلمي المقيد بسلاسل وغارق في الوحل .. والكلمات التي لا تتعرى على الورقة البيضاء ، تخجل أن تعلن عن عشقها الحقيقي ، وتكشف عن حبيبها الحقيقي ، هي كلمات مختبئة في لحاف السواد وتخشى نور الشمس ، وتطفئ برعشتها شموع الحقيقية .. فضحكت من حزني حتى بكيت! كيف أصدق انها ماتت ، وأرثها بدون ذكر اسمها .. لاني لا اعرف اين جسمانها .. وفي أي ارض دفنت ... هذا وداعي الأخير لكِ يا حبيتي بعد أن ودعتي أنتِ قلبي .. لكن وداعكِ كان قاسيا جدا . حيث لا استطيع ان أرجع الى احلامي القديمة .. لأمضي في دربي القديم .. ولا استطيع انظف قلبي من كل الأحزان ، ولا استطيع أعيش ماتيسر من سنواتي باقية وبعيدا عن الأحزان القديمة والحديثة . لاني من فراقكِ تألمت . وإن أخطأت بحقكِ سامحيني ، وأذكركِ ان مصيري يوما يكون مثل مصيركِ " كفن " ابيض يغطيني " وقبر " صغير يحويني . 
والان لم يبقي لي سوي عطر ذكراكِ ... أكتب لكِ كلمات الوداع الأخيرة ، بحروف من دموعي ، أضحك بالدموع حينا ، فأبكي جنون الفراق حيناً ، فيمتلئ الدمع بضحكاتي ... ودموع تحمل مني حب واشتياق .. فدموعي اصدق واوفي اليكِ مني . 


49
المثقف العراقي تحت وطأت الجاهلين
محمود الوندي
يشكل الادباء والفنانون والمثقفون في كل بلد الجناح الانشط في التحليق ، وهم المعيار الرئيسي لمدى تغيير و تطور الشعوب في المراحل المتعاقبة ؛ فمن الطبيعي ان تفتخر أي دولة بهم على ضوء انسياقهم الثقافي وتضعهم في منزلة خاصة ، ترعاهم وتهتم بهم ، تقيم اعتبارا استثنائيا لهم على مستوى العيش الكريم ، ففي الوقت الذي تتبارى الدولة لمنح مبدعيها الجوائز المالية والرمزية التي تعبر عن حق المثقف في الرعاية ، هذه الرعاية حرصا من المشرع على دور الثقافة في تنمية المجتمع والتي دائما ما تكون نواة المجتمعات المتحضرة ، باعتبار ان المثقفين من رموز الدولة ، بحيث كل دولة تتمتع بعمق ثقافتها من خلال الشخصيات الذين يتمتعون بدرجة عالية من الدراية في نشر الثقافة والوعي للمجتمع ، ويكونوا ادوات صالحة لخدمة كل المكونات والاطياف التي تحيط بهم .  وفي اكثر الاحيان تكون النخبة المثقفة بكافة اختصاصاتها ، لها الدور الاكثر اهمية وتاثيرا على المجتمع نحو الافضل والاحسن والتقدم المستمر في الجوانب الإيجابية .
لم يعد خافياً علينا ، مدى تعاظم تأثير الثقافة على الشعوب في كافة ميادين وشؤون الحياة ، التي تحمل مشاعل التنوير والمعرفة وتجعل معنى لهذه الحياة ، من حيث الطبيعة الفسيولوجية والاجتماعية والنفسية ، وتسهم فى تمهيد العلم والتطورلأوطانها ، لولا ابداع المثقفين لم يختزل التاريخ في ذاكرة الشعوب والاجيال . وكما لم يعد خافياً علينا بإن دور المثقف المحايد  في تحديد الموقف المحدد ازاء اية مشكلة او قضية والتعبير عنها وباية طريقة او نوعية ، والذي من المعتقد ان يخدم المجتمع اكثر واوسع من المثقف الواعظ  . يكون التاثير الايجابي الصحيح على التغيير الطبيعي الحتمي الحاصل في كافة امور الحياة من خلال كشف التضليلات وتوضيح الامور وتسليط الضوء على الحقائق استنادا على الدلائل .     
 نستطيع ان نقول بان لدينا الكثير من الابداعات في العراق التي حملت عقل وروح مبدعيها وبما يعكس الهوية الثقافية العراقية . إن أسوأ ما يحدث اليوم فى العراق مخيب للآمال ، هو تجاهل الجانب الثقافي " بصورة عامة " ، وغيبته حتى في مسميات مناصبها الادارية ، والاستغناء عن المثقفين والمبدعين الحقيقين الذين يطالبون بتأسيس الدولة المدنية الحديثة في العراق " بصورة خاصة " ؛ كما تحصل في المؤسسات الثقافية " ومنها وزارة الثقافة ؛ مناصب تمنح لاشخاص بعيدين كل البعد عن الثقافة ، وهكذا اختفت عندنا الثقافة الايجابية أن تضع في أولوياتها مصالح الشعب العراقي ، وتدعيم أمنه واستقراره ، لذلك لا يمكن لأي مثقف ان يطور نفسه في عمله ، إذا لم تكن هناك جهة رسمية او غيررسمية راعية له . 
الا ان الذي يحصل في العراق يثير المواجع والحسرة ، حيث الاقصاء والتهميش للنخب الابداعية ، ممن يود أن يخدم بلده ، وتسلق إنتهازيين ومتلوكين والطارئين على العمل الثقافي ومنها الإعلامي الذين لاعلاقة لهم بالعمل الصحفي من قريب او بعيد  !! ، اغلب الاحيان يبقى المثقف المبدع  ذو الخبرة مهمشا ومحروما من اي تجمع ثقافي لانه لا ينتمي الى اي حزب . والحقيقة المرة التي قد تغيب عن بال العديد من المسؤولين أمور المثقفين واهمال ذو طاقات نادرة الوجود ، الذين ينتشرون في مجاهل الأرض ومغترباتها. والسبب لذلك ، لان بعضهم مَن إحتلوا مراكز القرار بناء على المحسوبية وإعتماد الولاء لهذه الكتلة أو تلك ، و حسب إلإنتماء المذهبي ، والقومي ، لذا يحاولون عرقلة مسيرة النخب الابداعية واهمالهم خوفاً على مكانتهم ومناصبهم ، حيث انهم يتصدقون بثرواتهم على من يواليهم من الواعظين ، وللأسف غياب المبادرات الحكومية في معالجة هذه الظاهرة الشاذة . 
عرف الجميع بان حزب البعث لقد سلك سلوك أغناء بعض الادباء والفنانين من خلال الأغداق عليهم بالمنح والمكرمات والرواتب الضخمة بسبب موقفهم الى جانب نظام البعث وتغطية جرائمه بحق الشعب العراقي من خلال كتاباتهم والقاء اشعارهم ، حتى أصبح البعض منهم يدافع عن حكومة البعث أكثر من البعثيين أنفسهم ، والأمثلة على ذالك كثيرة ولا داعي لذكر أسماء ، واهمش المثقفين الاصلاء وشرد اكثرهم الى الخارج او زجهم في أقبية الاجهزة الامنية  .
قدر العراق الذي لا مفر من هكذا الدخلاء والجهلاء على الثقافة (في أي زمن) ، ومحاولتهم لتقويض المثقفين الاصلاء وتخوينهم وتهميش دورهم ، تشويه صورتهم بأي ثمن " ارضاءُ للمسؤولين " ، والتهجم على المثقفين (الذين يبحثون عن الحقيقة وكشف الفساد) وتكتم أفواهم بوسائل قذرة ونتنة تعبر عن نفسية المسؤولين الذين انتهجوا اسلوب حزب البعث في منح المكرمات للأدباء المتزلفين والدخلاء على الثقافة ، والتخلص من المثقفي الاصلاء والمدافعة عن مدنية الدولة  .. والكارثة هنا هو انعطاف العديد من المثقفين البارزين في العراق بعد 2003 نحو خلع ثوب الحياد من جراء ضغوطات العاطفة والمالية ، بحيث سيطرت المصالح الذاتية الخاصة على عقليتهم ، و للاسف يحدث هذا التغيير من قبل المثقفين اليسارين والذين لهم ثقلهم ومكانتهم وموقعهم العالي داخل المجتمع العراقي ليست سوى دلالة اخرى على غياب المثقف الحقيقي في الاسهام في تشكيل ثقافة المجتمع المدني .
بالامس كان صراع بين الموالين للحكومة وبين المعارضين ، وكان نصيب المثقف المحايد دائما مع المعارضين ، لان له مواقف المعارضة  اتجاه الحكومة السابقة ، وتعبر عن آراءه الرافض لأخطاء الحكومة وهفواتها وانحرافاتها وكبواتها المتكررة والمتعمدة ، لذلك كان له صوت وسماع ، وان تعرض للمضايقة او للسجن او التهديد كان هناك الاصوات يدافعون عنه ، ولكن اليوم فقد المثقف المحايد دوره على الساحة السياسية العراقية بسبب لم يبقى صوتا ناصعا ليدافع عن الحق ، لان اكثر المعارضين الذين كانوا موحدين في مواجهة نظام البعث ، والان يقاتلون بعضهم البعض بعدما ان توزعوا بعد سقوط نظام البعث بين الاحزاب المتصارعة من اجل سلطة ومال ، وفقد المثقف المبدع والمحايد كل شيء ولم تقف احدا بجانبه عندما يتعرض الى اي نوع من التهديد ، بل يحاربونه بكل الوسائل المطروحة لدى المسؤولين والواعظين الجدد ، لذلك يحرم المثقف المحايد من اي دعوة للحضور في مهرجانات وكرنفالات الثقافية ، لان هكذا الاحتفالات تابعة الى الاحزاب السياسية التي تحصر الدعوات لجماعاتهم فقط  من الحزبيين والموالين لهم من الذين  يعملون من اجل اهداف سياسية لاحزابهم ، ولأن الصراع الحقيقي اليوم لا يكمن بين أيديولوجية وأخرى ، بقدر ما يتجلى في الصراع  بين من هو محافظ على "الوضع القائم" ومن يدعو إلى تغييره ، لذلك أصبح المثقف المحايد هو الهامش ، بينما مثقف "حراسة " الوضع القائم هو الأصل الذي يكون مُبرزاً لك في كل زاوية إعلامية . 
لقد كثرة الوعاظين بعد سقوط نظام البعث وتوزعوا على الاحزاب الطائفية والقومية ، وهيمنة بعضهم وسطوتهم على جزء ليس بقليل من ثقافة المجتمع العراقي ، لانهم يعرفون كيف يوظفون الموروث الثقافي لصالحهم ويستغلوا مشاعر الناس البسطاء والاميين والجهلة " وهؤلاء يشكلون السواد الاعظم من الشعب العراقي ".
الواعظون الجدد إمعات الأجندات الحزبية  ومناصرين للاحزاب في الحق والباطل ، حتى لهم دور لازداد المأزق الثقافي تعقيداً ، ودخل المثقفين جهنم الأحقاد والكراهية والخوف من الآخر ومحاولة الغائه ، هؤلاء يحاولون إيقاف عجلت الديمقراطية والحرية والسلم الأهلي في العراق وتخوين من يخرج إطاعة حزبيهم وباتهامهم بالعمل مع هذه الجهة او تلك ، ونسوّا أنفسهم وهم يهرولون خلف ملذات الدنيا على فتات موائد من يريد تهميش وإقصاء للمثقف المبدع واهماله بشكل لا يصدق ويريد إحلال الواعظ بديلا للمثقف اللامع ، أن هذا الأمر ليس جديدا ، موضحا أن " إقصاء المثقفين الصلاء بدأ في عصر النظام السابق " .


50
احلام منصور في قلوبنا وان رحلت
محمود الوندي
تفخر جميع المدن بأبناءها الذين نشروا لها ذكرياتها وخطوا لها مسارتها وتاريخها ، على ضوء أنساقهم الأدبي والعلمي والفني والرياضي ، ويتجذر مدينة خانقين بعمق الثقافات التي ولدت الشخصيات الذين يشكلون هوية المدينة ، وكانت الاديبة والروائية الكوردية الخانقينية احلام منصور والتي كانت مثالا للتمرد والرفض في الحياة لبصمتها البهية في وجدان هذه الهوية ، لانها طرزت على صفحات الصحف والمجلات أجمل القصص والكلمات ، ورسمت مسار الواقعية عند القصة الكوردية وبث فيها روحها النقية الحية قبل ان تعاني من مرض العضال الذي طوتها بعيدا عن الركن الادبي والثقافي . 
احلام منصور تعد من الاقلام النسائية الكوردية الرائدة في مجال كتابة القصة والرواية ولها اكثر من رواية ومجموعات قصصية كثيرة ، تناولت في اغلبها واقع الحياة في مدينتها خانقين واستحضرت فيها الشخوص والوقائع والتطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية فيها . وكما كتبت القصص القصيرة باللغتين العربية والكردية ، ولديها ثلاثية باسم "الوند" مكتوبة باللهجتين السورانية والآرية . وتركن قصصها الى شكوى والآنين والآلم مع الإنسان ، لانها كانت بالغة الحساسية واعية لما يجري حولها اجتماعيا وسياسيا .
تعد احلام منصور من الكتاب المجددين في القصة الكوردية منذ سبعينات القرن الماضي ، وقدمت من نتاجاتها والكتب المهمة الى المكتبة الكوردستانية ، وكانت اسما بارزا في الحركة الثقافية والادبية المعاصرة في العراق وفي اقليم كوردستان ؛ وتظل اعمالها الادبية التي على الرغم من ندرتها ترقى الى مصافي الادب الراقي في كوردستان والعراق ، ورحليها خسارة كبيرة للثقافة الكوردية والعراقية والمكتبة الكوردستانية التي رفدتها الراحلة بالعديد من المؤلفات القيمة .
يا ابنت خانقين كنتِ حاملا الامنا ومعاناتنا من تعذيب وترحيل وتعريب وتغيير ديموغرافة مدينتتنا على الأيدي فلول نظام البعث ، لذلك كرهتِ الظالمين والطغاة ، ورسمتِ لكوردستان مسار الواقعية في القصة الكوردية وصنعتِ من معاناة الإنسان ومأساته أروع القصص واخذتِ تسرد كوارث مدينتك وألام أهلها . نعم لقد رحلتِ عنا جسداً وليس روحاً فروحكِ ما زالت ترفرف في سماء كوردستان بصورة عامة وسماء مدينة خانقين بصورة خاصة . ويبقى أسمكِ على مر السنين وفي ذاكرة الأيام كالجبل الكوردي الشامخ .
حقأ إنها فاجعة كبرى ان تفقد مدينة خانقين إحدى مثقفاتها وهي زميلتنا " احلام منصور" التي تركت بصماتها على صفحات الجرائد والمجلات ، وخلفت تراثاً ممسقاُ من العطاءات ، وكانت متجذراٌ بحب مدينتها خانقين واهلها ، وأصالتها للأخلاق والإنسانية ، وبعدها عن مغريات الدنيا والمنافع الذاتية ، لذلك اصبحت عنوانا عريضا للأفتخار والشهامة. نعم لقد فجأنا عندما قرأنا نعيكِ على موقع الشفق وموقع النور ، وحمل الجميع من معارفكِ وأصدقائكِ من الألم والأسى ، وتركتِ لهم مرارة الحزن والفجيعة .


51
"سليمة مراد" نقش على ذاكرة الفن الماضي

محمود الوندي
تقدم قناة الشرقية في عالم مسلسلاتها عن الشخصيات العراقية المبدعة ذات العطاء ، وتسليط الضوء على ما يعانيه مبدعون من ظروف عصيبة والتي عاصر العراق فيها حقب تاريخية وسياسية مَر بها البلاد طيلة تلك الفترة ، لان العراق كان نبراسا لكل البلدان في الشرق الاوسط والبلدان العربية بعد مرحلة نشوء الدوله الحديثه في النصف الاول من القرن المنصرم بسبب انتاجه غزيرا في شتى المجالات ، وكان يرفد المجتمع العراقي والعربي بالكثير من المبدعين العلميه والادبيه والسياسيه والفنية .
قدمت قناة الشرقية من خلال شهر الرمضان المنصرم والذي يعاد بثه هذه الايام ، مسلسل الذي  يتناول سيرة حياة الفنانة العراقية اليهودية " سليمة مراد " التي اشتهرت بلقب " سليمة باشا "  نظرا لصوتها الجميل وطلتها المحببة ، وأغانيها المتميزة ، حيث اجتذبت الكثير من الجمهور نحو صوتها . تستعرض حلقات مسلسل سليمة مراد مختلف المراحل والمحطات الهامة في حياة الفنانة العراقية التي أثبتت موهبتها في عالم الغناء ( امتدحها العديد من كبارالمطربين والمطربات ولعل أشهرهم كانت كوكب الشرق ام كلثوم في زيارتها للعراق ) ، كما يتناول مسلسل سليمة مراد علاقتها بزوجها الفنان المعروف ناظم الغزالي ، وما تعرضت إليها من عواصف غيرت من مجرى حياتها أكثر من مرة .   
المسلسل الذي كتبه فلاح شاكر من انتاج الفنان صلاح كرم واخراج الفنان باسم قهار والذي قدم سيرة الفنانة سليمة مراد بطريقة درامية ، كان ذو قيمة فنية كبيرة بالقائه الضوء على تاريخ صوت نسائي من أشهر الأصوات العراقية بل والعربية . يتضمن المسلسل بعض الشخصيات والوقائع والأماكن المختلفة والتي تمت للحقيقة بصلة ، وتجسد الفنانة آلاء حسين دور الفنانة الراحلة ، في حين يجسد الفنان علي عبد الحميد دور المطرب الكبير ناظم الغزالي . ويؤدي الفنان سنان العزاوي بدور حسقيل مدير اعمالها ، وتشارك الممثلة سناء عبد الرحمن في دور شقيقة سليمة مراد . وقدمت سليمة مراد من خلال المسلسل عدة اغاني من الحان صالح الكويتي وداود الكويتي بشكل متميز ، ومن أشهر اغانيها (ايها الساقي اليك المشتكى) و(قلبك صخر جلمود) و(يا نبعة الريحان) و(الهجر) وغيرها  . 
حيث قدم مسلسل سليمة مراد قصة حياة الفنانة العراقية بكل ما فيها ما ثراء فني واجتماعي ، لان كانت الفنانة سليمة باشا مغنية قديرة و تـُعدُّ من ألمع نجومه المشيعة ما يتيح لها انطلاقها في الغناء من الأنس ومراح النفوس ، واخذت من الفن حظا وافرا وصيتا بعيدا فكانت فيه البلبلة الصداحة المؤنسة ، حيث فتنت المسؤولين والشعراء والكتاب الذين ألفوا عنها ونقلوا ما كانت تقول من كلمات مغناة ، وانها صدحت بأرق الكلمات وأعذبها أيام كانت بغداد تحتضن الفن والطرب ، لقد تبين من المسلسل كيف حظيت باهتمام بالغ عند جمهورها والمسؤولين في الدولة بحيث يترك المسؤولين مقار اعمالهم ومن بينهم مدير الشرطة العام علي حجازي والضباط لوحداتهم العسكرية من أجل أن يحظوا بليالي الحب والحنان في ملهى من ملاهيها  لستمعوا الى صوتها الغلابة ، وينظروا في وجهها وجسمها الممتلئ وتتمايل مثل غصن البان ، لان قلما تجد فنانا تجتمع فيه الخصال : الشعر والموسيقى والاداء والصوت . 
حيث جرى تصوير مجمل مشاهير وأحداث المسلسل في أجواء مدينة بغداد القديمة وفي البيوت الأثرية البغدادية ، لتجسيد البيئة التي عاشتها المطربة في محلات بغداد القديمة والمشاكل التي تعرضت لها في حياتها ، ومن خلاله يلقي في مجمله الضوء على احوال اليهود في العراق في ثلاثينات القرن الماضي والتي عاصرت سليمة مراد فيها حقب تاريخية وسياسية مَر بها يهود العراق طيلة تلك الفترة ، وكشف المسلسل لأن عملاء الموساد في العراق كانوا يقومون بإرهاب يهود العراق لدفعهم للهجرة إلى إسرائيل ، وكانوا يلقون المتفجرات على أمكنة تجمع اليهود العراقيين لدفعهم للهجرة وترك العراق وذلك بمساعدة الحكومة العراقية التي شُرِّع قانون إسقاط الجنسية العراقية عن اليهود العراقيين وتسفيرهم إلى إسرائيل ، وهذا يعيد المسلسل لأفهامنا ذكريات ما وعيناه من الأحداث السياسية التي وقعَتْ في غضون بداية القرن العشرين . 
وأشر المسلسل الى شخصية يهوديَّة معروفة وقتذاك في الوسط الثقافي العراقي هي : أنور شاؤول المحامي الأديب والصحافي والقاص والشاعر وجسد هذا الدور الفنان "طلال هادي"، ومعلنا فيها ولاءه لوطنه العراق وارتباطه بالشعب العراقي وثقافته وتاريخه ، صيدته في استذكار مؤامرات الصهيونية واستنكارها ، غير أنـَّه بعد مدَّة حنث بما ادَّعاه وهاجر من العراق ، ميمما وجهته صوب إسرائيل . وجرت الاشارة الى احدى العوائل لاحتضانها الفن والادب وجسدت هذا الدورالفنانه المتالقه سوسن شكري والمبدع كاظم القريشي الذين فتحوا دارهم لاستقبالهم فيه ضيوفهم ، وذلك رعيا منهم للأدب والفن ، وكان يحضره ابرز رجالات السياسة والادب والفن والثقافة في بغداد .
لقد تبين من المسلسل سيرة ذاتية لـ " سليمة مراد " وحضورها المتميز في ذاكرة الفن العراقي من خلال أكثر السنوات التي زخرت بعطائها الفني ومنحها دفئاً وراحة وطمأنينة الى المجتمع العراقي ، وتمسكها بعراقيته ورفض الهجرة الى اسرائيل . وكذلك يتناول سيرة عن حياتها على الصعيدين الفني والشخصي من سن المبكر الى وفاة زوجها " ناظم الغزالي " ، التي لعبت دوراً مزدوجاً بين الفن والمجتمع . 


52
تأمين الخبز والخدمات خير من العسكرة والحركات

محمود الوندي
اناس لا يهمهم مصير شعب العراق ، ديدنهم العاملة الى المخابرات الإقليمية الدولية ، التي لا ترى في مصلحتها استقرار العراق ، حيث نرى ان داخل القوى السياسية بعض الشخصيات تحاول توجيه مسار الحكومة الجديدة الى ما يصب في مصلحتها في إيجاد مصوغات لخلق أزمات مفتعلة لتقوية الأزمة الأساسية بين مكونات الشعب العراقي ، وهؤلاء يعملون جاهدين لحرف العملية السياسية عن طريق الديمقراطية ، بذكاء الماكرين !! الى مايخدم اجندتهم ، لان تصريحاتهم غير المتوازية سيكون سببا في تأزيم الوضع السياسي العراقي .
 في معرض العلاقات بين الحكومة المركزية وبين حكومة اقليم كوردستان ، نلاحظ تأثيرات جانبية لا سيما من قوى شوفينية منظومة داخل الاحزاب الاسلامية واخرى غير الاسلامية ، هذه القوى تحاول أقلمة حكومة الاقليم لوضعها في القالب الذي يتصوره المفهوم القومي العربي للقوميات غير عربية في العالم العربي ، ونرى تصريحاتهم الهادفة لخلق أزمة تلو الأخرى مما يخلق الإحباط عند المواطنين من إنقاذ البلد من التفجيرات والقتل العشوائي ومافيا الفساد المالي والإداري ، وكثير من هؤلاء الشخصيات متواجدين داخل حاشية السيد المالكي ، يعتقدون ان المشاكل الضرورية لابناء شعبنا وخاصة الطبقات الكادحة الفقيرة قد تحل جميعها عندما تقضي على طمواحات الشعب الكوردي وإيقاف العمران والتطور في الاقليم !!.
نرى اليوم هناك عناصر من النظام البائد والتي تغلغلت في أجهزة الدولة وخاصة  الجنرالات العسكرية التي تستغل مواقعها في تأزيم الموقف وتذكي نار الفتنة بين الطرفين . هذا ما يذكرنا ايام ثورة تموز عام 1958 عندما كان التيار القومي العروبي يحاول توجيه مسار الثورة ما يصب في جعبته ، وخلق الفجوة الهائلة بين المرحوم عبد الكريم قاسم وبين المرحوم مصطفى البارزاني ومن خلال تمرير معلومات خاطئة الى الزعيم قاسم ، وكيفية استغلال التيار القومي المناصب العسكرية الحساسة من قبل اعضائه في حكومة المرحوم عبد الكريم قاسم لتصعيد الصراع بين الحكومة والقيادة الكوردية .
سير الزعيم عبد الكريم قاسم على الخطأ ( كما يسير اليوم السيد نوري المالكي ) في أسلوب التعامل مع القيادة الكوردية ، على الرغم ان عبد الكريم قاسم لم يكن يحمل أي أفكار عنصرية تجاه الشعب الكوردي ، وكان يؤكد على الحقوق القومية للشعب الكوردي في الدستور المؤقت ، وخلق الخلافات العميقة بين الطرفين . بلجوء عبد الكريم قاسم إلى القوة العسكرية لحل التناقض مع قيادة الحركة الكوردية ، ولجوء الطرف الاخر إلى الصراع المسلح ، كان لتسارع الأحداث التي أدت إلى تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد ، مما سبب إضعافاً خطيراً للسلطة حتى سهل امور لوقوع انقلاب 8 شباط 1963 المشؤوم .
ظهرت في الفترة الاخيرة تصريحات من بعض اشباه السياسيين ، تشم منها رائحة سموم الحقد الشوفيني والتعصب القومي الاعمى ، ويريدون أن يثيرو الفتنة سواء كانت طائفية أو قومية ، والغرض منها اشعال المناخ السياسي " المتوتر اصلآ " بنار الفتنة والفرقة بشكل مفتعل ومتشنج ومدسوس بقصد دق الاسفين الفرقة بين مكونات الشعب العراقي ، وتخريب اللحمة والشراكة الوطنية بين العرب والكورد بتصعيد لغة الحرب والوعيد ودفعها الى مجاهيل خطيرة . وكأنهم يريدون أن يخاطبوا الكورد ، إن حزب الدعوة جاء إلى السلطة منسلخا من حزب البعث العربي ، لكي يعيد للحكومة المركزية مجدها القديم وهيبتها ( وفق مخطط معد يهدف إلى الاستيلاء على كل السلطة ) ، وهنا تبنوا قرارات وأفكار نظام البعث .
كلما اقتربت الحكومة المركزية وحكومة اقليم كوردستان من حل المشاكل بين الطرفين ، تقوم بعض الشخصيات من دولة القانون بإثارة الفتن واختلاق الأزمات وتأجيج الوضع الأمني من خلال الخطاب المتشنج الذي تبناه بعض الشخصيات السياسية الذين ملأوا الفضاء ضجيجا ويدفعون الجميع الى منطقة الخانق السياسي ، للتغطية على الفساد  المستشري ، من خلال التصعيد الإعلامي والسياسي لتأجيج الشارع العراقي . وتفويت الفرصة على أي تقارب بين الطرفين لفض الخلافات والنزاعات والتوجه لمعالجة الأوضاع السيئة التي تمر بها العملية السياسية ، واخر التصريح من احدهم  محاولاً صب النار على الزيت بادعائه بإن التحالف بين الشيعي الكوردي " أكذوبة " ، إن التحالف الشيعي الكوردي ليس معناه تحالف الأحزاب أو الشخصيات ، بل هنالك عمق تاريخي لمعاناة الشعب الكوردي والشيعة لكونهم عانوا من نفس الظلم على ايدي الحكومات المتعاقبة على سلطة الحكم في العراق . وهناك تاريخ من التعايش بين العرب والكرد ، وتاريخ من التفاعل والمصالح والمصاهرة والتعاون .   
بدل ان نسمع التصريحات المحنكة من قبل السياسيين بأتجاه التهدئة الكلامية وتلملم جراح العراقيين ، ونزع فتيل الأزمة بين حكومتي المركز والإقليم ، وتجنيب البلاد "ويلات الحرب الأهلية"، فوجئنا بأصوات الجنرالات على الشاشات التلفزيزنية لتزيد مأساوية الوضع مأساة .. هل يعلم الداعون الى الحرب ضد الكورد ماذا تعني الحرب ؟! تعني .... المزيد من الارامل والايتام والمعاقين ، وتعني ضياع وهدر مئات المليارات من اموال العراقيين ! وتعني المزيد من السيطرة للفساد والفاسدين على شريان الدولة . وافساح المجال لتدخل دول الجوار في شؤون العراق .. إن العراق جرب الصراع العربي الكردي لمدة ستين عاما ونكب نكبات كثيرة ، لذلك الشعب العراقي بمختلف مكوناته  يرفض الحرب ويدين مشعليها ، لانه يعرف جيدا ثمن الحرب بكل انواعها ، وله فيها تجربة تمتد على مدى عقود من الزمن والتي ما لازالت عالقة في ذاكرة الكبير والصغير على حد سواء . 
وفعلا هذا الحشد العسكري على مشارف اقليم كوردستان  هو في الحقيقة مشهد ماساوي لايتمناه اي مخلص وحريص على العراق وشعبه ، لان أي شرارة تندلع لا بد أنها ستكون واسعة وكارثية ، وللأسف البعض لم يأخذ كما يبدو عبرة من التاريخ الذي بيّن لنا خطأ اللجوء الى السلاح لحل المشاكل الداخلية . فكل الحروب ضاعفت المشاكل ، وخلفت الضحايا ، وانتجت الدمار ، وتركت البلاد في عوز وفقر وفاقة .
وعلى اصحاب التصريحات النارية ان يراجعون تاريخ العراق لتروا ان البندقية فشلت لمرات كثيرة في جلب الاستقرار والامن للمجتمع العراقي بينما حققت الحوارات السلمية  كثير من النجاحات . وعلى الحكومة العراقية بدلاً بالتهديد وتشكيل فيالق عسكرية تحت مسميات محددة الذهاب إلى طاولة الحوار مع حكومة اقليم كوردستان ومناقشة الخلافات بروح موضوعية وتطبيع الوضع في «المناطق المتنازع عليها»، وفق التسمية الدستورية والمادة 140 ، وتستخلص الدروس والعبر من أخطاء نظام البعث ومصيره الأسود ، لان العراقيين بأمس الحاجة الى بناء دولة القانون والعدالة الاجتماعية والمساواة وتسير الدولة نحو الديمقراطية لكي لا تتخلف عن مسيرة الحركة التطور في العالم . 



53
" الحب والسلام " احداث في ذاكرة العراقيين

محمود الوندي
يعرض كل يوم جمعة على قناة سومرية المسلسل (الحب والسلام) الذي يحكي سيرة وحياة الانسان العراقي وما دار فيها من أحداث ومعاناة ، والمسلسل يعبر عن الواقع الحقيقي لمعاناة العائلة العراقية التي عاشت في ظروف صعبة ومهلكة في زمن نظام البعث .  وهو يتناول القهر الاجتماعي وسطوة أمن الدولة علي الشعب العراقي في ذلك العهد ، لكنه تناولها بفكر أقرب لاستثمار الحدث بشكل مباشر وحشد تفاصيل الظلم حتي انه يتسم أحيانا بالتوثيقية  ، ونقل وجهة نظره في امور كثيرة في حياة العراقيين في داخل العراق وخارجه ، ويعالج مرافق كثيرة من حياة الانسان العراقي وفق الاحداث ومن خلال الشخصيات وانفعالاتها وحواراتها ، كما يعرض فيه كثير من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية لدى العائلة العراقية .
بدأ المسلسل بالعرض التاريخي السليم ( رغم عيوبه الفنية ) ، وذلك لبراعة المخرج ( تامر مروان أسحاق ) فى الوصف التعبيري لمأساة العائلة العراقية ، فالاحداث تروي وقائع حقيقية عن الاستشهاد الفرد العراقي اثناء الحرب العراقية الإيرانية ... وكيفية الاغراء ماديا لأسرة الشهيد ، وساعده على ذلك الابداع فى التفاصيل التعبيرية للموت والجنازه .  قدم المخرج مسلسلة  تاريخية صورت رومانسية الموت فى الجنازة الخاصة بشخصية جمال عبود . التي جاءت التفاصيل متقنه مدمعة بكائية ممتعة روتها احداث دامية عاشها الملايين من العراقيين اثناء الحرب والحصار  .
تدور أحداث المسلسل بالتناوب بين فترتين من الزمن ، الاولى خلال حرب الخليج الاولى والثانية وحالة الحصار في عهد نظام البعث والتي تتناول قصة المثقف العراقي الذي لا يرى طائلا من استمراره في الجيش وينتظر الموت أن يأتيه . وقرر مع نفسه الخروج من البلد ، الى ان ينفد بجلده ويهرب الى خارج العراق . والفترة الثانية تتناول فترة السنوات  التي تسرد احداث أيام العراق الدامية ما بعد سقوط نظام البعث اي بعد 2003 ...  وأن المسلسل يواجه إنتقادات الى الحكومة الحالية ... بمعناها الحديث ، فلا أمن ولا استقرار مع هذه الحكومة لعدم إمتلاك القوى السياسية الحاكمة مقومات بناء هذه الدولة كونها تشكلت على المحاصصة  ، ويحث العراقيين على الوحدة وتجاوز خلافاتهم  ، مذكرا لهم  بـ"قوة شخصيتهم وقدرتهم على تحدي الموت والحروب التي كانوا يعيشونها كل لحظة في تلك الفترات التاريخية الهامة من حياتهم .
والمسلسل من كتابة حامد المالكي . تدور قصة اسرة عراقية بسيطة يعيش في احد احياء مدينة بغداد وان الابن الاكبر للعائلة خريج كلية الاداب الذي يلتحق لخدمة العلم وثم يهرب من الجيش للظروف الصعبة ، لذلك نجد الدور الابرز في المسلسل هو دور جندي الهارب ( جمال عبود ) حيث يجسد الفنان اياد راضي شخصيته ، الذي يقدم بشكل مختلف عن كل ادواره السابقة كدور يقف بين الحياة والموت ملئ بالتشابك مع الحياة بكل اصرار والتعامل مع الظروف بوعي يتجلى ذلك في تعامله مع ضابط مسؤول الوحدة العسكرية ، وكيف تقوده الظروف فيتهم ظلماً بانتمائه الى الحزب الشيوعي العراقي لكثرة قراءته للكتب داخل الثكنات العسكرية ...  في خلال حلقات المسلسل يسرد جمال تفاصيل حياته التي اوصلته الى الانتحار للطبيب النفساني . تبدأ كل حلقة بسرد أحداث من حياته التي تبدأ حين يكون شاباً وهو يتوجه الى معسكرات التدريب العراقية ليتدرب ويرسل عام 1984 الى الحرب ، وثم يهرب الى خارج العراق ، ويعود مرة اخرى الى العراق  . 
المسلسل من بطولة نخبة كبيرة من فناني العراق الكبار والمشهورين بأعمالهم الى جانب مجموعة من فناني سوريا ، لقد ابدع كل من ظهر فى المسلسل من امثال الممثل القدير " عبد الجبار الشرقاوي  " يقدم في المسلسل شخصية " ابو جمال وكان كريم فى تعبيره ، خاصة فى طريقة إلقائه ، كان الصوت يروي الموت والحسرة بسبب استشهاد ابنه جمال والفنانة المشهورة "هناء محمد" في دور "أم جمال" في تعاملها مع مشكلات اولادها وزوج بنتها وكلها تنبع من عمق المعاناة والمأساة لام عراقية تتعايش مع الظروف الحياة الصعبة كانت متدفقة فى مشاعرها ، والفنان المتألق طه علوان في شخصية مختار الحي او المحلة ،  والفنان سعد محسن الذي استطاع ان يضع نفسه في مرتبة التمييز الفني من خلال اعمال التي جاد فيها في دور شقيق جمال واسمه " خضر " والفنان ذو الفقار في دور ابن جمال  المختطف .   
ويرصد المسلسل حال المجتمع العراقي منذ حربه مع إيران وحتى اليوم مرورا بسقوط النظام البائد وما خلفه من أحداث مريعة ، وتدور الأحداث حول شخصية جمال عبود العراقي "الذي يشارك في الحرب ضد إيران ، بسبب تعامل غير اخلاقي لضابط مسؤول الوحدة العسكرية معه حين يتهمه بانتماءه الى الحزب الشيوعي ، ويتهم تارة اخرى بمساعدته الملازم الأول ( سيف ) على الهروب من الجيش (جسد هذا الدور الفنان محمد ناصر) ، وبسبب هذه التهم يلقى القبض على جمال ويحكم عليه بالإعدام ولكن قصف الجيش الإيراني وهجوم مباغت له على موقع الجيش العراقي ، حيث سهل الامر بهروبه من السجن الى قرى كوردستان العراق التي تقع تحت سيطرة قوات بيشمركة ، وثم بمساعدة العائلة الكوردية غادر جمال الى تركيا ، ومن ثم ينتقل الى سوريا والعمل في المعمل للطباعة ، وثم يعود الى العراق بعد ان سمع عفوا عاما من قبل الحكومة العراقية ، ويلقى القبض عليه بتهمة الخيانة .   
بعد خروج جمال عبود من السجن ، اصطدم بمشكلة اخرى ، كان يظن الجميع في عائلته أنه مات فتتزوج زوجته (الممثلة الرائعة التي جسدة دور زوجة الشهيد الفنانة الاء حسين) بعد سنوات من شقيقه ليجد جمال نفسه في حيرة ومخير بين الحرب أو الحب والسلام فكيف يواجه أخاه وزوجته ، لذلك يقرر رجوعه الى سوريا مرة اخرى ، ويقع جمال في حب فتاة دمشقية باسم " نورا " (وجسد هذا الدور الفنانة رنا ابيض) ، وحتى تمكن من الزاوج منها . ابدعت زوجته " نورا " وهى تساعده في نشر روايته في بداية الامر ، وبعد ذلك جمال اصبح مثقفا وروائيا معروفا على مستوى العربية والعالمية ، وثم يدخل رويدا رويدا الى حالة القلق والأكتيئاب التي كانت تلازمه . 
يعد المسلسل نموذج للتحالف العربي _ الكوردي الذي امتد الى الدرما التاريخية بعد النجاح الباهر للعراقيين في تناول القضايا العراقية ، فالتقارب السياسي والاجتماعي الكبير بين القوميتين كان له الأثر الواضح على الواقع الثقافي والاجتماعي العراقي ،  فأصبحت الدرما العراقية بوابة لتكاتف بين الطرفين اثناء الشدة وتقف من خلالها ضد لإثارة الفتنة والتحريض بين العرب والكورد وتثبت تكاتفهما ضد الدكاتورية والعنصرية ، بمساعدة العائلة الكوردية الى الانسان العربي اثناء شدته واصبحت له عونا في محنته.



54
لمصلحة من هذا التحامل على شعبنا الكوردي
محمود الوندي
تمر على الشعب العراقي أياما عصيبا منذ ان تسلمت الحكومة الجديدة مقاليد السلطة بعد 2003 ، يخرج علينا بعض الشخصيات قليلو الخبرة من السياسة بخلط الاوراق ، غير مدركين لخطورة المرحلة وتداعياتها ، ليسكبوا الزيت على النار ويؤججوا النعرات والصراعات والتناحر والفرقة بين مكونات الشعب العراقي ، ويحاولون لتمويه البسطاء من الناس من خلال دعايات مغرضة ضد الأطراف الآخرى . وهؤلاء يحاولون ذر الرماد في العيون من اجل التغطية على بعض الشخصيات من نشاطات مشبوهة . فبينما تسعى اطراف مخلصة واشخاص عرفوا بتأريخهم النضالي المشرف لاخماد نار الفتنة وايجاد مخارج مقبولة منطقية للازمة السياسية الراهنة .
هذه التصريحات البعيدة عن المنطق والتي لا تساهم في حل الأزمة الخانقة التي نعاني منها بل تساهم في تأزيمها وتعميقها ويكمن السبب الرئيسي وراء ذلك فشل الحكومة في أداء مهامها . لانها لم تنجز أي مشروع خدمي ولم تستطع أن تحل أي ازمة من الأزمات ، ولم توفر الأمن والأستقرار للمواطنين ، وترك حفنة من المسؤولين والبرلمانيين والسياسيون يعيثون فسادا بواردات الدولة ويتنعمون بخيراتها . هناك أدلة وجود فساد مستشري لدى شخصيات سياسية متنفذة وراء الأزمات الراهنة لتلهية الناس من اجل التغطية على سرقاتهم وفسادهم الاداري والمالي .
ان اغلب الشخصيات السياسية والكتل المتنفذة على الساحة العراقية لا تملك النضوج بالمفاهيم الديموقراطية ومتطلبات العمل الديموقراطي ، بأن الديمقراطية الحقيقية ماهي إلا حراك اجتماعي وسياسي وثقافي مستمر من أجل تحقيق المصلحة العامة وصيانتها والدفاع عنها في مواجهة المصالح الذّاتية الضيقة لمن يريد إستغلال السلطة من أجل المنفعة الشخصية . 
مربط الفرس في كلامنا ، لقد لاحظنا هناك التحامل على الشعب الكوردي وتصريحات بعض المسؤولين في الحكومة والموجهة ضد الزعماء الكورد ولاسيما هذه التحامل وهذه التصريحات التي تأتي من بعض الشخصيات في ائتلاف دولة القانون ، وبحجج واهية لا تستند لأي ملموس ، وتقوم هؤلاء بتسويق كلام رخيص ضد الكورد ، وتحاول ألصاق التهم به مثل الكورد سبب الآزمة في العراق ، واخيرها اتهام الكورد في دعم البعثيين وإيواء الهاربيين ، ومغادرة عزت الدوري من مطار اربيل الى السعودية ، اتهام  القادة الكرد بانهم يدعمون الخلاف الشيعي والسني .  برغم ان الكورد طرف حقيقي في المعادلة السياسية العراقية ومعادلة بناء الدولة ، ومعالجة المشكلات القائمة فيها. ومحافظ على وحدة العراق بدلاً من أن يتعرّض للتمزّق .
لأن هؤلاء الشخصيات لا يستطيعون ان يهضموا حرية الكورد من خلال الفيدرالية ولا تطيق لهم التطور والتقدم في كوردستان ، ولا يتناسبوا مع المفاهيم الديمقراطية التي يسعى العراق الى تجسيدها ، وهؤلاء الذين هم عرقلوا مسيرة العراق والمسيرالتي تريد الخير لهذا البلد ، ووضعوا مصالحهم الضيقة ومطامحهم الأنانية فوق أسس الديمقراطية ومبادئ الدستور . وهناك معلومات شفافة لدى العراقيين عن هذه الاشخاص من ناحية رواتبهم ، ومخصصاتهم ، ومصاريف خدماتهم وحمياتهم ، والاراضي التي يملكونها الى جانب العقارات ، وطريقة الحصول عليها . للاسف بقى مسيرة العراق بيد هذه الاشخاص الذين حاربوا كل من يريد العيش بأمن وامان لشعبنا ، وعاثوا بالعراق الفساد والقتل والدمار والتشريد من اجل مصالحهم الخاصة .
نود الاشارة ، الى ان تلك التصريحات الجارحة وغير الانسانية تكرس الفتنة بين مكونات الشعب العراقي لتحقيق رغباتهم ، ان ذلك يؤدي الى التفكك الاجتماعي ، اذ انه وبدلا من زرع الألفة والتآخي والروح الانسانية بين مكونات المجتمع العراقي ، فانه يكرس عوامل التقسيم والعداوة والبغضاء ، وتكريس العنف وعدم الاستقرار في البلد . لذلك هم كانوا سببا رئيسا في عرقلة المشروع الديمقراطي في العراق لانها لا تنسجم مع افكارهم وعقليتهم . حيث انصبوا عيونهم على السلطة والنفوذ وونهب ولغف اموال الدولة ، حيث خلقت حيتان الفساد التي لا تشبع شهيتها  من السحت الحرام .
أن "هناك بعض السياسيين ينتهجون نهج البعثيين في التعامل مع الآخرين ، ويريدون أن يشغلون أبناء الشعب بالاتهامات وتخوين الآخرين" لتستر على الفساد الذي منتشر في مؤسسات الدولة . كان الأجدر بهم ان تصب اهتمامهم على الإرهاب والإرهابيين ، والحديث على تردي الخدمات ، وإزاحة الفاشلين والمسؤولين عن الفساد المتفشي في هياكل الدولة ومؤسساتها لا على جهات ساهمت في إسقاط النظام الدكتاتوري الصدامي".. وتعد مشكلة الفساد ، اكبر المشاكل في العراق ، حيث تعاني مختلف مؤسسات الدولة من الفساد الذي اثر على عمل كل الوازارات وادى الى تأخر تقديم الخدمات وتطوير البلد ، مبينا للشعب العراقي ان ابرز معوقات النهوض بالبلاد هو " الارهاب والارهابيين والفساد والمفسدين الذين تتستر عليهم كتلهم السياسية". 


55
لك محطات لا تنسى ايها الراحل "شوكت كمال"
محمود الوندي
الدموع وحسرة القلب المعجونة بالاهات لا تخفف من اللوعة والقهر بفقدان الشاعر التركماني " شوكت كمال " الذي صدمني نبأ وفاته ورحيله الابدي مودعـا هذه الدنيـــا (بعد صراع طويل مع المرض الخبيث) . لانه كان عنوانا عريضا للإنسانية ، ونبعا متدفقا للخلق المتسامي والشرف العالي ، وكان يتلمس فيه القيم الاخلاقية العالية والصلابة الفكرية كمناضل وجهادي من اجل قوميته ، وفي سبيل عراق خال من الدكتاتورية .  يــا صديقي ، فكل شخص مهمــا طال غيابه لا بد وانه الى اهله يؤوب ، ومـا من رحل عن بيته الا وساعة يحن اليه فيعود ... ولكنك رحلت ولم تعود فهذا قدرك ؟؟؟   
وكثيرا ما كان يمارس المرحوم شوكت كمال  النقد والتهجم على نظام البعث بدون تردد او خوف ، ومتحديا بجرأة وشجاعة كل جلاوزة الأمن البعثي ، لذلك تعرض المرحوم في حياته الى الكثير من المراقبة والملاحقة من قبل اجهزة نظام البعث . عند اشتداد الحملة العنصرية على مدينة كركوك من قبل حكومة البعث في بداية الثمانينات وبدأ ترحيل اهلها الاصليين من الكورد والتركمان الى جنوب العراق وغربه ، وتعريبها على ايدي رموز النظام البعثي . لتغيير ديمغرافية مدينة كركوك . وجراء ذلك تعرض الشاعر " شوكت كمال " الى نقله من التعليم ( بعد خدمة ثلاثون عاما ) الى دائرة اخرى اي خارج دائرة التربية ، وثم نفيه الى محافظة ذي قار وثم الى محافظة الانبار بعد ان اعدم اخوه الشاب الرياضي " علي كمال " وألقاء القبض على اخوه ثاني " اصغر كمال "مع عائلته ورحلوا الى احد سجون محافظة واسط  .
نعم إنها فاجعة ، أن نفقد شاعرا جسوراً ، ومواقفا شامخة على انف الزمن مثل شوكت كمال ، وانه خلف تراثا ممسقا من الاشراقات والعطاءات ، كان شاعرا ملتزما بالوطنية والقومية الحقة بأن أيمـانه كان قويـا وعزيمته كانت الأقوى . وكان شخصية اجتماعية معروفه في محافظة كركوك ، وتمتع بكل الصفات الانسانية والاخلاقية فهو متواضع وانسان بسيط يحب الناس والناس تحبه ، لان وجد فيه الأصالة والعلم والأخلاق والبعيدة كل البعد عن مغريات الدنيا والمنافع الذاتية ، إضافة الى نظارته وابتسامته التي كانت لا تفارقه لحظة . وبذلك فقدت الثقافة العراقية شخصية ثقافية عرفت بالطيبة ودماثة الخلق وحب الوطن .
لقد رحلت يـا ابو علي عنا وفضلت البقاء حيث رحلت ، وتركت في نفوسنا لوعة ، وفي قلوبنا غصة وخاصة لدى من شاركك الحلوة والمرة طيلة حياتك زوجتك المخلصة " ام علي " . نعم رحلت ايهـا العزيز ، ورحيلك بهذه العجالة قد ترك في نفوس كل الذين عرفوك عن كثب لوعة ، وفي عيونهم دمعـا ، وفي قلوبهم غصة ... كنـت اتمنى ان اكون في الوطن الحبيب يا زميلي وصديقي لتوديعك الى مثواك الأخير ... فنم قرير العين في مثواك السرمدي يـا قرة اعيننـا ، ومهجة قلوبنـا ، فمـا هذه الدنيــا الا دار فناء وزوال ، لكنك رغم بعادك عنـا فانت تعيش في عقولنا ، ووسط قلوبنا ، وفي ضمائرنـا .
مات شوكت كمال جسدا غير انه باق في ضمائرنا ، وفي افكارنـا ، وفي احلامنـا ... لان الموت حق على جميع الناس ، ولكن حينمــا يموت الأنسان ويترك اثـارا حسنة فهذه نعمة من الله ، فالمرحوم شوكت كمال مات بعد مسيرة حافلة بالعطاء الثقافي اكسبته سمعة طيبة بين اصدقائه ومعارفه وبين اهالي كركوك .



56
نحن بحاجة الى وطنية "قمبر علي" من جديد
محمود الوندي
للمرة الثانية على التوالي نلاحظ فكرة الأعمال الدرامية حول وضع المجتمع العراقي في زمن نظام البعث التي تعرض على الفضائيات العراقية ، حيث عرضت قناة بغدادية درامة يوميا خلال شهر سبتمبر / أيلول مسلسلاً بعنوان { قمبرعلي } وهو إنتاج عراقي بدرجة ملحوظة من الناحية الفنية في السيناريو والحوار ؛ كما يشارك فيه نخبة متميزة من النجوم العراقيين ، كان العمل متكاملا من حيث النص والاداء ، فضلا عن الاخراج ، من المحتمل اعتمد كاتب القصة على بعض معلومات اخذها من الاشخاص الذين عاشوا ذلك الزمن التي أوردت بعض الحقائق المتصلة بقصة المسلسل .
والمعروف أن منطقة قمبرعلي من المناطق الشعبية القديمة في قلب مدينة بغداد " العاصمة " وانها تتجاور مع شارع الكفاح ، ويقطنها الناس البسطاء من حرفيين وباعة متجولين وبعض الموظفين ، وتعرض اهلها الى تعسف وظلم على أيادي ازلام حزب البعث والاجهزة الامنية بحجة محاربة المعارضين للحكومة وثم متابعة اشخاص مشبوهين الذين تشك بولائهم الى الحزب والحكومة . دور قصة المسلسل حول حياة العراقيون ما لاقاه من الظلم الدكتاتوري في إطار زمنيين متوازيين في القرن العشرين ، أحدهما في الثمانيات أثناء فترة الحرب العراقية الإيرانية ، والثاني في التسعينات في حالة الحصار على العراق اثناء الغزو العراقي للكويت ، الى جانب دور المعارضة العراقية متمثلا بالقوى اليسارية ومقاومتها للنظام الدكتاتوري  .
مسلسل قمبرعلي الذي مدججة بنص من الافراح والحزن ، وهو يدور حول مجموعة من الأحداث جوهرها مواجهات بين الخير والشر حيث أثارت انظار المشاهدين ، وثم تناوله للوضع الاجتماعي والسياسي ، ويدور احداثه حول دور حزب البعث في المنطقة من خلال رجاله ما يسمى بالرفاق وتدخلهم في شؤون العوائل وكتابة تقاريرعن اهل المنطقة التي تعاني من سياسة الحكومة ، ويؤشر المسلسل الى التحالف بين رجال الامن وأصحاب النفوذ ، والمسؤول الحزبي كيف ينحاز الى طرف دون طرف اخر حسب مصلحته الخاصة . وكما يؤشر المسلسل الى وجود المعارضة الحقيقية التي تتمثل القوى الوطنية ومنها اليسارية وجسد دورهم في محاربة الدكتاتورية والظلم ، وكيف يتعاطف المجتمع مع هذه القوى لتسهيل امورها وتحركاتها داخل منطقة قمبرعلي . 
رغم تتفاوت فيه الحلقات والمَشاهد من حيث درجة إضحاكها إلى درجة أهميتها وفقاً لمقايسي وملاحظاتي . وهو ما أثّر عليّ زاوية الخطاب الوجدانيّ والعقليّ الضّمنيّ كلّ ذلك هيّأ لي لمتابعة المسلسل ، وقد يكون هناك شي من المبالغة عند بعض المواقف وهذا أمر متوقع . فكلنا ندرك تماما أن ما نراه على الشاشة ليس بالضرورة أن يكون واقعاً وإن كانت قصة حقيقية . إضافة الى بعض الأخطاء في الاعمال الفنية التي عرضت على الشاشة .
من وجهة نظري الشخصية فالمسلسل بسيط وممتع وحاملاً العديد من الأبعاد لإدانة النظام البائد . وكانت تمثيل الأبطال فى المسلسل كان رائع ، كل فى مكانه ، حيث يجسد الفنان اياد راضي دوره في المسلسل وتمثلت في تقديمه شخصيّة رجل شقي وسكّير باسم " صلاح ابو البشرة " ، وهروبه من أمن الدولة الذي مطلوب فى قضايا القتل والنهب ، وكيف يتعايش ابو البشرة مع أهل منطقة قمبرعلي ، ويقف معهم في وجه  الاجهزة الامنية والحزبية وكما يقف وجه التجار المستغلين والمحتكرين فى فترة الحصار على العراق ، أنه دخل بصمت وبطريقة غير مباشرة في عمق أزمة المجتمع الذي يعيش في قمبرعلي من خلال تناوله الصراع الدائم بين التطرف والتسامح ... حيث اجتمعت فى شخصية " صلاح ابو البشرة ". رجل ظالم ورجل مظلوم.. رجل خير ورجل شقي . إلى وقوعه في العديد من المشاكل والصدامات مع كل من حوله مما يجعله فى كل مرة يقف فى وجه أعدائه مدافعاً عن الحق . ومثلا محمد طعمة وعادل عباس المتقاربين من بعض فى السن .. مثلوا علاقة الصداقة والتجارة وكيفية احتكارهما لسوق الشورجة .. وجسد طه سالم شخصية المدرس وكان مكافح ولم يصبه اليأس على الاطلاق رغم المضايقة التي واجهها من كبار الحزبيين وهو ينتظر الامل في عودة ابنه ، ونجح في جذب الناس بشخصيته السياسية والإنسانية ، الى جانب الممثلة القديرة فوزية عارف اثبتت في المسلسل انها تقدر ان تبتعد عن ادوارها النمطية وتقدم شخصية جادة ومحافظة على بيتها وزوجها وانتظار ابنها ، كما قدموا كل من انعام الربيعي وهند طالب واسماء صفاء دوراُ جديدا وقويا ، كانوا لهم تأثير كبير في المسلسل في حالة اختيارهم الزواج ، وتأمين العيش الكريم لهم من خلال تكوين الاسرة ؛  وصراع طويل للممثلة سناء عبد الرحمن وهي تتنظر الامل في عودة الزوج برؤية فنطازية ، التي يمثل لها الرجل الامال والاحلام والمستقبل . الى جانب نخبة متميزة من النجوم العراقيين كل من سعد محسن وكريم محسن وسنان العزاوي واحمد طعمة وعلي منشد وذوفقار خضر والفنان مهدي الحسيني ، وكان للجميع أدوار بارزة في نجاح المسلسل وخاصة في تجسيد الادوار والترميز والتعبير .
يعبر المسلسل عن الواقع الحقيقي لمجتمع قمبرعلي الذي عاش في ظروف صعبة ومهلكة في زمن نظام البعث ونقل وجهة نظره في امور كثيرة في الحياة تلك المنطقة كأساس للعمل ، ويعالج مرافق كثيرة من حياة الانسان العراقي وفق الاحداث ومن خلال الشخصيات وانفعالاتها وحواراتها ، كما يعرض فيه كثير من المشاكل  السياسية والاجتماعية والاقتصادية الى جانب الاحداث الشيقة  ، برغم الديكورات كانت ضعيفة وضاعت منه الكثير من الخطوط بسبب غرابة البيئة ( لان المسلسل معتمد على النمط السوري خصوصا في المشاهد الخارجية لمنطقة قمبرعلي والمشاهد الداخلية للمنازل سواء داخل المنطقة وخارجها ) . الجميع على قناعة تامة أن البيئة العراقية ستكون من أهم عوامل نجاح المسلسل .
مع كل اعتبارات الإنصاف والاحترام لمخرج مسلسل قمبرعلي " طلال محمود " ومؤلفه ضياء سالم وجميع الذين جسدوا شخصياته من فنانينا المحترمين .. فإن هذا العمل يبقى عملا إنسانيا له مضمون علمي قصصي توثيقي لان له ظهور سلس فى خلفية الأحداث بشكل حقيقي وممتع ، لان يرسم المسلسل على ارض الواقع في صورة فكر وتثبيت روح  وطنية في وجدان شباب المنطقة لمقاومة للنظام الجائر ، وكشف عن واقعية نظام البعث خلال فترة سطوته على الحكم في العراق .  ويسير المسلسل الذي يلقي بعض الاضواء الكاشفة عليه لسير اغوار احلام العراقيين كما تكلم عنها التاريخ في بطون الكتب او ما تناقلته الالسن على مدى نصف قرن .   


57
جدلية النظام الفيدرالي واستهواء المحاصصة عملا
                                                                                                                                   محمود الوندي
الآن نحن امام مرض لا يقل خطورة عن الانفصام يدعى مرض "الفيدرالية" وهو مرض سياسي عصري ينتشر بين "رجال البرلمان والمسؤولين في الدولة " ممن يدعون بالوحدة الوطنية  دجلاً .  وانتقل هذا المرض الى البعض من رجال الدين التي تحرم على المسلمين للإدلاء بإصواتهم لصالح الفيدرالية بحجة خوفا على تمزيق العراق ، لان الفدرالية سوف يشكل خطرا على مستقبل العراق السياسي ، هكذا الفتاوي ليزيد الامور سوءاً وليزيد الشعب العراقي بؤساً على بؤسه ، لذلك احدثت زوبعة من التوتر والمخاوف في عموم انحاء العراق .
أليس كان من الأولى برجال الدين تحريم القتل ، وهدر دم المسلم بيد المسلم ، وتحريم نهب المال العام ، وتطالب محاسبة المسؤولين الفاسدين الذين يحكمون العراق ، الذين هم وراء كل المصائب والكوارث التي انهكت العراقيين . أليس من مقتضيات الدين اعادة الحرية والعدالة وحقوق الانسان الى الانسان العراقي الذي حرم وعلى مدى عقود من هذه الاستحقاقات الطبيعية . ولو، لا استغراب في هكذا المرض . ففي كل ميادين السياسة يوجد تجار ومنافقون ومخادعون يعرضون بضاعتهم الفاسدة ساحة سياسة أرضاً لاولياء امرهم . ولذلك يغضون النظر عما يقوم به المسؤولين من التعسف والنهب والترف ، ويصبون جل غضبهم على الشعب او المعارضين لتصرفات السلطة .
للاسف ما زال شعبنا يتعامل مع الظروف بعاطفة طائفية ، حيث يستغل من قبل هؤلاء بشكل خطير . لذلك أود التركيز على هذا الخطر الداهم الذي يساهم في تشويش وبلبلة عقول وضمائر شريحة واسعة من العراقيين ، وتجني عليهم من أجل تحقيق الرغبات والمصالح الآنية التي تحقق لهم البقاء على الساحة السياسية . 
الفتاوي والتصريحات النارية ومحملاً بغبار المحاصصة ضد الفيدرالية ، والتي تصوغ خيوط الازمات التي يعيشها العراق ، وتحرم أعداداً كثيرة من أبناء الشعب من حرية التعبير والاختيار وإعطاء أصواتها إلى المادة التي تخدمها ، ومن الطبيعي هكذا الفتاوي والتصريحات تكون الجدار العازل امام الوصول لأفاق حلول يتنفس فيها العراقيون ، وتلقي بظلالها الثقيلة على واقع مشهد مازوم وكارثي في ظل تطورات سياسية . هذه الأزمات المفتعلة التي ترافقها من سلبيات وممارسات غير ديمقراطية فهي مغاير على فسحة الديمقراطية في التعبير عن الحرية . فمع تتابع الأحداث في الدول المتطورة اكتسبت هذه الدول جملة من المميزات قد تكون الفيدرالية واحدةً من أهم تلك الأسباب . يدفعنا الى طرح السؤال ما  ذنب الشعب العراقي جعله يدفع فواتير باهضة الثمن على حساب فلسفة المصالح تجعلها تحكم وتتحكم بمقدرات هذا الشعب المترامي الأوجاع كانت تقتضي أن تبقى الشعوب على تخلفها والسماح لقبضة الدكتاتورية على الحكم وأن تضربه  بلا رحمة .
فمنذ الوهلة الاولى كانت المحاصصة سببا رئيسا في دب الخلاف بين تيارات متنفذة في الحكم وسببا في عرقلة المشروع الوطني ، وتفاقم ظاهرة الفساد المالي والاداري ونقص الخدمات المقدمة للمواطن ، والى انجرار الكتل المتنفذة في صراعها على المغانم والسلطة والجاه والمال ، لذلك عمت الفوضى فوتفشي الفقر والبطالة والأمية والجوع والأمراض في البلد ، بحيث تركت حفنة من المسؤولين الاداريين والحزبيين يعيثون فسادا بواردات الدولة ويتنعمون بخيراتها .
هذه المحاصصة  تخدم المسؤولين بالسلطة وتفتح لهم آفاق العبث بمقدراته بعيدا عن طائلة القانون والدستور . فمثل هؤلاء الاشخاص تضع مصالحها الضيقة ومطامحها الأنانية فوق أسس الإنسانية ، لذلك بدأت تعم الفساد الاداري والمالي جميع مرافق الدولة باستغلال الصراع بين الجهات المتنفذة ، واصبحت المحسوبية والمنسوبية هي القاعدة في دوائر الدولة ومؤسساتها في التعامل مع الأفراد والجماعات .  وبعيدا عن النظام الديمقراطي وضوابط الدستور الذي يتمتع به الشعب . 
نحن نعلم بأن الفيدرالية ماهي إلا حراك اجتماعي واقتصادي من أجل تحقيق المصلحة العامة وصيانتها والدفاع عنها في مواجهة المصالح الذّاتية الضيقة لمن يريد إستغلال السلطة من أجل المنفعة الشخصية ؛ وتحقيق الرفاهية والارتقاء بالخدمات والتعليم والمستوى المعاشي للانسان العراقي ، من خلال توفير الخدمات للمجتمع ، والتطور العمراني ومنها ملاعب للاطفال يجدون ضالتهم فيها ، الى جانب الرعاية الصحية الكاملة في مستشفيات منتظمة ، وبناء المدارس والمؤسسات التعليمية المحترمة التي تحترم عقل البشر ، واحداث مدارس نموذجية ذات وسائل للتعليم حديثة  بكل معداتها حتى يمكن الطالب من الابداع وتقديم ما هو الافضل للبلد ... أن إقليم كوردستان وبجهود واضحة تمكن خلال مدة قصيرة من القضاء على أزمة الكهرباء وتنمية واستخدام الثروات والنهوض بأعمار البنى التحتية التي جعلت الإقليم منطقة جاذبة للاستثمار . قياسا بالمحافظات الأخرى والعاصمة بغداد .
فنشاهد حكومة اقليم كوردستان أثبتت بأنها تراعي قواعد الديمقراطية السليمة من خلال الحكم الفيدرالي وكيفية جعلت مدن كوردستان تلحق بالمدن الناهضة والحديثة في العالم ، الى جانب ظهور الجهات المعارضة الحقيقية في برلمانها لمراقبة الحكومة " تشبه المعارضة الاوربية في برلماناتها " ، ولا يمكن ان يتصرف حكومة اقليم كوردستان أي مشروع خارج السياقات القانونية والدستورية التي يتم التصويت عليها في البرلمان ، وهي دلالة لفلسفة دمقرطة الفكر الاجتماعي ودؤوب في تحديث مؤسساتها ودفع العملية الاقتصادية نحو الأفضل .  ومن المفيد للبرلمان والحكومة العراقية ان تدعما الفيدرالية  في مناطق اخرى من العراق وتتبع خطواتها والإفادة من تلك التجربة الكوردستانية المتميزة ودعمها بقوة لأنها تمثل انجازا عراقيا فريدا" بدلا ان تعتمدما على المحاصصة التي عطلت وتعطل ألاف المشاريع وعدم انجازها على الرغم من إنفاق أموال كبيرة لها .


58
قف!! ايها المحاصص فهذه ليست ديمقراطية
                                                                                                                                 محمود الوندي
الكل يعرف أن الحرية والعدالة الاجتماعية تنشأ عن رأي كل إنسانٍ حول سلامته وراحته ، التي تقوم علی اطمئنان النفس ... ولنيل هذه الحرية والعدالة الاجتماعية يجب فصل السلطات الثلاث واحدة من ركائز بناء الدولة الحقيقية ، ان تمنع على عدم جمع السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية في التسييس من قبل جهة واحدة وثم بيد شخص واحد ، لا بد ان يخلق الدكتاتور وحينذ تفتقد الحرية والعدالة الاجتماعية وخصوصيتهما المطلقة أي تقضي على الديمقراطية في البلد ، وتحاول هذه الجهة أن تحقق لنفسها مائة بالمائة من السلطة والنفوذ ، وتحرم الشعب من حقوقه .  
عندما تتوزع السلطات التنفيذية والتشريعية على الهيئات المتعدة وبها من الاشخاص الكفوء سوف تضع جميعها مصالح الشعب نصب عينها ، وفوق مصالحها الفئوية والحزبية والشخصية ، وتحاول بقدر الإمكان لتوفير المستلزمات الضرورية للمجمتع وتحقق شكلا من أشكال الديمقراطية وتقضي على الفساد جميع مرافق الدولة ، الى جانب الاستقرار الأمني ، وتمحي المحسوبية والمنسوبية في دوائر الدولة ومؤسساتها في التعامل مع الأفراد ، وعدم وضع العراقيل امام تطبيق القرارات التي تتشرع من قبل السلطة التنفيذية او التشريعية او القضائية .
يواجه العراق تداعيات جديدة للمحاصصات الطائفية التي هي من ركائز العملية السياسية في العراق منذ سقوط النظام البائد في سنة 2003 والتي لا تتناسب مع المفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية التي يسعى الشعب العراقي الى تجسيدها . ولكن صراع محصصات اصحبت هي المعرقلة لمسيرة العراق نحو الديمقراطية ، وتدمير البلد بسبب مشاكلهم تحت امر المحاصصة إلى حد أنها باتت تهدد وجود الشعب العراقي ، لذلك نرى القوى المنفذة داخل الحكومة مع فترات صعود وهبوط في خطها البياني في أزمة دائمة تحت ذرائع مختلفة  . لذا فمن الصعوبة إقناع احد الاطراف بالتخلي عن امتيازاته في احتكار السلطة والنفوذ وصنع القرار السياسي ، والمشاركة العادلة في الحكم مع بقية مكونات الشعب وفق ما تفرزه صناديق الاقتراع ، فهل هذه الديمقراطية الحقيقية التي تأملها الجماهير العراقية ؟!
لقد أدخلوا هؤلاء العراق في تركيبة محاصصة معقدة لا يمكن الفكاك منها بيسر ، وهذه المحاصصة تخدم المسؤولين في الدولة وتفتح لهم آفاق العبث بمقدرات الشعب بعيدا عن طائلة القانون . وها نحن نرى الفساد المالي والإداري يدب في جسد العراق كأذرع الإخطبوط وينمو كالفطر في كل ركن من  أركان هياكل الدولة ، وهل من الحكمة ان يصدق الشعب بحرص هؤلاء على الديمقراطية ، واتجاه العراق الى بر الامان ؟! .  
ولذا نرى المسؤولين وبطانتهم الذين أصبحوا عبئاً ثقيلاً على بلد ، يستغلون وظائفهم ويعلون انفسهم فوق القانون وفوق المحاسبة ، لأن اعتبروا أنفسهم معصومين عن الخطأ ، ومن ينتقدهم فهو خائن وعدو لدود لهم وللتغيير في العراق ، ولديهم تهم حاضرة ومزيفة ازاء كل من يحاول انتقاداتهم بمختلف المسميات من بعثيين الى ارهابيين وغيرها ، لذلك نجد تفشي الفساد والانهيار الامني في معظم مفاصل الدولة ، إلى حد أن صار هدف كل مسؤول وموظف في الدولة هو النهب وجمع المال ،  إذن من الضروري على الشعب العراقي الى العمل بروح واحدة في مواجهة حكومة المحاصصة ، ان يتخلص من الناهبين لثروات البلد ومن الشلة الذين لا يعرفون  ألف باء السياسة ، سوف يذهب البلد بسبب هؤلاء الى الجحيم والضياع . لانهم يضعون مصالحهم الضيقة ومطامحهم الأنانية فوق أسس الديمقراطية ومبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية .
للأسف نرى الى جانب الحكومة الحالية مركب اصلاً على محاصصة مقيتة وتقاسم للنفوذ جيشا من الوعاظين من حملة الأقلام لخدمة مشروع  طائفي عن طريق نشر البلبلة الفكرية ، وخلط الأوراق لتضليل الرأي العام ، إضافة الى فقدان الثقة والشكوك ومخاوف بين الكتل المتنفذة ، ونرى ما يمر به عراقنا من أزمات متتالية لاتكفي لهذه الكتل كي تضع مصلحة الوطن والشعب في الأساس ، وتتخلى عن بعض من أنانيتها وتفردها وهيمنتها .
في النهاية احذر هؤلاء المحاصصين من الاستمرار في الوقوع في الأخطاء المستمرة والإخفاقات سوف يحاسبون امام الشعب والوطن في نهاية المطاف كما حدث للأنظمة المستبدة جميعا بعد انتهاء القرن العشرين ، وبعد ان عاثوا في بلادهم قهرا وفسادا وإفسادا وتخلفا. وأقول لحكامنا إن عليهم أن يقرأوا تاريخ الحكام الماضية ويحاولوا استخلاص الدروس منه ، حتى لا يقعوا في ما وقعت فيه الحكام المستبدين . وعليهم أن يستخلصوا الدروس من تجربتهم الخاصة ، وأن يضعوا برنامجاً حقيقياً وواقعياً للمرحلة المقبلة ، تخلصا من العفوية وارتقاء متعاظما بالوعي عندهم  .

59
الشيخ جلال الصغير يسيء الى الامام المهدي المنتظر

كلام خطيب جامع براثا السيد جلال الدين الصغير في "محاضرة " جديدة له قد عدَّ الكورد هم "المارقة المذكورون" في كتب الملاحم والفتن الذين سينتقم منهم الإمام المهدي حال ظهوره ، ان هكذا التصريحات تندرج ضمن مساعي اثارة الفتن ، بدلا ان يكون تصريحاته تعبر عن السلام والاخوة بين العرب والكورد ويضع مصلحة الوطن والشعب في الأساس ، ويتخلى عن بعض من أنانيته ، فان فيه استخدام حصري لاسم الامام المهدي في صراع سياسي محض ، يهيء الاجواء للفتنة بين الشيعة والكورد ( بذات ) . في الوقت الذي حاجة العراق الى موقف عقلاني لتنظيم البيت العراقي الجديد الذي يمر بمرحلة سياسية وأمنية حساسة . ويعلم الجميع لماذا طرح هذا الموضوع في هذا التوقيت ، حيث اعتاد هذا رجل الدين على التصريحات الملفقة من اجل تمشية اموره اليومية ، عندما يكون ظروفه السياسية سيئة يعكس بشكل واضح كيفية استغلال الدين في تأجيج الصراع السياسي والديني والمذهبي في العراق ، وكيفية توجيه العراق نحو حرب طائفية تارة وقومية تارة اخرى لمصالحه الخاصة . 
ان السيد جلال الدين الصغير " يستخف بالامام المهدي المنتظر ويسيء له " ، على خلفية محاضرة الاخيرة المناهضة للكورد ترويجا لقتلهم وهي دعوة خبيثة لخلق فتنة ، ان هذه التصريحات تزرع الكراهية والفرقة بين افراد المجتمع العراقي وتهيئ الارضية لعمليات انفال جديدة ضد الكرد ، ان محاضرته ضد الكورد تصب في باب التحريض والكراهية وبما يتنافى والقوانين العراقية النافذة . لانه يدفع بالكورد ان ينظروا الى الامام المهدي على انه شخص يدافع عن الظالمين وليس على المظلومين .
ان "الصغير يصرح في خطابه فان الامام المهدي سيظهر وان أولى حروبه الرئيسة ستكون مع كورد العراق ، اما الكورد في سوريا سينتهي أمرهم على يد الاتراك ولكن لم يؤشر الى الكورد في ايران وتركيا ، حتما سينتهون امرهم على ايدي حكامهم حسب اعتقاد السيد جلال الدين الصغير ، كأن هناك وئام قوي بين اتراك وامام مهدي من خلال علاقات طرفين مع ايران جيدة ، هذا يذكرني ايام اتفاق نظام البعث مع الحكومة التركية في القرن الماضي عندما سمح صدام  حسين للجيش التركي بمسافة عشرين كيلو متر لدخول الاراضي العراقية لضرب الكورد .
لماذا لم يستفز الامام المهدي المنتظر على جرائم صدام ضد الشيعة وسياسات البعث القمعية ضد الكورد ؟ ولم يستفز الامام المهدي عمليات التهجير القسري للكورد من مدنهم وقراهم ومصادرة املاكهم ، ربما يسأل السائل !! فما الذي عمل الكرد حتى يظهر الامام المهدي  لقتالهم ، وربما يفكر لماذا هذه التناقضات بين تصريحات الصغير  وتصريحات السيد محسن الحكيم التي حرم فيها قتال الكرد .
الا يدري جلال الدين الصغيركثير من الناس ينتظرون الامام المهدي المنتظر من اجل اقامة العدالة الاجتماعية بين الناس وينتقم من الظالمين والدجالين ، الا يدري السيد الصغير ان الامام المهدي يحارب اولا رجال الدين الذين انحرفوا عن مبادئهم الاسلامية والانسانية وسينتقم منهم الإمام المهدي حال ظهوره .


60
الاخفاق الدرامي في مسلسل "باب الشيخ"

محمود الوندي
ا
طل علينا في شهر رمضان الفضيل المسلسل العراقي  " باب الشيخ " من على قناة العراقية الفضائية ، شبه الرسمية ، وهو عبارة عن دراما سياسية واجتماعية عراقية تدور احداثها في ستينات القرن الماضي ، ويتضمن حوارات ومواقف عن أهم الأحداث التاريخية التي مرت بالعراق إبان حكم البعث ، وقد تناول قصة حب عراقية تواجه عددا من المشاكل الاجتماعية ، وسلط الضوء على الحياة البغدادية والقيم النبيلة والعادات والتقاليد القديمة ، اشترك ببطولته نخبة من الممثلين العراقيين وفي مقدمتهم الفنان القدير " غالب جواد واحمد طعمة والفنانة القديرة اسيا كمال وغيرهم " وإخراج " أيمن ناصر " ، وتدور أحداثه في منطقة باب الشيخ ببغداد ، ويبرز مخرجه أيمن ناصر الدين فاصلا ساخنا من الحياة العراقية المتوترة في ظل الانقلابات البعثية الدموية وتداعياتها على الشارع العراقي .   
ومن خلال متابعتي لحلقات هذا المسلسل واحداثه التي تدور في نهاية الستينات من القرن الماضي ، اي بعد انقلاب 17 تموز 1968 وموقف اهالي باب الشيخ منه ويشير المسلسل ايضا الى احداث 8 شباط 1963 ، ومن ثم يؤشر الى تلك الاحداث التي قام بها من ابناء باب الشيخ لمقاومة الانقلابين دفاعا عن منجزات ثورة 14 تموز وعن قائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ، والذين تعرضوا الى الإبادة من قبل الاجهزة الامنية والحرس القومي  .
ان فكرة المسلسل الجديد ولا تخلو من التشويق والاثارة لكنها مع اعتزازي بجهود المؤلف والمخرج ان بعض احداث المسلسل فيها شيء من الانحراف السياسي والتاريخي ، فقد كان المسلسل في تناوله للوضع الاجتماعي في باب الشيخ بعيدا عن الواقع تماما ، وتميز بعدم الدقة في نقله وكان يجافي الحقيقة والأمانة التاريخية . وكان من الاجدر به ان ينقل للمجتمع العراقي وحتى العربي حقيقة اهالي باب الشيخ هم من الكورد الفيلية ( وذلك يعرفه القاصي والداني ) الذين دفعوا الثمن المؤلم لتلك الاحداث ، وكان يفترض ان يشير المسلسل الى المعارضييين الحقيقيين وليس الأوهام . 
هذا يعني أن الدرامة العراقية بشكل عام مازالت تنوء تحت حمل رؤية سياسة اما بتأثير قراءة غير صحيحة للواقع العراقي وأحداثه والفهم الخاطئ له ، لذلك نلاحظ التغيير المرافق للاعمال الدرامية العراقية التي تخرج من هدفها الحقيقي وبعدها الفني .
ان المسلسل لم يؤشر الى العوائل الكورديه الفيلية في باب الشيخ نهائيا التي قاومت انقلاب 8 شباط وقدمت القوافل من الشهداء في ذلك اليوم من خلال انتماءاتهم الى الاحزاب الوطنية ، وكانوا اول من المعارضين لانقلاب 17 تموز عام 1968 ، و احتضانهم للقوى الوطنية العراقية والكوردستانية (والشواهد على ذلك عديدة ولا يتسع المجال لذكرها بهذه العجالة ) ، و يغفل المسلسل الدور الحقيقي الذي لعبته القوى الوطنية في مقاومة حزب البعث في كلا مرحلتين (حيث صدرت حول تلك الاحداث عشرات الكتب الى جانب الاف المقالات) . لقد حاول المسلسل ان يحصر الموضوع في اربعة من الشبان فقط وليس لهم اي ارتباط بالجهة السياسية المعارضة ، واشارة المسلسل الى عوائل ليست من سكنة باب الشيخ ، وحاول المسلسل اعطاء دور ريادي الى احد الاحزاب الاسلامية الذي كان شريكا رئيسيا لحزب البعث في الإطاحة بحكم الزعيم الوطني في 8 شباط الاسود عام 1963 ، على الرغم لم تكن هناك الاحزاب الاسلامية فاعلة في الشارع العراقي ، وأن الهم السياسي كان محصور بين المد اليساري والقومي المُسيطر على الشارع فإن الاحزاب الاسلامية ليست ذات رصيد جماهيري أنذاك ، بالإضافة الى غياب دور رئيسي للبعثيين في المسلسل . 
اعطى المسلسل لمنطقة باب الشيخ صورة ضبابية  ، وتميز بضعف الحبكة الدرامية لحساب التركيز الفاقع على شخصية عبدالله المناتي في المسلسل ، اضافة الى ما رافقه من  أخطاء كثيرة تخص الوقائع والحقائق اغفلها مخرج المسلسل ومؤلفه ، وكانت الحوارات مليئة بالمغالطات والبعد عن الحقيقة ، فضلا عن الكثير من التهويل والتضخيم لمواقف صعبة الحدوث وخصوصا فيما يخص تبديل الاسرى بين المسلحين وبين الاجهزة الأمنية كأن لديها السلطة المطلقة لتبديل الأسرى بعيدا عن موافقة السلطة العليا والمتمثلة بمجلس القيادة الثورة البعثية ، وكذلك الحال الى الطرف الاول كيف كان يتصرف الشخص باسم " صباح " بعيدا عن موافقة قياداته ، ومن خلاله كشف احد الأوكار الحزبية المعارضة للأجهزة الامنية . وثم تهديد ضابط الأمن الذي يرتبط بجهاز المخابرات البريطانية برسالة خطية حول تبرئته من الحزب ايام نظام الشهيد عبد الكريم قاسم ويجبره على المساوامات بينه وبين المسلحين بعيدا عن انظار حكومة البعث او باحرى عدم علمها (وهل من الممكن ان نصدق ) ، لقد نسى المخرج او المؤلف بان احمد حسن البكر تبرأ ايضا من حزب البعث من خلال وسائل الاعلام وثم اصبح رئيس العراق بعد انقلاب 17 تموز عام 1968 ، ألا يدري ذلك الشخص عن براءة البكر وهناك كثيرين على هذه الشاكلة داخل حزب البعث ولم يتحاسبوا عن براءتهم ، فكيف يخضع للمقابل برغم ارتباطه مع المخابرات البريطانية ؟!
وان الدراما السياسية يجب ان تصقل بشكل اكثر وان تبتعد على الخيال وان تاخذ منحى الجد والقصص الحقيقية ، لان المشاهد العراقي  يأمل ان يشاهد عرضا نزيها وموضوعيا حول ما جري في العراق من احداث وتداعياتها ، كان من الضروري قيام المؤلف بجمع المعلومات من الاشخاص الذين عاشوا تلك المرحلة لربما كان المسلسل اكثر وضوحا في نقل الحقيقة عن الاحداث في عقد الستينات من القرن الماضي الى المجتمع العراقي والعربي لان تلك الاحداث لم تمر عليها سوى اربعة عقود ونيف من الزمن . 



61
زعامة الزعيم عبد الكريم وسذاجة بعض السياسيين

                                                                                                                           محمود الوندي
هنا لا اريد ان اتحدث عن الصفات التي أطلقها على الزعيم عبد الكريم قاسم ، كونه مثالاً للإخلاص الوطني ونزاهة اليد وعفة اللسان وحريصاً على خدمة الشعب العراقي وحبه للطبقات الفقيرة التي كان ينتمي إليها ، ولا اريد اتحدث عن المنجزات التي قام بها لفترة حكمه الوطني والتي إمتدت من 14 تموز عام 1958 والى 8 شباط عام 1963 ) لقد حققت الثورة بالرغم من عمرها القصير الكثير من المنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، لصالح شعبنا ) ، ولا اريد اتحدث عنه بانه اصبح رمزا للوطنية والإنسانية لدى العراقيين كونه كرس الجزء الأكبر من حكمه في كيفية رفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة والمسحوقة والتي كان يعج بها المجتمع العراقي . لان قدمتْ الكثير من الأطروحات بشأن حياة الزعيم عبد الكريم قاسم وحول حكمه وإدارته للدولة ، وكتبَ عن منجزاته وإنسانيته ووطنيته ، وكما كتبَ الكثير من المقالات تحت عناوين مختلفة لتمجيد الشهيد عبد الكريم قاسم .     
ولا اريد ان اتحدث كيف تعرض الشهيد قاسم الى تأمر من مختلف الجهات الداخلية والخارجية وبالاخص من الدول الاقليمية بمساعدة الدول الغربية ومن خلال دعمهم المستمر لاحزاب قومية واسلامية داخل العراق لإزاحته والقضاء على الإنجازات ثورة 14 تموز " إرضاءاً لأسيادهم على حساب مصلحة الشعب العراقي " ، ولا اتحدث عن نجاح انقلاب 8 شباط الاسود ، الذي دفع الشعب العراقي وقواه الوطنية متمثلا بالحزب الشيوعي العراقي ، الثمن ذلك الانقلاب . 
وهنا اتحدث كيفية تشويه سمعة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم وكيفية ان عاد مرة اخرى يبزغ اسمه على الساحة السياسية العراقية ، وكيف الان اخذ بعص المتزلفين يتجارون باسمه وتشبيه حكمه الى حكم حالي والى جانب تسقيطهم بالقوى الوطنية (الذين وقفوا الى جانبه في محنته) ومن عرفوا بنضالهم ضد الانظمة الدكتاتورية السابقة كالشيوعيين واليساريين والديمقراطيين ومن محبي الشهيد عبد الكريم قاسم ، واتهام تلك القوى بمحاولات تعطيل المسيرة الديمقراطية في العراق بعد 2003 لابعاد انظار الناس عن الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات وهياكل الدولة العراقية ، إضافة الى ضحك على ذقون الناس البسطاء .   
 هناك الثقافة المفلسة روحيا والخالية من موهبة الصدق وحب الانسان ، هي ثقافة الاستسلام لنزوة القائد والتضحية من اجله مهما كان الثمن ، وهذه الثقافة الجديدة التي ظهرت منها مثقف انحاز الى السلطة السياسية ومبرراً لمشروعيتها في ممارسة العنف والقهر الاجتماعي والتعسف السياسي ومن اجل حفنة من الدنانير . فالكثير من المثقفين الذين اصبحوا بمثابة شحاذين في زمن حكم البعث كانوا يغفلون  بذكر الدور التي لعبتها الدول المجاورة والاقليمية الذين تكالبوا على الزعيم عبد الكريم قاسم ، ومع دعمهم لكتل سياسية متخلفة ومتضررة من ثورة 14 تموز بصورة مستمرة حتى اسقاطه في احداث انقلاب 8 شباط الدموي والقضاء على الحكم الوطني في العراق . وهذه هي محنة من المحن الكبرى التي واجهها الانسان العراقي في عهد البعث ، ويواجهها في الوقت الحاضر بعد ان ظهروا الوعاظين الجدد الذين وقعوا فريسة الطائفية والاغراءات المادية بحجة انشاء الدولة الديمقراطية في العراق .
لقد حاول الكثير من اعداء الشهيد عبد الكريم قاسم خلط الأوراق وتشويه سمعته امام الاجيال القادمة واتهامه بالانحراف والدكتاتورية ( للعلم فضل الزعيم قاسم مشاركة جميع الأطياف العراقية في السلطة ) ، وتحميله مسؤولية كل المآسي والكوراث التي حلت بالشعب العراقي ، وتنكرهم للتطور الاجتماعي والاقتصادي في العراق في زمن حكمه ، كما حاولوا اسيادهم ان يغييروا اسماء المشاريع التي نفذت في ايام حكمه ومنها مدينة الثورة التي بناها الشهيد قاسم وتغيرت اسمها باسم الرافدين في عهد العارفين ، باسم صدام في زمن حكم البعث وبعد 2003 اي بعد سقوط نظام البعث الى مدينة الصدر لاختفاء اسمه ومنجزاته .
بعد سقوط نظام البعث عام 2003 م عاد اسم عبد الكريم قاسم ليبرز مرة اخرى في الكثير من المحافل  الثقافية والاجتماعية كقائد وطني وإنساني ، وفي ساحة عبد الوهاب الغريري ( هو نفس المكان الذي تعرض فيه الزعيم لمحاولة اغتيال فاشلة عام 1959م ) . حيث أقيم له تمثالا من البرونز بالحجم الطبيعي بتبرعات جماهيرية في مدينة بغداد العاصمة بدون دعم حكومي ، وثم سميت الساحة باسمه ، بالإضافة الى انتشار صوره في الكثير من البيوت والمكاتب وفي الشوارع  بحيث دخلت صوره الزعيم ضمن أعلى نسب الاقبال والشراء في العراق وفق احدى استطلاعات الرأي التي أجرتها بعض وسائل الاعلام . 
ولم يختفي اسم الشهيد عبد الكريم قاسم عن الذاكرة العراقيين ، لانه حظى إهتمام المثقفين والاكاديمين والمؤرخين من المخلصين للعراق وتاريخيه ، حيث صدرت عنه عشرات الكتب الى جانب الاف المقالات عن اخلاصه للوطن والشعب ، لهذا السبب بقى الزعيم قاسم في قلوب وعقول العراقيين وبالاخص من الجيل الجديد ، وكما بقى رمزاً للإنسانية والنزاهة الى جانب الوطنية .  بحيث أنه استشهد ولم يمتلك شيئاً في أية مدينة من مدن العراق ولا في خارج العراق ، لم يكن يضع لشخصه وأي فرد من أفراد عائلته ولأهله وأقربائه أي أعتبار أو محسوبية أمام المسؤولية الوطنية ، وكان بإمكانه أن يفعل ذلك لو يستغل موقعه الرئاسي  مثلما فعلها أسلافه من الحكام على حد سواء والى اليوم ..!   
وتحاول الآن بعض الواعظين الجدد والتي أفرزوا في العهد الجديد ( ذوي الولاء المطلق لرموز النظام الجديد ) وما بيهم من المتملقين القدامى لتبريئة موقف الطرف الذي ينتمي اليه الآن من قتل الزعيم عبد الكريم قاسم ( لتنطلي تلك الأراجيف والأكاذيب على بعض الاجيال الذين لم يعاصروا تلك الفترة وتضليلهم  بماكنة أعلامهم ) ، ويتهم الطرف الآخر من شركائه في الحكومة لتأمره على الزعيم ( هذا الاعتراف الكامل بوطنيته وإنسانيته ) . ومن ناحية اخرى اتهامهم للقوى الوطنية ومنها اليسارية ( الذين وقفوا الى جانب الزعيم في مراحل حكومته ) بمحاولات تعطيل المسيرة الديمقراطية في العراق بعد 2003 ، ليغرقوا المسؤولين الجدد بالأسلوب الرخيص ذاته من المديح . وينكرون بإن القوى الوطنية ومتمثلا بالحزب الشيوعي العراقي وتاريخه النضالي الوطني الناصع الذي دافع بكل قوته عن الشهيد قاسم وحفاظ على منجزاته ، والكفاح من أجل تأمين الديمقراطي الحر للشعب والمستقبل الزاهر للعراق ، كما ساهم بشكل ما في المساعدة بتغير نظام البعث ، بعد ان قدم اروع بطولات التضحية والقافلة من الشهداء .
هؤلاء الوعاظين الجدد يتجاهلون اما يتغافلون عندما شكلت الحكومة الاولى بعد سقوط نظام البعث لم يرحم رئيس الوزراء الأول في العهد الجديد على اوراح الشهداء ثورة 14 تموز عندما رحم على شهداء العراق ، ولا رحم على قائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ، كما رحم على المجرمين حزب البعث امثال ( صفية العمري التي قتلت اثناء مؤامرة الشواف التي حاولت افشال العملية السياسية الجديدة في العراق "انذاك" ) ، وكيفية هؤلاء يحاولون تبريئة هذه الاطراف المتهمة باسقاط حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم من تلك التهمة ، ويتغازلون بحبه ووطنيته ، ومن طرف اخر يهاجمون على مناصره ومحبيه من القوى اليسارية والديمقراطية ، وكذلك يتغافلون ايضا بان الحكومة العراقية الجديدة لم تعتبر بان ثورة 14 تموز 1958 المجيدة في العهد الجديد عيدا وطنيا رسميا ، ولم يعتبر ذلك اليوم يوم ميلاد الجمهورية العراقية ، ولم تنصف ضحايا انقلاب 1963 الدموي الذي قام به البعثيون مع مؤيديهم بتصفية الزعيم عبد الكريم قاسم وانصاره ومؤيده ، ولم تقبل الحكومة الجديدة بتبديل العلم البعثي بالعلم ثورة 14 تموز الخالدة ، ولا ادري كيف هؤلاء الوعاظين الجدد يقارون زمنه بهذا الزمن حول تكالب دول الجوار ( السعودية ، ودول الخليج والدول العربية الاخرى ) والقوى الشريرة ومتمثلا بحزب البعث على الحكومة الجديدة ، هي نفسها التي تكالبت على ثورة 14 تموز وقائدها الشهيد عبد الكريم قاسم ، وكيفية يتجاهلون الدور التي لعبت بيها الاحزاب الحاكمة الان الى جانب الدور الأيراني لتعاونها مع الدول العربية والاجنبية في الإطاحة بحكم الزعيم الوطني في 8 شباط الاسود عام 1963 بقيادة حزب البعث . والذي ينكر هذه الحقيقة كأنما يضحك على ذقون العراقيين ، كما يضحك على التاريخ .   
بعد اربعة عقود ونيف من الزمن يفرض الزعيم عبدالكريم قاسم نفسه على الساحة السياسية العراقية ، ويبزغ اسمه من جديد مرة اخرى ، ويحتل مكانا مرموقا في قلوب محبيه من العراقيين المخلصين ، وثبت للجميع بانه كان الاكثر من أي حاكم في تاريخ العراق في حب العراق وشعبه ودعمه للفقراء والكادحين ، واستطاعت حكومته أن تقدم إنجازات كبيرة وهامة لا يمكن نكرانها . ولولا اغتياله في 8 شباط الأسود  1963 لأصبح العراق في مصاف الدول المتقدمة الآن ، لقد حقق الزعيم  بالرغم من عمره القصير في الحكم من المنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية " محدثة ثورة اجتماعية واقتصادية حقيقية في حياة الشعب " ، لم يحققها اي حاكم في الماضي والحاضر ، لصالح شعبنا ، من حيث كرس الجزء الأكبر من حياته في كيفية رفع مستوى معيشة لمكونات الشعب العراقي ، إضافة إلى ما كان يتمتع به من البساطة في المأكل والملبس على عكس معظم الحكام الحاليين الذين يرتدون ملابس مصصمة في فرنسا ومرصعة بالمجوهرات ، ويتفاخرون بالسيارات الفاخرة وطائراتهم الخاصة .. والشواهد على ذلك عديدة ولا يتسع المجال لذكرها بهذه العجالة . 
كان من الضروري على الواعظين ، الطلب من الحكومة العراقية التقييم  ثورة 14 تموز 1958 وتعتبر بانها في العهد الجديد عيدا وطنيا رسميا ، ويعتبر ذلك اليوم يوم ميلاد الجمهورية العراقية ، لانها ولدت من رحم ثورة 14 تموز محمية بالجماهير ومحروسة منها ، ويطالبون من الحكومة تنصف ضحايا انقلاب 8 شباط  الدموي 1963 الذي قام به البعثيون مع مؤيديهم بتصفية الزعيم عبد الكريم قاسم وانصاره ومؤيده ، وثم يقارن بين الحكومتين او الزعيمين  .   


62
الواعظين الجدد وطرق إفسادهم للديمقراطية

                                                                                                                          محمود الوندي
منذ مدة ، والشعب الكوردي يتعرض لحملة مسعورة من نوع آخر تتمثل بالحرب الاعلامية من قبل الواعظين القدماء والجدد في محاولة منهم لفرض نوع من الإرهاب الفكري ، ويستخدمون العملية الدعاية لترويج بضاعة معينة ، على خلفية الأزمة السياسية والصراعات والاختلافات في وجهات النظر بين حكومة اقليم والحكومة المركزية ، وترتكز كتاباتهم في جانب اساسي منه على معاداة الشعب الكردي و تطلعاته القومية المشروعة . ولا يتوانى أصحاب هذه الكتابات عن تزييف الحقائق التاريخية والجغرافية وحتى المعطيات الأحصائية لتبرير مواقفهم ووجهات نظرهم . كما أنهم يلجؤون و من خلال بعض المواقع الالكترونية التحريضية ، التي توفر مساحات واسعة لبث سمومهم وأفكارهم العنصرية والطائفية والاتهامات الخائبة ، الى الضحك على ذقون الناس البسطاء و إختلاق أخبار ملفقة ومن ثم اللجوء الى أناس غارقين في ظلام الشوفينية و الأنحطاط الفكري والسياسي للتعليق على تلك الكتابات الملفقة .
بدلا ان يلعب هؤلاء دورا ملحوظا في الدعوة الى  التسامح بين المكونات الأثنية والمذهبية والدينية في العراق وتبني الديمقراطية بصورة صحيحة ، ومناصرة المظلومين وضحايا الدكتاتورية والشوفينية ، بل يقومون على التحريض على الكراهية وإشاعة الأحقاد من خلال الحرب الاعلامية ، التي تثير النعرة القومية ضد الكورد من خلال تلفيق التهم والاكاذيب الخارجة عن حدود اللياقة . (ليست كل حرب اعلامية ناجحة عندما يستخدم السياسيون وسائل الاعلام كأحدى الوسائل لتسقيط خصومهم ولكن ففي بعض الاحيان تقود الى نتائج معاكسة حينما تكون اسلحة الحرب الاعلامية قد تكشفت اخطاء وفساد اسيادهم للجمهور المتلقي ) . من الواضح أن هؤلاء لم تتعلموا شيئا من نعم الحرية والديمقراطية  والأصغاء الى الآخر وإحترام آرائه وخصوصياته .
واخذ بعض الواعظين الى تذكير الشعب العراقي بموقف القيادة الكوردية في الستينات من ثورة 14 تموز ، مع الاسف يتجاهلون انفسهم كيف تحركت الاحزاب القومية الشوفينية متمثلا بحزب البعث والاسلامية المتنفذة بمن فيهم حزب الدعوة انذاك لتضعيف الثورة وإزاحة الشهيد عبد الكريم قاسم عن طريقهم ، ومنها الفتوى لاحدى المراجع على ان الشيوعية كفر وإلحاد لتضعيف شعبية الشهيد عبد الكريم قاسم وتسهيل لعملاء الاجانب في قيام انقلاب 8 شباط اسود ومن خلاله قتلت معظم  قيادتها الوطنية بعد ان نجحوا في تصعيد الصراع بين القيادة الكوردية والشهيد عبد الكريم قاسم .
هؤلاء يحاولون بقدر الإمكان لتحسين سمعة الحكومة المركزية مستخدمين ذات الماكنة التي كانت يستخدمها الإعلام البعثي أيام النظام السابق في اتهاماتها للقوى الكوردستانية والعراقية المعارضة . عندما يستعارون ببعض الشخصيات والرموز البعثية ( متخفين تحت مسميات وواجهات جديدة ) المتواجدين الان على ساحة سياسية او اعضاء في البرلمان رمزا لمحاربة الكورد بحجة دفاع عن وحدة العراق او بحجة حقق الشعب الكوردي حقوقه المشروعة اكثر من حقه يجب ان يقف عند حده . قبل ايام ارسل الى العنوان البريدي ( الأيميل ) شريط فيدو من قبل احد الواعظين الجدد لاحد ايتام البعث هو الشخص المعروف لدى العراقيين من تصرفاته ايام حزب البعث والذي ينطق بمنطق حزب البعث ، حول موقفه من الشعب الكوردي ، يحاول ان يصدي الى الحكم الفيدرالي بحجة خوفه عن تقسيم العراق ، والوعاظين الجدد يفتخرون بهكذا الاشخاص لمعاداتهم الكورد ولم ينظرون الى تاريخهم الاسود ، ويتهمون غيرهم لتقاربهم الى البعثيين . ولماذا هذه التناقض ؟
ومن جانب اخر يتهم الكورد بإيواء الارهابيين والهاربين من وجهة العدالة امثال طارق الهاشمي وغيرهم ، ولكن يجهلون انفسهم كيف وصل الهاشمي الى اقليم كوردستان ، حيث وصل الهاشمي لأراضي الإقليم بصحبة الاستاذ خضير الخزاعي ( العضو البارز في حزب الدعوة ) الى مدينة السليمانية لزيارة رئيس الجمهورية عند عودته الى الوطن من رحلته العلاجية (لست مدافعاً عن الهاشمي ولكن مجرد تساؤلات أطرحها) ، لماذا لم يعتقل الهاشمي قبل مغادرته مدينة بغداد العاصمة ؟  وبينما هو هناك اُذيع في الفضائية العراقية بأنه مطلوب للقضاء بموجب المادة 4 إرهاب كونه يوجه أفراد حمايته لقتل العراقيين ، وهؤلاء الان يتهمون الإقليم بعدم اعتقاله وتسليمه الى المركز . ولماذا لم تتكلمون عن مشعان الجبوري وكيف تم اعفاءه هو المطلوب للقضاء العراقي بموجب المادة 4 إرهاب أيضا . هذه النصيحة لهؤلاء الوعاظين . وكانت من المفروض عليكم ان تحللوا الامور وتدرسون كافة الحيثيات عن الوضع المزري في العراق وكيفية تهدر المبالغ المالية على المشاريع الوهمية وهروب الإرهابيين من السجون العراقية قبل اتهاماتكم الى طرف اخر بالفساد المالي والاداري وإيواء الهاربيين ، وان كنتم صادقين لدعم الديمقراطية والدفاع عن وحدة العراق .  للأسف إن هؤلاء الواعظين لا يريدون معرفة الحقيقة بل يسعون إلى تشويهها .
لا شك أن غالبية العراقيون يعرفون بهذا الفساد وما تسبب من آضرار وألام طلية تسعة سنوات ماضية ، وعدم تقديم الخدمات الحياتية والإنسانية لهم بسبب ما ارتكبه المسؤولين من أخطاء وفساد باسم الديمقراطية تارة وباسم الدين تارة اخرى إلى حد أن صار هدف كل مسؤول وموظف في الدولة هو النهب وعدم تمشية معاملات المراجعين إلا بالرشوة . لكن هؤلاء الواعظين يعتبرون أي نقد من قبل المواطن الكوردي لقيادة الحكومة العراقية الجديدة ، وكشف أخطائهم وانحرافاتهم وفسادهم يدخل في خيانة وانفصال ، وسرعان ما يوجهون له ولقيادته تهمة الشوفينية والعنصرية ، وتلفيق الاكاذيب ان مظاهر الظلم والفساد في اقليم كوردستان هي الاكثر تفشيا من اي منطقة اخرى من العراق ، يتصور الوعاظين بان الشعب العراق ما زال يعيش ايام البعث بعيدا عن وسائل الاعلام ، وكما يتجاهلون بوجود الفضائيات الان وتنقل جميع الاحداث والمعلومات الى المتلقي عند حدوث الحادث ، ويتجاهلون ايضا بزيارة اقليم كوردستان عشرات بل مئات من العوائل العراقية للسياحة والاطمئنان ، ويشاهدون بأم عينهم عن التغييرات والتطورات في الاقليم  .
هنا اتحدث لهؤلاء الواعظين والذين ما زالوا يسبحون في مستنقعات الفاشية البعثية . لا تستطيعون ان تعزلوا اشعة الشمس بالغربال لان هناك حقائق على الارض من تقدم عمراني وصحي وثقافي وامني في الاقليم ، إضافة الى وجود الكهرباء والماء على مدار 24 ساعة . ما هي دلالتكم عن نزاهة المسؤولين في المركز والمناطق الاخرى من العراق عندما تتهمون الاخرين بالفساد والارهاب . وتحاربون الانسان العراقي ومنها الانسان الكوردي عندما يدعي انهاء معاناة الشعب عبر تحقيق "المشروع الاصلاحي" الذي يزداد بمأساته ومعاناته اليومية بفعل انتشار الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات وهياكل الدولة ، فلا ماء ولا كهرباء ولا أمن ولا أمان ، وماذا يكون مطلب الإنسان العراقي سوى حفاظ عن العملية السياسية والديمقراطية الوليدة في عراق ما بعد 2003 وتصحيح مسار العمل السياسي وعدم إيجاد الدكتاتور الجديد . وعدم انتاهك حقوق الإنسان في العراق مرة اخرى .         
من نافلة القول أن نشير هنا الى أن الذين يلجأون الى تزييف الحقائق و تغليف الأطماع التوسعية والنوايا الشريرة بالشعارات الديماغوجية عن العراقيين ، وتحريض الناس البسطاء الى كيل الشتائم للقوميات والطوائف الاخرى بعد خلط الأوراق وتضليل الرأي العام العراقي ، هم يتعمدون الى إفشال الديمقراطية والفيدرالية ، وهذا منحى خطير يجب يعاقب هكذا الاشخاص قانونيا . و من المؤسف حقا أن هؤلاء لازالت تتبنى نفس الخطاب السياسي البعثي الذي تسبب في إلحاق الكوارث بالعراق و شعبه ، لانهم غير قادرين على الأنخراط على الحوار الحضاري وتقبل بالرأي الاخر . اليس من المثير للضحك ان هؤلاء يكررون ما كان يقوله خصومهم في السابق ويجارونهم في التقليد دون ان يبينوا ان هناك تناقضا واضحا في كلامهم وكتاباتهم .
هناك مفاهيم جامدة لدى بعض الأطراف ، والتي سوف تؤدي إلى ابتعاد وعدم تقارب في المنظور القريب بين الأطراف المتنازعة ، بل الصراع سيستمر ظاهرياً أو خفيا في جلسات معتمة ، بعيدة عن المنطق الوطني والإنساني ، وعدم تفاديهم المسيرة الطويلة المؤلمة للشعب العراقي في العقود الماضية ، والقدر المأساوي له ما زال المستمر ، يجب على الاحزاب المتنفذة على السياسية العراقية تغيير مفاهيمهم احدهم اتجاه الآخر، وعدم الإستئثار بالصبغة الطائفية او المذهبية ، والإعتراف بأخطاءهم أمام العراقيين على الأقل ، والتنازل إلى سوية التعامل من منطق الوطنية والانسانية هي الأساس .
( وهذا ما يحلم به الإنسان العراقي الذي يشعر بخيبة امل كبيرة جراء هذا الصراع المستمر بين الاطراف العراقية كلها )   


63
الاستاذ هيمن هورامي في ضيافة الجالية الكوردية في ألمانيا
                                                                                                                              محمود الوندي
منذ السنوات والكورد في مدينة " كيل " يبذلون جهدا لتشكيل الاتحاد او الجمعية او النادي على هكذا شاكة لتجمع المهاجرين الكورد تحت خيمة هذه المسميات ومن خلالها ربط هؤلاء المنتشرين هنا وهناك معاً عن طريق صلتهم بلغتهم وقوميتهم التي كانت ولا زالت مهددة بالنسيان ، في حين نجد القوميات الاخرى لديهم الكثير من النوادي او الجمعيات  ان كانت بأسم الثقافية او الاجتماعية من الاطلاع على أخبار بلادهم وأهلهم .  من خلالها اصدار الصحف الورقية او الالكترونية ومعظمها يهدف بشكل رئيسي إلى إبقاء لغة حية في أذهان أبنائها .     (( مدينة كيل موقعها الجغرافي في الشمالي الأقصى من المانيا )) .
ومن جهة اخرى فقد الامل للجالية الكوردية باللقاء مع اي مسؤول كوردي بعد انتظار اكثر من عقدين وانها اصبحت في خانة نسيان ، بالرغم من ذلك نسمع بين حين واخر زيارات المسؤولين الكورد ان كانوا السياسين او الاداريين الكبار في حكومة الاقليم الى المانيا ودول اوربا اخرى ولم نرى اي نشاط منهم اتجاه المهاجرين الكورد . 
ولذلك من الواجب على المسؤولين السياسيين الكورد بذل كافة الجهود الممكنة من أجل اللقاء مع الجالية الكوردية في اي مكان من العالم لخلق روابط وجسور مشتركة بينهما ودعمهم تشكيل اي نوع من المنظمة . وإن تكون لها دعما ماديا ومعنويا  لتحمي الجالية الكوردية من النسيان والتخوف من اضمحلال الروح القومية لدى الجيل الثاني ( خاصة المولودين في البلدان الأوربية ) ، وما يصاحبها من مشاعر حرمان من الوطن والاحبة ، بل يجب عليهم أن يكون زياراتهم الى المهاجرين الكورد ولقاءاتهم المستمرة معهم لتطلعهم على واقعهم وحياتهم بسلبياتها وإيجابياتها في الغربة ، ويتطلع على معاناتهم ومشاكلهم ، واستجابة الى طلباتهم ومعرفة وجهة نظرهم ، واليوم اصبح من الضروريات تصدي المسؤولين في حكومة اقليم كوردستان إلى قضايا المهاجرين لعدم فقدانهم وفقدان مواهبهم وابداعاتهم في " إطار صياغة مشروع حضاري لحفظ هوية الأمة الكوردية والتعريف بها " ، من خلال عقد ندوات ثقافية او سياسية او اجتماعية .   
بعد عدة السنوات من الانتظار التقت الجالية الكوردية في مدينة كيل المانية  بالمسؤول الكوردي هو " الاستاذ هيمن هورامي " عضو المكتب السياسي للحزب الكوردستاني الديمقراطي ( مسؤول العلاقات الخارجية ) بعد ان نظم الحزب الديمقراطي الكوردستاني ( لاول مرة ) برعايته يوم الأثنين 28 يونيو / حزيران 2012 بقاعة " ميكا سراي " ، ندوة ثقافية موضوعها " التطور الاجتماعي والاقتصادي في اقليم كوردستان العراق " .
كرست الندوة لمناقشة " الوضع السياسي في اقليم كوردستان والعراق" وافتتحت الندوة بكلمة الترحيب ألقتها الزميل  ( علي ميروي ) ، أشار فيها إلى مد جسور التواصل بين المهاجرين الكورد وبلدهم الأصلي وإسماع أصواتهم إلى الجهات المسؤولة ، ونقل وجهات نظرهم بكل موضوعية واستقلالية .
تحدث الاستاذ هورامي عن بدايات تشكيل حكومة اقليم كوردستان منذ بداية التسعينات من القرن الماضي ، وقد تناول الجانب السياسي والاقتصادي لحكومة اقليم كوردستان وصولا الى علاقات الاقليم مع الدول المجاور وبقية دول العالم ، وعرض بعض من المنجازات على مستوى  تقديم الخدمات الحياتية والانسانية التي قدمت من قبل حكومة الاقليم ، كما تناول على دور الديمقراطي في مسألة النقد وطرح الرأي والفكرة من قبل وسائل الاعلام في الاقليم ، وفي تحدثه اشارة الاستاذ هورامي إلى ما أثير مؤخرا حول الخلافات بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية في بغداد .
بعدها جرى حوار ونقاش بين جمهور الحضور بطريقة السؤال والمداخلة وتذكير بمواقف وأحداث ، عاشتها المهجرين الكورد  منذ قدومهم الى المانيا . وطالبوا على ان يكون في مثل هذه اللقاءات المستمرة لكي تجعلنا نتمسك بارضنا وبإرادة قوية ، مما يولد نوعاً من التآلف والتكاتف وتبديل الخبرة والمعرفة بين المجتمع الكوردستاني أي بين داخل وخارج ، لان التقارب يكون عن طريق اللقاءات الحوارات .
فإن في تلك الندوة هي توجيه وتوعية المهاجرين الكورد  بحيث أن يكونوا مؤثرين لا متأثرين . يعني عدم الانسلاخ عن اهلهم ومدنهم وعن المجتمع الكوردي ، وهذه المهمة تقع مسؤوليتها على القيادات والمسؤولين في حكومة اقليم كوردستان ،  على ضرورة العمل بجد من أجل تمكين الجالية الكوردية في الخارج من موقع القرار وحتى يصبح اندماجها إيجابيا وفعالا دون أن تفرط في شيء من هويتها القومية .

64
نيجيرفان بارزاني رجل من عصارة التاريخ
                                                                                                                              محمود الوندي
جميع الشعوب في العالم لا بد ان يكون فيها رجال وقادة جيدين ومخلصين لوطنهم وابناءهم ، والشعب الكوردي حاله حال تلك الشعوب لقد ظهر بين احضانه الكثير من الشخصيات السياسية والثقافية بانواعها امثال الاب الروحي " المرحوم  مصطفى البارزاني " . وفي بداية القرن الحالي لقد لمع اسم نيجيرفان بارزاني كرجل سياسي في كوردستان من خلال حكمه للاقليم بذكاء وحكمة ، وقدم الكثير من الخدمات الحياتية والإنسانية لإهالي كوردستان ، ومسيرة الإعمار وإزدهار فيها ، استطاع بجدارة ان يطور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الاقليم وفي ظرف اعترته جملة من المشاكل المتراكمة ، واصبحت كوردستان نموذجا بكل معالمها وجمالها التي تحتذى بها العراقيين . 

لولا وجود القيادة الحكيمة والمقتدرة على مستوى عمليات ادارة السلطة وتحدي الصراع مع التحديات المحتملة وغير المحتملة ، دون ان تفقد بوصلة تحديد الاهداف والتلازم بينها وبين الزمان لم وصل كوردستان الى هذه الحالة المتقدمة وحققت قفزات نوعية كبرى في كافة المضامين وعلى كافة الاصعدة .   
 
عندما نتحدث عن هذه  الانجازات في اقليم كوردستان من قبل ادارة سلطة (ما) يبقى شاهدا للتاريخ ، لايعني ذلك اننا نتغافل او نتجاهل ما تعانيه الاقليم من مظاهر سلبية لابد من التصدي لها بحزم وشدة ونكشف المقصرين الى الجماهير الكوردستانية . 

بعد انتهاء مدة الحكومة السابقة برئاسة الدكتور برهم صالح في إطار عملية تبادل السلطة وفق الإتفاق المبرم بين الإتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني ، يستعد الرجل الشاب نجيرفان بارزاني والذي يتمتع بعلاقات ايجابية وجيدة مع مختلف القوى السياسية داخل الاقليم وخارجه ( خاصة المعارضة الكوردستانية منها ) مرة اخرى ان يقود الحكومة في اقليم كوردستان ، بعد ان حقق نجاحات كبيرة في قيادتها سابقا عندما تولى المسؤولية في ظروف غاية من الصعوبة والخطورة والأوضاع السياسية المتوترة والحرجة ، بفضل عبقريته وحكمته لتخطى كل المعوقات والازمات وتحدي الظروف الصعبة  بروحية وثابة في البناء الصادق ، حيث تركت بصمات واضحة على شكل الإقليم وتطوره وأنجزت فيها حكومته كثيرا من الإنجازات خلال ثمانية أعوام رغم ما صاحبها من مساحات للخلل ونقاط للفساد هنا وهناك أنتجته عملية التغيير الشاملة ، إلا ان تلك الحكومة ( برئاسة بارزاني ) خلال السنوات الماضية حقققت كثيرا من طموحات الانسان الكوردستاني ، لولا حكمة السيد " نيجيرفان بارزاني " ودهاؤه وعبقريته وقبل هذا وذاك اخلاص الذي لم تفتر وعزمه الذي لم يلين وثقته بنفسه وبشعبه التي لم تضعف لما وصل الاقليم الى درجة من الرفاهية والجمالية  .   

لقد جسد السيد نجيرفان بارزاني حكومته بمساندة المخلصين لخدمة اقليم كوردستان وشعبه وخروجه الى دائرة الضوء والسير بخطى ثابتة بأتجاه الافضل والاحسن ،  وعالج واحدة من أكثر المشاكل تعقيدا الا وهي مشكلة الكهرباء والماء ومشكلة السكن ، إضافة إلى مشاريع مهمة وإستراتيجية في ما يتعلق بالطرق والتعليم والمواصلات وبقية الخدمات الإنسانية والحياتية ، أي انه وضع خططا ومشاريع عملاقة لتنمية اقليم كوردستان وتطوره ، وهذا ان نعزو ما حصل لجهد شخص الذي اصبح الاقليم  بفضله النموذج الذي يحتذى بين الاقاليم في العالم  . 

هذا الإنسان لمع نجمه خلال العقد الأول من القرن الحالي ويترك بصماته في التاريخ عبرة لغيره على مدى الدهور والعهود ،  لانه أحدث تغييرا كبيرا في كافة أجزاء الإقليم وخاصة في مدينة اربيل العاصمة التي حولتها من مدينة منسية الى واحدة من أجمل واهم مدن العراق في كل نواحي الحياة ، لتصبح فعلا المدينة بكل معالمها ومعانيها التي تحتذى بيها في منطقة الشرق الاوسط ، وانها اصبحت مركزا مهما من مراكز التجارة العالمية في المنطقة ، ومكانا امينا لعقد المؤتمرات العراقية والاقليمية والدولية واخرها مؤتمر البرلمانين العرب ، وتعتبر هذه الخطوات نقلة نوعية لا في العمران وبناء البنية التحتية فقط وإنما في التنمية البشرية ايضا   . 
 
نيجيرفان بارزاني امامه الكثير من الالتزامات الصعبة تجاه فاتورة طويلة عريضة من المشاكل الملحة خارجياً وداخلياً ..؟!!  يواجه اليوم حكومته حزمة كبيرة من الملفات الشائكة والمتراكة التي تعتري سبيل هذه الحكومة الجديدة ومنها العلاقة مع المركز ، كعقود النفط التي تبرمها حكومة كوردستان مع الشركات الأجنبية ومع موقف الحكومة المركزية الرافض ، وميزانية الاقليم ورواتب قوات البيشمركه والملفات الاخرى مثل  ملفات المناطق المستقطعة وتطبيق المادة ( 140 ) الدستورية والى جانب  مسائل الفساد الاداري والمالي المنتشرة في بعض هياكل ومؤسسات الحكومية في الاقليم ، ومسألة السيد طارق الهاشمي التي اضافت تعقيدات جديدة على مسالة علاقة المركز مع قيادة الأقليم ، بالإضافة الى التدخل الخارجي والاعتداءات حكومات ايرانية وتركية على الاقليم .

وبما ان السيد نيجيرفان ينطلق من ارضية ملؤها الثقة بالشعب والأعتماد عليه بالسير نحو مستقبل افضل ، من الطبيعي  يكرس تشكيلته القادمة لخدمة شعب كوردستان بمختلف مكوناته وتحقيق اهدافهم وطموحاتهم . حيث يستطيع بحكمته وخبرته ومن نكران ذاته ان يضع الآليات في إيجاد حل لهذه المشاكل ومعالجتها في فترة قصيرة مع حكومة المركز ، كما بمقدوره ان يحل بدبلوماسيته محنكة الملف الخارجي مع كل من تركيا وايران واللتان تجاوزهما بصورة مستمرة حدود اقليم كوردستان العراق  من قبل قواتهما ، إضافة إلى العمل من اجل تقليص مساحات الفقر والبطالة والأمية ورفع المستوى المعاشي للأهالي ومن خلال معالجة ملفات الفساد ، في واحدة من اهم مراحل تطور الإقليم سياسيا واقتصاديا   .

ربما يسأل سائل ان هذه الحقبة المليئة بالمشاكل داخليا وخارجيا سيكون حملها ثقيلا ومن الصعوبة حلها في ظروف دقيقة ومعقدة الان   .
 لما عرف عن بارزاني نيجيرفان من شخصية عملية ديناميكية وميدانية مع تمتعه بشعبية كبيرة في داخل الاقليم وخارجه وهذه مواصفات أتأهله لقيادة حكومة اقليم كوردستان العراق للمرحلة القادمة ، وبإمكانه ان يتخطى هذه المرحلة الصعبة بعقليته الناضجة ومساندة المخلصين ، وفي نفس الوقت ونحن في امس الحاجة لشخصية قوية ومحنكة ليحقق لنا الحياة الحرة الكريمة والوصول الى مانتمناه ونريده ، لنكون مضرباً للامثال ونموذجاً يحتذى به .




65
الطفل بين تربية المنشأ ورقي المدرسة
محمود الوندي
تربية الطفل وسلوكه مرهونة بيد الوالدين لعمر محدود من خلال العملية التربوية " ولو في بعض الاحيان وبصورة عارضة قد يلجأ الوالدان الى تقوية السلوك السيء للطفل دون ان يدركا النتائج السلوكية السلبية لهذه التقوية " ، لكن تعتبر الاسرة أهم المؤسسات التربوية بالحفاظ على الطفل وضبط سلوكياته وتأمين استقراره .
يشارك الأسرة العديد من المؤسسات التربوية التي يتوقع أن تعمل بصورة متساندة ومتكاملة وثم تسهم لاكمال تربية الطفل الذي يثاب على سلوكه الجيد الى جانب العلم والمعرفة ، وتوجيهها نحو تحقيق أهداف المجتمع التنموية في المجالين الاجتماعي والاقتصادي معاً ، والتي تعتمد على المنهج التربوي الأساسي في تسييس الطفل والسيطرة على سلوكه وتطويره ، حيث يكون تدريس المنهج الملائم للطفل في كل مرحلة دراسية وبالاخص المرحلة الابتدائية ، وان تكون تربيته تناسب عمره وثقافتة ، أن تكون خبرات التعلم في المدرسة متفقة مع طبيعة الطفل وحاجاته ، لان المنهج اداة هامة في خلق الحماس ورفع المعنويات وتنمية الثقة بالذات عند الطفل . ولذلك اصبحت من الضرورة ان تؤدي المدرسة دورها على الوجه الأكمل ، وأنماط السلوك المتوافرة في البيئة المدرسية للطفل .
 
يمكن القول بأن تقع تربية الطفل على عاتق البيت والمدرسة ، ولهذا يجب أن يكون هناك اتصال وثيق بين الاسرة وادارة المدرسة ، من خلال التفاعل الحر المباشر والملاحظة الدقيقة من جانب المعلم والأبوين . فواجب على الطرفين أن تتابع سلوك الطفل اليومي ، ويمثل هذا الدور عبئا كبيرا عليهم لأن لهم دور المشجع والميسر لعمليات وخبرات تعلم الطفل ما بين البيت والمدرسة . وأن تساعد الوالدان للطفل على تنمية قدراته داخل نطاق المدرسة ، وداخل نطاق الأسرة قبل الفشل في حياته التعليمية .
فأصبح من الضروري أن تتوافر لإدارة المدرسة أركان أساسية لمواجهة مشكلات التلميذ ومعاناته ، لان تكون دورها الحلقة الوسط بين الطفولة المبكرة التي يقضيها الطفل في منزله ، وبين مرحلة اكتمال نموه داخل المدرسة التي يتهيأ فيها الطفل ؛  لان بداية الطفل في المدرسة هي نقلة نوعية جديدة عليه ، حيث يكون نقل الطفل من المجتمع البيتي الى المجتمع المدرسي مؤثرا على سلوكيات الطفل ومؤثراعلى الحالة النفسية للطفل وخصوصاً أن هذه الفترة تمثل نمو الجسم والعقل والتي يتعلم ويكتسب فيها الطفل المعلومات والعادات وتنظيم أسلوب حياته التي تهيئه لمستقبله . 
من الواضح للمدرسة اصبحت دور كبير في تثقيف الطفل وتربيته ، ويزداد هذا الدور أهمية في جميع المجتمعات ( والمجتمعات النامية خاصة ) ، لذلك يجب ان يتعامل الطفل بكل الرقة واللطافة والمديح لسلوكيات جيدة داخل المدرسة من قبل إدارة المدرسة ، ولا تلتجأ الى معاقبة الطفل على اخطائه بمبدأ القسوة تكون نتيجتها انحرافات في سلوك الطفل ويتمرد عن المدرسة وعن المجتمع ، مما يجعل الطفل انطوائيا ، غير قادر على التواصل مع أقرانه ومعلميه . العقوبة يجب ان تكون خفيفة عندما يسئ الطفل لا قسوة فيها لأن الهدف منها هو عدم تكرار السلوك السيء مستقبلا وليس ايذاء الطفل والحاق الضرر بجسده وبنفسيته كما يفعل بعض المعلمين لمعاقبة التلاميذ ، فيصبح الطفل عرضة للصراع النفسي ثم الانحراف وينقلب الطفل الى تلميذ مشاغب في المدرسة وثم تكون العقوبة هي السبب الحقيقي مشردا في الشوارع .
إذ أن المهمة التي تُلقى على عاتق المدرسة تكون أشد حيوية ، فهي تستطيع أن تسد العجز في ضآلة الثقافة والتربية التي قد تعاني منها بعض الأسر ، وبما تقدمها من معارف وخبرات منوعة ومنظمة ، كل ذلك يكون وفق فلسفة محدودة تتمشى مع متطلبات العصر الحديث ، ومع عقلية الطفل ، وأن تلبي المناهج الدراسية حاجات الطفل المعرفية والثقافية ، وأن تقوم إدارة المدرسة بمعالجة أمور الاطفال بطريقة تربوية واجتماعية ، وأن تتخذ أسلوباً مرننا لها في حل بعض مشاكسات التلميذ ( الطفل ) ، وعدم اللجوء الى العقوبات القاسية المؤذية في المدارس كالتحقير والاهانة او الضرب الجسدي العنيف لأنها تخلق ردود افعال سلبية لدى الطفل ، مما يجعله يكره المدرسة ، وغير راغب في أن يكون موجودا في هذا الجو المتسلط ، وتمسكه القوي بالسلوك السلبي الذي عوقب من اجله .
ولا بد ان تكون البيئة المدرسية غنية بالأنشطة والمهارات الحياتية ، وأن تعمل المدرسة باستمرار على استثارة دافعيات التلاميذ وشوقهم وحبهم للمدرسة ، فيتعلم فيها الطفل مجموعة من الخبرات التي ترتبط بحياته في المجتمع ، وخبراته التي تجعل من المدرسة حياة تعاش ، هنا أركز على ضرورة الاهتمام بالأنشطة المدرسية المتعددة إلى جانب العلم والمعرفة ، الأمر الذي يتيح مجالات مختلفة للطفل لكي يشبع حاجاته النفسية والمثل الإنجليزي يقول: ( النجاح يؤدي إلى نجاح ) وتلك أعظم مستويات دافعيات العمل المدرسي .
ومن هنا تكمن أهمية إعداد المعلم إعداداً تربوياً ونفسياً وإعداد قدرته على توظيف استراتيجيات التدريس ، فيكون على دراية ومعرفة كاملة بخصائص النمو ومدرك لسلوك التلاميذ في كل مرحلة من مراحل الدراسة ، يتوجب على المعلم أن يلتزم بالأمانة بالتدريس وحث التلميذ ( الطفل ) على تنمية مواهبه بنفسه وان يشجعه على إعماله وتشعره بمدى تقابله بالترحاب لكي يقبل على المدرسة ويحبها ، فالمدرسة ليست مجرد معلومات تنقل للتلاميذ ، بل هي خبرات محببة ملائمة لنموهم ومعرفتهم  .


66
الكورد الفيلية.. بين اضطهاد الامس وتهميش اليوم

                                                                                                                             محمود الوندي

 كان لاستلام حزب البعث السلطة في  العراق خلق ظروفا ومناخات صعبة امام مكونات الشعب العراقي ، وكان له التأثير السلبي على سايكولوجية الانسان العراقي من خلال حكمه ، مما تجسد ذلك من خلال ردود افعاله تجاه التغيرات والمستجدات التي سببت للفرد العراقي  التوتر والقلق والتردد وفقدان الثقة في نفسه ؛ لذلك الكثير من العراقيين أجبرتهم ألة البطش النظام البائد لترك العراق . بما ان الكورد الفيليين احدى مكونات المجتمع العراقي ، أصابهم الضرر الأكبر والأسوأ عن سائر المكونات بسبب تلك السياسية الخاطئة ، وتحملوا من جرائها الكثير من معاناة والآلام وعلى رأسها جريمة ابادة جماعية عندما تم تهجيرهم قسرا من العراق والقائهم خارج الحدود بأقسى الأساليب ، من دون اي ذنب سوى انتمائهم القومي والوطني .   
امتلك الكورد الفيلية الفرحة العارمة كباقي المكونات العراقية بسقوط نظام البعث وسرعان ما ذهبت الفرحة ادراج الرياح لعدم اكتراث الاحزاب السياسية التي حلت محل حزب البعث بمشاكل وهموم الكورد الفيليين وعدم تلبية طموحاتهم وإعادة حقوقهم المسلوبة أسوة ببقية المكونات العراقية الأخرى .
لذا نتساءل !!!   من المسؤول عن  هذا التهميش والأقصاء المتعمد للكورد الفيلين في عهد النظام الجديد لإزالة تبعات سياسات النظام السابق ، وعدم انصافهم برد الأعتبار اليهم ، بعد ما حل بهم من كوارث وجرائم في عهد نظام البعث ؟؟؟ ولماذا لا یتعامل العراق الجدید مع آلام الکورد الفيليين ولم یضمن لهم حقوقهم المشروعة ؟؟؟ بما تؤكد جميع الوثائق والحقائق التاريخية بانهم عراقيين اصلاء .
هل هم أزلام نظام البعث ما زالو متواجدون في مؤسسات ودوائر الحكومية ، أم انها أجندة مرسومة تتبعها الحكومة الجديدة ، أم اهمال من انفسهم ، وصراع بين تكتلات الكورد الفيلية هو سبب الاخفاق والتهميش لقضيتهم ؟ 

لقد دافعنا كثيرا عن الكورد الفيلية وحملنا الحكومة العراقية والاحزاب المتنفذة مسؤولية معاناة والآلام هذا المكون في العهد الجديد ، كما طالبنا من الحكومة النظر الى مأساة الكورد الفيليين بأهتمام كبير وحل مسألتهم جذرياً وليس بالخطب والتصريحات الرنانة ؛ ولكن في هذه المقالة احاول ان اعرض بعض الاخطاء من هذا المكون الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية عدم إعادة حقوقه المشروعة وعدم اعادة الاعتبار له ، أي ان يقع الخطأ والاهمال على الكورد الفيلية انفسهم لعجزهم على التكاتف والتعاون فيما بينهم وتشكيل القوة لهم من جميع الانتماءات والافكار ان كانت المذهبية او القومية او العلمانية لتوحيد صفوفهم او تشكيل الجبهة القوية ... إذن يكون الجواب !!! هموم الكورد الفيلين يتحملها هم انفسهم بدرجة اولى الى جانب عدم مبالات الحكومة والاحزاب المتنفذة ، لاسباب كثيرة ومنها : 
•   الذي انعكس سلباً على القضية الفيلية عدم وجود كيان سياسي مستقل يمثل الفيليين ،      فالتشتت والتفرق والتكتل بين الفرقاء منعتهم لمتابعة تنفيذ القرارات والتعليمات الصادرة من قبل المحكمة الجنائية ، ومطالبة من الجهات المسؤولة لاسترجاع حقوقهم المشروعة إستنادا على تلك المحكمة .
•   عدم وجود تعاون وتنسيق بين المنظمات والاتحادات التي شكلت باسم الكورد الفيلية الى جانب الكيانات السياسية ، وانهم لم يسعون الى الحوارات والنقاشات ولم تمكنو التوحد وان كان شكليا ، هو احد الاسباب لم يتضمن لهم حقوقهم .
•   تحرك بعض الشخصيات الفيلية داخل الكيانات السياسية للاستفادة منهم للمصلحة الذاتية ونيل الامتيازات المادية والمعنوية على حساب قضيتهم ، بعيدا عن هموم ومعاناة شريحتهم .
•   هناك اشخاص داخل المكون الفيلي لهم علاقات مع متنفذين في السلطة ، سواء كانوا اقرباء أو أصدقاء من خلال هذه العلاقات استعادو ممتلكاتهم ( خاصة الممتلكات غير المنقولة ) . لذلك عدم اهتمامهم لاستعادة بقية الكورد الفيلية لحقوقهم .
•   هناك عوائل فيلية جالسين في بيوتهم وينتظرون حتى يطرق بابهم على استرجاع حقوقهم بدون جهد او عمل ، لضعفهم امام رغباتهم وفقدان الثقة بانفسهم ، وعدم ايمانهم بالتضحية من اجل قضيتهم واستحقاقاتها التاريخية .
لقد اصبح واضحاُ من الضروري إبتكار الكورد الفيلية أدوات ومفاهيم متطوره لمصلحتها وإستخدام أساليب جديده من أجل استرجاع حقوقها المسلوبة ، بلا شك على ان الكورد الفيلية بحاجة الى المزيد من التواصل والتشاور والتلاحم فيما بينها عبر مسارات التفاهم ، وانفتاح مكوناتها الاجتماعية على بعضها بأي شكل كان ضمن المؤتمر او المنظمة او الفعاليات المعنية لتثبيت وجودها كشريحة عراقية فاعلة على الساحة العراقية ، مع المزيد من الاصرار والعزيمة لاسترجاع حقوقها المسلوبة واسترداد املاكها وهويتها القانونية ، ليكن اعمالها ونشاطها ووحدتها مضاعفة بان تكون تجسيد حضورها القوي على الساحة السياسية لردم أثار الماضي وجراحاته ، وتحسين الحاضر والانطلاق الى آفاق خضراء .         
لقد تبين للجميع لا تستطيع الكورد الفيلية حل مشاكلها وتحقيق امانيها من دون تكاتف وتعاون بين تكتلاتها والقضاء على الاختلافات والخلافات فيما بينهما ، ولن تلتئم جراحات الكورد الفيلين إلآ بتكاتفهم ووحدتهم وعيشهم تحت مظلة واحدة ، ونزع الغشاوة المصلحة الخاصة عن عيونهم . 
إذا قامت الكورد الفيلية الى وحدة صف ووحدة صوت وكلمة وتشكيل القيادة الموحدة ، وفي هذه الحالة تستطيع القيادة الموحدة مواجهة المسؤولين العراقيين ويطالب بحقوق الكورد الفيلية المغتصبة في الماضي والحاضر من ضمن القانون والدستور، واتخاذ القرارات بنفسها التي تخصها لتحقيق امانيها واحلامها ، بدلا من انتظار العون والدعم من الاحزاب المتنفذة او تركهم ينوبون عنها في اتخاذ القرارات التي تخصها .     



67
ارتشاف الكورد الفيلية من المؤتمر القادم

                                                                                                                       محمود الوندي
أن العراق المثخن اليوم بالجراحات وشعبه يعاني الكثير من مصاعب الحياة ، والتراجع في مجالات العلم والمعرفة ، وهي حالة خطيرة جداً ، حيث الابقاء على الوضع الحالي يحمل الكثير من المخاطر ، ان الوضع الحالي وما يحمله من تطور للمخاطر والتحديات ، وبما يهدد عملية البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، والمطلوب معالجات ملموسة تنطلق من المصالح العليا للبلاد ، ومزيد من التصرف العقلاني على ضرورة المرونة السياسية واخضاع المصالح الحزبية الضيقة للمصالح العليا لشعبنا ووطننا ، ووضع المواطن العراقي في المنزلة العليا على حساب المصالح الانانية ، الشخصية والفئوية ، والبحث عن بديل اخر لنظام المحاصصات الطائفية ، هو البديل الديمقراطي وتفعيل مشاركة المواطن بشأن العام ، وعبر اعتماد الهوية الوطنية .   
ان ما يميز المشهد السياسي الحالي في العراق بعد جلاء القوات الامريكية ، انه من الاستعصاء السياسي ناجمة بالاساس عن الصراع المحتدم بين القوى السياسية المتنفذة على الساحة العراقية حول السلطة والثروة والنفوذ وتحجيم للطرف الآخر ، الى جانب استشراء الفساد واستفحاله بصورة نادرة المثال حتى على المستوى الدولي ، أي انه صراع لتعزيز نظام المحاصصة واعادة انتاجه ، وسبب الصراع السياسي هو غياب الإرادة السياسية لدى القوى المتنفذة في الحكم ، وغياب اعتماد مبدأ اقتسام السلطة على قاعدة الديمقراطية والمشاركة الحقيقية في صنع القرار .
انسحاب القوات الامريكية من العراق في نهاية عام 2011 عدم تبلور بدائل حقيقية للخروج من الازمة مما أضفى على الوضع السياسي المزيد من التعقيد ، لاحظنا تدهور العلاقة بين الكتل السياسية الحاكمة والمتنفذة ، واشتداد التراشق الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين ممثليها ، ان تفاقم الصراع بين "الشركاء" في الحكومة وبلوغه المديات التي وصلها اخيراً هو في واقع الامر صراع يدور في بشأن الهيمنة والنفوذ وانتزاع المزيد من المكاسب وحفاظ على مواقعه وامتيازاته ، بالاستناد الى المحاصصة الطائفية والإثنية ، هي أس المشكلة وجذرها الرئيسي ، ان تعمق الأزمة والتراشق وافتعال المشاكل بين القوى المتنفذة وانفجارها ، فهي تفاقم معاناة السكان جراء سوء الخدمات ، وندرة فرص العمل ، ومشاكل معيشية وحياتية واقتصادية متزايدة  ، وهم بهذا يتحملون نتائج التفريط بخبرات أناس كفوئين في المجالات التربوية والتعليمية والاقتصادية والعلمية .
المشاركين في المؤتمر الوطني المزمع عقده بين الكتل السياسية المتصارعة ، بأن لا يتضمن اللقاء عرضا للقضايا الشخصية للسياسيين وقناعات الأشخاص والمواقف الخاصة بهم ، وإذا ما كانت النيات سليمة هدفها التخلص من الأزمة التي تعصف بالبلاد ، وإذا ما لم يتخلَّ القيادات السياسية المتنفذة عن نهجهم الحالي في التمسك بالمحاصصة والمصالح الفئوية الضيقة وعدم ابداء المرونة والاستعداد لتقديم التنازلات المطلوبة للتوصل الى حلول تضع مصلحة العراق فوق كل اعتبار ، سيظل المؤتمر يدور في الحلقة المفرغة .
 إذا  تعوّل الكتل المتنفذة في ايجاد الحل للازمة القائمة تشارك فيه كل اطياف الشعب العراقي . أن معظم ابناء الشعب العراقي يعول الكثير على المؤتمر الوطني المرتقب عقده كمنفذ من الازمة السياسية الخانقة التي عصفت بالعملية السياسية . من الضروري ان تلتفت المؤتمرين لأهمية احترام مكونات الشعب العراقي بغض النظر عن أي مكون ما يحمله من فكر او يؤمن به من دين او مذهب ستساهم في نجاح المؤتمر الوطني ، فأي مكون يعتز بإنسانيته وكرامته ويجب ان يكون محل احترام وعدم تهميشه ، وعلى المشاركين في المؤتمر أن ينشرحوا على قضايا تخص مكونات الشعب العراقي ولا سيما مكون الكورد الفيليي ، وثم يبحثوا قضايا اعمارالبلاد وبناء بنيتها التحتية ومناقشة واقع المجتمع العراقي ومطالب الناس والحاجات الضرورية لهم ، فان تكون هذه المسائل المحور الرئيسي للنقاش فيما بين القيادات السياسية المشتركة .       
إذا كانت النيات سليمة لدى الجميع للتخلص من الأزمة راهينة يجب عدم اختصار المؤتمر على الكتل الكبيرة في البرلمان المتصارعة فيما بينها حول المحاصصة الحزبية والطائفية ، ضرورة مشاركة كافة مكونات الشعب العراقي بدون شروط تعجيزية بغض النظرعن عدم تواجدهم في البرلمان ولا سيما  شريحة الكورد الفيلية ، والتي يجب ان تكون هذه الشريحة ركن مهما في المؤتمر إضافة الى استجواب الى مطاليبها ومظلوميتها ، لانها تشغل مساحة غير قليلة في الساحة السياسية  العراقية والكوردستانية وكذلك لها دور في حياة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع العراقي ولهذا من ضروري أن على ان يكون اشراكها بوفد يتناسب مع ثقلهم الاجتماعي والسياسي لكي يساهم في عملية ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وبناء الدولة المدنية .   
مشاركة الكورد الفيلية من ذوي التاريخ النضالي الحافل في المؤتمر التي يجب ان تضع اللجنة التحضيرية نصب عينيها في ما تعده لخارطة الطريق سوف تلعب هذه الشريحة  دوراً فاعلاً في عقد المؤتمر ونجاحه  .
اخيرا وليس اخرا ... دعوة الى الكورد الفيلية داخل العراق و في بلدان المهجر للاسراع في تسمية المرشحين ان يكونوا من الشخصيات السياسية الفيلية المستقلة والمعروفة في الاوساط السياسية لحضور هذا الاجتماع الوطني والمشاركة الفاعلة في بناء المرحلة السياسية المقبلة ، لطرح قضاياهم ومعاناتهم ، وكيفية سلب حقوقهم الوطنية منذ تهجيرهم القسري سنة 1971 .




68
جدلية تدخل دول الجوار العراقي
                                                                                                                       محمود الوندي
بما إن العراق يتمتع بالثروات والإمكانيات الاقتصادية الكبيرة ، فإن بعض الدول الاقليمية المحيطة بالعراق ، تحاول بشتى السبل ان تتدخل في شؤون العراق وتسعى الى وضع العصا في عجلة النمو الاقتصادي في العراق ومنع تطوره لتحجيم دوره في المنطقة ، بسبب قلقها من ان يتسبب نهوضه اقتصاديا وسياسيا في تحجيم دورها في المنطقة . ان هذا الأمر ينبغي ان يكون حاضرا في حسابات سياسيو العراق  لغرض افشال تلك المحاولات الخارجية الرامية لإضعاف العراق اقتصاديا وسياسيا ، ويكونوا بشيء من الحنكة والدراية لتوفيت الفرصة على دول الجوار ومنعهم من التدخل بالشؤون الداخلية للعراق وسد الثغرات لقطع السبل امام أطماعهم .
لكن للأسف فان بعض النخب السياسية في العراق قدمت وتقدم العراق على طبق من ذهب للتدخل  في شؤونه الداخلية من قبل دول الجوار ( إيران ، السعودية ، تركيا ) من خلال استقواءها بالخارج على خصومها السياسيين في الداخل ،  إن عجزهم عن حل مشاكلهم فيما بينهم يدفعهم باتجاه الخارج ، فنجد تدخل الخارج لحساب هذا الطرف أو ذاك غالبا ما يكون على حساب مصلحة العراق ، وسيكون وبال على الشعب العراقي ؛ وهذا واقع الحال يؤدي الى التشتت وفقدان وحدة الصف العراقي ما سمح بالتدخلات الاقليمية في شؤون العراق التي باتت تستغل الخلافات بين الكتل السياسية لمصالهم الخاصة . 
ان بعض الكتل والسياسية الحاكمة والمتنفذة هم من سمحوا لدول الجوار التدخل بشؤون العراق الداخلية من خلال فتح الباب امام تلك الدول بالتدخل في حل خلافتهم ومشاكلهم ، وهذا التدخل من قبل دول الجوار لا يصب في مصلحة الشعب العراقي وما له من تأثير سلبي على اوضاعه ، فإن كل واحدة منها ستتبنى قائمة سياسية او طائفة بذاتها وتبدأ بحجة حمايتها بالتدخل في شؤون العراق ، واستغلال علاقات بعض الساسة العراقيين المذهبية او قومية مع تلك الدول وقياداتها على حساب مصالح العراق وشعبه  .
ان تفاقم الصراع بين "الشركاء" في الحكومة وبلوغه المديات التي وصلها اخيراً هو في واقع الامر تجل آخر لتعمق ازمة نظام الحكم  " كما انه صراع يدور في واقع الامر بشأن الهيمنة والنفوذ وانتزاع المزيد من المكاسب الشخصية والحزبية الضيقة  ؛ ويحمل هذا الصراع الكثير من المخاطر وما لإنعكاساتها من التأثير السلبي على جميع الجوانب ولا سيما السياسية والاقتصادية منها ، في حال استمرت خلافاتهم ونزاعاتهم على السلطة والمال .. ويترك تأثيرات خطيرة جدا على مصالح العراق الداخلية والخارجية . وهذه الخطايا التي تورط فيها بعض الساسة العراقيين سهلوا تتدخل دول الجوار في شؤون العراق ؛ وهذا يدل أن الجهد السياسي للعراق في التعاطي مع الدول الأخرى يتسم بالضعف نتيجة غياب التعاون وانعدام الثقة بين القوى السياسية  .
لو كانت النخب السياسية متضامنة وقوية لما استمرأت دول الجوار التدخل بالشأن العراقي ، أن الاختلاف الشديد بين القادة السياسيين في العراق وضعف الأداء الحكومي أدى الى التشتت والتفرق ووصل إلى حد التناحر والتصارع وتبادل الاتهامات بين الساسة العراقيين وهو ما أدى إلى أن يكون موقف العراق موقفاً ضعيفاً ووفر المدخل وأعطى الفرصة لتلك الدول لأن تتدخل في شؤون العراق ، ومن جانب اخر وجود بعض الولاءات من المسؤولين والسياسين للخارج منذ ظهور سقوط النظام البائد ، تثير شهية  دول الجوار للتدخل في الشأن العراقي ، فهو السبب الحقيقي من التدخلات الاقليمية في شؤوننا ، وفتح الأبواب على مصراعيها لصراع الأجندات الاقليمية على اراضينا  .




69
الكورد الفيليون بين الأماني والواقع
محمود الوندي
المتتبع للاحداث التي جرت على عوائل الكورد الفيليين  ،  وما تعرضوا من تهجير ، وقتل ، وتعذيب ، ولم يسبقهم في هذا المضمار الا يهود العراق . حيث صدر من النظام البائد قراراته القرقوزية من الإستبداد مع سبق الاصرار والترصد ضدهم ، لمصادرة أموالهم وممتلكاتهم وطردهم عراة خارج العراق في عتمة الليل ،  في فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي دون ذنب سوى انهم كورد استهدفهم نظام البعث وهجرهم بسادية منقطعة النظير ، لان نظام البعث كان ينفذ مشروعه الاستراتيجي البغيض لإنهاء الكورد بكل فئاته وحيثما تواجد .  لكن الأكثر تألما هو إسقاط عنهم الجنسية وفك إرتباطهم بالوطن بقرار صارم من صدام حسين .. وبكل برودة يسقط جنسيتهم ويلغي إنتماءهم ، بدلاً عن ذلك حسبوهم " رعية " أجنبية ( إيرانيون ) !!  بالرغم من ان هؤلاء مولودين هم واباؤهم واجدادهم في ارض العراق والبعض منهم تمتد اصولهم الى فترة ماقبل ظهور الاسلام . ويلغي انتمائهم الى ارض تشبعت بعرق جبينهم ، وتوجعوا بموجعاتها ، وساهموا في دوي صيتها ، قبل عقود وإلى الآن .   
فإن الأكثر إيلاماً فان أغلبية المسؤولين في ادارة العراق الجديد من أعلى مسؤول في الدولة العراقية الى أبسط مسؤول يعلم حجم المأساة والمعاناة الإنسانية التي مرت بها الكورد الفيلية ، ولم يؤشر اي مسؤول مما لحق بهم من ظلم وتعسف في ايام نظام البعث ، واصبحت هذه الشريحة المهمة في خانة النسيان والاهمال برغم قرار المحكمة الجزائية الخاصة ، باعتبار جريمة ترحيل الكورد الفيلية ( حينوسايد ) الحملة الظالمة وجريمة إبادة جماعية ( لا بد ان يستثمرهذا القرار لجهة إبداء المزيد من الرعاية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لهم ) . اقولها باسف شديد هذه الشريحة المنكوبة في العراق الجديد ، ما زالوا يعاملون بقانون التبعية ، مع أن وجودهم بالعراق يمتد لمئات السِّنين ، بل إن منهم من يعد نفسه سومري الأَصل حباً بالعراق أو أنها حقيقة تاريخية .  وقد برهنوا على ذلك على مدى عقود طويلة من تاريخ العراق الحديث ، وفي مختلف المجالات وفي كل ميادين العمل والابداع ، وهم اكثر اهل العراق تضحية ومواقف مشرفة لمقارعة السلطات الدكتاتورية ، وقدموا قوافل من الشهداء والتضحيات الجسيمة من اجل  الحرية والديمقراطية وساهموا بكل تفاني واخلاص في الحركة الوطنية والدفاع عن حقوق الشعب العراقي .     
لقد مضي أكثر من تسعة سنوات على الحكم الجديد ، ما زالت الكورد الفيليون يحلمون ويتمنون لكي تأخذ الحكومة العراقية على عاتقها حل مشاكلهم وترفع عنهم ولو قليلا من الغبن الذي لحق بهم من قبل النظام السابق ، وكانوا باعتقادهم ان الحكومة العراقية الجديدة ستلتفت الى حالهم !! ، فتكدست تلك التمنيات والأحلام ، بأنهم سوف يسكنون بيوتهم ويعيشون عيش رغيد وحياة كريمة ، ويعود لهم وثائقهم العراقية ، وبعواطفهم الحارة ( حرارة بغداد ) يتجولون في حاراتهم ويطوفون أزقتها ، لكن وجدوا العكس تماماً على أرض الواقع ، لم يسمعوا سوى تصريحات جميلة ومؤثرة عن قضيتهم والوعود حول معالجة قضاياهم التي ضجت بها الصحافة والاعلام ، ناهيك عن التقصير المتعمد بحقهم . والعراقيل التي توضع أمام كل فيلي يريد استرداد جنسيته العراقية المسلوبة .
ومن بديهيات الأمور أن العبرة هي في الأفعال وليس في الأقوال فقط . لذا نتساءل : بالرغم من كل الكتابات والمقالات والمناشدات التي ناشدت المسؤولين العراقيين ، لماذا لم تجر ترجمة هذه الوعود والتصريحات إلى أفعال وأعمال ؟؟ !! ولماذا لم تطبق كل هذه الوعود والعهود والقرارات لحد الآن ؟؟ !!  كان من المؤمل ان تحل قضايا الكورد الفيلية بعد سقوط نظام البعث ويجري أنصافهم وتعويضهم باسترجاع أملاكهم وأموالهم وإعادة جنسيتهم العراقية ، أما تقديم التعويض اللازم لهم مع منح كامل حقوقهم المنهوبة .
للأسف الشديد ولم يلتف احد الى تلك المعاناة والمأساة التي تم بحق الكورد الفيلية رغم صرخات تطلقها الضمائر الحية بضرورة حسم قضاياهم والاسراع بمعالجة الاضرار ما اصابهم من قرارات النظام السابق ، من الواضح ان الاطراف السياسية الحاكمة ينظرون الى قضية الكورد الفيلية نظرة هامشية ..  فرغم انهم يتلقون الوعود والمساندة والكلام الجميل والمعسول من كل الاطراف الحاكمة والحزبية ، وتماطرت عليهم تلك الوعود ، الا انهم لم يقبضوا سوى تكرار لتلك الوعود والكلمات التي حفظوها ، وعدم الالتزام بهذا الكم من التصريحات والوعود والعهود والقرارات من قبل مسؤولين في الحكومة او في الاحزاب المتنفذة ، ولم وجدت طريقها إلى التنفيذ . بل هناك اطرافا سياسية تحاول استخدام قضية الكورد الفيلية ورقة رابحة في مناورتها السياسية عند الحاجة . 
ومن حقنا ان نطرح السؤال التالي : 
  من المسؤول عن التهميش والأقصاء المتعمد للكورد الفيلية ؟؟؟؟؟؟ سيكون الجواب في مقالة قادمة





70
وزير الصحة في حكومة اقليم كوردستان يحارب مهنة الطب الصيني
محمود الوندي
الطب الصيني او علاج الوخز الذي وجد فيه ثقافات ومعلومات كثيرة ومتعددة ، بدأ ياخذ مكانته في انواع العلاجات بل تفوق عليها في الكثير من المجالات . واصبح هذا الطب يدرس في الجامعات ، حيث أصبحت " فينا "عاصمة النمسا من المراكز المهمة في اوربا والرائدة في هذا المجال . أن الولايات المتحدة في وقت الحاضر من أكثر الدول اهتماما بهذا الطب سواء من ناحية إجراء الأبحاث العلمية والدراسات أو من الناحية الأكاديمية  ، الى جانب ذلك هناك في كثير من الدول المتقدمة لديها عشرات من المؤسسات او العيادات الطبية ( اقصد الطب الصيني ) لعلاج أمراض متنوعة .
لقد وجدت ان هذا النوع من العلاج من خلال البحوث والدراسات يحدث تأثيراته الشفائية وفي نفس الوقت يكون في خدمة المرضى ( وخاصة الطبقة الفقيرة  ) ، لأنه لا يحتاج لشراء الادوية من الصيدلية ( كلنا نعرف هناك غلاء فاحش للأدوية في الصيدليات ) ، ومن ناحية اخرى نرى شعبية وإتساع دراسة الطب الصيني بين الجماهير في مختلف العالم وأصبح بعض الناس ينظر إليها على أنها طب بديل عن الطب الحديث .
هذه المقدمة حول الطب الصيني من تطوره وإيجابيته قبل ان اخوص في لب الموضوع كيف يحارب وزير الصحة في حكومة اقليم كوردستان للأطباء في هذا الاختصاص وخاصة في مدينة السليمانية التي تتقاطع مع مصالح الشعب وهضم حقوقه لتمرير مصالحه الخاصة والحزبية لدى بعض الاطباء الفاشلين والذين تخرجوا ايام نظام البعث بقوة تحزبهم أنذاك  .
بدلا ان يأخذ هذا المجال " اقصد الطبي الصيني " دوره الطبيعي في جميع مستشفيات كوردستان العراق وتسليط الضوء عليه من خلال وسائل الإعلام لكي يتعرف المجتمع عليه بشكل جيد ، ولكن يحارب من قبل وزير الصحة في حكومة اقليم كوردستان بحجة تجاهل الوزير وعدم معرفته بهذا العلم ، السبب الحقيقي لهذه الإجراءات ضد الاطباء وعدم افساح المجال بمعالجة المرضى بواسطة الطب الصيني ، لتغطية فشل بعض الاطباء وعدم كشف فشلهم للمجتمع .
بعد ان اخذ هذا النوع من العلاج مكانته وسمعته داخل المجتمع العراقي بشكل عام وخاصة داخل المجتمع الكوردستاني ، ووجدوا بعض المرضى معالجتهم لدى الاطباء المختصين في مجال الطبي الصيني ( علاج الوخز ) وعدم تشخيص مرضهم من قبل بعض الاطباء العامين والذين يطالبون من مرضاهم سفر الى ايرن بعد فشلهم لمعالجتهم  بحجة عدم وجود الاجهزة الطبية او نقص في الادوية .
لقد استطاعوا هذه الاطباء الفاشلين ان يؤثروا على وزير الصحة عن طريق استغلال مناصبهم الحزبي ( بعد تغيير جلدتهم وجلبابهم ) او استغلال صداقتهم معه لمحاربة الطب الصيني واطبائهم الكفؤين والاكاديمين الذين لديهم طاقات وابداعات وقدرات لتقديم الخدمات الافضل الى المجتمع الكوردستاني ، لتستر على عيبوبهم وفشلهم لعلاج المريض وتشخيص مرضه  .
واقول للسيد وزير الصحة في حكومة اقليم كوردستان ، مع الاسف خيبة الامال الكبيرة للمجتمع الكوردي عندما يتم مضايقة الاطباء الأكفاء ومحاربتهم  وبالاخص في مدينة السليمانية من قبلكم  والتي اصاب كبد الفقراء . لو تتابع العلم والتطور في العالم وهذا من صميم واجباتك لم تأخذ هكذا الإجراءات بحق الاطباء الكفؤين وخاصة الذين يعملون في مجال الطب الصيني وتضايقهم  وتغلق عياداتهم دون عذر مشروع وعدم التفاتك الى هموم الناس البسطاء .



71
الكتل السياسية العراقية " اتفقوا على ان لا يتفقوا "

                                                                                                                                  محمود الوندي
في الوقت الذي كان على قادة الكتل السياسية الاتفاق والتكاتف والمضىي يدا بيد ضد اي خطر يواجه الشعب العراق  ، للاسف الشديد يتناحر قادة هذه الكتل فيما بينهم ويزداد الصراع يوما بعد يوم وعدم اتفاقهم على موضوع معين وهذه الظاهرة اصبحت علنا للشعب العراقي  .
دائما نسمع الى عقد اجتماع لرؤساء الكتل السياسية المتخاصمة  بعد وصولهم الى حافة الهاوية الى حل الخلافات العالقة  وخاصة بشأن الوزارت الآمنية الشاغرة ، والخروج  بنتائج مرضية للفرقاء المختلفين  ، ولكن اطراف الاجتماع المتناحرة في العملية السياسية لم تخرج بنتائج إيجابية ودون ان تجد حلا نهائيا لمشكلاتها المزمنة ولم تصل الى اتفاقية حقيقية لمصلحة الشعب العراقي لافتقادهم الثقة فيما بينهم ، واغلب الاطراف ينتهي بهم المطاف للخروج من الاجتماع وعدم الوصول الى حل الخلافات فيما بينهم ، يتوجهون الى ساحة التصريحات النارية ، واللجوء الى الحملات الإعلامية القوية في تضليل الجماهير في احاديثهم لتأجيج التوتر والاحتقان على الشارع العراقي .
هذه الاجتماعات لم تكن مجدية بل ومخيبة للآمال لدي مكونات الشعب العراقي ، لعدم خوضهم في القضايا المهمة الشائكة ، لان هناك محاولة كل الطرف ان يكتسب الفرصة لطرح امورهم داخل الاجتماع ، لان التنازع بينهم هو التنافس على المناصب القيادية وعلى المكاسب السياسية والشخصية وليس تحسين المستوى المعيشي للانسان العراقي ، كما هو الحاصل في برلمانات العالم الغربي فانهم يختلفون في كيفية اعطاء المواطن ما هو اكثر واكثر ، اما سياسية العراق فهم في تظافر الجهود في سبيل الكسب السياسي والاعلامي وازدياد حالة النفوذ الشخصي والاستيلاء على السلطة شيئا فشيئا .
مع الاسف كان قادة الكتل السياسية في الاجتماع الاخير تركوا محمل القضايا الرئيسية التي تخص وضع المواطن العراقي ومن دون  اشارة الى المشاكل التي تحيط بهم ،  سوى مناقشتهم  حول بقاء القوات الامريكية في العراق ، واعتقد هذا ضحك على ذقون الناس البسطاء لانهاء وجود امريكي في العراق .  كان على رؤساء الكتل السياسية ان يبحثوا عن الفساد الاداري والمالي الذي يزكم الانوف وكيفية محاسبة المسؤولين عن سبب اغتنائهم بهذه السرعة ، رغم ان اغتناء المسؤولين الحكوميين اصبح امرا عاديا في العراق لان لا يوجد القانون الذي يحاسبهم أي اصبحوا فوق القانون ، لان لم يعد احدا يتسائل عن سبب اغتناء المسؤول المفاجئ .
استخفاف الكتل السياسية بالشعب العراقي لا يصدقه عقل ولا إنسانية فما جرى ويجري في العراق على مدى عدة سنين ماضية من قتل واغتصاب وارهاب وتهديم وترحيل وفائض من جيش العاطلين ، وهذه الكتل تعمل بطريقتها الخاصة وعلى هواهم فتبحث الأقوايل والتصريحات النارية ، وكأن كل كتلة تريد أستعراض عضلاته بدلا من إثبات وجهة نظرها بالأدلة والبرهان  وهذه المواقف ينطبق عليها هذا القول " بأن الكتل السياسية في العراق اتفقوا على ان لا يتفقوا " ، ونستطيع ان نقول بان قادة الكتل السياسية اتفقوا على توزيع المناصب فيما بينهم ويستمرون على عدواة بعضهم البعض ليخدعوا الجماهير العراقية ، لكن لم يتفقوا لتقديم الخدمات الحياتية والإنسانية الى الشعب العراقي  !!! لان الحرامية منهم بيهم .




72
الصحافة بين الحرية والمسؤولية الاخلاقية والاجتماعية
(الجزء الاخير )

                                                                                                                        محمود الوندي

إذا كانت المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتكنولوجية قد غيرت وجه العالم من عدة أبواب فإن الإعلام قد ساهم وبشكل رئيسي في ذلك سواء عن طريق الإعلاميين المهتمين بالتغيرات المختلفة على مضامين الحياة في المجتمعات المحلية منها والعالمية أو عن طريق وسائل الإعلام ولا سيما الصحافة ( الورقية او الكترونية ) التي تزايد دورها في حياتنا المعاصرة .  وتأثيرها على العالم بوجه عام . فإن الموضوع يجدر بنا الإشارة إلى حرية الإعلام بشجاعة واهتمام ، التي تمهد لنا الطريق لمعرفة مفاهيم هذه الحرية وممارستها ومضامينها ومسؤولياتها

إذا كان العالم قد مسه انبثاق المتغيرات المختلفة فإن الإعلام قد مسه إشعاع مختلف القوانين واللوائح التي تؤكد على حرية الإعلام وحرية الصحافة وتدعوا إلى إعطاء معنى أوسع لهذه الحرية في الحياة الإعلامية من جهة ومن جهة أخرى إعطاء نظرة إيجابية للالتزام بالمبادئ الأخلاقية لمهنة الصحافة . فحرية الصحافة والإعلام تمثل الواجهة من حيث توزيع المعلومات وتغطية الإحداث ومناقشة القضايا   . 

أيا كان النظام ، فلا بد أن ينظرللصحفي والإعلامي على أنه في الاصل صاحب رأي وضمير لأنه يعبر عن الأراء والأفكار الشعب بمختلف تيارته وطبقاته ، ومن واجبه الحصول على المعلومات والحقائق من جميع الجهات لتزويد كل قطاعات المجتمع ، أضافة الى مراقبة مؤسسات الدولة وهيأتها المختلفة ، ويحث الحكومة والمنظمات المدنية على تصحيح أساليب أدأتها وممارستها في أطار الحرية والالتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية والوطنية خدمة المجتمع ومصالحه العام .                                         

 تحتم على الصحفي والإعلامي بأسم شرف المهنة وبأسم الإنسانية ان يلعب الدور الإيجابي  داخل الساحة السياسية والاجتماعية والثقافية ، ويمارس الديمقراطية الحقيقية والحيادية الكاملة دون مجاملة لأحد أو يقبل ضغط من احد على حساب رفاهية وحرية شعبه التي وثقت فيه وأعتمدت عليه ، ويجب على الصحفي والاعلامي ان يتجاوز بعض الأفكار المألوفة أو رفضها أو الإتيان بغيرها .  وميله أكبر إلى التعامل مع الاحداث بالحيادية وثم التحليل والنقد والتجريد بشكل منطقي ، بأن تغيير هذه الحالة يتطلب تغيير الأفكار السائدة التي تستمد الحالة القوة منها  .                                                               

لا بد ان نظر بان معيار الثقافة والأخلاق عند الصحفي أو الاعلامي ، ليس عدد السنوات التي ينفقها الإنسان في مؤسسة دراسية معينة ، من قبيل الكلية أو الجامعة أو المدرسة الثانوية.  وليس قدر المعلومات والمعارف التي يعرفها  ، فحسب ، معيار الثقافة هو أيضا كيفية تناول المرء للقضايا وكيف يتعامل مع الأحداث ونقل المعلومات ، ولا شك في أنه توجد علاقة متبادلة بين طبيعة تلك الكيفية من ناحية ، وسنوات الدراسة وقدر المعارف من ناحية أخرى  .

ففي الواقع تعتبر السياسة الاعلامية للشعوب جزءاً مهماً من السياسة العامة والواقع العصري وتفرض على السلطات السياسية أن تحقق العدالة الأجتماعية والحريات العامة وتؤكد على مصالح الجماعات والافراد . لذلك تتحمل الصحافة الحرة ماهية العمل الاجتماعي وتلعب الدور القيادي في اثارة الرأي العام داخل المجتمعات والشعوب المدنية المتحضرة ، إضافة الى واجبها في داخل بلدها أنها تبني جسورا للتفاهم لخلق مناخات إنسانية وفكرية بين الأمم والشعوب والثقافات والحضارات ، وليس أن تخلق خنادق ما بينهم . ومن هنا يجب على ضرورة حماية المهنة الاعلامية بغض النظر عن مكانها وموقعها . 

ومن الطبيعي يختلف الصحفيون والاعلاميون بعضهم عن بعض فيما يتعلق بمدى تطور بعض الصفات فيهم ، مثل عمق فكرهم أو ضحالته ، وأصالته أو تقليده ومحاكاته ، وضيقه أو سعته ، والتزامهم أو تحللهم الخلقي والإنساني وسلوكهم حيال طبيعة نظام الحكم ، لايصال صوت الحق الى الجهات المؤثرة  .. ولمدى توفر هذه الصفات فيهم أثر يالغ الأهمية في تحديد أخلاقتهم ومسؤولياتهم ( ويُعرّف الموقف بأنه تحديد المرء لحالة من الحالات )  .
ويغيب عن البعض أن الصحيفة الناجحة هى التى تحقق أعلى المعدلات من عمليتى جذب الإنتباه وإثارة اهتمام أكبر عدد ممكن من القراء ، لأكبر عدد ممكن من الموضوعات المنشورة على صفحات الصحيفة ، وبالطبع فإن عملية جذب الانتباه هى عملية بصرية ، يحققها الإخراج الجيد للصفحات ، الذى يرتكز فى الأساس على العناصر الجرافيكية المنشورة على الصفحة ، ويأتى على رأسها الصورة الفوتوغرافية ، أما عملية إثارة الاهتمام فهى عملية ذهنية ، يحققها المضمون والتحرير الجيد ، وهى تلي فى الحدوث عملية جذب الانتباه  ، وإن لم يحدث جذب إنتباه القارئ للموضوع الصحفى أولا ، لن تحدث بالضرورة إثارة إهتمامه بالموضوع ، ومن ثم لن تُقرأ الحروف والكلمات تلك { المقدسة } التى خطها هؤلاء السادة المحررون  من الغالبية العظمى من القراء الذين اشتروا الصحيفة بالفعل ، وكذلك الحال لدى جميع وسائل الاعلام  على كيفية تجذب الانتباه من خلال اُثارة الموضوعات .
في كل الأحوال يجب أن تمارس الصحافة أو الإعلام أخلاقية مهنية في دولة وبالاخص الدولة تحترم فيها القوانين ، دولة منظمات المدنية والإنسانية ، من نافلة القول في دولة المؤسسات نستطيع أن نقيس الأخلاقية إلى مدى أخلاقية الدولة . إذا كانت الدولة تفتقر الى  الأخلاقية في تصرفها مع شعبها وعدم احترامها لحقوق الإنسان من خلال احتقارها لمواطنيها ، أذن كيف يمكن تمارس الصحفي أو الإعلامي لأخلاقية مهنية في مهامه ؟  وعموماً فإن دور وسائل الإعلام فى الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية والحفاظ عليهم يتوقف على نوع النظام السياسى والاقتصادى الذى تعمل فيه وسائل الاتصال والحرية التى يتمتع بها نظام الاتصال بوسائله وأساليبه المختلفة داخل البناء الاجتماعى  .

حريــة الصحافة في المجتمعات الغربية ..

كانت الصحافة ومع كافة وسائل الاعلام من أهم العوامل التي ساهمت في تقدم الحضارة الغربية حيث كانت من أهم وسائل المعرفة للحرية والديمقراطية وتحقيق العدالة الأجتماعي داخل المجتمع الاوربي .   

ولاشك بأن النظام الدستوري الذي يقوم على التعددية السياسية والحزبية ومبدأ تداول السلطة سلمياً هو الذي أهلها عن جدارة ومن حيث التزام المبدأ الديمقراطي واحترامه لحقوق الأنسان ونطبيق العدالة الاجتماعية وحرية الصحافة والاعلام ..

 

 


وبفضل الحرية الموجودة في الدول الغربية ودراستها أكاديمياً وإعلامياً ، حيث وجدت تلك التقدم والتأثير الاعلامي على تغيير الرأي العام العالمي لديهم ولكن ليست  تلك الحرية مطلقة بلا ضوابط بل هناك رقابة ذاتية ، وضغوط حكومية في بعض الأحيان لمواضيع معينة ، ولكن الظاهرة العامة ، ان هامش حرية الصحافة والإعلام في الغرب اوسع ، ولا يصح ان يأتي أحدهم فيتحدث عن حرية مزيفة ، او قمع او تهديد أو ضغط  أو ما أشبه .. لأن هناك ميزة خاصة للإعلام في الغرب ، ليس تناقض مع مصلحة الشعب والحكومة معاً . في الغالب هو ينتقدها بعنف في الشأن الداخلي ، اما في الشأن الخارجي فهو قريب منها ، يستمع اليها ، يقدم لها الرأي والمعلومة ، والحكومة نفسها تقدم لرجال الإعلام المعلومات وتسربها للصحافة . إذن هناك توافق من نوع ما بينهما .





73
الملكية العامة والخاصة لوسائل الاعلام وتأثيرتها على حرية الصحافة
( الجزء السابع )

                                                                                                                      محمود الوندي

حرية الانسان الصحفي

يختلف الصحفيون والاعلاميون بعضهم عن بعض في طبيعة علاقتهم بشعوبهم أو أصحاب السلطة الحكومية وغير الحكومية .  والصفات المذكورة أعلاه لها بالغ الأهمية في تحديد طبيعة علاقة الصحفيين والاعلاميين بهم  .  ثمة منهم حريصون على التمتع بقدر كبير من الاستقلال الفكري وعلى تحقيق قدر أكبر من الموضوعية  ( ولا يوجد استقلال فكري وموضوعية كاملان ، إنهما نسبيان ) ، وحرصهم هذا لا يعني بالضرورة تحقيق القدر من الاستقلال والموضوعية اللذين يحرصون تحقيقهما ، إن لديهم إيمانا بأهمية حرية التعبير عن الرأي وهم ليسوا على استعداد لأن يهجروا مثلهم العليا ، مثُل المؤمن بمبادئه والمضحي من أجلها . وفي مواقفهم وسلوكهم يؤدي الالتزام بقضايا الأمة والشعب ومصلحة المجموع  دورا أكبر .  وتتسم هولاء الصحفيين والاعلاميين بياناتهم الشفوية والمكتوبة بميل أكبر الى انتقاد الظلم والقمع والقهر في مختلف الميادين .  ويبقى هؤلاء مؤمنين بالحرية الفكرية رغم ما يتعرضون له من القمع والقهر والحرمان والمطاردة  .  إنهم لا يطأطئون وجوههم تهالكا على مال أو طمعا بسلطان أو بجاه . لا يحرفهم المال أو الجاه عن نشر نقدهم للقمع والقهر وسخطهم على الفاسدين واستنكارهم للهوان القومي بسبب المواقف المستكينة التي قد يتخذها الممسكون بزمام السلطة الحكومية . لا ينصاعون لأوامر الحاكم المغري بالذهب لأنهم ينفرون من لمعانه الذي يعمي عن قول الحقيقة ، ويريد هؤلاء أن يقولوا ما يعتقدون بأنه الحقيقة ، ولأن نفوسهم أكثر شموخا من أن يسمحوا للمال بأن يقتحم جدران معابدهم المقدسة  .......
انواع الملكية وتأثيرها على حرية الصحافة

هناك نوعان من الملكية لوسائل الإعلام ، الملكية العامة أي ملكية الدولة أو القطاع العام ، وملكية الخاصة أو الملكية المستقلة ، وتتأثر الوسيلة الإعلامية بنوع الملكية ...

حيث تبقى هذه الوسيلة الإعلامية والقائمين بالاتصال فيها حاملين لإيديولوجية وصورة من يسيطر على الإعلام . وتتأثر القيم الإخبارية لوسائل الإعلام العمومية بالسلطة السياسية لأنها هي الممول الرئيس وصاحب الملكية التامة ، كما أن إشهار المؤسسات والمسؤولين الدولة يتوجه إلى الإعلام المساند للسلطة حسب أعتقادهم تعبر عن إرادة شعوبهم ، إلا أن وسائل الإعلام الخاضعة لإشراف حكومي مباشرة أثبتت في كثير من الأحيان قصورها عن تقديم الخدمات الصحيحة للمواطنين ، لأن المواطن بحاجة من القدر الكافي من المعلومات والتنوع المطلوب في مصادر الإعلام الحكومي .
 


أما وسائل الإعلام المستقلة فتتأثر أيضا بمن يسيطر عليها سواء المالك أو صاحب المؤسسة أو التمويل والإشهار ، حيث تصبح اعتبارات السوق هي الأولى في الإنتاج الإعلامي ، وكان لذلك أثره أيضاً في الأخبار ، أن الصحفيين ليس لهم إلا حق واحد هو إنجاز إنتاج يوافق رغبات الممولين ، لقد أثبتت الأحداث دوما أن وسائل الإعلام تتعرض يوميا لقوى يمكن أن تخلط المعلومة وتشوشها سواء عن طريق شركاء هذه الوسيلة أو القائمين بالإعلانات فيها أو حتى أمرائها .

فضلاً عن ذلك توجد في معظم دول العالم مؤسسات وإعلام خاصة غير حكومية والمملوكة للهيئات والمنظمات المدنية ، وهناك بعض الصحف العائدة أو التابعة للأحزاب السياسية وتديرها من قبل أحزابهم وتخضع لإشرافهم .

يقوم إعلام المستقلة على مقومين أساسيين هما:

الدافع التجاري ، والاختيار الذاتي . وهما المقومان اللذان يريدهما صاحب الملكية أو الممول فالدافع التجاري يتمثل في الربح المنتظر من المادة الإعلامية المقدمة ، والاختيار الذاتي يتمثل فيما يتفق مع مصالح المالكين والممولين وإيديولوجيتهم ، وبذلك فإن الاتجاه المتزايد نحو المواد الإعلامية الحافلة بالإثارة والمشحونة بالدراما حتى في المواد الإخبارية إنما هو استجابة طبيعية لمتطلبات السوق التجارية . تقول الدكتورة جيهان رشتي : إن الأخبار هي مجرد سلعة تجارية تعرض للبيع ، وهذه السلعة يسهل ترويجها أو تسويقها كلما كانت غير مألوفة أو تتسم بطابع درامي وعلى هذا الأساس كثيراً ما تضخم الأحداث أضعافاً مضاعفة ليس فقط لجذب القراء والمستمعين وإرضاء توقعاتهم أو لخدمة أغراض سياسية ، بل أيضاً لخدمة أهداف تجارية . فهذا التضخيم سيزيد من مبيعات الصحف ويزيد جمهور الراديو والتلفزون  .

لقد أصبح التحكم المالي في السياسات الإعلامية يؤثر في قيمها الإخبارية ويحد من حرية التعبير باستعمال سلطة المال كوسيلة لكبح حرية الصحافة والإعلام ، وبما أن الإشهار هو المصدر الأساسي لعائدات الصحف ووسائل الإعلام فإنه من غير المنطقي أن تقامر أي وسيلة إعلامية على هذا المصدر سواء كان من السلطة العمومية أو من الخواص أنفسهم أو الممولين ، ويرى الأستاذ الطاهر بن خلف الله في هذه الحالة من سيطرة المال على الوسيلة الإعلامية بأنها ستكون – وسائل الإعلام - متأثرا ( تابعة ) وليس مؤثرا ( مستقلة ) . وفي المقابل يرى البعض ان الملكية الخاصة لوسائل الإعلام لا تمنع في كل الأحوال من التعبير عن مشاكل الشعب والوطن ، وإبراز الأختلافات الحقيقة الموجودة في المجتمع إطار الألتزام بالروح الوطنية .

إذن أصبح الخطر على وسائل الإعلام وفي مقدمتها الصحافة لا يتوقف على السلطة السياسية فحسب وإنما هناك عوامل أخرى تتمثل في ظاهرة تصنيع الإعلام والتأثير المتزايد للمنطق الاقتصادي من خلال الملكية وسيطرة الإشهار ، حيث تحولت الحرية السياسية وحق الإعلام للمواطن إلى الحرية الاقتصادية للمتعهد أو الممول والمشهر .. وهذه العوامل الاقتصادية ذات تأثير بالغ على القيم الإخبارية للمؤسسات الإعلامية ولا سيما على حرية الصححافة .


74
قيود حرية الصحافة في الوطن العربي ( الجزء السادس )

                                                                                                                         محمود الوندي

حرية واستقلال الصحافة او الاعلام لايتحقق إلا على اساس مبادئ التحرر الوطني الانساني واجواء نظام ديمقراطي ملتزم . وهنا يجب التشديد على أهمية أن تكون الصحافة والإعلام حراً ، ومهنياً ، وتعددياً ، لأن تفعيلهم كـ"سلطة رابعة" تعمل كأداة لنشر الشفافية ضروري من أجل تحقيق نجاح في محاربة الفساد الذي يبدد موارد الشعوب من خلال سوء استخدام السلطة ، وبالاضافة الى ذلك تلعب الصحافة والإعلام  دوراً حاسماً في العملية السياسية الديمقراطية كوسيط بين المجتمع ومؤسسات الدولة ، تقوم على دعم الديمقراطية كونها المنظومة الأفضل لإنعاش وتنمية المجتمعات العربية التي يُفتقد فيها غالبا احترام حقوق المواطنة الأساسية . والجدير بذكره في هذا السياق هو أنه تم تكريس احترام استقلال وسائل الإعلام المختلفة ، والاعتراف بالحق الأساسي في ممارسة حرية الصحافة في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .

لإن حرية الصحافة والإعلام تتيح الفرص للمبدعين للإبداع وتتيح للمفكرين التواصل مع المتلقين ، ولذلك نجد إقبالا متزايدا على القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث ، وتجتذب كوادر إعلامية ناجحة ، وتحقق نسبة مشاهدة عالية ، وكذلك الصحافة الحرة التي تتمتع بحرية الكلام ، ولها نسبة قراءة كثيرة ،  وتجني أرباحا طائلة لهما .

في معظم البلدان العربية ، يقمعون او يمنعون حرية التعبير والآراء في داخل وسائل الاعلام المختلفة وفي مقدمتها الصحافة مع أستمرار المماراسات الغير الإنسانية وغير القانونية بحقهم ، واكثر الصحفيين والاعلاميين يواجهون موجات العنف والملاحقة المستمرة من قبل الأنظمة السلطوية الحاكمة أثناء تأديتهم لعملهم بصورة شفافة ومنعهم من تغطية الأحداث وتسليط الضوء عليها أو الحصول على المعلومة الخبرية من مصادرها وبشكل خاص في دوائر ومؤسسات الدولة ، ومنعهم أيضاً من تشخيص الظواهر السلبية في مجتمعاتهم ، كما وان قوانين سرية المعلومات والرقابة الشديدة عليهم تعمل على اغتيال حقهم في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها ..

وتمارِس هذه البلدان الاستبداد والطغيان ضد من يعارضهم وتستخدم سياسية الترهيب وتكميم أفواهم من خلال متابعة تحركات الصحفيين واالإعلاميين ، كما تتعرض الصحفيون والإعلاميون الى الاعتقال والتهديد والمضاياقات  وحتى عمليات الخطف والتصفية الجسدية بحقهم .

بسبب انعدام الحرية في البلدان العربية. وضعف بنى اجتماعية وسياسية وثقافية في الدولة ، وغياب الحوار الحر والديمقراطية ، يحظر توجيه النقد إلى الممسكين بمقاليد السلطة الحكومية . حيث تمارس هذه الأنظمة في ممارسة الضغط والكبت والقمع على الصحافة والاعلام ليمنع نشر الفكر حول حرية وديمقراطية البلاد والإرادة والتغيير وبأخص عدم نشر الموضوع حول التعددية الفكرية وديمقراطية الحكم ، لأنهم يشعرون بأن الحرية والديمقراطية والتعددية قد ينال من مصالحهم كما يتصورونها ، وإلى فقد  لسلطتهم . ..

في بعض الاحيان تسمح بعض الأنظمة العربية حيزا معينا لممارسة حرية الإعراب عن الفكر لمصالحهم دون خوف من نتائج ذلك الإعراب . لان لديها ثمة مثقفون مأجورون ومفتقرون إلى قدر كبير من النزاهة والحياد والموضوعية ، لقد خضعوا أو أخضعوا فطوعوا أنفسهم وسخروا أقلامهم ومعرفتهم وفكرهم للارتزاق ولخدمة ذوي السلطة في نظام اقتصادي أو طبقي أو إقطاعي بدون مراعاة للمثل العليا وللمصالح العامة ، وهؤلاء يمارسون ممارسات سياسية معينة لا تتفق مع رؤى وتطلعات شعوبهم . ويحاولون أحتكار الصحافة والإعلام لأغراض مصالحهم ومصالح ذوي النفوس ، وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة خاضعة للتوجيهات من طرف هذه الأقلام المأجورة والنفوس الضعيفة التي تفتقر الى الحيادية والنزاهة ..

ومن نافلة القول إنه يوجد في البلدان العربية صحفيون واعلاميون يتوفر لديهم قدر أكبر من النزاهة والصراحة والجدية والصدق في التعبير عن أفكارهم وأحاسيسهم وتتسم بياناتهم بالشجاعة والإخلاص  للشعب والوطن ، تسخير أقلامهم ونفوسهم خدمة لقضايا عادلة وعدم  السكوت عن القمع والاضطهاد بمختلف تجلياتهما . لكن تصدر أوامر من قبل الانظمة الدكاتورية للمشرفين والمحررين والمخرجين والمقدمين في وسائل الإعلام من رجالهم  بالتعتيم على هؤلاء الصحفيين او اعلامين وعلى كتاباتهم .

وقد تبذل متولون لسلطات حكومية محاولات لتصرف هؤلاء الصحفيين او الإعلامين عن تبليغ رسالتهم وعن إشاعة موقفهم ، وتحاول بقدر الإمكان لتحولهم صوتا في جوقتها التي تعزف على إيقاع أصحاب تلك السلطات ، ويقوم رئيس التحرير التابعة للنظام ومساعدوه بالرقابة على المثقفين الذين يدافعون عن الشعب والوطن بصورة صادقة ومخلصة ( للأسف نجد ان بعض رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات للصحف يخلطون بين العمل الكتابي وعمل الرقابة ) ، بالإضافة الى قيامهم بالرقابة على المحررين وبتوجيههم الوجهة التي ترضي أصحاب السلطة الحكومية يقومون بتقديم التقارير عن آرائهم ومواقفهم " الفكري والثقافي والسياسي " الى أجهزة الأمن .

وعلى هذا النحو تصبح تلك الصحف والمجلات خادمة للرؤى والمصالح والأغراض السياسية والإقتصادية ، وتكون أيضا منابر لخدمة وفرض موقف الحكومة التي لا يكون عملها بالضرورة بتوجيه ووحي المصالح الوطنية والمعيشية لشعوبها ( وتشير دراسات اجتماعية وسلوكية وسياسية وحقائق تاريخية ومعاصرة الى إيلاء كثير من أصحاب السلطات الحكومية لاهتمامهم الأول لمصالحهم وأهدافهم حينما ينشأ تضارب بين أهداف ومصالح أصحاب السلطة ومصالح وأهداف الشعب ) .

السلطات العربية تفرض القوانين والقرارات التي لا تخدم الشعوب العربية في تحقيق مآربها الى جانب حريتها ، كما أنها ماسكاً بيد من حديد الصحافة والإذاعة المسموعة والمرئية ولا تسمح لأي صحفي أو اعلامي ممارسة حريته في التعبير والفكر إلا ما تمليه عليه من قبلها ، وتعاقب بحجة انتهاك التشريعات الأساسية داخل المجتمع العربي ، لذلك من الصعب ان يتمكن الصحفي أو الاعلامي من التعبير عن رأيه بحرية تامة بسبب ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية العربية ، تراجع حرية الصحافة في كثير من الدول العربية التي تعادي حرية التعبير وتصادر الرأي وتفرض عليه قيوداً غير مبررة لا يتناسب مع التطورات التاريخية التي يشهدها العالم في عصر عولمة وسائل الإعلام وفي ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات .

وان من تلك الاسباب هوعدم تطورالمجتمع العربي عن بناء نفسه بناءاً مدنياً متحضراً ، بفضل تلك القوانين المجحفة التي تحارب حرية الفكر والرأي ، وعجز معظم الدول العربية عن مواكبة التكنولوجيا العصر الحديث ، والبقاء ضمن دائرة التخلف وعدم الإسهام الجدي والمبدع في الاستفادة من نعيم الحضارة الإنسانية المعاصرة ، فضلا عن معاناة الإنسان العربي من أثار ومظاهر التخلف وضغوط الأزمات المتعددة  .

أن احتكار الدولة لأجهزة الإعلام والصحافة جعلها تفرض على الجمهور أخبار الحزب الحاكم ودعايته مع مصادرة حق أحزاب او اشخاص المعارضة في المساواة ، أنها تتحكم في إنتاج وتوزيع وعرض نوعية معينة من الثقافة والدراما وتهبط بأذواق المواطنين في التسلية والترفيه . وتمنع الصحافة والإعلام من تسليط الضوء على الأحداث والتشخيص الظواهر السلبية في المجتمع العربي وداخل مؤسسات الدولة ، وتستخدم سياسية الترهيب بحق الصحفيين والاعلامين وتكميم الأفواهم ومتابعة تحركاتهم ، وتحاول خلق أزمة ثقة بين المواطن ووسائل الإعلام ، بحجة الخوف من الغزو الثقافي الغربي أو خطر ذوبان الهوية الوطنية في ظل العولمة حجج واهية ، برغم أن عولمة الثقافة لا تلغي الهوية الوطنية لأن الهوية هي وعاء الثقافة وعلى طول التاريخ امتلأ الوعاء الثقافي بأفكار مستوردة ما لبثت أن أصبحت ضمن الثقافة الوطنية ، فالعولمة الثقافية ترتكز على أرض ثقافتنا الوطنية .

تتفق التشريعات الأنظمة العربية كافة فى القيود الشديدة التى تفرضها على إصدار الصحف وملكيتها من ناحية وتحكم قبضتها عليها بعد صدورها من ناحية ثانية . فهناك  بعض الدول العربية لا تجيز إصدار الصحف إلا بناء على ترخيص أو تصريح مسبق ، وتشترط تشريعات بعضها تأمينا ماليا كبيرا كشرط لمنح الترخيص بإصدار الصحيفة ، بالإضافة إلى هذه الجوانب ، فهناك أشكال أخرى من التضييق على الحرية مثل احتكار الصحافة والإعلام من طرف مجموعات ( مالية وقوى اقتصادية ) لها ارتباطات بالسلطة السياسية  .وقد يتحول هذا الاحتكار إلى أداة رئيسية لخنق حرية الصحافة والإعلام ، وبالتالي فإنه يقضي على التعددية والاختلاف وعلى حق المواطن في متابعة مجريات الشأن العام عبر وسائل إعلام وصحافة غير خاضعة للتوجيهات المفروضة من طرف هده المجموعات الضاغطة ..

هذه الأوضاع أن تجعل الصحافي أو الإعلامي تحت رحمة مالك المؤسسة ، بسبب تتغول فيها عناصر السياسة وعناصر المال من أجل أن تحد من حرية الصحفي والإعلامي ، لذلك لا يمكنه ان يمارس مهنته بتحكيم ضميره ، طبقا للقواعد والمعايير التي تنص عليها مـواثيق التحرير وأخلاقيات المهنة .  حيث يتحكم المدير أو رئيس التحرير أو مدير الأخبار في الخط التحريري وفي التوجيه اليومي ، بشكل غير ديمقراطي ، وتخضع هيأة التحرير لتوجهاته بدون أي منطق مهني أو تفسير معقول أو تشاور جماعي .

فوسائل الإعلام المسموعة منها والمرئية على حد سواء ، تبقي مجرد وسيط يلعب دوراً مهماً بين المجتمع ومؤسساته ، ولكنها لا تستطيع أن تشارك بصورة مباشرة في عملية اتخاذ القرار السياسي في ظل غياب بديل عقلاني وسطي للنخب العربية الحاكمة في المرحلة الحالية ، على حد قول " البروفيسور كاي حافظ " ، المختص في دراسة وتحليل وسائل الإعلام في جامعة إيرفورت والمطلع على تطورات الصحافة والإعلام في العالم العربي .



75
مفهوم حرية الصحافة في العالم الغربي (الجزء الخامس)

                                                                                                           محمود الوندي

حرية الصحافة وحقوق الانسان

 إن دور الإعلام أساسي في توعية المجتمعات وتقوية البناء الديمقراطي والمجتمع المدني وتعزيز الحوار بين الثقافات عبر توفير فضاءات ، ذات مصداقية لممارسة الاختلاف ومقارعة الحجة بالحجة وإغناء النقاش السياسي بشكل جدي ومسؤول وتطوير حرية الفكر والعقل النقدي من خلال القنوات الفضائية والإذاعية او الصحافة الورقية والالكترونية ، الدور الحقيقي لمؤسسات ووسائل الاعلام  في تقديم الخدمة العامة للشعب والوطن ، والعمل على تحقيق مصالح الناس وتكشف عن مظلوميتهم واحتياجاتهم  .

وتعد الصحافة من الأدوات الفاعلة والرئيسية  فى تدعيم حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية فى دول العالم سواء من خلال مطالبها من الانظمة الاستبدادية من الحرية والديمقراطية المزدهرة أو من خلال إبرازها للسلبيات وجوانب الضعف للأنظمة الدكتاتورية ، ومن واجبها ترفع الوعى والإدراك لدى الجماهير وتشجيعهم وتحريضهم للمطالبة بحقوقها المشروعة والإنجازات الحقيقة والوطنية ، للحصول الشعب بجميع مكوناته على حقوقه الكاملة من خلال الممارسات الديمقراطية داخل الهيئات والمؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية ، فضلاً أن وسائل الاتصال الحديثة ومن بينها الفضائيات والإنترنت والتلفونات الخلوية  تعظم من سلطة الصحافة وتضعف من مستوى سيطرة الحكومة على مصادر المعرفة والمعلومات  .

فمفهوم حرية الصحافة يتجاوز كل الإطر الضيقة التي يتم حصرها في اكثر الأحيان لأن ممارسة هذه الحرية لا يمكن أن تتم بشكل جدي إلا إذا توفرت جميع الشروط لتحقيقها منها ضمانات حرية التعبير، واحترام للتعددية السياسية والثقافية والإيديولوجية ، وفسح المجال في الحصول على المعلومات والمعطيات التي تهم المواطن حول سير الشأن العام والحق في الوصول إلى وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمقرؤة ، وتوفير الخدمة العمومية في هذه المرافق ، ومحاربة احتكار الصحافة والإعلام من الضعفاء النفوس والأقلام المأجورة والصحفيين المتملقين الى الأنظمة الدكتاتورية لتحقيق مكاسب غير الشرعية لاشباع الذات والتي تترك أثاراً سلبيا داخل المجتمع وتعرقل عملية التطوير والتقدم .   

حرية الصحافة في العالم الغربي

فيما يتعلق بحرية وسائل الاعلام ( منها الصحافة ) في العالم الغربي ومقارنتها مع حرية وسائل الاعلام في البلدان العربية .
إذا أردنا الحديث عن الصحافة الحرة أو الخاصة في الدول النامية ومن ضمنها البلاد العربية فنجدها تقف أمامها عقبات عدة وبالاخص إذا كانت مردود تلك الصحف ضئيلة جدًا لا يكاد يغطي تكلفتها الباهضة بسبب عزوف القارئ في هكذا البلدان عن شراء تلك الصحف وإكتفائه بما تبثه القنوات الفضائية ، وإذا إستطاعت بعض الصحف تجاوزها للحاجز المالي ، فإنها تجد نفسها في عراك مع النظام التي تضع أمامها كمـًا هائلا من العقبات والشروط ، لإسكات صوتها أو تحويل ولائها إليها ..

هناك عامل آخر يقف حاجزًا أمام أداء الصحف في الدول النامية وبشكل خاص الصحف العربية هو إنسلاخ الكثير من هذه الصحف عن مهامها الحضارية إلى لعبها أدواراً تافهة أو الإنشغال بالقصص الهابطة والأخبار الفاضحة والملفقة ومواد غير رصينة التي لا تزيد إلا الوضع مزيداُ من التردي والسوء .. وبالرغم من كل تلك العقبات فإن بعضاً من الصحف في البلدان النامية إستطاعت الصمود في وجه حكوماتها وتجاوزها متبنية مواقف مشرفة في قضايا داخلية وإقليمية وحقوق الإنسان والحريات العامة التي لا يزال يناضل من أجلها المواطن .

ففي رأي كثير من الإعلاميين في الدول النامية ومنها الإعلاميين العرب ما زال يواصل الإعلام دولهم رزحه تحت وطأة التضييق على الحريات والاستبداد كنتيجة طبيعية لاستمرار غياب الحرية والديمقراطية ، عصر الموجة الاحتكارية التي سمحت لاستقطاب المال والسلطة في تلك الدول بالاستحواذ على الصحافة ووسائل الإعلام .

في الحقيقية لا توجد اي حرية للصحافة في العالم أجمع بصورة صحيحة . ومنها في البلاد الأوروبية ، لأن هناك أحزاب وأصحاب شريكات كبرى ( أصاحب المصانع والمعامل ) ، فكل هذه الأحزاب والشريكات القوية ، تدعم الفضائيات اوالجرائد التابعة لهم مادياً ومعنوياً أي ( تدفع مبالغ لجرائدها ) ، وكل حزب أو شريكة خلفهما عدد فضائيات او جرائد تؤيدهما ، كما هو الحال في أمريكا التي فيها الحزبين الجمهوري والحزب الديمقراطي وفيها رجال المال والاعمال الذين يملكون الصحف الأمريكية ، فكلها صحف مغرضة وكلها تأخذ أجرها على ألا تكون لها حرية ..

رغم ذلك تلزم الدوائر الحكومية في أوربا وامريكا بتقديم المعلومات للصحفيين . وتتولى الدائرة المختصة للصحافة التابعة للحكومة مهمة الوسيط بين الحكومة والرأي العام ، كما تعمل كمنسق للشؤون الصحفية والعلاقات العامة لتلك الدائرة ، لتزويد الصحافة والرأي العام بمعلومات حول سياسة الحكومة الاتحادية . والناطق الرسمي هو الذي يذهب إلى الصحافة وليس العكس ، وهو الأمر الذي يبرز استقلالية الصحافة عن الدوائر الحكومية في تلك الدول . عكس ما تقوم بيها الدوائر الحكومية في الدول النامية .
 
ملكية الدولة للإعلام مثل التلفزيون والراديو وبعض الصحف ، ونرى ذلك في فرنسا وألمانيا وإيطاليا والدول الاسكندنافية وغيرها من الدول الغربية يمكن أن يكون مصدراً لمعرفة العالم ... وأن يقدم بتحقيق أهداف إيجابية تتمثل في حشد الجماهير وتعبئتها من أجل إنجاز المهام الاقتصادية أو الوطنية او الاجتماعية ، وأما غالبية الدول النامية ومنها الدول العربية التي تمتلك من الصحف والإعلام اي تعود ملكيتها إلى الدولة ولكنها تستخدم وسيلة للتضليل لمصالحهم الخاصة وتصبح أداة بيد النظام ، وأستغلالها لنشر أفكار كاذبة وغير حقيقية ومعادية للإنسانية وتقف ضد تطور المجتمع بحجج الواهية  . 

فحرية وسائل الاعلام وفي مقدمتها الصحافة ، تتيح الفرص للمبدعين كي يبدعوا وللمفكرين التواصل مع المتلقين ، لذلك نجد إقبالا متزايدا على متابعة القنوات الفضائية الخاصة والتي تتمتع بحرية البث والتي تجتذب كوادر إعلامية ناجحة وتحقق نسبة عالية من المتابعين ، وكذلك الحال مع الصحافة الحرة التي تتمتع بحرية الكلام ولها نسبة كثيرة من القراء ، وهنا يجب التشديد على أن تكون الصحافة حرا ًومهنياً وتعددياً ، لأن تفعيلها كـ"سلطة رابعة" تعمل كأداة لنشر الشفافية ضروري من أجل تحقيق نجاح في محاربة الأحتكار والفساد في البلاد الذي يبدد موارد الشعوب من خلال سوء استخدام السلطة من قبل المسؤولين خصوصاً في دول العالم الثالث التي يكون احترام حقوق المواطنة الأساسية معدوماً ومنتهكاً في أغلب الاحيان .

القانون الأساسي يضمن في المادة الاساسية في الامم المتحدة حرية التعبير عن الرأي ، وحرية الصحافة ، وحق الحصول على المعلومات من المصادر المتاحة للجميع. ولا وجود للرقابة حيث أن حرية الرأي وحرية الحصول على المعلومات وحرية الصحافة مقيدة بلوائح القوانين العامة والقواعد القانونية الخاصة بحماية المجتمع  وقانون احترام كرامة الإنسان ..
 

76
واجبـات الصحفي والتزاماتــه ( الجزء الرابع )

                                                                                                                      محمود الوندي

من واجبات الصحفي ( أوالإعلامي ) وهي البحث عن الحقيقة وتحرى الدقة ، وأهم من واجباته تحمل مسئولية الرسالة الإعلامية الصادقة ، والالتزام بأمانة المهمة وشرف المهنة ، على أسس ميثاق الشرف الصحفي الوطني والعالمي والأقليمي ، وتحكيم الضمير المهني وأخلاقيات العمل الصحفي وتقاليده واحترام القانون العادل وأحكام القضاء النزيه ، ورفض المزايدة والابتزاز والإثارة المتعمدة , وعدم المتاجرة وعن طريق مهنته في الخلط بين الإعلان والإعلام , والتدليس على الرأي العام ، والابتعاد عن إثارة الفتن والنعرات العرقية والدينية والطائفية ، والالتزام بمكافحة الفساد والاستبداد والإرهاب .

فسر المهنة يظل قائما في ضمير الصحفي الملتزم بتنفيذ القوانين ومواثيق الشرف المهنية ، ولا يخضع للضغط والإكراه والابتزاز طلبا لإفشاء أسرار عمله أو الكشف عن مصادر معلوماته ، الأمر الذي يستدعى توفير الضمانات القانونية والنقابية من ناحية ، وترقية الأداء الصحفي والمستوى المهني والثقافي من ناحية أخرى ، وهو ما يجب أن يكرس كل الجهود لتحقيقه في كل الاوقات وبمختلف الأساليب . لأن أعظم ما تملكه الوسيلة الإعلامية وخصوصاً الصحفية هو أمانتها ودقة حكمها على ما يتوفر من معلومات لديها دون تحيز لشخصية أو جهة بعينها .

يترتب على الصحفي او الاعلامي ( المندوب أو المحرر ) من واجبات ، لذلك ينبغي ان يتمتع به من كفاءات وموهبة ويكون واسع الثقافة على جانب كبير من اللباقة والذكاء ، ويكون على وعي تام ويتصف بالنزاهة لكسب عدد القراء ، هذا فضلاً عن تحليه بعقيدة راسخة وقلم بليغ يفرض عليه مخاطبة الجمهور كل يوم بأسلوب جديد وسهل ومشوق ويعبرعن القضية تهم الرأي العام .

لقد اصبحت الصحافة الى جانب وسائل الاعلام اخرى أداة مهمة في تكوين الرأي العام وفي بلورة مواقفه الراسخة . بحيث الصحفي يحتاج الى فنون ومهارات مختلفة وان يكون له خبرة كافية في تعامله مع الناس ومع الحوادث الواقعية ، إضافة الى مراعات اذواق الهيئات المختلفة ، وعدم استغلال الحرية الممنوحة للصحفي أو الاعلامي كي يفرغ سموم حقده في جسد هذا الطرف أو ذاك والاعتداء على الاخرين تحت ذريعة الحرية واستخدامها كمظلة في التشهير والكذب والتلفيق ، وإلا تعد تصرفاته من علامات الضعف والفشل ويكون بذلك مفتقراً الى الحد الأدنى من الثقافة وعدم أحترام مشاعرالأخرين . فالصحفي او الإعلامي المحترف عليه أن يفرز كل ما يقع تحت يده من معلومات ومن ثم يختار ما يراها بتنها ذات قيمة كبيرة ويمكن الوثوق به لكي يقدمه إلى جمهوره تعميماً للفائدة .. فنقل الخبر بجميع جوانبه سواء أكان الخبر مع أو ضد نظرة الصحفي أو الاعلامي ، فالقدرة على تشخيص الأحداث ومعرفة أهمية التطورات الجارية في مكان الحادث لها أهميتها وتأثيرها الاعلامي ومصداقيتها في نفوس الناس .                                                                                 

فاحترام الخصوصية يعد مبدأ رئيسياً في الممارسة الصحفية والإعلامية لذا نؤكد من خلالها على ضرورة احترام الصحفي للحياة الشخصية والحرص اللازم في الحفاظ على ضمانات الخصوصية لكل مواطن وعدم التورط في نشر ما يكشفها من دون إرادة صاحبها وإذنه المسبق لنشرها ، ولا يحول ذلك دون ممارسة حرية الرأي والنشر بشفافية كاملة فيما يتعلق بالقضايا العام وعدم إغفال نشر بعض الأخبار أو المعلومات أو الآراء ، والمطلب الأساسي عند هذا المنحنى هو أن يكون على وعي تام بآرائه الخاصة حتى يمكنه مراقبة انعكاساته على ما يقدمه من منتج إعلامي للمتلقي وهو الجمهور.. وأشد مصاعب تحمل الأمانة هو “ الموضوعية “ التي هي ابعد ما تكون عن الإثارة والخضوع لرأى محدد.. والموضوعية هي أسلوب أو كيفية تناول الصحفي او الإعلامي الحرفي للمادة التي تحت يده دون تحيز لشخصية أو جهة بعينها.. ونزيد على ذلك أن الموضوعية تَتحول مع مرور الأيام الى تصرفات وسلوك تحكم حركة الإعلامي الحرفي داخل مجتمعه بمستوييه : الضيق المحصور في مجال عمله والواسع الممتد على اتساع معاملاته الخاصة والعامة..

نستطيع ان نقول الاستقصاء الصحفي او الإعلامي فهو واجب مهني وتقني مطلوب من كل الإعلاميين والصحفيين الذين يريدون أن تكون رسالتهم الإعلامية مشتملة على الحد الأدنى من المصداقية ، وبعيدة بقدر الإمكان عن السطحية ، أو تبسيط الحدث بحيث يؤخذ كما هو دون البحث والاستقصاء عن الجذور والأبعاد والمسببات ، ولا يمكن أن تكون له من نتائج وآثار على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ، إذن هو واجب أساسي لا فضل للإعلامي فيه ، وهنا تقتضي الضرورة دراسة الحدث أو القضية الطاغية على الإعلام من زاوية المحيط التي نبتت فيه هذه القضية أو تلك من خلال الثقافة أو الفكر أو الإيديولوجيا السائدة في ذلك المحيط .



77
ضمانات حرية الصحافة (الجزء الثالث)

                                                                                                                    محمود الوندي

أن الحرية حق طبيعي ومبدأ رئيسي لكل الشعوب والأفراد دون تفرقة ، في ظل دولة القانون والدستور والمؤسسات ، وبتطبيق الآليات الديموقراطية السليمة ، التي تكفل لكل مواطن حقه الطبيعي في المساواة والعدل الاجتماعي ، والتعبير عن رأيه بكل الطرق المشروعة ، والمشاركة في صنع القرارات وتشكيل السياسات والمنظمات الإنسانية ، وانتخاب القيادات دون ضغط أو إكراه في ظل وطن حر مستقل يمارس سيادته الكاملة على أرضه . وتحتل قضية حرية الرأي والتعبير مكانة بارزة كأحد أهم حقوق الإنسان وذلك منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام  1948 م .

إذن حرية واستقلال الإعلام ولا سيما الصحافة من أهم الحقوق السياسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية ، فلا معنى للتعددية دون حرية ، ولا فائدة من هذه التعددية إذا لم تتوفر لهم الحرية والأستقلال الصحفي والإعلامي . ومن حق وسائل الإعلام وفي مقدمتها الصحافة بكل أنتماءاتها القومية والدينية والطائفية ممارسة أعمالها في الحرية الكاملة ضمن أطار القانون العادل والنزيه والعدالة الأجتماعية وحقها حرية  التعبير ليشمل حق حرية البشر والعمل في وسائل الاتصال ، دون قيود أو ضغوط أو عقبات او اعتبارات إلا قيود الضمير المهني والإنساني .

أن الحرية بشكل عام وحرية الصحافة والإعلام والرأي والتعبير بشكل خاص ( لأنهم جنود الحرية ، دعاة الديمقراطية ، حماة التقدم ، وطلايع الإصلاح الوطني والقومي الحقيقي ، والدفاع المبدئي عن حق الشعوب في الحرية والأستقلال ) ، لا تنبت وتزدهر إلا في بيئة مجتمعية حاضنة تعتمد ثقافة العدل والمساواة في ضمن الدستور وتحترم حقوق الإنسان وتحترم أرائه السياسية والاجتماعية ( القومية – الدينية ) ، والثقافية الفكرية وهذه لا يتحقق إلا في ظل أمن وسلام واستقرار شامل وعادل ودائم من ناحية واستعادة قيم العدل ومفاهيم السلام وقواعد القانون الدولي من ناحية أخرى ، وأصول التعايش وحماية المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة ، بين الدول والشعوب والثقافات والحضارات ، دون تحريض أو كراهية أو تعصب ، من ناحية ثالثة .

الأمر الذي يستدعي إجراء إصلاحات شاملة وجذرية - دون تباطؤ أو تأجيل - في غالبية الدول ومنها الدول العربية ، تنسجم مع أفكار وآراء ومقترحات الشعب ، وتعبر عن أهدافه وطموحاته الشخصية والوطنية . ومن أجل تحقيق المبادئ العامة والأهداف الإنسانية والعدالة الاجتماعية لمكونات الشعب من ضمن الإطار الإنساني والوطني . لمواكبت المجتمع العالمي الذي يسود فيه الحرية والديمقراطية والثقافة والعلم ، وتطوير الصحافة والإعلام من خلال التكنولوجيا الحديثة . وإطلاق الحريات العامة في كافة المجلات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ، وبشكل خاص حرية الصحافة بكل أشكالها وصورها وحفاظ على ضماناتهم في إطار القانون الحقيقي ، بأن الحرية المطلقة يقود حتماً الى الفوضى المطلقة . وإطلاق حرية إصدار الصحف والشبكات الإذاعة والتليفزيون ، وتحرير وسائل الإعلام من الهيمنة الحكومية ( في ظل السيطرة الحكومية يتراجع النقد وتتحول أخبار ألأقتصادية والثقافية والأجتماعية الى دعامة سياسية للحكومة وقياداتها وأحزابها الحاكمة ) ، وتطهيرها من القيود الظالمة والمجحفة المفروضة على الصحافة والإعلام ، وحماية حياة الصحفيين والمندوبين والمراسلين أثناء أداء عملهم ، وضمان أستقلالية عملهم الصحفي والإعلامي . لكي تستطيع انقاذ الصحافة من السيطرة الحكومية أو بأحرى تنتقل من أجهزة دعائية رسمية ، إلى قوة تغيير وطاقة تنوير، تقود المجتمعات وتوجهها في طريق التقدم والتطور والارتقاء الحضاري .

ويمكن ان نجمل ضمان الصحافة والإعلام من خلال حقوق الصحفي والإعلامي في مجال الأتصال في عدة النواحي ومنها الأقتصادية التي تتعلق بظمان معيشي لائق به وتنظيم حقوقه المالي أولاً ،  وثانياً الأمنية لمنع عنه الظلم والغبن من قبل الأجهزة الأمنية وحمايته من التعرض للإذاء البدني كالسجن والأعتقال والتعذيب وغير ذلك وكذلك حمايته من صاحب العمل ( في حالة الصحف الخاصة ) ومن أضطهاد رئيس التحرير أو رؤساته المباشرين ، ومن ناحية ثالثة ضمانات تتعلق بممارسة المهنة والوظيفة : توفير الإمكانيات للصحفي والإعلامي للوصول الى المعلومات والأطلاع على الوثائق الرسمية وغير الرسمية دون التحجج لمنعهم من ذلك ، وأعطائه الحصانة الملائمة للحماية من كافة الضغوط الداخلية والخارجية لإجباره على عمل غير صحيح أومحرف ما لا يتفق مع ضميره ، وحمايته من المخاطر أو الأضرار التي قد يتعرض لها أثناء ممارسة مهنته بما يتلائم مع الطبيعة الخاصة لمهنة الإعلاميين أو الصحفيين أو المندوبيين والمراساليين وتوفر أفضل الظروف لهم من اجب  ممارسة مهنتهم المقدسة .

فهناك التزمات خاصة تتعلق بالصحافة والإعلام بمستوى مهني وأخلاقي بأن تكون كتاباتها عن الدولة ومأسساتها وهيئاتها دقيقة وعادلة ، وعدم نشر المعلومات المناهضة للمصلحة الوطنية أو نشر بعض الأخبار الزائفة أو المغرضة للدولة ، وعليه الحفاظ على أسرار المهنة والألتزام بعدم التصريح بالأطلاع على معلومات معينة من اجل منفعة مادية . بالأضافة الى الحفاظ على القيم الثقافية المقبولة في المجتمع وعدم اعطاء المجال لوسائل التحريض على أي عمل غير قانوني ضد أي طرف من الأطراف وعدم الحث على الكراهية القومية أو العرقية التي تشكل تحرضاً على العنف ، لذا يجب ان تتمتع الصحافة والإعلام بالنزاهة وتبتعد عن كل يسئ الى مهنتها من اجل تحقيق مصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة للمجتمع  .   



78
معنـــى حريــة الصحــافـة ( الجزء الثاني )


                                                                                                               محمود الوندي

قبل الحديث عن حرية الصحافة ، يجب في البداية نتكلم عن الحرية وعن تطورها في حياة الإنسان ، وعن هاجس الإنسان الاول وغريزته التي ولدت معه ، منذ بدء صارعه مع الوحوش والضواري ، وكان همه الوحيد هو البقاء على قيد الحياة والحفاظ على حياته ونوعه ، وكلما إزداد نضجاً ووعياً كلما نضج مفهومه للأمن والأسقرار .  ونمو هذا الشعور عند الإنسان مع نشوء الأسرة وتكوين العشائر والقبائل حيث أتجه كل فرد تجاه أسرته أو جماعته للحفاظ على بعض الحدود التي سمحت به حالته البدائية للحفاظ على كيانه ، بل أصبح يبذل جهده وعمله وتفكيره ثمناً لمفاهيم الحياة : مثل الحرية والكرامة والعقيدة وغيرها من القيم الأخرى التي باتت تشكل جزءاً من كيانه الحقيقي . وأخذ يعيش الإنسان بمرور الزمن تحت ظل نظام يسود قانون موحد يضمن له حقه في الحياة والمساواة والحرية بكافة أشكالها وأنواعها .                                                                     

الحرية هي نكهة الحياة وطعمها ، مبتدأها ومنتهاها ، أي أنها إنسجام الروح والنفس في الجسد ، كما الروح سرالوجود للإنسان ، هي إحدى أهم مفردات الفكر والحياة الإنسانية ، كما هي إحدى أخطر وأهم مشاكل الإنسان في حياته ، لذلك يجب ان يكون الإنسان حراً في داخل ذاته ، ويعد الحق في حرية الرأي والتعبيرعن ذاته وماهيته لأنها ركن أساسي في كافة الحقوق الممنوحة للإنسان في المواثيق والعهود الدولية . حيث تمتع الأشخاص بالحق في حرية التعبير عن الأفكار والأراء التي يريدونها ، ودون وجود أي تهديد يحد من حرية الحركة والتكلم ونقل المعلومات الصحيحة ، بحيث يتمكن المواطن من الحصول على مختلف المعلومات الذي يريده من المصادر المختلفة ، وخاصة المتعلقة بقضية معينة لاسيما حين يتعلق هذا الحق بمصير حياتهم وهندسة مستقبلهم . ولا ننسى ان مبادئ الحقوق وضعت في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تبدأ بكلمة ( حرية ) هي شرط انسانية الإنسان ، لكي يملك الإنسان الارادة والقدرة على الاختيار ، وحراً في مجتمعه من القيود التي يفرضها الطغاة والمستبدون عليه ، ويصنع مصيره بنفسه ، وحقه في التعبير عن رأيه وأفكاره وخدمة وطنه بحرية كاملة عبر الصحافة والاعلام والنشرات مباشرة .                                                                     

اذن الحرية قوة ممارسة كل الحقوق والديمقراطية أداتهما معاً.. هناك ترابط وثيق ومحكم بين أرتقاء الأنسان وتطوره الثقافي والعلمي والحضاري وبين حجم حقوقه الأنسانية وأجواء الديمقراطية والحرية التي يتمتع بها .  فالترابط فيما بينها جوهري  ، وكل منها أصل في الصلة والعلاقة القائمة .. فلا إنسانية كريمة بدون الحرية ولاحرية بدون احترام حقوق الانسان .. ولا احترام لحقوق الانسان بدون الالتزام بنهج الديمقراطية !! إنها حلقة حياة كاملة ومتكاملة بفضلها تستقيم الحياة ، وتقوم انجازاتها وابداعاتها الحضارية في كل المجالات والميادين ، حقيقة الالتزام بقيم الحرية والمبادئ الديمقراطية والعمل على ممارستها وتجسيدها في الحياة المعيشية وبحيث يتمتع المواطن في ظل ذلك بكامل حقوقه الانسانية أياً كان رجلاً أو امرأة وحسب نظام قانوني دقيق يرتكز على سيادة وفعالية ، القاعدة العامة المجردة وحاكميتها بالنسبة لكل المواطنين وفي كل الحالات والظروف وكفالة وضمانة حق المشاركة السياسية والتمتع بممارسة الحريات وفي الصدارة منها حرية التعبير والتظاهر وإبداء الرأي بكافة الوسائل السلمية                                  ...                                                                               
حرية وأستقلال الصحافة كمبدأ إنساني وإجتماعي وفكري وسياسي ، من أهم الحقوق الأساسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية ، إنها لا يتحقق إلا على اساس مبادئ التحرر الوطني الإنساني وأجواء نظام ديمقراطي ملتزم في البلاد ، الى جانب حرية الصحفيين والمندوبين ، عليهم في نفس الوقت الاحساس بالمصالح العامة على رأي - سكوت - يقول ( الفكر الحر .. لكن الواقع مقدس ) ، كما على جميع وسائل الاعلام ولا سيما الصحافة ان تنقل الأحداث الى المجتمع بأمانة يجب أن يكون " دقيقاً وصادقاً " وكاملاً ونزيهاً " ويمكن أن يزود الخبر ببعض المعلومات والمفيدة تمس مصالح أكبر عدد من القراء وتشخيص الحقيقة ذات الأهمية الخاصة لدى القارئ ومن خلال معرفته بموضوع الخبر ، سواء كانت أخبار مهمة أوأعتيادية أو تروجية ، وعلى هذا الاساس يجب أن لا يلعب رأي الصحافي أو الاعلامي أي دور بتاتاً حسب وجهة نظره وميله السياسي والقومي والديني ، وإلا يفقد مصداقيته في نقل الحدث الى الرأي العام ، لذلك وضعت الادوات والوسائل في تحقيق حرية التعبير للصحافة والاعلام ضمن الدولة الديمقراطية  والتعددية التي يرسمها الدستور ..                                             

لا توجد حرية دون أطر أو المعايير لكي لا تستغل لأعراض مثل التهجم والنيل من خالف رأيه أو أستغلالها لتحقيق مصالح سياسية وشخصية ، المقصود هو نقل الخبر بجميع جوانبه ومن خلال معرفته بموضوع الخبر سواء أكان الخبر مع  أو ضد نظرة الصحفي والاعلامي ، والابتعاد عن النبرات الطائفية أو العنصرية ، وان ذلك يشكل احتراما لحق رئيسي من حقوق الإنسان في الصحافة والإعلام لنقل الحقائق والمعلومات الكاملة والدقيقية إلى الرأي العام المحلي والعالمي  ..                                                                                                                                               

والصحيفة الناجحة هى التى تحقق أعلى المعدلات  من عمليتى جذب الإنتباه من القراء وإثارة الاهتمام الأكبر ، الى جانب لأكبر عدد ممكن من الموضوعات المفيدة على صفحات الصحيفة ، وبالطبع فإن عملية جذب الانتباه هى عملية بصرية يحققها الإخراج الجيد للصفحات الذى يرتكز فى الأساس على العناصر الجرافيكية المنشورة على الصفحة ، ويأتى على رأسها الصورة الفوتوغرافية ، أما عملية إثارة الاهتمام فهى عملية ذهنية ، يحققها المضمون والتحرير الجيد ، وهى تلي فى الحدوث عملية جذب الانتباه ، وإن لم يحدث جذب إنتباه القارئ للموضوع الصحفى أولا، لن تحدث بالضرورة إثارة إهتمامه بالموضوع ، ومن ثم لن تُقرأ الحروف والكلمات تلك { المقدسة } التى خطها هؤلاء السادة المحررون!!                                                                     

أضف الى ذلك أن الصحفي أو الإعلامي الحرفي يجب أن يبذل قصارى جهده لكي يكون مستقلاً عن الأشخاص والجهات التي يغطي أخبارها ، وتمكنه من أدواته المهنية يحتم عليه أن يقدم الحدث أو الخبر كاملاً ونزيهاً ، لأن حرية الصحافة تقوم على الموضوعية والنزاهة والحيادية خصوصاً في الوقت الراهن ، فإن الصحفي أو الإعلامي المحترف عليه أن يفرز ما يقع تحت يده من معلومات ثم يختار ما يرى أن له قيمة وما يمكن الوثوق به لكي يقدمه الى الجمهور المتلقي .   


79
حريـة الصحافــــة ( الجزء الاول )

                                                                                                                 محمود الوندي

# مقدمة

قبل البدء في الحديث عن حرية الصحافة ، ينبغي ان نعرف الصحافة ونفهمها بمفهومها القائم على أسس علمية ، وما هي دورها داخل المجتمع المدني والمؤسسات الإنسانية والحكومية ؟؟؟ ومدى تأثيرها الكبير في تغيير ومؤثرة المجتمع ؟؟؟ وكيفية أيصال الخبر الى قارئها بصورة صحيحة وسريعة   . .                                                   

لان الصحافة تلعب دوراً رئيسياً فى تشكيل سياق التحول السياسى والاجتماعي والثقافي فى المجتمعات المختلفة ، وهى تعكس طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع ، وبين النظام والشعب . ولما لها من دور فاعل فى عملية الإصلاح والتحول الديمقراطى فى المجتمع وحجم الحريات وتعدد الآراء والاتجاهات داخل هذه الوسائل فضلاً عن العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية السابقة فى المجتمع ، وأنها أصبحت ركن أساسياً في جميع المحافل الدولية لدفاع عن حقوق الإنسان . 

يجب أن تكون الصحافة قبل كل شيء دقيق الملاحظة بما يثير أهتمام الرأي العام ، وعدم أساءت أستخدامها في تملق كائن من يكون طمعاً للحصول على المكاسب المادية والمعنوية ، وقد تنقلب الى أداة تضليل وفساد ووسيلة للدعاية بيد الأقوياء لتحقيق مصالحهم وماءربهم الخاصة . كما معلوم بأن الصحافة قد أصبحت في عصرنا سيفا ذا حدين ، نتيجة لتقنيات العصر و تقدم العلوم ، فهناك إعلام غارق في التشاؤمية والظلامية حينما يخاطب الجمهور من خلال الصحافة والفضائيات ، و يدعو عن طريق المبالغات والتضليل والدعاية الكاذبة الى زرع الإحباط و اليأس في الأوساط الموجهة إليها وأصحاب الصحف الهدامة تعاني عقولهم ثنائية إشكالية بعيدة عن الحوارمع الآخر وغير منسجمة مع الواقع و التحاور مع الآخر كأسلوب حضاري متمدن وخصوصاً في الوقت الحاضر ، يحاول تلفيق الأخبار وترويج الإشاعات والبحث عن الفضائح دون مراعاة شعور المواطنيين ، وهناك مقدرة البعض ممن يتقنون التعامل مع الثورة المعلومات أن يقوم بجانب من ادوار المؤسسات الإخبارية والإعلامية من خلال الصحف ووكالات الأنباء دون إتقان أو روية أو عن قصد تخريبي .

أما الصحافة البناء تكون أعلامها أعلاماً راشدا تدعو الى الإصلاح والتطور والإنسانية لخلق المجتمع النظيف ، وتكون الصحافة الحقيقية مسلحا بالوعي وقدرتها على طرح القضايا التي تثير اهتمام المجتمعات وتبرز حاجاتها ومطلباتها . وبالأضافة الى شدة تأثيرها في المجتمعات وأقربها الى أذهان القراء ومشاعرهم ، ما يثير أهتمام الرأي العام ، وأيصال الخبر الى قارئها بصورة صحيحة وسريعة ومن خلال البساطة في التعبير والوفرة في الكلمات المستحدثة المألوفة وخلق رأي عام متوافق مع المصالح الوطنية عبر المعلومة الحقيقية ووقت إيصالها المبكر للجمهور والكشف الأقصى للمعلومة غير المقيد بمصلحة فرد أو الحزب أوالمجموعة أو الكتلة بقدر تعلقها بمصلحة الوطن والشعب وحقهم المؤكد فيها ، ان شأن الصحافة كشأن الجندي الشاهر لسلاحه في ساحة الوغى ، كما يقول توفيق وهبي في كتابه { دروب السياسية } ، فهو لا يهدم بهندامه واتقان لباسه بقدر انصباب تفكيره دوماً على الكفاح والنضال .  أن المثقفين عامة والصحفيين خاصة هم الوجه المشرق للدولة المدنية المتحضرة ، ويكن الصحفيون هم القطب المحرك في جميع التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع .                                                                   
من هذا المنطلق يجب تعريف الصحافة رغم العديد من التعاريف التي عرفتها كل حسب وقته وزمنه وهذه التعاريف تتطورت في مفهومها مع تطور الزمن ، لذلك يصعب على الباحث وضع التعريف جامح بشكل واضح للصحافة . وبعبارة أخرى نستطيع القول بان الصحافة والاعلام هي بمثابة عين الشعب على الحاكم وهي أيضاً خير أداة لتنوير عقل الإنسان . بأعتبار ان الصحافة والاعلام هي { السلطة الرابعة } في الدول الديمقراطية أي سلطة الرأي العام بعد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ، الذين يمتلكون صلاحية مراقبة أعمال السلطات الثلاث ، لأكبر دليل على عظم مكانتها وعمق نفوذها بين الناس ، حتى غدت اليوم حاجة ملحة لدى كل فرد يقبل عليها كما يقبل على الغذاء والدواء ! وتعتبرغذاءاً ضرورياً للعقل ، ولهم دوراً كبيراً في الميدان السياسي والأجتماعي والأقتصادي والأدبي والعلمي  .                 



80
سحب التغيير قادمة للعرب

محمود الوندي

تشهد كثير من المدن العربية منذ نهاية 2010 وبداية 2011 انتفاضات عارمة على طغاة وحكم العرب والتي تكون حركتها هم مجموعة من الشباب مطالبين حكوماتهم بتغيير سياستهم والحد من انتهاك الحريات ، وتأمين الحد الأدنى من حاجات الناس الأساسية ( سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ) ، وايجاد سبل لتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل للعاطلين ، وقد غاب في هذه الانتفاضات الاحزاب السياسية لا سيما الاحزاب الاسلامية وشيوخهم الشعوذة وفرقهم الارهابية المأجورة ..

وبسبب عمق ازمة الانظمة العربية الدكتاتورية ، لم تجد امامها إلا اللجوء الى القوة وضرب الجماهير بالاسلحة الفتاكة عوضا ان تعالج الأوضاع برؤية وحكمة ، ولم تبذل جهودا لتعوض الجماهيرعن بعض الأيام الماضية العصيبة والمؤلمة لشعوبها ولم تقدم ما سلبت منهم ، وعدم الالتفات لمطاليب المنتفضين ، لأن الأشخاص يمسكون بالدولة جاءوا الى الحكم واستلام السلطة إما عن طريق الانقلاب العسكري أو بالتوريث ، واخيرا قيامهم بتزوير الانتخابات انها ضحك على ذقون البسطاء من الناس ...
وتأتي هذه الإجراءات القمعية لتؤكد زيف الادعاءات التي يطلقها الرؤساء في الحكومات العربية لتشدقهم بالوطنية والقومية المزيفة المزعومة بشأن توفير الأمن واستقرار لشعوبهم الى جانب توفير العيش الرغيد اليهم  ..

ويأتي السبب هذه الانتفاضات الجماهيرية الواسعة والتي لديها اصرار باسقاط انظمتها نتيجة الاضطهاد وتراجع المعايير الانسانية من إنتهاكات صارخة وبشعة للحريات العامة ، واستشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري في الدوائر والمؤسسات الحكومية ، وانهيار منظومة القيم الاخلاقية وانعدام وجود الامل نحو حياة افضل ، بعدم اعتراف هذه الانظمة بأي خطأ أو تقصير ، وهذه الانظمة لا تعتذر الى شعوبها بانها مقصّرة في أداء واجباتها والوفاء بالتزاماتها  ..

ان حكام العرب ليس لدى قلوبهم شيء اسمه الرحمة ولا الأخلاق إلى أفئدتهم سبيلاً ، يقتلون ويعتقلون هنا  بتلفيق كاذب ويدمرون هناك بحجج وهمية ، إضافة الى سرقاتهم ونهبهم لاموال الدولة مع تزايد جرائمهم وتستمر على حين من الدهر حتى إذا ما عم بغيهم وزاد ظلمهم ، لذلك ليس مستغربا !!! ان تطالب الجماهير العربية بتغيير انظمتهم على ما اقترفوا من الجرائم بحق شعوبهم وسلبت حريتهم حتى افقدت كرامتهم وجعلتهم اسراء للاجهزة القمعية والبوليسية وهدفا للابتزاز والتعذيب ، الى جانب عاثت فسادا في البلاد من خلال المحسوبية والمنسوبية وفقدان العدالة الاجتماعية ..

هكذا الحكومات لا تستحي من الإدعاء بأنها عملت المعجزات من اجل شعوبهم وهم يعرضون انجازاتهم ومعهم الة الاعلام التلفيقية تسرد الكثير الكثير من التفاصيل المفبركة عن انجازات وهمية لا احد يعرف كنهها ، بينما يتحسس الشعوب مصائرهم فيجدون انهم يزدادون فقرا وعوزا امام الارتفاع الجنوني للاسعار وغياب المورد وفرص العمل .. وتحاول رئيس الدولة دائما بدون خجل او حياء ما نقل مسؤولية الخطأ والتقصير من كتفه إلى كتف شعبه الذي يحمّله ذنوب الأوضاع غير الصحيحة ، ويلتجأ الى الأسطوانة المشروخة والبائسة ان يصف الانتفاضة بانها نتيجة فئات إرهابية تارة ، ومؤامرات وتدخلات خارجية تارة اخرى ...

معاناة الإنسان من البطالة والفقر والحرمان والاعتقال الكيفي دون صدور أوامر قضائية مبررة في ظل الانظمة العربية وممارسة التعذيب النفسي والجسدي من قبل اجهزتها الامنية أو ألوقوع فريسة التشرد بسبب عدم وجود مأوى أو مسكن للإنسان  بحيث اضطر الى التهجير القسري الى خارج البلد ، فهذا يؤشر إلى تراكم أزمة عميقة وطاحنة بين الشعب والدولة من الجهة ، والصحوة الشعبية التي بدأت الشعوب العربية بنهضتها للتخلص من الانظمة الدكتاتورية ، من الطبيعي سيتجه بالضرورة إلى دائرة المواجهة والصدام الحتمي ..

لقد تنامت انتفاضة الجماهيرية الواسعة بمطالب حقها المشروعة والتي تكون حركتها هم من قبل الشبيبة الواعدة ووقود تضحياتها وقدمت أعلى وأغلى القرابين ( وتنامي أعداد الضحايا شهداء وجرحى ومصابين ) بحيث دفعت الحكومات ( ذر الرماد في عيون البعض ) بتغييرات شكلية على تشكيلته الحكومية بتغيير بعض وجوه ، كما حاول ترحيل بعض جرائمه بتحميلها لبضع أنفار ،  ومع هذا بقيت الجماهير المنتفضة مصرة على إقالة حكومتها وتأليف حكومة انتقالية تعد لانتخابات تشريعية نظيفة ، وفتح صفحة سياسية جديدة للحوار على مستقبل الوضع السياسي في دولها ، بما في ذلك الرئاسة ، إضافة الى محاسبة المسئولين عن إطلاق النار على المتظاهرين والإفراج عن المعتقلين  ، بمعنى أن الشماعة السياسية التي كانت تعلق عليها الأنظمة البوليسية العربية ممارستها لم تعد تحتل تلك المكانة في عقلية الانسان المنتفض ..
تفرض الانتفاضة الجماهيرية نفسها على الشارع العربي في بعض البلدان العربية بضربات مدمرة للفكر الاستبدادي والعسكري والعدواني لصالح الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، بعد ان شاهدنا فيها مجريات الأوضاع بهمومها وبانتصاراتها التي باتت إرهاصاتها تنبجس من بشائر تلكم الانتفاضات الشعبية ، التي ادت هذه الانتفاضات الى نجاح التغيير في بلدين ( مصر ، تونس )  واطاحت بنظامين متحجرين ..
سؤال تتناسل منه ومن خلاله الكثير من الاسئلة الملحة يتعلق بالطبيعة الميكانيكية لآلية التغيير المطلوب فهل بدأت تحطيم حاجز الخوف من النظم البوليسية والأقنعة بالسقوط الواحد تلو الآخر ، وهل نرى مصير هؤلاء الحكام الذين لا تملكوا الشجاعة والجرأة إلا أمام المتظاهرين العزل وقد تنالهم يد العدالة الشعبية لتضعهم في مكانهم الطبيعي في السجون وثم الى القبور ..






81
لمحة عن الفساد الاداري

                                                                                                              محمود الوندي

الفساد الاداري هو أخطر أنواع التشرذم السياسية والاجتماعية والاقتصادية على المجتمع ، واخطر من الارهاب الدموي ، ناهيك عن ضعف النظام في إداء واجبه ، وكذلك له الدور المهم الى خلق المحسوبية والمنسوبية ، والتمييز الطبقي داخل المجتمع ، سيكون هو سبب الفقر والبطالة عن العمل وفقدان العدالة الاجتماعية وطمس الديمقراطية ، لان تهميش دور الجماهير ودفعها نحو المجهول ، وعدم تحقيق طموحاتها ومتطلباتها ، وكما يستغل للتحكم بإرادة الشعب من قبل الايادي الخبيثة الفاقدة لسيادة العقلانية وثقافة الافكار الديمقراطية في العمل السياسي ، إضافة الى خلق الفوضى الاجتماعي والاقتصادي والأمني ، الى جانب خلق الفراغ السياسي وغياب مؤسسات المجتمع المدني الحر في الدولة  .. 

الفساد الاداري هو السبب في غياب منظمات المجتمع المدني بكافة تنوعاتها وانتشار الانتهازية والمحسوبية والفساد المالي ، يعني تسود الفوضى السياسية والامنية في البلد ، ويفتح الثغرة الخطيرة بين الحكومة وبين الشعب ( لان متجاهلا مطالبه ) ، ويكون هو ايضا السبب في غياب الديمقراطية وتهميش متطلبات وحاجيات الجماهير الاساسية ، وكما يكون السبب الرئيسي لتكوين المعارضة الشعبية على الساحة السياسية بشكل عفوي وعشوائي نتيجة الاحتقان والغضب لدى الشعب بعد وصول الامـر الى حـد الغليان والانفجار ، الذي يعول الشعب من خلال المسيرة الانتفاضة على تصحيح المسـار في الحكومة والسلطة ، والمطالبة بالاصلاحات السياسية واحترام حقوق الانسان ورفع سقف الحريات وتحقيق العدالة ومحاسبة المفسدين وكبح الفساد في مؤسسات  الدولة ..   

هنا المصيبة !!! معظم المسؤولين في الحكومة يعترفون في اكثر من مقابلة تجري معهم بوجود الفساد الادراي والمالي داخل مفاصل الحكومة ، ولكن لم يقدموا على برامج  اصلاحية واضحة المعالم ، وعدم استقطابهم في دعم الشعب للوصول به الى مرامه وتطلعاته ، إذن الاعتراف وحده لا يكفي ، طالما لم تطرح من قبلهم أي خطوات اصلاحية جادة وسريعة على الساحة السياسية لمصلحة العراقيين ، وإذا لم يترافق بخطوات عملية لاستئصال الفساد من جذوره ، وتقديم الفاسدين ( الكبار منهم على وجه الخصوص ) الى محاكم عادلة لاستعادة اموال الشعب المنهوبة من جعبتهم ، واكرر لا يفيد الاعتراف وحده امام وسائل الاعلام ومنها القنوات الفضائية إذا لم يقومون بتحسين وضع الشعب العراقي ، وتوجيه البلاد نحو الاستقرار وشاطئ الامان ...

يخلق الفساد الاداري طغمة فاسدة وظالمة لا تريد الاصلاح الاجتماعي والاقتصادي في البلد ، بل بالعكس تمارس الارهاب بحق المواطن العراقي واحباط اماله ، وهذا ما أفضى الى المزيد من السلبيات داخل مفاصل الدولة ، قد استغلت هذه الطغمة الفاسدة كل الوسائط الديمقراطية (الانتخابات والبرلمان) لفرض نظام المحاصصة الطائفية بدلاً عن النظام الديمقراطي ، لذلك تكون هي السبب الرئيسي في إستمرار  في دوامة الفوضى الخلاقة داخل مكونات الشعب العراقي ، بحيث تلتجأ الى استغلال سلطتها كأداة لكم الأفواه وضرب المصلحة الوطنية العليا ومحاربة المخلصين في إداء واجباتهم بصورة صحيحة ، وفي هذه الحالة تزداد التناقضات عمقا  بين مطاليب الشعب من طرف ، وبين السلطة الحاكمة من طرف آخر ..

ما يجري حاليا في اكثر المدن العراقية من الانتفاضة والاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير ، من المؤكـد ان هناك الكثير من المظالم والممارسات الخاطئة التي ستدفع الشعب في هذا الاتجاه ، وان ما يريده الشعب بالاصلاح داخل مؤسسات الدولة وإنهاء نظام المحاصصة وكبح الفساد المالي والإداري  وتحسين المستوى المعيشي وتوفير الخدمات الأساسية ، لان السماسرة والانتهازيين وكبار المسؤولين الفاسدين الذين هربوا اموالهم الى الخارج ، ليس انتماءهم للعراق ، بل ولاءهم الحقيقي هو لمصالحهم الخاصة والمال الذي ينهبونه من عرق الفقراء والكادحين ..

كنا متوقعين بان الاحزاب السياسية الذين استلموا السلطة بعد سقوط نظام البعث هم اولى النواة للتحولات المهمة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واعلاميا في العراق ، ويعبرون عن آمال وطموحات الشعب العراقي بكل اطيافه في تحقيق العدالة الاجتناعية ، اضافة الى تقديم الخدمات الحياتية والانسانية الى المواطن العراقي ، ثم انطلاقهم على نشر الثقافة الديمقراطية بين المنظمات الإنسانية والمدنية الذين يتحملون المسؤولية الاجتماعية والوطنية ، لكن للاسف انهم أوصلوا العراق الى حال الإختناق ، واصبحوا أكثر بكثير من الفاسدين والمفسدين ، وكانوا كل البعد عن تطبق ديمقراطية ولم يحترموا يوماً حرية الإنسان وكرامته ، كما إنهم لم يسهموا في بناء الحياة السياسية الحرة والديمقراطية وأرضية صالحة لبناء المجتمع المدني المنشود والعدالة الاجتماعية ..

المواطن العراقي  منذ  2003  وهو يسمع وعودا بالاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يطالب بها ، ولكن اياً من هذه الوعود لم يطبق لحد هذه اللحظة ، واستمرت الاوضاع المزرية في العراق على مدى السنوات الثماني المنصرمة من الحكم الجديد فلم يتصحح اي خطأ ، بل تعظم الفساد الاداري والمالي وتفاقمت الاخطاء في نهش حلم الشعب العراقي وامنياته وتعمق نظام المحاصصة ..

وهكذا اندهش !!! كيف سيستطيع السيد نوري المالكي من خلال مئة يوم ان يقوم بالاصلاحات الحقيقية ووضع مسار الصحيح المؤدي الى ما يريد الشعب من تحسين المستوى المعيشي وتوفير الخدمات الاساسية ، بالرغم من أن تشكيلة الحكومة الحالية التي ترأسها نوري المالكي ظلت غير مكتملة ، لا سيما الوزارات الأمنية الثلاث ، والحكومة ممزقة من الداخل ، والخلافات البينية داخل الكتل السياسية نفسها ، وكل طرف متربص لاخر ومتناهش فيما بينهم بضراوة ، وتأخذ بين فترة وأخرى مسارا مختلفا يتم خلاله تبادل المزيد من الاتهامات بين كل من الاطراف الحاكمة ..

عندما يريد رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بقيام اصلاحات اساسية في حكومته ، وقبل كل شيء تحتاج عملية الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد المالي والإداري في هياكل الدولة ومؤسساتها ، عليه أن ينطلق بها رئيس الوزراء من نفسه والمحيطة به ( فالأقربون  أولى بالإصلاح ) ، وثم أعضاء الحكومة ومسؤولو الدوائر العليا الإدارية والعسكرية والأمنية وقيادات الاحزاب الحاكمة ان ينطلقوا من انفسهم ومَن حولهم  ، بمن فيهم أفراد من عوائلهم واقربائهم ، الى جانب تحرير عقولهم من فكرة الهيمنة والاستغلال ، وقدر اكبر من الشفافية مع تحقيق العدالة الاجتماعية ، واطلاق حرية الرأي والفكر ، وبعد ذلك البدء ببناء الاقتصاد الوطني والتصنيع وتحديث الزراعة وتشغيل العاطلين وتحسين الخدمات في ظل الحريات العامة وبناء النظام الديمقراطي الجديد تدريجا .. وهي الهدف الرئيس الذي تتجمع من خلاله كافة الفئات والشرائح الاجتماعية داخل المجتمع العراقي ، فهي الشعار الذي يرفعه الجميع دون استثناء  ...


82
الخروج من أتون الخردل

                                                                                                                محمود الوندي

عاد الرجل المسن الى قريته بعد انتفاضة اذار 1991 وتحرير جزء من اقليم كوردستان العراق . كانت رغبته في إعادة مقومات الحياة الى القرية مرة اخرى ، وبانتظار غد اجمل ، فكان يردد مع نفسه دائما ، علينا ان نؤمن بان بعد كل بغروب حتما ورائه شروق زاهر ، إلا ان مأساتنا كارثة لا يمكن المرء نسيانها ، تأمل بنظرة حزينة الى واقع الدمار الذي خلقه العدو الشرس بعد هدم قريته اكثر من مرة من قبل الحكومات المتعاقبة على حكم العراق ، بواسطة اجهزتها العسكرية والامنية ، والتي بنيت من قبل أهلها مرة اخرى ..

أشعل الرجل المسن سيجارته العاشرة بعد ان جلس على التل مقابل داره في القرية ، مسردا ذكرياته ومأسي اهله واقربائه ، وذلك اليوم المشؤوم التي اصبحت قريته متحفا حقيقيا أشبه بمتاحف الشمع المصطنعة ، وهو يفكر كيف يجتاز هذه المحنة والايام الصعبة القادمة والمؤلمة من حياته ، وينظر نظرة خافية الى حفرة دفن فيها أهله واقربائه واصدقاء عمره ..

يعيش الرجل المسن مع ذكرياته عندما تختلس النظر بين آونة وآخرى الى قريته المهدمة ، والى عين الماء الوحيد الذي تجاوز تلك المحنة ويخرج منه الماء العذب متحديا صعاب الزمن ، ولا زال هو بفكر ويتخيل عن أيامه المؤلمة والآلام والمعاناة أبناء قريته مع تلك السنة من شهر اذار مشؤوم ، وهو يتذكر تلك الايام كيف أهتزت الطبيعة الخلابة الى الدمار والخراب !!! وتلك الورود والزهور بألونها الزاهية وكبف تغيرت الى الالوان الكالحة ورائحتها الزكية الى الرائحة الكريهة التي عمت المنطقة بأكملها ، التي انبثقت من السلاح الكيمياوي الذي استخدم من قبل الاعداء الانسانية والحرية ومرضى النفوس ..

وعمق الرجل المسن في ذكرياته ، واخذ يتخيل في ماضيه وتذكر مدى تلك الجرائم التي أقترفت بحق الناس الابرياء العزل ، وكيفية سقوط الاطفال والنساء والشيوخ وحتى الشباب من كلا الجنسين امام عينه على الارض ولم ينهضوا مرة اخرى اي كانت نومتهم الابدية ، الى جانب الحيونات المختلفة ومنها البرية الذين نفقوا أزاء تشممهم تلك الرائحة ، بذريعة تواجد المخربيين في المنطقة ( والقصد هنا البسشمركة ) ، وان هذه الحجة وهي حجة واهية لا معنى لها اصلا في أي قاموس أخلاقي وإنساني ، وهكذا الرجل يتكلم مع نفسه ويسأل .. ولماذا قامت الحكومة بهذه الافعال الشنيعة بحق الانسان البريئ والمسالم ؟؟؟ !!! ولماذا هؤلاء يدمى قلوبهم لمشاهد المجتمع ما يعيش في حياته البسيطة والمطيعة لعيشيه ؟؟؟ !!! ما ذنينا وذنب عوائلنا لكي استخدموا أسلحتهم القذرة والمحملة بمادتي كيماوية وجرثومية والتي انبثقت منها تلك الرائحة الكريهة والقاتلة ؟؟؟ !!! حيث قتلت واصابت من شمتها من اهالي قريتها .. وغير من ذلك من السؤال والتساؤلات المقلقة التي تدور وتحوم في مخلتيه ، وكيف تشعر ما تبقى من ابناء قريته حول مستقبلهم ومستقبل قريتهم ... وهل هناك مستقبل أفضل ينتظرهم واما ؟؟؟ وهل نستطيع بناء قريتنا واسترجاع ما تبقى من اهلنا الى القرية ؟؟؟ وهل نستطيع ان ننسى ماضينا ويكون في طي النسيان ونبدأ من الجديد في بناء حياتنا ؟؟؟؟

وهكذا يتحدث الرجل المسن الى نفسه بصوت خافد ، وانه يحاول ابعاد المأساة والمعاناة الماضية من عقليته ، ووينسى اعتقاله وهجرته الى جنوب العراق وعاش معاناة السجن والغربة ، ويريد من تأكد لذاته ، بانه ما زال بحب قريته وأرضه وما تحوي من ذكرياته الجميلة والمرة بين طياتها من الماضي ، لانه لا يستطيع فراق القرية وابنائها ، ويرغب العودة اليها ، والعيش ما تبقى من عمره فيها ..

ورغم احلام الرجل المسن لا يموت ببناء قريته ، فإن " المأساة لم تننسى ولم تنتهي " وهو يذكر كيف بأنه من احد الناجين من القصف الكيمياوي وكيف نجى بأعجوبة من تلك الكارثة بعد ان كان يلقي حتفه ، وثم القي القبض عليه من قبل جلاوزة البعث وارقده في السجن برغم كبر سنه ، وهو يتكلم بحزن الشديد والدموع تنزل من عينيه ما فقده من الافراد أسرته ومئات الاشخاص من اقربائه وأصدقائه داخل قريته ، بعد ان تشمموا الرائحة الكريهة التي القيت عليهم بواسطة الطائرات الحكومية في اثناء تناول الفطور عند الصباح أي مع أشرقة الشمس ، بدون أي ذنب اقترفها أبناء القرية ، سوى انتمائهم القومي بحيث انهم من القومية الكوردية ، بل كانت الحجة لدى الحكومة واجهزتها الامنية بأن أهالي القرية جميعهم مع المخربيين وخارجين عن القانون ..

وضع الرجل المسن رأسه على سترته ومدد جسمه على الارضية الطينية ليأخذ قسطا من الراحة وعلى ذلك المرتفع امام بيته وهو في حسرة بنائه وبناء قريته ، ولكن اخذه النوم تحت أشعة الشمس المنبعثة قرصها السرمدي على جسده ، وفي اثناء نومه وهو يحلم في بناء قريته وثم اكمال بناء داره ، وانه يجالس بين أهله واقربائه واصدقائه الذين لم تكتب لهم الموت المحقق ، وإنما كتب لهم الحياة من الجديد ، ورجعت تلك الاشجار الباسقة وأخضرت الارض مرة اخرى والتي تنبع من بينها عيون الماء بعد ان تجففت ، واخذ يتمشى بين تلك المزارع وبين طرقات قريتها ويسحب يد حفيده وهو يتكلم معه بصوت الحنون ، واخذ يجالس سائر رجالها ، ويتمزح مع الشباب والشابات ويأملهم على المستقبل الزاهر وينشدهم على العمل والجهد لبناء ما دمر من قبل معدومي الضمير ، واسترجاع الذكريات الماضية ، وكما يحدثهم على الصبر والثبور ، ويخاطبهم انا أشعر بالزهو لأننا نملك هذه الطاقات البشرية ، ومن خلال تجواله في أحيائه ومر على الابنية الجديدة التي بنيت فيها من المدرسة والمستشفى والجامع ، وهو في حالة الفرح والابتهاج على استرجاع قريته الى احسن من الماضي ، عندما ابتعدت عنه الشمس واتجهت نحو الغروب واخذت روح الرجل المسن معها ، وترك جسده هامتا على الارض لكي ينام الى الابد ، ولم ينهض مرة اخرى ليكمل امنياته ورغباته واحلامه .. 
     

83
مرارة المالكي من الديمقراطية

                                                                                                                  محمود الوندي

تخلق الحكومة العراقية بين الفينة والأخرى ذرائع لتستر على فسادها وسرقاتها ، وثني الجماهير عن عزمها ، قبل الايام قامت  الحكومة المحلية في بغداد كسابقتها عندما ارسلت قوة أمنية بتنفيذ القرار الجائر لمجلس محافظة بغداد بالهجوم على نوادي الاتحادات والجمعيات الثقافية والاجتماعية والنوادي الليلية والترفيهية وتمت اغلاقهم بحجج واهية ، وهذه مرة بأيعاز مباشر من المالكي بأرسال مجموعة من المفارزالامنية إلى مقري الحزب الشيوعي في الأندلس وأبي نؤاس ، حاملين أمراً بأخلائهما وتسليمهما فارغين خلال 24 ساعة لا أكثر ، على خلفية الموقف الإيجابي للحزب من الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المدن العراقية ..
تلعب حكومة المالكي اخطر لعبة في تاريخ العراق ، سبق وان استغل المعركة الطائفية بكل ثقله وبعد ان استنفد كل امكانياته في اجهاض الوحدة العراقية ، ها هو اليوم يلجأ المالكي الى لعبته القديمة الجديدة ان تأخذ مظاهرات حاشدة في مدينة بغداد العاصمة وبعض المدن العراقية الأخرى ضد الحكومة ، منحا شيوعيا بحتا ، بان المالكي يتهم الحزب الشيوعي بانه وراء هذه المظاهرات ضد الحكومة الاسلامية ، اي يحاول ان يطبق فتاوي رجال الدين آبان ثورة 14 تموز ، ويضحك على ذقون الناس البسطاء ، وهذه الدلالة التامة ان المالكي مغرمة للدكتاتورية ، لان هذا الاعتداء على الحريات العامة وإخلاء مقري الحزب الشيوعي في بغداد الذي يتنافى مع الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير ، يعكس صورة سيئة عن مستقبل العملية الديمقراطية في العراق الجديد ... 
تعتبر هذه خطوة الحمقاء من قبل المالكي وحكومته ، وعندما يتخبط حكومة لدخولها في الصراع مع الاحزاب الوطنية والديمقراطية ومحاربة المثقفين بحجة تطبيق الشرايع الاسلامية تارة ، وتارة اخرى استراجاع ممتلكات الدولة ، بدلا من الاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة ، هي مطالبة بإصلاحات سياسية واقتصادية ، وممارسة الحريات العامة ، وان يقضي على الفساد والارهاب المنتشر في العراق ، والكل يعرف بان اكثر المباني والعقارات الحكومية وغير الحكومية تحت سيطرت الاحزاب المتنفذة في العراق .. لماذا فقط طلب من الحزب الشيوعي اخلاء مقراته ؟؟؟!!!
وياتي قرار جكومة المالكي باخلاء مقري الحزب الشيوعي في بغداد هو بمثابة الضربة للاجهاض على التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق لإسكات الصوت الديمقراطي في البلاد الذي يبحث عن الحقيقة ، حيث تحاول الحكومة غلق افواه الوطنيين والديمقراطيين لعدم كشف عن حقيقتهم الكالحة ، لان تظاهرات  التي تشهد هذه الأيام هي صرخة حقيقية ومدوية أيقضت كل العقول العراقية التي كانت في سبات ، وهذه الإجراءات ضد الشيوعيين والديمقراطيين ستكون لها انعكاساتها السلبية على المجتمع لانها تحاول ابعاد الجماهير على المساهمة في تطور الديمقراطية في البلد وابعاد الاكاديمين والكفوئين عن المؤسسات والدوائر ، ممكن الضغط على الفرد وحريته الشخصية سوف تؤدي الى الهجرة الى خارج البلاد كما حدث في زمن النظام السابق.. 
فهذه التصرفات من قبل حكومة المالكي لمحاربة الحزب الشيوعي العراقي ، هي هروب من الأزمة الداخلية وقفز على الديمقراطية وخرقا للدستور ، اوعدم تشدقها بالديمقراطية والدستور ، ولا يضمن المالكي ولاء طيف كبير من شعبه وخاصة الطبقة المثقفة ، وهذا البرهان لنا ان الحكومة العراقية الحالية ما هو إلا الوجه الأخر للنظام البعثي ، والمؤشر الواضح للدلالة التامة على التوجه نحو دكتاتورية الحكومة ، بحيث تعمل جهارا ونهارا على إعادة الدكتاتورية الى العراق . وان مؤسسات الدولة ما زالت تعمل بقانون لمجلس قيادة الثورة المنحل وخاصة تتعامل وفق قانون الحملة الإيمانية الصدامية ، ومن هنا تتضح الاسباب او الدوافع التي تقف وراء إغلاق مقري الحزب الشيوعي ، والذي يعد من أعرق الأحزاب السياسية على الساحة السياسية العراقية ، الذي لعب دورا مهما في التاريخ السياسي الحديث في العراق ..     
كان من المفترض على حكومة المالكي أن تنصاع إلى صوت الشعب الذي ينادي بالإصلاح ، والنظر في طلبات المتظاهرين وتلبيتها بأسرع وقت قبل المطالبة بأخلاء مقري الحزب الشيوعي ، وتتحركها نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية ، والالتفات إلى إيجاد حلول لمعاناة المواطنين ، حيث لا تتعدى حيز الخدمات ومفردات البطاقة التموينية ، والقضاء على البطالة والفساد الإداري والمالي والسياسي داخل مفاصل الدولة ومؤسستها ، ووضعها حلولا جذريا لمعالجة هذه المشاكل بحيث لا يستطيع احد إخفاؤها ، ومن ثم محاسبة المتجاوزين والمتلاعبين بالقرارات ، وفتح التحقيق في الانتهاكات التي شهدتها تظاهرات الجمعة ، وعدم تماطل في تلبيتها لحاجات الجماهير الشعبية الواسعة في تقديم الخدمات وارادتها ورغبتها بالتغيير .. 
هنا السؤال يطرح نفسه ، هل يستطيع المالكي ان يصدر امرا او ارسال اجهزته الامنية الى الاحزاب المتنفذة في السلطة باخلاء المباني الحكومية ، واسترجاع هذه الممتلكات الى الدولة ؟؟؟ !!! وهذا ليس خافيا على احد ان اغلب الأحزاب السياسية والمتنفذة في السلطة ما تزال تشغل العديد من المباني وتستغلها كمقرات خاصة لها اكثر مما تشغلها الحزب الشيوعي العراقي ، باعتقادي لا يستطيع ولا يجرأ لان لدى هذه الاحزاب ميليشياتهم العسكرية والامنية ، بامكانهم اسقاط حكومة المالكي وسحب الثقة منها  ..





84
استحالة انعقاد قمة الدول العربية في بغداد

                                                                                                                  محمود الوندي

هل ستنعقد القمة العربية للدورة العادية 135 لمجلس جامعة الدول العربية في بغداد في 29 من الشهر  الجاري ؟؟؟  ولو جدول اعمالها شبيها بالجداول السابقة ، اما ان تؤجل موعد انعقادها الى موعد أخر ؟؟؟  لا بد هناك جوابا لهذه الاسئلة !!!

بما ان هذه القمة العربية أصبحت مشؤوما على حكام العرب ، لا اعتقد انعقادها من المحتمل تؤجل لعدد مرات بسبب سقوط الدكتاتوريات مثل اوراق الخريف وربما الغائها ، حيث تهب عاصفة ديمقراطية جارفة تشمل معظم الدول العربية ، لذلك نرى ما تعيشه ليبيا من انتفاضة الجماهيرية على رئيسها معمر القذافي الذي مضى على وجوده في سدة الرئاسة 42 سنة ،  ونجحت ملايين ساحة التحرير المصرية في تغيير نظام الحكم وتنحية الرئيس المصري ( حسني مبارك ) الذي قاد مصر لأكثر من 30 عاما وتخلى عن حكم البلاد تحت الضغط الشعبي ، كما اطاحت أيضاً بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي وانهيار نظامه امام روعة الثورة التونسية ، وسيلتحق بيهم اليمن والبحرين ، لان رياح التغيير قد وصلت اليهما ، وعدم استطاعتهما صد هذه الرياح ، وبدأت الآن احتجاجات جزئية في تلك الدول ، والحبل على الجرار على الدول العربية الاخرى ذات الانظمة الشمولية والتي تطبق بيها قوانين متحجرة الى تكتم الاصوات وتهضيم الكثير من حقوق الانسان وفقدان العدالة الاجتماعية ، كما استغلت تلك القوانين الصارخة من قبل المقربين للنظام الى تزايد حلقات الفاسدين والمفسدين داخل هياكل الدولة ومؤسساتها يوما بعد يوم ..  

بالرغم إن إصرار الحكومة العراقية على عقد القمة العربية قي بغداد ، هناك مؤشرات قوية على عدم انعقاد القمة في بغداد في ظل التغيير الحكومي الحاصل في أرجاء المنطقة العربية التي ثارت شعوبها ضد سياسات الظلم والقهر " الشعوب التي صبرت طويلاً " ، واذلت وارعبت طيلة عقود من الزمان ، ليؤكد هذه الشعوب اليوم تحركتها للتعبير عن مطالبها المشروعة ، ومطالبا تغييرا جوهريا في نمط السلوك السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد .. فاصبحت الحكام مثل قطع الشطرنج يتساقطون واحدا بعد اخر ، من خلال قيام الانتفاضات الشعبية ضد حكامهم الدكتاتورية  ، أن كل ما كان يجري على أرضهم كان بغير رضا شعوبهم ، ولا أقرار منهم ، ولا بإدارتهم  ..  

لقد تبينت عدد من قادة العرب سوف تغيب عن المشاركة في القمة القادمة ، بسبب رفضهم من قبل شعوبهم ، لانهم الحكام الديكتاتوريون المتسلطون على رقابهم ، وأصبحوا وبالا على شعوبهم المسكينة التي أفقروها وجوعوها لا طائل من ورائها هم واولادهم وعوائلهم وحاشيتهم .. فبعد سنين طويلة من المعاناة تحت ثقل وظلم الديكتاتورية المقيدة ، لقد انتفضوا عليهم لتطبيرهم من الحكم ، ما هو الا تعبير عن الرفض للشعب لواقعه المزري ، لذلك شاهدنا ان قسما منهم بعد ان هبت العاصفة الديمقراطية عليهم غادروا الحكم ، وقسم اخر على طريق لمغادرتهم الحكم  ..

بما تضرب الانتفاضة الشبابية دولاً عربية تلو اخرى ، وقد جعلت تونس وبعدها مصر دولتين من دون رئيس ، فمن سيمثل كلا منهما داخل القمة العربية سوف تنعقد في العاصمة العراقية ؟؟؟  ولبيا في طريقها الى اسقاط رئيسهم ، لأنه لم يقدم لشعبه إلا الخراب والقتل والتعذيب والتشريد ... واننا نرى ان ما يحصل الان في شوارع طرابلس والمدن الليبية الاخرى من انتفاضات وثورات وسوف تلحقها دولا اخرى ايضا ، مثلما يحصل في العراق من تظاهرات رغم انها ليست كبيرة وواسعة الا انها متكررة وهذا مايجعل التظاهرات من الممكن ان تتسع وتكبر ، بسبب غياب الخدمات والفساد الاداري والمالي وعدم تنظيم العمل ، الى جانب غموض في صرف عوائد النفط ..  
هناك مؤشرات كثيرة تدل على وجود متغيرات مهمة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريفيا ،  لانه لم تقتصر هذه الانتفاضة ضد رؤساء الدول العربية فقط ، بل انها امتدت الى بعض الدول الاسلامية الغير عربية ، خاصة وأن هنالك ثمة بلدان شرق أوسطية عديدة مرشحة ومتأهبة لاستنساخ الحالة التونسية ، مثلما حصل في ايران قبل ايام ، حيث اطلق متظاهرون شعارات قاسية جدا وانتقدوا بشدة السلطة الحاكمة في ايران ..

واليوم الشعوب أصبحوا بلا ريب ستقطع دابر من يستلب إرادتها ويستسهل طاقتها الكامنة ، لانهم عانوا طيلة سنوات ماضية من كل مقومات الحياة الإنسانية والحياتية ، وكما زجوا الحكام المستبدة والفسادة بشبابهم وكهولهم ونسائهم وحتى أطفالهم في سجون واقبئة اجهزتهم الامنية ، الى جانب فتح الابواب واسعا امام المجرمين والفاسدين للتلاعب بمقدراتهم ، وحرمانهم من الإستمتاع بخيرات بلادهم طوال العقود الماضية ، هناك جرائم كثيرة ولائحة طويلة وعريضة ، ومنها جرائم تتعلق بالتحريض على القتل والتصفية الجسدية خارج إطار القانون والقضاء وهلم ما جرى ..

ان السبب الحقيقي لغياب حكام العرب الباقية عن القمة العربية في بغداد ، لان همهم الان حماية انفسهم وكراسيهم من نقمة شعوبهم ، لأن ما حدث في تونس أضاء طريق الشعوب نحو التغيير وطرد حكام الطغاة ومن لف لفهم من البلاد ومن قصورهم الفخمة والضخمة ، لان هذه الشعوب ابتلت بـ( القادة التاريخيين ) الذين انتجتهم سنين الحرب الباردة ، ورجال إدارة المخابرات الأمريكية CIA ، إضافة الى خوف الحكام لتكتشف عوراتهم ومخازيهم التي كانوا يغطونها دائما ببعض الشعارات التافهة والرنانة والوعود المخدوعة والكاذبة التي خدرت بيها شعوبهم وحولتهم الى قطعان من الاغنام الذين ينتظرون وجبات الاكل فقط من حكامهم وبعض مكارمهم ..






85
هل سيتغير وجه التأريخ بانتفاضة العراقيين ؟؟!!

محمود الوندي

لكل انتفاضات التاريخ الكبرى مفرداتها الخاصة بها التى تعبر عن مبادئها الأساسية والأهداف التى تصبو إلى تحقيقها. وكان متمثلا فى ثلاث مفردات هى الحرية والمساواة والقضاء على الفقر والبطالة ، وعزم الشعب ان ينتصر فيها وان كلفه ذلك حياته ، ان يحيا حياة حرة كريمة دون قهر او استبداد او خوف ، وادت الانتفاضات الى سقوط الحكومات المستبدة وتنحي حكامها الفاسدة ..

إشتهر الشعب العراقي على مر العصور بقدرته على صنع المظاهرات والانتفاضات والوثبات ، لقد واجه تحديات عصيبة في الانظمة السابقة وتجاوزها بصلابة منقطعة النظير بعد ان رويت ارضه بدماء ابنائه . وشاهدنا انتفاضة آذار عام 1991 لقد كانت انتفاضة شعبية واسعة ضد حكم البعث الفاشستي ، والتي واجهها النظام الدموي البعثي وجلاوزته بمنتهى الشراسة والقسوة ، وضحى الشعب العراقي اكثر من 300 الف شهيد ..

واليوم الحماهير العراقية مستاءة جدا من استئثار الزمر الحاكمة وذويهم بالمال العام وحرمان الجموع الكبيرة من ثروات العراق الطائلة ، لان هذه الزمر الذين مستغلين الدين والمذهب لتمرير مصالحهم الخاصة ، أثبتوا فشلا ذريعا في إدارة الدولة العراقية ، لانهم غارقين في سبات السطو على المال العام واللهاث وراء الامتيازات وبمبتعدين عن هموم الشعب العراقي الذي يعيش أكثر من 50% منه تحت خط الفقر ، ولم تكون لديهم النية الخالصة في مواجهة المفسدين والمختلسين الذين تجاوزوا كل حدود المعقول في إستغلال المال العام ، وتجاوز الصلاحيات الممنوحة لهم من أجل مصالح خسيسة تتقاطع مع المصالح العامة المنتهكة على الدوام ... لذلك بادرت الجماهير العراقية للاحتجاج على الوضع المأساوي لحياتها المزرية ، وعلى استعداد لبذل جهودا وتقديم ارواحا على تحقيق هدفهم حتى لو ضحى بحياتهم من اجل كرامتهم وعيشيهم الكريمة ، وكشف عن المسيئين والمختلسين والفاسدين الذين يتعاملون مع بناء شعبنا كالحجارة على قطعة شطرنج يتحكموا فيها كيفما شاؤوا ، ومطالب الجماهير الى قطع الحكومة العراقية ارتباطها باجندات اقليمية ولم تجعل الوصاية الاقليمية وهيمنتها على رقاب العراقيين ، ولم تبيح لها مؤطئ قدم عسكرية وامنية وديمغرافية واقتصادية بالعراق ، هذه الاجندات التي كانت وما زالت وراء عمليات العنف بالعراق باغلب عملياتها ..

تريد هذه الجماهير من خلال التظاهرة القادمة في 25 شباط / فبراير ضد الطبقة الحاكمة الفاسدة في العراق ، انقاذ المجتمع العراقي من كل مسيئين او فاسدين الذين إنتهكوا عرض الدولة العراقية وإغتصبوا مستقبلها المنتظر ، وتقديمهم الى المحاكم لكي ينالوا جزائهم العادل ، واخراج البلاد من الفساد الاداري والمالي الذي ينتشر في جميع هياكل الدولة ومؤسساتها ، والعمل على تحقيق المطالب التى طالبت بها على مدار الفترة الماضية ، لإيصال مكونات الشعب بصفاء نحو المستقبل ، لان الجماهير تعرف أبطال قصص الفساد المالى والأخلاقى فى العراق ينتمى معظمهم إلى الطبقة الحاكمة وأقرباء المسئولين ، إضافةً إلى اعضاء البرلمان ذى الأغلبية التابعة للاحزاب الحاكمة ،  وقصصهم يرويها ويتداولها الشعب العراقي بمرارة عن الحكومة وثلة مفسديهم ..

وعلى مدى سبعة سنوات سيطرت الزمر من الاحزاب الاسلامية على حكم العراق ، نهبت البلد وما فيه وحولته الى موطن للفقر المدقع لأغلبية الشعب ، والثراء الفاحش للزمرة الحاكمة ، ويحرم الشعب من حقه في التعبير والآراء والتنفس الحر وكما يحرم الطبقة الفقيرة والمسحوقة من حقه في العمل داخل المؤسسات الحكومية ، وابعاد الكفوئين والاكاديمين عن المراكز الحساسة لصالح الحزبيين ، والاعتداء على حرية التفكير والتعبير وغلق جميع الاتحادات والجمعيات الفكرية بحجة محاربة المرتدين عن الدين الاسلامي ، وسلطت على الشعب قطعان المليشيات لتخويفه وارهابه ، الى جانب الارهاب الدولي وعصابات إجرامية أجيرة  ، إضافة الى تردي الخدمات الحياتية والانسانية ، وتفشي الفساد والرشوة في دوائر الدولة ، لا تتم تمشية معاملة اي مواطن إلا بعد دفع رشوة للموظف المسؤول ،  ورغم هذا الفساد والارهاب المنتشر يطل على الشعب بين آوانة واخرى دعائيو الاحزاب الحاكمة من شاشات الفضائيات ويقدموا خطابات مفعمة بالعجرفة عن استقرار العراق وديمقرطية العراق وبهذا كذبهم يريدون الضحك على ذقون الناس البسطاء ، ويخدعون المجتمع العالمي ..   

لقد عمدت الحكومة المعزول عن الشعب والغير قادرة على معالجة الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي إلى تعمق الطائفية وخلق شرخ بين مكونات الشعب اي طبقت الشعار ( فرق تسد ) كوسيلة وحيدة للاحتفاظ بكرسيها . وهكذا بادرت الحكومة إلى دعم التطرف الديني ومده بالإمكانيات كي يعادي الديمقراطية والفدرالية ومعاداة الفكر التقدمي ومحاربة الاشخاص الكفوئين والاكاديمين الذين لدبهم طاقات وابدعات وقدرات  لبناء مستقبل العراق  ..

ان تراكم القهر والحرمان لدى الشعب من خلال تمرير صفقات الفساد المالي والاداري الهائلة التي تصب في جيوب الفاسدين والمفسدين على حساب ملايين العراقيين الفقراء  ، وما رافقها من إيغال الحكومة في سياستها الخاطئة والمدمرة ، خلق وعياً جديداً لدى العراقيين الذين يتمتعون بالقدرة على تلمس الطريق الحقيقي نحو إنجاز الحكم الديمقراطي وتطبيق العدالة الاجتماعية وعدم هضم حقوق مكونات الشعب العراقي ، إن العراقيين أدركوا أنه بدون حرية وديمقراطية لا يمكن الحديث عن البناء واستقلال البلاد وبناء المجتمع المدني وكل ما تحلم به لبلدهم .

الانتفاضة القادمة سوف تغيير العقل العراقي ، وإيجاد الوعي السياسي لدى المواطن العراقي ، كما تغير وجه تأريخ في العراق ، وتقوية الهيكل الاساسي للممارسة الديمقراطية في العراق ، وتجلي الحقيقة على وجه الفاسدين والقاتلين بعد ان ذابت أشعة الشمس الحارقة كل ما كساه من مساحيق التجميل في وجوههم من مساحيق الكذب والنفاق والدجل ، الانتفاضة القادمة تكشف خداع الذين يجلسون تحت قبة البرلمان ويدعون دائما الدفاع عن حقوق الشعب وعن ديمقراطية العراق  ..




86
مواجهة الدكتاتورية بفرشاة مرشد الوندي

                                                                                                                   محمود الوندي

خانقين التي تحدت السياسات الشوفينية بكل انواعها واساليبها المتوحشة بدأ من الاعتقالات الكيفية والاعدامات ومرورا بالتهجير والتخريب والتعريب ، وتدمير معظم قرى المدينة وناحيتي ميدان وقورتو بحجة وقوعها على الفاصل الحدودي والسبب الرئيسي ايواء اهلها الصامدين للقوى الوطنية العراقية والكوردية ..

خانقين اهلها كارضها معطاء ، ورشيقة بقدرتها الشابة على العطاء من ابداعات رجالها ونسائها ، كوندها الخالد السرمدي الذي يروي ارض المدن الاخرى ، وأنجبت العديد من القاده الميامين في الحركه السياسية الوطنية التحرريه العراقيه والكوردية معا ، اذ رفدت الاحزاب من خيرة مناضليها والجمعيات والاتحادات والنقابات من خيرة ناشطيها ، المدينة قد روت حقل النضال الوطني من دماء شهداؤها الابرار ، التي قدمت قوافلا من الشهداء لمقارعة النظام البعثي في سبيل كرامة الانسان العراقي بشكل عام والانسان الكوردي بشكل خاص ، وكان لها في كل سجن ومعتقل سفير ، وكما لها رمزا في كل وادي وجبال في كوردستان ..
فيصعب علينا ذكر جميع الشهداء ، فالشهداء خالدين في ضمائرنا ابد الآبدين ودين على اعناقنا فلهم المجد والخلود ، ونحاول بين آونة واخرى نستذكر شهيدا تلو شهيد ..

لابد لي من كتابة هذه المقدمة لادخل في صلب الموضوع لأوشر الى بعض المناضلين من اهالي مدينة خانقين ، لهم باعة طويل من النضال داخل الحزب الشيوعي العراقي ، ولكن لم يأواهم الاستشهاد وكان منواهم الموت الطبيعي ، وفي هذه الحالة سوف يدلي الاستاذ محمد غازي خانقيني دلوته كالشاهد على سيرة الحياة للمناضل الشيوعي " مرشد محمد الوندي " ، ويؤشر الى حياته نضالية الذي قدمها من اجل رفاهية الشعب وانقاذ الوطن من دكتاورية البعث ..


المرحوم مرشد محمد الوندي
ولد الوندي في مدينة خانقين من عائلة ميسورة وفنية في سنة 1954 ، وعاش طفولته وصباه وشبابه على ضفاف نهر الوند واكمل دراستـه الابتدائيـة والمتوسطة والاعدادية في خانقين ولكن لم يتمكن الاستمرار فـي دراسته الجامعية بسبب ظروف السياسية والوطنية ، كان الوندي محبوباً بين اصدقائه ومعارفه لانه كان نبيلا وهادئا ، وكذلك صريحاً معهم في كلامه وصادقاً مع نفسه ومع زملائه ..  

بعد ان وجد الفقيد ( مرشد الوندي ) طريقه في الانتماء الى الحزب الشيوعي العراقي الذي كان في طليعة القوى الوطنية المناضلة على  الساحة العراقية ، وعرف أن هذا الطريق ليس معبدآ بالزهور، بل أنه طريق وعر وصعب ممتلئ بأشواك والعقبات ، حيث نشط في صفوفه وسخر حياته مع رفاقه في مقارعة الدكتاتورية والاستبداد وتصديه لنظام البعث الدموي في سبيل حرية الشعب العراقي بشكل عام والشعب الكوردي بشكل خاص ....
وكان الفقيد خطاطاُ وفناناً تشكيليا ومناضلاً وسياسياً عنيداً ، حيث استمر في نشاطه من اجل العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة لاطياف الشعب العراقي ومحاربة الفقر والجهل والظلم والتخلف بواسطة اقلامه وفرشاته تارة ، وترة اخرى بسلاحه عندما التحق الى صفوف انصار البيشمركة حتى أخر يوم من حياته  ..

عندما قام نظام البعث بالحملة الشعواء ضد أعضاء الحزب الشيوعي العراقي وانصاره واصدقائه في نهاية السبعينات من القرن الماضي ، قد تعرض الفقيد " مرشد الوندي " بسبب تلك الحملة الى شتى انواع المضايقات والملاحقات ، حيث أضطرت الى مغادرة مدينته خانقين ، فألتجأ الى جبال كوردستان وانظم الى الصفوف الحركة الوطنية المسلحة ، فقضى " الوندي " فترة طويلة من حياته وبين أخوته واخواته من جميع الأطياف العراقي على جبال كوردستان وداخل وديانها وكهوفها ، إلا ان سقط من احد مرتفعات الجبليه في احدى المعارك ضد الجيش العراقي وكان اصابته بالغه ..
واخيراً استقر به المطاف في السويد بعد أصابته البليغة ، واصبح الفقيد معوقاً ومشلولاً إلا انه لم يتخلى عن نشاطه السياسي والفني وتحدى الزمن وصعاب ايامه خلال أعماله الفنية ، حتى وفاته في شهر الثامن سنه 2004 في احد المدن السويديه ونقل جثمانه الى مسقط راسه في خانقين ودفنه هناك .

هذه دلالة حقيقية على الفقيد  "مرشد الوندي" كان مناضلا وفنانا ، لانه  شارك في كثير من الفعاليات الفنية والسياسية الى جانب القتالية من خلال انضمامه الى صفوف قوة الانصار الذين كانوا متواجدون في كوردستان ، وكان دوره المشهود في الحركة المسلحة طيلة فترة النضال المسلح التي خاضها الحزب الشيوعي العراقي الى جانب الأحزاب الكوردية في مقارعة الحكومات الرجعية والديكتاتورية التي تسلطت على رقاب شعبنا ، وعرف بين رفاقه في كوردستان باسم " حميد الخطاط " الذي اخذه اسماً حركياً له .
وكرس الوندي حياته خدمة للمجتمع العراقي بكل اطيافه بواسطة اقلامه وفرشاته التي كانت سلاحه الحقيقي ليحارب اعداء الشعب العراقي ، كما زين اقلامه وفرشاته أوجه كثير من الصحف الوطنية مناهضاً للنظام البعثي وافكاره الشوفينية  .

واخيرا ختم الاستاذ محمد غازي خانقيني حديثه بهذه الكلمات البسيطة ... اليوم اقف احتراما وأكراما لنضاله ، واقول ، المجد والخلود لفقيد الشعب والوطن " مرشد الوندي " ، وستبقى ذكراك خالد لا تغيب عن أذهاني واذهان رفاقك ومحبيك من اهالي مدينة خانقين ، الذين يتذكرون على الدوام ما قدمته من مآثر لا يمكن نسيانها  ......

87
انتفاضة مصر صاعقة تهز العروش العربية

                                                                                                                        محمود الوندي

تشهد اغلب المدن المصرية احتجاجات جماهيرية ضد حكم الرئيس حسني مبارك بعد ان كسرت حاجز الخوف ، خرج مئات الآلاف من الشعب المصري في غالبية محافظات مصر التي تعلو فيها صيحة واحدة : تنادي  باسقاط النظام وتنحية  " حسني مبارك " ، وتطالب بإصلاحات سياسية وإرساء قواعد العدل والمساواة بين الناس أمام القانون وملاحقة المفسدين في مؤسسات الدولة ، لان هذه الجماهير تهفو الى حرية والعدالة الاجتماعية ، لانها تعاني من الإذلال والمهانة والجوع والتسلط القمعي ، إضافة الى تفشي الفساد الاداري والمالي في هياكل ومؤسسات الدولة ، وهذا يعني ان هناك تراكمات كثيرة من الغبن والغلاء والفقر والفساد والرشوة ، هذه التراكمات هي التي جعلت الشعب بجميع طوائفه ماضي الى اجتثاث السلطة الحاكمة .

إزاء ما يجري في مصر، يدل على حالة الارتباك التي تعيشها أجهزة النظام إزاء هذا المشهد غير المعهود منذ عقود في الشارع المصري ، لذلك تحاول الحكومة المصرية إلقاء اللوم على جماعة الإخوان المسلمين الذين لم يكن لهم حضور بالمظاهرات ، لتخويف المحافل الدولية وكسب ودهم تارة ، وتارة اخرى تتهم المنتفضين بالبلطجية ، ومحاولا التفاف مفضوحة لتهدئة الغضب الشعبي ، كأنها لا تدري عشرات الألوف الذين نزلوا للشوارع المصرية في محافظات عديدة بمصر لم ينزلوا استجابة لدعوة حزب أو جماعة سياسية ، ولا تحمل لونا سياسيا محدداً ، بل جميعهم من شرائح المجتمع المصري التي تملكهم الغضب ، ونفد صبرهم على الأوضاع الصعبة التي يعيشونها ، وحالة الاستبداد والقمع الممارس ضدهم . 

بعد ان وجدت الحكومة صعوبة في مواجهة احتجاجات جماهيرية ومطالب شعبية ، بدلا ان تلبي مطالب الجماهير بإحداث التغيير الذي يطالبون به ، محاولا بضرب الوحدة الوطنية ، عندما حاول مبارك بالتكتيك الشيطاني لتخويف المنتفضين ، لارسال مجموعة من اجهزته الامنية ومرنزقته بالملابس المدنية بمساعدة مجموعة منتفعة من النظام التي لا يزيد عددهم على بضع مئات بصفة انهم مؤيدين له عندما قاموا بتظاهرة هزيلة ومخجلة لابتزاز الجماهير المتحشدة في ميدان التحرير ، وقاموا بالاعتداء عليهم بالهراوات والسكاكين محاولا لتفريقهم . وفي هذه الحالة تحاول النظام تحويل التجمعات في ميدان التحرير في قلب العاصمة الى ساحات كر وفر بين المتظاهرين وبين ما يسمى من موالين للنظام  . 

أن تظاهرات المصريين الأخيرة زلزلت مقاعد المسؤولين الوثيرة الذين يحتكرون الحكم منذ بداية ثورة يوليو تحت مسميات مختلفة  ، وأربكت شفاههم المنتفخة ، ولم يقدر أحد منهم على مواجهة احتجاجات جماهيرية .. لذلك تعاملت الحكومة مع الأحداث الأخيرة وفقا لسياسة التجاهل والعناد التي اتبعها مع الشعب طيلة السنوات الماضية ، لعدم ادراكها اسباب غضب الشعب المصري حيث لم تستجب لمطالب الجماهير الغاضبة ، لانها ليس بمقدروها ان تفهم رسالة الجماهير وفحواها ، لذلك ارادت ان تسيسها لمصالحها الخاصة ، وهكذا النظام يتجاهل أن الخطر الذي يهدد أي نظام ليس المظاهرات ولا ضغوط المعارضة ، وإنما إغلاق عينيه عن رؤية الحقيقة وعدم اعتراف بخطأه ، لانه يظن أن القضاء على أحزاب المعارضة والقوى السياسية الاخرى نجاح له  .

هذه الانتفاضة تبدو أنها سوف لن تهدأ إلا بعد سقوط النظام المصري ورحيل حسني مبارك وتشكيل حكومة جديدة تحظى بالديمقراطية ، لانها تعبر في جوهرها عن احلام وطموحات المواطن المصري في الحرية والكرامة والتنمية البشرية والعادلة الاجتماعية  .

انتافضة مصر نقطة الشروع في بناء منظومة عربية ديمقراطية تمكن الشعوب العربية من مسح الصورة الرديئة التي رسمتها لهم انظمة الحكم القمعية والفاسدة وتزيل اثار التخلف والهيمنة ، واصبحت انتفاضة مصر ضوءا احمرا للانظمة العربية الدكتاتورية ، وسوف تنهي زمن المزايدات والترعيب والتخويف لشعوبهم ، انتفاضة مصر زلزلت مقاعد الحكام العرب القابضين على السلطة في بلدانهم ، لان دكتاتوريتهم متشابه وان اختلفت بلدانهم ، حبث نرى تصريحات تلو اخرى من قبل الحكام العرب حول إصلاحات سياسية واقتصادية وإطلاق الحريات العامة وإرساء الديمقراطية وقواعد العدل والمساواة بين الناس أمام القانون وسن قانون جديد للانتخابات وملاحقة المفسدين في مؤسسات الدولة ، وبهذه التصريحات الرنانة يحاولون خداع وتخدير شعوبهم من جديد ، هذه دلالة عن خوف حكام العرب من ريح الديمقراطية تهب على شعوبهم  ..


88
لا جديد في الحكومة الجديدة
                                                                                                                  محمود الوندي

بعد ماراثون طويل وشاق من المفاوضات والنقاشات الساخنة بين القوائم الفائزة  على منصب رئيس الحكومة واخيرا تم الموافقة على تشكيل حكومة برئاسة السيد نوري المالكي بولادة قيصرية بعد أكمال الجنين من خلال صفقة واحدة اتفقت عليها الكتل السياسية المتنازعة ،  التي قضى فيها هولاء الساسة شهور طويلة حوت على مشاحنات ومصادمات عقيمة حول القضايا التي تضع أولياتها لمصلحة هذه الجماعة أوتلك ..

قد شهدت الفترة التي سبقت الاعلان عن الحكومة صراعا شرسا بين القوى السياسية المتنازعة من أجل الفوز بأكبر عدد من المناصب العليا والوزارات وليس لأجل وطنه ورفاهية شعبه ، كل ذلك في محاولة للحصول على ما يمكنه الحصول عليه من المنصب أو الشهرة ولتعمير أسمه وجيبه ، ومفضلاً المصلحة الشخصية الضيقة على كل شيء  ..

هذا الصراع من اجل المصلحة الشخصية الضيقة يكون ضررا في مسيرة الديمقراطية العراقية الوليدة حيث يقودنا خطوة الى الأمام نحو نفق مظلم خطير .. ويكون مضاره كثيرة على العراقيين الى البناء الديمقراطي حيث تذهب أمنياتهم وتوقعاتهم أدراج الرياح ، باختصار ان ما جرى هو ترضيات بين السياسين على حساب الشعب العراقي ، بان لا جديد بالواقع في الحكومة الجديدة ، إلا في ما تعلق بدراماتيكية صعود شخصيات حزبية الى دفة الحكم ..

ما طرأ حتى الآن هو أن التغيرات التي حصلت في الحكومة الجديدة هي تغير عدد قليل من السادة المستوزرين الوزارة  ، واما الباقي هم نفس أعضاء الحكومة السابقة ، التي تفشى حالة الفساد الأداري والمالي حد الثمالة في مؤسسات وزاراتهم  ، ما يجعلنا أن نقول عنها أنها وجه جديد لبطانة الحكومة السابقة ، فلا أجد ثمة أختلافات إلا من الشكل الخارجي المزركش بخيوط الديمقراطية ، فالفساد يبقى إذن متصدراً قائمة العناوين ، وهذه ظاهرة تدعو الى المزيد من القلق بمعنى  ان الخارطة الجديدة للوزارة توحي للمتطلع وكأن العراق خال من الكفاءات والطاقات إلا من لمة من الوزراء تبقى أسماهم تتكررفي كل وزارة جديدة ...   

فإذا جرت الأمور على أساس ماذا يكون مصيرالمواطن العراقي بأيدهم ، من الطبيعي فستكون النتائج سيئة ،  لان أختيارهم لم يتم على إساس كفائتهم وقدراتهم ، بل تم أختيار هولاء الوزراء لكونهم ينتمون لهذه الطائفة أو العشيرة أو الحزب أو أو أو أو ، بغض النظر عن أمكانيتهم القيادية لخدمة الشعب العراقي الغريق والذي يبحث اليوم عن قشة النجاة  ..

لعل يكون من الطبيعي أمام الحكومة الجديدة مهمات صعبة واصبحت أكثر مسئولية من ذي قبل ، بإصلاح الكثير من أخطائها السابقة ، والقضاء على الفساد الأداري والمالي ، وإعادة الإعمار وتوفير الخدمات ، والأهتمام بالثقافة العراقية الجديدة  ودفع عجلة النمو الأقتصادي والأجتماعي للبلاد ، وتعمل على تنظيف وزاراتها ودوائرها من شوائب ، وتسهم في بناء المجتمع العراقي  الديمقراطي .. ترى هل تستطيع الحكومة الجديدة تنفيذ وتحقيق طموحات شعبنا المظلوم ومعالجة اخطاء الحكومة السابقة وعدم تكرارها بهذه الدزينة المعلبة من  الوزراء ؟؟؟ وهل تثبت للشارع العراقي وللرأي العام العراقي ، بأنها هي الأكثر كفاءة وقدرة وصدقية لرفع المستوى المعاشي للمواطن ؟؟؟ سؤال يصعب علينا الأجابة عليه بنعم  ..  لان هذه المهمة شاقة تحتاج الى قادة نزهاء مخلصين وكفؤيين في عملهم .. 
يبحث الشعب العراقي اليوم عن حكومة فاعلة ومخلصة لكي تتمكن من تقديم خدمات وتلبية مطالبه لأنه عانى من أفتقاد الخدمات الأساسية منذ سنوات طويلة ، ويحافظ على سلامته وأمنه ولا يكن لقمة سائغة بأيدي أعدائه ، إن رغبته باظهار وجوه جديدة وعقول نيرة تحمل أفكارا حديثة وكفاءات متمكنة من التكيف وفق معطيات العصر تتطلع إلى الأمام نحو نهضة وتنفض الغبار عن المعدن العراقي الأصيل ، ترفع ديمقراطية العراق الفتية إلى مصاف العالم الديمقراطي المتطور المتحضر ، وينبغي أن يتخلى حكام جدد عن تعصباتهم المذهبية والدينية والقومية ، وعن لهاثهم وراء الكراسي وعن المغانم لمصلحة الشعب والوطن  ..

كان الواجب على الحكومة الجديدة ، باختيار الشخص المناسب للوظيفة المناسبة كذلك وضع الآلة المناسبة في مكان العمل الناسب ، كي تقدم أفضل الخدمات للمجتمع والوطن وتزداد إنتاجية الحكومة بأقل الصرفيات ، أي ليس بالضرورة أن يكون الوزير حزبي ليبحث عن مصالحها الحزبية والشخصية الخاصة ، وإنما الكفاءة والحرص على المال العام والالتزام بالدستور قبل الالتزام ببرنامج حزبه  وتعاليمه ..


89
مجلس محافظة بغداد تضع مسمارا في نعش الديمقراطية

                                                                                                                  محمود الوندي

قبل الايام قامت قوة أمنية بتنفيذ القرار الجائر لمجلس محافظة بغداد بالهجوم على نوادي الاتحادات والجمعيات الثقافية والاجتماعية والنوادي الليلية والترفيهية وتمت اغلاقهم بما فيها مبنى إتحاد الادباء والكتاب العراقي الذي عومل أسوة بالنوادي الليلية ، انصياعا الى بعض الاصوات الشاذة والمنبوذة داخل المجتمع العراقي الذين يتمشدقون بالاسلام وفي داخلهم الامراض الخبيثة التي ورثها من افكار البعث ، بحجة حرص المجلس على تطبيق القوانين الاسلامية ، لكن هناك أجندات سرية تستهدف حقوق الناس وتهديد العملية الديمقراطية الفتية ،، وبخيالهم !!! لان هؤلاء المثقفين يتنكرون لهوية الأمة الاسلامية ومقومات وجودها ، ويعيثون في المجتمع العراقي فسادا ، وعدم تطبيق تعاليم الدين الاسلامي ، لكن في الواقع هم مع كبت الحريات وانتهاك حقوق المواطنين ، وقمع الاقلام الشريفة التي تبحث عن الديمقراطية الحقيقة ، وغلق افواه المثقفين لعدم كشف عن حقيقتهم الكالحة ، وكشف اسرار إرتزاقهم على قوات الجماهير بأنيابهم السامة ، وكيفية كسبهم للمال الحرام ، وخوفا لكشف شهاداتهم المزورة ليعرفها القاصي والداني ..
لا شك ان هذا القرار لمجلس محافظة بغداد ، يبرهن لنا ان النظام الجديد في العراق ما هو إلا الوجه الأخر للنظام البعثي وهذه مرة باللباس الديني ، لذلك قوبل القرار بالاستنكار الشديد من قبل جميع اطياف الشعب العراقي الذين الحريصين على نجاح العملية الديمقراطية في العراق ، لان القرار يعتبر في منتهى التعسف والهمجية ، ومنعطفا خطيرا يهدد الوضع الثقافي والمثقفين بشكل عام ، وتعد انتهاكا صريحا للمبادئ الديمقراطية ..
إن هذه الإجراءات التعسفية التي تنال من حرية القوميات والأديان والمذاهب والتي لها تقاليدها وأعرافها الخاصة ، تنفر الناس عن الدين ، لان الحظر جاء من منظور ديني على اساس تحريم فتح الجمعيات والنوادي للحفاظ على تقاليدنا وأعرافنا وقيمنا الاجتماعية ، ومن حهة اخرى هذه الإجراءات تفتح الطريق على الارهابيين وفلول البعث الذين يريدون تخريب العملية السياسية في العراق الجديد وتفشل الديمقراطية ، دليل على جهل المسؤولين المتأثرين بثقافة النظام السلطوي في مجلس محافظة بغداد ...
لقد تبين اعضاء مجلس محافظة بغداد يحاولون إرجاع عجلة التاريخ الى الوراء لعدم تشدقتهم بالديمقراطية ، بأن لهم عقلية لا تنسجم مع حرية الناس ولا مع روح الإبداع والتطور ، وهكذا المسؤولين يسيئون فهم الدين ، لان القرار يتخذ من الدين موقفاً مضاداً للحريات وتبتعد عن متطلبات الحياة والدولة المدنية ..
سؤال يطرح نفسه ، لماذا تعجز مجلس محافظة بغداد بأعتبارها الواجهة الرئيسية للحكومة المركزية ، وضع حد ومعالجة الفساد الاداري بحيث لا يستطيع احد إخفاؤها ، ومحاسبة المتجاوزين والمتلاعبين بالقرارات ، ووضع حد لظاهرة تسول ايتام المقابر الجماعية وضحايا الارهاب في الشوارع ، وظاهرة الكلاب السائبة التي تنهش بلحوم ابناءنا وهي المهام الأصلية لمجلس محافظة بغداد ، فبدلا بتصرف لا إنساني لاغلاق جمعيات ادباء العراق وتحجيم الثقافة وقمعها وتغيبها ؟؟؟ !!!! ، هذه الإجراءات ستؤثر بشكل سلبي على مستقبل العراق  وتضع مسمارا في نعش الديمقراطية ...
فعلى مجلس محافظة بغداد بدلا على قيامها لهذه التصرفات لا اخلاقية ولا إنسانية ، واستغلال صلاحيتها لاضطهاد الناس ، كان افضل لها ان تفكر كيفية وضع خطة لبناء مشروع إنساني . ومن خلاله ان تقديم الخدمات الحياتية والانسانية للمواطن البغدادي ، وتوفير العمل للعاطلين ، وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وعليها ان تراعي الفقراء والمحتاجين ورفع مستوى معيشتهم والاستجابة لمطالباتهم ، وتأخذ إجراءاتها لمنع الجريمة والانفلات الامني والاستجابة لشكاوى آلاف المواطنين الذبن بلغ بهم الضيق والآذى ، لان غلق النوادي الاجتماعية والادبية ، ومنع المشروبات الكحولية ، يعني بداية جديدة لتدمير ما تبقى من العراق بالشريعة الاسلامية ، لان هكذا الإجراءات ستفسح المجال للمجاميع الضالة بتداول واستخدام كافة انواع المخدرات ، إضاقة الى ممارسة فسقهم وفجورهم في بيوتهم الخاصة  .....
للاسف الشديد هكذا المسلمين يسؤون للاسلام وأساءتهم الى سمعة الدين ، لأن إجراءاتهم التعسفية اتخذت باسم الدين والأخلاق ، بينما في الحقيقة العكس هو الصحيح ، لان تعاليم الدين لا تنص على محاربة الثقافة ومعاقبة من يحتج على الفساد وظلم الإنسان ، والتضيق على حريات المواطنين ومنع مشاركة الفنانين الموسيقين في المهرجانات الثقافية ..
أن نتائج هذه الإجراءات ستكون جد وخيمة على الدين والثقافة ، وعلى مستقبل الأجيال القادمة ، فالموسيقى هي غذاء للروح وتهذيب للنفوس ، وهي تشكل جزءً مهماً من المورث الاجتماعي ، أي ثقافة الأمة ، للاسف على هؤلاء الذين يتجاهلون ، بان الموسيقى وغبرها هي من الوسائل الترفيهية فاصبحت من الضروريات التي لا غنى عنها ، لأنها تخفف من الضغوط النفسية التي يتعرض لها الإنسان خلال عملهم اليومي المرهق ..


90
المدرب العالمي حسين أسماعيل

رحلة خياط مطارد الى عالم النجومية في الملاكمة


قيس قره داغي

 الرياضة عشق وتصوف ، هكذا يصف المدرب العالمي حسين خانقيني علاقته بالرياضة ورحلته الشاقة معها وأنجازاته العالمية في ميدان الملاكمة في بلد ليس بلده وفي عالم ليس بعالمه ، ألتقيته مؤخرا في هامبورغ في حفل خاص ومهيب أقيم خصيصا للأجانب الذين أبدعوا في ألمانيا في المجالات المختلفة من ثقافية وادبية وعلمية ورياضية وفنية وسواها وهم أكثر من سبعين مبدع أنتزع صاحبنا حسين الجائزة الاولى وقد جاء في حيثيات منح الجائزة بأن حامل الجائزة سبق وأن هجر الى المانيا في أواخر السبعينات بعد أن كان خياطا مطاردا من قبل السلطات الامنية العراقية لمجاهرته بآرائه السياسية في المجالس الخاصة والعامة وقوله لأحقية الكورد بالتمتع بحقوقه كاملة دون نقص ما أضطر للهجرة الى هذا البلد وهنا بدأ من الصفر وتمكن أن يعمل وأن يتعلم اللغة ويزاول الرياضة ويعمل في وقت واحد ، حيث أنه دخل الميدان في بداية الأمر كلاعب ملاكم وثم أتجه الى عالم تدربب الملاكمة وتدرج في السلم التدريبي الى أن أصبح مدربا عالميا من الدرجة الأولى ودفع مجموعة من الشابات والشباب الالماني الى المبارات العالمية فجلبوا مجموعة من الجوائز الذهبية والفضية والبرونزية لألمانيا في عالم الملاكمة ويذكر أنه تمكن أن يتقن الالمانية بشكل ممتاز بشكل مواز مع تقدمه في عالم الرياضة وأكثر من ذلك أنه أهتم بالرياضة النسوية وأخذ بيد الصبايا ودربهن بشكل جيد الى أصبحت مجموعة منهن بطلات لألمانيا والاتحاد الاوروبي والعالم .

 

عند مشاهدة سيرة مدربنا خانقينيي نشعر بفخر وأعتزاز بعصامية أبن البلد وسحقه للعراقيل أمام مسيرة حياته  فنقرأ في سيرته من ضمن أنجازاته أنه تمكن في عام 2000 من تحقيق بطولة مقاطعة هامبورغ بالمانيا والتفوق على زملائه من المدربين في مقاطعة هامبورغ رغم تفوقهم وصيتهم  في هذا الميدان وبعد عام واحد فقط تمكن من الحصول على ذهبية المانيا في رياضة الملاكمة وعاد وحصل للمرة الثانية على ذهبية المانيا عام 2002 وفي السنة التالية حصل على ذهبية أوروبا في البطولة الاوروبية المقامة في مدينة بيكس الهنغارية ، وبه تخطى الحدود الالمانية وأصبح أسما معروفا على نطاق أوروبا وفي نفس العام وفي بطولة أوروبية أخرى أقيمت في مدينة ميونيخ الالمانية أنتزع الذهبية للمرة الثانية في اوروبا وشارك أيضا في العام 2004 في بطولة أوروبية ثالثة أنتزع الفضية في ريمينيغ الايطالية ، وفي عام 2005 انتزع ذهبية المانيا للمرة الثالثة وفي السنة التالية أحتفظ بالذهبية مرة أخرى وأحتفظ بالكاس في السنوات التالية  لحين أقامة البطولة في عام 2010 في مدينة فيسمار بشمال غرب المانيا فأنتزع الذهبية ولازال يحتفظ بها الى الوقت الحاضر وفي 26 اكتوبر من  عام  2010 نال ذهبية اوروبا في البطولة القاريية المقامة في سيلك الفرنسية وختما عاام 2010 بنيل ذهبية المانيا وشمال ألماني في آن  واحد ، وعندما نقرأ أسماء الملاكمين والملاكمات اللاتي أشرف حسين على  تدريبهم فنقرأ عشرات الأسماء  وقد بدأ مدربنا معهم من عهد الصبا وهم يتمتعون الآن بألقاب أوروبية وعالمية .
 

سألت خانقيني عن مشروعه المستقبلي فأجاب أنه كلما تقدم في ميدان الرياضة يعتبر نفسه أنه يبدأ من نقطة الصفر وهذه الصفة تدعوه الى نوع من روح الشباب المتطلع أبدا الى التقدم والاندفاع وجوابا على سؤالنا عن نقل خدماته الى أرض الوطن قال بأن الأوان قد آن فعلا للأنتقال الى أرض الوطن بعد أن زالت الدكتاتورية الجاثمة على صدر الوطن وأنه يريد الاستقرار في أربيل حيث أن آفاق العمل رحبة هناك في ظل مؤسسات رياضية تتقدم بشكل ملحوظ في الميادين المختلفة ووزارة الثقافة والشباب تفتح أبوابها لكل من يتمكن دفع عجلة الرياضة الى أمام  ويضيف خانقيني بأنه قد لاحظ أن الانجازات الرياضية في كوردستان متقدمة في بعض الميادين وراكدة في ميادين أخرى ومنها مجال الملاكمة ولذلك فقد هيئت مخطط كامل ومدروس لدفع عجلة الملاكمة الى أمام والاهتمام بشكل خاص بالرياضة النسوية خصوصا أن الارضية مهيئة في كوردستان لدخول النساء في مختلف ميادين الحياة  وسياسة المساواة التي بدأت دعائمها في عهد حكومة السيد نجيرفان بارزاني  قد أمتدت  الى عروق وجذور المجتمع الكوردستاني وقد وضعت خطتي وبرنامجي على ذلك الاساسس ونتمنى أن يكون الله في عوننا في تقديم الافضل لشعب يتطلع أبدا الى الرقي في كافة الميادين وسأحاول تقديم عصير تجربتي في سني غربتي وكذلك نقل النموذج الالماني الى كوردستان .                               

 

91
هيمن المؤسف على شبابه



محمود الوندي
بعد سقوط النظام البائد في عام 2003 يتعرض الشعب العراقي الى الارهاب المثير من قبل دول الجوار والتي ترسل أرتال الإرهابيين الى العراق ، واخذت تجري انهار الدماء الزكية للعراقيين في جميع المدن العراقية ومنها بغداد العاصمة على إختلاف عقائدهم ومذاهبهم وقومياتهم ، وهدف الارهابيون للارهاب المدنيين العزل واشاعة الخوف والرعب في صفوفهم ، حيث تكون المقاهي والمساجد والاسواق الشعبية والمجالس العزاء والشوارع المكتظة بالمواطنين الابرياء هدفا رئيسيا لهم ، واصبحت الحياة في العراق واقفة على كف عفريت ..
هذه الاعمال الارهابية مربوطة للمخططات المشبوهة التي تستهدف استقلال وسيادة العراق الجديد بنظامه السياسي بفيدراليته وديمقراطيته الحديثة ، لان معظم البلاد العربية والاسلامية غير راضين عن هذه التغيرات التي تحدث في العراق ، ويريدون قتلها في مهدها ، واسترجاع العراق الى صفوفهم السياسية في الدكتاتورية ..
واخيرا ما تشهد مدينة بغداد في اوسع تفجير متازمنا
 مع حادث كنيسة " سيدة النجاة " بعد نجاح المسلحون
في تنفيـذ هجمات دامية بسيارات مفخخة وعبـوات
ناسفة التي راحت ضحيتها مئات من القتلى والجرحى
وكان من ضمن تلك الضحايا الاستاذ الجامعي" هيمن
خليل محمد علي من سكنة مدينـة خانقين " الذي كان
إنسانا متواضعا وحريصا على إشاعـة روح والأخاء
والتسامح بين جميع فئات الشعب العراقي ومكوناته ،
وكان يحمل في عقلـه وقلبـه رايـة السلم والمحبة
وخطاب الثقافة البعيد عن الكراهية والبغض ..   

وان استشهاد مثل هكذا شخصية اكاديمية الذي أهرقته بلا رحمة التفجيرات العابثة التي انهت تدفق قلب ينبض بالحياة ، وروح استضاءات بمحبة لعلمه وطلابه ، ولم يسمح له ان يكمل مشواره العلمي لتقديم الخدمات الجليلة الى قوميه وشعبه لان إرادة الارهاب الاعمى والقاسي اوقف حركة الفكر التنويري لدى الشهيد الراحل " هيمن "  ، وان استشهاده يكون خسارة للمجتمع الكوردي بشكل خاص والمجتمع العراقي بشكل عام ،  وبرحليه ينتكس العلم والمعرفة ، كما تكون خسارة كبرى على جوهر الثقافة  ..

وهكذا انهت التفجيرات حياة الاستاذ الجامعي " هيمن " أحد ابرز الاكاديميين في الجامعة المستنصرية ( كلية العلوم / قسم الرياضيات ) ، وترك لاهالي مدينة خانقين قساوة الحزن وعمق الألم ، كما ترك صورة المبتسم وشفيف الروح والذكريات الحلوة لا تغيب عن ذاكرتيهم ، وطيبته وإنسانيته المرصع بثقل الاحجار الكريمة ، وبفقدانه نودع اكاديميا من قمة العطاء العلمي ومن حملة مشروع التطور والحداثـة في العراق ، هذه دلالة على مد الحقـد  الظلامي الاسود ضد العقل العراقي التنويري ..

إن سبب تأزم الاوضاع الامنية في العراق تدل على تدني الاجهزة الامنية وضعف المعلومات الاستخبارية ، واهمال الحكومة وعجزها عن حماية أرواح المواطنيين الابرياء ، لانها لم تضع حلولا واقعية للازمة الأمنية ..
اما السبب الرئيسي لفسح المجال للارهاب الخارجي والداخلي والذي يكون ضحيته من ابناء شعبنا ومن ضمن الضحايا من الاكاديمين والاستاذة والمثقفين بكل انواعها .. فشل الكتل السياسية الفائزة في التوافق على شخصية رئيس الحكومة بعد حوالي ثمانية اشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية ، لان نبتت في عقلية السياسيين وقلوبهم الدكتاتورية الطائفية والحزبية ، كما تنبت الأعشاب البرية في الخلاء ويرفضون تدوال السلطة ، وتمسكهم بالكراسي السياسية  ..



92
لماذا الارتاد الفكري والارتكاس الثقافي في العراق ؟؟؟

محمود الوندي

غدت فنون الثقافة على امتداد تاريخ طويل بكل انواعها ومسمياتها في كل المدن العراقية بتعدد لغاتها ولهجاتها ( وبالتحديد مدينة بغداد العاصمة ) ، وظهرت مجموعة المثقفين قد خدموا الثقافة العراقية بدون اي ثمن معنوي او اغراء مادي ، بل امتازوا بحيويتهم وجهودهم وخصالهم التي أسدوا من خلالها خدمات كبيرة الى الشعب العراقي .. ومنهم كانو عربا وكوردا وتركمانا وسريانا وكلدانا وصّبة مندائيين ..

بعد استلام السلطة من قبل حزب البعث لقد استباح الميدان الثقافي من الجهلاء والدخلاء وانفلتت الأمور من عقالها وكبلت الثقافة العراقية بثقافة حزب الواحد وكتابات حول خطب وأقوال منطلقة من فم رئيسه الدكتاتور صدام حسين ، اصبحت الثقافة العراقية رهينة سياسة البعث ، فقد شد المثقف العراقي الاصيل رحاله الى دول اوربا المختلفة وامريكا واستراليا بعد ان كبل حريته وزادت من معاناته ، ولم يستطيع ان يبرز ثقافته للمجتمع ، بسبب قلة وسائل الدعم والتسهيلات له ، بمعنى لم يمنح له الحق في حرية  التفكير والتعبير والإنتماء السياسي ، والفكري والآيديولوجي ....

ان الثقافة العراقية اليوم تعيش مأساة حقيقية كماضيها ، وتتعرض الى ممحاكة جديدة بين دور الثقافة الحقيقية وبين مصالح الطبقة السياسية والحزبية الضيقة التي تبحث عن الدعاية ، التهليل والتطبيل لمناهجها الشكلية ، ومن جانب اخر تهميش الحكومة لدورها في صناعة مجتمع متقدم ، لذلك لا يعد باستطاعة أي مثقف ملتزم نقد أية جهة من الطبقة السياسية والحاكمة خوفا على حياته ، ولهذه الاسباب خسرت الثقافة العراقية عددا كبيرا من المبدعين والكفؤين والاكاديمين والصحفين والاعلامين ، ودفعت ثمنا كبيرا من قافلة الشهداء  ... 

للأسف الشديد إن ما نشهده اليوم من هجمات تنكيل للمثقف العراقي الاصيل ، بشكل آلية غير مسبوقة في القمع الفكري وإرهابه على امتداد تاريخنا من اشباح المثقفين والذين يعملون كبوق لتلميع الصورة المسؤولين والدفاع المستبد عن سياساتهم الخاطئة من خلال مقالاتهم وكتاباتهم الركيكة والملفقة  ، وبعيدا عن أي منهج علمي ونقدي لدراسة النصوص وتوظيفها بصورة صحيحة ، وتجاوزهم كل الحدود الادبية والاخلاقية ، والهدف منها للتغطية على سرقات المسؤولين لاموال الشعب وفشلهم اداريا في عملهم .. 

يحاول البعض ما يسمى بالمثقفين توظيف كتاباتهم في إثارة النعرات والانقسامات بين مكونات واطياف الشعب العراقي من أجل أهداف واضحة واستغلالهم للأجواء المشحونة في العراق في كتاباتهم اليومية ، ليبثوا سمومهم ضد من يكشف الفسادي الاداري في هياكل الدولة واتهامه بعدة الاتهامات بحجة واهية ، لكي يقتلوا كل مفاهيم إنسانية وديمقراطية باسم سياسات خاطئة ( هذه الكتابات نشبهها بحمم البراكين تحرق ما حولها ، حيث تترك اثرها التدميري لمديات بعيدة من الزمن ) . 

وهنا المصيبة !!! هكذا المثقفين يكتبون من الغثاثة والتفاهات التي لاتقل خطورة عن الارهاب الدموي ان لم يكن يتجاوز تلك الخطورة ، وتمارس كل أشكال الضحك والسخرية على آلام وهموم المجتمع ، وتحاول تكرس المفاهيم الخاطئة في نفوس الناس البسطاء واستسلامهم للواقع الحالي بحجة الدفاع عن مذهبهم او طائفتهم ، لذلك أخذوا يصرحون حسب مزاجهم ويحللون حسب هواهم  ، ولكن في الحقيقة يسيرون  من يمولهم ويدعمهم من احزاب وتيارات ومنتفذين في الدولة .   

أن من أهم واجبات المثقف العراقي هو العمل على رفع وعي الجماهير لمقاومة الظلم وكيفية حماية حقوقها ، وتحريرها من إضطهاد السلطة المستبدة ، ومن جميع مصادر العسف والإضطهاد السياسي والإجتماعي والديني والعرقي وغيره ، لا شك فيه إن تقوية العلاقات الثقافية  من الأمور المطلوبة والضرورية بين المثقفين (بغض النظر عن ميولهم او افكارهم)  لما تمثله هذه العلاقات من حافز معنوي كبير لزيادة الأواصر الاجتماعية والعمل على توفير فرص ثمينة بالتعرف على مشاكل وهموم الناس ، هذه العلاقات حافزا لزيادة الروح الوطنية لدى الشعب العراقي ، أي أخذ إجراءات وقائية لمنع وقوع اي ظلم على اطياف شعبنا ، لهذا علي المثقف العراقي ايجاد حركة استثنائية وافكار خلاقة تحميه من الجهلاء والدخلاء على الثقافة العراقية  .

المثقف العراقي الحقيقي الذي يعمل من اجل الارتقاء للمجتمع العراقي نحو التنوير والتغيير ، ما يزال يعيش مرحلة الحرمان والفقر والغربة الذي طوقه نظام البعث ، والحكومة الحالية عدم إكتراثها لمعاناته وهمومه ، وقد اصاب المثقف العراقي شلل وتغريب مرة اخرى بسبب عدم بيع صوته وقلمه وضميره بأثمان رخيصة وبائسة الى الاحزاب والمسؤولين في الدولة وتملقه لهم ، لذلك يعاني المثقف المبدع من الوضع النفسي والاجتماعي لآنه لا يجد من يدعمه ويهيئ الجو المناسب له لينطلق الإبداع والنشر افكاره وآرائه ، ولا يجد مخرجا له لكي يطرح إبداعاته وأطلاق طاقاته ، بل صار أسير الواقع المأساوي .

فالاحزاب السياسية تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية عن الارتكاس الثقافي في العراق ، التي تحاول بشراء بعض النفوس الضعيفة من ما يسمى بالمثقفين لتطبل وتزمر لهم كما كانوا ايام نظام البعث ، ومن جهة اخرى بسبب انقساماتهم ان كانت مخفية او علنية ورفضهم بعضهم البعض لافساح المجال للمثقفين من المأجورين واستغلالهم لهكذا الاجواء ، لذلك تغرب وتهمش المثقف العراقي الذي يعبر عن وطنيته باخلاص وتوجيه قلمه الى خدمة الانسان العراقي ويتحمل بصدق وعن جدارة مسؤوليته الثقافية ، وبعيدا عن اية نزوعات السياسين ، يظطهد اليوم ، ويبعد عن الساحة الثقافية والسياسية ، ويحارب من كل الجهات الحكومية وغير الحكومية . 
وهذه أسباب التخلف الثقافي في العراق وجذور الفشل وعوامل الانحطاط  !!!!!!! واصبحت الثقافة العراقية كالشمعة التي تقاوم لظلام دامس في العهد الجديد ، ويتهمشت تعمدا من قبل الحكومة العراقية والقوى السياسية المتخلفة .



93
الكورد الفيلية بين الامال المعلقة والحقوق المغتصبة
محمود الوندي
للاسف الشديد تبرز اصوات شاذة وتستند على تحليلاتها النظرية البعيدة عن امر الواقع ، وتحاول بحصر الكورد الفيليين في زاوية ميتة وتششتهم وابعادهم عن قوميتهم تارة بحجة انهم عراقيون ، وتارة بانهم من المذهب الشيعي ، وظهر اخيرا بعض الاصوات النكرة يدعون بان الكورد الفيلية بانهم الاقلية ، بدلا من مطالبتهم بحقوقهم المهضومة ( ومن المؤكد تقف خلف هذه الاصوات جهات تدفعهم لاتخاذ الموقف ) ، ان هذه الاصوات التي تحاول ان تستخدم قضية الكورد الفيلية جسرا للعبور الى مصالحها هي امتداد لتلك الاصوات التي شتتت الكورد الفيلية في الانتخابات الاخيرة ، وهذا يدل قصر نظر سياسي لهكذا الاصوات وعدم الهامهم بشؤون القيمة الإنسانية ، لانهم يتجاهلون او لا يفهمون ما معنى القومية او الاقلية واختلافها عن الدين او المذهب . وهؤلاء الاصوات يحاولون فصل الكورد الفيلية عن كوردايتهم بحجج واهية . 

لايمكن للكورد الفيلية القبول بعزلهم عن قوميتهم بحجة وضعهم الخاص اما بعراقيتهم او تشيعهم  لانهم مكون اساسي من مكونات الشعب الكوردي ، بأن ليس هناك فرقا بين كوردي وكوردي سواء كان في اقليم كوردستان او خارجها ، فكلهم أمة واحدة او من قومية واحدة ولهم مصير مشترك واحد ، وتاريخ واحد ، ولغة واحدة بلهجات مختلفة حالنا حال بقية أمم وشعوب العالم .

ومن جهة اخرى ظهرت بعض الاصوات الشريفة والإنسانية تنادي لعقد مؤتمر بمساعدة اشقائهم في اقليم كوردستان لانقاذ الكورد الفيلية من محنتها ووضعها المأساوية (هذا شيء جيد) ، لا يكون المؤتمر كسابق المؤتمرات لمناقشة قضايا الكورد الفيلية ، لان جميعها لم تأخذ المعالجة بمحمل جد ومتابعة بعد انتهاء كل مؤتمر لتحقيق اهداف المؤتمر الذي انعقد ، وكانت المؤتمرات تفتقر الى التنظيم والاختيار الجيد للمشاركين  تكون السبب بعجالة عقدها بدون تخطيط مسبق .

لقد سبق لي شخضيا ان كتبت الى جانب اخواننا من كتاب الكورد والكتاب الخيرة من العراقيين عدة مقالات ومن منطلق إنساني وقومي ووطني لانعقاد مؤتمرا موسعا للكورد الفيلية لتوحيد كلمتهم والدفاع عن قضيتهم ومشيرا الى مظلوميتهم وتهجيرهم القصري وما تعرضوا له من سياسات عنصرية ادت الى ابعاد عشرات الألوف من العوائل الآمنة والمسالمة ( بدأت عام 1971 وبلغت ذروتها عام 1980 ) من العراق الى ايران بعد ان سحبت سلطات النظام الدكتاتوري السابق كافة وثائقهم القانونية التي تثبت عراقيتهم ، ويحاول المؤتمر لافهام المنظمات المدنية والإنسانية العربية والاسلامية والعالمية بمظلومية الكورد الفيلية وفقدان الكثير من أفرادهم وأموالهم بسبب ذلك التهجير القسري المشين للنظام البعثي ، ويضع المؤتمر أمام كل الخيرين مهمة التضامن معهم والوقوف مع قضيتهم المعروفة ، ويستغل كل فرص للفهم والتذكير القوى السياسية الحاكمة والمؤثرة على الشارع العراقي حتى يكون دافعاً لهم للتحرك لاستعادة حقوق هذه الشريحة المهضومة وإلتفات هذه القوى حول قضيتهم وعدم نسيانهم وتهميشهم في هذا الزمن ، والتحري عن مصير أبنائهم واسترجاع ما فقدوه من العقارات والاملاك والوثائق العراقية .

يعرف العراقيون جميعا ان الحملات العنصرية التي تعرض لها الكورد الفيليون في عهد الدكتاتور صدام حسين التي تعتبر من ابشع الجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية حقا ،  وكانت ضمن برنامج تطهيـر عرقي وبدايـة لحملات الجينوسايد والقتل الكيمياوي التي تعرض لها الشعب الكوردي في كوردستان العراق ، وحاولت القوى الفاشية واجهزتها القمعية لإبادتهم وسحقهم في العراق وبمختلف السبل المتوفرة لديها واسئتصال جذورهم وتمزيق نسيجهم من دون رحمة ولا شفقة .

والدوافع السياسية التي مارسها نظام البعث ولم تكن من باب صدفة بحق الكورد الفيلية عندما ألقيوا عنوة نحو مصير مجهول من دون غذاء او ملبس يقيهم البرد اي بعد ان حجزت كل ما تملك من اموال منقولة وغير منقولة بما فيها الذهب والحلي التي كانت على صدورهم وفي ايديهم واصابعهم ، بل كانت سياسة البعث فكرة عنصرية معادية للكورد وكانت الكورد الفيلية حصة الاسد من ضمن تلك السياسية الرعناء بعد ان جردت من جنسيتهم العراقية وهويتهم الوطنية ، لان الكورد الفيلية يعتبرون انفسهم العمق الستراتيجي لاقليم كوردستان ، لذلك كان موقفهم الثابت من حقوق المشروعة للكورد ، ودعمهم المستمر للحركة التحريرية الكوردية وكان هذا واحد من الاسباب ، واما سبب ثاني كان لهم دورا ممييزا في قيادة الاحزاب الوطنية ومنها الحزب الشيوعي العراقي ، وقفتهم الشجاعة بوجه انقلابي البعث في 8 شباط 1963 ودفاعا عن ثورة 14 تموز وعن مكتسباتها وعن الزعيم عبد الكريم قاسم وحكمه الوطني ، ومعارضتهم للنظام بعد انقلاب 17 تموز 1968 ، إضافة الى الاسباب الاقتصادية والاجتماعية (مما يؤكد عراقية هذه الشريحة في بنية المجتمع العراقي) ، حيث دفع نظام البعث وحكمه الدكتاتوري الى تصفية العديد منهم جسديا او ارسالهم الى الخطوط الامامية لجبهات القتال أثناء حرب العراقية الإيرانية لتخلص منهم ، والسير القسم الاخر على الأرض المزروعة بالألغام ، وكما زجت بالسحن شبابهم من كلا الجنسين وجربت عليهم كافة اتواع الاسلحة الكيمياوية والجرثومية في غرف الموت ودهاليز التصنيع العسكري . 

للأسف الشديد ما زالت هموم ومعاناة الكورد الفيلين مستمرا بعد سقوط نظام البعث ولم يلتفت اليهم احدا ، ولم يوفوا جميع الاحزاب بوعودهم بتأمين كامل حقوق المواطنة للكورد الفيلية والعمل للوصول الى صيغة اكثر عدالـة في دراسة حالتهم وايجاد آليـة قانونية لا تقبل التأويل والتسويف والمماطلة لاجل استعادة ما فقدوه من حقوق وممتلكات ، ولم تعرض قضيتهم امام المسؤولين او تؤشر لها داخل قبة البرلمان العراقي ، ولم يتبنوا فعليا وعمليا مطالب الكورد الفيلية من اي طرف ، لان معاناتهم وتهميشهم هو السمة البارزة للسلوك الرسمي للحكومة الجديدة القريب الى سلوكيات الحكومة السابقة ، لدليل ملموس على العجز التام في تنفيذ قراراتها المصيرية من أجل الإعداد لمشروع قانون يعيد للكورد الفيليين حقوقهم الطبيعية ، وتطبيق وتفعيل الأجراءات المتعلقة بتعوضهم عن المظالم التي لحقت بهم  .

ومن جانب اخر هم يتحملون قصدا من الذنب حيث لم يوجد اي عمل لتاسيس كياننا للكورد الفيلية يضم جميع شخصياتها المخلصة وتمتلك خطابا موحدا  ويعمل بجد من اجل قضيتهم وبعيدا عن حب السلطة او المنصب ، كما طالبهم السيد مسعود البارزاني عندما زاره العديد من ممثلي الاحزاب الكورد الفيلية بالتوحيد كي يستطيعوا تحقيق مطالبهم . 

هل تستطيع الكورد الفيلية ان تعقد المؤتمر الجديد !!!! ؟؟؟؟ وان يجمع جميع مكوناتهم المختلفة فكريا وذهنيا ، والاختيار الجيد للمشاركين في المؤتمر ، وتقديم دراسات موضوعية ومستفيدة لكي يكون ملموسا لتحقيق اهدافهم المطلوبة ، واختيار لجان متابعة من الاكفاء والاكاديمين يقدمون تقارير دورية لآخر ما توصلوا اليه في عملهم ومتابعتهم للقرارات التي يخرج بها المؤتمر ، وهل تكون رؤية المشاركين موحدة وبرنامج عمل موحد من اجل تحقيق نتائج افضل للوصول الى اهدافهم المنشودة  ؟؟؟؟

94
الأديب والباحث د.عدنان الظاهر
نصفُ قرنٍ من الإبداعِ في العلم، والبحث، والكتابة


أجرى الحوار: حكيم نديم الداوودي
                                                     
كلّ شيءٍ له طقوسه الخاص، ومن لا يفهم سر كينونة تلك الطقوس ربما سيقحم نفسه في تيه ٍ مّمضٍ لقصوره في إدراك كل المعرفة مع عوالم المشاهير. أقلام ٌوعقولٌ وتجاربٌ ثرةٌ تمّتد جذوربعضها الى نصف قرن أو أكثر عبر رحلاتهم وكدهم أوسهرهم الطويل . ومن أجل الوصول الى فناء أيكة إبداعهم علينا السفراليهم للتفيء بظلهم الوارف. وبدأت فكرة السفر لمملكة الروائي والباحث الكبير عدنان الظاهر عن طريق التواصل مع أديبنا الروائي د. الداوودي زهدي، وكان هذا الحوار من ثمرة المكالمة الاولى مع د. الظاهر وبداية مشوارالمودة لتقليب صفحات إبداعات أديبنا د.الظاهر. فالسمو والإرتقاء مع فكر هذا الروائي والباحث المتألق يتطلب منك حتماً الوقوف ِبَرويةٍ على شاطي بحر أفكاره، وتذكيره ببعض المشاهدوالأماكن والوجوه والمواقف والأسماء المتعلقة بأستار ذاكرته المتقدة بكل حيويةٍ ودئبٍ في مواصلة نشاطه الكتابي والنقدي. مثلما نتابعه ويتابعه محبي مقالاته الزاخرة بالمتعة الذهنية وإجادته في إستنطاق كائنات ممالكه الفنطازية.  وعبر حوارنا مع د. عدنان الظاهر إستوقفتنا جملة من الأسئلة التي تنوعت ما بين الوقوف على عتبة دار مولده،  وعلى مراحل أيام الطفولة والشباب، ومراحل التعليم العالي، وسنوات التدريس، وحكاية مشواره مع الصعاب في وطنه بعد تركه لموطن الحلم والطفولة، وقصة غزله مع هموم أفواه أبناء وطنه الجائعة وتضامنه مع أصحاب مناداة تلك الحقوق التي تطالب بالرفاه الإجتماعي أسوة بثراء دول البترول في العالم. مع شكرنا المتواصل لسعة صدره، وطول صبره في الوقوف على معاني ومغازي أسئلتنا المطروحة وفق مقاسات تحليلنا الشامل لتجربته الطويلة في البحث والكتابة.                                                                                                                                           

                           

س 1: ماذا بقيت لديك من الشواهد الرسمية تؤشر لميلادك والى مسقط رأسك بابل مدينة الطلاسم وينبوع الشعر والفن والصفاء، وموجز أطلس الإنسانية؟                                                                       
                                                                                       
ج س1 : السؤال غامض يا عزيزي ويحتمل أكثر من إجابة واحدة . فما المقصود بالشواهد الرسمية ؟ دفتر النفوس ؟ دفتر الخدمة العسكرية ؟ شهادة الجنسية العراقية ؟ ما زالت هذه الوثائق معي حلّت حيثُ حللتُ وارتحلتْ حين ارتحلت . أو تقصد ذكرياتي عن مدينتي حلّة بابل ؟ ذكرياتي عن الحلة ما بين الأعوام 1942 ـ 1962 ما زالت حيّة نابضة في رأسي وقلبي ووجداني .  طالباً في المدرسة الإبتدائية الشرقية ثم متوسطة الحلة للبنين فثانوية الحلة للبنين حيث شهادة بكالوريا الخامس العلمي . بعد تخرجي في دار المعلمين العالية عام 1959 قضيت ثلاثة أعوام مدرساً بين متوسطة الكفل للبنين ثم متوسطة الحلة للبنين.لم أنسَ زملائي ولا أصدقائي ولا أقاربي قط  بل وحتى الكثير من طلبتي . ووفاء مني لمدينتي وأهلي وذكرياتي فيها كتبت 15 حلقة تتعلق بمدينة الحلة : مدارسها وأبرز معلميها ومدرسيها وعن صنائعها ومختلف حرفها وباعتها المتجولين وحلاقيها وأطبائها لاقت إستحساناً لم أكن أتوقعه  حتى جاءتني رسائل الشكر والتهاني من مختلف الأقطار . في شهر آذار من عامنا هذا [ 2010 ] كرّمتني جامعة بابل في ملتقى خاص في أحد قاعاتها  إفتتح الملتقى رئيس الجامعة الدكتور نبيل الأعرجي وتكلم عدد من الأساتذة وبعض الأصدقاء القدامى  وطلبوا مني كلمة كرسالة تلفونية فقرأت كلمة بهذه المناسبة . كانت إبنتي حاضرة هناك لتمثيلي فتكلمت نيابة عني وقرأت كلمة أعددتها لها . منحتني جامعة بابل درع الجامعة وقررت تسمية إحدى قاعات المحاضرات بإسمي . هذا جواب الحلة على حبي لها وتعلقي بها وبأهاليها وبكل ما يمتُّ لها بصلة. غادرت الحلة شهر آب عام 1962 ولم أرها بعد ذلك إلا مرات قليلة جداً في سبعينيات القرن المنصرم .  أما عن تأريخ مولدي فجرى تثبيته كما يلي : أولاً / الوالد : يتذكر عام مولدي ( 1935 ) لأنه كان عام مولد الملك فيصل الثاني ثانياً / الوالدة : لا تعرف عام مولدي بالضبط لكنها تتذكر جو وطقس مولدي . تقول المرحومة الحاجّة : جئتَ للدنيا في ليلة عاصفة باردة ممطرة لذلك ، تضيف الحاجّة ، تشاءمتُ منك ومن ساعة ميلادك ! ثالثاً / شهادة أخينا الأكبر عبد الجبّار : قال لي إنك جئتَ دنيانا في شهر كانون الأول عام 1935 .رابعاً / وماذا عن يوم مولدي ؟ لا أحد يعرف ! لذا إخترتُ أنا هذا اليوم ولمناسبة سعيدة جلبت لي حظاً كبيراً في حينه ، وكان ذلك في 17 من كانون الأول فتمّت [ السبحة ] هذه التواريخ مُثبّتة اليوم في كافة وثائقي الألمانية بما فيها جواز السفر17.12.1935 .                                                                                                           

س2 : في الطريق لتسجيل الطالب عدنان الظاهر في مدرسته الأولى، ماذا بقي لديه  من طموحات براءة سني الطفولة، أول معلم أهدى لك إبتسامته الأولى بإعتباره رسول ٌ من ُرسل العلم والمعرفة؟                                                                                  

ج س2 :  لم أبدأ دراستي الإبتدائية في مدينة الحلة ، ثم يتعذر على طفل في الخامسة من عمره أنْ يتذكّر إسم أول معلم . كان المعلمون كثاراً يتبدلون ويتنقلون بين المدارس أو بين المدن . قضيّتُ أغلب سني المدرسة الإبتداية في ناحية المحاويل [ الآن قضاء المحاويل ]. هناك أتذكر أسماء لا أنساها من الرجال الأجلاّء الكرام على رأسهم مدير المدرسة السيد أحمد عباس ( أبو شهاب وثاقب ) وأخوه السيد لطفي سلمان ثم المربي الفاضل محمد جواد الدهيمي والأستاذ نعمة عباس الزبيدي . كما لا أنسى أستاذ العربية عبد الأمير محمد الذي أهداني كتاب " الشاعر الطموح " عن المتنبي وكان لهذا الأستاذ فضل تعلّقي بالشاعر العراقي الكوفي المتنبي .                                                                                                                                               
 
س3: ما علاقتكَ بالشعر وأنتَ نهلْتَ مبكراً من معين علوم الكيمياء العضوية وغير العضوية؟ وكيف نمت تلك العلاقة عند رسمك لأول لوحة شعرية بالكلمات ؟                                                       
           
  ج س3: بدأت علاقتي بالشعر عام 1948 ومع كتاب الشاعر الطموح . قرأت هذا الكتاب وحفظت ما فيه من شعر المتنبي  وكان مدير المدرسة يختارني لإفتتاح  تحية العلم الأسبوعية لأقرأ بعض الشعر . أتذكر مرّة طلب مني المدير أنْ أقرأ قصيدة المتنبي [ ذو العقل يشقى في النعيم بعقله / وأخو الجهالةِ في الشقاوة ينعمُ] فقرأتها بطلاقة ومقدرة .الكيمياء لم أخترها بمحض إرادتي إنما فرضتها عليَّ ظروف خاصة جداً . أجبرني الأهل على دخول الفرع العلمي ومن هناك بدأت مشكلتي التي يحلو لي أنْ أسميها كارثتي .                                                                                                             

س 4: ماذا أضافت لخزينك الشعري دواوين عمالقة الشعر العربي من المتنبي الى الجواهري؟                                                                                                  
                                                                                           
ج س4:  حفظتُ الكثير من شعر المتنبي لكني كنت دوماً أجهدُ نفسي وأجبرها على الإبتعاد عنه لئلا يقع شعري تحت تأثيره فأفقد شخصيتي وخصائصي الفنية والإنسانية . نعم ، كتبت الشعر العمودي في بداياتي الأولى وكان هوايَ مع بحري البسيط والطويل لكني هجرته للعالم الجديد الذي طغى خلال خمسينيات القرن الماضي ، أعني الشعر الحر أو الشعر المرسل أو شعر التفعيلة الواحدة وتعدد القوافي .  لم أزل عبداً مكبّلاً بقيود هذا الضرب من الشعر لأنني لا أستطيع عبور المرحلة لكتابة شعر قصيدة النثر ، لذا أعتبرُ نفسي متخلفاً ! ديناصوراً لا يصلحُ إلاّ لمتاحف التأريخ الطبيعي.                                                                                     
                                                                                                 



س5 : كيف وجدت الشعر عبر دواوينك المتعددة، هل أدى الشعر لديك رسالته في المجتمع باعتباره وعلى حد تعريف الشاعرة نوار عماد إنعكاس لـ " سيرة حياة البشرية كأداة تعبير منذ القدم"؟

ج س5: ليس في قناعاتي أني وشعري قادران على إحداث أي تغيير في المجتمع . ذلك شأن سياسي صرف . نعم ، في شعري إشارات قوية وأخرى ضعيفة في نقد بعض الأوضاع السياسية الراهنة اليوم لكنَّ شعري أساساً لا أضعه في خدمة السياسة ولا الإيديولوجيا هذه قناعتي . لو تقرأ شعري الحالي المنشور في العديد من المواقع لأقتنعتَ بما قلتُ . أنهجُ في الوقت الراهن نهجاً جديداً عليَّ فقصائدي معقدّة قليلاً لطبيعة بنائها وهندستها وما يتخللها من فضاءات وظلال وتلاوين وتلاعبات بالزمن تقديماً وتأخيراً فضلاً عن الكثير من التراكيب الصوفية ـ الميتافيزيكية وأرجحة الألفاظ  من خلال قوانين اللغة نفسها . على العموم إني لا أعدُّ نفسي لأكونَ شاعراً معروفاً بين الشعراء ولا لديَّ طموح في منافستهم لأني أساساً منصرف لنقد الأعمال الروائية ومجاميع قصائد شعر النثر، أي أفتخر بكوني أحد النقّاد وأصر أنْ أكون أحدهم بينهم .
 
س6 : أية مدرسة نقدية جذبتك أثناء قراءتك لاعمال الشعراء والادباء قديما وحديثا؟

ج س6: قلت دائماً أني لا أنتمي لأية مدرسة نقدية والسبب هو رأيي وقناعتي الراسخة أنَّ النظريات النقدية تُسيء للنصوص وتجمّدها في قوالب قاسية تعسفية والإبداع لا حدود له ولا إبداع بدون حرية مطلقة والنظريات قيود وزناجيل وقوالب من الفولاذ والأسمنت . قلتُ دائماً إنَّ النص هو الذي يوجّهني ويفرض عليَّ منهج دراسته وآليات تحليله ثم اللغة التي أعالجه بها . أعالج النصوص المختلفة بلغات مختلفة لكنَّ العربية تبقى اللغة الوحيدة من حيث القواعد والنحو والصرف والإشتقاق.



س7 : الرحيل و حمل حقائب السفر الى المجهول، ماذا تتذكر من تلك الوجوه والاسماء والمدن التي دونتَ لهم في مسيرتك الأدبية عبارات التمني للقاء بهم كرة أخرى؟

ج س7: الوداع الأول الكبير في حياتي كان صباح السادس من شهر آب عام 1962حيث غادرت مطار بغداد للدراسة في جامعة موسكو بزمالة دراسية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا .  كان على أرض المطار جمعٌ كبير من الأهل والأصدقاء غير أنَّ ما رأيت في ذلك الوقت من حال والدي أفقدني سيطرتي على نفسي . كان واقفاً بجانبي ويسأل الناس : لَعَدْ وينه عدنان أي [ أين عدنان ] ؟ ثم والدتي التي تهاوت على أرض المطار بعباءتها السوداء متشبثة بأطراف سروالي تبكي وتعاتبني أمرّ عتاب : ليش صخيت بفراكنا يُمّة عدنان ؟ أي ( كيف سخوت بفراقنا أو كيف هان عليك فراقنا ) ثم أضافت : ليش ما دللناك ما تعبنة عليك ... ربيتك بدمع عيني وما جرى ؟ ( ألم ندللك ألم نتعب عليك ربيتك بدمع عيني وما كان يجري ) . تأثرت كثيرا بموقفي والدي ووالدتي ولم يفارقني ذلك التأثير لعدد من السنين . الرحيل الثاني والأخير كان فجر التاسع من شهر تموز عام 1978 هروباً أشبه بالمعجزة ... لم يكن في وداعي إلاّ الصديق الذي تبرع بحملي بسيارته إلى مطار بغداد وأصرّت زوجتي ومعها طفلانا أمثل وشقيقته قرطبة أنْ يكونوا في وداعي . كان الولد شجاعاً غير مبالٍ برحلة والده شبه المجهولة المصير لكنَّ شقيقته قرطبة ضعفت قليلاً ... إلتصقت بي في السيارة وفي عينيها ظلال دموع لكنها لم تسمح لها بالسقوط !

س 8 : الأم وكما في تعبير كل النفوس الطيبة حاضنة الأمل والشوق والألم والحنان، فيها تختصر كل مسالك وممالك الانسان، ألستَ القائل لها في ديوانك رمل وبحر " أماه ليتك ما غبتِ عني ، فبعدكِ تأتي الليالي ، وبعدكِ تمضي الليالي ، وهيهات بعدكِ يأتي القمر".

ج س 8: كتبت قصيدة رثاء لأمي منشورة في ديوان [ رملٌ وبحر ] كما تفضّلت عزيزي أستاذ حكيم . وذكرتها في عدد من قصائدي ولم أزل أذكرها حيثما وجدتُ مناسبة لذكرها كما خاطبتها في بعض أشعاري في بيت أو بيتين من قبيل :
أمّي معي قلبها في الليلِ يحضنني
غيباً كما يحفظ الأعمى أغانيهِ
الأم في الدنيا واحدة فكيف ينساها أولادها ؟ كيف ينسون إقامتهم تسعة أشهر في رحمها سكناً وطعاماً وشراباً كأي فندق خمس نجوم [ فل بانسيون ] . كيف ينسون حليب صدرها ؟
 
س9 : هل هناك جدارمن العتاب المضبب بين عالمك الأدبي  وعالم السياسة وهل ترى ان السياسة ما تزال هي فنٌ لخداع الذات، وتحايل من أجل تحقيق مآرب  (الأنا) . ما تقييمك لأداء بعض رجال السياسة في العالم وفي عراق اليوم؟

ج س9: لا من علاقة قائمة بين عالمي الأدب والسياسة خاصةً في مجالات الشعر . ربما أكتب حوارية خيالية فيها رموز وإشارات تتناول أوضاعاً سياسية معينة لكني لا أعتبر هذا نوعاً من أنواع السياسة . أتذكر نقاشاً مع شخصية مهمة جداً اليوم في العراق جرى ربيع عام 1981 قال بالحرف الواحد [[ السياسة قحبة ! ]] . ليس لي تعليق على قول هذا الرجل. السياسات تتغير بتغير الزمان والظروف السياسية المحلية والعالمية . لا من ثبات على وجه الأرض وأمامك ما يجري في العراق !
 

س10: كُتبٌ عشت معها، وأية من تلك الكتب أثّرت فيك، وتركتْ آثارها العميقة في مسيرتك الأدبية؟

ج س 10: القرأن وديوان المتنبي لا يفارقانني أبداً ، ثم كتب طه حسين في تأريخ الأدب العربي وكتب أخرى لا يسعني تعدادها في هذه اللحظات . من الشعراء الأجانب تأثرت كثيراً بكل من شكسبير كروائي ثم لورد بايرون وما قرأتُ من ترجمات لبعض أشعار لوركا ورامبو وبودلير . لم أتأثر كثيراً بما قرأتُ من الشعر الروسي ، لا بوشكين ولا ماياكوفسكي ولكن أعجبني  شعر يفتوشنكو وترجمت له قصيدة [ نعم ولا ] إلى العربية ونشرتها مجلة الآداب اللبنانية في نيسان 1967 .
 
س11 : هل تملك طقساً معيناً من طقوس كتابة القصيدة؟ أم أن القصيدة تأتيكَ كزخات المطر تبلّل روحك قبل إحتضانها لجمال المكان والطبيعة ؟

ج س 11: لا تأتيني القصيدة مجاناً لوجه الله ! أنا أذهبُ إليها سعياً على الرأس لا مشياً على القدم . لا طقوس خاصة عندي لكتابة الشعر . ثم لا أكتب قصيدة ناضجة جاهزة [[ ملبلبة ]] كما نقول في العراق . القصيدة معي ليست مشروعاً جاهزاً كاملاً أتناولها مثلما أتناول كتاب من على الرف . تأتيني أفكار ... تبقى معي فترة قصيرة ... تفارقني ... أحاول اللحاق بها فأنجح حيناً وأخفق أحيانا . نعاود في اليوم التالي الصراع والمماطلة والكر والفر أخادعها وتخادعني . وحين أستقر على رأي محدد أو التوقف لدى فكرة أو مجموعة أفكار مترابطة أو متشعبة عن أصل واحد وجذر واحد أشرع بالكتابة وأترك ما أكتب لفترات متباينة قد تطول وربما تقصر . في نهاية كل هذا المرار أعيد النظر فيما كتبت ! يا للمصيبة ! غالباً ما أمزق حصيلة جهدي وصراعي وأصرف النظر عن مشروع هذه القصيدة العصية على أنْ تكون قصيدة .  أحياناً أخرى أجد فيما كتبت شيئاً يستحق تسميته شعراً . أجلس طويلاً لأعيد كتابة أو تبييض ما سوّدت سابقاً فأشطب وأحوّر وأضيف وأعدّل حتى يستوي بين يدي شيء لا علاقة له بأصل ما كتبت في أول الأمر .  لا أفكر بالكلمات إنما الكلمات تفرض نفسها على الجملة الشعرية فهي اعرف مني وإنها هي الجديرة باخذ مقودي وزمام أمور القصيدة التي أطمح إلى كتابتها . ميلاد الشعر عندي عملية أشق من الولادة المتعسرة بكثير .


س 12: هناك قصائد تصف غائلة الشيب، وما نصيبها في قصائد د.عدنان الظاهر، وهل أنت في ولهٍ لأيام الصبا "أينَ الشبابُ ؟ و أيَّةً سلكـا - لا أين يُطلبُ ؟ ضلَّ بل هلكا"؟

ج س 12 : أكره سماع مثل هذا الشعر . لا أخاف الزمن ومرّ الزمن ولا أتشبث بالحياة تشبث الجبناء . بين عينيَّ ما قال المتنبي : فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ، كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ .
 
س 13: ماهي مشاريعك الأدبية القادمة التي لم تكتمل، وأنت ترفل دائما بالعطاء متخطيا ًعقابيل تقدم العمر ؟
ج س 13: أحلم أنْ يتم طبع مذكراتي وهي في سبعة فصول . وطبع حوارياتي الطويلة مع أبي الطيّب المتنبي وأكثرها منشور في المواقع وبعض الصحف . ثم طبع مقالاتي الأدبية وابحاثي في نقد الشعر والرواية ولقد أنجزتُ منها الكثير للعديد من الروائيات والشواعر العربيات والروائيين والشعراء العراقيين والعرب .


س14: ماذا تعني لديك هذه الأسماء في عالم الفن والأدب والسياسة ؟

1—  امرؤ القيس: المتنبي :   الرصافي :الجواهري : نازك الملائكة: ناظم حكمت:  بوشكين: بابلو نيرودا:بودلير: شيللر: لوركا :السياب :
 نجيب محفوظ :: لميعة عباس عمارة:
2 –  علي الوردي:علي جواد الطاهر:طه حسين :عبد العزيز الدوري : طه باقر:مسعود محمد :عبد الجبار عبدالله :سلامة موسى:كمال مظهر:
تشيخوف :مصطفى جواد : آرثر ميللر: سارتر:عدنان الظاهر:
3 –  ميكافلي: لينين: تيتو : إنشتاين :: الفرد نوبل :عبد الناصر: الملك غازي: عبد الرحمن البزاز: كاسترو : ديكول ، فرانكو : عمر المختار::كورباتشوف :
4-  بيكاسو: جواد سليم :: بول سيزان: فائق حسن ::الخطاط هاشم البغدادي: رائد المقام محمد القبانجي:


ج س 15: 1 - لا شيء 2 ـ طه حسين وطه باقر [ إبن الحلة ] و عبد الجبار عبد الله . أما عدنان الظاهر فلا يعجبني !  3ـ جمال عبد الناصر وكاسترو   4ـ بيكاسو في الغيورنيكا فقط ورامبرانت في كل لوحاته ورينوار في كافة لوحاته ... ثم محمد القبانجي .
 
س15: هل من كلمة أخيٍرة ؟

ج س 15:  الشكر الجزيل للأخ الأستاذ حكيم نديم [ جامع الحكمة والمنادمة ] ولكافّة قرّائه ومحبي أدبه فأدبه وروحه جامعان شاملان .





بطاقة تعريف :

الإسم : عدنان عبد الكريم الظاهر [ دكتوراه كيمياء وبروفسور مشارك ]الإقامة : ميونيخ / ألمانيا تأريخ ومحل الولادة : 17 / 12 / 1935 ( الحلّة ـ بابل ـ  عراق )الدراسات الجامعية والأبحاث :1955 ـ 1959 / بكالوريوس علوم ـ كيمياء / دار المعلمين العالية / جامعة بغداد ، العراق.1962 ـ 1968 / دكتوراه كيمياء / جامعة موسكو / روسيا ( متمتعاً بإحدى زمالات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ). 1968 ـ 1969 / أبحاث في حقل كيمياء التحولات النووية / جامعة كالفورنيا في إرفاين / الولايات المتحدة الأمريكية. 1988 ـ 1990 / أبحاث في حقل الكيمياء غير العضوية / أكاديمي زائر في قسم الكيمياء في جامعة ويلز / مدينة كاردف البريطانية. 1990 ـ 1993 / أبحاث في حقل كيمياء المعادن العضوية ( الفيروسين ) / باحث علمي مشارك / جامعة شفيلد / مدينة شفيلد البريطانية.نشرتُ سبعة أبحاث في حقل كيمياء التحولات النووية والكيمياء غير العضوية في مجلات إختصاص عالمية.                                       

الوظائف التي شغلتُ في حياتي :1959 ـ 1962 : مدرس تعليم ثانوي في مدينة الحلة / بابل / العراق 1970 ـ 1978 : مدرِّس كيمياء في كلية علوم جامعة بغداد. تدريس الكيمياء لطلبة الدراسات الأولية والعليا ( الماجستير ) وعضو لجنة الدراسات العليا في قسم الكيمياء.(( 1974 ـ 1978 : عضو الهيئة الإدارية لنقابة الكيميائيين العراقية )). 1978- 1984 : أستاذ مشارك في قسم الكيمياء في كلية علوم جامعة الفاتح في العاصمة لليبية طرابلس. تدريس الكيمياء غير العضوية والنووية لطلبة الدراسات الأولية والعليا ( الماجستير ) ورئيس لجنة الدراسات العليا في القسم.                                                                                       

الكتب المنشورة :                                                                                                                                             


1960 / ديوان شعر بعنوان ( إحساسي يًصيب الهدف ). صدر في بغداد / الناشر : خالد العاني.
- 1998 / ديوان شعر باللغة الإنجليزية بعنوان ( سورنكاث ). صدر في لندن عن دار " منيرفا ". تُرجِمت بعض قصائده إلى اللغة الألمانية ونُشِرتْ في مجلة دورية تصدر في مدينة ميونيخ. كما قرأتُ منه الكثير في بعض المحافل والأمسيات الأدبية في ميونيخ ومدن ألمانية أخرى.
 2000 / ديوان شعر بإسم ( رملٌ وبحر ). صدر في دمشق عن دار الحصاد.
 2000 / كتاب في الشعر باللغات العربية والإنجليزية والألمانية. صدر في مدينة ميونيخ عن دار " فُلك نوح ".
 2002 / كتاب بعنوان ( نقد وشعر وقص ). صدر في القاهرة عن مركز الحضارة العربية يضم دراسات عن المتنبي والمعرّي والجواهري والسياب ومحمود درويش ونزار قباني ومصطفى غلمان وعبد الهادي سعدون وحيدر حيدر وفاتح عبد السلام. وفيه نقاشات مع طه حسين ولقاءات مُتخيَّلة مع الشاعر أبي الطيّب المتنبي في حلقات سبع. نُشِرتْ محتويات هذا الكتاب كلها تقريباً في جريدة الزمان التي تصدر في لندن.

الكتب الجاهزة للنشر :
دراسات نقدية كثيرة للعديد من دواوين قصيدة النثر وبعض الروايات المعاصرة.
 محاورات مع أبي الطيب المتنبي / قص روائي ـ خيالي ـ واقعي. نشرت جريدة الزمان حوالي 26 حلقةً منها. ما زالت هذه المحاورات مستمرة.
 أبحاث علمية حول البيئة والتلوّث. نشرت مجلة العربي الكويتية بعض هذه الأبحاث. كما نشرت البعض الآخر منها مجلة الزمان الجديد الصادرة في لندن خلال الأعوام 2000 ـ 2002 .

فعاليات أدبية :

نشرتُ الكثير من أشعاري ودراساتي في الصحف والمجلات الأدبية الصادرة في معظم الأقطار العربية وفي العديد من الأقطار الأوربية. وقرأتُ أشعاري سنوات الدراسة في موسكو، كما قرأتُ بعضاً منها في إذاعة ( صوت الجماهير العربية ) في العاصمة الليبية طرابلس عامي 1982 ـ 1983 . وألقيتُ أشعاري شهر آب 1998 في لندن بدعوة من ( المنتدى العراقي ) وفي هيئة الإذاعة البريطانية بي. بي. سي. وفي راديو ( سبكتروم ) في لندن. في مساء 18/5/2000 قرأتُ أشعاري بالعربية والإنجليزية والألمانية في حفل خاص أُقيمَ في مكتبة ( موناسنزيا Monacensia  ) الحكومية للأرشيف في مدينة ميونيخ. وقرأتُ مساء 6/9/ 2000 أشعاري في لندن بدعوة من ( ديوان الكوفة ) لمناسبة صدور ديواني الشعري ( رملُ وبحر ). ثم نظّمَ لي راديو سبكتروم Spectrum  في لندن مقابلة مطوَّلة أُذيعت بثّاً مباشراً قرأتُ خلالها بعض أشعاري. مقابلة أخرى جرت في نفس اليوم مع فضائية ( المستقلة ) التلفزيونية في لندن. نظّمَ مساء 26 / 9 / 2000 ناشر كتابي باللغات الثلاث حفلاً خاصاً بي لمناسبة صدور هذا الكتاب قرأتُ فيه أشعاري بالعربية والإنجليزية وقرأ ترجماتها إلى الألمانية مترجمٌ ومترجمة. أُقيم هذا الحفل في مكتبة ( موناسنزيا ) في مدينة ميونيخ. مساء 17/12/2001 ألقيت محاضرة بعنوان ( لغة الشعر وقصيدة النثر ) أمام الملتقى الثقافي العراقي في ميونيخ. في 22/3/2001 قرأتُ بعض أشعاري بالعربية والألمانية في مدينة ( لايبزج ) الألمانية على هامش معرض الكتاب الدولي الذي أُقيمَ في تلك المدينة. في مساء يوم 30/4/2001 ألقيت محاضرة في مدينة برلين بدعوة من ( نادي الرافدين الثقافي العراقي ) تعرّضتُ فيها لشرح طبيعة وأهم خصائص قصيدة النثر ثم آليات الإبداع في الشعر العربي القديم. وساهمتُ في فعاليات مهرجان أسبوع الثقافة العراقية الذي نُظِمَ للفترة 29 مايس ـ 3 حزيران في العاصمة السويدية ستوكهولم حيث ألقيتُ البعض من أشعاري ثم قرأتُ محاضرةً بعنوان ( سوريالية المتنبي وقصيدة النثر ). وبدعوة من ( الملتقى الثقافي العراقي ) في ميونيخ ألقيتُ مساء 12/10/2002  محاضرة بعنوان ( ناقد أم حاقد ؟ ) ناقشتُ فيها آراء ومواقف خاطئة لثلاثة من نقّاد المتنبي وهم : الحاتمي وطه حسين وفوزي كريم. وبدعوة من ( البيت العراقي ) في العاصمة النمساوية فيينا ألقيت مساء العاشر من شهر تشرين الثاني ( نوفمبر ) 2002 محاضرة بعنوان ( فِكرٌ وشعر ) شرحتُ فيها أهم خصائص شعر النثر المعاصر والحرية المطلقة التي يمارسها كل من القاريء والشاعر بعيداً عن القيود المزدوجة الصارمة التي يعاني منها شاعر قصيدة التفعيلة والتي تجعله عبداً لتأثيرات الماضي ( شعراء الماضي الكبار ) وعبداً للحاضر  ( السعي لإرضاء القاريء من جهة وللإستحواذ عليه من جهة أخرى. أي أنَّ العبدَ يستعبد غيره ). ثم قرأتُ الكثير من أشعاري المنشورة وغير المنشورة.
ظهرت أبحاثي في السنوات الأخيرة ودراساتي في مجلة ( ألواح ) الصادرة في مدريد وفي مجلة ( المدى ) الصادرة في دمشق. كما نشرت صحيفة ( ثقافة 11 ) الصادرة في لاهاي / هولندا بعض قصائدي الشعرية. وظهرت إحدى قصائدي على صفحات مجلة ( شعر ) القاهرية، كما نشرت أشعاري مجلة ( الصدى ) المندائية في ستوكهولم ومجلّة ( المنار ) مجلّة نادي 14 تموز الثقافي الديمقراطي العراقي في ستوكهولم. كما ظهرت أشعاري وكتاباتي في بعض الصحف المغربية كجريدة ( الصحراء المغربية ) وجريدة ( الجمهور ) وسواهما. كذلك نشرتُ بعض أبحاثي في مجلة ( كلمات ) الفصلية التي تصدر في أستراليا. ثم نشرت لي جريدة ( الزمان ) اللندنية الكثير من أبحاثي ودراساتي النقدية حول الشعر والرواية. آخر أعمالي هو مسلسل ( المتنبي في أوربا )… لقاءات وحوارات خيالية ـ واقعية مع الشاعر المتنبي. نشرت جريدة الزمان أغلب حلقات هذا المسلسل البالغة تسعاً وعشرين حلقةً. كما ظهرت لي دراسات نقدية مطوَّلة حول الشعر وبعض الروايات المعاصرة   إعتباراً من أواخر عام 2002 وحتى  تأريخ اليوم .                                         
  21. 04 . 2008 من المواقع أذكر منها (( إيلاف في باريس والحوار المتمدن و كيكا في لندن ونصوص عراقية في الدنمارك والثورة في بغداد وأوراق عراقية في هولندا والرافدين وموقع صوت العراق  والبيت العراقي في مانجستر البريطانية وعراق الغد في فيينا وفضاءات وأفق ونسابا وعراقيون والمهاجر في أمريكا وميزوبوتاميا في سويسرا ومارماريتا في سوريا و موقع الهدف الثقافي وموقع الناس وفوانيس وشارع المتنبي وبنت الرافدين  وموقع ليلى و الحوار المتمدن والمناهل والمثقف والنور وتمارين و شرفات وجلجامش وبعض المواقع الليبية والمندائية ومقع رابطة الكتّاب العراقيين )) .أنجزت  كتابة سبعة أجزاء من مذكراتي بأسلوب قصصي ـ روائي ـ وثائقي يجمع بين التأريخ والسياسة والعلم والأدب في أكثر من 500 صفحة نشرت الكثير منها في بعض مواقع الإنترنت وهي موجودة في موقعي الخاص لمن يود الإطلاع على ما فيه أواخر عام 2009 .                                         






95
يا سعادة قائمقام خانقين لا شأن لأصحاب البرذعة في المسألة

محمود الوندي

لقد تخلصت مدينة خانقين من نظام البعث الذي دمرَ مقوماتها الحياتية واظلم اهلها لعشرات السنين ، فتأمل اهالي المدينة بأن يكون الآتي ( مهما كان ) أفضل مما مضى ( أن الدمار الذي تعرض له الإنسان في خانقين لا يوصف ، كما تعرضت المدينة الى تخريب وتدمير مبرمج وعلى عدة أوجه ومضامين ، والى جانب ما خلفت من الآثار التدميرية فيها جاءت الحرب العراقية - الإيرانية ) لتزيدها ظلما على ظلمها ... فتطلع الناس إلى البديل وقد تكون أملهم الفعلي في خلق مستقبل يعوضهم عن سنوات الحرمان والذل والقهر والدمار ، ان يأتي اليهم من يكون لديه القدرة على تلبية أبسط احتياجات المواطن اليومية ، على امل ان وترافقها تغييرات ملموسة على المستوى العملي ، وكانت تأملات المواطنين إلى ما سيقومه المسؤولين الجدد من تدابير سريعة لتحسين الأوضاع المزرية من جهة ، والاستجابة الى قدر المستطاع لإرادة اهلها وتقديم الخدمات لمواطنيها ، وإعطائهم الدليل ، ان القادم من الايام سيكون أكثر إشراقا ، على أن مستقبل المدينة أحسن حظا من ماضيها القريب .

للاسف الشديد لم يكن المسؤول الجديد وعلى مدى السبع سنوات الأخيرة من إقناع نفسه وإقناع اهالي خانقين بتحقيق نجاحات ومكاسب محققة في المدينة ، وظل المشهد العام محكوما بجاذبية الاستبداد وأسيرا لعقلية التسلط والاحتكار . فمنذ تغيير النظام البائد إلى يومنا الحاضر ، لم نشاهد اي خدمات تقدم الى اهالي مدينة خانقين ، ولم نشاهد تعمير البنية التحتية سوى بناء بعض الابنية الضخمة للمسؤولين ، وأولئك الذين نسوا مصالح مواطنيهم الذين اوصلوهم الى ما هم عليه من مكانه ، بحيث اصبح المسؤولين وقد غاصوا في أجنداتهم الخاصة ومصالحهم الذاتية ومصالح أحزابهم السياسية ، حيث استفحلت مشاكل الفقر والبطالة والجريمة والرشوة لغياب الرقابة والمحاسبة في المدنية .

هذا التمهيد أردته مدخلا لرصد مواضع الخلل بمسألة الخدمات في مدينة خانقين واعلم أن هذا الكلام لن يكون محل ترحيب من قبل المسؤولين .
هذه المقالة تؤشر الى مقالتي السابقة تحت العنوان ( زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة ) وتطرقت في جزئها الاخيرة حول مدينة خانقين وضعف خدماتها فشعرت خلال تجوالي في المدينة بانها تواجه مجموعة من المشكلات الاجتماعية والحياتية ، ومن ضمن المقالة كتبت كيف اتيحت لي فرصة جيدة للالتقاء بالاصدقاء والمحبين والاهل والاقارب بعد فراقهم سنوات طويلة واشرت الى بعض الاسماء من الاصدقاء حيث تمتعت بفضلهم بسفرتي ، وكان الحديث بيننا عن الذكريات الماضية منذ طفولتي الى ان غادرت خانقين عام 1981 ، ولم يؤشروا من خلال حديثهم حول الاوضاع في المدينة من سوء الخدمات ، بان لايحتاج احدا ان يشرح لي عن الوضع فكل شيئ شاهدته بام عيني ، لان المدينة ترزح تحت واقع خدمي مترد ، وان شبكات الصرف الصحي غير قادرة على تقديم الخدمة اللازمة فهي طالما شهدت تكسرات وانسدادت في العديد من الاماكن وفي جانب اخر فان النفايات تنتشر في المدينة ولا تجد من يرفعها الا نادرا وهذا الحال يشمل اغلب مناطق المدينة ، أي ان الخدمات الحياتية تدنت الى ادنى مستوياتها ..  (هذه الكلمات من ضمن المقالة)  .

عندما التقيت مع قائمقام خانقين في المانيا قبل ثلاثة سنوات وفي مدينة كيل وناقشت معه حول ضعف الخدمات في خانقين ومن كل نواحي بوجود عددا من اهالي خانقين ، واخذت تتحجج بعدم تعاون محافظة ديالى معنا وغير ذلك ، ومن جانب اخر كنت أسأل عن اوضاع مدينتي خانقين دائما من المسافرين اليها ، فكان ردهم علي باستهزاء قائلين مدينة خانقين ام مدينة قندهار اي انها تشبه احدى المدن الافغانية ، وهذا الموضوع كان من ضمن النقاش مع السيد قائمقام خانقين محمد ملا حسن ، وانذاك كتبت مقالا بعنوان (مدينة خانقين قندهار العراق ) قبل سفري بعدد اعوام ، ولقد تقبل السيد قائمقام خانقين النقد برحابة صدر ولم يعترض على المقالة ، ولكن اتعجب !!!!!! هذه مرة تعاتب وتهدد حول مقالتي الاخيرة واتهم الاشخاص الذين ذكرت اسماهم في المقالة السابقة بانهم تكلموا عن مدينة خانقين وعن سلبيتها امامي ، برغم لم يحدث اي كلام مع المذكورين اسمائهم في المقالة حول وضع المدينة ولم احاور احدهم بصفتي صحفي واعلامي ، وحتى السيد محمد ملا حسن قائمقام خانقين والسيد سمير محمد نور رئيس مجلس مدينة خانقين لم احاورهم ، بل ناقشت معهم حول ضعف الخدمات ، هنا اقصد من خلال كتاباتي بان الاشخاص الذين ذكرتهم في مقالتي السابقة ليس لهم اي علاقة لا من بعيد ولا من قريب حول تزويدي بالمعلومات عن مدينة خانقين ، وبالاحرى لا يحتاج الى اخذ المعلومات فكل شيء واضح امام الناس ، واحب ان اقول للسيد قائمقام ، فلا يؤاخذ آخر بجريمة شخص آخر ما يقول الله سبحانه وتعالى ( ولا تزر وازرة وزر اخرى) .

وهذا ليس جديدا حين نكتب عن المسؤولين من ناحية إيجابية او سلبية وما يقدمه من الابداع والخدمات الحياتية والانسانية على مدى السبع السنوات الاخيرة ( فأن للمثقفات والمثقفين دورهم البارز في كل ذلك ) ولا نتساهل في ما نعتقده خطأ ،  في وضع بصماتنا على مواطن الخلل وهو أمر طبيعي حقاً ما يطرح وعلى المسؤولين أن يتقبل النقد والرأي الآخر بشكل مقبول دون تعصب وتهديد ، بل كل إبداء الملاحظات حول السلبيات واجبا وطنياً وإنسانيا ، لو لا الملاحظات وثم النقاش حول كل ما يحدث من السلبيات ، لم نصل الى الأكثر صوابا والأقرب الى الواقع وتطوير المجتمع والتقدم الى امام والتخلص مما هو متخلف وغير مفيد ومضر.

وان مثل هذه الانتقادات الى المسؤولين لنكشف عن الخلل في إدارتهم ، ويفترض عليهم ان لا تصل بهم الحال الى الانزعاج والشروع باتخاذ الاجراءات بإيقاف النقد ولو تطلب الامر بالتهديدات لتحل بذلك عواقب سلبية في العلاقة بين الكاتب والمسؤول الحكومي .



96
ديمقراطية العراق على الاسس خاطئة

محمود الوندي

بحجة نشر الديمقراطية الغائبة في الشرق الاوسط ، هي احد الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة الامريكية لاسقاط نظام البعث في العراق ، باعتقادها ان العراق ارضا خصبا أن يكون قاعدة انطلاق للديمقراطية في المنطقة ، لاعتبارات الكثيرة ومنها السياسية والجغرافية والتاريخية والعمق الثقافي والاستراتيجي في الشرق الاوسط  .

حيث وجد الانسان العراقي بعد التغيير انه أمام قوى سياسية متصارعة على السلطة ونوازع جشعة لأصحاب مصالح فئوية وشخصية ، وهؤلاء ليست لديهم أي قناعات راسخة في تطبيق الديمقراطية ونجاحها في العراق ، ومحاولتهم دائما ان تتوزع المناصب والوظائف في ما بينهم على شكل محاصصة او حسب الاملالآت التي تأتي من هنا وهناك والتي عرقلت مسيرة البلاد ، وصراع هذه القوى على المناصب منذ بداية التغيير خلقت فراغا امنيا هائلا وعدم استقرار في العراق التي أدت الى العنف الطائفي والفساد الاداري والمالي وإلى انتشار الخراب والسرقات للمال العام وزرع القلق في نفوس العراقيين ، وظهور الكمية الهائلة من السلع الغذائية الفاسدة التي تنتشر في الأسواق العراقية واكثرها وزعتها وزارة التجارة مع الحصة التموينية ، إضافة الى بروز النزعات الشمولية يعاون ذلك شيوع النزعة الإقصائية والاستئثارية ، واستمرار عمليات القتل والخطف والتفجير والتي تنال من أرواح الناس ودمائهم وممتلكاتهم العامة والخاصة الى جانب افساح المجال للتدخل السافر واللاخلاقي لدول الجوار في الشأن العراقي . هذه اللاحداث والمشاكل أصبحت تمثل منعطفا خطيرا يؤثر على حياة المواطن العراقي وعلى البنية التحتية في العراق ، وبات العراقيون لا يعرفون كيف يعالجون قضاياهم بأنفسهم ، وعاجزين عن الاستجابة للتحديات المفروضة عليهم  . 

صحيح لولا أمريكا لظل العراق يرزح تحت حكم ديكتاتورية صدام وعائلته ، أن جملة تغييرات قد أصابت حياة المجتمع العراقي في حالة تغيير النظام البائد ، واستطاع المواطن العراقي أن يتمتع بحالة جديدة وانفتاح لم يكن مسموحاً له في ظل دكتاتورية البعث ، كالإعلام والسفر والتجارة الحرة والاتصالات وزيادة الرواتب واختيار السكن في اي بقعة من ارض العراق ، ولكن التغيير لا تلبي كل أمنيات الشعب العراقي وآماله العريضة التي كان يحلم بها منذ زمن طويل ، لان اختلطت فيها الاوراق بحكم السياسات والاجندات الداخلية والخارجية ، والسبب عدم خبرة ونضج لدى السياسيين العراقيين الجدد الذين ساهموا في تفكيك المؤسسات وسحقها ، حيث اصبحت مؤسسات الدولة عبارة عن مؤسسة جامدة وليس لها أي نفع بالنسبة للمواطن وأكثر مسؤوليها يبحثون عن المنافع الشخصية والحزبية الضيقة فقط ، وتعمل هؤلاء من أجل الدفاع عن طبقة اجتماعية محددة مستهدفة ضمان الامتيازات لها ، مع تهميش بقية الطبقات السياسية والاجتماعية الأخرى .

كان على أمريكا أن تقوم في العراق بعد سقوط نظام البعث عام 2003 بوسائلها الخاصة على زيادة ورفع مستوى الوعي الديمقراطي لدى جيل من المثقفين والسياسيين داخل المجتمع العراقي بحيث قادرين على التعبيـر عـن خصوصيتهم السياسية والاجتماعية والثقافية وتقبلهم بالطرف الاخر سبيلا لنجاح الديمقراطية ، حيث تحتاج الحكومة العراقية الى استناد على خطط متوازنة ومتكاملة على رفع مستوى الوعي السياسي وتطوير وتعميق التثقيف السياسي ، يمكن أن تكون الأساس لنجاح ديمقراطية وتطبيقها بصورة جيدة وحسنة ، لان الشعب العراقي والنخب السياسية العراقية بحاجة إلى مزيد من التربية الديمقراطية والتدريب على ممارسة الديمقراطية بسبب تنامي ثقافة التطرف والانغلاق وهيمنة ثقافة التعصب الديني والطائفي على الشارع العراقي ومحدودية مجال الوعي السياسي لدى العراقيين واصبح اقتصاره على نخبة من المثقفين المعتدلين .
.


وكان على امريكا ايضا تهيئ أكبر عدد من نسخ الكتب الجديدة المترجمة حول الفكر الديمقراطي وطرحها على المنظمات المدنية او المؤسسات غير الحكومية لكي لتأخذ دورها في ممارسة الديمقراطية بشكل معقول والتعبير عن رأيها بصورة صحيحة ، وثم تبدا بتغيير المناهج المدرسية وتزويدها بالكتب الجديدة ترويجها للديمقراطية ، وأن تتم "حملة" ترويج داخل المجتمع العراقي تدريجيا . لان تطبيق الديمقراطية دفعة واحدة خاطئة في مجتمع غير مهيئ أبدا  لاستيعاب مبادئ ديمقراطية ومستلزماتها ، لان بناء ديمقراطية قائمة على فتح الصفحة الجديدة بتعامله مع الاخر واحترام كافة الآراء والاتجاهات ، ورفع مستوى الوعي الديمقراطي لدى العراقيين تكون اختيارهم صحيح (الرجل المناسب في المكان المناسب) في حالة الانتخابات النزيه والحرة . 

وكيف تطبق الديمقراطية على الشعب الذي حكم خلال اربعون عاما بالحديد والنار وتحت ظل الدكتاتورية لم يشهدها العالم قبل ذلك ، وكيف تطبق الديمقراطية لم يتخلص المجتمع من جميع القيود المتراكمة عليه سواء من قبل الحكومات الدكتاتورية التي كانت تمارس عليه سياساتها التعسفية او من قبل المجتمع المتخلف . حيث نرى اليوم بان الديمقراطية في العراق كسيحة ، كونها بدأت تحمل أمراضها منذ اليوم الأول لتطبيقها على أسس غير سليمة وصحيحة ، بدلا أن تأخذ العراق إلى جادة الصواب ، فإنها زادت من أعبائه ومشاكله ومصاعبه . 

إن العراق اليوم بحاجة إلى مشاعر ذات قيم عليا تخدم العراق ومصالح الشعب الأساسية ، كما بحاجة الى إصلاحات وتغيير واسع في كل ميادينه على أيدي اكاديمين وكفؤين وقادة صالحين وزاهدين في سبيل خدمة مصالح البلاد وشعبها ويكون اقوالهم عملاً وفعلا ، ومشمرين عن سواعدهم للبناء والاعمار والعمل على خدمة مكونات الشعب العراقي (ويحاسب المقصر وفقا للقانون) ، وتشكيل أحزاب سياسية وطنية حسب قانون الاحزاب من اجل تاسيس العراق الجديد وتطبيق الديمقراطية بكل حذافيرها وتقوية العلاقات بعضنا بالبعض الآخر خدمة لجميع اطياف العراق ، أن ما خلفه نظام البعث من إرث مرير من الظلم والطغيان والقتل الجماعي والاستئثار بالسلطة قد نجم عنه انعدام الثقة بين مكونات الشعب العراقي .
نخلص إلى القول إن مقومات بناء الديمقراطية مرتبطة بإقامة وعي ثقافي وسياسي وصرح اجتماعي متطور وتعميق ثقافة الانتماء الى العراق ، وتطبيق العدالة الاجتماعية التي  تتحكم فيها علاقات اجتماعية أنسانية بين اطياف الشعب العراقي ، وبناء مؤسسات دولة بعيدة عن الطائفية والفساد الاداري والمالي بشتى انواعه وتكون المسؤولين من ذوي الكفاءات والاختصاصات في عملهم .


97
شتان ما بين الزعيمين!!!
محمود الوندي

في الاونة الاخيرة لاحظنا مما يكتب ونقرأ على مواقع الانترنيت والصحف الورقية في تشبيه حكومة السيد المالكي بحكومة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم وخاصة من قبل بعض الكتاب اليسارين ، لقد اثارت دهشي واعجابي في هذه المقارنة البائسة بين الاثنين وتزكية مجمل سياسات السبد المالكي وتبرير مواقفه في تمسك بالمنصب .
ان مقارنة بين الرجلين من الاجحاف بحق الانسان قدم نفسه خدمة للشعب والوطن الذي كان نصيرا للفقراء والمظلومين ونصير المرأة والاطفال ومكونات الشعب العراقي وبين الانسان يحب المال والجاه والمنصب ، علاوة على ذلك فالزعيم الخالد عبد الكريم كان وطنيا علمانيا ومستقلا وكان فوق الطائفية والعرقية والتحيز الديني ، والسيد المالكي زعيم حزب إسلامي مذهبي ، يبشر بالدعوة الإسلامية وله علاقات معروفة مع نظام الفقيه وفهو كما معلوم أمين عام حزب الدعوة وله اجندة حزبية واضحة .

هنالك ثمة نقاط احب ان اضعها امام القارئ حول مقارنة حقيقية حالة الشهيد عبد الكريم قاسم بحالة السيد المالكي ، والخوض في السمات العامة للشخصيتين واعطي تصورا واضحا عن البون الشاسع لحقيقتين زمنين بين مفهوم الاخلاص والانسانية والوطنية ومراعاة حقوق مكونات الشعب العراقي :

1-   ليس خافيا على الشعب العراقي بان الزعيم عبد الكريم قاسم كان محبوبا من قبل مختلف مكونات الشعب وجاء على صهوة ثورة نقية بكل المقايس لتحرير العراق من الهيمنة الأجنبية والتي دعمتها الجماهير الشعبية من مختلف فئاتها ومسنودة من الاحزاب الوطنية ، عكس ما جاء السيد المالكي الى السلطة في اعقاب عمل عسكري أجنبي ، إضاقة الى عدم وجود له شعبية عبد الكريم قاسم .
2-   ان الأعداء عبد الكريم قاسم الذي حوصر من قبلهم منذ البداية ، هم اليوم الاصدقاء والحلفاء السيد المالكي ومسنودون له ومنهم امريكان وايران والمرجعية الدينية ، هولاء الذين حاصروا الشهيد قاسم والثورة 14 تموز ومنجزاتها الى جانب القوى القومية العربية حتى قضي عليه في انقلاب 8 شباط الدموي لأن لم يكن له سند دولي كما يحضى به السيد المالكي حاليا ، واما حصار السيد المالكي وأزمة تشكيله الحكومة هو السبب ، يحاول ان يشبث في السلطة وبقائه في منصبه لعدم احترامه نتيجة الانتخابات التي جاءت لتخيب آماله ، وعدم اعتراف باحقية اكثرية لتشكيل الوزراة حسب قانون دستوري واستحقاق انتخابي ( سواء نجح في تشكيلها او لم ينجح ) ، الذين يحاصرون المالكي اليوم هم الحلفاء السابقين والحاضرين له وانه ما زال يتفاوض معهم ويحاول اقناعهم لاحتفاظ بمنصب رئيس الوزراء   .
3-   الزعيم عبد الكريم قاسم حاول رفع مستويات الطبقات المسحوقة من الشعب على اصعدة الصحة والتعليم وتقديم المشاريع الخدمية لعموم الشعب العراق ومنجزات كبيرة ونهضة عمرانية وثقافية واقتصادية واجتماعية فترة حكمه ، علما لم يكون لديه ميزانية قوية كمثيلتها الآن ، فكيف تقارن هذا بمأساة الكهرباء والماء وبقية الخدمات التي اصبحت المدن العراقية وكرا للمزابل في عهد المالكي .
4-   الـزعيم الخالد عـبد الكريم قاسم عمل وجاهد في سبيل عزة وكرامة العراقيين وسعادتهم وتوجيه طاقـتهم نحو البناء والأعمار من أجل بناء عراق قوي مستقل ومزدهر وتحققت الأنجازات الضخمة خلال فترة حكمه القصير (أذكر بالذات حماسه وهو يعدد إنجازات لتحسين أحوال الناس الفقراء ) ففي عهـده كان جميــع الأطياف العراقي سواسية في الحقوق والواجبات أمام القانون ، ولم يخطربـبالـه قط أن ينحاز الى شريحة ويفضلها على أخرى ، وأين السيد المالكي مما عانته وتعانيه مكونات واطياف الشعب العراقي في الوقت الحاضر ، وتفضل الطائفة عن الطائفة الاخرى ويشتد الصراع فيما بينهم ؟!
5-    الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم  كان يعيش عيشة زهد ، ولم يخلف شيئا يذكر  وحتى لا يملك بيتاً وكان مستأجراً داراً حكومية بسيطة بمبلغ 15 دينار شهرياً يدفعها من راتبه الشهري اما قطعة الأرض الوحيدة التي يمتلكها فقد تبرع بها لتبنى عليها مدرسة للأطفال ، ومرات عديدة ينام على الأرض في مكتبه المتواضع في وزارة الدفاع ، وكان قاسم يخرج ليلا ونهارا بدون حماية ليتجول داخل مدينة بغداد وخاصة في مناطق الفقراء لتفقد احوال المواطن العراقي المعاشية ويسأل من معاناته ، اما المالكي فيسكن احد قصور المنطقة الخضراء ولا يؤدي عنها بدل إيجار او تكاليف الصرفيات العامة كما يمتلك عدة عقارات عدا من نقد مالي او حلي ذهبية ومجوهرات ، لقد نوه عنها كثير من الإعلام ، ومخصصات اسطورية ومجاميع حراسة ، وسيارات مصفحة لحمايته وبعيدا عن مأساة ومعاناة الشعب العراقي ، لان لم يؤشر اي اعلام عن المالكي لزيارة ميدانية لتفقد احوال العراقيين المزرية ، وكانت زياراته فقد الى رؤساء العشائر لتحشيد الاصوات الانتخابية له .









الشهيد عبد الكريم قاسم
6-   ولم يضع الشهيد قاسم لشخصه ولأهله وأقرباءه أي أعتبار أو محسوبية ومنسوبية أمام المسؤولية الوطنية وكان ضد التبذير والفساد ، كان جميع الأطياف العراقي سواسية في الحقوق والواجبات امام القانون . فشهدت البلاد في عهده نسائم الحرية التي تلمسها الشعب العراقي عبر إطلاق الحقوق العامة والحريات الديمقراطية ، أين السيد المالكي من المحسوبية والمنسوبية وتسخير الدين للسياسة ، وتوجيه برامج التعليم طائفيا ، واين السيد المالكي من كتم الاصوات وغلق النقابات والسينمات والمسارح وعدم اطلاق الحريات الثقافية والاجتماعية ومنع المظاهرات عندما يطالب الشعب بحقوقه ،  واين كل هذا من انتشار الفساد المالي والاداري في جميع هياكل الدولة ومؤسستها ، وطالما كان واقفا الى جانب الفاسدين من كوادر حزبه من الوزراء ووكلاءهم الذين تفجرت ضدهم فضائح الفساد وسرقة المال العام حيث كافح ودافع عنهم بكل أدوات وصلاحيات السلطة  .
7-   كان للشهيد عبد الكريم قاسم راتبين الأول عن منصبه كرئيس وزراء تنازل عنه للخزينة العراقية والثاني كضابط جيش كان يتبرع بجله للفقراء كذلك عاش في حياته اليومية بسيطاً بدون ان يعيش حياة الترف التي يمتاز بها زعماء العرب والشرق الأوسط ، وكان يرتدي البزة العسكرية التي جاء بها للحكم خلال وجوده في الحكم ، وكان يتناول غداءه ب(سفر طاس) مطبوخ في بيت شقيقه حامد ، اما المالكي ان له عدد رواتب منها تقاعدية عن عمله في الجمعية الوطنية السابقة ومجلس الحكم والراتب االاخر عن منصبه كرئيس وزراء عدا ميزانية ضخمة تقيد تحت بند المنافع الاجتماعية حسب الذي جاء بكلام احد مقربيه في إحدى اللقاءات التلفزيونية ، كما يرتدي المالكي بدلات وأربطة عنق من أفخم الماركات العالمية ، والله يعلم نوع وصنف الأطعمة والولائم التي يتناولها يوميا .
8-   رغم جميع الدول المجاورة كانت تعادي الزعيم عبد الكريم قاسم ولكن لم تجرع احدها تتدخل في الشأن العراق لان موقفه حازم مع من تتدخل في الشأن العراق ، كما تتدخل إيران اليوم في شؤوننا وتنهب مياهنا وحقول نفطنا ، وتحتل أرضينا ، وموقف الصمت من حكومة المالكي حول تتدخلها .
9-   تبنى الشهيد قاسم قانون الإصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 وقام على تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين الذين كانوا يضطهدهم الأقطاع ( رؤساء العشائر ) ، وبالعكس لقد اقترب السيد المالكي من رؤساء العشائر وقدم لهم من الهديا والقوة والدعم  .
10-   في المجال النفطي أصدر القانون رقم 80 الذي حدد بموجبه الإستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة نفط العراق البريطانية لحقول النفط الذي أعادت حقوق العراق في ثروته النفطية من الشركات الأجنبية ، عكس ما قام به السيد الماكي في عهده لخصخصة الحقول النفطية وتسليمها الى الشركات الاجنبية بحجة ( المستثمرين الاجانب ) وهي عكس التأميم  .
11-   كان عبد الكريم قاسم نصير المرأة العراقية ودافع عن تحريرها وسن قوانين الأحوال الشخصية رقم 88 لسنة 1959 لضمان حقوقها ومشاركتها الرجل في حياته العمليه في كافة المجالات الإنسانية والوطنية ، فاين المالكي من حقوق المرأة ، لان في عهده هيمنة الاحزاب الاسلامية على الشارع العراقي واخذت تتدخل في حياة المرأة العراقية ونمط حياته وملبسه التي أزادت معاناتها مضاعفة وعدم الاحترام لها والاستهانة بقدراتها وإمكانيتها ، وتفرض عليها عبودية مقرفة عفا عليها الزمن .

واخيرا نتمنى باظهار الشخصية العراقية القوية تسير على مسيرة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ما زال رمزاً للوطنية والإنسانية وكما قائدا شعبيا اسطوريا مرسوما على قلوب أبناء الشعب العراقي وحياً في وجداننا وضمائرنا يعبق براوئح الخير والإنسانية والشجاعة والوطنية والمحبة  .

98
من ينقـذ العراق من بؤرة الفساد  ؟؟؟؟
محمود الوندي

يمر العراق بعد سقوط نظام البعث في المرحلة التاريخية العاصفة التي اختلط فيها الحابل بالنابل ليس على بسطاء الناس فحسب بل وحتى على بعض الشخصيات الوطنية والسياسية الخالصة وخاصة المثقفة ، ونتيجة اخطاء الحاكمين والمسؤولين من الاحزاب الاسلامية الذين يتاجرون بأسم الاسلام وضحك على ذقون الناس البسطاء خلال سبعة اعوام ماضية وعدم تلبية مطالب المواطنين ، وفشل هذه الاحزاب هو انعكاس ضعف إدارتها ووطنيتها بسبب رضوخها الى الضغوطات الخارجية والتستر على الفساد الذي منتشرا في هياكل الدولة ، إضافة الى النزعة الديكتاتورية والتي جدت لديها  .

حكم الاحزاب الاسلامية كان حكما هزيلا خلال سنوات ماضية وكانوا سبب مآسي القتل والفساد الاداري والمالي والسرقات وعدم تمكنهم عن معالجة موضوعات جوهرية واساسية ، وقضايا مهمة يحتاجها عامة الناس ، واستغلال الناس وطيبتهم وعواطفهم الدينية من قبل الساسة المسؤولين الذين ما انفكوا يوعدون بتحسين الحال وتوفير الخدمات وتحقيق الامن للمواطن العراقي من جهة ، ومن جهة اخرى استلمت مقاليد السلطة في العراق هكذا الاحزاب لم تكن أهلا لتحمل المسؤولية التاريخية والدستورية والقانونية في الارتفاع الى مستوى الازمات التي يعاني منها العراق ، ولم تكن ايضا الحكومة طوال الفترة الماضية فاعلة في أدائها وواجبها حتى بلغ استياء الشعب العراقي منها ، لان ليس لديها البرامج المستقبلية للمشاريع الخدمية والامنية .

إن المشكلة الحكومة ليست تقديم الخدمات الحياتية والانسانية فقط بينما عجزت الحكومة عن حماية ارواح الناس والقضاء على بؤرة الفساد الذي كلف الشعب العراقي كثيرا من الضحايا ، وعدم وضع إستراتجية صحيحة لتنمية وطنية للاقتصاد العراقي بحيث عمقت من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الشعب العراقي ، علاوة على ذلك خلقت المزيد من المشكلات الاجتماعية على خلفية المشكلات الاقتصادية والسياسية .

إن العراقيين يواجهون اليوم اعتى التحديات بسبب ازمة تشكيل الحكومة التي عجزت الكتل الفائزة عن إيجاد حل لتشكيلها وصراعهم على منصب رئاسة الوزراء ، نحن على عتبة الشهر السادس من ازمة سياسية طاحنة لم يتمكن رؤساء الكتلة الفائزة من تحقيق ولو لقاء كسر الحاجز النفسي وإيجاد الحلول لواقع العراق الجديد لخدمة شعبنا وإنهاء الأزمة السياسية في العراق ، ووضع برامجهم السياسية بصورة صحيحة في إنجاح التجرية الديمقراطية والفيدرالية ويكون الهدف الرئيسي لمصلحة الشعب والوطن ليكون دعما  لجميع مكونات الشعب وبناء حياة جديدة في العراق الجديد وانقاذ العراق من بؤرة الفساد . 

السبب الحقيقي ازمة تشكيل الحكومة وهو صراعهم على السلطة ولهاثهم وراء الكراسي والغنائم ، لذلك يحاولون عدم الضياع من ايديهم ، الكل ينشد ودهما من اجل يبقى رئيس الوزراء من كتلتهم ومرشحه الوحيد ان يصبح رئيسا للوزراء ، وتمسك كل الكتل الفائزة بمرشحها ويراد فرضه على الاخرين كرئيس للوزراء وحتى غير مقبول من قبل الاكثرية ، وهذه النقطة الحرجة لهم لذلك لا يستطيعون تجاوز هذه المرحلة من معضلتهم الاساسية ، وعلاوة على ذلك لن يتخلى سياسيون عن تعصباتهم المذهبية حيث تمسك كل كتلة بخاصيتها ، ولم يقدر ان يتنازل احدهم عن نسبة من هذه الخصوصية لصالح المجتمع العراقي وعدم محاولتهم للتخلص من هذه الشرنقة وخروجهم من عنق الزجاجة من اجل عيون العراقيين ، حيث يكون سقف شخصي وحزبي عند الفائزين اعلى من سقف الشعب والوطن أي يحبون أنفسهم والكرسي اكثر من مصلحة الشعب والوطن ، وهذه الاسباب ادت الى فقدان الثقة  بين الاطراف المتنازعة على السلطة وعدم قبول الرأي الآخر واحترام خصوصيات اطياف الشعب العراقي ومحاولين اسقاط خصوصيات الاخرين . 

المفروض من الكتل المتنافسة على السلطة التحلي بقليل من روح الإنسانية والوطنية وبعيدا عن الطائفية وممارسة الديمقراطية الشفافة خدمة للمواطن العراقي ، كما توجد في الدول الديمقراطية والمتقدمة ، وتشكيل الحكومة حسب الأهلية والكفاءة الوطنية وتقابلها معارضة حقيقية وقوية داخل البرلمان في مراقبة اداء الحكومة ومحاسبة المقصر وكشف اخطائه ،  وهذه الخطوة الاساسية والجوهرية في بناء العراق الجديد .

بعدما أثار خيبة وامال الشعب العراقي من الاطراف الفائزة في بالانتخابات آذار / مارس الماضي ، وبسبب الشلل الذي وصلته العملية السياسية وعدم تمكن ممثليهم المنتخبين من تشكيل الحكومة قادمة ، على المواطن العراقي ليقول كلمته ويصوغ مفاهيمه ويبحث عن حكومة فاعلة لكي تنقذه من هذه الورطة الذي يعيشه ومعالجة عواقب الجرائم والفساد الماضية ، وتتمكن من تقديم الخدمات الاساسية له وبناء جسور الثقة بين مكونات شعبنا ، لأنه مسؤول إلى حد ما عن إيصاله عناصر وقوى لا تستحق حقا الوصول إلى قبة البرلمان بأي حال من الأحوال .

إذا يريد الشعب العراقي أن ينقذ نفسه من مستنقعات السلطة عليه ان يبحث سلطة واضحة المعالم ، معتدلة قادرة على أن ترعى مصالح الشعب وحرمة الوطن على كافة المستويات وجعل الإنسان في موقعه الصحيح وحسب ما يمتلكه من كفاءة ومواهب لكي تزيل ما حل به من ذل وهوان وحيف وترهيب ودمار.  ولم تكون بديل إلا بتشكيل حكومة غير المسيسة من النخب المثقفة والتكنوقراط من دون أن ينظم إلى حزب سياسي ، ولم يكونوا تحت تأثير أي أيديولوجيات معينة وبعيدا عن المحاصصة الطائفية .

 

99
موقف دول الجوار من ثورة 14 تموز
محمود الوندي

نظرا لاهمية العراق بوجود ثرواته الطبيعية وامتلاكه من ثروة نفطية هائلة وما يتمتع به من موقع استراتيجي في الشرق الاوسط تعرض تأريخيا الى مطامع الدول المجاورة والاقليمية وإضافة الى مطامع الدول الكبرى ، واصبح العراق ميدانا للصراع العلني بين الدول العثمانية والدولة الصفوية  منذ بداية القرن السادس عشر طمحا بثرواته حتى جاء القرن التاسع عشر واحتل العراق من قبل البريطانية بعد الحرب العالمية الاولى الذي عزز مصالحها في العراق الذي اخذت أبعادها إتساعا وترسيخا بحيث اصبح العراق مرتكزاُ رئيسيا في استراتيجية البريطانية وفي ظل مجموعة الاحلاف والمعاهدات التي شكلت اهداف تلك الاستراتيجية .

عند قيام ثورة 14 تموز وما حملت في طياتها من الانجازات لمصلحة الشعب العراقي ، تعد نقطة تحول مهمة في مسار العلاقات العراقية والدول الاقليمية لان الثورة وجهت ضربة كبيرة لمصالحهم ، التي احدثت هيجانا في المنطقة التي كانت نذر شؤوم للدول الطامعة ، ومن هنا برز مبعث الصدمة التي تعرضت لها الدول المجاورة على وجه الخصوص والدول العربية وبشكل أوضح والتي سببت تدهورا فيها وبدات تظهر عليهم القلق من جراء سقوط النظام الملكي في العراق وخوفهم من امتداد الثورة اليهم .

وفي بداية الامر انقسم العرب الى طرفين :  الطرف الاول ضم الدول المناهضة للثورة في العراق والتي شملت الدول المتضررة من هذا التغيير وخاصة الاردن والدول العربية الاخرى ووقفوا الى الجانب الدول الاقليمية مرتبطة بحلف بغداد هي اخرى تضررت ايضا من هذا التغيير ، فعملوا جمعيا على اجهاضها منذ ايامها الاولى ، لأن الحكومة العراقية قد عبرت عن عزمها وتصميمها على الانسحاب من حلف بغداد والتقيد بمبادئ باندونغ وميثاق الأمم المتحدة . 

الطرف الثاني ضم الدول المؤيدة للثورة والتي مثلتها انذاك حمهورية العربية المتحدة وجمهورية سوريا الطامعين لكنوز العراق كانوا متوقعين هم بدلاء الدول العربية المناهضة للثورة ، وبعد اعترافهم الرسمي بالنظام الجديد في العراق ومساندتهم ودعمهم للجمهورية الوليدة ، طالبت هذه الدول بعد ذلك بالوحدة الفورية من الحكومة العراقية الجديدة على غرار الوحدة الهزيلة بين مصر وسوريا التي انهارت هذه الوحدة المسخرة وانتهت بالفشل الذريع لأنها لم تحققت عن إرادة شعوبهم بل إرادة فوقية للحكام ، وعندما رفض المشروع الوحدة من قبل العراقيين وقائد الثورة الشهيد عبد الكريم قاسم تراجعوا عن تأيدهم للحكومة الجديدة في العراق ، واصبحوا اشد اعدائها واخذوا يتعاونون مع الطرف الاخر للقضاء عليها . 

وقفت جميع الدول العربية انذاك مع ايران وتركيا الى جانب امريكا وبريطانيا وحتى اسرائيل في افشال ثورة 14 تموز وانقضاض عليها بسبب مجيئ نظام حكم جديد معادي لهم ، ولكن في الحقيقية عدم يروق لهم اتجاه العراق نحو الاستقلال والتحرر من العبودية وتستغل ثرواته الطبيعية من اجل بناء الانسان العراقي وبناء البنية التحية للعراق ، واسترجاع الفرد العراقي عافيته ومكانته اللاصقة به داخل المجتمع العالمي ، بل يريدون ان يبقى العراق بقرا حلوبا لهم ، كما شاهدنا في الوقت الحاضر كيف وقفت هذه الدول ضد اسقاط نظام البعث . 

ومنذ قيام ثورة 14 تموز ناصبت جميع الدول المجاورة والاقليمية العداء للحكومة العراقية وقائدها البطل الشهيد عبد الكريم قاسم وتحت مختلف الذرائع الواهية ، وحاولوا بشتى الوسائل خلط الأوراق وتضليل الرأي العام العربي والاسلامي ، من خلال جميع وسائل إعلامهم وأئمة مساجدهم في إصدار الفتاوي لتكفير حكومة الثورة وتحريض عملائهم في داخل الذين تضرروا من تغيير الحكم في العراق لزعزعة الأمن والاستقرار في العراق وعرقلة مسيرة الحكم الوطني . والمؤسف أن بعض القوى والشخصيات السياسية التي انخدعت بالفتاوي ووسائل الاعلام دول الجوار واستجابت لنداءهم . فبدلاً من توحيد صفوفهم والوقوف مع الثورة وحكومتهم الوطنية في ذلك الوقت العصيب للدفاع عن الشعب العراقي والوقوف ضد اعداء الشعب والوطن .

في سياق ماتقدم نرى موقف الدول المحيطة بالعراق التي ارادت عزل الحكومة العراقية الجديدة عن طريق ومن خلال اقامت اتفاقيات وتحالفات مع الولايات المتحدة وبريطانيا وتخولهما بالتدخل عسكريا ضد أي خطر خارجي وكان توجبه انظارهم الى نظام الحكم الجديد في العراق لانه لا يلبي طموحات الحكومة الأمريكية والبريطانيا ولا الحكومات العربية والاسلامية . والتي دفعهما لتعزيز نفوذهما في تلك الدول . وبقيت العلاقات العراقية مع الدول المحيطة متذبذبة حتى قيام انقلاب 8 شباط 1963 الدموي في العراق والتي أطاحت بحكومة الشهيد عبد الكريم قاسم  .

لقد ثبت للمجتمع العربي والاسلامي بان الحكومة العراقية في عهد الشهيد عبد الكريم قاسم هي الحكومة النزيهة والوطنية ويشهد التاريخ بنزاهة قائد الثورة في بناء عراق ديمقراطي ، وكانت الحكومة الوحيدة في تاريخ العراق التي شاركت جميع مكونات الشعب العراقي بدون استثناء وتوزيع المناصب على الاختصاصين والكفؤيين اي طبق القول " الرجل المناسب في المكان المناسب ، بالاضافة الى المنجزات الكبيرة التي حققتها في عمرها القصيرة .

لم تكن ثورة ( 14 تموز 1958 ) حدثاً عابراً في تاريخ بلادنا على الرغم من محاولات التشويه التي قادتها ضدها قوى اقليمية وداخلية والتي لا يروق لها تطور العراق والتحاقه بركب الحضارة والتطور.. انها كانت تحولا نوعيا نجم عن تراكم كمي لزمن طويل ، إضافة الى الظلم والاضطهاد والحرمان من تصرفات السلطة (انذاك) وارتباطه بالاحلاف والمعاهدات المكبلة للبلاد ، كان العراق بقرة حلوبا لتلك القوى المتضرة التي ناصبت ثورة الشعب منذ بدايتها وتأمرت عليها واسقتطها .

هكذا اغتيلت ثورة 14 تموز التي تكالبت عليها كل قوة الشر والظلام والغدر والخيانه من الداخل والخارج ، لاطفاء شعلة النور والحرية والديمقراطية في العراق الجديد ، حيث خدمت الظروف تلك القوة فاستطاعت من خلالها ان تتحكم في مجريات الامور وتنجح بسهولة في انقلابها الفاشي … ليغتالوا الثورة واعدم الزعيم عبد الكريم قاسم ، ورجعوا العراق الى نقطة الصفر ، بعد ان كانت الثورة قد حققت الكثيرمن المنجزات للشعب العراقي في مدة قصيرة .

100
الصراع بين القوى السياسية يحرم العراق في حل معضلاته

محمود الوندي

يعيش العراق بعد الانتخابات التشريعية في ظل الازمة السياسية بسبب الصراع بين القوى السياسية الفائزة على منصب رئيس الحكومة ، التي ادت أزمة خانقة في جميع مرافق ومؤسسات الدولة وهياكلها ، واخذ كل الطرف يناور ويكذب من اجل الفوز بالسلطة ، وتزايدت نسبة الاحتقان والجمود السياسي بين مختلف الفرقاء الفائزين في الانتخابات التشريعية التي تعتبر الركيزة الاساسية لتشكيل المشهد السياسي العراقي خلال السنوات المقبلة ، ومن الطبيعي ان هذه الظاهرة غير سليمة وليست لمصلحة البلاد لانها تهدد الوضع الامني بمخاطر جديدة وتضر بالعملية الديمقراطية ، ولا تحقق ابدا اي من اهداف وتطلعات واماني المواطن العراقي ، وثبتت للجميع لان هذه القوى السياسية بعيدة كل البعد عن القيم والمبادئ الديمقراطية  .   

دول الجوار لها دورا مهما في خلق هذه الازمة وتطعيم هذا الصراع لتزيد من تفسخ المجتمع العراقي وانشطاراته العديدة لانهم لم تروق لهذه التحولات الجذرية والايجابية الحاصلة في العراق بعد 2003 ، وتوجه العراق نحو البناء الديمقراطي والتطور الاجتماعي والاقتصادي ، مستغلين بذلك التناحر المذهبي ضمن سياقات سياسية في العراق ، وانهم يعملون نهارا وجهارا على هذا الوتر لعرقلة الديمقراطية الذي يدعي بها المواطن العراقي من خلال اثارتها لصراعات بين المذاهب .   

هذا الصراع فتح المجال امام الدول الاقليمية التي التغلغل في العملية السياسية العراقية والتي اصبحت الحجرة العثرة في عملية تشكيل الحكومة العراقية ، وكل جهة سياسية عراقية بدأت تتحرك لمصلحة الدول الاقليمية وتريد ان تمرر اجندتها ومشاريعها الخاصة بها حتى تستطيع من خلالها التدخل في شؤون العراق والتأثير المباشر على استقلالية القرار العراقي ، حيث تعمل هذه الدول بجهد ومثابرة على تأسيس قاعدة سياسية واقتصادية بشكل متين في العراق من اجل فرض نفسها على السياسة العراقية ( لابد للسياسي العراقي ان يدركها ) ، وهذا الواقع يكون مخالفا لامنيات المواطن العراقي الذي يحلم بالامان والاستقرار وتقديم الخدمات الافضل منذ العام  2003  .

ماهي فائدة الانتخابات التشريعية ؟؟؟

الشعب العراقي الذي يفتقر الى ابسط مستلزمات الحياة وابسط الحقوق الخدماتية بسبب انشغال المسؤولين بكراسي السلطة اكثر من اهتماتهم بالخدمات العامة ، وجعلوا الإنسان العراقي هو ضحية الأزمات ، والإرهاب ، والجريمة المنظمة ، والتطرف الديني ... وغيرها كثير من المشاكل خلال سبع سنوات عجاف ماضية بسبب التناحر الطائفي والحزبي ، وناهيك الى تفشي الفساد الإداري والرشوة في هياكل الدولة ، وتدمير البيئة ومنشئاته الاقتصادية ، والمصيبة الكل يشكي ويشتكي من وعلى اصحاب الكراسي الذين اخترناهم لمساعدة الشعب والحقيقة الملموسة  .

من اجل ايقاف هذه المعاناة والأزمات الذي يعاني منه ابناء شعبنا على ايدي الحكام الجدد ، وحرمانه من ابسط الحقوق الخدماتية طيلة سنوات حكم هذه النخب الذين جاءوا الى الحكم تحت شعار تطبيق الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، لقد اوهموا بهم العراقيين بانهم حكام مثاليون إلا ان البلاد وصلت بفضلهم الى اسوأ حالاتها واحلك مراحلها فقرا وبؤسا وقتلا ودمارا ، حيث أضطر المواطن العراقي التوجه الى  صناديق الاقتراع لاختيار الافضل لا بد انتشاله من اوضاعه المزرية الذي يعيشه في هذه الاوقات العصيرة ، كما انه امس الحاجة لخدمات الحياتية والكرامة والعيش الآمن .
متأملا المواطن العراقي من اهم وابرز مهام الفائز الذي منح صوته له ان يخدمه لا يحكمه  والاستخفاف به ، وحل المشاكل العالقة التي يواجهها المجتمع وايصال مظلوميته لمن يعنيهم الامر ، وتوفير الخدمات له ان كانت خدمات الحياتية او الإنسانية وتأمين مستلزمات الحياة اليومية بكل اشكالها .   

كيف تطبق الديمقراطية في الحكومة الحرامية ؟؟؟!!!

مرت اكثر من اربعة شهور على الانتخابات التشريعية وعدم تشكيل الحكومة مما زيد في الطين بلة ، بسبب الصراع المستمر بين القوى السياسية على منصب رئيس الحكومة بأساليب تتنافى عن الديمقراطية ، واهمالهم لهموم والام الشعب العراقي وتلهفهم الى المنصب والمال وعدم المبالات عن مدى هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في البلاد ، لانهم يتصورن بان الجماهير في حالة غياب الوعي .

بعد ان لمس لدى البعض من الناس البسطاء عن عجز الحكومة استجابة لمطالبها ، لذلك بدأ هؤلاء الناس لتعرب سخطها وغضبها ضد الوضع الحالي ، وخرجت بمظاهرات احتجاجية في سبيل متطلبات حياتها وتضع حدا للمسؤولين الفاشلين في الدولة ومحاسبة المقصرين ، وطالبت بالاسراع بتشكيل الحكومة الجديدة بعيدا عن الطائفية والحزبية (الذين يتاجرون فيها من بعض سماسرة السياسة) لكي تأخذ على عاتقها معالجة الازمات وتقديم افضل الخدمات للمواطن العراقي في جميع مرافق الحياة التي عجزت عنها الحكومة المحاصصة طيلة اربع سنوات ماضية ، وتكون صادقا بوعودها اتجاه العراقيين   .   

وهنا تبين حقيقة الأمر هي ان العراق يحكمه مجموعة من لصوصية وحرامية الوطن باسم الديمقراطية ودون التفاتهم الى معاناة المواطن الذي صوت لهم ، ولا دخل لهم بما يجري للمواطن ، لانهم ليس يسيل لعابهم للمعاناة والام الشعب العراقي ، بل يسيل لعابهم للمنصب وللصلاحيات الهائلة وللرواتب والمخصصات الضخمة والمغرية وتتحقق اهدافهم في جني وقطف كل الثمرات ، لان هؤلاء جاءوا ليعيش في نعيم ونعيم فاحش والامتيازات الاخرى التي لا يفكر بها اي سياسي في العالم ولم يحلم بها لانه يدرك بمسؤوليته تجاه ابناء جلدته فلا يحب ان يتميز عنهم ...!!!! 

ان الديمقراطية التي استبشر بها العراقيين لبناء دولتهم على اسس حقيقية ومعايير سليمة وتكرس ادواتها بشكل الصحيح ، تحولت الى كابوس ثقيل جاثم على صدورهم بفعل عدم اهلية الاحزاب والقوى السياسية العراقية لاستخدامها الاستخدام الامثل لمصلحة بلدهم نتيجة عدم ثقة هذه القوى السياسية ببعضها البعض والتي تكالبت على بعضها البعض لاستحصال حصصها من الغنيمة من جهة ، ومن الجهة الاخرى انهم يسبحون دائما في فلك سياسات الدول المجاورة ويعملون وفق اجنداتهم ،  حيث يحاولون ان يمرروا مشاريع الدول الاقليمية من خلال استلام السلطة والاعتماد عليهم للاحتفاظ بكراسهم من خلال دعمهم ماديا ومعنويا لهم . لو كانت قواه السياسية متضمانة ومتعاونة بصورة حقيقية في ما بينهم وبعيدة عن ممارسة الطائفية والمصلحة الخاصة في السياسة لم يكن في مقدروة الدول الاقليمية ان تغلغل في العملية السياسية وتفرض إرادتها على السياسة العراقية وتدخلها الفظ في الشأن العراقي .

اصبح واضحا امام المجتمع العراقي بان كل طرف يحاول ان ينفرد بالسلطة دون مشاركة الاخرين في القرارات الحاسمة ، لذلك  نشاهد من اهم الصراعات الآن على الساحة السياسية العراقية هو الصراع حول موقع رئيس الوزراء ، حيث  يصبح المسؤول الاول في الدولة ويتخذ القرارات بوحده وسوف يكون واجهة البلد امام العالم ، ولكن لا يفكر ان يستثمر هذا المنصب استثمارا صحيحا . ومن خلاله تقديم الخدمات للمواطن بشكل احسن ويرضى ضميره ، والعمل من اجل إيقاف التدخلات المتواصلة للدول الاقليمية في الشأن العراقي لكي يحضى بدعم وتأييد المواطن له وخاصة هؤلاء الذين انتخبوا ، للأسف من يتقلد هذا المنصب محاولا لتقوية قوته ونفوذه داخل السلطة ويستثمرهما لمصلحته الشخصية والحزبية ، وتقريب المقربين والمتزلفين له  ويكونون في المناصب برغم لا يملكون أية مهنية في عملهم وهذا ما نراه في عراقنا الجريح  ..

الصراع السياسي على السلطة لا تعبرعن وعي ديمقراطي ولا يجسد مفهوم التدوال السلمي والديمقراطي للسلطة ، بل يضع العراق على كف عفريت ، لان هذا الصراع سوف يعقد الامور اكثر فاكثر وتزيد من تفسخ المجتمع وانشطاراته العديدة وتلحق بالشعب العراقي الازمات والكوارث ويحرم العراق في حل المعضلات التي تواجهه ، ويمعن بزرع الخلافات والأحقاد بين مكونات الشعب وستجعل العراق ينزلق نحو الهاوية ، وهذه الحالة ليس من مصلحة الفرقاء انفسهم وبالاخص إذا اندلعت الحرب الطائفية مرة اخرى .


101
الفنان الذي أهمله الاعلام الكوردي واحتضنه الاعلام الالماني



صورة الفنان في مجلة هايم بيلس

محمود الوندي

للأسف الشديد يغيب الاعلام العراقي والكوردستاني عن المعارض التشكلية التي تقام في كثير من صالات العرض ( كونه حلقة وصل بين الحمهور والثقافة الفنية المختلفة ) ، وابتعاده عن اللقاءات والحوارات مع صاحب الشأن لإشاعة القيم الثقافية والمعرفية والجمالية ، وعدم الاهتمام بتشيع هكذا الطاقات والتي تخدم المجتمع بإخلاص وتفاني كبيران ، وبالتالي ظلت تلك الطاقات والإبداعات حبيسة الجدران ، من الطبيعي هذه الاهمال لها اثر سلبي في تنمية وتشجيع الفنان ، وخلق الفجوة والجفاء بين المجتمع وبين الفنانين التشكليين ، برغم ان الفن التشكيلي يمثل ركيزة من ركائز الثقافة والحضارة لكل شعب من الشعوب ، وانه جزء لايتجزء من الحركة الحضارية بل العاكسة للثقافة والحضارة في شتى العصور والأوقات .

يفترض على الاعلام العراقي بالعموم ومنه الاعلام الكوردستاني (بجميع قنواته المقروء والمسموعة والمرئية) لتخصيص جزء من الوقت لمتابعة عروض الفن التشكيلي والتواصل معه من اجل نشر هذا الفن بين الجماهير المتلقية على نطاق اوسع حيث يكون تشجيعا للفنان من تقديم اعماله وإقامة معارض تشكيلية له بصورة مستمرة ، لان الفنان يحتاج الى الرعاية اللازمة لابراز ابداعته وابتكاراته الفنية ولو كانت الاعمال تحتوي على الحد الادنى من متطلبات الفن مثل الحس اللوني والحس اللمسي لا بد هناك استيعابا نسبيا بين الجماهير.

هذه المقدمة لاهمال الاعلام العراقي ومنه الاعلام الكوردستاني للفن التشكيلي ومعاناته كما يعاني اخوته من الفنون الأخرى معاناة الاهمال ، وحثه على المتابعة واللقاءات التي تبني جسور للتواصل والتعارف بين الفن وبين الجمهور المتلقي ، مثلما يقوم به الاعلام الالماني المتنوع الذي يلتقي الفنانين من مختلف الجنسيات الذين يعيشون في المانيا ويتابع اعمالهم الفنية من خلال برامجهم للاطلاع على اخر مستجدات حياتهم الفنية وتعرف على كل ما هو جديد في عالم الفن التشكيلي ووصولها الى الجمهور الالماني .

وفي هذا الإطار حل الفنان الكوردي العراقي حسين محمد علي الوندي ضيفا على الاعلام الالماني الذي أشاد بتجربته وارتباطه بواقعية متناهية وقوة تعبيريه على لوحاته وبروح ذات شفافية عالية ، وهذه الكلمات جاءت خلال المقابلة التلفزيونية التي اجرتها الإعلامية الالمانية كرستيانة هابينشت ( Christiane Habe nicht ) مع الفنان التشكيلي حسين الوندي وبثتها شاشة الفضائية الالمانية  NDR، إضافة الى الحوار الصحفي الذي اجرته معه بيتر براندهورست ( Peter Brandhorst ) في مجلة هايم بليس ( Hemples ) تحت العنوان الفنان العراقي ترك السلاح وحمل فرشاة الرسم ، وجاء ذلك على هامش اقامة المعرض الشخصي للفنان الوندي في احدى القاعات في مدينة كيل المانية تحت عنوان خانقين من خلال عيوني واستمر عرضه لمدة اسبوعين وتمثل بها الوجه الحقيقي لمدينته وهموم الانسان واحلامه وآلام المجتمع وآماله ، ومن خلال تلك اللوحات تبين للوندي اعمالا فنيا رائعة ومبلورة وحملت لوحاته الفنية أبعاد اجتماعية وسياسية بحيث استطاعت ان تلتمس الحالة الروحانية للمأساة والمعاناة لاهالي مدينة خانقين في العهد السابق والعهد الحالي .

وكان إمكانية الفنان اللعب على العلاقات اللونية بطريقة غاية في الجمال ( اشارة الى تقيم للاعلام الالماني ) لقد اتخذ منه وسيلة للتعبير عن القيم الشكلية ومن خلاله عبر عن جميع النواحي الجمالية الذي مختمر في عقليه وذهنيه ، وانه عرف كيف يوزع اللون في لوحاته بمهنية عالية وجوانب حية من هواجسه التشكيلية ، إذ جعل الرسوم وإيقاعاتها اللونية منسجمة مع بعضها في تأليف موضوعي وحبكة متجانسة في كل مكونات العمل الفني ، لذلك تمكن من إيصال الاحساس الى الجمهور الالماني الذي كان احد الاسباب للقاء معه من قبل الاعلام الالماني ، حيث قدم لوحاته التشكيلية بصياغة الحقيقية وفق نسق جمالي مبتكر الذي عمل على إثارة المشاعـر والوجدان الجمهور الالماني بطريقة اكثر صفاء ، بل ترك أثرا واضحا في ذاكرته ومن جانب اخر ترك تأثير على نفس وروح الاعلام الالماني .

تعامل الوندي مع لوحاته تشكيلية ( اشارة الى الاعلام الالماني ) بتقنيات حديثـة ووظفها بطريقـة معاصـرة كأيقونـة جديدة حيث كانت لهـا طعما خاصـا غيـر كلاسيكية وبعيدا عن التعقيد . واستطاع أن يرسـم له أرضيـة خاصة وأسلوب مميز التي يتماوج في ثناياها الانفعال والحس والشعور في اشباع العين قبـل العقـل ، إن اغلب أعماله بسيطة تلامس همـوم الناس البسطاء لذلك تمكن من  تحضيرجمالية المأساة بمدينة خانقين وتعرض قضاياها بأسلوب المباشـر من خلال لوحاته لجذب المشاهد بسهولة وبساطة كبيرة ، واعكس في اعماله صدق وتفاؤل الفرد وآماله العريضة في الحياة .
حشد الوندي كل ضربات فرشاته من اعماله الفنية بشكل متمييز والإيهام في خلق الواقع وطرح افكاره الجرئية على سطح لوحاته ليخلق دهشة بصرية في إيجاد الإثارة والجذب ومعتمدا على المضمون وقوة الشكل الفني الذي يمتلك بروح ذات شفافية عالية وعلى فكرة ايحاءات الحقيقية والمؤثرة في اعماقه  . 
اننا نرى ان أغلب اللوحات التي ركز فيها الفنان على الألوان المتعددة ( حسب راي الاعلام الالماني ) ، ما هي الا حالات تراكمية لمجموعة من المناخات التي عاشها في أماكن طفولته في مدينة خانقين والالتصاق بارضها وترابها وموروث العادات والتقاليد ، فقد بدأ حياته هناك بتمتع بجمال المدينة وحب الطبيعية فيها ، لكنه لم يجد نفسه الا حين امسك بالفرشاة وراح يجد لنفسه طريقا للتعبير من خلال الالوان لتكون لوحاته مستوحاة من الحياة والطبيعة وما يدور حولها ويلفت نظره او يثير اهتمامه ممزوجا بأحلامه وخيالاته الخاصة واخرى تجريدية مع بعض التعبير الرمزي والتي وسمت معظم تلك الأعمال بالهموم والمعاناة اهله ، فاستطاعت ان يضعنا وجها لوجه إزاء عالمه المتفرد ، والذي'لا يقل جمالية عن عالم الواقع  .
وفي نهاية حديث الوندي للتلفزيون الالماني NDR من جملة الامور التي يعاني منها الفنان العراقي هي اهمال وسائل الاعلام للحكومة العراقية وكذلك حال في وسائل الاعلام في اقيلم كوردستان لهما وسعة الهوة بين الطرفين ، لذلك طالب الفنان حسين محمد الوندي من خلال الاعلام الالماني من الاعلام العراقي وخاصة الاعلام الكوردستاني (الذي لا يعرف شيئا عن الفنانين التشكيلين من الكورد وبالاخص في الخارج ولم يسمعوا بهم لانه لا يهتم بقيمة المبدعين) بمتابعة فعالية الفنانين التشكليين العراقيين وتعرفهم على الجمهور العراقي وعدم تهميشهم ، وعدم اهمال انتاجتهم الفنية ودعمهم معنويا ليرفع معنوياتهم وإظهار الجوانب الإبداعية والابتكارية لهم وكذلك تطور في الجوانب الفنية والتقنية والجمالية ليكونوا عناصر التواصل مع بيئتهم ومظاهر حياتهم اليومية وذلك لإعطاء المشاهد حرية أكبر في خطوات قراءة اللوحة الفنية الحديثة .



102
زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة (الجزء الاخير)

                                                                                                   محمود الوندي
مدينة خانقين وضعف خدماتها

احظرت رحالي الى مدينة خانقين بلهفة وحاملا معي احلام كبيرة وحبي المشوب بالحنان اليها ، ملؤها الشجن والعبرات متحسر لذكرياتي الماضية ولقاء الحبايب ، فأخذت اتكلم مع نفسي واقول آه يا خانقين ويا مدينتي الزاهية جئتك اليوم بعد غياب طويل بلوعة الغربة . 

وكان تفكري بان مدينة خانقين حالها حال مدينة اربيل من ناحية البناء والعمران وتعبيد وتوسيع الشوارع وتحديث المدارس والمستشفيات ، عندما وطأت قدماي ارض المدينة واذ باحلامي الوردية لم تستمر بل انتهت عند وصولي الى المدينة ، لان الواقع الجديد لا يتغير عن ماضيه ، فشعرت بان مدينتي تسعى للململة جراحها وصمودها مرة اخرى ليس لتواجه دكتاتورية البعث وما حمله من كوارث ومحن لهذه المدينة ، بل لتواجه مجموعة جديدة من المشكلات الاجتماعية والحياتية . وبرغم اتيحت لي فرصة جيدة للالتقاء بالاصدقاء والمحبين والاهل والاقارب . وبفضلهم قد تمتعت حقا بهذه السفرة الموفقة التي استمرت حوالي عشرة ايام في خانقين .

ادرج ادناه ملاحظاتي وانطباعاتي عن مدينة خانقين واوشر الى بعض المشكلات المهمة وبالاخص عن الجانب الحياتي والإنساني التي تهم اهالي المدينة  :
توسعت المدينة من كثرة الابنية بشكل ملفت للنظر مع توسع في عدد سكان المدينة ، ولكن بشكل عشوائي وبدون تخطيط استراتجي ، والمدينة ترزح تحت واقع خدمي مترد ، انها بحاجة كبيرة الى الخدمات . إذ ان شبكات الصرف الصحي غير قادرة على تقديم الخدمة اللازمة فهي طالما شهدت تكسرات وانسدادت في العديد من الاماكن وكذلك الماء فهو غير صالح للشرب وفي جانب اخر فان الاوساخ تنتشر في المدينة ولا تجد من يرفعها الا نادرا وهذا الحال يشمل اغلب مناطق المدينة ، أي ان الخدمات الحياتية تدنت الى ادنى مستوياتها ..

اما التعليم والصحة والزراعة وغير ذلك فحدث عنه ولا حرج ، اذ بدا التدهور واضحا في هذه الميادين .
المراكز الصحية الموجودة في مركز المدينة غير كافية فضلا عن ضعف اداء ما يشكل عبئا اخر فالكثير من المراجعين والمرضى يتعرضون الى احتمالات الموت بسبب قلة الأدوية ويتعذر اسعافهم لاسيما اولئك الذين يتعرضون لمشاكل صحية طارئة او عدم وجود الكادر الطبي في المستشفى وخاصة ايام العطل . 

ومن ملاحظاتي ايضا ما شاهدت بعض اصحاب الصيدليات  الاهلية في  خانقين هم من خريجي المعاهد وليس من خريجي كلية الصيدلة وهذا اخطر فتاكا للمريض ، لان هناك بعض الأدوية تحضر او تكوين داخل الصيدلية وهذا من الاختصاص خريج كلية الصيدلة وليس خريج المعهد ، وهناك كثيرمن الموصفات الطبية لا يستطيع خريج المعهد ان يدبرها ، واعتبر هذا خطا كبيرا على صحة المريض ، لاني لا اعتقد بان خريج المعهد له القدرة لاحضار الادوية داخل الصيدلية او تكوينها من تركيبة عدد المواد وهذه من الجهة ، ومن الجهة الاخرى لا تسمح الدولة ولا نقابة الصيادلة لخريج المعهد الطبي ان يفتح الصيدلية الاهلية .

استطيع ان اقول الوضع الامني مستقر، وهناك تحسن ملحوظ في مجال خدمات الكهرباء والماء بالقياس الى الفترات السابقة ، بل لآ زال هناك شحة في مشتقات الوقود والادوية ، .وعدم تقديم الخدمات الانسانية بصورة جيدة وصحيحة الى اهالي خانقين وبالاخص في المجالات الحياتية والصحية والتربوية مع ارتفاع الاسعار بشكل صارخ وخاصة ايجار دور السكن وارتفاع اسعار المواد الغذائية ، وانتشار البطالة ، بسبب دور مميز لمجموعة من الناس "الهامشين" على صعيد الإدارة المدينة والمحافظة فقسم كبير منهم متهمين بالفساد الاداري والمالي . مما انعكست هذه الحالة بشكل سلبي ، خاصة في مجال توزيع واعادة توزيع الدخل القومي ، وثاثيرها على الواقع المعاشي للطبقات الوسطى والفقيرة في المدينة .

هناك فوضى كبيرة في مجال طرق والمواصلات الداخلية وشوارع المدينة المكتظة بالسيارات والناس وفضلا عن انتشار باعة الارصفة في غالبية الشوارع ، وانعدام تنظيم المرور مع تزايد مستمر في عدد السيارات ونقص في اماكن وقوف السيارات وعدم تنظيمها ، اذ توجد حوادث كثيرة ناجمة عن عدم اهتمام بتنظيم هذا الجانب المهم من حياة المواطن اليومية ، وذلك بسبب ضعف المراقبة المرورية ، عدم تنظيم امور سيارات الاجرة الداخلية والخارجية من حيث مراقبة اجازات السوق وغيرها .

تحولت المدينة الى صحراء قاحلة بسبب تعرض بساتين المدينة الى التدمير والتخريب وقطع اشجارها وتحويلها الى الدور السكنية للمسؤولين بشكل خاص . بدلا من تخصيص اماكن للحدائق والمتنزهات لاهالي المدينة فضلا عن ان العديد من الأبنية الحكومية تشكو رداءة مرافقها الصحية وتصدّع جدرانها وعدم نظافتها مثل : دائرة الجنسية والنفوس التي تعاني من قلة كوادرها وقلة غرفها وضيقها وقدم بناءها وعدم وجود قاعة الانتظار الى المراجعين الذين يتحملون حار الصيف وبرد وامطار الشتاء ، وهناك عددا من المناطق الآثرية التي تقع في حي " امام عباس " ومناطق اخرى من المدينة بدون ان تحمى من قبل الجهات الاثرية او الحكومية والتي تعود الى العهود السومرية .

والأدهى من كل ذلك ، هناك مشكلة كبرى واهمية خطرها على المجتمع في كافة مجلات الحياة ، لعدم اهتمام في إعداد الشباب ليأخذ دورها السليم في مجرى الحياة المستقبلية وتوجيهها نحو الاتجاه الصحيح وإعدادها بأحسن حال .
حيث رأيت الكثير من الشبان وعمرهم لا يتجاوز الثمانية عشر عاما اي هم تحت السن القانوني ، وجالسين في الكازينوات ( المقاهي ) ويتناولن النركيلة ( الشيشة ) بدون رقابة او محاسبة ولم يمنعهم صاحب الكازينو لصغر عمرهم لتناول او شرب النركيلة لانه مستفيد من هولاء الصبيان ، فعندما طرحت على احد اصحاب الكازينوات لمنع دخول الصبيان الى الكازينو وكان جوابه ( بابا اني على باب الله ) ورزقي على هؤلاء , وحاولت ان احاور احد الصبيان حول وجوده هنا ( اقصد الكازينو ) بصورة مستمرة وكان رده الى اين اتوجه لعدم وجود مكانات اخرى مثل النادي الرياضي او مركز الشباب او المكاتب العامة ان امارس هوايتي ، وقلت له ما هي هوايتك فقال انا احب الفن التشكيلي إضافى الى التمثيل ولكن مع الاسف نحن مهمشون من قبل المسؤولين لانهم مشغولين بحياتهم الخاصة وسرقة اموال الشعب ضاربين عرض الحائط كل واجباتهم ومسؤولياتهم وعدم متابعة احوالنا ، هل معقول ان يترك هؤلاء الصبيان في عمر الورود للذئاب البشرية ولم يحس بهم المجتمع ولا المسؤول في الدولة ، ان ينحرفون ويكونون عالة على المجتمع . من يتحمل هذه المسؤولية اتجاهم ؟ 
لقد التقيت مع عدد من شخصيات المدينة ومنها الاقتصادي المعروف الاستاذ عبد الكريم عبد الله التورنجي والمهندس مصطفى شاه محمد والاستاذ قصي احمد وغيرهم من بسطاء الناس من مختلف الاتجاهات الفكرية واستمعت الى آراهم حول معاناة اهالي خانقين وعدم تقديم الخدمات بشكل جيد بسبب ضعف إدارة المنطقة التي تعاني من سوء القيادة واخفاق بقدرتها لانها تحمل مسؤولية اكبر من قدرتها ، إضافة الى انتشار الفساد الاداري والمالي ، وعدم اخذ إجراءات اصولية بحق الفاسدين والمقصرين بسبب محسوبية ومنسوبية .

وقال احدهم : ولم يكن الرجل المناسب في المكان المناسب ، السفينة لا يمكن ان تبحر بأمان دون ربان ماهر ، وللمسئول الماهر خصائص ومميزات إدارية لا يعوض عنها شيء آخر أو تميز آخر والإدارة تخصص لا يغني عنها تخصص آخر فكيفية المسؤول بدون تخصص نهائيا تقود هذه السفينة .
كما التقيت مع قائماقام خانقين السيد محمد ملا حسن وعدد من المسؤولين الإداريين ومنها السيد سمير محمد نور رئيس مجلس مدينة خانقين ، وناقشت معهم لمدة تقرب الست ساعات عن مشاكل الناس وما يقوله اهالي المدينة حول ضعف الخدمات الى المدينة والفوضى العارمة والاختناقات وزحام السيارات في شوارع المدينة ، فيما بذلوا هم كل جهدهم من اجل تبرير هذه المشالكل ، وكانت اعذراهم بعدم تعاون محافظة ديالى معهم بصورة حقيقية برغم تعتبر مدينة خانقين او باحرى قضاء خانقين من ضمن المحافظة وعدم دعمها ماديا ومعنويا لاسباب معروفة ، إضافة الى قلة الراتب في البلدية حيث ترفض التعين من قبل اهالي المدينة لمنصب عامل التنظيف ، وهناك خلل واهمال من قبل اعضاءنا المتواجدين في مجلس إدارة ديالى وضعف إداءهم لحصول على المخصصات المستحقة لقضاء خانقين ، والحديث لهم : نحن بين نارين " نار الحكومة المركزية التي تهملنا وتدعي باننا مسنودين من قبل حكومة اقليم كوردستان ومحسوبين عليها ، واما نار اخرى نار حكومة اقليم كوردستان وهي تدعي بان خانقين بما هي من ضمن محافظة ديالى يجب الحكومة المركزية ان تدعمها ماديا ومعنويا ، وهذه اهم الاسباب الرئيسية بعدم تقديم الخدمات بصورة افضل وهناك اسباب اخرى كثيرة ليس المجال لفضحها ، لقد وجدت في الكثير من تبريراتهم جدية في التحليل وصحة في المعلومة .   
وإنصافاً للحق رغم هذه المدن يواجه مشاكل كثيرة متراكمة ومعظمها ثقيلة من مخلفات النظام البائد ولا يمكن إزالة آثارها المدمرة بين عشية وضحاها ، لكن اعتقد أن حرية الكلام والعمل متوفرة الآن فيها أكثر من أي وقت آخر في تاريخه ، دليل على ذلك بوجود كثيرا من منظمات المجتمع المدني والتنظيمات والكيانات السياسية ، إضافة إلى وجود عشرات الفضائيات التلفزيونية والمحطات الإذاعية ومئات الصحف المطبوعة ، اكثرها تابعة للقطاع الخاص .


103
زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة ( الجزء الثالث )

                                                                                        محمود الوندي
مديرية تربية كركوك والنهج البعثي

والأدهى من كل ذلك فساد مديرية تربية كركوك التي تمثل ارقى وارفع طبقة من المجتمع ، وتنبع أهميتها من دورها في إعداد الجيل الصاعد ليأخذ دوره الصحيح في مجرى الحياة المستقبلية وإعداد قاعدة بشرية رصينة وتوجيهها نحو الاتجاه السليم ، وفي معظم الدول المتقدمة ان العملية التعليمية هي اهم ما يميز الآوطان ، وأن الطفل يمثل البذرة الاولى في بناء المستقبل اي وطن هو البداية الحقيقية  .

ولعلى استعرض في هذا المقال تسليط الضوء على مشكلة الفساد الإداري في هذه المديرية التي تعاني منها كثبر من منتسبيها ، لا بد التركيز على هكذا مواضيع هامة ، واهمية خطرها على المجتمع في كافة مجلات الحياة ، وبالاخص التي تمس المجتمع الثقافي والاحتماعي بحد ذاته ، لان الفساد هو سبب الفوضى وتدني مرحلة التعليم عند الطالب والمعلم الذي ينتهك الواجب الملقي على عاتقه وعدم انجاز المهام المكلف بها .

قبل ان اتحدث عن مديرية تربية كركوك ، فمت بجولة داخل بعض الدوائر ومن ضمنها دائرة كاتب العدل ومديرية إقامة كركوك ، لقد شاهدت الامور على ما يرام ، وتمشية معاملات بصورة جيدة بدون ان يواجه الشخص اي صعوبة اثناء متابعة معاملاته ، ومعاملة الموظفين مع المراجعين كانت لطيفة للغاية ، وكانوا يحاولون تسهيل الامور لهم بقدر الاستطاع ، وهذه نبذة مختصرة حول هذه الدوائر النظيفة ، لاني لم اسمع من اي مراجع شكوى عليهم ، رغم تساؤلي من البعض حول مجريات المعاملة وتعامل الموظفين معهم .

وفي اثناء تجوالي في المدينة لقد التقيت بالكثير من المدرسين والمعلمين كما استمعت الى كثير من الآراء والملاحظات من كوادر تعليمية / وحاول احد المدرسين ان يشرح لي عن مشاكله ومعضلته مع تربية كركوك بعد ان تعرف عن هويتي بانني صحفي فانشرح  الشخص لي كثيرا ، واخذ يتكلم عن همومه وهموم زملائه حيث قال :
بدلا من الاهتمام بالمؤسسة التربوية لإعادة بناء المجتمع العراقي من قبل المسؤولين ، ما زال الفساد الاداري مستشري في قطاعات التربية ابتداء من تدخل الواسطة والمحسوبية والطائفية وانتهاء بالتلاعب في الوظائف والعقوبات العشوائية والاعتماد على التقارير التي تكتب الى السلطات العليا في المديرية ، واختيار مدراء الاقسام التربوية في المديرية ومدراء المدارس تعتمد على العلاقات الشخصية لا علاقة لها بالعمل التربوي والإخلاص والكفاءة  .

وتواصل الرجل سرد كلامه قائلا : نحن ما زلنا نعيش في عهد نظام البعث لان المسؤولين في التربية يعتمدون على التقارير التي توصلهم من المدارس او من منتسبهم داخل المديرية ، ويأخذون إجراءتهم ضد من كتب عليه التقرير بشكل عشوائي وباعتمادهم على تلك التقارير بدون تشكيل اللجان التحقيقية ، ويوجهون العقوبة الى الشخص المعني بدون علمه ، وسبب انعدام معرفة منتسبي مديرية التربية بشؤون الإدارية لعدم قياميهم لزيارة المدارس ومتابعة مؤسساتها واهمالها ليقفون على الحقيقة ماذا يحدث في اقبيتها ، وعدم ارشاد إدارة المدارس ومنتسبيها في الدائرة على الطريق الصحيح وتؤشر على اخطاءها ، فعلى سبيل المثال : اذا اريد ان يحاسب المدرس او المعلم من قبل مدير المدرسة حول مخالفته ، يحاول المدرس او المعلم ينتقم منه ويلفق له شيئا بمساعدة احد معارفه في التربية ، بدون اي إجراء التحقيق الاصولي لمعرقة الحقيقية يصل كتاب العقوبة الى مدير المدرسة أي يعمل الثاني على إثارة التحقيقيات الوهمية ضد أدارة المدرسة وملاكها وإبتزازها واتهامه بالتلاعب والتجاوزات ، إذا كان المدير القوي عند مراجعته التربية ليعرف الحقيقية حول عقوبته ، في هذه الحالة يعتذر منه ويلغي العقوبة بحجة كانت سهوا ، واما المدير الضعيف ، يدخل في المعمعة معهم بدون ان تلجأ التربية محاسبة المقصر والكاذب من كتبت التقارير ، وعلى نقيض من ذلك ، إذا حصل تجاوزات ومخالفات لاحد اعوانهم ، يتم التمهل في الموضوع وتأخر إجراء في التحقيق حتى يتمكن من لملمة اموره بأي شكل .

وقال لي ، هكذا الحال يا اخي صحفي ، وهناك كثير وكثير لا استطيع ان اشرح لك عن المعاناة منتسبي التربية في هذه اللحظة للظروف الخاصة ، من المفروض ان تكون التربية من أنقى وأطهر المجالات باعتبارها يتعامل مع براعم المستقبل ويجب إعدادهم بأحسن حال .  
استدرك احدهم قائلا !!! كل هذا والمدير العام لم يتحرك للإصلاح هذه الظاهرة الخطيرة ومعالجتها بشكل جدي ، لانه مشغول بحياته الخاصة ضارباً عرض الحائط كل واجباته ومسؤولياته في متابعة شؤون المديرية ،  كأنه في غابة وليس في مجال تربوي  .

وفي سياق حديثه ، هناك ايضا نقص كبير في عدد المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية وردائة الابنية ، فضلا عن ان العديد من هذه المدارس تشكو رداءة مرافقها الصحية ومساحاتها وتصدّع جدرانها وقلة الرحلات وغير ذلك . ولم تطالب المديرية للجهات العليا لترميم المدارس او اعادة بنائها وتعويضها بالرحلات " كراسي لجلوس الطلبة في صفوفهم " ، حسب القول المعلمين والمدرسين الذين التقيت معهم .

اما مستوى الملاك التعليمي فقد وصل مرحلة غير مرضية من التردي بحيث يمكنك ان تجد بعض طلبة الخامس او السادس الابتدائي وهم لا يعرفون قراءة مناهجهم وعلى هذا يمكن قياس مستوى انحدار هذا الواقع التعليمي في مدينة كركوك حسب ما يقول احد المعلمين .

بناءا على اقوال المدرسين لقد ألتجأت الى احدى مدارس ثانوية داخل مدينة كركوك وألتقيت مع بعض الطلبة في مرحلة السادسة من الاعدادية الذين كانوا متواجدين امام مدرستهم فتحدثت معهم حول معاناتهم ، لقد استطرق احدهم قائلا وهو في حالة الغضب يا استاذ الان كان لنا مشكلة مع احد الاستاذة بسبب يفرض علينا شراء بعض الملزمات بسعر 5000 دينار بحجة توجد بيها بعض الاسئلة مع اجوبتها !!! من المحتمل ان تأتي في الامتحان النهائي او باحرى في الامتحان الوزاري (بكالوريا) ، برغم اكثرنا من العوائل الفقيرة ولم نستطيع دفع ذلك المبلغ ولكن فرض علينا بقوة التهديد ، إضافة الى معاناتهم طوال السنة الدراسية لعدم جدية المدرسين لتدريسهم لكي يتوجه الطلبة اليهم بحجة دروس خصوصية مقابل المال الخيالي اي يكلف درس واحد تقريبا مليون دينار خلال اشهر قليلة قبل الامتحان الوزاري . وماذا يعمل الطالب الفقير ؟؟؟ وسالتهم !!! لماذا لا تقدمون الشكوى ضد هكذا المدرسين الى مديرية تربية كركوك ؟ وقال احدهم يا تربية يا مسؤول ، انا شخصيا لم اشاهد مدير التربية لحد هذه اللحظ ولا اي مسؤول سوى يعض المشرفين التربوين لا يحلون ولايربطون ، إضافة الى صداقاتهم الحميمة مع المدرسين وربما ان يكونوا شركاء معهم .

وهذه الحقيقية على التأكيد اهمال مديرية تربية كركوك واجباتها وعدم اهتمام بشؤون الطلبة ومتابعة الدراسة داخل المدارس ومحاسبة المقصرين من المدرسين والمدراء اتجاه اهمال واجباتهم ، وكذلك الحال الى المدرسين برغم لم يؤشر احدا من المدرسين الى معاناة الطلبة سوى عرض معاناتهم فقط . ولكن مع الاسف الشديد لم استطيع لمقابلة اي المسؤول في مديرية تربية كركوك واستمع الى وجهة نطرهم حول شكاوى المدرسين والطلاب معا رغم محاولتي ، ولكن بدون جدوى .
ومن نافلة القول ان مدير التربية له دور الفعال في الإصلاح هذه الظاهرة الخطيرة ، وذلك عن طريق القيام بحملة توعية شاملة لمنتسبي التربية وعلى كافة مستويات الادارة وتطبيق الأنظمة والقوانين بصورة صحيحة ، وعدم تطبيقها او اهمالها سوف تؤدي الى وجود فساد إداري بكافة اشكاله ومستوياته ، وله دور ايضا لتحقيق العادلة بين منتسبيها مع احكام الرقابة بشكل عملي ، واختيار الكفؤين والمخلصين في العمل ، واجراء التحقيق مع المشتكي والمتهم بصورة شفافة وعادلة لتبين الحقيقية ، ويحاسب المقصر حسب القانون ، كما له دور إصلاح احوال المدارس الابتدائية والثانوية ورفع مستواهما العلمي والتعلمي وحتى مستوى الأبنية والخدمات   .



104
زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة (الجزء الثاني)

مدينة كركوك ومعاناة اهلها


                                                                                                    محمود الوندي


بعد وصولي الى مدينة كركوك قرب الفجر وبعد قسطا من الراحة ، انطلقت الى داخل المدينة لزياردة بعض اقربائي واصدقائي بعد غياب طويل عنهم ، ومن خلالهم استطعت التعرف عن وضع المدينة من جميع النواحي بصفتي انا صحفي واعلامي أرى ان من حقي متابعة مما يجري من الإيجابيات والسلبيات داخل إدارة مدينة كركوك ووضع الحقائق امام انظار الرأي العام العراقي والكوردستاني .
لعلنا نساهم ولو بشكل بسيط في تسليط الضوء على موضوع الفساد الإداري في كركوك ، بشكل يعطي القارئ فكرة عامة عن معاناة اهلنا في كركوك ، حيث يتحمله جميع المسؤولين في محافظة كركوك التي معظمها عبارة عن مجموعة عصابات اشتركت في سرقة اموال الشعب وتقاسمت النفوذ لتسمح لبعضها البعض بممارسة اعمالها ليحصل كل ما يريد من الاموال المهدورة ، ان الفساد الإداري يعتبر معضلة في سبيل تطور المجتمعات والدول لانه يقضي على القيم ويعزز النظرة الفردية بتغليب مصالحها على مصلحة المجتمع بكافة اشكاله ومستوياته من خلال العمل بطرق غير مشروعة ينتج منها استفادة فئة صغيرة على حساب حقوق وتطلعات الفئة الأكبر .
 وعند تجوالي في شوارع وأحياء مدينة كركوك فوجدت الكثير من العوارض الإسمنتية في الطرقات الجانبية للتخفيف من سرعة السيارات ، وكذلك الجدران الكونكريتية العازلة لحماية الأبنية والمؤسسات من تفجيرات الإرهابيين .
كما وجدتها رديئة جدا وبنيتها التحتية تعاني كما يعاني شعبها ، ولم تحدث اي تغير من هياكلها وترميم بنيانها القديمة ولا توجد نظافة حقيقة في شوارع واحياء المدينة ، بانها عبارة عن خرائب وأنقاض ووجود الأزبلة على شكل تلال هنا وهناك والاكياس مكومة على جانب الشوارع مما يجعل منظر المدينة سيء للغاية والتي تعتبر من ابرز مشاكل البيئة في المدينة وانها تشكل خطرا على اهالي كركوك ، ولا توجد متابعة كافية لهذا الموضوع ، وسبب كل هذا الاهمال لا يوجد اهتمام من قبل الحكومة في هذا الشأن فهناك نقص كبير جدا وحاد في الامكانيات لبلدية كركوك ، فلا توجد كوادر كافية من اجل الاهتمام بهذه المسالة . ويتحمل المواطن خطأه الذي يقوم فيه عندما يرمي الاوساخ في الشارع او اكياس البلاستك او اي شي اخر . فعليه ان يتوقف لكي يساعد دائرة البلدية في عملها فيجب ان يتعاون الطرفان لانهاء هذه المظاهر الغير حضارية .
 لابد ان تعالج هذه المعضلة بعد ان توفر بلدية اماكن خاصة للاوساخ وكذلك ان توفر كادر كافي مختص في رفع هذه الاوساخ والاكياس البلاستيكية لكي يبقى الشارع نظيف دائما . ومن ناحية اخرى يجب توعية الناس والمجتمع على ضرورة رمي القمامة في الاماكن المخصصة لها كي تتمكن البلديات من ان ترفع القمامة من مناطقها الصحيحة وبسهولة ، ورميها في اماكن بعيدة عن التواجد السكاني ، واشعارهم بأهمية نظافة مدينتهم ، لانها تسبب الكثير من الامراض للناس وسيكون حملة تنظيف في نفس الوقت لها أثرها النفسي والمعنوي في اهالي المدينة .

لم تقدم اي خدمات الإنسانية والحيانية الى اهالي المدينة !!!!

ولم يمد لهذه المدينة العريقة ايدي البناء والتعمير وعدم تزين الشوراع بالاشجار في تحسين البيئة وزيادة جمالية كركوك ، اي باحرى لم اجد في كركوك ما يدل على تشجير او اعمار او بناء حديث رغم المليارات من الدولارات التي نزلت على المسؤولين في المدينة ، انا اتعجب !!! اين تصرف هذه الاموال اذا لم تصرف على مدينة كركوك ؟؟؟  
ولم الحظ شارعا او حيا ( محلة ) من احياء مدينة كركوك تم تعبيده حديثا وعدم ترميم اي ارصفة في المدينة ، وجميع الشوراع عبارة عن حفر صغيرة وكبيرة التي تؤدي الى إيذاء السيارات وتعطيلها وتخربيها ، فضلا عن تعطيلها للاجراءات المهمة الاخرى كنقل المرضى والمصابين وتنفيذ عمليات احلال الامن وحفظ النظام ووصول العاملين في وقت مناسب الى اماكن عمله وما يلحقها من الاختناقات وزحام السيارات التي تسبب اضرار فائقة في سلامة البيئة .
لقد شاهدت بأم عيني بعد الامطار البسيطة كبف غمرت المدينة باكملها بسبب انسداد المجاري او عدم وجودها ، واصبحت جميع فروع الاحياء بركة من الماء ولم يستطيع الموظف من مغادرة بيته الى الدائرة إلا ان يضطر للبس الجزم كي يخوض في الأوحال ، كما حال الطالب المسكين لم يستطيع وصوله الى مدرسته وغيابه عن محاضراته ، علاوة على ذلك يتحاسب من قبل إدارة المدرسة  .. .

التردي في تقديم الخدمات الصحية لاهالي المدينة !!!!


من طرف المستشفيات والمؤسسات الصحية الرسمية وحتى الاهلية تقدم خدمات رديئة وروتينية مقابل اسعار باهضة ، اذ تعاني هذه المؤسسات من نقص كبير في عدد الاسرة والمعدات اللازمة للفحص والتشخيص واجراء العمليات الجراحية وشحة الادوية فيها واستيراد الادوية من دول الجوار ، وهي ذات نوعية رديئة وقديمة ، واما حفنة من ذوي الدخول العاليا من تجار السوق السوداء والمتنفذين السياسين والاداريين يعالجون مرضاهم في المستشفيات الخصوصية لا يصل اليها الا انفسهم ، او ارسال مرضاهم الى الدول الاقليمية او الاوربية .  

بعد لقاءات مع اهالي مدينة كركوك سواء في الشوارع او في الدوائر من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ومن مختلف القوميات والمذاهب الدينية ، وبالاخص مع الناس البسطاء الذين يعون جيدا ما يجري في مدينة كركوك بهدف الاستماع بإذن صاغية الى آراهم الذين عانوا ويعانون من الأوضاع الفساد الإداري والمالي وسوء الخدمات  .
ولقد لمست من خلال لقائي من كلامهم !!! عن سوء الخدمات الحياتية والإنسانية والفساد الاداري المنتشر في مختلف المستويات الإدارية المرتبطة بالمحافظة ومؤسساتها ، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية من قبل المسؤولين لتحسين الاوضاع في المدينة ، وتطوير وسائل الإداء الوظيفي واتباع المناهج الحديثة وتدريب العاملين وتطوير قدراتهم ، وادخال الاساليب والتقنيات الجديدة والمتطورة التي تضمن تضييق فرص انتشار عمليات الفساد ، واكثر الدوائر بقت على حالها ( هذا في سرد كلامهم ) ولم تتغير اي شيء من قوانينها او برامجها ولم يتغير من عقلية الموظف وبقى على حاله لمراقبة زميله وكتابة تقارير عليه كما كانت في النظام السابق ، وتملق الى مسؤوله ونفاق على زميله وخاصة في مديرية تربية كركوك ، سأوضحها لاحقاً .

وعلى كل الحال لايمكن القاء اللوم على المسؤولين في كركوك فقط يمكن القاء اللوم على الحكومة العراقية لانعدام الرقيب على الهيئات العاملة في الدوائر والمؤسسات في عموم العراق ، وعدم تشكيل لجان التحقيق سعيا للكشف عن نهب المليارات من اموال دولة ، واسدال الستار على فضائح تورط المسؤولين بالفساد الاداري والمالي الذي اصبح مشروعا قانونيا في البلاد .
ومن ناحية اخرى لايخاف المسؤول او يخشى من احد عندما يسرق لاعتماده على من هو اعلى منصبا ليتسترعلى كل سرقاته وحتى جرائمه التي تحصل ويحميه عند افتضاح سره ، ويحاول عن يدافع عنه لإخفاء معالم سرقاته المغمّسة بخبز الوطنية لكي يصبح في أمان ، بل يطالب له برد الاعتبار ومعاقبة المخبر او المشتكي .
وعموماً فالمعروف للجميع بأن الفساد هو انتهاك لمبدأ النزاهة واساءة استعمال السلطة الوظيفة لغرض تحقيق مكاسب خاصة غير مشروعة ، كل من استغل سلطاته من خلال وظيفته بهدف تحقيق مكاسب شخصية وأي منفعة كانت ، فإن ذلك يعتبر فساداً إدارياً وماليا ، حيث يسهل النشاطات الاجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الاموال والدعارة ، وهذا الشكل ربما لا يختلف عليه اثنان   .

تتبع   مديرية تربية كركوك  ، مدينة  خانقين

105
زيارتي الى الوطن بعد سنوات طويلة من الغربة
(الجزء الأول )
                                                                                                    محمود الوندي
مدينة اربيل وتطوير معالمها
وانا اهبط من الطائرة اشعر بشعور خاص ، ووضعت قدمي على أرض مطار اربيل لأول مرة بعد سنوات طويلة من الغربة ، فوجدته كل شيء على ما يرام ، وكان المطار مجهزاً بالأجهزة الإلكترونية من كومبيوترات وكاميرات جديدة ومتطورة ، كذلك رأيت كافة العاملين من الشرطة والموظفين في المطار ودودين وبشوشين وليسوا عابسين كما صورها لنا البعض ، ومرحبين بالقادمين الذي يضم بين طياتها اشخاصا من مختلف اطياف شعبنا ، وكيفية التعامل معنا برحابة صدر وأسلوب حضاري دون أي نفعال وعرقلة معاملتنا او تفرقة بين مكونات الشعب العراقي ، كما كنا نسمع من الدعايات المغرضة والملفقة من خلال الفضائيات المختلفة حول تعامل الكورد مع اطياف شعبنا ، ويحاول البعض الإساء الى ممارسة الديمقراطية وتطبيق القانون بصورة صحيحة في اقليم كوردستان ، الأمر الذي دفعني للرد على الاكاذيب والافتراءات المغرضة ضد العراق بشكل عام واقليم كوردستان بشكل خاص ، إضافة الى نقل الواقع الحقيقي عن الإيجابيات والسلبيات لمدن كوردستانية   .
 بعد ختم جوازي فغادرت المطار لم اواجه أية صعوبة كما كانوا يتحدثون من قبل اعداء الكورد ، وكان في استقبالي مجموعة من اقربائي ، وكانت الساعة تشير الى الثالثة صباحا وفي تلك اللحظة غادرنا الى مدينة كركوك حيث اعطيت صورة واعدة في الامان والاستقرار في المناطق الكوردية. 
وعلى العموم أبدي فيه انطباعاتي عما شاهدته من إيجابيات وسلبيات داخل المدينة التي قمت بزياراتها  :
مدينة اربيل وتطوير معالمها

تجولت تجوال حر داخل مدينة اربيل اجد نظراتي تتقافز على تلك المشاهد الحية لأهلها ونشاطاتهم المختلفة ولاسيما اعمال البيع والشراء وزحام السيارات مع تنوع المحال التجارية والأبنية الفخمة والاسواق الضخمة والمحلات المتنوعة بالبضائع ومزدحمة بالناس ، إضافة الى تطوير ورصانة شوراعها والتي تزدحم بالسيارات المختلفة منها الحديثة والقديمة ، وقد لمست من خلال لقاءاتي مع اهالي المدينة واستمعت الى آراهم ، بانهم بخير ومتمتعين بحياتهم الخاصة والعادية ،  حيث يقومون بجولات يومية داخل المدينة وخاصة بعد ظهر ، ولم يعودوا الى بيوتهم  إلا بعد الثانية عشر ليلاً دون أية مشكلة تذكر.
وفعلا هناك تغير كبير داخل مدينة اربيل عاصمة اقليم كوردستان من بناء البنية التحتية وتطوير معالمها الحضارية القديمة مثل " منارة وقلعة اربيل " وكذلك الحال في البناء والعمران داخل المدينة كما الحال في مدن اخرى كوردستانية ، وهذه دلالة على حرص حكومة الاقليم على كوردستان العراق ، وامكانية رئيس الوزراء السابق السيد " نيجرفان البارزاني " الذي كان مؤهلا لقيادة هذه المنطقة بصورة صحيحة ودقيقية ، وانصافا للحق بأنه قائد فذ وذو عقلية براغمية ، وهناك املا كبيرا للاستاذ بهرم صالح ان يستمر للتطوير في اقيلم كوردستان لتكميلة مسيرة الاستاذ نيجرفان البارزاني .
اثناء تجوالي في اربيل لقد التقيت بالفنان المعروف " احمد سالار " رئيس نقابة الفنانين الذي كان لقاء حارا بيننا حافلا بالمشاعر الأخوية النبيلة ، ودار بيننا الحديث حول نشاطاتهم الفنية ودعم حكومة الاقليم لهم ، واصدار المجلة الفنية باسم شانو بعدد اللغات المحلية لتنشر الاخبار الفنية من خلال متابعتهم للفن العراقي والاقليمي والعالمي ، إضافة الى الفن الكوردي .  لقد استنجدت من كلامه هناك تطورا ملحوظا في الفن الدرامي في اقليم كوردستان ودعم المستمر من قبل المسؤولين لهم وكذلك تشجيع الجمهور لهم ، ورغم يواجهم بعض المشاكل التقنية والفنية .
رغم انطباعي عما شاهدته من إيجابيات ولكن هناك بعض السلبيات تتحملها الحكومة والشعب معا ، وخاصة من ناحية السير لم اشاهد خط العبور في بعض المكانات المزدحمة بالناس او باحرى يعبرون الاشخاص حسب مزاجهم وإرادتهم ولم يلتزموا بقانون مرور ، وكذلك الحال الى السيارات ينطلقون بسرعة فائقة بدون اي احساس او شعور بالإنسانية والمسؤولية بسبب عدم تحديد سرعة السيارة في الشوارع المدينة ، ومن ناحية اخرى لم يوجد هناك حاويات لجمع الاوساخ امام بعض المحلات .
ومن سلبياتها ايضا : قبل دخول الى مدينة اربيل توجد الساحة الكبيرة لاستقبال الوافدين الى مدينة اربيل والمدن الاخرى في إقليم كوردستان ، وتؤخذ في تلك الساحة نوعا من الإجراءات الامنية لمنع دخول الارهابيين الى مدن الإقليم للحفاظ على الوضع الأمني وعدم السماح للإرهابيين باستخدام أية ثغرة أمنية للدخول إلى الإقليم ، وسد الثغرات الأمنية بوجه من يرغب في استغلال الثغرات للقيام بعمليات إرهابية ( وهذا من حقهم ) ، لكن هذه الساحة تنقصها الخدمات الحياتية والمرافق الصحية ونقص في الكوادر الإدارة المؤهلة ، وتحتاج الساحة الى المباني على شكل القاعات لاستراحة الوافدين او السائحين وتوفير فيها المطاعم والكازينوات وانشاء مدينة العاب للاطفال حتى لإنهاء إجراءات الدخول الى الإقليم .
وانصافا للحق هناك تقدما وتطورا بليغا من جميع نواحي وانعاش الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحياتي  في مدينة اربيل .

تتبع عن مدينة كركوك وخانقين

 

106
هل الناخب العراقي يشعر باهمية الانتخابات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟


                                                                                                  محمود الوندي

لقد بدأ العد التنازلي للانتخابات التشريعية المقبلة في العراق التي سيتشكل بموجبها مجلس نواب جديد ، حيث تشهد الساحة العراقية على تنافس سياسي ، ومنذ عدة ايام تم اطلاق الحملات الدعائية وتسخير القوائم قنواتها الفضائية والصحف التابعة لها لبث الدعايات الانتخابية لصالحها ، ازدحمت الشوارع والتقاطعات والساحات بالعديد الملصقات واللافتات لمختلف القوائم الانتخابية ، وتغطي مساحات واسعة من الحواجز الكونكريتية ، وكل الطرف يحاول تلميع صورته لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين ويستشري بعقولهم لصالحه بعد اعلان عن برامجه واهدافه لرؤية مستقبلية افضل  للبلاد .

ان العملية الانتخابات لها شروطها وقواعدها التي يجب احترامها والالتزام بها من قبل الكيانات السياسية المتنافسة التي تدعي كل منها ضرورة ان تحترم هذه الشروط ، فأن احترامها احترام ارادة الشعب واحترام اختياراته . لكي يكون لقناعة الناخب بالمرشح دون ممارسة الضغوط والتأثيرات المعينة عليه وتمارس صوته بأجواء ديمقراطية وحرة واختيار ممثله الحقيقي في مجلس البرلمان  . ومن حق كل مرشح ان يصول ويجول داخل المدن العراقية ويحاول تلميع صورته امام المجتمع لأستقطاب اكبر عدد ممكن من الناخبين بحيث ان يحترم شروط الانتخابات وقواعدها والالتزام بها . 

هذه الانتخابات التي تخص مستقبل العراقيين ومصير العراق لاربع سنوات قادمة ، ومن حق المواطن العراقي ان ينتخب من يريد ، وله الحق في تغيير الحكام بالاقتراح الحر من خلال اقتراع نزيه ، من الاجل ان يكون العراق رائدا في تطوره على صعيد الشرق الاوسط والوطن العربي والاسلامي ، وهذا ان دل على شئ يدل على ان نجاح التجربة الديمقراطية في العراق آت لا محالة شاؤوا ام ابوا ، لان اعداء العراق من القوة المحيطة به تريد تقلب الموازين رأسا على عقب وتبقى الامور على ما هو عليه بحجة لان العراقيين غير مؤهلين لبناء الديمقراطية في العراق الجديد ، وهناك الدلائل كثيرة لمحاولتهم لافشال التجربة الجديدة وعدم استقرار العراق لكي يبعد الشعب العراق عن الديمقراطية والتعايش السلمي بين مكوناته والعودة بالعراق الى سابق عهده .   

وان المشاركة في الانتخابات وهي حق مشروع لكل العراقي من مختلف الشرائح الاجتماعية لاختيار ممثلهم الى مجلس النواب ، لانها الطريق الافضل لممارسة عملية التغيير الفعلي لبناء الدولة المدنية ومؤسساتها الدستورية ، وانقاذ العراق وشعبه من الارهاب والمحصصات والدكتاتورية بكافة اشكالها ، وتحقيق طموحه وطموح الاجيال القادمة ، إلا أن المشاركة بدون وعي لا تجدي نفعاً أيضاً ، لان المرحلة التي يمر بها عراقنا اليوم هي من اصعب المراحل والعديد من المشاكل الداخلية حيث يعاني من كثرة الذئاب المنتشرة في هياكل ومؤسسات الدولة ، واستشراء الفساد الاداري في اجهزة الدولة ، كما يعاني من الفراغات السياسية والتدهور الامني وحالات التمزق والتفرقة ، إضافة الى تكالب الاعداء من الخارج وعملاءهم من الداخل لنهب وسرقة ثروات العراق .

هناك عدد نقاط يجب ان يتبعها الناحب العراقي الى التغيير الفعلي لاعادة بناء العراق وانقاذه من الارهاب والمحصصات :

اولا - على الناخب حسن الأختيار ، لانه يتحمل مسؤولية كبرى في هذا السياق ، لذلك عليه التحقيق والتدقيق في برنامج القوائم والكيانات السياسية المتنافسة ودراسة تأريخ المرشح من كل الجوانب ، لكي يقود شعبنا الى بر الأمان ، ويوفر فعلا سعادة الحياة ورغد العيش له ، وصياغة عراق جديد ديمقراطي فيدرالي والتغلب على المصاعب التي ظهرت خلال السنوات الماضية .
ثانيا - على الناخب ايضا يفكر بطريقة اخرى تساهم في حسم هذا الموضوع عند عتبة صندوق الاقتراع بعد ان استفاد من خبرة السنوات السبع المنصرمة واعطاء صوته لمن هو مؤهل لتحقيق ما وعد به ، ولا يمنح صوته الى المشعوذين الذين يتلاعبون بأكاذيبهم وحيلهم ويحاولون ضحك على ذقون البسطاء من الناس  لشراء اصواتهم ، ويقفون إلى جانبهم مصالحهم الخاصة ولو على حساب موت وبؤس الانسان العراقي ، وهذا ما بدا واضحا للعيان في تجربة برلمانية عمرها أكثر من أربع سنوات عجاف ،  قد جّر علينا الكوارث والنكبات لا مثيل لها حتى عند الشعوب المتأخرة ثقافياً والفقيرة إقتصادياً .
ثالثا - على الناخب العراقي ان يشعر اكثر فاكثر باهمية الانتخابات ، وتعتبر انها اول خطوة في بناء اجواء الديمقراطية ، وانها حجر الاساس في الوسيلة التي تمنح الشرعية السياسية للحاكم لإدارة الدولة لخدمة الشعب ، بحيث ان يختار من يمثله بصدق وأمانة وإخلاص لنيل حقوقه بصورة شرعية ويعيش بالامن والامان دون ان تتحكم برقابه من قبل السلطة ، ودفاعه المستبد عن حقوق المظلومين والمضطهَدين والمنكوبين الذين عانوا كثيراً من الويلات والإنتهاكات والإضطهاد والتشريد من قِبل النظام البائد ، والتخلص من الطائفية والمحاصصة التي سينعكس على المجتمع العراقي بشكل افضل ، ويجب على المرشح ايضا لبناء العراق الجديد خالي من الشوائب ، بعد ان تعافى من شر الحكومات الدكتاتورية السابقة ، ويشعر الإنسان العراقي بقدرته على التغيير الحقيقي على اوضاع العراق من خلال صندوق الاقتراع اذا ما شارك فيها ، فانها بمثابة سلم من سلالم عملية البناء الديمقراطي البعيدة المدى قد تاخذ البلاد والعباد الى بر الامان .

رابعا - الناخب العراقي يجب ان يعرف اهمية هذه الانتخابات على اكثر من صعيد ، لان عدد كبير من الملفات المهمة تنتظر الحسم ، لانها لم تحتسم في الفترة السابقة لاسباب عديدة ومعروف للجميع ، ومنها :
معالجات داخلية التي تنحصر بطبيق المادة 140 لحل المناطق المتنازع عليها وملف النفط والاستثمار واعادة البنية التحتية للعراق ومعالجات تخص التعليم  والضمان الاجتماعي والبلديات والضرائب والزراعة والمياه من اجل الرقي بالخدمات في عموم العراق .
وملفات خارجية لان العراق لا زال يئن تحت طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة ، والذي ينتقص من سيادته واستقلاله ، كما يعاني من ثقل القرارات الدولية المجحفة التي صدرت ضده بفعل حماقات النظام البائد ، إضافة الى ملفات التدخلات الاقليمية في شؤون العراق .

الانتخابات القادمة مفصلية فستكون المنافسة بين الفرقاء قوية وشديدة جدا ، ويحاول المرشحون في الانتخابات مجلس النواب الوصول الى الناخبين بطريقة المبتكرة ، وبدأ الكل يدلي بدلوة الاستقطاب الناخبين ، وهذا من حقهم الطبيعي ، وكل واحد منهم يسعى لاقناع الناخب العراقي بان يكون بصماته واضحة على المشهد السياسي الجديد ، وان كل ذلك يمثل حالة صحية اذا ظل التنافس في اطار خدمة الوطن والشعب بصورة صحيحة وحقيقية ، نابعا من حرص شديد على المصالح العليا للعراق ، وبلغة وادوات شريفة بعيدا عن ثقافة العنف وعن الاتهامات والتسقيط والطعن وسياسة الاغتيال السياسي او حتى الجسدي .

للاسف الشديد فالدعاية للانتخابات اخذت منحى التسقيط بأمتياز ضد خصوم المنافسين وتمارس  بها مختلف الخروق واشكال العنف ، ورغم تدعي كل من القوائم في برامجها المعلنة ضرورة الألتزام يالاسس والاطر الديمقراطية ، لكنها تفعل العكس تماما على ارض الواقع ، ويلجأ المرشحون إلى كافة الوسائل المتاحة لإسقاط منافسيهم وبالاخص لديهم الميلشيات المسلحة لمنع تعبيرالمواطنين بأرائهم واختيار ممثلهم الحقيقي في مجلس البرلمان ، والمتنفذة في السلطة لاستخدام موارد الدولة لأغراض دعائية . ان كل الذي نسمعه ، او نقرأه ، او نشاهده يعبر عن خشونة ملاسنات ، وبيع شعارات ، وتقديم اتهامات تحت مسميات مختلفة لان غرضها الاساس هو التسلق الى كرسي الحكم ، واختلاق اكاذيب تصل الى مستوى الجنايات والخيانات ، وتصفية حسابات وكسر عظام ، هناك من تستخدم الشعارات الدينية لدغدغة مشاعر الناس ويدفعهم الة الاحتقان الطائفي والمذهبي .. كل ما نجده اعلان عن تخوفات وهستيريا من ان يأتي هذا الطرف الى السلطة دون الطرف الآخر ، لان العديد من هؤلاء مجبلون على الذهنية الفردية وحب الذات دون الاحساس بالام ومعاناة الناس البسطاء ، وانهم سبب في شق الصف بين مكونات الشعب العراقي لمصالهم الخاصة .   

هذه التجاوزات والخروقات ضمن ممارسة انتخابات التي تغذيها جهات خارجية ، اصبح مفردة للنضال عند البعض ويعتبره جزء من المظاهرة الديمقراطية وممارسة حريته وحقه الشرعي ، بل في الحقيقة دافع للشهرة والدعاية الانتخابية البعيدة عن المنطق والتي تخدم اجندات من يراهن على فشل تجربة الديمقراطية في العراق ، وتغطى حالة افلاسهم داخل المجتمع العراقي وخسارتهم على الساحة السياسية وفقدان ثقة الشعب العراقي بأحزابهم .

ينبغي أن يدرك الشعب العراقي بأهمية الذهاب إلى صناديق الاقتراع والتي تكون هي الحد الفاصل بين الخير والشر ، لاننا الان نقف امام ضرورة المشاركة في بناء العراق الجديد ، بان مفتاح التغيير اليوم بيـد الناخب العراقي ، فاذا كان مصمما على التغيير والتخلص من مضار الطائفية ، ومنح صوته لمن يجسدون مصالح الشعب والوطن ، وقدرتهم على تصحيح المسار الحقيقي لمؤسسات وهياكل الدولة ، ويتمتعون بالنزاهة والكفاءة ، لمن يبتعدون عن الشوفينية والمحسوبية والتمييز الديني والمذهبي والطائفية المقيتة والحزبية والفئوية الضيقة ، لمن يتبنون مبدأ المواطنة المتساوية للجميع وكذلك للنساء والرجال على حد سواء ، لمن يكافحون الفساد والإرهاب في آن واحد ، والمساهمة الجادة في تطوير العراق وتحقيق المساواة والعدالة بين ابنائه المتنوعة وخلق الامان والاستقرار للوطن والشعب .

أمل المواطنون ان تكون المرحلة القادمة بدون الحكومة التوافقية او المحاصصية تحت مسمية الحكومة الوطنية لكي تستطيع ان تقضي على الفساد الاداري والمالي ، ولذلك تندفع للوقوف بوجه اي تقصير او تلكؤ في عمل مؤسسات الدولة ، كما يأملون الانتخابات القادمة ان تنتج الصناعة المعارضة القوية تحت قبة البرلمان ومحاسبة ومراقبة على مختلف الاصعدة ويفضح الفساد ويكشف المقصر والفاشل ويساهم بشكل مباشر في معاقبة المسيئين ومكافاة المحسنين .. فان البرلمان ستكون الحارس الامين على مصالح الشعب والوطن .

وممكن القول ، يكون هذا مؤشر ايجابي يدلل على مدى حرص الناخب العراقي على ممارسة حقه الوطني في الانتخابات ، لانه يتطلع الى مستقبل تكون فيه حرية الراي والكلمة والتعبير لتحقيق ما يدور في ذهنه وبما يطرح من آراء ووجهات نظره للتوجه السفينة العراقية المرهقة الى شاطئ الامان ، حيث يكون صوت الإنتخابي حصة المرشح الساعي الى تغيير الوضع المزري في العراق ، وهذا دليل عن بلورة ونضوج السياسي للمواطن العراقي .


107
الشهيد دهش الذي أدهش الجميع

                                                                                                   محمود الوندي

عندما كنت في بغداد في عقد السبعينات من القرن الماضي ، وكنت اكثر الاحيانا اسافرفي نهاية كل اسبوع الى مدينتي خانقين وبسبب قربها عن العاصمة بغداد وذلك لزيارة اهلي واقربائي واصدقائي ، وفي احدى سفراتي جلست داخل السيارة الى جانب الشاب الوسيم ذو بشرة  سمراء وشعر مكعكل ، بعد تبادل التحية ، دار الحديث  فيما بيننا في البداية عن مدينة خانقين ومن الناحية الاجتماعية والثقافية لقد تبين من كلامه بانه معلم ومنقول الى خانقين ، ويريد اخذ المعلومات عن المدينة ، وثم تطور الحديث عن السياسة ولكني كنت احاول تغير الحديث بين الحين والاخر خوفا او حذرا ان يكون منتميا الى حزب البعث ، بعد ذلك تبين من كلامه بانه رجل مثقف ومهذب ، جلب انتباهي الى افكاره من خلال حديثه اي افكارنا كانت متقاربة ولو كان الحديث بيننا بحذر ، وبعد وصول السيارة في آخر المطاف الى المدينة ، ونزلنا من السيارة ، فطرحت عليه خدماتي حسب إمكانياتي كيف استطيع ان اقدم له عندما يقيم في خانقين ، وقلت له انا دائما التقي في المقهى (حسن الشل) واسم المقهى باسم صاحبه وهو والد الفنان جعفر حسن والمخرج ناصر حسن ودعت هذا الشاب بعد ان تعرفت عن اسمه " دهش علوان دهش " ومن سكنة مدينة بهرز .

واليوم التالي التقيت معه في المقهى المذكور ، وطلبت منه الجلوس ولكن لقد ادهشني عندما اردت لتعارفه على الاصدقائي الذين جالسين معي ، ولكن كانوا البعض يعرفونه في ايام دراسته في معهد المعلمين في بعقوبة ، في حينه احسست بانه ليس انسانا بعثيا ومن المحتمل ان يكون يساريا وماركسيا ، لان الجالسين معي اكثرهم كانوا اكثرهم من حملة الافكار الشيوعية ، وفعلا كان هكذا من مجاملته مع اصدقائي الجالسين ، واخيرا تبين بانه من احد الاعضاء البارزين والناشطين في الحزب الشيوعي العراقي . 
 
تعمقت علاقتي معه طوال وجوده في خانقين ، واللقاءات المستمرة بيننا في كل زيارتي الى المدينة وزياراته الى مدينة بغداد العاصمة ، وكان يدور الحديث دائما وذو شجون بيننا حول الوضع السياسي في العراق وبالاخص حول تقويم الجبهة ، كنت المح له عن ضعف الجبهة ، وحزب البعث لا اعتقد ان يلتزم بعهوده ، لان له التاريخ الاسود والتجارب الكثيرة في هذا الحقل ، والامثلة كثيرة ومنها خيانته لاتفاقية 11 اذار عندما اتفق مع القيادات الكوردية انذاك ولم يتم تطبق بنود الاتفاقية ومحاولة عرقلتها ، وكيف لجات قيادات البعث للاغتيال المرحوم ملا مصطفى البارزاني بواسطة ما يسمى بعلماء الدين بعد ارسالهم الى زيارته .

وفي احدى زيارتي الى مدينتي خانقين ، لقد جاءني الشهيد (دهش) الى البيت وطلبت منه الدخول (الى البيت) رفض وسألته عن السبب وقال لي لا استطيع لان الوقت ليس مناسبا ، وطلب مني عدم التقاء معه في المدينة لظروف صعبة يمر به الحزب (يقصد الحزب الشيوعي) ومضايقات مستمرة لاعضاء الحزب واصدقائهم من قبل الاجهزة الامنية ، وبعد ذلك لم اشاهده في مدينة خانقين ، ولم التقي معه بعد انتقال قسري من خانقين الى مدينة بغداد العاصمة ، وعندما غيرت حكومة البعث سياستها اتجاه الجبهة .

ونتيجة للاحداث السياسية التي جرت في العراق عام 1978 واشتداد وتيرة الملاحقة الأمنية ضد كوادر وأنصار الحزب الشيوعي العراقي وضمن سلسلة الاعتقالات في مختلف أصقاع البلاد والتي طالت عشرات الالاف من الشيوعيين ومن مؤيديهم واصدقائهم .  تمكن الشهيد " دهش" من الافلات من ايدي الاجهزة الامنية والحزبية لحكومة البعث والاختفاء في بغداد بعد ان افلحت بمغادرة مدينة خانقين .

وفي احد ليالي الشتاء ونهاية السبعينات طرق باب شقتي وعندما فتحت الباب فوجدت امامي الشهيد دهش وانه ملثم بعد دخوله البيت فاخذ يتحدث عن ملاحقته من قبل الاجهزة الامنية ، بعد ان انفرطت حكومة البعث اتجاه الجبهة ، وبات الشهيد "دهش" تلك الليلة عندي وطلب مني عدم التحدث عن هذا اللقاء الى كان من يكون خوفا على حياته وحياتي ايضا ، وفي صباح الباكر ترك الشقة ، وهكذا كان يزورني بين الآونة والاخرى ولكن بطريقة سرية لمدة ستة او سبعة شهور بدون تحديد المواعيد اي يكون زياراته مفاجئة  ، برغم كان يدور بيننا الحديث عن الظروف الصعبة لاعضاء الحزب الشيوعي العراقي في عموم العراق ، ولكن لم يكشف عن تحركاته ولقاءته وعن اقامته داخل مدينة بغداد او لم نتطرق الى ذلك . ولكن لقد تاخر زيارته الى الشقتي او باحرى انقطع نهائبا ، وكنت في حينه لا اعرف ما هو السبب إلا ان سمعت من بعض اصدقائنا ومقربين له عن اعتقاله بسبب نشاطه السياسي المستمر. 

وكان لي شخصيا الشرف في التعارف على الشهيد "دهش" ، لان تاريخه ناصع ونطيف في سجله الخالد ، لانه كان مصّرا على مواقفه المبدئية الصادقة كشيوعي عتيق ومتشبث بمبادئه وأخلاقه الشيوعية ، وهي المبادئ التي لم يتخلِ عنها ، قيد أنملة ، وفي أصعب الظروف و أشدها وطأة و ضراوة وقهرا !.. هذا الإنسان النقي والمكافح الذي ضحى "أسوة بكثير من العراقيين" بكل غال و رخيص من أجل شعبه ووطنه ، وروت ارض العراق بدمائه .

حتى هذه اللحظة لم تكشف كيف استدل إليه ، لتقتاد إلى احد مراكز الأمن في بغداد ، ليبدأ التحقيق معه مستخدمين جميع الأساليب الوحشية وغير إنسانية على الإطلاق في محاولة منهم لانتزاع الاعترافات منه بقوة تحت أبشع أنواع التعذيب حول تنظيمات الحزب ومواقع رفاقه ، إلا أن الشهيد " دهش " الذي دهش الجميع ، أبدت وبكل صلابة وتحدي لا مثيل له في ان يقّر  بشيء ما أو ان تكشف أية معلومة صغيرة كانت أم كبيرة تضّر برفاقه في الحزب الشيوعي إلى جلاديه الأوغاد  .

 وهكذا أفل نجم حياة شهيد (دهش) ومناضل شيوعي ضحى بنفسه في سبيل الشعب العراقي ، وبقي حياً في ذاكرتنا وضمير ابناء امته كرمز للتضحية والفداء من اجل قضية وطنه وأمته.


108
انقلاب 8 شباط وملحمة مدينة خانقين
                                                                                                محمود الوندي

هذه الأيام ستحل الذكرى السابعة والأربعون لانقلاب 8 شباط الدموي الذي استلم حزب البعث السلطة أي زمام الامور في العراق ، وبتخطيط الدول الكبرى ( البريطانية والامريكية تحديدا ) والجهود الحثيثة لشركات النفط العاملة في العراق (انذاك) ، وبالتحالف مع قوى أخرى ومن فلول العهد السابق وغيرها ، وبدعم قيادة الجمهورية العربية المتحدة ( مصرالعربية حاليا ) والبلدان المجاورة ، للإطاحة بحكم الزعيم عبد الكريم قاسم والقضاء على منجزات ثورة الرابع عشر من تموز ، بحجة درأ الخطر الشيوعي ، ولكن الغاية في الحقيقية تخشى الديمقراطية والتطـور الاجتماعي والاقتصادي في العـراق ، وخوفا من تأثير هذه الخطوات على شعوب دول الجوار وتكـون خطـرا على حكامها ، عنـدما تطالب شـعوبهم بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية .

 لا شك كان لشركات النفط الكبرى دورا مهما في الإعداد للانقلاب ، بعد ان اقدم الشهيد عبد الكريم قاسم على إصدار قانون رقـم 80 لسنة 1961 الذي أعادت حقوق العراق في ثروته النفطية من الشركات الأجنبية ، وحدد بموجبه الإستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة نفط العراق البريطانية لحقول النفط في العراق ، وكما الحال الى الاقطاعيين وعلماء الدين لدعم الانقلابين ايضا بعد ان تبنى الشهيد قاسم مشروع الإصلاح الزراعي يقوم على تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها على الفلاحين الذين كانوا يضطهدهم الأقطاع بمعاونة رجال الدين .

اندفعت الجماهير بأعداد هائلة إلى الشوارع يوم 8 شباط 1963 ، من كل المدن العراقية ، وتوجهت جموع غفيرة من اهالي بغداد صوب وزارة الدفاع لدعم القوات العسكرية ( الموالين الى الشهيد قاسم ) وللتحصل على السلاح لصد الانقلابين ، وفعلا صدت الجماهير لقادة الدبابات التي هاجمت وزارة الدفاع ، برغم رفض الشهيد عبد الكريم قاسم تزويد الجماهير الغاضبة بالسلاح ، ورغم ذلك لم يستطيع الانقلابين اختراقها بسهولة إلا ان لجأوا إلى الخدعة ، واخذوا يشاركون الجماهير هتافاتهم ويرددون معهم "ماكو زعيم إلا كريم"، ويرفعون صور قاسم لكي تتمكن الدبابات من شق طريقها وسط الجموع الغاضبة بعد ان تصدت لهم الجماهير الغاضبة في البداية ، واحرقوا دبابتين واحرقوا من فيها من الضباط الانقلابين .

خاضت الجماهير العراقية في مدن عديدة من العراق معارك مشهودة قادها الشيوعيون ، لا سيما في مدينة خانقين عندما خرجت الجماهير الى الشارع بمظاهرة ضخمة منذ اللحظات الأولى لوقوع الانقلاب بعد ما تتحشد هذه الجماهير وسط المدينة ضد الانقلابين ودعما ل عبد الكريم قاسم ودفاعا عن ثورة 14 تموز وعن مكتسباتها الوطنية ، وبدأت المظاهرة من الساعة العاشرة صباحا حاملين معهم صورة الشهيد عبد الكريم قاسم واللافتات تهدد بالانقلابين ،  واستمرت الى التاسعة مساء كان يقودها الكوادر الشيوعية ومن بينهم الشهيد جبار الحلاج والشهيد زوران عبد العزيز بشتوان والمرحوم الدكتور حسن اسد والمرحوم ناظم مدينة ... وقد سيطرت الجماهير على المدينة برمتها ، وساهمت ايضا النسوة لاسيما الشيوعيات في المظاهرة ببسالة ومنهن زينب قرمان واختها سعاد وغيرهن ، بالاضافة الى تعاطف اهالي المدينة معهم .

وبعد أن اتضح لدى هذه الجماهير الغاضبة في مدينة خانقين من المتعذر مواصلة القتال من قبل المقاومة في بغداد بعد ان عزلت وحصرت ، وعدم أي إسناد عسكري لها ، ولم يعد هناك من داع لاستمرار المظاهرة والاحتجاج بعد أن استتب الأمر للانقلابيين ، ولكن في هذا الاثناء دخلت محموعة من وحدات من القوات المسلحة بمساندة الدبابات والمدرعات الى المدينة ، وهاجمت على المتظاهرين الذين لا يملكون سوى الاسلحة الخفيفة من البنادق والمسدسات التي كانت بحوزتهم والاسلحة البيضاء كانت بيد بعضهم ، واطلقت الرصاصات صوب المتظاهرين ، مما ادت الى اصطدام بين الطرفين ، وادعى البعض الى التفريق والابتعاد عن المعركة وخاصة الشيوخ والنساء والاطفال التي اختلطت صراخاتهم وصياحيهم بأزير الرصاص ، وخوفا على حياتهم وعدم مضايقاتهم وافساح المجال لهم بمشاركة الشباب في مقاومة ، وكانت المعركة الى جانب القوات المسلحة منذ البداية لانها غير متكافئة في اشتباك المتظاهرين مع الدبابات والمدرعات الحكم الفاشي ، وبرغم حاول المتظاهرين الصمود امامها بهذه الاسلحة الخفيفة ومحاولين صد الهجوم ، ولكنهم لم يفلحوا بسبب عدم التوازن في السلاح حيث اجبرت المقاومين ترك ساحة المعركة وتوجه الى يعض الابنية المجاورة لحفاظ عن حياتهم او تقليل من الإصابات ، في ذلك الاثناء لقد اتجهت مجموعة من المقاومين نحو بناية شرطة الكمارك المتواجدة وسط المدينة وقريبة من المتظاهرين لغرض السيطرة عليها وحصولهم علىالاسلحة والعتاد ولم يفلحوا بذلك ، والقى القبض على العديد من المقاومين ، وتوجهت مجموعة الاخرى نحو احد الكراجات لصد الهجوم من داخله ، وقد شهدت مواجهات عنيفة بينهم وبين الجيش بعد ان استطاع احدى المدرعات اقتحام الكراج ، حيث تصدوا لها بطابوق جدار الكراج بعد ان صعـدوا الى سطحه وهدموا ما به من جدرانه ، بعد ذلك قررت قادة الشيوعين الانسحاب وطلبوا من المقاومين ترك الكراج بعد نفاذ كل شيء بيدهم ، وفعلا توجهوا الى رمي انفسهم من فوق الكراج الى الجهة الثانية ، وثم انسحبوا من خلال بعض فروع المدينة واحيائها الى البساتين لاختفاء انفسهم وتدبير امورهم .
 
لقد اضطرت النسوية الشيوعيات في ظل ظروف غاية في الصعوبة من الهروب والاختفاء وفي مقدمتها المرأة الشيوعية زينب قرمان التي تمكنت من الافلات من ايدي الجيش والشرطة تحت وطأة الملاحقات الشرسة والاعتقالات الواسعة والقتل تحت التعذيب التي طالت العشرات من خيرة ابناء وبنات اهالنا ، وأفلحت في الخروج من مدينة خانقين مع اختها بعد ان حرقوا كل ما لديهم من الوثائق والاوراق والمستمسكات المتعلقة بتنظيم الحزب الشبوعي في خانقين والتنظيم النسائي بشكل خاص ، خوفا على رفيقاتهم وكشفهم من قبل اعوان الانقلابين والقاء القبض عليهن ، حيث لبسوا العباءة مع منقبات الوجه او البوشية قبل هروبهم لتسهيل الامور لهم وعدم معرفتهم من قبل الجلاوزة ( المنقبة اوالبوشية غطاء الوجه من قماش اسود ناعم  التي كانت النساء وكبيرات منهن بالاخص يحجبن به وجوههن عند مغادرة المنزل ، بلإضافة الى العباءة السوداء ) .
 
لقد بدأت حملة اعتقالات واسعة في جميع أنحاء المدينة والتي طالت عشرات المئات من الناس ، رجالاً ونساءًً بعد تمشط البيوت وبعض البساتين داخل المدينة ، والقاء القبض على من شارك وشاركت في المظاهرة المذكورة ، وطالت الاعتقالات معظم السياسيين البارزين والقيادات الشيوعية والنقابية في المدينة . وملأ عدد الذين اعتقلوا بهذه الطريقة السجون الموجودة في المدينة ، وقد بدت المدينة عقب الانقلاب شبه مهجورة ، وقد استخدمت أبشع وسائل التعذيب الوحشي من قبل الجيش والاجهزة الامنية بحق الذين وقفوا ضدهم لحصولهم على المعلومات واخذ الاعترافات منهم عن اعضاء الحزب الشيوعي في المدينة وعن تحركاتهم وتنظيماتهم ، كما شن قوات الحرس القومي التي جلبت من مناطق اخرى الى المدينة ومنحت لها "سلطات مطلقة في اعتقال وتعذيب من تشاء من أفراد المدينة لقد تجاوز الحرس القومي كل الحدود الإنسانية في تعاملهم البربري مع اهالي المدينة ، بعد ان اقتحموا البيوت بيتا بيتا وهم يفتشون لألقاء القبض على شباب المدينة ، وتحت ضربات أعقاب البنادق والشتائم والصراخ ، واخرجوا جميع نساء ورجال الى خارج الدار واصطفافهم الى الحائط ، وكانت البنادق والرشاشات موجهة نحوهم حين بدأوا بعزل الرجال والشباب بالاخص عن عوائلهم ، ورغم عويل النساء والاطفال ومتعلقين باذرع رجالهم او ابائهم ، لانهم يعرفون مصير من يلقي القبض عليه على ايدي جلاوزة البعث .

ذلك اليوم المشؤوم سالت دماء كثيرة من العراقيين على ارض الوطن ، ودخل العراق مرحلة الحكم الدكتاتوري والشوفيني الواضح والصريح ، واصبح العراق رهينا في يـد هؤلاء المجرمين والقتلة ، وتغيرت أوضاع وتبدلت موازين على نحو ما جرى ويجري في المشهد العام للعراق الجريح منذ ذلك التأريخ .

109
دول الجوار والمسألة الكوردية


                                                                                            محمود الوندي

لا شك ان إقليم كوردستان العراق محاط بدول الجوار التي تتواجد فيها الامة الكوردية باعداد كبيرة من خلال تقسيم الأرض الكردستانية بعد الحرب العالمية الاولى ، والتي لها موقفها الخاص من اقليم كوردستان والفيدرالية في العراق " لا تريد الاستقرار للعراق بعامة واقليم كوردستان بخاصة " ، وهذه الدول تتجاهل الحقوق المشروعة للامة الكوردية تحت حجج واهية ، وتحاول تهميشها وإلغاء هويتها وانتماءتها القومية ، كما تحاول صهرها قسرا في بوتقة واحدة أي بودقة اكثرية بذريعة الحفاظ على الوحدة الوطنية ، إضافة الى استعبادها وتمزيق أوصالها وإبقائها في مستوى من الفقر والبئس والعيش البهيمي  .
 
 هذه الدول ما زالت مواقفها الغير مشرفة والسليمة من حقوق الامة الكوردية المشروعة ، ومحاولاتها إجهاض تجربة الفيدرالية في العراق ، ونجاحها الأخير بانجاز تجربتها الديمقراطية والتي أفرزت حالة جديدة وطبيعية في المشهد السياسي الكوردستاني وذلك خوفاً من ان تتكرر التجربة فيها ..

أن التجربة الفيدرالية الكوردية  في العراق التي تشهد نسبة كبيرة من الحرية والديمقراطية ، وهي تجربة واعدة وتجربة مهمة في المنطقة .. ان من يحكم اقليم كوردستان هم اهلها والقرارات تكون بيدهم وبما ينفعهم ، ومن ناحية اخرى هذه التجربة تعطي الأمل لشعوب المنطقة بالقدرة على الوصول إلى مجتمع التعددية السياسية بكل آلياته القائمة على أسس سلمية وديمقراطية ، لقد استفاد الكورد إيما استفادة من تجاربهم المريرة المغمسة بالدم ، وهذا كله يتضح من حجم البناء والتطورات الاقتصادية الكبيرة والهامة التي أنجزها إقليم كردستان في زمن قياسي .

بدلا ان يستفيدوا هذه الدول من تجربة العراق وتكون لهم المواقف السليمة من التجربة الراهنة لصالح الشعب الكردي والشعب العراقي برمته ، ورفع مخاطر العمليات الحربية عن ارضهم وتجنب الكوارث على جميع الاطراف والوصول إلى بر الأمان بوضعهم الأسس الصحيحة لحياة سياسية حقيقية وسلمية واجتماعية مستقرة واقتصادية متطورة ، وبالعكس وقفوا موقفا صارما ومعاديا لها ، بل اخذت تحارب هذه التجربة بكل ما أوتيت من قوة مستخدمين كل الوسائل المتاحة (العلنية والخفية) إزاء الأمة المضطهدة التي حصلت على حقوقها وعلى ارضها الكوردستانية ، ويغذي هذه المحاولات زعيق عملاءهم من داخل العراق للعرقلة هذه المسألة الحيوية التي تعز العراق فرص الاستقرار واستتباب الامن ، كما لاحظنا كبف تعرقل المادة 140 من تطبيقها وتقلل من شأنها او تنفيها ومن قبل موالين لهم من خلال وجودهم داخل قبة البرلمان وفي هياكل الدولة ، واستغلالهم الإعلام المعادي للكورد لتسيقط المادة المذكورة . ومن ناحية أخرى إلا أننا شهدنا ونشهد بين آونة وأخرى قصفا عنيفا لقرى كوردستان العراق من إيران تارة ، واجتياحا عسكريا من تركيا تارة اخرى .

 كان يستوجب على هذه الدول كي يفهمون الحقيقية في إطارها الصحيحة ، بان الفيدرالية لم تقسم العراق ، بل رسخت وحدته الوطنية ، وهي ايضا مدعاة للفخر والتآخي والوحدة في بوتقة الولاء للوطن وسلامة ترابه ، وعليهم الرؤيا إلى التجربة الفيدرالية في العراق والتقدم الاجتماعي في كوردستان العراق بنظرة شفافية لما فيه من مواقف سليمة ورؤية إنسانية صحيحة لمصلحة الشعوب المنطقة برمتها ومنها الشعوب الكردستانية ، لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وتكرر الأخطاء التي ارتكبت ، بل يجب اعادة النظر في السياسات السابقة واستخلاص الدروس والعبر من أخطاء الماضي التي ارتكبت بحق الامة باكملها ويجب تصحيحها بكل اصرار من خلال العملية السلمية والديمقراطية دون ان تراجع عن موقفهم لحل الأزمة الكوردية .

وممكن القول تستفيد الدول المذكورة من تجربة هذه الفيدرالية وتنمية تجربة كوردستان من الديمقراطية والعادلة الاجتماعية داخل حدودهم ودون الحاجة إلى اللجوء للعنف بكل ما يحمله من أخطار على شعوبهم ،،، وتنظر اليها وقد قطعت خلال السنوات المنصرمة شوطا كبيرا في إقامة مشاريع البنية التحتية وفي مجال البناء والعمران بشكل عام ، ووضع الحلول الناجحة لمعالجة القضية الكوردية وحل مشاكلها بشكل سلمي ودبمقراطي ضمن حدودهم الدولية وانهاء الصراع من خلال لغة الحوار مع ممثلي الشعب الكوردي لمنع تكرار التفاقم بين الطرفين في المستقبل وتنظيم العلاقات السياسية والانسانية بين الشعب الكوردي وبقية الشعوب في المنطقة .

لان من الحق  الشعب الكوردي ان يعيش على ارضه المغتصبة بالسلام والامان ، شأنه شأن معظم الشعوب الأخرى في العالم ، ويجب الاعتراف الدول المذكورة بحقوقه المشروعة والتعامل معه بالتساوي مع المواطن الاخر في الحقوق والواجبات بدون التمييز بينهما ، وأحسن التعامل معه بعقلانية وعدالة ، بحيث يشعر المواطن الكوردي بأنه مواطن من الدرجة الأولى ، لان حل الإزمة الكوردية حلا سلميا هو إنقاذ المنطقة من الحروب واستتباب الأمن والسلام بين شعوبهم وتحقيق التضامن والتعايش والمحبة فيما بينهم . وبالتالي تحقيق الأهداف النبيلة وتبني سياسة علمية واضحة وصريحة في كل منها .

ومن الخطأ والخطر في آن ، إهمال المشكلة الكردية وعدم محاولة حلها بطرق السلمية وتعميم أفكار شوفينية تطعن بحقوق الكورد حيث يترتب على ذلك من آثار سلبية على الجميع ، واسستمرار الحروب في الحلقات المفرغة من الدموية المهلكة إلى ما لا نهاية بين الشعب المضطهد والحكومات الشوفينية ، وهذه الحروب العبثية لم يحصد منها سوى الدمار والخراب وهدر المال العام وتدمير البنية التحتية بالإضافة الى الاف بل ملايين الضحايا بين قتيل وجريح ومعوق ، الى جانب مجموعة من الاسرى والايتام والارامل .

كلما ازدادت سياسة الإنكار والقمع ضد الكورد وعلى ممارسة المزيد من الظلم والإجحاف بحقه ، وتم إبعاده عن مراكز القرار والوظائف الهامة ، لم يستسلم الكورد لتلك السياسات القمعية بل تنتعش أكثر الروح القومية عنده ، وازداد تمسكهم بهويتهم القومية ويستمرون للكفاح ومسيرتهم النضالية بإرادة أقوى وعظيمة اشد في المضي قدما على طريق الحرية والديمقراطية والكرامة ودفاعا عن حقوقه المشروعة .


110
هل يسرى الاجتثات على من يلعب على الوتر الطائفي ؟؟؟

                                                                                            محمود الوندي

ما كانت لهيئة المساءلة والعدالة (التي حلت مكان اجتثاث البعث) ان تستبعد الاشخاص ومنعهم من المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة فقط بحجة اجتثاث البعث ، كانت عليها الاجتثاث ايضا من يلعب على الوتر الطائفي والتستر على المفسدين ، وعدم تسييس عملية تنفيذ القانون لتحقيق غايات انتخابية ، وعليها التمييز بين أولئك الذين كانوا رموزا دموية للنظام وبين من أجبر على الانضمام لحزب البعث اولا ، وثم ان تحظر كل كيان او شخص يتبنى الطائفية لانها خطر كبير وتجاهلها أخطر ، وانها سبب حقيقي في انتشار الفساد الاداري والمالي ، كما نعرف هذه الاشكالات لعبت دوراً رئيسياً في الأزمة العراقية بعد سقوط النظام البائد ، ومنها تولدت وتفرعت الأزمات الأخرى التي نالت من ارواح المئات من الابرياء .
إن المخاطر لم تزل تحيق بالعراق ومايواجه مسيرة شعب العراق نحو الديمقراطية والتنمية والازدهار ، ما دامت نهج المحاصصة الطائفية لم يزل موجودا من دون أي زحزحة عنه أو أدنى تململ منه !!! لان ثمة أجندة سياسية تعمل  على أساس محاصصي  وانقسامي بين أحزاب الطوائف والأعراق ، وما زال يروج له البعض للمصالح المكتسبة من وراء هذا النهج ، من خلال تصريحاتهم والشطحات الاعلامية التي يحاول الى مزيد من التفرقة والتباعد بين مكونات الشعب العراقي . 
يجب على هيئة المساءلة والعادالة ان يسرى الاجتثاث على من يلعب على الوتر الطائفي ويحاول يزعزع الوحدة العراقية وعلى حساب المواطنة والكفاءة والاختصاص والخبرة وبعيدا عن أي روح وطنية وديمقراطية وإنسانية ، لان هكذا الاشخاص دائمًا يكون ولاؤهم عبر الحدود لدول لاتريد لبلدنا الخير ، وعلى الحكومة العراقية محاسبة قانونيا ومعاقبة قضائيا من تلطخت أيديهم بدماء العراقيات والعراقيين من قوى النظام البائد والنظام الحالي وليس اجتثاثهم فقط .
هذه الامنية بات ضرورة لكل العراقيين الذين يعانون ما آلت إليه الاوضاع الامنية في العراق ( لإن الثمن الذي دفعه الشعب العراقي كان باهظا جدا ) ، لان الطائفية هي سبب انعدام الخدمات الحياتية والإنسانية وانتشار الفساد الاداري والمالي داخل الهياكل والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية وخلق الارهاب داخل العراق ، الامر الذي لا يمكن السكوت عنه باي حال من الاحوال ، لان الشعب العراقي قد تعب من حمام الدم الذي يطاله كل يوم من وراء النزعات الطائفية .
ان عددا كبيرا من اعضاء البرلمان ، الذين يتكلمون باسم الديمقراطية والإنسانية والعدالة الاجتماعية .. ما زالوا على نهجهم السياسي الطائفي وحتى العنصري ، وهؤلاء الاشخاص يستغلون الطائفية سعيهم فقط وصول الى السلطة بأي ثمن وحيث يسيل لعابهم لها ، علما بأنهم لم يقدموا شيئا حقيقيا لانتشال العراق من معاناته وآلامه من خلال السنوات الماضية ، الا انهم حنثوا بيمينهم وسحقوا وعودهم وكلامهم باقدامهم ، وخانوا الرسالة التي وعدوا بها جماهيرهم ، وكأنهم يدعون الى العودة بالعراق الى الماضي الاسود او باخرى الى اعادة عقارب الساعة في العراق الى الوراء  .
هؤلاء دأبوا على التفكير بوسيلة اخرى لفوزهم في الانتخابات القادمة للتغطية وعودهم كاذبة وعلى فشل برامجهم التي ذهبت ادراج الرياح ( وهذه المرة يلعبون على الوتر العنصري ) ، ولم يجدوا امامهم سوى معاداة للشعب الكوردي وقيادته السياسية ، ويحاولون لتشويه سمعة هذه الامة امام المجتمع العراقي كمادة دعائية لكسب صوت الناخبين ، برغم تأريخ الكورد ناصع البياض لن يستطيع هؤلاء الحاقدين من اعضاء البرلمان ان ينالوا منه .   
ممـا بدر مؤخـرا من بعض القوى العنصرية الشيعية من حملة افكار البعث ، من اعتداء صارخ  بحـق شـعبنا الکـوردي وقياداته الـسياسـية ، وتريد هذه القوى خلق صراع بين الشيعة والكورد بتحريك ايادي خفية ، وما حدث قبل الايام من قبل بعض الساسة المأجورين من اعضاء مجلس النواب ، ومن احدى الفضائيات العراقية باسم (بلادي) التي تعود ملكيتها للجعفري ( وهو أحد كبار رموز قائمة الائتلاف الوطني العراقي ورئيس الوزراء السابق الذي كان بطل الحرب الطائفبة اثناء حكمه ) ، من خلال مهرجاناتها المنقولة عـلی لـسان صبي متطـرف من الإساءة الى القومية الكوردية بكلام يخالف الحقيقة واقاويل واهية ، وتجاوزه لاداب الخطاب واسس اللياقة وجميع المعايير الاخلاقية ( ويعيش هذا الدعي على فتات ما يرمى اليه من ذوي الشأن ايا كان مراميهم ومقاصدهم ، ولايمكن لشاعر منصف وصاحب كلمة الحق ان يبيع ضميره من اجل حفنة من الدنانير كما كان يفعل شعراء " القادسية " في عهد النظام البائد ) ، لا سيما اذا عرفنا سيرة هذا الدعي حيث كان من العناصر الناشطة داخل حزب البعث لمراقبة ابناء جلدته ، واليوم يريد في كلماته الركيكة يظهر انتمائه للطائفة الشيعية وتلميع سيرته السوداء .
کما بركت وشجعت هذه الاعتداء من قبل بعض المـشارکـين في المهرجان ومن كان بينهم اعـضاء فـي مجـلس النـواب العـراقـي ( اولئك الذين عاشوا على امتيازات البعث وفـتات موائد صدام ) ، ومعروف مواقفهم من القضية الكوردية ونواياهم الحقيقية تجاه فيدرالية كوردستان لان هؤلاء المصابين بانفلونزة الكورد ، ويعلنوا جهارا نهاراً ومن خلال تصريحاتهم استفزازية إزاء الكورد وابراز لعضلاتهم وفي المقابلات الفضائية والاجتماعات الطائفية لحشر الكورد في زاوية ضيقة من اجل سلبهم ما تحقق خلال السنوات القليلة المنصرمة ، ومحاولتهم لتشويه سمعة الكورد بحجة تمزيق العراق والتطاول على حقوق الاخرين .
أليس من الواجب هيئة المساءلة والعدالة اجتثاث هذا الوباء الخطير ؟؟؟ الذي يضر بفكرة الصداقة بين طوائف ومكونات الشعب العراقي وبوحدته .. أليس يشمل هذه الاعضاء المتطرفة داخل البرلمان العراقي قرارالاجتثاث واتخاذ إجراءات قانونية بحقهم ؟؟؟ ولماذا لم تتخذ قرارات الطرد بحق هؤلاء الحاقدين والطائفيين الذين يتمتعون بعضوية البرلمان العراقي ومشاركتهم الفعلية في صنع القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي ؟؟؟
فأن أي تنظيف للعراق من حملة الافكار الطائفية سيسهل بناء العراق الجديد ، وتتبدل الاوضاع نحو الاحسن والافضل من خلال اجتثاث هؤلاء المحرضين والطائفين ، مما يؤدي الى توفير الخدمات وانشاء المشاريع التي تنهض بواقع الانسان في المجتمع بعد القضاء على الارهاب الطائفي ، وتطبيق الديمقراطية بصورة صحيحة وحقيقية ، وعدم تعثرها ، وتعزز الثقة بين مكونات شعبنا العراقي من دون اي حساسيات او كراهية فيما بينهم ، ويشكل علامة فارقة ومتقدمة من تأسيس مشروع وطني حضاري في ظروف مستقرة وهادئة  .   


111
العدوان الإيراني ومحنة الحكومة العراقية

                                                                                            محمود الوندي

حيث أبتلى العراق بجيرانه في جميع العهود السابقة ، ولم يسمحوا له بالاستقرار عبر التاريخ وبالاخص في عهد الشهيد عبد الكريم قاسم اي بعد نجاح ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وحاولوا إلحاق أشد الأضرار بثورة الشعب العراقي وتحت مختلف الذرائع والواجهات ( ولا اريد ان اشر الى الاحداث تلك الايام الذي عاشها الشعب العراق ويتذكر كل تفاصيله ، فكيف عملوا على خلق المشاكل للثورة وتخريبها ، وخلق الصرعات بين القوى السياسية انذاك وبتخطيط من المخابرات الأجنبية ، البريطانية والأمريكية تحديداً الى ان أثمرت جهودهم بالانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963 والأتيان حزب البعث الى الحكم الذي حول العراق الى حالكة الفترات المظلمة ) .
والشعب العراقي يعرف مواقف الدول المجاورة غير المنصفة طوال العقود الماضية ولا يريدون للعراق خيراً عندما أراد يسير نحو البناء وتقدم المجتمع ، وإيقاف مسيرته الاصلاحي عندما يتوجه نحو الحياة الكريمة والعيش بالرغد والامان ، وتحاول هذه الدول منع استقرار وتطور العراق وإفشال المشروع الوطني الديمقراطي وبناء المجتمع المدني ، وادخال الشعب العراقي دائما في نفق مظلم من خلال زرع الفرقة والشقاق في صفوف العراقيين واغراقهم في فوضى عارمة ، والتاريخ حافل بالشواهد .
بعد سقوط النظام البعثي في العراق لقد تحركت دول الجوار ضد مصلحة الشعب العراقي ( كسابق أوانها ) والعمل على اجهاض المشروع الديمقراطي الذي تبعه نظام العراق الجديد ، وانها تعيد نفس السيناريو الذي عملته بعد ثورة 14 تموز 1958 فهذه المرة حجتهم لدرأ الخطر الشيعي تارة ، وتارة اخرى محاربة الاحتلال الامريكي او الدفاع عن العراق ووحدة أراضيه ، ولكن الغاية في الحقيقية تخشى الديمقراطية والتطور في العراق وإبقاءه ضعيفا ومحروما من ثرواته الغزيرة اي يبقى العراق كالبقرة الحلوب ، إضافة الى تكاثر ملفات التعويضات عن حروب النظام البائد الجنوني ، وصمت الحكومة العراقية هو السبب الذي جعلت هذه الدول ليس فقط تصول وتجول في الشأن العراقي وانما تخوض في الدم العراقي ،  وعن كل ما يحصل من مآسي في العراق .
ولا شك ان يكون النظام الإيراني ضمن هذه الدول الذي التقى مصلحته مع المصالح الانظمة العربية رغم التناقض الأيديولوجي بينهم ، والنظام الايراني له دورا مهما في التدخل في الشأن العراقي ونفوذه يتصاعد من خلال الإمكانيات الكبيرة لشراء الذمم وتسربها الى داخل الميليشيات والمد نفوذه داخل هياكل الدولة ، بالاضافة الى دخول فرق الموت الى العراق وقيامها بعمليات اجرامية بحق ابناء الشعب العراقي على مدى سنوات الماضية ، ويحاول ضعف الدولة العراقية عسكريا واقتصاديا والهيمنة على سياسته ، حيث يعبر النظام عن مطامعه بأرض ومياه وثروة العراق على حساب دولة متأزمة كالعراق ، والاستحواذ على ثرواته النفطية لا سيما تلك الحقول المتاخمة للحدود العراقية الأيرانية .
ولا أثارت أعجابي !!! كيف التقت مصلحة إيران مع مصلحة الدول العربية ومنها السعودية برغم الخلافات الأيديولوجية فيما بينهم ، لان هناك وحدة الهدف وهو إجهاض الديمقراطية في العراق رغم التناقض الأيديولوجي بينهم .
واحذر الحكومة العراقية من قبل الشخصيات الوطنية والسياسية أكثر من مرة من تدخل إيراني كبير في الشؤون العراقية للاسف استمر المسؤولون في الحكومة بتجاهل هذه المسألة وينفون التدخل الايراني في شؤون العراق وكما يصرحون ان العلاقات الإيرانية العراقية باحسن أحوالها ، وقائلين إن ليس هناك أدلة دامغة على ذلك .
تساءل وتعجب !!! هل نحتاج إلى دليل أكبر مما نشهده اليوم ؟
ومنذ سقوط النظام البائد في العام 2003 نفوذ إيراني يتزايد في العراق وتعمل حثيثا على استغلال حالة الفراع الامني واستغلال  كثير من القادة العراقيين الذين نصبهم الأميركيون في الحكم أمضوا سنوات في المنفى في إيران ، وتمكنت تحت اشكال وصيغ مختلفة من الهيمنة على الشارع العراقي وخاصة في الجنوب من خلال المليشيات التي تسرب لها عملائها والعصابات الارهابية التي تتمركز في مواقع خطير بالدولة العراقية ، إضافة الى شبكات تهريب المخدرات والمواد غير المشروعة من ايران التي تسرح وتمرح داخل المجتمع العراقي بدون خوف او عقاب لانها ترتبط بالمليشيات المسلحة وثيقة الصلة بايران وان حالات الادمان باتت اكثر انتشارا وخطورة بين المراهقين .
التدخل النظام الايراني في الشان العراق ، وأطامعه التوسعيه على ارض العراق ، بات واضحا جدا ولا جدوى من انكاره من قبل المسؤولين ، وراح المال الإيراني والسلاح وعملاء المخابرات يمر عبر حدود الى داخل العراق لأهداف المختلفة ، فاستراتيجية إيران تقضي بتوجيه عمليات متنوعة داخل العراق عن طريق عملائها هناك من مليشيات مسلحة ومن الذين يعملون داخل الاجهزة الامنية ، واخيرها عملية التوغل الإيراني في الجنوب بصورة علنية واحتلت وحدة إيرانية حقل الفكة النفطي والذي يقع ضمن حدود محافظة ميسان .  
وزيادة المخاوف العراقيين من نفوذ إيراني كبير في العراق ، وحيث يخشون من أن يصبح بلدهم بحكم الأمر الواقع دولة عميلة لإيران وبالاخص عندما تغادر الولايات المتحدة . ويثير القلق لديهم من الدور الايراني في العراق لان لم يصدر بيانا حكوميا صريحا من قبل السلطة العراقية كعادتها حول تجاوزاتها واحتلالها لحقل الفكة النفطي وصمتها التي لم تتعدى دورها سوى التغطية والتكتم على تلك التجاوزات التي اخرها احتلال الحقل النفطي في الفكة ، وبات تلمس الحلول الجانبية لرضا الجانب الايراني ، ومحاولة التغطية والتستر على الاحتلال من قبل المسؤولين اعلاميا ونكران هذا االامر  .  
نعم ، فالاختراق الايراني للعراق ارضا وثقافة وسياسة بلغ اعلي درجاته منذ عام 2003 ولعل الذين يعيشون في العراق يعلمون الي اي مدي تصدق رؤية وانطباعات يشر بشان النفوذ الايراني في العراق ، واذا سألت اي مواطن عراقي عن التدخل الايراني في شؤون العراق سوف يتحدث لك عن معاناته من التدخل وبالاخص في جنوب العراق .
في كل الأحوال ، يجب على الحكومة العراقية وأن تنتهج الطرق الديبلوماسية في البداية وتلجأ الى الامم المتحدة او مجلس الأمن حول انتهاكات إيرانية ، ان تأخذ موقفا صارما ازاء تلك الانتهاكات ، وتحاول ان يضع حدا لها وفي مقدمها احتلال حقل الفكة النفطي وقصف قرى كردستان بالمدافع ومشكلة الأنهار والمصبات المائية التي تحاول إيران تحويل مجراها الى داخل اراضيها ومنع تدفقها إلى داخل الأراضي العراقية .


112
قرارات البرلمان العراقي اخطر من أنفلونزا الخنازير

                                                                                              محمود الوندي

انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير في العالم واجتياحه كالصاعقة في بيئة خصبة التي لا تتوفر فيها الشروط الصحية والتوغل فيها ليحقق أغراضه الدنيئة ، بينما في العراق انتشر أنفلونزا الفساد الادراي والتسلط والامتيازات للبرلمانيين والمسؤولين الكبار والنخب السياسية .

ومن المحتمل ان يعثر على العلاج من خلال محاولة الاطباء والمختصين لإيجاد عقاقير او لقاحات لفيروس انفلونزا الخنازير ، وتقديم الخدمات الصحية لانقاذ الشعوب من هذا المرض الخطير ، ولكن المشكلة لا يستطيع احدا العثورعلى اللقاح انفلونزا النخب السياسية ، وعدم تمكن أزاحتهم من على كراسيهم لانهم يستغلون طائفية وحرمان وفقر مكونات طوائفهم ، وخداع بعض المساكين بأن الرحم العراق لم ينجب غيرهم لقيادة العراق الجديد ومتخذين منهم ستارا لهم بعد ان اطلاق الوعود الكاذبة لهولاء المساكين بالخدمات المختلفة والمتنوعة والرفاهية الدائمة من خلال برامجهم الانتخابية .

هذه النخب السياسية فشلت في كل شيء بسبب الخطأ الكبير لاختيارهم اقرابهم من الاميين والفاشلين في مناصب رفيعة ومنها كالاعضاء في البرلمان الذين لم يقدموا اي تشريع لخدمات المجتمع العراقي سوى تشريع القوانين الخاصة بهم والامتيازات لمصالهم واخرها منحهم الجوازات الدبلوماسية .

لذلك أثار قرار مجلسي النواب والرئاسة نوعاً من الاستياء والشعور بالإحباط في أوساط العراقيين القاضي بمنح أعضاء البرلمان امتيازات جديدة من خلال منحهم وزوجاتهم وأولادهم ( من المحتمل جواريهم ) جوازات سفر دبلوماسية لسنوات قادمة ، كان الأجدر بهم يكونوا لهم دورا مهما في حسم المواقف والقضايا الرئيسية التي تخدم الفرد العراقي ، وهذا يكون من صلب واجباتهم والأمانة التي حملها الشعب لهم ، وأن يقرروا على قوانين تخدم البلاد والعباد وتسهم في تنمية الموارد الاقتصادية وتحسين حياة الشعب العراقي الجريح الذي عانى ما عانى بسبب خلافاتهم المتكررة ولا يضرب عرض الحائط كل ما وعدوا به الشعب من خلال برامجهم الانتخابية ، لان  الشعب العراقي يتطلع حسب اعتقادهم لبرلمان حريص على مصالح العراق وشعبه .

 من الطبيعي هذا القرار ولد سخطا شعبيا لانه جاء في وقت عصيب يحتاج الشعب لتشريع قوانين تتعلق بالخدمات الحياتية والإنسانية والأمنية . أليس من المضحك المبكي أن يتفق أعضاء مجلس النواب على قانون تتعلق بالمصالح الشخصية ويختلفون دائما على مصالح الشعب الجريح وخلق التوتر المستمر على الساحة السياسية وجعلوا من العراقيين الأبرياء حطباً لخلافاتهم التي تحول في أغلب الأحيان إلى مفخخات وأحزمة ناسفة لا تفرق بين الصغير والكبير فيما امنوا أنفسهم في مناطق محمية في المنطقة الخضراء لا تصلها الانفجارات .
أن منح البرلمانيين وأفراد عوائلهم جوازات دبلوماسية يعد ظلما كبيرا بحق الشعب العراقي واستهزاء بكل القيم التي يفترض بالبرلمانيين الالتزام بها ، اذ ان الجرح العراقي لن يندمل طالما كانت الغلبة للمصالح السياسية والفئوية والحزبية بينما تأتي مصالح الوطن والشعب في آخر اهتمامات السياسيين ومنها البرلمانيين . لان هؤلاء فلن يستطيعوا الوصول إلى مرحلة الإحساس بمعاناة المواطن والشعور بمشاكله لانهم منهمكون بامتيازاتهم التي تنوعت ما بين العمارات الشيقة والابنية الفاخرة والرواتب الضخمة والسيارات المصفحة والانيقة وما يتقاضونه من رواتب لحمياتهم بأسماء وهمية ، واخيرا حصلوا على الجوازات الدبلوماسية لهم ولعوائلهم ، في وقت يضنون فيه على المواطن العراقي بأبسط حقوقه ويعرقلون بخلافاتهم القوانين التي يحتاجها البلاد .

يجب على البرلمان العراقي أن يعيد النظر في موقفه وقرارته المجحفة ويتحمل مسؤوليته دون خوف أو تردد لان الشعب العراقي اصبح اليوم واعيا ومدركا وعرف الكثير من المسائل الخفية ولا تفوته بعد الآن شعارات براقة وخطابات رنانة ..


 خلاصة القول يعتقد الشعب العراقي بإن مرض أنفلونزا السلطة والهيبة والفساد الاداري  أخطر من مرض أنفلونزا الخنزير ، لأن الأخير يمكن معالجته بواسطة أدوية أوعقاقير ، ولكن هذه النخب السياسية ومنها اعضاء البرلمان لا يتمكن معالجتهم بسبب تمتعهم باللذات الحياة وتمسكهم لكراسي الحكم  ، لأن اعضاء البرلمان وغيرهم من المسؤولين يدركون هذه الحقيقة ورغم ما تمسكهم بكراسهم وحفاظ على امتيازاتهم . هم يتصورون أن السكوت عن امتيازاتهم سيبيض وجوه أحزاب ويحفظ ماء وجوههم ليدخلوا الانتخابات القادمة ويحصلوا على أصوات الناخبين ... فعلينا أن ندرك جميعاً بأن هؤلاء رغم قوتهم داخل العراق بقوة ميلشياتهم سوف ينهزمون أمام الانتخابات القادمة ، لأنها هي الوحيدة التي تهدد نفوذهم ، وأقوى سلاح مواجهة هذه النخب السياسية وإيقافها عند حدها ومعاقبتها العقاب الرادع  .


113
نكبات العراقيين يتحملها صراع القادة السياسيين


                                                                                                 محمود الوندي

لم تشغل ظاهرة اهتمام المواطن العراقي مثل ما شغلته ظاهرة الإرهاب وجرائم العنف المترتبة عليه ، خاصة خلال السنوات الست الماضية ، لان العراق لم يخل في هذه الفترة من أعمال الإرهاب بأشكاله المختلفة ، إلا أن الإرهاب في الوقت الراهن قد تجاوز في حجمه واساليبه اكثر ما عرفه العراقيين من العقود الاخيرة من القرن العشرين . وأخذت الجريمة الإرهابية مكانها المتقدم فى مجالات الاقتصاد والسياسة داخل المؤسسات الحكومية وليس فقط على الشارع العراقي .

العراق هو البلد الوحيد الذي دفع أهله أثمانا باهظة جدا منذ خمسين سنة .. لم يذق الشعب العراق طعم الحرية الذي اغتاله الشوفينيون على امتداد نصف قرن مضى اي بعد انقلاب 8 شباط 1963 ، وبدعم من الدول المجاورة والأقليمية وتخطيط الدول الكبرى .. حيث استطاعت هذه الدول تسهيل مهمة الانقلابين للسيطرة على الحكم .. الذي تم تحويل العراق من بلاد النخب الذكية إلى طوائف جاهلية .. والحبل على الجرار على أيدي الحالكمين الجدد .

واليوم نرى أعداء العرق لم يعرفوا الا لغة الرصاص والموت وان يجعلوا العراق كل أيامه دامية كونهم يكرهون الحرية والإنسانية ... الذين ينفذون بين آونة واخرى عملياتهم الإجرامية التي تستهدف جميع مكونات شعبنا من مختلف الأعمار ومختلف الاجناس لقتل كل حس إنساني إزاء الإنسان العراقي ، ويقف خلف هذا الارهاب الكثير من المنظمات والاحزاب العربية وغير العربية في الدول المجاورة لتنفيذ افعالهم الإجرامية الدنيئة وحرب الإبادة العشوائية ضد الشعب العراقي .

هذه الدول ( اهمها إيران وحليفتها سوريا وكذلك السعودية وبعض الدول العربية الاخرى ) من أجل الوصول الى هدفهم السياسي المعلن وغير المعلن للإرهاب لذلك مصممون على تفجير الوضع في العراق وخلق الصراعات بين مكوناته لعرقلة الديمقراطية والفيدرالية التي ينادي بيها الشعب العراقي ولا يريدون نجاح العملية السياسية الجديدة في العراق خوفا على انفسهم وفقدان كراسهم وملذاتهم في بلدانهم ، وانهم يحاولون لإحداث تأثير سياسي واقتصادي على المجتمع العراقي بوسائل متعددة ومنها استعمال العنف والتهديد لتدمير الموارد الحيوية والبنى الأساسية والقتل العشوائي واغتيال الشخصيات المهمة وغيرها من الأعمال الإرهابية لزعزعة الامن والاستقرار في العراق وإغراق البلد في انهار من الدماء وإجهاض الديمقراطية الوليدة في سبيل تحقق مصالح واهداف الانظمة الحاكمة في الدول المجاورة والاقليمية وبعض الدول الكبرى .

خلال الاسابيع السابقة مجموعة انفجارات متتابعة ومترادفة مع بعضها البعض وتناقلها وكالات الانباء العالمية وقد تكون اهمها واكثرها حساسية واسكنت اللوعة والحزن والالم في قلوب العراقيين بفقدان احبائهم واعزائهم ، ولقد مرت هذه الانفجارات القاتلة وسط صمت من بعض الاطراف الحكومية ولم تتحرك للوقوف بوجه الموجة الأرهابية الجديدة سوى توجيه الاتهام الى دول الجوار واستنكار العملية ، لذلك سرت موجة من الاحباط والقلق ممزوجة بالغضب بين العراقيين .

ان المجرمين الذين يرتكبون ابشع الجرائم بحق الناس البسطاء من الشعب العراقي متغلغلون في مفاصل الحكومة من هياكلها ومؤسساتها والاجهزة الامنية لتسهيل وصول المنفذين الى اماكن الحساسة لقيام بجرائمهم النكرة وكذلك داخل البرلمان لخلق التشويش وخدع الرأي العام العراقي وخلط الاوراق عليه عندما تقع أية مجزرة ، وهكذا الحال السيطرة على الاعلام العراقي ليبعدون التهم عن الاشخاص المجرمين الحقيقين .


تتحمل الحكومة العراقية اللوم بسبب ضعف ادراتها واختراق اجهزتها الامنية وتراخيها واهمالها في إداء واجباتها بشكل جيد التي كانت سبب التفجيرات الاحد الدامي التي أستهدفت وزارتي العدل والبلديات ومجلس محافظة بغداد التي اسفرت عن مقتل 155 واصابة المئات بعد هجمات مماثلة الاربعاء الاسود التي استهدفت وزراتي الخارجية والمالية والتي راحت ضحيتها المئات من القتلى والجرحى ومن الممكن في الايام القدامة لنا اليوم الاحمر او الاصفر او اي مصطلح اخر ، لعدم استعدادات الحكومة واجهزتها الامنية لإحباط المحاولات الارهابية التي تستهدف وزارات ومنشأت الدولة والمؤسسات الحيوية والمناطق العامة ، لانها بدلا من اخذ الاجراءات الحقيقية بحق المتخاذلين والمتعاطفين مع القتلة والمجرمين لكن تحاول اللجوء الى اتهام فقط جهات الخارجية بالتفجيرات هو شماعة لاجل التملص من المسؤولية والتغطية على المقصر الحقيقي ، حيث تؤكد تورط شخصيات ورموز سياسية في هجوم الاحد ، هنا يطرح السؤال كيف تسنى هذه الجهات إدخال أطنان المتفجرات "كل مرة" الى قلب بغداد دون ان تكتشف من قبل الاجهزة الامنية التي تحمل الاجهزة المتطورة !!! ؟ .

هذا دليل على الضعف الحكومة وعدم قدرتها على محاسبة المقصرين والمتخاذلين ، مما خلق استياء شعبي في مدينة بغداد عن امتعاضهم من استمرار العنف ، وخاصة في المناطق التي شهدت سقوط عدد كبير من الضحايا الذين كانوا من المدنيين .
 
ومن جانب اخر ازدحم في العراق بأصحاب القرارات وباسم الديمقراطية ، وكل من جانبه يحاول ان يصنع إرادة معينة لنفسه ويصريح بتصريحه المخالف للرأي الآخر ، وهذا سبب اخر اخفقت العملية السياسية العراقية وعدم استقرار الدولة العراقية منذ سقوط النظام السابق حيث اباحة حمامات الدم بدون أي ردع ، لان الطبقة السياسية والحاكمة في العراق لا هم لهم إلا كيفية البقاء في السلطة ، وخلق صراعات حزبية وفئوية وطائفية بين القوى الحاكمة على السلطة والتجاوز على مصلحة العراقيين لفرض ايديولوجيتها ، واغراق العراق بمشاكل كثيرة وعدم معالجتها بشكل جذري ومجابهة تحديات الارهاب والانفجارات القادمة . وما هو ذنب الإنسان العراقي ان يبقى هكذا على حاله لسنوات اخرى .... .
 


114
عقراوي يحظى بتكريم وزارة الثقافة- اقليم كوردستان

                                                                                            محمود الوندي

في بادرة جميلة هي الأولى من نوعها من قبل وزارة الثقافة- اقليم كوردستان العراق برعاية المهرجان الثقافي لتكريم رمزا من الرموز الثقافة والسياسة وهو الكاتب والمبدع ناجي عقراوي بعد رحيله بغرض جمع نتاجه الفكري وتوثيق نضاله الوطني والقومي ، تعبيرا منها بأهمية المثقف في الغربة ودوره في المهجر وتثمينا للجهود التي بذلها ويبذلها المثقف العراقي خدمة للثقافة ونهضته في الخارج في خدمة الوطن والشعب ، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي مر ويمر بها المثقف العراقي طيلة السنوات في المهجر . هذا دليلا لا يمكن فصل ثقافة الخارج عن ثقافة الداخل في إعادة إنتاج الثقافة العراقية الجديدة بشكل عام والثقافة الكوردية بشكل خاص .

يأتي تكريم الفقيد الاستاذ ناجي عقراوي كمؤشر يمكن تناوله من عدة زويا ،  واشير الى قدرته في الكتابة ان يكون فاعلا ومبدعا في حقل الثقافة والاعلام وفي العديد من المناشط الثقافية المختلفة ، وسحب البساط من الانماط التقلدية الممسكة بزمام الامور في مختلف جوانب الحياة ، وان أرائه كانت تشتمل على مواقف جريئة ، وساهم في تواصله واقترابه من مختلف المكونات الشعب العراقي ، وقد اتضح ذلك من خلال التنوع الفكري والثقافي لدي الفقيد ، وكان عقراوي يعتبر شخصية مؤثرة ونموذجا وحافزا يحتذى به للاجيال القادمة ، لم يمنعه المرض من ان يكون فاعل وذات شأن وضعف الفاعلية نحو المجتمع .
   
ولا شك بأن هذا التكريم دعوة لمواصلة الجهد وتقديم كل ما فيه خدمة الشعب والوطن ، وهو دليل على ان هذه الوزارة متصلة مع الثقافة العراقية ومنها الثقافة الكوردية من خلال اتصالها بالمثقف العراقي والاهتمام به . وان حكومة اقليم كوردستان اهتمت بهذه الشريحة المهمة وتحاول ان تسلط الضوء عليها التي قدمت الكثير والكثير للوطن والشعب في مجال العمل الثقافي . ولكن لا تقتصر التكريم للمثقفين ( بمختلف انواعها ) بعد وفاتهم ، في ذلك الوقت فقط نتذكرهم ، يجب ان نرى تكريما لكفأت وقدرات وهم على قيد الحياة ، وهذا يعكس تطورا في المجتمع وفي الفئات الفاعلة فيه لتشكل هذه المبادرة حضورا واعيا لفئة من ابناء المجتمع .

عقراوي غني عن كل تعريف بثراء ثقافته واهتمامه البالغ بهموم كوردستان والعراق كان يحمل هموم وطنه ومواطنه وعاشق لكوردستانه ، فاعتزازه لكورديته وانتمائه بعراقيته يدفعانه دائما الى التمرد عن حكام العراق للدفاعه عن مقومات الشخصية العراقية وعن حقوق مكونات الشعب العراقي ، بالقلم وباللسان ، وكان نضاله أيضا من اجل الفكر ومن اجل الثقافة العراقية ومنها الثقافة الكوردية ، حيث كانت لكلاماته الأكثر مقروئية من قبل العراقيين . وأقول ان رحيل عقراوي خسارة لساحتنا الثقافية بتنوعها الفكري الجميل .

وهنا تبين حقيقة وزارة الثقافة – اقليم كوردستان وأهتمامها الخاصة بالكتاب والمثقفين والاكاديميين والمبدعين داخل العراق او خارجه آملا لهم مزيدا من العطاء والإبداع ورفد ثقافتنا بكل مفيد ، ودعمها للثقافة بشتى المجالات والمتتبعة لكل ما يخدم الثقافة والمثقفين . وتفعيل دور المثقف للتواصل بانتاجه لدفع عجلة الثقافة الى الامام ودعم مسيرتها التي تعرضت قبل غيرها لعمليات التخريب والتشوية . لأجل ان يبقى المثقف العراقي حرا في تعبير عن أفكاره وأرائه .

وهذا ليس غريبا عن حكومة اقليم كوردستان ورئيس وزرائها السيد نيشيرفان بارزاني وهو الذي حرص ويحرص على دعمه للمثقفين والمبدعين العراقين عموما التي تليق بهم والاهتمام بابداعهم ، لأنهم جزء حيوي من مكونات المجتمع العراقي وليسوا كعناصر هامشية. سيدفع العراق الى الأمام هو ثقافته وإنتاج مبدعه ، وترتكز هذه الحكومة على دور المثقف في خلق اجواء التسامح والتصالح وقبول بالرأي الأخر والتكاتف بين اطياف الشعب العراقي . وانها خطوة جميلة من وزارة الثقافة وحكومة اقليم كوردستان لتكريم المرحوم عقراوي .
 
ولهذا نتأمل أن تتخذ وزارة الثقافة العراقية خطوات فاعلة لدعم المثقف العراقي ، فإنها ان تحفز كل المثقفين داخل العراق وخارج العراق وتقدم الدعم المطلوب لهم والاهتمام بهم ، وكما نتأمل من المثقفين العمل على المزيد من النتاج الفكري من أجل النهوض بالمستوى الإبداعي والثقافي .




115
ثقافة التغيير أم تغيير الثقافة
                                                                                                     محمود الوندي

هناك مأساة وإشكاليات في الثقافة العراقية .. هي هذا الخلط .. وهذا الجهل .. ولحد الساعة لا ندري من هو المثقف الحقيقي : هل هو صاحب الشهادات والتفكير الاكاديمي وليس له ارتباط بأي جهة حزبية معينة ، سوى يعيش الحاضر مهموما بالمستقبل ويعالج المشكلات اعوجاج سياسي واجتماعي واقتصادي وتربوي في البلد من خلال كتاباته ومتابعته ويضع نصب عينيه مبادئ العدل والإنسانية والوطنية ، او المثقف الذي يرتبط بعملية سياسية وحزبية معينة ويصبح دمى بأيدي الزعماء وصناع القرار والذي يفقد حريته وإرادته وشخصيته ( ويعرف هكذا المثقف باسم واعظ السلاطين والآن واعظ الاحزاب الطائفية الذين يفضلون المطبلين والمزمرين على الاكاديمين الكفوئين ) ، هؤلاء يكونون ألعوبة وبيدقا بيد الاحزاب او من يتولى السلطة . . وهذا الانفصال الواقع بين المثقف الحقيقي والمثقف التجاري والانتهازي والمصلحي .

هنا نجد بعض المثقفين يفهمون ثقافة العصر ويتقنونها بصورة حسنة ويتحركون داخل المجتمع العراقي وتوجيه اقلامهم الى الخير وخدمة المواطن العراقي ، لانهم يفهمون الواقع الحالي للمجتمع العراقي ويتحملون بصدق وعن جدارة مسؤوليتهم الثقافية والإنسانية اتجاه شعبهم ومساندتهم للمظلومين ودفاعهم عن حقوق الانسان والتوجه الى افراد المجتمع بالكلمة لتوضيح واقع سياسي حالي وفكري يوغل في متاهات عدة قد تؤدي به الى الهلاك . لكن بالمقابل ما نجد البعض الاخر من المثقفين الذين يعيشون الاوهام والسراب ، ويبحثون عن مصلحتهم الخاصة فقط ، يقومون بدور التحريض والوشاية ضد من اختلف معهم والصاق التهم المختلفة بهم ، والهدف من هذه الاتهامات في للتغطية على افكار وسياسيات السلطة او الاحزاب الطائفية المختلفة .

 هؤلاء المثقفين من المتغاوين والمهرجين لا يحسنون إلا أدوار الطعن وإلغاء الآخر وإظهار قوتهم ، وتسيطر على عقولهم وافكارهم ثقافة أحادية الجانب ذات طابع انعزالي ونزعة شيفونية وغير قادرين على استقبال قيم التعددية ، لذلك يتخذون من خصومهم وجدالهم العقيم شعارا في الحياة بدل الحق في الاختلاف مع احترام الآخر ، وينصبون لخصومهم الفخاخ حسدا وبغضا ، لذلك يصعب على المثقفين الاخرين (وخاصة منهم خلافا مع أجهزة السلطة) تعاملهم لسبر أغوار أفكار هذه الادوات المصطنعة من قبل الآجهزة الحكومية والحزبية والتمكن من طرح أفكارهم وإبداء رأيهم للرأي العام العراقي .

 وبنفس الوقت هكذا المثقف يغذي الصراع الطائفي والقومي الشوفيني والتلاعب بمشاعر مكونات العراقية بحيث أصبح غير قادر على قبول الآخر والإيمان بعالمية العلم والمعرفة والتطور . لانه يستقبل أحداث العصر بانفعالية وسذاجة وفوضى لعدم تملكه آليات النقد البناء وتقبله الرأي الآخر ، لان ليس لديه من أسلحة ثقافية غير هذا السلاح يستعملوه في نواحي شتى من الثقافة ، لكي يفرض ثقافته المزعومة على المجتمع العراقي . هذه أوضاع مزرية وظروف متردية للثقافة العراقية تمتد جذورها لفترات زمنية طويلة غير محددة .

من الطبيعي هكذا المثقف يرفض الثقافة الجديدة ، ويتغنى بالماضي والأمجاد العتيقة بعيدا عن الحاضر والمستقبل ، واغلق باب التطور والتفاهم على نفسه واهتم بالهوامش والشروح الماضية ، ويعيش في قوقعته الخاصة وغياب منهجه الصحيح لخدمة المجتمع لانه تربى على ايقاعه النشار منذ نعومة اقلامه ، وواقعه يزداد تخلفا وتبعيا لاعتماده على الثرثرة والتفلسف حيث لا يستطع في مواجهة المثقف المتنور ولا يتمكن حاوره ويفتح جسور الحوار الحضاري معه في جو من الديمقراطية والصراحة ، لاقتناص الفرص لكي يتفاعل معه او يستفيد منه بطريقة جديدة من أجل انتشال الثقافة العراقية من حالات الانحطاط الى حالات الازدهار والتطور ، بل يتعلق بجزء من المعتقدات ذات الطابع التقليدي التي لا تجر معها سوى الويلات والحروب الطائفية والمشاحنات القومية والدينية . حيث تمارس ابشع الطرق الإقصاء والإلغاء ضد خصمها واستغلال التعصب الديني والقومي لمحاربة أدعاء الديمقراطية دون اعطاء فرصة للإنسان الكفوء للانطلاق والتوسع في مجالات التفكير ، واستعمال لأي إيديولوجية من المقدسات الدينية او القومية التي تكبل حرية المواطنين في الاختيار النوعية . لان هذه الآفكار لا تؤمن على المستوى الفكري بالديمقراطية  .

ونجد هولاء ما يسمى بالمثقفين تكون اقلامهم اقراشا ضارية لانهم يطرحون ثقافة هزيلة ومناقضة على مدى سنين ماضية وثقافتهم المحددة تدور في الحلقات المفرغة ، هؤلاء من المستحيل ان تنقي من قلمهم المسموم وكلامهم المسعول ولا يستطيعون ان تغيير افكارهم الهزيلة والمتخلفة والحاقدة ، ويجعلونها دائما محبوس في مساحات ضيقة وحدود مغلقة ، وانهم على أسوء حالات التردي والانحطاط حتى اصبحت كلمتهم المعتادة على الالفاظ الهابطة والشتائم الرخيصة وتلفيق التهم الى غيره بمناسبة وبغير مناسبة ضد من اختلف معهم .

فكل شيء لدى هكذا المثقفين مباحة حتى لو كانت تخدش المسامع من العبارات البخسة والوضيعة . وبوسائل الطرق تحاول تختفي للحقيقة تحت ركام هائل من الكذب والدجل تحت راية الدين او القومية . وتحاول  التنكيل بالطرف الثاني وإقصائه على الساحة الثقافية العراقية وعمدا تفريغ العراق من نخبه المثقفة والمتنوعة وإبقائه بعيدا عن الوطن وأبقائه مهاجرا ومغتربا عن وطنه تحت يافطات مختلفة ومسميات عديدة واتهامات بجملة من التهم الرخيصة وتشويه سمعته بأي ثمن كان للحفاظ على مكانه او منصبه ، ( وهذا يعد جرما خطيرا ) .
 
 من المهم القول أنه بعد اسقاط النظام البائد في 9/4/2003 كان المثقف العراقي يحلم بثقافة حرة من كل القيود ان كانت حزبية او سلطوية او فئوية وبعيدا عن اغتراب وافتراق ورجوعه الى الوطن ويلف جسده ارض العراق وكان يتوقع ان يوفر له مساحة واسعة وجيدة لتقديم ما لديه من الافكار لخدمة الانسان العراقي من خلال وسائل الاعلام المختلفة والمتنوعة بعد عقود من العزلة التي عايشها المجتمع العراقي عموما كما عاشه المثقف العراقي في ظل ألأنظمة الشمولية والدكتاتورية المتعاقبة كان مكبلا بقيود بوليسية وسلطات رقابية وانسحاقه وشظب عيشه ، إضافة الى آلامه وأوجاعه ، للاسف اليوم يعاني المثقف العراقي أكثر من أي زمن مضى من التهميش والاهمال من دون اي اهتمام به من قبل الحكومة الحالية ولا من وزراة الثقافة التي تسلط عليها الجهلة والمتخلفين ، ويتعرض المثقف والثقافة العراقية الى ممحاكة جدية بين دور المثقف الحقيقي وبين مصالح الطبقة السياسية والحزبية الضيقة التي محكوما لإيديولوجية الطوائف الدينية ، ونشهد انسحاقا مريرا للمثقف الحقيقي في العراق الذي يحمل هموم شعبه ولا يحس به غيره . ولا يعد باستطاعة أي مثقف ملتزم  نقد أية جهة في الدولة والسلطة خوفا على حياته وانه لا يستطيع ان يكتب او يحرر مقالا خوفا من فتك الميليشيات الاسلامية ، لان الحكومة الضعيفة وغير فادرة على حفظ حياته وامن عائلته ..

كما هو المعروف للمجتمع العربي والاسلامي ان تاريخ العراق الثقافي منذ القدم انتج  ثمة المثقفين واروع المبدعين في كافة الميادين وقد خدموا الثقافة العراقية بدون اي ثمن معنوي او اغراء مادي وكانو عربا وكوردا وتركمانا وسريانا وكلدانا وصّبة مندائيين . الان المثقف العراقي الحقيقي قد أصابه شلل ويتهمش من قبل القوى السياسية المتخلفة تعمدا بسبب بعده عن الاحزاب السياسية والسلاطين ولم يقبل ان يكون مجرد أداة في عملية سياسية ، وعدم بيع صوته وقلمه وضميره بأثمان رخيصة وبائسة .
 
وهذه أسباب التخلف الثقافي في العراق وجذور الفشل وعوامل الانحطاط ، وما تعيشه الثقافة من آثار سلبية في كافة الجوانب . وهذا الفشل الذريع والتردي الذي تتحدث عنه كثير من الدرسات والكتابات والمقالات من قبل المثقفين الحقيقين . واصبح العقل الثقافي في حالة أشبه بالأسير القابع في سجن كبير لا يسيطيع الخلاص من قيوده ولا انفكاك من قبضة سجانه . والمثقف الحر في حالة حرجة ومزرية بسبب سيطرة ما يسمى بالمثقف ( الانتهازي والمتملق ) من واعظ السلاطين على الثقافة العراقية التي تؤدي بمرور الزمان الى الانقراض والانحلال وفقدان نكهة الثقافة الحقيقية في العراق .
 
واخيرا ان المثقف العراقي بأمس الحاجة الى قانون حماية المثقف وقيم واعراف جديدة في الكتابة والنشر وابواب نقدية لكي تنمحي منه الطائفية والعادات السيئة وان يكون مجتمعا مدنيا لخلق ثقافة متطورة وجديدة تخرج عن مألوفات التعصبية والتقاليد الموروثة ، وبعيدا عن الاختناقات المذهبية والحزبية وسيتتحق اماني كل المثقف العراقي المتنور بواسطة قوانين تحمي حق الملكية الفكرية ونشر افكاره في وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية ، ودعم البرامج التثقيفية للمجتمع العراقي من خلال وسائل الاعلام العراقي واعتماد الدولة على فئات لها مستوى تعليمي عال وابعاد المثقفين الجهلاء عن الساحة الثقافية العراقية ، ويكشف كل متزلق وانتهازي وسطوتهم وانتحالهم وسرقاتهم لبعض الكتابات والمنشورات لينسبه الى نفسه ، ويقول المثقف العراقي كلمته الحق للذين يعملون على التهديم والتخريب والتخلف للثقافة العراقية .


 

116
الشرق الاوسط بين ديمقراطية أمريكا وأزمة النخب العربية

                                                                                                   محمود الوندي

يعتبر الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم توترا أمنيا ونظاما مستبدا واقل مناطق العالم ديمقراطية ، وتعتبر المنطقة من أكثر المناطق صراعا بين الدول .. حيث شهد عبر تأريخ القرن الماضي أكثر الحروب .. منها الحروب العربية - الإسرائيلية وهجوم إسرائيل على لبنان .. والحرب العراقية - الإيرانية وغزو العراق للكويت .. والمشكلة النووية الإيرانية .. إضافة الى القضية الكوردية والاقليات الاخرى .. ولا يستطيع احدا ان يتكهن الى مستقبل المنطقة ، لما لها من أهمية افتصادية عميقة بوجود بترول غزير ، واهمية إستراتيجية كبيرة ، وحلقة وصل بين دول وقارات العالم ، إضافة الى مصالح دول كبرى ، وصراع الاقليمي والقومي والطائفي في  المنطقة طوال القرون السابقة .

بعد هجمات اا سبتمبر 2001 وجدت الإدراة الامريكية حاجة ملحة في نشاط دبلومسي وعسكري لنشر الديمقراطية في الشرق الاوسط في سياق معركة كسب القلوب والعقول ضمن الحرب على الارهاب . وضمان أمنها وأمن الدول الحليفة لها ، واتخذت قضية الديمقراطية ذريعة لتبرير عزل بعض الحكومات الدكتاتورية في الشرق الاوسط ، كما حصلت تغيرات سياسية كثيرة في المنطقة كان ابرزها القضاء على الحكم الاسلامي المتشدد ( حكم طالبان ) والمتطرف في افغانستان وعلى نظام الحكم البعثي الشوفيني في العراق ، منذ ذلك اليوم تشهد منطقة حالة تهدئة وترقب بانتظار ما سيسفر عنه الحراك السياسي في المستقبل على المستوى الإقليمي والدولي والمحلي .
 
فالسياسة الأمريكية لم تنطلق بعد بشكل عملي لترجمة توجّهات الإدارة الجديدة حول مختلف الملفات الحساسة في المنطقة التي تربط كل احداث الشرق الاوسط بعضها بالعض الاخر ، فإنها لا تزال في مرحلة الاختبار وجس النبض لان الخيوط متعددة ولكنها متشابكة ، وكذلك بسبب خصوصية الإشكالات الدولية لكل ملف ، إضافة إلى أن الأزمة المالية العالمية تركت آثاراً سلبية بشكل عام ، واستقطبت اهتماما متزايداً من لدن الإدارة الامريكية ، على حساب تلك الملفات .

فكانت هناك الأضواء الاوروبية مسلطة على هذه القضايا في الشرق الاوسط على اساس انهم أكثر دراية بالشرق الاوسط وشعوبها من الولايات المتحدة نظرا لتأريخهم الاستعماري في المنطقة ، وكما للولايات المتحدة حسابات إقليمية ودولية لهذه القضايا في المنطقة ، تكاد اهتمامات إدارتها بهذه الملفات ومنها الصراع العربي الإسرائيلي ، حيث تنطلق من كون القضية الفلسطينية هي المصدر الإيديولوجي الذي يتاجر به بعض الدول العربية والاقليمية وتدعم الإرهاب تحت غطائه ، في حين تعتبر فيه أفغانستان الساحة الرئيسية لمحاربة الارهاب ، إضافة الى الملف العراقي واللبناني والملف القضية الكوردية في تركيا والنووية الإيرانية .
وبالترابط بين هذه الملفات المختلفة تحاول الإدارة الامريكية الجديدة بالبحث على أشكال جديدة للتعامل مع هذه الملفات وإيجاد حل جذريا لهم بطريقة صياغة سياستها الجديدة .

 حسب المنظور الأمريكي ، تعتبر إيران الراعية الأولى لمنافستها في منطقة الشرق الاوسط ، كونها تقف ازاء هدف استراتيجي للامريكيين في المنطقة ، لذلك تتحرك هذه الادارة على مختلف المسارات في مواجهة المد الإيراني المتشعب في المنطقة وبشكل خاص داخل العراق ، بحجة محاربة مشروع إيران النووي ، من خلال فتح القنوات مع مختلف المكونات لدعم نفوذها لمواجهة التمدد الإيراني في بعض الدول العربية ومنها العراق ، ولكي تحقق لها الاستقرار وبقائها في المنطقة .
ولكن نرى من جهة اخرى ، فإنها حزمت أمرها بالحوار مع إيران لكن مع تماطل أمد الملفات زمنا أطول لحين توفير الظروف المناسب لكسب الوقت ومن اجل الأستفادة الأكبر ، بحيث تفرض شروطها على طرف إيراني وتفعيلها غير قابلة للمساومة او المقايضة ، واما الحكومة الإيرانية تنظر الى الحوار مع الولايات المتحدة بقلق من تداعياته السلبية المحتملة على قبضتهم على نفوذ إيران سواء في العراق او في لبنان وغزة .
 
واما الحوار الامريكي مع الحكومة السورية فإنه يتريث من الطرفين ، بما ان السلطة السورية تشكل الورقة الأساسية في معادلة الشرق الاوسط بسبب أنها تملك بيدها ورقة التنظيمات الفلسطينية واللبنانية الموالية لها ، وتعتبر إحدى الساحات الأمامية لهذه المنافسة والصراعات بين المشروعين الأمريكي والإيراني ، وتحاول الإدراة الامريكية عزل سوريا عن المجتمع الدولي ودعم حركات المعارضة لها من خارج سوريا ، ومن جهة اخرى تدفع امريكا حلفائه في المنطقة وبالاخص الحكومات العربية للضغط على سوريا للعودة الى الصف العربي المعتدل ، ومن الضروري رجوعها الى دائرة المفاوضات مع إسرائيل من خلال حكومة تركيا ، وتحاول أمريكا ايضا ابعاد سوريا عن حليفتها إيران وتغيير خريطة مساندتها الاستراتيجية الى حزب الله وحماس وعدم دعمها للإرهاب في العراق ، لتكون لديها  بعض الحلول والوصول الى النتيجة تقربيا لتلك الملفات بمساندة حلفائها في المنطقة .
 وتجزم سوريا من جانبها على اهمية تحسين العلاقة مع أمريكا وما ترتبط بذلك من تنشيط للعملية التفاوضية مع إسرائيل .
 
 فإن مشروع أمريكا للشرق الاوسط لا تقتصر على الجانب السياسي فقط ، بل تتطرق الجوانب المتعددة ومنها الاقتصادية والأمنية ، وتحاول تعزيز دفاعات حلفائها في المنطقة وبالاخص في الخليج العربي ومنابع نفطها في وجه إيران لطمأنة هذه الدول الحليفة لها وتخفيف من مخاوفها من البرنامج النووي الإيراني . بعبارة اخرى تصنع صورة ايجابية لشرق اوسط مقبل على مرحلة تسوية ونزع الفتيل المشتعل في الشرق الاوسط واخراج المنطقة من صراعاتها أستنادا الى أولويات سياستها الجديدة في المنطقة .

أزمة النخب الحاكمة العربية في الشرق الأوسط من هذه الملفات التي يواجهونها لم تتخذ بعين الاعتبار ولم قدموا حيال هذه الملفات موقفا سياسيا او فكريا شجاعا وجديدا ، وعدم بحثهم عن مصالحهم الدولية الحقيقية او باحرى لا يفهمون سياسة ولا يجيدون اللعب فيها ، حيث يضيعون على انفسهم فرص مهمة في بدايات قرن جديد بسبب عجزهم المتزايد امام الملفات المذكورة ، كما فقدوا زمنا ثمينا على امتداد القرن الماضي ولا يعرفون حجم دولهم بين الأمم الأخرى فلا يعرفون أين هي مصالح بلادهم العليا ( انهم لا يعلمون أو يجهلون ولا يريدون ان يظهروا حقيقتهم وعلمهم أزاء هذه الملفات ) ، واساسها غياب الشجاعة والتطور الفكري لدى حكام العرب في لحظات اتخاذ القرارات السياسية المستقبلية ، لانهم يعيشون في الوهم حيث دائما يتراهون على الحصان الخاسر أيمانا متحجرا باليا بالمنطلقات من دون أي تفكير .. على عكس ما نجده في الحكومات الاخرى تعلمت كيفية صناعة مستقبل دولها بعيدا عن إعادة إنتاج ما كان قد مضى زمنه من دون مضغة أبدا ، وكيف تخطط لمستقبل قادم وكيف يدافعون عن مصالح بلدهم وحقوقهم وثروتهم .
وسبب اخر حيث القرارات المصيرية في الدول العربية يصنعها الافراد وليس المؤسسات السياسية دون تحليل للمعطيات على توقع مجرى الاحداث .

الحكومات العربية لم يغييروا شيئا جديدا عن المواقف السياسية والفكرية التي اعتادوا ان يقفوا في السابق فمعظم هذه النخب الحاكمة تتخذ القرارات الارتجالية على الاستراتيجيات بدون متابعة التطورات في المنطقة وعدم تحديد الوسائل الملائمة والمستقبلية ، وتتخد هذه الحكومات قرارها حسب مصلحتها المطلوبة ، وهناك الامثلة كثيرة على موقفهم ومنها : القضية الفلسطينية لم تستغل من قبلهم لحلها حلا صحيحا ومعقولا ، واخذت القضية تتآكل بنفسها ، وظلت تذوب بين أيديهم كقطعة الجليد ، واخذ الديناصور الإسرائلي يبتلعه شيئا فشيئا ، وحتى سقطت مقولة " الأرض مقابل السلام " دلالة فالقوي لا يحتاج الى السلام المنقوص كالسلام مع مصر والاردن ، وإنما تريد سلاما حقيقيا وواقعيا وان يكون التطبيع شاملا مستفيدا لا يقتصر على فتح سفارة معزولة في عواصم الدول العربية  . 

كما الحال مع الملف العراقي ، تدفق حكام العرب على العراق واحدا تلو والآخر في الآونة اخيرة ، بعد ان ذاق شعبه مرارة الارهاب (وكانوا سببا رئيسيا في معاناتهم ودعمهم للعمليات الإرهابية على مدار السنوات الماضية بحجة محاربة الاحتلال) ، وتركوه وحيدا لمواجهة اعدائهم خلال الست سنوات الماضية ويكتوي بنار الارهاب والحرب الطائفي ، وعدم دعمهم ومساعدتهم لولادة العراق الجديد .

وهكذا الحال مع الشعب اللبناني الذي ترك وحده لقمة سائغة بيد الميلشيات المختلفة والصراع الطائفي والاجندة الاقليمية والدولية . وما زالت هذه الامة في خضم ماراثون الصراع الدولي والإقليمي .

 تعتقد الانظمة العربية انه لا توجد لحل هذه الملفات إلا بالعنف ، وكما تعتقد هذه الانظمة بانها تحمي  أنظمتها بهذه الطريقة . ولكنها لا تدري الأمن في منطقة الشرق الاوسط هو استتباب للأمن العربي وبالاخص الخليجي والسعودي ، ويحاولون من خلال الشعارات والخيالات والمهاترات والأكاذيب تحت عناوين مختلفة باسم المبادئ القومية والإنسانية والوطنية والدينية ان يوهمون الملايين وقلب الحقائق والوقائع . هؤلاء الحكام منشغلون بمصالحهم الشخصية والعائلية وقسم منها الحزبية الضيقة ، ونراهم دائما يتصارعون في ما بينهم على اهداف طائفية او مناطقية او حزبية وتاركين حل هذه الملفات لغيرهم ، برغم للعرب الكبير المترامي الاطراف .

فأن هناك قصور يثير الاستفزاز في مجرد محاولة حكام العرب فهم ما يدور في المنطقة من تطورات ، وليس لديهم المراكز البحثية العربية المتخصصة التي تعني بدراسة الشأن في الشرق الاوسط ويقتصر عملهم على توثيق ما ينشر في الاعلام العالمي والاقليمي .

العالم العربي لا يملك أي متخصص لدراسة شأن المنطقة بشكل جدي ، على عكس دول غير عربية ومنها " اسرائيل وايران " تمتلك كثير من ابحاث متخصصة في شؤون العالم العربي ومنها منطقة الشرق الاوسط ، وهذه دلالة بعدم وجود قيادات سياسية عربية محنكة وداركة لمتابعة ودراسات تطورات في الشرق الاوسط ومواجهة هذه الملفات .

وبسبب أزمة غياب الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وعلى الأصح في المنطقة العربية ، ظهرت الاصوات على الساحة السياسية العربية بشكل جلي نتيجة التغييرات الجذرية التي طرأت على معالم السياسة الدولية والتغيير الجذري في النظام السياسي العالمي ، وذلك عقب انهيار الاتحاد السوفيتي وما كان يدور في فلكه الفكري من أنظمة وتربع الولايات المتحدة على عرش النظام الدولي .

وشهد المنطقة على ساحتها السياسية بعد هذه التغيرات مناقشات وسجالات ازمة الديمقراطية وغيابها على المنطقة . كل هذه التغيرات واحداث 11 سبتمبر أدى الى ظهور اصوات التغيير والإصلاح على الصعدين الخارجي والداخلي في منطقة الشرق الاوسط .

 وتصاعد صيحات التغيير من خلال المجتمعات المدنية وأحزاب المعارضة في الدول العربية وغير العربية التي تطالب تبني القيم الديمقراطية والعادلة الاجتماعية ، وتظافر العامل الخارجي نتيجة التغييرات والتطورات السياسية في العالم ضغوطا وبشكل صريح وعلني بضرورة تحقيق الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط وباحرى في العالم العربي والاسلامي ، واصبحت الديمقراطية على الصعيد الداخلي مطلبا جماهيريا لان المنطقة اقل مناطق العالم ديمقراطيا ، فلا توجد الديمقراطية الحقيقية في أي بلد منها ..
ان النخبة الحاكمة في الدول العربية ومنها دول الشرق الاوسط ترفض الديمقراطية كون العالم العربي ( حسب رأيهم ) غير مهيأ لتطبيق الديمقراطية وتحقيقها ولا يمكنها القضاء على المشاكل الموجدة لديها . والسبب الحقيقي هناك خوف دائمة لدى هذه النخبة الحاكمة على مناصبها ومصالحها لذلك تعتمد على الحكم المركزي في سياستها واستخدام السلطة لمصلحتها ، حيث تهيمن على السلطتين التشريعية والقضائية ، وافتقادها لأهم مقومات الديمقراطية وآلياتها وأبسط مبادئها إلا وهو الفصل والتوافق بين السلطات الثلاث ، وهذا أدى بدورها الى انكماش وأبتعاد عن الملفات منطقة الشرق الاوسط وأغفالها وتهميشها تحت حفاظ على الامن القومي الذي تعتبره هذه النخب الحاكمة أهم من الديمقراطية وحرية المواطن في بلدهم . وهذه المبررات دافعا قويا لخنق الاصوات وغياب الديمقراطية وقمع دعاتها ، وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في دولهم . 

 


117
مدينة خانقين قندهار العراق

                                                                                                    محمود الوندي

قبل التطرق الى عنوان المقالة أود ان أوشير الى معالم وجمالية مدينة خانقين وأرضها الخصبة الوفيرة بحقولها النفطية ونشوة زرعاتها وفضلا عن دورها في نشاط الإنسان وثقافاتها المختلفة منذ القدم ، وانها كانت واحدة من أجمل المدن العراقية وكوردستانية ببساتينها ( بساتين النخل والحمضيات والفواكة) المترامية الأطراف على مد البصر والتي تعطي جمالا أخاذا للمدينة ، وبنهرها الوند الخالد وجداوله والذي اصبح هوية خانقين ومثلما اصبح جسره الحجري من المعالم الأثرية في المدينة والذي يلعب دورا مهما في تطوير الزراعة وتلطيف المناخ في المدينة وضواحيها بعد ان يقسمها الى شطرين ، رغم سكوت هديره وشحت مياهه في السنين الأخيرة بسبب بناء السدود عليه في الجانب الإيراني لكن يعتبر أهالي خانقين نهرالوند من الرموز الخالدة والمهمة لمدينتهم . إضافة الى موقع المدينة الجغرافي والاستراتجي والتجاري  لقربها من الحدود مع إيران .
 وتعتبر خانقين الثغر الفاصل بين العراق وإيران منذ اقدم العصور واصبحت هذه المدينة طريقا رئيسيا ودوليا للوافدين من الشرق ولا سيما من دول اسلامية لزيارة العتبات المقدسة في العراق أو من خلال مواسم الحج الى السعودية ، إضافة الى مرتع للسواح والتجار . لذلك تعتبر ملتقي الثقافات المختلفة منها عربية وتركمانية وفارسية إضافة الى ثقافة كوردية أصيلة ، وتكون اهلها ذوي ثقافة عالية لانها تضم مجموعات عرقية ودينية مختلفة .
مدينة خانقين يعد احد معالم الحضارية من ناحية عمرانها وتطوير اقتصادها وثقافتها العلمية والفنية والرياضية التي يذكرها المؤرخون في قوامسهم ، والمزايا التي تملكها المدينة من جمال طبيعتها وعريقة بتأريخها المنشودة وشهامة أهلها وطيبة واخلاق ناسها المسالمين والبسمة لا تفارق وجوهم وهم يستقبلون زوار مدينتهم رغم معاناتهم وآلامهم والويلات التي حلت بهم على ايدي النظام البائد .
وتسكن في خانقين اضافة الى القومية الكوردية ، القوميات الاخرى العربية والتركمانية والمسيحية وبعض العوائل المندائية ( الصابئة ) متأخية ، والعلاقات بينهم المتميزة والحميمة مع البعض عبر السنين وجميعهم يجيدون اللغات الثلاثة بطلاقة ،  كما كان يسكن خانقين جالية من اليهود ولهم معبد تورات مهجورة وسط المدينة حيث رحلوا جميعا من قبل الحكومة الملكية أنذاك بعد ظهور دولة اسرائيل . لذلك تعتبر المدينة مثالا للتسامح القومي والمذهبي والديني .
تعرضت مدينة خانقين باقذر حملة اجرامية بعد ان سيطر حزب البعث على زمام السلطة في العراق سنة 1968 لملاحقة أبنائها البررة وزج كثير من شبابها في السجون دون وجهة الحق ، وعندما أغتيلت الثورة الكوردية التحررية بدأ ترحيل اهالي المدينة وتعريبها على ايدي رموز النظام البعثي لتغيير ديمغرافية خانقين ، حيث رحلوا اهالي المدينة الاصلين الى جنوب العراق وغربه بسبب انتمائهم القومي وهي القومية الكوردية بمنتهى القسوة والوحشية حتى طفل الرضاعة والمسن والضرير لم يسلم من بطش هؤلاء المجرمين ، واستباحوا محرماتهم ونهبوا اموالهم ، وثم استيلاء على منازلهم الضخمة وسيارتهم الحديثة والقديمة واثاثهم البيتية المختلفة والتي بيعت باسعار هامشية زهيدة الى بطاناتهم واعوانهم المجرمة ، وهذه المماراسات اللاانسانية التي تدمى القلوب وتندى لها الجبين الانسانية  .
ودفعت أيضا مدينةً خانقين واهلها وبنيتها التحتية ثمناً باهضاً طيلة سنوات الحرب الأيرانية العراقية المدمرة ، حيث القصف والتدمير اليومي الذي أصاب البشر والحجر والبستان وكل شئ  .
بعد سقوط النظام البائد تحررت مدينة خانقين رجعت مياها الى مجراها الطبيعي ، وسنحت الفرصة لاهالي المدينة كي يسنتشقوا نسيم الحرية ويحصلوا على جزء من حقوقهم واملاكهم التي سلبت منهم على مدى اربعون عاما بعد ان قام النظام السابق باسكان آلاف العوائل العربية الذين جلبو من الجنوب ووسط العراق منذ عام 1975 بدل العوائل الكوردية التي تم ترحليهم ومع بعض العوائل التركمانية ذات الميول اليسارية من المدينة والقرى المحيطة بيها .
 وتكافح اليوم اهالي المدينة بجميع مكوناتها باسلوب حضاري وسلمي من أجل العودة الى حضن الإقليم كوردستان ، لأنها مدينة كوردية عبر التأريخ القديم وثم تحويلها من القضاء الى المحافظة لان تتوفر بيها جميع المقاومات لتكوين المحافظة  .
نعم تحررت خانقين واهلها من الابعاد القسري والترحيل والتشريد والتعريب وكذلك من القمع والاضطهاد واعادة الى رونقها وعافيتها ، لكن ، للاسف الشديد منذ بداية تغير النظام البائد اي نظام البعث لم يحدث تغييرا أي شيء نسبة الى اهاليها وعدم اعتناء بهذه المدينة العريقة والجريحة ولم تشهد اي بناء او ترميم او تجديد للبنية التحتية ، وما زالت تعاني من الاهمال والتخريب المستمر بسبب بوجود الفساد الاداري والمالي داخل مؤسسات وهياكل المدينة ، وعدم اهتمام بوسائل الخدمية والانسانية واهمالهم من قبل المسؤولين كما اهملت سابقا من قبل الانظمة المتعاقبة على سدت الحكم في العراق ، واصبحت حالها حالة مدن العراق . وتتشبهها اهالي المدينة بمدينة قندهار في افغانستان لانها تحولت الى مدينة الاشباح والخراب التي كانت احدى اجمل المدن في العراق وكوردستان .
دمرت مدينة خانقين سابقا من قبل النظام الدكتاتوري بمشروع " إبادة " منظمة للقضاء على اهلها والحاق الاذى بهم عن تعمد وسبق إصرار ، واليوم خانقين تواجه تحديات هائلة ستؤثر على مستقبلها ، وستفقد كوردستان اجمل مدنها التي كانت مصدرا لكل حضارتها ومركزا لكل اتصالاتها ، وتهمل من قبل الحكومة العراقية وضعف المسؤولين للإدارتها من جهة ، ومن جهة اخرى من قبل الحكومة الإيرانية الإسلامية التي تحجز المياه نهر الوند على المدينة وتبني سدودا عليها ، قصدا إلحاق الأذى بمدينة خانقين .
 واصبحت المدينة جافة ويابسة نتجية قلة مياه الوند ، هذا النهر العظيم وجسره الحجري اللذان  يقترنان  باسم خانقين وحضاراتها . من الطبيعي احتجاب المياه عن خانقين قد أضر بالحياة الزراعية والاقتصادية وحتى الاجتماعية مما يؤدي الى اختفاء الحياة من المدينة  .
 
قبل الايام سألت احد من اصدقائي الذي كان مسافرا الى العراق ومن ثم الى مدينتي خانقين ، عن خانقين وعن تطورها من جميع النواحي وعن اهلها وعن اقربائي ، فكان رده علي باستهزاء قائلا مدينة خانقين ام مدينة قندهار اي انها تشبه احدى المدن الافغانستانية ، يا الالهي كيف دمرت وتخربت مديتنا خانقين التي تحولت من اجمل المدينة الى مدينة الاشباح .
بدأت تشعر الناس باليأس وفاقدي الأمل والمستقبل ، فلم تلبي طموحاتهم من قبل النظام الجديد والادارة الحديثة في المدينة واصبحوا مرة اخرى شبة منعدمة ، وجدوا انفسهم في مواجهة مصاعب جديدة مع ارتفاع معدلات الفساد الاداري والمالي والسياسي المنتشر ، وليس هناك اساليب او معايير عامة تعامل مع المواطنين بصورة صحيحة .
 من يتحمل هذه المسؤولية بإسدال الستار على تاريخ خانقين عمرها ألوف السنين ؟  .
 


118
الفيدرالية عاملا مهما لبناء العراق الديمقراطي
                                                                                                  محمود الوندي

ان الاتجاه المكثف للحديث عن الفيدرالية في الوقت الحاضر ، حيث قد اختلط الأمر على كثير حول مفهوم الفيدرالية ، لان العديد من السياسيين والقادة الاداريين في الحكومة العراقية الحالية ، لا يعرفون بالتحديد ، ما ترمز اليه الفيدرالية من اعادة توزيع الصلاحيات والاختصاصات بين المركز والأطراف .
وما هي صلاحيات المجالس المحلية أو مجالس المحافظات ، كشفت عن جهل بالمفهوم وخلط كبير في الصلاحيات على مستوى الواقع الاداري ، لذلك يتخذ نفسا انقساميا ، ولا يهدف الى تقليل أعباء الحكومة وتنشيط الاداء الاداري ، من خلال الفيدرالية ، للاسف هؤلاء السياسيين يتجاهلون بان الفيدرالية هي الحل السليم والصحيح في الوقت الحاضر لحل مشاكل العراق ، كما تصان في ظلها الحقوق الاساسية للانسان العراقي . لانها مبدأ تكامل مفهومه العلمي في العصر الحديث .
 
الفيدرالية هي شكل او نوع من انواع الأنظمة السياسية المعاصرة وتختلف من دولة الى اخرى حسب ظروف ، لانها تصون الحريات العامة في ظلها وكما تصون العدل والمساواة بين جميع المواطنين ، تعني المشاركة الفاعلة الحقيقية في الحياة السياسية بصورة ديمقراطية وعادلة بعيدا عن التفرد في الحكم وحكر السلطات بيد شخص او مجموعة تنتهك القانون والدستور وتهدر حقوق المواطنين . بينما الفيدرالية التي توحد بين جميع مكونات مختلفة في دولة واحدة تؤدي في ظل حكم الجماعية دورها بصورة جيدة واحسن عدالة في ظل قانون والرقابة الدستورية ، وذلك من خلال رابطة طوعية بين أقوام وشعوب ، او تكوينات بشرية من اصول قومية وعرقية مختلفة ، او لغات واديان او ثقافات مختلفة ، مع احتفاظ المكونات بهويتها الخاصة من حيث تكوينها الاجتماعي والثقافي والحدود الجغرافية مع التمتع بنوع خاص من الاستقلالية الذاتية لكل إقليم ، بينما تفقد هذه الاقاليم كل منها مقومات سيادتها الخارجية التي تنفرد بها الحكومة الاتحادية ( كالمعاهدات او التمثيل السياسي او ما يتعلق بالسيادة والامن القومي ) .

ام ان هؤلاء لا يعلمون الحقيقية واذا هم يجهلونها ، إن الفيدرالية نظام مناسب للعراق والصيغة الافضل لخلق توازن بين مختلف شرائح المجتمع العراقي التي تعكس الواقع الديموغرافي الاثني والجغرافي للعراق وتكفل العدل لطوائف المجتمع من حيث توزيع الثروة وتمنح الخصوصية لكل طائفة في معالجة قضاياها المحلية تحت ظل نظام سياسي اتحادي . وترسم صورة مقبولة لشكل الدولة التي تتصف بجملة من التنوع العرقي والمذهبي والتركيبة السياسية المتعددة . كما يساعد على تشكيل حكومة فعالة الى جانب مشاركتها الفعالة في صياغة القرارات وصنع السياسات . وإيجاد معادلة توازن للسلطة بين المركز وبقية أجزاء البلد (حيث عانى الشعب العراق من السلطة المركزية التي كانت محصورة وقوية في بغداد) .
لهذا يجب ان يكون هناك جهد لتوزيع السلطة على المناطق بنظام فيدرالي متفق عليه .
الفيدرالية ، ليست فقط بنية سياسية ، بل اقتصادية واجتماعية وثقافية أيضاً ، وانها تطلب تعاوناً وثيقاً بين سائر المؤسسات والجماعات والأفراد في الكيان الاتحادي ، بما يضمن تعزيز وتطوير الاتحاد من جهة ، واعتماد قوانين وآليات تؤمن الحفاظ على هوية وحقوق الأطراف المكونة للاتحاد من جهة اخرى .
ويكون لكل وحدة دستورية نظامها الأساسي الذي يحدد سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ، ولكن الدستور الاتحادي يفرض وجوده مباشرة على جميع رعايا هذه الاقاليم ، بغير حاجة إلى موافقة سلطاتها المحلية .
فإن العراق بسبب الإختلافات العرقية والطائفية يجب أن يكون لديه نظام فيدرالي ضمن دولة العراق تديره المؤسسات الدستورية والقانونية ، الذي يكفل التعايش السلمي والإنساني القائم على اسس الوحدة والتعاون والمحبة والهدف المشترك .
وهي تكون احد الاسباب للعمل سوية لإرساء قواعد الديمقراطية وأسس الوحدة الوطنية في العراق ، محدداً مقومات هذه الوحدة وإعطاء الحقوق للجميع دون تمييـز والحرص على توزيع الثروات على جميع مناطق العراق بدون إستثناء . بدلا من هيمنة فئة على اخرى وضياع مكتسبات الاقليات التي تضمنها صيغة المواطنة الموحدة من خلال حكومة مركزية .

 إن ابناء الكورد الذين سبق أن تمتعوا بالحرية بعد تحرير كوردستان عام 1991 من قبضة النظام الدكتاتوري ، يصرون فعلاً على المطالبة بنظام الفيدرالي كهذا غير إن جميع العراقيين سوف يستفيدون من الفيدرالية كما ثبت الحال في الدول الفيدرالية الأخرى في العالم .. لان النظام الفيدرالي يضمن للقوميات والمذاهب حق إدارة أمورها بنفسها ، مع بقائها ضمن دولة واحدة . لذلك في عام 1992 اتخذ برلمان كوردستان قرارا بتبني النظام الفيدرالي العراقي .

ويعبر شعب كردستان ومن خلال مؤسساته السياسية والثقافية والأجتماعية بأنه مطلوب منه أن يمنح شركائه في العراق ضمانات الاحتفاظ بوحدة العراق ، إن تحديد نوع الفيدرالية على أساس جغرافي بالنسبة لكردستان العراق يشكل الضمانة الأساسية والمحور الأهم من ستراتيجية الضمانات التي يرى الكرد إنها ضرورية للعرب قبل أن تكون ضرورية لشعب كردستان المكون من الكرد والتركمان والكلدوآشورين والعرب الأصلين الذين سكنوا كردستان منذ زمن بعيد ، وفعلا انها ستكون عاملاً من عوامل بناء العراق الديمقراطي ...



119
قناة الفيحاء لم تطفئ شمعتها

                                                                                             محمود الوندي

قناة الفيحاء تكون لها نوايا بريئة وصادقة ومستقلة وتمتلك مشروعها الخاص في مسالة مناقشة مصير شعب ووطن ومنبرا حرا وكريما للاصوات العراقية المظلومة بصراحة وبدون اي تردد ، لقد اصبحت لسان حال السواد الأعظم من الشعب العراقي الذي كان ضحية الإرهاب الاعلامي ، لذلك طيلة فترتها القصيرة استطاعت ان تخلق العديد من الفرص لمجموعة من العراقيين وخلقت منهم كوادر بامكانيات جيدة رغم قلة الامكانيات المادية مقارنة بقنوات اخرى ، كما استطاعت ان تنتزع الكثير من المحبين والمشاهدين لبرامجها المهمة وخصوصا برنامج فضاء الحرية ومن خلالها تسليط الضوء على معاناة العراقيين التي اخذتها الفيحاء على عاتقها ، والذي اتاح للمشاهدين حرية الكلام ، وترك النافذة مفتوحة أمام شكواهم .

قناة الفيحاء تتميز عن غيرها لانها لم تقع في المطب الإعلامي الطائفي أبدا لأنها سعت منذ اللحظة الأولى لتصحيح وإصلاح الجانب الأحادي عند المضاد الإعلامي العربي وحتى العراقي الذي يسعي لتهميش الآخر وعزله بشكلّ موحش ، وإنها سعت للتعريف بالآخر العراقي المنسي والمهمل في معمعة الإعلام وفوضاه ، وهي في الوقت ذاته قد استخدمت سياسة اليد المبسوطة والحوار مع جميع إطراف المعادلة السياسية العراقية المعلنة الأهداف والواضحة النوايا رغم أنها على المحك الناقد لكل الأطراف . 

قناة الفيحاء قدمت الدعم الاعلامي للعملية السياسية بعد سقوط النظام البائد بغض النظر عن الاتجاه السياسي للحكومة ومعتمدا على تغيير الحكومات كل اربع سنوات ، وبنفس الوقت تكون الفيحاء مراقبة لهذه الحكومة ، بمعنى تراقبها كسلطة رابعة ، وتحاول لكشف الفساد الاداري واسرار سرقات المالية للشعب العراقي .
   
مبروك لادارة الفيحاء ولكل كوادر في قناة الفيحاء ... نزج لأنفسنا ولكم اجمل واصدق التهاني بالذكرى السادسة من عطائكم الانساني المشارك لهموم ابناء الشعب العراقي وجدانا وتضحية والخالي من المصالح الذاتية والفئوية والحزبية والاجندة الاجنبية   .
   
وستبقى قناة الفيحاء للعراقيين وتكون منبرا تحمل الثقافة العراقية وستستمر شمعتها السادسة والسابعة ... الخ مضاءة مرة اخرى من أجل انارة الدرب لكل المهمشين ، لكل المظلومين ، وتقديم برامج ومواد تسهم في إرساء قواعد بناء الشخصية العراقية ، ولانها قناة كل العراقيين ..


120
المعيار الحقيقي للانتخابات في كوردستان
                                                                                         محمود الوندي

أهمية خاصة في الانتخابات الاخيرة لاقليم كوردستان ، عندما ظهرت الاصوات الداعية لتغيير والإصلاح الاجتماعي والحياتي وهو الأمر المعتمد في معظم بلدان العالم ، طبعا لم تنشأ هذه الاصوات بشكل اعتباطي ولا مدعاة للاستغراب ، بل دلالة على ديمقراطية كوردستان وعدالة حكومة اقليم كوردستان ونجحت الادارة الحالية بقيادة رئيس الوزراء نيشيرفان بارزاني في تحقيق اوليات التفاهم والاحترام لحرية الرأي والفكر ومن حق الشعب ان يتمتع بحرية الترشيح والاختيار ، إضافة الى اعمار كوردستان ومن كل النواحي ، حيث برهانا للمساواة الاساسية بين المواطنين ولطبيعة ديمقراطيتها في الحكم . وتداول السلطة بالطرق الديمقراطية السليمة لتحقيق العدالة الاجتماعية .

 لذلك إفساح المجال امام القوائم المنافسة بما يكفل مشاركة اوسع لمختلف الفصائل داخل نطاق الإقليم . لقد ادركت حكومة اقليم كوردستان منذ تسلمها السلطة بعد انتصار انتفاضة آذار عام 1991 وكما جاء على لسان الرئيس مسعود بارزاني ان الديمقراطية هي الهدف الوحيد والطريق الاصلح لتحقيق ما يصبو اليه في التقدم والتطوير في كوردستان ، وهذا هو تم فعلا . حيث نرى بان الديمقراطية والشفافية هي الدليل على نزاهة ووطنية لزعامة البارزاني .

المتابع للمشهد داخل المجتمع الكوردستاني عن كثب لا بد ان يتملكه الاستغراب والدهشة عندما يكون امامه صورة المشهد الدعائي وتتنوع أيضا وتنافس ديمقراطي واضح مع اقتراب عجلة الزمن من موعد الاقتراع في نهاية هذا الشهر أي في الخامس والعشرين من تموز / يوليو لاختيار اعضاء البرلمان الكوردستاني ، وتصريحات العديد من المرشحين والشخصيات المتنافسة التي تجري بشكل حواري وسلمي بعيدا عن الوعيد والتهديد ، ومشاركة الجماهير المتحمسين لانتخابات ونجاح ممثليهم  في الاقليم وبعد دراسة البرامج والاهداف للقوائم المرشحة .

ان هذه الآلية تجمع كل حسنات النظم السياسية ويمكن لها ان تعبر عن آراء ومصالح كل الشعب الكوردستاني . وهذه التجربة تكاد ان تكون الفريدة من نوعها في منطقة الشرق الاوسط بهذا الشكل . ورغم كل المعوقات من قبل دول الجوار المعنيين وحلفائها داخل العراق لافشال التجربة الديمقراطية في الاقليم .

تتنافس هذه القوى السياسية والحزبية معركة انتخابية في اقليم كوردستان بمشاركة واسعة لأبناء الاقليم بمختلف قومياتهم وطوائفهم وفئاتهم الحزبية فهي ظاهرة صحية وثمرة لنضال وتضحيات قدمها ابناء شعبنا الكوردي الذي مازال يواصل النضال للحصول على المزيد من المكتسبات الذي يمهد الطريق لانعاش الوضع الاقتصادي والاجتماعي والحياتي والثقافي في الاقليم الذي يتميز عن باقي أجزاء العراق بعمق التجربة الديمقراطية ورسوخها التي بدأت منذ العام 1991 وتواصلت حتى يومنا الحاضر . وتطور واضح في نشوء معارضة وهي الاولى من نوعها منذ تمتع الاقليم بوضعه الفيدرالي .

من قناعة راسخة بأن إجراء انتخابات بمساهمة واسعة من أبناء الشعب الكوردستاني ومنافسة حامية بين القوائم ، تتمتع بالمزايا التي اشرنا إليها التي تخدم سيادة القانون ونزاهة العدالة في اقليم كوردستان ، لذلك يدفع المزيد من القوى السياسية للمساهمة في العملية السياسية وتحمل المسؤولية وتوسيع دائرة صنع القرار والمشاركة في رسم مستقبل الاقليم تحت قبة البرلمان ، ستجعل من الحكومة ان تعيد النظر في حساباتها وسياساتها السابقة وتحاول بقدر الإمكان تقديم الخدمات الأفضل للمواطنين ، وسيمكننا ذلك من التقدم على طريق البناء الحقيقي لمعالم الديمقراطية والفيدرالية ومؤسساتها ، ويعزز التوجه الى البناء والاعمار ، وتكريس الوحدة الاجتماعية وإعادة التلاحم والمحبة والتعاون والوحدة بين ابناء اقليم كوردستان ، ومن اجل تقديم ما هو افضل للمواطن الكوردستاني .
ان التغير والحرية مفهومان متلازمان فالتغير هي العامل الاهم في بناء المجتمع الجديد والمتجدد والقضاء على الروتين والجمود والقضاء على السلبيات الماضية ، اما حرية الرأي والفكر هي تهيئ للتغير في الوعي الاجتماعي والسياسي.. الا ان المعيار الحقيقي ، والانجاز الاهم . هو ان يتخلى المرشح عن ميوله الحزبية لخدمة المواطن الكوردستاني وتطوير التجربة الديمقراطية في الاقليم ، لذلك أدعو ابناء اقليم كوردستان الى تحكيم العقل واختيار الافضل الذي يستحق الثقة وتحمل المسؤولية ويحقق مطالبنا وحقوقنا المشروعة ، وتعكس حقا إرادة المواطن الكوردستاني وتطلعه الى حياة مستقرة أمنة . ويضمن الامان والاستقرار وتطبيق الحلول الحقيقية لبناء حياة حرة وكريمة في الاقليم  .
وانا براي على الناخب لمعرفة حقه الانتخابي واهمية صوته ، لذا ففي هذه الظروف الصعبة يجب ان يرشح الرئيس مسعود بارزاني لرئاسة اقليم كوردستان ولجعل الرجل المناسب في المكان المناسب ، وهو الذي يمتلك مؤهلات حقيقية تولي منصب رئاسة الاقليم لاستكمال المسيرة السياسية وتعزيز مسيرة امتنا ، وتحقيق المكاسب والانتصارات التي حملت في الماضي بصمات البارزاني مصطفى وتحمل اليوم بصمات ابنه البار الرئيس مسعود بارزاني .

وفي هذه الظروف يستطيع الرئيس بارزاني لسد الطريق بوجه من يريد الفرقة بين ابناء الشعب الكوردستاني والوقوف بوجه التحديات الداخلية والخارجية ، إضافة الى ذلك له ثقل السياسي على المحافل والهيئات الدولية ، ومن ناحية اخرى تبين لدى شعبه بانه يؤدي واجبه ديقراطيا وشفافا واخلاصا لشعبه وارضه ، والاكثر حرصا وقدرة على مواجهة الاعداء . وهذا ما نعرف عن الرئيس مسعود بارزاني بكفاءة ومقدرة متناهية حقا .

121
الاعلام الكوردي متى يخرج من شرنقته ؟
                                                                                         محمود الوندي

في كل العالم يتطور الاعلام نحو الاحسن بسبب تطور آلياته وكوادره المهنية بحيث يستفيد من تجاربه السابقة لان من الأبجديات الواجبات الاساسية للاعلام هو التعبير عن الراي العام وتوعية اللأمة والحفاظ على كرامتها، ونقل الاحداث والوقائع بصورة حقيقة الى المجتمع والتركيز على اظهار جوانب النقص والقصور ومكامن الخلل في اداء الحكومة ومؤسساتها وتسليط الضوء على ما تحقق من انجازات ، ومن ناحية اخرى يكون الاعلام الواجهة الحقيقية للدولة ضد الاعداء مثل الجيش ليحمي الوطن والشعب من الاعتداء الخارجي ولهذا يسمى بالسلطة الرابعة ، ان يحافظ ويدافع عن شعبه ووطنه من الاعتداء الاعلامي الخارجي وان يقف ضد الاعلام المعادي وجهاً لوجه المضاد والـرد عن الادعاءات الكاذبة التي تصدر من الاعداء بحق شعبه ووطنه .

كلنا نعرف ان الاعـلام الحر تعبـر نعبيرا واقعيـا عن الاوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات ، بل يترجم رأي الشارع العالمي او المحلي حول السياسات والموقف من الاحداث المختلفة والمتنوعة ان تكون داخل بودقة المؤسسات الحكومية او خارجها . وانه الحلقة الاساسية بين الشعب والحكومة . في حين نجد الاعلام الكوردي وقد تأخر في تطويـر اعلامه ، لعدم تقديم البرامج الترفهية او الثقافية بصورة جيدة اوالافكار الجديدة والمفيدة الى المجتمع الكوردي او الكوردستاني ، ومن جهة اخرى بقى صامتا وساكتا امام اعداء امته ، وانه لم يرد على الاعلام المضاد والكاذب من اعداء الشعب الكوردي بل يأخذ موقف المتفرج ازاء ما نسمعه من أكاذيب وأفتراءت بحق شعبنا الكوردي من قبل بعض الاطراف الحاقدة والمغرضة ولقاء التهم على الكورد وتبرئة الارهابيين الحقيقين عن جرائهم مثال ذلك ما حدث من اعتداء على اخواننا المسيحين في الموصل عندما تم اتهام الشعب الكوردي ، ومثال آخر من أرض الواقع قبل ايام ما حدثت جريمة بشعة في ناحية تازة خورماتو بانفجار الشاحنة وقتل وجرح اكثر من مائتان من الابرياء وجلهم من الاطفال والنساء ، ورغم معرفة الجاني الا اننا نسمع ترويج وتهويل الاعلام المضاد بوجهة ضد الكورد ، وعلى رغم ذلك تقديم حكومة اقليم كوردستان المساعدات الطبية السريعة عندما اعلن عن الحادثة وكما استنكر من قبل جميع الاطراف الحكومية والشعبية تلك الجريمة البشعة ، ولكننا لم نسمع برد الحقيقي من الاعلام الكوردي على هذه الاتهامات والافتراءات .

الاعلام الحقيقي من يستطيع ان يقدم لمجتمعه الافكار الجديدة والتحليلات القيمة ويعتمد على المعلومات الموثوقة ومن خلالها يعالج ويفهم الاحداث بصورة دقيقة ، ويكتشف الجقائق ويعلنها من دون ان يلتفت الى هذا وذاك . ويجب ان يحمل الاعلام رسالة شريفة وأمينة باسم الفكر والمهنة بعيدا عن مصالح نفعية .
 
الاعلام الكوردي بائس تمام البؤس ، لانه بعيدا كل البعد عن معاناة شرائح المجتمع الكوردستاني ، لا يعبر عن الوقاع المضني ملتزما وأمينا وصادقا ، قد وصل في اغلبه الى درجة التفاهة والبشاعة ، ونجد من يسمون أنفسهم اعلامين ومحللين سياسيين ومخرجين ومنتجين ومؤلفين لا يعرفون إلا اللف والدوران من دون أن يعلموا الآساليب الجديدة والمبتكرات الرائعة ويفتقدون الثقة الكاملة .. بسبب بسيط هو أن الاشخاص غير كفوفئن وبعيدين عن أية مهنة ومصداقية طارئين عن مهنة الاعلام الكوردي ، لا تفقهمون معنى الكتابة ، ولا اصول النفكير، ولا طرق الحوار، ولا اساليب الحديث . فكيف يمكننا أن نتخيل دور الاعـلام إن غدت بأيـدي هؤلاء وابتعاد المهنيين والاعلامين الكفوئين عن الاعلام الكوردي . والتي ترتقي ما يسمى الاعلامين الى البرامج الثقافية والاجتماعية الهابطة والمتكررة وبعض الاحيان ترتقي الى الاكاذيب والمبالغة الواضحة التي يستهزئ بها المشاهد او القارئ لا سيما إذا كان على معرفة بالموضوع او الحدث .
 
وانا اقترح واطالب لمعالجة بشكل موسع هذا الاعلام واخراجه من شرنقته .. من أجل أن نستعيد النزعة البنائية والحضارية والمدنية التي لا سبيل لمجتمعنا وتقدمه وازدهاره الا من خلال تطوير الاعلام وتنسيب رجل المناسب في مكان المناسب . والعمل على انقاذ ما يمكن أنقاذه .   

122
ديمقراطية الفوضى ام دكتاتورية الاحزاب
                                                                                                  محمود الوندي


عقدت أمال الشعب العراقي بعد مرحلة تحرير العراق ، بعد ان أخذت بعض الاحزاب قيادة السفينة العراقية أي بديلا للنظام البائد ، لأقامة حكم جديد لينعم المواطن بحقوقه كاملة ويتمتع بثرواته التي سلبت منه طيلة سنوات سابقة ، وخلق عراق ديمقراطي فيدرالي ان يكون " كنظام سياسي " وسيحمي العراقيين وسيمنح حقوق الآقليات وعدم تهميشهم في العملية السياسية . لان الشعب العراقي يعتبر الفيدرالية والديمقراطية عنصران من أبرز العناصر التي يحقق من خلالهما الانسان أهدافه وطموحاته ، ويعبر عن ذاته وماهيته ، أنهما أشراقة الفكر والحياة والأمل في بناء المجتمع المدني ، وبناء جسور للثقة والتفاهم بين مكونات شعبنا وتقبل الرأي الأخر في إصلاح مجتمعنا .

 ولكن للاسف ان احلام الشعب العراقي وأمانيه واماله ذهبت عبر ادراج الرياح وتبددت في الهواء . لان هـذه الاحزاب التي تقف عائقا امام تطوير العمل السياسي وتحتكر تمثيل الطائفية والقومية تزدحم ساحاتهم السياسية بالكلمات والشعارات الفاسدة والمغشوشة ولكن بغلاف الديمقراطية والإنسانية ، لإنهم محترفون في الكذب والدجل والتلفيق وبارعون في صناعة الشعارات البراقة ومهارة التجارية في صياغة الكلمات المؤثرة نحو خداع الجمهور بدون خجل وحياء مستغلين الوضع الديني والمذهبي على الساحة العراقية لكي يصدق الناس اقوالهم .
لان اكثر من ستة اعوام وهؤلاء يقومون بابشع الجرائم من التصفيات السياسية وسرقاتهم لاموال الشعب ولم يقدموا شيئا بسيطا الى الشعب والوطن سوى الخراب والدمار . واصبحت الحكومة حصان طروادة للمفسدين وأرباب المحاصصة ، ولها دورا مهما لتسترها على المفسدين والمستغلين وحتى القتلة واصبحت جزءا مهما في لعبة " التوفقات السياسية " مما أثرت سلبا على عمل الحكومة والبرلمان لتقديم الخدمات الإنسانية والحياتية والاجتماعية للعراقيين ، كما إصابة الديمقراطية بالفشل وإنهاء دورها لصالح أقلية فاسدة .

لا يختلف النظام الحالي عن النظام الاستبدادي السابق ، لقد تغير النظام من شمولية قائمة على أساس قومي يميني شوفيني وعنصري الى شمولية قائمة على نظام ديني طائفي سياسي متطرف يميز بين مكونات المجتمع العراقي على اساس الدين والمذهب ، وفي نهاية المطاف ضد كل من غير صبغته كأن هذا الشعب بقومياته وأديانه ومذاهبه وإتجاهاته الفكرية والسياسية محكوم عليه على طوال التأريخ بالدكتاتورية والأنظمة القمعية وأن لايرى السعادة الى أبد الدهر .
لان جميع الحكام (سابقا وحاليا) مصابون بلوثة عقلية حقيقية وداء العظماء ، هؤلاء الحكام تنظر الى مصالحهم الشخصية والحزبية والعشائرية والمنطقية فقط ، لذلك لا يريدون للشعب المتنوع بزهور الحياة ان يعيش بوحدة وتناغم وتكاتف والمحبة ، خوفا على مناصبهم وكراسيهم .

اما الفساد الأدراي والمالي الذي أستفحل مثل السرطان الخبيث في جسد الأحزاب والقوى السياسية العراقية مهيمنا على الحكومة ، حتى بلغ مقياساً لا توازيه مقاييس في ظل حكومة جديدة فقد وصل حد الثمالة في مؤوسساتها ووزارتها ، وبدأت رائحتها العفنة تنتشر وتزكم الأنوف ، حيث ان هؤلاء السياسين والمسؤولين وصلوا الى حد التضحية بمصلحة الشعب من أجل مصلحتهم الشخصية الضيقة ، لذا نراهم اليوم يتنافسون على السلطة للحصول على أمتيازاتهم .
 وتدفع فاتورة هذا الفساد الاداري والمالي الطبقة الفقيرة من مكونات الشعب العراقي بدون تمييز ، وقيادات أحزاب سياسية وصلت من الغنى الى أرقام خيالية فاقت كل التصورات ، وتتماهل الحكومة العراقية لأتخاذ الأجراءات القانونية بحق هؤلاء المجرمين والفاسدين لعدم تطبيق القانون الحقيقي في  العراق ، اذا لم يطبق على المسؤولين أنفسهم.

كانت معاناة المواطن العراقي منذ تغيير النظام كبيرة " بشعة ومرعبة " في آن واحد ،حيث ان الأوضاع الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق شئ لا يحسد عليه ، لم يشعر الأنسان العراقي بالأمان والراحة والأستقرار نتيجة وجود الفراغ الأمني وفقدان الخدمات العامة الأنسانية والحياتية ، وأنتشار سيادة المعايير الحزبية في تشكيل قوام الهيئات والمؤسسات الحكومية ، وأنتشار المحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة في التوظيف على حساب الكفاءة والمواطنة ، وأستبيحت المؤسسات العلمية والهيئات الحكومية حين أمتلأت بالجهلة وتكرست المحاصصة الطائفية والقومية داخل هياكل الوزارات والدوائر .. إضافة الى أرتكاب الجرائم البشعة بحق الأبرياء على الهوية الطائفية .

 فقد سقط للشعب مئات القتلى والجرحى والمعوقين بسبب الإرهاب الديني والطائفي الذي مارسته القاعدة والميليشيات الإسلامية المسلحة الذي أعقب إسقاط نظام البعث عبر القوات الامريكية .

الجميع يعرف ان في الحكومة الان ومجلس نوابها وفي وزاراتها المئات بل الالوف من الفاسدين والسراق ، وبدلا من ان تحيل الحكومة والقضاء هؤلاء الى العداله ورفع الحصانة عنهم ومحاسبتهم ومحاكمتهم , نراها تحيلهم الى التقاعد او قبول استقالتهم للتخلص والتملص من الاستحقاقات والمحاسبه او تسهيل هروبهم الى خارج العراق ، كما حصل مع العديدين من البرلمانيين والوزراء .
 لان من يقف وراء هذه الجرائم والسرقات والرشاوي هم الاحزاب السياسية المنتشرة كالذباب على الساحة العراقية ( وبشكل خاص الاحزاب الحاكمة )التي دخلت معترك السياسي بناءا لمصالح دول الجوار التي تدعمها ، وهذه الاحزاب هم يقدمون العون والحماية للسراق والقتلة والدفاع عنهم باسم الديمقراطية وحرية الرأي . ولا أمل في صلاحها أبدا مادام حاميها هم حراميها .
هذه الحكومة هي كسابقتها لتحل حبل الامل ويسلمنا الى التشاؤم التام الى أن أصبحنا ننظر بعين الخوف الى كل غد قادم لان هذه الانظمة علمتنا أن البارحة أفضل من اليوم والبوم سيكون أفضل من الغد المجهول !!؟؟

أن العراق لا يمكن أن يسير بخطواته التاريخية نحو الأمام ، والسعي لتقدمه ، إلا في ظل وجود مشروع وطني ديمقراطي حقيقي ، لتحقيق العدالة الاجتماعية بين اطياف الشعب العراقي ، وأداء الخدمات الانسانية والحياتية بصورة جيدة لهم ، وتوفير الأمن والاستقرار للبلاد ، والحفاظ على ثروات العراق التي تبعثرت على امتداد السنين السابقة .. وان ذلك " التغيير " ، لا يمكن أن يحصل إلا من خلال إرادة ابناء الوطن . ووصول اشخاص أكادميين وكفوءين الى سدت الحكم لهم سمعتهم واستقلاليتهم ووطنيتهم ونظافتهم وسعيهم لخدمة الناس كي ينتشلوا العراق مما آل إليه في كل المجالات ، والقضاء على المحاصصة الحزبية وألغاءها داخل البرلمان وداخل المؤوسسات الحكومية  وهياكلها الامنية   .



123

خانقين في عين الفنان التشكيلي حسين محمد علي الوندي

محمود الوندي



الفنان حسين محمد علي الوندي مع لوحة خانقينية

الفن التشكيلي هو الذي يعيد اكتشاف الواقع ممزوجاً بالخيال ورؤيته ، اللوحة الفنية التشكيلية دلالة معرفية ووجدانية معبرة عن هـويّة وجودية معتمدة على التكوين الشكلي في صياغة واقعية للحالة المرصودة . هي وجهة نظره الخاصة وهي التي تثير التأمل والتساؤل وتثري خيال المتلقي وتسلط الضوء علي الكثير من جوانب الواقع التي قد تبدو خفية . إلا أن قراءة اللوحة من المتلقي الواعي هي التي تحدد الانطباع العام للعمل الفني ويختلف هذا الانطباع بين متلقي وآخر. وبذلك فإن قيمة الفن تتحدد بمدى التأثير الذي يتركه العمل الفني على عواطف الآخرين والانطباع الذي يثيره في أحاسيسهم .
من هنا لا بد ان نستعرض عليكم معرض الفنان التشكيلي الكوردي حسين محمد علي الوندي الذي أحتوى معرضه أكثر من ثمانية وعشرين لوحة ذات حجوم مختلفة لأعماله التشكيلية بمدينة " كيل " المانية خلال الفترة بين 25 أبريل / 12 مايو / 2009 ، حيث شاهدت أعماله خلال زيارتي عندما دعاني اليه وعبرت له عن سعادتي وشدة إعجابي بالمستوى الفني الراقي ، لأن الفنان تركز على الرسم الزيتي برؤية تشكيلية مختلفة كفن وكتعبير نابع من فهمه الجيد لهذه التشكلية لمنحها جمالية مساحية خاصة للوحاته والتي تسيطر عليها اللونان البني والأحمر والألوان المعادلة لهما ، ويعتبر الفنان الوندي هذا المعرض مشروعا شخصيا ينوي إظهاره بصورة جيدة دون ان تفقد شيئا من جماله ويكون له طعم او صوت .... حيث شاهد معرض الفنان التشكيلي للوندي إقبالا من قبل الزوار أكانو من العراقيين او المانيين وغيرهم من الجنسيات الاخرى .
   
الحياة نحو الامل

عبر الفنان حسين الوندي عن أعماله الفنية التشكيلية ، ينطق الفن في أسلوبه بزخم الموضوعات والتجليات الابتكارية والحدسية التفاعلية مع الرؤى البصرية المعبرة عن طاقته الخلاقة المندفعة للتعبير عن العواطف والمشاعر الإنسانية نحو الشعب والوطن ، وهو مؤمن بالأهداف التي رسمتها في الوجود ، ورصد للواقع ومجموع الأماني والأحلام المتفاعلة مع ذكريات مدينته خانقين وأماكنها متعددة الأسماء ، حيث البؤس والترحيل والتعريب والقهر الإنساني والمعاناة . واعتمد الفنان الوندي في غالبية أعماله الفنية في سياقها الإبداعي الذي عاشه مع مجريات الحدث ( انذاك ) في مدينة خانقين وتكريساً فاعلاً لهويّة مدينته المجروحة ، حاملاً معه أوجاعه وآمال أهله وأمته وآلامه . ورسم الفنان ما يخزن في عقله وليس فقط ما تراه عيناه . وكانت اللوحات مادة حية حافلة بالمواضيع الاستلهامية ودفق الحياة وصخب قنوات التعبير الفني التشكيلي الخطي واللوني المتفاعلة مع الأحاسيس الإنسانية الصادقة في توليفات ومفردات تشكيلية تحدد مقولة فنان تشكيلي كوردي ومدى تواصله مع قضيته شكلياً وتعبيرياً وتقنياً  .
وعلينا لا بد ان نتعرف على البذور الفنية الأولى للفنان حسين محمد علي الوندي وسبب اهتمامه بهذا النوع من الفن فيقول :
بدأت ميولي الفنية بالظهور وانا بعمر سبع سنوات من خلال أعجابي لمناظر الطبيعية وأثار مدينة خانقين ، واخذت أرسم جماليات البيئة في مدينتي ، وفي محاولة التعرف على هذا الفن والبحث عن الحقيقة . لان الفن بشكل عام ركنا أساسيا في تكوين عالمي الروحي وانه يرتبط بطفولتي وفترة النشأة الاولى . اللبنة الاولى في البنية المعرفية الفنية كانت في بداية حياتي المدرسية ،  عندما كنت طالبا في مدرسة الوند الأبتدائية  ، وكانت رسوماتي تختلف عن رسومات زملائي ، التي انتبه لها معلمنا لدرس الرسم ، ولكن لم يكن المعلم تربويا لكي ينشدني الى الطريق الصحيح  ويشجعني  على الاستمرار ، وفي احد الايام دعاني المعلم للحضور الى معرض للرسوم في نقابة المعلمين لاكون مراقبا على لوحات المدرسة التي تعرض في ذلك المعرض ، وعند زيارتي للمعرض فشوهدت لواحاتي من ضمن المعرض المدرسي ، وكان سببا لاندفاعي لاحقا الى التعميق أكثر في هذا المجال . وهذه الاسباب التي دعتني للدخولي المبكر الى عالم الفن ، وكان باكورة الانفتاح على الفن في مرحلة الدراسة الاعدادية ، ولكن ابتعد عنه بسبب الظروف السياسية والاجتماعية مع بداية الثمانيات من القرن الماضي وبعد ان اشتدت الهجمة القمعية لنظام البعث ضد الوطنيين المثقفين والتي إنتهت بإعتقال وإعدام المئات منهم  .
 
لابد ان تشرق الشمس
وفي سياق حديثه ، يقول الفنان الوندي ، لولا الفن التشكيلي ما توصلت الحضارات وما استطاعت البشرية الحفاظ علي تراثها عبر العصور .
بفضل الفن التشكيلي عاشت الحضارات القديمة وكشفت لنا عن كنوز من المعرفة وخلاصات التجارب الإنسانية العديدة في كل مجالات الحياة . وتشهد علي ذلك آلاف المخطوطات واللوحات التي رسمها قدماء وفوق جدران المعابد . وفي العصر الحديث يستطيع المتلقي أن يتعرف علي ثقافة أي شعب من خلال زيارة معارضه الفنية والإطلاع علي ما توصل إليه فكر وفلسفة ورؤية هذا الشعب لكثير من جوانب حياته اليومية ووجهات نظره حول الواقع الذي يعيشه وانطباعاته حول العديد من الأمور الإجتماعية والثقافية والسياسية...


124
العراقيين في اوربا لا يعولون على العودة

تحقيق - محمود الوندي

 تدفقت موجات اللاجئين العراقيين الى الخارج باعداد كبيرة خلال فترة الحكم البعثي ومن كل القوميات والطوائف الدينية ، ولم يعرف تأريخ العراق المعاصر هذه الظاهرة الحديثة إلا بعد مجـيء حزب البعث للحكم ثانيـة عام 1968 نتيجة اشتداد المضايقات السياسية والفكرية والتمييـز القومي والطائفـي والتبعيث القسري في أوائـل السبعينات  وازدادت منـذ عقد الثمانيات من القرن الماضي عندمـا بدأت النظام البعثي حملة تهجير واسعة شملت الكورد الفيلية أثـر الحرب العراقية الإيرانية وغيرهم من العراقيين ومن المؤكد ان تلك الهجرة ضمت في صفوفها الكثير من الكفاءات .
ومن اخطـر الهجرات على العـراق قد بدأت وبصورة واضحة في بداية التسعينات عقب حرب الخليج الثانية عام 1991 وأثر انتفاضة الشعب العراقي ضد النظام البائد التي اضطرت الملايين من العراقيين الى الهجرة هربـا من بطش النظام وقمعـه ، وكذلك هاجرت الاعداد الاكبر من العراقيين منذ ذلك التأريخ وذلك لسبب معروف لدى الجميع بدافع أقتصادي ، فالحصار الاقتصادي الذي فرض على العراق مما حد العراقيين بهم للهجرة الى خارج الوطن لتحسين أوضاعهم المالية حيث نتج عن ذلك الحصار تضخم مالي الذي ادى الى ارتفاع في الاسعار ، من الطبيعي فان الكفاءات كان لها نصيب أكبر من هذه الهجرة بسبب عجز الاقتصادي لديهم .
ان هذه الهجرة العراقيين ازدادت وبشكل ملفت للنظر وبعد سقوط النظام البائد بعد ان ازدادت العنف الطائفي والنزعات المسلحة الذي اجتاح البلاد وارتفع موجات اللاجئين الى الخارج والتي تجاوز الاربعة ملايين لاجئ عراقي توزعوا على سائر ارجاء المعمورة من دول العالم ، وان غالبية المهاجرين من الكفاءات العلمية والاكاديمية بسبب استهدافهم من قبل العصابات الاجرامية المؤجرة بصورة منهجية مدروس نتيجة للأنفالات الأمني الذي رافق النزاع الطائفي . الذين تركوا ديارهم ووطنهم اثناء حكم البعث وبعد سقوطه طلبا لملاذ آمن ، بعد ان صرفوا كل مدخراتهم وباعو كل ممتلكاتهم ، وتعذبوا وذاقوا المر وعاشوا اوضاعا مزرية في رحلة سفرهم الى اوروبا من اجل سلامة انفسهم وعوائلهم .  حيث تؤكد تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة تضاعف طلبات لجوء العراقيين الى الدول الغربية ، واخذت العقول تهاجر أكثر فاكثر منذ تولى صدام حسين الحكم كرئيس الدولة بسبب حكمه المستبد ، وتشير بعض الاحصائيات ان هناك عشرات الألاف من العقل العراقي يعيش في الخارج ، وامريكا تكون لها الجزء الاكبر من هذه العقول ، وتقول وزارة البريطانية في اخر احصائية لها ان العراق يحتل المرتبة المتقدمة في قائمة الدول التي تأتي منها طلبات اللجوء بما يشكل زيادة نسبتها الى 117 % .   
وتحتل الدول الاوربية ومنها الاسكندينافيـة المرتبـة الاولى في نسبة استقبال المهاجرين العراقيين اذ تشير الاحصاءات الرسمية الى ارتفاع نسبة المطالبين بالهجرة الى دول الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا من العراقيين الى 75 في المئة قياساً الى عام 2005 فيما وصل عدد المقيمن الرسميين والمسجلين في سجلات الامم المتحدة العراقيين في تلك الدول الى  اكثر من 45 الف شخص خلال سنوات اخيرة .
ومعروف ان العديـد من الدول الاوروبيـة التي تميزت بسخائها في منح الاقامات الى اللاجئين العراقيين الهاربين من الاوضاع في العراق اثناء حكم النظام السابق ما لم تقدمه غيرها من الدول العربية وحتى الاسلامية الى العراقيين ، لقد غيرت من سياستها هذه الدول واوقفت منح العراقيين اللجوء منذ عام 2003 اي بعد سقوط النظام البعثي ، بسبب ماتقول عنه انتفاء الاسباب الحقيقية لمنح الاقامة بعد زوال نظام صدام حسين . في حين اكتفت هذه الدول في ايقاف منح الاقامات الا في حالات فردية خاصة التي تنظربعين العطف والرحمة للحالات الانسانية لعدم توفر الرعاية الطبية في العراق وقدوم المعينات للبيت والاهتمام بنظافه ورعايه المريض و بتلبية احتياجاته .
بات من الصعب الان على العراقيين الحصول على اللجوء في الدول الاوربية التي تعاني من مشاكل عديدة ومنها اقتصادية واجتماعية بسبب من الاعداد المتزايدة من اللاجئين ، الذين ترتفع وسطهم معدلات البطالة وكثرة عدد افردها مما يلقي بثقل مالي كبير على برنامج الضمان الاجتماعي ، حيث اتخذت بعضها خطوات وقرارات لترحيل المهاجرين العراقيين ممن لم يحصل على الاقامة الى العراق بحجة ان العراق تتجه الى الاستقرار وبات اكثر امانا ، وتقلصت الاوضاع الصعبة ، وتحاول البعض يقدم مغريات لهم ، بتقديم منح مالية لأعادة بناء حياتهم من جديد في وطنهم ، برغم دعت الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان الدول الاوروبية التي تحتضن عشرات الالاف من اللاجئين العراقيين ، ممن رفضت طلبات لجوئهم ، الى التريث لأن الاوضاع الانسانية صعبة جدا في العراق او تأجيل ترحيلهم لحين استتباب الاوضاع الامنية فيه ، وعدم الضغط على اللاجئين العراقيين وارغامهم واغراءهم على العودة الى العراق بالعودة النهائية .
وسبب آخر عدم منح اللجوء العراقيين هو توقيع هذه الدول لاتفاقية مع حكومة العراق تعين بموحبها التزام الحكومة العراقية باستقبال اللاجئين المرفوضة طلباتهم من قبل دائرة الهجرة والمحكمة التي تحتم عليهم مغادرة الدول الاوربية ، بعد ان قال رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي ان حكومته تحاول اقناع اللاجئين العراقيين بالعودة الى الوطن للمساعدة في " إعادة بناء العراق " حسب القول وزير الداخلية الألماني : ان حكومة المالكي تسعى لدينا كي لا نقدم على اتخاذ مبادرات مناوئة لجهودها ، لأنه يعمل على اقناع اللاجئين بالعودة من اجل اعادة بناء البلاد .
هناك كثير من اللاجئين العراقيين عالقون في الدول الاوربية بدون اقامات ، البعض منهم رفضت طلباتهم رفضا نهائيا وحصلوا على قرارات طرد فيما ينتظر الاخرون ردا من دائرة الهجرة . والكثير من هؤلاء امضوا في هذه الدول سنوات عديدة ، مع عوائلهم انتظارا لمنحهم الاقامة كي يتسنى لهم البدء في حياة جديدة بعد طول عذاب ، خاصة وان الغالبية الساحقة منهم لاتريد العودة الى العراق لاسباب كثيرة منها صرفهم لمدخراتهم وبيعهم لممتلكاتهم ، اضافة الى الاوضاع الامنية غير المستقرة في العراق ونقص في الخدمات الإنسانية وعدم ثقتهم في قدرة الحكومة العراقية على ضبط الامن  .
وفي هذا الإطار التقينا بمجموعة اللاجئين العراقيين في المانيا وتحدثنا حول وضع اللاجئ العراقي بشكل عام ولاستنباط فكرة عن رغبة في العودة والعوائق التي تحول دون ذلك ، حاولنا ان نجري استطلاعا للرأي العام العراقي في هذه الدولة لرفضهم العودة الى العراق :
يقول المهندس هادي احمد رغم اني عانيت كثيرا من الغربة لعدم حصولي على اقامة وكنت معرضا لطرد من قبل الحكومة الالمانية ، ولكن قبل الأيام حصلت على الإقامة المؤقتة واقل الحمد لله ، ان انفلات الوضع الامني في العراق يجعل من حلم العودة امرا غير قابل للتحقيق لأنه يتجه من سيئ الى أسوأ ، ولو نسمع عن عودة الامن والاستقرار الى ربوع العراق من قبل المسؤولين العراقيين ، ولكن نسمع ايضا بين حين واخر هنا وهناك الانفجارات وتكون ضحيتها دائما الناس البسطاء ... كيف العودة الى العراق والارواح البريئة تتبعثر حول اشلاء السيارات المتفجرة والاحزمة الناسفة وكيف العيش وبقايا سموم الاسلحة تسمم الجوي العراقي ومياة دجلة والفرات . كيف العودة وانا اخشى قتلي من قبل جهات مجهولة .
وتصر الطبية تغريد محمد باقر وهي من سكنة بغداد في كلامها انا اخشى العودة بالرغم اني عاطلة عن العمل وعدم اعتراف المانيا بشهادتي الطبية ، ان هناك الكثير من ينتظرنا من العصابات المحترفة واضافة الى العصابات الطائفية وفي ايدهم الاسلحة لقتلنا بسبب وظيفتنا . واما الخدمات الأساسية في العراق تدهورت بشكل مثير للقلق . ويعاني المواطن العراقي من نقص في إمدادات الغذاء ولا يستطيع الحصول على مياه صالحة للشرب . واما الاطفال الذين لا تقل أعمارهم عن خمسة سنوات يعانون من اعراض سوء التغذية . وانا بصفتي الدكتورة اتابع الاحداث في العراق من ناحية صحية وطبية .
واما صباح محمد علي وهو موظف عراقي متقاعد كنا سابقا يثيرشفقتنا على الفلسطينين او كنا نتعجب عن وجودهم خارج وطنهم وبعيدين عن اهلهم ، واما اليوم نحن الى جانبهم ولن يثير علينا الشفقة . وكيفية العودة في هذه الظروف الصعبة والذي نرى أقرباءنا تقتل بحراب الطائفيين ، وكيفية العودة والحياتية التعيسة .. لا كهرباء ولا ماء ولا خدمات إنسانية وخدمية وفقدان الامن والامان وان ثلث العراقيين لا يتلقون اي نوع من أنواع الرعاية الصحية . ولا اريد ان اتكلم عن الفساد الاداري والمالي تنتشر في مفاصل الحكومة مثل مرض السرطان .
اما مهدي رشيد كنت احلم بالعودة بعد سقوط نظام البعث الى العراق لأني عانيت ما عانيت في الغربة ، ولكن مايشجع للعودة رغم سنوات الغربة الطويلة ، فأرى ان نزوح ازدادت من مدينتي الى الدول المجاورة بحثا عن ملاذ لا سيما في الاردن وسوريا وبعض البلدان العربية الاخرى بسبب بوجود الميليشيات وقتلهم اليومي للناس الابرياء ، حيث اصبح الدم العراقي أرخص من أي شيء . والقوى الظلامية التي تبعث بالبلاد الفساد والدمار في البنية التحتية . علاوة الى نقص في الخدمات الحياتية والإنسانية .
ويعقب الرجل المسن ابو سعود رغم إنني أفتخر بموقفي ضد سلطة نظام البعث ولكن لا استطيع العودة الى العراق رغم كبر سني ومرضي مزمن ، بسبب وحيد لا اريد ان اشوه ما لدي من الصور الجميلة عن حياة المجتمع العراقي وطيبة أبنائه وجمال مدنه ، لأني غادرت العراق قبل 30 عاما تقريبا ، احب ان تبقى تلك الصور في ذهني ، وبخلاف ما اسمعه اليوم من تشوه مخيف في جوانب حياة المجتمع العراقي . إضافة الى تردي الوضع الآمني الى مستويات لا يتصورها عقل الانسان ، ورغم سماعنا من خلال الاعلام عن رجوع الامان الى مدينة بغداد ولكن نرى التفجيرات من قبل الفضائيات هنا وهناك .
ويقول الدكتور جمال اسد منذ الايام الاولى لسقوط نظام البعث كانت لدية رغبة شديدة للعودة الى العراق بعد سنوات الغربة والمساهمة في بنائه ، فالمحاصصة والطائفية المقيتتين التي سيطرة المفاهيم والسلوكات الطائفية على الهياكل الادارية داخل المؤسسات  وسادت كل مناحي الحياة السياسية والوظيفية ، إذ لم يعد هناك مجال للكفاءات والإختصاصات للأشخاص الذين لا ينتمون الى الاحزاب الحاكمة العمل في مؤسسات الدولة ، أي أنتشار المحسوبية والمنسوبية والحزبية الضيقة في التوظيف على حساب الكفاءات والمواطنة . وهناك مشاكل أخرى تحول دون العودة وأهمها توفير السكن والاستقرار الأمني وأرتباط أبناءنا بالدراسة .

دون شك ان الخسارة التي تلحق العراق من خسائر فادحة جراء هجرة كفاءاتها الذي هو في أمس الحاجة اليها لتطوير بنيته الاساسية في مختلف فروع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والحياتية والخدمية ومساهمتها في تطوير مهارات الكفاءات العلمية والإنسانية من خلال تطوير للبنية الاكاديمية والتخصصية الكاملة ، وهناك جانب آخر من الخسارة لأصحاب الكفاءات لا يجدون أعمالاً تتناسب مع مؤهلاتهم العلمية والمهنية في مهجرها نتيجة عدم الاعتراف يشهادتها وتقييمها وهناك ايضا التمييز العنصري بحقهم في بعض بلدان اللجوء لعدم افساح لهم العمل ضمن اختصاصهم ، إضافة الى عدم اتقان لغة البلد بصورة حديدة .
الغربة تعب وشقاء وملل وكأبة وتفكير بالأهل والأقرباء والاصدقاء وحنين للوطن وهذه بعض من معاناة العراقيين في الغربة ، وان اغلبهم يرغبون العودة الى العراق إذا أستقر العراق وعدم تردي الوضع الامني والاهتمام الدولة بالجانب الانساني والنفسي للفرد العراقي وتوفير الخدمات الحياتية والرعاية الطبية له . استطيع ان اقول في هكذا الحال لتعود الطيور المهاجرة الى أوطانها .
 


125
مشاهد لم أنسها طوال عمري

محمود الوندي

لم ينسى التأريخ مجزرة عام 1988 من شهر أذار في أيام نظام البعث هي الأكثر دموية بحق القومية الكوردية بقتل اهلها وحرق قراها ومن فيها ومنها السلسلة الجبلية الجميلة ووديانها وما تحويه بين طيّاتها من أماكن جميلة ورائعة وامام أعين العالم ، ورغم سكوت الرأي العام العالمي والمحافل الدولية عن تلك الجرائم البشعة ، ولكن وضع عليها التأريخ إشارة بالخط الأحمر القاتم ، وكانوا ضحية تلك المجازر هم الناس البسطاء والأبرياء لاحول لهم ولا قوة ، وليس لهم أي ذنب سوى يريدون حريتهم في وطنهم والعيش الكريم بين طيات اهلهم وارضهم .                             
حيث قام النظام البائد بتنفيذ جرائمه البشعة خلال حملات الأنفال بحق الشعب الكوردي بصورة منهجيـة ومخططة بمساعدة أجهزتـه الحزبيـة والامنيـة والعسكرية المختلفة من القوات المسلحة دون سابق انذار لأبادة الجماعية للشعب الكوردي بالاسلحة الكيمياوية التي حرمها القانون الدولي ، وقبل القانون هي من المحرمات في كل الشرائع والاديان السماوية والاعراف الأنسانية . تحت أسم عمليات الأنفال السيئة الصيت زهقت أرواح الألاف من السكان
 
     
  هولاء دفنوا أحياء في مقابر جماعية  ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, الطاغية صدام حسين ارتكب هذه الجريمة

القرى والقصبات في أقليم كوردستان العراق وجراء تلك العملية الدموية التي يندى لها ضمير الإنسانية والتي تدخل في صنف الإبادة البشرية ( الجينوسايد ) أدى الى وفاة أعداد كبيرة وأصابة الأخرين بجروح وحروق ، ودفن أحياء منهم في مقابر جماعية بعد ألقاء القبض عليهم وجلهم من الأطفال والنساء والشيوخ أمام أعين دول الأقليمية بل كل دول العالم بالأضافة الى محاولة بعض الأعلاميين والأقلام المأجورة تكذيب تلك الجرائم ، في وقت لم يتسنى للشعب الكوردي إيصال صوته وأنينه الى المجتمع العالمي ، لأن نظام البعث صرف الملايين من الدولارات في كم الأفواه والدعاية الأعلامية . وعلى أثر تلك المجزرة الكارثية لا زالوا نسبة كبيرة من سكانها يعانون من مشاكل صحية وتشوهات خلقية لولادات ، كما تعاني نسبة كبيرة من النساء من مشكلة الاجهاض .

مشاهد لم أنسها طوال عمري

وإليكم هذه الرواية عما تختزنه الذاكرة من الكورد الناجين من عملية الانفال وشاهد الجريمة المقززة بكل تفاصيلها :                                          
بينما كنت جالساً في احد المقاهى وكانت بداية فصل الربيع وأشعة الشمس المنبعثة من قرصها السرمدي في النفوس والاجساد فتدب فيها الحركة والنشاط فينطلق كل الى غاية رسمها لنفسه ، وفي تلك اللحظة جلس الى جانبي الرجل المسن بعد ان سلمت عليه ودار الحديث بيننا موضحا من كلامه انه من احد الناجين أي نجى من القصف الكيمياوي على اقليم كوردستان بأعجوبة ، واخذ يتكلم معي على تلك الماساة بحزن شديد وألم ما فقده من الافراد أسرته ومئات الاشخاص من اقربائه وأصدقائه في منطقة باليسيان . سألته كيف انت نجوت من الموت الحقيقي بعد ان شممت تلك الرائحة وفقدت الوعي ، فأجابني لا أعلم كيف نجوت عندما أستيقظت من الوعي بدون وعي بدأت بتغيير مكاني أكثر اماناً لحين ما استطعت الخروج من القرية وأختفاء امام عيون الغازيين وبعد غروب الشمس تسللت الى خارج القرية وأتجهت نحو الغابات والحقول المجاورة لقريتنا وبعد ذلك تمكنت الوصول الى المناطق الوعرة او المناطق المحررة التي تتواجد فيها قوات البيشمركة .


الجيش العراقي يزحف نحو احدى القرى الكوردستانية لتدميرها وقتل أبنائها
وسألته أيضاً كيف شاهد القرية بعد القصف الكيمياوي ، فسكت قليلاً وقال بصوت خافد فلقد رأيت مشاهد لم أنسها طوال عمري وأستمر في كلامه ودموع تنزل من عينيه نظرت اليها( يقصد القرية) أشبه ماتكون بمتاحف الشمع تنتشر فيها الجثث من البشر والحيوانات أكثر من أنتشار البيوت وكما شاهد أحتراق الاشجار والبيوت  .
 
فقلت له احب ان أسمع منك حول ما دارت من المأساة والمعاناة في تلك الايام الصعبة من حياتك وحياة الشعب الكوردي ، فسكت كعادته ثم قال لي انا أسرد مفردات حياتنا لك في تلك اللحظة فهي أصبحت معلومة للقاصي والداني وأخذ يستمر في كلامه .... أتذكر ففي شهر آذار من تلك السنة المشؤومة كان البرد يلف كوردستان ويدفع بأهلها الى الأحتماء ببيوتهم البسيطة والمتواضعة ولكن مع أشراقة الشمس واعتدال الجو وصفاء السماء ، أخذت العوائل كعادتها تعد الطعام لتناول الفطور عند الصباح في واحة الدار ، لأن شهر أذار يستهل الربيع في إطلاته الرائعة والجميلة ومكانته المميزة عند الشعب الكوردي فهو مليء بالمناسبات المفرحة ويعتبر اليوم الجديد لأنه يحمل لنا ألوانه ومباهجه بعد رحلة طويلة مع الثلوج التي كانت تكلل هامات القمم مع قدوم فصل الربيع فتبدأ الثلوج بالذوبان وجلب الورود بألوانها الزاهية ورائحتها الزكية ( وما زال حديث للرجل المسن الذي يجلس بجانبي ) ، وبسرعة تهتز تلك الطبيعة الخلابة وتعكر أفراحنا وأيامنا من قبل أعداء الحرية من العنصرين ومرضى النفوس الذين يدمى قلوبهم مشاهد أفراح شعبنا ، واصبح الربيـع مشؤوما علينـا  فـي تلك السنة أي عام 1988 عندما ظهرت الطائرات العراقية تعوم فوق قريتنا بشكل مستمر ومنخفض ، حيث تولى قصف القـرية والأحياء السكنية منها ملفت للنظر بالصواريخ المعبئة بالكيمياوي ، ثم توسع ليشمل المزارع والقرى المحيطة بينا ، وبقي القصف مستمراً بحيث استمر الى الساعة الثانية ظهراً .
   
 وأستمر الرجل المسن في سرد التفاصيل فيقول انتشرت في الجو روائح التفاح والثوم وروائح كريهة تشبه روائح المياه الثقيلة الآسنة أو المياه المعدنية كريهة الرائحة التي عمت الجو حيث حاولنا بغلق النوافذ بيوتنا ولكن دون جدوى لقد تغلغلت الروائح في ثنايا البيوت وتسربت الى الغرف والسراديب من خلال فتحات البيوت وتسللت الى المناخرهم   والأفواه وألآذان لتقتل الجميع وشاهدت تساقط الناس في بيوتهم  ،،،،  وخارج بيوتهم بين
   
فروعات القرية ( دربونة ) كأوراق الخريف بعدما يتقيأون سائلاً أخضر اللون وبشرتهم أصبحت سوداء ومتورمة في حين ان اخرين أصيبوا بهستريا وراحوا يقهقهون ثم ينكفئون فوق قيئهم والبعض الاخر فقد بصره واصبح لايرى بالعين المجردة رغم كونها مفتوحة لكن البصر انعدم فيها ، كما شاهد اطفال يرفسون بأرجلهم دون أصابات ظاهرة ، نساء يحملن اطفالهن الرضع تحت ثيابهن ، لكنهن يكتشفن أنهم صمتوا دون صراخ وفعل الشيوخ الذين آثروا ان يحموا احفادهم واولادهم باجسادهم ناموا نومتهم الأخيرة ،


الشيخ المسن يحاول ان ينقذ حفيده

من حاول برقع ذاته وعائلته وسط النايلون والبلاستك المانع لكن الهواء الكيمياوي تسرب اليه كالمخدر وجعلهم صامتين وسط كابوسهم المغلف .
عندما سألته لماذا لم تسعملوا الماء لغسل أجسادكم ووجهوكم بشكل خاص ؟ أخذ يحرك رأسه وأيديه معاً ، فأجابني بالقول وعلى وجهه علامات غضب وتعجب!!! شابات وأطفال ركضوا بأتجاه عين الماء وغسلوا وجوههم وأياديهم ولاذوا بالماء الذي تلوث بالكيمياوي هو الآخر فناموا نومتهم الاخيرة جنب مسيل الماء . وحتى الدجاج الذي ركض ولاذ بالزرائب مع الكلاب والابقار والاغنام الذين سبقته في الرفس والأحتظار هو الآخر نفقى على قارعة الطريق ، حتى الحيوانات البرية التي كانت تراقب المشهد بحس فطري وتعرف حجم الكارثة غير أنها آثرت أن تبقى مع اهل القرية وتكون نهايتها معهم .
وفي سياق حديثه قال غير أن الفاجعة الأنسانية الأكبر بدأت في الساعة الثانية والنصف ظهراً حيث كان أشد إيلاماً وأصبحت أكثر رعباً وبشاعةً حين انهالت علينا قذائف الدبابات والمدافع والهاونات البعيدة المدى كالمطرمن جميع الجهات التي أستمرت تنزل فوق رؤوسنا ورؤوس أطفالنا لتكميلة الجريمة التي بدأها الطيارات العراقية لقتل من نجى من السلاح الكيماوي ، ولم تستطع بيوتنا البسيطة أن تحمينا ولم تكن لنا أية فرصة سانحة للفرار أو ترك المنطقة وخيار في الانتقال الى الاخرى بسبب الطوق الذي فرض علينا من جميع الجهات من قبل الجيش العراقي واخيرا سلموا امرهم لله . قبل ان اودعه وقال لي وهو رافع رأسه الى الاعلى ( أكو الله ) .
وسيبقى جريمة الانفال في ذكرانا ونابضا في قلوبنا وحية في ضمائرنا وتبقى أنشودة في فهم تأريخ شعبنا لأنها شاخصة في مختلف مناطق كوردستان ، ولعل من بين أهمها العاهات والأمراض المزمنة ، في كل ربيع يكتب عنه ألاف من القصائد والمقالات من قبل المثقفين العراقيين من جميع أطايفها .

   
ما ذنب هؤلاء



126
المالكي بين دعوات المصالحة مع البعثيين وقوانين الأجتثاث

محمود الوندي

كان توقعنا بعد سقوط نظام البعث يعود العراق إعادة هيكلية جديدة للنظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي يصب في خدمة الشعب العراقي وابعاد شبح عودة النظام الدكتاتوري والنموذج الشمولي للحكم من خلال إنشاء النظام الديمقراطي والفيدرالي وبناء المؤسسات البرلمانية واجهزة الدولة وفق اسس جديدة يفترض ان تقوم على اساس الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية تؤمن بسلطة القانون وعدم حصرها بأشخاص الحزبين فقط ، يفترض ان تمس التغييرات والإصلاحات مصالح عموم الشعب العراقي وخاصة ضحايا النظام البائد لكي لا تذهب تلك الضحايا الغالية على الشعب العراقي جزافاً ، ومن جهة اخرى  تشكيل المنظمات الانسانية والمدنية المستقلة عن السلطة والاحزاب وبالاخص في مجال حقوق القوميات والاقليات الدينية خدمة للمجتمع العراقي .
ولكن مسار الأحداث وتطورتها لم تجري بالشكل المطلوب التي تراهن عليها المكونات العراقية المختلفة بل على إعادة الوضع في العراق الى ما كان عليه زمن نظام البعث والذي يتقاطع بشكل جوهري  مع طموحات المواطن العراقي ، ونرى كيفية السيد نوري المالكي يتجه بشكل واضح نحو الحكم المركزي الشمولي من خلال خطاباته هنا وهناك ، ولم يضع المالكي ابناء الشعب العراق نصب عينه وعندما اعلن بكل صراحة امام جمهرة شيوخ العشائر وطلب بوضوح مصالحة أركان النظام البائد من فلول حزب البعث الذين اجرموا بحق الشعب العراقي خلال الحمسة وثلاثون عاما من القتل والتعذيب والتهجير ، وودعمهم للاعمال الإرهابية التي يقومون بها على طول العراق وعرضه لتشويه العملية السياسية الجديدة في العراق  ومحاولتهم على فشل تجربته الحديثة .
 ورغم السبب الحقيقي والرئيسي لكل ما حل ويحل من كوارث وويلات للعراقيين هو حزب البعث ، لكن السيد المالكي استغل الفرص وقفزعلى الديمقراطية ومغافلة حلفائه حيث طالب بمصالحة حزب البعث لمآربه الشخصية بدون عرضها على البرلمان العراقي لدراسة ومناقشة الموضوع ... دلالة على تقوية وتعزيز النزعات الشوفينية وإعادة ثقافة الدكتاتورية وإعادة النظام الشمولي بمبتكرات جديدة لتغيب أشكال الديمقراطية والفدرالية وتهميش دور الدستور الذي صوت له اكثر من 12 مليون عراقي وتصغير البرلمان الذي انتخبه الشعب ، والذي قرر ووافق على قانون اجتثاث البعث (قانون المسائلة والعدالة) وفق بند السابع من الدستور العراقي  ويعد هذه الخطوة الدافع الأقوى لبقائه على دفة الحكم .
وفي الوقت الذي يقوم ايتام البعث بتنفيذ عملياته الإرهابية والعدوانية ضد الشعب العراقي والقتل الجماعي بحق ابناءنا منذ سقوط نظامهم بعد تنظيم صفوفهم من جلادين وقتلة الشعب العراقي على شكل خلايا ، فبدلا من ان تجري محاسبة ومعاقبة هؤلاء المجرمين قانونيا وضمن مقاييس العدالة الحقة ومتابعة حركاتهم ، وتقديم التعويضات لذوي الضحايا الذين تعرضوا الى التعذيب والقتل والعلل النفسية في الماضي والحاضر على الايدي  فلول حزب البعث ، بدلا من تطالب حزب البعث والدول التي ساندتهم  وزودتهم بالمال والسلاح بالاعتذار الى الشعب العراقي . يبلط السيد المالكي طريق عودتهم الى الحكم ويقدم عرضا لهم ويدعو قيادات حزب البعث الى تجديد للحوار والعودة الى المصالحة ، للأسف لقد نسى السيد المالكي تلك الاحداث والجرائم في عهد نظام البعث التي قادت البلاد الى تلك المآسي والكوراث وكانت ضحيتها أبناء شعبنا ، ونسى المالكي ارهابهم ومجازرهم الدموية وسياراتهم المفخخة والعبوات المتفجرة والاحزمة الناسفة لقتل العراقيين ، كلها التي حدثت وتحدث في الطرقات والساحات العامة وداخل الاسواق والتجمعات الجماهيرية ، وعدم استشفاف المالكي نبض الشارع العراقي لذلك يريد الآن ارجاع ازلام النظام البائد عبر الشبابيك بحجت المصالحة الوطنية الى السلطة على حساب مليون قتيل عراقي ، بعد ان طرد من اوسع الابواب   . 
ألا يدري السيد المالكي فعودة هؤلاء المجرمين ليسوا مرغوبين لدى العراقيين ولا قيمة لهم في الشارع العراقي لآنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالفيدرالية ، وحتى أولئك العائدين من السياسيين غير البعثيين الى العراق ، وكانوا معارضين للنظام الجديد وتعاونهم وتعاطفهم مع الإرهابيين باسم المقاومة الشريفة ، وقبولهم  الآن (ما تسمى) للمصالحة  الوطنية ، لا مصداقية لهم ولا لتحركهم ولا يحظون أصلا بشعبية او تأثيرهم على الشارع العراقي ، لأن الشعب العراقي يعرف كيف وقفوا هؤلاء الى الجانب النظام البائد بحجة دفاع عن الوطن وطالبوا القوى المعارضة (انذاك) الحوار والمصالحة مع نظام البعث قبل سقوطه اي في أواخر ايامه بل كانوا واجهة من واجهات حزب البعث من خلال كتاباتهم في الصحف الورقية والأنترنيتية طوال سنوات انهيار حكم البعث .
ولم يأبه البعث للمالكي وبالاخص التنظيم البعثي الذي يقوده عزت الدوري رافضاً لكل شكل من اشكال المصالحة معه ، وترك دعوات المصالحة لتتطاير مع رياح ، لأن البعث يريد العودة الى السلطة بإنفراده بها ولم يقبل الشراكة مع كان من يكون ، لأن حزب البعث ما زال يمتلك إمكانيات واسعة من المال والخبرات الخبيثة  للتحرك داخل العراق وتدمير البنية التحتية له ويمتلكون الكثير من الوسائل لتعكير الأوضاع ، إضافة الى دعم الدول المجاورة والاقليمية له .
والسؤال هنا !!! هل يستطيع السيد المالكي اخضاع للشروط البعث وخروجه عن إرادة الشعب وطموحاته بأسقاط العملية السياسية التي قامت بعد سقوط النظام البائد والغاء قانون اجتثاث البعث ، واطلاق صراح اعوانهم القابعين في السجون رغم ارتكابهم ابشع الجرائم بحق العراقيين ، وتعويض جميع البعثيين الذين تضرروا في العهد الجديد وإعادة جميع مميزاتهم واسترجاع حقوقهم ، والاعتذار لهم بتوقيعه على اعدام قائدهم الفذ ( صدام حسين ) .
أخيرا، السؤال الأكثر ديمومة بشأن الشراكة الاستراتيجة لهؤلاء في الحكومة العراقية !!! . هل هذا الخيار لاغراض وطنية بحتة لتوحيد الساحة العراقية وللخروج من عنق الزجاجة وتخلص من الشرنقات الطائفية التي رسخت مكانتها داخل المجتمع العراقي أم جهود المصالحة الذي يبذله السيد المالكي لتحدي حلفائه سابقين وكسب البعثيين في ضوء الإستعداد لحملة الانتخابات التشريعية القادمة وعدم عودتهم الى للإرهاب والتفجيرات مقابل عودتهم السلطة مرة اخرى أم يسيس المؤسسة التنفذية لمصالحه الشخصية والحزبية من خلال الطعن بهذا او ذاك وتكسير أجنحة الدولة العراقية الجديدة من خلال خطاباته وتحديه الدستور واهمال السلطة التشريعية  لكسب عواطف اعداء الشعب العراقي أم لضغوطات خارجية  .
وعلى السيد المالكي ان يسلك أحد الطريقين اما محاسبة المجرمين والجلادين وانصياع للأوامر الشعب وطموحاته او بالعكس . لأن ليس هناك طريق وسط لألتقاء الشعب العراقي مجددا مع جلاده وهذه ليس غامضا ، والشعب العراقي يرفض ان يقوده الجلاد ويرفض الذل بعد اليوم ، لا اعتقد ان ينسى الإنسان العراقي تلك الحقبة المظلمة وبشاعة الحكم البعثي في العراق . فلعبة المصالحة الوطنية على توجهات خاطئة وابتعاد القوى الوطنية الحقيقة عن الحوار وأقتراب جلادين الشعب تعد من اعتى الأسلحة لهدم أسوار البناء الجديد في العراق الجديد وتحطيم معنويات المواطن العراقي وعدم تحقيق أماني الشعب العراقي بكل مكوناته  .


127
أدب / حلمانه
« في: 00:06 08/03/2009  »
   
حلمانه
الثامن ُ من آذار ِ ... يومك ِ يا واهبة َ الحياة ِ


محمد المنصور



حلمانه ... ليلة دخلتي
أوثوب العرس .. أسودْ
مرسوم بيه نجمه وگمر
اُوفوگ الصدر .. معبدْ.

وعند الخصر .. منقوش
چف ومُكْحَله ومرودْ.
اُونگطات دم .. عالذيل
مرشو شه فلا تنعدْ.

على يميني .. شفتْ تابوت
منّه إيد إلي تمتدْ
على يساري .. ضوه شمعه
واصل للسمه وأزودْ.
***
گدامي ... شفتْ شباچ
صليب إعليه ومبسّمرْ
سندانه .. إنچفت ليغاد
واُمطشر ورد أحمرْ.

معاضد ذهب .. ومحابس
يمها العين تتحيرْ
على التابوت حطوها
ولفوها .. بعلم أصفرْ.

بدله إمزرّفه زرگه ...
ودم بالگاع متخثرْ
وبالحايط.. شفتْ تصوير
شاب إمعدّل وأسمرْ.
***
ردتْ أصرخ .. فلا أگدر
چني إبصوتي مخنوگهْ
گلت أمشي .. وأحسن
بالأرض رجليّ مدگوگهْ

وأنه بحيرتي وخوفي ...
أنفتح باب .. اُوشفتْ جوگهْ
يجرون أبشخص مجروح
من دمه .. أنترس ثوبهْ

أظن ... فلاح يا يمه
فقير وحاله مسحوگهْ
اٌوفزيتْ .. وطلع كابوس
بس الشمعه معلوگهْ ...!


   

128
هل تقف المرأة العراقية ضد حقوقها ؟ !!!
محمود الوندي

لا تزال حقوق المرأة تشكل إشكالية رئيسية في المجتمع العراقي ويعتبر موضوعا من الموضوعات المهمة ، لم يراع حقوقها بشكل مطلوب من المجتمع العراقي ، بل كان ظالما بحقها بفعل التقاليد العشائرية والعادات القديمة والموروثات الدينية والاجتماعية سائد في مجتمعنا التي احتضنتها الأسر ومن خلالها تفرض عليها قيودا صارما والتي تقف حجرة عثرة في طريقها لوصول الى مطامحها وتسلب حريتها وحقها في الحياة وتكبت رغباتها ومواهبها ، وهكذا المرأة العراقية تعيش في اوضاع مأساوية لا تليق لها الحياة في هذا القرن ، ولم تعالج مشكالها اجنماعيا وسياسيا بصورة صحيحة كمساوتها مع الرجل في الإنسانية اي معالجة التمايز الإنساني ونزع سيطرة الذكورية من المجتمع الذي ينظر الى المرأة بالنظرة الدونية والهامشية ، والكل ينادي بحقوق المرأة ، فيما كل ينتهك حقوق المرأة !!! .
واقوى من تلك الاسباب هيمنة الاحزاب الاسلامية التي تلتزم بالفكر الديني المتزمت على الشارع العراقي وأخذت تتدخل في حياة العراقيين ونمط حياتهم ومأكلهم وملبسهم ، وقد كان نصيب المرأة العراقية التي أزادت معاناتها مضاعفة وبقيت الضحية لسياستهم المقيتة وانكار بحقيقتها داخل المجتمع حينما تتعامل بعدم الاحترام لها والاستهانة بقدراتها وإمكانيتها ، وتفرض عليها عبودية مقرفة عفا عليها الزمن ، ولايجد في المرأة سوى تابع للرجل ولا تصلح إلا عمل في البيت وأنها نعمة وهبها الله للرجال لكي يتلذذوا بها ، وليس مكانها ميدان الحياة العامة أي انها ليست لشيء سوى للانجاب الاطفال وارضاعها والحفاظ على النسل العائلي . وعرفت هذه القوى الظلامية التي هيمنت على اكثر المدن العراقية عدائها للمرأة العراقية لم يشهد العراق مثيلا لها وتهميشها الى ابعد الحدود بدلا من تخليصها من الاعباء الاجتماعية والاقتصادية المرهقة ، ونظرتها الاحتقارية للمرأة فلا تقبل تحدث عن حريتها ومساواتها وحقوقها  .
ان واقع المرأة العراقية يتدهور ويتراجع الى خلف حالها حالة بقية شرائح المجتمع العراقي ، وامتهان كرامتها وتعيش في اوضاع من العبودية تحت مسميات مختلفة . وشهدت اوضاع المرأة المزيد والمزيد من التردي والمزري بعد احتلال العراق وهيمنة القوى الاسلامية  المتشددة ، لاجترارها لأكثر التقاليد قديمة وتخلفية ، بدأ من فرض الحجاب عليها إجباريا وإعادتها الى عصرالحريم والى حرمانها من فرص التعليم ، وكل ذلك جرى وتجري باسم الدين والشريعة . فقد تدنت حباة المرأة العراقية في كافة مجالات الحياة الى الحضيض ، واتسعت عدد الأرامل في البلاد وناهيك عن الأطفال الأينام نتيجة للحرب الاهلية الطائفية التي حلت بالعراق وبات على المرأة ان تتحمل العبء الأكبر لمسؤولية اطفالها وتربيتها وتدبير معيشتها ، إضافة الى شؤون الحياة الاخرى من دون ان تلقي الحماية اللازمة والعناية من الجهات المختصة في ظل هذه الظروف الشاذة لصيان  كرمتها وكرامة اطفالها .
حيث ازاد من حجم الشعور بالمرارة لدى كثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية الذين يدافعون عن حقوق المراة وإنهاء ظاهرة العنف ضدها ، عندما تقف المرأة نفسها ضد حقوقها بسبب هيمنة الفكر الديني المتزمت على عقلها واتهام المدافعون عن حقوقها بانهم يستقون افكارهم ومبادهم من الغرب ، وتبين مدى عمق التخلف الفكري لدى بعضها ، برغم الدعوات والشعارات التي طالما يرددها هؤلاء الناس ومن ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة لأن جمال الحياة لا يكمن إلا في ثنائيتها ، وعدم انتهاك كرامتها وسلب إرادتها لتمكين المرأة من الوصول الى مراكز اتخاذ القرار لأن دعاة حقوق المرأة مقتنعون بأن هناك المهام تستطيع ان تقوم بيها احسن من الرجل .   
فالمرأة هي عاملا اساسيا التي سمحت بذكورية المجتمع والسلطة والقرار ، عندما تتحدث بهذه الشكلية ضد من يدافع عنها وكل من يدعي الى نصرتها ، لأنها مقتنعة بنفسها بأدوار بسيطة تقوم بها وتكتفي بالنزر اليسير مما يمنحه لها الرجل ، هكذا تشعر المرأة بانها المخلوق الضعيف تحتاج الى من يدافع عنها ويمنحها الحقوق والامان والعطف لأنها لم تستطيع من مواجهة المجتمع ، وليس لها الإرادة من تغيير لأنعدام ثقتها بنفسها ولم تحاول ان تفهم  وضعها داخل المجتمع العراقي ، والكثير منهن مقتنع بالفكر الديني المتزمت بل مقتنعين بالافكار الاحزاب الدينية الذي تهمش دور المرأة وتكبيل حريتها والغاء ما كان قد شرع لأنصافها من قوانين ، وناهيك عن الاجواء السائدة على المجتمع كله حيث ان العقلية القديمة والمنظومة الفكرية الذكرية هي سائدة وكما قلنا ، وقد تكون هذه الاساليب هي اقوى تأثيرا وأشد ضررا على نفسية المرأة العراقية  .
لم يبقى لدينا سوى نطلب ونقترح على الحكومة العراقية تجهد خصوصاً لسن القوانين تحمي المرأة من الأهمال واعمال العنف ضدها ، لان معيار التطور الحضاري لأي بلد يقاس بمقدار التحرر الفكري الكامل للمرأة ، بحيث يتعامل معها كإنسانة ولها كيانا مستقلا ، وتمكين المرأة المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والسماح لها بالوصول الى مراكز القيادة أسوة بالرجل ، وإبداء برأيها في المواضيع التي تهم السياسة العامة ، لأن كل منهما يكمل الآخر.


129
أطفال الشوراع .. أعمال شاقة ومستقبل مجهول
                                                                                                    محمود الوندي
 هناك الكثير من العوائل العراقية التي تنتمي الى شريحة السكان الأكثر فقراً وتعيش ظروفاً قاسية واوضاعاً تخرجها عن مفاهيم الطوق المألوف اجتماعياً وبالاخص حينما تكون المرأة هي المعيلة للاسرة ... وقد تشتد احياناً هذه الظروف المأساوية فتدفع الاطفال الى العمل في سن مبكر . تجد طابورا كبيرا من الاطفال يملأون شوارع العراق والمشردين في أزقة المدن بلا مأوى ويقيمون في العراء او يعمل (البعض منهم) تحت مسقف من عيدان الجريد لا يحمهم من حر الصيف ولا مطر الشتاء ، وهؤلاء الاطفال معرضون للانحراف وتعاطي المخدرات والكحول ، لأنهم لا يجدون الرعاية والاهتمام ، للأسف هؤلاء لا يحملون من طفولتهم سوى الإسم لذلك يطلق عليهم أطفال الشوراع .
إن وضع هؤلاء الأطفال الصحي يصبح في خطر لتفشي الامراض والاوبئة ، ليصبح هؤلاء الابرياء عالة على المجتمع ، وقد  يتطور الأمر ليصل بهم إلى حد الإجرام وممارسة الحرام في كثير من الحالات ، وتتحول هذه الزهور في وقت معين تحت ظروف معينة إلى صبار شائك ، تفيد بعض المعلومات ان اطفالاً تتراوح أعمارهم بين 10 و 14 عاما التحقوا بمجموعات مختلفة من المسلحين من اجل لقمة العيش او انتقاما لمقتل احد ذويهم ..
 والأطفال الذين يعيشون ويعملون في الشوارع وهم في مقتبل العمر لا تزيد عن 15 عاما ويكونون عرضة للعنف والاستغلال وتعاطي مواد الإدمان ، حيث يلجأ ال كثير منهم
                                                                                         
 


يقع المزيد والمزيد من اطفال العراق ضحايا الارهاب والعصابات المجرمة
إلى المخدرات من أجل تحمّل حياتهم وأوضاعهم الصعبة ، ويدفعهم الفقر والجوع الى أحضان عصابات خارجة على القانون وسط عجز المؤسسات الحكومية والمنظمات الإنسانية في توفير بيئة صحية آمنة وينمو فيها بطرقة صحيحة وجيدة ، لكن ما يفاجئك وسط كل ذلك السواد المؤلم القاسي ابتساماتهم البريئة وأحلامهم الصغيرة وقوة ارادة الحياة لديهم والتسليم بقدريتها .

ولم يفلح الطفل العراقي بعد انقاض النظام البائد شأنه شأن شرائح المجتمع العراقي ، ويؤكد هذا الواقع الراهن ولدينا حقائق وادلة كثيرة بان الطفل العراقي يدفع ثمنه الفادح من حياته وفرص تقدمه ورخائه وحقه في العيش الكريم موفور الكرامة ، ومنها هذا التحقيق الذي إرتأينا إعداده لتسليط الضوء على محنة الطفل العراقي وعمله في الشوارع وساحات العمل لكسب لقمة العيش ، بكونه ضحية الفقر والحرمان والفساد الاداري والمالي والتي ستبقى اثارها المدمرة الى أمد بعيد . واصدرت الامم المتحدة في جنيف تقريراً ان اوضاع الاطفال في العراق ليست اوضاعهم افضل بعد الاحتلال الامريكي للعراق ، بل أسوأ بكثير من فترة النظام البائد ( نظام البعث ) حيث اشار التقرير الى تدهور أوضاعهم عاما بعد عام بشكل لافت النظر . 
يتزايد يوما بعد يوم تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العراق وعمه الخراب الشامل ليس اقتصاديا اجتماعيا فقط ، بل عمه الخراب ثقافيا وصحيا وبيئيا ، ومن الطبيعي هذه الاوضاع تؤثر على وضع العائلة العراقية والتي تبين اثارها المدمرة وتحديدا على الاطفال ، وتزايد ظاهرة الفقر والجهل في مدن وقصبات العراق ، وهي احد الاسباب المهمة التي تدفع الاطفال الى ممارسة اعمال شاقة ولساعات طويلة رغم صغر سنهم مثل بائع متجول يجوب الشوارع بحثاً عن الرزق او بيع المناديل الورقية  والسكائر او في صبغ الأحذية

ما ذنب هذا الطفل يتحمل مسؤولية العائلة
   
او تنظيف السيارات على تقاطع الطرق وفي ساحات لوقوف السيارات ، حيث يكونون عرضة لكل التقلبات المناخية من برد  قارس ، أو حر شديد ، مما ينتج عنه أمراض مختلفة منها السل والسرطان .   
  بسبب الفقر والحرمان يمارسون هذه الاطفال كل انواع المهن بمساعدة عوائلهم في رفع بعض معاناتهم الاقتصادية ، لعدم قدرة الأسرة على رعاية أبنائها وتغطية احتياجاتهم الرئيسية من مأكل ومشرب وملبس وعلاج ( وتزداد هذه ظاهرة مع بداية كل صيف أي مع انتهاء الموسم الدراسي لأن عوائلهم تعجز ان يوفر لهم متطلباتهم وحاجياتهم المدرسية ) . وتؤكد تقارير المؤسسات المدنية والاجتماعية على اوضاع هولاء الاطفال في العراق صعبة وشاقة . وهناك اسبابا عديدة تقف وراء انخراط الاطفال والتي تتراوح اعمارهم بين 10 و 15 عاماً للعمل في الشارع لكسب المال من اجل لقمة العيش ، بعد ترك الدراسة . إن خروج طفل في العاشرة من عمره إلى الشارع يجعله لقمة سائغة للادمان على السكائر والخمور والمخدرات ، وقد يتعرض الطفل الى الاعتداء الجنسي ايضا في بعض الاحيان.
 

ان الغلاء وارتفاع بدل الايجارات المشاكل الاجتماعية والعوامل الاقتصادية تدفع الاطفال الى للعمل وترك الدراسة في سن المبكرة ، يشير بعض الباحثين الى عوامل اخرى تتعلق بالفشل المدرسي ومنها سوء المنهج التربوي التعليمي في المدارس وقسوة المعلم مع طلابه كان دافعا اخر كي ينفر الطفل من المدرسة والتوجه الى ساحات العمل من اجل لقمة العيش فلا يجد غير الشارع هو الملاذ الواسع للعمل ، كما ان التوتر داخل البيت وزحف شبح التفكك الأسري نتيجة الطلاق ليخيم على البعض سببا اخرا يؤثر سلباً على نفسية الطفل الهشة فيجد بالشارع ملاذا لا بأس به بالنسبة لما يعانيه ، حيث يصبح وقت الفراغ أطول والآفاق المستقبلية أضيق ، فينضمون إلى مسيرة التشرد . أن النتائج المترتبة على هذه الظاهرة خطيرة بسبب عدم اكمال هؤلاء الاطفال اعليمهم .وهذه الظاهرة  لها تأثير كبير على المجتمع ككل وخاصة هذه الشريحة التي يفترض أنها تمثل أجيال المستقبل . فبدلاً من أن ترى الابتسامة على وجه طفل وبيده دمية يلعب بها أو تجده مستيقظا نشيطًا ذاهباً إلى مدرسته ... تجده عبوس الوجه رسمت السنين التعب على وجهه الصغير وغابت عن ملامحه الإبتسامة وحلت مكانه علامات البؤس والشقاء .. 
 من أخطر النتائج المترتبة على تلك الظاهرة هي الانحراف ، حيث إن خروج طفل في العاشرة من عمره مثلاً إلى الشارع يؤدي به حتماً إلى الانحراف ويخلق منه طفلا منحرفا لأنه لا يدرك الصواب من الخطأ  ، وعدم وجود له رادع .
فإن عرجنا من الموضوع فيلزمنا جولة داخل المدن العراقية لنثبت الحقائق الملموسة ، وهكذا بكل عفوية نحاول ان ندخل تفاصيل حياة هولاء الاطفال في كثير من أماكن العمل والتشرد والتسكع واللهو فنرصد حركاتهم وصداقاتهم وأحلامهم ، وكشف الحقائق هذه الظاهرة المؤلمة والمخيفة التي يقصها الاطفال من خلال حكاياتهم البؤس والحرمان وعن سبب تشردهم . 
ويقول احد اطفال واسمه " إسامة " (12 عاما) الذي يبيع المناديل الورقية على تقاطع طرق وسط مدينة بغداد العاصمة قبل حوالي اسبوعين انهيت المدرسة وجئت اشتغل هنا كي اساعد عائلتي وايضا لاشتري لي بعض الملابس والملزمات المدرسية للسنة الدراسية القادمة  .
ويضيف زميله حيدر لم يتجاوز بعد سن الثامنة من العمر ، وقائلاً " والدي يشتغل ولكنه يعجز ان يوفر متطلباتنا جميعا فنحن سبعة اطفال لذلك نضطر في العطل الصيفية الى العمل كي نساعده في توفير حاجياتنا " رغم ان عمري لا تسمح لعمل لأن العيش في الشارع ليس سهلا بل يحتاج الى صلابة .
بينما يقول حسين (10 عاما) الذي ترك مقاعد الدراسة منذ نعومة أظافره لأن والده لم يستطيع ان يدفع له المصاريف اليومية .. عندما كنت في المدرسة كنت اشاهد اغلب اصدقائي ياتون وفي جيوبهم مبالغ من المال ويشترون كل ما يريدون من حلويات . ويتابع ..  وقطرات الدمع الساخن تسقط على وجنتيه عندما طلبت من عائلتي المال قالوا لي ان اترك المدرسة واشتغل لاحصل على ما اريد . ويقول .. نزلت الى الشارع ، وابتعد عن الاصدقائي ، وتعلمت السرقة إضافة الىالاعمال الشاقة  .
عندما التقيت باحدى الفتيات تدعى (---) وشاهدها اصغر سنا بين اولاد الشوارع ، وتقول انها تقف يوميا لساعات طويلة على ناصية الطريق او في ساحات العمل يستجدي المارة او اصحاب السيارات لمنحها اي شيء من النقود لمساعدة أسرتها ، وتقول في سرد كلامها انها تركت مقاعد الدراسة مبكرا اي ( منذ نعومة اضافرها ) لأن والدها ليس بإمكانه ان يتحمل مصروفاتها المدرسية . وعندما ودعتها ، وقد اخرجت ابتسامة صغيرة ممزوجة بحزن كبير يعبر عن وضعها المأساوية ومستقبلها المعدومة والمخيفة .

 
انخفضت نسبة الاطفال الذين يذهبون للمدارس
   

 وفي هذا الصدد يقول محمد ذو الـ 12 ربيعا بعد أن طلق أبي والدتي مما جعلني ألجأ إلى العمل في إحدى ورشات النجارة كي أعيل أمي واخواتي " وتبدو عليه علامات الحسرة والتأثر كلما استرسل في الحديث عن الدراسة وأحلام الطفولة ، " إن ما يحز في نفسي ويزيد من حسرتي هو أنني أرى الاطفال في سني متوجهين كل صباح إلى المدرسة في حين أكون أنا منكبا على فتح الورشة قبل أن يأتي صاحبها . "
ونطرح في ختام التحقيق ، تساؤلات ساخنة مما يجري لطفل العراق المظلوم والمسكين !!! ، نجد من الضروري طرحها على الحكومة العراقية والمنظمات المدنية والإنسانية وجميع العراقيين الشرفاء والحريصين على مستقبل المجتمع العراقي المهدد بعلل وظواهر مرضية خطيرة مستديمة ، من المسؤول عن إنتشال الأطفال اليتامى والعوائل الفقيرة من هذه البيئة المخيفة والمدمرة ؟ وللحيلولة دون تشغيل الأطفال قبل بلوغهم سن 15 سنة كاملة وحمايتهم من الاستغلال ، ومنع تشغيلهم في اشغال تفوق طاقتهم قد تعيق نموهم .
 ان من ضروري محاربة هذه الظاهرة من خلال المجتمعات المدنية والديمقراطية ، مشددا على اهمية الجانب التربوي والتعليمي الذي يعتبر احد الأولويات في محاربة تشغيل الأطفال ، مع إيلاء عناية للجانب الاقتصادي للأسر الفقيرة والمحرومة التي يستعيض بعض الاطفال عن مقاعد الدراسة بالعمل المبكر . ويتخلص أهمية دور الأسرة في تنمية القدرات لدى الطفل ومراعاة العوامل النفسية والإحتياجات الأساسية له لينشأ نشأة سليمة ويقوم بدوره في بناء العراق مستقبلا .
على الحكومة العراقية ونخبها السياسيون خروجهم من خندقة المحاصصة ان يتحركوا لحماية اطفال العراق من الخطر الذي يهدد حاضرهم ومستقبلهم ، وعليها العمل على مواجهة مثل هذه الظاهرة المخيفية داخل المجتمع العراقي والتغلب على الصعوبات والازمات التي تمثل عائقا حقيقيا وتحديا خطيرا لتطلعات الطفل العراقي الذي يبني عليه آمالا مستقبليا ، وأعادة تأهيله من الجديد وتقويمه وتعزيز هيبته بعد ما فقده ، بدلا من وائل الخطب الرنانة والكلمات الفارغة ، وعلى المؤسسات المدنية والإنسانية خروجها من خندقة الحزبية والطائفية وان تباشر لحماية العوائل من الجحيم الذي يعيشون فيه وتحسين حالتهم المعيشية وتوفير تأمين الضمان الاجتماعي والصحي لهم ، وانتشال اطفالهم من ايدي العصابات المسلحة والميليشيات واعادة دمج هؤلاء العوائل مع اطفالهم الى المجتمع العراقي  وأسترجاع حقهم الأساسي في الصحة والحماية .
إن أهم ما يطرح من أسئلة اليوم : متى تشعر المسؤولين وتحس المؤسسات المدنية والانسانية بمعاناة هولاء الاطفال وآلام عوائلهم ؟ متى تجديد فكرتهم من اجل أهداف الإنسانية بأساليب ديمقراطية حقيقية ؟




130
إخصائي : نطمح الى تطوير علاج الوخز في العراق

إخصائي الإبر الصينية ل"بابنيوز : نطمح الى تطوير علاج الوخز في العراق
كتب محمود الوندي : يرى الدكتور سعدون شكر خانقيني وهو إخصائي عراقي في علاج الإبر الصينية درس في الصين والنرويج ويعمل اليوم في العراق ، في حديث خاص ل " بابنيوز " أن
الاهتمام بهذا النوع من العلاج بدأ ياخذ مكانته في انواع العلاجات بل تفوق عليها في الكثير من المجالات . ويرى انه منذ انتشاره في السبعينات من القرن الماضي عندما كشف احد الصحفيين علاج بعض الامراض بواسطة الإبر الصينية من خلال زيارته الى الصين فان بعثات عالمية زارت الصين لغرض متابعتها ودراستها واصبح هذا الطب يدرس في الجامعات ، حيث أصبحت فينا في النمسا من المراكز المهمة والرائدة في هذا المجال . ويرى الدكتور سعدون أن العلاج بالابر مازال محدودا في العراق ، وانه لابد من تتوسع هذه التقنية في العراق .ويضيف أن الولايات المتحدة في وقت الحاضر من أكثر الدول اهتماما بهذا الطب سواء من ناحية إجراء الأبحاث العلمية والدراسات أو من الناحية الأكاديمية ." بابنيوز" التقت الدكتور سعدون في السليمانية بغية تسليط الضوء على العلاج بالابر وافاقه المستقبلية .



لماذا درست إختصاصا هو نادر في العراق ؟

اتجهت للطب الصيني بسبب ميول لدي ، وحتى عندما ذهبت إلى النرويج لأكمال دراستي ، ظل هذا الخيال يراودني ويشجعني لدراسته ، فعملت دراسة عامة عنه ، خصوصا عندما أعطت منظمة الصحة العالمية الإبر الصينية "الشرعية الطبية" وبعد ان أعترفت به الجهات الطبية والعلمية . لقد وجدت ان هذا النوع من العلاج يحدث تأثيراته الشفائية وفي نفس الوقت يفيد المرضى ( وخاصة الطبقة الفقيرة ) لأنه لا يحتاج لشراء الادوية من الصيدلية ( كلنا نعرف هناك غلاء فاحش للأدوية في الصبدليات ) ، عندئذ قررت دراسة هذا الطب حتى بعد تخرجي من جامعة "اوسلو" وقضيت شهورا في الصين أدرسه واهتممت به وطورت نفسي لأفادة شعبي. ومن ناحية اخرى نرى شعبية وإتساع دراسة الطب الصيني بين الجماهير في مختلف العالم وأصبح بعض الناس ينظر إليها على أنها طب بديل عن الطب الحديث . وهذا العلاج ليس وليدة اليوم ، بل سعى الإنسان منذ قديم للبحث عمّا يشفيه من العوارض المرضية التي تلم به فاستخدم العديد من الطرق والأدوات والأعشاب للعلاج فأضحى هناك العديد من الأشكال والأنواع التي استخدمت لهذا الغرض ، ومن بين هذه الأساليب (الإبر الصينية) التي اكتشفها الصينيون قبل آلاف السنين اي منذ ما يقارب الـ (5000) سنة قبل الميلاد وبرعوا فيها وثم أنتشر بالتدريج في أوربا وأمريكا وباقي دول العالم حيث تبناه بعض الاطباء ومن ثم مر بمراحل التطور بعد ثبات .
هناك من بصنف الأبر الصينية على انها طب شعبي ؟
الصينيون هم السباقون لهذا العلاج بالإبر الصينية ويرجع تاريخه الى ما يقارب خمسة ألاف سنة قبل الميلاد كما ذكرنا ، فهم الذين ابتكروه وسعوا إلى تطويره تدريجيا ، ويعتبرونه جزءًا مهما من تراثهم . العلاج بالإبر الصينية لا يصنف ضمن الطب الشعبي ، ونحن عندما درسنا الطب الصيني لم يكن بالطريقة التقليدية ، ولكن بطريقة علمية حديثة مزجت بين الطب الحديث والطب الصيني فعندما ننظر إليه من خلال البحوث والدراسات نجد فيه ثقافات ومعلومات كثيرة ومتعددة . يعتبرالعلاج بالإبر الصينية هو تنبيه لنقاط جلدية معينة بواسطة إبر معدنية ، وهذا العلاج يكون بوخز هذه النقاط الموجودة في خطوط الطاقة وهي رئيسة وثانوية . وهناك عشرات من المؤسسات أو العيادات الطبية (اقصد الطب الصيني) لعلاج أمراض متنوعة. وتعتبر الإبر احد ثلاثة فروع في الطب الصيني مع الفرعين الاخرين وهما طب الأعشاب والمساج الصيني ( التوينا ) .
ما الامراض التي يمكن علاجها بالإبر الصينية ؟
مبدأ الطريقة يعتمد على التأثير على مواقع معينة في الجسم بواسطة وخز الابر . أستطيع أن أقول ان أكثرالأمراض الموجودة في جسم الإنسان يمكن علاجها عن طريق الإبر.
وفي عيادتي أستقبل يوميا كثيرا من المرضى من كلا الجنسين ممن يعانون من آلام المفاصل وآلام الظهر والركبتين وعرق النسا وبعض انواع الشلل بشكل خاص ، وكذلك الشقيقة ، وتساقط الشعر، وعدم الإنجاب وعدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها لدى النساء وحتى آلام الجهاز التناسلي للذكور والاناث ، هذه الحالات تعالج بواسطة الإبر إذا استعملت حسب الاصول                                                              .

غرس الإبر في جسم الإنسان يكون في نقاط معينة وهي نقاط محددة ومدروسة ومجربة وعددها (12) نقطة أساسية ، وعدد كبير من النقاط الفرعية التي يوخز فيها بالإبر ، لأن هذه النقاط مرتبطة بقنوات وكل واحدة منها ترتبط بجزء معين في الجسم وتتصل بعضها ببعض . لذلك يستوجب الدقة لاختيار المعالج المؤهل للمريض ، والوخز يجب أن يكون وقاية وعلاجا للأمراض حتى لا تتحول الإبرالصينية الى داء .
والامراض المستعصية كالسكر والسرطان ؟
ليس من السهل علاج هذه الامراض بالإبرالصينية كمرض السرطان او السكر . يجب أن يكون الطبيب حذرا في علاجهم ، لأن هولاء المرضى يأخذون الأنسولين أو الكورتوزون أو أي أدوية اخرى مضادة ، لا اعتقد ان الإبرالصينية تعالج مرض السرطان ولكنها قد تعالج الآلام التي يعاني منها المريض وخصوصا عندما لا يستطيع المريض أخذ المسكنات . واني شخصيا لم اعالج هكذا مرضى ولم يصادفني مريضا من هذا النوع حتى هذه اللحظة ومن المحتمل ان تعالج هذه الامراض في المستشفيات المختصة بالإبر الصينية ، لكن أشير هنا إلى أن الصينيين نجحوا في علاج سكري الأطفال والسمنة من خلال الوخز بالإبر الصينية . كما تمكنوا من علاج الأذنين ولوح الكتف ، وبعض الغضاريف الموجودة في الجسم عن طريق الوخز بالإبر. اما استعمال طريق الوخز الإبر لمرض الإيدز فإنها تعطي جسم المريض مناعه كبيرة لمقاومة لهذا المرض أطول فترة ممكنة ولكن لا تعالج المريض من مرضه بصورة دائمية.

131


حلم اوباما قد تحققت
اوباما و زوجته سكنا الان بيت الابيض
سرد من اسرار العائلة
الان يستمر حلم اوباما و زوجته بعد ان حققا انجازا تاريخيا لم يسبق له المثيل. زنجي اسود مع زوجته سوداء دخلا بيت الابيض بعد انتصار هائل الاول رئيسا
لامريكا و ثانية سيدة العالم الاولى, و هكذا نجدهما غامضي العينين و احدهما يستند على الاخر كانت هذه الصورة الصميمية ومشاهد حب حيث يضع راسه على
كتفيها و يمسك بها بيده , حول ما حققوه يكونان حديث العالم و ينظران لهما بحسد. واخيرا زوجين من جنس اخر سكنا بيت الابيض. يوم الثلاثاء وبعد اجراء القسم و الرقص,وكان الاعجاب تنزلق عليها من عينيه , وهي ترتدي ملابسها ملونة كالممثلات و مكياجها المميز ( كما جاء في جريدة سونتاك بيلد) قال اوباما مفتخرا بزوجته كيف تظهر الان , ووضع يده حول خصرها و سحبها اليه مع قبله طويله .
سوف لن ابقى هنا واقفا و خلال 16 سنة الماضية كنت احصل على دعم دون مقابل منها كانت بحق احسن صديقة عندي هذا الحب وحبيبتي هنا تكلم رجل كشخص عادي وليس كرئيس.
 ما للزوج و هذا العالم الان تتزين و تنجح في كل خطوة العائلة الرئيس , و يستطيع الزوج ان يعمل في عالمنا الصغير وسيكون من الممكن زرع الحب والانسانية و السعادة .
1َ- كلاهما ليدهم نفس الحلم:
قالت انها لم تدعم زوجها فحسب و انما تقصد الهدف (مجاملة كبيرة). عموما يريدون تغير هذا العالم . اولا شيكاغو ثم المقاطعة (الينويس) والان امريكا . بالنسبة لاوباما في لحظات الاولى لزوجته (للمراة  الوظيفة العمومية)
عندما كان في عام 2000 للحصول على مقعد في مجلس النواب قدم طلب .اما هي وضعت اطفالها وحيد في البيت من اجل تعلم كلافير و تذهب صباحا الى ممارست الرياضة, و تركت زوجها و الطفلة مع الفطور وذهاب الى المدرسة .انه تفهم الوضع و ابدل مواعيده حتى يستمر في عمله. والتقى الزوجان في ذلك الوقت وجود اتفاق واسع الخيال
 جميع القرارات في المنزل أوباما ، بما فيها الرئاسة ، يجب أن تؤخذ معا.
2ـ كلاهما يريدان تحقيق العدالة في العالم
كان اوباما و زوجته خبيرين في سود ويعرفان ما معنى تهميش والظلم الناجم عى ذلك .و على نفس الطريق كانا يدرسان وفي نفس الجامعة وكانت زوجة اوباما تعاني من التميز العنصري ولا يزال موجود الى الان.ام لاحد البيض كانت لا تريد ان تدرس ابنتها او تسكن معها سوداء في نفس الغرفة,زميلة جامعية قالت هذا في حرم الجامعي ,انسان لا ينسى بعض الشيء.زوجة اوباما انهت دراستها الجامعية ثم عملت في مكتب محامات في شيكاغو. وجاء اوباما من خلال التحولات الى كادرشميت هافاردو اصبح اول رجل اسود رئيس تحرير مرموق لجريدة(هارفارد لاو ٌريفو)و كانت علامة فارقة على هذا طريق الى تحقيق المساوات بين البيض والسود انه مستقبل مشرق لكونه محاميا,وعمل اولا كباحث اجتماعي و كان يحصل 13000 دولار في السنة,في احد ايام دخل دورة عند المستشار سيدلي اوستين ثم دخل مكتب محامات.
3ـ كلاهما كانا يعتقدان على حد سواء الى حب كبير
اول لقاء صاغتها هي.وهنا دورة ترتيب.و هناك خبرة في المحامات .تبادل الادوار.زيادة الجاذبية.وقليلا من الشعورمثل هذا اليوم. لأنها كانت في كثير من الأحيان وتعمل جنبا إلى جنب مع زوجها.و كان باراك اوباما حسن الهندام  كان ذو الحكمة. مسحور بارع ، كان الأديبا وزوج مثالي و متى ضيفها الى الحديث , وكان حدثا عندها و بعد اول مساء قبلت به هذا ما قالتها زوجته و هي لا تعتقد ان تكون زوجة ثم ضبطت و ترك حلقة الزواج في مكان المخصص في المطعم وبعد سنة تم عقد القران والزواج
4ـ كلاهما بدا الصراع مبكرا
كلاهما نشاءا نشا غير اعتيادية في الحياة و مرطبتان بنفس القيم.مشيال ترعرعت في جنوب شيكاغو وكانت منطقة سيئة,هنا عمل والدها (فراسر روبنسون)و اجبر على العمل شاق ثم تمرض ولكنه كان متمسكا باطفاله ميشائيل و كاريك مرة قل لهما اذا ارتما من هذا الفقر ان تتخلصا عليكما العمل بجد و كان هذا وصيته و توفى في عمر ناهزه 56 سنة.
اخذت ميشائيل وصيته وعملت بجد و نشاط حتى اخوها قال مرة اني لا اجيد هذا العمل مثلك.
سيرة ذاتية لاوباما تبدو غريبة و على النقيض كان والده قد ترك اوباما مع والدته و انهزم وكانت وام باراك امريكية و تزوجت مرة اخرى ثم سافرا الى اندنوسيا و بي زمن قليل عادا الى هاوايو وكانت جدتها تحبه , وعادت والدته متاخرا و كانت مريضة ولا تمتلك نقود لتذهب الى الطبيب اوباما كانت معها خلال معانتها مع السرطان.
5ـ كلاهما كانا ابوين جيدين
ماريا زوزانا انتم لا تعرفون شيئا عن حبي لكم,بهذه الكلمات عبرت عن اعجابها لرئيس جديد المنتخب من قبل ملايين الناس , وكانت تربيت كلا البنتين ساري المفعول,و تتصرفا بصورة مذهلة و متوازن و مرح.نعم انهما اطفال الذي يحبهما الابوين.ميشايل هي مربية رئيسة للاطفالها و اوباما ابا مثاليا .ميشايل كانت مرتبة هذا ما قالتها ليزا موندي هذه المصورة التي كتبت على زوجة اوباما وهي ليست لها اي مشكلة مع السلطات.
6ـ كلاهما يريدان ان يبقيا وسيمين مع الاخرين
ربما يكون اوباما رئيس الاصلح اضافتا انه رياضي يقوم بتدريباته الرياضية كرفع الاثقال و هرولة.اما هي لا داعي لها وتعرب عن القلق الخاص بها هذا القدر السلطة ، وأنه لمن دواعي السرور كل ذلك إذا كانت تساهم في ثوب جديد في العرض
 منذ جاكي كنيدي ليست فقط أصغر انها السيدة الأولى ، وهي أول أسود ، وأفضل تعليما ، وإنما أيضا للمحترفين ,رغم عدم تمتعها بالجمال ولكنها نقية لذلك و محبوبة عند النساء. وكانت نمطها ثورية ونفت انها مملة كمراة الاولى و الازياء يتعلق الأمر في لهو الملونة إبداعات المصممين الشباب لذلك. معدل هذا البحث ,هذا يبدو وكأنه يأتي الرياح جديدة , هي تحملت وهذه خبرتها لذلك يستطيع الانسان ان يصدقها. اني ساحاول ولدي كثير من البقاء بقدر ما استطيع.

محمد غازي خانقيني
نقلا عن جريدة سونتاك بيلد







132
هذه المأساة لا تنسى – وتبقى ذكرى أليمة
محمود الوندي

استطاع حزب البعث وحلفائه القوميين والناصريين إغتيال ثورة 14 تموز عام 1963 في صبيحة الرايع عشر من رمضان والمصادف الثامن من شباط الاسود بأشراف وتمويل وتخطيط المخابرات الاجنبية وعلى رأسها البريطانية والامريكية ( باعتراف قيادات حزب البعث ) ، بدفع الشركات النفطية الكبرى التي كانت مهيمنة على ثروات العراق ، وبدعم من جمال عبدالناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة آنذاك والدول المجاورة للعراق ، ومساندة القوة الرجعية داخل العراق من خونة الشعب العراقي من أدعياء الدين والاقطاعيين والمتضررين من ثورة تموز من أيتام النظام الملكي وعملاء الصهيونية الذين يرتدون لبوس العروبة ، هولاء جميعا ألتقت مصالحهم لإغتيال الثورة العراقية طمعاً بثروات العراق الطبيعي ، وهكذا تحالفوا هؤلاء فيما بينهم في جبهة واسعة بعد ان نضموا صفوفهم وبعث نشاطهم من جديد وشكلت منهم رأس الحربة والمنفذة للانقلاب والقضاء على الحكم الوطني ومنجزاته ، بعد استغلالهم سياسة العطف والتسامح من قبل الشهيد عبد الكريم قاسم . لأن ثورة 14 تموز 1958 كانت ضربة موجعة لمصالح الدول الغربية وشركاتها النفطية ، وضربة لطموحات دول الجوار ، وضربة للمتنفذين من الاقطاعين وملاك العقارات الكبيرة داخل العراق .
 يتحمل الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم جانبا من المسؤولية أتجاه انقلاب الثامن من شباط بسبب إنسانيته وتسامحه ، حين لوجوئه الى سياسة توازن القوى بين حماة الثورة والقوى المضادة والمعادية للثورة ، وأتخذ الزعيم سياسة التسامح والموقف الإنساني مع اعدائها والعفو عنهم ، ورفع الشعار ( عفا الله عما سلف ) او ( الرحمة فوق العدل ) التي اقتصرت على اعداء ثورة 14 تموز دون سواها ، حيث اطلق سراح جميع المتأمرين من السجن حتى اولئك الذين أرادوا قتله ، وأعادة عدداً كبيراً من الضباط البعثيين والقوميين الذين وقفوا ضد الثورة ( بعد اطلاق سراحهم ) الى مراكز حساسة في الجيش داخل مدينة بغداد العاصمة وضواحيها ، وتعين آخرين من أعداء الثورة في المؤسسات والهيئات الحكومية المؤثرة ، وهذه الإجراءات التي اتخذها الزعيم عبد الكريم قاسم ، لقد استغلت من قبل القوى المعادية والمضادة للثورة ، كانت لها الأثر الكبير في نجاح الانقلاب الفاشي ، إضافة الى ذلك لم يجري اي تغيير او تعديل على الاجهزة الامنية للنظام الملكي وبقى اعتماد عليها من قبل حكومة الثورة . ومن المعلوم أن الزعيم عبد الكريم قاسم ظل يقاوم الانقلابيين ببسالة وشجاعة حتى ظهر اليوم التالي التاسع من شباط والذي تم اعدامه دون تحقيق ومن خلال محكمة صورية عاجلة في دار الإذاعة في بغداد يوم 9 فبراير / شباط 1963.
 عندما استلمت هذه المجموعة الضالة زمام الحكم واستيلائها على السلطة في العراق ، بحيث أحدث هيجانا وغليانا شعبيا منددا بالانقلابيين واعتبر عند العراقيين أبشع الكارثة حلت بالعراق وعلى أثر تلك الاعتبارات خرجت الجماهير العراقية ضد ذلك الاتقلاب المشؤم للدفاع عن العراق وعلى مكتسبات ومنجزات ثورة تموز ... لكن بدون جدوى للأسف ، ورغم ذلك أدت الى المعارك الدامية بين مؤيدي ثورة 14 تموز واعدائها من الانقلابين في جميع المدن والقصبات العراقية ، حيث كان للحزب الشيوعي دورا بطوليا في مقاومته وتصديه للأنقلابين . وأجتاح العراق والعراقيين بجميع قومياته وشرائحة الاجتماعية المختلفة اشد الويلات والمآسي والكوارث ، وبدأت المرحلة السوداء في تأريخ العراق الحديث ، وشهد العراق في تلك الايام مرحلة تصفيات المرعبة للقادة الوطنيين وأبادة خيرة ابناء الشعب العراقي بالعنف والبطش الدموي ، وسالت دماء بريئة في العديد من المدن العراقية واغراق البلاد ببحر من الدماء  . 
وواصل حزب البعث وبمساعدة حلفائه من الداخل والخارج هجومه الشرس والمكثف ضد القوى الوطنية والديمقراطية والمستقلة عموما بكل الاساليب الممكنة آنذاك ، بدون رحمة ، وبدأت حملات القمع الذي مارسها الانقلابيون ضد الحزب الشيوعي العراقي وقوى الشعبية التي اتخذت موقفا معاديا من الأنقلاب دفاعا عن العراق وعن ثورته الوطنية تحت اسم البيان رقم 13 السيء الصيت الذي دخل ذاكرة العراقيين من خلال ملاحقة ومداهمة المساكن اعضاء ومؤيدي الحزب الشيوعي العراقي ، وأماكن عملهم وفي كل مكان من العراق وكانت حصيلة تلك الحملات دخول المئات من ابناء شعبنا الى السجون والمعتقلات ، حيث خضع جميع المعتلقين لعمليات تعذيب جسدي ونفسي بالغة الحقارة والشراسة في قصر الرحاب بإصرارٍ من "ملك" الأردن انذاك انتقاما للعائلة المالكة ،  وقد استشهد الكثير من قيادات الحزب الشيوعي العراقي وابناء شعبنا البررة من اجراء تلك الأعمال الوحشية والقذرة في ذلك القصر والذي اصبح مقرا للتعذيب والقتل ، حيث تم تغيير اسم القصر الى قصر النهاية اي نهاية الانسان العراقي عندما يدخله .
بعد مقاومة عنيفة من الشارع العراقي ، لقد نجح انقلاب 8 شباط الدموي وصعود حزب البعث لسدة الحكم في العراق ، وشكل الحرس القومي الذي اشتهر بالاستهتار والتعذيب والقتل والإبادة الجماعية لكل عراقي عارض انقلابهم الاسود ودافع عن ثورة 14 الوطنية ، وتم تصفية الزعيم عبد الكريم قاسم بعد تنفيذ الحكم الإعدام به وعدد من رفاقه ومرافقه ومن قاتل معه ضد الانقلابين من الضباط والجنود والمدنيين بمختلف طبقاتها حتى اللحظات الأخيرة ، وكما قدمت كافة الاحزاب الوطنية والديمقراطية بالاخص الحزب الشيوعي الكثير من الشهداء قراباناً ثمينا للعراق العظيم وثورته المجيدة وقائدها الشهيد عبد الكريم قاسم . كما خلت الساحة الثقافية والفنية والعلمية من المبدعين ومن المتلقين على حد سواء ، وامتلاء السجون والمعتقلات بعشرات الألوف من المثقفين ، وصارو معظمهم نزلاء في أقبية الاجهزة الامنية ومقرات الحرس القومي ، وحملات التعذيب الوحشية بحقهم الذين قضى الكثيرين من اولئك السجناء تحت التعذيب ودفنوا في المقابر الجماعية ، فيما أغلقت منافذ الأعمال العلمية والفنية والرياضية وحلت محلها (فرق الكاولية) في شوارع وساحات المدن العراقية ، وتحولت المتنزهات والنوادي الرياضية والفنية والثقافية الى سجون وساحات اعدام . وهكذا بلورة ثقافتهم البديلة التي وضحت معالمها الفاشية المشبوهة ، المتقطعة عن الجذور الاصلية للثقافة العراقية .
 
بعد مرور ستة واربعين عاما على ذلك الانقلاب الدموي لا تزال هذه المأساة لا تنسي بان لون الدم وهمجية وشراسة المتنفذين للأنقلاب هما اول ما يقفز الى الذهن العراقي عندما يتذكر انقلاب الثامن من شباط ، وتبقى ذكرى أليمة للذين عاشوا تلك الفترة المظلمة تلك الايام السوداء من ارهاب وتوريع الناس ، والقتل ابناء شعبنا لمجرد الشبهة ، ومطاردة الابرياء لا ذنب لهم سوى حبهم لعبد الكريم قاسم ، والقتل حبا بالقتل ، وتداعيات هذا الحدث على تلك الحقبة من تأريخ العراق ، لم تكن ممارسات استثنائية في يوميات ذلك الانقلاب ، لا بد للتأريخ ان ينتزعها من سيرورة الوقائع على لسان من عاش تلك الفترة المظلمة .
 
 المجد والخلود لذكرى الزعيم الوطني الخالد
الشهيد عبدالكريم قاسم وجميع صحبه الشهداء
الأبرار .
والمجد والخلود لشهداء شعبنا  .
شهداء الحركة الوطنية العراقية .
والخزي والعار لحزب البعث الفاشستي وجميع
 أعداء شعبنا العراقي .
الملاحظة
( للأسف الشديد لم تشمل الشهداء والضحايا حكم البعث في عام 1963  مثل اقرانهم هم من ضحايا حزب البعث بعد سقوط النظام البعثي متذرعة الحكومة الجديدة إن مواد القانون المعولة به حاليا تنص فقط على مكافأة الضحايا المتضررين من حكم البعث بعد عام 1968 وظلوا خارج السرب والفئة المنسية بعد ان دفعوا الثمن باهضا بسبب وطنيتهم واخلاصهم للشعب وجميع معاملاتهم ظلت مركونة فوق الرفوف ) .

133
من ننتخب ونحن أمام صناديق الأنتخابات


 

 

محمود الوندي
 مع بداية العد التنازلي لموعد الأنتخابات واختيار مجالس المحافظات القادمة التي تجري في الحادي وثلاثين من شهر كانون الثاني ، حيث نشهد التنافس السياسي على ساحة العراق بأكمله سوى اقليم كوردستان ومحافظة كركوك ، ولذا أعلنت الكثير من القوائم والكيانات السياسية برامجها وأهدافها وشعاراتها الأنتخابية الى جميع مكونات الشعب العراقي ، أن أعلان البرنامج الأنتخابي حق طبيعي لكل كيانات مهما كانت قوتها وحجمها  .
 وقد بدأت هذه الكيانات تقدم برامجها واهدافها الى الجماهير العراقية عبر وسائل الأعلام وبتسخير صحف أحزابها وفضائياتها وتحاول تلميع صورة القائمة لأستقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين ،     وبدأت  أعضاء هذه الكيانات تصول وتجول في حملاتها الأنتخابية في كثير من المحافظات العراقية لأستماع الى أقوالها وخطابها ، وهي أمر طبيعي لكل قائمة أنتخابية في حشد الناخبين لتأيدها ويستشري بعقول الناس . علماً أن جميع القوائم ترفع نفس الشعارات والكلمات الرنانة ، وتدعو هم الذين  يؤمن بالديمقراطية والفيدرالية وبوحدة العراق ، ومن الذين يحترمون حقوق الأنسان ويحمون حقوق مكونات الشعب العراقي والعدالة الأجتماعية دون تميز ويحققون العيش الكريم للجميع .
بما أن جميعها تدعو للديمقراطية وحرية الأنسان ، علينا مراعاة بعض الملاحظات الهامة ونحن مقبلون على هذه الأنتخابات لأختيار اعضاء مجلس المحافظات ، وأحب أن أقول كلمتي بصدق دون حياء أو خجل ما يلي  : -
أولاً علينا أن نعرف كيف نمارسها ومن ننتخب ونحن أمام صناديق الأقتراع في كل مكان ، لأن بعض القوائم أو الكيانات التي تتخذ شعار الديمقراطية والحرية الدعاية الأنتخابية ولكن حين تتعمق في خلفيتها تجد العكس تماماً ولبس إيمانا لها سوى استغلالها لمصلحتها الخاصة ، وثانياً مطلوب الوعي في هذه الظروف الصعبة لأختيار أحدى القوائم ، لأنها  الفرصة الثمينة لنعبر اليوم عن رأينا السياسي والأنساني الحقيقي تجاه شعبنا ، وثالثاً على الناخب حسن الأختيار بعد التحقيق والتدقيق في برنامج القوائم والكيانات السياسية المتنافسة والدراسة تأريخ مرشحها من كل الجوانب ، عندما يفوز احد المرشحين بمقاعد مجلس المحافظة التي ستؤهله لتشكيل حكومة محلية منتخبة دائمية لكي يستطيع لأنقاذ اهالي المدينة من تجار السياسة والطائفية ويكون صادقا لتطبيق ما تطرحه من برامجه قبل انتخابه ، ورابعاً أن تعطي صوتك لمن تثق به وتعرف الذي يقودك الى بر الأمان وصياغة عراق جديد ديمقراطي فيدرالي وتتغلب على المصاعب التي ظهرت خلال السنوات الماضية ، والتقدم خطوة من بعد خطوة نحو الأمام والنجاح ، وأعطاء كل ذي حق حقه ، وخامساً أقول للناخب العراقي أذا تنتخب المرشح الفاسد والطائفي والسارق سوف تبقى كل صور الخراب والفساد المالي والأداري على حالها وتكون ضربة قاسية للشعب العراقي وتعاد التجربة المريرية التي مرة بنا عبر السنوات الخمس الماضية من خلال مجالس المحافظات والبرلمان العراقي المنتخب . أذن على الجماهير العراقية الأنتباه لأنفسها ودورها في هذه الأنتخابات ، إذا فازوا نفس الجماعة السابقة لمجالس المحافظات اقرأوا على شعبنا وعراقنا السلام . اذ سوف يحاول البعض من المنتخبين القدامى أن يحصل على منصب في مجلس المحافظة من خلال أصواتكم مرة اخرى ، ويقوم بتضليلكم من خلال الدعاية لكي يحقق مصالحه الشخصية أو الحزبية بعيداً عن مصالح وهموم الشعب العراقي ، والأستفادة المادية والمعنوية على حساب الوطن والمواطن  .
 وأخيراً أدعوالشعب العراقي أن يشارك في العملية الأنتخابية بكل ثقله بالرغم من معاناته ومصائبه لأجل حقوقه ومطالبه للعدالة الأجتماعية والحرة الكريمة ،  لأنتخاب الشخص المؤهل علمياً وعملياً لبناء المجتمع المدني الديمقراطي وبناء العراق الجديد الفيدرالي الخالي من الطائفية وأنتهاكات حقوق الأنسان بأسم القومية والوطنية والدين . لأننا بحاجة الى نخبة مثقفة نظيفة وصادقة وذات الكفاءات والقدرات وتؤمن بمجتمع ديمقراطي وتعددي بعيداً عن الهوية الطائيفة والشوفينية ، وبعيداً عن النظرة الحزبية الضيقة  ، لكي نوجه ضربة قوية لأعداء الشعب العراقي بواسطة تجربتنا الانتخابية  .
 

134
هل تحجب الإرادة الحرة للمواطن العراقي ؟

                                                                                                          محمود الوندي

يدور في العراق هذه الأيام ، رحى الانتخابات لاختيار اعضاء مجالس المحافظات ورغم انها تجربة حديثة العهد وغير الكافية لصقل المجتمع العراقي الذي عاش فترات طويلة مغيب عن ممارسة حقه وتعبير عن ارأئه وأفكاره وبأجواء حرة وديمقراطية ، ولكن أجمع كل الذين يكتبون او يتكلمون عن الانتخابات ، أن معركة الأنتخابات تكون حامية ويتوقعون ان نشهد مفاجأت بعد ان بانت من الواضح كل سيئات المحاصصة وعورتها وكانت تجربتها المريرية والقاسية عير السنوات الخمسة الماضية ، وبعد ان كشفت أضرارها في بناء دولة ديمقراطية التي تعتمد المواطنة والمساواة أساسا للمشاركة الديمقراطية في الحكم ، يدعو الفرد العراقي للتخلص من هذه المحصصات والقضاء على الفساد الادراي والمالي ، صار الجميع يتحدثون عما جلبتها المحاصصة من اضرار وعراقيل امام بناء دولة القانون ، دولة المواطنة . هذا دليل عن بلورة ونضوج الوعي السياسي للانسان العراقي على مدى القريب من خلال أعطاء مساحة من الحرية ، هنا فرصة لدى الشعب العراقي لتحويل إدراك مضار الطائفية الى واقع يسهم في التخلص منها ، بعد ان ادرك الجميع ان الخطابات الرنانة والكلمات الجنجلوتية لا تفيد في مخاطبة العراقيين وضحك على ذقون الناس البسطاء في هذه المرحلة العصيبة من حياة المكونات العراقية ، ويجب استغلال هذه الفرصة  في انتخابات مجالس المحافظات للقضاء على اساس المحاصصة وبحث عن شخصيات هامة متنوعة في المدينة لكي يضع الرجل المناسب في المكان المناسب . 
وعلى القوائم الوطنية والعلمانية تقديم الدليل العلمي على صدق ما يقولونه عن ضرورة التخلص من الطائفية اللقيطة وآثارها ، وتكون مرشحهم على اساس الكفاءة والاخلاص وايضاح هويتهم ، لأنها تدخل مرحلة مهمة في انتخاب مجالس المحافظات ، وعليها ان تخاطب جميع أطياف شعبنا بأسلوب شعبي بسيط وتوضح برامجها واهدافها بمنتهى الصدق والاستقامة والألتزام بالشفافية والخلق الديمقراطي ، وعدم حجب الارادة الحرة للشعب العراقي ، وتلبية مطاليب الأقليات وتحقيق طموحهم وعدم تهميشهم في العملية السياسية لأن مكسب من مكاسبهم ، بأن ثقافة العنف ضد الاقليات ما تزال موجودة . ولإيجاد خطوات عملية من اجل حلحلة الوضع السياسي والاجتماعي  والاقتصادي والامني وإعادة الاصلاح هياكل الدولة ومنها الاجهزة الامنية بهدف الى بحث السبل الحقيقية لبناء العراق الديمقراطي وتحقيق المساواة والعدالة بين ابنائه المتنوعة وخلق الامان والاستقرار للوطن والشعب .
لا تزال التحركات السياسية فيما يشبه صراعا محموما بين مختلف الفرقاء سواءا اولئك المنظوين تحت شعار العملية السياسية او خارجها ويحاول المرشحون الى الانتخابات  مجالس المحافظات الوصول الى الناخبين بطريقة المبتكرة ، وبدأ الكل يدلي بدلوة الاستقطاب الناخبين ،  وهذا من حقهم الطبيعي ، ولكن هناك  ثقافة العنف من قبل الاحزاب الدينية وبالاخص المتنفذة في السلطة او لديها الميلشيات المسلحة ومن تجاوزات وانتهاكات لا حصرا لها على دعاية الانتخابية للقوائم الاخرى وبالاخص العلمانية بحجة وجود تنافس انتخابي ، وينفقون اموالا باهظة لأشراء الذمم من جهة ، ومن جهة اخرى استغلال المرجعية واستخدام الشعارات الدينية لكسب الناس الاميين والمتخلفين ودغدغة مشاعرهم ويدفعونهم الى الاحتقان الطائفي ، ويضع البعض للأسف هذه التجاوزات والخروقات في إطار حرية التعبير ويعتبرها جزء من المظاهرة الديمقراطية مرفوضة وغير مقبولة على الإطلاق لا من ناحية القانونية ولا الاخلاقية ، ورغم هؤلاء غير معنين بالديمقراطية وغير مقتنعين بها ولا تربطهم اي رابط بها ، ولا يعتبرونا إلا وسيلة لتحقيق غرضهم وتغليب مصالحهم الشخصية والفئوية الضيقة على حساب مصالح الشعب والوطن ، لذا نشاهدهم يحاولون دائما استغلال نفوذهم في المناطق التي يحتلونها ويحتكرونها لصالحهم دون السماح لباقي القوائم من استخدام الحق نفسه وتمنع مرشحيهم ومرشحاتهم عن خوض الحملات الدعائية والاعلامية ويتعرضون أحيانا الى التهديد لمشاركتهم في العملية الانتخابية ويطلبون منهم الانسحاب . 
في الحقيقة ما يحدث من التجاوزات والانتهاكات من قبل بعض الاحزاب الدينية غير مقبولة ورغم إمتعاض المواطنيين والاحزاب والكيانات الباقية من سلوكهم ، ولكنهم مصرين استخدام طريقة العنف ومنع تعبيرالمواطنين بأرائهم واختيار ممثلهم الحقيقي في مجالس المحافظات ، وهو الامر الذي يخلق نوع من الضغينة والكره وتعميق الطائفية والرغبة في الانتقام ، وفي النهاية تكون تأثيره على استقرار العراق ونهوضه . يجب لا يسمح لهولاء استغلال المال والسلطة والرموز الدينية في انتخابات مجالس المحافظات وهذا امر مرفوض من قبل الجميع .  ومن جهة اخرى تحاول بعض الاحزاب الدينية ضحك على ذقون الناس لخلق القوائم المستقلة من تحت عباءتهم ودعمهم الحقيقي لها من خلال توفير الاموال والوسائل الاعلامية تحت عنواين مختلفة لتخطى حالة افلاسهم  داخل المجتمع العراقي وخسارتهم على الساحة السياسية وفقدان ثقة الشعب العراقي بأحزابهم ، وبعد فوز هؤلاء المستقلين سوف يعودون لأحضان عباءة الاحزاب الدينية ثانية . وهذا نوع من فن الخداع السياسي للحفاظ على مناصبهم في إدارة الدولة وتبقى قبضتهم الحديدية على أدارة المؤسسات الدولة وهياكلها ، وهذا احد الطرق ونوع من التحايل التي تلجأ لها الاحزاب الدينية .
ان العملية الانتخابات لها شروطها وقواعدها التي يجب على الجميع احترامها والالتزام بها ، من هنا على جميع القوى والتيارات السياسية التي تشارك في الانتخابات يجب ان تحترم هذه الشروط ، امر ملزم ، فأن احترامها احترام ارادة الشعب واحترام اختياراته . لكي يكون لقناعة الناخب بالمرشح دون ممارسة الضغوط والتأثيرات المعينة عليه وتمارس صوته بأجواء ديمقراطية وحرة واختيار ممثله الحقيقي في مجالس المحافظات .
واخيرا يبقى الرهان على الناخب لينتخب من يعمل من اجل مدينته وتوفير الخدمات الحياتية والانسانية وسد حاجات الاهالي تلك المحافظة او المدينة . ويجب على الناخب ان يختار اعضاء مجلس محافظته على اساس القدرة والكفاءة  بروحية وطنية وموضوعية وصادقة للبدء بالتحرر من المحاصصة الطائفية البغيضة وتحقيق مصالحه ومطامحه في العيش الامن الكريم بعيداً عن الطامعين بأرزاقه وأرزاق اطفاله وثروات وطنه . لم يتحرر الانسان العراقي من المحاصصة وعدم تحقيق مصالحه إلا ان يختار الرجل المناسب للمكان المناسب  .

135
غزة تنزف وتحترق .. ألا هل من مغيث ؟
                                                                                                                محمود الوندي
ما يحدث في غزة الآن هو مذبحة ومجزرة إنسانية بشعة تدخل في إطار جرائم ضد الإنسانية بذريعة مختلفة التي تتمسك بها إسرائيل لأستمرار عدوانها على غزة والتي هزت الوجدان الإنساني والرأي العالمي في معظم دول العالم ، ولم تسلم أسرة منها من فقدان عزيز لها ، لأن غالبية القتلى هم من المواطنين العزل ، ولهذه الجرائم يلون قلوبنا بالدمع والألم والفجائع وصيحات الألم . لا تنفذ إسرائيل هذه الجريمة بوحدها فقط إنما ينفذها بالتواطؤ المباشرة وغير المباشرة مع عدد من الحكومات العربية وغير العربية ولذلك لا يهمها العالم كله ، وهي ترفض قرار مجلس الامن بوقف أطلاق النار ، معتقدا أن هذه المذبحة هو تدمير لحماس ولو كان الأمر على حساب المزيد من الضحايا سواء من الاطفال او النساء او الشيوخ ..
إن ما يجري في غزة حلقة من حلقات تهويد فلسطين واجتثاث شعبها وأن تكون سكرات موت وللضمير العربي في الوقت ذاته ، ومما يعمق إحساس الإنسان العربي بالعجز ، وفقدان الثقة بذاته ، إدراكه عجز حكومته ، وفقدانه الثقة بها . لأن هناك هدفا واحدا يشغل كثيرون مرتبطين بإسرائيل ومن الدول العربية والإسلامية ، ألا وهو تصفية حماس ، أو حشرها في أضيق زاوية يمكن أن تنمسخ فيها هذه القضية . ولكن ان تدرك إسرائيل هذه الحقيقة ان سياسية القتل الجماعي وتدمير البنية التحتية لا تستطيع ان تحقق الاستقرار ولن يجلب الأمن والسلام للمنطقة ولا لشعبها . بل تزيد الدمار والقتل المتبادل بين الشعب الفلسطيني وشعب إسرائيل .
ومن جانب آخر ما ارتكبه حماقات حماس من سياسات خاطئة وعشوائية وعندما وضعت خطوط حمراء امام عينيها وفي حساباتها السياسية لحل القضية الفلسطينية بطرق اخرى لتجنب هذا الحرق البشري والتدميري ، وعدم فهمها خلفية الحرب التدميرة الرهيبة ضد اهالي غزة من خلال توجيه الصواريخ الى المستوطنات الاسرائيلية وسعت صراحة الى تدمير اسرائيل وإزالتها من الخارطة . وهذا يعني يريد أستمرار التوتر والقصف المتبادل للطرفين حتى تظل ذريعة للعدوان الإسرائيلي . وعدم تفكير قادة حماس بأم الفلسطينية تقتل اطفالها امام عينها ، واب تقتل كل افراد عائلته او تقتل الاب والام وتيتموا الاطفال !!! ، وعدم معرفة مخططي حماس لمثل هذا الأمر يعد كارثة حقيقية وتعامي عن الحقائق وهو الذي يصب فعلا الى جانب القوات العسكرية الإسرائيلية التي مدعوما دوليا واقليميا ، التي أحرقت طائراتها المقاتلة ودباباتها ومدفعيتها الثقيلة الحرث والنسل في غزة ، إضافة الى انقطاع كل وسائل الحياة اليومية للسكان الباقين على قيد الحياة من اتصال ووقود وماء وكهرباء ونفاذ الأغذية والمؤنات الطبية ، وكلنا نعرف ان حماس لا تملك من القدرة ما توفر لها  وحماية أمن مواطني غزة جريحة ،  وهكذا دفع الثمن الشعب الفلسطيني بشكل مضاعف..!.  والاف القتلى والجرحى كان ثمنا في حسابات مغامرين ، وهدم الاف المباني والبنى التحتية الأساسية وغير الأساسية  .
لا شك ما يحدث في غزة هو أسوء مجزرة إنسانية تمنح فيها إسرائيل رخصة القتل والتدمير لتنفيذ مذبحتها الهستيرية بحق الشعب الفلسطيني التي تجتاح مدن وقرى ومخيمات القطاع الصغير والمحاصر ، وتحطيم بنيتها التحتية تحت ذرائع مختلفة ، وتحاول ان تنفذ مراحل عسكرية خططت لها سلفا ، في حين حماس  تسعي استمرار الحرب معتمدا على النظام الإيراني ودعمها من خلال حزب الله في لبنان ، بعد ان ورطت حماس بتصعيد الوضع في المنطقة ، اعلنت إيران على لسان مرشدها علي خامنئي بمنع الإيرانيين توجه الى غزة لمقاتلة إسرائيلين ومنع ايضا تقديم المساعدة لأهالي غزة وتركت أهالي غزة وحيدا يذبح من الوريد للوريد بعد ان أختفوا قادة جماس او هربوا الى دمشق ، لأن استراتيجية الحكومة الايرانية هي عدم الاستقرار في جميع دول الشرق الاوسطية لاحفاظ على حكمها لأنها تدري أستمرارها مرهون بإثارة الفوضى والقلاقل ، ومن جهة اخرى تحاول حماس توسيع النزاع وجر بعض الدول العربية الى المعركة ، ومن الطبيعي مع استمرار الحرب او القتال سيزاداد عدد القتلى والجرحى من اهالي غزة  وتكثر المشردين من بيوتهم ومناطق سكناهم بواسطة الآليات العسكرية الإسرائيلية المنطورة ، إضافة الى التدمير والتخريب في الهياكل الحكومية والمدنية .
اما الدول العربية أثبت الأحداث التأريخية منذ القرن الماضي إنها تعيش مرحلة التفكك والخذلان بعد ان مزقتها مرحلة الصراعات والانقسامات لا حدود لها والموالات للدول الكبرى ان كانت العالمية او الاقليمية ، ولم نلاحظ أي بارقة في التغيير داخل الحكومات العربية التي لم تأخذ من الماضي أية عبرة والاستفادة من تجربة الماضي المتمثل بالصراع العربي الإسرائيلي !!! . ولم نشاهد مؤثراتها في مجريات الامور السياسية على الساحة الفلسطينينة ، ولم تتمكن من إزدياد فعاليتها لكي ان تأتي بنتائج إيجابية سوى الى الدعوة لجمع التبرعات والاعانات الانسانية لسكان غزة وانه أضعف الايمان طبعا للحكومات العربية ، بل اصبحت هذه الدول ظاهرة استنكار وشجب فقط من خلال مهرجانتها خطابية استعراضية والثرثرة البطولية والقتالية عبر وسائل إعلامهم ، وكل دولة تريد فرض شعاراتها وأفكارها سواء ابتعدت أو أقتربت عن القضية الفلسطينية ، وعلى امتداد ستون عاما فشلت الانظمة العربية لإيجاد حلا سلميا وسياسيا للقضية الفلسطينية بشكل جدي وحقيقي التي تعتبرها قضيتهم المركزية ، لأنهم غير مؤهلين لانجاز مهامهم او اهدافهم وحتى اجندتهم الذين يريدون الوصول إليها . ولم استطاعوا تشكيل إرادة موحدة إزاء إسرائيل ، ورغم صفقوا لمؤتمر مدريد وباركوا مؤتمرات اخرى التي اعقدت من اجل حل النزاع بين الفلسطينين وإسرائيل ، ولكنهم لم يمتلكون شجاعا الاعتراف بإسرائيل علنا .
هي أسئلة تبدو بارزة في قلب المشهد الدامي بقوة ، هل يستمر العجز العربي عن إيقاف المجزرة ، والعمل الجدّي من أجل لملمة الصف الفلسطيني المنقسم او المتشظي منذ قرابة العامين ؟ ولماذا لم تستطيع الجامعة العربية ان تظفر باجتماع واحد لرؤوساء العرب من اجل نصرة الفلسطينين وتوحيدهم وانتشالهم من انقسامهم ، وتخليص غزة من محنتها الحالية وانقاذ الناس الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ من القتل اليومي .


136
هل يكون عام 2009 حربا على الفساد الاداري والمالي
في العراق
محمود الوندي

لا بد يحتفل العراقيون كباقي الشعوب في جميع انحاء العالم باعياد راس السنة الجديدة ،  وكما يتأملون بتحقيق بعض من امانيهم في العام القادم لأنهم عانوا على مدار خمسة اعوام ماضية من تفاقم النزاع السياسي والطائفي والويلات والآلام من الجرائم بكل أشكالها ما تهتز الأبدان ،  وكما عانوا من الاهمال والتقصير في الخدمات العامة ، إضافة الى القتل اليومي ، والفوضى العارمة بسبب غياب القانون والانهيار الشامل لمؤسسات وهيئات الدولة ، وعجز الحكومة وأجهزتها الامنية للقضاء على الفاسدين والمرتشين داخل هياكلها ، وعجزت ايضا لتحشيد طاقاتها لبناء العراق الجديد وتوحيد مكونات الشعب العراقي وتقارب قلوبهما وتربيتهم على الحوار والتسامح والاحترام الأخر .
 حيث اصبح العراق ضحية المصالح السياسية الامريكية والدول المجاورة والاحزاب المتنافسة على الساحة السياسية بشكل خاص القوى السياسية الدينية المرتبطة بالمشروع السياسي الإيراني بعد ان افرغوا الساحة العراقية من مختلف القوى الوطنية والديمقراطية عن العملية السياسية بقوة السلاح واستغلالهم الفوضى الأمنية والاجتماعية والثقافية لتنفيذ مآربهم . واصبح واضحا لشعبنا العراقي بان كل المشاكل داخل العراق نبعت من هولاء الذين كانوا سببا في مصائبه والامه وعيشه في ظلام دامس ، هم الذين خربوا كل شيء في العراق وخلقوا الحساسيات والعدوات الغير المبررة بين مكونات شعبنا ، والتي لا تكن يوما معروفة بين ابناء العراق الذي نفسه يدخل حربا طائفية وتقتل ابناءه وتهجر العائلة الى المجهول لا لذنب ارتكبه .
سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين من العراقيين لاسيما في ظل اللحظات الراهنة ، هل يكون وضع العراق في العام القادم افضل مما عليه الحال ، بل يزداد تحسناً ؟!!! هل أوساط سياسية وبرلمانية وحكومية بأن تفي بوعودها الحد من ظاهرة الفساد الذي تؤكد تقارير منظمات دولية أنه مستشر في العديد من مفاصل الدولة الذي لم يشهد له مثيل في تأريخ العراق ؟!!! حيث صنف العراق الى المرتبة الثانية او الثالثة بين دول العالم في مستوى الفساد المالي والادراي . وهل ممكن في العراق يكون يوما الرجل المناسب في المكان المناسب ويكون بديلا على معايير المحاصصة الطائفية والمحسوبية الحزبية ؟ !!! لإنقاذ الدوائر والهيئات الحكومية من المحاصصة ومن ايدي الفاسدين ، بحيث أصبحت الوزارات ودوائرها مقرا لهذا الحزب او ذلك . هل ستحدد الاحزاب الحاكمة على مسار الوفاق السياسي الحقيقي في العراقي لخدمة المواطن العراقي ؟ وأن يفعلوا شيئا من أجل إيقاف هذا الموت اليومي على العراقيين والفوضى العارمة داخل البلاد ، واجهاض على المليشيات الداخلية والمستوردة لعدم انحدار العراق الى الحجيم . وكذلك يتسأل المواطن ما هو دور الحكومة واجهزتها الامنية التي تقف موقف المتفرج الذي لا يفعل شيئاً لتحجيم دور مثل هؤلاء الصعاليك المهيمن على الشارع العراقي والمهيمن على الهيئات الحكومية ومؤسساتها الامنية والذين يتحركون وبكل هذه المساحة من الحرية ؟ اليس من مسؤوليتها ان تحاسب وتعاقب هؤلاء المشاكسين والمخالفين للقانون ؟
ويجب ان تدرك الحكومة ان العراقيين الذين ضحوا بكل شيء ونذروا أنفسهم للوطن وتحدوا الإرهاب في حينه وخرجوا وانتخبهم وأجلسوهم على كراسي البرلمان والحكم من اجل بناء عراق جديد ، للأسف لم تقدم الحكومة ولا البرلمان رد الجميل يذكر او ملموس للشعب العراقي من مساعدات وخدمات وانجازات الذي يستحق الكثير والكثير ، وانه ما زال يعاني من عدة أمور في نطاق المختلفة من الخدمات الحياتية والإنسانية والتعليمية والاجتماعية ، بسبب انشغال بعض ضعاف النفوس من المسؤولين الذين يقدون الدولة  بعد سقوط النظام البائد بسرقات اموال الشعب واملاء جيوبهم من المال الحرام ، واستغلالهم هذه الظروف الساخنة لخدمة مصالهم الضيقة   .
يتأمل الإنسان العراقي بأن يشهد العراق في العام المقبل نقلة نوعية على درب تقديم الخدمات الحياتية والانسانية لعموم الشعب العراقي معززا بالامان والاستقرار في عموم البلاد بعد القضاء على مجموعة ذئاب جائعة التي تقوم بتقسيم الفريسة فيما بينهم ، وكشف الاشخاص الذين يحمون هذه الذئاب التي تسئ الى الشعب العراقي الذي عانى ما عاني طيلة خمسة أعوام المنصرمة التي احرقت الحرث والنسل ، لأن هؤلاء لا يهمهم مصلحة الشعب والوطن حيث يبذلون كل طاقتهم من أجل النيل من إرادته لأجل مصالحهم الخاصة ، ويتأمل ايضا إن تنظر الحكومة العراقية الى مصلحة الوطن وتتحرك للقضاء على الفساد الإداري والمالي حيث المستشري كالسرطان في جسمهم بأبشع اشكاله واكثرها قذارة ينخر اليوم من المؤسسات والهيئات الحكومية علي حساب ابقاء الاغلبية تحت وطأة الجوع والمرض والعوز والبطالة ، فضلا عن غياب الإجراءات والعقوبات الصارمة بحق كل المتورطين بالفساد ، ويجب معالجته داخل المؤسسات والهيئات خدمة لطموحات المواطن العراقي ومصلحته ، وقيام بتشكيل هيئة النزاهة الحقيقة من الاخصائيين والكفاءات على اسس روح المواطنة والمهنية بالعمل على محاربة ظاهرة تفشي الفساد الادراي والمالي ، ومحاسبة المتلاعبين والمتهاونين والمتخاذلين والمقصرين بتنفيذ واجباتهم ومراقبة طرق التلاعب بالمال العام ( كان من يكون ) .
 يتأمل شعبنا العراقي ان يكون االعام القادم زمن الكف عن اراقة الدماء وتحسين مستوى حياة ومعيشة الإنسان العراقي ودخول البهجة والسعادة الى قلوب العراقيين بعد القضاء على الارهاب والفساد الادراي والمالي ، وبناء العراق الجديد وإعادة الإعمار وتوفير الخدمات ، وتعمل عمل تنظيف وزارتها ومؤسساتها من شةائب السيئة ، وتشخيص الجناة الحقيقين من القتلة والسراق والعملاء لدول الجوار. ذلك لن يتحقق إلا بالقضاء على الفساد الاداري والمالي داخل الهيكل الحكومي .
ويستوجب علي الحكومة العراقية سن القانون الصائبة وتبني النهج الديمقراطي لخلق دولة المؤسسات المدنية والإنسانية وبعيدا عن التسييس والخضوع للجهات السياسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة ضمن معايير العدل والقانون الذي يتجه الى دفع عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي للعراق ورفع المعاناة على ابناءنا واهلنا ، وتعزيز دور وسائل الاعلام والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بمحاربة الفساد بفكر وكلمة والعمل علي بناء قدراتها بهذا الشأن قبل فوات الأوان ، ومحاربة هذه الافة واستجواب المتورطين بقضايا فساد وسحب الثقة عنهم ، ووضع الحلول الرئيسية والاساسية اللازمة لها والكشف عن كافة الحالات السلبية داخل الهيكل الحكومي بهدف معالجة ما خرب بأيدي العابثين والمحافظة علي اقتصاد البلد ، ومحاربة موجات الخارجين علي القانون من اجل استتباب الامن وسيادة القانون في ربوع العراق بصورة صحيحة وحقيقية حتي لا تتكرر مأساة الأمس ... امام الجكومة مهمات صعبة  ترى هل تستطيع تنفيذها وتحقيق طموحات المواطن العراقي بهذه الدزينة المعلبة من المسؤولين في الهياكل الدولة !!! برغم ان الاقدام علي ذلك كله اصبح امرا مهما ومطلوبا لدى شعبنا .
العراقيون بشكل عام يطمحون أن يعيشوا يومهم بشكل طبيعي بحرية وتأخي فيما بينهم ، ويريدون العيش بسلام وأمان ، ولا يريدون المزيد من أراقة الدماء ، وكفاهم حروباً وهروباً للعيش في بلاد الغربة ، ويريدون مستقبلاً جميلاً وزاهياً لهم ولأجيالهم ، لأن مستقبل العراق ومصير شعبه لا يهم أحداً على الأطلاق سوى الشعب العراقي المظلوم نفسه .

137
توقيع الاتفاقية الامنية لمصلحة من ؟

                                                                                                             محمود الوندي

لعل تكلم عن الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية هو موضوع أكثر أهمية بين العراقيين هذه الايام ولا سيما المثقفين الى درجة دفعتهم الى المتابعة والكتابة حسب ما يراه وجهة نظرهم ، ومن خلال متابعتي وقرأتي لكتابتهم تبين بان اكثرهم يحث على الموافقة ويعتبرونها لمصلحة العراقيين ويكون يوماً تاريخياً حاسماً في تاريخ الانسان العراقي .
خلال الأيام الماضية لقد شاهد الشعب العراقي على شاشات التلفاز التي كانت تبث على الهواء مباشرة وقائع جلسة مجلس النواب في أروقة البرلمان التي شهدت التصويت على وثيقة الاصلاح السياسي واتفاقية انسحاب القوات الاميركية من العراق . حيث صوت البرلمان العراقي بالاجماع الكبير بنعم للاتفاقية الأمنية العراقية - الأمريكية اي حصولها على اكثر من ثلثي اصوات مجلس النواب ، وهذا يدل على النضوج السياسي لدى الاغلبية . بعد ان اظهرت الخلافات والمواقف المتفاوتة بين النواب بشأن الاتفاقية المذكورة ، والمناقشات حولها ، خلال اليومين الماضيين ، وفي نهاية المطاف كان النصر إلى جانب الحياة والديمقراطية وفق منطق حتمية التاريخ ، لأن اقرار اتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق كان قرارا عراقيا من اجل مصلحة الشعب والوطن وضمان سلامة النظام السياسي الديمقراطي في العراق وهو امر مرحب به  ..
وهكذا انتصر الحق على أولئك الذين يقفون دائما حجر عثرة أمام مسار التاريخ ، فجميع هؤلاء استماتوا في محاولاتهم اليائسة لمنع تمرير الاتفاقية لأنهم يخشون ردود فعل تهدد مستقبلهم الانتخابي . لقد حاول نواب التيار الصدري ، وحلفاؤهم من البعثيين القدامى والجدد ( الذين يعانون من عزلة سياسية خانقة بفعل مواقفهم المكشوفة والهزيلة ) لعرقلة هذه الاتفاقية بشتى الوسائل . وهم يتقافزون كالسعدان على مقاعد البرلمان و يهتفون كالأطفال بشعارات بالية لا تغني و لا تسمن شعبا و لا وطنا لا من ظمأ و لا من جوع .
فيا عجائب وغرائب تحول هولاء المجرمين وملطخة أياديهم بدماء العراقيين وبقدرة قادر من رافضين لإتفاقية سحب القوات الأجنبية من العراق بأعتبارها تمس بسيادة العراق ولم تصب في مصلحة الوطن و تكبل العراقيين بأغلال العبودية ، وأعلنوا بصراحتهم أنهم سوف لن يصوتوا للاتفاقية بحجة أنها تمس بالسيادة الوطنية وهم يرفعون لافتات ترفض الاتفاقية وينباكون بدموع التماسيح على سيادة العراق ، كلنا نعرف هولاء الناس لم تكون لهم مواقف وطنية ولا صلة لها بالسيادة والاحتلال والاتفاقية من قريب او بعيد ، بقدر اهتمامهم بتحقيق مكاسب فئوية وشخصية على حساب الشعب والوطن ، وهم يرمون الى الحفاظ على اقدامهم في السلطة فقط . فيما يغيب عن بالهم ان الاتفاقية شأن وطني عام . ان التفكير والعمل والتحرك بأطر وزوايا وسياقات واجندات فئوية ضيقة لايعود بأي نفع او فائدة على العراق ، كوطن وشعب  .
والأغرب من ذلك الذي جرى تحت قبة البرلمان الا انه أمر معيب ومدهش ولا صلة للديمقراطية بأي علاقة ، حيث شاهدنا مناقشة الاتفاقية وكيفية استغلت امام مطالبات كثيرة من قبل البعض ، برغم لا علاقة الإتفاقية بهذه المطالبات او التغييرات القانونية ، وانهم يعلمون قبل غيرهم  فهذه قضايا يحسمها الدستور وليست الإتفاقية ، ولا تلغى هذه المواد إلا بآلية دستورية حسب ماينص عليه الدستور العراقي ، ولكنهم انتهزوا الفرصة عملية التصويت في البرلمان حول مشروع إتفاقية سحب القوات الأمريكية ، ومارسوا لعبة الابتزاز السياسي والمساوة مع الحكومة ، عندما أعلنوا بعض الكتل النيابية شروطا مقابل التوقيع على الاتفاقية ، اذا تمت الاستجابة لمطاليبهم التي تنطوي علــى مكاسب سياسية وحزبية للمطالبة بإطلاق جميع السجناء ومنهم الإرهابيون والقتلة وإلغاء قانون المساءلة والعدالة ( اجتثاث البعث سابقا ) دون تدقيق وتحقيق والغاء القضاء القائم بمحاسبتهم بما أجرموا بحق ابناء شعبنا دون وجه حق وعلى مدى ثلاثة عقود من الزمن وعلاوة على تخريب البنية التحية للبلاد ، وكأن تخريب الوطن لا تهمهم ، ودماء الشعب العراقي من ضحايا أمس واليوم لا تعنيهم ، ما لم تستجب الحكومة لمطالبهم ليس يصادقون على الاتفاقية... هولاء يريدون من خلالها في الحصول على المصالح الشخصية والحزبية الضيقة وتحت ستار مطاليب الاصلاحات السياسية والمناداة بالوطنية . ومن هنا يكشف المعدن السيء لهؤلاء السياسيين الانتهازيين الذين يصدق عليهم قول الفيلسوف إفلاطون حين يصف الرجال فيقول (( لا يمكن أن نصنع رجالا ذهبا من مواهب نحاسية ))  . 
كلنا نعرف بان الاعضاء داخل برلمان تشريعي في دول العالم المعاصر غالبا يضم نخبة من الشخصيات المعروفة التي تمثل المجتمع ما تكون مستندة الى مواقف وطنية وإنسانية وفكرية ، والبلد الذي انتخب مواطنيه وأوصله إلى مكانته الحالية ومنحه وصف نائب برلماني وعبر آليات الديمقراطية المعروفة ، يجب ان يكون وفيا ومخلصا لوطنه وخادما امينا لشعبه من خلال البرامج الذي قدمه فبل الانتخاب . اذا كان الاختلاف في المواقف والتوجهات السياسية امر طبيعي ولكن دون مزايدات ، فأن حدود الاختلاف وسقفه لابد ان يكون محدد ، ولابد ان تكون هناك نقاط تحسم عندها القضايا المختلف عليها وتتخذ على ضوئها القرارات ، وترسم السياسات للمصالح والثوابت الوطنية ، التي ينبغي ان تؤشر الى المواقف الصحيحة والسليمة والصائبة .
وعلى خلاف ذلك أن البعض من هؤلاء النواب الذين أنتخبهم الشعب العراقي لا يستحقون عضوا برلمانيا ( واضح على انهيارهم الاخلاقي وفراغهم الفكري وخوائهم العقلي ) ولا يستحقون بكل هذه مزايا لم يحلم بها في حياتهم بل لا يستحقون أن يكون عضوا في أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني او الديمقراطي في الدولة العاصرة لانهم لا يؤمنون بديمقراطية وفدرالية العراق ولا بحقوق الاقليات والطوائف ولا بحقوق المرأة .
فأصبحت المعركة هي معركة مصير بين خيرين واشرار ، معسكر الخير هم أنصار الديمقراطية والإنسانية ومعسكر الشر هم دعاة الموت وعودة حكم الدكتاتورية لتدمير احلام الشعب العراقي . وأخيرا انتصرت إرادة الشعب العراقي وقرر مواصلة مسيرته الحضارية في إلحاق الهزيمة بالإرهابيين والميلشيات الاسلامية وفلول البعث وعصابات الجريمة المنظمة . ومن الواضح هذه الإرادة الخلاقة يستهدف اقامة دولة مدنية عصرية في العراق وتقوم على اسس الموطنة والتعايش السلمي بين ابنائها والشروع ببناء دولته الحديثة الديمقراطية القانونية الدستورية المزدهرة بدون المحاصصة وليس الخوف من الآخر والتعامل مع الجميع مكونات شعبنا على مستوى واحد من الحقوق والواجبات وبناء القوات المسلحة على اسس مهنية غير سياسية . وقيام بعملية اصلاح بحاجة ماسة اليها المواطن العراقي وتضمن اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي لكي يشعر ابناءنا بنتيجة فعلية من كل الحراك السياسي من خلال توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات الامريكية المتحدة  .

 
 




138
أطفال العراق بين العوز والإهمال ومعاناة المرض
     



                                                                                                        محمود الوندي


ينتمي عدد كبير من هؤلاء الأطفال الذين يملأون شوارع العراق والمشردين في أزقة وحارات المدن بلا مأوى ويقيمون في العراء ، يفترشون الأرض فراشاً والسماء لحافاً أو غطاء إلى شريحة السكان الأكثر فقراً وانعزالاً بعد ان أصبحوا يتامى جراء العنف الطائفي وتردي الوضع الأمني بالعراق منذ خمسة أعوام ، هؤلاء يعانون من العوز والإهمال والمرض وسوء التغذية ولم يجدون الرعاية والاهتمام بهم من أي جهة كانت ، وهذه الاطفال محرومين من حقهم الأساسي في الصحة والحماية وتكون معدل الوفيات تحت سن الخامسة مرتفعة جدا في العراق  وسبب تلك المعاناة سوء التغذية لأن نصف أطفال العراق يعانون من سوء التغذية ويسهم في وفاتهم بالإضافة الى الأمراض الأخرى التي تتغاضى عنهم جهود التطوير الحكومة والتي يمكنها من تحسين حياتهم وإمكاناتهم إذا أرادت بشكل جيد وعدم ضياع حقوقهم في التعليم والتطور والرعاية الصحية .
والأمر المثير للعجب والأسى هو ندرة إن لم نقل إنعدام الأصوات المهتمة أو اللاأبالية بمعاناة أطفال العراق سواء كان من المسؤولين أوالسياسيين أومن المراجع الدينية والإنسانية التي لا تعير أي إهتمام لهذه الشريحة المهمة والمتمثلة بأطفال العراق . علما إن بلدنا يمتلك الكثير من الخيرات والثروات ما يكيفه لسنوات عديدة . وأما الإعلام في مجتمعنا مقّصر جداً في كشفه عن الحقائق التي لا يريد البعض من إظهارها سواء في المجتمع أوالدولة لأسباب ومصالح ذاتية . وأطفال العراق يستحقون منا كل الأهتمام لأنهم نبض المستقبل ورجال الغد وأملنا في التغيير والتحسّن والنماء. 

لذلك تحتاج الاطفال وجيل المستقبل الى كل الرعاية والإهتمام من قبل الدولة والعاملين في مجال المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية المعنية بحقوق الأطفال. وعليهم أن ينتبهوا الى معاناة الطفال العراقي وحالاتهم المأساوية من خلال وضعهم استراتجيات صحيحة ومنظمة لغرض تنمية شخيصاتهم بطريقة مدروسة وفق ثقافتنا وأرثنا الحضاري وعبر وسائل مختلفة من قبل مؤسسات رسمية ووطنية وإنسانية سواء كانت تلك المؤسسات تعليمية أو تربوية والتركيز على البناء الحقيقي والمتكامل فكريا وعقليا وروحيا لبناء الطفل العراقي. ويكون له مردوده الحقيقي وإلإيجابي في المراحل القادمة لبناء البنية التحتية للعراق الجديد . وتنمية الوعي الفكري الثقافي والعقلي العلمي لدى الأطفال من خلال إستخدام أساليب مبدعة في الحوار والتعليم مثل الفنون والرياضة وغير ذلك من الثقافة والعلم وتنمية قدراتهم في مختلف النشاطات الحيوية .
ويجب تلبية إحتياجاتهم من قبل الدولة والمنظمات الإنسانية وعدم تجاهل محنتهم وبذل الجهود المركزة لمعالجة سوء تغذية الأطفال وضمان حقوقهم فهما عاملان أساسيان الى حد كبير لأنهما يحددان مدى نجاح الجهود التي سيبذلها الدولة والمنظمات المدنية من أجل تحقيق أهدافهم الإنسانية لتنميتهم وبناء مستقبلهم التي يمكنها أن تحسّن حياتهم وإمكانياتهم بشكل كبير وزرع القيم والمعايير الصحيحة فيهم . يجب أن يصبح الطفل العراقي غير المرئي مرئياً وذا صوت مسموع وإضاءة شعلة جديدة في طريق تقدمهم وبناء الأساسات اللاّزمة لهم لكي ينجحوا وينجزوا في المستقبل ونعلّمهم كلّ ما يفيدهم في الحياة و يحضرهم لخوض دنيا المستقبل  . فإنعدام الإستقرار وعدم المساواة هما أعظم أمرين دائمين تصبح أطفال العراق ضحايا الإساءة والاستغلال والتمييز وتكثر من مشاكلهم ، والمستبعدين عن التعليم والصحة والخدمات الحيوية الأخرى ، ويجب توفير آليات التخطيط والالتزام السياسي في البلاد وبشكل متكرر لعدم ضياعهم وخوفا عليهم من السقوط في حبائل عصابات الجنس الإجرامية ، وإعداد توجيهات للتخطيط وللإصلاح ولتحديد المصادر الضرورية لتعزيز قطاعات صحة الطفل والتعليم والتنمية ، وتزيد التشريعات الجديدة والقيمة الى جاتب الأطفال لحمايتهم من الخراب والإدمان على المخدرات والسرقة والدعارة والإجرام ، وإنقاذهم من البؤس والشقاء ومن أيدي المنحرفين وصيانة كرامتهم . يجب أن يلعب كل من المجتمع المدني والمؤسسات المالية والمجتمعات الأخرى دور حيوي وإلى بذل جهود أقوى وبشكل عاجل لإحتساب كل طفل وإعطاء كل طفل حقه في مدينته أو في مكانه ، لنترك له حياة سعيدة و حضارة أحسن وأرقى ، ومعالجة أثار الصدمات النفسية قبل ان يكون قنبلة تنفجر في الوجه المجتمع .
أخيراً وليس آخراً علينا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال وكل الأسئلة التي تنبع منه ونتحمل مسؤوليتنا كاملة فهذه ليست مسؤولية الدولة وحدها أو مسؤولية الأهل أو المجتمع وحده ، أو مسؤولية المدارس وحدها ، هذه مسؤولية جماعيّة ملزمين بتحمّلها كلّنا والعمل عليها بجد وإخلاص من أجل مستقبل أحسن من الحاضر المؤسف الذي يعيشه الطفل العراقي . علينا أن نعمل لحمايتهم من همجية هذه القوى المجرمة والشرسة ومن كل البرابرة المستوردة ، وصيانة حقوقهم وصون كرامتهم وإجبار الدولة والوزارات العراقية المختصة في التعامل مع قضيتهم  بكل إخلاص وجدية . فحقوق اطفالنا في العراق مقدسة ويجب أن تصان مثلما هي مصانة ومحترمة حقوق الأطفال في الدول الأوروبية المتحضرة.



139
سخرية ومهزلة البرلمان العراقي

محمود الوندي

ومن خلال متابعتي الأحداث بكل تفاصيلها في البرلمان العراقي والاعتداء على السيد مثال الالوسي وربما لا يفاجئني عندما وقعت الواقعة في أروقة البرلمان لأن اعضاءه التي رشحت من قبل أحزابهم هم ليسوا بمستوى المسؤولية وأكثرهم ملطخة يداهم بدماء شعبنا (أقصدهم بالبلطجية ) ولا يستمدون قيمتهم من عبقرية يتمتعون بها ، ولكن هو ما يعنيني ردود الافعال المثقفين والشارع العراقي عندما يهاجم السيد الالوسي في البرلمان امام عدسات التلفزة قولا وفعلا ، لكما وتجريحا وثم يتهم بالخيانة الوطنية ويرفع الحصانة البرلمانية منه ، ومنعه مـن السفـر ، عقاباً له على زيارته الثانية لإسرائيل تلبية لدعوة للمشاركة في المؤتمر العالمي الثامن لمكافحة الارهاب ( والذي شاركت فيه أكثر من 60 دولة بينها دول عربية وإسلامية ، وبحضور أكثر من ألف شخصية من الباحثين والخبراء والإعلاميين والسياسيين من مختلف أنحاء العالم ) ، وهذا يعبـر عـن شراسـة طائفيـة عنصريـة متأثرة بايديولوجية البعث الشوفيني ، ويذكرنا هؤلاء الأشاوس المصطلحات البعثية المستهلكة . وهذه الخصال بحد ذاتها تشكل خطراً كبيراً على أي إنسان عراقي في بلد غارق بالنفاق والانتهازية والإجرام والإرهاب وبالاخص من يطالب بحقوق المظلومين ويدافع عنهم .
أنا لست بصـدد الدفاع عـن سفـر السيد مثال الألوسي الى اسرائيـل او التبرير سفره لـكـن : اعترض على الإجراءات التي اتخذت بحقه داخـل مجلس النواب والتي كانت مفتعلاً منافقـاً حـد الأبتذال  وضعف كفاءة عملية وإداء الواجب والذي جعل من جلسته قاعة من قاعات محكمة الثورة الدموية ، ليحاكم شخصاً وطنياً فيها بتهمة غير واضحة المعالم ولا معنى لها البتة سوى تحركهم الضغائن البدائية والرغبة في تصفية حسابات ، ولم كانوا ينتظرون سوى المناسبة ، ليقذفوا سوءاتهم بوجوهه !!! وكذلك اعترض على تصرفات البعض داخل مجلس النواب بالأخلاقيـة المشينـة التي مورست بالأعتداء الرخيص على الالوسي داخـل المجلس بحجة الخيانة الوطنية ولكن مفهومها أوسع بكثير مما ان يحصره البعض في خانة الزيارة إسرائيل !!! .
لان مفهوم الخيانة الوطنية وأفظعها وأقذرها هو التعاون مع أعداء العراق ضد الشعب والوطن وبيادق خشبية متحركة على أيدي مخابرات دول مجاورة طامعة بالعراق ومتآمرة عليه على طول الخط والتاريخ بواسطة عملائها ، ومن يتاجر بدماء أبنائه لأرضاء أسيادهم في تلك الدول ، هؤلاء جميعهم في خانة الخيانة الوطنية وليس زيارة الالوسي الى إسرائيل .
ومن المعلوم هذه عناصر ركزوا ارهابهم على الشعب العراقي فقط واستثنوا الامريكيين وحلفائهم . وأدهى من ذلك نرى البعض من هؤلاء الارهابين الذين أستثنوا الأمريكيين محاولا الأرضاء الامريكان لكي يتشبث بكرسي الحكم ، لأن بقاءهم مرهون بولائهم وشمولهم بالرضى السامي ، والبعض أخر طمعا باعادتهم من قبل الامريكان الى السلطة او المشاركة بها كما هو وارد في حكومة الوحدة الوطنية الملغمة بالبعثية .
 وحقيقة لا اعرف لماذا هذه التحامل ضد مثال الألوسي من قبل اعضاء البرلمان العراقي الذي أتى بقرار صائب وجاحف لقطع رواتب حمايته لكي يتفرقوا من حوله ويتركونه يواجه مصيره المحتوم ، افلا يعني هذا يهدد كيانه بالتصفية الجسديـة ؟ لأن الحدث داخل البرلمان كان مجرد هراء وثرثرة فارغة لا قيمة لها بحيث تحول البرلمان في ذلك الاجتماع إلى غابة مليئة بالوحوش الضارية السائبة ، تفترس كل من حولها وخاصة الشرفاء منهم او من كان نزيهاً ومخلصاً لوطنه وشعبه .
ومن طرف اخر لم أرى أي نائب في مجلس البرلمان بوكي على معاناة وهموم شعبنا او قد أخذته غيرته وحميته للمواطن العراقي المسكين الذي يعاني من جميع الأهوال المادية والمعنوية من الفقر الجوع والجهـل والمرض ، ولم يعلن عن آرائه بصراحة متناهية لمحاسبـة رموز الفساد الأداري المالي الذي ينتشر مثل الوباء داخل هياكل الدوائر والهيئات الحكومية ، ومحاسبة كل مسؤول عما أقترفت يداه جنائياً او امنيا او سياسيا ، ولم يجرأ أحداً منهم بكشف عن أعداء العراق الحقيقيين الذين يتعاونون مع إيران وسوريا والسعودية وغيرها من الدول دون وجل .
 كثير من نواب ولايزالون ولحد هذه اللحظة اللعينة قد جعلوا من قبلتهم تتجه باتجاه تنظيم القاعدة والارهابين البعثيين العراقين التي دبت على شعبنا من الدول المجاورة العربية والإسلامية ومتعاونا معهم ومحتضنا لهم ومقدما لهم كل فصول الطاعة !!! وقسم أخر ما زالوا يتباركون بنعمة الاطلاعات الإيرانية وتمرغ أياديهم بدماء الشعب العراقي من خلال ميليشياتهم !!! وهولاء يعرفهم القاصي والداني واللاسف لم يتخذ أي إجراءات قانونية بحقهم . بسبب يتوفر لهم ظهر قوي وحصانة قوية تجعلهم فوق القانون .
ورغم مطالبة الشخصيات الوطنية عبر الفضائيات وكثير من المثقفين من خلال كتاباتهم بغلق الحدود السورية لأن هذا الحدود مصدر رئيسي  للارهابيين !!! وكذلك الحال مع النظام الإيراني الذي درب وساعد الميليشيات الاسلامية لقتل العراقيين وتدمير البنية التحتية للعراق !!! ولكن لم نجد أذان صاغية لتلك الندائات والصياحات من قبل البرلمان . هنا يدل بأن أعضاء البرلمان غير معنيون بالإنسان العراقي ، ولا ثمن للشعب الذي أنتخبهم وانخدع بأقوالهم ومواعيدهم الكاذبة .
كان الأجـدر بالبرلمان العراقي ان يجتمع ويأخذ موقفاً شجاعاً وصريحاً ومنصفاً وبعيدة عن أي تطرف لجهة دون اخرى وتشكيل لجنة خاصة في هذه الحالات لتقصي حقائق الموضوع وطرحها على الشارع العراقي بعد ان تنهي اللجنة أعمالها ومهمتها وتحدد أوجه الخطأ والمسؤولية ، وكان من المفروض يأخذ البرلمان الاجراءات المماثلة بحق الاعضاء الذين أجرموا بحق شعبنا واشتركـوا فـي اعمال ارهابيـة موثقـة والمتهمين مع الأثبات بسرقـة وتهريب الثروات الوطنيـة وشفط ارزاق الناس ومن ثم تقديمهم الى العدالة ورفع الحصانة البرلمانية عنهم بدلا ان يتستر عليهم ، لكن أحداً لم يحاسب حتى هذه اللحظة .. وللأسف فإن هذا العرف يعرفونه جيداً ولكنهم لا يمارسه ولا يأخذه على محمل الجد .
ومن نافلة القول بان أعضاء البرلمان في واد والشعب في واد أخر ، لأنهم تركوا وراءهم كل هموم ومصائب ملايين البشر التي تتضور جوعا وتفتك بها الامراض وليس اقلها الوباء الأخير " الكوليرا " في جيوبهم الخلفية ، حيث نسوا وتناسوا المشاكل الرئيسية للمواطن العراقي من انعدام الخدمات الإنسانية والحياتية " الماء ، الكهرباء ، والنفط ".. الخ ، فضلا عن تفشي الأمية والجهل والتخلف حتى اصبح شعبا في الدرك الأسفل من الشعوب المتخلفة .





 





140
الشباب العراقي في متناول الجهلاء
                                                                                                 محمود الوندي

إن التحدث عن الشباب موضوع حساس جدا ولا أستطيع أن أجمع مشاكل الشباب في مقال واحد فقط فتتنوع مشاكل الشباب من مشاكل اقتصادية من بطالة وفقر واجتماعية أسرية وغيره من مشاكل تعرقل الشباب في حياتهم اليومية وأحببت في هذا المقال أن أتحدث عن الضعفي الثقاقي بين شبابنا وأستغلالها من قبل تجار الحروب  .
نجد مؤشرات عديدة تؤكد ظاهرة البطالة واتساعها بين الشباب في العراق والضعف الثقافي بينهم وسقوط الافكار وتلاشي سطوة الايدولوجيا التي كانت تؤطر عقولهم ، خصوصا انه الجانب الرسمي الحكومي كثيرا ما يعترف بشكل موارب وغير مباشر بوجود هذه الظاهرة التي مقلقة لهم سياسيا ، وهذه التغيرات التي بدأت تهب مع بداية السبعينات اي بعد ان سيطرت حزب البعث على السلطة الذي كان الشاب العراقي لحد تلك السنة مثقفا وواعيا وملما بالتيارات والتوجهات والأفكار الكبرى كانت تجتاح العالم . وجعل البعث جميع الاحزاب في شبه عطالة فكريا في البداية وثم القضاء عليهم واحدا تلو الواحد وفرض فكرة حزب البعث فقط  على الشعب العراقي ومن ضمنهم ملايين الشباب الذين يرفض الفكرة ولم يقتنع بيها ، لأنها كانت تتدفأ بنار الافكار الكبرى والساخنة كالماركسية واليسارية والديمقراطية والليبرالية والاسلامية وحتى القومية منها . في حين ان أغلب شباب اليوم يفقدون الى الثقافة الفكرية والسياسية وأصبحوا ضحايا حكومة ديكتاتورية العصر وسياستها الرعناء ، وعدم قدرة الشباب على اختراق التحصنات التي أحاط وتحيط بيها . ولا تبقى لديهم سوى أنصياع الى اوامر النظام لظهورهم في مظاهرات احتجاجية وهم يحرقون دمية تمثل احد رؤساء الولايات المتحدة الامريكية أو أعلاما للدول الغربية والاقليمية ..
وفي هذا السياق لا ننسى ان الاجهزة الامنية للنظام البائد ، بذلت ما في وسعها ونجحت في خلق حالة من العطب الثقافي والسياسي في فضاء الساحة العراقية وبالاخص في فضاء المدارس والجامعات العراقية وأحكمت حولهم المراقبة الشديدة والتعسفية من قبل جلاوزته داخل حرمة المدرسة والجامعة ليضطلع الطالب بدور تعليمي فقط لا اكثر ولا أقل . الشيء الذي أطفأ جذوة ممارسة السياسة من ضمن محاربة الثقافة والتي تعاطي معها الطلبة والحديث عنها والنقاش الهادئ او الحاد حولها . في حين كانت أكثرهم يتذوقون الى الثقافة العامة ومنها الاجتماعية والسياسية والثفافات الاخرى ، التي كانت توفرها المدارس والجامعات العراقية أنذاك داخل مكاتبها وصفوفها وداخل قاعاتها ومحاضرتها . واصبحت حالة البرود تصيب شبابنا امام الثقافات المختلفة . وقد اصبح الشاب لا يهتم إلا بقوت يومه ، وان يجد له العمل المناسب واللائق به . كان من الواضح أن العديد من الشباب محبطون من النظام البائد وسياساته التعسقية بحقهم .

بعد سقوط النظام البعثي

بعد سقوط نظام البعث لم يحدث تغييراً أي شيء نسبة الى الشباب ، وبدأوا يشعرون باليأس وفاقدي الأمل والمستقبل ولم تلبي طموحاتهم من قبل النظام الجديد واصبحوا مرة اخرى شبة منعدمة ، وجدوا أنفسهم في مواجهة مصاعب جديدة ، ومع ارتفاع معدلات البطالة وانكماش الاقتصاد ، وارتفاع الشديد في تكاليف المعيشة ، وأرتفاع معدلات الفساد الاداري والسياسي والمالي المنتشر . لأن العمل السياسي اصبح حكرا على طبقة معينة أيضا لا تستند على شرعية المؤسسات المدنية والديمقراطية ، وليس هناك أساليب او معايير عامة تعامل مع المواطنين بصورة صحيحة وجيدة ، واستغل الزعماء الدينيون المتشددون من مشاعر الإحباط التي يعاني منها الشباب ودفعها الى أحضان عصابات الإرهابية وميلشيات الإسلامية ، الكثير منهم أغواهم هؤلاء الزعماء الدينيون بسهولة حيث وعدوهم بالمجد الأبدي من خلال اتباع طراز متشدد من الاسلام ضد الامريكا والقوى الغربية وضد العلمانية والديمقراطية والفيدرالية والى الجانب أغواهم الزعماء الدينيون يجد فيهم من يحتاج ارهابيين يقاتل بهم لقاء رواتب بسيطة .
 لذلك فلا يظهر الشباب العراقيين إلا كمختطفي رهائن أو إرهابيين لقتل الناس الابرياء أو واضعي حقيبة تحتوي على قنابل في الدوائر والمؤسسات الحكومية  وكذلك في المعامل والبيوت ، أو قيامهم بعملية الانتحارية بواسطة الاحزمة الناصفة او السيارات المفخخة داخل الأماكن والساحات العامة ، او اقتحامهم منازل المواطنين واغتصابهم وسرقهم وقتلهم ، وقيامهم بأغتيالات الشخصيات السياسية والثقافية والعسكرية بالرمي بالرصاص في الشوارع امام مرأى وتكرر هذه العمليات بشكل يومي في عدة مدن من انحاء العراق . واصبحت قليل الثقة لأبناء العراق في مصداقية العمل السياسي في الحكومة الجديدة .

كيف نعالج هذه المشكلة في سبيل استقطاب الشباب ؟

يحتاج الى وقفة تأمل والتفكير في سبيل استقطاب هؤلاء الشباب من خلال آليات تحترم عقلهم وتكسب ثقتهم للخروج من هذه الحالة ومعالجة حالة الفراغ الفكري والاحباط التي تعاني منها الشباب . لا بد هناك الحلول للقضاء على مشاكلهم وهمومهم من فقر وبطالة لمعالجة الضعف الثقافي عندهم ، وهذا تحتاج الى عملية تطوير كفائتهم في مجال التعليم والعمل ومساعدتهم على اجتياز العقبات امامهم وحمايتهم من الإيذاء والاستغلال والعنف ، وطريق الخلاص من تأثيرات السياسة الهوجاء للنظام البائد ، وفتح أفاق المستقبل لهم وأعادة تأهيلهم من الحديد لتعزيز هيبتهم بعد ما فقده من خلال التثقيف والتدريب على المهارات الحياتية في اظهار مواهبهم الرياضية والفنية والعلمية ، ومشاركتهم في التظاهرات الدولية ، ويقدم الرعاية والدعم الى أسرتهم التي تعاني أشد المعاناة من الفقر والمرض والجهل من قبل الحكومة العراقية ، وتفعيل المادة (30) من الدستور والتي تكفل الضمان الاجتماعي والصحي لكل من الفرد والاسرة وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة والمرض .
 
إذن يجب على الحكومة العراقية والجهات المعنية لمساعدة  الشباب من ممارسة نشاطاتهم المتنوعة والمختلفة وتقبل أرائهم بكل جدية ورحابة صدر وتتفهم أوضاعهم ومشكلهم ، وتصدر القرارات التي هي في مصلحة أبناء شعبنا من زيادة المرتبات وفتح الورشات المهنية والتدربية وغيرها من القرارات المهمة لخدمة الشباب وتحقيق رغباتهم  وفتح أفاق المستقبل امامهم ، وتبني خطط وآليات مكافحة الفقر وتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي للعوائل العراقية والقضاء على الواسطة والرشوة والمحسوبية التي هي العائق الحقيقي والكبير امام تطور المجتمع ، وتأهيلهم بشكل جيد وصحيح في بناء المجتمع المدني الحقيقي ومؤهلا لأداء مهمامهم وواجباتهم أزاء الوطن والشعب ، لأن تفعيل العمل عموما والسياسي خصوصا يعتمد على جيل الشباب ، فهو الحائر على القدرات العملية والذاتية الخلاقة ، والامكانات العلمية الحديثة لأداء انشط لبرامج العمل وخططه  .                ......                                           .....                                                                                             



141
لكي لا يهوي السيف السعودي على الرقاب العراقية

                                                                                                     محمود الوندي

بين حين واخر نسمع عن مأساة الشعب العراقي تارة داخل العراق ، وتارة في دول الجوار ، وتارة اخرى في بقية بقاع العالم . ومأساة تضاف بأمتياز الى مأسي هذا الشعب المظلوم الذي اهملة حكام العراق سابقا وحاليا ، وكأن قدر هذا الشعب المغدور ان لا يرى السعادة طوال تأريخيه ، يخرج من نفق المظلم كي يدخل الى نفق الاظلم .
وكأن العراقي محكوم عليه بالموت اين ما كان ومتى ما كان تارة يقتل لانه شيعي واخرى يذبح لانه كوردي واحيانا يصلب لانه يفكر وهو ممنوع من التفكير فالموت قدر هذا الكائن مهما كان جنسه .
قبل امس سحقه صدام شر سحقة ، وامس مرده الارهاب الوهابي والعنابي ايما مردة واليوم  تلاحقه سهام المغول من صوب انقرة والرماح المقتدائية من صوب طهران واما السيف السعودي فهو مسلط على الرقابي ابداً وتهم جاهزة مجهزة ، ( انت شيعي عليك ان تموت لانك كافر حسب التصنيف الوهابي ) .
فايا حكومتنا ( الرشيدة ) انهضي من غفوتك ابرياء العراق يموتون دون وجهة حق فلا تسيء رمي سهم ، وجهتك شمالا ( تركيا ) شرقا ( إيران ) غربا ( السعودية وسوريا ) فما لي اراك في كركوك وقره تبة تسعيرين نار الفتن الداخلية انهضي من كبوتك فالبيشمركة الرابضون في ديالى هم الذين صدوا هجمات الارهاب يوم كنت محصورة في المنطقة الخضراء لا حول لك ولا قوة ، تحركي تحركي فكاد سكوتك ان يصبنا مقتلا ، ما لي اراك تتكلمين وقت التأمل وتسكتينة في الوقت الذي يكون الكلام من ذهب وسكوت لعنة من اللعنات  .
ايها البرلمانيون الذين تحرصون كل الحرص على مخالفة الدستور العراقي هذي دماء الفقراء تصير هدرا في حفر الباطن اولئك الفقراء الذين تنعمون انتم باموالهم وكأنها غنائم توزعونها فيما بينكم متى يستفيق ضميركم هذا النائم لكي تطالبون بفك اسر العراقيين لدى ولي نعمتكم آل سعود .
فيا برلمانا ضحكت من جهله  البرلمانات ، ويا حكومة بكت من امرها الحكومات :
هل تتصرفون يوما كما تتصرف البرلمانات والحكومات ؟


142
من قال كركوك مدينة كوردية ؟

محمود الوندي

نشاهد مرة اخرى هذه الايام ان اعداء الكورد ينشطون ويصبون جام غضبهم على الشعب الكوردي وعلى قيادته السياسية في التذرع بحجة رفضهم لقانون انتخابات مجالس المحافظات ، وكما يدلون بكلماتهم وتصريحاتهم الخبيثة والخسيسة والجارحة ضد القومية التي تطالب بحقوقها المشروعة ، وتستخدم هولاء القزم شبح العنف العرقي ضد الشعب الكوردي عبر القنوات الفضائية فيما كانت هذه الفضائيات داخل الدول العربية او خارجها او من خلال كتاباتهم في المواقع والصحف العربية ، وبالاخص الذين يحسبون انفسهم على معسكر يساري او علماني أو معادي لنظام البعث ، على الرغم من ان مواقفهم وحديثهم وتصويتهم يكشف بوضوح حقيقية انتمائهم وولائهم فكريا وسياسيا للعفلقية ، وهدفهم تفاقم الوضع في العراق واغراقه في متاهات وفوضى وتفتيت وحدة الشعب العراقي واشعال نار عنصرية  بعد ان اطفأت نار فتنة طائفية بين ابناء شعبنا العراقي التي خططت لها من قبل الدول المتضررة من سقوط النظام البائد ولكن طيبة واخلاقية شعبنا العراقي أفشلت واجهضت تلك المؤامرة  .
 وتحاول الان هذه الاطراف بطريقة اخرى او باحرى عبر بوابة كركوك لاثارة الفتنة بين ابناء شعبنا لهجومهم المتعمد على الكورد ، وتفليقهم الأخبار الكاذبة بحقه ، ويشوهون الحقائق على الانسان العراقي ، لتأجيج الصراعات العرقية وتعميق روح الكراهية بين اطياف شعبنا ومن خلال هذه الفتنة تحاول طمس حقيقة الافعال المشيئة التي حصلت بحق الكورد وتزيف الحقائق لتبرير جرائم النظام البائد التي مورست بحق القومية الكوردية ويندى لها جبين الانسانية بحجة تباكي عن وحدة الوطن . وهذا مايسفر بوضوح عن المعدن الحقيقي لهولاء الضالين وعن جوهر هوياتهم .
 هؤلاء من يسمون انفسهم بالاعلامين والمحللين والمفكرين الذين لهم ارتباطات قوية بالاجندة الخارجية ومنها المخابرات العربية والتركية والاطلاعات الايرانية يحاولون ما بايدهم من القوة والحيل لعرقلة مسيرة بناء المجتمع المدني الديمقراطي وافشال العملية الفيدرالية في العراق ، التي تتضارب مع مصالح اسيادهم والذين يخافون من فيدرالية الكورد ويعتبرونها أكثر من شوكة في عيونهم وان تكون لهم بداية ونهاية لأستبدادهم ، هؤلاء يبحثون عن فرص ويعيدوا محاولاتهم الخبيثة والمريضة لقضاء على ارادة العراقيين الذين صوتوا بشكل حاسم ونهائي لفيدرالية كوردستان ، وبحجة ان الفيدرالية بداية تقسيم العراق او فصله عن ما يسمونه المحيط العربي والاسلامي ، حيث يخلق هؤلاء المنبوذين رويات وقصص خيالية مضادة ومناوئة للشعب الكوردي للنيل من عزيمته وكرامته ، كما يحاولون حرق اوراقه وتزوير تاريخيه وتقضيم جغرافيته . الهدف من تلك الاعمال لتشويه الحقائق على العراقيين ، وتنمية النزعات العدوانية بين الكورد واشقائهم من العرب والتركمان وحتى الكلدواشور وتعميق روح الكراهية فيما بينهم وجاعلين من الاناء الكوردي مأدبة للئام  . ونحن ما زلنا نعاني في العراق من الاحتلال ومن الإرهاب الذي تغذيه سوريا وايران وتركيا ومع بقية الدول العربية .
الشعب الكوردي بارادته لم يكن ضعيفا امام هؤلاء الاوغاد رغم تكالبهم عليه ، بل كان مهادن ومسالم ، ولم يكن شعبا عنصريا ولا ظالما ، ولم يطالب الكورد اكثر من حقه سوى حقوقه المشروعة وهي استرجاع الاراضي المستقطعة الى الاقليم كوردستان واسترجاع حقوق المرحلين واعادتهم الى مناطقهم ومدنهم الاصلية ومنها المرحلين مدينة كركوك التي تشكل فبها الكورد والتركمان غالبية سكان المدينة  .
اضافة الى هولاء الاوغاد الذين يصبون الزيت على النار ، للاسف نسمع صيحات من قبل السياسين (حكام ومعارضين) بان مدينة كركوك اصبحت لغما قد ينفجر في اي لحظة ، بدلا من ايجاد حل لمشكلة كركوك الذي خلقها النظام البائد لتشوية معالم المدينة اجتماعيا وثقافيا وهجر العوائل الكوردية والتركمانية منها وسكن فيها العرب . وتقسيم منهجي متعمد للمواطنة على اساس الولاء للسلطة ، فيما اُجبرت الاف العائلات الكوردية والتركمانية على التخلي عن انتمائها القومي اتقاء اعمال التنكيل والاجلاء ، وضمانا للحفاظ على ممتلكاتهم ومصالحهم ، فان ذلك يعد فضيحة عنصرية بالالوان الطبيعية .

هل حقا مدينة كركوك اصبحت لغما كما تدعون ايها الساسة ؟ ورغم وجود خارطة طريق لحلها متمثلة بالمادة 140 من الدستور. لماذا لم تطبق المادة بصورة صحيحة قبل الانفجار وانقاذ المدينة من الكارثة ان كنتم صادقين ؟ 

للاسف تردد وتخاذل عمدا من بعض اطراف السياسية من داخل الحكم والبرلمان ازاء تعهداتها بالالتزام النص الدستوري وعدم معالجة الملفات المهمة ومنها قضية كركوك ، وتحاول البعض استغلال القضية محاولا تجاوز المادة 140 من الدستور التي تخص مدينة كركوك وعدم تفعيل دورها لاعادة الاراضي والمنازل الى اصحابها الاصليين . وهذا يؤشر الى وجود من لا يريد الديمقراطية ولا الفيدرالية ان تترسخ كوجود ملموس في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية . وتطبيق المادة 140 بصورة صحيحة بعيدا عن المحصصات الطائفية والفئوية البغيضة ، سوف تكون طريقا وحيدا الى حل هذه المعضلة ويرضى بها مكونات اهالي مدينة كركوك ، لكن هذه الاطراف المتنفذة اخذت اتجاها مناوئا بدلا من تطبيق المادة 140 اخذت تضغط على الكثير من العائلات العربية التي جلبها نظام البعث عدم موافقتهم على العودة الى مناطقهم الاصلية التي جاءوا منها ، في الوقت نفسه الذي اعرب غالبيتهم الاستعداد للعودة الى مناطقهم طوعيا .
 لا ادري لماذا تستمر هذه الاصوات المبحوحة في تأزيم الاوضاع وتوتيرها داخل مدينة كركوك بهذه الكلمات الإستفزازية ضد الشعب الكوردي بحجة دفاع عن التركمان ؟ كأن التركمان كانوا أحراراُ في عهد نظام البعث ، ويحاول هولاء النباحين او النابحين لخداع التركمان وخاصة بسطاء الناس منهم لأشتراكهم بتفاقم الوضع في مدينة كركوك لنقل الصراعات الى مستوى اكثر حدة لا فيصل فيه سوى العنف المسلح واراقة الدماء ، بحجة تحتفط كركوك بهويتها تركمانية لانها ليست مدينة كوردية  تارة ، وتارة اخرى يتباكون عن عراقية كركوك . ولا ادري اين كانوا هؤلاء الذين يتباكون ويدافعون اليوم عن مظلومية التركمان ( وكلنا نعرف ليس حبا بالتركمان بل كرها بالكورد ) عندما قرر النظام البعثي ألغاء وجود التركمان في العراق نهائيا .
لا ادري من قال مدينة كركوك ليست عراقية او انها مدينة كوردية ؟ ان الكورد يعترف قبل غيره عن عراقية كركوك وعن وجود القوميات المتعددة والمتأخية يعيشون داخل مدينة كركوك . لا ولن نطق او صرح احدا من القيادات الكوردية بانهم ينفصلون عن العراق ولم نسمع منهم بان كركوك مدينة كوردية ، إنما كل ما في الامر يدعي الكورد بأن كركوك مدينة كوردستانية حالها حال مدن كوردستانية اخرى ضمن حدود العراق واعادة تخطيط الحدود الادارية للمحافظة وحل تبعيات التعريب وسياسات التهجير والتغيرات الديموغرافية التي حصلت في مدن اقليم كوردستان . ولم يطلب الكورد اكثر من ذلك ، أليس هذا من حقهم ؟
هنا ، اريد ان اذكر البعض من الصارخين والاصوات المبحوحة لو كان لكم ذرة من الانسانية كما تدعون ، لقد انصفتم الكورد ايام التعريب والقتل والتهجير وضرب الكيمياوي والانفالات ، الامر المناف لحقوق الانسان والمحرم وفق قوانين الارض والسماء على حد سواء ، او كنتم حماة التركمان أيام ما كان الطاغية وحزبه الدموي يقتل ويهجر العوائل التركمانية الشريفة والمخلصة لتراب الوطن والتلاعب بديموغرافية مدينة كركوك . واين كنتم واين كانت حكومة تركيا وعملائها في داخل في حينها لم يجرئ احدا أن ينهض من مكانه في تلك الحقبة ليقول نحن ندافع عن حق وحقوق التركمان !!! ؟ ولم نسمع صيحات هولاء الصارخين ( الذين كانوا للأمس القريب مخبرين أذلاء لدى الأجهزة الأمنية لنظام البعث ، وأولغوا في دماء التركمان ) لدفاع عن التركمان في زمن نظام البعث .
هؤلاء يبحثون جاهدا عن فرص لكي يتهمون الكورد بالشوفينية زورا وبهتانا ،  وانا اقول لهولاء الذين ليس لهم ذمة ولا ضمير ، هذه الامة لم تدع الى الحرب او أحقاد عرقية بل دعا دائما الى المحبة والتسامح والصداقة ، وكانت في العمل بروح المساواة والاخاء مع كل مكونات شعبنا ، حيث دافعت عن جميع اطياف الشعب العراقي وكانت حاضنةً للمعارضة العراقية للامس القريب واليوم حاضنةً للعوائل الذين هربوا وتركوا مدنهم خوفا من بطش الارهابيين المستوردين والمحليين والميليشيات الحزبية.  ، بالإضافة الى قيام القيادة الكوردية بكل جهدها بالوساطات لأطفاء النار المشتعلة بين بعض الاطراف العراقية المتنازعة .
الغريب في تلك التناقضات لهؤلاء الذين أتخذوا من " وحدة العراق والدفاع عن التركمان " ذريعة لرفض الفيدرالية واحتجاجها على ضم كركوك الى اقليم كوردستان العراق ، ومن ناحية أخرى ترحب باحتلال التركي لشمال العراق أواقليم كوردستان العراق كما احتل من قبل لواء اسكندرونة ، او تخويف الكورد من قبل الجيش الايراني الذي احتل اهواز وجزر ثلاثة اماراتية ، او تهديد الكورد من قبل الحكومة السورية التي الأحرى بها أن تعمل على استعادة أرضها المغتصبة بدلا من التدخل بشؤون العراق وتهدد الكورد . أليس الأحرى بهذه الدول أن تهتم بشعبها وتنمية اقتصادها وتكف عن الأعمال المخابراتية التي عفا عليها الزمن ؟ ومن ناحية ثالثة تحاول هولاء المأجورين ان تصبح كركوك مدينة الصراع بين المصالح الحزبية الداخلية من جهة  والاقليمية من جهة اخرى .
هنا اريد ان اسأل هولاء العروبيين الذين يتباكون ليلا ونهارا عن عروبة العراق وعن عراقية كركوك لماذا لا تتباكون على الاراضي المحتلة من قبل الدول الاقليمية وتناقضون انفسكم عندما ترحبون وتفخترون باحتلال الاراضي الاخرى من الدولة العربية ، هل تنازلات عن الاراضي العربية اصبحت من شيمتكم عندما ترحبون باحتلال الجيش التركي لولاية الموصل ومن ضمنها مدينة كركوك ؟ كما سبق تلك التنازلات من قبل سيدكم القائد الضرورة عن الاراضي العراقية وعن شط العرب لأيران مقابل حفاظه على الكرسي او سدة الحكم ، اوسكوت سوريا عن احتلال جولان واسكندرونة واصبحوا في طي النسيان وكذلك حال دول الخليج سكوتهم عن احتلال جزر اماراتية من قبل ايران ، وناهيك عن الاراضي الفلسطينية التي اغتصبت من قبل اسرائيل ، وعلى اي عروبة تتكلمون وتتباكون بدون خجل وحياء . ولا اريد ان اتحدث هنا عن الموقف العدائي للانظمة العربية وشعوبها ضد الشعب العراقي ووقوفهم الى جانب نظام البعث .
 أليس من حق الشاعر العراقي مظفر النواب ان يعريكم ويكشف خياسكم وينشركم على الحبال من خلال قصيدته " القدس عروس عروبتكم " والتي تكشف بيها زيفكم وكذبكم ؟ وانتم ما تزالون تتاجرون باسم القومية والعروبة ، وتضحكون على ذقون الناس البسطاء والجهلاء وانتم اول من تمد اياديكم الى المحتل سرا وعلنا  .
اليس من الافضل ان يستغل هؤلاء هذه المنابر الاعلامية ، لإيجاد مكامن الخلل والإختلاف حول قضية مدينة كركوك وعدم اللجوء الى الشعوذة وتضليل الناس حسب اهواهم من اجل التهيئ لإيجاد حل مناسب لهذه المشكلة مع بداية الفصل التشريعي الجديد وتغرس التسامح والتعايش المشترك في سايكولوجية اللاطراف المعينة في كركوك وما نحتاجه اليوم ليس في كركوك فقط بل في جميع المحافظات العراقية . وتوجه لسكان كركوك من جميع القوميات ويحثهم علىالعمل المشترك للتفاهم والتكاتف والتضامن للوصول الى الحل المعقول لقضية كركوك وجعلها مدينة التآخي والسلام والمحبة والثقة والنفس بالبعض بعيدا عن التشنجات والحساسات المفرطة ، وتصبح كركوك مدينة العمل والازدهار والرفاه والنموذج الحي الذي يحتذى به من جميع المدن العراقية كردية كانت أم عربية أم تسكنها قوميات أخرى .   
 وعلى هؤلاء السياسين ( حكام ومعارضين في العراق الجديد ) ان يتحملوا المسؤولية التاريخية اتجاه هذه القضية ويجب معالجتها بعدل وعقل وارساء مبادئ التعايش المشترك بين اطياف اهالها وليحتفظ كل الطرف بخصوصيته وثقافته ، وان تخرج مدينة كركوك من محنتها وكآبتها وعدم اهمالها بسبب مصالحهم الخاصة ، لأن اية خسارة لأصحاب الحق في كركوك تعتبر خسارة معنوية للشعب العراقي ، وهؤلاء السياسين يتحملون مسؤولية هذا الصراع داخل مدينة كركوك وسيدفع الثمن هذه الصراعات المواطن العراقي .


143
كركوك ومهزلة البرلمانية

محمود الوندي
قبل ان اتحدث عن تصرف اعضاء مجلس البرلمان الهزيل . أحب ان أسأل الحكام الجدد سبب سقوط نظام البعث وإزاحته عن السلطة ؟ وما الهدف الذي اتفقت عليه الاحزاب المعارضة دون استثناء في مؤتمرات لندن وصلاح الدين وغيرها من التجمعات والاجتماعات داخل دهاليز الدول الأقليمية والأوربية ؟ ألم تطرحوا معالجة هموم ومعاناة الشعب العراقي ومكوناته الدينية والقومية ومعالجة قضاياه العقيدية بصورة سلمية وقانونية التي لم  تستطيع ان تعالجها الحكومات المتعاقبة على سد الحكم في العراق ؟ اليس الشعب وهمومه ومعاناته هي من اولويات برامجكم ومناهجكم عندما طرحتموها أثناء الانتخابات ؟
يتضح ان هناك امور مخفية وأتفاقيات سرية بين بعض الاحزاب داخل البرلمان ضد طرف آخر ومحاولاً جهد امكانهم تشويه الدستور وأجهاضه ، التي أتضحت للعيان كسقوط أوراق الأشجار في الخريف من خلال التصويت والمواقف والتصريحات الانفعالية والاجراءات المستعجلة بدلاً ان تتخذ القرارات الإنسانية والعقلانية السياسية والمدروسة بشكل جيد لجميع الأطراف لوضع اللبنة الاساسية والآلية السليمة والاسس الصحيحة ومن خلال رجوعهم الى الدستور العراقي التي ينسجم مع مصالح شعبنا ومكوناته الآنية والمستقبلية .

من خلال هذه المقدمة البسيطة سأدخل في صلب الموضوع وهي قضية كركوك ومهزلة البرلمان ومصادقته على تأجيل انتخابات كركوك الذي خطط له من قبل طرف معادي للشعب الكوردي بأسلوب محكم ومخطط لخلق الفتنة والصراع بين مكونات شعبنا العراقي واستغلال الديمقراطية بشكل سيء للوصول الى أهدافه الدنيئة وتحقيق مأرب دول الجوار : 
مصادقة على تأجيل أنتخابات كركوك داخل البرلمان العراقي بطريقة غير شرعية ومخالفا للدستور الذين يحاولون أجهاضه من قوى المعادية للشعب العراقي وحقوق الشعب الكوردي ، كانت العملية رسالة متميزة وواضحة المعالم الى الكورد لا تحتاج الى إضافيات للعنوان المرسل التي اثارت ردود كثيرة داخل مكونات الشعب العراقي واتصف الرسالة بالشوفينية والعنصرية لأنها امتداد لمواقف وسياسات النظام البائد التي لم تجلب على العراق سوى الكوارث والويلات ، ومن طبيعي هذه الحالة لاتخدم شعبنا واطيافه المختلفة الذي يفوح منه رائحة قرارات مجلس قيادة الثورة لنظام البعث المنحل ، وهو ما انعكس سلباً على المسرح السياسي في العراق عموماً وعلى الوضع الامني في كركوك بصفة خاصة التي شهدت احداث عنف وحالة جذب قومي مقلقة عبر خطابات انفعالية وتصريحات نارية من جميع الاطراف .
ان تأجيج قضية كركوك داخل البرلمان من قبل بعض الاطراف المعروفة على الساحة العراقية وخاصة من قبل المتشبعين بالفكر القومي والنزعة الاقصائية ومعادي للكورد ، لها مدلولات سياسية وحزبية ضيقة وتحاول هذه الاطراف عرقلة طموحات مكونات الشعب العراقي وفقدان الثقة فيما بينهم ، ومحارية الديمقراطية والفيدرالية التي يحتاجهما المواطن العراقي وقدم تضحيات جسام من أجلهما ، وتحاول هذه الاطراف بقدر ما تستطيع لأفشال التجربة الكوردية ضمن العراق التعددي الفيدرالي خدمة لدول الجوار التي تتخوف من فدرالية كوردستان العراق ، هؤلاء اخذوا من كركوك ذريعةً لهم بحجة حفاظ على وحدة الوطن وسلامته ، كأن قضية كركوك وليدة اليوم على الساحة السياسية ، وليست هي قضية قديمة ومعقدة منذ نشوء الدولة العراقية ولم يتم معالجتها من قبل الانظمة والحكومات المتعاقبة على حكم العراق وكانت دائماً عقدة في كل المفاوضات بين القيادة الكوردية والحكومات العراقية طوال عقود منصرمة ، وجعلت في كل جولات مفاوضاتها خطاً احمر لاتنازل عنها .. والرأي العام العراقي والعالمي تفهم مطاليب القادة الكورد هي نفس مطالبهم في زمن المرحوم الملا مصطفى البرازاني ولم يأتوا بجديد إنما مطالب الشعب الكوردي  .
مدركاً في الوقت نفسه مدى تهالك الحكومات العراقية وتحديدا نظام البعث فعل كل شيء وبذل أقصى جهده لتغيير الطابع الديمغرافي لمدينة كركوك في اطار ما كانت تعتقد انه يخدم مصالحها عندما مارس كل اشكال الترحيل والتهجير والعنف بحق الكورد والتركمان ، فاستقدمت عشرات الآلاف من العوائل العربية من جنوب ووسط وغرب البلاد الى مدينة كركوك بعد ان اغرتهم بامتيازات مغرية للعيش في كركوك ومدن اخرى من اقليم كوردستان ، وفرضت طابعاً ثقافياً عربياً عليها ، ونقل الموظف الكردي الى خارج المحافظة أوفصل من وظيفته من رفض النقل ، ووظف بديله بشكل خاص موظف عربي موالي لها ، بالإضافة الى استخدام اشنع اساليب القتل والبطش بحق الكورد والتركمان أيضاً ، وقامت بعمليات استقطاع اراضيها مثيرة للاستغراب وضمها الى محافظات اخرى ، حدث ذلك طوال العقود الثلاث الاخيرة من القرن الماضي ، لكن الاصرار الكورد وصموده امام كل الحملات المسعورة تمكن من مواجهة التغيير الثقافي والاحتفاظ بهويته ووجوده داخل مدينة كركوك رغم من المضايقات والاعتقالات والاعدمات ، وقدم الكورد الاف الضحايا وإنهار الدماء من اجل مدينة كركوك ، كل ذي ضمير يعلم علم يقين بأن مأساة الكورد في كركوك تفوق حجم جميع المآسي .
إن ما يحدث الآن في البرلمان من أزمة حول مسألة كركوك ، وبالشكل الذي جرى تمريره من قبل الذين صوتوا له بصورة سرية ، والتي تعتبر خرقاً فاضحاً للدستور، هي ليست سوى واجهة لقضايا أكثر إشكالية وتعقيداً في المدى المنظور، وهي تعتبر جزأ من أجندات داخلية عراقية وإقليمية ودولية ، وبغض النظر عن الاختلاف في وجهات نظرهم (وهناك تكهنات ودلائل بعدم موافقة الولايات المتحدة الامريكية بالحاق مدينة كركوك بأقليم كوردستان) ، تتحرك هذه الجهات بمحاولاتهم الجادة لأستهداف التجربة العراقية الجديدة عبر بوابة كركوك على دق إسفين في العلاقات الشيعية الكوردية لعدم الاستقرار العراق وإعادة عجلة التأريخ الى وراء والعودة الى الصراع بين الحكومة المركزية والشعب الكوردي الذي يجلب المآسي والدمار الى الشعب العراقي بحجة عدم القدرة على حل معضلة كركوك التي تشكل القضية الاساسية للكورد فهي كانت محور كل صراعاتهم سابقاً بقيادة الاب الروحي للشعب الكوردي البارازاني الخالد مع الحكومات العراقية المتعاقبة  .
هنا يطرح السؤال كيف للإنسان الكوردي ان يثق بمعظم المسؤولين في حكومة بغداد أتوا بعد سقوط النظام البائد الذين يتعاملون بعقلية هي امتداد لعقلية البعث واللجوء الى منطق القوة والاستخفاف وعدم جدية في حل قضية كركوك ؟! ان جميعهم يعلنون بان قضية كركوك صارت لغماً مهيأ للانفجار ، ويحذرون من ان قضية كركوك قد تجر العراق كله الى الحرب الاهلية ، لكن المشكلة لم يجد منهم الحل سوى الاهمال وسياسة المماطلة في تذبذب وتردد ازاء تعهداتهم بالالتزام النص الدستوري وخطوات التطبيع طريقاً الى حل يرضى الجميع ، بل استخدام لغة التحذير والخداع لمنع اعادة ضم كركوك الى الاقليم من قبل الاطراف المتعددة ، وعرقلة عودة المهجرين الى مناطقهم الاصلية وانكار حقوقهم وتهميشهم ، وتأخير عمليات تعويضهم وكذلك مماطلة اعادة ضم المناطق المستقطعة من اقليم كوردستان . ومما لا يخفى على احد هو حق طبيعي للكورد مطالبة كركوك وليس غصباً كما تصوره بعض الاحزاب العراقية ومعظم وسائل الاعلام العربية والاقليمية . لا مجال هنا لسرد التفاصيل ، سنأتي عليه بالتفاصيل في مقالات أخرى قادمة .   
 
أستطيع ان أقول أن كركوك اليوم هي الامتحان الاصعب أمام الحكومة وامام البرلمان العراقي ويجب تجاوزه بشكل عقلاني وسلمي لكي يخدم جميع الاطراف المتنازعة . لأن قضية كركوك أكثر القضايا الحساسة والساخنة ، للأسف الشديد هناك بعض الكتل والطوائف المعادية للكورد تحاول تعرقل تطبيق المادة 140 لحل هذه القضية المصتعصية التي تضمن تعايش سلمي بين كل المكونات في المدينة بحجة خوفاً على وحدة العراق .


144
الزعيم عبد الكريم قاسم رمزاً للوطنية والإنسانية
محمود الوندي
 
(        الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم        ) 

 تعددت الصفاة والتسميات التي اطلقت على الشهيد البطل عبد الكريم قاسم من قبل أبناء الشعب العراقي لأنه كان نزيها وواعياًً وحريصاً على خدمة بلده وشعبه دون مصلحة شخصية ، وقد لمع أسمه أبان تلك الحقبة من الزمن وأصبح شخصا مرموقا ومميزاً داخل المجتمع العراقي وتتداوله الألسن والأقلام كما يشار إليه بالبنان إلى حد بالغوا بوصفه فبعضهم إدعى أنه رأى صورة "الزعيم" على بيضة وآخرون نشروا بأنهم رأوا صورته بالمرقب متجلية على سطح القمر. وبقيت هذه الأحاديث والأقوال يتداولها الناس البسطاء والفقراء والمساكين الذين استفادوا من حكمه .
كان الزعيم أول عراقي يحكم العراق ويتحمل مسؤولية العراق أرضاً وشعباً ( فكل الحكام الذين أتوا بعد الغزو الإسلامي لم يكونوا عراقيين أصلاء ) ، لقد كلفة حياته وفاءً للإنسان العراقي وضحى من أجله وأستشهد في سبيله ، ولم يضع لشخصه ولأهله وأقرباءه أي أعتبار أو محسوبية ومنسوبية أمام المسؤولية الوطنية ، كان جميع الأطياف العراقي سواسية في الحقوق والواجبات امام القانون . فشهدت البلاد في عهده نسائم الحرية التي تلمسها الشعب العراقي عبر إطلاق الحقوق العامة والحريات الديمقراطية وإنتشار الصحف والمطبوعات وظهور الأحزاب السياسية إلى العلانية  . 
لقد وجد الشعب العراقي لدى " قاسم " الروح الإنسانية والأمانة الوطنية الخالصة ، والمنقذ الحقيقي له ، وبأمكانه ان يخلص هذا الشعب المسكين مما هو فيه من ضنك الفقر والجهل والمرض وفقدانه للعيش الكريم ، لأن كان شعوره فهو أحساس للمعاناة والمصائب التي وقعت على أبناء شعبه من الظلم والجور وكان فعلاً يحاول تحسين أحوال الشعب بشكل عام والناس الفقراء بشكل خاص ، في حينه كان الإنسان العراقي يتطلع الى الحياة الأفضل والعيش الحر الكريم ، وكان يحس الشهيد قاسم بالظلم الذي وقع على أبناء العراق بسبب ولادته في منطقة المهدية وهي من المحلات السكنية الشعبية والفقيرة ببغداد ومن أسرة فقيرة المادة لكن غنية النفس ومعاشرته ذلك الظلم الذي بقى نقشا في ذاكرته . نعم قام " الشهيد قاسم " بخدمة الفقراء والمسحوقين من أبناء الشعب عندما بدأ ببناء مجمعات  السكنية في انحاء بغداد العاصمة في عهده ومنها مدينة الثورة التي أطلق عليها هذا الاسم كانت بمثابة هدية تقدمها ثورة الرابع عشر من تموز لمئات العراقيين الفقراء والمنكوبين  وسكن فيها ساكنوا الصرائف خلف السدة ومنظقة شاكرية والهاربون من ابناء مدينتي العمارة والناصرية من عبودية الأقطاع وهمجية الأستغلال وإيواء الفقراء الذين يبحثون عن مصادر رزق في بغداد العاصمة .
( بعد انقلاب 8 شباط حاول نظام البعث طمس او اخفاء معالم هذه الحقيقة والتلاعب بتأريخيها عندما تغيير اسم مدينة الثورة الى حي الرافدين تعبيراً لحقد البعثيين وحلفائهم وأسيادهم على ثورة تموز ، عندما سيطر البعث على النظام مرة اخرى أمر صدام حسين بتغيير اسم المدينة اسم مدينة صدام ، وبعد سقوط نظام البعث قامت الميلشيات التيار الصدري تغير أسمها الى مدينة الصدر بدون خجل وحياء ودون مواقفة أهالي مدينة الثورة لهذه الاسماء البغيضة والمستعارة ، الذين يعتزون باسم مدينتهم الذي يذكر بالشهيد البطل عبد الكريم وأخلاصه للشعب والوطن ) . 
ويعتبر الزعيم عبد الكريم قاسم الأكثر عدالة ونزاهةً وصدقا من بين حكام العراق القديم والحديث والمخلص لشعبه ووطنه ، حيث أصبح أبو الضعفاء والبؤساء والقائد الفعلي لثورة الرابع عشر من تموز الذي اعترف له الأعداء قبل الأصدقاء . هذا الرجل خرج من رحم الشعب وكان يمثل جميع مكونات الشعب العراق أي لم يكن يمثل فئة معينة او طائفة معينة دون غيرها ، وكان يكرر دائما أنا أبن الشعب . وكان شعاره يجب أن يمتلك كل فرد عراقي مسكناً يحفظ به عائلته من فيض الحار وقارص الشتاء ( وهذا يعتمد على أفعال وأقوال ذلك الزعيم لأنه كان يفعل ما يقول ) ، حيث كان يسهر أوقات الليل وجزءاً من النهار لمتابعة أحوال العوائل الفقيرة .. وكما دافع عبد الكريم قاسم عن تحرير المرأة العراقية وسن قوانين لضمان حقوقها ومشاركتها الرجل في حياته العمليه في كافة المجالات الإنسانية والوطنية ، وكان الزعيم يحاول في كل جهده رفع مستويات المواطن العراقي على أصعدة الصحة والتعليم وتوجبه طاقته نحو البناء العقلي من أجل بناء عراق قوي مستقبل ومزدهر، وفي عهده حدثت طفره بالمستوى التعليمي فشهد تشييد عدداً كبيراً من المدارس وفي جميع أنحاء البلاد وألحق بهم سكن داخلي ومكتبة عامة ، علاوةً على تشييد العديد من المستشفيات وتأسيس مجموعة مستشفيات الجمهورية في أرجاء محافظات العراق ، كما شهد عهده تشييد أكبر مجمع طبي في العراق في حينها. بالإضافة الى عددا من القرارات المهمة رغم قصر حكمه التي تعد من الإنجازات التي حققها منها: 
-   تبنى الشهيد قاسم مشروع الإصلاح الزراعي يقوم على تأميم الأراضي الزراعية وتوزيعها  على الفلاحين الذين كانوا يضطهدهم الأقطاع .
-   في المجال النفطي أصدر القانون رقم 80 الذي حدد بموجبه الإستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة نفط العراق البريطانية لحقول النفط الذي أعادت حقوق العراق في ثروته النفطية من الشركات الأجنبية .
-   عقد الإتفاقية الأولية لبناء ملعب الشعب الدولي في عهده نتيجة إتفاق بين الحكومة العراقية وشركة كولبنكيان البرتغالية ، التي صاحبها ومؤسسها كالوست سركيس كولبنكيان التي مقرها في لشبونة عاصمة البرتغال ويعد الملعب الرئيسي في العراق ويتسع إلى 60 ألف متفرج .
ومن الجدير بالذكر أن أنهاء بناء الملعب وافتتاحه تم في عهد  المرحوم عبد الرحمن    عارف سنة 1966 .
لا بد من الاشارة هنا الى ان الزعيم عبدالكريم قاسم كان رجلاً عطوفاً ورحوماً حيث اتخذ طريق التسامح والعفو عن المتآمرين الذين تآمروا على الثورة "سياسة عفا الله عما سلف" وأصدر الكثير من قرارات بإعفاء المحكومين بالإعدام ولم يوقع على أحكام إعدام عن كل من أساء لوطنه وشعبه بل انه عفى عن من أراد قتله  لعلهم يرجعون عن غيهم .
ظل الشهيد عبد الكريم قاسم حياً في قلوب العراقيين ومقياساً للإنسانية والنزاهة ونكران الذات ، لأنه لم يكن طموحا في حياته وكان زاهداُ ومتجرداً من حب الدنيا ومباهجها إضافة الى شعبيته وعراقيته ووطنيته ، وشعر العراقيون بأن ثورة تموز بان شعاعاً من التقدم والأمل والبهجة سيغمر العراق وستكون الحياة لهم أفضل بكثير من قبل . لأن قاسم ليس فام بثورة 14 تموز لأغراض شخصية ان كانت مالية او منصبية بل عمل وضحى بحياته من أحل الشعب العراقي ، لأنه عاش ومات وهو لا يملك شيئاً ولم يظهر له رصيدا او نقوداً في مصرف عراقي او أجنبي . عندما أصبح بعد الثورة رئيساً لدولة العراق وحتى استشهاده كان يسكن بيتاً مستأجراً من الدولة ( من الاموال المجمدة ) ويدفع إيجاره شهريا من راتبه  الخاصة ،  أصبحت فترة تموز "1958 _1963" هي الفترة الذهبية لأنتعاش الاقتصاد للفرد العراقي كما انتعش فيها الثقافة الفن والعلم في العراق ، إضافة الى الحياة الاجتماعية  المنفتحة . لهذه الاسباب بقى ساكناً قلوب وضمائر أبناء شعبه .
الحقائق كلها ظهرت عندما أزالت الغيمة السوداء عن سماء العراق بعد السنين الطويلة المؤلمة ، السنين العجاف ، من الاعمال والافعال الكثيرة التي قام بها عبد الكريم قاسم من أجل أبناء شعبه لأنه فقد كان جل همه مصلحة الشعب والوطن ، وبدأ الناس يظهرون ما بدواخلهم من حب وتقدير حقيقي لهذا الرجل الوطني الشهم رغم مرور 45 عاما على استشهاده ومرور 50 عاماً على قيام ثورة 14 تموز 1958 ، ولم تستطع كل الدعايات المغرضة والملفقة والتقولات الكاذبة ان تصمد امام الحقيقة الناصعة .
بقى اسم الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم جيل بعد جيل في وجدان شرفاء من شعبنا العراقي ، وبقى رمزاً للوطنية والإنسانية كما بقى قائدا شعبيا اسطوريا مرسوما على قلوب أبناء الشعب العراقي وحياً في وجداننا وضمائرنا يعبق براوئح الخير والإنسانية والشجاعة والوطنية والمحبة .                                                                                                   


 


145
أطفال العراق بين إهمال الحكومة ومطرقة الإرهاب وسندانة الفقر

محمود الوندي

ليس خافيا على الإنسان العراقي ان الوضع الاستثنائي الصعب الذي يمر به عراقنا  المنكوب وحصيلة العنف في تزايد الى أرقام مرعبة وينتشر انتشار النار في الهشيم ، فاننا نؤكد أهمية هذه الخطوة في رسم خارطة طريق للخلاص من تأثيرات السياسة الهوجاء للنظام السابق وما افرزتها سياساته وحروبه القذرة ، ولكن !!! لم تتوقف هذه الخطورة بعد سقوط النظام البائد بل أزدادت شراسةً حتي تشمل النساء والاطفال وبشكل خاص الذين يواجهون أوضاعاً لا تطاق ، فيما الجوع والقهر والتجهيل والاذلال الذي يُنشر في العراق .   
ويدفع الطفل العراقي ثمنه الفادح من حياته وفرص تقدمه ورخائه وحقه في العيش الكريم موفور الكرامة . بل إن كثيرا منهم تحول فعلا إلى رقم احصائي في سجلات المؤسسات الحكومية والدولية والمدنية ( لا يوجد إحصاء دقيق بعددهم ) التي تعنى بمتابعة واقع للطفل العراقي الصحي بدنيا ونفسيا .                   ....... .                                                                     
 

يقع المزيد والمزيد من اطفال العراق ضحايا الارهاب والعصابات المجرمة

 في هذا الظرف يستدعي من الجميع (وبالوجه الخصوص المثقفين) العمل على التغلب على الصعوبات والأزمات التي تمثل عائقا حقيقيا وتحديا خطيرا لتطلعات الطفل العراقي الذي يبنى عليه أمالا مستقبليا وطنيا خالصا بعيدا عن الاستقطاب القومي او الديني أو الطائفي أو المناطقي الذي يكابده حاليا ، وعلينا ان نطلب من خلال أصواتنا واقلامنا حماية الطفل واحترام حقوقه ومعاملة خاص له وتقديم له المساعدات المادية والمعنوية وأعادة تأهيله من الجديد وتقويمه وتعزيز هيبته بعد ما فقده ، عبر الاداء الحكومي او عبر المنطمات الإنسانية من خلال العمل الجدي على تحسين مستواه المعيشي للطفل العراقي وتوفير أماكن ملائمة السكن لعائلته ، وتأمين الضمان الاجتماعي والصحي له ولعائلته وحقوقه دستورياً وبالاخص تصون حقوق اليتامى لهذا الغرض تقدم مساعدات خاصة للعائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود ، وتطوير أليات رقابة فعالة لضمان ذلك بالتعاون مع المنظمات المجتمع المدني والإنساني ، والعمل على تحسين مستوى الخدمات الصحية وتوفير الأطباء والاخصائيين لمعالجة المصابين بمرض السرظان والكوليرا ومعالجة آثار الصدمات النفسية والتعليمية وضمان التحاقه بالمدرسة بعد ان فقد دراسته الذي أحبها. لأنه يفتقر لمعظم الخدمات الأساسية ويظهر عليه العديد من الأعراض النفسية جرّاء أعمال العنف الذي يشاهد يومياً.                             
 
انخفضت نسبة الاطفال الذين يذهبون للمدارس
 
إن هذا الحال لا يمكن السكوت عليه من قبل الشرفاء والطيبين والمخلصين . يجب الاهتمام جديا للطفل والاهتمام بتطوير قدراته ومواهبه العلمية والثقافية والفنية والرياضية ، وتقديم معالجات فعالة له من الواجب الإنساني والوطني . لان الطفل العراقي مصاب بأمراض نفسية وخبيثة ومنها السرطان والصرع والتخلف العقلي والشعور بالكئابة والهلع والخوف بعد تردي الوضع الامني في العراق ، وذلك جراء التفجيرات والقصف اليومي والقتل بكل أشكاله والخطف والمداهمة والتشريد ألقسري من المدن ، إضافة الى فقد الأهل والأعزاء والفقر والجوع  واليتم والتجهيل والضياع ..... والخ .
كما تباع أعضاؤه السليمة من قبل التجار المجرمين في سوق نخاسة أواستغلاله من قبل العصابات الاجرامية !!! . واصبح طفل العراقي متشرداً داخل الشوارع والطرقات والساحات العامة في بغداد والمدن الاخرى ، وتحصد روحه البريئة السيارات المفخخة ووأحزمة الانتحاريين والعبوات الناسفة . وهذا الطفل البريئ الذي دفعه الفقر والجوع الى أحضان عصابات الإرهابية ومليشيات الإسلامية المحلية والمستوردة وسط عجز المؤسسات الحكومية والمنظمات الإنسانية في توفير بيئة صحية آمنة وينمو فيها الطفل العراقي بطرقة صحيحة وجيدة ، كما اصبح طفل العراقي قنبلة بسبب تعرصه للإهانات المستمرة من قبل المجتمع المتخلف والظلم الدائم وبالاخص طفل اليتيم في فترة نموه البدائية ، بعد ان يتم تجنيده في العديد من المليشيات والجماعات المتمردة للقيام بعمليات منها شن الهجمات الإنتحارية  .                 

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا               ....                             فأين يكمن الخلل ، هل في الحكومة أم في المجتمع     ................................ ؟
باعتقادي ان العلة او الخلل مزدوج ، فهو يكمن في الحكومة بقدر ماهو يكمن في المجتمع لأن المجتمع لا تنضبط سلوكه إلا بالأنظمة والقوانين والرقابة الدقيقية والصارمة في نفس الوقت .. والمجتمع هو الذي يختار النظام التي تخدم مصالحه وتناسب نزعاته ونزواته الاستبدادية المفضية الى الطغيان في نهاية المطاف .. والعكس صحيح ايضاً حيث ان النظام الفاسد هو الذي يخلق المستبدين والمستغلين والمفسدين . ودليل على ذلك عدم محاسبة هؤلاء في تعذيب اطفال العراق ، ويسترزقون على حساب أجساد الاطفال واصحاب البسمة البريئة  .                                               .             
إذن يجب تلتزام الحكومة العراقية بمناهضة شتى أنواع العنف الممارس ضد الطفل العراقي . وعلى البرلمان العراقي الى سن قانون لحماية الطفل العراقي ، وكما يجب على المجتمعات المدنية والديمقراطية على تقديم معونات الإنسانية لحماية الطفل وتقديم خدمات طبية وعلاجية له وتناهض العنف ضده ، مطالبة المثقفين ومنها الإعلاميين بتبني حملات تثقيفية لتعزيز الديمقراطية والحوار بين أطياف المتصارعة في العراق ونبذ العنف بما يدعم نشر ثقافة التسامح والسلام والحوار وتقبل الرأي الآخر .                   .    .                                                 
واتمنى تحويل هذه الكلمات الى فعل ملموس لنصرة الطفل العراقي من اجل مستقبله ومستقبل الاجيال القادمة وزرع بذرة الامل امامه كي ينعم بالحياة التي وهبها الله لنا ، وتكون هذه الكلمات عامل ضغط على المسؤولين في الحكومة والبرلمان العراقي والفات النظر حول قضية إنسانية من قبل الجهات المسؤولة وصناع القرار لرعاية الطفل العراقي وبالاخص اليتم وتعويضه عن الحرمان الذي يعاني منه وانقاذه من المحنة الذي يمر بها . وإيجاد المؤسسات الحكومية التي تعنى به وبعائلته وأن حمايته مسئولية إنسانية وأخلاقية ودينية . ترسيخ دوره في المجتمع بما يتناسب مع دورها الطبيعي ، كفرد عراقي . ومعالجة التشوهات الاجتماعية والثقافية والنفسية والاخلاقية التي ترجع كيانه المفقودة وتضمن حقوقه المشروعة ، والقضاء على التمييز الذي تواجهه في مؤسسات الدولة وداخل المجتع العراقي .
لو ارادت الحكومة العراقية مجتمعا فاضلا ، تحترم فيه قيمة الانسان ، فعليها ان تهتم بتعليم أفرادها جميعا والقضاء على الامية في كل الزوايا من زاوية العراق ، ولو ارادت حماية حقوق الطفل فعليها ان تضمن تعليمه وتمكين عائلته اقتصاديا ، ومن ثم اعطاءه فرصة عمل ، لان العلم والمعرفة وتمكين العائلة اقتصاديا افضل ضمانة لحماية حقوق الطفل من كل الدساتير والقوانين والشعارات البراقة وأبواق المنظمات المدنية ومتعهدي حقوق الانسان!! لا تشعر العائلة فيها بقوة تقهرها على ان تمد يدها الى الآخرين او ان تكون عالة على المجتمع وتقع أطفالها فريسة او لقمة سائغة بالايدي الارهابيين والميليشيات او العصابات المجرمة .
 وهذا ما يجب ان تهتم به المؤسسات الحكومية والدينية والثقافية والانسانية بتعليم الطفل وتثقيفه ، والزامه على اكمال دراسته وتأهيله للعمل بشكل جيد وصحيح ، وقيامه بأدوار الحقيقية والمختلفة في بناءالمجتع وخدمة الإنسان  .






146
تأريخ الصحافة العراقية

محمود الوندي
مـرت الصحــافة في العـراق بعـهود عدة فكانـت بدايتـها الانقـلاب العثمـانـي الـذي تـم في 23/7/1908م وكانت فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني وفترة العـهد العثماني الاخير وذلك من اعلان الدستور في 1908م ولغاية سقوط بغداد بالاحتلال الامريكي البريطاني  .
1 - نشأة الصحافة العراقية  يعود تاريخ الصحافة في العراق إلى يوم صدور اول جريدة في 15 – 6 - 1869م وهي جريدة الزوراء بالرغم من ان الباحث العراقي السيد رزوق عيسى صاحب مجلة المؤرخ أشار في مقالته المنشورة بمجلة النجم الموصلية الصادرة عام 1934م بأن أول جريدة ظهرت في بغداد كانت تعرف بأسم (جورنال العراق) وقد انشأها الوالي داود باشا الكرخي عندما تسلم منصب الولاية عام 1816م وكانت تطبع في مطبعة حجرية وتعلق نسخ منها على جدران دار الامارة .. وقال ان هذا ما عثر في سجل الرحالين ومنهم :- غروفس وفريزر وبتلر وغيرهم وقد قال الباحث العلامة المرحوم الدكتور عبد الرزاق الحسني (ولكننا لم نعثر على نسخة من هذه جورنال العراق، لا في المتحف البريطاني ولا في المؤسسات العثمانية القائمة) .
 2 - الصحافة العراقية قبل الحرب العالمية الاولى : والمعروف ان العراق خضع للسيطرة العثمانية زمناً طويلاً بين (1535-1917) . فكانت جريدة الزوراء التي جعلها لسان حال الولاية وكان صدورها كما سبق اعلاه باربع صفحات وباللغتين العربية والتركية وقد استمرت في الصدور مدة تقارب (48) عاماً حتى بلغ مجموع ما صدر منها (2607) عدداً حيث صدر العدد الاخيرفي 11/3/1917م وقد ظلت الجريدة الوحيدة في بغداد حتى صدور الدستور العثماني سنة1908م حيث ظهرت في العراق عدة جرائد باللغة العربية.
بعد الزوراء صدرت في الموصل جريدة الموصل في 25/6/1885م ومن ثم في البصرة صدرت جريدة البصرة في 31/12/1889م وهي لسـان حال الحكومة العثمانية كسـابقتها كان ذلك في فترة حكم السلطان عبدالحميد الثاني وترأس تحريرها رفعتلو محمدعلي افندي .

 3 – الصحافة العراقية بعد الحرب العالمية الاولى : والتي بدأت منها فترة الاحتلال البريطاني للعراق ولغاية انتهاء الحرب العالمية الثانية واعيد فترة الحكم الوطني ولغاية 13/7/1958م حيث أعلن النظام الجمهوري ، وفيهاأيضا مرت بعدة فترات . على الرغم من النهضة الأدبية والفكرية التي بدأت تعمم القطر العراقي على نطاق واسع منذ نهالة الحرب العالمية الاولى ، وبالرغم من تعطش الشعب العراقي على العموم الى القراء والأقبال على الصحف ، فأن الصحف العراقية ظلت ضعيفة لم تستطيع مسايرة النهضة الفكرية التي أجتاحت العالم العربي ، ان صحافة العراق بقت هزيلة جداً لم تسجل اي تقدم على الساحة العربية ، وقد ظلت الصحافة العراقية خاضعة لاحكام قانون المطبوعات العثماني حتى سنة 1931 ، وأستغلته السلطات الحاكمة اسوأ استغلال ، لا سيما وان البريطانيين كانوا مازالوا مسيطرين على جميع مرافق البلاد ، ومما يذكر في هذا الصدد ان نوري السعيد حين الف وزراته الاول في عام 1930 تعطلت أكثر الصحف الوطنية المعارشة التي صدرت في عهده ، ومن هذه الصحف جريدة البلاد ، صوت العراق ، الجهاد ، وصدى الاستقلال ، الاخبار ، وكان يصدرها روفائيل بطي وجبرائيل ملكون وصديق الشعب والاستقلال التي كان يصدرها كلها عبد الغفور البدري ، والفرات للشاعر محمد مهدي الجواهري . وقد صدرت هذه الصحف عام 1930 .
4 – الصحاقة العراقية بعد الحرب العالمية الثانية : أن الصحافة في العراق عاشت حرية نسبية خلال ثلاث فترات ؛ الأولى كانت بعد الحرب العالمية الثانية عندما أجاز وزير الداخلية ، سعد صالح الأحزاب السياسية التي أصدرت صحفها. والثانية كانت بين عامي 1953 و1954 في أعقاب تشكيل وزارة فاضل الجمالي التي دخل فيها خمسة وزراء من الشخصيات المعارضة آنذاك ، وكان والده رفائيل بطي أحدهم ، حيث تسلم حقيبة وزارة شؤون الصحافة والاعلام . أما الفترة الثالثة فتشمل السنوات الأولى بعد ثورة 14 تموز 1958، حيث صدرت العشرات من الصحف وكذلك المجلات الثقافية ، كما عرف العراق الصحافة الكردية قبل تحقيق الاستقلال الوطني .
5 – الصحافة العراقية في عهد الثورة : ولما اعلنت الثورة صبيحة الرابع عشر من تموز استبشر الصحفيون خيراً ، واطلقت حرية النشر واعيد استئناف صدور جميع الصحف المعارضة التي كانت معطلة ، وظهرت في بغداد وحدها خمس واربعون صحيفة ومجلة ، وفي خارج بغداد صدرت حوالي عشرين صحيفة ومجلة ، كان عبد الكريم قاسم أول من فكر بأوضاع الصحفيين فمنحهم أراضيَ سكنية ، ومنح تراخيص صحفية لمحررين من الخط الثاني والثالث أسهمت في تأجيج الصراعات التي أودت بتجربته ، كما نالت الصحافة في عهد الثورة حريتها ، فتنوعت الاتجاهات واختلفت آراء الصحف وميولها وحزبيتها حتى عمتها الفوضى بشكل لم لم يعرف تأريخ العراق من قبل ،  وهكذا نجد ان تطور الصحافة العراقية كان خاضعاً لعدة عوامل وعراقيل سياسية وحزبية واستعمارية جعلتها تصل الى مستوى ضعيف من الفن الصحافي  . رغم أن العهد كان يعول عليها لاستمرار التطور المهني لأنها جمعت أجيالا من الصحفيين تفاعلت خبراته وخرج جيلا من الصحفيين أسهم في محاولات جادة لم يكتب لها الاستمرار ،
6 -  الصحافة العراقية بعد الثورة تموز : وجاء انقلاب الثامن من شباط ليدفع بالصحافة والصحفيين إلى وضع أكثر سوءا ، ألغيت الصحف المعمرة ( البلاد )، ( الاخبار)، ( الزمان )، وهي الصحف التي صبيحة الرابع عشر من تموز استبشر الصحفيون خيرا ، المرحلة الشباطية لم تترك أي أثر إيجابي في تاريخ الصحافة العراقية. على العكس أدت إلى هجرة كوادر مهنية الى الخارج وابتعاد أخرى عن المهنة .
7 – الصحافة العراقية في عهد العارفين : المرحلة العارفية الأولى عززت من استهانة الحاكم بالصحافة والصحفيين فقد كانت الصحافة المصرية هي وسيلته للتعريف ( بمنجزاته ) واستهان بالكفاءات المهنية فجلب خبيرا مصريا لتطوير الصحافة العراقية ، ويشهد الذين عملوا مع الراحل عبد الله الخياط أنه أكثر كفاءة من ذلك الخبير ولكنها عقدة الحاكم من صحفيي بلاده ، العهد العارفي الثاني كان الأكثر انفتاحا. وصدرت خلال شهور العسل صحف متميزة أعادت للكفاءات المهنية اعتبارها، ولكن الأمر لم يطل ( واستورد ) النظام التجربة المصرية وأمم الصحافة العراقية وحولها إلى مؤسسات حكومية. ولكن الأمانة تقتضي القول إن الصحف الحكومية في العهد العارفي أفضل مهنيا من الصحف التي صدرت بعد مجيء البعث للسلطة ،
8 – الصحافة العراقية بعد مجيء البعث الى السلطة : فالعهد الجديد دشن مجازره بإعدام نقيب الصحفيين الراحل عبد العزيز بركات وزميله في ( المنار ) عبدالله الخياط ، وتحولت الصحافة إلى ( صوت للحاكم )، وانتهى الإبداع المهني . كان الصحفيون المحترفون ( يتعذبون ) وهم يرون كفاءاتهم تهدر في صحف متشابهة من حيث الشكل والمضمون ، يتألمون وهم يرون صحفا متطورة تصدر في بلدان لم تكن تعرف الصحافة يوم كان في العراق صحف تسقط حكومات. وبمرور الزمن أحكمت الاجهزة الأمنية يدها على كل الحلقات وأصبح الاستشهاد بأقوال القائد هو وحده يجنب الصحفيين المساءلة والتشكيك في المواقف الوطنية. وتمادى الحاكم بالاستهانة بالصحفيين فلم يكتف باستدعاء هذا الصحفي العربي أو ذاك ، كلما أراد أن يوجه ( خطابا للأمة) بل أنفق ، عبر مخابراته ، الملايين على صحفيين أصدروا صحفا لحسابه . كان يعرف جيدا أنها لاتلقى الاهتمام ، وأصبح التنظيم المهني تابعا للسلطة ، وأهدرت الإمكانيات المهنية ليتحول التحقيق الصحفي إلى ( تقرير يعده مكتب الإعلام في الوزارة المعنية ويسلمه للصحفي مشترطا ، حسب توجيه وزيره ، عدم الحذف والتغيير ). أما العمود الصحفي فقد شهد مداحين لم يعرف تاريخ الصحافة العراقية لهم مثيلا ، كانوا ( يسبحون بحمد القائد ليل نهار، ويتصيدون ( مكرماته)، وانتهت ( الافتتاحية ) في الصحف العراقية وتحولت إلى إنشائيات تكتب بتوجيه من الأعلى، ولم يسلم الخبر المحلي من الحصار فأصدر أحد وزراء الإعلام تعميما يمنع بموجبه نشر الأخبار المحلية الرسمية التي لاترد للصحف عبر وكالة الأنباء العراقية. فهل هناك عذاب أكبر من هذا بالنسبة للمهنيين الذين حوصرت كفاءاتهم وهمشوا بهذا المستوى ، ثم نصب النظام نقيبا لهم تعامل معهم ( بالحجز والتوقيف وحلاقة الرأس )  .
9 – الصحافة العراقية في عهد الاحتلال : ثم جاء الاحتلال ليصدر قرارا جائرا بعقوبة جماعية طالت أكثر من ألف عضو نقابي وألغيت مؤسسة عريقة هي ( وكالة الأنباء العراقية ) بذريعة سخيفة هي أن الصحفيين كانوا أبواقا للنظام الصدامي رغم أن الاحتلال يدرك جيدا أن أبواق النظام يعدون على أصابع اليدين . وفتح الاحتلال ، ومن بعده الحكومة المؤقتة ، الباب على مصراعيه أمام كل من هب ودب ليصدر صحفا لاعلاقة لها بالمهنة إلا بالإسم ومايلحق ذلك من آثار ضارة بالمهنة ومحترفيها. أصبح التهديد بالقتل والموت هاجسا يوميا ، وباتت ظروف العمل والتنقل مأساة حقيقية ، وغاب دور النقابة وسط خلافات بلا معنى ، وظلت السلطة متفرجة. ولايتسع المجال لاستعراض كل ماحصل .
 


147
وداعا أيها الصديق ناجي العقراوي

محمود الوندي

عرتني رعشة يوم سمعت بوفاتك  في المهجر حينما تركت العراق فأستقرت في هولندا . وإن العين لتدمع أنا على فراقك يا اخي لأن رحيلك خسارة كبيرة لنا ولقضية شعبنا ، وستبقى ايها االكوردي الشهم في ضمائرنا ووسط قلوبنا وتبقى كلماتك الهادفة في عقولنا ، لأنك كنت كاتبا ومفكرا وباحثا في شؤون تاريخ العراق والكورد . وقضيت اكثر  من عمرك منشغلا بالكتابات عن الكورد وعن حقوقه المشروعة بأسلوب دقيق وصريح وبسيط وعرض لطيف ووضوح  بعيدا عن الإكراه والعنصرية وكنت مناضلا صلبا على سفوح جبال كوردستان كنت القمة التي تعلو فوقها رايات الشعب والوطن  ، ولا تزال تلك الكلمات التي كتبتها محفورة في ذاكرتنا وذاكرة الشعب الكوردي .  عندما كنت تكتب ، تكتب بعقل الفيلسوف وعاطفة الأديب ، وشجاعة الفارس  .
 أيها المثقف الشهم لأنك الخلق والاخلاق ، الوزن والميزان ، الفكر والمفكر، العقل والعقيدة .
رحل عنا الاستاذ ناجي العقراوي رجل الفكرة والعقيدة ورجل المواقف الصعبة والازمات الجسام ، صاحب الشخصية الفذة العقل والفكر المنيرة والعزيمة الخارقة والرؤية الصادقة بصمت الشجعان . ونعدك أننا لن نتوانى في أداء واجباتنا التي يسرنا الله لها، وأعاننا عليها،      .من بعدك نساند قضيتنا وسنظل أوفياء لقضية شعبنا الكوردي ، وننصر أهله حتى نلقى الله إن شاء

 وكان رحمه الله مجاملا ولطيفا ويحبّ المزاح وبه يدخل إلى القلوب بعيداً عن الحواجز التي يخلقها بعض الناس بينهم وبين غيرهم .
  نسأل الله العلي القدير أن يغمد الشهيد الراحل بواسع رحمته ، وأن يعلي درجاته في الجنة ، وأن يحشره مع الطاهرين ومع الصديقين والشهداء الصالحين  وأن يلهم الله عائلته  وباقي أفراد الاسرة الكريمة الصبر والسلوان ، إنه سميع مجيب .


148
لنعود الى الماضي المتمدن و نستخدم الحمير

الوضع العراقي الراهن مأساوي ، الأوضاع الأمنية والسياسية والحياتية في العراق شئ لا يحسد عليه ، ولا يمكن وصفه إلا بالكارثية وصار نزف الدم العراقي نهراُ ثالثاً مرادفا لنهري دجلة والفرات ، والقوي يأكل الضعيف ، وتسرح الذئاب البشرية معلنة هيمنتها على المجتمع العراقي . وحقوق مكونات الشعب العراقي لا زالت مهضومة وهي المعتدى عليها من الاحزاب الإسلامية المتطرفة ، واغلبها تمارس سياسة الارهاب عبر ميليشياتها وعصابتها الارهابية .                              ...                                                                 يشعر المواطن العراقي بمعاناة متزايدة من جراء العدوان وانعدام الامن والشعور بالتخلي الحكومة عنه في كافة الممارسات والأنشطة  منها الأمنية والخدماتية . كما نسمع ونشاهد ماذا يحدث في عراقنا نازف تنزف الى الجنان  المئات من الرجال والنساء والاطفال ومن دون ذنب أقترفوا أو جرم أرتكبوا سوى إنهم يبحثون على لقمة عيش تسد رمقهم .                                                                   
هذه المقدمة أدلف الى صلب الموضوع :

بعد سقوط الامبرطورية العثمانية وأحتلال الحكومة البريطانية للأراضي العراقية حسب أتفاقية سايكس بيكو مع الحكومة الفرنسية وعند تاسيس الدوله العراقيه و معها مؤسستها و تشكلت الحكومه العراقية لكن تم استيراد رجل من السعوديه كأن لا يوجد شخصاً في العراق يحكمه ، ووضع التاج على راسه و منح لقب ملك العراق واصبح العراق دولة ملكيه  تحت عنوان مملكة العراق .                                                                                   
رغم كل السلبيات الحكومة الملكية وعدم وجود معدات الحديثه انذاك وخروج العالم من الحرب المدمره الى ان هذه الدوله  وقفت على رجليها وتقدمت خدماتها الى الناس بقدر الأمكان اقصد هنا خدمات الحياتية والاجتماعية . وكانت تستعمل الحمير لجمع النفايات من الاحياء والطرق العامة يوميا بصورة مستمرة وجيدة وإضافة الى الجهود البشري وتحاسب من يقصر في واجبه .
 بعد سقوط العهد الملكي وقيام الجمهورية الاولى بقيادة الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم  قدمت الحكومة العراقية أنذاك الخدمات باشكالها و الوانها الى الشعب العراقي بجميع أطيافه وهذا معروف للقاصي والداني ، ولكن تعرضت الحكومة الثورة وقيادتها الوطنية الى مؤامرات خبيثة وشرسة من قبل دول الجوار العربية والأسلامية بأستغلال عملائهم في داخل العراق من رواسب الشوفينية العربية والفاشية الأتاتوركية والعنصرية الشاهنشاهية أي الفارسية ، تحالفت هذه القوي الشريرة والظلامية وبدعم ومساندة الدول الاستعمارية للأنقضاض على وليدة هذه الثورة والنيل من قائدها الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم وجماهير الشعب التي أيدت تلك الثورة المجيدة ، وفعلاً أنقضت عليها بالأنقلاب الأسود الدموي ليوم الثامن من شباط ( الرابع عشر من الرمضان ) عام 1963 قاده البعثيون والقوميون وبأسناد مباشر من مخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية ومخابرات الدول الاقليمية الى الانقلابيين .                                       

بعد صبيحة الرابع عشر من رمضان والمصادف الثامن من شباط الاسود عام 1963 الى يوم سقوط نظام البعث في 9 نيسان 2003 تعرض الشعب العراقي خلال تلك السنوات الماضية الى الابادة الجماعية وأنتشار الجريمة المنظمة والمطاردة والسجون السرية والعلنية مع التعذيب الوحشي لكل من يختلف النظام البعثي ولا نريد ان نتحدث على تلك الجرائم المقززة بعد ان تراجعت المدنية العراقية أشواطا الى الوراء بدلا من تقدمها الى  امام مع الاسف الشديد .         
 لكن نتحدث عن الحكومة الجديدة التي أنتخبت من قبل شعبنا ، الذي لم يذق المواطن العراقي من خلال حكمهم الأمن ولا الأمان  بعد أن فقد الخدمات الأجتماعية والأقتصادية والحياتية ، ، وأصبح يعيش ليومه وهو خائف من السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة تارة ومن العصابات المجرمة والمليشيات  الإسلامية تارة أخرى ، وتحول العراق الى الوضع المزري وأكثر سوئً من قبل من نقص الخدمات الحياتية وفقدان الامن وكلاهما مرطبتان بعضهما ببعض و خلالهما تقيم الوضع في أي بلد في العالم . والآن أصبح جل هم شعبنا أن ينعم بالسلام والأمان ثم الكهرباء و الماء الذي يواجهه بالوقت الحاضر .                                               

وسبب تلك المأساة والمعاناة هي الحكومه الفاشله التي تتراوح  في مكانها وترمي دائماً فشلها وتجربتها الفاشلة على شماعات الأرهاب لكي يبروا نفسها من تلك الأحداث والمشاكل ، وطبعاً أحداً لا ينكر هناك أرهابيون محليون ومستوردون وتكالب عرب وفرس وترك طامعون بثروات العراق ، ولكن هذا لا يبرر لتأخير المشاريع الخدمية والأجتماعية والأقتصادية وحتى السياسية ، ولا يوجد هناك من يفكر ان يصحح الوضع الخدمي للناس وبناء البنيه التحتيه للبلاد . والسبب الاخر لا تعتمد على الانسان يجيد عمله بصورة جيدة ، لأنه من اهل الخبره و يعتمد على المجموعه المختاره من المواطنين المهنيين والمخلصين , ويستطيع ياستخدم و سائل اخرى كما كانو يفعلون في الماضي القريب وحتى وان لم يكن هناك سيارات واجهزه الحديثه ولكنه يقوم بواجبه بأحسن الصورة , وانما تعتمد على بعض الناس ليس لهم علاقه لا من بعيد او قريب لخدمة الإنسان العراقي وليس لهم الخبرة في شؤون عملها , انما هم مجموعة من الناس الحزبين معينين من قبل احزابهم ليس الا .                                                             

ما سهل العلاج - - على الحكومة العراقية ان ترجع الى الوراء وتستفيد من خبرات الحكومات السابقه اي قبل 8 شباط الاسود كيف كانت البلديات تعمل و كيف كانت المؤسسات الصحيه تقوم بواجباتها رغم قلت الادوات والأجهزة و السيارات و المكائن في وقتها كانت مدننا نظيفه ومستشفياتنا تستقبل المرضى ومهن الحرة كانت ايضا مزدهرة في تلك العهود السابقة .             
ايها الساده الم يستخدموا الحمير في البلديات لرفع الانقاظ و الاوساخ لنعود الى الوراء و نفعل مثلهم و بشكل علمي و اداري صحيح و ايجاد فرص عمل لكثير من العاطلين وتخصيص رواتب شهريه محترمه لهم و يكون على الملاكات الوزارة البلديه والاشغال اواي وزاره ذات صله و هنا نحدد النقاط التالي :                                                             
1_ استفاده من الحيوانات كالسابق و خاصتا الحميرواستخدامهم في العمل وان يسجلوا على الملاكات الدوله و الدائره المستخدمه.
2_ تعين العاطلين عن العمل و خاصتا الذين لا يحملون الشهادات الدراسيه و تخصص لهم رواتب مشجعه لجذبهم الى العمل في البلديات او اي اماكن الخدميه الاخرى
3_ ادخال هؤلاء  وباستمرار في دورات خاصه و تعليمهم تخص النظافه و البلديه وتعليمهم ايضا كيفية استخدام الاجهزه الحديثه ان وجدت الان او في المستقبل
4_ اهم من كل هذا او هذاك مدير البلديه و الموظفين المسؤؤلين ان يكون جزء من العمل بدلا من الجلوس خلف المنضده و اسقبال الضيوف و تحويل دوائرهم الى الديوان أو المقهى لشرب القهوة والشاي و حديث على المسائل بعيده كل البعد عن عملهم


 محمد غازي خانقيني

12.4.2008

149
صراع المصالح الخاصة يعطل التنمية


محمود الوندي

تتعرض حياة الإنسان في العراق الى خطر يداهم جميع العراقيين دون استثناء من اعمال عنف وقتل اليومي ، واصبح الموت المجاني يطول العراقيين يوميا دون تمييز بين ابناء هذه الطائفة او تلك في ظل قسوة تذكر باكثر الاساليب بطشا ووحشية واستخدام أخس اشد الوسائل لتحقيق المأرب والأغرض . ولا توجد ثمة رحمة او صحوة ضمير عندما تستباح حياة الانسان وتنتهك حرماته ، من الواضح ان هذا دليل على ان ليس للارهاب حدود ، مشعرا المواطن العراقي بالمعاناة والخوف لانعدام الامن والاستقرار ، وجراء العدوان المستمرعليه ، هذه الحقيقة المفضوحة ، بات الشارع العراقي يدركها ، بسبب تشنيع بعضها بالبعض وإصرار كل طرف من الأطراف المتنافسة على السلطة والثروة أن يكون له كل شيء ولمنافسيه لا شيء ، نعرف جيدا أن الصراع القائم بين الاحزاب السياسية والتيارات المتنفذة حصرا وتحديدا حول الكرسي والحكم والمال ، ومحاولة إقصاء إحدهم من أجل الهيمنة الانفرادية والمطلقة للاخرى ، بحجة حفاظ على إرادة الشعب العراقي ومصالحه  ، مثلما يدعون زورا و يزعمون بهتانا وقد افرزت هذه الصراعات بين الاطراف المتنازعة تعصبا طائفيا شوفينيا وكراهية اخذت بالتصاعد بوتائر متساعرة بين أطياف الشعب العراقي ويوما بعد يوم . إضافة الى تقوية مراكزهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي بعد ان نحجت سياستهم الى  حد ما في الاوساط المخدوعة والمستفيدة . ينعقد لسان الانسان فعلاً امام هذه حالات . لانعرف ماذا يقول العراقيين الشرفاء بعد كل ما شاهدوه من نكبات ومصائب!!! فمشاعر السخط ، الغضب والجزع في الوقت ذاته تنخر عظامهم .

لا شك أن القضية العراقية معقدة ومتشعبة ومثيرة للجدال والاختلاف والخلاف . المشاكل العراق بدلا من معالجتها بطريقة الحضارية ، يحاول البعض معالجتها بوسائل العنف والارهاب والاقصاء الاخرين ، بدل الوسائل السياسية السلمية الديمقراطية . وهذا الفرق الاساسي والجوهري بيننا وبين البلدان الديمقراطية هو اسلوب التعامل مع الاختلاف وطريقة معالجته ، من الواضح اننا امام ثقافة جديدة تنسل وبقوة الى مجتمع يتفسخ وينهار ، وتسخر الاجندة الدينية او العشائرية والحزبية لمقتضيات المصالحها المادية والمعنوية الضيقة المتمثلة بالمال والسلطة ، وطامة كبرى أن أصحاب القرار من سياسيين ومسؤولين في العراق ما زالوا يبتكرون ويشجعون على هذه الخلافات والاختلافات بين طوائف شعبنا بدلا ان يلتجأ احدهم الى حلها بطرق السلمية والحضارية لكن تحاول ان تعمقها لكي تكون احد عكازتها المهمة والاساسية في التحكم والهيمنة على العراقيين والسيطرة على السلطة ، حتى يرفض الاعتراف بوجودها وخاصة فيما يخص التمييز الطائفي داخل المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية. كل هذه الامور ادخلت العراق وشعبه في مآزق خطير ينذر بكارثة كبرى تهدد وبشكل جدي مصيره ومستقبله .
وقد اكدت تقارير منظمات المجتمع المدني في مجملها بان ما جرى ويجري في العراق من الإرهاب الطائفي والعنصري ، وسفك الدماء والفساد الاداري والمالي لم يمر طيلة تاريخه القديم والحديث كما يمر به اليوم ، للأسف الشديد اصبحت الطائفية وقتل على الهوية لدى  أغلب الاحزاب والتيارات وحتى الشخصيات الوطنية خيارا سياسيا بعدما سقط قناع الوطنية المزيفة التي كانوا يختفون بها ، وانا اعتقد هذه المجريات هي نتيجة تراكمات من القهر والاستلاب لعقود عديدة ، هوايضا الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب العراقي للتخلص من نظام البائد الفاشي والجهل والتخلف ،
ان ما يحدث في العراق تتحمله الاحزاب والتيارات المتنفذة. كما ان الفساد الاداري والمالي بابشع اشكاله واكثرها قذارة ينخر اليوم المؤسسات والهيئات ، انها سلطة الاثراء والنهب المستشري على حساب ابقاء الاغلبية تحت وطأة الجوع والفقر والعوز والبطالة . كما ان الحكومة لم تسن القوانين الصائبة التي تردع . والساحة السياسية في العراق في أيدي لاعبين متورطين في منافسة دموية على مصادر الثروة ، الأمر الذي يُضعف ما تبقى من مؤسسات حكومية    .
أن الوضع الراهن يحتاج الى شرح تفصيلي لمفهوم الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية  واقصد هنا الابتعاد عن كل مظاهر حمل السلاح ودعم المسلحين والابتعاد عن مظاهر القوة والتي وضعت أبناء شعبنا بين مطرقة الارهاب وسندان الفقر. إذن في هذا الوضع الراهن نحتاج الى بناء مرحلة لمشروع جديد متمثل بالنزاهة ومحاربة الفساد مبتعدا عن الطائفية والتحزبية هي عاملا حاسم في تعميق وتجذير المخاطر التي راحت تاكل الجسد العراقي حتى العظم  ، وتبني النهج الديمقراطي الحقيقي لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وقبول حق الاختلاف ضمن معايير العدل والقانون الذي يتجه الى رفع المعاناة أهلنا في العراق . علينا ان نتخّلص من اللغة الثورية والحماسية والشعاراتية التي لم تعد تجدي نفعا ابدا في هذه المرحلة ، والقضاء على كل المفاهيم التي تشتت البلد وتصنع الحرب لنقتل بعضنا البعض ، والقضاء أيضا على الجهل والامية والخرافة في المجتمع التي تفشي بشكل بشع وتستغل من قبل الاحزاب السياسية لصالحها وعلى حساب المصلحة الوطنية والتقدم الاجتماعي . يجب ان يكون الزمن الكف عن اراقة الدماء وبناء العراق وتشخيص الجناة الحقيين .
ولعل ذلك لن يتحقق إلا القضاء على الطائفية والفساد الاداري والمالي ، وإنصاف ضحايا النظام البائد وتأمين حياة كريمة للطبقة المسحوقة من الفقراء وابناء الضحايا والمتضررين في عموم مدن المحافظة من التفجيرات والاغتيالات ، مما لحق بهم من أذى وتهجير وتهميش وإقصاء . واظفاء الشرعية والقانونية متساوياً على جميع مكونات الشعب العراقي وانهاء معاناتهم ، وايقاف حملة التطهير الطائفي اليومية بحقهم . كما يتعين على الحكومة توفير فرص العيش المناسبة لهؤلاء بل عليها الاستفادة منهم ومن إمكانياتهم ، وقابليتهم في إعمار البلد ، ويجب ان يشعروا ان النظام الجديد في العراق يبنى على العدل والقانون والإنصاف ، بعيدا عن الأحقاد والتصفيات والثأر. هو المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة من حياة بلادنا ومجتمعنا المتطلع للامن والسلم المدنيين .




150
أنفلونزا الديمقراطية أخطر من أنفلونزا الطيور
محمود الوندي

أتفق مسؤولون من أكثر من 100 دولة في أجتماع دولي على خطط لأيقاف أنتشار مرض أنفلونزا الطيور الذي أنتشر من أسيا الى أوربا والشرق الأوسط تحسباً لوقـوع وباء عالمي بين البشر ، لذلك أستخدم على الفور عـملية أعــدام الحيوانات المصابة ، هذه السياسية المتبعة لدى هيئات صحة العالمية .
في الوقت الذي أجتمع حكام  أكثر من دولة العربية والأسلامية في دهاليز مخابراتهم على خـطـط لأيقاف أنتشار مــرض أنفلونزا الديمقراطية الـتي أشاعـت مـن العراق الى الشرق الأوسط ، وخوفاً أمتداد هذا المرض الى باقي الدول التي تغرق في التسلط والدكتاتورية على رقاب شعوبهم ، لذا قام مسؤولون تلك الدول بأرسال الأرهابيين القتلة الى العراق وتقدم لهم كل أنواع الدعم المطلوب، بعد أن أصبحت دولهم  مأوى للهاربيين من العفالقة الأنذال والقوى التكفيرية ، والتي تتخذ من مدنهم عـلناً مقـراً لهم ومنطلقاً لعملياتهم الأجرامية  لقتل الأبريــاء مـن العراقيين ، بحجج مختلفة لقضاء على مرض أنفلونزا الديمقراطية
الذي أنتشر في العراق .

لا نستبعـد ولا نستغرب هـذه الطريقة المتبعة لدى حكومات العـربية والأسلامية والأنظمة الدكتاتورية للتحريض العلني على قتل العراقيين ، لأنها تخاف من الحرية والديمقـراطية في العراق الجـديـد ، وليس من أمـريكا كما يتصور البعض ، لأنها ستتعـرى عورتها وتنكشف ظلمها وظلاميتها من خلال هــذا المرض ، وسترتجف الكراسي تحتها ، لذلك تحاول هــذه الدول أن تعـيد الأوضاع الى ما كانت عليه في العــراق
في ظل حزب البعـث خوفاً من تفشي مرض أنفـلـونـزا الديمقـراطـية بين شعوبهم أو في مجتمعهم  .

الكل يعرف أن المجازر التي تمت في مدن العراقية كانت تخطط لها في دمشق وعمان وقاهرة وطهران وأنقرة ودول الخليج وعواصم الدول الأخرى ، وساعدوا أعداء الشعب العراقي لترتيب صفوفها وأعادة تنظيمها وتسهيل عـبرورهم عـبر أراضيهم الى داخل العراق  لأيقاف أنتشار مرض أنـفـلـونـزا الـديـمقراطية ،( أو بأحرى هيمنة ديمقراطية في دولهم )  وأفشال البناء المجتمع المدني في العراق الجديد بواسطة عمليات التفجيروالأختطاف والأغتيلات   .

هولاء الحكام  لديهم حساسية كبيرة جداً أتجاه الديمقراطية عـفواً مرض أنفـلونزا الـديـمقـراطية ، لأنها تخاف من أن تزلزل الأرض تحت أقـدامها بسبب الوضع السياسي والأجتماعي والأقتصادي الذي يمر به شعوبهم ، إذن مصالح حكام الدول الجوار تتعارض مع مصالح الشعب العراقي في العيش بسلام وأمان بعد سقوط الطاغية في العراق ، لأنها تخاف على نفسها ومصالحها وتدرك الحقيقة سيكون دور عليها لا محالة لذلك لأن هذه المرض  يصاب  وبالتحديد الأنظمة الشمولية والدكتاتورية فقط ، أما مرض أنفلونزا الطيور ينتشر بين الناس والفقراء خصوصاً  ، بما أن هذا المرض بعيد عنها إذن لا تخاف منه .

خلاصة القول يعتقد حكام هذه الدول  بإن مرض أنفلونزا الديمقراطية أخطر من مرض أنفلونزا الطيور ، لأن الأخير يمكن معالجته بواسطة أدوية أوعقاقير ، ولكن هذه الأنظمة العربية والأسلامية لا تتمكن مصارعة رياح التغير نحو الديمقراطية ، لأنها تدرك هذه الحقيقة وغم ما تفعله للصمود أمام هذه الرياح  .
بما أن الديمقراطية هي ثقافة وموروث أجتماعي ، فعلينا أن ندرك جميعاً بأن هذه الدول رغم قوتها سوف  تنهزم أمام الديمقراطية  ، لأنها هي الوحيدة التي تهدد نفوذ الحكام العرب والأسلام ، وأقوى سلاح مواجهة هذه الأنظمة وإيقافها عند حدها ومعاقبتها العقاب الرادع .[/b][/size][/font]

151
الأرهاب في حجر الأعلام العربي
محمود الوندي

لا زال الحاقدين من الأعلاميين والسياسيين العرب المرتبطة بالحكومات العربية وغير العربية  على الشعب العراقي يواصلون أنفاسهم الأخيرة  نحو أفشال ديمقراطية وفيدرالية العراق ، ولا يتوقفوا عن التهجم والسباب والشتم ، ولم يحترموا الفكر السياسي للأنسان العراقي ، الذي يسعي لتحرير نفسه من الظلم والقهر، وبناء حاضره ومستقبله بأرادته ، ويعملون بكل جد على تعبئة وتحريك الرأي العام العراقي خصوصاً بين نفوس ضعفاء وبسطاء الناس وزمرالحاقدة ضد قيام النظام الديمقراطي والفيدرالي في العراق الجديد .
أن ما يتابع أسلوب نشر المقالات في بعض الصحف العربية ومواقع الأنترنيت والأصوات المبحوحة في المقابلات التلفزيونية في الفضائيات العربية من التعليقات والتحليلات حول الأحداث الجارية في العراق ، وللأسف الشديد بكل الغرابة أن غالبيتها تصف عمليات القتل والأرهاب ضد شعبنا والسرقة والتدمير وتخريب الأقتصاد البلد بالمقاومة الوطنية ضد الأحتلال وعملائهم ،  وأتهام العراقيين مما ليس فيهم ، وكأن الشعب العراقي  من أنصار الأحتلال ،  ( ومع الأسف لجأت اليها بعض الأعلام العراقية التي تصطف مع أعداء شعبنا بشكل المباشر وغير المباشر ) .
يقوم الأعلام العربي بالتحريض وتشويه الواقع العراقي وتسخين الساحة العراقية ، وأستخدام أفضل طريقة للخداع المواطن العراقي ، وبكل الوسائل الأعلامية المسمومة المناطة بهم ، ولا يهمه أن يكون كلامه ملفقاً أوصحيحاً المهم أن تكون المخابرات العربية أو الأقليمية وحتى الدولية راضياً عنه وأن يكون منسجماً مع أطروحاتها وخططها التي تحابي النظام البعث الفاسد ، وتصطف معه بحجة معاداة أمريكا ، كأنها لا تدري من تحكم أسيادهم في  بلدانهم ، وكلنا نعرف أنهم محتلون قبلنا ، والأحتلال جاءنا من أراضيهم .
الوسيلة الأعلامية تتبع ممولها ، لأن الممول يصرف ملايين من دولاراتما يصرح به السياسيون أو الأعلاميون التي تستضيفهم دائماً في الفضائيات العربية دون غيرهم ، الذين يختفون خلف أقنعة ومسميات  ويتواجدون بشكل هيئات أو منظمات كارتونية تحمل أسماء الحق والعدالة والأنسانية ولا تعمل من أجلها ،وإذا تتعمق في خلفياتهم تجد العكس تماماً ،لأنهم يتاجرون بقضية شعبنا لمصالحهم ، و لا يشعرون بالأذى والمأساة الذي يعانيه ، ويريد الممول من خلال تلك الفضائيات تسويق بضائع فاسدة وخطرة للمشاهد العراقي تحت غبار الشعارات الكاذبة والملفقة لخداع الشعب العراقي  .
كل ذلك الأرهاب حدث ويحدث في العراق بمساعدة بعض الدول العربية وتركيا وأيران في حين الأعلام العربي المضلل لا يلتزم الصمت فقط وأنما يطبل ويزمر ويصفق ويسمى هذه العمليات الأجرامية مقاومة ضد الأحتلال ، وينحاز كلياً ضد قيام النظام الديمقراطي الفيدرالي في العراق الجديد .
بات واضحاً أن المواطن العراقي في الداخل والخارج لا يثق بالأعلام العربي بكل أنواعه المسموع والمرئي والمقروء لأن أسلوبه غير بناء وفاقد حيويته وغير ملتزم بالأسلوب الخطابي المتعارف عليه أعلامياً .
أننا اليوم جميعاً أمام عدو أعلامي هو أخطر من أرهاب القتل ، لأنه يشجع الأرهاب والقتل ضد شعبنا ولا يستثنى أحداً، لذلك يجب مقاومته بأعلامنا وأقلامنا كالجنود ولا يمكن أن التهاون والتساهل معه ، حفاظاً على عراقنا الحبيب  .[/b][/size][/font]

صفحات: [1]