عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - حنا شمعون

صفحات: [1]
1
الشاعر نينوس نيراري يصدر كتابه السادس

الكتاب السادس الذي أصدره مؤخراً الشاعر المعروف نينوس نيراري جاء بعنوان " قصائد منزوعة السلاح " ،  والكتاب  هو ديوان شعري باللغة العربية يحوي على أربع وأربعين قصيدة، غالبيتها طويلة جاءت بثلاثة أنماط شعرية؛ العمودي والحر المقفى والنثري.
في الحقيقة وكما اخبرني نينوس ليست هذه كل القصائد التي كتبها في الشعر العربي فهناك التي ضاعت بسبب اوضاع الهجرة القسرية وهناك التي كانت مخباة تنتظر فرصة النشر بسبب ظروف الوطن السياسية فكان فقدانها سهلاً.

مرة اخرى تأخذ دار الادهم للنشر والتوزيع على عاتقها طبع ونشر كتاب من تأليف نينوس نيراري ، وإن دل ذلك على شيء فهو ان  هذه الدار المصرية ادركت جيداً مدى رقي شعر هذا الشاعر ليكون لها الفخر في نشرها. 
غلاف الكتاب الأمامي هو رسم تعبيري قديم وجده نينوس في خزانة كتبه واختاره لهذا الكتاب ليعبر عن رؤى الرسام المجهول عن قصائد نينوس الذي بدأ كتابتها في مرحلة الشباب ، يسهر الليالي يكتب ويجرع الكأس المُرً لأن الحكومة الدكتاتورية الشوفينية استحوذت على وطنه النهريني واصبح بلا وطن. "تموت الحياة بلا وطن "، كما جاء في آخر سطر من هذا الكتاب.
اما الغلاف الخلفي فهو  التعبير عن الرسم الأمامي عبر الكلمات التي جاءت في قصيدة " بأي ثمن " والتي كتبها في شهر تشرين الثاني ٢٠١٩، لمناسبة الأنتفاضة الشبابيةالتشرينية في العراق. والتي كانت سوف تؤتي أُكُلُها في القضاء على حكومة الفساد لولا جائحة الكورونا التي اوقفتها حين وصولها ذروة عنفوانها، في ذكراها السنوية الأولى:
بأي ثمنْ
سيحيا الوطنْ
برغم المحنْ
وكل الفتنْ
برغم السيوفْ
وكل الأنوف
سيحيا الوطن

هنا ثورة الثائرينْ
هنا وثبة الواثبينْ
ستُنهي رؤوس العفنْ
وتمشي الحكومة ملفوفة في كفن

وهناك قصيدة اخرى بهذا الخصوص حملت عنوان "َتظاهَر" جاءت بصيغة أوامر للمتظاهرين. برأي انها تصلح ان تكون نشيد وطني نموذجي لقوة كلماتها وايقاعها الحماسي، كما ان وزنها الثابت يصلح للأنشاد او للغناء، وأيضاً طولها مناسب، فهي سبعة ابيات من مثيل هذا الأول:
تظاهر ..تظاهر..تظاهرْ
وحرك سكونك يا ابن العراقْ
تظاهر وشوه وجه النفاقْ
فمن اجل خبز وماءْ
وللعز والكبرياءْ
وعش شامخاً وتفاخرْ
فهيا تظاهرْ

يقع الكتاب في ١٩٠ صفحة من الحجم المتوسط وجاءت المقدمة بقلم الشاعر نينوس وعبر فيها عن رؤيته لمهام الشعر مقتطفاً من أقوال االمعنيين في فن الشعر، والذي عجبني من اقوالهم ان "الشعر صورة ناطقة". اما نينوس فتصوره هو " الشاعر الجريء يطلق صلصلته عندما يرى الشعب والوطن والحرية ضحايا الحروب وسياسات الحكام " ، لقد وجدتُ هذه الصلصلة ( صوت الرعد ) تسري في السطور وما بين السطور التي وردت على لسان نينوس في هذه المجموعة الشعرية. وشخصياً احسب الشاعر هو قمة الثقافة والأدب والفن لا يعلو عليه إلا الناقد الحصيف العادل.

حسناً فعل نينوس انه في كل قصيدة ألفها كتب تاريخها باليوم والشهر والسنة مع المكان اذا كان بالأمكان، وهذا يسهل على القاري معرفة الظروف التي احاطت بالقصيدة أثناء الكتابة.
في كركوك حيث عاش الشاعر فترة شبابه منتصف السبعينات من القرن الماضي نراه وجدانياً في صياغة مشاعره الانسانية، يحب اهله وتاريخه وأكثر يحب الحق والحرية.
مِن " اصوات مقبرة الخلود ":
مَن قص جنحي
مَن سكب البراكين على جرحي
لا زلت أسير وحدي
بين اطلال مدينتي
اسأل عن مجدي
اسأل مَن جاء قبلي
ومَن جاء بعدي
اين اهلي وأين الديار

ومِن " حجر الشهيد " :
وجلست عند قبر اثري
اتفحص جمجمة مهمشة
فإذا برنين يطرق باب سمعي
كأنه صوت بشري
يعزف لحناً بلا وترِ
يقول " انا ضحية التترِ
انا يا من تحملني بين يديكْ
صوت الحق فوق شفتيكْ"

ومِن " جلجامش يتأرجح " :
اسمي منسي يذكره من يذكر ملحمة الطوفانْ
صوتي مجهول يعرفه من يعرف اغنية الأحرارْ
لغتي لا يفهمها الا من يفهم شيئاً من لغة النارْ

الشاعر مرآة زمانه فها هو متفائل بوجود عبد الكريم قاسم على رأس السلطة في العراق يعكس لنا وطنيته ذاكراً إنجازاته قبل ان يتحول العراق الى الحكم الشوفيني القومي بقيادة دكتاتور على رأس جهاز  استخباراتي يستعبد العراقين في ام المعارك لتكون  سقطته وتنهار اكذوبته في التحرير.
مِن قصيدة " عاش الزعيم عبد الكريم":
يوم ثُرتَ صفقتْ لك تأييدا         بلاد قد مسها اخفاقُ
نخلة الرافدين شامخة أطوادنا   تغفو تحتها اعراقُ
كيف ودعتنا فنحن يتامى         نستقي المرَّ من يد لا تطاقُ

مِن "الرقص مع الرئيس":
مولانا ترقص فوق الرؤوس
وتقرع الكؤوس
شارباً نخب السقطه
قلتَ عنها ام المعارك
اعذرني يا سيدي اني لم أشارك
في هذه الورطه
مهما سحسلني الأمن والشرطه
فأنا جندي اموت لأجل الوطن
وادافع عن الشعب وقت المحن
لا من اجل السلطه
او لتحرير الضرطه.

في الغربة فرحَ نينوس ومعه فرح العراقييون بانتهاء نظام العفالقة كما هو واضح من قصيدة "عهد جديد"، المكتوبة في أيار ١٠، ٢٠٠٣، حيث يقول:
نيسان اطلق نسمة فواحة      فتبرعمت في يأسنا ازهارُ
قد زارنا تموز وهو ضاحك      وعليه رشت عطرها عشتارُ
وطني العراق دنسوك عفالق    متغطروسون احرقهم نارُ

لكن الفرح هنا لم يكتمل لا لنينوس ولا للشعب العراقي، فالذي حصل ان العراق بلغ أسوأ حالاته، ليذوق الإرهاب والفساد، فكتب لنا نينوس وقلبه يعتصر بسبب الذي ذاقه الشعب العراقي ضمن قصائده  "الحب في زمن الأرهاب" ، "كيف احرك قصيدتي"،  "الخطاب" ، وأخرى كتبها بعد عام ٢٠٠٤.
في هذه الفترة نينوس كتب قصيدة عجيبة غريبة تحت عنوان "خلجات" لا تقع ظمن اي من أنماط الشعر المذكورة فهي سريالية، فلسفية، حسابية، فيزيائية . انها لغز اكثر مما هي قصيدة!! كان بودي كتابة كامل القصيدة لكنها تقع في ست صفحات،  اما اختيار مقطع او مقطعين ، فإنه لن يف بالغرض لكثرة "المُبهمات". إن قلتُ اني لا استطيع افهم جيداً عنوان الكتاب " قصائد منزوعة السلاح" ، فبلا شك هنا لم أفهم محتوى ولا مغزى هذه القصيدة :
هذا القنديل الفضي
المعلق في الفراغ
من أطفأ نصفهُ

كل ما سقط قد قام
الا انا

ازحف على بطني
فتضحك الأفعى

ادخل الى الماء
فتخرج الأسماك

داروين. " الكون أكبر سند لوجود الله"
نيراري." الشعر أكبر سند لوجودي"

احياناً اكون سريالياً
مستقيماتي تمتدذُ الى ما لا نهاية

افشل في إعلان الحب
فأعلن الحرب بإسقاط الراء

احزروا من يستفزني احياناً
حاولوا ترتيب حروف هذا الأسم المجزء
ا.ل.ي.ر.ع.ج.ف

انا معتدل
لا أقول للحاكم المستبد نعم
ولا اقول لا
بل اقول نع + لا
اسمحوا لي ان أقدم لكم نفسي
انا. لا. الرافضة

قولوا لي يا قراء يا اعزاء هل هذا ابداع، ام كما يقال " الجنون فنون" ، وحاشا ان يكون نينوس مجنوناً!!!!!

قصائد اخرى كتبها نينوس للضرورة وخاصة عن شخصيات جذبته أعمالها.  منهم الشاعر الذي وافاه الأجل في ريعان الشباب سلمان مروكَل ، الشاعر سرجون بولس، الشهيد مار بولس رحو، والمؤرخ هرمز ابونا، ولا بد ان نقف هنا عند القصيدة عن هذا الأخير، واستشهد ولو بسطرين لان نينوس معجب جداً بمآثر هذه القامة التاريخية:
هذا كتابك في يدي وحضارة
                             وكنيسة نُحرتْ وهذا واقعُ
يا أخضر العطاء مثل سهل نينوى
                                   تجود ولا يصدكَ رادعُ

يختم نينوس قصائده بمرثية لأرواح شهداء بغديدا والتي جاءت بعنوان: "عرس النيران" والتي أهداها الى أرواح اهل بغديدا الذين ماتوا حرقاً والذين اصيبوا في قاعة الهيثم للأعراس والحفلات في شهر أيلول ٢٦، ٢.٢٣ اثر "حادث مفتعل بفعل فاعل وقالوا عنه قضاء ً وقدراً، " كما علق عليها نينوس.
هذه القصيدة كتبها نينوس لتكون عمودية وقافيّة القافية لتكون قوية و موسيقية. كل بيت سُطِرَ في هذه القصيدة كان أقوى تعبيراً من الذي قبله ومن الذي بعده. في الوسط جاء هذا البيت:
هل أسطر عن مأساتكِ لو
                                       سطرتُ سيشتعل الورقُ
يا عروسة حزنٍ ضاع الرجا
                                 يا عريس الأسى ضاق الأفقٌ
فستانكَ طاووس ابيض
                                   يتبخر  مشياً  وينطلقُ
من تخيل ساعة فاجعةٍ
                                    فالموت له وجه صَفِقٌ
أرقصا رقص نارٍ  مستعرٍ
                                     كغروب الشمس له شفقُ

يا له من شعر رصين، لو قرأه المتنبي لعقب وقال: قيّدوا ترتيب هذا الآشوري من بعدي في قول الشعر العربي.

في الختام اقول  للقاريء الكريم كل الذي ذكرته هنا هو غيض من فيض عن شعر نينوس الوطني باللغة العربية التي ليست لغة الام له لكنه اتقنها جيداً ونظم الشعر بها بما يثير العجب ويستحق التقييم اللازم.
                   حنا شمعون/ شيكاغو 
                    ١٦ كانون الثاني ٢٠٢٤
       


2
بغديدي، ندبة جرحك لن تندمل

الواقعة الكارثية التي حصلت في بغديدي يوم 26 / 9/  2023 كانت بحجم الكوارث التي لا تزول آثارها بمرور الزمن، وخاصة لأهل بغديدي الذي فقدوا اعزائهم، وهنا يتحتم كل من يعرف بغديدي وله صلة اي كانت باهلها ان يشاركهم بالمصاب الذي تعجز الكلمات عن وصفه .والحق يقال ان الكتاب والشعراء والفنانين ذوي الصلة القومية او الدينية او الوطنية كانوا من اوائل الذين هزت مشاعرهم هذه الفاجعة فانبروا بمقالاتهم وأشعارههم وآغانيهم الحزينة يعبرون  عن الذي حصل، لان مصيبة بغديدي هي مصيبتهم.
،
بغديدي اعرفها وعشت فيها ما يقارب الثلاثة أشهر. في وقتها كانت أكبر قرية للمسيحيين في العراق، وعُرفَ عن اهلها شدة التدين وكثيراً ما قرأت ان لها تسع كنائس،  وسابقاً كان لها سبعة بالتأكيد. وفي فترة وجود معهد مار يوحنا الحبيب في الموصل كانت ترفد هذا المعهد بالتلاميذ ليتخرجوا كهنة يخدمون الكنيسة السريانية الكاثوليكية. 

اشتهرت بغديدي بزراعة الحنطة وكانت القرى الجبلية المسيحية في شمال العراق تقايض حنطتها بمنتوجاتهم من الأثمار الجافة مثل الجوز واللوز والزبيب، وهكذا نشأت علاقة بين الطرفين وعُرفتْ بغديدي عند اهالي القرى الجبلية و كنا نحن الصغار نسمع بها انها قرية كبيرة في الدشتا قرب الموصل.
داعش كانت الوحش الذي ارعب الغديدادي لشراسته وقد اختبروا شرّه في تفجير سيارة الطلبة الجامعيين الذاهبين الى جامعة الموصل وفي تفجير كنيسة سيدة النجاة التي كان يرتادها الغديداي في بغداد. وحين هُجِرَ اهل بغديدي من قبل داعش توزعوا في القرى الجبلية لما يقارب السنتين وبسبب سمعتهم الطيبة احتفيَّ بهم حسب الأصول. عاد معظم الغديداي الى بلدتهم بعد القضاء على داعش فهم معروفين بارتباطهم الوثيق ببلدتهم، وعلاقتهم الأجتماعية لها اواصر قوية فالغالبية العظمى هم كاثوليك والزواج هو احدى المناسبات التي تجعلهم عائلة واحدة، لذا كانت مناسبة ملائمة ليفرحوا معاً في عرس ريفان وحنين وتعدى الحضور  الألف في قاعة الهيثم للأعراس.
بغديدة مرتبطة جذرياً مع دير مار بهنام الذي يعتبر مُلُك القرية كما هو دير ربن هرمز  بالنسبة إلى القوش. وللمعلومات اذكر هنا ان دير مار بهنام اقدم من دير ربن هرمز بما يقارب الثلاثة قرون. الدير بني من قبل سنحاريب ملك مملكة حذياب التي حكمت المنطقة لما يقارب الثلاث قرون كما يذكر الشاطر ماهر ( الرابط مرفق في النهاية). هذا الارتباط التاريخي بين الأمبراطورية الآشورية ومملكة حذياب من خلال الأرض المشتركة  وتسمية الملوك يجب ان ينظر اليه بدلالته التاريخية لمعرفة الانتماء القومي لأهل بغديدي. احب ان أضيف هنا ان أغلب الآثار الآشورية وجدت في كالح ونمرود اللتان تبعد عن بغديدي بضع فراسخ .

كتبتُ قصيدتي المرفقة مساندةً ووقوفاً مع ابناء بغديدي. وصفت الحادثة عبر قصيدتي، واعترف انه لا يمكن ان احسها او اعبر عنها كالذي عاش جحيمها، ولكن صديقنا نبيل كَريش كتب كلمات اغنية من تلحينه وغناء أخيه طلال كَريش، وفيها المتحدث هو من ذاق الموت الشنيع اثر الفاجعة  ( رابط الفديو كليب مرفق في النهاية ) .
فاجعة بغديدي، سواء تم تشخيص مسببها ام لم  يتم، فالسبب واضح للعيان ولذا فإن المحلل البسيط حين التشخيص،  تؤشر عنده البوصلة نحو أرباب الفساد المستشري في الحكومات العراقية المتتالية التي عاثت فسادا في العراق. للتلميح هنا ان الجهابذة  في التحقيقات الجنائية  في الحكومة العراقية خلال يومين تمكنوا من ان يتوصلوا الى "عدم العمد" في جريمة هي بكبر حجم العراق، جريمة هزت ضمير كل من سمع بها في كافة انحاء العالم. تحقيقات أجرتها حكومة الفاسدين ولم ينتبهوا الى كيف ان الحديد والزجاج انصهرا وجثث الكبار والصغار تفحمتا في بضع دقائق،  هل حوت القاعة اطنان من الكيروسين ام ماذا حصل. الجواب عند العلماء المختصين وقد اجابوا في الفيس بوك وكل من يريد فليجهد نفسه ويتأكد!
ندبة جرحك لن تندمل يا بغديدي، ما زال الفاسدون يحكمون.

فاجعة راح ضحيتها ما يزيد عن المائة من الشهداء الأبرياء وعدد كبير من المصابين بالحروق على مختلف درجاتها، والمئات من الأقارب الذين بقوا احياء اموات، لا أدري كيف تغفي جفونهم في الليل وقد فقدوا واحد، اثنين اوثلاثة او.. من أفراد عائلتهم.
انا احاول هنا ان اعقب على كلمات قصيدتي او اشرحها، فقد قرأت عن العجب عن هذه الفاجعة وشاهدت صور ام تحضن تابوت طفلتها ورأيت اخرى لولد يحضن تابوت امه، من ذا يطيق هذا المشهد ولا يتمزق قلبه على هذا الوداع المرير فليتصور كل منا انه ذلك الولد او تلك الام. 
ندبة جرحك لن تندمل يا بغديدي، ما زال الفاسدون يحكمون.

مشهد العروسين في رقصة العمر لم تعقبه فقرة اخرى فقد اتى النذير خلالها من السقف لينهي الرقصة فجأة وتنقلب فرحة العرس الى صخب ثم  عمداً أُطفئت الكهرباء ليزيد الطين بلة. كل يركض في اتجاه على نحو اعمى صوب الأبواب. تكدست أجساد الأطفال والمسنين ليصبحوا عقبة للخروج من باب المطبخ الضيق. اما الباب الرئيسي بعد فتحه كاملاً فقد نفذ من خلاله الناجين، والبعض رجع من خلاله لينقذ آخرين وهذا البعض البطل غالبه استشهد في عتمة القاعة.
يا للمصاب الفادح، في عشية وضحاها تحولت فرحة العرس الى مأتم حمل النعوش الى مقبرة القيامة في بغديدي. امر لم يكن في بال المدعوين، لكن حتماً كان في بال احد الفاسدين. 
ندبة جرحك لن تندمل يا بغديدي، ما زال الفاسدون يحكمون.

هكذا خسرت بغديدي خيرة شبابها المشهود لهم بالشجاعة  ( اسم بغديدي مشتق من شجاعة شبابها ) و عدداً كبيراً من الشابات اللواتي معروف عنهن الجمال الآخاذ في الصورة و الآخلاق . أطفال ابرياء قديسون صعدت أرواحهم مباشرة  الى ملكوت السموات وحصدت الفاجعة ايضاً عدد آخر  من المسنين الذين عاشوا حياتهم الأرضية بالتقوى ومخافة الرب مع الكفاح لأجل البقاء.
ندبة جرحك لن تندمل يا بغديدي، ما زال الفاسدون يحكمون.

يعاتبني قليلاً ضميري اني في قصيدتي دعوت بالسوء على الفاسدين الذين لهم  ارتباط بهذه الجريمة النكراء ، لكن ماذا بيد المسالمين من أمثالي غير ان يتحقق على الأرض الجزاء العادل لكل ظالم، وهو امر لا يساورني شك بتحقيقه، لكن الأنتظار قد يطول ومزيد من الكوارث تحل على الشعب العراقي في المستقبل.
ندبة جرحك لن تندمل يا بغديدي، ما زال الفاسدين يحكمون.

شاهدنا وسمعنا وقرأنا عن مطارنة من الكنيسة السريانية وقفوا وقفة الأبطال في قول الحق لفضح الفاسدين السياسيين، والمقابل عرفنا قلة من رجال الدين يتملقون للفاسدين للحصول على المال الحرام.، وهنا السؤال يطرح نفسه: لماذا جعلنا من رجال الدين المدافعين عنا، واين سياسيونا والمنتخبين في البرلمان؟ الجواب من عندي وكما تقول القصيدة؛ "انهم يقفون صامتين، " لأنهم اما ضمن دائرة الفساد او انهم مساكين بلا حول ولا قوة.   
هذا يقودني الى خاتمة قصيدتي وفيها اقول: يا بغديدي ويا عراق لن تخلوان من هكذا فواجع قاتلة حتى يكون هناك دستور راسخ يفصل الدين عن الدولة.. يفصل الدين عن الدولة.

نص القصيدة بالسورث والعربية


بغديدي                          ܒܓܕܝܼܕܝܼܐ

زميني لخولولا  ܙܡܝܢܐ ܠܚܠܘܠܐ
غديداي حدري لآوانا ܓܕܝܖܝܼܐ ܚܖܪܝܐ ܠܐܘܢܐ
مطول كولي ايلي سورايي ܡܛܠ ܟܘܠܐ ܐܝܠܐ ܣܘܪܝܝܼܐ
كَرك بصخي ورقذي ܓܪܟ ܦܨܚܝ ܘܪܩܕܝܼ
لبا دكالو وختنا مخذي ܠܒܐ ܖܟܠܘ ܘܚܬܢܐ  ܡܚܕܝܼ

رقذا شليا مشوريليه ܪܩܕܐ ܫܠܝܐ ܡܫܘܪܝܠܝܼܗ
ناشي فروجي ܢܫܐ ܦܪܘܓܼܐ
اواهي رويزي ܐܒܼܐܗܐ ܪܘܝܙܐ
طأليثا دبهرا ܛܐܠܝܬܐ ܖܒܗܪܐ
بكوني زهي رياما ܒܓܘܢܐ ܙܗܝܐ ܪܝܡܐ
وبشكوري بكعا ܘܒܫܟܘܪܝ ܦܓܥܐ
كَولي دنورا ܓܘܠܐ ܖܢܘܪܐ
لرش ناشي مشودرا ܠܪܫ ܢܫܐ ܡܫܘܖܪܐ
موسيقي كليلا ܡܘܣܝܩܝ ܟܠܝܠܗ
هويلا روبا بكول كَيبا ܗܘܝܠܐ ܪܘܒܐ ܒܟܘܠ ܓܝܒܐ
برش دايا برقا جميلي ܒܪܫ ܖܝܐ ܒܪܩܐ ܫܼܡܝܠܗ
ناشي زديي بقوري ما ويلي ܢܫܐ ܙܖܝܐ ܒܩܘܪܐ ܡܐ ܘܝܠܗ

يما ببنونه بناثه قرايا ܝܡܐܒܒܢܘܢܗ̇ ܒܢܬܵܗ̇ ܩܪܝܐ
وشوري صراخا بخايا ܘ ܫܘܪܐ ܨܪܵܚܐ ܒܚܵܝܐ
مانيلي دبارقليه ܡܢܝܠܗ ܕܦܵܪܩܠܗ
 مشلهيوثا دلتلا رخموثا ܡܫܠܗܘܝܼܬܐ ܕܠܬܠܐ ܪܚܡܘܬܐ
زريزي مخولصله لموليصي ܙܪܝܙܐ ܡܚܘܠܨܠܗ ܠܡܘܠܝܨܐ
ودري مدرش لآوانا  ܘܕܪܗ ܡܕܪܫ ܠܐܘܢܐ
بخرثا هب اني  ܒܚܪܬܐ ܗܦ ܐܢܐ
 قذلي بخيلا دنورا ܩܕܠܗ ܒܚܝܠܐ ܕܢܘܪܐ
دموخذري اوانا لكورا ܕ ܡܘܚܕܪܐ ܐܘܢܐ ܠܟܘܪܐ

زودا ل إما من برناشوثا  ܙܘܕܐ ܠ ܐܡܐ ܡܢ ܒܪܫܘܬ݀ܐ
قذليه اخ دكيقذي. ܩܕܠܗ ܐܟ̇ ܖ ܝܩܕܐ
قيسي بتنورا  ܩܝܣܐ ܒܬܢܘܪܐ
اخ  بسرا مطويا بكنونا .ܐܟ̇ ܒܣܪܐ ܡܛܘܝܐ ܒܟܢܘܢܐ
وي مطويا اوي لبا ܘܝ ܡܛܘܝܐ ܐܘܝܼ ܠܒܐ
دموخذري بصخوثا ܖܡܘܚܕܪܐ ܦܨܚܘܬ݀ܐ
لمريرا ولا سبيرا موثا ܠܡܕܝܪܐ  ܘܠܐ ܣܦܝܪܐ ܡܘܬܐ

جونقي عشيني غديداي ܓܼܘܢܩܐ ܥܫܝܢܐ ܔܖܝܖܝܐ
خماثا بيشوبريه كَرشاني ܚܡܐܬܐ ܒܝܫܘܦܪܗ̇ ܓܪܫܢܐ
شوري بريري وخليي ܫܘܪܐ ܒܪܝܪܐ ܘ ܚܠܝܐ
ساوي وسوياثا ܣܒܼܐ ܘ ܣܒܼܝܬܐ
قيذي بنورا ܩܝܼܖܐ ܒܢܘܪܐ
خنيقي بتنا ܚܢܝܩܐ ܒܬܢܐ
ين بأقلي ديشي ܝܢ ܒܐܩܠܐ ܖܝܫܐ
دولي من خاي بريشي ܕܘܠܗ ܡܢ ܚܝܼܐ ܦܪܝܼܫܐ

ماني  ايله دلا باخي ܡܵܢܝ ܠܐ ܖܠܐ ܒܟܼܐ
كود خازي يما قبلتا  ܟܖ ܚܵܙܼܐ ܝܡܐ ܩܦܠܬܐ
قوورتا دبرونه ܩܵܒܼܪܬܐ ܕܒܪܘܢܗ̇
ين برونة قبيلا ܝܢ ܒܪܘܢܐ ܩܦܝܠܐ
قوورتا ديمه ܩܵܒܼܪܬܐ ܖܝܡܗ
واني كو  بخيا مريرا ܘ ܐܢܐ ܓܘ ܒܚܝܐ ܡܪܝܪܐ
 يما عدّودي لوشتا كوما ܝܡܐ ܥܖܘܖܐ ܠܒܼܫܬܐ ܟܘܡܐ
برونا مسكينا هويلي يتوما ܒܪܘܢܐ ܡܣܟܝܢܐ ܘܝܠܗ ܝܬܘܡܐ

اني دمتلي نخلي ܐܢܐ ܖܡܬܠܗ ܢܚܠܗ
بس اني  دبيخايي ܒܣ ܐܢܐ ܖܒܝܚܝܐ
ايله بيخايي ميتي ܐܝܠܗ ܒܝܼܚܝܼܐ ܡܝܲܬܐ
قطلالي تخملتا  ܩܛܠܠܗ ܬܚܡܠܬܐ
وشنثا دليله ܘܫܢܬܐ ܖܠܝܠܐ
ليه طَويلا ܠܐ ܛܘܝܠܐ
حقوثيهن دأمري ܚܩܘܬܝܗܢ ܖܐܡܪܝܲ
باشل لبا دكبورا  ܒܫܠ ܠܒܐ ܖܟܦܘܪܐ
دملوخلي اها نورا ܖ ܡܘܠܒܲܚܠܗ ܐܗܐ ܢܘܪܐ

لا ليلي سبب طألياثا دبهرا ܠܐ ܠܗ ܛܐܠܝܬܐ ܖܒܗܪܐ
بَريثا ديث لوخاشا ܒܪܝܬ݀ܐ ܖܝܬ݀ ܠܘܚܫܐ
شقلتا دطول ين رازا طشيا ܫܩܠܬܐ ܕܛܘܠ ܝܼܢ ܪܙܐ ܛܫܝܐ
بأثرا ديلي خكيما ܒܐܬܪܐ ܚܟܝܡܐ
بسريي تبيني ܒܣܪܝܝܼܐ ܬܦܝܢܐ
وكوبيي لزوزا كبيني ܘܟܘܦܐ ܠܙܘܙܐ ܟܦܝܼܢܐ

بغديدي ܒܓܕܝܕܐ
ليلا كَاهي قاميثا ܠܗܠܐ ܓܗܝ ܩܡܝܬ݀ܐ
ولا بتويا خريثا ܘܠܐ ܒܬܘܝܐ ܚܪܝܬ݀ܐ
لكونخي دخازيت ܠܓܘܢܚܐ ܕܚܙܝܬ
كمد سوريايي ܟܡܖ ܣܘܪܝܝܼܐ
بأثرا دكَيانيه ܒܐܬܪܐ ܖܓܝܢܗ
ايلي نوخراي. ܐܝܠܗ ܢܘܚܪܝܐ
ومطول باثرا ܘܡܛܠ ܒܐܬܪܐ
ليث شويوثا ܠܝܬ݀ ܫܘܝܘܬ݀ܐ
ولا زي ايث كينوثا  ܘܠܐ ܙܝܼ ܐܝܬ݀ ܟܝܢܘܬ݀ܐ

بغديدي ܒܓܕܝܕܐ
تخروخ سورخانا كَعيصا ܬܚܪܘܟ̇ ܣܘܪܚܢܐ ܓܥܝܨܐ
برهيواي مارد رنيا سبٍيسا ܒܪܗܝܘܝܐ ܡܪܖ ܪܢܝܼܐ ܣܦܝܣܐ
موبقيلون راديتا ܡܘܦܩܝܠܘܢ ܪܖܝܬܐ
ديالوبي صوبايي ܖܝܠܘܦܐ ܨܘܒܝܐ

تخرخ لكَونخا د داعش ܬܟ̇ܪܘܟ̇ ܠܓܘܢܚܐ ܖ ܖܐܥܫ
كود مسوبٍقلون ܟܘܖ ܡܣܘܦܩܠܘܢ
لكولي خيانخ ܠܟܘܠܐ ܚܝܐܢܟ̇
دبيشي كَوساني ܖܦܝܫܝܼ ܓܘܣܐܢܐ
بكَو دشتا وطوراني ܒܓܘ ܖܫܬܐ ܘܛܘܪܢܐ

ايكيلي تخلوبن كَو خوكما ܐܝܟܠܐ ܬܚܠܘܦܢ ܓܘ ܚܘܟܡܐ
ايكا ايليه مكَوبين ܐܝܟܠܗ ܡܓܘܒܝܢ
مجبور بشلي ܡܓܼܒܘܪ ܦܫܠܗ
علاني دعيتا  ܥܠܢܐ ܖ ܥܝܬܐ
 بيشي سنغرن ܦܝܫܐ ܣܢܔܪܢ
مطول ماري بوليتيقي ܡܛܠ ܡܪܝ ܦܘܠܝܬܝܩܝܼ
ايلي كليي شتيقي ܐܝܠܗ ܟܠܝܐ ܫܬܝܩܐ

يا ماري شميانا ܝܐ ܡܪܝ ܫܡܝܢܐ
بغديدي ليلا خَطيثا ܒܔܖܖܝܐ ܠܗ ܠܐ ܚܛܝܬ݀ܐ
ايلا مشومهتا ܐܝܠܐ ܡܫܘܡܗܬܐ
بتشعا ايتاثا ܒܬܫܥܐ ܥܝܬܬ݀ܐ
مليي من مصلياني ܡܠܝܐ ܡܢ ܡܨܠܝܢܐ
ومهميني ܘ ܡܗܝܡܢܐ
قاشي وآبوني ܩܫܐ ܘ ܐܒܘܢܐ
اين بوش زودا موقمتا ܐܝܢ ܒܘܐ ܙܘܖܐ ܡܘܩܡܬܐ
تا عيتوخ شليحيتا قديشتا ܬܐ ܥܝܬܟ ܫܠܝܼܚܝܼܬܐ ܩܖܫܬܐ

بغديدي دحذياب ܒܓܕܝܕܐ ܖ ܚܕܝܒ
آشور ترينتا ܐܫܘܪ ܬܪܝܢܬܐ
بزونا سنخيرو تريانا ܒܙܘܢܐ ܖܣܢܚܝܘܪܒܼ ܬܪܝܢܐ
وبرونه بهنام سهدا ܘܒܪܘܢܗ ܒܗܢܐܡ ܣܗܕܐ
هويلخ مشيخيتا. ܗܘܝܠܟ̇ ܡܫܝܚܝܬܐ
من دو يوما ܡܢ ܖܘ ܝܘܡܐ
لا برقلخ من خشي ܠܐ ܦܪܩܠܟ̇ ܡܢ ܚܫܐ
ولا من صاواني كَدشي ܘܠܐ ܡܢ ܨܐܘܢܐ ܓܖܫܐ

كما خوزداكي قبلَخ ܟܡܐ ܚܘܙܕܓܐ ܩܒܠܟ̇
كما سهدي ولَخ ܟܡܐ ܣܗܖܐ ܘܠܟ̇
دوت وا مشيخيتا ܖܘܲܬ ܘܐ ܡܫܝܚܝܼܬܐ
وخورديثا ܘܚܘܪܖܝܬܐ
بديوي ساروخي ܒܖܝܒܼܐ ܣܪܘܚܐ

هتخا بتويت ܗܬܚܐ ܒܬܘܝܬ
وبتاوي أثرا كولي ܘܒܬܘܝ ܟܘܠܐ ܐܬ݀ܪܐ
ول ناموسا ختيثا ܘܠ ܢܡܘܣܐ ܚܲܬܝܬ݀ܐ
بارش بيل دولتا و توديثا ܦܪܫ ܒܝܠ ܖܘܠܬܐ ܘ ܬܘܖܝܬ݀ܐ

حنا شمعون/شيكاغو  ܚܢܐ ܫܡܥܘܢ
تشرين الأول 2023 ܬܫܪܝܢ ܩܡܝܐ 2023

رابط القصيدة بصوتي
https://drive.google.com/file/d/1UvOd400oxmuUYKblalYy7DPGl0o9waXJ/view?usp=drivesdk

رابط حشا دبغديدا، طلال كَريش

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid0LkDAitVf6yb9jCE9Pitpb6BgpMrrWk78rpehV7LEwB95SdgBGfHxvDCxh5Upck9Cl&id=100006696876737&mibextid=Nif5oz
رابط الشاطر ماهر:
https://youtu.be/oQhz7tGEvVc?si=3vY3EQ5pquy1Bk5h
   
             حنا شمعون / شيكاغو

3
حفل توقيع كتاب نينوس نيراري: "تباشير وجه سومري"

حين يكتب نينوس قصائد الحب فإنه يكتبها رسماً وينفخ فيها شيئاً من روحه حتى تتجسد وتصبح من بنات افكاره وخاصيتها من خاصيته.
في الأمسية التي اقيمت بتاريخ 27/ 8/ 2023، وادارت دفتها رَنا بوتاني في بيت المجلس القومي الآشوري في شيكاغو تحدث نينوس عن شعره الغزلي، واول قصيدة كتبها بالعربية كانت عام 1974 تحت عنوان " ليلى" وعنها قال انه كتبها غزلية في المظهر لكن قومية في الجوهر لان الأفصاح عن المشاعر القومية الغير العربية كان من الممنوعات في ذلك الزمن. بعد كتابه الشهير عن آغا بطرس نشر نينوس ثلاث كتب في الشعر القومي والغزل وذلك باللغة الآشورية الحديثة ( السورث)، وهذا هو الكتاب الخامس وهو يوثق قصائده باللغة العربية في الحب إلا واحدة شاء النسيان ان يطويها بسب الانشغال المستمر فأضطر أن يؤجلها الى الطبعة القادمة.

قصائد نينوس الغزلية لا تقل في الأبداع الشعري عن تلك التي كتبها كبار الشعراء المعاصرين وهي تضاهي اشعار نزار قباني الغزلية فهي سهلة الفهم ومباشرة وموسيقية لكن خاصيتها المميزة انها نيرارية اي انها صارمة تماماً مثلما استمد نينوس اسمه نيراري من الملك الآشوري الصارم أدد نيراري اول ملوك العصر الجديد او الحديدي كما هو معروف لدى المؤرخين.
نينوس يكتب الشعر الغزلي المقفى وهذا له وزنه وتركيبته وفق موازين الشعر العربي المعروفة، ولكن ركوب موجة التغيير في هذا العصر جعله يكتب الشعر الحر بقوافي مختلفة والأبيات ليست درامية او سردية،  اي ان الحدث في شعره بالنهاية لا يتوج البداية والمتن ، لكن خاصية شعره ان لكل مقطع له حكايته وابداعه وقافيته، وبذا يعطي الشاعر لنفسه حرية التصرف من اجل زيادة جمالية القصيدة وإيصال الفكرة الى القاريء.
 
الأنثى هي هدف كل عاشق في الشعر الغزلي ففي التوطئه التي كتبها نينوس شعراً منثوراً يوضح هذا الأمر. لا عشق من غير أنثى ولا قصيدة من غير ذكر، ونينوس يعبر عن ذلك بقوله: "قبل الشعر كانت هناك أنثى،  وقبل القلم كان هناك ذكر."
وهذا الذي حصل في بداية الأمر وعند السومريين بالذات أصحاب الكتابة او أصحاب القصيدة الاولى ، عرفوا إنانا التي غدت فيما بعد اِلاهَة الحب عند البابليين والأغريق والى الآن يتغنى بها الشعراء كأيقونة الحب والجمال.
الذي اظنه و بسبب الذي ورد اعلاه هذا فإن نينوس سمى كتابه هذا ليكون "تباشير وجه سومري" والذي أبدعت الفنانة التشكيلية اجنس (أكَنس) اسحاق  من نيوزلندة في تحويل هذا العنوان  الى لوحة فنية كانت الواجهة لهذا الكتاب الجميل في الحجم والأخراج والطباعة.

في الأمسية المذكورة تحدث ادباء وشعراء من الجنسين عن قصائد  نينوس وكان هناك تسجيل لقسم منهم من دول اخرى لم يتسنى لهم الحضور ، لكن الجميع اعربوا عن اعجابهم بأسلوب هذا الشاعر الذي يحمل على عاتقه ليس فقط تعريف الآشوريين بحضارتهم وتراثهم، لكن ايضاً تعريف الأخوة قراء العربية بإن من الآشوريين من يكتب بلغة الضاد شعراً يوازي المعروفين من الشعراء العرب رغم ان لغته الام هي غير العربية ورغم ان معظم وقته يصرفه بالكتابة بلغة الأم وهي الآشورية الحديثة ( السورث). وان سألنا عن البرهان في هذا فيكون في حقيقة ان دار مصرية هي الادهم للنشر والتوزيع قد اغواها شعر نينوس ولذا تبنت الكتاب ونشرته وذلك لرقيّ محتواه من الشعر الغزلي.
وقد رأينا فور انتهاء الأمسية طابوراً من الحضور الكريم يتقدم لأقتناء نسخة من الكتاب، والكثير اقتنى عدة نسخ للأصدقاء مؤطرة بتوقيع الشاعر نينوس نيراري .

نينوس وعبر صفحته الفيسبوكية فإنه ايضاً يكتب شذرات من الشعر الغزلي والقومي، وهذه الشذرات بلا شك هي بؤر لان تصبح اشعارا او افكاراً لقصائد مستقبلية، فهو لا يكل ولا يمل من البحث والتمحيص في الكتب عن العتيق والجديد من الأفكار التي تشفعه مع موهبته الشعرية لتطوير القصيدة سواء كانت بالاشورية الحديثة او العربية التي يفهمها الغالبية من الآشوريين، وهو ايضاً مقدم برنامج اذاعي مرئي ناجح وقد بنى علاقة ثقافية واجتماعية مع مستمعيه او مشاهديه في كل أنحاء العالم وبذا فإن جمهوره واسع جداً وشهرته الأدبية بلغت الآفاق.
اخيراً اقول مع الأماني: نينوس نحن بانتظار كتابك السادس الذي ستكون مادته الشعر القومي والوطني والأنساني باللغة بالعربية.

قامت قناة AGN TV بنقل الحفل مباشرة، واليكم الرابط لوقائع الحفل:
https://fb.watch/mS3CkzRApe/?mibextid=ZbWKwL
     حنا شمعون / شيكاغو

4
وقفة مع اغنية السورث..
"أوخ مِنَه" ، فديو كليب بديع  بالصوت والصورة والموسيقى

" أوخ مِنَه " اغنية غناها مؤخراً الفنان سركَون يوخنا " جكي" وهي من كلمات والحان الأستاذ ادور موسى الذي نعرفه اسطورة في ابتكار اللحن وكتابة الكلمات.

الذي شدني الى الفديو كليب لهذه الأغنية هو جمال الأغنية التي هي عاطفية الكلمات والموسيقى ، وأكثر من ذلك جاء تصوير الفديو ليزيد من فهمنا لعاطفة العشق في هذه الأغنية. يغور ادور موسى في عمق التراث الآشوري ويحولنا سريعاً من أجواء تياري وهكاري الى قصور غرناطة والأندلس حيث تم تمثيل الفديو كليب، حسب حدسي. الكلمات وان كانت بسيطة ومكررة ورغم ان الجُمل فيها بعض الغموض لكن في طياتها تحكي قصة حب صامتة لمحب ولهان لا يوقفه صد وكبرياء فتاة احلامه، تتجاهله كأنها لا تسمع آهاته كما جاء في كلمات الأغنية، لكن صاحبنا  يظل صامداً حتى ينال غايته. بالفعل حصل هذا لنأتي على حقيقة ان درب العشاق دوماً صعب و شاق.
غالب الظن ان الفديو كليب هو مقطع من مسلسل تلفزيوني اسباني لكن الغريب جداً هو تطابق المشاهد مع كلمات الأغنية، ليأتي السؤال هل شاهد ادور المسلسل وبنى عليه كلماته. ام ان العكس حصل فكانت الكلمات اولاً ثم جاء التمثيل البارع ليناسب الكلمات. انا حقاً محتار في هذا الأمر.

الأمر الثاني ان الموسيقى راقصة بلا شك وهي في نظري على ايقاع دبكة ( خكَا ) الشيخاني ولكن الأيقاع يصبح سريعاً بما يشبه رقص الفلامنكو الأسباني المعروف عنه انه انتقل الى اسبانيا عن طريق الغجر الذين أصلهم من آسيا الوسطى. دوماً يحيرني الأستاذ ادور موسى في اشعاره وكتاباته وموسيقاه، فهو محلي وهو عالمي معاً!
اما الفنان الذي يجاريه في كل هذا حسب تصوري فهو سركَون يوخنا الذي مرة نراه في ملبس جولي دخومالا التياري وأخرى مرتدياً بدلة التكسيدو مع ربطة العنق القصيرة.

يا اخوان فن الغناء أصبح هو الآخر قرية تتشابك فيه الموسيقى المحلية مع العالمية، وادور موسى مع الفنان المحبوب جكي قدما لنا عبر هذه الأغنية نموذجا لهذا الصنف الغناء.
شاهدوا الفديو الراقي على الرابط التالي، ويا ليت احدكم اخبرني ايهما جاء الأول الكلمات ام الفديو!
رابط الفديو كليب:
https://youtu.be/0seU7OsFX5c
                   حنا شمعون ،/ شيكاغو


5
الشاعر الطريد يصدر كتابه الشعري الثالث

" أحلام الشاعر الطريد" هو عنوان الكتاب الثالث للشاعر نينوس نيراري وقد صدر حديثاً بحلة الغلاف من تصميم الفنان فاسيلي شمينوف. الكتابة قشبية أنيقة ،الحروف منضدة لتكون سهلة التمييز، كما ان حجم الكتاب ملائم لتصحفه وكتابة الشعر الرباعي العمودي لتحويه مساحة الصفحة بسهولة.
العنوان يحكي المضمون بأختصار بالغ، ولو ان الكتب السابقة لنينوس في مضمار الشعر كلها توحي بهذا العنوان. لكن قصائد الكتاب الجديد تجمع بين القومية ، العاطفية، والحِكَمية والسياسية. وقد جمعها نينوس بجهد جهيد من هنا وهناك . وهي مكتوبة خلال السنوات من ١٩٧٤ الى ٢٠٢٠ ولم ترد في الكتابين السابقين. واحدة منها ضاعت وفتش عليها حتى وجدها مدونة في احدى المجلات، فكانت فرحته كتلك الامراءة التي وجدت فلسها الضائع او ذاك الراعي الذي ترك التسعة والتسعين ليفتش عن الخروف الضائع ويجده وتكتمل فرحته. هذا الخروف الضائع كان قد اطلق عليه نينوس عنوان " طلاثا شكلي" /ثلاث صور . ثلاث صور لثلاث بنات وجدها بين الصفحات في كتاب ضمن مكتبته. الأولى اغتربت صاحبتها مع اهلها، والثانية تزوجت من غني وتطلقت، اما شخصية الثالثة فقد كان قدرها الموت. لكن القصيدة توحي برابعة يحلم بها  الشاعر لتكون الملكة المتربعة على عرش الملكوت في الوجود الذي يعيشه .
اسم هذه القصيدة استشفته من نينوس حين أهداني كتابه وسألته كم استغرق التحضير لهذا الكتاب وفي جوابه ورد اسم  القصيدة وسجلتها في ذاكرتي كي ادلف بابها وأدونها الآن.

المجموعة تضم ٢٣١ قصيدة باللغة الاشورية الحديثة ( السورث) . انا على يقين ان اي شاعر آشوري لم يأتي على قدر وعدد هذه القصائد الواردة في هذا الكتاب ، ولا حتى الشعراء العرب الفطاحل لم ينظموا بقدر قصائد نينوس نيراري، وهنا اذكر ان المتنبي وهو يعتبر أعظم شاعر عرفه العرب والعالم ( حسب تقديري) وصل الينا من قصائده ٣٢٦ قصيدة. اما مجموع قصائد نينوس لحد الآن والمطبوعة فهي ٣٧٥ قصيدة.
هذا الكم الهائل من الأشعار دلالته عظيمة، لانه من هذا الكم نستنتج ان لغتنا الآشورية الحديثة ،لا يمكن بأي حال من الأحوال وصفها بأنها مندثرة كما يحلو للبعض، لابل و بلا شك انها حية وقابلة لمواكبة العصر، فشعر نينوس عصري وحديث ويتناول شتى مناحي الحياة العصرية.
 اللغة النقية هي تلك التي ليس فيها شوأئب من لغات اخرى وهي بذلك تحسب لغة قائمة بذاتها، ومن هذه اللغات هي الأنكليزية والعربية واليونانية كأمثلة، اما اللغات الهجينة فهي تلك التي فيها من كلمات لغة اخرى ما يشوه نقاوتها ، مثلاً   الكردية والفارسية، وحتى التركية ففيها من الكلمات العربية  ليمكن واحد مثلي ان يعرف فحوى اشعارها. نينوس في شعره يضع اللغة الآشورية الحديثة في مصاف اللغات النقية، فأنا هنا اتحدى الذي لغته العربية ان يدرك معنى اي قصيدة يكتبها نينوس نيراري.

المقدمة التي كتبها نينوس لهذا الكتاب هي بمثابة مقدمة ابن خلدون لكتابه الموسوم " كتاب العبر"، والتي أصبحت فيما بعد كتاب بحد ذاته لتكون اساس علم الاجتماع. في المقدمة شرح نينوس كيف ولماذا هو شاعر طريد او شاعر منفي. من جملة ما كتبه في هذه المقدمة هو الآتي: " من اليوم الذي قبلني الأدب الآشوري ان اكون أديب حر في محيطه الواسع، بدأ قلمي يولد شعراً بعد شعر، اتحول من موت الى موت، من نار الى نار ، ومن فردوس الى فردوس، ومن عينيّ وطني الى عينيّ حبيبتى. صار ينمو حتى ادركت ان الشعر هو صليب عليّ ان أحمله على ظهري واتجه صوب الجلجلة."
وفي النهاية اختصر هذه المقدمة ببيت شعري مقفى، ونصه مترجماً:
في عينيّ تجد حلماً آشورياً وهو يكبر بعدة الوان أو أشكال
وفي عينيّ حبيبتى تجد هذا الحلم يرفرف كجناحي الحمام

ادباء وشعراء أبدوا رأيهم في شعر نينوس، كتابة بالسورث او العربية، وقد جاء ذلك بعد المقدمة المذكورة اعلاه. هؤلاء هم كل من المرحوم ايوان كَوركَيس، عبد الجبار الجبوري، أكَنس اسحق، مارينا بنجمين، ميخائيل مروكَل ممو، حنا شمعون، فهد اسحق، و شاكر سيفو .
جميعهم عبّروا عن اعجابهم بقابلية نينوس نيراري في كتابة الشعر.

حين استلمت الكتاب احترت من أين ابدي فيه فالترابط معدوم في كتاب يحوي قصائد، ولذا فتحت الكتاب قريب النصف وهناك في الصفحة رقم ١٥٢ واجهتني قصيدة حب بعنوان " لا تُصدقي"، كتبها نينوس في ٤ نيسان ١٩٨٣ وفيها يعبر عن لوعة مشاعره عبر الرباعيات لحبيبتة . احترت ايضاً اي بيت اترجم لكن هذا الذي وقع اختياري عليه - مع بعض التصرف- لأنه يعزز الوارد من مقدمة الكتاب اعلاه:
في عينيك أجد هذه التي هي روحي
قبلك، لم يكن لي لا اقنومي ولا كياني
بعدك، جمالك أصبح بيتي و بنياني
 دعينا انا وأحلامي أحياء في عينيكِ

رحت ابحث في الكتاب عن كنوزه فرأيته كله كنوز ثمينة، راقبت البنية الشعرية والتركيب فتأكد لي ان نينوس يفضل الرباعيات وذلك من اجل إيصال فكرته اما وزن السطر فهو يتجاوز العشرة هجاءآت وهو يلتزم القافية الأصيلة ليغلق بها السطر، وعلى عكس كتابته للشعر في العربية حيث يفضل الحر على المقفى الكلاسيكي. رأيت في هذا الكتاب اشعاراً على وزن ٤-٤-٤ ، وأخرى ٥-٥-٥ ، وكلها متقنة في الوزن والقافية، لكن الذي استغربته من نينوس انه كتب قصيدة عصماء عمودية ( استونا) في غاية الروعة من ٤٦ بيتاً وهذا ليس بالامر السهل في لغتنا الآشورية الحديثة بسبب النقص في مفرداتها، لكن عند نينوس ليس ثمة صعوبة في إيجاد ٤٦ كلمة نهايتها هي الريش / الراء.
كتب نينوس هذه القصيدة التي هي بعنوان " قورا تلقتا/ القبر المفقود"  في تكريت العراق ومن قرية العوجة( وللأسف اقول هنا السيئة الصيت) فهي التي أنجبت الطاغية العروبي صدام حسين الذي اليه يعزى الحضيض الذي وصل اليه العراق الحالي. في هذه القصيدة نينوس المغترب يفتش في خياله الواسع عن قبر صديق قتل في الحرب، لتأتيه المشورة من شخص طاعن في السن عاش الأحداث . في زمن غياب نينوس الذي هو زمن البعث، تحول الوطن الى مقابر جماعية، فعبث هي المحاولة لان العراق كله أصبح مقبرة وحتى الأحياء كانوا امواتاً فقد ماتت الرجولة عند كل الرجال الا عند الطاغية.  تنتهي القصيدة بطلب من الرجل المسن ان يضع محاوره الوردة التي يحملها على العراق كله لأن الوطن كله  مات في زمن الدكتاتور الذي عاث تدميراً وقتلاً في العراق كله من البصرة مروراً ببغداد الى نوهدرا كما ورد في احد اسطر هذه القصيدة الرائية.
يبدو لي ان نينوس كان له الفراغ الكافي ليحيك هذه القصة المعبرة ويأتي بكلمات القافية  الكافية.

قصيده اخرى وقعت عيني عليها وهي آخر العنقود وجاءت بعنوان " سبٍرا دبٍرديسا / عصفور الفردوس " وهي مرثاة لصديقه الشاعر الشريد نشأت يونان. بسبب جائحة كرونا لم يتسنى لنينوس ان يسمع القصيدة لجمهوره، وأنا بعد ان قرأتها بدا لي صدق وطيبة وانسانية نينوس . نشأت أصله من هكاري، نجت عائلته من مذابح بدرخان،  استقر الأمر بعائلة زيا يونان والد نشأت في باقوفا ثم كركوك، ونشأت الذي لم يكن يعرف من الآشورية لغه اجداده سوى بضع كلمات، استقر به الأمر في شيكاغو حاله حال الكثير من الذين ذاقوا ذرعاً من الطاغوت، وفي شيكاغو تعرف نشأت الشريد على نينوس الطريد وهنا بدأت قصة شاعرين من مدينة كركوك. الطريد علَّم الشريد من جديد لغة الآباء  من كثرة الاختلاط وهذا الأخير تعلمها بلكنة، لكن تعلم الشعر الصافي النقي من غير شوائب ليصبح شاعر شيكاغو العجيب ويغني من شعره أشهر مطربي شيكاغو ارقى الأغاني الآشورية ،منهم سركَون كبرئيل ، لندا جورج وأدور يوسف/ بيبا.
أربعين سنة استمرت صداقة نينوس مع الشريد نشأت الذي لم يكن له اهل وأقرباء في شيكاغو لكن نينوس تكفل به وأدخله بيته وجلب له الشهره ليصبح نشأت المحبوب الأول لجمهور شيكاغو في مهرجانات شعر عيد الحب " فالنتاين". وحتى بعد وفاة نشأت فإن نينوس أكمل مشوار الاعتناء بصديقه الحميم واستطاع بكل همة ان ينجز له حجر القبر وينال التكريم ليبقى خالداً في ذاكرة التاريخ ثم توج نينوس محبته بهذه القصيدة الرائعة.
أود أن اترجم بيت من هذه الرباعية الرائعة:

انقطعت سلسلة الأخوة المتحدة مع نشأت يونان
بعد اربعين سنة جميلة من صداقة زينت لنا زماننا
مدة اربعين سنة سوسنتنا  منفتحة، وزاهية مّحيانا
خبر رحيلك هزنا جميعاً وابطل مقدرة التفكير فينا

الأنسان يأتي الى هذه الدنيا فارغاً ويذهب فارغاً
دورك في حياتنا سنتذكره ولن يضيع ابداً
كيانك طيب، قلبك دوماً بحب الآخرين صادق
من الذي الى وجهك او الى صوتك لا يشتاق

بلا شك أن المصطلحات اللغوية لنينوس صعبة على غالبية القراء، لذا فإنه ترجم الكلمات الصعبة الى الأنكَليزية بدلاً من تفسيرها بالاشورية الحديثة كما في الكتب السابقة.
ملاحظة اخرى اود التوقف عليها لاقول ماذا لو ان نينوس يسجل قصائده على ذاكرة البيانات flash drive ، لتكون مسموعة في السيارة  او في اي مكان،  وفي نفس الوقت تساعد القارئ في لفظ الكلمات وتعلم اللغة الأدبية، كما ان المطربين والملحنين قد يستفادوا منها وبذلك يزداد رصيد نينوس نيراري الزاخر من كلمات الأغاني. مجرد اقتراح!!!
يبقى هنا ان أذكر إمكانية الحصول على الكتاب عن طريق:
          www.lulu.com

                   حنا شمعون / شيكاغو


6
رد على مقال الأستاذ نبيل دمان: "الأب العلامة البير ابونا في ذمة الخلود"
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1027579.0.html

اخي العزيز نبيل دمان،
شغفي بقُرانا لا يبلغه احد الا انت-- لكنَ  اريدك ان تصبر الى لكنْ قادمة -- وقد لمستُ ذلك حين تكتب في اي موضوع لك وان مرَّ عليك اسم قرية فلا بد ان تذكرها بالاجلال وكأنك تقول هذه واحدة من كنوزنا.
لكنْ يا عزيزي نبيل شغفي وشغفك بقُرانا ماهو الا قطرة في اناء ماء يروي الغليل وهذا الاناء قدمه لنا في زمن العطش الرهيب، القس الراهب العلّأمة البير ابونا.
أكثر من خمسين قرية بالأسم جاء ذكرها في سياق قصيدتي التي تحوي ٣٢ بيتاً رباعياً تحت عنوان "مثواثن/ قرانا" وجُل تواصيف وتاريخ هذه القرى جاءت من كتاب " الرؤساء" الذي ترجمه العلامة البير ابونا من السريانية و اللاتينية الى العربية.
اهمية هذا  الكتاب التاريخية لا تصل غايتها الًا بقراءة الحواشي التي توازي وزن وأهمية هذا الكتاب المدون بالسريانية في القرن التاسع الميلادي من قبل توما المركَي. و يندر أن تجد صفحة من الكتاب الا وفيها ما لا يقل عن حاشية من نتاج وعبقرية البير ابونا، ومعضمها عن قرى وجغرافية قرانا الشمالية.

الوارد اعلاه هو ضئيل نسبة الى مئات الكتب التي ألفها او ترجمها في شتى الصنوف منها التاريخ الكنسي، والروحيات والأدب السرياني. وعلى حد قولك ياعزيزي نبيل  ما من احد في العصر العراقي الحديث كتب بغزارة الذي كتبه هذا الجهبذ، وما من مكتبة سريانية خاصة او عامة تخلو من كتبه.

أخوة كثيرون في هذا الموقع الأغر كتبوا عن مشاعرهم لفقدان هكذا بارع ومنهم الأستاذ الجليل رشيد الخيون، وهنا الاسم يكفي ويستغني الولوج في التفاصيل. كما كتب هؤلاء الكتاب والمعلقين عن إنجازاته الأدبية.  الكتابة عن البير ابونا لا تفِ بها مئات المقالات. حين تكتب عنه لا تعرف كيف تنهي الكتابة لأنها  ذات شجون، لكن هنا اسمح لي عزيزي نبيل ان اتطرق عن اثنين فقط من إنجازاته وتأثير كتاباته.

في المقدمة التي كتبها عن كتاب الرؤساء  والمكونة من ١٢ صفحة يلمس القاريء الذكي دقة التحليل والاستنتاج لديه ، معتمداً على مصادر اخرى لا يعرفها إلا المختصون، مغترفاً منها. والمقدمة هذه تثبت بشكل قاطع  نزاهة هذا الكاتب في نقل وقائع التاريخ كما هي من غير تحيز لدينه، مذهبة او طائفته.
النقطة الثانية علينا ان نتذكرها  ليبقى خالداً في التاريخ ان هذا المؤرخ المتواضع عدا عن استفادة القراء من كتاباته، له تلاميذ تعلموا منه وأفادونا ، هنا اذكر اثنين في هذا الموقع الأغر وهم كل من الشماس سامي ديشو الذي الف كتاب ثمين في قواعد اللغة الأرامية، وكذلك التلميذ الآخر وهو الشماس الأديب شمعون كوسا الذي يعزي مقدرته الكتابية باللغتين العربية والسريانية الى استاذه المرحوم البير ابونا.

عزيزي نبيل كانت نيتي ان اكتب رداً مقتضباً على مقالتك القيمة ، لكن كما ترى وما ذكرت اعلاه انه في ذكر مناقب البير ابونا نحتاج إلى صفحات وصفحات وبسهوله تصبح مقال آخر ، والخاتمة تكون جبرية على الكاتب.
نسأل الرب القدوس اسمه ان يقبله في الملكوت السماوي مع الأبرار والقديسين، وفي عالمنا هذا سيظل خالداً في ذهن الأجيال القادمة، وكتبه ستكون مصدراً لا يستغنى عنه في كتابة التاريخ السرياني.
               حنا شمعون / شيكاغو

7
ليلى.. والبقية تأتي، قصائد حب للشاعر جان يلدا خوشابا

عودنا الزميل جان يلدا ان يتحفنا في عنكاوا.كوم بقصائده التي لمسنا من بعضها احاسيس الحب ومن البعض الآخر الشعور الإنساني الفياض للأحداث وخواطر ذكريات عن الوطن -- بغداد بالذات. القصائد هذه كانت دوماً تنال إعجابي ومن غير شك وإعجاب الكثيرين. وصراحة اني كنت أظن أن هذه القصائد هي شذرات هاوي في كتابة الشعر، وربما لإنها كانت في سياق القراءة السريعة وكثيرا ما علقت عليها بالإيجاب والتثمين.
ومؤخراً وصلني كتابه الأنيق في غلافه " ليلى.. والبقية تأتي " ويضم القصائد العاطفية التي تحلق بالقارئ في الأعالي لأدراك سمو الحب وتغوص به ايضاً في الأعماق لنكتشف غريزة الحب التي لا يمكن تفسيرها سوى انها مقرونة بسر وديمومة الحياة على كرتنا الأرضية.

مشاعر غامرة استشعرنا بها جاني وأعادت لنا ذكريات الشباب حين كان الحب بحلوه ومرّه هو البذرة وتكبر فينا كي تغدو عائلة التي هي عماد المجتمع. العجيب في قصائد الحب التي اوردها جان في هذا الكتاب انه لا يتعب من البوح عن احاسيسه العاطفية في كافة الظروف والتقلبات ولذا نراه مستمراً في بَوحه لينهي كل قصيدة بعبارة "والبقية تأتي"

جان لا يكتب شعره عمودياً، لكن تبقى القافية عنده الوتد الذي يدقه في متن القصيدة حسب الضرورة الموسيقية وفي امكنة مختلفة متقاربة او متباعدة كي يربط افكاره بحرية على الطريقة القبّانية. وهنا نقول ان كان ثمة تشابه مع بنية القصيدة القبّانية تبقى الأحاسيس خاصة بصاحبها والتجربة هي تجربة شاعرها، وعبر التمعن في قصائد الكتاب يكون الاستنتاج ان كاتب هذه القصائد يذكرنا بشاعر الحب نزار قباني، لكنه هو شخص آخر. هنا يكمن الأبداع حين لا تستنسخ الفكرة، بل تأتي بتلك المُستشعرة من كيانك وجوانحك وكأنك قباني يكتب قصيدة جديدة. هكذا شعرتُ وانا اقرأ واستمتع بقراءة قصائد شاعرنا جان يلدا خوشابا.
 
الأستاذ يلدا قلا الخبير في الأدب العربي والمعروف لدى المعنيين-- ومنهم أنا-- كتب مقدمة الكتاب وأثنى على الكتاب وعلى أداء تلميذه الشاعر جان يلدا، وهو بهذا انما عاضد الحقيقة وأحسن في الإفصاح عنها.
أملي ان يستمر جان في كتابة الشعر ويتحفنا مستقبلاً عن حسه واحساسه ومن مدرسة حياته ضمن كتاب آخر لقصائده الوطنية والبغدادية، فقد عاش طفولته وشبابه في بغداد الشعراء مع الناس الطيبين الذين يزخر بهم عراق النهرين، وفي هذا الصدد قرأنا له القليل من الخواطر والأشعار ومؤكد أن له اكثر كشاهد عيان للمآسي التي عاناها الشعب العراقي خلال الحروب التي مرّ بها الوطن.
             
                                                            حنا شمعون / شيكاغو 

8
والابداع مستمر، آشور بت سركيس يصدر "طربٍا"

آخر إصدار لفنان الأمة، اشور بت سركيس، جاء يحمل عنوان طربٍا اي الورقة وهو عنوان احدى اغاني هذا الألبوم القرصي الذي جاء مع كُتيب صغير مدون فيه كل أغاني الالبوم المكتوبة بقلم آشور الشاعر، وهي ثمانية ملاحم. اقول ملاحم (وهو تعبير استخدمته لأغاني دشتا دنينوي) لأنها هكذا في الموسيقى والكلمات وان كنت لا اعرف تفاصيل الموسيقى بدقة، لكني اعرف تفاصيل الشعر: كلماته، وزنه، وفحواه. الشعر هو بحد ذاته موسيقى ولذا فان الشعر الذي يكتبه آشور هو وفق الموسيقى اي انه خاص للغناء. انه اختصاص يتقنه آشور بحرفية، وانا من كل الذي قرأته واعرفه ليس هناك فنان آخر يكتب كل كلمات أغانيه. بصراحة لا أفضل ان ينحى هذا المنحنى المغنون الآشوريون، لكن بالنسبة إلى آشور فإني أكاد بالمطلق أريده وادعوه ان يستمر على المنوال لأنه مؤهل لذلك في الخيال الواسع الذي يغوص فيه وفي الذي يمتلكه من مفردات القاموس اللغوي وما يسعى اليه في اختيار الوزن الدقيق المشفوع بالقافية التي تتوج الوزن.

في هذا الألبوم كما في دشتا دنينوي يبرهن آشور انه مازال رابضاً في قمة العطاء والأداء. وفي أغنية طربٍا يسرح آشور بصوته الرخيم وضربات كَيتاره البنفسجي في أعماق تاريخ آشور وعبر ورقة سقطت من شجرتها على الأرض يسرد لنا تاريخ الأمة. عشرات المرات وأكثر سمعتها ولم اتعب من سماعها، لماذا؟ لأنها قمة في الموسيقى والأداء والكلمات.  ما من كلمة نطقها اشور الا وصاحبتها الموسيقى كما يصاحب الظل الشخص في يوم مشمس. الأبداع في انتاج الأغنية هذه وأخرى يأتي جراء الدور الذي لعبه فنان الأمة مع كل من آشور (ايشو) بندليروس ونينف ارسانوس المسؤولين على التسجيل واضافة الموسيقى لترتيب مطابقة نطق الكلمات مع الموسيقى بدقة تامة (مخ قطوا).

ماذا أقول عن قصة الورقة الساقطة من الشجرة، انها قصة سقوط واحدة من أعظم الامبراطوريات في تاريخ العالم، وتشهد بذلك الألواح وجنان نينوى وموطن بيت نهرين وهذه ليست مصطلحات من عندي، بل مصطلحات وردت ضمن كلمات الأغنية. اشور بت سركيس هنا يمزج تاريخ آشور مع حالة سقوط الورقة التي كانت في عزها فَرِحة مع الأغصان والجذر الذي يسند غصنها، لحين سقطت وصارت الحشرات الزاحفة تعظ فيها وتأكل من جلدها. أليست حالنا الآن هكذا ايها القارئ العزيز. الم يصل الشعب الآشوري الى هذا المآل حين احتلت الحشرة داعش مدينة الموصل لتعبث بآثار المدينة والمدنية.
يختم آشور هذه الملحمة عن سقوط ورقة كانت مخضرة وزاهية لتناجي ربها في الأعالي ومن على الأرض وهي بعيدة عن الملكوت التي سقطت منها الّا هي الشجرة التي تمثل الموطن وهو "بيت نهرين ايلا موطاني" آخر جملة في هذه الأغنية الرائعة بكل معنى الكلمة، وبعدها يبدأ  الفايلين في بث موسيقى الفراق الحزينة.
ثمان وعشرون سطراً، كل يحمل حكاية خاصة، ضَمَّنها آشور في كلمات هذه الأغنية. وهذا لم يحصل في سنة أو سنتين، بل قل خمسة عشر سنة وأكثر حين اسمعني آشور هذه الكلمات وكان يعيش في بيت مؤجر ومتواضع في شيكاغو وزرته واسمعني مقاطع منها وشرح لي مغزاها وطلب رأيي فيها.
الأغنية عند آشور هي مشروع ضخم ولذا فإنه يخطط له على مهله. ولا يستعجل لأنه يعرف ان " اغنية جيدة خير من عشرة رديئة." كما اوردنا سابقاً، وهو قول معلمه وليم دانييل.
طربٍا تستحق التأمل في معناها وان كان صعباً علينا تفسير كل معانيها لان آشور حين يكتب لا يكتب السهل الذي يستوعبه المستمع لكنه يكتب الذي هو فيه مقتنع. فهو يخطط ويتخيل ويصبر ثم يغني...

براتا دخولماني / فتاة أحلامي هي اغنية عاطفية بإيقاع سريع، ولذا فهي سماعية وطربية، وتصلح او بالأحرى تدعوكم الى ترديد الكلمات مع آشور حين تستمع اليها منفرداً وخاصة ان كان ذلك في السيارة وللذين لهم المعرفة بالموسيقى تتحول معرفتهم الى الضرب على المقود او اي مسطح قريب بالكف او الأصابع لأن النغمة مؤثرة والكلمات قوية فهي كلمات حب من الدرجة الاولى فيها الوصف وفيها التشبيه. الحب في الوصف عند آشور ان كان بالعدد فهو كنجوم السماء لا يحصى، وان كان بالكَم فهو أكبر من البحار كلها. اما في التشبيه فهو كالسمكة التي بمهارة تسبح في الماء او كالحمامة التي انسيابياً وعالياً تطير في الهواء.
لا أحد يكتب كلمات الحب مثل آشور، ليس الآن لكن من زمن بعيد. انا لا أستطيع ان اجاريه فيما يتخيل ويتصور. هل تذكرون اغنيته حين يقول انا لست من هذا الكون. فحقاً كلماته هي من على مشارف نهاية هذا الكون. لا قياس لحبه ولا حدود، وهذا ليس عشقه فقط بل عشاق الدنيا كلها من اي دولة أو بشرة يكونون. فحتى وجه الحبيبة هو كالنجم. انه يسرح بالعشق في أعماق هذا الكون. 
يا من جربتم العشق أسألكم هل رأيتم أفضل من هذا المترجم: 
عيوني غدت أسيرة طرقاتها      وهي [عيوني] تعيش بأمل عيونها
لا حاجة ان أفسر القول، فأنتم تعرفون المقصود، وكفى.

الحب ليس دوماً مفروشاً بالورود والذي يسلك سبيله لا بد أن يعاني ويضحي وعوائقه احياناً صادمة. الأغنية التالية تتناول هذا الموضوع وهي بعنوان ماني بيي خوبا/ من يريد حباً. في الأغنية السابقة لم يكن للحب حدود وهنا نرى هناك من يريد ان يتخلى عن الحب وينادي على الجدد الواقعين بالحب (خاثي نبٍيلي بخبا) ان يعطيهم الحب مجاناً.
الذي حيرني في كلمات هذه الأغنية ان آشور حسب فهمي يكتبها بالطريقة العراقية الجنوبية. الجنوبيون يستعملون كلمة "يما" العراقية الأصيلة بدلاً من امي العربية وذلك لأجل النجدة من عذاب الحب. مرة أخرى حسب رأي ارى ان آشور يستعمل هذه الكلمة وهو محق في استعمالها فهي من صميم لغته الآشورية. الذي دعاني الى هذا التفسير هو استعماله لكلمة "هاور" التي هي صراخ النجدة. وكلمة زًاري التي هي تعبير عن الأسف الشديد. واظن ان الكلمات الثلاث: هاور، زًاري، يمّا هي قديمة قدم حضارة بيث نهرين.
كلمات هذه الأغنية ليست وفق اي قاعدة شعرية بل وفق موسيقة مختارة ، انا اظن هنا ان  آشور استوحى الموسيقى الإيقاعية اولاً ثم جاء بالكلمات ورتبها على ايقاع الموسيقى.

 الأغنية التالية "دوراشا" التي ليس لها ترجمة حرفية الى العربية فهي المناظرة وهي الجدال وهي الخصام وربما ان مزجنا الترجمات الثلاث علنا نصل الى بعض الحقيقة.  إني أقف امام هذه الأغنية حائراً وذلك لحبكة كلماتها وسحر موسيقاها، لا بل قل سحر موسيقاها. بصراحة أنى لست مؤهلاً لإدراك معانيها القوية المحبوكة كالنقش الجميل على حجر مسلة من زمن الآشوريين القدماء أقف أمامها مبهوراً ولو اجتمع كل ادباء الدنيا ليفكوا رموزها، ما أفلحوا.
اما الصورة في الكتيب المرفق مع الألبوم فهي تصور بعض الذي جرى في هذا الجدال الذي هو من طرف واحد لأن الطرف الثاني كرسيه فارغ.
 تذكرني هذه الأغنية بأخرى شبيهة جاءت في دشتا دنينوى وكانت بعنوان “لا لاخا ايتوا" اي لم يكن هناك أحد، المرتبطة بأخرى اسمها بوخا دستوا. هكذا سيظل اشور يقدم لنا العشق من الجانب الذي يثير المشاعر وهذا هو ديدن العشق دوماً، فإن كان بلا مصاعب فهو امر نادر الحصول.
هذه اغنية بكلمات وعبارات تقفز الى مخيلة آشور فقد لا تكون السطور مرتبطة لكن بالتأكيد متانة القافية هي التي تربط كل فكرتين وتشدهما الى بعضهما.
Q'ali  eelih  shtiq'a    Sawri eelih priq'a
ثم يقول:
Dorasha d layleh q'at'ileh  q'a bina d yoma
Alpaayee  d shitq'eh khniq'lon zemri  lakhoma

[q' = ق; t' = ط]

وعذراً ني استعملت الحرف اللاتيني، فحالياً لا أمتلك الحرف السرياني لأكتب به. وفضلتُه على العربي بسبب التحريك.
القافية الاولى جاءت في السطر الواحد وفي المثل الثاني جاءت لتختتم سطرين.
وكل هذا من اجل ربط الكلمات ببعضها إيصال الفكرة مع توافق الموسيقى.
القافية عند آشور غالباً لا تكون عامودية تأتي في نهاية السطر، بل يمكن ان نراها في السطر الواحد وحتى في كلمتين، وكل هذا لأجل الموسيقى الشعرية التي تحبذ الأذن سماعها، ولأجل الذوق الجميل التي يرتاح لها الذهن عذوبة ًوسمواً.
كما ان آشور دوماُ يكثر من المرادفات او المضادات في السطر الواحد وفي هذه الأغنية يذكر: يوما ليلي، شميا ياما، دوراشا شتقا، قيطا ستوا، لخا مخا، كثاوا شيابٍا.
وكل هذا من اجل الجمالية اولاً ومن اجل تسهيل إيصال الفكرة الى المستمع. اشور يحب الابتكار والجديد، والكلاسيكية ليست من اختصاصه لأنها مملة.

كَيرا (السهم) اغنية حب على عكس دوراشا، فهي كلها كلمات رضا ومودة رقيقة للحبيبة والسهم المنوه عنه هنا هو ذلك الرابط النابع من شريان الحبيبة التي تريد أن توصل حبها الى الحبيب والأخير بكل جوانحه يقبل ذلك ويشكر الباري تعالى على كل الذي حققه له، إذ زرع ضوء من عين الحبيبة في عينه.
واحد من سطور هذه القصيدة تقول ترجمته:
مثل وليد خُلِقَ في الدنيا       هكذا خَلقتَ الدنيا في روحي
 تختم القصيدة الثابتة في الوزن وموقع القافية القافلة لتقول ان قلبه مليء من حبها وسهمها المرسل من شريانها سوف يحفظه ملصقاً على قلبه. يا لها من رومانسية خارقة.
الأغنية تصلح للمحبين المقبلين على الزواج وهي خير اغنية ليرقص على أنغامها العروسة والعريس فكلها حب وود وتفاهم وتحقيق الأمل.

نشرا د تخوما كتبها فريدون اتورايا ولا اعرف من هو ملحنها، وهي حقاً تبعث الشعور القومي في البدن كالنار في الهشيم اليابس، حين السماع اليها. غناها كثيرون ويجب أن يغنيها كل مطرب آشوري. على مطربينا ان يتباروا في غناها مثلما يفعل اصحاب الصوت الجميل في انشاد "امرلي عيتا" لأثبات قوة أصواتهم.
آشور غناها بقوة ووضوح بحيث تلتقط كل كلمة ولا استبعد انه أبدل او قدم او أخر بعض الكلمات ليستقيم اللحن.
 وحق الحق إني لا أشبع من سماع هذه الأغنية بأداء آشور الرائع. انها ترجعك الى مائة عام لتشعر مشاعر الخالد فريدون اتورايا وهو يكتبها لتبقى الشعلة وقادة بأيادي القوميين الآشوريين تنير الدرب للسائرين على منهجه. بالمناسبة فإن كلمات الأغنية توحي الى ان المناضل فريدون اتورايا كان يسعى للشهادة ويضحي بنفسه لأجل ان تكون نينوى قبلة الآشوريين المعاصرين، وهذا الذي حصل فعلاً.
لم اكن اريد لأنهي سماعي لهذه الأغنية التي تلهب احاسيسي القومية، لكن كان علي الاستمرار في تكملة هذا التقرير للاستماع الى اغنية اخرى ولذا انتقلت الى اغنية "قريبايا" اي الغريب وفي هذه الأغنية يبدو لي ان آشور يستعمل كلمات من غير لهجته الاورمية، فهو استعمل كلمات أكثر تداولاً في دشتا دنينوي مثل قريبايا، زالي، مآها، مخ، شمّالا، برييا.
كما رأيته يتنازل عن الكَيتار-- حسب سماعي -- وعوضاً نه يوظف الفايولين الذي يعزف الحنين احياناً في هدوء وأحياناً في ايقاع سريع، كأنه يستعجل في الرجوع الى نينوى الحبيبة، لكن طريق نينوى مسدود فيرجع قافلاً الى غربته ليقول:
Orkha D Ninwi lilah ptakha
Ganta dwerta q'a malakha
اي تشبيه رائع هنا ل جنة هي موطن الملائكة ونينوى العظيمة التي هي الموطن الأصلي ل آشور، فكيف يكون ان تحرم الملائكة من موطنها الوحيد ويحرم آشور بيث سركيس من نينوى موطنه الفريد من نوعه، ليبقى غريباً، يجف نهره رويداً رويداً ويتحول الى صحراء جرداء!!

ماثينه/ قريتنا تأتي هنا لتتوج اغاني هذا الألبوم الرائع، اغنية تذكرنا بالربيع والجمال والبهجة عبر كلماتها وموسيقاها. قرية آشور هي نموذجية فهي القوش وهي منكَيشي وهي ارادن وهي ايني دنوني، وكل قرانا. سطوح منازل القرية تربط الأرض بالسماء حتى تحسب ان النجوم تكاد تحط على هذه السطوح. نهر صغير قرب القرية يجري والناس تحتفل بشاري (تذكار) القديسين فرحين جذلين. انه عرس الطبيعة وفتيات جميلات يرقصن في هذا العرس ليتحول إلى عرس حقيقي كما يغنيها آشور [للأسف في تدوين القصيدة في الكتيب غاب هذا البيت] لان احداهن أسقطت صاحب الأغنية في شباكها فكانت الطليبوثا بوساطة وجهاء القرية وكانت الموافقة ليحل العرس في هذه القرية النموذجية ويكون الخكَا لنسمع صوت كورس المنشدات يغنين الردة او قل راقصات في الخكَا السريع احياناً والثقيل احياناً اخرى بملابسهن الفلكلورية ويرافقهن أصوات الدولا والزورنا.  حسب احساسي فإن الخكا هنا يمكن أن يكون شيخاني دطورا او خكَا يقورا يبرز مفاتن الراقصات بالذات. هذه الأغنية حقاً تجسد الربيع في قرانا، ولذا فإني لا أشبع من سماعها مراراً وتكراراً.

في الختام لا بد أن اقول هذا الألبوم كبقية البومات آشور بت سركيس يعبر عن مشاعري واحاسيسي ولا امُلّ من الاستماع اليها جميعاً، واعترف هنا اني نشأت احب الأغاني الفولكلورية: الكردية (تحسين طه) والسورث (ألبرت روئيل) وكذلك العراقية ( حسين نعمة، سعدون جابر)، لحين سمعت و تمعنت في اغاني آشور بت سركيس فأصبحت مغرماً بها أكثر من غيرها بسبب قوة كلماتها ورقي موسيقاها، إضافة الى صوت آشور المشحون بالأحساس والرقة، والذي زادني حباً لها هو شخصية آشور المحبوبة ليصبح ليس فقط فناناً احب سماع أغانيه بل فنانا اكن له كل الاحترام بسبب مواقفه القومية الصادقة والمضحية، وهذا الذي يشدني الى اغانيه أكثر وأكثر.
يسرني هنا ان ارفق الرابط لمقالتي عن البوم دشتا دنينوي، وقد اخذ مكاناً في الملف الشخصي عن اشور بت سركيس في صفحة الويكيبيديا.

https://web.archive.org/web/20120310221803/http://khabour.com/ara/index.php?option=com_content&task=view&id=1061

 
                                                     
                                                                حنا شمعون/ شيكاغو 



9
ذكريات نهاية شباط..هاتي هاتي

كنت صغيراً بعمر الورود التي تعيش فصلاً واحداً، ما قبله فصل وما بعده آخر. هكذا كان الشتاء عندي لعام ١٩٦١ في منكَيشي فصل واحد لا أكثر فقد كان عليَّ بعد ذلك ان أغادر القرية ولا اعاود الكرّة لشباط آخر كي تحفظه ذاكرتي.
كان بيتنا الطيني في القرية يقع ضمن آخر البيوت من ناحية الشمال المطلة على هضبة كنا نسميها "زوري".  كان للبيت كوة واسعة نرى منها الهضبة وكان المرحوم والدي يجدل لهذه الكوة ستارة ثخينة من الأعشاب والقصب على قدر حجمها لتُقينا من برد رياح الشمال في الشتاء القارس.
لكن والدي في آخر يوم من شهر شباط كان قصدا يرفع تلك الستارة لتستمتع العائلة ليلاً بمشهد حيّ لشباب القرية وهم يمارسون عادة تراثية قديمة قدم قريتي.
في تلك الليلة كان المحتفون يحومون حول النار ويسحبون العصيّ من كومته ثم يطفؤونها في بعض الماء الراكد من ذوبان الثلج او المطر المتساقط لتعطي دخاناً وهم يرددون اهزوجة بمزيج من الكردية والسورث تقول " هاتي هاتي دِدّونا بقونا شاطي" والتي تعني حسب معرفتي بالكردية: جئت جئت والعصا المدخنة تدخل مؤخرة شباط.
حسب رأينا هنا المجيء هو لشهرآذار. هكذا كانوا يلعنون بالشتائم الشتاء وآخر فلوله الذي هو شهر شباط.
شباط هو الشهر المضحي والضحية الذي يقول فيه مثل السورث: " اِشوَط شيطا ليمّح ليطا"، والذي هو لعنة اخرى له من امه (التي هي السنة) مما سَبَبَ في قِصَرِه: ٢٨ يوم، وفي السنة الكبيسة ٢٩ يوم فقط.

الممارسة التراثية كانت تقتضي ان يصعد صبية القرية في أول النهار الى رابية "بانا" دبروجٍك  هي ضمن هضبة زوري التي كان تشرف على معظم القرى في المنطقة، وهناك يجمعون الحطب و جذوع الشجر "القورمي" وبإشراف الكبار كانت اللمّات تجمع في عدة أكوام . اتذكر مساهمتي الأولى والأخيرة مع اقراني في هذا الاحتفال. قبل قدوم الليل رجعنا نحن الصغار الى بيوتاتنا وبأمر من الكبار، اما هم فبقوا هناك حتى يسدل الليل ستاره فيبدأوا الاحتفال.
رجعت انا الى البيت لمراقبة المشهد الجاري على الرابية من كوة دارنا التي رفعت الستارة عنها في ذلك اليوم. استمر المشهد التمثيلي الحي لفترة تقارب الساعة او أكثر حتى انطفأت النار وخمدت، ثم سمعتُ الشباب وهم ينزلون من الرابية فرحين جذلين كي يتفرقوا الى بيوتاتهم في كافة انحاء القرية.

علمت حينذاك او فيما بعد ان الشباب في هذا الاحتفال كانوا يلعنون الشتاء وأهواله بأبغض اللعنات، يطفئون نار العصيّ التي بأياديهم في ماء راكد، وكأنهم مجازياً يطفئونها في مؤخرة شهر شباط اي في نهايته. وعندما كانت السنة كبيسة اي يطول في فيها شهر شباط بيوم واحد ويحدث هذا في كل أربع سنين، فإن اللعنة كانت تزداد في الشدة والغضب.
في حينها لم ادرك معنى هذا الأحتفال الذي احتفظ بذكراه التصويرية في مخيلتي، لكن بعد ان كبرت وقرأت مرة مقالة في مجلة المثقف الآثوري عن هذا الاحتفال الشائع في كردستان الضامنة لقرى السورايي الجبليين في هكاري وشمال العراق، فإني الآن ادرك المغزى من هذا الاحتفال التراثي لهذه المنطقة التي منكَيشي تقع ضمنها. جذور الاحتفال قديمة جداً وتعود الى عصور غابرة، واختيار المرتفع لشعل النار بلا شك هو اعلامي غايته إرسال رسالة الى جميع الفلاحين وحثهم للخروج من السبات الشتوي لبدأ الموسم الزراعي الجديد.

شهر شباط هو آخر شهور الشتاء الذي كان فيه الفلاح لا ينتج وحتى الأرض ما كانت تقبل الحرث والزرع.  لذا في آخر يوم من شهر شباط كانت بشارة للفلاح من قبل الشباب فيشعلون النار على رابية ايذاناً بانتهاء الشتاء. النار المشتعلة كان يحتفى بها لأنها تطرد البرد، فهي رمز ضد البرد الذي كان السبب في سبات الفلاح واعتكافه في البيت. 
اليوم التالي كان الأول من آذار الذي هو الأيذان بقدوم الربيع واعتدال الجو لتبدأ الحياة دورتها في النشاط والحراثة والزرع والمحصول الوافر.

هذه أيام مضت ولم تعد هذه العادة التراثية موجودة لكن رأينا ان التذكير بها امر ضروري وهام، ولعلها تعود ويحتفل بها اهل منكَيشي والقرى الجبلية الأخرى لأحياء التراث الشعبي الموغل في التاريخ.

                                       حنا شمعون / شيكاغو


10
كتاب "قواعد اللغة الارامية"

الكتاب هو باللغة الآرامية ومن تأليف الشماس سامي يعقوب ديشو المعروف جيداً بعلمه وعلومه وخاصة في حقل اللغة الأرامية وتاريخ وطقس كنيسة المشرق، وقد لمسنا حقاً منه الأبداع في غاليتنا عنكاوا كوم. فكلما احتدم النقاش حول امر يتعلق بهذا الحقل ينبري سام ديشو ٍSam Desho لحل الأشكال بمعلوماته الموثوقة. معلوماته وحبه في مجال اللغة الآرامية والطقس الكنسي-- محتوى وألحان-- نمت معه منذ أن كان صبياً في كنيسة مار كَوركَيس الشهيد في قريته منكَيشي. ومن ثم في معهد مار يوحنا الحبيب للآباء الدومنيكان، اول وآخر معقل لتعلم الأرامية باشراف المختصين ومنهم الأب البير ابونا العلامة الغني عن التعريف. 

سامي نال شهادة البكالوريوس في الهندسة الكيميائية من كلية الهندسة /جامعة بغداد ثم في نفس الاختصاص حصل على الماجستير من جامعة سدني، لكن شغفه باللغة الارامية لم يتوقف بل ازداد، ولذا في مدينة سدني التي هاجر اليها بجانب كونه شماساً انجيلياً، عرفناه مدرساً للغة الآرامية/ السريانية لما يقارب الثلاث سنين في كلية مار نرساي التابعة لكنيسة المشرق الآشورية في سدني، وكذلك مدرساً دائمياً للغة الكلدانية والالحان الطقسية في كاتدرائية مار توما الكلدانية ، في هذه المدينة ايضاً.

الكتاب بلا شك نادر من نوعه ولذا فان قيمته ثمينة وخاصة في هذا العصر حيث القلة القليلة لهم المعرفة التامة باللغة الأرامية التي بلا شك هي واحدة من اقدم اللغات التي مازالت حية و نشطة في كنيسة المشرق على مختلف الطوائف التي تتبعها ونذكر منها الكلدانية والاثورية والسريانية وحتى المارونية.
الارامية كذلك هي حاضنة لغة السورث التي تتكلم بها الاثنيات او القوميات التي ولدت من رحم بلاد ما بين النهرين.
هذا اضافة الى ان هذه هي اللغة التي تكلم بها السيد المسيح لانها كانت السائدة في ذلك الزمن، ونضيف لنقول ان هذه اللغة سبقت العربية شقيقتها الصغرى التي ولدت فيما بعد وازدهرت نطقاً وشعراً قبل مجي الاسلام ثم تطورت وازدهرت أكثر بعد الاسلام كتابةً وقواعداً لتصل ما آلت اليه اليوم من انتشار واسع. وهنا لا بد أن نذكر ان العربية بدايةً كانت تكتب بالابجدية الارامية ولحد الآن نسمع ترتيل هذه الأبجدية كأنها الارامية بالذات. واكثر من هذا فان الكلمات الارامية في اللغة العربية الفصحى والمحكية هي كثيرة جداً وخاصة تلك التي وردت في القرآن الكريم منها؛ القرآن، الفرقان، الصراط، العالمين، الحواريون، جبروت، جنة، سبط، ابراهيم، اسماعيل،  وغيرها كثيرة. وكل هذه الكلمات تخضع في تصريفها الى الأرامية وفق قواعد يتناولها هذا الكتاب الثمين الذي هو باكورة اعمال رابي سامي يعقوب ديشو.

وتأتي اهمية الكتاب ايضاً اذا علمنا ان الارامية بعد انتشار المسيحية عرفت غالباً بالسريانية خاصة في عهد الخلفاء العباسيين، والسريانية هذه كانت منتشرة في اورهاي (اورفا) وغدت لغة طقس كنائس المشرق، وبرز فيها عدة ادباء مرموقين منهم مار افرام ، نرساي، وعبد ايشوع الصوباي، وغيرهم كثيرين.
وتغلب التسمية الكلدانية على السريانية لدى اتباع الكنيسة الكلدانية وقد سرى هذا الأمر منذ ما يقارب الخمسة قرون من الزمان ولغاية اليوم.
السريانية حالياً تُدرس في بعض المدارس الرسمية في العراق وفي بعض الجامعات والكثير من الكنائس المشرقية الموزعة في الشرق الاوسط، الهند، اوربا ، امريكا الشمالية وأستراليا.
 
صدر الكتاب الذي نحن بصدده الصيف الماضي في سدني، استراليا وهو يقع في ٢٥٠ صفحة بحجم اكبر بقليل من ١١ انج × ٨ انج الملائم لترتيب الجداول التي يزخر بها الكتاب ، وكذا ايضاً ان لغته هي الآرامية وجاءت بالاسود والعناوين الرئيسية والمهمة بالأحمر، وقد اعتمد المؤلف الكتب التي سبقته والمنشورة قبل ما يقارب القرن من الزمان،  ومنها كتاب اوجين منّا وكتاب فيلبس الراهب  واقليمس يوسف داؤد لكن سامي اعتمد بدرجة أساسية على كتاب قواعد اللغة الأرامية للعلامة البير ابونا الذي اتى بالعربية وادخل مفاهيم جديدة في قواعد اللغة الآرامية واحكامها كما ان كتاب البير ابونا اتى على غرار كتب قواعد اللغة العربية الحديثة في النحو والتركيب عكس الكتب التي ورد مؤلفيها أعلاه. 
الى كل هذا أضاف سامي في كتابه ما هو مستحق، واجزَّل في ذكر المفردات ليصبح الكتاب شبه قاموس يحوي بالآرامية غالبية الأفعال والأسماء وملحقاتها من حروف الجر والضمائر وظروف الزمان والمكان.

المؤلف يأمل ان يسد الكتاب فراغاً اتسع بمرور الزمن وما عاد التغاضي عنه محتملاً لان هذه اللغة بأقدميتها واهميتها لا بد أن تُبَث الحياة فيها من جديد ليس فقط لاستعمالاتها الكثيرة كما ذكرنا لكن ايضاً حفاظاً على التراث النهريني والعالمي لهذه اللغة العريقة التي نطق بها السيد المسيح وحواريه من الرسل المبجلين.

البريد الإلكتروني للمؤلف :
samdesho@hotmail.com


   
 
 
                                                          حنا شمعون / شيكاغو






11
نينوس نيراري يصدر كتابه الثالث بعنوان قيثارة الليل
صدر مؤخراً الكتاب الثالث للشاعر نينوس نيراري بعنوان " قيثارا دليلي " / قيثارة الليل وذلك باللغة الآشورية الحديثة او السورث الأدبية. وبهذه المناسبة أقيمت احتفالية خاصة في بيت مؤسسة الثقافة الآشورية وحضرها جمع غفير من محبي شعر نينوس نيراري الذي له سجل حافل في كتابة الشعر القومي والعاطفي.
في هذه الأمسية  التي سبقت عيد الحب " فالنتاين" ببضعة أيام، ألقيت بعض من القصائد من الكتاب وذلك من قبل عريقة الحفل الآنسة رنا بوتاني وكذلك غنى الفنان ادمون إبراهيمي مع فرقته الموسيقية بعضاً من هذه القصائد. كما تحدث السيد تغلات ايسابي مدير المؤسسة شاكراً نينوس نيراري على كونه عضو فعال في المؤسسة ويدير مكتبتها التي هي باسم آشور بانيبال وفي نفس الوقت على اصدار كتابه الأخير. 
الآنسة روبينا عبدو ايضاً قرأت احدى القصائد، وهذه الأسماء النسوية  تدل انه رغم ظروفنا السياسية القاسية فإن الآنسات الآشوريات الذين نشأوا في الغربة هن قداوتنا لتعلم قراءة لغتنا القومية. ونينوس مؤلف الكتاب كان له مسك الختام ليتكلم عن كتابه الثالث ويقرأ بضع من القصائد التي احتواها الكتاب.



             
                 الصور أعلاه من اليمين الى اليسار: رنا بوتاني، تغلات ايسابي، روبينا عبدو، أكَنس اسحق، ونينوس نيراري
كما شاركت في الاحتفال من خلال فديو كليب مسجل من نيوزلندا الآنسة أكنس اسحق بكلمة امتنان وتقدير للشاعر نينوس نيراري وعبرت فيها عن غبطتها لكون الغلاف بريشتها. الكتاب يقع في 185 صفحة من الحجم الكبير، ومجموع القصائد هو 65 قصيدة غالبيتها من طراز الرباعيات.
نينوس في كتابة الشعر القومي او العاطفي هو غني عن التعريف وله في هذا المضمار أكثر من خمسين قصيدة مغناة من قبل 35 مغنياً. بخصوص كتاباته العاطفية ونثرياته النقدية باللغة العربية سبق لي ان وصفته انه " قباني ثاني “، والباحث في هذه الكتابات يجد كثير من المشتركات. التشابه هذا ينجلي في الاسلوب والشفافية والشجاعة في تناول الموضوع الأدبي، بحيث تغدوا الكتابة عندهما ليست معبرة عن مشاعر ذاتية خاصة بل هي تعبير ثوري لتغيير التقاليد البالية التي لا تتماشى مع روح العصر.
اود هنا ان ألقي الضوء على القصيدة التي ألقتها على الجمهور عريفة الحفل جاءت بعنوان " قهوة ومغلتا " اي القهوة والمجلة. الحقيقة ان نينوس العارف بالسورث الأدبية أعطاها عنوان” صٓروا ومغلتا " لأن القهوة وان كانت كلمة عالمية، لكن هو يدري ان للآشوريين كلمة خاصة للقهوة وهي موجودة في أمهات القواميس السريانية ومنها روض الكلم للعلامة بنيامين حداد، ومنها اللون البُني أي " كَونا صروايا". المهم في هذه القصيدة هو اُسلوب المفاجئة الختامية حيث تتغزل احدى الفتيات بشاب رأته يحتسي قهوته وهو يقرأ في مجلة وجذب كل إحساسها وعواطفها وشهواتها، وهنا أقف لأقول لو ان قصد نينوس هو وصف هذا الشاب بكذا رجولة وفتنة لكنتُ شخصياً قد انتقدت الشاعر انه يتباهى بنفسه، لكن الخاتمة المفاجئة ان هذا الشاب له فتاته التي تحبه وهي أهلاً له، وهذه الشاب كان بانتظار قدومها.  اما صاحبتنا صيادة الشباب فما عليها الا تلاحق سراب الحب لتصيب بالخيبة فهناك واحدة قبلها ولها الاحقية، لكن هنا ليس هذا قصدي بل قصدي يتوضح حين نقارن هذه القصيدة مع قصيدة الشاعر كريم العراقي " كثُر الحديث " والتي غناها كاظم الساهر حين نحسب الشاعر يتغزل بحبيبته بغزارة تثير الغيرة لنكتشف اخيراً ان الحبيبة ليست أنثى بل هي بغداد التي ليس لها مثيل في كل الدنيا.
بعد انتهاء الأمسية توجه الحضور الى مكتبة آشور بانيبال التابعة لمؤسسة الثقافة الآشورية وهناك اشتروا الكتاب ليضع نينوس نيراري بصمته عليه عبر توقيعه الشخصي. والكتاب متوفر في المكتبة لمن يرغب في اقتنائه.
-   كتب نينوس السابقة: 1-آغا بطرس، سنحاريب القرن العشرين، ترجمه فاضل بولا الى العربية عام 1996
                             2- شرارة القصائد، باللغة الأشورية صدر عام 2019
                                                        حنا شمعون / شيكاغو


12
أربعينية رامن اوشانا أشعرتنا بفداحة خسارته
تعجز الكلمات وتخفق القصائد وحتى سرد الحكايات من الأصدقاء لا تستطيع التعبير عن الفراغ الذي تركه رامن اوشانا في الجالية الآشورية والعراقية في شيكاغو والاغتراب. هذا كان مغزى كلام كل المتحدثين في أربعينيته وحتى في كلام  واحاديث الذين حضروا في قاعة كريستال بالاس وفي ملبسهم ووجوههم سمات الحزن . جاءوا يؤدون الواجب تجاه رامن الذي ضحى  بوقته وماله وحياته لأجل ان يعم الخير في المجتمع الذي ضمه والمجتمع الذي كان بعيداً عنه لكنه مرتبط معه بالقومية او الوطن والأنسانية، فهو الذي نشأ في الوطن العراقي حتى فتوته وحمل الى الغربة ذكرياته عن هذا الوطن العزيز.
لا اعرف كثيراً عن خصوصيات  تنشئة رامن ولكن ثمة قبس من هذه التنشئة عرفته مؤخراً  اذ كان في فتوته عضواً في فرقة  تابعة للمدرسة الآثورية  بأدارة القس خندو في بغداد، كمب الكٓيلاني ، وذلك في الستينات من القرن الفائت. اسم هذه الفرقة كان  "جالش " والتي هي مأخوذة من الكلمة الانكليزية   Challenge  و تعني التحدي وهدف هذه الفرقة ان يتحدى الشباب المسيحي الآثوري ظروفه الصعبة ويبرزوا  في المجال الموسيقي والرياضي والاجتماعي وهذا الذي حققه رامن اليافع اذ اصبح بطلاً في كل هذه المجالات. حمل الفكرة معه وترسخت في ذهنه مثلما كل واحد منا يحمل ذكريات الطفولة التي لا يمحوها التقدم في العمر.
كل المتحدثين جاؤا على ذكر مناقب رامن العديدة وفي شتى المجالات فهذا سرگون گبرئيل الفنان الكبير يتحدث عن ذكرياته مع رامن ، بما لا يخلو روح الفكاهة والدعابة ليرسم لنا صورة عن شخص لن يمحو الزمن ذكرياته الحلوة مع الفقيد ، و كانت من قبل ذلك جين  شكاوسكي عضوة الكونغرس الأمريكي عن ولاية إلينوي قد افتتحت اُمسية التأبين هذه بكلمة مؤثرة بالانكليزيّة ذكرت فيها عن شخصية رامن العظيمة المفعمة بروح العطاء والمحبة، وقد كان المرحوم بوابتها لمعرفة الجالية الآشورية في شيكاغو والمصاعب التي عانوها في العراق.
مقدمة البرامج مونيفا لازار هي الأخرى قدمت المتحدثين بالانكليزيّة وهكذا تكلمت ايضاً عن ذكرياتها مع رامن باعتبارها عضو في النادي الرياضي الآشوري Assyrian Athletic Club الذي رعى التأبين الأربعيني والذي أسسه المرحوم رامن قبل ٤٩ عاماً . مونيفا بعفويتها وثقافتها المتميزة حقاً ابدعت في الأداء لتصبح هذه الأمسية لائقة  بشخص رامن اوشانا والتي ذكرت مونيفا ان الغاية من التأبين ليس التحدث عن مناقب رامن بقدر ان الغاية هي ان يعاهد الحاضرون أنفسهم لتكملة مسيرة رامن في ان يكونوا أمينين لميراث Legacy رامن والذي تركه عهدة لهم.
السيد نظير زوما جاء من ديترويت يحمل هديته لروح ذلك الصديق الوفي الذي نشأت العلاقة بينهما عام ١٩٧٢. واحد يتزعم الكرة في ديترويت والآخر في شيكاغو ، وحين عزم نظير عام ١٩٧٤ان يذهب بفريقه الى بغداد رأى ان يزج به لاعبي شيكاغو ليكون فريق كلداني آثوري وهناك تكحلت عيون رامن بلقاء عمو بابا ودگلص عزيز وغيرهم من لاعبي العراق وكذلك حصل رامن على صورة تاريخية نادرة وهو في  ساحة ملعب الشعب بالهندام الرياضي وبقت الصورة عند نظير وضاعت في زحام الصور الاخرى وقبل مجيء نظير لحضور الأربعينية تذكر الصورة وراح يدور عليها طوال الليل في أكداس الصور حتى وجدها ليرفقها في الهدية الثمينة التي قدمها لعائلة المرحوم في مناسبة الاربعين .والهدية هذه كرة قدم مغلفة وعليها تواقيع لاعبي ديترويت لصديقهم الراحل مع بعض الصور النادرة ومنها الصورة المذكورة.
حقاً كانت اُمسية تأبينية من نوع فريد اختلط فيها الحزن مع الحس الفكاهي الذي كان يتميز به رامن حيث تناول المتحدثون مختلف المواضيع التي حفلت بها حياة رامن الأرضية ، ومنها كانت  كلمة السيد نينوس لازار رفيق العمر وشريكه في ملكية كريستال بالاس ، اذ قال نينوس ان رامن في السنتين الأخيرتين كان يشكو  بألم من إقامة مناسبتين مختلفتين ليوم الشهيد الآشوري وهكذا ايضاً ليوم رأس السنة الآشورية في شيكاغو ، ولذا توسل نينوس في ختام كلمته ان يحل اصحاب الشأن هذا الأشكال اللامبرر.
وكان مسك الختام لصديق رامن وأخيه الروحي سمير يونان الذي كان كالتؤام مع الاول في حله وترحاله . ذكر سمير انه في الجمعة التي سبقت يوم الاحد االذي انتقل به رامن الى الأخدار السماوية ، كان رامن قد ذهب الى نادي الشوتابوتا ومن هناك تلفنه اكثر من مرة كي يأتي الى النادي ويشاركه في الأمسية الممتعة مع اكلة السمك التي يشتهر بها النادي لكن سمير كان مرهقاً من يوم شغل طويل وتردد في الذهاب حتى غلبه النوم العميق ليفيق متأخراً وهاتفه يخزن خمس مكالمات اخرى يتوسل فيها رامن صديقه كي يشاركه في تلك الأمسية. هذه القصة ذكرها سمير وعيناه تدمع وهي المرة الثانية التي اسمعها منه . صورة الحزن العميق على وجه سمير تبدو واضحة للعيان  وفي رؤيتي -- بما ان الزمن لا يعود الى الوراء -- فإن هذا الحزن سوف يلازمه طول الحياة مثلما لازم الحزن مار بطرس حين تنكر للسيد المسيح يوم الجمعة قبل احد القيامة. أقول هذا لاني لي بعض احساس سمير اذ فوتُ فرصتين ثمينتين في لقاء رامن كي اراه للمرة الأخيرة قبل ترك حياة الدنيا الأرضية.
بعد هذا عرض فلم قصير عن حياة رامن وهو من انتاج الأخوين هرمز وادمون حسو صاحبا البرنامج التلفزيوني الآشوريون حول العالم Assyrians Around The World وكان رائعا صفق له الحضور وكان محزناً ايضاً لانه راينا فيه رامن حياً وتمنينا لو بقيّ معنا كي نشبع منه ، لكن هيهات فالموت القاسي خطفه منا  وعلى غفلة منا. آخر إنجازات رامن في هذا الفلم كان حملته الدعائية للمرشحة آثور توما التي فازت لتصبح عضوة في مجلس محلية لنكولن ود Lincolnwood حيث تعيش جالية كبيرة من الكلدان الآثوريين.
وبعد الفلم هذا وثناءاً من اخت المرحوم شارليت التي كانت تكبر رامن وكانت قد جاءت قبله الى شيكاغو ، فإنها تقدمت وشكرت الحضور قائلة انا شجعت اخيها الصغير كي ينضوي في الجمعيات الآشورية كي لا يكون مصيره الضياع في أمريكا.
وكذلك اعتلى المنصة بعد ذلك ابن  وابنة رامن ، نينوس وميري، في مشهد ختامي حزين وتحدثا عن ميراث أبيهما وفخرهما ان جلب هكذا حضور متميز في تأبينه الأربعيني. قدما الشكر للحضور نيابة عن والدتهما نادية التي كانت حاضرة ايضاً وصافحت شاكرة كل المتحدثين حين انتهاء كلماتهم  في أربعينية شريك حياتها ، رامن اوشانا .
ذكرى رامن ستبقى في ضمائرنا نحن الذين عرفناه وموته الخاطف هو خسارة فادحة لنا جميعاً، ولا يمكن تعويضه خاصة مع المزايا التي كان يحملها المرحوم والتي لا يمكن تعدادها وحصرها.
بقية المتحدثين الذين لم يرد ذكرهم في متن المقال وعذراً لذلك :
السيد عمانوئيل ايشو، رئيس نادي الشوتابوتا -- كلمة بالسورث
السيدة عشتار ناماز ، رئيسة النادي الرياضي الآشوري-- كلمة بالأنگليزية
الشاعر نينوس نيراري -- قصيدة بالسورث بعنوان رامن راما/ رامن السامي
السيد سرگون ليوي، رئيس البرعايوثا الأسبق -- كلمة بالسورث
الشاعر حنا شمعون -- قصيدة بالسورث بعنوان يرتوثا د رامن اوشانا / ميراث رامن اوشانا
السيد رمسن نيسان مسوؤل في النادي  الرياضي الآشوري في شيكاغو -- كلمة بالأنگليزية
السيد آشور گبرئيل ، لاعب سابق  ومدرب سابق في النادي الرياضي الآشوري -- كلمة بالسورث
                                                                                                    حنا شمعون / شيكاغو



13
رامن اوشانا غادرتنا من غير وداع

من غير وداع يا رامن رحلت وتركتنا ونحن غير مصدقين. كل من سمع الخبر جفل وقال لا..لانه لا يمكن ان نتخيل الحياة في شيكاغو بلا رامن . كنا نراه في المناسبات القومية والاجتماعية والسياسية والرياضية او نسمعه وهو وراء المذياع يطلب من المستمعين ان يحضروا احدى هذه المناسبات المار ذكرها. رامن  كان يتنقل بين  الإذاعات  الآشورية يوم السبت ليتلي  دعوته الى المستمعين لحضور مناسبة معينة وهنا اذكر جيدا انه كثير لاستعمال لكلمة "شوتوبخ عم اخذاذي " اي نشترك سوية . وهذه كانت دلالة انه كان شخصاً اجتماعياً الى ابعد الحدود.
رامن كان فخر الآشوريين وسفيرهم  الى قلوب الآخرين . أحب أمته بلا حد ولا قياس وبكل قدرته وفوق طاقته ومن غير تعصب فقد كان القدوة الحسنة لكل قومي مخلص " اومتنايا دخيا" .
عاش طفولته وفتوته في بغداد وحينذاك شغف في الرياضة والموسيقى  والعراق وحمل هذا الشغف الى شيكاغو التي وصلها عام ١٩٦٩ ليزاول لعب كرة القدم  وينضم الى الفرق الموسيقية  مع المطربين الكبار الذين أنجبتهم شيكاغو. درس وتعلم مهنة الحدادة واللحيم وبذلك ضمن مصدر رزقه لينطلق الى عالم الخدمة " تشمشتا " لقوميته الآشورية . انطلق من مبدأ المحبة والوحدة بين أبناء الامة الآشورية بمختلف تسمياتها وظل أميناً لهذا المبدأ . اما التعب والمشقة فلم يكن يعرف تعريفها لأجل إنجاز الممكن لامته الآشورية.
ساعات اليوم عنده كانت تتعدى ال٢٤ ساعة والّا كيف أنجز كل الذي انجزه من عظيم وكثير الاعمال خلال ال ٦٨  سنة التي عاشها بيننا وكان طموحاً دوماً لإنجاز المزيد لكن الموت الغدار غافله وانتشله منا. وفرضية اخرى اريد ان اذكرها عن هذا الشخص العجائبي ان معدل ترحاله و سياقته للسيارة هي اكثر من اي شخص آخر لكثرة مشاويره فقد كان مثل الداينمو في حركة دائمة وشخصياً لقيته عدة مرات في عدة أماكن ليس بالصدفة بل حسب نظرية الاحتمالات لأنه كان في كل مكان يتنقل لأنجاز المهمات الكثيرة التي كان يأخذها طواعية على عاتقه.
في احدى  هذه التقاطعات رأيته وكنت في ذالك الحين انوي شراء بطاقة لحضور مناسبة مرور مائه عام على تأسيس الشوتابوتا في شيكاغو . رامن رفض ان ادفع ثمنها لان ارادها ان تكون على حسابه، لكني امام اصرار من طرفه اقنعته ان هذا لا يمكن ان يكون . سبب سردي هذه الحكاية ان رامن كان يقدر عالياً اي خدمة يقدمها شخص لامته الآشورية وكوني كاتب قومي هذا كان كاف عنده ليجازيني عليها حباً بقوميته. لقد كان يتحمل كل المسؤولية  ولا يبالي بتبعاتها ولا مصروفها ، بل العكس كنا نراه بشوشاً ومبتسماً دوماً .
رامن أحب الرياضة وخاصة كرة القدم وبجهوده وصل فريق Winged Bull الى اعلى المستويات حاصداً الكؤوس على نطاق ولاية إلينوي والولايات الأمريكية وهكذا ايضاً في الملاكمة فقد أوصل الملاكمين الآشوريين الى الشهرة والمرتبات العالية. في ساحات كرة القدم  وأيام الكونفشن جمع الفرق من شيكاغو و ديترويت  ومدن كاليفورنيا وكندا . شباب بعضهم لا يعرفون الآثورية لكن البسمة على وجه رامن كانت تزيل الحواجز لتنطق القلوب بلغتها المشتركة ولذا لم تكن اللغة تشكل عائقاً حين كان رامن موجودا يربط القلوب ببعضها. هذا العام وقع عليه الاختيار ليكون مدير الغرب الأوسط للبرعايوثا وبذا تكون خسارة البرعايوثا له صعبة جداً.
ومن عظيم إنجازاته ان جلب الى شيكاغو غالبية اللاعبين الدوليين الآشوريين والعراقيين من اجل تكريمهم ويفرح بهم جمهورهم ، ولعل جلب عمو بابا الى شيكاغو --على نفقته حسب علمي -- في زمن الحصار ومنع سفر العراقيين فكان عملاً جباراً وخاصة ان عمو كان محتاجاً اليها في مرضه وصحته المعلولة. رامن كان له علاقة جيدة مع المسؤولين الحكوميين في إلينوي وكأنوا في مناسبات رأس السنة الآشورية يحضرونها والفضل بلا شك كان يعود الى رامن  صديقهم الآشوري.
اما وفاة رامن ففيها ملخص حياته الأرضية فقد كان يوم الأحد حضر وصَور واقفاً بكاميرته المحاضرة التي القاها الدكتور روبين بيث شموئيل في الشوتابوتا وبعد انتهاء المحاضرة انتقل سريعاً الى المتوا الذي يبعد مسافة  ما يقارب ١٥ ميلاً ليشارك في شارا د مار زيا  وهناك أكمل فرحته الأخيرة مع أبناء امته في المشاركة  بالدبكة الآشورية لا بل قاد الراقصين الفرحين الى حين ان تعب وراح يستريح حيث جلس سرگون ليوي واتكأ برأسه عَلى الكتف  اليمين لسرگون  وظن سركَون انه يستريح قليلاً  حتى احس الجمود في حركته ليحاول إسعافه ومن ثم  تجمع  الحضور حوله  مصلين و مؤججين التيار الهوائي  حوله منتظرين قدوم فريق الإسعاف ولكن يبدو ان رامن في تلك اللحظات كان قد اسلم روحه الى باريها وهو وسط شعبه الآشوري الذين خدمهم طيلة حياته. اسلم روحه وهو يعيش كلماته " شوتبوخ عم اخذاذي !!" . 
في برنامج خاص قدمه الإعلامي يوسب رشو . تكلم صديقه الحميم السيد سلام نيسكو بالعربية وبعض السورث والذي هو حالياً مدرب Winged Bull وذكر أنهما وبعد انتهاء الأمسية في الشوتابوتا طلب رامن منه ان يذهبا سوية الى المتوا حيث كانت احتفالية شارا د مار زيا وأضاف انه حاول ان يثني رامن من الذهاب الى المتوا وبدل من ذلك الذهاب البيت والنوم ليرتاح لأنه في الصباح التالي كانا على موعد للسفر الى انديانا وهي ولاية جنوب إلينوي لأنجاز مقاولة في الحدادة واللحيم كان رامن قد تعاقد عليها، لكن رامن قال انه سوف يذهب الى الشارا لوقت قصير جداً.
رامن اوشانا وحسب رؤيه كل أصدقائه والذين عرفوه لا يمكن تعويضه باي شخص آخر لان طاقته كانت عجيبة وهو كان يضاعفها ليوظفها في خدمة أبناء جلدته وخاصة في الظروف التي مروا بها من هجرة وتهجير والنوائب التي حلت عليهم .
حضرت التأبين الذي أقيم يوم الثلاثاء قبل يوم جنازته في كنيسة مار أندريوس وحين وصولي الى الكنيسة رأيت الشرطة حاضرة لضبط المرور بسب كثرة الوافدين لتقديم احترامهم للشخص الذي خدمهم طيلة عمره. انتظرت في طابور طويل كي اقدم تعزيتي لعائلته  المفجوعة برحيله.
جلب انتباهي في هذه المناسبة الحزينة ابتسامة وفرح على وجه أخيه سام وهو يستقبل المعزين و يشكرهم بكل يما يملك من كلمات لحضورهم وأقول هنا فرح الذي داخله حزن عميق ، لكن الاحترام الذي أبداه أبناء وبنات شيكاغو بمختلف طوائفهم ومرتباتهم عزى قلب سام الحزين وعرف كم من اثر طيب ترك أخيه رامن في قلوب أبناء امته الآشورية في اليوم التالي كانت الجنازة والدفنة ولقمة الموتى وفي ذلك اليوم نال رامن جزاءه المستحق " طينتا دمنتا " من أبناء امته في كثرة الحضور والاحترام الذي ابدوه للشخص الذي فقدوه وتأثروا بخدماته الجزيلة. اما جزاء الرب اليه فهو الملكوت السماوي مع الابرار والقديسين الى أبد الآبدين .
كل الذين عرفوا رامن اوشانا ولم يشاركوه في وداع ارضي أخير لا بد ان قالوا مع أنفسهم وأسفاه لقد فاتنا توديعه والكل كان يريد ان يكون معه في في آخر ايامه ليحمل ذكراه العطرة،  وشخصياً هذا الامر المؤسف سوف يلازمني بقية حياتي اني فوت فرصتين ثمينتين في لقاء أخير معه احدهما قبل شهر في كريستل بالاس قاعة الأحتفالات التي كان يديرها مع اصدقاء العمر هاني بابا ونينوس لازار، والآخرى في نفس يوم رحيله حيث فاتني حضور امسية اللغة التي صورها كاملة وهو مسلوب الراحة واقفاً على رجليه .
رحل رامن وحسرة لقاءه تبقى لظى في قلبي ... الرحمة الأبدية له يا رب.
                                                                   حنا شمعون / شيكاغو


14
سرگون يوخنا يتألق في ألبومه الجديد " أثري"

بات بديهياً ان الأغنية السريانية / الآشورية انحسرت وتراجعت في الآونة الأخيرة بدليل قلة الأنتاجات وخاصة من كبار الفنانين الآشوريين، حيث كانت الأصدارات الغنائية تملأ دكاكين التسجيلات قبل ما يقارب العشرة من السنين . ماذا جرى لأغنيتنا وهل شحت الألحان وتراجعت الكلمات، ام ان الجمهور ضاقت به السبل وتحول الى سماع الأغنية العربية. حسب رأينا ان استمر هذا الكساد فعلينا ان نقرأ السلام على أغنيتنا السريانية / الآشورية والخاسر الأكبر في هذه الحالة هو لغتنا لان الأغنية باعتبار ان احد عناصرها هو الكلمات المكتوبة باسلوب ان لم يكن شعراً  بل يكون قريب الى الشعر وحتماً الوزن له مكانته في كتابة كلمات القصيدة ، الأهمية الثانية للأغنية قومياً هي الحفاظ على التراث من الاندثار وخاصة ذلك المتعلق بالحب والعادات والتقاليد.
اوردت هذه المقدمة لانه مؤخراً حصلت على الألبوم الجديد للفنان المبدع سرگون يوخنا الذي اعتبر ألبومه "شلاما" الصادر عام 2004 من أفضل ما سمعت  ولا زلت استمع اليه فهو أنيسي في السياقة. كنت حاضرأ حفلة زواج احد أبناء الأصدقاء وكلما احضر هكذا حفلات فغالب الاحتمال ان المطرب هو سرگون يوخنا هو مطرب الحفلة كونه حقاً مبدع على مسرح الغناء  وذَا شخصية محبوبة حتى عرف اختصاراً وتمييزاً بإسم جكي . شخصيا انا معجب بفنه وشخصيته وطيبته فكان لا بد ان ألقي عليه التحية وهو ردها مع الهدية التي كانت نسخة من ألبومه الجديد.
في زمن الكساد جاء هذا الألبوم بخمسة عشر اغنية وكأنه بهذا العدد الكبير  سرگون يقول لأقرانه من المطربين الكبار ما بالكم انقطعت أغانيكم ، جميلة هي لغتنا  فلما لا تروجون لها عبر أغانيكم.
سرگون أحب ان يبدأ ألبومه بأغنية قومية ارادها عنواناً لألبومه فجاء يحمل العنوان " اثري " وفيها كلمات الأعتزاز بالموطن الذي حسب رؤية وكلمات الكاتب الدكتور سميح برجم ليس موطن آخر اجمل منه بجباله ومروجه وسهوله  وهذا الوصف هو إشارة الى هكاري تركيا وسهل نينوى العراق وخابور سوريا التي هجرناها قسراً والآن يغمرنا الحنين اليها، اغنية حقاً رائعة بكلماتها المعبرة ولحنها الذي فيه العاطفة وفيه الحماس.
الشاعر والأديب ادور موسى والمعروف عنه  كونه أغزر كاتب للأغاني التراثية أتحف الألبوم بأغنيتين من الفلكلور التياري الذي هو الينبوع الذي ترتوي منه الأغنية الآشورية الحديثة . الاستاذ ادور لا يزال يستعمل ، تشويقاً ، المفردات التي كان يستعملها اجداده في تياري ، مثل دلي ، غزالي ، زلالي. انا احسب ادور لا زال يعيش تلك الأجواء التي نَحُنُّ اليها كما ورد في الأغنية القومية المار ذكرها.
الكلام يطول في الحديث عن هذا الألبوم ولكن دعوني اتحدث عن أغنيتين شغفتُ بهما . الاولى هي  " بديو " وتحمل الرقم ١٢. اغنية راقصة على نغم شيخاني دطورا وللتوضيح أقول مثل اغنية سولافي لجنان ساوا او دبكة دِلما المعروفة لدى المهتمين. لحن في غاية الدقة  والصعوبة والعذوبة ولا يقدر على غنائه الا القليل من المطربين أقول هذا فقد حاولت تقليده ولم اقدر وحجتي هنا اني باقتدار أستطيع ان أتلو كثير من الألحان الكنسية. في الحقيقة هذه هي طريقتي لأضفاء المصداقية الى المغني في الأداء الأنتقال بسهولة مغيراً طبقات الصوت . الكلمات هي من قبل الدكتور سميح برجم وهي قصة من تراث تياري حسب تقديري . العنوان بديو هو من الابتداء التي نظنها عربية ولا غرابة هنا فكثير من الكلمات في تراث تياري هي هكذا ومنها رسولا . فرا/ طارت، خلاصا/ انتهاء وغيرها كثيرة سمعتها في أغاني اخرى هي بعيدة عن اللهجة الآثورية . اما القصة  وهنا اود ان اطلق العنان لخيالي وخبرتي في هذا المجال لأقول انها تدورحول صاحبنا العاشق الذي وبعد صياح إلديك ذهب وانتظر صاحبته شطرو الحلوة ، كاملة الأوصاف حتى في هندامها وشكلها. وجلس على صخرة قرب ينبوع القرية يغني لقدومها لانه كان على موعد معها ولكن شطرو لم تكلف نفسها عناء المجيء الى موعدها، وهكذا فان صاحبنا عاشق ذلك الزمان راح يغني  ويشكو محتجاً من هذه البداية التي فيها  شطرو نكثت العهد، حتى اعطاها كنية بديو استهزاءاً وكأنه مع قرارة  نفسه يقول  ان كانت البداية هكذا فما بالك بالنهاية!!! حسب تفسيري ان هذا الحدث غير حواس صاحبنا العاشق من تياري التي علمتنا أغاني الراوي وتحول الى عاشق الخيال فقط . حقاً انها اغنية لا اشبع من سماعها والتأمل في معانيها الكثيرة.
الأغنية الثانية وهي سماعية وان كان ايقاعها بيلاتي وهي تحت عنوان " كمنجي " اي آلتي الفايولين لكن ليست هذا بيت القصيد. هنا صاحبنا عاشق  لكن من نوع آخر فهو متمدن وأكثر ليونة من ذلك التياري المتغطرس الذي خذلته شطرو. ولان العاشق يرى لذة الحب في مرارته فهو يشكو الى آلته الصغيرة الموسيقية ، الفايولين، ان تشاركه ألمه في عزف جميل ( بسيما) يخاطبان به الحبيبة التي التي جفته، وكله أمل ان تحس الحبيبة بألمه وترجع اليه . القصة ايضاً واسعة الخيال وقابلة للتأويل  وهي من كلمات اوشانا داديشو اما اللحن فهو من الفلكلور. اغنية جميلة حقا  اعجبتني كثيراً.
لا اريد ان اظلم بقية الأغاني ، كُتابها ومُلحنيها ، فهي كلها رائعة، مثلاً الأغنية الأخيرة هي للشاعرة القديرة  مارينا بنجمين وهي لا تعرض اشعارها للغناء لكن جكي هنا ينال الأستثناء فهو مقتدر وحباب ومستحق. لقد بذل جيش من الموسيقيين الماهرين والكتاب المبدعين كل جهدهم لأخراج جميع الأغاني بأحلى حلة والفنان الكبير سرگون يوخنا تألق في غنائها بصوته العذب المعبر. جيش الموسيقيين والكتاب هذا تجاوز في تعداده الثلاثين وكلهم شَكرهم سركَون في دفة الألبوم ولم ينسى جكي ان يقدم شكره لجمهوره الغفير الذين ينال منه دوماً المؤازرة والتشجيع. وهكذا ايضاً شكره موصول الى الاستاذ فهد اسحق في تنقيحه اللغوي للكلمات وكذلك صديقنا المصور جورج صاحب مختبر  PJ للتصوير وكذلك الفنان التشكيلي آشور ميخائيل الذي وضع اللمسات الأخيرة في تصميم هذا الألبوم.
بلا شك ان اصدار البوم غنائي بهذا الحجم تكون تكلفته عالية وربما هذا هو احد الأسباب التي لأجلها يحجم المغنين عن اصدار البوماتهم، ولهم العذر في ذلك ، وهنا يأتي دور الجمهور في وجوب التقيد بشراء النسخة الأصلية من اجل التشجيع والمؤزارة خاصة لتلك الأصدارات الفنية التي تبذل لها جهود جمة.
يسرني ان اقدم للقراء ربط الأغنيتين المذكورتين اعلاه:
http://www.ankawa.org/vshare/view/11522/change-of-heart/
http://www.ankawa.org/vshare/view/11523/my-violin/
                                    حنا شمعون / شيكاغو
                           




15
نينوس نيراري يضيء امسيته في شيكاغو ويوَقِع فيها شرارة قصائده

اتذكر اني قبل اكثر من عشرين عاماً وفي بداية عهدي مع الشاعر الكبير نينوس نيراري ان سألته من اين يعرف بلباطا  التي وردت عنواناً لقصيدة ثورية  له ، ففي قريتي كانت ثمة حشرة تقدح ضياءاً كنا نسميها بيطوباطو. اتذكر انه في حينها قال لي نينوس انه يعرف الحشرة المضيئة وتسميتها وقد عاش في تلكيف حين كان صبياً والكلمة بلباطا تعني الشرارة في القاموس الحديث في لغة السورث.
كم من كلمة في لغتنا اهملناها حين تعلمنا لغات غيرنا وأدخلنا كلمات الغرباء في لغتنا ، وها هو نينوس يعيدها إلينا في زمن نحن احوج فيه الى قاموس واسع نوظفه في إشعارنا وكتاباتنا وفي حياتنا اليومية.
وعبر هذه الكلمة الثورية جاء عنوان كتاب الشاعر نينوس نيراري تحت مسمى " بلباطا دموشخاثيه " اي شرارة القصائد الذي كان الأحد المصادف ٩ حزيران  من عام ٢٠١٩ يوم إطلاقه الى الجمهور وحظي بالتقدير والإعجاب من قبل الحاضرين في يوم التكريم  . نال الذين حصلوا على نسخة منه بتوقيع نينوس ليكون ذكرى ليوم شهدنا في فيه تكريم شاعر القرنين في أسمى تعابير الأحترام والتقدير لجهد ثقافي على مدى ٤٥ عاماً من العطاء الشعري والكتابي والاعلامي.

نينوس نيراري هو جمرة ثورية لم تعرف الخمود طوال هذه السنين ، وسبق ان كتبت وقلت الكثير في تسجيلات صوتية عن أشعاره الثورية ولكن مهما كتبت وقلت فاني لن اوفي باليسير اليسير مما قدمه ليس فقط لابقاء شرارة الامة الآشورية متقدة بل لابقاء لغة هذه الامة مواكبة للعصر وذلك عبر الكنز الثمين من المفردات التي يحويها قاموسه الشعري الخالي من الكلمات الدخيلة . كتابه الشعري يقع في ٢٦٥ صفحة من الحجم الكبير ويضم ٧٩ قصيدة قومية كل لها فكرتها الخاصة ، بعضها  رباعية عمودية  مقفاة واُخرى حرة التركيب والقافية وكلها سليمة اللغة وموزونة   تشنف الأذن بسماعها، ولكن هذه المرة  ومن خلال الكتاب هذا نقرأ إشعار نينوس لنتلمس فيها قوة اللغة لا بل عراقة لغتنا الآشورية/ السريانية الخاضعة لقواعد سليمة  وما فيها من جمالية في التركيب والإيقاع.

الحضور كان غفيراً وفقرات التكريم كانت ثرية ومتنوعة . شقيق نينوس وهو هرمز أندريوس يوسف ولا يقل القاً في شعره عن شقيقه ، ادار الأمسية بجدارة سارداً حكايات الطفولة مع أخيه من ايام عين زالة التي قضوا فيها ردحاً من الزمن ثم كركوك مدينة نمو الوعي القومي الآشوري الحديث. كما انه ذكر عن موهبة أخيه في كتابة الشعر العربي وقد اسمعه في كركوك ما لم ينتظره من طالب مدرسي  لم تكن العربية لغة الأم  له ولا لغة نشأته الطفولية.
كما تضمن الحفل كلمات الإطراء والمديح لشعر نينوس نيراري من تسجيلات سابقة لكل من عمانوئيل ايشو ، المرحوم ايوان گورگيس، مارينا بنجمين ، وحنا شمعون.  الفنان جان دشتو استعرض مسيرته الفنية مع نينوس نيراري والفنان جورج جندو وأخته جينا جندو أبدعوا في غناء أغاني من كلمات نينوس ء كما عرضت فديو كليب من اداء ريتا البازي وقصيدة  مسجلة ومتلفزة عن المناسبة ألقتها الشاعرة نهرين يلدا من ألمانيا. كما ان صديقنا الأديب والمؤرخ أيدي گورگيس بنيامين بعث برقية تهنئة بالمناسبة من محل إقامته في لاس فيغاس، ولاية نيفاذا.
وبعد هذا علمت  ان الفنان التشكيلي صباح صليو وزي تحمل عناء السفر من فلنت مشيگن هو مع سيدتين موقرتين معه ليحضروا هذا التكريم ومعهم جلبوا هداياهم كعربون وفاء للشاعر نينوس وهم سمعوا عنه ولم يلتقوا به سابقاً. حقاً هزني هذا الامر حين علمت به وذهبت الى صفحته في الفيسبوك لأراه انه نحات  من العصر الآشوري الذهبي وعاد للحياة كي يعيش في عصرنا هذا. تحية له مني لأخلاصه وفنه الرائع، وبكل فخر سوف انشر صورته ضمن الصور المرفقة.

اما الشاعر المحتفى به  نينوس نيراري فقد جاء دوره في الآخر حيث شكر الجمهور على مشاعره وحضوره  وشكر الذين ساندوه دوماً وتقدم بالشكر الخاص الى مسؤولي المجلس القومي الآشوري في إلينوي  لإيواء تكريمه وعلى طبع ونشر كتابه الجديد.
في كلمته القيمة ذكر انه تعلم من الآخرين أمثال اوراهم يلدا وعمانوئيل سلمون واستشارهم في البداية عن كلمات استعملها في شعره، وهو الآن يأمل ان الآخرين يتعلمون منه كتابة الشعر . قال ان الشاعر يجب ان يكون صادقاً مع نفسه كي يكتب الشعر وعليه ان يكون كالمنشور الماسي الذي يعكس الضوء الذي يأتيه ، وعلى هذا فان الشاعر يجب ان يكون امة ضمن شخص لا شخص ضمن امة . وشخصياً ، عن شعره قال انه بنفسجي اللون لأن دمه الأحمر القاني يختلط مع الحبر الأزرق في قلم الكتابة والنتيجة هي شعر ذي لون بنفسجي. حقيقة اخرى ذكرها نينوس في كلمته  وهي ان الكتابة ليست بالأمر السهل والنتاج الأدبي لا يأتي الا بعد جهد جهيد.
حقاً كانت كلمة  نينوس نفيسة ومؤثرة وصل صداها الى الجمهور الحاضر والى مشاهدي تلفزيون ANB سات والى مشاهدي تلفزيون الآشوريون حول العالم بإدارة الأخوين ادمون وهرمز حسو، كما ان شبكة الفيسبوك للشاعر نينوس نيراري نقلتها حياً.
وفي ختام كلمته القى نينوس على الجمهور آخر قصيدة له  ضمها الكتاب وهي بعنوان " جسر ٣٣ من المسيح الى سميل الى نيراري " وبها ابكى جمهور الحاضرين لانها كانت عن ابنه الفقيد بعمر ٣٣ عاماً وانتقل الى رحمة الرب في التاسع من تشرين الثاني لعام ٢.١٨.ختم قصيدته هذه في البيت العشرين بهذه الكلمات وهذا المعنى:

الزمن مليء بالأسرار والألغاز وليس ثمة تفسير لهذه العجائبية
في الثلاث والثلاثين المسيح مات على الصليب ليخلص البشرية
في الثلاث والثلاثين ذُبحت سميل من اجل الحرية الآشورية
في الثلاث والثلاثين انتقل  نيراري على رجاء بعث جديد للشبابية

مسك الختام كانت فرحة توقيع الكتاب بامضاء الشاعر نينوس  نيراري حيث انتظر الشغوفين بالشعر لحين مجئ دورهم كي يحظوا بالتوقيع والصورة التذكارية مع رمز الشعر الآشوري في القرنين العشرين والحادي والعشرين.
ننتظر الآن ونصلي للشاعر ألن يحفظه ويديمه لنا كي نحتفل باليوبيل الذهبي له بعد خمس سنين من الآن ويجمعنا مرة اخرى محتفين به وبأشعاره الثورية السرمدية.

                                     حنا شمعون / شيكاغو


16
لمناسبة صدور كتابه الشعري الجديد باللغة الآشورية تحت عنوان  " بلباطا دمُشخاثي "  اي شرارة القصائد وكذلك  ايضاً لمناسبة  مرور 45 عاماً على سِفرِهِ في حقل كتابة الشعر، اضافة الى نشاطه الأدبي والثقافي والأعلامي سوف يقام على قاعة المجلس القومي الآشوري في سكوكي ، الينوي حفل تكريم للشاعر نينوس نيراري ، وسيكون الكتاب المنوه عنه  في متناول الراغبين به.

ويشارك في الحفل التكريمي بعض المطربين المعروفين  الذين غنوا الأغاني من كلمات شاعرنا الكبير ، وسوف ينقل الحفل حياً على صفحة الفيسبوك للشاعر نينوس نيراري Ninos Nirari. كما ان الدعوة هي للجميع آملين الحضور في الزمان والمكان كما في الأعلان اعلاه.



17
كنيسة مارت مريم في شيكاغو؛ من السعانين الى القيامة مرورا بخميس الفصح والجمعة العظيمة


يمكن القول ان جوهر المسيحية يكمن في الأسبوع الذي يبدأ في يوم احد السعانين وينتهي بالقيامة المجيدة بعد أسبوع من ذلك. وخلال هذا الأسبوع تجرى المراسيم التي توجب الحضور كي يمارس المسيحي إيمانه. هذه السنة حضرت هذه المراسيم في كنيسة مارت مريم الكلدانية الواقعة في نورث بروك Northbrook ، احدى ضواحي شيكاغو الشمالية.
بدءاً بيوم احد السعانين الذي كان جوه غريباً هذا العام اذا استفقنا على يوم بارد ومثلج وهذا لم يمنع المؤمنين من الحضور الى الكنيسة ولكن بلا شك منع الحضور من الزياح خارج الكنيسة كما هو معتاد عليه في طقس الكنيسة الشرقية حيث يخرج الجميع من الكنيسة وهم يرفعون التسابيح " اوشعنا ببرومي " مقلدين سكان أورشليم الذين خرجوا للقاء المليك الجديد وهو راكب على جحش ابن اتان وكل هذا كي يكتمل في الذي جاء في الكتب. ومجرد ان نقرأ هذه العبارة  الأخيرة فان الدلالة كبيرة لان كم من الذين ولدوا في هذا العالم تنبأ عنهم في السابق واكتملت النبؤة عنهم بالتمام والكمال. ولذا فان يسوع الذي آمنا به وصرنا نتبعه كمسيحيين ، وكتطبيق بسيط لمسحيتنا حضرنا قداس السعانين المخصص لتمجيد الملك يسوع تحققت به النبوة : قولوا لأبنة صهيون ، هوذا ملكك يأتيك وديعاً ، راكباً على اتان وجحش ابن أتان." متى 5:21.
ثم كان الخميس التالي وهو فصح اليهود وهو يوم خاص وَذَا معنى كبير في التقويم المسيحي وفي هذا اليوم يحتفل يسوع كأي يهودي آخر بيوم عبور اليهود من العبودية الى الحرية. في ذكرى هذا اليوم التاريخي وساعة يسوع نحو الموت تقترب ، علمَ العالم درساً بليغاً هوالأهم في حياة الانسان الأرضي ألا وهو الخدمة والتواضع ، لكن ليس بالقول كما جاء في وعظ يسوع وأمثاله لكن بالفعل وامام الجميع . غسل أرجل الضيوف كانت خدمة  معتادة في ذلك الزمان وها هو الملك الذي بايعه الشعب قبل خمسة ايام يخدم تلامذته ويغسل ارجلهم تواضعاً. الذي اعرفه ان غسل ارجل ١٢ من الأولاد في الكنيسة الكلدانية مقتبسة من كاثوليك روما وهذا الذي جرى في كنيسة مارت مريم وفي ظني ان تطبيقها امر مفيد باعتبارها تطبيق للذي طبقه يسوع في التواضع والمحبة. وهنا لا بد ان اذكر ان إنجيل هذا اليوم يذكر أمرين مهمين والاول ان يهوذا اسلم المسيح الى اليهود بثلاثين  من الفضة  وعندما أفصح يسوع عن هذا الامر في العشاء الأخير ( احتفال الفصح )  تعجب الجميع ولم يصدقوا ان واحداً منهم سيقترف هذا الامر المشين وحصل ذلك بالفعل وكان يهوذا الذي خدمه يسوع قبل قليل بغسل رجليه. وحتى هذا اليوم هذا الأمر يتكرر فكم من الكهنة نكروا يسوع ونكثوا عهدم له في ان يكملوا رسالته بأمان فوقعوا في الخطيئة واقترفوا أعمالاً شنيعة يعاقبهم عليها القانون المدني . الأمر الثاني ان بطرس الرسول المخلص لسيده استل سيفه وضرب به اذن احد الجنود الرومان ، لكن يسوع أرجعها قائلاً  " فمن يأخذ بالسيف ،بالسيف يهلك ."  متى 52:26 عبارة تذكرنا بنهاية الذين استخدموا السيف / القوة  للوصول للسلطة وكل منا يتذكر بالاقل حاكم او حاكمين بالاقل كان نهايتهم هكذا.
الجمعة العظيمة بدأت مراسيمها في الساعة السادسة وهو يوم دوام رسمي في الولايات المتحدة ومع هذا فإن الكنيسة امتلأت وفاضت بالمؤمنين ، حتى ان البعض استخدم القاعة الكبيرة التي فيها شاشة عملاقة لنقل الوقائع الجارية داخل الكنيسة. وكان المذبح موشحاً بالون القرمزي / البنفسجي الذي غطى التماثيل والصور في الكنيسة اما المؤمنين فقد توشح معظمهم بالسواد .اعترف اني لست اعرف معنى اللون البنفسجي في هذه المناسبة سوى انه لون ملبس الملوك والأباطرة ، لكن اللون الأسود معروف رمزه لدى الجميع وهو لون الحزن وحتى ان الجمعة العظيمة تسمى ب " اروتا دحشا " باللغة السريانية / السورث اي الجمعة الحزينة بالعربية.
في هذه المناسبة ثلاث مواعظ  قَيمة القاها الأب أياد حنا خنجرو راعي الكنيسة باللغات الأنكليزية والعربية والسورث لأرضاء جمهرة المؤمنين وهو في هذا متمرس وقدير. مجمل موعظته هو من الكتاب المقدس، فلسفي عميق ولكن طرحه هو بأسلوب مبسط مقرون بالأمثلة من واقع الحياة .كما انه ينفعل في القائه مشفعاً اياه بالأشارات والأيماءآت وحتى انه يوجه اسئلة الى الحضور وكل ذلك كي يشدهم الى الموعظة ولذا نرى الجمهور مشدوداً اليه ويستمع اليه بشغف. وأعترف ان مقالتي هذه فيها افكار استمدتها من مواعظ هذا الأب المتفاني في خدمته ضمن كرمة المسيح.

ليلة عيد القيامة كما هو منوالي  في كل سنة حضرت قداس السورث في الساعة الحادية عشر ليلاً . القيامة هي ليست فقط عيد كبير ومجيد بل هي كامل المسيحية وسبب حضورنا القداس وسبب تعلقنا بالمسيحية كدين لنا . هي كل شي في حياتنا لولاها ما كنا اليوم مسيحيين وكما قال الأب أياد لولا القيامة ماكنت لأكون كاهناً أكرز بينكم الآن ، لأنه كما قال مار بولس الرسول في رسالته : " فأن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل ايمانكم ." كورنثوس15-14
وحسب الطقس الكلداني لكنيسة المشرق جرت تمثيلية الكَياسة / اللص اليمين والملاك . الأول يحاول الدخول الى الملكوت السماوي والملاك يمنعه الى ان يخرج الصليب رمز الوعد الذي اعطاه يسوع له " اليوم تكون معي في الفردوس " لوقا 43: 23. هذه التمثيلية هي من تأليف القديس مار افرام الذي عاش في القرن الرابع الميلادي ولحد هذا اليوم تعيش اعماله بيننا. 
القيامة هي الحياة الجديدة التي كسبها لنا يسوع في موته على الصليب لأجلنا ، فان كانت النبتة في الربيع تدفن في الأرض لتتجدد الحياة فيها فكم حري لنا ان تتجدد حياتنا بعد الموت  وكل ذلك بفضل يسوع الذي فدانا على الصليب وقام في اليوم الثالث، الذي هو عيد القيامة المجيد.

عيد مبارك للجميع ، ومعذرة اني تأخرت في نشر مقالتي فقد كنت مثل الجميع مشغولاً في تبادل الزيارة مع الأهل والأقرباء لتقديم التهاني والتبريكات في هذه المناسبة المجيدة.
- الصور المرفقة هي حسب التسلسل في الأحتفال بالمناسبات المذكورة في عنوان المقال.

                               حنا شمعون / شيكاغو





18
شيكاغو تحتفل برأس السنة البابلية الآشورية، أكيتو
بعد سنتين من االغياب عاد الآشوريون في مدينة شيكاغو  للأحتفال بعيدهم القومي الأغر أكيتو في شمال المدينة في الجزء من شارع ويسترن   Western والمسمى على اسم الملك سركَون الثاني. الجمهور كان عطشاً وحضر بأشتياق وبعدد هائل والكثير منهم ارتدى الملابس القومية  الزاهية " جولي دخومالا "، لكن من الملاحظ ومع كل الأسف عكف رسمياً عن الحضور ممثلي الأحزاب والمنظمات الآشورية وخلت المنصة الرئيسية من اي تمثيل، ولم تتلى اي كلمات بهذه المناسبة القومية العظيمة.
الجو كان مشمساً ، لكنه كان بارداً وهذه طبيعة شيكاغو في هذا الوقت من السنة. لكن بصراحة ان وجود الفنان القومي رمسن شينو في هذه المسيرة قلب الأمور وحول عطش الجمهور في حضوره الميمون الى فرحة كبيرة بعد انتهاء المسيرة ورقص الحضور على انغام أغانيه الجميلة . حقاً تألق رمسن وحول الحديقة المجاورة الى ميدان فرحة ارتفعت ورفرفت فيها الأعلام القومية وانعشت أغانيه المشاعر القومية وظلوا لأكثر من ساعة يرقصون الخكا مع صوته الذي صدح في حديقة من حدائق شيكاغو العامة، وكأنهم ضيوف في عرس دعتهم اليه الطبيعة التي تبدأ في شهر نيسان بالأخضرار ويعتدل الجو بعد انقضاء الشتاء وبرده القارس، كما عهدته شيكاغو هذاالعام. هنا يسرنا ان نقول أن كل من شهد هذا الأحتفال من الأجانب لا بد وان قال في نفسه حقاً ان هؤلاء الناس محقون في احتفالهم هذا!!
الصور المرفقة هي خير من الكلمات ويسرني نشرها لتكملة موضوعي هذا متمنياً ان يكون العام البابلي الآشوري لعام 6769 مباركاً على الجميع وعام سلام وازدهار في بلاد الرافدين منشأ عيد اكيتو قبل أكثر من ستة الاف من السنين.
                                      حنا شمعون / شيكاغو



19
أربعينية بيير شمعون ، الشاعر : رحل وترك ارثاً من المآثر
تولد بيير شمعون  في لبنان من أبوين آثوريين من الجيل الثاني للمهاجرين الى العراق وسوريا وهو ابن الجيل الثالث المهاجر الى الولايات المتحدة . ابوه كان شاعراً  فقد ارضه ووطنه وحين حل به الرحال في لبنان المسيحية ، وفي بداية السبعينات شهد هو وابنه بيير الحرب الطائفية في هذا البلد المسيحي فأين المفر !! المفر للأب ايشو الأبن بيير  وبقية العائلة هذه المرة كان عبر البحار والمحيطات الى الغرب حيث الحرية بعيداً عن الاسلام السياسي العروبي والذي تحول الى الجهادي مؤخراً، ليكون وقعه كبيراً ليس فقط على بيير بل على كل مسيحي الشرق الأوسط وحتى العالم الغربي الحر من خلال العمليات الجهادية السيئة الصيط.
هذه الحالة المزرية التي مرّ بها مسيحيو الشرق الأوسط والتهجير القسري الذي تعرضوا له كان لها رد فعل على بيير وانعكست على شعره وتصرفاته فكان مقاوماً في شعره وداعياً قوياً ليس للوحدة القومية بل الوحدة المسيحية  في المنطقة ولذا كان في حسابه ان قوميته تضم مسيحي الشرق الأوسط المنضوين تحت الطوائف المسماة الكلدان ، السريان الأرثذوكس ، السريان الكاثوليك ، الآثوريين / الآشوريين والمارونيين. ولما لا، فهو الطالب درس في مدارس الكنيسة الكلدانية، ولغته سريانية ، ووطنه لصبح لبنان اما اصله فهو من هكاري. وفي الحقيقة ان هذا الأتلاف القومي تبلور عند بيير متأثراً بالشخصية القومية العظيمة نعوم فائق الذي كان بيير يورد عنه ان هذه الطوائف الخمس هي كأصابع الكف الخمس ان اجتمعت وتوحدت ستكون القبضة القوية التي يمكن  توجيهها للعدو والذي يستغل انقسامنا ومن ثم ضعفنا. بيير تأثر بالعديد من رواد النهضة الآشورية وبالخصوص من السريان الأرثذوكس ومنهم كما ذكرنا نعوم فائق وايضاً فريد نزها وآشور خربوط وكذلك كان متأثراً بالأب الكلداني بولس بيداري وأعجبته ثوريته في مجابهة العروبين في بيروت التي عاش فيها ردحاً من الزمن. 
نعم بيير درس في مدارس الكلدان في بيروت وثم ارسله والده ليدرس الفلسفة واللاهوت في المعهد الكهنوتي الكلداني في الدورة ، العراق  في منتصف السبعينات من القرن المنصرم ولكن بيير لم يكمل مشواره هذا ورجع الى بيروت وبعدها هاجرت عائلته الى الولايات المتحدة الامريكية ، وهناك وفي ظل الحرية التي لم تكن متاحة له من قبل أصبح  ناشطاً قومياً مميزاً، وشمل نشاطه الدؤوب العمل في الاعلام الآشوري والفعاليات القومية اضافة الى عضويته الدائمة  حتى مماته في المنظمة  الآثورية الديمقراطية ( مطكستا ) .
 بيير من خلال مشاركاته في النشاط القومي ومساهماته الشعرية والكتابية والخطابية نال إعجاب اقرانه من القوميين الآشوريين  وحتى حين اصابه المرض اللعين لم يمنعه من تقديم كل ما بوسعه لأمته  واتذكر مرة ان نقل من المنبر الذي كان يلقي فيها كلمة الى المستشفى  بعد ان اغميّ عليه. وهكذا احبه وأعجب بأخلاصه الجمهور الآشوري، ولذا رأينا الأمسية الثقافية التي أقيمت لمناسبة أربعينية وفاته حضوراً كبيراً رغم الأنجماد الذي شهدته شيكاغو وقد أعد له أصدقاءه برنامجاً حافلاً أقيم على قاعة المجلس القومي الآشوري ( متوا ) وحضره غبطة مار بولص بنيامين اسقف الكنيسة الشرقية الآشورية في شيكاغو.
حضرتُ التأبين الأربعيني لصديقي المرحوم بيير شمعون فالواجب في هذه الحالة يحتم والوفاء لهكذا وَفي هو لزوم. اُقيم التأبين في قاعة المجلس القومي الآشوري يوم الأحد المصادف العاشر من شباط عام 2019 . اعتلى المنبر ١٥ خطيباً من الذكور والإناث الذين عرفوا المرحوم عن كثب وألقوا الكلمات التأبينية اللائقة بمقام الراحل وجاءت الكلمات بالسورث والعربية والانكليزية. هذا اضافة الى برنامج حافل للصور والفديوات أعده الاخوان ادمون وهرمز حسو اللذان يعدان برنامجاً تلفزيونياً لأكثر من ثلاثين سنة ويبث من شيكاغو، ولذا فأن ارشيف برنامجهم يزخر بنشاطات المرحوم بييرالذي قدم الى شيكاغو عام ١٩٧٩. عرضت فعاليات كان قد شارك فيها المرحوم بيير على الشاشة  الكبيرة واستمعنا الى أشعاره وخطاباته منذ ان كان شاباً وإحداها كان إلقاء قصيدة مع والده المرحوم ايشو شمعون.






         
               مع والده يقرأ قصيدة مشتركة عام 1991                  ينال التكريم في يوم اللغة الآشورية عام 2016
         
الذي نال اعجاب الجميع وافتخارهم ابالمرحوم بيير ايشو شمعون هو عرض فديو كليب مسجل لمستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لشؤون الشرق الأوسط الأستاذ وليد فارس ولما يقارب الخمس دقائق وهو يلقي كلمة مؤثرة بالأنكليزية ذاكراً فيها الجهود المخلصة التي بذلها بيير في المجال القومي الآشوري والوطني اللبناني حتى ترك لنا ارثاً عظيماً من المآثر تخلده الى الأبد. كما ان السيد طوني زيادة  ممثل القوات اللبنانية هو الآخر القى كلمة مؤثرة بالعربية ذاكراً مناقب الراحل بيير والدور الوطني المُشَرِف الذي مارسه في القوات اللبنانية.
الوحدة كانت همّ بيير الكبير وكنت كلما اراه يحدثني عن المه من اننا متفرقون لأسباب تافهة منها العشائرية والقروية واللهجات في الكلام. كان دوماً يقول لي ان هذه الأمة يجب ان تنهض وتشعر بالخطر المحدق بها من جراء الأنقسام. كان يعرف ان حرية الرأي في البلدان العربية مفقودة ولكن الحرية في الغرب موجودة وعلينا استغلالها وايصال قضيتنا الى اصحاب القرارلأتمام المشروع القومي. في هذا كان يترائ له رواد النهضة الآشورية المغتربين الذين استغلوا الحرية المتاحة لهم ليكتبوا ويقولوا الذي كان محضوراً عليهم في بلدان الشرق الأوسط.
المتحدثون في هذا التأبين كانوا كل من السيدات والسادة التالية اسمائهم: 1- ريمون يونان ممثل المنظمة الآثورية الديمقراطية 2- يوسب رشو، اعلامي 3- شيبا مندو مدير المجلس القومي الآشوري في الينوي 4- شوشن سركيس، شاعرة 5- طوني زيادة، ممثل القوات اللبنانية 6- عمانوئيل سلمون، كاتب وأديب 7- مارينا بنجمين، شاعرة 8- يونان هومة ، شاعر 9-  نيمو مرقس ، شاعرة 10- جولينا تمرس، ناشطة حقوقية 11-عمانوئيل ايشو، اعلامي 12- ميمي شمعون ، كاتبة 13- ريمون شمعون شقيق الراحل بيير شمعون، اضافة الى الشاعر نينوس نيراري الذي ادار الأمسية وقرأ آخر قصيدة كتبها المرحوم بيير شمعون في اوائل كانون الثاني من عام 2019. كذلك قرأت شوشن سركيس رسالة بعثها الشاعر ميخائيل ممو من السويد لهذه المناسبة.
مرفقةً هي بعض الصور التي التقطها بكامرة التلفون .
يا رب تقبل صديقنا بيير ايشو شمعون في ملكوتك السماوي مع الأبرار والقديسين، عزاءنا الحار لعائلته ومحبيه. آمين
                                                      حنا شمعون/ شيكاغو

 


20
قراءة نقدية في التحليل السوسيولوجي لكتاب الكلدان والآشوريون والسريان المعاصرون وصراع التسمية


عنوان الكتاب هو (الكلدان والآشوريون والسريان المعاصرون وصراع التسمية - تحليل سوسيولوجي-) وهو من تأليف الدكتور عبدالله مرقس رابي. مكتبتي تضم هذا الكتاب وكنت كلما سنحت الفرصة اتصفحه لأقرأ اجزاء من هنا وهناك. وفي احدى رحلاتي اخذته معي ضمن مجموعة من الكتب ليكون رفيقاً في الرحلة ، ولكن صعوبة فهم المضمون والمصطلحات الصعبة مع عدم ملائمة الجو ومطباته لم تكن عاملاً مشجعاً لأتمامه حتى تحولت لآخر اسهل فهماً ليغدي أنيسي في رحلة جوية تقارب الثلاث ساعات. مرة اخرى عاد الكتاب الى ليأخذ مكانه الآمن في مكتبتي المتواضعة، لا بل الهادئة لقلة انشغالي بها في عصر الأنترنت والفيس بوك .نعم هكذا اصبح عصرنا نبحث عن السهل السلس الذي لا يتعب الذهن فنحن لسنا طلاب دراسات عليا انما نحن قراء في زمن الأنشغالات العديدة . ان كان هذا الذي حصل لي لقراءة هذا الكتاب فأنا متأكد ان هذا الذي حصل لكثيرين غيرى ولم ينهوا قراءة الكتاب.

علي الوردي كتب 18  مؤلفاً ضخما عناوينها كلها واضحة ،ومرة تسنى لي وانا يافع القراءة في  احد اجزاء كتابه المشهور "لمحات من تاريخ العراق الحديث" وكنت كخديعة القمرالذي يسرع بين الغيوم امر على الأسطر من غير توقف لأني لم اجد مصطلحاً لم افهمه وكان الشوق يأخذني لأشبع فضولي لنَهْم المزيد ، لكن للأسف كنت قد استعرت الكتاب من صديق ولم يكن لي الوقت الكافي لأنهائه.

قبل مباشرتي في كتابة هذه القراءة كنت قد اتطّلعتُ في عنكاوا كوم على مقال كتبه في ثلاثة اجزاء الكاتب المعروف ابرم شبيرا ( الرابط ادناه ). قرأتها  بشغف وامعان ورغم اني اتفقت مع الكاتب شبيرا في ملاحظاته حول الكتاب ، لكن تحسست الأزدواجية والدبلوماسية بينه وبين المؤلف مما اضاع الكثير من النقاط المهمة التي يجب ان يتشبث بها الناقد كي يكون موضوعياً وغير مجاملاً خاصة لكتاب من عنوانه هو عن مصير امة عرفت الضياع لقرون عديدة.
وهنا اود ان اسجل المحاورة التي وردت بين الكاتبين بهذا الخصوص:

أبرم شبيرا : ..علما بأنه ليس لي صلة قرابة به ولا مصلحة لي معه غير أنني أعرف بأنه كلداني وأنا آشوري ولكن ... نعم... ولكن... كلانا ننتمي صميمياً إلى أمة واحدة.
د.عبدالله رابي : نعم انك اشوري وانا كلداني لنا مشاعر اثنية انتمائية انما نحن ابناء امة وشعب واحد.

ولذا رأيت ان ادلو ان الآخر بدلوي ليس في الرد لكن في مقال منفصل
سحبتُ الكتاب من مكانه الآمن في مكتبتي ورحت أقرأ فيه بأمعان، لكن هذه المرة كلما صادفني مصطلح لا افهمه استعنت سريعاً بالأستاذ كَوكَل وهكذا تخطيت حواجز مثل السوسيولوجي والأنثروبولوجي والأثنية والأطار المفاهيمي للبحث و المحكات ومقدمة كبرى ومقدمة صغرى، وغيرها كثيرة من المصطلحات التي لم يتسنى لمعظمنا الأطلاع عليها.
لكن يبقى السؤال لماذا اعتمدها كاتبنا الموقر في كتاب من المفترض ان يكون للعامة من القراء، لمن لا يفرق بين الدين والقومية، لواحد يظن ان السورايي تعني المسيحي. كيف يا رابي تُعلم هؤلاء طريق الصواب ماذا تنفع المصطلحات الصعبة هذه معهم ؟ السورايي مصطلح شعبي وهام لهكذا كتاب لكنك تفاديته عن قصد اوغير قصد، وانت في هذا غير محق. 


لنبدأ من العنوان والغلافين والمقدمة التي هي زبدة الكتاب.
--استعرتُ اعلاه نسخة صورة غلافَيّ الكتاب من مقال الكاتب ابرم شبيرا ، مشكوراً --
المؤلف في العنوان المختار يوحي للقاري بوجود ثلاث قوميات متصارعة فيما بينها وكل منها قائمة بذاتها ولا يمكن الجمع بينها ولذا ثمة واوات فاصلة بينها. وهو في متن الكِتاب يسمي هذه القوميات بالاثنيات في الغالب، ولكن احياناً  يطلق عليها اسم القوميات رغم انه له في الكتاب تعريف لكل منهما، ص 13  ص 36 . وهكذا فأن عنوان الكتاب مُربك فلو سلمنا جدلاً ان هذه هي قوميات كل منها قائمة بذاتها كما يعتقد رابي فماذا لو استبدلناها بثلاث اخرى مثل العرب والتركمان والكرد. ولنقرأ العنوان بعد ذلك ونُحللهُ فالذي نَلحظه مدى الأرباك فيه ليقول لنا القاريء الكريم عن اي صراع  تتحدث يا صاح؟؟ البقية اتركها لذهن القارئ الفطن.

ملحوظة اود هنا ذكرها حول اعتقاد المؤلف وجود هذه الأثنيات منفصلة عبر تاريخ العراق ، فان حضرة الدكتور عبدالله يذكر  في ص73 " ولأستمرار الحروب بين الدولتين الصفوية والعثمانية تعرض المسيحيون بمختلف طوائفهم وأثنياتهم الى الأضطهاد والقتل والتشريد.." وفي ص 95 يكتب " في الربع الأول من القرن السابع الميلادي... هو الغزو العربي لنشر الديانة الأسلامية فطال هذا التأثير شعب بلاد النهرين المسيحيين من الكلدان والآشوريين والآراميين فاما قتلوا او تشردوا او دخلوا الأسلام. " هذا التصنيف الأثني غير معهود عليه الا بعد 2003 م، ولا ادري كيف سمح حضرة الدكتور توظيف هذا التصنيف هنا. وبالمناسبة لاحظت ان الدكتورعبدالله كثيراً ما يستعيض عن السريان بالآراميين والكلدان بالبابليين، اما الآشوريون فأبقاهم كما هم!!

بعد كل هذا اطلعتُ على المقدمة الطويلة التي هي زبدة الكتاب الذي سوف نأتي على تفاصيله، لكن فقط اقف على ملحوظة ذكرها الكاتب انه ومنذ كتابه السابق (الكلدان المعاصرون والبحث عن الهوية القومية / دراسة سوسيوانثروبولوجية ) تغيرت عنده الكثير من افكاره بسبب تراكم المعلومات والمعرفة نظراً لمتابعته الطويلة لما كُتب عن الموضوع وتوفر مصادر جديدة لديه ، الخ. طبعاً هذا من حق الكاتب ولا يلام عليه لكنه لم يعطينا ولو مثل واحد على هذه التغيرات. فقط متغير واحد لحظته هو تحوله من القومية الى ألأثنية، وهذا عندي امر خطير لأن الأثنية كما هو معروف تتعلق ببيولوجية  ودم الفرد ( الجينات )، ولذا فلا عجب ان جينات السيد عادل بقال  ص 198 كانت نحو الشمال : قوقازي-  ايطالي يوناني وشرق اوسطي. وبعيداً عن الجنوب: اليمن، جزيرة العرب والخليج الكلدي  ( كما اسماه الكاتب ). هنا تناقض بين تعريف القومية الأثنية ص 16 حيث يؤكد الكاتب على رابطة الدم واصراره على نظرية النشوء العائلي او الأجتماعي . واي نَقر على كلمة الأثنية في انسكلوبيديا الأستاذ العجيب كَوكَل  نجده يعطينا تعريفاً يؤكد السلف والعْرق ولذا كان من الواجب ان تظهر النتائج لفحص عادل بقال الكلداني بأتجاه الجنوب حيث موطن الكلدان ، لكن التيجة جاءت على النقيض. انا اعرف قصد الدكتور عبدالله هنا من انه لا يمكن الأعتماد على التاريخ والجغرافية في تقريرالأثنية، ولكنه يوقع نفسه في معضلة.

حجة الدكتور عبداالله وعبرهذا الكتاب يحسب الكلدان اثنية قائمة بذاتها وفق التحليل السوسيولوجي ص 134 والذي يذكر فيه : " فتنشأ التسمية التي تطلق على جماعتهم واتي تلقوها من اسرهم منذ الصغر معهم بمرور الزمن بحيث تصبح  جزءاً من تفكيرهم فينطقون بها لا شعورياً اي بدون وضع المقدمات والشرح لأجابة. فلو سألني احد ما هي هويتك الأثنية؟ ففي الحال تكون اجابتي: كلداني ، وهكذا بالنسبة الى الآشوري والسرياني او الكوردي او العربي" . سؤالي هنا للدكتور هو لماذا انا والألوف الذين تربوا في كنف عوائل تظنها كلدانية وسريانية نرفض ان نقول اننا كلدان او سريان هل نحن مغفلون لأننا لا نلتزم بقواعد علم الأجتماع الذي يحسبه الدكتور الآمر والناهي في تقرير القومية؟ ان قبلنا بهكذا نظرية فان النتيجة هي ليس فقط  وجود ثلاث قوميات بل العشرات منها لأن هناك عوائل ملتزمة  في تربيتها بالأنتماء العشائري او القروي او المذهبي. وفي ظروف الغربة والعيش في كنف الأجانب لا اظن ان التنشئة العائلية ستكون كلدانية او آشورية فهل يعني هذا زوال هذه الأثنيات وضياع دلالة الجينات.
الفرد المسيحي  " سورايا " في العراق او سوريا او تركيا او ايران ليس بحاجة الى هكذا تنظير. فهو يعرف مشاعره ويعرف مقومات القومية ودرسها في المدرسة وهي ليست بالطريقة التي ذُكرت في هذا الكتاب.
في البيت الذي نشأتُ انا فيه كنا نسمي الآثوريين نسطورنايّ وكانت ثمة قطيعة طائفية تمنعنا من دخول كنائسهم وأعرف جيداً انهم بالمقابل كانوا هم يسموننا بابايّ وقليبايي مما كان يمنعهم من دخول كنائسنا . لا حاجة لي للترجمة هنا فكل القراء يعرفون الكلمات ومعناها بالعربية لأن بالأصل اكتب في منتدى يجمع روادها قومية واحدة وكلامي موجه الى افراد هذه القومية. لكن سؤالي هل كل الذي تلقيناه في الصغر هو قانون وثابت الى الأبد، الم يكن ذلك خطاءاً ويجب ان نرفضه ؟؟ انا شخصياً لم ادخل كنيسة آثورية/ نسطورية الا بعد وصولي الى شيكاغو وبعد ان تجاوزت الثلاثين، وكم كان تعجبي ان نظام ( طقسا) قداسهم هو نفس نظام قداسنا. قصدي هنا ان تنشئتنا كانت مذهبية وخاطئة فهل من الصواب ان تقرر مصيرنا القومي؟؟  نحن نعرف ان الذي يبنى على الخطأ هو خاطيء! الغريب و العجيب والمتناقض في هذا الأمر ان الدكتور عبدالله في ص 237 يناقض نفسه في كون تربيته قومية كلدانية حين يقارن التنشئة الآشورية بالتنشئة الكلدانية والسريانية فيقول: " بينما لا نلاحظ هذا التوجه في التنشئة الأجتماعية في الأسرة السريانية والكلدانية، فلم تُعِر الأسرة هنا اهتماماً بالمشاعر القومية وتنميتها والتشجيع للأنتماء الى الأحزاب السياسية ، بل تقف موقف اللامبالاة من هه الظاهرة ولا يزال."
والسؤال هنا كيف يدَّعي الدكتور عبدالله ان تنشئته كانت قومية كلدانية، وان كانت لا شعورية فلماذا يلتزم بها الآن!!

الكلدان القدامى كثيراً ما يشار اليهم بالبابليين الحديثين (بابل الحديثة) وكانوا كما ورد في هذا الكتاب "آخر سلطة وطنية" ص 130 حكمت القسم الجنوبي من بلاد النهرين. وفي هذا الصدد ايضاً يقول الدكتور عبدالله ان سلطان الكلدان في عهد نبوخذ نصر "وصل الى مصر غرباً وحدود افغانستان الحالية شرقاً "، وهذا  أمر لم اقرأه من قبل ولست ادري من اي مصدر من مصادر الكتاب البالغ عددها 192 اقتبس هذه المعلومة. سبق لي وأن قرأت في كتابات الكلدان المعاصرين يذكرون بفخر ان الكلدان هم  آخر سلطة وطنية حكموا العراق وهذا لا اراه صحيحاً لأن الكلدان في الحقيقة تآمروا مع الأجنبي الميدي لأسقاط الآشوريين الذين فقط حكمهم الزاهر دام اكثر من الف عام ويخجل الوطني العراقي المعاصر من نفسه حين يدخل اي متحف يضم آثارهم. وبالمقارنة نجد ان الكلدان حكموا بابل لمدة 83 سنة بقوتها وضعفها وكان نبوخذ نصر الملك الوحيد ذا شأن كبير ازدهرت فيه امبراطوريته التي لم تتعدى في مساحتها نصف مساحة امبراطورية الآشوريين.
المستشرقون والآثاريون عرفوا التسمية الكلدانية أكثر من الآشورية والسبب في ظني الى اعتمادهم الى مكتبة الفاتيكان التي بعض معلوماتنا تقول ان روما اسمت القبارصة المتكثلكين بالكلدان عام 1445 م في زمن البابا اوجينوس الرابع. وحتى لايارد مكتشف نينوى  حوالي عام 1847 م كثيراً ما يشير الى التسمية الكلدانية لبعض القرى حتى قبل التحول الى الكثلكة. وفي رأي لحين سقوط الدولة العباسية  عام 1258 م على يد المغول كان للكلدان او البابليين وجود واقعي في وسط وجنوب العراق وخاصة في بغداد ولكن بتسمية النصارى او السريان، ولكن بعد ذلك اختفوا ولم نعد نسمع عنهم . في رأي  الشخصي كان على الدكتور عبدالله تقفي اثر هؤلاء الكلدان وماذا حل بهم قبل ان يشير اليهم بان لهم اثنية خاصة بهم وسكنوا قرى سهل نينوي وبعض القرى الجبلية منذ غابر الأزمان.
شخصياً، احسب الهاربين الكلدان قد توجهوا الى هكاري وجيلو وباز في تركيا الحالية ولذا انثوبولوجيّاً نرى البازيين لحد الآن لدى البعض منهم بشرة داكنة اصلها منطقة حارة على عكس منطقة جنوب شرق تركيا وهكذا الجلوايي الذين بعض اسمائهم عربية لحد الآن. اما الهوزايي فحسب اِفادة المرحوم الكاتب خوشابا حنا هوزايا ان اصلهم هو من الأهواز ، جنوب العراق. الدكتور عبدالله لم يقتفِ هذه الآثار ، واكتفى الأعتماد على مال سمعه من والديه ولا أظن انه كان ذلك صحيحاً، فانا عشت نفس بيئته ولم اسمع احداً في البيت يقول اننا كلدان، بل سمعتهم يقولون اننا سورايي التي شملت المسيحية، وهكذا كنا نعرف انفسنا حين كان احدهم يسألنا وكنا نفرح حين كنا نلتقي مع سورايا آخر نتكلم معه بنفس اللغة ولو كان من طائفة اخرى!

بسب كون الأسم الكلداني معروفاً لدى روما من زمن تحول نساطرة قبرص الى الكثلكة ، كما مرَّ، فقد اتخذت الكنيسة التي تبعت روما عام 1830 م في عهد يوحنان الثامن هرمز، النسطوري سابقاً، اسم الكلدانية لتكون طائفة معترفة بها من قبل السطات العثمانية التي كان عليها التعامل مع الأقليات الساكنة في دولتها. هكذا ظل الكلدان في العراق كطائفة معروفة وليس كأثنية. الغريب في هذا الأمر ان الدكتور ينكرهذا في ص 203 ليعطينا تعريف الطائفة: "فالطائفة مصطلح اجتماعي تعني به العلوم الأجتماعية: مجموعة من الأفراد تتجانس خصائصهم الأجتماعية والنفسية والأقتصادية والطبقية والدينية." ثم يضيف ان "التسمية اطلقت على المجموعات الحرفية كطائفة الحدادين وطائفة النجارين .. ثم تحولت  لتسمى النقابة."  ان كان هذا قد حصل فقد حصل في اوربا .ما لنا واوربا يا دكتور !!  هل يصح الآن ان نقول نقابة الشيعة ، نقابة الصابئة، نقابة اليزيدين..الخ حتى يضحك الناس ويستغربون. لقد تمزق العراق الحالي بسسب الطائفية المقيتة وكذا تمزقت امة السورايي بسببها وهناك من يحسبها مجرد نقابة!!

في الغلاف الأول ثمة خطأ فني وهو ان المؤلف لم يذكراسم الفنان الذي صممه. اعرف انه واحد من الكلدان المعاصرين المتعصبين لأثنيته ليس كما لقنته عائلته بل كما واكب الموجة الكلدانية بعد عام 2003. اللون الأزرق الذي يتخذه المتحزبين الكلدان طاغي ثم الخلفية هي باب عشتار وثمة أسد فاغر فمه يريد ان يفزع الثور المجنح الآشوري الصامت الذي هو بنفس حجم الأسد، على عكس ما هو معروف ان الأسد اصغر حجماً من الثور المجنح. السؤال للمصمم وللدكتور عبدالله رابي اين موقع السريان في هذا التصميم . ويبقى السؤال الأهم اين تفسير كلمة المعاصرين وأين التعبييرعن كلمة التحليل الواردة في عنوان الكتاب الذي يجب ان يعامل الأثنيات الثلاث بالتساوي ، لا بالأنحياز لأحداها .
رأينا الشخصي في هذا ان السريان المعاصرين ليسوا بقومية ولا اثنية، وهذه التسمية عربية استعاروها من الأغريق صرّفوها حسب عربيتهم وأطلقوها على المسيحيين في دولتهم نظراً لأهمية اللغة التي كانوا يكتبون بها ويمارسونها في طقسهم الكنيسي . وحالياً عندي السريان هي ترجمة كلمة السواريي الى العربية، وان كان ذلك ليس قطعياً، لأن العرب بطول تاريخهم لا يستطيعوا لفظ كلمة "سورايي" لا سابقاً ولا حديثاً. طبعاً حسب تفسير الدكتور عبدالله يمكن ان يكون السريان أثنية لأنهم هكذا تعلموا في البيت ، ولكن نسيَّ الدكتور ان هناك سريان كاثوليك في برطلا مثلاً هم اقرب للكلدان من ان يحسبوا مع السريان الأرثذوكس في اثنية واحدة لأن لكل منهما تنشئة عائلية مختلفة ولهجة لغوية مختلفة. ومرة اخرى شخصياً اقول -- لأني لست المقرر-- ان السريان الأرثذوكس يمكن ان يحسبوا على اثنية الآراميين تاريخياً ولهم رمزهم التاريخي الخاص -- جناح نسر مفتوح -- وعلى هذا كان يجب على المؤلف ان يستبدل كلمة السريان ب الآراميين، حيث لهم جغرافيتهم وهوية خاصة  ولهم لهجة خاصة يتكلمون بها و لهم نواديهم وأحزابهم السياسية..الخ . عن السريان الأرثذوكس اقول عدا انهم كانوا رواد الفكر القومي الآشوري، فهم الآن مقسمون بين مؤمنين بالآشورية والمنظمة الآثورية الديمقراطية كمثال وبين مؤمنين بالآرامية كالمنظمة الديمقراطية الآرامية كمثال آخر. وكلمة السريان  لها من التفسيرات ومن الشمولية ومن الخصوصية ومن الغرابة ما يحير كبار المؤرخين، ومنبعها هو آشوري ثم اغريقي ثم عربي، اما قبولها من ابناء امة السورايي الحاليين فيتفاوت بين راضخ ورافض.   

الغلاف الأخير فيه الكثير عن منجزات المؤلف على الصعيدين العلمي والأجتماعي والتي عرفناها من مؤلفاته السابقة وكنت اتمنى ان ارى نبذة وجيزة عن الكتاب او تزكية للكتاب من قبل آخر معروف كما هو مألوف عند الكُتاب الأجانب . لكن بصراحة وهنا اعرف اني سأثير حساسية حضرة الدكتور عبدالله وانا آسف جداً لأني هنا عليَّ أن اكتب نقداً بلا مجاملة  ولا دبلوماسية : بنظري ان انتخابه لرئاسة مؤتمرين عالميين للكلدان في ساندييكو وديترويت كان امراً خارجاً عن ارادته، فقد انتُخب بسبب شهادته العليا والنتائج لم تكن ايجابية بل زادت الهوة بين ابناء الأمة الواحدة، وهذا أمر لا يسجل لصالح رئيس المؤتمر . لا اريد ان اسهب في الموضوع لكن لي تحفظاتي على المؤتمرين المذكورين.

نعم اسلوب الدكتورعبدالله راق وشفاف واعتمد المنهجية والعلمية والطُرقية مع التحليل السوسيولوجي الذي يشمل مجموعة من الأفراد الذين تربطهم الهوية المشتركة ويتوافقون على شعور ومنسجمين مع بعضهم البعض ولهم اهداف مشتركة وهم متواصلون مع بعضهم البعض اينما عاشوا سواء في موطنهم الاصلي او اوربا او امريكا او استراليا وهكذا قَسَّم اثنياته الى كلدانية وسريانية وآشورية . هنا اطرح اسئلتي ان كان هذا النشؤء الذي اشار اليه الدكتور في صفحة 134 يشمل الكلدان فما باله ان قلتُ له انه يشمل الكلدان والآشوريين معاً. كلنا حضرنا في الغربة حفلات فيها الذين نسميهم كلدان والذين نسميهم آشوريين يرقصون سوية  يداً بيد و روشانا بروشانا فهل يستطيع احد التفريق بينهم انثروبوليجياً كما نفرق بين كلدان وعرب او آشوريين وعرب؟ اي احصائية  تُجرى الآن في امريكا اوكندا او استراليا وحتى اوربا فان نتيجتها ستكون عدد الزواجات ما بين الكلدان والآشوريين هي مقاربة جداً لتلك التي بين الكلدان انفسهم والتي بين الآشوريين انفسهم. هذا اضافة الى خضوع الطرفين لعوامل تنشئة متشابه جداً ان لم تكن متساوية مثل تعلم لغة السورث والصلاة  والصوم والأمثال الشعبية، والعادات والتقاليد ..الخ، وما بالك في البيوتات --وما أكثرها -- حيث الأم من كنيسة كلدانية و والأب من كنيسة أثورية وبالعكس!
بالمناسبة الدكتورعبدالله لا يَقرّ هنا باهمية الأمثال الشعبية لأنه كما يرى انها " قيلت في زمن ومكان معينين ولا تصلح لكل الأوقات والأماكن.." كما جاء في ص 141 . هذا شخصياً اعتبره خطأ فظيع وان تبناه علم الأجتماع فانا مستغرب من ذلك جداً، وبامكاني كتابة صفحات وصفحات عن الموضوع ولكن سوف اقف هنا ومجرد اعبر ان امتعاضي من هكذا موقف.
معلوماتي ان العائلة دائرة تحيطها دائرة اخرى هي الأقرباء بالدم وتحيطها ثالثة هي العشيرة او المحلة او القرية وهكذا حتى نصل الى المدينة والوطن والمثال هو الدوائر الترددية التي تكونها حصاة نلقيها في بركة من الماء. لكن الدكتور عبدالله كعالم اجتماع لماذا اختصر المجتمع في العائلة فقط ، الا يُحب ويتعلق بقريته مثلما يتعلق بعائلته؟ أملي ان القصد مفهوم هنا.

ملاحظة اخرى لمستها من قراءة الكتاب هذا. كم مرة ذكر وحَطَ المؤلف من قدر كتابات غير الأختصاصين ص 142 ص 170 ص 171 وكأن الذي لم يختص في علم الأجتماع لا يحق له ان ينشر ولو مقالة عن القوميات ونشوئها. حتى هيرودتس الملقب ابو التاريخ حُطَّ من قدره  في ص 173 حين ذكر: " وقد يلجأ بعض الكتاب المهتمين بتاريخ الشعوب القديمة الى الكتابات التي كتبت من قبل المؤرخين القدامى المليئة بالأخطاء الجسيمة والتناقضات. ومن هؤلاء الكتاب الذين غالباً يرجعون اليه المؤرخ اليوناني ( هيرودتس ) الذي كتب عن بلاد النهرين حيث وقع في اخطاء كبيرة.." وفي هذا ايضاً يظن انه يضرب عصفورين بحجر لأنه في هذا الكتاب و في ص184 وهو يتحدث في التقليل من اهمية الأشتقاق اللغوي يذكر: ".. فيستند كل كاتب في تفسيره على تلك الأشتقاقات والمرادفات لها فالصياغات اللغوية التي يعتمدها قد تخالف صياغات غيره تماماً، وان مسألة التشبث بأن الأغريق او غيرهم اسقطوا حرفاً او ماشابه  او لعدم تمكنهم من اللفظ ليست علمية .." وطبعاً هنا يريد ان يقول ان تسمية السورايي غير مرتبطة بالأسم الآشوري فلا تعولوا على ذلك يا اصحاب المنطق! وفي هذا كثير من اللغط والتهرب مثل النعامة التي تخفي رأسها في الرمل كي لا ترى عدوها. الدكتور ذكر ان رجال الدين هم من غير الأختصاصين ولا يحق لهم البت في التسمية القومية والقسم الأعظم من هولاء رجال الدين يؤيدون هيرودتس ويعتمدون عليه وهنا اذكر القليل منهم وهم أدي شير واوجين منّا ويوسف حبي. هذا اضافة  كثيرون آخرون  من غير رجال الدين امثال فريد نزها وآشور خربوط وجميل روفائيل وكثيرون آخرون. هذا اضافة الى أن المنطق والعدل والشفافية يؤيدون هذا، كما احب ان اذكر دوماً. 

دكتور، ادعوك وانت العالم الأجتماعي الى المنطق والأعتراف بالحقائق لا بالتراهات التي اعطيتها الأهمية الكبرى في الصفحات  89 الى 92 وفي الملحق الذي اضعت فيه احدى عشرة صفحة  اخرى من ص 307 الى ص 318 . طبعاً هنا اتكلم عن الترحيل الجماعي لمن تظن انهم كانوا كلدان الى المناطق الآشورية قبل اكثر من 2500 سنة ليتواصلوا لهذه الفترة الطويلة الى يومنا هذا وتصنفهم بحق وحقيق  ككلدان !! نعم كلدان في كرمليس بلدة المؤرخ حبيب حنونا التي اسراها احتفظوا بهويتم الأثنية مثلما احتفظ جيرانهم في قرية برطلة بهويتهم السريانية! وهكذا ايضاً كلدان كوماني وآشورييو ديري والمسافة بينهما لا تتعدى " شمرة عصا"، اقولها هكذا لأني لا احب اعادة الأمثال السابقة لي بهذا الصدد . قليل من المنطق يا دكتور وتفحص ضعف تحليلك السوسيولوجي.
في النقد الذي كتبتُه انا قبل عدة أعوام عن كتابك السابق " الكلدان المعاصرون والبحث عن الهوية القومية/ دراسة سوسيوانثروبولوجية انتقدتُ هذا التشبث الغير المنطقي ( الرابط أدناه ) وها انك تكرر هذه المسألة  في هذا الكتاب كأنك وانت و المؤرخ حبيب حنونا قد وجدتم بثقة تامة ضالتكم لتفسيرسبب وجود بلدات كلدانية في لب آشور، وهذا التفسير بصراحة غير مقبول لشخص عادي ، فكيف لأثنين بمستوى ثقافتكما! هذا اضافة انك في شرحك للمحكات في هذا الكتاب والذي سبقه تنكر اهمية التاريخ في تقريرالأثنية ولكنك هنا تعول على التاريخ لتثبيت القومية الكلدانية، هذه معضلة وتناقض وعليك تفسيرها.
اريد ان اسهب هنا لأني اعرف هنا ضعف حجة الكاتب في هذا الصدد حين يذكر في ص 90 "ووفقاً للحوليات يُقدر البعض عدد الأسرى المرحلين من المماليك الكلدانية بنصف مليون، ويقدر الآخرون عددهم أكثر من مليون بالأضافة الى الأرمن واليهود."  حسب ذكر الكاتب للعهود التي حصلت هذه الهجرة تقارب خمسمائة عام. مع هذا فانه في تقديري ان الرقم مبالغ به -- طبعاً كل ملك يكتب ويفاخر بأنتصارته. على المؤرخ  او العالِم الأجتماعي ان ينبه القارئ الى هذا التباهي او يحذفه من الكتاب لأنه غير معقول . بعد  3000 سنة وبالتحديد عام 1957 كان نفوس العراق  كله بشماله وجنوبه  هو 7 ملايين. اي قراءة وتحليل سوسيولوجي لتنامي عدد السكان لا أظن يوافق عل هكذا مبالغة، لكن الدكتور رابي والمهندس حنونا لم يستوعبوا هذا فنقلوا لنا مبالغة لا تصدق.
 
أعرف جيداً ان الدكتور عبدالله صرف جهداً استثنائياً ووقتاً ثمنياً من راحته وراحة عائلته ليأتي بما يرضي الجميع وان لم يفلح بنظري فان جهدوه مشكورة دوماً ، فلربما يراها قاريء او ناقد آخر نافعة كما هو والحال مع الكاتب المعروف أبرم شبيرا. لقد استشعرت هذا الجهد المبذول وانا اكتب هذا المقال المتواضع نسبياً حيث كان عليَّ الأقتباس من اجل الموضوعية. والأقتباس من العربية هو امر في غاية الصعوبة لأن العربية الحديثة لم تعد تعرف التنقيط وأحياناً نجد فقرة كاملة مكتوبة في جملة واحدة. كما ان قوة الشد لكتاب بهذا الحجم الصغير نسبياً وبهذا العدد الهائل من الصفحات نسبياً ايضاً ليس بودود حيث اضطررت لأستعمال القوة لأبقاء الصفحة مفتوحة من اجل اقتباس الجُمل وببطء.
     
بصراحة هناك أكثر من هذا الذي وجدته من نقاط يمكن مناقشتها او الأعتراض عليها  في  كتاب الدكتور عبداالله مرقس رابي، ولكني سأتغافل عنها لأن ليس قصدي النقد السلبي هنا انما قصدي جوهر الكتاب الذي تشبث به الدكتور وهو نظرية النشوء الأجتماعي العائلي لتقسيم امتنا ، أمة السورايي،  ولم يتمكن من الأفلات منها رغم انه جاء على ذكر معلومات تاريخية وأجتماعية غزيرة  مفيدة جداً للقراء ورغم ان اسلوبه علمي وهادي خالي من العصبية والتهجم ورغم انه اعتمد المصادر العالمية والموثوقة،  وكلها هذه هي صفات كاتب عالي المستوى، لكن في نظري ان غلطته في هذا الكتاب هي من الكبائر التي لها تأثير تقسيمي على امة عريقة  ورغم انحسارها العددي حافظت على روابط التاريخ والجغرافية واللغة والدين والتراث لأكثر من الفي سنة . كما أن شق  الصف بالواوات هنا لا يمكن ان يعالج بالأدعاء اننا شعب واحد كما ورد اعلاه، لأن مفهوم الشعب في الشرق الأوسط  يعني تشعُب الأثنيات في الدولة السياسية الواحدة.

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=705068.0

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=915602.0

                                                               حنا شمعون / شيكاغو
                                                             11 كانون الأول 2018

21
"وداعاً يا نيراري " قالها رفاق الدرب في الأربعينية

قلة يموتون في عمر الثلاثة والثلاثين، فهو عمر الذين ابدعوا في انجازتهم الدنيوية والمزيد كان قادما، ولكن... المسيح اولهم والأسكندر المقدوني هو الأخر والثالث انا اقول نيراري الأبن البكر للشاعر الكبير نينوس نيراري. اورشليم و بابل لا بد ان زلازل ضربهم ذلك اليوم لاني اعرف ان زلزلة من الحزن والبرد عصفت على شيكاغو يوم الجمعة والأيام التي تلت اليوم التاسع من شهر تشرين الثاني عام 2018 ، يوم انتقال نيراري نينوس يوسف الى الأخدار السماوية.

 نعم  نيراري الأبن لم ينجز الذي انجزه والده نينوس لكني انا بعد ان اطلعتُ على تفاصيل حياته ايقنت ان هدفه كان ان يكون مثل الوالد في انجاز كل ما هو قابل للتحقيق لمستقبل امته الآشورية ولذا بدأ يحلم ويخطط فالتحق في قسم التاريخ والآثار في كلية نورث ايسترن والتحق ايضاً بالمسيرة السياسية لزوعا. زار الوطن وادى قسَم النضال المستميت فوق تراب سميل، وفي نفس الوقت علق نيراري الحالم ..الصليب في صدره كما كان مار بنيامين يفعل، فالمسيح وتعاليمه لا يمكن الأستغناء عنها حتى في حياة المناضلين القوميين، المسيحية كانت حياته الروحية التي كان يقينناً انها ستستمر معه بعد الموت لأنه حمل معه انجيل الرب يسوع وبَشر به في حلِّه وترحالِه.

في الأربيعنية التي اقامها كادر زوعا الشبابي لرفيق الدرب في الأحد المصادف  16/ 12 / 2018  وبحضور الأسقف مار كَوركَيس يونان والأب كَوركَيس سليمان القى الشاعر هرمز يوسف وهو عم نيراري كلمة العائلة وفيها اكد هو الآخر ان الفقيد ابن اخيه كان له حلم كبير في ان يتبارى مع والده ليكون مثله منارة تنير السبيل في لمستقبل  الأمة الآشورية، هكذا كان حلم  نيراري. وأضاف هرمز قائلاً ان حلم كهذا لا يمكن تحقيقه في هكذا عمر قصير عاشه على الأرض لكن التأثير الذي تركه نيراري الشاب على رفاق الدرب الذين بعمره هو الأمل الذي سوف يسري في جيل كامل. وأضاف هرمز لقد كان جزء من حلم نيراري ان يقوي العلاقة بين شباب الوطن وشباب الغربة ولذا زار الوطن وعمل دؤوباً ليبني جسرمن التواصل بين الطرفين البعيدين. في ختام كلمته القى الشاعر الزوعاوي هرمز قصيدته بالمناسبة وكانت بعنوان " دمعي ديما / دموع الأم "؛ وبالنسبة لي كانت ذا معنى قوي طالما عبر عنه نينوس في قصائده ان الأمة هي نبض القلب .

الكسندر ديفيد مسوؤل الحركة الديمقراطية الآشورية / قاطع الينوي وهومن الجيل الجديد واتوقع انه من ولادة الأغتراب قال عن فقيد قاطعه انه كان صافِ القلب وقومي مخلص يجب ان يكون مثالاً يحتذى به. وكذا ايضاً تكلم السيد شيبا مندو مسوؤل المجلس القومي ألاشوري ( متوا ) في الينوي وذكر ان نيراري كان مسؤول القسم الأنكليزي في مجلة  ميزلتا التي يصدرها المجلس القومي الآشوري  وأشاد ايضاً بالأيمان القومي والمسيحي الذي كان يلتزم به نيراري الأبن في جميع اعماله.

عريف الحفل رامي بهرام وهو الأخر شاب في مقتبل العمر وكادر في الحركة الديمقراطية الآشورية ذكر عبر فقرات الحفل ان نيراري رفيق دربه زار الوطن مرتين في عام 2010 و 2011 وكان فعّالاً في البرنامج الأذاعي الأسبوعي للحركة في شيكاغو وكان مسيحياً مؤمناً وقومياً مخلصاً.

رفيقة الدرب في زوعا الشابة نوفينا لازار هي الأخرى وهي تحبس دموعها اوردت ذكرياتها مع نيراري الذي علمها معنى كلمة "لويا" اي الرفيق ولقنها اهداف زوعا. ثم تكلمت بالأنكليزية عن نيراري كونه قومي فعّال ومتدين ومحب للناس وختمت كلمتها بهذا القول: " نيراري كان رجل في مهمة لنشر رسالته ، فلتكن مهمته في استمرار."
نوفين في ختام كلمتها قالت انه ورفاقها بذلوا جهداً في جمع صور وفديوات الراحل نيراري بما يقارب ال600 منها وبعد الأنتهاء من انتقاء الأفضل وتم انجاز مقطع الفديو ليلعب القدر هو الآخر دوره ويكون فترة المقطع 33 دقيقة على عدد سنين عمر نيراري على الأرض.

مقطع الفديو وثق ومراحل حياة نيراري نينوس يوسف منذ الصغر، وحياته تحكي نشأته في كنف عائلة هجرت الوطن الى ديار الغربة في شيكاغو وهو الأبن ألأكبر لوالديه نينوس وقرينته ايفلين وله من الأخوة اثنان يصغرانه وهم كل من شاروكينو و اوباليت واخت تصغرهم وهي ميري. وبدا جلياً من الفديو ان نيراري كان يسير على نهج والديه اللذان رباه تربية مسيحية آشوريه وحين كبر نيراري الفتى الجميل المرح اظهرت لنا صوره وهو يزور الوطن انه يحلم بتحقيق مشروع قومي ، ولكن القدر كان له بالمرصاد ولم يحققه ، ولكن بالتأكيد ان رفاق الدرب الذين اثر فيهم سوف يكملون مسيرته .

شخصياً الذي اثر فيّ هو هذا الزخم  الكبيرمن الناس الذي زحف الى المجلس القومي الآشوري يوم سماع النبأ الحزين ويوم تشييعه الى مثواه الأخير والقداس الألهي الذي اقيم له في كنيسة مار اندريوس في كَلنفيو احدى ضواحي شيكاغو. المشهد الحزين في المقبرة في يوم قارس وعاصف لم تعرفه شيكاغو الا نادراً هز حواسي وانا اعرف ان صديقي نينوس كم كان يعول على ابنه البكر ليكمل المسيرة القومية التي بدأت في العائلة واستلمها نينوس وأخوته من ابيهم المرحوم اندريوس يوسف البازي ليحولها نينوس بدوره الى اولاده وكان نيراري ذلك المتقد غيرة على قوميته اذ بدأ دراسة التاريخ ولآثار وانظم الى زوعا. كل الدلائل كانت تشير الى ان ابنه البكر سوف يحمل الشعلة من بعده وكان نينوس تواقاً ان يرى ابنه المليء طاقة وحيوية يحقق امنيته في الروح القومية " اومتانايوثا " التي تجري في عروق العائلة...

لي رجاء مسرّة اود ان اخبر به نينوس وزوجته الموقرة ايفلين وانا اعرف ان هذه الأمرأة الفاضلة كم تعبت في تربية ابنها نيراري تربية مسيحية صالحة حيث كانت  تشتغل طوال ايام الأسبوع ولكنها كما اخبرتني اختي وداد التي تشتغل معها في نفس الشركة ان ايفلين لم تتوانى من ان تأخذ ابنائها وترجعهم كل  سبت -- يوم عطلتها-- الى كنيسة مار كَوركَيس في شيكاغو ليدرسوا التعليم المسيحي المفقود من قائمة الدروس في المدارس الحكومية وكي يتعلموا لغة الأباء والأجداد في نفس الوقت. اود هنا ان ارجع الى كلمة  الزوعاوية الشابة نوفينا لازار ان نيراري كان يُثمن عالياً تعبكم لأجله ولأخوته وهذا ما لم ينساه ابداٌ وكان ينشره على الخاص والعام  في وسائل التواصل الأجتماعي. اعرف انكم تعرفون جيداً ابنكم الصالح ، ولكن اود ان اقول لقد وفيَّ بهذا التصريح دَينه لكم امام الناس فنعمة بهكذا ابن ، فان ملكوت السموات تليق به فليفرح قلبكم له ...
وانت يا نينوس امنياتك القومية من ابنائك لا تخاف عليها فها هو شاركينو هو الآخر في لحظة صعبة يضم العلم الآشوري الى صدره في اللحظات التي وُري َّ اخيه الثرى امام عينه التي لم تدمع بل نسي الحدث المؤلم وفكر بالعلم الذي ضمه الى صدره بدل اخيه . هكذا اخبرنا هرمز في كلمته المؤثرة وانا لحظت ذلك حين كنت اسحب بعض الصور في المقبرة.

لذويه ومحبيه نقدم التعزية الحارة وما لنا الا ان نكرر كلمات الرب يسوع :  "من آمن بيّ وان مات فسيحيا"  يوحنا 11:25
ولرفاق الدرب من الشباب نقول وانتم تودعون لويا نيراري: لنا الأمل فيكم انكم ستكملون مسيرته الغالية عليه.

                                                 حنا شمعون / شيكاغو
 

22
"انا هو الطريق والحق والحياة ، ليس أحد يأتي الى الآب الا بي"

انتقال نيراري ابن الشاعرالقومي نينوس نيراري الى الأخدار السماوية

 

خبر صعق شيكاغو هذا الصباح المصادف 9/ 11/ 2018، بانتقال الشاب نيراري الأبن البكر للشاعر الآشوري نينوس نيراري الى الأخدار السماوية إثر نوبة قلبية و عن عمر يناهز الثلاثة والثلاثين ربيعاً.
سرعان ما انتشر الخبر وهزّ شيكاغو برمتها طوال ساعات النهار، وفي المساء زحفت جموع المذهولين بهذا الخبر المؤلم الى قاعة المجلس القومي الآشوري ليفيض مركن السيارات الشاسع بفوق طاقته وهكذا ايضاً القاعة امتلأت بفوق طاقتها بالجمهور وكبار رجال الدين الذين جاءوا لمساندة القلب الكئيب لشاعر الأمة  نينوس نيراري الذي مع رفيقة دربه ايفلين وبقية افراد العائلة  تقبلوا بحزن عميق مشاركة هذا العدد الكبير من الجمهور في مصابهم  وهم لا زالوا في غشاوة الصدمة في اتخاذ قرار الخطوة التالية للمراسيم الجنائزية.

الرحمة الأبدية يا رب اعطي حبيبنا نيراري نينوس نيراري وتقبله في ملكوتك السماوي مع الأبرار والقديسين وألهِم ذويه الصبر والسلوان وأسند قلبهم الحزين. آمين   

23
هل ثمة امرأة تبوأت منصب المختار في منكَيش؟

قرى السورايي في سهل نينوى والجبال المحيطة عرفت نظاماً رئاسياً مختلفاً عن قرى السواريي في هكاري التركية، ففي الثانية  العشيرة الواحدة كانت تسكن القرية وكان لكل قرية او مجموعة قرى "مليك " معين وكان المنصب هذا وراثياً يدير شوؤن العشيرة . لم يكن للسلطة العثمانية امر ونهي على العشيرة ومليكها فكانت العشيرة شبه مستقلة ولكن هذا لم يمنع الآغوات الكردية او السلطة العثمانية من الأعتداء على هذه القرى بين حين وآخر. اما في قرى سهل نينوى والجبال المحيطة فكان الأمر مختلفاً فقد كان لكل قرية رجلاً متفقاً عليه من قبل اهل القرية  ليمثلها امام السلطة الحكومية التي كانت اولاً عثمانية ثم تحولت الى عراقية. الرجل المتفق عليه اوالمنتخب كان من وجهاء  القرية وكان يسمى المختار لدى السلطة الرسمية وذلك لأن العربية كانت اللغة الرسمية في الدوائر الحكومية اما عامة الناس فلأن لغتهم هي السورث فكانوا غالباً ما يسمون المختار "ريس".
في كل الكتب التي قرأتها عن بعض هذه القرى مثل تلكيف ، القوش، منكيش وأرادن فـأن المختارين كانوا من الذكور ولم اقرأ عن مختار ظهر في هذه القرى قبل العام 1800 م. وفي منكيش مدار بحثنا هذا لا زال المختار ذي اهمية كبيرة ويمثل دور الوسيط بين اهل القرية والسلطات الحكومية ومنهم مدير الناحية الذي اعتماده كبير على مختار القرية. والسيد حنا كلو يوسف ( جوبيو ) شغل هذا المنصب منذ تسعينات القرن الماضي ويشار له بالبنان والحكمة  في تمثيل اهل القرية التي مرت بظروف عصيبة خلال هذه الفترة.

الدكتور عبدالله  مرقس رابي في كتابه الموسوم " منكيش بين الماضي والحاضر" الصادر عام 1999 م يعترف ان المعلومات حول الرئاسة في منكيش هي ضئيلة ولم يصلنا تسلسل المختارين ولذا فهو يحسب هرمز خنجرخان اول مختار ورد ذكره وكان في غالب الظن معاصراً لحاكم العمادية اسماعيل باشا والذي ولايته كانت في النصف الأول من القرن التاسع عشر. والمعروف عن هذا الحاكم  قساوته وميله الى الرشوة و حب المال. يذكر الدكتور عبدالله في كتابه هذا ان حاكم العمادية هذا زج في السجون الكثير من رهبان دير الربان هرمز وذلك بوشاية من المطران يوحنا هرمز من آل ابونا. الغريب ان هذا المطران فيما بعد انقلب على عمه البطريك النسطوري في القوش لتختاره روما اول بطريرك تحت المسمى " بطريرك الكلدان " وكان ذلك عام  1830 م واستمرت بطريركيته لغاية 1838 م.
تسلل مختاري قرية منكَيش كما اورده الدكتور عبدالله وحسب المعلومات المتوفرة لديه كما اخبرنا في كتابه المنوه اعلاه هو كا يلي:
هرمز آل خنجرخان ،  حنكرا الأول  آل نازي ، ميخو نانو الأول آل داويذ، ميا خراكة الأول ، يوسف آل نازي، داوث آل نازي، حنا آل مقدو، ميخو بكو آل صنا، حنا ميخو آل بكو صنا، عيسى ايشو قلو، ايشو ميخو آل موكا، كلو اسحق آل تبو، منصور يونان آل نازي، توما كوركيس آل نازي، وأخيرأ حنا كلو كلكلا ( حالياً ).

الذي طرق مسمعي ومن المنقول " سبيثا " ان ثمة امرأة من آل شلي قد تبوأت منصب المختار وكان ذلك قبل مختارية حنكرا الأول  وسمعت ايضاً من آخرين ان ناقل الخبر هذا هو شمعون ( شمون ) كُكَي والذي اعرفه عن هذا الشخص الذي عاش في اوائل القرن العشرين كان له كثير من الأهتمام في تاريخ منكيش وكان يحكيه للعامة وعلى منواله كان ابن أخيه الدكتور بطرس حنا كُكَي المتوفي في شيكاغو عام 2015م الذي هو الآخر كان له اهتمام بتاريخ منكَيش وكان يريويه لنا في الجلسات العائلية والجميع كان يستمع اليه بشغف يحكي قصصه كأنه كان حاضراً في احداث سبقت زمنه بأمد بعيد.

نعود الى ما قد يكون حدث تاريخي اول من نوعه وهو تسنم  المخترة سيدة اسمها مسكو شلي والكلمة الأخيرة تعني العرجاء باللغة العربية، لنتجاوز الكلام المنقول الذي قد تشوبه بعض الشبهات لأنه غير موثق في زمانه كما ان الترويج له قد تتدخل فيه عوامل المفاخرة والأنحياز العاطفي او العشائري. فقط في هذا الصدد اود ان اذكر هنا ان احد افراد هذه العائلة واتذكره السيد هومي شلي كان متمرساً في اصلاح كسور العظام وهذا قد يوحي ان العائلة كانت مشهورة في هذه المهنة مما قد يلغي صفة العرج من مسكو لتكن من بدل ذلك خبيرة في كسورالعظام والعرج!! 
الدكتور عبدالله رابي مرة اخرى يذكر في كتابه المنوه اعلاه عن عائلة آل شلي ما يلي: "وهي من قرية (  قلاجي الأثرية ) الواقعة شرق منكيش وسميت بتسمية ( شلي ) لأن الأم الأولى لهذه العائلة كانت عرجاء وأصلها  من قرية ( كربل )."
وفيما بعد يذكر الكاتب ان كربل تقع خلف جبل منكَيش من الناحية الجنوبية حيث دشتا دشمرخ المذكورة في كتاب الرؤساء لتوما المركَي على ان فيها دير مار اوراهم وآثاره كانت باقية حتى امد قريب.

في منكَيش كان ثمة طبخة معروفة وتسمى بوشالة دبي شلي وهي في الحقيقة شوربة الرز مع الخرطمان وحديثاً يضاف اليها اللحم والكبيبات الرزية . الرز لم يكن متوفراً في منكَيش وفقط العائلات الميسورة كان بأمكانها طبخه وفي الستينات من القرن الماضي كانت غالبية الوجبات هي البرغل " كَركَر " اما الرز فلم يكن طبخه الا مرة في الأسبوع وذلك يوم الأحد بسبب عدم توفره وغلائه. بوشالة دبي شلي اشتهرت بها عائلة شلي لأن هذه العائلة كانت تملك اراضي واسعة في شرق القرية الصالحة لزراعة الرز بسبب وفرة مياه الينابيع التي منها نهر منكَيش الذي كان الى فترة اتذكرها زاخراً بالماء صيفاً وأكثر في الشتاء بحيث كان يصعب عبوره أوقات الفيضان. اما سبب امتلاك هذه العائلة لأراضي شاسعة-- كانت تصل تخوم مجلمختي او مرجومختي كما يلفظها المنكَيشيون -- في هذه المنطقة والمسماه " قلّاجي " هو لأنها منذ القدم كانت تسكن فيها وغالب الظن ان ثمة قرية صغيرة كانت قائمة في هذه المنطقة لحين اكتشاف منكَيش الحالية التي كانت غابة وحين اكتشف الصيادون كما هو منقول هيكل كنيسة ادركوا انها كانت قرية متروكة وهكذا انتقل اليها سكنة قلاجي وبقية القرى المجاورة وتم اختيار الأسم منكَيش وهناك عدة تأويلات لذلك وهذا ليس موضوع بحثنا حالياً لكن غايتي في سرد هذه الحكاية للتنويه ان عائلة شلي كانت معروفة وميسورة بسب املاكها الكثيرة. وفي السنين الأخيرة استطاعت هذه العائلة ان تسند اثنان من ابنائها ليصبحا من المعلمين الأوائل في منكَيش والمنطقة وذلك في اوائل الخمسينات من القرن الماضي ، وهما كل من المرحوم شابو هومي شلي و مرقس ايشو شلي أطال الرب في عمره.

المسألة الأخرى التي اريد تناولها في هذا الموضوع هي الفترة التي نظن ان مسكو شلي اصبحت فيها مختارة منكَيش انها كانت فترة عصيبة  تحولت فيها منكَيش من النسطورية الى الكثلكة ويخطئ من يظن ان هذا التحول جاء سلساً من غير اعتراض المؤمنين بتقليد لا تقل ممارسته عن الف سنة. وفي هذا الصدد يذكر بهنام حبابة في مقالته الموسومة " منكَيش " والمنشورة عام 1945 في مجلة النجم ان حائكا من منكَيش اسمه توما سافر الى تلكيف لشراء نول لآلة الحياكة وهناك تشاجر مع البائع بعد ان اكتشف ان الأخير قد باعه نولاً مكسوراً وهنا الجبلي النسطوري العصبي صفع البائع التلكيفي بكفه فما كان من البائع الا وان اعطاه الخد الأخرحسب وصية المسيح ، وهنا تعجب وتأثر توما وهدأت عصبيته وسأل عن مذهب البائع الذي أجاب انه كاثوليكي. وبسبب ذلك طلب توما المنكَيشي تحوله الى الكثلكة فأقيمت المراسيم المناسبة وأصبح كاثوليكياً. ويضيف حبابة انه بعد ذلك طلب مختار منكَيش في ذلك الوقت هرمز خنجرخان الزواج من ابنة توما الحائك ولكن هذا الأخير رفض بحجة اختلاف المذهب فما كان من المختار اِلا ان يتحول هو الآخر الى الكثلكة.
في غالب الظن ان تحول منكَيش الى الكثلكة لم يكن سلساً كما اسلفنا واستغرق فترة سنين وشهدت منكَيش نزاعات بين اهلها من اجل ذلك، وفي مثل هذه الحالة ليس من مانع من ان تظهر امرأة قديرة اجدر من رجال يتنازعون على المذهب فيما بينهم وما اوردناه من وجاهة وعراقة عائلة شلي كانت ضمانات لهكذا امرأة ان تتبوأ منصب المختار لحل الأشكال الحاصل.
وبعد ذلك كانت الوشاية من قبل المعارضين ومرة اخرى نقول نتيجة للصراع المذهبي ادى الى ان يصل وفد المعارضين الى العمادية ويوشون بها على انها امرأة لا تقيم وزناً للسلطة العثمانية ما اسهلها من وشاية يقبل بها حاكم العمادية وهو الظالم وهو الذي يسيل لعابه لفدية مالية تزيد ثروته وميزانية السطة العثمانية الجائرة، وكما وصلنا المنقول " سبيثا " انه امر ان يسجن ابن مسكو الوحيد واسمه كَكَو ويعذب ولا يطلق سراحه الا اذا دفعت مسكو غرامة مالية قدرها خمسة وعشرون ليرة ذهبية اضافة الى التنازل عن المخترة. لبت مسكو شروط الحاكم الظالم وذلك التعجيزي المتمثل بالغرامة المالية، فقد باعت القسم الأكبر من املاك العائلة واستدانت البعض من مختار تلكيف وبعض آخر من المتمكنين المعروفين لديها في المنطقة. هكذا اطلق سراح ابنها الوحيد وتنازلت مرغمة عن المخترة ليستلمها واحد من ابناء حنكَرا من عائلة نازي. وهنا احب ان اضيف ان نازي هي امرأة اخرى عُرِفت العشيرة بأسمها. وعودة الى الوراء قليلاً اقول ان من دلائل الأنقسام المذهبي في منكَيش هو ان مقبرة القرية كانت قسمين الشمالي منها أصبح للكاثوليك المتزايد عددهم والقسم الجنوبي هو للنساطرة المنحسرعددهم وهذا امر مؤكد كان معروفاً لدى اهل القرية من الكبار.

قد لاتكون القصة المذكورة والمنقولة صحيحة مائة بالمائة ، ولكن المنقول هو مثل رماد لنار او رميم  لفخار وللأسف ان منكيش كغالبية القرى لم تكن تعرف الكتابة والقراءة وان عرفتها فجُمها كان ضمن اطار الكنيسة وشعائرها وهكذا فان اعتمادنا هو على المنقول وما قاله الآباء وفي هذا ايضاً نحن  في الأجيال المتأخرة مُعاتَبون ومُقصِرون لأنا لم نوثق ما سمعناه ولم نعطيه الأهمية اما بسبب ضعف الشعور القومي او بسبب اللامبالاة بأهمية هكذا قصص سمعناها.
اني هنا ادعو كل من سمع هكذا حكايات ان يكتبها وينشرها قبل فوات الآوان وشخصياً انا مستعد لكل من يرغب ان انقح المكتوب ونشره بعد التمحيص والتحليل.

                                                   حنا شمعون / شيكاغو
                                                   تشرين الأول، 2018   

 

24
أتت بحجة الغربال " اغنية سورث جميلة جداً : تحقيق مصور: حنا شمعون/ شيكاغو‬

 

الفنان المتألق ريوان كجوجا
قبل ان تغزو حياتنا اليومية وسائل التواصل الأجتماعي من فيسبوك وإيميل وتطبيقات الموبايل ، ماذا كان للمحبين من سبيل لايصال رسائلهم ويبوحوا بمشاعرهم تجاه حبيب الروح. في قرانا الجميلة حيث لم يكن الحب مسموحاً علناً ولم تكن البنت الصديقة girlfriend او الولد الصديق boyfriend من عادات المجتمع القروي، ولكن مع هذا ظهرت في هذه القرى قصص حب قوية وغالباً ما كانت الخاتمة الوقوف امام كاهن القرية لإتمام الزواج حسب الطقس الكنسي او الهرب سويةً " جلاوا/ مروقي " الى ارض الله الواسعة لإتمام الزواج بطريقة او اخرى. اساليب عشاق الزمن العتيق في الكشف عن حبهم للنصف الآخر حالياً هي في الدائرة التي عفا عليها الزمن . كثيرة كانت تلك الأساليب والحجج البريئة منها إيصال الخبر عن طريق صغير او صغيرة من الأطفال، وهناك من كان يحسب الف حساب للأوقات وكان أفضلها حين ذهاب الجميع لصلاة الرمش ليلعب شيطان الحب لعبته . وهناك من كان يهدف شباك الحبيبة بحصوة صغيرة " بسقا " وهدفه الأسمى هو  جلب انتباه بنت الجيران الجملية.
صديقنا الفنان الملحن وكاتب الكلمات المعروف نبيل گريش الذي دائماً ينبش في التراث الألقوشي كتب قصة عشق بكلمات شاعرية وقوية مضمونها قصة واقعية لا بل مألوفة عن واحدة من الحجج الذكية التي استخدمتها فتاة من الزمن الماضي لجلب انتباه الذي سحرها بفتنته وهي ان تطرق باب الحب لتسأل أهل البيت ان يعيروها الغربال كي تستخدمه وليس لها غرض في الغربال غير ان تكون مع الحبيب في دوام الاتصال.
كلمات القصة هذه ولحنها التراثي لقفها الفنان الألقوشي الشاب ريوان رمزي كچوچا وغناها بصوته العذب وأداءه ألبارع  واستحقت الأغنية ان تسجل بطريقة الفديو كليب من إخراج الفنان صفاء كريمة وتصوير مع المونتاج من قبل صبيا كادو الشاب الغيور على تراث امته والذي سافر الى شمال العراق خصيصاً من ديترويت لتصوير المشاهد بمهارة المحترفين. التصوير جرى في كل من القوش وبيتوتاتها التراثية وفي نهلة، القرية المعروفة بمناظرها الخلابة في شمال العراق، كردستان الحاضر.
الذي يجلب انتباهي دوماً هو هذا ألكم الكبير من المغنين الألقوشيين أمثال ريوان وهم من الشباب المثقفين الذين يحاولون  كل ما بإستطاعتهم للبقاء في ارض الوطن الذي يمر بأسوأ الأزمات ورغم توفر الفرص لهم للهجرة والشهرة في الغرب. تراثنا القديم هو سر وجودنا ومن دونه نحن موجودون في الحاضر فقط ، ومن ليس له ماضي ليس له مستقبل فالشجرة التي ليس لها جذور في الأرض لا يمكن ان وتورق في المستقبل كي تبقى على قيد الحياة.
الفنان نبيل گريش بنبله وموهبته لا يضيع فرصة لان تكون ألحانه وكلماته لهولاء الشباب الطموحين لايصال اغنية السورث الى المقام الذي هي عليه الأغنية العراقية بعربيتها وكرديتها وهم في ذلك مشكورون . وهكذا نقول ايضاً  كلمة شكر وتقدير الى الفنانين الموهوبين من القوش في حقل التصوير والأخراج والتمثيل والتوزيع الموسيقي الذين شاركوا في انتاج هذا الفديو كليب الرائع. كما اني اطأطأ رأسي للمنقح اللغوي الذي كتب الكلمات بتهجئة صحيحة في السكربت السرياني التي منها نتعلم ان "حوشتا " هي نفسها الحجة  وهكذا " شولا " هي الشغل، و " مخلتا " هي المنخل التي كُتِبَتْ بالنون المُبطلة. والمقتدر لغوياً يدرك من كتابة هذه الكلمات ان لغتنا أصيلة وهي والعربية المزدهرة حالياً هما من اورمة واحدة، كي يبقى السؤال لماذا تطورت العربية وأضمحلت لغتنتا!!! وما هذا العمل الفني هذا الا خطوة الى الطريق الصحيح لأحياء تراثنا الثري ولغتنا القومية الجميلة.
من غير شك لا بد ان بعض الهفوات ظهرت في الفديو كليب ولكن تبقى غير ذات اهمية مقارنة بالجهد المبذول والغاية الأسمى في ان الفديو كليب  ليس فيه ربح مادي  بل تقديم خدمة لتراثنا الثري والعاملون فيه من الهواة الذين نأمل لهم الأحتراف يوماً ما لتوثيق تراثنا كاملاً والواقع الأجتماعي لنا كي نتعرف عليه نحن اولاً ومن ثمة العالم من حولنا. 
الرابط الى الفديو كليب
http://www.ankawa.org/vshare/view/10896/rewan-kachocha-thela-bhoshta-d-orbala/


   
ويسرني ان ارفق بعض اللقطات المعبرة المأخوذة من الفديو كليب وقليل من الصور التي وصلتني التي هي من خلف الكواليس.
                                                                         حنا شمعون / شيكاغو


25
رسامة كاهنين في ديترويت
الثلاثين من حزيران الماضي كان يوماً مشهوداً له في ديترويت رغم حرارة الجو الذي قاربت درجته المائة فهرنهايت منذراً بقدوم شهر تموز الذي يبتدي بتذكار مار توما شفيع الكنيسة الكلدانية في ديترويت وشرق الولايات المتحدة الأمريكية.
في هذا ليوم المبارك تمت رسامة لدرجة الكهنوت كل من الشابين جان جدو وفادي گورگيس بعد ما يقارب الثمان من السنين من الدراسة التأهيلية لدرجة الكهنوت. الرسامة تمت على يد سعادة المطران مار فرنسيس قلابات اسقف أبرشية ما توما الكلدانية في ديترويت التي مقرها كنيسة ام الله في ساوث فيلد، مشيكَان.
في الحادية عشر بتوقيت ديترويت بدأ الدخول الى الكنيسة موكب المدعويين من الكنائس الشرقية الشقيقة والشمامسة الموقرين ثم التلاميذ الذين يدرسون ليكونوا كهنة المستقبل و وفي نهاية الموكب الطويل هذا كان المطران فرنسيس وفي رفقته شابين وسيمين في حلتهما الكهنوتية الجديدة المكتملة بطوق العنق " collar "  الذي في السريانية هو  "قولارا" الذي هو ميزة الكهنوت.
في بداية القداس وضع المطران فرنسيس يده على روؤس كل من المتقدمين للرسامة وتليت الصلوات الطقسية الخاصة بالرسامة الكهنوتية والتي بعضاً منها تلاها المطران المتقاعد مار ابراهيم ابراهيم الجزيل الأحترام ، و وسط فرحة الحضور وهلاهل النساء.
في نهاية القداس الألهي تقدم الكاهن الجديد جان جدو وبالأنكليزية التي حتماً تعلمها منذ الصغر فحدَّث الحضور كيف انه ترك مهنة المحاسبة ليستغرب من يستغرب ويتعجب من من يتعجب اما هو فقراره كان ان يكون يوحنا الحبيب آخر  " جان " كي تكون مريم العذراء أمه كما أوصاها الرب يسوع حينما كان على الصليب. هذا ما قال عن نفسه وبدا هدفه هذا جلياً من اختياره لبدلته الزرقاء لون السماء ولون العذراء كما هو معروف. اما الأب فادي كَوركَيس فانه في بداية حديثه نوه انه سوف يتكلم بالكلدانية كي يفهمه الذين لا يجيدون الانكليزية فأخبر الحضور انه قرر ان يتبع المسيح ويكون كاهنا حين هاجرت عائلته الى الولايات المتحدة الأمريكية وقد نما هذا الشعور عنده منذ ان كان طفلاً  حين يأخذه والداه الى الكنيسة.
فرحة كبيرة غمرت ذوي الكاهنين والحضور الذين لم تسعهم الكنيسة الكبيرة فشاهدوا الرسامة في القاعة المجاورة من على شاشة التلفاز.  وبعد ان اختتم قداس الرسامة  الذي خدمه الشماس المخضرم خيري فوميا و الذي استغرق ما يقارب الساعتين انصرف الجميع فرحين بالكاهنين الجديدين . اما الكاهنين الجديدين فان خدمتهما ها قد بدأت وهي شاقة في كرم المسيح حيث ان الكنيسة احوج ما تكون لخدمتهما في هذا الزمن العصيب. لكن بلا شك هذه الكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم ولا تغيرات العالم وانصراف الناس الى الماديات والمغريات.
 الأب فادي أعدت له الكنيسة احتفالات متواضعاً مع غداء على قاعة صحارى حضره أهله ومعارفه وغالب الظن ان هكذا إعداد تم للأب الفاضل جان جدو.وحضرت حفل الذي أُعِدَ للأب فادي باعتباري من أقربائه ووسط جو روحاني مقرون بعزوفات على الكمان تليت كلمات من اخوته الكهنة ، وأخته الماسير ملاك كَوركَيس التي تلت كلمتها وعبرت فيها عن فرحتها بقبول اخيها فادي الرسامة الكهنوتية. والأب فادي هو الآخر القى كلمة في هذه المناسبة شاكراً الجميع على الحضور. ثم كانت فرصة لأخذ الصور التذكارية مع الأب الجديد .
شخصياً كنت قد أعدت قصيدة بالمناسبة ، لكن الأب فادي فَضَل ان لا أتلوها في هذا الحفل لان الحفل من تنظيم لجنة خاصة بالكنيسة ولا يريد الخروج من الأنضباط الكنسي. وكما اعرفه  شخصياً خلال فترة  تحضيره  للكهنوت فأن التواضع والعفاف والروحانيات هي التزامات الكهنوت الأساسية اما الشهرة والمديح والماديات فهي من مغريات الدنيا التي تخلى عنها حين قَبِل ان يتبع يسوع اذ ناداه ليكون خادماً في كنيسته.
قصيدتي  التي هي بالسريانية  السوادايا " السورث " ليست مدحاً بقدر ما هي تقديم الشكر والأمتنان للعوائل التي منها يخرج لنا هكذا شباب يتحملون المسوؤلية الشاقة للكهنوت وفي الزمن العصيب الذي كما اسلفت الذي هو زمن الماديات والمغريات. لهذا السبب اود نشرها هنا ، كاتبا اياها بالكَرشوني ومترجماً اياها الى العربية كي يفهمها القاريء الكريم.
                                                                      حنا شمعون / شيكاغو







26
اضواء على الذكرى الخامسة ليوم اللغة الآشورية في شيكاغو
هذا العام وعلى قاعة المجلس القومي الآشوري في سكوكي أثمرت جهود هذا المجلس مع مؤسسة الأتحاد الآشوري العالمي بأمسية جميلة للأحتفاء بالذكرى العطرة الخامسة ليوم اللغة الآشورية . وحضر جمهور شيكاغو لهذه المناسبة العطرة التي تحل علينا في اليوم الحادي والعشرين في شهر نيسان من كل عام.

هذه السنة لم يختلف البرنامج عن السنين السابقة كثيراً حيث ألقيت الكلمات والأشعار بهذه المناسبة وكذلك قدم لنا طلاب المدارس الآشورية في المجلس القومي الآشوري في ولاية إلينوي وكذلك طلبة اللغة الآشورية في كنيسة مار كَوركَيس في شيكاغو.
كذلك وزعت الجوائز للادباء والعاملين في حقل اللغة وهذه السنة كانت من نصيب السيد بيلس شمعون، رابي متي خوشابا ، الفضائية  القومية الآشورية ANB Sat والمرحوم رابي زيا نمرود كانون والمرحوم رابي اختيار بنيامين موشي. وكذلك قدمت هدية خاصة لعضو اللجنة اللغوية  الآشورية، الدكتور روئيل گورگيس.
اختتم الأحتفال بأغنية مؤثرة من قبل الفنان عوديشو عوديشو وهي من كلمات الشاعر هرمز يوسب وقد نالت استحسان الحضور الكبير لهذه المناسبة القومية.
هذا وقد نقلت الأمسية حياً من قبل ANB Sat.   وتميز الحضور هذا العام بوجود السيد عماد يوخنا عضو البرلمان العراقي والقيادي البارز في الحركة الديمقراطية الآشورية وأحد مرشحيها لدورة البرلمان القادم وعن ائتلاف الرافدين.
املنا ان تعاد هذه الذكرى علينا ونحن أكثر تشبثاً بلغتنا القومية  كي تظل محكية في بيوتاتنا وتزدهر مستقبلاً تنشد بها الأشعار وتغنى بها الأغاني الجميلة وفي كنائسنا تظل اللغة الشجية بألحانها التي استمرت لحد الآن وعلى مدى عشرين قرناً من الزمان وقبل ذلك تكلم بها بناة الحضارة العالمية في بلاد بيث نهرين .

                                           حنا شمعون / شيكاغو


27
زيف كلدانية منگيش، قومياً
لا بد ان أدوّن هنا ان سبب كتابتي لهذا المقال وبهذا العنوان الحاسم هو التحدي الذي ابداه لي  اثنان من أقربائي من ان منگيش كلدانية القومية وذلك تلبية لنداء كاتب إنترنيتي مستجد خَص المُقَربَين بذكر أسمائهما أنهما يقولان منگيش كلدانية. وحال قراءة استنجاد هذا الكاتب لتخليصه من ورطته انبرى الأخوان سامي ديشو والدكتورعبدالله رابي لنشر إثباتاتهما في هذا الخصوص ورديتُ عليهما رويداً رويداً ولكن بقوة مما اغضب الدكتور عبدالله وقررعلناً عدم الرد علي  وهو الذي بدأ النقاش وهو الذي خرج عن طوره ، لكن بلا شك هو يبقى صديق وقريب ولن يكون خلاف الرأي سبباً للقطيعة بيننا، لأني أعرف طيبة الدكتور عبدالله رابي الجزيل الأحترام ولأن الغاية هي اسمى وهي منكَيش العزيزة والحقائق عنها.
للأسف ان عنكاوا . كوم  ومن غير حق حذفت المقال الذي دار جدالنا فيه والذي كاد ان يكون أرضاً خصبة لنمو الحقائق والتي من المفروض ان نصل اليها  بالإثباتات وتحكيم المنطق . الرد بقوة في هكذا نقاش ليس بحرام . الحرام هو الردود المشاكسة ولكن لا احد يستطيع منع الغايات السيئة حين تريد ان تطفو عَلى السطح.

اني هنا اجدد الكتابة في هذا الموضوع الهام لان التشبث بكلدانية منگيش قومياً هو تشبث بكلدانية كل قرانا الحبيبة في شمال الوطن.  تقع منگيش حوالي على بعد ما يقارب 45  كيلومترا الى الشمال من مدينة دهوك وفي نصف المسافة التي بين العمادية وزاخو . منگيش هي القرية التي بلغتها وبيئتها وتراثها تجمع بين قرى السهل وقرى الجبل حين نخصها بتسمية قرى " السورايي " وان كانت تميل في لهجتها المحكية الى لغة القوش ام القرى.
 
في صيف عام ١٨٤٦ مرّ بها الآثاري المعروف هنري لايارد ووصفها وصفاً جميلاً و قائلاً عنها انها  "قرية كلدانية كاثوليكية كبيرة" وهنا كانت حجة اخينا سامي ديشو المحترم من انها قرية كلدانية قبل ان تكون كاثوليكية . انا أقر واعترف ان التعريف الآثوري جاء بعد التعريف الكلداني بعدة قرون، لكن هل كان ذلك ذي أهمية تذكر . انه كان يصف بعض القرى الاخرى نسطورية لا ليعبر عن قوميتهم بل ليعبر عم مذهبهم ، فهو هنا يتكلم عن مذهبين متخاصمين الكلدان الكاثوليك والنساطرة ، الريح القومية حينذاك لم تكن قد هبت على العالم ولذا فهو كان يشير الى مذاهب دينية وليس الى قوميات كما نعرفها ونتعصب لها الآن . العرب كانوا مسلمين أولاً و بدرخان ارتكب جرائمه بحق المسيحيين سواء كانوا كلدان او نساطرة لانه كان مسلماً وليس لأنه كان كردياً كما تفعل داعش الآن. سؤالي منذ ظهور الاسم الكلداني حوالي ١٤٤٥ م  لتمييزهم عن النساطرة  مذهبياً وليس قومياً ، هل في سنة من السنين هب الكلدان لأثبات وجودهم الكلداني مثلما هب الآثوريون منشدين الأشعار الحماسية كما أنشد فريدون اتورايا المواطن الجورجيي/ الروسي عن نينوى بعد سنين قليلة من ظهور الاسم الآثوري. وهل كان الكلدان يوماً ما قوميين! لا يا سامي خذها مني ولو انك تعرفها. اين نبولاصر اين نبوخذنصر وأين عشتار في أسمائكم . فقط اريدك هنا ان تعترف بالحقيقة من ان كلدانية الكاثوليك كانت حبر على ورق لحين سقوط نظام صدام حسين ومن بعده عقد مؤتمرات النهضة الكلدانية الي هي الأخرى لم تفلح في إثبات قومية الكلدان المعاصرين.
اخي سامي لابد انك راجعت كتاب عبدالله رابي ، "منگيش بين الماضي والحاضر" هل من ذكر لبابل أو ملك كلداني فيه. لكن سنحاريب  الملك الآشوري مرتين يرد ذكره في  الكتاب ضمن منحوتات تقع في تراب منگيش . وآسفاي ان لايارد لم تقع عينه عليهما لكن قال من هنا مرت جيوش سنحاريب الى ارمينيا عدة مرات .

الدكتور عبدالله رابي حجته كانت ملتبسة وازدواجية فهو من ناحية يؤيد الذين جاءوا بنظرية في تقديري سخيفة من ان قرى السورايي الحالية هي كلدانية لأن الملوك الآشوريين جلبوا الأسرى الكلدان الى المنطقة  وبمرور الزمن أصبحت الأرض ارضهم والقرى قراهم . اعرف اني أصوغ كلماتي بهيئة نقدية  لاذعة لأن الكلام بهكذا سذاجة يقلقني وقلت ان قطعة السكر تذوب بسهولة  في قدح الشاي وبدلاً من ان يعترف الدكتور بهذا القانون العلمي راح يفسره على سجيته من ان السكر قد يغلب الشاي. وبصيغة اخرى يعرف الدكتور عبدالله ان منگيش إبان الحرب العالمية الاولى حلت فيها بضع عوائل من بلون التركية لهم لهجتهم وعاداتهم ولم تمر سوى بضعة عقود حتى ذابوا في المجتمع المنگيشي وأصبحوا منگيشيين أقحاح. المزيد عن نظرية  الأسرى الكلدان نجدها في الرابط المرفق أدناه.
ومن جهة اخرى فان تعريف الدكتور رابي للقومية او الأثنية كما يود ان يسميها هو اقرب الى الطائفة فهو يحسب التنشئة او البيئة  او العصرنة او المشاعر هي العامل الحاسم في تقرير الأثنية . عند الدكتورعبدالله رابي " لا يرث الأنسان قوميته بالولادة" . اللغة ،الموطن ، والتاريخ  كلها ليست ذات أهمية بالمقارنة مع الشعور القومي المعاصر اي يكفي انك تشعر بالكلدانية كي تكون كلداني. سؤالي الكبير بعد انفصال الكاثوليك عن النساطرة تولدت ضغينة وحقد بين الطرفين  وأود هنا ان اخاطب الدكتور المحترم : وانت تعرف هذا وقد حدثتنا عن جد ابيك ، كيسو البازي الذي تحول من النسطورية الى الكثلكة. حسب تفسيرك ان اولاد جد ابيك هم من غير قومية  أعمامهم -- مرة اخرى لايرث الانسان قوميته بالولادة-- وفي هذه الحالة تحولوا كلدان بمشاعرهم المناوئة لأبناء عشيرتهم  لأن جد ابيك عُذب على يد النساطرة. انا اعرف وألتمس الضغينة بين النساطرة والكاثوليك الى يومنا هذا وعلى هذه الحالة لا يمكن ان تجمعهم قومية واحدة حتى لو كانوا من عشيرة واحدة. مسألة شائكة تحتاج الى  تأمل . المشاعر يا عزيزي الدكتور  لا تخلو من الأحقاد والغيرة وهي وان كانت  احيانا ً  تحسم الامر في تحديد القومية لكنها حسب فهمي خادعة ولذا لا يجب الأعتماد عليها.
منگيش لم تتطأها اقدام الكلدان القدامى فكيف تكون كلدانية. بعد ان استبعدنا فكرة الأسرى الكلدان لانها غير منطقية ، لنأتي الى التاريخ كما دونه المؤرخون ومن هو أفضل من المطران أدي شير !! فهو الذي يذكر في كتابه كلدو وآثور: فاقتسم الماديون والكلدان البلاد الخاضعة للآثوريين. فأصاب الماديين البلاد الشمالية وأصاب نبولاسر قسم من عيلام وبلاد مابين النهرين وسوريا وفلسطين.
وانت في كتابك "الكلدان المعاصرون" تذكر : وتم الأتفاق بين المتحالفين من الجانب الميدي والكلداني على اقتسام تركة الامبراطورية الآشورية بينهما فكانت المناطق الشمالية الشرقية من نصيب الميديين ، والمناطق الجنوبية والغربية من نصيب الكلدانيين وهي تشمل على اجزاء بلاد النهرين وعلى سوريا الحالية بأكملها.
من هذين الأقتباسين بالتأكيد يظهر ان الكلدان طيلة حكمهم الذي دام اقل من ثمانين سنة لم يكن لهم وجود في منطقة منگيش فكيف أصبحت اليوم هذه القرية الجليلة كلدانية القومية؟؟

كنت اتمنى من الأخوان سامي ديشو والدكتور عبدالله رابي ان لا يستعجلا في تاكيد قول الكاتب الأنترنيتي ويؤيدان قوله من ان منگيش كلدانية ، ولكن رُبَ ضارةٍ نافعةً. هذا الذي ذكرته نزر يسير من الأثباتات الدامغة على خطأ المقولة، وأرجو اني أوضحت الفكرة للقراء الكرام.
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=396392.0


                                               حنا شمعون / شيكاغو


28
الدكتورعوديشو ملكو يحاضرعن صوم نينوى
للمرة الثانية في اقل من سنة تستقبل شيكاغو في بيت المجلس القومي الآشوري " متوا " اديباً ولغوياً وشاعراً وحتى آثارياً له ما يقارب الخمسة عشر مؤلفاً باللغتين السريانية / الآشورية والعربية ، انه الدكتور عوديشو ملكو الذي لا يود هجرة موطنه ومسكنه في نوهدرا، بيت نهرين. انه متكلم طليق وجريء في طروحاته لا يفرضها على المستمع لكنه يدافع عنها ويعطي الأدلة والأثباتات. في الحقيقة ظهوره هذه المرة كان ضمن الحلقة 51 من برنامج گوني / ألوان الذي يعده ويقدمه الشاعر نينوس نيراري لقناة ANB التلفزيونية. حضر هذه الحلقة نخبة من المهتمين وكل من الأركذياقون  شليمون حزقيل و الأب الفاضل تاور شماشا اندريوس.

صوم باعوثا كان محور هذه الحلقة وكان اعتيادياً  ان يتطرق الدكتور ملكو الى رحلة يونان النبي الى المدينة العظيمة نينوى بغير رضاه لانه كيهودي او إسرائيلي كان يفضّل دمار نينوى عاصمة ألّد أعداء شعبه متوافقاً في هذا مع الرؤى آلتي رآها ناحوم الألقوشي وهنا أكد المتحدث ان ناحوم لم يتنبأ بكل الذي جاء في كتابه بل كانت رؤى أراد من خلالها ان تكون حملة أشبه ما تكون ان تكون " توجيه سياسي معنوي" او " وثيقة سياسية  " غايته الخلاص من النفوذ الآشوري. احاول هنا بقدر الأمكان ان انقل بأمانة ما قاله الدكتور ملكو ولذا سأعتمد التسجيل الصوتي لهذا اللقاء وللأسف لن اتمكن رفعه مع المقالة هذه ، ولذا سأبذل الجهد قدر الأمكان ان انقل المحاضرة بأمانة الكاتب النزيهه.

بين ناحوم ويونان مسافة من الزمن أيهما قبل الآخر فهذا يظل مبهماً . بالعودة الى اراء الباحثين  فهم يشيرون  الى حلول يونان النبي في نينوى الى عهد آشور بانيبال الذي جاء في الكتب الأغريقية   بأسم " سردنابوليس " والذي انتهى عرشه عام 638 قبل الميلاد اي قبل سقوط نينوى ب 26 سنة ، ولكن في الجانب الآثاري والتاريخ الذي كتبه لأغريق ليس ما يؤيد إنذار يونان ونَزعْ الملك لملابسه الملكية وجلوسه على فرش من جلد الحيوان " سقا " .لكن الأغرب في هذا كله هو قول المحاضر الكريم وحسب مفسري العهد القديم ان قصة يونان كانت بما يقارب 100- 150عام بعد سقوط نينوى!!! اما كيف يكون هذا فلم يتطرق اليه المحاضر الذي لا يقرأ محاضراته بل كما عودنا يتكلم بارتجال وسلاسة اضافة الى ان وقته كان محدداً وبدأ عليه الإسراع الى انتقال الى أطروحة اهم. وصراحة كنت اود لو فسح المجال للأسئلة في نهاية  المحاضرة لسألته كيف يكون هذا ؟ فقط ذكر هنا ان قصة يونان -- في نظره طبعاً --هي في المسيحية رمز للتوبة التي هي الدعامة الكبرى لهذا الدين وفي اعتقاده لكل الأديان .

الأطروحة او الفكرة الجديدة التي أراد الأستاذ عوديشو ملكو ان يطرحها على جمهرة مستمعيه انه في فترة ظهور الوباء في كرخ سلوخ في القرن السابع الميلادي والذي كان في عهد الأسقف سوريشوع الذي اصبح بطريكاً فيما بعد، كان ثمة راهب بإسم يقيرا مساعداً للأسقف . ومن غير ان يؤكد أن ثمة علاقة بين هذا الراهب وعشيرة كانت معاصرة الى زمن قريب في أشيثا التي منها  كاتبنا عوديشو ملكو فانه نوه عنها وترك الحكم ليقرره المستمع. الراهب هذا كان عليماً وملتزماً برهبنته واليه يرى الباحث الكريم تعود الصلوات التي نتلوها من الحوذرا في الأيام الثلاثة لصوم نينوى " الباعوثا " . هذا يعني ان ما نسب الى مار افرام النصيبيني هو امر مشكوك فيه.  اورد ان ما ذُكِر في الحوذرا عن صوم باعوثا نينوى  هو بحوالي 200 صفحة و يزيد بكثير الكثيرعن تذكار العذراء او قيامة المسيح او مار گورگيس او مارت نشموني او اي مار تشاؤون تسميته كما قالها لأضافة الجمالية الخطابية على كلامه، وكما هو معتاد منه .

 مار افرام لم يكن مكترثاً للقومية فقد كان راهباً ورِعاً يعيش دينه المسيحي بكمال على عكس يقيرا الذي يعتبر ما جاء به  في ميامر/ اناشيد الباعوثا هو نشيد وطني للآشوريين وهنا قرأ صاحب الأطروحة الجديدة الأستاذ عوديشو ملكو ما هو مكتوب في الحوذرا ليبرهن ان الشعور القومي الآشوري كان متواجداً عند يقيرا وأقرانه في ذلك الزمان، ولذا كتب ماكتب والبرهان ما وصلنا عبر الحوذرا عن صوم نينوى والنينويين ، كما ان إيمانهم بالرب ومغفرته  فاق إيمان اليهود الذين هم شعبه المختار. المحاضر اقتبس من هذه الميامر/ الأناشيد  ذاكراً الفصل والسطر وحتى الصفحة ليؤكد رؤيته. وقرأ على الحضور الكريم هذا الأصحاح بصوت جهوري مع حركات اليدين المؤثرة مشبهاً ما يقوله يقيرا والمنسوب الى مار افرام كأن الملك الآشوري يلقي خطاباً عل شعبه:
" حتى الجبابرة يهابون
من خبر قوة آثور
نحن غَلبنا وأَهنّا الكثيرين
عبرانيٌّ يغلبنا؟؟
نينوى ام الجبابرة من احد الخائفين تخاف؟
لبوة في عرينها
تخاف من احد العبرانيين؟
آثور المهيمنة على الوجود
وصوت يونان يهيبها؟
اهذا يحصل على زرع الجبابرة"
هكذا القى الملك خطابه على جيشه قائلاً  دعونا نقاتل مثل الجبابرة كي لا نضيع مثل الضعفاء-- هذا كلام المحاضر،
" الذي هو جبار  يصبح جريئاً من التجارب
يموت كالجبار
ويحيا كالناصح"

وختم المحاضر مضيفاً الى الذي قرأه من هذا الأصحاح:
بشاهدة ابن الله -- يسوع المسيح-- ليست ثمة مدينة عظيمة مثل نينوى ولا جبابرة كانوا مثل النينويين.

الى هنا انتهى القسم الأول من برنامج " گوني " ثم كانت استراحة قصيرة ليبدأ القسم الثاني والذي تناوب فيه كل من نينوس نيراري وعوديشو ملكو في إلقاء إشعار من مذكراتهم. وانتهت الحلقة ورأيت بعض الجمهور يناقشون المحاضر بما جاء به من أقوال ومستجدات وآخرون انتهزوا الفرصة للتعرف او أخذ الصور التذكارية مع المحاضر الكريم ثم انصرف الجميع ليمارس بعضهم  في اليوم التالي طقسهم وهو الصوم المبارك ، صوم باعوثا دنينواي.

ارفق ايضاً الرابط للمحاضرة التي القاها في نفس المكان قبل اقل من سنة لمن يود سماعها:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,834290.msg7516783.html#msg7516783             

                             حنا شمعون/ شيكاغو


29
"مرة اخرى في السوق"  مقطع فديو رائع
شاهدت مؤخراً مقطع الفديو الذي أشرف عليه الفنان باسل شامايا وأخرجه الفنان سبهان بوداغ والذي يتناول اغنية طلال كَريش " گاخرتا گو شوقا " المرفق رابطها أدناه. هذه الأغنية الجميلة تستحق حقاً ان تصور كي تكون من الكنوز التي تحفظ تراث القوش ام القرى. يرجع بنا التصوير الى منتصف الخمسينات من القرن الفائت وهذا ليس بالأمر السهل اذا عرفنا كم من التغيير في كافة مناحي الحياة والذي حصل من ذلك الزمان الى يومنا هذا. لا سيارات في الشارع ولا ساعات في الأساور حتى المراوح الهوائية ممنوع ظهورها في التصوير لأنها لم تكن موجودة حينذاك. مهمة صعبة وامكانيات قليلة استطاع المخرج سبهان التغلب عليها ليقدم لنا فديو كليب رائع على أنغام الأغنية آلتي هي من ابداعات الفنان طلال گريش والتي هي من ألحان وكلمات المبدع دوماً الفنان نبيل گريش القاطن حالياً في ويندزر ، كندا.

التسجيل هذا بلا شك هو وثائقية تحفظ تاريخ القوش بأسماء شخوصها التي زادت عن عشرين شخصية بالاسم الحقيقي او الكنية مثل ميخا زراگا بطل الأغنية والذي جاءت على لسانه الأغنية وكذلك ايسف ( يوسف) بولا وهو الرجل الحكيم الذي كان يفض المنازعات بين أهل القوش وأدى دوره الفنان المعروف باسل شامايا المشرف على هذا العمل الفني وقد اسمعنا المخرج صوته في نهاية تصوير الأغنية وهو يفض نزاع اثنين من بائعي الأقمشة وهما  كل من جبرائيل دبي رزوق  وعبو دبي غزالة مع صاحب دكان مجاور لم يذكر اسمه في الأغنية  تواخياً لشخصنة النزاعات القديمة وذلك من اجل إعطاء الفكرة وهي حل النزاع ليحل محله الحب والوئام مثلما نطقها هذا الحكيم وبعدها ظهر الجميع وهم يرقصون سوية فرحين جذلين كونهم أبناء القوش ذات المصير الواحد. الأغنية تذكر بائعي الأقمشة في تسمية " كربازي" من بدل بَززاي/ بائعي الأقمشة وهنا يظهر كاتب الكلمات الأستاذ نبيل كَريش مقدرة  كبيرة في استخدام المفردات حيث ان الثانية أكثر معروفة في القوش لكنها غير مقبولة سماعياً خاصة من متكلمي اللهجة الآثورية فهم قد يحسبونها حلمة الثدي ولذا انتبه اليها نبيل واستبدلها بالأولى وتعني الذين مهنتهم بيع الأقمشة.
التفاتة اخرى في الأخراج الذكي ان طلال ظهر في لقطتين في التمثيل ولكنه ظهر كالحلم اذ جمدت الشخوص وهو متحرك بينهم حتى انه في احداها تلقف النردين / الزارين في لعبة الطاولي ورماهما لتكون الغلبة الى ميخا زراگا مثلما أتت به نهاية الأغنية حين يعطي خنجره للحداد كي يحده او يمسّنه له، فالقوش كان لها اعداءها في ذلك الزمان الذين كان يودون النيل من استقرارها لكن أمثال هؤلاء الرجال الشجعان حالوا دون ذلك وكانت لهم الغلبة.

المرأة كانت حاضرة في هذا الفديو بزيها الألقوشي الأصيل الذي وصلنا من عمق التاريخ ولم يطرأ عليه تغيير يذكر، بينما الزِّي الرجالي يكاد يكون مقتبساً من الجيران وخاصة الكردي وذلك بسبب الأختلاط وحكم الضرورة.، ولكن يبقى الزِّي الألقوشي الرجالي له خواصه المتميزة.

بقي ان نعرف وكما حكى لي الصديق نبيل كَريش ان تكاليف الفديو تحملها طلال ونال مؤازة من الكنيسة في استخدام بعض الادوات التراثية الموجدودة في متحفها، كما ان مدير الناحية السابق السيد فائز جهوري هيأ كل المستلزمات الضرورية ومنها اغلاق السوق من أجل التصوير الذي استمر على مدى يومين.
الرابط الثاني ، هو مقالة سبق وأن كتبتها عن هذه الأغنية الرائعة.
http://www.ankawa.org/vshare/view/10682/talal-graish-shooqa-d-alqosh-official-video-2018/

 http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,754725.msg7317495.html#msg7317495
 
                                          حنا شمعون / شيكاغو


30
المنبر الحر / قورما
« في: 09:11 10/01/2018  »


من العادات التي كانت جارية في قرانا الشمالية وهي بمثابة احتفال هي " قورما " واذ اعتذر انه ليس لي المعلومات الكافية عن هذا الأحتفال ، لكن اذكره انه في قرية منكَيش كانت كل عائلة تحتفل به في ليلة عيد الدنح اي عماذ يسوع  المسيح الطفل وهنا تتشابك الأمور قليلاً، وأعتذر مرة اخرى عن معلوماتي المتواضعة عن الدنح. فمن المعلوم عندي ومن السبياثا/ النقل ان الدنح هو فترة ميلاد يسوع وكلمة الدنح تعني الشروق تعبيراً عن مجيء المسيح وشروقه على الأرض وهويمزج بين عماذ المسيح الذي حتماً لم يكن في طفولة المسيح وبين المجوس الثلاثة الذين اتوا من المشرق وهم ملوك ليسجدوا لملك الملوك.

اكتف بهذا القدر كي لا اوهم القراء بمعلوماتي الشحيحة  وانتقل الى موضوعنا لأحتفالية القرية "السوريثا" في مناسبة القورما. كانت العائلة  تجتمع في تلك الليلة القارسة البرد قرب مدفئة البيت " الصوبا " وتنتقي اصغر واحد في العائلة لتذرالأم فوق رأسه الجوز واللوز والتين المجفف ووسط فرح الصغير وهو يحس بنشوة اهميته في العائلة كان الجميع يفرح معه ويقبلونه لتبدأ مرحلة الأكل من تلك الغنائم التي استحوذ عليها الصغار قبل الكبار. يبقى هنا اذكر ان القورما في المصطلح اللغوي القروي هو جذع الشجرة اليابس ذو النتؤات المتشعبة والذي كان يكسر اجزاءاً صغيرة لتكون وقودا سهلا وفاعلاً يلهب نار المدفأ ( الصوبا ).

زميلنا البديع بدران امرايا يربط هذا العيد المسيحي بأحتفالات رأس السنة البابلية الآشورية أكيتو، وانتقل الأحتفال الى المسيحية حيث في ليلة عيد الميلاد كان يهيأ صغير العائلة من الأطفال ليجلس على جذع الشجرة اليابس ( القورما) وتذر عليه كل ما الذّ وطاب من المجففات.

وأعرف وسمعت أيضاً ان كل "ملة " مسيحية  تحتفل بهذه المناسبة على طريقتها وواحدة منها انه في امريكا الجنوبية او احدى دولها يقدم الكبار للأطفال السيكارة ليدخنوها وسط فرحة الجميع. وفي التراث المكسيكي يخبز خبز خاص ويخبأ فيه تمثال صغير ليسوع الطفل ويوزع الخبزعلى الحاضرين ليكون لتمثال من حصة احدهم الذي عليه اقامة حفلة مرح للبقية.

الأحتفالية انتقلت معنا الى بغداد بأضافة الحلويات الى قائمة المنثرات وربما بعض النقود " الخردة ".
وكادت ان تختفي هذه الأحتفالية من منهاجنا في الغربة ، لكن بفضل بعض المحافظين على التراث وانتشار الفيس بوك بدأت هذه الفرحة تظهر كاحتفالية جملية وتنشر صورها على الفيس بوك. انه امر رائع ان نعيد هكذا احتفال، كما فعلت عائلتي في شيكاغو حيث كان المليك  لهذا العام هو حفيدي آيزيا الكس اسرائيل.

اتمنى ان يسعفنا القراء الكرام بمزيد من المعلومات عن هذا الأحتفال الجميل للحفاظ على تراثنا من الضياع.

                                                           حنا شمعون / شيكاغو

31
ميلاد المسيح رواية ام حقيقة؟

كل عام في مثل هذا الوقت ينشغل العالم بعيد الميلاد لطفل بمولده قَسَمَ التاريخ شطرين ويهز أركان المعمورة في التحضير لمولده . في الحقيقة حين نقرأ قصة ميلاد المسيح فنحن نقف أمام رواية تاريخية  يصعب تصديقها بدءاً بالبشارة والحبل بلا دنس وثم ملائكة وجنود السماء يظهرون لرعاة ثم نقرآ انهم تحلقوا فوق المغارة ينشدون " المجد لله في العُلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة" ترى بأية لغة إنشدوها ومن سمعهم ليدونها وتصبح جزءاً من هذا الميلاد العجييب. علينا ان نتسائل هنا هل هذه مجرد رواية ام حقيقة وقعت بالفعل. قد يكون من حقنا ان نشك ان كنا ضعفاء الأيمان ولكنه ليس من حقنا ان ننكر وقوعها. وإزاء هذا الألزام من طرفي لا بد ان اتي بالقرائن والادلة لأثبت حجتي.

الكتاب المقدس بعهديه لم ينزل من السماء كما يحسب الأخوة المسلمين ان كتابهم نزل من السماء والبشرية ملزمة بقبوله. الكتاب المقدس كتبه أشخاص عاديون ولم يكونوا كاملين لإن الكمال في الأرض هو للابن الآله المتجسد فقط . ولكن إيمان هؤلاء المدونيين بألوهية الرب جعلهم يكتبون بما يمليه عليهم ضميرهم الإنساني المرتبط روحياً بالخالق الذي هو روحاني ايضاً . كِتاب العهد القديم كُتبَ قبل مجئ المسيح  بنحو سبعمائة عام حسب معلوماتي المتواضعة ليس من قبل الأنبياء المعترف بهم بل من قبل أشخاص سمعوا هذه النبوات عن طريق  النقل ومن خلال ايمانهم والتزامهم الديني دونوها لنا. والعهد الجديد يؤكد هذه المسألة إذ يذكر ان يسوع المسيح  حين كان طفلاً صعد الى الهيكل ليجادل العلماء اليهود في الشريعة والتوراة التي فيها قصص الأنبياء والصالحين المعروفين في العهد القديم مثل موسى وإبراهيم وسليمان وغيرهم كلهم نطق بأسماءهم وذكر أعمالهم الاله المتجسد والذي ذكرى ميلاده في هذه الآيام . وحتى صوم نينوى المذكور في العهد القديم جاء على ذكره الرب يسوع حين قال " رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناشدة يونان وهذا اعظم من يونان ههنا " متى ١٢: ٤١. من له فهم وعقل راجح يتسأل ويقول كيف ورد هذا على لسان يسوع لو ان ذلك لم يكن مكتوباً ومتعارفٌ عليه في ذلك الزمان. حالياً نعرف ان يسوع المسيح كان يعرف  قصة صوم نينوى من العهد القديم الذي لا بد وانه قرأه او سمع عنه. فإذن العهد القديم هو تدوين قصص بني اسرائيل منذ بدء الخلق وما قاله الأنبياء عن الله الذي كان يكلمهم. فدوّنوا في كتاباتهم عن المسيح الذي سوف يتجسد ويولد من عذراء كما ورد في اشعيا ٧ : ١٤ ، "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل". ويولد في بيت لحم كما ورد في متي حيث يورد ان "هيرودس الملك جمع رؤساء الكهنة والكتبة وسألهم اين يولد المسيح  فقالوا في بيت لحم" متى ٢: ٦. اما من اين استقى رؤساء الكهنة هذه المعلومة فأنه بلا شك من نبؤة ميخا ٥: ٢ التي تقول: " اما انت يا بيت لحم أفراتَة، وانت صغيرة ان تكوني بين ألوف يهوذا ، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطاً على اسرائيل، ومخارجه منذ القديم ، منذ ايام الأزل."

كثيرة هي النبؤات عن ولادة المسيح وردت في العهد القديم وعلى من يريد التأكد عليه قراءة الكتاب المقدس او الآستعانة بالأستاذ گوگل.
ويسهل الأمر في العهد الجديد الذي نعرف قطعاً ان كُتّابه هم من عاصروا المسيح وعرفوا عن كثب الكثير عن حياة المسيح وبالأخص الأنجليين الأربعة وهم كل من متى ومرقس ولوقا ويوحنا. كل كتبَ إنجيله بلغة معينة وفي بلد معين ولكن الأربعة متفقون فيما نقلوه عن حياة يسوع المسيح وثمة احداث مثل الميلاد الذي نحن بصدده مكتوب من قبل متى و لوقا من غير ان نجد اي اختلاف في فحوى القصة.  وحسب التقليد وكتابات الرسل وعلماء الدين فان الكتاب المقدس هو موحى به من الروح القدس لأشخاص لهم بعض الدراية في الكتابة.

بيت القصيد من مما ورد اعلاه ان مجيء المسيح وولادته قبل مايزيد من الفيّتين وبالطريقة المعروفة هو قصة واقعية لا مجرد رواية من تأليف احد البشر رغم الذي أسلفنا ان بعض حوادثها هي صعبة التصديق. لكن النبؤات وتحقيقها كما يخبرنا الأنجيل يزيل كل الشكوك بوقوعها. شخصياً ثمة نبؤات في العهد القديم تثير انتباهي وأحسبها قد تحققت وألمسها في معرفتي ومنها ما قيل عن ابراهيم انه سيكون أباً لأمم عديدة وحالياً فان الأديان السماوية الثلاث تعتبره هكذا.. العهد القديم ايضاً يذكر عن نسل اسماعيل ( المسلمين ) ان عدده سيكون مثل رمل البحر وهو في رؤيتي هو هكذا الآن.. نبؤة اخرى من العهد القديم وهي في اشعيا ١٩؛ ٢٣ وتذكر ثلاث اقوام أو دول وهي اسرائيل، مصر، وآشور نراها اليوم حقيقة واقعة؛ بعد تشتت الآسرائليون في المعمورة ؛ ونشأت اسرائيل عام 1948، وتحولت مصر الى الجمهورية العربية المتحدة لترجع الى الأسم الحقيقي قبل بضع عقود ؛ وتلاشت آشور ليكتشفها الغربيون وها هو اسمها يدوي من جديد. نبؤة اخرى تحققت ولكن ليس في زماننا هذا، هي نبوة ناحوم عن سقط نينوى... لم أسهب في هذه النبؤات كثيرا وكذلك ثمة نبؤات اخر حصلت ولا اريد ذكرها كي لا أخرج عن موضوع الميلاد. لكن بإختصار ان نبؤات العهد القديم ليست حبراً على ورق.

 في الحقيقة فان الميلاد يكشف لنا سراً من اسرار الكون والسر هو ان هذا الكون له خالق ومدبر، ليس نظرياً فقط لكن بالبرهان تماماً مثلما جاء العلماء بنظرية الجاذبية نحو مركز الأرض وتطبيقها ان التفاحة تسقط باتجاه مركز الأرض. هنا نتأكد من الجاذبية من خلال سقوط التفاحة ، وهكذا ايضاً نتأكد من الآب الخالق عبر الأبن المتجسد. اي ان الخالق كان نظرياً حتى مجيء المسيح ليخبرنا عنه وعن الروح القدس لتكتمل معرفتنا عن الثالوث المقدس . أزيد هنا وأقول ان قرآن الأسلام  يتكلم عن الله الذي لا اله غيره ، ولكن من حق الفرد ان يسأل ويقول وما هو البرهان المادي عن هذا الله !!  وهكذا ايضاً اليهودية آمنت ولا زالت تؤمن بمجئ منقذ او مخلص آتٍ من السماء لأثبات ان دينهم هو دين الخلاص، هذه الفٌ رابعة بعد النبؤات وكل مسلتزات النبؤة زالت وهم لا زالوا في طور نظرية المجئ!! الرب أراد الخلاص للجنس البشري وكان بامكانه ان يقول ليكن الخلاص فيكون ولكن الرب أراد ان يكون الخلاص عملياً وعبر التجسد والموت على الصليب كي يدركه عقل الأنسان . الميلاد الذي حلّ قبل أثر من الفين سنة والذي  نحتفل به هذه الأيام هو التجسد بعينه وهو تطبيق للخلاص الذي أعده الرب لنا نحن البشر.

بقي الآن ان نسأل أنفسنا هل ثمة حدث في التاريخ له وقع على البشرية مثل الميلاد؟ . أساطير كُتبتْ او قيلتْ قبل آلاف السنين او أشخاص ولدوا وكأنوا عظماء في أعمالهم ولذلك حفظ التاريخ لنا انجازاتهم ولكن نادراً ما نتذكرهم ، اما ميلاد المسيح المتواضع جداً فلَهُ يوم مخصص وتكاد الكرة الأرضية تهتز له فرحاً لذكراه.
لنا ان نقول ونعيد هنا ان حدث الميلاد في مغزاه هو الربط بين  السماء و الأرض : أنشودة الملائكة.. هو تطبيق لنظرية: ثمة خالق لهذا الكون (الآب ) ويسوع المسيح ( الأبن ) جاء الى الارض ليخبرنا عنه..  والميلاد ايضاً رواية حقيقية عجيبة حدثت بالفعل قبل ٢٠١٧ سنة ومنذ ذلك الحين يحتفل العالم به احتفالاً لا يضاهيه آخر.
وفي الختام وفي ذكرى الميلاد لا بد لنا ان نقف بإعجاب وخشوع لهذا الوليد منشدين مع الملائكة  :
"هليلويا  المجد لله في العُلى وعلى الارض السلام هليلويا"

                                                                                                                                                                                                                                                        حنا شمعون / شيكاغو   


32
الجمعية القومية الآشورية ( شوتابوتا) في شيكاغو تحتفل على مدى ثلاثة ايام بيوبلها الذهبي وذلك في تشرين الأول 13، 14، و15 لعام 2017.

33
منگيش، بغداد، وجزيرة الفصح؛ ذكريات لا يطويها النسيان
كتابة: فرنسيس كلو خوشو/ سان دياكَو
ترجمة بتصرف: حنا شمعون / شيكاغو


ثمة ذكريات هي منطبعة وان صح التعبير جامدة لا تتزعزع من مخيلتي. وهي بمثابة شريط فديو استرجع اي مقطع منه متى ما شئت.
هذا التالي هو اقدم المقاطع وأجملها ويعود بيّ الى أواخر الخمسينات من القرن الماضي وفي قريتي منگيش التابعة حينذاك لقضاء دهوك. هذه الأرض الطيبة كان لها جمال خاص وكنت اظنها هي العالم كله مع بعض القرى الكردية المحيطة  ومنها بروژك وكوريمي وكوڤلي التي كنت اسمع عنها في حديث الكبار وكلما زادت سنين العمر كنت اسمع عن قرى اخرى مسيحية/ سورايي مثل داويدية وأرادن ودهي و حتى طَرق سمعي مدن بعيدة مثل إتوك / دهوك ، موصل ، وبغداد. فأصبح ذلك عالمي الصغير الكبير.
في هذه القرية الواقعة بين طورا / الجبل و زوري / التلال المتموجة  كان ثمة إيقاع لطيف للحياة بعيد عن الأختراعات الحديثة ومنها السيارة او اللوري الذي كان يسوقه مجيد المصلاوي حيث كان حدها مدخل القرية عند القشلة / مركز الشرطة اما ابعد من ذلك فقد كان "قف ممنوع المرور" وليس ذلك بأوامر نظام السير، إنما الأزقة الضيقة التي كانت تخترق القرية مفروشة مثل الخطوط التي تظهر في راحة اليد لم تكن لتسع هذه الصناديق الحديدية المتحركة.



صورة فنية لقرية منكَيش، الرسام غير معروف

كنيسة القرية المبنية من الحجر والآجر كانت وسط القرية التي معظم بيوتاتها كانت طينية وكل ما  يقارب ثلاثة او اربع منها وحتى خمسة وستة كانت تشترك بحائط ليجمعها سطح / گاري واحد وان كان احياناً يرتفع واحد منها قدم او قدمين عن الآخر بحيث يمكن لطفل بعمري حينذاك لن يقفز من سطح الى آخر بكل سهولة. من على هذه السطوح كان ينبثق أنبوب الدخان المغطى بقلنسوة حتى لا ينفث المطر من خلاله الى المدفئة الأسطوانية التي عادة تكون في غرفة الجلوس/ صوپا وكان وقودها الخشب. كما كان فوق كل سطح مندروني/ دلاكة لدلك السطح الترابي كي لا يتسرب ماء المطر عبر الشقوق الى فتتناقط في المنزل دلوبي / قطرات الماء.

عبر دروب الأزقة كانت تساق الدواب الى مراعيها اما الرجوع فقد كان مخيراً بين استقبالها قبل ان تصل أطراف القرية بعد صلاة الرمش/ العصر والعودة بها مُساقة او انها ترجع من ذواتها الى بيوتات أصحابها وخاصة المواشي ، اما الأتنات فقد كانت احياناً تضيع طريقها بقصد أوغير قصد -- لأن ثمة حمل ثقيل معد لها في اليوم التالي -- ولذا كان يلزم للفتيان جلبها عنوة الى البيت. اما الدجاج الذي لايستغنى اي بيت عن تربيته فقد كان يسرح في الدروب او في مزبلة المحلة يأكل ويشرب نهاراً ولا تسمع صوتها الا اذا باضت في قِنها فتسمع نققتها اشارة ان لها هدية صغيرة لذويها، وقبل المغيب كان يركن الدجاج طوعاً الى القنة/ مسكن الدجاج .

  المعلمون في مدرسة منكَيش الأبتدائية في نهاية الخمسينات صورة من بولص ايشو تبو

حين بلغت السابعة كانت مرحلة جديدة من عمري وهي مرحلة الدراسة الأبتدائية حيث كان معظم المدرسين من أهل القرية وكانوا حريصين لتنشئة جيل شغوف بالدراسة وفعلاً كانوا موفقين حيث عُرفتْ قرية منگيش بنسبة عالية من اصحاب الشهادات والخريجين بفضل معلميها . وفي هذه الفترة كان حدث ثورة ١٤ تموز وأتذكر ان الأحتفال بالذكرى السنوية لهذه الثورة كانت تقام أقواس النصر في مداخل القرية من الجنوب والشمال وكنا نحن الأطفال من يجلب الأغصان لعمل الأقواس.
اعتمد دستور جديد للعراق وحصلت المساواة بغض النظر عن القومية او اللغة او الدين ، ولأول مرة شعر الناس في منگيش بإنتمائهم الوطني العراقي ودخلت السياسة في عقول الناس.

مدرسة منكَيش الأبتدائية في نهاية الخمسينات ، من صور المرحوم داود جركو

وشهدت هذه الفترة حرية الصحافة وانتشار الكتب وظهرت لأول مرة اجهزة الراديو في القرية وكانت تمتلكها بعض البيوتات المتمكنة وهكذا أدركنا نحن الطلبة الصغار ان العالم اكبر بكثير من محيط قريتنا زاد الوعي واهتم البعض  الطلبة الكبار بالسياسة ولكن الغالبية فضلوا الاهتمام بالدراسة والمعيشة على الانتماء الحزبي الذي صار فيما بعد نكبة بعد استيلاء القوميين العرب على مقاليد الحكم في العراق،

  
 باصات الطابقين الحمراء في العاصمة بغداد                                 


شارع المتنبي في بغداد

المقطع الثاني من ذكريات هذا لفديو هو مرحلة انتقالي من القرية الصغيرة الى مدينة كبيرة هي بغداد العاصمة وكان الصيف في بغداد حاراً مع سماء صافية وكانت الحرارة تبلغ ذروتها في فترة الظهيرة ليدخل الجميع الى البيوتات الا من كان مضطراً للتنقل. كان السكون يغلف كل مكان والنَّاس داخل البيت ليناموا القيلولة  حتى العصر ويخرج الناس لرش امام البيوتات والحدائق الصغيرة لتلطيف الجو قليلاً. مرة اخرة كانت تدب الحياة في شوارع بغداد ليخرج الناس الى الشوارع والمنتزهات وقسم من ميسوري الحال اوالذين ذخروا بعض الفلوس يذهبون الى الكازينوهات على شارع ابو نواس المحاذي لنهر دجلة، والبعض الآخر يذهب الى السينمات وحينها المشهورة منها كانت غازي ريكس روكسي، السندباد، الخيام ، والنصر.
عندما انتقلت الى بغداد نشأت عندي رغبة التعرف عليها لانها كانت شاسعة وذلك عن طريق المشي وركوب الحافلات / الباصات من محطة البداية الى آخر محطة ثم العودة على نفس الباص مفضلاً الباصات الحمراء الحكومية ذات الطابقين وفي الطابق العلوي وعند النافذة الأمامية لأرى آلاف الناس جيئاً وذهاباً . كنت أسأل نفسي من أين كل هؤلاء الناس والى أين هم ذاهبون . طبعاً كان هذا مقارنة بأهل قريتي الذين كنت اعرفهم غالبيتهم . كان الباص رقم ٤ يمر قرب دارنا ويرحل الى ساحة الميدان عبر شارع الرشيد المشهور وغالباً ما كنت اترجل من الباص للتجوال في شارع الرشيد سيراً على الأقدام لتفحص أعمدته المليئة بالإعلانات واقف امام المقاهي لأرى كبار السن يدخنون الأرجيلة او يلعبون الطاولي او الشباب منهم يقرأون الجرائد والمجلات مع صوت ام كلثوم الصداح منبعث من جهاز الراديو . وأحيانا كان يقودني سمعي قبل قدماي الى سوق الصفافير لأرى كيف تصنع الصواني والأباريق او يأخذني الفضول الى سوق الهرج لأرى فيه جميع انواع الألبسة والأدوات المستعملة من الأدوات الكهربائية والأدوات المنزلية.
احدى ذكرياتي المميزة في هذه الفترة من عمري كانت الذهاب الى شارع المتنبي وهو شارع منعرج بحدود ربع ميل وسمي الشارع لذكرى الشاعر المشهور ابو الطيب المتنبي وكان مليئاً بالمكتبات والأكشاك والعربات للكتب كما أرصفته كانت تفرش  بأنواع الكتب التي غالبيتها مستعملة . كنت شغوفاً بالقراءة لذا كان هذا الشارع ملاذي وخاصة يوم الجمعة يوم العطلة المدرسية لأنهل كل ما أستطيع من المجلات والكتب المفروشة وحين كان لي بعض النقود كنت أغادر المكان بكتاب او كتابين.

 
غلاف كتاب أكو أكو                                                 

 منظر من جزيرة الفصح

في احد الأيام كنت واقفاً قبالة كشك في شارع المتنبي ولمح بصري كتاب التقطته باستغراب لان على غلافه كانت صور لتماثيل  غريبة ذوات انوف كبيرة وغريبة وأذان مثلثة الشكل وشقوق العين عميقة . عنوان الكتاب ذكر فيه جزيرة الفصح.
في صيف عام ٢٠١٥ وصلتني رسالة الكترونية عن رحلة سياحية الى جزيرة الفصح وعنوان الرسالة كان " كشف اسرار والغاز آثار من الحديقة الوطنية روبا نوي في جزيرة الفصح" ، ولاحظت نفس الصور التي كنت قد رأيتها في شارع المتنبي اي بعدما يقارب النصف قرن وغلبني فضول لمعرفة المزيد عن هذه الجزيرة واتفقنا انا وزوجتي برناديت لزيارة هذه الجزيرة الغريبة في شهر كانون الثاني من عام ٢٠١٦.
تقع هذه الجزيرة النائية نحو ٢٠٠٠ ميل الى الغرب من تشيلي في الجهة الجنوبية من المحيط الهادئ. اكتشفها الهولندي جاكوب روج فين في عيد الفصح ( القيامة) من عام ١٧٢٢، ولذا سميت بهذا الأسم. المواطنون الأصليون يعرفون جزيرتهم حسب لغتهم بإسم " تبي بيتو اوتي هينا" اي نهاية الأرض او سُرَّة العالم.

 
في نمرود مع الثيران المجنحة عام ،1973 من صور الكاتب       


في بابل مع أسد بابل عام 1963 ، من صور الكاتب                 

في هذه الجزيرة وجدنا تماثيل ضخمة لأشخاص تسمى " موي" تم نحتها قبل مئات السنين. نُحتت هذه التماثيل من الصخور البركانية او البازلت. وعندما وقعت عيني على هذه التماثيل الضخمة تذكرت في الحال تماثيل رأيتها في ارض الرافدين / بيث نهرين، في بابل حيث وقفت ايام دراستي في المتوسطة مرعوباً امام أسد بابل، وفي نمرود حيث وقفت بإعجاب احاول تفسير المعنى امام تماثيل الثور المجنح التي كانت تحرس أبواب القصور الآشورية قبل أكثر من الفيتين ونَيف سنة.


تماثيل موي في جزيرة الفصح، تصوير الكاتب                   



الكنيسة الوحيدة في جزيرة الفصح، تصوير الكاتب

تماثيل جزيرة الفصح رأيتها تحمل الغازاً اكثر من تماثيل العراق ولا زال العلماء محتارين متى وكيف بنيت هذه التماثيل الغريبة العملاقة المدفونة في الأرض لحد العنق. هل تمثل اله معين ام هي تجسد أشخاص معينين ام هي اضرحة للموتى؟؟
دليلنا السياحي ابلغنا ان المستوطنين الأوائل وصلوا الى هذه الجزيرة حوالي القرن الخامس الميلادي من جزر بولينيزية .
ويقول التقليد ان سكان الجزيرة كانوا أولاً  يعبدون هذه التماثيل  ثم صار تقليداً ان يعبدوا بيردمان الذي يتم اختياره تقليدياً من سباق سنوي يمر فيه المتسابقون بمجازفات منها السباحة في مياه تكثر فيهأ سماك القرش القاتلة الى جزيرة صغيرة وجلب بيضة طير من عش فوق صخرة  ضخمة . الفائز الأول كان يُنصب حاكماً والهاً معبوداً لمدة عام كامل ينتهي بمسابقة اخرى لأختيار حاكم ومعبود جديد.  وبطل هذا التقليد عام  ١٨٦٠ إذ اصبحت المسيحية الدين الرسمي للجزيرة .الكنيسة الوحيدة في هذه الجزيرة مزينة بتماثيل يسوع المسيح ومريم العذراء والملاك ميخائيل على غرار الفن البولينيزي . كما يرى التأثير زخارف رابا نوي القديمة على المنحوتات في المقبرة  المسيحية الموجودة في الجزيرة.

 
 عام 2016 في جزيرة الفصح مع زوجتي برناديت                       


منظر الغروب الساحر في جزيرة الفصح

على حافة سانجو روا البلدة الوحيدة في جزيرة الفصح كنا نستمتع  مع كثير من الناس الذين يتجمعون على جانب من التل لمشاهدة غروب الشمس الساحر من وراء تماثيل موي وهذا المنظر ذكرني بغروب الشمس في منگيش وراء مقبرة نشموني التي تقع على تلة صغيرة لتختفي بشكل حزين ومؤثر حيث نهاية جبل منگيش الأشم وحيث يقل ارتفاعه ليوازي الأرض المستوية مثل استواء البحر خلف جزيرة الفصح.
ذكرى الغروب من منكَيش هي لوحة فنية مطبوعة في مخليتي وان كان لي ان اعطي اللوحة عنواناً معبراَ فأني بلا شك سوف اختار عنوان : الوداع الأخير. ومع هذه الذكرى الحزينة من الشريط الأول انهي تقريري هذا على أمل اللقاء في موضوع آخر عن قريتي العزيزة.

الموضوع الأصلي بالأنكَليزية على الرابط:
https://mangish.net/mangeshi-baghdad-and-easter-island-frozen-moments/


34
مغارة جميلة لمريم العذراء الى جانب كنيسة مار أفرام الكلدانية في شيكاغو

يوم الأحد المصادف 27 / 8 / 2017 ونحن ما زلنا في شهر آب ، وبعد القداس الألهي جرى تقديس مغارة صغيرة وبسيطة لكن جميلة لسيدة الكون مريم العذراء  التي اعيادها على مدار السنة هي في عداد العشرات حسب طقس الكنيسة الشرقية الكلدانية.

بعد ان ظل التمثال راكناً في المذبح طيلة القداس ، بدأ زياح التقديس حين انتهاء القداس حيث حُمل التمثال الى خارج الكنيسة وسط جمهرة من الحاضرين وكاهن الرعية الأب سنحاريب يوحنا والشمامسة بملبسهم الزاهي وهم يرنمون الأناشيد الخاصة لمريم العذراء. وضع التمثال الجميل في داخل المغارة الجميلة وتليت الصلوات من كتاب الحوذرا لكنيسة المشرق الكلدانية، ليكتمل التقديس وتعقبها فرحة الجمهور وهو مشدود الى الى اللون الأزرق السماوي الذي يربط بين رداء العذراء وأطار المغارة المصنوع من البلاستيك القوي.

هذه المغارة البهية للعذراء مريم جاءت بمشورة الأب سنحاريب راعي كنيسة مار أفرام و بكلفة قليلة وجهود كبيرة من الشماس منصور يوسف الذي ساهم بهمة عالية لأنجازها بمساعدة كل من السيد يوسف زيا  والسيد ألن.. المغارة نالت اعجاب رواد الكنيسة وكان لنا بعض الصورالتذكارية لمناسبة افتتاحها.

مبروك لكنيسة مارافرام الكلدانية ورعيتها هذه المغارة الزاهية بألوان السماء .


35
شيكاغو تحتفل بعيد انتقال مريم العذراء الى السماء

منتصف آب وتحديداً  الخامس عشر منه ومن كل عام هو عيد انتقال العذراء مريم القديسة الى السماء بالروح والجسد ، هذا هو تقليد معظم الكنائس الرسولية ، ومنها الكنيسة الكلدانية. عيد مبجل ومهيب لا يُفرض حضوره، لكن مكانة العذراء مريم في قلوب أبنائها تدعوهم في هذا  اليوم المبارك كي يتبرعوا بسخاء لاقامة احتفال كبيرلها ويوزع فيه مأكل العيد " الدوخرانا"  مجاناً على الحاضرين، هذا طبعاً بعد حضور القداس الالهي المخصص للمناسبة تماماً كما حصل هذا العام في كنيسة مريم العذراء الكلدانية الواقعة في احدى الضواحي الراقية لمدينة شيكاغو المعروفة بمسمى نورث بروك / Northbrook.  هذه الكنيسة أُشترتها أبرشية مار توما في أمريكا قبل بضع سنوات وتقع هذه الكنيسة الجميلة ومرآبها وسط  حديقة شاسعة وفي وقتها حسب البعض ان هذه الحديقة لا لزوم بها ، ولم يكن في بالهم ان هذه المساحة الشاسعة سوف تستغل مستقبلاً لأقامة شيرا / مهرجان مريم العذراء وسوف تستقبل الآلاف من المؤمنين، لم تكن لتسعهم اي حديقة اعتيادية.
لقد اصبح تقليداً في شيكاغو ان تتوافد الجموع الغفيرة الى هذه الكنيسة لحضور القداس وإقامة الشيرا في حدائقها المترامية التي ليس فقط تكون مطرح الناس بل ايضاً مطرح إضافي للسيارات العديدة التي لا يتسع لها المرآب.

بدأ الزياح في موكب مهيب خرج من داخل الكنيسة مريم العذراء يتقدمه الأب فواز كاكو راعي الكنيسة التي اقيم فيها هذا الزياح  وتبعه أربعة من الرهبان الكبوشيين الذين حملوا تمثال العذراء وسارت من ورائهم فرقة الأنشاد وجوقة الشمامسة  ومعهم الأب سنحاريب يوحنا راعي كنيسة ما افرام في شيكاغو ومن ثم جَمع من المؤمنين . وصل الموكب الى مغارة مريم العذراء التي تشتهر بها الكنيسة . فرقة الأنشاد على طول الطريق انشدت ترتيلة " شما دبابا برونا" المخصصة لتكريم مريم العذراء في معظم الكنائس الكلدانية . وحيث هي المغارة الجميلة اجتمع المزيحون وهناك تليت الصلاة الطقسية من الحوذرا وكان الجو صافياً ومعتدلاً وكأنه ملائم لصعود مريم الى السماء. بعد ذلك سار الموكب عائداً في طريق اخر ودخل الجميع الى الكنيسة حيث جرى القداس الالهي المهيب وكان الحضور اكثر من الف شخص في اقل تقدير حيث امتلأت لكنيسة الداخلية والخارجية والقاعة الجانبية وفي خارج الكنيسة وقف الذين لم يتسع لهم المكان.

الامر المشجع في هذا الشيرا هو المجاميع العديدة المتطوعة من الشباب والشابات و الرجال والنساء الذين ساهموا في انجاحه ، بدءاً من اؤلائك الذين أرشدوا السائقين الى  حيث تم تركين سياراتهم ثم أولائك الذين جهزوا وطبخوا الدوخرانا / المأكل وأولائك ألذين رتبوا الكراسي والموائد ووزعوا الدوخرانا ثم النساء اللواتي خدمن في المطبخ. الشكر لهم جميعاً ونطلب من امنا العذراء ان تشفع لهم وتباركهم وكل الذين ساهموا بطريقة او اخرى  وان كان من خلال الحضورلانجاح هذا الشيرا المبارك.

                                                                 حنا شمعون / شيكاغو   



36
بمناسبة صدور الديوان الشعري "الموت و الميلاد" للشاعر و الاديب ابراهيم يلدا ابراهيم، المترجم للغة العربية من قبل الاستاذ الاديب نزار الديراني،  ستقام امسية ثقافية في المركز القومي الاشوري في ولاية ايلينوي في الساعة السابعة و النصف مساء يوم الجمعة المصادف  28 /7/ 2017. و سيشارك في هذه الامسية كل من الفنان المعروف داود ايشا و نخبة من شعراء و ادباء امتنا الاشورية، والدعوة عامة للجميع، ويشرفنا حضوركم.

اللجنة المشرفة، عنهم: شميران شمعون ، زوجة الأديب إبراهيم يلدا إبراهيم

                         

37
 
تكريم الأب داؤد بفرو في ديترويت

في يوم الجمعة المصادف في ٢٣ / ٦ / ٢٠١٧ أقامت اللجنة المسوؤلة عن تكريم الأب داؤد بفرو حفلاً خاصاً لمناسبة تقاعده عن الحياة الكهنوتية وذالك بعد قضاء واحد وخمسون عاماً في أبرشيات العمادية وبغداد ومن ثم ونزر، كندا.

حضر الحفل الذي أقيم على قاعة بيلا في ديترويت جمهرة من محبي الأب بفرو وفي مقدمتهم الأبوين فوزي ابرو راعي كنيسة تورونتو، كندا والأب أياد جلال خنجرو راعي كنيسة فلنت ، مشيگن.
ألقيت كلمات قيمة بهذه المناسبة ، حيث ألقى الأستاذ انطوان الصنا كلمة ترحيبية نيابة عن اللجنة المسؤولة عن التكريم، وكذلك تناول الدكتور جورج مرقس في كلمته مراحل هامة من حياة المحتفى به مع عرض للسلايدات انتقيت من البوم الأب بفرو وأخيرا كانت كلمة الأخ جان يلدا الذي عرف الأب داؤد لمدة طويلة في بغداد وكان احد تلامذته في صف تعلم اللغة الفرنسية. وكذلك ألقيت قصائد معبرة أكدت ان المُكرم هو أهل لهذا التكريم. القصيدة الاولى كانت بالعربية وألقاها الأستاذ الشاعر المعروف ماجد عزيزة وتليت ايضاً قصيدة الشاعرة نهى لازار وألقاها بالنيابة الشماس موفق هرمز وكذلك نقل الشماس المذكور تحيات أهل ارادن للأب داود بفرو لهذه المناسبة السعيدة.
وفي هذا لحفل البهيج تم تقديم هدايا للأب بفرو من قبل الأب فوزي واللجنة المشرفة على الحفل وكذلك قدمت هدايا خاصة من بعض الحاضرين ومنها هدية من السيد آدم ميخو الذي لم يستطع الحضور وقدمها ابنه بسام من بدله.
بهجة الأحتفال هذا اكتملت حين تم قَص الكيك له وعلى أنغام اغنية " خليثا دلبي منگيشي" التي رتبها دي جي عماد حسب اختياره. انتعش الأب داؤد فرحاً وانتعش الحضور وتقدم الكثير منهم نحو الأب داؤد مصافحين ومقبلين للتعبير عن شكرهم له مع تمنياتهم له بحياة تقاعدية يقضيها منزوياً في رحاب الرب الذي خدمه ضمن الكنيسة الكلدانية لأكثر من نصف قرن.
وقبل الختام اعتلى الأب داؤد المسرح والقى كلمة مؤثرة عن حياته وبعض ما ذاقه من صعوبات خلال حياته الكهنوتية ولكنه تجاوزها بإيمان عميق بقدرة الرب لإذلال كل الصعوبات ومنها حادثة السيارة التي انقلبت به في احدى أودية صبنا حين كان كاهناً لأبرشية العمادية وأرسل له الرب رجلاً كردياً على غرار السامري الصالح وأنقذ حياته. كذلك ذكر في خضم حديثه المخاطر التي تعرضت لها قريته الحبيبة منگيش ولكن بحنكته واتصالاته بأصحاب القرار استطاع عدة مرات من إنقاذ أهل قريته من مآسي كانت ستقع عليها. وشكر الأب بفرو الحضور الكريم واللجنة المشرفة على الأحتفال، وفي بادرة استثنائية منه طلب السماح من كل الذين لم يكن بمقدوره تلبية طلباتهم التي كانت تتعارض مع قوانين الكنيسة او من كل تقصير بدر منه تجاه اي من الأشخاص.

قصيدة أخيرة القاها الكاتب حنا شمعون كاتب هذه السطور تناول فيها منجزات وخدمات الأب داؤد بفرو.
هكذا انتهى هذا الأحتفال البهيج مع التقاط الصور التذكارية مع المحتفى به، ولكن للأسف لم يتم تسجيل المناسبة بالفيديو عدا بعض اللقطات التي سجلتها كاميرات التلفون.

املي وامل الجميع ان يتم مستقبلاً تكريم كل الميامين الذين خدموا قرية منگيش منهم المتوفين رحمهم الرب ومنهم الأحياء اطال الرب في أعمارهم  ليكن ذلك التكريم ذكرى طيبة لكل من يخدم أبناء قريته.

وهذه بعص الصور من الحفل مع الأعتذار للهفوات في تقريرنا حيث تم بأستعجال بسبب ضيق الوقت وعدم تسجيل الحدث صوتياً كما افعل دوماً.

                           حنا شمعون/ شيكاغو

38
 
الأديب الراحل دانيال بيث بنيامين يحضى بالتكريم  ثانية في شيكاغو

حقاً ان العظماء وان تركونا الى الديار السرمدية فإنهم عَلى الأرض خالدون ايضاً . ليس بالأمر السهل ان يُخلَد الأموات على الأرض ، كما ان المال والجاه لا يُمكنهما ان يقدما مثل هذا الأعتبار للمتوفين لكن يمكن ان يحدث هذا لبضعة ايام لا تتجاوز الأربعين وبعد ذلك يطويهم النسيان. ولكن أديباً مثل الراحل دانيال داؤد بيث بنيامين فان التاريخ سوف يخلده بأعماله ومؤلفاته  وما عرف عنه من دراية بلغة الام وشغف تجاه أمته الآشورية . وحتى قبل ان ينتقل أديبنا الى الديار السرمدية فانه نال التقدير من الكتاب والناقدين ولعل مقالة الأستاذ الشاعر آدم هومه هي خير مثال على ذلك ويسرنا ان ننشر ثانية الرابط اليها أدناه.
في استراليا أقيم تكريم للأديب الراحل دانيال بيث بنيامين لم تصلني تفاصيله لحد الآن ، و كذلك في دهوك ، العراق  احتفت رابطة الأدباء والكتاب الآشوريين بذكراه في اربعينيته وكتب الزميل سامر الياس سعيد تقريراً رائعاً عنه وهو منشور في عنكاوا كوم وعلى الرابط الثاني أدناه.

التكريم الكبير للراحل دانيال أقيم في شيكاغو وكان لي شرف حضوره وكان بلا شك من الاعمال النادرة التي يحضى بها الراحلون عنا ، خاصة وان  الحاضرين كانوا من النخبة ويتقدمهم نيافة الأسقف گورگيس يونان من الكنيسة الشرقية القديمة. المحاضرين كانوا من الأساتذة المرموقين الذين عايشوا الأديب الراحل وعرفوه عن كثب حيث كان زميلاً لهم في مسيرة الأنجازات في حقل اللغة والآداب السريانية . اقيم التكريم هذا والمعتبر الثاني في شيكاغو في المركز الثقافي التابع لمؤسسة الأتحاد الآشوري العالمي الواقع في ضاحية لنكولن ود.

اول المحاضرين كان الدكتور سرگون حسّو الذي تناول تراث الأديب دانيال وخدماته في عصرنة الكتابة باللغة السريانية ، وذللك في كونه جسراً بين عهد الطابعة وعهد الكتابة الألكترونية عبر الكومبيوتر ومواكبة العصر في تطور طرق الكتابة. وأضاف ان الراحل من بيننا كان اول من استعمل الحواشي  footnotes في كتابة المقالات عبر الكومبيوتر لانه كان يكتب مصطلحات صعبة وكان لا بد من تسهيلها للقاري الأعتيادي. الدكتور حسّو اثنى على  دانيال  بيث بنيامين  واصفاً آياه انه حقاً كان مستوعباً للتغيرات العصرية والتكنولوجيا. وهو اول من استعمل برنامج words في الكتابة باللغة السريانية . وأضاف انه منذ ان تعرف على دانيال عام ١٩٨٩ في شيكاغو ااشتغلا سوية في تطوير الكتابة بالسريانية ومؤخرا كان يشتغلان  لتطوير برنامج ال Unicode كي يكون بإمكان كل قاري حين يصله بريد إلكتروني email ان يقرأه بنفس طقم الحروف التي ارسلها الشخص المُرسِل. الدكتور حسّو يرى ان إرث ألمبدع  دانيال واسع وقابل للتطوير وهو برخصة ذوي المرحوم سوف يعمل جاهداً في الأستفادة من هذا الأرث وتطويره.

ثم جاء دور البروفسور أدور يوخنا عوديشو الذي عرف المرحوم دانيال من عهد الطفولة في كركوك ، وان كان زميلاً للأخ الأصغر دانيال وهو المرحوم يوآو حيث كانا في عمر متقارب. البروفسور أدور بأسلوبه الأكاديمي ونبرة الصوت التي هي من اختصاصه تحدث عن كتابات دانيال ومؤلفاته الثمينة بالسريانية وتناولها بالتفصيل مع مرافقة الشرائح المتلفزة وهي:
- الشاعر الطريد، عن الشاعر جان الخص
- أغاني الراوي المشهوره في تياري وهكاري
- سلسلة بطاركة المشرق، وهو بحث أكاديمي .
- إشعار وكتابات دانيال بيث بنيامين
- جميع مجلدات مجلة گلگامش الصادرة في ايران
- "قذم وبثر/ قبل وبعد" وهو كتاب صلوات لكنيسة المشرق .
- كتابات يوآو بيث بنيامين، اخيه.
- ليليانا وهي أغاني نسائية في الزواج وهي من تراث القرى الآشورية في هكاري وشمال العراق.
- مساهمات عديدة في القسم السرياني من مجلة الجمعية الأكاديمية الآشوريةJAAS.

في وصفه للراحل دانيال تحدث المحاضر بأعطائه الأمتياز في صفات  التواضع، الهدوء، بذل الجهد، الدقة. كما تناول أوجه الشبه بينه وبين الخطاط عيسى بنيامين ؛ كلاهما توفيا في عمرالتسعين الاول يشنف الأذن بموسيقى الكلمات والثاني يبهر البصر في جمالية الحرف . كذلك بين دانيال وبولس بيجان من حيث ان الاول هو " بولس بيجان الثاني" وحسب رؤية ادور عوديشو ان بيجان المتوفي في عام ١٩٢٠ هو أعظم من كتب عن شهداء المسيحية المشرقية  في سبع مجلدات ولا يمكن لأي باحث ان يتجاوز هذا المجلدات في اي توثيق عن المسيحية في المشرق. كما قارن المحاضر بين دانيال وشقيقه يوآو معتبراً الثاني اكثر أكاديمية وأكثر بعداً عن الروحانيات التي اتسم بها أديبنا دانيال.

المتحدث الثالث وعبر الأثير كان الدكتور نينب لاماسو الذي تحدث من كامبرج ، انگلترا وجه كلمة للدكتور سرگون حسو والدكتور البروفسور ادور عوديشو تقديم هدية  الأديب دانيال داؤد بيث بنيامين بإسم مجلة اشلي نيسابا لتي تصدرها دار نشر "الخيدوانا" للشاب الحاضر بين جمهور المستمعين وهو نينوس وردا وذلك لمساهمته المشكورة في حقل اللغة السريانية / الآشورية الحديثة.
في الختام شكر الشاعر نينوس نيراري الحاضرين ن وكان نينوس خلال تقديم فقرات هذا التكريم قد تلى ثلاث من القصائد التي كتبها دانيال بيث بنيامين.

سجلت الحدث كاميرا برنامج الآشورين حول العالم بأدراة الأخوين ادمون و هرمز حسّو، كما نقلته حياً محطة تلفزة ANB والرابط الثالث هو التسجيل الكامل لهذا النقل الحي.
ومرفقاً هي بعض الصور التي التقطتها بكاميرا تلفوني.

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=829592.0

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=843154.0

http://www.ankawa.org/vshare/view/10422/anb-presents-honoring-the-life-and-legacy-of-the-late-assyrian-writer-daniel-benyamin/

                                              حنا شمعون / شيكاغو




39
الاحتفال بيوم اللغة الآشورية في شيكاغو

في الحادي والعشرين من شهر نيسان يحتفل آشوريو العالم بيوم اللغة الآشورية الحديثة / السورث وذلك بعد ان تم تخصيص هذا اليوم لهذه اللغة العريقة اثر اجتماع لنخبة من اللغويين والاعلاميين  في هذه المدينة عام ٢٠١٣ ، وذلك اثر مبادرة مباركة من قبل المجلس القومي الآشوري في ولاية الينويى الأمريكية . لغة لا زالت بعض مفرداتها تستعمل في حياتنا اليومية كما كانت قبل ثلاثة آلاف من السنين. طبيعي ان تمر هكذا لغة قديمة بتغيرات وتتأثر بمحيطها واللغات الأخرى المهيمنة في المنطقة، ولذا فإن هذه اللغة التي كانت يوماً ما تكتب بالخط المسماري المنقرض تأقلمت مع محيطها وتأثرت كلياً باللغة الآرامية صاحبة الأبجدية المشهورة ابگد هوز حطي كلمن سعپص قرشت .بسب هذا التحول اصبحت الآشورية القديمة المحكية  تتصارع مع الأرامية ولهجتها السريانية  المتداولة في أورهاي  وحين اتخذت الكنيسة التي انتشرت أولاً في اورهاي من اللغة السريانية وأبجديتها لغة معتمدة لها لسهولة كتابتها وقراءتها انزوت الآشورية وتقلص دورها ولكن بقيت الكثير من مفرداتها تستعمل في الحياة اليومية الى يومنا هذا. لنتأمل سوية ٢١  مجلداً استغرقت كتابتها وتنقيحها ٩٠ سنة  من قبل جهابذة اللغة في العالم ، فكيف يكون ان مفردات هذا الإنجاز العظيم ضاعت كلها. كلا لم تضع هذه اللغة فنحن ناطقو السورث نستعمل الكثير من هذه المفردات في كلامنا اليومي وان كان ذلك مع تحوير بسيط . هنا اود ان اذكر ان عدد المجلدات ٢١ هو الذي تَيمَنَت به النخبة لتختاره  يوم اللغة الآشورية.
وشخصيا كلما تصفحت قاموس صغيرهو بحوزتي  من الآشورية القديمة الى الأنكليزية اجد ان نسبة كبيرة من الكلمات التي اقرأها لها معنى شبيه في لغة السورث . لهذا السبب اصبح لنا اليوم لغة هجينة من الآشورية المحكية والسريانية المكتوبة نسميها "سورث" والتي لحد الآن لا يوجد ترجمة صحيحة ومرادفة لأسمها في اللغات الاخرى وان كان البعض يسميها السريانية (عربي) و Assyrian ( إنكليزي ) اضافة الى تسميات اخرى ليست واقعية مثل الكلدانية والأرامية وحتى الفليحي او التلكيفي اللتان اشتهرتا ردحاً من الزمن. لا بد ان اذكر هنا ان أصل كلمة السريانية هو من آشور ولذا فإننا لا نبتعد عن الحقيقة كثيرا ان سمينا هذه اللغة بالاشورية الحديثة فالتسميات الآشورية والسريانية  عربياً كلاهما صحيحتان والفرق بينهما هو كالفرق بين الماء والجليد.

شيكاغو أورهاي الأغتراب استقبلت الذكرى الرابعة ليوم اللغة الآشورية بفرح كبير واحتفال ضخم شارك فيه ما يقارب الأربعمائة من محبي هذه اللغة، صغاراً وكباراً، رجال ونساء. الكل هرعوا  يوم الأحد المصادف ٢٣/ ٤ / ٢٠١٧ الى قاعة المجلس القومي الآشوري (متوا). امتلأت القاعة الكبيرة كاملاً وأنشد تلامذة مدرسة المجلس القومي الآشوري ومدرسة كنيسة مريم العذراء في Roselle التابعة لكنيسة المشرق الآشورية الأناشيد الشجية وقدموا التمثيليات باللغة الآشورية الحديثة وهم جذلين فرحين وحين رأهم ذويهم هكذا يبدعون كانت فرحتهم هم الأخرين لا توصف و عبروا عن ذلك بالتصفيق والتقاط الصور لصغارهم.

هذه السنة وفي هذا الأحتفال البهيج تم تكريم ثلاثة من المبدعين في حقل اللغة الآشورية الحديثة وهم كل من:
- الأديب اللغوي هيدو دانيال هيدو المولود في طهران ، ايران ولذلك لخدماته في حقل الترجمة والكتابة الأدبية في المجلات الصادرة في ايران في منتصف القرن الفائت ، كما ان له كتاب اشعار بعنوان بيث نسياني / الربيع.
رابي هيدو كان حاضراً في هذا الاحتفال وقدم له هذه الهدية التي هي عبارة عن لوحة تذكارية، الدكتور روئيل شاؤل گورگيس.
- صاحب التكريم الثاني كان الأديب والشاعر دانيال داوث بيث بنيامين المولود في الموصل  عام ١٩٢٧والساكن حالياً في فينكس ، اريزونا. الحقيقة المرّة هي وانا أضع اللمسات الأخيرة لهذا التحقيق سمعت النبأ المفجع بإنتقال رابي دانيال بيث بنيامين الى الأخدار السماوية وبعد تكريمه ببضعة ايام. رابي دانيال هو من عائلة جلها أدباء وفطاحل في اللغة الآشورية الحديثة  لانه هكذا كان والده المرحوم داوث صومو دانيال وهكذا كان أيضاً عمه الشماس گورگيس بيث بنيامين دآشيثا. وكذا أيضاً مستمر في هذه المسيرة ابن الشماس گورگيس ، الزميل والأستاذ أدي بيث بنيامين الذي يبدع كثيرا في كتاباته وصوره النادرة التي ينشرها في عنكاوا. كوم .والد الراحل رابي دانيال كان صاحب مطبعة نينوى في الموصل  وقد ساهم رابي دانيال مع والده في طباعة العديد من الكتب باللغة الآشورية الحديثة. وقد ساعدته وظيفته في شركة نفط العراق ليكون من الأوائل الذين استخدموا الحاسوب في العراق  واستطاع بمهارته وحبه للغته ان  ينجز نظاماً خاصا ( Software )  لطبع اللغة الآشورية بواسطة الكومبيتر وكان المرحوم الوالد قد جلب من الهند الحروف السريانية لمطبعته. رابي دانيال في سنة ١٩٨٩ استلم مهمة ادارة القسم الآشوري في مجلة Assyrian Academy Society وله عدة مؤلفات ثمينة  باللغة الآشورية منها كتابه "الشاعر الطريد" بخصوص الشاعر جان الخص  وقد نشر عدداً كبيرا من المقالات والبحوث والأشعار النفيسة في مجلة الجمعية الأكاديمية الآشورية . يمكن معرفة المزيد عن حياة رابي دانيال بيث بنيامين من مقالة الأستاذ الشاعر آدم دانيال هومه وعلى الرابط أدناه.
وتفضل الدكتور دانيال ممو بتسليم جائزة رابي دانيال بيث بنيامين وبالنيابة الى ابن عمه الأستاذ ريمون بيث بنيامين.
- الأديب الثالث الذي نال ثقة اللجنة المشرفة على هذا الأحتفال السنوي كان المرحوم يوارش بيث قاشا متي المولود في قرية بيبدي عام ١٩٥٠والمتوفي في شيكاغو وهو في عزّ عطائه قبل عدة أعوام. المرحوم يوارش كان أديبا قديرا وخريج كلية اللغات في بغداد وكان له عدة كتابات وأشعار في مجلة المثقف الآثوري التي كان يصدرها النادي الثقافي الآثوري في بغداد وكان المرحوم يوارش عضواً نشطاً فيه لا سيما كونه خطاطاً موهوبا باللغة الآشورية الحديثة/ السريانية وقد استلمت هديته ابنته  بولين من لدن الناشطة اللغوية جوان ريحانة ومن ثم ألقت الأنسة بولين بيث قاشا متي كلمة مؤثرة عن ابيها الراحل الى الديار الخالدة.

لا بد ان نذكر هنا ان القائمين على هذا الأحتفال هذه السنة كانوا كل من المجلس القومي الآشوري في ولاية إلينوي و موسسة الاتحاد الآشوري العالمي برئاسة الموسيقار دكلات آسابي. والقى كلمة الافتتاح عن هذين التنظيمين السيد شيبا مندو وعبر فيها عن فرحة التنظيمين المذكورين في الآشراف على هكذا احتفال لخدمة لغتنا العريقة.
فعاليات اخرى جرى تقديمها في هذا الاحتفال ومنها كان عزف جميل على آلة الفايلين من قبل شاب وشابة من مؤسسة الاتحاد الآشوري العالمي . الشاعر والشماس جيمس ايشا القادم من كليفورنيا القى كلمة بامناسبة مع قصيدة، وكذلك اغنية بالمناسبة قدمها الفنان القومي يؤيل عوديشو .عريفا الحفل كان الشاب نينوس يلدا والشابة دانييلا ملكو. كما قُرئت اسماء الأدباء الراحلين الذين ساهموا في خدمة اللغة الآشورية الحديثة وزاد عددهم عن الأربعين.

حضر الأحتفال رجال الدين الأجلاء وفي مقدمتهم مار بولص بنيامين مطرابوليط شيكاغو لكنيسة المشرق الآشورية وكذلك ممثلون عن أحزابنا القومية والناشطين في الحقل اللغوي ومنهم رابي نزار فرج من الكنيسة الكلدانية في ديترويت الذي تقبل مشقة السفر من ديترويت ليعبر عن مشاعره الشخصية وحبه نحو لغة كنيسته المشرقية ولغة الأجداد العظام  كما ورد على لسان الشاعر نينوس نيراري الذي قدم بعض فقرات الأحتفال وخاصة في ذكر مناقب المكرمين لهذا العام.
هذه بعض الصور التي التقطتها كاميرتي لتوثيق هذا الأحتفال الذي غدا يوماً قوميا كما هو يوم اكيتو ويوم الشهيد الآشوري وغيرها من المناسبات القومية آلتي نعتز بها .

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=829592.0

                                                                               حنا شمعون / شيكاغو

40
الدكتورعوديشو ملكو في شيكاغو، يحاضرعن التاريخ الآشوري المعاصر ومذبحة سميل

الأحد المصادف 6/3/ 2017 كان موعد لقاء آشوريو شيكاغو مع الدكتور عوديشو ملكو وعلى قاعة المجلس القومي الآشوري وذلك بدعوة من جمعية آشيثا ليلقي محاضرة في التاريخ الآشوري المعاصر ومذبحة سميل.
أعطي الخباز العجينة ليأتيك بالخبز الشهي وأعطي الأزميل للفنان كي ينحت لك تمثالاً ليس فقط جميلاً لكن يكاد ينطق. اما عوديشو ملكو فأعطه الوقت اللازم ليسرح مع ذهنه وينطلق في حديث شيق ومسهب عن احداث التاريخ كما يراه وكما اِطلع عليه عن كثب.
بلهجته " الأشيثية " التي تركخ التاء الى الثاء وبعد ان قدمه للحضور السيد روميل شمشون انطلق يسرد علينا التاريخ الآشوري المعاصر احداثه ومآسيه وأسراره بلغة الحائز على شهادة الدكتوراه بدرجة الأمتياز. سهل هذه الأيام الحصول على شهادة الدكتوراه في التاريخ ، لكن ان تحصلها من الذين عواطفهم ضد عواطفك فهذا امر ليس بالأمر الهين ؛ المشرف تركماني - كردي وحديث الأطروحة بالضد من الترك والكرد والأستاذ المناقش شيعي لم يستسيغ لغة "الشهيد مار شمعون" و " غبطة البطريرك" ، لكن تأثير الشخصية وسعة المعلومات ودقتها شفعت له وأغدقته الفوز بشهادة الدكتوراه بدرجة لامتياز.
الآثوريين في بعقوبة عاشوا مأساة ثانية بعد رحلة العذاب من مناطقهم في هكاري تركيا والتي أشرف عليها الأنكليزوكانوا الرهط الرابع في الأنظمام الى جيش الليفي بعد العرب والكرد والتركمان، فكيف يكون وصفهم بعملاء الأنكليز من قبل بعض المؤرخين ؟ هذه  المعلومات وكل ما سأكتبه هنا هو كسبته من هذه المحاضرة الثمينة.

يقول الدكتور ملكو ان سميل كان لا بد ان تحدث ولم يكن الأمر عصيان او جرائم اقترفها الآثورييون بحق الحكومة  ويضيف "ولنقل على سبيل المثال مقتل اربعة من الشرطة في مجلمخت" ( مرجومختي هي قرية تابعة الى منكَيشي)، لكن مثل هذه الأمور لم تحصل اطلاقاً. الضباط العراقيين في الجيش التركي والذين كان لهم مناصب هامة في حكومة فيصل الأول مثل حكمت سليمان رئيس الوزراء آنذاك ورستم حيدر البعلبكي الضابط في الديوان الملكي والذي جلبه الملك فيصل معه حين طرده الفرنسيون من بلاد الشام. هذا اضافة الى شهادات المؤرخين من ان الأنكليز الذين صنعوا الحكومة الملكية العراقية ارادو اختبار مدى اهلية  هذه الحكومة لحكم العراق والحكومة الملكية ارادت اثبات قدرتها وهيبتها في الحكم، ولذا فاِن الشعب الآثوري المسكين اصبح كبش فداء لخدمة اهداف كل من الأنكليز والحكومة الملكية. قبل جنح سميل كان مالك ياقو قد كتب رسالة الى قائم مقام دهوك يطلب من عدم سماع الأصوات النشاز بخصوص الآثوريين وعصيانهم لأنه شخصيأ اثوري ومخلص لوطنه العراق، لكن الطبخة كانت محضرة ولا بد للآثوريين ان يقدموا القربان لعصيانهم على الأتراك وبحجة كونهم عملاء للأنكَليز انجزت المذبحة في 7-8 من آب 1933 . وفي سؤال طرحته على المحاضر الكريم ، كم كان عدد الضحايا من الآثوريين في مذبحة سميل وكان جوابه حسب المنصفين من المؤرخين العدد يترواح بين الخمسة والستة الآف شهيد.

الوفد الآشوري المشارك في مؤتمر السلام في باريس عام 1919 كان ممثلاً من الكلدان الآثوريين ومهاجري بعقوبة-- ممثلين بسورما من البيت البطريركي --  وآثوريو القوقاز/روسيا وآغا بطرس ومعه مالك قمبر. أما آثورييو أمريكا فكان تمثيلهم من قبل القس يوئيل وردة والمطران السرياني الأرثذوكسي إغناطيوس افرام ( بطريرك فيما بعد) الذي كان أشد المتحمسين للقضية الآشورية. في الأجتماع كان إغناطيوس افرام الذي قدم لائحة بمن هم الآشوريين مسمياً اياهم: ١- تابعي الكنيسة الشرقية ٢- تابعي الكنيسة الكلدانية ٣- تابعي الكنيسة الأرثوذكسية ٤-آثوريي اورمي ٥- آثوريي روسيا/ القوقاز ٦- اليزيديين ٧- بعض المارونيين وبعض الأكراد الشكاكين الذين منهم قاتل مار شمعون. بهذه الروحية تكلم المطران السرياني والأمر مُوَثَق.
السؤال يبقى كيف تغير موقف هذا البطريرك ( فيما بعد) وخلفه مار زكا عيواص الذي كان يحمل اسم سنحاريب قبل سيامته والذي يذكر لاحقاً في مقدمة الطبعة العربية لكتاب سلفه أغناطيوس أفرام "اللؤلؤ المنثور" ان الوفد السرياني كان يطالب بحقوق العرب في هذاالمؤتمر، والجواب يكشف عنه محاضرنا عوديشو ملكو. بعد مؤتمر السلم المشار اليه اجتمع عصمت أينونو الذراع الأيمن  لأتاتورك محذراً المطران مار اغناطيوس ان لم يتخلى من الدفاع عن الآشورية فإن دير الزعفران في تركيا  سوف لن يراه، ومن المعروف ان هذا الديرالكبيروالتاريخي كان مقر البطريركية الأرثذوكسية لأكثر من مائة وخمسين سنة. بأسلوبه الفكاهي وفي حضور ثلاثة من قساوسة كنيسة المشرق الآشورية يعزي عوديشو ملكو هذا التغيير الى الخوف وهو نفس الخوف الذي لازم بطرس هامة الرسل بطرس ، فنكر يسوع في حين كان عليه أن يكون آخر من يجب ان ينكر يسوع وذلك من موقع مسؤوليته وتقدمه في العمر نسبة الى بقية التلاميذ الخائفين عَلى شبابهم وتخلوا عن يسوع المسيح...

هكذا ظل الدكتور عوديشو يسترسل في حديثه لحين قوطع كلامه بمداخلة من احد الحاضرين وحينذاك تذكر الدكتور الآشيثي ان ثمة فصل آخر لمحاضرته للإجابة على أسئلة الحاضرين وهكذا انتهى الشق الأول من هذا اللقاء الشيق بين القادم من العراق وجمهوره الأمين من شيكاغو الذي زاد عن المائة متلهف للإستماع الى شهادات الدكتور الأديب عوديشو الذي تزيد شهادته العلمية والأدبية عن العشر أولها بكالوريوس الهندسة المدنية من جامعة بغداد ثم شهادة بكالوريس في علم الأثريات وشهادات اخرى وتاجها كانت الدكتوراه في التاريخ. ام المؤلفات فحدث ولا حرج ، اكثر من خمسة وعشرين مؤلفاً في شتى مناحي الأدب واللغة وباللغتين العربية والسريانية ومنها على سبيل المثال لا الحصر قاموس برعم اللغة بين السريانية والعربية ومنها أيضاً تاريخ آشيثا ومنها صوم باعوثا وهلم جراً. هذا اضافة الى عضويته في في الكثير من الأتحادات الأدبية ومنها اتحاد الأدباء العراقي وأتحاد الأدباء العرب والمجمع العلمي العراقي والآثاريين العراقيين وهو حالياً رئيس رابطة الكتاب والأدباء الآشوريين.
الشطر الثاني من المحاضرة والذي كان الأجوبة على استفسارات الحاضرين استغرق أكثر من ساعة وانتهى برضا الحاضرين انهم حصلوا الذي ابتغوه من حضور هذه اللقاء الهام.

جمعية أشيثا في الختام قدمت هدية تذكارية لضيفها مفتخرة به كونه ابن أشيثا البار، وهذه الجمعية أيضاً قدمت بسخاء المعجنات والمشروبات الساخنة.
أكثر من معجب وعليم بالتاريخ الآشوري وقومي آشوري استوقف الدكتورعوديشو ملكو اثناء فترة الأستراحة وبعد انتهاء المحاضرة ليسمعوه إعجابهم به ويستفسروا عن أسئلة تراودهم عن التاريخ اوعن اهلهم في العراق، وهذه كانت فرصة لي لألتقاط هذه الصور المرفقة.
أدناه هو الرابط الصوتي للشطر الأول من المحاضرة:
http://www.ankawa.org/vshare/view/10338/dr-malko/

                                                            حنا شمعون / شيكاغو


41
 
قداس الميلاد في منتصف ليل شيكاغو

كنيسة  صغيرة لكنها جميلة جداً هي كنيسة مار افرام الكلدانية في شيكاغو وهي من اقدم الكنائس الشرقية في مدينة الريح الأمريكية وبنيت عام ١٩٦٦ اما أبرشية شيكاغو الكلدانية فهي حتماً اقدم أبرشية كلدانية في بلاد العم سام ويعد زمن تأسيسها الى العقد الأول من القرن الفائت وكان المهاجرون الأثوريون الكاثوليك من اورمي هم نواة هذه الأبرشية المشرقية الكاثوليكية .
لأكثر من نصف قرن يقام قداس منتصف الليل في هذه الكنيسة التي تسع لحوالي مائة ونيف من المؤمنين . راعي هذه الكنيسة الصغيرة هو الأب سنحاريب يوحنا وهو واحد من البارعين في الطقس الكلداني وتواضعه ونشاطه الدؤوب  في إقامة الصلوات اليومية رغم قلة الحضور هو ما يميزه كونه مثابراً لان تكون كنيسته ممتلئة ايام الآحاد والأعياد وفي ذلك تساعده لجنة الكنيسة النشطة والتي في سلطتها كل واردات الكنيسة وتقدم تقريراً سنوياً عن الوارد والمصروف . وفي السنين الأخيرة اعتادت هذه اللجنة تقديم تمثيليات رائعة ومعبرة في عيدي الميلاد والقيامة.

هذه السنة كان حظي اني جلست في المقدمة في قداس منتصف الليل لعيد الميلاد وتسنى بكاميرا تليفوني ان التقط بعض الصور لتمثيلية هذا العام وأخذني سحر القداس الكلداني بترانيمه وطقسه البديع لأن اكتب هذه التقرير المتواضع عن قداس الميلاد في هذه الكنيسة ، وحينما يكون الخادم هو الشماس المخضرم انطوان من أهل داويدية بصوته الرخيم وأداءه الحسن  يجعلك حقاً تشعر بمتعة في السماع وتود ان يطول القداس وتستمتع بهذا الجو الروحاني النادر في زمن الأنشغال بالماديات .

ميلاد يسوع المسيح ومن خلال التمثيلية المقدمة تأخذك الى اجواء القرية الصغيرة بيت لحم والظروف التي جعلت هذا الطفل ان يولد في مغارة بعد ضاقت السبل بوالدته العذراء حين لم تجد مكاناً تمكث فيه سوى هذه المغارة المتواضعة لتضع وليدها عمانوئيل القدوس اسمه . لكن الأحداث التي حصلت ومنها حضور الرعاة بدعوة من ملائكة السماء وقدوم المجوس من المشرق لتقديم هداياهم كلها تنبئ ان الطفل الوليد ليس كبقية الأطفال ولا يهم هنا الفقر الذي هو فيه لأنه هو المخلص وعلى يديه تقام الأعاجيب، وما فقره والمغارة التي احتمى فيها من بدل قصر فسيح الٓا درس لنا نحن اللاهثون وراء الماديات ان دنيانا زائلة والملكوت السماوية في الحياة الأبدية هي بإنتظار الذين الذين قلوبهم نقية من البغضاء وهذا هو طبعاً السبب الذي حل بيننا الاله المتجسد وأكثر من هذا فدانا بجسده الطاهر ولذا تقام في كل يوم ما نسميه القداس والذي هو في الحقيقة ذكراه لنا والتي اوصانا بها وبالحق تسمى الذبيحة الإلهية .
هذا هو الدرس الذي خرجت به هذه التمثيلية التي قدمها أطفال وفتية كنيسة ما افرام الكلدانية حيث جَسّد هؤلاء الممثلون كلمات الراوي بالانكليزيّة المرادفة للموسيقى التعبيرية ، ولكن يبقى الأداء للممثلين واستيعابهم لأدوارهم اهم عناصر النجاح الباهر لهذه التمثيلية التي أدخلتنا في اجواء الميلاد الحقيقي لمخلصنا وفادينا يسوع  المسيح. وهنا لا بد ان نثني على جهود الأخت ماسير جوزفين  في تدريب الممثلين والأخت إليزا ( على ما أظن ) ووالدتها يونيا ابنة المرحوم الشماس يوسب اللتان ساهمتا في تصميم الملابس والأكسسوار لإنجاح هذه التمثيلية التي اصبحت من الوسائل التعبيرية في قداس الميلاد المجيد.

في الختام نقول عيد ميلاد مجيد للجميع، ونقدّم هذه الصور المأخوذة بكاميرا التلفون ومن غير فلاش كي لاتؤثر على اداء الممثلين او أجواء القداس القدسية .
                                حنا شمعون / شيكاغو


42
 
الدكتور روئيل گورگيس يحاضر عن سرطان القولون

يعد الدكتور روئيل شاول گورگيس شخصية آشورية فريدة من نوعها وقد تولى مناصب عديدة في حقل الطب والخدمات الأجتماعية وهو حاصل على شهادة الماجستير في الطب الأجتماعي من جامعة بغداد التي تخرج من كلية الطب التابعة لهذه الجامعة وذلك في عام 1961. هذا التحصيل العلمي مع الشهادات الطبية آلتي نالها من انگلترا، ألمانيا ، والولايات المتحدة اضافة الى إيمانه المطلق في "الخدمة أولاً " تجعل خدماته في الحقل الطبي والاجتماعي جليلة وذات فائدة كبيرة. المناصب التي تقلدها الدكتور روئيل في العراق والولايات المتحدة هي عديدة تستغرق سطوراً في تعدادها. ولكن اود ان اذكر القليل منها انه تقاعد عام 1992 من الجيش العراقي كطبيب وهو برتبة فريق وحالياً هو عضو مجلس إدارة لجنة المساعدات الآشورية في أمريكا AASA وفي عام 2013 انتخب رجل العام من قبل الأتحاد القومي الأمريكي الآشوري ( فدريشن) AANF.

حالياً الدكتور روئيل گورگيس يشغل المدير الطبي للصيدلية الآشورية الأمريكية  الواقعة في ضاحية سكوكي حيث يقطن معظم أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وفي هذه الصيدلية يحصل أبناء شعبنا على الأدوية بأسعار رخيصة او مجانية للذين لهم الضمان الأجتماعي الأمريكي ، كما هناك خدمات طبية اخرى تقدمها هذه الصيدلية وبالخصوص في قياسات الضغط والسكري  وتحليل الدم، ودوماً لا يخلو مكتب الدكتور روئيل من الزوار طالبي الاستشارة الطبية .

في الأحد المصادف 6 تشرين الثاني  2016 ومن ضمن نشاطات الجمعية القومية الآشورية ( شوتابوتا) قدم السيد عمانوئيل ايشو مسوؤل هذه اللجنة لحضرة الدكتور روئيل گورگيس  بمقدمة قصيرة عن تاريخ حياته  ثم بدأ  الدكتور روئيل محاضرته بالتعريف عن جهاز نزل الى الصيدليات حديثاً  يسمى COLOGAURD وتكلفته في الصيدلية الآشورية الأمريكية 650 دولارمتضمناً ارشاد الشخص الى كيفية استعماله ومن ثم ارساله الى الجهة المعنية، وهو مجاني للمشمولين في بعض من أقسام الضمان الأجتماعي الأمريكي.
وبعكس عملية  Colonoscopy المعروفة التي هي باهظة الكلفة ومعقدة جهداً، فإن هذا الجهاز الذي هوعلى شكل عدة يأخذها الشخص الى البيت وبطريقة سهلة جداً يمكن أخذ عينة من براز الشخص وفي نفس الوقت ثم ترسل العينة والبراز المُعامَل مع محلول مرفق مع العدة خلال 72 ساعة الى الجهة المعنية والتي عنوانها ايضاً مرفق مع العدة وبعد وصول العينات للشركة المختصة وخلال أسبوعين يأتي التقرير المفصل الى الشخص ان كان سليماً او مصاب بسرطان القولون والمرحلة التي وصل اليها السرطان ومن الضروري ان يدرك المرء ان المراحل الثلاث الاولى يمكن علاجها اما المرحلة الرابعة فهي الخطرة جداً التي يصعب علاجها. وبهذه الطريقة تتاح الفرصة للشخص المصاب كي يعالج مرضه قبل ان يستفحل ويعجزحتى الطب الحديث من علاجه.
الدكتور روئيل ذكر في محاضرته ان القَسَم الطبي المعمول به في العراق يلزمه ان يكون دوماً أميناً و مخلصاً لمهنته ولذا فإنه لا يتوانى في تقديم النصيحة الطبية لكل مريض وهو ملزم لأن يرشد مرضاه الى كل ما يستجد في الطب ومنها هذه العدة التي بواسطتها يمكن ان تنقذ حياة الشخص المصاب بهذا المرض الخبيث.

ومما يوجب ذكره هنا ان الدكتور روئيل كَوركيس له برنامج اذاعي تحت مسمى "الربيع" في كل يوم سبت يبث من الساعة السادسة والنصف مساءاً الى السابعة بلغة السورث ثم يتحول البرنامج الى اللغة العربية لمدة ساعة كاملة. في هذا البرنامج الصحي يقدم الدكتور روئيل النصائح الصحية وشرح لبعض الأمراض التي تعتبر منتشرة في المجتمع. ويمكن سماع البرنامج هذا في الأنترنت على الرابط:
WCGO1590.com

كما أوردنا ان المحاضرة كانت ضمن نشاطات اللجنة الثقافية في الجمعية القومية الآشورية التي احتفل فيها قبل شهر بمرور الذكرى 99 لتأسيسها ولا بد هنا ان نحيي القائمين على هذه الجمعية الذين حافظوا على استمراريتها لتبلغ قرن كامل في العام القادم.
وهذه بعض الصور نرفقها عن هذه المحاضرة الطبية الهامة.

                                                      حنا شمعون / شيكاغو


43
كنيسة مار گورگيس في منگيش
" ليكن السلام على هذا البيت وعلى كل من يدخل هنا"
بقلم فرنسيس كلو خوشو

ترجمة حنا شمعون ، عن الأنكليزية


كان صيفاً زاخراً بالمحاصيل والحيوية في قرية منگيش، وكالعادة كان حاراً وخالياً من المطر وهذه حالة ملائمة لجلب عشرات المحاصيل في هذه الفترة من السنة. كل يوم كان ثمة محصول ينتظر دوره ليُنقل الى البيت او البيدر، محاصيل مثل الشعير والحنطة والعدس والعنب وغيرها كثيرة.
الأسبوع الاول من تشرين الاول هو بداية موسم قطف العنب وتحويله الى الزبيب الذي تشتهر به هذه القرية والذي قسم منه يستهلك محلياً كونه زاخر بالسعرات الحرارية ، اما البقية  فيستبدل في القرى الأخرى بمحاصيل تفتقر اليها القرية ]او يُصدر الى أسواق الموصل لبيعه بثمن زهيد وشراء منتوجات اخرى يفتقر اليها سكان القرية، كالسكر والشاي والصابون; المترجم [


تتذكر العمة كتو اودو بيداوث وكان عمرها حينذاك ثمان سنين انه في تلك السنة بالذات كاد المنگيشيون أن يتخلو عن قطف محصول العنب من الكروم المحاذية لجبل منگيش في أراض شاسعة تسمى" سردشتي" ، وذلك بسبب أمر غير عادي.
في كل عام من نهاية أيلول وبداية تشرين الأول كانت مجموعة من سبع الى عشر عوائل تمكث طوال ما يقارب الشهر في هذه المنطقة الواقعة جنوب شرق القرية. كل عائلة من هذه العوائل التي كانت كرومها متلاصقة كانت تصنع مظلة على شكل غرفة وذلك من جذوع وأغصان أشجار البلوط المتوفرة في سردشتي وكانت الأغصان الطرية تركب بعضها على البعض على شكل شبكة كي تقي داخل الغرفة من حرارة الشمس اللاهبة الا جهة واحدة كانت مفتوحة كي تكون المدخل الواسع الى هذه الغرفة المسماة " قوبرانا" بلهجة منگيش. هذه المظلة كانت بمثابة بيت مؤقت في هذه الفترة لهذه العوائل لغايات الأستراحة والاكل والمنام.
تقول بيداوث ان هذه الفترة كانت تستمر لمدة شهر في الظروف الاعتيادية. العوائل كانت تثابر سوية لإنهاء المهمة قبل حلول سقوط المطر الذي يدمر محصول الزبيب. المرحلة الاولى من أنتاج هذا المحصول تبدأ بمشاركة جميع أفراد العائلة الا الأطفال الصغار بقطف عناقيد العنب ووضعها في سلات لتعبأ بعد ذلك في سلات اكبر تسمى " قرطالا" وبعد ملئ عدة من هذه السلالي الكبيرة كان يحملها شخصان الى حيث موقع قريب لغمس هذه العناقيد في محلول رماد الخشب المغلي (زركي) ومن ثم تفرش على مساحة ارض معدة مدلكة ونظيفة لتكون لمساء تسطع عليها الشمس الحارقة والغرض هو تيبيس العنب ]ومن هنا استمدت التسمية السريانية للزبيب وهي "يبيشي " اي المجفف; المترجم[. وبعد بضع ايام من عملية التجفيف كانت تجمع عناقيد العنب المجففة وتهز قوياً ليتناثر الزبيب وغالبه محتفظ بالنتؤء الخشبي ) دسقا  (على الارض المدلكة النظيفة لتكون صالحة للأكل او يحتفظ بها لفصل الشتاء كونه غذاء يعطي طاقة ، وكان احياناً يقايض هذا المحصول بأخرى مع قرى مسيحية في سهل نينوى.

وتستمر العمة كتو قائلة: اتذكر في تلك السنة كان علينا الإسراع لإنجاز العمل ( طماشا/ الغمس ) سريعاً لانه في اليوم التالي كان علينا للرجوع الى القرية لحضور تقديس الكنيسة الجديدة للقرية. وعندما قابلت العمة كتو جلب اهتمامي قدرتها لتذكر هذه البرهة النفيسة من تاريخ قريتنا. أخبرتني في ذلك الصباح من عام ١٩٣٥لتقديس كنيسة مار گورگيس جاءت الجموع الى الكنيسة وتحشدت على بابها منتظرة الدخول اليها. كل المانگيشيون كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءاً قدموا مبكرين ليشاركوا في مراسيم افتتاح الكنيسة الجديدة. الأكليروس وعامة الناس تجمعوا ومعهم نيافة مار فرنسيس داؤد مطران العمادية في البوابة الشرقية للكنيسة. وعندما حان الأوان بدأ ناقوس الكنيسة بالدق وتقدم موكب المرتلين نحو باب الكنيسة ماراً بالجموع المحتشدة ومنشدين التراتيل الشجية المصحوبة بصوت الصنوج. صاح صاحب الغبطة "فلينفتح الباب" وانفتح وهناك كان واقفون على الطرف الآخر كاهن القرية رابي هرمز گيژي ومعه الشمامسة. المطران رسم علامة الصليب على عتبة الكنيسة قائلاً: " ليكن السلام على هذا البيت وعلى كل من يدخل من هنا، بسم الآب والأبن والروح القدس، آمين".
وتضيف ضيفتي قائلة ودخلت الجموع الكنيسة وأمتلأت بكامل سعتها. وحين كان المؤمنون واقفين قرأ مار فرنسيس كلمات التقديس من الإنجيل التي لا بد انها احتوت بعض ما جاء في إنجيل متى عن  تقديس الكنيسة  كما هو آت:
رجل بنى بيته على الصخرة؛ متي ٧: ٢٤
وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي؛ متى ١٦: ١٨
بيتي هو بيت الصلاة؛ متي ٢١: ١٣
بعد هذا تقدم مار فرنسيس الى المذبح واضعاً يديه على شرفته قائلاً بالسريانية: ليتقدس اسم الآب والإبن والفرح القدس الآن والى نهاية العالم ، آمين. هذا كان مرفقاً بصوت دقات الناقوس والصنوج تضرب داخل الكنيسة والشموع توقد. سيادة المطران أنهى تقديس الكنيسة مخاطباً الجموع بقوله لهم، ليكن سلام الرب معكم على الدوام. وجموع المؤمنين أجابت: ومعك أيضاً . بارك المطران جموع الحاضرين منهياً القداس ، وبعد ذلك التقى المطران ومعه رابي هرمز گيژي في ساحة الكنيسة مهنئين بعضهم البعض لهذه المناسبة المباركة.
 
 

كنيسة ما گورگيس الحديثة بنيت على أنقاض اخرى بنفس الأسم وهذه الحديثة  أصبحت اعلى بناء في القرية وفي نفس الوقت أوسع بناء عرفته القرية، وقد جلبت احجار الكنيسة الحديثة من جبل منگيش الواقع جنوب القرية . وما يجب ذكره هنا ان جميع اساسات بيوت قرية منكَيش حجارتها جلبت من صخور هذا الجبل . الدكتور عبدالله رابي له دراسة حول تاريخ منگيش  وبحث سيسولوجيا حول المجتمع المنگيشي في كتاب عنوانه" منگيش بين الماضي والحاضر، دراسة في التغيرات الأجتماعية" وقد صدر هذا لكتاب عام ١٩٩٩.

قبل المسيحية لفترة طويلة ، أسلافنا كانوا قد سكنوا منطقة منگيش، وكنيسة مار گورگيس يرجع عهدها الى بداية ظهور المسيحية في المنطقة وكان بناءها فوق اثر لمعبد زرادوشتي ( بيث مگوشي) وهذه الكنيسة جذبت المؤمنين من القرى والمقاطعات المجاورة.

ومؤخراً عندما قرأت خبر ناقوس جديد يدق في سماء منگيش في الموقع الأغر Mangish.net مباشرة خطر ببالي حدث مشابه وقع قبل ست وثمانون عام خلت. فقد هدمت الكنيسة القديمة عام ١٩٢٩ برعاية القس هرمز گيژي وبمؤازرة ومعاضدة أهل القرية أنجز بناء الكنيسة الجديدة عام ١٩٣٣ وثم قُدست عام ١٩٣٥على يد المطران مار فرنسيس داؤد ومنذ ذلك العهد وناقوس الكنيسة يدق من وسط القرية ومن على برج القبة . في عهد طفولتي وشبابي ذلك كان الناقوس يطرق مسمعي كل يوم مرتين على الأقل.

أبناء الأبرشية كانوا يحضرون القداس الالهي في الصباح وصلاة الرمش في العصر بدعوة من هذا الناقوس ، وهكذا أيضاً كان يدق فرحاً بقدوم مطران الأبرشية وكذلك كان يدق مع موسيقى الحزن حين وفاة واحد من أفراد القرية داعياً الى حضور مراسيم الدفن.

كنيسة ما گورگيس عند مدخلها الشرقي كان يرتفع برج الناقوس الذي تعلوه القبة وعلى القبة كان ينتصب الصليب وتلك كانت اعلى ارتفاع يصله اي بناء في القرية. الارتفاع العالي هذا كان يساعد وصول صوت الناقوس الى كل ارجاء القرية والى مسافات بعيدة . البرج كان قائماً على أربعة أعمدة تسند القبة والصليب الذي فوقها . وقوفاً على حجرة النقاش كان بالأمكان رؤية القاع والحبال كانت مشدودة الى عتلة وبسحب الحبل بقوة ودراية كان يتمايل الناقوس ويدق بسرعة حسب الغاية كأن تكون قداس، رمشا، قدوم مطران او حزن وكل منها له عدده الخاص. وشخصياً كان لي شرف دق الناقوس عدة مرات وكان ذلك يبعث الفرحة في نفوس الفتية كونهم مهمين ويبعث الإيمان في قلوبهم.
هذا الناقوس وعبر الزمن ضعفت دقاته بسب الشقوق فيه وأصبحت حالته سيئة ، لكن التاريخ يعيد نفسه وهكذا اجتمع وجهاء القرية بما فيهم مختار القرية السيد حنا گلو مع حضرة كاهن الرعية الأب يوشيا صنا وقرروا تبديل ناقس الكنيسة بآخر ليدق من جديد للجيل القادم . الناقوس القديم أُنزِل ليحل محله آخر جديد اشترته الكنيسة من روما.

حين قراءة الخبر في منگيش. نت غمرتني ذكريات قديمة جعلتني ابحث عن تاريخ الناقوس القديم. ثمة كتابة منقورة على الناقوس القديم وهي تقرأ بالحرف الإنكليزي ما يلي : " MARIE ABRAHA, 15 AOUT 1933, HORMEZ CURE DE MANGEH" وهي بلا شك في النصف الثاني من هذه الكتابة يرمز الى هرمز گيژي خوري/ كاهن منگيش أما عن الشطر الأول فمن هو ماري ابراها هل هو/ هي الشخص الذي تبرع بهذا الناقوس ام اسم الشركة التي صنعته؟ ويبقى السؤال كيف جيء في ذلك الزمن بهذا الناقوس الثقيل من الموصل الى قرية منگيش البعيدة؟ ربما جيء به على ظهر بغل او حصان ، من يدري !!
الناقوس القديم هو بلا شك  يشكل قطعة اثرية ثمينة ظلت تدق لمدة ٨٦ سنة تدعونا نحن  و أباءنا وأجدادنا للصلاة وقد دقت دقات الحزن لأعزاء فارقونا. ونتمنى لو ان كاهن القرية الأب يوشيا صنا مع وجهاء القرية وفي مقدمتهم المختار حنا گلو سيكرسون غرفة في الكنيسة لهذا الناقوس مع تحف اخرى كان لها أهمية خاصة لتبقى هذه القطع الغالية تذكر الأجيال القادمة بتاريخ الكنيسة.
الى جانب الناقوس هناك تحف اخرى التي استبدلت ومنها على سبيل المثال جرن العماذ وأوعية زجاجية والكرسي التاجي المخصص للمطارنة و الحوامل الخشبية المخصصة لوضع كتب الأنجيل الكبيرة [ وحتى الستائر التي  كانت تفصل المذبح عن الحضور والتي تخلت الكنيسة عن استعمالها في الثمانينات من القرن الماضي؛ المترجم.]
وجود هكذا متحف في كنيسة القرية سيعطي هذا الجيل والأجيال القادمة فكرة رائعة عن مجريات الأمور في القرية قديماً.
الناقوس الجديد بلا شك سوف يستمر في ما فعله سلفه وهو دعوة المنگيشيون كمجموعة للصلاة سوية في رحاب الكنيسة.

ذكرى منگيش ستبقى معي على الدوام ولذا فإن املي هذه السنة هو الاستقرار في المنطقة . وبسبب الظروف الأستثائية التي يعيشها وطننا ، اني اصلي وأتذرع الى تحرير سهل نينوى بالكامل . اخوتنا الأبرياء لهم كل الحق لأن يرجعوا الى بيوتهم وأملاكهم ويعيشوا في أمان وسلام. اخوتنا وأخواتنا المشردين في تركيا، الأردن، لبنان، وعدة دول أُخرى الذين يعيشون حياة بدائية يستحقون حقاً صلاتنا ودعاءِنا. لنقف جميعاً معهم ونصلي لأن يجتازوا المِحنة التي يمرون بها حالياً. لنقول لهولاء الأخوة والأخوات من خلال كنائسنا في كافة أنحاء العالم وخلال موسم الأعياد هذا، اننا نتذكرهم  في صلاتنا ونأمل لهم الخلاص من محنتهم.
عيد ميلاد سعيد وكل عام والجميع بخير ، مع بركة الرب.

 
         



45
سفرة الى مزار العذراء ، " هولي هيل"

في كل عيد انتقال سيدة الكون مريم العذراء الى السماء والذي يصادف في الخامس عشر من آب ، يتأهب الكثير من سكنة شيكاغو وضواحيها من الآثوريين والكلدان لرحلة تستغرق حوالي الساعتين الى الجارة الشمالية ، وسكانسون Wisconsin والى موقع Holy Hill اي التل المقدس. وفي كل سنة او بين سنة واُخرى تشارك مجموعة من المنگيشيين في هذا الحج البهيج وأكاد اجزم انه في كل مرة تكون السماء صافية وملبدة ببعض الغيوم الدخانية الخليطة بين الأبيض والرمادي ،مجسمة و مبعثرة في السماء مبتهجة بالعذراء المارة بينها الى السماء العليا محط القديسين والانقياء القلوب.
من مسافة عدة اميال قبل الوصول بالسيارة يمكن رؤية المزار الذي هو حاليا كاتدرائية Basilica معترف به من قبل الفاتيكان. قد يطول وصف موقع الكنيسة الشاهق ،  ولكن بأختصار هو ساحر ومهيب ومقدس .
حال الوصول الى مرآب المزار رأيته ممتلئاً بالسيارات وحواليه في كل صوب تترفع الّسِنة الدخان وهناك من ينصبون خيمة وآخرون يفترشون الأرض المخضرة ، وليس مستغرباً أن تشنف أذاني صوت الأغاني الشجية لمطربي أبناء شعبنا وثمة شباب فرحين يرقصون على أنغامها. كما ان الحضورالمكسيكي او الأمريكي الجنوبي هو الآخر متواجد هنا مع تراثه وتقديسه للقديسة العذراء.
بالكاد وجدت محل لتركين  السيارة ، ولكن ان استحال ذلك --لأننا في كل مرة نصل متأخرين--فلا بأس من انتهاك حرمة الحشيش الأخضر وفي ذلك لا يمانع الرهبان الكرملين الذين يديرون المزار والذين لا يسمح تواضعهم ومحبتهم من ردع المخالفين بالضرورة.

بكل الأحوال لا بد من الصعود مستوى آخر وهناك وجدت مرآب آخر ممتلئ وهناك أيضاً حانوت للهدايا والى جهة الشمال ثمة مغارة للقديسة العذراء بنيت على غرار تلك التي في لورد مع شلال وحنفية للماء المقدس. يتطلب الوصول الى الكنيسة لسماع القداس صعود سلالم متعرجة او استعمال المصعد الكهربائي الى الطابق الثالث حيث الباحة المطلة على منظر جميل لا حدود فيه للخضار والاشجار . وللذين يودون بأمكانهم تسلق ما يبدو لا نهاية من المدرجات من احدى الأبراج الى الناقوس وهناك حيث لا تشبع العين من النظر البعيدعبر المنظر الخلاب الذي يحيط بالمزار. في هذه الباحة وانا اسحب بعض الصور في الشمس الساطعة ناداني صوت بلغتنا القومية ويقول مرحبا حنا والتفت اليه -- لأَني لا اعرفه-- وسألته أقلت حنا؟ أجابني بلى الست حنا،  الذي يكتب ويقول الشعر. سألته عن اسمه وقال انه ميشيل ، وطلبتُ منه ان سمح ان اسحب له صورة مع عائلته لأن في نيتي كتابة تقرير عن هذه الزيارة الميمونة.

الكنيسة وفي ما داخلها من الزخرفات والصور هي آية من الجمال تستحقه العذراء مريم والى جانب رواق الكنيسة ثمة  كنيسة صغيرة تسمى كنيسة المزار The Shrine Chapel وهي خاصة للجلوس والتأمل والخشوع وهناك الكثير ممن يشعلون الشموع لتلبية الرغبات المقدمة الى العذراء القديسة. التمثال الذي يزين صدر هذه الغرفة صنع في ميونخ، ألمانيا وعرض  في المعرض العالمي المقام في فلادلفيا عام ١٨٧٦ ومن ثم نقل الى الى هذا الموضع ليبهر كل ناظر اليه. حقاً هنا ولمن يتأمل تكلفة هذه الكاتدرائية لا بد ان يشكر ويصلي لكل هؤلاء المتمكنين والأسخياء الذين تبرعوا بالاموال الطائلة لبناء هذا الصرح الجميل او صيانته ليكون بأحلى حُلى للزائرين.

الى هذا الأرتفاع الشاهق تتوزع ألأربعة عشر مراحل من درب الصليب المعتمدة في الكنيسة الكاثوليكة ، وحيث خيمت مجموعتنا المنگيشية في أسفل المزار، وقليلاً من التسلق نحو الكنيسة تستقر المرحلة الأولى وكلما صعدنا بضع دقائق تأتي المرحلة التالية . والكثير من الزوار وخاصة النسوة يتسلقون الى الكنيسة مرورا بهذه المراحل ومتوقفين في كل مرحلة للصلاة ورفع الطلبات الى القديسة العذراء التي مرت بهذه المراحل في حياتها الأرضية.

حقاً قضينا نهاراً سعيداً في هذا المزارالمهيب وكلنا أمل ان نعيد حلاوته في كل عيد لأنتقال العذراء الى السماء.

                                                          حنا شمعون / شيكاغو



46
شذرات من جناز و تعزية المرحوم الشماس اوشانا الصنا

رغم كل الصعاب كان لا بد من شد الرحال من شيكاغو الى ديترويت  لحضور جناز وتعزية المرحوم الشماس اوشانا جونا الصنا المكنى ابو جوني، فهو ابن قريتي التي اعرفها في حالات الفرح او الترح تصبح عائلة واحدة. الموت القاسي الذي خطف من هذه العائلة الكبيرة فعل فعلته بشكل مفاجئ  و مقيت، وكان وقعه كالصدمة التي تفجر ومن غير إشعار كل المشاعر الحزينة الدفينة في تجاويف القلب النابض. هكذا وفي استعجال بدأت رحلة الست ساعات من بيتي والى الكنيسة مباشرةً لحضور قداس الجناز في العاشرة بتوقيت ديترويت.

القداس الخاص المقام على راحة المرحوم رئيس الشمامسة في كنيسة مار يوسف الكلدانية الشماس اوشانا كان أسمى قداس حضرته في حياتي . كل شيء كان خارج إطار الجسد ؛ الرسومات داخل الكنيسة تشعرك انك في متحف للروح الانسانية السامية. موقع جلوسي في الكنيسة الواسعة كان في المؤخرة لوصولي متأخراً بضع دقائق  وذلك الموقع نبهني الى العدد الهائل للحضور في هذه الكنيسة التي ارادها القس ( المطران المتقاعد حالياً سيادة مار سرهد جمو ) على طراز كنائس المشرق في اول ظهورها. حقاً ان طقس كنيسة المشرق في قداس الموتى هو على قدِمه ارقى قداس يربط حياة الجسد الآنية بالحياة الأزلية التي غادرنا اليها الشماس اوشانا.ثم ان الخطبة التي تعقب الأنجيل والتي القاها الأب رودي زوما وربط فيها حياة الفقيد بما ورد في الأنجيل المقدس، كما تطرق الى مناقب المرحوم في الحفاظ على طقس كنيسة المشرق ، حقاً كان هذا الكاهن الشاب فخوراً برئيس شمامسته واشعر الحضور ان فقدانه هو خسارة كبيرة وصعب تعويضها.  تكلم الأب رودي عن الأب اوشانا المحب لعائلته المشتتة في بقاع العالم ، فقد زار ألمانيا قبل بضع شهور لحضور عماذ حفيده وهناك كانت السورث لغة العائلة وأحب الدولمة المنگيشية المحضرة من كنته الألمانية . رجع الشماس الوقور الى كنيسته في ديترويت وكله طاقة متجددة لخدمة الكنيسة والرعية ، ولكن  الحادث اللعين كان بانتظاره وهو في طريقه الى الكنيسة ليس في يوم احد كما نعتاد ان نذهب بل عصر الأربعاء حيث أغلبنا مشغولون  بأعمالنا الدنيوية لكن بالنسبة الشماس اوشانا كل يوم هو يوم احد ، يوم خدمة للرب.

في المقبرة ليوارى الجسد في الثرى وتصعد الروح الى باريها وفي يوم حار ورطب توزع الحاضرون تحت الأشجار القليلة وقاءاً  من الشمس الحارقة. ولما  بدأ الحضور يتوجهون نحو سياراتهم عَلى عجل ورغبة مني لألقاء النظرة الأخيرة على قبر الراحل الى الأبدية وهناك وقع نظري على شاب في العشرينات من عمره اثنى ركبتيه يطخ التراب بيديه ويبكي بمرارة ويقول " لم أراه كافيا، لم أراه كافياً.." كان الشاب هذا موشحاً بالأسود وعلق على صدره مسبحة الوردية. حسبت الشاب احد محبي الشماس او تلامذته . ألقيت نظرتي الأخيرة ومسحت يدي بقليل من التراب ثم لحقت بأصحابي الى سيارتي. 

في القاعة حيث وفدٓ اليها المعزّون من كل حدب وصوب ومن كل مدينة قريبة ، من هاملتون، ونز ، تورونتو، شيكاغو ، آن هاربر..الخ . لم ارى من قبل هكذا عدد المنگيشين -- وليسامحني القاريء الكريم  بذكرهم خصوصاً --وقد حضروا ليقدموا الوفاء لأبن قريتهم الذي عرفوه كما اعرفه اجتماعياً ، محباً، فرحاً ، وخدوماً.
كما هو معتاد في تعازي ديترويت يجلس الذكور  ذويّ الراحل ويقابلهم المعزّوون  الذكور في خطوط موازية وهناك أخذت موقعي وهناك وقعت عيني على الشاب الذي سبق وان رأيته قد علق على صدره مسبحة الوردية وكي أتأكد من حدسي سألت الجالس جنبي من هو ذاك الشاب وكان الجواب انه مخلص ابن المرحوم القادم من ألمانيا.
يحسبني البعض اني شاعر لكن احسب نفسي صاحب مشاعر، وهذا الشاب والحزن البادي عليه فَجر كل مشاعر الحزن الدفينة في قلبي  .. كيف لا يبكي ويُبكي قلبي حين نَحٓبٓ وقال " لم أراه كافيا، لم أراه كافياً". هذه هي حال --ليس المنگيشيون فقط --لكن حال كل أبناء وبنات قرانا المسيحية ، تبعثروا في الغربة  كما تطلق يد الزارع البذور في في ذات اليمين والشمال قدّامه  او كما تذهب أعز قصائدي " نينواي " وتقول رعية فقدت راعيها وتشتت فمن يجمع!! لقد اجتمع مخلص وأبيه وكل واحد في عالم مختلف ، الأبن يعيش عالم الجسد  والأب هو في عالم الروح، ومهما كانت ايماننا يا اخواننا فإن هذا هو مبعث حزن ونحيب. وهنا لا بد من ذكر ان اخت المرحوم المدعوة لوسية التي تعيش في كندا بسبب الفيزا لم تتمكن من الحضور في قداس الجناز المهيب والعزاء الشامل لكل محبي أخيها الذي لم تراه في أواخر أيامه . 

المنگيشيون النجباء وآل صنا عشيرة الرئاسة في المنتصف الأول من القرن الماضي وعائلة السخاء في منگيش الحبيبة اعدوا وكما هي العادة الجارية في منگيش ليأتوا بكل ما لذ وطاب من المأكولات فيما كنا نسميها " صفرة الموتى " هكذا جلسنا وأكلنا سوية ونحن نعيش على الأرض وتشاركنا في السماء روح الراحل الشماس اوشانا جونا الصنا. وهنا أيضاً وقعت عيني على الأبن الأكبر للراحل اوشانا الا وهو جوني الذي هو الآخر قدم من ألمانيا ليأكل من صفرة الموتى مع اقربائه و محبي ابيه،  وشكراً للصدفة انه جلس قريباً عني لأسمعه يقول لأحد أصدقائه انه قد أسمى طفله الصغير المُعمذ قبل أشهر " اوشانا" . هذا ما نسميه " منحومي ” اي التخليد وهي عادة جارية في قرانا الجميلة وهي الطريقة التي تمكننا من الحفاظ على وجودنا ك " سورايي" أينما كنا. وهنا اود ان اجمع الشذرات في هذا المقال لما سبق وان سمعته من المرحوم اوشانا ابو جوني حينما لقيته لأول مرة في أمريكا وسألته كيف تغير و غدا  شماساً لأَني كنت اعرفه علماني يحب قريته منگيش اكثر من اي شيء آخر. أجابني الشماس المعتد بدرجته الجديدة ( درغا ) قوله كان لا بد من تخليد " منحومي " الشماس ايشو ليّا وهو من أعمامه وكان ذَا صوت جميل.
هذا هو التراث الذي تركه لنا اوشانا الصنا- نحن العلمانيون على الأقل- ان نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا ونحب بَعضُنَا بعضاً. لقد غادرنا ابو جوني المُحِب لقريته وأبنائها وافترق عنا، ولكن ليس قبل ان يجمع كل أبناء قريته المشتتين في مدن أمريكا وكندا وبعضهم لم يرى الأخر لعقود طويلة .
لن ننسى ذكرى والتراث الذي خلفه لنا المرحوم اوشانا جونا الصنا وسنبقى اوفياء لذكراه سائلين الرب ان يسبغ عليه الرحمة الأبدية ويقبله في ملكوته السماوي، آمين.

حنا شمعون / شيكاغو

47
يوم مشهود له في شيكاغو، يوم اللغة الآشورية



احتفل اشوريو شيكاغو بيوم لغتهم الأغر يوم الأحد المصادف 24/ 4/ 2016 وذلك في القاعة المجددة للمجلس القومي الآشوري (متوا) في سكوكي. حضر جمهور غفير ينيف عن الأربعمائة من كبار وصغار ومن الجنسين. وحضر ايضاً آباءنا الروحانيون وفي مقدمتهم سيادته مار بولص بنيامين اسقف شيكاغو لكنسية المشرق الآشورية.
بعد عزف السلام الامريكي والوطني ألاشوري ومن ثم  القاء كلمات القائمين على الحفل وهما المجلس القومي الآشوري و مؤسسة الأتحاد الآشوري العالمي، توالت فقرات الحفل التي شارك فيها اطفال من المدارس ألآشورية لكنيسة مارت مريم العذراء و" متوا".

وفي هذا الحفل تم تكريم ثلاث من الأدباء الذين قدمواخدمات جليلة في حقل اللغة الآشورية/ السريانية، وهم كل من الأديب اوراهم يلدا الذي اعرفه انه واحد من كبار اللغويين الآشوريين وشخصياً لي التقدير الكبير لهذا لأديب الذي كان يملك مكتبة الأتكال والتي كانت ملجأ الأدباء والشعراء وكان رابي اوراهم دائماً المرشد اللغوي للحاضرين. كذلك تم تكريم الشاعر بيير شمعون الذي استلم الراية  في الأخلاص نحو لغة الأم من والده المرحوم شليمون شمعون الذي كان نابغاً في اللغة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. التكريم الثالث كان وفاءاً للأديب واللغوي الخالد المرحوم يونان هوزايا وهو غني عن التعريف لمحبي لغتنا القومية وخدماته في حقل اللغة لا يمكن نسيانها.
وكانت مفاجأة اطلقها الدكتوردانيال ممو في ذكر المكرم به الرابع وهوالشاعر نينوس نيراري لخدمات الأخيرفي مجال الشعر وبث الروح القومية عبر اشعاره القومية وكذلك في قصائد الحب التي فيما نعرف مدى قوة وأهمية لغتنا القومية.
الدكتور ممو ذكر المسيرة القصيرة ليوم اللغة الآشورية التي ابتدأت قبل ثلاث سنوات في شيكاغو حين اعلن الأستاذ ميخائيل ممو وبحضور اللغويين الكبار من العراق والغرب بشخوص السادة الكرام بنيامين حداد، يوارش هيدو وولسن ملهم ومعهم المربية اللغوية رابيتا جوان يوسب ان يكون يكون 21 نيسان من كل عام هو يوم اللغة الآشورية.
وزفّ الدكتور ممو ايضاً للحاضرين فرحة الأعتراف رسمياً من قبل وزارة التربية العراقية في هذا اليوم المبارك، وشكر كل من السيدة شرارا يوسب زرا وعماد سالم ججو لجهودهم الحثيثة في اتخاذ هذا القرار، والأمل هو ان تحذو حكومة كردستان بما اقرته وزارة التربية العراقية للأعتراف ايضاً في هذا اليوم المبارك.

الشطر الثاني من هذا الحفل شمل القاء محاضرات لغوية  بهذه المناسبة الجليلة. الأولى كانت من قبل الأديب عمانوئيل بيث سلمون الذي تكلم عن اللغة الآشورية/ السريانية المعاصرة ، والثانية كانت من قبل الدكتور سركَون حسو عن البرامج الحاسوبية ( الكومبيوتر) لتطوير لغتنا القومية.

الحفل استمر لأكثرمن ساعتين وشمل ايضاَ على قصائد القاها كل من بيير شمعون وهرمز يوسب، ومسك الختام كان للفنان القومي المحترم عوديشو عوديشو الذي دوماً يشارك في كل مناسبة قومية. اغنيته كانت من كلمات الشعر الذي القاه الشاعر هرمز يوسب بعنوان " دربا دلا دما / جرح بلا دم ".
هذا وتم تسجيل وقائع هذا الحفل من قبل تلفزيون Assyrians Around the World  و ANB  سات التي نقلته حياً.

                                                                                           حنا شمعون/ شيكاغو



48
احتفال اكيتو لعام 6766 في شيكاغو

بعد عام من الغياب بسبب انتقال قداسة مار دنخا الرابع الى الأخدار السماوية وبسبب الحزن العارم لاختطاف مجموعة كبيرة من الآشوريين في خابور سوريا . وايضاً بعد يوم عاصف لم تشهد مدينة شيكاغو مثيله من قبل حيث تغير الهواء من ممطر الى مشمس الى مثلج الى عاصف ثم العكس.  هكذا جرى الأحتفال هذا العام يوم الأحد الجديد حسب طقس الكنيسة الشرقية في اجواء شمس خجولة وريح عاصفة اطارت شعر البنات وجعلت الأعلام الآشورية ترفف دون كلل ولا ملل. بهذه الأجواء احتفل اهل شيكاغو الآشورييون في الجزء  المسمى شارع الملك سركَون الواقع في شمال مدينة شيكاغو. وكما العادة فان الشباب والنساء والأطفال كانوا الغالبية وصدحت حناجرهم بالفرح والفخر لقدوم احتفال اكيتو، عيد التجدد بما يشابه الأحتفال المسيحي بالقيامة المجيدة والحياة الجديدة. 

تقدم موكب شرطة شيكاغو بقية المواكب ليقف امام المنصة بوقار ويبتدأ الأحتفال بالنشيد الوطني الأمريكي والآشوري. ثم تلت المواكب الأخرى وسط هتاف الجمهور المحتشد عل طرفي الشارع وهلال النسوة معبرين عن تمسكهم بعيدهم الوطني وان كانوا بعيدين عن الوطن وتفصلهم البحار والمحيطات لكن في قلوبهم ومشاعرهم هم قريبون الى الوطن الأم بيت نهرين،وخاصة في هذا اليوم السعيد.

في الختام تليت تهنئة عمدة شيكاغو راهم  ايمانويل، كما تليت كلمات في هذه المناسبة من قبل كل من سيادة مار بولص اسقف شيكاغو للكنيسة الشرقية الآشورية والسيد شيبا مندو رئيس المجلس القومي الآشوري في شيكاغو والسيد وليم يومارن مسؤول اتحاد الجمعيات الآشورية في امريكا.

بعد انتهاء المراسيم تحول بعض من الجمهور الى الحديقة العامة المجاورة و رقص الشباب والشابات واغلبهم مولودون في امريكا على دقات الطبل ونغمات الزرنة ، بعضهم مزدان بالعلم الآشوري وأعلام زوعا وبعض آخر مرتدين الرموز الدينية والقومية.
ثم توافد الحضور الى مقر المجلس القومي الآشوري في سكوكي وهناك جرى احتفال ثاني على نغمات الموسيقى والطبل والزرنة، وشارك فيه مطربي شيكاغو المعروفين.   


49
المنبر الحر / الرفيق المغوار
« في: 20:03 18/03/2016  »




50
في ذكرى رحيله الأربعين، آشوريو شيكاغو يشكرون حارس لغتهم الأمين

شيكاغو مدينة الجاليات الاثنية من مختلف أنحاء العالم ، ومنها جاليتنا الآشورية حيث يعيش أفرادها في شمال المدينة والضواحي الشمالية التي منها ضاحية سكوكي وهي تضم اكبر عدد من هذه الجالية وفيها يقع المركز القومي الآشوري . شهد هذا المركز يوم الأحد المصادف ٣١ /١ / ٢٠١٦ اقبالاً كبيراً من القوميين الذين انتابهم الحزن العميق لرحيل الملفان يونان هوزايا وها هم يملؤون القاعة الكبيرة لتآدية الواجب نحوه.

ثلاث منظمات تبنت أربعينية يونان هوزايا في شيكاغو وهي كل من الحركة الديمقراطية الآشورية، المجلس القومي الآشوري وفرقة گلگامش الفنية، وابتدأت الأمسية بكلمة الحركة الديمقراطية الآشورية وألقاها ممثل الحركة في شيكاغو السيد هرمز طيرو ثم كانت كلمة المجلس القومي الآشوري من قبل السيد شيبا مندو وكلمة فرقة گلگامش الفنية من قبل وايليت خمو. وكذلك ألقى السيد وليم يومارن الرئيس الحالي لأتحاد الجمعيات الآشورية  " الفدرييشن " كلمة بالمناسبة. الجميع أشادوا بشخصية وانجازات المناضل يونان هوزايا وخدماته الجليلة في حقل الأدب وتدريس لغتنا القومية في المدارس العراقية.

الأب گورگيس سليمان ألقى كلمة ذكر فيها انه كان يلتقي المرحوم يونان من خلال الندوات الثقافية في جمعية اشور بانيبال او معهد بابل الكهنوتي ويذكر جيداً ان يونان كان الغيور والمدافع القوي المستميت عن لغة الام ولم يكن يرتضي ان يقال ان أصل الكلمة الفلانية هو عربي او عبراني فكان يقول ولما لا تكون من لغتنا التي هي الأصل. وبعد انتهاء كلمته تلى صلاة من طقس كنيسة المشرق طالباً فيها الراحة الأبدية للمرحوم وان يقبله الرب في ملكوته السماوية.
في رفقة الأب كَوركَيس كان كل من الآباء الأفاضل شليمون حزقيال ، يونان شيبا، وتاور أندريوس.

الشعراء المشاركون قراءوا قصائدهم وكلها إعجاب وتقدير للتضحيات التي قدمها الشاعر والأديب وكاتب القصة القصيرة، الملفان الفقيد يونان هوزايا. هؤلاء الشعراء الذين قرأوا قصائدهم  كانوا كل من بيير شمعون، حنا شمعون، هرمز أندريوس ، الشماس شموئيل ديباتو، يوسب عوديشو وحنا ياقو برهنجايا الذي هو احد أقارب المرحوم يونان ومن مدينة زاخو.
السيد يوسب شكوانا الشاعر المعروف والممثل السابق للحركة الديمقراطية الآشورية في مشيگن كانت له كلمة خاصة بهذه المناسبة ومنها ذكرياته مع المرحوم في اثنين من المؤتمرات الحزبية المعقودة في الوطن حيث رائ الرفيق يونان لا يكل ولا يمل من بذل كل الجهد من اجل تهيئة المطلوب لانجاح المؤتمر. يوسب شكوانا حكى انه سأل الفقيد في اليوم الثاني لواحد من تلك الموتمرات لماذا عينيه مُحمَرة فكان جواب يونان كان عليه ان يسهر الليل كله بعد انقضاء جدول المؤتمر كي ينهي مع زملاء له الترجمة الخاصة لمناهج الدراسة باللغة السريانية. يوسف قال واقتداءاً ب رابي يوانان هوزايا لا يكفي ان نكون قوميين بالمشاعرولكن قوميين غيورين على قوميتنا لنأتي بالثمار المطلوبة وفي نهاية كلمته ألقى السيد شكوانا قصيدة بالمناسبة.
يوسب شكوانا حضر خصيصاً لهذه المناسبة مع وفد ضم كل من منهل رزوقي ممثل الحركة في مشيگن وكذلك كل من كاترينا دنخا، انترانيك عقراوي، ابراهيم خوبر و زائد شكوانا.

الشاعر نينوس نيراري كان عريف الأمسية الخاصة لأربعينية الملفان يونان هوزايا  وقد نسق الأمسية  بأمتياز ليكون ثمة محطات بين فقرات البرنامج ومنها عرض فلم لزيارة كان قد قام عام 1998 بها المرحوم الى شيكاغو وتحدث فيها الأنجازات التي حققوها في الوطن في مجال تدريس اللغة السريانية في المدارس العراقية، وكذلك أغنيتين بالمناسبة احداها قدمها الفنان عوديشو عوديشو وكانت كلماتها من تأليف المرحوم يونان هوزايا وقبل الغناء عبر الفنان عن فخره انه يغني كلمات يونان  لتمتزج أحاسيسه بأحاسيس هذا الملفان الكبير.
كذلك قدمت الفنانة القديرة ليدا لاوندو اغنية من كلمات الشاعر يوسب شكوانا قالت عنها ان يونان كان يحب الأغنية كثيراً وفي كل زياراتها للوطن كان يطلب منها غنائها وكلمات الاغنية هي مطلب ام من ولدها ان لا يتركها ويهجر الوطن.
الشاب رامي بهرم قرأ احدى القصص القصيرة التي وردت في كتاب " لخما دتخوماني" المطبوع في شيكاغو ، كذلك قرأت شوشن سركيس قصيدتين من قصائد الملفان يونان هوزايا.
نينوس الشاعر المعروف هو الآخر قدم قصيدة بالمناسبة، وحقاً كانت الأمسية تاريخية سجلتها كاميرا ANB سات  بيد المصور هاني يوخنا لتخليد يونان هوزايا، القومي المخلص والوطني الاصيل والشاعر الفذ والرفيق المغوار وعاشق الأحرف والأديب السلس  والحارس الأمين للغتنا القومية والصحفي البارع وكاتب القصة القصيرة واللغوي القدير والحزبي الملتزم والمهندس بأمتياز والوزير الكفؤ.. هذا الانسان الشهم ، المتواضع، المجتهد، الغيور، المؤمن، الصبور، المحب، الطيب، البشوش.. كل هذه التي مهما عددتُ منها فإنها تقف عاجزة عن وصف يونان هوزايا وبشهادة زوجته الثكلى جاندارك والذي اختطفته يد المنون من بيتها بعد مرض عضال صبر عليه مثلما صبر أيوب على اهواله ليستحق وحسب الإيمان المسيحي لأن يكون طوباوي في ملكوت السماء مع الأبرار والصديقين.

ترك لنا المرحوم يونان أربعة من البنين والبنات كل منهم بمعنى اسمه يمثل جهة من جهات الدنيا؛ نينوس ونيشا ورابيل ورمئيل أينما اتجهنا نتذكر فيهم يونان، وترك لنا أيضاً جيلاً من الطلاب الذي تعلموا لغتنا قراءة وكتابة وهم بلا شك سيكونوا نجوم لامعة في اعالي السماء التي غادرنا اليها الملفان يونان هوزايا.
                                                                              حنا شمعون / شيكاغو


51
نتاجات بالسريانية / نينواي
« في: 00:36 18/01/2016  »








52
يونان هوزايا، حشرجة صوتك تناديني

غادرنا الى الأخدار السماوية قبل ايام وقبل الأوان الشاعر وكاتب القصة القصيرة والسياسي واللغوي والمهندس والوزير السابق في حكومة كردستان، الاستاذ يونان هوزايا الذي يعتبر أيضاً الابن البار لبلدة زاخو العريقة. وإضافة الى هذه المواهب كانت له خصال قلما يتصف بها رجال هذا العصر ومنها الطيبة والتواضع والإخلاص والمثابرة والصبر على المصاعب والتدّين والإيمان بالقضية. هذه الخصال هي بمثابة هالة القداسة التي يرسمها الرسامون لتحيط روؤس القديسين-- او العظماء للذين لا تستهويهم الروحانيات. كيف اعرف هذا كله عن هذا الرجل المعطاء في حياته الأرضية فالجواب اتٍ ، لاني لا اريد ان  امتدح شخص في غير استحقاقه وحين ذاك أكون انفخ عبثاً في قرب مثقوب.

التقيت الراحل يونان هوزايا مرتين في شيكاغو مرة لا أتذكرها جيدا ً سوى توقيعه لكتيب له بعنوان " لخما دتخوماني/ خبز السواتر" كنت قد اشتريته من بعد محاضرة له. ومرة كان لي الشرف لنقله في سيارتي الى اجتماع كان مقرراً ، ولم يجد احد الأخوة المجتمعين غيري لان يقوم بالمهمة لكوني اسكن قريباً. كانت  تلك المهمة فرصة نادرة وثمينة لي للتعرف عن كثب على شخصية يونان العظيمة والتي لا بد ان تشمل التواضع والّا فان الهالة لن تكون هناك، وهذا حقاً كان انطباعي الاول عنه، وسمة الوجه وأحاديثه كلها كانت تنطق بهذه الحقيقة. اعترف اني في عمري هذا لست من اصحاب الذاكرة القوية ولكن من الحديث الذي جرى بيننا كان إبان انتقال العراق من الديكتاتورية الى الديمقراطية التي لم يكن العراق مستعدا ً لها بعد، وأكاد اجزم التوقيت لان يونان بصوته الذي ينطقه دوماً بنبرات الحشرجة طلب مني في حينها ان اكتب عن الدستور العراقي المقترح ليكون منصفا ً لكل مكونات الشعب العراقي حيث ان العراق سوف يكون جميلاً بالموزاييك التي التي يجب ان يعكسه. هذه المناداة من قومي و وطني مخلص لازلتُ دوما ً احس بها ولا أظن اني قد وفيت العهد كاملا مثلما طلب مني ضيفي الجالس يميني في السيارة. 
أتذكر أيضاً  في هذه الفرصة  النادرة لي لسبر أغوار  المغوار يونان هوزايا انه سألني عن أهل زاخو الذين أعرفهم  في شيكاغو، لقد كان وقته أضيق من ثقب الأبرة لكنه طلب مني ان اخذه الى اقرب شخص اعرفه وصدفة كان المحل الذي يملكه الشماس المحترم أدور عوديشو  على اقل من ميل وهنالك التقى الاثنان وكانت فرحتهما لا توصف وخاصة ان زوجة الشماس أدور اتضح انها قريبة يونان ولكن للأسف ان التزامات الأخير حالت دون لقاء قريبته، رغم كل المناشدات من قبل الشماس للذهاب الى بيتهم القريب، ولكن أظن انه تكلم معها عبر التلفون . هكذا هي حياة الذين يحملون عاتق أمتهم على مسؤوليتهم، يضحون بالخصوصيات لأجل الأشمل والأهم.

يونان كان له دور ريادي في تطوير أعلام الحركة الديمقراطية الآشورية وكان يعرفني من بعد لكن عن كثب --بفضل التكنولوجيا --و من خلال كتاباتي في بهرا التي كان هو لفترة رئيس تحريرها. لمدة سنتين كتبتُ أربعة وعشرين حلقة في زاوية خاصة بعنوان عزيزي الوطن، وذلك من كانون الثاني عام ٢٠٠٠ الى كانون الثاني عام ٢٠٠٢، وحين كتبتُ اخر حلقة وقررت ان تكون الأخيرة أذهلني يونان انها ليست حقاً الأخيرة وكتب هو الحلقة ٢٥ وهو رقمي المفضل، وكانت رائعة بكل معنى الكلمة وفيها علَّق على بعض مما ورد في مقالاتي وحين اقرأها الان احس ان الفقيد يونان كان حقا ً يسكن قلبي. أخذت هذه الحلقة حيز صفحة كاملة كي يعلمني  ويعلم القراء أهمية الذي كتبته، اذ سطر قلمهُ الأدبي الفصيح : ( لا أشك ان معظم الذين يهتمون بالحبيبة " بهرا " قد اطلعوا على حلقة -- او اكثر -- من ما سطره يراع زميلنا الكاتب المغترب " حنا شمعون -- ابو دقلت " .. ولا أشك أيضاً انهم قد تلمسوا فداحة الجرح الذي شكله ويشكله الأغتراب .. وكذلك .. فلا بد ان " يعوا " أولئك النزيف الهائل الذي " سكبته " هذه الجراحات " بعيدا ً عن الوطن .. واه يا وطن.. ) 

الذي أذهلني عن شخصية يونان هوزايا انه بدأ يتعلم لغة الام حين كان في السنة الثانية من دراسته في كلية الهندسة في الموصل.  بدأ من الألب بيث وفي خلال اقل من ثلاثين سنة اعتلى قمة الكتابة الأدبية باللغة السريانية، أربعة عشر مؤلفا أدبيا ً والحبل على الجرار لولا المرض اللعين ومن ثم الرحيل المبكر. قاموس "بهرا" وهو من مؤلفاته مع الشماس أندريوس يوخنا هو ملاذي كلما كتبتُ قصيدة او احتجت الى كلمة اعرفها بالعربية وأريد كتابتها بالسورث / السريانية. وماذا عن المناهج التدريسية بلغة الأم ، مشروع ما كان يكتب له النجاح لو جهود  ومثابرة يونان وزملائه ، لم يفسحوا اي مجال لإجهاض هذا المشروع القومي فكلما أرادت الحكومة المحلية إنجاز المنهج في وقت محدد كان يونان في المقدمة لسهر الليالي لإنجاز المطلوب ، هكذا كان الأمر مع توفير الأقسام الداخلية والباصات كان يونان ورفاقه يستنجدون بالمغتربين والمعاضدين عاجلا ً لتوفير المال اللازم كي لا تنقطع الدراسة في المدارس السريانية ومن ثم يفشل المشروع اللغوي الذي خططت له الحركة الديمقراطية الآشورية بكل ما تملك من قدرات. 

هذه هي اعمال الفقيد يونان هوزايا التي تفصح عن عمق إخلاصه لقوميته ولغته ووطنه، وبشهادة رفاقه او الذين زاملوه من أمثال توما خوشابا، يوسب شكوانا، لطيف بولا، لطيف نعمان ، إسكندر بيقاشا، نزار الديراني ، وغيرهم كثيرون ..لقد كان مدرسة للتثقيف وإنتاج الشباب الغيارى لبث الروح القومية ضمن العراق الموحد والمعروف بفسيفساء مكوناته الأثنية، وكذلك أيقظ يونان هوزايا بكتاباته الأدبية المشاعر القومية الآشورية لدى العديد من المثقفين والشعراء الذين أبعدتهم السياسية الشوفينية في العراق عن معرفتهم لحقيقة قوميتهم ، لقد كان قومياً نقياً من غير تعصب ويحترم وجهات نظر الآخرين وخياراتهم السياسية وبذا نال كل التقدير والاحترام من لدن الجميع .
رحيل يونان هوزايا وهو في قمة العطاء هو خسارة كبيرة لأمته ووطنه، وستبقى ذكراه خالدة في قلوب جميع من عرفوه او اطّلعواعلى كتاباته.
في شيكاغو كان للفقيد مكانة خاصة في قلوب ومشاعر أهلها وكلما شرفها بزيارة كانت تمتلئ القاعة بالمحبيين له والمقدّرين لأنجازته في الحقل الثقافي القومي.
نسأل الرب ان يمنحه الراحة الأبدية في الملكوت السماوي.

                                                                                       حنا شمعون / شيكاغو


53
ذكرى ميلاد المسيح في زمن الدواعش

اكثر من ألفين عام مرت على ميلاد المسيح وها نحن نعيش ذكرى هذا الميلاد العجيب نحاول ان نفهمه ولكن وان قلنا فهمناه فانه  بصراحة صعب استيعابه كاملا ً لان الامر ليس ولادة طبيعية كبقية الولادات، ولادة بحلول الروح القدس امر حقاً يصعب قبوله من غير الإيمان. هذا المولود العجيب والذي نعرفه بإسم يسوع المسيح اصبح عظيما في نظر الدنيا وجعل الملايين عبر الأزمان يتبعونه. هذا المولود في مذود حلّ  اللغز الذي كان يكتنف الكون : الموت  والخلود!

قصة الميلاد وان  كانت عجيبة وغريبة ولكنها ليست من صنع الخيال البشري وقد كانت يوما ما نبوءة وتحققت والشهود هم الإنجيليون الأربعة الذين عاصروا زمن الميلاد، كل منهم جاء على ذكر قصة الميلاد وقصة المولود العجيب الذي جاءت المسيحية على اسمه. المسيحية فيما بعد اصبحت ديانة لعدة شعوب خاصة أولئك الذين ورثوا حضارات معروفة كالحضارة النهرينية او الإغريقية  او الرومانية وحتى الفرعونية. وهنا نقول ومن قراءة التاريخ ان هذا لانتشار لم يكن بالسهل وآلاف الشهداء قدموا حياتهم فداء لإيمانهم، ولكنه كان سلميا ً مائة بالمائة اي انه جاء بالقناعة الضميرية  ولا زالت هذه القناعة تتحكم في مسيحية كل شخص ورث المسيحية من أبويه وهناك حاليا ً الملايين الذين لا يمارسونها ولا حكم بالردة عليهم ، فهم أحرار والخيار لهم.

نقف هنا لنناقش لماذا فقط في اتجاه جزيرة العرب توقف المد المسيحي  والأصح انه تحول الى الاعتراض على هذه الديانة السماوية  التي تحسب المسيح ابن الله المتجسد الذي خلص العالم من اردان خطيئة آدم وحواء. النصرانية ( المسيحية ) لم تلقى النجاح في جزيرة العرب رغم انه لم يكن اضطهاد وقع عليهم والسبب حسب تفسيرنا هو انه امر صعب على هكذا شعب لم تتح له فرصة الحضارة والتي تعني فيما تعني ترويض الفكر والخيال لاستيعاب ما هو صعب إدراكه بتفكير العقل البشري الأرضي. هكذا نشأ الاسلام على أسس نصرانية ولكن بطريقة تتماشى مع العقلية البدوية الصحراوية المعتمدة على العدد والقوة  لمجابه العدو؛ قريش تخضع بقية القبائل والدولة الاسلامية تتمد في الأمصار، والّا  فان  المصير هو الزوال.
طالعتُ مؤخراً  كيف ان عرب الجاهلية في زمن نشوء الاسلام لم يستوعبوا كلمة "الفرقان " السريانية / الآرامية والتي تعني الخلاص وهي جوهر المسيحية وجوهر الميلاد الذي نحن بصدده الآن. لحد الآن لا أظن ان ثمة تفسير  مقبول من لدن علماء الاسلام  لهذه الكلمة التي وردت في القرآن وفي عدة آيات ، لا بل هي عنوان واحدة من السُوَر. بعض هؤلاء العلماء وعن جهل جلي يظن ان الكلمة هي مرادفة للقرآن وهذا خطأ كبير لانه في كل الآيات التي وردت فيها كلمة الفرقان ومن سياق الكلام لا تُفهم هكذا. العارفين بقواعد اللغتين السريانية والعربية يعرفون جيداً ان القرآن هي من " قريانا " والتي تعني قراءة النص والتي لا زال المسيحيون المشرقيون يمارسونه  في كنيسة المشرق بمختلف تسمياتها، وهو نص من العهد القديم  يقرأ في القداس وقبل  قراءة الرسالة التي هي غالبا من كتاب بولس الرسول. قراءة هذه الآيات القرآنية مع استبدال كلمة الفرقان بكلمة الخلاص نجد ان الآية حقاً لها معنى مكنونها الخلاص. هكذا هرب المسلمون من الخلاص الروحي الى الخلاص الجسدي وجاء دينهم الجديد معتمداً على القتال والفتوحات والنجاة بالجسد لكسب الغنائم واقتناء السبايا، وحتى الجنة جاءت مادية اكثر من روحية في تفسيرهم!! اما التسامح ونبذ الثأر فهو امر صعب على بدوي ولكن تقديم الخد الاخر فهو آخر ما يقدر اي بدوي ان يلتزم به.

لنتأمل سوية بالمولود المخلص هذه الأيام وهو الاله المتجسد، كيف انتشرت رسالته عبر التبشير وبالمقابل الرافضون لرسالته السماوية من اتباع نبي الاسلام محمد بن عبدالله -- خاصة بعد فتح مكة-- وكيف هم أيضاً نشروا رسالتهم من خلال الفتوحات والحروب . هذا المفهوم  ممكن استخلاصه هذه الأيام  فيما فعله الدواعش في الرقة والموصل ، في قرى الخابور وفي سهل نينوى. كنائس هذه المدن وقرى سهل نينوى والخابور--لحد ما-- هي خالية من المؤمنين وخالية من مغارة الميلاد، النواقيس لم تعد تدق كي يسمع صوتها، لماذا؟ لان أشرار الدواعش حين احتلالهم للموصل وقرى سهل نينوى جاء معهم فعل الامر: اسلم تسلم، وبعد ما فشلوا في مبتغاهم هجّروا المسيحيين من قراهم ومدنهم . وما يحز القلب مؤخراً سمعنا بغرق سبعة أفراد عائلة واحدة ، معظمهم أطفال، في بحر ايجة، وهذه العائلة كانت من بغديدا السريانية التي لم تعرف الهجرة من قبل لحين قدم الدواعش واحتلوها وشردوا أهلها. وسمعنا أيضاً باستشهاد أربعة من أبناء تل تمر الآشورية في سوريا اثرعملية تفجير من قبل وحوش الدواعش.

 في هذه الأيام التي ولد لنا المخلص نسمع الملائكة يرتلون أنشودة المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وهذا الوليد فيما بعد يوصي تلاميذه ليذهبوا ويبشروا الامم معطين الخيار لمن يقبل بالخلاص او من لا يقبل. هذا مقارنة بما فعله الدواعش حين طبقوا الشعار جئناكم بالسيف و اسلم تسلم ، يدعو كل منا ان يفكر شتان بين رسالة الميلاد ورسالة الدواعش التي يريدون تطبيقها على العالم المتحضر في كل مكان،  وما جرائمهم مؤخراً  في باريس وكاليفورنيا الا أمثلة دامغة على خطورة هذا الفكر الجاهلي على الحضارة الانسانية. هؤلاء الدواعش مقارنة بالمسلمين الأوائل الذين كانت النصرانية لا زالت طرية في عقولهم حين نشرهم الاسلام ، نراهم (الدواعش) غُلاة ويتفنون في قتل الأبرياء من غير المؤمنين بفكرهم وهذا يشمل الذميين وحتى الذين يخالوفونهم من المسلمين.

ويبقى السؤال كم ذكرى اخرى للميلاد المجيد تمر على هذا العالم المتغافل قبل ان يعِ خطورة فكر داعش الجاهلي على الحضارة الانسانية. متى تُؤلف قوة رادعة من المجتمع الدولي لتحرير الارض السورية والعراقية من هذا التنظيم الإرهابي ؟ المجتمع الدولي ملزم بقلع هذا التنظيم الإرهابي من جذوره الممتدة الى عشرينيات القرن الماضي حين انبثق الاسلام السياسي تحت مسمى الاخوان المسلمين في مصر وتوافق في بداية القرن الحالي مع الوهابية السلفية في جزيرة العرب، لنرى القاعدة ثم داعش ينبثقون من هذا الوفاق كي ينشروا الإرهاب  في الارض من بدل السلام في الأرض الذي جاء في أنشودة الميلاد.
                                               
                                                                                         حنا شمعون / شيكاغو



54
هكاري، الفردوس المفقود : جولة في محاضرة الدكتور نيكلوس الجيلو

القى مؤخراً الدكتور نيكولس الجيلو وفي قاعة المجلس القومي الآشوري في شيكاغو محاضرة مرفقة بالصورلأربع زيارات  جريئة قام بها خلال السنتين الآخيرتين الى منطقة هكاري في تركيا التي كانت تضم كل من تياري العاليا وتياري السفلى ن جيلو وكَاور. واسغرقت محاضرته هذه زهاء الساعتين استعرض فيها بعض من تاريخ وجغرافية المنطقة حيث نوه ان هذه المنطقة الواقعة حاليا في جنوب شرقي تركيا  وكانت جزء من مقاطعة وان ابان الحرب العالمية الأولى كان يقطنها حوالي 150,000 من الأشوريين الذين كانوا يؤلفون حوالي 60% من سكان المنطقة والبقية كانت من الأكراد والأرمن.
الوجود الآشوري في المنطقة وكما اورد المحاضر هو اقدم مما يعتقد حيث كان يعتقد ان ألآشوريين احتموا في تلك المناطق هرباً من غزوات االمغول في القرن الثالث عشر الميلادي، لكن المحاضر اكد ان الوجود الآشوري ربما يعود الى الألف الثاني قبل الميلاد اذ كانت هذه المنطقة متاخمة لمملكة اراراتو والتي شهدت حروب مع ملوك آشورعلى مدى عدة قرون. كما ان لائحة بأسماء المواقع في هذه المنطقة هي بالأكدية وقد ورد ذكرها في ألأثار الآشورية ومن هذه الأسماء وردت اسم بيتكاري والتي تعني مكان جباية الضريبة ، ولحد الأن ثمة وجود لهذه القرية وهناك من الآشوريين الذي يسمون انفسهم "بيتكاريناي" وهناك على الأقل ثمانية قرى اخرى في المنطقة اسمائها من اللغة الأكدية. وهكاري كلمة أكدية وآرامية وتعني الفلاحة.
وقال المحاضر وان لم يكن سكان هكاري يعرفون دوماً بأسمهم الحالي آثورايي / أشوريين ولكنهم بالتأكيد كانوا يعرفون ب "سوارايي" الذي لايعني مسيحيين كما يظن البعض لكنه اسم مشتق من آشورايي وحتى التسمية الفارسية والأرمنية " آسوري " والعربية "السريان" كلها مشتقة من الكلمة آشوراي ألآشورية.

مع اشتعال اوزار الحرب العالمية الأولى عام 1915 كان موقف الآشوريين صعباً في اختيار الطرف الذي ينحازون اليه مع العثمانيين الذين لم يلقوا منهم غير الظلم ام مع الحلفاء الذين وعدوهم بالخلاص واجتمع مارشمعون مع الوالي العثماني للوقوف الى جانبهم وأنتهز العثمانيون الفرصة لتجنيد الآشوريين وهم امرلم يتعود عليه هولاء الذين عرفوا انفسهم بالعشائر المستقلة وكان لهم دوما لهم ملِّكي / ملوك. وهرباً من هذه الحالة المزرية نزح حوالي 50,000من اصل 150,000آشوريي هكاري الى اورميا اما ال 100,000 فلم يبقى لهم أثر. وحتى في اورمي لم يسلموامن الشرالعثماني الكردي الأسلامي فنزحوا في اكبر مسيرة مأساة بشرية عرفها العصر الحديث الى بعقوبة قاطعين آلاف الأميال مشياً الى حيث كان قد اعد لهم الأنكليز الخيم . الأنكليز لم ينفذوا وعدهم بدولة مستقلة لهم في شمال العراق وتم اسكانهم في قرى مبعثرة في شمال العراق. حاول البعض الرجوع الى اراضيهم في هكاري ولبضع سنين استطاعواان يستقروا في خضم المشاكل في مناطقهم  ولكن في عام 1924 جوبهوا بالردع من السطات التركية الحديثة وطردوا من مساكنهم عنوة وهكذا ضاعت وسرقت هذه الأرض الطيبة من اهلها والى الأبد.

عشرات الكنائس والأديرة زار خرائبها الدكتور نيكولسن مع سبعة أكادميين شجعان أخرين من مختلف قارات العالم، في أيار من عام 2015 وفي رحلة اقل ما يقال عنها مجازفة لا يقدم عليها الى اؤلئك الذين تربطهم مع تلك الأرض علاقة أدم مع تربة الفردوس. اغلب هذه الكنائس التي ذكرها الجيلو كانت تحمل اسم مار كَوركَيس اومطمريم/ مريم العذراء وكثيرمن هذه الكنائس اصابها الدمار لكونها متروكة لفترة طويلة وكذلك بسبب نبش السكان المحليين عن الذهب ظانين انه مطمور في هذه الكنائس. وقد زار المحاضر القرى التي ينتمي اليها كل من البطريرك الراحل مار دنخا الرابع والحالي مار صليوا الثالث بطريرك كنيسة المشرق الآشورية. ومما يذكر ان اصول كل من بطريركي كنيسة المشرق القديمة مار أدي وبطريرك الكنيسة الكلدانية مار لويس روفائيل ساكو هو من منطقة هكاري المقدسة. كما ان مثلث الرحمات مار روفائيل بيداويذ بطريرك الكنيسة الكلدانية الأسبق هو الآخر اصله من قرية بلن الواقعة في جبال هكاري.
في زيارة لكنيسة مار ساوا في رومتا، تياري كان ثمة لقاء مع نجم الدين وهو رجل كردي أظهرالكثير من المودة للوفد وقال لهم انه بكل سرور يتنازل عن مسكنه في هذه الكنيسة لو استطاع الوفد ان يعوضها له ببيت بديل لأنه رجل فقير وليس له مكان آخر للسكن. الكنيسة هذه هي من طابقين السفلي هو الكنيسة والعلوي كان مخصصاً لزيارة المطارين والبطريرك لهذه المنطقة.

في القسم الثاني من المحاضرة قدم لنا المحاضر الكريم صور أُخذت خلال جولة استمرت 15 يوماً وكل يوم كان مخصص لمنطقة معينة من محافظة هكاري. الصور التي عرضت كانت محزنة من حيث ما آلت اليه كنائس وأديرة وقرى الأشوريين المسيحيين في هذه المنطقة التي بكل ما املك من شاعرية , ذوق، وأحساس-- ولا يهمني رأي الآخرين هنا لأني كما قال الرب يسوع  "اعرف خاصيتي وخاصيتي تعرفني" وقديس هو اسم الرب، انا هنا ايضاً اعرف جمال الطبيعة لأنه اختصاصي-- اعود وأقول ان هذه المنطقة  هي حقاً فردوس ارضي بجبالها وسهولها الخضراء والأهم ب " زاوا/ الزاب الكبير " الذي يسقى ارضها الطيبة. زاوا العظيم او الكبير كما يسمى في العراق الذي تصب فيه سواقي مياه الثلوج من أعالي الجبال ومن كل حدب وصوب يصب أخيراً في دقلت/ دجلة الخير الى الجنوب من سهل نينوى.
في كل يوم كان زيارة مخصصة لقرية معينة وقد استقبلهم الأخوة الأكراد بكل رحابة صدر الا منطقة واحدة نفى سكانها وجود ايّ اثر للأشوريين هنالك، وفي منطقة اخرى وقد اصبحت عامرة حالياً أظهر اهلها غلاظة مع الوفد ومنعوهم من زيارة المنطقة، كما لمح الوفد تهديدات بالقتل من بعض الأسلاميين الأتراك ، وكما قال المحاضر: يعني احوَل مزدينتا واوا / الوضعية كانت مخيفة حقاً.
المحاضر ذكر العلاقة الطيبة بين الأكراد والأشوريين فيماكان يعرف نظام "بازكي" والذي هو اتفاقية شفوية بين عشائر المنطقة كردية وآشورية وكانت غالباً ثنائية وأحياناً أكثر لحماية الطرف الآخر حين يقع هجوم على اين منهم وهذه العلاقة كانت جزء من ثقافة المنطقة واستمرت لفترة طويلة حتى بعد عودة قسم من الآشوريين من العراق الى مناطقهم  في تركيا كما ذكرنا.

في معرض حديثه تكلم الدكتور الجيلوعن لقائه بأكراد من اصل آشوري وما أكثرهم في هذه المنطقة . حجي حسن كان آشوريا من بيت مرقس وجبرته قساوة  الظروف والظلم العثماني في تخوما ان يتحول الى الأسلام وها هي صورة لعائلته وفيها ابناء حجي حسن وأحدهم  هوحجي محمد . وقصة اخرى حكاها الجيلو: نادل في مطعم التقانا وأخبرنا ان جده كان اسمه هرمز ثم أخذنا لشرب الشاي في بيته ويرينا عائلته الكبيرة المكونة من 30-40  شخصاً. وحالياً ثمة عشرين عائلة انبثقت من ضلع هرمز الطفل اليتيم الذي تلقاه شيخ كردي ورباه في بيته بعد ان فقد الطفل كل ذويه في الفرمان العثماني . وحتى سائق الوفد في اليوم الأخيراقر ان اسم جده لأمه هو اوشانا. وهنا اقول من لا يعرف ماهو التغيير الديمغرافي فليأخذ الدرس من هذه الحكايات. 

وقفة اخرى فيها عِبرة وعبرَهذا التقرير المتواضع ذكرها المحاضر قائلاً في اليوم العاشرمن جولته وصل الوفد المذكور الى قرية يسكنها آتوراي / آشوريين كما ذكر وانا اقول هنا كلدان نسبة الى الطائفة التي ينتمون اليها ومن محاضرة سابقة للباحث الأكاديمي نينب لاماسو من استراليا كان قد ارانا صور لبعض العوائل من صناديد اهلها وقد تركوا الرفاه والسلام في اوربا وجاءوا ليعيشوا البساطة والخطورة في ارض الأجداد، كَزنخ الجميلة. هكذا ايضا الباحث نيكلس الجيلو ذكر وأرانا الصور عن المخلصين من هذه القرية وقد جاءوا بثلاث من رفات المتوفين في بلجيكا لتكون راحتهم الأبدية في قلب الفردوس الأرضي، كزنخ الجميلة قرية الأباء والأجداد. هؤلاء الأشاوس جلبوا معهم كاهنين واحد كلداني وآخر سرياني لأداء مراسيم الدفن حسب التقاليد الموروثة.

في الختام وبعد ان زرت صفحة "الفيس بوك"   Assyrian Hakkari and Botanالتي تعود للدكتور نيكولس الجليو وأقرانه احببت ان أخذ منها ومن بعد رخصتهم هذه المقابلة التي اجراها معه مندوب تلفزيون نينوى في شهر ايلول من هذا العام اثناء انعقاد الكونفشن الآشوري في مدينة شيكاغو.
الرابط:

https://www.youtube.com/watch?v=bDCwnoOq4zM&feature=youtu.be     

بعد هذا اود ان اقدم بعض الصور التي التقطتها في هذه المحاضرة القيمة، ولكن قبل ذلك علي ان اسجل اعجابي بشجاعة نيكولس الجيلو المولود في استراليا , واول زيارة له الas ى موطن اجداده في جيلو تركيا كانت حين عمره 19 سنة. حالياً هو بروفسور في جامعة ملبورن / القسم السرياني.
العجيب في هذا الشخص حين تستمع اليه لا تصدق كيف حفظ عن غيب القلب المئات من اسماء القرى في تركيا والعراق وسوريا وايران، واضافة الى تعلمه كافة اللهجات ويلفظ الكلمات العامية " جلفي" سواء بالسورث او العربي العراقي وكأنه قد تربى على تلك اللهجات. هذا عدا معرفته الكاملة بأحداث المنطقة وتاريخ الأقليات في المنطقة والذي هو اختاصاصه.


                                                                      حنا شمعون / شيكاغو

55
يوم اللغة الآشورية في شيكاغو، الذكرى الثانية
قبل عام وفي يوم الحادي والعشرون من نيسان انبثق يوم خصيص للغة الاشورية وذلك احتفاءاً بصدور قاموس اللغة ألاشورية من جامعة شيكاغو بعد دوام مستمر لكتابته استغرق ما يقرب التسعون عاماً-- ابتدأ عام 1921 -- واشتغل عليه المئات من العلماء الآثاريين واللغوين في العالم وصدر هذا القاموس اللغوي الأضخم في العالم في 21 مجلد. وفي العام الماضي ايضاً وفي مثل هذا الوقت دعي من قبل المجلس القومي الى شيكاغو كبار اللغوين وألادباء والأعلاميين والفنانين من ابناء شعبنا ومن مختلف ارجاء العالم لتدشين الأحتفال بهذه المناسبة التاريخية في حقل اللغة الآشورية  واستمر ذلك لعدة ايام، وكان المدعوون كل من بنيامين حداد، لطيف بولا، ميخائيل ممو مروكَل، امير المالح، يوارش هيدو، ولسن ملهم نرساي وجوان يوسف ريحانا.

هذا العام وفي الذكرى الثانية لما يعرف الآن يوم اللغة الآشورية اقيم احتفال خاص يوم الأحد المصادف 19/4/ 2015 على قاعة المجلس القومي الآشوري ونقلته قناة ANB سات مباشرة  وكان الأحتفال برعاية المجلس القومي الآشوري ومؤسسة الأتحاد الآشوري العالمي في الينوي، وحضره جمع غفير من الكبار والصغار ذكور واناث، وجلهم من محبي لغتهم القومية والمفتخرين بها. كيف لا وانهم يتكلمون اللغة التي بمثلها تكلم المسيح  له المجد، والقديم جداً من لغتهم يهتم به الأجانب ليؤلفوا منها 21 مجلداً ويخلدونها تحت الأسم ألاشوري الذي هو اسم قوميتهم.
المتحدثون في هذه المناسبة كانو كل من:
- شيبا مندو رئيس المجلس القومي الآشوري، رحب بالجمهور وفي كلمة مقتضبة اشار الى الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا المشرد في العراق وسوريا، اضافة الى فقداننا لقداسة مار دنخا الرابع وكان من المتوقع الغاء هذا الأحتفال لكل هذه الأسباب، ولكن معرفته بمدى اهتمام الفقيد ماردنخا باللغة دعاه الى المضي قدماً للأحتفاء بهذا اليوم التاريخي.
- جوان يوسب ريحانا وتحدثت عن اهتمام الفقيد قداسة مار دنخا الرابع بلغتنا القومية وكان قد اولى اليها في اوائل الثمانينات من القرن الماضي لتشكيل لجنة خاصة تهتم بتعليم اللغة الآشورية ولأول مرة اُدخلت اللغة الحديثة في تؤليف الأناشيد الكنسية وخدمة القداس الألهي.
- هرمز يوسف القى قصيدة وكانت محاورة بين فتى وابيه بعد رؤيا رأها الفتى في الحلم وفيها شكا مار افرام من الحالة التي وصلت اليها اللغة في عصرنا من انحطاط وعدم الأهتمام. نصيحة الأب كان الأهتمام بهذه اللغة الجميلة والحفاظ عليها .
- عمانوئيل سلمون تحدث عن اللغة الآشورية القديمة والحديثة وبعض القواعد والأغلاط التي نداولها في حياتنا اليومية وعلى سبيل المثال قال انه يفضل تسمي الشاعر بلغتنا القومية ب " شاعيرا" او "آمورا " والثانية هي قديمة قدم اللغة اللغة الأكدية، وذلك من بدل "ماخورا" التي تعني المهندس. كما اكد على وجوب تصفية لغتنا القومية من المصطلحات الأجنبية.
- بيير شمعون هو الآخر القى قصيدة عن الأديب المرحوم زيا نمرود كانون المتوفي في شيكاغو وفيها تحدث عن مناقب هذه الشخصية اللغوية الفذة ومؤلفاته.
- مارينا بنجمين وقدمت شعراً من تاليف والدها المرحوم الأديب اختيار بنيامين وكانت القصيدة بعنوان " لشانا ديما/ لغة الأم" وكان قد كتبها عام 1974، وكذلك تحدثت عن بحث نشره والدها عام 1979 وهوعن تاريخ لغتنا المحكية والأدبية.
- الدكتور دانييل ممو وتحدث عن يوم اللغة الآشورية وظروف نشأته وأهميته التاريخية وشكر الحاضرين لمشاركتهم في هذه المناسبة.
عريفا الحفل كانا ممتازين وهما كل من شميرام يلدا ونينوس نيراري الذي كانت مساهماته  بين تقديم الفقرات اكثر من رائعة متناولاً اهمية الأحتفاء بهذه المناسبة القومية وذكر ان كل امة تعرف بلغتها وهي التي تحدد مسار المجتمع واعطى مثالاً عن العبرانية التي احياها اليهود وانقذوها من الانقراض وهي اليوم لغة تسييرامور دولة في المعالم السياسية والعلمية وكل مجالات الحياة اليومية. وكذلك اورد نينوس من خلا ل ملء الفراغات بين الفقرات ان اللغة الآشورية القديمة كانت لغة الدبلوماسية وقد وجدت لوائح أثارية في مصر تؤكد هذه الحقيقة. كما قرأ في الختام قصيدة كتبت قبل خمسة الاف سنة في سومر ومحفوظة الآن في المتحف البريطاني وكانت قصيدة رثاء كتبها رجل سومري فقد زوجته.
كما ان صبية المدرسة الآشورية في المجلس القومي الآشوري قدموا فقرات تعلموها في مدرستهم التي تجمعهم في عطلة نهاية الأسبوع، وشملت على انشودة بعنوان " شلاما / السلام" و تمثيلية معبرة باللغة الآشورية الحديثة.
في الختام الجمهورالحاضر كان فرحاً وراضياً بما قدم في هذاالحفل الذي من المؤمل ان يصبح مستمراً في كل عام.
وهذه بعض الصور التذكارية التي التقطتها كامرتنا في هذه المناسبة الرائعة.




56
المنبر الحر / برام بريم بروس
« في: 13:40 13/03/2015  »
برام بريم بروس

في رد سريع على موضوع تراثي لأحدى العاب شعبنا الآشوري " سورايي " في قرانا الشمالية نوهتُ عن قرعة تذكرتها منذ عهد صباي في سن التاسعة حين تركت قريتي منكَيش الى مدينة الموصل. لكن كما هو معروف فان سنين الصبا هي اقوى مخزون للذاكرة في عقل الأنسان. القرعة التي كنا نسميها " برام بريم بروس " لازمتنا في مدن النزوح وخاصة بغداد حين كان اهالي قرية منكَيش من الأوائل  في تنظيم السفرات الجماعية وكان شقيقي الكبير شمعون متي من الرواد في تنظيم هذه السفرات الى الصويرة ومدينة بابل الأثرية في اوائل السبعينات من القرن الماضي. وفي تلك السفرات الجماعية كانت ذكرى لعباتنا الشعبية لا زالت في مخيلتنا ولذا كنا نزاولها بشغف ونحن كبار متذكرين عهد الصبا في قريتنا الحبيبة. وكما الحال دائماً فأن مباشرة اي لعبة كانت تحتاج الى القرعة وكان ثمة اختيارات منها " الطرا/ الصورة والكتبة " التي كانت سارية في المدن الكبرى اما في عهد صبايّ حيث لم يكن من نقود متوفرة فكنا نلتجي نحن الصغار الى قرعة اخفاء حصوة في احد الكفين ليكتشفها صاحب الحدس اللاذع كما هو معروف في لعبة "المحبيس" لدى اخوتنا المسلمين في ليالي شهر رمضان. لكن القرعة المفضلة  لدى المنكَيشين الصغار كانت ال "برام بريس بروس" بلفظ ب مثل حرف P اللاتيني. وهنا لا بد من ذكر قرعة اخرى جاءت في الكتاب المقدس حين وضع الجنود القرعة "بشكي"على قميص سيدنا يسوع المسيح بعد صلبه، وهذه الطريقة كانت  تستعمل في منكَيش لتوزيع الأملاك بين ابناء العائلة الواحدة.   
كيف تجرى القرعة
تحتاج قرعة ال برام بريم بروس الى ثلاثة اشخاص بالأقل، اثنان منهما هما رئيسي الفريقين والثالث هو لاعب خامل وان فاز بالقرعة فذلك لا يعني يشيء ولذا تعاد الكرّه حتى يفوز احد من رؤساء الفريقين. اما كيف يفوز أحدهما حسب مجريات القرعة فأن أيادي الثلاثة تتشابك ثم يبدأون بترتيل الموال برام بريم بروس على ايقاع نغمي يبدأ مع رفع الأيدي مع لفظ كلمة برام ثم مع كلمة بريم تنزل الأيادي الى مستواها الأصلي وثم مع لفظ كلمة بروس فان كل من اللاعبين يختار ان يضع كفيه اما بصورة مطابقة اي راحة اليد على الراحة الأخرى او بصورة مضادة اي قفا اليد على راحة اليد. وفي هذا ثمة احتمالين: اِما الثلاثة يكون اختيارهم مطابق وهذا نادر ولكن ان حصل فان الكرّه تعاد، واِما واحد من الأثنين يختلف عن الآخرين ويكون هو الفائز بالقرعة، ولذا فان فريقه يكون الذي يختار الموقع الأفضل او المقام الأعلى او الباديء  في اللعب. اما الفريق الخاسر في القرعة فليس له خيار وفي هذه الحالة ويطلق اعضاء الفريق الرابح في القرعة عليهم " ال يموخون / عليكم النوبة ".
أصل الموال برام بريم بروس
يبدو ان هذه العبارة التي كتبتها اثارت فضول رابي بدران امرايا الكاتب اللامع في  تراثنا الجميل فأستوقفته وأفرحته ويبدو انه لم يسمع بها من قبل ولذا كان قراري ان ابحث عن اصل الكلمة التي ظننتها في البدء لاتينية او فرنسية جاءتنا عن طريق الأباء الدومنيكان الذين جلبوا لنا كلمات مثل " طماطة " والتي سماها اهلنا "خبوشي دباتريه/ تفاح الأباء الدومنيكان" او " بتاتي / البطاطة ". وهنا اود ان اذكر ان الصدفة وحدها كانت المفتاح لوصولي الى اصل هذه العبارة. فقد وقعت عيني في تلك الفترة على موضوع بالأنكليزية وفيه وردت كلمة استوقتني لبرهة وكان الموضوع عن احتفال يهودي يقع في شهر آذار وكانت  هذه الكلمة في لفظها تشبه كلمة "برام" لكن انشغالي او قل تقاعسي دعاني ان انسى الموضوع بكامله الى ما بعد يومين واردت ان اتذكر اين وجدت الكلمة وكيف كان لفظها ولكن الذاكرة خانتني حتى كدت ان انسى الموضوع كلياَ، لكن ارضاءاً لفضول رابي بدرايا قررت ان اجهد نفسي أكثر بدءاً ب ماذا كان الموضوع الذي قرأته بالأنكليزية واسعفتني الذاكرة هذه المرة انه كان عن اعياد اليهود ولذا استعنت بالعم كَوكَل لمعرفة اعيادهم في شهر آذار فتوصلت الى عيد Purim الذي يبدأ هذه السنة في 4 آذار. ما اخبرني العم كَوكَل عن هذا العيد فكان امراً يصعب تصديقه والى القارئ الكريم ما ورد في الويكبيديا حول هذا الموضوع:
"بوريم أو فوريم (بالعبرية: פורים   פורים (؟•معلومات) پوريم) تعني (القرعة) وهو ذكرى لخلاصهم في بلاد فارس من مجزرة هامان وزير الإمبراطور الأخميني أحشويرش، حين ألقى قرعة ليرى اليوم المناسب لتنفيذ قتل اليهود. لكن (أستير) اليهودية - زوجة الملك - استطاعت بتوجيه من مردخاي أن تنقذ اليهود وتفتك بهامان وأتباعه."
لم اصدق حالي وعيني تقع على كلمة "القرعة" --وهي بمثابة اطروحتي في هذا الموضوع --ان تكون ايضاً لب فرحة اليهود بهذا العيد حيث يقيمون الأفراح مرفقة بالعاب خاصة بهم.
شيء من اللغة والموسيقى
الموال كما نلاحظ متكون من ثلاث كلمات والأصلية هي الأولى اما البقيتان فهما لأجل الأيقاع الموسيقى كي يقود حركات الأيدي الى النهاية كما يحدث في رقصاتنا الشعبية. الملاحظ ايضاً ان كل كلمة تحوي على هجاء معين، الاول هو السقابا / الزقاف ( برام ) و الثاني الحواصا/ الحواص (بريم) ثم الثالث وهو رواحا / الرَواح ( بروس) وبهذا يكون الهجاء ثلاثي لكامل الموال ، وكل هجاء يرافق حركة للأيادي.
في بحثي عن الموضوع وجدت ان اصل كلمة بوريم المذكورة اعلاه وحسب اجتهاد العلماء هو كلمة  Puru والتي وجدتها في قاموس سايمون باربولا عن الأكدية / الآشورية تعني "وافر" و"قرعة" اما الوافر فهذا ما نعرفه من لغة السورث المحكية حيث نقول مايي/ ميي بريي اي وفير من الماء. المعنى الثاني الذي اورده بارابولا وهو القرعة فهذا يؤيد اطروحتنا هذه عن القرعة المفضلة لدى اطفال منكَيش في طلب الحظ الوفير. واضافة للمعلومات اود ان اذكر ان الوافر والقرعة لهما معنى شبيه جدا، ومن غير الغوص في التفاصيل اذكر هنا: في الأنكليزية ترجمة كلمة Puru  الأكدية حسب باربولا هي Lot , Lottery  والبقية اتركها لمخيلة القارئ الكريم.
 ان اردنا البحث عن كلمة "بريي اوبريوثا " فأغلب الظن اننا  لن نجد لها اثرا في قاموس اوجين منّا لأن ببساطة الكلمة  اصلاً ليست سريانية بل هي أكدية ولذا نقول ونؤكد دوماً ان السريانية المحكية "السورث" هي غير السريانية . قاموس منا --الطبعة الحديثة -- وان جاء تحت عنوان قاموس كلداني - عربي فهو ليس هكذا بل هو سرياني - عربي لأن لو كان كلداني -- ونقصد هنا الكلدانية القديمة--  لكان أكدي ايضاً واحتوى على كلمة بريا  كما احتواها قاموس باربولا.
شيء من التاريخ
الملفت للنظر في هذا الموجز الوارد في الويكبيديا له تفاصيل اكثر حين تحويل الموضوع الى الأنكليزية ومنه استشفت ان جذور هذا العيد مستمدة من التاريخي البابلي خصوصاً ان قارنا الكلمات الرئيسية الواردة في الموجز اعلاه، واحداها كلمة مردخاي القريبة جداً من مردوخ الاله الذي عبده البابليون وهكذا ايضاً أستيرالتي يبدو ان اصلها عشتارالهة الحب عند البابليين. هنا اضيف انه يبدو من الكتاب المقدس ان القرعة السارية في فلسطين كان الأقتراع " درايا دبشكي". القرعة التي نحن بصددها هي من تراث بيث نهرين وليس من تراث فلسطين ان كان تخميني في مكانه. والمغزى من احتفال اليهود في هذه المناسبة يكمن في الحظ الوفير الذي نالوه حيث انهم في ليلة وضحاها، واحد ثنين تلاثة او برام بريم بروس  تحول قدرهم  بالصدفة او بقدرة قادر من الأبادة الجماعية في مملكة الأخميننين وفي عهد احشويرش الى النجاة حيث ان الحكاية تقول ان الملك  في الليلة قبل ان ينفذ هامان وعده بتصفية كل اليهود اصابه الأرق وذلك الأرق ذكّرَ الملك باخلاص مردخاي له ليصبح ذلك طوق النجاة لليهود والأكثر من ذلك ان الذي اراد لهم السوء (هامان) وكل جماعته نالوا قصاص الأعدام بأمر من الملك، والوزير مردخاي رفعت منزلته الى مرتبة رئيس الوزاء بدلاً من هامان المقتول ، والقرعة هنا هي رمز هذه الحكاية التي محورها هو الصدفة التي جلبت الحظ الوفير.
يخبرنا التاريخ ان الملك نبوخذ نصر جلب عشرات الألوف من اليهود فيما يعرف ب السبئ البابلي وبعد سقوط دولة الكلدانيين عام 538 قبل الميلاد ليقبع اليهود تحت حكم الأخمينيين وحينذاك حصلت هذه الحادثة. اما ما علاقة منكَيش بهذا الحدث فلا بد ان نقرأ  ايضاً شيئاً من تاريخ هذه القرية الجليلة. وهنا اقول ليس لي دراية ان كانت مثل هذه القرعة تجرى ايضاً في بقية قرانا الشمالية ولكني لا أشك في انها كانت منتشرة في هذه القرى خاصة اذ علمنا ان جذورها تصل الى عمق حضارة بابل، كما اسلفنا وحال هذه القرى هو حال منكَيش وهنا فقط استشهد بالأسماء يزداندوخت وسلطان مادوخت. ولذا استغيث بأخوتي المهتمين من القرى الأخرى ان يردوا على الموضوع بمعلوماتهم الثمينة والمشكورة سلفاً.
يكتب الأب البير ابونا في ترجمة كتاب الرؤساء ل توما المرجي ان منكَيش  كانت تسمى بيث مكَوشي اي بيت المجوس والمجوس هم الفرس الذين حكموا المنطقة بعد ألاخمينين . اما الوجود اليهودي في المنطقة فلا شك فيه وحتى الخمسينات من القرن المااضي كان قرى يهودية في المنطقة كما ان اباءانا وامهاتنا يحكون دوماً عن يهود كانوا يصلون القرية لغرض التجارة والبيع. اما معبد ناحوم في القوش فهو تحصيل حاصل لوجود اليهود في ام القرى لأبناء السورث منذ عهد الآشوريين.
الخاتمة
ان تراثنا جميل وهو الدليل لأنتمائنا الى بيث نهرين / العراق وسوريا وقسم من تركيا وايران، منذ عهد أقوام السومريين والأكديين وان كلدووآشور هي نتاج  هولاء الأقوام، ولذا ان اي محاولة لتهجيرنا من هذه الأوطان او محو تاريخنا هو محاولات بائسة وسقيمة، وقد ذكرت هنا امراً بسيطاً لا زلنا نحتفظ به من تلك العهود اكثر من غيرنا ، وقد كان هذا الأمر بمحظ صدفة فما بالنا لو استثمرنا بعض الوقت للتفتيش في خفايا تراثنا كما فتش الآثاريون عن أثارنا وقلبوا كل المفاهيم عن تاريخ بلاد الأنهر "بيث نهرين" ليطلق عليها التعبير الشائع "مهد الحضارات". دعوى مخلصة انشرها هنا للأهتمام بتاراثنا اللغوي والغنائي والقصصي وما شابه.
برام بريم بروس، لبقاءنا في ارض الأجداد.
                                                    حنا شمعون / شيكاغو

57
امسية عيد الحب " فالنتاين" في شيكاغو



اقيم هذا العام عيد الحب في شيكاغو على قاعة المجلس القومي الآشوري "متوا" الواقع في ضاحية سكوكي وذلك مساء الأحد المصادف 15/2/2015 . زينت القاعة بلون الحب الأرجواني- الأحمر ومثل كل عام كان الجو بارداً ولكن حرارة الحب لم تمنع الكثيرين من الحضور  وألأحتفال بهذا اليوم الخاص في جو شعري وشاعري وبرعاية المجلس القومي ألاشوري في الينوي وتنظيم فرقة كَلكَامش للفنون بريادة الشاعر نينوس نيراري.
الأحتفال هذا العام كان فريداً من نوعه من حيث انه واكب العصر الذي نعيش تقنيته حيث نقلته شبكة ANB sat على الهواء مباشرة وربما كان ذلك سبب اعتكاف البعض في بيوتاتهم لمشاهدتة عبر شاشة التلفزيون ولكن في نفس الوقت كان بمقدور جمهور واسع في كافة انحاء المعمورة في مشاهدته وسماع شعراء الحب يقرأون أشعارهم العذبة.
الشاعر هاني خزيران مثل كل احتفال سابق بعيد الحب كان اول الشعراء الذين اعتلوا المنصة وكما وصفه نينوس بالمحارب  القديم  في مجال المشاركة، القى قصيدتين من شعره الذي يعيش كلماته في حياته الزوجية حيث انه في كل عام وعلى مدى طويل يحضرهذا اليوم مع شريكة حياته ليتلوا لها قصيدة خاصة وهذه المرة كانت قصيدة " أخجي قاتخ / لكِ فقط ". فسحة غنائية من اداء الفنان عوديشو عوديشو احد المشاركين المواظبين على حضور هذا الأحتفال السنوي والغناء فيه، ثم كان دور الشاعرة نيمو رشو  وهي الأخرى حضرت مع زوجها وأبنهما لتلقي قصيدتين بهذه المناسبة. ثم كان دور الشاعرة نهرين يلدا التي لم تعتلي الى حيث المنصة بل من بلدها في المانيا تلت مباشرة  قصيدتها " مخباني دشكلي/ محب صورتي " وأستمع اليها حيّاً الجمهور الحاضر في القاعة والمشاهدون في بيوتاتهم في كل مكان. وبعد هذا قدمت هدية يوم عيد الحب من قبل السيد شيبا مندو لزوج من الحضورالذي يحضر هذه المناسبة سنوياً ووقع الأختيار على الدكتور دانييل ممو وعقيلته مركَريت. بعد هذا جاء دور مايسترو المناسبة الاّ وهو الشاعر نشأت يونان الذي ظل مواظباً للمشاركة كل عام منذ سنة 1988 حين بدأت فكرة اقامةهذا الأحتفال في شيكاغو. نشأت صاحب الكثير من كلمات الأغاني لأشهر المطربين الآشورريين قدم قصيدتين احدهما جدية والثانية هزلية لأضفاء جو البهجة والتي دوماً يستمتع بها الجمهور لما يحمل نشأت من روح النكتة والدعابة .
جيمس يوسف وهو ابن اخ الفنان الراحل بيبا القى قصيدته " رمزا داِشقي / رمز عشقي " ومن ثم كان دور عازف السكسفون جونسن جبرائيل بابيلا ليوقظ الحب النائم في قلوب الحاضرين والمشاهدين اينما كانوا. وعودة اخرى الى تقنيات العصر صار بامكان الجميع اينما كانوا الى الأستماع الى الشاعرة منى صليوا من بيتها في لاس فيكَس حيث اسمعتنا قصيدة " لبا بيل تري لبواثا/ قلب بين قلبين " . الكاتب المعروف نمرود سليمان القى قصيدة نثرية استمدها من النيراريات الغزلية التي يكتبها نينوس نيراري باللغة العربية.
الشاعر المبدع في القصائد القومية هرمز يوسف القى قصيدته " خوبا بيل كويني / حب بين الخيم " وكانت قصيدة رائعة في منتهى الحبك اللغوي السليم، عاكساً  قصة غرام في حياة المشردين من ابناء امته الذين يعيشون في زمن الشرداعش.  بعد ذلك كان مسك الختام وكالعادة بأحدى روائع الحب من رائد هذا الأحتفال الشاعر الكبير نينوس نيراري وقبل ان ينتهي نقل هذا الأحتفال عبر الأقمار الأصطناعية. قصيدة نينوس كانت بعنوان " مولادا دخوبا / مولد الحب " .
بعد هذه القصيدة انفرط عقد الكراسي وجال الحاضرون فيما بينهم، منهم مهنئين ومنهم ملتقين لألقاء التحية والأطمنان على الصحة والعافية، وانا شخصياً كنت اتجول بينهم لألتقاط الصور التذكارية لهذه المناسبة السعيدة على قلوب اهل الحب والمحبة. وفي هذا الجو المحب كان الفنان جونسن بابيلا بأنامله الذهبية يعزف اروع معزوفاته الموسيقية لأغاني جان دشتو وبيبا  ليفعم القاعة بجو الحب والعشق وهكذا من بعد ذلك جاء ثانية دور الفنان عوديشو عوديشو وغنى اغنيه بالسورث وانا في انشغالي فكرت اني استمع الى اغنية ناظم الغزالي " عيرتني بالشيب وهو وقار ".
في الختام اقدم لقراءناالأعزاء قصيدة "خوبا بيل كويني" للشاعر هرمز يوسف على الرابط الصوتي:
http://www.ankawa.com/sabah/Hermiz_Yousip.mp3

                                                                             حنا شمعون / شيكاغو

58
اعظم حدث تاريخي عرفته البشرية على الأطلاق

اتذكر حين كنت طالباً وحين كان التعليم تعليماً في العراق اذ كان تربية وتثقيف وتعليم، أذكر جيداً ان  احد المدرسين نوهنا الى عدم اطلاق صفة المطلق على ايّ موصوف لأنه ليس ثمة حالة مطلقة في كل الدنيا تستحق ذلك الوصف وان اطلقت هكذا فتظل مجازية وليست كما تعني. وثم كانت دراستي في مجال العلوم التطبيقية وكنا نتحقق من بعض النظريات العلمية في المختبر وكانت النتائج دوماً تأتي بنسبة اقل من المعادلة المراد تحقيقها لتؤكد مقولة مدرسي. وما ينطبق على العلوم ينطبق على الأحوال والأحداث وعلى الحياة اليومية ومن خبرتي ان الأنسان مهما حاول انجاز شغله بالتمام والكمال والمطلق فان ذلك هو مستحيل ولكن لن اقول " اطلاقاً " عملاً بوصية مدرسي الذي اود ان اذكره هنا بالخير وان غادر ديارنا فالف رحمة على روحه النهرينية.
في التاريخ العالمي ثمة احداث تمثل اما الخير واما الشر وقعت وهزت اركان الدنيا ولكن اصبحت احداثا تاريخية لا تذكر الا في ذكراها الخمسين والمائة  والخمسمائة والالف وهلم جرا، منها ميلاد او وفاة فيلسوف او ذكرى بداية او انتهاء حرب مؤثرة او كونية وحتى حدث الحادي عشر من ايلول الذي جلجل العالم المتحضر، وهو من جانب الشر، فأنه بعد سنين سيكون مجرد ذكرى لأبشع عمل شيطاني ضد المدنية . وماذا اقول عن وحشية داعش فهي الأخرى ستبقى مجرد ذكرى عن جرائم وصلت قاب قوسين من الشر المطلق.
لكن ثمة حدث من جانب الخير  وقريباً سوف نحتفل بذكرى حلوله سنوياً  وهو حقاً حدث تاريخي وهو الأهم اطلاقاً ، ما كان قبله آخر ولن ياتي آخر مثل أهميته.، بالتأكيد مثل هذا الحدث لا بد ان يكون له مزايا خاصة او مزايا ليست من هذا العالم او ان مزاياه هي من هذا العالم وعالم الأرواح وهذا حقاً ينطبق على ميلاد يسوع المسيح فهو ولد من العذاراء مريم بحلول الروح القدس عليها. لم يسبق ان ولد شخص أخر بهذه الطريقة ولن يولد آخر . ليس هذا الذي اكتبه بدعة او خرافة او مجرد عاطفة لأني مسيحي وأتباهى بمسيحيتي، فان كان هكذا وكانت المسيحية بدعة وخرافة وسكان الأرض على مدى الفين من الأعوام يعيشون هذه الخدعة ، لكان هذال الحدث مجرد وهم لاحقيقة له . لكن كل الحقائق تثبت ان الميلاد قد حدث كما هو مكتوب. وهنا نأتي على قانون هام من قوانين الرياضيات ف ( س ) ان كان يساوي  (ص ) فيعامل معاملة  " ص " والبقية يطول شرحه .. ,أكتفي بهذا لأن المثقفين يعرفون ويعترفون بهذه النظرية الأساسية والتي منها مبدأ الحاسوب ( الكومبيوتر)  والمعروف ب  بينري كود Binary code  . ان لم تكن المسيحية بدعة فهي حقيقة وهكذا فأن اهم ركائزها وهي قصة ميلاد المسيح  فهي ايضاً صحيحة، حيث ورد في انجيل  متي : " وكانت امه مريم مخطوبة ليوسف وقبل ان يجتمعا معاً وجِدتْ حبلى من الروح القدس" متي 1-18 . ولذا فأن حدث الميلاد هو حقاً اهم حدث على الأطلاق لانه يربط عالم الروح بعالم العالم الذي نعيشه وهو ما يطلق عليه في المسيحية ب سر التجسد.
زيادة حول الموضوع لمن يساوره شك في حقيقة ميلاد المسيح كما ذكرنا، نقول دعنا نناقشه من نظرة بقية الأديان السماوية. الأسلام  يعترف صراحة بهذه الحقيقة من ان مريم العذراء في كونها حملت بأبنها من دون ان يمسها شخص بشري كما جاء في آية آل عمران: "قالت : ربِ انى يكون لي ولداً ولم بشر. قال: الله يخلق ما يشاء اذا قضى أمراً فانما يقول له كن فيكون... ". وهناك ايات اخرى تؤكد ان الولادة حدثت بقدرة الروح القدس. اما عن اليهودية فحدث ولاحرج حيث ان العهد القديم والذي هو النسخة المسيحية للتواراة، فها هم انبياء العهد القديم  وجلهم يهود يتبارون في تنبأ وقوع هذا الحدث التاريخي الذي لا مثيل له. ولكن لا أحد يفصح عن هذا الموضوع اكثر من النبي اشعيا المحسوب على الشعب اليهودي : " ها ان العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل " اشعيا 14:7 .
فأذن الميلاد حسب ناموس الأرض هو غير طبيعي ولذا فهو لا يتبع قوانين الأرض و لا يخضع لقانون المطلق الذي ظل عالقاً في ذهني منذ زمن الدارسة المتوسطة. انه اهم حدث على الأطلاق عرفته البشرية وكل عام في مثل هذا الوقت تكتب وتدون الاف المولفة من المقالات بهذه المناسبة العجيبة في الجرائد والمجلات والأنترت ومع هذا يظل امهر الكتاب قاصرين في سبر اغوار هذا الحدث العظيم ، قيل القليل وبقي الكثير ليكتب عن ميلاد المسيح الأله المتجسد. هذا الميلاد الذي ربط السماء بالأرض وعقد الصلح بينها وصار مثالاً للمحبة ورمزاً السلام.
كل عام في ذكرى ميلاد الطفل الذي كان مَهدَهُ مذود وسجد له الملوك والرعاة، تمتلئ الكنائس بالمؤمنين به للتسبيح بأسمه القدوس وتنشغل الدنيا والأسواق والأعمال لأعداد ما يبيغه عامة الناس لهذه المناسبة من هدايا وحفلات وزينة ومأكولات وملابس جديدة والخ.
في البلد الذي اعيش فيه ارى ان ثمة محاولات لن تكون موفقة للتقليل من اهمية هذاالحدث العظيم وعام بعد عام تصدر قرارات على نطاق المدن او الولاية وحتى الدولة ، بعدم السماح في وضع مغارة بيت لحم في المحلات العامة او اجازة المغارة لكن بدون الطفل يسوع وهكذا ايضاً بالنسبة لشجرة الميلاد والأكتفاء بشجرة من دون نجمة المجوس، كما نسمع طلبات لحذف التهنئة المعتادة " ميري كريسمس " Merry Christmas، ولا ادري ان كان قريباً سوف يكون من يطالب بحذف عطلة الميلاد في المدارس الرسمية لهذا الوطن وكل هذا يقوم به الغير المؤمنين بهذا لطفل العجيب الذي اتى بهذا الحدث الفريد  وأصبح تاريخ العالم يقترن بمولده وهوالذي احب العالم وفدى بجسده كل خطايا العالم ومنها حسد الحساد.
الحسد خطئية خطيرة وفي عرف المسيحية تحسب مميتة تؤدي الى التهلكة. وهي خطيئة عادة ما تحدث بين الأقرباء وأبناء المذاهب المختلفة في الدين الواحد وهنا ورد ذكرها في مجال الغيرة / الحسد بين ابناء الديانات السماوية. الأمر يحتاج الى مقال خاص، ولكن في الختام لنرجع الى موضوع التقليل من اهمية الميلاد الذي المسه في هذا الوطن، وبكل اسف اقول ان مثل هذه القرارات لا يجب تصدر اولاً وان كانت بأسم الديمقراطية والمدنية والعدالة الدينية. اكتب تحت ضغط المشاعر لأقول ان هذا الوطن المبارك الذي هو الأقوى في العالم ان لم يرجع الى ايمان مؤسيسه بهذا الطفل العجيب وعيده المجيد ، فان مصيره يبقى من غير بركات هذا العيد المعروف عنه انه يجلب الهدايا والبركات للمحتفلين به من كل ابناء الأنسانية.

                                                                                 حنا شمعون / شيكاغو

                                                                                             

                     

60
ذكريات سوق القوش في غناء طلال كَريش

ميخا زراكَا يُمسّن خنجره ليوم الشدة فهل نعتبر؟
الفنان طلال كَريش في البومه الثالث قدم لنا اغنية " دركَي دخاني " من تأليف وتلحين شقيقه نبيل كَريش، وكانت الأغنية عزيزة ومؤثرة على قلوب الكثيرين وخاصة الألقوشيين وان انتقينا أكثر فنقول على كبار السن منهم، الذين في صباهم عاصروا السوق وهم الآن قد هجروا القوش وليس بامكانهم حتى الوقوف على ازقة ذلك السوق ودكاكينه  التي لا اعرف ان كان أثرها قائم لحد الآن. انا متأكد ان الكثير من رجالات القوش الأبية ادمعت عيونهم حين سمعوا الأغنية وقسم منهم ما كانوا قد بكوا على مدى عمرهم . 
انا الآن بصدد الأغنية المكملة او الرديفة لأغنية "دركَد دخاني" والتي حملت تسمية " شوقا د ألقوش " وجاءت في الألبوم الرابع ومرة اخرى كانت من تأليف وتلحين نبيل كَريش الذي اعتمد اقوال المسنين والكتاب الألقوشين عن حال السوق في النصف الأول من القرن الماضي. وبلا شك اعتمد نبيل الفنان نصائح الأستاذ الأديب نبيل دمان الذي من نِسغ القلب يكتب كتاب بعد كتاب عن تاريخ القوش بلدته العريقة والمشهورة بلقب ام القرى. وكلي امل ان النبيلين الشهمين سوف يتعاونا لأجل اتحافنا باغنية ثالثة عن سوق القوش الذي يصفه نبيل بأنه كان صاخباً في الصباحات الباكرة. أما طلال هو الأخر ثمة واجب عليه ان يؤديه وهو ان يعرفنا أكثر وأكثر عن بلدته التي نعزها جميعاً كونها  ام القرى وحصن نينوى الآشورية وقلعة السورث والسورايي في العصر الحديث.وبهذه المناسبة احيي الأستاذ نبيل دمان وأهنئه على كتابه الجديد " القوش حصن نينوى المنيع"، وبعون الرب وبصلواتنا جميعاً سوف تكون القوش هكذا في هذه الأيام التي زحف  فيها الشر الى نينوى الغالية وقرى سهلها الخصيب.
الفنان الموهوب داني شمعون خير من يجمع الكلمات واللحن و صوت طلال مع عبق التاريخ لينتج لنا اغنية تليق بسوق القوش الشهير. وهكذا استيقض ميخا زراكَا مع صياح الديك ونزل هادئاً ترافقه زقزقة العصافير وصخب اصحاب الدكاكين ولكن من بعيد كخلفية لموسيقى مقام البيات وهو يبعث الأنشراح في مشاعر المستمعين، وهم حسب كمّ وعمق ذكرياتهم ينفعلون مع الموسيقى التي لا تلبث ان تصبح راقصة بأحسن خكا معروف الا وهو الخكَا يقورا ، ليأخذ الراقصون الشباب محلهم في هذا الخكَا ويكونوا حاضرين قبل ان يبدأ ميخا زراكَا بسرد ذكرياته عن سوق القوش ويعرفنا انه ثانية وربما ثالثة يحط به القدر في سوق بلدتة العزيزة القوش والتي افتقدها كثيراً حين اغترب -- بمفهوم ذلك الزمان-- الى سوريا.
اما من هو ميخا زراكَا فاليكم ما جاء في كتاب المرحوم نوئيل قيا بلو الذي هو بعنوان "حوادث مهمة في تاريخ القوش الحديث" الصادر عام 2003 ‘ اذ كتب يقول" عندما تكون السطة ضعيفة يضطرب حبل الأمن وتكثر العصابات، وتسود المجتمع شريعة الغاب - القوي ياكل الضعيف ،وتكون أموال وممتلكات الناس عرضة للسلب والنهب، ومن لا يعتمد على قوته ، يحتمي بها وتحمي ماله ، اُخذ منه من قبل من هو الأقوى والأشرس.
هكذا كانت الأوضاع عام 1926 حيث كانت الحكومة الوطنية حديثة العهد .. وكذا الوضع في القوش ، فمن لم يكن قوياً ومسلحاً كانت تسلب حقوقه وتهان كرامته ويخسر ماله."
ويسرد المرحوم نوئيل المزيد عن احوال القوش في تلك السنين ويذكر ان شخصاً يدعى ممو كرتي ( هرمز هومو ) كان قد رحل الى الموصل لكسب المعيشة ولكن لما علم بظروف بلدته القوش الصعبة وما يحدث من اعتداءات وتجاوزات في ظروف لا تطاق ، لم تقبل نخوته وغيرته ان يترك بلدته في مهب الريح ولذا رجع الى بلدته وجمع حوله كل متحمس وشجاع وغيور وألف منهم قوة مسلحة تقوم بالعمليات اللازمة داخل القوش وخارجها. ومن هؤلاء الشجعان الذين اعتمد عليهم ممو كرتي كان ميخا زراكَا الذي يقول عنه ابنه صبري في كتابه الموسوم " ميخا زراكا من ابناء القوش " ان والده كان يمتهن مهنة استخراج وتقطير العرق الممنوعة وورد اسمه في مقتل مختار القوش صادق كَولا " حمندي " عام 1926 وهي حادثة عرضية وقعت في القوش وعلى اثرها اصبح والده مطلوباً للعدالة وبقي لفترة عاصياً على الحكومة ينتقل بين القرى القريبة من القوش وجبل القوش الأبي ويزور بيته بين الحين والاخر غير آبه بالمخاطر وفي هذا الصدد يقول صبري الأبن " فكانت حياته عبارة عن قصص وحوادث وملاحقات تنم عن الرجولة والشجاعة والمباغتة من اجل الدفاع عن نفسه وابعاد الخطر عنه كي لا يقع فريسة سهلة بيد الحكومة "
وفي عام 1931 هرب ميخا زراكَا الى سوريا وهناك بسب سمعته في الشجاعة استطاع ان يستقر ويشتغل تحت اسم انتحله لنفسه وهو سفر حنا . رجع ميخا بعد بضع سنين الى العراق اِثر وعدٍ من صديقه النائب الكردي في البرلمان العراقي عبد الله آغا الشرفاني ولكن الامور لن تسر على ما يرام ورجع ميخا ثانية الى سوريا عام 1937 ليصبح رئيس قرية سيمالكا القريبة من التقاء  الخابور و دجلة  وحين ذاك اضاف الى اسمه لقب " آغا " فاصبح سفر آغا بعد ان اثبت جدارته وأهليته لهذا اللقب عبر حوادث أظهر فيها الشجاعة والشهامة .
لم يكن ميخا زراكَا ممن يستطيعوا نسيان بلدته القوش وهكذا لم يرتح له بال حتى رجع لأخر مرة الى بلدته عام 1947 واستقبل من قبل الأقرباء والأصدقاء بأحتفال مهيب وبعد ايام من وصوله الى القوش طلب من وجهاء القرية ان يرافقوه لزيارة شيشا صادق كَولا من اجل الأعتذار له وتبرئة ساحته من التهمة المنسوبة اليه بمقتل أخيه صادق كَولا ( حمندي ) وكان شيشا رجلاً متدينا ولذا سامحه وبرئه من التهمة المسندة اليه، ثم ان النائب الكردي عبدالله آغا استطاع التوسط لأصدار عفو عن ميخا زراكَا من الحكومة الملكية.
بقي ميخا زراكَا في القوش والقرى القريبة يزاول الزراعة  ومن ثم انتقل الى بغداد حتى وافاه الأجل بعد مرض عضال ظل يصارعه لمدة خمس سنوات وكان ذلك عام 1965 ، عن عمر ناهز اثنتين وسبعين سنة.
هذه كانت قصة ميخا زراكَا التي لها مثيلات في كل قرانا الشمالية حيث كان يتحتم على البعض من الشجعان ان يشاكسوا الحكومة ويقوموا بأعمال وان كانت غير قانونية ولكن كانت في اغلب الأحيان في صالح القرية وذلك لأجل الوقوف بوجه الجيران من العرب والأكراد المسلمين ورجالات الشرطة الذين لولا ظهور مثل هؤلاء الشجعان لكانت قرانا لقمة سائغة  في افواه ضعاف النفوس للنهب والسلب والأعتداء. هكذا كان حال  قرانا المسيحية الذين ديانتهم تحتم عليهم للسكوت عن المظالم وعدم الرد بالمثل من الأعتداء والسرقات. وهذا أعرفه عن القوش وأستطيع ان اوكده عن مكَنيش وقرات مثيله عن قرية اسنخ وسمعت في صغري ان بغديدا كان لها هكذا شباب أشداء يزالون نشاطاتهم في الليالي المقمرة.  في تلك السنين كانت مثل هذه الأعمال وفي ظروف الحكومات الظالمة  تعتبر مقياساً للرجولة، كما ان الملاحظ في هذه الحالات فأن  أمثال هولاء " الأشقياء السورايي"  من ابناء القرى كانوا اكثر قرباً ومحط تقديرعند الأكراد حسب ما استطيع ان اوكده، وبلا شك عند العرب ولكن ليس لي الدليل. وكان ثمة صداقات تنشأ بين الطرفين مثلما حصل بين ميخا زراكَا بطل قصتنا هذه وعبدالله الشرفاني الكردي الشهم الذي لم ينسى المعروف الذي عمله معه ابن منطقته، ميخا زراكُا حين وقع الأول في مشكلة عويصة.

لنعود الى الأغنية ونكمل من حيث انتهينا وحين ضعنا لنعرف من هو المتكلم طلال ام نبيل ام ميخا ولا يهم هنا من هو المتكلم بقدر ما يهم ان الأغنية تحكي قصة السوق وأبطاله من اصدقاء ميخا زراكَا وهنا تزدحم كلمات الأغنية بأسماء يصعب تمييزها ان كانت اسماء علم ام مهن ام ماذا ومرة اخرى هذا لا يهم ما زال الراقصون منفعلون بجمالية الموسيقى حيث يزداد حماسهم باشتداد النفخ في الزرنا حتى يتعب وينهك الراقصون ويتراجع  او يسكت صوت الزرنا بموازاة صوت الدف المضروب باتقان من قبل روبرت يونان وصوت البَكَلاما ( الطنبور  الكهربائي ) وضاربه التركي مصطفى ليبسك اغلو بانامله السحرية. لا ادري ان كان القاري العزيز سابقاً قد تمتع نظره برؤية سنابل حقل الحنطة في عزّ اخضرارها وتهب عليها نسمة هواء تهتز له السنابل  بانسيابية ، هكذا يكون حال الخكَا يقورا هنا حين يهدأ ويخفت صوت الزرنا. انه عرس موسيقي يختلط فيه في القديم والحديث وتتنافس فيه المهارات التي تستمد فنها من تراث امة السورايي التي حضورها  الأجتماعي كان في شمال العراق و تركيا  اي في دشتا دنينوي وهكاري وطور عبدين. اعرف ان داني سافر الى تركيا ليحصل على مقاطع من عزف مصطفى على البَكَلاما بعد ان اسمع مصطفى النموذج المراد عزفه لأنه كان يريد ان يبقي على روحية اللحن الذي وضعه الملحنون السورايي وفي هذه الأغنية كان نبيل كَريش. استمع الأتراك الى اللحن وسجلوا نوطتها ثم عزفها مصطفى ليبسك اغلو، وكل ذلك التعب والأنفاق المالي لأجل ان تكون هذه الأغنية وأخواتها متكاملة وانا احسب اغنية " شوقا د ألقوش " هكذا لأني احسست بالموسيقى والخكَا الذي يرافقها ولذا وصفت الخكَا من الموسيقى المرافقة، كما اسلفت.
عن لسان ميخا زراكَا الملئ غبطة بعودته الى بلدته ووقفته بكامل اناقته في سوق القوش نسمعه يذكر اصدقائه في السوق من  اصحاب المقاهي والعطارين وبائعي القماش وأصحاب المهمن كالحياكة والدباغة والحدادة والنعالين " منعلاني" ذوي الخبرة في البيطرة والطب. ونبيل النبيه أخبرنا انه حتى المحكمة "بيث دينا" لم يخلُ منها سوق القوش وكانت دوماً مليئة بالمشتكين والمشتكين عليهم وكانت سلطة مَدنيّة اخرى الى جانب سلطة رجالات الدين من مسيحيين ومسلمين  حيث كان ايسف ( يوسف ) بولا بطبعه الهادي ودماثة اخلاقه يصدر قرارته العادلة التي ينصاع اليها الطرفين بأختلاف اديانهم. لا ادري كيف وردت هذه الخاطرة على بال صديقنا نبيل كَريش لانها حقاً فكرة في مكانها  وذات دلالة وجمالية فائقة اذ علمنا كم ان ميخا زراكَا كان في قرارة نفسه  كان يبحث عن هكذا حاكم ينهي مشكلته ليستقر بأمان في بلدته العزيزة القوش، فقد سئم الغربة والأغتراب.
نباهة اخرى من نبيل انه اورد على لسان ميخا زراكَا قوله " اتي شوهارا بخوراني دكَو شوقا / لي فخر بأصدقائي في السوق " وهذه المقولة اصبحت حقيقة نعرفها هذه الأيام ، اذ ان ابناء وأحفاد هؤلاء ذوي المهن البسيطة والوضيعة هم اليوم من ارفع المستويات في الحقل العلمي والأدبي والسياسي والفني  و..، فكم منهم أصبحوا أطباء ومهندسين ومحامين وفنانين ورجال اعمال ناجحين يشار اليهم بالبنان والألق.
ينتهي المطاف بشخص ميخا زراكَا عند حدادة  صديقه حنا كَدا وباله مازال قلقاً على مصيره لتختم هذه الأغنية بصوت طلال الشجي الذي يختارصوت الحنين من مقام البيات، وبحسرة ملموسة يغني مواله للمستقبل الآتي قائلاً -- الترجمة هنا ملزمة وان لن تكون طبق الأصل:
اعطيت خنجري للمسّان كي يمسّنه
ليوم الشِدّة
كذلك اليوم الذي هَزمتُ به عدوي شرَّهزيمة.

وهكذا انتهت ايضاً اغنية " شوقا د ألقوش " مع سعة افق وخيال الكاتب نبيل كَريش مما جعل هذه الأغنية ذا خصوصية عندي وأستمع اليها دوماً بلا كلل ولا ملل لما فيها من جمالية معبرة ولما تبعثه في روحي من شوق لأيام قريتي " منكَيش " وناسها البسطاء الطيبين وكم يؤلمني ان هذه القرية وكثير من القرى التي زرتها في حياتي تفرغ من سكانها الأصليين لأن ثمة شر مثل شر " داعش " ينمو في المنطقة وسيظل ينمو ما لم يقف له اهل هذه القرى بالمرصاد. بين ليلة وضحاها دخل شر داعش الى قرانا الوديعة في سهل نينوى وترك اهالينا المسالمين بيوتهم وكل ما يملكون وديعة لبرابرة القرن الواحد والعشرين كي يشبع هولاء ألأشرار في انفسهم غريزة النهب والسلب التي يسمونها " غنايم الغزوة" والتي تشمل النساء والصبية. ولكن لماذا حصل هذا وقد خَبِرنا التجارب المريرة ، اين نحن من نخوة ممو كرتي والكلام الذي اورده ميخا زراكَا في هذه الأغنية البديعة والذي خلاصته الحذرالحذرمن الشر. سمعناه يقول انه اعطى المسّان خنجره كي يمسّنه له حتى لا يصدأ وكي يكون جاهزاً وقت الحاجة، فألألقوشي كونه مسيحي لا ضمان له حتى في عقر داره.
وقفة اجلال  وتقديراود ان يشاركني فيها القراء الأعزاء الى نحو مئة من رجال القوش المخلصين الذين بقوا في القرية ايام الشدّة يحرسون القرية والشيوخ الذين لم يكن بمقدورهم مغادرة القرية وأكثر من ذلك يحرسون كنائس القرية وديرها التاريخي الذي صمد امام كل زحوف الأشرار.

تحية الى طلال ونبيل وداني وكل من ساهم في هذه الأغنية التراثية البديعة، والتي جاءت شمولية بكل معنى الكلمة فهي سماعية مع موال شجي في البداية والنهاية وراقصة خكا وديواني وهي تراثية بخصوصية القوش مثال بقية قرانا ، وهي تصلح لكل الأوقات والأزمان، لابل كلما عَتُقتْ زاد مذاقها  لذّةً مثل خمر من خمار دير ربن هرمز. كلماتها وان كانت صعبة التقليد من قبل المستمع لورود اسماء القوشية غريبة، لكن ردّتها سهلة وعذبة ويمكن تردديها بسهولة، وهنا فاتني ان اذكر الأسماء التي شاركت في غناء الردة بأمتياز،  وهم كل من داؤد برخو، داني شمعون، روبرت يونان، سامر السعيد، ديلان ميشو، و وسام اسكندر.

ارفق كلمات الأغنية  كما ارسلها لي  مشكوراً الأخ  نبيل كَريش، وقد حاولت تمييز اسماء الأشخاص بالخط الثخين، وهنا اود ان أذكر مرة اخرى ان الأسماء الواردة هي غريبة بعض الشيء لأنها اسماء الكُنية من اجل التمييز ففي القوش وبقية قرانا كل فرد كان يعرف جميع نفوس القرية لأن الأواصر كانت قوية فيما بينهم حيث يقول ميخا زراكَا " من دكانا لدكانا ناشي بخذا كَيانا/ من دكان الى دكان والناس كلهم بروحية واحدة " ولأجل التمييز جاءت هذه الكنى مثل زراكَا، سنكَولا، حُبنتا، كَدا وكل منها له معنى معين وحكاية خاصة. 

                                                                                                  حنا شمعون / شيكاغو
كَاخرتا كَو شوقا دألقوش
(كلمات نبيل كَريش)
 

كاخرتا كو شوقا دالقوش تاما صپيلي
بينث كيرد ناشيه بخذا قرنيثا كليلي
تكيوالي لكپالي وقلوني مطپيلي
آنين ميخا زراكا وكل ناشيه كيذيلي
كاخرتا كو شوقا تاما پثلي بالي
مسقلا بشالا وشپوك شالامي وگوپالي
مچيخاند متيكا ولپتي دگالي
دلكليثا ومنيختا زلوالي وثيوالي
بتريه بقاليه مشمهيه ببثلتد ألولا
او ياقو برد زرتا ولدپنح سنكولا
إيكت قملان تاما دريوالي خا شلاما
خرثا كبلي ريشي پسوتي تا قاما
......
مشونيلي كو شوقا مث بارا لو بارا
تا ميخا سكماني ودكاند عطارا
وايند خوري رويل حبنتا زقارا
طئينا گگلد إزلا كو إيني بصيارا
تفقوالي كو اورخي تا ياقو خياطا
وبگو توما قينايا مدكانح ببلاطا
ايكت قمليه قملان وتاما كليليه لدپنان
زورا دبي برزرو دريليه شلاما عمان
......
تاما بصدرد شوقا دكاند رزاقا
او كارائا مهيرا تا گيبح بيساقا
وبرقولح مرقانيه تيويليه بدياقا
إلياس بي مالوكا وجرجيس بي سولاقا
إتي خا شوهارا بخوراني دكو شوقا
ول تا ساوا گردي بو بارا رحوقا
مدكانا لدكانا ناشيه بخذا گيانا
ول بي حسقيه زلفا أسيا ومنئلانا
.....
بينث كول اث گيرا توالي خا بينا
تاما بئي دكانا دواوا بيثد دينا
لدپند او حكيما او كورا مر بينا
مشمها أيسف پولا دكم قابلي پشينا
لبيكا بتريه كرباسيه درقول خا بقالا
جبرايل رزوقي وعبو دبي غزالا
ختملي بينث كوورا حنا گدا خورا
قرداحا بگو شوقا شولح پرزلا ونورا
....
موال
يولي خنجاري دماشنيه مشانا
تا يومد عوقانا
يومد ددريلي بريشد دچمني شريه وطوپانا

61
في ذكرى يوم الشهيد الآشوري، ليلة ايقاد الشموع في شيكاغو
مع غروب شمس يوم 7 آب 2014 اقبل من كل حدب وصوب آشوريو شيكاغو بكثافة بالغة الى ساحة مكتبة سكوكي العامة لأحياء ذكرى شهداء الأمة في يومهم الأغر. ومع غياب ملامح كاتدرائية مار بطرس بصليبها الشامخ والمقابلة للساحة من الجهة الشمالية ثم أعتلاء القمر البدر والمنير الى كبد السماء الصافية من الجهة الجنوبية ، ابتدأت المراسيم  وأعتلت المنصة شابتين بعمر يقل عن العشرين ربيعاً وموشحتين بالسواد،احداهما حكت القصة : كانتا ترتشفان قهوة الصباح في يوم يقترب من ذكرى الشهداء واحداهما طرحت فكرة أداء واجب قومي وفاءاً لتضحيات الشهداء خاصة وما يجري من أحداث مروعة في نينوى حيث يُخير المسيحيون بين ألاسلمة والسيف، اما طوق النجاة فهي  مشياً في فترة اقل من 24 ساعة الى خارج حدود امارتهم السوداء. وتحقق هدف الشابتين بعد بذل كل الجهد لأيجاد المكان المناسب وألأتصال بمسؤولي الجمعيات ورجال الدين في مدينة شيكاغو من اجل اقامة صلاة خاصة على ضوء الشموع على ارواح شهداء الأمة.
توالت الكلمات وأولها كانت من قبل السيد شيبا مندو وفيها نوه عن مرورمائة عام على مذبحة سيفو/السيف ، مذبحة سميل، ثم في هذه الأيام المريرة اضطهاد  وتشريد مسيحيي سهل نينوى. ثم كانت كلمة ماركَريت خمو عن الجمعية الخيرية الآشورية ، كلمة السيد روبرت قليتا، قصيدة بالأنكليزية من قبل ايزابيل مايكل ( ابنة الشاعرة مارينا بنجمين )،  كلمة الأب كوركيس سليمان، كلمة موبينا لازار عضوة الحركة الديمقراطية الآشورية التي الهبت مشاعر الحضور حين اوردت مقاطع شعرية بالسورث والأنكليزية عن استشهاد كوكبة من اعضاء الحركة  في شباط عام 1985.
وقبل اقامة صلاة الموتى من قبل رجال الدين الأعزاء لهذه المناسبة تم ايقاد الشموع لتنافس في ضياءها القمر المنير. وخلال المناسبة هذه  تلت جوقة مؤلفة من مرنمات جميع كنائس مدينة شيكاغو وضواحيها أناشيد من طقس الكنيسة الشرقية، اما الحضور فكان منسجماً مع ما يجري على المنصة عبر التلويح بأياديهم المكتوب عليها حرف النون الأحمر رمز الدم والشهادة والأضطهاد الديني الذي يقترفه دواعش الظلام في العراق وسوريا.
الكلمة الأخيرة كانت صلاة للأب ليلاند جونسون من الكنيسة المعمذانية الذي قال انه يشرفه ان يصلي مع الحاضرين في هذه المناسبة سائلاً الرب ان ينهي مأساة اهل سهل نينوى ومتسائلاً لماذا لا يفعل مسؤولو الحكومة الأمريكية   شيئاً لأيقاف حمام الدم فوراً وكان بأمكانهم فعل ذلك قبل فوات الآوان. 
 انتهت هذه الفاعلية كما انتهت سابقتها التي اجريت في مقبرة " مونتروس " على ارواح الشهداء، وتفرق الحضور بعد ان ادى الجميع واجبهم القومي والأنساني والديني ولجلب انتباه المارين وسكنة المنطقة الى ما أصاب ويصيب الآشوريين  Assyrians بكل طوائفهم من اضطهاد عرقي وديني في موطنهم الأصلي. وكانت حقاً فعالية مؤثرة وناجحة وفريدة من نوعها اثبت ان هذه الأمة حية ولن تموت مازال مثل هذه المشاعر القومية تسري في عروق الشباب من ذكور واناث والذين كانوا حضورهم بارزا في هذه المناسبة مثلما كما كان حضورالعنصر النسوي، مربي الأجيال.
                                                                                    حنا شمعون / شيكاغو       

62
جمالية الغناء في الألبوم الأخيرللفنان طلال كريش


يسرني ان اكتب ثانية عن الألبوم الرابع للفنان طلال كَريش والذي كان تحت عنوان "تاريخ الحب" وسبق لي وان كتبت نبذة تعريفية عنه حين نزل الى الأسواق في الربيع الماضي. ومن تجربتي في البومات الغناء فان السماع الأول او بضع سماعات لا يمكن ان تعكس جمالية الألبوم ولذا فأن النقد العاجل ليس عدلاً وانصافاً بحق اي البوم يصدره فنانونا الأعزاء. استمعت الى اغاني البوم طلال بما فيه الكفاية وصارت عندي قناعة تامة اني استوعبت جماليته لدرجة ان مقاطع من موسيقى بعض الأغاني اصبحت احيانناً تتراقص كالطيف في مخيلتي من غير ترديد الكلمات او دندنة اللحن، وهذا ان دل على شيء فهو يدل على مدى تأثير موسيقى هذه الأغاني على مخيلة المستمع . احدى عشرة اغنية جاءت في هذا الألبوم كلها نالت درجة النجاح ولذا فان هذا الألبوم جعل صاحبه يرتقي الى صف اعلى في فن الغناء،  وفي المنظور المدرسي الي تعودنا عليه العراق فأن نتيجة طالب الفن طلال كَريش كانت ناجح اول مع وسام الشرف لأن الألبوم جاء متكاملاً في تقديم الأجمل من الأغنية العاطفية اوالسماعية او الراقصة اوالتراثية.
لندخل صلب الموضوع ونبدأ بأبداعات الفنان داود برخو في ومساهمته في هذا ألألبوم بكتابة خمس أغاني مع موسيقاها. الأولى والتي جاءت الأولى في هذا الألبوم حملت عنوان " ان ليتن خوبا " راقية بكلماتها  أذ يتودد الحبيب الى حبيبته بشكل غير مباشر ليجد في كبرياءها مدخلاً ليتفنن في وصف الحب المقدس الذي ورد في قصص المحبين. أداء طلال لهذه الأغنية جميل وأنسيابي ويشعرك ان يحكي قصته الحقيقية كأنه الكاتب والملحن لهذه الكلمات.
ألأغنية الثانية التي كتبها داود بالأشتراك مع سركَون ايشا والتي لابد من الوقوف على جمالية موسيقاها خاصة وأن القصة هي من اقتراح وتلحين الفنان داني شمعون الذي نظَّم موسيقى معظم هذا الألبوم. الأغنية جاءت بعنوان " كليتا قم ايني " والمقدمة الموسيقية لها تكاد تفصح عن قصة هذه الأغنية التي تحمل سراً في ثناياها ولا يمكن للمستمع ان يسبر اغواره الا بعد عدة سماعات. طلال هو الأخر الذي يعرف حكاية الأغنية جسَّد سردها عبر صوته العاطفي وكشف في نهاية الأغنية بطريقة دراماتيكية ان هذه التي يتغنى بها هي الأبنة الحلوة لأب حنون لا يراها دوماً لأنه انفصل عن والدتها. يُشَبه مؤلفو هذه القصة الواقعية الطفلة بعصفورة كانت في صغرها تحط على شجرة من نوع آخر، اغصانها ذراعيّ الأب المشتاق الى رؤية طفلته وحتى وان كانت مع تلك التي غَدرته وجعلت  بقية حياته حزينة.
" كَليا دتياري " أغنية تاريخية احسن أداءها بلهجة تيارية طلال كريش الألقوشي، وكم نحن في الفترة العصيبة التي يمر بها شعبنا المسيحي من قبل قوى الظلام ان نستمد من هذه الأغنية المعنى في الوحدة وعدم السكوت امام الظالم الذي لا يعرف سوى لغة القتل والنهب والسلب.  ألأغنية تذكر بجمالية لغوية انه في واقعة كَلي تيارى تَوزعَ بعض من شباب امتنا على بوابة الكَلي وأغلقو بوابتها امام العدو وهو يحاول الدخول عبر مضيق الكَلي /  قم دجمن دورّيّ دركَا /  وأوقعوا خسائر جسيمة بأفراده، وكان تعداد العدو أضعاف المقاتلين الآشوريين، وحتى المطربون الأكراد ومنهم على ما أعتقد كاويس آغا قد غنى اغنية " كَلي تياري" مشيداً ببسالة المقاتلين الآشوريين.
داود برخو ايضاً كتب اغنية " اديوم خلولا "  وهي تدخل ضمن نطاق " مورتا دكالو" التي تعودنا عليها في حفلات الزفاف المقامة في القاعات. كذلك فان آخر اغنية وهي الحادية عشرة من هذا الالبوم كتب كلماتها ولحنها داود على الطريقة الأسبانية اوما شابه، وقد غناها طلال  بأبداع وانا أعتبرها بمثابة  علاوة " بقشيش " من طلال لجمهوره المحب لهذا اللون من الموسيقى، فقد اعتاد المغنون انتاج عشرة أغاني في كل البوم لكن طلال اضاف واحدة بقشيش.

نبيل كَريش هوشقيق طلال وقد ساهم في ثلاث أغاني كتابةً وتلحيناً. مهما مدحتُ جهود نبيل في هذا المضمار فهي ليست بكاف على شاعر وموسيقار يجتهد في الكتابة بلغة السورث والموسيقى يعرفها بسلالمها، دشتها، بياتها وحجازها. نبيل مُحرم عليه سرقة الحان الآخرين والمجيء بما تشبه الآخرين غير مُحبذ عنده، ولذا فأنه يخترعها كمن يخترع آلة لم تكن من قبل اما فكرة الأختراع فمصدرها هو تراث السورث وخاصة تراث القوش، ام القرى. أغنيته " حليثا مخ دوشا " هي احلى من العسل كلماتها بسيطة سهلة الحفظ لأن كل من اسطرها يحوي على ست هجآت فقط ولذا فأنها سماعية وجماعية، وحين يجتمع أكثر من ثلاث أشخاص فأن بأستطاعتهم ترديد هذه الأغنية فيما بينهم، وعلى سبيل المثال ان كانوا في سفرة جماعية غايتهم الأُنسة والمرح.
الأغنية الثانية التي هي من تأليف نبيل كلماتاً ولحناً فهي " بغدد " ومن منا لا يعرف بغداد كما هي في العربية، عاصمة العراق ومدينة السلام في اول وصف لها بعد بِناءها قبل ما يقارب من 1300 سنة حين كانت السريانية هي السائدة فلا غرابة ان تسميتها الحقيقة هي " بغدد "، وتقول كلمات نبيل ان بغداد مدينة السلام تنتظرالسلام لنفسها... وكانت " بغدد " لقرون عديدة مقر بطريركية كنيسة المشرق وما يشرف بغداد ان في تلك القرون كانت كنيسة المشرق في اوج عزها. وفي العصر الحديث  وحسب تقديرنا سكن هذه المدينة ما يعادل ربع عدد نفوس اتباع كنيسة المشرق من كلدان وآثوريين وسريان. وددتُ التذكير بهذه النبذة التاريخية لأن الألبوم الذي نحن بصدده يحمل كلمة التاريخ في ثناياه.
نبيل كالبقية منا عاش في بغداد المدينة التاريخية وله ذكريات جميلة لا يمكن ان يطالها النسيان في هذه المدينة لجميلة بازقتها ومحلاتها القديمة اوأراد ان يشاركنا في ذكرياته عبرهذه الأغنية النادرة من حيث العدد والأبداع وطريقة الغناء، فأنه لأول مرة يشارك ثلاثة من مطربي العراق المشهورين ومن الأخوة العرب في غناء اغنية رائعة  ولكن ليس بلغتهم بل بلغتنا،وهولاء الشهامى هم كل من اسماعيل الفروجي، مهند محسن، وحسام الرسام، وقد أحسنوا الأداء وخاصة ان نبيل لحنها بمقام  البيات العراقي والمعروف كي يعيد الينا ذكريات " الجالغي البغدادي". وذكر نبيل في هذه الأغنية محلات بغداد المعروفة لدى الجميع وسكنها المسيحيون بأمان ووئام مع الأخوة المسلمين وكانوا موضع تقدير وأحترام لا  ينكره اي مسيحي عاش في هذه المدينة التي يقسمها دجلة الخير الى نصفين كرخ ورصافة، وكلاهما تسميتان سريانيتان. ومن هذه المحلات التي وردت في هذه الأغنية وبعضها سريانية الأشتقاق فهي عقد النصارى التي يعود زمنها الى عهد العباسيين حين بنيت بغداد وكذلك المربعة ، كمب سارة، البتاويين، الأمين، بغداد الجديدة، الكرادة، أرخيتا، والدورة التي فيها حي خاص يسمى حي الآثوريين بعد ان نزح اليها الآثوريون في الخمسينات من القرن الماضي. اما دور طلال في هذه الأغنية فهو الرابع الذي وضع اللمسات الأخيرة لأغنية سوف تدخل التاريخ من اوسع ابوابه.
الأغنية الأخيرة التي ساهم بها نبيل في هذا ألالبوم فهي "شوقا د ألقوش" جمالياتها تفوق من ان تذكر في بضعة أسطر ولذا فأني سأتركها الى مقال خاص بها. معلوماتي عن هذه الأغنية واسعة وقد أثارت جُل اهتمامي وتقييمها لا اريد حصره في هذا المقال الذي قد يطول أكثر من اللازم ان كتبت عن هذه الأغنية الخاصة عندي.

الأغنية السادسة في هذا الألبوم هي من تأليف وتلحين الفنان آشور بيث سركيس الذي هو في اعتقادي وأعتقاد الكثيرين ايقونة الأغنية العاطفية الآثورية. الكلمات راقية واللحن ساحر وعنوان الأغنية خير مُعَبِرعن محتواها ، اذ جاءت تحت مسمى " بديوتا من لبي " اي مداد من قلبي، والمداد هو حبر القلم الذي تقول  كلمات الأغنية ان الرسالة الأخيرة كتبها الحبيب  " بي زالا " اي بقلم القصب المعهود له كأول يراع دشن الكتابة على الورق، كتبها الحبيب وحين تقرأها الحبيبة يكون هو " بيزالا " اي راحل والرحيل او الفراق هو الأختبار القوي الذي بأجتيازه يبرهن المحبون صدق حبهما. الملاحظ هنا ان طلال استطاع بنباهته ان يميز لنا اثناء الغناء بين بي زالا و بيزالا.
اود ان اترجم البيت الثاني من هذه الأغنية النابضة كدقات القلب:
 ليحل عليَّ الجفاف ولتطمرني كومة الثلج وأ كثر من يمّ لتبتلع ذكرياتي... فأني قد قررت تكملة مساري في طريق الحب الذي لأجله اخترت بنت من امتي والتي اليها اشتياق قلبي.
الصورة الجمالية هنا هي في الشطر الأول من هذا البيت الرائع كما ورد بلغة السورث لأن الترجمة العربية تضيع بها بعض الجمالية ولكن باختصار ارجو ان يلاحظ القاري الكريم المصطلحات: الجفاف " بوران " ، كومةالثلج الهائلة " أشيتا " وأكثر من يمّ " لا خا وتري ياماثا " . كل هذه الكواررث لتحل على هذا المحب فهي ضئيلة امام قوة الحب الذي الأفصاح عنه هو بمداد القلب.
كل هذا لا قد لا يعني الكثير ان لم يكن طلال بصوته العاطفي قد بعث الروح في هذه الأغنية وجعل منها واحدة من افضل الأغنيات العاطفية التي غُنيت لحد الآن.

الأغنية التي اعتبرها تحوي اكثر جمالية  من ايّ  اغنية اخرى غنيت بلغة السورث هي " توتا " من كلمات الشاعر المعروف ولسن ليلو وألحان شيراك تاتوسيان. انا شخصياً اكتب كلمات الأغاني ولي كلمات لأجل ان تغنى كتبتها قبل أكثر من عشر سنين بهذا الأسلوب وكنت احسب نفسي عبرها اني اول من يوظف الكلمات التي تعطي عدة معاني بلفظ واحد. كلماتي تركيزها على كلمة واحدة بثلاث معاني كما في الأبوذية العراقية، لكني أعترف ان كلمات اغنية " توتا " هي ارقى بكثير من ابوذيتي، وحتى الأسطورة آشور بيث سركيس في الاغنية التي ذكرتها اعلاه جاء بكلمة " بيزالا " لتعطتي معنين وتلك كانت كل مقدرته وهو الفطحل في كتابة كلمات الأغاني. اما ولسن ليلو فقد كتب كلمات اغنية بشعر النثر وحوت اغنيته على ست مرادفات وهي: توتا / شاري / صخوا / كاوي / مخيلا / بَردا. كل هذه الكلمات استعملت بدقة متناهية بحيث ليس هناك اي شك في معناها المختلف. هذا ابداع لا مثيل له في اغنية السورث، اهنئ به الأخ ولسن ليلو لأنه وظّف قابليته الكتابية في كلمات اغنية لم يسبقه بها احد من قبل. الجمال هنا ان ولسن نسج من  كلماته لوحة  جميلة مرصوفة بزخارف مترادفة لا تمل العين من النظر اليها ، لكن لأني اتكلم هنا عن اغنية ولذا اقول لا تمل الأذن من سماعها خاصة بعد ان تعاون شيراك وطلال لتحويلها الى أغنية رائعة.
موسيقى هذه الأغنية هي الأخرى تستحق الوقوف عليها سواءاً في اللحن او التوليف (Arrangement) مع الدندنة الصوتية المرافقة لكل من ستيلا رزقو وشيراك تاتوسيان. تبدأ الأغنية بجو موسيقي عادي ترسم زخرفة الأطار بحيث تبدو الأغنية سماعية لا تلبث ان تتغير الموسيقى لتصبح حركية وسِباحة ( صخوا ) في عيون الفتاة الجميلة التي تتحول الى سماء صافية ( صخوا ) ومن ثم تتحول الموسيقى الى ايقعات قوية راقصة بما يشبه البيلاتي السريعة او كولبارا او دبكة ارمنية سريعة او سيمفونية غربية عنيفة... تتراجع الموسيقى كي تصبح عادية مرة اخرى حتى نسمع ان الفتاة قد غَمزت الفتى " اينا مخيلا " لتبعث الطاقة في جسد الفتى المتعب " مخيلا " فينطلق الفتى مرة اخرى سابحا في السماء الصافية " صخوا " لعيون محبوبته ولكن هذه المرة بأيقاع اقوى ومعزز بضربات الطبل القوية والزورنا الحماسية لتنتهي بشكل فجائي كما تنتهي مسابقة التزلج على الجليد في الأولمبياد الشتوي وتنال الفتاة وشريكها المدالية الذهبية بأستحقاق بعد التصفيق الحار من قبل جمهور المستمعين.
اقترح على منتج هذا الألبوم الفنان داني شمعون ذي المواهب المتعددة ان يُحول هذه الأغنية الى " فديو كليب " مع أخذ الأعتبار ملاحظاتي أعلاه.

اغنية لم اتتطرق اليها وهي " جولي دخومالا " من كلمات ادوني اوديشو و اوسي جو واللحن من ابداع داني شمعون. الأغنية جميلة راقصة تُسجل تراثنا الشعبي والزفاف في قرانا الشمالية.

بقي ان انوه انني مهما وصفت مهارة وابداع الفنان داني شمعون الذي وضع اللمسات الأخيرة لموسيقى هذا الألبوم فأني لن اعطيه حقه، لأنه ابداعه حقاً هو منقطع النظير، وطلال كَريش ونحن جميعاً من خلال استمتاعنا بهذا الألبوم مدينون لموهبة هذا الشاب لمثابر، لقد اختار الآلة المناسبة في المكان المناسب وقدم لنا موسيقى رائعة. وفي اغنية " توتا " لم يقدم لنا أغنية فقط بل سمفونية وهو قائدها. هكذا ايضاً اداء طلال كَريش الذي فاق كل المقاييس خاصة في الصوت الجميل والأنسجام العاطفي،  ولولا لفظُه السليم  والواضح  لما كان بأمكاني ان اجاري الكلمات كي اقيّمُها وهذا يعود جزء منه الى التوليف الموسيقي البديع للفنان داني شمعون بحيث ابقى على صوت طلال منفصلاً وصافياً.

طلال كَريش المطرب والفنان والواعي احسن الأختيارحين استشار ادباء ولغويين للأستفادة من خبراتهم كي ياتي البومه الرابع متكاملاً وهم كما جاء ذكرهم  في غلاف الأبوم كل من: الأستاذة فريدة آدم، مارينا بنجمين، الشماس خيري تومكا، ونبيل دمان.
طبعا هذا الألبوم لم ينتهي به المطاف من غير هفوات وقد لاحظت القليل منها في اللغة وسبك الكلمات وهو امر لا بد منه وهذه الهفوات لا تتعدى عدد اصابع اليد وذكرها هنا اراه غير لائق لأنها حقاً صغيرة امام جبروت هذا الالبوم، وكي اكون منصفاً فاني أذكر ما احسبه هفوة صغيرة كمثال للبقية، ففي اغنية " ان ليتن خوبا " ذكر طلال " خدوتا وخشا " وهي اصلاً " خادوتا/ فرح و خشا / حزن " وعلى ما اعتقد لضرورة الوزن لفظ  طلال خدوتا ( هجائين) من بدل  خادوتا ( ثلاث هجاءآت ).

بقي لي ان اسجل ملاحظة خارج اطار جمالية الغناء، وهي اني انشر مقالي هذا في وقت عصيب يمر به شعبنا المسيحي في العراق وسوريا وجل هؤلاء المسيحيون هم " سواريي " يفهومون غناء طلال ويتأثرون به لأنه بلغتهم السوادية. وقد يعاتبني البعض ان هذا الوقت غير ملائم وكان الأجدر بيّ الأنتظارعلى الأقل. انه زمن عصيب حقاً وعلى كل منا اداء الواجب لأن الهجمة شرسة ,اخوة لنا يعانون الأمرين في ترك بيوتهم والصراع في البقاء. ألأغنية هي الأخرى عليها ان تسجل المأساة ليكون للجميع احساس بما يعانيه المسيحيون في العراق وسوريا  وفي مثل هذا الزمن  نحن بحاجة الى ابطال يقارعون الظلم والأستبداد كما جاء في اغنية " كَليا دتياري ". مثل هولاء الأبطال يسجلهم التاريخ في انصع صفحاته ومن هولاء هم آغا بطرس وتوما توماس وميخا زراكا بطل قصة اغنية شوقا د ألقوش التي اجلتُ الحديث عنها. هولاء نكتب لهم اروع الكلمات لتصبح أغاني يغنيها طلال وأقرانه، وهكذا فان الأغنية ليست غرامية فقط  او لأجل الرقص بل هي انفعال يسجل مآسي شعبنا والبطولات كما تسجلها كتب التاريخ.

في الختام اقدم للقراء الأعزاء الرابطين التاليين، الاول لأغنية " توتا " كمثال لجمالية شاملة في الكلمات واللحن والتوليف الموسيقي ولأبداع الغنائي من قبل طلال كَريش. والرابط الثاني هولأغنية " كَليا د تياري " كي نتشبث بها في هذا الزمن العصيب مثمنين جهود فنانينا لأبقاء شعلة وجودنا المسيحي والقومي مستمرة.
http://uploads.ankawa.com/uploads/1406313589451.mp3

http://uploads.ankawa.com/uploads/1406313589472.mp3


                                                                    حنا شمعون / شيكاغو


 

64
مار لويس روفائيل ساكو
قصيدة بالسريانية مع شرح وتعقيب



منذ تسنم غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو قيادة دفة الكنيسة الكلدانية  وانا اتابع اعماله، نشطاته ،تصريحاته ، ومقابلاته ، وعليه كتبتُ هذه القصيدة المرفقة عن شخصه الوقور لمناسبة زيارته لمدينة شيكاغو وتمنيت لو اُعطيتْ لي الفرصة كي اُسمعها له لكن للأسف هذا لم يحدث. حضرة البطريرك مار لويس هو رجل ايمان مسيحي  فهو لذلك رجل محبة وسلام. كنت اريد ان يعرف غبطته ماذا يقول الناس عنه وخاصة انه في زيارة لا تتكرركثيراً لرعيته البعيدة ولا يعرف الكثير عنهم. الم يسأل  يسوع  له المجد تلاميذه مذا يقول الناس عنه، فلماذا نظن ان غبطة البطريرك لا يريد ان يسمع الأراء والقصائد عنه، ولقد عبر عن فرحته بالأستقبال والتقدير الذي أظهره ابناءه له . اقول حقاً انه من فرحته ومحبته لأبناء نسيّ كل تعبه خلال الأربعة ايام المرهقة جداً جداً التي منها سفرة ما لا يقل 15 ساعة بالطائرة، ومباشرة زيارة لتورنتو وثم مباشرة زيارة شيكاغو وأستغلال الفرصة لزيارة قداسة مار دنخا الرابع مع مباحثات كنسية ثم زيارة الكنيستين الكلدانتين في شيكاغو واقامة القداس ثم جاء مستعجلاً لحضور العشاء الذي كان يعوزه مزيد من التنسيق الذي يليق برتب المحتفى بهم والضيوف الكرام، وغبطته لم يتأثر بذلك بل كان فرحاً مثلما كان الحضور فرحين وهو يستمعون اليه وهو يشكرهم للحضور لأنهم جزء غالي من رعيته البالغة مليون ونصف، كما اعلن في كلمته القصيرة اثناء العشاء.
القصيدة المرفقة هي ثمرة تعب أصريتُ على تكملته كي اُظهر محبتي لكنيستي وفرحتي بزيارة رئيسها غبطة مار لويس روفائيل الأول ساكو الى مدينة شيكاغو، وفي الفقرات القادمة سوف اقف حسب ترتيب الأبيات قليلاً على كل بيت نظمته على الوزن الثماني ودليلي كان لحن " تودي لطاوا/ الشكر للصالح " من تأليف مارنرساي احدى ذهبيات تراثنا الكنسي ومن القرن الخامس الميلادي.
 
لقد سبق وأن قرأت وأستسشعرتُ تواضع غبطته، الذي رسالته هي ان يَخدم ولا يُخدم ؛ وذلك عبر خطابته ولقآته السابقة . هذا التواضع المسيحي الذي مكافأته هي الرفعة  والعلو هو الذي دعاني ان ابتدي قصيدتي لأن اقول بمجرد وصول رئيس كنيسة بابل للكلدان الى مدينة شيكاغو  انحنى له برج " سيرس تاور" وهو المعروف عنه انه كان الأعلى في العالم مدركاً الضعف امام مليك مدينة بابل صاحبة البرج الأقدم والأشهر في العالم ، ان في ذلك الرفعة التي يستحقها  المتواضعون ووديعو القلوب ومثَل ذلك هو سجود المجوس امام الرضيع في مغارة بيت لحم، الذي كا ن يبدوا وضيعاً ولكن ابهته كان تصل عنان السماء.
هكذا استقبل ابناء الكنيسة الكلدانية في شيكاغو بطريركهم المبجل بفرح عظيم لا يوصف ، وهذا وان دل على شئ فهو يدل على علاقة هؤلاء الأبناء بكنيستهم المشرقية وهي بلا شك علاقة قوية لأ تتأثر ببعد المسافة وحتى ان وجدت كنائس كاثوليكية قربهم فأنهم يصرون على الأنتماء والتسجيل كأعضاء في الكنائس الكلدانية وسماع القداس حسب الطقس الكلداني الرائع الذي هو اصلاً طقس الكنيسة الشرقية.
غبطته اُختيرَ ليكون بطريركا في اجتماع للأساقفة ألأحباء في روما وذلك في الأول من شباط عام 2013 ، في الجولة الثانية بعد جولة عاصفة بعثتت الأحباط في في نفوس المؤمنين عبر ما اوردته الأنباء عن عدم اتفاق ألأساقفة الكلدان الأجلاء  لاختيار رئيس لهم وفي هذه الجولة حلّ الروح القدس في عُلّية روما وتم اختيار اسقف كركوك ليكون البطريرك الجديد، وكما قال في مقابلة له بعد ذلك ان لم يكن متوقعاً اختياره حيث كان هناك من كانوا اقدم منه ولذا يم يكن حاضراً للحمل الثقيل الذي وقع على عاتقه لكن الروح القدس كان معه وقَبِلَ المهمة الصعبة الملقاة على عاتقه مقتفياً مقوله سيدهُ " ليست مشيئتي بل مشئتك ". وهكذا شمر البطريرك الجديد عن ساعديه وحقق في اقل من سنة ونصف ما لم يكن في الحسبان . نقل البطريكية الى بغداد وكسب سمعة طيبة لدى كافة الفرقاء السياسيين في العراق، عقد سنهادوس مع مطارنته الموقرين، ورسم اربعة اساقفة جدد، وفي اول حطة رِجل له في تورنتو الكندية ذابت مشكلة عويصة كادت الأنترنت ان تجعل منها معضلة لا تنتهي التعليقات عليها بغاية سلبية او ايجابية. ونال غبطته ثقة أبناء كنيسته وكثير من الصعاب تجاوزها كالمثابر الذي لا يخشى الصعاب فهو عارف أن الروح القدس يرافق كالظل المؤمن به.
ومنذ اليوم الأول لأستلامه مهام البطريركية رفع شعار الثالوث الأصلاحي الكنسي وهي أصالة، وحدة، وتجديد، وهذه لم تكن وليدة الساعة بل كانت شعارات قد درسها وأستوعبها هو وكهنة آخرين  وعبروا عنها مراراً في الدوريات الكنسية الصادرة في العراق ومنها مجلة الفكر المسيحي الشهيرة. ان هذه الشعارات هي خطة الطريق لأعادة مجد الكنيسة الشرقية التي فيها عمق المسيحية كما بشر بها الرسل الأوائل وعزز مسيرتها جهابذة السريان امثال مار افرام ومار نرساي ومار طيماثوس الكبير وغيرهم كثيرين.
اول هذه الشعارات هو الأصالة التي تتمثل بأصالة طقس كنيسة المشرق الذي تتداوله حا ليا كنائس المشرق بكافة تسمياتها الطائفية والقومية، الحفاظ على هذا الطقس كان من شروط انضمام مار يوحنا سولاقا الى كنيسة روما اذ طلب من بابا الفاتيكان ان لا يمس ولا يغير اي جزء منه. الحان طقسية مثل  لاخو مارن، تودي لطاوا، قوم شبير، مارن ايشوع ملكا سخيذا، كولن بذحلثا وايقارا، وغيرها كثيرة حقاً انها كنوز لا تقدر بثمن. لحنها وصياغتها ومحتواها هي اعجاز لغوي وايماني يجب الحفاظ على أصالته ولا بأس من ترجمة هذا الطقس الى اللغات العصرية كي نفهمه ونغرف من ينبوعه الروحي الصافي.
الشعار الثاني وهو الوحدة فانها مشيئة المسيح التي اوصانا بها في الكتاب المقدس، والحقيقة ان الكنائس الحالية وهي كنيسة بابل للكلدان وكنيسة المشرق الآشورية وثالثتهما الكنيسةالشرقية القديمة، وكما اوضح غبطته مرارا وتكراراً ان هذه الكنائس أصلها واحد والفرق بينهم هو شكلي وبشري اما الجوهر المتمثل ب "الطقسا " فهو واحد. وفي لقائه مع قداسة البطريرك مار دنخا الرابع فقد كان غبطته جريئاً لأن يستعرض مبدئياً مشروعه في ان نوحد كنيستنا اولاً ومن ثم الشعب يتوحد قومياً اوسياسياً وهذا مهم لكنه ليس من مهمات الكنيسة. في الحقيقة هذا هو التزام مبدئي لدى غبطته وقد اوضح ذلك في ديترويت اذ قال في اجتماع خاص نظمته مطرانية مار توما الرسول واذاعة صوت الكلدان اذ قال: " لا احد يستطيع تغيير هويتنا الكلدانية، لكننا لا نقبل ان يُطلب من عندنا كرجال دين ان نخرج ونقول بأننا كلدان كلدان كلدان...العمل القومي ليس عملنا بل عملكم كعلمانيين." برأي الشخصي ان مثل هذا الأصرار المبدئي يضع كنيستنا الكلدانية في المسار الصحيح لتكون حقاً كنيسة جامعة رسولية، نفتخر بمنجزاتها حين كانت موحدة وتبعث فينا الضعف حين انقسمت الى ثلاث بصيغ قومية وعشائرية.
الشعار الثالث وهو التجدد او التجديد فهو شعار منبثق من ان المسيحية هي نور العالم ومن يعيش في النور فأن بأستطاعته ان يكتشف الذي امامه ويسير نحوه ويتطور، هكذا تقدمت اوربا المسيحية.. اما من يعيش في الظلام فانه لا يتجرأ ان يتقدم الى الأمام ولذا يتشبث بالوراء لأنه اختبره وهذا هو حال الدول المتأخرة التي لم تتقبل المسيحية ونرى موطنيها يهجرونا هرباً من تخلفها. غبطته يعرف ان طقسنا رائع وفيه من الغنى الروحاني مالا يضاهيه من الموجود في روحانيات كنيسة روما ولذا فأن الابقاء على هذه الثروة الروحانية واجب كما هو الواجب على البقاء على الأيمان الذي ورثناه من الرسل فهو يجب ان لا يتغير مهما تغير الزمان. اما ماكان يُصليّه اباءنا في القرن الخامس مثلاً  وطلباتهم لدرء اوبئة لم تعد موجودة او لابعاد اسراب الجراد من الحقول فمثل هذه الأمور لم تعد موجودة اصلاً ولكن استجدت في الحياة العصرية ويلات اخرى منها الأرهاب والجشع والفوارق الطبقية فهذه تستحق منا صلوات جديدة، قد ندخلها في القداس او التسابيح. التجديد برأينا يجب ان يشمل مسائل غير ايمانية وغير رسولية استلمناها من كنيسة روما ولم تعد مجدية اوعصرية والكلام عنها او بحثها يحتاج الى شجاعة .نأمل من غبطته وسنهادوس الكنيسة الكلدانية بحثها وتمحيصها قبل ان تصبح عادات لا معنى لها.   
نعرف جيداً ويعرف غبطته ايضاً ان مهمته صعبة جداً كراعي لكنيسة قوامها مليون ونصف من البشر مشتتين في كافة انحاء العام. الهجرة والأرهاب وحالة انعدام الأمن في موطن الكنيسة الكلدانية كلها امور تزيد من صعوبة اتمام المهام البطريركية في العصر الحديث، هذا من غير ذكر تصنيفات التركة الثقيلة التي تسلمها غبطته من البطريرك السابق. انه مشوار صعب وغير مفروش بالورد كما تقول القصيدة. لكن لنكن واقعيين فأن كنسيتنا المشرقية قد اختبرتْ مثل هذه الصعوبات منذ تأسيسها في القرن الأول الميلادي وليس عبثاً ان يطلق عليها كنيسة المشرق كنيسة الشهداء. الرب هو راعي هذه الكنيسة ولذا فأنها استمرت لمدة الفين من السنين  وفي مثل هذه الظروف  الصعبة والا لما كان يكتب لها البقاء لولا ان الرب يرعاها وحتى مقرها تحول من بابل / ساليق قطيسفون الى بغداد الى القوش وقوجانس والموصل وثم بغداد كمحطات لفترات طويلة الأمد اضافة اخرى ومؤقتة في كرمليس ومراغا وديار بكر وأربيل وشيكاغو كلها بسب الأضطهادات والظروف الصعبة.
كل هذا وايماننا قوي بان كنيستنا الكلدانية هي باقية وصامدة، وما علينا نحن ابناءها الا ان نصلي لأجل ان يحفظ الرب غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ويقويه لتأدية مهامه وفي نفس الوقت نتذرع الى الرب لأن يوحد قلوبنا نحن المؤمنين كي نكون وحدة متماسكة للحفاظ على كنيستنا المقدسة، لا بل تقويتها لترجع كما كانت في اوج عظمتها قبل انقسامها.


الرابط الصوتي للقصيدة:

http://upload.ankawa.com//files/2/ankawa3/1937141503.MP3


                                                                                        حنا شمعون / شيكاغو
 
   


66
استقبال غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو في شيكاغو

يوم الخميس الماضي المصادف 12 حزيران 2014 تشرفت مدينة شيكاغو بأستقبال غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو ، وبوصول رئيس الكنيسة الكلدانية وعلى اثر ذلك ترنح راكعاً  برج "سيرس تاور" الذي حمل لفترة من الزمن شهرة الأعلى في العالم امام برج بابل العتيد، الأقدم والأشهر في العالم.
كانت المحطة الأولى لغبطة البطريرك المبجل والوفد المرافق له هو زيارة قداسة مار دنخا الرابع بطريرك كنيسة المشرق الآشورية في مقر اقامته ومن ثم زيارة كنيسة أفرام  الكلدانية حيث استقبل بحفاوة  من قبل راعي الكنيسة الأب الفاضل سنحاريب يوخنا واقام غبطته القداس الألهي في كنيستها ثم نزل الحاضرون الى " البيسمنت " حيث رحب السيد مارتن ميرزا احد اعضاء لجنة الكنيسة  بالزائر القادم كما قدمت فرقة الكنيسة لأناشيد الفرح بمناسبة قدوم غبطته الى كنيستهم.
وفي الساعة الخامسة والنصف عصراً تحول غبطته الى كنيسة مريم العذراء الكلدانية في ضواحي شيكاغو مع مرافقيه وهم كل من سيادة المطارنة : مار شليمون وردوني النائب البطريركي ،مار ابراهيم ابراهيم راعي ابرشية مار توما في الولايات المتحدة، مار جبرائيل كساب مطران استراليا، مار يوسف توما مطران كركوك والسليمانية، مار حبيب النوفلى مطران البصرة، وكذلك سكرتير البطريرك الأب سكفان متي وهناك استقبل الجميع بالحفاوة من من قبل حضرة الأب الراهب فواز كاكو ورعية الكنيسة وقدمت فرقة الكنيسة أناشيد الفرح لزيارته لكنيسة مريم العذراء ثم اقيم القداس الآلهي في هذه الكنيسة وحضر جمهور غفير  وبعد انتهاء القداس ووقف غبطته  مصافحاً الحضور فرداًفرداً.
ثم انتقل الجميع الى قاعة "كرستال بالاس"  التي كانت مزدانة بأحلى حلتها احتفاءاً برئيس الكنيسة الكلدانية في العالم أجمع ،وهناك كان التجمع لتناول طعام العشاء مع غبطته ومرافقيه كما كان مفرحاً ان اصحاب السعادة من اساقفة الكنيسة الشرقية الآشورية و هم كل من سيادة مار بولص بنيامين اسقف شيكاغو ومار اوا روئيل اسقف كاليفورنيا  كانو قد سبقوا غبطته الى القاعة وكذلك كان موجودا سيادة  مار كوركيس يونان الأسقف الذي رُسم مؤخراً في كنيسة المشرق القديمة. كما كان ضمن الحضور قساوسة من مختلف الكنائس المشرقية ومندوباً عن كردينال ابرشية شيكاغو الكاثوليكية.
بعد تقديم الضيوف من قبل الأب فواز كاكو راعي كنيسة مريم العذراء تم تقديم العشاء مع موسيقى كلاسيكية وكان ما يشبه الصمت يخيم على القاعة حتى كسر هذا الصمت سيادة المطران مار يوسف توما ببعض النكات التي ارسلت الجمهور في ضحك  وتصفيق وساد الحبور في الحضور .وفيما العشاء جاري على قدم وساق طلب الأب فواز من سيادة المطران مار ابراهيم ابراهيم المقبل على التقاعد ان يلقىي كلمة لتوديع رعيته في شيكاغو وكانت حقاً كلمة قيّمة حث َرعيته على الألتزام بالأيمان وتربية الأبناء وفق التعاليم المسيحية .
الجميع كان في شوق لسماع كلمة غبطة البطريرك الوقور حين صعد الى المنصة والأبتسامة  ترتسم على وجهه البشوش دوماً لأنه كان في لقاء شيق مع ابنائه وهو الأب الصالح اذي يعرف جيداً عددهم البالغ مليون ونصف وكما جاء في كلمته حين قصَّ على الحاضرين حادثة تبادله الحديث مع سيدة عراقية اثناء رحلته الطويلة الى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي حديثه المقتضب هذا شكر غبطته الجميع على الحفاوة التي استقبل بها وتمنى التوفيق لهم ، مؤكداً على ما جاء في كلمة مار ابراهيم حول الأيمان والألتزام بالأخلاق المسيحية العالية. كما تطرق الى زيارته صباح ذلك اليوم الى مقر قداسة مار دنخا والحديث الأخوي والصريح والجريء الذي جرى بين وفده المرافق مع قداسته وكل من مار بولص وما آوا. كما استغل الفرصة ليهنئ الأسقف مار كَوركَيس يونان من كنيسة المشرق القديمة لمناسبة رسامته والذي كان حاضرا في هذا العشاء.
وذكر ايضاً ان كنسيتنا كانت يوماً من الأيام كنيسة واحدة جامعة ورسولية وكانت تحت مسمى كنيسة المشرق وعليه فأن هذه الكنيسة يجب ان  لاتكون ثلاث كنائس وامله كبير ان ترجع هذه الكنيسة كما كانت سابقاً،  كنيسة واحدة كما هي ارادة ربنا يسوع وكما يطلب منا ايماننا المسيحي. وتمنى ايضاً ان يتوحد شعب هذه الكنيسة الذي هو من دم مشترك  تحت مسمى واحد كي يحافظ على حقوقه في ارضه المتواجد فيها. وذكر انه حين يُنظَر الينا من قبل الآخرين فلا احد يستطيع ان يميز من منا هو كلداني او آشوري.
وقد قوبلت هذه الكلمة المقتضبة من قبل الحاضرين بالتصفيق الحار بما لا يقل عن خمس مرات.
بعدها ومن غير اذن ولا انضباط توجه الكثير من الحاضرين الى غبطته يريدون التقاط الصور التذكارية معه وهو كأب حنون وذي قلب محب لجميع ابنائه لم يتوانى على تلبية مطلبهم رغم التعب الذي كان بادياً عليه .تغافل تعبه كي يسعد ابناءه في هذه المناسبة النادرة لىحين مغادرته القاعه متعباً ومرهقاً  من يوم طويل جداً جداّ، لكن فرحاً بكل تأكيد.

                                                    حنا شمعون / شيكاغو

 











































67
احتفاء ثقافي بهيج في شيكاغو بالشاعر نينوس نيراري

كانت حقاً امسية مميزة وتاريخية تلك التي التأم فيها شمل الجمهور الآشوري المُقدّر لجهود الشاعر نينوس نيراري في حقول الشعر القومي والعاطفي والغنائي، فقد امتلأت قاعة الجمعية القومية الآشورية في شيكاغو بالمعجبين والمثمنين للأنتاج الشعري الذي قدمه لنا الشاعر نينوس اندريوس يوسف على مدى اربعين عاما ومنذ اتخذ نينوس كنية نيراري ايمانناً وشغفاً وتعلقاً بتاريخ ومصير امته الآشورية.
لأضفاء شرعية البهجة في في مثل هذا الأحتفال صعد على المسرح المغنون الآشوريون على مدى فترة الفرحة الكبرى بالأحتفاء بالشاعر الكبير ، وكانت الفنانة اليزابت اوشانا اول الفنانين والفنانات حيث غنت اول اغنية قومية قُدمت في ارض الأغتراب  تحت اسم " قوياما / النهضة " وكان ذلك في مدينة شيكاغو الأمريكية عام 1980. وفي هذا الصدد اول اغنية الفها نينوس نيراري كانت عام 1974 في كركوك ، العراق وحملت اسم " بأثرا نوخرايا / في الموطن الغريب " ونظراً لظروف العراق الأمنية والقبضة الحديدة لحكومة البعث فقد سُربت الكلمات عن طريق المرحوم الفنان ايوان شمدناني الى اخيه اندريه شمديناني الذي كان اول من غناها في الغربة. وقد غني هذه الأغنية في الأمسية الفنان جورج جندو وابدع في اداءها. وثمة اغنية اخرى كتب كلماتها نينوس نيراري  في عام 1975 ولحنها زميله الفنان جان دشتو تحت اسم " بد آزن يمي / سوف اسافر يا اماه " وكان زمن الكتابة حين بدأت اول موجة لهجرة مسيحيّي العراق الى لبنان ومن ثم الى امريكا وكندا وأستراليا. هذه الأغنية العملاقة كانت من نصيب اوكَين بيث سامو الذي غناها مختلف عن الأصلي  وكذلك غناها الفنان  البرت اوسكار بلحن آخر خاص به وقد خُتِمَ الحفل بهذه الأغنية الجميلة وأداها كل من جورج جندو وسالم سيفو.
اما المطربون الآخرون الذين قدموا للحضور أغاني من تأليف الشاعر نينوس نيراري فكانوا كل من عوديشو عوديشو الذي غنى اغنية " بغديدا دمنتا / بغديدا الدامية " و لازار ملكو حيث غنى " رابا بود شوبرَخ/ الكثير عن جمالكِ " وسالم سيفو الذي غنى " ثيوالوخ بشيما / جئتَ نادماً "  وهي من الحان جان دشتو ايضاً اما بقية المطربين الذين غنوا أغاني من تأليف نيوس فكانوا فينوس، جان دشتو، و سومر لاوندو. الفنانة جوليانا جندو كان من المقرر ان تحضر الأحتفال لكن انشغالها في حفلة بمدينة سانت دياكَو حال دون حضورها لذا سجلت فديو كليب وعرض في الحفلة، فيه خاطبت نينوس وأعتذرت لعدم الحضور كما شكرته قائلة انها لن تنسى فضله لأنه كتب كل أغاني شريطها الأول وعبره دلفت باب الأحتراف والشهرة . ومما يذكر ان نينوس له اكثر من اربعين اغنية قد وضع كلماتها وقد تم غناءها من قبل مطربين مختلفين.
اما المتحدثون عن شعر نينوس ففي المجال القومي كان من نصيبي ( حنا شمعون ) حيث تطرقتُ الى خصوصية قصائد نينوس نيراري في المجال القومي والتي يمكن اختصارها بأنها قومية وصارخة ومخلصة  فيها نجد دوماً روحية الحماسة ، كما وصفها الأديب والناقد شاكر مجيد سيفو.وتطرقتُ ايضاً الى بعض القصائد الوجودية من شريط " بلباطا / الشرارة " الصادر عام 1982 كما تحدثتُ الى العلاقة الصميمية  بين نينوس والأعلامي الخطيب الآشوري ايوان كَيوركَيس الذي وافاه الأجل قبل سقوط نظام صدام حسين حيث زاد العبء على نينوس كي يملئ الفراغ الذي تركه المرحوم ايوان في مجال الأعلام. تحدثتُ الى القصائد الأخيرة لنينوس التي فيها الحس القومي والأنتماء الى ارض آشور وعن التضحية العظمى لشهداء الأمة حيث وقف على خطى الشهداء يوسف ، يوبرت، ويوخنا وهو يجول اروقة سجن ابو غريب السيء الصيت بعد سقوط النظام الدكتاتوري.كذلك اوردتُ انه لم ينسى في ان يبعث الأمل في ابناء امته عبر قصائده النهضوية. وفي الختام نوهتُ الى امر هام من ان ليس بأمكان اي شخص ان يقدم ما قدمه نينوس في الأربعين سنة الماضية لولا وجود امرأة وزوجة مخلصة كتلك التي كانت جالسة الى جنب المحتفى به ، الا وهي السيدة ايفلين زوجة الشاعر نينوس نيراري.
كذلك تحدث الشاعر القومي بيير شمعون عن الدور الأعلامي  للشاعر نينوس نيراري وتأثيراته على المسيرة القوميه للشعب الكلداني السرياني الآشوري وفي ذلك تكلم نينوس لغة سليمة خالية من الشوائب والكلمات الدخيلة. كما تحدث الكاتب نمرود سليمان عن الكتابات النثرية لنينوس والمعروفة ب " النيراريات " وأبدى اعجابه بها كونها صرخة اعلامية في عصر الأنترنيت تجلب الأنتباه بطريق معاصرة الى القضية الآشورية .
الشاعرة مارينا بنجمين تحدثت في كلمتها عن نينوس عبر اشعلره العاطفية فقالت انه شاعر آشوري نفتخر به مثلما تفتخر سوريا ب نزار قباني، وانكلترا ب شكسبير ولبنان ب خليل جبران، وايران ب جلال الدين الرومي.. وتحدثت عنه كشاعر عظيم شجعها في كتابة الشعر عن المرأة الآشورية ، وهو دوماً قدوتها و معلمها حين احتياجها الى نصيحة او  التأكد من صحة كلمة فهو المرشد اللغوي الذي تسترشد به دوماَ. وهي ايضاً في خاتمة كلمتها أشادت بقرينة نينوس السيدة الفاضلة ايفلين وشكرتها لأنها تسهل الأمر لزوجها ليكون الرائد في المجال الشعري.
الدكتور دانيال ممو هو الآخر تقدم الى المنبر وتحدث اصالة عن نفسه ونيابة عن اخيه الأديب ميخائيل ممو الساكن في السويد وأعرب عن تثمينه للدور الريادي للشاعر نينوس نيراري في مجال الشعر وذكر عن ميخائيل حين كان مسؤولاً في تحرير مجلة " موردنا آثورايا / المثقف الآثوري "  وحينها بعثَ نينوس بقصيدة " اهرب منكِ " للنشر واستحقت النشر بجدارة. كما ان الدكتور دانيال ذكر ان نينوس هو قاموسه اللغوي ويسأله دوماً عن الكلمات الصعبة وخاصة تلك التي في حقل الطب والعلوم حيث هو اختصاص الدكتور دانيال ممو.
شارك في تقديم فقرات هذه الأمسية كل من وايليت خمو وسمير يونان وقد اجادا التقديم وفي قراءة البرقيات والتهاني التي وردت من كافة انحاء العالم حيث يعيش شعبنا الآشوري مهنئين نينوس بهذه المناسبة التاريخية. كما القى السيد عمانوئيل ايشو كلمة اللجنة الثقافية في الجمعية القومية الآشورية ,اشاد فيها بالدور الثقافي والبارز للشاعر نينوس نيراري في مسيرة الجمعية القومية الآشورية اذ نظمت هذه الجمعية المناسبات الشعرية وخاصة في عيد الحب من كل عام  وكان عبئِها دوماً يقع على الشاعر نينوس نيراري كما كان من المبادرين لتدريس اللغة الآشورية الحديثة في الجمعية في اوائل الثمنينات من القرن الماضي.
وقبل الختام كان قص الكيك لمناسبة عيد ميلاد نينوس الذي يصادف في الثامن والعشرين من شهر أيار وقدم السيد وليم بادل هدية بأسم الجمعية القومية الآشورية للشاعر الكبير نينوس نيراري تثميناً لخدماته الثقافية الجليلة لأمته الآشورية، كما اهدى العديد من المعجيبن هدايا تقديرية بهذه المناسبة السعيدة.
آخر الكلام كان للشاعر نينوس نيراري حيث شكر الحضور والمتحدثين والمغنين وشكر ايضاً اللجنة الثقافية في الجمعية القومية الآشورية  لتشجيعها الشعر والشعراء والفنانين عبر برامجها الثقافية. وعزا نينوس اهتمامه القومي وكتابة الشعر الى تنشئته البيتيه وكذلك الى الثقافة القومية الخاصة وتعلم لغة الأم في المدرسة الآثورية بمدينة كركوك، وقد لفت انتباه الحضور الى ان معلمته في كركوك هي حاضرة في الأمسية وشكرها جزيلاً لحضورها ودورها في تثقيفه كما شكر والدته السيدة أسيت ساوا غريبو التي كانت جالسة الى جانب السيدة يوليا على حسن تربيتها وبث الروح القومية في ذهنه.
وفي الختام وفيما تبقى من الوقت شُغل بالخكا والرقص الشعبي والتقاط الصور التذكارية لتكون اللمسات الآخيرة لحفلة رائعة استحقها نينوس نيراري وفاءاً لخدماته الجليلة في الأربعين سنة الماضية في حقل الشعر والأعلام.




















































68
الألبوم الثاني للشاعرة مارينا بنجمين يُمطر عُشقاً

أصدرت الشاعرة المبدعة مارينا بنجمين مؤخراً البومها الثاني ويحمل عنوان " مطرا /  المطر " ويحوي على تسع قصائد كلها تمطر العشق من سماء مشاعرها الجياشة. مارينا التي عودتناعلى هكذا ابداع خصت هذا الألبوم ان يحوي قصائد الحب فقط تلبية لطلبات المعجبين بقصائدها ورأت في ذلك فكرة حسنة من اجل السماع الرومانسي كمجوعة مترابطة.
كل قصيدة هي بمثابة أغنية لها لحنها الموسيقي الخاص، واللحن معزوف بمبدعين موسيقيين ومشهورين وهم كل من آشور بندليروس، ديفيد ايسابي، وتكَلات ايسابي. كما ان التوليف الموسيقي قام به ايدي خوري وتكَلات ايسابي وتم انتاج الألبوم في ستوديو تيمات للأنتاج الموسيقي.
كما ان غلاف الألبوم والتصوير الفني له يضع اللمسات الأخيرة لتحفة فنية تستحق النسخة الأصلية منها الأقتناء والأحتفاظ بها ، فقد بُذِلتْ جهود جمة في اخراج هذه الدرّة النفيسة.
نهدي للقراء الأعزاء القصيدة السادسة من هذا الألبوم والتي يمكن ان يكون عنوانها " سارا / القمر " حيث ندري ان مارينا بخيالها الواسع لا تحبذ فكرة التحديد والقيود. كما نضع صور الألبوم المعبرة عن القليل جداً من محتوى قصائدهذه التحفة الفنية النادرة.
http://upload.ankawa.com//files/2/ankawa2/1896777716.mp3
                                                                       حنا شمعون / شيكاغو
                                           




69
حفلة تكريمية في شيكاغو على شرف الشاعر نينوس نيراري

تقيم اللجنة الثقافية في الجمعية الآشورية الامريكية حفل تكريمي على  شرف الشاعر نينوس نيراري وذلك ضمن نشا طها السنوي في حقل الفعاليات  الثقافية . يشارك في الحفل نخبة من الفنانين الآشورين الذين غنوا من قصائد الشاعر الكبير ، كما يتظمن الحفل كلمات لكتاب وشعراء عرفوا  نينوس وتأثروا  بأشعاره. هذه المناسبة تؤشر مرور أربعون سنة لبدء نشاطه الأدبي المتظمن تأليفه بلغة الأم لكتاب "آغا بطرس، سنحاريب القرن العشرين" . وقد برز الشاعر نينوس نيراري اضافة الى اشعاره القومية والعاطفية كاعلامي  مؤثر في حقليّ الأذاعة والتلفزيون ولا  يزال يقدم خدمات جليلة في هذا الصدد.
يقام الحفل مساء الأحد المصادف 25/ 5/ 2014 وذلك على قاعة الجمعية لآشورية الثقافية الواقع على 1618 W. Devonفي مدينة شيكاغو.
  


70
الأحتفاء بيوم اللغة الآشورية في شيكاغو

في حفل بهيج احتفل مُحبو اللغة  في شيكاغو، يوم الجمعة المصادف 25/ 24/ 2014 على قاعة المركز القومي الآشوري بيوم اللغة الآشورية. في البداية افتتح الحفل بالنشيد الوطني الأمريكي ثم الآشوري وبعد ذلك وقفة دقيقة صمت لأرواح الشهداء ألاشوريين. ثم القى السيد شيبا مندو كلمة "متوا" اعرب فيها عن استعداد  " متوا " لتلبية كل بادرة تصب في خدمة اللغة الآشورية،  وشكر جهود جامعة شيكاغو التي اصدرت قاموساً من واحد وعشرين مجلداً في شرح كلمات اللغة الآشورية القديمة واكراماً لجهودهم هذه يقام هذا الحفل في تاريخ 21 من نيسان. وذكر ايضاً ان عدد طلاب يوم السبت لتعلم لغتنا القومية هو 268 طالب وطالبة، الذين تقوم الأستاذة جوان يوسف ريحانة في الأشراف على تعليمهم لغة الأم.
توالت فقرات هذا الحفل ومنها كانت أغاني قومية من قبل الفنانين ليدا لاوندو، سركَون يوخنا، عوديشو عوديشو وأخيه توي عوديشو، وقد عبروا عن حبهم الكبير للغة التي يغنون بها ويشرفهم الحضور في هذا اليوم المبارك لأداء خدمة بسيطة وملزمة عليهم. كذلك القى الشعراء يونان هومه ويوخنا هنارو قصائد  حماسية بهذه المناسبة الغالية أكدوا فيها ان لغتنا الآشورية هي رمز هويتنا ووجودنا.  ومن المؤسف جداً ان شاعرنا الكبير بيير شمعون جاء دوره ليلقي قصيدته ولكن بعد ترحيبه بالقائمين على هذاالعمل الجبار انهارت فجأة قواه ولم يستطيع الوقوف على قدميه مما استدعى نقله بالأسعاف الى المستشفى وصلوات الحضور ترافقه ليقوم بالسلامة.
 ثم تلى عريف الحفل آشور خوبيار برقيات عديدة ورت من  مؤسسات لغوية او من أشخاص مهتمين بهذه اللغة . البرقيات هذه كانت من عدة مدن امريكية ودول تسكن فيها الجاليات الآشورية منها كندا وارمينيا والسويد ، باركت فيها هذه المناسبة السعيدة.

كما ارتقى الى المنبر الأديب يوارش هيدو متحدثاً عن عظمة اللغة الآشورية منذ ان ظهرت كلغة كتابية بالخط المسماري الأكدي في زمن الامبراطورية الآشورية في كل من نينوى وبابل لتعبر عن الأدب والفن وكافة مستلزمات الحياة ومن ثم  لتتطور في عهد المسيحية وتصبح لغة تدرس في مدارس ( جامعات ) اورهي ونصيبين وجندي سابور وغيرها كثيرة. كما انه تطرق الى غنى وسعة هذه اللغة التي بأمكانها دوماً تزويد اللغة المحكية ( السواداية ) بالمصطلحات التي تتطلبها الحياة العصرية. وفي خضم حديثه تتطرق الى تسميات اللغة الآشورية التي منها " السورث" والسريانية  التي تعني بشكل من الآشكال الآشورية. كما  ذكر ان هناك تسمية اخرى لا ينكرها ولكن لا يستسيغها شخصياً وهي التسمية الآرامية حيث برأيه الشخصي لا وجود لهم حالياً كقومية معاصرة، اما ألآشوريون فهم متواجدون كقومية ومن البديهي ان تسمي لغتهم حسب تسميتهم القومية.
ثم ارتقى الى المنبر رابي هومر آشوريان الخبير باللغة الآشورية وتاريخها ، ولكن للأسف لم يكن له الوقت اللازم ليتحث باسهاب حسب ماجاء في مقدمة حديثه، وهو الآخر امتدح القائمين بهذا المناسبة القومية والثقافية. آشوريان ذكر من المؤسف ان يقال عن لغتنا الحالية التي نتكلم بها انها حديثة  في الوقت الذي هي قديمة قدم الأكديين والبابلين ومن ثم الآشوريون الذين احتفظوا به لهذا اليوم .وتطرق آشوريان الى دور الأرساليات التبشيرية في تطوير اللغة المحكية لتصبح الواسطة للأقتراب الى الرب وذلك عبر كتابتها وطبع الكتب بها. وعبر عن ثقته بان هذه اللغة سوف تتقوى وتتطور لأن المسيح له المجد نطق بها، ولهذا السب لا يمكن ان تصبح لغة منسية او جامدة. وفي الختام تمنى النجاح والموفقية لهذا المشروع الكبير في الأحتفال كل 21 من نيسان بهذا الحدث القومي كما انه عبر عن رغبة الأتحاد الآشوري العالمي الذي يعمل آشوريان تحت مظلته في التعاون مع المجلس القومي الآشوري لأحياء هذه المناسبة سويةً في الأعوام القادمة.

ويجب هنا ايضاً ان نذكر ان مجموعة من الأطفال الدارسين في مدرسة اللغة " مدرشتا دلشانا " ليوم السبت في ال "متوا" قدموا فعالية تحدثوا بلغة الشعر او النثر عن همومهم وحبهم للغتهم الجميلة، وكان المشرف على هذا العمل احد مدرسيهم وهو الأستاذ نينوس يلدا الذي قرأ في نهاية هذا الحفل قصيدة من تأليف الأستاذ ميخائيل ممو احد الذين عملوا بنشاط وهمّة لأقرار هذا التاريخ، الواحد والعشرين من نيسان، يوم اللغة الآشورية.

                                                                                              حنا شمعون / شيكاغو

























71
البوم طلال كَريش الجديد تحفة تاريخية




نزل الى الأسواق الأصدار  الجديد للفنان طلال كَريش ومثل تحفة تاريخية هكذا جاء  عنوانه " تاريخ الحب " والحب عند طلال هو بغداد العاصمة، القوش العزيزة وكَلي تياري ومعركتها التاريخية، اضافة الى الحب الذي يسطره قلم ويكتب لحنه الأسطورة آشور بيث سركيس. اغنية  آشور في هذا الألبوم  " بديوتا من لبي/ مدد من قلبي " من لا يريد ان يسمعها بصوت المبدع طلال كَريش الذي يسيرعلى خطى الأسطورة ولكن بوقع مختلف في تقديم  الأفضل من الأغاني كي لا تضيع هذه الأغاني مع الزمن الماضي بل تبقى تحف أزلية يحفظها لتاريخ للأجيال القادمة.
يحوي الألبوم الجديد على احدى عشرة اغنية شارك في كتابة كلماتها كل من داؤد برخو، نبيل كَريش ، ولسن ليلو، سركَون ايشا، اوسي جو، وأدوني عوديشو بالأضافة الى آشور بيت سركيس، ويأتي هذا التسجيل بعد النجاح الساحق الذي حققه الألبوم الثالث الصادر 2008 ، وكان الأنتظار طويلاً لجمهور طلال حتى اطل علينا الأصدار الرابع مع اطلالة الربيع وعيد الفصح المجيد.‘ بعد ان مرّ بمراحل الأنتاج العسيرة في كل من تورنتو، ديترويت وأستنبول.
ولعل ابرز ما هذا التسجيل هو سماع الفنانين العراقيين اسماعيل الفروَجِي، مهند محسن وحسام الرسام يؤدون مع طلال كَريش اغنية     " بغدد " حيث غنى كل منهم بيتاً من هذه الأغنية بلغة السورث وابلوا بلاءاً حسناً في دقة لفظ الكلمات وألأداء الحسن في اللحن السرياني. وهذه اول تجربة لمثل هذا التعاون للتعريف بمدينة بغداد عاصمة السلام التي تنتظر السلام كما فَصحَت عن ذلك كلمات الأغنية المكتوبة والملحنة من قبل ألفنان نبيل كَريش، وهو شقيق طلال. وليس فقط هذه الأغنية الرائعة هي من كلمات ولحن نبيل بل هناك أخرى وهي بمثابة استمرارية لأغنية " دركَا دخاني / بوابة الخان " من التسجيل السابق ، لكن الشخوص والمهن مختلفة وهكذا ايضاً اللحن الألقوشي كما ان ألأغنية هذه المرة جاءت على لسان ميخا زراكَا احد ابطال القوش من اوائل القرن الفائت.
اسم تردد في كل اغنية من هذا الأبداع هو اسم الفنان الموهوب داني شمعون الذي قام بتؤليف كل اغنية فهو الذي يمزج الموسيقى المعزوفة بآلات مختلفة لتكون الدعامة التي يستند عليه الأداء الخام للمغني فهو في الأغنية بمثابة المخرج في فلم السينما، وطلال، نجم هذا الألبوم في قرارة نفسه هو بلا شك ممتنٍ لهذا المبدع الذي أظهر نجومية طلال كَريش الذي يعزّ كل جمهوره فرداً فرداً ومنهم المرحوم ريجون يوخنا من تورنتو الذي  كان  يستفسر من طلال متى ينجزالألبوم  لكن الأجل وافاه قبل ان يظهر هذا الألبوم، الا ان طلال الشفاف القلب اسمعه اغنية بغداد حينذاك وكما يذكر طلال على الغلاف: اعرف جيداً انها لمست شغاف قلبه ، ما كنت اتصور ان الألبوم سوف ينجز يوماً من الأيام ويستمع اليه هذا المعجب من مسكنه في الملكوت السماوي.
في الحقيقة لي الكثير ان اكتبه عن هذا الألبوم البديع  وفاءاً لروعته ووفاءاً لهذا الفنان الرائع الذي لا يعرف الغرور رغم كل شهرته الواسعة التي يستحقها بجدارة، ولأن هذه مجرد مقدمة تعريفية عن هذا الألبوم فسأكتفِ بهذا القدر مع هدية صغيرة للقراء الأعزاء وهي  " كولاج / تجميع " لبعض من أغاني الألبوم لأني اعرف ان الجميع هم على احر من الجمر لسماع كل أغانيه.، وأعد القراء الأعزاء ان اكتب مفسراً ومعقباً وناقداً على هذا التسجيل الفني في القريب العاجل.  
 http://upload.ankawa.com//files/2/ankawa1/Talal%20Graish%20S.mp3

                                                       حنا شمعون / شيكاغو




   

72
أكيتو شيكاغو هذا العام كان اكثر سخونة وحيوية

خرجت الألاف من ابناء جاليتنا العزيزة في شيكاغو لمشاهدة مسيرة  أعياد نيسان (اكيتو) التي استعرُض فيها مواكب خاصة بالمنظمات القومية والأعمال التجارية في مدينة شيكاغو وتقدم المسيرة موكب الآشوريين في سلك شرطة شيكاغو ثم اعقبه موكب رجال الدين الأفاضل وممثلي الأحزاب والمنظمات القومية. وسارت المسيرة لما يقارب الميلين على شارعWestern  المشهور وذلك في الجزء المسمى على شرف الملك سركَون الثاني.
حين وصول آخر موكب وهويمثل الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) قبالة منصة المسوؤلين، القى السيد وليم يومارن رئيس اتحاد المنظمات الآشورية " الفدريشن" كلمة هنأ فيها الجمهور لمناسبة السنة البابلية الآشورية الجديدة وشكرهم  لحضورهم ومشاركتهم في هذا المهرجان السنوي الذي اعتادت الجالية الآشورية على اقامته كل سنة منذ عام 1992. كذلك القى نيافة الأسقف بولص بنيامين من كنيسة المشرق الآشورية كلمة مقتضبة هنأ فيها الحاضرين لهذه المناسبة السعيدة.
ومن الملاحظ هذه السنة مشاركة النساء بكثافة وهم يلوحون بالأعلام الآشورية واعلام زوعا، وايضاً ملأت الأناشيد الوطنية من مكبرات الصوت الجو بهجة وحماساً وفخراً في قلوب كل المشاركين في هذا الأحتفال القومي.
كذلك هذه السنة المهرجان كان اكثر حضوراً من افراد المشاهدين والمستعرضين وكان الجو ملائماً نسبياً. وبعد انتهاء الأحتفال رقص بعض المشاركين على انغام " الدولا والزرنة" في البارك المجاور حيث كان بعض من الحاضرين قد ارتدوا الأزياء الأحتفالية الزاهية " جولي دخومالا ".
وكل اكيتو والأمة الآشورية بألف خير.
 



































73
أضواء على محاضرة اللغوي روبين بيث شموئيل ، في شيكاغو

محاضرة لغوية قيّمة جداً ألقاها الاستاذ روبين بيث شموئيل وذلك على قاعة " شوتابوتا اومتانيتا اتوريتا" يوم الأحد المصادف 16/3/2014 وضمن فعاليات اللجنة الثقافية التي عودتنا مشكورة على مثل هذه المحاضرات الثقافية التي يحضرها دوماً جمهور النخبة المُحب لتراثه القومي.
 
المحاضرة كانت بعنوان "لغتنا الكتابية الجديدة" التي ابتدئها المحاضرالمحترم بنبذة تاريخية عن لغتنا المحكية المعروفة ذاكراً أنها ثاني اقدم لغة التي مازالت محكية  في العالم بعد اللغة الصينية. ثم قارن بين اللغتين المعروفتين ب " لشانا سوريايا" و " لشانا اتورايا" قائلا أنهما متشابهتان، مترادفتان، متساويتان في الأصالة والدلالة. ثم تطرق بأسهاب الى اللغة المسماة  " سورث " المحكية بين عامة الشعب الآشوري والتي هي معتبرة كما أسلفنا ثاني اقدم لغة محكية في العالم ، هذه اللغة التي نسميها احيانا بلغتنا الحديثة لكن في بعض مفرداتها اقدم من لشانا سوريايا ، اللغة الأدبية والتي هي لغة كتابية نستعملها في الطقس الكنسي وغالبيتنا المطلقة لا نفهمها.
الاستاذ بيت شموئيل  ذكر لابد ان يكون "لشانا سوريا يا"  اعلى شأناً من ال "سورث" لان الأول منذ البدء كان كتابي ومستعمل في الكنيسة وهكذا كان الامر مع لغة القران والتي هي أصلا لغة قريش أخذت أهمية وانتشار اكثر من اللغات واللهجمت المحكية في كافة البلدان العربية. لكن مع بداية القرن السابع عشر بدأ بعض الرواد بكتابة لغة السورث بأبجدية لشانا سوريايا [ اللغة السريانية ، حسب ترجمة كاتب هذا المقال]، واول نص كتابي بلغة السورث وصلنا هو من تأليف مار خنان ايشوع  مطرابوليط شمزدينان وذلك في عام 1591 وذكر المحاضر ان في حوزته نسخة من هذه القصيدة المكتوبة بلغة السورث. ثم توالت الكتابة في اللغة المحكية بما يسمى " دوركثا " اي القصة المحكية وفي هذا الصدد الوثائق تحفظ لنا كتابات هرمز القوشايا ( 1608 ) و اسرائيل القوشايا ( 1611 ) وهما طبعاً من القوش وكذلك يوسب جمال الدين (1662) من بلدة تلكيف.
ولكن الزخم الكتابي بلغة السورث لم يحدث الى حين مجئ المبشرين الغربيين في القرن التاسع عشر حين رأوا ان عامة مسيحيي كنيسة المشرق في اورمي وهكاري لا يدركون كاملاً معنى صلواتهم المكتوبة والمرنمة ب لشانا سوريايا [ اللغة السريانية] وهكذا أنشأوا المدارس التي درست فيها السورث المحكية كما جلبوا المطابع لطبع الكتب ومنذ ذلك الحين اصبحت اللغة المحكية لغة كتابية وحتى يومنا هذا.
الأستاذ بيت شموئيل لخص اللغة الأدبية لشعبنا الآشوري قائلاً انها ظهرت بأربع أصناف وهي تاريخياً هكذا:
- آشوري أكدي والمثال ملحمة كلكامش.
- ارامي بابلي والمثال كتابات أحيقار الحكيم
- سوريايا [ سرياني] والأمثال كثيرة ومنها كتب الطقس الكنسي [ الحوذرا وكزّا وأشعار مار افرام ومارنرساي وغيرها كثيرة ومعروفة/ الكاتب]
- سورث وهذا الذي تطرقنا اليه في هذه المحاضرة.
وفي الختام اتيحت الفرصة  للأسئلة ومنها كان السؤال الأول من قبل رابي هومر آشوريان وفي الجواب تطرق الأستاذ المحاضربأسهاب الى الكثير مما ورد في محاضرته ومنها الخطأ التاريخي في تسمية بلاد ما بين النهرين والحقيقة ان التسمية الأصلية " بيت نهرين" ترجمتها هي البلاد التي هي ضمن الأنهر، حيث ان " نهرين" هي صيغة جمع قِلّة  في السورث وهي "الانهر" شاملة دجلة والفرات والزابين والخابور..الخ، وليس فقط دجلة والفرات واعطى مثلاً قائلاً: أمن المُنصِف ان نتعتبر اورمي واربيل والقوش ليست من من بيت نهرين لأنها ليست بين دجلة والفرات!!!
امتدت اسئلة الجمهور الكريم لتمتد المحاضرة لأكثر من ساعتين وانا لم ارى الضجر بادياً  على مُحيّاه الحاضرين-- حيث كنت اتجول في ارجاء القاعة لألتقاط الصور-- بل ظلوا مشدودين الى النقاش الجاري حول تشعبات هذه المحاضرة التي هي حقاً قيّمة جداً وألأستاذ  رابي روبين بيت شموئيل يستحق الثناء والتقدير في اهتمامه الكبير بلغة الأم وهو حالياً يستعد لمناقشة اطروحته وحسب ظني هي عن القصص المحكية " دوركياثا " في لغة السورث، لنيل الدكتوراه من الجامعة اللبنانية .نتمنى له التوفيق وهو المهندس الكيمياوي الذي  كان يأمن معيشته ورفاهيته من الأشتغال في شركة النفط العراقية، لكنه حين استشعر النقص في الدراسات اللغوية لقوميتنا الآشورية  ترك وظيفته وضحى بخبز معيشته  معتمداً فقط على معونة اخوته وتشجيع الغيارى من ابناء شعبه ،فأنصرف كاملاً  ليبدع في حقل اللغة السريانية. وهو الآن صاحب مؤلفات وتراجم وعضو في الكثير من المجامع اللغوية المحلية والعالمية .
 
الرابط الصوتي للمحاضرة
http://upload.ankawa.com//files/2/ankawa/RobinBSHM.mp3

حنا شمعون / شيكاغو  
 


























74
سومر لاوندو تطلق البومها الثالث



اطلقت الفنانة سومر لاوندو من مدينة شيكاغو الأمريكية البومها الغنائي الثالث بعنوان "دندن قاديّ دندن" ويحوي على ثمان اغان جميلة، منها العاطفية الرومانسية ومنها الفولكلورية الراقصة المستمدة من تراث هكاري وتياري.
 الصوت الشجي سمة وهبة من الرب اتصفت بها سومر كبقية العائلة حيث ان اختها الكبيرة ليدا لاوندو فنانة معروفة ومبدعة وهكذا هو اخوها شابي لاوندو الغني عن التعريف، وهكذا ايضا في اعلى سلسلة القرابة  تقف ابنة العم واميرة الغناء السرياني جوليانا جندو، وهم جميعاً لأآلي تيارية تلمع كالنجوم في سماء الأغنية السريانية بلهجتيها الشرقية والغربية .
اسماء معروفة من كتاب الكلمات وملحنين بارعين ومشهورين في التوليف الموسيقي، كلهم ساهموا في رفع المسوى الفني لهذا الألبوم الممتاز. وهذه الأسماء هي: المرحوم بن ( بنيامين) ملكو، يونان هومه، فهد اسحاق، جوزيف عتو و جورج دنخا، ليدا لاوندو، جان دشتو، يونان آدم، ثائر فريد، شادي ادور موسى، وليم شليمون، وشاهين كريكوريان.
سومر كتبت على غلاف الألبوم تشكراهلها والأصدقاء والصديقات لتشجيعهم لها في انتاج هذا الألبوم الغنائي وقد اهدته الى روح زوج اختها، الشاعر المرحوم بن ملكو الذي كان مشجعاً  وسنداً قوياً لها . كما شكرت مجموعة "الكورس" التي غنت الردات معها وأبدعت في الأداء.
في الحقيقة كان قراراً صعباً ان اختار اغنيتين فقط من هذا الألبوم الرائع لأن كل اغانيه جيدة وتستحق الأختيار ولذا ادعو القاريء الكريم ان يستمع الى هاتين الأغنيتين التي كان اختيارهما من غيرتفضيل،  حسب الرابطين الآتيين: 

http://www.ankawa.org/vshare/view/4644/somer-lawndo/

http://www.ankawa.org/vshare/view/4645/sumerkhobokh-lynashian/

مع تمنياتي للمطربة سومر لاوندو لمزيد من الأبداع،
                          حنا شمعون / شيكاغو                   




75
المنبر الحر / الميلاد والسلام
« في: 18:38 13/12/2013  »
الميلاد والسلام

جاء في الإنجيل المقدس في حين ميلاد المسيح ان جوقة من الملائكة ظهرت فوق المغارة التي ولد فيها الطفل "عمانوئيل" مُسبِحة بالعبارة : "المجد لله في الأعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة" لوقا 2-14 . هذه العبارة اصبحت فيما بعد شعار يرفع فوق أية مغارة تقام لهذه المناسبة التي تهز بالمسرة أركان العالم اجمع. لكن السؤال يبقى هل حقاً ان ميلاد المسيح كان بداية انطلاقة السلام بين شعوب العالم والجواب لن انتظره من القاري الكريم بل سأجيب من عندي. ان هذا لم يكن الواقع وربما ان ارض الواقع  بعد الميلاد كانت اكثر قابلة للحروب والنزاعات. فاين نحن من السلام الموعود من قبل الملائكة وها قد مر اكثرمن ألفين من السنين والسلام لم يتحقق ولو لزمن قصير .

المسيحية ليست كبقية الأديان ففي ثناياها يكمن سر الخليقة وسر العلاقة بين الخالق والمخلوق.، والسلام الموما اليه في ترنيمة الملائكة ليس السلام الارضي الذي نصبوا اليه وطالما تمنيناه ، انه سلام ازلي وهو اعظم من السلام الارضي فهو سلام ومصالحة بين الخالق ( الرب القدوس اسمه ) وبين المخلوق  ( الانسان من ذرية ادم ) اثر خطيئة ادم المعروفة في الأديان السماوية. تصوروا ان احد الأبناء تمرد على ابيه الذي يعيله كما جاء في مثال الابن الضال-- لربنا يسوع المسيح -- وحين انقطعت السبل بالابن العاق هذا وبدل من ان يموت جوعاً رجع الى ابيه، وابوه عفا عنه وصالحه بأعظم ضحية  وهي العْجِل المُسمَن، لوقا 11:15- 32 . اي غفر له وصالحه وحل السلام بينهما، وخير من ان يكون الابن في عداد الموتى اعطاه ابوه فرصة ثانية للحياة. هذا هو نوع السلام الذي رددته الملائكة في مولد المسيح.

ان ولادة المسيح التي تمر ذكراها في مثل هذه الايام هو المصالحة العظيمة التي تحققت ومعها جاءت العبرة والمثال الصالح  في ان نقتدي كبشر بالإله الذي سامحنا كي نتعلم نحن ايضاً ان نسامح إخوتنا وفي ذلك نخطوا خطوة نحو السلام الأرضي الذي نصبوا اليه. المسيحيون في الصلاة الربانية يتلون قائلين: "اغفر لنا كما نحن ايضاً نغفر لمن اخطأ إلينا". اي علينا ان نتعلم من مثال  الخالق ان نسامح من اخطأ إلينا وحين يأتي التطبيق لهذه الصلاة يأتي السلام منطلقاً من القلب الخاشع ، ينشر لمحبة ، محبة القريب، محبة مختلف الأجناس ومحبة من أخطأ إلينا وفي القمة ،  ومن غير عجب، محبة أعدائنا.
هذه هي المحبة حاضنة السلام في المجتمع والتي اِن طبقناها كاملة في حياتنا اليومية فإننا نحول مجتمعاتنا الى مجتمعات مثالية تنعدم فيها الفوارق الطبقية والمادية  والكل يصبح سواسية فلا يكون من بيننا من يسرق او يتحايل، او يقتل ولكن المثالية حالها حال المطلق لا يمكن تحقيقهما في شاكلة الحياة التي نعيشها.  لندع المثالية  والمطلق جانباً ونتقيد بالمحبة بقدرالمستطاع في افعالنا ومن اعماق القلب لانه ومن دونها تسوء الامور اكثر ويفسد المجتمع أكثر. حين تغيب المحبة كمبدأ في مجتمعاتنا المعاصرة ، حين لا نفهم الدين كعلاقة بين الخالق والمخلوق حينذاك نستسلم للأبليس الذي هو رمز الشر ليقودنا للحقد والكراهية وهذ يتجلى في ما يقترفه الارهابيون في ايامنا هذه في كل من العراق وسوريا بشكل خاص وفي مختلف انحاء العالم بشكل عام.

ماذا عن الثورات والحروب التي هي الاخرى تعتبر من سنن الحياة شئنا ام أبينا والتي لم تفارق البشر منذ بداء الخليقة ولحد اليوم . ما اتعس العيش في خضم ويلاتها التي منها القتل، التشرد وهجرة الأوطان. بهذا الصدد ماذا اقول عن أطفال سوريا الأبرياء وقد شردتهم الحرب الضروس لما يقارب الثلاث سنوات، خائفون جائعون يعيشون بلا مأوى  في هذا الشتاء القارس.  هذا ان لم تُغتال براءتهم امام أعين ذويهم.
الحرب هي نقيض السلام فأين هو موقف المسيح والمسيحية من السلام؟ الطفل الذي نعيش ذكرى ميلاده هذه الايام ، ويسعدنا ان نحتفي به،  حين كبُرَ لم يحمل يوماً من الأيام سيفاً ولا سلاحاً بل منع خليفته ، بطرس، من استعمال السيف وحتى انه لم يقاوم الذين امسكوه ليُحاكم ومن ثم يُصلب، بل انه اسلم شخصه الى الذين ظمروا الشر له. هل من تطبيق للسلام أكثر من هذا؟
ضمن وصاياه لنا -- في موعظة الجبل -- وصية يستحق الكتاب الذي وردت فيه جائزة نوبل للسلام، في مرة من المرات على الأقل . هذه الوصية هي : "طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدّعون" متى 5-9 . ابدع ما في هذه الوصية انها تحث المسوؤلين واصحاب القرار من اي جنسية وأي دين وفي اي زمان ومكان الى صنع السلام. انها تكافئ صانعي السلام بأعلى وسام سماوي يفوق جائزة نوبل بما لا يحصى من مرات لان الله سرمدي ومكافأته سرمدية. هذا هو وعد المسيح لكل من يطفي سعير الحروب، لكل من يعمل الى تهدئة الصراعات قبل ان تستفحل، ولكل من ينزع فتيل المشاحنات .. الى صانعي السلام، فطوبى لهم.
طفل المغارة " عمانوئيل " الذي ولد في مثل هذه الأيام والذي سجد له الرعاة وملوك فارس ( المجوس ) والذي جاء ببشرى السلام السماوي ومن ثَم اوصانا بصُنع السلام الأرضي، يستحق منا ايضاً السجود والشكر والأهتداء به ، وتلكم خير هدية نقدمها له لمناسبة ميلاده. 

للمزيد عن كتابتي السابقة عن الميلاد، الرجاء الأستعانة بالروابط الآتية:

                                                                                  حنا شمعون / شيكاغو



77
في اربعينية المرحوم سعيد سيبو، المثال الانساني


وهل يموت من هم على شاكلتك ياعزيزي سعيد --أبا نينوس--  يا من كانت حياتك الأرضية مثال الانسان الذي ذكراه لا تزول  حين يفنى الجسد. تركت ارثاً من الخصال الطيبة وأعظمها تلك التي جعلتَ من أبناء قومِك عائلتك الكبيرة في مجتمع راس المال والتنافس المصلحي.  رغم تخرجك لتنال شهادة الهندسة  الكهربائية والتي لا ينالها في العراق الا الاذكياء والمجتهدين، فقد قبلت ان تتنازل عن شهادتك وتشمرعن ساعديك  لتصبح ذلك الناجح والمتفوق في ادارة اعمال الاسواق توزع ثمرة نجاحك على أبناء قومك المهاجرين، تشاركهم المحنة وتلقنهم سرالمهنة كي يقفوا صامدين امام عاديات الزمن العصيب.

سعيد كنت نجماً سطع في سماء سانت دييكو ، وهناك احترقت كي تضيء الطريق للذين عرفوك "داينمو" اجتماعي . وانا عرفتك انك كنت مبعثاً للحركة الدؤوبة تتعدى مدينتك الى شيكاغو وديترويت والى الوطن حيث القوش ام القرى التي كنت تحن دوماً اليها  والتي كنت تتكلم بلهجتها المميزة والجميلة .

سعيد فُحتَ عطراً وكنتَ ربَّ بيتاً  مباركاً بثمرة عملك وجهودك الحثيثة، وفي اُسرَتكَ المفجوعة بفقدانك نشأ انيكدو ابنك المولود في امريكا ليكون في المستقبل القريب كاهن الكنيسة الكلدانية وهذا -- مع كل الاسف-- امر نادر في امريكا، ولذا فانه فخر عظيم للعائلة التي ارسيتَ  أُسُسِها على صخر صلد.
وفي اجتماعات أرباب العمل والثقافة كنت فواحاً ايضاً ولولباً تشخص المشاكل وتطرح الحلول لازدهار مستقبل الجالية .  كنت دوماً تنشر الثقافة وتشجع المثقفين وتدعوا بشدة الى الوحدة ونبذ الخلافات والى التشبث بالاصل. ايمانك كان: ان الأغصان مهما تشعبت وافترقت لكن يبقى  جذعها واحد وتبقى الجذور هي التي تبعث الحيوية في نسغ تلك الأغصان .هذه كانت الجذوة التي كانت تستعر في ذهنك على الدوام، وهذا ما أتصوره عنك من خلال احاديثك الهاتفية معي حين كنت تشجعني على التحرك في هذا الاتجاه بمدينة شيكاغو.
 كتبت الشعر وكلمات الاغاني كي تعبر عن مشاعرك  وتعبر عن حبك وافتخارك بلغة الام التي هي عصب الانتماء القومي. أيها النجم الساطع الذي كان مولده في القوش-- مركز ثقافتنا الدينية والقومية-- ذكراك سوف تحيا دوماً في لحف جبل القوش الصامد هناك من البدء والى الأزل ومع تلك الآثار التي يضمها والتي هي من رموز التاريخ الألقوشي العتيد.

سعيد، اخيراً وليس اخراً تحملكَ بصبر للالام  والمرض وحملكَ للصليب كما حَمله مُعلمك يسوع يجعلك عندي مثالاً للإنسان  المسيحي . كنت تكلمني وانت تدري بمصيرك المحتوم  وهو يدنوا إليك يوماً بعد يوم، ومع هذا ما لمستُ منك اليأس ولا التذمر قط، بل كنتَ ذلك السعيد الذي يقبل بمشئية الرب. بقيت تسامر اصدقائك وتتلهف بوجه بشوش الى رؤيتهم والتحدث اليهم في مواضيعك المفضلة والمختزلة في كلمتي:  "أثرا وأُمثا" اي الموطن والأمة .
على فراش الموت ودعت عائلتك  وأصدقائك مبتهجاً بزفاف نينوس ومن ثم سلمتَ روحك للمُخَلِص يسوع، لتبقى في ذاكرتي -- قديساً اشتراكياً اضافة الى كونك المثال الانساني.
يا جبار امة السورايي في حياتك الأرضية نبذتَ الأنانية  وحب الذات وشاركت ابناء امتك في محنتهم وكنت تنادي كل منهم وحتى ضعيفهم مثلي بصفة " كَبّارا" كي تبعث فينا النخوة ، ثم ودعتنا يا كَلكَامش المسيحية -- يا ابا انكيدو -- بروح القداسة الى عالم الخلود.  

                                                                                       حنا شمعون / شيكاغو





78
قراءة متأنية في كتاب "الكلدان المعاصرون والبحث عن الهوية القومية"



الكتاب هو من تأليف الدكتور عبدالله مرقس رابي وهو دراسة سوسيوانثروبلوجية كما جاء مضافاً الى عنوان الكتاب وصدرت الطبعة الأولى للكتاب عام 2001 . وعليّ ان اعترف مقدماً ان هذا لمصطلح الطويل " سوسيوانثروبولوجي" ليس لي اي المام واسع به فأنا مجرد قاريء بسيط تعجبني قراءة التاريخ ورايت العنوان جذاباَ للاطلاع على راي الكاتب المحترم الذي يبدو انه يريد اثبات هوية الكلدان المعاصرين. وقد كتبه وهو في عمان، الأردن وبعيداً عن رقابة السطات البعثية العراقية مما يعني بالنسبة لي ان المؤلف كتب كتابه بملئ الحرية ومن دون اي ضغط قد يؤثر في الغاية المرجوة من تأليف الكتاب.
في البداية لا بد ان اثني على جهود المؤلف في الأمانة العلمية التي تحلى بها وخاصة في ذكرالأحداث التاريخية معتمداً على المصادر الكثيرة والتي تعدت الثمانين. ويستعرض الكتاب موجز للعصور التاريخية في بلاد النهرين مفضلاً هذه التسمية على  بلاد ما بين النهرين  التي تحصر البلاد بين النهرين فقط. غايتي من هذه القراءة هو متابعة الكاتب الموقر حول الجذور التاريخية للكلدان لأني انا شخصياً محسوب على الكلدان المعاصرين رغم اعتراضي الشديد على هذا الحساب، وكي لا اوصف بالعناد والتهرب من هذه القومية التي لا أجد ما يشدني اليها، رأيت ان أتفحص هذا الكتاب مليئاً حيث أعرف المؤلف شخصياً وله احترام كبيرعندي وعند عائلتي وقد تحدثت معه في كثير من الأحيان وبقينا أصدقاء رغم اختلاف اراءنا في الأنتماء القومي لكلانا.
ثلاثة أسئلة يطرحها المؤلف  الدكتورعبدالله رابي وهي في حلاوتها  بالنسبة لي عسل على تمر لأن الجواب عليها هو مايشفي غليلي لمعرفة لماذا يتجاوزالأخوة الكلدان المعاصرون حدود المنطق والمعقول حين يصرّون انهم كلدانيون وهم يعيشون في ارض آشور لألاف السنين، وحين توارثوا اسم السواريي المشتق بديهياً من كلمة آشورايي ومع هذا يتنكرون للآشورية ويقبلون الكلدانية بديلاً لها. هذه الأسئلة المهمة هي: 1- من هم الكلدان المعاصرون؟ 2- كيف نميز بين الكلدان والآشوريين المعاصرين ؟
ليس غريباً على كاتب يلتزم المنهجية العلمية ان يتغافل عن ذكر ما يتباهى به آخرون من ان الكلدان وجدوا منذ بدء الزمان وان ابراهيم الأب الروحي للعالم هو الأب الجسدي للكلدان وهكذا ايضاً فان المسيح هو من سلالة ابراهيم ومحسوب على الكلدانين.
أول ذكر للكلدان في هذا الكتاب جاء هكذا: الدولة الكلدانية وهي الدولة التي قامت في البداية في جنوبي بلاد النهرين على ايدي القبيلة الأرامية (كلدو) سنة ( 626 ق.م )...، لكن الأستاذ عبدالله في معرض استعراضه للمحك الجغرافي اراه كأنه يقول ان الحابل اختلط بالنابل ولا نستطيع الأعتماد على الجغرافية لتميز الكلداني من ألآشوري فيكتب هكذا: تشير الحوليات الآشورية الى ان أكثر من (400) الف كلداني من الممالك الكلدانية أسرهم الآشوريون في عهد سرجون الثاني ( 721-705 ق.م) ، وتم توطينهم في بلاد الآشوريين. ثم يضيف ايضاً وهكذا عمل سنحاريب وأسرَّ (20800) عشرين الفاً وثماني مائة كلداني وجاء بهم الى بلاده، وللعلم فقط ان سنحاريب هو ابن سرجون الثاني. السؤال هنا كيف ان القبيلة الأرامية ( كلدو) ازداد عدد افرادها في اقل من مائة عام ليؤسر منهم في حملتين فقط أكثرمن من 400,000 فرد، ثم لماذا نصدق مايُكتب في الحوليات وكأن ذلك كُتِب بنزاهه مؤرخ حاصل على جائزة نوبل في التاريخ!! هنا ارئ ازدواجية في التفكيرلدى كاتبنا الموقر فهو في الوقت الذي لا يريد الأعتماد على التاريخ في تقرير الهوية القومية للكلدان المعاصرين لكنه في نفس الوقت يحسب مسألة الأسرى المبالغ بها حجة لوجود الكلدان المعاصرين في غير موطنهم الأصلي فيكتب: لو اعتبرنا سكان المناطق المحيطة بنينوى هم آشوريون ، فما هو مصير الاف الكلدان الذين اسروا من قبل الملوك لآشوريين وجاءوا بهم الى ديارهم الآشورية؟ وبهذا الخصوص اود ان اضيف ان هذا المحك لا يصح الأستناد اليه فكل من الكلدان والآشوريين كان لهم منطقتهم الخاصة وحتى بعد سقوط الدولة الآشورية وذلك استناداً لما اورده الكاتب بنفسه، اذ كتب: وتم الأتفاق بين المتحالفين الميدي والكلداني على اقتسام تركة الأمبراطورية الآشورية بينهما فكانت المناطق الشمالية الشرقية من نصيب الميديين، والمناطق الجنوبية الغربية من نصيب الكلدانيين.
 وفي مكان آخر يستنتج كاتبنا الموقر وضمن المحك اللغوي: وقد يكون هذا مؤشراً يجعلني اقول - مايثير الدهشة والعجب- ان الآشوريين المعاصرون هم اراميون والكلدان المعاصرون هم آشوريون!
وفي المحك الديني ايضاً يجد الكاتب صعوبة في الأعتماد على المذهب لتفريق الكلداني من الآشوري فيفيدنا ان النسطورية بدأت في منطقة بلاد النهرين الوسطى في بلاد بابل الكلدانية الحديثة ومنها انتشرت الى البلدان الأخرى بما فيها منطقة نينوى، وكانت رئاستها بيد الكلدان في كنيسة ( كوخي ). طبعاً هو يريد ان يقارن هذه المعلومة بما هو معترف عليه حالياً ان المُدّعين بالآشورية اغلبهم نساطرة او ان الآشورية منشأها هو المناطق النسطورية. فيستخلص انه لا يمكن التفريق بين الكلدانيين والآشوريين على اساس المذهب الديني.

امام كل هذه المعوقات او المحكات كما يسميها الكاتب -- ولو اني غفلت الحديث عن المحك العرقي الذي خلاصته وحسب ما اورَده ان فكرة الجنس الخالص ما هي الا خرافة لاوجود لها الا في الذهن-- نراه يأتي بنظريته الخاصة للأجابة على السؤالين الواردين أعلاه وطبعاً هذا هو اسلوب منهجي رائع في ان يأتي الكاتب على ذكر المعضلة ومن ثم ايجاد الحل لها، لانه لحد الآن من قراءة الكتاب يعتبر التمييز بين الكلداني والآشوري ضرب من المستحيل. لكنه فيما يلي من الكتاب يحاول الكاتب ان يثبت لنا ان المشاعر القومية-- الفردية والجماعية-- هي الحكم في تقرير الهوية القومية لأي فيئة من المجتمع فنراه يكتب: التنشئة الأجتماعية للفرد هي التي تكسبه الشعور القومي والأنتماء القومي، حيث لا يرث الأنسان قوميته بالولادة، فليس كلدانياً بالوراثة، ولا آشورياً... وضرب مثلاً  يقول فيه لو ان طفلاً كلدانياً نشأ وعاش في أحضان عائلة آشورية فماذا تكون هويته القومية؟ ان المثل في هذه الحالة  ليس ذلك القويم لأن الكلداني والأشوري حسب رؤيتي هما من قومية واحدة وانى كانت تسميتها، ولكن لو ان استاذنا عبدالله صاغ مثله هكذا: لنفرض أن طفلاً ارمنياً نشأ وعاش في بيت آشوري، فجوابي حين ذاك ان الطفل يبقى ارمني الأصل ولا داع  من الحيرة في ذلك وايجاد نظرية حوله، ولكن لو ان احفاد الطفل هذا عاشوا في بيئة الآشوريين لمئات او الاف السنين فبلا شك في هذه الحالة ان الأحفاد سوف يعتبرون آشوريين وهذا هو حال الكلدانيين الأسرى الذين ورد الحديث عنهم في هذا الكتاب.

بكل الأحوال كي يجد الكاتب حلاً لمعضلة المَحكات هذه فأننا نراه يقوم بأستفتاء ميداني ل300 فرد كلداني حين كان عالقاً في الأردن عام 2001 ، ولست أعرف كيف قرر انهم كلدان مقدماً وسألهم اسئلة تتعلق بقوميتهم وكانت النتيجة ان الغالبية الساحقة من هذه المجموعة تشعر وتؤمن انهم كلدان وليس اشوريين او سريان او اراميين. وبذا وجد الحل العلمي ووفق المنهجية العلمية ليقول انه هناك قومية ثالثة في العراق هويتهم هي " الكلدان المعاصرون". لا اظن ان اي جهة علمية سوف تقبل بمثل هذا الأستفتاء لأنه باعتراف الدكتور عبدالله هؤلاء كانوا كلدانناً  الذين لا احسب انهم كانوا بدرجة من الثقافة والأطلاع ان يعرفوا أصلهم وفصلهم. انا أقترح على الدكتورالفاضل ان يراسل 300 عراقي مسيحي من خريجي الكليات منتقين بطريقة عشوائية وسوف يجد نتائج مخالفة لأستفتائه الأول.
الدكتور عبدالله مهد الطريق امام استفتائه هذا بنقض ما استنتجه من المحكات الأربعة الواردة فكتب: طالما ان المقومات متوفرة، من اللغة والثقافة والأقليم الجغرافي والتاريخ المشترك، والأرادة الشخصية لتمييز الكلداني عن غيرهم ، فأذن لا يمكن انكار وجود قوم يعرف بالكلدان او قوم يعرف ب ألاشوريين. انه تناقض واضح لأن المقومات غير متوفرة كما أقرّ واعترف وأسهب هو نفسه حسب ما جاء في شرح المحكات التي تحول دون تمييز الكلداني من الآشوري.

في الفصل التالي يعدد الكاتب المحترم اسباب ضعف الشعور القومي لدى الكلدان ويذكر ستة منها وهي واضحة ويعرفها الجميع من غير الأستدلال عليها من صفحات هذا الكتاب ، لكني اريدان اقف وقفة ناقد امام السبب السادس والأخير وهو ان من اسباب ضعف الشعور القومي هو التصور الخاطئ ، ان الكلدان طائفة دينية وليس قومية. في رأي الشحصي هذا هو عين الصواب وأظن ان استفتاءه برهن ذلك، اذ انه على مايبدو اختار شريحته من الكلدان كما اورد هم جميعاً بلا شك  كاثوليك.

هذه هي خلاصة هذا الكتاب الذي يعتبره المؤلف والكلدان المعاصرون انه سندهم لأثبات هويتهم القومية في الوقت الذي اراه انه يثبت عكس ذلك ليشكلوا طائفة دينية فقط وليس قومية ،وذلك يتجلى في اعتراف الكاتب بشكل واضح ان التنشئه ورفض الآشورية من قبل الكلدان المعاصرين هما عاملان اساسيان لأثبات الهوية القومية للكلدان. وقد اكون المخطئ او يكون كاتبنا الموقرهو المخطئ، لكن اضع هذا الأمر امام  أعين كل قارئ مثقف ونزيه ليقرر ذلك بنفسه.

                                                                                                        حنا شمعون / شيكاغو        
  



79
طلال كَريش، نجم من القوش يتلألأ في سماء الأغنية السريانية



الألبوم الثالث الذي اصدره الفنان الألقوشي طلال كَريش والذي كان بعنوان   X Love يعد واحد من الأبداعات الفنية التي تستحق التعريف بأغانيه .أغاني هذا الألبوم الذي صدرعام 2008 تحتل مكاناً مرموقاً في قائمة الأغاني الآشورية ( السريانية) الغيرالزائلة والتي كلما عتقت كلما زادت لذة طعمها  مثل خمر من نتاج كرمة ربان هرمز. أذكر هنا كرمة ربان هرمز لأن هذا الألبوم يحوي على أغاني من القوش ، لهجةً وتراثاً ، ليتسع حقل اغنيتنا السريانية التي كنا نسمع معظمها بلهجة  آثورية من اورمي او تياري، ويشمل الأصدار هذا على أزليات غنائية من القوش ام قرى السوراييه/ الآشورية.
تشتهر القوش بكهنة وشمامسة وعلمانيين ذوي اصوات شجية بلغوا قمة الأبداع في التراتيل الدينية وفي اداء خدمة القداس الذي حلاوته عند الكثيرين اضافة الى روحانيته هي تلك الألحان العريقة والبديعة التي حفظتها لنا كنيسة المشرق من زمان افرام السرياني ونرساي الملفان. اذكر من هذه الأصوات المطران افرام بدي ،  القس يوحنا جولاغ ، الشماس متيكا حجي،  الشماس عيسى حداد والفنان فاضل بولا. وقد عرفت القوش الكثيرمن الأصوات الغنائية منذ منتصف القرن الماضي وحتى نهايته ولكن لم ترتقي الى مستوى الشهرة ولم يتعدى اصحابها حدود مجتمعهم الألقوشي وفي هذا الصدد يذكر الأستاذ نبيل دمان اكثر من ثلاثين صوتا خلال الفترة المذكورة  وذلك في مقالة طويلة جاءت في كتابه الموسوم " حكايات من بلدتي العريقة ". ورغم سلبيات الهجرة القسرية التي حلت على شعبنا الآشوري ( السورايي) فان احدى الحسنات هو المصير المشترك في بلاد الأغتراب والصهرالذي حل ابناء شعبنا عبر الزواجات والحفلات والمناسبات الأجتماعية وأكثر من ذلك احتكاك الفنانين من مغنيين وموسيقيين وكتاب الأغاني من مختلف الفئات والطوائف ومع سرعة وسهوله التواصل الأجتماعي عبر وسائل لأعلام والأنترنت، فأن كل هذا الأمور ساعدت على رواج الأغنية السريانية وبالتالي الى حصول عملية التنافس فيما بين فنانينا وما هذا المقال المتواضع الا فرض عليّ لأوروج الى الأفضل من هذه الأغاني والتي الواجب يحتم الى فرزها ورفع سمعتها.
من أغاني هذا ألألبوم الرائع والتي نالت الشهرة بأستحقاق هي  كَوزا وكَاود دكَوزا وهي من تأليف تلحين شقيق طلال وهو الفنان نبيل كَريش وجاءت الأغنية كاملة بلهجة القوش وزينها بأمثلة تراثية وأخرى مستمدة من التراث. كلها تخدم الفكرة الشائعة في مجتمعنا وهي ان البنت هي شبيهة امها دوماَ. أمثلة عديدة حوتها هذه الأغنية من تراث السورايي فيقول: بورمثا كيبا لكما.. وبراتا كبلطا ليما وبرمثا هي احد الأسماء من لغتنا الأصيلة وتعني القدَر او اي آنية للطبخ اوالحفظ.  وماذا عن " تري صبري دخ دكَناذي.. ليبوخ برشتي مخذاذي " تعبير جميل ويعني التشابه ، ولكن التشابه بأدق صوره يأتي عبر اخ يمح خورتا ختلكَا.. بقلا بلئا بلكَا. ولمحبي القافية القوية من أمثالي فلا بد ان يسطروا كلمات الأعجاب للكاتب نبيل الذي سهل الأمر لأخيه طلال لأداء هذه الأغنية وسهل علينا نحن المعجبون لحفظ وترديد مقاطع الأغنية عن غيب القلب.
وبقي ان اسطر كلمات الروعة التي تتليها المجموعة وهي هكذا: كَوزا وكَاود دكَوزا.. عزيزتي كاود دكوزا..ان كيلت كولي شوبرح ..
بينث وردة لمرقوزا،
 وترجمتها  النصية :جوز وداخل الجوز.. عزيزتي داخل الجوز.. ان قِستَ جمالها فقِسههُ .. مع وردة الجنبد والنرجس.

الأغنية الألقوشية الثانية هي  دركَي دخاني وهذه الأغنية تبهرني وتحيرني كثيراً. رغم اني لم اختبر الخان الا من ذكرى تطوف في ذهني كالحلم وانا طفل صغير حيث كانت الغرفة العليا التي استأجرتها المرحومة والدتي في اتوك ( دهوك ) بعد الهروب من منكَيش في اوائل الستينات من القرن الماضي، والتي كانت تطل من بعيد على الخان الذي كنت ارى ساحته الفسيحة وبعض البغال المربوطة هنا وهناك. الخان هو  سوق " العلوة " المعروف لدى اهل المدن الكبيرة ومنها بغداد، بطبيعة الحال. ولكن دركَي دخاني لم يعرف الأختصاص فأليه  كان يَفِد من قرى الشمال تجار الماشية والحبوب والفواكه والمجففات وغيرها من البضائع..هذا في الأربعينات الخمسنات والستينات من القرن الماضي. الأستاذ نبيل دمان يصف الخان وسوق القوش في كتابه المذكور اعلاه بدقة متناهيه ويذكر فرداً فرداً من أصحاب الخانوات ودكاكين السوق المجاور، منذ عشرينات القرن الماضي. لم احص الأسماء المذكورة لكثرتها ولكنها أخذت حيزاً تجاوز الخمس صفحات من الحجم المتوسط، انه الأخلاص في تقديم المعلومة وان كانت تستهلك الجهد والوقت والمال، انه تراثنا الأصيل وعلينا الحفاظ عليه فهو مقدس وللأجيال القادمة فهو شرف وناموس. هكذا ايضاً لم يألوا كاتبنا العزيز نبيل ممو كَريش جهداً الا وبذله لتقديم اروع اغنية بلغة السورايي تحكي بشكل مسرحي وموسيقي. يصعب علي تصديق ان احد ابناء جلدتي يحمل كل هذه الموهبة في التلحين والمهارة الموسيقية، ولكن الشكر كل الشكر للرب الذي الّهم  نبيل.. الموهبة للحفاظ على تراثنا الجميل. كل التأثيرات الموسيقية اللازمة وظّفها الأخوان طلال ونبيل في مقدمة الأغنيه: نداءآت البائعين، اصوات الماشية وحتى العصافير السارحة في  صباحات القوش سمعناها في مقدمة أغنية الخان والذي يفصل السوقين الذي يرتادهما المساكين الطيبين من أهل القوش لشراء حاجياتهم والأسعار هي حسب طلب السوق وليس حسب جشع الأنسان كما تقول كلمات الأغنية. وصفٌ جميل ليوميات الخان والسوق والأسماء ذُكرتْ لتتوافق مع القافية وهي حسب اعتقادي حقيقية : جبو زقانا يتوافق مع برشلي وانا من وانا، الياس برد شلي يتوافق مع ولي شلاما وشقلي. اين هذه القوافي من التي اسمعها في بعض الأغاني القاصرة حيث قوافيها على شاكلة: ماطينا ، قطلينا، باخينا، و زمرينا أو أمرنوخ، كبنوخ ، مخبنوخ، زمرنوخ!!! لا أدري كيف تسمح اذاعاتنا ووسائل اعلامنا ان تبث مثل هذه الأغاني لكن للأسف انها تفعل ذلك.
عفوا اني عكرت نقاء اغاني طلال كَريش بمثل هذه القوافي، ولنعد الى جماليات اغنية دركَا دخاني التي فيها المرأة الألقوشية ممثلة ب " خيرو دبي بلو" تشحذ همم الرجال حين تنادي في وسط السوق:  دقرولي قصاوي.. كيلي ان كَوري طاوي؟ وكأن العظمة كانت دوماً في السلف لحين الرجوع الى عهد امبراطوريتنا العتيدة، وهذا ما يردده لحد الآن الغيارى على مستقبل امتنا، مهما كانت تسميتها.ألأغنية هذه على ايقاع رقصة الخكَا يقورا حيث ان " الدولا والزرنا " حاضران بقوة ومجرد سماع صداهما هو مبعث النشاط في الراقصين سواء الذين في الرتل او الذين على هواهم يرقصون الديواني.
في الأغنيتين السابقتين، يتبين للمستمع الأداء الحرفي العالي للفنان طلال ممو كَريش فلو اطلعنا الى هيئة كلمات الأغنيتين فهي مكتوبة بصيغة النثر المُزيّن بالقوافي الجميلة حين تقتضي الحاجة، عكس ما اعتدنا عليه في الأبيات الرباعية المكتوبة بصيغة الأوزان حيث تأتي القافية في نهاية الشطر وكل شطرهو على وزن الذي سبقه ولذا فأن غناءه سهل -- خاصة ان وزع اللحن على بيت واحد فقط-- وكلما ما يحتاج اليه المغني هو الصوت الجميل لأداء الصدروالعجز وهو في الحقيقة الفلكلور الشعبي ويتجلى في الأغاني المعروفة: باكَيي ،سولافي ،كَلبارا وغيرها. اما في كَوزا ودركَي دخاني فالشخص العادي يمكن ان يتلو مقطع او مقطعين او الردة، لكن اداء كامل الأغنية فلا يقدر عليه الا المغنون المحترفون ومن هنا يقال ان ملحن الأغنية هو فلان الفلاني. ان الأداء الجيد الذي هو ربط توزيع الكلمات على اللحن والعكس صحيح يحتاج الى مهارة وخبرة وتدريب وأظن ان طلال اجتهد كثيراً لجمع كل هذا من أجل ان يقدم الأفضل ومن اجل ان يكون بحق مغني ماهر وفنان أصيل.
الأغنية التالية وهي من الفلكلور وبلهجة القوش، فيها اللحن الجميل موزع على ثلاث ابيات رباعية وقد ابدع نبيل الكاتب والملحن في توزيع اللحن العريض لتصبح الأغنية ثورية  وجهورية تليق ببطل من ابطال امتنا الذي احب قريته وامته و وطنه، انه الوطني الفذ توما توماس الذي اقترن اسمه دوماَ بأسم القوش والذي وفاءاً لدفاعه عن ابناء شعبه ووقوفه الى جانب الحق اقامت له بلدية القوش نصباً تذكارياَ يخلده. وفنانا الأصيل طلال هو الآخر خلده بهذه الأغنية الرائعة حيث تقول كلمات الردة: احد رجال قريتنا.. مشهور في كل القرى.. توما توماس الشهم.. تعرفه المعارك وتخنع له.
الأغنية الأخيرة  وهي بعنوان  أثرا دبابي التي هي بلهجة القوش ايضاً لها قصة لايعرفها الكثيرون ولذا فاني ارويها للقراء الأعزاء، طالباً السماح من ألأستاذ الأديب والفنان فاضل بولا لأني مجبر هنا لذكر اسمه وأمر يخصه.
حينما زارنا الأستاذ بنيامين حداد في شيكاغو لأجل تكريمه من قبل المجلس القومي الآشوري ( متوا ) التقيته وصرنا أصدقاء فهو كنز أدبي وحلوّ المعشر، وفي احدى جولاتنا لزيارة معالم شيكاغو اسمعته البوم طلال كَريش وحين جاء دورالأغنية الأخيرة في الألبوم أخبرني انه كاتب هذا الشعر الذي سبق وان غناه بنفس اللحن تقريباً -- وهو لحن كنسي -- القس المرحوم يوحنا جولاغ المعروف بصوته الجميل. قال ان القصيدة طويلة والمُغنى منها هوالقليل اما حكاية القصيدة فهو ان صديقه العزيز فاضل بولا بعد ان شد الرحال مهاجراً الى الولايات المتحدة الأمريكية عانى من ظروف الهجرة القاسية فبعث بشكواه اليه ( بنيامين ) وما كان منه الا ان يكتب هذه القصيدة السباعية الوزن وعلى لسان فاضل كي يُذكِره بمرابع الطفولة وتراث القوش الثري.
مع أنين الفايولين في بداية الأغنية  يرجع فاضل الى ارض ابائه، وذلك في شهر كانون الماطر والذي برده قارس وليله حالك السواد كما تقول الكلمات. ينقطع صوت الفايولين ويبدأ طلال بالغناء من غير موسيقى ولا مؤثرات صوتية. أداءه الرائع  بنغم مقام الرست يعوض عن الموسيقى . انه موسم رياح الشمال وهي تصفع شبابيك البيوتات الألقوشية ومع هذا فان مجرد سماع كلمة  بيث دبابي هي كافية لأن تجعل من الذكرى البلسم للمضي قدماً لتكملة رحلة الذكريات الجميلة من القوش: الأم تخبز وحولها الأطفال، الأب يحكي قصص البطولات، الليل الصيفي وصدى التراتيل المنبعثة من صوب المحلة العليا التي لا تفصلها الستارات لتستقبلها  بشغف طفلة تتكئ بوجه خجول على ستارة  بيتها من ناحية المحلة السفلى.. البيدرومحصوله يفرح فاضل وفي خضم فرحته يتمنى ان يكون هو تلك الريح الذارية ليجول ويصول في محيط القوش يرصد العمل المثمر لشباب وشابات القوش.
القصيدة الأصلية طويلة جداً ولضرورة الأغنية يختار طلال بدقة ما يريد ان يضمنه في اغنيته التي في منتصفها وبين مقطعين من غنائه نسمع دقات الطنبورالهادئة والمؤثرة كفاصل موسيقي وثم يعاود طلاال الغناء من غير اي عزف، فقط صوته الصداح ولسانه الفصيح.

هذه كانت اربع اغاني من تراث القوش مكتوبة ومغناة من اخوين لم ينسا قريتهما ولم ينسا الذين زرعوا حب قريتهم في قلوبهما فنرى طلال ومن على غلاف الألبوم يترحم على والده المرحوم ممو كَريش مع القس المرحوم يوحنا جولاغ فاليهما يعود الفضل في ظهورمثل هذه الأغاني التراثية. بالمناسبة فان طلال اهدى هذا العمل الفني حسب ما جاء في الغلاف لأبناء امته وخاصة اولئك المتشبثين بتراب بيث نهرين. اما انا ما دعاني للكتابة عن هذا الألبوم فهو نقد بناء من صديقي ورفيق دربي الأخ العزيز سعيد سيبو الألقوشي الطيب الذكر والذي هو حالياً طريح الفراش واصلي وأدعو الطيبين للصلاة من اجل شفائه العاجل، فقد عرفته دوماً المحسن والمخلص لقريته وامته. سعيد الشاعر والناشط القومي الوحدوي عاتبني حين كتبتُ قبل أكثر من عشر سنين مقالة طويلة  ومفصلة عن الأغنية السريانية ولكن غفلتُ عن ذكر ولو النزر اليسيرعن الأغنية الألقوشية بينما اسهبتُ مادحاً ومنتقداً الأغنية الآثورية وكأنها هي الوحيدة المعتبرة سريانية. العتاب كان يرن في مسمعي حتى سمعتُ اغاني هذا الألبوم وأغاني اخرى للفنانين فاضل بولا وأخيه لطيف بولا وكذلك الفنان ذو الصوت الجبلي الجميل مناضل تومكا فأيقنت صحة كلام صديقي سعيد سيبو وها اني المس ثمة منافسة تحتدم بين الأغنية الآثورية والألقوشية وهي من صالح اغنيتنا السريانية الشرقية، لأن في نظري ثمة اغنية سريانية غربية متمثلة  بلهجة طورعبدين.

بقية الأغاني جاءت باللهجة الآثورية بكل تفرعاتها، واولى اغاني هذا ألألبوم جاءت هدية كلماتاً ولحناً من آشور بت سركيس وحول ذلك يسرني ان اترجم ما كتبه طلال بالأنكليزية : " الى الذي دوماً اعتبره رمزاً آشوريا وأسطورة حية بينا ، آشور بيت سركيس، اني احسب نفسي منعماً عليه ومكرماً لأن يكون صوتك العجائبي جزءاً من هذا الألبوم، وبأعتزاز اقول لك شكراً " . حقاً ان يحوي اي البوم صوت هذا العظيم هو مبعث فخر واعتزاز ، فقد دشن آشور بصوته العجائبي هذا الأصدار قارئاً مقطعاً من اغنية  " رخشو هيري/ مشاعرها التائهة " ، ليسلم راية الغناء الى طلال وهو على طريق الرمز آشور يؤدي الأغنية بامتياز رغم ان الكلمات هي ليست بلهجة القوش بل بلهجة اثورية من اورمي. الأنسجام مع الكلمات والموسيقى يبدوا جلياً من الفديو كليب لهذه الأغنية المرفق مع الألبوم الغنائي.
أغنية أخرى اعجبتني كثيراً لأني مغرم بالتراثيات وهي على ايقاع شيخاني دطورا ، اللحن موزع على بيتين رباعيين و شطر كل بيت  وزنه سباعي وجاءت الأغنية تحت مسمى " كَوري دتياري/ رجالات تياري" . من الأسم فأن الأغنية هي بلهجة تياري الآثورية ومرة اخرى نستمع الى طلال وكأنه جاء تواً من هكاري يمتدح  عدداً من رجالتها التياريين الشجعان الذين لم يعرفوا الخوف، مشبهاً اياهم بالأسود ومسمياً اياهم حسب القابهم الشعبية.
اغاني اخرى عاطفية حواها هذا الألبوم المميز لشعراء وملحنين كان بودي ان استعرضها جميعاً ولكن لا اريد الأطالة فطلال ذوّاق ويعرف كيف يختار أغانيه معتمداً على كتاب قديرين ، ملحنيين اكفاء ومعروفين، عازفين بارعيين وأخيرا وليس آخرا منظمين ( توليف موسيقي) فهم واضعوا النقاط على الحروف، ولهم الدراية في اخراج الأغنية  متماسكة مترابطة ليكون عزف كل آله في مكانها المناسب. الأمر المميز في هذا الألبوم ان لحن جميع أغانيه الأحدى عشرة هي جديدة وغير شبيهة بأخرى سابقة وهذا ما لم اجده في الكثير من أصدارات الكبار من فنانينا، اذ أراهم من بدل المجئ باللحن الجديد يعيدون صياغة الالحان القديمة بمستوى اقل جودة.
 
لا أظن ان طلال يرض مني ان اغفل عن ذكر اسماء هولاء الجنود المجهولين الذين للأسف لا يعرفهم الجمهور ومعظم اذاعاتنا للأسف تغفل هي الأخرى عن ذكر اسماءهم، هولاء الذين لم يمر ذكرهم اعلاه، من كتاب وملحنين وموسيقيين شاركوا في انجاز هذا المشروع الغنائي الرائع هم: رمسن شينو، داؤد برخو، أمير يونان، سركَون ايشا، يوسب منشي، داني شمعون، ولسن ليلو، مقصود ايشايا، ليث يوسف، عادل كَريش، نمير ديفد، روبرت يونان، رامي يوسف، كَوري هفيتاس، ياسر تنر، آشور شليمون، ايوب هاميس، مجموعة كمبا، بلنت، روبرت اسحق. كما ان هناك اسماء المجموعة الغنائية (كورس ) وشملت ادن بولس، فريد قرياقوس، ايفل حنا، طارق كَريش، سامي كَوركَيس، وسام اسكندر. كذلك ايضاً المنقح اللغوي الشماس خيري تومكا.
 
في الختام فقد سمعت من الأوساط  الفنية ان الألبوم القادم لفنانا طلال كَريش الساطع نجمه في سماء الأغنية السريانية سيكون قنبلة غنائية غير مسبوقة وهو منجز تقريباً ومن المؤمل ان ينزل الى السوق قبل نهاية هذا العام. لذا اطلب -- ان لم يكن طلبي متأخراً--  من فنانا الرائع  طلال رغم علمي ان ذلك يتطلب جهداً استثانياً وتكلفة أكثر، انه في البومه القادم ان يكتب بالسريانية كلمات الأغاني وذلك اقراراً بأهمية لغتنا التي هي الرابط القوي بين ابناء الأمة الواحدة. كما ان رجائي من القراء والجمهور الكريم بعد ان لمسوا الجهد والكُلفة الباهظة التي يتطلبها انتاج البوم غنائي، ان يشتروا دوما النسخة الأصلية لأجل المساهمة في تشجيع فنانينا لتقديم الأفضل.

هذه هي بعض روابط الأغاني من هذا ألألبوم:

http://www.ankawa.org/vshare/view/4278/draga-dkhane-talal-graish/
http://www.ankawa.org/vshare/view/4279/talal-graish-toma-tomas/
  http://www.drivehq.com/file/df.aspx/publish/hshamoun/-Goza.wavPublish
  http://www.drivehq.com/file/df.aspx/publish/hshamoun/-Athra D'Babi.wavPublish
 
                                                   حنا شمعون / شيكاغو

80
النقطة التي يريد موفق هرمز يوحنا ان يخفيها

نقاش حميم وعقيم أثارته مقالة السيد موفق هرمز يوحنا والتي جاءت تحت عنوان "عزيزي انطوان الصنا،،هل مانكيش الحبيبة آشورية؟؟" ورابطها منشور ادناه. ولأن الأمر يخصني فأنا احد ابناء منكَيش فقد كان ردي ان اثبت من ان منكَيش وأرادن هما آشوريتان حسب وجهة نظري ودرايتي بالموضوع. وفي متن ردي ايضاً تحديت السيد موفق من انه هو حفيد يوخنا وليس يوحنا وبصراحة كان لي غرض في ذلك. ثم في تعقيب ثان طلبتُ منه ان يكتب اسم جده حسب ما كانوا ينادونه في ارادن وان لم يكن هذا الأسم يوخنا فأنا مستعد للأعتذار له امام الجميع.
الأخ موفق فيما بعد اجاب ان اسم جده هو يوحنا حسب ما هو مثبت في هويته ويستطيع اثبات ذلك وكان ردي له هذه المرة مقتضباً ولكن نوهت اني سوف اكتب مقالة منفصلة عن الموضوع لأهميه ، كما ان هناك ثمة مواصفات اردت ان اضمنها في المقال وهي لا تتوافر في حقل الردود، مثل الخط المثخن والحركات العربية ولذا رأيت ان ارسل المقال منفصلاً وهو كما يلي:
 موفق، لم تجبني على سؤالي بالصيغة التي طرحتها سابقاً وهو ان تكتب اسم جدك " حسب ما كانوا ينادونه في ارادن" لكنك نوهت ان اسمه في هويتك الشخصية هو يوحنا وتسطيع اثبات ذلك، ولأنك شماس تقف فوق مذبح الرب أُصدقك  فيما تقوله لكن سؤالي  هو ما هو اسم جدك الحقيقي؟ معرفتي بأهل ارادن هي قديمة ولي اطلاع جيد بلهجتهم ولهجة عموم صبنا انهم يميلون الى لفظ الخاء اكثر من الحاء وحتى انهم يستعملون الهاء بدلاً من الحاء أحياناً لكن الأهم من معرفتي بأهل أرادن انه بحوزتي كتاب الأب عمانوئيل الريس وهو بعنوان: ارادن: ارض عدن وهو كتاب وثائقي قيم جداً فيه اثبات كامل ان لاعلاقة قوميه لقرية ارادن بالكلدان وليس هناك ذكرللكلدان اطلاقاً، اما بخصوص موضوعنا الثاني وهواسم يوخنا فأليك منه المقتطفات الأتية بالخط المثخن وسوف ادع القراء الكرام يستنتجون الحقيقة:
- قيل ان العاهل الآشوري شمشي أداد زوج الملكة الشهيرة شميرام التي كانت من المنطقة لما احتل قلعة أماد ( عمادية ) الحصينة اجتاح منطقة صبنا الطريق المؤدية الى آسيا لصغرى وارمينيا ( والتي احتلتها شميرام وتزوجت من آرا الجميل ملك أرمينيا ) اقام شمش اداد هذا موقعاً حصيناً على مرتفع " روما " وبنى قبالته في صدر الوادي ، حيث موقع اراذن مساكن لعائلات جنوده.
- اما متى دخلت الكثلكة وكيف؟ انها دخلت نسبياً حديثاً كما كان الحال مع بقية القرى وبعد انضمام قسم كبير من الكنيسة القديمة الى الكثلكة بعد حركة البطريرك مار يوحنا سولاقا الأتحادية مع روما.

يعيد الأب عمانوئيل اصل عوائل ارادن الرئيسية المعروفة حالياً وهي عوائل آل ريس، آل صنا، آل قاشا الى الأصول التالية:   
- آل ريس قَدِم جدهم الأول من منطقة كَولي او مركَا السفلى من قرية شوادان.. كان ذلك حوالي سنة 1713.
- وَ جِدُ عشيرة صنا نيسان نزح من اسبستان شرقي مدينة وان، تصاهر مع بيت الريس وأنجب خمسة اولاد.
- اما عشيرة قاشا فأبناؤها قدموا معظمهم من وادي ليزان في تياري السفلى .
- وكذلك نزح من قرية قصري في تياري السفلى القس هرمز وأستوطن سرسنك ثم منها هاجر حفيده القس هرمز الى اراذن حيث خدم كاهناً كاثوليكياً للقرية.

هذا هو الملخص في تاريخ ارادن وعوائلها وليس هناك لا من قريب ولا من بعيد ذكر الى ارض الكلدان او ملكوها --ان كان ثمة ملوك لهم-- ولا من قرى الحلة وقفار الجنوب العراقي، بل الى هجرات من قرى هكاري واورمي والمركَا القريبة. طبيعيا هذه الهجرات لم تكن اسكشافات جديدة بل انها في نظري عملية  طبيعية تتماشى مع الظروف حسب الأضطهادات والمشاكل الأجتماعية او عوامل الجفاف والأمراض  فقد كانت دوماً من والى ارادن وهكذا ايضاً من والى منكَيش او من والى القوش ولهذا اونقول اننا قومية واحدة وليس ثلاث قوميات كما يدعي الأنفصاليون، انى كانت تسميتهم!!
اما عن لهجة ارادن فبلا شك هي اقرب الى لهجة هكاري وارمي من لهجة الدشتا والقوش، اما كونها كلدانية ( قديمة) اوحلّيه ( من مدينة الحلة ) فهذا مستحيل لأن اهل الحلة اسلموا واستعربوا وليس لأرادن العزيزة اي علاقة بهم. وهكذا فان اهل منكَيش وأرادن قاطبة تحولوا لى الكثلكة ولذا فَهمُ كلدان حسب المذهب فقط وقد اعترف بهذه الحقيقة جهابذة الطائفة الكلدانية ومنهم مثلث الرحمات مار روفائيل بيداويد، الأب العلامة البير ابونا، البطريرك الجالس سعيداً على كرسي بابل ولن اخطئ ان قلت المطرانين سرهد جمو وابراهيم ابراهيم وذلك في أحاديث موثقة لهم. 
اعود الى يوحنا ويوخنا حسب ما ورد في كتاب الأب الفاضل عمانوئيل الريس. فهذه بعض الأسماء التي وردت في الكتاب:
حقل مشاهير اراذن:
- المطران فرنسيس داؤد  وكان اسمه قبل السياميذ اسحق ووالده هو القس هرمز ابن الشماس يوخنا.
- راحيل ابنة الشماس يوخنا ياقو
( راهبة من ارادن )
- الخوري اسطيفانوس بن يوخنا بن هرمز قاشا.
يكتب الأب عمانوئيل الريس عن نفسه: ولدت عن طريق الصدفة في السليمانية يوم كان والدي داؤد يوخنا بتو ريس في جيش الليوي.
في مصاف الأساتذة والمعلمين:
- ماريا شابو يوخنا ريس
المختارين الذين تولوادارة اراذن:
- شمعون يوخنا 1906-1909
- شمعون يوخنا 1913- 1924
- شمعون يوخنا 1930-1935
- شابو يوخنا 1939- 1941
- شمعون يوخنا 1950- 1953
- يوخنا يوخنا 1968-1970

في قائمة الأسرى والمفقودين
- ابن يوخنا شيخ
فقط مرة واحدة جاء ذكر اسم يوحنا  بالحاء وذلك في قائمة الشهداء اذ ورد اسم الشهيد: يوحنا دنخا حنا صنا ، كما انه ذكر اسم أخيه حاملاً للمخطوطة التي جلبها شماس القوشي عن سيرة مار زيا عام 1764: اخي الأصغر يوخنا داؤد ريس وفي صفحة اخرى ذكر: والمخطوطة في حوزة اخي حنا ريس.
سؤالي يبقى ياسيد موفق كيف يكون في زحمة هذه الأسماء المكتوبة بالخاء يعرف وينادى جدك بأسم يوحنا؟ لمذا سقطت النقطة وهل سقطت سهواً؟
 ولنأتي الأن الى اهمية الحيث والخيث. اناشخصيا اُومن ان لغتنا السريانية ( السورث ) لا تحوي حرف الخيث. والحيث هو الأصح ، هناك الكاب المركخة وتلفظ خيث مثل كخوا، ركيخا، نخبثا ،اضافة الى الى التصريفات: شموخ، شموخِن ، كثونوخ ، كثولَخ ..الخ
الحاء في كثير من المرات للسهوله وحسب البيئية تلفظ خاء وهذا يزداد امره كلما اتجهنا شمالاً في مناطق السورايي ومن هذه الكلمات الكثيرة: هي خبوشا ، خوخي ،خوبا، خمرا ، خوارا، خموصا، خليا، ملخا، خلما ، خيلابا، يوخنا، خنة وفي الحقيقة انه في اللغة المحكية فان الحاء تلفظ خاء أكثر ما تلفظ حاء.
 اما مارد في تعليقك عن التركيخ ياسيد موفق فهو عاري عن الصحة ويثبت ضحالة معلوماتك اللغوية فقد ذكرت في تعليقك ان لغتك الكلدانية الأصيلة فيها التركيخ وضربت مثالين هزيلين وخاطئين : خبوشا وخوخي. الخاء هنا ليست مركخة بل تكتب بالحاء وتلفظ خاء مثل جيم المصرية حيث يكتب المصريون جمال ولكنهم  يلفظونها كَمال، ولذا رأيتني وضعتهما في مقدمة القائمة اعلاه.
انصارك يا موفق من الكلدان الجدد والذي عرفوا قوميتهم بعد 2003-- والكل يعرف السبب -- يعتمدون على الحاء والخاء لمعرفة الكلدان من الآشوريين  وذلك لضعف ثقافتهم القومية، فكل من قال حوبا عندهم هو كلداني وكل من قال خوبا فهو آشوري ويا لها من مهزلة ان هذا التعبير جاء على لسان مؤسس الكلدانية الجديدة، وهو امر لا يخفي على المهتمين بالشأن القومي والحقيقة. المثال الثاني الذي اورده هذا الذي دق الأسفين بين ابناء الأمة الواحدة هو قوله: نحن نقول ملكثا وهم يقولون ملكتا!!!!!!!
على هذا الأساس يا عزيزي موفق انت ترفض ان يكون جدك يوخنا آشورياً فحورت اسمه الى يوحنا كي يُعتَرفُ بك كلدانياً وهنا هو بيت القصيد والقصد من ردي عليك بهذا الأسلوب. ثق يا موفق ان الكثلكة لا تفرض عليك الكلدانية مثلما لم تفرضها عليَّ وعلى الالاف من غيري الذين يخسبون انفسهم أشورين بالقومية وكلدان بالمذهب.

وكي اقطع الشك باليقين في مسألة " ماذا كانوا ينادون جدك في ارادن؟" اليك الخبرين الغيرالسارّين لك، اضافةً الى حول ما اوردتُه اعلاه من كتاب الأب الفاضل عمانوئيل الريس. كما ذكرتُ سابقاً انا اعرف من أنا وأعرف أهلي سواء في منكَيش او ارادن.
- لك ياعزيزي موفق بنت عم متزوجة من منكَيشي تعيش في كاليفورنيا وسمت ابنها البكر المولود في كاليفورنيا يوخنا تيمناً باسم جدها يوخنا الذي هو جدك!!!
- اليوم خابرت الأب الجليل عمانوئيل الريس في ديترويت واعطاني الخبراليقين وانقل عنه ان اسم جدك هو يوخنا وليس يوحنا!!!
يا موفق بالتأكيد هناك أدلة اخرى أكثر حول تسمية جدك  كما قلت سابقاً (الرب يحفظه ان هو حي ويرحمه ان كان متوفى) استطيع لوصول اليها بحكم الصلة الرابطة بين منكَيش وارادن فبنت عمي متزوجة من ارادن وأسم زوجها يوخنا شمعون وأخيه كَوركيس أعرف جيدا وقد كان زميلي في سمنير كلية بغداد. واريد ان تعلم ان بمقدوري ان انتقد كتاباتك الهزيله لدرجة ان تنقطع عن الكتابة. ولكن ايماني المسيحي لايسمح لي بذلك ، وبصراحة لك مقالات ما كان يجب نشرها خاصة وانك شماس ومراسل لغاليتنا عنكاواكوم ،وان اردت ان تبقى مراسلاً لعنكاوا كوم كما يرد في تعريفك فعليك الحياد في مسألة التسميات.
لا يهمني اطلااقاً ان تكون او تحسب نفسك كلدانياً فأنت حر في ذلك ، لكن لم استسيغ منك الأستهزاء بأسماء القديسين كما فعلت حين ذكرتني مرتين (خنا ) فأسمي "حنا " هو هدية والدتي المرحومة ولو اعطوني افضل اسم في الدنيا فلن ارغب به، انه اسم يوحنا المعمذان الذي كان له شرف تمهيد الطريق امام رب الأرباب، وهوايضاً واسم التلميذ الي اصبح فيلسوف المسيحية اللاهوتي، يوحنا الحبيب.
رابط مقالة موفق هرمز يوحنا:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=702558.0
                                                                           حنا شمعون / شيكاغو


81
اِضاءآت الى مقابلة نينوس نيراري مع أشور بت سركيس وعمانوئيل بت يونان



لا احد يعرف شخوص فن الغناء الآشوري " السرياني" كما يعرفها الشاعر نينوس نيراري، ابن كركوك مرتع معظم فناني امتنا وأالمستشار الأول عندي حين يكون لي سؤال يتعلق بالأمر، وهو مقدم برنامج "كَوني- الوان" مساء كل اثنين من اذاعة "برقالا دخويادا". ولذا فأن وجود كلا الفنانين آشور بت سركيس وعمانوئيل بت يونان كانت فرصة ثمينة ليجمعهما، وهما من رموز الأبداع الآشوري في الغناء، في برنامجة المبث حياَ. آشور بت سركيس غنيٌ عن التعريف وعلى شاكلته اختار الفنان عمانوئيل بت يونان ان يقدم الأغنية السريانية  بأفضل صورة .ومن خلال غناء هذين العملاقين  يتلمس المستمع الكريم رُقيّ هذه الأغنية اذ تحتضن الموهبة اللحن الجميل والكلمات السليمة.

أرفق مع هذه المقالة الرابط السماعي الكامل لهذه المقابلة الثمينة التي طرح فيها نينوس اسئلة مهمة على الفنانين الكبيرين وهما بدورهما أجابوا بشفافية وصدق على كل الأسئلة المطروحة. من خلال المقابلة يتعرف المستمع الى المسيرة الفنية لكلا الفنانين وخصوصية كل منهما . آشور بدأ من الكنيسة في كمب الكيلاني عازفاً عل الاوركَن ومن ثم عضوا في فرقة أكيتو الموسيقية لحين مغادرته العراق عام 1970. وعمانوئيل بدأ يغني في عمر الرابعة عشر واولى تجربته كانت مع الطلبة الجامعين القوميين في كركوك وكانت تلك نقطة البدائية نحو الأغنية القومية الملتزمة لينطلق مغنياً قومياً وعاطفياً تماماً مثل آشور بت سركيس وهو الآخر هرب من العراق في اوائل الثمانينات من القرن الماضي. من خلال هذه المقابلة يتعرف المستمع الكريم الى مدى تأثر ابن عائلة بت عمانوئيل بأبن عائلة بت سركيس ومدى الأحترام المتبادل والصداقة  الصميمية بين الأثنين، انهما تؤام الفن ألاشوري الراقي اللذان لا يمكن ان يسمحا ان ياتي البومهما باغنية دون المستوى كي لا تنعكس سلباً على سمعة الأغنية الآشورية المغناة بالسريانية  " السورث". انهما يشتركان في طبيعتهما الهادئة والروح القومية العالية التي هي فوق كل شئ وكما قال آشور في المقابلة  باللغة العربية  " انها الرسلة الخالدة" -- وهي كل ما علق في ذهنه من البعث العربي قبل ان يهرب من استبداده عام 1970-- وذلك ليس تيمناً برسالة البعث ولكن كمصطلح تَعَودَ عليه العراقيون-- اورد ذلك ضمن جوابه عن سؤال يتعلق بألأستنساخ الغير القانوني للألبومات، يريد ان يعرف الجميع  بسب هذا  التصرف المشين من قبل البائع والمشتري  للألبومات المستنسخة والرخيصة، فأنه وأقرانه المغنون لايقتنون ربحاً من جهد مضني، الأ انهم يؤدون رسالتهم القومية في حقل الغناء بلغة الأم.

ثم يأتي السؤال الحرج عبر الفيسبوك لماذا لم  يذهب آشور الى العراق في السنتين الأخيرتين كما اعتاد ان يذهب من قبل ذلك. ويأتي الجواب من ملهب الحماس في مسيرات اكيتو انه يعرف ان الآشاعات تنتقل كالنار في الهشيم، لكن ما أعاقه من الزيارة هو ثلاث عمليات جراحية خلال السنين الأخيرة ، اضافة الى امور تتعلق بالتزامات الغناء ، اذ انشغل في استراليا في تحضير البومه القادم الذي استطاع لحد ألان ان ينجز خمسة من أغانيه العشرة . زيارة الوطن بنظر آشور واجب على كل واحد منا من خلال السنة وبدلاً من ان نقضي اجازاتنا في هونولولو مثلاً فلتكن في ربوع الوطن العزيز كي نقف على أحوال ابناء شعبنا هنالك.  

اراء النقاد عند عمانوئيل بيت يونان مُرحب بها دوماً حين تكون بناءة وعلى اسس صحيحة .عمانوئيل افاد انه لا يكتب أغانيه اطلاقا بل يعتمد عل شعراء قديرين وبخصوص الألحان فله خبرته الخاصة فالبيانو هو الآلة المفضلة لديه وان احتاج الى استشارة بخصوص الألحان فان آشور بت سركيس هو الأستشاري الأول.
سؤال يتعلق بالأغاني الممتازة التي يكتبها آشور لأقرانه من المغنين، لماذا لا يحتفظ بها لنفسه. انه سؤال وجيه سبق لي ان طرحته على آشور في مقابلة سابقة لي وحينها كان المثال اغنية "قشتي مارن" التي غنتها جوليانا جندو اما الآن فغالبية مغنينا المعروفين لهم اغنية من كلمات آشور بت سركيس ومنهم حسب معرفتي : لندا جورج، جنان ساوا، عمانوئيل بت يونان، اوكَين بت سامو ،رمسن شينو، طلال كَريش. اما ما هو سبب هذه الهبات فكما يقول آشوران غايته الأولى والأخيرة هي سموّ الأمة، والأنانية هي بمثابة عرقلة في الوصول لهذه الغاية فلما لا ينبذ الأنانية ويفرح اقرانه المغنين.
الكلمة الأخيرة لآشور كانت مثل الذهب وأثقل منه على قلبه جاءت بنبرة منكسرة الخاطر. ان ما يحز قلبه في آخر سنتين وعبر "الفيس بوك" هو هذه النميمة التي صارت تغفوا على قلوبنا فصرنا في كل صغيرة وكبيرة نظهرالضغينة لبعضنا البعض ونحارب بعضنا البعض وأصبح القول المعروف، "ان لم تكن معي فانت اذن ضدي" من صفاتنا المقيتة. أضاف آشور قائلاً: ليس الأمر هكذا فالأنسان حر في رأيه والغاية الأولى يجب ان تكون سموّ الأمة، لكن آشور قلبه انقى من ان يحمل عتب على احد من الذين أساءوا اليه، فنراه يورد من خلال هذه المقابلة التأريخية ويطلب ان يسامح الرب كل من نشر أشاعة مغرضة عنه.
عجبني ما افاد نينوس نيراري عن ان احد اسباب تاخر اغنيتنا القوميه هو ان اذعاتنا تبث أحياناً أغاني دون المستوى و تسدل الستار عن أغاني المستوى الرفيع. آشور علق قائلاً ان هذا السؤال يحتاج " جريدة كاملة " ولذا اختزله بقوله ان المغني ليس له الدافع للأبداع اذ يرى ان جهده في انتاج البوم يذهب سدى عبر التزوير، هذا التزويرهو خنجر مسوم في خاصرة الفنان فكيف تراه يقدم الأغنية الجيدة. .  
الى عزيزنا عمانوئيل بت يونان القومي الأصيل الذي يعمل  بتفاني وصمت لأجل رفعة امته اكثر من تظهره لنا وسائل الأعلام والنقاد الفنيين، أطلب من جبروته الزوعاوي ان يسامحني اني لم اكتب عنه لحد الآن بما هو الكفاية ، وحتى آشور لمس هذا التحيز من جانبي حين كتبتُ عن امسيتهما في "ليالينا". أشور أخبرني في مكالمة ودية معه ان عمانوئيل هو ابن هذه الأمة ويستحق كل ما يستحقه آشوربت سركيس، ان لم يكن أكثر. بأعجاب اذكرهنا الألبوم الثالث للفنان عمانوئيل  الذي هو بعنوان " لا معروا" هو اكثر من رائع وهو رفيقي ومؤنسي خلال تنقلي في مدينة شيكاغو. الألبوم الرابع " نصيبين" اشتريته لكني ارجعته رغم شوقي البالغ لسماع أغانيه الثمينة ومنها "سامرما"، فقد كان مزوراً، ارجعته مع تأنيب للبائع، وفي هذا الصدد أملي ان يحذو حذوي كل القراء الأعزاء. اما عن تحيزي لآشور بت سركيس عن بقية فنانينا الأعزاء فأعرف جيداً ان رفيق درب آشور الفنان عمانوئيل هو مثلي ليس ما يفرحه أكثر من ان يري هذا الفنان العظيم ينال التكريم الذي يستحقه والذي وقعه بحبه واخلاصه لأمته الآشورية عبرعطاءه الفني المستمر، ولذا فان التركيز على صاحب البوم "دشتا دنينوي" واجب وضرورة حتى يتحقق تكريم آشور بت سركيس على المستوى الفني والقومي.      
وفي هذه المقابلة نينوس كان حِرَفياً وعادلاً في توجيه الأسئلة والزمن قسمه مناصفة بين تؤامي الغناء ألآشوري الحديث،ولذا فاني احييه على هذه المقابلة الممتازة، وانتهز الفرصة واقدم له امتناني في الأجابة على استفسارتي الكثيرة له، وأدعوا الجميع الى سماع برنامجه الرائع.
وهذه مقتطتفات مما ورد في هذه المقابلة التاريخية.
من كلام آشور بت سركيس:
- تاثرتُ بالمغني المحبوب ايوان آغاسي والمرحوم  بيبا.
- حين يظن ان الفنان وصل القمة فأن تلك هي نهايته.
- أحياناً من مشاهدة لقطة من فلم فاني اؤلف كلمات أغنية.
- أكثر الملحنين الذين تعاملت معهم هم ديفد سايمون "ططي" والمرحوم سورين المتوفي في لوس انجلس.
- الحمد لله انا لم يرموني بالطماطم والبيض، لكنهم ثقبوا دواليب سيارتي ب " الدرنفيس".
- لي أكثرمن خمسين أغنية شبه جاهزة كتبتها لنفسي ولأصدقائي.
- الفن هو دواء الروح، والبحر مخيف في هيجانه اثناء الليل وجميل في النهار حين يكون هادئاَ.
- انا غنيت لحن اجنبي لكن ذكرت ذلك في تعريف الأغنية.  
من كلام عمانوئيل بت يونان:
- بدأت الغناء وعمري 13-14 سنة.
- الفنان الراحل اوشانا جنو اختبر صوتي وشجعني على الغناء.
- لو لم اكن مغنياً لأخترت القانون مهنة لي.  
- اتمنى ان يلحن لي آشور بت سركيس، جان دشتو و ديفد سايمون ( ططي).
- اللون الذي افضله في الغناء هو العاطفي.
- معظم أصدقائي هم من الشعراء والموسيقين و والقوميين " اومتنايي".
- انا قومي  "اومتنايا" اكثر من كوني سياسي.
- سبب تأخر أغنيتنا الآشورية  "السريانية " هوعدم وجود وطن لنا فيه مؤسسة تعنى بالفن.
- أدعوا ابناء امتي ان يكونوا متحابين، مساندين لجمعياتهم وان يمنحوا الشبيبة الفرصة لأجل التطوير.

 للمزيد اقدم الرابط الصوتي لهذه المقابلة التاريخية:

www.ankawa.com/audio/AS1-2.mp3
                                                                                                  حنا شمعون / شيكاغو

82
آشور بت سركيس يحي امسية رائعة مع عمانوئيل بت يونان في "ليالينا"

احيا الفنان آشور بت سركيس مع زميله التؤام الفنان عمانوئيل بت يونان امسية فنية رائعة في مطعم "ليالينا" الواقع في احدى ضواحي مدينة شيكاغو. حضرتُ قسطاً من الأمسية للوقوف على غناء آشور بيت سركيس وهويغني حياً ( لايف ) وحقاً اثبت لي انه الفنان الأقرب الى الأسطورة . هيبته على المسرح، عزفه المتقن على رفيقة الدرب القيثارة الحاملة لوشم الأمة، حنجرته الذهبية، أغانيه الأزلية العاطفية او القومية كلها تؤكد وتبرهن ان هذا الفنان هو أهل لأن يلقب بالفنان الأسطورة. مشاهدة أداءه حياً وملاحظة انسجامه مع الكلمات والموسيقى هو اثارة قوية لحواس المُشاهد، تلك السمعية والبصرية والحسية، فترى ذلك المُشاهد يتجاوب مع آشور بالتصفيق او الصياح العفوي ومن يتقن الرقص يتقدم الى المسرح للمشاركة في الخكا او الرقص الغربي " دانس". هذا ما خَبرتُه من حضوري للأمسية التي سعدتُ بها جداً وانا أستمع الى آشور بت سركيس وهو يغني اغانيه العاطفية والقومية الأزلية من الستينات والسبعينات والثمنينات والتسعينات من القرن الماضي ومنها: "أهيلا يوني"،  " يا صارا ميكا تيلوخ"، "روم راما نشرا"، "هالا ليت"، " داخي قم شوقتلي" ، "دور لكسلي" وغيرها من الروائع.  أتوقع انه بعد مغادرتي للحفلة غنى أغانيه ألأزلية من دشتا دنينوي آخر اصدارته الفنية. كما استمعَ الحضور الى اغانيه الغيرالواردة في اي من اصدارته الفنية والتي سبق وأن اخبر نينوس نيراري -- في مقابلة خاصة-- انها تتجاوز الخمسين اغنية ، قسم منها كتبها لفنانين آخرين. وحتى "الخكا يقورا" كان له حصة من اغانيه، لم يسبق لي سماعها وغناها بامتياز الهبتْ حماس الراقصين --كما يظهر من الصور-- وهذه اول مرة استمع وأشاهد آشور يغني هذا اللون من الغناء وفيه يضاهي زملائه المشهورين بهذا اللون التراثي من اغنيتنا السريانية.
بعد ان اكمل آشور حصته الغنائية الى استراحة قصيرة من سهرة طويله تُوصل السبت بالأحد، تقدمت اليه ودردشت بعض من كلمات الأعجاب بشخصه وأغانيه وكان رده: اني سعيد اني ادخلت الفرحة الى ابناء امتي المسكينة.
هذا هو آشور بث سركيس الفنان المحب لأبناء شعبه دوماً. انه الفنان الوحيد الذي لم يغني اغنية بمستوى لا يليق بأغنيتنا القومية وذلك حفظاً لسمعة امته الجبارة او كانت هكذا كما يشهد لها التاريخ البشري. 
اود ان أذكرهنا انه الأحد القادم المصادف 18/ 8/ 2013 سوف تستضيف قاعة مطعم "ليالينا"  الفنان جنان ساوا، المطرب الأول في غناء الخكا.
هذه بعض الصور التي التقطتها عدستي المتواضعة من هذه الحفلة الرائعة.
                                                             حنا شمعون / شيكاغو
























83
المجلس القومي الآشوري في الينوي يكرم سبعة من ابناء شعبنا



لمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لتأسيس المجلس القومي ألاشوري في ولاية الينويس الأمريكية (متوا اومتانايا اتورايا)، وإنطلاقاً من أهدافه في خدمة أبناء شعبنا بكافة انتماءاته وتسمياته المذهبية، إرتقى هذا العام من خلال زخم نشاطاته العملية الخدمية والتعليمية بشكل خاص ليخطو خطوة جديدة في الإقدام على تثمين وتقييم جهود ونشاط نخبة من الأدباء والإعلاميين من ثلاث دول وتكريمهم في إحتفال متميز على مدى ثلاثة أيام متتالية لما قدموه من أعمال جليلة ونشاطات مجدية في عدة حقول أدبية وإعلامية وذلك على شرف السادة المكرمين وهم:من العراق- بيت نهرين بشمول الأستاذين بنيامين حداد ( أديب وباحث) ولطيف بولا (أديب وفنان)، ومن السويد كل من الأستاذ ميخائيل مروكَل ممو ( أديب وشاعر ) والسيد امير المالح ( اعلامي ومسؤول عينكاوا كوم) ومن الولايات المتحدة كل من الأستاذ يؤارش هيدو (أديب ومترجم) والسيد ولسن ملهم نرساي ( اعلامي وصحفي)، والسيدة جؤان يوسف ريحانا ( استاذة ناشطة)، وبكل أسف غاب عن الحضور الأستاذ لطيف بولا لأسباب تتعلق بالفيزا.

تجدر الإشارة هنا بأن حفل التكريم اقتصر على ثلاثة أيام.في اليوم الأول وفي تمام الساعة السابعة والنصف من يوم الجمعة المصادف 21/ 6/ 2013 تفضلت عريفة الحفل الآنسة ندى الكسندر مشيرة لتقديم انشودة وطنية ومن ثم الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء. بعد ذلك تقدم الى المنصة الخطابة مسؤول العلاقات في المجلس القومي السيد سركون يوسف ورحب بالحاضرين معلناً افتتاح الحفل الخاص، ومشيدا بجهود المكرمين ودوافع تكريمهم. والفقرة التالية من البرنامج عرض الأستاذ ميحائيل ممو فيلماً وثائقيا وبصوته الرصين باللغة الآشورية مستعرضاً نظام المدارس وإجراءات التعليم في المدارس السويدية وما يخص أبناء الجاليات بشمل رسمي. ثم تفضل الأستاذ يؤارش هيدو وألقى الضوء على مسار اللغة الآشورية في العديد من الحقب التاريخية. ومن بعده تفضل الإعلامي ولسن ملهم وإرتجل كلمته التي خص بها دور الصحافة والإعلام في حياة الشعوب من خلال تجاربه في الوطن الأم وديار المهجر.
وفي اليوم التالي 22/6 كان دور الباحث اللغوي الأستاذ بنيامين حداد الذي تبحر باسلوبه السلس والرصين مستعرضاً أهمية اللغة ودورها في البناء الحضاري والرقي الثقافي، مؤكداً فاعلية اللغة الكلاسيكية لديمومة وإزدهار الحقول الأدبية بأشكالها المتفاوتة.
بعد استراحة قصيرة تفضل الإعلامي السيد أمير المالح وسلط الأضواء على دوافع انطلاقة موقع عينكاوا كوم منذ عملية التأسيس ولحد اليوم معبراً بديمقراطية وحرية الرأي ومستقطباً مشاهير الأدباء والشعراء وذوي الإهتمام السياسي والمكانة التي حظي بها بين أشهر المواقع بحيث اصبح منتدى لكافة الأقلام وعلى المستوى العالمي.
وفي هاتين ألأمسيتين فُسح المجال للحضور لألقاء أسئلتهم على المحاضرين الكرام واستقبالهم أياها برحابة الصدر وإجابات مدعمة بالأدلة وقناعة تامة.

وفي تمام الساعة السابعة من اليوم الثالث الأحد المصادف 23/6/ 2013 خُصص لإقامة برنامج خاص على شرف المُكرمين والضيوف المدعوين من المؤسسات الثقافية والمراكزالدينية والأحزاب السياسية بتهافت ما لا يقل عن 300 شخصاً من النساء والرجال في قاعة المجلس. وبعد أن استقر الحضور في الأماكن المخصصة لهم، تفضلت عريفة الحفل الآنسة ندى الكسندر وأعلنت بدء فقرات الحفل الساهر بإنشودة وطنية تبعها دقيقة حداد على أرواح الشهداء، ليتفضل فيما بعد السيد شيبا مندو رئيس المجلس القومي الآشوري بإلقاء كلمته التي خص بها الأدباء والإعلاميين المكرمين وعن دوافع وأسباب اختيارهم، وعلى أن تكون هذه الخطوة بمثابة أساس دائم ومنطلق للسنوات القادمة. كما وتطرق السيد شيبا لمسيرة المجلس منذ تأسيسه ولحد هذه السنة مشيراً للمراحل التي عايشها على مدى سبعة وعشرين عاماً. بعدها مباشرة نوديت أسماء المكرمين لتقليدهم اوسمة التكريم بفخر وإعتزاز بين التصفيق الحاد للحضور. وفي تلك الأثناء تفضل الأستاذ ميخائيل ممو وشكر ادارة المجلس نيابة عن الأستاذ لطيف بولا الذي غاب عن الحضور لأسباب خارج إرادته كونه خص الإحتفال بقصيدة وكلمة بالمناسبة. ثم تفضل الأستاذ يؤارش هيدو وخص المجلس شكره وامتنانه بإسم الجميع على هذا الإنجاز الفريد من نوعه.
ومن ثم تبعته الأستاذة جؤان يوسف معلنة عن أهمية الإحتفال في رفع شأن اللغة الأم والأدب الآشوري في كافة حقوله، مؤكدة دور المجلس في تكثيف العملية التعليمية للغة الأم في عدة مراحل من الطفولة والشبيبة الواعية وكبار السن. وحثت أولياء الأمور على مواصلة تشجيع فلذات أكبادهم على حب اللغة وتتبع تعلمها. ولكي تؤكد ما أشارت اليه كان لها دور القدح المُعلى فيما نظمته من فقرات لتلامذتها حيث تفضلت التلميذة دانييلا ملكو وشنفت آذان الحضور بقصيدة منتقاة من قصائد الشاعر ميخائيل ممو بعنوان " ليشانا آتورايا ". تلتها مجموعة من الأطفال والشباب بعرض مسرحي حواري عن معنى ومفهوم اللغة وأسباب تعلمها والدوافع المحفزة لضرورة إستعمالها وتعلمها لإستيعابها، وقد قوطع الحوار بالتصفيق في عدة مواقف تعبيرية مؤثرة من خلال الجمل القصيرة ذات الفحوى الجوهري لحياة شعب يحتضن ديار المهجر. ثم اعتلت منصة الخطابة الطفلة بهرا خوبيار ذات الست سنوات وألقت قصيدة بعنوان " لغتنا " من نظم السيدة جوليت ريحانا قاشا.
أما الفقرة الأخيرة من برنامج الإحتفاء التكريمي شمل كلمة المحتفى به الأستاذ ميخائيل ممو الذي أعتلى المنصة ليخاطب الحضور بكلمة ختامية استعرض فيها أهمية اللغة الأم ودورها في حياة الشعوب، مشيراً مكانتها في حياة الشعب الآشوري عبر مراحلها التاريخية من خلال الأدب القومي والتاريخي والديني منذ فجر الكتابة المسمارية بالواحها الخالدة في مكتبة آشور بانيبال ولحد أن أصبحت تلك الألواح والرقم الطينية أسيرة متاحف العالم. لينتقل بعدها السيد ممو إلى مكانة يوم اللغة العالمي 21 شباط من كل عام الذي اقرته منظمة اليونسكو من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، مستعرضا أيضاً بعض الأيام المخصصة لبعض الشعوب التي تحتفي بيوم لغاتها سواء اللغات العالمية أو لغات شعوب القوميات. وبما أن اللغة الآشورية لا تقل شأناً عن تلك اللغات فلا محالة من يخصص لها اليوم الذي يحتفى بها اسوة بباقي اللغات طالما تُعد من أولى اللغات منذ مهد الحضارة البشرية. ولهذه المناسبة ومن خلال المجلس القومي الآشوري والرأي المتفق عليه تمت الإشارة بأن يكون يوم اللغة الآشورية الأم وبكافة تسمياتها الفرعية في اليوم المصادف 21 نيسان من كل عام إبتداءً من السنة القادمة 2014.
ولكي يكون الحضور على معرفة عن دوافع ذلك، أبان بأنه تم مناقشة عدة مناسبات ذات صلة بتاريخنا القديم والحديث، فتم التأكيد على ما أنجزته جامعة شيكاغو بإنجازها التاريخي على إصدارها للقاموس الأكدي الآشوري البابلي في 21 مجلداً الذي هو مصدر العديد من اللغات الذي عمل على إنجازه أكثر من 85 باحثا لغويا وأثارياً متألقاً وخبراء من ذوي الإختصاص الأكاديمي منذ عام 1921 لحين إصداره كاملاً عام 2011. وإخيتار شهر نيسان لمنابع قدسيته قوميا ودينيا، وما يحل على الطبيعة من رونق وبهاء.
وفي خاتمة الكلمة أشار بأن يكون التاريخ أعلاه رمزاً لغوياً وثقافياً إلى جانب مناسباتنا القومية التي منها الأول من نيسان رأس السنة الآشورية والسابع من آب ذكرى الشهيد الأشوري. وهنا تعالى التصفيق لتمجيد ذلك اليوم واحياء ذكراه في كل عام.
وليس لنا من شرح واف بما أشار اليه السيد ممو إلا أن نثبت ما صرح به البعض من أئمة المعتمدين من الخبراء عن ذلك الإنجاز بقولهم:
ـ " تمخضت الدراسة عن نصوص عمرها اكثر من 2500 سنة تحتوي على وثائق ذات طبيعة علمية أو طبية أوقانونية، وأدب ملحمي وتضرعات الى الآلهة، بل وحتى رسائل حب ".
ـ "أصبح بمقدورنا قراءة كلمات الشعراء والفلاسفة والسحرة وعلماء الفلك، كما لو كانوا يتحدثون الينا أو يكتبون باللغة الإنجليزية."
ـ " استنادا الى محررة القاموس البروفيسور، مارثا روث، فإن المثير هو ليس الفروقات بين مفردات الحياة قديما وحديثا، بل التشابه بينهما ".
بهذه الفقرة التاريخية اختتمت الفعاليات ليحين موعدتقديم العشاء الذي تلى صلاته نيافة الأسقف مار زيا خوشابا الوكيل البطريركي للكنيسة الشرقية القديمة، وقبل تلاوة الصلاة الربانية أشاد بالتكريم ودور المجلس القومي الآشوري بما يقدمه من خدمات لأبناء شعبنا وبشكل خاص التعليم اللغوي الذي هو اساس وجودنا في الحفاظ على تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا.
بعد العشاء كانت فرصة الجمهور الكريم للتعرف على المكرمين  وتقديم الشكر لخدماتهم الجليلة في مجالات الأدب واللغة والأعلام والتقاط الصور التذكارية معهم.
ومن الجدير ذكره بأن ادارة المجلس أصدر كتاباً تعريفياً بسيرة حياة المكرمين وإنجازاتهم باللغة الآشورية والعربية. يقع الكتاب في 92 صفحة من الحجم المتوسط، تم توزيعه يوم الإحتفال. إضافة لذلك الجناح المخصص لعرض نتاجات المكرمين التي جاوزت المائة كتاب ليطلع عليها جمهور الحاضرين على مدى ثلاثة أيام. كما وتم نقل وقائع الإحتفاء بشكل مباشر ونقل حي على القناة التلفزيونية ( ANB ) الآشورية من كاليفورنيا وعبرشبكات الإنترنيت.
وفي الختام نأمل من مسؤولي المجلس القومي الآشوري أن يعيد هذه التظاهرة سنوياً بإستقطاب من يضحوا بحياتهم وأوقاتهم من الأدباء والإعلاميين إسوة بشعوب الدول التي تبجل مبدعيها في الحقل الأدبي والإعلامي والصحفي في نشر الوعي لنهضة الأجيال المستقبلية.


 المجلس القومي الاشوري - الينوي



84
جولة في رحاب الأسبوع الثاني من "السوبر ستار" الآشوري في شيكاغو




جرت يوم الخميس المصادف 11/ 7/ 2013 الجولة الثانية من مسابقة  برنامج السوبر ستار الآشوري بحضور جمع غفير ملئوا قاعة المجلس القومي الآشوري في  ضاحية سكوكي التابعة لمدينة شيكاغو الأمريكية. وما يوجب ذكره ان البرنامج الفني هذا هو بأدارة وتنظيم المنتج الآشوري البارع يوسب بت رشو الذي سبق وان  أشرف على برنامج  ناجح من هذا القبيل قبل عدة أعوام وقد تفاعل  الجمهور الشيكاغوي مع ذلك البرنامج وكانت النتيجة فوز الفنانة ريتا البازي بتلك المسابقة وهي الآن صوت جميل يضاف الى النخبة الممتازة في حقل الأغنية السريانية.
اول ما لفت انتباهي  في حضوري لفاعليات الجولة الثانية هو ابهة المسرح  والديكور الجميل والأضواء المنسجمة مع الحدث، حيث قدم المتسابقون أغانيهم والتي كانت حسب ظني مقلدة وهي أصلاً لفنانين كبار أمثال آشور بث سركيس وسركَون كبرئيل وأيوان آغاسي وغيرهم . كما ان الهندسة الصوتية كانت في غاية الدقة والتقنية بحيث كان سماع الصوت واضحاَ سواء انبعث من ميكروفون المغني او لجنة الحكام اوالفرقة الموسيقية التي كانت تعزف من موقع بعيد من خلف الجمهور.
دشنت الفنانة جوليانا جندو الحفل بأطلالتها البهية مؤدية احدى أغانيها العاطفية القديمة التي نالت استحسان الجمهور الذي صفق لها طويلاَ. ثم أخذت موقعها مع لجنة التحكيم والتي تألفت من الفنان الموسيقي دقلت اسابي، الفنانة المطربة ليدا لاوندو، الفنان المطرب البرت اوسكار، الشاعرة مارينا بنجمين وعازف البيانو المعروف أثير يوخنا. وقد ادت اللجنة التحكيمية حكمها لأداء المتسابقين بشكل مقبول ومن غير تحيز او افراط في النقد او المدح او التصنع كما رايته من لجنة حكام "أرب آيدل" التي انتهت قبل عدة أسابيع. الفنانة جوليانا جندو كانت أكثر الحكام ليّونة مع المغنين الناشئين من أجل تشجيعهم في تكملة المشوار، كما انها لم تبخل في ايصال خبرتها الطويلة في حقل الغناء ومواجهة الجمهور بثقة عالية، وكانت محقة في ذلك حيث بدأ معظم المتسابقين متوترين وعلى مسافة معتمة من الجمهور وانعدمت تلك الوشيجة بين المغني والجمهور وكانت عيونهم سارحة بعيداً عن الجمهور الذي لم يكن بمقدوره التفاعل، الا من قبل اولئك الأقرباء والأصدقاء الذين جاءوا لتشجيع قريبهم هذا فعلّا صياحهم وتشجيعهم له كما حال معظم مثل هذه المسابقات.
في ظني ان الحكام تناولوا بعض المصطلحات الفنية باللغة الأنكليزية ، انا شخصياً لم استوعبها ولا اظن ان بقية الجمهور استوعبها ايضاً وأشك ان المغنين الناشئين قد ادركوها وخاصة وفي في حالة الأرتباك التي كانوا فيها حيث لم اسمع اي اعتراض من قبلهم على لجنة التحكيم او الأيماء بعدم قبول رأي الحكم. وفي غالب الأحيان جاء الأعتراض من قبل اعضاء اللجنة التحكيمية بعضهم مع بعض وخاصة تلك المناوشات التي سُجلت بين مارينا وليدا والتي انتهت بتبادل الورود بينهما من اناء الورد لذي زيّن طاولتهم.
وشخصياً وحسب معرفتي في تأليف كلمات الغناء فان احد الحكام أخطأ في حق احد المتسابقين حين نبهه ان استعمال كلمة " اتوريا " هو خطأ فالصحيح هو ابدال تلك الكلمة بكلمة " اتوريتا " وهي الأصح لغوياً. اعتراضي هنا يأتي ان " اتوريا " وردت في الأغنية الأصلية  بهذا الشكل لضرورة القافية ، والأغنية الأصلية هنا هي أغنية " آهيلا يوني " التي هي اغنية شعبية وقد غناها مطربون كثيرون ومنهم آشور بيث سركيس . الأهم من ذلك كله فأن كلمة  " آتوريا " يمكن ادغامها من ثلاث هجاآت صوتية، واستبدالها ب " آتوريتا " في اربع هجاءآت صوتية واضحة حتماً سوف يؤدي الى خلل صوتي في الأداء. وفي هذا الصدد ايضاً كان اعتراض او مجرد مداخلة لم يتسنى لي سماعها من فنانا الكبير سركَون كبرئيل على احدى تعليقات الحكام بعد ان قلد احد المتسابقين احدى أغانيه.
المتسابقون وعددهم (14) جميعهم ذكور الا واحدة ،وهذا يؤسف له ، كما ان غالبيتهم كانوا من شيكاغو وظهروا بهندام متفاوت بين " الجينز " وبزة الحفلات (قاط). وهذه هي اسمائهم حسب ظهورهم على المسرح: زيا زومايا، يوسف ميشو، جوني يونان، ألفن درياوش، يوسف ايشوك، رامي جنوثن، كارمن زيا ( الفتاة الوحيدة )، يونان كيفاركيس، هاني شمون، وسام يوسف، أنكيدو زيا، الين لاوندو، نينوس منصور، ونشوان نبيل الذي هو من ديترويت.
بعد هذا ارتقت الفنانة المحبوبة جوليانا جندو الى المسرح وقدمت اغنيتها المعروفة " بيريتن رنكَي رنكَي " تفاعلت فيها مع جمهور شيكاغو وعبرت فيها عن حبها وتقديرها لجمهور شيكاغو والقائمين على العمل الفني وفي مقدمتهم السيد يوسب بت رشو.

وفي الختام اعلن عريف الحفل سركَون آشور -- حسب ما قاله لي-- ان العرض القادم سوف يكون يوم الخميس المصدف 18/ 7/ 2013 في نفس المكان وفي الساعة السابعة والنصف مساءاً وسوف يكون ضيف الحفل الفنان المعروف رمسن شينو، ودعى سركَون الجمهور الى الحضور واخبار الآخرين للحضور وعدم تفويت هذه الفرصة الثمينة.

                                                       حنا شمعون / شيكاغو
    







































85

قطبا اللغة والأعلام السرياني يحاضران في شيكاغو

يوم السبت المصادف 6/22/ 2013 كان موعد الجمهور المحظوظ في شيكاغو للأستماع الى محاظرتين قيّمتين ضمن الدعوة الموجه من قبل المجلس القومي الآشوري في الينوي لنخبة من الأدباء والفنانين والأعلاميين الذين قدموا خدمات جليلة لأمتهم .
المحاضرة الأولى القاءها الأستاذ بنيامين حداد ، الأديب والباحث المعروف في حقل اللغة السريانية وكانت محاضرته عن الأشكاليات اللغوية المعاصرة واكد فيها على ضرورة التمسك  بالجذور واللغة الأصلية الموجودة في امهات الكتب الدينية والأدبية ومنها كتاب الحذرا وكزا وكشكول. او بالأقل الغرف من هذه المصادر بدلاً من استعمال اللهجات الحديثة والكثيرة المشبعة بالكلمات الدخيلة من لغات مجاورة. كما أكد على ضرورة الأعتماد على قاموس يوحد اللغة الأدبية بدلاً من استعمال قواميس تعتمد اللهجات المناطقية وهي بالطبع عديدة ومتباينة . وبعد القاء محاضرته المحدده مدتها أجاب اديبنا الكبير على أسئلة الجمهور الذي تجاوب مع أجوبته وكثيراً ما قوطع بالتصفيق المعبرعن ألأعجاب بالمعلوات التي  يخزنها هذا الحاسوب البشري العليم بكل اموراللغة والثقافة السريانية، وحتى الأمور القومية كان له دراية بها ولم تحرجه اسئلة "الشيكاغويين" المفعمة بحب القومية الآشورية فكان جوابه لها وفق منطق التاريخ واللغة المشتركة لجميع الناطقين بلغة السورث، مشدداً ان تعتمد التسمية القومية على الأرض الحاضنة لتلك القومية.
ثم جاء دور الأعلامي المعروف الأستاذ أمير المالح مسؤول موقع عينكاوا دوت كوم الذي تناول فيه نشأت والتطورات التي حلت على الموقع ليصل الى كافة ابناء الشعب الكلداني الآشوري السرياني في كافة انحاء العالم وبمعدل 70,000 زائر يومياً في الوقت الحاضر. كما ذكر ان الدخل من الأعلانات يبلغ حوالي خمسة الاف دولار شهرياً وهذا بحمد الرب هو كاف لتمشية امور الموقع. ثم تناول المشاكل التي تجابه الموقع والتي في مقدمتها الدخل الضئيل الذي لا يساعد في حصول تطور كبير في الموقع. وأيضاً تطرق الأستاذ امير الى السيطرة على الكُتاب والمدونين في الموقع من حيث المجال القومي اذ هنالك من المتطرفين القوميين الذي يريدون فرض ارائهم لمتعصبة وأردف قائلاً لكن الموقع بطبيعة الحال هو لكل ابناء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني ونحاول قدر الأمكان ان نعطي حرية الكتابة للمشاركين وبالتأكيد لنا الثقة الكاملة والأيمان بأبناء شعبنا للتفريق بين الحق والباطل، وأدارة الموقع تحاول قدر الأمكان ان تكون حيادية ومستقلة. وأضاف قائلاً ان موقعنا يلتزم الفكرالديمقراطي الليبرالي في طرح الأفكار.
بعد هذا الأيجاز عن موقع عنكاوا دوت كوم ، جاء دور الجمهور لطرح أسئلتهم على المشرف العام للموقع.
ادناه هو الرابط الصوتي للمحاضرتين ،
مع اعتذاري للأستاذ بنيامين حداد لفقدان الدقائق الخمسة الأولى من محاضرته القيمة.

http://www.drivehq.com/file/df.aspx/publish/hshamoun/V62213 T4.mp3Publish
                                                    حنا شمعون/ شيكاغو

  




























86

انا هو القيامة والحق والحياة، من آمن بيّ وان مات فسيحيا

في ذكرى مرور عامين على رحيل الشاب المرحوم الكسن بطرس

عامان مرّا على رحيلك يا عزيزنا الكسن ونحن زلنا غير مصدقين انك غادرتنا الى مثواك الأبدي . نحسبك بيننا في كل حين، بابتسامتك وطيبتك وحييوتك ، فانت حاضر معنا في الأعياد والمناسبات وفي قداس كل يوم أحد اذ  يتردد اسمك على فم الكاهن الجليل فنحسب ان روحك نزلت علينا من السماء لتلقي علينا السلام ويتبرك يومنا بذكراك العطرة.
غادرتنا في ربيع الأرض القصير يوم الثالث من أيار- شهر امنا الطوباوية مريم العذراء وفي تذكار القديسة شموني- غادرتنا الى ربيع السماء السرمدي الذي لا حساب ولا انتهاء له  لقد استعىجلت الى مثواك الأبدي وتركت عائلتك وأصدقائك وهم في لهيب الشوق اليك وانت تنعم بسعادة سماوية مع الملائكة والقديسين. رحل جسدك عنا وبقت ابتسامتك الحلوة  معنا كانك تقول اني فرح في مثواي فلا تتحملوا عبء الفراق افرحوا انتم ايضاً وأمضوا الى اشغالكم وعيشوا حياتكم اليومية فقد احببتكم في حياتي الأرضية ولا زلت احبكم وأتشفع لكم عند سيدتي العذراء القديسة كي تحسن اليكم كما احسنت اليّ.

نعم يا عزيزنا: الرؤيا التي استشعرَتها منك امك "سوزان" ووصلنا فحواها اصبحت مقرونة بذكراك، هذه الرؤيا تحولت الى لوحة فنية وشعر وأغنية. لقد انتشلتك العذراء القديسة من عذابات المرض الخبيث الذي استصعب شرب الماء عليك ، لا بل حُرِمتَ منه بوصية من الأطباء . لا من أحد استطاع ان يرحم بحالك وانت تسجدي ان يبلل الماء شفتيك وحاول ابيك " ايليا" خلسة ان يخفف عطشك الأرضي بمنديل مبتل ولكن عطشك كان أكبر من يرويه ينبوع ارضي فأتتك العذراء القديسة تدعوك الى ينبوع سماوي يروي كل عطش ومن ينهل منه لا يعطش ابداً .
أصدقائك الذي كنت محاطاً بهم في الرؤيا لا زالوا على العهد معك فقد أصبحت مثالاً لهم ولن ينسوك ابداً ، في صلواتهم ومناسباتهم وفي ذكرى رحيلك الثانية دعتهم امك الى جلسة سمر وعشاء سوية مع ذكراك التي لن تزول من مخيلتنا ابداً. حقاً يا عزيزنا الكسن ان أبتسامتك الآرضية تشعرنا بانك فرح في مثواك الأبدي.

ياعزيزنا الكسن في ذكرى رحيلك الثانية  نقول: سلام ارضي الى روحك الطاهرة التي هي في سلام أبدي.    

رابط قصيدة من تاليف حنا شمعون وغناء الفنان القدير شابي لاوندو.

http://www.ankawa.com/sabah/alexn1.wmv
    
 رسم الرؤيا التي حدثَ بها الكسن والدته سوزان بطرس وهي بريشة الرسام ماهر من شيكاغو:

طوبى لمن اخترته يارب ليسكن ديارك الى الابد

                                                                                    حنا شمعون / شيكاغو

87
مسيرة اكيتو في مدينة شيكاغو

في جو بهيج ومشمس توافد ابناء شعبنا الآشوري ( السورايي ) في شيكاغو وضواحيها الى شارع  الملك سركون الثاني في شمال المدينة وذلك لمشاهدة الأستعراض السنوي لمسيرة اكيتو التي تنظمها الجمعيات الآشورية لمناسبة عيد اكيتو الذي هو رأس السنة البابلية الآشورية  6763 . الحضور هذه السنة كان اكثر من تلك السابقات، كما ان المواكب المشاركة كانت اكثر عدداَ وأفضل تنسيقاَ ورونقاً.
تقدم المسيرة  رجال الدين الأفاضل ورؤساء الجمعيات الآشورية وعدد من مسوؤلي مدينة شيكاغو وقد رفعت الأعلام الأشورية وأعلام زوعا بكثافة تعبرعن حب المشاركين لقوميتهم . كما ان الحضور ،رغم البرد المعهود لمدينة شيكاغو في مثل هذه الأيام، كانوا من مختلف الأعمار، اطفال وشباب وكهول وقد بدا على وجوهم الفرح والفخر لأنتمائهم الآشوري .
مبروك اكيتو ، رأس السنة ابابلية الآشورية ، على الأمة الآشورية اينما كانوا.
وكل عام والأمة الآشورية  بخير، وبيت نهرين ينعم بالسلام وألأزدهار.
   

88
شعراء شيكاغو يشاركون في احتفالات اكيتو

اليوم الثاني من احتفالات شعبنا الكلداني الآشوري السرياني في شيكاغو للعام البابلي- الآشوري 6763  كان موعد الشعراء في هذه المدينة المهجرية كي يلتقوا جمهورهم  ليسمعوهم ابداعاتهم الشعرية. أغلب القصائد جاءت مستلهمة  بين سطورها وفحواها من جمال نيسان الذي حلّ على الطبيعة --وخاصة في بلاد النهرين-- لتفتترش الأرض بخضرة دائمة مزركشة بانواع الأزهار البرية الملونة ومنها شقائق النعمان الأحمر والبيبون الأصفر ، فقد ولى الشتاء  مع برده القارس وأعتدلت الحرارة كي تذوب الثلوج من أعالي الجبال ويخرج الفلاح نشطاً الى حقله يحرث ويزرع وبعد مايقرب الشهر سوف تتحول البذور هذه الى سنابل تتماوج بأنسيابية موسيقية مع نسيم الهواء العليل حتى تتحول فيما بعد- في فصل الصيف- الى حنطة ومن ثم قمح والى خبز الحياة الأرضية. انه التجديد الواجب للطبيعة  كي تستمر في دورتها ، ولآن الأنسان النهريني كان صاحب حضارة كوكب الأرض فقد كان اول من أحس بهذا التغيير واتخذها مناسبة للأحتفال لمدة اثنا عشرة يوماً يمزج فيها الفرحة بالأصلاح السياسي والعدالة الأجتماعية. وتذكر النصوص التاريخية ان الملك في أحد هذه الأيام الأثنا عشر كان يتنازل عن عرشه ليستقله واحد من ابناء الرعية البسطاء والغاية هي ان يحس الملك بالام رعيته. ما أشبه هذا بالآلآم التي قبلها المسيح من أجل رعيته وفي نفس هذه الفترة حيث القيامة المجيدة تتزامن مع اكيتو ، عيد تجديد الطبيعة. ليس هذا محض صدفة بل ثمة علاقة  بين المناسبتين المتشابهتين في الجوهر، واعجب من ذلك جاءت تسمية " سواريي" فيما بعد لتدمج المناسبتين، ولتعني الآشوريين المسيحيين.
هذه كانت محاور معظم القصائد التي تليت في هذه الأمسية، رابطة هذا المحاور مع امنيات الشعراء للشعب الآشوري – حسب تعبير معظم المشاركين— في عودة هذه الأمة العريقة  لتعيش حرة  كريمة ومعترف بها في موطنها الحقيقي بيت نهرين، الموطن الذي يتميز فيه الأول من نيسان، رأس السنة البابلية الآشورية بأهمية خاصة.

القصائد التي القيت في هذه المناسبة ،والتي جرت وقائعها على قاعة المجلس القومي الآشوري " متوا " ، كانت حقاً بمستوى الحدث النيساني العظيم، ولا خير في امة تفتقد الى الشعراء والمفكرين. الشعراء المشاركون هم من خيرة شعراء شعبنا الكلداني الآشوري السرياني " السورايي" وقد أثبتوا ان لغتنا السريانية " السورث" هي بخير وحية ومفرداتها التي بعض منها قديم قِدم أكيتو وقدم اسماء الأشهر والفصول التي مازالت مستعملة لوقتنا الحاضر، وان بأمكان هذه اللغة التي شرّفها المسيح بنطقها ان تواكب العصر وهي رائعة وجميلة حين ينظم بها الشعر.
 
الشعراء الذين اتحفونا بقصائدهم حسب ترتيب الصعود الى المنصة كانوا كل من:
الشماس شموئيل دوباتو، حنا شمعون، هومر آشوريان وقد قرأ من قصئد الشاعر جان الخص، نينوي ابراهيم القادمة حديثاً من سوريا، هرمز يوسب، يونان هومه، روبن بيث شموئل القادم من نوهدرا- العراق، شوشن سركيس، وأخيراً نينوس نيراري الذي كعادته كان مبدعاً في ادارة فقرات هذه الأمسية الرائعة والتي أضاف اليها رونقاً وجمالاً بتعليقاته المشوقة حول أكيتو وطقوسه وممارسته، وذلك بأستعماله لغة سريانية أدبية لا تقل صحتها عن تلك المستعملة في القصائد الملقاة.
رغم ان الجمهر الحاضر كان قليلاٍ نسبياً وربما يعود ذلك الى برودة الطقس في شيكاغو ولكن كما قالها نينوس في الأنتظار الطويل لبدء الامسية --حتى يتاح للمتأخرين حضورها— اذ قال ليس عدد الحاضرين مهماً لان وقائع هذه الأمسية بفضل التكنولوجيا ستكون في متناول الكثير من المستمعين والمشاهدين في كافة انحاء العالم. وفعلاً كان حضور قناة عشتار وكاميرا مركز الأعلام الآشوري التابع للاعلامي ابن الجالية المعروف، يوسب رشو،  ليسجلوا وقائع هذه الأمسية الزاخرة با لقصائد الرائدة. كما اننا بدورنا نقدم لمتصفحي غاليتنا عنكاواكوم التسجيل الكامل لهذه الأمسية الشعرية الثمينة، وذلك على الرابط الصوتي الاتي:

http://www.drivehq.com/file/df.aspx/shareID10860120/fileID1358812763/sheri4213.MP3

وأيضاً نقدم عربون وفاء للشعراء المشاركين وجمهور الحاضرين هذه الصور الملتقطة بكامرة متواضعة لتسجل بقدر المستطاع ما جرى في هذه الأمسية التاريخية التي يؤسفنا ان نقول ان الكثير من الوجوه المعتادة غابت عنها وفاتتهم فرصة يتمناها الكثيرون ولكنهم ليسوا من سكنة مدينة شيكاغو.      




























89
في فديو كليب جديد: جوليانا تغني "كوري كاوانا"



 أطلقت مؤخراً اميرة الغناء السرياني ، الفنانة المحبوبة جوليانا جندو اغنية سجلتها بطريقة الفديو كليب بعنوان "كوري كاوانا" وذلك وفاءاً منها لقرية والدها رابي ايشا جندو. أُنتجَت الأغنية من قبل Nineveh Productions ، ومن اخراج المبدع جيمي اوسبانا.
  الأغنية، كلماتها من تاليف الشاعر داود برخو وموسيقاها من تلحين الفنان جوني يوخنا . المشاهد التصويرية اخذت في شيكاغو الأمريكية وقرية كوري كاوانا في شمال العراق. الأغنية والفديو كليب هو اهداء جوليانا لأهل "كوري كاوانا" وهي قرية سكنها الآثوريون الذين أصلهم من تياري ومعروفون بالشجاعة والطيبة والبساطة. الأغنية تمجد بطولات رجالها الميامين من آحفاد الآشوريين القدماء، والمثل المعبر عن ذلك هو عائلة ملك جكو التي منها ا لبطل الشهيد هرمز ملك جكو وأخيه المرحوم كَوركَيس (كَيّو)، اللذين على الأخوة الأكراد تسجيل أسمائهم بماء الذهب لتضحياتهم الجسيمة وأخلاصهم المتفاني في الثورة الكردية ضد الظلم والطغيان والتمييز العرقي.
المخرج البارع يظهر في احدى اللقطات المؤثرة جوليانا جندو وهي داخل كنيسة مارت شموني القديمة العامرة لحد اليوم رغم كل الهجرات وظروف الأقتتال التي حلت على ساكني كوري كاوانا ، والتي بنيت بشكل بسيط في عام 1926، وتقول جوليانا ان هذه الكنيسة لها مكانة خاصة في قلبها حيث ان جدتها "نيمو" قرينة  جدها "رب اما"  جندو كانت ترتادها يومياً للعبادة والصلاة. كما يظهر المخرج لقطات لجميلات كوري كاوانا وأشتياق اهلها المغتربين للسفر الى قريتهم ومنهم رابي ايشا جندو وعائلته  حيث ان سائق الحافلة ( جوني يوخنا ) ينادي على الركاب " شا تسقخ" التي هي ماركة مسجلة بأسم اهل تياري.
تحية لأميرة الغناء السرياني التي تُحب قريتها مثلما تحب بقية قرى " السورايي" وتتغنى بهاجميعا، لأن هذه القرى هي موطننا الذي لن ننساه.
رابط الفديو كليب:

http://www.ankawa.org/vshare/view/3728/juliana-jendo-korehgawana/
                                                                              حنا شمعون/ شيكاغو


90
روح الراحل جورج هومه تعود الينا في " شلاما دقلت"




منذ صدور البوم دشتا دنينوي للفنان آشور بيث سركيس عام 2008، لم احظ بسماع البوم غنائي-- مكتوبة أغانيه-- يدغدغ أحاسيسي ويحرك قلمي كي اكتب عنه. بحثت طويلاً عن الالبوم الصادر للفنان المرحوم جورج هومه في خريف 2012، الذكرى الثانية لرحيله من عالم العمل الدؤوب وا لعطاء الى عالم الراحة والثناء. في رحلة البحث هذه أثقلت مصرف جيبي  بشراء عدداً من الالبومات لفنانينا الجدد والقدماء لكن اقتنائي منها لم يتعدى عدد قليل من الآغاني  التي تستحق السماع  وتستحق المكوث داخل سيارتي وتكون وقود ذهني المتعب من هموم العيش في مدينة كبيرة مثل  شيكاغو.
في حياته  الأرضية اعطى هذا الفنان جورج هومه كل ما في امكانيته لا بل انه كان سخياً في عطائه  لدرجة ان بذل ذاته من اجل فنه ولمنفعة ابناء امته الآشورية اينما  كانوا حتى يستمعوا الى درر فنية تبقى ازلية، وفاءاً منه لأبناء امته وارتقاءاً بالفن الغنائي لامة تستحق بذل الذات لأجل الرقي بها من حيث انهاا أقدم امة عرفت الموسيقى. بعد شهرين من العناء والبحث حصلت على الالبوم الغريب في صدوره. نعم البوم لأغاني جديدة يصدر لفنان بعد رحيله بسنتين لهو امر غريب وعجيب. اما كيف حصلت على الألبوم فلم يكن عن طريق دار التسجيلات او مخازن ابناء شعبنا، لأنه غير متوفر عندهم، بل جاءني هدية من النجم المتلألئ في سماء الأغنية السريانية ( السورث - الاشورية الحديثة) ، الفنان سركون يوخنا الصديق الوفي للراحل جورج هومه والمروج الكبير لفن صديقه.
 
يحوي الألبوم العجيب هذا على ثمان أغاني موسيقية ولكني أحسبها تسع فالأغنية التاسعة وهي افضلها هي تلك الكلمات التي سطرها على الغلاف الذي جاء مع الألبوم. الكلمات تقول: " دائماً كنت اؤمن ان المشاعر المنبعثة مباشرة من القلب بأخلاص نقي، انها تحط مؤثرة في قلوب الجمهور." مثل هذه الكلمات المكتوبة بالانكليزيه ضمن رسالته الوداعية لأبناء امته الآشورية هي أغنية عَزفها على اوتار قلبه الطيب وغناءها من حنجرة  بصوت مكتوم . هذا الغناء الفريد من نوعه لم يصلنا عبر سماع الأذن بل انه قفز ذلك الحاجز لتصل قلوبنا نحن الجمهور الذي صُعق بفقدان هذا الفنان العظيم.
من كلماته الوداعية ايضاً :" لا اعرف ايهما ايقنتُ اولاً معرفة  اسمي ام شغفي بالموسيقي والغناء" اي انه شغف بالموسيقى منذ نعومة أظفاره. ولذا كانت الموسيقي والغناء كل شيء في حياته فتعلم العزف على مختلف الآلات وبدأ الغناء في مقتبل عمره. ولكن جورج ذو القلب الرقيق والقومي ( اومتنايا) المخلص وجد في هاتيت الصفتين عنواناً لأغانيه فأستثمر جُلّ جهده الغنائي في هذين الحقلين وأبدع وايّ ابداع!! وفي هذا  الصدد يقول الفنان سركَون يوخنا عن صديقه وقدوته جورج هومه حين زار الأخير سوريا في عام 2004: التقيت به وتعرفت عليه عن كثب ، لقد كان ذي مشاعر جياشة حقيقية يبكي كالأطفال لأن الزمن يمر سريعاً في حين انه هو واقرانه من المغنين لم يؤدوا رسالتهم كاملاً لخدمة الأغنية الآشورية ورفع سمعتها.

جورج هومه أيقن موهبته الموسيقيةً ولذا استغلها لخدمة امته فكرس معظم حياته للموسيقى ولأجل ذلك أنمى موهبته هذه ودرس الموسيقى في المعهد الموسيقي الأسترالي حيث كان يقيم مهاجراً في القارة البعيدة عن بيت نهرين، عشقه الاول والاخير. تعلم العزف على معظم الالآت الموسيقية ومنها الفايولين وهي الأعز الى قلبه، العود، الكَيتار، البيانو .. وقد استخدمها  جميعاً مقرونة مع صوته الملائكي  المشحون  بالعواطف الجياشة.
موسيقى هذا الألبوم تعتبر سمفونيات عشق ومحبة وحقاً ان جردنا الغناء من الموسيقى التؤليفية فالنتيجة هي سمفونيات للسمع والمتعة، وقد سهر الليالي في تأليفها. عشر سنين استغرقت جورج كي ينتج البومه هذا . الموسيقى كانت كامله ومعها الردات اللازمة، فقط كان عليه ان يغني البقية من أغنيتن ثم يتم تركيب الغناء على الموسيقى المجهزة وينتهي كل شي ، لكن يد المنون كانت تنتظره وداهمته وهو في خضم شغله وهكذا سقط شهيدا للفن الذي أحبه منذ الصغر.    

جورج هومه لم يكن مغنياً يجمع الأغاني ويكثرها كمًاً بل كان ينتقيها كي تكون نوعية بحيث تمتزج الكلمات بالموسيقى امتزاج الماء بالطحين وفي هذه الحالة لا ينسى ان ينفح جزءاً من روحه السامية خميرة حتى تنتفخ عجينته وتنتج خبز الحياة. وبكلمات الفنان المرحوم جورج هومه وهو يخاطب جمهوره كما جاء في مقدمة الألبوم الذي نحن بصدده: "مثل الخمر الجيد لا بد ان يُعتق حتى يختمر جيداً، فلقد استغرقتُ سنيناً كي انتج هذا الألبوم، ووضعت فيه قلبي وروحي كي تستمتعون به." آخر اصدار غنائي له كان عام 2000 ، وهكذا فانه البومه الأخير  والذي جاء بعنوان " شلاما لدقلت " استغرق عشر  سنين لحين ان وافاه الأجل ولم يكن مكتملاً بعد لكن اخويه جان وجاك مع أصدقاء المرحوم وهم ريني دانييل وآشور اوراهم حاولوا كل  امكانيتهم ان يملئوا الفراغ الذي تركه جورج لأكمال ما تبقى من الألبوم الذي بين ايدينا واستغرق ذلك قرابة السنتين واستطيع ان اقول ان ذلك كان جيداً اذا أخذنا  بنظر الأعتبار صعوبة ملء الفراغ الذي تركه المرحوم والموهبة الفنية التي كان يملكها.

كما اسلفت فان الأغنية التاسعة حسب تصنيفي كانت مقروءه وقد حاولت تقديمها أعلاه اما بقية الأغاني فهي ثمان اَتم منها المرحوم ست أغاني . الأغنية السابعة وهي تحت عنوان " راوي " فقد أكملها شقيقه جاك بعد ان كان المرحوم قد وضع موسيقاها مع التؤليف الموسيقي لكامل الأغنية وغني ردّتها، وقد اجاد جاك في تكملة الأغنية ويبقى على المستمع ان يلاحظ الفرق. في تصوري ان جاك اجاد لأن الأغنية هي تراثية وموسيقاها شعبية مما يسهل تقليدها. اما الأغنية الثامنة والأخيرة وهي بعنوان " ريما دطوراني " اي ريم الجبل فهي سمفونية حبه لكل من شريكة حياته وأمته الآشورية. فيها كلمات صعب عليّ تفسيرها بعض الشئ وكلماتها هي ثمرة تعاون بين المرحوم جورج هومه وعمه الشاعر المعروف آدم هومه الذي يقول جورج عنه بانه  يشبهه في تتطلعاته كثيراً وهو شاعر لامع  وانه هو – اي جورج —مدين لعمه في الكثير من نجاحاته . هذه الأغنية تمثل جزء من تراجديا وفاة جورج حيث انه غنّى الردة فقط اما بقية الاغنية فكلماتها وردت كاملة على الغلاف  لكنها غير مغناة في الالبوم. لم أسال عن السبب، لكن حدسي ان جورج توفي ولم يكمل غناء بقيتها، وقد اراد منتج الألبوم بعدم تكملتها ان يقول لنا: لقد سقط جورج شهيدا لفنه وتوقفت حنجرته الذهبية عن الغناء. واذا رجعنا الى حكاية الوفاة المعروفة، فان جورج كان  يعمل على انجاز البومه وهو في الأستوديو الموجود في بيته وحين شعر بالأرهاق القاتل خرج حيث الى فناء الدار وحقيقة الأمر انه كان يعاني من سكتة قلبية اودت  بحياته وهذا ما  حدث حسب رواية ألشخص الي كان معه في البيت ,اظنه  ابنه أو أخاه الصغير جاك.  بهذا الصدد كتب جورج  : "سهرتُ الليالي مع القلم والفايولين وحب امتي الاشورية وانا أكتب واغني.. أعيد الكتابة  اوالغناء مرّة تلو المرة ولا  أقبل بالنوم ..حتى  تكون النتيجة موفقة وأغفو على دموع الفرح او الحزن."
أعود الى الأغنية الثامنه التي حيرتني كثيراً في تفسيرها والتي غنى جورج ردّتها مع موسيقى ابداعية حيث تستفسر الكلمات من هي هذه الجميلة التي مشيتها غنج في غنج. في البيتين التاليين تجاوب هذه الجميلة، وفي متن جوابها مرة تصف نفسها ريم يجول في الوطن الآشوري  ومرة أخرى - البيت الأخير-- تبدو ان هذه الجميلة هي أميرة أحلامه التي أصبحت زوجته وأم أطفاله. لكن الكلمات أتت  مؤلمة حقاً في جواب أميرة أحلامه التي شبهها بريم جبال آشور: من غيرسابق انذار رحلتَ عني وسقطتَ –ميتاً-- كما يسقط ورق الشجر في الخريف.
لآ أدري ان كان هذا السطر قد كُتب قبل او بعد حادثة الوفاة، لكن بلا شك انه يسطر تراجيديا الرحيل الفجائي لفنان عظيم، وأملي ان تغنى هذه الكلمات على الموسيقى التي وضعها الفنان جورج وشارك الشاعر الكبير آدم هومه في تاليف كلماتها وأقتراحي ان يغنيها من جديد الفنان سركَون يوخنا. والسيناريو الآخر  لنشر هذه الأغنية ان تبقى الردة كما غناها جورج وتشارك الفنانة القديرة جوليانا  جندو في تكملة البيتين الاخرين حتى تكون نهاية تعبيرية لفلم " وردي ديشي " الذي  كان بداية تعريف جورج هومه على جمهوره قبل اكثر من عشرين عاماً.
كما ان كلمة "تيي تيي ةئِا ةئِا، فقد ترجمتها غنج في غنج وقد اكون مخطئاً لكني اعتمدت هنا على سياق الكلام ومن ثم اني أتذكر طيراً في قريتي منكَيش كنا نسميه " تي تيا " حين كان يمشي على الأرض وكان حركته بغنج ملحوظ.

ثم هناك الأغنية التي حملت عنوان هذا الألبوم وهي " شلاما ل دقلت - سلام على دجلة " وانا شخصياً احسبها أعز الأغاني على قلبي لأني أعرف دجلة جيدا وقد مشيت عليه كثيراً من فوق الجسر الحديدي في مدينة الموصل وهذه الأغنية تؤجج في داخلي تلك الذكريات الجميلة والحزينة عن النهر الذي اسميت ابني "دقلت" بأسمه. جورج هومه قبل رحيله بعام ونيف كان قد زار العراق وذلك في نيسان  من عام 2009  ليغني في الأحتفال  المقام سنوياً لمناسبة بداية السنة البابلية الآشورية ( اكيتو ) ولابد انه وقف على النهر العظيم الذي يروي أرض آشور وتأمل في ميائه طويلاً ومن ثم الّف موسيقى هذه الأغنية  وبعد ذلك كتب الكلمات الحزينة لموسيقاه لتصبح هذه الإغنية القومية شكواه الى القدر الذي جعله غريباً في موطنه. ايقاع موسيقى هذه الأغنية قوي جداً وصوت الطبلة يرمز الى الندب لدرجة ان المستمع يستطيع تميز دقتين قويتين للطبلة حين يلفظ جورج اسم النهر" دَق..لَتْ " كما  ان المستمع يستطيع ان يميز بسهولة الأصوات المختلفة في غناء هذه الأغنية وأحداها يبدو انه صوت آت من بعيد .. ربما  من سدني، استراليا، وذلك حين يغني المقطع: غريباي بشلن بدوني وهر بد بيشوخ غريباي .اي اننا  أصبحنا غرباء في الدنيا وسنظل غرباء.  

أغنية أخرى هي على ايقاع شرقي راقص وتغني المجموعة ردّتها، وهي بعنوان "بسا من كَشقياثخ- كفى من نظراتك". في هذه الأغنية يصف مع الموسيقى الملائمة العيون الساحرة والشعر المعطر والقوام الممشوق لفتاته التي دعته للرقص معها في الخكَا. انتهى الخكا لكن يديهما المتشابكتان ظلتا على حالهما.

الأغاني الاربعة الباقية هي التي سهر عليها الليالي كم سبق وان اخبرنا بذلك وهي كامة مكملة وفيها الموسيقى الكلاسيكية التي الفها على حسه واحساسه وفيها عزف الاته المختلفة وأحبها الى  نفسه الفايلين. يمكن ايجاز المقصود في هذه الأغاني التي يحاور فيها نصفه الآخر بأربع محاورهي اعمدة عش هذا السنونو الذي سيحل بينا في كل  ربيع.. وهذه المحاور هي: الاشتياق،  المديح، العتاب، واخيراً المغفرة . وقد انتقيت الأشتياق وهي الأغنية الرابعة في  هذا الألبوم وجاءت تحت عنوان " تا خبوقلي- تعالي احضنيني". فيها يعرب عن اشتياقه الى شمس حياته وضياء عينيه  فيطلب ان تأتي اليه فهو فقد اشتاق اليها، وكم هي فرحته ااذ اتته في الربيع  " بينيساني " وملات حياته اخضراراً وفرحاً.

جورج هومه رحل  عنا ولم يرحل معه نتاجه الموسيقي والغنائي الذي سيظل يذكرنا بفنان عظيم احب امته وبذل ذاته لرفع سمعتها.
حين قرأت نبأ وفاة المرحوم جورج هومه، كتبت مايلي على صفحات عنكاوا.كوم:
هزّت جوانحي عنوان النبأ المفاجئ واثقل قلبي الحزن وانا  أقرأ تفاصيل  الخبر المؤلم. حقاً صعقني خبر رحيل الفنان الغالي على قلب  كل آشوري، خاصة ونحن نعيش هذه الأيام مع فاجعة كنيسة سيدة النجاة.
سنبقى وستبقى الأجيال من بعدنا تتذكر بكل  تقدير فنان الأمة الآشورية جورج هومه. سوف نستمع الى أغانيه ونستلذ بها  فرحاً وحزناً وتلتهب مشاعرنا وملئها  هواجس الأمة المُغرّبة عن وطنها. واحدة من تلك الأغاني العظيمة التي خطها قلمه وغناها هي " مركَي قيني" التي فيها حبي، قريتي، وطني..وكل  أمالي لتُخلد ذكراه في مخيلتي دوماً.
لقد سطر فقيدنا الغالي اسمه ومن خلال فنه الرفيع في سجل الخالدين الذين قدموا خدمات  جليلة لأمتهم.

لأعزائنا القراء وكل محبي الفنان العظيم جورج هومه اقدم  الرابطين لأغنيتين من هذا الألبوم هدية ليست مني بل من روحه التي زارتنا عبر هذه التحقيق، لأني اعرف جيداً ان الذين يتوقون الى  سماع ألبومه عليهم الأنتظار طويلاً. وهنا اود ان أحث المنتجين لهذا الألبوم العجيب ان  يسوّقوه الى ابناء شعبنا قريباً ويهدون بعض النسخ الى الأذاعات ووسائل الأعلام كي تبقى ذكراه عطرة  بيننا على الدوام.  


http://ankawa.com/sabah/04_Ta_Khpoqly.mp3

http://ankawa.com/sabah/06_Shlama_Deqlat.mp3


                                                                                              حنا شمعون / شيكاغو
  



91
ملك الملوك وعظمة التواضع

قريباً يحل علينا  عيد الميلاد وها قد استعتدتْ له البشرية كلها:  زينة ، هدايا، حفلات ،زيارات، اضافة الى عطلة مدارس ، قداس منتصف الليل ويتضمنه نار الرعاة.
 ملك الملوك الذي سَبّحت له ملائكة الرب قائلة المجد لله في العلى وعلى الارض السلام ، لم يولد في قصر او حتى  بيت اعتيادي ولكن في تلك المغارة  المتواضعة التي لا يُتوقع حتى لأفقر الفقراء ان يرى النور فيها. لا حاجة بنا ان نذكر قصة الميلاد فالذين يعرفونها عليهم ان يستخلصوا الدرس منها، والذين لا يعرفونها وهم الغالبية بما فيهم الذين يعرفونها  ولم يستخلصوا الدرس منها فاليهم اكتب مقالتي هذه.
الى نفسي اولاً اقول، ثم الى كل مسؤول وصاحب جاه او من يبحث عن الشهرة من كتاب ونقاد وسياسيين، اننا لسنا ولا  نقطة في بحر  من عظمة هذا الذي ولد في مغارة متروكة ليس فيها غير التبن، بدلا من ان يولد في قصر فخم يعد افرشته الوثيرة  طاقم من الخدم.
مَن مِن أصحاب العروش او الأسماء المشهورة استطاع ان يجلب معه حين  ولد - او ولدت- جوقة من الملائكة تسبّحه وتمجده، ولمن يصعب عليه تصديق هذا ، من منكم يستطيع ان يقيم جسده في اليوم الثالث ويصعد الى السماء. ومن لا يصدق هذا ايضاً، من منكم او منا يستطيع ان يشفي المرضى ويرجع البصر لمن فقده  منذ الولادة ويفعل كل هذا وهو ليس بطبيب بل مجرد صياد سمك. هذا الأمر الذي دوّنه بشكل متطابق اربعة كتاب لم يتشاوروا  او يتفقوا على تدوين ما رأؤوه، بل كل ذهب غايته وهناك كتبوا اناجيلهم، كل باللغة التي يعرفها. ومن لا يصدق هذه الحكايات التاريخية المدونة منذ عهود المسيحية الأولى،  فاني ارجع الى مقدمتي عن عيد الميلاد. لماذا تحتفل الدنيا كلها بميلاد الملك الحقيقي، ملك الملوك. ومرة أخيرة ان كان لا يقنعهم كلامي هذا، قائلين:  فقط المسيحيون يحتفلون بعيد االميلاد المجيد ( الكريسمس). هنا اوصي قاري مقالتي هذه ان لا ينبس بنت شفة ويعترض فالحجة  التالية دامغة ومقنعة، الا لأولئك الذين ليس لهم عقل او منطق وان ولدوا في هذا العالم فأنهم ليسوا من هذا العالم،  لهؤلاء القلة اقول: كيف يكون هذا الذي لم تُسبح له الملائكة ولا قام من الاموات ولا صعد الى السماء، ولا شفى المرضى ولم يرجع البصر الى فاقديه كيف يكون له كل هذه الخصوصية في هذا الزمان وبعد أكثر من الفي سنة. الى هذه القلّه أقول: اذن كيف تحتفل الدنيا وتعد تاريخها على اساس هذا الذين لا تعترفون انه ملك الملوك. من منكم لا يعرف تاريخ ميلاده مقارنة بتاريخ ميلاد ملك الملوك الذي تقوم الدنيا ولا تقعد على ذكرى ميلاده. انه الافضل لكم ان تعيشوا في الحَجْر العقلي على القمر او المريخ  من ان تعيشوا على الأرض وانتم لا تفرقوا بين الحق والباطل، بين الشر والخير، بين الحرب والسلام وبين تأثير ميلادكم وتاثير ميلاد ملك الملوك، يا ايها التائهون في عتمة الظلام  .

كثيرة هي أقوال وافعال ملك الملوك عن المحبة و التواضع والوداعة لكن في هذه الأيام التي هي ذكرى ميلاده فلنتعلم منه اهمية التواضع والتنازل عن كبريائنا او الأنانية التي في ذواتنا او الشهرة الزائلة وخاصة ان كانت بغير استحقاق. ان  نتباهى بالمنصب او الجاه او الملبس ونترفع عن قريبنا الفقير الذي هو انسان مثلنا له نفس المشاعر والطموحات،  أمر يجب ان يكون غير  مقبول ، لا بل مستهجن. كلنا نولد عراة وكلنا نموت وندفن تحت التراب فلما التباهي والكبرياء واللهاث وراء الشهرة والجاه.  هذا  الذي لم يُخلق مثلنا بل تَجسدَ لتكون ولادته مثلنا ولم يولد في حالة الرفاهيه بل ولادته كانت وضيعة ان لم نقل أليمة ، هذا  الذي  قَبِلَ  الموت حتى لا  يكون افضل منا وتجرع الآم الموت بحيث لا احد منا يريد ان تكون ميتته هكذا.  هذا  كان الأنسان الوحيد الذي غلب الموت على الأرض وقام بسلطانه وصعد الى السماء. كان بمقدور ملك الملوك ان تكون ولادته ويكون موته على نحو مغاير بحيث لا  يشعر بالفقر ولا بالألم، ولكن مكتوب: ان الرب، الاله السماوي خلق الانسان على صورته ومثاله ( تك:1-27 ). هذا يعني ان ملك الملوك  وهو الأله المتجسد ، حسب التعليم المسيحي الذي لا أحد يجب ان يشكك فيه ، هو مثال لنا ونحن مثال له  فلماذا لا نتشبه به ونتقدي به وبتواضعه؟؟

في الحقيقة اني أكتب تحت ضغط تأنيب الضمير فالكتابة لعلماني في امور دينية ليس بالأمر السهل، وحسب ضعفي الأنساني العولمي كان بودي ان أكتب في موضوع آخر دنيوي واكثرانسيابية في ترتيبته واخراجه، لكن ميلاد السيد المسيح الذي هو ملك الملوك واعظم كائن بشري ولد على الأرض، فأن العبرة من ولادته، التي هي حدث عظيم وكنز ثمين، يجب ان تطغي على كل المواضيع في هذه الأيام. ولد في مغارة  بلا منافذ لدخول أشعة الشمس لكن نوره المشرق هو اكثر من الشمس التي تتباهى على أضواء كل شموع الدنيا لا بل كل مصابيح الدنيا وقل كل الطاقة الضوئية التي  تنتجها اكبر المفاعلات النوويه، ما فائدة اضاءة ملعب كروي في وضح النهار حين تكون الشمس ساطعة. هكذا هي ضرورة الكتابة عن هذا الحدث العظيم، ميلاد ملك الملوك، والتذكير به  مقارنة بالكتابة التي عهدتُ عليها في موضوع ادبي او اجتماعي او نقدي بخصوص الأغنية السريانية او قوميتنا الآشورية ( السورايي) او موضوع التسميات الشائك.

يبقى ان أقول ونحن نملأ صفحات المنتديات الألكترونية والعنكبوتية بكتابات لو اُرسلت قبل عشرين سنه  الى احدى الصحف او المجلات العراقية، على سبيل المثال، ماكانت لترى النور بنسبة واحد المئة على اقل تقدير، وذلك لضحالة الأسلوب وكثرة الأخطاء القواعدية والاملائية اضافة الى قلة الثقافة والوعي لغالبيتنا من كتاب آخر الزمان، ومع هذا فان كُتابنا الموقرين، كل  منهم يحسب نفسه عبقري زمانه وان قُراء كتاباته يصِلون ارقاماٌ قياسية  قد تقارب الألف قاري لكل مقالة - حسب معرفتي بقراء عنكاواكوم الغالية / اشهر منتدياتنا- وهو لا يدري ان غالبية القراء هم مثله لا ثقافة ولا وعي، دَفَتهم التعصب الطائفي في اغلب الأحيان. وهنا أذكر ثقافة الحصول على شهادة الدكتواراه  وهي ظاهرة تفشت بين تواقيّ الشهرة من أبناء شعبنا المسيحي، في العراق، يحصلون بالتزكية او مقابل مال على شهادتهم المعيبة هذه. والعار هنا انهم لا يزوّرون سراً شهاداتهم من أجل التوظيف وبسكتون على ذلك حتى لا يكتشفهم أحد، بل انهم يعلّنوها في المنتديات الالكترونية ثم يقبلون التهاني والتبريكات وتأخذ الدال الدالة لشهادتهم العالية جداً مكانها الثمين قبل ان يرد اسمهم الوضيع. وتلك الشهادات التي اتعجب بها  أكثر، هي التي تنحرف عن الأختصاص الذي درسه الدكتور المتباهي كأن يحصل على دكتواره في التاريخ  مثلاً وهو أصلاً  يحمل بكالوريوس في الهندسة ، او  تلك الدكتوراه التي يحصل عليها فلان بن علان وهو ليس له حتى شهادة الأعدادية.
الكبرياء وحب الشهرة تنخران  في انسانيتنا. فأين نحن من التواضع الذي يُعلمنا اياه ملك الملوك في عيد الميلاد المبارك، الذي يحل علينا هذه الأيام!!

                                                                                              حنا شمعون    

92

93
شهداء عيد الصليب، هل نسيناهم؟

في ليلة عيد الصليب من عام 1992 وبعد حرب الكويت المشؤومة التي خاضها سيد الطغاة في العصر الحديث،حدثت موجة هجرة هائلة من العراق هرباً من الأوضاع المزرية التي حلت على ابناء الشعب العراقي جراء حماقات سيد الطغاة هذا.  وفي خضم تلك الهجرة الجماعية حاولت فيئة من ابناء أمة "السوراي" العبور عبر مضيق بحر ايجة من تركيا اى اليونان موطئ الديمقراطية  ليمكثوا هنالك في مرحلة الأنتظار نحو الفرصة السانحة لمحبي الحياة كي يعيشوا في حرية وأمان في بعض بلاد العباد من بلدان اوربا وفي امريكا وكندا واستراليا. لكن القدر كان لهم بالمرصاد في تلك الليلة التي يحتفل بها كعيد الصليب ،  فقد غرق المَركب البدائي الذي صعد اليه --في ليله حالكة السواد—ما يزيد عن ثلاثين مهاجرا يمثلون ثلاث عوائل بكاملها وآخرين من الشباب. معظم الضحايا كانوا من ابناء منكَيش، القوش وأشيثا، وقد نجى واحداٌ من الشباب فقط وهو الذي كان شاهد عيان لهذه المأساة.
حَشر فاقدوا الضميرالأنساني من مستغلي مآسي الآخرين في ذلك المَركب  أضعاف الأضعاف من طاقه ذلك " البلم "  المتعفن والمثقوب كما تيقن للمحققين بعد ذلك. هولاء الذين لم يسبق لهم ان راؤا بحراً من قبل، أسلمهم رجال العصبات التركية " القجخجيّة " الى لُباب تلك الأمواج العاتية قائلين لهم: الأبحار سهل جداً وفي غضون دقائق سوف تصلون بأمان الى الشاطئء اليوناني.
رنت موسيقى  الشاطئ اليوناني وما يمثله من رمزالحرية والدولة المسيحية في اذان هولاء الذين ذاقوا المرّ والعذابات من سياسة الدكتاتور المغرور فتسابقوا في الصعود الى " مركب الموت " مصدقين الحثالى الذين همهم الأول صفقة مالية مربحة. لقد اتم هولاء الأوغاد الأتراك صفقتهم المربحة وعلى حساب سلامة هولاء المساكين العطشانين الى الحرية والسلام .أستلم المجرمون ربح صفقتهم مسبقاً وأرسلوا هؤلاء المساكين من غير ربان-- يقود المركب-- الى الغرق في البحر الغدّار الذي لا يعرف الرحمة مثلما لا يعرفونها، انفسهم.

أكثر من عشرين عاماً مرت على هذه الجريمة النكراء وقلة هم من يتذكرونها كونها وصمة عار في وجه الذين كانوا سببها بدءاً بحاكم العراق الأوحد، او الذين اقترفوها، من مستغلّي الأزمات، وانتهاءاً بالسلطات التركية التي لم نسمع أبداٌ انها تعقبت اولئك المجرمين. لابل ان أمثال هولاء المجرمين لا زالوا يزاولون مهنة الغدر امام مسمع ومرأى السلطات التركية. وقبل أيام سمعنا عن غرق حدث في ظلمات بحر ايجه ايضاً لأكثر خمسين برئياً من سورياً والعراق الفارين من الحروب، وغالبيتهم كانت من الاكراد والمسيحيين.  
لكن، ونحن نلوم المُسببين وعصابات الغدر أوالسلطات التركية، يبقى السؤال المهم هو لماذا يهاجر المسيحيون من ابناء العراق وسوريا اوطانهم وهي ارض اجدادهم من قديم الزمان وبأقل الأحوال من زمن الأمبراطورية الآشورية التي لا زال تسميتها تُعَطرالتسميتين الحاليتين : سورايي وسوريا.
المسيحيون وعلى اختلاف مسمياتهم القومية والطائفية هم بلا شك السكان الأصليين لكل  من سوريا والعراق وهم ملح تلك الارض الطيبة التي فيها دجلة والفرات ،والتي سماها الأغريق قديماً  بلاد ما بين النهرين " ميسوبوتاميا ". ومن المؤسف جداً ان هولاء المسيحيين ، حتى اولئك الأكثر التزاما والتصاقاً بأرض اجدادهم، يغادرون الوطن الغالي الى حيث الحرية والأمان في بلدان الغرب. لقد هربوا سابقاً من الدكتاتورية التي حكمت بأسم القومية العربية وها هم الآن بعد ان أضحت تلك


 
الدكتاتوريات في طريقها الى الزوال نراهم -- السكان الأصليون-- يهربون من حكومات الرجعية الدينية وافعال الارهابيين السلفيين الذي يفتقد قاموسهم الى  كلمة المحبة  فهم يرون ان لا وجود للمسيحيين بين ظهرانيهم ،الى اذا أسّلموا أو دفعوا الجزية والتزموا بقوانين الشريعة الأسلامية.
العالم الغربي المتنور بنور الصليب يملك زمام الأمور في اروقة الأمم المتحدة ، وقبل ان يعالج  الغرب مسألة المهاجرين المسيحيين المتفاقمة بأستقبالهم على اراضيه -- وهو مشكورعلى  ذلك -- يكون الأفضل والمطلوب هو الأنتباه الى ما يجري في العراق وربما في سوريا لاحقا ، عبر الأنتخاب او الأرهاب ، من تحولات نحو التزَمّت الديني والسلفي. ان هذه التحولات هي بالضد من مصالح الأقلية المسيحية التي لا سند لها فتضطر الى هجرة اوطانها الأصلية وفي ذلك يتعرض ابناءها الى المخاطر ومنها الغرق في البحار كما  حصل لشهداء عيد الصليب. ان رعاية مصالح مسيحيي الشرق الاوسط يجب ان تكون مسالة دولية وتعالج أزمتها الأمم المتحدة واِلا فان هذه المنطقة سوف تفرغ من سكانها الأصليين ويصبح الشرق الأوسط اسلامياً ويا  ليته كان معتدلاً يقبل بالأقلية المسيحية بين ظهرانيه ، لكن تجربة العراق تؤكد بطلان مثل هذا التصور.

حادثة عيد الصليب التي مَثلها هو مَثل سميل وصوريا هي نموذج محاولة الشر للنيل من الحق وقد ينجحون في هذا العالم الفاني كما فعل أشرار الحادي عشر من ايلول، والتي تمر ذكراها ايضاً هذه الأيام، ولكن هيهات ان  ينجحوا في العالم الروحي  فمصيرهم الجهنم الأبدية لأنهم رفضوا المحبة التي اوصى بها المسيح والتي تألم على الصليب كي يعلمها لكل شعوب الأرض. فيا ويل لمن لم يتعلم منه ، وهو الأله القدوس الذي تأنس لأجل ان يعطينا درساً بليغاً في المحبة التي تضمن العدالة الأجتماعية وتحقق السلام  وهي دوماً السُلم الى ملكوت السماء.
الضحايا في حادثة بحر ايجة كانوا مسيحيين سئموا الحروب التي لأجلها فقد كل بيت باقل تقدير واحداً من ابنائه فداءاً لغرور نيرون العراق فقد ووقف هذا المغروربالضد من العالم كله وفي قلبه القاسي ان يجعل من العراقيين كلهم –عدا عائلته طبعاً—وقوداً لأرضاء كبريائه، فماذا لو احترق العراق كما احترقت روما من قبل! في قلبه لم تكن مخافة الله فكيف تراه يخاف تهديدات العالم كله. المسيحية لم تدخل قلب نيرون روما، لا بل انه اضطهد المؤمنين بها بوحشية ونيرون العراق ، ايضاً، لم يكن يخاف الله وقلبه خلّا من الرحمة التي وعظ  بها المسيح ، ففي الوقت الذي كان يبني قصوره الضخمة والفخمة في كل بقاع العراق كان شعبه يتضوع جوعاً ولا من أحد يستطيع الأعتراض. هكذا لم يبقى للعراقيين، وبالأخص المسيحيين منهم ،من سبيل الا الهروب من جحيم دكتاتوريته ، لأجل خلاصهم وخلاص أجيالهم اللاحقة. وللأسف بعد زوال الدكتاتورية لاحت في الأفق بوادرالتعصب الديني أكثر من ذي قبل، الحجاب المفروض عنوة صار يحجب بصيرة الحق، الطائفية والعشائرية والفساد غلبت الوطنية والوطنيين، الأرهاب تفاقم. ولذا استمر نزيف الهجرة الى ما لا يُحمد عقباه.

لأجل ان يبقى الصليب عالياً ومنيراً في العراق وسوريا وأحياءاً لذكرى شهداء عيد الصليب الذين غرقوا في بحر ايجه وكي لا تتكر هذه الحادثة وكي تكون عبرة، فاني ارفق رابط  الصوت ادناه لقصيدة تحكي  مأساة الغرق التي حدثت في بحر ايجه ليلة عيد الصليب من عام 1992.
 
http://www.ankawa.com/upload/1/ankawa1/Game_D_Moutha.mp3

                                                          حنا شمعون

95
محاضرة نينب لاماسو في الأستمرارية اللغوية والعرقية للآشوريين




مساء الجمعة المصادفة 1/6/2012  كان موعد الجمهور في مدينة شيكاغو في لقاء الباحث الأكاديمي نينب لاماسو ، الحاصل على  شهلدة الباكلوريوس في علم الآشوريات من جامعة لندن، انكلترا ويواصل حالياً دراسته في  هذه الجامعة ، كما انه يعمل باحثاً أكاديمياً في حقل اختصاصه ضمن الفريق الآثاري لجامعة كمبرج ، انكلترا.
المحاضرة كانت بعنوان:  " الهوية الآشورية : امتداد اثني ولغوي"

من البداية ايقضت مقدمة الأمسية،  الحس القومي للجمهور بذكرها لمقولة القومي الشهير الدكتور ديفد بيرلي:" أنا آشوري منتمي الى الأمة الآشورية، سوف أحس دوماً بالذنب ان لم التزم عملياً في خدمة هذه الأمة التي كانت يوماً أعظم أمة واليوم يكاد يطويها النسيان."  ثم اردفت تقول ان محاضرنا، الأستاذ نينب لاماسو، قد وفى بهذا الألتزام وأدى  واجبه بهذا الخصوص.

ابتدأ محاضرته بتقديم الشكر لكل من المجلس القومي الآشوري والأتحاد العالمي الآشوري في معاضدتهم المالية له لتكملة مشواره في تقديم الخدمة لأمته الآشورية، كباحث في الآشوريات.
المحاضر بمعية السلايدات المعروضة التي ضمنت شهادات أهل الأختصاص، ذكر ان الآشوريين المعاصرين لا  ينظرون بعين الرضى حين يأتي بعض المستشرقين بمقولات مفادها ان الآشوريين انقرضوا بعد سقوط امبراطوريتهم عام 612 قبل الميلاد، ولذا فأن محاضرته هي استعرض الادلة التي تثبت استمرارية الآشوريين عرقياً ولغوياً.
 
انقل للقاري الكريم بايجاز ما جاء في هذه المحاضرة وعلى لسان المحاضر ( بالخط المُثخَن) :

يقول أدوارد سعيد [حصل على شهادة  الدكتوراه من هارفرد وشغل منصب استاذ الأدب المقارن في جامعة كولمبيا، اهم كتبه : الأستشراق ، توفي عام 2003 ] ان المستشرقين الأوائل الآتين من اوربا، في غالبيتهم كانوا ينظرون نظرة الأستعلاء نحو الشعوب المشرقية وحضاراتهم. وعلى هذا الأساس اطلق البعض من هولاء المستشرقين المتعالين أمثال  سدني اسبرس*  و   جيب كوكلي * العنان لطروحاتهم اللامبالية ومنها ان الآشوريين انقرضوا بعد سقوط امبراطوريتهم والخراب الكامل الذي حل على مدنهم الرئيسية مثل نينوى ونمرود وأربا ايلو. وعلى هذا استند أحمد سوسة، وهو يهودي اعتنق الأسلام، في كتابه ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق اذ اورد :"وقد نجح الأنكليز بتعميم الفكرة واقناع زعماء النساطرة انهم أحفاد الآشوريين القدماء وان يمتلكوا ارض أجدادهم ... وبعد ان حول الأنكليز تسمية النسطوريين آثوريين وصار الآثوريون يعتبرون انفسهم آشوريين."
كما ان  هناك من المؤرخين امثال  ارنست استناكي * الذي كان يُدرس في جامعة الموصل و يعتقد ان الهجرات السامية من جزيرة العرب في غابر الزمان تجعل جميع سكان بلاد النهرين عرباً . لكن ان هذا التأويل في ظننا يسقط اذ لا يمكن لكل هذه الموجات البشرية ان تقطع طول الصحراء القاحلة والشاسعة في حين اننا نعرف ان الجمل لم يصبح اليفاً لحد الألف الأول قبل الميلاد.
الحقيقة الجليّة هي ان الدولة البابلية- الكلدية التي مع الميديين أسقطتا الأمبراطورية الآشورية، وكما يقول هيرودتس المعرف بأبي التاريخ ان هذه السلالة  كانت امتداد للآشوريين حيث ان ملك هذه الدولة الأول وهو نبو بلاسر أصله آشوري [ يقول أدي شير ان  نبو بلاسر هذا كان في اول الأمر والياً على بابل من قبل ملك آثور ] والملك الأخير لهذه السلالة الملك نبو نائيد يعترف ويقر ويفتخر بأصله الآشوري، حسب الألواح المكتشفة. ويتفق في هذا المآل المؤرخ الأسرائيلي، هاني تدمور* الذي بحث في اسلوب الكتابة لملوك  هذه السلالة ووجدها لا تتطابق اسلوب البابليين الأقدم منهم بل تتطابق نوعية كتابة الآشوريين الذين سبقوهم. من المؤكد عن هذه السلالة لم يورد قط في كتاباتهم انهم كلديون  او بابليون جدد، لكن هذه التسمية اطلقت عليهم لاحقا من قبل المؤرخين. [ يتفق مع هذا المؤرخ المعاصر، الأستاذ يعكوب أبونا كما جاء في الجزء الثالث من بحث في اصول  الكلدانين . انظر الرابط ادناه ]
وقد عثر المنقبون على معابد بنيت في عهد البارثيين ( الفرثيين) وفيها وجدت كتابات وطلبات المصلين التي تدل على  اسماء آشورية ومعتقدات آشورية مكتوبة على حيطان تلك المعابد التي كان يبجل فيها الآله آشور، الاله الذي كانت عبادته سابقاً في آشور وفقط.
في  عهد المسيحية التي لم يجد الآشوريين من صعوبة في الأيمان بها حيث ان ديانة أجدادهم مثلها مثل المسيحية تؤمن بالاله الواحد. ومن قصة مار بهنام وأخته سارة نستشف وجود مملكة صغيرة تابعة للفرس ولكن بأستقلالية خاصة حيث يورد اسم الملك سنحاريب وهو والد بهنام، كما يورد في هذه القصة اسم مملكة آثور. كما ان كتاب  شهداء المشرق يذكر عن مار قرداغ انه كان من الجنس الآثوري العظيم وأن امه كانت من سلالة الملك سنحاريب.
أكثر الكتابات ذات المعنى العميق جأت في ما  كتبه شرف خان الدين البدليسي في كتابه وهو الوحيد الذي يؤرخ تاريخ الأكراد وقد عاش في القرن السادس عشر حيث يذكر ان جماعة امير هكاري الكردي حين هُرب الى مصر، تبعته  جماعته وجاءوا به الى موطنهم الأصلي واخفوه عند قوم من النصارى يسمون آسورايي. وهنا  نرى بأعتراف الجيران يذكرون وجود عن وجود الآشورين قبل ثلاث قرون من  مجئ الأنكليز ، وكما أورد سوسة انهم جاؤوا بالأسم الآشوري في نهاية القرن التاسع عشر وكأنه سكبوا ماءاً بارداً عليهم ليقولوا لهم : استيقضوا انكم آشوررين!
حينما أراد  رش سارلت* أن يطلع على أحوال السريان الارثذوكس في خربوط، التي هي مدينة البرفسور والصحفي المعروف آشور  يوسف خربوط، وحين وصلها سال عن كنيسة للسريان الأرثذوكس لكن وجد ان ان المدينة كلها تتكلم بالأرمنية  وبعد أخذ ورد عرف السكان ما يقصده وما هي غايته حينذاك قالوا له : آسوري! تعال نأخذك الى كنيستهم وبعد اجتماع مع الذين جاء من أجلهم اخبروه انهم آشوريين وأنهم بكل فخر احفاد آشور.
 هناك من المؤرخين من وجد العلاقة  بين الآشوريين القدماء والآشوريين المعاصرين ومنهم البروفسور المشهور سيمون بربولا حيث يقول وان  دمرت المدن  الرئيسية لآشور لكن هذا  لا يعني ان كل الشعب ضاع و انقرض وحتى الآثاري العراقي المعروف طه باقر ذكر ان هناك في العراق آثوريون يدعون صلتهم بالآشوريين القدماءوقد ورد اسم آثور  كثيراً في المصادر  الآرامية ، وهنا بالأقل طه باقر وان لم يكن يقر هذه الصلة لكنه لا ينفيها.
الذي يجب ان  نتوقف عنده ان هناك أمرين مهمين  في الأنتماء الأثني وقد ظهر هذا التصور في نهاية  القرن الثامن عشر وبالتحديد عام 1789 ، في انكلترا حين  ظهرت النظرية القومية National Theory أضافة ما كان متعارف اليه بخصوص التعريف العرقي Ethnic Identity وبعد عقود من الزمن تأثر الآشوريون  بالنظرية القومية فنجد ان ان هرمز رسام وهو آثاري عراقي معروف وأشتغل مع هنري لايارد اثناء التنقيب  عن  نينوى في منتصف القرن التاسع عشر فنراه يقترح على الانكليز أصله الكلداني الآشوري وليس بالعكس، كأن يقول  له رفاقه الأنكليز: ها قد اكتشفنا أصلك ! هرمز كان يقول ان لم يكن عربياً ولا كردياً ولا أرمنياً فلذا فهو كلداني آشوري يعيش على أرض آشور. وهنا نود أن نذكر ان ورد في تسميات ابناء السيد يوسف رسام الأسماء نبوخذ نصر  و سنحاريب وهذا  طبعاً وبلا شك هو مؤشر  للشعور القومي الذي عبرت في ذلك الزمان عائلة  رسام  التي كانت العائلة الموصلية التي تعاملت مع الأنكليز واشتغلت معهم في مجال الآثار وقد استنموا مناصب عالية  ضمن قنصلية انكلترا في بلاد النهرين.
كما ان المطران توما  اودو اسقف اورمي التابعة  للكنيسة الكلدانية وهو من أهالي القوش ذكر في مقدمة  كتابه " قرياني مكَوبيّ" ضرورة انماء الشعور القومي لدى الطلبة الدارسين في مدرسته بمدينة اورمي. ومما يورد توما اودو في كتاباته ان البابليين ( الكلدانيين) أختلطوا مع الشعوب المجاورة من فرس و [فرثيين ] ثم العرب وقد [فقد ؟ ] جميعم تسميتهم القومية، أما الآشورين القدماء فقد اختلطوا  بالفرس و [ الفرثيين ] والعرب وغيرهم من الأقوام لكن جميعهم لم يفقدوا  تسميتهم القومية  بل ظلت منهم فيئة على  تسمية قوميتها الأصلية وهم يعرفون بأسم السورايي ويتكلمون بلغة السورث ويتواجدون في طور عبدين ،سهل نينوى، هكاري و أورمي. توما أودو  في كتاباته اوضح ان الأسم سوريايي اطلقه الأغريق على الآشوريين.
ان من المتعارف عليه ان الأغريق هم الذين حوروا اسم الآشوريين الى اسيريان وذلك بلفظ الشين سين حسب نطقهم ومن هنا جاءت التسميات أسيريان، سورايّ ، سوريا، وسريان وحتى  سورث وسورييو وغيرها من الكلمات المشتركة بكلمة " آسور " حسب النطق الأغريقي وقد ورد هذا كله في  كتابات هيرودتس ابي التاريخ. لكن الحقيقة التي توصل اليها علماء الآثار مؤخراُ ان قلب الشين الى سين في التسمية الآشورية حدث في العهد الوسيط من عهد الأمبراطوريةالآشورية اي ما قبل القرن التاسع قبل الميلاد الذي هو قبل التأثير الأغريقي، حيث حذف المقطع آش من كلمة آش شور المدغمة وتحولت شور الى سور لتقرأ الكلمة بلفظ " سور " واثباتاً لهذا وجد في سوريا مؤخراً تمثال مكتوب بنصين واحد بالخط الفينيقي والثاني بالخط  رويان * وظهر في أحد النصين ان اسم آشور مكتوب بالشين وفي الأخر بالسين. [ المحاضر  في ذكره حول  عصر تبديل الشين بالسين تردد بين العهد الحديث والعهد الوسيط حتى استقر على الوسيط ولكن من شرحه تبين انه الحديث، كما  قال أولاً، اي بعد القرن التاسع قبل الميلاد حيث يبدأ العهد الحديث ابان حكم أدد نيراري الثاني، كما ورد في كتاب  هاري ساغز ، عظمة آشور. وبهذا الصدد نود ان نذكر ان أدي شير في كتابه كلدو وآثور يكتب اسم آشور بانيبال السين اي آسور بانيبال، كما يذكر ان اسم اسرحدون الحقيقي هو ( آشور أحا أدينا / مكتوبة بالسورث)  اي آشور رُزق أخاً. ]
ويتفق نعوم فائق، صحافي المهجر المعروف، على ان الوصف آسورايا هو من آشورايا وهو يقترح ان يكتب الوصف بالألف كي يكون الربط مرتبطاً بالأصل ويتوافق مع التسمية الأنكليزية أسيريان Assyrian. وهكذا ايضاً يؤل الأشتقاق المفكر الآشوري فريدون آثورايا  عبر مجلته " كووخوا " حيث يقول  ان الألف محذوفة ( وهذا امر وارد في قواعد السريانية ) و الثاء مركخة الى سين كما  ينطق البعض من  الجبليين*. وبالفعل فانا أهالي عقرا و المركَاي ( قرب زاخو ) يحولون الثاء الى السين فيقولون الاهوسا، كسيسا، بيسا وغيرها كثيرة. كما ان جيراننا من الفرس وا لأرمن يسموننا آسوري وهذا يبرهن ان الأسم اتي من آشوري.
يخبرنا التاريخ ان اللغة الآرامية انتشرت في عموم الأمبراطورية الآشورية في عهدها الحديث واصبحت لغة العامة لكن اللغة الأكدية الآشورية ظلت لغة الطبقة الحاكمة وقد قرأ المحاضر، بطريقة توحي المعرفة الكاملة بالأكدية، مراسلة بين الملك سركون واحد قواده حيث يتكب الأخير بالأرامية لكن سركَون يطلب منه ان يكتبها بالأكدية حتى لا  يفهمه الجواسيس الذين هم من العامة. وفي العصر الحالي لازلنا كآشوريين نتكلم بأحدى لهجات الأرامية كدلالة في الأستمرارية اللغوية. ولا زلنا في قرانا نستعمل بعض المفردات التي لا  شك انها آشورية قديمة  ومنها على سبيل  المثال مشارة ،  بغشيما *، رخيصا، بيلا التي تستعمل في بلدة بغديدة لتعني الباب الرئيسي، وصيوا التي يستعملها أهل بديال لتعني الخشب وكذلك افبشارا او ابسارا.
وفي بحث اجريته عل لهجة بديال التي تقع في مقاطعة برزان، شمال العراق وفي مقارنة لغوية بين لغتهم الحالية واللغة  الأكدية  الآشورية وبهذا  الصدد رايت ان المجوعتين في كلامهم يستعملون الفعل في نهاية الجملة من بدل استعماله في بداية الجملة كما هو معتاد في معظم اللغات السامية. [ أظن ان البرهان القاطع  لهذا الأستعمال  هو ما ذكرته سابقا في ترجمة  أدي شير لأسم أسرحدون ( آشور  رُزق أخاً / الفعل أتى بعد الفاعل ) ] ثم هناك استعمال لا النافية لتعني الاثبات فلنضرب مثلاً من اللغة الآشورية القديمة : ان رايتم آشور يحارب  فلا تستشهدوا لأجله،  وفي الحقيقة ان المعنى يكون استشهدوا لأجله. وكان بودي ان اسمعكم مقطع ، لكن للأسف فان جهاز الصوت الكومبيوتر هو عاطل حالياً. وفي كل الأحوال تكملة للفكرة فقد جلست مع الخال مرخائيل وهو رجل  طاعن في السن من بديال وكان ينفي كل شي يقوله والذي كنتُ افهمه منه ان اثبات كل شئ فقلت  لصاحبي ( خالي ججي) انا لا افهم نفيه فهو اثبات فأجابني صاحبي هذه هي طريقة كلامهم. وبعيدا عن الموضوع فقد قلت للخال مرخائيل اليس أفضل لك ان تترك بديال الى اربيل او ديانا حيث الأمور افضل  فاجابني بنبرة التحدي وماذا عن هؤلاء القديسين فمن يتدبر أمرهم ؟ أعجبتني فكرته الضمنية : ان بقائي هنا وعائلتي تحت امرتي نتدبر الكنائس والمزارات السبع التي في بديال.
في الختام اتركم مع مقولة أعزها كثيراً للمطران المرحوم يوحنا دولباني، من الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، كي تبقى في ذهنكم وهي: ان التسميتان أثورايا وآسورايا متساويتان في الجوهر.

بعد هذه المحاضرة القيّمة فُسح المجال لطرح الأسئلة وكان السؤال الأول من السيد عوديشو يونان مُلمحاً الى استعمال لفظة السوراي الجامعة بدلاً من الآشورية المثيرة  للجدل بين طوائف شعبنا. وكان الجواب انه هو ( المحاضر ) ليس بسياسي والمسالة مختصة بأهل السياسة. ثم كان سؤال السيد كَليانا يونان مقترحاً  اعادة المحاضرة في ديترويت. المحاضر أجاب ان لا مانع لديه  وهذه كانت نيته لكن للآسف الفرصة  ليست سانحة الآن ولكن في المرة القادمة  كما يقول العراقي " الجايات أكثر من الرايحات " . واردف قائلاً ان لديه القناعة ان كل اهل ديترويت ليسوا بمعارضين لفكرة التسمية الموحدة. وتوالت الأسئلة لتطيل المحاضرة الى ما  يقرب الساعتين، كل دقيقة  منها ثمينة ثمن الذهب في سوق المعادن.
بعد الأنتهاء من من أسئلة الحضور حاولتُ الوصول الى المحاضر الكريم لكن لم أفلح فقد سبقني الى ذلك الكثيرون وكلهم متعطشون الى لقاء هذا النجم القومي الجديد والساطع في سماء الأمة الآشورية ، هذا يقول انه يعرفه من  كركوك حين كان صغيراً او يعرف ذويه وآخر يريد ان يشكره على المحاضرة القيمة، وذلك يريد ان يلتقط صورة تذكارية معه وآخر او أخرى يريدون عنوانه او ايميله كي يراسلوه ...
هذه هي المحاضرة الرابعة لي أحضرها للأستاذ نينب لاماسو ولا أظن اني سافوت اية محاضرة  له في مدينة شيكاغو.انطباعي عنه ان شخصية مثقفة جداً جداً ، متواضع وخفيف الدم ويعرف كيف يلقي المحاضرة فله المام كامل في مجال اختصاصه، ولغته السريانية سليمة للغاية فهو يعرف العامية والكتابية باللهجتين الشرقية والغربية ، سريع الكلام لان له معلومات كثيرة ويريد ايصالها الى الحضور فهو لا يهمه الوقت مهما  طال لكنه في نفس الوقت لا يريد ان يأخذ من اوقات الحاضرين فهو يقدر الظروف . ليس متعصباً قومياٌ او طائفيياً ولا عشائرياً . انا  اعتبره ثالث النجمين: أشور يوسف خربوط ونعوم فائق، فهو آشوري لأن هذه هي حقيقته ولا يستطيع نكرانها او التقاعس في خدمة  امته مثلما لم ينكر او يتقاعس آشور ونعوم رغم كونهما من طائفة السريان الأرثذوكس. أطال الرب القدير في عمر أخينا ومفخرتنا الشاب الأستاذ نينب لاماسو ،متمنين له كل التفيق في دراسته وابحاثه.

* هذا  الأسم او الكلمة لم أسمعها جيداً ، وحاولت جاهدا ان اتصل بالأستاذ نينب عبر البريد الألكتروني ( في النظام الأنكليزي) لكن الظاهر ان رسالتي لم تصله. أعتذر للقراء الكرام وسوف احاول تصحيحها حينما يستجيب الى رسالتي الألكترونية او ينتبه الى ذلك بعد قراءته لمقالتي المتواضعة هذه، نسبة  اله الى جهده العظيم
.

رابط مقالة  الأستاذ يعكوب ابونا المحترم
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,579894.0.html

رابط صور المحاضرة بعدسة الأخ رمسن شاؤل المحترم.
http://www.facebook.com/media/set/?set=a.10151025920481754.484818.687136753&type=3&l=42cf0a7ff0
 
                                                                        مع الشكر لتصفحكم آملين الأستفادة،
                                                                        حنا شمعون / شيكاعو


 


96
أدب / النسر الذي ظنّ انه دجاجة
« في: 18:18 17/04/2012  »
النسر الذي ظنّ انه  دجاجة

قصة  من تأليف فرنسيس ك. خوشو
الترجمة من الأنكليزية : حنا شمعون

مقدمة بقلم المترجم
هذه قصة كُتبتْ في المبدأ للأطفال وكاتبها هو الأستاذ فرنسيس خوشو الذي يعيش حالياً في سانت دياكَو، كاليفورنيا. كونه أب لطفلين ( اندرو وشانون ) واستاذ حامل لشهادة الماجستير في البايولوجي ويعيش عشرات الألاف من الأميال عن موطنه الأصلي ، كل هذا لم يمنعه من يجد الوقت وينفق من ماله ليكتب هذه القصة البديعة المرفقة برسومات شيقة بريشة الرسامة الأمريكية سوزان هاردي التي جلس معها فرنسيس، لساعات طويلة، ومعه رزمة  كبيرة من الصور الفوتوغرافية التي جلبها  معه من العراق .
 
هذه القصة هي نتاج حُبه لموطنه بيث نهرين وهو بكتابته لها ينقل هذا الحب الى اطفاله، لابل الى كل الأطفال الكلدو آشوريين ( سورايي) المشتتين في أرجاء العالم، وفي الحقيقة ان اهداء الكتاب هو: الى  كل أطفال بلاد النهرين. لهذه الأسباب سرح المؤلف  في الخيال ليستنبط هذه " الحكوثا "من جمال الطبيعة في قريته وذكرياته التي عايشها في فتوته والحقيقة البيئية المعروفة في ان موطن النسور هو الجبال والصخور الصلدة.
انها قصة تحكي جبروت الآشوريين القدماء-- عبر رمز النسر  الذي هو ملك الطيور— والحال التي وصل اليها  السورايي ، ورثة الآشوريين، في العصر الحديث  وهم مشتتين ويتسعكون على موائد الآخرين سواء في موطنهم الأصلي اوفي الأوطان التي هاجرو اليها.

الأرض التي تقع عليها  منكَيش الحالية كانت في عهد جبروت الآشوريين، الذي امتد لأكثر من الف سنة، ممراً للجيوش الآشورية الجرارة وهي في طريقها لتأديب ملوك الأوراراتو الذين كانوا يتجاسرون حين تسنح لهم الفرصة لأستيلاء على الأرض الآشورية. وعلى هذا يشهد أثر منقور على صخرة ولسان حاله يقول: من هنا مرت الجيوش الآشورية. ألأثر هو في بداية جبل منكَيشي، قرب قرية دركَلي شيخكا، ويقال ان النصب يعود للملك العظيم سنحاريب لأنه يتحدث عن نقل مياه الخابور " خاوورا " الى سهل نينوى وهي فكرة اراد تحقيقها المهندس الشهيد فرنسيس شابو لجلب ماء الخابور الى منكَيشي ولكن يد الغدر كانت له بالمرصاد.

ومن هذه الثلاثية: الموطن ،رمزية النسر، الدجاجة  وتسعكها على الفضلات حاك فرنسيس خوشو قصته بالأنكليزيه لتترجم مرتين الى " السورث". اولاً بيد الأستاذ، الأديب فاضل بولا وبدعم من القومي الأصيل سعيد سيبو من سانت  دياكَو الذي تحمل كل المصاريف وسهر الليالي، مع أفراد عائلته، لأجل انجازه في مطبعته الخاصة وثم أرسل النسخ المطبوعة الى المدارس السريانية في شمال العراق، وثانيا ترجمت القصة بيد الأستاذ فيلمون درمو وأدخله في المنهج المقرر لأكاديمية مار نرساي في سدني ، استراليا وتضمنت الترجمة تمارين للطلاب في اللغة ومن محتويات القصة.

بقيّ ان نقول ان الكتاب الذي هو قصة للأطفال، لكن على طريقة أفلام الرسوم المتحركة، فان الكبار في قراءتهم له تأخذهم الأجواء السحرية لقرانا الشمالية في رحلة الشوق والأشتياق الى مرابع الطفوله حيث لا  تزال ذكراها باقية في مركز الدماغ وهي أكثر عمقاً من احداث السنين المتأخرة التي هي سطحية وننساها على عجل. كما ان المغزى الثري من القصة والذي يستنتجه  القاريء الكبير العارف لتاريخه والمحب لقوميته هو الآخر مشجع قوي لمن يريد الأستفادة ان يُكمل  ما  بدأه في القراءة وخاصة مع الأسلوب  المُشوق والمُعبر للكاتب الضليع باللغة الأنكليزية. هذه القصة الرائعة التي حولناها  بامكانيتنا المتواضعة  الى لغة الضاد، المنتشرة عالمياً والتي تعلمناها في المدارس ونتقنها افضل من شقيقتها " السورث" الجميلة . 


يُحكى انه في قرية منكَيشي الواقعة في بلاد النهرين كان هناك مُزارع يعيش مع زوجته. في الذكرى الثانية لزواجهما انجبا طفلاً أسمياه نيسان لأن الطفل ولد في اليوم الأول من شهر نيسان الذي يصادف رأس السنة البابلية الآشورية. في كل عام حين مجيء هذا اليوم يحتفل الكلدان- الآشوريون لقدوم العام الجديد ويبدأ  احتفالهم في الحادي والعشرين من شهر آذار وحتى الأول من شهر نيسان. الأحتفال يرمز الى قدوم الربيع وتجديد الطبيعة لذاتها.
هذا التجديد يشمل الحيوانات ، الطيور الأشجار، الأزهار وبشكل خاص الأنسان الذي هو أسماهم في المصير.

ومع نمو بدنه، ابتدأ نيسان يساعد والده في شؤون البيت والزراعة. وفي أحد ايام الربيع حين كان شهر نيسان يقترب من نهايته سمح والد الفتى نيسان ان يمتطي ابنه ظهر بغلة العائلة ليصاحبه حيث هو سفح جبل القرية لجمع الحطب وقطع الأشجار المتيبسة ، من اجل استعمالها لأغراض التدفئة والطبخ.

الهواء كان مفعماً بالنسيم العليل لفصل الربيع . واشجار الفاكهة المحيطة بالقرية كانت قد أطلقت تواً البراعم بألوانها الزاهية منها البيضاء ومنها الوردية، ويشعر المارون بقرب تلك الأشجار بعبق رائحة براعمها العطرة.
عِبر الطريق نحو الجبل عَبر نيسان فوق عدد من السواقي لينابيع منكيشي المتدفقة من باطن الأرض وهي  تجري كالسلسبيل المتموج فوق الأحجار الملساء او الأغصان التي سقطت في الشتاء الفائت وجمعتها الريح في المجرى لتعترض برقة انسياب الماء الصافي كالزلال.
العصافير بأنواعها كانت تُسمع زقزقها في تلك الصبيحة في حين كانت مُنشغلة في بناء أعشاشها  او في تفقيس البيض في تلك الأعشاش المبنية بمهارة فائقة. ضفادع الشجر الصغيرة الخضراء كان يسمع نقيقها الصاخب والنحل النشيط كان يطنطن في كل مكان. وفي الطرف الآخر من الوادي غمر الأنشراح وجه فتى وهو يستمع الى دقات ألاجراس المعلقة في رقاب نعجاته وهي تقضم الشجيرات الطرية.
من  ضمن ألأزهار الوفيرة في مروج منكَيشي، فترة الربيع، هي: الورود البرية ، القزحيات، شقائق النعمان، الخطميات، الصفير، آذان الدب، الخشخاش، النرجس، البنفسج، السحليات، الخزاميات، عشب الحوذان، حشائش الحجل وزنابق النمر التي هي تبهر الانظار وتنبعث منها  على بعد رائحة  زكية وعطرة .
في الحقيقة، الطبيعة في ربيع منكَيشي مزينة بألوان جميلة تجعل مروجها تبدو مزدانة بألوان مختلفة من الورود الممتدة لمسافات طويلة، كأنها قوس قزح وقد سقطت على الأرض.

وخلال مساعدة نيسان لأبيه في جمع الحطب وتقطيع الأشجار اليابسة قرب سفح الجبل وقعت عيناه على عش كبير. تسلق  الفتى نيسان الصخور الوعرة  الى حيث هو العش واذا به عش نسر تبلغ سعته ستة أقدام وارتفاعه حوالي اربعة اقدام وقد بنيّ على صخرة كلسية ارتفاعها مائة وخمسين قدماً . هيكل العش كان مؤلفاً من أغصان غليظة واخرى نحيفة وثالثة  انحف وقد غُزلت جميعها بأبداع لا مثيل له. وفي داخل العش فرشت حشائش ملونة ناعمة  تنمو أصلاً على شكل باقات بين شقوق الصخور.
في داخل العش رأى نيسان بيضة ناصعة البياض مرقطة باللون البُنّي وزنها حوالي اربعة اوقيات ونصف.

أخذ نيسان البيضة وجاء بها الى البيت .أعطاها الى امه طالباً منها ان تضعها مع بقية البيض المؤشر بمسحة من  محلول الفحم المركز. وكانت الدجاجة البيضاء قد أظهرت علامات الحماوة وكانت قد عُزلت عن بقية الدجاج في قنٍ مؤقت لتحتظن البيض المؤشر بالفحم، لحين اطلاق فراخها.

الدجاجة الحاضنة احتظنت جميع البيض بما في ذلك بيضة النسر التي جلبها نيسان. وكانت الدجاجة لا تبارح قنها الا لبضع دقائق من أجل رشفات الماء من الزقاق المجاور والتقاط بعض الطعم من هنا وهناك.
ظلت الدجاجة البيضاء  تحتظن بيضها لمدة اربعة اسابيع . وفي بداية شهر حزيران، والربيع ما زالت أثاره في الهواء و ريف منكَيشي يحتفظ ببعض الأخضرار، صَدّع  اول كتكوت قشرة البيضة ومن ثم كسرها وخرج منها واذا به " نُسَير" ابيض كثيف الشعر. 
عملية تفقيس البيض هي حقاً عملية شاقة بالنسبة الى الدجاجة الحاضنة حيث تَنشر، مُجبَرة، جناحيها بقدر المستطاع لتحضن كل البيض ويلاحظ راسها متدلياً من عنقها كأن الضجر قد نال منها بسبب طول فترة الأحتضان.

النسر الصغير استمر في النمو مع بقية الفراخ وهي تسرح مع الأم في جولاتها اليومية نحو مزبلة القرية حيث الطعام الوافر، وكان مع البقية يلتقط ما يعثر عليه من حبوب أو طعام زائد من الذي كان يلقيه الأهالي في المزبلة. وكان " النُسير" تراه أحياناً في صراع مع اخوته من اجل التقاط دودة  صغيرة حملها حظها العاثر نحو مسيرة هذه المجموعة الباحثة الى لقمة العيشى، وكان " النسير" في مثل ذلك الصراع هو الفائز بالغنيمة وكانت بقية الفراخ تقترب منه لتشاركه في غنيمته.

مرت الأيام ونما النُسير مختلفاً عن بقية أفراخ الدجاج . عينان عسليتان ، مخالب حادة ، رأس وذيل يلمعان، ريش بنيّ أسود ومنقار معكوف ليس له شبيه في بقية الطيور. بعد عدة شهور والنُسير لازال يرافق بقية الفراخ  متعوداً على حياة القرية وغير منتبه الى القابلية الخاصة التي وهبته اياها الطبيعة.

في احدى ظهريات فصل الصيف حيث بريق الشمس يلمع عالياً فوق أجواء منكَيشي ودرجة الحراة قد بلغت اوجها مما يجعل كل حيّ كسول في حركته، كان نيسان مستلقياً على ظهره على حشيش المرج  تحت  شجرة البلوط الكبيرة  وعيناه تحدقان في السماء الصافية ،الا من بضعة غيوم متناثرة كالقطن المندوف. حجب نيسان بعض من بصره بواسطة قبعته االتي جدلها من عود الحشائش البرية وبدأ كانه يستمع الى هدوء السكينة من حوله.
كان السكون من حوله صامتاً لدرجة انه كان يتميز فيها تضارب اوراق شجر البلوط الوارفة بظلها على جسده المستلقى على الأرض.
الصرصار والجراد البري كل منهما يطنطن بأجنحته كانهما يضربان اوتار العود بوتيره واحدة. والنحل تُسمع حركته كأنه يتعثر في طيرانه في مطبات الهواءالساخن.
بين الحين والآخر كان نيسان يرفع قبعته ليشاهد النُسَيروهو يلقط من حوله الحُبيبات المتناثرة هنا وهناك وربما  بعض الحشرات او الدود الأرضي الذي أصبح العوبة لضربات منقاره.
في قيظ ذلك النهار اللاسع بحرارته ، غلب النعاس على الحيوية المتبقية في جسد نيسان اليافع ، كأن صمت الصيف الهادي قد ملأ سمعه وفكره، وأستسلم لنوم عميق تحت شجرة البلوط و طيف اوراقها تتراقص بهدوء على قامته النحيلة.

حقيقة الأمر ان الفضاء من حول نيسان لم يكن صامتاً بالتمام، فهناك كان نسر كبير يحوم  بهيبة وقد امتدت قوة جناحيه بسعة ستة أقدام. ريشه  مصقول كأنه درع لمّاع يعكس بريق الشمس الساطعة، منقاره الرصاصي الضارب الى الزرقة يوحي بالعنفوان، مخالب أرجله حادة وصقيلة. وكان أحياناً ،حين يقبل على تغيير وجهته، يرفرف جناحيه الضخمين في سكون الهواء. ظِلُ جناحيه زحفتا على الأرض وفوق مجموعة الفراخ التي كانت تقتات طعامها اليومي.
فجأة سمع نيسان ، وهو في نومه العميق، صخب هرولة وطقطة أجنحة من اتجاه مجموعة الفراخ التي كانت قبل قليل تجاهد لنيل الحُبيبات من بين جنبات الحشيش. نهض فجأءة ليعرف سبب الأضطراب الحاصل بالقرب منه. لمح بصره النسر الضخم وهو يحاول الأنقضاض على المجموعة وقد أعد كماشة مخالبه القوية المعكوفة ليلتقط احدى الفراخ. فزعت الفراخ واضطربت من هذا المهاجم المفزع وهرولت تطلب الأمان  تحت شجرة التوت القريبة. وفي نفس الوقت صرخ نيسان لاشعورياً بأعلى صوته وفتح ذراعيه لتخويف هذا المشاكس ، مما جعل النسر الضخم  يرتد ويُحلق بعيداً في الفضاء الشاهق.

هناك تحت شجرة التوت تجمعت الأفراخ حول الأم ، مرتعدة من الخوف وهي بأنتظار ماذا ستقوله  أمهم عن هذا الطير المُبهم.
النُسير الذي  كان ظمن الفراخ المرتعبة سأل الدجاجة الأم : من كان هذا الطير الأسود والأبيض ، الذي كان يحوم بجناحين سعتهما ستة أقدام وحلق فوقنا؟
الدجاجة الأم أجابت قائلة: ذلك الطائر هو النسر،  سيد الفضاء وهو من  سلالة الصيادين القدماء، ولا أحد منا يستطع ان يطير مثله.

ذات مساء ، جلس نيسان اسفل درج البيت وهو يشاهد امه تطعم الفراخ ولاحظ ان النُسير يهوى الحياة اليومية مع بقية فراخ الدجاج والذهاب  في آخرالنهار الى محل اقامته في القنّ.
تأمل نيسان في الحظ التعيس للنُسير فرأى فيه نسراً انتهى به الأمر ليصبح دجاجة، خُلق ليكون سيداً للطيور وانتهى به الأمر ليكون هكذا وضيعاً. خُلق ليحلق في الفضاء ولكن انتهى به الأمر يتسعك في مزبلة القرية، حيث تلقى النفايات.
ان صدفة فقس هذا النُسير مع مجموعة من الكتاكيت جعلته ينسى ان النسور خُلقت لتحلق في الفضاء، لا ان تتسعك على كومة النفايات مع فِراخ ضعيفة. ولكن المصيبة الكبرى لهذا النُسير هي انه مقتنع بما انتهى به الأمر ولم يحاول  جاهداً ليحرر ذاته ويعود الى حيث يليق به كسيد الصيادين، في الفضاء الشاهق.

في الصباح التالي، امسك نيسان بالنسر الصغير ورماه في الهواء ، مرة  تلو المرة محاولاً تعويده على الطيران لكن النُسير كان دوماً يفضل ان يبقى مع بقية الفراخ ويتنقل على رجليه، الأنفلات من الأرض كان أمراً صعباً عليه. لكن نيسان أصرّ مرة بعد أخرى على تمرين النُسير على الأقلاع. 
"سوف يكون  اكثر سعادة في الطيران" قالها والد نيسان وهو يخاطب نيسان.
اجاب نيسان بعنفوان: " انه لكذلك "
ثم كان، ان نيسان وأبيه ذهبا الى  سفح الجبل لجمع الحطب وقطع الأشجار اليابسة، وجلبا معهما النسر الصغير الى   تلك الصخرة التي  وجدا عليها عش النسر.
" أظن ان جرف الصخر سوف يسهل الأمر في الطيران " قالها والد نيسان.
فأجاب نيسان: نعم يا ابي النتوء البارز لهذه الصخرة المنحدرة سوف يساعد هذا النسر الصغير على الأقلاع.

النسور التي كانت تحوم قريباً أسرعت لنجدة النسر اليافع الذي شدّ عضلات رجليه المغطاة بالبريش ليقوم بقفزة نحو الأعلى. مرتين حاول  ذلك --بالنقيض ماكان يفعله حين كان مع فراخ الدجاج—في نشر جناحيه كي يحصل على قبضة على الهواء، ورفرف لأول مرة جناحيه محاولاً الطيران بعنفوان. وفي الختام ومن خلال تموج بدنه في الهواء ارتفع نحو الأعالي وصار جسماً حياً  محمولاً في الهواء.
جناحيه ظلّا يرفرفان بأنتظام، تنبه  النسر اليافع لدعوة بقية النسور وهو يتبعها حتى أدرك انه في  رحلة الى واقعهُ الأصلي.
أطلق النسر الجديد صرخة فرح اِذ أحس بتيار الهواء يرفع به نحو العُلى وشعر بنشوة نسيم الهواء الذي كان يلامس جناحيه، حقاً بدأ يستلذ نشوة السعادة وهي تسري في بدنه. لقد أدرك انه ليس بحاجة الى امّهُ، الدجاجة. لقد بدأ لأول مرة يشعر انه لأجل البقاء صارت اواصره مع الدجاجة الأم تخف شيئاً فشيئا.

من على الصخرة كان نيسان وأبيه يشاهدان ما يجري.
وفيما نيسان يلوح بيديه مودعاً نسره الصغير، اردف قائلاً: عالياً، عاليا حَلق ايها النسر ، نَسُلك هو من افضل الطيور في الخليقة وقريباً سوف تتعود على بيئتك الجديدة.
" انت محق يا بني، فهذه الصخور وحوافها الحادة سوف تجعله يشعر كأنه في بيته. هنا في جبل منكَيشي سوف ينعم بالحرية وينعم بموطئ قدم"، قالها والد نيسان وأردف مضيفاً "عاد النسر الى سربِه. لقد أصبح واضحاً الآن  ان الطيور على أشكالها تقع".

"الخاتمة"









97
رامينا بادل وهدية الميلاد



صعق المجتمع الآشوري في محلية سيرس، كاليفورنيا ، في شهر تموز الماضي بغرق ثلاث من شباب الجالية بعمر الزهور 21 و 22 و27 ربيعاً غضاً. ذهب ثلاثتهم، وهم من شبان الكنيسة  النشيطين، الى منتجع "يوسمايت" الوطني  في ولاية كاليفورنيا في نزهة ترفيهية.
وهرباً من حر تموز وطمعاً في صورة تذكارية خطت رامينا وصديقها هرمز ديفيد بضع خطوات داخل نهر " مرسد " الجاري بقوة فوق صخور الصوان التي بفعل جريان الماء السريع عليها تصبح ملساء كالزجاج. وما ان وضعت  رامينا رجلها على احدى هذه الصخور الملساء حتى انزلقت وفقدت توازنها وسقطت في النهر الجارف فحاول هرمز انقاذها لكنه هو الآخر سقط في الماء وبدأ يغرق وهنا تتطوع الصديق الثالث لفداء حياته من أجل انقاذهما ولكن هو الآخر لم يملك توازنه وسقط في مجرى نهر " مرسد" الذي يتحول بعد تلك النقطة الى شلال بأرتفاع 317 قدماً.
لم تنتهي الفاجعة في هذا الحد بل تعدت الى مسألة البحث عن الجثث في خضم نهر مجنون لا يعرف السكينة في ذلك الموسم وكانت تلك فترة عصيبة لذوي هذه البراعم الثلاث.
بعد بضع أسابيع تمكنت الشرطة من العثور على جثة  الشاب هرمز ديفد،22 سنة . وفي أوخر تشرين الثاني عثر على جثة الشاب الآخر ، نينوس يعقوب. وبقيت رامينا الزهرة الذات الواحد والعشرين ربيعاً مفقودة وأمها الثكلى، فرجينيا بادل، تنتظر رفات ابنتها طالبة من الرب ان لا يمر عيد الميلاد من غير رؤية فلذة كبدها، ولو ان غاليتها جثة ميتة. وفي الثالث من شهر كانون الأول، سهر الميلاد عثرت الشرطة على جثة رامينا في موسم ركون النهر.

شكت الأم المفجوعة حالها الى الشاعرة المعروفة مارينا بنجمين وأستنجدت بها لتنظم لها مرثية تواسيها في فقدان أعز  شخص في حياتها . وهكذا تطوعت مارينا ، رغم صعوبة الموقف، لأن تحس الآم الأم الثكلى، وعبرت عن شجون الأم الحنونة  وكتبت قصيدة رائعة بعنوان " هدية العيد" ختمتها هكذا:

لم تتركي لي سوى هدية واحدة
 كي افتحها يوم العيد
وكانت صورة ضحتك العجيبة
ها قد علقتها على شجرة الميلاد
     
وقد أنتج الفنان كبرئيل بنجمين هذه القصيدة المؤثرة في فديو كليب يحكي مشاعر الأم في مثل هذه الفواجع. ويمكن مشاهدة الفديو في" اليو تيوب " على الرابط التالي:
http://www.ankawa.org/vshare/view/2764/ramina-badal/
الرحمة الأبدية أعطيهم يا رب.

                                          حنا شمعون / شيكاغو


98
في ذكرى ميلاده ، المسيح والأيمان بالأله الآب خالق السماء ولأرض

انتظرت كرتنا الأرضية الاف السنين لمجئ المسيح حسب التاريخ اليهودي وربما ملايين السنيين حسب النظريات العلمية في نشوء المستوطنات البشرية . وعاشت البشرية في ظلمة معرفية للخالق قبل المسيح بحيث لم يكن يعرف الاله الحقيقي، خالق هذا الكون العجيب، الا قلة قليلة من بني اسرائيل . ورغم ان الله ارسل الأنبياء والصالحين للأعلان عن اسمه القدوس لكن الحضارات  القديمة كالمصرية  والبابلية الآشورية والأغريقية ظلت تبتكر من خيالاتها الهة لها فتعبدها وتحتفل بأعيادها.
حسب كتاب العهد القديم لم يقدر موسى النبي ان يقنع المصريين ولا يونان النبي ان يقنع الآشوريين ان يتخلوا عن عبادة الأوثان رغم ان النبيين المذكوريين حملا اعجايب الآله الحقيقي  الى هؤلاء الملوك فآمنوا  آنياَ أو خافوا  منهما وانصاعوا اليهما وبعد ذلك ارتدوا لأن الذين تحدثوا بأسم الرب كانوا بشر مثلهم وحججهم لم تكن مقنعة للعناد البشري.

ولكن قبل 2011 سنة  بالتمام والكمال، بالتحديد المُوثَق شاء الرب ان يكمل  وعده بخلاص البشرية فأرسل ابنه الوحيد " الكلمة " ليحل في الأرض كبقية  بقية البشر، لا بل في هيئة افقر طفل مولود في ذلك الحين . نعم ولد ملك الملوك في مذود مغارة تُدفِئَتها كانت بواسطة زفير الحيوانات، ولد وعاش تعزية لكل فقراء الدنيا دوماً لتصبح حياته حكمة مفادها ليس  مهماً ان تكون ميسور الحال لكن الأهم هو ان تكون روحك غنية بنعمة الرب ولذا فان رسالة المسيح كانت المحبة بين البشر. محبته للبشر بلغت الى حد لايقاس فقد فدى بجسده  الطاهر خطيتنا الأصلية وأنقذنا من النقمة الألهية.

هذا الطفل، الذي ولد في مثل هذه الأيام الشتائية الباردة، استطاع بالعجائب التي فعلها مع المرضى والعميان والموتى الذين أقامهم ان يؤ ثر في قليل من الذين حواليه فآمنوا به، ولكن اعجوبته الكبرى هو انه اقام جسده الميت ليحل ثانية بين المؤمنين به  ومن ثم ارتفع بجسده الى السماء من حيث أتى، وبهذا عمل شيئاَ خارقاً لا يمكن ان ينجزه الا من له صفه الأله الذي يصنع الخوارق.
ميلاد المسيح تنبأ به الأنبياء وبالخصوص أشعيا قبل ما يقارب السبعمائة سنة من ميلاد المسيح. ولذا فان هذا الحدث كان معداً له ليكون حدثاً فريداً من نوعه ويستحق التمهيد له.

العالم الغير المسيحي لا يعرف عمق المسيحية لكن بلا شك يعرف تاريخ ميلاد المسيح من التقويم المتداول عالمياً منذ 2011 سنة، دون بقية التقاويم التي منها الدينية والقومية؟. وأكثر من هذا ان التاريخ وفق هذا الحدث ( ميلاد المسيح ) يقسم زمن الكون الى عهدين: الى قبل وبعد الميلاد.
 وحالياً يحتفل العالم أجمعه، من مشرق ومغرب الكرة الأرضية، بقدوم السنة الميلادية الجديدة، ويكاد يكون اليوم الأول عطلة رسمية في كل انحاء المعمورة. في ليلة انتهاء السنة الميلادية تكون البدائية   في الشرق البعيد في طوكيو وسدني وهونكونك حيث يبتهج الناس وتنار السماء بالمفرقعات ثم تسلم الراية الى موسكو وباريس ولندن في مباراة الأنارة والأبتهاج  حتى ينام اناسها لينتقل فرح  السنة الجديدة الى نيويرك وشيكاغو ولوس انجلس ليرقص ويمرح الشباب والعباد حتى الصباح. هذا اضافة الى ان في موسم الميلاد ( الكرسمس) تشهد الأسواق حركة بيع كبيرة وتزان البيوتات والمحلات والساحات احتفاًء بميلاد المسيح.  هل ان كل هذا هو من أجل طفل ولد في مغارة وضيعة قبل اكثر من الفين سنة ام ان حقاً ذلك الطفل لم يكن الا صاحب هذا العالم ؟   

المسيحيون، لابد لهم من الأقرار بأن هذا الحدث التاريخي هو أعظم ما حصل في التاريخ لأنه بدء مشوار الخلاص الذي هو جوهر ايمانهم . يبقى السؤال، وبعيداً عن مسألة الخلاص، التي للاسف، غير المسيحيين لا  يدركون معناها  الحقيقي لكن  ماذا يمكن ان يعني لهم مجيء المسيح ؟ بلا شك  ان حكاية مجيء المسيح ليست من نسج الخيال فقد كتب وحكى قصته حواريون عاصروه كتبوا بأساليب ولغات وفترات مختلفة . ومثلما هي الشمس في فلسطين هي كذلك في الصين وفي الأمريكتين وفي كل مكان، هكذا أيضاً كانت كتابات الأنجيليين متطابقة عن هذا الذي أخبرنا بفمه الأنساني والألهي ان ابيه السماوي هو خالق هذا الكون العجيب بما فيه من نظام دقيق وهو رب  الأرض والسموات . قبل مجيء المسيح كان الرب القدوس قد اختار بني اسرائيل ليبشروا بأسمه لكن بنو اسرائيل كانوا ولا زالوا يريدون ان يحتكروا الخالق القدوس لبني جنسهم ولنا في ذلك برهان من قصة يونان النبي الذي تهرب من أمر الله للذهاب الى نينوى لأنه كان في يفضل هلاكهم بدلاً من خلاصهم، فقد كانوا أعداء قومه.
ويبقى السؤال الأفتراضي ماذا لو لم يولد المسيح قبل مايزيد من الألفين عام ومرة أخرى لندع جانباً مسألة الخلاص. فهل كان يهود اليوم الذين عرفوا الخالق من زمن سحيق سوف يُعرِفوننا به؟ وحتى ان عَرَّفوننا به فهل كنا نصدقهم؟ كل الأدلة تشير الى غير ذلك ف يونان النبي لم تأتي محاولته "الشبه الجبرية" ثمارها لأن اهل نينوى ما لبثوا وان عادوا الى عبادة أوثانهم بعد فترة قليلة من توبتهم. ولكن المسيح، الذي ولد في مثل هذه الأيام، كانت وصيته لتلاميذه اذهبوا وبشروا الأمم  بأسم الآب ولأبن والروح  القدس معطياً اياهم سلاح المحبة كي يكون الخلاص للجميع، وان كانوا أعداءاً. المسيح قال عن نفسه انه أعظم من  يونان بكثير وبذلك وبّخ اليهود لعدم ايمانهم به رغم انهم عاينوه لكن الأمم كانت أكثر تقبلاً لتعاليمه من غيرمعاينته.
المسيح كسب الى جانبه تلاميذ وحواريون بشروا به وأستشهدوا لأجله . كسبهم ليس لأنه أظهر لهم انه ذا شخصية كاريزيمية او صاحب تجارة اوكان قائداً عسكرياً ، انما  كسبهم في التواضع  والأعاجيب الخارقة التي عملها امامهم .. حالياً ان لم نصدق الأنجيل الذي يتناول كلام المسيح عن الآب والخليقة، كما كتبه الأنجيليون والرسل وكما  ينص الأيمان المسيحي المدون في مجمع نيقية عام 325 بعد الميلاد حيث ورد: " نؤمن باله واحد، الآب ضابط الكل وخالق السماء والأرض وكل ما يرى وما لا يرى"، ان لم نصدق هذا الذي أخبرنا  به بنفسه فالعلة هذه المرة هي فينا ايها الأحباء.

ليكن يوم ميلاد المسيح الذي هو واو الوصل بين السماء والأرض جواباً شافياً  لسؤالنا: من هو خالق هذا الكون؟

                                                                            حنا شمعون / شيكاغو   
 

     

 
   

99
في اربعينية المرحوم البرت روئيل: فنان سيبقى حياً في الذاكرة

اختطفت يد المنون من بين ظهرانينا الفنان البرت روئيل تمرس في27/ 7/2011 ، اثر  مرض عضال  الّم به وأقعده طوال فترة من الزمن. لمن لم يتسنى ان يتعرف على شخصية الراحل، سوى غناءه المميز ، اقول ان قلب البرت كان ارق من صوته وبساطته كانت مثل بساطة كلمات أغانيه ولكن هيهات ان يدعى فنان آخر ان كلمات أغانيه هي اكثر وقعاً على قلوب السامعين من كلمات اغاني المرحوم البرت روئيل. البساطة ( التواضع ) التي قال عنها الر ب يسوع : " من رفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه  يرتفع" ( متي 23-12 ) ، كانت صبغة حياة   البرت روئيل وقد جسدها في علاقته  مع الآخرين ولا أظن ان هناك  شخصاً عَرفَه ولا يتفق معي في  هذا الوصف. هكذا يكون  سحر البساطة وتأثيرها حين تكون من اعماق القلب و حين تحسبْ نفسك لست أفضل من الآخرين مهما نلت من الشهرة، كما فعل الفنان المرحوم البرت روئيل تمرس.

لقد كنتُ محظوظاً في الفرصة اتي سنحت لي في لقائه بعد وصوله الى الولايات المتحدة الأمريكية وفي بيت اخته التي كانت تسكن شيكاغ وذلك في اوائل العقد الماضي. حظيت بمقابلته وهو المشهور ولكن حينما تقابلنا أشعرني انه هو الذي يقابل فخامتي..  كنت دوماً تواقاً الى لقائه فقد كانت أغانيه بالنسبة لي منهلاً وزاداً في فترة كنتُ بحاجة الى  رابع الهواء والماء والغذاء، الذي هو الغناء وليس اي غناء كان لكن ذلك الذي  يجعلني اتفاعل معه بصدق، يدغدغ أحاسيسي ، يحاكيني عبر الموسيقى والكلمات ولم أجد في حينها أفضل من غناء البرت روئيل ليشبع نزواتي العاطفية في مرحلة العزوبية. لقد حاول الكثير من فنانيا الأحباء تقليد البرت روئيل ولكن لا أحد منهم استطاع ان ينجح في ذلك ولا أظن ان احداً سيكون منافساً له  مستقبلاً.

 وللأسف ان العقود الثلاثة الأخيرة لم تسنح له الفرصة لأن يقدم لنا ابداعاته الفنية بسبب الظروف التي مرّ بها العراق وظروف الهجرة وتقدم العمر، لكن رحيل البرت، هذا العصامي الذي اعتمد على نفسه، هي بلا شك خسارة كبيرة لأغنية السورث  فهو الوحيد الذي استطاع أداء اللون الذي اشتهر به بأمتياز لا مثيل له وسيبقى دوماً حياً في الذاكرة سواء في تواضعه الذي فيه أصبح مثلاً أعلى بين الفنانين او في غنائه الذي حفظ به تراثنا، أكثر من أقرانه المطربين.
 المطلوب من المهتمين بتراثنا الغنائي أفراداً وجمعيات ان يقوموا بالبحث وتسجيل أغاني البرت  التي ما احتواها القرصان اللذان انتجتهما، مشكورة، جهة مهتمة بأغانيه من حقبة الستينات والسبعينات من القرن الماضي .   

سجلت مقابلتي معه ومن ثم كتبتُ مقالتي التالية ونشرتها في  مجلة "القيثارة" الصادرة في ديترويت وكان ذلك في عام 2002 ،على ما أتذكر، وها انذا اقدمها للقراء الكرام طالباً ان يذكروا البرت روئيل في صلواتهم لمناسبة اربعينيته سألين الرب القدير ان يتقبله في ملكوته السماوية مع الأبرار والقديسين.

البرت روئيل : غناءه منهل العشاق وزاد الراقصين


بدا الغناء في عقد الستينات من القرن الماضي متاثراً بالفنان اوشانا يوئيل ميرزا ، احد القليلين المعروفين في حقل الغناء آنذاك. انه الفنان البرت روئيل تمرس الذي بدأ هواية الغناء في مناسبات الأفراح للأصدقاء والأقرباء في جلسات السمر مع المعجبين بصوته وغنائه. في مقابلة أجريتها معه مؤخراً أخبرني انه من عشقه للغناء ومن الأيمان بالموهبه التي وهبها اياه الرب، قام بصنع الالة الموسيقية  التي كان يتمناها ولم تكن متوفرة في السوق لشراءها الا وهي الصاز ( الطنبور)، صنعها من الخشب والصفيح وامعاء السمك ثم صنع مثيلاتها الأكثر تطوراً ولأنه كهربائي بالمهنة استطاع ان يزيد من قوة ضربات الأوتار كي يتلائم ذلك مع طبقة صوته العالية.

في عقد السبعينات اشتهر البرت روئيل اكثر  من اي فنان آخر وكان صوته يصدح في الأمسيات الصيفية لأندية الاشوريين ( السورايي) في مناطق بغداد مثل العلوية ، البتاويين، الدورة، وبغداد الجديدة، وغيرها
سألت البرت عن عدد أغانيه واجاب " الله لا يكذبني  يمكن ان تقارب المائة او أكثر ، كلها من كلماتي والحاني وان كان اللحن أحياناً هو شائع ومسموع". لكن وان كانت هذه الألحان مسموعة كما اعترف لكن بلا شك انه احدث عليها تغيرات وطورها لتلائم الصوت المنبعث من طنبوره الذي طوره هو الاخر واحدث عليه تغيرات اساسية مثل اضافة وتر آخر مع تغيير التقاسيم عليه ، هكذا حين تستمع الى عزفه على الطنبور تشعر كان الموسيقى المنبعثة هي من الحنجرة فهناك امتزاج عجيب بين صوت اوتار الطنبور وصوت حنجرة البرت.
للأسف ان معظم اغاني هذا الفنان لم تسجل في الاستوديو وذلك لقلة الأهتمام بتراثنا الغنائي في حينها وكلفة التسجيل  كانت باهضة مقارنة بالأرباح من جراء بيعها ومع هذا فقد اشتهرت اغاني البرت في العراق وسوريا بشكل منقطع النظير ولعل سبب ذلك ان غنائه كان مثل نبع ماء صاف يتدفق من الأرض بعد أن مرّ بكل مراحل التصفية اللازمة   لتشربه الأفواه العطشة والقلوب الضامئة وذلك لعذوبته ونقائه ليكون منهل يغترفه العشاق.

غناء البرت هو شرقي بالتمام والكمال، ليس فيه شوائب من الموسيقى  الغربية وأعني بذلك يمكن للمزمار والطبل ( زورنا وداوولا) ان يعزفان ايقاعه وهكذا العود ايضاً، اما أن  يأتي عازف كَيتار بمقطوعة من أغاني البرت روئيل فأني اشك في ذلك مهما كانت مهارة العازف. وكلمات أغاني البرت عفوية وصادقة ونابعة من القلب وهدفها القلب الآخر وهما في العشق سيان. بعد موال سماعي مثل ( زونا دخوبي) يشد فيه احساس المستمع الى كلماته المركبة من تعابير العشق يتحول البرت الى الأيقاع الراقص لأغنية  ( آتي وت غزالة طورا وبريا) وان كان ذلك في حفلة فان الحابل يختلط بالنابل والكل يريد ان يعبر عن الأحساس الذي فجره البرت في اعماقه فهناك من يرقص الديواني وهناك الذين يشكلون رتل من (خكا شيشا ) ولأن الكل يريد ان يكون بجانبه راقص ماهر ، لذا  يكون كثير  من الأنفلات حتى  تتعدد الأرتال وحين تسجيل هذه الأغنية "حياً" ، نسمع عريف الحفل ينادي على الراقصين " ان يطيب لكم ، ليكن الرتل واحداً، المحترم ابنوئيل ليقود الرتل- الخكا". هاتان الأغنيتان التي هما ضمن احد الكاسيتات التي املكها ولا زلت احتفظ بها سجلت في احدى حفلات اندية بغداد الآشورية وهي خير مثال للتاثير البالغ لغناء البرت على المستمعين والراقصين الذين يبعث  فيهم النشاط والحيوية لتأدية الرقص بعد ان تزودوا بالزاد اللازم لذلك.

أغاني البرت روئيل الراقصة،  كلها تجتمع على  نوع واحد من الرقص وهو (خكا شيشا ) الذي يبدو بسيطاً لكنه صعب التطبيق بمهارة ، حركاته قليلة ويعتمد على ثني الركبتين وهز الكتفين وهو يتطلب توافقاً دقيقاً بين يمين الراقص ويساره وان لم يحصل هذا  التوافق فأنه يحدث خللاً يضعف حدة الرقص . من الوجوب ذكره بهذا الصدد ان هذا النوع من الرقص هو شائع في البلاد التي هي شرق البحر المتوسط، مع فارق طفيف، في العراق، سوريا ، تركيا، لبنان، الأردن، فلسطين ومناطق من ايران. واحدى اغاني البرت روئيل هي على ايقاع اغنية ( يا ابو ردين يابو ردانا) التي كان يغنيها المطرب السوري ذياب  مشهور وان اختلفت الكلمات والصوت والالآت فان لحنها ورقصها واحد.

الملاحظ في اغاني البرت روئيل والتي عددها هائل، اننا لا نجد اغنيتين بموسيقى مقلدة او متشابهة وهذا ما لا نجده في معظم اغاني المطربين الاشوريين الجدد  حيث يعيدون ويجترون الحان اغانيهم . براعة فنانا الكبير وحساسية انامله نجدها حين يسمعنا صوتين مختلفين في آن واحد من دقات طنبوره وقد لا حظت ذلك جلياً في موال ( زونا دخوبي) الوارد ذكره.
اما من ناحية الكلمات فهي وان كانت متشابهة الفحوى واغلبها عن الحب والعشق ورغم كونها بسيطة وشعبية  وبعضها متوارث او من لغة الكلام اليومية ن فهي قوية ومعبرة وكان، ويكون، لها دوماً وقع مؤثر على قلوب العشاق والعاشقات وكثيراً ما يستعمل تشابيه جميلة او يرسم بالكلمات صور من الواقع : انتِ الشمسس وانا القمر، انتِ غزال الجبل والسهل.. وانا الصياد، الماء الصافي عكرتيه ماذا سأشرب ، لك يا حلوة افدي حياتي ، أُصبح شجرة كي تنامي هنيئاً تحت ظلالي .
كل اغاني البرت روئيل هي ممتازة وقابلة الفهم  ولها وقعها القوي على فكر وقلب المستمع ، وهذان مثالان من دون انتقاء ، الأول يعبر عن ولع عاشق افترق عن حبيبته اذ تقول الأغنية:
لماذا تركتيني ايم تذهبين / اذهبي الله معك انا لم اصاحبك/ هنالك تذهبين وتصبحين لوحدك ن وتتذكرينني / هكذا ستبكين هكذا  ستبكين / لم يكن عشاق في الدنيا سوى أنا وانتِ / الضحك سلبتيه من شفتاي ، لن اضحك بعد / الماء الصافي عكرتيه ماذا سأشرب بعد / هكذا ستبكين هكذا ستبكين هكذا ستبكين...
اما القصة الثانية التي يغنيها لنا البرت فهي على لسان عاشقة تندب حظها العاثر اذ سلب العذال حبيبها فتقول:
حبيبي زعلان مني وانا لست على علم بذلك / لا يوم اغضبته او عاكسته ، عَذلَ العذال و اخذو مني حبيبي / هذا اليوم الأسود نخر الألم في عظامي / سالتني صديقاتي اين حبيبك / طأطأت رأسي وقلت يبدو انه زعلان.
حقاً ان زمن العشق في عصرنا هذا قد اصبح من حكايات التاريخ والبرت قد حفظه لنا في مثل هذه الأغاني.

سالت البرت عن أغانيه القومية ، اجابني للأسف هذه كانت من الممنوعات في الوطن وان شاء الله سيكون لها حصة  في اغان المستقبل حيث انعم الان بالحرية واعيش في مدينة فينكس – الولايات المتحدة الأمريكية.
ذَكرّته بأغنية ( رفرفت أعلام بلادي) التي غناها بالعربية فاجاب هذه ليست من تاليفي انما اُملئت عليّ من قبل المسوؤلين في الأذاعة والتلفزيون العراقي وقد غنيتها مع مجموعة من الفنانين العراقيين لمناسبة 11 آذار واتذكر ان دلال شمالي غنت القسم الكردي من هذه الأغنية.
قلت له ومذا عن ( بغدد كما بسمتا ) التي  غناها لمناسبة قدوم مار ايشاي شمعون عام 1970 ، اليست هذه قومية، فهز رأسه وقال بلى انها هكذا.

طلبت من البرت ان يحدثني عن ابنه يوسف الذي لازمه منذ الصبا بضرب الطبلة ( دنبك) كايقاع خلفي ، بأيقاع ضربات القلب الذي يحفظ اغنية الحياة. البرت اجاب: يوسف الآن فنان بارع وهو يغني كل اغنياتي بامتياز وهو خريج معهد الموسيقى وبأمكانه العزف على الأركَن كما انه ماهر في استعمال آلتي الكَيتار والطنبور. اتمنى ان يختار هو الآخر لون الغناء الذي اشتهرتُ به وهو الشعبي الذي يمثل جانباً من تراثنا الاصيل وقريباً سوف يصدر اول تسجيلاته بعون الله.

سؤالي الأخير كان : أستميحك عذراً على هذا السؤال فمن المعروف ان ( البيك ) كان دوماً رفيقك في الغناء اضافة الى ابنك يوسف فهل من تعليل لذلك. اجابني البرت مبتسماً هذا صحيح حيث كان يجعلني اكثر انشراحاً وانسجاماً في عزف الأغنية لكني الآن كبرتُ و " دخلت في العمر " وعليّ ان اداري صحتي ولذا فأني اقلل من الشرب قدر الأمكان.

لقد كانت فترة السبعينات من القرن المنصرف ( كما ذكرنا ) قمة ابداع البرت ولكن ما  حل في الوطن في الثمانينات وبعدها من مآسي وحروب وهجرة اشل قدراته في التأليف والتلحين والغناء ثم كان ان غادر الوطن مع عائلته في اوائل التسعينات ولمدة  ثمان سنين قضاها مهاجراً في الأردن وسوريا ولبنان، انقطع فيها تقريباً عن الأنتاج الفني . لكنه يقول رغم صعوبة تللك الفترة الا انه اقتنى منها تجربة مريرة سوف يكون لها تاثيراً بالغاً على الموسيقى والكلمات التي سوف تؤطر أغانيه في المستقبل والتي سوف يعتمد على موسيقى جديدة في تلحينه ولن تكون مقلدة اومسموعة من قبل.

هذا هو البرت روئيل الذي دعته اللجنة الخيرية الآشورية في شيكاغو اوائل هذا العام ليغني في حفل خصص ريعه لتلفزيون آشور الذي يبث من شمال العراق وقد امتلئت القاعة بالحضور الغفير من محبي وعشاق اغانيه وقد كانت حفلة رائعة حقاً استانسها الجميع وهم يستمعون ويرقصون على انغام هذا اللون من الغناء الاشوري الأصيل والذي سيبقى حياً مع الجيال القادمة اينما كانت في الوطن او الغربة  وهنا اكرر دعوتي السابقة للمسؤلين والمهتمين بتراثنا الغنائي لأعادة تسجيل كل اغاني هذا الفنان القدير على اقراص التسجيل الحديثة ( الس دي ) ليتسنى للجميع في هذا العصر الأستماع والأستمتاع بها.
                                                                           
                                                                             حنا شمعون / شيكاغو



100
جنان ساوا .. حنجرة ذهبية واِرادة فولاذية

الحادث الذي تعرض له المطرب الشعبي جنان ساوا كان خطيراً ومخيفاً. جنان.. الأنسان والفنان هزه الحادث المروع من الأعماق وعَطل في ساقيه، اما الأعماق فقد برئ من هزتها يوم قال لأخيه عصام في المستشفى بعد ان وعى الذي حصل : " يبدو  ان صلوات الكثيرين قد وصلت الى الرب" وأما عطل الساقين في هذا العصر ومع تقدم الطب والتكنلوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية فما هو اِلا مسألة وقت، وليس أكثر من ذلك .
وقد صرح الفنان العظيم لمنتدى عنكاوا كوم بعد خروجه من المستشفى اذ قال " سأعود الى جمهوري قريباً وستكون عودتي قوية" وكل الذين عايشوا جنان، ويشرفني ان أكون واحداً منهم، يعرفون انه صادق في اقواله ويعرف موهبته الغنائية جيدا واذ اعطاه الرب فرصة ثانية فهو على اتم الأستعداد لأن يقدم الأفضل لكل عشاق فنه، في مرحلة ما بعد الحادث المروع.
معرفتي بجنان ساوا تعود الى العراق حين كان يزور قريتي، منكيش، ومعه طنبوره  وفي بغداد ايضاً حين جاء اليها لتكملة الدراسة  ولكن معرفتي به ازدادت حين قضينا سنتين سوية في أثينا  وكنا كلانا نشتغل  في معمل لصنع أ لواح فولاذية لنابضات السيارات ( سبرنكات) وهناك لمست ارادة جنان  ساوا الفولاذية لأن يصبح مغنياً مشهوراً. كان قد ملأ حيطان المعمل بكتابات كَرشونية لكلمات بالسورث كان يحلم ان يغنيها، كان يكتبها كي لا ينساها في زحمة شغله الشاق. 

جنان منذ الطفولة لم  يعشق شيء سوى الغناء فتعلم العزف على آلة  الطنبور الشائعة في المنطقة التي ترعرع فيها وحملها معه وهو فتى يافع الى المصايف القريبة من بلدته دهوك – نوهدرا يغني لأصدقاه ومعارفه، تارة يستمعون  بنشوة الى صوته الجميل الصادر من حنجرته الذهبية وتارة يرقصون على انغام طنبوره وهو يعزف على اوتاره بأنامله السحرية. لابد وان كل من استمع االى جنان، او جَنّو كما  كان يمسى حينذاك، ان أدرك ان قالبية  هذا الفتى ، ان صُقلت، فان شخصها سوف يكون له باع طويل في مجال الموسيقى والغناء. لم تكون ظروف المنطقة واالعراق  بالملائمة  لصقل موهبة جنان ساوا كي يبزغ نجمه فقد ذهب الى بغداد، عاصمة العروبة آنذاك،  لتقديم نفسه الى  القسم المتواضع للأذاعة السريانية الموالي لسياسات حزب البعث ولكن يبدوا انه لم يعجبه جوها السياسي وهو الفتى الذي ليسى في قاموس حياته مصطلح للحزب والسياسة  وحتى لغته العربيته كانت ولا زالت ضعيفة . 


غادر جنان العراق وحاله حال الكثيرين الذين سئموا الحياة في وطن ليس فيه سلام ولا حرية ووصل اليونان وهنك أطلق العنان لصوته الذهبي عازفا بحرية ومن غير  معارضة  أغانيه البدائية رقص لها البشر والشجر والبحر ومن ثم وصل الى الولايات المتحدة وكان ذلك قبل نحو ثلاثين عاماً ، جاء الى شيكاغو عاصمة الغناء السرياني ( السورث) في الشتات وهناك كان قد سبقه اليها الفنان سركون كبرييل، فنان آخر وعظيم، كان قد دشّن مبادئ واصول الغناء الشعبي المرتبط بالتراث السرياني ( ا- سورايا) وبالخصوص المرتبط بالرقص الشعبي الموروث من المناطق الشمالية من العراق  ( سهل نينوى وصبنا وبرور) ومن تركيا ( هكاري وطور عبدين ) وأيضاً من ايران ( اورمي).
لم يبخل الفنان الكبير  سركون على الطامحين او المنافسين له من القادمين الجدد بأفساح المجال لأظهار قابليتهم، فاعتلت  مسارح الغناء مواهب اخرى كانت ابرزها جنان ساوا وجوليانا  جندو ولندا جورج الذين ترعرعوا فنياً في شيكاغو ومن ثم توزعوا الى كبريات المدن الأمريكية يحملون راية الحفاظ على التراث في الشتات.

بسرعة فائقة تألق صاحب الحنجرة  الذهبيىة، جنان ساوا، في الولايات المتحدة الأمريكية وأصدر الألبومات الغنائية الواحد تلو الآخر ليصبح  مطرباَ شعبياً يحتل موقع الصدارة بين  أقرانه ويسافر من  مدينة الى  أخرى ومن بلد الى أخر حتى اصبحت حفلاته تتناوب سريعاً في امريكا واستراليا واوربا والعراق . وحتى صار اسلوب غنائه  وطريقة  انجازه للحفلات مدرسة تخرج منها الكثيرون أمثال البرت منصور، مناظل تومكا ، وطلال كريش، وعصام ساوا وغيرهم كثيرون وهم  يتسلقون مراتب الشهرة والأبداع.
لن ابالغ ان قلت ان شعبية جنان ساوا فاقت أقرانه من مغنيّ الحفلات والمناسبات وأغانيه الشعبية من طراز شقلي طنبوري وجوخي جوخي وكوذا وزينوكي ونينا وغيرها كثيرة أصبحت وقوداً ثميناً للمغنين الناشئين والحفلات التي يديرها ما يسمى ب ( دي جي). مثل هذه الأغاني الراقصة انتجت جيلاً جديداً من الراقصين الماهرين أضافت على رقصنا الشعبي رونقاً وجمالاً يقل مثيله في رقصات الشعوب الأخرى. أغناني جنان ساوا أصبحت دندنات تتلوها الأمهات على مسامع أطفالهم في لحظات الفرح ليبتهج الأطفال بها ويتربون عليها، فكم من ام كي تظهر مهارة طفلها قلدت جنان وهي تردد عل طفلهاا نينا نينا نناي ...حتى يجاوبها  ثمرة بطنها بالحركات والصوت الطفولي البرئ على  ايقاع هذه الأغنية الجميلة.
أكثر من هذا  كله جنان جمع من تراثنا الجميل من كل حقل باقة وقدمها لجمهوره . الحان شعبية قديمة وقصص واقعية سطر بطولاتها الأجداد حولها جنان عبرأغانيه الى ملاحم غنائية يحفظها الدهر لنا عبره صوته الصداح الجميل وموسيقاه الرائعة  ومن هذه الأغاني العديدة أود ان أذكر نينوي وبابل، دمدمة، شمي شميرام، نيسان، جوخي جوخي، طلاثا بناثا، منكيش .. الخ
أكثر من هذا كله فان جمهور جنان تركيبته من كل فئات شعبنا المنقسم على ذاته . لقد صهر جنان محبيه في بوتقة واحدة وجعل مشاعرهم في الأفراح والأعراس ترقص على نغمة واحدة وهذا ما لم يفلح في انجازه الأحزاب السياسية  التي تناظل من أجل وحدة امة السوراي بمختلف تسمياتها الطائفية والجانبية.

جنان وكما ذكرنا حالياً يتعافى من  الحادث المروع الذي حل عليه بعد ان أدى في يومين متتاليين ومن غير كلل ولا ملل  الذّ ما يطيب له وهو ادخال الفرحة الى قلوب أبناء شعبه ومن طائفتين مختلفتين احداهما في ديترويت والثانية في كندا. في طريق العودة وهو مُجهد  وربما غلبه النعاس فأنقلبت سيارته سبع او  ثمان  دورات، ليس لنا الا ان نقول ان العناية الآلهيه وحدها كانت وراء سلامته وبعدها يأتي تقيده بنظام وضع الحزام الحضاري. اقول اننا محظوظون ونشكر العناية الآلهيه انها حفظت لنا جنان وحنجرته الذهبية وعزيمته القوية كي يصرح بأن عودته ستكون قوية.
اما نحن جمهوره الكبير والآخرين من زملائه الفنانين الذين لهم حضوة التعرف عليه عن كثب ، وهكذا ايضاً نديتنا الأجتماعية وأحزابنا السياسية ، كلنا مدعون في المستقبل القريب ان نساد الفنان العظيم جنان ساوا كي يقف على  قدميه من جديد ويصدح صوته الذهبي على مسارح الحفلات والأمسيات.
جنان وهو في  قمة عطاءه، نحن في غنى عن فقدانه لأن غيابه عن مسرح الغناء هو خسارة فادحة للجميع.
نأمل من زملائه الفنانين ان يجتمعوا ويقدموا لمنفعته حفلة كبيرة كعربون وفاء منهم لزميل  كان دوماً عوناً لهم، وها هو بحاجة الى تعضيدهم  لشحن اِرادته القوية كي يستمر في الغناء والعطاء.
نتذرع الى الرب القدير، بالصلوات، ان يعيد الينا  فنانا العظيم معافاً وفي القريب العاجل.
                                                     
                                                                                           حنا شمعون / شيكاغو   

 

 

101
جولة الباحث نينب لاماسو في منطقة هكاري

للمرة الثانية حظيت بحضور محاضرة الأستاذ الباحث نينب لاماسو حول  مناطق السكن للآشوريين ( الآثوريين او السوراي) الواقعة حالياً في جنوب شرقي تركيا . اعادة المحاضرة كان بطلب واسع من الذين حضروا الأولى في المجلس القومي الآشوري في الينويس، ولذا اخذت على عاتتقها هذه المرة الجمعية القومية الآشورية بالتعاون مع منتدى  خابور كوم لاعادتها وكان ذلك في الأحد المصادف 10/4/2011  وحضرها جمهور واسع يزيد عن المائتين – في تقديرنا— وأستغرقت المحاضرة أكثر من ثلاث ساعاات ولا أظن أحد غادر القاعة طوال هذه الفترة وذلك لقيمة المحاضرة والطريقة الشيقة التي القى بها الاستاذ نينب محاضرته بمعاضدة التقنيات الحديثة في عرض السلايدات ومن ثم التعليق عليها.
في الحقيقة ان الباحث نينب تكلف العناء الكبير والمخاطر الجسيمة من أجل ان ينقل لنا صورة متكاملة عن وطن الآثوريين ( السوراي) في هكاري ( تياري وباز وجيلو) والتي كانت عامرة الى حد السنة التي  وقعت فيها الحرب العالمية الأولى عام 1914 واتي كانت سبباً في الهجرة المأساوية الى بعقوبة وفقدان نفوس كثيرة ( بالآلاف) وهكذا خلت المنطقة من غالبية سكانها الأصليين وبقي الأكراد الذين كانوا جيران الآثوررين ولم يغادروا المنطقة ولا زالو يقيمون هناك رغم وجود عصيان من قبلهم ضد االحكومة التركية التي تحاول اذابة الأقليات العرقية في الأمة التركية ويبدوا ذلك واضحاً في تغيير اسماء القرى  والمناطق الآثورية والكردية الى اسماء تركية وفي سبيل المثال منطقة هكاري التي كانت تشمل اجزاء صغيرة في العراق وايران الحاليتين تحول اسمها الى جولمرك المتأتي من احدى المدن الصغيرة التي كانت تضمها هكاري.

تحدث المحاضر مشفعاً حديثه بالصور ووصف المنطقة بكونها اجمل  بقاع العالم وفي ذلك اورد ما قرأه في كتاب ستافرد الأنكليزي قوله "جبال هكاري شاهقة تشبه جبال سويسرا ولكن بدرجة اعلى  من الجمال" كما ان المحاضر الكريم اورد في خضم محاضرته ومن تجربته ان افضل انواع العسل يجنى من هذه المنطقة  وهناك شركات عالمية تستثمر في انتاج العسل في مروج هكاري رغم الخطورة. وذكر ايضاً ان الماء الرقراق الذي مصدره الثلوج التي  رأى بقاياها في شهر آب يكون مذاقه ونقاءه افضل من ذلك المتباهى به في السويد، وانه لا  يقول هذا جزافاً فقد شرب الأثنين وله حق  الحكم. وهكذا ايضا امتدح المنتوجات الحيوانية وفواكه منطقة هكاري التي تذوقها بنفسه.

هذا  القومي الأصيل المتخصص في التاريخ جال المنطقة موثقاً المعلومات التي توصل اليها لأجل  مشروع قومي وتاريخي يكون في متناول الأجيال القادمة وقبل ان يطوي النسيان موطن آشوري ويضيع  تاريخ فترة هامة من تاريخهم الحديث. وهكذا في كل قرية توقف فيها او وجد أثراً لأجداده وبني قومه سجل احداثيات المكان لتكون مدونة في " كَوكَل ارث" مرفقة بالصور والمعلومات .كما ان  جولته هذه ومساره موثق عن طريق " جي بي اس" متخصص والذي يقتفي الأثر حين يكون فعال.

الحضور لهذه المحاضرة-- وخاصة اولئك الذين اجدادهم كانوا من هذه المنطقة او اولئك مثلي من قرية جبلية شمال العراق  كانت مرتبطة تاريخياً وجغرافياً وتراثياً وعشائرياً  بسكنة منطقة هكاري-- لا بد وان انتابهم شعور مزدوج من الفخر والأسى لما سمعه من المحاضر من شهاده على جمال وخصوبة المنطقة ما آلت اليه حيث انها خالية كلياً من السوراي الا بقايا حلت عليهم الأسلمة والتكريد او الذين عنوة اسلموا وخاصة الفتيات الجميلات المختطفات وقد كشف هذه الحقائق بعضاً من الذين قابلهم الباحث نينب لاماسو وسجل اسماء اجدادهم واحاديثهم وعاداتهم وأغانيهم.
وقد كانت  لحظة تقدير وأحترام عبَر عنها الحضور الكريم حين وصل المحاضر الى منطقة " كَزنخ " الخلابة واظهر صورة رجل كَزنخي مارد قال انه من اتباع الكنيسة الكلدانية جاء مع عائلته واربع عوائل اخرى من اوربا لعيشوا في منطقة الأجداد ونصبوا مظلة أشجارية  ( قوبرانا ) جميلة لأستراحتهم وعندما سأل المحاضر  بعض الشابات من  هذه العوائل لماذا  تركوا دراستهم واعمالهم في اوربا الجميلة  وكان جوابهن : "وهل هناك أجمل من موطن وتراب  الآباء!" وقد قابل الحضور هذا الجواب بالتصفيق الحار.
مناسبة اخرى نالت الأعجاب والتصفيق من الحضور كانت بعد ان ذكر المحاضر انه بعد عودته من جولة تفقدية مع احد الأكراد وأبنه استوقفه اثرين في سفح الجبل قرب ( جِمبخ ) وهنا سأل  دليله الكردي ما  هذين الأثرين وردّ عليه الكردي انا لن اقول لك لكن ولدي هذا سوف يقول لك فما كان من طفل الثامنة هذا  الا أن يرد ويقول: انهما ثكنتا ( جِبِر) دنخا ومرقس وهنا أضاف الدليل الكردي القصة التي سمعها من ابيه وأبيه سمِعَها من جده قائلاً:  في  هاتين الثكنتين وقفا هذين المغوارين نداً لأجدادنا الآكراد حتى هزموا اجدادنا ولأجل بطولة هذين البطلين، من  ابناء ملك اسماعيل، احتفظنا بثكنتيهما. 

في حديث شيق للأستاذ نينب مع أهالي قرية كردية في منطقة أشيثا اقترح اهالي القرية ان ياتي بنو اشيثا ويبنوا كنيسة قريتهم  لكن المحاضر اقترح بدل ذلك الأمر الصعب ان يسمحوا لأهل آشيثا بالقدوم واقامة شيرا د مار كوركيس  شفيع  قريتهم ورحب اهالي القرية بالفكرة قائلين ان القادمين سيجدون المأكل والمشرب والمأوى جاهزاً لهم وحتى رأس الدبكة ( ريش دخكَا ) سيجدونه مشغولاً من قبل اخوتهم الأكراد المضيفين وما عليهم الا الانظمام.. وفي مناسبة أخرى  ذكر المحاضر تحسف الأكراد الذين التقاهم، لمغادرة الآشوريون لمناطق سكناهم وبعدهم ابتلى الأكراد بالنظام التركي فقد كانت شراكة  الآشوريين في الموطن الواحد افضل بكثير من شراكة وتعسف الترك.


في ختام المحاضرة لم يتسنى  للحضور طرح الاسئلة حول المحاضرة وذلك بسبب المدة الطويلة التي استغرقتها وكان بود المحاضر ان يتقبل الأسئلة برحابة صدر كما صرح وقد طلب ممن يودون طرح اسئلتهم ان يلتقيهم في حلقات صغيرة كي يتسنى للذين يودون المغادرة ترك القاعة . لكن، صراحة، ان المعجبين الكثيرين والمقيّمين لهذه المحاضرة كانوا في عجلة من امرهم ليشدوا على  ايدي المحاضر لشكره والتقاط الصور التذكارية معه بحيث كان  هناك صفاً طويلاً من المنتظرين وهكذا فاتت على البعض فرصة طرح أسئلتهم ومنهم انا شخصياً الذي كان بودي طرح سؤال عن صحة معلومة سمعتها من الكاهن الموقر كُليات والذي كان لحقبة  طويلة معاوناً للمرحوم البطريرك مار شمعون، اذ قال ان ثمة اتفاقية اقيمت بين بريطانيا وفرنسا وتركيا الحديثة في ان تعوض اراضي الآشوريين في هكاري باخرى في العراق وسوريا ليتم اسكان الآشوريين فيها، وبالفعل وكما قرأت  كان هناك ممانعة  من  تركيا حين رغب البعض من الآشوريين العودة  الى ماطق سكناهم في  هكاري . اني اطرح سوالي عن حقيقة هذه الأتفاقية علّ ان اجد جوابه من لدن الباحث نينب  لاماسو او من غيره من المطّلعين على تاريخ الآشوريين الحديث.

الحقيقة يصعب  عليّ اختصار محاضرة شيقة امتدت لأكثر  من ثلاث ساعات في مقالة يجب ان تكون قصيرة لكن انتهز الفرصة هنا ان أطلب من الباحث نينب لاماسو وهو الذي عهدنا منه المثابرة والجدّية ان  يوثق لنا مشاهداته وصوره في فلم وثائقي  يعرض مستقبلاً على قنوات آشور وعشتار وغيرهما او يقتنى من الاسواق للراغبين كي تتطلع الأجيال القادمة  على حقبة  تاريخية هامة ويتعرفوا  على مناطق سكنى الاشوريين في هكاري والتي اصبحت الآن ، ويا للأسف، اثراً بعد عين.

                                                                              حنا شمعون / شيكاغو




102
محاضرة الأستاذ نينيب لاماسو عن الشعرالآشوري



في جولة قصيرة حول  تطور اللغات في بلاد النهرين نجد ان الأكديين أخذوا  أدابهم  من اسلافهم السومريين ( 3500  سنة ق.م.) ودوونها لأول مرة في لوحاتهم فوصلت محفوظة الى البابليين ومن ثم الآشوريين الذي امتد عصرهم لأكثر من الف سنة وبعد دخول المسيحية  الى المنطقة غدت السريانية، وهي احدى لهجات الآرامية‘ لغة المشرق المتوسط الذي يشمل اليوم كل من العراق وسوريا والأردن ولبنان وأجزاء من شبه الجزيرة العربية  وايران وتركيا ومصر. تراجعت السريانية بعد سيادة العربية على هذه المنطقة وتوسعت العربية حتى وصلت الى بلاد المغرب والأندلس. وما بقي لنا من السريانية اقتصر على الطقوس الكنسية ووصلت  الينا عبر الكتب الكنسية التي مازالت محفوظة في خزائن الكنايس والأديرة واهمها بلا  شك هو كتاب " الحوذرا " الذي هو كتاب الطقس للكنيسة الشرقية بكل فروعها المسماة حديثا: الآشورية، القديمة، الكلدانية، والسريانية بفرعيها الأرثذكوسي والكاثوليكي.
اما اللغة المحكية لهولاء الذين استعملوا السريانية في طقوسهم فقد كانت مختلفة دوماً عن المكتوبة وسميت " سورث " وفي نظري هي لغة واسعة وامتداها هو الرجوع معاكساً في  الحضارات والأمم التي حكمت المنطقة اي  البابليين الكلديين، الآشوريين، البابلين الآموريين- حمورابي، الأكديين وأخيراً السومريين. وبلا شك تأثرت" السورث  " هذه بلغات الشعوب الحالية المحيطة وهي العربية والكردية والفارسية والتركية واليونانية، وفي العصر الحديث بالأنكليزية.

ان كانت اللغة هي هوية امة معينة فالشعر في تلك اللغة هو جواز سفر اللغة الى بقية الأمم الحاضرة او الآتية . هذه هي الرؤى التي خرجتُ بها بعد حضوري لمحاضرة الأستاذ نينب لاماسو الذي جاء الى  شيكاغو لألقاء محاضرة عن الشعر الآشوري الذي هو في نظر الأستاذ نينب امتداد من عهد السومريين الى وقتنا الحاضر . فقد انتقلت  الى يومنا الحاضرسفارة الشعر السومري بتنويعاته الكثيرة : قصة الخليقة ( ان نوما عليش) ، ملحمة كلكامش، ايتانا و آدابا و قصة عشتار وتموز.

بدأ الأستاذ نينب محاضرته بالرجوع الى جذور الشعر الآشوري - مسمياً اياه آثورايا ( اةوريا ) - وهي جذور سومرية ذاكرا: "لأن السومرية لا تعتبر لغة سامية ولهذا في الوقت الذي بامكاننا ان نقرأ القصيدة السومرية فانه ليس بامكاننا فهمها ولكن القصيدة الأكدية بأمكننا قرآتها وفهمها ايضاً وذلك من خلال مقارنتها ببقية اللغات السامية المعروفة حالياً."
قدم المحاضر الكريم صورة عن شكل ومضمون القصيدة  الآشورية المكتوبة بالخط المسماري وذكر انها في التركيب والشكل والمضمون لا تختلف كثيرا عن القصيدة الحالية العمودية او الرباعية الأبيات وقدم مثالاً عن مرثاة بابلية آشورية اكتشفتْ في تل قوينجق في الجانب الغربي من مدينة نينوى القديمة وثم قرأ سطورها كما كانت تلفظ حين كتابتها، وبعد كل سطر مقروء قرأ الشاعر  نينوس نيراري الترجمة الآثورية ( السورث) وحقاً كان بأمكان المستمعين ان يلحظوا الصلة اللفظية والنغمية بين القرأتين.

ثم تحول المحاضر الى الشعر الآشوري في عهد المسيحية موضحا الهجاءآت ( زوعا) والسلالم ( خوقا) ، الصدر والعجز ( قوفسا ) والفراغ بين الصدر والعجز ( فوشا ) والقافية ( قفيا ). شرح مفصلاً انواع وأقسام القصيده الآشورية معطياً الأمثلة بشكل ينم عن سعة في المعلومات والمام كبير بتاريخ الشعر  وميز القصيدة الكنسيّة في هذه الحقبة اذ قال ان كل سطر فيها كان بمثابة جملة كاملة تعطي معناً كاملاً بينما مثلاً في الشعر العربي غالبا ما  يكتمل المعنى في السطر الثاني من القصيدة. ذكر ان اوزان الشعر الآشوري تتعدى الخمسة عشر وتبدأ من الثلاثي وحتى العشرين متوقفاً عند السباعي المسمى الأفرامي والعشري المسماة بالسريع ( سرىوةا ) ثم الأثنا عشري المسمى بالنرساي وعددها حتى وصل الوزن العشرين وأخيراً ذلك المسمى قوقيتا ( قوقيةا ) نسبة الى صناعة الفخار او الكواز وأعتماداً على الوقفات او الأستراحات التي يتوقف عندها صانعها.

توقف الشاعر  موضحاً الفرق بين الشعر الغنائي والشعر الكتابي مفضلاً تسمية الغنائي منه شيرا ( شيرا ) بينما السماعي مفضلاً تسميته مخرا ( مخرا ) وفي هذا الخصوص اثبت  بشكل  لا يقبل الجدل ان شيرا كلمة تعود الى اللغة الأكدية التي فيها العين سهلة وتلفظ مثل الياء وأوضح بشكل مقنع ان الشعر الغنائي كان الممهد لأنبثاق الشعر السماعي او المقروء. وكانت فسحة جميلة من تعقيدات الشعر اذ جاء ببعض الأمثلة الصوتية من الشعرالغنائي والسماعي لكبار من الشعراء المعروفين وقعوا في هفوات تتعارض مع قواعد اللغة والصورة الجمالية في كتابة الشعر. قدم هذه الأنتقادات بتواضع بالغ قائلاً ان غايته ليس النقد الجارح بل المساعد في اضفاء الجمالية على الشعر الآشوري في المستقبل، كما وضح فيما بعد قائلاً: علينا ان ندرك ان النقد هو أمر سهل  بينما الكتابة بطريقة صحيحة هو امر ليس بالسهولة التي يتصورها النقاد- في خضم النقد البناء هذا تدخلتُ شخصياً ونوهت على ضرورة ان لا يتشبث كُتاب الأغنية بالقافية على حساب معنى وجمالية الأغنية .

المحاضر عمل مقارنة بين فطحلين من كتاب القصيدة في التاريخ المعاصر وهما يواو بنيامين ووليم دانييل حيث ان الأول كان يرى اللزوم في التقيد بأحكام الشعر القديم بينما وليم دانييل الذي عاش ردحاً من الزمن في شيكاغو كان يرى ان كل شاعر  يكتب لزمانه ويتأثر بما حوله. وضرب أمثالاً على التغيرات التي يمكن قبولها مثل ادغام ( من ىونا ) الى ( مىونا ) فتتحول الكلمة من ثلاث حركات الى حركتين حينما تقتضي الضرورة. كذلك اعطى مثلاً عن جعل الموصوف يسبق الصفة خلافاً للقاعدة المعروفة وذلك من أجل الألتزام بالقافية كأن نقول شابيرا بيتا ( شفيرا بيةا ) وذكر ان الشاعر والمغني آشور بيث سركيس يُجمل أغانيه بمثل هذه المبتكرات المقبولة.

 بعد هذا ، تمتع الحضور باستراحة قصيرة في رحاب مطعم ليالينا المزدانة باللوحات الآشورية والتراثية ، والتي قدهما مالكها الفنان شابي لاوندو مجاناً لأقامة مثل هذه الفعالية الأدبية والقومية. ثم قرأ الشاعر المحاضر نينب لاماسو أربع من قصائدة الجميلة والمعبرة، وكانت ثلاث منها حسب سماعي بأوزان حرة وقد اعترف بذلك رغم ان جُلّ ما ذكره في محاضربه كان ذا صلة بالشعر الموزون حسب الأوزان الشعرية المعروفة. صفق الحضور لقصائده التي عبر فيها عن الحب الصادق والحب المرتبط بالوطن والأمة أكثر من اي شئ آخر.

في النهاية اجاب المحاضر عن خمسة من استفسارات الحاضرين وفي معرض اجابته عن اثنين منهما ذكر ان الفرق بين اللهجة المسماة بالعتيقة ( عةيقا ) المدونة في الكتب الكنسية وتلك المسماة بالحديثة ( خدةا )، التي نتكلم بها يومياً ونسعملها في كتاباتنا اليومية  هو الفرق بين لغتين وربما ان تلك التي نسميها بالحديثة هي أقدم من العتيقة في  كثير من مفرداتها. وبيّن المحاضر صعوبة فهم اللغة العتيقة وندرة استعمالها، ولذا رأى انه الأفضل  تنقية اللغة الحديثة لأستعمالها في في حياتنا اليومية وكتاباتنا وأغانينا كي تصبح لغة مشتركة ، وان ظلت هناك فروقات طفيفة بين اللهجة الشرقية واللهجة الغربية والتي جلها تتمثل في استعمال الألف والواو فهي غير مؤثرة وان كانت كذلك فالعيب هو فينا وليس في  لهجاتنا. وذكر ايضاَ  ان استعمال اللسان الحديث لا يعود الى الى اورمي كما يظن الكثير منا لكن الأستعمال الأدبي لهذه اللغة في الكتابة واالشعر بدأ قي القوش قبل اورمي بوقت  طويل  وبهذا الصدد ذكر كتابات وقصائد رابي رابا شكوانا.

في الختام شكر الأستاذ نينب لاماسو الحضور وكان للجمهور الحاضر فرصة ثمينة لألتقاط الصور التذكارية معه وشكره لمجهوده العظيم في تقديم خدماته الجليلة لأمته وشعبه. ومما يجدر يذكره ان الأستاذ نينيب هو من مواليد كركوك عام 1975 وحاصل على شهادة الماجستير في اختصاص الآثار من جامعة لندن ويعمل حالياً كباحث مختص في جامعة كمبرج. وقد قدم محاضرته هذه بشكل مشوق مستعملاً التقنيات الحديثة وأظهر دراية واسعة بالمواضيع الذي تتطرق اليها.
التسجيل الصوتي الكامل للمحاضره  على الرابطين الصوتيين التاليين، يرجى التأني لكبر الملفين:

http://www.ankawa.com/upload/19/part1.mp3

http://www.ankawa.com/upload/19/part2.asf


للمزيد عن الشعر السرياني وللمهتمين ادعوهم الأطلاع على مقالة الأستاذ نزار حنا  الديراني على الرابط التالي:
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Adab/Dr.Nazar/3.htm
                                                    
                                                                              حنا شمعون / شيكاغو


 



 


103
شاعرية مارينا بنجمين تتحول الى فلم قصير


قصيدة  الورق " وراقا " كانت احدى الأبدعات الشعرية للشاعرة الآشورية مارينا بنجمين من اصدراها الأول " لآلي مارينا" . مارينا  تكتب الشعر السرياني الحديث وباللهجة الآثورية ولها جمهور واسع في شيكاغو  يصفق لها طويلاً حين تعتلي المنصة وتقرأ أشعارها بطريقتها الجذابة.

 كي توصل  فحوى أشعارها الى المستمع، فان مارينا وعبر نبرات صوتها وانفعلات وجهها وحركات يداها تحاول ان تترجم الكلمات كي يتلقاها المستمع  الذي هو في عجلة من امره يحاول استيعاب معنى الكلمات والجمل والقوافي في زمن قصير نسبياً. وفي زمن انحسار الشعر وقلة الشعراء الأكفاء فان مارينا تظل تصر ان تقدم الأصالة وما هو دسم في المعنى ومتمحور في بؤرة معينة التي منها تصدر  أمواج او اشعاعات بكل الأتجهات حتى تعطي الصورة  الكاملة عن الموضوع الذي هو مدار البحث كأن يكون ذلك الموضوع هو حجر ثمين او ورقة كاتب او مدينة عريقة.

كتبت مارينا قصيدة " وراقا " على الوزن (البحر) العشري المقفى وقسمت ابيات القصيدة على الى رباعيات ختمتها بقافية موحدة -- غالباً ما تكون مصطنعة -- بحيث تتبدل القافية من بيت الى آخر والغاية ليست من أجل التنويع، بل الأنفلات من قيد القافية كي يكون بأمكانها بناء دراما القصة التي تريد ايصالها الى المستمع. وزن القصيدة العشري مقسم الى صدر وعجز متساويين في الوزن وهذا ما يؤهل كل  سطر ان يعطي معنى جملة كاملة، اضافة الى آهليّة الوزن العشري لقبول  موسيقى  جمالية سواء في الألقاء او الغناء  وحتى الرقص وهنا أضرب مثلاً تعودنا عليه وهو اغنية آهيلا يوني التي يغنيها آشور بيث سركيس ورقص ايقاعها " بيلاتي" والتي يُكتب وزنها هكذا:
" آ هيّلا يوني...شِمو يونيّة " وتقسيم الوزن لها هو: آ - هي-  لا-  يو – ني  (5) ... شي-  مو-  يو - ني – ية  (5)
     
محور قصيدة " وراقا " هو الورق الذي عليه تكتب مارينا أشعارها  وفي هذه القصيدة  بالذات فأن مارينا تكتب  شعراً حراً ليس في التركيب بل في المضمون، فكما اسلفنا ، من ناحية تركيب هذه القصيدة فله ابعاده وشكله ووزنه اي ان البيت الأول هو النمذوج وتأتي بقية الأبيات على شاكلته. لكن المضمون يمثل اسلوباً حديثاً في السرد وهنا تختلف الرؤى من مستمع الى آخر ومن ناقد الى ناقد ويبقى المعنى في قلب الشاعر دوماً، وفي هذه الحالة الشاعرة دوماً .
انا شخصياً ارى الورق قد ملئته الغيرة فالكلمات التي تسطرها، هذه الكاتبة، قوية  جداً بحيث ان الورق ، هذا العديم الأحساس تحركه مشاعر الشاعرة القوية فيحس لها ويمتلئ غيرة  الحب فكأني به يقول " يا ايها الحبيب الذي لأجله تكتب هذه الشاعرة كلماتها اما تحس بمشاعرها التي تحرك الجماد؟؟" وفي الحقيقة ان هذه هي الرسالة التي تريد الشاعرة ايصالها الى  الحبيب الذي تحب وتريد ان توقد الغيرة في قلبه. فالحب او العشق من غير غيرة الحبيب على الحبيبة او العكس هو مجرد محبة لا غير. وفي  نظرنا ان هذه محاولة  ذكية  وفريدة من نوعها استخدمتها الشاعرة لبناء قصة جميلة في تركيبتها ومختلفة في اسلوبها.
 
في فيلم " وراقا " التي نحن بصدده استاعنت مارينا  بالكاميرة المتحركة في  محاولتها لأيصال فحوى قصيدتها وقامت هي بالقراءة والتعبير التمثيلي وقام الفنان المخرج فكتور داؤدي باختيار الأسلوب والتصوير وكي تكتمل  كل المؤثرات الفنية فان الفنان الموسيقار تيغلات ايسابي، ابن الفنانة شميرام ايسابيك انظم الى فريق الفلم القصير " وراقا " ليساهم بابداعه الموسيقي من اجل ايصال مضمون القصيدة الى المشاهد.
الورقة تظهر في كل مشهد من مشاهد الفلم من البداية الى النهاية : فارغة ومملوءة، ساكنة ومتحركة، مسطحة ومنكمشة ، صامتة وناطقة، .. الخ. فهي حقاً بكل معايير الأنتاج السينمائي هي نجم الفلم او كما تعودنا ان نسميه " بطل الفلم " وهناا نسترعي الأنتباء اننا نتكلم عن " وراقا " بصفة المذكر كما الحال في اللهجة التي قيلت بها القصيدة واُنتِج بها الفلم.

الفلم ،هذا، من المقرر ان يشارك  عدة مهرجانات عالمية للفلم القصير ، في مدن مثل شيكاغو ولوس انجلس وأي مرتبة يحصل  عليها الفلم سوف لن يناله المخرج فقط انما ستكون مفخرة للشعر السرياني بايقاعه الموسيقي الجميل.

يمكن مشاهدة الفلم على الرابط:

http://www.ankawa.org/vshare/view/2335/waraqa/



                                                                         حنا شمعون / شيكاغو

104
عيد الحب في شيكاغو

لمناسبة عيد الحب " فالنتاين" تقيم فرقة كلكامش الفنية بالتعاون مع اللجنة الثقافية للمجلس القومي الآشوري حفلا ً شعرياً وغنائياً على قاعة المجلس القومي الآشوري الواقع على العنوان:
9131 Niles  Center Road
Skokie, IL.
وذلك في تمام الساعة السادسة من مساء الأحد المصادف 13 شباط 2011
سوف يحيي الحفل مجموعة من مطربي شيكاغو مع مجموعة من شعراء شيكاغو وآخرون قدموا من ولايات اخرى.
الدعوة عامة للجميع وهي مجانية لكل محبي الشعر والغناء.

105
فديو جديد ومُعبِرعن ماسآة كنيسة سيدة النجاة



بقلم: حنا شمعون / شيكاغو
 
 بعد الجريمة النكراء التي اقترفها شرذمة من الجهلة الحاقدين ضد المصلين المسالمين في كنيسة سيدة النجاة في بغداد كُتبتْ مئات المقالات تدين فعلة الأرهابيين  الذين من حقد قلوبهم لا يميزون بين الخير والشر فخططوا مع الشيطان الذي يعمر في قلوبهم ودخلوا وقت اقامة القداس ، يطلقون النار على المصلين الأبرياء.
خرجت المظاهرات في مدن الأغتراب ورفع المتظاهرون اللافتات المنددة وعلا صياحهم مطالبين دول التمدن بايجاد حل للأرهاب المرتكب بأسم الدين ضد الأقلية المسيحية في العراق. وهكذا ايظاً ساهمت محطات الأذاعة والتلفزيون ومنتديات الأنترنت، كل ضمن مجال اختصاصها في استنكار هذه الجريمة البشعة بحق الأقلية المتجذرة في تربة بلاد الرافدين. 
وشاهدنا ايظاً العشرات من ال "فديو كليب" متحفة بالأغاني المعبرة والصور المؤثرة انتجها المبدعون للتعبير عن سخطهم على ما اقترفه هولاء الذين يدّعون التدين ولكن يخجل اي دين في ان يتبناهم. هذه الحفنة الجاهلة المجرمة وصل حقدها الى احتقار عمل الخالق والمتمثل في الحياة الثمينة ليصبح ديدنهم قتل الحياة هبة الخالق لنا.
 
هذه الجريمة النكراء بحق مسيحيي العراق كان رد فعلها بالغاً عند شاعرنا نينوس نيراري فكتب قصيدة بالسورث تحت عنوان " صلاتنا لم تنته بعد.." يقول في مقدمتها:
"صلاتنا قطعها الأرهابيون المنبذون
هجموا على الكنيسة وابناءها  المسالمين
قتلوا المصلين ومعهم اثنان من الكهنة
الكتب المقدسة داسوها ومزقوها"
 وتحولت القصيدة مع القدرة التلحينية للفنان جان دشتو الى اغنية معبرة  بأداءه وأداء كل  من الفنانين فينوس يوسف ويوئيل ( توي) اوديشو. ثم كانت مهارة وتكنولوجية الفنان جان ميمي الذي حولها الى فديو كليب من اخراجه وحوى الفديو صور ثابتة بأسلوب متحرك عن الهجوم الغادر على كنيسة سيدة النجاة وما اعقبها من رد فعل وجعل الغناء يحاكي المَشاهد المعبرة عن غزوة لأرهابيين وقطعهم لقُدسية الصلاة.. في كنيسة سيدة النجاة وما تبعها من استنكار واحتجاجات.
ينتهي الفديو مع صورة الطفل الشهيد آدم الذي قُتل مع والده الشهيد وهو يصيح كافي كافي كافي ... لان هذا كان كل ما يملكه من سلاح وكلمات في عمر الثلاث سنوات. هذا الطفل الباسم والجميل سيبقى دوماً في مخيلتنا، ينهي ذكرياتنا المُرّة مع هجوم الظلاميين وكلمات القصيدة تقول:
" لتكن هذه يقظتنا، نقوي قوميتنا وكنيستنا ونجابه قوى الشر والوقحاء و نكتب بالشهادة ملحمة البقاء"
الرابط للفديو:

http://www.ankawa.org/vshare/view/2102/kanisatnajatnirari/
 

106
الأب روفائيل قطيمي .. أُصلي لأجل شفائك


قبل ما يقارب الأربعون سنة عرفتك في الموصل كاهناً غيوراً فقد كنتُ تحت رعايتك، ربيتني على تعاليم سيدنا يسوع المسيح وكنت الأب الروحي لي بعد ان فقدت ابي الجسدي. كنت المربي الفاضل تسهر على رعاية ابانك في ميتم القديس يوسف في الموصل. تفرقنا بعد اربع من السنين قضيناها سوية. ولكن التقيتك مرارا  بعد بضع سنين  في الكنيسة التي هزت اليوم أرجاء المسكونة بشهداءها الذين تجاوزوا الخمسين في الأحد الدامي. هذه الكنيسة التي خدمتها لأكثر من أربعين سنة بلا كلل ولا ملل ، كنيسة سيدة النجاة على هيئة سفينة كنت ربانها ولم تهزك المحاولات الكثيرة من قبل الذين لا دين لهم لأغراقها بمن فيها. وهكذا رغم كل المخاطر المحيقة بقيت تخدم كنيستك ورعيتك رغم تجاوزك السن التقاعدي ولكن أمثالك يا ابتي خدمة مذبح الرب هو وعد قطعته يوم سياميذك كاهناً ويا له من اخلاص في تطبيق وعدك للرب حتى الرمق الأخير. بودي لو جازيتك مدحاً في هذه الرسالة لرد القليل القليل من خدمتك لي ولكني أدري يا ابتي وتبعاً لحكمتك وأيمانك ان الجزاء المُرضي لك هو جزاء الرب يسوع الذي حملت صليبه وتبعته كل هذه السنين مضحياً بالسعادة الأرضية كي تنال السعادة الأبدية فماذا ينفع الأنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. وحتى الرتبة الدينية والصعود في سلم الكهنوت لم تكن تشغلك فأكتفيت برتبة الخوري وانت القدير والخدوم والمثقف النشيط والمتكلم البارع الذي الّف الكتب وقابلَته أجهزة الأعلام المختلفة.

ايها الأب الفاضل والربان الماهر حالما سمعت في غربتي عن محاولة أخرى يائسة من قبل قراصنة الشيطان لأغراق سفينتك العملاقة في كرادة بغداد لاح امام ناظري وجهك الباسم وشخصيتك القوية ولاح لي الصليب العملاق وسط  الطاق ، فقلت في نفسي وهل يمكن ان يستسلم الربان وينكسر الصليب او يسقط الطاق ؟ فأنتظرت الأخبار والصور في غربتي البعيدة البعيدة... المسيح سبق وان قال" انا نور العالم" وفي النور فقط تتطور التكنولوجيا ولذا وصلني الخبر بأسرع من البرق وقرأت الخبر وشاهدت الصور وعلمت انك بقيت على قيد الحياة ولم يصب الصليب والطاق بأذى وان أكثر من خمسين نالوا اكليل الشهادة وهم الآن ينعمون بالحياة الأبدية في الملكوت السماوية. وهكذا ايظاً عدد كبير من الجرحى الذين نصلي اليوم من أجل شفاءهم العاجل و نعزي ذوي الشهداء طالبين لهم الصبر والسلوان.

ابونا روفائيل، من بدل كل الذين ربيتهم في ميتم القديس يوسف في الموصل في اوائل الستينات من القرن الماضي ارفع صلاتي الى الطفل يسوع وامه العذراء ومار يوسف البتول أعضاء العائلة الواحدة ان يكونوا في شفاعتك في  هذه الأيام الصعبة ويكون شفاءك عاجلاً وترجع لخدمة كنيستك ورعيتك.
أتذكر انك في عيد جميع القديسين الذي صادف يوم هجوم قوى الشر على سفينة سيدة النجاة واصابوك بالجروح الجسدية  لترقد في مستشفى ابن النفيس. في مثل هذه اليوم أتذكر انك كنت توزع علينا وبطريقة القرعة صور مختلف القديسين وكنتَ توصينا ونحن نستلم تلك الصور فرحين ان نصلي دوماً الى الشفيع السنوي حتى يكون معنا ويلبي طلباتنا. هكذا اريد ان ارجع الى الطفولة البريئة وأرفع صلاة ثلاثين طفلاً الى كل القديسين كي يشفوك ويرجعوك  الى كنيستك ورعيتك. 

أعرف، ولا يساورني شك، انك قد أثرت في خدمتك على الآلاف من المؤمنين الذين كلهم هذه الأيام يرفعون صلواتهم الى الرب القدير ان يشفيك عاجلاً وترجع الى كنيستك ورعيتك.

ابتي في هذه الأيام الحزينة حيث سمع الملايين بفاجعة كنيسة الشهداء، كنيسة سيدة النجاة . حين يجتمع هولاء الملايين يوم الأحد بلا شك سوف يكون القداس لنية شهداء هذه الكنيسة - قسماً منهم قتلواعلى المذبح ومنهم طفل اربع سنين- سوف يطلب الكاهن الصلاة من أجل الجرحى وانت منهم يا أبتي، كي ترجع وتخدم كنيستك ورعيتك.

الى كل الذين يقرأون كلماتي هذه ومن كل الأديان والطوائف الذين فيهم المحبة وفيهم مخافة الله ،ادعوهم ان يرفعوا دعاءهم الى الله سبحانه وتعالى  كي يشفيك ويرجعك لخدمة كنيستك ورعيتك.

الى الرب القدير والعائلة المقدسة شفيعة ميتمنا ارفع تذرعي وصلاتي ان يلبوا صلوات جميع المؤمنين في كل مكان كي تشفى من جروحك التي سببها لك الظلاميون السفاحون وترجع مع ابتسامك الأبوية الى خدمة كنيستك ورعيتك.

                                                                      حنا شمعون / شيكاغو

109
بخديدي الداميّة، قصيدة وأغنية  

الشاعر نينوس نيراري الذي يعيش في شيكاغو وعينه على الوطن دوماً، يتلقى أخباره الحزينة ليخزنها في الأعماق حتى تتجذر وتلامس القلب ويتحرك لها الدماغ ويخرجها كمخرج بارع بشكل قصيدة، يكتبها وينشرها كي يتلقفها فنان آخر لآيقل شاعرية عن نينوس  وهو الفنان الملتزم عوديشو عوديشو ويحولها الى أغنية تحفظ لذاكرة الزمن جريمة بشعة ارتكبها الأرهابيون بحق طلبة بغديدة المجتهدين المسالمين وهم في طريقهم الى الجامعة كي يتلقوا العلم والمعرفة ويتخرجوا مهنيين يخدموا الوطن اولاً. هذا ما عهدناه من اهل بغديدة، احدى قلاع آشور في القدم واحدى مصادر الجهابذة في العصر الحديث حيث أنجبت الكهنة الغيوريين والشعراء والأدباء المرموقين والمئات من الأكاديميين في مختلف المهن والحرف، علماء، أطباء، ومهندسين وفنانين.
لكن طلاب بخديدي أقوى من حقد الأرهابيين وكما يكتب نينوس ويغني عوديشو:

لن يكسر همة الطالب صوت الأنفجار
ولن يوقفوا مساره الى المدرسة
هذا الجبل لن يهتز
التلميذ يقاتل بالعلم وليس بالقوس والرمح


الأرهابيون غايتهم تهجير المسيحيين وزرع الخوف في قلوبهم لكن طلاب بخديدي يخيبون أمالهم كما كتب نينوس بشاعرية وغنى عوديشو بصوته المشحون بالشجن:

لا تخافي يا ( حبيبتي بخديدي) من لون الدم
الدم يجدد مطالب الشعب
مهما قتلوا منا او دسوا السموم
فاننا سنبقى في الوطن بكل تأكيد


نعم، في بداية شهر أيار الماضي بعث الأرهابيون الذعر في أهالي بخديدي بصورة خاصة والمسيحيون في المنطقة  بصورة  عامة وذلك بتفجير حافلات الطلبة الجامعيين من بخديدي  الذين كانوا في طريقهم الى جامعة الموصل والحصيلة كانت استشهاد أحد ابناء بخديدي والذي قيل عنه انه ضحى بحياته وانذر بقية سواق الحافلات وجنّب حدوث مجزرة  مروعة لكن اصابات الطلبة كانت كثيرة ودموية. هذا هو الأخطبوط الأرهابي الذي امتد الى سهل نينوى وهذه هي معايره وقيّمه لا يتوانى في ذبح الأبرياء فما هو الحل ؟ الحل كما يفكر نينوس ويردد عوديشو:

ان لم يكن لدينا القوة لحماية الأمة
ان لم يكن هناك من يغير مصيرنا الأسود
تعالوا نرتقي من الهوة الى العلوة
يا أحزابنا المنقسمة قفوا وقفة موحدة


من المقرر قريبا ان تسجل هذه الأغنية على شكل فديو كليب فيه الصوره الناطقة لهذه الجريمة  النكراء بحق طلبة العلم، الذين طالتهم يد الحقد والتخلف في ارض كانت يوماً مركز الأشعاع والحضارة.

الى القاري الكريم أقدم هذين الرابطين لكلمات وصوت هذه الأغنية الرائعة.  


http://www.ankawa.com/upload/634/548794799.pdf
    
http://www.ankawa.com/upload/634/01%20Track%201.mp3


                                                                           حنا شمعون / شيكاغو



111
مارينا بنجمين تطلق البومها الشعري الأول

أصدرت الشاعرة مارينا بنجمين البومها الشعري الأول وهو بعنوان " لآليء مارينا". مارينا غنية عن  التعريف فهي تلك الشاعرة  المتألقة التي صفق لها  الجمهور طويلاً في مهرجانات عشتار التي تنظم سنويا في مدينة شيكاغو لمناسبة عيد الحب حيث يقدمها الشاعر نينوس نيراري للجمهور تحت اسم " عشتار شيكاغو"

يحوي الألبوم على  خمسة عشر قصيدة مرتلة بصوت مارينا المفعم بالرقة ترافقه الموسيقى التعبيرية المقرونة بالمؤثرات الصوتية التي تضيف السحر والجمال لكل كلمة ثمينة تنثرها مارينا مثل لؤلؤة ناصعة البياض على قلوب مستمعيها. مارينا في البومها هذا وفي القصائد العاطفية- التي تعدادها الغالبية- ترسم بلغة العشق وبلغة سلسة وانسيابية مشوقة تلك الأواصر المقدسة  التي تشد قلبين الى بعضهما. الحبيبة، في لآليء مارينا، تقف بشجاعة وصمود وثقة تدافع عن حبها الغالي امام خيانة النصف الثاني، تلك الخيانة  التي طالما وقفت في درب العشاق على مدى التاريخ، وحوله تدور الكثير من روائع افلام العشق في السينما العالمية. مارينا في أكثر من قصيدةعالجت هذه الخيانة التي تلازم العشاق كما تلازم الخطيئة البشر.
 خيالها الشاعري انتج لنا قصيدة " نقوا ويما- الأنثى والبحر" حيث ان الحبيبة  تحاور البحر وهو شاهد عيان للحب الذي حسبته مقدساً ولكن الحبيب خدعته حواء ثانية وأزالت أثار حبهما موجة عاتية لتقف الحبيبة وحيدة من غير الحبيب تعاتب البحر الذي وقف متفرجاً لم يهمه ما حد ث وكأني بها تقول للبحر: يا شاسع يا عميق ليس لك صاحب وصديق!
هذه القصيدة الرائعة حَولها المخرج المبدع فيكتور داوودي الى فديو كليب من طراز هوليود في احد شواطئ كاليفورنيا ويمكن سماع القصيدة ومشاهدة الفديو على الرابط الأول المرفق ادناه.    
في المجال القومي مارينا تتلو بمشاعر جياشة ثلاث قصائد تعبر عن ارتباطها بارض بلاد النهرين حيث انها في قصيدة "كيبا- الحجر" تحاور حجراً من مدينة  اور قادتها الصدفه اليه بعد غربة طويلة. الغلبة في هذا الحوار تكون لذلك الماكث في مكانه منذ الاف السنين والذي تنازل من موقعه جمشيتاً أزرقاً يؤطر تيجان الملوك ويقع ولو ذليلاً ويتبدل لونه الخارجي نحو السواد لكن جوهره هو ذلك الزاهي بلون السماء،  وظل صامداً  في أرض الوطن المقدسة في حين أن  هذه المُحاورة المغرورة حين ضاقت بها السبل وفي أقرب فرصة تركت وهجرت أرض الوطن المقدسة.  يمكن للقاري الكريم الأستماع الى هذه القصيدة الجميلة والمؤثرة على الرابط الثاني المرفق أدناه.

مارينا ابنة الأديب الراحل أختيار بنيامين وهو احد أعلام اللغة الآشورية الحديثة ( السورث). ووفاءاً لخدماته العديدة في مجال الأدب الآشوري الحديث بالأضافة الى مشاعره القومية التي نشأت مارينا عليها منذ نعومة أظفارها كلها دعت مارينا  لأن تُهدي باكورة اعمالها الى عرابها القومي ومثالها الأول الا وهو والدها الذي علمها محبة لغتها المقدسة وفتح لها الآفاق لأن تكون من المبدعين في قائمةالشعراء الآشوريين.

مارينا انتظرت طويلاً  وبذلت جهدا مشكوراً حتى يكتمل حلمها لتقدم لجمهورها الواسع هذا الألبوم الرائع الذي سوف يدخل في سجل الدرر النفيسة للشعراء الآشوريين في العصر الحديث، شخصياً أهنئها من الأعماق لهذا الأنجاز العظيم.

                                                                      حنا شمعون / شيكاغو
الروابط
http://www.youtube.com/watch?v=H0dcJJLO75c

http://www.drivehq.com/file/df.aspx/shareID3221153/fileID507438811/507438811.mp3

  
  

112
من نحن؟ كلدان، آشوريون، ام سريان!

من المثير  للتساءل  اننا في العصر الحديث ، لازلنا نحن مسيحيو العراق  نبحث عن اسم قومي  نُعرّف به و نتغاضى عن الحقيقة الظاهرة امامنا في تسميتنا بكل جلاء حتى نتخبط كالجهلاء لانعرف من نحن وما هي هويتنا القومية! هناك من يقول نحن آشوريون، كونها التسمية القومية الحقيقية ولأجلها قدموا الشهداء وأسسوا الأحزاب والمنظمات القومية.  وهناك هؤلاء الذين لا تعجبهم الآشورية لأنها هي نفسها الآثورية ظنناً منهم ان الآثوريين هم نساطرة أما هم  لكونهم  كاثوليك ولهم لهجة مختلفة عن الأثوريين النساطرة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال ان تجمعهم   قومية واحدة مع  الذين يستبدلون الحاء بالخاء فيقولون خوبا بدلاً من حوبا ويا للشناعة أيضاً!  فأنهم يقولون ملكتا بدلاً من ملكثا. بما ان هولاء هم الغالبية ولهم الحرية ،في اختيار قوميتهم  بعد زوال شبح الدكتاتورية ولذا فانهم كلدان وكلدان فقط، تيمناً بأسم كنيستهم ونكثاً بالنسطورية والمنتمين اليها من " الخائيين".  
ايضاً ظهر المدّعين بالقومية السريانية او الارامية  وهم اذن سريان حيث ان ثقلهم في سهل نينوى هو كبير. وهم يدّعون ايضاً انهم ليسوا بالآشوريين او الأثوريين ولا بالكلدان وهم على طائفتين كاثوليك  وأرثذوكس ( يعاقبة) مما يعرقل  بلورة رؤيتهم القومية.
ولذا جاءت المحاولات من الوحدويين لأنهاء المشكلة، التي اتذكر ان الأستاذ سعدي المالح، اثناء زيارته الى شيكاغو من أجل لمّ الشمل، تنبأ بالمشكلة قبل السقوط- وكان في ذلك محقاً وواقعياً- فكان ان  استعمل  الخيّرون التسميات المركبة أ و المؤقتة والتي منها الكلدوآشوريون والكلدان السريان الآشوريون آملينَ تحقيق الوحدة والأسم الموحد.

هل حقاً ان المشكلة هي بهذه الضخامة بحيث اننا لا نعرف انتمائنا القومي؟
بسبب تسمياتنا المختلفة وتسمياتنا القطارية اللامعقولة نجد انه في كثير الأحيان  المتحدثون والمسؤلون من العرب والأكراد يتجنبون ذكرنا وذلك  بسب وجود عقدة في تسميتنا وهم لا يريدون احداث اشكال  بحيث  يرضون احد الأطراف على حساب الاخر وان ذكروا الأسم المركب  فان عليهم حفظ بيت من قصيدة فنراهم في غالب يذكرونا كمسيحيين  لتجنب الأشكال وهنا انا لا الومهم  على هذا الأمر. انه سخف وعار علينا نحن المسيحيون  الذين من المفروض ان نتبع المسيح ونعرف النور والمحبة،  ان نعيش  في ظلام دامس وقلوبنا تعمر فيها البغضاء تجاه بعضنا البعض فبدلاً من الأتحاد انقسمنا الى طوائف تتنافس فيما بينها  وتحسد الواحدة  الأخرى حين ينتخب واحد من ممثليها لنيل منصب حكومي بارز أو حين تفوز قائمة أحد الأحزاب في الأنتخابات الوطنية.

 ليسمح لي القراء الأعزاء لي ان اعرض حججي وسوف استمع بمحبة الى حججهم وانتقاداتهم فيما بعد، فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى  ولم أعد اتحمل حالة الأنقسام ، التشرذم ،عدم القبول بالأخر، القبول بالزيف، حمل الضغينة في القلوب، والعدول عن الحقيقة وغيرها من السلبيات  التي تعدت الى  كنائسنا  ومقابرنا وقرانا ونوادينا الأجتماعية والرياضية وعشائرنا وحتى مغنوننا الأحباء احتاروا في أمرنا وصار هناك قيود لحفلاتهم واغانيهم وابداعاتهم.

الكلدان عبر التاريخ وقبل المسيح قرأت عنهم وعرفتهم على مرحلتين فقد ذُكِرَت أخابرهم في كتاب العهد القديم. في المرحلة الأولى حين جاءت العبارة  "وخرج ابراهيم من اور الكلدانيين" وكان ذلك الفي سنة قبل الميلاد حسب  زمن ابراهيم الوارد في العهد القديم وليس هناك اية أدلة تاريخية من الآثار لهذا الحدث  التوراتي لكنه سجل بعض المؤرخين ان ابراهيم ونسله  هم من الكلدان وان العرب المستعربة " العدنانيون ، أو " الأسماعيليون" أصلهم كلدان ولغتتهم كانت كلدانية التي تطورت عبر الزمن الى العربية لغة القرآن الكريم.  
الذكر الثاني  للكلدانين هو انهم فيئة، ربما آرامية الأصل اشتهرت بعلوم الفلك، عاشت في بابل وجنوب يبت نهرين ، كانو مناوين لحكم  الآشوريين ولذلك  بالتعاون من الميديين أسقطوا  الأمبراطورية الآشورية عام 612 قبل الميلاد ليؤسسوا امبراطورية بابل الحديثة او الثانية، التي استمرت حوالي ثمانون عاماً وهذا مووثق في  العهد القديم  وفي الاثار التاريخية ايضاً. الواجب ذكره هنا ان امبراطورية بابل الثانية لا صلة لها بامبراطورية بابل الأولى والتي كانت في عهد حمورابي حوالي عام 1800 قبل الميلاد وأن ذَكرّنا البابليين لا يعني بالضرورة اننا نقصد  الكلدان.
 اما بعد المسيحية  فقد كان ذكر الكلدان عام 1445م حين اوعز االبابا اوجين الرابع بتسمية نساطرة قبرص، في عهد المطران طيماثوس المتحولين الى الكثلكة، بأسم الكلدان من أجل التمييز عن النساطرة الهراطقة في نظر الكنيسة الكاثوليكية في روما. وبعد ارتباط يوحنان سولاقا عام 1553م بكنيسة روما ظهرت التسمية هذه مرة اخرة ولكن بأشكال مختلفة مرة ملاصقة لبلاد آثور، ومرة يلتزم بها البطاركة الكاثوليك  ومرة أخري كانت صفة للبطاركة النساطرة، الى ان استقرت مع البطاركة الكاثوليك وكان أول من استعملها البطريرك يوحنان هرمز أبونا عام 1830 للميلاد ،  الذي انشق عن الكنيسة النسطورية وتبع روما موسساً الكنيسة الكلدانية ومقرها الموصل في حين انتقل اعمامه النساطرة شمالاً نحوالجبال مؤسسين كنيستهم في  قوجانس. أستمرت  سلسلة يوحنان  هرمز الى يومنا هذا حاملة معها اسم بابل ليكون اللقب  الشائع" بطريرك بابل على الكلدان" والذي هو حالياً مار عمانوئيل الثالث دلي والذي يعتبر الرئيس الأعلى للطائفة الكلدانية في العالم ومقره الآن هو بغداد حيث أثار المدينة التاريخية ساليق قطيسفون خليفة بابل والتي يسود الأعتقاد أن  فيها كان تأسيس  كنيسة المشرق على يد مار ماري وهو من رسل المسيح الأثنان والسبعون.

اول ظهور قومي  سياسي حديث للأسم الكلداني كان حين آل النظام الدكتاتوري في العراق للسقوط في العقد الأخير من القرن الماضي  وظهر اول حزب قومي كلداني عام 1999م  وهو الحزب الديمقراطي الكلداني  في كردستان العراق. ثم ظهرت منظمات اجتماعية  وثقافية كلدانية اتخذت بعضها الطابع السياسي والحزبي. وهذه الأيام حين اقرأ لمُنظّري  الكلدانية فأني احتار في أمرهم فهناك من يحسب الكلدان قومية شاملة تشمل الأشوريين واصفينهم بكلدان الجبل اوالكلدان النساطرة. وهناك ايضاً آخرون تبلور عندهم  موقف انفصالي  ويحسبون انفسهم قومية منفنصلة عن السريان والآشوريين  وأن نسبتهم هي اكثر من 80% من مسيحيي العراق. لأبد ان أذكر هنا، ان منظري الكلدانية الحالين لم يتربوا على المباديء القومية الكلدانية ، وهذا ظاهر من اسماءهم وأسماء أولادهم وبناتهم كما ان الغالبية لا يتقنون  قراءة وكتابة اللغة الكلدانية ، الا اذا كانوا شمامسة الكنيسة، وان تكلموا بها فيكون كلامهم مطعماً غالبه بالعربية خاصة الذين تربوا في المدن. كذلك ان اللافت للنظر هو استنساخ الكلدان المعاصرين، مؤخراً، لمناساباتهم القومية على غرار الآشورية ولكن بقليل من الأختلاف مثل تبنيهم للعلم الثماني بدلاً من الرباعي والأحتفال بعيد اكيتو، رأس السنة، في نفس اليوم ولكن بسنة  أقدم وأختيار يوم الشهيد الكلداني من ذكرى أحداث مجزرة صوريا كما فعل الآشوريون من قبل في احياء ذكرى مذبحة سميل. بالمناسبة ان الكلدان فطنوا الى هذه المذبحة بعد ما يزيد عن الخمس والثلاثين سنة!! وهناك محاولات لتثبيت نشيد قومي خاص على غرار الأناشيد القومية الاشورية وهي كثيرة. وآخر الصرعات في هذا المضمار هي انشاء مجلس قومي كلداني ( فدريشن) واتحاد الكتاب والأدباء العالمي الكلداني.

السريان لفظة أطلقها العرب على الناطقين بالسريانية وفي نظرنا ان السريانية كانت لغة كنسية وأدبية أكئر مما كانت محكية، مثلما هي العربية الفصحى. وهي تعتبر احدى لهجات الأرامية والتي كانت منتشرة في  منطقة الرها، من أعمال سوريا . وهناك من يقول ان السريان هم أصلاً اراميين اما لماذا غيروا اسمهم الى السريان ؟ فالسبب وهو عجب! لنبذ الارامية الوثنية وهذا ما لا أميل اليه لأن المسيحية الروحانية لم تأتي لتُغير اسماء الأمم كما فعل الأسلام الدنيوي الذي غير انتماءآت معظم الأقوام التي غزوها الى العروبة بسبب كون القرآن مكتوب بلغتهم، ثم لماذا كنيسة روما تشبثت بالأسم الكلداني  وهو اسم وثني ايضاً. السريان من السريانية وكلاهما من أصل آشوري حملهما الينا الأغريق. ان قال احدكم ان السريان من الآراميين فأني  ازيد: اذن العوسج  يجنى منه التين!! يا اخوان هاتونا حججاً أساسها متين... حججاً منطقية لا حججاُ وهمية.
يقول أحدهم وهو ينقل – في نقله ابهام ، الرجاء ملاحظته - عن المؤرخ الرهاوي المجهول ما يلي: "ان لفظة سوريا والسريانية متأتية من اسم الملك سوروس الآرامي الأصل، الذي ظهر قبل النبي موسى وهذا احتل بلاد سوريا وما بين النهرين ونسبت اليه وسميت  بسورسين ثم حذفت السين فصارت سوريين [؟]" !! وكتب هذا الكاتب ايضاً يريد اثبات بديهيّاته "قال اليعقوبي: السريانية لسان آدم وأولاد نوح". اترك مثل هذه الأقوال الوهمية لحكم القاريء اللبيب.
ومثل ما حصل للكلدان الكاثوليك بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، سمعنا ولأول مرة في العراق بمنظمات وأحزاب  تدَّعي القومية السريانية المنفصلة عن الكلدان والآشوريين.
الواجب ذكره ان السريان والسريانية، باللفظ العربي، كانا المتداولان لدى المؤرخين العرب في العصر الأموي والعباسي وفي كثير من الكتب المؤلفة في ذلك الحين. ولكن التسميات هذه في نظرنا هي مشتقة من الأسم الآشوري، كما سنوضح لاحقاً. كذلك ان جهابذة القوميين الآشوريين في اوائل القرن العشرين كانوا من طائفة السريان الأرثذكس وهم كل من آشور يوسف خربوط، نعوم فائق، و ديفد بيرلي وفريد نزها وغيرهم . وجدير بالذكر ايضاً ان المنظمة الآثورية الديقراطية  وقد تأسست عام 1957م وجُل موسسيها كانوا من السريان الأرثذوكس واليوم لا تستطيع ان تفرق بين من هو من الطائفة السريانية او ذلك الذي من الطائفة الآثورية من أعضائها.  

اما ألاثوريون" ويعنى به الآشوريون " فقد ظهر اسمهم المذهبي على المسرح السياسي عام 1868 م،  بتعضيد من المبشرين الأنكليكان اثر ظهور الأدلة التاريخية  الآثارية للآشوريين  في شمال بيت نهرين وربما كرد فعل  للأسم الكلداني  المُتبَنى من قبل الكنيسة الكاثوليكية .حمل الآثوريون الراية القومية الى جانب الراية المذهبية  المتمثلة بالنسطورية رغم ان بعضهم ، في اورمي وباز،  انتموا الى الى الكنيسة الكاثوليكة لكن شعورهم القومي كان آشوري  واحيانا كلدوآشوري وذلك تعبيراًعن ارتباطهم القومي بكلا الكلدان والآشوريين  ( بابل ونينوى) ، لكونهم منتمين الى الى الكنيسة الكلدانية، وفي نظرنا ايضاَ بسبب الطروحات الكلدوآشورية للمطران ادي شير رئيس اساقفة سعرد ومؤلف كتاب تاريخ كلدو وآثور عام 1912 للميلاد.
بكل الأحوال لنعد الى الآشوريين  ونطّلع على تاريخهم  القديم حسب ما تَقُره كتب التاريخ، فان ظهورهم على المسرح السياسي  كان لما يقرب 1200 عام وكانت البداية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد  والمائة سنة الأخيرة من حكمهم كانت العصر الذهبي وأنجبت ملوك عظام  بدءاً ب تغلات بلاسر الثالث،  سركون الثاني،  سنحاريب ،اسرحدون وأخيراً آشوربانيبال الملك العظيم. انتهى حكم الآشوريين بثورة  الكلدان في بابل بعد التحالف مع الميديين، أعداء الآشوريين التقليديين، لتسقط اعظم امبراطوريات التاريخ القديم عام 612 ق. م. بسقوط نينوى اكبر مدن زمانها.
كُتاب العهد القديم يذكرون الكثير من تاريخ الآشورين، فهم عَصاة الرب وهم جُبلة يد الرب وسفر يونان بكامله يدور حول صوم نينوى وتوبة اهلها. أشعيا تنبأ بعودة آشورمثَلها مَثل كل من  مصر وأسرائيل( اشعيا -19-25) وفي رأينا ان النبوة هذه تحققت بأكتشاف حضارة آشور لتملأ  متاحف العراق والعالم في بداية القرن العشرين الميلادي. وهكذا ايضاً بالنسبة الى تأسيس دولة اسرائيل وعودة تسمية مصر الفرعونية بعد محاولات طمسها ضمن الجمهورية العربية المتحدة. والمسيح ( له المجد) نطق  بأسم أهل نينوى معطياً اياهم المصداقية في صومهم وتوبتهم ( متي 12 – 41 )
في عهد المسيحية ورد مراراً الأسم ألآثوري او الآشوري في الكتب التي تركها لنا آباء الكنيسة الشرقية ولكن الأسم تفجر مثل البركان بعد الأستكشافات الأثرية في بلاد النهرين مع بداية القرن التاسع عشر الميلادي وقد تبنته الكنيسة النسطورية  في قوجانس كما ذكرنا وأصبح بطريركها يمثل الرئاسة الدينية والدنيوية. و في آب 1933م كانت مذبحة سميل بحق الآثوريين  والتي على أثرها تأسست المنظمات والأندية والأحزاب الاشورية لتصبح بالعشرات ان لم نقل المئات وشاركهم فيها السريان الأرثذكس الذين عانوا نفس ما عاناه بني جلدتهم الآثوريون ابان الحرب العالمية الأولى. وفي عام 1985 نال اكليل الشهادة ثلاث من خيرة الشباب الآشوري علي يد النظام البعثي وهو امرسيجعل الشعلة الآشورية متوقدة على الدوام. هذه هي قرآتي وما عايشته بأختصار شديد والتي اود ذكرها في هذا المجال الضيق .  

 اعلاه كانت طوائفنا المذهبية التي تفرقنا . التفرقة هذه هي حصيلة ضعف ايماننا المسيحي  وهي ليست اطلاقاً مرتبطة بمسيحيتنا ( وحاشى ) التي اصلاً جاءت لكل البشر من غير النظر لأصولهم العرقية .وسلطة الرؤساء الدينين هي سلطة روحية وليست دنيوية خاصة في العصر الذي نعيشة حيث ان عالم اليوم مقسم الى دول علمانية  تتفاوت في صغرها مقارنة  بالأمبراطوريات  التي كان لكل منها دور في حكم معظم العالم وكان لكل منها دينها الرسمي .

لكل الذين يحسبون هناك فرق بالقومية بين الكلدان والسريان والآ ثوريين ، اقول انتم مخطئون بكل توكيد.  
قبل ان اثبت ذلك ادعوكم بأسم المحبة التي تدعوا اليها مسيحيتكم  ان تتخلوا عن الضغينة المذهبية التي تُعَمر في قلوبكم وأسمعوا الحقيقة البسيطة المتمثلة بكلمة السورايّ التي هي ارث  لنا من اباءنا وأجدادنا والتي هي بمثابة حلقة الوصل بين تاريخنا القديم وتاريخنا الحديث. السوراي اسم قومي وليس تسمية دينية لأن كلمة المسيحيين في لغة السورث هي "مشيحايي" من اسم المسيح ( له المجد) وهي بنفس المعيار الذي يتسمى به المسيحيون والمشتق من المسيح  في الأنكليزية والفرنسية واليونانية وكل اللغات العالمية لماذا في لغتنا فقط  المسيحي تعني سورايا!! هذه حقيقة جلية واضحة فلا تتغاضوا عنها بدعوى انها تسمية دينية . اصل كلمة سورايا هي آسورايا  ومن له المام بلغة السورث يدرك ان الألف هي مُبطلة ولذا فأنها تكتب بالألف وتلفظ بدونها وهذه قاعدة معروفة في اللغة  السريانية من أجل سهولة اللفظ . والسؤال هو ماذا تعني آسورايا ومن أين جاءت. اسمحوا لي ان اكتب هنا معلومات قيّمة جداً لكن الغالبية منكم للأسف نتغاضى عنها، كما أسلفت . آسورايا هي اصلاً آشورايا وغاب الأصل لأن آشور سقطت  وكاد ان يزول اسمها - لكن اطلاقاً ليس شعبها كما يدعي البعض - لولا ان الأغريق من طرف الغرب حين قويت شوكتهم وتوسعت امبراطوريتهم نحو الشرق فكان لا بد ان يسمون الأقوام والبلاد التي كانوا يحتلونها فجاءت كلمة أسيريان وسوريا لعدم وجود الشين في ابجديتهم. هيرودوتس الأغريقي ، الملقب ب ابو التاريخ  والذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، يذكر ان اسم سوريا هو من آشور ومن مصدر هذا الأسم كانت كلمات: السريان ،السريانية، السوراي، والسورث. شتان بين هذا التأويل المنطقي  وبين ما ذكره كل من الرهاوي المجهول واليعقوبي. كما أوردنا أعلاه. اعرف ان البعض منكم لايود سماع مثل هذا البرهان القاطع الى انتماءنا ،نحن السوراي، الى الآشورية وهنا هو لبّ المشكلة التي ليس لها حل الا بتقبلها لكونها حقيقة جلية ورجائي من الناكرين لهذه الحقيقة ان لا يغمروا روؤسهم في الرمال كالنعامات بل يجتهدوا في الموضوع ويحكمون بعدل فأنا على ثقة ان لا أحد منهم ينكر انه سورايا وأبن سورايا. وليسمعني الأخوة االسوراي اين هي حالياً مناطق وجودهم وقراهم واديرتهم وكنائسم ؟ اليست في قلب آشور وجبالها وبأتجاه الغرب حيث الأغريق. هل هذا محض صدفة. امان هذه هي مناطق سكناهم  بعد سقوط نينوى حسب ما أوثقه لنا المؤرخ هيرودوتس. الواجب ذكره هنا ان الهجوم على نينوى واحتلال توابعها كان من قبل الميديين ويقال ان السبب كان دينيا حيث ان الكلدان أبوا ان تتلطخ ايديهم في دمار معابد الآلهة التي كانوا والآشوريون يشتركون في عبادتها. بعد السقوط تشتت الشعب الآشوري في الجبال المتاخمة كما ورد في العهد القديم، ناحوم 3-18.
البعض من الكتاب يدَعون ان الأسم السرياني هو من الاراميين. أين العلاقة الأشتقاقية ولماذا ليس من سوريا التي نوهنا عنها أعلاه ؟ بالله عليكم ماذا يسمينا الغرب  اليس أسيريان وما هو الفرق الذي تروننه بين الكلمتين ام ان هذا هو من قبل الصدفة؟ كفانا ضغينة !! ولنقر بالحق والحقيقة. نقول ان ديننا المسيحي هو الحق ولكن حقيقة بسيطة وجانبية لا نريد الأقرار بها  وهذا ليس بالمهم لديّ، لكن لماذا القبول بالخطأ  وسؤالي بكل أسف اوجه الى الأب الفاضل والعلامة المؤرخ البير أبونا الذي مقولته ان الآشوريين اندثروا. وهو صاحب أخبارهم في مؤلفاته الشهيرة بثلاث أجزاء " تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية". ومن اقواله الغريبة ايضاً أن قوميتنا يجب ان تسمى آرامية لأن أصلنا هو آرامي! وليسمح لي حضرته  لماذا لم يترجم لنا، وهو القديرعلى ذلك، كتاب زميله حنا فييّ الدومنيكي والمُعنون " آشور المسيحية " الذي عنوانه هو دلالة لآشورية القرى المسيحية في سهل نينوى.  مسألة اخرى اريد اثارتها في هذا الموجز وهي ان السورث  لا تعني الآرامية لا لفظاً ولا معناً بل هي  تطور من لغة الآشوريين القدماء التي أثرت عليها السريانية الآرامية  وحوتها حسب رأي الأغلبية من كتاب التاريخ  وان كلمة " السورث"  الحالية مرتبطة بالآشوريين وليس بالآراميين. في رأينا ان السورث كانت  الى حد القرون المتأخرة لغة محكية فقط اما  السريانية فقد غدت لغة الطقس الكنسي واليوم نكتب السورث الحديثة بأحرف سريانية آرامية الأصل. وحاضراً غدت لغة كتابية تُحرر فيها الجرائد والمجلات وتُكتب بها القصائد  الشعرية والأغاني ورسائل الأنترنت.
خلاصة الكلام بهذا الصدد ان التسميات : آشوري، سورايا، سوريايا، آثوري، سرياني، أسيريان هي من أصل واحد مثلها مثل التسميات: شمعون ، شمون، سايمون، سمعان وكذلك: كوركيس،جاورجيوس، جرجيس، جرجس، ججو، ككو، جورج، يوركو... وهكذا ايضاً بالنسبة الى:  يوحنا، يوخنا ،يوحنان ،حنا ،جون ،ياني ، ايفان. وكذا ايضأ اسماء  أخرى تاريخية ودينية معروفة. تختلف الألفاظ لأختلاف اللغات والأزمان ولكن يبقى المصدر واحد.

مرة اخرى، الأخوة الكلدان المعاصرون يعيشون في لب آشور ويدّعون الكلدانية ؟ كيف يكون هذا ؟ الأستاذ المهندس حبيب حنونا وهو باحث ومؤلف قدير وفي ظني انه أخطأ حين كتب في مقالة له، ان التأويل هو ان هولاء الكلدان المعاصرون هم  أصلاً اسرى حرب جاء بهم الآشوريين من جنوب بيت نهرين. أتعجب ان يتخذ الأستاذ  حبيب من هذه النظرية الهشة أساسا لأثبات  وجود الكلدان في سهل نينوى  وهو في كتابه "كنيسة المشرق في سهل نينوى"  لم يتطرق الى هذا الأمر ولكن دوّن هذه الفرضية الهشة في مجلة المنتدى الصادرة في ديترويت قبل سقوط النظام بسنين قليلة وكان أن نسخها  المتعصبون للكلدانية لتصبح نظرية " افتح يا سمسم" وتحل معضلتهم في سبب وجود الكلدان على غير أرضهم ، في قرى سهل نينوى الحالية. عتابي للأستاذ المهندس حبيب كيف بنيتَ بيتاً من رمل على أساس  صخري في أرض آشور. ويبقى السؤال لماذا لم يرجع هولاء الأسرى الى ديارهم بعد سقوط دولة مستعبديهم ، بما لا يناهز الخمسين سنة  كما فعل معظم اليهود بعد سقوط بابل؟ خاصة وان بعد السقوط، سهل نينوى  وكما هو معروف كان من حصة الميديين وليس الكلدان. أستاذنا المؤقر اولاً عدد الأسرى في الحوليات مبالغ به وثانياً  الأسرى لا يمكنهم اطلاقاً ان يقلبوا الموازين السكانية لأسيادهم ومثل هذا الشي لم يحدث في التاريخ ابداً.
سؤال أخر وعذراَ.، ألأغلبية الآشورية قبل سقوط نينوى ماذا حصل لهم هل انقرضوا كما انقرضت الديناصورات اثر نيازك ضرب الأرض او بسبب نظرية التطور؟  قليل من المنطق يا أخوان وستجدون الحل هوفي صراع المذاهب وهو واضح للعيان ومؤرَّخ ولا يختلف عليه اثنان من العقلاء.
أسئلة منطقية أطرحها على المؤمنين بالواوات الفاصلة بين قوميتنا الواحدة. برطلا( سريان) تبعد اقل من خمسة اميال عن كرمليس (كلدان)، بلغة واحدة ودين واحد وعادات مشتركة لكننا نحسبهم مختلفين بالقومية! هل هذا منطق ام تعصب مذهبي ونفس الشي بالنسبة الى قريَّتي ديري وكوماني هما على بعد رمية حجر اوعمر سيكارة واحدة وهم  أبناء عمومة ونسابة فهل لنا ان نقول ان قومية أهل ديري (آثوريون) تختلف عن قومية أهل كوماني (كلدان)؟  أريد الجواب !
حقاً ان الأمر يبعث الى كل هذه التساؤلات الغير المستحبة لا في المناقشة ولا في الكتابة الأنشائية الصحيحة.ولكن ليس لي في الأمر من حيلة خاصة  حين ارى الحقيقة جلية واضحة بينما اخي  الكلداني اوالسرياني في عصر الثقافة والحرية ، لايريد الأقرار بها.
 يذكر الأستاذ الدكتور عبدالله مرقس رابي وهو بروفسور في علم الأجتماع  ان  التنشة، وليس صلة الدم ،هي التي تبلور الشخصية القومية و بمعنى  يمكن لأخوين ان يصبحا من قوميتن مختلفتين!  وهو يستغل هذا المفهوم  لفصل الكلدان عن كل من الآشوريين والسريان لأن كل منهم نشأ في بيئات خاصة به. لكن أستاذنا عبدالله رابي  نسى ان يطبق حالة التنشة على الكلدان القدماء الذين كانوا في بابل وحواليها وانتشروا على شكل أقليات في شمال العراق وسوريا و قبرص ، التي كان فيها جالية كلدانية حتى القرن الخامس عشر الميلادي . انا أقول ان كلدان بابل والمنطقة الجنوبية في العراق فقدوا انتمائهم القومي عن طريق التنشة القسرية باعتناق الأسلام اما بالقوة او مجبرين. اما الكلدان الذين عاشو ا مع المجتمعات التي لم تضطهدم فقد انصهروا مع تلك المجتمعات  طوعاً وهذا ينطبق على  كلدان الجنوب  الذين هجروا الى القرى في شمال بيت نهرين والذين هاجروا الى قبرص هرباً من التضيق الأسلامي عليهم او هرباً من المغول بعد سقوط بغداد على ايديهم.
العلّة، يا استاذ عبدالله، ان كلدان اليوم تعتبرون  تنشئتهم الحالية في كنف الكنيسة الكاثوليكية منذ عام 1830م  حافزاً لحقنهم  بمشاعر قومية منفصلة عن الآثوريين بأعتبار الأخيرين نساطرة . لا يشك احد ان الكنيستين كانتا واحدة وانفصلتا عن بعضها وتباعدتا لحد العداء. انا شخصياً احسب ان الظروف التي ولدت  التباعد بين ابناء القومية الواحدة ( سوراي)  لبعث قومية كلدانية جديدة، خاصة  في العهد الأستبدادي الصدامي البعثي، هي ظروف شبه- قسرية ولا يمكن حسابها على التنشة الطبيعية . اسمح لي يا اساذنا العزيز ان أقول ان  الكلدانية الحالية ،والمنحسرة على الكاثوليك ،هي طائفة انتمائها القومي هو (السواري) الذين عروقهم آشورية  حسب كل الأدلة  ومقومات القومية الحقيقية وهي اللغة والأرض  والدين والعادات، التي تظمن التنشئة .,اسمح لي ايضاً القول ان المسيحية لايمكن ان تنشيء قومية لأن المسيحية هي روحانية واممية بعكس الأسلام الدنيوي فقد حوّل كل الشعوب التي غزاها الى العروبة بسسب لزومية تعلم القران المكتوب بالعربي  وأملي منك ان لا تفكر بهذا لمنطق.
اسمح لي ان أقول أن الكلدانية الحالية بهذا الضعف البادي عليها لن تقاوم رياح االعولمة العاصفة  والتي ستزيل الصغير الهش قبل الكبير المتعمق الجذور. الآشوريون  قدموا الشهداء في سميل وفي ميادين القتال  وفي سجن ابو غريب الصدامي من أجل تحقيق هويتهم ويعتزون بلغتهم وناهيك ان نصف اسماءهم حالياً هي أسماء من تاريخهم وتراثهم الآشوري . فأين الكلدان الحاليين من مثل هذا الأثبات الراسخ للهوية؟  خذ في نظر الأعتبار يا استاذي العزيز ان هناك الألوف من ابناء الكنيسة الكاثوليكية  يعتبرون انفسهم آشوريون ولكن ليس آثوري  واحد يعتقد بكلدانيته ! أرجوك ان تدرس بموضوعية معنى هذه الظاهرة. أملي ان تكونوا، بمرتبتكم العلمية المميزة، دعاة لجمع الشمل وليس للتفريق الذي سوف يؤدي الى ضعفنا وابالتالي زوالنا . تقول ان عائلتك أصلها من منطقة باز الآثورية فلا تسمح للتنشئة الشبه- القسرية ان تفصلك عن اصلك الآشوري، يا استاذنا الجليل.

اما لماذا الأختيار الآشوري- في اللفظ العربي - ؟ فلأنه اولاً يمثل العمق التاريخي والحضاري لسوراي اليوم،  والذي يجب أن نفتخر به كمكون اساسي  في " الأمة العراقية"  التي نسمع بها هذه الأيام والتي هي خلاص الشعب العراقي من محنته الطائفية المقيتة. ثانياً صعوبة لفظ كلمة " السوراي"  في العربية وثالثأ  وكما اسلفنا ان السوراي  والسريان هو أصلاً تسمية أجنبية للأشوريين. طبعاً لآيمكن نفي ان سوراي اليوم جذورهم ، بالأضافة الى الآشورية، هي كلدانية وأرامية وفارسية  وعربية وتركية.. الخ.  فمن المستحيل ان يسري دم نقي في اية امة لمدة اربعة الآف سنة! كذلك علينا ان ندرك ان فكرة  القومية كانت في طي النسيان لمعظم القوميات، بسب غطاء الدين، وعلينا ان نعترف انه لأكثر من الفي سنة كانت الآشورية قد خمدت وطغت عليها المسيحية وأصبح الأسم السرياني ( باللغة العربية )  او السوراي ( بلغة السورث)  يعبر في الغالب عن مسيحييتم ، حتى بدأت مشاعر القومية  تظهر في اوربا والشرق الأوسط من جديد في بداية القرن العشرين وكان للآشوريين ايضاً نصيب منها .  
 سأكتفي بهذا القدر من  البراهين في اننا قومية واحدة مقترحاً ان تكون " آشورية " في اللفظ العربي إرضاءاً للتاريخ والحق. وفي نفس الوقت  اقول انه علينا ادراك ان القومية في هذا العصر قبل ان تكون صلة دم والتزام فهي شعور ومشاعر تشد الكثير منا اليها كهوية قومية وبها نَعرف من نحن وأين هو موقعنا من شعوب العالم.
 أملي ان يلتزم كل منا بالحق والحقيقة ولنكن صادقين مع  مشاعرنا ومع  الذات ، نتخلى عن الضغينة التي عَمَرتْ في قلوبنا بسبب المذهب  ونفصل بين المذهب الديني والقومية ونعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

                                                                                                حنا شمعون / شيكاغو  

113
ميلاد المسيح، دروس وعِبر

في هذه الأيام المباركة نحتفل بعيد الميلاد  المجيد ونرى ان العالم كله منشغل بشراء الهدايا لتقديمها الى افراد العائلة و الى اصدقاءهم الأعزاء وهذا التقليد أصبح متوارثاً في البشرية كلها تعبيراً للهدايا التي قدمها ملوك المجوس للطفل يسوع  حين ولد في مغارة بيت لحم . ولادة ملك الملوك لم تكن مثل اي ولادة أخرى فغالبية البشر وحتى الفقراء ولدوا في ظروف تحسد عليها مقارنة بميلاد هذا العظيم  الذي  ولد رضيعاً بلا ملبس في حين نعرف  ان الطقس يكون بارد جداً في ييت لحم في مثل هذا الوقت.  يذكر الأنجيل  المقدس " وبينما هما هناك تمت ايام ولادتها لتلد فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود اذ لم يكن لهما موضع في المنزل". وينقل لنا التقليد  الذي  نعرفه  اليوم ان الطفل يسوع كان محاطاً بوالدته ويوسف  مضافاً اليهما بقرة وأتان وبضعة خراف  وزفير هولاء جميعاً كان المدفاة  لهذا الرضيع  الذي كل العبرة من ولادته  هي خلاص الجنس البشري وهنا يكمن سر المحبة التي هي أساس المسيحية محبة الله لنا ان يكون لنا حياة ابدية خالية من عذابات الحياة الأرضية  التي لآ أحد يجرأ  ويقول اني ما رأيت مشقة فيها. فمن المؤكد على مر العصور أن الحياة على هذه الأرض  سادتها الحروب والكوارث الطبيعية والمظالم الآتية من البشر انفسهم مضافا اليها المرض والفقر واليأس وتحصيل المعيشة بعرق الجبين، وحتى ان كنا محظوظين  في حصول المال  نراه  لا يكفي لآشباع  كل متطلباتنا الحياتية .وخاتمة كل العذابات هو  الموت  الذي هو مفروض على كل البشر .ويا ويل الذي  لم يعتبر من سر محبة الله لنا حين ارسل ابنه الوحيد لخلاصنا.
في ولادة المسيح تتجسد العلاقة بين الخالق والمخلوق بين الله والأنسان  وفي هذه العلاقة تتجلى محبة الله  للأنسان. وها هي مريم العذراء تحبل بقوة الروح القدس  ليحل الأبن ، ابن الأب،  بيننا ليس كملك جبار تخضع له المسكونة يجلس على عرش ارضي  لأن مملكته ليست من هذا العالم بل جاء بسيطاً متواضعاً ، لا يحمل سلاح  ولا يقوم بغزوات يقتل فيها البشر  فهو اله عادل  يريد خلاص كل البشرية  حتى الذين صلبوه  طلب من ابيه ان يغفر لهم لأنهم لا يعرفون ما كانوا يفعلون،  فقد جاء لخلاص البشر لا لهلاكهم . جاء يشفي  المرض ، يُبصّر العميان ، يخرج الشياطين ويحي الأموات  كي يؤمن به العالم  ويعملوا بتوصيته التي هي  المحبة التي فيها سر مجيئه الى الأرض  وكما يقول يوحنا الأنجيلي ." لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية "، يوحنا 3:16.
هكذا علينا نحن أن نتعظ من الطفل يسوع  ونضع فعل المحبة في مقدمة اعمال البر متخلين عن الأنانية  وحب الذات.

  أي عذر لنا   لو احدنا قال يارب خلقتني فقيراً أو ان عذاباتي في هذه الحياة  كثيرة ولذا لن أعترف بك رباً عادلاً . قصة ميلاد  المسيح  والعذاب الذي ناله في صلبه على الجلجلة وكما رأيناه في فلم الآم المسيح Passion 
لا يدعان مجالاً لأحد ان يتذمر من عدالة الخالق. لنأخذ العبرة من حياة المسيح على الأرض حين كان بشراً مثلنا فقد ولد فقيراً وعاش فقيراً وتألم على الصليب  ولم يتذمر أبداً . هذه الأيام هلاّ نفكر قليلاً في الماديات والملذات وكثيراً في الأقدام على اعمال البر والتقوى. ماذا لو ربحنا العالم  وخسرنا انفسنا ومن منا تسعفه أمواله ووجاهته حتى يتغلب على الموت ومن منا يمكن بأستطاعته ان ينقل بعض من أمواله الى الآخرة؟،  الحسنات  ومحبة القريب التي مارسناها في الحياة الأرضية هي سوف تكون رصيدنا حين نغادر هذه الفانية. لأجل هذه التعاليم ولد المسيح هذه الأيام  وهذا هو المغزى من ولادته فقيراً فهل لنا ان نتعظ من ذلك ايضاً !

دروس كثيرة نتعلمها من مجئ الطفل يسوع الى هذه الحياة  الأرضية. ففي هذه الأيام تكون فرحتنا أكثر من غيرها فالأنجيل يقول ان الملاك  بشر الرعاة ، وهم انقى انقياء البشر،  بميلاد المخلص  قرب بلدتهم مدينة داؤد اذ قال لهم : " فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب "  لوقا 2: 10 . الفرح الحقيقي ليس الهدايا التي نستلمها هذه الأيام او من لذّة الأطعمة الدسمة والمعجنات الشهية او الملابس الجديدة التي اشتريناها  او من منظر شجرة الميلاد المزينة  لتبعث بهجة في القلوب أو... بل ان الفرح الحقيقي هو الصلح و السلام الذي حل بيننا  وبين الله  بعد كان غاضباً علينا  في عصياننا عليه فبدلا من ان يهلكنا ارسل لنا الخلاص بواسطة ابنه الذي ذكرى ولادته العبقة هذه الأيام . سلامٌ ، هذه الأيام يحل بين السماء والأرض ويجلب معه المسرة لجميع البشر فهلاً نتعلم من انشودة الملائكة  ونعمل نحن  من أجل السلام بين الشعوب المتخاصمة  وبين الأفراد المتخاصمين . دعونا نصلي  لأن تصل الرحمة قلوب الذين يخاصموننا ويضطهدوننا  بسبب ايماننا المسيحي  كي  يلين الرب قلوبهم  ويدركون اننا لسنا خصومهم بل اخوة لهم  في الرب الذي نعبده.  تعالوا نرفع راية السلام وننشد مع الملائكة في هذه الأيام المباركة،  " المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام  وبالناس المسرة ".
                                                               حنا شمعون / شيكاغو



114
في شيكاغو، الآشوريون يتذكرون شهداءهم


شيكاغو – حنا شمعون

أستذكر الاشوريون  في شيكاغو بامريكا مساء السابع من اب الجاري، ذكرى يوم الشهيد في أحتفال تأبيني أقيم بعد الصلاة الخاصة بالشهداء، في كنيسة الطوباوي مار عوديشو، رعاها سيادة المطران زيّا خوشابا ونظمها المجلس الوطني الاشوري في ولاية الينوي وتحت شعار " يوم الشهداء الكلدآشوريين السريان ، الأوجه العديدة للمذابح ".
أدار الحفل بيير شمعون بخبرته وأشعاره المناسِبة والآنسة شموني دنحا أدت بامتياز النشيد الوطني وذلك باللهجة السريانية الغربية ثم تلاها ممثلوا احزابنا القومية الذين القوا كلماتهم بهذه المناسبة الجليلة.
 وتخلل الحفل أيضا أشعار قدمها كل من الشعراء حنا شمعون، خوشابا جابا، هاني شكرو، بنيامين ملكو والشاعر الكبير ميخائيل ممو القادم من السويد.
 كذلك قدمت ألآنسة هِلين طلّيا كلمة بالأنكليزية عن المذابح التي اُقترِفتْ بحق الآشوريين، وثم قدمت لوحة تذكارية، من المنظمة الأنسانية التي تعمل لها للخارجية ( برعايوثا ) القومية الآشورية واستلمها سركون ليوي نيابة عن أدد آشور سين مدير الخارجية.
كما شاركت في الحفل الفنانة ليدا لاوندو بصوتها الجميل وأداءها المميز لقصيدة " جنح سميل " التي كتبها الأب بولس بيداري وكان شاهد عيان لمذبحة سميل في آب عام 1933 . الأداء الغنائي للفنانة  ليدا نال استحسان الحاضرين، الذين صفقوا لها طويلاً.
في الختام تناول الحاضرون طعام الموتى ( دوخرانا ) الذي اعدّته لجنة كنيسة الطوباوي مار عوديشو في شيكاغو.

                                                            حنا شمعون
 



115
المنبر الحر / جلجلة سميل
« في: 14:22 03/08/2009  »
جلجلة سميل

مع طلعة القرن العشرين كان ميلاد الحركة القومية الآشورية ، شأنها شأن بقية الحركات القومية التي ظهرت وحددت معالم التكوين الجغرافي والسياسي لبلدان اوربا والشرق الأوسط. وكان ميلاد هذه الحركة عسيراً بعدما ما يزيد عن خمسة وعشرين قرناً من سقوط نينوى وبعد الشؤم الذي اقرنه ناحوم اليهودي بمصير هذه الأمة اذ ورد في سفره 3، 18-19 " نعست رعاتك يا ملك آشور ، اضطجعت عظماءك وتشتت شعبك على الجبال ولا من يجمع ، ليس جبر لأنكسارك ، جرحك عديم الشفاء  وكل الذين يسمعون خبرك يصفقون بايديهم عليك  لأنه على من لم يمر شرك على الدوام " . هذا هو توثيق تاريخي لسقوط نينوى من قبل شاهد عيان يهودي مسبي كان يعيش في القوش الى الشمال من نينوى العظيمة .

كبير الانبياء ، اشعيا الذي تنبأ عن ميلاد المسيح في الزمان والمكان الحقيقين، عبر عن الخطيئة الزمنية لبني آشور وهي القساوة والشدة وتجاوز الصلاحيات  حيث ورد في نبوته 10،5-7 " ويل لآشور قضيب غضبي والعصا في يدهم  هي سخطي، على امة منافقة ، ارسله وعلى شعب اوصيه ليغنم وينهب نهباً ويجعلهم مدوسين كطين الأزقة ، اما هو فلا يفتكر هكذا ولا يحسب قلبه هكذا بل في قلبه ان يبيد ويقرض امماً ليست بقليلة".

لكن الرب رحوم وغفوروحسب الأيمان المسيحي فقد ارسل ابنه الوحيد ليُكفِر عن خطيئة الجنس البشري وهي خطيئة الكبرياء التي اقترفها آدم وحواء ، كما جاء في العهد القديم . هكذا وايظاً تنبأ اشعيا النبي بالخلاص  لبني آشور ومباركة الرب لهم في الزمن الآتي مع أقرانهم المصريين ولأسرائليين حيث جاء في نبوته 19، 23-25 " في ذلك اليوم تكون سكة من مصر الى آشور فيجيء الآشوريون الى مصر والمصريون الى آشور ويعبد المصريون مع الآشوريون في ذلك اليوم يكون اسرائيل ثالثاً لمصر وآشور بركة في الأرض  بها يبارك رب الجنود قائلاً مبارك شعبي مصر وعمل يدي آشور وميراثي اسرائيل"

مع بداية القرن العشرين جاءت كل الدلائل لتشير الى قرب الزمن الموعود لبعث امة آشور من جديد . البعثات الآثارية  الغربية كشفت عن ميراث هذه الأمة . المؤرخون الكنسيون ، ومنهم أدي شير في كتابه " كلدو وآثور" وجد العلاقة الصميمية بين الشعب المسيحي في كنيسة المشرق ( سورايّ ) وبين الآشوريين الذين طُمرت حضارتهم تحت الأرض بعد سقوط امبراطوريتهم عام 612 ق. م.

في الزمن الموعود تحرك الاثوريون الساكنون في تركيا وايران ( اورمي، جيلو، تياري وهكاري ) صوب البلاد التي فيها كانت مدينة اجدادهم، نينوى العظيمة، لكي يتم ما قيل عنهم وعن اقرانهم بالنبي اشعيا وفي زمن فرز القوميات والأمم وتحديد الدول. مثل هذا الأمر حدث وحلّ على يوسف البتول وخطيبته مريم العذراء، حينما شدّوا الرحال وذهبوا الى بيت لحم كي يسجلوا فيها لأنهم كانوا من بيت داؤود وتلبية لأمر من اغسطس قيصر بأن يكتتب كل المسكونة، لوقا 2، 1 وكان ذلك تحقيقاً لنبوة  اشعيا  بذلك الخصوص. والجموع الآثورية لم يكن لها مسكن ايضاً في موطن اجدادهم فحلت في مخيمات بعقوبة وهناك كان مولد قضيتهم مثلما كان مولد المسيح في مغارة بيت لحم.

وكما ان الرومان كانوا قد بسطوا نفوذهم على اليهودية ، هكذا كان العرب قد استولوا على ارض  آشور وظنوا ان الخطر الاثوري عليهم جسيم وفي نفس الوقت خان العهد ، الأنكليز وما أشبه دورهم بدور يهوذا الأسخريوطي  في هذه الدراما ، اذ اسلموا حلفاءهم، الآثوريين، لسيف الحكومة العراقية العربية من أجل منافع اقتصادية في المنطقة ومنها النفط وحدث ذلك كله عام 33 من القرن العشرين في قرية سميل ، تماماً كما أسلم يهوذا السيد المسيح، من أجل حفنة من الفضة، للرومان ليصلب على علوة الجلجلة  وكان عمر المسيح  حينذاك  33 سنة .

حين حميّ الوطيس وبدات المذبحة، تنكر للأسم والمسوؤلية بعض الآشوريين وهم من صلب آشور حينما ادّعوا الكلدانية  ولا صلة لهم بالآثوريين . هذا ما تصرف به تلاميذ المسيح وعلى راسهم بطرس اذ نَكر خائفا سيده المسيح، ثلاث مرات قبل صياح الديك ، لوقا 22 ، 61- 62 ثم كان ان نَدم بطرس ندما عظيماً وحمل على عاتقه تكملة رسالة المسيح ومات شهيداً ومصلوباً بالمقلوب لأجل معلمه. أليس هذا ما يحصل اليوم حيث ان ابناء الكنيسة الكلدانية ؟ فهم المحركون والمدافعون عن قوميتهم الآشورية  وهناك من استشهد لهذه الغاية النبيلة.

اورَدتُ كل ما تقدم من المقارنة لأني اعلم جيداً ان امة كان افول نجمها قبل ما يقارب الخمسة والعشرون قرناً وعلى مدى هذه الفترة الطويلة كانت عرضة للأضطهاد والقهر والصهر من قبل امم اخرى استولت على موطنهم وأحالت أخلافهم الى اقلية مستضعفة  ومؤمنة بدينها المسيحي ضمن كنيستها الشرقية ومحتفظة بلغتها وعاداتها وتقاليدها وموطنها. مع ايماننا بأن الرب - القدوس اسمه- يعرف تدبيره ، نقول ان عودة الأمة الاشورية الى دورة التاريخ  بعد نسيان دام كل هذه القرون ، ما كان ليحصل لولا المشيئة القوية لأبناء هذه الأمة واستعدادهم للتضحية والفداء لتحقيق الغاية وهكذا كانت مذبحة سميل عام 1933  هي الحَدث الجلل الذي بعث الأمة الاشورية من جديد لتكون الأساس القويم لها والمنار الذي يضيء الطريق للمضي قدماً لأثبات الوجود القومي الاشوري على ارض بيت نهرين، تماما مثلما كانت حادثة صلب المسيح على الجلجلة ومن ثم قيامته هي األأساس القويم لأنتشار المسيحية في العالم.

مذبحة سميل ستبقى جنح وجناية ارتكبت بحق الآثوريين الذين التزموا الحق حينما هجروا موطنهم في تركيا وايران وجاءوا الى الوطن الأم بيت نهرين الذي ينتموا اليه اصلاً. مذبحة سميل ستبقى عار وخطيئة في اعناق الذين ارتكبوا فظاعتها . يقول اكاتب السوفيتي  البرت م. منتشاشفيلي في كتابه الموسوم ( العراق في عهد الأنتداب البريطاني ):
" هكذا نُهبت خمسون قرية من اصل اربع وستين قرية آثورية كانت موجودة في قضائي دهوك والشيخان وقد استمر النهب في بعض الأماكن عدة أيام كما ان بعض القرى احرقت برمتها .. وهكذا ساد الأرهاب بضعة ايام وفقدت الكثير من العوائل اربابها وظلت الجثث في حالات كثيرة غير مدفونة ولكن كل ذلك يتضاءل بالمقارنة مع ما حدث في سميل ويذكر الكاتب انه في سميل وحدها قُتل أكثر من (300) شخص والعدد الأجمالي  جاوز الألف ومعظمهم  من المزارعين المسالمين وعوائلهم.

الأب بولس بيداري ، من ابناء الكنيسة الكلدانية وأحد الرواد القوميين الاشوريين كان شاهد عيان لهذه الجريمة  وكتب قصيدة طويلة بالسريانية حول هذه المذبحة تحت عنوان " جنح سميل " والى القاريء الكريم اُترجم بعض مما جاء فيها :
من صوت البنادق وصوت السيوف وصوت الصراخ
من بكاء الأطفال وقف النهار
زاد البكاء المرير للأم، والأخوات ينتشنّ شعرهنّ ويضربنّ على صدورهن
قائلات: يا الهنا الرحيم الجبار انقذ هذه الثمار من هذا النار
   ثم يردف ويقول:
اِصطبغت اللأرض بدم الأنسان ، انه منظر محزن
وصلت الرائحة الى اعالي السماء ، انها الذبيحة قد اكتملتْ.
وتمضي القصيدة لتصف بشاعة هذه الجريمة النكراء التي هي بحق الذبيحة الأنسانية، مقارنة بلذبيحة الألهية التي أكملها المسيح المخلص على الجلجلة. وأن كنا نحن البشر لا نستطيع ادراك معنى الذبيحة الألهية بالكامل، التي هي جوهر سر الفداء والذي هو اساس الأيمان المسيحي، فان الذبيحة الأنسانية وهي الأستشهاد من اجل الحق  والعقيدة وهي لا يصعب عن ادراكها العقل البشري  ولذا فاننا جميعاً نعتبر الشهداء أسمى منا وهم خالدون في ذاكرتنا ونتذكرهم بوقار على مدار السنة وخاصة في يومهم الأغر، يوم ذكرى الشهداء.

بالنسبة لنا نحن الآشوريون ستبقى سميل نقطة التحول في تاريخنا المعاصر ،  سميل كانت العماذ المقدس الذي أعطى الآشورية كينونتها  كأمة سليمة وتستحق البقاء بين بقية الأمم والتي أعطاها سيدنا يسوع المسيح  المصداقية الكاملة حينما شرفها بكلامه الذي تزول السموات  والأرض اما كلماته فلا يزول، اذ قال في انجيله المقدس : " رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لأنهم تابوا بمناداة يونان وهوذا أعظم من يونان ههنا" . لوقا 11، 32. سميل هي السبب في تنامي الشعور القومي لدى الشباب الآثوري  ومن ثم  انتقاله الى بقية الطوائف  فكانت مطكستا في سوريا حيث الغالبية من كادره هم من السريان الأرثذوكس، وكان زوعا في العراق الذي غالبيته من الكلدان الكاثوليك.. سميل جعلت يوسف ويوبرت ويوخنا يصمدون امام جلاديهم  ليعطوا الزخم في في حركة الأمة الآشورية في التقدم الى الأمام والمطالبة بكامل حقوقها في ارض الرافدين.  

في الختام ،يشرفني ان ارفق مع  كلماتي هذه،الرابط الصوتي لقصيدة " جلجلة سميل "، المكتوبة باللغة السريانية والتي خاتمتها تقول: " سميل ستبقى كفة الميزان التي نزلت ليرتفع في الكفة الأخرى الأسم الآشوري المقدس ".

المجد والخلود لشهداء الأمة الآشورية المعاصرة.

الرابط الصوتي:

http://www.drivehq.com/folder/p3041897/1118927015.aspx
                                                            
                                                            حنا شمعون " فخور بحضارة آشور"




    
 

116
تكريم أدباء وفنانين في شيكاغو


الأحد المصادف 5/ 7/ 2009 وعلى قاعة ( هانكَينك كَاردنز )، مدينة شيكاغو، تم تكريم خمسة ادباء وفنّانين آشوريين من قبل خابوركوم وذلك تقديراً لخدماتهم الطويلة في حقل الأدب والفن.
الشخصيات التي نالت التكريم كانت كل من:
- الأديب والملفان دانيال بت بنيامين من اريزونا/ امريكا
- الفنان والخطاط عيسى بنيامين من الينوي/ أمريكا
- الأديب واللغوي والمربي ميخائيل ممو من السويد
- الأديب والشاعر آدم هومه من استراليا
- الشاعر القومي نينوس آحو من كاليفورنيا/ أمريكا

ابتدأ الحفل بالوقوف دقيقة حداد على ارواح الميامين الذين فقدناهم خلال السنة الماضية من عمر خابور كوم وهم المرحومين: المؤرخ هرمز أبونا، اللاعب عمو بابا، الناشط القومي يوخنا هومز، الشماس الأديب يوارش قشيشا متي.  ثم تُليّ نشيد خابوركوم مُعرضاً على الشاشة وانشده  كل من الفنانَيّن عمانوئيل اسكندر وعبد الأحد نيسان  من  سوريا وطن الخابور الخالد.                                                                                                             
السفّان في هذه الجولة النهرية كان الشاعر نينوس نيراري الذي دعى الى منصته كل من عطاالله كوركيس المشرف العام على موقع خابوركوم ليرحب بالحضور الذي قارب المائتين. ثم تلاه كل من هيلين طليا، يونان هومه، مارينا بنجمين، يوارش هيدو، نشأت يونان، وهرمز يوسف لالقاء كلماتهم أو اشعارهم .
 قدمت جوائز تقديرية للمُكرّمين من قبل المشرف العام وقد ردّ المُكرّمون بكلمات الأمتنان والشكر مقدمين بعض نتاجاتهم الادبية  والفنية التي نالت استحسان الحضور  الذين صفقوا لها طويلا مما اثبت الأختيار المُنصف لهؤلاء الجهابذة، الاحياء بيننا. وقد اناب المُكرّم دانيال بت بنيامين، السيد اوراهم ياقو والمُكرّم آدم هومه، السيد يونان هومه، لأستلام جوائزهما.
 
 ختاماً لهذا الحفل التكريمي اطفأ المُكرّمون ونوّابَهم، الشمعتين لتدشين سنة ثالثة من خدمة هذا الموقع المميّز للادب والفن الآشوري اينما كان.

لقطات من الحفل

- عُرضت في القاعة اعمال للفنانين حنا مالك، ستيف كانون، عوديشو كوركيس، وليم يونادم، بانيبال كوركيس ، ويوسف قمبر.
- ابدع الشاعر نينوس نيراري في ادارة دفة الحفل وقد اعطى لكل من المُكرّمين شرف تمثيل احد انهار" بت نهرين القديمة " وهي اورمي، دقلت، فرات، خابور، و زاوا.
- الكاتبة المبدعة هيلين طلّيا القت كلمتها بالأنكلَيزية.
- أثناء سرد حياة المحتفى بهم كانت الشاشة تعرض الصور من البونهم العائلي
- ابتدأ الحفل في حوالي الساعة السابعة مساءاً وانتهى قرابة الساعة الحادية عشر ورغم طول هذه الفترة الاّ ان الجمهور ظل يلازم كراسيه حتى آخر الفقرات من الحفل.
- سجلت كاميرا تلفزيون آشور وقائع الحفل.

                                                        حنا شمعون / شيكاغو





 

117
حفل تأبيني في شيكاغو لفقيد الحركة الرياضية العراقية عمو بابا
 



عنكاوا كوم – شيكاغو – حنا شمعون

اقيم قي قاعة المجلس القومي الكلدواشوري في ضاحية سكوكي في شيكاغو، الاحد 31 ايار (مايو) الماضي، حفلاً تأبيناً على روح شيخ المدربين العراقيين عمو بابا.
وقد اثنى المتحدثون على مناقب الراحل لا سيما في اخلاصه لتربة العراق التي تمنى منها في حياته مساحة المترين بالقرب من من ملعب الشعب في بغداد كما جاء في كلمة الأستاذ الجامعي سعد الخفاجي الذي حضر مع بعض الأخوة العراقيين العرب وطُلِبَ منه ارتجال كلمة بهذه المناسبة.
اما الدكتور ايشو مرقس فقد تحدث بالعربية والآثورية عن محبة كل العراقيين لعمو بابا واستشهد بحديث عمو بابا وكيف استقبله العراقييون بحفاوة في مدينة النجف اثناء زيارته لها، واشار الى التقدير الذي ناله الفقيد من الملك فيصل ومن ثم رؤساء العراق بما فيهم عبد السلام عارف الذي عُرِفَ بتحفظه "الساذج" من المسيحيين في العراق.
والقى الشاعر نينوس نيراري  قصيدته "ملك الكرة" التي كان انشدها في زيارة عمو بابا الى مدينة شيكاغو قبل  ثمانية أعوام ولكن اضاف اليها بعض الابيات ونالت استحسان الحاضرين.
آخر المتكلمين كان آشور كبريئل الذي كان زميلاً ولاعباً مع عمو بابا وقد لعب للفرقة الثالثة والمنتخب الأهلي العراقي وتحدث عن شخصية عمو بابا في مجال الكرة وعن طيبته الأنسانية، قائلا اننا نحتاج الى عدة قرون من الزمن للأتيان بمثل عمو بابا آخر.
حضر التأبين، الأخ الأصغر لعمو بابا، البرت داؤد بابا، خريج جامعة الحكمة للأباء اليسوعيين في العراق والمقيم حالياً في مدينة شيكاغو، واحدى ابناء اخت الفقيد، ومن بين الحضور وفد من مدينة ديترويت.
اختتم الحفل التأبيني بعرض "تلفزيون الاشوريين حول العالم" للقطات من زيارة المرحوم عمو بابا الى شيكاغو قبل ثمانية اعوام وبعض الصور من حياة الفقيد الرياضية والأجتماعية التي ارجعت الحاضرين الى ذكريات جميلة عن العراق الحبيب.
ادناه بعض الصور الحفل التأبيني الذي حضره المخلصون من أبناء شيكاغو والمفتخرين بابن جلدتهم عمو بابا الذي رفع روؤسهم عالية بين كل العراقيين.
                                                             


118
تأملات مع الألبوم الأخير للفنان آشور بت سركيس




يقول الأديب والموسيقي، المرحوم وليم دانييل " اغنية جيدة خير من عشر رديئة ". هذه المقولة يحتفظ بها، في ذاكرته، الفنان الكبير آشور بت سركيس ويطبقها لأن رابي وليم دانييل هو بمثابة الأب الروحي له.
آخر اصدار موسيقي اطلقه آشور  كان عام 1996 وحمل عنوان " آنا ليون من دا دوني" { انا لست من هذا العالم}، وبعدها انشغل آشور في اعادة معظم أغانيه السابقة وأصدرها عام 2003 في اربع البومات اطلق عليها عنوان " سو فار" { لغاية الآن}وبعدها طال الأنتظار حتى كاد ينفذ صبرعشاق فن الفنان الكبير، متلهفين لسماعه في عمل جديد. 

فنانا الأصيل آشور لم يتقاعس اطلاقاً منذ صدور آخر البوم له وقد جاء البومه الجديد، بداية هذا العام، والذي حمل  عنوان "دشتا دنينوي" { سهل نينوى}، ليثبت انه كان في ديمومة الأنشغال فقد كتب ولحن وغنى وأنتج اثنا عشر ملحمة غنائية كل منها افضل من سابقتها ولاحقتها..هذا وان أخذنا بنظر الأعتبار العوائق المادية لأنتاج مثل  هذا العمل الضخم وصعوبة ايجاد الموزعين الموسيقيين الكفؤئين مضافة اليها هموم الفنان القومية والمادية، فأن آشور لم ينسى جمهوره الذي هو الآخر لا يمكن ان ينسى او  يتخلى عن آشور المغني، الشاعر، الوطني، القومي، الصديق، والأنسان المرهف الاحساس والذي ظل يحمل هذه المزايا منذ أن بدأ مشواره الفني.

لست هنا بصدد مقارنة هذا العمل الفني ببقية البومات فناني شعبنا فآشور له مدرسته الخاصة في الغناء وقد عودنا في كل البوماته السابقة ان يأتينا دوماً بما يستحق ان يدخل سجل الروائع كما فعلت فيروز اللبنانية التي هي الأخرى لها مدرستها الخاصة في حقل الغناء اللبناني. قد تكون المقارنة هنا غير موفقة في بعض الجوانب ولكن ان كنا بصدد الألتزام  الفني ،الصوت العذب، الكلمات التي هي شعر موزون وأدب رفيع،  الأداء الساحر، صعوبة تقليدهما وغيرها اخرى،  فأننا نقف امام اسطورتين للغناء السماعي، قد لا يمكن تكرارهما في العالمين الآشوري واللبناني.

كلما خلوت مع نفسي في البيت والسيارة اوانشغلت لوحدي في داخل منزلي أوحديقة بيتي  فأن تلك هي امتع الأوقات  بالنسبة لي حيث أجد لذّتي في الأستماع الى الألبوم الأخير للفنان الكبير آشور بت سركيس. نادرة هي الألبومات السماعية لفناني شعبنا الآشوري، نادرة هي الاغاني السماعية الجيدة في مجموع كل ما يصدره كل بقية فنانينا مجتمعين، وحجتي في هذا الأستنتاج هو في اغاني آشور أجد سهولة الفصل بين الموسيقى والكلمات وكل كلمة لها  معنى مفهوم في ذاكرتي وايقاع جميل على سمعي مولدة احساس يرهف كل جوانحي وان فاتتني احدى الكلمات في خضم التوزيع الموسيقي او بسب الأداء السريع والمطلوب، فأن قارب النجاة هو قريب ويتمثل في الكُتيب المرفق  مع الالبوم يحوي على كلمات كل الأغاني. هنا اود ان أسوق مثالاً على ما أقول ففي اغنية " سبري"{ العصافير} فاتتني كلمة " كوما دهوا "{ الذهب الأسود} في سياق بيت رائع يقول فيه ، اين الحق في قضية الذهب الأسود (النفط) ، مساوئه  طردت حتى الكهل من موطنه الاصلي.

آشور ولد ونشأ مغنياُ مبدعا ً في الأغاني القومية ، لكن ادراكه لأهمية رسالته الأنسانية في حقل الغناء جعل منه كاتب كلمات ممتاز وتجلى ذلك في اختياره الكلمات المعبرة لكُتاب مقتدرين، بالأضافة الى كتابته لبعض أغانيه وفي البومه الأخير كانت كل الكلمات من تأليفه وقد يكون السبب في ذلك أن طول الفترة التي استغرقها اصدار هذا الألبوم اتاحت لأشور لأن يكتب ويلحن هديته لعشاق فنه أفضل البوماته. أكثر ما يميز كلمات دشتا دنينوي هو حبكة القوافي مما  أعطى زخماً قوياً في الأداء، قوافي سليمة لا تستند على عكازات الضمائر المستترة . الذي جلب انتباهي من خلال كلمات  هذا الألبوم هو مدى تأثر آشور برائعة معلمه رابي   وليم  دانييل الا وهي " قاطيني كَباري"{الأبطال الجبابرة} ، فآشور يغني وكانه يسرد لنا قصة يخلط فيها التاريخ الاشوري العتيد بشرذمة الزمن الحاضر، حتى تراه يفضل ان يحصُره قفص عصفور ينُط فيه متذكراً الماضي العتيد من أن يسرح حراً في عالم اليوم، عالم الأنشقاق والخطيئة. وقصة أخرى فيها يتساءل ماذا كانت خطئتنا ما هو الجنح الذي اقترفناه؟ – أما زال { الرب } غاضب علينا بسب البرج؟ {برج بابل}. كثيرة هي مثل هذه الصور الجمالية التي تنم عن ثقافة عالية لدى كاتب الكلمات.
أما  الحب العذري، الذي كرس له ستة أغاني فـانه يُعبر عنه باسلوب ليس كما عودنا عليه الكثيرمن مغنينا الأعزاء. عند آشور ليس هناك  عاشق ظافر وقصة العاشق الحقيقي هي سفرة الى اعماق الكون وحتى آخر النجوم يأخذه العجب كيف ان مثل هذا العاشق ما زال فيه نَفَس الحياة. مثل غابة وقعتَ تحت رحمة  النار هكذا احترقتُ في  شرك  {حبك} القاتل ، كما ورد في نهاية اغنية " نشوا" { الشرك}.

الموسيقى المرافقة للصوت الموسيقي العذب لآشور، هي عالمية وهي تلك التي نشأ عليها ويتقن عزفها جيداً. قيثارته هي رفيق طفولته تلازمه اينما يرحل فهي تظهر في غالبية صوره، تساعده في اعداد الحانه ، نقش على بدنها  شعاره المفضل. أكثر من هذا كله فأن لقيثارته نصيب مهم في كلمات أغانيه سواء كان موضوعها الوطن او الحب ، سواء فهمنا  القصد أو لم نفهمه. ففي اغنية  "  سهد ا"{ الشهيد}، يقول من أوتار قيثارتي كان صدى الصوت ومن زوج طيور الحب لم يصدر أي صوت {؟}- مثل تراب وطني الذي يبلل الأمطار {؟}- دموعي بللت الغبار من قيثارتي . أما من جانب الحب ففي " لا لخّا ايتوا"  {لم يكن هناك أحد}، فيقول، قيثارتي كئيبة ، مقطوعة اللسان اوتارها سرقتيها وذكراها باقية- كيف قَبلت نيّتُكِ ان تحلّيها فقد كانت شرايين قلبي ونزعتيها. وفي هذه الأغنية   بالذات آشور يربط - وهو يتلوع على قيثارته - موسيقى الشرق بموسيقى الغرب، ينتقل من الغناء " الآثوري" الى الغناء  الأنكليزي فتتحول قيثارة الشرق الى كَيتار الغرب في احلى كلمات وأعذب لحن متذكراً اغنية سابقة له  وهي "  بوخا دستوا"{ ريح الشتاء }وهنا يجعل من الموسيقى لغة عالمية توحد البشر في الحس الموسيقي المفهوم من الجميع. الآلات التي استعملها موزعوا الموسيقى هي الدَف { الناقر}، التومباك، الكَيتار، والكمان. الحقيقة ان الموزعَين الموسيقيين آرمين آهوريان وسارمين أريسيان قد أبلوا بلاءاً حسناً في تنظيم موسيقى هذا الألبوم الأزلي. أحياناً تشعر حين يقف آشور عن الغناء  وتستمر الموسيقى فكأنها تنطق كلاماً مفهوماً للسامع.

الأغاني الوطنية القومية في هذا الألبوم، الذي استحق انتظاره، تُجسد المعاناة التي حلت على الشعب الآشوري والحالة المزرية  التي وصل اليها في موطن أجداده . فرحة آشور عظيمة هي بدشتا دنينوي حتى لو  كان  بيته من طين وخبزه تنوري من نتاج أرض النهرين الخصبة! لكن المؤسف مثل هذه الفرحة لا يمكن تحقيقها فها هي العائلة الأشورية تشد الرحال وتهجر بيتها في موطن الأباء والأجداد لأن دوامة الحرب اصبحت جزءاً من الحياة اليومية، يهجرون ويتركون العصافير التي كانت تقتات من بقايا مائدة العائلة، وهي حزينة على هذه الهجرة القسرية كما جاء في اغنية " سبري"{ العصافير}.
مهما أسهبت في وصف هذه الأغنية فاني لن أفِ بالغرض لذا أدعها تفصح عن مكنوناتها على الرابط أدناه، وهكذا هي بقية الأغاني- بلا اِستثناء- في هذا الألبوم الرائع الذي  أدعوا كل القراء الأعزاء، الذين يهمهم الفن الراقي، الى اقتناء النسخة الأصلية منه للوقوف مباشرة على كنوزها الثمينة وعلى الروح السامية التي يتحلى بها فنانا العظيم، آشور بت سركيس. 

http://www.drivehq.com/file/df.aspx/publish/hannas_1/wwwhome/05 SIP'REH.mp3

                                            / شيكاغوحنا شمعون                                                                                       


119
مسيرة في شيكاغو احتفالا بأعياد اكيتو


شيكاغو / حنا شمعون

شارك المئات من ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني في المسيرة التي نظمت في مدينة شيكاغو الامريكية، احتفالاً بأعياد أكيتو، راس السنة البابلية الاشورية السريانية.
وتحدى المتظاهرون الظروف الجوية القاسية، وخرجوا الى شارع "اكتون" في "سكوكي"، رافعين الاعلام الامة الكلدواشورية السريانية في تعبيرهم عن انتمائهم القومي، والأعلام البنفسجية تثميناً للدورالسليم الذي تقوم به " زوعا" لتمثيل حقوقنا القومية في العراق الجديد.



120
حزيران، شهر شهداء منكَيش

قرانا المسيحية في شمال بيت نهرين، كل منها زخرت بالعشرات لا بل المئات من الشهداء منذ خمسينات القرن الماضي ولحين وقتنا الحاضر. وفي تعريفنا للشهداء هنا، هم اولئك الأشخاص المغدور بهم الذين ذهبوا ضحية الحروب التي اقترفتها نظام الدكتاتورصدام ضد دول الجيران او الذين اغتالتهم يد الغدر لأسباب عديدة منها الأغتيال المدفوع او الأغتيال السياسي أو لمجرد نزوة لدى القاتل في قتل رجل كافر، حسب ظنه.

منكيش قرية المسيحيين السوراي، بالكامل، نالت حصتها الكبيرة من الشهداء وقدمت نخبة من افضل شبابها قرباناَ في أتون الحرب العراقية – الأيرانية. وكانت من قبل ذلك قد قدمت حصتها من الضحايا إبان الثورة الكردية المسلحة. واكثر ما يندى له الجبين هوتلك الأغتيالات العشوائية التي اقترفها مجرمون من القرى المجاورة  ضد الرجال الأمنيين وهم يؤدون أشغالهم الزراعية في ضواحي القرية، أما السبب الى ذلك فلا يتعدى كون المغدور به رجلاً كافراً في نظرهم الأعمى او لمجرد ممارسة هواية الغدرمن مضيفهم  بعد ان قدموا الأكل وماء الشرب لهم.

في ليلة 13/14 من شهر ايلول عام 1992 غرق في بحر ايجه أربعة عشر منكَيشياً اثناء عبور الزورق الذي كان يحملهم، مع مهاجرين آخرين، الى الطرف اليوناني من بحر ايجه.
في عام 1996 نصب مجهولون كمين لسيارة مغادرة منكَيش الى دهوك وفيها ستة أشخاص، كانوا ذاهبين لشراء احتيجات عيد الميلاد، وقتلوا جميع الركاب ،عدا امرأة احد الركاب . بعد هذه الجريمة حدثت موجة من الهجرة لشباب القرية الى اوربا وأمريكا وأستراليا. 
وقبل نحو عام استشهد، في تللسقف، المرحوم  حنا هومي شلي في تفجير الأرهابيين  لمقر الحزب الديمقراطي الكردستاني وكان حنا هومي رمزاً للشجاعة ومحباً شديداً لقريته "منكَيش" ولم يبخل ابداَ في الذود عن تربتها وحماية اهلها.

هولاء الشهداء  رحلوا عنا تاركين امهات ثكلى و زوجات أرامل او بنيين او بنات فاقدين لحنان الأب المعيل . وان كان معظم شهداء منكَيش غير منتقين فأني اود هنا ذكر ثلاثة من رجالات منكَيش كان اغتيالهم مستهدف اما سياسياً او لغاية في نفس يعقوب  وهم بحق شهداء تفتخر بهم منكَيش وقد رفعوا اسم منكَيش عالياَ لكونهم من المشهود لهم في خصالهم وأعمالهم  وفي اغتيالهم  نال مقترفي الجريمة، الخذلان والسمعة الممرغة بالأحتقار والدناءة ومعاداة الأنسانية. لسنا هنا طلاب ثأر ولكننا أصحاب رؤية حضارية ونُقيّم  الذين قبلوا المسؤولية في الحكومة العراقية، وحكومة اقليم كردستان بالذات في مدى ايفائهم بان يحكموا بالعدل لينال القتلة، أمثال هؤلاء، استحقاقهم وفي ردّ الأعتبار لهؤلاء الشهداء  بإحياء ذكراهم لأنهم من الذين قدموا خدمات جليلة للمنطقة.
هؤلاء الذين جمعهم الحب للتربة والوطن وخدمة الناس، جَمعهم ايضاً حزيران ليكون الشهر الذي تم فيه نيلهم اكليل الشهادة بعد ان تركوا ذكراهم الطيبة في هذا العالم الفاني. مثل هولاء قبل ان يكونوا خسارة لا تعوض لذويهم هم بلا شك خسارة لأوطانهم وشعبهم.
تفتخر منكَيش بهولاء الشهداء الثلاثة لأن القتلة كانوا من الخيبة والظلام بحيث انهم اقترفوا جريمتهم في جنح الظلام ولم يكونوا جريئين ليجابهوا الشهداء  في وضح النهاركي لا تنكشف سمعتهم السيئة في المنطقة.
وهذه نبذة قصيرة عن حياة هولاء الذين لذكراهم  سوف تكتب الأجيال كلمات بالذهب ويذكرهم التاريخ في سدرالذين ضحوا بحياتهم لأجل الحق.

1-   شهيد الأرض، حنا ميخو بكو  من بيت صنا وكان مختار منكَيش وقد اغتالته ايادي غادرة في كمين قرب "جايخانة" منكَيش حيث لفقوا اكذوبة "مخابرة من حديثة " ونزل الشهيد في ليلة  19/6/1955 الى دائرة البريد ومعه رفيقه باجِو (بولص) ديشو لتنهال عليهم رصاصات الغدر. عرف الشهيد الذي كان شماسا كنسيّاً بقوة شخصيته وفي الدفاع عن حقوق ابناء قريته ومنها تلك الأراضي المتنازع عليها التي حاول اهل قرية كردية مجاورة سرقتها من اهل منكَيش لكن الشهيد بحكمتة ودرايته استطاع أن يربح قرار المحكمة لصالح قرية منكَيش.
2-    شهيد الديمقراطية، فرنسيس يوسف شابو من بيت حكيم وكان عضو في برلمان كردستان وقد انتخب عن قائمة الحركة الديمقراطية الآشورية وكان مهندساَ مرموقاَ أشرف على الكثير من المشاريع في المنطقة. عرف الشهيد بالجرأة الفائقة والأخلاص في العمل. اغتالته أيادي الغدر في ليلة 1/6/1993 في مدينة دهوك.
3-   شهيد الحق، لآزار ميخو باسو من بيت موكَا وكان عضواً رفيع المستوى في الحزب الشيوعي العراقي وعمل مسوؤلاً في احدى اللجان الأقتصادية في اقليم كردستان لحين اغتياله، في مدينة دهوك، ليلة 13/6/1993 ، عرف عن الشهيد صلابته في مقارعته لدكتاتورية صدام حسين وقاتل في صفوف الثورة الكردية ، سجن وعذب ولم يتزعزع ايمانه مطلقاً في تحقيق العدالة الأجتماعية لكل ابناء الشعب العراقي.

 المجد والخلود والذكرى الطيبة لشهداء منكَيش الحبيبة وكل شهداء مدننا وقرانا.

                                                       حنا شمعون / شيكاغو



 

 





 

121

الربط الصوتي للقصيدة
http://www.drivehq.com/folder/p3241362/1171198298.aspx.


حنا شمعون / شيكاغو

122
مسيرة أكيتو في شيكاغو:  راية البنفسج ترفرف عالياً

ظهر الأحد المصادف 30/3/2008 وبعد انتهاء القداديس لكنيسة المشرق بكل تفرعاتها توجه ابناء الشعب الكلدوآشوري السرياني من المتجنسين والمقيمين في شيكاغو وضواحيها صوب ضاحية "سكوكي" حيث يعيش عدد كبير منهم .  أغلقت الشرطة شارع "اوكتن" المؤدي الى قلب المدينة كي  يستقبل المشاركين في مسيرة اكيتو لمناسبة راس السنة البابلية الاشورية لعام 6758 . رغم غيمة البرد فقد شارك عدد كبير من ابناء الجالية، وفي تقديرنا انه، زاد عن الثلاثة ألف شخص. وعلى مسافة الميل من بدأ المسيرة كانت منصة الأستقبال التي اعتلاها ممثلوا كنائسنا وتنظيماتنا الحزيبة والأجتماعية  وممثلوالمدينة، حيث القى  كل بدوره  الكلمات بهذه المناسبة وهنئوا الحاضرين لهذه المناسبة التي رافقت ذكراها استشهاد المطران بولس فرج رحو في العراق على ايدي الأرهابيين والذي رفعت صوره  للتعبير عن استهجان المشاركين في هذه المسيرة لهذا العمل الخسيس الذي اقدم عليه اعداء الأنسانية في العراق.  كما ان هذه المسيرة ومثل كل مسيرات اكيتو السابقة عبر المشاركون عن تأيدهم للحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا) وأقول  بملء الثقة ان هذا التأييد لم يكن بفرض او تخطيط مسبق لكن رغبة  جامحة من الحاضرين لمساندة هذه الحركة التي تناضل، رغم التحجيم  والتضييق ، لنيل الحقوق الكاملة لأبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني في العراق.
بعد انتهاء المسيرة غادر عدد كبير من الحاضرين الى المركز الكلدو آشوري القريب لتكملة، بالفرحة ورقص الدبكات، بقية هذا اليوم المشهود له في تاريخ بلاد النهرين.

                                                         حنا شمعون / شيكاغو



                     















123
نتاجات بالسريانية / ملكا ديرخي
« في: 13:08 30/03/2008  »
الرابط الصوتي
http://www.drivehq.com/folder/p3241362/1157381779.aspx









      ملكا ديرخي

1- قبلون  بشينا ملكا ديَرخي
    نيسن زَهيا بوردي وبكخي
    زميني ايتون وبقذون
    كيانا خلولا وأختون أرخي

2- طيني منتا ميرخي دقيطا
    وخشا دجٍيريي بدمعي خويطا
    شينا بقدموخ آذار
    وبتنا طردوخ إشوط شيطا

3- ماخوري داومتا شاريري
    كثيون أن شيري شابيري
    بود نيسن أو ملكا
    إل ايثيثه أخنن سبٍيري

4- خديمون بٍصوخون نيسن مطيليه
    زوياخي مشارون بشويليه
    خكَي دوقون رقوذون
    عل قاليه دزورنا وداووليه

5- ميزلتا دأكيتو بنوهدرا
    عطرا من خا بنيسن مشدرا
    شلاما دَريا إلّن
    ماري أثرا شويقي لأثرا

6- نَختا دنيسن ايلا برِختا
    بوركثا عل زروتا شبٍِختا
    هكاري دبٍصوخون
    زروتوخون بهباوي بٍكختا                      1-2
7- سَبٍيتا من دارا لدارا
    دقنا دنيسن قاتن تخارا
    ببلي مخقلا قطيبٍي
    متوي لطرا ني  بيقارا

8- كبشون بيبوني وهبٍ وردي
    بكَوني سموقي وخواري وزردي
    هلون دَشنا دنيسن
    لسهدي دبنوشا أن مردي

9- تلكََا بدن طوراني بٍْشرّي
    لميا قا خيوثا خْذرّي
    بٍلوطون ال خقلاني
    نيسن ترعا دستوا دورّي

10- نيسن خددتا وزاخوثا
     مشيخا قملي وقرملي لموثا
     تاموز درّي لعشتار
     وموييلي لأرعا خاذوثا

11- ان مثواثا مزَونا بٍيشي
     شوق مشاري شاري دقَديشي
     هاوا دبينساني
      ومركَي كَونا ديرقا لويشي

12- شمشا بٍلّطتا ومطرا برّايا
     شوري خزيمون موليه برايا
     لبّا دقشتي مارن
     قواخا بشما آشورايا
                                 حنا شمعون / شيكاغو
                                       2-2

124
تكريم  الفنان جان دشتو في شيكاغو


اقام فنانو الغناء والموسيقى في شيكاغو حفلة على شرف زميلهم الفنان جان دشتو وذلك على قاعة النادي الأجتماعي في شيكاغو . حضر الحفل جمع غفير غصت بهم القاعة ومرفقاتها وكذلك  حضر كل نجوم الغناء والموسيقيون في شيكاغو ، الذين يزيد عددهم عن الثلاثين وقدموا وصلات من اغانيهم نالت الأستحسان من الحاضرين ورقصوا على انغامها. كذلك بعث معظم فناني الغناء المتواجدين في الخارج بتمنياتهم الطيبة للفنان الذي لا يمكن نسيان فضله، متأسفين لعدم المقدرة في الحضور والمشاركة في تكريمه. وهؤلاء الفنانين هم كل من جنان ساوا وجوليانا جندو الموجديّن في اوربا، آشور بيث سركيس وجوان ديفس، المجوديّن في استراليا، رمسن شينو في اريزونا وولتر عزيز في كاليفورنيا.
في البداية رحب الفنان الكبير سركَون كَبرئيل بالحضور وشكرهم نيابة عن بقية المغنين والموسيقين الذين تظافروا في اقامة الحفلة تكريما لزميل كان دوما الملبي لطلباتهم  ثم قدم الأديب المعروف عمانوئيل سلمون هدية نيابة عنهم للمحتفى به الفنان جان دشتو.
كلمة الأستاذ هرمز طيرو الذي زامل جان دشتو في كركوك وبغداد وشيكاغو تضمنت نبذة عن حياة زميله في الوطن والغربة . وذكر ان عدد الألحان التي نظمها جان بلغت المائة وكان اولها لأغنية " قامو؟" التي كتبها وغناها ايضاً وآخرها اغنية لَحَنَها وغناها  حملت اسم" كركوك"  وهي من كلمات يوخنا هنارو . وذكر الأستاذ هرمز  الذي زامل جان في معهد الفنون الجميلة، ان جان هو من مواليد الموصل في عام 1952 انتقل الى كركوك واكمل دراسته الجامعية في بغداد بمعهد الفنون الجميلة- قسم الموسيقى عام 1975.
ثم القى الشاعر نينوس نيراري كلمة بالمناسبة اثنى فيها على دور جان دشتو في موسيقانا ذاكراً انه قد اعطى جان كلمات خمسة اغاني ابدع في تلحينها.
استمرت الحفلة التي امتدت الى الثانية بعد منتصف الليل وأأسف اني لم اتمكن البقاء الى النهاية  ولكن علمت انها استمرت على روعتها حتى النهاية وأبرز ما حل فيها هو اغنية " شوقلي وبارقلي " التي هي من اوائل اغاني جان دشتو وغناها في هذه الحفلة الفنان يوئيل أوديشو وقد أثارت احاسيس جان دشتو فصعد المسرح  وعانق يوئيل وشكره وبعدها طلب الجمهور اعادة غناءها ثانية. اما الفنان جورج جندو الذي مع سركًون كَبرئيل كانت جهودهم استثنائية في تنفيذ هذه الحفلة التأريخية فقد غنى للحضور اغنية " كركوك " المميزه بروعة موسيقاها والتي ترحل بالمستمع الى مدينة النفط،  كركوك الطيبة وتعدد الثقافات .
من اللزوم هنا ان نقدم الثناء للمغنين والموسيقيين الآشورييين لتقديمهم هذه الحفلة لرائد مدرسة اللحن الحديث في اغنيتنا السريانية وندعوهم الى المزيد من الأبداعات وتكريم الرواد في حقل الغناء .

                                                                    حنا شمعون / شيكاغو
 



 
 













125
مثواثن- دشتا دنينوي

 خَذروخ  بداني  مثواثا            وشوبٍابٍي  دآ واهاثا
 لسوراي بدشتا د نينوي          مرّيا  ياول  بوركاثا
من  بَرطلّة  و بَغديدا             بهنام  بٍلطلي  لصيدا
أميرا  دأثرا  ويلي               بشما د مشيحا  سَهدا

كرمليش  بوش  آتقتا             من زونا دآشور بٍشتا
شني وشني كَنطرالا              بربارة  اي  قَديشتا

من  بَعشيقة و بَحزاني            زيثا  زريّ  خقلاني
 سورايّ و يزيدايّ              من  اِخذاذي  خَيّاني

شورا د نينوي او تليخا          كيبٍح  جميلي خا  قوخا
تلكيبٍي  نينوي  خثتا             دعمّا  سورايا بريخا

بطّناي و تِلْلِسقوبٍا               مار اوراها و بيقوبٍا
بيبوني دبي نيساني             بتشعيثا  شيقلي شوبٍا

آين  يمّا  د مثواثا              ديرَح  مليّا  بوركاثا
كوليه سورايّ سنيقي           اِتي ب ألقوش خنواثا
                                   
                                    حنا شمعون / شيكاغو

الرابط الصوتي:
 
http://www.drivehq.com/folder/p3241362/1144278483.aspx


126


للاستماع الى القصيدة:
http://www.drivehq.com/folder/p3241362/1142323254.aspx

                                   شينا شلاما

شينا شلاما شينا شلاما                          شاري بأثرن شينا شلاما
قطلا بٍلاشا وعلداووثا                           طلبوخ تد آثي لخوتاما

شلاما لمخبتا دكَروسا                           كَوكيانن شينا شتئسا
مخبوخ لكول خياني داثرن                     وبسا سنيوثا دي بسا

شلاما لدركَوشتا دمردوثا                       بيت نهرين هتخا ايديثا
بابل ونينوي واربا ايلو                           تاما مشوريلا تَوديثا

شلاما لدقلت وتري زاوي                       كي مخذي لكاري طاوي
بٍرات وخابورنهري ساوي                     بريخيلي ان ميّا دكَاوي

شلاما لدن ايلاني دقلا                           تيمنا بكَاويلي  مسوقلا
شلاما لطوراني دكَربيا                          هاوا صبٍيا وقينا خَقلا

شلاما يونا راما بٍرخا                            عل مثواثن شينا شَبٍخا
أن شوري زديي من قراوي                     كَياني بشقدا بريخا بٍصخا

شلاما عل البٍوثا خثتا                             دهويا تا اثرن خددتا
تنبي اقنوماي مورمي                            وخادوثا دمسكيني كورتا

شلاما اي ملثا مكَوبيثا                            نطرتا بكول لبا وخوميثا
بئيثا دهويا بزونا خاثا                            زينا تليثا بكَودا دبيثا

علدواوثا = العدواة    كيانن = طبيعتنا   شتئا = تؤسس  توديثا = ديانة   أكاري = فلاحين
دقلا = النخيل  تيمنا = الجنوب  كَربيا = الشمال قراوي = الحروب البٍوثا = ألفية 
خددتا = تجديد  تنبي اقنوماي = العقوبات الأقتصادية ملثا = الكلمة زينا = سلاح

                                                         حنا شمعون/ شيكاغو                               

127
أدب / لا ولن انساكِ
« في: 04:41 13/02/2008  »
لا ولن انساكِ

حنا شمعون




لو مزقتْ أوصال قلبي .. التأملات
وأغرقَتني في بحرِ هواكِ .. الأشواق
لو جَن جنون فكري
من ذكرى القُبلة والعناق
ومال رأسي ..
من وطاءة جبل هموم الأفتراق
فاني لن أتراجع خطوة
بل أسبق الريح عنوة
وليغرقني الأشتياق
ولتصبح حياتي
جحيما لا يُطاق
وجسمي برميل بارود
قابل للأحتراق
اَزيده من وقود الذكريات
وأنى كانت التضحيات
فأنا لا ولن أنساكِ

لن أنساكِ
ما زال دجلة والفرات
يرويان في محنة الفراق
أرض العراق
يلتقيان بموكب الظفر
يخطّان بألتضحية .. بالصبر
درب العشاق كل العشاق
مازال هذا هو دربي
غوري في اعماقي
وأسكني في قلبي
تنزهي في طرقات رأسي
في باحة صدري
لحين قدوم المساء
اِنزلي ضيفا ً على عيني
ليكون لنا لقاء
بعيداً عن الضوضاء
حتى تذوب النجوم من كبد السماء
واِن غلبني النوم
فتعاليلي في الحلم
بهيئة قديسة عذراء
فأنا لا ولن أنساكِ
ولن أُحاول اًن اًنساكِ



البصرة - العراق
30 آب 1976

   

128
اربعينية الكاتب المسرحي وردة خنانيشو في شيكاغو

اقامت لجنة الثقافة في الجمعية القومية الآشورية في شيكاغو امسية تأبينية لمناسبة الأربعين لوفاة الكاتب المسرحي والشاعر، المرحوم وردة خنانيشو وذلك في قاعة الجمعية وفي الساعة السادسة من مساء الأحد المصادف 27/1/2008 حضر التأبين هذا جمع من اصدقاء الشاعر الذي عرف بأخلاصه وتفانيه لأجل قوميته والذي توفي في 19/12/2007 اثر مرض عضال لازمه السنتين الأخيرتين من عمره . المرحوم كان من مواليد 1950 وقد عاش وترعرع في مدينة كركوك التي غادرها عام 1977 الى الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق مصر وذلك اثر ملاحقة سلطات البعث لنشاطاته المسرحية والسياسية في مدينة كركوك.
 جميع المتحدثين  في هذا التأبين امتدحوا المرحوم  في صفاته الأنسانية واخلاصه القومي وفي مساهماته الشعرية والمسرحية والتي كان آخرها اخراجه لمسرحية "سميل" التي عرضت في شيكاغو قبل بضعة اعوام . المتحدثون كانو كل من آشور خوبيار  احد الممثلين البارزين في مسرحية سميل ، ابنويل هرمز وهو احد اصدقائه من كركوك، الشاعر يوخنا هنارو الذي قرأ قصيدة بهذه المناسبة، رابي أويشا لازار من المدرسة الآثورية في مدينة كركوك ، الشاعر هرمز يوسف وقرأ للحضور قصيدة " قَروَن" التي هي من تأليف المرحوم. وأخيراَ قرأ الشاعر نينوس نيراري، الذي أدار الأمسية، قصيدة " بيما سبيقا" المحَ فيها الفراغ الذي سيتركه المرحوم في المسرح الآشوري القومي. وفي الختام شكر السيد عمانوئيل ايشو مسؤول اللجنة الثقافية جميع الحضور  لمشاركتهم في في هذه الماسبة التعبيرية لرموز ثقافتنا والتي بلا شك كان المرحوم وردة خنانيشة واحداً منها وسوف تذكره الأجيال القادمة بكل الأحترام والأمتنان.
 شخصياً عرفت الفقيد في كونه انساناً عظيماً وصديقاً مخلصاً ذا كلام مشحون بالمحبة والعاطفة الجياشة.
نصلي ونتذرع الى الرب ان يحفظه في ملكوت السماوات مع الأبرار والصالحين.ولذويه  ومعارفه نسأل الرب ان يمنحهم الصبر والسلون.

                                                                       حنا شمعون /  شيكاغو













129
نتاجات بالسريانية / ماثي
« في: 21:45 27/01/2008  »
يسرني ان انشر هذه القصيدة بالسريانية مع ترجمتها النثرية باللغة العربية طالباً ان يسامحني الأساتذة وشعراء السريانية وكل القراءلأني انشر هذه القصيدة الحرة كما كتبتها عام 1977 وهي من اولى كتاباتي ومحاولاتي الشعرية وفيها الكلمات العامية وخلل في الوزن ولكنها بالنسبة لي تمثل مرحلة مهمة في الشروع  ، اتمنى لكل محبي لغتنا ان يجربوها لأنها الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل الشعرية  . وقد رفقت هذه المحاولة الشعرية بترجمة مرادفة بالعربية بطريقة النثر وسبق لي ان نشرتها في مجلة الثقافة (مردوثا ) الصادرة في ديترويت – مشيغن عام 1988 . ادرك الآن ان آهاتي في هذه القصيدة هي قديمة وقد تغيرت الأمور الآن وقريتي تنعم بالسلام الذي تذرعته لكني وبكل أسف اقول أن الصورة لا زالت حزينة عندي لأن الأخبار والصور التي تصلني في الغربة عن قريتي وبقية قرانا لا تكمل فرحتي . البساتين الخضراء التي كانت عامرة فيها ، لم يعد لها اثر ، أكثر البيوت غدت خربة ، التطور لم يصلها إطلاقاً والأنكى من كل هذا ان معظم سكانها من وقت كتابتي لهذه القصيدة قد هجروها الآن بسبب الأوضاع الماساوية التي مر بها الوطن الغالي . املي ان العد التصاعدي لأزدهار كل قرانا في شمال العراق قد بدا وبعد زوال الدكتاتورية من السلطة . أنتهز الفرصة لأناشد حكومة كردستان في شمال العراق للأهتمام بكل القرى مثل ماهو اهتمامها بالمدن الكبيرة مثل دهوك وأربيل والسليمانية ..والله من وراء القصد .
                                                                  حنا شمعون / شيكاغو




                    ماثي

ماثي
من دمعي دايناثي
من كيوا ديلي رشيما لبٍاثي
من برسمتا قطلتا لرش سبواثي
كثونخ جركَي مريري
بٍيشي من شمخ ميوقرا تخيري
مولخمي بقالا دخشا
وتا كول لبا بأرعا زميري

ماثي مولبٍتي بزوروثي
لدريثا د هاوارا
لطشيثا من كَركَمتا دطيارا
وكول دانا وكول دانا
لشقدا دشلاما سبٍارا

طورخ زريا بقولي دموثا
ملّيا من قَلكي اتيقي
وقطري شتيقي
مقروي تا شميا صلوثا
دنطرا لبنوخ دهاوي
رحيقي من شولطا دزدوثا





اورخخ بصراخا
دمشخلبٍولي.. دمشخلبٍولي
آنا من اوقانا دشري سولي
مشخلبٍولي بأورخا خثتا دشَينا
وذولي آنا تخرونا
لقطلتا ديما قم أَينا دبرونا

باثر بيث قورخ
شمشا  كَنيثا
من حشا وكيوا
تا كَوري قطيلي
دلا سبب دلا خطيثا
من كيويهون
شميا مطرا اِريثا
دقايم زرعا بأرعا صهيثا

ماثي
 يا صهيثا لشلاما
مَحْلن طالخ
مايّ دياما
دشَتيت وداير الخ بوساما
وبَقخا برسمتي تا خني
لكَِخكا بقالا راما

كيوا = كآبة     برسمتا = بسمة   قولي = مصايد    قَلكي = أغلفة الرصاص

                                                        حنا شمعون / البصرة
                                                             شباط  1978
يمكن ساع القصيدة على الرابط المرفق :

http://www.drivehq.com/folder/p3241362/1129222576.aspx











130
المنبر الحر / قريتي عطشى
« في: 21:44 27/01/2008  »
                 
قريتي عطشى
قريتي عطشى الى السلام.. ومن ذخيرة ما نعمت به قليلا من هذا الينبوع على مدى عمرها تهديكم السلام لكم ولقراكم التي اعرف انها تشاركها في محنتها وعطشها .. حري بنا ان نكتب الأسطر وأن كانت مرّة وأن نتذكر المآسي وإن كانت قاسية ، كي نعَرف العالم وكل المنعمين بالطمأنينة ، إن مآقي أطفال قرانا تملئها الدموع وأن بسماتهم تقتل قبل ان ترتسم على شفاههم .
قريتي ..نموذج قراكم ، علمتني وأنا طفل صغير كيف تطلق تكرارا اصوات النجدة ( هاوارا ) حين كانت رصاصة شريرة ومدويّة تغتال من الخلف رجلاً آمناً في مزرعته أو امام كومة حطبه.. والطائرات تلك النسور الحديدية ذوات الصوت المفزع والمريع ، من لم يكن يهابها ؟ أتذكر كيف كنا نخرج من القرية تحت جنح الظلام ، اطفالاً ونساءأًً ورجالاً كي نلجأ الى مأمن يحمينا من تلك النسور الجارحة ..هكذا كان السلام لنا أمنية تنهي فزع الطائرات فينا ، ولكن كما يتعاقب الليل والنهار كان هكذا ايضا السلام يطل علينا هنيهة ويعقبه ليل طويل ..وحتى جبل القرية المحايد ملأته ولايزال لحد الآن مصايد الموت ( قولّي دموثا ) فقد زرع من غير تحفظ بالألغام والمتفجرات وإن كنتَ محظوظاً وتسلقته الى القمة فسوف ترى المئات من أغلفة الرصاص العتيقة ( قلّكي إتيقي ) ، التي تشهد عن المعارك التي دافع فيها رجال القرية ببسالة عن قريتهم لمنع زحف الفزع الى ساكنيها .. أما الصخور الواقفة كرهبان في صلاتهم فهي الأخرى شهود عيان خرساء لما حدث ، ولكن تضرعاتها الى السماء نالت الرضى من سلطان الكون ونجت قريتي بأعجوبة لعدة مرات من الشر الزاحف .
في بداية الستينات وقعت حادثة على الطريق القديمة المؤدية الى القرية..حين تجرأت احدى عوائل القرية لرحيلها والنزوح الى بلدة آمنة وفي منتصف الطريق اوقفت السيارة  من قبل مسلحين ..فقتلوا جميع افراد تلك العائلة بما فيها الأم وأمام مرأى طفلتها الصغيرة والتي صبغوها بدماء الضحايا وأرسلوها الى القرية لتحكي بعد ايام من صمت الصدمة حكاية الموت الأحمر . هذه الجريمة وغيرها من الجرائم النكراء أتعبت الطريق ، فكأني بها تنادي اهل القرية : " إ ستبدلوني ، إ ستبدلوني فأنا لا أ ستطيع أن اتحمل أكثر من هذا ، إبحثوا عن طريق آخر وآمن يوصلكم الى غايتكم " وفعلاً بعد سنين عبّد طريق جديد على الطرف الآخر من القرية وبقيت الطريق القديمة تحفظ ذكرى تلك الجريمة النكراء .
على رابية مغطاة بلأشجار العملاقة تقع مقبرة القرية من طرف جناحها الغربي ، وهكذا فإن الغروب يضع اللمسات الأخيرة للوحة مأساويّة حزينة .. فهذه القبور المغطاة بأكوام الحجارة تضم في ثراها رفات رجال ابرياء  أغتيلوا بلا سبب وبلا خطيئة فتركوا من بعدهم ارامل ثكالى وأطفال يتامى وكما تقول القصيدة " لفرط حزنهم أمطرت السماء دموعها كي تروي زرعاً في أرض عطشى " .
قريتي عطشى الى السلام وقراكم انتم ايها القراء .. تعالوا نحلّي ماء اليّم ونروي ضمأ قرانا .. إسمحوا لي أن أقول : ان خناجرنا القليلة لا تستطيع مجابهة كل الشرور في هذا العصر ، تعالوا نحوّل الكلمات الى رصاصات تقلع الشر من جذوره ، تليّن القلوب وتكسب عطف الذين بمقدورهم إعادة السلام والطمأنينة الى قرانا الوديعات ، فذلك وحده كفيل لأن يحول البسمة المغتالة على ثغور أطفال قرانا الى " ضحك بصوت عال " .
                                                               حنا شمعون

131
اربعينية الشاعر سركَون بولس في شيكاغو

مساء الأحد المصادف 2/12/2007 كان تجَمُعْ محبي الشعر في شيكاغو لتأبين الشاعر الراحل سركَون بولس، الذي كان معروفاً ليس في العراق بل في الوطن العربي  والعالم أجمع. وقد احدثت وفاته صدى واسع بين الذين تأثروا بشعره وأسلوب كتابته للشعر الذي يقع ضمن قصيدة النثر في حين ان الشاعر الراحل كان يعتبره من صنف الشعرالحر.
 بدأ التأبين هذا بكلمة من السيد فريدون بولس شقيق المرحومن شكر فيه الحاضرين والمشرفين على هذا التجمع الذي تكلم فيه كل من البروفسور أدور يوحنا الذي أدار الأربعينية وهو يعتبر احد افراد جماعة كركوك التي كانت تضم الشاعر الراحل وأدباء آخرون لهم أثر بالغ في الأدب العربي مثل الأب سعيد يوسف، محي الدين زنكَنة، مؤيد الراوي، فاضل العزاوي، جليل القيسي، جان دمو، ...الخ . ثم تكلم الدكتور ايشو مرقس متناولاً حياة الشاعر وبعض من ذكرياته عن كركوك في الفترة التي عاش فيها سركَون بولس. ثم جاء دور الشاعر نينوس نيراري وقرأ بعضاً من أشعارالفقيد اضافة الى قصيدة "جدارية الملك الثاث"، بالسريانية، والتي كتبها نينوس اهداءاً الى روح هذا الشاعر الذي، فيها، اعتبره ثالث ملك يحمل اسم سركَون وحتى ان كانت مملكة الأخير هي من الشعر. ثم تحدث الأديب يوسب كانون وقدم هواجسه عن هذا الشاعر الذي عرفه من غير ان يخبره ورآهُ بلا التقاء وسمعه من غير ان يكلمه، تماما مثل ما عرف جبران والسياب وأودونيس. المتحدث الأخير كان الأستاذ الفنان هرمز طيرو الذي تحدث عن الأثر الذي تركه سركَون في القصيدة الحرة ورؤية الأدباء المشهورين عنه أمثال، عبد الوهاب البياتي ، علي الطائي، جاك بيرن الفرنسي، فاضل العزاوي وآخرون. وقال ايضا اثر وفاة هذا الشاعر العظيم اهتزت دنيا الشعرفي كل مكان وفي النجف الأشرف اقيم له اكبر مأتم ونقلته حياً اذاعة النجف التي عدد مستمعيها يقارب الخمسة عشرة مليون شخص.
 في الختام كان عرض بعض السلايدات عن حياة هذا الشاعر الذي جاء في قصيدة نينوس نيراري عنه :
ودعتنا وسافرت فوق سحابة دخان
لتموت في الحياة وتعيش في الموت. 

                                                  حنا شمعون / شيكاغو     









132
لماذا تحرمنا عشتار من الصوت العذب؟

شعبنا الكلدوآشوري السرياني في الوطن او في الغربة ، من غير شك، هو على دراية بفضائية عشتار التي تبث من عنكاوا ، مدينة الثقافة، وتستقبل بثها  متلهفة العيون في مختلف انحاء العالم . على مدى السنتين الماضيتين يمكن القول ان فضائية عشتارحققت نجاحا ملحوظا رغم قلة الكفآت الفنية بسبب الهجرة وتنوع شريحة المشاهدين حيث تعمل الى ارضاء الجميع. ولستُ هنا بصدد تقييم نجاحات او اخفاقات هذه الفضائية التي بلغة السورث تنادي لوحدة شعبنا الكلدوآشوري السرياني، لكني وفي غربتي اعترف ان هذه القناة هي جزء من شغفي اليومي وذلك من اجل الوقوف على اخبار الوطن وفي وسماع اغنيتنا القومية التي اراقبها عن كثب وخاصة ذلك الجانب المتعلق بكتابة الكلمات.
الغناء هو هو عماد هذه الفضائية وفي هذا العصر فإن شغف الناس بالغناء يمكن قياسه من استعمال  "متحكمة الفراغ" التي هي الرابط بين شاشة التلفاز والأنسان الذي دقات قلبه، بحد ذاتها، موسيقى فلا عجب ان تحط  متحكمة الفراغ حيث هي الموسيقى . كيف إذن يمكن لفضائية عشتار التي من المفروض ان تقدم لمتفرجيها  المغنين الكلدو آشوريين من غيران يكون ضمنهم الذي هو افضلهم بشهادة استفتاء عنكاوة.كوم على مدى العامين الماضيين. اعرف ان القراء الكرام- لحد الآن- قد سبقوني في الأفصاح عن اسم آشور بيث سركيس لأن هذا ليس بخاف على احد ولا حتى على اعزائنا المغنين الذين جميعا نفتخر بهم ونسعد باطلالتهم علينا من على شاشة قناة عشتار.

اعترف اني من هواة الأغنية التراثية وتستهويني الموسيقى التراثية والمقام سواء كانت سريانية ام كردية أم عريية ، لكن ليس الجميع مثلي قد ترعرعوا في قرية جبلية جميلة فهناك الغالبية التي ولدت في المدن او تأقلموا في مناخها ليكون سماعهم للموسيقى اكثر صقلاَ او اكثر عولمة ان صح التعبير، وعودة الى آشور بيث سركيس فهو من استنتاجاتي وفي عصر التحديث الذي نعيشه من ابدع المغنين وخاصة في اللون الكلاسيكي السماعي. آشور بيث سركيس تكمن فيه كل مقومات المغني الذي ولد ليكون مغنيا: شغف بالموسيقى من الطفولة، التي امنيتها، امتلاك  الكَيتار. تمرد على المدرسة بعد اغتراف ما يكفي منها . حمل، هذا الشاب الوسيم، موسيقاه  وأماله الى حيث لا قيود تفرض على الكلمات التي يشتهيها لأغنيته  وفي الطريق الى المنفى القسري ولدت اغنيتة "بيت نهرين اتري وات" فألهب المشاعر ورددتها الحناجر في المشرق والمغرب. في الغربة صقل آشورموهبته الغنائية ورغم ان ظروف الهجرة القاسية لم تساعده في احتراف الغناء حيث كان الكسب المادي منه قليل وكون نوعية اغانيه  كلاسيكية سماعية في الوقت ان الذين نجحوا في احترافهم الغناء كانوا من الذين احييوا حفلات الزواج والحفلات التي فيها الرقص الشعبي ( الخكَا). آشور لم يغيير مساره الفني لأجل الكسب المادي والسبب ان مثقفاَ مثل آشورهوافضل من يعرف خاصيته ولأجل ذلك قدم لنا بابداع  قل نظيره افضل الأغاني التي تحمل الصدارة في قائمة الأغاني السريانية  الرائعة في موسيقاها وكلماتها اضافة الى اداء آشور البارع  وخاصة على المسرح اذ يكون هو عازف الكَيتار. اعرف ان القائمة تطول ان ذكرت كل الأغاني الرائعة التي انجزها آشور لذا  سأكتفي بذكر البعض منها: تخارو بياشا، لبا جيرا، دور لكسلي، هالا ليت، أنا ليون من دا دوني، براتا شميرام، سارا دماتن...الخ.
اهم ما يميز آشور بالأضافة الى معرفته للموسيقى وكونه عازفاَ هو هبة الباري له  والمتمثلة في صوته العذب الذي يقل نظيره بين فنانينا . صوت آشور فيه سحر عجيب وهويطاوعه كي ينسجم مع اداء الموسيقى ونطق الكلمات، بأختصار صعب جدا ان يوفق احد في تقليد اغاني هذا الفنان الأسطورة مثلما هو صعب ان تقلد احدى المغنيات صوت وأداء فيروز. آشور هو ايضاَ شاعر مؤهل كل التأهيل في كتابة الأغنية ولذا فقد كان موفقاَ في اختيار كلمات أغانيه لتكون صالحة للكتابة ومرفقة مع الألبوم المقدم للجمهور.

ما ورد اعلاه هوالمعروف عن آشور من متابعة وسائل الأعلام . لكن الذي اعرفه انا شخصيا عنه ويعرفه كل من له معايشة، ولو لبضع ساعات، مع هذا الفنان هو اكثرمن هذا بكثير ومن خلال معرفتي  به لمست منه الآتي :
محبته لبني قومه، ومن دون تمييز، لا حدود لها ، متواضع دوماَ ولا يفرض شهرته على احد ، لا يلهف وراء المدح والأطناب . آشور لا يحمل في قلبه ضغينة  وهو الذي قال لي حين اجريت لقاءاَ معه قبل ثلاث سنوات وسألته عن ما يجري في العراق بعد تحريره فأجابني  ان احدى اغنياته القادمة تعبر عن هذا المعنى : " سأعيش بسلام مع جيراني  وأدعوهم كي يكونوا ضيوفي". الثقافة والخبرة التي يمتلكها في مجال الأغنية والموسيقى هي ثروة فنية يمكن ان يغترف منها الفنانين الهواة والذين لا يبخل عليهم بالنصيحة الفنية او وضع الألحان وحتى كتابة الكلمات لهم، لأن الأنانية معدومة لديه.
هذا هو رابي آشور بيث سركيس المغني والشاعر ،الملحن وكاتب الكلمات، الأنسان القومي والوطني، الأنسان المتواضع والعصامي... يحب جمهوره، ومعذرة اقول: خاصة ذلك الذي يلاصق تربة الوطن. وفي نفس الوقت انا يقين ان ابناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني متلهفون لسماع أغانيه دوماَ او مشاهدته مطلاً عليهم من على شاشة التلفاز وسوف يغمرهم الفرح أكثر إن هو احيّا بين ظهرانيهم الحفلات الغنائية.
العجيب والغريب، اني ما رايت آشور يطل علينا من على شاشة فضائية عشتار وهنا لا بد من التساؤل عن هذا التغييب؟ وكما اسلفت من حيث اني اعرفه فناناَ عصامياً  ولا احد يستطيع ان يملي عليه الشروط وهو في نفس الوقت يحترم المقابل ولا يفرض شرطا َ الا بما يحفظ كرامته ، لنختلف في وجهات النظر ولنختلف في الأنتمآت السياسية لكن لنجعل  من الأغنية السريانية ،من حيث انها الأكثرشيوعاَ بين الفنون، وسيلة للتقارب بيننا. وهنا يأتي الدور المهم لكل من آشوراعظم فنانينا وعشتارإلهة الحب التي غدت فضائية تبحث عنها متحكمة الفراغ التي بين أيادينا.
                                                                حنا شمعون / شيكاغو

133
جورج ملكي طالب مثابر ولاعب مبدع




منذ نعومة اظفاره ولحد الآن  ما زال عشقه لكرة القدم  هو الأول، وأكثر من ذلك  فان هذا العشق هو في نمو طردي ولكن باشراف  والده واعمامه المعروفين في ميادين الكرة  والآن  فأن جورج يشرف على تدريبه مدربون اكفاء يؤهلونه ليكون  واحدا من المحترفين في لعبة كرة القدم. والده سركون
 ملكي لا يذخر جهدا في توجيه ابنه نحو الأبداع ولأحتراف وان كان  لا يضغط عليه لتحقيق الأخيرة، ذلك لأن جورج  كما يقول عنه والده: " جورج طالب مثابر في المدرسة وهو من الأوائل دوماً  واني اوليه لعناية الله وبشفاعة شفيعه مار كوركيس ليكون مستقبله لما يكون فيه مفخرة لقوميته الكلدآشورية السريانية سواءاً كان ذلك في مجال العلم او الرياضة"

في عام 2005 جورج كان الفتى الوحيد عن ولاية اريزونا الأمريكية ليكون من ضمن 120 لاعبا  اختيروا من كافة انحاء الولايات المتحدة لأنتقاء الفريق الأمريكي الوطني لليافعين، وان لم يتأهل لذلك الفريق لكنه مع والده كانا متفائلين لتحقيق ذلك في المستقبل. كل الذين اشرفوا على تدريب جورج ،الذي يعتبر بيليه لاعبه المثالي، يمتدحون قابلياته ومهاراته في اللعب. مدربه في المدرسة، السيد كاراسلموفيك، يقول عن جورج: " انه لاعب ممتاز وله امكانيات كثيرة وقد يكون له موقع في الفريق الوطني الأمريكي ان بقيَ مُركِزاَ ومواضباً على التدريب بجدية" ويضيف قائلاً: " ان فاعليته كبيرة حين يلعب في الفريق على النطاق المحلي او للولاية، انه لاعب مهاجم، سريع، صانع الفرص،نشط ومفاجيء" اما المدرب هاري ديموس فيقول عنه: " جورج لاعب مميز سريع البديهية وهو يذكرني باللاعب العالمي الفذ، دانوفن."
أضافة الى كرة القدم فان جورج هو مبدع ايضا في لعبة " الهوكي على الجليد" وهو من الهدافين الممتازين في هذا المضمار وقد سجل هدف الفوز في الوقت الأضافي ليفوز ليفز فريقه ببطولة "ساوث ويست  الأشبال" عام 2003 وهو حاليا يلعب ضمن فريق الأشبال " تربل أي كايوتيس".

قبل بضع سنوات عرضت قناة  12  التلفزيونية في فينكس-أريزونا ، تحقيقاً خاصاً، وقد أضافه والده سركَون الى بعض من اللقطات المسجلة له وجهزني بفديو كليب جميل عن الصغيرالبارع جورج حيث يثبت التسجيل مهارات هذا الفتى المتألق في لعبتي كرة القدم والهوكي .

 بامكان الزوار الأفاضل مشاهدة هذا الفديو على الرابط التالي:

www.ankawa.com/video/gmalki1.wmv
www.ankawa.com/video/gmalki2.wmv


                                                  حنا شمعون / شيكاغو

134
الجريمة والعقاب في قصيدة " الطريق 88"
                                                   
 بعد سميل وصوريا، كمحطات استشهادية في التاريخ المعاصر لشعبنا الكلدوآشوري السرياني، يوقفنا الشاعر هرمزاندريوس يوسف في محطة اخرى أُزهِقَت فيها ارواح الأبرياء من ابناء هذا الشعب سكنة قرية " كَني دكوسا"  في عملية الأنفال السيئة الصيت والتي وقعت في خريف عام  1988 واقترفها النظام الصدامي الدكتاتوري حيث أصبح فيها علي حسن المجيد الضلع الثالث لمثلث الأجرام الى جانب كل من بكر صدقي  وعبد الكريم جحيش .
تقع قرية " كَني دكوسا" على ضفاف خابور العراق الى الشمال الغربي من ناحية منكَيش بما يقارب العشرة أميال وهي مشهورة بزراعة الطماطم والرقي. حين وقعت الجريمة كانت ملاذاً للهاربين من دكتاتورية النظام وسكنوا فيها  الى جنب سكان القرية الأصليين والمشهورين بكرمهم. يرسم لنا الشاعر هرمز بحسه المرهف الصورة كاملة اذ كان أنذاك واحد المناضلين في صفوف الحركة الديموقراطية الأشورية العاملين في المنطقة قريبا من مسرح الجريمة.
         
             في مقدمة القرص التسجيلي هذا، ورَد: "الطريق 88 هو طريق دموي حمل اسم الأنفال وقعت أحداثه في شمال موطني ، بين النهرين، فيه سقط ابناء امتي من سكنة قرية كوندي كوسا والقرى المجاورة لها. جمعوا الأهالي ورحلوا بهم ليدفنوهم احياء في مقابر جماعية".
 في بداية القصيدة يصورلنا الشاعر و من موقعه على قمة الجبل  بداية الهجوم من قبل جحافل السلطة باسلحتهم الفتاكة لتستعر كلاب القرية في نباح مستديم ونذير بما لا يحمد عقباه. افرغ الطغاة، القرية من أهلها الذين لم يكملوا فطورهم بعد. لم يبقى شاهد لهذه الجريمة سوى ختم المختار توما، فقد افسدت قنابلهم الكيمياوية، التي استعملوها في هذا الهجوم، الهواء الصافي لهذه القرية التي كانت بمثابة المصيف (زوما) . ثم تستمر القصيدة لنسمع فيها موقف الشاعرالذي بعد وقوع هذه الجريمة النكراء راى ذاته مثقلة بالهموم ولم يعد له مشاعر ثابتة ليحس هل من صنف الأحياء ام الأموات  فهو يحوي كلاهما.
 بعد سنين من البحث عن العنوان أخذه طريق بلا مسمى الى احدى المقابر الجماعية  وهناك يجد الشاعر ضالته في شارع مجهول هو شارع الموت وأسماه الشارع  88  ليصبح عنوان هذه القصيدة. يتعرف هذا الشاعر على ذويه فهذه  هي جمجمة والى جانبها قبعة الوالد ومازالت تحتفظ بريشاتها الثلاث وفستان احدى اخواته قد اصبح خرقة ، فيه يوماً ما كانت تحمل اليه الطلقات لتملي حافظ الرصاص له ( رختا). بقايا طفل  تَصوَره الشاعروهو يصلي على مائدة الطعام ولم يدع المهاجمون تكملته للصلاة الربانية ( آوون دشميّا)  ليتهنىء بالفطور ويتسآل الشاعربالأسلوب الشعري المحترف،  يا ايها الطفل ألمَ يكن هناك قبلة تسحب صلاتك صوب الرب  لتفعل فعلها وتنجو انت وأهلك من هولاء الأوغاد؟ أخ يتعرف عليه ايضاً من اضلاع قفص صدره الواسع. أما الصليب، بلا شك هو لأمه ويتذكر كيف من شدّة ايمانها علقته  مرّة في صدره حين ذهب في احدى المهمات القتالية. لم يبقى من امه سوى ذكرى وطعم  خبزها الحار المفروش على مائدة الأفطار. ألأخت الثانية  وكان اسمها ( صلوثا ) في العماذ و( صووثا ) في السجل الرسمي هي الأخرى تَعرفَ  عليها لتتكتمل الحلقة  المفقودة للعائلة المنكوبة. بقي شخص آخر هو جزء من هذه الحلقة  لأن هذا الشخص هو جزء من الشاعر، عضو العائلة الحي الميت في آن واحد. هذا الشخص هو خطيبته التي وجدها ما زالت تحمل في اصبعها الخاتم الذي نقش عليه أول حروف اسمه .  هنا الشاعر يبدو كأنه في خلوة مع خطيبته ليفصح لها عن اسراره  ويحدثها عن رفاقه الذين ميزتهم هي نكران الذات (ياتيه سريوي ) من أجل تحقيق العدالة  على ارض الوطن وهنا يتذرع هذا المناضل الزوعاوي الى الرب ان يُلبس جسده على عظام خطيبته  لترجع الى الحياة وترى بأم عينيها ثمرة نضال رفاق الدرب .أرادها أن تشهد المراحل الأخيرة من محاكمة المجرمين القتلى الذين منعوهما من الوصول الى غايتهما في الزواج المقدس وها قد سكت صوت المطرقة وأعلن الحاكم العقوبة القصوى على مرتكبي الجريمة النكراء كي تكتمل العدالة ( كينوثا).

         شاعرنا المبدع هرمز اندريوس يوسف  معروف بمثل هذا النوع من القصائد التي خاض تجربتها وعاش آلامها فقد نقل لنا من قبل صورشعرية ناطقة عن الأيام العلقم التي عاشها في سجن ابو غريب  مع شهداء (يوث) يوسف ، يوبرت ويوخنا. وهو ايضا شقيق الشاعر الكبير نينوس نيراري والشعر عندهما هو الفن الذي يحملان صفاته بالوراثة. هرمزهنا لا يسرد لنا قصة كما تلوتها اعلاه لكنه يخترع شخصياته ويوظفها بأسلوبه الخاص ليرسم منها الصور ويعبرعن المغزى الذي يكمن في بضع كلمات. ومن تواضع قابليتي هنا  اورد ان هذه الكلمات الثمينة في هذه القصيدة الرائعة كانت "الجريمة والعقاب".
بعد ان تقصيت بعض الحقائق عن جريمة قرية اهل الكرم والمشاعر القومية " كَني دكوسا "  وصلت الى الى ان عدد الضحايا في هذا العمل الأجرامي بلغ حوالي الثلاثين فردا من رجال ونساء وأطفال وكان قد شاع خبر الهجوم المرتقب ففر من فر وبقي مَن بقي من سكان القرية وكان من  الباقين؛ عائلة توما باكوس مختار القرية وقد نجت طفلة واحدة وهي الآن تعيش في استراليا ، كذلك كان من الضحايا عائلة الطبيب المشهور في المنطقة بخدماته وطيبة قلبه والمعروف بأسم ( دختور موشي). عائلة اخرى دفن افرادها احياء ايضا كان الأب فيها من أهالي قرية الداويدية والأم كانت من اهالي منكَيش.,اظن ان هناك آخرون لم يصلني خبرهم ويا ليت احد أفصح عنهم لأجل توثيق هذه الجريمة النكراء بالأقل.   وأود ان أذكر ايضا انه وصلني، حين ردّ بعض من البيشمركَة الأكراد على الجيش المهاجم القيت عليهم القنابل السامة واستشهدوا في الحا ل وكان عددهم مايقارب العشرة من الرجال وجاءت القصيدة بما يثبت هذا لأن كاتبها كان شاهد عيان للجو المتلبد بتلك الغازات الكيمياوية السامة.
مهما ظلم الظالمون وعربدوا وانتشوا حين التنكيل بضحاياهم لأنهم يملكون ادوات التنكيل وهم في موقع قوي وكفتهم هي الغالبة آنياً، فان العدالة الالهية لا بد ان تقلب الموازين في الخاتمة لينال الظالمون جزاءهم في موت شنيع وهنا ندعو القاريء الكريم ان يتحرى بنفسه كيف كانت نهاية كل من سمكو وبكر صدقي  وعبد الكريم جحيش وصدام حسين وقريباً ايضاً ستأتي نهاية علي حسين المجيد (علي الكيمياوي )وحين نتعرف على الجواب، نعرف ان شاعرنا هرمز اندريوس يوسف قد صدق في مغزى قصيدته هذه.

ملاحظة يمكن الأستماع الى القصيدة على الرابط التالي:

                                                                 حنا شمعون / شيكاغو


www.ankawa.com/malka1/rail/1.mp3

135
احياء ذكرى مذبحة سميل في شيكاغو

 مساء الثلاثاء المصادف 7/ 8/2007 ، مئات من ابناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني توافدوا الى مقبرة (مونتروس) في شيكاغو حيث نصب الشهيد الاشوري وأحيّوا ذكرى مذبحة سميل التي اقترفها النظام الملكي العراقي في 7 آب 1933 . حضر التأبين رجال الدين وممثلوا جمعيات وأحزاب قومية وجمع غفير من المخلصين القوميين لدم شهداء سميل وبقية الشهداء الذين قدّموا ارواحهم على مذبح الحرية لنيل حقوقنا القومية. تليت الصلوات على ارواح الشهداء والقيت الكلمات بهذه المناسبة وقدم الطلاب بعض من الفعاليات لتكريم شهداء شعبنا الكلدوآشوري السرياني وفي الختام  قدمت الفنانة ليدا لاوندو بأبداع منقطع النظير، اغنية ( جنح سميل )، التي هي من شعر الأب بولس بيداري وقد كتبها اَبان وقوع المذبحة. بعد ذلك ذهب الحاضرون الى قاعة كنيسة مار عوديشو لتناول طعام الدوخرانا.
    سميل كفة ميزان نزلت ليرتفع الأسم ألآشوري المقدس.
    المجد والخلود لشهداء امتنا الآشورية بكل طوائفها.
                                                       
                                             حنا شمعون / شيكاغو












136
المسيحيون في بغداد يعيشون ايام الرسل

 

كما كان الأمر بعد صعود االمسيح الى السماء وتسنم الرسل رسالته في البشارة ، كان المسيحيون خوفا من اليهود يقيمون الصلاوات في احد البيوتات او الأماكن الخفية  بشكل سري كي لا يثيروا فضول أولئك الحاقدين الذين كانو يبطشون بهم لمنعهم نشر رسالة  المسيح له المجد، هكذا قادتني الصدفة في بغداد الى احدى هذه الأماكن الخفية لأكون شاهد عيان للايمان العميق الذي يتمسك به المسيحيون في ظل العنف والأضطهاد الذي يعيشونه بسبب ايمانهم المسيحي. لقد أصبحت الكنائس شبه مغلقة في بعض المناطق خوفا من بطش ألأرهابيين الذين يريدون قتل كل من يؤمن بذلك الذي قال، انا هو الطريق والحق والحياة كل من آمن بيّ فلا يهلك. الكثير من المسيحيين يجازفون بحياتهم من مخاطر الطريق ويشدّون الرحال الى المنطقة الآمنة في شمال العراق ومع هذا فقد رأيت اطفال بغداد في مخبأهم يرنّمون ترانيم كنسيّة بكل خشوع ورغبة قلّما رأيت  مثيلهما في حضوري الصلوات في رحاب الحرية. ألأباء ولأمهات حضروا مع أولادهم وتناولوا القربان المقدس ولو بشكل بسيط، من غير قداس، الشمامسة الذين حضروا كانوا يحفظون طقس كنيستهم في قلوبهم. الشباب الذين، كما بدا لي، هم من أخوية الكنيسة كانوا يحّرسون المدخل لمنع اي حدث اليم من الوقوع وفتشوني وعندما صدف وأن نطقتُ ببضع كلمات السورث  مع صديق أعرفه، قالوا لي لما لا تقول من البداية انك ( سورايّا) ونسمح لك بالدخول من غير تفتيش، أجبتهم لا يهم فأنا افهم ظروفكم الصعبة. أكتب هذه الأسطر القليلة عن حضوري القصير والغير المرتقب لأقول لأخوتي المسيحيين في الغربة أن المسيحية في العراق هي بخير لأنها عميقة جدا في قلوب المؤمنين رغم محاولات وكراهية وبطش الضالين عن طريق الحق. لنرفع ايها المسيحيّون في كل مكان الصلوات كي يحفظ الرب كنيسته ومؤمنيها في العراق من  الخطر المحدق، آمين.

 

                                             حنا شمعون / بغداد

                                                7 تموز 2007
     

 




137
في شيكاغو ، عشتار الحب تدفيء قلوب العشاق
حنا شمعون / شيكاغو
في ليل قارس وقراءة المحرار تؤشر الى ما تحت الصفر ، توافد الآشوريون الى مقر الجمعية القومية الآشورية في شيكاغو منهم من يدفعه العشق الى ذلك ومنهم من هو مغرم بلغة الأجداد وجاء ليستمع الى شعرائها المعروفين في اورهاي الأغتراب ..تدفئت القلوب  وصفقت الأيادي  وأستمتع الجميع بما سطره شعراء  شيكاغو لهذه المناسبة التي اصبحت تقليدا سنويا تقوم به اللجنة الثقافية للجمعية القومية ( شوتابوتا ) .
 

الشعراء المشاركون كانوا كل من 1- نينوس نيراري ، بتسجيل صوتي 2- هاني خزيران 3- يونان هومه 4-نيمو مرقس رشو 5-عوديشو يونان 6- يوخنان هنارو 7- هرمز يوسب 8- شوشن سركيس 9-بيير شمعون 10-مارينا بنيامين 11- نشأت يونان .


وأدار الحفل الرائع هذا كل من شاروكينا حسو وسمير يونان وفي الختام وزع السيد عمانوئيل ايشو رئيس الجمعية ، الهدايا التذكارية للشعراء المشاركين واللذين قدموا الخدمات لأنجاح الحفل وقدمت جائزة تقديرية للشاعرة المبدعة  مارينا بنيامين لكونها احدى المشاركات في جميع امسيات عشتار كذلك قدمت جائزة تقديرية للفنان لازار ملكو وعقيلته لحضورهما كل الأمسيات السابقة  وأخيرا كان دور الطفلة ايزابيل عشتار مايكل لتلقي قصيدة جميلة عن المحبة وتختتم  هذه الأمسية  الثقافية وتبدأ بعد ذلك الموسيقى والرقصات الشعبية على انغام السي دي  من تنظيم الفنان توني لازار . وهذه بعض الصور التي التقطتها عدستنا المتواضعة .
[/b] [/size][/font]   

صفحات: [1]