عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - جوزيف الفارس

صفحات: [1]
1
الركعة زغيرة والشك جبير
حينما يتباكى بعض الفنانين وفي مقابلات تلفزيونية او ريبورتاجات صحفية على انحدار الواقع الفني والذي وصل به الحال الى مستوى منحدر , باستثناء تجربة ناجحة من قبل بعض المجددين من فنانينا الشباب والمتطلعين الى واقع جديد فيه من الابداع والتطوير, هؤلاء الشباب في محاولاتهم انقاذ هذا الوضع المنحدر  بمسيرة  ذات فاعلية في تحريك عجلة الفن بتجربة متاثرة  بمسيرة  فنانينا الرواد , والاخذ من بعض   تجاربهم الابداعية في المسيرة الرائدة للمسرح العراقي يوم كان تحدي الرواد المسرحيين  للطوق الذي كان يقيد تحركاتهم وانشطتهم ضمن مرحلة فيها من الصراع الفكري والثقافي والسياسي والديني , هذا التحدي جاء  في زمن ضياع قيم الابداع والجمال , ااكد ان هذا التحدي  ماجاء الا عن ايمان وحب لحرفية الفن وتثمين رسالته وتقييمه تقييما فيه من التقديس والتعظيم بحيث وصلت بهم الامور في احيان عديدة لا يعتلون خشبة المسرح الا ويقبلونها ومن ثم يعتلونها , هؤلاء الرواد من الاساتذة كانوا يؤمنون بالفن على انه وسيلة لتجسيد الابداع والجمال لمضمون فيه من القيم الانسانية والافكار النبيلة والفلسفة الحياتية من تجارب وقيم انسانية يجسدون من خلال  سياق احداثها المسرحية صور حياتية متحركة  لتجسد ومن حبكة الحوار افكارا تقدمية لخدمة المجتمع منادية من خلالها  بالمحبة والتسامح , افكارا وقفت الى جانب الانسان وناصرته محاولة منها لانقاذه من الواقع المرير , هؤلاء الفنانون الرواد كانوا يتسمون بالنزاهة والمثل العليا والقيم النبيلة , اساتذة حملوا بين طيات افكارهم فلسفة استمدوها من حياتهم ومسيرتهم والتي حاولوا ومن خلالها ان يستخلصون من الحياة فلسفتها وتجاربها لتجسيدها  من على المسرح ومن خلال نصوص فيها من العبر والافكار القيمة والانسانية والمستمدة افكارها  من تاثيرات المسرح العالمي ونصوص كتاباتهم والتي كانت تؤمن  بتحرير الانسان من العبودية وكسر قيوده ودعمه الدعم المعنوي ليعيش حياة هانئة وسعيدة , ودون الاهتمام بنتائجها الوخيمة من الانظمة انذاك  ان كانت على صعيد المطاردات الامنية او السجون والمعتقلات , او القتل والاغتيالات ,  فكل ما كانوا يقدمونه من التضحيات هدفهم هو خدمة الانسان , كان الفنان في معظم الاحيان يتعبد في محراب القداسة ومتاملا بما يحدث في هذا العالم من الماسي والاضطهادات والمضايقات الاجتماعية ليفكر في كيفية معالجتها ومحاربتها كونها افات تفتك بالمجتمع وباستقراره  , كان في محاولاته المستمره  ايجاد تشخيص العلة  ومن خلال مايؤمن بالافكار التي من شانها ان تشفي المجتمع من افات التخلف والانحطاط , كان يثور على الانظمة التي تستعبد الانسان وتحتكر جهوده لمصلحتهم الخاصة ومن دون الاكتراث  للمصلحة العامة , كان الفنانون يومذاك كالانبياء باعمالهم واهدافهم غايتهم نشر رسالتهم الانسانية وتوصيل تعليمات وقيم من شانها ان تسعد المجتمع وتطوره , كل ذالك كان يقدم وعن طريق خشبة المسرح .
مازلت اتذكر الاستاذ الفاضل المرحوم  بهنام ميخائيل رحمه الله واسكنه جنان الفردوس بتاكيده علينا  ان يدنقوم بتنظيف قلوبنا لان المحبة تخرج من القلب , وان ننظف اذنينا كي لا نسمع مايخدش انسانيتنا , وان نطهر ذاتنا وانسانيتنا كي نستطيع ان نؤمن بتحقيق العدالة الاجتماعية والانسانية ومن خلال نصوصنا المسرحية , كان الراحل بهنام ميخائيل يؤكد على الايمان بما نقدمه من على خشبة المسرح ويؤكد على هذا الايمان بقوله : ان لم نكن نؤمن بما نقدمه للمتلقي من على خشبة المسرح فكيف نطلب من المتلقي ان يؤمن بما نقدمه له من على خشبة المسرح ؟ فلولا هذا الايمان لما قدسنا افكارنا وتعاليمنا وقيمنا الانسانية .
لقد حارب روادنا من الفنانين الانظمة الجائرة وقاوموها ومن على خشبة المسرح وهم مبتسمين لتوديع الحياة ومن خلال رضاتهم على ماقدموه لخدمة الانسان , كان الانسان هو محور نضالهم وهدفهم كان  اسعاد المجتمع وافراده ويولونها الاهمية في الاهتمام  .
ان الثقافة الاجتماعية والسياسية والتي كان يملكها الفنان والتي اكتسبها من تجارب ومسيرة الشعوب التي سبقتنا بالانتفاضات والثورات ضد انظمتهم السلطوية واحتجاجاتهم ضد الحروب والتي اهلكت شعوبهم  برمتها وجعلتهم يئنون تحت وطأة الدمار والتخلف اكسبت فنانينا وادبائنا ثقافة جعلت لهم دورا قياديا في تحريك مسيرة التحرر والانعتاق من خلال اجتماعاتهم والبحث حول سبل تقديم اعمالا مسرحية وانشطة ثقافية تساهم في تحريك الاجواء الثقافية للمجتمع , ونشر هذه الافكار في الوسائل المقروءة والبصرية والتي من شانها ان تساهم في تحرير الانسان ليحيا سعادته في الحياة عموما , وهذا بالطبع لم يكن يحدث لولا الحب والتازر والمحبة والتكاتف الذي كانت من هموم الفنان ولا سيما السياسيين منهم , لم تكن للانانية مكانة في قلوبهم ولا في مسودات اعمالهم , كانوا نموذج في الاخلاق والمثل العليا , كانوا ملجأ  للكادحين والمغلوب على امرهم من ابناء شعوبهم , لا يهابون السجون والمعتقلات , ولا سلطة الظالمين من الانظمة والتي كانت تلاحق انشطتهم المنشورة عبر الوسائل الاعلامية , لقد هاجر العديد منهم وتركوا اوطانهم اما احتجاجا على مواقف حكوماتهم او رفضا لواقع انظمتهم السياسية والتي كانت تلاحق انشطتهم الثقافية وعروضهم المسرحية , ولاسيما الكتاب من حملة الافكار اليسارية والذين يؤمنون بقضية الانسان وينحازون لتحريره من الانحطاط والتخلف الاجتماعي والسياسي وانقاذه من العادات والتقاليد البالية والتي تهلكه وتكتم انفاسه .
هناك نموذجا فاضلا للعلاقات التي كان  يسودها الود والاحترام بين الفنانين الافاضل , هذا النموذج متمثلا بالفنان العربي المصري وما لمسناه من هذا الاحترام وعن طريق الوسائل الاعلامية المختلفة ( البصرية والسمعية ) محبة واحترام تسود حياتهم المهنية الفنية , واحتراماتهم الواحد للاخر , قلما نسمع ونشاهد فنان مصري حينما يسئل ومن مقدم البرنامج عن زميلا له في الفن واجابته لا تتضمن الاحترام والتقدير لزميله الفنان والذي يسبق اجابته بالعبارات التالية بقوله ( استاذنا الفاضل والممثل القدير هو نموذجا نحتدي به  ----- الخ ) , هذا هو تقليد الفنانين المصريين في اية مقابلة تلفزيونية او اذاعية , لقد جعلوا من شعار الاحترام والمحبة دستورا لحياتهم وهذه كانت  احد الاسباب والتي ادت  الى التطور والتقدم والازدهار للسينما والمسرح والاذاعة المصرية , الفنان المصري اصبح بيده سلاح التشخيص والمعالجة , لقد اكتسب من حياته اليومية تجربة مكتسبة نقلها الى المسرح ومن خلال نصوص مسرحية كانت ساخرة كوميدية او ماساوية جدية عالج من خلالها ماساة شعبه , الفنان المصري فنان متازر مع زملائه ولا سيما الرواد من عباقرة المسرح والسينما المصرية من امثال يوسف وهبي والريحاني وانور وجدي وفريد شوقي ومحمود المليجي وفاتن حمامة وماجدة وسميحة ايوب وسناء جميل , وعديدون لا يسمح المجال لذكرهم جميعا , هؤلاء الفنانين من الرواد اعطونا صورة ناصعة عن العلاقات التي سادت حياتهم الفنية وتفانيهم من اجل ديمومة هذه المسيرة وبالرغم من ماساة العديد منهم ومن سوء حالتهم الاقتصادية انما لم تكن تثنيهم عن اهدافهم  في التطوير والتغيير , لقد اتبعوا كافة السبل والوسائل المشروعة والتي حققت نجوميتهم , بحيث اخضعوا انظمتهم وسلطتهم لاحترام فنهم واحترام مواقفهم , فهذا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يتصل هاتفيا  بالفنان عبد الحليم حافظ  ليستفسر عن صحته , او يتفقده ومن خلال مكالمة هاتفية يطمئنه على حضوره هو وقادته السياسيين  الحفل الخاص والذي سيحييه  ليجلسون في مقدمة الجالسين دعما له ولفنه  , فاين نحن من هؤلاء العظام والتي خلت الساحة الفنية من مواقعهم ؟؟؟
هذه الكتابة اسوقها لاثير اسئلة وتسائلات عن اسباب  انحدار علاقاتنا الشخصية والفنية مع زملائنا من الفنانين , وعن انحدار مسيرتنا الفنية في وقتنا الحاضر مقارنة مع المسيرة الرائدة للمسرح العراقي باستثناء انشطة الشباب من الفنانين المجددين من امثال د. كريم خنجر , وعكاب حمدي , وقيس جوامير واسامه السلطان , ومع احترامي للاساتذة الرواد والذين قابعين في اوكارهم يستذكرون ذكرياتهم وهم لا يحركون ساكنا في مثل هذه الاوقات العصيبة من مسيرتنا المسرحية باستثناء الاستاذ الرائد سامي عبد الحميد متمنيا له الصحة والعافية وطيلة العمر والذي يؤازر الشباب بمسيرتهم ودعمه مما عنده لهم والاستاذ الرائد بدري حسون فريد والذي اصابه المرض واقعده عن تادية رسالته في المسرح له الشفاء العاجل انشاء الله  , هؤلاء الشباب المتوقدين شعلة وحركة فنية يجاهدون بكل اخلاص على انقاذ المركب من الغرق في بحر متاهات الصراعات السياسية والكتل الحزبية والطائفية , ونحن الفنانين مازلنا  نكيل بالكيل اكيالا لبعضنا , اما عن طريق التواصل الاجتماعي بتصريحات تدمي القلب على الواقع المرير لعلاقاتنا الشخصية  وقد تكون اسبابها  مخفية ومجهولة ومفتعلة , وهذه بالطبع من الاسباب التي تحجم نشاطنا و مسيرتنا الفنية , ان مثل هذه العلاقات السلبية ليست من مصلحتنا كفنانين ان تساهم في تطوير المساعي الحميدة في توطيد علاقاتنا الانسانية , جميعنا ساهمنا وقدمنا وكان الانسان العراقي في مقدمة اهتماماتنا , وجميعنا قدمنا نقدا ساخرا مما  اصاب  وطننا العراق من ماسي الدمار والتخلف والواقع المر لشعبنا ,  ونحن نعلم علم اليقين اننا نئن تحت وطأة احتلال جديد , وان هذه الوجوه التي امامنا ماهي الا الواجهة الغير الحقيقية لنظامنا السياسي , فالساعة الان اعزائي تحتم علينا التكاتف والتازر والحد من العلاقات السلبية مابيننا , والكف عن النقد الغير الموضوعي والجارح لبعضنا لتخفيف وطأة العبىء الثقيل الذي تركه اسلافنا من اساتذتنا الرواد , هو امانة في اعناقنا لتطوير المسيرة وتحقيق الاهداف في التغيير وتحقيق الحياة السعيدة لشعبنا , فكيف يتم تحقيق هذا ونحن نكيل الكيل بالمكيالات لبعضنا , فهذا السؤال هنا هو الذي يطرح نفسه ونحن في مسعانا لتحقيق اهدافنا من اجل  تطويرمسيرتنا الفنية في العراق .
 انا لست نبيا ولا داعيا ولا مرشدا دينيا , بقدر ما انا انسان احس بجسامة المسؤولية التي تقع على عاتق الفنانين العراقيين من امانة الواجب , وتطوير مانراه مناسبا , من اجل هذا المسعى الايجابي دعوا الكراسي والمراتب العليا للاداريين من ذوي الاختصاص , ومن يتحلون بالنزاهة والاعتدال واحتلوا مواقعكم الحقيقية في قاعات المسارح والحث على الاجتماعات الجدية والتي تبحث عن الحلول المناسبة لحل بعض الاشكاليات والتي لا تجدي نفعا و فلكل فنان عراقي دوره في المسيرة وجميعنا قدمنا وساهمنا في المراحل الظرفية السابقة ماهو على قدر طاقتنا , وهدفنا مازال ينصب على تحقيق الاعتبارات الجدية في ان نقف على نتائج ايجابية غايتنا منها انقاذ ماتبقى من هذا الصرح العظيم الا وهو تاريخ ومسيرة المسرح العراقي , وتادية الواجب بحرص كحرص اولئك الرواد والذين كانوا يؤمنون بان المسرح هو اداة توعية وتثقيف , فالنعمل  على الحد من الاحقاد والكراهية  وعدم التراشق فيما بيننا بالكلام الجارح والذي لا يخدم مسيرتنا , لاننا ابناء وطن واحد , وشعب عريق نعيش محنة ماساوية كانت نتائجها تفريقنا وهجرتنا عن الوطن وتشتيت افرادنا وعوائلنا في ارجاء الغربة لاهي منا ولا نحن منها , انكم ايها الاخوة والزملاء تبحثون عن القرش الفتاك المفترس خارج سفينتكم , في الوقت ان هذا القرش المفترس يعيش بينكم في داخل سفينتكم , وعليه صدق المثل الشعبي الذي يقول : الركعة زغيرة والشك جبير .
المسرح العراقي مابين الماضي والحاضر
لنتطرق ومن خلال العنوان اعلاه الى كينونة الفنان العراقي الرائد في المسيرة عبر الازمان الماضية ضمن اجواء مرحلة ظرفية كانت  متزعزعة ومقارنة مع الحالة التي يعيشها الفنان المعاصر  الان , لو شخصنا  اسباب الفشل والذي يعاني منه  الفنان المعاصر في المرحلة التي يعيشها الان لوجدنا ان اسباب هذا الفشل  تنحصر بان فنان اليوم يتوكأ على عصا الوساطة للولوج الى داخل مسيرة الفنانين الحقيقيين والذين لا يشغلهم الا هموم المسرح وكيفية تاطيره باطار يكون له عنوانا متقدما من حضارة المضمون والفكر ,ان الفنانون الرواد ممن تاثروا  بالاعمال العالمية بعد اطلاعهم على تجربة الاخرين في المسارح الاوربية لم يكن يشغلهم شاغل سوى تقديم مايرونه مناسبا لانتشال شعبنا ومجتمعنا من ظلال التخلف والانحدار الاجتماعي والسياسي وتشذيب المسيرة من تدخل بعض المهيمنين على كراسي الحكم من الجهلة الاميين , وما تدخلهم هذا ومن دون استحقاق  الا لوضع الحواجز من التعليمات الادارية امام المبدعين من الفنانين الرواد والشباب لتكون معوق  امام ابداعاتهم , انما عزيمة الرواد في حينها  لم تنثني وارادتهم ورغبتهم في التغيير والتطوير لم ولن  تكل و تمل وانما مضوا لتنفيذ اهدافهم في التقدم والتخطيط لترجمة افكارهم  التقدمية الى واقع ملموس وعن طريق المسرح , لهذا اجتاحوا جميع الطرق لتنفيذ هذا الواقع  والذي  جاء باحكام وفق برمجة علمية خطط لها الرواد وبالتحالف مع كتاب النصوص المحلية الشعبية ممن يحملون افكارا تقدمية ولديهم رغبة في التغيير والتطوير متاثرين بالنصوص العالمية والقسم الاخر من انتاجاتهم جائت معبرة عن واقع حالهم من الفكر الحضاري اليساري لتكون ثورة من اجل ارساء قاعدة محكمة ينطلق منها روادنا من امثال ابراهيم جلال وجعفر السعدي وجاسم العبودي وبدري حسون فريد  وحميد محمد جواد وسامي عبد الحميد وجعفر علي , حيث ظهرت من خلالهم ثورة فنية واسعة ولاسيما في السبعينيات من القرن الماضي وابداعات كتاب النصوص المسرحية من امثال طه سالم في مسرحية فوانيس والبقرة الحلوب , وعادل كاظم في مسرحية الحصار والطوفان وعقدة حمار  , وادمون صبري في مسرحية الست حسيبه وايام العطالة , وكذالك ابداعات فناننا الراحل يوسف العاني والاستاذ قاسم محمد وعلي حسن البياتي , ومحيي الدين زنكنه ,هؤلاء الحصاد من كتاب نصوص الدراما العراقية جائت اعمالهم متلاحمة مع عبقرية المخرجين الرواد اضافة الى ابداعات الفنيين المبدعين من مهندسي الاضاءة ومصممي هندسة  الديكور والازياء والماكياج , جميع هذه التقنيات تحالفت بابداع متقن لتعبر عن تطورات حرفية  جمالية في مسيرة  المسرح العراقي والتي جائت  تجربتهم من خلال حب جمعهم لخدمة جماهيرنا وبالرغم من حالة الفساد الاداري والسياسي , لقد وحدت الظروف المرحلية القاسية جهود فنانينا الرواد لاجتياز العقبات وتذليلها وتمرير كل ماهو ممنوع من قبل الرقابة وتقديمه من على خشبة المسرح , فظهرت النصوص المسرحية الشعبية والعالمية المختارة باتقان ومما يتناسب مضمونها لخدمة جماهيرنا وشعبنا , بحبث ساهمت في تحريك العجلة الفنية متاثرين بالوضع الاجتماعي الرديىء مما جعلهم ان يحركوا الحراك السياسي بثورة ثقافية وفنية كان من نتاجات كتابنا الميامين وبمؤازرة المخرجين المتفتحين فكريا وسياسيا وعن طريق الفرق المسرحية التي تشكلت من اجل توحيد الكروبات الفنية وجمعتهم تحت خيمة وحدة الفكر الواحد شعارهم كان الحب والمحبة من اجل ان يكون المسرح في الطليعة سلاحا فكريا وفنيا للتوعية والتثقيف ,كان هم الفنانين في السبعينيات هو الاتحاد الفكري والسياسي , وهذا لم يتجسد الا من ثمار انتاجاتهم المسرحية , فظهرت الى الوجود المسرحيات الشعبية والعالمية بشواهد تحمل من القيم الانسانية المتحضرة وباسلوب ناقد وساخر تطرحها شخصيات نصوصها المسرحية ومع هذا الظهور والكم من الانتاجات الجريئة في الطرح لم يهابون السلطة ان كانت عن طريق الرقابة او ممن زجوا في صفوف الفنانين اعينا تراقب تحركات فرقنا المسرحية لتنقلها مباشرة للانظمة الحاكمة انذاك , الا ان وحدة الفنانين الرواد واتحادهم ولاسيما الفنانين من اصحابي الافكار التقدمية والمناصرين للانسانية اخترقت طوق هذا الحصار الفكري باحتواء  هذه الاعين الرقابية المندسة لمصلحة النظام يومذاك الى جانبهم والاستحواذ على تعاطفهم  وباسلوب ذكي بحيث اصبحت هذه الاعين من الرقابة والمدسوسة بين الفرق المسرحية تعمل لصالح الجماهير ومتحدة باعمالها مع اعضاء الفرق المسرحية , وبهذا التدبير قطع الرواد الطريق على الانظمة السياسية الحاكمة  في نقل ماكان يدور في الفرق المسرحية من رصد تحركات الفنانين والمساعدة غلى تقديم انتاجاتهم المسرحية بحرية كاملة .
فكان هذا العامل الاتحادي والتضامني للوحدة الفكرية والتازر مع البعض ان كانت مجاميع  الفرق المسرحية او تضامن الفنانين مع بعضهم , نتج عنه تطورا ابداعيا ومسيرة ذات تجديد في الاسلوب الفني الشامل ان كان عن طريق كتاب النصوص او الممثلين او المخرجين .
صحيح كان هناك تنافسا بين الفنانين المسرحيين ومن خلال تعدد فرقهم المسرحية , انما كان تنافسا شريفا وبعيدا عن الانانية , والمفاضلة في اختيار الافضل ودعمه الدعم المعنوي من قبل جميع الفرق المسرحية الا ان شعارهم الوحيد كان ينبع من المحبة والتازر والاتفاق على تجسيد الافكار السياسية التقدمية وتوحيدها لخدمة تحريك عجلة التطور والتثقيف الاجتماعي والتوعية التي كان ينشدها جميع الفنانين من اجل خلق مجتمع واع يعي بما يدور على الساحة السياسية والاجتماعية , كان الفنانون لا يعرفون الضغينة ولا الكراهية في قلوبهم بقدر ما كان همهم  يتوحد في تقديم مايؤهلهم كمسرحيين في ان يضاهون المسرح العربي والعالمي بتطوره  , بعكس حالة الفنان في هذه الايام والذين تركوا الحراك الفني لمن لا تجربة لهم وتفرغوا لاشغال المناصب الادارية والتي لاحت لهم في سماء الظرف الذي يعيشه العراق من مرحلة متفككة , مرحلة ليس فيها سياسة تحمل عناوين ثورية وطنية بقدر ماهي سياسة تبعية ذيلية وعمالة هم الوسيلة لتنفيذها , غايتهم من هذه العمالة وضع العراقيل والتي تحد من تطور المسرح وتقدمه , والدليل على ذالك لنتابع قاعات العروض المسرحية في بغداد والمحافظات ومقارنتها مع السبعينيات والتسعينيات من المراحل التي مضت وكيف وصل عليه واقع الحال , لقد حجموا من فعالية وانشطة بعض الفنانين المبدعين والذين اكتسبوا من مرحلة الريادة ثقافة عالية في التاليف والاخراج وحددوا نشاطهم عن طريق اناطة المسؤوليات الادارية لهم وتجميد انشطتهم الفنية , وهذه الحالة الاجرائية تكالب عليها من الذين يدعون الفن , وانخلقت من خلال هذه الحالة الصراعات والانقسامات فيما بينهم مما اظطر القسم منهم الى الظهور في مواقع التواصل الاجتماعي والتصريح والتجريح بكلام نابىء والتهجم على بعضهم واستغلال البعض الزلات ان كانت موجودة وبعفوية , واصبح واقع التعرية فيما بينهم وعلى مرأى من الغفير من متابعي الفيسبوك , وهذه الحالة مما تحز في النفس وتؤثر على الحراك الفني ومن شانها خلق عراقيل لتعطيل حركة عجلة التطور واعادة الحركة الفنية الى عهد ماقبل الاربعينيات يوم كان العراق يقدم ماعنده بالامكانيات الفقيرة والتي لا يمكن ان تضاهي الوسائل المتطورة على الصعيد العربي والعالمي في الوقت الذي كان المسرح العراقي السباق في حصد الجوائز التقديرية لدوره في اثارة الابداع الفكري والجمالي ومن خلال مشاركاته في المهرجانات المسرحية العربية , وقد يكون لواقع هذا الحال ايادي خبيثة غايتها تهديم هذا الصرح من التطور للمسرح العراقي والذي وعت لخطورة هذا التطور الفني وتاثيراته على المتلقي , لذالك جاهدت لخلق حالة من حالات الاضطراب السياسي والتخلف الاجتماعي والثقافي في الوطن العربي ومنهم العراق .
ولهذا  يجب علينا ان نعي لهذه الحالة من التدهور والانحطاط وان نوحد جهودنا كفنانين ونعي الى موطىء اقدامنا وتوجهاتنا , محاولين السير على خطى ماسار عليه روادنا من اساتذتنا الكرام من امثال محي الدين زنكنه وعادل كاظم وادمون صبري وطه سالم وسعدالله ونوس وفرحان بلبل , ومن الخرجين العباقرة من امثال ابراهيم جلال وسامي عبد الحميد وبدري حسون فريد , ونحن نعيش اليوم في العراق وعلى الصعيد القومي حالة من الحروب الدموية والتي ادت الى التاخر الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والتفكك في العلاقات الانسانية وحالة من الاضطراب الفكري نتيجة انقسامات مابيننا ودخول الافكار السامة لتضليل العدد الاكبر من فنانينا باتجاه هذه الافكار او بالاحرى زج العدد الكبير من الضعفاء والمحسوبين على القائمة الفنية لتسخيرهم بدس الضغينة فيما بينهم وتفكيك اواصر المحبة والاتحاد الفكري وتعطيل الجهد المراد تحريكه من اجل التوعية الفكرية وتنوير المجتمع عن حالات التفكك والانحدار الثقافي والفني والاجتماعي والسياسي  .
اننا نعيش حالة من الارباك والتخلف والذي طرأ على مرحلتنا الظرفية وهي حالة لم تاتي بالشكل الاعتباطي بقدر ماهي حالة مدروسة من خارج الحدود وسلاح جديد لتفكيك وحدتنا وتضامننا , ولهذا لا تسمحوا بتمرير مثل هذه المؤامرات والدسائس والتي من شانها تعطيل مسيرة الفن وتحديث وسائله وتقنياته الفنية ونحن نعيش حالة من التفكك الاجتماعي والانحدار الاقتصادي والضعف الساسي والتخلف الديني , ولهذا صدق المثل الشعبي الذي يقول : الركعة زغيرة والشك جبير .

2
المسرح الكوميدي في العراق 
  من اين --- والى اين ؟؟؟ 

(من الظروري ان  تكون هناك ثوابت صادقة عند الممثل  ويؤمن بها , كي يعبرعن ردود افعاله بمصداقية ورغبة ذاتية نحوى التغيير والتطوير )
                                           جوزيف الفارس
في بدء ما ابدأ به واعبر عما يخالجني من الافكار والوسائل التي اطرحها والتي من شانها ان تساعد على النهوض بالواقع المسرحي في العراق , أأكد على ان كل فعل داخلي للممثل  لا ياتي من ردود افعال خارجية مالم تكن هناك ثوابت صادقة من خلال الايمان بها , كي يعبر عن ردود افعاله بمصداقية ورغبة ذاتية نحوى التغيير والتطوير .
فاذا حاولنا ان نقارن مابين المسرح الكوميدي في الاحقاب الزمنية الماضية وما موجود الان  في الحاضر , لوجدنا ان هناك فرقا شاسعا مابين الابداع ومابين الافكار ومابين التلقائية العفوية والتي كان  يخلقها الممثل انذاك ومن خلال التمارين اليومية , هذه التلقائية والتي وجدناها عند الفنان المرحوم سليم البصري , لم نجدها في مسرحناالمعاصر ,فلو حاولنا استعراض ابطال الكوميديا في مسرحنا العراقي واعمالهم الكوميدية وقارناها مع مايقدمه شبابنا في وقتنا الحاضر لراينا هناك فرقا شاسعا مابين الاداء والتجسيد ,فرواد مسرحنا الكوميديين من امثال سليم البصري وخليل الرفاعي ورضا الشاطىء ويوسف العاني وحمودي الحارثي ---- الخ , هؤلاء نجوم الكوميديا المسرحية في العراق , كانوا يملكون من الاستعداد النفسي والذاتي للعطاء وباسلوب كوميدي يمتاز برسم معالم الشخصية الكوميدية باسلوب علمي منبثق من خلال تركيزهم على مايشاهدونه من الكاركتر الكوميدي في الحياة  ويعيدون صقله بلمسات كوميدية ابداعية من على المسرح او شاشة التلفاز  , جاء هذا من رغبتهم لمعالجة العديد من المشاكل اليومية الاجتماعية وعن طريق المسرح الكوميدي , كانوا ينتقون الظواهر المدانة في المجتمع , فمنهم من كان يعالجها بالاسلوب النقدي والساخر , والقسم الاخر من كان يعالجها باسلوب جدي وعن طريق انتقاد الظواهر المدانة  مع اعطاء البدائل ومن خلال حثهم على التوجيه باتجاه التغيير والتطوير .
وهؤلاء الكوميديان من الفنانين العراقيين كانوا يملكون من المعايير النقدية لذاتهم ولكل ماكان يقدمونه من على المسارح او من خلال شاشات التلفاز , هذه المعايير هي التي كانت تحافظ على كرامتهم وكرامة فنهم وتمنعهم من الانحدار الى الابتذال واتباع منهجية الكوميد الرخيص  . وعليه كانت لدى الفنانين الرواد رقابة ذاتية على مايقدمونه لجمهورهم , وهذا لم ياتي الا من خلال احترامهم لفنهم ولجمهورهم , كانوا عنوانا للابداع , وهذا الابداع لم ياتي من الفراغ بقدر ماهي السمات الفطرية عند البعض منهم  والاكاديمية عند القسم الاخر مبنية على الذوق العام والخاص معا , كان الجمهور الواعي والمثقف يساهم في دعم الحركة الكوميدية الاصيلة والمبنية على الثقافة التي يملكها الفنان العراقي في مسرح الكوميد , وفي هذا الشان نجوم رواد رسخوا المبادىءالاصيلة في مسيرة المسرح الكوميدي في العراق ومنهم , يوسف العاني وسليم البصري وحمودي الحارثي وخليل الرفاعي ورضا الشاطى--- الخ ,اضافة الى وجود مؤلفي النصوص للمسرح الكوميدي لديهم من الرؤية الواعية والناضجة في انتقاء المشاهد الكوميدية من الواقع الشعبي والارستقراطي في العراق مع رسم معالم الشخصية الكاريكاتيرية الكوميدية بفن راقي وبعيد عن الافتعالية والمبالغة التي كانت السبب في هبوط مستوى المسرح الكوميدي في العراق .
وبالرغم  مماكان يقدمه المسرح الكوميدي انذاك من نصوص هادفة وجيدة الا انها كانت مستهدفة بالنقد الجارح  من معضم نقادنا المسرحيين انذاك , ولنا مثال على ذالك ماكانت تقدمه فرقة 14 تموز للتمثيل من نصوص كوميدية هادفة وساخرة ولا سيما نصوص المؤلف علي حسن البياتي انذاك , لم تنال اعجاب بعض النقاد المسرحيين وعلى الرغم من انها كانت ناجحة نجاحا جماهيريا منسحق النظير , وقد انتشر اسم هذا المؤلف الكوميدي الساخر علي حسن البياتي من خلال مسرحياته , جفجير البلد , الدبخانه , ايدك بالدهن , وغيرها من المسرحيات الكوميدية الشعبية .
لنستعرض مسرحنا الكوميدي في مرحلتنا الراهنة , وانا اتابعها وعن طريق اليوتيوب , لا اجد الا القليل من العروض المسرحية والتي نالت اعجابي معتبرا اياها بصيص امل للانفتاح على مسرح كوميدي عراقي اصيل , اما مايقدمه دعاة الكوميد من الممثلين المبتذلين , والذين استرخصوا مهنتهم وحرفيتهم في عرض الرقص المبتذل والمنولوجات الركيكة والرخيصة والحركات المفتعلة والمبالغة , يخدعون انفسهم ومن دون علمهم بانهم باعمالهم هذه يهبطون  الى الهاوية نتيجة اغراءات بعض المنتجين التجار والذين يعتبرون شباك التذاكر هو المعيار والمقياس لنجاح العمل الكوميدي , ولهذا ذهب العديد من المواهب الكوميدية الجيدة ضحية لهؤلاء المنتجين , وانساقوا خلف سراب لرغبات واختيارات المنتجين والذين لا يعيرون اهمية للذوق العام ولا للفن الاصيل الذي يعكس الخلفية الثقافية التي يتمتع بها كل من الكاتب والممثل والمخرج معا , وان مايقدم الان من بعض المستويات الهابطة وانا اتابعها من خلال اليوتيوب ايضا  لا علاقة لمضامينها ولا باساليب طرحها بالمسرح الكوميدي , سيما وان الكوميديا الحقيقية هي تلك الكوميديا التي ترتقي بطرحها بالفن الراقي الاصيل , هذه الاعمال التي تسمى بالكوميديا هي اعمال لا ترتقي الى الابداع ولا الى مستوى الطرح الراقي بقدر ماهي كوميديا ساذجة تعتمد على السخرية من ابن الجنوب , حينما تجسد سذاجته ناعتة اياه وبشتى الوسائل من اجل شحذ الضحك من المتلقي وعلى حساب هذا الانسان البائس , انهم يتخذون من بؤسه كوميديا تعتمد على المساس بكرامة الانسان وتخديش مشاعره وكينونته , ولربما يعود اسباب طرح الانسان الريفي بسذاجته ودون طرح اسباب هذه السذاجة , قد يعود اسبابها الى اختلاف الايقاع الحياتي مابين المدينة الحضارية  والريف  , ويعمل المؤلف الامي بتناول هذه المفارقات الحياتية غايته اثارة الضحك على هذه المقارنة مابين الواقعين المختلفين بالبيئة والحياة الاجتماعية , ومثل هذا لا يستوجب طرحها بشكل يثير الهزل والاستخفاف من ابن الريف  بمثل هذه الاطروحات والمشاهد الغير المبررة , يجب على المؤلف وصانع الكوميديا ان يتناول الجوهر الانساني المليىء بالحب والحنان وان لا يسيىء الى كرامته او المساس بمشاعره وان يخدش احاسيه , الانسان بحاجة الى الابتسامة , نعم بحاجة الى الضحك , كوننا احوج الى هذه الابتسامة والضحك المبرر , وانما ليست على حساب تخديش سمة الانسان والحط من كرامته , وعليه يجب الابتعاد في المسرح الكوميدي عن المساس بمشاعر الانسان كتناول عوقه موضوعا للكوميديا , وانما نظهر محاسنهم الانسانية والاجتماعية وانتقاد  العادات والتقاليد البالية والتي تؤثر في تطوير بيئتهم , وصناعة  مواقف كوميدية باسلوب جميل  لمثل هذه الطروحات  , وتناول من خلال هذه الصناعة الكوميدية انسانية الانسان الريفي لا الضحك على واقعه وعلى بيئته وتخديش كرامته والمساس بمشاعره الانسانية وننسى ضيافته وكرامته محاولين تناول سيرته وتشويه حقيقته من اجل الضحك الساذج والغير المبرر ,  او يحاول البعض من هؤلاء المحسوبين على الفن تجسيد شخصية الانسان الكردي الذي لا يتكلم العربية وبشكلها الصحيح لاثارة الضحك على لفظه الغير السليم  ولا سيما حينما ( يقلب الانثى ذكرا و الذكر انثى ) وهذا النوع ايضا فيه مساس من كرامة الانسان وتخديش انسانيته , والاخر يعتمد على هيكلية الانسان في البعد الطبيعي , كأن يحاولون  الضحك على شخص بدين البنية ( سمين ) او القزم اي ( قصير القامة ) كما حدثت في عروض بعض المسرحيات الهابطة ,او يحاولون الضحك على التئتئه التي تلازم الفاظ السنة  بعض المعوقين من البشر وغيرها من الوسائل الهزيلة والتي لا تمت باحترام المشاعر الانسانية وكما طرحها معظم الكتاب العالميين من ابطال النصوص الكوميدية الساخرة ( برنادشو ومولير )  الذين كانا يتناولان السخرية البريئة من الطبقة الارستقراطية والرجوازية  على بعض العادات والتقاليد القشرية التي كانت تلازم حياتهم باسلوبيهما المهذبان مع  احترام  انسانيتهم وكرامتهم , كانوا يتناولون افعالهم وعاداتهم وينتقدونها بشكل لا يمس تخديش انسانيتهم , لم يضحكوا على الانسان من اجل الضحك , انما على بعض الافعال والتي والتصرفات الغير الاعتيادية والسخرية منها , كان برنادشو  يتناول عقلية بعض النساء الساذجات لا بالضحك المباشر على انسانيتهم  وانما بالنقد الغير المباشر بحيث يحسسهن بانهن ساذجات ويسلكون سلوكيات تجلب لهن النقد والسخرية .
فالكوميديا عند بعض المؤلفين السذج والاميين ولا سيما في المسرح العراقي , تعتمد في طرح مؤلفاتهم على تناول التشوهات الخلقية عند الانسان والسخرية منه ومن دون علمهم بان مثل هذا التناول يقودهم الى الكوميديا الباكية , يعني انهم لا يعلمون بان مثل هذا الاسلوب هو اسلوب تراجيدي وماساوي  وليس بكوميديا واصولها  , اي كما هو معمول في الكوميديا السوداء ( التراجيكوميديا ) بحيث يتناولون النكته التي تمس كرامة الانسان وتجرح مشاعره , ان مثل هذه الكوميديا الماساوية هي ليست نموذج للمسرح الكوميدي الصحيح , لقد كان المسرح الاغريقي واليوناني يطرح مواضيعه المتعددة في القصيدة الواحدة غايته منها متعة الانسان والتنفيس عما كان يعانيه  انذاك ,  والكاتب الاغريقي واليوناني في قصائده لا يحدد نوع القصائد ولا نوع الاشعار التي كان يطرحها , بقدر ماكان همه ينصب على متعة الانسان وتوصيل الفكرة الاساسية للمتلقي والتي تتضمن ارشادات للطقوس الدينية  والمعالجات الحياتية وارشادية في الوقت نفسه  , وطرح المفاهيم الروحانية والتي كانت تنبعث من قبل كهنة المعابد انذاك , واما الكوميك والتراجيد في اعمالهم فكانت تاتي وبموجب سياق تتابع ابيات القصيدة الواحدة ومن دون تسمية لاي طرح من هذه الطروحات بالكوميديا او التراجيديا , وانما كانت على شاكلة واحدة وبسياق واحد يتناول الشاعر من خلالها منغصات الانسان الحياتية والاجتماعية والدينية في يومها .
سليم البصري والكوميد
لقد اصبحت لهذا الفنان الرائد مدرسة خاصة به اعجبت العديد من الصحفيين والنقاد , واستحوذ على اعجاب الجماهير بمواضيعه الشعبية الشيقة, وبتلقائية الحركة والتي لازمت تمثيله , كان الحاج راضي  يتفاخر بثقافته وهو امي , كان سليم البصري  يعرض مفارقات المواقف المضحكة ولا سيما في تبادل الخروع بالكحول ( العرق ) كان الحاج راضي  يدعي انه يعرف القراءة والكتابة في قرائته لرسالة ابن سهام السبتي ( نحباني للو ) في الوقت كان عبوسي يعري اخطاء قرائته وبشكل مهذب , لم يقبل الابتذال ولا الاسفاف وكما موجود وحاصل في مسيرة المسرح العراقي الان , لم يهرج من اجل اضحاك الناس وانما كان يستعرض سذاجة  وافعال شريحة من المجتمع ومن دون المساس بكرامتهم والمساس بمشاعرهم  لجلب الضحك وكما حصل في مدرسة محو الامية , كان يستعرض بعض المواقف المضحكة والمفبركة بصناعة المؤقف الاحترافي , كمثل ذالك وقوع عبوسي في حب القطة بينما الحاج راضي يهيىء نفسه لخطبة فتاة يعتقد ان عبوسي يحبها , وبهذا كان يتميز الفنان الاستاذ سليم البصري رحمه الله بطروحاته على تجسيد الشخصية الواقعية والتي كان ينتقيها من الشرائح الاجتماعية الشعبية وينتقدها باسلوب كوميدي ومن خلال شخصية الحاج راضي محاولا الحفاظ على النهج الكوميدي في الطرح والاداء , لم ينحدر الى الابتذال وكما يفعله البعض من الشحاذين في تهريجهم الغير المشروع بانتهاج الافتعالية المصطنعه من اجل اضحاك الناس واضفاء الكوميديا الغير المهذبة على عروضهم المسرحية , لقد خلقت البيئة الشعبية سليم البصري واضفت تاثيراتها البيئية والحياتية والاقتصادية على مسيرته الفنية بحيث كان يستمد ابداعاته من الواقع الحقيقي والغير المزيف بتلقائية الطبائع والاعمال والحركات والتي تمثلت بشخصيته , لقد كان البصري ينتقد في اعماله بعض الظواهر المدانة , اضافة الى هذا كان يستخدم الرمز في بعض مواضيعه ويعالجها ببدائل ترتقي الى مفهوم عامة افراد المجتمع الشعبي والارستقراطي , حيث كان يميل الى تمثيل الواقع وبشكل فيه انحياز للمنطق والعقل بطرح يخدم كافة الشرائح الاجتماعية ولا سيما الشريحة الشعبية المعدمة وبكوميدية ساخره وناقدة ايمانا منه على ان الفنان الكوميدي لا يفهم شخصيته الكوميدية الا عن طريق الاتصال المباشر بالمجتمع ويتقصى عما يدور فيه اضافة الى انه من الضروري ان يتعرف على العالم بثقافة اجتماعية ويتمحور من خلاله لنقل الواقع للحياة الحقيقية وتصوير الافراد يحركاتهم وطبائعهم وعاداتهم وتقاليدهم بصورة حقيقية وكما هي في الواقع , وتعرية ماهو السيىء فيهم ودعم وتشجيع ماهو الايجابي , وبهذا يكون الفنان الكوميدي قد قدم مافيه المتعة للجمهور , وهنا تنحصر عبقرية الممثل الكوميدي في نقل البسمة والمتعة الى المتلقي وبشكل بعيدا عن الافتعالية والمبالغة , او الاعتداء على كرامة بعض النفماذج من افراد المجتمع والذي يختارهم الممثل ويرسم معالمها المؤلف بشكل يثير الاستهزاء بانسانيتهم , ولا سيما اولئك من ذوي العاهات والعوق الجسدي ليبالغ الممثل ايضا  بتجسيدهم  على المسرح بشكل هزيل وهذا مايبحث عنه الممثل اللا ابداعي واللا مبتكر , ( يعني بالعربي الفصيح الممثل المفلس فنيا ) ليقوم بتجسيد مثل هذه الشخصيات ذات العوق الجسدي بشكل كوميدي مبتذل وهزيل والغير المستند على ثقافة اجتماعية وانسانية وفنية ,فمثل هذه الكوميديا تعتبر كوميديا غير ناجحة لا تحقق طموح المسرحيين الواعين ولا هي من اهدافهم التي يسعون اليها لخدمة الانسان واضفاء الابتسامة على وجوههم , لانها تعتمد على الضحك الساذج من اجل الضحك المبتذل فقط  ,
لقد عالجت الكوميديا ومن خلال المؤلف الناجح الحياة السياسية والاتجاهات الفكرية , وقد عكس رائد الكوميديا اريستوفان او ارسطوفانس  (المؤلف المسرحي الكوميدي والذي يعتبر من رواد المسرح الساخر في اليونان القديمة ) من خلال انتقاداته للمعتقدات الدينية في اليونان القديمة , حيث تناول وبتهكم انتقاد كهنة المعبد والهتهم بطريقة ساخرة اضحكت الجمهور في وقتها , انه كان يقدم ثقافة فكرية , ومحاولا من خلال هذا الطرح نشر مبادىء الثقافة الدينية والدعوة على الصحوة الفكرية والدينية انذاك  ولم يتناول انسانيتهم ليثير الضحك عليها او المساس بمشاعرهم , وبعد هذه المسيرة من الخبرة والتجربة  اخذت الكوميديا منحى جديدا في العرض المسرحي حيث ابتعد عن النقد والسخرية لبعض الظواهر المدانة لتعرضه للظغط الشديد , واكتفى باضحاك الجمهور وتسليتهم , وبهذا فقد الكوميد اهدافه وتاثيراته في عملية التغيير والتطوير , لقد  فقد الكوميد اهدافه وتاثيراته  الفكرية والعقائدية والداعي الى نبذ العادات والتقاليد البالية اضافة الى كل هذا  ابتعد ايضا عن عملية النقد  واكتفى بتقديم الكوميد من اجل تسلية الجماهير فقط , لقد فقد المسرح الكوميدي في عصر اليونان القديم جوهره حينما ابتعد عن عملية النقد المباشر للطبقات العليا , البرجوازية والارستوقراطية , وكذالك ايضا ابتعد عن السخرية ونقد رجال الدين وعباداتهم الوثنية , كان الغرض من هذه السخرية والنقد الموضوعي هو التغيير والتطوير , والاتجاه نحوى الافضل للبناء الاجتماعي , ونبذ العادات والتقاليد المنتشرة عند هذه الطبقات المتعالية على ابناء الشعب اليوناني والاغريقي .
ان الكوميد والهزل ياتي في بعض الاحيان من خلال الانفعالات النفسية كرد فعل وتعبيرا سايكولوجيا على انتصار الضاحك على المضحك , هذه الانفعالات تاتي دائما عند الانسان في الحياة الواقعية لسد نقص لدى الضاحك وتعبيرا عن انتصاره وارتياحا نفسيا للضاحك , وهذا مايفعله المتلقي حينما يضحك في مشهد من مشاهد المسرحية والتي تثير الهزل والسخرية مابين شخصيتين متناقظتين في الشكل والهيكل والهدف , فمن الطبيعي ان المتلقي سيتعاطف مع الشخصية القريبة منه , وسيعبر عن انتصاره فيما اذا حاولت الشخصية الضعيفة الايجابية  مقاومة الشخصية القوية السلبية , وسيعبر عن انتصاره فيما اذا حاولت الشخصية الضعيفة والايجابية مقاومة الشخصية السلبية وانتصرت عليها من خلال الكلام , او من خلال التفوق العضلي والفكري على الشخصية الاخرى , فهذا الانتصار سينتقل كعدوى الى المتلقي عندها سيعبر عن هذا الانتصار بالضحك وهو بهذا يشارك تفوق وانتصار الشخصية المتعاطف معها على خصمه .   
فالهزل والسخرية والنقد البناء جميعها تؤدي بالمتلقي الى حالة التفوق والانتصار , وحتى في المسرحيات التراجيديا ( التراجيكوميديا ) والتي تنتهي بانتصار البطل على خصمه , هذا الانتصار سيترك ردود فعل عند المتلقي يالارتياح والاسترخاء , وسيعبر عن انفعالاته بالضحك وهذه هي علامة من علامات الانتصارعند المتلقي .
هناك ايضا في المسرحيات الهزلية الكوميدية عوامل تثير الضحك اضافة الى الشعور بالتفوق والانتصار للمتلقي , حينما يعرض لك شخصية تبدو من ملامحها انها قوية وصارمة وحادة الطباع , ولكنها تفاجئنا بتشوهات خلقية او لديها ممارسات غير سوية بالانسان المتكامل حينما يتكلم باسلوب فيه عاهة في اللفظ , فمثل هذه الشخصية فبالرغم من كونها شخصية جدية وصارمة في ظهورها للمتلقي فان هذه الحالة الغير السوية تجعلنا نشعر بالتفوق عليها لكوننا نحس باننا متكاملي الشخصية فتاتي ردود افعالنا ( اي المتلقي ) بالانتصار على مثل هذه الشخصية فتنعكس ردود افعالنا بالضحك الذاتي باهتزاز عضلات الوجه وتغيير ملامحه للتعبير عن هذا الانتصار , هناك ملاحظة هامة اذكركم بها , وهي نحن حينما نضحك لا نضحك على انسانيته , بقدر ماياتي ضحكنا على افعاله والتي تصدر منه بحيث تعكس لنا المفارقات مابين شخصيته وعاهته ومابين فعله والذي لا يتماشى مع عاهة في  شخصيته , وهناك اسباب اخرى للضحك حينما تدعي  بعض الشخصيات بانها مثقفة وقوية الجاه وذات معرفة والمام بكل شيىء وعند الحقيقة تظهر عكس ادعاءاتها ( مثل الحاج راضي في قرائته للرسالة اهديك نحباني للو ) هذه الحقيقة حينما يكتشفها المتلقي يعبر عن هذا الاكتشاف بالضحك والسخرية , هناك ايضا بعض الالفاظ من الكلمات والتي يقحمها المؤلف غايته جلب الضحك والاسترخاء النفسي للمتلقي ولكن خطورتها تكمن فيما اذا كانت غير مهذبة , وقد  تاتي عن طريق الممثل غايته جلب الضحك ومن دون علم المؤلف والمخرج معا , فمثل هذا يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار معناها والتحفظ عليها فيما كانت غير مهذبة , يقول ارسطو : يجب ان يكون الضحك ضمن حدود الالفاظ التي تحافظ على اللياقة والاعتدال وعدم المبالغة باكثر مما تستحق , لانه في بعض الاحيان المبالغة في الحركة واللفظ يعتقد الممثل انها تجلب الابتسامة والضحك , ولكن يجب ان تكون هذه المبالغة ضمن الاعتدال وعدم الاسفاف فيها , ويضيف قائلا : اما الملهات , فانها تجسد تصرفات بعض الشخصيات المتناقضة للاعتدال وذات الصفات المتناقضة لوجه الجمال في سلوكيتها .
فالشخصية الهزلية هي شخصية تجسد القبح وانما من دون المساس بكرامتها وكرامة الاخرين من الشخصيات , وعلى هذا الاساس فان الشخصية الهزلية حينما تشخص الوجه القبيح ومن دون التجريح والتشهيرللشخصية الاخرى , فهنا  سينتج لنا  الاعتدال مابين طرح نقيضين لشخصيتين متساويتين في الطرح ومختلفتان في النتائج ( شخصية ناقصة التفوق واخرى متفوقه ) ومن خلال هذا الطرح الغير المتكافىء مابين النتائج فسينتج عندنا نقيضين , فاحدهما والذي سينتصر على الاخر والذي نحن متعاطفين معه سيجعلنا نضحك فرحين بهذا الانتصار .
في الاعمال الجادة اي في بعض النصوص الجادة والمأساوية , ولاسيما تلك التي تجلب الرعب عند  تصاعد احداث مشاهدها فسيؤدي هذا التصاعد الى ارباك المتلقي وتشد من اعصابه , وتزيد توتره بحيث تصل بهم ردود افعاله الى حد الانفجار النفسي نتيجتها رد فعل انعكاسي يتمثل بالتوتر الشديد والذي سيعبر عنه المتلقي بالضحك الهستري تنفيسا منه عن هذا التوتر , فمثل هذه العروض تسمى في المسرح الجاد ( تراجيكوميديا ايضا ) لكونهما تشتركان في المأساة الجادة والكوميد , والذي لا يبعث على الفرح والانشراح , وهذا مانشاهده في العديد من الافلام البوليسية وافلام الرعب والتي تعمل على توتر المتلقي عند المشاهدة مما يؤدي الى الضحك تعبيرا عن رد فعله ليحاول بهذا التوازن بين مايشاهده وبين مايحسه   .
هناك ايضا نوع من الكوميديا والتي قد لا يعي اليها المتلقي وهو عن طريق التقليد والمحاكات بالتمثيل وبالصوت لممثل او مطرب مشهور ( تقليدهم بالاصوات والحركات ) فهذا النموذج من التمثيل يسمى ايضا الممثل داخل الممثل , مثلا نشاهد وعبر العديد من البرامج الفنانه  لبلبة تقلد المطربه  فائزة احمد او فريد الاطرش او يوسف وهبي , انها في هذا التقليد غايتها ايهام المتلقي على ان هذا الماثل امامهم هو الشخص المراد تقليده , وانما بحقيقة الامر والذي يعرفها المتلقي ان هذا المقلد ماهو بالشخص الحقيقي وانما هو مقلد صوتا وصورة لممثل ما او مطرب ما , هذا الاكتشاف من قبل المتلقي يجلب الضحك والابتسامة , دلالة على انهم لم ينخدعوا ولم تنطلي عليهم هذه اللعبة .
وهناك شخصيات مارست الكوميد بالفطرة لعدة عوامل ساعدتهم على هذه الموهبة الفطرية منها : الطول , الصوت الغير الطبيعي  , وبعض اللزمات اللفظية المتكررة في التمثيل مثال على ذالك الفنان عزيز كريم حينما يكرر باللازمة ( نارك قلبي نارك ) و الفنان توفيق الدقن حينما يلفظ كلمة ( امبكه ) والفنان فريد شوقي حينما يقسم ب ( شرف امي ) ----- الخ , انما انا ااكد على ان الكوميد مدرسة فيها من الثقافة والخبرة والبحث في مسيرة الفنانين الكوميد من رواد الفن الكوميدي سواء كان ذالك في السينما او المسرح , هذه الثقافة والخبرة لمسيرة هؤلاء الرواد للفن الكوميدي  التي يجب على اي فنان  ان يكتسب منها الخبرة وان يطلع على تجربتهم لربما يكونون له دافعا للاقتداء بهم ويكتسب هوية يستطيع من خلالها استقطاب اعجاب الجماهير ليكون نجما كوميديا متالقا ومبدعا .
وقد ظهر في مسيرة الفن الاقليمي والعربي والعالمي فنانون تالقوا في كوميديتهم واعجبت الجماهير بفنهم منهم : سليم البصري , يوسف العاني ,حمودي الحارثي , رضا الشاطي , حميد المحل , امل طه , سهام السبتي ---الخ , وعلى نطاق الوطن العربي دريد لحام , وشوشو , ونجيب الريحاني , وانور وجدي , واسماعيل ياسين ( انما هذا النجم بقي على نمط واحد في التمثيل ومن دون ان يغير اسلوب تمثيله ) وعبد السلام النابلسي , ماري منيب , زينات صدقي , عبد المنعم ابراهيم , عادل امام , سعيد صالح , وعلى النطاق العالمي شارلي شابلن , ولوريل وهاردي , وهؤلاء جميعهم برزت نجوميتهم الكوميدية على الساحة الفنية لوجود مؤلفين لنصوص مسرحية كوميدية ومخرجون مخضرمين واخصائيين في السنارست السينمائي استطاعوا ان يجدوا مدرسة كوميدية متميزة لكل واحد منهم هويته المتميزة تختلف عن الاخر باسلوب تمثيله وابداعاته  . 

3
الخيال والتخيل لرسم معالم الشخصية
 في
النص المسرحي
في محاضراتي النظرية لطلبة معهد الفنون الجميلة في بغداد , كنت دائما ااكد على الجانب النظري اي ( الثقافة النظرية ) لجميع الفنون الجميلة ( التشكيلية وبفروعها – والموسيقية –والمسرحية – والسمعية والمرئية ) ولهذا انني اامن واجزم بان الثقافة النظرية هي هوية المتكلم ان كانت في الصحافة او في مقابلة اذاعية او تلفزيونية , او في ندوات ثقافية .
ولهذا كنت دائما احث طلبتي على المطالعة وبمختلف المواضيع والاكتساب الثقافي من خلال هذه المطالعة , لانني كنت مؤمنا ولا زلت , بان الثقافة النظرية هي سلاح للفنان ,  وان اكتسابها لنفسه هو سلاح يعزز حضوره وهويته .
ولهذ ,ا العديد من الفنانين والذين يملكون خيالا واسعا ورؤية فيها من الابداع والجمال في تجسيدها على المسرح في اخراجهم لبعض النصوص المسرحية  يفشلون في الافصاح والتعبير عن الكيفية التي كانت السبب في هذا النجاح ,لانهم لا يستطيعون ان يشرحوا رؤيتهم ويعبروا عن الاسلوب او المدرسة التي كانت السبب لهذا النجاح  .
وانا هنا حينما ااكد على الثقافة العامة , لا اعني بهذا المخرجين فقط , بقدر مايشمل هذا الممثلين وجميع الكوادر الفنية والذين يعملون بهذا المجال , فالممثل الذي يملك من الثقافة النظرية هو ذالك الفنان الذي بامكانه ان يبدع وان يتالق بتطبيق مايملك من هذه الثقافة في حرفيته مبتدئا بدراسة شخصيته المسرحية وتشمل هذه الدراسة البحث عن الفترة الزمنية التي عاشتها هذه الشخصية وما احاط بها من الاحداث لتلك الفنرة الزمنية وتاثيرات تلك الاحداث على ردود افعالها وتاثيراتها للشخصية , وهذا يشمل المخرجين ايضا , فنحن نعلم ان كل نص يحمل من المضامين الفكرية والفلسفية وانا اقصد النصوص الجيدة والمتكاملة المقومات والعناصر التي تساعد على توصيل افكار المؤلف الى المتلقي وعن طريق الرؤية الصائبة للمخرج , فان كانت ثقافة المخرج محصورة بنطاق ضيق وبمحدودية لا تساعده على تفسير النص وتجسيد مضمونه , فكيف سينجح ويفلح في توصيل افكار ومضامين النص ؟
الطاولة المستديرة
في هذه المرحلة الاولية من مراحل البدء بالعمل في اي نص مسرحي , يجلس المعنيون من الفنانين وباشراف مباشر من قبل المخرج والكادر الاداري للعمل المسرحي , مبتدئين بالقراءة الاولية للنص المعني . ويبدأ المخرج بشرح ابعاد النص المسرحي وفكرته الاساسية , والكشف عن ابعاد شخوص النص وشرح معالمها وما تحمله كل شخصية من دور اساسي في بناء الاحداث للمشاهد المتلاحقة في النص , حيث هنا تلعب الثقافة الذاتية للمخرج في كيفية شرحه ابعاد شخوصه وشرح الفكرة الرئيسية التي يحملها النص المسرحي للممثلين وهنا من حق اي ممثل يناقش المخرج او الكاتب عن بعض الامور الغامضة والتي تحتاج الى تفسير , كل هذا يتم بعد الاتفاق الكاتب والمخرج على الصيغة النهائية للنص , وهذا ايضا يشمل الكادر الفني والاداري في هذه المناقشات وكل منهم يعتمد على امكانياته الثقافية .
فالثقافة الذاتية والخبرة والتجربة والاطلاع الواسع والاحتكاك بالاساتذة من الاكاديميين جميع هذه العوامل تؤهل المخرج بالتعامل مع مصممي الملابس والاضاءة المسرحية والديكور والمكياج وبكل متعلقات السينوغرافيا المسرحية , اضافة الى كل هذا فالمخرج المثقف تساعده ثقافته على معرفة الاحداث وتواريخها وردود افعال الكاتب وتصوراته الفكرية لهذه الاحداث .
اما تعامله مع الممثلين فيجب ان يملك لغة اكاديمية يتعامل بها مع الممثلين في كيفية شرح ابعاد الشخصيات وكشف معالمها , ومساعدة الممثلين على تفسير النقاط الغامضة في النص هنا لا تفوتني نقطة ومن الضروري ذكرها وهذا مشهد مضحك حدث امامي بين مخرج امي وبين ممثل ايضا لا يفقه شيئا عن حرفية التمثيل , وهذا المشهد مازال متعلقا في ذهني وانا اضحك مع نفسي كلما تذكرته مع نفسي واليكم مادار في هذا المشهد :
الممثل ----- اليك اشتكي ايتها النجوم وانت ايتها السماء الصافية قسوة هذه الحياة وبما فيها               من الماسي والظلم بحق الانسانية ----
المخرج ---- لا ابني لا , اني مداحس بحرارة الشخصية , اريد منك حرارة اكثر .
الممثل ---- ( يعيد الحوار ) اليك اشتكي ايتها النجوم وانت ايتها السماء الصافية قسوة هذه              الحياة وبما فيها من الماسي والظلم بحق الانسانية .
المخرج --- بعدك بارد , مداحس بحرارة الشخصية , شوف اريدك تفور وتغلي مثل الماي               المغلي حتى احس بحرارتك , واتاثر بيا , فاذا راح تبقى على هذا البرود فانت               ممثل فاشل .
استعرضت لكم هذا المشهد والذي مازلت اتذكره واغرق من الضحك على تعامل هذا المخرج الامي مع الممثل , اما الممثل الاكاديمي لا يعتمد على المخرج الا في حالات قصوى حينما يحتاجه لتفسير حالة معينة --- اذن ماهي واجبات الممثل لاتباعها من اجل ان يصل الى الهدف المنشود لانجاح حرفيته ويبدي مهارته في التمثيل ؟؟؟؟
فبعد توزيع الادوار على الممثلين من قبل المخرج وعن اقناع مابين الطرفين ( الممثل والمخرج ) يبدأ الممثل بقراءة دوره مع بقية الادوار والمشاركين اياه في المشهد او الحدث ليستخرج ماخلف السطور من المعاني المستترة والتي ينبغي على الممثل استخراجها , كأن هناك كلمة مثل كلمة صباح الخير , هذه الكلمة بحروفها وشكلها مغرية للممثل ولا سيما الممثل المبتدىء , سيقولها كما هي صورتها الحرفية هي صباح الخير ,ولكن الممثل الاكاديمي يسعى الى تجسيد الاجواء النفسية والسببية في الالقاء لمثل هذه الكلمة والتي هي صباح الخير , هل هي في اجواء مفرحة ؟ هل هي للعتاب ؟؟ هل هي في اجواء حزينة وتحمل شيئا من تون الحزن في اللفظ ؟ هذا ما يجب معرفته والتوصل بالكيفية التي يجب ان تقال لتؤدي مهامها في توضيح هذه التحية , هناك ايضا معلومات عن شخصيتك تذكرها احد هذه الشخوص عنك في حوار مثل : اسكت , ولك لو مو انت اعرج اشجان سويت ؟ اذن من خلال  هذا الحوار تستدل على انك اعرج . 
هناك ايضا دلالات ورموز يضعها المؤلف ويجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار الا وهي احكام الوقف في الدايلوجات مثل : الفارزة , علامة الاستفهام , علامة التعجب , علامة النقطة  , هذه الدلالات لكل منها تعبيرا ووظيفة في الجملة الواحدة من خلالها تساعد الممثل في الالقاء الصحيح والتلوين من خلال الحنجرة عن معنى الاستفهام وعن معنى التعجب , اما الفارزة والنقطة فلها فوائدها في الالقاء تساعد الممثل على التنفس والوقفة القصيرة في ( الفارزة ) والوقفة الطويلة في ( النقطة ), اي في نهاية الجملة الواحدة بعد ان يكتمل معناها الصحيح .
تحليل الشخصية
هنا تلعب الثقافة الاكاديمية للممثل في اكتشاف معالم شخصيته ليستطيع ان يجسدها وفق هذا التحليل والذي يشمل ما ياتي :
اولا – البعد الطبيعي .
ثانيا—البعد النفسي
ثالثا – البعد الاجتماعي
فالبعد الطبيعي , هو ذالك البعد الذي يشمل المواصفات الجسدية للشخصية مثلا ان كان يكون  اعور , او اعرج , او اخرس , او اعضب .
البعد النفسي , وهذا البعد هو الذي يشمل الحالات النفسية والمزاجية من الكابة والحزن والفرح والانشراح والكابة والنرفزة , وكل ما يتعلق بسايكولوجية الشخصية , اي الحالات النفسية .
البعد الاجتماعي ,وهذا البعد تشمل حالات العزوبية او انه متزوج او انه فقير او انه غني او انه مثقف او انه امي لا يعرف القراءة  والكتابة .
طبعا جميع هذه الابعاد مرتبطة الواحدة بالاخرى , وتاثيرات كل منهما بالاخرى ايضا فالبعد الطبيعي له علاقة بالبعد النفسي وفي البعد الاجتماعي ايضا , اذن هذه الابعاد مرتبطة الواحدة بالاخرى , وتتفاعل تفاعلا مباشرة بحالاتها وابعادها مع الشخصية المسرحية , فاذا اتبعها الممثل يحصل على نتائج جيدة تكسبه مهارة في حرفيته وتالقا وابداعا , وهنا يتضح لنا ثقافة الممثل وتاثيرها على موهبته وحرفيته في التمثيل .
ماعلاقة الخيال بهذه الابعاد ؟؟؟؟
للخيال القدرة على خلق الصورة التي يرسلها من الذاكرة المختزنة ليجسدها على الواقع الذي يعيشه , وهو في تفس الوقت لا يمكننا ان نفصله من حياتنا الواقعية التي نعيشها لكونه عبارة عن صور حياتية تختزن من محيط البيئة التي نعيشها , وقد تاتي هذه الصور باشكال فيها من الخلق والابتكار المقنع والمتفق مع مداركنا العقلية , ولهذا ان للخيال دور في تصوير وخلق الشخصية المراد تسخيرها على المسرح وفق ابعادها الثلاثة التي ذكرناها انفا .
الفرق بين الخيال والتخيل
ان الخيال عند الانسان هي قدرته على ان يخلق الصور في خياله والتي يمكن ان نجدها في الواقع , بينما التخيل هو تخيل الانسان لاشياء قد تكون خارقة او غير واقعية وغير متفقة مع مداركنا العقلية لكونها فوق مستوى قدراتنا في الخلق والتصنيع والتي لايمكنها ان تحدث على الصعيد الواقعي , وعليه فان الخيال والتخيل هما قدرة الانسان على التفاعل مع نتائجهما والاستمتاع بنتائج هذه الصور الخيالية والمحفزة لقدرة الانسان على استحداثها وصناعتها , او ابتكارها وفق الامكانيات والطاقة التي يملكها الانسان في الخيال , لترجمتها الى واقع ملموس , وعلى المدى البعيد لماضينا كان الانسان يسبح في خيال صور يستحدثها لابتكارات خيالية من الممكن استحداثها على الصعيد الواقع المستقبلي والذي نعيشه , ومن خلال نتائج البحوث والابتكارات ونتائج احدث الوسائل التكنولوجيا الحديثة لصنع ماابتكره خيال الانسان من صناعات فاقت قدرة العقل والتي ما جائت صناعتها الا من خيال الانسان نفسه , فمثلا جميعنا كنا نشاهد افلام فيها من الخيال العلمي والتكنولوجي من امثال بساط الريح والمكناسة السحرية التي تطير في الفضاء , وهذا ما استحدثه خيال الانسان ونتائجها جائت ايجابية مع الصناعات المتطورة لاحدث الطائرات العملاقة وبانواعها المدنية والحربية , والصواريخ عابرة القارات .
اما التخيل ,هي الصورة التي تاتي من خلال تفكير الانسان بصور خارقة قد يستحيل تحقيقها على الصعيد الواقعي والمستقبلي , الا انها صورة تخيل الانسان لتخلق لديه الاستمتاع بتخيلاته الغير الواقعية والتي تاتي من خلال تخيله للخوارق الغير الواقعية .
ستانسلافسكي ورايه في الخيال المسرحي   
يقول ستانسلافسكي :( ان فعل الانسان ينطلق من الداخل والى الخارج وليس العكس ,لانه لولا النص والحوار الذي يخلقه المؤلف لما كان هناك فعل داخلي للممثل ) .
وهذا يعني لولا وجود الحوار لما كان هناك رد فعل داخلي نتيجة رد الفعل المعاكس والتي ياتي من خارج الشخصية , وعليه هنا يلعب الخيال في عملية الخلق للشخصية من خلال الكلمة السحرية التي اوجدها ستانسلافسكي من خلال مختبره المسرحي حينما قال لنسأل انفسنا كممثلين بمفتاح كلمة ( لو ) اي لو لم يكن النص المسرحي لما كان  هناك فعل داخلي , لان هذا الفعل يخرج  من الداخل وليس من الخارج وعن طريق الشخصيات في النص المسرحي ,( لو ) كنت طالبا ماذا كنت سافعل وكيف ساتصرف ؟ ( لو ) كنت مجرما فكيف كنت ساتصرف , او كيف ستتصرف الشخصية على المسرح وارسم معالمها ؟
وهنا يجب التاكيد على خيال الممثل في مثل هذه الحالات لخلق الشخصية المسرحية بافعالها وبمعالمها الطبيعية والنفسية والاجتماعية ---- عنصر الخيال يلعب دورا مهما في عملية الخلق والابتكار والتجسيد , اضافة الى خلق حالة من الواقع الخيالي والذي فيه عنصر من جمالية التعبير الذي يخلقها خيال الفنان ( المخرج ) ومن خلال رؤية ناضجة فيها من ابداع التجسيد والخلق لشخصيات النص المسرحي وتحويلها من شخصيات خيالية الى شخصيات واقعية تعيش احداث ما يعرض من على خشبة المسرح .
التذوق الموسيقي , هل يبني الخيال والاحساس ؟؟؟
جميعنا يعلم بان الموسيقى هي لغة سمعية وحسية , وفي الوقت نفسه هي هوية تعكس الاجواء البيئية والاجتماعية لموطنها , فمثلا هويتها تختلف باختلاف مناطقها فهناك موسيقى ريفية او موسيقى تحمل هوية المدينة او المناطق الجبلية او المناطق الصحراوية وكذالك يشمل الاختلاف الالات التي تجسد الالحان سمعيا , ولهذا من خلال ثقافتنا وتعرفنا على عالم الموسيقى سيتسنى اكتساب بمعرفة هويتها ونوعيتها , ان كانت موسيقى كلاسيكية او موسيقى حديثة معاصرة , والموسيقى هي عبارة عن مؤلف لمقطوعة موسيقية متالفة من جمل موسيقية متناسقة في التون والنغم , وتاتي المقطوعة الواحدة من دون احداث شرخ في ربط جملها الموسيقية وان حدث فنسميه في العرف الموسيقي ( النشاز ) .
وعليه فان في معظم المؤلفات الموسيقية والمؤثرة , تحرك الاحاسيس والمشاعر في المتلقي , وقد تنقل في الوقت نفسه خيال المؤلف الموسيقي من التخيل الفكري الى صورة جمالية لواقع جميل من خلال تاثيرات الموسيقى على تحريك المشاعر والاحاسيس لتساعد على استحظار الجو المجسد لصورة الخيال الى واقع جميل , وقد تختلف الصورة من انسان لانسان اخر وبموجب خيال كل انسان ومدى تاثراته بفعل الموسيقى لينتج عنه رد فعل لصورة جمالية كرد فعل لذالك الاحساس الذي كان السبب في خلق وتجسيد الصورة الخيالية عند المؤلف الموسيقي , انما هي بالحقيقة قد لا تتطابق مع  الصورة الواقعية للبيئة المتخيلة التي يخلقها خيال الشخص المستمع او المنصت للمقطوعة الموسيقية والمتذوق لها , لكونها صورة خيالية تاتي من ردود افعال تاثيرات المقطوعة الموسيقية عليه , وقد يكون هناك اختلاف مابين خيال المؤلف الموسيقي والمتلقي , وهذا الاختلاف مبعثه ردود افعال كل شخص وبموجب التصوير الحسي للمقطوعة الموسيقية على المتلقي .
من تجاربي   
في تجارب مختبرية  كنت اجريها على طلبة معهد الفنون الجميلة في بغداد ( قسم السمعية والمرئية ) حيث كنت اطلب من الطلبة  ان يغمضوا جفونهم , وهم في حالة الاسترخاء , وبعدها كنت ادير الة الريكورد ( المسجل )  ليستمعوا الى  قطعة موسيقية تنبعث من المسجل , وبعدها اطلب من كل طالب ان يرسم الصورة الخيالية التي استحضرتها المقطوعة الموسيقية في خيالهم , بعد ان اساعدهم على الانتقال الى مكان اخر وهم معصوبي العينين , ومن ثم اطلب منهم فتح اعينهم ومقارنة الصورة الواقعية التي هم فيها مع الصورة الخيالية التي استحضروها وعن طريق المقطوعة الموسيقية , ليتفاجئوا ومن خلال  المقارنة مابين الصورتين , الواقعية التي يعيشونها ومابين الصورة المتخيلة وعن طريق استماعهم الى المقطوعة الموسيقية ومدى تاثير هذه المقطوعة على استحضار الصورة الخيالية الغير الواقعية , ومدى تاثير الموسيقى على المتلقي في خلق صورة خيالية استحضرها وفق الاحاسيس والمشاعر التي يملكها , قد تكون صورة قبيحة او جميلة , وهذا يعود الى الفعل الذي ينبعث من المقطوعة الموسيقية على المتلقي في خلق صورة خيالية كرد فعل للمقطوعة الموسيقية  .
اذن , كما ذكرنا بان الموسيقى هي لغة سمعية تساعد الذهن على رسم صور ينتجها خيال الانسان من فعل خارجي , وقد تتأثر هذه النتائج سلبا او ايجابا .
وفي موقع المنال وبقلم الدكتور مازن المنصور كتب مايلي :
بعد دراسات دقيقة أجريت من قبل علماء النفس تبين لهم أن للموسيقى اتصالا مباشرا بالناحية الوجدانية لدى الإنسان، وأن أعصابه تتأثر تأثرا واضحا عند الاستماع إلى ألحانها المشوقة، ولذلك أنشئت مستشفيات خاصة ومراكز للعلاج بالموسيقى يعالج فيها المصابون بالامراض العصبية والعقلية. وكثيرا ما يتضح بعد أن يفحص المريض فحصاً دقيقا أن علاجه لايحتاج إلا بضعة برامج موسيقية تتناسب مع قوة أعصابه أو ضعفها، فالموسيقى للمرضى دواء وللمنهوكين شفاء، لذا يجب على المرء أن يخصص جزءاً من اوقاته لسماع الموسيقى، لما لها من مزايا وفوائد متعددة، فهي تولد في النفس رقة المشاعر وطهارة الروح، وتغرس في نفس الفرد حب التجدد والذوق السليم. كما أنها تفرج عن الإ نسان الهموم والأ حزان، وتساعده على تمضية أكثر العمر فرحا وطربا
اذن الخيال والتخيل في العمل المسرحي له مردوداته الايجابية منذ القراءة الاولية التي يبدأها الكادر المسرحي من خلال الطاولة المستديرة .
 فالطاولة المستديرة في قراءة النص المسرحي تلعب دورا في استحداث الصور الخيالية لشكل وطبيعة العمل المسرحي , وهذا يشمل الشخصيات المسرحية , او الصورة المتجسدة من على خشبة المسرح , والتي تاتي من بنات خيال تاثير خياله على ردود افعاله لتجسد رؤية مسرحية ذات نتائج ايجابية في التجسيد للمخرج في الاخراج المسرحي .
انما ومع المزيد من الاسف ان معظم الكادر من الممثلين والمشتركين في عمل ما , يفظلون البدء في الحركة على المسرح ومن غير الرجوع الى الطاولة المستديرة ومناقشة النص والاستفادة من هذه القراءات الاولية , ولما لها اثار ايجابية على خلق حالة الابداع والابتكار الذي يأتي من جراء خيال كل فنان تساعده على خلق الشخصية قبل الدخول بالمراحل الاحقة للعمل من على خشبة المسرح .
                                                                                                                                     
                                                                                                    .   


   
 

4
الدوائر الثلاث في المسرح
عند الممثل
يتوهم العديد من هواة المسرح ,حينما يعتقد  بان عملية التمثيل تاتي عن طريق الموهبة فقط , حيث يعتمدون على قراءة الكلمات والسطور المغرية بكلماتها , ودون الرجوع الى الخلفية الثقافية التي يملكها كل ممثل , لانها مفتاح الدخول الى المهارة الحرفية لادوات الممثل في التمثيل , فمن دونها سيبقى يراوح في موقعه وراكدا بموهبته وتقليديا في تمثيله , اي كاي ممثل من الهواة والذين لا يعلمون شيئا عن ثقافة التمثيل والمسرح , وعليه فان هناك عدة مراحل للدخول الى عالم الابداع والتالق حينما تغوص في اعماق الشخصية المسرحية واكتشاف معالمها وتجسيدها بصورة فيها من اكاديمية تجسيد الشخصية في التقمص والاندماج  والتسخير , تساعده على الابداع والتالق في حرفته .
فلو عدنا وتمعنا في قراءة عنوان هذا المقال او البحث فيما اعنيهه هو , قد يتبادر للوهلة الاولى من العنوان , ان هناك دوائر مرسومة , او موجودة  على مساحة خشبة المسرح , ولتوضيح مفهوم عنوان هذا المقال , وتفسير ما اعنيه بالدوائر الثلاث , هي المراحل الثلاثة للممثل والتي تسبق انفتاح الستار او مواجهة الجمهور , ولهذا كنت ومازلت افضل في اسلوب مقالاتي وبحوثي ان اربط عناوينها بمفاهيم علمية وحرفية تساعد الممثل على فهم العوامل والتي يجب مراعاتها ماقبل ظهوره على خشبة المسرح , اي ماقبل انفتاح الستار ,  وقد اعلنت عن هذه المفاهيم بتبويب من خلال هذا العنوان ,  والذي اعنيه هو :-
الدائرة الكبرى : وهي الدائرة التي يبدأ فيها مشوار الممثل للتهيىء والاستعداد لاستحضار مستلزماته الحرفية للدخول الى الدائرة المتوسطة .
الدائرة المتوسطة : هي المرحلة التي يقف فيها الممثل ( خلف الكواليس ) لتهيأة تفسه للدخول الى الدائرة الصغرى ( احداث العرض المسرحي ) .
الدائرة الصغرى : وهي موقع مرحلة المواجهة مع الجمهور اثناء العرض من على خشبة المسرح .
اولا – الدائرة الكبرى : وقد يبدو هذا المصطلح غريبا لهواة التمثيل , وحتى المحترفين منهم , ولهذا فان هذه الدائرة , هي بداية الدخول الى مراحل الدوائر الثلاث , حيث في هذه المرحلة بالذات , تبدأ مرحلة التهيىء والاستعداد من قبل الممثل المحترف لاستكمال مايساعده على النجاح في تجسيد مهارته الحرفية ومستلزمات شخصيته من الازياء والمكياج , ولهذا في هذه الدائرة توجد علاقة مابين الممثل ومصمم الازياء ومصمم المكياج .
العلاقة بين الازياء والشخصية 
ان العلاقة بين الازياء والشخصية , هي علاقة ذات توافق نفسي , ولهذا لو عدنا الى حياتنا الواقعية التي نعيشها , ومن خلال تجاربنا الحياتية , فسنلاحظ تغيرا يطرأ على حالاتنا النفسية عند ارتدائنا الملابس الجديدة وبعض الازياء التي تعكس شياكتنا واناقتنا , ولا سيما عند النساء اللاتي لهن اهتمامات بالموظة الجديدة والازياء الحديثة والالوان المبهرة التي تترك فيهن اثرا للسعادة لا توصف , هذه الازياء تكون بتصاميمها والوانها متوافقة مع الاماكن والمحلات والزمن الذي فيه يرتدونها .
فكذالك الممثل في ارتدائه ازياء التمثيل يزداد بهجة وسعادة لا توصف , وتفاعلا نفسيا معها في استحظار شخصيته المسرحية , والتي تتجسد من خلال ردود افعاله الانعكاسية والتي تاتيه نتيجة تفاعل نفسي مع الزي التاريخي كان ام المعاصر , والتي في الوقت نفسه تفصح عن هوية الشخصية من ثقافتها وحياتها الاجتماعية وتاريخ معاصرتها للاحداث .
ولهذا ان اهمية الازياء والوانها تساعد الممثل على استحضاره لاجواء ومعالم وهوية الزمان والمكان الذي تدور فيها احداث الحكاية او النص المسرحي , وقد تختلف الازياء وتصاميمها وبموجب انواع العروض المسرحية  وتاريخ احداثها وجغرافية موقع الاحداث , فهناك دراما تعتمد على دايلوجات شعرية وغنائية وموسيقية ( الاوبريت الغنائي ) ففي مثل هذه العروض قد تختلف بازيائها وتصاميمها والتي من الضروري ان تنسجم مع نوعية وهوية العرض المسرحي , وهنا ياتي دور المخرج وعلاقته بمصمم الازياء وكل منهم وبموجب قناعاته , انما الدور الرئيسي يتكفل به المخرج ليشرح للمصمم رؤيته التي من خلال الوان وتصاميم الملابس وتاريخ الاحداث , ان ينجح في توصيل رؤيته الى المتلقي .
العلاقة بين المكياج والشخصية
المكياج فن ومهارة يستعمل لتصحيح بعض التشوهات الخلقية في الوجه , او بالعكس يساهم في عملية اجراء بعض التشوهات الخلقية في الوجه للشخصية المسرحية وبموجب متطلباتها وقد اختلفت المصادر والبحوث حول نشاته , وعن مصادر استخراج وصناعة مواده , فهناك مصادر تذكر بأن مواد التجميل عرف في العهد الفرعوني , حيث كانوا يستخرجونه من الاحجار الكريمة , ومصادر اخرى  تذكر ان استخراجه كان من المكونات البحرية , اما الفريق الثالث فيوعز اكتشافه في العصر البابلي والاشوري في بلاد مابين النهرين , ولكن ومن خلال دراستنا وبحوثنا في تاريخ الادب المسرحي اتضح لنا ان فن المكياج شاع استعماله في العصر الاغريقي اليوناني , ومن خلال اجراء مراسيم الطقوس الدينية الاحتفالية للاحتفاء ببعض الالهة وفي مراحل اشهر السنة انذاك , انما لم يعتمدون المواد التجميلية وكما معهود لدينا الان , كان اعتمادهم  على استعمال الماسكات الصناعية اي الاقنعة من قبل الشعراء للتعبير عن حالات الغضب والفرح والماساة , حيث كانت هذه الماسكات عبارة عن صندوق مربع , اي ذو اربعة اوجه مسطحة , وكل وجه مرسوم عليه حالة من حالات التعبير الذاتي للانسان وفي مختلف الحالات النفسية , يستطيع الممثل ان يغير اتجاهات هذا الصندوق ويستقر على الحالة التعبيرية التي تتفق مع حالته النفسية , اما الصوت , فكان يرتبط حلق الممثل ببوق داخلي يضخم صوت الممثل ليساعد على ايصال الصوت الى ابعد مسافة ممكنة , اما عن مواد التجميل وصناعتها فقد اكتشفت صناعتها في المراحل اللاحقة من الاحقاب الزمنية , حيث حاولت نساء تلك الحقبة من ذالك الزمن البحث عما يساعد على بهرجة وجوههن وتصليح بعض التشوهات الخلقية فيها , واضافة بعض المساحيق التي حاولن اكتشافها من الاعشاب البرية والتي ساعدت على اعطاء الوان من خلالها تمكنت النساء اضفاء جمالا تبهر وتغري من خلالها ازواجهن , ولهذا شاع استعمال مثل هذه المواد التجميلية  ودخلت في عملية فن المكياج , وانا هنا لا احب ان اتدخل في عرض كيفية تطور ادوات المكياج , بقد ما اسلط الضوء على فوائده والتي تسهم في صناعة القبح والجمال , وتصحيح بعض تشوهات الوجه , او بالعكس من ذالك ,استخدامه وحسب ما تمليه عليه مواصفات البعد الطبيعي للشخصية في المسرح , اضافة الى كل ذالك هو يساعد الممثل على تجسيد و توصيل مشاعر الشخصية واحاسيسها وعن طريق التاكيد على بعض التجاعيد الموجودة على الخدين وعلى جبين الممثل وعن طريق اقلام المكياج ذات اللون البني , اما الاقلام ذات اللون الاسود , فهي تساعد على توسيع العين وتعريض الحواجب وتحديدها وحسب متطلبات الشخصية المسرحية , اضافة الى هذا هناك الاقلام الحمراء وتساعد على تجسيد الشفاه والخدود وفي الادوار الكوميدية تستخدم في تطويخ ارنبة الانف , ولهذا ان لم تكن الاضاءة المسرحية مدروسة بشكل صحيح , فسوف لا تخدم كشف معالم المكياج , وقد تسيىء اليه ومن دون خدمته في الكشف عن التعبير الحسي للممثل , وبهذا سوف تضيع وظيفته والاسباب هو عدم توضيف الاضاءة لخدمة مكياج الممثل .
فباختصار , فان تعريف المكياج , هو فن ومهارة في تصحيح بعض التشوهات الخلقية في الوجه ,اضافة الى هذا فهي تعمل على زيادة جمال البشرة ونظارة الوجه .
هناك بعض النقاط المهمة احب ان اذكرها لكونها مهمة واساسية في مرحلة المكياج وهي :
اولا – يراعى وضع بعض المناشف والتي تغطي الكتفين وتقي ملابس الممثل من اتساخها        وتلوثها من مواد التجميل اثناء عملية المكياج .
ثانيا – الاعتناء بنظافة الفم والاسنان ويفضل تناول المعطرات من خلال اقراص النعناع ,
ثالثا – تجنب التدخين ماقبل عملية المكياج حرصا على المحافظة على خلق ودية مابينك           ومابين الماكيير .
رابعا – تجنب تناول الاطعمة ذات الرائحة المزعجة كالبصل والثوم ومما شابه ذالك .
خامسا – غسل الوجه قبل عملية المكياج , ولاسيما ذوي البشرة الدهنية من الممثلين لتساعد           على نجاح عملية التجميل والمحافظة على عدم تشوه الوجه من خلال دهنية                  البشرة  والتعرق الغزير .
سادسا – يفضل حلاقة الوجه للرجال قبل عملية التجميل وبالذات ممن تتطلب شخصيتهم             وضع الشارب واللحى  , اضافة الى كل هذا , يفضل الاستحمام الجيد والمحافظة           على نظافة الجسد , ومكافحة رائحة التعرق في منطقة تحت الابط باستعمال                  معطرات الجسد , وهذه النقاط ان كانت بسيطة , الا انها مهمة يجب مراعاتها من قبل الممثل والالتزام بها لانها حساسة ومثيرة للاهتمام , لانها تساعد على خلق علاقة حميمية بين الممثل والماكيير .
هناك معلومة لا يفوتني ذكرها وتختلف خصوصية كل منمها عن الاخرى , وساتي على شرح  تفاصيلها في اعداد قادمة انشاء الله هي :
فن المكياج في السينما والمسرح والتلفزيون .
ثانيا – الدائرة الوسطى
وبعدالانتهاء  من مستلزمات الدائرة الكبرى , ندخل في تفاصيل مستلزمات الدائرة الوسطى , ففي هذه المرحلة , اي في الدائرة الوسطى تبدأ عملية الاسترخاء والتركيز , ومقارنة مابين الاسترخاء والتركيز , تاتي اهمية عملية الاسترخاء في الدرجة الاولى ,حيث يجب على الممثل في هذه الدائرة ان يكون في حالة الاسترخاء والتامل , لخلق حالة من حالات الراحة الجسدية لنفسه , وافساح المجال لتحرير ردود الافعال للشخصية بشكل يعطي دلالاته الصحيحة في التعبير , اضافة الى هذا تساعده على  اداء فعل الحركة المسرحية  من على خشبة المسرح وامام الجمهور بتلقائية جميلة ومتناسقة لا يشوبها التوتر ( في المصطلح الدارج , متخشب ) .
وجميعنا نشاهد في حياتنا  بعض الرياضيين من رافعي الاثقال , فقبل ان يبدأ برفع ثقل ما , يكون في حالة الاسترخاء ليتمكن من موازنة جسده وتمكنه من استحضار الفعل الداخلي اي المقاومة الداخلية لرد الفعل الخارجي الا وهو وزن الثقل الذي سيرفعه عندها سيتمكن من الموازنة مابين الفعلين , وهذه الموازنة ستمكنه من تحرير فعل وقوة داخلية تساعده على رفع الثقل بشكل مسيطر وباقتدار , اما عكس ذالك , فسيفشل في اداء مهمته , وتوتره سيساعد على فقدان الموازنة مابين الفعلين ومن ثم سيسقط الثقل من بين يديه , ولربما سيصاب باذى جسدي , هكذا هو حال الممثل المتوتر الاعصاب , توتره وعدم الاسترخاء سيجعله في حالة القلق ومن ثم سيفشل في اداء وتجسيد الشخصية على المسرح , ومن ثم سيتخبط مابين الحوار والحركة , وقد يؤدي به هذا الى نسيان الحوار .
ايضا في هذه المرحلة ( الدائرة الوسطى ) عدم خلق علاقات سلبية ومشاحنات جانبية مابين الممثلين , لئلا يؤثر هذا  على اداء مستوى حرفية التمثيل عند الممثلين , ويفضل مراجعة الدور اي الشخصية المسرحية والانتباه الى لحظة مفتاح دخولهم الى الدائرة الصغرى في عملية التركيز , وبالمناسية هناك تمارين خاصة تجرى على الممثلين من قبل المخرج او الاستاذ المشرف على تدريسهم في المعهد لتقوية التركيز عند الممثل .
ايضا في هذه المرحلة ( الدائرة الوسطى ) يجب علينا المبادرة باسئلة انفسنا , من خلالها نستوضح الاجابة والتي ستساعدنا على الاداء الجيد في التمثيل و كما انها ستساعدنا على التالق والنجاح هي , اربعة اسئلة وكالاتي : متى , واين , ولماذا , وكيف , يعني للمزيد من التوضيح في الدائرة الوسطى سيتم محاورة انفسنا كالاتي :
متى  ؟ سادخل الى الدائرة الصغرى والتي هي قلب الحدث , يعني في اي حوار من حوارات الشخصية التي هي في الدائرة الصغرى اعتبرها مفتاح لدخولي الى خشبة المسرح ومواجهتي للجمهور والمشاركة في تنمية الاحداث المسرحية في المشاهد التي تخصني , فهنا يجب على الممثل التركيز جيدا على مفتاح الدخول الى الدائرة الصغرى .
اين ؟ سأدخل ؟ الى المحكمة ؟ ام الى حضرة شخصية كريمة وذات مسؤولية في الدولة ؟ ام انني سادخل الى المدرسة ؟ ام الى ملهى ليلي ؟  .
ولماذا ؟  هل لارتكاب جريمة قتل ؟ هل سادخل لالتماس العفو من شخصية مسؤول كبير في الدولة  ؟ ام انني سادخل للسرقة ؟ ام لاملاقات الحبيبة , والخ . 
كيف ؟ هل في حالة القلق ؟  هل في حالة الخوف والهلع ؟ هل في حالة الوقار ؟ هل في حالة الحزن ؟ ام في حالة من الفرح ؟

بقي شيئا مهما يجب ان يتعرف عليها كل ممثل وهي الاداة السحرية  ( لو )
يستخدمها كل ممثل في الاستفسار عن كل ماهو غامض لديه مثلا :
لو كنت ملكا , كيف سامشي ؟ كيف ساكل ؟ كيف ساتكلم ؟
لو كنت اميا , كيف ساتحدث ؟ كيف سأكيف نفسي مع المجتمع ؟ كيف ساتكلم مع الناس ؟ هل بصوت خافت ؟ هل بصوت عال ؟ الخ .
ثالثا – الدائرة الصغرى والاخيرة
بعد ترك الدائرة الوسطى والدخول الى عالم الدائرة الصغرى , نكون قد اكملنا مستلزمات الشخصية من الازياء والمكياج , ومراجعة حوارها , وتعلمنا ايضا  ماهي فوائد كل من , متى , واين , ولماذا , وكيف , عندها تبدأ مرحلة خلق العلاقة مابين الشخصيات المتواجدة على خشبة المسرح ضمن الدائرة الصغرى ,وبالذات الممثل نفسه يجب التركيز على الحوار مابين الاستلام والتسليم , لكي تتم عملية البناء الصحيح وفق تنامي الصراع الموجود بين شخوص المشهد الواحد وبالقاء سليم وتلوين نابع من الاحاسيس والمشاعر الداخلية للشخصية المسرحية  .
ثم ان هناك علاقة اساسية وضرورية جدا للممثل حينما يركز على الموسيقى التصويرية والمؤثرات الصوتية , حيث يلتحم معها لمساعدته على تحرير المشاعر والاحاسيس الداخلية للممثل المسرحي , من اجل خلق صورة تعبيرة فيها من جمال الاداء ومهارة التمثيل ,في التعبير عن الحالات الانسانية التي تنتابه في تلك اللحظة للمشهد المعني , اضافة الى هذا يجب علينا ان لا ننسى التركيز على الحركة المسرحية والمرسومة من قبل المخرج المسرحي , وتوافق ادائها مع الاضاءة المسلطة من مصدرها ( البروجكترات الضوئية ) والمختلفة الانواع , منها البروجكترات المعلقة وعلى نوعين من داخل الخشبة ( الاستيج ) ومن خارجها والنوعين تعلق على هيرسات خاصة بها توجه من خلالها البقع الضوئية والمثبتة من قبل عمال الاضاءة وبتوجيه من مصمم الاضاءة المسرحية , وهناك انواع للبروجكترات , منها الفيضية والاسبوت لايت , والفلو لايت , والفيضية الارضية والتي نستخدمها للسايك الخلفي من خشبة المسرح , اضافة الى مواقعها المختلفة والمعلقة خارج خشبة المسرح , والداخلية , اضافة الى بروجكترات المثبتة على استاندات خاصة بها , اضافة  التركيز على توقيت تشغيل الافلام الوثائقية والتي قد تحتاجها بعض العروض المسرحية ولا سيما في المسرحيات التسجيلية الوثائقية .
فبعد ان تعرفنا على كيفية خلق العلاقة مابين شخوص المشهد الواحد , والمسرحية ككل  والتي ذكرناها انفا , والتركيز على متطلبات مايساعدنا على التمثيل ,بقيت هناك مرحلة مهمة جدا , هي عملية التقمص والاندماج , وملاحظتي حول هذه العملية هي يجب على الممثل والشخصية ان تكون العلاقة مابينهما علاقة الرقيب والمراقبة وان يبدأ الممثل الرقيب بمراقبة الشخصية المسرحية المراقبة , وتوجيهها التوجيه الصحيح وتسخيرها بموجب ماتمليه عليه متطلبات العمل الفني من حرفية التمثيل , مما يستوجب على الشخصية الرقيبة ان لا يندمج كليا مع الشخصية المسرحية مائة بالمائة , لئلا يحدث مالا يحمد عقباه من كوارث ماساوية على خشبة المسرح , وهذا قد حدث في العديد من العروض المسرحية وذهب ضحيتها العديد من الممثلين نتيجة الاندماج الكلي مع الشخصية المسرحية في مشاهد والتي تتضمن العنف والقتل على خشبة المسرح , فمن الواجب الاندماج بنسبة 90 بالمائة , والعشرة الباقية هي الشخصية الواعية والتي تحاول مراقبة الشخصية المسرحية وتحريكها وتسخيرها من على خشبة المسرح  ( الرقيبة والمراقبة ) .
هذه هي اهم مهمات الممثل في مراحل هذه الدوائر الثلاث.
ارجو انني قد وفقت بتوصيلها لكم ----- مع التحيات .


 

5
الدراما المسرحية
 بين
التراجيديا و الكوميديا
فن كتابة المسرحية
اولا : هو نقل قصة من الواقع , او محاولة خلق حكاية فيها شيئا من الابداع والابتكار , يعتمدها الكاتب لخلق من خلالها فكرة اساسية , وموضوعا مقتبس من الواقع الاجتماعي , لمسرحتها باطار عرض شيق وجميل , مبتدئا من  المشاهد العرضية , والتي فيها الانفعالات النفسية وردود افعالها الانعكاسية والمتمخضة عن هذه الانفعالات , لتجسد صورة لفكرة , هي بالحقيقة ليست جديدة , وانما هي عنصر من عناصر التواصل للبناء الدرامي لمساعدة الخط الرئيسي , او باتجاه خلق مشاهد اخرى عرضية , فيها افكار متكاملة بشخوصها , وبتسلسل احداثها , تساعدنا على اسناد الفعل الرئيسي في النمو والتواصل باتجاه الذروة والحل .
وهذا لا يتم الا عن طريق شخوص الاحداث المختلفة الاراء والافكار , والتي تحمل كل منها , رأي يختلف عن الاخر , لتتم عملية الصراع مابين تناقض الافكار واختلاف الاراء فيما بينها مع اختلاف مصالحها الذاتية , كل ذالك يساعد على خلق صراع مابين هذه الشخوص , وكل منها متمثلة بافكارها الايجابية كانت ام السلبية , وهكذا ومن خلال هذا الصراع سينكشف لنا ان هناك خيطا دراميا يحمل بناء متدرجا باتجاه العقدة والذروة والحل , انما هنا يجب على الكاتب ان يطرح شيئا جديدا ومبتكرا افكارا واحداثا وبشخوص متميزة تساعد على توصيل الفكرة الى المتلقي ومن خلال نقل الواقع الممسرح والذي يحمل لمسات من الابتكار والخيال وفيه شيىء من الابداع , ليعمل فعله في عملية التنفيس والتطهير عند المتلقي , فمن دون هذا سوف لا يحصل المتلقي على متعته من خلال الفرجة والمشاهدة , وبهذا ستنقطع عملية المتابعة والتواصل لمجريات احداث العمل الدرامي , وستحدث فجوة وشرخ مابين المتلقي والعرض المسرحي , اذن من الضروري ان يعمل كاتب الدراما على حبكة جيدة متماسكة ومن خلال حوار مترابط وشخوص تحمل الافكار المتناقضة لتساعد على ايجاد الصراع المتكامل , والمتناقضات مابين المواقف والافكار , لنحصل على بناء درامي فيه من الحبكة والثيمة الاساسية والتي من خلالها نحصل على الجو العام لمجريات العمل المسرحي , اضافة الى مايجسده المؤلف من الجو العام لاحداث العرض المسرحي , من خلاله يساعد على توصيل افكاره ويصبها في قالب فني فيه من الشكل والمضمون يستمده من خلال خياله وابتكاراته الغير التقليدية , ليخلق من هذا عنصر التشويق والشد وعملية التواصل والمتابعة .
فلو حاولنا ان نسأل سؤالا مفاده , هل يكتفي الكاتب بسرد قصة ومن دون اضافات عليها ؟ ( اعني , ارائه ووجهة نظره ومن دون المساس بمجريات الاحداث والمساس بحقائقها التاريخية  ان كانت قصة مبنية على التاريخ والحدث ؟  انما هنا من الممكن للكاتب ان يعرض وجهة نظره من الحقائق والتاريخ , وان يستحدث شخصية تتكلم عن لسانه , وتنقل ارائه وافكاره , وان يمثل التاريخ المعاصر والذي يحمل القيم والافكار المتناقضة والايجابية والمنحازة الى القضية الانسانية , من خلال الراوية , او من خلال افلام وثائقية تستعرض الجانب المظلم من جوانب الطرح التاريخي , ويتم التعليق , وايجاد البدائل الايجابية لتلك الحالات المظلمة من التاريخ المطروح , معتمدا على الحقائق التاريخية من الوثائق والمستمسكات , وعرض الافلام والتي تدعم النص المسرحي , وهذا ماموجود في المسرح التعليمي , والمسرح السياسي , وقد كانت لتجربة بيتر فايس  ومسرح بريشت , تجربة رائدة لمسرح تعبوي تحريضي , وناقد وساخر في نفس الوقت ) لنعود الى السؤال نفسه ونسأل مرة اخرى , هل يكتفي الكاتب بسرد قصة ومن دون اضافات عليها ؟ الجواب لا يمكن هذا , والا كيف سيحاول الكاتب ان يمرر افكاره وارائه وان يجسد رؤيته للمتلقي ؟ ثم ان هناك شيئا اخر , ان نقل القصة من الواقع وسردها عن طريق شخوص المسرحية , ليست هي العبره في خلق جمالية الطرح للفكرة , ان لم تكن هناك احداثا ثانوية وعرضية , تساعد على اسناد الفعل الرئيسي , وتساعد ايضا على تواصل تسلسل البناء , وعن طريق هذه الاحداث الثانوية , لان في هذه الاضافات والتي يستحدثها الكاتب ماجائت الا من خلال الضروريات والاحكام والمستوحات من بناة افكاره من عالم الخيال والابداع , واخضاع القصة المسرودة لشكل فني يحمل من جمالية الطرح , مراعين في ذالك المحافظة على عنصر البناء وتسلسل الاحداث المتنامية للقصة , وبشكل لا يبعث على الملل , انما الكاتب الجيد , هو الذي يضيف من بناة افكاره افكارا تساعده على ان يصل الى ذات المتلقي لتتفاعل مع مايحمله من عنصر الاستقبال , محاولا من خلال هذا الاستقبال , المقارنة مع مايحمله  وما يستقبله من الافكار لتساعد على تفعيل الفعل ورد الفعل , لتخلق عند المتلقي عملية المتعة والمتابعة , فيه شيئا من الانفعال والاندماج , وبهذا ستساعد المتلقي على عملية التنفيس والتطهير الارسطوطاليسي , وهذا لا يكون ان لم يحاول الكاتب ان يخلق عنصر الخوف والحذر والترقب والمحفزات الذاتية للمتلقي , محاولا من ذالك شد انتباه المتلقي والاندماج مع مجريات الاحداث المعروضة على المسرح .
التراجيديا والكوميديا         
النص المسرحي , وكما هو معروف حكاية  واقعية او خيالية , تاريخية او معاصرة  , هي من بناة افكار المؤلف , وهذه الحكاية تعتمد على عناصر مهمة جدا , وساطرحها قبل الدخول الى التراجيديا والكوميديا .
اولا ---- من مواصفات النص المسرحي الجيد ان يمتلك الفكرة الجيدة , وهذه الفكرة مطروحة وبحبكة             جيدة وبشخوص متكاملة المعالم , اضافة الى البناء المسرحي المحكم , وحوار ذات مضامين              فكرية واحاسيس انسانية , ويجمع مابين الترقب والتحفيز , جميع هذه المواصفات اذا انجمعت             في نص مسرحي امكنه على خلق عملية التواصل والمتعة عند المتلقي .
ثانيا --- النص المسرحي , يعتمد على العرض + العقدة + الذروة = الحل .
فالعرض ( العرض الاستهلالي ) غالبا مايسبق الاحداث والمشاهد المسرحية , ليعرض لنا الزمان والمكان ونوع الحدث والذي سيكون الانطلاقة الرئيسية لبداية البناء المسرحي , والذي ستترتب عليه نمو الاحداث والصراع من خلال عرض شخوص المسرحية بافكارها الايجابية والسلبية , ومنه سنتعرف على الثيمة التي يفصح عنها الخط البياني للبناء المسرحي , ومثال على ذالك في هذا المشهد اللاحق , تابع واكتشف مايطرحه المؤلف من شخوص سلبية وايجابية , اضافة الى وحدة المكان والزمان , والحدث .
( مشهد في دار حديث , داخل صالة تحتوي على طقم من قنفات الاستقبال )
سمير ------ اني اتعجب من ذوله اللي يهتمون بالكشخه والفخفخه , وهمه فارغين .
قاسم ----- وعليش هل عجب ؟ مجتمع متطور , مايبالي بالمشاعر الانسانية ولا يهتم بالعواطف ,                   اهتماماته فقط  , الحياة المادية , لانه هو عصب الحياة بوكتنا الحاضر .
سمير ------ والحياة المادية تعتقدها هي عصب الحياة بهل وكت ؟؟؟!!!
قاسم ----- طبعا , وخاصة عد معظم الناس , فمن دون الماده , متكدر تحرك ساكن .
سمير ----- بس مو هي الجوهر الحقيقي للحياة .
قاسم ----- عد بعض الناس , نعم , واني انطيهم الحق واتفق وياهم .
سمير ----- شلون ؟
قاسم ------ لانه عالمك هذا اللي دتعيش بيه , ماينبني ولا يتطور الا على المادة , فمن دون المادة ,                   ماراح تكدر اتشوف اي تطور بهل الحياة اللي دنعيشها  .
سمير ------ ولكن , المفاضلة المادية واللي يؤمن بيها الشخص المادي , راح تتغلب على مشاعره                      الانسانية , وبعدها ومن دون مايدري راح ايصير عدو للبشرية .
قاسم ------- فاليكن , المهم متمكن ماديا , ويكفيني ان اعيش حياة سعيده , ومايهمني ان تغيرت                       مشاعري باتجاه الناس , حتى لو انخلقت حاله من الجمود مابيني ومابين الناس , مايهمني .
سمير ----- وبعدين راح تكون وحيد .
قاسم ----- مو مهم , ماطول املك المادة فماراح احتاج الاي واحد منهم .
هنا عزيزي القارىء , يطرح المؤلف شخصيتين متناقضتين ومختلفتين بالاراء والافكار والنظرة الى الحياة , فنشاهد شخصية سمير , شخصية مبتعدة عن الحياة المادية وغير مؤمنة بانها هي الاساس في الحياة البشرية , حيث تعير اهميتها للحياة الانسانية بمشاعرها وعواطفها , اما الشخصية الثانية , فهي شخصية قاسم , والذي يختلف عن سمير بارائه وافكاره ونظرته للحياة وللمجتمع , انها شخصية مادية وتعامله المادي مع المجتمع هو سر متعته في الحياة المادية , ويؤمن يأن الانسان  من غير المادة لا يستطيع مقاومة الحياة , ولا يستطيع تكوين حضورا في المجتمع من غير المادة  .
هنا في هذا المشهد كان العرض الاستهلالي من شخصيتين , بافكارهما الايجابية والسلبية , ومن خلال هذا التناقض في الاراء والنظرة للحياة , سيحاول المؤلف بناء صراع مابين هاتين الشخصيتين المتناقضتين في المشهد الواحد , ومن ثم سينمي هذا البناء والصراع باتجاه العقدة حينما يكتشف سمير بأن مايطرحه قاسم هو الحقيقة النسبية والتي يؤمن بها قاسم  , انما سمير  لا يستطيع مجاراته على حساب مايؤمن به , وهنا يخلق المؤلف العقدة من خلال غرامة مالية استحقت على سمير لدفعها الى الجهات المعنية , انما ليست لديه القدرة المالية على دفعها , لنتابع هذا المشهد الثاني .
المشهد الثاني ( نفس المنظر الاول في المشهد الاول )
الام -------  ابني , مااسالت عن اخوك سمير ؟
قاسم ------- شكو عليه , عصاته وعباته .
الام ---- لا ابني لا , اخوك والواجب ان تسأل عليه .
قاسم ----- يمه خليه , هو راضي بقسمته , ومقتنع بحاله .
الام ---- ياحال هذا ابني , اخباره كلش ماعاجبتني .
قاسم ------ هو شكالج ؟
الام ----- يعني الواحد الا يشكي يلله تسئلون عليه ؟!!!!!
قاسم ----- طبعا , والا راح نكون حشريين وفضوليين  , ندخل باامور ماتعنينا .
الام ----- ابني اخوك سمير , محتاج فلوس , حتى يدفع الغرامه اللي عليه .
قاسم ----( يضحك ) خربتيني ضحك .
الام ----- تضحك على مصيبة اخوك ؟ داكلك محتاج فلوس .
قاسم---- وشنو علاقتي بالموضوع ؟
الام ---- اذا انت اخوه  تحجي مثل هل حجي , لا عتب على الغريب شيحجي ؟
قاسم ---- نفس الحجي , تعرفين ليش ؟
الام ---- ليش ؟
قاسم ----- لان حضرة الافندي راكب راسه ومايريد يعترف بالحقيقه .
الام ---- اي حقيقه ابني ؟ داكلك اخوك محتاج فلوس وضروري تساعده .
قاسم ---- راح يرفض هل مساعده .
الام ---- وليش ؟
قاسم ----- عقله ايكله هشكل , مايؤمن بالمادة و ويعتبرها من الضروريات الغير مهمه .
الام ----- هذا الحجي خليه على صفحه , اخوك محتاجله فلوس , راح تساعده لو لا ؟
قاسم ----- خلي يجيني ويطلبها مني بنفسه .
            لو لاحضنا , في المشهد السابق حاول المؤلف على ايجاد عقدة من خلالها لا يستطيع سمير              ان يستدين مايحتاجه من اخيه قاسم , ولماذا ؟ لانه سبق وان نشب خلاف مابينهما حول اهمية          المادة في حياة الانسان , حيث كان سمير مصرا على فكرته , وان قاسم سيمتنع عن مساعدة           اخيه سمير ان لم ياتيه بنفسه ويطلبها منه , اذن , العقدة هنا , ان سمير سيقع تحت طائلة العقوبة       بالغرامة المتضاعفة فيما اذا هو لم يحاول مد يده الى اخيه قاسم لطلب المساعدة المادية لدفع الغرامة   المرورية , اذن مالحل ؟ هي هذه عقدة المشهد وعلى الكاتب ان يجد الحل لهذه العقدة , لنتابع في المشهد الثالث .
المشهد الثالث ( دار سمير المتواضع من خلال الاثاث المتواضع )
الزوجه ----- اشوفك مهموم وصافن ؟
سمير ----- مرات يعجبني اصفن على هاي الدنيا  .
الزوجه ---- والحمدالله بعدها الدنيا بخير , اكو شي ؟
سمير ---- لا مساله بسيطه وراح احلها انشاءالله  .
الزوجه ----- اكدر اساعدك ؟
سمير ---- انت ساعدي روحج بشغل البيت , والله كريم .
الزوجه ----- احجيلي شكو ؟ اني زوجتك , بلكت اكدر اساعدك !!!!
سمير ----- صدكيني تغرمت غرامه مرورية , واذا ماادفعها باجر راح تتضاعف عليا .
الزوجه ---- جم دوب كايلتلك دير بالك عسرعه وانت تسوق , ولا كانه , اني احجي واني اسمع .
سمير----  هسه هنوب فتحتيلنا قوانت اللخ , كفرنا حجينالج ؟
الزوجه ---- شكد هي الغرامه ؟
سمير ---- 300 دولار .
الزوجه ---- راح ااجل دفع قائمة الكهرباء , بعد بيها مجال , وراح انطيك هاي الفلوس , وروح ادفع                 الغرامه .
سمير ---- معقوله !!!! انت اكبر زوجه بالعالم , حبيبتي خلصتيني من موقف كلش محرج , وماادري                   شلون اشكرج , اخذيلج هل بوسه هاي  وكومي انطيني الفلوس .
 لنتناول المشاهد الثلاثه السابقه :
المشهد الاول----- سمير وقاسم
المشهد الثاني ----- الام وقاسم
المشهد الثالث ---- سمير والزوجه
ونبحث عن الدافع الفوقي لكل شخصية ,وتاثيرها على سير الحدث و على تنمية الصراع في داخل كل مشهد ------ فشخصية :
سمير , هي شخصية غير مادية , متواضعة , فقيرة الحال , وهي تؤمن بالعلاقات الانسانية , وافكارها   ايجابية .
قاسم   , شخصية مادية , تؤمن بالحياة المادية , لا تبالي بالعلاقات الانسانية , شخصية تعيش على الهامش ومن غير هدف سوى انها تتمتع بقدرة مالية جعلتها تعتمد عليها في حياتها , علاقتها الاجتماعية مبنية على المصالح الغير الانسانية , وجادة في عملية دفع الفعل باتجاه العقده ,وافكارها سلبية نسبية من وجهة تفكير سمير .
الام  هي شخصية واقعية ومثالية بسيطة , لا مكانة لها في تحريك الفعل سوى انها شخصية عرضية لعرض مشكلة سمير على قاسم , في هذا المشهد العرضي ,هو نفسه يدخل من باب العرض الاستهلالي متجها بالاحداث باتجاه العقدة , حينما يطلب قاسم من والدته عرضا بمساعدة اخيه قاسم شرط ان يطلبها سمير بنفسه من قاسم .
الزوجه  , هي شخصية ودية وايجابية ساعدت على حل المشكله , وحل ازمة زوجها , متجهة بالبناء نحوى الانفراج والحل .
انما تبقى الدراما في في سياق طرحها من عرضها الاستهلالي والى الحل تاخذ شكلا ونوعا في الطرح وحسب موضوعها وفكرتها وشخوصها , وما تحمله من فكرة , ان كانت انسانية تعتمد على العاطفة , ام على المنطق والعقل , او على العبث واللامعقول واللاجدوى ,او على طرح من الوثائق والتواريخ لما تحمله احداثها من صراعات فكرية , وموضوعات سياسية , وجميع هذا يصب في قالب من  الرومانسية او التراجيدية او الكوميدية , متاثرة بوحدة المكان والزمان وبالظروف العمومية لكل مجتمع , متاثرة بالمرحلة السابقه , ومؤثرة بالمرحلة اللاحقه , وهذه الانواع ايضا تختلف بشخوصها , وبافكار وسايكولوجية كل منها , وبموجب مايوحى من المؤلف , لعكس افكاره ووجهات نظره لما موجود من حوله وعن طريق هذه الشخوص المسرحية , وكل شخصية من شخوص النص المسرحي , لها ابعادها ونظرتها للحياة , وبموجب ابعادها الطبيعية وهيكلتها الجسمانية , والبعد الاجتماعي والتي تحمل من الاعراف والتقاليد الاجتماعية , والبعد النفسي لما لها تاثيراتها من الحالة  النفسية وتاثير هذه الحالة على الحضور الاجتماعي والثقافي , ومن خلال هذه الابعاد للشخصية المسرحية تساعد على ايجاد الفعل والصراع والبناء المتنامي والذي يحدد نوع الطرح , ان كانت كوميدية , او تراجيدية , او الاثنين معا   .
وقبل انتقالي الى تناول التراجيديا والكوميديا  للدراما المسرحية , قد يسأل سائل عن : هل يمكن للحل ان ياتي في مقدمة النص المسرحي ؟ فأجيبه , نعم  , من الممكن , وعندها يبدأ المؤلف بالفلاش باك اي ( الارتجاع الفني ) بطرح الاحداث , ومن ثم يصل الى النهاية والتي كانت هي البداية , مثال على ذالك
حامد ----- صدكني مجان قصدي اموته , ردت بس اخوفه .
المحقق -----  بس انت كتلته  .
حامد ---- اني بس سحبت المسدس , ردت اخوفه وابعده عن طريقي , بس
المحقق ----- بس شنو ؟
حامد ---- من هجم عليا ( هنايبدأ الممثل باستعادة  احداث ماحدث , ويروي القصه باحداثها ,              ووصولا الى نقطة البدايه , والتي هي بنفس الوقت النهاية ) .
لنعود الى المشاهد السابقه , مابين سمير وقاسم , ومابين قاسم والام , ومابين سميروزوجته , لكل
مشهد من هذه المشاهد ضربه , اي ( اسم الفعل ) اي تحصيل ماحصل من صراع فكرتين متضادتين بالاتجاهات والافكار , اي ( السالب والموجب ) واللتان ينتج عنهما اسم الضربه , اي اسم الفعل للمشهد الواحد , فمثلا , في مشهد سمير وقاسم , نستطيع تسميته ( المادة في حياة الانسان ) والمشهد الثاني مابين قاسم ووالدته نسميه وبموجي الضربة الموجودة فيه , اي الفعل الاساسي ,( العرض والطلب ), والمشهد الثالث , فضربته , اي فعله الاساسي , هو( الانفراج),فاذا استطعنا ان توصل الى تسمية فكرة كل مشهد , اذن نحن قد استطعنا تفسير المشهد بفعله وبصراعه , معتمدين على تحليل كل شخصية من شخصيات المشهد الواحد , وبهذا سنتمكن من ايجاد الصورة الحقيقية للشخصية والمتجسدة بابعادها الطبيعية والنفسية والاجتماعية , وهكذا هو الحال مع كل مشهد ومع كل فصل , ومع النص المسرحي بكامله .
الترجيديا ----والميلودراما ---- والكوميديا-----والملهاة     
وهذه الجوانب من نوعيات وعناوين كل نتاج ادبي وفني , تاخذ نزعتها النفسية والفكرية , من الحالات المتاثرة لكل كاتب والظروف المحدقة به , منتهجة مدرسة من المدارس والمذاهب الفكرية , يصب من خلالها الكاتب المسرحي , تمخضاته السياسية والفكرية والرومانسية او العبثية او التعليمية والرمزية والواقعية , وهذا ماحصل بعد النهضة الصناعية في اوربا , ومنها انتقلت الى بلدان اسيا , وبعد مرحلة الحرب العالمية الثانية , حيث تاثر الكتاب المسرحيين , وبعض المثقفين , من اجواء الحروب والكوارث وحالات الجوع والفساد الاداري ( الثورة الفرنسية والثورة الاميركية , وحرب النازية في المانيا ) وعلى الرغم من وجود قوانين صارمة وعقوبات قاسية في تلك المرحلة  بحق الكتاب والمتمردين على الواقع المأساوي , الا ان هذه الفترة التاريخية والمرحلية اثرت في حياة الادباء والمثقفين من الكتاب المسرحيين والشعراء والصحفيين ممن تمردوا و ثاروا على التقاليد البالية ودعوا الى حرية الفرد , ولاصلاح الاجتماعي  .
فالمسرحية التراجيدية او الماساوية , هي تلك المسرحية , والتي تبدأ بعرض الاحداث وعن طريق شخصياتها , متجهة اتجاها مأساويا , متناولة الحوادث المؤسفة والكوارث الانسانية , وتنتهي بنهاية غير سعيدة , وهنا تتميز بشخوصها الجادين , بطرح افكارهم ,مستمدين من حالاتهم النفسية , ردود افعالهم ومعاناتهم مما يؤثر فيهم من المحيط  والبيئة والواقع المرير الذي يعيشونه  , وهذه الشخصيات تلعب الحالة النفسية دورها في عملية التجسيد والتسخير على خشبة المسرح ومتطابقة مع الحالة المأساوية التي تعانيها في مسيرة حياتها .
فالتراجيديا اليونانية  , هي منذ القدم الماساة والتي اخذت شكلا من اشكال العمل الدرامي , وهذا الشكل قد يكون نابع من قصص وحوادث تاريخية , او هي عبارة عن طقوس دينية كانت سائدة انذاك من تاريخ المسرح اليوناني , وقد اوعزها  علماء المسرح والباحثين في شؤونه , انها حالة من حالات التقديس , والعبادة اليونانية لتلك الفترة من تاريخ المسرح اليوناني
وغالبا ماكانت تقدم على شكل رقصات والمصاحبةمع اصوات لقرعات الطبول والالات الموسيقية الهوائية
وهم يرتدون على اجسادهم جلود الماعز ويغلفون سواعدهم واقدامهم بهذه الجلود , ولهذا سميت
باغنية الماعز , وهم في ذات الوقت يقومون بذبح الماعز اثناء تقديم هذه الرقصات , قربانا للالهة التي يعبدونها
مستصحبين حركاتهم برقصات يشوبها نوع من التحفيز والخوف والترقب والذعر , معبرين بهذا عن  تعظيم الالهة التي كانت تعبد ضمن تلك المرحلة من الحقبة الزمنية  في المسرح اليوناني  , وغالبا ماكانت النصوص المأساوية التراجيدية مسحة ظاهرية لتلك المرحلة التاريخية , ومن خلالها يتم تطهير النفوس والتنفيس عن الذات , لتحصل عملية المتابعة والتواصل مع ما يطرح , ومن ثم تنتهي بالحوادث المأساوية , اما بالقتل وسفك الدماء , واما بفاجعة لا تحمد , وغيرها من النهايات الغبر السعيدة , وقد تاثر المسرح الشكسبيري بهذه المسرحيات التراجيدية , فكانت مسرحية يوليوس قيصر , وهاملت , والملك لير و وكليوباتره , الا انها تختلف عن مثيلاتها من المسرحيات اليونانية بالاسلوب والطرح .
اما الكوميديا : فهي مسرحية تهدف من عرضها , اضفاء الفرح والبهجة  وايصالها للمتلقي وعن طريق شخوص كوميدية باساليبها وافكارها المتناقضة وكيفية قدرتها على اضحاك الجمهور المتلقي من خلال حركاتها المبالغة وتعابير وجهها وعرض ملابسها ومكياجها مما يضفي البهجة والسرور للجمهور المشاهد , ومنذ العصر اليوناني  اعتمدت الكوميديا اليونانية على تقديم القصائد الشعريه الراقصة والشعائر الدينية في اعياد الاله ديونيسيس في الحقبة الزمنية التاريخية للمسرح اليوناني وعلى يد الكاتب الساخر ارستوفان  , وقد تاخذ المسرحية الكوميدية شكلا ماساويا الا ان مايطرح يبعث على الكوميد والسخرية والنقد , وقد تلمس ذالك من انك في بعض الاحيان حين مشاهدتك لبعض العروض المسرحية الكوميدية تضحك الا ان حالتك النفسية تميل الى الحزن والتعاطف المأساوي مع الشخصيات والاحداث , وقد تبلور هذا المسرح  في الاحقاب الزمنية اللاحقة , ولا سيما في اوربا عموما , حيث ابتدأ بطرح المواقف الساخرة والمضحكة والمحاورة الثنائية او اكثر, ومن خلال اغاني وقصائد مغناة وعلى شكل منولوجات كوميدية هزلية غايتها النقد والسخرية من بعض الشخصيات والمواقف الاجتماعية البالية , وقد تطورت في انكلترى ومن خلال مسرح برنادشو وفي فرنسا من خلال مسرح مولير .
انما المؤسف , ان الكثير من من الفنانين واللذين يقعون في فخاخ الاعمال الكوميدية , يتوهمون حينما يعتمدون على البعد الطبيعي للجسم من سمنة او نحافة للممثل كوميدي والغاية منه اضحاك الجمهور من خلال هذا التناقض الجسماني , او معتمدين على الحركات التعبيرية والمبالغة والمتكررة والمملة , فهذا النوع يبعث على الاشباع من قبل الجمهور والملل , وهنا لا احب الدخول لذكر اسماء بعض الفنانين العرب ممن اعتمدوا على هذه الاساليب والتي بعد مرور الزمن اصبحت حالتهم  تقليدية متكررة لا يستحبها الجمهور,  او حين اعتمادهم على على تقديم شخصياتهم الكوميدية باساليب مبالغة وتقليدية و غرضهم من هذا شحذ الضحك من الجمهور , او تقديم حالات تقليدية ومتكررة , لا تتجانس مع مايطرحه الفنان من فكرة كوميدية , لا تتطابق مع هذه الحالة التقليدية , والجدير بالذكر , ان اضحاك الجمهور من الامور الصعية عند الفنان الحرفي الجيد , انما , ان , امتاز بعقلية ابداعية وابتكارية متجددة وغير تقليدية , قد يستطيع الوصول الى قلب الجمهور المتلقي , ومن الامور المضحكة , والتي قد تساعد على اضحاك الجمهور , هي الحوادث الغير المتوقعة , والمفارقات الكوميدية للشخصيات السلبية في العرض المسرحي , كل هذه الامور تساعد على اضفاء البهجة والسرور للجمهور المتلقي , اذا ماعلمنا ان الضحك هو حالة من حالات الشعور بالانتصار , والتغلب على ماهو ضد ارادة عنصر الخير , والتي يقف الى جانبها الجمهور المتلقي , ليعبر عن هذا الانتصار بالضحك والبهجة والفرح .
واخيرا , ان اي شكل من هذه الاشكال الفنية والتي يعتمدها الكاتب المسرحي في طرحه , يعود الى خلفيته الثقافية في الكتابة , ومقدار مايتميز باسلوبه المنفرد والجديد والغير التقليدي والمتكرر, ليتمكن من انتزاع  اعجاب الجمهور والنقاد , من خلال نص محبوك حبكة جيدة , و حوار متميز بالبناء وبالمعاني والمعبر عن القيم الانسانية والفكرية , وبشخوص واقعية كانت , ام تاريخية , او معاصرة , انما تبقى خلفية الكاتب المسرحي , هو الميزان الحقيقي لمعادلة مايطرحه من الانتاجات للنصوص المسرحية , والتي تنبع من صميم الواقع الاجتماعي , ومعانات الانسان ومشاكله وهمومه في مرحلتنا المعاصره .


 


6

نعزيكم بمصابكم الاليم وذلك بفقداننا رمز من رموز حركتنا الوطنية والثورية والقومية , واننا في هذا لا يسعنا الا الدعاء له بالرحمة والغفران , ولكم ولذويه بالصبر والسلوان .-------- جوزيف الفارس

7
اخي العزيز سيزار ميخا هرمز ----تحية اخوية , لايسعني في الاجابة وتعقيبا على كلمتك الا ان اقدم لك شكري وامتناني لاهتمامك  بما قدمته من واجب مقدس بحق من اجهد نفسه واخلص لفنه ولحرفيته زتفانى من اجل ان نصل لما هو عليه الان للاستاذ المرحوم بهنام ميخائيل , لقد كان استاذا كبيرا ومربيا فاضلا لطلبته جميعا ومن دون تفريق وتمييز ,اكرر شكري وتقديري لك لاهتمامك بهذه المقالة المتواضعة بحق استاذنا الكبير بهنام ميخائيل , ولك حبي وتقديري عزيزي الفاضل ولموقعنا العزيز عنكاوه والذي له الفضل لهذا التواصل فيما بيننا .


8
راهب المسرح والاب الروحي
 بهنام ميخائيل
الى الشمعة التي احترقت من اجل ان تنير لنا طريق الايمان الحقيقي بالخشبة المقدسة
                                       بهنام ميخائيل
حينما تصادفه ولاول وهلة , لا تصدق بان هذا الانسان هو من الذين يهتمون بالفن ويعشقون مذاهبه العالمية , ولا سيما المذهب الواقعي , هذه المدرسة التي انغمس بها حتى اذنيه وبكل تفاصيلها , انه انسان بسيط بهيئته , وقيافته فيها شيئا من البساطة والاعتدال ,قصير القامة, اصلع الراس انما على جانبي راسه شعر يمتزج سواده مع بياضه , جبينه تستدل منه عن وجود خفايا واسرار ومشاريع وامنيات , انما لا يسستطيع تحقيقها لكونه غريب الاطوار , ويختلف بنظرته الى هذا المجتمع عن عاداته وتقاليده وافكاره , وحتى ارائه ونظرته للواقع الذي يعيشه من عادات وتقاليد بالية لا يعترف بها , انما هو متواضع ويجمع مابين الخجل والشجاعة الادبية مستمدا اياها من ايمانه العميق بما يفكر ويفعل .
انا سمعت عنه في باحة معهد الفنون الجميلة في الكسرة , الصغير والكبير كان يتكلم عنه وعن خوفهم منه وعن جدية العلاقة مابينه ومابين الطلبه , ودقة تعامله معهم , وهذا لم يعجب البعض من الطلبة الذين اخذوا يصبون له العداء , ويخططون للاعتداء عليه , وهذا ماحصل , بعد ان اتفق اثنين او ثلاثة من الطلبة المشاكسين , حينما حاولوا الاعتداء عليه وضربه على راسه مما ادى هذا الاعتداء بنزيف دماء في راسه  , الا ان هذا الاعتداء لم يثنيه عن تغيير مبادئه التربوية والاخلاقية , بقدر ماحاول مجابهتهم بالابتسامة اللطيفة والمسامحة الكريمة  , كان نتيجة ذالك ندمهم  واعتذارهم منه عما بدر منهم بحقه في الوقت الذي لم يكن في علمهم ان تشدده ماكان يصبو الا من اجل فائدتهم وتثقيفهم على المفاهيم والاخلاق الفنية المسرحية  الصحيحة, والتي اعترفوا بها فيما بعد تخرجهم واستذكارهم لهذا الاعتداء ومسحة الندم والالم ظاهرة على حال لسانهم , وهم يتكلمون عن سوء معاملتهم ومشاكستهم لهذا المربي الجليل , حينما اتفقوا ثلاثتهم على الاعتداء عليه .
هذا هو بهنام ميخائيل ؟؟؟
المربي الفاضل وراعي المواهب الفطرية وصقلها بعد قبولهم طلبة في الصفوف الاولى في معهد الفنون الجميلة , لم يكن يبخل مما عنده من ثقافة وخبرة وتجربة , كان يمنحهم معظم اوقاته, ولا سيما بعد انصرافهم الى بيوتهم او الى اقسامهم الداخلية , ومن ثم عودتهم الى المعهد لتكملة التمارين على المشاهد الصفية , يفاجئهم بوجوده منتظرا اياهم , بعد ان استغنى عن وجبة الغداء حرصا منه على ان لا يتاخر عليهم , وكان من طبيعته ان يبحث في حدائق المعهد عما يثير فضوله وهو يراقب من زاوية عينيه تحركات الطلبه , لياخذ عنهم صورة عن حقيقة مصداقيتهم في التمارين العملية  على المشاهد الصفية , او بالاحرى كان يعمل كالبوليس السري في تسجيل ملاحظاته عن كل طالب , ليجابههم بحقيقة واقع حالهم , مطبقا المثل والذي كان دائما يردده ( من لسانكم ادينكم ) .
هذا هو بهنام ميخائيل ؟؟؟
واتذكر في اليوم الاول للمقابلة , ولشدة مادفعني الفضول للتعرف عليه , و خوفي مما سمعت عنه زاد هلعي وقلقي على اني ساواجه عقبة صعبة في طريق تحقيق احلامي وقبولي في المعهد , واكاد لم اصدق حينما اشاروا عليه وقالوا لي , هو ذا بهنام ميخائيل , فهرعت اليه واقدامي تتسابق الواحدة بعد الاخرى بغية الوصول اليه , عندها احسست انني امام عملاق ينظر اليا من زاوية عينيه, وبالحقيقة انه  كان يرغب ان يتجاهلني , الا انني جعلته امام الامرالواقع بوقوفي امامه , ونظر اليا وقال لي , ( ها جوزيف شلونك ؟ ) ولاشد ما اثار استغرابي هو معرفته باسمي , في الوقت الذي لم اذكر انني التقيته او عرفته باسمي  !!!!!! الا انني علمت بعد ذالك بانه كان قد اطلع على اضابير الطلبة الجدد , ومنها حفظ اسمي ,فاذهلني بهذه المفاجئة , وتلعثمت قليلا , , وطارت الافكار من راسي , وجميع الجمل والكلام اللبق والذي كنت قد هيئته له من اجل ان ابرهن عن ثقافة اسلوبي في الحديث , وعن خلفيتي الثقافية , الا انني انشغلت بالبحث عن الجملة التي تليق بي وانا امام هذا العملاق وبالرغم من انه  قصير القامه , الا انه بادرني بقوله وهو لا ينظر الى عينايا وهذه عادته وقال لي : كيف حالك واستعدادك للمقابله ؟ فاجبته بثقة عالية , نحن لها يااستاذ , وانا من خلال المجاملة الفارغة سالته وقلت له : استاذ العفو , ماهي اسئلتك التي ستواجهنا بها عند المقابله ؟ فابتسم بلطف وقال : اسئلة عادية , مثلا عن ثقافتك وتجربتك وخبرتك , فقاطعته بسؤال اخر , الا انه انزعج مني وقال : تعلموا فنون الكلام والحديث , ان تبقى منصتا لي ومن دون مقاطعتي الا بعد الانتهاء من الحديث , عندها ساسمح لك بالسؤال , وعندها لم اكن اعلم ماافعل من شدة اسفي وندمي على مقاطعته وعلى هذا الموقف والذي لا احسد عليه , انما تعلمت من بهنام ميخائيل في هذه الحظة الحرجة الدرس الاول .
ان لكل انسان تجاربه الحياتية , والصدمات الغير المتوقعة لحياته من ابناء جلدته , اضافة الى هذا الاكتساب الثقافي نتيجة البحوث والدراسات المطلع عليها , تضيف له اكتمال ماكان ينقصه ضمن مرحلة يعبر فيها عن نضوج رشده ولا سيما التجارب الحياتية والخاصة به , والمستمد احداثها من واقع مجتمعه ,مما تدفعه على التغيير لهذا الواقع , وتقديم الافضل مما عنده من الاراء والتجارب والتي هي السبب في تالقه في الحياة , ونجاح مسيرته وفق مااملته عليه هذه التجارب , صحيح انه تاثر في سلوكيته ونظام حياته بوالده السيد ميخائيل , والذي كان عسكريا متشددا بنظام حياته , وهذا ماكان يسري على افراد عائلته ومنهم ولده بهنام , والذي ترعرع على هذه الاجواء واثرت في نظامه الحياتي , وحتى على حياته الزوجية , والتي كان مثار خلاف لهذا , كان بهنام ميخائيل انسانا صارما ومتشددا وغير مساوما على مبادئه والتي يؤمن بها اشد الايمان , ليطبقها على ابنائه الطلبة في حياتهم الدراسية في المسرح , بكل حرص وبادق الملاحظات , مما ساعد من خلالها ومنهجيته المؤمن بها على تنمية وصقل مواهبهم , ولهذا كان مهتما في تعويد طلبته على تقوية حالة الاسترخاء والتركيز , لانه مؤمن اشد الايمان بان الاسترخاء يجب على الممثل ان يكون في حالة الاسترخاء وهو في الحلقة الوسطى ماخلف الكواليس , وفي الحلقة الصغرى امام الجمهور, ليتسنى له تادية الحركة بانسيابية وفيها شيئا من الجمال , وبعيدة عن التشنج والذي كنا نسميه ( متخشب ) اما  قوة التركيز عند الطالب ستساعده على التركيزوالتوقيت  على الاضاءة والموسيقى وعلى الحركة في ان واحد , وعلى خلق العلاقة مابينه ومابين الممثل الاخر , اضافة الى ان قوة التركيز ستساعده على الحفاظ على علاقة الممثل بالسينوغرافيه المسرحية وهو على المسرح اثناء العرض المسرحي  , وعلى ذكر التركيز , اذكر ان الاستاذ بهنام ميخائيل كان يدربنا على بعض التمارين والتي تنمي وتقوي التركيز عند الطالب , كأن يضع اقلاما ومساحات واشياء مختلفة اخرى وعديدة ومختلفة الاشكال , ومن ثم يطلب منا بعد ان يحجبها عن  اعيننا ذكرها وبالتفصيل , او يفاجئك بالسؤال  عن عدد الاقلام المرسومة على قميصك ومن دون الالتفات اليها فان كانت اجابة الطالب فيها شيئا من الصحة فيعني هذا ان قوة تركيزه جيد جدا وهذه اشارة حسنة عند الاستاذ بهنام ميخائيل , ونحن الطلبة قد تعودنا على مثل هذه الاستفزازات والاسئلة الغريبة , والتيكان  يتعامل بها مع الطلبة الجدد في المقابلة الاولى , انه الاستاذ الوحيد الذي كان بنفرد بمثل هذا الاسلوب الاختباري , ولربما قد يعود هذا الى تجاربه الخاصة او الى ثقافته الاستانسلافسكية , او الى تربيته الفنية والطرق التربوية التعليمية والتي استفاد منها من دراسته الجامعية في معهد كودفان ذيتر في شيكاغو , والمتخصص في الفنون المسرحية ( الاخراج والتمثيل والدراسات النظرية والعملية ) والتي انفرد بها عن بقية زملائه من الاساتذة , ولشدة ماكان تاثير تربيته الفنية والدراسية في المسرح على طلبة الصفوف المبتدئة في المعهد , وتهيئتهم كادرا فنيا ذوي مهارة وحرفية في التمثيل استفاد منهم كبار الاساتذة من المخرجين في اعمالهم وعروضهم المسرحية جعلتهم يتذمرون اشد التذمر حينما علموا بنقل الاستاذ بهنام ميخائيل من التدريس في المعهد الى التدريس في الاكاديمية , وقد صرح بذالك وعلى مسامعنا الاستاذ ابراهيم جلال رحمه الله حينما قال :لقد خسرنا الكونترول وصانع النجوم بهنام ميخائيل , لانني اشبهه بذالك الفلاح الذي يزرع بذرة ويراعي شتلاتها ويعتني بها ويصقلها , الى ان تاخذ مجالها في العطاء , لاننا كنا نستلم من بهنام ميخائيل ممثلين متكاملين الحرفية ونجوما في التمثيل متكاملين المواصفات والمواهب المصقولة والمثقفة , انما الان خسرنا بهنام ميخائيل وخسرنا ترفيد نجوم جدد .
ويكفينا ان نعلم بان العديد من المواهب الاكاديمية من الاساتذة الكبار من حملة الشهادات للدراسات العليا قد تخرجوا على يديه , ومازالوا يذكرونه ويذكرون جهوده المخلصة ويصرحون بهذا في محافل اجتماعية ومؤتمرات فنية بان للاستاذ بهنام ميخائيل له الفضل في وصولهم الى هذا المستوى الاكاديمي والمركز المرموق .
كان بهنام ميخائيل يصب جهده من اجل صقل المواهب ويعطيها من تجربته وثقافته , ويتابع الصغير والكبير ويخلص في ارشادهم وتوجيههم , وبالرغم من مكافئتهم له بشتى وسائل النقد والعداء , الا انهم بعد حصولهم على الشهادات العليا , يستذكرونه بالحسافة والندم على مابدر منهم بحقه , ويترحمون عليه , معترفين بانه كان المربي الفاضل والاب الروحي , ولولاه لما وصلوا الى هذا الحال من الرقي والثقافة التي كان اساسها المنهاج التربوي والاخلاقي في مسيرة الفن والفنانين التي ارساها الاستاذ المرحوم واصبحت تذكر على السنة المثقفين من الاكاديميين المسرحيين , وهم يؤكدون وفي عدة محافل فنية او لقاءات اذاعية او تلفزيونية او ريبورتاجات صحفية , بان التاريخ الفني والمسرحي بالذات , سوف لن ينجب استاذا مثل بهنام ميخائيل , ولا مثل نجوميته في تدريس الطلبة وتربيتهم التربية الاخلاقية الفنية في عالم المسرح العراقي , وان كان صارما بعض الشيىء في اسلوبه وعلاقته مع الطلبة , انما كان هذا يصب في صقل المواهب وتعويدهم على الاسلوب الصحيح والقاعدة الاساسية لاعدادهم اعدادا حرفيا في الاعتماد على انفسهم في تحليل الشخصيات وايجاد ابعادها وتسخيرها على خشبة المسرح المقدسه , وهذه هي ايقونة بهنام ميخائيل والتي كان يرسمها باسلوب تعليمي وعلمي من اجل تطوير وصقل المواهب الفطرية , وتعويدهم على ظرورة احترام العلاقات مابين الفنانين ومابين ما يحيطهم من الانسان والحيوان والجماد , لا تستغربوا من هذا انها الحقيقة التي كان يؤمن بها بهنام ميخائيل من خلال تقديس واحترام كل الكائنات الحية , ان كان حيوان او انسان او نبات اضافة الى جميع مكونات الحياة والتي لها علاقة مع حياة الانسان  .
لا تستغربوا اعزائي من ظاهرة بهنام ميخائيل , وسلوكيته في الحياة اليومية , وايمانه المطلق بمبادئه التي يؤمن بها , ففي احدى المحاضرات وهو يوصي بنقاوة الفنان وسلوكيته الايمانية باتجاه علاقاته الانسانية , وبافكاره التي يطرحها من على خشبة المسرح , حينما كان يؤكد على مسامعنا واكثر من مرة ,( بانه يجب على الممثل ان ينظف اذانه , ولسانه , وقلبه , واقدامه , ونواياه , قبل صعوده على خشبة المسرح , وان يؤمن كل الايمان بما يطرحه على مسامع الجمهور في العرض المسرحي , فلو انه كان لا يؤمن يما يطرحه على مسامع المتلقين , فكيف يطلب من جمهوره الايمان بما يطرحه هو ؟) , ومرة طلب منا الاعتذار من الحمار لكوننا نقسوا عليه بتعاملنا معه , ونطلب منه الاعتذار بقولنا ( اخي سامحنا ) لا تتعجبوا من هذا , لانه بعد ذالك شرح لنا اسباب هذه العلاقة التي يتعامل بها الممثل مع الحيوانات , لانه يجب على الممثل التاقلم مع الحيوانات والتعرف على غرائزها وتقريبها الى الشخصيات والمراد منها تجسيدها , مثال على ذالك , شخصية شايلوك في مسرحية تاجر البندقية , فان غريزته الحيوانية هي الثعلبية التي يجب ان يجسدها الممثل  في تمثيل هذه الشخصية  , وفي مسرحية عطيل , يجب على الممثل الذي يجسد شخصية عطيل ان تتجسد فيه معالم غريزة الثور الاحمق , وغريزة الثعلبية الماكره عند ياكو , هذا هو الغرض من هدف بهنام ميخائيل  .
ومرة طلب من احد زملائنا الطلبة حينما جاء لياخذ محله على  احدى الكراسي , سحبها بقوة بحيث سمعنا صوت سحبها من خلال احتكاك ارجلها بالارض فالتفت الاستاذ بهنام ميخائيل الى مصدر الصوت والقى نظرة اشمئزاز وعتاب على الطالب , وبعدها بادره بالقول :لماذا اعتديت على هذا الكرسي ياولدي الحبيب ؟ , لماذا لم تعامل هذا الكرسي بلطف واحسان وسحبه باعتناء وتاني وبرفق ؟ الم تسمع استغاثة هذا الكرسي ؟ , لانه تالم , فارجوك ان تطلب الاستئذان في بادىء الامر, و من ثم اطلب منه السماح بالجلوس عليه , طبعا وبعد موافقته , عندذاك يمكنك ان تجلس عليه , اثار ت هذه الملاحظات استغرابنا وتساؤلاتنا , وبالفعل اتم ماراد للاستاذ بهنام ميخائيل , ومن ثم اعقبها بتعليق عما حدث موضحا الاسباب التي تستوجب على الممثل الاعتذار من الكرسي , لانه يعتقد بان الفنان الحقيقي يجب ان يملك رقة الاحساس بتعامله مع من حوله , وحتى ان كان ذالك جمادا او حيوانا , ليستطيع اختزان هذا التعامل في ذاته , وان يسترجعه كاحساس ورد فعل , من خلال هذا الاختزان مستقبلا لشخصياته المستقبلية على المسرح .
ان بهنام ميخائيل بالرغم من تاثره بوالده العسكري , والتي اثرت على نمط حياته وسلوكيته الخاصة وعلاقاته بالمحيطين به الا انه يحمل في طيات ذاته , التواضع , والطيبة , وعفة النفس , هذه الصفات الانسانية القيمة اهلته للدخول الى كلية اللاهوت في اميركا , وحسب رغبة والده , انما عدل عن هذا الراي , وانخرط مع طلاب الدراما في شيكاغو , وعاد الى بغداد , وهو يحمل شهادة عليا في دراسة المسرح في سنة 1959 ليتعين استاذا في مادة التمثيل والاخراج المسرحي في معهد الفنون الجميلة , حيث كان علامة متميزة بين اقرانه من  الاساتذة الاجلاء  في التدريس , في ترسيخ مبادىء احترام المسرح وتقديس خشبته , ورسم مفاهيم جديدة للمسرح العراقي ,( وهو ان المسرح  , ليس غايته عرض الواقع وكشفه , وانما التحريض على تغييره , وتعرية السلبيات , وكشفها , وترسيخ مفاهيم القيم الانسانية والفكرية والعقائدية التي تحترم حرية الانسان , وتهدف ايضا الى تطوير حياته الاجتماعية والثقافية والفكرية  الى الافضل ,وقد يعود هذا الى ماكان يحمله من العقائد الايمانية , والتي اهلته لدراسة اللاهوت ليصبح رجل دين كنائسي , انما كانت الاقدار قد رسمت له غير ماكان مخططا لها   .
انتقل من معهد الفنون الجميلة الى الاكاديمية مدرسا فيها , اضافة الى كونه كان فاحصا للنصوص التمثيلية في الاذاعة والتلفزيون , ولكن مما يؤسف له تثمينا لجهوده ولمثابرته واخلاصه لمهنته التدريسية , فصل من معهد الفنون الجميلة , لتلفيق تهم باطلة بحقه , مما اظطرته الظروف الاقتصادية القاسية  ان يشتغل في احد المطاعم السياحية في متنزه الزوراء , الا ان العناية الالهية راعته واعادته الى وظيفة مدير المسرح القومي , ولحاجة معهد الفنون الجميلة لثقافته وخبرته , اعيد مرة ثانية استاذا فيه , اضافة الى التدريس في اكاديمية الفنون الجميلة  .
كان بهنام ميخائيل , يميل الى الواقعية , ويعتبرها مدرسة حقيقية , وفاعلة في عملية التغيير ,لاي واقع , فوجهة نظره هي , ان هذه المدرسة منبثقة عن واقع المجتمع والمختلف الثقافت والقوميات والاطياف , كان ستانسلافسكيا يميل الى مدرسة ستانسلافسكي بطريقته التدريسية النظرية والعملية , من خلال المحاضرات , والمستمدة من كتاب اعداد الممثلا وحياتي في الفن ( ستانسلافسكي ) .
بهنام ميخائيل وتغيير المفاهيم البالية :
لقد غير الاستاذ بهنام ميخائيل الكثيرمن المفاهيم البالية ومن نظرة المجتمع العراقي السيىء الصيت للمسرح , بعد ان كان يعتبره ملهى ليليا لقضاء متعة رخيصة وسويعات مزاجية ومليئة بالنزوات والشهوات الجسدية التي كان يقدمها ويعرضها بعض اصحابي النفوس الرخيصة والوضيعة من على المسارح الليلية , جاء ليساهم في تطهير المسرح من هذه النفوس الضعيفة والوضيعة ويغير نظرة المجتمع المتدنية  الى واقع  نظرة  تقديس واعجاب , واحترام الخشبة المسرحية , مبتدئا من طلبته قبل جمهوره , وارسائنا على بعض الاخلاق التربوية والاعراف المقدسة لاحترام الخشبة , وسماها الخشبة المقدسة , مما حدا به الى فرض تقبيلها قبل الصعود عليها  , وهكذا بدات عملية التغيير لنظرة واقع المسرح مبتدئا من طلبة الصفوف الاولى ,من الطالبات والطلاب , وتوصيل نظرتهم المقدسة  وواقع ايمانهم واحترامهم لهذه الخشبة وما يعرض عليها , الى ذويهم وعوائلهم من خلال دعوتهم لحضور عروض المسرح التجريبية في معهد الفنون الجميلة وتطهير افكاهم وغربلة نظرتهم المتدنية الى المسرح , مما خلقت جمهورا واعيا ومثقفا ومثمنا دور المسرح , كونه فعلا محركا للتغيير والتجديد نحوى الافضل , وتوطدت علاقة المجتمع بالعروض المسرحية , ومتابعاته المستمرة لهذه العروض ,وذالك يعود الى بناء القاعدة الاساسية في محاضرات الاستاذ بهنام ميخائيل في حث الطلبة على التعرف باخلاقية المسرح المقدسة , والعمل على صقل مواهب المتقدمين من هؤلاء الطلبة والراغبين في دراسة فنون المسرح , وباشرافه المباشر مما سهل الكثير على انتاج العروض المسرحية لاساتذتنا الكبار , من امثاال ابراهيم جلال , و جعفر السعدي , وجاسم العبودي , وجعفر علي , وبدري حسون فريد واخرين من اساتذتنا الكرام , في الاستعانة بطلبة بهنام ميخائيل في عروضهم المسرحية الناجحة والمتخرجين من مدرسة  هذا الاستاذ المربي , راهب المسرح , بهنام ميخائيل .
ليسى هناك دورا كبيرا  اودورا صغيرا , انما هناك ممثلا كبيرا اوممثلا صغيرا

هذه المقولة لاستاذنا الكبير  ( ستانسلافسكي ) ترجمها الاستاذ بهنام ميخائيل في احد مقالات الاستاذ يوسف العاني في الحوار المتمدن قائلا :( كان عبد الواحد طه يراس مجموعة من الممثلين وهم : يوسف العاني , وهو يذكر سامي الواحد , وانا اعتقد انه كان خطأ مطبعيا , لكونه كان يقصد الاستاذ سامي عبد الحميد , مجيد العزاوي و راسم القيسي , ناهدة الرماح , ازادوهي صاموئيل ) مع عدد كبيرا من الكومبارس يتقدمهم المخرج الراحل بهنام ميخائيل , والذي وافق على العمل في المسرحية بدور لا حوار فيه , وانما كانت شخصية لها حضورا مسرحيا  .
الصفعة الاولى في حياتي الفنية
ان الذي يسوقه الفضول للتعرف على بهنام ميخائيل , من الضروري جدا ان يتعايش معه , وعلى الرغم من انها تحمل الكثير من المعوقات وتوتر الاعصاب , الا ان المرء يستفيد منها , لانها تجارب يختزنها لحياته , ويستفيد منها في المستقبل بعد التخرج , لان بهنام ميخائيل مدرسة واقعية ومثالية في نفس الوقت , قل نظيره من الاساتذة الذين زاملوه في الدراسة والتدريس , له فلسفته في حباته الاسروية , والمهنية , صحيح انه كان رب اسرة متكونة من زوجة وطفلته ( منى ) الا انه كان متفرغا للتدريس , انه العالم الذي يجنح اليه , ويستانس به مكرسا كل جهده وامكانياته التدريسية لطلبته في معهد الفنون الجميلة , هذا الاستاذ الذي يتوهم كل من يعتقد بانه يستطيع كسب صداقته , لانه لا يعير لها اهمية بقدر مايؤمن , ان صديقه هو الذي يحبه ويطبق توجيهاته وتعليماته في حياته الواقعية والفنية , من حيث ان يكون جديا, ومثقفا , ومبدعا , وان ينتزع اعجابه مصفقا له وبكلمته  المشهوره ( برافو ياولدي الحبيب ) .
الصفعة الاولى
بعد قبولي طالبا في معهد الفنون الجميلة , تعلمت شيئا مالم اكن اعرفه عن واقع الفنان , الا من خلال الافلام العربية المصرية والاجنبية , كنت اعتبر ان الفنان ومع فنه هو قطعة من الاتيكيت بعلاقته مع الناس فقط وقيافة ملابس وتسريحة شعر وقناني من العطور الفرنسية .
ولهذا كنت اعتبرها قانونا ودستورا لشخصيتي وسمعتي الفنية , فاينما كنت اذهب واتجه , وجب عليا ان اكون متهيئا باحلى قيافة , لماذا ؟ لانني فنان وفي طريقي الى النجومية وسلالم الشهرة الفنية ,وسيكون لي معجبين والعشاق لفني من متابعي انتاجاتنا الفنية , كما هو الحال مع النجوم العربية من فناني السينما والمسرح ,وانا في وقتها كنت معجا بالفنانين المصريين امثال احمد رمزي وكمال الشناوي ورشدي اباظه واخرون من نجوم السينما العربية ,انما الاستاذ بهنام ميخائيل ايقظني من تلك الاحلام الخيالية , في محاضرة له في قاعة الاستاذ حقي الشبلي في معهد الفنون الجميله , وانا في كامل اناقتي وقيافتي , وعطري الفرنسي ( مارسيدس ) , واذا به يشير عليا باصبعه كي اتبعه , في حينها تصورت ان لاناقتي الجميلة لها صلة بهذه المشاركة مع الاستاذ بهنام ميخائيل , وانا لا اعلم ماهي نوعية هذه المشاركة والتي يرغب مني ان اقدمها لزملائي الطلبة ,  والذين كانوا معي في الصف الثاني ومنهم  الاخت فوزيه عارف , وهناء المشهداني , وحيدر المولى , وفي الصف الاول نزار السامرائي وكاظم الخالدي ونصير عوده وحميد الحساني , وكثيرون لا اتذكر اسمائهم , المهم , تبعت الاستاذ بهنام الى خارج القاعة وانا متبخترا بخطواتي امام زملائي الطلبه , وفي خارج القاعة اشار الى سطل مملوء من الماء وماسحة ارض , وطلب مني حملهما وادخالهما الى القاعة ,وكلفني بمسح ارض القاعة وامام الطلبة , فاصبحت في موقف حرج , واخبرني ان لم امتثل لطلبه فسيرتشف فنجان قهوة مرة , كما يرتشفونها في التعازي على ارواح الموتى , وما كان مني الا ان امتثل لطلبه في مسح ارضية القاعة وامام جميع الطلبة وانا اسمع قهقهاتهم وهم يستهزئون بي , وانا اداري حرجي وخجلي مابين الضحك ومابين تقطيب حواجبي مستاء من استهزائهم مني , وبعد ان انهيت طلبه , حمدت الله على انني انهيت مهمتي , واذا به يفاجئني بان اتبعه الى خارج القاعة مستصحبا معي الماسحة والسطلة المليئة بالماء الوسخ ,واضعها في الخارج , واحمل اريكة من الخشب على ظهري وانقلها الى داخل القاعة , وفعلت مثلما اراد  , وحين دخولي الى داخل القاعة واذا بالطلبة ينفجرون ضحكا على منظري وانا حامل الاريكة على ظهري يتقدمني الاستاذ بهنام ليرشدني على المنطقة التي اضع الاريكة عليها , وبعدها كنت منتظرا منه تكليفا اخر , فخلعت سترتي ( الجاكيت ) مع رباط العنق , وطويت اكمام قميصي , واذا بالاستاذ بهنام ميخائيل يصرخ باعلى صوته ( برافو ولدي الحبيب )وهو مصفقا لي بكلتا يديه واسارير الفرح على وجهه , وفاتحا ذراعيه ليظمني الى صدره بحمية ومعقبا بقوله : الان ياولدي دخلت عالم الفن من بابه الصحيح , وبعد جلوسي اخذت افكربالاستاذ بهنام ميخائيل وما فعله معي , فادركت حينها الرسالة التي اراد من خلالها بهنام ميخائيل توصيلها لي عن مفهوم الفن , وكيف يجب ان تكون علاقة الفنان مع حياته الفنية , وهو يهم بوضع اولى خطواته باتجاه ارتقاء سلم التالق والنجاح , وبعدها تركت لبس القاط في المعهد وتعودت على لبس البنطرون الخاكي والتيشيرت مشمرا عن ساعديا لاكون عاملا وفنانا ومبدعا في هذا العالم الصعب والجميل , وهذا ماكنت اتطلع اليه .
مدرسة بهنام ميخائيل
ان المتطلع الى مدرسة بهنام ليكتشف انها مدرسة ستانسلافسكية , فهي مبنية على حرفية التمثيل ومهارة فن التمثيل (اعداد الممثل ,,,,, حياتي في الفن ) هاذين المؤلفين للاستاذ ستانسلافسكي , يستنبط منهم تعاليمه وافكاره التربوية في المسرح ,كانت تكمن في ذات بهنام ميخائيل قوة داخلية مخلصة ومتفانية ليهب كل ماعنده من خبرة وثقافة وتجربة حياتية وفنية , ليهبها ويعمل عليها مع اي ممثل يبحث عن الابداع والتالق , كان يهتم بالصوت والالقاء وبجسم الممثل وبمرونته على المسرح , لانهما وكما كان يؤكد انهما سلاح الممثل , اضافة الى هذا كان يصقل اية موهبة يجدها لدى اية طالبة وطالب من طلبته ويحثهم على الاجتهاد والسعي والمثابرة , وهذا مااكده الاستاذ المرحوم ابراهيم جلال وعلى مسامعنا حينما سمع بنقل خدمات بهنام ميخائيل من معهد الفنون الجميلة الى اكاديمية الفنون الجميلة وبالحرف الواحد قال : لقد خسرنا ركنا من اركان التعليم التربوي والاخلاقي والتي يجب ان يتزود بها طلاب صفوف المرحلة الاولى في معهد الفنون الجميله , بعملية نقل هذا الراهب من صومعته الى الاكاديمية , حيث كان ينمي الاخلاق التربوية في المسرح ومحاظراته كانت تشمل التمثيل النظري والعملي , اضافة الى اصول الفن وحرفية الممثل الجيد , ( كان يؤمن ايمانا مطلقا بان الانسان هو جسد وروح , فالجسد هو البعد الطبيعي , والخاص بالممثل , وهذا الجسد يمتثل الى ردود الافعال الانعكاسية الداخلية للممثل , حينما سيتكيف ومع الصوت , وعلى ضوء هذه الافعال الانعكاسية بواسطة وسائل التعبير المختلفه , كالصوت , وعضلات الوجه , والاطراف والجسم كله , ويرسم الصورة التعبيرية للشخصية المسخرة على خشبة المسرح من قبل الممثل , واما الروح , او الجوهر , وهذا هو الاساس , والذي يهتم به اشد الاهتمام في محاضراته  , ولربما يعود هذا الاهتمام , كونه كان مطلعا على علم اللاهوت في بداية توجهاته الدراسية للكهنوت , الا انه فضل تغيير دراسته للتمثيل والاخراج المسرحي , وهذه الخلفية الثقافية في علم اللاهوت اختزنها كتجربة مختزنه ومكتسبه لتوضيبها لتعليم الطالب حرفية التمثيل على خشبة المسرح , حينما يبدي اهتمامه بالجوهر الحقيقي للشخصية , للروح ,و للاحاسيس الداخلية , والتي كان يؤمن بها ايمانا مطلقا , بان الدافع الفوقي لكل شخصية, مبعثه الروح والاحاسيس الداخلية , والتي كانت تتجسد على شكل ردود افعال انعكاسية , لترسم الصورة التعبيرية للشخصية المراد تجسيدها على خشبة المسرح  .
كان بهنام ميخائيل لا تنفك من فمه  العبارات التي كان يؤمن بها دائما ويتمثل بها ويوجهها لنا حينما كان يطلب منا ان نمثل ولا ان نتمثل , كان يؤكد على عدم التفكير بحركة الجسد ( من الاطراف وتعابير الوجه ) ويطلب من الممثل ان يترك ذالك للردود وللافعال الانعكاسية وللاحاسيس الحقيقية ان ترسم هذه المعالم التعبيرية ,لتخرج بتلقائية وعفوية وغير متكلفة .
كان بهنام ميخائيل يساعد الطالب ويهتم بكسر حاجز الخجل عنده , ويهتم برفع جرأته الادبية بشتى التمارين والذي كان يطبقها على الطلبة من اللذين يعتقد بانهم يحتاجون لمثل هذه التمارين , مثلا , كان يطلب من احد الممثلين ان يخلع قميصه واحذيته ويسير حافي القدمين في الشارع العام , وعلى مرأى من الناس , ويطلب من الطالب ان يقدم له تقريرا مفصلا عما كان بسمعه وان يحتفظ بردود افعاله واحاسيسه كتجربة مختزنة , كان يطلب من الطالب ان يتكلم مع الحيوانات ويراقبها , يطلب من الطالب الاستئذان من الباب حينما يروم فتحه ليدخل الى الداخل , ويستاذن من الكرسي للجلوس عليه , وان يسير في القاعة بكل هدوء وسكينة وعلى رؤؤس اصابع القدمين .
جميع هذه التمارين والتي ذكرتها , هي عبارة عن تمارين لضبط النفس وتقوية الارادة , بالسيطرة على ردود افعال الشخصية , واعتبارها تجربة مختزنة يستفيد منها في حرفيته كممثل , يسترجعها وقت الحاجة ليجسدها على معالم الشخصية والمسخرة على المسرح , ثم ان هذه التمارين هي التي تساعد على تربية روح الشخصية و اذا ماعلمنا بان الممثل الحرفي وجب عليه ان يفكر , بثلاث دوائر قبل الدخول الى الحدث في الدائرة الصغرى , وان يكون في حالة الاسترخاء والتامل في الدائرة المتوسطة , اي خلف الكواليس و مابعد الدائرة الكبرى والتي تعني بارتداء الملابس وعمل المكياج , وتتوضح اكثر في مقولة الاستاذ بهنام ميخائيل حينما يطلب من الممثل وهو في الدائرة الوسطى ان يسال نفسه ب , متى و ولماذا , واين , وكيف سادخل , وكذالك يطلب من الممثل ان لاينسى( لو او اذا السحرية) و لانه من خلالها سيتمكن من الاجابة على عدة تسائلات تساعد على اكتمال الشخصية بكامل مواصفاتها الطبيعية والداخلية , اضافة الى كل هذا فحينما يكون الممثل في الدائرة المتوسطة , اي ماخلف الكواليس وهو في حالة الاسترخاء والتامل ,عليه ان يسال نفسه , متى سادخل ----ولماذا سادخل ----- وكيف سادخل ------واين سادخل , عندها سيكون متهيئا لاستحضار الشخصية الخارجية ( المعالم الطبيعية و والداخلية ) وعندها سيكون متهيئا وهو على اتم الاستعدادات لان يدخل الدائرة الصغرى ليواجه جمهوره .
بهنام ميخائيل , مخرج يهتم بحرفية الممثل  
في مسرحية الاب للكاتب سترنبرغ  , كلفني ان اكون مديرا للمسرح , وانا كلي خوف من شدة صرامته , وقلقي من انني سوف لا استطيع التعامل معه , وسوف اخفق في تدوين ملاحظاته , والالتزام بتوجيهاته , وحينها , حينما كنت اتابع رسم حركة الممثل وملاحظات الاستاذ بهنام كمخرج للمسرحية , كنت في حينها اركز على كيفية نعامله مع الممثل اثناء رسم الحركة على المسرح  .
مسرح بهنام ميخائيل , هو مسرح فيه حرفية ومهارة الممثل
مسرح بهنام ميخائيل , هو مسرح تتجسد من خلاله حرفية ومهارة الممثل , من ابتكارات ذاتية وردود افعال حسية ,لذا كان حينما يرسم الحركة على المسرح قلما يحاول تحريك الممثل وحسب اهوائه كمخرج , انما كان يحاول توصيل معالم الشخصية وجوهرها ومضمونها للممثل , وياخذ منه مما عنده من الابداعات والاجتهادات الذاتية والمختزنة لديه , وعندما تستنفذ طاقة الممثل مما عنده من الخزين والمهارة الابداعية الذاتية عندها  يضيفمن عنده  بما يراه مناسبا , محاولا صقل موهبته واضافة لمساته الاخراجية على الممثل وعلى المشهد بنفس الوقت , كان دائما يوجه الممثلين , ويذكرهم بعدم التفكير بالحركة , وانما يهتموا بالتفاعل مع الفعل والاحساس النابع من داخل الشخصية , وعن طريق تحليل الشخصية وايجاد ابعادها , وعلى ضوء تجاربها الحياتية ( التجربة المكتسبه , والتجربة الذاتية , والتجربة المختزنه ) ومن خلال تحسسهم بها , فالممثل حينما كان يمثل وعلى ضوء رسم معالم الشخصية من قبل الاستاذ بهنام ميخائيل , تتمخض عن احاسيس واقعية , لها ردود افعال حقيقية , والتي حينما كان يجسدها الممثل على الخشبة المسرحية , كانت تبهر الاستاذ  , وتجعله يصرخ باعلى صوته كلمته المعهودة ( برافو ياابني الحبيب )  وهدفه من هذا دعم الممثل معنويا , انما كان في قرارة نفسه , ليس راضيا على الممثل وعلى مايبديه من طاقة من حرفية التمثيل , كان يطلب من الممثل ان يكون رقيبا ومراقبا لشخصيته اثناء التمثيل وان تتحرك الشخصية بايعاز من ذات الرقيب , اي الممثل بشخصيته الحقيقية , وبموجب مامرسوم لها من الحركة المسرحية .
الصفعة الثانية
في احد المشاهد الصفية ل مسرحية العادلون لالبير كامو , اتذكر وانا امثل شخصية البطل كاليائيف ,والمشهد كان عبارة عن تحقيق معي من قبل المحقق ( سعدون سلمان )  وبعد عرضنا المشهد ولعدة مرات , لم تعجب الاستاذ بهنام , وبالرغم من انني كنت اقدم وزميلي الطالب سعدون سلمان كل ماعندنا من المهارة والحرفة الفنية , انما لم نكن نعلم مايرضي الاستاذ بهنام ميخائيل , الا بعد صعوده على خشبة المسرح ليشرح لنا كيف ان الشخصية وهي على المسرح بجب ان ترسم وتحدد علاقتها بالشخصيات الاخرى المشاركة لها في  المشهد الواحد , وان تحرك الواحدة للاخرى باتجاه خلق فعل وردفعل ينتج عنها الشغل الحرفي للممثل ( الاستيج بزنز ) ومن خلال رد فعل صادق , به من الاحساس والتعبير الفني ,ونحن بالحقيقة في وقتها لم نكن نعلم كيف نواجه هذه المعضلة والتي اسمها بهنام ميخائيل , الا بعد انتحاله لشخصية المحقق واخذ يقابلني بالتمثيل ويحاورني , وانا امثل دور السجين امامه واذا به يصفعني صفعة لم اكن انتظرها منه جعلتني افرك اثرها بكفي ,على مكان الصفعة , عندها صرخ باعلى صوته وقال , هذا هو الذي اريده , اي يجب على الممثل ان يحرك الشخصية التي تقابله على المسرح , عندها تعرفنا على شيىء اسمه , ( كيف تستطيع ان تحرك الممثل والذي يشاركك المشهد وان تخلق علاقة مع شخصيته ومعك في ان واحد ) ,وهذا لا تستطيع ان تجده مالم تجد العلاقة الاساسية مابينك كممثل ومابين الممثل الاخر , بحيث تسال نفسك عن ردود افعال الشخصية التي تشاركك التمثيل في المشهد , فمن دون افعال هذه الشخصية التي امامك , لا تستطيع تحرير ردود افعالك المعاكسة والتي مبعثها الدافع الفوقي لتساعدك على التعبير الصادق والاحساس الحقيقي لردود هذه الافعال .
كان مسرح بهنام ميخائيل , معتمدا على جمالية وعلاقة الممثل بالديكور وبالاثاث وبالاكسسوارات المسرحية حيث كانت تضفي شيئا من الجمال لحركة الممثل مع السينوغرافية المسرحية , ولهذا كنت تراه يفرح وينشرح حينما يشاهد الممثل وهو يتحرك بانسيابية وبتلقائية غير مفتعله  .
كان بهنام الفنان والمخرج يحاول انتزاع التجارب المختزنه والمكتسبه والانية من الممثل , ومن ثم يطلب منه مقاربة هذه التجارب وتطبيقها على الشخصية التي يمثلها , وان جاز التعبير , ان مدرسة بهنام ميخائيل في الاخراج , كان فيها شيئا من صعوبة الفهم والاستيعاب من قبل الممثل المبتدىءوالذي لا يعلم شيئا عن المدرسة الواقعية , ولا عن طريقة ستانسلافسكي في التمثيل .
كان بهنام ميخائيل يناجي الروح والجوهر للشخصية ,لترسم رد فعل معاكس من خلال احساس الشخصية مترجمة هذا الاحساس بلغة تعبيرية بواسطة وسائل التعبير الجسدية من الجسم والوجه , ولهذا كنت تشاهد الممثل في مسرح المخرج والاستاذ بهنام مليىء بهذه الاحاسيس والتي تلعب دورا في تنمية الصراع المتنامي باتجاه العقدة والذروة , ومن ثم الى الحل .

في يوم من الايام كانت لنا زيارة مع الدكتور عوني كرومي رحمه الله الى فرقة المسرح الشعبي , وهناك تعرفت على الاستاذ د. سامي عبد الحميد قبل انتقاله الى فرقة مسرح الفن الحديث ,وبعد ان عرفه د. عوني كرومي بنا على اننا طلبة جدد في معهد الفنون الجميلة , فاخذ يستفسر منا عن علاقتنا بالاستاذ بهنام ميخائيل , عندها تملكني نوع من الحرص عن شرح نوعية هذه العلاقة , معللا هذا ان لكل استاذ اسلوبه وطرق تعامله مع الطلبة , فبقيت ملتزما بصمت زادت من نظرات د.سامي عبد الحميد نحوي منتظرا الاجابة على سؤاله ,
انما انا بقيت بحيرة من امر الاجابة ,بماذا اجيبه ؟ ااقول ان بهنام ميخائيل مدرسة صعبة وثقيلة بنفس الوقت ؟ ففضلت بالصمت الا ان الفنان سامي عبد الحميد فاجأني بسؤال اخر
مستفسرا مني عن السبب الذي يجعلني اسير على رؤوس اصابع قدمي , فاظطررت للاجابة قائلا : هذه هي تعليمات الاستاذ بهنام ميخائيل , فعقب على اجابتي قائلا : ولكنه ليس هنا ! فاجبته : استاذ رحمة بنا , دعنا وشاننا مع عالم ومدرسة بهنام ميخائيل , والا ستكون عواقب من لم يلتزم بتعليماته الفشل والرسوب ,فهنا ابتسم ابتسامة رضا ومحبة لاخلاصنا ووفائنا  للالتزام بتعليمات استاذنا متمنيا لنا الموفقية والنجاح مع مسيرتنا وعلاقتنا الامينة مع الاستاذ بهنام والتي تشوبها شيئا من الامانة والمصداقية معه ومع انفسنا نحن الطلبة , قد يكون هذا الجانب من الحرص مصدره الخوف من ان الاستاذ بهنام ميخائيل قد جند من زملائنا الطلبة لمراقبتنا خارج المعهد ليخبروه عن مدى التزامنا بتعليماته , وبعكس هذا ستكون كارثة لكل طالب تصل الاخبار عنه بانه لم يكن صادقا مع نفسه ومع الاستاذ بهنام , وكان الهدف من هذا التمرين تعويدنا على الالتزام بالتعليمات ومصداقية التعامل مع الاخرين  , معللا ذالك على ان الفنان يجب عليه ان يكون ملتزما وصادقا مع نفسه ومع الاخرين .
الاخلاق التربوية في مسرح بهنام ميخائيل

في معهد الفنون الجميلة , وحينما كنا نسير على رؤوس اصابع اقدامنا , وتحت انظار الاستاذ بهنام ميخائيل , كان يقول : ( ترى مايعبر عليا شسي , الملتزم اني اعرفه , وكل تفاصيل حركاتكم توصلني بالدقة ) بهذا الاسلوب كان يستفزنا ويجعلنا ملتزمين بتعليماته , وبعد تخرجنا , توصلنا الى شيىء اسمه ( الاخلاق التربوية في مسرح بهنام ميخائيل ) اضافة الى هذا تعرفنا على مدى فائدة مدرسة واسلوبه في تكوين شخصية الممثل , وتطوير مهارته وصقلها والغرض من هذا خلق ممثل جاهزا حرفيا ومتكاملا على المسرح .
وكثيرة هي التفاصيل مع مدرسته , الا اننا مهما تعمقنا في هذه التفاصيل , لا يمكننا ان نصل الى ماكان يهدف اليه هذا المخرج الرائع  صانع الفنانين من الممثلين العراقيين , انه الفنان الرائد بهنام ميخائيل , رحمه الله واسكنه ملكوت السماوات في الحياة الابدية مع الابرار من الذين رحلوا في رحلة روحانية سمائية , ترك لنا تراثا وارثا , ومدرسة في التدريس والاخراج , لا يمكننا نسيانه .
اعماله المسرحية :
1 – افكار صبيانية
2 – ماوراء الافق
3 –الاشباح
4 – مسمار جحا
5 – مريض الوهم
6 – مسرحية الاب , والتي لم يكتب لها الظهور على المسرح .
توفي سنة 1988 في بغداد بعد ان ترك بصمات تربوية اخلاقية في المسرح , وهذا مااكده كبار الاساتذة من الفنانين والمخرجين الرواد .
خلاصة مدرسة بهنام ميخائيل
هذه الخلاصة تتضمن  , ان هذه المدرسة التي تعلمناها منه وتعودنا عليها واصبحنا لا نستطيع تمثيل اية شخصية , او تجسيدها بالصورة الصحيحة , مالم نتبع القاعدة والاسس الصحيحة والتي ارساها المخرج الاستاذ بهنام ميخائيل والتي كان يؤمن بها , وتتضمن , انه من الضروري جدا ان تعايش الشخصية باحاسيسك الداخلية , لانه يؤمن كل الايمان , بان الممثل يملك من القابلية الذاتية , والقدرة على الابداع , وتجسيد الاحاسيس , اذا كان يملك من الايمان المطلق , بقدرته على خلق الشخصية , ومن خلال هذا الايمان , سيتم والتعاطف والتعايش مع الدور , كان يوصي الطالب ويوجهه على ان يتبع القواعد الاساسية في تجسيد الدور المسرحي ومن دون اللجوء الى المبالغة , اضافة الى هذا , عليه ان يكون قياديا في خلق هذه الشخصية المسرحية , وان يعتمد على نفسه في بنائها من الداخل , باتباع الاساليب السايكولوجية في خلقها , والابتعاد عن المبالغة  اثناء تجسيدها من على خشبة المسرح , والابتعاد عن الحركات والايماءات البالية والمستهلكة والتي لا يمكنها من خلق عنصري التشويق والشد , كان يركز  على الطالب بمعايشته للدور وان يجسد من خلالها الغرائز الحيوانية مقربا  صفاتها من تصرفات الشخصية المسرحية , ويوصي بتجديد معالم الشخصية ويبتكر لها مهارات ابداعية , فيها شيئا من الجمال وصدق الاحاسيس و التعابير , وعلى ضوء هذا ستتجدد  شخصية الممثل وستتميز مابين عرض واخر .
كان يوصي و ويؤكد على  الممثل ان يحلل شخصيته , اي دوره في المسرحية , وان يجد ابعادها الطبيعية والنفسية والاجتماعية , كان يسأل الطالب , عن عمر الشخصية والتي يمثلها , وعن طولها ونحافتها او ضخامتها , عن مزاجها وعن حالتها النفسية والاجتماعية , متزوج ام اعزب , مثقف او امي , غني ام فقير , له علاقات اجتماعية ام انه منطويا على نفسه , ماهي العاهات الجسمانية التي يملكها ,ماهي طريقة كلامه وحديثه مع الاخرين  .
جميع هذه الاسئلة التي يتناولها الممثل والاجابة عليها  , بعد ان يغوص في اعماق الشخصية  , ستساعده على تجسيدها التجسيد الصحيح من على خشبة المسرح وان يؤمن بها الايمان المطلق , والا من دون ماسبق ذكره ستكون الشخصية كالطبل الاجوف , مجرد اصوات ومن دون احساس صادق مع نفسها ومع الاخرين , ولهذا , كيف يطلب من الجمهور ان يؤمن وان يصدق بما يعرض عليه , ان لم يكن هو مؤمن بما يؤديه من على خشبة المسرح !!!!!!!!! .
كان بهنام ميخائيل يطلب من الممثل ان يبحث ماخلف السطور , وان يكتشف معالم شخصيته , وان يجد المعاني المستتره , لتساعده على كيفية الالقاء والتلوين , لانه كان يؤمن بان لكل كلمة من حوار الممثل لها وقع خاص وفعل خاص والقاء وتلوين خاص , وبموجب ماتتطلبه عملية فن الالقاء , وعلى ضوء ردود افعال ودوافع الشخصبة , سيخرج الصوت مصبوغا بنبرات الحنجرة والمتفاعلة مع الاحاسيس الدخلية , والتي سيجسده الصوت , وسيتمثل لها الجسد وبموجب هاذا الالقاء والتلوين  .
فلو حاولنا اتباع وتطبيق هذه الاساسيات الانفة الذكر والتي كان يؤكد عليها استاذنا الراحل , عندها ستقودنا الى حرفية مسرحية ( ستيج بزنز ) حينها ستكتمل عند الممثل الصورة الحقيقية للشخصية , والمراد معايشتها على المسرح بعملية الاندماج والتقمص , فنكون بذالك قد توصلنا الى حالة من حالات الابداع والكمال , والتي كانت تبهر الاب الروحي وتستانسه  .
وفي الختام ---- لم اذكر الا شيئا قليلا من بحر كبير لمدرسة  الاب الروحي   بهنام ميخائيل وهذا مااسعفتني به ذاكرتي من استحضار في هذا البحث المتواضع , اامل انني سأوفي بحقه في بحوث اخرى , انشاء الله , انما يبقى الاستاذ الراحل بهنام ميخائيل عمد من اعمدة التدريس التربوي في المسرح  ,قل نظيره في عالمنا التربوي , العالم المسرحي والذي ودعه الراحل بهنام ميخائيل .
 




9
الدراما المسرحية
بين
التراجيديا و الكوميديا

فن كتابة المسرحية
اولا : هو نقل قصة من الواقع , او محاولة خلق حكاية فيها شيئا من الابداع والابتكار , يعتمدها الكاتب لخلق من خلالها فكرة اساسية , وموضوعا مقتبس من الواقع الاجتماعي , لمسرحتها باطار عرض شيق وجميل , مبتدئا من  المشاهد العرضية , والتي فيها الانفعالات النفسية وردود افعالها الانعكاسية والمتمخضة عن هذه الانفعالات , لتجسد صورة لفكرة , هي بالحقيقة ليست جديدة , وانما هي عنصر من عناصر التواصل للبناء الدرامي لمساعدة الخط الرئيسي , او باتجاه خلق مشاهد اخرى عرضية , فيها افكار متكاملة بشخوصها , وبتسلسل احداثها , تساعدنا على اسناد الفعل الرئيسي في النمو والتواصل باتجاه الذروة والحل .
وهذا لا يتم الا عن طريق شخوص الاحداث المختلفة الاراء والافكار , والتي تحمل كل منها , رأي يختلف عن الاخر , لتتم عملية الصراع مابين تناقض الافكار واختلاف الاراء فيما بينها مع اختلاف مصالحها الذاتية , كل ذالك يساعد على خلق صراع مابين هذه الشخوص , وكل منها متمثلة بافكارها الايجابية كانت ام السلبية , وهكذا ومن خلال هذا الصراع سينكشف لنا ان هناك خيطا دراميا يحمل بناء متدرجا باتجاه العقدة والذروة والحل , انما هنا يجب على الكاتب ان يطرح شيئا جديدا ومبتكرا افكارا واحداثا وبشخوص متميزة تساعد على توصيل الفكرة الى المتلقي ومن خلال نقل الواقع الممسرح والذي يحمل لمسات من الابتكار والخيال وفيه شيىء من الابداع , ليعمل فعله في عملية التنفيس والتطهير عند المتلقي , فمن دون هذا سوف لا يحصل المتلقي على متعته من خلال الفرجة والمشاهدة , وبهذا ستنقطع عملية المتابعة والتواصل لمجريات احداث العمل الدرامي , وستحدث فجوة وشرخ مابين المتلقي والعرض المسرحي , اذن من الضروري ان يعمل كاتب الدراما على حبكة جيدة متماسكة ومن خلال حوار مترابط وشخوص تحمل الافكار المتناقضة لتساعد على ايجاد الصراع المتكامل , والمتناقضات مابين المواقف والافكار , لنحصل على بناء درامي فيه من الحبكة والثيمة الاساسية والتي من خلالها نحصل على الجو العام لمجريات العمل المسرحي , اضافة الى مايجسده المؤلف من الجو العام لاحداث العرض المسرحي , من خلاله يساعد على توصيل افكاره ويصبها في قالب فني فيه من الشكل والمضمون يستمده من خلال خياله وابتكاراته الغير التقليدية , ليخلق من هذا عنصر التشويق والشد وعملية التواصل والمتابعة .
فلو حاولنا ان نسأل سؤالا مفاده , هل يكتفي الكاتب بسرد قصة ومن دون اضافات عليها ؟ ( اعني , ارائه ووجهة نظره ومن دون المساس بمجريات الاحداث والمساس بحقائقها التاريخية  ان كانت قصة مبنية على التاريخ والحدث ؟  انما هنا من الممكن للكاتب ان يعرض وجهة نظره من الحقائق والتاريخ , وان يستحدث شخصية تتكلم عن لسانه , وتنقل ارائه وافكاره , وان يمثل التاريخ المعاصر والذي يحمل القيم والافكار المتناقضة والايجابية والمنحازة الى القضية الانسانية , من خلال الراوية , او من خلال افلام وثائقية تستعرض الجانب المظلم من جوانب الطرح التاريخي , ويتم التعليق , وايجاد البدائل الايجابية لتلك الحالات المظلمة من التاريخ المطروح , معتمدا على الحقائق التاريخية من الوثائق والمستمسكات , وعرض الافلام والتي تدعم النص المسرحي , وهذا ماموجود في المسرح التعليمي , والمسرح السياسي , وقد كانت لتجربة بيتر فايس  ومسرح بريشت , تجربة رائدة لمسرح تعبوي تحريضي , وناقد وساخر في نفس الوقت ) لنعود الى السؤال نفسه ونسأل مرة اخرى , هل يكتفي الكاتب بسرد قصة ومن دون اضافات عليها ؟ الجواب لا يمكن هذا , والا كيف سيحاول الكاتب ان يمرر افكاره وارائه وان يجسد رؤيته للمتلقي ؟ ثم ان هناك شيئا اخر , ان نقل القصة من الواقع وسردها عن طريق شخوص المسرحية , ليست هي العبره في خلق جمالية الطرح للفكرة , ان لم تكن هناك احداثا ثانوية وعرضية , تساعد على اسناد الفعل الرئيسي , وتساعد ايضا على تواصل تسلسل البناء , وعن طريق هذه الاحداث الثانوية , لان في هذه الاضافات والتي يستحدثها الكاتب ماجائت الا من خلال الضروريات والاحكام والمستوحات من بناة افكاره من عالم الخيال والابداع , واخضاع القصة المسرودة لشكل فني يحمل من جمالية الطرح , مراعين في ذالك المحافظة على عنصر البناء وتسلسل الاحداث المتنامية للقصة , وبشكل لا يبعث على الملل , انما الكاتب الجيد , هو الذي يضيف من بناة افكاره افكارا تساعده على ان يصل الى ذات المتلقي لتتفاعل مع مايحمله من عنصر الاستقبال , محاولا من خلال هذا الاستقبال , المقارنة مع مايحمله  وما يستقبله من الافكار لتساعد على تفعيل الفعل ورد الفعل , لتخلق عند المتلقي عملية المتعة والمتابعة , فيه شيئا من الانفعال والاندماج , وبهذا ستساعد المتلقي على عملية التنفيس والتطهير الارسطوطاليسي , وهذا لا يكون ان لم يحاول الكاتب ان يخلق عنصر الخوف والحذر والترقب والمحفزات الذاتية للمتلقي , محاولا من ذالك شد انتباه المتلقي والاندماج مع مجريات الاحداث المعروضة على المسرح .
التراجيديا والكوميديا         
النص المسرحي , وكما هو معروف حكاية  واقعية او خيالية , تاريخية او معاصرة  , هي من بناة افكار المؤلف , وهذه الحكاية تعتمد على عناصر مهمة جدا , وساطرحها قبل الدخول الى التراجيديا والكوميديا .
اولا ---- من مواصفات النص المسرحي الجيد ان يمتلك الفكرة الجيدة , وهذه الفكرة مطروحة وبحبكة             جيدة وبشخوص متكاملة المعالم , اضافة الى البناء المسرحي المحكم , وحوار ذات مضامين              فكرية واحاسيس انسانية , ويجمع مابين الترقب والتحفيز , جميع هذه المواصفات اذا انجمعت             في نص مسرحي امكنه على خلق عملية التواصل والمتعة عند المتلقي .
ثانيا --- النص المسرحي , يعتمد على العرض + العقدة + الذروة = الحل .
فالعرض ( العرض الاستهلالي ) غالبا مايسبق الاحداث والمشاهد المسرحية , ليعرض لنا الزمان والمكان ونوع الحدث والذي سيكون الانطلاقة الرئيسية لبداية البناء المسرحي , والذي ستترتب عليه نمو الاحداث والصراع من خلال عرض شخوص المسرحية بافكارها الايجابية والسلبية , ومنه سنتعرف على الثيمة التي يفصح عنها الخط البياني للبناء المسرحي , ومثال على ذالك في هذا المشهد اللاحق , تابع واكتشف مايطرحه المؤلف من شخوص سلبية وايجابية , اضافة الى وحدة المكان والزمان , والحدث .
( مشهد في دار حديث , داخل صالة تحتوي على طقم من قنفات الاستقبال )
سمير ------ اني اتعجب من ذوله اللي يهتمون بالكشخه والفخفخه , وهمه فارغين .
قاسم ----- وعليش هل عجب ؟ مجتمع متطور , مايبالي بالمشاعر الانسانية ولا يهتم بالعواطف ,                   اهتماماته فقط  , الحياة المادية , لانه هو عصب الحياة بوكتنا الحاضر .
سمير ------ والحياة المادية تعتقدها هي عصب الحياة بهل وكت ؟؟؟!!!
قاسم ----- طبعا , وخاصة عد معظم الناس , فمن دون الماده , متكدر تحرك ساكن .
سمير ----- بس مو هي الجوهر الحقيقي للحياة .
قاسم ----- عد بعض الناس , نعم , واني انطيهم الحق واتفق وياهم .
سمير ----- شلون ؟
قاسم ------ لانه عالمك هذا اللي دتعيش بيه , ماينبني ولا يتطور الا على المادة , فمن دون المادة ,                   ماراح تكدر اتشوف اي تطور بهل الحياة اللي دنعيشها  .
سمير ------ ولكن , المفاضلة المادية واللي يؤمن بيها الشخص المادي , راح تتغلب على مشاعره                      الانسانية , وبعدها ومن دون مايدري راح ايصير عدو للبشرية .
قاسم ------- فاليكن , المهم متمكن ماديا , ويكفيني ان اعيش حياة سعيده , ومايهمني ان تغيرت                       مشاعري باتجاه الناس , حتى لو انخلقت حاله من الجمود مابيني ومابين الناس , مايهمني .
سمير ----- وبعدين راح تكون وحيد .
قاسم ----- مو مهم , ماطول املك المادة فماراح احتاج الاي واحد منهم .
هنا عزيزي القارىء , يطرح المؤلف شخصيتين متناقضتين ومختلفتين بالاراء والافكار والنظرة الى الحياة , فنشاهد شخصية سمير , شخصية مبتعدة عن الحياة المادية وغير مؤمنة بانها هي الاساس في الحياة البشرية , حيث تعير اهميتها للحياة الانسانية بمشاعرها وعواطفها , اما الشخصية الثانية , فهي شخصية قاسم , والذي يختلف عن سمير بارائه وافكاره ونظرته للحياة وللمجتمع , انها شخصية مادية وتعامله المادي مع المجتمع هو سر متعته في الحياة المادية , ويؤمن يأن الانسان  من غير المادة لا يستطيع مقاومة الحياة , ولا يستطيع تكوين حضورا في المجتمع من غير المادة  .
هنا في هذا المشهد كان العرض الاستهلالي من شخصيتين , بافكارهما الايجابية والسلبية , ومن خلال هذا التناقض في الاراء والنظرة للحياة , سيحاول المؤلف بناء صراع مابين هاتين الشخصيتين المتناقضتين في المشهد الواحد , ومن ثم سينمي هذا البناء والصراع باتجاه العقدة حينما يكتشف سمير بأن مايطرحه قاسم هو الحقيقة النسبية والتي يؤمن بها قاسم  , انما سمير  لا يستطيع مجاراته على حساب مايؤمن به , وهنا يخلق المؤلف العقدة من خلال غرامة مالية استحقت على سمير لدفعها الى الجهات المعنية , انما ليست لديه القدرة المالية على دفعها , لنتابع هذا المشهد الثاني .
المشهد الثاني ( نفس المنظر الاول في المشهد الاول )
الام -------  ابني , مااسالت عن اخوك سمير ؟
قاسم ------- شكو عليه , عصاته وعباته .
الام ---- لا ابني لا , اخوك والواجب ان تسأل عليه .
قاسم ----- يمه خليه , هو راضي بقسمته , ومقتنع بحاله .
الام ---- ياحال هذا ابني , اخباره كلش ماعاجبتني .
قاسم ------ هو شكالج ؟
الام ----- يعني الواحد الا يشكي يلله تسئلون عليه ؟!!!!!
قاسم ----- طبعا , والا راح نكون حشريين وفضوليين  , ندخل باامور ماتعنينا .
الام ----- ابني اخوك سمير , محتاج فلوس , حتى يدفع الغرامه اللي عليه .
قاسم ----( يضحك ) خربتيني ضحك .
الام ----- تضحك على مصيبة اخوك ؟ داكلك محتاج فلوس .
قاسم---- وشنو علاقتي بالموضوع ؟
الام ---- اذا انت اخوه  تحجي مثل هل حجي , لا عتب على الغريب شيحجي ؟
قاسم ---- نفس الحجي , تعرفين ليش ؟
الام ---- ليش ؟
قاسم ----- لان حضرة الافندي راكب راسه ومايريد يعترف بالحقيقه .
الام ---- اي حقيقه ابني ؟ داكلك اخوك محتاج فلوس وضروري تساعده .
قاسم ---- راح يرفض هل مساعده .
الام ---- وليش ؟
قاسم ----- عقله ايكله هشكل , مايؤمن بالمادة و ويعتبرها من الضروريات الغير مهمه .
الام ----- هذا الحجي خليه على صفحه , اخوك محتاجله فلوس , راح تساعده لو لا ؟
قاسم ----- خلي يجيني ويطلبها مني بنفسه .
            لو لاحضنا , في المشهد السابق حاول المؤلف على ايجاد عقدة من خلالها لا يستطيع سمير              ان يستدين مايحتاجه من اخيه قاسم , ولماذا ؟ لانه سبق وان نشب خلاف مابينهما حول اهمية          المادة في حياة الانسان , حيث كان سمير مصرا على فكرته , وان قاسم سيمتنع عن مساعدة           اخيه سمير ان لم ياتيه بنفسه ويطلبها منه , اذن , العقدة هنا , ان سمير سيقع تحت طائلة العقوبة       بالغرامة المتضاعفة فيما اذا هو لم يحاول مد يده الى اخيه قاسم لطلب المساعدة المادية لدفع الغرامة   المرورية , اذن مالحل ؟ هي هذه عقدة المشهد وعلى الكاتب ان يجد الحل لهذه العقدة , لنتابع في المشهد الثالث .
المشهد الثالث ( دار سمير المتواضع من خلال الاثاث المتواضع )
الزوجه ----- اشوفك مهموم وصافن ؟
سمير ----- مرات يعجبني اصفن على هاي الدنيا  .
الزوجه ---- والحمدالله بعدها الدنيا بخير , اكو شي ؟
سمير ---- لا مساله بسيطه وراح احلها انشاءالله  .
الزوجه ----- اكدر اساعدك ؟
سمير ---- انت ساعدي روحج بشغل البيت , والله كريم .
الزوجه ----- احجيلي شكو ؟ اني زوجتك , بلكت اكدر اساعدك !!!!
سمير ----- صدكيني تغرمت غرامه مرورية , واذا ماادفعها باجر راح تتضاعف عليا .
الزوجه ---- جم دوب كايلتلك دير بالك عسرعه وانت تسوق , ولا كانه , اني احجي واني اسمع .
سمير----  هسه هنوب فتحتيلنا قوانت اللخ , كفرنا حجينالج ؟
الزوجه ---- شكد هي الغرامه ؟
سمير ---- 300 دولار .
الزوجه ---- راح ااجل دفع قائمة الكهرباء , بعد بيها مجال , وراح انطيك هاي الفلوس , وروح ادفع                 الغرامه .
سمير ---- معقوله !!!! انت اكبر زوجه بالعالم , حبيبتي خلصتيني من موقف كلش محرج , وماادري                   شلون اشكرج , اخذيلج هل بوسه هاي  وكومي انطيني الفلوس .
 لنتناول المشاهد الثلاثه السابقه :
المشهد الاول----- سمير وقاسم
المشهد الثاني ----- الام وقاسم
المشهد الثالث ---- سمير والزوجه
ونبحث عن الدافع الفوقي لكل شخصية ,وتاثيرها على سير الحدث و على تنمية الصراع في داخل كل مشهد ------ فشخصية :
سمير , هي شخصية غير مادية , متواضعة , فقيرة الحال , وهي تؤمن بالعلاقات الانسانية , وافكارها   ايجابية .
قاسم   , شخصية مادية , تؤمن بالحياة المادية , لا تبالي بالعلاقات الانسانية , شخصية تعيش على الهامش ومن غير هدف سوى انها تتمتع بقدرة مالية جعلتها تعتمد عليها في حياتها , علاقتها الاجتماعية مبنية على المصالح الغير الانسانية , وجادة في عملية دفع الفعل باتجاه العقده ,وافكارها سلبية نسبية من وجهة تفكير سمير .
الام  هي شخصية واقعية ومثالية بسيطة , لا مكانة لها في تحريك الفعل سوى انها شخصية عرضية لعرض مشكلة سمير على قاسم , في هذا المشهد العرضي ,هو نفسه يدخل من باب العرض الاستهلالي متجها بالاحداث باتجاه العقدة , حينما يطلب قاسم من والدته عرضا بمساعدة اخيه قاسم شرط ان يطلبها سمير بنفسه من قاسم .
الزوجه  , هي شخصية ودية وايجابية ساعدت على حل المشكله , وحل ازمة زوجها , متجهة بالبناء نحوى الانفراج والحل .
انما تبقى الدراما في في سياق طرحها من عرضها الاستهلالي والى الحل تاخذ شكلا ونوعا في الطرح وحسب موضوعها وفكرتها وشخوصها , وما تحمله من فكرة , ان كانت انسانية تعتمد على العاطفة , ام على المنطق والعقل , او على العبث واللامعقول واللاجدوى ,او على طرح من الوثائق والتواريخ لما تحمله احداثها من صراعات فكرية , وموضوعات سياسية , وجميع هذا يصب في قالب من  الرومانسية او التراجيدية او الكوميدية , متاثرة بوحدة المكان والزمان وبالظروف العمومية لكل مجتمع , متاثرة بالمرحلة السابقه , ومؤثرة بالمرحلة اللاحقه , وهذه الانواع ايضا تختلف بشخوصها , وبافكار وسايكولوجية كل منها , وبموجب مايوحى من المؤلف , لعكس افكاره ووجهات نظره لما موجود من حوله وعن طريق هذه الشخوص المسرحية , وكل شخصية من شخوص النص المسرحي , لها ابعادها ونظرتها للحياة , وبموجب ابعادها الطبيعية وهيكلتها الجسمانية , والبعد الاجتماعي والتي تحمل من الاعراف والتقاليد الاجتماعية , والبعد النفسي لما لها تاثيراتها من الحالة  النفسية وتاثير هذه الحالة على الحضور الاجتماعي والثقافي , ومن خلال هذه الابعاد للشخصية المسرحية تساعد على ايجاد الفعل والصراع والبناء المتنامي والذي يحدد نوع الطرح , ان كانت كوميدية , او تراجيدية , او الاثنين معا   .
وقبل انتقالي الى تناول التراجيديا والكوميديا  للدراما المسرحية , قد يسأل سائل عن : هل يمكن للحل ان ياتي في مقدمة النص المسرحي ؟ فأجيبه , نعم  , من الممكن , وعندها يبدأ المؤلف بالفلاش باك اي ( الارتجاع الفني ) بطرح الاحداث , ومن ثم يصل الى النهاية والتي كانت هي البداية , مثال على ذالك
حامد ----- صدكني مجان قصدي اموته , ردت بس اخوفه .
المحقق -----  بس انت كتلته  .
حامد ---- اني بس سحبت المسدس , ردت اخوفه وابعده عن طريقي , بس
المحقق ----- بس شنو ؟
حامد ---- من هجم عليا ( هنايبدأ الممثل باستعادة  احداث ماحدث , ويروي القصه باحداثها ,              ووصولا الى نقطة البدايه , والتي هي بنفس الوقت النهاية ) .
لنعود الى المشاهد السابقه , مابين سمير وقاسم , ومابين قاسم والام , ومابين سميروزوجته , لكل
مشهد من هذه المشاهد ضربه , اي ( اسم الفعل ) اي تحصيل ماحصل من صراع فكرتين متضادتين بالاتجاهات والافكار , اي ( السالب والموجب ) واللتان ينتج عنهما اسم الضربه , اي اسم الفعل للمشهد الواحد , فمثلا , في مشهد سمير وقاسم , نستطيع تسميته ( المادة في حياة الانسان ) والمشهد الثاني مابين قاسم ووالدته نسميه وبموجي الضربة الموجودة فيه , اي الفعل الاساسي ,( العرض والطلب ), والمشهد الثالث , فضربته , اي فعله الاساسي , هو( الانفراج),فاذا استطعنا ان توصل الى تسمية فكرة كل مشهد , اذن نحن قد استطعنا تفسير المشهد بفعله وبصراعه , معتمدين على تحليل كل شخصية من شخصيات المشهد الواحد , وبهذا سنتمكن من ايجاد الصورة الحقيقية للشخصية والمتجسدة بابعادها الطبيعية والنفسية والاجتماعية , وهكذا هو الحال مع كل مشهد ومع كل فصل , ومع النص المسرحي بكامله .
الترجيديا ----والميلودراما ---- والكوميديا-----والملهاة   
وهذه الجوانب من نوعيات وعناوين كل نتاج ادبي وفني , تاخذ نزعتها النفسية والفكرية , من الحالات المتاثرة لكل كاتب والظروف المحدقة به , منتهجة مدرسة من المدارس والمذاهب الفكرية , يصب من خلالها الكاتب المسرحي , تمخضاته السياسية والفكرية والرومانسية او العبثية او التعليمية والرمزية والواقعية , وهذا ماحصل بعد النهضة الصناعية في اوربا , ومنها انتقلت الى بلدان اسيا , وبعد مرحلة الحرب العالمية الثانية , حيث تاثر الكتاب المسرحيين , وبعض المثقفين , من اجواء الحروب والكوارث وحالات الجوع والفساد الاداري ( الثورة الفرنسية والثورة الاميركية , وحرب النازية في المانيا ) وعلى الرغم من وجود قوانين صارمة وعقوبات قاسية في تلك المرحلة  بحق الكتاب والمتمردين على الواقع المأساوي , الا ان هذه الفترة التاريخية والمرحلية اثرت في حياة الادباء والمثقفين من الكتاب المسرحيين والشعراء والصحفيين ممن تمردوا و ثاروا على التقاليد البالية ودعوا الى حرية الفرد , ولاصلاح الاجتماعي  .
فالمسرحية التراجيدية او الماساوية , هي تلك المسرحية , والتي تبدأ بعرض الاحداث وعن طريق شخصياتها , متجهة اتجاها مأساويا , متناولة الحوادث المؤسفة والكوارث الانسانية , وتنتهي بنهاية غير سعيدة , وهنا تتميز بشخوصها الجادين , بطرح افكارهم ,مستمدين من حالاتهم النفسية , ردود افعالهم ومعاناتهم مما يؤثر فيهم من المحيط  والبيئة والواقع المرير الذي يعيشونه  , وهذه الشخصيات تلعب الحالة النفسية دورها في عملية التجسيد والتسخير على خشبة المسرح ومتطابقة مع الحالة المأساوية التي تعانيها في مسيرة حياتها .
فالتراجيديا اليونانية  , هي منذ القدم الماساة والتي اخذت شكلا من اشكال العمل الدرامي , وهذا الشكل قد يكون نابع من قصص وحوادث تاريخية , او هي عبارة عن طقوس دينية كانت سائدة انذاك من تاريخ المسرح اليوناني , وقد اوعزها  علماء المسرح والباحثين في شؤونه , انها حالة من حالات التقديس , والعبادة اليونانية لتلك الفترة من تاريخ المسرح اليوناني
وغالبا ماكانت تقدم على شكل رقصات والمصاحبةمع اصوات لقرعات الطبول والالات الموسيقية الهوائية
وهم يرتدون على اجسادهم جلود الماعز ويغلفون سواعدهم واقدامهم بهذه الجلود , ولهذا سميت
باغنية الماعز , وهم في ذات الوقت يقومون بذبح الماعز اثناء تقديم هذه الرقصات , قربانا للالهة التي يعبدونها
مستصحبين حركاتهم برقصات يشوبها نوع من التحفيز والخوف والترقب والذعر , معبرين بهذا عن  تعظيم الالهة التي كانت تعبد ضمن تلك المرحلة من الحقبة الزمنية  في المسرح اليوناني  , وغالبا ماكانت النصوص المأساوية التراجيدية مسحة ظاهرية لتلك المرحلة التاريخية , ومن خلالها يتم تطهير النفوس والتنفيس عن الذات , لتحصل عملية المتابعة والتواصل مع ما يطرح , ومن ثم تنتهي بالحوادث المأساوية , اما بالقتل وسفك الدماء , واما بفاجعة لا تحمد , وغيرها من النهايات الغبر السعيدة , وقد تاثر المسرح الشكسبيري بهذه المسرحيات التراجيدية , فكانت مسرحية يوليوس قيصر , وهاملت , والملك لير و وكليوباتره , الا انها تختلف عن مثيلاتها من المسرحيات اليونانية بالاسلوب والطرح .
اما الكوميديا : فهي مسرحية تهدف من عرضها , اضفاء الفرح والبهجة  وايصالها للمتلقي وعن طريق شخوص كوميدية باساليبها وافكارها المتناقضة وكيفية قدرتها على اضحاك الجمهور المتلقي من خلال حركاتها المبالغة وتعابير وجهها وعرض ملابسها ومكياجها مما يضفي البهجة والسرور للجمهور المشاهد , ومنذ العصر اليوناني  اعتمدت الكوميديا اليونانية على تقديم القصائد الشعريه الراقصة والشعائر الدينية في اعياد الاله ديونيسيس في الحقبة الزمنية التاريخية للمسرح اليوناني وعلى يد الكاتب الساخر ارستوفان  , وقد تاخذ المسرحية الكوميدية شكلا ماساويا الا ان مايطرح يبعث على الكوميد والسخرية والنقد , وقد تلمس ذالك من انك في بعض الاحيان حين مشاهدتك لبعض العروض المسرحية الكوميدية تضحك الا ان حالتك النفسية تميل الى الحزن والتعاطف المأساوي مع الشخصيات والاحداث , وقد تبلور هذا المسرح  في الاحقاب الزمنية اللاحقة , ولا سيما في اوربا عموما , حيث ابتدأ بطرح المواقف الساخرة والمضحكة والمحاورة الثنائية او اكثر, ومن خلال اغاني وقصائد مغناة وعلى شكل منولوجات كوميدية هزلية غايتها النقد والسخرية من بعض الشخصيات والمواقف الاجتماعية البالية , وقد تطورت في انكلترى ومن خلال مسرح برنادشو وفي فرنسا من خلال مسرح مولير .
انما المؤسف , ان الكثير من من الفنانين واللذين يقعون في فخاخ الاعمال الكوميدية , يتوهمون حينما يعتمدون على البعد الطبيعي للجسم من سمنة او نحافة للممثل كوميدي والغاية منه اضحاك الجمهور من خلال هذا التناقض الجسماني , او معتمدين على الحركات التعبيرية والمبالغة والمتكررة والمملة , فهذا النوع يبعث على الاشباع من قبل الجمهور والملل , وهنا لا احب الدخول لذكر اسماء بعض الفنانين العرب ممن اعتمدوا على هذه الاساليب والتي بعد مرور الزمن اصبحت حالتهم  تقليدية متكررة لا يستحبها الجمهور,  او حين اعتمادهم على على تقديم شخصياتهم الكوميدية باساليب مبالغة وتقليدية و غرضهم من هذا شحذ الضحك من الجمهور , او تقديم حالات تقليدية ومتكررة , لا تتجانس مع مايطرحه الفنان من فكرة كوميدية , لا تتطابق مع هذه الحالة التقليدية , والجدير بالذكر , ان اضحاك الجمهور من الامور الصعية عند الفنان الحرفي الجيد , انما , ان , امتاز بعقلية ابداعية وابتكارية متجددة وغير تقليدية , قد يستطيع الوصول الى قلب الجمهور المتلقي , ومن الامور المضحكة , والتي قد تساعد على اضحاك الجمهور , هي الحوادث الغير المتوقعة , والمفارقات الكوميدية للشخصيات السلبية في العرض المسرحي , كل هذه الامور تساعد على اضفاء البهجة والسرور للجمهور المتلقي , اذا ماعلمنا ان الضحك هو حالة من حالات الشعور بالانتصار , والتغلب على ماهو ضد ارادة عنصر الخير , والتي يقف الى جانبها الجمهور المتلقي , ليعبر عن هذا الانتصار بالضحك والبهجة والفرح .
واخيرا , ان اي شكل من هذه الاشكال الفنية والتي يعتمدها الكاتب المسرحي في طرحه , يعود الى خلفيته الثقافية في الكتابة , ومقدار مايتميز باسلوبه المنفرد والجديد والغير التقليدي والمتكرر, ليتمكن من انتزاع  اعجاب الجمهور والنقاد , من خلال نص محبوك حبكة جيدة , و حوار متميز بالبناء وبالمعاني والمعبر عن القيم الانسانية والفكرية , وبشخوص واقعية كانت , ام تاريخية , او معاصرة , انما تبقى خلفية الكاتب المسرحي , هو الميزان الحقيقي لمعادلة مايطرحه من الانتاجات للنصوص المسرحية , والتي تنبع من صميم الواقع الاجتماعي , ومعانات الانسان ومشاكله وهمومه في مرحلتنا المعاصره .


 


10
المنبر الحر / مسرحية زعزوع افندي
« في: 19:22 11/12/2013  »

      
زعزوع افندي



جوزيف الفارس


( هذه المسرحية تقرأ ولا تمثل )
شخوص المسرحية :
اولا--- زعزوع افندي ( الزوج )
ثانيا --- شحتوره ( الزوجه )
ثالثا --- قرنبيطه ( صاحبة الدعوه )
رابعا---عريف الحفل ( اللوكي )
خامسا ---الكومبارس

المشهد الاول : صالة في دار متواضع , فيه شيىء من الاثاث , لا يحسد عليه
الزوج ----- ( بتعجب ) يا لله ياحبيبتي شحتوره !!!!!!
الزوجه ---- ( بفرح ) ماذا ؟ ايعجبك فستاني ؟؟؟؟
الزوج ----  اي فستان ياشحتورتي , انا اسأل عن هذه بطاقات الدعوة التي هنا على المائده !!!!
الزوجة ---  اوه , اعتقدت انك تبدي اعجابك بفستاني يازعزوعي العزيز !!
الزوج  --- انا ابدي اعجابي بهذه الاعداد الهائلة من بطاقات الدعوى , هذه من ابو شنبات بمناسبة ميلاد ابنه              شهلول وهذه من الست سوسو سعداني بمناسبة ذكرى زواجهم الميمون , وهذه من من ؟ اه انها              من السيد ابو ردين بمناسبة خطوبة ابنته شهلوبه , وهذه ايضا بطاقة دعوى من السيد سنفور                  اوراها بمناسبة تناول ابنته سعو , يالله , وهذه البطاقة الاخيرة من السيدة كهرب اورمان بمناسبة              زواج ولدها ججو الاطرش ,
الزوجه ---- ( وهي تهز اكتافها وتغني ) اضحك للدنيا تضحكلك , اضحك للدنيا تضحكلك
الزوج ---- ( مقاطعا ) انا  ساضحك للدنيا , انما ان هي ضحكت لي , فهذا دقني لك .
الزوجه ----  حبيبي , سوري, اسفه  ,  اراك ممتعض , ومتوتر الاعصاب .
الزوج --- وكيف تريدينني ان اكون ؟
الزوجة --- بشوشا ومبتسما وضاحكا .
الزوج ---حسنا, ههههههههههه ماذا سيدخل في جيبي ,
الزوجه ---- عفوا , سيخرج من جيبك ياعزيزي ومهجة قلبي يازوجي العزيز .
الزوج ----- عفوا ياشحتورتي , انه سيخرج من جيبينا ياعزيزتي . او نسيت اننا استلفنا 1000 دولار
               من السنترلنك لنبتاع لنا برادا كبيرا ليفي بحاجتنا ؟
الزوجه---- لنكتفي بهذا البراد الذي عندنا في الوقت الحاضر .
الزوج --- ومن اجل ماذا ؟ ايعقل ان استلف سلفة من السنترلنك , لاضعها في جيوب ابو شنبات , وابو اردين             ومدام سوسو السعداني , وكلانا سنتحمل استقطاعات السلفة , ونحرم انفسنا من البراد الكبير ؟؟؟
الزوجه --- ( وبكل برود )  لاتقلق ياعزيزي , في السلفة الثانيه ساحقق امنيتك ونشتري البراد .
الزوج --- يالله , مااتعسني , ومااسعدك وانت تتكلمين بكل برود !!ا
الزوجه --- وماذا تريد مني ان افعل ياعزيزي ؟ يجب ان ترضخ لواقع الحال , اليوم ستلبي دعوتهم , وغدا  
            سياتون لتلبية دعوتك .
الزوج --- انا ليس لديا اطفال لاحتفل بعيد ميلادهم , وكذالك انني سوف لن احتفل بيوم ذكرى زواجنا ,فمتى
           سيأتون لتلبية دعوتي , وبأية مناسبه ؟
الزوجه ---- لا تقلق ياعزيزي المناسبات هنا كثيرة ومتعددة , انا ساحتفل بذكرى ميلادي في القاعة , وفي                  عيد الحب , ساحيي حفلة هنا في حديقة دارنا الواسعة والجميلة , ولا تنسى الفاذرز دي,                        والماذرز دي , واعياد كثيرة ومناسبات عديدة اختلقها انا  من تحت الارض ياعزيزي , فكما                  خرجت دولاراتنا من جيوبنا , ساعيدها بأذن الله الى جيوبنا , هههههههههههههههههه
الزوج ----- تقهقهين وانت مبتهجه ! , ولم لا .
الزوجه ---- حسنا , هيا يازعزوعي العزيز ,وزوجي الحبيب , اخبرني , ماذا سترتدي في هذه الليلة ؟
الزوج ---  ( بتعجب ) هذه الليله ؟
الزوجه ---- ( وهي تقهقه ضحكا ) هههههههه , اونسيت اننا مدعوون في هذه الليلة للاحتفال في القاعة
               بمناسبة التناول الاول لسعو ابنة السيد سنفور اوراها ؟
الزوج --- اليوم ؟ وبهذه الليلة بالذات ؟
الزوجه --- ( وهي تضحك ) نعم اليوم وبهذه الليلة بالذات يازعزوعي العزيز , هيا قل لي ماذا ستلبس ؟
الزوج --- ( من دون اكتراث ) ماذا سالبس !!! سالبس القميص والبنطلون .
الزوجه --- ( بشيىء من الحدية والتوتر ) ماذا ؟؟؟؟ سترتدي القميص والبنطلون , بينما الاخرون سيرتدون                القاط ووردة العنق , واحذيتهم  تلمع متوهجة , وهم في كامل اناقتهم ؟؟؟؟!!!!
الزوج ---- ( بضجر ) مالي ولهم ياامراة ! ليس الانسان بمظهره , انما بجوهره , فدعيني ارتدي مايريحني ,               صدقيني ياشحتورتي , حينما ارتدي هذا القميص والبنطال , اضافة الى حذائي هذا , اكون عنوانا               للاناقة .
الزوجه ---- هههههه , اية اناقة هذه ياعزيزي , اية اناقه !! حينما ستحط الانظار عليك , وانت مرتديا هذا                   القميص وهذا السروال المهلهل , ماذا سيقولون عنك , وعني انا بالذات ؟؟!! ثم وهذا حذائك                    الذي جلبته معك من العراق يزن الثلاث كيلوغرامات , كيف سترافقني في الرقص , وعلى انغام                الموسيقى ؟  ثم لا تنسى انني مرتدية هذا الثوب الجميل , والذي ثمنه 800 دولار , وانت                       ستلبس البنطال والقميص , وهذا الحذاء !!!!!!!!!!!!!!!!  
الزوج --- انا ابحث عن راحتي .
الزوجه ---- ( بعصبيه ) وانا ابحث عن شخصيتي , نعم , شخصيتي ومكانتي بين انظار المدعويين , بالله                   عليك , ماذا سيقولون عني حينما ستقع انظارهم عليك ؟ سيقولن انها تهتم بمظهرها فقط ,                      ومهملة بحق مظهر واناقة زوجها , ايرضيك هذا؟ صدقا , ان كنت تحبني فلبي رغبتي .
الزوج ---- في القاط الشتوي ؟؟؟!!!
الزوجه ---  شتويا كان ام صيفيا , المهم هو , انك مرتديا قاطا يليق باناقتي ووسامتي .
الزوج --- ولكن درجة الحرارة هنا في سدني , فوق الغليان ياعزيزتي  .
الزوجة --- لاتنسى ان الصالة فيها تبريد , فليس هناك اعذار .
الزوج ----( وهو في حالة من التذمر ) حسنا سلمت امري لله , انما لا تنسي , انني ساكون غير مرتاح في
              ملابسي هذه .
الزوجه ----- ولكنك ستكون نجم الحفل بهذه الملابس الانيقة يازعزوعي العزيز !!!!!!
                                           ( موسيقى  )

المشهد الثاني ---- ( في بهو الاستقبال , قاعة الحفله)
الزوج ---- ( وهو يمسح عرق جبينه ) يالله , ماامتع هذا الجو اللطيف , يبدو ان القاعة مكيفة تكييفا جيدا .
الزوجة ----  ( بضجر وتافف ) لم هذا التاخير ؟
الزوج ---- اي تاخير ؟
الزوجه ----  يعلنون عن موعد الحضور للقاعة , والقاعة مازالت مقفولة بوجه المدعوين !!!
الزوج -----( يلطف من الحالة النفسية لزوجته ) صبرا يازوجتي , قد تكون هناك ظروفا خارج عن ارادتهم ,             اعاقت مجيئهم في الموعد المحدد !
الزوج ----- قلت لك تمالك اعصابك , قد تكون هناك ظروفا خارج عن ارادتهم !!
الزوجه ---- وما ذنبنا ؟ لقد سئمت الانتظار .
الزوج ---- ماهذا ؟ لم يمضي على مجيئنا اكثر من خمس دقائق .
الزوجه ----  لقد اعلنوا عن موعد الحضور في بطاقة الدعوه , الساعة السابعة , والان بلغت السابعة والربع
الزوج ----  قد يكون سبب تاخرهم , عند صالة تسريحة الشعر !!
الزوجه --- انهم ذهبوا مبكرين الى صالون الحلاقة والتجميل , فلا اعتقد ان هذا هو سبب تاخرهم .
الزوج ----  او قد يكون حصل عطل ما في عربتهم , واخرهم عن المجىء في الوقت المحدد !
الزوجه ---- ( الى مشرف الصاله ) من فضلك , الا يمكنك فتح الصالة وتسمح لنا بالدخول ؟
مشرف الصاله --- عفوا سيدتي , تعليمات صاحبة الدعوه لا تسمح لنا بفتح الصالة قبل مجيئهم .
الزوجه --- ولماذا ؟
مشرف الصاله --- لانها استعملت نظام ترقيم المناضد , مراعية بذالك صلة القرابة والمفاضلة بجلوس                          المدعويين , وحسب رغبتها .
الزوجه ---- شكرا عزيزي , ( الى زوجها ) لقد ضاعت .
الزوج ----  ( باستغراب ) وماالذي ضاع ؟
الزوجه ----   فرصة استعراض ملابسي وانا ادخل القاعة وهي مليئة بالمدعويين , اتعلم يازعتوري العزيز,
                 كم كنت سالفت انظار المدعويين الى فستاني هذا ؟؟؟
الزوج ----- لا تستعجلي ياشحتورتي العزيزه , سيكون لك ذالك عندما ستمتلىء القاعة بالمدعويين , وانت                 تتبخترين  بفستانك هذا وكعب حذائك العالي , ستكونين نجمة الحفل ياعزيزتي .
الزوجه ----- امتاكد من هذا  ؟
الزوج ------ ومن غيرك سيكون مرتديا مثل هذا الفستان النفيس ؟؟!!                                            
الزوجه-----  مااجملك وانت ترفع من معنوياتي  يازعزوعي العزيز .
الزوج ----  انما ليكون في علمك, انني سوف لن اتزعزع عن كرسيي , لاراقصك وانا في هذه البدلة الشتوية
الزوجه -----  يعني ؟
الزوج ----  انا صاحب قرار , وقراري ثابت .
الزوجه ----- وانا ايضا صاحبة قرار ياعزيزي , بعد انتهاء الحفلة وعودتنا الى المنزل , سادعك تنام على                     سريرك المهلهل , وحيدا فريدا  .
الزوج---- ( بهمس )  احذري , لقد جاء اصحاب الدعوة , حاولي ان تبتسمي لهم .
الزوجه ---  سمعا وطاعة يازعزوعي , هاهي ابتسامتي الجميله تستقبلهم ( الى صاحبة الدعوه ) الله الله                      ماهذه الاناقة والجمال !!!( مع نفسها ) لم اراك قبيحة اكثر قبحا من هذه الليلة .
صاحبة الدعوى --- عفوا لم اسمعك , ماذا قلت ؟
الزوج -----  قالت انك فقت جمالا عن بقية الايام ياعزيزتي .
الزوجه ---- ( بصوت هامس لزوجها ) ياكذاب , يادجال
صاحبة الدعوى ---- اصحيح هذا رايك فيا ياعزيزتي ؟
الزوجه -----  وهل يكون لي رايا اخر ؟
الزوج ----- ( الى زوجته بهمس )  ياكذابه يادجاله
صاحبة الدعوه ---- شكرا شكرا ياحبيبتي ,انت تملكين ذوقا جميلا , اذن مارايك بفستاني الذي اشتريته ب                            1000 دولار !!!
الزوجه ---- ( بدهشه )  بالف ماذا ؟
صاحبة الدعوى ----( متباهية )  بالف دولار , عدا ونقدا !!!!
الزوج ------ ( مع نفسه ) ولماذا لا , انني انا الذي سادفع ثمنه , متضامنا مع بقية المدعويين .
صاحبة الدعوى ---- تفضلا للدخول الى القاعة , يااهلا ومرحبا
الزوج ---- ( مجاملا )  اعتقد اننا جئنا مبكرين !
صاحبة الدعوى ---- كلا كلا , انه الوقت المناسب , وها هم المدعويين بداؤو بالتوافد على القاعة , اسمحوا                           لي ان اقرأ رقم الطاولة المحجوزة لكم , ها انها الطاوله المرقمه 16 تفظلا , واستمتعا                           بالجلوس .
 المشهد الثالث ---- ( داخل القاعه المبرده , وقد اكتضت بالمدعويين , وكل منهم جالس يشرب وياكل                                 ويتمزمز ) .
عريف الحفل ----- ( وبصوت يدل على انه قد دهن حنجرته بهذا الويسكي المزنجر , وتمزمز بالحمص                               والطحينه , واعتلى خشبة المسرح ليبدأ بوظيفته , لوكيا , متلكلكا , وهو يلون بصوته
                       وبالقائه الركيك , وبلغته الانكليزية المتخلخله ) ها انني قد اعتليت المنصه , وماسكا في                         يدي المايكرفون , اذ ازف ومن خلاله , واعلن عن التهيىء لاستقبال حاملة الزهووووور ا                       الطفله , الجميله والخميله وصاحبة اجمل عينين ,وشعرها السرح هي , عرموطه                                 الباذنجانيه , نستقبلها وهي تسير الهوينا بخطواتها الغزاليه , لتفرش طريق ملكتنا                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                    
صاحبة المقام  والسلام الطفله مشمشه التفاحيه , موسيقى , اسمعونا شيئا من الموسيقى ( تبدا الموسيقى                     المناسبة  بالعزف , ايذانا لدخول المحتفل بها وحاشيتها )
المدعوون ----- ينهضون لاستقبال الوافدين , مصطفين على مساري طريق الدخول , وفي اياديهم المناديل
                  وهم يقمزون  وينطون على انغام الموسيقى الصاخبه , ومع صوت عريف الحفل والذي هو                    ايضا بدوره اخذ بالنط والمط, والجمهور يلوح بالكفافي والمهيئة لهم من قبل اصحابي الدعوة
عريف الحفل----- والان اخواتي واخواني المحتفلين والمحبين والصادقين والغير المجاملين  , لنستقبل معا                       ملكة الحفل , وسلطانة الدعوى , الطفله مشمشه التفاحية ( تدخل الطفله وعلى انغام اغنية
                   المشمشه , وهي تتمايل يمنة ويسرة وفي يديها كبالة الرقص وكانها تدخل في يوم عرسها لا                   بمناسبة تناولها الاول )
المدعوون ------ ( يهلهلون ويصرخون صراخات افتعالية وينطون على صوت الاغنية , مستقبلين مشمشه )
عريف الحفل -----( مع نفسه ) اها , جاء من سيضخ الدولارات في جيبي , اذن لاهيىء نفسي  لاستقبالهم
                      على احسن مايرام ( وبصوت عالي , وفيه شيئا من المبالغة مايتصدع له الراس , وهو                          يعلن عن دخول والدي المحتفل بها قائلا:  اعزائي الحضور , لنستعد لاستقبال صاحب                           الايادي الكريمة والجيوب السخيه وبصحبته ملكة الحسناوات , وربة الحسن والجمال ,                           انهما , السيدة , قرنبيطه بنت اللهانه , والسيد صابونه بن بزونه  , والمنحدر من سلالة
                     اصحابي معامل الطاحونه , تصفيق وهلاهل ( الموسيقى يعلو صخبها , والمدعويين تزداد
                     هلاهلهم , وهم مستقبلين الزوجين الحالمين والمتفائلين بمردودات الدولارات , والتي                           ستاتيهم من هؤلاء  المدعوين , يدخلون مترنحين وملوحين بالمناديل التي في ايديهم وكانهم                     في ليلة زفتهم  , وهنا يختلط الحابل بالنابل ويشرعون بالرقص وعلى انغام الموسيقى
الزوج -----( ينظر الى صاحب الدعوى والى اناقة بدلته  , وهو يرقص وينط فرحا , ومع نفسه ) ولم لا , انه
              مرتديا قاطا صيفيا , وجميل وجديد ايضا  , بالتاكيد انها صفقة مثمره ومربحه مثل هذه الاحتفالات               ولم لا , اجرة القاعة وملحقاتها تدفع من جيوبنا  , مااسهل طريقة هذه التجارة المربحه , سمعة                وشهره , ودولارات وفيره ستسيل في جيوبهم ,  ( ينظر الى زوجته والتي مازالت ترقص وتهز               اردافها  ) يالله , لقد هددتني ان لم اجاريها في هذه الحفلة , ستدعني انام على سريري المهلهل ,               وحيدا فريدا ( بعالي صوته ) تمتعي ياملاكي , ياشحتورتي , يامليئة الارداف والصدر , ماانا الا
              لعبة تلعبين بها وقت مايحلو لك , هزي , هزي اردافك , وانا مستمتع بمنظرك , ياملاكي                        ويامليكتي  , فدتك الدولارات وسلفة السنترلنك , صدق من قال , اليوم خمر وغدا امر ( اصوات                الموسيقى يعلو وتعلو معه اصوات المحتفلين )
الزوجه --- تعال وشاركني الرقصة ياعزيزي
الزوج ---- وكيف يتسنى لي الرقص , وانا مرتدي هذا القاط الشتوي ؟
الزوجه ----  ماذا قلت ياعزيزي ؟
الزوج ---- (مستدركا  ) اسف ياعزيزتي , ان مفاصل قدمايا تؤلماني ,
الزوجه----  قلت لك , تعال وشاركني الرقص  .
الزوج ---- البركة في هزك ياعزيزتي , فمادمت سعيدة ومبتهجة , فهذا يكفيني !!! ( مع نفسه ) ماهذا ؟ لقد
              اشتد هز الاكتاف والصدور , وهاهن الفتيات يتسابقن بعرض اجسادهن اللحمية والشحميه ,                    والفساتين القصيرة , والكعوب العالية  , ولا اعلم ان كانت هذه الحفلة احتفاء زفاف ام بمناسبة                 التناول الاول لمشمشه التفاحية ابنة السيد صابونه ؟ , حسنا جيدا مايفعلون , انهم يستمتعون                  بدولاراتهم , والتي سيضعونها في صندوق امين البصرة , واما انا  , ساضع قسما من سلفة                     السنترلنك , والباقي ساخصصها لبطاقات الدعوة والتي تنتظرني في البيت  , انما , ماذا سناكل                ونشرب و وكيف سندفع الايجار واجور الكهرباء والهاتف والماء , كالمعتاد , سنقول الله كريم ,
           ماهذا لقد توقفت الموسيقى ؟!! ها انه عريف الحفل , يستعد للاعلان عن الفقرة التاليه , فاليكن                خيرا , وفقرة ممتعة انشاء الله .
عربف الحفل --- اعزائي , سيداتي وسادتي الحضور ,للعلم وللاطلاع , بان ادارة الصالة , وهي مشكوره , قد                     هيأت , وعلى تلك المنضدة بالذات , ظروفا خاصة لايداع الهدايا النقدية والتي ستسخي                          اياديكم الكريمة ----
الزوج ----- بل قل جيوبكم المظلومه .
عريف الحفل ----- شكرا والف شكرا , اعزائي الحضور , شكرا للسيد زعزوع افندي , والذي قام بدوره                            بتبرعه للكادر المشرف على اقامة هذا الحفل بمبلغ ---عفوا بكم تبرعت ؟
الزوج ----  انا لم اتب-----
عريف الحفل ---- ( مقاطعا ) تصفيق , لقد تبرع السيد زعزوع افندي بمبلغ 100 دولار , للكادر المشرف                        على احياء هذه الحفلة مشكورا , تصفيق حاد , كما قلت ان هناك ظروفا بريديا تستطيعون                       الاستعانة بها , ولا سيما للذين لا يملكون ظروفا , اضافة الى هذا هناك اقلاما لتسطروا                         كلمات التهنئة على ظهرها , للمعني بهذه الاحتفالية العزيزة على قلوبنا –
الزوج ----- بل قل العزيزة على قلبك لانها ستدر عليك ب 300 دولار في جيبك  ---
عرف الحفل ---- شكرا مرة ثانية للسيد العزيز , زعزوع افندي , لتفضله بالتبرع مرة ثانية ب 300 دولار ,                     للكادر المشرف على احياء هذه الاحتفالية الميمونة , تصفيق للسيد الكريم زعزوع افندي ,                      ( الجمهور يصفق)
الزوج ---- يايا ابن العاهرة على هذه المفاجئة والتي لم اكن اتوقعها !!!
عريف الحفل ---ماذا قلت ؟
الزوج ----- احذر والا ساكسر الكراسي على راسك وراس اهل الخلفوك .
عربف الحفل--- كلا سيد زعزوع افندي , هذا يكفي , لقد تبرعت كثيرا , والان اعزائي الحضور , لنقضي معا                    ليلة جميلة  وخميلة مع انغام الموسيقى والاغاني الفلكلورية , والدبكات , والرقصات                           الشرقية , ومع تناولكم للمقبلات الشهية , والمياه الغازية
الزوج ---- ( مع نفسه ) واية مياه هذه , ستنفخ بطوننا , وتفرغ جيوبنا .
عريف الحفل ---- ( يصرخ باعلى صوته وبفرح مفتعل ) –موسيقى اسمعونا شيئا من الموسيقى ( بدات                           الموسيقى مرة اخرى بصخبها العالي , وبدا المحتفلين بالرقص )
الزوجه ----- زعزوعي , تعال وشاركني هذه الرقصة .
الزوج ----تمتعي ياعزيزتي تمتعي , هذه الليلة ليلتك ( مع نفسه ) اما انا فساتمتع بهمومي .
عريف الحفل ---- ( الموسيقى مستمرة ) اعزائي الحضور , لا تنسوا بان ماستهدونه في هذه الليلة البهيجة
                     انما هو تعبيركم عن حبكم واحترامكم لصاحب هذه الدعوة , والذي ابى ان يحتفل , الا وياكم                      بهذه المناسبة , والعزيزة على قلبه , استراحة قليلة , ومن بعدها نعاود معكم وانغام ال                        ديجي بما سنسمعه من تسجيلات الفنان الصاعد والنازل , والمتحرك يمينا ويسارا , صاحب
                  الديجي الفنان , وائل الوائلي المالولي الايلولي ,وصاحب الحس المرهف , والذوق السليم في                  اختيارات الاغاني الممتعه لاشهر المطنبين والمطنبات , عفوا , لاشهر المطربين والمطربات  ,                  ف استراحة قصيره ( الجميع يصفق , وكل منهم ياخذ مكانه ) .
الزوج ----- تعالي ياعزيزتي واستريحي قليلا , الا تعطين لنفسك قليلا من الراحه ؟  لقد اجهدت جسدك ,                      الذي لا يستحق منك كل من هذا العناء !!!
الزوجه -----( وهي تاخذ مكانها على الطاولة ) صحيح انني متعبه , انما انا مبتهجه وسعيده   !!!
الزوج ----- ( مع نفسه ) ولم لا , يكفيني هما , من ارتدائي لهذه البدلة الشتوية , وهذه ربطة العنق , والتي                ضاقت بها نفسي , والله والله , لو حضرت هذه الاحتفالية بالشورت والفانيلا , لكنت اسعد انسان                 من اي انسان موجود في هذه الحفلة , ولكن ماذا افعل امام اوامر شحتورتي , انها متباهية                    بفستانها الجديد , وانا قد كتمت انفاسي , ببدلتي الشتوية , يالله متى يحين انتهاء هذه الحفلة                    التي كتمت انفاسي , ونرفزتني , اصبحت لا احتمل اكثر من طاقتي , ااستطيع الهرب من هذا                  الجحيم و وملاك الموت والتهديد جالس امامي ؟ !!!!!!!
الزوجه ----- انظر ياعزيزي الى فستان قرنبيطه , كم هو جميل !! اضافة الى تسريحتها الجميلة , انما لو                    اردت رأيي , فانها تبدوا قبيحة , لو كنت في محلها , لابهرت الحاضرين بجمالي , مارايك                       ياعزيزي ؟  
الزوج ---- صحيح , ولا يصح الا ماتقولين , في بعض الاحيان يعلنون عن الديموقراطية , ويرمون قشور                 الموز تحت اقدام المظلومين , ليشجعونهم على البوح بكل مافي جعبتهم من الاراء , وهؤلاء                   المسكين عندما يعلنون ارائهم في العلن وعلى الملاء , تنقلب العواقب على رؤوسهم , لتكون                    لنهايتهم , نهاية ماساوية , فانا لست مستعدا ان اتزحلق بقشر موز , ان قلت انت هذا اسود , اقول              نعم انه اسود , وان قلت العكس , فانني اول المؤيدين لك .
الزوجه ----- ( تضحك ضحكة عالية ) برافو يازعزوعي العزيز , انك زوجا مثاليا
الزوج ---- ( بامتعاض , ومع نفسه ) بل قولي مطيا مثاليا , سنين وانا احملك على ظهري كما يحمل المطي               حمله , وليس له لسان ينطق عما يعانيه , الا تنفيذ مايامره صاحبه , فانا لااختلف عنه شيئا الا                  بهذه البدلة الشتوية  .
الزوجه ----  ماذا قلت ياعزيزي ؟
الزوج ----- عن اي شيىء ؟
الزوجة ---- عن فستان قرنبيطه !! وتسريحتها !!
الزوج ---- انها لم تخسر شيئا من جيبها !!!
الزوجه ----- وكيف لم تخسر شيئا من جيبها !! ( باستدراك ) اه صحيح لم تخسر شيئا من جيبها , لانه من                   جيب زوجها السيد صابونه العنابي !!!
الزوج ---- ( بسخرية ومرارة ) ولكنه ياشحتورتي , هو ايضا لم يخسر شيئا من جيبه , انما ذالك هو من                   جيبي وجيب المدعوين الكرام !!!
الزوجه ----( بشيىء من الصرامة والحده ) ماذا قلت !
الزوج ---- ( باستدراك , وبمجاملة لزوجته ) قلت حسنا فعلت , ولبيت هذه الدعوى !!!
الزوحه ---- اتعلم لماذا ياحبيبي ؟
الزوج ---- ومن اين لي ان اعلم ؟
الزوجه ---- سافصح لك عن هذا , انما بعد ان ترتشف قليلا من الويسكي ياعزيزي .
الزوج ---- في صحتك , ايها الملاك البريىء ( بعد احتسائه شيئا من الويسكي ) , هيا اخبريني ياملاكي .
الزوجه --- ( تقهقه )هههههههه  , لانني , انا , ايضا , سأهيىء نفسي لاحتفالية صاخبة , وادعو جميع                    هؤلاء لهذه الاحتفالية ياشحتوري العزيز !!!!
الزوج ---- ( متعجبا ومصعوقا لهذا الخبر ) وبأية مناسبة ياعزيزتي !!!!!
الزوحه ----- ( بدلع وبمكر ) ايعقل انك نسيت ؟؟؟!!! الم تعلم بان ذكرى مرور خمس سنوات على زواجنا                    سيكون بعد ثلاثون يوم من بعد هذه الليله !!
الزوج ---- وما علاقة هؤلاء مع هذه الذكرى ؟؟!!
الزوجه --- يعز عليا الاحتفال لوحدنا ياعزيزي , ومن دون مشاركة الاهل والاصدقاء , لقد قمت بحجز القاعة               والديجي  وغدا ستشاركني بتوزيع بطاقات الدعوة على العوائل من الاصدقاء والاقرياء .
الزوج -----( باندهاش) ماذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                                                  موسيقى
المشهد الرابع والاخير-----( في نفس القاعه )
الزوج ----- ( ينظر من حوله , فلم يجد من يشاركه الجلوس على هذه الطاوله الا زوجته ؟؟!!) انني افكر
        في امر اصحابي هذه الدعوة , لم لا يوجد على طاولتنا من يشغل هذه الكراسي البرلمانية ؟
الزوجه ------ ( باندهاش ) اية كراسي برلمانية ؟
الزوج ---- عفوا ياشحتورتي , كنت افكر بكراسي البرلمان العراقي , وغلب على لساني هذا التعبير ! انما                  اريد قوله هو , لماذا لا يوجد من يشغل هذه الكراسي الوزارية ؟
الزوجه ---- اية كراسي وزارية ؟؟
الزوج ----- يبدو ان حرارة المناخ بدا تاثيرها على الفاظي , لقد شغلتني كرسيا وزارتي الدفاع والداخلية في               العراق , انما انا قصدي هذه الكراسي الخاليه , ( وهو يؤشر على الكراسي الخالية , وفجأة )                   ماهذا ؟ اين بقية الكراسي ؟
الزوجه ----- ( تضحك من زوجها ) اقرأ عليها السلام , لقد سحبوها , وظموها الى بقية الطاولات !!
الزوج --- ولماذا فعلوا هذا ؟
الزوجه ----- يظهر ان اولائك المدعوين , لم يروق لهم موقع الجلوس , ففضلوا الجلوس في مكان اخر .
الزوج -----( بمرارة والم ) اذن نحن الوحيدين المشمولين باشغال هذه الكراسي ؟! وايضا الوحيدين                         المشمولين بنظام جلسة الارقام ؟؟!! اذن , فالتخسأ حفلتهم , وتخسأ كراسيهم , فصدقيني                        ياعزيزتي , لقد وضعت في هذا الظرف 200 دولار , ولكنني الان ايقنت انهم لا يستحقون اكثر                 من 100 دولار , وها انني اسحب المئة من هذا الظرف , والباقي هو مايستحقونه , خذي هذا                الظرف , وضعيه في ذالك الصندوق , صندوق امين البصره , والنذهب الى بيتنا , وانني اعاهد الله              , انني تائب توبة اللذين قاطعوا مثل هذه الحفلات والخاصة بالتناول والاعماذ والخطوبة , وانني                سوف لا البي اية دعوة من هذا القبيل الا باستثناء الزواج , لانه واجب وحق , واما غير هذا ,                  فاليذهب الى الجحيم . ( ينهضون )
عريف الحفل ---- موسيقى , اسمعونا شيئا من الموسيقى (تبدأ الموسيقى الصاخبه , لتعلن عن انتهاء                     المسرحية .
                                                  موسيقى
                                         النهاية
                                    





          


  
  

11
الفنون التشكيليه -------الفنون المسرحيه -------- الفنون الموسيقيه
وعلاقة كل منهما بالاخر
                         
في بداية السنة الدراسيه في معهد الفنون الجميله سألت طلبة المرحلة الاولى ( السمعيه والمرئيه ) عن تعريف الفن ,فارتفعت الاكف الى الاعلى وكل منهم يحاول ان يسبق الاخر في الاجابة على هذا السؤال فأذنت لاول طالب بالاجابة فقال معرفا الفن : هو عبارة عن محاكاة للطبيعة , فاشرت له بالجلوس ,اما الثاني , فاجاب بان الفن هو عبارة عن احاسيس من الواقع الاجتماعي تعرض بشكل فني للمشاهدين , والاخر اجاب ان الفن هو مراة للمجتمع تعكس المعانات والمشاكل الانسانية , وهنا اكتفيت بالاجابة وقلت لهم : كل ماذكرتموه من التعاريف هو صحيح .
اذن اعزائي , الفن هو عبارة عن احاسيس ووجهات نظر , تصب في اطار وشكل جميل يعبر عن الرؤية الحياتية للانسان , والنظرة الشامله للحياة الاجتماعية التي يعيشها , ولكل مرحلة من مراحل التاريخ والحياة الاجتماعية لها خصوصية التعبير والانعكاسات النفسية للفرد لما تحمله ردود افعاله للعادات والتقاليد البالية والتي يتمرد عليها, وتنعكس عن رد فعل يجسده من خلال محاورة لشخوص تحمل من الافكار والاراء المتضادة الواحد ضد الاخر في نص مسرحي , تراجيديان كان ام كوميديان
فالحياة وبطبيعتها الجميلة , تحمل من الاشكال والالوان الزاهية ماتبهر النفس , ومن دون تدخل الانسان , في صيرورتها وكينونتها , او صقلها وهندستها وتنسيقها , انما هي هكذا , انوجدت منذ الازل وبفعل التغييرات الجيولوجية , والتضاريس الارضبة والغير الساكنة والمتغيرة مع الاحقاب الزمنية , اخذت مسارا طبيعيا , تعكس من خلال ماتمخضت عنه العوامل الجيولوجية والطبيعية في نحت الصخور , الصخور , ونمو الاشجار , وانحنائات الانهر , واستحداث الجداول , واصوات الشلالات , والمنبعثه من المنحدرات الطبيعية والجمالية , لما تحمله الطبيعة , من خصائص الجمال والانبهار , والمتمثلة باشكال جميلة والوان زاهية تهفو لها الانفس , واصوات متناسقة من الطبيعة الساحرة , يستانس لها الانسان المتامل والمختلي مع نفسه واجوائها الساحرة  .
وبالتاكيد اعزائي , ان الطبيعة هي هكذا بجمالها الساحر اثرت في نفوس الكثير من الفنانين التشكيليين والذين جسدوا من ابداعاتهم بمحاكات الطبيعة على لوحاتهم باشكالها والوانها الزاهية , وبمناظرها الخلابة , والتي تنعكس من خلال ردود افعالهم الداخلية واحاسيسهم المنبعثة من نتيجة عوامل التفاعل مع ردود افعال مايبهرهم من المناظر الطبيعية الجميلة , منعكسة بالوانها الزاهية , وبرؤية , اكثر جمالا واحساسا مما هو عليه في الطبيعة , لان اللوحة التشكيلية ,لا تكتمل الا من خلال ريشة الفنان نفسه , والتي تحمل احاسيسه الصادقة  وردود افعاله باتجاه ماينقله من الواقع الى اللوحة التشكيلية , فيها المضمون المرئي والحسي , ورؤيته , من خلال اختيارات رموزه من الالوان والحركة في داخل الاطار التشكيلي , والتي تعبر اخيرا عن الرؤية الابداعية , باتجاه اي منظر طبيعي واقعي , انما باسلوب شيق يحمل من خلاله ابداعات الفنان نفسه .
يقول الفنان التشكيلي المغربي العربي نصر الدين محمد في ريبورتاجا لموقع الصحيفة المغربيه ((((( شخصيا استثمر كل ماتلتقطه عيني لكن اعيدها بطريقة فنية اطبعها بتقنيتي الخاصه , واذا اختمرت اللوحه في الذهن , اكشف عنها وعن جمالها اللامرئي , ليصير مرئيا , ومن ثم اتقاسمه مع المتلقي , كما اشاركه اللحظات الصوفية ونشوة الابداع والخلق والحلم , واقدم له العصارة في طبق من الالوان الدافئة والصاخبه , كما اسعى الى ابراز محاسن الطبيعة وجمالها , مستجيبا لصوت داخلي , ولطقس ابداعي اعيشه خلال تناول السند بالفرشاة والالوان )))) .

خشبة المسرح , واطار اللوحة التشكيلية

واذا ماشئنا في البحث عن العلاقة المشتركة مابين الفنون التشكيلية والفنون المسرحية  , سنلاحظ ان هناك خشية داخل الافريم ( الاطار للوحة التشكيلية ) , وهو مايشبه خشبة المسرح , والتي نطرح من خلالها انعكاسات الواقع بسلبياته وايجابياته , من خلال نص وشخوص مسرحية , اضافة الى المستلزمات من التقنيات الفنية والسينوغراغيا المسرحية ( الاكسسوارات والاثاث والديكور وكل ملحقاتها والتي تساعد على اكمال الصورة المتحركة من على خشبة المسرح ) .
اما في الفنون التشكيلية , هناك الاطار والذي من داخله يعرض الفنان التشكيلي رؤيته واحاسيسه , واما ما يساعد على ابراز وتجسيد هذه الرؤية , هي الفرشاة والالوان والمساحة الخلفية للوحة التشكيلية , فقد تختلف الادوات والمعدات والمستلزمات والتقنيات الفنية , كوسائل تنفيذ وتجسيد , الا ان المحصلة المشتركة مابين الاثنين و التي يستقبلها المتلقي , هي الاحاسيس وردود الافعال , والمتعة فيما يستقبل من المسرح واللوحة التشكيلية  .
ففي اطار خشبة المسرح , نلاحظ لوحة تشكيلية حسية وسمعية , ومتحركة , يرسمها المخرج من خلال نص مسرحي يتضمن حوارا وشخوص , وهذه الشخوص , تتحرك وفق حركة اخراجية يرسمها المخرج , وفق مايملكه من التجارب المكتسبة والمختزنة , والاحاسيس الداخلية , والرؤية الابداعية , باسلوب تعبر عن ثقافته

التوازن المسرحي في توزيع الكتل وتصميم الديكور , وكذا الحال في اللوحة التشكيلية

في المسرح , يراعى توزيع قطع الديكور والاكسسوارات وملحقاتها , بشكل متوازن لمسقط رؤية المتلقي ( الميزانسين المسرحي ) ,كذا الحال في توزيع الكتل والالوان في اللوحة التشكيلية , اضافة الى ان في المسرح يراعى الوان ملابس الشخوص المسرحية والمنسجمة مع الوان الديكور والاضاءة المسرحية , لانه في بعض المسرحيات للالوان دلالات ايمائية ورمزية تعكس من خلالها الحالات النفسية للشخصية , اضافة الى انها تساعد على توضيح معالم الشخصيات المسرحية , من شخصيات ماساوية وحاقدة ورومانسية وبهلوانية وكل منهم له الوانه والتي منها يستدل المتلقي عن ماتعنيه هذه الرموز اللونية , وكذا الحال في اللوحة التشكيلية , حينما يراعي الفنان التشكيلي عملية مزج الالوان , للحصول على الالوان المراد ابرازها في اللوحة التشكيلية , وبموجب مايوحي للفنان التشكيلي ليخدم كل لون تصميم اللوحة الفنية وتجسد المعاني والاحاسيس النابعة من ردود افعال انعكاسية من ذات الفنان نفسه نتيجة التفاعلات ووجهات نظره لما يشاهده وينقله من الطبيعه الى اللوحة الفنية ,اضافة انه يراعي فيها توزيع الكتل اللونية ومزجها , وكتل التكوينات في الطبيعة ( الجبال , النهر , الاشجار , البيوت , السماء والغيوم ----الخ ) المنقولة منها  ام الموحية له من وفق خياله , وتوزيعها على مساحة اللوحة مراعيا في ذلك التوازن في التوزيع ( الميزانسيت ) مما يساعد المتلقي على الاستمتاع بمشاهدة اللوحة ومتابعة مضمونها , اضافة الى كل هذا تضفي من الراحة النفسية للمتلقي لمتابعة تفاصيل اللوحة التشكيلية .
الايقاع في المسرح ,وفي اللوحة التشكيلية
في المسرح  : يراعى عملية البناء من خلال ايقاع الكلمه , والجملة , والحوار المتكامل , هذا الايقاع , يساعد على خلق عنصر المتابعة عند المتلقي لاستقبال الفكرة الرئيسية , عن طريق الاحداث المتناميه , الناتجة من عنصري الصراع  ( السالب والموجب ) وبموجبهما نصل الى العقدة , ومن ثم الذروة , لنحط رحالنا عند المحطة الاخيرة لنهاية العرض المسرحي ( كوميديان , كان , ام تراجيديان ) الا وهي المحطة الاخيرة , الحل .
في اللوحة التشكيلية  : يكون الايقاع من الضروريات والتي تساعد المتلقي , على متابعة اجزاء وتفاصيل اللوحة التشكيلية , بمتابعة خالية من الضجر والملل , اضافة الى خلق المتعة عند المتلقي , من خلال ماتعكسه هذه اللوحة , من تاثيرات حسية ونفسية , تدعه يتابع اجزاء وتفاصيل التكوينات الكتلية , والالوان الممزوجة , والتي يراعي فيها الفنان التشكيلي في رسمه عملية التوازن الكتلي مابين اطراف اللوحة , اضافة الى ذالك ,الايقاع والحركة للوحة التشكيلية .
العوامل الحسية والمخفية , عند المخرج المسرحي والفنان التشكيلي
ناتي الى العوامل الحسية والمخفية لكل من المخرج المسرحي والفنان التشكيلي , حيث لكل منهما قدرة تجسيد الرؤية والخيال , وقدرة الابتكار والابداع , في رسم الحركة والتكوينات الجمالية , اضافة الى امتلاكهما لردود الافعال الحسية الانعكاسية ,والتي تتجسد على المسرح او على اللوحة الفنية , ناتي على عنصري الحركة لكليهما : فكما ان في المسرح حركة في انتفال الممثل والتي تعكس ظرفه , والحالة التي هو عليها , كذالك في اللوحة التشكيلية , تملك هذه الميزة , مثال على ذالك : في اللوحة الفنية التشكيلية , نشاهد ان هناك سيارة , فمن اجل توضيح واقع حال هذه السيارة , يضيف الفنان التشكيلي  رسم لدخان محركها يجسد بهذا واقح حال ظرفها ,بان محركها يشتغل , او لوحة لمنظر البحر , فاذا اضاف الفنان التشكيلي حركة اعاصير هوائية , اولا سيعطينا واقع حال الحالة الجوية , ثم  اضافة على التاكيد لظرف واقع الحالة الجوية, بامكانه رسم هيجان لامواج البحر , ومن خلال  هذه الحركات التي يخلقها الفنان التشكيلي داخل اللوحة تتمكن اللوحة من توصيل الواقع الظرفي لكل جزء من اجزاء الكتل المرسومة فيها  .
ماهي تاثيرات الفن التشكيلي على المخرج المسرحي                                         هناك فوائد متعددة , يكتسبها المخرج المسرحي , في حالة اطلاعه على اللوحات التشكيلية والتمعن في اجزاء تكويناتها وحركاتها , واكتشاف العلاقة مابين هذه التكوينات , وجمالية انسجامها , تساعد الفنان المسرحي على اكتشاف مايساعده من هذه اللوحة الفنية , باقتباسه , بعض الحركات ومن توزيع الكتل فيها , وتسخير هذا الاقتباس الى المسرح,  وتكييفه وفق مايخدم جمالية العرض المسرحي , وهنا لا يسعني الا ذكر هذه الحقيقة والتي تعلمتها من زميلي وصديق طفولتي واخي المرحوم المخرج المتالق والقدير الفنان  د.عوني كرومي حينما كان يقترح عليا زيارة المعارض والقاعات للفنون التشكيلية ( جمعية الفنون التشكيلية في الكرخ , وقاعة كوبلنكيان في ساحة الطيران في بغداد , ودائرة الفنون التشكيلية في الشواكه , اضافة الى العروض الطلابية لطلبة معهد الفنون الجميلة , واكاديمية الفنون الجميلة ) جميع ماكنا نشاهده من اللوحات التشكيلية المعروضة ,نستجمعها ونختزنها في ذاكرتنا ( تجارب مكتسبه ) لنستخدمها لخدمة عروضنا المسرحية , وهذا بالفعل ماطبقته في تحريك المجاميع في مسرحية رصيف الغضب للكاتب صباح عطوان ,والتي شاركت في المهرجان القري الاول للمسرح العمالي في دمشق , وحازت على الجائزة الاولى في الاخراج .
النظرة الاجتماعية المشتركة لجميع الفنون والفنانين :
لو استعرضنا الاحقاب التاريخية لمجتمعنا العربي والعراقي خاصة ,ونظرتهم للفنون وللفنانين قاطبة ( المسرحيون والتشكيليون والموسيقيون ) لتوقفنا على عدة عوامل وظروف خارجة عن ارادة الفنان في هذا المجتمع , ولا سيما في المجتمع العراقي , وكل مرحلة من مراحل الحياة الاجتماعية , ظروفها وثقافتها , وفي لحظات التامل والتفكير , واستعراض التاريخ والحياة الاجتماعية التي عاشها فنانونا الرواد , وضيق تفكير مجتمعنا ونظرتهم الاشمئزازية والاحيقارية لفنانينا , حددت نشاطتهم على مساحة ضيقة , لم تساعدهم على تجسيد احاسيسهم وافكارهم وابداعاتهم , في انشطتهم وانتاجاتهم الفنية , وكذالك هذه النظرة المتدنية والرقابة الصارمة من قبل السلطة , قيدت حريتهم وحددت اختياراتهم للمواضيع والافكار التي تنسجم مع سياستها , في الوقت الذي كان الفنان يتجدد بافكاره وتطلعاته من مرحلة واخرى من حياته , كل منها وحسي مراحل الظروف الطارئة والتي كانت تحيط بالفنانين , وتغير من حالته الثقافية ونظرته للحياة وللمجتمع , ونظرة المجتمع له , هذه العلاقة مابين الطرفين كانت علاقة جدلية , حددت علاقة كل منهما بالاخر , مما زادت في معانات الفنانين وحددت انشطتهم وابداعاتهم , فكانت هذه النظرة المادونية للفن وللفنانين , قد لعبت دورا بنتاجات اعمالهم الفنية ( المسرحية والتشكيلية والموسيقية ) .يقول الفنان القدير والمتالق في عالم الاخراج والتمثيل د. سامي عبد الحميد , متعه الله في صحة جيدة وامده بالعمر المديد ((( لقد عانينا اشد المعاناة من اجل تغيير نظرة المجتمع لنا , ولا سيما نظرتهم للعنصر النسوي , وتوصلنا الى حالة من الطموح والهدف المنشود , في استقطاب جمهور مسرحي مثقف واسع وشاسع , استمر في متابعة انشطتنا وانتاجاتنا المسرحية ))))  .
اذن اعزائي واحبتي , هكذا عانى روادنا من اجل تغيير نظرة المجتمع باتجاه الفنان , واستطاعوا تغيير النظرة المادونية الى نظرة الاعجاب والدعم والتشجيع بمتابعة الاعمال المسرحية  , واستطاعوا ايضا ان يغيروا وجهة نظر المؤسسات المعنية , واعتمادهم اعمدة من اعمدة الثقافة يعتمدونهم في المحافل العربية والدولية , فهذه عوامل مهمة واساسية وايجابيه اضفت نوعا من الدعم والتشجيع للفنانين ساعدتهم بالتوسع في مجال البحث وطورت من امكانياتهم ومهاراتهم وابتكاراتهم وابداعاتهم , ساعدتهم على الخروج من المساحات الضيقة في ممارسات اعمالهم الفنية , الى عالم واسع , استطاعوا وبكل مقدرة واقتدار , ان يحاكوا الطبيعة الخلابة بمناظرها والوانها الزاهية , واحاسيسهم المنطلقة من النظرة التفائلية للفن ولرسالته العظيمة , بحيث اخذت في معظم الاحيان , روافد الفنون المختلفة , والنابعة من المعين الخاص لكل منهم , ان تصب في رافد رئيسي , لتمتزج وسائل التعبير فيما بينها , وتاثير الواحدة بالاخرى , وتكاثفت وسائل الابداع ىفي رافد واحد ,لينتج عنها لوحات تعبيرية , هي بمثابة الرؤية الحقيقية لكل فنان مبدع , ان كان في مجال التشكيل وروافده , والموسيقى ووسائلها ,والمسرح وبمذاهبه المتنوعة ومدارسه الحديثة  .
فالفنان التشكيلي اخذ يجسد وجهة نظره للمنظور الجمالي والمتوازن لتصاميم الديكورات المسرحية , وكيفية مزج الالوان المختلفة والتي تنسجم مع الجو العام للعمل المسرحي , وتساعد ايضا على اضفاء الحالة النفسية كعامل مساعد لتجسيد الجو العام للعرض المسرحي , وهذا التلاحم , والانسجام , ياتي من خلال نظرة ورؤية الفنان التشكيلي ,والمتطابقة مع رؤية المخرج لتسخيرها لخدمة العرض المسرحي , اضافة الى تقنيات الفنون المسرحية , والتي تستخدم كل منها وحسب تصميمها ,الاضاءة والوانها , والاسلايدات والمؤثرات الصورية لخدمة العرض المسرحي , اضافة الى تصميم الملابس , ومراعات الوانها وانسجامها مع الوان الديكور والاضائة المسرحية  .
وتاتي الفنون الموسيقية , واختياراتها المنسجمة مع الجو العام للعرض المسرحي , ولا سيما في افتتاحية العرض, حيث تساعد على توصيل هذا الجو للمتلقي وجعله يتهيأ لاستقبال اجواء العرض المسرحي , وتصميم الموسيقى التصويرية واختياراتها , نوعين : اولهما يتم الاستماع الى انواع المؤلفات الموسيقية , واختيارات مايلائم منها , او تكليف احد الموسيقيين بتاليف مقطوعة موسيقية مؤلفة للعرض المسرحي نفسه , بحيث ياتي هذا التاليف منسجما مع الجو العام للعرض المسرحي ,ويتناسب مع نوعية العرض , ان كان تراجيديان , او كوميديان , او ميلودراما , اضافة الى مساعدة الممثل في بعض الاحيان على اضفاء حالة من حالات الابداع في التمثيل , ومساعدة المتلقي لتكييف نفسه للحالة النفسية وللجو العام للعرض المسرحي ,  وكما ان هذه الموسيقى لها الفضل لربط المشاهد والفصول المسرحية , وكل منها وحسب مايتطلبه البناء الدرامي والفعل المتنامي للوصول الى رؤية اخراجية متفتحة  فيها شيئان من الابداع والتواصل ,  اضافة  الى انها تساعد المتلقي على متابعة الاحداث والمشاهد والفصول ووصولا الى النهاية .
في مجلة التشكيلي ( حوار وراي) يقول الفنان التشكيلي محمد يوسف , وبعنوان ((( هربت الى الطبيعة بعد ان خنقني الجدار ))) ((((( انا محظوظ لاسباب كثيرة , فالتشكيل يحتوي على صور متحركه اجسدها في شكل احاول ان اجعله يبدو متحركا , اما المسرح فاشياء في العقل جامدة احركها على خشبة المسرح , فتركيبات الشخصيات وقرائتي للسينوغرافيا في المسرح , وتكوينات الديكور , وشكل الاضاءة وتاثيره , والمؤثرات الخارجية والبيئة المحيطة بالمسرح , كلها موجودة في الفن التشكيلي , علاقتي بالممثل وعلاقة الممثل بقطع الديكور من حوله , كل هذا فن متحرك .
المسرح دائما يحرك فكرة على خشبة المسرح , هناك علاقة بين مرسل ومستقبل , نفس الشيىء في التشكيل , العمل الذي لم يستطيع الوصول الى قلب المتلقي عن طريق بصره والمخزون الثقافي لديه وما يمتلك من تراكمات حياتية , يصبح عملا فاشلا , اما فشل في الفكرة او الديكور او اي عنصر من عناصر المسرح , التشكيل والمسرح صورتان متكاملتان تماما كما اعتقد لاسباب كثيرة , فلقد دخلنا في الالفية الثالثه وذابت التقسيمات الفنية , فلم يعد هناك فن تاثيري او سريالي اللهم الا الاعمال المتحفيه , ولكن , هل تنتهي مع نهاية المدارس ؟ ومالذي يمكن اضافته لها ؟ انا لن اكون دافنشي , او مايكل انجلو , او جيكوميتي جديد , واتصور اننا لو كنا وقفنا عند هؤلاء الفنانين لما كانت هناك فنون جديدة واجهزه اعلامية جديدة , لذا فان المسرح والفن التشكيلي هما اللذان يجددان كل الاشياء , فاالوعي اختلف والظروف الانسانية تغيرت , فانا تعلمت في ظروف اقل بكثير من الظروف التي يتعلم فيها ابني , وكذالك الاخلاقيات تغيرت , ولو لم يكن هناك صراع فكري بين جيلين لما تم تطور للفنون ))))))
اذن عزيزي القارىء , عزيزي الطالب , نعود مرة ثاتية الى الفن وتعريفه الشامل , هو ابداع وابتكار ومحاكات ولغة استخدمها الانسان للتعبير عن ذاته وعن احاسيسه الداخلية بشكل يسمو الى الجمال والابداع , وقد اثبتت الدراسات الحديثه , بان علاقة الفنون ( التشكيلية والمسرحية والموسيقية ) هي علاقة وجدانية وملحمية اذا اتحدت مع بعضها نتج عنها فعل متحرك ومحرك ايضا لاحاسيس الانسان ولا سيما في الفنون المسرحية , وكذا الحال في الموسيقى والتشكيل , الا ان هذا الفعل والصورة المثالية لهذه الابداعات الفنية , لا تاتي الا من خلال تفاعل الانسان وبما يحسه ويعكسه من خلال شكل يمتلك قيمة جمالية وابداعيه وبموجب قيمة نسبوية فلسفية وجمالية وفكرية تعبر عن الخلفية الثقافية للفنان ,
ففي مسرحية الشيخ والقضية ( وهي من تاليفي واخراجي )والتي عرضت من على مسرح بغداد في العراق , كان الديكور من تصميم الفنان التشكيلي الرائد الاستاذ سامي البازي , حيث تمازج الالوان في هذا التصميم الرائع ساعد على تجسيد الجو العام لمضمون المسرحية , اضافة الى هذا جاء تصميم الديكور عن فهم وادراك لفكرة المسرحية , وساعدتني ايضا على تجسيد الرؤيا الاخراجية , من خلال خلق علاقة المجاميع مع الديكور وابراز جمالية التكوينات من خلال هذه العلاقة ,وهذا ماجاء الا من خلال تلاحم الوسيلتان التعبيريتان للفن التشكيلي ( في تصميم الديكور ) وكذالك الصورة المتحركة من خلال الشخوص المتحركة في المسرح  .
اذن هنا لدينا لوحتان متجانستان مشتركتان ومرئيتان في العرض المسرحي :
اولا , الفن التشكيلي والثابت بوضعيته والمتوازن المنظور والمحرك لاحاسيس المتلقي ,وتهيئته للمعايشة مع الجو العام للعرض المسرحي , اضافة الى هذا باستطاعة الفنان التشكيلي ان يجسد فكرة ومضمون المسرحية من خلال بعض الحركات الشكلية والرمزية والتي يبرزها من خلال تصميم الديكور .
ثانيا , الفن المسرحي بلوحته المتحركة الشخوص وفق مامرسوم للحركة الاخراجية في العرض المسرحي , اضافة الى الوان ملابس هذه الشخوص والاضاءة المختلفة الالوان وحسب متطلبات الاخراج المسرحي ,ينتج من هذا مايلي :
لقد اشتركتا الفنون التشكيلية وملحقاتها من التصميم والالوان وحركات التصميم الناطقة من خلال الحركات التعبيرية والرمزية والموجودة في هذا التصميم ,والفنون المسرحية بالشخوص وبالملابس وكما ذكرنا انفا وبالوانها وتكييف حركات وانتقالات الممثلين وخلق عملية توازن المنظور المسرحي , وخلق علاقة مع التصميم التشكيلي للديكور , مجسدين فكرة النص اضافة الى مساعدة توصيل الاجواء التي يبغيها العرض المسرحي , كل منهما ( الفن التشكيلي والفن المسرحي ) يؤدي وظيفته وبموجب ماجاء من وحي الفنان التشكيلي
من دراسته للنص المسرحي , وكذالك عما تمخضت الرؤية الاخراجية للمخرج المسرحي , اضافة الى الفنون التشكيلية والفنون المسرحية هناك رافد اخر يشترك مابين الاثنين ليكمل بمشاركته ,مايتطلبه العرض المسرحي , الا وهو فن الموسيقى والغناء , ففي مسرحية ايام العطالة للكاتب التقدمي العراقي المرحوم ادمون صيري كلفت الفنان المتالق جعفر حسن بتاليف الموسيقى التصويرية للمسرحية , وبعد دراسته للنص ومشاهدته لبعض التمارين استطاع هذا الفنان ان يتالق بمقطوعته الموسيقية والتي اضفت جوا ابداعيا ساعدت المتلقي على ان يعيش احداث العمل المسرحي وان يندمج مع الاحداث , وهكذا اجتمعت هذه الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية ( المسرح الغنائي والاوبرالي ) وكل منهما يعبر عن الاحاسيس الداخلية والتي ماجائت الا من خلال التاثر والتاثير المتبادل مابين الفنان والمجتمع , والتي يبرزها كل من الفنان المسرحي والتشكيلي والموسيقي , كل منهما وحسب ماتوحي له احاسيسه الداخلية , وردود افعاله الانعكاسية وصور الخيال والتخيل والتي يحملها الفنانين ( التشكيليين والمسرحيين والموسيقيين ) وكل منهما يهدف الى الى خدمة العرض المسرحي والمنسجم مع الفكرة الرئيسية التي جسدها المؤلف المسرحي من خلال النص .
وهنا قد تبرز مشكلة لمستوى  احدى هذه الفنون في خدمتها للعرض المسرحي , قد يكون لتصميم الديكور ضخامة وبهرجة تطغي على الاخراج المسرحي , بحيث لا يمكن للمخرج المسرحي ان يستخدمه لخدمة العرض المسرحي , او قد تكون المقطوعات الموسيقية للمشاهد والفصول المسرحية لا ترتقي الى قوة اداء الممثلين , او قد تكون القدرة الاخراجية اكثر قوة من تصميم الديكور والفواصل الموسيقية , فهنا يحدث تخلخل وعدم التوازن مابين عناصر ومقومات العمل المسرحي ككل , وكل منهم على حساب الاخر .
اذن , من الضروري جدا التوافق مابين قدرة هذه الفنون على تقديم مايخدم العرض المسرحي , كل منها وحسب ابداعاتها لخدمة العرض المسرحي متكاتفة من اجل تجسيد لوحة تشكيلية متحركة من على خشبة المسرح ومسموعة من قبل المتلقي للموسيقى وللحوار المسرحي في تلاحم وجداني وابداعي وجمالي .
فالفنون التشكيلية اضافة الى كونها فنون مرئية , هي فنون متحركة وحسية , تحرك احاسيس المتلقي من خلال مايشاهدونه من مضمون اللوحة الفنية , والنابعة من خلجات الانسان التاملية المنطلقة من اجواء الطبيعة وما تملكه من الاشكال والمناظر الخلابة والالوان الزاهية والاحاسيس التي تحرك المتامل باتجاه ردود افعال انعكاسية تنطبع على اللوحة الفنية .
اما الفنون المسرحية , اضافة الى كونها فنون حسية مشتركة مع الفنون التشكيلية بهذه الصفة والمتفاعلة مع الاحاسيس والوجدان النابع من ردود افعال الفنان المسرحي الى المتلقي انما تختلف عن الفنون التشكيلية انها صور متحركة مرئية وناطقة وسمعية اضافة الى كونهاحسية  .
اما الفنون الموسيقية , اذا مااستعرضنا علاقتها ببقية الفنون , لتوصلنا الى ان هذا الفن هو فن حسي وسمعي نابع عن احاسيس المؤلف والملحن الموسيقي والذي يصل الى المتلقي ليتفاعل مع احاسيسه ووجدانه وفق صورة يتخيلها المتلقي وبموجب تاثيرات القطعة الموسيقية , اي بعبارة اخرى , ان هذا الفن الموسيقي , هو فن احساس وسمعي وانعكاسات لردود الافعال الانعكاسية للفنان الموسيقي , يشترك مع بقية الفنون بانه سمعي وحسي ويختلف عنهم بانه غير مرئي ومتحرك .
اذن اعزائي واحبتي من قراء صحيفة بانوراما , اكتفي بهذا القدر من الشرح لدراسة عن الفن التشكيلي والفن المسرحي والفن الموسيقي وعلاقة كل منهما بالاخر , ارجو انني قد اكتفيت ووفيت .  
 
 



        

12
الفنون التشكيليه -------الفنون المسرحيه -------- الفنون الموسيقيه
وعلاقة كل منهما بالاخر
                   
في بداية السنة الدراسيه في معهد الفنون الجميله سألت طلبة المرحلة الاولى ( السمعيه والمرئيه ) عن تعريف الفن ,فارتفعت الاكف الى الاعلى وكل منهم يحاول ان يسبق الاخر في الاجابة على هذا السؤال فأذنت لاول طالب بالاجابة فقال معرفا الفن : هو عبارة عن محاكاة للطبيعة , فاشرت له بالجلوس ,اما الثاني , فاجاب بان الفن هو عبارة عن احاسيس من الواقع الاجتماعي تعرض بشكل فني للمشاهدين , والاخر اجاب ان الفن هو مراة للمجتمع تعكس المعانات والمشاكل الانسانية , وهنا اكتفيت بالاجابة وقلت لهم : كل ماذكرتموه من التعاريف هو صحيح .
اذن اعزائي , الفن هو عبارة عن احاسيس ووجهات نظر , تصب في اطار وشكل جميل يعبر عن الرؤية الحياتية للانسان , والنظرة الشامله للحياة الاجتماعية التي يعيشها , ولكل مرحلة من مراحل التاريخ والحياة الاجتماعية لها خصوصية التعبير والانعكاسات النفسية للفرد لما تحمله ردود افعاله للعادات والتقاليد البالية والتي يتمرد عليها, وتنعكس عن رد فعل يجسده من خلال محاورة لشخوص تحمل من الافكار والاراء المتضادة الواحد ضد الاخر في نص مسرحي , تراجيديان كان ام كوميديان
فالحياة وبطبيعتها الجميلة , تحمل من الاشكال والالوان الزاهية ماتبهر النفس , ومن دون تدخل الانسان , في صيرورتها وكينونتها , او صقلها وهندستها وتنسيقها , انما هي هكذا , انوجدت منذ الازل وبفعل التغييرات الجيولوجية , والتضاريس الارضبة والغير الساكنة والمتغيرة مع الاحقاب الزمنية , اخذت مسارا طبيعيا , تعكس من خلال ماتمخضت عنه العوامل الجيولوجية والطبيعية في نحت الصخور , الصخور , ونمو الاشجار , وانحنائات الانهر , واستحداث الجداول , واصوات الشلالات , والمنبعثه من المنحدرات الطبيعية والجمالية , لما تحمله الطبيعة , من خصائص الجمال والانبهار , والمتمثلة باشكال جميلة والوان زاهية تهفو لها الانفس , واصوات متناسقة من الطبيعة الساحرة , يستانس لها الانسان المتامل والمختلي مع نفسه واجوائها الساحرة  .
وبالتاكيد اعزائي , ان الطبيعة هي هكذا بجمالها الساحر اثرت في نفوس الكثير من الفنانين التشكيليين والذين جسدوا من ابداعاتهم بمحاكات الطبيعة على لوحاتهم باشكالها والوانها الزاهية , وبمناظرها الخلابة , والتي تنعكس من خلال ردود افعالهم الداخلية واحاسيسهم المنبعثة من نتيجة عوامل التفاعل مع ردود افعال مايبهرهم من المناظر الطبيعية الجميلة , منعكسة بالوانها الزاهية , وبرؤية , اكثر جمالا واحساسا مما هو عليه في الطبيعة , لان اللوحة التشكيلية ,لا تكتمل الا من خلال ريشة الفنان نفسه , والتي تحمل احاسيسه الصادقة  وردود افعاله باتجاه ماينقله من الواقع الى اللوحة التشكيلية , فيها المضمون المرئي والحسي , ورؤيته , من خلال اختيارات رموزه من الالوان والحركة في داخل الاطار التشكيلي , والتي تعبر اخيرا عن الرؤية الابداعية , باتجاه اي منظر طبيعي واقعي , انما باسلوب شيق يحمل من خلاله ابداعات الفنان نفسه .
يقول الفنان التشكيلي المغربي العربي نصر الدين محمد في ريبورتاجا لموقع الصحيفة المغربيه ((((( شخصيا استثمر كل ماتلتقطه عيني لكن اعيدها بطريقة فنية اطبعها بتقنيتي الخاصه , واذا اختمرت اللوحه في الذهن , اكشف عنها وعن جمالها اللامرئي , ليصير مرئيا , ومن ثم اتقاسمه مع المتلقي , كما اشاركه اللحظات الصوفية ونشوة الابداع والخلق والحلم , واقدم له العصارة في طبق من الالوان الدافئة والصاخبه , كما اسعى الى ابراز محاسن الطبيعة وجمالها , مستجيبا لصوت داخلي , ولطقس ابداعي اعيشه خلال تناول السند بالفرشاة والالوان )))) .
خشبة المسرح , واطار اللوحة التشكيلية

واذا ماشئنا في البحث عن العلاقة المشتركة مابين الفنون التشكيلية والفنون المسرحية  , سنلاحظ ان هناك خشية داخل الافريم ( الاطار للوحة التشكيلية ) , وهو مايشبه خشبة المسرح , والتي نطرح من خلالها انعكاسات الواقع بسلبياته وايجابياته , من خلال نص وشخوص مسرحية , اضافة الى المستلزمات من التقنيات الفنية والسينوغراغيا المسرحية ( الاكسسوارات والاثاث والديكور وكل ملحقاتها والتي تساعد على اكمال الصورة المتحركة من على خشبة المسرح ) .
اما في الفنون التشكيلية , هناك الاطار والذي من داخله يعرض الفنان التشكيلي رؤيته واحاسيسه , واما ما يساعد على ابراز وتجسيد هذه الرؤية , هي الفرشاة والالوان والمساحة الخلفية للوحة التشكيلية , فقد تختلف الادوات والمعدات والمستلزمات والتقنيات الفنية , كوسائل تنفيذ وتجسيد , الا ان المحصلة المشتركة مابين الاثنين و التي يستقبلها المتلقي , هي الاحاسيس وردود الافعال , والمتعة فيما يستقبل من المسرح واللوحة التشكيلية  .
ففي اطار خشبة المسرح , نلاحظ لوحة تشكيلية حسية وسمعية , ومتحركة , يرسمها المخرج من خلال نص مسرحي يتضمن حوارا وشخوص , وهذه الشخوص , تتحرك وفق حركة اخراجية يرسمها المخرج , وفق مايملكه من التجارب المكتسبة والمختزنة , والاحاسيس الداخلية , والرؤية الابداعية , باسلوب تعبر عن ثقافته
التوازن المسرحي في توزيع الكتل وتصميم الديكور , وكذا الحال في اللوحة التشكيلية

في المسرح , يراعى توزيع قطع الديكور والاكسسوارات وملحقاتها , بشكل متوازن لمسقط رؤية المتلقي ( الميزانسين المسرحي ) ,كذا الحال في توزيع الكتل والالوان في اللوحة التشكيلية , اضافة الى ان في المسرح يراعى الوان ملابس الشخوص المسرحية والمنسجمة مع الوان الديكور والاضاءة المسرحية , لانه في بعض المسرحيات للالوان دلالات ايمائية ورمزية تعكس من خلالها الحالات النفسية للشخصية , اضافة الى انها تساعد على توضيح معالم الشخصيات المسرحية , من شخصيات ماساوية وحاقدة ورومانسية وبهلوانية وكل منهم له الوانه والتي منها يستدل المتلقي عن ماتعنيه هذه الرموز اللونية , وكذا الحال في اللوحة التشكيلية , حينما يراعي الفنان التشكيلي عملية مزج الالوان , للحصول على الالوان المراد ابرازها في اللوحة التشكيلية , وبموجب مايوحي للفنان التشكيلي ليخدم كل لون تصميم اللوحة الفنية وتجسد المعاني والاحاسيس النابعة من ردود افعال انعكاسية من ذات الفنان نفسه نتيجة التفاعلات ووجهات نظره لما يشاهده وينقله من الطبيعه الى اللوحة الفنية ,اضافة انه يراعي فيها توزيع الكتل اللونية ومزجها , وكتل التكوينات في الطبيعة ( الجبال , النهر , الاشجار , البيوت , السماء والغيوم ----الخ ) المنقولة منها  ام الموحية له من وفق خياله , وتوزيعها على مساحة اللوحة مراعيا في ذلك التوازن في التوزيع ( الميزانسيت ) مما يساعد المتلقي على الاستمتاع بمشاهدة اللوحة ومتابعة مضمونها , اضافة الى كل هذا تضفي من الراحة النفسية للمتلقي لمتابعة تفاصيل اللوحة التشكيلية .
الايقاع في المسرح ,وفي اللوحة التشكيلية
في المسرح  : يراعى عملية البناء من خلال ايقاع الكلمه , والجملة , والحوار المتكامل , هذا الايقاع , يساعد على خلق عنصر المتابعة عند المتلقي لاستقبال الفكرة الرئيسية , عن طريق الاحداث المتناميه , الناتجة من عنصري الصراع  ( السالب والموجب ) وبموجبهما نصل الى العقدة , ومن ثم الذروة , لنحط رحالنا عند المحطة الاخيرة لنهاية العرض المسرحي ( كوميديان , كان , ام تراجيديان ) الا وهي المحطة الاخيرة , الحل .
في اللوحة التشكيلية  : يكون الايقاع من الضروريات والتي تساعد المتلقي , على متابعة اجزاء وتفاصيل اللوحة التشكيلية , بمتابعة خالية من الضجر والملل , اضافة الى خلق المتعة عند المتلقي , من خلال ماتعكسه هذه اللوحة , من تاثيرات حسية ونفسية , تدعه يتابع اجزاء وتفاصيل التكوينات الكتلية , والالوان الممزوجة , والتي يراعي فيها الفنان التشكيلي في رسمه عملية التوازن الكتلي مابين اطراف اللوحة , اضافة الى ذالك ,الايقاع والحركة للوحة التشكيلية .
العومل الحسية والمخفية , عند المخرج المسرحي والفنان التشكيلي
ناتي الى العوامل الحسية والمخفية لكل من المخرج المسرحي والفنان التشكيلي , حيث لكل منهما قدرة تجسيد الرؤية والخيال , وقدرة الابتكار والابداع , في رسم الحركة والتكوينات الجمالية , اضافة الى امتلاكهما لردود الافعال الحسية الانعكاسية ,والتي تتجسد على المسرح او على اللوحة الفنية , ناتي على عنصري الحركة لكليهما : فكما ان في المسرح حركة في انتفال الممثل والتي تعكس ظرفه , والحالة التي هو عليها , كذالك في اللوحة التشكيلية , تملك هذه الميزة , مثال على ذالك : في اللوحة الفنية التشكيلية , نشاهد ان هناك سيارة , فمن اجل توضيح واقع حال هذه السيارة , يضيف الفنان التشكيلي  رسم لدخان محركها يجسد بهذا واقح حال ظرفها ,بان محركها يشتغل , او لوحة لمنظر البحر , فاذا اضاف الفنان التشكيلي حركة اعاصير هوائية , اولا سيعطينا واقع حال الحالة الجوية , ثم  اضافة على التاكيد لظرف واقع الحالة الجوية, بامكانه رسم هيجان لامواج البحر , ومن خلال  هذه الحركات التي يخلقها الفنان التشكيلي داخل اللوحة تتمكن اللوحة من توصيل الواقع الظرفي لكل جزء من اجزاء الكتل المرسومة فيها  .
ماهي تاثيرات الفن التشكيلي على المخرج المسرحي                                         هناك فوائد متعددة , يكتسبها المخرج المسرحي , في حالة اطلاعه على اللوحات التشكيلية والتمعن في اجزاء تكويناتها وحركاتها , واكتشاف العلاقة مابين هذه التكوينات , وجمالية انسجامها , تساعد الفنان المسرحي على اكتشاف مايساعده من هذه اللوحة الفنية , باقتباسه , بعض الحركات ومن توزيع الكتل فيها , وتسخير هذا الاقتباس الى المسرح,  وتكييفه وفق مايخدم جمالية العرض المسرحي , وهنا لا يسعني الا ذكر هذه الحقيقة والتي تعلمتها من زميلي وصديق طفولتي واخي المرحوم المخرج المتالق والقدير الفنان  د.عوني كرومي حينما كان يقترح عليا زيارة المعارض والقاعات للفنون التشكيلية ( جمعية الفنون التشكيلية في الكرخ , وقاعة كوبلنكيان في ساحة الطيران في بغداد , ودائرة الفنون التشكيلية في الشواكه , اضافة الى العروض الطلابية لطلبة معهد الفنون الجميلة , واكاديمية الفنون الجميلة ) جميع ماكنا نشاهده من اللوحات التشكيلية المعروضة ,نستجمعها ونختزنها في ذاكرتنا ( تجارب مكتسبه ) لنستخدمها لخدمة عروضنا المسرحية , وهذا بالفعل ماطبقته في تحريك المجاميع في مسرحية رصيف الغضب للكاتب صباح عطوان ,والتي شاركت في المهرجان القري الاول للمسرح العمالي في دمشق , وحازت على الجائزة الاولى في الاخراج .
النظرة الاجتماعية المشتركة لجميع الفنون والفنانين :
لو استعرضنا الاحقاب التاريخية لمجتمعنا العربي والعراقي خاصة ,ونظرتهم للفنون وللفنانين قاطبة ( المسرحيون والتشكيليون والموسيقيون ) لتوقفنا على عدة عوامل وظروف خارجة عن ارادة الفنان في هذا المجتمع , ولا سيما في المجتمع العراقي , وكل مرحلة من مراحل الحياة الاجتماعية , ظروفها وثقافتها , وفي لحظات التامل والتفكير , واستعراض التاريخ والحياة الاجتماعية التي عاشها فنانونا الرواد , وضيق تفكير مجتمعنا ونظرتهم الاشمئزازية والاحيقارية لفنانينا , حددت نشاطتهم على مساحة ضيقة , لم تساعدهم على تجسيد احاسيسهم وافكارهم وابداعاتهم , في انشطتهم وانتاجاتهم الفنية , وكذالك هذه النظرة المتدنية والرقابة الصارمة من قبل السلطة , قيدت حريتهم وحددت اختياراتهم للمواضيع والافكار التي تنسجم مع سياستها , في الوقت الذي كان الفنان يتجدد بافكاره وتطلعاته من مرحلة واخرى من حياته , كل منها وحسي مراحل الظروف الطارئة والتي كانت تحيط بالفنانين , وتغير من حالته الثقافية ونظرته للحياة وللمجتمع , ونظرة المجتمع له , هذه العلاقة مابين الطرفين كانت علاقة جدلية , حددت علاقة كل منهما بالاخر , مما زادت في معانات الفنانين وحددت انشطتهم وابداعاتهم , فكانت هذه النظرة المادونية للفن وللفنانين , قد لعبت دورا بنتاجات اعمالهم الفنية ( المسرحية والتشكيلية والموسيقية ) .يقول الفنان القدير والمتالق في عالم الاخراج والتمثيل د. سامي عبد الحميد , متعه الله في صحة جيدة وامده بالعمر المديد ((( لقد عانينا اشد المعاناة من اجل تغيير نظرة المجتمع لنا , ولا سيما نظرتهم للعنصر النسوي , وتوصلنا الى حالة من الطموح والهدف المنشود , في استقطاب جمهور مسرحي مثقف واسع وشاسع , استمر في متابعة انشطتنا وانتاجاتنا المسرحية ))))  .
اذن اعزائي واحبتي , هكذا عانى روادنا من اجل تغيير نظرة المجتمع باتجاه الفنان , واستطاعوا تغيير النظرة المادونية الى نظرة الاعجاب والدعم والتشجيع بمتابعة الاعمال المسرحية  , واستطاعوا ايضا ان يغيروا وجهة نظر المؤسسات المعنية , واعتمادهم اعمدة من اعمدة الثقافة يعتمدونهم في المحافل العربية والدولية , فهذه عوامل مهمة واساسية وايجابيه اضفت نوعا من الدعم والتشجيع للفنانين ساعدتهم بالتوسع في مجال البحث وطورت من امكانياتهم ومهاراتهم وابتكاراتهم وابداعاتهم , ساعدتهم على الخروج من المساحات الضيقة في ممارسات اعمالهم الفنية , الى عالم واسع , استطاعوا وبكل مقدرة واقتدار , ان يحاكوا الطبيعة الخلابة بمناظرها والوانها الزاهية , واحاسيسهم المنطلقة من النظرة التفائلية للفن ولرسالته العظيمة , بحيث اخذت في معظم الاحيان , روافد الفنون المختلفة , والنابعة من المعين الخاص لكل منهم , ان تصب في رافد رئيسي , لتمتزج وسائل التعبير فيما بينها , وتاثير الواحدة بالاخرى , وتكاثفت وسائل الابداع ىفي رافد واحد ,لينتج عنها لوحات تعبيرية , هي بمثابة الرؤية الحقيقية لكل فنان مبدع , ان كان في مجال التشكيل وروافده , والموسيقى ووسائلها ,والمسرح وبمذاهبه المتنوعة ومدارسه الحديثة  .
فالفنان التشكيلي اخذ يجسد وجهة نظره للمنظور الجمالي والمتوازن لتصاميم الديكورات المسرحية , وكيفية مزج الالوان المختلفة والتي تنسجم مع الجو العام للعمل المسرحي , وتساعد ايضا على اضفاء الحالة النفسية كعامل مساعد لتجسيد الجو العام للعرض المسرحي , وهذا التلاحم , والانسجام , ياتي من خلال نظرة ورؤية الفنان التشكيلي ,والمتطابقة مع رؤية المخرج لتسخيرها لخدمة العرض المسرحي , اضافة الى تقنيات الفنون المسرحية , والتي تستخدم كل منها وحسب تصميمها ,الاضاءة والوانها , والاسلايدات والمؤثرات الصورية لخدمة العرض المسرحي , اضافة الى تصميم الملابس , ومراعات الوانها وانسجامها مع الوان الديكور والاضائة المسرحية  .
وتاتي الفنون الموسيقية , واختياراتها المنسجمة مع الجو العام للعرض المسرحي , ولا سيما في افتتاحية العرض, حيث تساعد على توصيل هذا الجو للمتلقي وجعله يتهيأ لاستقبال اجواء العرض المسرحي , وتصميم الموسيقى التصويرية واختياراتها , نوعين : اولهما يتم الاستماع الى انواع المؤلفات الموسيقية , واختيارات مايلائم منها , او تكليف احد الموسيقيين بتاليف مقطوعة موسيقية مؤلفة للعرض المسرحي نفسه , بحيث ياتي هذا التاليف منسجما مع الجو العام للعرض المسرحي ,ويتناسب مع نوعية العرض , ان كان تراجيديان , او كوميديان , او ميلودراما , اضافة الى مساعدة الممثل في بعض الاحيان على اضفاء حالة من حالات الابداع في التمثيل , ومساعدة المتلقي لتكييف نفسه للحالة النفسية وللجو العام للعرض المسرحي ,  وكما ان هذه الموسيقى لها الفضل لربط المشاهد والفصول المسرحية , وكل منها وحسب مايتطلبه البناء الدرامي والفعل المتنامي للوصول الى رؤية اخراجية متفتحة  فيها شيئان من الابداع والتواصل ,  اضافة  الى انها تساعد المتلقي على متابعة الاحداث والمشاهد والفصول ووصولا الى النهاية .
في مجلة التشكيلي ( حوار وراي) يقول الفنان التشكيلي محمد يوسف , وبعنوان ((( هربت الى الطبيعة بعد ان خنقني الجدار ))) ((((( انا محظوظ لاسباب كثيرة , فالتشكيل يحتوي على صور متحركه اجسدها في شكل احاول ان اجعله يبدو متحركا , اما المسرح فاشياء في العقل جامدة احركها على خشبة المسرح , فتركيبات الشخصيات وقرائتي للسينوغرافيا في المسرح , وتكوينات الديكور , وشكل الاضاءة وتاثيره , والمؤثرات الخارجية والبيئة المحيطة بالمسرح , كلها موجودة في الفن التشكيلي , علاقتي بالممثل وعلاقة الممثل بقطع الديكور من حوله , كل هذا فن متحرك .
المسرح دائما يحرك فكرة على خشبة المسرح , هناك علاقة بين مرسل ومستقبل , نفس الشيىء في التشكيل , العمل الذي لم يستطيع الوصول الى قلب المتلقي عن طريق بصره والمخزون الثقافي لديه وما يمتلك من تراكمات حياتية , يصبح عملا فاشلا , اما فشل في الفكرة او الديكور او اي عنصر من عناصر المسرح , التشكيل والمسرح صورتان متكاملتان تماما كما اعتقد لاسباب كثيرة , فلقد دخلنا في الالفية الثالثه وذابت التقسيمات الفنية , فلم يعد هناك فن تاثيري او سريالي اللهم الا الاعمال المتحفيه , ولكن , هل تنتهي مع نهاية المدارس ؟ ومالذي يمكن اضافته لها ؟ انا لن اكون دافنشي , او مايكل انجلو , او جيكوميتي جديد , واتصور اننا لو كنا وقفنا عند هؤلاء الفنانين لما كانت هناك فنون جديدة واجهزه اعلامية جديدة , لذا فان المسرح والفن التشكيلي هما اللذان يجددان كل الاشياء , فاالوعي اختلف والظروف الانسانية تغيرت , فانا تعلمت في ظروف اقل بكثير من الظروف التي يتعلم فيها ابني , وكذالك الاخلاقيات تغيرت , ولو لم يكن هناك صراع فكري بين جيلين لما تم تطور للفنون ))))))
اذن عزيزي القارىء , عزيزي الطالب , نعود مرة ثاتية الى الفن وتعريفه الشامل , هو ابداع وابتكار ومحاكات ولغة استخدمها الانسان للتعبير عن ذاته وعن احاسيسه الداخلية بشكل يسمو الى الجمال والابداع , وقد اثبتت الدراسات الحديثه , بان علاقة الفنون ( التشكيلية والمسرحية والموسيقية ) هي علاقة وجدانية وملحمية اذا اتحدت مع بعضها نتج عنها فعل متحرك ومحرك ايضا لاحاسيس الانسان ولا سيما في الفنون المسرحية , وكذا الحال في الموسيقى والتشكيل , الا ان هذا الفعل والصورة المثالية لهذه الابداعات الفنية , لا تاتي الا من خلال تفاعل الانسان وبما يحسه ويعكسه من خلال شكل يمتلك قيمة جمالية وابداعيه وبموجب قيمة نسبوية فلسفية وجمالية وفكرية تعبر عن الخلفية الثقافية للفنان ,
ففي مسرحية الشيخ والقضية ( وهي من تاليفي واخراجي )والتي عرضت من على مسرح بغداد في العراق , كان الديكور من تصميم الفنان التشكيلي الرائد الاستاذ سامي البازي , حيث تمازج الالوان في هذا التصميم الرائع ساعد على تجسيد الجو العام لمضمون المسرحية , اضافة الى هذا جاء تصميم الديكور عن فهم وادراك لفكرة المسرحية , وساعدتني ايضا على تجسيد الرؤيا الاخراجية , من خلال خلق علاقة المجاميع مع الديكور وابراز جمالية التكوينات من خلال هذه العلاقة ,وهذا ماجاء الا من خلال تلاحم الوسيلتان التعبيريتان للفن التشكيلي ( في تصميم الديكور ) وكذالك الصورة المتحركة من خلال الشخوص المتحركة في المسرح  .
اذن هنا لدينا لوحتان متجانستان مشتركتان ومرئيتان في العرض المسرحي :
اولا , الفن التشكيلي والثابت بوضعيته والمتوازن المنظور والمحرك لاحاسيس المتلقي ,وتهيئته للمعايشة مع الجو العام للعرض المسرحي , اضافة الى هذا باستطاعة الفنان التشكيلي ان يجسد فكرة ومضمون المسرحية من خلال بعض الحركات الشكلية والرمزية والتي يبرزها من خلال تصميم الديكور .
ثانيا , الفن المسرحي بلوحته المتحركة الشخوص وفق مامرسوم للحركة الاخراجية في العرض المسرحي , اضافة الى الوان ملابس هذه الشخوص والاضاءة المختلفة الالوان وحسب متطلبات الاخراج المسرحي ,ينتج من هذا مايلي :
لقد اشتركتا الفنون التشكيلية وملحقاتها من التصميم والالوان وحركات التصميم الناطقة من خلال الحركات التعبيرية والرمزية والموجودة في هذا التصميم ,والفنون المسرحية  بالشخوص وبالملابس وكما ذكرنا انفا وبالوانها وتكييف حركات وانتقالات الممثلين وخلق عملية توازن المنظور المسرحي , وخلق علاقة مع التصميم التشكيلي للديكور , مجسدين فكرة النص اضافة الى مساعدة توصيل الاجواء التي يبغيها العرض المسرحي , كل منهما ( الفن التشكيلي والفن المسرحي ) يؤدي وظيفته وبموجب ماجاء من وحي الفنان التشكيلي
من دراسته للنص المسرحي , وكذالك عما تمخضت الرؤية الاخراجية للمخرج المسرحي , اضافة الى الفنون التشكيلية والفنون المسرحية هناك رافد اخر يشترك مابين الاثنين ليكمل بمشاركته ,مايتطلبه العرض المسرحي , الا وهو فن الموسيقى والغناء , ففي مسرحية ايام العطالة للكاتب التقدمي العراقي المرحوم ادمون صيري كلفت الفنان المتالق جعفر حسن بتاليف الموسيقى التصويرية للمسرحية , وبعد دراسته للنص ومشاهدته لبعض التمارين استطاع هذا الفنان ان يتالق بمقطوعته الموسيقية والتي اضفت جوا ابداعيا ساعدت المتلقي على ان يعيش احداث العمل المسرحي وان يندمج مع الاحداث , وهكذا اجتمعت هذه الفنون التشكيلية والمسرحية والموسيقية ( المسرح الغنائي والاوبرالي ) وكل منهما يعبر عن الاحاسيس الداخلية والتي ماجائت الا من خلال التاثر والتاثير المتبادل مابين الفنان والمجتمع , والتي يبرزها كل من الفنان المسرحي والتشكيلي والموسيقي , كل منهما وحسب ماتوحي له احاسيسه الداخلية , وردود افعاله الانعكاسية وصور الخيال والتخيل والتي يحملها الفنانين ( التشكيليين والمسرحيين والموسيقيين ) وكل منهما يهدف الى الى خدمة العرض المسرحي والمنسجم مع الفكرة الرئيسية التي جسدها المؤلف المسرحي من خلال النص .
وهنا قد تبرز مشكلة لمستوى  احدى هذه الفنون في خدمتها للعرض المسرحي , قد يكون لتصميم الديكور ضخامة وبهرجة تطغي على الاخراج المسرحي , بحيث لا يمكن للمخرج المسرحي ان يستخدمه لخدمة العرض المسرحي , او قد تكون المقطوعات الموسيقية للمشاهد والفصول المسرحية لا ترتقي الى قوة اداء الممثلين , او قد تكون القدرة الاخراجية اكثر قوة من تصميم الديكور والفواصل الموسيقية , فهنا يحدث تخلخل وعدم التوازن مابين عناصر ومقومات العمل المسرحي ككل , وكل منهم على حساب الاخر .
اذن , من الضروري جدا التوافق مابين قدرة هذه الفنون على تقديم مايخدم العرض المسرحي , كل منها وحسب ابداعاتها لخدمة العرض المسرحي متكاتفة من اجل تجسيد لوحة تشكيلية متحركة من على خشبة المسرح ومسموعة من قبل المتلقي للموسيقى وللحوار المسرحي في تلاحم وجداني وابداعي وجمالي .
فالفنون التشكيلية اضافة الى كونها فنون مرئية , هي فنون متحركة وحسية , تحرك احاسيس المتلقي من خلال مايشاهدونه من مضمون اللوحة الفنية , والنابعة من خلجات الانسان التاملية المنطلقة من اجواء الطبيعة وما تملكه من الاشكال والمناظر الخلابة والالوان الزاهية والاحاسيس التي تحرك المتامل باتجاه ردود افعال انعكاسية تنطبع على اللوحة الفنية .
اما الفنون المسرحية , اضافة الى كونها فنون حسية مشتركة مع الفنون التشكيلية بهذه الصفة والمتفاعلة مع الاحاسيس والوجدان النابع من ردود افعال الفنان المسرحي الى المتلقي انما تختلف عن الفنون التشكيلية انها صور متحركة مرئية وناطقة وسمعية اضافة الى كونهاحسية  .
اما الفنون الموسيقية , اذا مااستعرضنا علاقتها ببقية الفنون , لتوصلنا الى ان هذا الفن هو فن حسي وسمعي نابع عن احاسيس المؤلف والملحن الموسيقي والذي يصل الى المتلقي ليتفاعل مع احاسيسه ووجدانه وفق صورة يتخيلها المتلقي وبموجب تاثيرات القطعة الموسيقية , اي بعبارة اخرى , ان هذا الفن الموسيقي , هو فن احساس وسمعي وانعكاسات لردود الافعال الانعكاسية للفنان الموسيقي , يشترك مع بقية الفنون بانه سمعي وحسي ويختلف عنهم بانه غير مرئي ومتحرك .
اذن اعزائي واحبتي من قراء صحيفة بانوراما , اكتفي بهذا القدر من الشرح لدراسة عن الفن التشكيلي والفن المسرحي والفن الموسيقي وعلاقة كل منهما بالاخر , ارجو انني قد اكتفيت ووفيت .   
 
 



         

13
,الدراما الشعبية في العراق
مابين الارتجال والتاليف

في المرحلة الدراسية في ايطاليا زادهم الشوق والفضول  للتعرف على معالم حضارتها وبالذات الثقافة المسرحية وتجربة المسرح الايطالي, وكذالك التعرف على حرفية فن المكياج وتجربته في حياكة الباروكات للشعر المستعار واللحى والشارب وغيرها من مستلزمات هذه الحرفية الفنية والغنية بتجربتها الرائدة في هذا المضمار  اضافة الى ماكتسبوه من دراستهم في معاهدها السينمائية والمسرحية . كانوا متشوقين لزيارة معالم ايطاليا الاثرية والتعرف على معالم فنونها التشكيلية لاشهر رسامي العالم من امثال ليونارد دافنشي وروفائيل ومايكل انجلو , قال الاستاذ المرحوم الفنان الرائد ابراهيم جلال  والذي كان احد طلاب المعهد االسينمائي التجريبي الحكومي في ايطاليا قبل ذهابه الى الدراسة في معاهد امريكا للفنون المسرحية , قال رحمه الله : هذه المعالم الجميلة والتي اعادتني الى احضان شكسبير واجواء مسرحياته وبالذات مسرحية يوليوس قيصر والتي جعلتني اعيش بين اجواء احداثها وصراع شخوصها , بروتس وكاشياس وتامرهم على قيصر ومناهضتهم لانطونيو , واذا بالاستاذ اسعد عبد الرزاق امده الله بالصحة والعافية والعمر المديد والذي كان احد طلاب المعهد الايطالي للفنون المسرحية  وقت ذاك ,  , يشير لي الى معرض للتحف والتماثيل لاشهر معالم الحضارة العالمية , من برج ايفل, وتمثال الحرية واشور وبابل , فلما دلفنا الى داخل المعرض انا والاستاذ اسعد عبد الرزاق , واستطلعنا معروضاته, جلب انتباهي تمثالا للثور المجنح واخر لاسد بابل والزقورة والجنائن المعلقة , فاستغربنا اشد الاستغراب لاهتمام العالم باثارنا وتراثنا وحضارتنا مما جعلني استفسر من المعني عن بيع هذه التماثيل وانا اشير الى تماثيل بلادي بلد الرافدين قائلا له : اتعرف شيئا عن هذه التماثيل ؟ فبادرني بضحكة وقهقهة عالية قائلا :ومن منا لايعرف شيئا عن هذه الرموز الحضارية لبلاد الرافدين ؟يالله , انه ايضا يعرف اسم بلاد الرافدين ! انها كنية بلادي الحضارية , وشرع يشرح لنا وبالتفصيل عن حضارة نينوى وبابل ويذكر لي قصص عن اسوار نينوى المحصنة والجنائن المعلقة وكيف انها تعد اعجوبة من اعاجيب السبعة في العالم , بحيث ادهشني بمعلوماته التي افتقر اليها وانا ابن هذه الحضارة التي علمت العالم على سن القوانين والانظمة , فهززت برأسي ونظرت الى استاذي الكريم اسعد عبد الرزاق وقطعت عهدا على نفسي بانني ساهتم بكل مايعني بحضارة بلادي وثقافتها , واشجع كل ما ينتمي الى هذه الامة العريقة التي اشعت بمعالمها الحضارية وادهشت العالم بتاريخها وحضارتها . وهكذا اوفى الاستاذ المرحوم ابراهيم جلال وعده ,فبعد عودته الى العراق شجع النصوص العراقية الشعبية والمستمدة افكارها ومضامينها من حضارة وادي الرافدين ومن الواقع الاجتماعي الشعبي , فكانت مسرحية فوانيس لطه سالم ومن بطولة الفنانه العراقية المسرحية المغتربه وداد سالم زوجة الفنان المخرج المسرحي اديب القليجي , ومسرحية عقدة حمار وهي من تاليف الكاتب المبدع‘ الاستاذ عادل كاظم ومن بطولته  والذي شاركه في بطولة هذا العمل الفنان المبدع المرحوم شكري العقيدي , ومسرحية الطوفان من تاليف عادل كاظم وتمثيل نخبة من فناني المسرح العراقي كريم عواد والمرحوم فاروق فياض وفاطمه الربيبعي وصلاح القصب ومريم الفارس , وكذالك مسرحية الدراويش الثلاثه والقضيه وهي من تاليف عادل كاظم وتمثيل المرحوم يعقوب الامين ويعقوب القرغولي---وكثيرة هي النصوص التي اخرجها الفنان الرائد ابراهيم جلال .
وانني هنا اعزائي القراء والمعنيين بالادب المسرحي , اسلط الاضواء وباختصار على الدراما الشعبية في العراق وكيف كانت مابين الارتجال والتاليف ,وليس طرحي هذا هو الاول من نوعه , وانما لربما قد سبقني في هذا المضمار زملاء لي , مسلطين الاضواء على مسيرة الدراما العراقية منذ نشأتها وحتى وصولها الى ماهي عليه في عصرنا , والضروف القاسية التي عاشها فنانونا انذاك في العصور الماضية ومجابهتهم لتصديات الانظمة التي حاربوها , وتصدوها بافكارهم وثقافتهم وايمانهم بما يملكون من العقيدة الفكرية خدموا من خلالها شعبنا وجماهيرنا المتطلعة الى الحياة المشرقة والمشرفة .
لذا حينما نستعرض تاريخ الفن في العراق و نقرأ عن اسماء كثيرة من الفنانين اللذين شقوا طريقهم بصعوبة مجهدة وهم يمضون في هذه المسالك الوعرة من المسيرة الفنية , والحياة المريرة , وعلى السنتهم طعم مرارة الحياة والحرمان لابسط الحقوق الانسانية, وهم يعيشون حياتهم بكل قسوة ومذلة, متصدين استخفاف الطبقات البرجوازية من العوائل المترفة
فكان فنانو تلك المرحلة الزمنية من تاريخ العراق وبالرغم من ضعف موقفهم باستثناء من كانوا يمسحون الاكتاف , يعيشون حياتهم الفنية متفانين ومضحين بالغالي من اجل ترسيخ القيم والمفاهيم الفكرية ومحاربة الاعراف والتقاليد البالية
,والطبقية ذات الموازين الغير الاجتماعية الانسانية
, ونشر افكار تسودها المحبة والتاخي وحسن العيش , والتطلع الى افاق فيه الشيىء الكثير من امال الحياة التي يحلو فيها العيش ضمن رعاية اجتماعية وحقوق مواطنة تنبذ التقسيمات الطبقية والغير المنصفة لعوائلنا المتعففة من ابناء شعبنا العراقي من كافة اطيافه, وقومياته . لذا كان من واجب الامانة الوطنية ان يبرز من بين المفكرين والمثقفين والسياسيين والفنانين من ابناء هذا الشعب البار , لاخذ زمام امور القيادة وعن طريق النضال السري والعلني , لمحاربة كل المظاهر المدانة والتي لا ترتقي الى المنطق السليم ولا الى النظرة الانسانية  من هذه العوائل المترفة البرجوازية للطبقات الفقيرة والمسحوقة و المعدمة الكادحة  .
فمن هنا بدأت النتاجات الفكرية والادبية والثقافية والفنية والسياسية , ان تاخذ قرارا باعلانها عن انتقاد واستنكار الانظمة والقوانين لتلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق , ونبذ العادات والتقاليد والاعراف التي وظفتها تلك الطغمة من الطبقات المتعالية البرجوازية من اجل الحفاظ على مكتسباتها الغير القانونية والتي استحوذت على الاموال بالوسائل الا شرعية , كأن تشرع قوانينا مجحفة للحد من العلاقات الاجتماعية الانسانية والمبنية على المحبة والاخاء , ورسم معالم طبقات اجتماعية تسودها المحسوبية والعشائرية من الاقطاعيين والملاكين الغير الشرعيين , والهجرة المعاكسة من الريف والاقضية والنواحي من ابناء طبقتنا الفلاحية الى المدن للبحث عن سبل العيش بعد ان سلبت املاكهم واراضيهم غدرا وغصبا .
وفي هذه المرحلة الظرفية القاسية من حياة العراق وشعبه وكما ذكرنا انفا برزت اسماء كثيرة من المرموقين اجتماعيا وفكريا وسياسيا وفنيا , واللذين استطاعوا ان يحركون الشارع العراقي باتجاه المطالبة بالحرية والمساواة , والتي حركت من خلالها  مشاعر واحاسيس الفقراء وايقضتهم من سباتهم العميق , وبهذا عمت التضاهرات الجماهيرية , وملئت شوارع بغداد ولا سيما شارع الرشيد , وبدا دور الفنان السياسي بقيادة هذه الحملات الاحتجاجية والتظاهرات الوطنية , رافعين شعارات للمطالبة برفع الرقابة على النصوص المسرحية , وعن الطباعات الفكرية والثقافية , واعادة تشكيل المجاميع للفرق المسرحية ورفع الضرائب المجحفة عن العروض المسرحية , اضافة الى المطالبة بسقوط حلف بغداد , واخراج المساجين المعتقلين زورا من الفنانين والمفكرين والادباء والشعراء والسياسيين , انما اعطيت وعودا كاذبة , لانهم بعد الافراج عنهم من معتقلاتهم , فرضوا عليهم الاقامة الجبرية في محل سكناهم , وعدم السفر والانتقال مابين المحافظات العراقية .
استمر الرواد من الفنانين وبالرغم من الرقابة الصارمة والتي وضعت على تحركاتهم , وتقييد عروضهم المسرحية برقابة ظالمة مجحفة , استمر هؤلاء الرواد بتاليف كروبات من الفنانين المناهضين لتلك الانظمة  الطاغية , وتحت مظلة اسماء كثيرة من الجماعات الدينية والاجتماعية مجتمعين في الجوامع والكنائس والمقاهي الشعبية يحاربون ويناهضون القوانين والانظمة الجائرة ورجالها , بشتى الوسائل المتوفرة بين ايديهم انذاك بالقصائد الشعرية الشعبية , والنوادر الساخرة , والنكات المضحكة بحق بعض الشخصيات المتنفذة والمتطرفة من العوائل البرجوازية المتعالية على ابناء شعبنا من الفقراء , وكذالك برزت في هذه الفترة ظاهرة المنولوجات الساخرة والناقدة , والتي كان اصحابها يحيون حفلاتهم مابين حفلات الاعراس , والمناسبات الدينية والوطنية , والتي غالبا ما كانت تنقلب الى تظاهرات احتجاجية , ورفع شعارات مناهضة لتلك الانظمه المجحفة بحق شعبنا , وكذالك بدأ دور الصحافة يأخذ مساره الطبعي باتجاه واجباتها الوطنية , وهكذا برزت على الساحة الميدانية الوطنية , بتناولها شتى المواضيع والمقالات ذات الصلة بحقوق الشعب , ونشر الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة مما ادت الى غلق البعض منها , وزج رؤساء تحريرها في المعتقلات , باستثناء بعض الابواق الاعلامية , والتي كانت تنحاز الى السلطة الحاكمة انذاك , ومن خلال دعم هذه الاخيرة الى هذه الصحف المأجورة .
بقيت الحركات الفكرية والادبية والفنية والسياسية تاخذ بالتوسع  وعن طريق منافذها التي استحسنها شعبنا انذاك , فبعد الحرب العالمية الثانية , كانت هناك نهضة فكرية وفنية وسياسية , وظهور صحف محلية ساعدت على النهوض بالحركة الادبية والسياسية والفنية , فبرزت جريدة الزمان , وجريدة الاخبار , وغيرها من الصحف المحلية , والتي كانت تنشر المواضيع الفنية والادبية , وتشجع على فتح صالات للعروض السينمائية والمسرحية , وبعض الملاهي الليلية انذاك , والتي كانت تحيي حفلات غنائية مصرية وتركية وفارسية ولبنانية , ووصلات من المنولوجات الضاحكة والنقدية وانقسمت هذه العروض الى عدة  اقسام , بحيث كل منها يمول ويدعم  من احد اركان المسؤولين المتنفذين في الدولة العراقية, والتي اخذت الصراعات السياسية تتغلب على حياتهم من اجل الاستحواذ على المناصب العالية والكراسي في الحكم . وبهذا انقسم الفنانون والشعراء الى قسمين مناهضين الواحد للاخر , بحيث اصبح القسم الاول , ابواق دعاية للمتنفذين من رجال  االسلطة والقسم الاخر  هو بجانب الضمير الحي والذي يمثل صوت الشعب  من الفنانين الرواد  واللذين يحملون افكارا وطنية ومناهضة لتلك الانظمة المبادة , ومن خلال هذه الظروف القاسية , اظطر معظم الفنانين الهجرة الى ايران وتركيا وسوريا لشق طريق حياتهم وممارسة اعمالهم الفنية , واما اللذين جعلوا من انفسهم ابواقا مأجورة للمسؤولين المتنفذين لتلك الانظمة في العراق , فقد انسلخت حياتهم عن الواقع الانساني وانحازت الى تلك الطبقة الحاكمة المتنفذة بغية العيش في بحبوحة من جراء تزلفهم ومرائاتهم وتملقهم وعدم التزاماتهم بعكس الحقائق المأجورة والظلم السائد انذاك بحق المجتمع العراقي وشعبه الابي , ولهذه الاسباب ظهرت الاعمال الرخيصة والمنولوجات الغير المستحقة التقييم سوى انها كانت هزلية بعروضها وتافهة بمضامينها مجرد لاضحاك اصحاب البطون المتخمة , وهكذا اصبح الفن بيد غير امينة , من اصحابي العقول التجارية الرخيصة وعلى حساب مبادىء الحياة الكريمه , حيث اصبح  وسيلة لهو واستمتاع بما يعرض امام المترفين من عوائل المسؤولين المتنفذين , من السلطات الحاكمة انذاك , تضفي على اجوائهم وحياتهم الخاصة  اجواء البسمة والتمتع واللهو الفارغ , وشاعت اخبار كثيرة عن هذا الدعم الغير المشروع , مما شجع على مجيىء الكثير من الفنانين وخاصة المطربين والمطربات من ايران وتركيا ولبنان وسوريا والوقوف على مسارح الصالات من الملاهي الليلية الرخيصة وكذالك شجعت الاوضاع السا ئدة انذاك على مجيىء بعض الفرق المسرحية المصرية وتقديم عروضها الساخرة الكوميدية لتفتح افاقا جديدة في مسيرة حركة الفن في العراق .
وبعد هذه الفترة المظلمة من تاريخ العراق واجوائه السياسية  والفكرية والفنية ,  بدأت مرحلة جديدة ساعدت على تغيير مجرى الحياة لشعب العراق, -- مرحلة الاحتلال البريطاني للعراق,-- فتعالت الاصوات الحرة والارادة الشعبية لم تستكين الا باعلان قادة مايس من عام 1941 حينما ساهمت الاذاعة العراقية بالتعبئة الجماهيرية و المنظمات الجماهيرية الحرة والثورية بمظاهرات استنكارية , تظافرت فيها حركة الفنانين العراقيين وكذالك الشعراء والادباء والموسيقيين العراقيين عندما تمخضت اعمالهم عن اناشيد ثورية تعبوية وطنية , فكانت انشودة موطني , ونحن الشباب , ونشيد الفتوة , وفي هذه الفترة بالذات صدحت حنجرة المنولوجست الفنان عزيز علي فتمخضت عن منولوجات غنائية انتقادية ساخرة وتعبوية بنفس الوقت , منها البستان , والشمس طلعت علحرامية , و دنعل ابو الفن ,وابو ناجي , وكثيرة هي  مما ساعدت على السخرية من الاوضاع السياسية المرحلية التي مرت على العراق انذاك , وكذالك ساهم الشعراء والادباء بقصائدهم , منهم الرصافي , وملا عبود الكرخي  , ( ويكيبديا ---الموسوعه الحره ) .
اعزائي القراء والمعنيين بالادب المسرحي , هنا احب ان اسلط الضوء على الفترة مابين سنة 1907 – 1908 مستعرضا الحركة الفنية عامة والمسرحية خاصة , كانت هناك عروضا مسرحية لا ترتقي الى المستوى المطلوب , او بالاحرى ماهي عروض بالمعنى الصحيح بقدر ماهي فرجة للهو يحضره من اصحابي الترف من الشخصيات التي لا هم لها الا قضاء ساعات من الضحك والطرب في مقاهي اعدت لهذا الغرض , حيث يبدأ منهاجها بالشعر الشعبي الكوميدي الساخر و والمربعات البغدادية الشعبية والمعروفة اذاك , وبعدها يبدأ بفاصل كوميدي يقدمه شخص له من اللباقة الكلامية وموهبة بتقليد الشخصيات وتقليد اصوات الحيوانات , ومن ثم تعليقات تثير نوع من السخرية والضحك والهرج والمرج , منها مهذب ومنها غير مهذب وكذالك تقديم شخصيات كاريكاتيرية يقوم شخص بتمثيلها يثير من خلالها الضحك والاستهزاء , حيث كانت تغص المقاهي الشعبية بهذه العروض , وتتنافس ايضا فيما بينها على تقديم الافضل من الفنون الموسيقية , من قراء المقام العراقي والجالغي البغدادي , ومن اشهر هذه المقاهي هي , قهوة عزاوي , وقهوة السبع , وقهوة السواس , ( فنون اللهو والتسليه – لطيف حسن ) .
الاخباري والارتجال  
من هو الاخباري وماذا نعني بهذه التسمية الغير المالوفة لدينا ؟

الاخباري هو ذالك الشخص الذي يملك اللباقة الكلامية , ولديه حضورا واقتدار على شد انتباه المتفرجين من رواد المقاهي , وبامكانه تكييف جسمه وحركات يديه واصابع كفيه بما يجلب الضحك والسخرية والارتجال من الكلام الذي يثير الضحك ومن غير اتفاق على نص تمثيلي يعد مسبقا لهذا العرض , اي يعتمد على الابتكار الذاتي , ومن اشهر اولئك الفنانين واللذين اشتهروا بتقديم مثل هذه الفواصل الكوميدية رائدها ( جعفر لقلق زاده )والذي يقول عنه الاستاذ لطيف حسن في مقال له ( ان له الفضل الاول للمساهمة الاساسية في نقل عروض هذا الفن الشعبي من الشارع والساحات العامه , الى حلبات المراقص في المقاهي البغدادية القديمة , وتم تطوير هذا الفن ليقدم من على  مسارح الملاهي الليلية ) ,  , والقسم الاخر لديه الاستعداد على حلق شعر جسمه ولبس الباروكات النسائية وتقليد اصواتها  اذا اضطرت ظروف الفرجة الاستعراضية  بتقديم شخصية امرأة , وهو يرقص ويتميع بمفاتن خصره , ولهذه الاسباب سمي ( بالشعار ) اما القسم الاخر والذي يرقص ومرتديا دشداشة طويلة وحزاما يشد خصره وواضعا فوق راسه كبوسا كبيرا ويقرأ المنولوجات الغنائية الساخرة  من اجل اضحاك المتفرجين وهو ينقر باصابعه على الايقاع الذي يحمله على جنبه ( خصره ) ويسمى ب ( الدنبكجي ) او( القرقوز) وقد اشتهر بتمثيل  مثل هذه الشخصيات في الافلام المصرية  الفنان  المصري المرحوم محمود شكوكو , وقد كانت هذه النماذج في الاعراف والتقاليد الاجتماعية  انذاك مثيرة للاشمئزاز , ومن المعيب على اي مواطن ينتمي الى طبقة اجتماعية من المتعالين على المجتمع ( البيروقراطين والبرجوازيين ) ان يمتهنوا مثل هذه المهنة , لذا كانت تعتبر من المهن المشينة والغير المحترمة انذاك  .
ان الملهاة المرتجله والفواصل المضحكه والمشاهد الهزلية وخيال الظل ومسرح الدمى , جميع هذه الانواع من  العروض الشعبية كانت غايتها , اضفاء اجواء المرح والمتعة لاغير , ومازلت اتذكر اخي وزميلي الفنان المرحوم المخرج السينمائي برهان الدين جاسم وهويحدثني عن الفنان الكوميدي العراقي المرحوم صفاء محمد علي وعن سيرته الفنية وعن علاقته بهذه المدرسة من الفرجة المسرحية , وقد تبين لي فيما بعد بأن هؤلاء الفنانين , ماكانوا يقدمون الا صفاتهم الحياتية الواقعية وتعليقاتهم الاذعة والساخرة والتي تعكس معاناتهم من قساوة الحياة الاقتصادية عليهم , وظلمها وتأثرهم بما يحيط من حولهم من العادات والتقاليد والتي كانت السبب في انتكاس حياتهم الاجتماعية من فقر وعوز وحرمان , وهذا مالاحظته على اخي وزميلي الفنان المرحوم المخرج السينمائي برهان الدين جاسم والذي اظطر الى بيع داره ليصرفه على انتاج فلمه الروائي الغنائي درب الحب من بطولة الفنان فاروق هلال والفنانه مديحة وجدي والفنان المرحوم خليل الرفاعي , ان هؤلاء الفنانين والمتنوعي  المواهب , من امثال المخرج السينمائي برهان الدين جاسم ( ابوسمير ) كان شاعرا يكتب نصوص اغاني افلامه بنفسه , ويؤلف قصص افلامه بحوارات ودايلوجات كوميدية يشوبها شيئا من السخرية والكوميد , وحياته الخاصة والعامة لا يمكننا فصلهما الواحدة عن الاخرى , لانهما مزدوجتان في ردود افعالهما ونظرتهما الى الحياة , وهذا ماكان يطرحه من خلال افلامه المعروضة مثل فلم انا العراق , واسعد الايام , ودرب الحب , والخ ----- انني ذكرت الفنان المخرج كمثال عاصرته اشبه بأؤلائك القسم من الفنانين الرواد والذين قدموا الغالي والرخيص من اجل مواصلة اعمالهم , وقد تكون لا ترتقي الى مستوى الطموح , الا انها كانت اللبناة الاساسية على طريق ترسيخ الخطوات الاولى , وتطويرها على ضوء المراحل الاحقة من مسيرة الحركة الفنية في العراق  .
لقد كان المسرح العراقي في هذه المرحلة من تاريخ العراق يطرح فرجة كوميدية مستمدة افكارها من الحياة الشعبية مجسدا العادات والتقاليد البالية من خلال حكايات كوميدية هزلية وعن طريق شخصيات شعبية من الواقع العراقي تطرح ماعندها من تشخيص السلبيات في المجتمع, فقد ذكر لنا الفنان الراحل الرائد الاستاذ حامد الاطرقجي في حديث له , باتهم كانوا يمثلون في ساحات الدور الكبيرة , مستعينين بشراشف منازل ذويهم واكسسواراتهم ومستلزمات ديكوراتهم , واحتياجاتهم من الكراسي والاثاث البسيط , وأضاف بانه والاستاذ الفنان الرائد حميد المحل كانوا يؤديان ادوارا نسائية , ويجاريه في ذالك الفنان الرائد فخري الزبيدي والفنان الرائد الحاج ناجي الراوي , والذي فيما بعد تشكلت منهم فرقة الزبانية اضافة الى الفنانين المطربين المرحوم ناظم الغزالي والفنان المرحوم المطرب رضا علي , وقد ذكر لي اكثر من مرة بانهم كانوا يقدمون اعمالهم الهزلية الكوميدية ومن دون نص يذكر بقدر مايتعلق الامر بفكرة يتفقون عليها ومن ثم توزع الادوار فيما بينهم ومن ثم يقومون بالابتكار والارتجال  لمشاهد كوميدية , لا يعرفون وقتا لنهايتها الا اذا عجزوا عن تكملة مشوارهم التمثيلي , وهذه الفرجة من المشاهد الكوميدية الهزلية ايضا كانت تعرض من على سطوح منازلهم اذا اقتضت الحاجة الى ذالك , وامام حشد من المتفرجين واللذين لهم علاقة قربى وصلات صداقة مع الممثلين , ومن دون ثمن يذكر باستثناء ماكان يتبرع به بعض المشجعين لسد نفقات مصاريفهم , او كانوا يقدمون اعمالهم في جمعيات خيرية تعتمد بتقديم هذه العروض على التبرعات الخيرية والتي كانوا يجمعونها من خلال ماتجود به ايادي بعض الخيرين من العوائل العراقية , او تقدم هذه الاعمال الارتجالية في مناسبات وطنية او مناسبات تخرج الطلبة من صفوف المرحلة المنتهية انذاك  .
وقد ذكرت بعض الدراسات والبحوث التوثيقية بأن المسرحيات الشعبية والتي كانت تقدم في تلك المرحلة من تاريخ العراق , ايضا لا ترتقي  الى مستوى الطموح , وبعيدة عن مواصفات العروض المتكاملة  تاليفا واخراجا طيلة نصف القرن الماضي وحتى فترة تبادل الزيارات مابين الفرق المسرحية المصرية (  فرقة يوسف وهبي , فرقة فاطمه رشدي , فرقة جورج ابيض ) وانتقال الفنانين المسرحيين العراقيين من العراق وسفرهم الى مصر والاحتكاك بالفنانين الرواد من المصريين , والعمل ضمن فرقهم المسرحية واكتساب خبرة وتجربة من خلال الاشتراك بعروضهم المسرحية ولا سيما الاستاذ الكبير الفنان الرائد وعميد المسرح العراقي الاستاذ حقي الشبلي والذي سافر الى مصر وعمل مع فرقة فاطمه رشدي مايقارب السنة كاملة , اكتسب من خلالها خبرة وتجربة اغنته بثقافة مسرحية , وبعدها سافر الى فرنسا ودرس فيها اربعة سنوات واكتسب من خلال دراسته ثقافة مسرحية زادته خبرة وتجربة  , وبعد عودته  الى بغداد تغيرت مسار الحركة المسرحية العراقية  وتطورت , وبدعم من الحكومة العراقية وضمن تلك المرحلة من تاريخ العراق استطاع الاستاذ حقي الشبلي ان يفتتح قسما للفنون المسرحية في معهد  الفنون الجميلة , بعد ان كان مقتصرا على الفنون الموسيقية , وضم فيه من خيرة طلابه في الدفعة الاولى من الفنانين الرواد , واستطيع القول بأن الدراما المسرحية الشعبية العراقية انذاك قد تطورت واخذت مكانتها الحقيقية بعد مجيىء الاستاذ الكبير حقي الشبلي , وبعد تخرج الدفعة الاولى من اساتذتنا الرواد من امثال المرحوم الرائد جعفر السعدي وابراهيم جلال رحمه الله برحمته وسامي عبد الحميد امد الله في عمره , واخرون من اساتذتنا الكرام وزادها تالقا ونجاحا ظهور وجبة من الكتاب الموهوبين والمثقفين واللذين تتلمذوا على ايادي اساتذتنا من رواد الحركة المسرحية في العراق , يتقدمهم في ذالك الاستاذ الرائد والمتالق يوسف العاني , والاستاذطه سالم , والاستاذ الكبير عادل كاظم , واللذين اغنوا الساحة المسرحية العراقية بنصوص استمدوا افكارها ومضامينها من واقع المجتمع العراقي ومن تاريخ الحضارة العراقية ولا سيما بعد مجيىء الاستاذ المرحوم قاسم محمد , والذي اغنى المسرح العراقي بنكهة جميلة بتعريقه لبعض النصوص العالمية , ومسرحة بعض الروايات لكتاب عراقيين من امثال الروائي الكبير غائب طعمه فرمان في مسرحية النخلة والجيران والتي قلبت الموازين للعروض المسرحية الشعبية , واثبتت حضورا اكاديميا للمسرحيات الشعبية في السبعينيات  .
وهكذا ودعت الدراما الارتجالية فترتها في العراق , واسدال الستار عن تاريخها , وبدء صفحة ناصعة من العروض المسرحية الشعبية , من خلال نصوص متكاملة من الافكار التقدمية , ومن توفر عناصر فن كتابة الدراما من الحبكة والبناء الدرامي , ورسم معالم شخوصها والتي تتحرك وفق صراع محبوك يتجه الى العقدة والذروة والحل , جسد عروضها الناجحة اساتذتنا من رواد المسرح العراقي , واعادوا الحياة والديمومة المسرحية بتجارب خارقة مبدعة تكللتها نجاحات عروضها من على مسارح بغداد والوطن العربي .  



   
   

14
أدب / اليك اشتاق
« في: 19:17 17/09/2013  »



اليك اشتاق 
                 

قصيدة : جوزيف الفارس
*****************

اشتاق اليك ولروحك
لانفاسك
لاياديك, لاناملك تداعب شعري, لانفاسك وهمساتك
الجذابة كقلبك فيه
سحر
وحب, كحب قيس وليلى العامرية
وعطر وشهوات جسد
تنبعث
منه
حرارة
دفىء
المحبين العاشقين الصادقين ,
لماذا------------؟
لماذاباعدتنا الايام
وظلمتنا ؟
لماذا عشنا في اوهام
وانحرمنا ؟
حبنا كان اية للمحبين
كان مراة للعاشقين
كان عنوانا للهائمين الحالمين
ولكن ياحبيبتي ذبلنا
كما ذبلت اوراق الياسمين
فهكذا هي الحياة يامليكتي
لقاء وحب وفراق
وعذاب واهات
وممات
ولن يبقى في الحياة سوى الذكريات







15
(  عجيب غريب امور قضية )
 الدراما في التلفزيون من اين والى اين ؟؟؟؟
ان المتتبع للمسلسلات التلفزيونية من الدراما العربية او غيرها من المسلسلات المدبلجه الى العربية , نلاحظ بانها قد اخذت المساحة الواسعة من حياة العائلة العربيه , ولاسيما في ايام  شهررمضان المبارك وهم يتابعون احداث المسلسلات وبفارغ الصبر , وقد يصادفك وانت في طريقك مايلفت انتاه سمعك الى حديث مطول مابين اثنتين او اكثر من متتبعات احداث هذه المسلسلا ت وكل منها تبدي رايها باندفاع وحماس على بطل المسلسل الحسن القامة والوجه , او عن بطلة المسلسل الفاتنة القوام والخصر , اما من حيث الفكرة ومعالجة ما يطرحه المسلسل , فليس له حديث يذكر .
لو حاولنا الاستفسار من احدى اؤلائك المتتبعات للمسلسل المطروح ان كان عربيا او اجنبيا لكان جوابهن ( حرام , بطل المسلسل كلش حلو راح ينكتل ) او الاخرى تجيبك بالجواب الاتي ( كلش حلو ايقهر ) , اما الفكرة الاساسية والغاية من المسلسل , لا احد يعي شيئا عن الفكرة الرئيسية , لانه معظم كتاب الدراما في عصرنا هذا ولا اقول جميعهم باستثناء الجيدين باطروحاتهم , حينما يطلقون العنان لاقلامهم في رسم الخطوط العريضة للمسلسل , هو لا يعرف كيف يبدا وكيف ينهي حلقته , انما يبقى محاولا التخبط في الحلقات الفارغة والمتكررة ومن دون رسم معالم شخصياته بالشكل العلمي المطلوب .
انما انا احني راسي تحية لبعض كتاب الدراما التلفزيونية من كتابنا المحليين العراقيين والعرب من ادبائنا السوريين والادباء المصريين , على ماتتمخظ اقلامهم من جودة ما يطرحونه من على شاشة التلفزيون من الدراما الجيدة من حيث البناء والحبكة ورسم معالم شخوصها واسلوب رسم السيناريو لمعظم مايطرح للمتلقي العربي اشادت به الصحافة واقلام النقاد المثقفين والذين لم يبخلوا على تشجيع الاعمال الجيدة  لقصة من صميم الواقع للمجتمع العربي ولا ننسى الدراما الخليجية ولا فنانينها الكرام وما يطرحونه من الاعمال التي  تستحق الذكر والاطراء والثناء على جهودهم المخلصة لما ينتجونه , ولا سيما في حرمة شهر رمضان المبارك .
وانا هنا من باب الحرص , ولا سيما مما يطرح في بعض الاحيان من المسلسلات الركيكة في طرحها واسلوب معالجتها للفكرة المراد ايصالها الى المتلقي الكريم ,

أسئل لجنة فحص النصوص وفحص المسلسلات الاجنبية المستوردة ولا سيما منها المدبلجة , ماهي المقاييس والضوابط والتي من خلالها يتم الموافقة على عرضها من على شاشات تلفزيوننا العربي ؟ وماهي المعايير  والتي بموجبها يتم الموافقة على دبلجتها وعرضها لجمهورنا العربي , والذي احوج لهذا الجمهور ان يعرض له مايناسب مرحلتنا السياسية والاجتماعية والمستقات من واقع مجتمعنا
العربي , ونحن لدينا من الفنانين العرب ( العراقيين والسوريين والخليجيين والمصريين وغيرهم من فناني بلداننا العربية ) اثبتوا جدارتهم في المحافل الفنية العربية والعالمية , انهم لا يقلون قدرة ولا ثقافة ولا خبرة وتجربة في مسارهم الفني عن اقرانهم من الفنانين الاجانب  .
ولو اطلعنا على معظم المسلسلات الاجنبية , قد نجدها لا تخدم مجتمعنا , ولا هي تحمل من سمات العادات والتقاليد المعهودة لدينا , والانكى من هذا كله , انها تستعرض من الاحداث مالم تصدقه لو قصها عليك احد من افراد عائلتك , على انه شاهد مثل هذا الحدث في الواقع الذي نعيشه , فمباشرة تجيبه ( شنو هذا , فلم هندي) ؟     ( رحمة الله على المسلسلات التركية والتي انقذت الدراما الهندية من القول الدارج فيما بيننا ( هذا فلم هندي ؟ ) , حيث فاقت المسلسلات التركية بحياكة الاحداث والوقائع , مالم يكن مطروحا في معظم الافلام الهندية , والفرق فيما بينهما ان الثانية يستعمل المخرج اختزال عامل الزمن في السيناريو للمشهد الواحد , مثال على ذالك ان في الافلام الهندية وفي احدى اغاني هذه الافلام , يرسم لنا المخرج سيناريو بمختلف اللقطات , وفي عدة اماكن , وبمختلف الازياء ,وبحركات جمناستيكية يراقص بطل الفلم حبيبته وبحركات ايمائية وتعبيرية فيها من شيئا من الجمال , وبهرجة الديكور و اضافة الى تقنيات الكاميرات العملاقة والضخمة والمختلفة بوسائل استعمالها منها ( المحمولةعلى الكرين والشاريو والكاميرات المتعلقة والثابتة و اضافة الى اللقطات والتي يصورها المخرج من كاميرات عالية التقنية  محمولة في طائرات اعدت لهذا الغرض , او الكاميرات والمثبته على السيارات التي تحمل الحبيب والحبيبة , وهي تصور اللقطات التي قد رسمها المخرج ونوعية اللقطات التي قد دونت في السيناريو , كل هذا الغرض منه هو خلق عنصر التشويق والشد للمشهد الواحد , انما لن يخرج عن تصوير واقع الحدث بالشكل المبالغ الا ماندر .
فلو تناولنا تعريف الدراما التلفزيونية ومن خلال المصادر والدراسات , لعلمنا بانها هي قصة ذات مواصفات ومقومات تبرز منها هويتها , اما انا فاعرفها بانها هي عبارة عن فن كتابة القصة والمستوحات من الواقع بحوار يعكس من خلاله هوية الشخصيات والفكرة الرئيسية , ويمكننا تقسيم الدراما او فن كتابة النص ( ان كان اذاعيا او تلفزيونيا او مسرحيا او سينمائيا ) ولكل منها اساليبها في طرق تجسيدها تختلف الواحدة عن الاخرى بالحرفية والتقنية والوسائل الفنية التي تستعمل من اجل توصيلها بالشكل السليم والممتع للمتلقي , فهناك الدراما الاجتماعية الشعبية , والدراما السياسية والتاريخية والواقعية والدينية وكل منها لها افكارها وشخوصها والتي تعتمد على تناول الواقع لهذه الحكايات وتعالج كل منها باساليب تختلف من حيث البيئة والمنشأ , كالدراما البدوية , والتي تختلف عن مثيلاتها من حيث القصة والحوار والديكور واماكن التصوير واسلوب المعالجة للفكرة المطروحة من خلالها , اختلافا جذريا  .
وهناك اساليب المعالجة لكتابة واخراج الدراما التلفزيونية لا ترتقي الى المستوى الاكاديمي من حيث الطرح , انما يشوبها ركاكة في اختيار الحوار المناسب والموضوع الذي له علاقة بالمجتمع , ولا تملك من قدرة خلق الحوار الجيد والتي من خلاله تساعد على صناعة الحبكة والبناء المتنامي وتجسيد افكار المشاهد المتسلسلة بحيث تخلق العلاقة وتمتينها مابين المشاهد والتي ستصب في الاخير على تجسيد الفكرة الرئيسية للدراما المطروحة بشكل تخلق المتعة والمتابعة من قبل المتلقي .
وللدراما , انواع منها الكوميدية والتراجيدية والملهات والميلو دراما , والكاتب الجيد يعلم كيف يصيغ من قصص وحكايات المجتمع الواقعية , دراما تلفزيونية تعتمد على الصورة وعلى طرح هذه الصورة من خلال كتابة السيناريو الجيد باتقان محترف يعبر من خلاله عن هوية الكاتب وعن حرفية السينارست , بحيث تتلاحم جميع عناصر ومقومات الدراما التلفزيونية من مصورين وممثلين ووسائل التصوير الحديثة واختيار اللوكشن الملائم لواقع المشهد المراد تصويره اضافة الى السينوغرافيا المتكاملة والتي تضفي على المشهد من واقعية الديكور ومستلزمات الممثل من الاكسسوارات والملابس المتلائمة لواقع شخصيات القصة والمكياج والمنبثق من علمية واقع الشخصيات ومعالمها الحقيقية والتي تعطي صورة متكاملة مهيئة للتصوير والحركة للممثلين وانتقال الكاميرات من مكان والى مكان اخر وحسب توزيعها من خلال زوايا يراها المخرج انها ستعطي لقطات فنية مجسدة لكل مايدور من احداث المسلسل وعن طريق الممثلين والذين سيساعدون على تصعيد بناء الدراما التلفزيونية من خلال صوت والقاء كل شخصية وبموجب ماتتطلبه الشخصية المدروسة من تجسيد انفعالاتها وتجسيد احاسيسها  وقوة التعبير عن طريق تغيير ملامح عضلات الوجه , وهكذا نكون قد اوصلنا صورة ابداعية وملحمة تعبيرية عن دراما حقيقية لها من المواصفات الاكاديمية والتي سيتقبلها المتلقي وهو يتابع الحلقات وبشكل ممتع معبرينا بهذا عن  ثقافتنا الاكاديمية وعن مصداقية ماطرحناه من الافكار والمعالجة الصحيحة  .
ومع الاسف الشديد , هناك من كتاب الدراما التلفزيونية  ما يشبر باصابع كفيه ويكتب ويراعي في كتاباته التوقيت الزمني ( صدقوني انا صادفت مثل هذا الكاتب وهو صديقي في فترة من حياتي الفنية , حيث اخبرني والله شاهد على مااذكر من هذه القصة الحقيقية , بانه يسأل زوجته عن متطلباتها الكمالية ويسأل عن اسعار تلك المتطلبات , ومن ثم يقول لي انا اشبر في الكتابة وانهي عملي والذي يوازي احتياجات ومتطلبات زوجتي , يذكرها لي وهو متباهيا مع ضحكة استهزائية وبغير محلها  .
وهناك في المقابل كتاب يترجمون ثقافتهم وبراعتهم في صياغة القصة للدراما التلفزيونية ( من فكرة وشخوص وحبكة وصراع وسيناريو , وكل مستلزمات العمل الفني لصناعة المسلسل التلفزيوني , والبعيد عن الرتابة والملل , وغير مهتمين لزمن الحلقة الواحدة ولا الى عدد حلقات المسلسل الواحد ولا الى عدد اجزائه المتلاحقة بقدر مايبحثون عن اضافة نوعية اكاديمية للدراما التلفزيونية والجيدة , مراعين فيها الفعل والحدث , بصياغة فيه شيىء من البناء وحرفة في كيفية تفعيل الحدث و وكتابة سيناريو جيد يتلاحم مع التنفيذ في الاخراج التلفزيوني .
فأنا اتعجب من ان بعض القنوات التلفزيونية  يستهويها عرض وبث بعض المسلسلات والتي لا ترتقي الى المستوى الجيد , ولا تنتمي بحرفيتها الى العلمية والثقافة الاكاديمية في التاليف والاخراج  , وغزارة اجزاء مايطرحه المسلسل تزيد من رتابة قصته والبحث في حلقة فارغة ومتكررة من احداث المشاهد والحلقات , وهناك تمرير من الوقائع والتي لايقبلها حتى الاطفال الصغار , فكفاكم يااعزائي من الضحك على الذقون من خلال ماتطرحونه تاليفا واخراجا , وهناك الكثير من المسلسلات والتي مع الاسف لاترتقي الى المستوى المطلوب و من خلال طرح قصص لا تمت الى الواقع , بقدر ماتستمد حكاياتها من الخيال والمبالغ في طرحها, والتي ليس فيها من الابداع ولا المعالجة المقنعة , وانا لواثق كل الثقة بان كاتب هذه المسلسلات , قدلا يؤمن بما يطرحه , فكيف يريد من المتلقي ان يؤمن بما يشاهد ؟
فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك الكثير من المسلسلات والتي قد تصل باجزائها الاربعة او الخمسة ومن دون ان تطرح شيئا جديدا في بقية الحلقات , سوى انها تدور في نفس الحكاية والقصة , وتطرح نفس الاحداث والحكايات , وانما باشخاص جدد , وبتصوير لاماكن مختلفة , غايتها زيادة عدد الحلقات والاجزاء , بحيث اصبح المتلقي يتوقع ماسياتي من الاحداث اللاحقة لبقية الحلقات والاجزاء المتكررة ,انه وحسب اعتقادي نوع من الاعمال والتي قد تعكس صورة غير مستحبة لمنتجي مثل هذه المسلسلات , وكذالك ستفقد مصداقية المشاهد بالشركات التي تساعد على استيراد مثل هذه المسلسلات والتي تسيىء الى الفن والامانة الملقات على كاهل الفنان الملتزم بفنه وباصالة مايطرحه للجماهير من اعمال ذات مضامين جيدة , قدتنفقد مصداقيته من خلال تعاونه في العمل على  تشجيع استيراد مثل هذه الاعمال والتي قد لا ترتقي الى المستوى المطلوب .
فدعونا نسال ونناقش مايطرحه مسلسل ( س) من بعض  المسلسلات , والمتشابهة جميعها بالطرح باستثناء اختلاف ابطالها وحكاياتها , هل هي مقنعة من حيث المعالجة والطرح ؟ فبالرغم من صرف جهد في الانتاج والتصوير, الا انه لم يجني ثمرة جهده مايجعله يقف بمصاف المسلسلات الجيدة , ولنتابع احداث مشهد من المشاهد المعروضة من المسلسل ( س) حينما يدخل البطل الى موقع الاعداء ومن دون خوف ومع عصابته , وفي ايديهم مسدساتهم ورشاشاتهم وهم يصطادون المسلحين الواحد تلوى الاخر ومن دون ان يصاب البطل باية رصاصة  , عجيب غريب امور قضية , انه المارد الذي يقتل ولا يقتل , واكثر مشاهد هذا المسلسل يدور رحاه بين المطاردة والقنص في الشوارع العمومية ومن دون رقيب ومراقبة , ومن دون معالجات مقنعة وكأننا امام افلام الكاوبوي وقانون الغاب ( القوي ياكل الضعيف ) وهذا الشيىء يعاد ويتكرر في مسلسلات اخرى وبجميع اجزائه الاربعة , ففي السابق لو شاهدنا مثل هذا الطرح نقول عنه هذا فلم هندي !!!!!! واما الان ماذا سنقول عن مثل هذه المسلسلات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
انما الواحد يشهد بالحق ومن غير نكران الحقائق لابطال القسم من هذه المسلسلات , انهم يجيدون النواح والبكاء والذي يساعدهم على مثل هذا الفعل , اختيار  الموسيقى التصويرية والتي تكاد تكون متشابهة في كل المسلسلات المطروحة من خلال شاشاتنا العربية , وانا لواثق من ان معظم مشاهدينا من العرب يشاركونهم البكاء والنواح , تضامنا مع فناني هذه المسلسلات , وتشجيعا لهم , ( عجيب غريب امور قضية ) هاملين مشاكل شعبنا العربي في الحياة الاقتصادية والسياسية , ومئات الضحايا من ابناء شعبنا العربي , وجمهورنا يبكي لاحداث مسلسل ( س ) .
فدعوني اسلط لكم الاضواء على مشاهد اخرى لمسلسل ( ص ) فمن اجل اثارة الرعب والذعر عند المتلقي من الجمهور وحصره في حالة الترقب والحذر لمشاهد معروضة فيها يقع البطل في قبضة العدو وسبحان مغير الاحوال , ينفذ هذا البطل في تفجير حائط السجن بقنبلة تهدم الحائط ولا تصيبه باذى , اية اعجوبة هذه ؟ واية قوة خارقة لديه ينهدم حائط سميك ومن غير ان يصاب باذى يذكر ؟
او في مشهد اخر يهجمون على موقع للعدو وياسرون مجرما من الاعداء , الا ان هذا المجرم وبالرغم من كثرة الحراسة المشددة ينفذ من بين قبضتهم و وهكذا يتكرر المشهد وبالعكس , عجبا على شركات الاستيراد لمثل هذه المسلسلات , الا يضعون مصلحة المتلقي امام نصب اعينهم ؟ ومالهذه الاعمال من انعكاسات سلبية على مجتمعنا ؟ اين الرقابة الحكومية والمتمثلة بوزارة الثقافة والاعلام وسيطرتها على مثل هذه المسلسلات ؟ ايرضيكم ماتطرحه هذه المسلسلات من افكار واحداث لا تسمو الى الرقي والعادات والتقاليد العربية والاسلامية ؟ ماذا يكون موقفكم من فتاة تاتي لتشارك شاب فراشه ومن دون رباط زوجي ولا اقتران بعقد زواج مابين الاثنين ؟  تاكل وتشرب مع بطل المسلسل وفي عقر داره وبين والديه واخواته , فما مردود هذه المشاهد ووقعها على المشاهد العربي وعلى مجتمعنا ؟ انقبل مثل هذا السلوك ؟ علما ان واقع مجتمعنا يميل الى التحفظ ولا سيما في الدول الخليجية مازال البرقع والحجاب سمة من سمات التحفظ والالتزم بالعادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية , فهل يصح ان نعرض مثل هذه المشاهد والوقائع والتي لا تمت بصلة الى مانطمح اليه (  عجيب غريب امور قضية ) والجواب ادعه للمتلقي الكريم من مشاهدي مثل هذه المسلسلات وانا لكم اذن صاغية ,

 

 


16
المنبر الحر / ص 1 لوحة ايمانية
« في: 20:17 11/09/2013  »

ص 1
 لوحة ايمانية
                                                                                                    تاليف: جوزيف الفارس

جلبت انتباهي صورة الغلاف الخلفي لمجلة المشرق بعددها الثاني والتي تصدرها ابرشية الكلدان والاثوريين الكاثوليك في استراليا ونيوزلندة – سدني ,لامرأة حسنة تدل ملامحها انها قروية الولادة والمنشأ , ساجدة امام مغارة فيها تمثال لامنا العذراء , وقد فصلها عن المغارة سياج فيه باب الدخول لمغارة العذراء ----- وعليه صليب مجسم بشكل هندسي ومتناسق -----هذا العدد الثاني من المجلة والذي صدر بمناسبة عيد الصليب المقدس ايلول 2009 . هذه الصورة من الغلاف , اعادتني الى فترة صباي في محافظة نينوى ( الموصل ) وانا في السابعة من عمري , طالب في مدرسة المنذرية والغسانية سابقا والتي انتقلت من مقرها القديم في كنيسة ماريوسف الى كنيسة مارشعيا في محلة المكاوي .
كان يشرف على تعليمنا لدرس الدين انذاك , الاب الفاضل المرحوم القس افرام رسام ,رحمه الله واسكنه جنات الفردوس ونعيمه .
الايمان : مسرحية قصيرة ذات مشهد واحد
شخصيات المسرحية
1 – طفل في التاسع من العمر
2 – والده يبلغ من العمر  35 سنة
3 – امراة مسنة ومتقدمة بالعمر قروية , ساجدة امام مغارة العذراء وهي تصلي بصمت

المشهد: (( امراة مسنة مرتدية لباس القرويات , فستان ذو الوان زاهية , وقد كست شعرها بمنديل ظهر من تحت ثناياه , شعرها الاشيب , وهي ساجدة امام مغارة فيها تمثال لامنا العذراء, بالقرب من هذا المشهد , هناك صبي واقف , يبلغ من العمر التسع سنوات يتحدث مع والده والذي واقف بجانبه .
الصبي ------ انظر ياابي الى تلك المغارة التي فيها تمثال العذراء !!
الوالد ------ جميلة جدا .
الصبي ------ جمالها يتجسد في ايمان تلك الامرأة العجوز والساجدة امام الغارة .
الوالد ------ وماذا تعرف عن الايمان ياولدي ؟
الصبي ---- ( بيتسم بثقه ) الايمان ياوالدي , هو احساس صادق ينبعث من القلب .
الوالد ------ وهل القلب مركزا للاحاسيس ؟
الصبي ---- ( بثقة تامة ) عفوا ياوالدي , القلب الذي لا يستمد احاسيسه من قوة الخير                     الموجودة في داخله  , لا تتحسس الايمان من خلاله .
الوالد ----- معنى هذا ليس كل من لديه قلب له ايمان .
الصبي ----- ابتاه ! الايمان موجود , ولكنه يختلف من انسان لاخر .
الوالد ------ وما هو وجه الاختلاف ؟
الصبي ----- انظر الى هذه الامراة الساجدة امام مغارة امنا العذراء ---
الوالد -----    انها تفعل فعل  المؤمنين !
الصبي ----- احسنت ياوالدي , ولكن , لو لم يكن لديها ايمانا حقيقيا  بما تفعل , لما سجدت امام                   مغارة  العذراء .
الوالد ----- وها انك تؤكد مرة ثانية ,على ان المؤمن يختلف عن غيره من البشر بدرجة                 ايمانه .
الصبي -----( بفرح ) وهذا صحيح  , لان المؤمن الحقيقي , هو ذالك الانسان الذي                     يحركه احساس مقدس , بفعل قوة الروح القدس الموجودة في داخله .
الوالد ----- ( بتعجب ) وما ادراك انت بالروح القدس ؟؟!!
الصبي ------ في المدرسة ياوالدي , اي نعم في المدرسة , وبالذات في درس الدين ,                      الاب افرام رسام , يشرح لنا عن مفهوم الثالوث المقدس , الاب والابن                       والروح القدس .
الوالد ----- انه بالفعل ثالوث مقدس , ولكن مع الاسف معظمنا لا يعرف كيف يفسره .
الصبي ---- ( بفرح صارخا بصوته ومفتخرا ) ولكنني , انا , قد فسرته للاب افرام , فاثنى               عليا , وتعجب من تفسيري !!
الوالد ----- ( بفرح واشتياق لسماع تفسير ولده ) وكيف فسرته ياولدي ؟ او بالاحرى ,                   ماذا تعرف عن الاب والابن والروح القدس ؟
الصبي -----( بثقة المؤمن والمتاكد من اجابته ) هذه الاقانيم الثلاثة ياوالدي , هي بالحقيقة                 اله واحد, فالله , هو الحقيقة والجوهر , والابن هو الكلمة المنبثقة من الله                      الاب السماوي , والروح القدس , هو الفعل والقوة المنبثقة من الاب السماوي                 و المحلولة على امنا الحنونة والمتجسد منها وصار انسانا , وعن طريقه                      وصلت الينا كلمة الله الاب السماوي , لانه هو الكلمة ,
الوالد ------- ( بشرود ذهن وتعجب ) ومن هو الكلمة ؟؟؟؟
الصبي ------( بافتخار ) الرب يسوع المسيح ياوالدي , انه الكلمة المنبثقة من الاب                        السماوي , وصار جسدا وحل فينا . هه , ماهو رايك ؟؟؟
الوالد ------ ( بشرود وذهول ) هه , ولدي
الصبي ------  نعم ياوالدي .
الوالد -------   اتفسيرك هذا صحيح ؟
الصبي------- نعم ياوالدي , صدقني, حينما شرحت هذا على مسامع الاب افرام  رسام                     جعل يصفق وهومسرورا من  تفسيري , ومن ثم اوعز لزملائي بالتصفيق                  الحار , ومن ثم قبلني .
الوالد ------- ( مع نفسه وبحيرة ) صدقني ياولدي , انا وفي هذه المرحلة من عمري , لا                  اتمكن تفسير الثالوث المقدس كتفسيرك انت !!!!!!!!!
 الصبي ------ ابتاه ! ارى انك لست معي !
الوالد ------- ( باستدراك ) هه ؟ انا --- بالحقيقة ياولدي , انا لا استطيع ان ابدي رايي                     بتفسيرك هذا , ان لم استشير الاباء الا فاضل في الكنيسة .
الصبي ------- وي عجبا ياوالدي , الست حافظا على قلبك قانون الايمان؟
الوالد --------( مستدركا ) هه؟ نعم نعم , انني دوما اردده في خدمة القداس في الكنيسة !
الصبي -------  اذا ردده مع نفسك وتمعن في معانيه ’ عندها ستتوقف عند الحقيقة التي                       في قانون الايمان والتي ساعدتني على تفسير الثالوث المقدس
الوالد  ------- هه هه !؟؟ سافعل سافعل .
الصبي ------ ولكن حدسي يقول لي بانك غير مقتنع بتفسيري  .
الوالد ------- بالعكس ياولدي بالعكس , انا مسرور, مسرور جدا , ومبتهج اشد الابتهاج                   من هذا التفسير , ولكن ----
الصبي ------  ولكن ماذا , لاتجيب , اذا سمحت ياوالدي , اتستطيع ان تفسر لي ماذا يعني                    لك , ان تشاهد امراة مسنة وهي ساجدة اما تمثال العذراء مريم ؟ دعك من                   هذه الصورة , بماذا تفسر , وانت تشاهد رجلا طاعنا في السن يقبل جدران                   الكنيسة الخارجية , وحينما يصل الى باب الكنيسة الحديدي , يسجد امامه                     ويرسم علامة الصليب , اجبني ياوالدي ( بوداعة وتوسل ) ماذا تْوحي لك                    هذه الصورة الحية ؟؟؟
الوالد --------  معنى هذا انه يحترم الكنيسة ويقدسها .
الصبي ----- وهذا لا ياتي الا من فعل الايمان .
الوالد ------ هه هه ( وكانه يدعي المعرفة , ويجيب بفخفخة ) ها , اي نعم هذا صحيح ,                 انا اايدك في هذا  .
الصبي ------ اذن دعني ومن دون احراج ياوالدي ان اسالك سؤال, واطلب منك الجواب ,                  اين نحن الان من هذا الايمان ؟؟؟
الوالد -------( بشيىء من الحيرة) , نحن –نحن بالحقيقة  , نحن -----
الصبي ------ عفوا ياوالدي , هذا السؤال اطرحه لجيل المستقبل , واتمنى سماع اجوبتهم                   ان كنت حيا . !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

                                                                                      تحياتي
                                                                              جوزيف الفارس

  


 



17
للتذكير فقط
الاستاذ الكريم عادل
برجاء ومع كل الاحترام , ركز في قراءة المقال جيدا , فستجد انني اضافة الى ماتناولته من ذكر واعتراف بتجربة الرواد المسرحيين من الناطقين باللغة السريانية في بداية مقالي وبشكل شمولي , انما ركز جيدا في نهاية المقال , وبالضبط ماقبل نهايته بستة اسطر , فستلاحظ ان الهدف من كتابة هذا المقال , وماعنيت به هو (ارجو ان اكون قد ساهمت بتسليط الضوء للعروض المسرحية السريانية للفترة مابين سنة 1972 وحتى سنة 1976 ) هذا فقط للتذكير , وشكرا .

18


                              انا لست من يدق الاساس ولا من يدق الاسفين  ؟؟؟
الاستاذ الكريم عادل
           ( انا لست من يدق الاساس , ولا من يدق الاسفين , انما املك من الثقافة والخبرة والتجربة الذاتية المتواضعة , والتي اهبها بكل ممنونية وبتواضع الى احبتي وابنائي وطلبتي الاعزاء ) فلو سالت اي قارىء لمقالتي لعلم من خلال طرحي مااردت توصيله , وهو اضواء على تجربة المسرح السرياني للفترة مابعد منح الحقوق الثقافية للناطقين باللغة السريانية .
ومن ثم لو انك تمعنت في قراءة المقال , لعلمت بانني لست ذاك اللذي ينسف جهد الرواد في عرض الحائط ويقلل من اهمية ماقدموه , لانني بالاساس لم اتناول المسرح السرياني وبداية تكوينه في العراق , لهذا الموضوع , مصادر كثيرة يمكن لاي قارىء ان يعتمدها من المصادر الموجودة في المواقع الثقافية والمتعددة , لتغنيك بالحقائق وبالتواريخ , كما اعتمدتها انت من مصادر ثقافية , ويمكنك الاطلاع على ماكتبه الاخ ادمون لاسو في مقال له بعنوان ( قرن على مسرح السورث ) وانا لواثق بانك قد اطلعت عليه , وهذا شيىء حسن .
ومن ثم انني لم اتناول في مقالي هذا المسرح السرياني للاحقاب التاريخية الماضية , اوتعتقد بان اخلاقي تسمح لي وانا واصل الى هذه المرحلة من مسيرتي الفنية والثقافية ان اتناسى انه كان هناك بوادر وتجربة رائدة لمسرح سرياني ,وبغض النظرعن مستوى تلك العروض ؟ وكيف اسمح لنفسي ان اقفز على تاريخ اولئك الرواد من الفنانين , والذين سبقونا في تجربة المسرح السرياني , اقرأ المقال جيدا , وستعلم كيف انني ركزت على ذكرهم ومؤكدا على ذالك بالخطوط الموجودة تحت تلك الاسطر , وستعلم بانني لست كؤولائك الذين ينكرون جهد الاخرين ويضللون جهودهم بتعتيم اعلامي على مسيرتهم المخلصة .
واخيرا , ومع احترامي وتقديري لشخصكم الكريم , انا لا اعتبر بانوراما هي الوحيدة المنبر المقدس , وانما كل وسيلة اعلامية كانت مسموعة او مرئية او مقروئة غير مقيدة ونزيهة وحرة وتكتب من دون انحيازية , وتهبر عن اراء الجماهير باخلاص وامانة , هو منبر مقدس ---------- وشكرا


19
رجعت حليمه الى عادتها القديمه

الكثير من الفنانين المسرحيين يطرحون افكارا واراء جميعها تصب في فلك المحبة والتعاون ونكران الذات , ومحصلة هذه الافكار تدعو الى اجتماعات عدد من المعنيين في شؤون المسرح , وحتى المتداعيين والذين يشغلون المقاعد ويبدون تهافتهم على حضور هذا الاجتماع لا لشيىء سوى للاطلاع على مجريات هذا الاجتماع والتشفي على فشله ان صح التعبير وهذا  ما نتنبأ به مسبقا قبل كل اجتماع , طبعا بالحقيقه هي ليست فكرة تشائمية وانما هي احاسيس لها حساباتها من ماضي تجاربنا ومعرفتنا الواحد للاخر وما يظمر كل واحد منا للاخر والله اعلم --------ويبدأ الاجتماع بالشكل التقليدي والمعهود , كلمة ترحيبية يتبجح بها احدهم ومن ثم يطلب من بعض المعنيين بشؤون المسرح ان يشاركوا في اجتماع مغلق لاعداد مسودة النظام الداخلي كمنهاج عمل يؤخذ به للتنسيق في كيفية تطبيق بنود وفقرات هذا النظام وترجمته الى واقع ملموس . وبعد ان يصاغ صياغة تامة يحصل من خلالها على موافقة معظم المجتمعين في المرحلة الاخيرة  من الاجتماع المغلق يعاد الاجتماع الموسع ثانية ويطرح هذا النظام الداخلي على المجتمعين لتوضيح الفكرة الاساسية من هذا الاجتماع , كأن تكون اهدافه تشكيل فرقة مركزية  موسعة للفنون المسرحية متالفة من الكوادر المختصة في شؤون المسرح تمكنها اضافة الى تقديم العروض المسرحية الهادفة اقامة محاضرات تثقيفية لجميع المنظمين تحت رعاية هذه الفرقة الموحدة ------وهنا الطامة الكبرى حينما تطرح الاراء والاجتهادات الاعلمية والفقيرة للخبرة والتجربه وكل حاضر من الحضور يطرح فكرته ويصر على انها هي الفكرة الصائبة والتي ستحقق الهدف المنشود , واذا لم يؤخذ بها والعمل بموجبها يترك الاجتماع احتجاجا وينسحب ويسحب من معه ------وينتهي الاجتماع باغنية الفنانة صباح ومع الاعتذار لها مسبقا باغنية ( وصلتينا النص البير وقطعت الحبل بينا ويلي )وهكذا تفشل الامال والمحاولات الجادة التي سعى اليها البعض من الجادين والمخلصين  لبناء صرح متين مبني على اساس قوي للاعتماد عليه لمواكبة التطور الثقافي والاطلاع على الاساليب الحديثة والمتطورة التي يملكها البعض من المهتمين بشؤون التاليف والاخراج المسرحي ------فتخيب الامال مرة ثانية نتيجة خلافات بسيطة في طرح الاراء وبهذا تفشل المحاولة التي كان يراد منها توحيد الصفوف وتجميع طاقات فنانينا في هيكل تنظيمي يساعد على طرح ابداعاتهم ومواهبهم الفنية واخراجها الى حيز الوجود لخدمة هذه الجماهير المتعطشة لمشاهدة العروض المسرحية ولعطاءات فنانينا في الخلق والابداع ----وهكذا نعود الى حيث ماكنا عليه ----يعني ----( رجعت حليمه العادتها القديمه)





20
اضواء على تجربة المسرح السرياني في العراق
الناطقين باللغة السريانية , شعب له حضارة وثقافة , منحت للعالم من علومها وثقافتها , ماسجل للانسانية حضورا متميزا عن جميع حضارات العالم , , ويكفيك من اسم نينوى وبابل واشور ونبوخذ نصر , ان تتعرف على ماكانت لتلك الفترة التاريخية من  مستجدات العلوم الفلكية والانظمة والقوانين , وتطور الحالات الاجتماعية , وعلى ضوء  الاوضاع الاقتصادية والتي كانت تسير على نظام اقتصادي , بنى عليه المجتمع الحضاري في بلاد الرافدين  حضورا متميزا , غيرت من البنى الثقافية والفنية لبلدان العالم , واثرت على معالم علومها وحضارتها , مقتبسة من حضارة بلاد الرافدين منهاجا في حياتها الاجتماعية والاقتصادية والفنية والادبية , ويكفي ان لمسلة حمورابي والتي من خلالها تعلم الانسان الانظمة وسن القوانين والاحكام التي سادت انذاك , ان تشع بمضمون احكامها وقوانينها على العالم وعلى جميع الحضارات في الاحقاب الزمنية المتلاحقه .
وعلى مر السنين , اصبح شعب الرافدين , شعبا حضاريا له هويته الثقافية والعلمية , حيث برزت اسماء في حينها, اسماء مشهورة بالحكمة واهلا للمشورة العقلانية والتي اصبحت وقتذاك مرجعا للحكام لاستشاراتهم والاخذ بما يملون عليهم من القرارات الدنيوية والدينية , هكذا نشأت حضارة وادي الرافدين , وتعاقبت الازمان واستحوذت على هذه الحضاره شعوب همجية غايتها محاربة كل ماهو متطور وخلاق وله من المعالم المتطوره , ليستطيعوا ان يمحوا الهوية لذالك الشعب العظيم , شعب نينوى وبابل , وبرز من  الشخصيات ممن بنوا لشخصياتهم هالات من الثقافة والحكمة هي بالاساس ليست لهم ولا يملكونها , الا من خلال التداعي المزيف , والاعتماد على من كان يساعدهم بهذه النجومية , لقاء اجرا كان بعض المثقفين يستفيدون منهم ثمنا لجهدهم الثقافي والذي كانوا يهبونه لغيرهم .
وانا  في جريدة بانوراما , ومن هذا المنبر المقدس , لا ارغب الا الحفاظ على الحقائق , والبحث عن جهد الاخرين وابرازه للعيان , ليطلع عليه الناطقين باللغة السريانية , والعالم اجمع , على عطاء الرواد اللذين  ضحوا بالغالي والنفيس , ورسخوا مبادىء افكارهم , كقيم وقوانين لرعاية الانسانية والذود عنها والدفاع عن حقوقها ,هؤلاء الرواد هم من شقوا طريق الحياة الصعبة واختراق حواجز المعانات وتصديها , لتثبيت بعض الركائز والاصرار على ان  يمضوا في هذا الطريق لتحمل هذه المعانات , من اجل الحفاظ على تاريخ هذه الحضارة العريقة , وعلى ماقدمته لشعبها وللعالم , والسير على نفس الخطى , للمواصلة في تطبيق منهاجها وتطويره , وعلى ضوء المستجدات الثقافية والادبية والفنية , واعادوا الى حاضرنا الصفحة النظرة لتاريخ الناطقين باللغة السريانية من الكلدان والاثوريين والسريان , وتحقق من خلال هذا الجهد ومشكورين على ذالك كل ماتمخظت مسيرتهم من الانجازات والثوابت العلمية والثقافية والادبية , والتي اثبتت انها امتداد من الماضي التليد وللحاضر, مستمدين قوة سعيهم في اندفاعهم من تاريخهم العظيم  بالبحث والتقصي عن حضارة الماضي , لديمومة مسيرته باتجاه المستقبل  وللزمن المعاصر الذي نعيشه .
هذه الحقائق الملموسة اذكرها الان , لان التاريخ يعيد نفسه بنفسه من خلال انبثاق طبقة اللا مثقفون واللافنانون , ادعوا لانفسهم ماليس لهم ومن دون خجل , لطمس معالم الحقيقة التي منها تعلموا واسترشدوا , وساروا على نفس الخطى , غير ابهين بجهد من سبقهم بالخبرة والتجربة والثقافة والتحصيل العلمي , وطمس حقائق اجتهادات وتجارب غيرهم , في اي محفل او لقاء , مدعين انهم السباقون في ترسيخ هذه المسيرة للمسرح السرياني , وغايتهم من هذا اضفاء هالة على اسمائهم لنيل شهرة مزيفة , ولم يعلموا بان للتاريخ صرخة ستدوي في عالم سمائهم , ليأتي يوما يصحون على حقيقة وهي ------ان الغربال لا يجمع الماء فيه , وكما لا يستطيع الانسان ان يستظل تحته .

ولهذا كله احمد الله على اننا مازلنا احياء , ونتنفس من هواء هذه الارض الواسعة , لنعيد نصاب الحقائق الى اوضاعها الحقيقية , مستندين في ذالك الى الوثائق والحقائق مما عندنا من الارشيف , شهادة على صحة ادعائاتنا  .
وبكل فخر واعتزاز , يسرني ان انشر مثل هذه الحقائق عن ظهور اول عمل مسرحي باللغة السريانية , وعن طريق شابات وشباب امنوا بمسيرة تاريخهم الفني , ورجال عظام ازروا هذه المسيرة وهم اعضاء نادي بابل الكلداني في بغداد , والمتمثل بهيئته الادارية والهيئة العامة , وكذالك نادي التعارف الاهلي , ونادي الاخاء في بغداد , حيث انطلقت اشعاعات التجربة المسرحية السريانية ( كوكس وبيكا ) والتي كانت من تاليف موفق السناطي واخراجي , هذه الاشعاعات بزغت على نادي بابل الكلداني , والذي مسك بزمام القيادة لهذه المسيرة , وتمخظ عن عمل رهيب جبار وتجربة رائدة , ليس لكوني كنت مخرجا لهذا العمل , وانما المستمسكات بالادلة والبراهين التي شهدت على صحة هذه المسيرة الفنية المسرحية ومن خلال مسرحية الارض والحب والانسان  بتاريخ 7\9\1972 من على مسرح بغداد خلف سينما النصر .
كانت هذه الانطلاقة , هي البداية الحقيقية لانطلاق وانبثاق المسرح السرياني الى حيز الوجود بتجربة اختلفت عن سابقتها من التجارب المسرحية والتي كانت تعرض من على المسارح الصغيرة في داخل الاندية وبامكانيات وتقنيات محدودة , لا يمكننا ان نحسبها تجارب ناضجة ومتكاملة من حيث مقومات عناصر الاخراج المسرحي , ان مسرحية الارض والانسان , هي الانطلاقة الحقيقية لمسرح متكامل , حقق من خلالها الفنانون السريان تجربة رائدة لعرض مسرحي باللغة السريانية ( السورث ) , هذه التجربة الفريدة , اختلفت عن التجارب السابقة وكما ذكرنا , وبشهادة الصحافة والنقاد والفنانين السريان انفسهم ان صح التعبير , واللذين ساتي على ذكر راي كل واحد منهم وماتحدثوا عن هذه التجربة , في تصريحاتهم ومقالاتهم الثقافية , انها شهادة تنطلق من اهلها للتاريخ , لتبقى مراة تعكس حقيقة ماتمخضت اعمال الفنانين الرواد من السريان والناطقين باللغة السريانية , على مسيرة تاريخية فذة في حينها .

منح الحقوق الثقافية للناطقين باللغة السريانية

بعد منح الحقوق الثقافية للناطقين باللغة السريانية في العراق من قبل النظام لحزب البعث الحاكم انذاك , وعلى اثر هذا القرار, تم تشكيل تجمعات ثقافية وادبية وفنية , وتاسيس اندية اجتماعية سريانية ,وجمعيات ثقافية وفنية والمتمثلة بالجمعية الثقافية للناطقين باللغة السريانية والتي كان رئيسها السيد الاستاذ هرمز شيشاكولا , وجمعية الفنانين الناطقين باللغة السريانية والتي كان رئيسها الاب الفاضل فيليب هيلايي , بعدما كانت الاندية الاجتماعية السريانية قليلة فيما قبل هذا القرار , باسثناء نادي الثقافي الاثوري , ونادي الرياضي الاثوري , ونادي العلوية ونادي الهندية ونادي الارمن في الصناعه ونادي المشرق ونادي الفقير والمخصص لحفلات الزواج فقط , الا ان هذه الاندية ليس لها خصوصية الانتماء باستثناء الاندية الاثورية ( الثقافي والرياضي )( ونادي الارمن ) الا ان بعد صدور قرار منح الحقوق الثقافية ظهرت للوجود اندية سريانية اجتماعية وفنية كما ذكرت انفا , منها نادي الاخاء الاهلي, ونادي التعارف , ونادي بابل الكلداني , ونادي نينوى , ونادي نمرود , ونادي اور , ونادي العائلي السرياني في الدورة , وكثيرة هي, عذرا ان لم اذكر بقية الاندية لا لشيىء الا لانني لا اتذكرها جميعها باستثناء الاندية والتي كانت معروفة بانشطتها الفنية والادبية ,   هذه الاندية الجديدة , اضافة الى الاندية السابقة , اخذت على عاتقها ترجمة قرار منح الحقوق الثقافية للناطقين باللغة السريانية , باقامة الامسيات الشعرية , ومهرجانات الاغنية السريانية السياسية , والعروض المسرحية والتي كانت مقتصرة على بعض الاسكتشات الكوميدية والفكاهية تعرض من على مسارحهم الصغيرة في  الامسيات والسهرات العائلية تقيمها الاندية الاجتماعية السريانية  لمنتسبيها من اعضاء الهيئة العامة , ولهذه الكثرة والعدد من الاندية السريانية اصبحت الحاجة الى انطلاقة جدية لتقديم نشاط فيه من الامكانيات مايعكس الوجه الثقافي والحضاري للناطقين باللغة السريانية , ففكرت في تاسيس فرقة مسرحية مركزية يتم تشكيلها من انديتنا السريانية , فاجتمعت باللجان الفنية لاندية الاخاء والتعارف وبابل الكلداني , وطرحت الفكرة للنقاش , فظهرت للعيان مشكلة اختلاف اللهجات , انما هي بالحقيقة ليست بمشكلة , الا ان الاندية طرحت هذا الامر على انه عائق في تقديم نشاط موحد لمسرحية سريانية , واخذ النقاش يطول , وياخذ ويعطي ومن غير فائدة تجنى , وفجأة عرضت عليا اللجنة الفنية في نادي بابل الكلداني , مهمة احتضان فرقتهم الفنية , والمتكونة انذاك من هواة للغناء والتمثيل , واخبروني بان لديهم نص مسرحي جاهز ومتكامل باللغة السريانية ( السورث ) من تاليف الاخ العزيز جلال عيس يلدكو ومطبوعة بالسورث الكرشوني , وبعد ان لمست جدية العرض من قبل اللجنة الفنية والمتكونة انذاك من السيد جلال شامايا رئيسا للجنة والسيد سعيد وكيلا سكرتير اللجنة وعضو الهيئة الادارية للنادي , استجبت لطلبهم , فقدموني الى الهيئة الادارية للنادي والتي كانت برئاسة الاخ سنحاريب ساكو , وعضوية كل من الاخ سعيد وكيلا والاخ عبد شكوانا والاخ داود جولاغ  والاخ سامي محاسبا , وكلفوني رسميا باخراج النص المسرحي الارض والحب والانسان للاديب السرياني الكلداني جلال عيس يلدكو , عضو الهيئة العامة في النادي ,واشاروا عليا بقراءة النص وابداء مدى صلاحيته للعرض المسرحي , بالحقيقة النص كان متكاملا الا من بعض التغييرات في تسلسل المشاهد واضافة وحذف بعض المشاهد , وصار الاتفاق على البدء بالتمارين , بعد تهيئة النصوص , لرغبتهم بعرض هذا العمل خارج نطاق النادي , اي عرضه من على مسرح بغداد خلف سينما النصر , فتعرفت على اعضاء اللجنة الفنية للنادي وكانوا من الشباب المثقفين والادباء ممن لهم شأن في اقامة الانشطة الثقافية والفنية للنادي ,وعلى مااذكر كان السيد جلال شامايا رئيسا                                                                                    السيد عبدالاحد سورو عضوا
السيد سعيد وكيلا عضوا
السيد سمير يونان عضوا
السيد ناصر اسمروا عضوا
واللجنة الفنية للنادي كانت متكونة من 23 عضوا من الشابات والشباب وساتي على ذكر اسمائهم لاحقا , فبدأت التمارين والتدريبات والتي اخذت مني مايقارب الشهرين وبعدها اعلمت ادارة النادي , انني على استعداد لاستلام مسرح بغداد لاجراء التمارين الاخيرة على الديكور والاضاءة والملابس , وتم حجز المسرح والذي كان بعهدة فرقة مسرح الفني الحديث  وبعد الجنرال بروفة , ابتدأ عرض المسرحية بتاريخ 7\9\1972 ولمدة سبعة ايام , ولاقبال الجمهور على مشاهدة العرض المسرحي , تم تمديد العرض ليومين اخرين , وبهذا التاريخ ظهر اول عرض مسرحي باللغة السريانية , اشاد بها النقاد من الصحفيين منهم الناقد المسرحي علي زين العابدين , ورياض شابا عن جريدة الثورة والمرحوم جميل روفائيل عن جريدة العراق , وانا اتذكر ان لفيف من اساتذة مدرسي القوش جاؤو من القوش لمشاهدة العرض المسرحي , ومن ثم عادوا من نفس الليلة , وبعد مضي سنين طويلة وعند مراجعتي لطبيب الاسنان الدكتور هاني والذي كانت عيادته في الدورة فاجئني بانه كان قد صور المسرحية ولديه نسخة منها , اما كيف , فلا اعرف .
المهم ------- انني في هذه المقدمة وبالتاريخ والمثبت في قسم الارشيف والوثائق في دائرة السينما والمسرح , والموثقة من قبل الباحث المرحوم احمد فياض المفرجي , لم تكن فرقة شيرا هي اول فرقة سريانية عرضت اعمالها باللغة السريانية , كما ذكرها الاخ هيثم ابونا , له كل الحب والاحترام في تصريحه لجريدة بانوراما , وازيد على ذالك ليس لاحد منا يستطيع نكران جهد الاستاذ كورييل شمعون في هذا المضمار ولا جهود الاخ الفاضل يوسيفوس في عروضه المسرحية باللغة السريانية ولا جهود الفنان روميو يوسف ولا جهود الفنان سامي ياقو  , ولا جهود اعضاء اللجنة الفنية لنادي الاخاء ونادي التعارف في خطواتهم الجبارة  , مهما كانت خطواتهم بسيطة ,وعلى ضوء الامكانيات المتيسرة لديهم , انما لا ننسى ان المسيرة الجبارة تبدأ باول خطوة  .
اعزائي واخوتي , انا حينما اعرض لكم حقائق عن تقديم اول عمل مسرحي , لست بصدد من كان الاول او الثاني , لاننا لسنا في سباق المسافات الطويلة ولا في سباق الماراثون , انما للتاريخ  حقيقة يجب الاعتراف بها حفاظا على جهد الاخرين من الرواد والذي يجب ذكر جهدهم في هذا المضمار ليتسنى لنا الافتخار  بالحفاظ على ديمومة الاستمرارية وتكملة مشوار مابداه الرواد من مسيرتهم باتجاه المسرح السرياني , والمشاركة في تطوير عروض هذا المسرح , وتقديم اساليب جديدة في الاخراج ليتسنى لنا الافتخار بابنائنا من الفنانين المثقفين  .
نحن ان اتينا على ذكرالفرق المسرحية والمجاميع الفنية انذاك , فهي كانت موجودة , انما كانت مرتبطة ارتباط اداريا عن طريق ادارات انديتها وغير مستقلة بهيكليتها , انما فرقة شيرا لها كل الحب والاحترام , انها فرقة انبثقت لحاجة الفرق المسرحية لاستقلاليتها  وبموافقة وزارة الثقافة والاعلام عام 1993 وبخمسة مؤسسين وقد قدمت في حفل التاسييس اوبريت ( شيرا ) من تاليف الاستاذ سعيد شامايا واخراج الفنان فريد عقراوي , وبتكوين هذا الهيكل الفني لفرقة شيرا , هو مفخرة لكل الناطقين باللغة السريانية , اخذت مسارها الصحيح بتقديم عروضها الفنية , والتي رسخت من خلال هذه العروض المسرحية  تجربة رائدة في مسار تجربتها الفنية , لا يمكن لاي من كان نكران ما قدمته هذه الفرقة من نتاجات فنية اغنت من خلال عروضها تاريخا حافلا بعطائها الثر .
انما  ---- اذا اتينا على مقارنة الاعمال المسرحية للجان الفنية والتابعة للاندية السريانية , وبالذات نادي بابل الكلداني ونادي التعارف الاهلي , كانت اعمالهم باللغة السريانية لا تقل بحرفيتها ولا بجودة عروضها وابداعاتها عن بقية العروض المسرحية لكبار الفرق المسرحية العراقية , وكانتى كالاتي :
اولا ----- مسرحية الارض والحب والانسان , تاليف جلال عيسى يلدكو واخراج جوزيف الفارس , سنة                    1972 .
ثانيا ---- مسرحية الحصاد , تاليف جلال جلو , واخراج غازي ميخائيل , سنة 1973 .
ثالثا ---- مسرحية كشرادلالي , اعداد جلال يلدكو بالسورث والمعدة عن مسرحية جسر ارتا للكاتب اليوناني                جورج ثيوتوكا  واخراج حكمت داود , سنة 1976 .
اراء الصحافة والصحفيين
هنا اعزائي  القراء لم ينحصر اعجاب العمل المسرحي ( الارض والحب والانسان ) بالجمهور المشاهد فقط , انما ماتناوله النقاد من تقييم كان تشجيعا ودعما معنويا لهذا العرض المسرحي , فقد كتب السيد رياض شابا في جريدة الثورة مقالا بعنوان( ثورة الكادحين ياللغة السريانية من على مسرح بغداد ) اشاد في هذا المقال بجهود العاملين وبقوة الاخراج من خلال تناوله العرض المسرحي بتقييم بعيدا عن المجاملة والانحياز , واعجابه بالنص والذي كتب ولاول مرة بلغة سريانية , عبر من خلاله الكاتب المبدع جلال عيس يلدكوا عن ملكته في تطويع الحوار السرياني بلغة حياتية فيه جانبا من الابداع في صياغة مفردات اللغة التعبيرية للغة السريانبة , وكذالك الصحفية المتالقة مريم السناطي  , اشادت في مقال لها عن الفرحة الكبرى والتي انتابت الناطقين باللغة السريانية , وهم يشاهدون شخصيات مسرحية تتكلم ولاول مرة بلغة الام , اللغة السريانية , وبعنوان بارز ( لغتنا السريانية تنطلق بحرية وارادة قوية في العيش والبقاء في مسرحية الارض والحب والانسان )  .
في الحقيقة ان الانطلاقة الاولى للمسرح السرياني ( السورث ) كان يتخللها شبئا من الصعوبات ولعدة اسباب منها :
اولا ----- عدم وجود جهة معينة تؤمن بانتاج عمل مسرحي ضخم , باستثناء مااقدمت عليه الهيئة الادارية                لنادي بابل الكلداني , وهي مشكورة لهذه الانطلاقة .
ثانيا -----  عدم وجود كادر فني له من الخلفية الثقافية والخبرة الاحترافية , ماتؤهله ان يقف واثق الخطى                 على خشبة المسرح .
ثالثا ------  ازمة العنصر النسوي في التمثيل في وقتها , كان من المعوقات الاساسية لتقديم اي نص مسرحي                باستثناء النصوص المسرحية والمقلة في عناصره النسوية .
رابعا ----- افتقار الساحة من كتاب الدراما السريانية , الا من لديه الطموح في خوض هذه التجربة , متاثرا بما يقراه من نصوص المسرحيات العالمية , والتي تاتي في بعض الاحيان بعيدة عن تمثيل واقع الناطقين باللغة السريانية عن مايعانيه من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية  .
الفنان السرياني وعظمة تجربته ضمن المسيرة الفنية :
لا اتناول  من خلال هذا العنوان اسماء لامعة في المسيرة الفنية للناطقين باللغة السريانية , انما افتخر بالارادة والملكة التي يملكها فنانوننا الناطقين باللغة السريانية  باتجاه حبهم للتغيير نحوى الافضل , وتسلحهم بالثقافة الفنية المسرحية , مما تمخظ عن مسيرتهم اسماء لامعة في سماء الفن المسرحي , كوكبة ضحت وحاولت التغيير من اجل اذلال كل المعوقات واكتسابهم من الثقافة بعد تخرجهم من معهد الفنون الجميلة واكاديمية الفنون الجميلة , فرشوا مسيرتهم بالورود , واغنوها  من ينابيع عطائهم الاكاديمي , واثمرت عن اعمال رهيبة , من خلال ثقلفتهم الاكاديمية والتي اهلتهم لمسك زمام امور الابداع والتالق لمسيرة المسرح السرياني , والتي عملت على ظهوره من جديد بتجربة مكللة بالثقافة والتحصين العلمي للثقافة المسرحية , وهذا ماتجسد في عروض مسرحية قدمتها فرقة شيرا للفنون المسرحية , ابهرت الصحافة والنقاد , واصبح لهذه الفرقة الفتية جمهورا مسرحيا من الناطقين باللغة السريانية , تتابع العروض المسرحية , وتطالب الفنانين بمتابعة مسيرتهم , مما شجعتهم على العطاء وباسلوب برزت من خلاله قدرة الفنان السرياني من ان يقف على اقدامه بثبات وامكانية عالية من الابداع والعطاء .
الشيخ والقضية 
فبعد مسرحية الارض والحب والانسان ,والذي خاض من خلالها نادي بابل الكلداني ريادة العرض المسرحي , تشجع نادي التعارف العائلي , في خوض ثاني تجربة لعرض مسرحية باللغة السريانية ( الشيخ والقضية ) وهي من تاليفي وسرينة الاديب الراحل عبد الاحد بنيامين  , حيث عرض عليا نادي التعارف العائلي , فكرة انتاج مسرحية بالسورث , وبعد تفكير عميق , وخوفي من صعوبة خوض التجربة الثانية للمعوقات التي ذكرتها انفا , الا ان حب العمل في هذا المسرح , وتادية الامانة الملقاة على عاتقنا نحن الفنانون السريان لدعم هذا المسرح الوليد , ولهذا وافقت على اقتحام التجربة الثانية في اخراج مسرحية الشيخ والقضية لنادي التعارف العائلي , والتي عرضت من على مسرح بغداد وبنجاح منقطع النظير , شارك في تقديم عرضها شباب واعي وفنانون مؤمنون ماللخشبة المسرحية من قدرة على تغيير واقع الناطقين باللغة السريانية نحو الافضل , وكانت مساهمة جادة خاضها نادي التعارف العائلي بكل ثقة واقتدار , فسجل للمسيرة الفنية وللتاريخ على خوض ثاني تجربة مسرحية ناجحة , لم تقل بابداعات عرضها عن مسرحية الارض والحب والانسان , حيث جسد شخوص هذه المسرحية فنانون الو على انفسهم انجاح هذه التجربة الثانية منهم الفنانة السريانية  عضوة الفرقة القومية للتمثيل مريم الفارس , والفنان المبدع موفق السناطي مصاحبا اياه الفنان صباح السناطي اضافة الى الممثل المقتدر لويس السندي , وممثلون اخرين جسدوا العرض المسرحي بنجاح ابهرت الجمهور المشاهد , ونالت من الدعم الادبي والتقييم من قبل الصحافة العراقية , واخص بذالك , جريدة الثورة وجريدة الفكر الجديد بعددها ال 26 والمؤرخة ب 17\12\1972 والتي تصدرت عنوانا للمسرحية بمساحة واسعة (الثورة الفلاحية من على مسرح بغداد ) حيث تناولها الصحفي المبدع المرحوم جميل روفائيل قائلا : عظمة هذه المسرحية انها كانت بلغة السورث , حيث تمكن الاديب عبد الاحد بنيامين من تطبيع المفردات السريانية والحوار الدرامي باسلوب لم يقل قدرة عن ابداعات جلال عيس يلدكو في مسرحية الارض والحب والانسان , حيث تمخضت هذه المسيرة للمسرح السرياني عن توئم لمسرحيتين سريانبتين ناجحتين , اثبتت على قدرتنا الثقافية والتي هي امتداد لحضارتنا في ارض الرافدين . ارجو ان اكون قد ساهمت بتسليط الضوء للعروض المسرحية السريانية للفترة مابين 1972 وحتى سنة 1976 , لانني في هذه الفترة ومابعدها باشرت باستلامي مهمة الاشراف المسرحي للمسرح العمالي و وتركت تكملة المشوار وتادية الواجب لشعبنا لاولادنا من الفنانين المبدعين ارجو ان يسعفونا بما جادت عمالهم من الاعمال المسرحية ليطلعى عليها شعبنا واليكون على بينة من مسيرة هاذا الصرح العملاق , الا وهو المسرح السرياني , ولكم مني اجمل التحيات , وعذرا ان كنت في طرحي هذا قد نسيت بعض الحقائق راجيا ممن عندهم المعلومات الاضافية اكثر مما قدمت , طلرحها من خلال الوسائل الاعلامية و المقروئة والسمعية والمرئية و وانا مااردت من هذا الا تجسيد الحقائق لتكون على بينة لشعبنا من الناطقين باللغة السريانية.


 
 
 


21
السؤال-------- كيف استطيع ان اصبح مخرجا ؟
في احد المواقف المحرجة والتي من خلالها جعلتني ابحث عن اجابة سؤال لاحد طلبتي في الصف الثاني , قسم السمعية والمرئية , في معهد الفنون الجميلة في بغداد ,  وهو , كيف يستطيع ان يصبح مخرجا مسرحيا ؟
فهنا كان تفكيري في الاجابة ينصب على :
اولا ------ان لا اقلل من اهمية هذا السؤال .
ثانيا -----ان تكون اجابتي من دون استعلاء او الاستخفاف من السؤال .
ومن دون ان ادري اجبته قائلا : ياعدنان , ان الهدف من دراستنا ليس الغاية منه ان نصبح مخرجين مسرحيين , وانما هو التعرف على اساليب تجسيد الابداع , وتحرير الرؤية الجمالية والتي يخلقها خيالنا لنحرره في لوحة تشكيلية زاهية بالوانها ومعبرة عن صدق احاسيسنا , اخذين بنظر الاعتبار , الواقع الذي نتعايش معه لنترجمه الى ماتريد ان تفصح عنه هذه اللوحة التشكيلية من زهو جمال الطبيعة , وردود افعالنا الحقيقية , من خلال هذه اللوحة التشكيلية , وهنا توقفت عن مواصلة كلامي لابحث عن ردود افعاله من هذا الكلام , ممعنا في نظراته لاترجم ماكان يدور من خلده في كيفية تفسير كلامي , ليرسمه في اطار لوحة تشكيلية مستمدا هذا التفسير من الواقع الذي يعيشه , ثم اضفت له قائلا : وهذا لا ياتني , مالم تكن لديك خلفية ثقافية تعتمدها كوسيلة تساعدك على تطبيقها مترجما من خلالها ابداعات رؤياك الفنية واخراجها الى حيز الوجود و بشكل ابداعي وجمالي ينم عن ثقافتك في مجال هذا الابداع المسرجي , لتستطيع من خلاله ان تنقل الجمهور المتفرج من عالمه الواقعي الى عالم اخر ترسمه انت كمخرج , وفق اطار لوحة تشكيلية تنبعث من جمال خيالك ومنظورك الشخصي , وتجعله ان يتعايش مع هذه اللوحة في حالة الاستمتاع , بما تحمله هذه اللوحة من المضامين الانسانية , والقيم الخلابة , والتي اردت ان توصلهما الى الجمهور المتلقي , كهدف اساسي تؤمن به , ليعبر عن حقيقة افكارك وافكار المؤلف باطار فني مبدع , وهذا ياعزيزي لا ياتي الا من خلال حسن اختيارك للنص المسرحي , وان تتعايش مع احداث وشخوص النص المسرحي .
وهنا عزيزي القارىء احب ان اذكرك  انه يوجد نوعين من المخرجين .
النوع الاول ---المخرج والذي لا يحاول المساس بتغيير مجريات مشاهد وفصول النص المسرحي , بقدر مايحاول الالتزام بما موجود في النص , وترجمته ترجمة حرفية على خشبة المسرح , وهذا النوع من المخرجين , سوف لا يضيف شيئا من ابداعاته كمخرج , بقدر ما سيجسد ما مطلوب منه في النص , والالتزام بملاحظات المؤلف والموجودة مابين القوسين , لتقديمها بشخوص حية , وتسخير هذه الشخوص بحركات , تساعد على تكوين التشكيلات والتكوينات الجمالية , انما يبقى هذا النمط المخرجين , بحاجة الى السمفونية والتي تساعد المخرج نفسه على قيادة ممثليه لعزفها وفق الملاحظات المدونة من قبل المؤلف , وهذا النوع ما كان سائدا في مسارحنا في الخمسينيات عند بعض مخرجينا في العراق من اساتذتنا والذين لا يسمح المجال لذكر اسمائهم حفاظا على احترام كل منهم لاسلوب عمله وايمانه بما يعمل .
النوع الثاني---- والنوع الثاني من المخرجين, هو مخرج مؤلف , هذا النوع من المخرجين , بعد ان يستلم النص المسرحي ويطلع على تفاصيل احداثه , يحاول الاتفاق مع مؤلف النص للسماح له بالتغيير والحذف والاضافة , مما يظطر في بعض الاحيان , بتقديم المشاهد وتاخير مشاهد اخرى , ووفق منظور البناء المسرحي ونمو الاحداث وتصاعدها وفق مجريات البناء الدرامي , وتسلسل احداثه عبر المشاهد والفصول المسرحية والوصول الى النهاية الموفقة والتي يراها المخرج , هي الصورة المطلوبة من خلال منظور رؤياه , وهذا النوع
من المخرجين , وحسب تجربتي يحصل لديه الاستمتاع الذاتي من خلال عمله هذا , مبينا المقارنة في كيفية بناء النص المسرحي وتنمية البناء , وايجاد الحبكة الضرورية لخلق عنصر التشويق والشد , مراعيا في ذلك بناء الحوار بناءا متماسكا , واكتشاف ماخلف السطور , وتجسيد المعنى الحقيقي من خلال نبرات الممثل , واحاسيسه الداخلية , ورسم ردود افعالها الانعكاسية , لتخلق مشهدا مليئا من عنصر الصراع , لتساعد الممثل ومن خلال التمثيل والالقاء الجيد والمبني على الثقافة الاكاديمية ان يبرز كممثل مبدع , وهذا بالطبع يعود الى قيادة قائد الاوكسترا لممثليه , وكانه يعزف سمفونية من خلال نبرات حناجر الممثلين , والتي تتجسد من خلال ردود افعالهم الانعكاسية في التمثيل , وهنا تبرز ثقافة المخرج الجيد من خلال هذه القيادة الفنية والمبنية على قوة حضوره بين ممثليه , والتاثير المباشر عليهم باتباع تعليماته وتوجيهاته الفنية والادارية ( وعجبي من بعض المخرجين , كيف يسمحون لبعض الممثلين المغرورين بالتحرك يمينا وشمالا , يصول ويجول وحسب اهوائه ومن دون مراعات لتوجيهات المخرج , لينفرد بشخصيته وتسخيرها وعلى اهوائه الخاصة ومن دون مراعات والاخذ بتوجيهات المخرج , او السماح من قبل المخرج لبعض الممثلين التحرك والاجتهاد الذاتي , في تسخير شخصياتهم وكما يحلوا لهم ومن دون الاخذ بتعليمات المخرج , ولا سيما في اثناء العروض الحية وامام المشاهدين , ومن دون استئذان المخرج واخذ موافقته على هذا التصرف الكيفي , والذي سيؤثر على المشهد وعلى اداء الممثلين في هدم العلاقات فيما بينهم , مما سيخلق الرتابة في البناء الدرامي , ويعمل على تفتت الحبكة , ويحكم على قتل المشهد من جراء احتهاد مثل هؤلاء الممثلين والذين لا يعيرون اي اهتمام للمخرج , وهنا يعود الفشل على المخرج لانه هو الوحيد من يتحمل وزر انجاح العمل او فشله , والسبب يعود الى ضعف امكانيات المخرج الثقافية وضعف حضوره بين ممثليه , وبالنتيجة مثل هؤلاء المخرجين سيتساقطون في نصف مسيرتهم الفنية , ويخسرون دورهم في عملية البناء والتطور المسرحي )
    بقي ان تعرف عزيزي القارىء , ان المخرج الجيد , هو ذالك المخرج المقتدر والذي يستطيع تفسير النص تفسيرا وفق مجريات ومقومات عناصر التحليل , وخلق العلاقات مابين الشخوص , بحيث تكمن في هذه العلاقة , عملية التكامل والتلاحم الصوري لابعاد احداث المشهد المسرحي , في هذه المرحلة بعد قراءة النص , وتفسير ماخلف السطور وتحليل شخصيات النص المسرحي , وايجاد ابعاد كل شخصية وفق مامرسوم لها من مجريات احداث العمل المسرحي ,يجب على المخرج ان ياخذ بنظر الاعتبار عمليتين اساسيتين و ليتمكن من تطبيق مامرسوم في مخيلته من تجانس اصوات الممثلين وتركيبة كل صوت وتجانسه الواحد مع الاخر , كي لا يؤثر هذا التجانس الصوتي الا لمصلحة البناء المتصاعد والصراع المحكم من خلال الالقاء للشخصيات وباصوات تتناسب مع يتطلبه ظرورات واحكام حرفية فن الالقاء وتكييف الصوت وبموجب ماتمليه عليه الشخصية المسرحية , وهذا جميعه يتحكم فيه كونترول المخرج ومن مايملكه من التذوق الموسيقي , والميزان الحسي , والذي تمكنه في عملية تجسيد البناء المتصاعد والالقاء الصحيح من مخارج الحروف , وتصويرها التصوير الصوتي لمخارجها الصحيحة ومتابعة بناء الايقاع المتكامل للمشهد الواحد ومن خلال هذه الشخوص والمتكاملة التركيب من ناحية نبرات الصوت وتلوينه , وتكييف جسم الممثل , وحسب ماتمليه عليه ردود افعالها الحسية والتي تتجسد من خلال نبرات الممثل الصوتية , لتمكنه من رسم المعالم الخارجية لشكل الشخصية ( مشيتها , عوقها , محاسن فتنة وجهها , تلكؤ لسانها في الكلام , عرجها ) كل هذا يتجسد ويتمحور بدرجة عطائها مؤثرا تاثيرا مباشرا بهذا العطاء الفني , وحسب ماتمليه عليه الاحساس الداخلي والشعور والتحسس بالكلمة وتفسيرها التفسير الصحيح وايجاد ماخلفها من المعاني المستترة  .
كثيرون من حسبوا انفسهم على انهم مخرجون , انما هم في الحقيقة من حيث التطبيق لا يتمكنون من ترجمة مايملكونه من هذه الثقافة والتي يدعونها لانفسهم , لكونهم لا يملكون من هذه الثقافة سوى بعض الكلمات الرنانة , والتي يرددونها مابين الحين والاخر , اضافة انهم لا يحسنون في كيفية التعامل الحسي وخلق العلاقة الايجابية مابينه ومابين الممثلين والذين يعملون معه ( وقد كتب احد النقاد المسرحيين السوريين في جريدة الثورة السورية في مقال تقييمي لنجاح عرض مسرحية رصيف الغضب والتي نالت الجائزة الاولى لافضل اخراج في المهرجان المسرح العمالي في القطر السوري قائلا: ( سرنجاح اعمال المخرج الفنان جوزيف الفارس , هو حكمته وتعاطفه مع العمال , وتعاطف العمال معه ) لان المواصفات الاساسية المطلوبة من المخرج , اضافة الى الثقافة التي يحملها , يراد منه حسن القيادة لهذا الكم من الممثلين وكيفية التعامل مع كل منهم ولاسيما ان هناك تباين مابين ثقافة وامزجة كل منهم وحتى هناك فروق مابين حياة كل منهم من حيث الحياة العملية والاسروية , كل هذه العوامل والتي يجب على المخرج الناجح ان ياخذها في نظر الحسبان , كي يتمكن من قيادة ممثليه بحكمة ودراية , ليتمكن من خلالهم عزف سمفونيته , لتصل الى اذان المتلقي , وهم يصغون لهذا العزف الجميل والناجح والذي يعود نجاحه الى قيادة المخرج لهذا الكم من الممثلين بحكمة واقتدار .
فهنا تتطلب القناعة والحكمة في كيفية ادارة شؤون هذا الكادر من الممثلين , وكيفية تطبيق اسلوبه الاخراجي ,من حركات وتجسيد الشخصيات وتلوينها في الالقاء والصوت , والمعرفة الحقيقية في تسخير هذه الشخصيات على خشبة المسرح , وكيفية تحريكها وفق ماتمليه عليه الرؤية الاخراجية , واساليب العملية الاخراجية , وتنوع هذه الاساليب في التطبيق العملي , لكي يتمكن من اخراج العمل الى حيز الوجود بصورة فيه شيىء من الحياتية والجمال وابداع الرؤية الاخراجية , لتصل الى افكار مايطرح من مفاهيم فكرية وتجارب حياتية الى المتلقي بشكل ليس فيه من التعقيد ولا الملل .
فهناك عناصر ومقومات العمل الاخراجي يتبعها المخرج في عملية الاخراج , ولولاها , ستتجسد هزالة العمل وركاكة التجربة على الصعيدين العملي والنظري , فلو تناولنا اهمية المخرج ومنزلته في عملية العروض المسرحية , فسنجد ان هناك تاثيرات قوية تضع حدا في عملية التصرف بالنص المسرحي , وهذه التاثيرات المتزمته , تاتي ومحصورة مابين فدقوسين , ذكرناها انفا , هذه التوجيهات تدون من قبل المؤلف المسرحي والذي كان فيما مضى مسيطرا , وذا نفوذ قوي السلطة ولا سيما في مسرح الهواة , وحتى في مسرح في المسارح العالمية والتي اخذت لها الشهرة في مجال عروضها المسرحية , لم تكن هناك في مقدمة الشهرة سوى المؤلفين من كتاب الدراما السينمائية والمسرحية , وكتاب الرواية والقصص الشهيرة , اضافة الى بعض نجوم المسرح والسينما من الممثلين واللذين اخذوا لهم شهرة تفوق شهرة المخرجين .
ولو تابعنا حركة ومسيرة الفنون المسرحية , وعبر الفترة التاريخية من الازمان الماضية والبدائية , ولاسيما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي , لوجدنا ان هناك من يتولى قيادة الكادر الفني ويتحمل اعباء نجاح او فشل العرض المسرحي , ولو تناولنا تاريخ المسرح في عصور اليونان القديمه, لوجدنا ان من يقوم بمهمة الاخراج المسرحي , هو المؤلف نفسه ( اسخيلوس , سوفوكليس , يوربيدس , حينما كان الشاعر نفسه هو الذي يقوم بتمثيل قصائده الشعرية , وفي العصر الذي تلاه كان الشاعر والممثل هما اللذان يقومان باداء ادوارهما التمثيلية , الى ان جاء دور استلام الممثلين لهذه المهمة من قبل الشعراء واللذين اكتفوا بالتوجيهات واعطاء التعليمات الادارية والفنية ) حيث كانت سيطرة الكتاب المؤلفين بارزة فيما تخص تعليمتهم في المهام الفنية والادارية كما بينا انفا , ولو عدنا ايض الى المسر الاليزابيتي وماقبله و لعلمنا ان من يتحمل عملية الاخراج هو ابرز الممثلين في الفرقة والذي يشرف ايضا على على عملية التدريب واعطاء التعليمات والتوجيهات لحين عرض المسرحية , حيث ان هذا الممثل البارز والمقتدر في عملية قيادة العمل المسرحي , هو الذي يتحمل تبعيات نجاح وفشل العرض المسرحي , انما فكرة المخرج المسرحي لم تكن موجودة ولم تظهر الى حيز الوجود , الا في القرن العشرين الميلادي  , وقد برز اسم الدوق جورج الثاني دوق لمقاطعة  (( ساكس ميننج )) وكما تقول المصادر والبحوث , ان هذا الدوق كان يهوى عملية التمثيل والذي ينتمي الى عائلة ثرية قام بتاسيس فرقة مسرحية , حيث انه امتاز بالتشدد في مراعات الدقة والالتزام بالتعليمات التي كان يصدرها والذي اعطى اهمية كبيرة للتمارين المسرحية ,  ومدة فترة التدريب كانت لديه مهمة جدا , حيث كان يعتمد باعماله وعروضه المسرحية على الهواة من الممثلين لتجسيد شخوص مسرحياته , ومن دون اعطاء اهمية للنجومية في تجسيد الشخصيات المسرحية , لانه ومن وجهة نظره , ان جميع الممثلين متساوون في الاهمية من خلال تمثيلهم ولعب ادوارهم بشكل متقن على المسرح .
وبعدها بدات ظاهرة المخرجين تظهر للعيان وعلى الساحة الميدانية , بعد ان كانت ظاهرة جماعية يتشارك الجميع في عملية املاء واعطاء المقترحات في الحركة وتجسيد الشخصيات والاهتمام بالديكور والملابس والاضاءة المسرحية , لان هذه العملية شاعت بها الفوضى والارباك وعدم جدية مايطرح من على خشبة المسرح , لكونها مشمولة بالمقترحات الانية والامزجة لاصحابي النفوذ المتنفذه والمسيطرة على الكادر الفني , فقلت اهمية هذا الاسلوب , بعد ان ظهرت للوجود اسماء عظيمة اثبتت قدرتها على قيادة الحركة المسرحية , واضفاء صور ابداعية يشوبها حالات من جمالية التعبير والتمثيل , من امثال دايفيد بلاسكو , وستانسلافسكي , حيث بدا هاذين المخرجين الاول في اميركا والثاني في روسيا , اضفاء على اسلوبهما , شيئا من التشدد والالتزام بالتعليمات وتطبيقات النظام الصارم في التمارين المسرحية , وقد كان للمخرج المسرحي مهمات جمة وكثيرة يمليها على الكادر المسرحي , لان نجاح العمل وفشله تقع على مسؤوليته , بعدما اصبح المخرج هو اللولب والمحرك الاساسي في عملية الاخراج , من خلال مايطرح من افكار واراء يتغلب عليها معظم التعليمات المتشددة في عملية التطبيق , فقدة كان معلمنا الكبير ستانسلافسكي , لا يعطي اهمية كبيرة للنجوم , بقدر ما كان يولي اهتماما كبيرا الى حرفية هذا النجم وتالق عطائه من على المسرح , حيث دائما كان يؤكد على انه ليس هناك دورا صغيرا او دورا كبيرا , بقدر ماهناك ممثلا كبيرا وممثلا صغيرا , مما زاد في اهمية نجاح العمل المسرحي , واسباب هذا النجاح هي مدة التمارين الطويلة والتي كان يولي لها من الاهمية ما يساعد على نجاح العرض المسرحي , واضفاء حالات الااع لهذه العروض , واعجاب النقاد من ذالك العصر والمعروفين بمتابعتهم لادق التفاصيل , وملاحظة ومراقبة اماكن الضعف وتشخيص الثغرات في العمل المسرحي , بحيث كان على المخرج ان يهتم كثيرا بعمله وان لا يدع ثغرات ضعيفة ينفذ من خلالها النقاد في كتابة مايحلو لهم من النقد والتجريح للعروض المسرحية انذاك .

السؤال هنا يطرح نفسه ----- بعد كل هذه المقدمات , هل الواجب على المخرج ان يكون حازما ومركزيا بقراراته ؟
نعم , انها من ضروريات نجاح كل مخرج ان يلتزم بها , وان ينظبط من خلالها , ليرتقي من خلالها الى سلم النجاح , ودلالة نجاحه ياتي من جودة عروضه المسرحية , فانا على سبيل المثال اذكر في مسرحية دختور من اقرت ناثه ----- والتي كانت باللغة السريانية والتيى عرضت من على مسرح النادي الثقافي الرياضي الاثوري ,فوجئت بانقطاع ممثلة رئيسية وقبل العرض بثلاثة ايام عن مواصلة التمارين , وبالرغم من تاكيداتها على انها ستتواصل معي الا انها نكثت بالوعد , فما كان مني الا ان اعالج الموضوع ببديلة تبرعت بالقيام بتادية هذا الدور , وقد نجحت , بل وقد قدمت الشخصية باجود ماكنت اتصور , وبهذا انقذت هذه الفنانة الواعدة موقفنا المحرج , الا انني قطعت عهدا على نفسي بانني سوف لن اتعاون مع تلك الممثلة في المستقبل , حرصا على تكرار نفس الموقف , ولذا ابعدتها عن اعمالي المسرحية المستقبلية , انه قراري الحازم , ولا رجعة منه , وكذالك ممثلا اخر في نفس المسرحية ازداد غرورا , معتقدا بانه من خلال هذا الغرور يستطيع ان يواكب العملية الفنية وان يواصل مسيرته في المسرحيات القادمة , فمثل هذا الممثل ظلم نفسه وظلم المسيرة الفنية والتي كانت قد احتضنته لتوصيله الى مصاف النجومية , وفي مسرحية توما الرسول والتي عرضت هنا ايضا في سدني , حذفت مشهدا كاملا بعد تاكدي بانه سيكون السبب في اخفاق نجاح عرض المسرحية , وفي مسرحية مارزيا , نتيجة اساءة من احدى الممثلات , قمت بحذف مشهدا كاملا والتي كانت ستتالق من خلاله الفنانة المسرحية مريم الفارس , الا انني اثرت اعطاء درسا قاسيا في حرمان تلك الممثلة من المشاركة في العرض المسرحي , وحذفت المشهد بكامله , بعد ان استدركت الامر وعالجته بحكمة واقتدار , كانت نتيجته نجاح العمل برمته , وهذا هو اسلوب ععملي  وتعاملي مع الممثلين , وكل من عمل معي يعرف ذالك حق المعرفة تماما , والان انا في طريقي الى توزيع ادوار مسرحية ( زعتور افندي) وبالتاكيد انني سابعد عن عملي من يستحق حرمانه من التعامل معي .
عزيزي وزميلي المخرج الناجح , لا تتعامل عاطفيا مع عملك لان العاطفة ستحرمك من نجاح مسيرتك الفنية , تعامل منطقيا وعقليا مع من يعمل معك , لتتمكن من صعود سلالم التالق والنجاح .

تحديد هوية النص وايجاد الفكرة الرئيسية
عزيزي القارىء , قبل بداية اي عمل مسرحي , اي بعد قراءة النص من قبل المخرج , يجب عليه في بادىء الامر تحديد هوية النص , وكشف المعالم الداخلية لشخصياته , وتاثيرات ماموجود من افكار وجوهر مايطرحه النص من مفاهيم وقيم مسرحية ذات صلة بالمجتمع , بحيث يكون عالم تغيير في ملامسة احاسيس الجمهور المتلقي , اضافة الى هذا يجب على المخرج المسرحي ان يصل بافكار ومضمون هذا النص وباساليبه الابداعية لعملية التوصيل , ليتمكن من ان يعطي صورة جمالية من على خشبة المسرح , ومن خلال تنوع اساليب الاخراج المسرحي , مستخدما احدى المدارس والمذاهب المسرحية والتي من خلالها يستطيع تجسيد فكرة النص وتقديم المؤلف بما حملت مسرحيته من الافكار والمفاهيم والقيم المسرحية , لتصبح عملية الاخراج ذات مردود ايجابي بما تحمله من حالات الابداع في عملية التوصيل .

المخرج هو السيد لعملية الاخراج المسرحي

بقي ان تعلم عزيزي القارىء , ان المخرج هو السيد الذي يكون مسؤولا عن تفاصيل العمل المسرحي , واليه يوعز نجاح اوفشل اي عرض مسرحي , ومن العيب ان يتجاهل المخرج ان في القاعة اعين تترصد عملية العرض المسرحي , وان يتغابى في حالات معينة في تمرير بعض ماشاهده من عروض سابقة  لزملائه من المخرجين , ويلصقها في عرضه المسرحي , لان وكما نعلم ان لكل مخرج تجربته وثقافته واسلوبه في الاخراج المسرحي , فمثلا انا في بعض الاحيان كنت لا اشاهد من الاعمال المسرحية , انما اطلع على الصور والخاصة للعرض المسرحي لاي مخرج والتي تنشر في اية صحيفة تكتب عن المسرحية , وتشرح اسلوب المخرج في كيفية تحريك ممثليه , مع نشر صور لبعض المشاهد المسرحية , عندها يصبح معلوما عندي , ماطرحه المخرج من خلال عرضه هذا ومن دون مشاهدتي للعرض المسرحي , لانني مسبقا كنت مطلعا على اعماله السابقة , باستثناء حرفية وابداعات الممثلين في هذا العمل المسرحي , وانا اعلم علم اليقين ما لهذا المخرج من حضور مسرحي , وما يحمله من التجارب والثقافة المسرحية , في بعض الاحيان يدفعني حب الفضول والاطلاع على مشاهدة عروضه اللاحقة , لاطلع على مدى تطور اسلوبه , وماهي استخداماته الجديدة , انما مايحز في قلبي حينما اكتشف ان هذا المخرج مازال يدور في حلقته فارغة والخالية من التطور في الاسلوب والابداع والتجديد , لذا الواجب على المخرج ان لايعيد نفسه في اعماله المسرحية , من حيث الاسلوب والمهارة الفنية , وان يطرح نفسه بهوية جديدة تساعد على تجديد هويته الفنية , ليتم تقييم مسيرته وتجربته وعلى ضوء المستجدات الحديثة والمتطورة في التكنيك لوسائل عناصر الاخراج المسرحي , من مستجدات البروجوكترات الضوئية,والوانها ,
ووسائل تنفيذ المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية , اضافة الى استخدامات ومزج الالوان ومع متطلبات مطابقتها مع الوان الملابس والديكور , واستخدام الوسائل التغريبية من السلايدات والعروض التسجيلية والوثائقية والتي يحتاجها العرض المسرحي في المسرحيات التسجيلية والوثائقية والتعليمية والتغريبية والتي تستخدم في المسرحيات السياسية والتعليمية البرشتية  , اذن كل هذا يجب على المخرج المسرحي ان يراعيه في اخراجه لانه المسؤول عن نجاح عمله او فشله ولا يحق لغيره ان يتدخل في حيثيات عمله , انه السيد في استخداماته التكنولوجية وكل مايتعلق بانجاح العمل المسرحي , انه صاحب الرؤية الاخراجية , وهو الذي يحق له في ان يتصرف وعلى ضوء ماتمليه خلفيته الثقافية وخبرته الفنية , ليصل بالعرض المسرحي باتجاه التالق والنجاح , لذا على المخرج ان يحدد هوية العمل , وتشخيص انتمائية النص المسرحي من حيث المذهب , ونحن نعلم ان هناك مذاهب ومدارس مسرحية , ( الرمزية والوجودية والتعبيرية والكلاسيكية والواقعية والتعليمية والخ) وهي كثيرة ومتنوعه , ولكل اسلوب ومدرسة لها هويتها من حيث الديكور والانارة والمستلزمات التي يستخدمها المخرج وفق منظور المدرسة الحقيقية في اخراجه للنص , ليستطيع مطابقة مايطرحه من مضمون النص المسرحي , وتلاحمه مع شكل الطرح الفني المناسب في عملية الاخراج المسرحي الجمالي كان ام الحرفي , ومن دون ان يتخبط المخرج في كيفية طرح وتجسيد ماسيخرجه من على خشبة المسرح , ومن دون دراية عن انتمائية هذا النص  .
المدرسة الشاملة
صحيح ان هناك اطروحات مختلفة في اساليب الاخراج المسرحي , استخدمها المخرجون المبدعون واللذين خرجوا عن ماهو التقليد والمعروف من الاساليب الكلاسيكية في الاخراج المسرحي , منهم على سبيل الذكر في مسرحنا العراقي , الرائد العملاق المرحوم ابراهيم جلال , واللذين الصقوا به انه من تبيعية المدرسة البرشتية و الا انه انكر ذالك في عدة احاديث له , وبالذات في محاضراته والتي اعلنها وامامنا نحن طلبته قائلا : ( باباتي , انا لست برشتيا و انما انا فنان استخدم كل وسائلي الفنية لتجسيد رؤياي الاخراجية في المسرح , ولذالك ترون اعمالي فيها الشيىء من الواقعية والتعليمية والسياسية والرمزية والرومانسية , وكل اسلوب اراه يخدم عرضي المسرحي استخدمه لخدمة ابراز العمل المسرحي وبالشكل الذي يليق بتجربتي الخاصة , والتي هي مدرستي والتي ابتكرتها لنفسي ) انما هذه المدرسة عزيزي القارىء لم تخرج عن الاطار الفني والابداعي الا باستخدامها الاساليب والمذاهب المتنوعة من اجل توصيل وتجسيد احداث العمل المسرحي بشكل يخدم رؤية المخرج ويساعد على توصيل هذا الطرح بشكل فيه شيىء من الاباع وحرفية المهارة الفنية متخطيا جميع التفاصيل الواقعية والطبيعية للوصول الى اعماق الجمهور وملامسة احاسيسه بهذا الاسلوب المبتكر الجديد , ولكن ليس جميع مايؤلف من النصوص المسرحية يستطيع المخرج استخدام المدرسة الشاملة في تجسيد عمله في الاخراج المسرحي , فيفضل النص الواقعي ان يحافظ المخرج على واقعيته , وكذالك الرمزي والكلاسيكي , وبالرغم من انه كانت هناك محاولات في تلبيس مسرحيات شكسبير الرداء المعاصر في الاخراج وعصرتة شخوص مسرحياته واحداثها , الا ان هذا النوع من الطرح لم يستسيغه النقاد ولم يتلقى اي اقبال من قبل الجمهور , الا انها تدخل في حقول ا لاعمال التجريبية للمخرج                                                                                               
خلاصة ماذكر من تفاصيل العملية الاخراجية
يجب على المخرج المسرحي الناجح ان يقود عملية الاخراج بكل تفاصيل ماهو مرتبط بالعمل المسرحي وكالاتي :
اولا ----بعد اطلاعه على النص المسرحي يحاول محاورة المؤلف , والوصول الى اتفاق الطرفين على الصيغة          النهائية من حيث التاليف والطرح .
ثانيا ---- قراءة النص وتوصيل فكرته ومضمونه الى الممثلين , وشرح ابعاد شخصياته , وتقريبها الى الممثلين            , بمعالمها الطبيعية والنفسية والاجتماعية .

ثالثا------  التحاور مع مصمم الديكور والاضاءة ومصمم الملابس والمكياج والموسيقى والمؤثرات الصوتية                على  تفاصيل العمل والاتفاق النهائي وبما يمليه عليهم المخرج في الاختيارات والتصميم .
رابعا ----- توزيع الادوار بالشكل النهائي , واجراء التمارين اليومية في قراءة النص المسرحي , وكشف                  معالم  الشخصيات , وتحليلها بالشكل السليم , واكتشاف معالمها الطبيعية والنفسية والاجتماعية ,              بالرجوع  الى التجارب المختزنه  , والمكتسبه , والانية , ( وسناتي على شرحها لاحقا في الاعداد              القادمة انشاء الله .
خامسا ----بعد ان يستوفي المخرج هدفه من من عملية القراءة للنص , يقوم بمحاولة رسم الخطوة الاولية                  للحركة المسرحية , حيث ان هناك نوعين من المخرجين في عملية التطبيق , منهم من يحبذ                    رسم  حركة كل شخصية لكل مشهد في سكريبت الاخراج ومن ثم يقوم بمحاولة تطبيقه على                    المسرح ,  والنوع الثاني هو رسم الحركة الاخراجية في التمارين الحية واثناء البروفات اليومية                للمسرحية , وانا  شخصيا انتمي الى النوع الثاني من المخرجين , لكون هذا الاسلوب يساعد                   على رسم الحركة المسرحية بردود افعال انعكاسية يشترك من خلالها ابداعات الممثل مع ما                      تتمخظ هذه العملية من تلاحم الصورة الابداعية في عملية رسم الحركة وجمالية تسخيرها على                 المسرح وبشكل مشترك وم  الاتفاق السيادي للمخرج في رسم الحركة المسرحية                                 الانية .
واخيرا:
في نهاية هذا البحث , لا احب ان اثقل على القارىء الكريم بكل ما يتعلق بتفاصيل الاخراج المسرحي , من اختيار الموسيقى التصويرية , وهندسة الصوت , والذي دخل في الاونة الاخيرة في العمل المسرحي , بعد ان كان الممثل في الاحقاب الزمنية الماضية  يعتمد على صوته الطبيعي في عملية الالقاء والتوصيل لمفردات الحوار المسرحي , وككذالك الاشراف على الدعاية والاعلام , وتفاصيل تنفيذ الديكور والملابس , وملحقات مايتعلق بكل تفاصيل الاخراج المسرحي , وبهذا اكون قد وفقت بتوصيل مااردت توصيله الى تلميذي المحبوب عدنان واغنائه بهذه المعلومات البسيطة عن كيفية تمكنه من ان يصبح مخرجا . ------------------------------------------------------------- تحياتي ---------




                                                                                           


22
أدب / انا والاخر
« في: 14:03 02/09/2013  »


انا والاخر


جوزيف الفارس


هذه المسرحية ذات فصل واحد
شخوص المسرحية
شخصية       انا
شخصية       الاخر

المنظر------(غابة مليئة بالاشجار المثمرة والازهار, وجميع مايحلم به الانسان من جمال الطبيعة الخلابة )

انا-------     ( يظهر في المشهد وهو في حالة الهلع والخوف ويتكلم مع الاخر , )  ماذا دهاك
        يانفسي؟ علام القلق والخوف؟ لا شيئا غريبا , انما هي كالعادة !!!  يولد انسان
        ويموت انسان اخر , وتنبت نبتة وتموت اخرى ,اذن هكذا هي الحياة , انبعاث و
        ولادة فحياة وموت .
الاخر-------      ( يظهر متجسدا بالصوت او باية وسيلة تعبر عن وجوده بالشكل الرمزي وليس
            كما تظهر شخصية انا على المسرح وبالحضور الواقعي ) اتؤمن بهذا ؟
انا --------      ( بخوف وذعر اشد)  من انت ؟
الاخر ------   انا الاخر .
انا -------     انما انا لا اراك   .
الاخر------   ان كنت تؤمن بي فستراني .
انا -------     وكيف يمكنني ان اامن بما لا المس؟
الاخر ------  اذن دعنا نتكلم كما نحن , لقد كنت تكلم نفسك عن الانبعاث والولادة والحياة والموت .
انا ---------    نعم .
الاخر -------  اتؤمن بهذا؟
انا ---------    ان كنت مؤمنا بهذا او لا , انما هو قدرنا المحتوم .
الاخر ------  وهل تعتقدان هذا القدر جاء بحكم الصدفة؟
انا -------      لا , انه ليس بصدفة , بقدر ما هو قانون الحياة ! ان تنبعث وان تولد وان تحيا ومن
                   ثم تموت .
الاخر -------   ولكن هذا ليس بقانون انما نظام خاضعا لارادتي
انا --------    ( بتعجب) كيف ؟  اتستطيع التحكم بحياتي ؟ انت تستطيع ووفق قدرتك ومقدرتك ان تتحكم بمولدي وموتي ؟      
 , انما لاتستطيع التحكم بما يتخلل حياتي من ماسي واقدار هذا الزمن والتي لا تعجبني , انت لا  تتعامل مع القدر , لانك انت صانعه , ولا تعترف بالصدفة لانه لا يوجد في نظامك صدفة , كل شيء بارادتك , ولا يوجد صدفة في سجل عالمك يا ايها
       الذي لا اراه , انا اامن بك ايها الاخر انك غيبي , ميتافيزيقي وغير منظور , لهذا لا استطيع ان اتعامل معك الا اذا سموت انا فوق ماانا عليه , او انك تخليت عن سموك وتجسدت واصبحت كما انا هو عليه الحال .

الاخر-----   وهل يرضيك هذا ؟
انا -------       ولم لا . انني احب ان اتلمس حياتك وان اتعرف على قدرة ارادتك للحياة , وان               اطلع على تجاربك,  واتعلم منها , واتخذها قانونا لحياتي !!!!!!
          
الاخر ----    او لم تتحسسني في ذاتك ؟ او لم تراني في احلامك ؟ او لم يكلمك احدا ما عن ارادتي                  وكيف اتعامل معها وفق ماتتطلبها الحياة في مثل عالمك ؟؟؟؟ انظر الى هذه الطبيعة والى جمال هندستها , وتنسيق الوانها , ماذا تقول عنها ؟
    
انا --------    انه عالمي . انها دنياي . انت تعلم كل شيء فيه ملموس لانه عالم مادي .من اين ما                    توجهت بناظريك  , ومددت يديك , ستتلمس ما تراه عينيك , انما هناك فضائل  
                  ياسيدي لا استطيع تحسسها الا اذا لمستها , عندها اامن انها من عندك .
الاخر--------- انا صحيح لا اتعامل مع ماهو موجود من حولك , لانني اختلف عنك اختلاف كلي .
                  كل ما موجودمن حولك هو كان بارادتي , ورغبتي لتهيئة كل ماتحتاجه لديمومة
                  حياتك في هذا العالم الدنيوي , كن فيكون , هكذا هي قوتي من الازل , وما زالت كما
                   هي . انها قوة  ذاتية وازلية استطيع من خلالها خلق كل ما يهيىء لك سبل العيش
                     والحياة .
انا ------------- وهل تعتقد ان هذا كل ماابغيه في حياتي ؟
الاخر ---------- نصفك الاخر , الا يؤنسك ؟
انا ------------- كلا ياسيدي انه عبىء ثقيل على كاهلي .
الاخر --------- وانما لولاه لانقلبت حياتك الى صحراء خاوية .
انا ----------- افضل من اغوائها وسقوطي ثانية في وحل الخطيئة والدمار .
الاخر -------- هذه الطبيعة الخلابة , وجمال هذه الازهار الجميلة , الا يؤنسك ؟ الا يسرك ؟ انظر
                  الى هذه الاشجار المثمرة , الا تساعدك على الحياة ؟
انا ----------- الحياة ؟!!!!! واية حياة هذه ياسيدي تكلمني عنها ؟ اتعتقد ان الحياة هي مجرد طعام
                 وشراب ؟ اتعتقد ان الحياة هي مشاهدة كل مايسر النفس ويبهجها ؟ هي هذه الحياة؟
                كلا ياسيدي , ومع كل الولاء والاحترام , انا لا ابغي من حياتي سوى خبزنا كفافنا اليوم                 وسلام داخلي احسه من عدم مشاهدة الدمار والخراب وماسي هتك الاعراض بحجج
                واهية لا تسمو الى حقائق ما يتذرع به الاخر .
الاخر ------- اتقصدني ؟
انا ---------- كلا ياسيدي , انك اسمى من ان تفعل مثل هذا بنا , انما الاخر الذي يعيش في عالمنا
                المادي والمسيطر على رقاب هذه النفوس المسكينة والمفجوعة نتيجة اغراءاته
                واغواء عملائه واعوانه بالتحريض على هتك النفوس الامنة والمتطلعة الى جنان
                فردوسك والمؤمنة ب من ضربك على خدك الايمن فادر له الايسر ياسيدي , الاخر
               ياسيدي الذي منحت له سلطان القوة والسيطرة على مصير هذا العالم الفاني .
الاخر -------- ولماذا لا تقضي عليه ؟
انا ---------- انهم بالملايين ياسيدي , ان قضيت على واحد او اثنان او اكثر , انما يتزايد عددهم
                بمثل ما يفنى منهم , انها الافعى ياسيدي , مازالت تعيش بين هذه الخراف الامنة
                ان اطبقت بفكيها على جزء من اجزاء هذه النفوس الامنة , تدعه مابين خيارين ,
                 اما ان تنفذ سمها  وتميته , واما ان تنقاد هذه الفريسة خوفا من الموت الى جانبها
                 منصاعة ومرغمة على هذا الاتون المحرق .
الاخر --------- اقضي عليه .
انا ------------ اتقصد قتله؟ اتأكد لي فيما اذا ارتكبت مثل هذه الجريمة بحق الاخر الذي يعيش معي                   لا ادان على ارتكاب فعل هذه الجريمة ؟
الاخر --------- وماهي الجريمة من وجهة نظرك ؟
انا ----------- لقد شرحتها انت ياسيدي بوصاياك , وكانت احدى وصايك العشرة , ان لا تقتل ايعقل                   بأنك لا تعرفها ياسيدي ؟!!!!!  سأذكر لك جريمة حدثت في هذه المعمورة منذ القدم
                  كانت اول جريمة بحق الانسانية ياسيدي وانت تعرفها حق المعرفة ولا تحتاج بان
                  اذكرك بتفاصيلها . هذه الجريمة ياسيدي كان ضحيتها الشق الاخر من سلالة ذات
                  الانسان الذي ارتكب معصية بحق طاعتك وغضبت عليه , وطردته الى العالم الدنيوي                    ليتلقى حتفه , بين دياجير هذه الظلمة , فكان ثمرة العالم الدنيوي له , الحقد ,
                   والكراهية مما دفعته لارتكاب اول جريمة في العالم الارضي . انها مأساة ياسيدي
                 حينما كانت دمائه تناجيك ومستغيثة بك , وقد  غضبت لهذا . وجعلت لمرتكب هذا الاثم                 اشارة على جبينه  ليتجنبه ويتحاشى اذيته كل من كان يعيش في دنياه انذاك , واليوم  
               تسألني ياسيدي , عن معنى تعريف الجريمة ؟ انها قانون الحياة التي اعيشها هنا يا
              سيدي , انه قانون الغاب , القوي ياكل الضعيف , حروب كثيرة , ودمار شامل , وامة
             تقوم على امة وسلطان على سلطان , ومملكة تقوم على مملكة اخرى , الا تعرف هذا ؟
            اوليس هذا ماذكرته لابائنا واجدادنا ممن عاشو في ازمنة مضت ؟ هنا في هذا العالم توجد
            جرائم مختلفة  باساليبها , انما نتائجها واحدة , وهي القضاء على النصف الاخر
              من ذاتي . النصف الغير المرئي والغير الملموس . انك ياسيدي تعلم علم اليقين عن اسباب وقوع مثل هذه الجرائم , وتعلم ايضا انها الوسيلة التي يستخدمها الانا من اجل القضاء على الاخر المخفي في باطن الانا , انما لا تريد ان توقفها , وبالرغم من انك تستطيع ان تتحكم في
               نتائجها .
الاخر -------------- انا منحت لكم حرية الاختيار وفق مايمليه عليكم المنطق والضمير ,والرغبة
                          الذاتية في الاختيار و المدفونة في داخل كل من يحمل صفة الانا  
انا ------------------ولكنني اختلف عن بقية من يحمل مثل صفاتي الملموسة !
الاخر---------------- ولكنك تملك العقل والضمير , وبموجبهم تملك حرية الاختيار .
انا ----------------- صحيح انا املك العقل والضمير , انما في بعض الاحيان افقد ارادتي , واحس
                         بضعف في اختيار ما هو الصواب ,
الاخر -------------- عجيب امرك ايها الانا .
انا ----------------- ( بتعجب واستغراب ) ماذا قلت ؟ ايها الاخر؟ قلت ايها الانا ؟؟؟!! اتعني اننا
 الاخر -------------- قلها ولا تتوقف عن لفظها ,( انا) هو (انت) . انما لكل منا كينونته الخاصة , نحن
                         مختلفان عن بعضنا وبموجب قانون الحياة التي يعيشها كل منا .
انا ---------------- وما هو قانون حياتي ؟
الاخر ------------- ان تنبعث وتولد وتحيا ومن ثم تموت .
انا --------------- وهل سارحل الى عالم الفناء ؟
الاخر ----------- كلا , وانما الى عالم نقي , تعيش فيه وفق مايمليه عليك قانون حياة الارواح
                      والغير المتجسدين  .
انا -------------- ( باستغراب ) ماهذا ياسيدي ؟ اي قانون هذا ؟ انا لم اتعرف عليه في حياتي .
الاخر ---------- لانك لا تؤمن الا بما تنظر وتلمس .
انا ------------ هذا صحيح , لانه في هذا العالم كثير من الخفايا والتي لا نعلم عنها وعن نتائجها
                  شيئا , ان لم نتلمس جزيئات تكوينها , ومن اي شيىء استحدثت , لنستطيع تصديها
                  لان هذه الخفايا ياسيدي كالسارق الذي يفاجئك بسرقة رغبتك في الحياة , ويهجم
                  عليك ليسلبها منك ومن دون ارادتك ورغبتك , فما عسانا ان نفعل لمثل هؤلاء اللذين                  لا يفكرون سوى بالاستحواذ والاستيلاء على حقوق ما ليس لهم .
الاخر -------- وهل  ستتعامل معهم بمثل مايتعاملون معك ؟
انا ---------- الا تعتقد وبعد كل هذا  اصبحت سنة الحياة وقانونها هو قانون الغاب؟
الاخر -------- اذن مافائدة العقل والضمير ؟ وانا ااكد هنا على الضمير ؟
انا --------- اراك تؤكد هنا على الضمير ياسيدي ؟
الاخر ------ نعم , لانه اذا انعدم الضمير انعدمت طيبة الاخر الذي في داخلك , وتهدم كل شيىء في
                في المعمورة , وستنقلب الى خراب , مليئة بالذئاب البشرية والوحوش الكاسرة , وهنا
                الطامة الكبرى , عندما يحدث الفناء .
انا --------- سبق وان اعلمتنا بهذه النتائج .
الاخر ------- لذا من الواجب عليك ان تملك قوتين . قوة الضمير والعقل .
انا --------- العقل ؟
الاخر ------- نعم العقل . بواسطة هذا العقل ستكتشف الغاز وقوانين هذه الحياة . نعم  , بواسطة هذا                العقل ستكتشف  اساليب الدمار والفناء . اضافة الى هذا انه لا يعرف الممنوع .
انا -------- اذن الهذا السبب يفضل وجود الضمير الى جانب العقل .
الاخر ------ نعم , لان الضمير هو ميزان العدل الميتافزيقي الذي يهتم بمصير ابناء هذه المعمورة ,
                اما العقل وبمفرده فهوى الحيوان المفترس والشرس والذي يفتك ببني جنسه . فلولا
                 وجود الضمير والذي في معظم الاحيان ينحاز الى جانب الانسانية ويشل حركة العقل
                 ونتائج بحوثه من اساليب الدمار والهلاك لمات الكثيرون وانقضى دهرهم . ولهذا السبب نشاهد في المعمورة عقول
               من غير ضمائر تتحكم بنتائج بحوثها واستخدام هذه النتائج في محاربة كل شيىء جميل
               ومبهر , لا تتفق مع صورتي الجميلة .
انا --------  الا يمكنك السيطرة على اساليب الدمار ياسيدي ؟
الاخر------- اذن , فكيف سيتم غربلة من يعيش على هذه المعمورة ؟ كيف سيتم فصل الزيوان عن
                عن الحنطة ؟ ا عندها سيعرف اصحابي العقول والذين يتحركون بموجب ما يمليه
                عليهم هذا الوحش الكاسر , وبعدها ستنفضح اعمالهم الاجرامية بحق الانسانية عندها
                ستكون عدالتي فوق كل قوة تتباهى بجبروتها , وشل كل عقل لا يخدم الانسانية , من
               امثالك ايها الانا .
انا -------- ولكنني اختلف عن الاخر الذي في داخلي
الاخر ------ ان صح ذالك , فستتوازن كفتي ميزان عقلك وضميرك .
انا -------- ضميري ؟
الاخر ----- نعم , هناك من يملك العقل الا ان ضميره ميت . وهناك من يملك العقل انما ضميره حي .
انا -------- و وو انت م م مع من ي يا سيدي ؟  
الاخر ------( يضحك ضحكة مخيفة ) ماذا تقول حكمتي وفق الوصايا التي منحتكم اياها ؟
الانا ------- ( بتامل وتفكير ) ها ؟ تقول ---تقول , انا اعتقد بانها تقول احب لاخيك ماتحب لنفسك .
الاخر ------- والاخرى ؟
الانا ------  (بتردد وخوف من الاختبار )احبوا اعدائكم , احسنوا معاملة اللذين يبغضونكم , باركوا
              لاعنيكم , صلوا لاجل اللذين يسيئون اليكم .
الاخر ------ اذن اعمل بها وأنا سأكون معك ايها الانا (يختفي مع موسيقى مؤثرة لهذا المشهد )
الانا-------- ( بخوف وذعر )  اين انت ياسيدي ؟ , اين انت ايها الاخر ؟ اين انت ؟ ( ينهار على
              على المسرح ) لماذا تركتني  اصارع امواج هذه الحياة القاسية ؟ لماذا خلقتني في هذه     الغابة الموحشة ؟ انا لا احب ثمارها ولا رؤية منظرها . انا انسان ضعيف من دونك ايها الاخر , انا لا املك الا رغبتي في ان احيا حياتي مطمئنا وامنا . انا احب السلام ياملك السلام . احب عالما خاليا من القتل وسفك الدماء . انا احمل هوية انسان يحب ويسجد ويبارك ويشكر . انت ايها الاخر اتسمعني ؟
انا احب عالما خاليا من الكراهية والبغض والحسد , ومن دنس الافعال المشينة بحق الانسانية , انا
انا ايها الاخر اختلف عن الاخر الذي في داخل الانا , اوعدك انني سابقى كما انا  مليئا محبة وتسامحا (يبكي وبتوسل ) فلا تتركني وحيدا اصارع وحوش هذه الغابة الموحشة ايها الاخر .(ينهار , وهو يبكي , ودموعه غزيرة تملئها المرارة وانكسار الذات ) ---موسيقى مناسبة تعلن عن نهاية المسرحية .                                                                        


                                                                                   مع تحيات
                                                                              جوزيف الفارس                        


23
أدب / اهذا قدرك ياعراق ؟
« في: 14:05 29/08/2013  »


اهذا قدرك ياعراق ؟

                                                        

جوزيف الفارس



 اهذا قدرك ياعراق ؟
دم ابنائك يسفك ويراق ؟
قطع الرؤوس والايادي والدمار
في كل شارع وزقاق ؟
اتمنى , وماالتمني ؟ ااشاهد
شارع ابو نؤاس ,شارع العشاق
اصبح مدنسا بالفسق والنفاق ؟
ام اصبح العراق كجزيرة مهجورة مدمرة
احلك من جزيرة واق الواق!!
خاليا من الاهل والاقارب والاصدقاء والرفاق
كلا ---- انا اعشقك واعشق الماضي المليىء بالعاقول والاشواك ياعراق
منايا اراك وطنا حرا وشعبا سعيدا ودمه لا يراق
لك ولشعبي , وللجندي المجهول عيوني تشتاق
لعقد النصارى والبتاوين والكريمات والمربعه
والمنصور المزدحم باهلي على قدم وساق
لك ياعراق يابلد الرافدين ولشعبك قلبي يشتاق
ليس العراق ارض نفاق
ولا شعبه يحب التمزق والانشقاق
شعب الرافدين شعب كله محبة ووفاء ووفاق
اسمعوني , ساحكي لكم حكاية , قصة من ايام العراق
كنت اسمع صوت بائع الصمون وخبز التنور وخبز الارقاق
يالله لتلك الرائحة التي كانت تنبعث منهم لها انا مشتاق
كنت اسمع صوت بائع النفط في الازقة والايس كريم
ينبهنا من خلال اجراس عربته تدق  --------------
واما الان !!! فماذا اسمع ؟ اسمع صوت قذيفة وسيارة
مفخخة ودماء بريئة تراق !!
اين هذا التاريخ الاسود من تاريخ ذاك الصرح العملاق ؟؟!!
صرح الرافدين بابنائه ابناء العراق
في كل محلة وشارع وزقاق
كانت هناك محبة وصحبة ووفاق
الكل مشغول ببغداد وزينتها على قدم وساق
عيد الجيش وعيد المعلم واعياد الفطر والميلاد , وهتافات الرفاق
عشت ياوطن الاحرار والعشاق
عشت ياعراق

24
,الدراما الشعبية في العراق
 مابين الارتجال والتاليف

في المرحلة الدراسية في ايطاليا زادهم الشوق والفضول  للتعرف على معالم حضارتها وبالذات الثقافة المسرحية وتجربة المسرح الايطالي, وكذالك التعرف على حرفية فن المكياج وتجربته في حياكة الباروكات للشعر المستعار واللحى والشارب وغيرها من مستلزمات هذه الحرفية الفنية والغنية بتجربتها الرائدة في هذا المضمار  اضافة الى ماكتسبوه من دراستهم في معاهدها السينمائية والمسرحية . كانوا متشوقين لزيارة معالم ايطاليا الاثرية والتعرف على معالم فنونها التشكيلية لاشهر رسامي العالم من امثال ليونارد دافنشي وروفائيل ومايكل انجلو , قال الاستاذ المرحوم الفنان الرائد ابراهيم جلال  والذي كان احد طلاب المعهد االسينمائي التجريبي الحكومي في ايطاليا قبل ذهابه الى الدراسة في معاهد امريكا للفنون المسرحية , قال رحمه الله : هذه المعالم الجميلة والتي اعادتني الى احضان شكسبير واجواء مسرحياته وبالذات مسرحية يوليوس قيصر والتي جعلتني اعيش بين اجواء احداثها وصراع شخوصها , بروتس وكاشياس وتامرهم على قيصر ومناهضتهم لانطونيو , واذا بالاستاذ اسعد عبد الرزاق امده الله بالصحة والعافية والعمر المديد والذي كان احد طلاب المعهد الايطالي للفنون المسرحية  وقت ذاك ,  , يشير لي الى معرض للتحف والتماثيل لاشهر معالم الحضارة العالمية , من برج ايفل, وتمثال الحرية واشور وبابل , فلما دلفنا الى داخل المعرض انا والاستاذ اسعد عبد الرزاق , واستطلعنا معروضاته, جلب انتباهي تمثالا للثور المجنح واخر لاسد بابل والزقورة والجنائن المعلقة , فاستغربنا اشد الاستغراب لاهتمام العالم باثارنا وتراثنا وحضارتنا مما جعلني استفسر من المعني عن بيع هذه التماثيل وانا اشير الى تماثيل بلادي بلد الرافدين قائلا له : اتعرف شيئا عن هذه التماثيل ؟ فبادرني بضحكة وقهقهة عالية قائلا :ومن منا لايعرف شيئا عن هذه الرموز الحضارية لبلاد الرافدين ؟يالله , انه ايضا يعرف اسم بلاد الرافدين ! انها كنية بلادي الحضارية , وشرع يشرح لنا وبالتفصيل عن حضارة نينوى وبابل ويذكر لي قصص عن اسوار نينوى المحصنة والجنائن المعلقة وكيف انها تعد اعجوبة من اعاجيب السبعة في العالم , بحيث ادهشني بمعلوماته التي افتقر اليها وانا ابن هذه الحضارة التي علمت العالم على سن القوانين والانظمة , فهززت برأسي ونظرت الى استاذي الكريم اسعد عبد الرزاق وقطعت عهدا على نفسي بانني ساهتم بكل مايعني بحضارة بلادي وثقافتها , واشجع كل ما ينتمي الى هذه الامة العريقة التي اشعت بمعالمها الحضارية وادهشت العالم بتاريخها وحضارتها . وهكذا اوفى الاستاذ المرحوم ابراهيم جلال وعده ,فبعد عودته الى العراق شجع النصوص العراقية الشعبية والمستمدة افكارها ومضامينها من حضارة وادي الرافدين ومن الواقع الاجتماعي الشعبي , فكانت مسرحية فوانيس لطه سالم ومن بطولة الفنانه العراقية المسرحية المغتربه وداد سالم زوجة الفنان المخرج المسرحي اديب القليجي , ومسرحية عقدة حمار وهي من تاليف الكاتب المبدع‘ الاستاذ عادل كاظم ومن بطولته  والذي شاركه في بطولة هذا العمل الفنان المبدع المرحوم شكري العقيدي , ومسرحية الطوفان من تاليف عادل كاظم وتمثيل نخبة من فناني المسرح العراقي كريم عواد والمرحوم فاروق فياض وفاطمه الربيبعي وصلاح القصب ومريم الفارس , وكذالك مسرحية الدراويش الثلاثه والقضيه وهي من تاليف عادل كاظم وتمثيل المرحوم يعقوب الامين ويعقوب القرغولي---وكثيرة هي النصوص التي اخرجها الفنان الرائد ابراهيم جلال .
وانني هنا اعزائي القراء والمعنيين بالادب المسرحي , اسلط الاضواء وباختصار على الدراما الشعبية في العراق وكيف كانت مابين الارتجال والتاليف ,وليس طرحي هذا هو الاول من نوعه , وانما لربما قد سبقني في هذا المضمار زملاء لي , مسلطين الاضواء على مسيرة الدراما العراقية منذ نشأتها وحتى وصولها الى ماهي عليه في عصرنا , والضروف القاسية التي عاشها فنانونا انذاك في العصور الماضية ومجابهتهم لتصديات الانظمة التي حاربوها , وتصدوها بافكارهم وثقافتهم وايمانهم بما يملكون من العقيدة الفكرية خدموا من خلالها شعبنا وجماهيرنا المتطلعة الى الحياة المشرقة والمشرفة .
لذا حينما نستعرض تاريخ الفن في العراق و نقرأ عن اسماء كثيرة من الفنانين اللذين شقوا طريقهم بصعوبة مجهدة وهم يمضون في هذه المسالك الوعرة من المسيرة الفنية , والحياة المريرة , وعلى السنتهم طعم مرارة الحياة والحرمان لابسط الحقوق الانسانية, وهم يعيشون حياتهم بكل قسوة ومذلة, متصدين استخفاف الطبقات البرجوازية من العوائل المترفة بحقهم.
فكان فنانو تلك المرحلة الزمنية من تاريخ العراق وبالرغم من ضعف موقفهم باستثناء من كانوا يمسحون الاكتاف , يعيشون حياتهم الفنية متفانين ومضحين بالغالي من اجل ترسيخ القيم والمفاهيم الفكرية ومحاربة الاعراف والتقاليد البالية
,والطبقية ذات الموازين الغير الاجتماعية الانسانية ,
ونشر افكار تسودها المحبة والتاخي وحسن العيش , والتطلع الى افاق فيه الشيىء الكثير من امال الحياة التي يحلو فيها العيش ضمن رعاية اجتماعية وحقوق مواطنة تنبذ التقسيمات الطبقية والغير المنصفة لعوائلنا المتعففة من ابناء شعبنا العراقي من كافة اطيافه, وقومياته . لذا كان من واجب الامانة الوطنية ان يبرز من بين المفكرين والمثقفين والسياسيين والفنانين من ابناء هذا الشعب البار , لاخذ زمام امور القيادة وعن طريق النضال السري والعلني , لمحاربة كل المظاهر المدانة والتي لا ترتقي الى المنطق السليم ولا الى النظرة الانسانية  من هذه العوائل المترفة البرجوازية للطبقات الفقيرة والمسحوقة و المعدمة الكادحة  .
فمن هنا بدأت النتاجات الفكرية والادبية والثقافية والفنية والسياسية , ان تاخذ قرارا باعلانها عن انتقاد واستنكار الانظمة والقوانين لتلك الفترة المظلمة من تاريخ العراق , ونبذ العادات والتقاليد والاعراف التي وظفتها تلك الطغمة من الطبقات المتعالية البرجوازية من اجل الحفاظ على مكتسباتها الغير القانونية والتي استحوذت على الاموال بالوسائل الا شرعية , كأن تشرع قوانينا مجحفة للحد من العلاقات الاجتماعية الانسانية والمبنية على المحبة والاخاء , ورسم معالم طبقات اجتماعية تسودها المحسوبية والعشائرية من الاقطاعيين والملاكين الغير الشرعيين , والهجرة المعاكسة من الريف والاقضية والنواحي من ابناء طبقتنا الفلاحية الى المدن للبحث عن سبل العيش بعد ان سلبت املاكهم واراضيهم غدرا وغصبا .
وفي هذه المرحلة الظرفية القاسية من حياة العراق وشعبه وكما ذكرنا انفا برزت اسماء كثيرة من المرموقين اجتماعيا وفكريا وسياسيا وفنيا , واللذين استطاعوا ان يحركون الشارع العراقي باتجاه المطالبة بالحرية والمساواة , والتي حركت من خلالها  مشاعر واحاسيس الفقراء وايقضتهم من سباتهم العميق , وبهذا عمت التضاهرات الجماهيرية , وملئت شوارع بغداد ولا سيما شارع الرشيد , وبدا دور الفنان السياسي بقيادة هذه الحملات الاحتجاجية والتظاهرات الوطنية , رافعين شعارات للمطالبة برفع الرقابة على النصوص المسرحية , وعن الطباعات الفكرية والثقافية , واعادة تشكيل المجاميع للفرق المسرحية ورفع الضرائب المجحفة عن العروض المسرحية , اضافة الى المطالبة بسقوط حلف بغداد , واخراج المساجين المعتقلين زورا من الفنانين والمفكرين والادباء والشعراء والسياسيين , انما اعطيت وعودا كاذبة , لانهم بعد الافراج عنهم من معتقلاتهم , فرضوا عليهم الاقامة الجبرية في محل سكناهم , وعدم السفر والانتقال مابين المحافظات العراقية .
استمر الرواد من الفنانين وبالرغم من الرقابة الصارمة والتي وضعت على تحركاتهم , وتقييد عروضهم المسرحية برقابة ظالمة مجحفة , استمر هؤلاء الرواد بتاليف كروبات من الفنانين المناهضين لتلك الانظمة  الطاغية , وتحت مظلة اسماء كثيرة من الجماعات الدينية والاجتماعية مجتمعين في الجوامع والكنائس والمقاهي الشعبية يحاربون ويناهضون القوانين والانظمة الجائرة ورجالها , بشتى الوسائل المتوفرة بين ايديهم انذاك بالقصائد الشعرية الشعبية , والنوادر الساخرة , والنكات المضحكة بحق بعض الشخصيات المتنفذة والمتطرفة من العوائل البرجوازية المتعالية على ابناء شعبنا من الفقراء , وكذالك برزت في هذه الفترة ظاهرة المنولوجات الساخرة والناقدة , والتي كان اصحابها يحيون حفلاتهم مابين حفلات الاعراس , والمناسبات الدينية والوطنية , والتي غالبا ما كانت تنقلب الى تظاهرات احتجاجية , ورفع شعارات مناهضة لتلك الانظمه المجحفة بحق شعبنا
, وكذالك بدأ دور الصحافة يأخذ مساره الطبعي باتجاه واجباتها الوطنية , وهكذا برزت على الساحة الميدانية الوطنية , بتناولها شتى المواضيع والمقالات ذات الصلة بحقوق الشعب , ونشر الرسوم الكاريكاتيرية الساخرة مما ادت الى غلق البعض منها , وزج رؤساء تحريرها في المعتقلات , باستثناء بعض الابواق الاعلامية , والتي كانت تنحاز الى السلطة الحاكمة انذاك , ومن خلال دعم هذه الاخيرة الى هذه الصحف المأجورة .
بقيت الحركات الفكرية والادبية والفنية والسياسية تاخذ بالتوسع  وعن طريق منافذها التي استحسنها شعبنا انذاك , فبعد الحرب العالمية الثانية , كانت هناك نهضة فكرية وفنية وسياسية , وظهور صحف محلية ساعدت على النهوض بالحركة الادبية والسياسية والفنية , فبرزت جريدة الزمان , وجريدة الاخبار , وغيرها من الصحف المحلية , والتي كانت تنشر المواضيع الفنية والادبية , وتشجع على فتح صالات للعروض السينمائية والمسرحية , وبعض الملاهي الليلية انذاك , والتي كانت تحيي حفلات غنائية مصرية وتركية وفارسية ولبنانية , ووصلات من المنولوجات الضاحكة والنقدية وانقسمت هذه العروض الى عدة  اقسام , بحيث كل منها يمول ويدعم  من احد اركان المسؤولين المتنفذين في الدولة العراقية, والتي اخذت الصراعات السياسية تتغلب على حياتهم من اجل الاستحواذ على المناصب العالية والكراسي في الحكم . وبهذا انقسم الفنانون والشعراء الى قسمين مناهضين الواحد للاخر , بحيث اصبح القسم الاول , ابواق دعاية للمتنفذين من رجال  االسلطة والقسم الاخر  هو بجانب الضمير الحي والذي يمثل صوت الشعب  من الفنانين الرواد  واللذين يحملون افكارا وطنية ومناهضة لتلك الانظمة المبادة , ومن خلال هذه الظروف القاسية , اظطر معظم الفنانين الهجرة الى ايران وتركيا وسوريا لشق طريق حياتهم وممارسة اعمالهم الفنية , واما اللذين جعلوا من انفسهم ابواقا مأجورة للمسؤولين المتنفذين لتلك الانظمة في العراق , فقد انسلخت حياتهم عن الواقع الانساني وانحازت الى تلك الطبقة الحاكمة المتنفذة بغية العيش في بحبوحة من جراء تزلفهم ومرائاتهم وتملقهم وعدم التزاماتهم بعكس الحقائق المأجورة والظلم السائد انذاك بحق المجتمع العراقي وشعبه الابي , ولهذه الاسباب ظهرت الاعمال الرخيصة والمنولوجات الغير المستحقة التقييم سوى انها كانت هزلية بعروضها وتافهة بمضامينها مجرد لاضحاك اصحاب البطون المتخمة , وهكذا اصبح الفن بيد غير امينة , من اصحابي العقول التجارية الرخيصة وعلى حساب مبادىء الحياة الكريمه , حيث اصبح  وسيلة لهو واستمتاع بما يعرض امام المترفين من عوائل المسؤولين المتنفذين , من السلطات الحاكمة انذاك , تضفي على اجوائهم وحياتهم الخاصة  اجواء البسمة والتمتع واللهو الفارغ , وشاعت اخبار كثيرة عن هذا الدعم الغير المشروع , مما شجع على مجيىء الكثير من الفنانين وخاصة المطربين والمطربات من ايران وتركيا ولبنان وسوريا والوقوف على مسارح الصالات من الملاهي الليلية الرخيصة وكذالك شجعت الاوضاع السا ئدة انذاك على مجيىء بعض الفرق المسرحية المصرية وتقديم عروضها الساخرة الكوميدية لتفتح افاقا جديدة في مسيرة حركة الفن في العراق .
وبعد هذه الفترة المظلمة من تاريخ العراق واجوائه السياسية  والفكرية والفنية ,  بدأت مرحلة جديدة ساعدت على تغيير مجرى الحياة لشعب العراق, -- مرحلة الاحتلال البريطاني للعراق,-- فتعالت الاصوات الحرة والارادة الشعبية لم تستكين الا باعلان قادة مايس من عام 1941 حينما ساهمت الاذاعة العراقية بالتعبئة الجماهيرية و المنظمات الجماهيرية الحرة والثورية بمظاهرات استنكارية , تظافرت فيها حركة الفنانين العراقيين وكذالك الشعراء والادباء والموسيقيين العراقيين عندما تمخضت اعمالهم عن اناشيد ثورية تعبوية وطنية , فكانت انشودة موطني , ونحن الشباب , ونشيد الفتوة , وفي هذه الفترة بالذات صدحت حنجرة المنولوجست الفنان عزيز علي فتمخضت عن منولوجات غنائية انتقادية ساخرة وتعبوية بنفس الوقت , منها البستان , والشمس طلعت علحرامية , و دنعل ابو الفن ,وابو ناجي , وكثيرة هي  مما ساعدت على السخرية من الاوضاع السياسية المرحلية التي مرت على العراق انذاك , وكذالك ساهم الشعراء والادباء بقصائدهم , منهم الرصافي , وملا عبود الكرخي  , ( ويكيبديا ---الموسوعه الحره ) .
اعزائي القراء والمعنيين بالادب المسرحي , هنا احب ان اسلط الضوء على الفترة مابين سنة 1907 – 1908 مستعرضا الحركة الفنية عامة والمسرحية خاصة , كانت هناك عروضا مسرحية لا ترتقي الى المستوى المطلوب , او بالاحرى ماهي عروض بالمعنى الصحيح بقدر ماهي فرجة للهو يحضره من اصحابي الترف من الشخصيات التي لا هم لها الا قضاء ساعات من الضحك والطرب في مقاهي اعدت لهذا الغرض , حيث يبدأ منهاجها بالشعر الشعبي الكوميدي الساخر و والمربعات البغدادية الشعبية والمعروفة اذاك , وبعدها يبدأ بفاصل كوميدي يقدمه شخص له من اللباقة الكلامية وموهبة بتقليد الشخصيات وتقليد اصوات الحيوانات , ومن ثم تعليقات تثير نوع من السخرية والضحك والهرج والمرج , منها مهذب ومنها غير مهذب وكذالك تقديم شخصيات كاريكاتيرية يقوم شخص بتمثيلها يثير من خلالها الضحك والاستهزاء , حيث كانت تغص المقاهي الشعبية بهذه العروض , وتتنافس ايضا فيما بينها على تقديم الافضل من الفنون الموسيقية , من قراء المقام العراقي والجالغي البغدادي , ومن اشهر هذه المقاهي هي , قهوة عزاوي , وقهوة السبع , وقهوة السواس , ( فنون اللهو والتسليه – لطيف حسن ) .
الاخباري والارتجال 
من هو الاخباري وماذا نعني بهذه التسمية الغير المالوفة لدينا ؟

الاخباري هو ذالك الشخص الذي يملك اللباقة الكلامية , ولديه حضورا واقتدار على شد انتباه المتفرجين من رواد المقاهي , وبامكانه تكييف جسمه وحركات يديه واصابع كفيه بما يجلب الضحك والسخرية والارتجال من الكلام الذي يثير الضحك ومن غير اتفاق على نص تمثيلي يعد مسبقا لهذا العرض , اي يعتمد على الابتكار الذاتي , ومن اشهر اولئك الفنانين واللذين اشتهروا بتقديم مثل هذه الفواصل الكوميدية رائدها ( جعفر لقلق زاده )والذي يقول عنه الاستاذ لطيف حسن في مقال له ( ان له الفضل الاول للمساهمة الاساسية في نقل عروض هذا الفن الشعبي من الشارع والساحات العامه , الى حلبات المراقص في المقاهي البغدادية القديمة , وتم تطوير هذا الفن ليقدم من على  مسارح الملاهي الليلية ) ,  , والقسم الاخر لديه الاستعداد على حلق شعر جسمه ولبس الباروكات النسائية وتقليد اصواتها  اذا اضطرت ظروف الفرجة الاستعراضية  بتقديم شخصية امرأة , وهو يرقص ويتميع بمفاتن خصره , ولهذه الاسباب سمي ( بالشعار ) اما القسم الاخر والذي يرقص ومرتديا دشداشة طويلة وحزاما يشد خصره وواضعا فوق راسه كبوسا كبيرا ويقرأ المنولوجات الغنائية الساخرة  من اجل اضحاك المتفرجين وهو ينقر باصابعه على الايقاع الذي يحمله على جنبه ( خصره ) ويسمى ب ( الدنبكجي ) او( القرقوز) وقد اشتهر بتمثيل  مثل هذه الشخصيات في الافلام المصرية  الفنان  المصري المرحوم محمود شكوكو , وقد كانت هذه النماذج في الاعراف والتقاليد الاجتماعية  انذاك مثيرة للاشمئزاز , ومن المعيب على اي مواطن ينتمي الى طبقة اجتماعية من المتعالين على المجتمع ( البيروقراطين والبرجوازيين ) ان يمتهنوا مثل هذه المهنة , لذا كانت تعتبر من المهن المشينة والغير المحترمة انذاك  .
ان الملهاة المرتجله والفواصل المضحكه والمشاهد الهزلية وخيال الظل ومسرح الدمى , جميع هذه الانواع من  العروض الشعبية كانت غايتها , اضفاء اجواء المرح والمتعة لاغير , ومازلت اتذكر اخي وزميلي الفنان المرحوم المخرج السينمائي برهان الدين جاسم وهويحدثني عن الفنان الكوميدي العراقي المرحوم صفاء محمد علي وعن سيرته الفنية وعن علاقته بهذه المدرسة من الفرجة المسرحية , وقد تبين لي فيما بعد بأن هؤلاء الفنانين , ماكانوا يقدمون الا صفاتهم الحياتية الواقعية وتعليقاتهم الاذعة والساخرة والتي تعكس معاناتهم من قساوة الحياة الاقتصادية عليهم , وظلمها وتأثرهم بما يحيط من حولهم من العادات والتقاليد والتي كانت السبب في انتكاس حياتهم الاجتماعية من فقر وعوز وحرمان , وهذا مالاحظته على اخي وزميلي الفنان المرحوم المخرج السينمائي برهان الدين جاسم والذي اظطر الى بيع داره ليصرفه على انتاج فلمه الروائي الغنائي درب الحب من بطولة الفنان فاروق هلال والفنانه مديحة وجدي والفنان المرحوم خليل الرفاعي , ان هؤلاء الفنانين والمتنوعي  المواهب , من امثال المخرج السينمائي برهان الدين جاسم ( ابوسمير ) كان شاعرا يكتب نصوص اغاني افلامه بنفسه , ويؤلف قصص افلامه بحوارات ودايلوجات كوميدية يشوبها شيئا من السخرية والكوميد , وحياته الخاصة والعامة لا يمكننا فصلهما الواحدة عن الاخرى , لانهما مزدوجتان في ردود افعالهما ونظرتهما الى الحياة , وهذا ماكان يطرحه من خلال افلامه المعروضة مثل فلم انا العراق , واسعد الايام , ودرب الحب , والخ ----- انني ذكرت الفنان المخرج كمثال عاصرته اشبه بأؤلائك القسم من الفنانين الرواد والذين قدموا الغالي والرخيص من اجل مواصلة اعمالهم , وقد تكون لا ترتقي الى مستوى الطموح , الا انها كانت اللبناة الاساسية على طريق ترسيخ الخطوات الاولى , وتطويرها على ضوء المراحل الاحقة من مسيرة الحركة الفنية في العراق  .
لقد كان المسرح العراقي في هذه المرحلة من تاريخ العراق يطرح فرجة كوميدية مستمدة افكارها من الحياة الشعبية مجسدا العادات والتقاليد البالية من خلال حكايات كوميدية هزلية وعن طريق شخصيات شعبية من الواقع العراقي تطرح ماعندها من تشخيص السلبيات في المجتمع, فقد ذكر لنا الفنان الراحل الرائد الاستاذ حامد الاطرقجي في حديث له , باتهم كانوا يمثلون في ساحات الدور الكبيرة , مستعينين بشراشف منازل ذويهم واكسسواراتهم ومستلزمات ديكوراتهم , واحتياجاتهم من الكراسي والاثاث البسيط , وأضاف بانه والاستاذ الفنان الرائد حميد المحل كانوا يؤديان ادوارا نسائية , ويجاريه في ذالك الفنان الرائد فخري الزبيدي والفنان الرائد الحاج ناجي الراوي , والذي فيما بعد تشكلت منهم فرقة الزبانية اضافة الى الفنانين المطربين المرحوم ناظم الغزالي والفنان المرحوم المطرب رضا علي , وقد ذكر لي اكثر من مرة بانهم كانوا يقدمون اعمالهم الهزلية الكوميدية ومن دون نص يذكر بقدر مايتعلق الامر بفكرة يتفقون عليها ومن ثم توزع الادوار فيما بينهم ومن ثم يقومون بالابتكار والارتجال  لمشاهد كوميدية , لا يعرفون وقتا لنهايتها الا اذا عجزوا عن تكملة مشوارهم التمثيلي , وهذه الفرجة من المشاهد الكوميدية الهزلية ايضا كانت تعرض من على سطوح منازلهم اذا اقتضت الحاجة الى ذالك , وامام حشد من المتفرجين واللذين لهم علاقة قربى وصلات صداقة مع الممثلين , ومن دون ثمن يذكر باستثناء ماكان يتبرع به بعض المشجعين لسد نفقات مصاريفهم , او كانوا يقدمون اعمالهم في جمعيات خيرية تعتمد بتقديم هذه العروض على التبرعات الخيرية والتي كانوا يجمعونها من خلال ماتجود به ايادي بعض الخيرين من العوائل العراقية , او تقدم هذه الاعمال الارتجالية في مناسبات وطنية او مناسبات تخرج الطلبة من صفوف المرحلة المنتهية انذاك  .
وقد ذكرت بعض الدراسات والبحوث التوثيقية بأن المسرحيات الشعبية والتي كانت تقدم في تلك المرحلة من تاريخ العراق , ايضا لا ترتقي  الى مستوى الطموح , وبعيدة عن مواصفات العروض المتكاملة  تاليفا واخراجا طيلة نصف القرن الماضي وحتى فترة تبادل الزيارات مابين الفرق المسرحية المصرية (  فرقة يوسف وهبي , فرقة فاطمه رشدي , فرقة جورج ابيض ) وانتقال الفنانين المسرحيين العراقيين من العراق وسفرهم الى مصر والاحتكاك بالفنانين الرواد من المصريين , والعمل ضمن فرقهم المسرحية واكتساب خبرة وتجربة من خلال الاشتراك بعروضهم المسرحية ولا سيما الاستاذ الكبير الفنان الرائد وعميد المسرح العراقي الاستاذ حقي الشبلي والذي سافر الى مصر وعمل مع فرقة فاطمه رشدي مايقارب السنة كاملة , اكتسب من خلالها خبرة وتجربة اغنته بثقافة مسرحية , وبعدها سافر الى فرنسا ودرس فيها اربعة سنوات واكتسب من خلال دراسته ثقافة مسرحية زادته خبرة وتجربة  , وبعد عودته  الى بغداد تغيرت مسار الحركة المسرحية العراقية  وتطورت , وبدعم من الحكومة العراقية وضمن تلك المرحلة من تاريخ العراق استطاع الاستاذ حقي الشبلي ان يفتتح قسما للفنون المسرحية في معهد  الفنون الجميلة , بعد ان كان مقتصرا على الفنون الموسيقية , وضم فيه من خيرة طلابه في الدفعة الاولى من الفنانين الرواد , واستطيع القول بأن الدراما المسرحية الشعبية العراقية انذاك قد تطورت واخذت مكانتها الحقيقية بعد مجيىء الاستاذ الكبير حقي الشبلي , وبعد تخرج الدفعة الاولى من اساتذتنا الرواد من امثال المرحوم الرائد جعفر السعدي وابراهيم جلال رحمه الله برحمته وسامي عبد الحميد امد الله في عمره , واخرون من اساتذتنا الكرام وزادها تالقا ونجاحا ظهور وجبة من الكتاب الموهوبين والمثقفين واللذين تتلمذوا على ايادي اساتذتنا من رواد الحركة المسرحية في العراق , يتقدمهم في ذالك الاستاذ الرائد والمتالق يوسف العاني , والاستاذطه سالم , والاستاذ الكبير عادل كاظم , واللذين اغنوا الساحة المسرحية العراقية بنصوص استمدوا افكارها ومضامينها من واقع المجتمع العراقي ومن تاريخ الحضارة العراقية ولا سيما بعد مجيىء الاستاذ المرحوم قاسم محمد , والذي اغنى المسرح العراقي بنكهة جميلة بتعريقه لبعض النصوص العالمية , ومسرحة بعض الروايات لكتاب عراقيين من امثال الروائي الكبير غائب طعمه فرمان في مسرحية النخلة والجيران والتي قلبت الموازين للعروض المسرحية الشعبية , واثبتت حضورا اكاديميا للمسرحيات الشعبية في السبعينيات  .
وهكذا ودعت الدراما الارتجالية فترتها في العراق , واسدال الستار عن تاريخها , وبدء صفحة ناصعة من العروض المسرحية الشعبية , من خلال نصوص متكاملة من الافكار التقدمية , ومن توفر عناصر فن كتابة الدراما من الحبكة والبناء الدرامي , ورسم معالم شخوصها والتي تتحرك وفق صراع محبوك يتجه الى العقدة والذروة والحل , جسد عروضها الناجحة اساتذتنا من رواد المسرح العراقي , واعادوا الحياة والديمومة المسرحية بتجارب خارقة مبدعة تكللتها نجاحات عروضها من على مسارح بغداد والوطن العربي . 



   
   

25
نافذة على مسيرة المسرح العراقي

لوعدنا الى الماضي من تاريخ مسرحنا العراقي , وتصفحنا البحوث والدراسات وتقييم النقاد لما كان عليه مسرحنا وبالذات فترة الستينات وما بعدها , لشاهدنا ان هناك حضورا لمسرح متطور , ولا سيما بعد انهاء اساتذتنا الرواد دراستهم وعودتهم الى الوطن , من امثال المرحوم الاستاذ ابراهيم جلال والمرحوم جعفر السعدي والاستاذ المرحوم بهنام ميخائيل والاستاذ جعفر علي وجاسم العبودي, وتوقفنا عند بداية عودتهم واستعرضنا ماقدموه من اعمال تميزت باساليب حديثه وابداع في الاخراج ابهرت النقاد بعروضهم المسرحية .
فمن منا لا يتذكر مسرحية عقدة حمار من تاليف الكاتب الكبير الاستاذ عادل كاظم واخراج الاستاذ ابراهيم جلال ؟ ومسرحية فوانيس من تاليف الاستاذ طه سالم واخراج ابراهيم جلال و مسرحية الطوفان من تاليف عادل كاظم واخراج ابراهيم جلال ومسرحية القرد كثيف الشعر من تاليف يوجين اونيل واخراج الاستاذ سامي عبد الحميد ومسرحية يوليوس قيصر لشكسبير واخراج الاستاذ المرحوم جعفر السعدي وهاملت من اخراج المخرج المبدع والمتالق في عالم الاخراج الاستاذ حميد محمد جواد والذي ترك اسلوبا حديثا في الاخراج المسرحي قل نظيره , ومسرحية عدو البشر من اخراج الفنان الكبير الاستاذ بدري حسون فريد  .
ومن منا لا يتذكر ماقدمه المخرجون العظام من الاسماء الانفة الذكر واخرين من كواكب الاخراج المسرحي امثال الاستاذ سامي عبد الحميد في مسرحية انتكونا والحيوانات الزجاجية , والمرحوم الاستاذ قاسم محمد  .
ان ماقدمه اولائك العمالقة من اعمال مسرحية , ابهرتنا واثرت في نفوسنا وزادتنا خبرة وتجربة  واطلاعا ,عما جلبوه معهم من الثقافة الاكاديمية في الفنون المسرحية , اضافة الى ماقدموه من اعمال مسرحية تميزوا من خلالها عن اقرانهم من المخرجين العرب , جسدت قدراتهم الابداعية الاخراجية في المحافل المسرحية والمهرجانات المسرحية العربية , من خلال ماحصدوه من الجوائز المعنوية والتقديرية  .
هذه المسيرة التي تالقت وزادت القا , من خلال تجارب وعروض مسرحية اضفت على واقعنا المسرحي واقعا اكاديميا , وخلق جيل مثقفا ومتاثرا باساليبهم الاخراجية الابداعية والحديثة برؤية معاصرة اضفت على حركتنا المسرحية العراقية تاريخا لامعا متطورا ومتقدما عن تجارب المخرجين الاخرين من زملائهم في الوطن العربي .
ونحن ابناء جيل الاربعينيات كنا محظوظين بتلمذتنا على ايديهم واكتسابنا من الخبرة والثقافة الاكاديمية , مما تمخظ عن تخريج دفعات من الاكاديميين البارزين في حقل التمثيل والاخراج المسرحي من امثال المرحوم  الدكتور عوني كرومي , والدكتور عبد المرسل الزيدي , والدكتور صلاح القصب , والدكتور فاضل خليل .
هذا الرعيل الثاني من حملة الشهادات العليا رسخوا مفاهيم مااكتسبوه من اساتذتنا الرواد من حقول تجاربهم  واعمالهم  واطروحاتهم , زادتهم القا ونجاحا .
كانت للعروض المسرحية انذاك اهداف سامية وانسانية ووطنية , وقد تعرض الكثير من استذتنا الى الاظطهادات والظغوط النفسية من قبل حكام انظمة تلك الفترة , مما خلقت في نفوس اساتذتنا عاملان لواقع حالهما , الجرأة والخوف , فكانوا يعيشون ازدواجية مابين الاقتحام والحذر , خوفا من ملاحقة الانظمة انذاك لهم ومحاربتهم بشتى الوسائل الوحشية  ووضعهم تحت رقابة صارمة تحد من انشطتهم وتحركاتهم , فعلى سبيل المثال , حينما عرضت مسرحية عدو الشعب لهنرك ابسن في معهد الفنون الجميلة وكانت من اخراج الفنان الاستاذ الكبير بدري حسون فريد , فمن اجل التلطيف والمداعبة قال الفنان المرحوم طعمه التميمي بلهجة لا تخلو من المزاح ( استاذ شنو رأيك انجيب ويانا البطانيات ومن بعد العرض حتى كبل للتوقيف ؟ ) .
وكذالك مسرحية يوليوس قيصر , حينما عرضت , فبالرغم من كونها مسرحية كلاسيكية شكسبيرية تحكي عن صراعات اشراف روما فيما بينهم ونامرهم على عرش قيصرها سيزار الا ان الاستاذ المرحوم جعفر السعدي قرب احداثها من احداث العراق المعاصرة انذاك والمتشابهة بالظروف التامرية على كرسي الحكم والانقلابات العسكرية المتلاحقة , بحيث اضفت على العرض المسرحي متعة الفرجة والمتابعة الشيقة لاحداث العمل المسرحي , حيث نجح هذا العرض المسرحي ولامست فكرته وجدان واحاسيس الجمهور العراقي انذاك .
كان لاساتذتنا الرواد ملكة في اختيار النصوص الجيدة , وملائمتها للظروف الاجتماعية والسياسية والظرفية على السواء ,وكان من اهداف اختياراتهم , انها ملائمة لواقع الشعب العراقي ولمعاناته , والغرض من ذالك توصيل الافكار التقدمية والعواطف الوجدانية برؤية معاصرة تطرحها الاحداث المسرحية , بصراع متنامي فيها شيئا من الحبكة تساعد على خلق عنصر التشويق والشد مع تتابع احداث العرض المسرحي وعلى سبيل الذكر والمثال على ذالك , مسرحية الحصار من تاليف الاستاذ الكبير عادل كاظم واخراج الفنان الكبير الاستاذ بدري حسون فريد والتي تالق في بطولتها الاستاذ الفنان المبدع المرحوم ابراهيم جلال , ومسرحية البيك والسائق لبريشت , ومسرحية البقرة الحلوب من تاليف الكاتب المبدع طه سالم , وكثيرة هي النصوص والاعمال التي شهد لها النقاد وابهرت المعنيين بالفنون المسرحية , وكان لها حضورا جماهيريا واسع النطاق.  وجاءت الفترة المظلمة والمأساوية للمسرح العراقي بعدما كان اشعاعا ومنبرا يتطلع اليه مثقفي المسرح العربي والعالمي هذه الفترة التي اطلق عليها بعض المتطفلين على الفن المسرحي , بالمسرح الجماهيري الكوميدي , والبعض الاخر اطلق عليه بالمسرح التجاري , , ان هذه الفترة القاسية لم تكن من سمات المسرح العراقي , بقدر ماكانت فترة مظلمة وقاسية بحق المسرح والمسرحيين وهدم كل معالم التطور والابداع في الاعمال التي قدمها روادنا من اساتذتنا الاجلاء , , هذه الفترة والتي سميت فيما بعد بالمسرح التجاري , اي العروض التجارية , وفي الحقيقة ان هذه العروض والتي سميت بالمسرحيات التجارية , هي تسمية خاطئة لعدم  معرفتهم  عن حقيقة المسارح التجارية سوى ان  جل اهتمامهم كان تسطير الطوابير من الجمهور المشاهد على نوافذ التذاكر الذي جاء ليقظي سويعات من الضحك على الهرج والتهريج . بقي ان تعرف عزيزي القارىء ان حقيقة المسرح التجاري ومفهومه الصحيح هو مسرح ليس بمؤسساتي ولا يمت باية صلة الى الدولة ولا الى اية مؤسسة اعلامية او ثقافية حكومية , انما هو مسرحا اكاديميا بعروضه ويعتمد انتاجيا على التمويل الذاتي  , وما يطرح من على خشبته , هي بالحقيقة عروضا مسرحية ملتزمة باهداف وعناصر ومقومات ومواصفات النصوص المتكاملة المضمون والشكل , وكانت تقدم باساليب اخراجية تكنيكية فيها الكثير من الابداع والجمال والتالق ينافس العروض المؤسساتية , بل وفي معظم الاحيان يتفوق بعروضه على مثيلاته من العروض المسرحية المؤسساتية من الفرق القومية والجماهيرية والخاضعة للدولة , وهذه العروض في المسرح التجاري تكون خاضعة لرقابة جماهيرية , ومتابعة النقاد  المسرحيين لها لتشخيص العروض السيئة وتشجيع المثقفين منهم  بالدعم المعنوي والاعجاب والتأكيد على جودة هذه العروض المسرحية . ان ماكان يطرح من خلال المسرحية التجارية نموذجا للدراما الحقيقية , كوميدية , ساخرة تحمل مضامين انسانية وافكارا تقدمية , وطبيعة شخوصها من الواقع الجماهيري , مجسدة  احاسيسه باسلوب كوميدي وساخر , هو هذا المفهوم الصحيح للمسرح التجاري, مسرح اكاديمي يختلف بتجربته عن تجربة الفترة المظلمة من تاريخ المسرح العراقي ولا سيما في فترة الحرب العراقية الايرانية , حينما كانت تعرض مسرحيات رديئة بافكارها , وبذيئة بحواراتها , مستعرضة من خلال عروضها الرقصات البعيدة عن المهارة الفنية , والاغاني ذات الكلمات التي لا ترتقي بنظمها الى رقي الشعر الحديث والحانها مادون المستوى والتي لا تمثل الاصالة للفن الموسيقي الاصيل . كتب محسن ابراهيم في الشبكة عن المسرح التجاري الرديء (((لم تكن قاعة المسرح توحي لك انك ستتمتع بطقوس المشاهدة المسرحية , موقعها وسط سوق بيع الاقراص الرخيصة والمبتذله, وفضائها الضيق وخشبتها التي لا تتسع لبضعة ممثلين ما يؤدي الى فوضى التواجد على خشبة المسرح , وغالبا ما يبدأ العرض المسرحي بصراخ خلف الستاره ويدخل الممثل راكضا , مشهدا ما غالبا يتكرر في اغلب هذه المسرحيات فضلا عن وجود الراقصة والتي لا تمت للعرض المسرحي وبنية النص . وهذا ماكان واضحا في عدة مسرحيات , حينما يتعاقد المنتج مع احدى المطربات لتحضر في منتصف العرض المسرحي ومن ثم تغادر من دون ان تترك اي اثر في بنية النص وكأنها اقحمت من اجل زيادة التدافع على شباك التذاكر . كل الاشياء لا تمت للمسرح بصلة , بدأ من الديكور وتوزيع الانارة والصوت ))))  ان مثل هذه العروض الرديئة لم تضيف شيئا الى العروض السابقة من فترة العصر الذهبي لنهضة المسرح العراقي , بقدر مااسائت الى مسيرة ونشأة هذا المسرح العظيم  والذي كان يوما منارا وفنارا للمتعطشين للعروض المسرحية الجيدة , وهكذا اصاب الاحباط ضمن هذه الفترة من مسيرة المسرح العراقي و قتلت امال وطموحات الكثير من الشباب المثقفين اللذين قاطعوا هذه العروض  المسرحية للفترة  المظلمة من مسيرة المسرح العراقي , وضحيتها كان الجمهور المشاهد والمتراصف بطوابير طويلة على شباك التذاكر , بغية مشاهدة ماكان يحلم به من عروض ترتقي الى مستوى الابداع والجمال , ومضامينها مضامين جوهرية ترتقى الى وجدان الانسان المثقف  , الا ان من بعد انتهاء العرض المسرحي , يخرج لاعنا تلك الساعة التي ساقته قدماه الى شباك التذاكر , ونادما لا على ثمن التذكرة بقدر ماكان نادما على صرف وقته في عرض فاشل لم يرتقي الى مستوى ماكان يحلم به . فالمسرح عزيزي القارىء وكما يقول منير كسرواني (( هو مساحة التغيير للمجتمع لا للترفيه , على المسرح ان يحقق التواصل باعلى درجاته بين الممثل والجمهور , فان استعمل المخرج او الكاتب الاسلوب الساخر او الكوميديا لتكون في خدمة اهداف المسرحية , المسرح حياة , وان سقطت مرة واحده فتسقط الى الابد , لانها مسالة حياة او موت )) .
في هذه المرحلة بالذات اي مرحلة مابعد الحرب العراقية الايرانية برزت كوكبة من المؤلفين والمخرجين اخذت على عاتقها زمام المبادرة بالنهوض بالمسرح العراقي وفض عنه تراب المرحلة المأساوية , واعادته الى  حيث ماكان عليه من الرقي والسمو, الا انها لاقت معوقات فوضوية , من خلال الاوضاع الغير اعتيادية وانشغال الراي العام بالاوضاع الاقتصادية والسياسية الجديدة وكانها تنبىء عن احداث غير مطمئنة , انما كان ماكان ودخل العراق في حرب الخليج ( عاصفة الصحراء ) وهنا كانت الطامة الكبرى ( مارضينا بجزه هنوب جزه وخروف ) حيث اثرت هذه الظروف الغير الاعتاديه على كل مفاصل الحياة , الاجتماعية والثقافية والاقتصادية , والتحاق معظم الفنانين للخدمة العسكرية , وانحلت الفرق الجماهيرية ( المسرح العمالي والمسرح الطلابي والشبابي والفلاحي ) وتجمدت اعمال الفرقة القومية .
مابعد هذه المرحلة من تاريخ العراق وتغيير نظامه بنظام جديد , اصبح لزاما على الفنان المسرحي ان يعيد اوراقه وان يستفيد من الماضي المشرق لتجربته المسرحية , وان يستلهم من التاريخ والحضارة حاضرا ومستقبلا مسيرة تهدف الى اعادة التكوين الصحيح , لا فيما يتعلق بسلوكية الفنانين, وغسل افكارهم وترسيخ اهدافهم , وانما يتخطى كل هذا الى ايجاد تكوينا جديدا يقدم رؤية فنية معاصرة للمجتمع الذي عانى ماعانى من ظروف الحرب , وابعاده عن المشاهد المأساوية والمسامع التعبوية من وسائل الاعلام المختلفة لتلك الفترة الغير المستقرة .
لذا كان لزاما على الفنان المسرحي واجبا في البحث عن اساليب جديدة وعروضا مسرحية تلتزم بقضايا الانسان العراقي , وطرح القضايا المصيرية ومعالجة ما تركته اثار ومخلفات الحرب المدمرة من حالة نفسية معقدة , هدمت كل مابناه الرواد والاجيال المتلاحقة . اصبح لزاما في البحث عن صرح مسرحي اكاديمي يعالج الاوضاع الراهنة باساليب اكاديمية لا تخلو من عناصر ومقومات الاساليب الحديثه لمسرح يخدم المفاهيم الانسانية والافكار المتحررة , مسرحا خارجا عن المالوف وعن التقلبيد الكلاسيكي , لا يخضع الا للمستجدات للنظريات الحديثة والمبنية على الرؤيا المعاصرة للمسرحيين العراقيين في التاليف والاخراج .
وهكذا بدات المرحلة الجديدة مابعد الحرب العراقية الخليجية واثار الدمار الشامل للبنية التحتية حيث شملت الحياة الاقتصادية والثقافية والحياتية للانسان العراقي , حيث تدهورت حالة الامن والاستقرار , واصبحت هموم المواطن العراقي البحث عن قوت يومه , واصبحت الحياة اليومية للفرد العراقي لا تطاق من جراء تهديم معالم الحضارة وصرح الثقافة والفنون , حيث امتدت الى مفاصل الحياة الاقتصادية , حيث اصبح المواطن العراقي لا يبحث الا على مايسد رمقه وجوعه , وهذا مالحق بالفنانين العراقيين عامة , والمسرحيين خاصة , مما اضطرتهم الظروف القاسية  والتي لا يطاق تحملها مقارنة مع ماكانت عليه الظروف الشبه المستقره مافبل الحرب , مما اظطر معظم الفنانون ان يبحثوا لهم عن ملاذ امن للعيش بامان واستقرار تاركين كل مابنوه لاهواء الغرباء واللذين جاؤو لتهديم معالم الحضارة والاعمار , وتخريب البنية التحتية للشعب العراقي , وشاع الفساد والخراب , واتسعت رقعة الظلم والظلام , وتخلخلت الاوضاع الداخلية , مما جعل جل اهتمام المعنيين والمسؤولين في النظام الجديد عن استتاب الامن والاستقرار الداخلي , -----ولكن من دون جدوى-----
وهكذا انسدل الستار عن المسرح العراقي وتوقفت حركته ومسيرته بعد ان هجره معظم الاساتذة من المخرجين والكتاب المسرحيين والمعنيين بالفن المسرحي  الى بلدان عربية واجنبية اكسبتهم هوية جديدة بدلا من الهوية العراقية , انما بحقيقة اصالته بقي متعلقا بجذره الذي لا ينتمي الا الى الارض التي نبت منها , وهو يعاني مرارة الهجره , والحنين الى ارض الاباء والاجداد . 




26
عدسة بانوراما واحتفالية رابطة السناطيين
في سدني
برعاية سيادة المطران السامي الاحترام مارجبرائيل كساب رئيس الكنيسة الكلدانية والاثورية في سدني ونيوزلند , اقامت رابطة السناطيين في سدني وبتاريخ 18-8-2013 احتفالا عائليا مهيبا بمناسبة ( شيرد مطمريم ) اي احتفالية انتقال العذراء مريم الى السماء , حيث تعد العذراء مريم هي شفيعة قرية سناط  .
وقد افتتح الاحتفالية سيادة المطران مارجبرائيل كساب بكلمة قيمة اشاد من خلالها , بجهود اعضاء الهيئة الادارية في رابطة سناط , والهيئة العامة للسناطيين لانجاح هذه الاحتفالية الدينية , والعزيزة على قلوب السناطيين مستهلا كلمته بصلاة ودعاء ساخن ليعم  السلام على ارجاء الوطن العربي  , ثم تلته كلمة  رئيس رابطة سناط السيد نعيم شماس , اشاد من خلالها بالجالية العراقية السناطية ,والتي عبرت من خلال هذه الاحتفالية عن انتمائيتها الدينية والوطنية والقومية , مستذكرا من خلالها , احتفالات الاباء والاجداد , حينما كانوا يقيمون مثل هذه الاحتفالية في كنيسة مريم العذراء في قرية سناط , وقد زاد ابتهاج  السناطيين المحتفلين بهذه المناسبة الكريمة , حينما صدحت حناجرهم  بالصلاة والدعاء , من اجل ان يعم السلام على شعبنا في العراق وسوريا ولبنان ومصر , وان تعود علاقة المحبة والمودة , والمشاركة الوطنية , من اجل بناء صرح الوطن , تحت راية الوحدة الوطنية المقدسة لكل بلد عربي  .
هذا , وقد تخللت الاحتفالية الرقصات والدبكات الشعبية والفلكلورية وعلى انغام الطبل والزورنه , شارك في ادائها جميع المحتفلين من ابناء قرية سناط  , بعدها تم تقديم الاكلات الشعبية العراقية , والمشاوي , والحلويات , وفي ختام هذا الحفل , تم تقديم الشكر من قبل السيد نعيم شماس رئيس رابطة سناط , الى الحكومة الاسترالية , على ماابدته من احتضان الجالية العربية , والعراقية بالذات , وشمولهم بالمواطنة الاسترالية , من خلال تمتعهم بحرية التعبير عن افراحهم , واعيادهم الدينية والوطنية والقومية  .
وقد كان لعدسة بانوراما شرف الحضور لهذه الاحتفالية والمشاركة مع ابناء سناط , لنقل وقائع هذا الحفل البهيج من خلال عدستها -------عدسة بانوراما في خدمة جاليتنا العربية والعراقية ------وكل عام والعراقيين بخير .



27
المنبر الحر / نوافذ مسرحية
« في: 12:19 20/08/2013  »
نوافذ مسرحية
المعالم الاولى للمسرحية
لم تتضح المعالم الرئيسية لتطور الانشاد والاغنيات الدينية المسرحية في اعياد ديونيزيوس الى المسرحية بمعناها الحقيقي, الا اننا نستطيع ان نروي قصة هذه البذور الاولى نقلا عن اول تاريخ مسجل ورد فيه ذكر التمثيل , وذالك مما سجله لنا مسرح ديونيزيوس في اثينا.

مسرح ديونيزيوس
ويعتبر هذا المسرح من اهم المسارح القائمه بذاتها في التاريخ كله كما يقول بعض النقاد , حيث شهد هذا المسرح بداية تطور الفن المسرحي في اواخر القرن السادس ق . م و , وحينما كانت اعياد الاله ديونيزيوس تقام في الجانب الشمالي من مبنى الاكروبول , حيث كانت توجد ساحة دائرية للرقص وبعض المقاعد الحجرية , الا انه في اثناء حكم بيزتراتوس, بعدمنتصف القرن مباشرة , انتقل هذا المسرح البدائي الى الموقع الذي نرى فيه حاليا اطلال مسرح ديونيزيوس المحطم والذي مضى عليه الان مايقارب الخمسة وعشرين قرنا .وقد وضع اليونان القدامى بجوار معبد ديونيزيوس, المقاعد الخشبية فوق انحدار التل .ويرجع الى هذه الفترة تاريخ اول مسرحية ممثلة سجلت اصولها , كما يرجع اليها ايضا اسم اقدم رجل في تاريخ المسرح على الاطلاق , وهو الشاعر الممثل اليوناني ( تسبس ) .
وتقول سجلات مسرح ديونيزيوس , ان تسبس الايكاري, فاز في اول مباراة للمأسات , الا انه دخل تاريخ المسرح من اوسع ابوابه , لسبب اهم من هذا  بكثير , وهو انه ادخل الممثل بكل ماتعنيه هذه الكلمة,  بالاضافة الى قائد الكورس او رئيس المنشدين الذي يقود الكورس والذي يتبادل الحوار مع الممثل .
وكان هذا الممثل يقوم يتمثيل شخصيات مختلفة يلبس لكل منها قناعا مختلفا وملابس تختلف وحسب ماتتطلبه الشخصية . وكانت هذه البداية الاولى لخلق النص المسرحي , الاانه كان بدائيا فجا الى درجة كبيرة لا يزيد على كونه سلسلة من القصائد يتناوب على انشادها رئيس الكورس والممثل . ولم تصلنا اية مسرحية من مسرحيات تسبس الا ان اهميته البالغة , تنبع من انه نقل التمثيل من مرحلة الارتجال والغناء المرتجل الى مرحلة جديدة اعطى فيها البذور المسرحية نمطا او شكلا معينا .
ويقول بعض النقاد الدارسين , ان تسبس , كان يعرض اشعاره على عربة في الطرقات , ولذلك فقد اصبح رمزا للممثلين الجوالين , حيث كانت هناك فرق جوالة في القرى والارياف تعرض مالديها من العروض المسرحية للقصائد الشعرية , الا انه ثبت بطلان هذا الراي بالادلة القاطعة العلمية, لكون كان تسبس الممثل الذي يقف احيانا على منضدة , ليكون في مستوى الكورس والمنشدين , الذين يتجمعون فوق المذبح في احد المعابد , مما كان يجعلهم في مستوى اعلى من الممثل . وقد درج الدارسون على افتراض ان تلك المنضدة , هي تلك التي كانوا يذبحون فوقها عنزا قربانا للالهة ديونيزيوس , وكانت اول خطوة نحوى انشاء خشبة المسرح المعروفة .
وبقي الكورس في زمن تسبس هو العنصر الرئيسي للعرض . اما الاجزاء الممثلة من الرواية , فكانت تعد فواصل او استراحات بين الاناشيد الراقصة , اما الاحداث المتسلسلة المترابطة فلم تتخذ شكلها المعروف , بوصفها عقدة او حبكة مسرحية الا تدريجيا وبعد تسبس بفترة ليست بالفصيرة .
وتؤكد المصادر وبعض الاساتذة من الدارسين ان تسبس كان في البداية يطلي وجهه ( بالماكياج ) من الاصباغ والمساحيق تخفي معالم وجهه تماما , كي يستطيع ان يتقمص الشخصية التي يقوم بتمثيلها , ثم اخترع بعد ذالك القناع مما اغناه عن الماكياج  ووفر له فرصة لتقمص شخصيات متعددة , وهناك راي يقول , ان القناع كان شيئا موروثا عن رقص الطقوس الدينية البدائية , غير ان الاقنعة اخذت اهميتها البالغة في انتحال الممثل للشخصية منذ زمن تسبس وخلال تاريخ المسرح اليوناني كله .

الاحتفال المسرحي المهيب :
كانت المناسبتان السنويتان اللتان تقام فيهما الحفلات المسرحية هما :العيدان الدينيان اللذان يقيمهما اليونان لتمجيد الاله ديونيزيوس , احدهما عيد ديونيزيوس لينايوس ويقام في الشتاء , وهذا مخصص لعرض الحفلات المسرحية ,وان كانت معظمها من المأسي . وعيد الديونيزيا , الذي كان يقام في الاربيع في البقعة المقدسة التي تشتمل على المعبد والمسرح , وهذا العيد الاخير هو المشهد الحقيقي الذي نشأت فيه المسرحية اليونانية .
ومنذ سنة 535 ق.م حينما تسلم تيسبس اولى جوائزه المسرحية , وحتى فترة انهيار المسرح اليوناني بعد شعرائه الثلاثة العظام , اسخيلوس , وسوفوكليس , ويربيدس , كان تمثيل التراجيديات هو مظهر العظمة لمدينة ديونيزيوس , كما كان جزءا هاما من الاحتفالات الدينية في بهذا الاله .
وكانت الاعياد الديونيزية في هذا القرن الخامس ق.م , تشتمل على مهرجانات وطقوس دينية وحفلات موسيقية ,وتختم بمباراة ثقافية تستمر ثلاثة ايام , يتبارى فيها  شعراء المأساة , وكان يخصص لكل شاعر برنامج يستمر يوما كاملا , من الصباح وحتى المساء , يلتزم فيه بتقديم ثلاث تراجيديات كاملة ومسرحية سايترية صغيرة كقطعة ختامية . وكانت الجائزة التي تقدم للشاعر الفائز هي عنزة , رمز للاله ديونيزيوس علاوة على تسجيل اسمه ووضعه في لوحة الشرف , وتسجيل اسم عائلته وبلدته وكل مايمت اليه بصلة .
وفي البداية اي بداية الامر , كان كل شاعر من شعراء المأساة ,يؤلفمسرحياته الثلاث من موضوع واحد مترابط , ولعله كان يعالج مسكلة بطلا او عائلة في المسرحيات . ومن هنا نشأت اثلاثيات المسرحية المعروفة مثل ثلاثيات اسخيلوس , ولن تكن تمثل هذه المسرحيات سوى في حفلة واحدة فقط في مدينة اثينا , الا اذا صدر قرار خاص باعادة تمثيلها بعد وفاة الشاعر مثلما حدث في بعض ماسي اسخيلوس . لذا فان تاريخ المسرح اليوناني الحقيقي , وربما تاريخ المسرح العالمي باسره بدأ بدايته الحقيقية مع هذا الشاعر المسرحي العظيم , ( اسخيلوس )

صفاة الممثل :
اولا--- الموهبه
ثانيا---الذكاء
ثالثا --- المثابرة
رابعا--- العناية بشخصيته
خامسا --- مرونته
سادسا --- ثقافته
سابعا ---معلوماته
ثامنا ----علاقاته وسيرته وسلوكيته في الحياة الاجتماعية .
خصائص الممثل المتكامل :
اضافة الى المواصفات الانفة الذكر ( العبقرية في الخلق والابداع ) , ناهيك عن الاحساس الصادق, وسرعة تاثره بالتاثرات الخارجية , وردود افعاله السريعة .
فن الممثل :  وهو فن  تطور تطورا كبيرا وبلغ حد الكمال في الازمنة المعاصرة , شانه في ذالك شأن الموسيقى وبقية الفنون , وهذا الفن يتطلب من الممثل ان يتعامل  في الواقع مع حركات واعمالا وتعبيرات ورقصات وموسيقى وحوار ------- ( وساتي على هذا الموضوع ولاهميته في حرفية التمثيل لاتناوله بالشكل التفصيلي  مما يساعد الكثيرين ممن يرومون خوض تجربة التمثيل للاستعانة به . )
فن التمثيل ماقبل الميلاد : ان اول  خطوة خطاها فن التمثيل كانت في بلاد اليونان ( وحسب ماتؤكده المصادر) حيث كان فن الكلام يرتبط ارتباطا وثائقيا بفن النحت ,فكان الفرد الذي يقوم بالتمثيل يظهر على المسرح كصورة من صور التماثيل , اي يظهر على شكل تمثال , وعندما تدب الحياة في التمثال وبواسطة الممثل يقوم بالتعبير الشعري , ويندمج في دوره ويصبح اداة تعبير بالصوت والكلام .
سمات فن التمثيل ما قبل الميلاد : الجانبالاساسي , هو جانب التعبير بالكلمات الفنية ,( لم يكن هذا الجانب متقدما عند اليونانيين , ولا سيما مطلوب من الممثل ان يجسد بتعابير الوجه وملامحه عما يتاثر به من الاحاسيس وردود الافعال الانعكاسية والتي تخرج من اعماق الممثل الداخلية ,وكذالك لم تكن لديه ثقافة تساعده على تصوير الحروف تصويرا صوتيا ولفظيا صحيحا لمخارجها , كما هو عليه الان , وانما كانت روحية المبالغة بالحركات والصوت هي السمة الاساسية في التمثيل انذاك . ) اما القدماء من اليونانيين فانهم على العكس من من ذالك , حيث كانوا يضيفون الموسيقى الى الالقاء بواسطة فرقة موسيقية ذات توقيع واضح وبواسطة كلمات وتعبيرات شعرية اذا اقتضى الامر .
كان الغناء عند اليونانيين يؤدى عن طريق الجوقة ( الكورس ) بطريقة موسيقية وبشكل مفهوم وواضح , تفسر من خلالها اقوال الفلاىسفة من اليونانيين امثال , اشيل , وسوفوكليس , واسخيلوس , وغيرهم من الشعراء اليونانيين .
فلو اتينا على سمات فن التمثيل في عصرنا الحديث , فنلاحظ ان الحركة الجسدية هي العنصر الثاني بعد الصوت , فيما اذا علمنا بان سلاح الممثل صوته وجسمه , حيث يتم التعبير عن طريق الصوت والجسم وملامح الوجه , بينما في العهد الاغريقي كانت وجوه الممثلين خالية من التعبير ولا تتغبر تعابيروجوههم ووفق ماتتطلبه ردود الافعال الانعكاسية , من الاحاسيس للشخصية , لاعتمادهم على الاقنعة ( الماسك )والتي كانت صور هذه الماسكات واشكالها التعبيرية المتنوعة تعبر عن الانفعالات النفسية للممثل . ولذلك كان التمثيل غاية في البساطة البدائية , حتى ان المتفرج يكاد لا يعرف شيئا عن تعبيرات الوجه عند الممثلين اليونانيين , فقد كان الشاعر احيانا يقوم بنفسه بالتمثيل كما كان يفعل سوفوكليس , وارسطفان , مستعينين بالماسكات التمثيلية لتوصيل ماكان يهدفون اليه من قصائدهم الشعرية انذاك .
الكورس او الجوقة :
وظيفة الكورس في التمثيل ماقبل الميلاد , هو تادية الاغاني والمصحوبة بالرقص . ويعتبر هذا هو مكملا للعروض المسرحية في المسرح الاغريقي واليوناني , والذي كان يهتم بالالقاء المسرحي المبالغ . ويعتبر الكورس ايضا مكملا للعرض المسرحي , لهذا السبب كان القدماء يعطون للالقاء والتعبير الخارجي عن العواطف والاحاسيس اسلوبا شعريا واضحا , حيث كانت هذه المظاهر الملموسة تضفي على التمثيل صفة تشكيلية ليس الا , في حين ان الناحية الروحية لم تكن ظاهرة , ولم يكن لها كيان قائم بذاته , ولكنها كانت تندمج وتختلط بالجانب الخارجي للمظهر الذي كان له هو الاخر اثره العظيم على المتلقي انذاك .
المسارح وانواعها
    تقسم المسارح الى نوعين :
الثابته والمتحركه: فالمسارح الثابته هي المسارح  التي لا تتحرك من رقعتها الجغرافية , حيث يفد لها الجمهور من كل حدب وصوب لمشاهدة عروض مسرحياتها , واشكالها كالاتي :
المسرح المستطيل , المسرح المربع , المسرح المثلث , المسرح البيضوي , المسرح الدائري , المسرح العائم , المسرح الدوار .
اما المسارح المتحركة : وهي المسارح المتحركة والمتنقلة من مكان الى اخر وليس لها رقعة جغرافية ثابتة , وهي بعكس المسارح الثابته من حيث الجمهور , لانها تقوم بالتجوال من مكان الى مكان اخر , ولا سيما في المناطق التي تزخر بالسكان لعرض عروضها المسرحية ومنها :
مسرح العربات الجوالة والمتنقلة ,2 مسرح السيركس (الجوادر والخيام )  3- مسرح الفاركوني ( الى اليمين والى اليسار) 4-مسرح المصاعد ( الى الاسفل والى الاعلى )
                                                  محتويات المسرح
اولا ----الخشبة او المنصة :
وهي المنصة التي تدور عليها احداث المسرحية , وتقدم ايضا من فوقها انواع الفنون المسرحية , وتحتوي على فتحات ارضية تتصل من الاسفل بدهاليز تؤدي ممراتها الى الخارج لظهور بعض الشخصيات الاسطورية , كالشياطين واعوانها والمحسوبة على البنية التحتية من الدنيا السفلى , والسحرة وغيرها من العفاريت وماشابه ذالك .
ثانيا ---- الكواليس :
وهي على نوعين , خشبية والجنفاص , او من الاقمشة الداكنة اللون , وتوجد على جانبي المسرح من الداخل , وظيفتها, التحديد المنظوري لابعاد الديكور وفي الوقت نفسه تساعد على اختفاء الممثلين قبل ظهورهم على المسرح .
ثالثا ----الرباطات :
وهذه موجودة على جدران جانبي المسرح , الايسر ولايمن , فائدتها ربط حبال المناظر المسرحية فيها والتي تتعلق في سقف المسرح , وعن طريقها يتم تنزيلها عبد الحاجة في العرض المسرحي .
ربعا --- المناظر المسرحية :
وهذه اما تكون ثابتة او متحركة ومرسومة ومجسمة , اما على شكل لوحات مرسومة , او على شكل منحوتات ومنشورة بالمنشار الخشبي , لغرض تجسيمها وتقريبها من الواقع , حيث تنسحب هذه بواسطة الحبال المربوطة بالرباطات , الى الاعلى والى الاسفل وحسب متطلبات مقتظيات الحاجه .
خامسا---الستائر :
وهذه الستائر تكون عادة على انواع , منها الجانبية , ومنها الخلفية , ومنها علوية في سقف المسرح , وظيفتها تحديد مساقط الاضاءة على المسرح , وحجب بعض  الاشعاعات الصادرة من البروجوكترات( مصابيح الانارة )الموجودة على المسرح وخارج المسرح .
سادسا ---البرقع :
وهو الستار الامامي العلوي لواجهة المسرح , وظيفته اخفاء الهيرسات والبروجوكترات , وجميع معالم الانارة الداخلية عن اعين الجمهور .
سابعا ---الدروع :
وتتكون من الخشب , وموقعها في واجهة المسرح وعلى جانبيه الايسر والايمن , وظيفتهما اخفاء معالم الستائر الداخلية والجانبية وتساعد ايضا على حجب رؤية الممثلين من قبل الجمهور المشاهد  في الدخول والخروج , اثناء العرض المسرحي .
ثامنا ---الاضاءة :
وهذه تكون على انواع متحركة وثابتة . فالمتحركة , هي تلك البروجوكترات والتي تلاحق الممثلين وبعض الشخصيات في ملاعب السيرك والمسرح , وتسمى ( فلو لايت ). واما الثابته , فهي فيضية , وسبوت لايت والمتوسطة والهيرسات .وهذه تكون على شكل لوحات مستطيلة الشكل او مربعة الشكل تثبت في الاعلى من سقف المسرح , وكذالك البروجوكترات المحمولة على الاستاندات , اضافة الى ملحقات المؤثرات الضوئية من سلايدات مؤثرات النار والسحب وغيرها من مقتضيات الحاجة المطلوبة .
تاسعا ---جسر القط :
وهو الجسر الذي يمتد على جانبي المسرح , حيث يعتبر الممر الوحيد لعامل الانارة لتنقله من فوقه وعلى شكل قط , اثناء تنفيذ الانارة في العروض المسرحية المختلفة , ولهذا السبب سمي بجسر القط .
عاشرا ---الكمبوشة :
وهي الحفرة الامامية لواجهة المسرح , حيث تسع لشخص واحد , يساعد الممثلين في رد الحوارات اثناء العروض المسرحية للممثلين , وتسمى هذه هذه الحالة ( التلقين ) .
الحادية عشر---- الفتحات الارضية :
وهذه الفتحات , توزع على اماكن مناسبة من على خشبة المسرح , وعادة ما تكون اكثر من حفرة ذات غطاء محكم ,عمقها بطول اي ممثل , فيها ممرات تؤدي الى بعض المنافذ والذي يخرج  ويدخل منها الممثلون اثناء تمثيلهم للشخصيات والحيوانات الاسطورية او حالات خروج السحرة والشياطين .
الاثني عشر ---- الرمب او الميدعه :
وهذه عبارة عن مشط منحني  من الاضاءة الارضية موقعه في مقدمة المسرح , وظيفته , كشف معالم الشخصية من اخمص القدمين ومن الجوانب السفلية للوجه الخاص للممثل .
واخيرا ---موقع الاوكسترا ( الفرقة الموسيقية والمنشدين ) :
وهذه تكون عادة في مقدمة المسرح وفي الصالة , وهي عبارة عن موقع يجلس فيه العازفين والمنشدين , ومحجوبين عن اعين الجمهور , وظيفة هذه الفرقة الموسيقية هي تنفيذ الموسيقى التصويرية للعرض المسرحي , اي الزف والمصاحبة الحية .
واما الستارة الامامية , فلم تعد من المتطلبات الاساسية لملحقات المسرح ولا سيما في الاعمال المعاصرة والتي  تقدم اعمالها معتمدة على الانارة المسرحية , انما تبقى من المخلفات الكلاسيكية لبعض العروض والتي تستوجب اللجوء اليها في بعض المسرحيات والتي يتطلب فيها الامر الى تغيير الديكور بين الفصول وحرصا على ان لا يشركون الجمهور بالاطلاع على مايحدث من تغيير الديكور في المسرح .
وهذه الستائر , تقسم بانواعها واشكالها واساليب استخداماتها الى عدة انواع وعدة اشكال من التصاميم , وحسب حداثة وعصرنة المسرح والوسائل المتقدمة والمتطورة فيه .
اولا – ستائر تنفتح الى الجانبين من المسرح , وعن طريق سحبها بالحبال .
ثانيا --- ستائر تنفتح الى جانبي المسرح وعن طريق سحبها بالقوة الكهربائية .
ثالثا --- ستائر تنسحب الى الاعلى والى الاسفل وعن طريق الحبال والقوة الكهربائية .
رابعا --- ستائر تنسحب الى الزوايا العليا من مقدمة المسرح وعن طريق الحبال والقوة الكهربائية .
وتتكون عادة هذه الانواع من الستائر , من الاقمشة الفضفاضة واللماعة , او من اقمشة الجورجيت والقديفة , او اي نوع من انواع الاقمشة المتيسرة .
بقي هناك امرا ضروريا ان يطلع عليه ابنائنا من طلبة وهواة الفنون المسرحية , الا وهي تقسيمات المسرح الجغرافية  وكالاتي : يسار المسرح ---يمين المسرح ---- اعلى المسرح ---- اسفل المسرح .
وسط المسرح --- اعلى وسط المسرح ---اسفل وسط المسرح ----يسار وسط المسرح ----وسط يسار المسرح .
وسط المسرح -----يمين وسط المسرح ----وسط يمين المسرح .


                                                  النص المسرحي
في الحقيقة , هناك تعاريف كثيرة وجميعها يهدف الى تعريف المسرحية وتشخيص معالم خصوصيتها وهذه نماذج من التعاريف المختلفة :
المسرحية ----لغة او لفظة منسوبة الى المسرح , اي لفظة مشتقة من المسرح .
المسرحية ----هي عرض لحادثة انسانية باسلوب الحوار .
المسرحية ---- هي قصة مترجمة الى حركة عن طريق الشخصيات , والحوار , وتتطور الى الحل .
المسرحية ----هي التعبير عن الافكار الخاصة بالحياة بواسطة حوار الممثلين .
المسرحية ----هي لفظة مستحدثة , تطلق على العمل القصصي التشخيصي الذي يقدم من على المسرح , وتعتمد على الحوار والحركة , والدلالة اللفظية لهذا المصطلح الفني والادبي  .
المسرحية --- دلالة عملية , , من ان تقديم هذا الانتاج القصصي التشخيصي , يتم على المسرح , وغاية المسرحية , حتى الذهنية منها , التمثيل لا محالة .
اما الدراما , هي فن التمثيل ,او حرفية التمثيل , او العمل الفني الذي يؤديه ويقوم بتقديمه الممثل من على خشبة المسرح , او الحادثة التي وراء العمل المسرحي , والتي تحرك شخوصها نحو الحل .
انواع فن الدراما :
المأساة ----التراجيديا
الملهاة ----الكوميديا , ويميل هذا الكوميد , الى طابع المأساة
الفودفيل ---- مسرح الفرح
الميلو دراما ---- المسرح والمتسم بالحوادث العنيفة
التخيل والتزويق :
بهذا يمكن للمؤلف المسرحي ان يتناول المعطيات الواقعية او التاريخية بالتحوير او التعديل , لتلائم عمله وفنه , شريطة عدم المبالغة في استحضار الغرائب او السفسطة , ويمكن ان يكسب التوير (قيمة التخيل ) المعطيات الواقعية , قوة ورونقا , وأن لا يفسر هذه المعطيات التأريخية , وأن لا يقوم بتشويه الفترة الزمنية والحضارية , وبهذا سيحافظ على الادب المسرحي من الفشل والتشويه لمعطيات وحقائق الادب المسرحي التأريخي والمعاصر .
التزويق والخيال :
ان للتاليف المسرحي , متطلبات يظطر المؤلف المسرحي الى التبديل والتحوير في الاسماء والحقلئق التأريخية ومنها :
الانسجام بين اجزاء البناء المسرحي .
الامتناع بالتحليل والتنفيذ
التأثير بواسطة العمل المسرحي بمجموعه
او رسم لوحة لروح او لشخصية
او لازمة او لموقف او لمجتمع . كل ذلك مما يبعد المؤلف المسرحي عن ذهنية المؤرخ ونفسيته العلمية ملتجئا الى التزويق والخيال .
الدراما في العصر الحديث:
حلت الدراما في العصر الحديث محل المأساة في العصور الغابرة , وهي قريبة الى المأساة باستثناء انها تختلف عن المأساة بحرفيتها وتحليل احداثها وشخوصها , وبذالك اتجه المؤلفون الى الميلودراما ( المسرح العنيف ). ومن هنا ضعف الحس التاريخي في المسرح ولجأ المؤلفون الى معطيات الواقع الاجتماعي , يتناولونها بالدراسة والتحميص , وايضا التحوير والتبديل والاختزال والتركيز .
قاعدة الوحدات الثلاث في المسرحية :
من القواعد الفنية في التأليف للمسرح الاغريقي واليوناني قاعدة الوحدات الثلاث :
وحدة الزمان
وحدة المكان
وحدة الموضوع
وقد سادت ردحا من الزمن ايضا في ادب النهضة الاوربية الحديثة , وماتلاها من عصر ازدهار فني وادبي وعلى الخصوص في القرنين السادس عشر والسابع عشر .
عناصر مقومات المسرحية ------الصيغة المسرحية :
من عناصر مقومات المسرحية مايلي : البداية والعقدة والحل :
البداية  : هو تمهيد شامل عام للموضوع من اجل تعريف لجمهور المسرح بالاحداث المتسلسلة , والملابسات المكتنفة , والاشخاص العاملة في المسرحية وطباعهم ومشاكلهم وهمومهم . وهو الجزء الاول  في بناء المسرحية وصيغتها , ويكون في بدايتها , ويسمى ايضا بالعرض الاستهلالي , ويستغرق عادة الفصل الاول في مشاهده المختلفة , الا انه قلما ندر استغراقه يكون اكثر من فصل . ففيه يتحدث الممثلون الاساسيون والثانويون عن همومهم , ومشاكلهم , فيجسدون بذالك الخطوط العامة للموضوع , ويرددون الزمان والمكان ويوفرون المعلومات عن الاحداث والاشخاص على السواء .
العقدة او الحبكة : وهي قمة العمل المسرحي , وتكون عادة مزيجا من العمل المسرحي , والذهنية في المسرحية , وعندها يحتدم الصراع وتتجه الحبكة نحوى الحل . انه الجزء الذي تصطدم فيه الاحداث والتي يكشف العرض عن اتجاهها , وتتصارع الارادات والافكار والتي تكون قد كشفت عن هويتها ,ونحس بها من خلال مجرى التطورات في الحمل المسرحي .
الذروة : وهو الانفجار الذي يأتي بعد العقدة , نتيجة انتصار احدى القوتين , الخير او الشر , بعد صراعهما من خلال تنامي الاحداث والذي ينتهي بالانفجار .
الحل: وهي النتيجة والمحصلة الاخيرة لمصير الشخصيات الاساسية في المسرحية , قدرهم وحظوظهم , وهو ايضا الجزء الذي تنتهي به المسرحية , وقد حددت فيها الاحداث ومصير شخصياتها . والحلول انواع , غالبا ماتكون الفاجعة والمؤلمة , وذالك في الماسي , مثل القتل والموت والانتحار وغيرها , ومنها السعيدة المفرحة في الملهات , مثل التسويات المرضية والمنتهية بالوفاق او الزواج او الرضا , وتكون عادة لاشخاص اساسيين وثانويين .
ومنذ عهد ارسطوطاليس والنقاد والدارسون من المعنيين المسرحيين يؤكدون على تلاحم هذه الاقسام في الصيغة المسرحية , بحيث تتماسك وتتحد في تطوير العمل المسرحي نحو الحل دون ان يكون قسم منها حشوا او معيقا للعمل .
فالعرض = البداية , اي العرض الاستهلالي للفكرة وللشخصيات , وتاتي قبل العقدة , والعقدة , هي الوسط , وتاتي ماقبل لذروة , واما الذروة فهي تاتي ماقبل النهاية , اي الحل , والحل هو النهاية .
وبدون هذه الاقسام , لا يقوم للمسرحية بناء ولا تتوفر لها حركة مسرحية , اي ان ماذكر انفا يعتبر من اهم عناصر البناء المسرحي . يعني ,
             (         العرض = البداية + العقدة + الذروة = الحل    )
                   
                        البناء المسرحي
الحوار المسرحي : وسيلة التخاطب والتفاهم بين الممثلين على خشبة المسرح, وهوعنصر من عناصر البناء المسرحي , وهوالذي يكشف عن معالم الشخصيات وهوياتها .
المشهد: في كل منظر يحدث فيه دخول وخروج ممثل, يعتبر ذالك المنظر المسرحي مشهد . ويحتوي على فكرة وضربة ( فعل ) يساعد على تحريك الفعل العام للمسرحية , ويساعد على تنمية البناء وفق الصراع المتنامي وحسب تسلسل مشاهدها واحداثها.
الفصل : وهو مجموعة مشاهد متسلسلة ومتنامية وفق البناء الدرامي المتصاعد , وله فكرة  وضربة مسرحية قد تتحد مع ضربات اخرى تساعد على تكوين العقدة او الذروة وحسب موقع الفصل وتسلسله ضمن السياق العام للبناء الدرامي .
فالبناء المسرحي هو العمود الفقري للمسرحية والمتكون من عدة ضربات ( افعال ) تنمو مع نمو الاحداث وتطورها , حيث تتشابك هذه الضرباتمع بعضها البعض وينتج عنهاصراع الشخصيات المختلفة الافكار والاتجاهات والتي تساعد في دورها على تكوين العقدة والذروة , ومن ثم تبدأ الاحداث بالتساقط والتهاوي الى ان يؤدي هذا البناء المتصاعد بالانفجار , والذي ينتج عنه الحل ,  وكما ارادته الشخصيات بملىء ارادتها , وكما رسمها المؤلف , وتجسيدها من قبل الممثلين والمخرج معا .
                                         كيف نمثل ؟؟؟؟
         
          كن تلميذا , فاكون استاذا لديك
                          ومتى
            ماأصبحت استاذا , اكون تلميذا لديك
يقول معلمنا واستاذنا الكبير ستانسلافسكي , ( كن تلميذا فاكون استاذا لديك , ومتى مااصبحت استاذا اكون تلميذا لديك ) . لذا فهو يقول في الممثل , ان على الممثل ان يتعلم كيف يرى , لا ان يتظاهر كيف يرى , وان يسمع , لا ان يتظاهر كيف يصغي , وعليه ان يتكلم الى الممثلين الذين معه , لا ان يردد كلمات الجمل التي حفظها , عليه ان يفكر ويشعر . ( وعندما يرى الممثل حقا , ويسمع حقا , فانه سيشعر بتلك التجربة , وعند ذاك , فان مشاعره التي لا يمكن ان تظهر بالقوة , فانها ستظهر بشكل لا ارادي , وعند ذاك ستصبح سرعة بديهية الممثل نشطة وفعالة , كما هي الحياة , وتساعده على الابداع )   

(((( ان عنصرالالهام , حالة اعتيادية بالنسبة للممثلين , اما في حالة الرجوع الى دراسة الشخصية وايجاد ابعادها الخاصة وتحليلها ,  عندها سيستطيعون توفير تكنيك يقودهم الى الشخصية اراديا , لا ان يعتمدوا على الصدفة ))))))
(((((ان دراسة الشخصية وتحليل ابعادها وفق البحث والاجتهاد العلمي والابتكاري المقنع , هو سلاح قوي ضد التمثيل المبالغ والتقليد والتصنع )))))       
لذا ---- حينما يسند الينا دورا لشخصية م في اي مسرحية , وجب علينا دراستها دراسة وافيا , لا ان نعتمد على الصدفة والالهام , اي دراسة الشخصية وكل مايتعلق بها . فقبل كل شيىء نجد ابعادها , وتحليل هذه الابعاد كي نستطيع رسم معالمها الخارجية وردود افعالها الداخلية . وهناك ثلاث ابعاد لكل شخصية هي :
البعد الطبيعي
البعد النفسي
البعد الاجتماعي
البعد الطبيعي : هو رسم الملامح الطبيعية , وكل مايتعلق بالشكل الخارجي للشخصية , كأن تكون الشخصية متعافية وغير ذي عوق , او تشويه ولادي , او قد يكون لها عاهة جسمانية في اطرافها العليا او السفلى , او في طريقة مشيتها , او في عيونها , او في طريقة كلامها . وهنا نلجأ الى البحث والتقصي عن هذه الحقائق ونستطيع ان نعثر عليها ونجدها من خلال حوارها او من حوار بقية الشخصيات المشاركة معها في المشهد , او في الفصل . وعندما نعثر على اية معلومة تساعدنا على رسم معالم الشخصية الخارجية , نحاول تثبيتها والتحقق منها .
البعد النفسي : وهذا البعد, يشمل جميع الافعال وردودها , والمشاعر الحسية والداخلية للشخصية , وله ارتباط مباشر بالبعد الطبيعي والبعد الاجتماعي , من قوة الشخصية, وضعفها , وفرحها , وكابتها , وهكذا يتكون هذا البعد وحسب تاثير الفعل والمرتبط بوضعها , وردودها الفعلي المحرك ضمن الفعل الواحد في المشهد الواحد , او قد يتطور وبموجب تنامي الشخصية
 البعد الاجتماعي :  وهذا البعد يتعلق بالبيئة التي تحيط بالشخصية , وعلاقة الشخصية بالمجتمع , والحالة الثقافية والاقتصادية , وعلاقة الشخصية بالاسرة . ويرتبط هذا البعد , بالبعد النفسي والبعد الطبيعي , وعلى ضوء هذه الارتباطات , تتطور الشخصية , ومعالمها , وكل مايحيط بها من الحالة النفسية .
التخيل عند الممثل : ان مهمة الممثل ومهمة تكنيكه الخلاق , هي تحويل اي قصة او سيناريو لشخصية ما , الى حقيقة مشهدية فنية , وحيث ان المخيلة تلعب دورا مهما في عملية التحويل , فعلى الممثل ان يتاكد بان مخيلته تعمل بصورة مناسبة . يجب ان تهذب المخيلة وتتطور , يجب ان تكون متيقظة غنية  وفعالة ونشطه , على الممثل ان يتعلم كيف يفكر بوضوح , عليه ان يتابع الناس ويلاحظ او يراقب تصرفاتهم , وان يفهم افكارهم , يجب ان يتاكد من انه يلاحظ مايحيط به , يجب ان يتعلم كيف يقارن ويتعلم , كيف يحلم وكيف يخلق صورا داخلية للمشاهد التي يشارك بها .
فالكاتب السينمائي والمسرحي , نادرا مايصف الماضي او المستقبل في كتاباته , وقد يحذف احيانا تفاصيل الحياة المعاصرة للشخصية , وعلى الممثل ان يكمل صورة لحياة الشخصية في ذهنه , حياته من بدايتها وحتى نهايتها , لان معرفة الممثل بكيفية نمو الشخصية والتاثيرات التي اثرت في تصرفاته وسلوكه , وماذا يتوقع ان يكون مستقبله , يعطي فكرة واضحة عن الحياة الواضحة , ويعطي الممثل ابعادا وشعورا بحركة الدور , واذا لم يكمل في ذهنه هذه الحوادث الناقصة وهذه الحركات المطلوبة , فان الحياة التي يصورها ستكون ناقصة .
(((((( ان المخيلة الفنية , تساعد الممثل كثيرا في تفسيره وترميمه المسطور (ماخلف السطور )وكيفية ملئها بالمعاني التي تكمن ورائها ( وراء الكلمة ) . ان سطور المؤلف ستكون ميته حتى ياتي الممثل ويحللها ويستنتج منها المعنى الذي اراد المؤلف توضيحه ....... ولناخذ عبارة بسيطة مثل ( راسي يؤلمني ) فانها قد تعني معاني عدة , فالشخص الذي يقولها  حجة للخروج , او انه يرغب ان يعطي اشارة لضيفه كي يتركه لان زيارته قد طالت .
المهم هو المعنى , الافكار , الهدف وليست الكلمات المجردة , فاذا ماوجد الممثل بواسطة مخيلته معاني مفيدة ماوراء سطوره , وجب التعبير عنها بلهجته , وعند ذاك سيتمكن من نقل الصور الحقيقية والتي تكمن ماوراء السطور الى زملائه من الممثلين , لا ان يقرا سطوره فحسب , وقد قال شبيكن (( تكلم للعيون لا للاذاعة )) وقال ستانسلافسكي (( ان المشاهدين ياتون المسرح ليسمعوا ماوراء الكلمات او يشاهدوا عروضا سينمائية , ويستمتعون بحوارات تعني معنى اخر مستتر , او ليسمعوا ماوراء الكلمات , اما الكلمات , فانهم يستطيعون ان يقرأوها في بيوتهم .)))))))
وكل شيىء تتخيله يجب ان يكون متقنا ومنطقيا .اعرف دائما من انت , وعندما, وعندما يحدث المشهد المتخيل , اكتب , لماذا , ولاجل اي شيىء يحدث , كل هذه ستساعدك للحصول على صورة تامة للحياة المتخيلة , وحتى لو حاولت ان تعيش حياة مادة جامدة , فانك ستستطيع ان تحرك النشاط الداخلي , اذا ماطلبت من نفسك ذالك ,فعندما تاتيك المساعدة من مخيلتك من ادواتك الاستفسارية (متى ,وكيف , ولماذا , واين ) ستحصل على اجابات ذاتية تساعدك على الابتكار وفتح افاق جديدة لاستحضار صور رائعة لللابتكار والابداع .
                                   مختصر مفيد
عزيزي الطالب , حينما يسند لك اي دور في مسرحية ما ,لتشارك في تمثيل احد شخوصها , وجب عليك دراسة الشخصية وتحليل ها وايجاد ابعادها الثلاث وهي :
البعد الطبيعي
البعد النفسي
البعد الاجتماعي
وبعد اجراء هذه التحاليل , وايجاد ابعاد الشخصية , نبحث ايضا في مضمون حوارات الشخصيات المشاركة لنا في المسرحية , هذه الحوارات عزيزي الطالب والتي تصدر عن الشخصيات المشاركة في بناء الحدث , ونخرج من خلالها بعض المواصفات التي هذه الابعاد وعن لسان شخوصها , وكذالك نعود لدراسة وتمحص الدايلوجات الحوارية , ونخرج المعاني المستترة ماوراء السطور , لكي تكون لنا معينا لرسم معالم الشخصية المسرحية .
وهناك شيئا اخر عزيزي الطالب , فمن اجل تقريب حالة الصورة وتجسيدها بالشكل المطلوب , نعود الى تجاربنا في الحياة الحقيقية , حيث لكل منا تجارب يعتمد عليها في الحياة اليومية , وهي ثلاثة انواع :
التجربة المختزنة
التجربة المكتسبة
التجربة الانية
التجربة المختزنة : هي تلك التجربة التي تمر بنا كحالة من حالات المعايشة الحياتية في الزمن الماضي , وتشمل على الحالة الوصفية للنفسية والطبيعية والاجتماعية . ونستعين بها لتجسيد اية شخصية نمثلها . بحيث تنطبق عليها التجربة المختزنة .
التجربة المكتسبة : هي تلك التجربة التي نشاهدها كصورة  كصورةخارجة عن تجربتنا , وعن ابعاد حالتنا الشخصية في الواقع الحياتي ,كأن تكون لاحدى الشخصيات القريبة منا , فنلاحظها بدقة , ونستعين بها كتجربة خارجة عن تجربتنا الشخصية , وتعتبر تجربة مكتسبة .
التجربة الانية : وهي تلك التجربة , والتي تكون وليدة اللحظة الانية , بحيث صورتها , تتطابق مع صورة الشخصية التي نمثلها , ولذالك من الممكن الاستعانة بها لاضافتها الى الشخصية المسرحية , واعتبارها معلما من المعالم التي يمكن ان تضفي الى الشخصية المسرحية شكلا جديدا , مع مضمون متطابق الاحاسيس المتلائمة للحالة التي عليها الشخصية المسرحية كشكلا ومضمونا واقعيا .

المصادر والمشتقة منها هذه الدراسة هي :
   فن كتابة المسرحية _ من مصادر مختلفة ومتنوعة
فن الاخراج المسرحي ----- دريني خشبة
اعداد الممثل -------------- ستانسلافسكي
                                                                                         
                                                                                               الاعداد
                                                                                          جوزيف الفارس

(حقوق الطبع والنشر محفوظة )
                                                                                       
                                             

         

28
اضواء على تجربة المسرح العمالي العراقي

ان ما يحز في القلب , تهميش الحقائق وغمر ماخلفته التجارب المسرحية العمالية من حضورا اسعدت اجيالا وادخلت البهجة الى نفوس الجماهير العمالية التي سرها ان تشاهد مايطرح من خلال هذه العروض معاناتها ومشاكلها , هذه الطبقة الكادحة والتي استغلت من قبل الطبقات البرجوازية والراسمالية , وجدت متنفسا للترويح عما عانته من خلال قرون عاشت فيه الظلم وعدم الاعتراف بحقوقها وانجازاتها الانتاجية , وعن طريق المسرح العمالي .
ان ظهور المسرح العمالي في العراق , كان للحاجة الماسة لتوصيل المفاهيم الجديدة والمقاييس الانسانية والقوانين والانظمة التي سنت لصالح الطبقة العاملة , من حقوق العمال التقاعدية وسبل ايجاد الوسائل والتي من شانها المحافظة على السلامة الصناعية العامة , وتحسين سبل الانتاج نوعا وكما , ولهذا كان من الواجب على الاعلام العام والاعلام الخاص للطبقة العامله ان ياخذ مكانته في عملية التفاعل مع المستجدات الحديثة في التقنيات المتطوره لوسائل الانتاج وتحسينه , وترسيخ عالم جديد في حياة الطبقة العمالية , من حياة انفتاح اقتصادي والمتاثر من خلال المكتسبات والمنجزات والحقوق التي اصبح في مقدور الطبقة العاملة المطالبة بها , لانها كانت جزء من تطلعات هذه الطبقة الكادحة باتجاه الانفتاح الاقتصادي والعيش الكريم .
ومن هنا باشرت وسائل الاعلام بتسليط الاضواء على مسيرة الحركة العمالية  ومن خلال وسائلها السمعية والبصرية , والتي لم تكن تخلو من الحركات الابداعية في عالم الانتاج والتصنيع , والتطور الذي طرأ على وسائل الانتاج وتحسينه , مما ساعد على حماس الاعلاميين والمنتمين الى هذه الطبقة ولاسيما الشريحة من الاعلاميين واللذين كانوا يملكون افكارا تقدمية ووطنية هدفها وغايتها خدمة طبقتنا العاملة والمحافظة على حقوقها ومكتسباتها .
فظهرت بعض الانشطة الفنية في الاحتفالات الجماهيرية لننقابات , وفي حدائق البعض منها , والاندية التي كانت تنتمي اليها , كنقابة الميكانيك , ونقابة الخدمات الصحية , ونقابة الخجمات الاجتماعية , اضافة الى هذا ظهرت بعض الابداعات الفنية العمالية في المسيرات الكرنفالية وابداعات تصاميمهم للديكورات الجميلة و وتماثيل لحركات العمال الانتاجية والمحمولة على مركبات طويلة , وكل منها تمثل حرفية نقابتها , اضافة الى المشاهد التمثيلية والتي كانت تعرض من على المركبات الطويلة , واصوات قرعات الطبول والايقاعات الراقصة ونفخات الابواق والمصاحبة مع حركات كاريكاتيرية يؤديها بعض العمال المبدعين والموهوبين , ومشاهد ساخرة تثير الضحك وتبعث الفرحة والبهجة والانشراح للجماهير المحتشدة على طرفي شوارع بغداد , لتحيي هذه المواكب الاحتفالية الجميلة هاتفة باسم الطبقة العمالية والتي  كانت تنقل من على شاشات التلفزيون ليطلع عليها شعبنا في مقاهيهم ومنازلهم , الا وهي احتفالات طبقتنا العاملة في ذكرى الواحد من ايار المجيد  .
هذه البداية بالحقيقة هي ليست بداية حركة مسرحية عمالية , وانما هي ظاهرة بشرت بانبعاث وولادة ابداعات فنيه و باساليب زادت من تالقهم ونجاحاتهم .
اخذت هذه الفكرة تختمر بشكل انضج في تفكير المعنيين من الفنانين العمال , وكيفية معالجة تجسيدها بتجربة ينتج عنها فنا مسرحيا وتجربة رائدة في مسيرة مسرح ليس لديه الامكانيات كما عند المسارح التي سبقته بالخبرة والتجربة , انما كانت هذه الامنية ستاخذ مسارها في التطبيق وعن طريق فنانين عمال الو على انفسهم نكران ذاتهم وخدمة طبقتهم من خلال هذا المسرح الفتي , وهم امام معضلات اجتماعية ومادية ونوعية , ولا سيما ان هذا المجتمع يحمل فكرة غير حسنة عن الفنان العراقي , والممثل بالذات الذي كانوا يطلقون عليه اسم ( شعار , او دنبكجي ) او قد يجد العامل  الصعوبة من الوقوف على خشبة المسرح , وهو ينتمي الى طبقة عمالية فقيرة التجربة والاطلاع الجدي على تجارب الفنون المسرحية , اضافة الى هذا كانت هناك معوقات تعترض للبدء بتجربة المسرح العمالي , عندما تكتشف بان القسم الاكبر من الطبقة العاملة لا تجيد القراءة والكتابة بالشكل الصحيح , ولا يجيدون ايضا تمثيل حضورهم في المحافل الفنية والثقافية , وفي اوساط تستوجب حضوره , الا وعلامات الهزل والغير الجدية تطغي على ملامح ومسحة وجهه .
انها امانة صعبة الانجاز وبداية لا تشجع لخوض تجربتها , باستثناء اللذين يؤمنون بان المسيرة الفنية وتجربتها صعبة التحقيق والانجاز مالم تكن لديهم طموحات نحو تحقيق المستحيل والايمان بان هذه التجربة لبداية هذا المسرح هي امانة ملقاة على عاتقهم من اجل ترسيخ تجربتها بشكل صحيح وناضج .
وهكذا كانت البداية من خلال معهد بغداد التجريبي , عندما حاول الاستاذ الرائد المرحوم جلال ابراهيم وبمعية الاستاذ الفنان الرائد جاسم العبودي بالتعاون على انشاء معهد فني تجريبي للفنون المسرحية باسم ( معهد بغداد التجريبي للفنون المسرحية ) ومقره مسرح بغداد في البتاوين وصاحبه انذاك العسكري المتقاعد الاستاذ طارق الغزالي , فقد جمع الاستاذ المرحوم ابراهيم جلال جميع طلبته المتميزين من خريجي معهد الفنون الجميلة واكاديمية الفنون الجميلة في هذا المعهد , والذي قدم عملين مسرحيين الاول لمسرح الاطفال في مسرحية علاء الدين والمصباح السحري من اخراج الاستاذ جاسم العبودي وكانت من بطولة الفنانه مريم الفارس عضوة الفرقة القومية للتمثيل وكذالك الفنانة امل خضير , وقد شاركت انا في هذا العمل المسرحي بتجسيد شخصية السلطان والد بدر البدور ( مريم الفارس ) والجدير بالذكر لا يسعني الا ان اذكر للتاريخ المسرحي بان الفنانه شذى سالم كانت احدى جمهور هذه المسرحية وهي مازالت طفلة جاءت بمعية والدها الفنان طه سالم لحضور مشاهدة عرض هذه المسرحية , حيث لاقت نجاحا واقبالا قل نظيره في تاريخ  عروض مسرح الطفل , وقد قدم د. عوني كرومي مسرحية ( المسيح يصلب من جديد ) للمؤلف نيكوس كازادنزاكي , وبطولة الفنانه مريم الفارس والمرحوم عبد الجبار كاظم والفنان عزيزخيون وذالك في سنة 1969 م , انها بالحق والحقيقة ارست اسلوب جديد لمسرح متطور , منحت للدكتور عوني كرومي جواز سفر الى المانيا للالتحاق بزمالة دراسية ونيل شهادة الدكتوراه .
من هذا المعهد انطلقت فكرة تاسيس المسرح العمالي , فقد اجريت ريبورتاجا صحفيا مع الاستاذ المرحوم ابراهيم جلال لمجلة وعي العمال  , اكد لي من خلاله اهمية تشكيل وتاسيس مسرح للعمال , بعد استدراجه بالحديث عن هذا المسرح والذي لم يكن له وجودا في العراق , وكذالك كان اللقاء الصحفي الثاني مع الاستاذ المرحوم جاسم العبودي ,والذي اكد لي ومن خلال اجوبته على ضرورة ان يكون للعمال مسرحا يساهم في توعية وتنشيط انشطة العمال , وابراز مواهبهم وطاقاتهم , وبعد ان صدر العددين لمجلة وعي العمال ومواقف الاساتذة ذات الدعم المعنوي لتاسيس حركة مسرحية عمالية , هرعت مباشرة الى نقابة البريد والبرق والمطابع للتعاون معهم لتاسيس فرقة مسرحية عمالية للنقابة , وهكذا ومن هنا بدات حركة المسرح العمالي تجربته الرائدة , وباول عمل مسرحي من تاليف الكاتب العراقي المرحوم ادمون صبري واخراجي من على المسرح القومي في كرادة مريم بمسرحية ( ايام العطالة ) تمثيل مريم الفارس , سناء سليم , صبحي العزاوي , عماد بدن , واخرون من عمال البريد والبرق والمطابع .
هذه المقدمة اعزائي القراء ساقتني من اجل تهيئة اجواء ذكر الحقائق عن بداية تاسيس الحركة المسرحية العمالية , حيث الكثير من المعنيين بشؤون المسرح العراقي , من نقاد وصحفيين , ومن المعنيين بشؤون المسرح ومؤرخي هذه التجربة الرائدة للمسرح العمالي , اخذوا يمزجون مابين مرحلتين وتجربتين لهذا المسرح , كل منها لها خصوصيتها ,  فالمرحلة الاولى هي التي كانت الاساس لبناء مسيرة وتجربة رائدة لحركة هذا المسرح وتطوره وديمومته , هذه المرحلة التي تمخضت عن اعمال مسرحية خاض تجربتها عمال فنانون كانوا مؤمنين بالخشبة المقدسة , مضحين بالغالي من اجل ترسيخ دعائم هذا الصرح الجديد لرافد من ارفدة المسرح العراقي والذي اثبتت تجربته وضمن مسيرته الناجحه  انها تجربة جاءت عن معانات عمال فنانون امنوا بان القاعدة العريضة من العمال الاشاوس لا تتبلور افكارهم وعقيدتهم  مالم تنطلق من شريحة مؤمنة بعدالة قضيتهم , تمثلهم وتمثل معاناتهم بصدق وحقيقة ليس فيها تزليف وتزويق , فكانت بداية مرحلة التاسيس لهذا المسرح من نقابة البريد والبرق والمطابع في مسرحية ايام العطالة للكاتب العراقي المرحوم ادمون صبري , هذه الانطلاقة العملاقة التي بنى على ثراها غازي مجدي تجربته المرحلية , مع التعتيم الاعلامي  على مرحلة مهمة قبل مرحلته من حياة وتجربة المسرح العمالي , حيث بدات الاوساط الاعلامية والابواق المأجورة والتي كانت تتحرك انذاك باصابع من يحركهم لصالحه , ان تسلط الاضواء على تجربة غازي مجدي المسرحية  مدعية على انها البداية الاولى للمسرح العمالي , ومن دون ذكر التجربة الاساسية والرائدة  والتي من خلالها كانت الانطلاقة الحقيقية لهذا المسرح , وهذا اجحاف بحق الرواد واللذين حاولوا جهدهم ترسيخ هذه التجربة منذ بدايتها , لتكوين لبنة وجذور اصيلة لهذا المسرح , والذي لم يكن لها حساب في جدولة وبرمجة الامانة العامة للثقافة والاعلام في الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق ومن خلال امينها العام السيد غازي مجدي , الا بعد ظهور البذرة المثمرة لهذه التجربة العريقة للمسرح العمالي منطلقة من نقابة البريد والبرق والمطابع والاعلام , وبالذات من خلال مسرحية ايام العطالة للكاتب الروائي العراقي المرحوم ادمون صبري واخراج جوزيف الفارس والتي لاقت نجاحا قل نظيره في حياة المسرح العراقي وبشهادة النقاد والمعنيين بالثقافة المسرحية , وقد شارك بتجسيد ادوارها كل من الفنانة المسرحية مريم الفارس , سناء سليم , صبحي العزاوي , وعماد بدن , وجاسم محمد رشيد , وعبد الرزاق الشريفي وعمال اخرون من منتسبي نقابة البريد والبرق والمطابع والاعلام , وقد قام الفنان الموسيقار جعفر حسن بتاليف الموسيقى التصويرية  وعن طريق الفرقة الموسيقية والتابعة لفرقة الفنون الشعبية في بغداد حينما عرضت من على المسرح القومي في كرادة مريم في بغداد , حيث شرفني بمشاهدة عرض هذه المسرحية عميد المسرح العراقي الفنان المرحوم حقي الشبلي مشيدا بدوره لهذه التجربة الرائدة من حياة المسرح العمالي في العراق , واثنى على الجهود المبذولة لترسيخ هذه التجربة الناجحة ودعمها معنويا من اجل مواصلة مسيرتها وتطويرها الى مستوى الطموح المنشود , وقد سجلت لتلفزيون بغداد من قبل المخرج التلفزيوني الفنان كارلو هارتيون  , وهنا لا يسعني ان اذكر حقيقة لا تنسى كان لها الفضل في ازاحة تبعية حمل ثقيل انزاح من امام العروض المسرحية ودور السينما حينما قامت امانة بغداد بفرض ضريبة على بيع التذاكر لهذا العرض المسرحي والذي كان ثمنه قيمة رمزية وقدره 50 فلسا انذاك , وباحتجاج نقابة البريد والبرق والمطابع والاعلام على هذه الضريبة بتقديمها شكوة لدي رئيس الجمهورية انذاك المرحوم احمد حسن البكر , والذي اكرمنا برفع هذه الضريبة عن جميع العروض المسرحية , وعن دور صالات العروض السينمائية .
بعد هذه التجربة الناجحة , بدات اطالب بتفرغ العمال الفنانين  من مصانعهم وشركاتهم ومقرات اعمالهم , وقد استجابة النقابة العامة لطلبي  وحققت لي هذا الطلب , ومن خلال دعم رئيسها السيد علاء المولى واعضاء مكتب النقابة العامة , واصبح العرض المسرحي مثار جدل ونقاش بين الاوساط الفنية والنقابات العامة في بغداد , بعد ان تناولته اقلام النقاد المسرحيين واثنت على ولادة هذا المسرح العمالي  مستبشرين خيرا باول عرض مسرحي للطبقة العاملة في العراق .
في ايام عرض مسرحية ايام العطالة , جائني احد المعجبين بهذا العرض ليهنئني , كان حليق الراس , ضعيف البنية , مقدما نفسه على انه احد الكتاب المسرحيين من محافظة البصره , ومتفرغا حاليا بانتدابه من العسكرية الى الفرقة القومية للتمثيل , انه الكاتب التلفزيوني والمسرحي صباح الزيدي و والذي اصبح فيما بعد  صباح عطوان , مقدما لي نصا مسرحيا لتقديمه من خلال فرقتنا العمالية , وهكذا كان بعد اجراء التعديلات على النص وابداء بعض الملاحظات , عرض من على المسرح القومي للتمثيل من تقديم نقابة البريد والبرق والمطابع والاعلام , واخراج خالد خضوري , والذي اخفق في اخراجه لضعف امكانيات المخرج وتجربته الاخراجية  .
بعد هذه التجربتين من عروض المسرح العمالي , ظهرت للوجود فرقة عمالية جديدة لنقابة النفط , وقدمت عرضها المسرحي ( القاعدة والاستثناء ) ل برشت , حيث عرضت من على قاعة المعهد الثقافي النفطي في الحارثية , وكذالك استبشرنا خيرا بظهور فرقة ثالثة للمسرح العمالي, تابعة لنقابة الزراعيين , وقد عرضت مسرحيتها العمالية ( السدره ) من تاليف حمزه الزبيدي واخراج راجي عبدالله , ومن على مسرح بغداد في البتاوين , وقد كانت المسرحية الثالثة في مسيرة حركة المسرح العمالي , بدأنا في التمارين على مسرحية مكرود للكاتب العزيز اياد البلداوي الا انها لم يكتب لها الظهور , لتجميد جميع العروض المسرحية العمالية بقرار من الاتحاد العام لنقابات العمال في بغداد وبتوجيه من قبل السيد غازي مجدي , والذي استفاق من سباته على تجربة عمالية رائدة , و جمهور مسرحي , وطاقات ابداعية ومواهب فنية عمالية جاهزة , فقرر الاتحاد العام بتجميد جميع الفرق المسرحية العمالية وتعليق اعمالها المسرحية , ووزع قراره بكتاب معنون الى جميع النقابات واصدار تعليمات بالتحاق جميع الفرق المسرحية العمالية وارتباطها بسكرتارية الثقافة والاعلام بالاتحاد وباشراف امينه العام غازي مجدي , وهكذا كان مااراد , بتجميد هذه المسيرة الطليعية للمسرح العمالي , بعد ان صدر قرارا يقضي بدمج جميع الفرق المسرحية العمالية بفرقة مسرحية مركزية وباشراف غازي مجدي  .
ان ستراتيجية غازي مجدي وخطة عمله لقيادة هذه الحركة المسرحية العمالية كانت تقضي باقصاء جميع الكوادر الاكاديمية من المخرجين والممثلين ذوي شهادات اختصاص من معهد الفنون الجميلة , والذين كانوا معظمهم من منتسبس الفرقة المسرحية العمالية لنقابة البريد , فقد كان اجتماعنا الاول في مقر الاتحاد العام والكائن في شارع ابي نواس , وبهذا الاجتماع قطع علاقتي بهذا المسرح , لانني لم احمل صفة عمالية , كونني مستخدم كنت ولست عاملا , وثانيا كنت احد اعضاء فرقة 14 تموز للتمثيل وكان معي ايضا الفنان عبد الرزاق الشريفي , وهكذا قطع علاقتنا بوليدنا المسرح العمالي بحجة لا يمكننا الجمع مابين فرقتين مسرحيتين للتمثيل , ومن دون ترك لنا حرية الاختيار , الا ان ضغط نقابة البريد والبرق على غازي مجدي باعادتي الى الفرقة المركزية مستجيبا لطلبهم واعادني محاضرا للفرقة المركزية في موقعها الجديد مقر فرقة نقابة الميكانيك , قرب دائرة الامن العامه في القصر الابيض  .
في هذه الفترة بالذات استعان غازي مجدي بخبرة الاستاذ المرحوم ابراهيم جلال وعرض عليه اخراج مسرحية( المستر اكس ) الا انها لم تظهر للوجود لعدم مواصلة الاستاذ ابراهيم مع المسرح العمالي , وانا اعتقد واجزم كل الجزم  بان فنان مثل الاستاذ ابراهيم جلال لا يجامل غازي مجدي وعلى حساب شخصيته الفذة , لان الاستاذ ابراهيم جلال فنان بمعنى الكلمة لا يتعامل مع الاخرين و يتعايش معهم على حساب فنه , والشيىء الاخر ,  لم يروق له غازي مجدي بقراراته الانفرادية والمبنية على ضعف الخبرة والتجربة والثقافة المسرحية , فبعد تسجيل البرنامج التلفزيوني والذي كان يعده الاتحاد العام لنقابات العمال , والذي كنت في وقتها اشرف على زاوية تمثيلية فيه بعنوان ( استفسار افندي ) وبعد مجيئي الى بيت المسرح العمالي , ولم اكد ان اجلس لاخذ مكاني في القاعة وامام الاستاذ ابراهيم جلال  اشار عليا غازي مجدي بترك المسرح العمالي ومعي مال الله فرج , والذي لحقني بنفس المصير من بعدي الكاتب حمزة الزبيدي والفنان التلفزيوني محمد رضا , وبقي غازي مجدي  منفردا مع هذه الفرقة المركزية والتي دعمنا اعضائها بمحاضراتنا الثقافية عن المسرح , واصبحت لديهم خبرة ثقافية وتجربة اغرت غازي مجدي بالانفراد بهم , وقيادة الفرقة المركزية بنفسه , بعد ان ترك الاستاذ ابراهيم جلال الفرقة المركزية متعللا بوسائله الادبية , عندها استعان غازي مجدي بالاستاذ محسن العزاوي , لتبدا مرحلة وتجربة غازي مجدي مع المسرح العمالي والتي لم تضيف هذه المرحلة من حياة المسرح العمالي  شيئا الى هذه المسيرة الطليعية الا المحاكات والمنافسة مع الفرقة القومية للتمثيل في انتاجاته المسرحية , والتي ادت الى  فشل هذه المرحلة العصيبة من تاريخ المسرح العمالي , لم تدوم طويلا , وهذا ماكان متوقعا لهذه المرحلة   والتي انهت علاقة غازي مجدي به بقرار فوقي , جمدت انشطة غازي مجدي وابعدته عن مسيرة المسرح العمالي .
بعد قطع علاقة غازي مجدي بالمسرح العمالي , اسندت مسؤولية الاشراف العام الى اللاستاذ المرحوم وجيه عبد الغني , وصدر قرارا جديدا من الاتحاد العام لنقابات العمال باعادة تشكيل الفرق المسرحية و وتكون مرتبطة ارتباطا مركزيا بمكاتب نقاباتها , والاشراف الفني بالبيت الثقافي العمالي , وهكذا بدأ تكليفي مجددا باعادة تشكيل الفرقة المسرحية لنقابة البريد والبرق والمطابع , وبدات بالتمارين على مسرحية من تاليفي كانت بعنوان ( خان جغان ) وانتقلنا مجددا الى البيت الثقافي العمالي , كمركز تجمع لكل الفرق المسرحية العمالية , وقد كلفني في وقتها الاستاذ وجيه عبد الغني , باقامة محاضرات فنية مسرحية لجميع الفرق المسرحية اضافة الى انشغالهم بالتمارين المسرحية والتي كانوا يعدونها لتقديمها انتاجات عمالية و شارك من خلالها اساتذة المعهد للفنون الجميلة , منهم عبد الله جواد , وبهنام ميخائيل والذي اقتصر تعاونه على محاضارت قدمها للفنانين العمال , شاركه في ذالك الاستاذ المرحوم جعفر السعدي , والاستاذ سامي عبد الحميد  .
بعد عودتي الى البيت الثقافي العمالي كان قد تم تقديم عرض مسرحية جوهر القضية لناظم حكمت ومن تعريق صباح عطوان واخراج وجيه عبد الغني و تقديم الفرقة المسرحية لنقابة البناء والمشاريع الانشائية وعلى قاعة التربية في بغداد و كذالك مسرحية الطوب , من تاليف المرحوم علي حسن البياتي واخراج باسل علي عمران من على قاعة المسرح القومي , ومسرحية شجرة العائلة من تاليف المرحوم عبد الباري العبودي واخراج حميد السوداني , ومسرحية الحكاية تبدأ من هنا تاليف فاضل صبار واخراج جوزيف الفارس ومسرحية اللعبة تاليف واخراج جوزيف الفارس , جميع هذه الاعمال كانت من انتاج فرقة نقابة البناء والمشاريع الانشائية , اما نقابة الميكانيك فكانت تجري تمارينها على مسرحية رصيف الغضب من تاليف صباح عطوان واخراج وجيه عبد الغني , كانت هذه المرحلة الذهبية من مسيرة المسرح العمالي والتي شهدت انتاجات عمالية مسرحية نافست من خلالها انتاجات الفرقة القومية للتمثيل , ويعود هذا الفضل الى سياسة الاستاذ وجيه عبد الغني في ادارة الفرق المسرحية العمالية والاشراف عليها , والتعاون مع جميع الفنانين والذين ابدوا استعدادهم للتعاون مع هذه المسيرة الناجحة من حياة المسرح العمالي , ففي هذه المرحلة بالذات قدم البيت الثقافي العمالي انتاجات مسرحية لعدة فرق مسرحية عمالية لعدة نقابات منها :
اولا ---- مسرحية رصيف الغضب , تاليف صباح عطوان , واخراج وجيه عبد الغني وتقديم نقابة عمال                 الميكانيك و وقد عرضت من على المسرح القومي في كرادة مريم .
ثانيا ---- مسرحية الدغش تاليف حمزة الزبيدي واخراج قاسم صبحي , وتقديم نقابة عمال الخدمات .
ثالثا ---- مسرحية الاهثون تاليف صباح عطوان واخراج عبد الله جواد , وتقديم عمال نقابة الكهرباء .
رابعا ----مسرحية خان جغان  تاليف واخراج جوزيف الفارس و وتقديم عمال نقابة البريد والبرق والمطابع ,           وقد عرضت من على المسرح القومي في كرادة مريم .
خامسا ---- مسرحية جوكر طايف , تاليف عبد المنعم الجابر واخراج وجيه عبد الغني , وقد عرضت من على               المسرح القومي  .
بعد هذا الكم من العروض المسرحية العمالية و وبتوجيه من سكرتارية الامانة العامة للثقافة والاعلام والمتمثل بامينها العام موفق عسكر , جائت تعليمات جديدة تقضي بتوحيد الفرق العمالية بفرقة مركزية مشرفها العام الاستاذ وجيه عبد الغني , يساعده بادارة البيت الثقافي المرحوم الفنان مطشر السوداني وانا مسؤولا عن المحاضرات الثقافية العملية والنظرية للفنون المسرحية , وباشرنا التمارين المسرحية على العمل الجديد من تاليف مال لله فرج واخراج وجيه عبد الغني , ولخلافات مابين الاستاذ وجيه عبد الغني وسكرتارية الثقافة والاعلام , اضطر الاستاذ وجيه عبد الغني لتقديم استقالته من مسؤولية الاشراف على البيت الثقافي العمالي , وترك العمل فيه والتي لم تثنيه على العدول من هذا القرار توسطاتنا , , وهكذا ترك الاستاذ وجيه عبد الغني البيت الثقافي العمالي , لاتولى من بعده مسؤولية الاشراف الفني عليه .
استلمت مسؤولية الاخراج المسرحي لمسرحية الغريب وقد كانت العروض المسرحية لهذه المرحلة من مراحل مسيرة المسرح العمالي كالاتي :
اولا ----مسرحية الغريب , سنة 1977 من تاليف مال الله فرج واخراج جوزيف الفارس , وقد عرضت من            على المسرح الجوال .
ثانيا ---- مسرحية محاورات عمالية , سنة 1978من تاليف واخراج جوزيف الفارس , وقد عرضت من على            مسرح قاعة المعهد النفطي في الحارثية .
ثالثا ---- مسرحية درس اضافي , سنة 1979 من تاليف واخراج طالب الربيعي .
رابعا ----- مسرحية لا تنظر من ثقب الباب سنة 1979 من تاليف فرحان بلبل واخراج د. عوني كرومي .
خامسا ----- مسرحية رصيف الغضب سنة 1979 بعد اعادة صياغتها  وجعلها في ثلاثة فصول بدلا من                      الفصل الواحد , وتنفيذا لبرنامج العمل المشترك بين الاتحاد العام لنقابات العمال في القطر                       العراقي ,  والاتحاد العام لنقابات العمال في القطر العربي السوري اشتركت في المهرجان                       المسرح العمالي السوري وحازت على الجائزة الاولى في الاخراج  .
والجدير بالذكر اننا اول من اقام المهرجان للمسرح العمالي , والذي شاركت من خلاله جميع المحافظات في القطر العراقي , اضافة الى استضافتنا الى فرقة المسرح العمالي السوري , حيث اعطينا اهمية خاصة لمسالة الارتقاء بالواقع الفني الابداعي للطبقة العاملة عبر الاشكال الفنية التي تستقطب اهتمامات العمال وفي مقدمة ذالك العمل المسرحي  , ورغم ان الفترة هذه شهدت اعمالا مسرحية عمالية مختلفة من بعض مسرحيات لعمال نقابات المحافظات في القطر العراقي ,  يحمل بعضها بذور النماء والتطور والتفاعل مع طبيعة المرحلة , ويبلور الدور الطليعي والرائد لطبقتنا العامله , بينما كان البعض الاخر يشكو الخبرة الفنية في بعض جوانبه  الا اننا لم نالوا جهدا كمهتمين بالحركة المسرحية العمالية , في تقديم الدعم اللازم لكل الفرق المسرحية , من محاضرات فنية واقامة دورات تثقيفية في مجال الثقافة المسرحية , وتقديم الدعم اللازم لكل الاعمال المسرحية دون استثناء , من منطلق ايماننا الكبير بالدور التربوي والتثقيفي الذي ينهض به المسرح , وبالرسالة النضالية التي يمثلها المسرح السياسي الملتزم و في التعبير عن الذات والقضايا النضالية الانسانية , وعكس موقف الطبقة العاملة ناصعا دقيقا واضحا ازاءها .
وبهذا شهدت مرحلة مسؤوليتي مشرفا عاما على المسارح العمالية في القطر تجربة فنية رائدة و تلك هي اقامة المهرجان المسرحي العمالي الاول , والذي شارك من خلاله جميع الفرق المسرحية لنقابات العمال في المحافظات , وكالاتي :
فرقة اتحاد نقابات عمال بابل ------ يوم السبت  5\ 5 \1979 في مسرحية الجمجمه ---تاليف واخراج اسعد مبالرك .
فرقة اتحاد نقابات عمال ديالى ----يوم الاحد 6\5\1979 في مسرحية هدية مناضل ----تاليف واخراج احمد خليل .
فرقة اتحاد نقابات عمال النجف -----يوم الاثنين 7\5\1979 في مسرحية نقطة تحول ----اعداد واخراج سلام الخاقاني .
فرقة اتحاد نقابات عمال كربلاء -----يوم الثلاثاء 8\5\1979 في مسرحية عرس في السماء ----تاليف واخراج عادل ثابت .
فرقة اتحاد نقابات عمال التاميم ----- يوم الاربعاء 9\5\1979 في مسرحسة النهوض تاليف واخراج علي عبد .
فرقة اتحاد نقابات عمال القادسية ----- يوم الخميس 10\5\1979 في مسرحية اغنية الشهيد تاليف واخراج حمزه عزيز .
فرقة اتحاد عمال نقابات المثنى -----يوم الجمعه 11\5\1979 في مسرحية اهتمامات عربيه تاليف واخراج ماجد فاضل .
فرقة اتحاد نقابات عمال الانبار ----يوم السبت 12\5\1979 في مسرحية الرفض تاليف واخراج خالد محمد خليل .
فرقة اتحاد نقابات عمال اربيل ----- يوم الاحد 13\5\1979 في مسرحية كفاح الشعب الفلسطيني تاليف واخراج احمد جميل .
فرقة اتحاد نقابات عمال نينوى ---- يوم الاثنين 14\5\1979 في مسرحية لممثلون يتراشقون الحجاره تاليف فرحان بلبل واخراج عزالدين ذنون  .
فرقة اتحاد نقابات عمال البصرى ----- يوم الثلاثاء 15\5\1979 في مسرحية لوحة شرف تاليف محمد القطراني اخراج كامل الازرقي .
فرقة الاتحاد العام لنقابات العمال ---بغداد--- يوم الاربعاء 16\5\1979 في مسرحية لا تنظر من ثقب الباب تاليف فرحان بلبل واخراج د . عوني كرومي .
فرقة المسرح العمالي السوري --- يوم الخميس 17\5\1979 وحتى 22\5\1979 في مسرحية المفتش


                                     الانتاجات التي قدمها البيت الثقافي العمالي
                                                      من
                                       1975-------1979
مسرحية رصيف الغضب  سنة 1975 . تاليف صباح عطوان ---اخراج وجيه عبد الغني  .
مسرحية الدغش سنة 1976 تاليف حمزه الزبيدي ---اخراج قاسم صبحي  .
مسرحية خان جغان سنة 1976 تاليف واخراج جوزيف الفارس .
مسرحية اللاهثون سنة 1976 تاليف صباح عطوان ---اخراج عبدالله جواد .
مسرحية جوكر طايف سنة 1976 تاليف عبدالمنعم جابر ---اخراج وجيه عبد الغني  .
مسرحية الغريب سنة 1977 تاليف مال الله فرج ----اخراج جوزيف الفارس .
مسرحية محاورات عمالية سنة 1978 تاليف واخراج جوزيف الفارس .
مسرحية درس اضافي سنة 1979 تاليف واخراج طالب الربيعي .
مسرحية رصيف غضب سنة 1979 اعداد جديد ب ثلاث فصول , حيث قدمت من على مسرح عمال سوريا وحازت على الجائزة الاولى في الاخراج , تاليف صباح عطوان ---اخراج جوزيف الفارس .
مسرحية لا تنظر من ثقب الباب سنة 1979 تاليف فرحان بلبل ---اخراد د. عوني كرومي .

                              المسرح العمالي ابان الحرب العراقية الايرانية
                                           1981 ------1984

كانت مراحل مسيرة المسرح العمالي تمضي بصعوبة وهي تشق طريقا وعرا مليئا بالمعانات والمشاكل الادارية واتي كانت تعترضه وهو بسير باتجاه تحقيق طموحاته , من خلال اصرار اعضائه المؤمنين به , لقد الت هذه الشريحة من الفنانين العمال على انفسها خدمة الجماهير العمالية والمتطلعة الى اشراقة صفحة هذا المسرح المقدس والمنبثق من خلال واقعهم المرير و بانه المراة التي تعكس وعبر مسيرته واقعهم المرير وصراعهم مع الحياة القاسية من اجل العيش الكريم والحياة السعيدة و في عالم يسوده قانون الغاب , والتصريحات الكاذبة عبر وسائل الاعلام المنحاز الى جانبهم , خاصة بعد بروز طبقة متشددة ومتطرفة بافكار شعارية ومن دون تنفيذ , هذه الطبقة متعالية على شريحتها من الطبقة العاملة والتي انتهزت فرص الصعود وعلى اكتاف اخوانها من العمال , انتهزت هذه الفرص لسد عقدة النقص والذي كانوا يشعرون به ليتعالوا على اخوانهم ويتكلمون بلغة الابراج العالية , ويقفون سدا منيعا لتنفيذ مطاليبهم العادلة , وتحقيق ماكانوا قد وعدوا به قبل هذا التدرج الوظيفي , من خلال مصالح خاصة لعبت دورا في اسباب هذا التغيير والذي كاد ان يقضي على مسيرة هذا الوليد والذي ترك اثرا حميدا في نفوس الجماهير المستبشرة بولادة هذا المسرح , الا اننا كنا لهم بالتصدي ندافع عن مسرحنا , من خلال النقاشات والاجتماعات والتي كانت لا تخلو من التهديد والوعيد من اجل الاقفال على تاريخ هذا المسرح , وغلق جميع منافذه التي من خلالها كانت الجماهير العمالية تتنفس من خلال عروضه المسرحية , انما وقوف بعض الخيرين من المسؤولين الى جانبنا , من اللذين كانوا على علم م لثقل المسرح من وسيلة اعلامية وثقافية وتوعية جماهيرية , تساهم في نشر معالم التطور الاجتماعي , وعكس معاناة عمالنا الاشاوس ماكان مخفي على بعض المسؤولين انذاك , وابرازها الى حيز الوجود , وايجاد البدائل للمعالجة الصحيحة من اجل تخفيف وطاة العيش في الحياة القاسية من الحياة اليومية لعوائل واطفال عمالنا الاشاوس , وكنا دائما نحن الفنانين من فناني المسرح العمالي لا نطرح في اعمالنا الا ما يخدم طبقتنا العاملة في معالجة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والابتعاد عن النفخ في الابواق الاعلامية والمنحازة الى اية جهة كانت , كان مسرحنا , مسرحا عماليا و يحمل بين جوانبه هموم ومعاناة عمالنا المعدمين الكادحين , من اجل لقمة العيش , ولهذا كان لمسرحنا المواصلة والديمومة في مسيرته الناجحة , وقد ساهم مساهمة فعالة مع المناسبات الوطنية بموازنة غير منحازة , مناسبات كانت متعلقة بحياة عمالنا الاجتماعية والاقتصادية والترفيهية , والى ان جاءت مرحلة الحرب العراقية الايرانية , فاصاب مسرحنا شيئا من الاحباط نتيجة انشغال معظم اعضائه بالواجبات والمهمات الحزبية و استدعاء المعظم الاكبر من اعضائه الى واجبات الجيش الشعبي , والالتحاق بالجيش العراقي بعد استدعاء مواليدهم للمشاركة في الحرب العراقية الايرانية والدفاع عن تربة الوطن , لهذه الاسباب بدات مسيرته بالتلكؤ والسير البطيىء باتجاه تقديم عروضه المسرحية و الى ان جاءنا قرار من الاتحاد العام لنقابات العمال في بغداد باقامة المهرجان الثقافي العمالي القطري الثاني للفترة من 2-7 \ايار \1981 وعلى حدائق الزوراء وعلى قاعة جمعية الاقتصاديين العراقيين الكائنة في المنصور , وكالاتي :
اليوم الاول ---اتحاد نقابات عمال محافظة البصره -----مسرحية السواعد---اعداد علي رحيمه ---اخراج محمد وهيب  .
اليوم الثاني ---- اتحاد نقابات عمال محافظة الانبار ----مسرحية حكاية من مجالس الايات ---تاليف واخراج حامد خلف الخاطر  .
اليو الثالث ----- اتحاد نقابات عمال محافظة بغداد ----مسرحية اللعبة ---- تاليف واخراج جوزيف الفارس ,والتي حازت على الجائزة  الاولى في الاخراج , مناصفة مع اخراج مسرحية الغارقون , والجائزة الثانية في التاليف .
اليوم الرابع ----اتحاد نقابات عمال محافظة صلاح الدين --- مسرحية الكرسي المتحرك ----تاليف واخراج جواد مطشر .
اليوم الخامس ----اتحاد نقابات عمال محافظة السليمانية ---مسرحية ايار الدامي ---تاليف طاهر مجيد عبدالله اليوم السادس ----الاتحاد العام لنقابات العمال ----مسرحية الغارقون ----تاليف صباح عطوان واخراج جوزيف الفارس , والتي حازت على الجائزة الاولى , في الاخراج والتاليف .

وجاءت مرحلة الركود والسبات واسبابها , الحرب العراقية الايرانية , وبدا تناقص اعداد اعضاء البيت الثقافي العمالي , واستشهاد القسم منهم في الواجبات العسكرية , والى ان تمخضت هذه المرحلة من مسيرة المسرح العمالي , بختام اخر اعماله المسرحية , الا وهي مسرحية ( رحلة نعمان مع طب الخرسان ) من اعداد العامل مهدي جبار حسن واخراج جوزيف الفارس , وكانت بالحقيقة مسرحية جديرة بالاهتمام لانها تمخضت عن تجربة اولى من نوعها و حاول معدها ان يقتبسها من ملفات حكايات الف ليلة وليلة و والذي اثبت من خلال عمله هذا تاثير الثقافة العربية ولاسيما العراقية على الادب العالمي  ولا سيما الادب المسرحي الفرنسي والمتاثر به مسرح  موليير ومن خلال مسرحيته ( طبيبا رغما عنه ) حيث اثبت مهدي جبار حسن في اعداده لهذا النص ( رحلة نعمان مع طب الخرسان ) ان مسرحية مولير ( طبيبا رغما عنه ) جاءت من المصدر المشتق منه مسرحية ( رحلة نعمان مع طب الخرسان ) وبهذا العمل المسرحي , يسدل البيت الثقافي العمالي ستارته على اخر انتاج مسرحي له للاسباب المذكورة انفا   .





 



29
حقيقة الحاجز الوهمي
"الجدار الرابع"

الاهداء
الى معلمنا الكبير ستانسلافسكي  منك تعلمنا ----- وعذراان كان هذا البحث لا يروق لك ,انما لو كنت معنا لاحتفلت بنا فرحا لانه لك يعود الفضل بظهور هذا البحث الى حيز الوجود .                                         

الى استاذي المرحوم بهنام ميخائيل -------لك اهدي هذا البحث تثمينا لجهودك التعليمية لما بذلته من اجل توصيل مفاهيم واساليب خلق الشخصية  وتسخيرها وفق ابعادها على ضوء قاعدة ( الطريقة) التي اعلنها ستانيسلافسكي في كتابه (اعداد الممثل) و( حياتي في الفن) وانا ان قدمت لك هذه الهدية فانها لا ترتقي الى جهدك وتعليمك الذي حاولت توصيله لنا بشتى الوسائل التطبيقية في الحياة مستلهما من الواقع دروسا من اجل توصيل مفاهيم ومضامين مفهوم    الطريقه) لاستاذنا الكبير ستانسلافسكي   .)
    المراجع     
اولا----نشأة المسرح وتطور الفن المسرحي (روبرت ادمون)
ثانيا---راسة عن مقالة المخرج السويسري( ادولف ايبا)
رابعا------ مقال عن المسرح الانكليزي وتطور الدراما في انكلترى ( حيدر الحيدر)
خامسا------ في محور الادب والفن ---العمارة المسرحية ---------( حيدر الحيدر)
سادسا----- دراسة عن مسرح برشت ( ابراهيم العريس)
سابعا------ كسر الوهم في السينما  (احمد الحقيل)
ثامنا------- موقع الشرق الاوسط (نظرية كسر الجدار الرابع)



جميع الحقوق محفوظه للباحث














العرض الاستهلالي والمدخل


لويجي براندلو بين الارتجال والمسرح داخل المسرح

يعتبرلويجي براندلو من اهم الكتاب المسرحيين الايطاليين الكبارالذين جمعوا بين الكوميديه المرتجله وتقنية المسرح داخل المسرح , ومن اهم مؤلفاته المسرحية ( ست شخصيات تبحث عن مؤلف) ومسرحية( الليلة نرتجل)— (ولكل شيخ طريقته), وكلها مسرحيات تنتمي الى نسبية الحقيقة واختلاط الواقع بالوهم


ارفين بيسكاتور والفن السينمائي

يعرف ارفين بيسكاتور بانه من اهم المخرجين الالمان الذين التزموا بقضايا المجتمع والسياسة . وقد كان السباق في توظيف المسرح الملحمي الجدلي ذي الطابع السياسي الذي يخاطب عقل الجمهور قبل عاطفته ليتخذ موقفا من القضايا السياسيه وعلى مستوى العرض , كان بيسكاتوريكسر وحدة النص ويفكك الكتابه الى مشاهد مفككه او متناظره , ويستعين بالحكي والوصف والحوار والتوجه مباشرة الى الجمهور لكي لا يندمج عاطفيا مع عرضه المسرحي . ومن اهم التقنيات التي استعملها بيسكاتور في عرضه المسرحية الاستعانة بالفن السينمائي باعتباره اداة للتعبير الفني , فقد كان بيسكاتور يستعمل الاشرطة الوثائقية والسينمائية لتعكس على الستارة الخلفية او ما يسمى بستارة   ( الوندو ) . وكانت هذه الاشرطة بمثابة خلفية تاريخية للمشاهد التي يقدمها مسرحه السياسي .        (هنا في هذا الشرح الموجز عن مسرح ارفين بيسكاتور تفيد الدراسات انه كان يستعرض ادواته المسرحية ومن خلال داخل المسرح او من عمقه والتي من خلالها يكسر الحاجز الوهمي اي الجدار الرابع مابين الممثل والجمهور المتلقي , فهل هذا الاستخدام ومن داخل خشبة المسرح هو لا يعد كسر الحاجز الوهمي مالم يتم اختراق فتحة المسرح ؟, وهنا ااكد ان الجدار الرابع او الحاجز الوهمي هو موجود مع الممثل انما هذا الجدار ومن خلال ادوات ارفين بيسكاتورالمعهودة في عملية التغريب لكسر حاجز الوهم ومن دون اختراقه لفتحة المسرح والذي معظمنا يسميه بالجدار الرابع الجدار الوهمي .


برتولد بريخت والمسرح الملحمي  

يعد بريشت من اهم المخرجين الالمان الذين تاثروا بالفكر الاشتراكي الماركسي الثوري . وقد ثار بريخت على المسرح الارسطي الذي يعتمد على التطهير النفسي مستبدلا اياه بالاندماج او التغريب او التباعد وتكسير الايهام المسرحي , اي ان الممثل في مسرحه يكشف لعبة التمسرح واسرار الشخصية ويبين للجمهور انه يمثل فقط ولا يتقمص الدور ولا يندمج فيه , وبهذا يرفض بريخت نظرية التقمص والاندماج ويستوجب ان تبقى خشبة المسرح خشبة للمسرح وللتمثيل .
هنا نجد في مسرح بريشت اعزائي واخوتي بان بريشت لم يستخدم الممثل على خشبة المسرح كما استخدمه ستانسلافسكي , حيث اختصر الممثل في مسرح بريشت ان يمثل فقط ولا يتقمص الدور .
نلاحظ اعزائي هنا ان الممثل الذي يمثل ومن دون تقمصه للدور هو في ذالك يعيش حالته الاصلية انما فقط يسخر شخصيته باتجاه خلق علاقة جمالية وشكلية مع ادواته البسيطه , وبعيدا عن البهرجة من السينوغرافية المسرحية لتبقى علاقته مع الجمهور المتلقي وهو يخاطبه حتى ومن داخل عمق المسرح ومن دون اختراق فتحته , فهذا يعني ليس بالضرورة ان يخترق الممثل فتحة المسرح لكسر حاجز الوهم وانما هو بتمثيله وبعيدا عن التقمص والاندماج استطاع ان يخاطب المتلقي مخاطبة عقلية ومن دون اختراق فتحة المسرح . اذن , اين هو الجدار الرابع او الحائط الوهمي بالنسبة للممثل؟ هو موجود مع الممثل وفي موقع الحدث استطاع ان يخترقه بعملية تغريبية اخرجته عن شخصيته التمثيلية ليخاطب الجمهور وهو كانسان ممثل وليس بشخصية حقيقية على المسرح وبهذا استطاع بعمله هذا كسر الحاجز الوهمي او الجدار الرابع ومن دون الخروج من فتحة المسرح , وبعكس ذالك فيما اذا اراد ان يستحضر الجدار الوهمي من خلال عملية التقمص للشخصية وهو يمثل من داخل خشبة المسرح او من خارجها اي مع الجمهور المتلقي ومن دون ان تكون لفتحة المسرح اي علاقة لكسر حاجز الوهمي , وهذا ما يؤكده استاذنا بريشت في اعتماده على ادواته التغريبية ومن داخل خشبة المسرح ومن دون اللجوء الى اختراق فتحة المسرح , كأن يستعمل اللافتات والتي تعلق على الستائر الداخلية والافلام الوثائقية والتي تعرض من داخل خشبة المسرح والراوي والحكاية والامثولة والغناء والرقص والبهلوان واستعمال الاقنعه, فانا لعلى ثقة بان بريشت لو كان يعلم بان اختراق الممثل لفتحة المسرح فقط  يكسر الجدار الرابع لما استخدم وسائله التغريبية لاخراج الجمهور من حالة الاندماج مع الممثل .
ومن هنا اكدت الدراسات بان المسرح التعليمي والملحمي البريختي هو مسرح سياسي لا ارسطي , يجمع بين المتعة والفائدةوالمحاورة العقلية مستخدما ادواته من ممثلين وسنوغرافيته المسرحية ان كانت من داخل خشبة المسرح او من خارج الخشبة, وليست لفتحة المسرح اهمية لكسر حاجز الوهم مابين الممثل والجمهور المتلقي, وتبقى مختصرة هذه الفتحة من اجل الفرجة والمشاهدة على ما يعرض من احداث على خشبة المسرح . وحتى  في المسرحيات الواقعية عند ستانسلافسكي وجود فتحة المسرح لا يعني وجود الجدار الوهمي بقدر ما تتعلق هذه الفتحة بجغرافية خشبة المسرح والتي تحتم على وجود ثلاثة جدران للخشبة والرابع يكشف عما يدور من احداث المسرحية ليس الا .

المخرج ادولف ايبا

انه المخرج السويسري الذي كان يولي اهمية كبرى للحركة مؤكدا على حرية التحكم في النص ويفسره بالطريقة التي يرتضيها ويجتهد في الاخراج , وقد ثار ايبا على العلبة الايطالية التي تعيق عملية التواصل بين الممثل والجمهور وتخلق جوا من الغموض , ودعا الى بناية مسرحية جديدة تتلائم مع طبيعة العرض الدرامي المشخص , وكان يهدف ايبا الى خلق  شعرية مسرحية يتقاطع فيها المستوى الصوتي مع المستوى المرئي في تناغم شاعري منسجم , والغرض من ذالك هو تحقيق شعرية جديدة للعرض المسرحي مختلفة عن الشعرية الكلاسيكية القائمة على الايهام المسرحي وعلى الاندماج بين العرض والمتلقي , انه في هذا وكما يؤكد المصدر يعتمد بالاخراج المسرحي في جميع اعماله على جمالية الصورة وتجسيدها من خلال استحداث ادواته التقنية للمساعدة على جمالية الفرجة المسرحية وله حرية الاختيار في توزيع المشاهد واخراجها من اية بقعة كانت من داخل او من خارج خشبة المسرح وتحريك الممثلين الى اية اتجاهات يتطلبها الاخراج المسرحي ومن دون التقيد بفتحة المسرح , وبهذا يكون قد كسر القاعدة الكلاسيكية وهي , ان من يجتاز فتحة المسرح يكون قد كسر حاجز الوهم , انما وهو في حالة اختراق فتحة المسرح يبقى ملتزما بحرفية تجسيد الممثل للشخصية في عملية الاندماج والتقمص للحفاظ على الحاجز الوهمي الذي يخلقه الممثل من خلال حرفيته المسرحية ليحافظ على متعة الفرجة المسرحية وعملية التنفيس والتطهير عند الجمهور المتلقي .

اساليب تطور فن كتابة الدراما المسرحية غيرت من قواعد كتابة الدراما الكلاسيكية

كما هو معروف من ان في كل مأساة جزء يسمى العقدة وجزء اخر هو الحل وكما هناك الوقائع الخارجية عن المأساة وكذالك بعض الاحداث الداخلية فيها تكون غالبا العقدة والتي هي تلك المرحلة من المأساة والتي تبدأ ببداية تطور الاحداث وتنامي صراعاتها وتؤدي بنهايتها الى الحل, اما ان يكون سعيدا او تعيسا.  وكذالك من اهم اسس التنظير الارسطي تقسيم المسرحية الى اجزاء اساسية( البداية والوسط والحل ) وكذالك اثبت ارسطو ان اي عمل مسرحي لا بد ان يرتكزعلى ثلاث مبادىء كبرى هي ( وحدة الحدث ووحدة المكان ووحدة الزمان ) الا ان تطور فن كتابة المسرحية ادى في بعض الاحيان الى الاستغناء عن وحدة الزمان ووحدة المكان والاعتماد على وحدة الحدث, وهذا يعود الى تطور اساليب الاخراج المسرحي وتقنياته السينوغرافية فانا اعزائي واخوتي المحبين لا اقول ان التنظير الارسطي قد الغي لانه مازالت بعض الحكايات المسرحيه تعتمد على وحدة الحدث والزمان والمكان ولا سيما في المسرحيات التأريخية والشعبية الواقعية والتي لا يمكن تجريدها من هذه المقومات الثلاثية , وكذالك بالنسبة للبداية والعقدة والحل في عالمنا المسرحي تطورت الاساليب الاخراجية مع تطور فن كتابة المسرحية وتطور فن كتابة السيناريو السينمائي مما ادى الى التغيير في تسلسل هذه المقومات ,فكان يطرح الكاتب النهاية في البداية ويعود بادراج سرد القصة والحكاية ( الفلاش باك )وكذالك من الممكن عرض العقدة عوضا عن تسلسلها الذي عند ارسطو فهذا ليس بخطأ ولا هو دحض لتنظير ارسطو بقدر ماهو واقع حال المرحلة المتطورة والتجريبية دعت الى اكتشاف اساليب وقواعد تعتمد على تنظير متطور مع تطور التقنيات الفنية , وانما يعود الفضل والاساس الى ارسطو لانه هو الخطوة الاولى في سلم ارتقاء التطور المسرحي من خلال خطواته الاولى والتي مهما كانت درجة تقييمنا لها في مرحلتنا الراهنة مقارنة مع ما تطور في فن الكتابة والاخراج والتي ادت الى عدم اتباع مدرسة ارسطو انما تبقى هي العظيمه ولا يمكننا نفيها بقدر ماينتابنا عظمة الافتخار لما تركه لنا اساتذتنا العباقرة من اساتذة التنظير المسرحي ولا سيما استاذ الاجيال من عباقرة منظرينا الرواد المعلم قسطنطين ستانسلافسكي , فله كل الحب والتقدير والاحترام والف تحية حب لرواد حركة المسرح من اساتذتنا الرواد الاجلاء .


فتحة المسرح ليست هي الحاجز الوهمي ( مايعنيه المعنيون بالجدار الرابع )



اكدت الدراسات والنظريات التي استنتجها الرواد والفنانين المعاصرين ومن خلال دراساتهم وبحوثهم على ان الفن وخاصة الفنون المسرحية لا تستكين ولا تقف عند نظرية ثابته منذ ان نشأت المسرحية او الدراما , فمن الرقص البدائي والى التمثيلية الحديثه ,ومن الطقوس الدينية الشعرية والى التمثيل الدنيوي , ومن المأساةاليونانية الى الصور المتحركة وعلى طول هذه الفترة الزمنية وروادنا المسرحيين والتقنيين يخوضون ورش عمل تجريبية وتدريبية من اجل التوقف على حالة ثابتة لتسجيل تعريفا ثابتا عن المسرح وعن المسرحية ( الدراما ) لم يفلحوا في ذالك لانه العمل الدرامي اثبت ومع مرور الزمن انه يتاثر ويؤثر , اي يتاثر بما قبله ويؤثر بما بعده , ولهذا لا يمكن الاهتداء الى تعريف محدد وثابت للمسرح وتقنياته الفنية والذي تلتقي فيه جميع الفنون التشكيلية والموسيقية وفن تصاميم الديكور والمتأثر بتطور فن تصاميم العمارة والاضاءة وغيرها من ملحقيات الفنون المسرحية (نشأة المسرح وتطور الفن المسرحي ) .
وفي مقال يؤكد على النواة الاولى لبدء فكرة المسرحية او الدراما يقول (روبرت ادموند ) , كان الرقص والموسيقى الشعبية وظهورها قبل احقاب من نشوء حركة الفن الشعري في المسرح الاغريقي ,لم تذكر الدراسات بان هناك موقعا ثابتا او مقرا لهذه الممارسات الفنية مما اظطر القائمين بهذه الممارسات الفنية ان يعرضوا فنونهم واحتفالاتهم , في الطرقات وفي الدروب والازقة 
حيث يحتشد العامة ويلتف حول مقدمي تلك العروض الراقصة , اذن عزيزي القارىء من هذه الدراسة نستنتج بأن النواة للفنون المسرحية وحتى بعد تطورها في العهد الاغريقي واليوناني كانت تجري في الشوارع والازقة ومن دون وجود للعلبة الايطالية والتي مانسميها في يومنا هذا بخشبة المسرح والتي تتوسط اربعة جدران والتي هي يسار المسرح ويمين المسرح وصدر المسرح او اعلى المسرح وفتحة المسرح والتي تعتبر الحد الفاصل مابين الممثل والجمهور والذي سمي فيما بعد بالجدار الرابع . اذن فالنسأل سؤال مفاده ,ففي الازقة والشوارع والعراء وعلى الهواء الطلق وكذالك في العهد الاغريقي اليوناني حينما كانت تعرض هذه الاحتفاليات الديونوسيزيه اين موفع الجدران الاربعه؟ولا سيما الجدار الرابع ؟!!!!! علما ان الجمهور لتلك الفرجة والمشاهدة كانوا يقعون تحت تاثير ايحاءات الممثلين والشعراء والرواة في سرد حكايتهم ويندمجون مع الاحداث من خلال قدرة الممثلين والشعراء على استحضار عنصر التشويق والشد والمبالغة بالحركات الايمائية والشكلية ولغة الجسدالتي كانت تبهر المتفرجين من الجمهور وكذالك مبالغة الصوت وفنون الالقاء , كل ذالك ساعد على اندماج الجمهور مع احداث ماكانت تروى وتستعرض , فبهذا الاندماج يكون الممثل والجمهور واحد والذي يساعد على هذا, عملية التقمص والاندماج في الشخصية ( الراوية )والذي لم يكن وقت ذاك يشعر بأن هناك مايفصله عن الجمهور سوى حاجزا وهميا هو( الجدار الوهمي وليس بالجدار الرابع) والذي نتج عن تقمصه للشخصية .
ويذكر المؤرخ المسرحي  ( روبرت ادموند) وعن دراسة في (نشأة المسرح وتطور الفن ) , بأن هناك حقائق وحكايات عن ماكان يعرض في مثل تلك الظروف الحجرية والتي هي ماقبل الميلاد , اي خلال القرن الخامس قبل الميلاد عام 535 , حيث يؤكد ويقول :( اما عن القصة المسرحية فقد وصفها وصفا تخيليا لمثل هذه النشأة التلقائية حيث يؤكد ان رقصة القنص القائمة على حادثة قصصية , او مأثرة من الماثر الباهرة قد نشأت من اعادة سرد قصة هذه الحادثة حول نار المعسكر , عندما يقول :ولو تصورنا ما كان يجري في العصر الحجري , عصر الكهوف والماموث ,وقد امسى الليل وجلس زعماء القبيلة معا , وقد قتلوا اسدا , وها هو زعيم القبيلة يثب واقفا ويقول ((لاحظ هنا عزيزي القارىء رئيس القبيلة كيف يحل محل الراوي في المسرحيات التراجيدية وكذالك يتخذ من الصوت والالقاء والتلوين لخلق عنصر التشويق والشد وكذالك كيفية تغيير تعابير وجهه لتوصيل الاحاسيس الداخلية وحسب انفعالاته ومبالغته بسرد القصة البطولية لاستحضار الجو العام للحكاية المسرودة من خلال وصف مقاومته البطولية مع الحيوانات المفترسة  غايته بث الخوف والرهبة وتجسيد قوته وبطولته من هذا السرد مما يساعد على شد اهتمام المشاهدين باتجاه روايته حينما يقول )) :(لقد قتلت الاسد , انا الذي قتلته , تتبعت اثره فهجم عليا فقذفته بحربتي , فخر صريعا)------(((يستند كاتب المقال عن موضوع القصة المسرحية في دراسة للمؤرخ المسرحي (روبرت أدموند ) حينما وصف وصفا تخيليا لمثل هذه النشأة التلقائية للقصة المسرحية ))) (كاتب المقال هو الاستاذ محمود الشاعر والذي جاء عن اقتباس من مصدر معلوماتية عن نشأة المسرح وتطور الفن المسرحي في صفحة محاورات المصريين )
اعزائي القراء, نعود مرة ثانية الى القصة السردية والتي كان زعيم القبيلة يرويها وهو يمثل الحكاية تمثيلا ومصاحبا مع قرعات الطبول وتجسيد تعابير الخوف من الاسد وهو يهاجمه , ثم ترديده لعبارات الشجاعه حين اقدامه على قتل الاسد -------  في هذه اللحظة تولد المسرحية بكل عناصرها ومقوماتها البدائية والمختصرة ,
اولا--- التمثيل ,في الصوت والالقاء وعملية الاندماج مع الحدث وتصويره الاحاسيس التي تخرج من خلال عواطفه الصادقة والمبالغة بتضخيم الصوت وتهويل الحادثة لاضفاء على قصته عنصر الخوف والذعر والرهبة ليشد بذلك انتباه الحاضرين , فهنا تحدث عملية التنفيس والتطهير عند المتلقي وعملية التقمص والاندماج عند الراوي وانني لواثق وجازما هنا وفي هذه اللحظات ان الحاجز الوهمي موجود مابين الراوي والمتلقي ومن دون وجود فتحة للمسرح , انما موقع العرض كان في وسط جمهور القبيلة وعلى ارض منبسطة والتي اعطت فكرة المسرح الدائري ( المستدير) والذي يلتف الجمهور في مثل هذه العروض حول الممثل لمشاهدة العرض .
ثانيا---الملابس, معتمدا على ملابسه البسيطة ومن دون تغيير
ثالثا ---الانارة , وتقسم الى قسمين ,
ا---طبيعية ,معتمدا على الليالي المقمرة والنجوم
ب---صناعية , معتمدا على مواقد الدفو وعلى المشاعل الزيتية والشموع
رابعا---المؤثرات الموسيقية و الصوتية معتمدا على الالات الهوائية وعلى ايقاعات الطبول
خامسا—خشبة المسرح او موقع العرض , تتم عملية الرواية في وسط جمهور القبيلة وعلى ارض منبسطة مستمتعين بسرد الحكاية وهم منبهرين بتعابير وجه الراوي وانفعالاته ومبالغته بصوته وبحركات جسمه وقد تصدر منهم نتيجة ردود افعالهم اصوات وكلمات او اناشيد حماسية تعبر عن فرحهم بانتصار رئيس قبيلتهم على الاسد وقتله وكلمات حماسية تزيد من انفعالات الراوي والذي يحاول خلق عقدة القصة ويزيد من حبكة السرد وينمو عنده البناء الفطري عندما يمثل وبحركات بهلوانية يحاكي بها كيفية قتله للاسد وبعد نهاية سرد القصة يبدأ الجمهور المتفرج افتخارا ودعما للمشهد المعروض من قبل الراوي او رئيس قبيلتهم ينشدون اناشيد الانتصار ومن هنا اخذت فكرة الجوقة في العروض الدرامية اليونانية والاغريقية , وهذه الصورة استحضرتلي مشاهد مباريات كرة القدم في يومنا الحاضر كيف ان لواعيب كرة القدم يلعبون والجمهور المتفرج والمشجع يحاول اثارة اللواعيب وتصعيد نشاطهم وعن طريق الاناشيد الجماعية والالات الموسيقية الهوائية   .

اذن لننتبه هنا اعزائي القراء, هل ان عرض هذا المشهد تم عرضه من داخل العلبة الايطالية والمعهودة بجدرانها الاربعة؟ وهل هناك وجود لفتحة المسرح من اجل ان يتم اسدال الستارة الوهمية (الحاجز الوهمي) ؟ كلا لا مكانة لهذه الفتحة ولا توجد جدران اربعة , انما لا يمكننا نكران او نفي الصراع والحبكة من خلال الراوي والاندماج بشخصيته اثتاء قيامه بسرد الحكاية , بحيث يصبح هو وشخصية الراوي واحد ومتناسيا انه رئيس القبيلة حيث  تنتقل شرارة الاندماج من قبل الراوي باتجاه الجمهور المتلقي وهو يعيش مع حكايته التي يرويها مندمجا باحداثها ويصبح الجمهور والممثل او الراوي واحد يفصلهما الجدار الوهمي الذي ينسدل ومن دون شعور الطرفين به .
وعن اقتباس الاستاذ محمود الشاعر من مادة (نشأة المسرح وتطور الفن ) والمنشور في صفحة محاورات المصريين يذكر: (ولا يرجع الى اسخيلوس الفضل في التقدم الاول الحقيقي من حيث المناظر المسرحية واليتها فحسب , بل هو اول من ادخل على المسرح الزي المعين لكل ممثل ايضا  او بالاحرى هو الذي قرر في وضوح ماكان مستعملا من الازياء في عبادات ديونيز, فالقناع او الثوب ذو الكمين او الحذاء العالي مستعار من ديانة ديونيز وشعائره , ويتابع الموضوع من نفس الاقتباس لنفس المادة فيقول : وقد تاثر الزي في المسرح الاغريقي , في طابعه الديني وطابعه الغير المالوف , والمسرح عبر تاريخه كان مجذوبا نحو الزي الغريب الذي يساعد بحكم طبيعته الخاصة على نقل المتفرج من عالمه الى عالم اخر مثالي , وثم تفسير اخر هو ان الزي الذي يغطي جسم الممثل من اخمص القدمين الى الراس حتى لا يعرفه احد كان يجبر الممثل على ان يتخلى عن شخصيته في سبيل تمثيله خصائص حياة افضل وارقى .

ماذا تعرف عن منصة المسرح الاغريقي واليوناني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟


كلنا نعلم ويؤيده المصدر , بانه لم تشيد في اثينا منصة حجرية قبل العصر الهيليني , واما اثار المنصة المحكمة المتقدمة جدا , والتي مازالت باقية , فيرجع تاريخها الى مالا يقل عن عهد نيرون . وينتهي الكثير من العلماء الى ان جدار الحرم الذي كان يقوم مقام مؤخرة ( المنظر المسرحي ) ان جاز التعبير , يرجع الى عهود لاحقه في تاريخ المسرح . وقد استعمل مبكرا منذ مطلع القرن الخامس مؤخرة لمنصة خشبية , ثم في نهاية القرن , مؤخرة لمنصة حجرية .

هنا عزيزي القارىء وفي هذا المصدر يؤكد على ان المنصة المسرحية ان كانت خشبية او حجرية ليست رباعية الجدار , انما مختصرة على السايك الخلفي والمتكون من جدار خلفي للمعبد لاستعماله للمناظر التشكيلية والرسومات التي لها صلة باحداث مايعرض .
اذن هنا المسرح لا يوجد فيه فتحة يطل منها الممثل على الجمهور والتي نسميها فتحة المسرح وانما هي منصة مفتوحة من جهاتها الثلاث باسثناء صدر المسرح ( السايك الخلفي ) والذي يستخدم للرسوم التشكيلية والتي تتطلبها حاجة العرض المسرحي . ويتطرق المقال الى موضوع الزي الذي كان يرتديه الممثل اثناء العرض المسرحي وعلى هذه المنصة المفتوحة من الجهات الثلاثه , حيث كان الممثل مجذوبا باتجاه الزي الغريب الذي يساعد بحكم طبيعته على نقل المتفرج . يعني نقله من واقعه الذي يعيشه حياتيا الى عالم اخر , اي من خلال اندماجه مع العرض المسرحي ومع احداث هذا العرض , حيث يقول : ينقل المتفرج من عالمه الى عالم اخر مثالي ,  وهنا يقصد بالعالم الاخر هو العالم الذي يجسده الممثل اثناء العرض المسرحي . وثمة تفسير اخر يقول المصدر : هو ان الزي الذي يغطي جسم الممثل من اخمص القدمين الى الراس حتى لا يتعرف عليه الجمهور , كانت هذه الملابس تساعد الممثل على ان يتخلى عن شخصيته الحقيقيه في سبيل تمثيل خصائص وتجسيد حياة افضل وارقى .

وبتفيسر هذا اي ان الملابس الذي يرتديها الممثل اثناء تمثيله تساعده على التقمص والاندماج وتنقله من عالمه الحقيقي الى عالم احداث مايعرضه الممثل من على المنصة المسرحية . وهنا ايضا ااكد على انتقال الجمهور المتلقي الى نفس العالم الذي يعيشه الممثل ليعيش معه بنفس الاحاسيس والعواطف الذي ينقلها الممثل اثناء تمثيله الى المشاهد ومن خلال عملية الاندماج والتقمص بحيث ينتج عن هذا اندماج واتحاد الجمهور المتفرج مع الممثل ويصبحون الاثنين واحد , الممثل هو الجمهور والجمهور هو الممثل  وعندها تتم عملية التنفيس والتطهير نتيجة لهذا الاندماج من قبل المتلقي مع مايعرض امامه من الاحداث المسرحية . ففي مجمل ما استعرضنا من هذه الفقرة وتفسيرها وفق مانؤمن بها ,هل كانت هناك فتحة خاصة من اجل ان تساعد على اسدال الحاجز الوهمي ؟ كلا وانا في هذا ااكد على وجود الحاجز الوهمي مابين الممثل والجمهور ومن دون حاجة الى فتحة المسرح والتي نسميها بالجدار الرابع .
المسرح الانكليزي ( الاليزابيتي )

وفي مقال عن تطور الدراما في انكلترى 1576- 1603 للاستاذ حيدر الحيدر يقول في الفصل الاول بعنوان ( العماره المسرحية )-------( ان الشكل المعماري الدقيق الذي اتخذه المسرح الاليزابيتي في غاية الاهمية بلا شك . وذالك من اجل التعرف عليه مفهم اسلوب ونوايا هذا المسرح في تلك الفترة الزمنية , ان خشبة المسرح في بعض المسارح الاليزابيتيه كانت تتوسط الجمهور المشاهد ) وهنا  احب ان يحدد لي القارىء الكريم اين هو الجدار الرابع ان كان هذا المسرح يتوسط الجمهور المشاهد ؟ , ومع ذالك كانوا يقدمون التمثيليات القصيرة والمسرحيات الطويلة بأوج كمال الحرفية التمثيلية بحيث قوة واداء الممثل ساعدت على التعويض للسينوغرافية المسرحية واسدال الستار الوهمي مابينهم وبين الجمهور المتفرج ومن دون وجود فتحة المسرح والتي كان يسميها معظمنا بالجدار الرابع , ويتابع الاستاذ حيدر الحيدر في مقاله ويقول : (ومن المحتمل ان مواصفات تلك البناية قد تاثرت بما كان من التجارب المسرحية في ايطاليا وغيرها من اقطار القارة .
وبشكل عام كانت البناية مكشوفة السقف , تتالف من ارضية ليس فيها مقاعد معدة للمتفرجين الفقراء ماديا , بينما كانت تؤمن اسباب الراحة للاغنياء ماديا .
ان الجزء الامامي كان عبارة عن منصة يعلوها سقف يستند الى اعمدة , ويعلو ذالك السقف غرفة عليها علم يرفرف منها يعلن البواق عن بداية العرض المسرحي .
اما الخشبة فكانت مكشوفة من الخلف ذات باب او اكثر يستخدمها الممثلون للدخول وللخروج )

 وهنا يتسائل الاستاذ حيدر الحيدر : (اين كانت تقام العروض المسرحية قبل تشييد بعض دور العرض لاحقا ؟ والجواب هو , ان الدراسات السابقة كانت تؤكد ان قبل ذالك التاريخ كانت فرق الممثلين الجواله تقدم عروضها اينما اتيح لها ذالك , في اقبية الفنادق او الوكالات او قصور الاغنياء او القاعات المكشوفة او الساحات العامة صيفا في الريف او قاعات البلديات ) .
وناتي اخواني الى مصدر اخر للاستاذ الادريسي نيكول مؤكدا  فيقول (ان في غضون الفترة السابقه , كان الممثلون يستخدمون عادة ساحات الخانه في تمثيلهم , كما كانوا يقيمون خشبة المسرح على مساند في احدى نهايات الساحة التي تخصص للمتفرجين , فضلا عن القاعات التي كانت تحاذي الجدران ) .
هنا عزيزي القارىء في هذه الفترة اذن لم تكن هناك قاعات عرض كالتي في عصرنا هذا ومع ذالك اننا مازلنا نشيد بتلك العروض وابداعات تمثيل ممثلي تلك الفترة , اذن لا يوجد في هذه المسارح فتحات للمسرح ومع ذالك كان الاعتماد على قوة تمثيل الممثلين وقدرتهم الاحترافية على توصيل الفكرة الاساسية للمسرحية بمشاهدها وبفصولها معتمدين على قدرتهم الكلاسيكية في تضخيم اصواتهم والمبالغة فيها وكذالك في الالقاء الذي كانوا يعتنون اعتناء جيدا في كيفية مخارج حروف حواراتهم , اضافة الى كل هذا كانوا يعتمدون على فخفخة الملابس الملونة ومن دون ديكور يذكر باستثناء بعض المستلزمات البسيطة والتي كانت تضفي حالة من حالات الوهم والاندماج مابينهم ومابين الجمهور الملتف حول ساحة عرضهم ومن جهاته الثلاثة باستثناء صدر المسرح والذي يحتوي على بيبان للاستعماله  لدخول وخروج الممثلين .
تذكر الدكتوره فاطمه موسى في مقال لها عن طبيعة المسرح انذاك وتقول: ( ان المسرح كان خاليا من المناظر او الستائر , ويعتمد في تصوير المنظر على مايرد في النص من وصف شاعري في كثير من الاحيان , وعلى استعداد النظارة للتخيل والايهام ) .
وهذا مايؤكد بأن عملية الاندماج للمثلين مع شخوصهم يساعد على وجود حاجز وهمي او ما يسميه البعض بالجدار الرابع , هذا الحاجز يفصل مابينه وما بين الجمهور ومن دون وجود فتحة امامية للمسرح وانني ااكد تاكيدا قاطعا بان الممثلين وهم يعرضون ماعندهم من العرض المسرحي , انهم ايضا في اوج استمتاعهم بما يعرضونه من على المسرح لان استمتاعهم ودرجة جودة ادائهم لادوارهم لا ياتي الا من خلال حالة التعايش مع الشخصية والحدث , وهذا مايساعدهم على الاندماج واسدال الستارة الوهمية والتي تفصلهم عن الجمهور كواقع للعرض المسرحي .


كسر الحاجز الوهمي ومن دون اللجوء الى اختراق فتحة المسرح عند بريشت


وفي دراسة للاستاذ احمد الحقيل  بعنوان (كسر الوهم في افلام سينمائية , حيلة الاسلوب السينمائي في تغيير نمطية التلقي والمشاهده ) ذكر بان الدراما والروايه قائمتان على مبدأ الوهم , الذي هو انعكاس للواقع , فالمتلقي يعلم تماما ان مايشاهده ليس سوى قصة متخيلة ولكنه ( اي العمل ) لا يصرح بهذا الوهم لكي لا يكسر الاتفاق الضمني بينه وبين المشاهد. اننا نتاثر بهذا الوهم  , ونتعايش مع شخصياته ,لانه يمثل انعكاسا تخيليا لواقعنا , تشتد علاقتنا به , ونتفاعل معه على كافة المستويات , وكأننا ننسى او نتناسى ان مانشاهده او نقرأه ليس حقيقيا . وهنا تكمن بالضبط اهمية الوهم في الدراما والرواية , فبدونه تنكشف هشاشة العلاقة بين العمل والمتلقي , وكسره كفيل بأن يسلب العاطفة التي ينقلها العمل ليكتسبها المتلقي , ومن هنا نشأت نظرية المسرحي العظيم برتولد برشت في المسرح الملحمي . فالمسرحية في رأيه , يجب ان تكون خالية من العاطفة , قريبة لان تصبح شبيهة بدراسة عملية ينخرط المشاهد في التعمق فيها بعيدا عن اشراك العاطفة , قريبا من الموضوعية المحايدة , ولهذا كان بريخت حريصا  على ازالة العلاقة العاطفية  بين الممثل والمشاهد وخلق علاقة جديدة, وهي علاقة قائمة على ان الممثل هو مسخر لهذه الشخصية , وان مايعرض ليس هو بالحقيقي والواقع بقدر ماهو نقل لهذا الواقع والذي يمثله الممثلين على خشبة المسرح .
ولذالك ففي مسرحية سوفوكليس ( انتكون ) ابقى الممثلين على المسرح حينما لا يكونون ممثلين , هذه العملية تسمى في المسرح بعملية ( هدم الجدار الرابع ) حيث ان هناك ثلاثة جدران تحيط بالخشبة المسرحية , والرابع هو الجدار الوهمي الذي يفصل بين الممثلين والجمهور , وتندرج هذه العملية لدى بريشت تحت مايسميه ب ( وسائل التغريب ) ( او الاثر المغرب )
لنشرح ونفسر ما فعله بريشت في هذه المسرحية حينما اراد ان يكسر حاجز الوهم , هل اخترق فتحة المسرح مستهدفا كسر الحاجز الوهمي او ما يسميه استاذنا ومعلمنا ستانسلافسكي بالجدار الرابع ؟ كلا انما اوجد حالة تغريبية بحيث انهى علاقة الممثلين بشخصياتهم المسرحية وابقاهم وامام الجمهور المشاهد على المسرح كمتفرجين يتابعون الاحداث حينما انهوا تمثيلهم  اي حينما لا يكونون ممثلين . وهذه العملية يؤكد فيهاالاستاذ احمد الحقيل ( وبناء على نظرية كسر الجدار الرابع عند بريشت بأن هذه العملية تسمى في المسرح ------هدم الجدار الرابع ) .
اذن ليس من الضروري عزيزي القارىء ان تخترق فتحة المسرح لكسر حاجز الوهم او كما يسميه معظمنا بالجدار الرابع , انما بامكانك ان تكسر الحاجز الوهمي وانت على خشبة المسرح كما فعل استاذنا بريشت في عمله انتكونا . وكذالك فعلها استاذنا الكبير( د . عوني كرومي) في العراق عندما قدم اطروحته مبادرات عمالية ل بريشت وتحت اشراف الدكتور الالماني والذي صاحب الاستاذ المرحوم د. عوني كرومي من المانيا الى العراق للاشراف على اطروحة الدكتوراه وانا كنت يومها احد ممثليها ومع نخبة من الممثلين العراقيين والتي قدمت من على المسرح القومي في بغداد ---بعد نهاية ادوارنا المسرحية لم يخرجنا المخرج  من المسرح بقدر ما ابقانا متفرجين متابعين لاحداث المسرحية ونحن على خشبة المسرح وامام المتفرجين وغايته من هذا كسر الحاجز الوهمي في المسرحية . وبنفس الوقت اراد ان يعلم الجمهور بأننا كنا ممثلين نمثل على خشبة المسرح وكما كانت تمليه علينا الشخصية المسرحية .
وكثيرة هي الدراسات عن برتولد بريشت والمسرح الملحمي تؤكد بأن فتحة المسرح ليس لها علاقة ضرورية واساسية في معظم الاحيان لكسر الجدار الرابع , وكذالك في المسرح الروسي وفي اعمال تشيخوف (مسرحية التم ) و مسرحية ( ضرر التبغ )كان الممثلين يخترقون فتحة المسرح ومن دون تاثير هذه الحركة باختراق الفتحة على كسر حاجز الوهم علما ان المسرحيتين من الادب الواقعي , ولهذا نلمس ان فتحة المسرح ليس بالظرورة ان تكون علاقتها علاقة اساسية لكسر الحاجز الوهمي بقدر ماهي علاقة الممثل بالشخصية ومع الجمهور ------ وانا برأيي وكمقترح اقدمه لمسرحيينا الكرام من اساتذتنا الاجلاء وطلبتنا الاعزاء ومن اجل ان لا تكون هناك ملابسات مابين ترقيم العلبة الايطالية والمتكونة من اربعة جدران والتي احدهما يسمونها بالجدار الرابع ان تسمى الجدران الاربعة بتسمية تعويضية من اجل ان نتخلص من مفهوم على ان فتحة المسرح هي الجدار الرابع , كأن نقول يسار المسرح ويمين المسرح وصدر المسرح او اعلى المسرح او السايك الخلفي ومن ثم مقدمة المسرح او فتحة المسرح . وهذا بنظري سيلقي ضوئا جديدا وعلميا على ماكان يقصده بريشت من انه في معظم مسرحياته يخترق فتحة المسرح غايته من ذالك كسر حاجز الوهم اي مايسمى بالجدار الرابع عند معظم مسرحيينا .
ان بريشت وكما تؤكد البحوث والدراسات ثار على المسرح الارسطي والذي يعتمد على التطهير النفسي , مستبدلا اياه ب( الا تقمص والاندماج ) غايته كسر الايهام المسرحي , لان الممثل في مسرحه يكشف لعبة التمسرح واسرار الشخصية , ويبين للجمهور انه يمثل فقط ولا يتقمص الدور ويندمج فيه , وبهذا يرفض بريشت نظرية التقمص والتطهير عند ستانسلافسكي وارسطو , ويؤكد بان خشبة المسرح هي فقط للتمسرح والتمثيل , ولتوصيل مضمون مايريد توصيله للجمهور المشاهد  وهو في حالة اليقظة والوعي , كسر حاجز الوهم مابين الممثل والجمهور وهو على خشبة المسرح  وايجاد حالة تغريبية وبعيدة عن الحدث الاصلي وهو بهذا يريد صفع الجمهور المتلقي وايقاضه من عملية الاندماج مع احداث العرض المسرحي لتوصيل جوهر مضمون الفكرة الاساسية للمتلقي وهو في كامل وعيه ليناقشها منطقيا وعقليا مع نفسه ليصل الى القرار الصحيح بقناعة شخصية وتامة , ومن دون اختراقه لفتحة المسرح .

اعزائي المسرحيين , هناك بعض من فنانينا الكرام ممن تعودوا على التقاليد المسرحية والنظريات التي استنتجها اساتذتنا من المعنيين بالادب المسرحي ومن تاريخ المسرح الاغريقي واليوناني ومرورا بمراحله المتطوره والتي غيرت من بعض محاوره الاساسية نتيجة اختبارات تجريبية تمخضت عن افكار اصحابها اعتمدت وكأنها قاعدة ثابته في المسرح لا تتغير وهذا يعود الى اما خوفهم من ضرب القواعد السابقة والتي تعودوا عليها واتبعوها وشكلت لهم كيانا وحضورا فنيا يخافون عليه , او انهم مستفيدين من هذه الخبرة معتبرينها قاعدة ثابتة لا يحبون التغيير او خوض تجارب جديدة , ويعود هذا ومع احترماتي لهم وتقديري الى تكاسلهم او اتكالهم او عجزهم عن البحث والتقصي او نقص في ابتكاراتهم وابداعاتهم بعكس الكثير من اساتذتنا الرواد لهم الحب والتقدير, والذين حاولوا الاجتهاد والتقصي والبحث والخروج بمدارس تخص اسلوبهم في العمل الابداعي وعلى سبيل المثال استاذنا الكبير ( ابراهيم جلال ) والذي اغنى بمدرسته الحديثة والخاصة به , المسرح العراقي والعربي معا, وقد تجسد ذالك بقوة الاعمال التي قدمها ضمن المهرجانات المسرحية للمسرح العربي , في سوريا وفي القاهرة , ابهرت الكثير من الفنانين المسرحيين العرب واعجبتهم , واعتبروها اعمالا نموذجية للمسرح العربي المتطور وحصدت الجوائز الاولى ضمن هذه المهرجانات منها----  الطوفان ----والبيك والسائق ------وفوانيس -----والدراويش الثلاثة والقضية -----وغيرها من الاعمال الناجحة والتي عرضت من على مسارحنا في العراق ايضا .
وعلى الصعيد العالمي والاوربي خاصة , وكما حصل في فرنسا في الثلاثينيات من القرن العشرين حينما ظهرت مجموعة قدمت نمطا جديدا في الدراما المتمردة على الواقع وكما تؤكد الدراسات والبحوث على انهم جددوا في شكل المسرحية ومضمونها, ولا سيما كتاب هذا العصر من امثال صاموئيل بيكت في مسرحية( في انتظار جودو ), ويعتبر هذا الكاتب رائدا لهذه الجماعة والتي ثارت على كل ماهو تقليدي ومألوف , هذه الجماعة هي جماعة العبث , والتي سارت في طريق العبث ومن دون الاهتمام بعامل الزمن , فهي لم تكن مدرسة او جماعة , وانما مجموعة من المفكرين والكتاب غلبت على مشاعرهم وأحاسيسهم صفات تشابهوا في افكارهم واساليبهم وقد تجسد ذالك في كتاباتهم الادبية وخاصة المسرحية منها .
لقد جاء العبثيين على المدرسة التقليدية والعريقة التي ارسى قواعدها ارسطو حينما وضع اسس النقد الادبي للمسرحية الجيدة محددا عناصر نجاحها في ثلاثة هي :
اولا -----وحدة الزمان
ثانيا-----وحدة المكان
ثالثا----وحدة الحدث
فجاء العبثيون وبدورهم لم يتخذوها منهجية اساسية وقاعدة ثابتة في اعمالهم , وانما بالكاد وكما تؤكد الدراسات والبحوث انهم تجاوزوها وأهملوها حينما تنكروا للعناصر الثلاثة الا وهي : ( وحدة الزمان والمكان والحدث )وقرروا ان تكون كتاباتهم في مكان محدد جدا , غايتهم من هذا عرض ماعندهم وطرح افكارهم وفلسفتهم ومضامين ادبهم , مستخدمين فقط وحدة المكان لعرض نتاجاتهم , وكما كان في مسرحية( في انتظار جودو)ومسرحية ( الكراسي ) ومسرحية ( الغرفة ) .
وتؤكد الدراسات والبحوث , بانهم جعلوا عنصر الزمن غير ذي اهمية تذكر , اما العقدة أوالحدث فلم يجعلوا لها وجودا في مسرحياتهم ,والاكثر من هذا , انهم عادوا  الى المسرحية ذات الفصل الواحد ذات الشخوص المحدودة .
انهم بهذا لم يسيئوا الى ارسطو , بقدر ماحاولو الثورة على المألوف في المسرح التقليدي وابتكار شكل جديد يخدم طرح مضامينهم الفكرية والفلسفية متجسدة باعمالهم المسرحية . فهذه كانت محاولات جادة استحسنها الكثير من الكتاب المسرحيين ودعموها بانتاجاتهم وعروضهم من خلال محاكاتها بأعمال تشابهها بالشكل والمضمون , من امثال تشيخوف في مسرحياته ( اغنية التم ) ومسرحية ( ضرر التبغ ) .
فأنا يااخوتي وأعزائي , حينما اطرح نظريتي هذه والمدعومة بهذا البحث , لم تكن غايتي التقليل من افكار وفلسفة وتجارب ومدرسة استاذنا الكبير ستانيسلافسكي وانما بقدر ما هو اعترافي بعبقريته ومتجسدة بمؤلفاته ( اعداد الممثل ) و( حياتي في الفن ) فقط  , والذي لولاه لما خرجت هذه النظرية الى حيز الوجود , مستفيدا من كتبه وعبقريته ومن تجاربي في اعمالي المسرحية تاليفا واخراجا والتي من خلالها اطرح موضوع وجهة نظري حول فتحة المسرح وتسميتها (  بالجدار الرابع ) بقدر ما ارجوه هو ان ياخذ هذا البحث مساره الصحيح والاخذ به على محمل الجد كسرا لقيود الابداع والابتكار والاجتهادات في التاليف والاخراج , واتباع اي شكل من اشكال العمل المسرحي , مستفيدين من اية بقعة من بقاع خشبة المسرح والصالة في العروض المسرحية . وانا لعلى ثقة بانكم ستحصلون على النتيجة التي كان يعنيها معلمنا الكبير ستانسلافسكي في استحضار حاجز الوهم مابين الممثل والجمهور وغير مشروط بفتحة المسرح . وانا خضت تجربة هذا في معظم اعمالي المسرحية ان كانت في العراق او في استراليا والتي حددت نمطية اسلوبي في التاليف والاخراج  وعلى سبيل المثال في مسرحية ( القداس الالهي ) ومسرحية( الصوت الصارخ )ومسرحية  (محاورات عمالية ) ومسرحية ( الشيخ والقضية ) ومسرحية ( اللعبة ) , واما في استراليا فكانت مسرحية ( غفران ) ومسرحية  ( شيل وعبي وذب بالشط ) .
لمسات لاثبات نظريتي 
في
قهوة القصاخون ( الحكواتي )

كان في تاريخ العراق القديم وفي الاحقاب الزمنية العشرينية والى فترة مابعد الاربعينيات ظاهرة القصاخون في المقاهي البغدادية والديوانخانه عند بعض الافندية والبيكاوات .
كان البغداديون القدامى يستمتعون يحكايات القصاخون والتي كانت تعوض يوم ذاك عن دور صالات السينمات والمسارح في يومنا هذا .
حيث كانوا يرتادون القهاوي ( الجيخانات ) ويستمتعون بمجالسة الحكواتي وهم ينصتون الى حكايات الف ليلة وليلة والى حكاية ابو زيد الهلالي وبطولاته والى عنترة بن شداد وشجاعته والى كثيرة من القصص التي كانوا يحبذون الاستماع اليها وهم مشدوهين ومبهورين  بصوت الحكاواتي المبالغ في تضخيمه وتعابير وجهه وهو متصدرا في جلسته صدر القهوة وروادها ملتفين حوله مستمعين الى حكاياته وهم منبسطين باوقاتهم ومستمتعين بهذه القصص البطولية والغرامية .
كان القصاخون ببداية حديثه يقول : كان وياما كان وعلى الله التكلان , كان في قديم الزمان والاوان والمكان والخ --------- ومن ثم يدخل في صلب الحكاية وهو يتفرس في وجوه المستمعين والمشاهدين بنفس الوقت ليلاحظ مدى تاثير حكايته و  انسجامهم معه ,وكان يثير حالة الخوف والرعب والاستفزاز في اماكن تتطلب ذالك وهو بهذا يخلق عنصر التشويق والشد وهنا تتم عملية الاندماج والتقمص عند الحكاواتي في مشهيد يثير الحماس فيه ليجسد الحدث القصصي عند البطل ويوهم رواد القهوة على انهم جزء لا يتجزء من القصة و تحدث عملية التطهير والتنفيس عندهم مما يجعلهم يصرخون باصوات عالية ويقولون : ( الله اكبر والصلاة على محمد وال محمد ) لاحظ عزيزي القارىء هنا
اولا -----الحكاواتي ياخذ دور شخوصه ويمثلهم
ثانيا ----يبالغ بصوته وبحركاته ليثير عنصر الخوف والذعر في نفس المستمعين المشاهدين
ثالثا -----لا يوجد مسرح العلبة ذو الاربعة جدران انما الحدث والفعل موجود فيما بين القصاخون والمستمعين المشاهدين
رابعا -----وبما ان الحدث والفعل موجود من خلال القصة المسرودة , اذن عملية الاندماج موجودة عند القصاخون وحالة التنفيس والتطهير ايضا موجودة عند المتلقي من المستمعين المشاهدين , اذن أأكدعلى وجود الحاجز الوهمي مابين الاثنين  , انما ليس هناك وجود لفتحة المسرح لتساعد على خلق الحاجز الوهمي مابين القصاخون والجمهور الرواد من مستمعي الحكاية .


عاشوراء ---- بين الحكاية والتمثيل


اكدت بعض الدراسات والبحوث حول اقامة ذكرى العاشوراء حيث كان الايرانيون والعراقيون يحتفلون بذكرى هذه الماسات الانسانية ان الايرانيون يحتفلون بذكرى عاشوراء على طريقتهم الخاصة , حيث كانوا يقدمون تمثيلية يؤديها شخصان باللغة الفارسية , تروي واقعة كربلاء . كان الحسين الشهيد يتواجه مع الشمر بن ذي الجوشن ( قاتل الحسين الشهيد ) في اطار تمثيلية بسيطة لم تكن تدوم طويلا .
انما ابان انسحاب الحكم العثماني من لبنان , وضع اول حوار بالعربية لتمثيلية عاشوراء , هذا الحوار الذي كان يدور اثناء مبارزة الحسين الشهيد مع الشمر والذي نسقه انذاك الدكتور ابراهيم ميرزا حيث اعطى لتمثيلية عاشوراء النسق المسرحي والذي عرفت به فيما بعد .
كانت الاحداث تمثل في وسط الجمهور المشاهد في العراء وليس على خشبة مسرح يذكر والجمهور جالس  حول احداث عرض  المسرحية والتي كانت تقدم بكامل مستلزماتها المسرحية من خيول وملابس وسيوف ورماح . والجمهور مندمج وهو مشدود لاحداث ما يعرض و متالما وباكيا على هذه المأساة . ومن دون وجود لخشبة المسرح ولفتحته الامامية


سوق عكاظ جذور لمسرح عربي

ماهو سوق عكاظ ؟؟؟؟
سوق عكاض يعتبر سوقا لكل البضائع الاقتصادية المادية والادبية , فكان العرب ومن بعض القبائل المجاورة ياتون بالتمر والسمن والعسل والخمر والملابس الصوفية والجلدية والابل , وكذالك ياتون الشعراء بقصائدهم لتعرض على محكمين من كبار الشعراء معظمهم او كلهم من بني تميم . وكان العرب في هذا السوق يتفاخرون ويتنافرون وتلقى بعض الخطب والتي كانت تشد المحتشدين الى الخطيب والى حواره الذي يتفاعل معه باحاسيس صادقة يندمج مع كلماتها ومضامين جوهرها. وقد يكون الخطيب راكبا على جمل او خيل او واقفا على منصة تحت سقيفة يلقي منها قصائده الحماسية ويتفاخر بما يتفاخر ويهجو من يريد هجائه ,
وهذا عزيزي القارىء لايحدث الا من عملية الاندماج فكانت هذه الخطب والقصائد تنتقل من الخطيب او الشاعر وتلامس مشاعر المشاهدين من الزوار والرواد لهذا السوق . ومن شدة ماكانت تشدهم اشعار الشعراء وخطاب الخطباء تؤدي في بعض الاحيان الى كوارث مأساوية وقتال فيما بينهم وشجار يؤدي الى خلافات قبلية وعشائرية .وهذا لايحدث الا من عملية  التقمص والذي تنتاب الشاعر او الخطيب والتي تنتقل ردود افعالها الانعكاسية الى الجمهور المتفرج ويحدث ما يحدث من الفرجة والتفاعل .
اذن يكفي لهذه الاشارة ولا ارغب في زيادة المعلومات عن هذا السوق بقدر ما اخذت بعض ملامحه الفنية والادبية لدعم نظريتي بالقصائد والخطب والتي كانت تلقى انذاك ومن دون وجود مسرح وجدرانه الاربعة , انما لا ننفي عدم وجود التمثيل التلقائي والجمهور المحتشد ,والفعل ورد الفعل , والذي كان ينعكس من على ملامح وجوههم واصواتهم ونبرات القاء قصائدهم لتنتقل هذه الاحاسيس الى الجمهور المحتشد

صفحات: [1]