ankawa

الحوار والراي الحر => المنبر الحر => الموضوع حرر بواسطة: رشيد الفهد في 21:04 01/11/2017

العنوان: إِشاعة
أرسل بواسطة: رشيد الفهد في 21:04 01/11/2017
إِشاعة
رشيد الفهد
كلووووووش  صلاوات.. صلاوات على النبي .. كلوووووووووش..صلوات صلاوات على النبي  .
بقلوب ملؤها السعادة والفرح استقبل اهالي مدينة الكاظمية نبأ  انتصار العثمانيين في أول نزال لهم مع القوات البريطانية  الساعية لاحتلال ولايات اهل العراق الزاحفة من البصرة عام 1917 حيث طاف الفتية انحاء المدينة  ينشدون الصلوات فيما راحت الزغاريد تحلق في الاجواء من خلف ابواب المنازل  ابتهاجا بالنصر .
 اكتظ المرقد الكاظمي بالناس وهم يتسائلون عن النبأ العظيم الذي هز ولاية بغداد  وهذه مسيرة مؤيدة للعثمانيين طافت حول محيط باب المراد الى باب الحوائج ومن باب الدروازة الى باب القبلة تتقدمها فرقة موسيقية ترفرف فوقها الاعلام . فيما راح الاهالي يهنيء بعضهم بعضا .
السيد (جعفر عطيفة ) رئيس بلدية الكاظمية يمنح ليرة ذهبية للرجل الذي زف له بشرى النصر( المؤزر ).
دكاكين سوق( الاستربادي)  المجاور للصحن الكاظمي ظلت أبوابها مشرعة حتى ساعة متأخرة فيما انتشر الباعة المتجولون يعرضون الاطعمة البسيطة  للصغار  الذين نزلوا الى الشوارع برفقة آبائهم  يعرضون أشياء مثل( المكاّوية) و ( وجقجق قدر) اضافة الى (  حلّال المشاكل ) وغيرها.
وجهاء واعيان المدينة يتوجهون الى (  مقهى قريش) للبحث حول ما اذا كانت المناسبة تستدعي اللقاء بالوالي العثماني لتقديم التهاني .
يا سامعين الصوت .. يا سامعين الصوت صلوا على النبي أول محمد وابن عمه علي..صلوات صلوات على محمد وعلي ...كان هذا هو المشهد في البصرة لا يختلف كثيرا عما هو عليه في بغداد .. البسمة تعلو الوجوه  و الفرح الغامر يغطي البصرة واهلها وهم يهزجون بأهازيج النصر التاريخي الذي حققه العثمانيون ، انتصرنا انتصرنا .
حين نادى المنادي  بالناس أن يتوجهوا لاستقبال الجيش العثماني المنتصر هرعوا جميعا ملبين النداء حتى ان بعضهم كتب بضع كلمات على أمل ان يلقيها أمام ( سليمان عسكري) القائد المنتصر.
 حين  مرَ الجيش برفقة ألاسرى أمام المحتفلين تعالت أصوات الفرح  واذا بأسير يحمل رتبة عريف يصيح بالناس ويحكم نحن اسرى الجيش العثماني و هذه القوات البريطانية  هزمتنا و انتصرت علينا وهي الآن في طريقها الى بغداد ..خرب يومكم.
تبين ان خبر النصر العثماني عار عن الصحة وان الجيش الذي استعرض هو الجيش البريطاني والاسرى كانوا جنودا عثمانيين وهذا الهرج والمرج  الذي شهدته  بغداد والبصرة كان بناءً على إِشاعة . إِشاعة .
بتصرف: علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج٤، ص١٧٩