عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - ليون برخو

صفحات: [1]
1

لقد أثار الأخ كوركيس أوراها منصور موضوعا في غاية الأهمية في سلسلة تعقيب ردده في أكثر من مقال، ولم يقف عند هذا الحد بل إتخذ موقفا وهو مغادرة الموقع احتجاجا، ونِعمَ ما فعل.

وأنا أتفق مع الأخ كوركيس أن استخدام عبارات مثل التي ذكرها لا تليق وغير مقبولة أبدا، بيد أنني أرى، وأمل أن يتسع صدره، أنه يكيل بميكيالين، حيث لا  يذكر ما يأتي من مصطلحات وعبارات غير مقبولة بالمرة لا بل قد تكون أكثر نابية من التي ذكر أن الأخ سردار يكتبها، وهنا أقصد ما يردده الطرف الأخر من لغة مشحونة وخطاب غير مقبول بالمرة في توصيف القائل والمتحدث وليس القول والحديث.

من الذي أساء الى والد كاتب هو في ذمة الخلود على ما أظن وفي هذا  المنتدى دون دليل متهما أياه بأنه كان يتعاون مع "زوار الفجر" فقط بسب خلاف فكري؟

كم كاتب هنا يستخدم عبارات  مثل "عاهر" و "عاهرة" و"داعر" و"داعرة" توصيفا لأخوة لهم فقط لأنهم يختلفون عنهم حجة وفكرا؟ أليس توصيف من نختلف معه بأنه"عاهر" أو "عاهرة" مساو لا بل أسوأ من التوصيف الذي أدانه الأخ كوركيس وبسببه قرر مقاطعة الموقع؟

لدي ما قد يرقى الى قاموس يضم في ثناياه مجموعة من الشتائم والبذاءت التي لم ينزل الله بها  سلطان، ومع الأسف هذه ترد في خطاب إخوة كلدان، والأخ كوركيس يؤيدهم  واحيانا يرددهم، في توصيف إخوة لهم كلدان أيضا، ويُحشر معهم حتى البطريرك والأساقفة والكهنة. وأسرد هنا بعض ما يرد في قاموس الشتائم "الكلداني" – أي بعض الأخوة الكلدان – وهو ليس إلا غيض من فيض ما جمعته حتى الأن من خلال قرأتي للموقع في حوالي أربعة أسابيع وحسب:

مستنفع من اوغاد، كلداني شاطح عقله، منافق، منافقون، عهر، عاهر، متملقون، عدو، الخونة المنشقون، خونة، مخرفين، منجرفين، القوميات الصنمية، الحاقدين، المتخلفين، المنبوذين، عجوز، مخرف، عار، متملقون، جاهل، حاقدون، مدفوع الثمن، تبولوا عليها، أرجل الخنازير،  يهوذا، الماكر، جقلمبة، شيطان، عجوز مخرف، أصلع، متملق،  خائن، الماجور،المدفوع الثمن، الجاهل، عار، حاقد، قلم مأجور، كتابات مسمومة،  خرف، المنشقين، الحاقدين، أنذال، مناكيد، المتعجق، هرطقي، متملقون جبناء، مزدوجي القومية، عاهر، عاهرة، الإسخريويطي، الصعلوك، هؤلاء الدجالين، التابع الذليل، عملاء مأجورين، هزة ذيل، هزازي الذيول، العهر، السافل الوضيع، حثالة، القذارة، قرقوز، المهزوز التافه، الخفاش، الشلة التعبانة، العهر والرذيلة، الخفاش الجبان، الوجه القبيح، فليتا، عاصي، عبىء بالخرج، متعفنين، أسفلم (باللهجة الموصلاوية)، حيديقة حيوانات (توصيف للكتاب المقدس ونبوءة إشعيا)، أهل الكهف (توصيف للكلدان المحبين للغتهم وتراثهم وطقسهم)، نتهازيين، عقروب، كلاب تنبح، حقير، أخس، عفن، سافل، دعر، داعر، مدلس، كذاب، كلب مسعور، لا يستحي، ربه الشيطان، قاذورات، الماسوني، عجوز، خادم شيطاني، كلاب، جراوي، يا مذلول، عورتك من البواسير، قذر، معتوه، إسخريوطي، خادم البعث، خادم الشيطان، قرد صغير، الحثالات الكذابيين،الهرطقات، الهرطوقي الزاني مارتن لوثر، كاشف العورات، أحمق،أمعة، طلي، عانس، شمطاء،  فاقد الرجولة، خبيث، بلطجية، انتهازي، قروي متعصب، حقير، القندرجي، الكلجية، أولاد الكلجية، تربية الشوارع النتنة، النعل، خرنكعية، هتلية، لوكية، خرنك، خدم البعل، ورق التواليت، التواليت، بدون غيرة ورجولة، الدمية، القذر، وضيع، ساقط، الوضيع، وقح، الانفصالي، القجغجي، المهرب حمال النعال العتيك، المقيت، الكريه، زوار الفجر، الاستكلاب،  في كل بيت مرحاض، لا يخلو بيت من مرحاض، المتاسلم، الخارجين عن الدين والكنيسة، حسنة ملص، .....

وعذرا لأنني أيضا مقل وأعزف حاليا عن الكتابة أو التعليق في الموقع لأن فيه من الشتائم والبذاءات ما لا أظن يقبل في نشرها أي موقع رصين أخر.

تنبيه الأخ كوركيس  في محلة وموقفه مقاطعة الموقع صائب ولكن يجب ان نأخذ في عين الأعتبار السياق بمجمله.

وقد يأتيني بعض الشتم بسبب هذا المقال، ولكنني على المستوى الشخصي لا أكترث البتة بل ابتسم لأن الشتيمة من أي أتت مردودها سلبي وترتد على صاحبها اولا وأخيرا.

تحياتي

2
هاو دنورانى: عندما يلمس البشر "النور" الذي تخشى الملائكة النظر إليه (قصيدة مار أفرام التي ألهمت الدنيا)
ܗܘ ܕܢܘܪܢܐ: ܙܝܥܝܢ ܡܢܗ: ܕܥܒܝܕܐ ܠܡܪܝ ܐܦܪܝܡ



ودي أن أدشن العام الجديد بقصيدة ليست مثل كل القصائد، شرقا وغربا، وبأي لغة كانت. هذه قصيدة التي يزيد عمرها عن 1600 سنة ألهمت الدنيا وعبرت الثقافات ولأديان والجغرافيا، منذ أن سطرتها أنامل عميد أدبنا وطقوسنا وفنوننا السريانية، مار أفرام، الذي صار اليوم ليس معلم الكنائس المشرقية وحسب بل معلم الكنيسة الجامعة وملهم التصوف في العالم.

"النور" (أم "النار" أم "العليقة") التي بحث عنها الذين سبقو ولادة "النور" وأشتاق إلى رؤيته الأنبياء ولم ولن تتمكن الملائكة من رفع ناظرها صوبه بل تعمد الى تغطية وجهها بأجنحتها النورانية، يتحدث معه مار أفرام لأنه صار في متناول يد البشر بعد ولادة "النور" (الطفل المعجزة) وحلوله وتجسده (ناسوته):

https://fb.watch/i4Yf4iq6sS/

صار البشر بعد ولادة "النور" أرفع مرتبة من الملائكة لأن "النور" حل فيهم. وهذا الحلول الذي يشرحه لنا مار أفرام بكلمات نورانية وبشعر بديع موزون بعناية فائقة ومفردات منتقاة من لغة مقدسة، هي لغة الملائكة، هو "النور" الذي يهدي التصوف والمتصوفين في الدنيا أجمع.

ولأن "النور" حل فينا نحن البشر – ومن هنا إيمان المتصوفة بمفهوم الحلول حسب الفلسفة واللاهوت الأفرامي – صرنا نحن والسماء واحد، وصار السماوييون ينزلون لتسبيح "النور" ، وصار "النور" والبشر واحدا "ليكون الجميع واحدا كما أنك أنت أيها الآب في وأنا فيك ليكونوا هم (البشر) أيضا واحدا فينا".

هذا هو الناسوت وهذا هو الحلول الذي رفع من شأننا، وفي سبيله قدمت المسيحية المشرقية، وكنيستي، كنيسة المشرق على الخصوص، أنهارا من الدماء فحق لها لقب "كنيسة الشهداء"، وفي سبيله قدم ويقدم المتصوفة من كل الاشربة والألوان والأديان تضحيات جمة.

و"ما بين سكون الليل وظلاله" ظل المتصوف يبحث عن "النور" وأهتدى إليه وذاك "النور" نقف به والهين، متولهين، متهللين، متألهين.

كم متصوف ذاب في هذا "النور"، ولكنه دفع حياته ثمنا لذوبانه فيه.

ويرى المؤمن "النور" على المذبح ويرى كيف ان الملائكة تحوم حوله وتخشى رفع أبصارها، ولكنه يتقدم إليه ويلمسه براحته ويحل فيه  – يا لها من مكانة وحظوة وسمو ورفعة أن يلمس المؤمن "النور" بينما الملائكة تخش رفع أبصارها كي تحظى بلمحة منه. هذا باختصار شديد ما يعلمنا إياه ومعنا البشرية جمعاء ملفاننا وقديسنا وعميد ثقافتنا وأدبنا وطقوسنا وفنوننا، وشماس المشارقة أجمعين، مار أفرام السرياني.

لن أطيل عليكم أحبائي، بيد إنني أقول ليس هناك، من خلال تحليلي، قصيدة ترقى الى مصاف هاو دنورانى زيعين منه ܗܘ ܕܢܘܪܢܐ: ܙܝܥܝܢ ܡܢܗ لعملاق أدبنا السرياني ومشرقيتنا المسيحية مار أفرام ܡܪܝ ܐܦܪܝܡ .

والقصيدة جزء من تراث ثر وغني بغنى الحضارة الإنسانية، ونشترك فيه كلنا كلدانا أم سريانا أم أشوريين أم موارنة، وهو مكتوب بلغتنا السريانية المقدسة ومؤشر أننا شعب واحد وأثنية واحدة، ولا أظن أن ناطق بأي لهجة من لهجاتنا ومتضلع فيها كتابة ونطقا سيصعب عليه فهم هذا الشعر السامي والنبوي والسماوي.

والقصيدة رباعية الوزن، أي كل شطر يتألف من ثلاثة خانات، وكل خانة لها أربعة مقاطع صوتية والمجموع 12 مقطعا صوتيا. وهذا الوزن عصي إلا على عمالقة مثل مار أفرام وهو أيضا عصي على الترجمة. تحت يدي ترجمة عربية يدعي صاحبها أنها تتبع ذات الوزن الرباعي لدى مار أفرام، ولكن مع جل احترامي أنها ببعد الأرض عن السماء وهناك إخفاق شديد في المعنى والوزن والمفردة.

قمت بترجمتها نثرا مستندا الى معرفتي المتواضعة بالشعر السرياني وأمل أنني توفقت.

لننشدها سوية وأنا معكم، ولها الحان كثيرة، ولكن هذا اللحن بالذات شائع، وعلى الخصوص لدى كنيسة المشرق الأشورية بشقيها، وهو على مقام الدشت، وما ابهاه وأبدعه.

أترككم مع ابيات منتقاة من القصيدة بخطوط ثلاثة: الخط السرياني، والكرشوني وثم الترجمة والتي أنشدتها على آلة الكمان:

https://fb.watch/i4Yf4iq6sS/


ܗܘ ܕܢܘܪܢܐ: ܙܝܥܝܢ ܡܢܗ: ܕܢܚܘܪܘܢ ܒܗ. ܒܠܚܡܐ ܘܚܡܪܐ: ܕܠܗܘ ܚܙܝܬ: ܥܠ ܦܬܘܪܐ.
هاو دنورانى: زيعين منه: دنحورون به. بلحما وحمرا: لهو حازيت: على پاثورا.
إن الذي يخشى الملائكة النظر إليه، ها أنني اراه على المذبح في الخبز والخمر.

ܥܛܝܦܝ ܦܪܩܐ: ܐܢ ܚܙܝܢ ܠܗ: ܝܩܕܝܢ ܡܢܗ. ܘܥܦܪܐ ܫܝܛܐ: ܟܠܝܢ ܐܦܘܗܝ: ܟܕ ܐܟܠ ܠܗ.
عطيپي برقى: إين حازينله: يقدين منه. وعپرا شيطا: كلين أپاو: كذا أخيليه.
ولابسو النار لإحترقوا لو ألقوا عيونهم عليه، وأنا التراب الضعيف اتناوله سافر الوجه.

ܐܪܙܘܗܝ ܕܒܪܐ: ܢܘܪܐ ܐܢܘܢ: ܒܝܬ ܥܠܝܐ. ܘܣܗܕ ܥܡܢ: ܐܦ ܐܫܥܝܐ: ܕܚܙܐ ܐܢܘܢ.
رازو دورا: نورا انون: بيث علايى. وساهذ عمّن: أپ اشعيا: دحزا انون.
هذه الأسرار التي منحها الابن لنا هي العليقة لدى العليين، ويشهد على ذلك (النبي) إشعيا الذي رأهم.

ܗܠܝܢ ܐܪܙܐ: ܕܐܝܬܗܘܐ ܒܥܘܒܐ: ܕܐܠܗܘܬܐ. ܥܠ ܦܬܘܪܐ: ܗܐ ܡܬܦܠܓܝܢ: ܠܝܠܕܘܗܝ ܕܐܕܡ.
هالين رازى: ديثوا بعوبا: دالاهوثا. عال پاثورا: ها مثپلغين: يلداو داذم.
هذه الأسرار التي كانت في أحضان الله، ها هي نتقاسمها نحن اولاد آدم.

ܡܬܩܢ ܡܕܒܚܐ: ܐܝܟ ܡܪܟܒܬܐ: ܗܝ ܕܟܪܒܐ. ܘܟܪܝܟܝܢ ܠܗ: ܚܝܠܘܬܐ: ܕܫܡܝܢܐ.
مثقان مذبحا: أخ مركوثا: هاي دخروى. وخريخين له: حيلواثا: دشميانى.
يشبه المذبح مركبة يئمها الكروبيون، وتتحولق حوله قوات السماويين.

ܥܠ ܦܬܘܪܐ: ܗܐ ܣܝܡ ܦܓܪܗ: ܕܒܪ ܐܠܗܐ. ܘܡܙܝܚܝܢ ܠܗ: ܝܠܕܘܗܝ ܕܐܕܡ: ܥܠ ܐܝܕܝܗܘܢ.
عال پاثورا: ها سيم پغره: دوار ألاها. ومزيحين له: يلداو داذم: عال إيذيهون.
وعلى المذبح موضوع جسد ابن الله، وأولاد آدم يحملونه على راحة أيديهم ويسبحونه.


[/quote]

3
بطاركة المشرق والخطوة الجبارة لإحياء لغتنا السريانية بطقوسها وتراثها وفنونها وريازتها

بعد طويل انتظار، اتحفنا بطاركة المشرق الذين يرئسون كنائس مشرقية عريقة ببيان يثلج الصدر.

وإن جرى تنفيذ ما أتى في البيان على أرض الواقع، سنكون كلنا شعبا بمسمياته المختلفة، وكنائس بمذاهبها المختلفة، على اعتاب نهضة تعيد مجدنا التليد، هوية وخصوصية مسيحية مشرقية تمتد جذورها في أعماق الرافدين والهلال الخصيب.

والبيان مشترك، بمعنى أن البطاركة أجمعوا على ما أتى فيه.

وإن كان لنا أن نزيد شرح أهمية هذا اللقاء، فإن التسمية التي رافقته وأنعقد تحت لوائها كافية لإنارة العقول وشحذ الهمم:"اللقاء الأول لبطاركة الكنائس ذات التراث السرياني" الذي انعقد في لبنان في منتصف شهر كانون الأول لعام .2022

وإن أردنا معرفة مفصلية هذا اللقاء، فمجرد القاء نظرة على قائمة المشاركين فيه كافية لبعث الأمل في النفوس بعد ضياع طويل وتشتت.

لقد حضر اللقاء رؤوساء الكنائس ذات التراث السرياني وهي الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، والكنيسة السريانية الكاثوليكية، والكنيسة المارونية، وكنيسة المشرق الكلدانية، وكنيسة المشرق الأشورية.

البيان طويل بعض الشيء، وهذا كان لا بد منه، لأنه أول بيان يصدر عن أول لقاء كبير وعال بهذا المستوى.

وفي هذا المقال سأركز على ما أراه أهم النقاط فيه وهي الموقف الموحد حول التشديد على أن "كنائسنا تعتز بتراثها السرياني العريق الذي يجمعها ويشكّل إرثاً تاريخياً مقدّساً غنياً ينبع من وحدتنا التاريخية ولغتنا السريانية الواحدة وطقوسنا الكنسية والليتورجية المشتركة."

لابد وأن نزل البيان بردا وسلاما على محبي تراثنا ولغتنا السريانية. حقا إنه ليوم مشهود أن نقرأ بيانا مشتركا من قادة الكنائس المشرقية وهم يوعدوننا فيه بالسعي والعمل "على نشر تراثنا السرياني وتسليط الضوء عليه والمحافظة عليه بكلّ حرص كلؤلؤة ثمينة ووديعة مقدّسة."

نعم، تراثنا السرياني هو "الوديعة" التي يجب ان نحافظ عليها بأحداق عيوننا وهو "اللؤلؤة" التي لا أظن تملك أمة أخرى أو كنيسة أخرى ما يرقى الى ثمنها وسموها ورفعتها، ونحن أولى بالمحافظة عليها.
"
وهناك التأكيد على "إنّنا شعب واحد بتراثه السرياني المشترك، متجذّر في صلب هذا الشرق الحبيب وفي أساس تكوينه، رغم تعدّد كنائسنا وتنوّع تقاليدنا الرسولية."

انتظرنا طويلا لسماع وقراءة خطاب مثل هذا، بعد فشل القيادة السياسية لشعبنا – هذا إن جاز لنا هذا التعبير لأن في رأي لا نملك قيادة سياسية بالمعنى الصحيح.

وفي البيان فقرة خاصة بالشتات حيث يقطن الغالبية من المشارقة اليوم. وما شدني في هذه الفقرة هو التأكيد على "التمسك بإيمان آبائهم وأجدادهم وهويتهم وتراثهم ونشر هذا التراث التاريخي المجيد في المجتمعات والأوطان الجديدة التي يعيشون فيها."

وهذا بالتأكيد بالغ الأهمية، لأن في اللحظة التي تفقد فيها تراثنا السرياني بلغته، فإننا نخسر هويتنا وخصوصيتنا المسيحية المشرقية التي هي أمانة في أعناق البطاركة الأجلاء اولا واعناقنا نحن ثانيا.

ونوه البيان "بجهود الباحثين ومبادرات المؤسسات التي سعَت وتسعى لدراسة إرثنا السرياني المشترك ونشره." وأمل أن التنويه يعقبه اعمال وممارسات على أرض الواقع.

وربما لاول مرة نرى بيانا مشتركا يعبر فيه بطاركة المشرق بالإجماع عن رغبتهم "بإيجاد آليات مشتركة لتعليم اللغة السريانية التي تكلّم بها الرب يسوع ورسله القدّيسون، والعمل على نشرها والتعمّق بدراستها بالوسائل المتاحة من تقليدية وحديثة."

لنا الأمل الكبير ان يضع البطاركة المقررات هذه، وهناك المزيد لا يقل أهمية عنها، حيز التنفيذ، ونرى خطوات ملموسة في المضامير هذه لإحياء لغتنا السريانية وتراثها وطقوسها وفنونها وريازتها.

ولنا الأمل ان تبدأ عقارب الساعة في بعض الكنائس بالدوران عكس ما حل بشعبنا وكنائسنا من تغريب وتعريب وإقحام لتراث ونصوص غريبة هجينة على شبعنا وكنائسنا.

وكلنا أمل أيضا أن يبدأ البطاركة بمبادرات لتدريس اللغة السريانية وتراثها وأن نشهد مهرجانات للتراث السرياني والطقوس والفنون والأناشيد والآداب السريانية وعلى مستويات شتى.

إن التراث والفنون والآداب هي من أرقى ثمار الحضارة الانسانية. وإن كانت لغتنا السريانية وتراثها لؤلوءة، كما وصفها البيان، فأقول جازما ليس لأمة او كنيسة أخرى "لؤلؤة" و"وديعة"  ثمينة مثل التي لدينا .

يكفينا مار افرام، ومار يعقوب، ومار نرساي، ومار ماروثا وغيرهم كثيرون أن نفتخر بهم بين الأمم والكنائس، ولكن كيف لنا الى ذلك سبيلا إن همشنا وغادرنا تراثنا ولغتنا وطقوسنا وأستبدلناها بالدخيل والأجنبي والركيك والغريب من النصوص والفنون.

لساننا السرياني حضارة. لغتنا السريانية وتراثها لا يجمع كنائسنا وحسب بل يجمعنا كشعب واحد تحت خيمة واحدة.

لا أظن بإستطاعتنا القول إننا شعب صاحب هوية إن خسرنا لغتنا السريانية وتراثها. لساننا السرياني هو البوتقة التي ننصهر فيها جميعا، شعبا وكنائس.

إن أردنا الحفاظ على هويتنا وفنوننا وآدابنا وتراثنا لا بل وجودنا، ، ما علينا إلا الحفاظ على لساننا السريان وتراثه.

من هنا كان البيان خطوة كبيرة تحتاج الى مؤازرتنا كلنا شعبا، بإختلاف أسمائنا، وكنائس، باختلاف مذاهبنا.

4
قرار البطريرك ساكو بالتنحي قرار شجاع رغم أنه متأخر؛ القرار يثير جملة أسئلة وشجون ويترك وراءه تركة ثقيلة ومؤسسة كنسية جريحة متشظيه


في أخر لقاء للبطريرك ساكو جرى في السادس من تموز من هذا العام (2022) على قناة نورسات، ودون سابق إنذار (أي بغتة)، صرح بما لا يقبل الشك واللبس أنه سيتنحى عن منصبه وأن قراره هذا لا رجعة فيه "أبدا، أبدا ... ابدا، أترك، مصر أنا."

في الوقت الذي اشد علي يديه وأبارك له القرار الشجاع هذا ومن على منصة تلفزيونية مسيحية شهيرة، في ذات الوقت أقول إن القرار جاء متأخرا كثيرا.

وحسب رأي الشخصي، كان على البطريرك مغادرة منصبه من اليوم الذي صرح فيه ان اللغة والتراث الطقوس والفنون الكلدانية  ماتت وأصبحت "جوفاء" وأنها بمجملها لا تتماش مع العصر ويجب استبدالها أي تأوينها (تعريبها).

https://www.facebook.com/Noursat.JO/videos/422705399738022/?extid=CL-UNK-UNK-UNK-IOS_GK0T-GK1C-GK2C&ref=sharing

https://fb.watch/erJ80RY4sY/?fs=e&s=clJö

ملاحظة: التصريح في نهاية المقابلة في الدقيقة   1:00:33 وأتي التصريح دون سابق إنذار، أي أنه لم يكن ردا على سؤال في هذا الخصوص، بل أقحمه البطريرك في نهاية المقابلة.


مع ذلك، أرى ومن وجهة نظر شخصية أن القرار صائب، رغم ان مواقع التواصل الاجتماعي ومنتديات كلدانية عديدة كانت سابقا قد أشارت الى نيته بمغادرة منصبه، ولكن لم يتم التأكيد على ذلك بهذا الشكل القطعي مثل ما ورد على لسانه في المقابلة مع قناة نورسات ضمن برنامج "عين على الشرق" الذي أداره القس نبيل حداد.

 ولا يخفى أن هناك معارضة شديدة في صفوف الكلدان للنهج الذي اتخذه البطريرك ساكو لا سيما هجومه المستمر على التراث واللغة والطقوس والفنون الكلدانية، ومن ثم تدشينه لحملة تعريب وتشويه وتهميش وتزوير وتغريب (وهذا كله مثبت) للتراث والميراث والآداب والفنون الكلدانية.

وفي رسالة الى الأساقفة الكلدان في عام 2018 كنت قد رجوتهم فيها أن يجلسوه جابنا أو أضعف الإيمان أن يشكلوا لجان أسقفية لإدارة البطريركية وعلى الخصوص في الشؤون اللغة والطقس والتراث والفنون الكلدانية وكذلك شؤون الإعلام:

https://ankawa.com/forum/index.php/topic,874065.msg7577389.html#msg7577389

لا نعرف الكثير عن حيثيات وخلفيات هذا القرار وما بعده وما وراءه، بيد أن "وعد الحر دين" وها هو البطريرك وعد بما لا يقبل خردلة شك أنه مغادر منصبه عما قريب.

في المقابلة يقول إنه سيتنحى عندما يبلغ السن القانوني؛ رغم أن سن التقاعد القانوني للأساقفة في مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية هو 75 سنة، إلا أنه لا يشمل رؤساء الكنائس منهم بابا الفاتيكان وبطاركة الكنائس المشرقية من الكاثوليك.

ما الدافع وما السبب أن يصل الأمر بالبطريرك ساكو الى القول الفصل وفي وسيلة إعلامية مسيحية شهيرة أنه سيتنحى حال بلوغه الخامسة والسبعين (أي أقل من سنة من الآن) لست أدري ولن أدخل في باب التخمين.

وكنت على علم بهذا القرار الفصل للبطريرك ساكو حال نشره في نورسات، إلا أنني تريثت النشر، حيث تصورت – وكم كنت مخطئا – أنه ربما يهب من يقول إنه يحبه ويناصره من سلك الكهنوت او الكلدان بصورة عامة للقيام بما يشبه مظاهرة او انتفاضة لإقناعه بعدم ترك منصبه.

وكان البطريرك حاذقا في تصريحه الذي في ظني ربما أراد منه أن يكون ما يشبه جس نبض للشارع الكلداني، ولكن الشارع الكلداني لم يكترث، ولم أقرأ - حتى كتابة هذا المقال - سطرا واحدا او كلمة واحدة ترجوه الرجوع عن قراره.

مؤسسة الكنيسة الكلدانية تمر في فوضى عارمة. شهدنا في السنين العجاف الأخيرة ما يوقف شعر الرأس من القضايا والمشاكل والمحاكم ونشر الغسيل، والأنكى شهدنا هدما منهجيا متعمدا للطقس واللغة والتراث الفنون الكلدانية التي تعد عماد الهوية والخصوصية.

وغابت الشفافية، او بالأحرى لم تكن هناك أي بصمة للشفافية وعلى الخصوص في الأمور المالية، ما أثار الكثير من العتاب والشكوك ووصل الأمر الى اتهامات على نطاق واسع كانت وسائل والقنوات الإخبارية والإعلامية العراقية مسرحا لها.

لن أستبق الأمور وأكتفي بهذا القدر وأترك ما يدور في خلدي ربما للتعقيبات في القادم من الأيام، إلا أنني أتطلع الى إدارة بطريركية جديدة تأخذ مهمة الخصوصية والهوية الكلدانية المتمثلة بلغة الكنيسة الكلدانية والكلدان بصورة عامة مع التراث والفنون والطقوس والميراث الكلداني نبراسا وتزيح كاهل وثقل السنين العجاف منذ عام 2013.

وأول قرارات للإدارة الجديدة – هذه رغبة شخصية – أمل أن يكون إلغاء ما أتانا من الدخيل والركيك والرتيب والسمج من النصوص والتشويهات التي حدثت للغتنا وطقسنا وتراثنا وأن نعيد الأمور الى ما كانت عليه في نهاية ادارة المرحوم البطريرك عمانوئيل دلي ومن هناك ننطلق ونطلق حملة نهضة وحداثة تكون فيها لغتنا وطقسنا وتراثنا وفنونا الكلدانية هي الأساس وعليها نبني.


5
باعوثا نينوى هبة من كنيسة المشرق الى كنائس الدنيا وخصيصا المشرقية منها؛ ونبوءة يونان النبي ليست مسرحية أو أسطورة، بل حقيقة ربانية سماوية

في كل سنة تحل فيه باعوثا نينوى تراودني بعض الأفكار والمنطلقات الفكرية المستندة الى تاريخ كنيستنا المشرقية العظيمة. أقول عظيمة لأن لو لم يكن لها زمن مثل زمن باعوثا نينوى وحسب لكفاها فخرا وعزا وتألقا بين كنائس الدنيا ولا سيما الكنائس المشرقية منها.

بوضعه طقوسا وأدبا وتقاليدا وليتورجيا خاصة بباعوثا نينوى أحيا فينا جاثاليقنا الكبير مار حزقيال في القرن السادس ومعه أسقف نينوى مار سبريشوع، أحيا فينا روحنا المشرقية التي هي في تناص تام مع المسرة والبشارة ومن ثم سقى بماء السماء غصن تراثنا وطقوسنا وفنوننا المشرقية الكنسية كأبناء وبنات حضارة النهرين وذلك ببث الحياة في نينوى، رمز كبير للتواصل مع ماض مجيد.

وبإقراره لباعوثا نينوى، حفظ لنا جاثاليقنا الكبير كما هائلا وغنيا وساميا ورفيعا ونبويا من أدبنا السرياني، حيث لولاه ومعه مار سبريشوع أسقف نينوى لضاعت كل هذه الميامير والمداريش والتسابيح والألحان والفنون والتقاليد الخاصة بهذه الباعوثا وصومها المقدس وضاع بذلك ركنا مهما من هويتنا المشرقية الوطنية والكنسية.

وما أتى به جاثاليقنا الخالد من صوم سماه باعوثا نينوى صار جزءا مهما من هويتنا الوطنية والقومية والكنسية، وكذلك جمعنا كلنا نحن المشارقة تحت سقف واحد حيث لم تقتصر باعوثا نينوى التي استنبطها على اتباعه أبناء وبنات كنيسة المشرق بل صارت بوتقة انصهر وينصهر فيها كل المشارقة بشتى أسمائهم ومذاهبهم.

حقا، فإن باعوثا نينوى مأثرة عظيمة من مآثر كنيسة المشرق المجيدة وعلينا الاحتفاظ بها وإحياء تراثها وبهذا نبث الحياة في أنفسنا ونرتشف من الكرمة التي غرستها رسالة المسرة والبشارة.

كم نحن بحاجة الى أن نقوم بتأوين (أي إحياء) تراث باعوثا نينوى. أقول "تأوين" ليس على شاكلة الذين يهاجمون نصوصا نبوية وربانية مثل التي بين يدينا ويفضلون عليها نصوصا ركيكة هزيلة لا تستحق حتى القراءة ويفرضونها على بعض الكنائس. أقول وبأسى شديد إن ما يقومون به ربما أخطر من أي خطر واجهنا ونحن نحث الخطى للحفاظ على هويتنا كشعب وكنيسة مشرقية مجيدة.

والمؤوينون وما أدراك ما المؤوينون. ربما لم يتركوا شيئا من التراث إلا وهاجموه وعربوه وشوهوه وزوره وغربوه وحتى باعوثا نينوى وتراثها الخالد الذي هو جزء مهم من تكويننا وانتمائنا وهويتنا ومعها النبي يونان (يونس، صاحب الحوت، ذو النون) لم يسلم من تأوينهم حيث يكررون في كل مناسبة أن قصته ونبوءته مجرد "مسرحية" أو أسطورة.

أنصحهم أن يحترموا أنفسهم ويصمتوا، وهذا أضعف الإيمان، إكراما للذين يسبغون القداسة على نصوصهم وكتبهم. أن يأتي هذا من ملحدين وأناس عاديين هامشيين، فلعمري هذا امر قد لا يثير الغرابة. بيد أن يأتي هذا من علية القوم، فهذا شأن لا يجوز المرور عليه مرور الكرام.

تشغل قصة يونان النبي ومعها باعوثا نينوى مقاما معظما بين أصحاب الكتب السماوية عموما، والمسيحيون المشرقيون على وجه الخصوص. ربما ليس هناك قصة ذات بعد إنساني تساوي بين البشر باختلاف مشاربهم وميولهم وثقافاتهم من خلال عبرة أخلاقية إلهية مفادها أن الله هو إله الكل ورحمته تسع حتى الذين لا يعرفونه مثل قصة يونان النبي.

وقد لا نجافي الحقيقة إن قلنا إن ليونان النبي في مسيرة شعبنا وكنيستنا المشرقية المجيدة تأثير لا يضاهيه تأثير أي نبي أخر؛ والسبب واضح وهو الإرث الأدبي والقصصي والشعري والإنشادي الغزير الذي يرافق صوم باعوثا نينوى، والذي يشكل ركنا من أركان هويتنا المسيحية المشرقية والوطنية أيضا.

يجب الاعتناء بهذا الإرث واحيائه وتأوينه والكف عن التلاعب بالتراث وتعريبه وتهميشه وتزويره وازدرائه – الازدراء الذي لم ينج نبي مثل النبي يونان منه.

وللنبي يونان حضور جلي في الإنجيل، حيث يشير إليه وبكلمات خارقة يسوع المسيح ويذكر قصته لأن المسيح يرى نبوءته والحوت الذي بلعه وكرازته في نينوى حقيقة ربانية وسماوية ويحترمها ويستشهد بها ويطبقها على حياته ومسيرته. المسيح لدى المسيحيين هو الله ويذكر قصة يونان في إنجيله بكل تبجيل واحترام كحقيقة سماوية ربانية أخلاقية إنسانية لا غبار عليها؛ وعلية القوم اليوم يقولون إنها "مسرحية."

الإيمان والأديان قصص تصبح واقعا في مخيالنا وثقافتنا، ونتصرف على منوال هذا المخيال والواقع وليس على أساس إن كانت تتطابق مع جغرافية الأرض ومكان البحار والأنهار والمحيطات والمناخ ودوران الأفلاك.

والإنجيل ذاته مليء بالقصص والمعجزات مثل معجزة النبي يونان، ويتحدث المسيح لنا من خلال قصص ومعجزات لا علاقة لها بالجغرافية والخرائط والعلم ولكنها أصبحت ضمن مخيالنا واقعا ملموسا لا بل حقيقة سماوية، نقبل بها فكرا وممارسة وتعبدا وقداسة.

النصوص السماوية لها سيمائية خاصة بها لأن المؤمنين بها لا يرونها ضمن الإطار الإركيولوجي او الجغرافي او التجريب العلمي والمختبري. هذه أرفع شأنا من العلم وحتى العقل لدى أصحابها.

وحتى المتضلع في العلوم الطبيعية والتجريبية والصرفة منها، إن كان مؤمنا، فإنه يرى في كل رمز او إشارة في كتابه حقيقة ويتصرف من حيث التعبد والإيمان  بموجب هذه الحقيقة لديه.

العالم بالفيزياء الكاثوليكي يتحدث في الصف عن العلوم والمعارف الفيزيائية ولكنه يخر ساجدا أمام أيقونة للعذراء مريم ومسبحة الوردية في يديه.

ويخر ساجدا أمام القربان المقدس لأنه يؤمن إيمانا ثابتا أن الخبز هذا هو جسد المسيح والخمر دمه.

وكذلك البقرة التي هي بمثابة إله لدى الهندوس. يقدسون البقرة ويعبدونها وعندما يسرق مسلم في الهند بقرتهم ويذبحها ويأكل لحمها يقولون: "إنه ذبح إلهنا".

والسيخ يتشبثون بعمامتهم المقدسة حدّ الموت ولا يقبلون تحت أية ظروف نزعها مهما كان من أمر. قد يراهم الأخرون أشبه بالمجانين ولكن لديهم العمامة حقيقة مقدسة وليست عمامة مثل أي عمامة أخرى.

الحجر الأسود في مكة، يقول العلم عنه إنه نيزك (أي جرم سماوي) بيد أنه لدى المسلم حقيقة مقدسة وبيت إبراهيم النبي وينطلق في عبادته وسلوكه الديني وتصرفاته على هذا المنوال.

ولمار بولس قول في رسائله يقع ضمن جوهر العلوم السيمائية التي ترشدنا اليوم في فهم لماذا وكيف يقدس الناس رموزهم ونصوصهم ويرونها حقيقة ثابتة.

يقول بولس إن كلمة (رمز او إشارة) الصليب لدى اتباع يسوع المسيح هي حياة وفخر، أما لدى الأخرين فهي شتيمة.

قد يضحك أصحاب العقل والعلم على مجريات مثل هذه، بيد أنها لدى أصحابها حقيقة وهم على استعداد للشهادة من أجلها.

نعم، إن القصص الكتابية لها بعد أخلاقي وتعليمي، ولكن هذا لا يجعلها دراما او مسرحية او مجرد موعظة او نصيحة او تعليم كما هو شأن كتاب كليلة ودمنة.

يسبغ المؤمنون بها هالة من القدسية عليها ويؤمنون بها حقا وحقيقة وإن كانت تعارض العقل والمنطق والإركيولوجيا والجغرافيا.

لا أعلم ماذا يقول صاحب التأوين الذي لم يؤن (يعرب ويشوه ويزور) تراث ولغة وفنون وطقوس شعبه، بل صار يؤن حتى النصوص الكتابية، ماذا يقول عن بتولية العذراء مريم ليس في انجابها للمسيح بل في ولادتها هي أيضا حيث المعتقد الكاثوليكي يقول إنها هي أيضا حبل بها بلا دنس؟

التأوين الذي يقوم به صاحبه أمر خطير لأن منطلقه سطحي لا عمق سيمائي له، علما أن السيمائية صارت اليوم نظرية معرفية طاغية ليس في العلوم الاجتماعية، والنصوص الكتابية تقع ضمن العلوم الاجتماعية، بل حتى وصل مداها صوب العلوم الطبية أيضا.

رجل الدين المسلم الذي يقول إن الحجر الأسود "مسرحية" او رجل الدين الهندي الذي يقول إن البقرة مجرد مسرحية او رجل الدين السيخي الذي يرى أن العمامة "مسرحية" يجب الا يبقى ضمن الجماعة التي تسبغ القداسة والحقيقة على الحجر الأسود والبقرة والعمامة.

والمسيحية كذلك لها نصوصها الكتابية ورموزها وإشارتها التي قد يراها الأخرون من علماء وغيرهم أنها مجرد مسرحية، فإن اتباعها يسبغون عليها القداسة ويرونها حقيقة ثابتة ولا يكترثون أن كانت تتطابق مع الجغرافية والمختبر والتجربة العلمية والكشوفات الأثرية.

إن وضعنا الأديان تحت مطرقة العقل والمنطق والعلم وجعلنا منها نبراسا لقياس القداسة والحقيقة لسقطت هي وكتبها.

وفي طقس كنيسة المشرق المجيدة، الذي قام بتأوينه غير مكترث لما يسببه من ضرر، تتكرر مرارا عبارة  ܠܐ ܡܕܪܟܢܐ   لا ندرك وغير مدرك، عند التطرق مثلا الى مفهوم الثالوث المقدس.

إن ذهبنا وراء الإدراك البشري لتفسير النصوص التي نراها مقدسة فنحن علمانيون او لا دينيون لأن الأديان غالبا ما تقع خارج الإدراك البشري.

من ينظر الى تصريحات صاحب التأوين التي يكرر فيها ان نبوءة يونان النبي "مسرحية" يلمس ان هدفه الاستفزاز ليس إلا، لأن الأمور هذه من ناحية عمل العقل والمنطق والتجربة العلمية نوقشت بكثافة في عصر التنوير في القرن الثامن عشر في أوروبا وغادرها الناس وحتى المستشرقون والعلماء لم يعد يذكرونها لأن السيمائية كنظرية معرفية وضعت الأمور في نصابها وعلمتنا أن الرموز والاشارات (واللغة والنصوص الكتابية رموز) لدى الأديان لها مدلولا ومعنى وحقيقة خارج نطاق العلم والمنطق.

أقول الغاية هي الاستفزاز لأن كثرتها بمناسبة او غير مناسبة والظهور الإعلامي الغزير يستغله لمناقشة مواضيع مثيرة للشكوك لدى الناس وإثارة شهية القراء.

وإن لم تكن غايته الاستفزاز وحب الظهور في الإعلام لإثارة الصخب لكان الأولى به الوقوف ضد زيارة البابا فرنسيس للعراق وخصيصا لمدينة اور، موطن إبراهيم النبي، حسب النص المقدس، لأن ليس هناك أي دليل علمي او اثاري ملموس أن إبراهيم قدم من أور على الإطلاق.
ما يأتي به صاحب التأوين ليس ابتكارا او اختلاقا قدر ما هو إعادة لسردية كانت متوافرة في الغرب منذ عصر التنوير وشائعة في الأروقة الأكاديمية الغربية التي اليوم من النادر ان تناقش أمورا مثل هذه دون الرجوع الى سيمائية الرمز او الإشارة من حيث مدلولاتها المختلفة وكيف أنها ارتقت الى مصاف القداسة والحقيقة الثابتة لدى المؤمنين بها.

نعم صار صاحب التأوين ظاهرة لافتة تستحق التوقف عندها، ليس لأنه يقدم لنا شيئا مفيدا وجديدا، بل لأنه صار جزءا من "السلبطة" همه الظهور الإعلامي وإثارة الصخب ليس إلا، وأكاد أجزم ان أغلب ما يأتي به ضعيف من حيث التحليل والربط المنطقي وفيه غياب لمنهج التحليل السليم المستند الى عقل سليم.

إنه، ومع الأسف، يقع ضحية جدله الخطابي، وألفاظه الرنانة، والمصطلحات الطنانة الخاوية من أي معنى مثل مصطلح "التأوين".

6
لتكن رسامة أسقف كلداني لأبرشية دهوك مناسبة للبطريرك ساكو لمراجعة النفس وإعادة النظر في "التأوين،" أي تعريب وتغريب وتهميش وتشويه اللغة والطقس والتراث والفنون الكلدانية

توطئة

سيكون لدهوك (نوهدرا) أسقفا جديدا يوم الجمعة المصادف 21 كانون الثاني 2022. وبهذه المناسبة أقدم التهاني للأسقف الكلداني الجديد صبري شابا متمنيا له التوفيق والنجاح في إبرشية كانت حتى الماضي القريب مركزا لشعلة نهضوية كلدانية قل نظيرها في العصر الحديث.

وبهذه المناسبة أرجو من البطريرك ساكو، وهو الذي سيرأس مراسيم الرسامة والتنصيب في كاتدرائية مار (إيث آلاها) في دهوك، أن يقوم بمراجعة النفس وإعادة النظر في سياسات التأوين التي يروج لها ويمارسها ويفرضها على أوسع نطاق.

ويسأل البعض عن التأوين

والتأوين وما أدراك ما التأوين، إنه اجراء يراد به حق وهو باطل، لأن ظاهره الحداثة والعصرنة والنهضة وباطنه هجوم وتشويش وتغريب وتعريب وتشويه لا بل تزوير للتراث واللغة والفنون والطقوس والآداب الكلدانية التي بمجملها تشكل الهوية الكنسية والوطنية للكلدان.

وقبل ان أدخل في خضم التأوين وأبرهن أن التبريرات والأسباب او بالأحرى الحجج التي يأتي بها البطريرك ساكو لفرضه وممارسته لا يعتد بها ولا يجوز الركون إليها، لنلقي سوية نظرة وبعجالة على النهضة الكلدانية التي سبقت حركة التأوين التي دشنها البطريرك ساكو عندما كان كاهنا في منتصف ونهاية الثمانينيات وروج لها وطبقها على نطاق واسع في السنين الثمان من تسنمه سدة بطريركية بابل على الكلدان.

نهضة كلدانية شامخة

قبل تغلغل حركة التأوين، كانت هناك نهضة كلدانية شامخة وواسعة. قد لا يعرف الكثير من الكلدان إلا ان العقود الأولى من القرن العشرين والعقود الثلاثة التي تلت منتصفه شهدت نهضة كبيرة.

هذه النهضة استندت الى إحياء التراث والتأليف باللهجة الكلدانية الساحرة. فظهرت لنا مؤلفات كثيرة ومجموعة كبيرة من الأناشيد والأشعار باللهجة الكلدانية وصارت على كل لسان، لا بل انتقلت الى مكونات شعبنا الأخرى من الأشوريين والسريان أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: "بشما دبابا وبرونا" و"مشتاقيون من لبا" و"بثولتا صبيثا " وعشرات لا بل مئات من الأناشيد النبوية الملائكية التي كان الكلدان وغيرهم يرنموها ليس في الكنائس فحسب بل النزهات والاحتفاء بالتذكارات الكنسية.

أين صارت هذه النهضة؟ وهنا أخاطب البطريرك ساكو الذي ائتمنه الكلدان قائما وحافظا على تراثهم وفنونهم وطقوسهم الكنسية.

موقع نوهدرا في النهضة الكلدانية

وكان لدهوك ومنطقة زاخو قصب السبق في هذه النهضة. وأنا أكتب هذه الكلمات أتذكر المرحوم القس إغسطين صادق النوهدري الذي له عشرات من الأناشيد والقصائد النبوية باللهجة الكلدانية. ولا يمكن أن نذكر دهوك أو إبرشية دهوك دون أن نذكر هذا القس الجليل ومؤلفاته الكنسية وباللهجة الكلدانية الساحرة.

ألم يكن من الأفضل طبع ديوان الشعر الكنسي لهذا المؤلف الكلداني، أي إحياء أشعاره، بدلا من تأليف كتب بعربية ركيكة ما هي إلا إنشاء مدرسي وفرضها على الكلدان وهي لا تستحق حتى القراءة ضمن حملة التأوين البطريركية الحالية؟

وهناك أخرون من دهوك أي نوهدريين من أمثال المؤلفات الكلدانية الذائعة الصيت باسم داويذ كورا، وهناك القس أبلحد الهوزي، والخوري يوسب بهرو والقس فرنسيس أليشوران.

وظهرت مؤخرا قامة أخرى فنية كبيرة من هذا المنطقة كانت لفترة تدير المعهد الكهنوتي الكلداني ولا نعرف حتى الآن سبب إقالتها وتعينها في خورنة نائية في أوروبا.

غبطة البطريرك هذا التراث وهذه الطقوس بلهجتنا المحكية هي نموذج حي للتأوين وليس كتابة نصوص بعربية هشة ركيكة مليئة بالأخطاء ومن ثم فرضها كصلاة جماعة.

هل هذه النصوص بلهجتنا الكلدانية أيضا زراعية وفيها صلاة للجراد والصرصار وهي جوفاء؟

تبريرات وأسباب

ونأتي الآن وباختصار شديد الى التبريرات او الأسباب او بالأحرى الحجج التي يرددها البطريرك ساكو لتمرير سياسة التأوين، التي ما هي إلا ممارسة هدامة تشكل خطرا وجوديا على الكلدان كنيسة وهوية.

هذه التبريرات والحجج باطلة وما هي إلا، ومع احترامي الشديد، جزء من سياسة ومواقف لا تنطلق إلا من الذي يحمل ضغينة او كرها لتراث ولغة وطقوس شعبه. كل الحجج او الأسباب او التبريرات التي يكررها البطريرك ساكو لتبني وفرض التأوين ذاتية وغير موضوعية فيها مسحة من النرجسية وغير منطقية وليست صحيحة وهي مجرد أقاويل لا يمكن التحقق منها أبدا، أذكر منها على سبيل المثال الا الحصر:

أولا، التراث والطقوس الكلدانية طقوس فلاحية زراعية.
ثانيا، التراث والطقوس الكلدانية جوفاء
رابعا، التراث والطقوس الكلدانية طقوس الجراد والصرصار
خامسا، التراث والطقوس الكلدانية فيها سجع (هذا شأنه شأن النقاط الأخر ليس صحيحا رغم أن السجع واحد من أجمل الأجناس الأدبية)
سادسا، في آداب الباعوثا هناك إشارة الى كون المراءة مركز الشهوة ..
سابعا، المجمع الفاتيكاني الثاني او الفاتيكان يدعو الى التأوين.

أكتفي بهذا القدر لأن النقاط في أعلاه ما هي إلا غيض من فيض من التعابير والتوصيفات والممارسات الجارحة والمسيئة التي أطلقت على التراث واللغة والطقوس الكلدانية في السنين الماضية.

كيف يكون او لا يكون التأوين

التأوين ليس إلغاء ما موجود وتقديم الغريب والدخيل لغة وفنا وأسلوبا وآدبا.

والتأوين ليس up-to-date كما يقول البطريرك في أخر منشور له، وهنا خطأ في الترجمة.

التأوين هو النهضة والعصرنة استنادا الى التراث وانطلاقا منه وبلغته.

هذا ما فعله الفنانون العراقيون عندما استقبلوا البابا بأنشودة تراثية لفاضل عواد مثلا وذاع صيتها وحصدت الملايين من المشاهدات. هكذا تكون الحداثة والعصرنة وليس تأليف أنشودة بالإيطالية.

هذا ما فعله الأدباء المسيحيون من لبنان عندما قاموا بتأوين التراث العربي. إيليا ابو ماضي وميخائيل نعيمة واليازجي ومعلوف وغيرهم انطلقوا من التراث العربي وأبدعوا.

التأوين هو مثل آلة موسيقية غير متوافرة في ثقافة ما ولكن يتم توطينها. هذا ما حدث عندما أدخل بليغ حمدي آلة الساكسفون الى الموسيقى العربية حيث الآلة غربية ولكنها تنطق بالعربي وقس على ذلك آلة الكمان حيث تعزفها كل الأمم ولكن كل أمة تقوم بتوطينها كي تنطلق الأوتار من الثقافة المحلية وليس الغربية.

الشعوب والمؤسسات تقدس تراثها وترى في المناسبات الكبيرة فرصة لتقديمه وإحيائه.

التأوين البطريركي يرى العكس. المناسبات هي فرصة لازدراء التراث وتهميشه واستجلاب الدخيل والأجنبي نصا ولغة وفنا وتأدية لنيل الحظوة لدى الأخرين.

ما الداعي مثلا الى إنشاد قصيدتنا الخالدة بمناسبة السعانين "كلخون عممى قوش كبا" بالكردية او العربية؟ أوليس هذا هو التأوين؟ وأي امة تفعل ذلك او اي شعب يقبل ذلك؟

والتأوين لا يعني تشويه وتزوير كتب التراث وتعريب نصوص بلغة مشوهة ومشوشة ومن ثم وضع أسمائنا عليها وإدراجها ضمن مؤلفاتنا. هذا نطلق عليه plagiarism وهذا أمر خطير.

مراجعة الموقف والنفس

أكرر رجائي الى البطريرك ساكو أن يقوم بمراجعة النفس على أصعدة عدة، بيد ما يهمني شخصيا هو إعادة النظر في سياسات التأوين التي يروج لها ويمارسها ويفرضها.

أملي ان يراجع البطريرك المواقف وعلى الخصوص الموقف من اللغة والتراث.

إن فعل، أكاد أجزم أن الأصوات المعارضة من الكلدان، علمانيين وإكليروسا، ستصمت وتصطف وراءه لإحداث نهضة كلدانية حقيقية أصيلة.

وهناك المئات او ربما الالاف من الكلدان المتضلعين بلغتهم وتراثهم وفنونهم سيكونون على أهبة الاستعداد للمساعدة وتقديم الخدمات.

أغلب هؤلاء الآن ينشطون في الفضاء الافتراضي ولهم متابعين بعشرات الالاف. ذهبوا الى الفضاء الافتراضي لأن التأوين الذي يقوم به البطريرك ساكو لم يبق لهم محل من الإعراب. آن الأوان لجمعهم وتشجيعهم وتقديمهم.

الثورة الرقمية وثورة الذكاء الاصطناعي تمكننا اليوم من التواصل وكذلك تساعدنا في ترجمة نصوصنا الآدبية الكنسية كي يستوعبها الحاضرون، وبذلك نبقي على الأصالة، وإن أردنا الحداثة والعصرنة فلنا تراث كبير وغني ونبوي وسام ورفيع بلهجتنا الكلدانية الساحرة.

7
نشيدنا الخالد مارنْ إيشوع لمار افرام بلحن نادر ܡܪܢ ܐܝܫܘܥ ܕ ܥܒܝܕܐ ܠܡܪܝ ܐܦܪܝܡ

أقدم لكم برفقة ابننا العزيز نينوس واحدة من أبدع ما أتت به قريحة المشارقة طرا، وهي قصيدة (تسبحة) مار افرام، مارن إيشوع، ܡܪܢ ܐܝܫܘܥ، القصيدة الأكثر شيوعا بين المشارقة المسيحيين بأطيافهم المختلفة في العراق وهلال الخصيب:

https://www.facebook.com/100002844373838/posts/3947853581986082/?d=n

https://m.youtube.com/watch?v=wRMXdpdbvno

والقصيدة مثمنة، أي كل بيت فيها له ثمانية مقاطع صوتية. والوزن الثماني في أدبنا السرياني الكنسي سلسل رقراق يجري مثل الحلاوة في الحلق، وأكاد أجزم ان ليس هناك من أبدع في هذا الوزن الشعري مثل مار افرام ولن يكون، ليس في السريانية بل أي من اللغات التي أنا على معرفة بها.

الوزن الافرامي الشائع والمعروف هو السباعي ويكنى شعرياً بالبحر المزدوج، وفيه ينظم مار أفرام ميامير الباعوثة ومداريشها.

بالرغم من ان البحر الثماني في السريانية مسجل باسم أنطون التكريتي، فإن مار أفرام هو الذي يبدع فيه ويؤسس له في هذه التسبحة البهية، التي أخذت بألباب المشارقة المسيحيين منذ ان وضعها ملفاننا الكبير، لا بل عميد أدبنا السرياني، في القرن الرابع الميلادي وإلى يومنا هذا.

وعلى منوال هذه القصيدة الشجية بألحانها المتعددة ووزنها البديع وسلاسة كلماتها بنى عمالقة أخرون نتاجاتهم الأدبية الكنسية من رواد وملافنة كنيسة المشرق المجيدة.

واليوم لدينا في كنيسة المشرق المجيدة جنس أدبي كنسي خاص هو "أدب التسابيح"، حيث لكل شاووعا او سابوع تسبيحته الخاصة، ولكل توقيت للصلوات تسبحته الخاصة ومن ثم لكل أنافورة قداس تسبحته الخاصة.

والبحر الشعري في السريانية لم ترافقه القافية، وكان يقترب في بعض تفاصيله من الشعر الحر، وهذا ما نلاحظه في هذه القصيدة البهية. القافية دخلت أدبنا السرياني بعد القرن السابع، تأثرا بالعرب وشعرهم، حيث القافية ركن أساسي فيه.

وقصيدة مار أفرام هذه، شأنها شأن، كل كتاباته، فيها سياق وحبكة وفكرة مركزية. قراءة متأنية تمنحنا فكرة ومغزى لكل بيت حيث إن الصدر من البيت الشعري مرتبط بالعجز، والأبيات مبنية مثل البنيان المرصوص لو رفعت أي جزء منه لسقط البنيان برمته.

وبهذه القصيدة يكون مار أفرام قد دشن جنسا ادبيا تتبعه فيه ملافنة كبار من كنيسة المشرق، حيث توالت التسابيح البهية وكلها تقتفي اثره ووزنه الشعري البديع.

وكانت دهشتي كبيرة حيث كان لهذه القصيدة وبهذا اللحن بالذات وقع كبير على أبناء وبنات شعبنا بكنائسهم المختلفة وتسمياتهم المتباينة.

في صفحتي في الفيسبوك وحسب هناك – حتى كتابة هذه السطور – أكثر من 170 تعليقا Comment وأكثر من 800 لايك Like وأكثر من 25 ألف مشاهدة.

وهناك أكثر من 500 مشاركة Share وكان من العسر تتبع حركة المشاركات وما يتبعها من لايكات وتعليقات، لأن كل مشاركة أساسية وفرعية لها إحصاءاتها الخاصة بها.

وأهم قياس في شبكة التواصل العملاقة هذه هو Reach أي المدى، وهنا كان التواصل مع مار أفرام وقصيدته الخالدة، مارن إيشوع، مذهلا بكل القياسات.

وفي أدناه تأوين لنص قصيدة مارن إيشوع لمار افرام بالكرشوني ومن ثم بالسرياني وبعدها أرفق ترجمة تكاد تكون حرفية باللغة العربية لغرض فهم النص السرياني، وأمل ان يتمكن قرائي الكرام من مرافقة اللحن بيسر وانشاده وحفظه بلغته السريانية وتطبيقه على كل تسبحة تتبع في تأليفها البحر الثماني البديع حيث لكل من صدر ورجز البيت الشعري ثمانية مقاطع صوتية:

https://www.facebook.com/100002844373838/posts/3947853581986082/?d=n

https://m.youtube.com/watch?v=wRMXdpdbvno


مارنْ ايشوع ملكا سغيذا دزخا بحشه لموتا طرونا
ܡܪܢ ܐܝܫܘܥ ܡܠܟܐ ܣܓܝܕܐ ܕܙܟܐ ܒܚܫܐ ܠܡܘܬܐ ܛܪܘܢܐ
ربنا يسوع الملك المسجود له الذي غلب بآلامه الموت العاتي

برا دالاها داشْتَودي لَنْ حَيِّى حَثِّى بمَلكوثْ رَوْما
ܒܪܐ ܕܐܠܗܐ ܕܐܫܬܘܕܝܠܢ ܚܝܐ ܚܕܬܐ ܒܡܠܟܘܬ ܪܘܡܐ
ابن الله الذي وعدنا حياة جديدة في ملكوت العلي

بَطّلْ منَّنَنْ كولْ نخْيانينْ واشْرا باثْرَنْ شَيْنا ورَحْمِى
ܒܛܠ ܡܢܢ ܟܠ ܢܟܝܢܝܢ ܘܐܫܪܐ ܒܐܬܪܢ ܫܝܢܐ ܘܪܚܡܐ
أزل عنا كل الأضرار وأحل في وطننا الأمن والرحمة

دَوْيومْ دنْحاخْ نحِى قذاميكْو نپْوقْ لورْعاخْ اخْ صوْيانخْ
ܕܒܝܘܡ ܕܢܚܟ ܢܚܐ ܩܕܡܝܟ ܘܢܦܘܩ ܠܐܘܪܥܟ ܐܝܟ ܨܒܝܢܟ
(لكي) في يوم إشراقك ننبعث امامك ونخرج للقائك حسب مشيئتك

بيِذْ اوشَعْنِى نَوْدِى لَشْماخْ عَلْ طَيبوثاخْ دَلْوثْ كنْسَنْ
ܒܝܕ ܐܘܫܥܢܐ ܢܘܕܐ ܠܫܡܟ ܥܠ ܛܝܒܘܬܟ ܕܠܘܬ ܓܢܣܢܢ
وبالسعانين نهلل لاسمك من أجل نعمك على جنسنا

دَزْغيوْ رَحْمَيكْ صيذْ ناشوثَنْ وَذْنَحْ حوبَخْ عَلْ ميثوثَنْ
ܕܙܓܝܘ ܪܚܡܝܟ ܨܝܕ ܢܐܫܬܢ ܘܕܢܚ ܚܘܒܟ ܥܠ ܡܝܬܘܬܢ
فقد فاضت مراحمك علينا كبشر وأشرق حبك علينا نحن المائتين

وَعْطَيتْ حَوبَينْ بيَذْ حوسايَخْ شوحا لَشْماخْ عَلْ مَوهَوثاخْ
ܘܥܛܝܬ ܚܐܘܒܝܢ ܒܝܕ ܚܘܣܝܟ ܫܘܒܚܐ ܠܫܡܟ ܥܠ ܡܘܗܒܬܟ
ومحوت آثامنا بغفرانك فالمجد لاسمك على عطيتك
 
بريخْ ايقارَخْ منْ كَوْ اثْراخْ شاوقْ حوبِى مطّولْ رَحْماوْ
ܒܪܝܟ ܐܝܩܪܟ ܡܢ ܓܘ ܐܬܪܟ ܫܒܩ ܚܘܒܐ ܡܛܠ ܪܚܡܗܘܝ
عزّ جلالك في عرشك يا غافر الخطايا برحمتك

وَوْطَيْبوثاخْ اشْوا لخولَنْ دنَودِى ونسْكوذْ لالاهوثَخْ
ܘܒܛܝܒܘܟ ܐܫܘܐ ܠܟܠܢ ܕܢܘܕܐ ܘܢܣܓܘܕ ܠܐܠܗܘܬܟ
وبنعمتك أهلنا جميعا لنشكر ونسجد لألوهيتك

وَلْماروثاخْ بخولْ عدّانينْ نَسقْ شوحا آمين وآمين
ܘܠܡܪܘܬܟ ܒܟܠ ܥܕܢܝܢ ܢܣܩ ܫܘܒܚܐ ܐܡܝܢ ܘܐܡܝܢ
ولربوبيتك في كل حين نرفع التسبيح امين وامين


8
خارطة طريق وحدة كنيسة المشرق أضعها أمام الأساقفة الأجلاء الملتئمين في مجمع لانتخاب بطريرك جديد لكنيسة المشرق الأشورية ومعهم أشقائهم من الكلدان وأشقائهم في كنيسة المشرق القديمة

تردني الكثير من الرسائل، وهناك العديد من المحاولات والجهود الثمينة للاتكاء على صفحتنا في الفيسبوك من أجل إحياء التراث واللغة والفنون والآداب الخاصة بكنيسة المشرق، والتي تشكل ركنا أساسيا من أركان هويتنا المشرقية المسيحية وكذلك هويتنا الوطنية والقومية.

بيد أن محاولة الأخ إيشو سورا ميشو بث الحياة افتراضيا لكنيسة دمرها التكفيريون والظلاميون في سوريا على أنغام كنيسة المشرق المجيدة التي أديتها على آلة الكمان تمس شغاف القلب:
https://www.facebook.com/100002844373838/posts/3611355052302605/

وهذه كانت كانت كنيسة مريم العذراء في تل نصري-ولطو/ الخابور سوريا
ܥܘܡܪܐ ܕܡܪܬܝ ܡܪܝܡ/ ܬܠ ܢܨܪܐ/ ܘܠܛܘ/ ܚܒܘܪ/ ܣܘܪܝܐ
St. Mary/ Tel Nasr-Walto/ Syria

 
الفيديو القصير هذا الذي أخرجه الأخ العزيز إيشو ببراعة يؤرخ لكنيسة من كنائس المشرق التي دمرها المجرمون تحكي قصة كنيسة مقدسة رسولية جامعة – كنيسة المشرق المجيدة – المليئة بالاضطهاد منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، فحق إطلاق لقب "الكنيسة الشهيدة" عليها.

الموسيقى التي ترافقه هي لحن جنائزي من روائع الأناشيد الجنائزية التي ترتل في أسبوع الألآم وفي مناسبة الجمعة العظيمة حصرا.

كثيرة هي الأديرة والكنائس التي دمرها المجرمون من كل حدب وصوب وفي عصرنا هذا بالذات، ولكن يجب ان نقول لهم إن دمرتم الحجر فلن تستطيعوا قلع حب مشرقيتنا المسيحية بتراثها وآدابها وشعرها وتسابيحها وأناشيدها ولغتها وفنونها وطقوسها وريازتها من قولبنا.

فكما نحمل قلوبنا معنا اين ما كنا وأين ما حل الدهر بنا، كذلك سنحمل مشرقيتنا المسيحية معنا بكل ما تعنيه من تراث وطقوس ولغة وفنون وريازة وآدب وشعر ونثر وموسيقى.

الأساقفة الأجلاء:

هذا هو الرد على تدمير كنائسنا وتهجيرنا من ديارنا وسلبنا أديرتنا وأوقافنا وبيوتنا وأراضينا. في اللحظة التي ننسى او نهمش هويتنا المشرقية المسيحية بما تحمله من إرث وتراث وطقوس ولغة وفنون وريازة نكون قد ساهمنا عن قصد او غيره في إيقاف نبض قلوبنا، ونندثر ونصبح هباء منثورا.

والطريق الى الثبات والبقاء رغم المصاعب وفي أي بقعة من الأرض كنا هو الثبات على الثقافة والهوية (طقوس ولغة وفنون وموسيقى وآداب وشعر ورموز كنيستنا، كنيسة المشرق المجيدة).

ووحدة كنيسة المشرق قد لا تتم مذهبيا، ولكن ما يجمعنا ويوحدنا هو الطقوس والثقافة والفنون والريازة واللغة والآداب الكنسية لكنيسة المشرق، هذه تجمعنا في نطاق كل كنيسة من كنائسنا الثلاثة ومع بعضنا بعضا سوية.

القرب من الثقافة والهوية المشرقية الكنسية والحفاظ عليها لحنا ولغة وطقسا وإنشادا وفنا معناه قربنا من الوحدة، وبعدنا عنها معناه التشرذم والفناء في النهاية ككنيسة مشرقية مجيدة رغن اختلاف تسمياتها ومذاهبها.

من هذا المنطلق، أمل النجاح لمجمعكم وأمل أن يكون الحفاظ على إرث وتراث وطقوس ولغة وأشعار وثقافة وفنون وموسيقى كنيستنا، كنيسة المشرق المجيدة بشقوقها الثلاثة، الأشورية والكلدانية والقديمة، في صلب مناقشاتكم وأن تكون هناك إجراءات عملية ملموسة في ذلك.

وأمل أن تبقى كنيسة المشرق – بفروعها الثلاثة – جامعة، بمعنى أن كل فرع من فروعها يعود لنا جميعا كلدانا أو اشوريين، والحفاظ على ثقافة وهوية هذه الكنيسة لغة وطقسا وفنا وريازة وأدبا وشعرا وإنشادا هو الطريق الصائب لوحدتنا.

أمل ان تبقى كنيسة المشرق بفروعها الثلاثة منفتحة على كل من يحمل إرثها وتراثها وطقسها وفنها وريازتها ولغتها، وأن نتجنب الاقصاء بحيث نلمس كلنا كلدانا وأشوريين أننا أبناء وبنات هذه الكنيسة الجامعة رغم تباين المذاهب والتسميات.

وكان لوجود أساقفة من الهند في صفوفكم وقع كبير ومؤشر على الاضطهاد والألم والظلم الذي كان مرافقا لهذه الكنيسة المجيدة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.

شكرا لكم وأتمنى التوفيق والنجاح لمجمعكم الذي تستمر جلساته بهدوء دون ضجيج إعلامي.

وشكرا لك أخي العزيز إيشو ومن خلالك أقول لكل أبناء وبنات كنيسة المشرق ولكل الأخوة والأحبة من أبناء وبنات الكنائس المشرقية الشقيقة الأخرى، إنكم احرار في نقل ما أضعه في صفحتي في الفيسبوك وتنزيله في أي موقع أخر، شريطة عدم التلاعب به لأنه جزء من التراث وللتراث قدسية لأن من خلاله نعرف من نحن ومن خلاله نستدل على مشرقيتنا المسيحية وهويتنا الوطنية أيضا:
https://www.facebook.com/100002844373838/posts/3611355052302605/

9
الأساقفة الكلدان: الرجاء إيقاف تغريب وتعريب وتشويه لغة وتراث وثقافة وطقس وفنون (هوية) الشعب الكلداني وكنيسته الكلدانية الكاثوليكية

يلتئم الأساقفة الكلدان حاليا في اجتماع مهم (سينودس) في بغداد. الكل ليس حاضرا، ولكن الأغلبية الساحقة تحضر الجلسات.

وبفترة ليست قصيرة، طالعنا الإعلام البطريركي بجدول الأعمال. ولأن بعض جلسات الاجتماع ونشاطات الحاضرين من الأساقفة نقلتها وتنقلها وسائل الإعلام، لذا فإن ما يجري مع محتوى جدول الأعمال أصبحا جزءا من الفضاء العام، ومن حق أي كان وعلى الخصوص الكلدان وأتباع الكنيسة الكلدانية التعليق والتعقيب والمناقشة.

وأنا استخدم حق إبداء الرأي انطلاقا من أن جدول الأعمال وبعض الجلسات وقسم كبير من النشاطات تبث على شبكات التواصل. والتعبير عن الموقف والرأي مصان وحق في عالم اليوم، الذي فيه صرنا كلنا أصحاب منصات تمكننا بث ما تختلجه صدورنا.

وبعد قراءتي لجدول الأعمال بتمعن ومشاهداتي، أرفع هذا النداء من أعماق القلب الى الأساقفة الأجلاء ادعوهم فيها الى إيقاف ما نشاهده كتابة وممارسة وقولا من تغريب وتعريب وتشويه للغة وتراث وثقافة وطقس وفنون (هوية) الشعب الكلداني وكنيسته الكلدانية الكاثوليكية.

أرفع رجائي إليهم أن يوقفوا حملة التعريب (التأوين) هذه، لأنها لا تليق بشعب أصيل مثل الشعب الكلداني وكنيسة عريقة مثل الكنيسة الكلدانية.

أرفع رجائي إليهم أن يوقفوا القراءات والترجمات والكتابات الركيكة من هنا وهناك التي يجري إقحامها في الطقس والتراث والثقافة والفنون الكلدانية.

أرفع رجائي إليهم أن يوقفوا التلاعب بالفنون والموسيقى والتراث الكلداني الأصيل الذي لا مثيل له حقا والعمل على إحيائه بأسلوب عصري حداثي وليس أسلوب من هنا وهناك حيث لا أصالة ولا حداثة غير تغريب وتعريب وتشويه.

أرفع رجائي إليهم أن يوقفوا تشويه كتب التراث والطقس وإقحام الغريب والدخيل فيها وأحيانا تزويرها وادعاء تأليفها بوضع اسمائنا عليها.

أرفع رجائي إليهم حذف ورفع ما تم إدخاله من نصوص ركيكة هشة أكاد أجزم ليس فيها جملة مفيدة واحدة من حيث نسق المعنى وتساوق الأفكار وتركيزها ومركزيتها وتناصها مع المسرة والبشارة.

 أرفع رجائي إليهم عدم الركون الى نصوص دخيلة مترجمة بعربية ركيكة، بل الحفاظ على النصوص الأصيلة النبوية وإن كان لا بد من ترجمة لتكن عامل مساعد وليس كما هو الآن حيث تحل محل الأصيل وتزيحه.

أرفع رجائي إليهم جمع شمل المثقفين الكلدان من الشمامسة وغيرهم بعد هجرتهم الجماعية في السنين الأخيرة صوب الفضاء الافتراضي كنتيجة مباشرة لسياسات التعريب والتأوين والتغريب.

أرفع رجائي إليهم بث الحياة في المعهد الكلداني الوحيد الباقي لنا وذلك بإعادة تدريس لغتنا وتراثنا وطقوسنا وفنونا وموسيقانا الكنسية فيه.

أرفع رجائي إليهم إيقاف الحملة على الرهبنة الكلدانية وكان أخرها منشور فيه من الابتذال ما لا يجوز ابدا أن يصدر عن هرم مؤسسة كنسية بحجم الكنيسة الكلدانية.

أرفع رجائي إليهم أن يجعلوا من أداء الإعلام البطريركي نقطة أساسية ومهمة في جدول أعمالهم وأن يشكلوا لجنة تراقب ما تصدره البطريركية من خطاب للارتقاء به الى مستوى مدني حضاري مقبول.

أرفع رجائي إليهم ان يكشفوا لنا مصدر التسريب الذي يرقى الى نشر غسيل من العيار الثقيل لمعلومات حول أساقفة وكهنة كلدان لا يجوز ان تصبح ضمن الفضاء العام، علما أن هذه المعلومات الخطيرة لا يملكها إلا هرم المؤسسة وعلما أنه يتم بثها في الفضاء العام من خلال أسماء مستعارة.

أرفع رجائي إليهم ان يكشفوا لنا حيثيات المحاكم التي كانت البطريركية طرفا فيها، إن في العراق او خارجه، لأن أصبحت مادة للقيل والقال في فضاء الإعلام ووسائل التواصل.

أرفع رجائي إليهم ان يوقفوا تدخل مؤسسة الكنيسة الكلدانية ممثلة بالبطريركية في دهاليز السياسة الفاسدة في العراق.

أرفع رجائي إليهم أن يحافظوا على خصوصيتنا كشعب كلداني وكنيسة كلدانية ذات خصوصية من خلال إحياء تراث وثقافة ولغة وطقوس هذه الكنيسة العظيمة وليس تغريبها وتشويهها وتعريبها.

أرفع رجائي إليهم أن ينسقوا ويتعاونوا مع المثقفين الكلدان من المتضلعين بثقافة ولغة وطقس وفنون شعبهم وكنيستهم للاستفادة من إمكانيتهم في إحياء الهوية الكلدانية الأصيلة.

أرفع رجائي إليهم ان يتعاونوا مع المختصين والعلماء والمثقفين الكلدان للاستفادة القصوى من الثورة الرقمية وتطويعها لإحياء التراث واللغة والطقس والفنون الكلدانية.

أرفع رجائي إليهم إن يبثوا الحياة في الآدب الكلداني من شعر ونثر وفنون وجله كنسي.

أفع رجائي إليهم ان يلموا شمل كنيستهم ويجمعوا الكل تحت خيمتها وعلى الخصوص المعارضين لنهج الإدارة الحالية.

أرفع رجائي إليهم ان يمنحوا المعارضين من الكلدان – وهم ليسوا أقلية كما يتصور حسب ظني – ويسمعوا لهم ويناقشوهم بروح رياضية ويتقبلوا نقدهم ويتعاملوا مع النقاط التي يثيرونها برحابة صدر للوصول الى قاسم مشترك يجمعنا كلنا.

وأخيرا وليس أخرا، أرفع رجائي إليهم بث الحياة في الآدب الكلداني الكنسي المكتوب باللهجة الكلدانية الساحرة وهو آدب ثر وغني أبدع فيه الكلدان في مستهل القرن العشرين وحتى منتصفه قبل أن تزيحه حملة التعريب والتغريب في بداية الثمانينيات من القرن ذاته.

أظن هناك نقاط أخرى كثيرة  يتمنى الكلدان أن تصبح مثار نقاش في السينودس بدلا من جدول الأعمال الحالي الذي لا يرقى الى الطموح ويقترب كثيرا في المتن والنقاط واللغة من منهج سفرة مدرسية.

10
ابجديتنا المقدسة: ܐܒܓܕ ܗܘܙ ܚܛܝ ܟܠܡܢ ܣܥܦܨ ܩܪܫܬ (ابجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت): من كنيسة المشرق الى الأشقاء السريان مع تحية من القلب والأعماق

تغمرني السعادة وأنا أرى ان الأطياف او القوس قزح الذي يشكل شعبنا الواحد رغم التسميات المختلفة، إضافة الى كنائسنا المشرقية الواحدة، رغم ميولها ومذاهبها المتعددة، تثمن الجهود التي أبذلها لنشر وتعليم لغتنا وتراثنا وثقافتنا وطقوسنا وآدابنا وفنونا وأشعارنا على وسائل التواصل وتتفاعل معها بجدية وإيجابية:

https://www.facebook.com/leon.barkho

حقا هذا يدخل الفرحة الى النفس والقلب ويجعلني أبتهج ويحفزني الى تقديم المزيد من روائع كنيسة المشرق المجيدة.

واللغة والآدب والثقافة والفنون والطقوس العائدة لنا مشرقية الهوى والمنحى تعبر عن المسرة والبشارة بنفس وميل مشرقي أصيل يعود لنا كلنا باختلاف تسمياتنا ومذاهبنا، ويصرخ في وجهنا قائلا: إننا شعب ابي، شعب واحد له لغة مشتركة وثقافة واحدة وآدب وفنون وطقوس مشتركة، وهذه من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية؛ وفي العمق والجوهر، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، تشكلنا كأمة وهوية قومية وثقافة كنسية مشتركة.

وكانت سعادتي لا توصف عندما أرسل لي أحد المتابعين في تعقيب له على أخر نشاط قمت به، وهو النشيد الملكي المشرقي، وقد كتبه بالخط الشائع لدى الأشقاء السريان، وفيه اعتذار لأن لم يسعفه الحاسوب كتابته بالخط الاسطرنجيلي، وهو الخط الساحر، خط ملوكي من الخطوط السريانية البديعة الساحرة التي تجمع شقي شعبنا وكنائسنا من المشارقة والمغاربة (شرق وغرب نهر الفرات).

أعزف عن ذكر اسمه وأترك الأمر له، بيد أنني أقول إنك يا أخي العزيز برهنت ان الثقافة واللغة والطقوس والريازة والشعر والآدب والفنون التي نملكها هي التي تشكل هويتنا وخصوصيتا كأمة ذات هوية مميزة (قومية) وكنائس مشرقية مجيدة.

وأنا بدوري أهدي له الصفحة الخاصة بالنشيد الملكي الذي نحن في صدده في حوذرتنا المقدسة المشتركة لكنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية، التي يعدها المختصون والأكاديميون والعلماء جوهرة ولؤلؤة الآداب والفنون الكنيسة في المسيحية طرا، شرقا وغربا، ويظهر فيها الخط الاسطرنجيلي بجلاء.

فإلى اشقائي السريان أرسل تحية من الأعماق تحية محب لإرث وتراث كنيسته المشرقية المجيدة وكذلك من محب لتراث وإرث ولغة وفنون وطقوس الكنيسة السريانية المجيدة بفرعيها الأرثدوكسي والكاثوليكي والفروع الأخرى التي تشترك معهما في العمق ونحن وهم انصهرنا في بوتقة واحدة مشكلة سبيكة لا تتجزأ ابدا.

ولكل من يحمل إرث ܐܒܓܕ ܗܘܙ ܚܛܝ ܟܠܡܢ ܣܥܦܨ ܩܪܫܬ (ابجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) أقول إنكم احفاد أبجدية ولغة صاحبة ثقافة وفنون وطقوس وآداب سامية لا ترقى الى سموها أي أبجدية أخرى.

وتتذكرون أنها الأبجدية التي كتبها الرومان على الصليب في الجلجة ونطق بها المصلوب، ابن الأنسان.

وأن ابجديتكم هي أصل اللغات السامية حيث إن النبطية التي عنها تطورت الأبجدية العربية أصلها ܐܒܓܕ ܗܘܙ ܚܛܝ ܟܠܡܢ ܣܥܦܨ ܩܪܫܬ

ومن هذا المكان أدعوكم الى التشبث والتمسك وعدم التهاون في الحفاظ على ܐܒܓܕ ܗܘܙ ܚܛܝ ܟܠܡܢ ܣܥܦܨ ܩܪܫܬ وذلك من خلال إحياء هذه اللغة وما تحمله من تراث وفنون وآداب وثقافة ما استطعنا الى ذلك سبيلا.


وكذلك انتهز هذه الفرصة كي أحثكم لا بل أطلب منكم الوقوف في وجه أي مسعى لتهميش هذا التراث وهذه الثقافة وهذه الفنون، فنون ܐܒܓܕ ܗܘܙ ܚܛܝ ܟܠܡܢ ܣܥܦܨ ܩܪܫܬ، التي هي هويتنا ومؤشر لوجودنا ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

إن الذي يهمش هذه اللغة وهذه الفنون وهذا التراث ويستبدله، أي كان وأي كان شأنه ومركزه وطائفته وتسميته وميله، يقتلنا، شأنه شأن الذين اضطهدونا وقتلونا وهججونا وطمسوا ثقافتنا وأحرقوا كتبنا إن كانوا في الشرق او الغرب.

الأعداء قد يقتلون الجسد، ولكن الذي يحارب اللغة والثقافة والطقوس والفنون والآدب والشعر والريازة، يحارب ويضطهد ذاكرتنا الجمعية التي تراكمت عبر التاريخ، وبهذا ينفينا من الوجود وخطره أشد علينا من خطر أي عدو أخر.


وأنتهز هذه المناسبة أيضا كي أخاطب اشقائي السريان ومعهم مؤسستهم الكنسية وذلك بالإشادة بمقررات السنهادوس (المجمع المقدس) الذي عقدته مؤخرا حيث كانت فيه فقرات واضحة تدعو الكل الى التشبث بالطقس واللغة والريازة الكنسية والعمل الحثيث على احياء التراث والفنون الكنسية بلغتها السريانية المقدسة لتي تعد ركنا من أركان مسيحيتنا المشرقية وهويتنا الوطنية.

ونحن في أحر من الجمر في انتظار نهضتكم ونهضة كنيستكم المقدسة ومعكم اللغة وما تحمله من فنون وثقافة وآداب واشعار وأناشيد وطقوس التي في مجملها تشكلنا كلنا سوية في إطار الأمة الواحدة والكنيسة الواحدة، رغم التباين التسموي والاختلاف المذهبي الذي فرضته علينا عوادي الزمن.

واهيب بكل اطياف شعبنا  ان  تكون لغتنا مع الثقافة والفنون والطقوس والآداب التي تحملها والتي تشكلنا هوية  قومية واحدة ومسيحية مشرقية  جامعة هي المحك والمعيار  للتنافس والتعبير عن هويتنا  القومية والكنسية وليس الصراع على التسميات واحقية المذاهب التي نحن عليها.


11
مقارنة بين الهوية الكلدانية والهوية الكردستانية – على هامش رسالة البطريرك ساكو الى البرلمان الكردستاني حول التسمية وشؤون أخرى

أثارت رسالة البطريرك ساكو الى البرلمان الكردستاني الكثير من الشجون. وفي هذا المنتدى بالذات، أعادتنا حوالي عقد الى الوراء حيث كان الصراع الخطابي حول التسميات على أشده.

وأثارت الرسالة زوبعة وأنبرت أقلام هي ذاتها تشحذ الهمم وكأننا أمام معركة مصيرية ووجودية.

وتريثت حتى تنقشع الزوبعة كي أدلو بدلوي. وها هي الزوبعة قد هدأت، ولكن الى حين، والحين قريب لأننا كشعب لم يبق لنا تقريبا شيء غير الخطابة والكلام المكرر على صفحات المنتديات ومواقع التواصل.

وكي ألقي بعض الضوء على ما آل إليه وضعنا المحزن كشعب كلداني ومؤسسة كنسية كلدانية، سأجري مقارنة مبسطة من نقاط عشر بين مفهوم وممارسة الهوية (القومية) لدى الأكراد، ومفهوم وممارسة الهوية (القومية) لدى الكلدان، متمثلين بالإدارة البطريركية الحالية.

أولا، الاكراد قاوموا ويقاومون التعريب (التعريب بمفهوم فرض لغة وثقافة دخيلة كي تحل محل لغتك وثقافتك الوطنية - هويتك). الكلدان، ومع الأسف الشديد ومتمثلين بالإدارة البطريركية الحالية، يرغبون في التعريب لا بل يحثون عليه وكانوا يناصرون ويشجعون أي مسعى للانتقاض من اللغة الأم والثقافة التي تحملها؛ والشواهد كثيرة هنا وعلى الخصوص في مسيرة ومنهج وممارسة البطريركية الحالية.

ثانيا، الأكراد يحترمون رموزهم وكتابهم وأعلامهم وآدابهم وشعرهم. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يستهينون بالرموز  الكلدانية والكتاب الكلدان والآداب والشعر الكلداني، والشواهد كثيرة.

ثالثا، الأكراد يقرأون شعرهم ويحفظون اشعارهم ويرددونها ويمنحون تراثهم مكانة لائقة. الكلدان لم يعد يعرفون من هم شعرائهم ومن هم أدباءهم ومن النادر ان تلحظ كلدانيا يحفظ بيتين من الشعر بلغته.

رابعا، الأكراد لا يستهينون بتراثهم الكتابي ولا ينعتونه بصفات سلبية غير لائقة. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يهمشون التراث الكتابي ويطلقون عليه توصيفات غير حميدة ويفضلون أي دخيل او أجنبي عليه.

خامسا، الأكراد يحترمون كل ما له علاقة بهويتهم وثقافتهم ومن ضمنها مثلا الأزياء. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يستهزئون بما له علاقة بتراثهم وهويتهم ومنها الأزياء.

سادسا، الأكراد يجمعون ويشجعون ويدافعون ويدعمون مثقفيهم المتمكنين من لغتهم وتراثهم وفنونهم. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يستهزئون بالمثقفين المتمكنين من لغتهم، واليوم هاجر الالاف من المثقفين الكلدان صوب الفضاء الافتراضي حيث لم تعد مؤسسة الكنيسة الكلدانية تقبلهم حتى يغيروا أي يؤنوا (يعربوا) أنفسهم (ثقافتهم).

سابعا، الأكراد يحبون ويشجعون فنونهم وموسيقاهم وآلاتهم الموسيقية. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يستهجنون الفنون الكلدانية والموسيقى الكلدانية والآلات الموسيقية الكلدانية.

ثامنا، الأكراد يؤنون (يحيون) ثقافتهم وتراثهم وإرثهم وآدابهم بلغتها ويقدمونها للجيل الجديد كي يشكل هويته انطلاقا من التراكم الثقافي للأكراد كشعب. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يؤنون، ولكن عكس مفهوم التأوين لدي أي شعب يريد ان ينهض بنفسه، ولهذا التأوين لدى الكلدان هو إلغاء التراث واستبداله بالكتابة والتأليف بأي لغة لا سيما العربية وبأسلوب ركيك، هزيل، مليء بالأخطاء ويشي بعقل مشوش وأفكار لا منطق أو سياق وتساوق لها.

تاسعا، الأكراد يطبعون بلغتهم ويحاولون جهدهم التحدث بها كلما سنحت الفرصة وتدريسها على كافة المستويات. الكلدان متمثلين بالبطريركية الحالية يطبعون باللغة العربية ويتحدثون بلهجة عربية عامية ركيكة ويمنعون تدريس لغتهم في المعهد الوحيد الباقي لديهم في العراق.

عاشرا، الأكراد لديهم مثقفين يقفون بالمرصاد لأي كان ومهما علا شأنه ومنصبه إن حاول تهميش لغتهم وتراثهم وثقافتهم وفنونهم وأعلامهم وطقوسهم ورموزهم، الأركان المهمة التي تستند إليها هوية (قومية) أي شعب. الكلدان لديهم مثقفين يقفون بصف الذي لا هم له إلا تهميش لغتهم وتراثهم وفنونهم وطقوسهم ومهاجمتها، دون وجه حق، ونعتها بصفات غير لائقة بدلا من تنبيهه ان المسيرة هذه هدامة وتشكل خطرا وجوديا عليهم. والأنكى، إنهم يكررون طروحاته غير المنطقية والتي لا سند علمي او نظري او تطبيقي لها وكأنها مسلمات.

هذه مقارنة مبسطة للتأوين الكردستاني والتأوين الكلداني، أي مقارنة بين مفهوم الهوية (القومية) لدى الأكراد ومفهوم الهوية (القومية) لدى الكلدان متمثلين بالإدارة البطريركية الحالية.

علما، أن التسمية الكلدانية متوافرة في الدستور الاتحادي ضمن "القوميات" التي يتشكل منها العراق منذ عام 2005، وهذا أهم بكثير من دستور إقليم كردستان الذي لا يجوز ان يناقض نصه أي مادة في الدستور الاتحادي.

ولكن التسمية المثبتة في الدستور الاتحادي لم تضف الى الهوية او الشعور القومي الكلداني مفهوما وممارسة قيد خردلة. عل العكس جرى طمس الهوية الكلدانية من خلال التأكيد على الموقف السلبي والمعاكس من خلال الممارسة اليومية لتهميش وهدم ما يؤشر ويدعم هذه الهوية بأسلوب يتحكم فيه الإصرار والمنهجية والتصميم منذ عام 2012.

ولهذا لم استوعب حتى الآن لماذا وكيف وما الذي دعا البطريرك ساكو ان يكتب تلك الرسالة التي أحدثت شرخا وانقساما في صفوف شعبنا المسكين، وكأن الشرخ الذي احدثته إدارته في صفوف المؤسسة الكنسية التي يقودها لم يكن كافيا.

وسأحاول الإجابة على "لماذا، وكيف، وما" الذي جعل البطريرك ساكو يسطر بعجالة رسالة غير مدروسة بعناية من حيث المتن واللغة والدبلوماسية والمعلومات والمنطق والكياسة، ومن ثم إرسالها الى أعلى مؤسسة تشريعية في إقليم كردستان العراق عند التفاعل مع التعقيبات والردود التي ستأتينا، وأمل ان تكون في صلب الموضوع؛ او من خلال إضافات وايضاحات سأكتبها بين الفينة والأخرى في هذه الصفحة.

12
من روائع تراث التسابيح لكنيسة المشرق: تسبحة ܐܘ ܠܟܝ ܢܦ̮ܫܐ التي ترافق سابوع القيظ الذي نستهله بعيد نوسرديل ܢܘܼܣܵܪܕܹܝܠ التراثي الجميل (عيد الرشاش)

تستهل كنيسة المشرق المجيدة(بشقيها الأشوري والكلداني) سابوع القيظ الذي نحن فيه بمناسبة تراثية من أجمل ما يكون هو الاحتفاء بعيد نوسرديل ܢܘܼܣܵܪܕܹܝܠ، وهو واحد من أجمل المناسبات التراثية الجميلة لشعبنا وكنائسنا المشرقية.

وبهذا المناسبة ارتأيت تقديم تسبحة ترافق هذه الفترة الطقسية مستفتحا بها وثم معرجا على تسبحة مار أفرام الخالدة الا وهي مارن إيشوع ܡܪܢ ܐܝܫܘܥ:

https://www.facebook.com/leon.barkho/posts/3752719098166199

ونوسرديل ܢܘܼܣܵܪܕܹܝܠ كان يجب كلنا ان نحتفي به سوية لأنه جزء مهم من تراثنا الغارق في القدم وفي عمق حضارة وادي الرافدين

لقد ترك لنا اجدادنا العظام تراثا غنيا بهذه المناسبة، وهو مجوعة أشعار وأناشيد ونثر موزون وألحان شجية يجب ان نحافظ عليها ونقوم بتأوينها أي إحيائها بلغتها ولحنها، والتطور التكنولوجي الرقمي والذكي يساعدنا على ذلك ويسهل الأمر لنا.
.
وترافق هذا السابوع، سابوع القيظ تسبحتان، واحدة لكل أسبوع حسب رقمه، المفرد (ܩܕܡܝܐ قذمايى، حيث يقف الشخص الأول والمقدم او الرئيس مع صفه من المنشدين على يسار المذبح) والزوجي (ܕܐܚܪܝܐ دحرايىى، حيث يقف الصف الثاني مع المنشدين علي يمين المذبح). وهذا تقليد تراثي وثقافي جميل له بعد وعمق في الكتاب المقدس والإنجيل.

لم أفلح في الحصول على كاتب التسبحتين الذي يبدو أنه شخص واحد، لتقارب الأسلوب بينهما. وأي تحليل للخطاب سيظهر ان التسبحتين كتبتا قبل القرن السادس لقربهما من أسلوب مار أفرام ومار نرساي أولا، واستخدامهما الأحرف الأبجدية السريانية في استهلال كل بيت ثانيا، وثالثا وهو الأهم لاتباعهما الشعر الموزون غير المقفى، هو سمة رافقت آدابنا وتراثنا السرياني حتى مقدم العرب المسلمين الى ديارنا وطردهم للفرس منها.

لن أستطرد رغم ان هناك الكثير مما يمكن قوله حول هاتين التسبحتين الرائعتين، بيد أنني أتذكر إنشادي لإحداهما مرة في كنيسة كلدانية وطلبت من الجوق مرافقة ذات اللحن عند إنشاد مارن إيشوع ܡܪܢ ܐܝܫܘܥ التي تشترك معهما في الوزن الشعري السرياني الثماني السلس والعذب.

بعد نهاية القداس ذهب أحد الشماسة من أصدقائي الحميين وأشتكى لدى القس قائلا: إن التسبحة واللحن لا يجوز انشادهما في الكنيسة الكلدانية لأن النص واللحن نسطوريان من الكنيسة الأشورية.

شرح له القس أن هذا خطأ جسيم وأن التسبحة واللحن جزء من التراث والثقافة الكلدانية، وكون معلوماته فقيرة جدا عليه أن يتعلم ويدرس لغته وتراثه كي يعرف من هو وما هي هويته وثقافته (أي قوميته).

بالمناسبة اللحن الذي أعزفه على آلة الكمان وأنشده هو الشائع في دير السيدة والأديرة الكلدانية برمتها وأظن في ألقوش أيضا، أي انه نص ولحن كلداني أصيل.

ولله في خلقه شؤون.

ܬܫܒܘܚܬܐ ܕܚܕܒܫܒܐ ܕܩܕܡܝܐ ܕܫܒܘܥܐ ܕܩܝܛܐ
البيت الذي نستهل فيه تسبحة سابوع القيظ في الأسابيع المفردة التي يقودها رئيس صف المنشدين على يسار المذبح
ܐܘ ܠܟܝ ܢܦ̮ܫܐ ܕܥܬܩܬ ܒܥܘܠܐ. ܩܘܡܝ ܐܬܚܕܬ ܒܬܝܒܘܬܐ* ܒܚܫܐ ܘܕܡܥܐ ܡܕܟܝ ܣܡܐ. ܘܥܨܘܒܝ ܬܒܪܐ ܕܨܠܡܟܝ ܕܢܦܠ

ܬܫܒܘܚܬܐ ܕܚܕܒܫܒܐ ܕܐܚܪܝܐ ܕܫܒܘܥܐ ܕܩܝܛܐ
البيت الذي نستهل فيه تسبحة سابوع القيظ في الأسابيع التي يقودها رئيس صف المنشدين على يمين المذبح
ܐܘ ܠܟܝ ܢܦ̮ܫܐ ܕܕܡܟܬ ܒܥܘܠܐ: ܩܘܡ ܘܐܬܢܦܨܝ ܡܢ ܕܡܟܘܬܟܝ* ܒܬܝܘܬܐ ܗܪܛܝ ܘܐܬܓܘܣܝ: ܕܕܡ ܢܬܪܥܐ ܟܐܢܐ ܒܕܡܥܝܟܝ

https://www.facebook.com/leon.barkho/posts/3752719098166199

13
موسيقى مار ماروثا الميافارقيني - كنيسة المشرق (الكلدانية-الأشورية)، القرن الرابع الميلادي: ܡܘܣܝܩܐ ܕܡܪܝ ܡܪܘܬܐ- ܕܪܐ ܪܒܝܥܝܐ


هذه قطعة موسيقية من القرن الرابع الميلادي رافقت نشيدا بهيا لمار ماروثا الميافارقيني. ومار ماروثا من عمالقة الأدب والفنون الخاصة بكنيسة المشرق المجيدة:

https://www.facebook.com/leon.barkho/posts/3641716632599780

عرفتكم به سابقا ضمن كتاباتي في هذا الموقع رغم أنه من الواجب أن يكون غني عن التعريف، لأنه ركن من أركان ثقافتنا ولغتنا وفنونا التي بمجملها تشكل حضارتنا وهويتنا كأمة عريقة وكنيسة مشرقية مجيدة.

ومار ماروثا الميافارقيني من أبرز علماء وأدباء اللغة السريانية، لغتنا وهويتنا حاملة ثقافتا وتكويننا كأمة عريق وكنيسة مجيدة. كان راهبا متقشفا مسكينا، بيد أنه كان شعلة من النار لحماية كنيسته وتراثها ولغتها وفنونها وطقوسها.

أرخ لنا اضطهاد المسيحيين المشارقة في القرنين الرابع والخامس، ويعد من أبرز اللاهوتيين والعلماء الذين أنجبتهم كنيسة المشرق حيث ساهم في إرساء هويتها وتفسيرها وممارستها للرسالة والبشارة التي أوصلتها الى أقاصي الأرض.

لا أظن أن أي مطلع على طقوس وإرث وفنون وآداب واشعار وموسيقى كنيسة المشرق المجيدة لم يتأثر بمار ماروثا ومؤلفاته عن سير الشهداء ومدائح الشهداء التي كانت تتلى وترتل في الكنائس وحتى قبل فترة قصيرة.

مدائح الشهداء التي ترافق طقوس وصلوات الصباح والمساء من أبدع الفنون الكنسية ودشنت جنسا أدبيا في الإمكان أن نطلق عليه أدب الشهداء والذي، حسب علمي، لا تملك مثله أي كنيسة او أمة أخرى.

وهذا ليس بغريب على كنيسة المشرق التي عُرفت ولا يزال – دون كل كنائس الدنيا – بالكنيسة الشهيدة او كنيسة الشهداء.

كم نحن بحاجة اليوم الى الحفاظ على مؤلفات أدباءنا وملافنتنا وشعرائنا وقديسينا من أمثال مار ماروثا.

لو جمعنا ادبنا السرياني وحفظناه من حملات التشويه كالتي يطلق عليها "التأوين" لساهمنا في تعزيز وإعلاء شأن هويتنا ووجودنا وثقافتنا وحضارتنا وكذلك لساهمنا في إغناء وإعلاء شأن الأدب والثقافة والحضارة العالمية.

والقطعة الموسيقية التي أقوم بتأديتها على آلة الكمان واحدة من اثنتا عشرة قصيدة مغناة ألفها ولحنها مار ماروثا لاستذكار شهداء كنيسة المشرق قبل حوالي 1600 سنة.

وللأشقاء من المشارقة من أتباع الكنائس السريانية الغربية ملفان لا يقل شأنا عن مار ماروثا الميافارقيني ويحمل ذات الاسم أيضا، وأمل ان يتسنى لي الوقت لتعريفكم به، لأننا في العمق شعب واحد وكنيسة واحدة رغم تباين التسميات والمذاهب.

https://www.facebook.com/leon.barkho/posts/3641716632599780

14
هل أن منتقدي ومعارضي البطريرك ساكو حقا مصابون بالأمراض النفسية ويقبعون في خانة "الشخصية المريضة"، حسب ادعاء الدكتور عبدالله رابي

أثار الاستدعاء المشؤم وغير المقبول بالمرة ضمن السياقات العراقية والموجه للبطريرك ساكو للمثول امام محكمة تحقيق الكرخ في بغداد الكثير من الشجون.

وقرأنا عددا لا بأس به من مقالات على هذا الموقع وأضم صوتي الى أصوات الإدانة لهذا القرار وطريقة التبليغ والتسريب الإعلامي التي كانت لها غايات سياسية واضحة وبعيدة كل البعد عن تحقيق العدالة.

بيد انني أرى أن المقال الذي كتبه الزميل والصديق د. رابي فيه الكثير من العاطفة وفي رأي الشخصي إنشائي وليس فيه حتى مسحة بسيطة من الأكاديمية والعلمية والمنطق، شأنه شأن أغلب مقالات المديح او النقد التي يسطرها في هذا الموقع.

وفي غياب الميزان العلمي والأكاديمي، يغيب المنطق وإعمال العقل، ونخفق في إثارة أسئلة محددة وعلى الخصوص "كيف ولماذا" حدث ما حدث من أمر مؤسف.

ولهذا، فإن القارئ اللبيب سيخرج بعد قراءة المقال أن الكاتب الموقر بدل المديح، أوقع نفسه والذي يدافع عنه، أي شخصية البطريرك – الذي وقع عليه غبن كبير في حادثة الاستدعاء للمحكمة – في وضع حرج.

وليتسع صدر الزميل العزيز د. رابي، فإنه ليس هناك في مضمار العلم والأكاديمية، ولا سيما في العلوم الاجتماعية، من يقبل تعميما مثل الذي أورده حيث اتهم كل منتقدي ومعارضي البطريرك ساكو بأنهم يعانون من أمراض نفسية.

ويؤسفني القول إن الأسس التي وضعها د. رابي في المقال لتقييم وقياس "الشخصية المريضة" نفسيا و"الشخصية السوية" نفسيا هشة وعامة وحكي جرائد.

هل في الإمكان ان أسأل د. رابي الموقر؛ هل نشرت بحثا في مجلة علمية رصينة ومعتمدة عن "الشخصية المريضة" و"الشخصية السوية"، واستنادا الى هذه الدراسة "القيمة" المنشورة في مطبوع علمي وأكاديمي معتمد استطعت ان تصل الى هذا الفرز الثنائي: إن منتقدي البطريرك يقعون في خانة "الشخصية المريضة" ومداحي البطريرك يقعون في خانة "الشخصية السوية."

 مع كل اعتزازي دكتورنا الغالي والعزيز، فإنني أجريت بحثا وكشفا معمقا لمعرفة إن كان هناك ولو مقال يتيم او كتاب يتيم واحد يحمل اسمك في إحدى المجلات العلمية الرصينة او دور نشر أكاديمية معتمدة التي تعني بعلم الاجتماع ولم أعثر عليه. والقائمة بأسماء هذه المجالات المعتمدة ودور النشر متوافرة على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).

وذهبت أيضا الى محركات البحث العلمي المعتمدة دوليا وأكاديميا (أي على مستوى الدول والجامعات) ولم أعثر ليس على مقال لحضرتكم، بل حتى على ذكر اسمكم او اقتباس واحد لكم.

فعن أي أكاديمية وبحث علمي نتحدث؟

وكما تعلم، هذه المجلات ومحركات البحث العلمي هي مقياس العلم والمعرفة الأكاديمية والبحث العلمي الرصين. ووباء كورونا أظن منح حتى الإنسان العادي مقدارا من المعرفة بشؤون البحث العلمي الرصين، حيث لا يتم اعتماد أي دواء او لقاح إن لم يتم نشره أولا في إحدى المجلات العلمية المعتمدة، أي ان يتم تحكيمه وقبوله من علماء ثقاة يشار لهم بالبنان. وهذا هو الدارج في كل فروع ومضامير البحث العلمي والأكاديمي.

الجامعات الرصينة في العالم، شعارها publish or perish . إن كان لدينا نشر علمي في المجلات العلمية المعتمدة ودور النشر الأكاديمية فنحن جزء من البحث العلمي والأكاديمي، أي في خانة publish، وإن لم يكن لدينا نشر علمي أكاديمي فنحن في خانة perish أكاديميا.

ولأنك يا عزيزي وأخي د. رابي حضرتكم في الخانة الثانية – على قدر علمي والبحث والاستقصاء الذي قمت به وإن ظهر لي عكس ذلك فسأعتذر على الملأ – أرجو ان يتسع صدركم مرة أخرى للقول إن ما تكتبه لا يعدو كونه إنشاء يفتقر الى أبسط المعايير الأكاديمية والمعرفية والعلمية.

ولهذا جاء مقالكم الذي نحن بصدده عكس مراده، وأي قراءة متأنية لا بد وأن تخرج بهذا الاستنتاج، بمعنى بدلا من أن تمدح أو تدافع عن البطريرك في محنته والظلم الذي وقع عليه، في ثنايا مقالك هناك إساءة له؛ عن قصد او غير قصد فهنا العلم عند الله.

تعريفك للمرض النفسي والحالة المرضية او الشخصية المريضة – وحضرتك تنقل نصا من نصوص البطريك – تشير أيضا الى الحالات العصبية التي تنتاب بعض الأشخاص وفيها يفتقدون السيطرة على الأمور وتبدر منهم شؤون وأقوال وممارسات لم تكن في الحسبان وقد تكون غير سوية.
             
ألم تنقل عن البطريرك في مقالك إنه يعترف بأنه "عصبي" المزاج وفي مكان أخر حسب قول البطريرك "إن طبعي سريع الانفعال" و "أسلوبي شخصاني وتلقائي،" أي في مفهوم علم النفس هذه إشارة واضحة الى  nervousness syndrome or anxiety syndrome.  ولن استطرد لأن الشرط الأول الذي يضعه علماء النفس والباحثون الأكاديميون للذي يعاني من nervousness syndrome or anxiety syndrome هو أنه يجب، لا بل أنه أمر ملزم، عدم منحه دفة القيادة في أي حلقة كانت وتحت أية ظروف.

أنظر يا دكتورنا الغالي والعزيز ماذا يفعل غياب العلمية والأكاديمية وأنظر ما تسببه الكتابات الإنشائية التي طابعها المديح دون إثارة سؤال لماذا وكيف وصلنا الى ما وصلنا إليه – وهنا اقصد مؤسسة الكنيسة الكلدانية – التي ومن تاريخي الطويل معها حيث ولدت وترعرعت ونشأت في أحضانها، تمر في وضع لا يحسد عليه ولم تكن في هكذا حال محزن ابدا.

منتقدو ومعارضو البطريرك – وفي ظني لم يسيئوا الى البطريرك كشخص – لديهم قضايا مهمة تخص أسلوب الإدارة والشفافية والإعلام والسياسة والبيانات والعلاقات وكذلك شؤون مصيرية تخص الكلدان وثقافتهم وتراثهم وطقوسهم ولغتهم وفنونهم وموسيقاهم وآدابهم وشعرهم والتي هي من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية وتشكل جوهر الهوية والخصوصية.

فبدلا من انتهاز حدث الاستدعاء الى المحكمة، الذي ندينه أشد إدانة، للم الشمل والتقارب والحوار حول قضايا الاختلاف، تأتي حضرتك وتضع – استنادا الى أبحاث أو دراسات ميدانية تقول إنك أجريتها في نهاية العقد السابع من القرن المنصرم ولكن لا أثر لها – كل من يعارض وينتقد البطريرك في خانة "الشخصية المريضة" نفسيا.

وهذا ما حدث بالضبط مع النهضة الكلدانية بمعية المطران سرهد جمو، حيث كنت حضرتك من المنظرين الكبار لهذه النهضة وأقسمتم على الإنجيل والصليب للبقاء أوفياء لها. هذه النهضة كانت ضحية خطابات مثل التي تكتبها حاليا في مديح البطريرك؛ في حينه في مديح النهضة وأصحابها. ولكن تلك النهضة تحولت بقدرة قادر حسب قلمكم الى "نكسة" بعد ظهور البطريرك على الساحة.

بيد انه حسب رأي الشخصي، نحن نمر الآن في "نكستين" وليس "نكسة" واحدة، وحضرتك أقرب الى الماسك بدفة سفينتنا الغارقة مما كنت عليه مع ماسك دفة نهضتنا الفاشلة السابقة والذي أقسمت امامه على البقاء وفيا لها.

وشكرا لسعة صدركم وأرجو المعذرة ولم يكن بودي الرد والتعقيب، ولكن لاحظت ان حضرتك تكتب مقالات ما هي الا ديباجة مديح ونقد ضمن ثنائية تفرز فيها "المريض" نفسيا عن "السوي" نفسيا دون سند علمي او أكاديمي او منطقي، وفيها إشارات وإيماءات مبطنة كما هو شأن المقال الذي نحن في صدده، لذا استوجب مني التوضيح.

هناك الكثير ما يمكن ان يقال، ولكن اترك ذلك للتفاعل مع التعقيبات.
+++++++++++++++++++++++
رابط مقال د. رابي:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1016207.0.html

15
يبدو أنه كان لقاء عاصفا ذاك الذي جرى بين السفير البابوي في بغداد والكاردينال البطريرك ساكو؛ وما هي قصة "حديقة الحيوانات" في الكنيسة الكلدانية

السرية تكتنف عمل المؤسسات السلطوية، وعلى الخصوص الدينية منها.

ولكن يبدو ان لقاء عاصفا جرى بين السفير البابوي في بغداد والبطريرك ساكو. ويبدو ان السفارة استدعت الكاردينال لتبلغه بمحتوى رسالة خاصة فيها شكوى ترتقي الى تأنيب.

بالطبع، مراسلات مثل هذه تحكمها السرية، لا بل يقسم كل أسقف عند رسامته على المحافظة على سرية المراسلات وأحكامها القاسية والصارمة، وخرقها يعد انتهاكا للقسم.

ويظهر أن ما تم تبليغ البطريرك ساكو به، في استدعائه لدى السفير، كان من الحدة او ربما القسوة بمكان، الى درجة لم يتحمل كتم السر بل عمد الى كشفه بطريقة لا تليق بالمقام وبقدسية النشاط الكنسي الذي كان يقوم به، وهو تأديته للذبيحة الإلهية.

وبالمناسبة، فإن مراسيم القداس الافتراضي الذي يقوم به البطريرك ينقل على الشبكة العنكبوتية، وصارت المراسيم وطريقة أدائها وعلى الخصوص الكرازات والمواعظ مادة دسمة للتندر في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الكلدانية المعارضة.

وأفشى البطريرك ساكو ما دار بينه وبين السفير البايوي (سفير دولة الفاتيكان) في بغداد في كرازته في القداس يوم الثلاثاء الفائت، أي أكتوبر 20.

https://www.youtube.com/watch?feature=youtu.be&v=RcYe9T_Vmyk&app=desktop

ولا أظن أن أي قارئ لبيب ستفوته ملاحظة النرفزة الشديدة وحركات الجسد المتكررة والمتشنجة التي رافقت شريط الكرازة  الذي انتشر بسرعة وعلى مساحة واسعة في عالم الإنترنت.

وفي هذا الشريط وما يدور فيه من حديث في لهجة عربية شبه موصلية هجينة ركيكة لا تليق بالمقام ولا بالنشاط الكنسي المقدس الذي يؤديه، يكشف البطريرك ساكو بعض حيثيات اللقاء في حوالي 170 كلمة أغلبها هجوم عنيف ليس تحديدا على السفير ولا الفاتيكان ولا مرسل رسالة العتاب (رغم أنه لا يستثنيهم)، بل على كنيسته الكلدانية وتراثها ولغتها وطقوسها ورتبة قداسها ولم يستثن حتى الكتاب المقدس والأنبياء (أنظر في أعلاه او الرابط في أدناه).

وفيها قراءة غير سليمة للتاريخ واجحاف وتشويه بحق التاريخ الكنسي لمؤسسة الكنيسة الكلدانية.

إنها حوالي 170 كلمة، بيد ان أي مطلع على تاريخ الكنيسة الكلدانية وتراثها وطقوسها وأنافوراتها والكتاب المقدس لكتب مقالات عديدة عنها ولهاله ما وصلت إليه هذه المؤسسة الكنسية العريقة من حضيض وفوضى عارمة في السنين السبع الأخيرة.

بعد أن عبر البطريرك ساكو عن امتعاضه من استدعائه من قبل السفير وعلى الخصوص رسالة التأنيب التي أتته من روما (الفاتيكان)، يقول إنه رفض فتحها، أي انه لم يقرأها، ولكن إذا به يكشف عن مضمونها. فكيف رفض فتحها وقرأتها؟

وحسب الكرازة هذه (والكرازات يبدو أن أغلبها تحول الى تصفية حسابات ومع الأسف)، يقول البطريرك أن الرسالة فيها شكوى من أن منهجه في ما يطلق عليه "التجديد" قد ذهب بعيدا وأن الفاتيكان يطلب منه مراجعة النفس.

ويقول إن رسالة الفاتيكان (التي قال في بداية كرازاته إنه لم يفتحها)، طلبت منه أن يأخذ في عين الاعتبار العلاقة مع "الكنيسة الشقيقة"، ويبدو أن هذا الطلب من الفاتيكان يأتي في أعقاب التوقيع التاريخي على الإعلان الكريستولوجي المشترك بينهما والذي يعد خطوة كبيرة على طريق الشراكة بين الكنيستين الكاثوليكية الرومانية والمشرق الأشورية.

ردّ البطريرك على هذه النقطة بالذات فيه مفارقة وخطأ وتشويه لتاريخ وتشبث الكلدان بطقسهم ولغتهم وأنافوراتهم التي التزموا بها الى حوالي منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم. سأغادر هذه النقطة رغم أهميتها البالغة، مركزا على نقاط ذات علاقة مباشرة بالموضوع الذي نحن في صدده.

والمثير هو الطريقة التي يستهزئ فيها البطريرك من الطقس الكلداني ورتبة القداس الكلداني حيث يستخدم عبارات غير حميدة ويشوه اقتباس نبوي رباني من نبوءة اشعيا التي ترتلها وتقدسها كل الكنائس في المعمورة، وهو يستخدم لغة الجسد بطريقة مهينة. أنقل النص كما هو، محذرا القارئ مقدما من خطورة هذا الأقوال. فبعد سردة لرتب القداديس في الطقس الكلداني، يردف البطريرك قائلا:

" كلو هل خيال عربات وأجنحة بالسماء وملائكة، ست اجنحة تغطي وجّْجمْ وتغطي اسْفَلمْ وتغطي ماعرف إيش ... شنو نحنا بالحديقة مال حيوانات."

في هذا الاقتباس، هناك إشارة استخفاف واستهزاء لما يرد في نبوءة اشعيا وعلى الخصوص النص في أدناه والذي هو جزء من كل الرتب القداديس ليس في طقس الكنيسة الكلدانية وحسب بل، حسب معرفتي، في كل الطقوس المسيحية، مشرقية كانت أم غربية:

" شَاهَدْتُ السَّيِّدَ جَالِساً عَلَى عَرْشٍ مُرْتَفِعٍ سَامٍ، وَقَدِ امْتَلأَ الْهَيْكَلُ مِنْ أَهْدَابِهِ، 2 وَأَحَاطَ بِهِ مَلائِكَةُ السَّرَافِيمِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، أَخْفَى وَجْهَهُ بِجَنَاحَيْنِ، وَغَطَّى قَدَمَيْهِ بِجَنَاحَيْنِ، وَيَطِيرُ بِالْجَنَاحَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ. 3 وَنَادَى أَحَدُهُمُ الآخَرَ: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ الرَّبُّ الْقَدِيرُ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ."

هل هذا النص النبوي الرباني، حاشى، "حديقة مال حيوانات؟"

ومن ثم هناك تبريرات غير منطقية وغير مقبولة البتة يسردها  البطريرك كحجج لما يطلق عليه "التجديد" الذي أقحمه في الكنيسة الكلدانية وأكاد اجزم أن غالبية الكلدان مع إكليروسهم لا تقبل به وترفضه، لا بل ستقاومه بعد ان تسمع ما قاله في هذا الشأن.

يقول البطريرك ان التجديد أتى خدمة للأخوة من المسلمين:

" احنا نريد نصلي بعدين احنا همينك عايشين في مجتمع 96 في المائة هيم مسلمين ما لازم نحكي معاهم ما لازم يفهمون صلاتنا يعني وين وريحين؟"

إذا التجديد ليس خدمة للكلدان، إنه يضرب التراث واللغة والطقس والإرث الكلداني في الصميم، بل جاء خدمة للأخرين، ورغم أن المنصب والكرسي الجالس عليه سعيدا يجب ان يكون أولا وقبل أي شيء أخر خدمة للكلدان في العراق والعالم.

وكنت أتمنى الا يذكر البطريرك اللغة "الكلدانية" بل يكتفي باللغة "العربية" لأن هو أبعد ما يكون عن اللغة والطقس والتراث والميراث الكلداني في تاريخ الكلدان المعاصر.

ولم يستثن في هجومه من على المذبح حتى الفاتيكان والمصدر الذي أرسل رسالة "التأنيب" هذه إليه، قائلا:

" احنا مدعوين أيضا ان نفهم ونصلي بكلمات ولغة اللي نحنا  نعيشى. هيم من وين يعرفون  الليتورجيا مالنا، اش مفهمم. لا يعرفون كلداني ولا يعرفون عربي ولا يعرفون ايش يعرفون من وين يعرفون  ... هيم ما لم حق علينا. هيم ما وصايا علينا. كلو هذا قتولو للسفير ايضا."

رابط 1

https://www.youtube.com/watch?feature=youtu.be&v=RcYe9T_Vmyk&app=desktop

16
صاحب الغبطة: هذا لا يجوز وغير مقبول لأنه تزوير وانتحال لا يليق بالمقام


نشر موقع عنكاوة.كوم في صدر صفحته الرئيسية خبرا تحت عنوان "البطريرك ساكو يحضر مأدبة غداء على شرف الرئيس الفرنسي في بغداد" (رابط 1).

بيد ان عنوان الخبر كان في تناقض وتباين واضحين مع متن الموضوع.

الموضوع او الخبر او التقرير (من الصعوبة التمييز) لا علاقة له مع العنوان. الموضوع هو بيان صحفي صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية (رابط 2).

وهذا التناقض جذب انتباهي وأخذت بقراءة نص البيان، لأن العنوان خبري بينما المتن بيان صحفي.

وعند القراءة مررت على عبارة او جملة "والبطريرك لويس روفائيل ساكو عندما حياه الرئيس الفرنسي قال له غبطته: شكرا لكم على هذه الزيارة لدعم العراق واعطائه الامل."

هذه الجملة رأيتها خارج السياق تماما ولا يمكن لأي كاتب او صحافي أن يقترف خطأ بهذا الحجم، لأن يظهر أن الجملة جرى اقحامها عمدا في النص الأصلي وتظهر أنها ليست جزءا من البيان الرسمي الصادر عن رئاسة الجمهورية بل دست هناك دسا، لأنها تعارض المنطوق وتخرج عن انسياب الخطاب في الفقرة هذه.

 أنظر كيف جرى التحايل على هذه الفقرة كما وردت في موقع مؤسسة البطريركية الكلدانية والمنقول على صفحة عنكاوة.كوم، مقارنة مع نص البيان الأصلي الصادر عن رئاسة الجمهورية:

نص الفقرة الأصلية كما وردت في بيان رئاسة الجمهورية:


وأكد رئيس الجمهورية خلال هذه المأدبة التي حضرها رئيسا مجلسي الوزراء والنواب مصطفى الكاظمي ومحمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق الزيدان ورئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وكبار المسؤولين من الجانبين ورؤساء الطوائف العراقية، أنها مناسبة مهمة نجتمع كعراقيين للاحتفاء بضيفنا العزيز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونؤكد له على أهمية العلاقات التي تربطنا بفرنسا ونتطلع إلى تعزيز تلك العلاقة.


وأشار السيد الرئيس إلى أن هذه الزيارة تعد رسالة اهتمام نقدرها عالياً، متمنياً ان تنتج عنها نتائج فعلية تكون بمثابة خير وتعزيز لمصالح الشعبين الصديقين.


نص الفقرة التي وردت في ذات البيان الذي جرى تشويهه وتزويره ومن ثم نشره على موقع مؤسسة البطريركية الكلدانية وهو مؤشر بالأحمر:

وحضر هذه المأدبة رئيسا مجلسي الوزراء والنواب مصطفى الكاظمي ومحمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق الزيدان ورئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وكبار المسؤولين من الجانبين والبطريرك لويس روفائيل ساكو عندما حياه الرئيس الفرنسي قال له غبطته: شكرا لكم على هذه الزيارة لدعم العراق واعطائه الامل.

 وأكد رئيس الجمهورية خلال المأدبة، أنها مناسبة مهمة نجتمع كعراقيين للاحتفاء بضيفنا العزيز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونؤكد له على أهمية العلاقات التي تربطنا بفرنسا ونتطلع إلى تعزيز تلك العلاقة. وأشار السيد الرئيس إلى أن هذه الزيارة تعد رسالة اهتمام نقدرها عالياً، متمنياً ان تنتج عنها نتائج فعلية تكون بمثابة خير وتعزيز لمصالح الشعبين الصديقين.

.
جرى تلاعب وتزوير وتحوير وانتحال وتشويه لنص البيان من رئاسة الجمهورية في موقع مؤسسة البطريركية الكلدانية حيث تمت إضافة جملة غير متناسقة ومترابطة شوهت سياقها والنص الذي قبلها، ومن ثم تم حذف عبارة "ورؤساء الطوائف العراقية" التي حضرت المأدبة، حسب بيان رئاسة الجمهورية، وحصرته بالبطريرك ساكو، والذي أساسا لم يرد ذكره في البيان الأصلي.

هذا امر غير مقبول ولا يجوز ابدا ولا اظن سيقترفه أي شخص متعلم يقوده حس سليم.

هذا تزوير وانتحال وتشويه لنص لا يعود لنا وليس من حقنا ابدا التلاعب به لغايات شخصية او ذاتية او غيرها.

في المستوى الجامعي والأكاديمي، تنزل عقوبات صارمة على الذي يقترف امرا مثل هذا، تصل الى الفصل وسحب كل منشوراته وكتبه وأبحاثه من التداول.

لماذا جرى دس جملة لا محل لها من الإعراب في بيان رئاسة الجمهورية أولا، وثانيا لماذا جرى حذف عبارة "رؤساء الطوائف العراقية"، أليسوا هؤلاء اشقاء لكم؟ ومن ثم لماذا فقط تضع مؤسسة البطريركية الكلدانية ذاتها كل مرة تقريبا في موقف حرج يرتد عليها وعلى مؤسستها وأتباعها وبالا.

بيد انه يؤسفني القول ان هذا ليس غريبا على مؤسسة البطريركية بإدارتها الحالية.

التلاعب بالنصوص والتراث وتشويه الأمور والتزوير والانتحال يبدو أنها صارت من الأمور العادية في السنين الأخيرة، والدليل الكم الهائل من التشويه للنصوص التراثية والطقسية التي يجري فرضها على الكلدان وكنائسهم.

لماذا لا تستعين مؤسسة البطريركية الكلدانية وصاحب الشأن فيها بالمختصين والباحثين والأساتذة، وهم كثر في صفوف الكلدان والحمد لله، وهم على استعداد لخدمة مؤسستهم الكنسية كي لا نقع في هفوات ومطبات قاتلة مثل هذه التي صارت من الكثرة بمكان حيث أضحت جزءا من الإدارة والإعلام والخطاب البطريركي والممارسة البطريركية في السنين الأخيرة؟

رباط 1
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=988668.0
رباط 2
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=4590269037649843&id=2598654653477968&locale2=zh_CN&__tn__=%2As%2As-R



17
الترتيلة الملكية: رائعة من روائع كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية – درس في تحليل وتفكيك وترجمة وأداء وتأوين لغة ونصوص تراثنا وفنونا الكنسية

توطئة 

يتناول المقال هذا رائعة أخرى من روائع كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية (1). وقبل الولوج في تقديم تحليل لخطاب النص الذي نحن في خضمه، سأحاول أولا شرح بعض المصطلحات السريانية الواردة فيه او التي ترتبط به، لأن فهمها واستيعابها يتطلب القاء الضوء على سياقها التاريخي والثقافي واللغوي والفني الذي بدونه يصبح من العسر تفكيك واستيعاب النص وهضمه.

وسأعرج بعدها على أهمية الرائعة هذه في تراث وإرث كنيسة المشرق، مركزا على النص ذاته وتحليله وترجمته وتأوينه كي يصبح في متناول القراء الكرام قراءة وأداء وحفظا وتأوينا ويتخذونه نموذجا لدارسة التراتيل الملكية الأخرى لدى كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية والتي تربو على 50 نشيدا.

 لقد استغرق الوقت مني طويلا وبذلت جهدا كبيرا في كتابة وإعداد هذا المقال، بيد أن السعادة غمرتني بعد قراءته للمرة الأخيرة، حيث وجدته بمثابة درس او نموذج يمكن الركون إليه للحفاظ على لغتنا وروائع تراثنا وفنوننا الكنسية التي تشكل ركنا مهما من اركان هويتنا وخصوصيتنا كمسيحيين مشرقيين أينما حل بنا الدهر.

وقبل الدخول في صلب الموضوع، ارجو من القراء الكرام تتبع النص في نهاية المقال قبل الشروع بالقراءة حيث وضعت ثلاثة خطوط: (1) النص بلغته السريانية، (2) الخط الكرشوني، (3) الترجمة الى العربية؛ وكذلك أرجو الاستماع الى الترتيلة الملكية هذه والأداء الشائع لها في الشق الكلداني من كنيسة المشرق وتتبع النص الوارد في الفيديو والذي أيضا يتألف من خطوط ثلاثة: (1) النص بلغته السريانية، (2) الخط الكرشوني، (3) الترجمة الى العربية:

https://youtu.be/elcmWDxy7xo

2 المصطلحات


وهذا شرح موجز لأهم المصطلحات الخاصة بهذه الترتيلة

2.1 ܕܒܣܠܝܩܐ الترتيلة الملكية

هذا المصطلح معناه "الترتيلة الملكية،" ومفردة ܒܣܠܝܩܐ أصلها يوناني اقتبسها الرومان من اللغة اليونانية الى اللغة اللاتينية ومنها دخلت الى اغلب اللغات الأوروبية بصيغة  Basalic  . للمصطلح اللاتيني معان كثيرة في لغة اليوم إلا ان المعنى الشائع في العصور الأولى للميلاد كان يخص كل ما له علاقة بالملوك، أي أن النشيد خاص بالملوك ويرتل في حضرتهم. ما يهمنا هنا أن لغتنا السريانية استعارت المصطلح وأونته وجرى توطينه لغويا وكنسيا حيث صار يشير الى أهم ترتيلة تنشد في صلاة الرمش ليوم السبت على الأحد. والرمش هذا بحق "ملكي" لغنى ألحانه وتراتيله، ولكن تبقى ܒܣܠܝܩܐ ذات مكانة وأهمية كبيرة، حيث يؤن معناها ملافنة كنيستنا، فبدلا من توجيه اللحن والنص والأداء صوب الملك الدنيوي الذي كانت تتلى في حضرته، منحوها بعدا انجيليا. فنحن المشارقة المسيحيون من أتباع كنيسة المشرق نخصص هذه الترتيلة الملكية لملك الملوك، وهو يسوع المسيح. ܥܘܢܝܬܐ ܕܒܣܠܝܩܐ، أي الترتيلة الملكية، لها خاصية لحنية تميزها عن التراتيل في مضامير شتى لا بل هي جنس لحني قائم بذاته، ويزداد رونقا وبهاء في الفترة التي نحن بصددها ܩܝܛܐ (القيظ) والتي تسبقها ܫܠܝܚܐ (الرسل).

2.2 ܥܘܢܝܬܐ التراتيل

ܥܘܢܝܬܐ وهي التراتيل الخاصة بكنيسة المشرق، وهي بالمئات ولها خانات لحنية بالعشرات، وهي ليست الا بابا واحدا او فصلا واحدا كبيرا من أبواب التراتيل الشجية التي تخص المكان والزمن واليوم والفصل الذي تقام فيه الصلاة او القداديس (أنظر 3). أكاد أجزم ومن خبرتي المتواضعة أنه قد لا تملك أي كنيسة أخرى في الدنيا ما لكنيسة المشرق من تراتيل. وهنا تجدر الإشارة الى ان أداء التراتيل بمختلف صنوفها يختلف لدى الكلدان عن ما هو عليه لدى الأشوريين، حيث حافظ الكلدان على جواهر الالحان الملائكية البديعة والتي من خبرتي الموسيقية المتواضعة قد ترقى الى سمفونيات لا مثيل لها. وللكلدان أيضا تراث ضخم من التراتيل بلهجتهم المحكية الساحرة، وهي لهجة نقية صافية ألف فيها ملافنة من القسس والشمامسة الكلدان في العصر الحديث.

2.3 ܨܘܪܬܐ (الاقتباس)

 أقرب ترجمة الى مصطلح ܨܘܪܬܐ كما ترد في الترتيلة الملكية هذه هي "المتن" في إشارة الى محتوى الكتاب المقدس، او "الاقتباس" في إشارة الى اقتباس من الكتاب المقدس؛ شخصيا أميل الى الترجمة الثانية، لأن ما يأتي بعد ܨܘܪܬܐ هو اقتباس من الكتاب المقدس، وعلى الخصوص المزامير وكتابات انبياء العهد القديم او العهد الجديد. وܨܘܪܬܐ هي جزء من مقدمة او مدخل ܥܘܢܝܬܐ. وفي حالتنا هذه تشكل جزءا من المدخل الى الترتيلة الملكية، يستهل بها رأس القراء من الجانب الأخر، لترديد الترتيلة ܬܢܝ. ܨܘܪܬܐ ليست متوافرة في استهلال كل ܥܘܢܝܬܐ. تتوافر على الخصوص في ܒܣܠܝܩܐ، ܠܠܝܐ، ܐܘܢܓܠܝܘܢ، ܐܪܙܐ لأيام الأحاد حصرا، علما أن يوم الأحد في كنيسة المشرق يبدأ من صلاة الرمش مساء السبت على الأحد وينتهي في رمش مساء يوم الأحد على الأثنين، حيث ينقلب النص في الطلبات من ܒܚܫܐ ܘܒܚܦܝܛܘܬܐ الشجن والاجتهاد، في الأيام العادية، الى ܒܚܕܘܬܐ ܘܒܦܨܝܚܘܬܐ الابتهاج والسرور في الأحاد والأعياد. سأعزف عن شرح وتفسير التراتيل الثلاث (ܠܠܝܐ، ܐܘܢܓܠܝܘܢ، ܐܪܙܐ) والدور المركزي للطلبات ܟܪܘܙܬܐ التي لا زالت تتحدث إلينا وتعيش معنا وكأنها كتبت اليوم، وذلك لضيق الوقت واختصارا للمقال، وربما نعرج عليها في التعقيبات او قد يقدم شرحا لها القراء في ردودهم.

2.4 ܩܝܛܐ القيظ

الترتيلة الملكية التي نحن في صددها جزء من زمن او أسابيع ܩܝܛܐ القيظ. وتترجم التقاويم الطقسية قيطا الى الصيف، وهذا خطأ شائع، لان مفردة "القيظ" العربية أصلها سرياني ܩܝܛܐ. وتشير الى صميم الصيف. ويرد في التفاسير والشروحات الأجنبية إضافة الى التي سطرها قسس كلدان او أشوريون من كنيسة المشرق ان مصطلح ܩܝܛܐ لا علاقة له مع التراث الكنسي في عهديه القديم والجديد، وهذا خطأ شائع أخر. مفردة ܩܝܛܐ في السريانية تشير ضمن معانيها الشتى، الى بركة الرب التي ترافق قطاف بواكير المحاصيل من حنطة وكروم وتين وزيتون، ولشدة الحر كانت تلزم الناس بيوتها وتشكر الرب على ما وفر لها من المحاصيل، وكانت أغلب الصلوات تقام في باحة الكنيسة او في البساتين. وفي زمن ܩܝܛܐ القيظ تذكارات ومناسبات وأعياد مهمة. وكان ܩܝܛܐ القيظ مناسبة لتجمعات الشباب والشابات في الحدائق والبساتين والغابات وإنشاد التراتيل باللهجة الفصيحة (والمحكية لدى الكلدان).

3 التحليل

بعد شرح مختصر لبعض المصطلحات ذات العلاقة المباشرة بالنص الذي نحن في صدده، أقدم في الجزء التالي تحليلا موجزا مبسطا للترتيلة الملكية ܒܣܠܝܩܐ الخاصة بالأحد الرابع من القيظ حسب طقس كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية. والترتيلة هذه واحدة من 52 ترتيلة ملكية ترد في السنة الطقسية. ورغم ان ܒܣܠܝܩܐ لا تمثل الا قطرة في بحر التراتيل الخاصة بكنيسة المشرق من ܥܘܢܝܬܐ وخانات لحنية أخرى مثل ܩܢܘܢܐ، ܗܦܟܬܐ، ܬܫܒܘܚܬܐ، ܩܠܬܐ، ܫܘܪܝܐ، ܡܪܡܝܬܐ، ܡܕܪܫܐ، ܣܘܝܟܐ، ܟܪܘܙܘܬܐ، ܗܘܠܠܐ، وغيرها كثير، الا أنها تعد ذات أهمية كبيرة وهي ربما الأكثر شهرة.

لنتتبع الترتيلة الملكية مركزين على كل قسم من أقسامها السبعة كل على حدة:

3.1 ܕܒܣܠܝܩܐ. ܒܐܠܗܐ ܒܪܚܡܐ. الترتيلة الملكية: بلحن . ܐܠܗܐ ܒܪܚܡܐ

لقد شرحنا مصطلح ܒܣܠܝܩܐ في (2.1). ونلاحظ عبارة ܒܐܠܗܐ ܒܪܚܡܐ تتبعه مباشرة. هنا نحن أمام مفتاح لمقام من مقامات كنيسة المشرق وهو السيكا القصير ولكنه ينطبق على وزن شعري محدد مع توزيع محكم يستند على المقاطع الصوتية للأبيات التي يتألف منها النص والتي يختلف عددها حسب الوزن الشعري وتطابقه مع المقام او اللحن. هنا لدينا المفتاح الموسيقي للترتيلة التي يجب إنشادها على نغم ووزن وإيقاع . ܐܠܗܐ ܒܪܚܡܐ وهو لحن نادر قليل التكرار، لكنه يدخل القلب دون طرقه وفيه بهجة وشجن. وهو لحن ثقيل بمعنى أنه من الروعة بمكان لأن المنشد في حوار وتواصل مع المعبود والمسجود له (يسوع المسيح) بدليل تكرار ضمير المتكلم وضمير المخاطب بصيغة منفصلة او متصلة او مستترة (أنظر 3.6 ). لقد أرخ وأرشف كثيرون لمقامات وألحان التراتيل الخاصة بكنيسة المشرق، إلا أننا في حاجة الى المزيد منها وتطويعها وتأوينها مستفيدين من الثورة الرقمية الحالية كي تبقى معنا كأهم مؤشر لهويتنا الوطنية والكنسية. وكل ترتيلة وبأنواعها المختلفة من التي ذكرناها في (3)  وغيرها لها مفاتيحها الخاصة بها التي تحمل بعض الشبه بالنوتة الموسيقية الحديثة التي يجب ان تسير عليها الفرقة الموسيقية او المنشدون. ولعمري فإن هذا اختراع مذهل توصل إليه اجدادنا في تأليفهم للنصوص الكنسية وجمعهم للتراث حيث من خلاله حفظنا على لحن وموسيقى ومقام هذه الأناشيد كما وردت من نبعها الأصلي، النبع النهريني لأرض الرافدين Mesopotamia قبل حوالي 1500 سنة من ظهور النوتة الموسيقية الحديثة.

3.2 ܐܠܗܢ ܢܪܚܡܥܠܝܢ ارحمني يا الله

هنا يأتي دور المنشد الأول، في أي صف او جوقة ܓܘܕܐ كان، إن من يمين او يسار المذبح. ودور واختيار المنشد الأول في أي صف من على يمين او يسار المذبح او في أي مكان أخر مخصص للمنشدين في ريازة كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية يعتمد على اجادة الألحان والصوت والأداء الجيد وقراءة المفاتيح بصورة صحيحة ولا يجوز ان يكون اعتباطا او يُستفرد به استنادا الى الأقدمية. فطريقة أداء ܐܠܗܢ ܢܪܚܡܥܠܝܢ لها دور محوري في استجابة أعضاء الجوق والحاضرين من المؤمنين في إنشاد الترتيلة الملكية. أشبّه أداء ܐܠܗܢ ܢܪܚܡܥܠܝܢ وأي استهلال لأي ترتيلة بعازف البيانو في الأوبرا الذي يعطي النغمة او التون tone  للفرقة او المغني للبدء في الإنشاد، وهذه النغمة تحدد الطبقة، وهذا ركن مهم من أركان اختيار المنشد الأول في أي صف او مكان كان ضمن الريازة الكنسية. وفي الغالب يكرر المنشد الأول أداء استهلال الترتيلة  ܐܠܗܢ ܢܪܚܡܥܠܝܢ مرتين.

3.3 ܕܨܘܪܬܐ ܐܠܗܐ ܚܘܢܝܢܝ ܠܚܛܝܐ. ܐܬܦܢ ܥܠ ܨܠܘܬܗ ܕܥܒܕܟ ܘܥܠ ܒܥܘܬܗ ܡܪܝܐ ܐܠܗܝ. ارحمني انا الخاطئ يا الله، والتفت الى صلاة عبدك ودعواته، ربي وإلهي.

شرحنا ܕܨܘܪܬܐ في (2.3)  . ويجب ملاحظة ان  ܕܨܘܪܬܐ لا تشمل ما يأتي بعدها. في الحقيقة هي تبدأ بالذي ما قبلها، وهناك علامة ترقيم خاصة تؤشر الى بدايتها وهي ":" ونشاهدها في  ܐܠܗܢ ܢܪܚܡܥܠܝܢ:  وما يميز ܕܨܘܪܬܐ كما قلنا إنها اقتباس، فنلحظ اقتباسا من الكتاب المقدس في النص الذي قبلها والنص الذي بعدها ومن اليسر الوصول الى النصوص الأصلية ومرجعها. فالمنشد الأول من الصف المقابل يكرر الترتيلة الملكية مستهلا ب ܕܨܘܪܬܐ ويبدأ مباشرة بعد علامة الترقيم ":".  والاقتباس بصنفيه المباشر وغير المباشر (التعبيري) نسق خطابي مهم في نصوص كنيسة المشرق ويبرز بصورة جلية في الترتيلة الملكية هذه. والاقتباس في ܕܨܘܪܬܐ ليس اعتباطا بل يتم بعناية فائقة ويؤشر الى تضلع وتبحر مهولين بالكتاب المقدس، لأن كل اقتباس منسق وسياقه يوائم المناسبة واليوم والذكرى او العيد او غيره، ويتطابق مع قراءة الإنجيل ليوم الأحد. وسأذكر المزيد عن الاقتباس ودوره عند الدخول في صلب الترتيلة.


3.4 ܚܘܢܝܢܝ ܡܪܝ ܐܝܟ ܕܠܡܟܣܐ. ܓܥܢܐ ܠܘܬܟ ܡܪܝܐ ܐܬܪܚܡܥܠܝ: حن علي يا سيدي كما حنت على العشار، وهـأنذا أرفع صوتي إليك فارحمني.

ندخل هنا في نص الترتيلة الملكية، ومن اول سطر هناك ربط مباشر بنص الإنجيل الذي يقرأ في قداس يوم الأحد الذي ترد فيه قصة زكا العشار. النص من الانجيل المخصص لهذا اليوم (الأحد الرابع من القيظ) يصبح محور التراتيل التي تشبع النص تفسيرا وشرحا وقربا من حياتنا ووجودنا. وهناك نقطة يجب ان تكون مثار فخر لنا، لأننا نرى في نصوصنا الكنسية التراثية الغارقة في القدم اول ظهور لبوادر الترقيم في لغتنا، وهذا قبل ان تدخل علامات الترقيم اللغة العربية مثلا بحوالي الفي سنة. وهنا أشير على علامة النقطة ( . ) التي تلعب دور الفارزة وعلامة النقطتين الواحدة فوق الأخرى ( : ) والتي تلعب دور النقطة. فوجود علامة ( : ) معناه نهاية ثيمة او جملة تحمل فكرة محددة. وهذا ما يساعد على الفهم والقراءة. وهذا ما ساعدني على تقسيم النص الى أقسام محددة. وهناك خاصية أخرى للغة السريانية حيث لا تحبذ العطف او ادواته كثيرا. أغلب العطف في السريانية الفصيحة والنصوص الكنسية مستتر أي غير ظاهر. عند ترجمة النصوص السريانية التراثية الى العربية مثلا او أي لغة أخرى نحتاج الى أدوات العطف من أجل توصيل المعنى او الفكرة؛ وهذا بالذات باب يحتاج الى البحث ومزيد من التحليل.


3.5 ܡܦܢܐ ܫܐܠܬܐ ܠܕܫܐܠܝܢ ܠܗ. ܘܦܬܚ ܬܪܥܗ ܠܕܢܩܫܝܢ ܒܗ. ܦܬܚܠܝ ܡܪܝ ܬܪܥܗ ܕܚܢܢܟ. ܘܗܒܠܝ ܚܘܣܝܐ ܠܣܟܠܘܬܝ. ܕܥܘܗܕܢܗܝܢ ܡܣܪܕܠܝ:يا ملبي دعوات الذين يسألونه، والفاتح بابه لطارقيه، افتح لي باب حنانك، وامنحني غفران خطاياي لأن ذكراها يفزعني.


كما هو الحال في أغلب نصوصنا الكنسية التراثية هناك نسق مذهل في النص رغم قصره (نص الترتيلة الملكية هذه يتألف من 49 كلمة وحسب). الجملة او الثيمة الأولى من النص (أنظر 3.4) تتألف من ثمان كلمات، وهي تشكل المقدمة، يطلب فيها المنشد او العابد او المصلي الحنان والرحمة والغفران ويخاطب مباشرة المعبود والمسجود له (يسوع المسيح)، دون شفاعة او واسطة، كي يحن عليه وينزل رحمته عليه كما فعل مع زكا العشار الذي تقرأ قصته في الجزء من الإنجيل المخصص للأحد الرابع من القيظ والذي تنشد فيه الترتيلة الملكية هذه. وفي هذا القسم  هناك اقتباسين تعبيريين أخرين من الإنجيل يستشهد بهما المصلي او العابد او المنشد في حواره مع المعبود والمسجود له، يسوع المسيح، لتعزيز موقفه ودعوته له كي يغمره برحمته وغفرانه، ويقدمهما دليلا على أن الرب سيقبل الصلاة والدعاء حسب ما يرد في إنجيله حيث يقول إن كل من يسأل سيجاب له والقارع سيفتح له، ويستند النص على هذه الآية من الانجيل ويطلب فتح باب الرحمة وغفران الخطايا.


3.6 ܝܕܥܢܐ ܓܝܪ ܘܥܗܕܢܐ ܠܣܘܪܚܢܝ. ܘܠܐ ܡܨܝܐ ܡܪܝ ܕܐܬܕܟܐ ܕܠܐ ܪܚܡܝܟ: إنني عارف خطاياي وذاكر لها، ولن يكون بمقدوري أن اتطهر منها دون رحمتك.

3.7 ܐܢܬ ܕܝܢ ܒܛܝܒܘܬܟ ܗܒܠܝ ܕܐܬܡܪܩ. ܡܢ ܨܐܬܐ ܕܚܘܒܐ ܕܟܬܡܘܢܝ. ܦܪܘܩܐ ܡܪܚܡܢܐ ܡܪܟܠ ܫܘܒܚܐ ܠܟ. (فتعال) واغسلني بنعمتك من دنس الذنوب التي تلوثني، يا أيها المخلص الرحيم سيد الكل، لك المجد.


هنا يعود النص الى مناجاة النفس soliloquy مرة أخرى والتأمل العميق والخشوع والاعتراف بالذنب وثقل الخطايا ومن ثم مناجاة ومخاطبة المعبود والمسجود له لأن الخطايا لن تمحى دون توبة حقيقية تتبعها رحمة منه. ودعنا هنا ندخل في تحليل دقائق اللغة. نحن أمام شخصين، المتكلم (المصلي او المؤمن) من جهة وملك الملوك المسجود له من جهة أخرى، دون شفيع او واسطة.   ولهذا يلجأ مقدم الصلاة في هذا الجزء من الترتيلة الملكية لأول مرة الى ضمير المخاطب المنفصل ܐܢܬ "أنت"، بعد ان يأخذ الخشوع منه مأخذه وبعد رحلة في رحاب العهدين القديم والجديد يصبح قريبا من يسوع في جو من التصوف الرباني الذي يذوب فيه العابد مع المعبود. هناك إشارات أخرى الى المعبود ولكن كلها من خلال ضمير المخاطب المتصل او المستتر مثل ܠܘܬܟ، ܪܚܡܝܟ، ܒܛܝܒܘܬܟ، ܡܦܢܐ، ܦܬܚ. في الحقيقة، تشكل الترتيلة الملكية خارطة معجمية ونحوية ودلالية لمناجاة النفس من خلال ضمير المتكلم والحوار مع المعبود من خلال ضمير المخاطب وبأشكالهما المختلفة من ضمير متصل ومنفصل ومستتر.  في النص حوارية عجيبة dialogism  يتناوب فيها العابد في مخاطبة ومناجاة نفسه ومن ثم المعبود، متكئا على تداخل النصوص intertextualization بصيغة مباشرة في الفقرات التي تسبق الترتيلة والتي تنشد فرادا من قبل المنشد الأقدم ومن ثم بصيغة اقتباس وتداخل نصي غير مباشر في متن الترتيلة التي تنشد جماعيا. ويختتم النشيد الملكي بجملة اسمية تشي بوصول العابد او المنشد او المصلي (نخمن كاتب النص او منشده او قارئه لمجهوليتهم) الى مبتغاه، حيث ترد جهرا وصراحة ثلاثة ألقاب (أسماء حسنى)  للمعبود والمسجود له ܦܪܘܩܐ، ܡܪܚܡܢܐ، ܡܪܟܠ، (مخلص – فاروق – رحيم - سيد الكل) – وهذه ألقاب للمسيح تتبعها المجدلة ܫܘܒܚܐ ܠܟ المجد لك، وهي من صيغ المخاطبة الخاصة بالرب (3.7). وعلى ذكر المجدلة ܫܘܒܚܐ او ܫܒܚ (المجد للآب والابن والروح القدس) فإنها تشكل الاستهلال الأخير لتكرار الترتيلة الملكية ܒܣܠܝܩܐ او أي خانة من خانات التراتيل العديدة والمتنوعة التي هي بحق كنز من أثمن الكنوز لدى شعبنا وكنيستنا والتي علينا الحفاظ عليه وتعزيزه وتعميمه وتدريسه وممارسته حيث ما استطعنا الى ذلك سبيلا.

4 خلاصة

هذا كان تحليلا موجزا لركن واوحد من اركان روائع تراث كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية، وكما قلت فإنه لا يمثل الا قطرة في بحرها.

وحاولت شرح المصطلح قدر الإمكان وتقديم تحليل يتضمن المعاني واللغة والأداء والأهمية والترجمة.
وطريقة تقديم النص في حد ذاتها تعد نموذجا للتأوين الذي غايته الحفاظ على الأصيل وتقديمه بحلة تجعله سهل التناول والممارسة والحفظ والفهم.

التأوين هو احياء للتراث وتعزيزه من خلال بعث الحياة فيه وممارسته قدر الإمكان، وإن أتينا بما هو جديد او حديث فيجب ان يجري في ذات العروق ويمتد فيها ويستقي منها ويكون بمستواها او قريب منها لغة وسموا وعلياء وقربا وذوبانا في المسرة والبشارة.

وكما لاحظنا فإن النص محكم ومنظم ومتناسق، وكل جزء او قسم فيه مرتبط بالأخر وينهار النص بمجمله لو رفعنا أي جزء منه او حتى لو غيرنا في تسلسله.

هذا التنسيق والسياق والنسق ميزة ترافق أغلب نصوصنا الكنسية التراثية، التي علينا الحفاظ عليها وإبقائها معنا لأنها العمود الذي عليه تم تشيد هويتنا كشعب وكنيسة.

وفي أدناه نص الترتيلة الملكية وأمل من القراء الكرام، كما رجوتهم في المقدمة، تتبع النص حيث وضعت ثلاثة خطوط: (1) النص بلغته السريانية، (2) الخط الكرشوني، (3) الترجمة الى العربية. وأمل ان يتمكن محبو تراثنا الكنسي، وهم كثر حسب ظني، من متابعة الترتيلة بشعرها الأخاذ ولحنها الجميل من خلال متابعة النص والاستماع الى الأداء المتواضع (الفيديو) الذي من خلاله في الإمكان متابعة الترتيلة باللغة لسريانية الفصيحة ومن ثم بالخط الكرشوني للمساعدة في القراءة واللفظ وأخيرا من خلال الترجمة:

الفيديو بدون موسيقى، فقط مع الصوت الكلمات واللفظ والترجمة:

https://youtu.be/elcmWDxy7xo

الفيديو مع موسيقى:

https://www.youtube.com/watch?v=LD5Mo7oHPIA

نص الترتيلة الملكية ܒܣܠܝܩܐ لرمش يوم السبت على الأحد، وهي جزء من التراث الكنسي المخصص للأسبوع الرابع من ܩܝܛܐالقيظ:

3.1
ܕܒܣܠܝܩܐ. ܒܐܠܗܐ ܒܪܚܡܐ
واساليقى: بألاها برحمى
الترتيلة ملكية: بلحن ܐܠܗܐ ܒܪܚܡܐ

3.2
ܐܠܗܢ ܢܪܚܡܥܠܝܢ: ܐܬܦܢ ܥܠܝ ܘܪܚܡܥܠܝ. ܡܛܠ ܕܠܘܬܟ ܗܘ ܡܨܠܝܢܐ
الاهن نرحمعلين: اثپن علاي ورحمعلي. مطل دلواثاخو مصلينا.
ارحمني يا الله، التفت الي وارحمني، لأنني لك أصلي.

3.3
ܕܨܘܬܐ. ܐܠܗܐ ܚܘܢܝܢܝ ܠܚܛܝܐ. ܐܬܦܢ ܥܠ ܨܠܘܬܗ ܕܥܒܕܟ ܘܥܠ ܒܥܘܬܗ ܡܪܝܐ ܐܠܗܝ.
دصورتا. ألاها حونين لحطايا. اثپن عال صلوثه دعوداخ وعال باعوثه مريا الاه.
ارحمني انا الخاطئ يا الله، والتفت الى صلاة عبدك ودعواته، ربي وإلهي.

3.4
ܚܘܢܝܢܝ ܡܪܝ ܐܝܟ ܕܠܡܟܣܐ. ܓܐܥܢܐ ܠܘܬܟ ܡܪܝܐ ܐܬܪܚܡܥܠܝ:
حونين مار أخ دلمخسا. كاعينا لواثخ اثرحمعلي:
حن علي يا سيدي كما حنت على العشار، وهـأنذا أرفع صوتي إليك فارحمني.

3.5
ܡܦܢܐ ܫܐܠܬܐ ܠܕܫܐܠܝܢ ܠܗ. ܘܦܬܚ ܬܪܥܗ ܠܕܢܩܫܝܢ ܒܗ. ܦܬܚܠܝ ܡܪܝ ܬܪܥܗ ܕܚܢܢܟ. ܘܗܒܠܝ ܚܘܣܝܐ ܠܣܟܠܘܬܝ. ܕܥܘܗܕܢܗܝܢ ܡܣܪܕܠܝ:
مپنى شئلاثا لذشألينله. وپاثح ترعه لذنقشين به. پثحلي مار ترعه دحنانخ. وهولي حوسايا لساخلواث دعوهدنهين مسرذلي:
يا ملبي دعوات الذين يسألونه، والفاتح بابه لطارقيه، افتح لي باب حنانك، وامنحني غفران خطاياي لأن ذكراها يفزعني.

3.6
ܝܕܥܢܐ ܓܝܪ ܘܥܗܕܢܐ ܠܣܘܪܚܢܝ. ܘܠܐ ܡܨܝܐ ܡܪܝ ܕܐܬܕܟܐ ܕܠܐ ܪܚܡܝܟ:
ياذعنا كير وعاهدنا لسورحاني. ولا مصيا مار داتدكى دلا رحميك:
إنني عارف خطاياي وذاكر لها، ولن يكون بمقدوري أن اتطهر منها دون رحمتك.

3.7
ܐܢܬ ܕܝܢ ܒܛܝܒܘܬܟ ܗܒܠܝ ܕܐܬܡܪܩ. ܡܢ ܨܐܬܐ ܕܚܘܒܐ ܕܟܬܡܘܢܝ. ܦܪܘܩܐ ܡܪܚܡܢܐ ܡܪܟܠ ܫܘܒܚܐ ܠܟ
ات دين بطيبوثاخ هوالي ديثمرق. من صأثا دحوبين دكتمون. پاروقا مرحمانا ماركل شوحا لاخ.
(فتعال) واغسلني بنعمتك من دنس الذنوب التي تلوثني، يا أيها المخلص الرحيم سيد الكل، لك المجد.

-------------------------
رابط (1)
ظهر او مقال لي يتناول دراسة وتحليل نشيد من روائع تراث كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية في هذا الموقع وعلى الرابط التالي:
https://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,946125.0.html

18
المطران سعد سيروب في المستشفى بعد أصابته بوباء كورونا – لنبقيه في صلاتنا وأفكارنا

يرقد المطران سعد سيروب، الزائر الرسولي على الكلدان في أوروبا، في المستشفى، بعد اصابته بفيروس كورونا.
 
وهو يعاني من أعراض المرض، أدعو أولا العذراء مريم، امنا، ان تكون بجانبه وتشفع له ولنا.
 
ولقد كان لخبر إصابته وقع الصاعقة ليس على الكلدان فحسب، بل على الكنائس الشقيقة الأخرى، حيث انهالت الاتصالات والرسائل في وسائل التواصل تدعو له الشفاء العاجل.
 
ونحن نستقبل الخبر بحزن عميق، ادعو الى التواصل مع بعضنا الأخر ومؤازرة الواحد الأخر في هذه الظروف العصيبة والمقلقة التي يمر فيها العالم.
 
وتشير إحصاءات الإصابات والضحايا في السويد أن اعدادا كبيرة من أبناء وبنات شعبنا يضربهم هذا الوباء الخبيث، وأن نسبة الإصابات في صفوفنا الى أعدادنا أكثر بكثير من السكان الأصليين في البلد.
 

19
الكلدان في خطر! (كي يطلع شعبنا الأبي على تاريخ وحيثيات الموقف والخلاف بيني وبين البطريرك ساكو)

إذ كان كثيرون قد كتبوا وعقبوا على الخلاف الظاهر بيني وبين سياسات ومواقف وممارسات البطريرك لويس ساكو حول اللغة والميراث والتراث والفنون والطقس الكنسي الكلداني كما سلمه إلينا اباؤنا القديسين منذ القدم الذين لولاهم لما حفظنا على مسيحيتنا وهويتنا المشرقية كلدانا أم أشوريين أم سريانا، ارتأيت أن اضع امام شعبنا الأبي تاريخ وحيثيات والأسباب التي جعلتنا نفترق.  وقع الخلاف الظاهر قبل حوالي خمس سنوات كما يظهر من المقال أدناه الذي أعيد نشره، أملا ان تنظر البطريركية في الأمور المثارة فيه من خلال التواصل والنقاش والحوار لأنها في وجهة نظر أغلب الكلدان بمثابة ثوابت لا يمكن التنازل عنها ونقطة خلاف جوهرية مع الصرح البطريركي.  ونظرة سريعة على التعقيبات التي وردت على المقال يلاحظ القارئ اللبيب أن التراث واللغة والفنون والطقس والميراث الكلداني قاسم مشترك يتفق عليه أغلب الكلدان ويجمعهم لا بل هو الرابط بينهم دونه تنفك الأواصر ويتشتت الشمل وتصبح الوحدة التي ننشدها كلنا أمرا مستحيلا ليس ضمن نطاق ميولنا وتسمياتنا ومذاهبنا المختلفة فحسب، بل حتى ضمن نطاق مكون أصيل مثل الشعب الكلداني ومؤسسته الكنسية.


https://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0

*******


الكلدان في خطر!

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد

توطئة

نحن كشعب بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة نمر في مرحلة خطيرة. ولكن الخطر الذي يداهم الكلدان، وهم مكون اصيل من شعبنا، خطر وجودي. ان لم يستلحق الكلدان ويشمروا عن سواعدهم، فإن وجودهم كشعب ومؤسسة كنسية وثقافة وليتورجيا وهوية وطقوس ولغة سيصبح في خبر كان.

والمتابع لما اكتبه لا بد وأن لاحظ انني اربط وجود أي شعب او امة او هوية او قومية بالتشبث بالثقافة والتقاليد والطقوس ومن ضمنها الآداب والشعر والفنون والغناء والأناشيد وحتى الأزياء وأسلوب الحياة الذي يتراكم بالتراكم الثقافي الذي يميز امة عن أخرى.

وخير ما يمثل الثقافة هي اللغة وما تكتنزه لنا من شعر وعلم وأدب وطقوس وفن وليتورجيا واعلام وغيره. قد يتمكن العدو من قتلنا جسديا وتهجيرنا – وهذا ما يحصل الأن لنا كما حصل ذلك طوال التاريخ.

بيد ان قتل الجسد والتهجير والاضطهاد – الذي كان ولا يزال جزءا من تاريخنا ووجودنا – لا ينهي وجود امة وشعب وهوية. الذي يقتل شعب وامة هو الذي يقتل الثقافة والطقوس والهوية المتمثلة باللغة وما تكتنزه حسب تعريفنا اعلاه.

اليوم الكلدان ثقافة ولغة وليتورجيا وطقوس وهوية في خطر. ومع الأسف أرى ان الخطر المحدق بالكلدان من حيث ثقافتهم وهويتهم ولغتهم وليتورجيتهم وطقوسهم وادبهم وشعرهم وفنونهم وغيره يأتي من داخل البيت الكلداني ومن ذات المؤسسة التي واحد من واجبتها يجب ان يكون كما كان طوال التاريخ الحفاظ على الطقوس والهوية والثقافة واللغة رغم الشدائد والهزات وحملات الإبادة والاضطهاد والتهجير الذي تعرضنا له ونتعرض له.

وما حفزني على كتابة هذا المقال وقرع جرس الإنذار هو ما ورد في اخر بيان او مقال في موقع البطريركية الكلدانية في الإمكان الاطلاع عليه على الرابط 1 ادناه لا سيما الحقل تحت عنوان: "مسألة الطقوس الكنسية" والذي أدرجه ادناه:

"طقوسنا كانت بالسريانية الشرقية وبعضها ترجم الى العربية والى السريانية المحكية ( سورث). أما اليوم فإن الغالبية لا تفهم هذه اللغة، ليس فقط من المؤمنين، لكن لا يملك ناصيتها العديد من الكهنة ممن يمارسون الصلوات الليتورجية باللغة الطقسية الأصلية. المؤمنون بحاجة لا فقط الى ترجمة الطقوس ترجمة حرفية، بل الى التأوين والتجديد لتتلاءم مع ثقافتهم الجديدة وحساسياتهم وواقعهم. فنحن بحاجة الى طقس مفهوم بالعربية والإنكليزية والكوردية والفرنسية والألمانية والفارسية والتركية والهولندية والفلامكنية.... الخ. وهذا ليس سهلا فمعظم طقوسنا تعود الى القرن السابع واعدت لمجتمع زراعي ولا تتماشى مع ثقافة المجتمع الجديد وعقليته وتنوعه. المهم ان نساعد مؤمنينا على الصلاة وليس على أداء طقوس غير مفهومة ولا تشدهم وتغني روحيتهم. الطقوس من اجل الانسان وليس العكس كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم.


السياق

وقبل الولوج في الموضوع من أوسع ابوابه اود القول إن ما اتى في السياق العام للرابط فيه نقاط مهمة وصحيحة وذات فائدة وتبرهن ما ذهبت اليه في كتاباتي في هذا المنبر. قد تحتاج الى بعض الشرح لوضعها في سياقها الصحيح.

وأمل ان يتسع صدر البطريركية للنقد. وأمل أيضا ان لا تتعجل بالرد كما هو شأنها اغلب الأحيان. الاعلام سيف بتار قد يرتد على صاحبه إن لم يستخدم بحكمة وروية.

وانا أرد على نقاط محددة، هذا لا يعني ابدا ان ولائي وحبي لكرسي اجدادي، كرسي كنيسة المشرق الذي تمثله رئاسات ثلاث اليوم – الكلدانية والاشورية والقديمة – قد شابه وهن او ضعف. لا مساومة على الولاء لكرسي ساليق/قطيسفون لأنني اعرف نفسي وهويتي – كما عرفتها أعلاه – من خلاله.

واظن ان الكثير من القراء – ان لم يكن كلهم – يضعونني في خانة المدافعين لا بل المستميتين في الدفاع عن كرسي بابل على الكلدان لا سيما في الصراع والأزمة التي لا زالت مستمرة حول السلطات والحقوق المؤسساتية للبطريركية على كافة الكلدان حيث تواجدهم لأننا اصبحنا شعبا مهاجرا يعيش اغلبنا في الشتات ومناطق متباعدة جغرافيا وغير مرتبطة ادارة وتنظيما ببعضها وتنسيقا ومنسلخة عن الرئاسة (الكرسي) في بلد الأجداد.

وأمل ان تنظر البطريركية من هذا المنطلق بالذات – أي ان النقد ادناه يأتي من محب لها ومدافع عنها. وفي الحقيقة انني أرى اغلب النقد الذي اتاها حتى الأن من هذا المنطلق. المؤسسة البطريركية بالنسبة للكلدان جزء من الوجود والهوية والثقافة حسب تعريفي لها.

استخدام الإعلام


بالطبع هناك الكثير من المقالات والبيانات الصحافية وغيره تصدرها البطريركية، واعلاميا هذا خطأ. اكاد اجزم ان عدد الردود والبيانات والتصريحات وغيره التي أصدرتها البطريركية قد يفوق ما صدر عن الناطق الرسمي باسم الحكومة في العراق او باسم حكومة الإقليم في كردستان العراق.

لن اتحدث عن أثر هذه التصريحات والبيانات والمقالات ولكن تحليلا خطابيا معمقا لها يظهر ان البطريركية في صراع دائم وعلى عدة جبهات في آن واحد. وأحيانا هي في صراع حتى مع نفسها. ولا تكاد تهدأ جبهة حتى تفتح جبهة أخرى.

وهذا دليل ايضا على ان البطريركية لا تكاد تنتهي من ازمة حتى تقحم نفسها في ازمة أخرى. وبدلا من التركيز على ازمة واحدة، تحاول معالجة عدة أزمات في آن واحد. ولن نجافي الحقيقة إن قلنا انها فشلت في حل او حلحلة أي من الأزمات التي تناولتها. خرجت من كل الأزمات وبعد صراع مرير مكسورة الجناح، ومنها الخلاف مع ابرشيات في المهجر والخلاف مع الفاتيكان المتمثل بالمجمع الشرقي ووزيره وغيرها من الأزمات.

الشعارات


وحتى الشعارات التي رفعتها والتي توسمنا خيرا فيها بقيت شعارات. لا الوحدة تحققت وأخشى انها لن تتحقق ولا الصلاحيات البطريركية المسلوبة والمناطق المغتصبة تم اعادتها. ولم يتحقق أي شيء من الأصالة.

بالعكس نحن مقبلون على خطر محدق والذي انا بصدده وهو التجديد والحداثة، بمعنى ان كل ما لدينا من ثقافة وطقوس ولغة وأناشيد وفنون وفلسفة ولاهوت تضمه ثنايا ليتورجيتنا وطقوسنا المقدسة هو "زراعي"، أي قروي متخلف علينا استبداله وتغيره وترك لغتنا وثقافتنا وطقسنا أي هويتنا واستبدالها بهويات (لغات) شتى (انظر الرابط 1 والاقتباس اعلاه).
 
الهجرة والشتات


لا اظن ان البطريركية حققت أي تقدم او نجاح يذكر في كل النقاط المذكورة في الرابط. الكلدان غالبيتهم في المهجر وليس بلد الأجداد. في المهجر كما في العراق هم مشتتون متباعدون حتى ضمن الدولة الواحدة ولم تحصل البطريركية على اية صلاحيات لتنظيم شؤونهم. بالعكس الأمور تشير الى تقليصها أكثر والصدام او الصراع المستمر والمتزايد مع الأبرشيات وبعض الالكيروس خير دليل وعدم التوافق والتباعد ضمن منطقة جغرافية واحدة في الإدارة والتنظيم واللغة والليتورجيا كما هو الحال في أوروبا مثلا دليل اخر.

اما الهجرة فليس بإمكان البطريركية ايقافها. نعم نقف اجلالا لما قامت به الكنائس بصورة عامة من اجل المهجرين ولكن كل الحلول وقتية ولن يمضي وقت طويل حتى يفرغ البلد تقريبا من كلدانه ومسيحيه.

الخطوط التي تمسك بالفوضى في المنطقة أكبر من حجمنا ومن حجم أي من مؤسساتنا بكثير وأكبر من حجم الحكومات هناك وحجم الأديان والمذاهب الكبيرة والقوميات التي تضم عشرات الملايين. نحن لسنا جزءا من الحل ولا المشكلة ولا تكترث أي مؤسسة او دولة غربية او شرقية دينية او مدنية لنا ولوجودنا وإن اجتمعنا بهم او اجتمعوا بنا وإن كتبنا لهم وكتبوا لنا فذلك لن يقدم او يؤخر في الأمر شيئا.

أمور إيجابية؟


بالطبع هناك افرازات ومخارج إيجابية لما قامت به البطريركية. كثرة خطابها الإعلامي ودخولها في حوار مع منتقديها كانت له ثمار طيبة رغم ان هذه الإيجابيات أتت عكس ما كانت تهدف اليه البطريركية. 

فمثلا، وبعد اخذ ورد وكتابات عارضها البعض بشدة وبأسلوب غلبته الشخصنة والمباشرة اعترفت البطريركية ذاتها ان هناك خط فاصل بين الكنيسة كرسالة انجيلية سماوية رسولية والكنيسة كمؤسسة أرضية حيث تؤكد البطريركية – وحسب معلوماتي هذه اول مرة – وبشكل شبه قطعي قائلة إنه "لا بد ان نميّز بين الكرسي الرسولي ودولة الفاتيكان". (رابط 1)

هذا امر جيد. لأن الكرسي يمثل رسالة السماء والدولة تمثل مؤسسة شأنها شأن أي دولة او مؤسسة أخرى. والفاتيكان حقا دولة، صغيرة ولكنها كبيرة ومؤثرة جدا، فيها مجلس وزراء ورئس وزراء ورئس دولة ووزراء الخارجية والمال والمستعمرات وفيها أيضا دائرة كبيرة بمثابة وزارة تعني بشؤون التجسس والمخابرات ولها علاقات وطيدة مع دوائر المخابرات والتجسس في العالم.

بيد ان البطريركية تفشل، في رأيي الشخصي ومن خلال قراءتي، في وضع الثورة الكلدانية ضد هذه الدولة ضمن سياقها التاريخي.

تقول البطريركية إن واحدا من البطاركة الكلدان العظام وهو "يوسف اودو قام بالتصدي الشجاع لهذه الظاهرة" أي ظاهرة ان تقوم دولة (دولة الفاتيكان) باستعمار مناطق وثقافات لا تعود لها بغية تطويعها وتغيرها وفرض ثقافة وليتورجيا وهوية بديلة دخيلة اجنبية عليها.

لقد كتبت عن هذه الثورة المباركة كثيرا وانا سعيد جدا ان ارى البطريركية اخذت بذكرها والتنويه بها. ولكن لنكن حذرين عند التعامل والتحدث واحياء هذه الثورة. أنها لم تكن من اجل السيطرة على كاهن هنا وكاهن هناك. كانت هذه الثورة من اجل الثقافة والطقوس والليتورجيا واللغة والهوية التي تميز الكلدان كشعب وكنيسة.

لقد نهض البطريرك الغيور اودو وثار ضد اللاتين وتدخلهم السافر في الشؤون الطقسية ومحاولتهم تبدليها والغائها وفرض اللاتينية محلها. هذا ما قاومه البطريرك بشدة ولولاه لكنا كلنا اليوم ومعنا كل الكنائس الشرقية الكاثوليكية لاتينية صرف من حيث الثقافة والطقوس.

نعم فشلت ثورته واسبابها كثيرة ولكنها نجحت الى حد ما في الحفاظ على الليتورجيا والطقوس والثقافة والهوية والفنون والاعلام الأناشيد واللغة كما اتتنا من ابائنا وقديسينا وملافنتنا العظام. ولكن قائدها خسر الصراع من اجل الاستقلال في إدارة وتنظيم مؤسسته الكنسية واضطر الى التنازل عن مناطق شاسعة وملايين الأتباع وخسر السلطة على الأساقفة. كان البطريرك اودو همه الأول الحفاظ على اللغة والثقافة الكلدانية والطقس الكلداني والهوية الكلدانية وحارب ودخل في صراع مرير مع دولة الفاتيكان من اجل ذلك.

لم يمس الكرسي الرسولي في روما ابدا، أي رسالة الانجيل، ولكنه كان قاسيا جدا على دولة الفاتيكان وحملاتها التبشيرية المدعومة من دول استعمارية لا سيما البرتغال حيث أطلق عليهم كلمات قاسية واوصاف يستحقونها مثل "الذئاب بلباس الحملان" و "الكروم الملعونة" و"المجرمين" فقط لأنهم ارادوا التلاعب بثقافتنا وطقسنا وليتورجيتنا ولغتنا ورموزنا واناشيدنا وانافوراتنا ومخطوطاتنا وفنوننا وريازتنا ودورتنا الطقسية وحوذرتنا وارادوا ان يرفعوا رموزنا ويضعوا محلها رموزهم اللاتينية. لن أسهب في هذا لأنني قد اشبعته نقاشا.

موقف البطريركية الحالية


موقف البطريركية من طقوسنا ولغتنا وليتورجيتنا الكلدانية التي قاتل من اجلها اجدادنا وثاروا على دولة الفاتيكان بسببها موقف خطير إن لم يتداركه أصحاب الشأن. البطريركية الكلدانية تعتقد لا بل تجزم، وهنا خطورة الموقف ان "معظم طقوسنا تعود الى القرن السابع واعدت لمجتمع زراعي ولا تتماش مع ثقافة المجتمع الجديد وعقليته وتنوعه." (انظر رابط 1 والاقتباس اعلاه)

أخشى ان البطريركية تعد العدة لإلغاء طقسنا وتبديله بحجة "زراعيته". وهل هناك شعب او مؤسسة صاحبة هوية تنعت تراثها وادبها وليتورجيتها ولغتها بأنها "زراعية"؟

أي ان مار افرام ومار نرساي وغيرهم من اعلام كبار وعظام ليس على مستوى شعبنا وكنيستنا بل على مستوى العالم وكنائسه الكبيرة والصغيرة ويشهد لهم بذلك الفلاسفة واللاهوتيون والمفكرون القدامى والمعاصرون من شتى الثقافات والكنائس "زراعيون" وما تركوه لنا "زراعي" علينا استبداله والغائه. وأن "مارن ايشوع" و "هاو دنوارنه" و "اوا دقوشتا" وكل الجواهر الثمينة التي نملكها وبدونها نخسر أنفسنا كشعب وهوية كنسية "زراعية". وكل كارزواثا "زراعية" وقروية فيجب تبديلها كما حدث بكتاب الطلبات بالعربية الذي فيه من الركاكة والممل والأخطاء فكرا ولغة وعلما وليتورجيا وتاريخا ما لا يجب ان يكون ولا يليق بكنيسة بحجم ومكانة كنيسة المشرق الكلدانية.

ما هو "الزراعي" فيما تركه لنا مار افرام ومار نرساي اللذان يعدان وبحق قيثارة الروح القدس ومن قبل كل كنائس الدنيا تقريبا. ومار افرام اليوم ترتل صلواته في الغرب ومنها صلوات الصبح "صبرا" وينشدها الرهبان في الأديرة في ارجاء العالم. فكيف صارت بقدرة قادر "زراعية" لا توائم العصر ويجب مسحها وتبديلها كما حدث مع الطلبات (كرزواثا) وغيرها مما تراه البطريركية مناسبا وهو غير مناسب وعصريا وهو غير عصري لأنه ممل ومكرر وملئ بالأخطاء ويفتقر الى الأصالة في الفكر والأسلوب والمتن والمحتوى وهو لا شيء لا بل صفر امام ما تركه لنا اجدادنا العظام الذين يشهد بأصالتهم وقدسيتهم ومواءمتهم لعصرنا بتنوعه الغرباء عن ثقافتنا وطقسنا ولكن بطريركيتنا تراهم "زراعيين".

 إن كان موقف البطريركية صحيحا فكل ليتورجيا الكنيسة الرومانية الكاثوليكية واغلب رموزها وطقوسها وفنونها وقديسيها يعود الى القرون الوسطى المظلمة حيث كان يسود الاقطاع الزراعي والظلم المؤسساتي الكنسي ومن ضمنها روائع الموسيقى الكلاسيكية الكنسية وفنون العمران والرسم والايقونات وغيرها. فهل سنسمي هذه الرموز والليتوريجا والاناشيد والموسيقى الكنيسة والطقوس والفنون التي تدرس في الكنائس وفي المدارس الحكومية وتتشبث بها كافة الكنائس الغربية ومعها المؤسسات المدنية وحتى الحكومات العلمانية لا بل تقدسها بأنها "اقطاعية زراعية ظلامية" وعلينا الغائها وتبديلها؟

اليوم بالذات المفروض ان نرتل صلوات عيد الصليب حسب الطقس الكلداني. وهذا سؤال موجه الى كل كلداني غيور على ثقافته وهويته ولغته، هل هناك منكم من يستطيع تأشير ما هو "زراعي" في طقس عيد الصليب؟ "الزراعي" هو فقط ما تم فرضه علينا من كتاب الطلبات وغيره من الأناشيد "المناسبة" واقحامها في طقسنا وليتورجيتنا بحجة الحداثة وهي بعيدة عن الحداثة والأصالة بعد السماء عن الأرض.

والعمود الفقري للطقس الكلداني هي روائع مار افرام وغيره من الملافنة والقديسين والأدب المريمي الذي لا مثيل له في العام. وكل هذه تدور حول الكتاب المقدس لا سيما مزامير داود، أي لا نستطيع ممارسة الطقس ابدا دون ان يكون للمزامير دورا رئيسيا. فهل المزامير "زراعية"؟ كنت أتوقع أي شيء ولكنني لم أتوقع ولم يدر في خلدي وحتى في الحلم انه سيكون هناك أساقفة كلدان ينظرون الى الطقس الكلداني نظرة كهذه.

طقوسنا مشتركة


ومن ثم نحن نشترك في هذه الطقوس مع كنائس وشعوب أخرى. احتراما للقدسية التي تنظر هذه الكنائس الى ما تراه البطريركية انه "زراعي" كان يجب عدم استخدام تعابير مثل هذه تنتقص من أغلى ما نملكه او ربما كل ما نملكه كهوية وثقافة وشعب وكنيسة ووجود.

إن هذا النهج خطير ويفتقر الى ابسط الأسس العلمية ويخالف النظرة لدى البطريركيات المشرقية الأخرى كاثوليكية او غيرها. فبطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية يرى لغتنا الطقسية وليتورجيتنا وطقوسنا مقدسة ويؤكد على ذلك في كثير من المواقف.

وبطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية يراها أيضا مقدسة ويوم تنصيبه كان احتفالا بهيّا بهذه الطقوس المقدسة التي ومع الأسف الشديد تسميها بطريركيتنا الكلدانية "زراعية" وتأخذ ذلك حجة غير سليمة وغير منطقية لإلغائها واستبدالها. والبطريرك السرياني الأرثوذكسي بدأ خطبة التنصيب بلغة اجداده واجدادنا – السريانية – مؤكدا على مكانتها الطقسية والوجودية في صفوف شعبنا وكنيستنا.

وبطريرك الروم الملكيين قال في طقسنا ولغتنا وما تركه لنا اجدادنا مثل ما افرام إن هذه الطقوس والليتورجيا بالنسبة الى المشرقيين المسيحيين هي مثل نهري دجلة والفرات لأرض ما بين النهرين، نستقي منها ونحيا فيها.

وهناك بوادر تغير وعودة للجذور الطقسية واللغوية لدى البطريركية المارونية ايضا حيث نلحظ زيادة ملحوظة في القداديس والمراسيم والطقوس للأناشيد الطقسية السريانية وجوقات تنشد فيها وتحيّها بعد ان كانت أصبحت شبهة منسية.

اما بطريركية كنيسة المشرق الاشورية والقديمة فالتزامهما بالطقوس لا مساومة عليه والحفاظ على ما تركه لنا اجدادنا بلغته وتعميمه وتدريسه جزء من الواجبات المؤسساتية.

القول إن بعض الكهنة لا يملك ناصية هذه اللغة عذر غير مقبول لأننا نعلم لماذا بعض الكهنة لا يتمكن من الطقس واللغة. هذا مرده الفترة التي تم رمي الكتب الطقسية واللغة الطقسية والحوذرا الطقسية في سلة المهملات في المعهد الكهنوتي وإطلاق تسمية "الجراد والصراصر" عليهما وبروز تيار "حداثي" لدى بعض الإكليروس الكلداني ذو فهم قاصر لمعنى الحداثة حيث لديهم وحسب تفكيرهم القاصر الحداثة تعني ضرب التراث والثقافة واللغة والطقوس عرض الحائط، وهذا ما لا يقبل به أي شعب او مؤسسة ذات هوية. ولكن هذا ما حصل ويحصل في الكثير من المناطق وأخشى ان يكون هذا هو التيار السائد في البطريركية. ولن أسهب في هذا كي نتجنب المباشرة. بدلا من التشبث بحجة عدم التمكن من ناصية اللغة علينا العمل على تدريسها وتعلمها وتعليمها.

التأوين وما أدراك ما التأوين


الحل لا يكون "بالتأوين والتجديد" لأن التجديد كما تريده البطريركية سيكون كارثة على الهوية لأنها تسعى الى استخدام كل اللغات ونحن لا نتجاوز عشرات الالاف من الكلدان من الذين نرتاد الكنيسة بصورة منتظمة. وهذا الأمر بالذات صار سببا للتسرب والتسيب حيث كل يوم لدينا طلبات واناشيد "مناسبة" مليئة بالأخطاء وركيكة اللحن والأداء والفكر والحبكة وركيكة اللغة بالعربية او غيرها ونحن في الشتات.

ان ترد كلمة او كلمتين تشيران الى الزراعة في طقوسنا لا يجوز ولا يحق لنا ان نأخذهما عذرا للهجوم على تراثنا وطقسنا. التجديد والحداثة لدى البطريركية صار هجوما على التراث واللغة والثقافة والطقوس وليس احياء لها.

ولهذا اليوم لدينا بطريركية كلدانية تكون الوحيدة بين البطريركيات المشرقية التي لم ترم حوذرتنا المقدسة جانبا بل الكثير من الرموز التي تميزنا وتشير الى ثقافتنا ومن ضمنها الزي البطريركي بينما كل البطاركة المشرقيين ملتزمي بأزيائهم.

اليوم لا يستنكف رئس الوزراء الهندي والماليزي والباكستاني والأفريقي من زيه ويرتديه في كل المناسبات.

وارى ان الاقتباس من القديس يوحنا فم الذهب الذي تكرره البطريركية ليس الأن ولكن منذ عقود في محاربتها للطقس في غير محله وخارج سياقه. يوحنا فم الذهب يقول إن رسالة الانجيل في المحبة والغفران والتسامح والعطاء تأتي قبل أي طقوس، أي انه لا يهاجم الطقس بالمفهوم البطريركي.

الطقس في خدمة الانسان وهويته وثقافاته.  وهذا لا يتنازل عنه الأفريقي الذي خرج للتو من الغابة الى الحضارة ويتشبث برموزه وطقوسه وتقاليده ولغته ويجعلها جزءا من ليتورجيته. فكيف بشعب علم الدنيا القراءة والكتابة والدورة الطقسية والأنافورا وغيره.

الطقس هو في خدمة الإنسان وثقافته وهويته وليس اضطهادا للإنسان وهويته. استبدال الثقافة والهوية والطقس واللغة وفرض ثقافة ولغة وطقس جديد بلغة غير لغتنا او طقس أجنبي ودخيل اضطهاد. كتابة طلبات من عندنا وبالعربية بركاكتها والقصور الواضح فيها مقارنة بما لدينا فكريا ولاهوتيا وفلسفيا وعلميا ومنطقيا كي تحل مكان الكرزواثا الطقسية اضطهاد. وتغير الطقس وكتابة أشياء جديدة وبلغات شتى اضطهاد.  يوحنا فم الذهب يريد ان يخدم الطقس هويتنا المسيحية وثقافتنا المسيحية وليس اضطهادنا، أي فرض ثقافة وهوية ولغة وليتورجيا دخيلة او جديدة علينا بحجج واهية.

خطر وجودي


لن يمض وقت طويل وسنرى ان الكلدان وكنائسهم وابرشياتهم كل له طقسه وبلغته الخاصة وكما يناسبه. ما هو الداعي الى تحويل القداس والليتورجيا الى اللغة السويدية والإنكليزية والفلومنكية والهولندية والفرنسية والدانماركية والفنلندية والالمانية وبأسلوب ركيك ورتابة وملل كما هو شان ما يأتينا بالعربية حاليا؟ اليس من الأحرى ان يحضر الكلدان القداديس والطقوس التي تقوم بها الكنائس الكاثوليكية في هذه البلدان وبلغاتها القومية؟

وهل الطقس من اختصاص البطريركية دون استشارة أصحاب الشأن؟ هناك في كنيستنا الكلدانية أساقفة كبار ومختصين لهم باع بالطقس ولهم إمكانية هائلة في فهمه وتفسيره وقراءته وانشاده وتدريسه؟ لماذا لا تلتجئ البطريركية إليهم لأحياء طقوسنا بدلا من الاتكاء في كل شيء على نفسها وكأنها مختصة في كل شيء؟

وما تقوم به البطريركية من تجديد لأنها ترى ان ما لدينا "زراعي" لا يلائم العصر شيء غريب وعجيب. كل الأدب العالمي تقريبا والذي يأخذ بألباب الدنيا يتكئ على الطبيعة. فهل نذمه ونلغيه لأنه زراعي؟

وموقف البطريركية يعارض مواقف اخرى لأساقفة كلدان اخرين الذين يرون ان طقوسنا مقدسة ويجب الحفاظ عليها لا سيما جواهرها التي لا تثمن.

وصفة لمشاكل قادمة


هذا الموقف ضد الطقس ولغته أخشى انه سيحدث شرخا اخر في الكنيسة التي أساسا لا زالت تعاني الأمرين ولم تفلح البطريركية حتى الأن في حل أي من معضلاتها ومشاكلها وما أكثرها.

إنه حقا وصفة لمشاكل كبيرة قادمة لأن الخلاف مع ابرشيات المهجر او لنقل بعضها ومع الأبرشيات الأخرى أساسه ثقافي لأنها ترى بالعين المجردة ان البطريركية ماضية دون هوادة في تهميش لا بل إزالة الطقس الكلداني ولغته من الوجود لأنه "زراعي" وهذا غير صحيح ابدا.

واظن ان البطريركية في موقفها هذا من الثقافة واللغة والطقس الكلداني ستزيد في مكانة معارضيها ومتحديها متانة لأنها تقدم لهم الدليل على انها لا تكترث للطقس والثقافة واللغة والهوية بينما الكلدان بصورة عامة يرغبون في الحفاظ على طقسهم ولغتهم وسيناصرون ويهرعون لمساندة كل من يلتزم بها ويعلّي من شأنها وليس الذي يهمشها ويصفها بأنها "زراعية".

مفارقة كبيرة


ومن ثم فإن المقولة والموقف هذا يتعارض أساسا مع نهج الكرسي الرسولي في الفاتيكان في العصر الحديث. وانقل هنا ما اتي في مقال لأسقف كلداني محب لطقسه وليتورجيته وهو ينقل من قوانين الكنائس الشرقية والذي يتعارض مع الموقف السلبي للبطريركية ضد الطقس الكلداني (رابط 2).

ق. 39- إن طقوس الكنائس الشرقية يجب حفظها ودعمها بورع، لكونها تراث كنيسة المسيح بأسرها، يشع فيه التقليد المنحدر من الرسل عن طريق الآباء ويؤكد بتنوعه وحدة الايمان الكاثوليكي الالهية.
ق. 40 بند 1- على الرؤساء الكنسيين الذين يرأسون الكنائس المتمتّعة بحكم ذاتي، وعلى جميع الرؤساء الكنسيين الآخرين أن يُعنوا عناية بالغة بصَون طقسهم بأمانة وحفظه بدقّة ولا يقبل ايَّ تغيير فيه، ما لم يكن في سبيل نموّه الذاتي والحيوي، واضعين مع ذلك نُصب اعينهم المحبة المتبادلة بين المسيحيّين ووحدتهم.
بند 2 – على سائر الإلكليروس وجميع اعضاء مؤسّسات الحياة المكرّسة ان يحفظوا بأمانة طقسهم ويكتسبوا على الدوام معرفة له اعمق وممارسة أكمل.
بند 3- وكذلك على سائر المؤمنين أن يعزّزوا معرفة طقسهم وتقديرهم له، كما يجب عليهم أن يحفظوه في كل مكان، ما لم يستثنِ الشرع أمراً ما.
 

هذه القوانين ستكون سندا للمعارضة الحالية للبطريركية ومواقفها بصورة عامة وموقفها من الطقس الكلداني ولغته بصورة خاصة وبإمكان المعارضين الاستناد اليها في رفض ما تقوم البطريركية بتأليفه بالعربية كما أسلفنا وارساله كفرض على الكنائس لا سيما في المهجر حيث أساسا لا سلطة إدارية لها على الأبرشيات والخورنات.

لماذا لا نتشبث بهذا القانون ونتمسك به لأنه يمنحنا حقوقا ثقافية ولغوية كاملة ويحفظ هويتنا ولغتنا وطقسنا وليتورجيتنا وتم سنّه بعد ان شعر الفاتيكان كدولة بخطئه لا بل خطيئته لاسيما في اضطهاده للكلدان وطقسهم ولغتهم وتراثهم ومحاولاته وحملاته الحثيثة وأحيانا العنيفة لإزالة كل ما يمت للكلدان من طقس ولغة وفنون وثقافة وفرض اللاتينية محلها.

نريد حقوقا تعيد لنا السلطة على الكهنة في الشتات وهذا جيد ولكن هناك حقوقا قد حصلنا عليها من الفاتيكان فلماذا لا نمارسها.

أكرر ان الموقف هذا وما تقوم به البطريركية من اعمال لتهميش اللغة الطقس الكلداني والحوذرة الكلدانية والليتورجيا برمتها هي وصفة لمشاكل عويصة حيث لا يزال بعض الأساقفة ومعهم ابرشيات كبيرة ومعهم عدد كبير من الكلدان ينظر بامتعاض الى هكذا مواقف وممارسات واظن ان الموقف سيزيد من المواجهة بدلا من إرساء التوافق والسلام والمحبة.

دعوة

على الكلدان واساقفتهم وأكليروسهم ومعهم كل الأشقاء من المحبين لهويتهم وثقافتهم ولغتهم وطقسهم الذي قاتل اجدادهم من اجله ولم يتركوه او يغادروه او يستبدلوه في ظروف اقس بكثير من التي نحن عليها اليوم إضافة الى الذين يشتركون معهم في طقسهم المشرقي القيام بحملة توعية وحملة تواقيع لإثناء البطريركية عن نهجها والطلب منها الالتزام بلغتنا وطقسنا وليتورجيتنا الكلدانية كما اتت لنا من ابائنا القديسين. بدونها لا هوية لنا. بدون لغتنا وطقسنا وثقافتنا سنصبح كالشعب والمؤسسة الكنسية التي هي على قارعة الطريق، كل واحد يدفع بها بالاتجاه الذي يريده. وهذا ما يحدث الأن بالضبط حيث كل واحد يأتي بما يناسبه.

واختتم وأقول إنني ما زلت على ولائي للبطريركية والكرسي الرسولي الذي تمثله وامل ان تنظر البطريركية الى ما اتيت به في هذا المقال بعيون منفتحة وبقلب واسع.

وكذلك امل من الأخوة القراء ان يناقشوا متن الموضوع وما اتى فيه من نقاط ويتركوا مسائل التسمية والأمور الشخصية جانبا.
 

رابط 1

http://saint-adday.com/permalink/7786.html
رابط 2

20
قس كلداني يرفض حضور مراسم الجناز والصلاة والدفن لكلداني كاثوليكي وافته المنية بسب كورونا؛ قس سويدي كاثوليكي يهرع للصلاة على راحته ويحضر مراسيم الجناز والدفن ويواسي عائلته

هذا الذي أتانا من حيث لا ندري. يتخفى ولا نراه ولكننا نحس أثره وهو ينتشر ويرعب ويقتل.

بعضهم ادعى في كرازات وبيانات مطولة أن يسوع المسيح سلم مفاتيح ملكوت الله له، وإذا به من صغير واهن يهرب.

الجائحة التي تضربنا أظهرت معدننا الأخلاقي وقربنا او بعدنا من إنسانيتنا التي تتجلي في إنجيلنا والأركان الأربعة للبشارة والمسرة – المحبة والتسامح والعطاء والغفران.

كل ما نراه من نصوص ازلية تسقط إن لم نتكئ على بعدنا الإنساني والأخلاقي والجائحة تضربنا من كل حدب وصوب.

وليس من حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه من أجل أخيه الإنسان، وفق وصايا الفادي، وخصوصا إن كنا قد أقسمنا على إنجيله على تكريس أنفسنا لخدمة أحبائنا وعدم حرمانهم من الأسرار وقتما يحتاجون إليها ومجانا.

ما فائدة نص أزلي وما فائدة كل رموزنا الدينية إن كنا للبعد الإنساني عازفين وكارهين، متعللين بتفاهات وأسباب غير مقنعة تنتهك أسس البشارة والمسرة السمحاء التي أتت بها.

***
[/b]
في يوم الأربعاء الفائت وهو اليوم الذي يسبق خميس الفصح حضرت جنازة دفن في السويد لعزيز وقريب فارقنا.

كنت على يقين ان الكاهن الكلداني الذي تقع المدينة ضمن خورنته ومعه الأسقف الكلداني في السويد سيحضران الجنازة، كما كان يفعل المرحوم البطريرك شيخو حيث كان يعاود المرضى ويشارك شعبه ومؤمنيه في مناسبات مثل هذه.

ولكن ما شاهدته صعقني. حقا لم أتصوران الهوان والتسيب والفوضى العارمة التي تمر بها مؤسسة الكنيسة الكلدانية ومنذ سبع سنين عجاف قد وصلت الى هذا الدرك.

القس الكلداني رفض رفضا قاطعا توسلات اهل الميت الصلاة على الجنازة او حضور وأداء مراسيم الدفن.

اتصلوا بالخورنة السويدية الكاثوليكية في مدينتهم، وأتاهم الرد بالإيجاب فورا وقام الكاهن بمواساة العائلة المنكوبة من خلال الهاتف والزيارة والصلاة وقراءة الإنجيل.

***
[/b]
ويوم الأربعاء حيث كان الموعد ان يوارى الفقيد التراب في مقبرة المدينة، كان الكاهن حاضرا قبل وصولنا، وهو يرحب بنا ضمن قواعد التباعد الاجتماعي المعمول بها في السويد لاحتواء الجائحة.

وهو بزيه الرهباني المتمثل بجلباب واسع مع غطاء للرأس وازار يشد به وسطه وحبل متدل – الزي هذا وغيره الذي يهينه ويستهجنه ويحتقره ويحاربه البعض من الكلدان اليوم -  شرع الكاهن في الصلاة حسب الطقس اللاتيني.

وبصوت جهوري وبقلب مليء بالمحبة والود والمسرة استقبل الجنازة بالصلاة ورسم شارة الصليب عليها ورش الماء المقدس على القبر.

كان عدد الذين حضروا مراسيم الدفن حوالي أربعين شخصا لأن الحد الأقصى للتجمع في السويد لا يجوز ان يتجاوز خمسين فردا حتى الآن، وفق التعليمات الصحية لاحتواء الجائحة في هذا البلد.

وكان الكاهن يرتل الأناشيد، وبين الفينة والأخرى يطلب من الحاضرين ان ينشدوا او يرددوا " på Kaldeiska" (أي باللغة الكلدانية او حسب الطقس الكلداني)، ولم يكن هناك من مجيب.

لم يعرف هذا الكاهن الجليل ان الطقس والتراث والميراث واللغة والتراث الكلداني قد جرى تأوينه وحتى العونياثا  السماوية والمداريش الجنائزية ذات الألحان الملائكية قد جرى تشويهها وتزويرها واستبدالها بالدخيل والغريب والهجين.

لن أطيل في هذا المقال، ولكن لا أعلم لماذا ركز الكاهن السويدي الجليل وذلك برفع نبرة صوته عند عروجه على آيات مزلزلات في الإنجيل التي فيها ترد الشروط لدخول ملكوت السماء:

ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لأني جعت فأطعمتموني . عطشت فسقيتموني. كنت غريبا فآويتموني. عريانا فكسوتموني. مريضا فزرتموني. محبوسا فأتيتم إلي

***
هناك أسقف كلداني في السويد وسبعة كهنة كلدان. والكلداني الكاثوليكي الذي وافته المنية لفظه كاهنه الكلداني الكاثوليكي ولولا الكاهن السويدي الكاثوليكي لجرى دفنه دون صلاة ومراسيم ولكان ذلك لأهله البسطاء المؤمنين والمتعلقين بكنيستهم بمثابة لعنة.

***
وللكلدان أقول بعدما ضاع طقسكم وجرى تشويهه وتعريبه وإهانته وتهميشه وتأوينه ومعه لغتكم وتراثكم وميراثكم وأزيائكم  وريازتكم وفنونكم وحتى طقوس دفن موتاكم  في السنين العجاف الأخيرة، ما الداعي للبقاء في مؤسسة يكتنفها الغموض والسرية والسيمونية والفوضى العارمة وأمامكم فرصة الانضمام الى الكنيسة الكاثوليكية الجامعة وهي كنيستكم أيضا وفي عهد زاهر بهي مثل عهد البابا فرنسيس الذي صارت فيه الممارسة الإنجيلية الحقة والبعد الإنساني هما مقياس الدخول الى ملكوت السماء؟

أقول هذا، لأن لم أكن أحسبني أحيا زمنا يُساء الى كنيسة صغيرة ولكنها عظيمة بتراثها وتاريخها وإرثها وميراثها وطقسها وفنونها وبشارتها ومسرتها كما الاحظه اليوم.

وأختتم وأقول إن المقصد ليس الشخصنة ابدا حيث حاولت تجنب ذكر الأسماء والأمكنة، لأن التاريخ القريب مليء بأمثلة إنزال عقاب على شخص محدد وكأنه إنجاز للتهرب من المسؤولية والقاء اللوم على الأخر.

ما حدث غير مقبول ويعارض أركان البشارة التي من أجلها يدخل المرء سلك الكهنوت.

بيد إنني أقول إن السبب والمسبب ليس الكاهن او الشخص. العلة مؤسساتية ومؤسسة الكنيسة الكلدانية إن لم يحزم الأساقفة أمرهم لن يمضي وقت طويل وستصبح في خبر كان.


21
كتاب بقلم قس كلداني يكشف أسرار المهنة والمخفي والمستور وما وراء الكواليس في مؤسسة الكنيسة الكلدانية لا سيما في السنين السبع الأخيرة


كتاب القس كمال وردا بيداويد "لماذا لم أصبح أسقفا" من أهم ما صدر ضمن نطاق مؤسسة كنيسة المشرق الكلدانية على مدى سنوات. وما يزيد في مصداقية المحتوى، والذي يوقف شعر الرأس أحيانا، أن المؤلف قامة معروفة ومثقفة ومطلعة وملتزمة يكن لها كل من عرفها جل الاحترام والتقدير ومشهود لها خشوعها وورعها وممارستها الانجيلية وتشبثها بميراث وهوية ولغة وتراث شعبها وكنيستها.

أهمية الكتاب تأتي في الدرجة الأولى من صدق وأمانة الكاتب في سرده لمسيرة هذه المؤسسة في العقود الثلاثة الأخيرة وتركيزه على الدور غير الحميد الذي لعبه رجل دين فيها والذي يتحمل مباشرة وزر " الحالة المتردّية ... الصورة المريبة التي نراها اليوم، ولم تصل الحالة بالرؤساء ولا بالمؤمنين الى أن يتطاول أحدهم على الأخر بهذا الشكل المعيب." (ص 66)

هناك صراحة واضحة في الكتاب حول مجريات الأمور في العقود الثلاثة التي يركز عليها بيداويد وعلى الخصوص السنين السبع الأخيرة منها.

وفي الكتاب جهد كبير لتعزيز وتوثيق الوقائع المحزنة والمزرية والمسيئة والمؤسفة ليس للسلوك الإنجيلي ومبادئ المسرة والبشارة، بل لأبسط الأخلاق الإنسانية في التعامل ضمن الإطار الإنساني.

الكاتب كاهن أمضى أكثر من نصف قرن من الزمن في خدمة كنيسته الكلدانية ومؤمنيها ويشهد له الكل تقريبا أين ما حل إن في العراق او اوروبا او أمريكا او أستراليا بالنزاهة والصدق والأمانة وبذل الذات والعطاء.

والقارئ لما أراه واحدا من أهم الكتب في التاريخ المعاصر لمؤسسة الكنيسة الكلدانية، لا بد وأن يثمن إماطة المؤلف اللثام من خلال توثيق صارم وهوامش ومصادر عن أحداث ووقائع مدهشة، محزنة، مؤسفة، تظهر الانحطاط في التعامل وكأن القائمين بهذه الأمور المخجلة لا علاقة لهم بالكنيسة والبشارة فحسب بل وكأنهم يعملون ضمن نطاق مؤسسة سائبة لا تحكمها أي قوانين أو أية اعتبارات أخلاقية.

ويروي الكتاب، بالأدلة الدامغة، كيف تتكسر الأخلاق ومبادئ السلوك الإنساني السليم تحت وقع "الإغراءات" و"النميمة" و"الفساد" و"شراء الذمم" و"التزوير" و"السيمونية" والاتكاء على الدخيل والأجنبي والغريب لهدم مقررات المجامع الكنسية وصرح واحدة من أعظم كنائس الدنيا تاريخا وتراثا وميراثا وبشارة.

صدور هذا الكتاب قبل أشهر ورواجه الكبير في صفوف الكلدان يتزامن مع الذكرى السابعة للجالس سعيدا على كرسي بابل. وبينما أصدر الجالس على الكرسي بيانا ورديا غير موثق يفتقر الى أبسط مبادئ المصداقية يمتدح فيه عهده (رابط 1)، فإن الكتاب يقدم صورة قاتمة للوضع الذي تمر فيه مؤسسة الكنيسة الكلدانية معززا بالوثائق والأدلة والبراهين الدامغة التي تربو على ستين هامشا ووثيقة.

وشخصيا أرى أن الكاتب لم يوفق في عنوان الكتاب، لأن المتن (248 صفحة) لا يتطرق الى "لماذا لم أصبح أسقفا؟" فحسب. الكتاب فيه من التاريخ الكثير، وعلى الخصوص تاريخ مجامع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ومجامع كنيسة المشرق وفيه سلال من المواثيق والقيم الإنجيلية ولأخلاقية التي تحدد التصرف والسلوك ضمن نطاق مؤسسة كنسية، وبعدها يحاول الكاتب تطبيقها على الحالة التي هو في صددها.

في البدء يبدو وكأن الكاتب يخشى ان يشير الى الذي يقصده مباشرة حيث يكرر عبارة ""أتحفظ عن ذكر اسمه حاليا،" او "بالمناسبة البطريرك (أحتفظ باسمه)" ... (ص 60).

وقد يسأل القارئ لماذا التحفظ على الاسم؟ أظن ان التحفظ جزء من التشويق والأسلوب السلس الذي يتبعه الكاتب في سرد الأحداث، لأنه يذكره باسمه الصريح بعدئذ.

ولكن سرعان ما يفصح عن اسمه قبل تقليبنا للصفحات التي تشير الى منتصف الكتاب ويذكر منصبه ككاهن قبل رسامته الأسقفية، التي عليها علامات استفهام كبيرة، ومن ثم تنصيبه بطريركا قبل سبع سنوات ولها من علامات الاستفهام ما لها، حسب ما يرد من أدلة في صفحات الكتاب.

المقدمة التاريخية للكتاب تأخذ حوالي نصف صفحاته والتي يجعل منها بيداويد بمثابة الأساس لسرد ما وقع من سلبيات قد لا تغتفر على يد الكاهن ومن ثم المطران وحاليا البطريرك لويس ساكو؛ حيث يذكره باسمه الصريح بعد صفحات من الإيماءة وعدم المباشرة.

والمقال هذا ليس عرضا مسهبا للكتاب، بل عرض موجز لأهم ما ورد فيه من نقاط موثقة تفصح لنا لماذا وكيف وقع الكلدان وكنيستهم في الأزمة الشديدة التي يمرون بها حاليا.

والكتاب فيه من الجراءة ما لم نشهده في تاريخ هذه المؤسسة من نشر علني لما يدور وراء الكواليس وما يقوم به بعض الإكليروس من دسائس ومؤامرات في الخفاء – ربما لم يدر في خلدهم أن سيكون هناك شخص يحمل من الغيرة على كنيسته وشعبه ما يجعله يضع نفسه في فوهة المدفع دفاعا عنها وعن إرثها وتراثها ووحدتها بعد أن صارت، حسب الكاتب، في وضع لا يحسد عليه.

في مقدمة الكتاب، يعرّف الكاتب بنفسه (ص 11)، قائلا: "نعم، أنا ابن كنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكية، الكنيسة التي وصفوها بالشاهدة ويسمونها شهيدة – لأنها عين الحق والحقيقة."

وله نظرة أراها منطقية حول ما يعصف بشعبنا الواحد المنشق على نفسه من حيث التسمية وكنيسته المشرقية الواحدة مشتتة مذهبيا ومناطقيا حيث يقول: "نعم لم يكن المسيحيون الأوائل بحاجة الى تسميات خاصة تعرفهم، عدا تسمية "مذنحايي، مشرقيين" وكنيستهم (عيتا دمذنحا، كنيسة المشرق)" (ص 12).

ويعزو الأزمة العارمة التي تعصف بمؤسسة الكنيسة الكلدانية الى "الأنانية، الطائفية، السيمونية، المنفعة الشخصية ...." (ص 54). وفي الصفحة 56 يثير سؤالا مهما للغاية: ""هل كانت سينودوسات كنيستنا الكلدانية شفافة ومستسلمة للروح القدس؟ أم كانت منقادة وتحت المؤثرات الخارجية التي ورد ذكرها في أعلاه؟"

 ومن ثم يعود الكاتب مقدما الدليل تلو الدليل أن لا علاقة بما يشاع أن الروح القدس يقود المجامع التي هو في صددها، بال الأنانية والمصلحة الشخصية والسيمونية.

وفي ذات الصفحة (54)، يبدأ الكاتب بوضع النقاط على الحروف للسبب والمسبب لما آلت إليه الأوضاع المؤسفة التي تمر بها مؤسسة الكنيسة الكلدانية، ولا نحتاج الى دليل لمعرفة الشخص الذي يعنيه، لأنه يسميه باسمه او بما يشير إليه دون لبس: "أريد قول ما أراه حقا وحقيقة، كفى للمداهنة وكفى للتملق، فمن هو المسؤول عن كل هذه الأخطاء والتجاوزات التي حصلت وتحصل في كنيستنا العزيزة وخاصة في هذا الزمان بالذات؟"

ويستمر في سرده للأوضاع في الصفحات اللاحقة: "العلمانيون لا وجود لهم  ... الكهنة المساكين لا شأن لهم ... إن رفعوا صوتهم  فالويل لهم، التهديد بالعودة إلى أبراشياتهم ليتلقوا درسا في الطاعة، او يوصفون بصفات غير لائقة ويعتبرون مارقين عصاة .. وإن رفع أسقف صوته معارضا ... اعتبروه شاذاً ومريضاً نفسياً يحتاج الى معالجة ويمنحوه سنة أو أكثر إجازة (سبتية sabbatical)  حتى يتوب ويرجع الى الحضيرة وأن يتعهد .... وإلا فالآتي أعظم."

وفي الصفحة 59 يتساءل الكاتب: "ومن سيصدق البطريرك؟" ويومئ هنا قبل سرد مستفيض في الصفحات القادمة الى الطرائق الملتوية التي استخدمها ويستخدمها لنيل الحظوة لدى دوائر الفاتيكان والمتنفذين فيها لنيل رغباته الشخصية والوقوف في وجه البطاركة الذين سبقوه وتخويف أقرانه وعدم الاكتراث لكل السلبيات لأن ظهره مسنود.

ويعرج الكاتب على القوانين الكنسية التي يخصص لها صفحات كثيرة وعلى الخصوص تلك التي تنظم العلاقات ضمن القوانين المرعية، ويرى من خلال ما يقدمه من وقائع أن القانون موضوع جانبا والسائد هو الفلتان تقريبا في كل شيء حيث صار العمل "حسب المعادلات الشخصية والصفقات المشبوهة والتعليمات المفبركة ... وهناك من خان ضميره الإنساني والمسيحي والكهنوتي في آن واحد" (ص 61) .

والإشارة في الفقرة في أعلاه واضحة وضوح الشمس، لأن ما أن يدنو القارئ من الصفحة 63 حتى ينتهي، بعد سرد جميل وموثق، الى "إننا في هذا الزمان السيء نتألم جميعا عندما نرى ونتلمس أين وصلت كنيستنا الكلدانية العظيمة."

ويضيف في ذات الصفحة أن الزمان السيء وعلى الخصوص السنين السبع الأخيرة صارت فيه "وسائل الإعلام تنهش فينا وتفضحنا" ويردف "نعم هذه هي حال كنيستنا،" ويشتكي بعد إيراد الدليل " من بعض الممارسات والقرارات المتسرعة ... في ظروف عصفت بالكنيسة الكلدانية نتيجة الإدارة اللاحكيمة والمزاجية."

وفي الصفحة 66 يميط اللثام الكاتب عن الشخص الذي في ذهنه والحالة والزمن الذي يقصده حيث يؤشر الى السبب الرئيسي الذي دعاه الى تأليف الكتاب: " الحالة المتردّية التي وصلت إليها كنيستنا في عهد البطريرك لويس روفائيل ساكو ... الذي وصلت الكنيسة في زمانه الى الصورة المريبة التي نراها اليوم، ولم تصل الحالة بالرؤساء ولا بالمؤمنين الى أن يتطاول أحدهم على الأخر بهذا الشكل المعيب."

وكم هو الكاتب صادقا ولا يتجنب الواقع قيد شعرة عندما يصف خطاب البطريرك ساكو (يذكره بالاسم بعد الصفحة 66) بأنه " خطاب وتصريح للإعلام والدعاية الذاتية بكل امتياز."

ويخاطب البطريك مباشرة: "ألا تعتقد أن هذه التصريحات والمقابلات والأحاديث وعقد المؤتمرات وحضور الندوات الداخلية والخارجية لم تعط ثمارها حتى الآن؟"

وعن أسلوب معالجة ما يعصف بالكنيسة الكلدانية من أزمات ومشاكل، بعد ذكر العديد منها، يتساءل الكاتب: "ماذا فعلتم لحد الآن في حلّها؟ لا شيء، فأنتم ترون بأمّ عينكما أن الأمور ساءت أكثر من قبل وتعقدت الأوضاع."

وفي الصفحة 69 يعزو الفشل المريع للإدارة البطريركية الحالية الى الانفرادية بالقرار والاعتداد بالنفس وتجاهل النقد، ويخاطب البطريرك قائلا: ""أنكم أنتم فقط الحاكم بأمر الله؟"

وبعد تقديم ادلته، يقول الكاتب: "إن الرئاسة في هذا الزمان الرديء أصبحت دائرة لجمع معلومات مغرضة ومدمرة لكل شخص لا يعلن وفاءه وولاءه المطلق لها، لكي تغطي فشلها في إدارة شؤون البطريركية والكنيسة بصورة صحيحة لائقة معتمدة. والدليل على ذلك راجعوا تصاريح وبيانات البطريركية منذ تسنم غبطته سدتها، إنها مليئة بالمتناقضات، مما يدل على ضحالة الإعلام وعدم تماسك المعطيات فيما بينها. إنها باختصار عاجزة ومزاجية، فلأمور لا تدار بهكذا صورة يا صاحب الغبطة."

وبعد سرد شيق ومثير والمثبت بالأدلة، يخلص الكاتب في الصفحة 73 إلى أن " القاصي والداني من المؤمنين أتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية يعرفون تمام المعرفة ان حالة كنيستنا قد ازدادت تدهورا وتعقيدا في زمن البطريرك ساكو."

ويرى الكاتب بعد طرحة لوقائع جديدة وبالدليل القاطع إن خوف الاكليروس الكلداني من البطريرك ساكو يعود الى بداية تسنمه درجة الكهنوت حيث كان يستقوي بالمتنفذين خارج مؤسسة الكنيسة الكلدانية وكان يخافه حتى البطاركة السابقين والعاملين في معيته وضمن نطاقه وذلك للدور غير الحميد الذي لعبه في جمع المعلومات والعمل كمخبر لدى دوائر متنفذة في السفارة ودولة الفاتيكان للإيقاع بالأخرين وتعزيز مراميه الشخصية: "وكنتم متيقنون أن الشعب يخافكم ويخاف طروحاتكم ومن مزاجيتكم لأنه على يقين بمواقفكم تجاه البطريركين المثلثي الرحمة بيداويد ودلّي." (ص 74)

ويرد أمثلة حية على سطوته واعتداده بنفسه، حيث يضيف الكاتب في الصفحة 75 قائلا: "ألم تقصوا أساقفة لأنهم لم يكونوا حسب مرام غبطتكم ونرجسيتكم في إدارة أمور كنيستنا الكلدانية ... الكهنة ... الذين تحاولون ليل نهار ضربهم وإشهارهم كعصاة مارقين لسلطتكم، وما ذنبهم وخطأهم إلا كونهم ليسوا من خطكم ومؤيديكم، كم كاهن ترك الكهنوت في زمانكم وبسببكم."

ومن الأقوال الشائعة للبطريرك ساكو ينقل عنه الكاتب قوله: "إلما يقتنع خلي ينقلع" ويعقب: " أنتم بهذا التصرف الغير المتوقع أبدا من غبطتكم، أبعدتم ذاتكم من الوداعة الأبوية بالمرة."

ولا يجافي الكاتب الحقيقة عند قوله إن النشاطات السياسية للبطريرك لا تقدم ولا تؤخر شيئتا وأن غايتها حب الظهور و"تخدير الناس البسطاء ... لم أسمع ولم أقرأ يوما أن صدر بيان من المسؤولين الحكوميين العراقيين ولا من السفراء الدوليين المعتمدين ولا من المبعوثين الخاصين نتيجة اللقاء مع غبطته، أن اللقاء تمخض عن كذا وكذا قرارات ومواقف حتمية مصيرية وجب تنفيذها بالسرعة الممكنة لمصلحة الشعب والوطن.

"في اعتقادي لم تتعد البروتوكولات والمجاملات والمصافحات اليدوية والتقاط صور تذكارية وبثها عبر وسائل الإعلام لتخدير الناس البسطاء في أن البطريرك ومنذ تسنمه المسؤولية الكبيرة (رئاسة كرسي بابل العظيمة) وهو لا يهدأ، يصول ويجول، ويتحرك كالمكوك في كل حدب وصوب من أجل شعبه ووطنه الجريح العراق. ولكن الحقيقة تبقى على أرض الواقع، لم يتحقق شيء يذكر." (ص 88)

وبعد عبورنا منتصف الكتاب يدخل القارئ في الدهاليز المظلمة، أصفها بالمظلمة لأن لا أظن أن أمورا كهذه تحدث في أكثر المؤسسات فسادا في العالم حيث نقرأ عن وقائع تظهر "أن الكذب والنفاق هما ديدن الرئاسات ... والتمادي في ممارسة اللامصداقية واللّف والدوران ... " (ص 138)

ونقرأ في الصفحة 141 عن رسالة البطريرك ساكو المهينة والمنتقصة من مكانة البطريرك الراحل روفائيل بيداويد.  وبالمناسبة الرسالة هذه معروفة على نطاق واسع في صفوف الكلدان وعنونها "لا بد من كلمة" والتي وجهها القس ساكو حينئذ الى جمهوره بتأريخ 17/6/2001 فيها ينتقد ويكتب "وبعنف وتطاول" لأن البطريرك أقاله من إدارة المعهد الكهنوتي. نص الرسالة متوافر في ملحق الكتاب.

ونقرأ أيضا بذهول كيف صار الكاهن لويس ساكو ندا للبطريرك حينئذ وفي الصفحة 151 يذكر الكاتب نقلا عن البطريرك ساكو ذاته قوله إنه كان وراء قرار الفاتيكان ومن خلال علاقاته مع السفير جوزيبي لازاروتو وكذلك من خلال التوسط لدى أصدقائه في الفاتيكان بينهم المونسنيور كوجيرتو إلغاء مقررات مجمع الكنيسة الكلدانية الذي انعقد في بيروت في شهر آب عام 1999 .

 ويؤكد الكاتب ان المضبطة التي قدمها الكاهن ساكو في حينه للسفير لازاروتو وصديقه المونسنيور كوجيرتو ضد البطريرك الراحل كان فيها تزوير واضح لتواقيع كهنة من الموصل الذين أقسموا إنهم لم يروا المضبطة ضد البطريرك ولم يوقعوا عليها. وهذا ما ينقله الكتاب عن البطريرك ساكو في حديث مباشر معه:

"التقيت البطريرك روفائيل بيداويد وقلت له: أنت تريد أن تجعل القس كمال مطرانا لأنه من أقاربك، أنا سأعمل جهدي لإلغاء المجمع وقرارته ... وأضاف غبطته البطريرك ساكو القول: وفعلا قدرت على ذلك لأن السفير كان معي ... وأيضا كان لي صديق يعمل في دوائر الفاتيكان، وهو المونسنيور كوجيرتو، حيث بمساعدته استطعنا الغاء قرارات المجمع." (ص 177)

علاقة البطريرك ساكو بالمتنفذين الحكوميين في العراق منذ مستهل الثمانينات لغايات شخصية وسياسية لها أكثر من دليل وبعضنا شهود على ذلك. وأستخدم هذه العلاقات ولا سيما علاقاته وخدماته المجانية للسفراء والموظفين في دولة الفاتيكان للإيقاع بالأخرين وتقوية مركزه وتمرير سياساته ومشاريعه دون اكتراث من أحد، حسب ما يرد في الكتاب.

وينوه الكاتب بالرسامة الأسقفية للبطريك ساكو في تشرين الثاني 2003 وفي دير ما كوركيس في الموصل وذلك في الصفحة 144. هنا لا أعرف لماذا يخفق الكاتب في إيراد الوقائع كما هي من حيث الرسامة ومن حيث الترشيح للأسقفية، لأن هناك أكثر من علامة استفهام وسؤال محير لا يزال يحوم حولهما.

 وتعد الرسامة الأسقفية للبطريرك ساكو سابقة غير حميدة في الرسامات الأسقفية في مؤسسة الكنيسة الكلدانية لأنها ربما الوحيدة تتم والكرسي البطريركي شاغر، أي بدون وجود بطريريك كلداني جالس سعيدا على كرسي بابل. كيف تم ذلك وكيف حصل ولماذا، كلها أسئلة كبيرة تحوم حول الترشيح والرسامة الأسقفية؟ أمل أن يتم تجاوز غياب المعلومات الموثقة هنا لأنها متوافرة ومعروفة لدى المطلعين عند طبع الكتاب ثانية او نشر نسخة إلكترونية منه.

وكذلك أظن أن أي قارئ لهذا الكتاب الرصين والمهم والمؤثر كان سيتمنى إلقاء مزيد من الضوء على لماذا وكيف تمت إزاحة البطريرك الراحل عمانوئيل دلي في 15 كانون الأول من عام 2012، في سابقة أخرى غير حميدة في تاريخ الكنيسة الكلدانية لأن القاصي والداني يعرف أن الإزاحة كانت بسبب تيار معارض يسمى "مطارنة الشمال" كان يقوده مطران كركوك أي البطريرك الحالي ساكو (أنظر ص 178). للكلدان الحق في معرفة الشكاوى والمضبطات وربما غيرها من الأمور مثل التي حدثت مع البطريرك الراحل بيداويد في التعامل الخفي والمراسلات التي لا أظن من العسر الحصول عليها.

رغم الشرح المقتضب لهذه المعلومات المهمة إلا أن الكاتب يضع علامات استفهام ثلاث وبالخط الغليظ والعريض عند اقتباسه عبارة من البيان الذي صدر في حينه وأزيح البطريرك دلي من منصبه بموجبه، حيث ترد "وذلك لأسباب صحية؟؟؟ (وردت هكذا في الصفحة 147)، والخط الغليظ في الكتابة الرصينة دليل وجود علامات استفهام كبيرة على كون أن الأمر كان محض أسباب صحية كما ادعى صاحب البيان في حينه.

وكذلك أظن على الكاتب تقديم مزيد من الإيضاحات والوثائق حول المجمع الاستثنائي الذي عقده البطريرك ساكو في 20 شباط عام 2015 والذي كان من مقرراته "عزل المطران سرهد جمو – وأن 14 أسقفا قد وافقوا على هذا العزل."  (أنظر ص 168). هذه معلومة خطيرة، رغم أن القارئ سيرى في حياكة المؤامرات والدسائس من خلال الغش والخداع والاستقواء بالغرباء على بني الجلدة وكأنه صار أمرا عاديا منذ بروز الشخصية موضوع الكتاب.

ويصف الكاتب في الصفحة 159 المسيرة في العقود الثلاث الماضية وعلى الخصوص السنين السبع الأخيرة بمسيرة "المساومات وشراء الذمم الخسيسة."

وهو يقترب من نهاية سرده (ص 158) الذي يأخذ بالألباب ويدمي القلوب ويبلل المأقى على الفاجعة التي حلت بمؤسسة الكنيسة الكلدانية، يسطر الكاتب فقرة ربما هي على لسان كل محب لهذه المؤسسة: "كنا نأمل ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين، أن العنصرية، الانفرادية، الحزبية، الصفقات الشخصية المنفعية قد انتهى عهدها وتأثيرها السلبي ومفعولها التخريبي ... وذلك بمجيء بطريرك جديد، وهو غبطة البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو. لكن مع الأسف فان المعطيات على أرض الواقع تشير الى أن هذه الأمور... باقية ... لا بل ستزداد وتكون نتائجها أمرّ من الأول."

أظن أي قارئ لهذا الكتاب، الذي اراه فتحا في أدب النقد الكنسي في إطار مؤسسة كنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكية وإماطة اللثام عن الخبايا والمستور وكشف السبب والمسببات لما حل ويحل بمؤسسة كنسية بحجم الكنيسة الكلدانية، لا بد وأن يتفق مع العبارة التي ترد في الصفحة 158 حول مواقف وسياسات وأعمال الكاهن وبعدها الأسقف ومن ثم البطريرك ساكو التي جرى ويجري طبخها في "مطبخ غير نظيف البتة."

كتاب القس كمال بيداويد مهم وممتع ومفيد ومؤثر وأمل أن يزيد في منّعَة وقوة المعارضة الكلدانية للوضع الحالي، ويؤدي في النهاية الى تغيير تستعيد فيه مؤسسة الكنيسة الكلدانية الهيبة التي افتقدتها في السنين السبع العجاف الأخيرة والخسارة التي قد لا تعوض بسبب سياسات التأوين التي عربت وحورت وهدمت الإرث الثقافي والكتابي والفني والموسيقي والأدبي والإداري والعمراني الذي تحمله هذه الكنيسة المجيدة، السياسات التي شتتها لا بل مزقتها وجعلت كل يعمل على هواه من حيث اللغة والطقس والإدارة والتراث والتراتيل واللجان الخورنية والمالية والجوقات وغيره.

ويأتي الكتاب – وهذه نقطة مهمة جدا – ومؤسسة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في الفاتيكان – التي تتبعها مؤسسة الكنيسة الكلدانية – صارت تعتمد في عهد البابا فرنسيس الشفافية تقريبا في كل شيء، وتفتح خزائن الوثائق والمراسلات للباحثين عن الحقيقة. البابا فرنسيس يقول إن الكنيسة تحب التاريخ ولا تخشى من الكشف والمحاسبة، ويؤكد أننا كلنا في حاجة الى شيء من التاريخ كي نعرف أنفسنا.

القس بيداويد في كتابه هذا طبق موقف البابا فرنسيس في عدم الخشية من التاريخ مهما كانت التبعات وكشف بذلك النقاب عن أسرار المهنة وأماط اللثام عن المخفي والمستور وما وراء الكواليس في مؤسسة الكنيسة الكلدانية لا سيما في السنين السبع العجاف الأخيرة.

++++++
رباط 1
https://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=966952.0

22
ماذا يجري في صفوف الكلدان ومؤسستهم الكنسية في السويد؟ أسقف كلداني مع ستين شماسا يؤدون صلاة الرمش حسب الطقس الكلداني. مقررات لو طبقت لأحدثت نهضة كلدانية طال انتظارها. هل نحن في حلم؟


لم يكن يوم الخامس عشر من شباط، عام 2020، يوما عاديا في حياة الجالية الكلدانية في السويد وربما في حياة الكلدان في العالم.

فقد تقاطر عشرات الشمامسة والشماسات من أصقاع السويد الشاسعة الى مدينة لينشوبنك السويدية، المشهورة بصناعاتها العسكرية وجامعتها العريقة، كي يبحثوا مع أسقف كلداني شاب طموح سبل الحفاظ على لغة وتراث وطقس وهوية شعبهم وكنيستهم.

والابتسامة لا تفارق وجهه، استقبل المطران سعد سيروب شمامسته بمحبة فائقة وتواضع جم وهو ينتقل من مجموعة الى أخرى ويحيي الكل ويقبل ويحضن كل من يلتقي به.

ابتدأ الاجتماع العام للكهنة والشمامسة الكلدان بتناول فطور بسيط، عقبه محاضرة للقس بول ربان، تلتها فترة استراحة وغداء، وعقبتها فسحة وسيعة طرح فيها الشمامسة همومهم ومشاكلهم وأختتم اللقاء بصلاة الرمش حسب الطقس الكلداني والتي لم أحضر شخصيا مثيلا لها إلا في بغداد في العهد الزاهر للمرحوم البطريرك شيخو في كنيسة أم الأحزان وفي عهد البطريرك المرحوم بيداويذ في كنيسة أم المعونة أيضا في بغداد وقبلهما عندما كنت شابا يافعا في كنيسة المسكينّة في الموصل في مستهل السبعينيات من القرن المنصرم.

*****
وهذا اول اجتماع من نوعه في السويد وأوروبا تجتمع فيه نخبة من الكلدان وتدرس بجدية وعلمية ورصانة الوضع الراهن وتحاول اتخاذ بعض المقررات لكيفية المحافظة على اللغة والتراث والطقس والثقافة والفنون الكنسية الكلدانية في بلد تجتاحه الحداثة ويقبع في أعلى سلم الرقي والتمدن والحضارة والعلمانية.

بطبيعة الحال، وكما أشار القس بول ربان في محاضرته، نحن نبتعد عن الصواب في إطلاق توصيف "الشمامسة" على الحاضرين، لأن درجة الشماسية هي التي يرتقي إليها الشماس الإنجيلي فحسب في كنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكية ولم يكن بين الحاضرين أي شماس يحمل هذه الدرجة.

وأسهب القس ربان في شرحه لتاريخ الشماسية في كنيستنا المجيدة حتى العصر الحالي، الذي فيه أطلقت صفة "الشماس" على كل من يخدم الكنيسة قراءة وتلاوة عند تأدية الخدمة والصلوات والقداديس.

وشرح للحاضرين الريازة في كنيسة المشرق الكلدانية ودور المذبح والريازة الخاصة به ܩܲܢܟܹܐ والترتيلة او التراتيل الخاصة بهذه الخانة في ليتورجيتنا المشرقية الكلدانية.

وعرج على دور المنبر ܒܹܝܡ في الريازة والطقس وما يتبعه من تراتيل وصلوات. والقس ربان يعد واحدا من الكلدان القلائل الذين لهم إلمام كبير وتمكن كبير في لغتنا وأداء الخانات والمقامات والتراتيل الكلدانية؛ وجرى التطرق على هامش الاجتماع حول كيفية الاستفادة من خبرته وما يختزنه من معارف وحفظها من الضياع.

*****

وكانت الفقرة الأخيرة قبل صلاة الرمش بمثابة ندوة أو ورشة، فتح فيها الشمامسة قلوبهم أمام أسقفهم. لن تكفي سطور هذا المقال لإلقاء الضوء على ما جرى في هذه الندوة المهمة، ولكنني سأختصرها بسبع نقاط وأتبعها أحيانا بموقف علمي أكاديمي يمثل وجهة نظري:

أولا، لقد أثلج الأسقف قلوب الحاضرين عند تأكيده ان مسألة الحفاظ على اللغة التراث والطقس الكلداني، الذي يعكس الممارسة الإنجيلية ويعد بحق تعليما مسيحيا قد لا يفوقه أي تعليم اخر، صارت اليوم مهمة كل أسقف في الكنيسة الكلدانية الى أصغر شماس لا بل كل كلداني منتم لهذه الكنيسة المقدسة المجيدة.

ثانيا، حث الأسقف على تعليم اللغة والطقس والتراث الكنسي الكلداني وتدريسه لا سيما للشباب والجيل الثاني الذي يبدو حتى الآن عازفا عن التواصل مع الكنيسة ومتجنبا كل ما له صلة بلغته وتراثه وثقافته وهويته وفنونه الكنسية.

ثالثا، جرى نقاش مطول حول دور اللغة العربية والسويدية. لن أخوص في تفاصيل النقاش، بيد أنني أقول إن التشبث بالعربية او التحول الى السويدية سيعيدنا الى نقطة الصفر أي القعر او الحضيض الذي وصلناه بسبب الحملة او الهجمة التي شنها البعض في بداية الثمانينيات وفتحوا الأبواب على مصراعيها لتعريب الكنيسة ولغتها وتراثها وطقوسها وفنونها وريازتها. الخسارة كانت عظيمة ومؤلمة وأمل الا تتكرر ونحن في المهاجر. نعم هناك كلدان في صفوفنا قدموا من سوريا او تركيا وهم قد نسوا لغتهم وطقوسهم او غادروها لأسباب كثيرة. إن كانت المسألة تتعلق بالمتابعة واستيعاب الطقوس، فإن ذلك يسير جدا في عالمنا الرقمي اليوم وفي إمكان الكلدان المتضلعين تقديم حلول ناجعة والحفاظ على جواهر لغتنا وتراثنا وطقوسنا وفنونا وريازتنا الكنسية. والتحول الى السويدية خطر كبير قد يأتي على كل شيء. أولا، لن يكون هناك تواصل في المستقبل القريب بين الكلدان في السويد او أي بلد أخر. ثانيا، الكلدان كاثوليك وتحويل الطقس الى السويدية أخطر من التعريب الذي جرى في بداية الثمانينات في العراق، لأن أي عاقل لن يفضل تراتيل وطقوس مترجمة او مؤلفة حديثا على ما لدى الكنيسة اللاتينية السويدية الكاثوليكية. لماذا يذهب احفادنا الى كنيسة كلدانية جرى تعريبها او جرى تحويلها الى السويدية وهناك كنيسة كاثوليكية سويدية تنشد فيها روائع موزارت وبيتهوفن وشوبرت وغيرهم من عمالقة الموسيقى الغربية وهي منظمة طقسيا بشكل منقطع النظير؟ التحول الى العربية او السويدية على أي مستوى أراه انتحارا للتراث واللغة والثقافة والهوية الكلدانية للمؤسسة الكنسية وشعبها أيضا.

رابعا، جرى التطرق الى الحاضر والمستقبل. في الحقيقة الاجتماع هذا ادخل البهجة في قلبي، ولكن مع البهجة غامرني الحزن واليأس والخوف على المستقبل ليس البعيد بل القريب. أولا، كل الحاضرين هم من الجيل الأول، اي الذين قدموا الى السويد في العقود الثلاثة الماضية. هذا يعني أن الحاضرين من الجيل الأول فحسب. وهذا يعني أن المؤسسة الكنسية فشلت فشلا ذريعا في كسب الجيل الثاني وضمه الى صفوف الخدمة الكنسية. وهذا يعني أن الكهنة الكلدان الذين كانوا قبل هجمة التعريب في مستهل الثمانينيات من القرن المنصرم بمثابة مدارس متنقلة، لم يعد يمارسوا هذا الدور المهم.

خامسا، اتخذ المجتمعون مع أسقفهم الشاب قرارات مهمة ومنها التدريب وتعليم وتدريس اللغة والتراث والطقس الكلداني. امل الا نقع في فخ المؤتمرات الكلدانية العديدة التي نتخذ فيها قرارات تصل أحيانا حدّ القسم باسم الله والإنجيل وأمام المذبح والصليب ومن ثم وكأن شيئا لم يكن. أمل أن يهب الكل لهذه المهمة وأمل أن تلتزم كل خورنة لديها كاهن في تنشئة في اقل تقدير خمسة شمامسة او شماسات متضلعات بلغتنا وتراثنا وطقسنا وريازتنا وفنونا الكنسية في السنة الواحدة.

سادسا، آن الأوان ان تقوم المؤسسة الكنسية المتمثلة بالرئاسة والأساقفة برعاية واحتضان الكلدان المتضلعين بلغتهم وتراثهم وطقوسهم وفنونهم وريازتهم الكنسية وتقديمهم ومشاركتهم أداء الخدمة حسب طقسنا الكلداني المجيد. لا يجوز ان يغادر المثقفون الكلدان باحات كنائسهم بحثا عن نوافذ او أماكن أخرى حيث نرى هروبا صوب الفضاء الافتراضي مثلا بعد أن ضاق بهم فضائهم الكنسي. اليوم ترى من هم عمدة لغتنا وطقسنا وتراثنا ولغتنا وفنونا الكنسية وهم يؤدون دورهم في مواقع التواصل الاجتماعي، او ضمن مجموعات قد يبلغ اتباعها المئات وهم يلتقون في منصات مثل الفايبر او الواتس أب او الفايسبوك وغيره وهم ينشدون لكنيستهم المجيدة. أليس من الأولى ان تحضنهم وتحتضنهم رئاستها أولا وتقدمهم وترعاهم وتفتح باحات الكنائس لهم وبعدها الأساقفة؟ هذا ما تعهد لنا به أسقفنا الشاب في اول اجتماع من نوعه في أوروبا، وأنا على يقين أنه سيكون عند عهده.

سابعا، أمل إنشاء فرقة كلدانية كنسية على مستوى السويد وأوروبا نجمع فيها المواهب الكلدانية من موسيقيين ومنشدين لأداء الطقس الكلداني. وكذلك أمل أن يتم إنشاء موقع كلداني خاص باللغة والطقس والتراث الكلداني يكون بمثابة مركز تبوب فيه كل النشاطات الحالية وهي كثيرة ولكنها متشتتة. نحن في حاجة الى لجنة طقسية يديرها متضلعون بطقسنا وتراثنا ولغتنا على مستوى الكلدان في العالم. نحن مشتتون. أنظر على سبيل المثال وليس الحصر هناك موقع الشماس القدير النوفلي، وهناك موقع الشماس القدير غانم، والقس فادي ليون له أناشيده، والموسيقار رائد جورج له أناشيده، وليون برخو له أناشيد، وشمعون كوسا، والمطران أفرام بدي، والقس فارس توما، والقس يوحنا جولاغ، والشماس جورج وغيرهم كثير ... وكلنا نعيش عالما افتراضيا. الأساقفة من الأولى أن يحتضنوا هذه الكوكبة ويعيدوها الى باحات الكنائس. وما أحوجنا الى كورال رسولي (بطريركي) كلداني يكون بمثابة قائد الأوركسترا لكل الفرق الإنشادية الكنسية الكلدانية في العالم ويكون أكثر حرصا من كلها في التشبث بلغتنا وطقوسنا وتراثنا وفنونا وريازتنا الكنسية.

*****
وأخيرا، اختتم اللقاء بصلاة الرمش للسابوع السابع والثامن للدنح، وهو السابوع المزدوج الذي يسبق هذه السنة مقدم الصوم الكبير. كان رمشا مهيبا، مع أسقف أدى دوره بإتقان منقطع النظير لحنا ولفظا وأداء وشمامسة وشماسات أغلبهم متضلعون بلغتهم وطقسهم النبوي. مضى لي ستة عقود وانا في أحضان هذه الكنيسة المجيدة ومنذ نعومة أظفاري ولم أحضر صلاة رمش ليوم الأحد بهذه الأبهة والبهجة والأداء الرائع من الكل، ابتداء من الأسقف والكهنة وكل الحاضرين، إلا في العهد المجيد للمرحوم البطريرك شيخو. لأول مرة شعرت وكأنني أعيش الأيام الذهبية لكنيستي الكلدانية المجيدة. صلاة الرمش والصباح وكل الفقرات الأخرى من طقسنا البهي لا مثيل لها بمعانيها، بشعرها، بلغتها، بتعليمها، بألحانها، بموسيقاها. شكرا للأسقف الكلداني الشاب المليء حبا وأملا؛ وزادنا أملا عندما قال إنه يكاد يجزم إن الكل من الرئاسة والأساقفة والكهنة مصممون على الحفاظ على لغتنا وتراثنا وطقسنا وسيكلفون أنفسهم وسعها للحفاظ على هذا التراث الفريد من الضياع. أملنا أن نرى ذلك على أرض الواقع.

*****


ملاحظة: أرجو من الأخوة الذين حضروا هذا اللقاء المهيب تنزيل الصور التي التقطوها وعلى الخصوص مقاطع من صلاة الرمش حسب الطقس المشرقي للكنيسة الكلدانية كي يأخذ المقال مداه.


23
حملة التشهير على "ظاهرة ليون برخو" ترتد عليك وتزيد "الظاهرة" تألقا وتأثيرا واستقطابا؛ ومن أقامك يا متي اسو حكما او ديانا على مسيحية الأخرين؟


هذه اول مرة أرد على سلسلة مقالات (حوالي عشرة مقالات) كتبها الأخ متي اسو في حملة منهجية للتشهير بما يسميه "ظاهرة ليون برخو." هذا ناهيك عن عشرات وعشرات التعقيبات التي أحيانا ينسخها ويقصها ويتحول بها من مقال الى أخر وأغلبها خارج نطاق المواضيع التي اتناولها وسياقها.

وهنا اضطررت للرد لأن في المقال الأخير الذي وضعه على صفحات المنتدى يثير الشكوك حتى في مسيحيتي المشرقية لا بل يذهب بعيدا ودون أي وخز ضمير حيث يقيم نفسه ديانا وحاكما على مسيحية الأخرين ويتهمني بأنني لست مسيحيا مشرقيا او أنني على دين أخر.

حتى البابا فرنسيس الذي لدى أتباعه (1.3 مليار نسمة) يمثل المسيح على الأرض يرفض إدانة الأخر، مسلما كان او مسيحيا ينتقد المؤسسة المسيحية بقسوة او متهما إياه (أي البابا)  أنه على هرطقة ويجب عليه مغادرة كرسي بطرس الذي يجلس عليه. ويرفض بشكل قاطع حتى إدانة اللواطيين الذين تدينهم آيات واضحة في الكتاب المقدس والعهد الجديد وتحكم عليهم بالقتل والترويع. 

وفي كل ما يأتي به الأخ متي اسو فإنه يستند الى مقال او مقالات محددة ظهرت قبل حوالي عشر او تسع سنوات وعلى اقتباسات خارج سياقها كانت تعليقا على عملية إرهابية في النرويج قام بها إرهابي من اليمين المسيحي المتطرف وله بيان عام أضعه هنا والمقال في الأساس كان تعقيبا عليه وفيه اقتباسات كثيرة ورموز دينية لما هو عليه كمتطرف وأصولي:

https://publicintelligence.net/anders-behring-breiviks-complete-manifesto-2083-a-european-declaration-of-independence/

وهذا الإعلان يشترك في المتن العنيف الذي فيه الكثير من أعضاء اليمين المتطرف في الغرب شأنهم شأن المتطرفين من كل الألوان.

وهذا البيان الذي يستند فيه هذا الإرهابي على آيات من العهد القديم والجديد تتخذ بعض نصوصه ومفاهيمه الكثير من الحركات المسيحية المتطرفة وعلى الخصوص في أمريكا والتي حاليا تدير دفة الحكم هناك، تتخذه جزءا من أدبياتها.

 وكما يقول البابا فرنسيس لا يخلو أي دين من المتطرفين وهم ومتواجدون في المسيحية وضمن صفوف الكاثوليك وأي دين او مذهب أخر، وهم لا يختلفون في ميلهم صوب العنف والشر بغض النظر عن اختلاف دينهم، وأن أتباع الأديان المختلفة كلها متساوون في اقتراف الشر وشيطنة الأخر المختلف. وللبرهنة على ذلك، قد لا نحتاج الا الى قليل من التاريخ.

هل ممكن أن يقول لنا الأخ متي اسو من أين تحصل بعض القنوات التلفزيونية اليمينة المسيحية المتطرفة باللغة العربية والتي تطفح كراهية وهي نسخة طبق الأصل من القنوات التكفيرية الإسلامية التي تثير الكراهية للأخر والتي يدافع عنها في مقاله؟ أساتذة الإعلام يقولون البنى التحتية فقط لتدشين قناة تلفزيونية واحدة تكلف حوالي 50 مليون دولار؟

إن لم يكن الأخ متي اسو يعرف، فأنا أدله على مصدرها وهؤلاء المسيحيون المتطرفون هم من يقف سدا منيعا في وجه أي هيئة ومنظمة دولية تدين دول الخليج العربية او حكامها او أي حركة متطرفة تكفيرية إسلامية أخرى، لا بل الاثنان في الطريق ذاته.

وهذا لقاء مهم دشن لتعاون كبير في أغلب المضامير بين قادة متطرفين مسيحيين بعضهم يعمل مستشارا في البيت الأبيض مع ولي العهد في السعودية. أهمية اللقاء ومفصليته تأتي من توقيته وأهمية ومكانة قادة المتطرفين من الإنجيليين المسيحيين المشاركين فيه:

https://apnews.com/e7f10269e60b46dabe31c455fa04017e

https://www1.cbn.com/cbnnews/israel/2019/september/evangelical-leaders-see-the-untold-story-of-saudi-arabia-in-historic-trip

وللأخ متي أقول إن ما تقوم به هو حملة للتشهير او حتى "الشيطنة" لأن حضرتك تتخذ من الدين ومن نصوص محددة لشيطنة الأخر كما يفعل المتطرفون من أي لون او دين او مذهب.

إنك تريد إسكات ما يراه الأخرون إنه "الحق" من وجهة نظرهم، وتريد من الأخرين أن يروا ما تراه أنت الحق.

وهذا حدث في كل الأجيال.

قال منصور الحلاج "أنا الحق" حسب وجهة نظره، وصلبوه وقتلوه شر قتلة.

وأنت أيضا تريد ان "تصلب" الأخر بطريقتك الخاصة وهذا أتى في تعقيب لك تقول فيه يجب إسكات "ظاهرة ليون برخو" او لا يجوز السكوت عنها. هل حقا أنا "ظاهرة"، أي حقيقة او واقعة يجب دراستها وملاحظتها من قبل العلماء والباحثين؟ أنا لست هذا، ولكن هذا دليل أن "ظاهرة ليون برخو" قد اقضت مضاجعك.

ليون برخو يا اخي يرى صورة الله المتجسد في كل إنسان وحتى في "متي اسو". ولا يرى أي دين او ميل أفضل من دين او ميل أخر الا لدى أصحابه. ولا يرى أي نص أكثر قداسة وسموا مما لدى الأخر إلا لدى أصحابه.

ودعني أقول إنك بموقفك هذا تشبه الكثير من المتطرفين المسلمين الذين يكفرون الأخر ويحاولون إسكاته فقط لأنه يرى "الحق" من وجهة نظر مختلفة.

والمتطرفون من كل الألوان والمشارب يجعلون من أنفسهم الحكم والديان والقاضي حول المسائل الفقهية والدينية ويلغون الذي لا يتفق مع وجهة نظرهم، ويعملون على اسكاته، وإن لا قتلوه، وهذا ما تقوم به حضرتك؛ فقط لا تستطيع قتلي لأنك تفتقر الى الوسيلة، حسب ظني.

وهؤلاء المتطرفون من أمثالك وأمثال الذين تدافع عنهم حاولوا إسكاتي بشتى الطرق وحتى قتلي وفي أدناه بعض أقوالهم التي تشبه أقوالك ومواقفك حول ذات المواضيع والنصوص التي تثيرها وتكررها.

وأنا لن أغوص في دوافعك بل سأمر عليها مرور الكرام في نهاية المقال، ولكن أن تقيم نفسك ديانا على مسيحية الأخرين أظن أنك تذهب بعيدا وتضع نفسك في خانة هؤلاء المتطرفين التكفيرين الذين يشنون حملة هوجاء ضد أي شخص يختلف عنهم لغرض إسكاته، متخذين من دينهم ونصوصهم حجة كما تفعل حضرتك.

ما الفرق بين حملة التشهير والشيطنة ادناه التي يشنها المتطرفون المسلمون ضدي (وهذه نتف محددة فحسب) وبين ما تجتره من سيل من المقالات والتعقيبات المكررة وبالعشرات غايتها شيطنة الأخر من خلال المس بدينه (مسيحيتي المشرقية) واتهامه بأنه ربما على دين أخر او الطلب منه التحول الى دين أخر:

"ما الذي يراد للمسلم من وراء هكذا مقالات تدس السم في العسل وتنشر في صحافتنا المحلية؟ أم هل هي محاولة جديدة لتمييع عقيدة الولاء والبراء في النفوس؟ أم هل هو اجهاض لاستهجان الصليب في أفئدة المسلمين فلا يبالون إن رأوا النصارى يتطاولون بصلبانهم في بلدان المسلمين؟

مثال صارخ آخر على اختراق المنصرين لصحافتنا المحلية والخليجية عبر كتاب عرب مقيمين بين أظهرنا أو من المغمورين في دول المهجر حيث يلعبون على وتر عقدة الخواجة المهيمنة على العقلية العربية عموما والخليجية والسعودية على وجه الخصوص.

وبشكل عام، فإن من يتابع مقالات...، المدعو “ليون برخو” يدرك مدى براعته في الترويج لدعاية التنصير بشكل سلس وبعبارات حريرية صيغت بشكل جيد في حساء شهي من أنصاف الحقائق والمعلومات المضللة.لله أكبر .. الأستاذ/ عصام مدير يفحم مجرم يدافع عن الصليب و التنصير

ومن هذه الفقرة بدأ الكاتب في خلط الأمور وتضليل القارئ السعودي والعربي

سجل هذه الحقائق الموثقة أيضاً ... ضد “الصليب الشرقي” الذي تمجده لقراء صحيفة سعودية في بلاد الحرمين.

ويواصل الكاتب السويدي تلميع صليب نصارى المنطقة في سياق متسع من المغالطات

وحقيقة الأمر أنها محاولة من الكاتب (ليون) لاسقاط مدلول الصليب العقائدي (انتبه) على خلفية مبالغ فيها من التجميل لمواقف نصارى االشرق مع شيء من التزوير للمشهد، لعلنا نتقبل “الصليب الشرقي” ضمن نسيجنا الثقافي، وهو ما يريد الكاتب الوصول إليه حقيقة بمهارة عالية في التضليل وخلط الأمور لدى من لا يعلم خبايا تاريخ نصارى المنطقة ويجهل حقيقة الصليب ومدلولاته..

يريد لنا أن تتسع صدور أهل بلاد الحرمين لصلبان الكنائس الشرقية في كافة جزيرة العرب وأطرافها.

(إنه من ) أشباه “المثقفين” أو المنصرين.

لو فتشنا وراء كواليس ... “ليون برخي” لوجدنا حقيقة الأمر وهي أنه قد بات لكثير من نصارى المنطقة اليوم أجندة خفية تتقاطع في أهدافها مع أجندة التنصير والتي تتمثل في اصرارهم المتعاظم هذه الأيام على ربط حقوقهم بموقف المسلم الايماني تجاه أركان معتقداتهم الفاسدة مطالبين بتنازلات من المسلمين على مستوى عقيدتنا نحن تجاه معتقداتهم.

أنه دوما ما يبدو متباهياً للقارئ السعودي بدرجته الأكاديمية وبقراءاته لمؤلفيين غربيين وسويديين، كما فعل أيضا في مقاله الأخير.

 لاحظ أيضاً أنه لم يقل نبي الله. ولا قال النبي. المتعارف عليه أنه لا يكتب “الاسلام ونبيه” أو “نبي الإسلام إلا نصارى العرب” فهل هو منهم؟."

وأقول وبالفم الملآن يا أخي متي أسو إنك نموذج للتطرف ولا أجزم ولكنك لا بد وأن تكون ضمن مجموعة يمينية مسيحية متطرفة على شاكلة القادة الإنجيليين المتطرفين الذين يحلون أهلا وسهلا في دول الخليج العربية ويتلقون الدعم المالي الكبير من ثرائها الفاحش وبواسطة هذا المال يؤسسون قنوات تلفزيونية تحفز على الكراهية ويشنون حملة تنصير شعواء في صفوف المساكين من الطوائف المسيحية المشرقية حصرا:

https://apnews.com/e7f10269e60b46dabe31c455fa04017e

https://www1.cbn.com/cbnnews/israel/2019/september/evangelical-leaders-see-the-untold-story-of-saudi-arabia-in-historic-trip

أخشى أن حضرتك من هذه الشاكلة المتطرفة التي تشن حملة هوجاء لتنصير المسيحيين المشرقيين حيث أنها ترى أن مسيحيتهم على باطل ومسيحيتها على حق بينما العكس صحيح، مستندة الى ما تملكه من مال (بعضه او الكثير منه يأتي من السعودية والإمارات وقطر) وقوة وسطوة وجبروت دولة هي الأعظم في العالم كل هذا تسلطه على المسيحيين المشرقيين فحسب او دول مسيحية فقيرة في أمريكا اللاتينية.

هذا المد التنصيري المعاصر الذي يحصره هؤلاء المتطرفون المسيحيون في صفوف المسيحيين وحسب يراه المسيحييون المشرقيون خطرا داهما على مشرقيتهم المسيحية ومنهم البطريك الكلداني والأخرين من البطاركة المشرقيين من مصر الى فلسطين ولبنان وسوريا والأردن والعراق وأظن أن حضرتك تروج له كثيرا وقد تقع ضمن القائمين على تعبئته والله أعلم. وفي هذا الموقف الذي يدعو الى وقف المد التبشيري الإنجيلي في صفوف المسيحيين المشرقيين أتفق مع البطريرك الكلداني وأشقائه البطاركة المشرقيين الأخرين قلبا وقالبا.

ومن هنا علينا حماية مشرقيتنا المسيحية ومن هنا تشبثي بمسيحيتي المشرقية ومن هنا القائي الضوء حتى الآن كان خافتا أن هذه المسيحية في خطر كبير ليس من الإرهاب والعنف في الشرق الأوسط فحسب بل من الدخلاء المتطرفين من المسيحيين المتطرفين الجدد الذين يشنون حملة تنصير كبيرة ومدعومة إقليميا وخليجيا ودوليا في صفوفهم وفي اوطانهم الأصلية او في المهجر او في الشتات.

 وكان في السابق البطريرك الكلداني يصرخ من الألم الذي يحدثه هؤلاء القادمون الدخلاء الجدد الغرباء من بعض المسيحيين المتطرفين من الإنجيلين، ولكن السطوة والجبروت من داخل العراق وخارجه أجبرته هو وغيره من البطاركة المشرقيين اللجوء الى الصمت رغم الاختراقات الكبيرة التي تعارض أبسط المبادئ المسيحية في صفوف المنتمين لكنائسهم المشرقية الرسولية في العراق والمهجر والشتات إن في مصر او فلسطين او لبنان او الأردن او سوريا.

أنت تروج لهذا "الحق" الذي أنت فيه وتريد تطبيقه على الأخرين، ولكنك عن قصد او دون قصد تقع في الصف الأخر من السياج الذي يمثله المتطرفون أصحاب الأقوال أعلاه.

وأظن أي منصف يقرأ النصوص التي يكتبها المتطرفون المسلمون لشيطنتي فإنه لن يفرق بين ما تكتبه حضرتك وهذه النصوص.

وأشكرك مرة أخرى لأنك جعلت مني "ظاهرة، ولكن وبكل تواضع أقول لك لن تستطيع إسكات هذه الظاهرة او احتوائها، لا بل تزيدها تألقا وتأثيرا واستقطابا.

24
نحن لسنا أمام سقوط جدرا برلين ابدا، ولن نكون – رد على الأستاذ شوكت توسا

كتب الأستاذ شوكت توسا مقالا نقديا هادئا فيه يستفسر عن موقفي من الانتفاضة في بغداد والمحافظات الجنوبية ضد الطائفية والفساد في العراق (رابط 1).

وإذ أشكره على مقاله (رابط 1) أمل أن يتسع صدره وصدر قرائي الكرام لتوضيح موقفي وإبداء رأي حول ما أتى به الأخ توسا ردا على مقال لي تناول موضوعين مختلفين ولكنهما من وجهة نظري مترابطين (رابط 2).

وللعلم فإن مقال الأخ والصديق شوكت احتل الصدارة في واجهة الموقع هذا شأنه شأن خمس مقالات أخرى (رابط 3) التي أتت كرد مباشر او غير مباشر على مقالي (رابط 2) الذي بقي يتراوح في المنتدى ولم يمنح فرصة الظهور على الواجهة مع ما احتوته هذه المقالات من عشرات التعقيبات جلها هدفه الطعن والشخصنة وتجنب مناقشة النقاط والمحاور المثارة في المقال.

وردي هذا سيتناول محورا واحدا وهو المحور الذي جذب انتباه الأخ العزيز شوكت توسا، ويحتوي ثلاثة أجزاء: (1) توضيح موقفي ورأي من الانتفاضة، (2) لماذا لا يجوز مقارنة ما يحدث بسقوط جدار برلين، (3) خلاصة وتحليل.

أولا، موقفي من الانتفاضة

أنا لم يكن ابدا قصدي التقليل من شأن الشباب المنتفض او الانتقاص من نهضتهم في الجزء الذي ورد في مقالي في الرابط 2 في أدناه (رابط 2).  حاشى وألف حاشى. وإن فهم الأمر هكذا من قبل أي منتفض وقعت عيناه على مقالي وهو يثور في ساحات الشرف على الظلم والطغيان، الظلم الذي يعاني منه العراق والعراقيين أجمعين بسبب الطائفية المقيتة ونظام المحاصصة والعشائرية والتدخل الخارجي، فأنا أقدم اعتذاري وأطأطئ رأسي امام تضحياته.

قصدي كان أن الشيعة هم وقود هذه التظاهرة وهناك خلافات شيعية-شيعية حد السكين والله يستر "من تاليها" وصارت الأحداث تأخذ منحى دمويا مؤخرا حيث هناك تخريب متعمد (الله يعلم مصدره) للممتلكات الخاصة والعامة وترويع للسكان.

ومهما كان من أمر، وحتى هذه اللحظة، الانتفاضة وقودها الأساسي الشيعة ضد الشيعة ونطاقها المناطق ذات الأغلبية الشيعية حصرا، ولهذا لو غادر الشيعة الساحة لربما رجع كل شيء الى ما كان. هذا واقع لا نستطيع إخفائه بالغربال.

وهناك خشية كبيرة ان تنفلت الأمور من عقالها إن لم تكن قد انفلتت للتو في كثير من المناطق الشيعية في الجنوب.

وهناك استغلال واضح للمتظاهرين ومن قبل رجال الدين والمرجعيات ومن القوى التي تحاول الاستفادة القصوى من الفراغ الذي تركته وستتركه الفوضى في كثير من المناطق.

إيران استغلت الفراغ والفوضى التي رافقت الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. واليوم هناك قوى إقليمية تتربص الفرصة حاليا وتحاول اقتناصها والتغلغل من خلال الفراغ الذي يحدث حتى ولو على جثث العراقيين وخراب ما بقي من دارهم.

هناك تركيا، وهناك السعودية والإمارات وقطر وأمريكا وفرنسا وبريطانيا. بعضها متحالف وبعضها لا يكن ودا للأخر.

أخشى ان الوضع سيتحول الى ما شاهدناه ونشاهده في سوريا حيث الكل يقتل الكل او يعود الى ما كان عليه من فلتان أمني خطير قبل وبعد قدوم داعش. وهناك قوى كبرى ذات مصالح تدير من يدور في فلكها مثل الدمى. كلهم في سوريا ينادون بالمواطنة وإزالة الطائفية والدكتاتورية ولكنهم يقتلون الواحد الأخر مثل الذباب منذ عام 2011.

راقبوا المرجعيات الشيعية وتصريحاتها النارية وكيف أن الوضع صار من الخطورة في مكان حيث أن التفاهم والتقارب وحتى نوع من المساومة صار معدوما.

وأظن أن الشيعية في طريقهم الى ذبح بعضهم بعضا وبالجملة، كما فعل السنة من خلال تنظيماتهم التكفيرية التي ربما قتلت من السنة أكثر من قتلها للذين تراهم أعداء وكفرة وهراطقة ومن المذاهب والأديان الأخرى.

ولا يظن أي منا أن أصحاب المصالح في العراق من الدول الإقليمية وخارج الاقليم وعلى رأسها إيران ستنسحب بسلام وتترك العراق لشأنه. إيران إن بقي الحكم الحالي فيها ستؤجج الأمور وتحرك ميليشياتها المسلحة حتى أسنانها وستحصل مذابح رهيبة.

هناك طبقة مسحوقة كبيرة من الشيعة جرى تهميشها وبشكل بشع في السنين منذ الغزو الأمريكي وتعيش على الكفاف وتحت خط الكفاف، بينما النخبة أتخمت نفسها بالمال والقصور والرفاه على حسابها.

ليس هذا فقط لأن اضطهاد هذه الطبقة وصل الى القتل والذبح في الشهرين الأخرين ما ولد ردا ونقمة عشائرية تغذيه بعض المرجعيات ذات أتباع كثر وهي لا تكن أي ود لإيران.

والكل ينتظر المرجعية الرسمية في النجف. حتى رئيس الوزراء عبد المهدي سقط بتلميح من المرجعية. لم يقدم استقالته رغم الدم البريء الذي أريق وزهق مئات الأرواح البريئة الى يوم الجمعة الماضي بعد تلميح غير مباشر من المرجعية. ومطلب المرجعية مطابق لمطلب مقتدى الصدر الذي له أكبر كتلة برلمانية – أي أنه جزء من السلطة – ولكنه امتطى موجة المظاهرات ودخلها من أوسع الأبواب.

ومقتدى الصدر، شأنه شان أي مرجع او رجل دين او سياسي، يبدو أنه أجاد في ركوب الموجة، كما في كل مرة، حيث استثمر ويستثمر مطالب الناس المشروعة من اجل تحقيق مكاسب شخصية واقتصادية وسياسية، حتى وإن أتت على حساب الناس والوطن وإراقة دماء الأبرياء.

ووصل الأمر بالمرجعيات المعارضة وغيرها الى إرسال اشارات وكأنها هي التي تقود التظاهرات وتهدد وتنصح وتوجه ويبدو أن كلمتها مسموعة رغم أنها كانت ولا تزال جزء من الوضع القائم.

هل نأخذ التهديدات من بعض المرجعيات من أنها ستقلب الطاولة على رأس الكل حتى لو سالت الدماء الى الركب محمل الجد؟ نعم، لأنه فعلتها في السابق ولها أتباع بالملايين على استعداد لعمل أي شيء بمجرد إشارة منها.

لن أدخل في تفاصيل كثيرة أخرى، ولكن أؤكد أن ما طرحته في حينه والذي حث الأخ شوكت على كتابة مقاله كان تحليلا ووجهة نظر قد تصيب او تخطئ.  والاعتذار في حينه من قبلي كان موجها الى أي من الشباب المنتفض حبا بالعراق كوطن وهوية ووطنية عابرة للمذاهب والأديان والأعراق إن قرأ مقالي وفهمه على أنني أقلل من شأن ما يقومون به.

وجزء من التحليل الذي قدمته في حينه حتى الآن صحيح وهو أن المناطق السنية الكردية والعربية لم تنتفض رغم أن الطائفية المقيتة متوافرة في المناطق السنية العربية والقبلية القاتلة التي هي أسوا من الطائفية تحكم المناطق الكردية التي الأوضاع فيها عدا شق الأمن لا تقل سوءا عن المناطق المنتفضة.

المصالح الإقليمية والدولية كبيرة في العراق ولن يترك لشأنه في الوقت الحاضر والمستقبل المنظور وهناك استعداد للدول الخارجية وأذنابها في الداخل أن تدمر العراق حجرا حجرا ولا تتركه لغيرها او لنفسه.

ومن ثم، انت تحتاج الى طاقة جبارة لتغيير الواقع العراقي الطائفي والمذهبي والقبلي الذي استفحل وخرج مارده من قمقمه وهو جزء من الوضع العام في المنطقة ولا أظن هناك قوة تستطيع احتواء هذا المارد.

الصراع والحروب الطائفية مثل هذه عصفت بأوروبا وتركتها أرضا يبابا واستمرت قرونا.

قلبي مع الشباب ولكن كيف سننهي تأثير السيد الصرخي الحسني والسيد الصدر والسيد السيستاني والسيد والسيد فلان الفلاني والى أخره ... والمجموعات السنية الطائفية والمجموعات الكردية القبلية وغيرهم كثير الذين لهم مناصرين بالملايين ومستعدين للموت من أجل مرجعيتهم وشيوخهم ورؤساء قبائلهم ومذاهبمهم وميولهم ومن ثم منهم من هو إيراني الميل والأخر سعودي الميل والأخر تركي الهوى والأخر أمريكي الهوى والأخر امراتي الهوى والأخر قطري الهوى وهلم جرا؟

وهناك امتداد كبير حاليا للإخوان المسلمين لدى السنة وحزبهم ممثل بالبرلمان ولهم حجم كبير في المجموعة العربية السنية في البرلمان وتأثير الإخوان المسلمين صار محسوسا جدا في هذه المناطق بعد دحر داعش؟

والمد الإسلامي الإخواني له حضور في منطقة كردستان ولو بدرجة أقل من تواجده في المناطق العربية السنية، وكلنا نتذكر الأحداث المؤلمة في منطقة دهوك من حرق محلات واضطهاد لشعبنا وترويعه.

الحزب الإسلامي العراقي، الذي له كتلة برلمانية مؤثرة وحضور قوي في المناطق السنية هو امتداد للإخوان المسلمين. والكل يعلم الى أي مدى يمكن أن تذهب تركيا في حمايتهم او قطر في دعمهم ماديا دون حساب.

وهناك تنظيمات في المناطق السنية العربية والكردية وحتى بعض الوسط والجنوب ولاؤها للسعودية والإمارات وتتلقى دعما كبيرا من البلدين.

وماذا تفعل مع الميليشيات الكردية القبلية طلبانية كانت أو برزانية او صدرية او مع عصائب الحق أو حزب الله العراقي وغيرها كثير؟

نحن كثيرا من الأحيان ننطلق مع ميولنا وعواطفنا وذاتيتنا وتحزبنا ومحاباتنا، وهذا أمر بشري، ولكن هل تعلم عزيزي القارئ كم بيان نشرته منظمات حقوق الإنسان المستقلة تدين فيه السلطات الكردية لاضطهادها للأقليات ومنها شعبنا في مناطق سيطرتهم لا سيما في سهل نينوى؟

أظن أن العراق كوطن يسمو فوق الدين والمذهب والميل ويأخذ المواطنة كمعيار قد انتهى منذ أمد بعيد، والعراق الذي عرفناه كوطن يأوي الكل بغض النظر عن الدين والعرق والمذهب والميل أصبح في خبر كان.

ثانيا، جدار برلين

وهنا وباختصار شديد أقول نحن لسنا أمام الربيع الذي قدم الى أوروبا الشرقية السوفيتية وسقوط جدار برلين الذي تحتفي الشعوب الأوروبية بذكراه الثلاثين في هذه الأيام.

شتان بين الأمرين.

في سقوط جدار برلين، كان ربيعا نسيمه عليل وكأنه المسك. غاب فيه الانتقام وركوب رجال الدين او الأحزاب الدينية او الطائفية او القبلية في هذه البلدان موجة التظاهرات.

وبقيت المؤسسات كما كانت. لم يحدث أي فراغ. وكانت هناك مصالحة وقبول للأخر والمؤسسات السوفيتية المحلية السابقة من جيش ومخابرات وأمن وغيرها اختضنها الشعب ووقفت مع النظم التي أعقبت النظم الشيوعية السابقة والنظم احتضنتها وقبلت بها وبدورها الأساسي في بناء الوطن من جديد.

في سقوط جدار برلين لم يكن هناك انتقام وفرق الموت والقتل على الهوية او الميل او المذهب او المحاباة او التحزب او الدين او غيره.

ولهذا كان الربيع ربيعا حقا، دون إراقة دماء او استغلال رجال الدين للوضع وصار التحول من وضع مقيت وسيء الى اخر حميد وحسن بشفافية ومصالحة وغفران وقبول الأخر.

ولكن مبدأ المصالحة والغفران وقبول الأخر لا ينطبق في العراق ولن ينطبق ليس في العراق لا بل في الشرق الأوسط برمته.

أنظر ما حدث ويحدث في مصر وكيف امتطى الإخوان المسلمين الموجة وثم عادت الأمور الى سابق عهدها لا بل أسوأ بكثير.

أنظر سوريا، أنظر ليبيا، أنظر اليمن، أنظر فلسطين، أنظر السودان، الجزائر، لبنان  ... والحبل على الجرار.

 أي تغيير للوضع الحالي في هذه المنطقة التي لا تؤمن بالمصالحة والغفران والتسامح يعقبه فراغ مرعب يؤدي الى وضع أسواء لأن المنطقة والشعوب تحكمها العقلية الطائفية والمذهبية والدينية والقبلية التي تأخذ الانتقام وليس الصلح نهجا ومنهجا.

وأنظر حالنا كشعب صغير مسكين مغلوب على أمره وكيف تتحكم فينا الطائفية والتسموية والمناطقية والمذهبية وكيف يتحكم فينا رجل دين ويأخذنا يمينا ثم يسارا ثم جنوبا وثم شرقا ...

وأنظر ما حدث بعد الغزو الأمريكي من فراغ قاتل حيث ما أن تسلمت الفرق العراقية المختلفة زمام الأمور حتى بدأ الكل يقتل الكل.

وأخير، هناك التباس وغموض وخوف وخشية من المستقبل. أي فراغ في العراق، والعراق على كف عفريت، سيؤدي الى مالا يحمد عقباه.

ثالثا، خلاصة وتحليل

التعاطف مع المظاهرات السلمية  واجب ولكن هناك انقسام كبير في المقاربات. ولهذا، القول إن المسألة مسألة عفوية ومحلية بحتة وتمثل العراق برمته بعربه وكرده وسنته وشيعته وغيرهم من المكونات قد لا يعكس الواقع مهما كانت نياتنا سليمة.

ولهذا، لا أظن يجافي الحقيقة الذي يشير بصراحة الى التدخلات في العراق ومن ضمنها في التظاهرات، محلية كانت أم أجنبية.

هناك قوى وجهات مختلفة في العراق وخارجه لها وجهات مختلفة صاحبة مصلحة ومنافع في استخدام أي نشاط في العراق ومنها الاحتجاج الحالي لإحداث تغيير يصب في مصلحتها في نهاية المطاف ومصلحة سياساتها وليس مصلحة العراق والعراقيين.

وهنا تجدر الإشارة الى ان هناك من له علاقات جيدة جدا لا بل استراتيجية غير قابلة للمساومة وعلى الخصوص بين أطياف شيعية مؤثرة وبين إيران.

وكذلك هناك بين الحكم القبلي في كردستان العراق من له علاقات جيدة جدا واستراتيجية مع إيران.

وهناك من له علاقات استراتيجية وجيدة جدا مع أمريكا.

وهناك من له علاقات استراتيجية وجيدة جدا مع السعودية.

وهناك من له علاقات استراتيجية وجيدة جدا مع الإمارات.

وهناك من له علاقات جيدة جدا واستراتيجية مع تركيا وقطر.

ومن دون جهد استثنائي ومن خلال مراقبة عابرة على وسائل الإعلام التابعة لقطر والسعودية والإمارات وإيران وتركيا وأمريكا، لرأيت المقاربة الكبيرة التي أشرت إليها من خلال المواقف المختلفة التي تتبناها والتوصيفات ولأطر الخطابية لا بل اللغة حتى على مستوى المفردات البسيطة التي تستخدمها في توصيفها للمظاهرات.

والقراءة المتأنية تساعدنا على استخلاص بعض النتائج لهذا الحراك والمظاهرات.

فمن الشيعة مثلا من يرحب ومن يحذر ويهدد.

ومن العرب السنة وأحزابهم الطائفية، من لا يكترث او يتمنى الأسواء.

 ومن الكرد وأحزابهم القبلية من يصطف في الجانب المعادي للتظاهرات وهناك الآن حديث حول حلف صدري-كردي وهناك خشية من أن أي تغيير قد يلغي ما يمنحهم إياه الدستور الحالي من امتيازات.

وهكذا، تطفو على السطح حاليا قراءات مختلفة للمشهد السياسي في وسط وجنوب العراق من دون أن يعني ذلك أن النتائج ستصب في نهاية المطاف في خانة ما يريده كل واحد منهم او كل واحد منا.

بيد أن القراءة التي أرجحها تقول إن الوضع اليوم في العراق شديد القتامة وأخشى أن البلد ذاهب نحو المجهول وأن كارثة رهيبة في انتظار وسط وجنوب العراق، وقد تلتهم بقية أجزائه او معظمها، والله أعلم.

++++++++++++
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,956576.0.html
رباط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,955587.0.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,956083.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,958475.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,956151.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,956576.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,957480.0.html


25
الملفان ميخائيل ممو صاحب القول المأثور "سلاحنا لساننا" يتعرض لتخثر شرياني في الدماغ؛ ندعو له الشفاء العاجل والعودة لاتحافنا بروائعه


تعرض الأستاذ والأديب والكاتب الشهير بلغتنا الأم ولسان الضاد، ميخائيل ممو، الى هزة صحية بدأ يتعافى منها ونأمل له الشفاء العاجل والعمر المديد لمعاودة مسيرته في رفد ثقافتنا ولغتنا بنتاجاته وتأليفاته.

والأستاذ ممو قامة شامخة في ثقافتنا وله يعود الفضل في وضع مناهج لتدريس اللغة الأم في السويد وأغلب دول أوروبا الغربية وأمريكا وجورجيا ودول أخرى.

وسلسلة الكتب التي ألفها لتدريس اللغة الأم في السويد والتي تعتمدها وزارة التربية السويدية لها أثر كبير في الحفاظ على لغتنا، وعلى الخصوص اللهجة التي كانت شائعة لدى الأشقاء الأشوريين في أورميا والقريبة جدا من اللغة الفصيحة ومن اللهجة الدارجة لدى الأشقاء الكلدان في ألقوش والأشقاء السريان في  بغديدا وبرطلة.

وله يعود الفضل في تثبيت بعض قواعد الصرف والنحو والتأليف في هذه اللهجة الساحرة الوحيدة في صفوف شعبنا والتي بحق تعد لهجة او لغة عصرية قائمة بذاتها أبدع فيها الأشقاء الأشوريين شعرا ونثرا وأدبا وترجمة وتأليفا.

وعلى يديه ومن خلال تدريس سلسلة كتبه تخرج العشرات او ربما المئات من التلاميذ في السويد والدول الإسكندنافية وأوروبا الغربية ودول الاتحاد السوفيتي السابق وأمريكا.

والأستاذ ممو كثير الرحلات لإلقاء محاضرات وحضور ندوات تعني باللغة الأم ولهجاتها، لأنه بحق يعد خبيرا في هذا المضمار ولغويا من الطراز الأول.

ويمضي أغلب أوقاته في غرفة في بيته القريب من بحيرة فاترن، ثاني أكبر بحيرة في السويد. وتعج الغرفة بالكتب والمخطوطات غير المكتملة التي يشتغل عليها أستاذنا الجليل. في أخر زيارة له قبل يومين كان هناك كدس من الكتب (حوالي عشرة) قال إنه يعكف على تكملتها وطبعها.

صحته حاليا جيدة بعد فترة حرجة وتمضية فترة في المستشفى، ولكنه يقول إنه يرتاح في مكتبته أكثر من أي مكان أخر.

وفي مكتبته، أهداني جزءا من تأليفاته ومنها قصيدة رائعة بلغتنا الساحرة. والقصيدة لها أربع خانات وكل خانة لها شطران – صدر وعجز – وعدة قواف، ووزن (بحر) خاص في الإمكان إطلاق اسم صاحبه عليه.

وللأستاذ ممو علاقات واسعة مع أقسام اللغة السريانية في شتى انحاء العالم، ويستعين بخبرته الكثير من طلبة هذه الأقسام عند كتابتهم اطروحاتهم لنيل شهادات الماجستير او الدكتورة.

وفي التأليف، يبدع أيضا الأستاذ ممو في أدب الأطفال حيث له قصص ثلاث في هذا الجنس الأدبي طبعها في السويد التي قدم إليها في العام 1977.

وفي حقل الإعلام له مساهمات كثيرة فهو صحافي مبدع في العربية ولغتنا الأم وعلى الخصوص اللهجة الدارجة لدى الأشقاء الأشوريين. فله مساهمات في الصحافة العربية ودور رئيسي كمحرر وكاتب في صحافة شعبنا.

ويصل حصاده الأدبي الى 25 كتابا في العربية والسويدية والسريانية.

وحصل الأستاذ ممو على جوائز عديدة من وزارة التربية في السويد التي عمل فيها مدرسا للغتنا لأم حتى تقاعده.

ويعود له الفضل في تنشئة كوكبة من مدرسي لغتنا الجميلة في السويد الذين يقودون المسيرة التي بدأها مستندين الى مؤلفاته وسلسلته التعليمية البديعة من سبع كتب منهجية للمراحل الدراسية المختلفة.

ما سطره الأستاذ ممو في مسيرة حياته الغنية بالعلم والمعرفة لن يكن في إمكاني منحه حقه في هذه العجالة وضمن متن مقال واحد.

واليوم صار الأستاذ ممو علما في سماء شعبنا وقامة شامخة ولهذا صار ملكا لنا كلنا ومن هذا المنطلق ندعوه أن يهتم بصحته ونأمل له الشفاء العاجل والتعافي والعمر المديد.

قامات مثل الأستاذ ممو هي ملك لشعبنا، حال أي كنز يملكه أي شعب يكافح للحفاظ على لغته (هويته وأصالته) وسفينته تقاذفها لأمواج العاتية.

وفي أخر لقاء لي معه، كرر الأستاذ ممو مقولته الشهيرة أكثر من مرة ألا وهي: "لساننا سلاحنا" الوحيد المتبقي لدينا، وإن خسرناه خسرنا أنفسنا.

سلامات أستاذنا الكبير.


26
الى الأخ جاك الهوزي: طال غيابك والكثير منا في شوق ولهفة الى عودتك

لقد طال غياب قلم أراه من بين أهم أقلام شعبنا، وكاتبا له مساره الخاص والمؤثر.

غيابة خسارة، ومن هذا المنطلق أوجه دعوة من الأعماق باسم محبيه وقرائه أن يعود إلينا ويتحفنا بما لديه من أراء ومواقف ونتاج قريحة شخصيا كنت استمتع كثيرا في الإنصات إليها والتحاور معها.

وأظن أن الكثير من كتاب وقراء موقعنا هذا يشاركونني الرأي.

لا علم لي عن سبب وكنه غياب الأخ العزيز جاك الهوزي، حيث لم أقرأ له مقالا منذ أمد بعيد جدا.

بيد أنني لو حاولت استقراء ما يدور في ذهنه عن الأسباب التي جعلته يبتعد عنا ويغادرنا كل هذه الفترة الطويلة، لعلني لا ابتعد عن واقعها المرير الذي ربما نعاني منه كلنا من الذين يدلون بدلوهم في هذا الموقع.

وأنا اشرحها باختصار موجز واضعا إياها في نقاط محددة، أرجو المعذرة مسبقا إن ظهر وأنني ابتعدت كثيرا عن ما يدور في خلد صديقنا وزميلنا العزيز جاك او ما يتوقعه القراء الكرام:

أولا، قد يعتقد الأخ جاك أن كتاباتنا ومقالاتنا وكل ما نكتبه يذهب أدراج الرياح لأن ليس هناك في صفوف شعبنا من قيادات وزعامات ومؤسسات من ينصت الى صوتنا او أي صوت أخر مهما علا صراخه.
ثانيا، نحن كشعب، ووضعنا كالذي واقف على شفا هاوية او ربما قد سقط فيها، لم نعد نكترث للحوار والنقاش، فبدلا من مناقشة أراء وأفكار الكاتب نصوب النقاش حول الشخصنة والمباشرة.
ثالثا، يفتقر شعبنا الى صحافة مهنية يكون التحرير واحدا من أركانها الأساسية. والتحرير مثل الغربال يعمل القائمون فيه ما في وسعهم عدم مرور مثلا أخطاء لغوية وكذلك أخطاء عامة في التاريخ والجغرافيا وغيرها من العلوم الأساسية وتحقيق نوع من والنزاهة والموضوعية قدر الإمكان.
رابعا، ولأن إعلام شعبنا يفتقر الى المهنية، أغلب ما نقرأه على صفحاته لا يختلف كثيرا عن مواقع التواصل الاجتماعي حيث ليس هناك حارس بوابة للتحقق من أن المعلومة المقدمة صحيحة أو قد جرى موازنتها والتأكد من صحتها او عدمه من مصدر مستقل.
خامسا، يتصور بعضنا أن مقالا له في مواقع شعبنا سيغير الدنيا. هذا ليبس صحيحا ابدا. مواقع شعبنا مهما كان عدد مرتاديها ضعيفة جدا وتأثيرها محدود لا يتجاوز إطار الذين يرتادونها وجلهم من أبناء شعبنا، وشعبنا مسكين، ضعيف، وقليل الحلية.
سادسا، وكدليل دامغ أن ما نكتبه في مواقع شعبنا لا يتعدى صداه المحيط الذي نعيشه وندور فيه، لم يحدث حسب علمي أن نقلت وسيله إعلامية مؤثرة محلية كانت أم إقليمية او دولية ما يرد من أخبار او مقالات في هذه المواقع.

إن كانت هذه الأسباب التي جعلت الأخ جاك أن يغاردنا، فله العذر، ولكن هناك نقاط بودي أن أشير إليها عسى يغير الأخ جاك موقفه ويعود إلينا لأننا – وأتكلم عن نفس وباسم محبي كتاباته – في حاجة ماسة إلى قلمه.

أولا، أننا كلنا تقريبا نعاني من الأمور ذاتها. فنحن كشعب وكتاب ومثقفين وكل أطياف هذا الشعب المسكين، محشورون في سفينة واحدة أين ما كنا، في بلد الأجداد، أم في المنافي أم في الشتات.
ثانيا، حتى وإن غرقت سفينتنا، وفي رأي لم تتمكن منها العواصف الهوجاء حتى هذه اللحظة رغم ترنحها، علينا التشبث بالحياة والهوية والثقافة التي تجمعنا.
ثالثا، في تاريخ الشعوب والأمم تلعب الفرصة واللحظة دورا بارزا. اقتناص الفرصة جزء من الاستراتيجية التي قد تحي او تميت.
رابعا، في كثير من الأحيان، والتاريخ شاهد، قد تقدم قصيدة او مقال او نشيد حبل النجاة.

من هنا أرى أن عودة الأخ جاك الى محبيه وقرائه صار حاجة ملحة، وأمل أن يأخذ رجائي هذا صداه لديه ويرجع إلينا كي نستمتع بقراءة ما يسطره يراعه.



27
البطريرك ساكو يقحم نفسه في مزاريب الدهاء والنفاق السياسي في العراق ويتدخل فيما لا يعنيه ويلجأ الى الغش والخداع لتبرير سقوطه وفشله كسياسي ورجل دين أيضا

أوقع البطريرك ساكو نفسه في دهاليز النفاق والغش الذي يرافق أغلب الأنشطة السياسية وغيرها في العراق حاليا، وبدلا من ان ينقذ نفسه، يلجأ الى ممارسة الغش والخداع كي يظهر أنه السياسي المحنك الذي لا يشق غبار له وأيضا رجل الدين الذي لا يضاهيه أحد في علمه وأن ما يأتي به هو الصحيح فحسب ومنتقديه ليسوا إلا جهلة.

وفي هذا السياق أتت زيارته الى ساحة التحرير ليصور نفسه أنه جزء من "الانتفاضة" وأن له تأثير على الرأي العام العراقي مثل قائد أي حزب طائفي (كل الأحزاب العراقية طائفية والمنطقة برمتها تحترق في أتون الطائفية) او داعية له ملايين الأتباع او موظف علاقات عامة ما يكتبه من بيانات او بلاغات يتربع على الصفحات الأولى في الصحف ويحتل الصدارة في نشرات الأخبار.

وفي نفس الإطار والسياق أتت زيارته الى المستشفى التي صورها مع زيارة ساحة التحرير وكأنهما فتح من الفتوحات ولكن إن حللنا الوضع تحليلا علميا ومنطقيا لنرى أنه زاد من طينه بلة وأوقع نفسه وشعبه المسكين، الغلبان والمغلوب على أمره، في الحفرة العميقة التي حفرها لنفسه وبيده.

تحليل الحدث وسياقه

أي قراءة متأنية للمظاهرات في العراق تظهر أنها في الأساس مسألة شيعية-شيعية. أحد أطرافها البارزين هو مقتدى الصدر من جهة وأغلب الأحزاب الشيعية الباقية من جهة أخرى.

هذه ليست انتفاضة عراقية شاملة. إنها انتفاضة للصدر وأتباعه. وسأبين ذلك لاحقا.

وكم كان السنة من العرب والأكراد حكماء هذه المرة وجنبوا أنفسهم ومناطقهم الدخول في معمعة هذا الصراع المقيت والمخيف حتى الآن الذي إن فلت من عقاله سيأتي على الأخضر واليابس. ربما لأول مرة يلعب السنة الكرة بذكاء وحكمة وفطنة بعد انتكاسات متتالية منذ عام 2003 ، حيث بقوا على الحياد هذه المرة، ولكنهم وبواسطة أخرين، كما سنرى، يذكون نار هذا الصراع كي يلتهب ويحرق اعدائهم من الشيعة.

من هو مقتدى الصدر؟

مقتدى الصدر ليس سياسيا محنكا. إنه يعيش على إرث أبيه المرجع الشيعي الكبير في حينه محمد محمد صادق الصدر الذي أعدمه صدام حسين في عام 1999.

وكان لوالده أتباع كثر الى درجة أن هبت "مدينة صدام" في حينه و"مدينة الصدر" حاليا في انتفاضة عارمة سرعان ما وأدها في مهدها صدام حسين مستخدما الرشاشات والمدافع وقتل عددا كبير من المتظاهرين.

وبعد سقوط صدام حسين، ظهر الصدر كأكبر قوة سياسية وعسكرية شيعية، ولكنه رغم العدد الهائل لأتباعه وحصوله على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات، بقي شخصية هامشية ضمن المرجعية الشيعية، لأن لم يصل او لم يسمح له الوصول الى مرحلة الاجتهاد التي تخوله التصدي للفتاوي والمواقف التي تصدرها المرجعيات الشيعية في النجف او قم او يصبح هو مرجعا لأتباعه. بمعنى أخر، حتى الآن لم يرتق الى مكانة أبيه وهي درجة آية الله.

وحاول كثيرا الحصول على درجة الاجتهاد ولكن في كل مرة كان يرد على أعقابه. وأخر مرة كانت قبل عدة أسابيع في إيران حيث شد الرحال الى قم وطهران وظهر في لقطات وهو يقف بشكل ذليل وخنوع وخشوع أمام المرشد الأعلى خامنئي كي يفتح له باب الاجتهاد.

لم يحصل على مراده. إن حصل الصدر على المرجعية لكان ذلك ضربة قاضية للحوزة ومرجعيتها إن أخذنا عدد اتباعه في العراق بعين الاعتبار.

الذي يقف وراء المظاهرات الحالية في المناطق الشيعية هو الصدر وجماعته في معركة كسر العظم مع الجماعات الشيعية الأخرى وسلطة المرجعية في النجف وقم. وهكذا انحصرت المظاهرات حتى الآن في المناطق الشيعية فحسب ولكن بمرور الزمن دخلتها فئات صغيرة أخرى لأغراض مختلفة.

مزيدا من السياق والقراءة المتأنية

ودخل السنة في دول الخليج على الخط بمالهم الوفير وإعلامهم، لأن تحدي الصدر للمرجعية في النجف وقم قد يشفي غليلهم للانتقام من إيران. وانهمر المال والدعم المعنوي والإعلامي للمتظاهرين او المنتفضين وغيرهم من الذين ركبوا الموجة كي يستمروا في زخم التظاهر ذاته ويعززونه لتقويض موقف الشيعة الأخرين ومعهم موقف إيران، وينسون او يتناسون أن لإيران هالة كبيرة لدى الصدر لا أظن في امكانه الخروج من إطارها في نهاية المطاف.

وهكذا شد الصدر الرحال الى طهران مرة أخرى بعد أن غادرها خالي الوفاض قبل بضعة أسابيع وهو الآن (عند كتابة هذه السطور) يلتقي ما يجب عليه عمله من اللواء قاسم سليماني قائد فرقة القدس للحرس الثوري الإيراني.

كما قلت، السنة في العراق، من الكرد والعرب، ظلوا على الحياد وحسنا فعلوا ولسان حالهم يقول: "نارهم وحطبهم وبأسهم بينهم شديد."

أظن لأول مرة منذ الغزو الأمريكي للعراق السنة من العرب والكرد يلعبون الكرة في ساحة الشيعة بذكاء وفطنة.

البطريرك ساكو يقحم نفسه فيما لا يعنيه

تدخل البطريرك ساكو ومعه بعض أركان مؤسسة الكنسية الكلدانية في هذا المزراب الوسخ والمنافق للواقع السياسي المرعب في العراق ضرب من الجنون او ضرب من جنون العظمة والنرجسية الفائقة وبرهان على أن البطريرك ساكو يعيش في حالة نكران شديدة، وهذا مرض نفسي خطير لا بد وأن يؤدي في صاحبه في نهاية المطاف الى التهلكة.

ووصل الأمر الى الاحتفاء من قبل من هم بدرجة الاسقف بالمظاهرات التي يؤججها الصدر وجماعته وهم كثر ووصل الى درجة الرقص أمام مذبح الكنيسة المقدس (المذبح يحوي الذبيحة الإلهية أي حسب المعتقد المسيحي فإن المسيح روحا وجسدا ودما متواجد في المذبح.) وهناك فيديو يتم تداوله على نطاق واسع يظهر الأسقف وهو يرقص امام المذبح على أنغام أناشيد عربية علمانية عراقية في الأحد الأول من زمن تقديس البيعة.

هذه من الثمار الحميدة التي يهديها البطريرك ساكو للكلدان في الأحد الأول لتقديس البيعة، بدلا من أن يحث المؤمنين من الكلدان من أتباعه على إنشاد التراتيل الكلدانية الرائعة والتي لا مثيل لها في هذا الأحد وممارسة ما يمكن ممارسته من تراث وطقس وتقاليد وتراث اجداده في هذه المناسبة المقدسة التي تنضح حبا بالمسيح وإنجيله وتحضّرنا لمقدم زمن البشارة، يحث أتباعه وإكليروسه من خلال نشاطات سياسية غايتها التهريج على الرقص في الكنيسة وأمام المذبح على أنغام أناشيد عربية علمانية، وينفذون الأمر ويتباهى بهذا العمل أمام الأخرين.

أربأ بنفسي أن أضع رابطا لهذا الفيديو السمج الذي يشبه ما يفرضه علينا البطريرك ساكو من نصوص معربة هجينة سمجة كصلوات ملغيا تراثنا ولغتنا وريازتنا وفنوننا وطقسنا الكلداني المجيد.

ماذا يجري في أزقة مؤسسة الكنيسة الكلدانية بحق السماء في العهد الساكوي العتيد هذا، والله لست أدري ولكن إن لم يتم تدارك الوضع، فإن التبعات ستكون من الخطورة في مكان.

وللعلم، فإن البطريرك ساكو وبعض رجال الدين الى درجة الأسقف محسوبون في العراق على التيار الشيعي، وعلى الخصوص حركة بدر الشيعية التي هي في صراع مرير وأحيانا دموي مع حركة الصدر، وكلنا نتذكر الراية الحسينية التي كانت ترفرف على قبة إحدى الكنائس الكلدانية في بغداد.

ومزيدا من السياق

والذي لا يعرف مقتدى الصدر، فإنه شخصية زئبقية يتحول من فكر الى أخر وموقف الى أخر بسرعة ومستعد ان يرمي نفسه في أحضان أي كان للوصول الى مراده حتى وإن كان بالنسبة إليه عدوا لدودا. وهذا ليس غربيا على السياسة والأحزاب الطائفية في العراق وجري السياسيين وراء المصالح بصورة عامة.

وكان قبل فترة في السعودية ودول خليجية أخرى حيث أستقبله الملوك والأمراء استقبال الأبطال الميامين.

والكل يتذكر وحسب التقارير الأمريكية أن أغلب فرق الموت التي كانت ترعب أهل بغداد كان يقودها جماعة الصدر، وأن المئات من الأمريكيين الذين قتلوا في جنوب العراق قتلتهم ميليشياته التي لا ترحم – شأنها شأن الميليشيات الأخرى في العراق سنية كانت أم شيعية أم كردية.

تحزب وغرق في أتون الطائفية

وأظن أن أي قارئ ذي بصيرة، ومتابع سيعرف في أي جانب يقف البطريرك السياسي ساكو بقدر تعلق الأمر بالسياج الطائفي اللعين للوضع السياسي في العراق. البطريرك ساكو معروف في الأوساط السياسية العراقية والشيعية منها على وجه الخصوص أن ميوله السياسية تنحو صوب جماعة أو منظمة شيعية محددة من الشيعة وهي منظمة بدر.

لماذا هذه الجماعة بالذات؟ لأن كلنا نتذكر كيف كان البطريرك يطبل للمشروع السياسي الذي اعدته هذه الجماعة وقيادتها في إعلامه. واللبيب في إمكانه أن يسترجع في ذهنه تلك اللحظات الساكوية الدونكيشوتية.

فقط اسأل، هل البطريرك رجل دين أم رجل سياسة؟ الجواب واضح. لقد غادر البطريرك ساكو واجباته الدينية والمسؤوليات الدينية والأخلاقية والثقافية والطقسية والروحية الملقاة على عاتقه ورمى كل إرث اجداده وطقوسهم وتراثهم وثقافتهم وحوذرتهم المقدسة التي أصبحت شيئا منسيا في سنيه العجاف تحت قدميه وركب الموج السياسي وصار يغرق فيه.

غش وخداع

ووصلت حالة الإنكار الشديدة التي يمر بها – لأنه لا يحاول أن يقرأ الكتابة على الحائط – الى الاعتقاد أن في إمكانه الضحك على ذقوننا وخداعنا وغشنا في بلاغاته وبياناته التي لا تنتهي.

وأخر خداع وخش استخدمه كان ادعاؤه أنه ألغى لقاء أعد له سلفا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كي يتفرغ للتطورات السياسية في العراق؟ خش وخداع أخر، وإن لم يكن فلينشر الدعوة الرسمية التي وجهتها له الرئاسة الروسية لمقابلة بوتين.

ويستمر مسلسل الغش والخداع لتمرير سياسته المدمرة والهدامة للتراث واللغة والطقس الكلداني. فيدعي، من خلال حملة غش وخداع أخرى واضحة في أخر رسالة له أن تلاعبه ورميه الطقس واللغة والتراث الكلداني تحت قدميه يأتي حسب مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني وما تطلبه منه روما.

أخاطبكم أيها الكلدان وأقول لا تصدقوا هذه الهراء، لأن المجمع الفاتيكاني له مقررات خاصة بالكناس الكاثوليكية الشرقية ومنها الكنسية الكلدانية وهي النافذة يدعوها لا بل يأمرها كما في قراراته ودساتيره عدم التلاعب بالتراث او تغييره بل تطويره من خلا الحفاظ على روائعه وجواهره وأن يكون أي تغيير لا يحدث الا من خلال تطور الطقس (الكلداني) العضوي والذاتي للطقس نفسه:

"تدعو الكنيسة الشّرقيّين جميعهم بإلحاح، إلى المحافظة الدّائمة على طقوسهم الليتورجيّة الشّرعيّة بكلّ أمانة، وألاّ يُدخلوا عليها أيّة تغييرات إلاّ بسبب تقدّمهم الذّاتي والعضويّ؛ بل عليهم أن يبحروا في معرفتها بطريقة أفضل، وأن يمارسوها ممارسة أكمل. وإذا ما أبعدوا عنها إضطرارياً، بحكم ظروف الزّمان والأشخاص، فليهمّوا بالرّجوع إليها، لأنّ لكلّ شعب تعبيره الإيمانيّ الخاصّ، المرتبط بثقافته وذهنيّته وبيئته . (A.A.S., 57 (1965) 78) (CO 6)"

فعلى من تقرأ مزاميرك، يا غبطة البطريرك الكلداني الذي صار عدوا للغة والتراث والثقافة الكلدانية ومعها الطقس الكلداني؟

تسفيه معارضيه من الكلدان وهم كثر

هناك إصرار وتصميم متعمد من قبل البطريرك ساكو لهدم الصرح الثقافي الكلداني المتمثل باللغة والطقس والتراث بحجج واهية غير منطقية لا تنطلي على أحد فكيف تنطلي عليكم أيها الكلدان ويحاول الغطاء على العداء هذا بإقحام نفسه في مزاريب السياسة العراقية التي لا تنضح إلا بالنفاق والكذب والغش والخداع على الشعب العراقي المسكين والمغلوب على أمره وتدميره كوطن.

ولن ينفع معه مهما قدمنا من أدلة وبراهين علمية منطقية وكنسية أنه يوقع بنفسه وشعبه وكنيسته في هاوية بعد تقمصه شخصية داعية في السياسة والعلاقات العامة. لن يسمع ولن يحاور منتقديه من الكلدان ولكنه يحاور أي كان ولكن ليس معارضيه من الكلدان.

على الكلدان يفرض نفسه ووجهات نظره ومواقفه العقيمة مثل التي في أعلاه وغيرها التي تعادي كل ما هو كلداني لغة وترثا وطقسا ويمارس السياسة من أوسع أبوابها ويخفق ويغرق فيها ومعه شعبه.  مع الأخرين يحمل المال والمال والمواد والله يعلم قيمتها ويوزعها في الساحات لتمجيد النفس ولكن لا يكترث للكلدان الذين يتضورون جوعا في المنافي في الشرق الأوسط.

خطاب هابط

أما عن هبوط الخطاب البطريركي، فحدث ولا حرج حيث ترد فيه عبارات ومفردات تصل حد البذاءة منها ما لا أستطيع نقله لأنني أخشى ان يتم حذفه او ربما المقال كله من قبل محررين مدنيين علمانيين.

لا غرو أن يهرب الكلدان المثقفين والمتضلعين باللغة والطقس والتراث والثقافة الكلدانية زرافات وزرافات ويلتحقون بكنائس أخرى او يشكلوا مجموعات على الفضاء الافتراضي لممارسة تراث وطقس ولغة وفنون وثقافة شعبهم وكنيستهم المجيدة التي يهينها البطريرك ساكو ويحتقرها ويلغيها بتوصيفات قبيحة في حقها وحق محبيها وأخرها كان توصيفه المهين وهو "الجوفاء" للطقس الكلداني الذي ألغاه البطريرك ساكو بعد أن أهانه مستخدما عبارات قبيحة في توصيفه وتوصيف محبيه الذين شبههم في أخر منشور له بأصحاب العقلية السلفية.

مع كل هذه الأدلة حول الحرب الهوجاء التي يشنها على اللغة والتراث والطقس الكلداني، يلجأ مرة أخرى الى الغش والخداع في منشور أخر بعنوان "أستيقظ أيها الكلداني"، حيث يقول: "مُولب ومَلِب لشانا ديمّوخ تا دلا تالِق شمّوخ = تعَلّم وعَلّم لغة الأم حتى لا يضيع اسمك."

ما هذا بحق السماء؟ من ناحية تدمر اللغة والطقس وتهينها وتكتب من عندك وبعربية ركيكة مليئة بالأخطاء مؤلفا نصوص سمجة لا تستحق القراءة في صف لمحو الأمية كي تحل محل النصوص الربانية التي لدينا وتترجم الى العربية أناشيد هي جزء حيوي وجوهري من هويتنا بطريقة سمجة أيضا وتفرضها علينا في الكنائس، ومن ثم تقول: "مُولب ومَلِب لشانا ديمّوخ تا دلا تالِق شمّوخ = تعَلّم وعَلّم لغة الأم حتى لا يضيع اسمك."

سؤالي الأخير، متى يستيقظ الكلدان من سباتهم ويضعوا حدا لحملة الغش والخداع هذه التي طال آمادها. والله، إن لم ننهض ونضع حدا لهذه العهد الأعجف، فنحن زائلون ومنقرضون لا محالة، هذا إن كانت السنين العجاف الأخيرة أبقت لنا شيئا من هويتنا وتراثنا وطقوسنا ولغتنا.

والأنكى، فإن العهد الأعجف هذا أدخلنا في مزاريب السياسة العراقية الوسخة التي فيها من النفاق والكذب والغش والخداع ما لم ينزل الله به من سلطان وأسقطنا معه في هذه المزاريب المظلمة التي يبدو ان لا مخرج منها إن لم نتحرك لإنقاذ أنفسنا.

28
من روائع التراث المريمي لكنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية – أنشودة بصلوثا دموارختا: تحليل نقدي

ملاحظة: أقدم هذا التحليل لهذه القصيدة المريمية الرائعة الى الدكتور روبين بيث شموئيل، مدير عام الثقافة والفنون السريانية في اقليم كردستان، العراق، ومعه كافة الأخوة والأخوات القائمين على تدريس لغتنا المقدسة السريانية في أرض الأجداد او الشتات، وأقول إنني كنت أسعد إنسان في الدنيا عندما طرق سمعي أن بعضكم يعرج على مقالاتي عن دور اللغة وأدائي لبعض الأناشيد من تراث كنيسة المشرق المجيدة وتحليلها عند تدريسه. وكذلك أهدي التحليل والأداء الى ابناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة من الكلدان والأشوريين وكل محب للغتنا الأم، هويتنا ووجودنا.

توطئة

والقصيدة التي بين أيدينا تعد من روائع الأدب المريمي في تراث كنيسة المشرق المجيدة. وحسب علمي، لم ألحظ أي تحليل نقدي يعتمد نظريات علم الخطاب الحديثة لأي نص بلغتنا السريانية. تحليل الخطاب، لا سيما ا لشق النقدي منه، عمل شاق، يتطلب جهدا ومعرفة بنظريات العلوم الاجتماعية. سأتجنب الشق المعرفي العميق من التحليل، وأركز باختصار شديد على الثيمات (الأفكار) الرئيسية التي ترد فيها، ونسقها ولغتها وترابطها وتماسكها وربطها المنطقي. ومن ثم سأحاول وضع النص ضمن سياقه التاريخي.

متابعة التحليل

أرجو من القراء الكرام اولا الاستماع الى القصيدة من خلال ادائي المتواضع لها مع آلة الكمان، ومتابعة النص، بالحرف والصوت باللغة العربية، مع ترجمته الى العربية في أسفل المقال مع قراءة التحليل:

https://www.youtube.com/watch?v=ye5eGdugFcA

معلومات عامة

النص: شعر موزون بدقة، ولكنه غير مقفّى
المؤلف: حسب علمي مجهول
اللحن: يتراوح بين البيات القصير والرست

تاريخية النص

لأن النص متوافر في حوذرة كنيستنا المقدسة فلا بد وأن يعود الى ما قبل القرن السابع. كما هو معلوم، فإن اول تأوين لطقوس وتراث وآداب كنيسة المشرق جرى على أيدي البطريرك إيشوعياب الثالث الحدياني في القرن السابع الميلادي. وإيشوعياب من عمالقة شعبنا وعلينا اتباع طريقته في التأوين التي كانت الحفاظ على التراث الكنسي من الضياع ووحدة شعب وأتباع كنيسة المشرق وحمايتهم من الضياع أيضا من خلال الحفاظ على التراث الكنسي بلغته. فجمع هذا الألمعي كل التراث الكنسي ورتبه بطريقة يتماشى فكرا وخطابا ولاهوتا وممارسه مع خطى حياة يسوع المسيح منذ ولادته حتى مماته وقيامته. ومنذ ذلك الحين، وحتى يومنا هذا، لا يزال العلماء ينبهرون بعبقريته وإجراءاته التأوينية البناءة التي حفظت لنا تراثنا ومعه هويتنا المشرقية الكنسية وكذلك جعلت أبناء وبنات كنيسة المشرق التي كانت مترامية الأطراف وأكبر كنيسة في الدنيا في حينه، ينشدون ويقرأون ذات النصوص وذات اللغة وتقريبا نفس اللحن في أي مكان حلوا على وجه الأرض.

شاعرية النص

كما قلت النص شعر موزون بطريقة بارعة، ويقترب من الشعر الحر الحديث، لأنه يلتزم بالوزن وليس القافية.

تحليل النص

أرجو متابعة النص أدناه والتبويب الرقمي للأبيات بالسريانية، حيث أن التحليل هنا يتكئ على الترقيم المتسلل للقصيدة.

وهذا ليس تحليلا لاهوتيا. التحليل هنا يستند الى النص ذاته لتبيان روعته وكيف أنه يسبق زمانه ليس ضمن نطاق محيطه بل ربما ضمن نطاق الشعر العالمي بحوالي 1500 سنة.

لماذا؟ لأن النص يبرع في توزيع الأبيات الشعرية ثيماتيا (أي أنه منظم بطريقة فكرية بارعة). وينتقل النص بين مخاطبة المؤنث والمذكر، وهذا، حسب علمي واطلاعي، غاب عن الترجمات التي بين أيدينا، كما سنرى.

 وينقسم النص الى ثلاث ثيمات رئيسية وهي 1 و2 و3. وكل ثيمة تتفرع الى ثيمة ثانوية: 1.4 و2.4 و3.4. بمعنى أخر، لدينا ست ثيمات، ثلاث رئيسية وثلاث فرعية. وهذا عمل فكري شاق ونادرا ما نلاحظه في الشعر القديم والحديث عدا محاولات شعراء الرومانسية وما بعدهم في الإنكليزية والفرنسية ولغات أخرى.

وهذا التقسيم يتبع الشرط الحديث للكتابة المنسقة والتي يجب ان تتحكم فيها الفكرة الموجهة او المنظمة، حيث تتسلسل فيها الأفكار بشكل منظم تبدأ بفكرة رأسية في المقدمة وتتبعها وتحوم حولها كل الأقسام الأخرى حتى الخاتمة.

ونلاحظ الفكرة الأساسية للنص في 1.1 و1.2 و1.3. من هذه الثيمة وفي نهايتها 1.3 نلحظ " حَيّْلا دَنْحِثْ مْن روما". هنا تبدأ الإشارة الى يسوع المسيح الذي نزل من السماء وحملت به العذراء.

لاحظ أنه حتى البيت 1.3 المخاطبة في النص هي للمؤنث (العذراء مريم). ولاحظ كذلك كيف أن المخاطبة والخطاب يتحول جذريا من المؤنث الى المذكر، أي الخطاب بعد 1.3 وحتى 2.4.8 لم يعد موجها للعذراء بل الذي ولد من احشائها، وهو يسوع المسيح.

وكذلك نرى ان في 1.1 وحتى 1.4 يقتصر الخطاب على طلب شفاعة مريم العذراء لدى ابنها وليس هناك طلبات مباشرة.

وتحويلة الخطاب الرئيسية في الفكر والنحو والصرف تبدأ في 1.4.2 حيث يوجه الكاتب خطابه مباشرة الى المسيح وتبدأ الطلبات. لاحظ هنا كيف ان النحو والصرف يتحول الى صيغة المذكر. وتستمر الطلبات حتى نهاية 2.4.8.

وما يميز الطلبات هذه أنها تعبر الزمنكانية، بمعنى يقف القارئ اليوم ونحن في العقد الثاني من القرن والواحد والعشرين، أي بعد 1500 سنة في أقل التقدير، ويمكن أن يقدم ذات الطلبات للمسيح، وهذا من النادر ان نلاحظه في نصوص في لغات أخرى حيث تبدل الزمنكانية ينهي حداثة النص، ولكن ليس هنا.

وتأتي التحويلة الثالثة الرئيسية في الثيمية 3.1. هنا يعود النص الى بدايته حيث يرجع الكاتب بعد ان قدم طلباته ووضعها امام المسيح الى العذراء مريم مرة أخرى للشفاعة. وتستمر الشفاعة من 3.1 وحتى النهاية، وهي تمثل الخاتمة الأهم بالنسبة للمسيحي المشرقي وكل مسيحي ومفادها أن "يكون لنا استحقاق التنعم بعرس ملكوت السماء معها (أي العذراء مريم) ونزمّر تسبحة الثالوث الأب والأبن والروح القدس" وذلك "في يوم الدينونة الذي يتم فيه فرز الأخيار عن الأشرار."

اللغة والبلاغة

بعد ان قدمنا تحليلا موجزا عن الثيمات في النص، نعرج على اللغة والبلاغة. باختصار شديد، أقول إن النص نموذج شعري بديع للسهل الممتنع. أي متحدث بلهجاتنا المحلية، سيستوعب أغلب النص إن حاول جاهدا استيعابه، وسيهضمه بيسر إن استخدم قاموس سرياني-عربي مثلا.

والنص تتخلله صور بلاغية رائعة تتحدث معنا مباشرة ونحن في القرن الواحد والعشرين. لن أخوص غمارها لأنها لوحدها تحتاج مقالا منفصلا.

ولكن لاحظ الأسماء الحسنى التي يطلقها النص على العذراء مريم: "بثولتا، موارختا، قديشتا ... ." وكذلك لاحظ الأسماء الحسنى للمسيح، مثل: "نوهرا، سوّرا، حييي، فاروقا، ... ." وأغلب الأسماء الحسنى في القرآن ولدى المسلمين أصلها سرياني، أي مقتبسة من تراثنا.

الترجمات

هناك كما قلت العديد من الترجمات للنص هذا، ولكن أغلبها تفتقر الى معرفة كنهه، لهذا لم ألحظ مثلا أن أي منها يميز بين الثيمات والنحو من حيث المذكر والمؤنث الخاص به. وترجمة الشعر عملية شاقة لا يتقنها الا من لهم ناصية رفيعة وتمكن لا غبار عليه في اللغتين، المترجمة منها والمترجمة إليها.

مكانة النص

في رأي النص واحد من عشرات النصوص المطولة (النص الحالي يتألف من 22 بيتا) ضمن المريميات الخاصة بكنيسة المشرق المجيدة. بيد أنني أظن أن هذا النص يعد من أشهرها.

مكانة النص في الليتورجيا

هذا النص بالذات كان قد تحول الى ما يشبه الفلكور المريمي الشعبي لا سيما لدى الكلدان، وكانوا ينشدونه كثيرا وتقريبا في اغلب احتفالاتهم. الا أنني لم اعد اسمعه منذ حوالي منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم لدى الكلدان. أخر مرة سمعته كان في كنيسة المشرق الأشورية في مدينتنا في السويد بعد القداس مباشرة.

أعياد مريم العذراء

النص يتناسق مع الأعياد الثلاثة الكبيرة للعذراء مريم في كنيسة المشرق وهي: (1) عيد منتصف أب الحالي (الحصاد ونهايته)، (2) عيد شهر أيار، حافظة الزروع، (3) والعيد الذي يعقب عيد الميلاد (الخوف على الزرع من الجماد وقسوة الجو). والأعياد الثلاثة، في ظني، لها بعد في عمق بلاد ما بين النهرين، حيث كانت الناس تحتفل بالزراعة والمحاصيل. ولقد اقتبس اليهود في الأسر في بابل ونينوى هذه المناسبات وحولوها الى أعياد توراتية. وعند قدوم المسيحية صارت اعيادا مجيدة لنا.

وكل عيد له أناشيده وتراثه وتقاليده وفلكلوره في قرى وقصبات ومدن شعبنا. ما احوجنا الى إحيائها أي تؤينها بلغتها ولحنها وتقاليدها أينما كنا، في أرض الأجداد أم في الشتات.

كلمة أخيرة

هذه قصيدة رائعة من التراث، علينا المحافظة عليها، أي تأوينها، لأنها جزء من تكويننا كأمة وشعب وهوية وكنيسة.

ولا يجب ان تقتصر المحافظة عليها والتشبث بها أروقة الكنيسة والمؤمنين، ولو أنه يجب ان يكونوا هم في مقدمة محبيها ومقتنيها والمحافظين عليها. هذا التراث يعود للكل، المؤمن وغير المؤمن، والمتدين واللاديني.

في كليات التربية في السويد يتم تدريس التراث الكنسي السويدي بلغته وكما هو وبأناشيده، كي يقوم المتخرجون تدريسه في المدارس، رغم أن أغلب الشعب علماني الهوى، أي لا ديني.

أترككم مرة أخرى مع الأداء المتواضع لهذه القصيدة وكذلك مع أحرفها وأصواتها باللغة العربية، إضافة الى ترجمة حرفية للنص:

https://www.youtube.com/watch?v=ye5eGdugFcA

طلب بسيط

وقبل تقديم القصيدة، لدي طلب بسيط، وأظن أن قرائي الكرام لن يبخلوا علي به. أرجو وضع الروابط في مواقع التواصل الجماهيري لأي أداء لهذه القصيدة او ترجمة او نص لديكم، كي نتشبع بها وبمعانيها. النص رباني ونبوي بامتياز. ولكم الشكر الجزيل مقدما:
 
1
 1.1 بَصْلوثا دَمْوارَخْتا               شَيّنا نَمْلخ بَوْرْيْثا
بصلاة المباركة                      السلام يحل في الأرض
1.2 واوْواعْوثا دَوْثولْتا              يَلْده دْعَيْتا نْثْنَطْرون
وبطلبات البتولة                    أبناء الكنيسة ينطرون
1.3 حَيّْلا دَنْحِثْ مْن روما               وْقَدّْشَه وْصَبّثَه لإيْقاره
القوة التي هبطت من العلى           قدستها وأوقفتها لجلالته
1.4
1.4.1 وْيْلّْدَثْ نْوهْرا شَرْيْرا             وْسَوْرا وْحَيّْيَىْ لْوْرْياثا
وأنجبت النور الحقيقي                والأمل والحياة للبشرية
1.4.2 دْنِهْوِه عَمّْنْ وَيْناثَنْ              كُلْهْونْ يَوْماثا دْحَيّْيَنْ
كي يكون معنا وبيننا                 كل أيام حياتنا
2
2.1 وْنَسِّهْ لْمَرْعْهْ وْلَكْرْيْهْى              وْلَيْلَيْنْ دَرْمِنْ بْنِسْيْونِه
ليطبب السقماء والمرضى               والذين قد دخلوا بالتجربة
2.2 وْنَپْنْه لإيْلِنْ دْيْثَيْهْونْ              بْأورْحاثا رَحْيْقاثا
ويعيد الذين لا زالوا                 (يرومون) في الطرقات البعيدة
 2.3 وَشْلاما بْغاوْ باتَيْهْونْ             دْلا نِثْنْخْونْ مْنْ بْيْشا
ليحل السلام في بيوتهم                ولا يدخلهم الشيطان في التجربة
2.4
2.4.1 وْأيْلْينْ دَوْيمَه رْاذَيْنْ            نِشْتَوْزْونْ مْنْ كْيْمونِه
والذين يجوبون البحار                يتجاوزون الأمواج (بسلام)
2.4.2 وْأيْلْينْ دَوْيَوْشا مْهَلْخْيْن          نْثْپَصْونْ مْنْ بَرْبْرايْه
والذين يسيرون على اليابسة           ينجون من البرابرة
2.4.3 وْأيْلْينْ دَوْشْويا إشْتْويْ           نْشْتْرونْ مْنْ أسْوْرَيْهونْ
والذين يقبعون في الأسر               يتم فك قيدهم
2.4.4 وْأيْلْينْ دْوَقْطْيْرا دْوْيْريْنْ         حْنانَخْ نْوَيّْأ كَرْيْوْثْهْونْ
والذين يساقون عنوة                  تنبسط أساريهم برحمتك
2.4.5 وْأيْلْينْ دْوْيْشا شاحِقْلْهْونْ         نْغْعْورْ به حَيْلَخْ رَبّا
والذين تحت سطوة الشرير              توبخه سلطتك العظيمة
2.4.6 وْأيْلْينْ دَوَحْطاهِه مْهَلْخْيْنْ         حَسّا وَشْوّقْ حًوْبَيْهْونْ
والذين في درب الخطيئة سائرون        أصفح وأغفر ذنوبهم
2.4.7 وْأيْلْينْ دْقَرّْوْ قْوْرْبانه           تْتْنْيحْ بْهْونْ ألاهْوثاخْ
والذين يقربون الذبائح               تقبلها لهم ألوهيتك
2.4.8 وْأيْلْينْ دَشْخِوْ عْالّْ سَوْرْاخْ         نَحِمْ وْأحْا بْطَيْبْوثاخْ
والذين رقدوا على أملك              أقمهم وأمنحهم الحياة بنعمتك
3
3.1 وَحْنَنْ دَأحَّذْنا كَوْسْا               بَصْلْوْثا دَمْوْارَخْتا
ونحن الذين اتكلنا                  على صلاة المباركة
3.2 مَرْيَمْ بْثْوْلْتْا قَدْيْشْتا             إمِّهْ دْيْشْوْعْ َپَارْوْقانْ
مريم البتولة والقديسة              والدة يسوع مخلصنا
3.3 ىبَهْ نِثْنّْطَرْ من بْيْشا              وْنْزْكِهْ لْخْلْهَيْنْ صُنّْعْاثِهْ
بوساطتها نتجنب الشرير              ونتغلب على كل صنائعه
3.4
3.4.1 وْاوْهْاوْ يَوْمْا دْوْوْحْرَانا      دْپَرْشْيْنْ طْاوهْ من بْيْشِهْ
وفي يوم الدينونة                الذي يتم فيه فرز الأخيار عن الأشرار 
3.4.2 نْشْتْوْى دْعْمّهْ نْثْبَسَّمْ          بَغْنْوْنا دْمَلْكْوثْ رَوْمْا
يكون لنا استحقاق التنعم معها    بعرس ملكوت السماء 
3.4.3 وْنِزْمَرْ شْوْحْا تْلْيْثايا        لأوا واورا ْورْوحْ قُدْشا
ونزمّر تسبحة الثالوث             الأب والأبن والروح القدس

تنويه:
هذا المقال كتبته بمناسبة عيد مريم العذراء الذي يطل علينا في منتصف شهر أب من كل سنة. وهو عيد عزيز على قلبي، ولي فيه ذكريات جميلة تبدأ من القرية التي ولدت فيها في سهل نهلة، والى دير الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، التي أنا مدين لها طوال العمر، والى التقاليد التي رافقتنا ككلدان أو اشوريين والخاصة بهذا العيد والتي لا يزال بعضنا يمارسها حتى يومنا هذا.


29
بعد ست عجاف: الأساقفة الكلدان مدعوون الى تشكيل لجان لإدارة البطريركية والمؤسسة الكنسية، عسى ولعل ينقذون ما يمكن إنقاذه

يلتئم شمل الأساقفة الكلدان في اجتماع سنوي كنسي مؤسساتي (سنهودس) بعد بضعة أيام.

وقد جذب الاجتماع القادم الكثير من الحديث، لا سيما الدعوة الموجهة الى بعض العلمانيين لحضور جلساته.

ونحن الكلدان، كما شأننا في الغالب، والى حدّ ما شأن المكونات الأخرى لشعبنا، نهرع لأي هبة إعلامية او خطابية ونناقشها أكثر الأحيان خارج سياقها.

ولهذا كانت أغلب الكتابات التي اطلعت عليها، ومع احترامي الشديد واعتزازي بأقلامها، سطحية المنحى. بمعنى أخر، تناقش الخبر وشكلياته – من سيحضر ومن لن يحضر ومن له حق الحضور ومن هو المخول بانتقاء الشخص الذي سيحضر والى أخره.

اختفت من هذه الكتابات إثارة أسئلة مهمة مثل لماذا وكيف والغاية والوسيلة. لم ألحظ كتابات تسأل أولا عن الصلاحيات التي سيمنحها المجتمعون لهؤلاء ولماذا سيحضرون وماذا سيناقشون وحقوقهم وواجباتهم وما هو – وهذا بيت القصيد – جدول الأعمال في الأساس، ومن وضعه وكيف وضعه ولماذا، ومن ثم ماذا حل بالاجتماعات السابقة وهل حصلنا منها على ثمرة طيبة أم لا؟

وواحد من الأسئلة المهمة هي من هو الذي دعا الى حضور العلمانيين وما هي غايته؟ وهل هناك دعوات إعلامية أخرى له – وأقول ما أكثرها – في أمور شتى من سياسية واجتماعية وثقافية وكنسية وجنائية وتنظيمية وطقسية ومالية وغيرها كثير، وماذا حل بها وماذا كانت نتائجها؟

لا أظن أن أي من الكتابات التي سمح لي وقتي قرأتها عرجت على مثل هذه الأسئلة وسألت صاحب الدعوة مثلا: ماذا حلّ بمقترحاته السابقة حول شتى الأمور وماذا كانت نتيجة الكثير من الإعلانات والدعوات والمشاريع الخطابية التي ينشرها بين الفينة والأخرى.

ولأن – حسب وجهة نظري، وأرى ان عددا لا باس به من الكلدان قد يتفقون معي – الشعب الكلداني ومؤسسته الكنسية يمران بأزمة شديدة وعاصفة، سببها المباشر الإدارة التي تحكمت بمصير الكلدان ومؤسستهم الكنسية في السنين الست العجاف الأخيرة، أصبح لزاما على الكل وعلى الخصوص المتنورين من الكلدان وضع النقاط على الحروف، لا سيما الجرح المفتوح والعميق الذي أحدثته هذه الإدارة والذي أخشى أنه لن يلتئم دون عملية جراحية تستأصل السبب والمسببات التي أدت الى الوضع البائس الذي صرنا فيه.

وهنا سأضع بعض النقاط التي في رأي المتواضع تتطلب تدخلا فوريا من مجلس الأساقفة لتأسيس لجان ثلاث: واحدة إدارية وثانية طقسية والأخرى إعلامية لمسك زمام الأمور من الانفلات الذي لم يعد غائبا عن مختلف شرائح شعبنا الكلداني الأبي.

أولا، ابحث اليوم عن كلداني واحد كي يقرأ بيتا من الشعر في لغته أو يذكر كتابا او كاتبا او إعلاميا أو شاعرا كلدانيا او نشيدا بلغته، أقول إن البحث قد يستمر طويلا وقد تكون نتيجته الخيبة. لماذا وكيف صار الوضع هكذا، ومن يتحمل مسؤولية ما وصلنا إليه؟ وهل كان الوضع بهذا الشكل قبل منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم، قبل بروز ظاهرة التأوين الخطيرة والمدمرة للثقافة واللغة والشعر والفنون والريازة والتراث؟ ومن كان ولا يزال قائد هذه الظاهرة التي بسببها خسر الكلدان تراثهم وطقسهم ولغتهم وأشعارهم وفنونهم وكتاباتهم ورموزهم التي لأي شعب في الدنيا تعد من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية وتشكل ركنا أساسيا من هوية وتاريخ ووجود أي شعب او أمة تحترم نفسها وكيانها؟

ثانيا، بالكاد نخرج من معركة دونكيشوتية حتى ندخل في أخرى. ماذا كانت نتائج المعركة الإعلامية الهزيلة مع نائب مسيحي في البرلمان الذي جرجرته الإدارة البطريركية الحالية الى المحاكم؟ هل يليق بإدارة بطريركية يقدسها الكلدان الوصول الى هذا الدرك؟ وهل تقول لنا الإدارة البطريركية الحالية ماذا كانت نتيجة المحاكمة المهينة ومن خسر ومن دفع الأتعاب ومن حساب من وعلى حساب من؟ ومتى كانت البطريركية الكلدانية تدخل محاكم ضد الأخرين لأنهم فقط انتقدوها او كتبوا سلبا عنها؟ وهل يليق هذا بالمقام؟

ثالثا، في أغلب الكتابات التي قرأتها عن الهبة الإعلامية الجديدة للبطريركية بدعوتها للعلمانيين حضور الاجتماع السنوي للأساقفة الكلدان– وما أكثر هباتها وكلها تقريبا ما هي الا مثل زوبعة في فنجان - لم يتم طرح الشريحة او الشرائح من الكلدان التي تستهجنها البطريركية لا بل تحاربها دون هوادة وتقف حائلا بينها وبين خدمة الكلدان بإخلاص وتفان كما يشهد على ذلك تاريخها المجيد وحاضرها المتألق. هنا سأركز على شريحة واحدة وهي الرهبنة الهرمزدية الكلدانية التي لم تترك البطريركية فرصة إلا وشهرت السيف حول رقبتها وتأمرت عليها وترفض مشاركتها في الأنشطة الكلدانية ومنها الاجتماع السنوي للأساقفة وهي أجدر بالتمثيل فيه من أي إبراشية كلدانية ومن أي مجموعة علمانية لدى الكلدان. لا نريد ان نذكر أي أسماء، ولكن بودي أن أصرخ وأقول لقد طفح الكيل في محاربة البطريركية للرهبنة الكلدانية. من هو الأسقف الشجاع الذي يضع حدا لهذا؟ وهل سيناقش الاجتماع هذا الأمر المهم وكيف أن البطريركية قامت بتشجيع ومؤازرة بعض الرهبان الكلدان للهروب من الرهبنة وأوتهم ومنحتهم كل الحماية؟ الأسماء موجودة والموقف السابق موجود. ومن ثم، لماذا التهويل على الرهبنة الكلدانية وتقديم الشكاوى ضدها عند الفاتيكان والتوسط والتوسل كي تصبح تحت سيطرتها والتحايل على القرارات الفاتيكانية في هذا المضمار؟

رابعا، هناك عدم فهم وإدراك لدور الإعلام الذي هو سيف بتار يدمي من يتكئ عليه إن لم يحسن استخدامه. البطريركية في سنيها العجاف تتعامل مع الإعلام وكأنه غاية تبرر الوسيلة من أجل البروز وحب الذات في أغلب الأحيان، فتقع ووقعت في هفوات ومطبات كثيرة. الإعلاميون أكثر الناس إدراكا لاستغلال المواقف والأشخاص لتحقيق غاياتهم، ويرون في ظاهرة البطريركية التي لا تكف ولا تمل من الظهور وسيلة لتحقيق غاياتهم للنيل منها. لا أريد الإشارة الى ما وقع من هفوات وهي كثيرة، ولكن من الظهور الإعلامي المتكرر يبدو ان البطريركية تتهافت على الإعلام دون روية وحكمة وتحضير وشروط ومنها وضع الأسئلة مسبقا ومعرفة توجه وميل الوسيلة الإعلامية ومن ثم تحديد الإجابة ودراسة ووقعها. من هنا وجب وضع حدّ فوري للظهور الإعلامي الممل والهزيل الذي لا يقدم ولا يؤخر وأغلب الأحيان لا يتم تقديره واحترامه من المقابل وتكون نتائجه وخيمة على صاحبه الذي لا يمثل نفسه بل شعبا عريقا ومؤسسة كنسية عريقة.

خامسا، كما أن البطريركية تدلي بتصريحات ومواقف إعلامية دون تحضير مسبق، كذلك تتفوه وتعلن عن مواقف في أمور خطيرة جدا كانت ولا تزال تؤرق أكبر مؤسسة في الدنيا، الا وهي التحرش الجنسي. أدلت البطريركية، حسب الأرشيف الذي لدي، بثلاثة تصريحات في هذا المجال، كل واحد منها لو تم رفعه للقضاء في الغرب لأوقعها في مصيبة كبيرة جدا. الأول، كان في الفاتيكان ذاته، واضطرت الى سحبه ورفعه فورا بعد تأنيب الفاتيكان لها. الثاني، كان في رسالة داخلية سرية للأساقفة حول الموضوع ذاته. بيد انه بسبب المعارضة الشديدة للإدارة البطريركية الحالية من بعض الأساقفة بالذات، جرى تسريبها، وهذا خرق خطير ودليل على أنه آن الأوان لتأسيس إدارة جديدة. هذه الرسالة خطيرة جدا وستكون لها تبعات ثقيلة لو جرى تبنيها ضد الإدارة البطريركية الحالية. ولكن أخطر ما وقع هو الحديث الذي ادلت به البطريركية مع شاب كلداني في حاضرة الفاتيكان. هذا الحديث يتم حاليا ترجمته الى عدة لغات من قبل المعارضين الكلدان وهو دليل دامغ بيد هذا الشاب كي يكسب أي معركة قضائية في الغرب ضد البطريركية، ومثل هذا الدليل قد أدى بالفاتيكان الى الضغط على الكرادلة والأساقفة على الاستقالة. لا أستطيع وضع أي شريط او حتى رابط هنا لأن الحديث والتصريح غير مقبول على الإطلاق ولا أظن أن أي شخص مسؤول في عالم اليوم وعلى أي مستوى سيتفوه به ما لم يكن يعاني من "حالة نكرن شديدة" وما أدراك ما "حالة النكران الشديدة."

سادسا وأخيرا، وهذه نقطة مهمة. بسبب سياسات هذه الإدارة بدأ الكلدان يخسرون خصوصيتهم (أنظر النقطة الأولى). سياسة التأوين تقترب جدا ما لدى الكنائس الحرة الإنجيلية (بالطبع ليس هناك أي سلبية لدي حول أي مؤسسة كنسية، وأقف على مسافة متساوية من جميعها). ولكن عندما تذهب الخصوصية ويتم محاربتها وتهميشها كما تفعل البطريركية الحالية (واللغة هي من أهم مقومات الخصوصية)، يصبح الناس فريسة سهلة لثقافات وخصوصيات دخيلة، لأنها تراها متشابهة. وهذا ما يحدث اليوم لدى الكلدان الذين يغادرون مؤسستهم الكنسية زرافات ويلتجئون الى مؤسسات كنسية أخرى لأن لم يبق تقريبا أي خصوصية لمؤسسة الكنسية الكلدانية بسبب السياسات التي أشرنا إليها. وهذا الخطر نما اول ما نما كان في محافظة كركوك (واللبيب يفهم) وأراه حاليا وبسبب سياسة التأوين البطريركية خطرا كبيرا محدقا بالكلدان كوجود وثقافة وخصوصية. ولقد ازدادت وطأته على المسيحيين المشرقيين بصورة عامة والكلدان خصوصا بعد تسنم الإدارة ذات التوجه الإنجيلي للبيت الأبيض وصار للإرساليات التبشيرية الإنجيلية من المكانة والسطوة لدى الكنائس المشرقية في العراق وسوريا ومصر ولبنان والأردن وفلسطين ما كان للإرساليات الفاتيكانية في القرن التاسع عشر. وسياسات البطريركية الحالية تساهم في مغادرة الكلدان وبهذه الأعداد التي نعرف عنها. ومن ثم، لقد منحت الإدارة الكردية في أربيل والإدارة المحلية في الموصل كل الامتيازات للإرساليات الأجنبية وهي تهرع الى المنطقة أفواجا وتركز نشاطها ضمن صفوف المسيحيين المشرقيين حصرا، ويقدم لها الأكراد والعرب في الموصل كل المساعدة للتبشير في صفوف الكلدان والسريان في العراق. أكرر، أنا لا أنظر سلبا الى أي مذهب مسيحي وأقف على مسافة واحدة من الجميع، ولكن بالنسبة للكلدان فإن تغيير المذهب يعني التخلي الكامل عن أي عامل وشرط للمحافظة على الهوية والخصوصية نتيجة للسياسات التأوينية الهدامة للإدارة البطريركية الحالية. يغادرون مؤسسة الكنيسة الكلدانية وينتمون الى مؤسسة أخرى لا علاقة لها من قريب او بعيد بإرثهم المشرقي المجيد المتمثل بلغتهم وطقسهم وأناشيدهم وفنونهم وريازتهم وتاريخهم وتقاليدهم وهويتهم. ولماذا يكترثون إن كان شعار الإدارة البطريركية الحالية هو التأوين ومن ثم التأوين الذي تفسره وتمارسه بصورة خاطئة يعارض ويعاكس مفهوم وممارسة المصطلح على أرض الواقع تماما.

وهذا غيض من فيض. قد يتحفنا القراء الكرام بالمزيد او قد يحاولون الرد على ما اتينا به نقدا او تسليطا لمزيد من الضوء على النقاط الست أعلاه.

بيد أنني أمل أن النقاط الست التي ذكرتها وأخرى أهملتها لضيق الوقت وعدم الإطالة – والأساقفة الكلدان ربما أدرى بشعابها – تشكل حافزا وعاملا وجزءا من جدول أعمال في اجتماعهم القادم لانتخاب إدارة أسقفية جماعية لوقف نزيف السنين العجاف الأخيرة، ومنح الكلدان – وهم يستحقون – بصيص أمل كي يبقوا شعبا متماسكا أينما حلوا على وجه البسيطة من حيث الثقافة واللغة والفنون والإدارة والطقس.

التدخل المباشر من قبل الأساقفة أصبح حاجة ملحة ومصيرية ودونه أخشى أننا ذاهبون في النفق العميق والمظلم دون نهاية والذي تم حفره في السنين الست العجاف الأخيرة.





30
مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية (دولة الفاتيكان) في أزمة شديدة بعد ان وصل لهيب الفساد والفضائح قمة هرمها

أريد أن أسترعي انتباه القراء الكرم الى أن ما سأكتبه يتعلق بمؤسسة الكنيسة الكاثوليكية أي دولة الفاتيكان وليس الكنيسة كمسرة إنجيلية وبشارة ومحبة وعطاء وتسامح وغفران ورحمة وقبول الأخر.

وكذلك بودي أيضا التنبيه الى أن أغلب المعلومات التي في هذا المقال استقيتها من الصحافة أولا الكاثوليكية، أي التي تنشرها او تدعمها مؤسسات كاثوليكية او تصدر في بلدان فيها للكثلكة شأن كبير، وثانيا من الصحافة العالمية الرصينة، أي الصحافة التي تتأنى كثيرا وتحاول جهدها التحقق من مصداقية المعلومة قبل نشرها.

محاور المقال

وسأناقش في هذا المقال عدة محاور تتركز على خطورة الأحداث التي تمر فيها المؤسسة الكنسية هذه ومن ثم لماذا وكيف وصلت الأمور الى الوضع الخطير الذي نحن فيه. وكذلك سأناقش السياق الجديد الذي وجدت نفسها فيه المؤسسة هذه وتأخرها في فهمه وتفكيكه. وأخيرا علاقة ما أكتبه بتاريخ شعبنا وكنيستنا المشرقية المجيدة.

وشخصيا أرى أن الكثير من مثقفي وكتاب شعبنا بدأ يميز بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كمؤسسة مثل مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية التي ما هي الا دولة شأنها شأن أي دولة أخرى. ولهذا عندما انتفت الحاجة إليها، سياسيا وماليا ودبلوماسيا وعلى رأسها الحاجة الى ما تملكه من أذرع مخابرات وتجسس طويلة، أخذت الدول الغربية تتركها تواجه مصيرها لوحدها وهي تصارع الرياح العاتية التي تعصف بها من كل حدب وصوب.

وهذا المقال سيلقي الضوء على سياق الأحداث وربطها بما حدث لشعبنا لا سيما أبناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة، وهنا أخص الكلدان بالتحديد، من مأسي وما وقع عليهم من ظلم واضطهاد وما اقترف بحقهم من فضائح تفوق كثيرا ما تتحدث عنه الصحافة العالمية وتعترف بها المؤسسة ذاتها اليوم.

شواهد كثيرة

لا يمر يوم تقريبا إلا والصحافة العالمية تنقل أخبارا غير سارة ومحبطة ومأساوية عن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية (دولة الفاتيكان). فما أن تنتهي تبعات الأزمات والفضائح التي تكشفها لجان تحقيق مستقلة ومهنية ونزيهة في أستراليا مثلا حتى تتبعها فضيحة أخرى في شيلي وتلحقها فضائح أخرى متتالية في إيرلندا وأخرى متعاقبة في الولايات المتحدة وغيرها من الدول والمناطق.

 ويبدو أن الحبل على الجرار بعد النتائج الكارثية التي توصلت إليها لجنة تحقيقية مؤخرا في ولاية بنسلفانيا في أمريكا ومعها اكتشاف جرائم مرعبة اقترفها اكليروس هذه المؤسسة من الرجال او النساء في بيوت للأيتام وملاجئ أخرى للنساء في إيرلندا وأمريكا. (أنظر أدناه)

وهذه بعض العناوين التي ظهرت على صفحات أكثر الجرائد والقنوات الإعلامية تأثيرا في العالم أغلبها في الأيام القليلة الماضية:

لا يجوز ان تقف المساءلة عن التحرش (الجنسي) عند اعتاب الفاتيكان (رابط 1)
بينما الفاتيكان في هيجان حول ادعاءات التحرش (الجنسي)، أسئلة تحوم حول مدى معرفة البابا بها (رابط 2)
سفير فاتيكاني سابق يتهم البابا فرنسيس في عدم اتخاذ اجراء حول التحرش الذي قام به (الكاردينال) ماكاريك (رابط 3)
فضيحة التحرش الجنسي في الكنيسة الكاثوليكية تتفاقم في خضم اتهامات بالتستر (رابط 4)
الكنيسة الكاثوليكية مصابة بمرض الجنس (رابط 5)
الاتهام الذي وجهه رئيس الأساقفة للبابا يؤشر الى انقسامات في الكنيسة (رابط 6)
كل مدعي عام في أمريكا عليه إجبار الكنيسة الكاثوليكية على قول الحق (رابط 7)
عصيان متزايد في الكنيسة الكاثوليكية يهدد كردينالا كبيرا في واشنطن (رابط 8)
الحرب الأهلية في الكنيسة الكاثوليكية صارت على المكشوف (رابط 9)
لاهوتي: الكنيسة الكاثوليكية "ستندثر" في غياب الإصلاح (رابط 10)
الكرادلة والأساقفة الكاثوليك يستغلون الراهبات ويعاملوهن مثل الخدم (رابط 10)
الراهبات تتحدثن عن التحرش الجنسي من قبل الكهنة والأساقفة (رابط 10)

ما مدى خطورة الوضع؟

الوضع أخطر مما يتصور البعض لأسباب عديدة.

 أولا، نطاق مثلا جرائم التحرش الجنسي كبير ولا يتعلق بأفراد محدودين هنا وهناك. حسب الفاتيكان والبابا نفسه فإن التحرش بالأطفال والتستر على "الجريمة" قد تحول الى "مرض مستوطن" و"ثقافة" في مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية ويجب استئصاله، ولكنه لم يقل كيف ومتى؟ (رابط 11)

ثانيا، التقرير الأخير للجنة التحقيق في بنسلفانيا التي كانت برئاسة المدعي العام. وتقرير بنسلفانيا يقع في 1400 صفحة وفيه تفاصيل توقف شعر الرأس وهو مفصلي لأن بعده لن يكون كما قبله. اللجنة التحقيقية هذه ومن خلال الوثائق التي في حوزة ست ابرشيات كاثوليكية في هذه الولاية فقط، كشفت أن عدد رجال الدين الكاثوليك الذين تحرشوا او اغتصبوا الأطفال بلغ 301 وعدد الأطفال الذي تم التحرش بهم أو اغتصابهم تجاوز ال 1000، هذا حسب سجلات هذه الابرشيات. وكل هذا لم يتم التبليغ عن أي جريمة للشرطة او حتى معاقبة أي كاهن او أسقف. بيد ان تقرير المدعي العام يشير الى أن الحالات قد تكون بالآلاف.

ثالثا، إذا كان العدد الموثق من قبل مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية لرجال الدين المتحرشين بالأطفال يبلغ 301 وعدد الأطفال الذين جرى التحرش بهم أو اغتصابهم أكثر من 1000 في ست أبرشيات في أمريكا فقط، فكم سيكون العدد لو تم اجراء تحقيق مماثل – وهذا سيحدث لا محالة - في كل الأبرشيات الكاثوليكية في أمريكا والتي تبلغ حوالي 60 أبرشية؟ وماذا ستكون النتيجة لو فتح الفاتيكان سجله السري عن هذه القضية وهو سيجبر على فتحه والسماح للمحققين النبش فيه رغم ضخامة حجمه؟

رابعا، أغلب قضايا التحرش ينطبق عليها في ولاية بنسلفانيا قانون التقادم، الذي بموجبه لا يمكن رفع دعوى قانونية او الطلب بتعويض من خلال المحاكم بعد مرور مدة زمنية محددة. في السويد مثلا هذه المدة تبلغ عشر سنوات. ولكن أغلب الولايات الأمريكية ليس لها قانون التقادم ومن ثم هناك محاولات حثيثة لإلغائه في بنسلفانيا. فماذا سيحدث؟

خامسا، شرع عدد من القضاة تشكيل لجان تحقيقية خاصة في ولايات أخرى، وهناك طلب لإجراء تحقيق فدرالي على مستوى الولايات المتحدة. بمعنى أخر، لن يمر وقت طويل حتى نكون أمام فضائح أخرى قد يستغرق كشفها عقودا في زمن يحتله الإعلام الخوارزمي أي الرقمي.

سادسا، مبالغ التعويض فلكية. حتى الأن بلغت في أمريكا، ومعظمها تعويضات لضحايا منطقة واحدة فقط وهي بوسطن، أكثر من 3.8 بليون دولار (أي 3800 مليون دولار). ماذا عن باقي الولايات وماذا لو جرى عدم التقيد بقانون التقادم في بنسلفانيا؟ (رابط 12) 

سابعا، هناك تعويضات تدفعها المؤسسة في أمكان أخرى. فمثلا في أستراليا بعد لجنة تحقيق مشابهة تبين ان أكثر حالات التحرش الجنسي بالأطفال (حوالي النصف) قام بها رجال الدين الكاثوليك، رغم أن نسبة الكاثوليك في أستراليا هي حوالي 25% من السكان.  واليوم على مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية دفع خارج المحكمة، إن قبل الضحايا ذلك ولم يلجئوا الى المحاكم، مبلغا يصل الى حوالي 150,000 دولار لكل ضحية من ضحاياها. إن علمنا أن عدد الضحايا الذين سيستحقون التعويض في أستراليا قد يصل في نهاية المطاف الى أكثر من 60,000 ألف شخص (ستون ألف)، لعرفنا وبحساب بسيط ضخامة التعويضات التي على المؤسسة دفعها. (رابط 12)

ثامنا، كل التقارير التي استندت الى لجان تحقيق مستقلة اشرت الى أن المسألة ليست شخص هنا او هناك بل قضية مؤسساتية لا يتم محاربتها بل رعايتها من الأعلى او التستر عليها بدلا من وأدها في مهدها وأن أقل نسبة من رجال الدين الكاثوليك المتهمين فيها تبلغ من 7-10 في المائة وفي أمكان أخرى أكثر من ذلك بكثير. (رابط 12)

ونكتفي بهذا القدر ولن نذكر أماكن أخرى كثيرة حيث ما يجري لا يصدق.

وكأن هذا لم يكن كافيا!

وفي خضم كل هذا وقبل وقت قصير جرى كشف فضائح أكثر هولا، حيث تم كشف مقبرة جماعية في بالوعة رميت فيها جثث حوالي 800 طفل "غير شرعي" من قبل راهبات كن مشرفات على ميتم في إيرلندا. وظهر أن الراهبات كن يخطفن الأطفال من أمهات بدون أزواج ولم يسمحن لهن مشاهدة أطفالهن ابدا بعد أن يتم وضعهن في أديرة او مساكن رعاية تشبه السجن ويتم استخدامهن للعمل وغيره بشكل بشع. (رابط 13). وهذا ما حدا الحكومة الطلب بتفكيك الرهبنة ومصادرة كل أديرتها وأملاكها وأموالها لتعويض الضحايا وأقاربهم وأمهاتهم وإعادة دفن الأطفال بكرامة في مقابر خاصة ومن ثم تشكيل لجان مستقلة لتقصي الحقائق في كل المؤسسات الخيرية التي تديرها مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في إيرلندا، البلد الذي كان الى وقت قصير يعد عصب الكثلكة في أوروبا. (رابط 14)

وقبل أيام أيضا نقلت الصحافة العالمية عن نتائج لجنة تحقيق أخرى في ميتم تديره الراهبات في فيرمونت في الولايات المتحدة فضائح أخرى منها اتهامات قتل وتحرش جنسي وتعذيب وإجبار الأطفال على تقبيل الجثث. وهذا التقرير ربما سيفتح باب جهنم على دولة الفاتيكان في أمريكا التي تحكمها اليوم إدارة إنجيلية محافظة جدا لا تكن أي ود لإدارة الفاتيكان الليبرالية والمنفتحة والقريبة من اليسار ولاهوت التحرير. (رابط 15).

حالة حرب

مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية في حالة حرب مع العالم كما وضحنا أعلاه باختصار شديد، ومن ثم مع نفسها حيث تتصارع التيارات ومجاميع الضغط وتتعارك وكل طرف مصمم على تصفية الأخر مهما كلف الأمر حتى من خلال نشر غسيل وسخ جدا للإيقاع بالأخر.

وهذه الحرب الشعواء، كما أبين أدناه، لا علاقة لها بالمسرة والإنجيل ورسالته السمحاء في الرحمة والعطاء والمحبة والتسامح والغفران وقبول الأخر. لقد رموا كل هذا على الرف هم يحاربون بعضهم بعضا حالهم حال العراك الحالي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومناصروه من المحافظين والإنجيليين وإعلامهم من جهة ومعارضيه من الليبراليين وإعلامهم من جهة أخرى.

الإدارة الفاتيكانية الحالية ذاهبة في انفتاحها وليبراليتها صوب مثليي الجنس والاصطفاف مع اليسار السياسي ضد اليمين المتطرف إن في أوروبا او شمال أمريكا وكذلك في العلاقة مع المذاهب الأخرى مثل البروتستانت والأديان الأخرى لاسيما الإسلام رغم المعارضة الشديدة التي تتلقاها إن في أروقة الفاتيكان او خارجه.

ويبدو أن السيل وصل الزبى بالنسبة للمحافظين في دولة الفاتيكان فشرعوا سيوفهم غير مبالين للعقيدة التي تقول إن طاعة البابا مثل طاعة المسيح وان عصمته من عصمة المسيح. وأظن هذه العناوين الكبيرة التي ظهرت مؤخرا دليل دامغ على ما أقول:

البابا فرنسيس يقول: يطلقون علي لقب الهرطوقي (في إشارة الى معارضيه من داخل دولة الفاتيكان) (رابط 16)
كاردينال كبير يوبخ البابا فرنسيس ... (رابط 17)
رئيس أساقفة يقول على البابا فرنسيس تقديم استقالته لأنه كان على علم منذ زمن طويل بالتحرش الجنسي ولم يفعل شيء (رابط 18)
"الكاثوليك" يتظاهرون ضد البابا في تشيلي (رابط 19)
سلسلة من المظاهرات ضد الكنيسة الكاثوليكية في إيرلندا اثناء زيارة البابا (رابط 20)
كاردينال يقول هناك أوقات يجب على الكاثوليك الخروج عن طاعة البابا (رابط 21)

هذا أيضا غيض من فيض ولكن ماذا يحدث بحق السماء في دهاليز مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية التي عقيدتها تقول إن البابا هو وكيل المسيح على الأرض؟ وإلى أين سيأخذنا هذا الصراع المرير بين الطرفين والمؤسسة تقاذفها لكمات الفضائح واللجان التحقيقية من كل حدب صوب والنار تلتهب داخل أروقتها؟

لقد وصلت الأمور ربما الى خط لا أظن ممكن التراجع عنه من أي طرف بعد أن ضرب المعارضون ضربتهم شبه القاضية باتهام البابا فرنسيس بالتغاضي وعدم الاكتراث للمتهمين بقضايا التحرش الجنسي. الاتهام لم يأت من شخص عادي. أتى من سياسي فاتيكاني محنك ورئيس أساقفة، كارلو ماريا فيغانو، الذي كان سفيرا للفاتيكان في واشنطن لحوالي خمس سنوات في عهد البابا فرنسيس.

مستقبل حالك

إن استمر الوضع على ما هو عليه الأن سيضطر البابا فرنسيس على تقديم الاستقالة، كما فعل سلفه، اللهم الا إن سحب فيغانو اتهاماته وهذا أظن لن يقع لأنه كسفير سابق للفاتيكان في الولايات المتحدة والقضية تخص الولايات المتحدة فإنه في موقف قوي لما قد يملكه من أدلة. لا رحمة في الغرب للتحرش الجنسي بالأطفال او اغتصابهم او التستر على مثل هذه الجرائم. مقترفوها يحاكمون فورا في وجود الأدلة ويودعون السجن ولا فرق بين هذا وذاك.

وإن ثبتت التهمة سيكون بابا الفاتيكان في موقف لا يحسد عليه. ويبدو أن الطرف المعارض متمثلا بفيغانو له مناصرون كثر في أمريكا وخارجها.  وقد تكون في ذلك الغلبة لليمين في الفاتيكان على حساب اليسار. وفي غياب البابا فرنسيس الذي هو اليوم نموذجا للأخلاق الإنسانية الإنجيلية ليس لدى معظم الكاثوليك بل لدى أغلب أتباع المذاهب المسيحية الأخرى لا بل اغلب البشر، ستكون خسارة عظيمة لا أظن في الإمكان تعويضها وقد تؤدي الى خلافات وانشقاقات وتأليب الرأي العام الغربي ضد المؤسسة الكنسية (دولة الفاتيكان) وكشفا لمزيد ومزيد من الفضائح.

الدول الغربية ومؤسساتها تتفرج

ماذا تفعل الدول الغربية ومؤسساتها لا سيما الاستخبارية منها؟ إنها تتفرج وتضحك ولا تكترث البتة بعد أن حصلت على مبتغاها من دولة الفاتيكان في محاربة المعسكر الشيوعي وكسر شوكة الاتحاد السوفيتي السابق. لقد كان الفاتيكان الذي له 115 سفارة في العالم (السويد بعظمتها لها حوالي 85 سفارة في دول العالم) العين الساهرة التي تعتمدها المخابرات الغربية لا سيما السي أي ايه في جمع المعلومات عن أماكن لم يكن في مقدور مخبريهم الوصول إليها. ومساهمة الفاتيكان في محاربة الشيوعية والوقوف بجانب الحلف الأطلسي استخباريا موثق في مصادر رصينة كثيرة. (رابط 22).

اليوم، التكنولوجيا الذكية او الذكاء الاصطناعي، الذي تسخره هذه الدول لخدمتها من خلال أجهزة ذكية بإمكانها التحسس ربما حتى في ما يدور في مخ الإنسان وعن بعد، أنهت الحاجة الى جمع المعلومة بالطريقة التقليدية ولا حاجة هناك اليوم الى السفارات الفاتيكانية كي تجمع المعلومات لهم. اما عن مستقبل دولة الفاتيكان، فليكن ما يكن لأنهم ليسوا بحاجة الى هذه الدولة التي أصبحت، بعد أن أنتفت مصالحهم، عبئا ثقيلا.

اين نحن من هذا

هذه المؤسسة وبهذه العقلية وهذه الدولة (الفاتيكان) ومن خلال هذا الفساد وهذه الفضائح قدمت مع عساكر الاستعمار البرتغالي في المناطق ومع الاستعمار الفرنسي في الشرق الأوسط وتحالفت مع الدولة العثمانية وأقول ومن خلال التوثيق في أرشيفها الخاص بها وفي أرشيف كنيستنا المشرقية المجيدة، لا سيما الشق الكلداني، أرسلت الى ديارنا افواجا وأفواجا من المبشرين ليس لنشر المسرة بين غير المسيحيين بل لاضطهاد المسيحيين المشرقيين الذين كانت تراهم هراطقة وكفرة وحدث ما حدث. وما حدث يفوق أضعاف المرات ما تنقله الصحافة العالمية من فضائح اليوم لأنهم في حينها طبقوا محاكم التفتيش علينا بنسخة أعنف من أي نسخة طبقوها في أي مكان أخر من العالم. وبعض هذا الأحداث المؤلمة التي كان الكلدان أغلب ضحاياها وقعت بعد منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. (رابط 23)


================================================
رابط 1
http://www.chicagotribune.com/news/opinion/editorials/ct-edit-catholic-pope-francis-scandal-20180829-story.html
رابط 2
https://www.npr.org/2018/08/29/642680906/with-vatican-in-turmoil-over-abuse-allegations-questions-remain-about-what-pope
رابط 3
http://www.ncregister.com/daily-news/ex-nuncio-accuses-pope-francis-of-failing-to-act-on-mccarricks-abuse
رابط 4
https://www.youtube.com/watch?v=5Yb7c7AhR6A
رابط 5
https://www.nytimes.com/2018/08/31/opinion/egan-catholic-church-pope-francis.html
رابط 6
https://www.youtube.com/watch?v=5Yb7c7AhR6A
رابط 7
https://www.bostonglobe.com/opinion/2018/08/30/every-attorney-general-country-must-force-catholic-church-tell-truth/ORQxS0SRGPKwJ5bFNXK6uI/story.html
رابط 8
https://edition.cnn.com/2018/08/29/us/cardinal-wuerl-catholic-insurgency/index.html
رابط 9
https://www.irishtimes.com/opinion/the-civil-war-in-the-catholic-church-breaks-into-the-open-1.3611563
رابط 10
https://www.cbc.ca/news/canada/nova-scotia/catholic-church-reform-amid-multiple-sexual-abuse-allegations-1.4805260
https://www.nytimes.com/2018/03/01/world/europe/vatican-catholic-church-nuns-work.html
https://www.independent.ie/world-news/vatican-magazine-denounces-treatment-of-nuns-as-domestic-servants-for-bishops-36658598.html
https://www.theguardian.com/world/2001/mar/21/philipwillan
رابط 11
http://www.latimes.com/world/europe/la-fg-vatican-clergy-abuse-20180601-story.html
رابط 12
https://edition.cnn.com/2018/08/24/us/catholic-church-abuse-payments/index.html
https://www.bbc.com/news/world-australia-45364556
رابط 13
https://www.irishtimes.com/opinion/diarmaid-ferriter-truth-of-what-lies-beneath-tuam-home-must-be-uncovered-1.3578387?mode=sample&auth-failed=1&pw-origin=https%3A%2F%2Fwww.irishtimes.com%2Fopinion%2Fdiarmaid-ferriter-truth-of-what-lies-beneath-tuam-home-must-be-uncovered-1.3578387
رابط (14)
https://www.irishmirror.ie/news/irish-news/order-nuns-dumped-up-800-9979348
رابط 15
https://www.thesun.co.uk/news/7114777/nuns-vermont-catholic-orphanage-sexually-abused-children/
https://www.npr.org/2018/08/29/643062117/buzzfeed-investigation-details-decades-of-systemic-child-abuse-at-vermont-orphan
رابط 16
https://www.politico.eu/article/pope-francis-heretic-vatican-liberal-conservative-war/
https://blog.spiritdaily.com/news/pope-they-call-me-a-heretic
رابط 17
https://www.reuters.com/article/us-pope-latam-abuse/key-cardinal-rebukes-pope-over-abuse-comment-in-rare-move-idUSKBN1F90ZH
رابط 18
https://www.nytimes.com/2018/08/26/world/europe/pope-ireland-sexual-abuse-letter-vigano.html
رابط 19
https://www.bbc.com/news/world-latin-america-42701261
رابط 20
https://www.dublinlive.ie/news/dublin-news/pope-visit-ireland-dublin-15074486
رابط 21
https://www.thetablet.co.uk/news/8869/cardinal-burke-there-are-times-when-a-pope-must-be-disobeyed
رابط 22
https://www.nytimes.com/1996/09/30/business/a-book-war-the-pope-reagan-and-the-cia.html
https://www.nytimes.com/1996/09/29/books/the-vatican-sanction.html

https://books.google.com.qa/books?id=ILJ_CgAAQBAJ&pg=PA247&lpg=PA247&dq=cia+and+the+vatican+nytimes&source=bl&ots=ygafJdZCRb&sig=aF7FkF_aP-HS5jTQTVi-lgn2sQg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiL6N-rlJjdAhVTWX0KHfP6DOAQ6AEwBnoECAEQAQ#v=onepage&q=cia%20and%20the%20vatican%20nytimes&f=false

https://books.google.com.qa/books?id=o0prBgAAQBAJ&pg=PA602&lpg=PA602&dq=cia+and+the+vatican+nytimes&source=bl&ots=Ib8-TOstK5&sig=E50cMrQQofXsWuclIuk8hOd-pPw&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiL6N-rlJjdAhVTWX0KHfP6DOAQ6AEwCHoECAIQAQ#v=onepage&q=cia%20and%20the%20vatican%20nytimes&f=false
رابط 23
للمزيد من التفاصيل الموثقة راجع رسائل البطريرك يوسف اودو ورسائل الأحبار الكلدان وراجع وثائق المجمع المسكوني (الفاتيكاني الأول). الكثير من هذه الوثائق متوافر للباحثين. كذلك هناك الكثير من الوثائق كانت في حينه في مكتبة دير السيدة ومار كوركيس ودير الابتداء في الدورة في بغداد واطلعت على بعضها شخصيا.

لقد تم ترجمة بعض الرسائل التي كتبها البطريرك يوسف اودو واحبار كلدان اخرون من السريانية الى العربية ضمن كتاب: رسائل مار يوسف السادس أودو بطريرك الكلدان، تعريب وتحقيق المطران ابراهيم ابراهيم والشماس خيري فومية ،مشيكن 2010.

وكذلك انظر مؤلفات الأنبا شموئيل جميل حول علاقة الكنائس الشرقية بمجمع (وزارة) البروبغندا (الشرقي حاليا). وكان الأنبا جميل رئس عام الرهبنة الهرمزدية الكلدانية في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الكلدان، فترة انتفاضتهم المباركة ضد مؤسسة الفاتيكان ممثلة بمجمع البروبغندا. وبالمناسبة فإن البطريرك يوسف اودو كان راهبا في صفوف رهبنتنا الكلدانية. والجدير بالذكر ان بذور الانتفاضة الكلدانية ضد الاضطهاد المؤسساتي من قبل الفاتيكان ومجمع البروبغندا تعود الى الرهبنة الكلدانية.

وأيضا انظر حوليات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، المجلد الأول 1808 - 1874


31
مبادرة طيبة لكنيسة المشرق الأشورية في السويد – نأمل تعميمها وتكرارها

كان يوما طيبا ورائعا ذاك الذي عشناه سوية كلدانا وسريانا واشوريين في قاعة أورهاي في عاصمة السويد، ستوكهولم.

بمبادرة من الأسقف عوديشو اوراهام، أسقف أوروبا لكنيسة المشرق الأشورية، التأم جمهور غفير من أبناء وكنائس شعبنا في احتفال مهيب استغرق حوالي خمس ساعات في الثاني عشر من هذا الشهر.

كانت المبادرة جمع أكبر عدد ممكن من أبناء شعبنا مع كنائسهم المختلفة في قاعة واحدة لتقديم نماذج من جواهر تراث كنيستنا المشرقية المجيدة متمثلا بالأشعار والألحان والنثر الذي تركه لنا اباء كنيستنا وتقديمه بلغته ولحنه الأصيل وفي حلة محدثة.

وكانت القاعة مكتظة بالناس من اغلب المشارب التي يتألف منها شعبنا الأبي وكنائسه المقدسة المجيدة.

وابتدأ الحفل في حوالي الساعة الثانية عشرة ولم ينته حتى الساعة الخامسة عصرا.

وتخللته فقرات رائعة من موسيقى وشعر والحان كلدانية وسريانية واشورية – ما كان يجمعها هو لغتنا الساحرة، البوتقة التي ننصهر فيها جميعا ونكوّن طيفا فسيفسائيا جميلا.

وما شدني كثيرا كان تواصل الجمهور ومشاركته الفعالة في أناشيد من طقس كنيستنا المشرقية المجيدة تم تأديتها حسب الألحان الشجية التي كانت رائجة لدى كنيسة المشرق الكلدانية.

وما لاحظته كان الحب الكبير والمشاركة الرائعة مع المرتل الذي أدى الأناشيد حسب الألحان التي كانت شائعة لدى الكلدان الى وقت قصير. لقد غمره الجمهور بحبهم ومشاعرهم الجياشة وتفاعلوا معه وهم ينشدون معه المقاطع تلو المقاطع في برهان قاطع على أصالة ووحدة شعبنا وكنائسنا.

وأروع ما سمعته كان الخطاب الوحدوي الذي يجمع ولا يفرق ويوحد ولا يشرذم الذي أتي على لسان الأسقف عوديشو حيث أشار لمرات ومرات أننا شعب واحد وكنيسة واحدة باختلاف أسمائنا ومذاهبنا.

وقام الأسقف عوديشو بمبادرة طيبة أخرى عندما أنشد جوقه الكنسي ثلاثة أناشيد كنسية واحدة كلدانية والثانية سريانية والثالثة اشورية ولكنك بالكاد كنت تميز بين نبرتها وحروفها وأصواتها ومعانيها لأن وعائها واحد وهو الرحم الذي يضمها، وهو لغتنا السريانية المقدسة.

وكان لحضور إعلام شعبنا متمثلا بالقناة التلفزيونية السريانية (سورييو) والقناة التلفزيونية الأشورية (أسيرين) إضافة الى دعوة بعض الكتاب البارزين من أبناء شعبنا وقعا على الحاضرين والمشاركين في الحفل. وجود الإعلام في مناسبات كهذه له دور مهم.

وهذا ملخص بأبرز الملامح التي امتاز بها هذا الحفل المهيب:

أولا، لم يكن الحفل موسيقيا وحسب، حيث تخللته فقرات تعليمية كان فيه الأسقف عوديشو والمرنمون يشرحون للحاضرين المعاني للأشعار التي كانوا يرتلونها ومؤلفيها وأزمنتها وسلمها الموسيقي وتأثيرها على بيئتها ومحيطها وأهميتها للحاضر الذي نحن فيه.

ثانيا، كان الحفل درسا عمليا ونظريا لمفهوم التأوين حيث كانت هناك شاشة يتمكن فيها الحاضرون من متابعة الكثير من الفقرات بلغتها السريانية مع ترجمات لها بالعربية والإنكليزية. التأوين لا يعني ابدا إلغاء تراثنا واستبداله بالعربية او الإنكليزية او غيره من اللغات؛ هذه ممارسة خاطئة وتفسير قاصر لمفهوم التأوين.

ثالثا، تعلمنا الكثير عن تذكار القديسة مريم ومعانيه وكيفية الاحتفاء به لدى أبناء وبنات كنيسة المشرق. وتعلمنا ان لكنيسة المشرق ثلاثة تذكارات للعذراء مريم كل واحد منها له خصوصيته ومعانيه.

رابعا، تعلمنا عن العقيدة المريمية لدى كنيسة المشرق حيث قام الاسقف عويشو بشرحها بأسلوب شيق وسلس للغاية وأين تلتقي وأين تفترق عن الكنائس الشقيقة الأخرى.  وما شدني كانت روح التسامح والمحبة وقبول ما لدى الأخر الذي كان ميزة الخطاب المريمي لدى الأسقف.

خامسا، تعلمنا أن كنيسة المشرق وطقسها وتراثها وأناشيدها وفنونها وموسيقاها تتطلب المشاركة من الجميع وهي مناسبة للفرح والسعادة وليس الحزن والقنوط. وتعلمنا ان كنيسة المشرق كنيسة تراتيل وموسيقى وفنون وعلى أبنائها وبناتها إحياء هذا التراث بلغته وفنونه وشعره وأوزانه ومقاماته مع ادواته الموسيقية من صنج وإيقاع وناي وغيره.

سادسا، تعلمنا ان التأوين عندما يطبق بصورة حكيمة وحديثة يأخذ بالألباب حيث شارك الجمهور بفعالية ونشاط مع المرنم الذي قام بأداء بعض الأناشيد بلغتها السريانية الساحرة وحسب مقاماتها وألحانها الرائجة لدى كنيسة المشرق الكلدانية.

سابعا، تعلمنا الكثير عن مكانة الشهيد مار شمعون برصباعي حيث يقع تذكاره يومين بعد تذكار القديسة مريم وتعلمنا ان ترتيلة ܐܒܐ ܚܢܢܐ ܘܒܪܐ ܡܪܚܡܢܐ ܘܪܘܚܐ ܡܪܚܦܢܐ (أيها الأب الحنون والابن الرحمن والروح الرحيم) التي تتلى في صلاة الرمش هي أيضا من تأليفه إضافة الى مؤلفات كثيرة أخرى لا تزال شائعة في صفوف شعبنا منها ܠܟܘ ܡܪܐ ܕܟܠܐ (لاخو مارا).

تاسعا، تعلمنا أن كنيسة المشرق كانت طوال تاريخها كنيسة تربية وتعليم وثقافة وأن طقسها بذاته فيه الكثير من التعليم والحكم والقصص التي سند أغلبها الإنجيل والكتاب المقدس.

عاشرا، سمعنا وعدا قاطعا من الأسقف عوديشو للاستمرار في نهجه البناء هذا لإحياء تراثنا ولغتنا وطقسنا وفنونا المشرقية وذلك بتكرار هذه التجربة البديعة مرات عديدة في السنة لتخليد تذكارات وأعياد كنيستنا المشرقية المجيدة وكذلك تأسيس جوق كنسي كبير وفرقة تكون بمثابة الأوركسترا يضمان خيرة أطياف شعبنا وكنائسنا في أوروبا.

وأخيرا، وكما هو شأن تقريبا كل النشاطات التي يقوم به الأشقاء الأشوريون، سادت لغتنا الأم كل الفقرات التي قدمت في الساعات الخمس التي استغرقها المهرجان. وكان كل المتحدثين الذين واجهوا الجمهور يتكلمون لغتنا المحكية الساحرة بطلاقة ونقاء.

استنتاجات واقتراحات للمستقبل

أولا، وأنا أثني على الجهود التي بذلها الأسقف عوديشو لإحياء هذا الحفل المهيب والمشاركة الجماهيرية عرضا ومشاهدة من كل أطياف شعبنا وكنائسنا، بودي أن أرى مزيدا من التعليم والتثقيف في خورانات كنيستنا المشرقية المجيدة لتدريس لغتنا وطقسنا وتخريج دورات مكثفة واحدة تلو الأخرى من الشباب والشبات اللواتي يتقن لغتنا نطقا وكتابة. وهذا ليس غريبا على كنيسة المشرق الاشورية حيث أخر حضور لي لقداس في إحدى كنائسها في السويد شاهدت جوقا كبيرا من الشباب والشبات يحملن نصوصا من حوذرتنا المقدسة وينشدن ويقرأن بطلاقة مذهلة.

ثانيا، أقترح على الأسقفية واللجان التابعة لها ليس في أوروبا وحسب بل في كل أنحاء العالم إضافة جواهر اللحن والموسيقى لدى كنيسة المشرق الكلدانية في تدريس اللغة والثقافة والليتورجيا والفنون الخاصة بكنيسة المشرق المجيدة لأن الألحان الجميلة والأداء الرائع والموسيقى المدهشة يبدو لي كانت من حصة الأشقاء الكلدان بعد الفرز المذهبي في منتصف القرن التاسع عشر.

ثالثا، وكذلك أقترح تبني التراث الكتابي والتراتيلي والنثري واللغوي والشعري المعاصر الذي رافق النهضة التي حدثت لدى الكلدان لإحياء الطقس والتراث واللغة والفنون لا سيما في بداية القرن العشرين ومنتصفه، أي قبل إقحام المفهوم الخاطئ والكارثي للتأوين واصحابه الذي وأد هذه النهضة وأزال الأصيل وفرض العربية محل السريانية وهمش التراث. هناك خطورة إن أستمر الوضع على ما عليه، أن يتم تهميش ونسيان ومن ثم ضياع هذا التراث البديع.

رابعا، أمل أن تشمر كنيسة المشرق الأشورية في أوروبا عن سواعدها وتؤسس مدارس وكليات وجامعات كما تفعل شقيقتها في استراليا.

خامسا، العمل على نقل التجربة الأسترالية الى أوروبا ولتكن السويد مركزا لها. أقول هذا وأنا على ثقة أن مشروعا كهذا سيلقى كل الدعم ليس فقط من المثقفين الأشوريين بل من مثقفي شعبنا من الكلدان والسريان أيضا. وأن مشروعا كهذا الذي نتطلع إليه بلهفة وشوق كي لا ننقرض له من المؤيدين والمتحمسين والمناصرين ما يجعل أمر تنفيذه يسيرا ولكن دعم الكنيسة المتمثلة بالأسقفية له دوره لأن الكنيسة بإمكانها أن تجمع كما استطاع الأسقف عوديشو جمع جماهير غفيرة وموسيقيين ومغنين ومثقفين وشعراء ووسائل إعلام من كافة أطياف شعبنا في ممارسة وحدوية ما أحوجنا إليها.

سادسا، وبهذه المناسبة أيضا أدعو المسؤولين عن المدارس والكليات والجامعة التابعة لشعبنا في أستراليا تسهيل أمر نقل تجربتهم الى أوروبا والمساهمة قدر المستطاع وبكل السبل لإنجاحها. كنيسة المشرق حاليا في حاجة الى مدراس في أوروبا وتأسيس المدارس كان جزءا من تبشيرها في أي بقعة وصلت إليها في الماضي وليكن هذا العمل الجبار جزءا من وجودها في الحاضر. وكنيسة المشرق أيضا في حاجة ماسة الى نقل التجربة الأسترالية الى شمال أميركا أيضا.

وبهذا نكون قد حفظنا على وجودنا كأمة وشعب أبي. خسارة لغتنا وتراثنا وفنونا وشعرنا وآدابنا وطقسنا وريازتنا معناه خسارة لهويتنا ووجودنا كأمة وشعب وكنيسة مشرقية مجيدة.
























[/url



32
علامات استفهام تحوم حول منح البطريرك ساكو منصب الكاردينال

"لا خوف من كشف مواطن الخلل ونشر الغسيل ... بل على العكس نشره ينشّط الذاكرة ويدفع الى توعية أكبر بالمسؤولية ويمهد سبيل البحث عن حلول." البطريرك ساكو

توطئة

سيرتقي البطريرك ساكو الى مرتبة الكاردينال في التاسع والعشرين من الشهر الحالي في احتفال في الفاتيكان.

وما شدّ انتباهي هو التعبئة الإعلامية التي دشنها من خلال بيان لا يختلف كثيرا عن بياناته المستمرة والتي غايتها ليست نقل المعلومة او الحدث بنزاهة وموضوعية الى المتلقي بل التعبئة لأغراض سياسية وشخصية.

ويهرع البطريرك في كل بياناته تقريبا الى مديح الذات والقاء الضوء على النفس وتضخيم الحدث والمعلومة حتى وإن كان على حساب النزاهة والمصداقية.

ومثله في هذا يشبه مثل الذي يمارس ما نطلق عليه في العلوم الاجتماعية بنظرية التجهيل      (عدم المعرفة) Theory of Ignorance او النظرية الحديثة التي نطلق عليها الهاكطولوجيا Haktology لتفسير ظاهرة تفشي المعلومات والأخبار الكاذبة في عصرنا هذا. (رابط 7).

وسأعرج على النظريتين هاتين لربطهما بالتحليل الذي سأقدمه في نهاية المقال كي أظهر ان هناك علامات استفهام كبيرة تحوم حول البطريرك ساكو وأن حدث تنصيبه كاردينالا يزيد من غيوم هذه الأسئلة سوادا.

سأضع باختصار علامات الاستفهام هذه امام القراء الكرام املا في مناقشتها.

البداية

وكنت قبل فترة وجيزة أثرت العديد من الأسئلة وقمت بتحليل معمق وطويل مع أمثلة وشواهد أظهرت فيها ان البطريرك وصل الأمر به الى استغلال "ايماننا المسيحي" من اجل الدعاية السياسية لنفسه وتعزيز موقعه وتنفيذ أجندة خاصة به، وهذا يبدو انه المراد والغاية في أغلب ما يقوم به وليس خدمة المجتمع او الشعب الذي بمعيته:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,874065.0.html

والمعطيات التي في الإمكان الاستدلال من خلالها ان هناك علامات استفهام تحوم حول البطريرك ساكو وبينها الطريقة التي تعامل فيها مع قرار تنصيبه كاردينالا كثيرة ولكنني سأكتفي بعدد محدود منها.

التضخيم والتجهيل على حساب الحقيقة

هناك تضخيم في السردية او لوي عنق الحقيقة من أجل غايات وأجندات خاصة. خذ مثلا البيان الذي نشره البطريرك حول خبر تنصيبه كاردينالا.

يقول البيان: " وجاء اسم غبطة أبينا البطريرك لويس ساكو الكلي الطوبى في المرتبة الأولى." (رابط 1).  هنا محاولة مكشوفة لخداع القارئ وتضليله. وصاحب البيان هنا يتصور أن القراء مع احترامي لا يفهمون أي شيء ويأخذون كل ما يكتبه رغم هزالته أحيانا على أنه صحيح.

هذه الجملة معناها وكأن كان هناك تنافس على المنصب وعلى المرتبة الأولى او امتحان او اختبار وجاء البطريرك ساكو الأول على مجموعته المؤلفة من 14 شخصا او كأن الذي اتخذ القرار يرى فيه أنه القمة.

وهذا ليس صحيحا ابدا ويرقى الى الغش والتضليل. اسم البطريرك ساكو اتى أولا على المجموعة لأنه يحمل لقب البطريرك الذي يبدو أن الكاتب يستخف به ويعزو كون اسمه على رأس المجموعة لاعتبارات أخرى مثل الذكاء او العمل او التأليف او التأثير او غيره.

البطريرك (او الجاثاليق) رئيس كنيسة وهو أرفع بكثير من منصب او لقب الكاردينال وهناك بعض البطاركة المشرقيين من الكاثوليك من يحترم منصبه ودرجته الكنسية هذه ورفض ويرفض كل المغريات التي تقدمها روما له لقبول تنصيبه كاردينالا. البطريرك ساكو لم يصدق الخبر ولو نظرت الى موقعه الإعلامي لرأيت أن هناك من التطبيل والمديح والتزمير وكأن العالم يمر بحدث جلل.

ويستمر التضخيم والتضليل

وهذا يذكرني بسفرته الأخيرة الى فرنسا حيث ادعى أنه في "زيارة رسمية" لباريس (رابط 2). الزيارة الرسمية هي ترجمة للمصطلح الإنكليزي state visit التي لها قواعدها الدبلوماسية، أي ان الدعوة تكون من قبل مسؤول حكومي كبير الى مسؤول حكومي كبير ومن ثمارها اصدار بيان رسمي مشترك. بأي صفة يقوم البطريرك ساكو بزيارة رسمية؟ الذي يسمع او يقرأ يتوقع ان يكون في استقباله في المطار وزير الخارجية او مسؤولون فرنسيون كبار وأنه سيعقد مباحثات في قصر الإليزيه!

ولكن من كان في استقباله في المطار وهذا يرد في البيان نفسه: "وفد كنسي برئاسة الخوري صبري آنار." بحق السماء هل هذه زيارة رسمية للجمهورية الفرنسية؟ وبحق السماء لماذا كل هذا التضليل والتضخيم؟ هل لأننا شعب مسكين ومغلوب على أمره واي واحد فينا يستغل منصبه كي يخطفنا ويضحك على ذقوننا؟

وهذه السردية ترافق تقريبا أغلب البيانات والأخبار البطريركية.

بين كاردينال وكاردينال

فقط للتذكير بالسردية التي يستند إليها البطريرك ساكو، وهي سردية التضخيم والتضليل، والتي ترافق منحه لقب الكاردينال أيضا. لنقارن هذه السردية بسردية الموقف الذي اتخذه في حينه المطران ساكو من المرحوم البطريرك عمانوئيل دلي الذي أيضا كانت روما قد منحته لقب الكاردينال.

المقاربة والمقارنة مهمة لأن الأمر لا يختلف من قريب او بعيد. وكما ان الفاتيكان نصب المرحوم دلي كاردينالا فإنه ينصب اليوم البطريرك ساكو كاردينالا. الأمر سيان. ولكن هل من قارئ جريء يذكرنا بموقف المطران ساكو في حينه من ترقية المرحوم البطريرك دلي الى درجة كاردينال؟ وما نوع التهنئة التي قدمها والأخطر من كان وراء فرض الاستقالة عليه وهل يمكن لنا كشف الأوراق والمحاولات لا بل المؤامرات وراء الكواليس لإزاحة البطريرك دلي؟ فقط للتذكير لأن هذا المعطى يقرب التحليل في هذا المقال ويؤكد النظريتين اللتين ذكرتهما أعلاه.

بين التستر والشفافية

لا أظن أنني سأجافي الحقيقة إن قلت إن البطريرك ساكو ينشر من البيانات أكثر مما تنشره دولة الفاتيكان. بيد أنه من النادر ان يصدر من قبله بيان فيه نقد ذاتي او مراجعة للذات والاعتراف بالخطأ ومن ثم العمل للوصول الى حلول.

هناك تستر واضح وخطير (وضع عدة خطوط تحت مفردة خطير) على أمور لو انكشفت قد يكون لها تبعات لا يحمد عقباها.

لماذا لا ينشر البطريرك بيانا (وهو صاحب البيانات التي لها بداية وليس نهاية) عن الشاب الذي أقام دعوة قضائية على الكنيسة الكلدانية في استراليا (رابط 3). ولماذا كل هذا التستر واخفاء قضية بهذه الخطورة بينما البطريرك يرى بأم عينيه كيف يتساقط الكبار الكبار من الكرادلة والأساقفة الكاثوليك في استراليا وأماكن أخرى كثيرة في العالم وكيف أن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية دفعت وتدفع مليارات ومليارات الدولارات لذات السبب تعويضا لضحاياهم. (رابط 4).

وهناك محكمة أخرى في كندا فيها اتهام لقس كلداني أخر وقد تورطت فيها المؤسسة الكنسية التي يديرها البطريرك ساكو. هناك تستر على القضية من قبل الأسقف السابق في كندا الذي عرف بالأمر ولم يحرك ساكنا الا بعد خراب البصرة.

وبدلا من أن يقوم البطريرك بتعويض الضحايا المساكين من الفقراء الكلدان بعد ان قامر هذا القس بمدخراتهم، يُنقل الاسقف الى محل اخر ومن ثم يُعين أسقف أخر كان قد أدخل المؤسسة الكنسية في محاكم أمريكية كبيرة خسرها كلها ما أجبر المؤسسة الكنسية دفع مبالغ طائلة من أموال الكلدان تفوق أضعاف وأضعاف ما قامر به القس في كندا. والأسقف الذي بذّر كل هذه الأموال، وهي أموال الكلدان، في محاكم تشبه محاكم المافيا لأن الصراع فيها كان على الأموال والعقارات، يكافأ ويعين في واحدة من أفضل الابرشيات في المهجر. (رابط 5)

المال يسيل في البطريركية مثل الأنهار وبعشرات الملايين من الدولارات وفي غياب تام لأبسط قواعد الشفافية والمحاسبة ولا تقبل هذه المؤسسة برئاسة البطريرك ساكو الذي لا يصدق أنه سيصبح كاردينالا تعويض ضحايا قس مقامر وأغلبهم من المهجرين المساكين من الكلدان رغم أن المؤسسة العتيدة هذه هي المسؤول المباشر عنه. (رابط 8)

بين الكاردينال والبطريرك

البطريرك ساكو مشهود له وبأدلة دامغة كرهه للغة وثقافة وطقس وفنون وأزياء كنيسته وشعبه. وهذا ليس سرا. فهو يقوم بذلك كتابة وممارسة. وقد تم تسطير العديد من المقالات عن ذلك.  وقد كتب هو الكثير من النصوص يشن فيها هجوما عنيفا على لغة وثقافة وطقوس شعبه وكنيسته ويعمل جاهدا على تعريبها بلغة ركيكة هزيلة.

السؤال او علامة الاستفهام تكمن في إن كان للبطريرك ساكو الجراءة وهو يصبح كاردينالا بعد يوم او يومين أن ينطق ولو بكلمة واحدة او عبارة يتيمة يستهجن او يهاجم فيها الطقس اللاتيني كأن يقول إنه “طقس أجوف" كما وصف طقوسنا وفي عظة له في عيد الفصح. وكذلك ان يتجرأ ويصف الأزياء التي يرتديها الكرادلة في المناسبات ويستهجنها ويهاجمها كما هاجم أزياء البطاركة من اجداده ورفض حتى ارتدائها في المناسبات واصفا إياها والبطاركة من اجداده أنهم فيها كان مثلهم مثل سلاطين بني عثمان. (رابط 6 ورابط 9)

ولعلم البطريرك ساكو فإن الزي الرسمي للكاردينال هو شبيه وقريب من زي الاباطرة الرومان الوثنيين وأعضاء مجلس شيوخهم. فهل له الجراءة أن يهاجهم بنفس العبارات التي استهجن فيها اجداده البطاركة لأنهم التزموا بالموروث الثقافي واللغوي والتقليدي لشعبهم وكنيستهم؟

وكذلك فإن بعض النصوص التي ستتلى عند التنصيب هي نصوص تعود الى القرون الوسطى وهي زراعية واقطاعية. فهل سيهاجمها كما هاجم ويهاجم نصوصنا؟

ومن ثم فإن الكثير من النصوص الكنسية التي يرتلها الكرادلة هي نصوص لاتينية رتيبة كتبت لتلبية حاجة الفلاحين الاوربيين في زمن الأقطاع من قبل ملافنة لاتين وهي زراعية أيضا. فهل سيستهجنها البطريرك ساكو ويؤنها كما يفعل بنا وبطقوسنا ولغتنا وثقافتنا وأزيائنا وفنونا؟ مجرد أسئلة او علامات استفهام. (رابط 6 ورابط 9)

البطريرك والرهبنة الكلدانية – علامة استفهام كبيرة

هناك علامة استفهام كبيرة حول علاقة البطريرك ساكو مع الرهبنة الهرمزدية الكلدانية. وسترافقه هذه العلاقة الى الفاتيكان حيث سيتم تنصيبه كاردينالا وما بعد مرحلة الكاردينال.

البطريرك ساكو قدم شكوى ضد الرهبنة لدى المجمع الشرقي في الفاتيكان، وهذه سابقة سلبية حسب علمي لم تقع في تاريخ الكنيسة الكلدانية. لماذا؟ لأن الرهبنة تصارع من اجل استقلاليتها والحفاظ على الموروث والإرث واللغة والطقس، وهذا يعارض سياسة التأوين الهدامة. (رابط 10)

وبعد محاولات حثيثة نشر الفاتيكان رسالة توضيحية حثت فيه البطريرك على الصلح مع الرهبنة والتعايش معها ومساعدتها، ولكن البطريرك قفز على البيان ومطه ومده وضخمه لمديح نفسه ونجاح شكواه وسياساته ومواقفه ضد الرهبنة من اجل إخضاعها والعمل على تنشئتها (المعنى المعجمي للتنشئة هو التربية). (رابط 11)

وبعد أن حصل على وصاية مؤقتة عليها عمد البطريرك الى هدم هذا الصرح وذلك بتشجيع الرهبان على ترك الرهبنة وقدم لهم العون وساعدهم وعينهم في خورناته وأبرشياته. أسماء الرهبان الذي تركوا الرهبنة وانضموا الى البطريرك ساكو وهو يقوم اليوم بتغطيتهم موجودة لدي ولكن لن أذكرها حفظا على الخصوصية وأمل الا اضطر الى نشرها.

هل بإمكاننا أن نذكر البطريرك بالمعمعة والمعركة حامية الوطيس التي شنها ضد الرهبان الكلدان (الخارجون على القانون والمتمردون، حسب لغة البطريرك) في أمريكا والجرح العميق الذي احدثته والذي لا يزال ايلامه محسوسا؟ وهل بإمكاننا أن نسأل البطريرك لماذا أنت بالذات تقوم بالأعمال ذاتها وذلك بتخريب الرهبنة من خلال منح ملجأ لكل من يهرب منها بمساعدتك بينما قمت بشن حرب على الأخرين من الذين قدموا مأوى للرهبان الذين تركوا رهبنتهم؟

عود على بدء

الشعوب والمؤسسات التي على الهامش والتي لا تكترث بل تهتف لكل صغيرة وكبيرة دون إثارة أسئلة تقع ضحية لنظرية التجهيل او عدم المعرفة Theory of Ignorance  ونظرية الهاكطولوجيا Theory of Haktology. حسب النظرية الأولى تعمل المؤسسات لا سيما الشمولية منها – والمؤسسات الدينية أغلبها شمولية – تعمل جهدها ان تخفي المعرفة والمعلومة الصحيحة عن أتباعها. زيادة المعرفة معناه تقليص سلطة المؤسسة الشمولية والنحو صوب الشفافية. غياب المعرفة معناه زيادة التسلط والتعسف والظلم والجهل بالأمور. ونظرية الهاكطولوجيا تقدم لنا تفسيرا لظاهرة الأخبار والمعلومات الكاذبة: كيف تنشأ، وكيف تنتشر ولماذا وكيف يتقبلها الناس. (رابط 7)

======


رابط 1
http://saint-adday.com/?p=23791
رابط 2
http://saint-adday.com/?p=22640
رابط 3
https://onlineregistry.lawlink.nsw.gov.au
رابط 4
https://www.nytimes.com/2017/06/28/world/australia/cardinal-george-pell-charged-sexual-abuse.html
https://www.washingtonpost.com/
رابط 5
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=832145.0
رابط 6
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=793177.0
رابط 7



https://onlineregistry.lawlink.nsw.gov.au/content/court-lists#/
رابط 8
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,874065.0.html
رابط 9
https://saint-adday.com/?p=22900
رابط 10
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=856097.0
رابط 11
https://saint-adday.com/?p=19937
-

33
البطريرك ساكو يستغل "إيماننا المسيحي" ومنصبه الكنسي من أجل الاسقاط السياسي وأغراضه الخاصة والهجوم على معارضيه؛ فمتى يستيقظ المطارنة الكلدان ويطلبون منه الجلوس جانبا

أغلب المواقف التي يتخذها البطريرك ساكو والبيانات التي ينشرها – وما أكثرها – لها غايات سياسية وأغراض خاصة وأهداف للنيل من معارضيه ومنتقديه وتصفية حساباته معهم رغم أن جلّهم من الكلدان.

وهذه يبدو كانت غايته من بيان أخر له حول تصريحات لغايات انتخابية أتت من شخصية تابعة للمجلس الشعبي.

وفي البدء أقول إن ما أتى من تشبيه من قبل هذه الشخصية والمقارنة مع يسوع المسيح غير مقبول بالمرة ومدان وكان يجب على هذه الشخصية الاعتذار وتوضيح القصد. (رابط 9)

بيد أن نظرة فاحصة لأي محلل سياسي وصحافي محنك، ستظهر ان غاية البطريرك ساكو لم تكن الدفاع عن "إيماننا المسيحي" ويسوع المسيح بل لغايات أخرى وقد يدخل فيها تصفية حسابات شخصية. وأمل من القارئ الكريم ان يكون صبورا معي ويقرأ المقال برمته كي أبرهن له ذلك.

البطريرك والسياسة

الذي يقحم نفسه في السياسة – وهي مهنة أصحابها لا ناقة لهم ولا جمل بتعاليم المسيح السمحاء وأركانها الأربعة: المحبة والغفران والتسامح والعطاء – لا يستطيع أن يتكئ على "إيماننا المسيحي" لأن وضعه سيكون بمثابة الذي يخلط ويجمع بين قيصر والله خدمة لمنفعة الأول وتنفيذا لمأربه.

السياسي براغماتي لا علاقة له بالمحبة والغفران والتسامح والعطاء، أركان "إيماننا المسيحي" الأربعة. مصلحته تأتي قبل الدين الذي هو عليه. السياسي مشهود له أنه يمط النصوص، أي نصوص مقدسة كانت او نصوص قانونية او دستورية لأغراضه الخاصة ومنها إسقاط خصومه.

والذي يؤسس حزب وله قائمة انتخابية ويريد ان يصبح عضوا في برلمان مثل برلمان العراق وإن كان مسيحيا فكونه سياسي عليه بالبراغماتية أي إتباع أي وسيلة تحقق غايته وأغراضه ولن يستطيع اتخاذ "إيماننا المسيحي"، أي الإنجيل، نبراسا في تصرفاته ابدا.

إطار فكري وفلسفي

قيل لسياسي هل أنت تكذب؟ أجاب: لماذا لا أكذب. أنا أقتل وأشن الحروب وأرمي الناس في السجون وأتحايل وغيره من أجل مصلحتي ومصلحة حزبي وبلدي فلماذا لا أكذب.

وقيل لسياسي لو لديك قديس ومجرم على وشك ان تلتهمها النار وبإمكانك أن تنقذ فقط شخصا واحدا، فمن تنقذ، قال: أنقذ الذي لي معه مصلحة. قيل له، حتى وإن كان المجرم؟ قال: إن كان المجرم يحقق لي مصلحتي فسأترك القديس يحترق ولا أكترث وأنقذ المجرم.

هذه هي السياسة وهذا هو مفهوم المحبة والعدل لدي السياسيين وكل من يلج هذا الدرب ويقحم نفسه فيه حتى وإن كان رجل دين على صدره صليب وتحت أبطه نسخة من الإنجيل هذا يكون ديدنه ولن يستطيع الخروج من إطار سيناريوات مثل هذه.

(نقلت الأمثلة أعلاه بتصرف من فيلسوف العلوم السياسية William Godwin وكتابه الذائع الصيت " An Inquiry Into Political Justice " )

دهشة واستغراب

ولهاذ اندهشت كثيرا عندما هبّ الأشقاء من الناشطين القوميين الكلدان وهم يناصرون البيان البطريركي الأخير حول المجلس الشعبي لأن البيان يشي بموقف سياسي غرضة الإسقاط وأهداف شخصية أخرى.

ومن طرف أخر، أظن أن الابتسامة كانت على شفاه الأشقاء من الناشطين القوميين الأشوريين وعلى الخصوص أحزابهم مثل "زوعا" وغيرها.

لا يخفى ان غياب المجلس الشعبي او إسقاطه، وهذه يبدو انها الغاية من ردة فعل البطريرك ساكو في بيانه الذي وضعه تحت حجة الدفاع عن "إيماننا المسيحي"، تصب اولا وأخيرا في مصلحة الأحزاب الاشورية وعلى رأسها "زوعا"، لأن المجلس الشعبي أثبت وبفترة قصيرة أنه ند ومنافس يجب ان يحسب له أكثر من حساب. إسقاط المجلس الشعبي من قبل البطريرك يعني تقريبا احتكار الأحزاب الاشورية لاسيما "زوعا" للوضع.

موقف

وهنا أود التأكيد أنني لا أكترث للانتخابات البتة ولا أعيرها اية أهمية لأن تواجدنا في تناقص مخيف وأكاد أجزم أن عددنا برمته في العراق لا يساوي من حيث التعداد ربع العدد المطلوب لانتخاب نائب واحد في البرلمان إن أخذنا نسبة 250 ألف ناخب لكل نائب. مع هذا أتمنى للكل التوفيق.
 
وأوكد أيضا أن لا علاقة لي البتة مع المجلس الشعبي. بالعكس فإن الوسائل الإعلامية للمجلس ترفض نشر أي مقال لي وأظن أن مرد ذلك هو نشري مقالات ومنها في الصحافة العربية أنتقد فيها الأحزاب الكردية وعلى رأسها البرزاني وعائلته وعشيرته وحزبه الديمقراطي الكردستاني واضطهادهم لشعبنا واستغلالهم له. 

داعية سياسي بامتياز

ونأتي الى الجزء التحليلي من المقال والذي فيه أحاول البرهنة أن البطريرك ساكو أصبح داعية سياسي بامتياز وخبير علاقات عامة غايته الدعاية والإعلان propaganda لنفسه بنفسه مستغلا "إيماننا المسيحي" وسلطته كبطريرك لأغراض الإسقاط السياسي ومهاجمة معارضيه وتصفية حسابات تاركا مهامه الأساسية التي تتمثل بتقديم نموذج روحي مسيحي يؤشر لنا الممارسة الإنجيلية الحقة على أرض الواقع ويعلمنا كيف نتشبث ونحي تراثنا وثقافتنا ولغتنا وطقسنا المشرقي الذي استقتل اجدادنا وبطاركتنا الأجلاء للحفاظ عليه.

لا تستغرب عزيزي القارئ

قبل أشهر قليلة انبرى البطريرك ساكو مدافعا عن الحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا) واصفا إياها بالحركة الوحيدة ذات القرار المستقل، الحركة التي قال إن لا أجندات لها. (رابط 1). هذا الموقف أثلج صدور الأشقاء الأشوريين ومناصري زوعا خصيصا.

لا أعلم ما علاقة البطريرك كرجل دين بمديح هذا الحزب وذم ذاك؛ واجبه ممارسة الإنجيل على أرض الواقع وليس التحول الى داعية سياسي وداعية علاقات عامة غايته تصفية حسابات شخصية.

ومن ثم القول إن هناك حزبا سياسيا مستقلا دون اجندات، هذا لعمري يرقى الى جهل مطبق بالسياسة والنشاط السياسي او القومي، لأن السياسة هي أجندة ودون أجندة ليس هناك سياسة. إذا الغرض هو إسقاط هذا ورفع ذاك لغايات سياسية بعيدة عن "إيماننا المسيحي" الذي يلخص في المسرة ورسالة المحبة والتسامح والعطاء والغفران.

فبعد الدعوة السياسة الصرفة هذه والتي أطلقها البطريرك ساكو لصالح "زوعا" والتي لا علاقة لها ب "إيماننا المسيحي" أوقع البطريك نفسه في حفرة أخرى حفرها لنفسه بنفسه – وما أكثر الحفر التي يحفرها بنفسه لنفسه. ورأينا كيف أضحى البطريرك مباشرة بعد إطلاق هذا التصريح السياسي والذي أتى بعد تقديم ذبيحة إلهية له، هدفا لهجوم كاسح من الاشقاء من الناشطين القوميين الكلدان.

انقلاب على عقب

الهجوم هذا كان من القسوة، لا سيما في مواقع التواصل الاجتماعي ومنتديات شعبنا، مما أجبره على تغيير البوصلة 180 درجة، في موقف يشبه الى حدّ ما السيناريوات السياسية التي ذكرتها أعلاه حول لماذا يكذب السياسي ولماذا أنه قد يفضل المجرم على القديس.

ففي موقف سياسي مناقض لا علاقة له ب "إيماننا المسيحي" أطلق تصريحات تبدو أنها مناوئة لحركة "زوعا"، معيبا على الكلدان أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة من التنظيم الأشوري هذا. وهذا بالطبع اثار حفيظة بعض الأشقاء الأشوريين ولكنه لم يشف غليل وغضب بعض الاشقاء من الناشطين القوميين الكلدان من تصريحه الأول.

الموقف من المجلس الشعبي

وتصريحه الذي يهاجم فيه شخصية من المجلس الشعبي لأنها أجرت مقارنة غير موفقة وغير مقبولة مع يسوع المسيح، له مقاربته ومقارنته مع الموقفين السياسيين أعلاه، وشخصيا أظن أنه يميل الى مناصرة معارضي المجلس وعلى الخصوص من الأشقاء الأشوريين ولا يعزز ابدا، من وجهة نظري، موقف الاشقاء من الناشطين القوميين الكلدان رغم أن بعضهم قفز على التصريح السياسي هذا المغلف ب "إيماننا المسيحي".

كل هذا من جانب، ولكن هناك جانب أخر لا يقل أهمية

السياسي المحنك دبلوماسي، أي لا يطلق العنان للسانه ابدا ويتحفظ ويفكر في كل كلمة ينطقها او يكتبها كي لا يأخذها غريمه او معارضه حجة للانتقاص منه وكذلك كي لا يقع فريسة للإعلام الثرثار.

ولكن مع الأسف فإن البطريرك ساكو "داعية" في السياسة وليس سياسي او دبلوماسي ولا يعرف أي شيء عن كيف يتخذ السياسي الدبلوماسية للتغطية على ما قد يراه معارضوه أنه مثالب او أخطاء.

وهكذا يدخل البطريرك ساكو في معارك سياسية كداعية سياسي وليس دبلوماسي ويقع فيها فريسة سهلة لمعارضيه. وهذا ما حدث بالضبط في صراعه السياسي غير المبرر مع نائب كتلة الوركاء حيث ظهر النائب في الشاشات التلفزيونية العراقية ووسائل الإعلام الأخرى كمتحدث لبق ودبلوماسي محنك مثيرا اتهامات خطيرة للبطريرك منها جمعه أموالا طائلة وحسب قوله لا يعلم الله كيف ينفقها بحجة مساعدة النازحين وتمثيله للمسيحيين العراقيين. (رابط 3 )

والأموال وعدم الشفافية صارت مشكلة كبيرة للبطريركية وظهرت كمادة رئيسية ليس في إعلام شعبنا بل على مستوى الإعلام العراقي. هناك غياب تام للشفافية المالية لدى البطريرك ساكو. وهذا مثبت ويثير الكثير من الشبهات لأن حسب أنصاره – وهذا موثق – أنه استلم مبلغا يصل الى خمسين مليون دولار – على ذمة أنصاره والمدافعين عنه – في بداية أزمة النازحين المسيحيين في عام 2014.

فقدان اللياقة واللباقة والكياسة في الإعلان والرد

وبدلا من أن يرد البطريرك ساكو بلباقة ودبلوماسية كي يفند موقف كتلة الوركاء في البرلمان العراقي، اتبع أسلوب الداعية السياسي الذي تأخذه النزوات ولا يتعلم من الهفوات وأصدر بيانا ينم عن عدم فهم وإدراك مقدار حبة خردل بالعملية السياسية والتشريعية في بلد مثل العراق.

في هذا البيان الكارثة – وما أكثر بياناته التي ترقى الى الكارثة – خاطب البرلمان العراقي يطلب فيه سحب الحصانة من ممثل كتلة الوركاء في البرلمان، بيد أن المشرعين العراقيين رموا طلبه في سلة المهملات. (رابط 4)

وعدم اللباقة والافتقار الى ابجديات الدبلوماسية ومن ثم التشبه بدور "الداعية السياسي" أوقع ويوقع البطريرك ساكو في مطبات وحفر كثيرة. والذي يقع في حفرة من عمل يده اول عمل عليه القيام به هو التوقف عن الحفر وهو في الحفرة. البطريرك ساكو يستمر في الحفر لأنه لا يملك أي خبرة في المجال الذي أقحم نفسه فيه.

المجلس الشعبي والبطريرك ساكو

هناك سوابق في التعامل والتواصل بين المجلس الشعبي وبين البطريرك ساكو مذ كان أسقفا على كركوك، وهي سوابق لا تصب في صالح البطريرك كرجل دين يتقمص دور السياسي الداعية. لن أدخل في أي تفاصيل وأتركها لأصحاب الشأن.

ولكن ما يحسب للمجلس الشعبي أنه تعامل بالترفع ودبلوماسية ولباقة رغم ماكينته الإعلامية التي ربما تعد الأوسع ولأكثر تأثيرا في صفوف شعبنا مع بيان البطريرك الذي غايته الأساسية هي الإسقاط السياسي قبل الانتخابات، حيث ترفع المجلس، حتى كتابة هذه السطور، عن الرد على بيان البطريرك رغم ما أحدثه من بلبلة.

وعدم الرد الرسمي، وأنا لا أضمر أي موقف مساند للمجلس، دليل نضج سياسي. أفضل دواء لداء الداعية السياسي هو تركه في نزواته وعدم الرد عليه. وحسنا فعلوا، لأن لو ردوا عليه لما تمالك الداعية السياسي نفسه وكان سيرد فورا حتى لو كان الوقت بعد منتصف الليل. وهذا ما نلاحظه في توقيتات إصدار البيانات البطريركية التي تظهر أن كاتبها لا شغل له الا مراجعة صفحات الفيس بوك ومواقع التواصل والمنتديات للرد على هذا وذاك.

ألفاظ نابية

ووصل الأمر بالبطريرك الى إطلاقه الفاظا أقل ما يقال عنها أنها نابية وغير محتشمة ومن على المذبح وفي الكرازة التي تعقب الإنجيل. لن أنقل العبارة خشية ان يحذف المقال من قبل المراقب الليبرالي لهذا الموقع وليس الكنسي، ولكن في إمكان القراء الاستماع الى الموعظة التي فيها ترد هذه العبارة (بعد الدقية 37) غير المقبولة على الإطلاق من أي رجل دين مسيحي يحمل الصليب ويقدس كل يوم ولكنها عادية من قبل أي داعية سياسي. أما الموعظة فإنها في أغلبها بيان سياسي يدافع فيه عن نفسه وينتقد معارضيه ويقدم توجيهات وتنظير للرابطة الكلدانية. (رابط 5)

من يتطاول على "إيماننا المسيحي"

والأن من هو الذي يتطاول على "إيماننا المسيحي"، رجل الدين الذي يستخدم عبارة مبتذلة مثل هذه وأمام القربان المقدس وفي الكنيسة وأثناء الذبيحة الإلهية، قدس أقداس المسيحية، ام شاب علماني شبّه شخصا بالمسيح؟

وفي مسح بسيط لبيانات البطريرك وأقواله وهي موثقة لدي هناك عدد كبير من العبارات التي أقل ما يقال عنها إنها غير محتشمة ولا تليق بالمقام ابدا، منها على سبيل المثال لا الحصر: "المطران العاصي، المطران المتمرد (يقصد سرهد وباوي في حينه)، قـومـﭼـية (صفة أطلقها على الناشطين القوميين الكلدان)، فليتا (كلمة غير محتشمة باللهجة الآرامية المعاصرة لدى الكلدان) جاهل، كهـنة ساقـطين، رهبان دراويش، عـفـريتة، لغة القحة والتبـذل الأخلاقي والاستهزاء، كلام خشن ...الخ" وهذا غيض من فيض.

مرة أخرى من هو الذي يتطاول على "إيماننا المسيحي"، رجل الدين الذي يستخدم عبارات مبتذلة مثل هذه ومنها أمام القربان المقدس وفي الكنيسة وأثناء الذبيحة الإلهية، قدس أقداس المسيحية، ام شاب شبه شخصا بالمسيح؟

وهناك المزيد

وكأن هذا التطاول "على إيماننا المسيحي" لم يكن كافيا، حتى صرنا نلاحظ ونرى ونلمس طقوسا وممارسات لم ينزل الله بها من سلطان في الكنائس او القاعات الكنسية التي يزورها البطريرك.

أظن أن أغلبنا لاحظ ويلاحظ كيف أن أنصار البطريرك وأعضاء الرابطة الكلدانية يعلقون صوره على صدورهم مثل النياشين او يوزعونها على المؤمنين وهم يدخلون الى الكنيسة للصلاة.

حتى الأشخاص الذين تمنحهم الكنيسة الجامعة درجة القداسة، لا يجوز ان نضع أيقوناتهم على صدورنا بهذا الشكل. حسب "إيماننا المسيحي" نحمل شارة الصليب او نحمل الإنجيل وكل أيقونة أخرى لأي قديس مهما كانت مرتبته تأتي في الدرجة التالية.

هناك صور كثيرة من هذا القبيل ولا أريد نشرها احتراما لحرمة الأشخاص فيها وأمل أن لا أضطر الى ذلك، ولا أظن أي أسقف أخر يقبل بها وكان سيوبخ أتباعه لو أصروا عليها، ولكن بالنسبة لداعية سياسي هذا أمر هين وينشرح صدره له ويقبل به حتى داخل الكنيسة. أعود واسأل من هو الذي يتطاول على إيماننا المسحي؟

ومن ثم البطريرك ساكو رئيس كنيسة ويمثل بابا روما الذي يمثل المسيح على الأرض، حسب العقيدة الكاثوليكية. البطريرك ساكو سمح بقراءة القرآن في الكنيسة وأثناء الذبيحة الإلهية بعد قانون الإيمان. "وعند تلاوة قانون الايمان، طلب البطريرك ساكو من المسلمين الحاضرين تلاوة سورة الفاتحة، فالاثنان يعبّران عن الايمان بإلهٍ واحد." (رابط  6)

ماذا كان سيقول الذين يهاجمون الشخصية التي يريد البطريرك ساكو من خلالها إسقاط المجلس الشعبي ولغايات لا يمكن اخفائها تحت الغربال، لو أن شخصية من زوعا او غير زوعا او المجلس الشعبي او حزب او شخص أخر لا يقع في صفهم ويعارض مواقفهم قام بذلك؟ أظن لهبوا هبة رجل واحد في الدفاع عن "إيماننا المسيحي".

ما هو التطاول "على إيماننا المسيحي"

والتطاول على "إيماننا المسيحي" هو مدى قرب او بعد ممارساتنا من الإنجيل.

التطاول على "إيماننا المسيحي" يقع عندما نقسم باسم الله رسميا وبالباطل، وعندما نزوّر شهادات ووثائق، وعندما نتحايل على مساعدات الضمان الاجتماعي، وعندما نسرق وعندما نظلم، وعندما نكذب، وعندما نطلّق زوجاتنا في المحاكم المدنية ونبقيها كنسيا كي نحصل على ضعف المساعدات، وعندما نتكبر ونتكئ على السلطة والمكانة لإسقاط الأخر والانتقاص منه، وعندما نكره، وعندما نتزلف بحجة ان فلان منصبه كذا او أنه رجل دين، وعندما نهين او نهمش الأخر بحجة أننا أسمى وأعلى مرتبة منه ... إلخ؛ وكم عانت المؤسسة الكنسية ولا زالت تعاني من مواقف مثل هذه؟

التعالي

والداعية في أي حقل كان يستقتل على الظهور وأن يكون موقعه وموقفه بارزا وفي المقدمة وله السبق المعلى وإن لم يحصل عليه عمل على تخريب المعلب.

الم يكن هذا هو الواقع عند انسحاب البطريرك ساكو من مجلس رؤساء الطوائف المسيحية في العراق ونشره بيانات عديدة تناقلتها مواقع شعبنا تظهر أنه في صراع مع الأخرين وهم إخوة وأشقاء له في ممارسة الإنجيل وأنه لا يمكن أن يقبل أقل من أن يكون في مقدمة الكل بحجج واهية. (رابط 10)

كلنا قرأنا الإنجيل، أي موقف يتطاول على روح التواضع والمحبة والتسامح الإنجيلية "إيماننا المسيحي"، موقف البطريرك وعلى صفحات الإعلام وبطريقة ترقى الى نشر الغسيل، أم العبارات (غير المقبولة طبعا) التي أطلقها الشاب من المجلس الشعبي؟

مرة أخرى من هو الذي يتطاول على "إيماننا المسيحي" الشخصية التي لا تستطيع ان تتألف وتعيش بروح الوحدة المسيحية والمحبة والتواضع مع اشقائها في الكنائس الأخرى بينما الكل مضطهد ام الشاب من المجلس الشعبي؟

وأخيرا وليس أخرا

واخر تطاول على "إيماننا المسيحي" وقع في عيد الفصح، هذا العيد الذي يراجع فيه كل مسيحي حقيقي نفسه ويمتنع عن الإساءة الى الأخر تحت اية ظروف ويطلب الغفران لنفسه أولا ومن ثم هو يغفر للذي أخطا إليه.

ماذا فعل البطريرك ساكو في عيد الفصح؟ نشر موعظة عيد الفصح التي فيها يهاجم الطقس الكلداني والممارسات الكلدانية المتعلقة بهذه المناسبة المقدسة ويصفها ب "الجوفاء". وهو بهذا يحاول إسقاط كل كلداني (وهم الأغلبية الساحقة) محب لطقسه ولغته وتراثه والممارسة الليتورجية التي ترافقها ولم يحترم قدسية العيد بل اتخذه مناسبة لتصفية الحسابات مع خصومه من محبي طقس كنيستهم.

وكلمة "أجوف" بالعربية مفردة لا تدل على الكياسة وأخلاق المخاطبة ومتى وأين؟ في موعظة عيد الفصح. هل حدث في التاريخ ان استخدم زعيم روحي مسيحي هكذا لغة هابطة وفي عيد الفصح وكتوصيف لثقافة وطقس وتراث ولغة شعبه وكنيسته التي توارثناها أبا عن جدّ؟ (رابط 7)

عندما كان البطريرك ساكو يلقي موعظته التي تخللتها توصيفات نابية لطقس وممارسات كنيسته وشعبه وفي عيد الفصح، كان بابا الفاتيكان والكرادلة منهمكون بممارسة طقسهم اللاتيني بحذافيره بكل احترام وخشوع وأمام كاميرات التلفزة العالمية. شتان بين هذا وذاك. (رابط 8 )

على الأساقفة الكلدان أخذ زمام المبادرة

وفي الختام أخاطب الأساقفة الكلدان الى عقد العزم واتخاذ موقف لإنقاذ كنيستهم. كيف يقبلون أوضاع كهذه؟ كيف يقبلون ان يتحول الصرح البطريركي لكنيسة بابل الى صرح للمهاترات الإعلامية وتصفية الحسابات والدعاية السياسية ومهاجمة هذا وذاك وتبني موقف داعية سياسي وغيره وليس الرئاسة الروحانية والطقسية لواحدة من أعرق الكنائس في الدنيا؟

هل حقا أنهم يتفقون ويناصرون الأمور التي تقترف والتي تم تثبيتها وغيرها كثير قد لا تسعه صفحات كتاب وكلها لا علاقة لها من قريب او بعيد ب "إيماننا المسيحي" وثقافة وتراث وتاريخ الكنيسة الكلدانية المجيدة؟ هل حقا أنهم يؤمنون بأن طقس كنيستهم وشعبهم وممارسات كنيستهم وشعبهم "جوفاء"؟

آن الأوان للتحرك وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تشكيل لجنة أسقفية مصغرة لإدارة المؤسسة الكنيسة التي تتهاوى يوما بعد يوم ولا أظن أنها ستتحمل خمس سنين "جوفاء" أخرى، وعذرا لاستخدام مفردة "جوفاء" لأنني تعلمتها من البطريرك ساكو، قدوة "إيماننا المسيحي" ونموذج الممارسة الإنجيلية حيث وردت في موعظة له وفي قداس عيد الفصح ...

----------------------------------------------------------------
رابط 1: http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,852444.0.html?PHPSESSID=kfb3ioovb18k0pe6d1sig59rs6
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=859926.0
رابط 3
https://www.youtube.com/watch?v=MWHhvbz7PaI
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=857234.0
رابط 5
https://m.youtube.com/watch?v=-wUisE8k4so
رابط 6
http://saint-adday.com/permalink/4838.html
رابط 7
https://saint-adday.com/?p=22900
رابط 8
https://www.youtube.com/watch?v=NYuNt0myh3U
رابط 9
https://saint-adday.com/?p=23469
رابط 10
http://saint-adday.com/?p=16005
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++



34
الاصطفاف في سوريا حاليا يلغي نظريات "فايروس الكرسي" و "الحماية الدولية" وكتابة الرسائل الى منظمات الأمم المتحدة ويرسل رسالة الى شعبنا ان اللعبة انتهت

أظن أن اغلبنا يتسمر امام شاشات التلفزيون او الأجهزة الرقمية التي نملكها متابعا الوضع في سوريا حاليا.

الوضع مقلق للغاية وقد يخرج عن السيطرة.

من طرف هناك رئيس دولة عظمى او رئيس ما يسمى بالعالم الحر يتصرف كالثور الهائج وينشر رسائل مفزعة على مواقع التواصل الاجتماعي عن صواريخ ذكية وجميلة وبديعة في طريقها الى روسيا في سوريا.

وهناك في الطرف الأخر رئيس روسيا، زعيم كي. جي. بي. في الاتحاد السوفيتي السابق. اعصابه باردة مثل جليد القطب الشمالي يرسل إشارات عكسية تقول ان الصواريخ هذه ومصادر اطلاقها ستدمر وليكن ما يكن.

كل هذا ليس بيت القصيد بالنسبة لي.

بين القصيد هو الاصطفاف. أمريكا مع حليفتيها بريطانيا وفرنسا يبدو حتى كتابة هذه السطور على استعداد لشن غارات كاسحة على سوريا لدكّ منشأتها العسكرية وإخراجها من الخدمة وتمكين المجموعات المسلحة اخذ زمام الأمور بعد ان أصبحت قاب قوسين او أدنى من الهزيمة.

هناك مسألة او حجة استخدام الأسلحة الكيمياوية. بالطبع استخدام هكذا أسلحة من أي طرف كان أمر مروع ولكن قتل الأبرياء بصورة عامة وباي وسيلة كانت أمر مروع أيضا.

بيد أن المسألة تعبر استخدام الأسلحة الكيمياوية وهذا واضح. أمريكا وحلفائها هالهم خسارة المجموعات المسلحة منطقة الغوطة الشرقية القريبة من دمشق.

ولكن من كان يسيطر على هذه المنطقة؟ كانت هناك ثلاث مجاميع وهي: هيئة تحرير الشام (القاعدة)، وجيش الإسلام (منظمة جهادية سلفية)، وفيلق الرحمن (منظمة جهادية سلفية).

الغرب ينتفض لخسارة هؤلاء لأنه يرى في هذه الخسارة بروزا لنجم روسيا وإيران وبشار الأسد وحزب الله وهذا خط أحمر. ولهذا جرى تسليح هؤلاء من قبل الغرب بأحدث الأسلحة بعد ان تعهدت دول الخليج الغنية بالنفط دفع فاتورة التسليح.

أنظر مثلا كيف يغض الغرب الطرف عن الأكراد وفجيعتهم بعد ان دخلت تركيا الصراع وسحقت الأكراد حلفاء الغرب في عفرين وهجرها مئات الالاف من الأشخاص وعاث فيها الجيش التركي وحلفاؤه فسادا؟

أنظر كيف تستقطب تركيا أغلب مقاتلي داعش وتشكل منهم جيشا جرارا أمام أنظار الغرب وتحت تسمية جديدة وتقاتل بهم الأكراد وحال ان تقوى شوكتهم سيزحفون على سوريا ولبنان والعراق وأبعد من العراق في حملة مروعة قد تفوق اضعاف المرات وحشية داعش في عام 2014.

الغرب له مصالح ومصلحته تقتضي احتواء او هزيمة إيران وحزب الله وبشار الأسد وروسيا ايضا في سوريا كي تنكفئ موسكو وتعود الى دولة ضعيفة كما كانت في مستهل التسعينيات من القرن الماضي بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وليكن ما يكن.

أن يقصف أردوغان العراق والأكراد بأسلحة غربية متطورة جدا تصله بسعر بخس لكونه عضو امتياز في حلف الناتو ويعيث جيشه فسادا في سوريا من خلال بطشه بحلفاء الغرب من الأكراد هذا أمر حميد.

ولكن ان تبطش روسيا ومعها حلفائها "بالإرهابيين والجهاديين" في الغوطة الشرقية فهذا امر غير مقبول، حسب موقفهم.

هل نسيتم استخدام الأسلحة الكيمياوية في الحرب العراقية الايرانية ومنها حلبجة؟ التقارير الموثقة تشير ان صدام حسين استعملها على نطاق واسع ضد الأكراد وإيران.

ولكن هل سمعتم ان دولة غربية واحدة في حينه قالت إنها ستشن حربا عليه لاستخدامه هذه الأسلحة وعلى نطاق واسع؟

حتى في محاكمته لم تكن مسألة استخدامه للأسلحة الكيمياوية تهمة ابدا لأن الغرب وعلى الخصوص أمريكا التي زودته بمكونات هذه الأسلحة بحجة مكافحة الحشرات الزراعية الضارة كانت تخشى فتح هذا الملف.

أعدم صدام حسين بتهم لا علاقة لها باستخدامه الأسلحة الكيمياوية التي قتل فيها الالاف من الأطفال والنساء دون ان يرف لأمريكا وحلفائها في الغرب جفن في حينه.  صدام حسين كان عند ذاك رجلهم الشهم وأمدوه بالمال والسلاح لأنه وقف سدا منيعا في وجه "التوسع" الفارسي وولاية الفقيه.

أما اليوم فالغرب على استعداد لدخول معركة قد تتطور الى حرب عالمية ثالثة بسبب ما يقولون هم أنفسهم إنها حتى الأن مزاعم استخدام النظام في دمشق للأسلحة الكيمياوية، بمعنى أنه لم يتم التحقق حتى الأن من مصادر نزيهة ومستقلة أن هذه الأسلحة استخدمت ومن استخدمها.

وهل تتذكرون كذبة العصر حول امتلاك العرق للأسلحة النووية والكيمياوية، الكذبة الكبيرة التي استخدموها لغزوه في عام 2003 وما جرى بعدها من الويلات على البلد زادت على الويلات وألماسي التي الحقها به صدام حسين ونظامه؟

وهل تتذكرون الحصار الظالم الذي فرضه الغرب على العراق. النظام كان مجرما ولكن هل يجوز سحق شعب بأكمله بأطفاله ورضعه وشيوخه ونسائه وهدم نسيجه الاجتماعي والأخلاقي من خلال فرض حصار شامل مدمر عليه كان يرقى الى عقوبة جماعية وليس معاقبة المجرم نفسه؟

كل هذا جزء من الحاضر ومن التاريخ اسوقه كي اضع عنوان مقالي ضمن السياق.

في السياق أقول لنكف عن جلد الذات ولعبة العتاب لمنظماتنا ومؤسساتنا ولنكف عن حلم اليقظة ونلوم "فايروس الكرسي" لأن لا كرسي لنا أساسا، او ان الغرب سيمنحنا حماية دولية لأن لا مصلحة له فينا ابدا ونحن في نظره وزنا أقل من وزن نملة وكذلك ان نكف عن ديباجة المقالات البيانية والخطابات الطنانة مثل "رسالة الى الأمم المتحدة" او "الى أنظار المنظمة الفلانية" او "المسؤول الفلاني" ننشرها في منتدياتنا التي لا صدى لها.

لنعرف قدر أنفسنا. ليس هناك من يضعنا في الحسبان ابدا وعلينا بالخطة باء إن كان لدينا خطة.

ونكف عن التلاعب بمشاعرنا كشعب أولا ومن ثم مشاعر أهلنا وأحبابنا من الذين لم يتمكنوا من الهرب من الجحيم الذي مر عليهم والجحيم المخيف الذي ينتظرهم.

وهنا أتي الى رأي الشخص وأقول يا شعبنا الأبي العزيز صاحب الجذور المغروسة في أقدم وأكثر الحضارات البشرية تقدما وازدهارا ورقيا لا تصدق ما نأتي به من مقالات بيانية وخطابات طنانة.

والى هذا الشعب أقول لا تصدق ما يقوله المسؤولون من سياسيين ورجال دين. لا تصدق سفراتهم وترحالهم وبياناتهم. إن مفعولها لا يعدو مواقع شعبنا ولا أثر يذكر لها ابدا.

ولهذا الشعب الأبي أقول، حاول الخلاص بجلدك لأن القادم لا يرحم. إن بقي بعضنا ومعنا الأقليات الأخرى على قيد الحياة بعد موجة داعش الأولى، الآتي سيكون تسونامي داعشي او حريقا لا يبقي ولا يذر. 


35
عيد السعانين ومستقبلنا كشعب وكنائس

لشعبنا بأسمائه المختلفة وكنائسنا بمذاهبها المختلفة تراث غني تمتد جذوره الى فترة بزوغ المسيحية في ديارنا في القرن الأول الميلادي.

وهذا التراث بلغته وفنونه وأناشيده وموسيقاه هو امتداد للثقافة واللغة والفنون التي كانت سائدة في ديارنا قبل تقبلنا البشارة الإنجيلية.

وتغمرني اليوم السعادة إذ أرى أن الثقافة واللغة والتراث والفنون أصبحت من القضايا الأساسية التي يتحدث عنها الناس والكتاب والمثقفون في صفوف شعبنا، وأحيانا تأخذ الصدارة.

وقد يتفق معي الكثير من القراء الكرام ان اللغة والتراث والفنون تقع ضمن المسائل الرئيسية التي أركز عليها في كتاباتي في هذا الموقع.

وأظن أن الغالبية الساحقة من أبناء وبنات شعبنا تتفق اليوم ان اللغة والثقافة والتراث والفنون التي لدينا تشكل واحدا من المقومات الرئيسية لهويتنا.

الشعب الذي لا لغة له ولا فنون وآداب وتراث له، يخسر هويته. وإن اكتسب لغة جديدة، يكتسب هوية اللغة التي تحول إليها.

والأمم الحية تعرف من خلال لغتها وفنونها. لو لم يترك لنا السومريون، وهم ربما أصحاب أعظم حضارة شهدها التاريخ، لغتهم وفنونهم (الموسيقى، والنحت، ولأساطير، والشعر، وغيره)، لما تذكرهم أحد اليوم وصاروا أثرا بعد عين.

ومن هنا، علينا الحفاظ والتشبث بلغتنا وفنونا وتعلمها وتدريسها والافتخار بها إن أردنا البقاء وقاومنا الفناء.

وللوصول الى هذا المبتغى، يجب ان لا يختلف الكلداني عن الاشوري او السرياني، بل الكل ينصهر في بودقة واحدة.

وكذلك يجب ان لا يكون للمذهب والميل الذي نحن عليه تاثير على حبنا وتشبثنا واحترامنا وافتخارنا بلغتنا وتراثنا وفنوننا، إن كنا على مذهب الأجداد او كاثوليك او أرثذوكس او انجيليين او على أي مذهب او ميل أخر.

هذا هو حال الأمم الحية حيث تجتمع على لغتها وتراثها وثقافتها وفنونها.

ولعيد السعانين تراث وفنون خاصة به، لأنه يوم مميز في تاريخ شعبنا وكنائسنا. ولأهميته، فقد أرخه كل من كان شاهدا له من الشعوب التي عشنا معها في نثرهم وشعرهم وأيامهم.

وهذا العيد يتميز بأناشيد وفنون وتقاليد خاصة به وله ثقافته الفريدة علينا الحفاظ عليها وإحيائها بحلتها البهية.

وأظن أن شعبنا بأطيافه مولع بهذا التراث، حيث نشاهد أن البعض من أناشيدنا الكنسية مثلا وبلغتها الساحرة جذبت ملايين المشاهدات في اليوتيوب، رغم أننا شعب صغير.

ومساهمة متواضعة مني لإحياء هذا التراث أنشدت مؤخرا نشيدا للسعانين شائع بين الذين يحملون تراث وفنون وطقس ولغة كنيسة المشرق المجيدة من الكلدان والأشوريين.

وللأشقاء السريان تراث لا يقل في روعته عما لدى الكلدان والاشوريين.

إن كان شيء يجمعنا سوية ويشير الى أننا شعب واحد وفي العمق كنيسة واحدة هي آداب وفنون ولغة كنائسنا المقدسة.

لذا كلنا نشترك في هذا التراث وهو ملكنا جميعا لأن لغته واحدة وهي لغتنا السريانية المقدسة.

وأضع بين أيديكم هذا النشيد الشهير بلحن جديد. اللحن شائع في الأديرة الكلدانية ومنطقة ألقوش:

https://www.youtube.com/watch?v=gnKke9178s0

ولدي مساهمات أخرى في هذا العيد المجيد منها هذا النشيد الذي حسب ظني يقع ضمن أكثر الأناشيد رواجا في موقع عنكاوة.كوم في حقل الفيديو:

http://www.ankawa.org/vshare/view/3601/palm-sunday-hymn-of-malka/

ولدي أيضا نشيد أخر شائع بين الكلدان وكنيستهم المجيدة وقد قمت بتلحينه بحلة جديدة محافظا على الكلمات بلغتنا السريانية الساحرة ويبدو لي أنه في طريقه لاحتلال مكانة بارزة في حقل الفيديو في موقع عنكاوة:

http://www.ankawa.org/vshare/view/3812/palm-sunday/

وأمل من قرائي الكرام ان يتحفونا بما لديهم او ما يعرفون عنه من أناشيد تخص هذا العيد المجيد وباللغة السريانية كي أضعها في تسلسل ضمن المقال كي نستمتع بها في هذا الأسبوع المقدس.

وأناشد محرري الموقع اجراء مسابقة او استفتاء عليها بعد تجميعها بغية نشرها على أوسع نطاق.

وعيد سعانين وقيامة مباركة عليكم جميعا.

36
أداء المزمور 150 حسب طقس كنيسة المشرق الكلدانية-الاشورية والاتفاق التاريخي حول الأسرار مع الشق الذي بقي على مذهب الأجداد القويم والسليم والمقدس

في البدء أقول عيد ميلاد مجيد وسنة جديدة مباركة، أملا فيها لقرائي الكرام الخير والبركة وتحقيق الأماني.

وبهذه المناسبة أدعوهم الى سماع مزمور 150 الذي قمت بأدئه على آلة الكمان حسب طقس كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية المجيدة وأخرجه وكتب خطوطه السريانية (النص الأصلي والكرشوني والترجمة الى الإنكليزية) الدكتور عبير رامو، فله مني ونيابة عن قرائي ومتابعي كل الثناء والتقدير لهذا الجهد البديع:

https://www.youtube.com/watch?v=LSwleabspH0&t=292s

وستبقى سنة 2017 سنة مضيئة في تاريخ كنيستنا المشرقية الكلدانية-الأشورية المجيدة.

في هذه السنة احتفى الفاتيكان والحبر الأعظم بالتوقيع على وثيقة تاريخية مهمة جدا تتبادل فيها الكنيسة الكاثوليكية الرومانية الاعتراف والمشاركة في الأسرار المقدسة مع شق كنيسة المشرق الذي بقي على مذهب الأجداد القويم والمقدس.

وكنت أتابع عن كثب المباحثات المكثفة التي كانت تجري في حاضرة الفاتيكان بين الكنيستين المقدستين والتي والحمد لله توجت باتفاق تاريخي لما كان بالإمكان الوصول إليه لولا وجود البابا فرنسيس الذي يرى في كنيستنا المشرقية المجيدة منارة للمسيحية وتراثها ويرى في ثقافتها وطقسها ولغتها السريانية المقدسة إرثا مسيحيا لا يجوز التخلي او الاستغناء عنه.

ويستحق البابا ان نهدي له هذا المزمور لأنه يكن احتراما كبيرا للإرث المشرقي لكنيستنا ولغتنا السريانية المقدسة وحسب علمي فإنه يقرأ عنها كثيرا وملم بالكثير من تفاصيل تراثنا الكنسي ويحث اتباعه من الكلدان الكاثوليك وغيرهم الالتزام والنهوض به وإحيائه بروائعه التي ربما لا نظير لها في المسيحية.

وبمناسبة التوقيع على شراكة الأسرار، ادعو اشقائي من كنيسة المشرق الأشورية وكنيسة المشرق القديمة الالتفاف حوله والتعامل مع الشراكة هذه بروح مسيحية إيجابية لأن الاتفاق يمثل شراكة ووحدة حقيقية وليس فيه أي مس باستقلالية شق كنيستنا الذي بقي على مذهب الأجداد القويم والمقدس ولا يشي بأي نوع من التبعية على الإطلاق.

وأقول جازما إن الفاتيكان ذاته لم يعد فاتيكان الماضي. لقد ولى الزمن الذي كان فيه يدعو الى تبعية الكنائس الأخرى له. الفاتيكان اليوم يحث الكنائس على الاحتفاظ بثقافاتها ولغاتها وطقوسها وأنظمتها وإدارتها والدخول في شراكة ووحدة مسيحية حقيقية لا تبعية فيها على الإطلاق غير للإنجيل والمسيح وصليبه.

ومن ثم هناك تغيير جذري في وجهة نظر وفكر وفلسفة ولاهوت الفاتيكان صوب كنيستنا المشرقية المجيدة ومذهب اجدادنا ومن بقي عليه.

اليوم يرى الفاتيكان أن الخلافات لفظية وثقافية ولا تمس جوهر وروح الإنجيل.

ولهذا، وفي سابقة تاريخية، سيقيم الفاتيكان مؤتمرا كبيرا للاحتفاء بفيلسوف ومفكر كنيستنا المشرقية المجيدة، الا وهو مار عبديشوع بار بريخا الصوباوي، وهو يعد بحق عمود لاهوت كنيستنا المشرقية المجيدة وواحد من أبدع مفكريها ولاهوتييها وفلاسفتها من الذين برهنوا للدنيا أن مذهب اجدادنا قويم ومقدس وكنيستنا المشرقية رسولية جامعة شأنها شأن أي مذهب مسيحي اخر او كنيسة أخرى.

أن يحتفي الفاتيكان بهذا المفكر النسطوري – نعم الصوباوي من أشدّ المدافعين عن مذهب اجدادنا وكتبه تعد منارة ليس في لاهوت وفكر كنيستنا بل المسيحية جمعاء – فهذا لعمري حدث علينا كلنا أبناء وبنات كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية الاحتفاء به أولا، ومن ثم أن نظهر للعالم أن ما أتى كنيستنا المشرقية المجيدة من اضطهاد ورفض لم يكن في محله ابدا. ومن هنا أيضا تأتي أهمية احتفاء الفاتيكان بفكر ومؤلفات وكتب وفلسفه ولاهوت العلامة العملاق المتبحر الصوباوي.

وهكذا يشرق ويبزغ نجم كنيستنا المشرقية المجيدة مرة أخرى وفي حاضرة الفاتيكان، أولا بالتوقيع على شراكة الأسرار ومن ثم الاحتفاء في السنة القادمة بواحد من أبرز اللاهوتيين والمفكرين فيها.

وكنيسة المشرق تبدع أيما إبداع في إنشاد مزامير داود. هذه المزامير حاضرة تقريبا في كل ترتيلة ونشيد وشعر ونثر وهي المفتاح لكل قصيدة وبيت شعري ونثر وصلاة.

والمزامير تأتي بألحان مختلفة. فالمزامير التي تنشدها كنيستنا الكلدانية-الاشورية المقدسة مثلا يوم السبت تختلف لحنا وأداء عن تلك التي تنشدها يوم الأحد.

وإن أخذنا السبت لوحده، لرأينا ان كل مزمور فيه له لحنه وأداءه ومقامه الخاص به.

ولو أخذنا يوم الأحد، لرأينا أننا نمضي من لحن وأداء ومقام الى أخر – وهي بالعشرات إن لم تكن بالمئات إن نظرنا الى مجمل الدورة الطقسية لكنيستنا الكلدانية-الأشورية المجيدة.

وللعلم فإن عيد الميلاد المجيد، شأنه أي تذكار او عيد او مناسبة أخرى وما أكثرها في كنيستنا المشرقية المجيدة، له مزاميره الخاصة به ورداتها الجميلة التي ننتقل فيها من لحن الى أخر ومن مقام الى أخر ومن ردة الى أخرى، لا بل من عالم الى أخر في حوارية عجيبة قلّ نظيرها مع الخالق والكون ومع بعضنا بعضا.

وإلى ابناء وبنات كنيسة المشرق الكلدانية-الاشورية وعلى الخصوص أصحاب الشأن فيها من بطاركتها الثلاثة وأساقفتها وكهنتها وجمهور مؤمنيها أقول، حان الأوان لأحياء وليس تبديل تراث وإرث ولغة وطقس هذه الكنيسة المجيدة، لأن هذه المقومات سوية تشكل ركنا مهما من ثقافة وهوية ووجود واستمرارية ومستقبل شعبنا أيضا.

وأخيرا، أدعوكم مرة أخرى الاستماع الى هذا النشيد البديع وأمل أنني ومعي زميلي الدكتور رامو قد أفلحنا في الأداء والإخراج ومنحنا هذه الرائعة حقها:

https://www.youtube.com/watch?v=LSwleabspH0&t=292s


37
ما الدروس التي على الكلدان وبطريركهم تعملها من الأسقف السويدي الذي شيد كنيسة ومركزا لهم

توطئة

لي ملامة على اشقائي الكلدان لا سيما الذين يمتدحون تقريبا كل شيء خاص بهم رغم سلبياته الظاهرة. وفي هذا المقال الذي أعالج تدشين الكنيسة السويدية الكاثوليكية لمركز بنته تقريبا بعرق جبينها لصالح الكلدان، أريد القول:

1)   إن أي مؤسسة تريد النهضة بشعبها وأي شعب يريد النهضة لنفسه عليه تحدي ما لديه (أي نقده) قبل ان يوجه نقده لغيره.
2)   أن يتعامل هذا الشعب ومؤسساته مع النقد بإيجابية ومن أي اتى وبأي أسلوب إن كان يستند النقد الى وقائع.
3)   ان تعرف هذه المؤسسة وهذا الشعب أن النهضة ومقاومة التهميش والزوال لن تتحقق الا من خلال احياء اللغة والتراث والإرث وأن الحداثة والأصالة لن تأتي الا من خلال تطوير ما لدينا بلغته وثقافته وليس تأوينه أي تعريبه من خلال اقحام الغريب والأجنبي والدخيل.
4)   وهذه النقطة هي الأهم، أن يكف هذا الشعب ومؤسساته عن إثارة مواقف وتموضع أساسه الهوية الطائفية او المذهبية والظن أن أي معارض لهم هو معارض للمذهب الذي هم عليه ولرجال دينه.

تدشين الكنيسة

ولأن حديث تدشين الكنيسة التي بناها المطران (الكاردينال) السويدي الكاثوليكي تقريبا بجهوده وأمواله (تبرعات وغيرها) هو حديث الساعة، أعود من خلالها الى الوضع الكلداني ومؤسسته الكنسية والدور الذي يضطلع به البطريرك الكلداني لويس ساكو.

وأتخذ من حدث تدشين هذه الكنيسة كي أخاطبهم، وأخاطب نفسي لأنني واحد منهم وأفتخر بالانتماء إليهم واعتز بهويتهم وتسميتهم.

الدروس

وأظن هناك دروسا مهمة علينا تعلمها مما قام به الأسقف السويدي. أسرد هذه الدروس ادناه وباختصار شديد.
 
أولا، هذه الكنيسة ليست كلدانية ومن المعيب ان نمتدح أنفسنا بتشييدها. مساهمة الكلدان ماليا فيها مساهمة هزيلة لا تتجاوز 15% إن لم يكن أقل، من مبلغ يقدر بحوالي 54 مليون كرون سويدي من كلفتها الإجمالية.  وإن طرحنا الإكرامية التي قدمها البطريرك ساكو والبالغة حوالي نصف مليون كرون سويدي، يكون المبلغ الذي جمعه الكلدان وخوراناتهم وكنائسهم حوالي سبعة ملايين كرون. عشرات الالاف من الكلدان وخورانات عديدة صار لبعضها أكثر من عشرين سنة لم تستطيع جمع مبلغ لتشييد كنيسة واحدة. وإن قسمنا المبلغ على عشرين سنة ولا نقل ثلاثين لأن التواجد الكلداني صار له أكثر من ثلاثة عقود في السويد، يكون كل ما استطاع الكلدان في السويد جمعه هو حوالي 350 ألف كرون سويدي في السنة (أي حوالي 40 ألف دولار في السنة).

ثانيا، تعامل ويتعامل الأسقف السويدي مع تشييد هذه الكنيسة والمال بصورة عامة بشفافية قل نظيرها. كل فلس له سند ومستمسك وبإمكان أي واحد ان يراجع السجلات التي وضع أغلبها على الشبكة العنكبوتية وبإمكان أي واحد ان يكتب للأبرشية ويحصل مثلا على كلفة الناقوس او كلفة المقعد الواحد فيها. وشخصيا حصلت على أغلب المعلومات من خلال الموقع الأبرشي والمراسلة مع المعنيين. وقد وضع الأسقف السويدي رابطا خاصا بتشييد الكنيسة من اول لبنة فيها الى يوم إكمال بنائها وفيه تفاصيل مذهلة:

http://www.katolskakyrkan.se/katolska-kyrkan-i-sverige/stockholms-katolska-stift/kald%C3%A9iskt-kulturcentrum-jungfru-maria-kyrka/nyhetsbrev-om-byggnationen-av-jungfru-maria-kyrka

ثالثا، أين نحن من هذه الشفافية. فمثلا، هل يمكن للبطريرك الكلداني ان يقول لنا من أين وكيف ومن سمح له ان يقدم مكافأة كبيرة مثل هذه للكنيسة السويدية وهي غنية جدا ومن أين له هذا المبلغ وكيف حصل عليه؟ وهل يمكن للبطريركية ان تجدول الملايين من الدولارات التي حصلت وتحصل عليها وتضعها بشكل شفاف امام اتباعها كما يفعل الأسقف السويدي؟

رابعا، لم ألحظ في كل الصور والأفلام التي كنت اتابعها عن تشييد هذه الكنيسة ما يشير الى الكلدان ثقافة وريازة وعمرانا ولغة او أي شيء أخر يمت إليهم وتاريخهم وإرثهم، أي يبدو ان الكنيسة والمركز مبنيان على الطراز والريازة اللاتينية وليس الكلدانية. والوضع في السويد وأوروبا بمجملها وأماكن كثيرة أخرى في الشتات وفي العراق لا سيما المناطق التي هي مباشرة تحت الإشراف البطريركي مؤسف حقا. اللغة والثقافة والريازة والطقس مهمش ومتروك وتحل محله العربية من خلال حملة التأوين التي كادت ان تنهي الكلدان لغة وثقافة وهوية ووجودا.

خامسا، قارن الوضع مع كنيسة الاسقف السويدي الكاثوليكية. عدد الكاثوليك في السويد لا يتجاوز 100 ألف شخص من مجموع سكان حوالي تسعة ملايين. من بين هؤلاء لا يتجاوز عدد السويديين الكاثوليك أكثر من 10 الاف شخص والباقي من أمم مهاجرة مختلفة وأظن أن الكلدان أكثر عددا كفئة كاثوليكية مهاجرة من أي فئة كاثوليكية أخرى. كل الكهنة في الكنيسة السويدية تقريبا أجانب، أي معارون من دول كاثوليكية أخرى، إلا أن الكنيسة السويدية والأسقف السويدي لا يسمح لأي منهم العمل إن لم يتقن السويدية كتابة ونطقا ويتقن الطقس اللاتيني السويدي. والقداديس والصلوات والأناشيد والمراسيم في الكنيسة السويدية كلها بالسويدية. ورغم ان الكثير من الكنائس السويدية قد يشكل عدد الكلدان فيها الأغلبية، الا ان الطقس السويدي هو السائد واللغة السويدية هي السائدة وليس هناك لغة أخرى وليس هناك كل يستخدم اللغة التي يريدها والنشيد المناسب وغيره، كما هو شعار حملة التأوين حيث يتم مثلا إرسال كهنة الى أوروبا وهم لا يعرفون أي شيء عن لغة وطقس الكلدان ويطبقون التأوين التعريب الذي تم تدريسهم وتدريبهم عليه مع نصوصه الإنشائية.

سادسا، الكنيسة السويدية لها طقس واحد ولغة واحدة رغم ان أكثر الذين يرتادون كنائسها من غير السويديين ولكن طقسها واحد ولغتها وأناشيدها مكتوبة بلغة سويدية كلاسيكية بعضها يصعب على أمثالي استيعابها، الا ان على كل من يرتاد هذه الكنيسة ان يتشبث بطقسها كما هو والذي يبلغ عمر بعض نصوصه حوالي 1000 سنة منذ دخول المسيحية الى السويد. وعلى كل من يرتاد هذه الكنيسة ان يحترم ثقافتها وازيائها وريازتها وأناشيدها ولغتها. وأنا صار لي أكثر من عقدين في السويد، وأرتاد الكنيسة السويدية كثير من الأحيان والحظ العدد الكبير من اشقائي الكلدان فيها، الا انني لم الحظ ان الكاهن او الأسقف في الكنيسة السويدية أوّن الطقس (عرّبه مثلا) من أجل عيون الكلدان. وهذا الحال ينطبق على أوروبا برمتها.

سابعا، الوضع في السويد وأوروبا ومناطق كثيرة أخرى مقلق لأنه يشبه وضع كل من حقه ان يفعل ما يراه موائما من لغة وصلوات. البطريركية تؤلف ما تقول انه صلوات ولكنها ليست الا انشاء عادي وبعربية ركيكة جدا يقرأه القسس والشمامسة في الكنائس بدلا من نصوصنا الكلدانية الربانية والنبوية الأصيلة. العربية هي الطاغية ولغتنا غير محبذة وطقسنا يُزدرى ويُهمش والسبب معروف ونحن ساكتون.

ثامنا، هذا الوضع المقلق جعل الكلدان يغادرون كنيستهم زرافات لا سيما الجيل الثاني من المهاجرين. هؤلاء لا يعرفون اللغة العربية. يتحدثون السورث ويفهمون ويتقنون الدارج من اللغة الطقسية ولكنهم لا يفهمون ولا يحبون العربية. ولهذا تغادر عوائل بأكملها مع أبنائها الى الكنيسة السويدية الكاثوليكية التي تستقبلهم بالأحضان ولكن لا تغيّر (أي تؤّن) حرفا من طقسها في سبيلهم، او يغادر البعض الكنيسة الكاثوليكية ويلتحق بكنائس أخرى. ومن ثم نتيجة الفوضى الطقسية العارمة التي لحقت بالكنيسة الكلدانية في السنين الأخيرة، اخذ الكثير من الكلدان يرفض قبول الأسرار مثل الزواج والعماد من كهنة كلدان ويلتجئ الى الكنيسة السويدية. عقائديا هذا لا غبار عليه ولكن ثقافيا يعد كارثة وهذه الكارثة سببها التأوين، وهذا ما نستشفه من لقاءاتنا وأحاديثنا مع الكثير من الكلدان الذين غادروا كنيستهم دون رجعة بسبب الفوضى الطقسية واللغوية هذه.

تاسعا، نحن الأن في فترة البشارة وكنيسة الأسقف السويدي لا بل السويد بأجمعها والغرب برمته مع شعوبه وثقافاته ولغاته منهمك بالتدريب على أناشيد الميلاد التي يؤدونها في الكنائس والبيوت والمدارس والشوارع والمسارح كل ضمن إطار لغته الوطنية وثقافته. اسأل أين صار التراث الإنشادي الكلداني بهذه المناسبة المجيدة؟ أي كنيسة كلدانية تتدرب عليه الأن مع جوقاتها؟ أي قس يدرب الناس على هذه الأناشيد كما يفعل القسس في الكنائس الغربية الكاثوليكية؟ وهل يعلم الكلدان أن روائع عيد الميلاد التي لديهم وفي طقسهم ربما لا مثيل لها في الدنيا؟ من هو المسؤول عن الحفاظ على هذا الإرث الذي لا يثمن؟ واي شعب يقبل ان يتم تأوينه (أي ازالته مع ثقافته وجلب الدخيل والهجين والهزيل محله)؟

عاشرا، أخشى ان الخورانات الكلدانية في السويد، وأماكن أخرى كثيرة، بدأت، ومع الأسف، تتحول تدريجيا الى مكاتب سياحة وسفر. اذهب الى أي موقع الفيس بوك لأي خورنة في السويد او أماكن أخرى وترى أخبارا وصورا للكهنة الكلدان مع مجموعة من الناس وهم إما في فلسطين او إيطاليا او بولندا او برتغال او فرنسا او اسبانيا او غيرها من البلدان. هناك خورانات وقسس خورانات من ينظم عدة سفرات في السنة الى أماكن مختلفة يتحمل مسؤولية نقل العشرات من الناس وجمع التكاليف والقيام بواجبات السفر من حجز الحافلات والطائرات والفنادق وغيره. بعض السفرات تكلف مبالغ طائلة وكل سفرة تحتاج الى جهد كبير ووقت طويل وتكاليف باهضه بعشرات الالاف من الدولارات والطامة الكبرى أنهم يروجون لهذه الرحلات السياحية ضمن القداديس التي يقيمونها. سؤالي هو: لماذا الخورانات الكلدانية وقسسها بإمكانهم تنظيم سفرات سياحية مكلفة مثل هذه وليس بإمكانهم تدريس لغتنا وطقسنا وثقافتنا وأناشيدنا في مناسبات مثل مناسبة عيد الميلاد المجيد مثلا؟ وما هو الدافع لتنظيم سفرات مكلفة مالا وجهدا ووقتا مثل هذه؟

ملاحظة:

أمل من قرائي ومتابعي الكرام إشباع النقاط الفكرية الأربع التي ذكرتها في بداية المقال حول عملية النقد والنهضة نقاشا ومحاورة، وكذلك التركيز على الدروس العشرة التي وردت فيه والبقاء ضمن سياق الموضوع وعدم إخراجه من إطاره قدر الإمكان.

38
ما الدرس الذي نتعلمه من سقوط مسعود البرزاني وانكسار ظهره ووأد مشروعه

كانت الكتابة على الحائط بالنسبة لمسعود البرزاني وحزبه وحاشيته وميليشياته (البيشمركة) وعشيرته والعشائر المتألفة معه.

لماذا لم يقرأها ويستفيد منها ويحافظ على امتيازات كانت تقترب من امتيازات حكم دولة شبه مستقلة ذات مساحات شاسعة في بطنها حوالي نصف احتياطات العراق النفطية والعراق ثاني أكبر دولة في العالم من حيث خزين الذهب الأسود؟

كلما أنظر الى الطريقة التي سقط فيها مسعود البرزاني مكسور الخاطر والظهر، أتذكر مثال يرد في الانجيل ونردده كثيرا نحن المسيحيين: "اتركوهم. هم عميان قادة عميان. وإن كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة."

فقط الأعمى يفعل ما فعله مسعود البرزاني. وأعمى مثله لا يمكن ان يصل الى دفة القيادة إن لم يكن الذين يقودهم عميان. وإن كان أعمى يقود أعمى فالاثنان لا بد وأن يسقطان في الحفرة.

لقد ظهر أن البرزاني لم يكن أعمى وحسب بل فاقدا للبصيرة أيضا. وظهر ان الناس الذي كانوا يصفقون له ويبجلونه ويكيلون المديح له، كانوا فاقدي البصيرة أيضا.

في أقل من شهر (أي منذ 25 أيلول) خسر البرزاني كل ما بناه في حوالي ثلاثة عقود. خسر أراض شاسعة وهو يتوسل الان، لا بل يهرول راكعا امام أي كان، كي يبقوا له إدارة ذاتية وصلاحيات محدودة ضمن حدود عام 2003 . ولكن لا أظن أنه سيحصل حتى على شبه حكم ذاتي.

حكومة بغداد يبدو أنها مصرة – بالاتفاق مع إيران وتركيا – على قص اجنحته بطريقة مهينة كي لا تنمو مرة أخرى.

القوات العراقية يبدو أنها ستحتل كل المنافذ الحدودية وستتشكل في أقل تقدير ادارتين في شمال العراق واحدة في السليمانية وبدأت بوادر ذلك بالظهور وأخرى في أربيل وهي في طريق التشكيل.

وهناك بوادر أخرى وهي تشكيل إدارة ذاتية في المحافظات الكردية الثلاث – أربيل ودهوك والسليمانية. والنفط من حقول منطقة كردستان، الذي يبدو أنه كان النقمة او القشة التي قضمت ظهر البرزاني، سيكون تحت إدارة المركز.

لا أريد أن استخدم العبارة السابقة، ولكن لا أظن هناك مجنون في القرن الواحد والعشرين تصرف بجنون مسعود البرزاني.

التحاليل في الصحافة الغربية تشيد كثيرا برئيس وزراء العراق حيدر عبادي، الذي بهدوئه وصمته وتحفظه وحكمته وقليل كلامه سحب البساط من تحت اقدام البرزاني وأعاد كركوك ومساحات شاسعة من محافظة صلاح الدين ونينوى وديالى وحصر الأكراد ضمن النطاق الذي كانوا فيه في عهد صدام حسين، كل هذا دون ان يدخل في معارك طاحنة.

وظهر ان ما كان يتبجح به البرزاني من بيشمركة (ميليشيات) لا تقهر ما هي الا جرذان تهرب ربما بسرعة أكثر من السرعة التي هربت فيها امام داعش في عام  2014 .

وصار الأكراد بفضل سياسة مسعود البرزاني وعدم قرأته الصحيحة في وضع يرثى له. هم منقسمون، احزابهم ومناطقهم، والكل يرمي الكرة في ملعب الأخر من دون ان يملكوا أي شجاعة لتحمل مسؤولية ما وقع من كارثة.

مسعود البرزاني في أغلب الظن لن يرحل. لم يكن زعيم شعب كي يتحمل المسؤولية ويستقيل. إنه زعيم عشيرة ولا أظن انه يدرك المأساة التي هو فيها والتهلكة التي أوقع شعبه فيها.

ولأن الأعمى يقود عميان لم نلحظ حتى الأن مظاهرات مثلا في أربيل او دهوك تطالبه بكشف الحساب وتحمل المسؤولية.

انخدع البرزاني بمجموعات الضغط في أمريكا. دفع البرزاني مبالغ طائلة لهذه الجماعات التي زينت له الوضع وأوصلته الى أروقة الكونغرس وحتى رتبت لقاء لابنه مسرور (ولي العهد والماسك بحلقات الأمن والمخابرات) مع مستشار الأمن القومي الأمريكي، هربرت ماكماستر، الساعد الأيمن لدونالد ترامب، وجاريد كوشنر، زوج ابنة ترامب، ومستشاره في السياسة الخارجية.

تصور البرزاني ان مجموعات الضغط هذه او اقوال مسؤول هنا او هناك هي مثل "وعد بلفور" ولم يعرف ان أمريكا لن تخسر تركيا في الوضع القائم من أجلهم ولا كل العراق من أجل عيونهم ولن تدخل حربا مع إيران بسبب نزواتهم.

وتركتهم لشأنهم يلعقون جراحهم وهزيمتهم الى درجة أن مليشياتهم التي تبجحوا بها كثيرا كانت تولي الأدبار قبل وصول قطعات الجيش العراقي.

اما نحن وما أدراك ما نحن.

وأنت تتصفح المقالات والأخبار في هذا المنتدى لترى عجب العجاب.

 هذا الاتحاد القومي يقول إنه طالب وكتب وتنهال المقالات والتبريكات؛ وهذا النائب هدد وصرّح؛ وهذا رجل الدين عقد اجتماعا واستقبل سفيرا وطلب رفع الحصانة ولا يكف عن اصدار بياناته الهزيلة المملة التي لا يعبر صداها مدى أذنيه مع ذلك ينهال عليه المديح؛ وهذا المكون يتشبث بهذا القول ولا يقبل قولا أخر؛ وهذا يعدد الاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان والدستور وفقراته؛ وأخر ينسب نفسه الى اقوام وأمم لا يعرف لغتها ولا يحفظ شعرها ولا علاقة وجدانية له مع ثقافتها؛ وأخر في أمريكا او أوروبا او استراليا يرسم خارطة خيالية للدولة او الإمبراطورية المزعومة؛ والأخر يقول إنه استقبل وقابل واتصل؛ وعندما تحاول ان تعرف الحقيقة ترى ان كل هذه النشاطات المزعومة لا أثر لها الا في منتديات شعبنا.

وفي كل هذه التطورات الخطيرة التي تعصف بالمنطقة وشمال العراق والمنطقة المنكوبة المدمرة المسماة بسهل نينوى والتي نتصارع عليها نحن مثل الديكة في المنتديات فقط من كتاب وأشباه سياسيين ورجال دين وغيرهم، ليس هناك لاعب صغير او كبير عراقي، او إقليمي او دولي يضعنا في الحسبان.

 وفي كل المعادلات لا رقم لنا، مع ذلك أنظر الى خطابنا وسترى وكأننا نحن الذين سنقرر مصير المنطقة.

ولو كنا نعرف موقعنا على الخارطة حتى في المنطقة المسماة سهل نينوى لربما فعلنا شيئا لثقافتنا قبل زوالها وزوالنا معها. لم يعد لنا مكان ولا ملجأ غير التشبث بثقافتنا إن أردنا النجاة والبقاء.

إذا كان مسعود البرزاني حليفهم الوثيق الذي كانوا يحلفون برأسه، وله كما يقول جيش جرار قاموا بتسليحه وتموينه وكانت تحت سيطرته بحيرة نفط يصل الاحتياطي فيها الى أكثر من 50 بليون برميل وبلغ دخله من تصدير النفط من إقليمه فقط في السنين الأخيرة أكثر من 50 مليار دولار ويحكم أراض شاسعة ربما أكبر من مساحة لبنان بثلاث مرات، رموه على قارعة الطريق ذليلا مهانا، فمن نحن يا ترى!

لماذا يحدث كل هذا لنا؟ أخشى ان مثل الإنجيل الذي ذكرته أعلاه لتقريب المأساة والنكسة التي أوقع مسعود البرزاني نفسه وشعبه فيها ينطبق علينا أولا قبل غيرنا.

متى نعرف من نحن؟ نعم رحم الله امرئ عرف قدر نفسه فأراح واستراح.



39
السينودس الكلداني وقراراته

أصدر اعلام البطريركية الكلدانية ما أطلق عليه مصطلح "القرارات." هل هي حقا قرارات ام شيء أخر؟ (رابط 1)

سأحاول في هذا المقال تقديم جواب عن السؤال حول إن كان السينودس الكلداني الذي استمرت مداولاته خمسة أيام (4-8 تشرين الأول 2017) قد أخفق او نجح في التوصل الى قرارات او أن ما صدر عنه من بيانات مقتضبة وأخرها ما سماه الإعلام البطريركي "قرارات" هي مجرد بيان إنشائي لا يرقى حتى الى وضعه في خانة التوصيات.

وقبل تقديم قراءة نقدية لما سمته البطريركية "بالقرارات" أريد أن أثني على ممارستين قام بها أعضاء السينودس من الأساقفة الكلدان.

الممارسة الأولى تتعلق بتلاوتهم صلاة "ابانا الذي" بلغتنا المقدسة ومن ثم إنشادهم سوية للترتيلة الخالدة – الايقونة – من تراث كنيستنا المشرقية المجيدة الا وهي ترتيلة "أمر لي عيتا" وبلغتنا المقدسة أيضا في كنيسة مار بطرس في روما.

نحن كلنا أبناء وبنات كنيسة المشرق المقدسة الرسولية الجامعة من الكلدان والأشوريين يقع علينا واجب كنسي وأخلاقي في الحفاظ على إرث وتراث ولغة وطقوس وتقاليد وريازة وأزياء وفنون وآداب هذه الكنيسة العظيمة.

أعود الى ما أطلق عليه إعلام البطريركية الكلدانية "السينودس الكلداني: قرارات". (رابط 1).

القرار هو أمر واجب التنفيذ في المفهوم المؤسساتي او القضائي او الحكومي او الإداري او التنظيمي. والقرار، أي قرار، يجب ان تكون هناك مؤسساتيا وتنظيميا ألية محددة لترجمته على أرض الواقع.

وفي رأي الشخصي ليس هناك أي نقطة من النقاط ال 13 التي بإمكاننا القول إنها ترقى الى مصاف "قرار" ولا حتى مصاف التوصية.

القرار رقم (1) ليس قرارا حيث لم يتم اختيار أي أسقف لأن حسب "القرارات" تم طرح عدة أسماء ولم يتم البت فيها. وهذه النقطة بالذات ليست من صلاحيات السينودس لأن كل ما يستطيع عمله هو ترشيح عدة أسماء الى روما او وزارة المجمع الشرقي بالذات وهي التي ستقرر في نهاية المطاف حيث بإمكانها رفض كل الترشيحات كما حدث قبل فترة.

القرار رقم (2) أيضا ليس حتى بمثابة توصية لأنه يتحدث عن "تفعيل المحكمة البطريركية" و "تفعيل" فعل مبهم لا معنى له ولم يتم توضيحه وقد يعني كل شيء او لا شيء.

القرار رقم (3) يتعلق بالنصوص الطقسية المثيرة للجدل وهي تحت التجربة أي لم تقر رسميا حتى الأن رغم ان الفقرة تدعي أنها أقرت عام 2014. هذه النصوص في رأي بدلا من ان توحدّ من حيث اللغة والطقس والأداء والممارسة أدت الى بلبلة كبيرة قد تأتي على ما بقي لهذه الكنيسة المجيدة من تراث وإرث ولغة. وهناك ذكر لكتاب "القراءات اليومية" والذي يضم حسب فهمي "كتاب الطلبات" ايضا. من معرفتي الشخصية ومعلوماتي المتواضعة لا أعلم كيف يقبل الأساقفة الكلدان بأن يكون كتاب مثل هذا، الذي حسب رأي أيضا، لا يرقى في الأسلوب واللغة والتعبير والحبكة والتساوق الى إنشاء مدرسي، ضمن الليتورجيا المقدسة. الكتاب هذا جزء من التعريب الذي بدأ ينخر في جسد الكنيسة الكلدانية وهو جزء من حملة ساهمت في تغريب وتعريب الكلدان وهو مليء بالأخطاء. والفقرة ذاتها تقول: " ان كذا كتاب غير موجود أساسا في الكنيسة الكلدانية" بمعنى أنه دخيل وغريب وأجنبي بلغته وفكره وتعبيره وحبكته، فلماذا يتم تفضيله وعلى من؟ ومن ثم القول " ان كذا كتاب غير موجود أساسا في الكنيسة الكلدانية" فيه مغالطة كبيرة لأن كنيستنا المشرقية الكلدانية فيها كتب ونصوص من أبدع ما يمكن من حيث الفكر والأسلوب واللاهوت والتعبير ما قد لا تمتلكه أي كنيسة أخرى ومنها الكرزواثا والسوركاذى. كيف يسمح الأساقفة التجاوز على هذا الإرث وتبديله بنصوص ركيكة هزيلة غريبة ودخيلة وأجنبية وباللغة العربية؟

القرار رقم (4) يقترب في الظاهر من قرار ملزم ولكنه في حقيقة الأمر أي في الواقع بعيد كل البعد عنه. هناك ارتجال في الأزياء من قمة الهرم الى أصغر شماس وعضو جوق كنسي. والارتجال في الأزياء الكنسية من البطريركية ونزولا، ينسحب أيضا على الارتجال في أداء الطقوس واللغة والتراتيل والريازة والفنون والأناشيد وغيره.

القرار رقم (5) يدعو او يوصي باعتماد الريازة الكنيسة ويذكر بوابة عشتار. متى كانت بوابة عشتار الوثنية جزء من الريازة الكنسية؟ ولماذا نترك الريازة الاصيلة ونحاربها ونتشبث بريازة بابلية وثنية؟ وأين صار البيم والقنكي والستارة والمذبح وغيره من أركان الريازة الاصيلة لكنيسة المشرق الكلدانية المجيدة؟

القرار رقم (6) يقول "أكد" الحاضرون على "التنشئة الروحية" أي لم يقرروا أي شيء بخصوص تراجع الدعوات الكهنوتية.

القرار رقم (7) يقول: " درس الإباء (وردت هكذا في النص) بتمعن وضع الرهبانية الكلدانية ورفعوا طلبا الى مجمع الكنائس الشرقية بهذا الخصوص." أين القرار هنا؟ وما هي قصة الرهبنة الكلدانية يا ترى وماذا يحدث وحدث في هذا الخصوص، وكيف يحصل ان يدرس السينودس وضع الرهبنة الكلدانية المجيدة ولم يتم إرسال الدعوة الى أي ممثل لها كي يسمع رأيه بينما تم دعوة أناس عاديين ولغرض ما لم ترسل أي دعوة الى رئيس الرهبنة الكلدانية الذي منصبة يرقى الى منصب أسقف لا بل أكثر إن أخذنا عدد الكهنة والرهبان في معيته؟ رؤساء الرهبانيات الكاثوليكية يحضرون لا بل هم أعضاء فاعلون في المجامع الفاتيكانية وساهموا مساهمة فاعلة في صياغة قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني الذي حضره المرحوم المطران عبد الأحد ربان الذي كان في حينه الرئيس العام للرهبنة الكلدانية ولكن السينودس الكلداني في عهدنا العتيد هذا يناقش مصير رهبنتنا الوحيدة من دون تواجد ممثل لها كي يبدي رأيه. وكي يطلع القراء الكرام لا سيما الكلدان منهم عل حيثيات الأمور أقول إن دير الرهبنة الكلدانية في روما كان على مسافة مرمى حجر من مقر البطريرك والمجتمعين ومكان انعقاد السينودس. السبب محزن ومعلوم ومؤشر على التقهقر وليس الإصلاح ولم الشمل ولكن نتركه جانبا لأنه خارج السياق وقد نعرج عليه لاحقا في مقال منفصل. لعمري إن الغموض هنا كما هو تقريبا في كل فقرة واضح، كما أن الأخطاء الإملائية واللغوية ترافق تقريبا كل فقرة من فقرات "القرارات" هذه. وأخش ان تكون الفقرة هذه بالذات وغيرها أيضا مؤشر على أن وراء الأكمة ما وراءها.

القرار رقم 8 يقول: "درس الإباء (كذا) الوضع العام في العراق وسوريا وإيران وبلاد الانتشار ومستقبل المسيحيين والكلدان بشكل خاص، واكد الإباء (كذا) على التمسك بالهوية الكلدانية واللغة قدر الإمكان." التأكيد على التمسك بالهوية الكلدانية واللغة ليس قرار. لغة هذه الفقرة لغة مبهمة وفيها عبارات تجريدية نظرية لا تقدم ولا تؤخر لا بل تزيد من الفوضى اللغوية والثقافية التي تعصف بالكلدان ومؤسستهم الكنسية لا سيما في السنين الأخيرة سواء بدليل ترك الأمور سائبة من خلال عبارة "قدر الإمكان" حيث تمنح هذه العبارة الحرية تقريبا المطلقة للذين يفضلون الثقافات الدخيلة والأجنبية على الثقافة الكلدانية الاصيلة والفريدة من نوعها وسواء من خلال ممارسات وأقوال تهمش اللغة والتراث والطقس والليتورجيا.

الفقرة رقم (9) تقول: " درس الاباء اوضاع المهجرين في لبنان وتركيا والأردن وأعربوا عن تضامنهم معهم، وطلب غبطته من الابرشيات مساعدتهم." لغة أي قرار تستند الى الفعل المستخدم او المصدر وهو اسم مشتق من لفظ الفعل. الفعل "درس" لا يدل على ان المجتمعين اتخذوا قرارا ولا الفعل "طلب".

القرار رقم (10) ربما هو الوحيد الذي في الإمكان إطلاق مصطلح "القرار" عليه حيث يفرض سقفا للمبلغ الذي باستطاعة الاسقف او البطريرك صرفه. ولكن فيه الكثير من الغموض وعدم الشفافية. هل مبلغ 250 ألف دولار (السقف الحالي) هو لسنة واحدة ام لشهر؟ من ثم ما هي أبواب الصرف للمبلغ هذا وحدوده وماذا تشمل؟ وكذلك من سيقوم بالتدقيق؟ وهل سيتم وضع الوارد والمصروف من هذا المبلغ في لوحة الإعلانات او الإنترنت مثلا؟ ومن هو المحاسب هنا؟ وماذا كان السقف في الماضي؟ وكيف تم التدقيق والمحاسبة سابقا؟ المبلغ ضخم جدا ويوازي أضعاف ما يتقاضاه رئيس وزراء السويد في سنة واحدة.

الفقرة رقم (11) ليس فيها أي شيء يدل على أنها "قرار" لأن السينودس لا يأخذ القرار بخصوص القوانين. أي قانون يكون مشروع قانون ويرسل الى روما لدراسته ومن ثم تصديقه او رفضه او إعادته للسينودس لمراجعته وتقديمه كتوصية من جديد.

الفقرة (12) لا علاقة لها بمفهوم القرار وحتى التوصية وكذلك رقم (13).

خلاصة القول، يبدو لي أن إعلام البطريركية المشهود له العجالة وعدم التأني والتدخل في كل كبيرة وصغيرة ونشر إعلان وتعقيب الواحد تلو الأخر وقع مرة أخرى في فخ عجالته بدليل ان "القرارات" هذه مكتوبة بلغة ركيكة وفيها أخطاء كثيرة.

لا أظن ان السينودس هذا نجح في اصدار أي قرار ملزم وأن الوضع الذي لا يحسد عليه والذي تمر به مؤسسة الكنيسة الكلدانية سيبقى كما هو إن لم يزداد سوءا. السينودس هذا، أظن، وهذا رأي الشخصي، أخفق في المهمة الملقاة على عاتقه. قد يقول قائل أنا الذي أخفقت في تحليلي هذا. سأكون سعيدا لو برهنت الأيام عكس ما أتيت به من قراءة.

============
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=856097.0


40
هل سيوقف سينودس الكنيسة الكلدانية حملة تعريبنا وتغريبنا ويعيدنا الى جذورنا وثقافتنا الفريدة من نوعها

يلتئم أساقفة كنيسة المشرق الكلدانية في روما في اجتماع يبدو أنه مفصلي. من وجهة نظري أرى أنه قد يؤسس لمرحلة جديدة وتدشين حقبة حديثة في تاريخ هذه الكنيسة العريقة التي تمتد جذورها بعمق الثقافة النهرينية وأول بشائر التبشير بالمسيحية.

أقول إنه اجتماع مفصلي لأن حسب معلوماتي هناك تياران متعارضان في الاجتماع بقدر تعلق الأمر بممارسة الثقافة واللغة والطقس والليتورجيا والأناشيد والآداب والألحان والريازة وغيرها.

 الأول يدعو الى التأوين، وهو مفهوم أرى أنه أسيء فهمه وممارسته حيث يعمل أصحابه على ترويج اللغة العربية او أي لغة او ثقافة أخرى على حساب اللغة والثقافة الكلدانية الأصيلة والفريدة من نوعها. هذا التيار تمثله، حسب علمي أقلية، ولكنها ذات تأثير.

التيار الثاني يعاكس تيار التأوين ويدعو الى التشبث باللغة والثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها المتمثلة باللغة والطقس والليتورجيا والفنون والريازة والشعر والألحان ولآداب التي تشكل خصوصية الكنيسة الكلدانية وأتباعها.

لا أعلم ماذا ستكون نتيجة الاجتماع (السينودس)، بيد أنني أكاد أجزم ان الغالبية الساحقة من الكلدان متشوقون ومتلهفون ان يسمعوا أخبارا سارة أساسها العودة الى الأصالة والجذور العميقة التي تمتلكها هذ الكنيسة العظيمة.

إن سارت الأمور حسب اهواء أصحاب التأوين من الذين يرون أن ما لنا من لغة وآدب وفنون وشعر وألحان وليتورجيا قد عفا عليها الزمان ولم تعد توائم المتطلبات العصرية، سيكون الكلدان امام خطر كبير سيأتي على ما تبقى لهم من وجود وهم مشتتون في أرجاء الدنيا وبسرعة وفي غضون جيل واحد.

لن يجمع الكلدان ومؤسستهم الكنسية – المؤسسة الكلدانية الوحيدة الباقية للكلدان رغم ضعفها وترهلها – غير ثقافتهم. إن تخلت المؤسسة الكنسية عن الثقافة واللغة والطقس والريازة والليتورجيا والفنون والشعر والألحان والآداب الكلدانية، فإن ذلك سيكون بمثابة وضع نهاية للكلدان ومؤسستهم الكنسية كثقافة وهوية.

قد لا يدرك بعض الأخوة الكلدان الخطر المحدق بهم والذي سيكون نتيجة مباشرة إن تغلب تيار التأوين على تيار الأصالة. إن تغلب تيار التأوين فهذا معناه أن كل خورنة وإبراشية لا بل تقريبا كل جوقة وكل مجموعة بإمكانها ان تغادر وتترك وتتجاهل ما يميز الكلدان كأمة وشعب وهوية.

وهذا معناه ايضا أن كل خورنة وإبراشية لا بل تقريبا كل جوقة وكل مجموعة سيكون بإمكانها تبني اللغة التي تريدها وتقحم الألحان والأناشيد التي ترغب فيها ولن يمضي وقت طويل وستكون هناك ثقافات ولغات وآداب وطقوس وريازات وألحان واناشيد مختلفة بقدر البلدان التي يتواجد فيها الكلدان؛ ليس بقدر البلدان بل بقدر المناطق في كل بلد.

التيار الذي يريد الحفاظ على الأصالة تيار قوي ويمثل الأغلبية في رأي ولكنه لا يمسك بزمام الأمور.

والى كل كلداني محب لهويته وثقافته ولغته وطقسه وليتورجيته أقول عليهم التحرك قبل فوات الأوان لوقف التأوين والعودة الى الأصالة والثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها.

لا يجوز ان يتم تعريبنا بهذا الشكل. لا يجوز ان يتم تغريبنا بهذا الشكل.

لقد أستقتل اجدادنا وقدموا تضحيات كبيرة من أجل هويتنا ولغتنا وثقافتنا واستطاعوا بكل جدارة وشجاعة ان يجعلوا الحفاظ عليها وحمايتها وممارستها كنسيا وشعبيا جزءا من التشريعات والقوانين الملزمة من قبل الفاتيكان.

وهذا رصيد كبير لمحبي الثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها. اليوم يقف الفاتيكان بقوة الى جانبهم، والى جانب الحفاظ على لغتهم وطقسهم وريازتهم وأناشيدهم وألحانهم وآدابهم كما أتت من اجدادهم العظام.

هذه القوانين واجبة التنفيذ وكي تنفذ وتترجم على أرض الواقع، على الكلدان ومؤسستهم الكنسية التحرك في هذا الاتجاه وأجزم أنهم سيلقون كل الدعم والمساندة من الفاتيكان.

لذا التحجج بأنها رغبة الفاتيكان او رغبة المجمع الفاتيكاني الثاني ان نتبنى التأوين بشكله الحالي أمر غير مقبول لأن تشريعات وتعليمات المجمع الفاتيكاني الثاني الخاصة بالكنائس الشرقية تدعو لا بل تلزم وبصراحة الكنائس المشرقية الكاثوليكية الحفاظ على إرثها بلغته وممارسته على أوسع نطاق وكما هو وكما أتاهم من اباء وملافنة كنيستهم.

ولا حاجة الى إيراد هذه القوانين والتشريعات لعدم الإطالة بيد أنني كنت قد نقلتها ضمن مقالاتي سابقا عدة مرات.

وسيكون الكدان من محبي لغتهم وثقافتهم وفنونهم وريازتهم وآدابهم وشعرهم وأناشيده وألحانهم – وهذه من أهم مقومات الهوية – سعداء جدا لو تمكن السينودس من تشكيل لجنة أسقفية ذات صلاحيات كي ترفع ظلم التأوين عن كاهل الكلدان وتعيد لهم لغتهم وثقافتهم الفريدة من نوعها.

ولا أخفي عن قرائي الكرام أنني كنت قد أرسلت الى البطريركية الكلدانية قبل حوالي ثلاثة أشهر من خلال أحد الأساقفة جملة من المقترحات للحفاظ وممارسة الثقافة الكلدانية.

ولا ضير أن أدرجها هنا كي يطلع عليها الكلدان من محبي ثقافتهم ولغتهم عسى ولعل تكون فتحا للمرحلة القادمة، مرحلة بلا تأوين وتعريب وتغريب، بل مرحلة التشبث بالثقافة واللغة والطقس والفنون والريازة ولأناشيد والألحان والآداب الكلدانية الفريدة من نوعها.

نص المقترحات التي أرسلتها الى البطريركية الكلدانية:

هذه بعض المقترحات لبث الحياة في الثقافة الكلدانية الكنسية أضعها امام غبطة البطريرك ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، ومعه أعضاء السينودس الكلداني.

الثقافة –اللغة – هي العامل الرئيسي لوحدة وتماسك أي شعب او مؤسسة. إن تشتت الثقافة، تشتت الشعب وتشتت المؤسسة. وإن تمسك الشعب ومؤسسته بالثقافة، من الصعوبة بمكان تغيبهم عن مسرح الأمم والأجيال. الشعوب ومؤسساتها تندثر وتضمحل بغياب واضمحلال ثقافتها.

وإن لم يتميز الكلدان عن الأخرين من خلال ثقافتهم، او انهم استبدلوا ثقاتهم بثقافة أجنبية دخيلة، فإنهم صوب الزوال ذاهبون لا محالة. ولهذا عليهم التشبث بثقافتهم الكلدانية الفريدة من نوعها بلغتها وطقسها وتراثها وريازتها وازيائها وفنونها وآدابها وشعرها وموسيقاها. 

والمقترحات ادناه ما هي الا محاولة متواضعة للنهوض قبل فوات الأوان.

المقترحات:

أولا، جمع القلة الباقية من الملمين بالثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها وتشكيل لجان منهم في كل خورنة في العراق والعالم لإعادة الحياة لهذه الثقافة قبل ان يتم وأدها والى الأبد.

ثانيا، حث الكهنة على تدريس هذه الثقافة، لأنها ثقافة مسيحية أساسها المسرة، وبلغتها وبألحانها وقصصها وأناشيده ومياميرها.

رابعا، إعداد كراريس في كل الكنائس الكلدانية لبث النصوص الكلدانية بالكرشوني أولا ومن ثم بترجمة ملائمة كي يفهمها الناس وبذلك نحافظ على إرثنا وتراثنا وثقافتا ووحدتنا الثقافية أينما تواجدنا.

خامسا، جمع كل الموسيقيين والفنانين والمثقفين من الكلدان الذين غادروا لأي سبب كان كي يأخذوا دورهم في إحياء ثقافتا الكلدانية الفريدة من نوعها.

سادسا، العمل الجاد على التشبث بلغتنا قدر المستطاع وفي كل الأزمنة والأوقات والحد من الدخيل والأجنبي الذي بدا يغزونا مع ثقافتنا.

سابعا، العمل جديا الى عقد مؤتمر ثقافي للكلدان على المستوى الإبرشي كل في منطقته تكون لغتهم هي محوره وهي اللغة الدارجة فيه لمناقشة السبل الى إحياء ثقافتهم.

ثامنا، عقد مهرجانات للثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها وبلغتها وشعرها وفنونها أولا على مستوى الخورنات ومن ثم الإبرشيات ومن ثم الدول وبعدها العمل على عقد مهرجان كلداني عام في العراق – بغداد – وبرعاية البطريرك.

تاسعا، العمل الحثيث على إخراج ومن خلال خطة مدروسة، كل ما أتانا من غريب ودخيل وتم إقحامه كي يحل محل ثقافتنا الفريدة من نوعها.

عاشرا، العمل على إنشاء معهد لتدريس ثقافتنا وبلغتها بطريقة منهجية في كل إبرشية من إبرشياتنا وتكون مناهجها موحدة لتخريج مدرسين ومعملين وشمامسة يتولون مهمة الحفاظ علينا وعلى ثقافتنا الكلدانية الفريدة من نوعها

حادي عشر، التواصل مع كل الكلدان لا سيما في الشتات من خلال موقع ثقافي الكتروني يجمع الكلدان ومن خلاله يتعرفون على ثقافتهم ولغتهم وآدابهم وشعرهم وفنونهم قبل ان تصبح في خبر كان.

وأخيرا، لا يستثنى أي كلداني بإمكانه المساهمة في الحفاظ على ثقافتنا بلغتها بسبب ميل محدد له او موقف اتخذه من هذا او ذاك. كل ملم بثقافتنا نحن بحاجة ماسة إليه كي ننشر هذه الثقافة ونحيها قبل زوالها.


41
هل ألقى مجنون أربيل نفسه وشعبه في التهلكة؟

يبدو ان الحظ لم يبتسم لمسعود البرزاني. فها هو ينزل من الشجرة العالية التي تسلقها ليس الى الأرض وحسب بل منحنيا ظهره كي يبقي على ما كان له ولمنطقته من امتيازات قبل الاستفتاء.

لماذا قام البرزاني بتمثيل هذه المسرحية الهزيلة، مسرحية الاستفتاء؟ الجواب بسيط وهو لأنه يقود المنطقة التي تحت حكمه الاستبدادي بعقل رئيس العشيرة او زعيم تمرد وليس قائد سياسي محنك.

ولهذا أتت حسابات بيدره مختلفة تماما عن حصاده، بل قد يكون حصاده كارثة إن لم يستلحق أمره ويستعيد رشده ويسلم زمام أمور قيادة منطقة كردستان العراق الى سياسيين وتكنوقراط يتم انتخابهم من خلال الاقتراع المباشر.

في مقال سابق عنونته "مجنون أربيل في مواجهة مجانين بغداد" أتاني عتاب من بعض الأخوة قائلين إنني ذهبت بعيدا وليتني أسحب الموضوع.

لم أقتنع مع احترامي لمواقف هؤلاء الأصدقاء الأعزاء، وكل أبناء شعبنا أصدقاء اعزاء لأننا شعب مضطهد من الكل من الشرق والغرب وأحيانا من أنفسنا.

قصدي في العنوان والمقال كان إن واجه مجنون عدة مجانين فلا بد وأن يخسر وتكون خسارته كبيرة. وهذا ما حدث للبرزاني في استفتائه المهزلة.

ولكن إن واجه عاقل عدة مجانين لا بد وأن يربح ويكون نصره مزلزلا.

المجانين الذي واجهوا البرزاني كانوا حبة خردل او خردلتين أذكى منه وها هم اليوم يجبرونه على القفز من الشجرة العالية التي تسلقها دون حبال او التفكير بخطة للنزول دون أضرار، كي يسقط وأخشى ان يكون سقوطه عظيما.

الوضع في منطقة كردستان لا يبشر بالخير وإن سارت الأمور على هذا المنوال سيقع ما لا يحمد عقباه.

المطارات توقفت عن العمل وإن استمر هذا فإنه سيكون كارثة للتجارة والتواصل. منافذ العبور الحدودية الأربعة (اثنان مع إيران واثنان مع تركيا) قد تخرج من سيطرته وسيطرة ميليشياته.

والأخطر في الأمر قد يخسر البرزاني السيطرة على تصدير النفط ويضطر الى تسليم مقاليد هذا الكنز الذي تبجح به كثيرا الى السلطة المركزية في بغداد كما يتوسل اليوم برفع الحذر عن الطيران مقابل ارسال بغداد لمراقبين للإشراف على مطار أربيل ومطار والسليمانية.

والبرزاني يصدر حوالي 600 ألف برميل في النهار وهذا يمثل ربع حجم التصدير المتاح لبغداد. أسعار النفط في صعود وعبرت سقف الخمسين دولارا للبرميل الواحد.

وبحساب بسيط، فإن البرزاني كان يحصل على حوالي مليار دولار في الشهر بالأسعار الحالية.

والخشية على المنصب والعشيرة أجبرت البرزاني على تغيير لهجته. فبعد ان كانت: "الذي اخذ بالدم لا يرد الا بالدم" يؤكد اليوم ان الاستقلال الذي يؤدي الى حصار وحرب لا حاجة لنا به وأنه مستعد للدخول في حوار مع بغداد دون اية شروط.

الوضع في منطقة كردستان مقلق للغاية إن استمرت الأمور على هذا المنوال. الأسعار أخذة في الصعود والحياة شبه متوقفة في بعض المناحي.

ومجنون أنقرة يصفق من فرحه. غايته كانت تدجين البرزاني وجعله حاكما لا يأتمر الا بأمره، كما كان في التسعينيات من القرن الماضي حيث جندّ نفسه وميليشياته (البيشمركة) لقتال المتمردين الأكراد الأتراك لقاء رواتب شهرية مجزية.

هكذا يريده أردوغان ومحاولته الخروج عن طاعة السلطان أخشى أن يكون لها عواقب وخيمة. هل كان البرزاني بحاجة ان يضع نفسه وشعبه في وضع لا يحسد عليه الذي فيه قد يخسر كل ما حصل عليه في السنين الأخيرة؟

إيران بدأت بالتفكير جديا بغلق المنافذ ومنعت التعامل بالنفط ومشتقاته مع الاقليم. الله أعلم ماذا سيحدث لو أغلقت كل من إيران وتركيا المنافذ إن رفض البرزاني تسليمها للحكومة المركزية.

حقا يحتار المرء في استيعاب وفهم ما يحدث في المنطقة. الكتابة كانت على الحائط بالنسبة للبرزاني وقرأتها تقول إن استفتائه سيفشل وقد يجلب الكوارث له ولشعبه. لماذا عاند وتحدى الكل؟ هذه ما تفعله عقلية العشيرة.

الأن يتوسل البرزاني ان تقبل بغداد وجيرانه العودة الى الوضع الذي كان قبل الاستفتاء وليذهب الاستفتاء الى الجحيم. ولكن حتى الأن لا يبدو ان غرمائه من المجانين سيقبلون بتوسلاته لأنهم مصرين على تهميشه لا بل اهانته، والى أي درك، الله أعلم.

وظهر ان المنطقة التي يحكمها البرزاني متخلفة، لا انتاج زراعي فيها ولا انتاج صناعي. حتى البيض والبطاطس يستوردونها من الخارج.

هل تصور البرزاني أنه من خلال عدد من المولات (سوبر ماركت) وشركات الخلوي الأجنبية وأنبوب نفط صمامه بيد السلطان العثماني الجديد سيمكنه مقاومة الكل والظهور وكأنه البطل المقدام؟

والله لما كتبت في هذا الموضوع لولا الأقليات ومصيرها وعلى الخصوص مصير الشعب الذي أنتمي اليه بتسمياته ومذاهبه المختلفة.

لهذا الشعب المضطهد أقول إننا سنخرج من المولد بلا حمص إن لم نكن قد خرجنا للتو. البرزاني لن ينصفنا. على العكس سيستمر، إن بقي في الحكم، بذات النهج الذي بواسطته أخذ منا تقريبا كل شيء ولم يمنحنا أي شيء.

والى الأخوة المنظرين من أصحاب العودة الى الوضع في احصاء 1957 او 1991 او الذين يقتبسون من التشريعات العراقية او حتى الدولية أقول رغم النيات الصادقة والصافية لا أظن بإمكاننا تغير الوضع لصالحنا مثقال حبة خردل.
 
ما نستطيع فعله هو الحفاظ على ثقافتنا بلغتها وفنونها وآدابها كي لا ننقرض. الأرض اهتزت تحت أقدامنا الى درجة تجعل من الصعوبة بمكان الوقوف منتصبي القامة.

الأرض تهتز اليوم تحت أقدام من كان يتصور نفسه بطلا او ربما عملاقا رغم أنه يملك جيشا من الميليشيا (البيشمركة) قوامه أكثر من 200 ألف مقاتل.

ولنتذكر دائما كيف هربت هذه الميلشيا مثل الجرذان وتركت مناطقنا ومناطق الأقليات الأخرى لقمة سائغة لوحوش العصر في عام 2014.

42
مجنون أربيل في مواجهة مجانين بغداد

يحتار المرء في تقديم تفسير مقنع لما أقدم عليه السيد مسعود البرزاني ليس لأن الشعب الكردي لا يستحقه بل لتوقيته وخطورته وتعارضه مع المصالح السياسية والجيوبوليتكية والترتيبات الجغرافية للمنطقة.

البرزاني يريد استفتاء حول استقلال كردستان. يقف تقريبا العالم كله ضد قراره. وحتى الإنسان البسيط يعرف أن القرار هذا لا ينم عن نضوج سياسي لأن تبعاته ستكون خطيرة ووقعها على الأكراد سيكون أكثر الى درجة أنهم قد يخسروا ما حصلوا عليه في السنين الأخيرة من امتيازات.

كعراقي يهمني وضع الوطن وكمسيحي يهمني كثيرا وضع المسيحيين – القلة القليلة التي قد لا تتجاوز 150 ألف نسمة.

أي استفتاء هو ألية قياس ولكن بالنسبة للبرزاني وتخبطه صار ألية قرار. ولهذا ترى التهديد الواضح الذي يأتيه من تركيا وإيران وبغداد.

قرار البرزاني قرار عشائري يذكرني بقرارات صدام حسين التي كان يذهب بها الى حافة الهاوية وهو يعرف أنه سيسقط في النهاية ولكن لا يتراجع ويتهاوى ومعه الشعب المسكين.

في النهاية أظن ان البرزاني سيتراجع وينزل من الشجرة العالية التي صعد اليها.

رئاسته منتهية وغير قانونية. البرلمان معطل وجمعه فقط لتأييد قراره مع تغيب أحزاب كردية مؤثرة في الاقليم.

البرزاني كان قائد تمرد كردي ومع الأسف لا يزال يتصرف بذات العقلية ولهذا بدأت تصدر منه تصريحات ربما لم نسمعها منذ زمن تيمورلنك واشباهه.

أخر قول له امام أنصاره كان: "ما اخذ بالدم لا يرد الا بالدم." قول لا يقوله سياسي هادىء وذي حنكة.

البرزاني في ورطة. وكزعيم عشائري يريد ان يظهر نفسه بطلا في أي حال من الأحوال.

اظن أنه سينزل من الشجرة في الساعة الأخيرة ويقول أشياء مثل أنه تلقى وعودا او غيره - وهو لم ولن يتلقى اي وعود وأي شيء - بدلا من القول إنه فشل في سياساته ومن ثم احترام نفسه وتقديم استقالته او أضعف الإيمان الدعوة الى انتخابات حرة ونزيهة في منطقته. 

أي سياسي يحب شعبه في وضع كهذا – بعد تراجعه المحتمل – كان سيستقيل.

ولكن هذا لن يأتي من شخص رمى نفسه في أحضان صدا حسين في 1996 كي يرسل حرسه الجمهوري ويفتك بأبناء شعبه.

وفي كل هذا وقع ما تبقى من شعبنا مع الأقليات في وضع لا يحسدون عليه وسيكونون لا سامح الله لو وقعت الواقعة ولم يتراجع البرزاني العنيد عن قراره العبثي ضحية لعبثية المجانين في أربيل وبغداد وطهران وأنقرة.

بعد حوالي 14 سنة والبرزاني يستلم حوالي 20 بالمائة من ورادات الخزينة العراقية التي بلغت في بعض السنين 20 مليار دولار إضافة الى ما كان يجمعه من اقليمه من خلال مبيعات النفط من ابار في منطقته ومن خلال الضرائب والكمارك، ولا يزال الاقليم يعاني من نقص في الكهرباء وليس هناك حسب علمي بضاعة واحدة من انتاج الاقليم واليوم البرزاني لا يستطيع دفع رواتب موظفيه.

تصور البرزاني انه من خلال قراره هذا سيعيد تشكيل صورته كمنقذ وبطل حقق استقلال كردستان.

أغلب الظن سيخيب فأله هذه المرة أيضا وإن استمر في موقفه غير الحكيم هذا سيجلب الدمار أولا على شعبه ومن ثم الفناء للأقليات وفوضى عارمة في العراق.

ما لا أفهمه كيف يصدقه أبناء شعبنا من أنه سيفعل لهم كذا وكذا لو وقفوا معه. اين كان كل هذه السنين التي يحكم فيها اقليمه دون منازع ولم يعيد لنا شبرا واحدا من عشرات وعشرات القرى التي اغتصبها منا الأكراد.

الكتابة عن شؤون العراق شيء محزن ومحبط لأننا كلنا ضحية سياسات هوجاء مثل هذه.

43
السوسيولوجيا الهدامة وقراءة زيد ميشو السطحية والطائفية لتراث شعبنا وكنيسته المشرقية المجيدة – ردّ على ردّ

"الأغنية التي تُغنى بشجاعة ستظل أغنية جديدة الى الأبد."
فكتور جارا

غمرتني السعادة للاستجابة الكبيرة التي لاقتها القصيدة من تراثنا الجميل والتي قمت بأدائها بشجاعة ونشرت تحليلا جريئا لخطابها في هذا الموقع. استأثرت القصيدة باهتمام بالغ لم أكن أتوقعه. وهذا رابطها ورابط المقال:

https://www.youtube.com/watch?v=Cu1JvaxDBDs
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,850296.0.html

وقد ردّ السيد زيد ميشو بمقال مطول منتقدا القصيدة. والرد مستحب دائما لأن معناه أن ما أكتبه قد شحذ الفكر والعقل لدى الأخر وجعله يفكر ويقدم طروحاته وأفكاره المعاكسة. وأشكره لأنه منح لي فرصة الردّ أيضا. وفي المقال هذا أيضا هناك تعليق مطوّل للزميل الدكتور عبد الله رابي. وله الشكر أيضا لأنه منحني فرصة الردّ. (رابط 1).

وبدءا أرجو من قرائي الكرام عدم الدهشة او الاستغراب لكلمتين وردتا في عنوان مقالي هذا وهما: " السوسيولوجيا الهدّامة،" والقراءة "الطائفية." أطلب منهم الصبر والاستمرار في القراءة وستتوضح الأمور لديهم وبأدلة دامغة للمفردتين او المفهومين.

كيف نقرأ؟

هناك عدد من القراءات المختلفة التي بواسطتها نستطيع تحليل نصوص مثل النص الذي هو مثار الخلاف بيني وبين السيد ميشو ود. رابي. ألخصها ادناه:

اولا القراءة الذاتية. في هذه القراءة نقيس ونحلل ونقيّم ونثمن النص حسب ميولنا الشخصية.
ثانيا القراءة الموضوعية. في هذه القراءة نضع ميولنا مهما كانت وبقدر الإمكان جانبا لتحليل وتقييم النص.
 ثالثا القراءة التحريمية. في هذه القراءة لا نحتكم الى العقل بل الى الفكرة المذهبية (الطائفية) المسبقة.

اين تقع قراءة السيد ميشو وقراءة د. رابي

مع جلّ احترامي، فإن القراءتين لا سيما قراءة السيد ميشو تقع في خانة القراءة التحريمية (الطائفية). ولهذا ومع احترامي مرة أخرى كانت القراءة مضللة ولاتاريخية وسطحية، وشأنها شأن أي قراءة تحريمية تقوم على ثنائية (انا وميلي على حق وخصمي وميله على باطل). ومقياس الحق والباطل لدى القراءة التحريمية هو القرب والبعد من مذهب (عقيدة) القارئ (الكاتب) الذي يطلق الأحكام المطلقة على عواهنا رغم بطلانها ويتشبث بها حتى وإن قدمت أدلة دامغة لبطلانها.

تحليل قراءة السيد زيد ميشو

كما قلت قدم لنا السيد زيد ميشو قراءة تحريمية صرفة لأنه يبني موقفه من القصيدة هذه على قربها وبعدها من مفهومه الخاص للمذهب الذي هو عليه.

ولهذا يرى أن القصيدة هذه "هرطقة" او "بدعة" ويطلب من "الكنيسة" ان تصنفها "في خانة الهرطقات" وفي ثنايا مقاله سخرية وتهكم يصل حدّ الازدراء ليس فقط بكاتب السطور حيث يصف القصيدة "ببدعة ليون"، ولكن أيضا بمؤلف هذه القصيدة الرائعة التي حقا تؤرخ لفترة حرجة من تاريخ شعبنا وكنيسته المشرقية المجيدة حيث يقول: " كتبها احد السذج من الذين لا يعرفون (كوعهم من بوعهم) او شخص هرطوقي"، متجاهلا في هذا الدعم التشجيع والحب اللامحدود الذي حصلت عليه القصيدة من القراء محبي مشرقيتهم بشتى مذاهبهم وتسمياتهم. هذه قراءة طائفية تحريمية خطيرة لا تعمل بها أي أمة او شعب يريد الحفاظ على هويته وثقافته.

والقراءة التحريمية مثل هذه لا يقبل بها مثلا حتى الكردي السني الأمي لأنه يترك بيته وعائلته في جنوب شرق تركيا ويهرع للقتال من أجل الإيزيدية (عبدة الأوثان من وجهة نظر الشخص السني الطائفي) ويستقتل من أجل مزاراتهم و"أصنامهم" وأماكن عبادتهم لأنه يراها جزءا من ثقافته وتاريخه ويحفظ شعرهم وأغانيهم الكردية ويتغنى بها رغم انها لا تطابق عقيدة مذهبه السني.

والقراءة التحريمية هذه لا يقبل بها المعمّم الذي يقود دولة كبيرة وقوية في الشرق الأوسط وهي إيران. في إيران يطبعون كتب مولانا جلال الدين الرومي، وهو شاعر ومتصوف سني مبادئه وأفكاره وعقيدته على طرفي نقيض من عقيدة ولاية الفقيه الإيرانية، يطبعونها على ورق مصقول وأحيانا مذهّب ويزخرفون بيوتهم بنصوص منها لا بل مكانة قصائد هذا الشاعر والأهمية التي يمنحها هؤلاء المعممون له تقارب ما يمنحونه للقرآن او لكتاب نهج البلاغة للإمام علي. لماذا؟ لأن الرومي شاعر فارسي كتب بالفارسية. وهذا شأن حافظ الشيرازي وغيره من الكتاب وكذلك حال التراث والأساطير والملاحم الفارسية التي أغلبها لكتّاب مجهولي الهوية والاسم. وهذه القصائد لا تقيّم حسب الزمان والمكان، كما يقول د. رابي رغم أنها مكتوبة بلغة كلاسيكية صعبة الفهم ولكن هناك شروح وهوامش تيسرها للقارئ.

والعرب لا يلغون ويهرطقون الشعراء قبل الإسلام وبعده من الذين لا توائم منطلقاتهم وأفكارهم العقيدة. هناك شعراء مسيحيون وفي العصر الحديث رواد الشعر والثقافة العربية أغلبهم من المسيحيين ولديهم طروحات قد لا تتماشى مع العقيدة السنية الإسلامية مثلا ولكنهم مادة درس دسمة في جامعة الأزهر الإسلامية.

وهناك أمثلة كثيرة في كل بقعة من الأرض وأذكّر القراء ان جبران خليل جبران كاتب وفيلسوف يخالف العقيدة في كل شيء تقريبا وفي كتابه "النبي" يتبارى مع الكتب التي يراها أصحابها انها من السماء، العهد القديم والإنجيل والقرآن، ولكن لأنه كتب هذا الكتاب بالإنكليزية بعد ان هاجر الى أمريكا خصص الكونغرس الأمريكي – وثلث أعضائه تقريبا من الكاثوليك – ملايين الدولارات لبناء حديقة كبيرة تخليدا له في واشنطن.

وأذكّر القراء بحب وشغف يصل الى حدّ التقديس لنصوص كلاسيكية إنكليزية وفرنسية ويونانية واسبانية وبرتغالية وغيرها من الأمم– لا يسع المجال لسردها هنا – تعارض العقيدة التي عليها أصحابها بصورة صارخة ولكن شعوبها تقدسها وتدرسها وتبسطها وتجعل منها نبراسا للهداية صوب الثقافة والهوية الوطنية والدفاع عن الثوابت والمقدسات الوطنية ورغم ان أي قراءة سطحية وطائفية وتحريمية لها ستجعلها مثار ازدراء وسخرية كما هو الحال مع صاحبنا السيد ميشو. عندنا صار القياس والمقياس للثوابت الوطنية والهوية القراءة التحريمية والطائفية للتراث والثقافة لأننا كل شيء تقريبا نقيسه ضمن نطاق الطائفة والعقيدة او المؤسسة المذهبية التي نحن لها تابعون.

والقراءة التحريمية الطائفية مثل هذه تستخف وتسقط وتهرطق وتكفر أي نص وتراث وثقافة وطنية لا تتماشى مع تفسيرها المذهبي ولهذا لا يرى السيد زيد ميشو أي حسنة في هذه القصيدة الرائعة رغم جمال بلاغتها وحواريتها البديعة وعمق معانيها وشجى لحنها وروعة استعاراتها. قراءة تحريمية مثل هذه تنظر ومع الأسف بدونية وازدراء الى الثوابت الثقافية واللغوية الوطنية وتنظر بسمو وكبرياء وفخر الى الثقافات الدخيلة والأجنبية فقط لأنه من وجهة نظرها انها ليست هرطقة بل موائمة للتفسير الخاص والشخصي للمذهبية التي نحن عليها.

الهرطقة تفسير بشري ذاتي

والهرطقة وحتى العقيدة  doctrine تفسير بشري، لأن ما أراه هرطقة قد يراه غيرى امرا صائبا. الى عهد قريب كان لوثر واللوثرية هرطقة في عيون مؤسسة الكنيسة الرومانية. في هذا العام أقام البابا فرنسيس قداسا مهيبا لذكراه والاحتفاء به في السويد وطلب المغفرة لما اقترفه الفاتيكان في حقه وحق اتباعه وقال إن لوثر شاهد على الإنجيل والمسيح. إذا الهرطقة مسألة نسبية. بالمناسبة، الدول الإسكندنافية التي تعد أكثر دول العالم تمدنا وحضارة وتطورا قائمة على الفلسفة اللوثرية في اغلب مناحي حياتها ومنها التعليم والتربية والنظرة الى التراث والثقافة والإرث والتراث الكنسي.

والقراءة التحريمية تجعل المرء يفقد الصواب والفكر والحس السليم أحيانا. فمثلا، يهاجم السيد زيد ميشو هذه القصيدة المكتوبة بلغة اجداده والتي توائم عقيدة اجداده ولكنه لا يدين وربما يبتسم ويفرح ويتناغم مع الذي مثلا يقول "سمراء من قوم عيسى من اباح لها ....الخ" ويتناغم وانطلاقا من موقف طائفي ومذهبي وتحريمي بحت مع الدخلاء والأجانب الذين احرقوا ودمّروا ثقافته ونصوصه وعذّبوا اجداده شر عذاب. وهناك من الشعر العربي الذي قرأناه وحفظناه على ظهر القلب ما يهدم العقيدة، مع ذلك لا ضير في هذا، وهناك من التراث الكردي ونغنيه ونصفق له ونرقص لأنغامه ومع رجال ديننا وهو مسيء لنا كمسيحيين ومشين لإنسانيتنا ومخالف بصورة صارخة لعقيدتنا مع ذلك لا ضير في هذا. المهم ان لا يكون هرطوقي، أي يكون مكتوبا بلغتنا وهو جزء من تراثنا وتراث اجدادنا.

ما أشبه اليوم بالبارحة

الدعوة الى الغاء هذه القصيدة تشبه الحملات التي شنها الغرباء والأجانب باسم المذهبية والطائفية والهرطقة وبواسطتها احرقوا لنا كنوزا لا تثمن من المخطوطات والكتب ومنها ما رموه في نهر دجلة حتى صار لونه لون الحبر. قراءة هؤلاء لتراثنا ومذهب اجدادنا القويم والسليم والمقدس كانت قراءة تحريمية.
 
وعقيدة انتقال العذراء حديثة العهد أي بت فيها الفاتيكان في عام 1950. هل كان الفاتيكان وأتباعه في هرطقة قبل هذا القرار أي لمدة 1950 سنة؟

ومن ثم عقيدة كنيسة المشرق وما أتى في القصيدة بهذا الشأن يتطابق مع الكنائس الأرثدوكسية التي تخالف عقيدة الانتقال لدى الفاتيكان، فهل هذه الكنائس في هرطقة أيضا؟

وهناك ليس أخطاء بل مغالطات تشبث بها السيد زيد ميشو رغم بطلانها الواضح.

فلا أظن أنه يستطيع كتابة اسمه بلغتنا السريانية ولا أن يقرا حروفها ولا علم له بالقصيدة ولا ماهية الشعر السرياني بدليل إصراره على أنها 57 كلمة مستندا الى الترجمة العربية وليس النص السرياني الأصلي الذي هو يشكل في مجمله قصيدة متكاملة نقلتها للقراء الكرام للاطلاع في المقال الذي كتبته عنها. مع ذلك يطلق العنان لمغالطاته ويقول ان القصيدة مثلا يجب ان تكون سبعة أبيات وذات قافية وغيره من الأحكام المطلقة التي تنم عن عدم دراية لأنه يطبق ما يعرفه والذي لا يتجاوز المعرفة المدرسية عن الشعر باللغة العربية.

ويحكم على القصيدة دون ان يعرف ان الجزء الذي نقوم بأدائه ما هو الا خانة واحدة لأن القصيدة هذه من ثلاث خانات وهي موزونة بدقة وفيها بعض القافية ولكن لأنها شعر حر فالقافية ليست الزاما ابدا في الشعر الحر.

ولأن قراءته قراءة تحريمية، يصرّ الكاتب على المغالطة ويكرر يجب الغائها من الطقس والغائها كصلاة ومع الأسف يتفق معه زميلنا د. رابي.

هناك في كنيسة المشرق (الكلدانية والاشورية ومعها شقيقتها السريانية) ما نطلق عليه الصلاة الفرضية. هذه صلاة ملزمة. القصيدة هذه (ولهذا سميتها قصيدة وليس ترتيلة) خارج الصلاة الفرضية وليست صلاة وهي خاصة بمنطقة محددة من تواجد شعبنا وهي جزء من الفلكلور الشعبي. وشعبنا له قصائد وفنون وآداب لا تثمن خارج الصلاة الفرضية. لم أفهم لماذا لم يحاول الكاتب الاستفسار عن هذه القصيدة وما إن كانت جزء من الصلاة ام لا ولم أفهم كيف سايره د. عبد الله رابي.

أما اللغة فهي سريانية وهذا اسمها العلمي والأكاديمي وهناك أكثر من 100 جامعة في العالم تدرسها وتطلق عليها هذا الاسم. سميتها كلدانية لأنها شائعة بين الكلدان. نقول قصيدة او أغنية عراقية او مصرية او لبنانية ولكن لغتها العربية.

موقف د. عبد الله رابي

كما قلت انا مستغرب ومندهش لتعقيب الدكتور عبد الله رابي. اسأل هل قراءة السيد زيد ميشو التحريمية والطائفية لهذا النص تؤهله – ومع احترامي لشخصه – لقب "الصحفي المتمرس والمحلل"؟

ومن ثم لماذا يقع د. رابي في ذات الأخطاء والمغالطات التي وقع فيها السيد زيد ميشو؟ مثلا، القول إن هذه القصيدة جزء من الطقس وهي ليست كذلك والقول إن "هذا اللحن لا يساوي شيئا من الناحية النفسية"، كيف عرفت ذلك وهل أجريت بحثا أكاديميا يستند الى أسس البحث في علم النفس ومن ثم وصلت الى هذا الاستنتاج؟

وكذلك يبني زميلنا العزيز الدكتور رابي طروحاته في تعقيبه على قراءة السيد زيد ميشو التحريمية والطائفية التي يرى انه إليها يجب ان نستند في تعاملنا مع التراث والثقافة حيث يقول: "فالكلمات لا تنسجم مع العقيدة الدينية ... فقد ابدعت (يقصد السيد زيد ميشو) في ربطها العقائدي."

ومن ثم يستكثر د. رابي على المطارنة الكلدان ترتيل القصيدة! لماذا؟ لأنها تخالف العقيدة، بينما حمل جواز الماني مثلا الذي فيه اليوم يصنف الناس عكس العقيدة من حيث الجنس، هذا لا ضير فيه وكذلك المواقف الكثيرة التي تعارض النصوص إن كانت جزء من الكتاب المقدس او الإنجيل، أيضا هذا لا ضير فيه، او التغني من قبل المطارنة بقصيدة فيروز "زهرة المدائن" التي فيها تقول، استنادا الى أية قرآنيه: "يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء" هذا أيضا لا ضير فيه، وأن يشارك المطارنة  في حفلاتنا وأعراسنا والناس تنشد القصيدة الكردية "نركز نركز" والتي فيها يهين النص اسم "مريم" ويهين المسيحيين بصورة عامة حيث يتغزل بهذا الاسم ومسيحية والدها ويقول "بابه مرو فلّلايية"، وأن نحلف بإسم الله ونقسم بالكتاب المقدس والإنجيل وعلى الملأ ومن ثم يظهر اننا اقسمنا بالباطل وهذه جريمة لا تغفرها حتى القوانين الوضعية ويخسر صاحبها مصداقيته بسببها في المجتمعات المدنية وليس الدينية، هذا لا ضير فيه ولا يعارض العقيدة.  وهناك الكثير لا يسع المجال لذكره. بيد أن انشادنا وقراءتنا لرائعة من ادبنا الكنسي والشعبي شيء غير مقبول ويجب ادانته وهرطقته وتحريمه (تكفيره) لأنه يخالف عقيدة بت فيها الفاتيكان قبل حوالي ستة عقود.

ويقول د. رابي ان بعض القسس قالوا له إن الطقس فيه الكثير من هذه الإشكالات. لم يذكر زميلنا العزيز اسم أي كاهن ولم يذكر النصوص، ولكن من خبرتي أقول له لم يبق في صفوف الكلدان من له إلمام كامل باللغة والطقس والآدب والفنون والثقافة (وهي من الأركان الأساسية لهوية أي شعب) او يمارس هذا الطقس والثقافة عدا أشخاص ربما لا يتجاوز عددهم أصابع اليد. والتحريم والهرطقة التي صارت ومع الأسف جزءا من وعينا الجمعي واحد من الأسباب المهمة لزوالنا عاجلا وليس أجالا كشعب وكنيسة مشرقية مجيدة.


وأذكّر د. رابي، وعن خبرة، ان البطريركية الكلدانية العتيدة كلها لا تتقن لغتنا وطقسنا ولا تمارسهما لا بل تستهجنها وتزدريها وتفضل الدخيل والأجنبي عليها ووقعت ولا يزال في أخطاء مميتة في نسخ (أي تجميع) نافورة القداس الجديد الذي هو الأن على ما أظن في طبعته الخامسة ولا يزال مليء بالأخطاء. أذا كانت البطريركية العتيدة لا تستطيع ان تستنسخ (تنقل نصوصا من هنا وهناك) بصورة صحيحة والمثقفون والأكاديميون في صفوفنا يقيسون الثقافة بمقياس المذهب والعقيدة والطائفة والهرطقة والتحريم، فما بقي لنا من تراث وميراث ولغة وثقافة وآدب وشعر وفنون وهوية في طريقه الى الانقراض ونحن معه لا محالة.

وأذكّره أيضا ان البطريركية العتيدة ليس فقط لا تعرف ولا تتقن لغتنا بل انها لم تكتب وهي في سنتها الخامسة جملة مفيدة وبسيطة واحدة بلغتنا. كل ما قامت به هو تأليف نصوص لا ترقى الى مادة إنشاء للمرحلة المتوسطة، وباللغة العربية، وهي ركيكة فيها أخطاء كثيرة وتفتقر الى السياق والترابط والتساوق وتعارض المنطق السليم وفرضتها على الكنائس كي تحل محل الأصيل والسامي والنبوي.

وكيف تتزاوج الثقافات وتقتبس واحدة من الأخرى؟ هل بتأليف نصوص باهتة باللغة العربية او تقديم ترجمات ركيكة بالعربية لما متوافر لدينا؟ وكيف سيبدع الشباب وباي لغة؟ اليس كل إبداع يستقي من التراث ويبني عليه ام يهدمه من خلال الاتكاء على الدخيل والأجنبي؟

وما هي السوسيولوجيا الهدامة؟

في العلوم الاجتماعية وعلى الخصوص في علم الاجتماع هناك فرع له باع مؤثر يتناول الأسباب التي تؤدي الى ضمور واضمحلال وموت الدول والمجتمعات والثقافات.

شخصيا أرى ان القراءة التحريمية والطائفية مثل هذه ليس فقط لنصوص من تراثنا بل لتراث اجدادنا وابائنا المشرقيين الذين كانوا على مذهب الأجداد السليم والقويم والمقدس يشكل خطرا وجوديا علينا لأنه يلغي تواصلنا وأستمراريتنا ويزيل هويتنا أي يذبحنا ونحن أحياء.

أصحاب القراءات التحريمية مثل هذه يعتقدون أن ثقافتهم ولغتهم ونصوصهم وتراثهم هو المسؤول عن تردي أوضاعهم وعليهم الغاء هذا التراث – تأوينه – كما يحدث الأن في مؤسسة الكنيسة الكلدانية – واستبداله بتراث أمم ومؤسسات أجنبية دخيلة يتصورون انها تفوقهم ثقافة وتمدنا وسموا.

هذه النظرة خطيرة جدا علينا كشعب وكنيسة مشرقية مجيدة لأنها تنظر بدونية – ومع الأسف – الى ما لدينا وبفوقية الى الثقافات الدخيلة والأجنبية؛ وتدعو الى إزالة ما لدينا واستبداله بالأجنبي والدخيل – أي إزالة الهوية والوجود.

ويحذر السوسيولوجيون (علماء الاجتماع) من هكذا مواقف ويؤكدون أن النظرة الدونية للثقافة الوطنية من قبل أي امة او شعب تعد سببا رئيسيا لموته واندثار حضارته وزوال هويته أي فنائه.

وكنت قد كتبت مقالا في هذا الشأن قبل حوالي ثلاثة أعوام ولكن يبدو ان القراءة والمواقف الطائفية والتحريمية التي زرعها فينا الأجانب والدخلاء قد غرست أنيابها في وعينا الجمعي حيث بدأنا نخشى من كلمات محددة في قصيدة مغناة من أجمل القصائد في تراثنا لا بل أيقونة من أيقونات فلكلور شعبنا وهي قصيدة مشيحا ملكا دلعلمين:

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=773157.0

دعوة

وختاما ادعو قرائي الكرام من المعلقين الذين أرحب بهم أن يناقشوا المسائل التي أثرتها هنا والدخول في حوار ونقد (ليس انتقاد) بنّاء دون الاتكاء على ثقافة التحريم والطائفية. مع ذلك لا أظن – وسأكون سعيدا لو حدث العكس – ان بعض الأخوة، وهم مرحب بهم على أية حال، بإمكانهم الخروج من قمقم التحريم والطائفية الى عالم الثقافة والهوية والفنون واللغة، العوامل التي سوية تشكل ثمرة من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية.
=============================================
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=850800.0

44
عيون الكلدان ترحل الى ابرشيه مار بطرس في سان دييكو 

هل ستدخل الفرحة قلوب الكلدان ومن خلالهم قلوب اشقائهم من الكنائس المشرقية الرسولية الأخرى؟

الأنباء الواردة من ابرشية سان دييكو تبشر بالخير. أملي الا يخيب ظننا مرة أخرى.

المطران عمانوئيل شليطا بدأ مشواره في هذا الأبرشية الكلدانية المهمة بما كان يتوقع منه، حيث اثلجت اول مبادرة له صدور الكثير من الكلدان.

اول عمل قام به، كانت زيارته الميمونة للمطران سرهد جمو واصطحابه الى المقر الأبرشي والى الكنيسة والاحتفاء سوية مع الرعية والكهنة.

والخبر الذي نشرته بعض المواقع الكلدانية مع الصور التي نرى البشاشة والفرحة على الوجوه تؤشران على بدء مرحلة جديدة في هذه الأبرشية الكلدانية المهمة.

والصور تظهر الكنيسة في المقر الأبرشي وكيف أنها لا تزال تحافظ على عمرانها وريازتها المشرقية الكلدانية بعد ان تخلت اغلب الكنائس الكلدانية عنها – والفضل في الحفاظ على الريازة المشرقية الكلدانية يعود للمطران جمو

لا يخفى أنني كنت من المنتقدين للمشاريع "النهضوية" للمطران جمو، ولكن لا يخفى أيضا أنني كنت في الغالب من المدافعين عن نهجه وسياسته وممارسته للثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها.

اليوم لم يعد للمشاريع "النهضوية" من أثر، بعد ان تخلى أقرب المقربين عنه وعنها ولم يبق لنا غير ثقافتنا الكنسية الكلدانية الفريدة من نوعها.

والصور التي لا حظتها وأنشرها ادناه تظهر مدى حبّ وشغف المطران جمو بثقافة كنيسته المقدسة، حيث حافظ على الريازة وعمل ما بوسعه للحفاظ على الفنون واللغة والطقس والارث والتراث والآداب المشرقية الكلدانية كما اتتنا من ابائنا واجدادنا العظام.

وابرشية مار بطرس، وهي تستعد لتنصيب مطرانها الجليل، ترنو أيضا لاستقبال البطريرك ساكو كي يرأس حفلة التنصيب.

ورغم خلافي الكبير مع البطريرك ساكو، بشأن سياسات التأوين وتهميش الثقافة، فإنني ادعو كل الكلدان صغارا وكبارا نساء ورجالا ومعهم أبناء الكنائس المشرقية الرسولية الشقيقة للخروج لاستقباله بالحفاوة التي يستحقها وهو الجالس سعيدا على الكرسي المقدس لكنيستنا الكلدانية المشرقية الكاثوليكية.

ويحدوني أمل ان يسمع البطريرك للمطران جمو ويعيد الاعتبار له كي يساعدنا في احياء ثقافتنا الفريدة من نوعها ويبقي على كل المنجزات الثقافية للمطران جمو على ما هي لا بل يقوم بتعزيزها.

وهناك فرصة للمّ الشمل والتواصل مع الكهنة والشمامسة وأفراد الجوقات وكل الكلدان الذين غادروا او ابتعدوا لأي سبب كان واستقبالهم واحتضانهم وإعادة الاعتبار إليهم.

والفرحة كانت بارزة حتى لدى بعض المواقع الكلدانية المعارضة للسياسات السابقة، حيث ظهرت خطابات ترحب بالمطران الجديد والزيارة الميمونة للبطريرك ساكو للأبرشية للمشاركة في حفلة التنصيب.

ونتلهف لسماع ومشاهدة وممارسة هذه الفرحة على أرض الواقع في هذه الأبرشية من خلال لمّ الشمل أولا والتأكيد على احياء وتعلم وتدريس وممارسة ثقافتنا الكلدانية الفريدة من نوعها.

ويحدوني الأمل بالمطران شليطا. وكنت قبل أيام مع واحد من شمامسته الغيارى من المتضلعين بثقافتنا الكلدانية الفريدة من نوعها وأسمعني كلاما يهز المشاعر ويفرح القلب.

قال الشماس ان المطران شليطا أحدث ثورة في كندا وأعاد لثقافة كنيسته الكلدانية المشرقية الكاثوليكية هيبتها من حيث التشبث بالثقافة وتدريس الطقس واللغة والفنون والمحافظة على التراث والإرث الذي تركه لنا الأجداد.

وأمل ان يضع المطران شليطا يده بيد من سبقوه من المحبين لثقافتنا وعلى رأسهم المطران جمو ويحصلوا على بركة البطريرك كي يؤسسوا نموذجا يحتذى لبقية المناطق الني يتواجد فيها الكلدان إن في العراق او في الشتات.

كم احوج الكلدان الى نموذج يستقون منه وينهلون منه للحفاظ على ثقافتهم الفريدة من نوعها.

وأتطلع الى تأسيس مدارس لتعليم وتدريس لغتنا وطقسنا وفنوننا لا بل الى تأسيس كلية او جامعة كلدانية في المستقبل القريب. إن اجتمع المطران جمو مع المطران شليطا وبمباركة ومساعدة البطريرك، ستكون هناك نهضة حقيقة لا محال.

الكلدان لديهم الإمكانيات والطاقات والباحثين والعلماء الملمين بثقافتهم ولغتهم، ولكنها طاقات كامنة ومهدورة.

إنها فرصة، أمل ان يستغلها البطريرك كي يجمع الكلدان حول ثقافتهم وطقسهم وفنونهم وريازتهم ولغتهم التي تشكل هويتهم الكنسية والقومية.

وإنها فرصة كي نبرهن للعالم ان الكلدان بإمكانهم اصلاح ذات البين وكل ما ينغص حياتهم إن اجتمعوا على حب وممارسة ثقافتهم الفريدة من نوعها.









[/b]

45
قصيدة كلدانية خالدة تؤرخ لمرحلة مهمة وحرجة من تاريخ شعبنا وكنيسته المشرقية المجيدة

في منتصف شهر اب تحتفي كنيسة المشرق المجيدة بفروعها الثلاثة – الكلدانية والأشورية والقديمة – مع شقيقتها السريانية (الأرثدوكسية والكاثوليكية) المجيدة بمناسبة كبيرة او عيد مهم للعذراء مريم.

وتشتهر في صفوف الكلدان وكنيستهم مدائح وقصائد كثيرة لتمجيد العذراء. في الحقيقة للكلدان آداب مريمية خارج نطاق الطقس الرسمي فيها من النثر والقصائد للمباركة مريم قد لا تسعها ثنايا موسوعة بعدة أجزاء. اقتبس منها على سبيل المثال لا الحصر القصيدة الخالدة "مشيحا ملكا دلعلمين ܡܫܝܚܐ ܡܠܟܐ ܕܠܥܠܡܝܢ" التي خصصها اجدادنا العظام للترتيل في العيد هذا.

وكنت قد قمت بإنشاد هذه القصيدة الرائعة العام الماضي ضمن حفل موسيقي لتراثنا المشرقي بإشراف المطران اوديشو اوراها. وارتأيت ان اضعها امام قرائي الكرام إنشادا ومن ثم تقديم تحليل للخطاب (اللغة) التي ترد فيها القصيدة وبعدها وضع النص ضمن سياقه التاريخي وتسليط الضوء على ابعاده ومدلولاته بالنسبة لنا كشعب وكنيسة مشرقية مجيدة.

https://www.youtube.com/watch?v=Cu1JvaxDBDs

أضع كلمات القصيدة هنا أولا بلغتنا السريانية المقدسة ومن ثم أقدم ترجمة للنص السرياني وبعدها اكتب النص السرياني صوتيا وبحروف عربية واضعا إياه بين قوسين كي يتسنى للقراء غير الملمين بلغتنا تداول النص ومتابعة الأداء.

وقبل إيراد النص، لا يسعني الا تقديم الشكر الجزيل والثناء بلا حدود للدكتور عبير رمو الذي قام مشكورا بإخراج القصيدة بهذا الشكل الجميل.

قصيدة مشيحا ملكا ܡܫܝܚܐ ܡܠܟܐ ܕܠܥܠܡܝܢ

الردة
ܡܫܝܚܐ ܡܠܟܐ ܕܠܥܠܡܝܢ
المسيح ملك العالمين
(مشيحا ملكا دلعلمين)
ܝܗܘܒܐ ܕܪܚܡܝܢ
مانح الرحمة
(ياهوا درحمين)
ܢܚܡ ܐܢܘܢ ܠܕܫܟܝܒܝܢ
ابعث الذين فارقوا الحياة
(نحم انون لذشخيوين)
ܥܠ ܣܒܪܟ ܬܟܝܠܝܢ
لأنهم على رجائك متكلين
(عال سوراخ عنيذين)

الأبيات

البيت الأول
----------
ܐܡܪܬ ܠܗ ܐܡܗ ܠܡܪܢ
قالت لسيدنا امُه:
(امرث له امه لمارن)
ܐܢܐ ܡܝܬܐ ܐܢܐ
"انا احتضر"
(انّا ميتانا)
ܒܥܝܢܐ ܠܗܘܢ ܠܫܠܝܚܐ
"اطلب منك ان تجلب لي الرسل"
(بعيانا لهون لشليحى)
ܕܡܢܗܘܢ ܐܬܒܪܟ
"كي اتبرك بحضورهم"
(دمنهون اثبرخ)

البيت الثاني
 ---------
ܡܢ ܡܝܬܐܠܝ ܫܡܥܘܢ ܡܢ ܪܗܘܡܐ
"من يأتي لي بشمعون من روما"
(من ميتى لي شمعون من رومه)
ܬܐܘܡܐ ܡܢ ܗܢܕܘ
"من يأتي لي بتوما من الهند"
(من مايتيلي توما من هندو)
ܘܝܘܚܢܢ ܡܢ ܐܦܣܘܣ
"ويوحنا من أفسس"
(ويوحنان من أفسوس)
ܘܐܕܝ  ܡܢ ܐܘܪܗܝ
وأدي من اورهاي (اورفا)
(وأدي من اورهاي)
ܐܡܪ ܠܗ ܡܝܬܐܢܐ ܠܗܘܢ ܘܠܥܪܣܟ ܛܥܢܝܢ
قال لها: "سآتي بهم ونعشك يحملون"
(امر له ميتينا لهون ولعرسخ طاعنين)

البيت الثالث
-------
ܗܠܠܘܝܐ ܗܠܠܘܝܐ ܐܗܠܠܘܝܐ
هللويا هللويا ايهللويا
(هللويا هللويا ايهللويا)
ܘܠܦܓܪܟܝ ܡܙܝܚܝܢ
"ويكرمون جسدك"
(ولبغرغ مزيحين)

تحليل خطاب القصيدة

القصيدة مكتوبة بلغتنا السريانية المقدسة. لغتها سلسلة وقريبة جدا من لهجاتنا المحكية. وهي قصيدة موزونة وتقع في خانة قصيدة النثر (الشعر الحر)، وهو الجنس الأدبي الذي يبدع فيه شعبنا ويسبق العالم الغربي بهذا اللون في أقل تقدير في حوالي 1500 سنة والعرب في حوالي 2000 سنة.

والقصائد لا سيما المغناة منها، كالتي بين أيدينا، تقدم ادلة ثقافية مادية ومعنوية ووجدانية التي بواسطتها تتمكن الشعوب معرفة نفسها وهويتها وتاريخها ومركزها بين الأمم.

والأدلة الثقافية، واللغة جوهر الثقافة، هي التي تشكل هوية أي شعب. وهوية أي شعب تتشكل من اللغة والفنون بأشكالها من الشعر والنثر والأدب بأجناسه المختلفة والرسم والنحت والموسيقى والريازة والأزياء وغيرها. الشعب الذي لا فنون له لا ثقافة ولا هوية له والشعب الذي يستبدل ثقافته يستبدل هويته الى الثقافة (اللغة) الجديدة التي يتبناها.

ماذا تعلمنا هذه القصيدة؟

كانت هذه القصيدة شائعة في منطقة ارادن وإينشكي وسهل داويدية انتشارا واسعا ويتبارى رجال الدين والشمامسة والناس العاديين في إنشادها لا سيما في عيد اب الذي نتذكر فيه المباركة عذراء وانتقالها الى السماء.

مكانة مريم العذراء في كنيسة المشرق

ليس هناك كنيسة في الدنيا تغبط وتبجل وتمجد وتقدس العذراء مريم مثل كنيسة المشرق المجيدة. للعذراء مكانة وذكر في كل صلاة طقسية تقريبا. إضافة الى ذلك لها يوم خاص بها وهو يوم الأربعاء، له صلواته وخطابه وطقوسه الخاصة به كلها تدور وتحولق حول القديسة مريم.

وأفضل مثال هو الدورة الطقسية لكنيسة المشرق. هذه الدورة مثلا تأخذ منحى خاصا بها في مقدم الصوم الى عيد القيامة؛ بمعنى أخر تتبدل الدورة تبدلا كاملا. مع ذلك لم يتجرأ اباؤنا العظام على المس بصلوات القديسة مريم حيث ابقوا يوم الأربعاء كما هو بصلواته وتراتيله المخصصة للمباركة.

والدورة الطقسية لكنيسة المشرق وما أدراك ما الدورة الطقسية. لقد اخترع اجدادنا العظام هذه الدورة التي تشبه الى حدّ ما دوران الأجرام السماوية حول مراكز الإشعاع مثل دوران الأجرام حول النور (ܢܘܗܪܐ الشمس) وكل شيء في الأرض في حالة دوران والكون يدور حول نفسه وحول شموس أخرى ومنها الجزيئيات والذرات التي نتألف نحن منها ويتألف العالم حولنا منها.

وكنيستنا المشرقية تستقي الدوران هذا من ناسك وقديس وعميد ادبنا وفنوننا وثقافتنا المشرقية مار افرام السرياني الذي يطلق على المسيح أسماء حسنى كثيرة ومنها ( ܢܘܗܪܐ  نوهرا) أي النور (الشمس) الذي كل شيء في كنيسة المشرق المجيدة يدور حوله (أي المسيح).

ولمار افرام السرياني قصيدة او تسبحة ربما هي أم القصائد في ادبنا وفنونا وثقافتنا وهي تسبحة النور ܢܘܗܪܐ ܕܢܚ ܠܙܕܝܩܐ التي ومع الأسف الشديد لم نعد ننشدها او ندرسها او نعلمها نحن الكلدان او ربما لم يسمع أغلبنا بها حتى ضمن نطاق كنائسنا. وتأتي رائعة ما افرام هذه (وهي واحدة من مئات ومئات من روائعه) ضمن جنس الطلبات التي كان يجب ان نبقيها ولا نستبدلها بالهجين الذي اتانا لا سيما مؤخرا. قد أعود الى تسبحة النور ودورها في تاريخنا وتكويننا الثقافي وهويتنا في مقال قادم.

بإيجاز شديد أقول إن كل تراثنا الكنسي بلغته وريازته وأزيائه وفنونه وشعره ونثره يتحولق حول النور (ܢܘܗܪܐ نهورا) وهو المسيح. والدوران يظهر بأشكال كثيرة جدا ومنها ريازتنا وأزياؤنا لا سيما التي يرتديها الكهنة والشمامسة عند قيامهم بأداء الطقوس او في حياتهم العادية.

السياق التاريخي للقصيدة

هذه القصيدة التي حتى اللحظة مجهولة المؤلف من القطع الأدبية النادرة التي تمكننا معرفة أنفسنا وتاريخنا.

إن نظرنا اليها بتأمل والى الفلسفة (اللاهوت) الذي تحمله في ثناياها، لعرفنا مثلا أنه لا بد وان تم كتابتها قبل ان تصبح عقيدة انتقال العذراء جسدا وروحا الى السماء عقيدة ملزمة للكنيسة الكاثوليكية في عام 1950.

والتمعن في معاني ولاهوت وفلسفة هذه القصيدة يجعلنا ندرك انها تقترب في مفهومها وحبكتها من عقيدة الكنائس الشرقية الأرثدوكسية الأخرى التي تؤمن ان العذراء ماتت جسديا ودفنت قبل انتقالها الى السماء (عقيدة الكنيسة الكاثوليكية تقول إنها لم تمت بل رفعت بجسدها ونفسها الى المجد المساوي).

هناك إشارات واضحة في القصيدة (حسب ما يرد في النص) الى ان مريم العذراء ماتت (يحملون نعشك .... ويكرمون جسدك) وبدليل قولها (انها تحتضر وعلى فراش الموت) وبدليل ان المسيح -  حسب النص – يعدها ان يحضر الرسل جنازتها وحمل نعشها. حسب التقليد الكنسي المشرقي تخلف توما عن الحضور لأنه كان في الهند ولم يستطع المجيء.

ماذا تعلمنا القصيدة عن تاريخنا وتاريخ كنيستنا المشرقية المجيدة؟

هذا أيضا يسلط الضوء على تاريخ العلاقة بين كنيسة المشرق (الشق الكلداني الكاثوليكي) مع الفاتيكان. كتحليل اولي، نستطيع تقسيم تاريخ العلاقة الى ثلاث مراحل أساسية.

المرحلة الأولى تتمثل من منتصف القرن السادس عشر حتى منتصف (تقريبا نهاية) القرن التاسع عشر. هذه الفترة التي تستمر حوالي ثلاثة قرون (حوالي 300 سنة) اتسمت بعدم التدخل بشؤون الكنيسة الكلدانية من قبل الفاتيكان حيث كان البطاركة الكلدان مستقلون في اغلب القرارات الرئيسية والمهمة التي يتخذونها بشأن تنصيب الأساقفة ونقلهم وبشأن طقس وثقافة وتراث كنيستهم المشرقية المجيدة وسلطتهم كانت تشمل كافة المناطق في العالم التي يتواجد الكلدان فيها. وفي هذه الفترة وبصورة عامة كان من الصعب التمييز بين الشق الكلداني والشق الذي بقي على مذهب الأجداد القويم والمقدس. كانت الناس ورجال الدين أحيانا تنتقل بين الفرعين وكأنهما واحد.

المرحلة الثانية بدأت بعد منتصف القرن التاسع عشر بقدوم المبشرين الغربيين بكثافة على شكل حملات كبيرة وقاموا بشتى الطرق في إدخال الثقافة الكنسية اللاتينية منطلقين من نظرة ان الذين انتقلوا الى الكثلكة (الكلدان) لم يستوعبوا المذهب الجديد بعد؛ وذلك بإبقائهم شوائب من عقيدتهم السابقة، وعليه يجب تقويم إيمانهم والذين بقوا على مذهب الأجداد القويم والسليم والمقدس فهم هراطقة يجب العمل بكل السبل كي يتحولوا الى المذهب الجديد.

المرحلة الثالثة بدأت في منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم وهي أخطر ما واجهته الكنيسة الكلدانية في تاريخها لأنها استهدفت الثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها في الصميم من خلال مفاهيم لم يستوعبها أصحابها حتى اليوم ولم يعوا خطورتها على الكلدان كثقافة وهوية. هذه المرحلة التي بدأت تأخذ ابعادا خطيرة مؤخرا هي "مرحلة التأوين" وتحدثنا عنها كثيرا وسنطرق بابها لاحقا.

أين موقع القصيدة من المراحل التاريخية الثلاث؟

قراءة معمقة وتحليلا خطابيا رصينا للقصيدة هذه، يدللنا انه تمت كتابتها قبل بدء المرحلة الثانية حيث كان لمؤسسة الكنيسة الكلدانية مطلق الحرية في التأليف وإدارة شؤونها التنظيمية والثقافية والطقسية دون تدخل يذكر من قبل الفاتيكان. والقراءة تؤشر بالدليل القاطع انها كانت شائعة جدا قبل 1950 عندما أعلن البابا بيوس الثاني عشر عقيدة انتقال العذراء جسدا وروحا الى السماء. ويبدو ان تداولها استمر مع ذلك بدليل ان الملمين بالثقافة الكلدانية لا يزالون ينشدونها ويرددونها.

في الختام

وأخيرا أترككم مرة أخرى مع هذه القصيدة الكلدانية الرائعة لغة وشعرا ووزنا ونشيدا وأمل من القراء الكرام اتحافنا بروابط لأي كلداني قام بأداء هذه القصيدة او ما يملكونه من معلومات حولها او ما بحوزتهم من قصص تخصها:

https://www.youtube.com/watch?v=Cu1JvaxDBDs


46
على النائب جوزيف صليوا والبطريرك لويس ساكو الإفصاح عما يدور في قلبيهما


المشهد الذي يمر بها شعبنا وأحزابه وبعض كنائسه مشهد لا يطمئن. ما نقرأه وما نحسه مؤشر خطير ودليل ليس على فقدان البوصلة وحسب بل عدم التركيز والفوضى.

الأحزاب متنافرة. الكنائس متناحرة. والجماعات المسيحية المسلحة (مليشيات) – التي ربما لا تستطيع ان تكش ذبابة يطلقها الأعداء ضدنا – هي قاب قوسين او أدنى من الدخول في مناوشات وقتل بعضها البعض.

وحتى المؤتمر الدولي الذي عقد في بروكسل وفي أروقة البرلمان الأوروبي وبحضور نواب منه والتغطية الإخبارية الدولية والاهتمام الدولي الذي رافقه – الأمر الذي لم يحصل عليه حتى "الرئيس" مسعود البرزاني في زيارته الأخيرة الفاشلة للعاصمة الأوروبية هذه –جرت محاولات غير حميدة لتميعه وإسقاطه بحجج واهية ودفاعا عن مواقف بعض الزعامات التي صارت عبئا علينا كشعب وعلى كنائسنا ايضا.

وإن كان الخطاب (اللغة) أهم مؤشر للواقع الاجتماعي، كما يقول الفيلسوف المعاصر ميشيل فوكو، فإننا نكون حقا في ورطة وأزمة شديدة، ازمة وجود أخشى انه صار من الصعب بمكان عبورها بسلام.

أنظر الى صفحة المنتدى (المنبر الحر) في هذا الموقع وترى العجب العجاب. كل واحد منا يغني على ليلاه. وأخطر ما يواجهنا هو فلتان خطابنا حيث التدني وصل الى استخدام عبارات غير حميدة ترقى الي البذاءات.

وشخصيا أشفق على مشرف الموقع هذا، لأنه كما يبدو يستهلك أغلب وقته في رفع وحذف ما يراه غير حميد يرقى الى الشخصنة والمباشرة والاستهلاك الرخيص.

ومشكلتنا الكبرى ان الخطاب الرخيص والمبتذل ليس خاصية الناس العاديين من رواد المنتدى. ما يحز في القلب هو تهافت بعض كبار قومنا على مثل هذه التفاهات واستخدامها دون وخز ضمير وكأننا شعب من الرعاع لا نقرأ ولا نفهم ولا نحلل.

وكمثال على ما ذهبت إليه، سأركز بعض الشيء على الملاسنة او الاحتكاك الخطابي بين النائب صليوا والبطريرك ساكو. (رابط 1، و2 ، و 3)

عندما يهاجم مسؤول مسؤولا أخر مستخدما عبارات جارحة وغير حميدة ويستهدف الشخص وليس ما يقوم به من عمل وممارسة، تصبح مادة مثل هذه كالمنجم للإعلام الذي يهرع لاكتشافه والنهل منه.

وهذا فعلا ما حدث في اللقاء المثير الذي أجرته قناة الحدث مع النائب صليوا (رابط 1 و2 ). وكان الصحافي الذي أجري اللقاء ذكيا، لأنه استهله بعبارات غير مقبولة ولا يجوز ان تأتي من شخصية تحمل لقب "البطريرك" وطلب من النائب الرد عليها.

وعكس البطريرك ساكو، الذي يفتقر الى ألف باء العمل الدبلوماسي والسياسي والإعلامي – والدليل مطباته الكثيرة التي ربما لا تعد ولا تحصى – أظهر النائب صليوا درجة كبيرة من الذكاء الذي ينم عن تجربة وممارسة بالسياسة والدبلوماسية والعمل الإعلامي.

ورد الصاع صاعين للبطريرك ساكو – الذي كنت أتمنى ان يبقى بعيدا عن مزاريب السياسة والإعلام الكالفينية والمصلحية والنفعية – وبطريقة دبلوماسية لبقة. أتى ذلك في جملة واحدة تنوه وبشكل غير مباشر على الشخصية التي يقصدها وفيها اتهام خطير وخطير جدا.

يقول النائب صليوا من على منبر قناة الحدث وهي واحدة من أكثر القنوات العربية انتشارا، أي يشاهدها العشرات من الملايين من الناطقين بالعربية، وهي قناة تتفنن في انتقاء الحدث للنيل من الذين ليسوا على نهجها ونهج صاحب نعمتها: (رابط 2)

"انا لم أستخدم كلمات ... نابية، انا ما جرحت مشاعر ... ولكن فعلا هم يحضرون مئات المؤتمرات خارج البلد ويجمعون الفلوس باسم المسيحيين الكلدان السريان الاشوريين وهذه الفلوس لا تصل الى هذا المكون كما يستوجب او بكل المبالغ وانما تذهب هنا وهناك."

من هذا الموقع أطالب النائب صليوا، لأنه كما يقول – وهذا صحيح – إنه منتخب من الشعب وهو كممثل للشعب لا يجوز ان يعرج الى الهمز واللمز، أن يقول صراحة – رغم معرفتنا ولو بصورة غير مباشرة من يقصده بهذه الجملة – من هي الشخصية المسيحية التي "تجمع الفلوس باسم المسيحيين الكلدان السريان الاشوريين وهذه الفلوس لا تصل الى هذا المكون كما يستوجب او بكل المبالغ وانما تذهب هنا وهناك."

الشجاعة مهمة جدا للمشرع المنتخب. الدور الأساسي للمشرع (النائب) هو محاسبة السلطة، دينية او مدنية. هذه الشخصية التي تجمع الفلوس بهذا الشكل يجب ان يحاسبها شعبنا وكنائسنا محاسبة شديدة من خلال تشكيل لجنة تقصي كي نعرف كم هو المبلغ وكيف جرى جمعه باسم المسيحيين ومن ثم – حسب قول النائب – جرى صرفه هناك وهناك وفي غير محله.

وإن كان الأمر كذلك، على هذه الشخصية تقديم استقالتها بعد كشف كل الأوراق.

بطبيعة الحال، لا يجوز استباق الأمور رغم أنني لا أشك في ما قاله النائب صليوا لأن هناك ادلة عرضية على ما يقوله جرى تداولها في هذا المنتدى ومن قبل كتاب في رأي شعبنا لهم مكانتهم وهم من مناصري هذه الشخصية.

وأتي الى تصريح أخر للبطريرك ساكو الذي فيه يطلق اتهامات كبيرة وخطيرة لبعض الأحزاب المسيحية حيث يقول: (رابط 3)

"المشكلة هي في العقلية العراقية، عقلية فرض ارادت معينة بأوامر وليس عن طريق الحوار والاقناع. المشكلة في المكون المسيحي غير المتفق على رؤية واضحة ومطالب قابلة للتنفيذ والعديد من احزابه هو تابع وقابض للمال."

أيضا هنا نطلب من البطريرك ان يقول لنا أي من الأحزاب هي تابعة وقابضة للمال. الذي يطلق هكذا اتهامات يجب ان يكون هو مستقلا أي ليس تابعا وان يكون هو أيضا غير "قابض للمال."

في أي شعب يحترم فيه قادته أولا أنفسهم ومن ثم اتباعهم سيكون لزاما عليهم ان يفصحوا ما في قلبهم، لأن لا يجوز لمسؤول ان يطلق اتهامات على عواهنها. وأي شعب يحترم نفسه لكان طلب تشكيل لجنة لتقصي اتهامات خطيرة مثل هذه ومن مسؤولين كبار.

وأخيرا، كم كنت أتمنى ان لا يقحم البطريرك ساكو نفسه في مزاريب ودهاليز السياسة الفاسدة ودهاليز ومزاريب الإعلام غير المحايد وغير النزيه. الذي يدخل هذه المزاريب والدهاليز لا بد وأن يصبح جزءا منها ولا فرق بينه وبين من يمارسها.

والبطريرك يعترف في أخر بيان له (رابط 3) ان ليس هناك من يستمع له ويعمل بنصائحه من السياسيين في العراق. هنا أقول له وانا أجل وأقدس الكرسي الذي يجلس عليه سعيدا، ان الذي يقدم النصيحة عليه هو ان يقبل النصيحة قبل ان يقدمها للأخرين. وكم من الناس المخلصين قدموا نصائح للبطريرك ان يخرج من الحفرة الإعلامية والسياسية والدبلوماسية والعلاقات العامة العميقة التي حفرها بنفسه لنفسه الى درجة يصعب عليه الأن الخروج منها.

كم كنت أتمنى ان يلعب البطريرك دور اجداده العظام الذين كان لا هم ولا غم لهم الا لم شمل رعيتهم والحفاظ على ثقافتهم ولغتهم الوطنية والكنسية – سر وجودهم ككنيسة وشعب. عندئذ كان سيرى كيف ان الكل وليس رعيته وحسب تقدسه وتجله وتلتف حوله وتفديه بأرواحها.

كل بيان جديد يصدره البطريرك – ومع الأسف – يأكل من جرفه – إن بقي له جرف – ويضعه في موقع لا يحسد عليه، كما هو الحال في الخصام بينه وبين النائب صليوا.


================
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,847722.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.org/vshare/view/10455/joseph-sylawa-hadath/
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=848169.0

47
هل سينقذ المطران سعد سيروب الكلدان في أوروبا ومن خلالهم في العالم من الضياع والزوال

الكلدان في أزمة، وأزمة شديدة. وهم أيضا في فوضى، فوضى عارمة، قد لا يحس بها الصامت والمستكين ولكن يتحسسها المحب لثقافتهم الفريدة من نوعها.

هذه الثقافة هي في خطر شديد وعلى شفا الزوال لما تعرضت له من هجمة شرسة في السنين القليلة الماضية.

وإن أخذنا الوضع في أوروبا كمقياس، سنلحظ وجود تهميش خطير لهذه الثقافة جريا وراء السياسة الطائشة التي تحارب هذه الثقافة والتي تم تبنيها في السنين الأخيرة.

وما دعاني الى كتابة هذا المقال، او بالأحرى النداء، الذي ربما هو النداء الأخير قبل وقوع الفأس على الراس كما يقول المثل، ظهور إشارات مبشرة للخير لاحظتها بنفسي ووردت الى مسامعي من مصادر قريبة الصلة.

هذه الإشارات تدلل على ان مطراننا الشاب بدا يحس بضياع الكلدان في أوروبا وربما الشتات برمته وقد يكون في أي مكان في العالم بسبب الفوضى الطقسية واللغوية والثقافية والإدارية التي تعم مؤسسة الكنيسة الكلدانية حاليا.

وما شدني هو ان مطراننا الكلداني الشاب بدا يحضن التراث المقدس لأجداده بثقافته وحوذرته ولغته ويتحدث عن مبادرات جديدة عسى ولعل ينقذ ما فلت من حملة التهديم وعن سبق إصرار لهذه الثقافة التي بدونها لا أظن يحق لنا ان نسمي أنفسنا كلدانا ولا يحق لنا ان نقول إننا أصحاب هوية او حتى مؤسسة كنسية تحمل اسمنا. غياب الثقافة هو قتل للهوية والوجود.

وفي أخر ممارسة لطقسنا وثقافتنا الكلدانية الفريدة من نوعها، رأيته مصرا على قراءة النصوص بلغتنا الساحرة وممارسة دوره مراعاة وتقديسا لإرث ابائه وأجداده العظام وهويته وثقافته المسيحية المشرقية المقدسة.

وأكثر ما شدني وحفزني لكتابة هذا النداء، بعد ان ضاقت بنا السبل نحن محبي ثقافتنا الكلدانية الفريدة من نوعها وبعد ان وصل الأمر الى محاربة كل متشبث وشغوف بها، كان ظهوره مع كهنته في أوروبا في اجتماع مع الحبر الأعظم وهو يحمل ثقافته الكلدانية الفريدة من نوعها على راحتيه وينشد امام الحبر الأعظم انشودة كلدانية خالدة وبلغتنا الساحرة.

من هذا المنطلق اضع بعض المقترحات امامه وهو الأن المسؤول الطقسي (الثقافي) المباشر عن الكلدان في أوروبا.

والمقترحات هذه أضعها امام كل أساقفة الشتات الذين لهم استقلالية شبه كاملة لعقد اجتماع لمناقشة هذه الأفكار.

وأكرر وأقول إن لم يتميز الكلدان عن الأخرين من خلال ثقافتهم، فإنهم صوب الزوال ذاهبون لا محالة ولهذا كل من يحارب الثقافة الكلدانية بلغتها وطقسها وتراثها وريازتها وازيائها وفنونها وآدابها وشعرها وموسيقاها فإنه يساهم في التعجيل بهذا الزوال.

المقترحات:

أولا، جمع القلة الباقية من الملمين بالثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها وتشكيل لجان منهم في كل خورنة لإعادة الحياة لهذه الثقافة قبل ان يتم وأدها والى الأبد.

ثانيا، حث الكهنة على تدريس هذه الثقافة، لأنها ثقافة مسيحية أساسها المسرة، وبلغتها وبألحانها. مع كل احترامي، يقوم بعض الكهنة بإعداد رحلات  مكوكية من زيارات الى هنا وهناك وهذه مكلفة من حيث الوقت والجهد والمال والسؤال هو لماذا لا يقوم هؤلاء الكهنة بتدريس ثقافتنا المسيحية الإنجيلية وبلغتها المقدسة وبهذا نحافظ ليس على مشرقية هويتنا بل مسيحيتنا المشرقية أيضا.

ثالثا، حث الكهنة والملمين بثقافتنا ولغتنا على تعليم ما لا يقل عن عشرة أشخاص (بنين وبنات) في السنة الواحدة وأعدادهم لخدمة بيت الرب من خلال طقسنا ولغتا الساحرة.

رابعا، إعداد شاشات في كل الكنائس الكلدانية لبث النصوص الكلدانية بالكرشوني أولا ومن ثم بترجمة ملائمة كي يفهمها الناس ومن ثم نقطع الدابر على مروجي الترجمة والتأوين من الذين لا ديدن لهم الا محاربتنا من خلال محاربة ثقافتا.

خامسا، جمع كل الموسيقيين والفنانين والمثقفين من الكلدان الذين غادروا او هربوا من الفوضى العارمة التي لحقت بكنيستنا مؤخرا ودعوتهم الى أخذ دورهم في إحياء ثقافتا الكلدانية الفريدة من نوعها.

سادسا، العمل الجاد على التشبث بلغتنا قدر المستطاع وفي كل الأزمنة والأوقات والحد من الدخيل والأجنبي الذي بدا يغزونا مع ثقافتنا.

سابعا، العمل جديا الى عقد مؤتمر ثقافي للكلدان في اروبا تكون لغتهم هي محوره وهي اللغة الدارجة فيه لمناقشة السبل الى إحياء ثقافتهم.

ثامنا، عقد مهرجانات للثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها وبلغتها وشعرها وفنونها أولا على مستوى الخورنات ومن ثم على مستوى الدول وبعدها العمل على عقد مهرجان كلداني عام على مستوى اروبا برمتها.

تاسعا، العمل الحثيث على إخراج ومن خلال خطة مدروسة، كل ما أتانا من غريب ودخيل وتم إقحامه كي يحل محل ثقافتنا الفريدة من نوعها.

عاشرا، العمل على إنشاء معهد لتدريس ثقافتنا وبلغتها بطريقة منهجية لتخريج مدرسين ومعملين وشمامسة يتولون مهمة الحفاظ علينا وعلى ثقافتنا الكلدانية الفريدة من نوعها.

حادي عشر، التواصل مع كل الكلدان لا سيما في الشتات من خلال موقع ثقافي الكتروني يجمع الكلدان ومن خلاله يتعرفون على ثقافتهم ولغتهم وآدابهم وشعرهم وفنونهم قبل ان تصبح في خبر كان.

وأخيرا، لا يستثنى أي كلداني بإمكانه المساهمة في الحفاظ على ثقافتنا بلغتها بسبب ميل محدد له او موقف اتخذه من هذا او ذاك. كل ملم بثقافتنا نحن بحاجة ماسة إليه كي ننشر هذه الثقافة ونحيها قبل زوالها.

ليون برخو
جامعة يونشوبنك - السويد

48
كي لا يُلدغ ما تبقى من شعبنا مرتين – قراءة في مستقبل شعبنا على ضوء استفتاء البارزاني ومواقف زعمائنا وما يخفيه القادم من الأيام

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد

توطئة

قبل الولوج في خفايا ألاعيب ومقالب السيد مسعود البارزاني وعائلته وعشيرته وحاشيته وحزبه، علينا رفع القبعة للرجل.

في الحقيقة إنني معجب بتشبثه بثقافة قومه وشعبه. فهو يجل ويحترم ومعه اتباعه زيّه القومي ويمنح اللغة الكردية بشعرها وآدابها وقصصها وفنونها – الثقافة الكردية – اهتماما قلّ نظيره.

فله يعود الفضل في رفع نيّر التعريب ومن خلال فترة قصيرة عن كاهل شعبه وجعل اللغة الكردية – الثقافة الكردية – اللغة الرسمية في كل مناحي الحياة وعلى الخصوص في مضمار التربية والتعليم والمراسلات الرسمية وفي كافة المراحل.

حتى المدارس الدينية والجوامع في إقليم كردستان ملزمة باستخدام اللغة الكردية.

وله يعود الفضل أيضا بجعل اللغة الكردية – الثقافة الكردية -  لبّ ولولب والقلب النابض لشعبه وهويته الى درجة اننا لن نرى كرديا حتى وإن كان اميّا يقبل تهميش لغته الكردية او استبدالها بأي لغة أخرى وتحت أية ظروف مهما كانت.

سقت هذه المقدمة من اجل المقارنة والمقاربة بين ما يجري لدينا حيث صار همّ وديدن البعض تهميش وازدراء لغتنا المقدسة بشعرها وفنونها وأعلامها وآدابها وأزيائها وطقوسها وفرض الغريب والأجنبي من المعرب وغيره بديلا عنها.

لوائح حقوق الإنسان والأقليات و"أسس القانون الدولي" غير ملزمة

الذي يقرأ التصريحات التي يصدرها بعض السياسيين من شعبنا وما سطره بعض كتاب شعبنا، يتصور انه علنيا الاستفادة من الاستفتاء او القوانين التي يتم تشريعها في العراق.

وذهب البعض بعيدا حيث قام بالتنظير من خلال قراءة غير صحيحة لبعض اللوائح إن كانت للأمم المتحدة او هيئات إنسانية أخرى. هؤلاء مع احترامنا الشديد لهم لا يعيشون في هذا العصر ولا علم لهم بأحوال دنيا اليوم.

أغلب اللوائح والقوانين الدولية ومنها لوائح حقوق الإنسان والأقليات و"صكوك دولية حديثة" غير ملزمة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة ولا يمكن محاسبتها على تطبيق بنودها داخل أراضيها. (رابط 3)

وهكذا ترى أن الحكومة في مصر مثلا تفرض لوائح وقوانين الدولة العثمانية التي تعدّ انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان على بناء وإعادة اعمار الكنائس وغيره من الأمور على الأقباط. كل اللوائح التي ذكرها بعض الأخوة ومنها "الصكوك الدولية الحديثة التي تستعمل مصطلح (الهوية)" لم تفلح في اقناع أي حكومة مصرية لإلغاء هذه القوانين.

والأمر ذاته يحدث في الضفة الغربية المحتلة من قبل اسرائيل حيث تطبق الدولة العبرية اللوائح والتشريعات التي كانت سائدة في عهد الدولة العثمانية وابان الاحتلال البريطاني لفلسطين على بناء واعمار الكنائس في القدس وتطبقها على الفلسطينيين ولا تكترث ابدا لكل اللوائح التي ذكرها بعض الأخوة ومنها "الصكوك الدولية الحديثة التي تستعمل مصطلح (الهوية)".

وهناك امثلة كثيرة في العالم أكثر من ان تحصى للدول التي لا تكترث ابدا لكل اللوائح التي ذكرها بعض الأخوة ومنها "الصكوك الدولية الحديثة التي تستعمل مصطلح (الهوية)".

ما لنا والاستفتاء

نحن لا ناقة ولا جمل لنا بهذا الاستفتاء لسبين:

الأول، اعدادنا بتناقص كبير ومسألة عودة النازحين مهما طبل البعض لها من خلال مسرحيات والاعيب لا تنطلي الا على البسطاء من الناس غير واردة، لأن أغلبهم قد غادر دون رجعة. أكثر البلدات كثافة سكانية كانت مدينة بغديدا – الحمدانية – حيث كان يقطنها قبل غزوها من قبل الدولة الإسلامية – داعش – حوالي 60,000 نسمة. هل تعلمون كم عائلة عادت إليها حتى الأن؟ حوالي أربعين عائلة وحسب (رابط 1). الأصحاب الشرعيين للمنازل والبيوت سيبيعونها وهذا من حقهم وإن حاول البعض الاحتفاظ بها سيتم اغوائه لبيعها لأن هناك خطة معدة سلفا لامتلاكها من قبل الكبار وازلامهم في المنطقة وسأعرج عليها لاحقا في المداخلات.

السبب الثاني يتعلق بعلاقتنا بالأرض. نحن لا نملك غير البيوت التي كنا نقطنها. اما الأراضي فهي اما أميرية او زراعية – أي يعود الفصل والبت فيها الى الحكومة شأنها شان الأراضي الأخرى. وأتذكر ماذا حلّ بالأراضي الزراعية الشاسعة التي كانت تابعة لدير مار كوركيس في الموصل حيث بجرة قلم جرى توزيعها على الأهالي وتحويل مساحات شاسعة منها الى مشاريع خاصة بالحكومة.

موقف الحكومة الكردية

ولا أظن ان موقف الحكومة الكردية من الأراضي الزراعية التابعة لبلداتنا سيختلف عن مواقف الحكومات في بغداد، لا بل أكاد اجزم انه سيكون أكثر سوءا.

كم قرية مسيحية مع أراضيها احتلها (اغتصبها) الأكراد في العهد العتيد لحكومة مسعود البارزاني؟ أي قوة في الدنيا وأي لائحة حقوق الإنسان او أي تشريع دولي لحقوق الأقليات او "الصكوك الدولية الحديثة التي تستعمل مصطلح (الهوية)".  – وهذا مصطلح مبهم لا معنى له – من التي ذكرها البعض، سيقنع البارزاني وحكومته ان يعيدوا شبرا واحدا منها لنا؟ منطقة نهلة كانت تقريبا منطقتنا برمتها. أين هي الأن؟ هل تعرفون من احتلها (اغتصبها)؟ إنهم أولاد الخال وأولاد العم ويتنعمون بخيراتها.

إذا كنا لم نستطع اقناع البارزاني الضعيف حتى الأن والمحاصر ان يعيد شبرا من أراضينا التي اغتصبها، كيف سنقنعه ان يزيح اقاربه من قرانا وبيوتنا وأراضينا ويعيدها لأصحابها الشرعيين؟ ومن سيوقفه عن الاستيلاء على أراضينا الزراعية المتبقية بحجة التنقيب عن المعادن والنفط والثروات او تنفيذ خطط استثمارية "للنفع العام" او ارسال ازلامه لشراء ما تبق من الملك الصرف لنا؟

لا تستغربوا ما أقوله

أظن قد يستغرب البعض ويقول في نفسه هل هذا صحيح؟ نعم، هذا صحيح. الم تتطلعوا على تقارير منظمات حقوق الإنسان عن الاضطهاد والظلم الذي الحقه البارزاني وميليشياته وقوات أمنه واستخباراته التي يقودها ابنه مسرور – خليفته القادم – بنا في سهل نينوى؟ إنها متوافرة على الشبكة العنكبوتية وهي لا تختلف كثيرا عن التقارير التي كانت ذات المنظمات تنشرها عن انتهاكات حقوق الإنسان في عهد صدام حسين.

المستقبل حالك

نعم، مستقبلنا في ارض الأجداد حالك وعلى كف عفريت. لماذا؟ لأن لا أصدقاء لنا ولا حلفاء لنا وليس هناك قوة ذات شأن في الشرق والغرب على استعداد لحمايتنا او التضحية بحبة خردل في سبيل ذلك.

السلطات والحكومات التي نتعامل معها في الشرق والغرب لا تكترث لنا ولوجودنا حبة خردل. لها مصالحها الكبيرة وتحاول تحقيقها مهما كلف الأمر وحتى إن ذهبت الأقليات مثلنا الى الجحيم. لا أشجع أي من أبناء شعبنا ان يصدق ان هناك من يحسب لنا أي حساب في المعادلات القائمة او هناك "صكوك دولية حديثة" او لوائح حقوق الإنسان يمكن الاستناد إليها. قيمتنا لدى الجميع هي صفر، وهذا تحليلي.

أنظروا ماذا حلّ بالأخوة من الإيزيديين. ما حل بهم كارثة مروعة بكل المقاييس. تركهم البارزاني في العراء وكان يرفض تسليحهم وهربت ميليشياته مثل الفئران في عام 2014. عندما استقوى بعض الشيء – وهذا لن يستمر بل امر مؤقت – يحاول تفتيت الشعب الإيزيدي الذي صار بمثابة ذخيرة مدفع لدية ولدى ميليشياته من جهة ولدى مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي من جهة أخرى. أنظروا ماذا يحدث في سنجار!

اما في منطقة الشيخان، فهناك سياسة تكريد للمناطق الإيزيدية، أي حتى الإيزيديون يعانون من الاستيلاء على مناطقهم وقراهم واراضيهم رغم ان الكثير منهم يفتخر بانتمائه الى الأمة الكردية.

الجهاديون قادمون

قد لا يكون الكثير من أبناء شعبنا على اطلاع بما يحدث إن في العراق او سوريا. إن كانت الدولة الإسلامية – داعش – في أفول وتقهقر، فهناك أكثر من داعش في انتظارنا وهذا المرة ستكون الكارثة اضعاف ما حلّ بالمنطقة في عام 2014.

هناك حوالي 1000 منظمة مسلحة وجهادية في سوريا والعراق. وأغلب هذه المنظمات ذات توجه ظلامي تكفيري ولكنها تظهر وكأنها معتدلة التوجه او هذا ما يقوله مموليها ومسلحيها في الشرق الأوسط والدول الغربية وأمريكا. (رابط 2)

هذه المنظمات كالثعبان تغير جلدها (تسميتها) ولكنها تبقى هي هي. التوحيد والجهاد (القاعدة) في العرق تفرعت الى الدولة الإسلامية وجبهة النصرة. وهاتان المنظمتان لهما أفرع وأذرع بالعشرات والمئات منها ما هو متحالف مع دول غربية مثل فرنسا وأمريكا وبريطانيا او دول شرق أوسطية مثل تركيا وقطر والإمارات والسعودية. يأتيها المدد والتسليح دون انقطاع على أنها معتدلة او معارضة وهي ليست كذلك.

وأفضل مثال هي "جبهة النصرة" (القاعدة في سوريا).  هذه الجبهة لها تحالفات مع مئات المنظمات الأخرى. هذه المنظمات في الواقع تابعة للنصرة ولكن في نظر الممولين لا سيما الغربيين منهم انها ليست كذلك.

وجبهة النصرة التي اغلب قادتها من الجهاديين الأجانب غيرت جلدها وليس جسمها مرتين حتى الأن لكسب عطف الغرب. حولت اسمها أولا الى "جبهة فتح الشام" ومن ثم "هيئة تحرير الشام" وفي كلتا الحالتين كانت ولا تزال تضم منظمات تستقي المال والسلاح والمدد من دول غربية وشرق أوسطية. هذه الدول تقول انها تساعد منظمات معارضة معتدلة، ولكنها في الواقع تساعد النصرة لأن المدد ينتهي في مخازنها وبيت مالها.

وبين هذه المنظمات الكثير من الذي يأتيه المدد من هذه الدول على أنها معتدلة ولكنها تدين الولاء للدولة الإسلامية – داعش.

عودة كيسنجر

ها قد عاد هنري كيسنجر وهو اليوم مقرب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأستقبله رسميا أكثر من مرة. مبادئ كيسنجر يمكن تلخيصها من خلال أقوال شهيرة له ومنها موقفه من الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988) حيث كانت استراتيجيته ان يتقاتل الطرفان حتى ينتهيا او يخسرا المعركة.

الاستراتيجية الحالية لكيسنجر والتي يبدو ان امريكا والغرب يعملان بها هي ان يستمر القتل في هذه المنطقة طالما القاتل والمقتول هو من المنطقة ذاتها. ويقول كيسنجر ما معناه إن الله ولد في الشرق الأوسط والحرب في الشرق الأوسط يجب ان تستمر طالما بقي الله حيا ويجب ان لا تنتهي الا بموته. والقتل سيستمر وسيدفع ثمنه أولا الضعيف من أمثالنا والأقليات الأخرى.

والقتل الذي يحدث ونراه بأعيننا ونقرأ عنه مروّع. كل فئة تريد ذبح الفئة الأخرى من الوريد حتى الوريد. وهنا الأمر لا يقتصر على الدين او الطائفة او المذهب المختلف. المجموعات الجهادية السنية مثلا تذبح الواحد الأخر ومن ثم تذبح أهلها من السنة بشكل مريع ومخيف ومن ثم تذبح الأخرين المختلفين عنها.

ولن يستكين العرب من الشيعة والسنة لألاعيب ومقالب البارزاني لضم أراض مثل كركروك وسهل نينوى وخانقين وغيرها الى مملكته. ولن تستكين القوى الإقليمية الى ذلك وستحدث مذابح ومعارك مهولة أخشى ان يكون ما بقي من شعبنا وقودا لها ومعه الأقليات الأخرى التي لا ظهير لها مثلنا.

البارزاني ليس صاحب ثقة

البارزاني مستعد ان يذهب الى ابعد ما يمكن تصوره من أجل مصلحته ومصلحة عائلته وعشيرته. في منتصف التسعينيات من القرن المنصرم، استنجد وبخنوع بصدام حسين ليرسل حرسه الجمهوري كي يفتك بأبناء قومه من الاكراد في أربيل. والكل يتذكر كيف هجم الحرس الجمهوري على أربيل وأوقع مذبحة في صفوف معارضي البارزاني من الأكراد.
 
وقبلها دخل في حرب أهلية مع خصمة جلال الطلباني وفيها جرت معارك كان يذبح الواحد الأخر فيها وكأننا في مقصلة للحيوانات.

وعندما رأى البارزاني ان مصلحته تقتضي التحالف ولو وقتيا مع صدام حسين، نسي البارزاني الأنفال والإعدام بالجملة من قبل صدام حسين – حسب قوله – لأبناء عشيرته حيث تم اعدام – كما يقول مسعود البارزاني ذاته – حوالي 180,000 من افراد عشيرته. كل هذا ضربه عرض الحائط ووضع يده في يد صدام حسين لضرب معارضيه من الأكراد.

استفتاء باهت

كان الأجدر بالبارزاني ان يكون قرار الاستفتاء صادرا من البرلمان الكردي. ولكن الم يعطل البارزاني هذا البرلمان بنفسه؟ هذا قرار – قرار الاستفتاء – قرار شخصي لمنافع شخصية وقد يرتد على الأكراد وبالا ولا ينفعهم البتة بل يضر بمصالحهم كأمة.

ومن ثم الكل يعلم والبارزاني نفسه يعلم انه رئيس فاقد الشرعية الدستورية منذ اب 2015. وهذا حسب فقرات الدستور الذي صادق عليه هو بنفسه. الم يكن الأجدر بالبارزاني ان يقدم استقالته ويدعو الى انتخابات عامة نزيهة لانتخاب سلطة برلمانية شرعية وهي التي تنتخب الحكومة وهي التي تبت في الاستفتاء، ام في نيته تسليم الرئاسة الى ابنه مسرور؟

هذا هو الواقع من ثم يأتي البعض من أبناء شعبنا ويطلب بتنفيذ لوائح حقوق الإنسان وحقوق الأقليات ومنها "الصكوك الدولية الحديثة التي تستعمل مصطلح (الهوية)"! إنهم لا يلتزمون بدستور وضعوه بأنفسهم فكيف لنا ان نصدقهم انهم سيلتزمون بلوائح حقوق الإنسان وحقوق الأقليات "والصكوك الدولية الحديث التي تستعمل مصطلح (الهوية)"!

شعبنا في محنة

المحنة التي يمر بها شعبنا تتمثل أولا بأنه ضحية لبعض رجال الدين من الذين غادروا مهامهم ومسؤولياتهم الأخلاقية في الحفاظ على هويتنا وثقافتنا لغايات خاصة ويستخدمون كل الأساليب ومنها غير الحسنة لتحقيق هذه الغايات. الالحاح بعودة النازحين ومن ثم محاربة هويتهم وثقافتهم وبعدها الادعاء بأنهم سيبنون قراهم المهدمة أحسن مما كانت وسيقدمون الحماية لهم قول فارغ أرى ان غاياته غير حميدة ولا تأتي الا من شخصية عشوائية لا توزن خطابها ولا علم لها بما تقوم به وهي في ضياع شديد.

وثانيا، محنتنا تتمثل أننا نتصور ان الدول والحكومات والمؤسسات دينية ومدنية، غربية وشرقية، لها التزام وعلاقة بالقيم والشرف والعلاقات الإنسانية وحقوق الإنسان والأقليات وتحترم اللوائح التي ذكرها بعض الأخوة ومنها "الصكوك الدولية الحديثة التي تستعمل مصطلح (الهوية)". هنا نحن على وهم كبير. هؤلاء كلهم ميكافيليون ومصلحيون ونفعيون. مصالحهم وحسب تقرر خطواتهم وليس وضع المساكين من امثالنا مهما كانت عدالة قضيتا.
=================================================================
رابط 1
https://www.zowaa.org/index.php?page=com_articles&id=7204#.WShbK-uGOM8
رابط 2
http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/01/131213_syria_rebels_background
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=844216.0



49
أغلب النقد الموجه للبطريرك ساكو في محله؛ وإطلاق تسميات غير حميدة على معارضيه بدلا من مناقشتهم يؤكد صواب انتقاداتهم
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

الكتابة النقدية الصريحة غير مريحة، لأنها تحرج متلقيها وتجعله يشعر بالدوار. وبدلا من الرد على النقاط المثارة فيها، يعرج متلقيها على العموميات.

ونحن كبشر نخشى النقد. وكشرقيين في الغالب نميل الى ثلاث طرق للتعامل معه.

في الأولى، نميل الى التهرب من النقد وذلك من خلال مديح أنفسنا او الفكر او الشخص الذي نسانده والذي هو مثار النقد.

وفي الثانية، نردد لماذا يأتينا النقد بينما لا يوجه النقد الى الشخص الفلاني.

وفي الثالثة، وهي الأهم، لا نتبنى أي موقف غير ترديد عبارات فارغة مثل القول: "هذا لا يجوز ... وهذا حرام ...وهذا قبض ثمن كتاباته ... وهذا معاد لنا ... وهذا أجير ... وهذا عميل". هذه عبارات جذابة وجميلة من الناحية الخطابية الا أنها فقيرة العقل والإبداع.

هذا ما خطر ببالي وأنا اقرأ بيان البطريرك ساكو الأخير وهو يرد على منتقديه (رابط 1).

فبدلا من التعامل مع النقاط التي يثيرها الذين ينتقدوه، هاجمهم البطريرك بعبارات عمومية مبهمة غير حميدة لا معنى لها ولا تليق بمقام صاحبها لا بل أنها تزيد في طينه بلة.

وعندما أشير الى النقد الموجه للبطريرك ساكو، اقصد ما يأتي به كتاب شعبنا في هذا الموقع وحسب.

وحسب وجهة نظري، إن الذين ينتقدون البطريرك لهم نقاط محددة يرددونها كثيرا وفي نظرهم مهمة جدا.

ولكن لا البطريرك ولا الأخوة الذين يناصرونه في مقالاتهم يحاولون الإجابة عليها او التعامل معها.

حرية التعبير

من حق البطريك ان يعبر عن رأيه ويقوم بالنشاطات التي يراها او التي هي من وجهة نظره مناسبة. ومن حق البطريرك ان يصور نفسه ونشاطاته وكتاباته على انها المنقذة لنا ولشعبنا وكنائسنا وان لولاه لكنا في خبر كان.

بيد ان من حق شعبنا وكنائسنا ومن حقنا أيضا ان ندلو بدلونا ونعطي الرأي الأخر.

ما الاحظه انه كلما انبرينا للإدلاء برأينا – نحن المختلفين عن البطريرك ونهجه وسياساته وإعلامه ونشاطه وغيره – انبرى البطريرك والأخوة الذين يناصرونه ليس مفندين النقاط التي نثيرها بل مركزين على النقاط الثلاث التي ذكرتها أعلاه.

ولقد وصل الأمر بأحد الأخوة الى درجة اتهام منتقدي البطريرك أنهم "اشرار" وأنهم "ذئاب" بلباس الحملان وغيره من التوصيفات غير الحميدة.

وأنا الخص النقد الذي يوجه للبطريرك ساكو في هذا المنبر، غايتي هي ان ادخل معه ومع أنصاره في حوار سمته الكياسة وأخلاق الكتابة واحترام الأخر قدر الإمكان.

الموقف من الثقافة

لم تهمش الثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها بهذا الشكل الخطير مثل الذي حدث منذ اعتلاء البطريرك ساكو سدة البطريركية. هناك فوضى في اللغة والطقس. التعريب على قدم وساق وقد جرى اقحام نصوص رتيبة وباللغة العربية على حساب تراثنا ولغتنا. الكلدان في طريقهم الى خسارة ثقافتهم – أي وجودهم وهويتهم – وهناك ادلة كثيرة سأعرج عليها عند النقاش.

إن ذهبت الثقافة – وهي في طريقها الى الزوال والسبب والمسبب معروف – انتهينا كأمة وكنيسة ذات خصوصية.

ما يجمع الكلدان هو ثقافتهم وحسب وليس غير. وما يوحد وسيوحد شعبنا ليس وحدة التسميات ولا وحدة المذاهب.

 الثقافة – اللغة والتراث والأدب والشعر والفنون – هي التي توحدنا وتجمعنا وليس غيرها.

 مار افرام مثلا نملكه كلنا سوية بعظمته وفنه وأدبه وشعره ومياميره.

 الذي يهمش مار افرام – كما يحدث الأن والسبب والمسبب معروف – ونصوصه وشعره وآدابه ولغته ولغة ونتاج أقرانه – والسبب والمسبب معروف – يضرب وحدتنا في الصميم ويكذب علينا إن رفع شعار "الوحدة".

ما يربطني بالتسميات الأخرى والمذاهب الأخرى لشعبنا هو مار افرام ولغته وثقافته وشعره وفنونه. الذي يهمش هذه الثقافة يضرب وحدة الكلدان ووجودهم وهويتهم في الصميم ومعهم وحدة شعبنا وكنائسنا.

شخصية سياسية ام دينية!

النشطات الكثيرة للبطريرك واللقاءات التي يقوم بها وتتصدر اعلام الموقع البطريركي وأحيانا اعلام شعبنا أغلبها – في رأي – لا معنى لها.

كل لقاء سياسي ودبلوماسي – وما أكثرها التي يقوم الموقع البطريركي بتغطيتها على مدار الساعة – تبقى للمجاملة وحسب إن لم يصدر عنها بيان مشترك او مذكرة تفاهم.

من حقنا ان نسأل إن كان أي نشاط سياسي ودبلوماسي او رحلة مكوكية للبطريرك -وما أكثرها – قد خرج باتفاقية مشتركة او مذكرة تفاهم؟ بمعنى أخر ان أغلب هذه النشاطات والزيارات ما هي الا للمجاملة، تخرج من إطار المجاملة فقط في بيانات إعلامية على الموقع البطريركي وأغلبها يكتبها صاحبها لغرض لا يعلمه الا الله لأن لا معنى لها ولا تأثير لها ولا وقع لها.

عندما يصبح الإعلام وبالا

إن كان الإعلام وبالا على شخص او مسؤول او مؤسسة فهذا ينطبق على البطريرك ساكو وموقعه الإعلامي.

لقد قيل الكثير في هذا المجال بيد ان الموقع الإعلامي البطريركي يسير من وضع سيء الى اسواء.

خطابه إن أخذناه ضمن نظريات تحليل الخطاب والإعلام فهو بدائي فيه عبارات وتعابير غير حميدة لا ينطقها ولا يكتبها إنسان عادي، وفيه من التناقض الكثير، وفيه الدليل ان صاحبه لا معرفة له بالإعلام وحتى بأصول الكتابة كما هو شأنه في السياسة والدبلوماسية التي دخلها من أوسع الأبواب وهو لا يعرف شيء عن كنهها.

الإعلام البطريركي حسب النظريات الإعلامية يقع في خانة الصحافة التعبوية او الموالية حيث التطبيل والتزمير وعدم السماح للرأي الأخر ومن ثم الهجوم على كل من ينتقد دون ذكر النقاط المثارة في المادة النقدية، واستخدام تعابير غير حميدة لتوصيف الناقد والنقد بدلا من التعامل مع الملاحظات والنقاط المثارة.

إلا ان الإعلام البطريركي فاق في نظري سلبيات الصحافة التعبوية والموالية التي هي سمة من سمات الرأي والواحد الموالي للزعيم الواحد وغايته تعبئة الجماهير من اجله رغم سلبياته الواضحة للعيان.

الإعلام البطريركي يفوق في سلبياته الإعلام التعبوي والموالي لأن معظمه يكتبه صاحبه، أي هو يعبئ لنفسه؛ وهو الموالي لنفسه ونشاطاته وسياساته مولاة مطلقة، وهذا امر غريب ربما يحتاج الى تأطير نظرية جديدة في الصحافة.

غياب الشفافية

ونأتي الى الشفافية لا سيما في الأمور المالية.

أنظر كيف يطلق البطريرك على منتقديه مصطلح "الكتاب المأجورون" وهناك تسميات غير حميدة أخرى لا تليق بالمقام وهي من الإساءة بمكان قد لا يقبل بإيرادها موقع مدني ليبرالي مثل عنكاوا.كوم ولكنها شائعة في كتاباته وبياناته وموقعه المغلق في وجه الرأي الأخر.

 انا لن أطلق أي تسمية غير محببة للأخوة الكتاب من الذي يغدقون المديح على البطريرك ساكو تقريبا في كل شيء، بيد انني أقول إن "الكتاب المأجورون" لا وجود لهم الا في نطاق وتحت حماية ورعاية المسؤولين والمؤسسات التي لا شفافية لها وعلى الخصوص في الأمور المالية.

وإن كانت هناك مؤسسة لا شفافية لها في الأمور المالية هي المؤسسة التي يديرها البطريرك ساكو. فهو يوزع العطايا والمكارم هنا وهناك ويصرف ويجمع ويطرح بالمال الوفير – حسب أنصاره هو بعشرات الملايين من الدولارات والرقم مثبت ولا حاجة الى إيراده – على هواه. وهذا صحيح وله ادلة كثيرة.

أليس من حقنا ان نسأل أين الشفافية وأين الوثائق والسجلات بالصرف والواردات حتى وإن كانت رحلة على طائرة الى خارج العراق؟

اليس من حقنا ان نقول لشعبنا وكنائسنا ان الذي لا يؤتمن على المال (بمعنى غير شفاف في صرفه) كيف يؤتمن على الأنفس؟ (هذا قول للبابا فرنسيس).

أليس من حقنا ان نقول – ضمن حرية التعبير – ان الذي لا يحب ثقافتنا ويهمشها ولا شفافية له لا يستحق ان يتصرف وكأنه قائد لنا ولكنيستنا؟

إذا كان منتقدو البطريرك في نظره "كتاب مأجورون" فهذا قد ينطبق أيضا على الذين يمتدحونه لأنه صاحب مال ومال وفير يحصل عليه وينفقه دون شفافية تذكر (هنا لا اتهم أحدا ولكن الشيء بالشيء يذكر).

صراع مع الكل تقريبا

وهناك الكثير من الصراع الذي يثيره البطريرك. فهو لا يخرج من صراع الا ودخل في أخر.

ودعني هنا أركز أولا على صراعه المرير مع الفاتيكان متمثلا بالمجمع الشرقي الذي هو تابع له وتحت حكمه.

في البداية كنت من اشد المدافعين لنهجه الاستقلالي في الأمور التنظيمية لكنيستنا الكلدانية المجيدة ووقفنا معه وأظن اغلب الكلدان. وبعد فترة وجيزة وإذا بنا نكتشف ان هدفه لم يكن الحصول على حكم ذاتي في الإدارة والتنظيم الذي تستحقه الكنيسة الكلدانية بجدارة، بل ظهر انه مجرد تصفية حسابات مع هذا وذاك.

والفاتيكان مؤسسة من اقوى المؤسسات في الدنيا. دولة الفاتيكان أصغر دولة مساحة في العالم، إلا انها ذات تأثير بالغ سياسيا وماليا ومعلوماتيا وترقى سطوتها ومكانتها الى مركز دولة عظمى

 وبسبب تغبطه وتغبط سياساته، سرعان ما وقع البطريرك في الفخ الذي نصبه لغيره، بعد ان اكتشف الفاتيكان ان المسألة ما هي الا صراع داخلي يريد البطريرك بواسطته فرض نفسه وسلطته على الأساقفة والكهنة الكلدان بأي ثمن وليس ضمن إطار تحقيق حكم ذاتي كي تزدهر بواسطته كنيستنا الكلدانية المجيدة وتتخلص من تركتها الثقيلة.

وهكذا فشل في مسعاه لأن الفاتيكان لم يراه محاولة لتعزيز المؤسسة الكنسية بل مسألة شخصية في إطار حسابات شخصية.

واليوم نلاحظ تهميشا لم نشاهده في العصر الحديث لدور البطريرك الكلداني من قبل الفاتيكان والمجمع الشرقي خصيصا الى درجة ان المجمع لم يوافق في السنين الأخيرة على أغلب التوصيات التي قدمها البطريرك بعد المجامع التي عقدها ومنها ترشيحاته لتولي المناصب الشاغرة لدرجة الأسقفية التي مضى عليها زمن طويل.

وعلى أثره حدث ان السلطة البطريركية لم تكن مهمشة بهذا الشكل في العصر الحديث.

والتهميش هذا والفشل في إدارة العلاقة مع الفاتيكان حاول ويحاول البطريرك تعويضه بتهميش ثقافة كنيسته وحتى واجباته الدينية والهرع الى مزاريب السياسة والدبلوماسية والإعلام من أوسع أبوابها لأن أغلب الأساقفة الكلدان اليوم وكثير من الكهنة وغيرهم يسندون ظهورهم الى حائط المجمع الشرقي لحماية أنفسهم من الشخصنة والمباشرة في السياسة التي ينتهجها البطريرك.

استقلالية اغلب الأساقفة الكلدان ومعهم الكثير من الإكليورس ومنهم من له وضع خاص به لاسيما في المهجر حيث لا سلطة للبطريرك، أيضا جعلتهم لا يكترثون لما يقع فيه البطريرك من هفوات ومطبات التي تتكرر والتي رغم كل النصائح يتشبث بها ولا يغادرها رغم خطورتها.

وأخذت الشكاوى تتكدس لدى المجمع الشرقي بطريقة لما لم نشهدها في العصر الحديث، وأغلب الشكاوى تتناول السياسات البطريركية.

وما زاد في الأمر سوءا هو مناكفة البطريرك للمجمع الشرقي (وشخصيا لا اتفق مع سياسات هذا المجمع تجاه الكنائس المشرقية الكاثوليكية) وكذلك موقفه غير الودي لا بل المناوئ للرهبنة الكلدانية المجيدة التي كانت طوال التاريخ عصب وشريان الثقافة والهوية الكلدانية الفريدة من نوعها.

لا غرو ان البطريرك لا يحمل أي ود تجاه الرهبنة الكلدانية التي هي حبرية أي تتبع المجمع الشرقي مباشرة ووصل الأمر الى محاربتها علنا، مما زاد في تكديس الشكاوى ضده في الفاتيكان.

وفي سابقة لم يشهدها تاريخ سلسلة البطاركة الكلدان هو الموقف من الرئيس العام للرهبنة الكلدانية ونشاطاته التي لم يحدث – وحسب قراءتي – ان نشر الموقع البطريركي الإعلامي خبرا عنه وعن نشاطاته ونشاطات رهبنته ولم يحدث ان زاره في ديره كي يقدم التهاني له بمنصبه الجديد – في تحد واضح للرهبنة التي كانت على الدوام الشريان الذي يغذي البطريركية والكلدان بدماء جديدة.

المبالغة والغلو

ونأتي الى نقطة مهمة أخرى وهي تضخيم الدور الذي يقوم به.

 مثلا يعد النازحين انه سيعيد قراهم وبلداتهم المهجرة الى أفضل مما كانت عليه ولكن لا يقدم خطة وخارطة طريق. ومن ثم يصور دوره انه المنقذ للنازحين وهذا ليس صحيح.

 نعم قام البطريرك بنشاط ولكن هذا النشاط ما هو الا قزم امام ما قامت به كنائس أخرى وجمعيات خيرية قدمت اضعاف مضاعفة للنازحين مما قدمه البطريرك ولم تطبل وتزمر لما قامت به من خلال بيانات ومقالات.

واليوم هو يطلب من النازحين العودة وأظن ان دعوته لن يستجاب لها لانعدام الثقة بينه وبين النازحين حيث لا يصدق الكثير منهم بياناته ووعوده ويرفض لا بل يشمئز الكثير منهم اقحام نفسه في دهاليز السياسة والدبلوماسية العراقية الفاسدة أساسا.

 ونظرة واحدة الى ما يسطره أبناء وبنات شعبنا في مواقع التواصل من نقد للبطريرك ونشاطاته وتدخله غير المبرر في الشؤون السياسية والدبلوماسية والعلاقات العامة على حساب مسؤولياته الدينية والثقافية – التي هي جوهر ولب المركز الذي هو جالس عليه – تشكل دليلا ظرفيا على ما أقوله.

اختراق وتسرب خطير

ونأتي الى النقطة الأخيرة التي تخص الاختراق الخطير الذي احدثه المبشرون الغربيون في السنين الأربع الأخيرة وعلى الخصوص الأمريكيون منهم في صفوف الكلدان لا سيما النازحين منهم.

هناك ارقام خطيرة وردت في رسائل للبطريرك نشرها بنفسه وهي متوافرة تؤشر الى اختراق لا يحمد عقباه لما تبقى من الكلدان في العراق.

والتبشير الغربي على قدم وساق والله أعلم أين سيقودنا في عهد الإدارة الأمريكية الحالية التي تؤيده وتناصره وتدعمه بشتى الاشكال.

فقط اسأل، إن كان البطريك قد قام بكل هذه المنجزات لصالح النازحين التي يصدح بها موقعه الإعلامي ويعرج عليها مناصروه من كتاب شعبنا المحترمون، لماذا هذا الاختراق وهذا التسرب وبهذا الشكل الخطير؟

اما ما يحدث في المهجر من اختراقات لا سيما في مجال الثقافة فهنا حدث ولا حرج وقد نعرج عليه في مقال منفصل.

كلمة أخيرة

وختاما، أمل من القراء الذين يرغبون في المناقشة التي أرحب بها باي حال من الأحوال البقاء ضمن سياق الموضوع وابداء الرأي في النقاط – النقد – التي اثرتها.

واحد من اهم معايير الكياسة واخلاق الكتابة هو البقاء ضمن سياق الموضوع.
 
ولنتذكر كلنا: "إن الكتابة مسؤولية كبيرة وفرصة رائعة للحوار والتقدم نحو الأفضل والخير العام، وليس لتشويه الحقيقة ولصق الاتهامات ووضع العقبات. الكتابة بلا تفكير وهدف أسوأ أنواع الكتابة." ونعم القول وأظن أنه ينطبق على قائله قبل متلقيه.
===============
رابط
http://saint-adday.com/?p=17883



50
درس في التأوين وفي كيفية الحفاظ على ثقافتنا – عيد السعانين نموذجا
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

يحل علينا عيد السعانين. وأكاد اجزم ان كلنا نملك ذكريات طيبة عن هذا العيد وأناشيده الجميلة العذبة التي حفظتها ذاكرتنا ونحن أطفال صغار.

بيد ان الكثير من هذه الأناشيد التي تشكل عنصرا مهما من ثقافتنا، في طريقه الى النسيان او الترك أحيانا بحجة العصرنة واحيانا أخرى بحجة التأوين.

وبدون مقدمات وإسهاب، أقدم هنا ما اراه انه درس متواضع في ما يجب ان يكون عليه التأوين، الذي يجب ان يساعدنا على الحفاظ على تراثنا ولغتنا وثقافتنا وليس استبدالها او تهميشها.

وبمناسبة هذا العيد المبارك الذي له ذكريات لا تنسى في كل واحد منا، أضع هذه التجربة المتواضعة امام أبناء وبنات شعبنا كلدانا، ام سريانا ام اشوريين واذكرهم ان خسارتنا لثقافتنا (لغتنا) ستكون خسارة لا تعوض، لأنها تعني انهاء وجودنا كأمة وكنيسة مشرقية مجيدة بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة.

وأناشيد السعانين، رغم روعتها وتأثيرها الخارق فينا، ما هي الا قطرة في بحر ثقافتنا التي يجب ان نتحمل مسؤولية الحفاظ عليها من الضياع وعاتق هذه المسؤولية يقع في الأخص على أصحاب الشأن في صفوفنا.

ولا علاقة للتشبث بهذا الإرث المجيد بالمذهب الذي نحن عليه او موقفنا من الكنيسة او إن كنا متدينين ام لا. في الغرب مثلا تعد أناشيد مثل هذه تراثا ثقافيا قوميا يحافظ عليه الجميع ويتم تدريسه في المدارس رغم علمانية النظم التي تحكم الدول الغربية.

وقبل تقديم هذه الدرس المتواضع، لا يسعني الا تقديم الشكر الى الأخ الملقب TheHenok30 الذي وضع نهجا مقاربا لنهجي هذا وباللغة الإنكليزية، مما شجعني على اقتفاء أثره لإعداد هذا الدرس في التأوين الذي أمل ان يكون بادرة تأخذ بها الكنائس ومؤسسات شعبنا للحفاظ على ثقافتنا.

وأمل أيضا ان يأخذ بهذه المبادرة المسؤولين الذين يهمهم شأن التأوين كباردة حسن نيه تجاه موقفهم من ثقافة شعبنا ويعمموها في الكنائس والمؤسسات للحفاظ على هذا الإرث الكنسي السامي والنبوي.

وأدعو قرائي الكرام أولا الى الاستماع الى نشيد السعانين هذا (مقام بيات) كما يتم تأديته في كنيسة المشرق الاشورية وكنيسة المشرق القديمة (سوركاذا عتيقا). درس التأوين ادناه يستند الى النص كما ورد في هذا النشيد:
 
https://www.youtube.com/watch?v=QnFsKUtdlZQ

ومن ثم ادعو قرائي الكرام الى الاستماع الى النشيد ذاته كما يؤدى في كنيسة المشرق الكلدانية وهو من مقام جاركه:

https://www.youtube.com/watch?v=wQ0xaOre_-o

تأوين النص

البيت الأول
ملكا (ملك) دملكى (الملوك) دمركوثى (في مركبته) نورا (من النار) بنورا (وفي النار) وشلهيويثا (واللهب) دعل عيلا (على ظهر اتان) شيطا (وضيع) رخيوا (امتطى) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

البيت الثاني
إيثلى (له) بروما (في السماوات) شماشى (شمامسة) دلا (بدون) منيانا (عدد) قاعين (يصرخون) كلهون (اجمعين) قديش (قدوس) قديش (قدوس) قديشات (قدوس انت) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

البيت الثالث
برقى (ابراق) دنورا (من النار) مزهرين (تضيء) حذاري (في محيط) كرسييى (عرشه) وغهران (وتنبهر وتبهت) عينى (عيون) دعويذى (المخلوقين) من (من) زهرى (اشعة متألقة) طاو (كثيرا) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

البيت الرابع
كيغلى (أقراص) دنورا (من الضياء) دحيلاثا (رعشة وخوف) وعزيزاثا (شديدة) ورعلين (وترتعش) كرووى (ملائكة) وسرابى (وساروفين) دنحورون (للنظر) بيه (فيه) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

البيت الخامس
دحيلا (مرهبة) حزاثى (رؤيته) عال (بالنسبة) بريا (للمخلوقين) طاو (أكثر ) من (من) كلّا (الكل) وراما (وأكثر اجلالا هي) دموثى (هيئته) من (من) دوميا (الشبيه) ومن (واكثر من) مدميانى (المشبه به) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

البيت السادس
هللويا (هللويا) قاعين (يرتلون) ليه (له) عيرى (الملائكة) بروما (في العلى -السماء) وطلايونى (والصبيان) اوشعنا (اوشعنا) قعاو (يصرخوون) ليه (له) بعمقا (في الأعماق – الأرض) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

البيت السابع
وردا (ورد) وأسا (وآس) وشوشنى (والسوسن) وبقحيي (زهور) نيسان (نيسان) عم (مع) اطروكى (اغصان النارنج) طعينينواو (كانوا له حاملين) ومزيحين (ويزيحون)  ليه (له) شوحا لشمه (المجد لاسمه).

وختاما أقول نحن امام نص ادبي سامي، فيه يشرح لنا كاتبنا المبدع وبلغة مليئة بالاستعارات والرموز والمجازات فيها خاصية حوارية عجيبة ومقارنة بين ما يحدث في الأرض وما يحدث في السماء في هذا العيد المبارك ومعها مقارنة ومقاربة للمسيح الإله في السماء بين الملائكة والمسيح البشر على الأرض بين الصبيان.

نص سماوي ونبوي لا أظن هناك ما يرقى الى سموه في أي ادب أخر وإن اخذنا عمقه وعمره في عين الاعتبار نكون اما معجزة أدبية وان وضعنا لحنه وأنغامه في عين الاعتبار نكون امام فن لا يرقى اليه في قدمه وفي روعته أي فن اخر في الدنيا.

أكتفي بهذا القدر، لأن تحليل النص كما ورد هنا وهو سبعة ابيات (النص الأصلي يتألف من 23 بيتا) قد تحتاج الى مقال منفصل او أكثر.

ولمزيد من المعلومات حول هذه القصيدة الساحرة والتي تعد جوهرة من جواهر ثقافتنا، احيل القارىء الكريم الى التوضيحات المهمة التي يقدمها زميلي وصديقي العزيز ادي بيث بنيامين في رده رقم 2 حيث يلقي مزيدا من الضوء عليها ويقدم لنا النص الأصلي بمجمله. فله منا الشكر الجزيل.

 

51
هل ستوقظ خسارة الراهب أيوب شوكت الكلدان من سباتهم وينقذوا أنفسهم ومؤسستهم الكنسية من الضياع والفوضى العارمة التي هم فيها

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

اخذت قضية الراهب الكلداني أيوب شوكت الكثير من الحيز على هذا المنبر (رابط 1  ). والقضية ذاتها عقب عليها موقع البطريركية الكلدانية ببيان فيه الكثير من المغالطات والتجني على الراهب أيوب شوكت وبعض القسس الكلدان من الذين جرى ذكرهم فيه لا سيما العلامة الكلداني الذائع الصيت الفونس منكنا (رابط 2).

ان يأتي مقال من شخص عادي عن الراهب أيوب شوكت وغايته الأساسية، كما بدا من المتن والتعقيبات لا تتجاوز الدفاع عن الطائفة والمذهب على حساب الهوية والثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها، فهذا امر عادي.

ربط الثقافة والهوية بالمذهب والطائفة امر مؤسف حقا. إن غادر كلداني المذهب، أدين وفضح بغض النظر إن كان لهويته وثقافته حافظا او خاسرا. صاحب الهوية (القومية) يأخذ الثقافة مقياسا وليس المذهب او الطائفة او أي ميل أخر.

ولكن ان يأتي التجني والخطاب الجارح الذي ينتقص من الأخر دون وجه حق من موقع البطريركية الكلدانية، فهذا لعمري مأساة حلت بالكلدان منذ امد أربع سنين عجاف رمتهم في صراع داخلي وتكاد تقضي على هويتهم وثقافتهم ولغتهم وتراثهم وإرثهم وفنونهم وطقوسهم وأدبهم وريازتهم وأزيائهم وكل ما يشير إليهم كأمة وهوية وكنيسة ذات خصوصية.

شيء من التاريخ القريب

ترجع معرفتي بالراهب أيوب شوكت الى منتصف التسعينيات من القرن المنصرم. كان هو وكوكبة من الرهبان الشباب شعلة من النشاط في بغداد. وكنا كلنا ومعنا البطريرك المرحوم روفائيل بيداويد نرى فيهم أمل الكنيسة الكلدانية لحبهم وشغفهم بثقافتها ولغتها وطقوسها وأناشيدها وتراثها وإرثها وأزيائها وفنونها.

وكنا مجموعة من الأساتذة نلقي محاضرات في شتى العلوم على هذه الكوكبة من الرهبان الشباب وكان تدريس اللغة الإنكليزية من حصتي. كان الراهب أيوب واحد من اذكى الرهبان في الصف وكله خلق وخشوع واحترام وهمة ونشاط لتقبل واكتساب العلم والمعرفة.

وكانت الرهبنة في حينه فيها حوالي 30 كاهنا وعدد كبير من الرهبان برتبهم المختلفة من مبتدئ الى راهب بسيط وراهب قد أدى النذور. وكانت الأديرة عامرة في بغداد والموصل وروما والسليمانية والقوش.

وفي حينه، كانت هناك فكرة تأسيس فرع للرهبنة في أمريكا لخدمة الجالية الكلدانية هناك وبناء دير باسم "دير مار كوركيس". وكنت من اشد المتحمسين للفكرة التي تبناها المرحوم الأنبا قرياقوس ميخو ولكنها لم تلق النجاح.

هذه مقدمة تاريخية غايتها تسليط ضوء ولو خافت على ما كانت عليه الرهبنة الكلدانية التي كانت طوال تاريخها المعاصر العمود الفقري للكلدان وثقافتهم ولغتهم وهويتهم وخصوصية كنيستهم.

علاقة البطاركة الكلدان بالرهبنة الكلدانية

والتاريخ يشهد وتواريخ البطاركة الكلدان الأجلاء شاهد انه لم يحدث ان قام أي بطريرك بتهميش او عداء الرهبنة الكلدانية.

والأديرة الكلدانية كانت فيها قلايات خاصة للبطريرك والأساقفة الكلدان الذين كانوا في الغالب يفضلون المبيت والبقاء في الدير على أي مكان أخر اثناء ترحالهم.

وشخصيا كان من واجباتي في الدير (دير السيدة في القوش ومار كوركيس ودير الابتداء في بغداد) العناية بالقلاية الخاصة بالبطريرك والأساقفة وتنظيفها وان تكون معدة دائما لأننا لم نكن نعرف متى سيحل البطريرك علينا او أحد أساقفته زائرا.

وكان المرحوم البطريرك بولس شيخو والبطريرك بيداويد يحضرون شخصيا المراسيم الطقسية وبلغتنا الساحرة والحانها الملائكية في المناسبات لمشاركة الرهبان الرمش وأحيانا صلوات الفجر او الصباح.

وكان للرئيس العام لأديرة الرهبنة الكلدانية لدى كل البطاركة الكلدان مكانة متميزة أحيانا ترقى لا بل تفوق ما تمنحه البطريركية لأي من اساقفتها.

هذا أيضا بإيجاز شيء من التاريخ القريب.

ماذا عن العهد الجديد

في العهد الجديد، أي السنين الأربع العجاف الأخيرة، قلبت الآية، ومع الأسف.

البطريرك لم نراه يوما يزور الدير او يزور الرئيس العام. ولم نلحظ أي اهتمام بالرهبنة الكلدانية في السنين العجاف الأخيرة وليس لدينا صورة واحدة او خبر صغير منشور في الموقع البطريركي عن الرهبنة ونشاطاتها او نشاطات رئيس عامها الجديد.

على العكس، هناك جفاء وتهميش يرقى الى العداء للرهبنة الكلدانية وهذا لم يحدث في تاريخ كنيستنا الكلدانية المجيدة برمته.

ليس هذا فقط. كل فترة للبطريركية قصة مع أحد الرهبان الكلدان.

والبطريركية تستغل منبرها الإعلامي، الذي يجب ان يكون منبرا للمحبة ولا ينشر غير قصص الإنجيل وما يتعلق بها، تستغله للهجوم على هذا الراهب او ذاك مستخدمة أحيانا خطابا هابطا لا يليق بجريدة محلية عادية فكيف بموقع كنسي. ولم يسلم الرهبان حتى من المراسلات الداخلية للبطريركية:



كنا سابقا ننتقد موقع كلدايا.نت في عهدة إدارته السابقة لاستخدامه خطابا لا يليق بموقع أبرشي، بيد ان الموقع البطريركي عبر كل حدود اللياقة والكياسة في بياناته التي لا تنقطع في كل ما هبّ ودبّ ومنها ما يرتقي الى الشخصنة والمباشرة وإهانة الأخر وتهميشه واستغلال المنبر المسيحي هذا للإيقاع بالأخرين وهم رهبان او قسس او افراد كلدان. بدلا من ان يلم الشمل، صار هذا الموقع سببا للتفرقة والشرذمة في الصف الكلداني والصف المسيحي المشرقي العراقي بصورة عامة. والأدلة كثيرة ليس هناك حاجة لتفصيلها.

البيان البطريركي الخاص بالراهب أيوب

ومن ثم انظر البيان الخاص بالراهب الكلداني أيوب شوكت. هذا ليس بيان من رجل دين مسيحي غايته المحبة. هذا بيان من شخص غايته الانتقام من الأخر المختلف مستغلا المنصب وتعاطف الناس مع المنصب.

والذي يقرأ البيان، لا يخرج الا بنتيجة واحدة وهي ان كاتبه حاقد على كل من يختلف عنه او لا يرضى عنه بأي شكل من الأشكال. فيه إهانة واضحة للراهب أيوب، وهذه الإهانة وبهذا الشكل السلبي الذي يفتقر الى الكياسة وأخلاق الكتابة لا ينطلق الا من أناس لا علاقة لهم بالروح الإنجيلية التي غايتها الأولى والأخيرة التسامح والغفران والمحبة.

إن كانت البطريركية منزعجة من الراهب الكلداني أيوب لأنه ترك الكنيسة الكلدانية ومذهبها والتجأ او ا انضم الى كنيسة أخرى، كانت هناك حلول كثيرة للحيلولة دون تفاقم الأمور الى ما وصلت إليه من فوضى عارمة في كل شيء من الإدارة والشؤون الكنسية والثقافية والطقسية واللغوية والثقافية والتراثية الى الأمور المالية والإعلامية وغيرها.

كم راهب كلداني تعادي البطريركية اليوم؟ إنها لا تستثني أي راهب كلداني. هي تعمل بالضد من الرهبنة الكلدانية الى درجة انها تنبذها ولا تقبل حتى ان تنشر خبرا صغيرا عن نشاطاتها في موقعها الرسمي المليء بالبيانات الهزيلة التي لا ترقى الى إنشاء في الثانوية حول نشاطاتها واستقبالاتها الدنيوية التي لا يتعدى تأثيرها مواقع ومنتديات شعبنا وهي في الغالب تؤدي الى البلبلة والشقاق والفرقة.

لم يحدث في التاريخ ان وقفت بطريركية بالضد من الرهبنة الكلدانية مثل البطريركية هذه وكل هذا لقب الجالس على الكرسي هو بطريرك الكلدان.

ما زلت قريبا من الرهبنة الكلدانية. وأكاد أجزم لم اتصل او التقي راهبا كلدانيا الا وكانت له قصة مؤلمة تجرح القلب وتدمية مع هذه البطريركية.

نحن لم نخسر الراهب أيوب وحسب. نحن خسرنا الرهبنة الكلدانية في السنين الأربع العجاف الأخيرة. نحن لم نخسر الراهب أيوب بل خسرنا هويتنا وطقسنا ولغتنا وتراثنا وفنونا وريازتنا وأزيائنا وثقافتنا الفريدة من نوعها في السنين الأربع العجاف الأخيرة.

أي بطريرك كلداني او أي بطريرك في المشرق برمته تجرأ او يتجرأ على إطلاق تصريحات مناوئة ومنتقصة ومهمشة لتراث وثقافة ولغة وطقس وأزياء وريازة شعبه وكنيسته غير بطريركيتنا العتيدة هذه؟

ومن ثم لماذا التباكي او التشكي او الهجوم على راهب كلداني غادر الكنيسة الكلدانية في السنين العجاف الأخيرة؟ هناك فلتان وتسيب وفوضى عارمة افقيا وعموديا على المستوى المؤسساتي والإداري في الكنيسة الكلدانية.

ولهذا لا ينظر البعض ابعد من أنفه ويتصور ان كل المشكلة التي نحن فيها والفوضى العارمة التي نحن فيها سببها الراهب أيوب.

العهد الحالي يمثل أخطر فترة يمر فيها الكلدان ومؤسستهم الكنسية، فيه جرى تسرب كبير وخرق خطير للكنيسة الكلدانية من قبل الكنائس الوافدة (المبشرون الغربيون) إن في العراق او الشتات.

هل تتفضل البطريركية وتقول لنا كم ألف كلداني انتقل الى الكنائس الإنجيلية في العراق وخارجه في عهدها الميمون وبسبب سياساتها التأوينية الهوجاء التي فيها صرنا لا نميز بين خصوصيتا وهويتنا وثقافتنا ولغتنا وطقسنا وفنوننا وأزيائنا وريازتنا وأناشيدنا الكلدانية الكنسية وبين ما لدى أي كنيسة انجيلية أخرى؟

وهذا اعتراف من البطريركية ذاتها (أي شهد شاهد من أهلها) للخرق الخطير لكنيسة انجليه واحدة في عهد صاحب التأوين الميمون وفي مدينة دهوك فقط. اما في مسقط رأس صاحب سياسة التأوين الهوجاء (كركوك) التي تقريبا انهتنا وقضت علينا ككلدان وهوية وثقافة فحدث ولا حرج. لماذا لا تسطر مقالات وبيانات عن هذا الخرق الخطير في الكنيسة الكلدانية وعن هجرة المئات والالاف من أبنائها وبناتها الى كنائس أخرى في العهد البائس هذا ويتم التركيز فقط على الراهب أيوب؟



هل وصل الأمر بالبطريركية وإعلامها الهزيل الاستهانة بعقول الناس الى هذه الدرجة؟ هل يتصور هذا الإعلام الهزيل ان القراء من الجهل بمكان حيث انهم لا يفهمون وهو الوحيد الذي يفهم؟ أظن ان العكس صحيح وإلا لما وقع الموقع البطريركي بمطبات كبيرة مثل هذه التي لا يقبل كاتب هاو ومبتدئ اقترافها.

تجني وإسقاط لا يليق بالمقام

ولماذا التجني على واحد من العلماء والباحثين الكلدان الذين تشهد الدنيا ببراعتهم مثل الفونس منكنا الذي لمكانته العلمية وأبحاثه وكتبه له خزانة كبيرة باسمه في واحدة من اهم المكتبات الجامعية في العالم. (رابط  2 ).

من اين اتى اعلام البطريركية الهزيل وصاحبه بهذه المعلومة (ادناه)؟ المطلوب توثيق هذه المعلومة الخطيرة لأن حسب علمي، وشخصيا انا متابع لسيرة وكتابات وأبحاث العلامة الكلداني الشهير هذا وزرت خزانته التي لا تثمن في جامعة برمنكهام، انه لم ينضم ككاهن الى الكنيسة الأنغليكانية. المعروف انه ترك الكهنوت. فلماذا كل هذا التجني؟ ان يتزوج المرء جزء من الحياة ومتطلب انجيلي ولكن ان يتجنى الشخص على الحقيقة ويسقط الأخر لأنه تزوج فهذا لعمري امر معيب لا يقوم به أصحاب الكياسة والأخلاق. ومن ثم الزواج في كنيسة أخرى لا يعني بالضرورة ان الشخص تبع الكنيسة التي تزوج فيها علما ان زوجته إيما صوفيا نرويجية حيث تقريبا لا تواجد للكنيسة الأنغليكانية في الدول الإسكندنافية:

"نذكر على سبيل المثال في القرن المنصرم ان القس الفونس منكنا ترك الكنيسة الكلدانية وانضم الى الكنيسة الانغليكانية وتزوج فيها." (رابط 2).


العالم الكلداني الشهير الفونس منكنا


بأي حق يتجنى الموقع البطريركي وإعلامه الهزيل على هذا العالم الكلداني الجليل الذي لولاه لفقدت الدنيا والعالم وفقدنا نحن جزءا كبيرا من تراثنا وثقافتنا ومخطوطاتنا.

بدلا من الاحتفال بهذا العالم الكلداني الجليل وتخصيص يوم للاحتفاء به، يأتي الموقع البطريركي من خلال بياناته الإنشائية الهزيلة ويتهمه زورا وبهتانا بأنه التحق بالكنيسة الأنغليكانية كي يتزوج.

العالم الكلداني الفونس منكنا ترك الكهنوت لأسباب خاصة لا اريد الغوص فيها، ولكن لماذا تتجنى البطريركية عليه وتتهمه اتهامات باطلة كي تبرئ ساحتها ومسؤوليتها عما يحدث في الساحة الكلدانية العلمانية والكنسية من مشاكل وأمور لم نشهدها ولم نقرأها في تاريخنا المعاصر.

العالم منكنا تزوج بعد تركه سلك الكهنوت بصورة رسمية ولأسباب لو راجعناها اليوم بموضوعية وتجرد لرأيناها منطقية وسليمة.

إن كان للبطريركية الكلدانية مثقال خردل من تحمل المسؤولية عليها ان تعتذر عن الإهانة التي الحقتها بعالمنا الكلداني الجليل هذا وتعيد الاعتبار له في صفوف قراء مواقع شعبنا رغم ان مكانته في عالم التاريخ واللغة والمخطوطات الخاصة بكنيستنا وتاريخنا وتاريخ الشرق الأوسط لا ينازعه عليها أحد.

ولكن متى راجع أصحاب الإعلام والخطاب الهزيل أنفسهم وقبلوا النقد ومن ثم تغيروا؟

الهجوم على الراهب الكلداني أيوب لا يختلف عن الهجوم على العالم الكلداني منكنا. الفرق هو ان منكنا من الرفعة السمو والمكانة العلمية والبحثية والأكاديمية ما لم ولن يتمكن موقع اعلامي هزيل مثل موقع البطريركية الكلدانية ان يهمشه او يزدريه كما يفعل بنا وبتراثنا ولغتنا وثقافتنا وأزيائنا وريازتنا وأناشيدنا وطقسنا وفنوننا ورهبنتنا الكلدانية المجيدة؟

بيد ان الهجوم على الراهب الكلداني أيوب يختلف لأن الراهب هذا جرى ذبحه تقريبا من الوريد الى الوريد في البيان البطريركي وفي المراسلات الداخلية للبطريرك التي في حوزتنا وجرت تعريته في بعض المقالات دون ان يتمكن او يقبل ان يدافع عن نفسه او يرد على منتقديه.

وفي الختام، اؤكد مرة أخرى ان الكلدان في خطر وأدعو الى تشكيل مجلس أسقفي طارئ لإدارة البطريركية وموقعها الإعلامي قبل فوات الأوان.
=============
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,835261.0.html#msg7519174

رابط 2
http://saint-adday.com/?p=16820


52
لا خير في امة تستقي اصالتها وجذورها من "زبالة" ملثم – تعقيب على مقال الأخ أخيقر يوخنا على قرار السيد لوسيان الانسحاب من المنتدى

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

قرار السيد لوسيان، المجهول الهوية، اتى في تعقيب له على مقال لي. وفي الأحرى لم يكن تعقيب. كان طوفان من الماء العكر سميته "إسهال كتابي."

لماذا "إسهال كتابي"؟ لأن صاحبه الملثم كتب حوالي 10000 (عشرة الاف) كلمة تعقيبا على موضوع واحد لي فقط.

وقبل ان ادخل في خضم الموضوع، اؤكد انني لا اكتب هنا لأنه انتقدني في "إسهاله الكتابي." الفكر الذي لا يأتيه النقد فكر ميت. وشخصيا أرحب بالنقد لأن يمنحني فرصة مراجعة النفس والتوضيح والقاء الضوء على موقفي وفكري.

ولكن اسأل، لماذا يطبّل الذي يريد التوقف عن الكتابة عن قراره؟ لماذا لا ينسحب بهدوء. ما الغاية من الإعلان هذا؟  وهل هناك هدف؟

ومن ثم اسأل اخي وصديقي العزيز أخيقر يوخنا عن الموضوع هذا وأمل ان يتسع صدره وهو يعرف انني أكن له احتراما شديدا وهو كان قد انتخبني في مقال له "كاتب الموقع" (أي أفضل كاتب في هذا الموقع، وطبعا هذا رأيه الشخصي لأن لا علم لي انني افضل من غيري)، اسأله عن سبب طلبه من السيد الملثم لوسيان عدم ترك المنتدى. (بالمناسبة انا لا موقف لي تجاه قراره. فهو حر إن بقي او غادر ومن ثم عاد).

بيد انني اسأل الأخ العزيز أخيقر مرة أخرى عن سبب دعوته او بالأحرى توسله الملثم هذا البقاء(أقول ملثم لأن هناك أمور خطيرة في الموضوع). السبب واضح. الأخ أخيقر يريده ان يبقى لأنه بواسطة هذا الملثم اكتشف اصالة الأمة الأشورية. انظر الاقتباس من الأخ أخيقر:

وللدلالة على ما يتمتع به من موهبة فكرية خاصة في التشخيص والمعالجة  وحسم موضوع الخلافات  والخروج بالنتيجة الحتمية المبنية على المنطق السليم في قراءة  وفهم الموضوع المطروح ادعو القاريء الكريم الى التوقف لحظة لقراءة  رده هذا لموضوع ممل يكرره احد الاخوان في كل مواضيعه للطعن في الآشورية وتاريخهم وأصالتهم واستمراريتهم.

وبعدها يأتي باقتباس من الملثم لوسيان وهو ليس فقيرا بل هشا وهزيلا ولا معنى له ويعارض البحث العلمي والأكاديمي ولا يعتد به لأن العلم ليس هذا وليس كذلك. إنه ضحك على ذقون البسطاء يستخدمه الأغبياء لتحقيق مأرب محددة. هذا ليس منطق ابدا لا سيما في الأمور التي نتحدث فيها في هذا المنتدى والتي تقع ضمن العلوم الاجتماعية. أي أستاذ او باحث او عالم لسقط على قفاه من الضحك على طريقة تقديم الاقتباس والاقتباس ذاته (واسمح يا اخي العزيز أخيقر وسابرهن على ذلك ادناه):

"في العلم يا رجل عندما يقول شخص بان الورود كلها بيضاء اللون ومن ثم ياتي شخص اخر بوردة لونها احمر فان جملة الشخص الاول تعتبر مدحوضة. واذا استمر الشخص الاول بتكرار نفس ادعائه الاول فان العلماء سيعتبرون ما يكتبه بانه زبالة."

هل هذه هي الأمة الاشورية "العظيمة" التي كي تبرهن على أصالتها لم يكن لها سند غير هذا الملثم وهذا الاقتباس الهزيل الذي لا هو علم ولا حكمة ولا مكانة له في أي منهج علمي ولا هم يحزنون؟  حقا لا خير في أمة تكتشف اصالتها واصلها وفصلها باقتباس من ملثم.

وهل كان الأخ أخيقر توسل بالملثم لوسيان البقاء في المنتدى لو كان له موقف غير هذا؟ وماذا سيقول الأن؟

وأين صار المقال المهم الذي كتبه زميلنا الدكتور رابي الذي برهن فيه ان كتابات هذا الملثم تفتقر الى ابسط معايير المنطق والعلم  ولأكاديميا والفكر والحس السليم لأنها اساسا غير موضوعية؟

أي شعب نحن يخطفنا الملثم ولا نقبل ما اتى به باحث وأكاديمي مثل الدكتور رابي بحقه؟

تطلبون من المثلم البقاء ولا تطلبون منه كشف هويته. وكيف تقبلون ان يقودكم فكريا ملثما لا تعرفون من هو وما هي هويته وما هي دوافعه؟ أي شعب يقبل بهذا؟ أي شعب يهرع ويمنح قصب السبق ودفة الحكمة والفكر الى ملثم؟ هذا الشخص لم يعد ملثما عاديا يكتب جملة هنا وهناك ويغادر؟ هذا الملثم يبدو ان له غاية وله من وراءه وخلفه.

في علوم الإعلام، مثل هذا الملثم نطلق عليهم اسم troller لأنهم يوهمون الناس انهم حكماء وهم اغبياء ويدخلون في كل المواضيع ويهاجمون هذا وذاك وينتقصون من الناس التي نعرف اسمائها وصورها ويهينونها ويسخرون منها لأن اللثام يمنحهم الحصانة من أي نقد او رد، لا بل كلما اردت ان ترد لهم الصاع ازدادوا زهوا لأنهم يجروك الى استفزازهم وغايتهم الأساسية الاستفزاز.

وهكذا يغادر الدكتور رابي الموقع وكأن شيئا لم يحصل.  يغادر ملثم وكل ما يكتبه تقريبا يفتقر الى ابسط معايير الموضوعية والمنطق وأغلبه سرقات من هنا وهناك من خلال إعادة الصياغة وتنقلب دنيا بعض الأخوة لأغراض لا يعلمها الا الله.

الملثم لوسيان يجب ان يكشف عن نفسه لأن "إسهاله الكتابي" صارت له غايات اقل ما يقال عنها انها غير شريفة لأنه يرى في كل من يختلف عنه او أي شيء لا يقوله هو "زبالة وهراء" ويستخدم بذاءات وهناك نسمة كره للأخر في كتاباته كما سأوضح ادناه.

لا أظن أي شعب يقبل لشخص مزيف ملثم مجهول ان يسيطر على عقله بهذا الشكل.

الملثم لوسيان يكتب دون تنسيق ونقاط محددة. له قابلية كبيرة على استخدام الإنترنت ويأخذ من هنا وهناك بعض المفاهيم ومن ثم يصبغها بعبارات أحيانا تهبط الى السوقية والبذاءة (أنظر ادناه) وكثير من كلماته الخاصة (أي التي لا يأخذها من غيره) تنم عن جهل تام بما يدعيه انه صاحب شهادات علمية لأن أي صاحب شهادة معتمدة لا يمكن ان ينطق بها.

أنظر هنا، كيف يأتي بموقف غير عقلاني حيث يضع سؤال لعالم الفيزياء ومن ثم هو يجاوب جوابا قطعيا عنه وهذا غباء لا يتقرب منه أي عالم او باحث او صاحب منطق. ومن ثم الموقف خاطئ لأن غالبية الناس (العلماء وغيرهم) في السويد وأوروبا ملحدون ولكنهم بتراتيلهم وطقوسهم متشبثون حدّ الموت:
بمعنى اخر اذا كنت ستطرح سؤال لهوكينغ هل الطقوس والتراتيل ستكون مهمة عندما يعتبر بان المسيحية كدين هي مجرد اسطورة, فجوابه سيكون بدون ادنى شك كلا لن تكون مهمة.

وأنظر هنا كيف يضع سؤالا في فمي وهو يجاوب عني بالمطلق، وهذا غباء بطريقة الكتابة ولا يقبل به العلم والبحث ومنطق وأسلوب الكتابة السليمة وهو ضحك على ذقون الناس البسطاء الذين يرون في هذا انه موقف سليم وهو ليس كذلك:
كيف سيكون موقفك انت؟ انا متاكد بانك ستقول بان البطريركية تقوم باللف والدوران والمرواغة.

واي عالم يقبل بهذا؟ يا إخوتي اسالوا وأتوا بأي شخص له مقدار محدد من العلم كيف سيضحك على هذه الجملة:
وهكذا فليس هناك ايضا عالم يدافع عن العلم وانما يدافع عن حقه بان تحصل فرضياته على الفرصة لانه يعتبرها صحيحة..

وأنظر الاستهانة بالكلدان والسريان التي قد يختبط لها بعض الأخوة الأشوريين ولكن كما قلت لا خير في أمة تبني اصالتها على ملثم:
وانا كنت سابقا قد شرحت بان منتسبي الكنيسة الكلدانية والسريانية واولهم انت لا تملكون خبرة في العمل القومي ولا باي عمل يخص اي نوع من انواع الخصوصية.

وهذه الجملة قمة في الغباء:
اما انا فانني انتهج افكار راسمالية, بمعنى ما لا يمتلك في النهاية اي منتوج عبارة عن زبالة لا تستحق اضاعة وقت بها..

ويستمر الغباء:
كما انني لا اشتري المسيحين في الغرب بفلس.

وهذا ادعاء فارغ عن العهد العباسي لأن هناك أطباء عرب كبار من أمثال ابن سينا يعد بمثابة أبو قراط اليونان:
لعدم وجود طبيب مسلم واحد

أنظر هنا يعترف بأنه لم يقرا مقالاتي وكتاباتي ومن ثم يحدد مواقف اقل ما يقال عنها انها مجحفة:
انا لم ابحث عنها بنفسي وانما جاء بها اشخاص من ابناء شعبنا ووضعوها في هذا المنتدى.

وانظر الازدراء والتعالي وهذا كله من ملثم:
ولان الشركة تطرد اي شخص لا يمتلك تفكير متكامل لكونه سيكون غير مفيد فانني اعتبر ايضا طريقة تفكير اغلبية ابناء شعبنا بانها زبالة غير مفيدة.

وأنظر الأقوال التي لا تنم عن حسّ سليم ولا يمكن ان يأتي بها من يدعي انه مفكر او باحث او عالم. الادعاء بالمطلق بهذا الشكل لا ينم الا عن غباء ولا ينطلي الا على البسطاء:
حجة لا يشتريها احد بفلس
الاجوبة التي قدمتها كانت هراء وزبال.

هذه الجملة لا معنى لها وغير صحيحة ولا يقبلها أي مختص بالإعلام:
عندما يقول الاعلام بان هناك اتهامات بالسرقة ضد مسؤول حكومي, فان عقل البشر يقوم بعملية حسابية وهي ان هناك اتهام وهو السرقة فاين هي الاتهامات الاخرى؟ ببساطة لا توجد..اذن لماذا استعمال صيغة الجمع هذه باستعمال كلمة اتهامات بالسرقة بدلا من اتهام بالسرقة؟ هذا لانهم يعتقدون بان الجمع سيكبر الموضوع وسيكون تاثيره اكبر... ولكن العكس هو الصحيح..حيث ان صيغة الجمع تقوم بالتقليل من الاهمية والجدية...حيث سيعتقد المواطنين بانها اشاعات شوارع ولا قيمة لها.

وهناك الكثير الكثير مما يكتبه. هذه اقتباسات أخرى وهي غيض من فيض في كتاباته. تعليقي عليها بين الأقواس:
انا لدي اكثر من شهادة علمية. (من يقول).
انا اكثر شئ احتقره في هذا المنتدى هو عندما اجد مواضيع عبارة عن خربطة وشخبطة وخالية من اي منطق... وما احتقره اكثر هو ان اجد اشخاص مع هذا يقومون بمناقشة ... (هل يعقل هذا)
بالرغم من انني متاكد بانك لم تقراء اي شئ لهابرماس ولا تعرف اي شئ عن مواقفه. (كيف تعرف)
والان بعد ان شرحت الخطاء وسببه ولماذا هناك هكذا خطاء فان اي حديث او مناقشة بالتركيز مجددا على مصطلح العلمانية ستكون مناقشة خاطئة بمجملها وستكون مجرد نقاشات زبالة. (تعميم خاطئ وغير مقبول)
وفي نفس الوقت انا مواضيعي ومداخلاتي معروفة بانني اخذ البشر وبالتحديد الافراد وبتحديد اكثر المبادرة الذاتية للفرد بنفسه كمقياس لكل شئ. وكل شئ اخر بالنسبة لي عبارة عن زبالة. (اظن ان كلمة "الزبالة" تنطبق على هذه الجملة الغبية).

وأنظر يا قارئي الكريم الى "الزبالة" التي يدافع البعض عنها ويأخذونها نبراسا للبرهنة على مواقفهم كونهم شعب أصيل وكل هذا من ملثم:
اما اذا انت او غيرك رفضتم الاعتراف بهذه الحقيقة فان كل شئ انتم ستقولونه سيكون مبني على الاكاذيب. وما هو مبني على الاكاذيب سيبقى الى الابد عبارة عن زبالة لا يحتاجها احد. (أي منطق واي عاقل يقبل لهذا).

وهذه اقتباسات أخرى وهي كما قلت غيض من فيض:
انت ببساطة تكتب زبالة. والشخص الذي يكتب زبالة فانني لا اقول له اكثر من ان ما يكتبه عبارة عن زبالة حتى لا يكتب  هكذا جملة مضحكة في المستقبل.
الا انني منذ يوم دخولي هذا المنبر لم اجد سوى مواضيع التي هي في اغلبيتها الساحقة عبارة عن  زبالة.اي شخص يكتب لك مقالة ومهما كانت طويلة لتقديم الحلول فهي لن تبقى سوى زبالة.
ومن هنا يستطيع ان يستمر موفق نيسكو او بهنام موسى في اعادة غناء نفس اغنيتهم مرارا وتكرار فسيبقى علميا كل ما يقولونه مجرد زبالة. وانا عندما اصف هنا مداخلات بانها زبالة فانني اشرح لماذا هي كذلك.
عندما يقوم شخص بالكتابة ويقوم بالقسمة على صفر فطبعا ساعتبر مداخلته هذه زبالة, وتستطيع ان تسال اي شخص في العالم الذين سيعتبرونها ايضا زبالة.
ولو قام هؤلاء بطبع مداخلاتهم وشرائطهم وقدموها للامم المتحدة فلن يفهم منها احد اي شئ وبالتالي سترحل الى سلة الزبالة.
وقضية ان يتم اخذ راي شخص يتم اعتباره اكاديمي خبير او مؤهل عبارة عن زبالة لا اريد رؤيتها.
ومن هنا اكون قد شرحت منطقيا وباستخدام حجج منطقية وقانونية ودولية لماذا اعتبر هكذا مواضيع التي تحاول ان تطرح هكذا اسئلة بانها زبالة. واعيد بانها بالفعل عبارة عن زبالة حقيقية.

ودعني اختم المقال هذا بقول شهير لعالم الأجتماع الكبير علي الوردي الذي ينطبق على حالتنا الهزيلة (الزبالة) هذه:

"كلما ازداد الإنسان غباوة، اشتد يقينا بأنه أفضل من غيره." وأنا اضيف: "كلما ازداد الإنسان غباوة، ازداد يقينا ان هناك اغبياء كثر سيتبعونه."

وأخير وليس أخرا، أتوقع ان يأتي "الملثم" ويعلق على الموضوع – وهو مرحب به – ولكن امل ان لا يأتي "بإسهاله الكتابي" ويكتب (أي ينقش من هنا وهناك) "زبالة"، ولكن لماذا لا يفعل ذلك إن كان بعضنا يتوسل ان يرمي علينا زبالته.

53
الكلدان بحاجة الى مجلس طوارئ لإنقاذ أنفسهم وكنيستهم من الخطر الوجودي الذي يداهم ثقافتهم والفوضى العارمة التي اقحمتهم الإدارة البطريركية الحالية فيها – رد على بيان

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

ملاحظة: هذا المقال رد على بيان للبطريركية الكلدانية (رابط 1) الذي يومئ فيه صاحبه الى كتاباتي منتقدا موقفي من اللغة والثقافة والتراث والطقوس والأزياء والريازة والفنون الكلدانية الأصيلة والفريدة من نوعها.

مقدمة

البطريركية الكلدانية في سنيها العجاف الأخيرة تعيش أسواء وضع مر به الكلدان وكنيستهم المجيدة في تاريخهم المعاصر.

إننا ومع الأسف نشهد افول الكلدان وكنيستهم بعد ان اوقعتهم الإدارة الحالية في ازمة عارمة في الثقافة واللغة والإعلام والشفافية والإدارة وأبعدتهم عن اصالة هويتهم الثقافية لا بل تنتزعها منهم عمدا وبإصرار غريب وعجيب.

لم يشهد الكلدان وكنيستهم مرحلة بائسة مثل هذه التي تعيش فيها بطريركيتهم وهي في حالة نكران شديدة وفوضى عارمة وخطر وجودي منذ الاتحاد الاندماجي (او الثاني) مع الفاتيكان الذي دشنه البطريرك يوحنا هرمز (1830-1838).

لقد جلس 11 بطريركا على كرسي بابل منذ الاتحاد الثاني. وإن قرأنا مسيرتهم ورغم الاختلاف والتباين الكبير في ادارتهم ومواقفهم لما رأينا هكذا عداوة وهجوم وبقسوة على اللغة والتراث والثقافة والأعلام والريازة والفنون والطقوس والآداب والشعر- أي الوجود والهوية الكلدانية الأصيلة والفريدة من نوعها – كالذي تقترفه الإدارة البطريركية الحالية في سياستها التأوينية الهوجاء.

والمواقف التي تتخذها في إعلامها الهزيل الذي صار هدفا للتندر والنكتة، وفيها تهاجم الثقافة واللغة الكلدانية ليس لفظا وحسب بل عمليا كما سنرى، لم يقبل بها أي شعب وقاومها أي شعب وإن كان تحت نير مستعمر او طاغية كما هو شأن الأكراد في العصر الحديث مثلا.

وإن ركزنا على ما تقوم به هذه البطريركية من خلال إعلامها الهزيل وممارساتها المناوئة للثقافة واللغة والفنون والطقوس والريازة والشعر والأدب والموسيقى والأعلام الكلدانية لأصابنا ليس فقط العجب بل الهلع ولشبكنا عشرنا على رأسنا لما تقترفه هذه الإدارة من اعمال لتهميش الثقافة الكلدانية.

نماذج وممارسات

وسأركز في هذا المقال على بعض النماذج والممارسات والأقوال والتي هي غيض من فيض والتي تنم عن جهل بأهمية الثقافة لأي شعب ومؤسسة ولا يقوم بها أي شخص او مثقف عادي يحترم نفسه ولغته وإرثه وتاريخه.

وكذلك تنم المواقف والممارسات هذه عن جهل مطبق بأهمية اللغة والأدب والفنون الأدبية والشعرية والبلاغية والفنية التي يجب على أي مثقف عادي أن يدركها ولكن هذه الإدارة البطريركية التي تعيش في حالة نكران شديدة تجعل من نفسها حكما في علوم لا فقه لها بها ولا علم لها بها.

جهل!

أنظر مثلا الجهل الكامل بالبلاغة الأدبية والاستعارية والرمزية والمجازية التي تختزنها اللغة في ثناياها ويستند إليها الشعراء ولأدباء ويوظفونها للتعبير عن مكنوناتنا ومكنونات العالم حولنا بطريقة لا يتمكن منها غير الذين منحهم الله موهبة لا نمتلكها نحن.

لقد ذهبت هذه البطريركية حدا بعيدا وخطيرا جدا في هجومها على للثقافة واللغة الكلدانية الى درجة اقتباس نتف من كلمة او كلمتين او عبارة او عبارتين ترد فيها مثلا اسماء الحشرات والطيور او يعرج فيها الكاتب الى الاستعارة والمجاز لتوصيل الفكرة بأسلوب ادبي رفيع وتفشل هي في قراءتها ضمن سياقها كونها ادب رفيع لا علاقة له بالخطابات والبيانات التي تبثها تقريبا يوميا وتفتقر بعضها حتى الى الكياسة في مخاطبة الأخر. (أنظر رابط 2 وكيف يقتبس صاحب التأوين كلمة او كلمتين من هنا وهناك خارج السياق للسخرية من اللغة والثقافة والطقوس الكلدانية).

قراءة غير موفقة وغير مقبولة

كيف تتجرأ هذه البطريركية على الهجوم وبقسوة على تراثنا وتستهزئ به وتستنكف منه بحجة انه زراعي وفيه عبارات زراعية؟

لو اخذنا هذا الأمر في عين الاعتبار لرأينا ان الإنجيل ذاته مليء بعبارات زراعية وفلاحية ومنها أسماء الحيوانات والحشرات. فقط الجاهل يقرأها بحرفيتها. وفي ذات الخانة تقع نصوصنا الكلدانية المقدسة والسامية.

القارئ المثقف يرى في هذه النصوص وما يرد فيها من مفردات زراعية او فلاحية او أسماء الحيوانات والحشرات يرى فيها على انها استعارات ومجازات وبلاغة سامية لا زلنا نقرأها ونرتلها بخشوع رغم ان الزمن قد عبرها.

هذا حال كل التراث والأدب الإنساني فهل نلغيه بجعله هدفا لحملة "التأوين"!

كل الأدب الإنساني لكل الشعوب مليء بأسماء الطيور والحشرات والنباتات واستعارات لا يراها سليمة غير الجاهل باللغة والأدب والذي لا يحمل ذرة غيرة واحترام لثقافته وادبه وفنونه وطقوسه.

فهذا شعر شكسبير مليء بأسماء الحيوانات والحشرات والزهور والنباتات والفلاحة والزراعة وظروف الإقطاع في حينه لكن كل صاحب ثقافة انكلو-ساكسونية حتى وان كان حاصلا على شهادة الأمية لا يمكن ان يستهجنه ويزدريه بالطريقة التي تفعل ذلك بطريركيتنا العتيدة بثقافتنا ورموزنا في سنيها العجاف الأخيرة. (أنظر رابط 3 والهجوم غير المبرر على ملفان وأديب شعبنا وكنيستنا العلامة إيليا أبو حليم وهو واحد من أعمدة ثقافتنا وادبنا الكنسي).
 
استحلفكم بالله ماذا سيفعل أي انكلو- ساكسوني ذو ثقافة متوسطة لو هاجم شخص شكسبير لأن شعره ومسرحياته  زراعية وفلاحية  وإقطاعية او ان مقاطع من مسرحيات وأشعار شكسبير فيها بعض  السجع والقافية؟

والأدب الرفيع كما هو شأن نصوصنا الكلدانية التي هي من أرفع وأسمى ما عرفته البشرية هذا إضافة الى قدسيتها لا يقرأ حرفيا إلا من قبل الذين يجهلون القراءة ولا يعرفون ما هي البلاغة والاستعارة والمجاز.

هل يجوز ان نقول من يقبل امه او اخته او زوجته ان تصبح "وعاء شهوة" (يا لبؤس العبارة، انظر رابط 5) – كما يدعي صاحب التأوين في تفسير غير مقبول وينم عن جهل بالأجناس الأدبية والبلاغية في هجومه غير المبرر على نص من عدة كلمات لمار افرام لأن الشاعر الأندلسي المبدع هنا (أنظر الاقتباس ادناه) مثلا يقارن خليلته "بليل الصب" و"قيام الساعة" و"رقد السمار" و"بكاء النجم" و"الغزال ذي هيف؟" هذه القصيدة من أجمل ما غنته فيروز. لو وقعت امام معول صاحب التأوين الهدام لهدم صرحها وألغاها وجلب محلها الإنشاء الهزيل الذي يكتبه. إن كنت انت لا تفهم ولا تستوعب سمو ادبنا وثقافتنا الكلدانية، الكلدان شعب مثقف ومتعلم ويقرأ ويفهم ويستوعب ادبه وشعره وثقافته ولا يحتاج الى "التأوين":

يا ليل الصب متى غده ؟   اقيام الساعة موعده
رقد السمار فأرقه   أسف للبين يردده
فبكاه النجم ورق له   مما يرعاه ويرصده
كلف بغزال ذى هيف   خوف الواشين يشرده

 وهذا ينطبق على كل الآداب والفنون والثقافات الإنسانية. لو طبقت الشعوب والأمم مبدأ صاحب التأوين لما بقي هناك حضارة إنسانية وألغينا كل شيء وكتبنا عن ميولنا ونزواتنا عوضا عنه، وهنا ستقع كارثة كبيرة لأن هذا سيلغي التراكم المعرفي والحضاري وبلغته وثقافته وهذا ما يحدث للكلدان وكنيستهم وثقافتهم.

 أنظر هذه الأبيات المجازية التي استقيها من شعر وأغنية عراقية شهيرة: "لا خبر لا جفية لا حامض حلو لا شربت ... والتمن الحلوات من كل بيت حلوة التمن ... والعشك ما ينحزر جزرة ومد ة ... صغنالج انجوم الثريا قلادة يا حبابة ... والتمن الحلوات من كل بيت حلوة التمن ... واترف أصابع ليلة الحنة بذابي تحنت".

 هل سيأتي امي عراقي ويقول هذه تعود لأهل عمارة والجنوب وهؤلاء زراعيون متخلفون (الأغنية واللحن جنوبي الهوى) وإن هكذا اقوال غير موجودة في واقع اليوم ومن يقبل امه او اخته او والدته ان تتعذب لأنها حنت أصابعها وهذا ومؤشر على التخلف لأن العشق ليس فيه  مدّ وجزر ويجب ان "يؤن" أي يرد فيه اسم "فالنتاين" عيد الحب "المؤن" العصري (سنأتي عليه لاحقا ولكن أنظر الرابط 4   ) ومن ثم يقومون باستهجان النص الرائع واللحن البديع ويحذفونه ويزيلونه من ثقافتهم ويحورونه ويحولونه ويترجمونه بشكل ركيك هزيل مرة الى الفارسية ومرة الى الكردية او أي لغة أخرى شريطة ان لا يكون من اللهجة العربية  لأهل الجنوب في العراق؟

هذا هو بالضبط ما يحدث للثقافة واللغة والفنون والريازة والأزياء والشعر والأدب والأناشيد والموسيقى الكلدانية الأصيلة في السنين العجاف للبطريركية هذه والأدلة كثيرة وتاريخها يعود الى بداية الثمانينات كما وضحنا سابقا وكم نوضح هنا في هذا المقال.

أمثلة وأدلة أخرى

والحفاظ على الثقافة بلغتها ولهجاتها تمارسه كل الشعوب والمؤسسات من العرب والأكراد والفرس والألمان والأتراك وغيرهم. واليوم أشعار حافظ الشيرازي – وهو شاعر صوفي – ينشدها الكل في إيران رغم انها زراعية وفلاحية وتستند الى الاستعارة والمجاز في إيرادها أسماء الطيور والحيوانات والحشرات والنباتات والأجرام السماوية والعشق والحب والمحبة التي يلبسها لباسا بلاغيا استعاريا ومجازيا وهو يخاطب المراءة مرة والنباتات مرة أخرى والحيوانات وغيره من الرموز الطبيعية للتقرب الى الله.

لن يهاجم أي إيراني او حتى صاحب عمامة في قرية نائية في إيران التراث والثقافة وشعر حافظ الشيرازي الفارسي رغم كونه زراعيا ويعارض الحكم الثيوقراطي (ولاية الفقيه) وليس فيه أي ذكر للقنبلة الذرية والمدفع والطائرة وفالنتاين كما تروج هذه البطريركية وكما تفعل في كرهها المبين للثقافة واللغة الكلدانية من خلال حملتها التأوينية الظالمة.

اقرأ اشعار وكتابات الشاعر الكردي الشهير شيركو بيكيس وكيف يوظف الطبيعة والزراعة والفلاحة والحيوانات والحشرات والأجرام السماوية بأسلوب أدبي رفيع لا يرى فيه الا الجاهل انه لا يوائم زمن التأوين والعصرنة وزمن "القنبلة الذرية" ولا يستخف فيه الا الجاهل الذي لجهله لا يمتلك ملكة فكّ الرموز الاستعارية والبلاغية فيه ويتمسك بحرفية النص ويقتبس خارج السياق لضيق أفقه وجهله بالأساليب الأدبية الرفيعة.

والأمر ذاته ينطبق على روائع جبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي ونزار قباني وغيرهم من الشعراء والكثير من الأناشيد والألحان التي تؤديها فيروز وأم كلثوم والموشحات وغيرها.

ولأن البطريركية لا حس ادبي لها لفهم وقراءة النصوص الاستعارية والمجازية التي يبدع فيها اجدادنا لا بل يبزون فيها ما لدى اقرانهم والدنيا برمتها، فإنها لجهل منها او عدم إدراك او لغاية في نفس يعقوب تهرع الى كلمة او كلمتين او عبارة او عبارتين من ملايين وملايين الصفحات الأدبية والكنسية السامية والمقدسة التي نمتلكها ويجعل منها صاحب حملة التأوين الهدامة هدفا لكرهه وهجومه واستئصاله للثقافة الكلدانية الفريدة من نوعها. (أنظر رابط 5 والاقتباس غير السليم الذ يفتقر الى الحس الأدبي السليم وقراءة لا تتجاوز حرفية النص وتفشل في الوصول الى مكنوناته المجازية والبلاغية ومن ثم أنظر كيف يعيد صاحب التأوين صياغة الاقتباس حسب هواه ونطاق أفقه الضيق الذي يفتقر الى الكياسة وهدفه تسقيط الثقافة الكلدانية وليتورجيتها المقدسة).

هل سيقوم كردي أمي بالهجوم على بيكس لأن شعره زراعي وفيه من الطيور والحشرات والنبتات ولا يستخدم القنبلة الذرية ولا يذكر عيد الحب ولا يرأس وينفق من اموال المساكين والنازحين واللاجئين الهائمين على وجوههم على حفلة بهيجة باذخة للاحتفاء بعيد فالنتاين في نادي الهندية في بغداد؟ (أنظر رابط 6 والاحتفال البهيج وباللغة العربية بعيد فالنتاين في بغداد. من رأى صاحب التأوين يوما وهو يحتفل برمز كلداني وبلغته وشعره ونصوصه وينظم حفلا كبيرا مثل حفل فالنتاين في بغداد لأحياء ثقافته ولغته وثقافة ولغة اجداده وكنيسته وشعبه).

لم يسلم من حملة التأوين لهذه البطريركية أي رمز تقريبا يعود للكلدان وهويتهم. فأزياؤهم مستهجنة وتصفها بأبشع الأوصاف (أنظر رابط 7 وكيف يهين صاحب التأوين زيّ أسلافه واجداده من البطاركة الكلدان ويزدريه ويطلق عليه توصيفات مشينة ويقول إنهم يشبهون في لباسهم سلاطين بني عثمان وما أدراك ما سلاطين بني عثمان .... رغم أن بين البطاركة الكلدان من سقط شهيدا بزيه في سبيل صليبه ومسيحه ومنهم من هو قديس وطوباوي ....).

حتى مار افرام، ملفان الأجيال والكنيسة الجامعة، لم يسلم من معول صاحب التأوين الهدام

اليوم صارت الكلدانية بلغتها وفنونها ونصوصها وشعرها مستهجنة ولا تتطابق مع الزمن لأنها زراعية فلاحية ولم يسلم كتّاب كبار وقديسين على مستوى كنائس الدنيا والذين هم شعلة ادبنا وثقافتنا من معول التأوين الهدام الذي اخذ يزيح اللغة والثقافة الكلدانية ويستبدلها بالعربية او أي ثقافة أخرى، أي وجودهم وهويتهم كأمة وكنيسة مجيدة صار على كف عفريت.

وأخيرا اتي معول التأوين الهدام على مار افرام حيث استهجنت البطريركية نصا من عدة كلمات له خارج سياقها وشموليتها وفسرتها ضمن ضيق أفقها وجهلها بالفنون الأدبية والخطابية والشعرية وعدم مقدرتها على سبر اغوار النص بمجازيته وبلاغته واستعارته (رابط 7).

 وهذا عمل غير مقبول على الإطلاق ان تهاجم مؤسسة دورها لأساسي لا بل الأول والأخير هو الحفاظ على ثقافتنا لا سيما الكنسية منها وليس حبّ الظهور في إعلامها الهزيل الذي صار عبئا كبيرا وهائلا تئن من ثقله الجبال على الكلدان وكنيستهم ومثار تندر ونكتة في صفوف ومواقع شعبنا.

ممارسات "تأوينية" هدامة

وهكذا قامت البطريركية التي لا تحترم ثقافتنا ولغتنا وتعاديها بتأليف نصوص ركيكة هزيلة وباللغة العربية مليئة بالأخطاء وأقل شأنا من مادة إنشائية في المرحلة الثانوية وفرضتها علينا كي نقرأها في الكنائس مكان روائع مار افرام وغيره من اباء وأعلام كنيستنا الكلدانية المجيدة.

هذا ما نشاهده بكثير من الممارسات الهجينة والغريبة والأجنبية التي يتم إقحامها في تراثنا منها كتاب الطلبات بطبعته الذهبية والمزركشة والذي ما هو الا لملوم من نصوص عربية هزيلة تفتقر الى الحبكة واللغة السليمة والسياق والاتساق والربط المنطقي ولا ترقى الى واحد في المليون من سمو ورفعة نصوصنا وفنوننا وثقافتنا الكلدانية المقدسة الساحرة – نصوص هزيلة مثل هذه وبالعربية الركيكة يقحمها اقحاما في كنيستنا.

اما إلغاء رموزنا التي دونها نحن لا شيء فهنا حدث ولا حرج حيث لا تحب هذه البطريركية أي رمز وأي زي وأي تراث او نص ادبي كنسي كلداني غير الذي هي تخترعه وتستنبطه وهو أقرب الى البؤس والهزالة والهراء والركاكة منه حتى الى نص عادي في جريدة محلية.

انظر الفرق بين هذه البطريركية التي تعود جذورها الى الثقافة النهرينية بعمقها وشموليتها وأصالتها والى الكنيسة السويدية اللوثرية والكاثوليكية التي لا يتجاوز عمرها بضعة قرون حيث لا يزال الكل تقريبا ملتزما بثقافته من حيث الأزياء واللغة والرموز والأناشيد والريازة وكل ما يشكل خصوصية واصالة أي شعب اصيل في الدنيا من الكهنة والشمامسة والجوقات.

قتل الثقافة

أنظر (أدناه) ماذا فعلت هذه البطريركية بثقافتنا وأناشيدنا الساحرة الرائعة منها اناشيد الشهداء التي ترد في صلاة الرمش حيث قامت هذه البطريركية بطريقة هزيلة ركيكة بجمع تراجم عربية من أخرين وقامت هي بنفسها بترجمة بعض النصوص الى العربية وجمعتها في كتاب تقول انه من تأليفها وتطبق عليها الحاننا وأناشيدنا التي لا يمكن ولا يجوز أدائها الا بلغتها ولكن هذه البطريركية لا تتورع حتى عن قتل هذه الأناشيد والألحان ومنها أناشيد الشهداء التي هي جزء مهم وحيوي من تراثنا وثقافتنا لأننا أساسا كنيسة الشهداء.

هذا يرقى الى قتل ثقافتا (أنظر ادناه) أي قتلنا ويرقى الى تقديم خدمة على طبق من ذهب لسياسة التعريب أي سياسة إزالة الثقافة التي ليس هناك شعب او مؤسسة او شخص له ذرة من الغيرة على هويته واصالته الا وحاربها وأفضل مثل هم الأكراد الذين اول عمل قاموا به بعد تخلصهم من حكم التعريب في زمن صدام حسين كان العودة الى الأصالة والثقافة واللغة الكردية. هذا ما يقوم به كل شخص وشعب ومؤسسة تحترم نفسها وهويتها وثقافتها عدا بطريركيتنا العتيدة في زمنها البائس وإدارتها البائسة هذه:



أنظر كيف يتم تعريب العونيثا الكلدانية المهيبة "داثي لمذانا لأرعا" لرمش يوم السبت/الأحد ذات اللحن البديع والمعاني السماوية السامية والوزن الشعري الرفيع والتي هي تقريبا على لسان الكل بشكل فجّ وركيك الى اللغة العربية وفرضها صاحب التأوين على الرهبانيات والكنائس ضمن كتاب هزيل لملمه من هنا وهناك ووضع اسمه عليه وجعله مكان دقذام ودواثر. هذا امر مريع وغير مقبول ان يتم تعريبنا ونحن صاغرون وصاحب التأوين يقول إنه بطريرك الكلدان. أسوق هذا النص للمثال لا الحصر لأن ما يقوم به صاحب التأوين ومعوله من هدم للثقافة الكلدانية وصل حدودا لا تطاق. ولا أريد تحليل الأجزاء الأخرى لأنها تفتقر الى أبسط الشروط الكتابة الأدبية السليمة ولا رابط بين جملها وحتى كلماتها وهي باللغة العربية.

كيف يقبل الكلدان ان يتم الإساءة الى تراثهم وثقافتهم وليتورجيتهم وفنونهم وموسيقاهم وأناشيدهم بهذا الشكل المخيف؟

الترجمة تكون لمساعدتنا لفهم نصوصنا بلغتها وليس استئصالها وتبديلها بالشكل الهزيل هذا الذي لا أظن يقبل به أي فرد في الدنيا له ذرة من الغيرة على تراثه وتاريخه وثقافته.

تبذل هذه البطريركية (وبذلت) جهودا جبارة لقتل ثقافتنا وترفض ان تعيد كتابتها مثلا بالكرشوني او بلهجتنا الكلدانية السهلية الساحرة. ليس هناك شخص او شعب له هوية وله اسم يقبل ان يحدث هذا له غيرنا نحن الكلدان.

ماذا أبقت لنا هذه البطريركية؟ إنها في حملة دون هوادة ودون توقف ضد كل ما يمت للكلدان وكنيستهم من هوية وثقافة ولغة.

الذي يقتل ثقافتا يقتلنا

قتل ثقافتنا كان الهدف منذ عقود والتعريب هذا وفرضه على الكنائس في منطقته ببؤسه وركاكته وهزالته وعربيته الهجينة التي يعصى حتى علي فك رموزها جرى تطبيقه عندما كان مطرانا لكركوك وكتاب الرمش المعرب الهزيل البائس جرى تطبيقه هناك (أي كركوك) واليوم يفرضه على الرهبانيات والكنائس الكلدانية التابعة له. في كل مكان حلّ كان الهدف الأول محاربة الثقافة الكلدانية.

هذه البطريركية هي عربية او أي شيء اخر ولا علاقة لها بالثقافة واللغة والفنون والريازة والأزياء الكلدانية التي تستهجنها علانية ودون ان يرف لها جفن.

تقوم بكل هذا الهدم للثقافة الكلدانية وتقتلها وتقتلنا مع إزالتها لثقافتنا ومن ثم تحاول الضحك على ذقوننا وتكتب بيانا هزيلا أخر في إعلامها البائس بعنوان "يا كلدان العالم الى الأمام" (رابط 9). هل  بقي هناك "امام" امام الكلدان بعد ان أزلتم ثقافتنا ولغتنا وطقوسنا وليتورجيتنا وفنوننا وأناشيدنا وكتبنا وريازتنا وأزيائنا وشتتم شملنا ...

العدو بإمكانه توجيه بندقيته صوب صدري وقتلي وبإمكانه إطلاق رصاصة على حوذرتي المقدسة وصليبها المشرقي السماوي وحرقها ولكن ليس باستطاعته إزالة ثقافتي الكلدانية التي هي وجودي وهي يجب ان ترافقني اين ما انا وفي أي بلد حللت.

ولهذا الذي يقتل الثقافة واللغة هو الذي يقتلنا والبطريركية الكلدانية مع الأسف هي التي اليوم تقوم بعملية قتل منهجي وعن سبق إصرار للثقافة الكلدانية وتاريخها شاهد وتعريبها الهزيل لنصوص الرمش أكبر دليل ومنها تطبيقها بكل همة ونشاط ودون ملل وكلل لسياستها التأوينية الظالمة التي بموجبها من المسموح ان يتم تحويل ثقافتنا الى أي لغة وباي اسلوب المهم ان لا تكون كلدانية الى درجة صار اليوم بإمكان صبي في جوقة ان يأتي بأي نشيد يراه مناسبا وبأي لغة ومن أي مكان فقط ان لا يكون كلدانيا.

اليوم صار التكريد مسموح والتعريب وتحويل النصوص الى أي لغة مسموح شرط ان لا تكون كلدانية.

لقد أزالت هذا البطريركية اغلب تراثنا وثقافتنا وطقوسنا وتاريخها شاهد كيف كانت ترمي كتبنا في سلة المهملات وتخرجها من الكنائس وترميها خارجا إن كان في ام المعونة في الموصل او أي مكان أخر حلت فيه وأخيرا السدة البطريركية.

اين صارت اللهجة السهلية الكلدانية الساحرة؟

بدلا من القيام بإحياء لهجتنا الكلدانية السهلية الساحرة وما قام بتأليفه وإعادة صياغته لفيف من أعلام وملافنة الكلدان المعاصرين الذي الفوا بلهجتنا المحكية الساحرة وحولوا بعض النصوص الكلاسيكية المهمة إليها (رابط 8)، تستهجن هذه البطريركية كل شيء كلداني وترمي حتى كتب هؤلاء في سلة المهملات وتجلب الدخيل والأجنبي والهزيل والركيك وباي لغة عدا الكلدانية وتقحمه جبرا في كنائسنا.

الا يحترق قلبكم أيها الكلدان على ثقافتكم ولغتكم وتراثكم ولهجتكم السهلية الساحرة التي اكاد أجزم ان أكثر من 90% من الكلدان لايزالون ينطقون بها؟

كيف تتحلمون ادارة تفعل كل هذا بكم وتضرب غشاوة عل عيونكم من خلال إعلامها الهزيل والبائس وحركاتها المكوكية التي لا تقدم ولا تؤخر في الواقع شيئا؟

الذي يحبكم أيها الكلدان هو الذي يحفظ لكلم تراثكم ولغتكم وثقافتكم وطقوسكم وأزياءكم وريازتكم وشعركم وفنونكم وأناشيدكم وأعلامكم وأدبكم وموسيقاكم – كل هذه فريدة من نوعها وتسمو على ما يملكه أي شعب أخر في الدنيا وبدونها نحن لا شيء واي شعب يقتلها يقتل ذاته.

ما العمل؟

انهضوا واستفيقوا أيها الكلدان قبل فوات الأوان وقبل ان يأتي معول التأوين الهدام ويمحو ثقافتكم من الوجود – أي ينهيكم ويقضي عليكم كأمة وثقافة وهوية كنسية وقومية.

أنتم بحاجة الى مجلس طوارئ على المستوى الأسقفي لإدارة البطريركية ووضع حدّ لهزالة وبؤس إعلامها وإيقاف خطتها التأوينية الهدامة والمدمرة – التي وضعتكم في خطر كبير سينهي وجودكم كأمة وثقافة وهوية – أنتم بحاجة الى مجلس طوارئ كي تنقذوا أنفسكم وكنيستكم المجيدة من الفوضى العارمة في الثقافة والإدارة وغياب الشفافية والخطر الوجودي الذي وضعتكم الإدارة البطريركية الحالية فيه.

=======================================
رابط 1
http://saint-adday.com/?p=16443
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,791774.0.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793177.0.html
رابط 4
http://saint-adday.com/?p=16432

رابط 5
http://saint-adday.com/?p=16443

رابط 6
http://saint-adday.com/?p=16432

رابط 7
http://saint-adday.com/?p=16443

رابط 8
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793177.0.html
رابط 9
http://saint-adday.com/?p=16566


54
حكاية المطران باوي سورو كما أوردها القس نويل فرمان واغداق المديح فيها على البطريرك ساكو تظهر اننا شعب مسكين، غلبان ومغلوب على أمره – رد على مقال

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

قرأت المقال الذي كتبه القس نويل فرمان عن المطران باوي سورو (رابط 1). المقال يدعي أنه مقابلة صحافية. في الحقيقة المقال أكثر منه حكاية لتسليط الضوء على وجهة نظر المطران باوي وتحسين صورته وتبرئة ساحته.

والاثنان، أرى، انهما يغدقان الكثير من المديح على البطريرك ساكو دون وجه حق.

هذا وغيره من الأمور التي أتت في المقابلة والتي فيها يحاول القس والمطران تبسيط المفاهيم لا بل تسطيحها ومط ومدّ وجر حتى النصوص المقدسة لترويج قضية خاسرة أساسا.

وقبل الولوج في خضم الموضوع، أرى من الواجب تقديم الشكر للزميل منصور زندو الذي حاول وبنجاح إضفاء مسحة من الموضوعية على الحكاية التي اتي بها القس نويل من خلال تعليق له على الموضوع (رابط 1) ومن ثم الموضوع المستقل الذي كتبه كرد (رابط 2). فله الشكر.

ثقافة الأجوبة الجاهزة

نحن كشعب ومؤسسات نعاني كثيرا في أغلب المفاهيم والمواقف التي نتخذها. والسبب هو افتقارنا الى إشغال العقل من خلال حثه على إثارة الأسئلة التي تتحدانا أولا قبل ان تتحدى المختلف عنا.

نحن لدينا أجوبة جاهزة معدة لنا من قبل السلطة لا سيما السلطة الدينية ونجترها ونكررها أحيانا مثل الببغاوات دون تمحيص وبحث.

أساس أي بحث علمي رصين هو إثارة أسئلة محددة دون خشية وخوف حتى وإن كانت تتحدى الميول التي نحن عليها. ومن ثم محاولة الإجابة عليها من خلال جهدنا العقلي وليس الاتكاء على السلطة ونقل اجوبتها كما هي دون إشغال للعقل.

ما ينقصنا هو ثقافة الأسئلة التي تتحدى السلطة وليس اجترار الأجوبة الجاهزة التي تقدمها لنا.

والحكاية التي اتى بها القس فرمان أغلبها ضمن نطاق الأجوبة الجاهزة وغابت عنها الأسئلة التي لا بد منها لتحدي النفس أولا والميول التي نحن عليها ثانيا. وهكذا كنا امام حكاية وليس مقابلة صحافية.

توثيق ام تزوير؟

ليس هناك أسئلة في "المقابلة" هذه. المحاور (الذي يجري اللقاء) والمقابل لهما أجوبة جاهزة.

أنظر مثلا المقدمة الطويلة والمملة التي يقول فيها صاحب المقال إن غايته "التوثيق التاريخي، من قبل المعني مباشرة بما أمكن من حيادية وشفافية" دون ان يبذل جهدا بسيطا كي يطلعنا على رأي مستقل وحيادي او أضعف الإيمان "المعني" من الطرف الأخر.

ولأن المقال تقريبا يقع ضمن نطاق الأجوبة الجاهزة، اتى النص ابعد ما يكون عن الحيادية والشفافية.

الأسقف اللوثري والأسقف الأنكليكاني

ولأن المقال مثال صارخ لثقافة الأجوبة الجاهزة، يحاول المحاور الإجابة بدلا من المقابل. وكي يبرئ ساحة المطران باوي سورو وما قام به من عمل وتصرفات غير مقبولة يضرب أمثلة في غير محلها دون وعي منه، منها ما حدث للأسقف اللوثري جوزيف جاكسون الذي تحول الى الكثلكة وكذلك الأسقف الأنكليكاني الذي أيضا قرر الالتحاق بكنيسة روما.

والأسقف باوي يثني على القس نويل لاستشهاده بالمثالين هذين ومن ثم يهاجم العقلية الشرقية لأنها لم تكن في المستوى الحضاري كي تسمح او تقبل او تتعايش مع انتقاله الى الكنيسة الكاثوليكية مثلما حدث للأسقف اللوثري والأسقف الأنكليكاني.

ولكن هل هذا صحيح ام انه تمويه وانتهاك لأبسط شروط النزاهة والحيادية والموضوعية وكذلك الرسالة الإنجيلية التي تدين كل من لا يقول الحق ويحاول تمويه الحقيقة والتشويش على عقول الناس؟

سندات مزورة ومحاكم كلفت الملايين من الدولارات

هل باستطاعة القس نويل والمطران باوي ان يمتلكا الشجاعة ويقولا لنا من هم NENOS MICHAELS, et.al, "نينوس ميخائيل وشركائه" (أنظر ادناه) وكيف ان المطران باوي سجل شركة corporation (أنظر قرار المحكمة أدناه) باسمه وباسم أصحابه هؤلاء وتم تسجيل عقارات كنسية وأملاك واموال على حسابه وحسابهم؟

لماذا لم يثير القس نويل هذا السؤال: كيف يجوز لأسقف مسيحي يقول انه يمثل المسيح على الأرض ان يؤسس corporation (أنظر قرار المحكمة أدناه) يسجل أملاك وعقارات وأموال بعشرات الملايين من الدولارات باسمه وبأسماء أصحابه؟

هل قام الاسقف اللوثري بتأسيس corporation باسمه وباسم أصحابه واستولى من خلالها على أملاك واموال وعقارات وأموال كنيسته؟

هل قام الأسقف الأنكليكاني بتأسيس corporation باسمه وباسم أصحابه واستولى من خلالها على أملاك وأموال وعقارات كنيسته من خلال عملية تزوير للسجلات؟

هل يجوز ان يقوم القس نويل (قل مطران) بتأسيس corporation باسمه وباسم أصحابه ويستولي من خلالها على أموال وأملاك الكنيسة الكلدانية من خلال حملة وتزوير للسجلات وعندما يتحول الى مذهب أخر يأخذها معه؟

نعم من حق أي شخص لا سيما في أمريكا والغرب ليس ان يحول مذهبه بل ميوله حتى الجنسية منها وان يؤسس مذهبا او دينا جديدا. ولكن ان يسرق ويزور السندات من خلال تأسيس corporation هذا لعمري أمر شنيع وأن ندعمه بآيات من الإنجيل فلعمري هذا دليل على اننا شعب مسكين غلبان لأننا نصدقهم:

http://uploads.ankawa.com/uploads/1486757130871.docx

محاكم مدنية كبيرة ومكلفة جدا

في أمريكا ليس هناك شيء مكلف مثل الذهاب الى المحكمة حتى لو تعلق الأمر بعدم دفع إيجار شقة لمدة شهر.

بيد ان الطريقة التي جرت فيها وقائع هذه المحاكمة المدنية الكبيرة التي شارك فيها عشرات المحامين واستمرت حوالي ست سنوات ستكون تكلفتها مهولة أي بملايين من الدولارات.

الطريقة التي يرد فيها أمر المحكمة المهينة هذه في حكاية القس نويل ومن ثم الاستشهاد بأبيات من الإنجيل للبرهنة ان الشخص ضحية وما كان يقوم به مطابق لإرادة الإنجيل وإرادة الله، هذا أيضا لعمري يظهر اننا شعب مسكين تعبان هلكان وغلبان لأننا ضحية ثقافة الأجوبة الجاهزة.

خسر المطران باوي قضيته في المحاكم الأمريكية بعد مرافعات استمرت ست سنوات وأرغم على دفع ملايين الدولارات تكلفة للمحكمة وتكلفة لفوج من المحامين للطرف الأخر وتكلفة لفوج المحامين الذين دافعوا عنه.

من يستطيع ان يتحدى هذه المهزلة (التي – حاشى – يربطها صاحب المقال والذي يحاوره بإرادة الرب) ويقول لنا كيف تم الدفع ومن من وفلوس من وبحيادية وشفافية؟

كي يعرف القارئ الكلفة المهولة للمحاكم الكبيرة والطويلة مثل هذه في أمريكا اضع امامه سجل بعدد المحامين والمترافعين في جلسة واحدة لمحكمة المطران باوي ولطرف واحد فقط:

http://uploads.ankawa.com/uploads/1486879090371.docx

وهذا اقتباس من قرار المحكمة التي تلزم المطران سورو بإعادة الأملاك والعقارات والأموال التي (اغتصبها) وهي ترجمة لكلمة usurp التي يستخدمها المترافعون:

http://uploads.ankawa.com/uploads/1486757287931.docx

متى ننتقل الى ثقافة الأسئلة


لو لم نكن نحن تحت حكم ثقافة الأجوبة الجاهزة التي أتت علينا كشعب وأمة وتراث ومؤسسات وتاريخ لكان بإمكاننا ان نشغل عقلنا كي نعرف الحقيقة من خلال ثقافة إثارة الأسئلة دون خشية وخوف كي نحصل على "المعنى مباشرة، بما أمكن من حيادية وشفافية."

ومع كل هذا له الشجاعة ان يقتبس من النصوص المقدسة فيقول "فأجاب بطرس والرسل وقالوا: ينبغي ان يطاع الله أكثر من الناس." أهكذا تكون طاعة الله والإنجيل؟ الم أقل اننا شعب مسكين، غلبان.

هناك الكثير مما يمكن التعقيب عليه والطريقة التي يسرد فيها القس نويل حكاية المطران باوي ولكنني سأكتفي بهذا القدر كي لا أثقل على القارئ.

إغداق المديح ولكن في غير محله


لا أعلم لماذا تنتقل الحكاية الطويلة هذه وغير الموثقة والتي تفتقر الى الحيادية والشفافية بين الفينة والأخرى الى البطريرك ساكو.

ولا أعلم لماذا يغدق القس نويل والأسقف باوي المديح على البطريرك، الذي من المفروض ان لا تكون له أية علاقة من قريب او بعيد بهذه الحكاية.

إنه حقا لأمر مستغرب ان يرد ذكر البطريرك ساكو او يقارن بالبطريرك الكلداني الجليل يوسف اودو، صاحب الانتفاضة الكلدانية المباركة.
 
الفرق بينهما كما الفرق بين الأرص والسماء او بين الثرى والثريا.
 
البطريرك اودو حمى الهوية والثقافة الكلدانية بلغتها وطقسها ورموزها واعلامها وأزيائها وريازتها وشعرها وأدبها وفنونها وموسيقاها وأناشيدها من حملة طائشة كادت تنهيها.
 
لولا البطريرك اودو لصار الكلدان اثرا بعد عين واندثرت ثقافتهم.

البطريرك ساكو يسير، ليس اليوم ولكن منذ عقود، في خط معاكس للبطريرك اودو.
 
البطريرك ساكو لا يحب الأزياء الكلدانية ولا الريازة ولا الثقافة الكلدانية ولا الرموز ولا الاعلام ولا اللغة ولا الآداب ولا الشعر ولا الفنون ولا الطقس ووصل به الأمر الى إطلاق توصيفات غير حميدة على الثقافة واستهدافها واستهجانها ونبذها. (رابط 2 و4).

لم تهان ولم تزدرى ولم تهمش لا بل تحطم الثقافة الكلدانية في التاريخ الكلداني المعاصر كما جرى على ايدي صاحب التأوين منذ الثمانينيات من القرن الماضي ووصل الأمر تقريبا الى إلغائها في السنين العجاف الأخيرة.

البطريرك اودو حفظ لنا ثقافتنا ولغتنا ورموزنا وأزيائنا وريازتنا وفنوننا وتراثنا وطقسنا واعلامنا وآدابنا وشعرنا وكل ما يدل على هويتنا ووجودنا وثقافتنا الفريدة من نوعها. البطريرك ساكو يعمل العكس تماما، أي في صف أعداء البطريرك اودو.

بلبلة

يشبه وضعنا الثقافي امام هجمة التأوين وحملة التأوين الهدامة التي دشنها البطريرك ساكو قبل عقود وفرضها في السنين العجاف الأخيرة، يشبه ما حلّ بأصحاب برج بابل في العهد القديم حيث عندما أراد الله معاقبتهم بلبل السنتهم وتاهوا وتشتتوا في الدنيا ولم يعد يعرف الواحد الأخر.

نحن اليوم امام المحنة ذاتها التي تفرض مثلا نصوصا معربة تعريبا هزيلا وبعضها كتبها صاحبها بعربية ركيكة لا ترقى الى مستوى انشاء في الثانوية ووضعها بدلا من صلاة الرمش الكلدانية الساحرة والنبوية والربانية وفرضها على كنائس كثيرة وأديرة تابعة له.

والبطريرك ساكو عكس البطريرك الجليل يوسف اودو يدعو لا بل يفرض على الكلدان المشتتين في ارجاء العالم ان يمارسوا الثقافة كل بلغته أي ان نصبح ونحن أقلية نتكلم ونتحدث بألسنة كثيرة ونستبدل ثقافتنا لأن استبدال اللغة معناه الغاء الثقافة وبذلك تحل علينا اللعنة التي حلت على أصحاب برج بابل.

مع كل هذا أنظر المديح الذي يأتيه من القس نويل ومن ثم المطران باوي حيث يقول ضمن ما يقول إن منطلقه (أي البطريرك) "ثقافي لغوي تاريخي مع توجه نبوي."

أظن ان البطريك ساكو في واد والثقافة الكلدانية في واد وأننا في عهده العتيد سنكون شهودا على زوال الثقافة الكلدانية (أي زوالنا) واستبدالها بالعربية او اية ثقافة أخرى المهم ان لا تكون كلدانية.

وهذا بالضبط ما كان يريده من هدف أعداء البطريرك يوسف اودو. هم لم يستطيعوا تحقيقه ولكن ومع الأسف الشديد ويحز في القلب القول إن ما فشل اعداء البطريرك يوسف اودو في تحقيقه يجري تنفيذه وبإصرار من قبل خليفة له جالس على ذات الكرسي.

خاتمة

أظن أن حكاية المطران باوي سورو كما أوردها القس نويل فرمان والطريقة التي يغدق الاثنان فيها المديح على البطريرك ساكو تظهر أننا حقا شعب مسكين، تعبان، غلبان ومغلوب على أمره.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,831007.0.html

رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,832001.0.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=793177.0

55
المطران سرهد جمو يعود للساحة مجددا وبنشاط ويقترح تشكيل مجلس كلداني من أجل نهضة كلدانية جديدة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك-السويد

أخذتني الدهشة ولم اصدق ما قرأته لأول وهلة عندما وقعت عينيّ على النداء الجديد الذي أطلقه المطران سرهد جمو لتأسيس مجلس كلداني Congress (رابط 1 و2). السبب وراء النداء، كما يقول المطران جمو، هو الخطر المحدق بالثقافة "المدنية والدينية الفريدة من نوعها" التي تخص الشعب الكلداني.

الثقافة الكلدانية، يقول المطران، تكاد تنقرض ومن اجل درء هذا الخطر المحدق: "نرحب بكل كلداني له شعور واع بالخطر الوشيك الذي يجعلنا نفقد إلى الأبد ثقافتنا المدنية والدينية الفريدة من نوعها بخصوصيتها الروحية بأن ينضم الى هذا الكونكرس، وان يتبنى هذه الدعوة . أما الكلداني الذي لا يهمه ان يستيقظ فالموضوع ليس هو للنقاش." (رابط 1)

في البداية لم اصدق ما قرأته وتصورت ان الدعوة او البيان قديم وحاولت التأكد من ذلك من خلال ماكينة البحث غوغول وظهر لي ان البيان غير منشور سابقا بل صار له حوالي أسبوع.

والبيان مكتوب بلغة إنكليزية جميلة مع مقدمة بالعربية. هناك ترجمة يبدو انها غير رسيمة للبيان أيضا (رابط 3).

أهمية "الثقافة المدنية والدينية"


ربما يكون مصطلح "الثقافة المدنية والدينية" الذي استنبطه المطران سرهد جمو من أبدع ما أتت به قريحة الكلدان في العصر الحديث. ربط جدلي محكم له سياقه التاريخي وله أيضا من الدلائل والشواهد التي تجعل منه الوجود بذاته لأي أمة وشعب وهوية مدنية او كنسية. المصطلح نابع من عقل ثاقب.

ولكن قبل ان ادخل في تحليل هذا البيان، أستميح المطران جمو عذرا واطلب منه ان يتسع صدره لبعض النقد لأن البيان رغم نقاطه الإيجابية له سلبياته أيضا إن وضعناه ضمن سياقه. وأظن ان صدره واسع جدا حيث لم يرد على منتقديه وظل صامتا امام سيل من المقالات التي تعارض فكره ومواقفه. موقف شجاع حقا.

هل الكلدان "قضية"

ولا أظن ان أي كلداني معتز بكلدانيته ويرى أنها "قضية" يجب الدفاع عنها لا يتفق مع المطران جمو ان الثقافة المدنية والدينية للكلدان متمثلة بلغتهم وطقوسهم وليتورجيتهم ورموزهم وريازتهم وأزيائهم وفنونهم وشعرهم وآدابهم وأناشيدهم وأعلامهم (وهذه هي المكونات الأساسية لأي أمة وشعب يحترم نفسه) هي في خطر.

وأظن أيضا ان أي كلداني معتز بكلدانيته كثقافة (أي يعدها قضية واجب الدفاع عنها) لا بد وان شعر ولمس ان الأمور اتخذت منحى خطيرا سيأتي على الأخضر واليابس لا سيما في السنين العجاف الأخيرة كنتيجة حتمية لسياسة التأوين والحداثة والعصرنة المدمرة والهدامة.

أي نهضة، رابطة كانت او كونكرس او تجمع او أي شيء أخر لا يأخذ الثقافة المدنية والدينية المشرقية الأصيلة بلغتها كمنهج وواحد من الثوابت الأساسية في نهجه نظريا وممارسة على أرض الواقع، يضرنا ولا ينفعنا.

شيء من التاريخ القريب

غياب او تغيب "الثقافة المدنية والدينية" للكلدان كان السبب الرئيسي وراء انتكاسة النهضة الأولى التي تبناها المطران سرهد جمو والتي لم تصمد وسقطت وكان لسقوطها دويا كبيرا. وهذا سيحدث لرابطة البطريرك ساكو لأنها مثل نهضة المطران جمو لا قضية لها، أي ان الثقافة المدنية والدينية شأن ثانوي او معدوم بالنسبة لها لا بل يزدرى بها علانية من قبل صاحبها امام الملأ والرابطة لا تحرك ساكنا.

هل تعلمنا الدرس

ولكن أين يريد ان يأخذنا المطران سرهد جمو وهل استفاد من دروس الماضي؟

وهل استفاد أي كلداني من دروس نكسة نهضة المطران سرهد جمو؟ مثلا هل درستها الرابطة ومؤسسها والمنتمين اليها ومناصريها كي لا يقعوا في اخطائها ولا ينتكسوا؟

كل مضار نهضة المطران سرهد جمو ومساوئها موجودة وبشكل صارخ وبشكل او بأخر في رابطة البطريرك ساكو. نهضة المطران سرهد جمو الفاشلة ورابطة البطريرك ساكو التي، في رأي، هي أكثر فشلا، لم تجعلا الثقافة المدنية والدينية من الثوابت.

نافذة صغيرة

بدعوته لاتخاذ "الثقافة المدنية والدينية" من اهم الثوابت في أي نهضة كلدانية حسب بيانه الداعي الى تأسيس كونكرس كلداني جديد، يكون المطران سرهد جمو قد قدم للكلدان نافذة نجاة رغم انها نافذة صغيرة جدا.

فهل سيحاول الكلدان توسيع النافذة هذه كي تتسع وتأويهم ضمن ثقافتهم المدنية والدينية الأصيلة وحقا الفريدة من نوعها كما يصفها المطران جمو؟ هل سيضع البطريرك ساكو يده بيد المطران سرهد جمو وكلنا سوية كي ننهض بثقافتنا المدنية والدينية لأن بدونها نحن زائلون لا محالة وبسرعة البرق وهذا ما حدث في السنين الأخيرة او العهد الجديد الذي دشن حملة ظالمة لتهميش لا بل استئصال الثقافة.

ولكن هل هناك فسحة للأمل والتفاؤل إن أخذنا سياق الوضع الراهن الذي نحن فيه؟ وهل باستطاعتنا مناقشة الوضع الراهن ضمن سياقه التاريخي الحديث كي نعرف لماذا وكيف وصلنا الى ما نحن عليه من حال يرثى له؟

هنا يأتي الجزء النقدي للمقال وأمل ان يتم مناقشته ضمن سياقه لأن الوضع القائم لا يطاق ولا يجب ان يستمر إن أراد الكلدان تدشين نهضة ثقافية مدنية ودينية.

تحليل نقدي

تحليل الوضع من وجهة نظر نقدية ليس بالأمر اليسير. نحن بحاجة الى رياضة فكرية وفلسفية وأكاديمية وروحية او ربما الى مركز أبحاث جامعي لمتابعة وفهم ما يصدر من المثقفين الكلدان ولا سيما بعض رجال دينهم الكبار مثل المطران جمو والبطريرك ساكو كي نستوعب تصريحاتهم ومواقفهم لكثرتها أولا وتشتتها وارتجالها ثانيا.

وأظن أيضا ان كل قواميس الدنيا ربما ليس بإمكانها تفكيك الألغاز التي ترافق هذه المواقف والتصريحات لأنها تفتقر الى السياق وكونها مرتجلة تبدو ان لا قضية لها غير خلق المشاكل لأنها لا تأخذ الثقافة كمنطلق ومفهوم وممارسة نهضوية مدنيا وكنسيا.

ضياع الكلدان بين البطريرك والمطران

وبين سندان المطران وسندان البطريرك (او بالأحرى مطرقتهما) أضاع الكلدان قضيتهم وانهم يهيمون اليوم دون قضية بين الطائفة والمذهب والتسمية والكنائس الوافدة والأسقف الذي غير مذهبه وفيما إذا كان هناك فرق بين الثقافة اللاتينية مثلا والثقافة الكلدانية.

أن تكون كلدانيا عليك ان تلتزم بقضيتك ولكن كيف يكون لديك قضية دون ثوابت وهل هناك ثوابت لأي قضية ولأي شعب خارج نطاق الثقافة كما عرفتها أعلاه وكما يبدو لي يتفق معها المطران سرهد جمو ويستهجنها ومع الأسف الشديد بطريرك الكلدان رغم أن مهمته الأساسية هي الحفاظ على الثقافة الكلدانية وعلى الخصوص الدينية. (رابط  4 )

صاحب ثقافة هو صاحب وجود وانت تقتلني فقط عندما تقتل ثقافتي. ولهذا الذي يدافع عن الثقافة يجب ان لا يقبل أي دخيل وأجنبي ان يزيح ثقافته بحجة الدين او المذهب او الطائفة او التأوين او العصرنة او غيره.

أستميحك عذرا يا سيادة المطران جمو – وهذا ينطبق على البطريرك وكل الأساقفة الكلدان – هل بإمكانك رفض الثقافة اللاتينية وازاحة اقتحامها (في الحقيقة استعمارها) للثقافة الكلدانية إن كنت حقا صاحب قضية؟

الثقافة لا علاقة لها بالعقيدة ابدا. نحن في شراكة مع الفاتيكان في العقيدة وليس الثقافة. ازاحة ثقافتنا او أي جزء منها بحجة الشراكة او العقيدة حيلة لا تنطلي على أحد واليوم حتى الفاتيكان لا يقبل بها ويستهجنها وهي عملية قتل بطيئة وهذا ما حدث ويحدث ومع الأسف.

وإلا يا سيادة المطران – ويعلم الكل أنني ارفع القبعة لتشبثك بالثقافة الكلدانية ودورك الرائد فيها – ماذا كان الداعي لإثارة كل هذه الضجة والبلبلة وإهدار الأموال بلا حساب والاحتفالات المهيبة فقط لأن المطران باوي سورو غير مذهبه (عقيدته)؟ كم من الوقت والجهد والأموال استغرق ذلك بينما كان واضحا ان المطران باوي خرج من مؤسسته الكنسية دون براءة ذمة ومعه مستندات مزورة وكان هناك محاكم خسرها واضطررتم الى دفع تعويضات هائلة من أموال الكنيسة (هي بملايين الدولارات لأن المحاكم الأمريكية والمحامون الأمريكيون لا يرحمون). ولا نتحدث عن الأموال التي جمعت وأنفقت على حفلات العشاء مثلا بعد كل زيارة للوزير – وهي كانت تتكرر عدة مرات في السنة أحيانا. هل لنا بجرد شفاف عن المالية برمتها؟ ولماذا نطالبك، هل لنا بجرد شفاف من قبل البطريركية لوارداتها ومصروفاتها ونفقاتها في كل الاتجاهات في السنين الأربع العجاف الأخيرة؟ الذي لا يقدم كشفا شفافا عن مالية مؤسسته أخشى أن يكون من الصعب تصديق نواياه (رابط 5)



هل كانت قضية المطران باوي مثلا قضية قومية وقضية ثقافة مدنية ام دينية؟ ثقافة المطران باوي هي ذات الثقافة الكلدانية المدنية والدينية. الاحتفاء به لم يأت بسبب نجاح النهضة الثقافية لأن ثقافتنا والثقافة الأشورية واحدة. الفرق عقائدي ومذهبي وحسب. الذي له قضية لا يهرول وراء المذهبية والطائفية، اليس كذلك؟ يكون همه وتركيزه على الثقافة المدنية وفي حالك وحال البطريرك يجب ان تأتي الثقافة الدينية في المقدمة.

وأنظر مثلا الى رابطة البطريرك. البطريرك يتباكى بين الفينة والأخرى بسبب النجاحات المذهلة التي يحققها التبشير الإنجيلي في العراق وأماكن أخرى وكيف ان المبشرين الإنجيليين قاموا بخرق كبير في صفوف اتباع الكنيسة الكلدانية في الداخل والشتات. هذا تباكي مذهبي فيه ازدواجية المواقف لأن لا المطران سرهد ولا البطريرك رأيناهم يوما ما لا نقل يتباكون بل يذكروننا ويذكرون الفاتيكان مثلا انه اعتدى علينا ثقافيا عندما قام بقتل ثقافة الملايين من الكلدان بتحويلهم من الثقافة الكلدانية المدنية والدينية الى الثقافة اللاتينية المدنية والدينية. قتل الثقافة المدنية والدينية أشد وقعا من قتل الجسد. ولماذا نلوم الفاتيكان اذا كان نواطيرنا اليوم هم يذبحون ويقتلون ثقافنتا. (رابط 8 )

والمد الثقافي اللاتيني على قدم وساق وابوابه مشرعة على مصراعيها وله أنصاره. اليوم أساقفة كلدان وكهنتهم في الغرب يحثون الكلدان الى الانتماء الى الثقافة اللاتينية عندما يدخلون في عقولهم أنه لا فرق بيننا وبينهم ويخلطون الثقافة بالعقيدة والطائفة والمذهب وهذا مؤشر خطير الذي يجعلنا نفقد ثقافتنا وأنفسنا ووجودنا وهويتنا كشعب وكنيسة أي "الثقافة المدنية والدينية".

ومن ثم يا سيادة المطران هل بقيت لك ثقة بالكلدان؟ الم يقسم حشد كبير امامك على الانجيل والكتاب المقدس أنهم لن يخونوا مبادئ نهضتك؟ اين صاروا اليوم؟ (رابط 5)

 وأين صار المطران باوي وما موقفه بعد ان تعرضت بسببه الى اساءات لم ينزل فيها الله من سلطان بعد ان أدخلته الى أروقة الفاتيكان معززا مكرما (على عناد الذي يرضى والذي لا يرض). (رابط 6)

صراع على إرضاء الدخيل والأجنبي

وأصحاب الثقافة المدنية والدينية يعتزون باستقلالهم. أستميحك عذرا أي استقلال وحرية بقيت لنا بعد صراعك وصراع البطريرك. من اجل مقاومة الواحد الأخر سلمتم كل مقدراتنا الى الدخيل والأجنبي. سيادة المطران ومعك أخاطب البطريرك الذي قد يفوقك في تصرفاته في هذا المجال أنني شعرت بإهانة كبيرة وحضرتك تستقبل وزير في دولة الفاتيكان بالهورار الكنسي وكأنه سر من أسرار الكنيسة!!



في صراعكما قدمتما تنازلات كبيرة لهذا الأجنبي والدخيل كي يرضى عنكما. دون الاستقلالية وهذا الأجنبي يحكم على الكلدان وإكليروسهم في المهجر برمته حيث الغالبية الساحقة لهم وربما في كل مكان فعن أي ثقافة مدنية ودينية نتحدث؟ وهذه التنازلات جعلتكما بدون استقلالية القرار ومن ثم أدت، واسمح لي، الى التسيب الحالي الذي يتفشى في كل الحلقات المؤسساتية. ولهذا صلاحيات البطريرك لا تتجاوز صلاحيات أي أسقف وفي الشتات لا صلاحيات له حيث غالبية الكلدان. وهذا التسيب يسمح للبطريرك او أي أسقف او حتى قس ان يؤسس رابطته وكونكرسه وجمعيته وأن يرفض التعاون مع أي رابطة او كونكرس وكذلك ان يخترع ثقافته المدنية والدينية التي يراها مناسبة ويفرضها على الكل رغم انها تزيح وتقتل الثقافة الكلدانية المدنية والدينية. الوزير صاحب القرار لا يهمه التسيب طالما انه يحكم وقرارته فوق قرارات المؤسسة برمتها والكل يطيعه طاعة عمياء.

هل للكلدان قضية للدفاع عهنا

الكلدان بلا قضية منذ فشل ثورتهم المباركة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

كل القضية وما فيها لا تتجاوز المذهب اليوم وطاعة ومداراة الوزير وارضائه او إرضاء ممثليه. وعندما ننسب كل شيء تقريبا للمذهب والشراكة بالطريقة التي تطورت فيها بعد فشل الانتفاضة الكلدانية المباركة –الانتفاضة التي تخشون حتى الإشارة اليها وتقويمها ودراستها من جديد – نكون نحن قد خسرنا قضيتا.

نحن بلا قضية ولن يفدنا الآتيان بآيات انجيلية لتفسير وضعنا مثل: "كل بيت ينقسم على نفسه يسقط" رغم النوايا الصادقة، لأن الذي لا قضية له لا بيت له أساسا فكيف يسقط بيت لا وجود له.

واليوم يا سيادة المطران تريد ان تبث الحياة فينا من خلال القول إن لنا قضية متمثلة بالخطر المحدق لا بل المميت الذي يستهدف "الثقافة المدنية والدينية" للكلدان.  هذا صحيح مائة في المائة إن أخرجناه من اطاره المذهبي والطائفي – بمعنى ان يصبح من الثوابت الأساسية التي لا يجوز ولا يمكن ولا يجب السماح لأي كلداني مهما علا شأنه ومقامه تجاوزها.

هل في الإمكان القيام بذلك؟

أترك الجواب لك والأساقفة ومعكم البطريرك ومعكم أيضا كل كلداني ذو غيرة على ثقافته الكلدانية المدنية والدينية.

+++++++++++++++++++++
رابط 1
http://kaldaya.me/2016/12/18/4850
رابط 2
http://kaldaya.me/2016/12/18/4846
رابط 3
https://www.facebook.com/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A-History-of-Chaldeans-1467740556856910/
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0
رابط 5
http://www.peshitta.org/pdf/decision.pdf
رابط 6
http://www.kaldaya.net/2011/News/04/Apr01_A4_Conferance.html

رابط 7
https://theblackcordelias.wordpress.com/2008/04/30/post-from-baghdadhope/
رابط 8
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=814858.0



[/b]

56
الى من يهمه الأمر: أين صارت ترانيم الميلاد الكلدانية الساحرة
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

ثلاثة أشياء دعتني الى كتابة هذا المقال.

الأول، مقال في البي بي سي حول ترانيم الميلاد Christmas Carols. كل عام، ومع قدوم الميلاد – بدءا من البشارة Advent تخصص هيئة الإذاعة البريطانية برامج خاصة ضمن بثها الإذاعي والتلفزيوني وإلكتروني لترانيم الميلاد:

http://www.bbc.com/culture/story/20161220-the-surprising-origins-of-famous-christmas-carols

الثاني، البرامج الحافلة التي تعدها الكاتدرائيات السويدية – كل مدينة في السويد واوروبا بصورة عامة لها كاتدرائية (كنيسة مركزية) خاصة بها وتستغل هذه المناسبة لعقد كونسرت خاص لإنشاد ترانيم الميلاد.

ثالثا، اكتشافي صدفة لتسجيل في يوتيوب لجوق كبير من البنين والبنات للمنتمين الى كنيستنا المشرقية المجيدة (كلدانية-اشورية) وهم ينشدون ترنيمة ميلاد خلدتها كنيستنا المشرقية المقدسة. ولكن مع الأسف أفراد هذا الجوق الرائع ليسوا من أبناء وبنات شعبنا. إنهم اخوتنا في الثقافة والمسيحية المشرقية من الهنود. هؤلاء عددهم اليوم لا يتجاوز حوالي 30000 نسمة بعد ان كانوا حوالي ستة ملايين. ماذا حلّ بالملايين هذه؟ كتبت عنه الكثير ولن أكرر لأن هذا ليس مناسبته. ولكن كيف صار 30 ألف هندي متشبعين بثقافتنا ولغتنا وطقسنا أكثر حرصا على وجودنا وطقسنا ولغتنا وتراثنا المشرقي من الاشوريين والكلدان، أصحاب الإرث والميراث لهذه الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة؟

اترككم أولا مع الجوق الهندي مع أبناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة – القلة التي نفذت بجلدها في الهند التي كانت يوما عروس وتاج كنيسة المشرق الكلدانية.

الجوق ينشد أولا رائعة مار افرام، ملفان المشرق والكنيسة الجامعة، الاها مرخمانا ܐܠܗܐ ܡܖܚܡܢܐ– التي ترد ضمن صلاة الصباح. وفي الدقيقة 3:18 ينشدون بريخ دأثكلي بأبرثا ܒܖܝܟ ܕܐܬܟܠܝ ܒܐܦܪܬܐ وهي ترنيمة ميلاد بديعة بلحنها ومعانيها، لا أظن هناك جوق كلداني او كنيسة كلدانية تنشدها الأن بعد ان تم استبدال اغلب ما لدينا بالدخيل والأجنبي والباهت والممل والمكرر:

https://www.youtube.com/watch?v=TkcHyCI5sik

وكنت قد انشدت هذه ا لترنيمة بالذات لروعتها على أنغام الكمان والعود:

https://www.youtube.com/watch?v=bJMkLDY2T88

لماذا تهتم كل الكنائس كاثوليكية وغيرها بتراثها وثقافتها وأناشيدها ونحن بصورة عامة لها مهملون وبعضنا من الذي يتبوأ مراكز عليا يستغل منصبه لتهميشها وتفضيل الدخيل والأجنبي عليها؟

كل الشعوب والكنائس ترى في ترانيم الميلاد التي لديها وبلغتها والتي تركها لها شعراؤها وفنانوها ارثا كنسيا وثقافيا لا يجوز الاستغناء عنه تحت اية ظروف، بل كلما قست الظروف زاد التشبث بالإرث والتراث والثقافة - اللغة.

والتشبث بالتراث والآداب الكنسية وبلغتها لا علاقة له أيضا إن كان المرء متدينا ام لا. الشعب السويدي اغلبه لا ديني ولكن دائما اذهب تقريبا ساعة قبل الوقت للحصول على مقعد امامي في كاتدرائية صوفيا في مدينتنا في السويد صباح عيد الميلاد للاستماع الى الجوق والشعب وهم ينشدون ترانيم الميلاد السويدية.

وهذه الترانيم اغلبها تم تأليفة ووضع موسيقاه في عهد الأقطاع ونصوصها ذات دلالات اقطاعية وزراعية وفلاحية وبلغة كلاسيكية يصعب فهمها حتى على الذين ينطقون هذه اللغة، ولكن يقدسونها ولا يهمشونها او ينعتونها بصفات سلبية ويدعون الى حملة الحداثة والتأوين والعصرنة لطمرها واستبدالها بالدخيل والهجين.

وهذا هو الحال في كل الدول الأوروبية بمختلف كنائسها ومذاهبها. في بعضها يتم تدريس الترانيم وبعض الليتورجيا ضمن المناهج الدراسية. اما الكنائس فهي ساحات لتدريسها والتدريب عليها.

الشعب الذي لا تجمعه ثقافة ولغة وتراث وآداب وفنون لا يستحق ان يكون شعبا والكنيسة التي تفقد خصوصيتها الليتورجية والثقافية واللغوية والترنيمية تخسر هويتها.

وأنا اخاطب أبناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة بشقيها، أخص بهذا المقال أبناء وبنات كنيسة المشرق الكلدانية وأذكرهم بأن تراثهم وطقسهم ولغتهم وترانيمهم وحوذرتهم المقدسة صارت في خطر لا سيما في السنين الأخيرة. ليس هناك خطر على كونهم مسيحيون؛ هناك خطر انهم في طريقهم ومن خلال جيل واحد، نتيجة لسياسات الحداثة والتأوين الهدامة، ان يفقدوا هويتهم المتمثلة بلغتهم وثقافتهم وريازتهم وأزيائهم وترانيمهم الساحرة.

واليوم نحن مشتتون والغالبية الساحقة في المهجر. الثقافة بلغتها وطقسها وليتورجيتها وكل مقوماتها الأساسية الأخرى هي التي تجمعنا وفقدانها معناه الانتحار أي نصبح اثرا بعد عين، بمعنى أخر نتبلبل، كما حدث لأهل بابل في قصة التكوين حيث أخذ كل مكون يتكلم بلغة مختلفة والتحدث بلغات مختلفة معناه ثقافات مختلفة أي الفرقة والتشرذم. الا يدعو أصحاب التأوين والعصرنة والحداثة الى استخدام كل اللغات وأي ترنيمة موائمة، أليست هذه هي البلبلة؟ وكيف تكون البلبلة؟

ومن هنا يأتي خطر اصحاب التأوين والترجمة والتحديث والحداثة والعصرنة والتأليف بلغة غير لغتنا نصوصا ركيكة مليئة بالأخطاء. الذين يحثوننا على استخدام اي لغة في  ليتورجيتنا وطقسنا او أي نصوص او ترانيم موائمة يساهمون عن قصد او غيره في تدمير ثقافتنا وثقافتنا هي هويتنا القومية والكنسية – الا يشبه هذا الأمر تقريبا اللعنة التي حلت على اهل بابل وذلك من خلال بلبلة السنتهم (ثقافاتهم)؟

وهنا لا يسعني إلا أن أشيد بجوق المعهد الكهنوتي الكلداني عندما كان بمعية الاب فادي ليون حيث ساهم هذا القس الغيور على لغته وطقسه وكنيسته الكلدانية المشرقية الكاثوليكية في بزوغ نهضة في المعهد لم نشهدها في العصر الحديث.

بيد ان سرعان ما تم وأد هذه النهضة من دو سابق إنذار في العهد الجديد – عهد التأوين والحداثة والعصرنة – وجرى نقل القس فادي ومنذ ذلك الحين لم الحظ (وأمل ان أكون مخطئا) أي نشاط لإحياء الثقافة واللغة والهوية والطقس من قبل المعهد الكلداني هذا، بل ان ما يطرق سمعنا (وامل ان أكون مخطئا ايضا) ان نظرية التأوين والحداثة والعصرنة الهدامة المدمرة أخذت تغزو المعهد أيضا.

اترككم مع بعض ترانيم الميلاد التي أنشدها الاب فادي مع جوقه الكلداني الذي املنا خيرا فيه ولكن يبدو ان وميضه قد انطفاء او جرى اطفائه من قبل أصحاب التأوين والعصرنة، وهذا كان ديدنهم منذ الثمانينيات من القرن الماضي وعندما سنحت لهم الفرصة صار الوضع كما نراه اليوم ... أي أقرب الى بابل والبلبلة:

الترنيمة الأولى، أداء جوق المعهد الكهنوتي الكلداني بمعية القس فادي:

https://www.youtube.com/watch?v=grlX5RoBW6I

الترنيمة الثانية:

https://www.youtube.com/watch?v=ALVsz2DFG_Q

الترنيمة الثالثة:

https://www.youtube.com/watch?v=dike3qX5YPs

الترنيمة الرابعة:

https://www.youtube.com/watch?v=5YNG9iabHxE

وفي الختام، أقول هناك عشرات وعشرات ترانيم الميلاد لدينا وهي من أبدع ما أتت به قريحة اباء المسيحية والكنيسة في العالم.

هل هناك شعب او مؤسسة تترك كل هذه الكنوز وتركض وراء سراب التأوين والحداثة والعصرنة الذي ما هو إلا محاولة لإنهاء الوجود لا سيما بعد تشتتنا في اركان الدنيا الأربعة.


57
"تحرير" الموصل لن يفيد شعبنا بشيء وداعش أخرى تنتظرنا بعد شراء أمريكا لفرع القاعدة في سوريا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


ان تكون لنا أحلام كبيرة هذا أمر طبيعي، بيد أن التعامل مع الأحلام وكأنها الواقع معناه فقدان البوصلة في التعامل مع الواقع.

وكأقلية نحن لا نفهم كثيرا في السياسة. ندمج بين الأخلاق والسياسة بينما الاثنان امران مختلفان تماما.

الأخلاق تعني الالتزام بما نراه اعرافا حميدة دينية كانت او لها علاقة بالشرف، وتجنب الأخلاق غير الحمدية انطلاقا من الدين والعرف الاجتماعي.

السياسة ليست ابدا الخيار بين واحد من إثنين كما هي الأخلاق. السياسة قد تفضل الشر على الخير وتناور بينهما وتضيف إليهما خيارات أخرى وتتحالف حتى مع الشر ضد الخير انطلاقا من مصلحتها.

السياسية كودوينية، استنادا الى الفيلسوف الأمريكي ويليم كودوين. كودوين يقول في السياسة لا مكان للمحبة والتسامح والعطاء والغفران – أركان المسيحية كرسالة سماء –ولا مكان ابدا لمقولة ان تحب قريبك كنفسك ولا مكان للأخلاق.

ويأتي كودوين بسيناريوات عديدة وأشهرها صيتا في العلوم السياسية هو The Fire Case الذي فيه يبرهن ان القيمة الإنسانية والأخلاقية للبشر فرادا وجماعات ودول ليست متساوية ابدا ولا يمكن ان يكون ولدي بالنسبة لي مساويا لولد جيراني ولا مكان لحبي لقريبي كنفسي.

وأنقل هنا السيناريو ببعض التصرف كي أقربه للقراء.

لو حدث وأن تواجد قديس تجري على يديه العجائب مع رجل شرير وقاطع طرق وقاتل في غرفة واحدة. وحدث ان شبّ حريق في هذه الغرفة. وحدث ان كان متواجدا شخص بالقرب من هذه الغرفة ولكن لهذا الشخص مصلحة لدى الرجل الشرير وبغيابه لن تتحقق هذه المصلحة وستصيبه خسارة كبيرة. وكان امام هذا الشخص خيار واحد وهو ان ينقذ إما القديس او الشرير من النار، فمن سينقذ؟ يقول كودوين إنه بطبيعة الحال ودون سؤال سينقذ الشخص الشرير.

وكودوين بسيناريواته القريبة من هذه وضع أسس الفلسفة النفعية او فلسفة المنفعة utilitarianism والتي تشكل ركنا من أركان السياسة في عالم اليوم لا سيما في أمريكا والدول الغربية (رابط 1).

سألوا مرة سياسيا عما إذا كان يكذب في أقواله وتصرفاته ومواقفه، فضحك قائلا: "أكذب! ولماذا لا أكذب. أنا اقتل وأشن الحرب وأهاجم أي كان من اجل قضيتي ومصلحتي فلماذا لا أكذب."

ولهذا، لا نستغرب إن كانت الدول الغربية مثلا تتحالف مع زعيم او حكومة دكتاتورية وتغض النظر عن كل خطاياه لأن التحالف هذا يحقق مصلحتها، وحالما تنتهي المصلحة تستخدم الدكتاتورية ذاتها والتي كانت تهادنها سببا لضربه.

 قبل فترة باعت أمريكا حلفائها الأكراد في سوريا مثلما تبيع أي بضاعة في السوق. وهذه ليست اول مرة يتم بيع الأكراد بأبخس الأثمان.

وإن نظرنا الى الواقع في العراق لرأينا ان دول التحالف وغيرها مثل إيران وتركيا تتواجد من أجل مصلحتها.

 والميليشيات (في العراق ليس هناك جيشا نظاميا وطنيا تابع للمركز – بغداد – او إقليم كردستان -اربيل) التي تقوم "بتحرير" المدن الكبرى ولأقضية والنواحي والقرى من سيطرة داعش يهمها أولا وقبل كل شيء مصلحتها.

ومصلحة هذه الميليشيات (العربية الشيعية والكردية السنية) تقتضي ان يحقق لها التحرير تلبية منافعها أولا وقبل أي شيء أخر.

الميليشيات الشيعية بودها ان ينقرض السنة كما كان بود داعش ان ينقرض الشيعة. الميليشيات الكردية بودها ان ينقرض السنة العرب والشيعة العرب والشيعة التركمان والشيعة الشبك من كل المناطق التي تريد اغتصابها وضمها اليها.

والموصل مدينة تتنوع فيها الإثنيات والأديان والمذاهب، ولكن الولاء هو للاصطفاف المذهبي بالدرجة الأولى.

التركمان – الذين غالبيتهم شيعة ولهم تواجد كثيف في الموصل جزء من الحشد الشعبي – الميليشيات الشيعية. وكذلك الشبك ومعهم الأكراد الفيلية. المذهبية والطائفية والمحاصصة تأتي قبل الوطن والولاء للعلم الوطني.

وتركيا، حليفة التركمان متواجدة في معسكر قريب من الموصل.

وإيران حليفة الشيعة متواجدة تقريبا في كل مكان.

ماذا حدث في المناطق "المحررة"؟ تدمير ممنهج للعمران والبنيان الى درجة ان مدينة كبيرة مثل الرمادي جرى فيها مسح أكثر من 50% من البيوت بالأرض.

هذه المناطق خرجت من سيطرة داعش المرعبة والدموية ولكنها صارت تحت سيطرة ميليشيات لا ترحم إن كانت شيعية او كردية.

ماذا سيحدث في الموصل؟ ستحدث كارثة. لأن الميليشيات الكردية والشيعية لا تكن أي ود للموصل كمدينة وسكانها كسنة عرب لأسباب تاريخية وأسباب متعلقة بالموقف من داعش.

وطائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لا يهمهما كثيرا إن تم تدمير المدينة او تم تدمير البيت على الكل.
 
وإن تم "تحرير" مدينة الموصل، ستعيث هذه الميليشيات فيها فسادا ولا نريد ان نذكر القراء بما أحدثته الميليشيات الكردية التي يقول مسعود البرزاني إنها "منضبطة" من عبث وسرقة وفلتان في الموصل بعد الغزو الأمريكي مباشرة ولا نريد أن نذكر القراء بتقارير منظمات حقوق الإنسان المستقلة مثل Human Rights Watch حول الطريقة التي كانت الأسايش وغيرها من أجهزة الأمن والاستخبارات الكردية تضطهد شعبنا في سهل نينوى ومن ثم تركته لقمة سائغة لداعش.

اما الميلشيات الشيعية بأصنافها فهي أتت لتنتقم وليس لتحرر.

وكأن كل هذا لا يكفي، هناك داعش أخرى في الطريق قد تكون أكثر رعبا ودموية من التي نعرفها الأن.

إنها القاعدة في سوريا، متمثلة بجبهة النصرة – التي غيرت اسمها الى "فتح الشام" من خلال نصيحة أمريكية كي تصبح مقبولة – مع عدة تنظيمات جهادية أخرى (مثل جيش المهاجرين والأنصار، وصقور الشام، ولواء التوحيد، وجيش الإسلام، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وأنصار الشام، ولواء الحق، وغيرها من التفرعات) التي تشكل جيشا مهولا ومخيفا يتم تسليحه بشكل استثنائي وتمويله بمئات الملايين من الدولارات من أمريكا والتحالف الذي تقوده ولا سيما حلفائها في الخليج – قطر والسعودية – وتركيا كذلك.

وداعش كما نعلم خرجت من رحم القاعدة في العراق. والقاعدة أساسا خرجت للوجود لمحاربة الاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان والذين أسسوها ومولوها وسلحوها الى درجة اخذت تقاوم الوجود السوفيتي في أفغانستان ومن ثم تلحق به هزيمة نكراء هم أمريكا والسعودية وباكستان.

ذات القاعدة وتفرعاتها في سوريا في طريقها ان تصبح "حبيبة أمريكا" وحلفائها. ليس هناك فصائل معارضة معتدلة في سوريا. الذين يحاربون هناك هم داعش، الذي يبدو أنه في أفول، ومن ثم القاعدة متمثلة بجبهة النصرة والمجموعات الجهادية المتحالفة معها.

داعش الجديدة هذه في الطريق لأننا نتحدث ليس عن عشرات الالاف من المقاتلين الجهاديين بل ربما مئات الالاف يتم تسليحهم وتموينهم وتمويلهم دون حساب كي يلحقوا هزيمة بحزب الله وإيران وروسيا في سوريا.

وكما نرى فإن أمريكا ترفض فصل – حتى الأن وربما لن تسمح ابدا – المعارضة المعتدلة – التي ليست موجودة في الواقع – عن جبهة النصرة وحلفائها كي تحاربهم روسيا وأمريكا سوية.

جرى اتفاق بهذا الخصوص مع روسيا ولكن سرعان ما نكثت أمريكا الاتفاق تحت ضغط صقور الاستخبارات والبنتاغون الذين يشتد ساعدهم ويقال ان الأمر وصل درجة انهم لا يطيعون حتى أوباما.

إذا كان في سيناريو كودوين هناك قديس واحد على الأقل، فإن غرفة السيناريو الحالي في كل من سوريا والعراق والأشخاص الذين فيها والواقفين امامها وخلفها وفوقها وتحتها كلهم أشرار.

ولهؤلاء الأشرار نحن لا نشكل أية منفعة او مصلحة. نحن صفر ولا نأتي في حساباتهم ولا وجود لنا في اعتباراتهم ولا هم يحزنون.

ماذا بقي لنا وما هو طريق الخلاص او خارطة الطريق للخلاص للحفاظ على الوجود؟ الجواب في المقال القادم.

=========================
رابط 1
http://plato.stanford.edu/entries/godwin/

58
بداية غير موفقة وغير حميدة وقد لا تبشر بالخير لسينودس الكنيسة الكلدانية – قراءة في الكلمة الافتتاحية للبطريرك ساكو
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

في هذا المقال سألقي الضوء على الكلمة الافتتاحية التي استهل فيها البطريرك لويس ساكو السينودس الكلداني المنعقد حاليا في أربيل. (رابط 1 ).

إن حللنا الكلمة ووضعناها ضمن سياقها العام للسنين الثلاث ونيف من عمر الإدارة البطريركية هذه، لرأينا ان المؤسسة الكنسية لا تزال في ازمة شديدة لا بل عارمة وان الكلدان ومؤسستهم الكنسية في خطر كبير (رابط 2).

لا بل أكاد أجزم ان الإدارة البطريركية الحالية تسير في الجانب الخاسر من التاريخ دون اكترث لما يأتيها من نصح ونقد بناء.

ومقدما اعلم ان ما سأكتبه من تحليل خطابي معمق بعض الشيء للكمة هذه، سيثير الكثير من الردود، بيد أنني أمل ان تكون التعاليق ضمن السياق العام للمقال وتركز على النقاط التي سأردها ادناه والتي، من وجهة نظري، تشير الى تشتت وفقدان التركيز والتشبث بالطريق الخاطئ والمسيرة العرجاء التي لم تجلب لنا غير الفرقة والانشقاق في السنين الثلاث ونيف الأخيرة.

وسيظهر التحليل ان الإدارة الحالية لا تعيش الواقع، بل تقفز فوقه وتحيا ضمن واقع افتراضي وحالة نكران شديدة خلقتها لنفسها دون ان تكترث للواقع الاجتماعي الذي يعيشه الكلدان إن في بلد الأجداد او في الشتات. وادناه ملاحظاتي على الكلمة الافتتاحية للبطريرك ساكو:

أولا، يتحدث البطريرك في مستهل رسالته عن "التركة الثقيلة والواقع الذي تسلمته البطريركية، ما يزالان يلقيان بظلالهما على الشؤون الإدارية والمالية ... الفساد المالي والإداري". وهذا معناه ان البطريركية لم تستطع تجاوز ما تقول انه "تركة ثقيلة" ورثتها من البطريركية السابقة رغم حوالي أربع سنين من حكمها. أليس هذا دليل فشل إداري ومالي وتنظيمي وغيره؟ الا يعني هذا ان الإدارة الحالية لم تستطع وضع حدّ لهذا التسيب، لا بل أنا أزيد وأقول إن التسيب والفساد المالي والإداري قد استشرى في السنين الأخيرة بدليل ان البطريركية ذاتها لا تتعامل بالشفافية التي وعدتنا بها عن ماليتها حيث لم نلحظ كشفا شفافا عن وارداتها وكيفية صرفها لا بل لا حظنا ان هناك عطايا ومكرمات تنثر هنا وهناك وأحيانا دون حساب وفي مواقع لا تستحقها على الإطلاق؟ (رابط 3).

ثانيا، كنا نتصور ان "فوضى ترك بعض الكهنة والرهبان لأبرشياتهم وأديرتهم واستمرار الظاهرة بسبب القصور في التنشئة الروحية" قد صارت وراء ظهرنا بعد تدخل "دولة الفاتيكان" ورميها للقرارات البطريركية في سلة المهملات وذلك بفك ارتباط الكهنة الرهبان في الخارج برهبنتهم الكلدانية، وهذا قرار يعد ضربة قاضية للرهبنة أولا ومن ثم لموقع ومكانة البطريركية ثانيا. ومن ثم أي عاقل يعرف ان الأزمة هذه سببها الأساقفة الذي سمحوا او منحوا هؤلاء الكهنة الرهبان او غيرهم فرصة العمل ضمن أبرشياتهم. والظاهرة ستستمر لأن ليس هناك صلاحيات للبطريركية على الأساقفة. الاسقف الكلداني يقسم الولاء للحبر الروماني، أي للفاتيكان. والمهجر برمته حيث يقطن ربما 90% من الكلدان هو خارج نطاق الصلاحيات البطريركية. هذا قانون نافذ مهما كان رأينا عن عدم عدالته وإجحافه. يجب أولا تعديل القانون وليس القفز فوقه. "دولة الفاتيكان" مؤسسة لا نستطيع القفز فوق قوانينها مهما احتوت من ظلم لأننا ضعفاء ومسلوبي الإرادة. علينا اللجوء الى الدبلوماسية والحكمة، وهذا ما استخدمه البطريرك الجليل المرحوم بولس شيخو عندما انتزع إدارة الرهبنة الكلدانية من حكم وسيطرة وزارة المجمع الشرقي في الفاتيكان.

ثالثا، هناك اتهامات غير مبررة في الكلمة لبعض الابرشيات الكلدانية امام أساقفتها الذين حضروا الاجتماع. لو كانت هذه كلمة داخلية لما ضر ذلك بشيء ولكن نشر هكذا كلمة في الإعلام مع اتهامات مبطنة لبعض الأساقفة الحاضرين هذا لعمري شيء لا يجوز القبول به. يقول البطريرك: "بعض الابرشيات تعاني الخمول بسبب غياب المؤسساتية وتنظيم العمل الراعوي خصوصا أمام نشاطات الجماعات المسيحية الوافدة". ومن ثم من هي الجماعات الوافدة؟ ولماذا هذا الغموض وفي كلمة على الملأ؟ ولماذا نشطت هذه الجماعات وكانت نشيطة جدا ولا زالت في محافظة (أبرشية) كركوك حيث مركزها الإقليمي ومن ثم زاد نشاطها واحدثت خروقات خطيرة جدا في اتباع الكنيسة الكلدانية في داخل العراق وضمن النازحين في الدول المجاورة وحتى في الشتات؟ المجموعات الوافدة هي كنائس غربية لها المال والسطوة والقوة والسلطة غايتها ليس التبشير في صفوف المسلمين بل غايتها كسب المسيحيين المشرقيين من خلال مسح وتدمير ثقافتهم وطقوسهم وليتورجيتهم ولغتهم وأزيائهم وريازتهم وفنونهم، وهذه اعمال مدانة ولكنها ليست بعيدة عما قامت وتقوم به الإدارة البطريركية الحالية في محاربتها للثقافة الكلدانية وبشكل علني (رابط 4). وإن ذكرنا الجماعات الوافدة علينا الا ننسى ان أكبر جماعة وافدة وأكثرها ظلما للكلدان وفدت في منتصف القرن التاسع عشر وأجرمت بحقهم وقامت بممارسات ترقى الى جرائم ضد الثقافة الإنسانية. لماذا لا يضع البطريرك الجماعات الوافدة كلها ضمن سياقها التاريخي ويجبر نقاده على تذكيره بذلك واتهامه بازدواجية المعايير؟

رابعا، لا تمر مناسبة إلا ويذكر البطريك الكلدان وكنيستهم بالطقوس وإنجازات (في الحقيقة هي كوارث) سياساته في التأوين والأصالة الهدامة والمدمرة. في لفتة فيها الكثير من التهكم على الحاضرين ويتخللها النقد، يقول البطريرك في كلمته: "كل أبرشية كانت قد تبنت طقسها من دون أي اعتبار للأصالة والتأوين، هذا فضلا عن الترجمات المرتجلة مما خلق شيئا من البلبلة وهناك من يفرض لهجته (السورث) على كل كنائس الأبرشية وهذا مرفوض اطلاقًا". حسب معرفتي واطلاعي تمر اليوم الكنيسة الكلدانية في فوضى طقسية عارمة عكس ما يقوله البطريرك الذي كانت ولا زالت الغاية من "الأصالة والتأوين" الذي يدعو إليه (ومع كل احترامي هذا تشويه لمعنى التأوين والأصالة) ما هي إلا إلغاء الطقوس بلغتها وفنونها ورمزيتها وموسيقاها وتاريخها واستبدالها بالهجين والغريب والمرتجل. هناك بلبلة لا بعدها بلبلة اليوم. وأكبر دليل عليها هو الارتجال الممل من خلال فرض طلبات باللغة العربية على الكنائس وهذه الطلبات مليئة بالأخطاء ومرتجلة وتفتقر الى الحبكة والتماسك لا بل انها تثير الشقفة في كثير من تفاصيلها وأكاد أجزم ان لغتها واسلوبها وتنظيمها لا يسمو على إنشاء في مرحلة الثانوية او الإعدادية وهي لا يمكن ان تقارن ابدا بصلوات الطلبات الكلدانية الأصيلة التي تركها لنا أجدادنا. ولماذا كل هذا العداء للغتنا التي يسميها "السورث". ولكن سمها ما شأت لماذا كل هذه الاستهانة بها ولماذا لا ينصح البطريرك ويقول "هناك من يفرض اللغة العربية او اللغات الدخيلة الأخرى على كل الكنائس وهذا مرفوض إطلاقا". ماذا سيكون موقف الرابطة الكلدانية امام التهميش هذا لوجود الكلدان كثقافة وهوية كنسية وغيرها؟ الفوضى الطقسية تلام عليها البطريركية الحالية قبل غيرها ولو تركت الأمور على ما كانت عليه لكان وضعنا أفضل بكثير.

خامسا، هناك مديح للذات لا أظن يؤكده الواقع وهناك اتهامات أخرى لبعض الأساقفة الحاضرين. لا أعلم كيف سيجمع البطريرك السينودس وهو يوزع الاتهامات يمينا ويسارا. أنظر: "الكنيسة بشكل عام قامت بعمل جبار في إغاثة جميع العائلات المهجرة دون تمييز، وهناك ابرشيات اجادت في هذا الجانب وأخرى لم تعره اهتماما". هل في الإمكان اعطائنا كشفا شفافا ب "العمل الجبار" هذا؟ النازحون، وهم اليوم يشكلون الغالبية من الكلدان ومن مسيحيي العراق، ومن خلال الدلائل الظرفية لا يكنون للبطريركية أية مودة. تحدث مع أي نازح بصورة عشوائية من الموجودين في العراق او في دول الجوار وترى ان تقريبا لكل واحد مهم قصة مع البطريركية والمؤسسة الكنسية. ولا نريد ان نذكر ما حدث في امكان محددة من مشاكل. الذي قام بعمل جبار هي الجمعيات الخيرية والإنسانية ولو بعضها يقوم بهذا العمل الجبار من خلال كونه جماعات او كنائس وافدة التي يلتحق به الكلدان زرافات. بيد ان النقطة الأهم هي الاتهام المبطن لبعض الأساقفة الحاضرين حيث يضعهم البطريرك في قفص الاتهام وأمام الملأ بالقول (وهناك ابرشيات اجادت في هذا الجانب وأخرى لم تعره اهتماما). من هي الابرشيات التي لم تعر اللاجئين او الكنائس الوافدة اهتماما؟ بإمكاننا الحدس لأننا شعب صغير وأقلية يعرف فيها بعضنا الأخر. السؤال هل من المنطق ان يكيل الشخص المسؤول اتهامات بهذا الشكل في كلمة افتتاحية نشرها في الإعلام لأعضاء في الاجتماع ذاته الذين حضروا كي يصلحوا ذات البين؟

سادسا، تعرج الكلمة على الإعلام وتطلق عليه "انفلات التعبير على الانترنيت". وهناك أيضا اتهامات ضد مواقع الكترونية "ذات أجندات سياسية وغير مسيحية" وهناك تشكي من "الإساءات" وأن المنتقدين دون استثناء لهم اجندات ..الخ. هذا الموضوع كتب فيه الكثيرون (رابط  5) منهم أعضاء في الإكليروس الكلداني من كهنة وأساقفة كانوا حاضرين امامه في السينودس عندما ألقى كلمته هذه . وأظن إن كان هناك انفلات في التعبير على الإنترنت فهذا ينطبق بالدرجة الأساس على الموقع البطريركي "الإنترنيتي." الإعلام البطريركي إعلام هزيل بكل ما للكملة من معنى وأساء ويسء أولا الى نفسه ومن ثم الى السدة البطريركية والأخطر في الأمر يسيء الى المؤسسة الكنسية والكلدان بصورة خاصة والمسيحيين المشرقيين بصورة عامة. لا يجوز ان أكتب شيئا في هذا الموقع وأتوقع ان لا يرد او ينتقد او حتى يسيء لي أي من القراء. حتى البابا فرنسيس الذي يعد اليوم منارة للأخلاق الإنسانية والمسيحية السمحاء في العالم برمته، يأتيه الكثير من التجريح والإساءة بعد ظهوره الإعلامي.  إن اردت ان لا يرد علي أي شخص او ينتقدني علي ان أكف عن الكتابة. البطريرك مهوس بالإعلام وهذا واضح وهو المسؤول الأول والمباشر عما يأتيه من نقد وغيره لأن لا علم له بالإعلام كعلم وممارسة. يكتب إنشاء عادي وينشره ومن ثم يكتب تقريبا كل يوم او أكثر من مرة في اليوم وتقريبا في كل شيء وكل اختصاص ويقع في هفوات كثيرة منها سياسية وعلمية وكنسية ومهنية وفكرية وتاريخية وحتى عند تعلق الأمر بالتفسير والكرازات التي يضعها كلها في الإنترنت. وأمامكم هذا المثال الكارثي الذي لم اقم بالكتابة عنه احتراما للمقام. كيف يسمح البطريرك لنفسه ان يصبح مثار استهجان امام مذيع قناة الشرقية؟ لماذا سمح لنفسه ان يقابله شخص قد أعدّ أجندة خاصة للمقابلة وحضّر لها – وهذه من حقه – لشخصية كنسية كبيرة وهي أتت للمقابلة ولم تعرف ما هي الأسئلة ولم تعد نفسها للمقابلة ووقعت في أخطاء كارثية وقدمت معلومات خاطئة حتى عن الكنيسة ذاتها عدا المعلومات الخاطئة والخطيرة عن التاريخ والسياسة وغيره. هذه المقابلة إدانة كبيرة للبطريركية لأنها مهزلة يقع فيها البطريرك في هفوات قد لا يقع فيها شخص عادي. عندما يقبل البطريرك ان يخدعه مذيع مغمور في قناة الشرقية وتذاع المقابلة الكارثة على الملأ وقناة الشرقية أكثر قناة مشاهدة في العراق، عندها لا يحق للبطريرك ان يهاجم الذين ينتقدوه ويتهمهم بأن لهم أجندة خاصة. غادر الإعلام الهزيل هذا وانتهت المسألة لأن الإعلام سلاح يرتد عليك فقط ومن خلالك يرتد سلبا على الصرح البطريركي والمؤسسة الكنسية والكلدان بصورة خاصة والمسيحيين المشرقيين بصورة عامة. غادره لأنك لا تتقن استخدامه:
https://www.youtube.com/watch?v=HhhWFSE5W6Y

سابعا، يتحدث البطريرك عن إنجازات مرة أخرى ويضخمها وقد تبدو للذين لا معرفة لهم بالأعراف الدبلوماسية والإعلامية والسياسية أنها حقا إنجازات ولكنها لا تعدو كونها فقاعات إعلامية إنترنتية لا تقدم ولا تؤخر. يقول البطريرك: "حضور كنيستنا الكلدانية في الواقع العراقي وفي المحافل المسكونية والعالمية: كالمشاركة في مؤتمرات عالمية ولقاءات مع المسؤولين في الحكومة المركزية وحكومة إقليم كوردستان، ومع زيارات المرجعيات الدينية المتنفذة في السلطة، وكذلك مع السفراء الأجانب ومبعوثي دول القرار والمسؤولين في دوائر الأمم المتحدة". العرف الدبلوماسي والإعلامي يقول إذا التقى مسؤول من هذه الجهة مع مسؤول من الجهة الأخرى على الإثنين نشر بيان مشترك او في اقل تقدير على الجهتين نشر ما جرى خلال اللقاء في وسائلهما الإعلامية. مع كل احترامي للبطريرك فإنني لم الحظ ان الشخص الذي يلتقي به البطريرك او يقول انه التقى به يكترث للقاء بدليل انه لا ينشر بيان عن لقائه بالبطريرك ولا حتى خبر او كلمة عن اللقاء في موقعه الإعلامي. بمعنى أخر ان اللقاء كان من اجل المجاملة او جرى بطلب من طرف واحد. وأنا أحاول ان أستقصي وبعد نشر لقاء للبطريرك مع أية شخصية وهو يجمل ويزوق خبر اللقاء مع صور كثيرة في موقع البطريركية الإنترنتي، وذلك بالذهاب الى الوسيلة الإعلامية الخاصة بالطرف الأخر. وأكاد أجزم أنني لم ألحظ ان الطرف الأخر نشر ولو كلمة واحدة عن اللقاء وهذا حدث في اللقاءات مع السفراء الذين لا يكترثون حتى على ذكر ان لقاء جرى مع البطريرك حتى في موقع السفارة، وهكذا ومع البرلمانيين والمسؤولين من الأمم المتحدة وغيرهم. اللقاءات لم ولن تغير في الواقع شيئا لأن الطرف الأخر لا يكترث لها ابدا بدليل تجاهلها التام وعدم الاعتراف بها وذلك من خلال كتابة سطر واحد يقول فيها ان اللقاء حصل في موقع رسمي. فلماذا كل هذا التهليل والتبجيل ومدح الذات واستخدام عبارات طنانة مثل: "الحضور في الواقع العراقي والمحافل الدولية والمسكونية"؟

ثامنا، هناك فقرة او جملة حول الرابطة الكلدانية. حتى الأن عزفت عن تبيان رأي في الرابطة ولكن البطريرك في كلمته يقول: "جاء تأسيس الرابطة للتأكيد على الهوية الثقافية والقومية للمكون الكلداني في كل أنحاء العالم". شخصيا لا أصدق ذلك. البطريرك والثقافة الكلدانية لا يلتقيان ليس اليوم ولكن منذ عقود (رابط 6). فقط أحيل الأخوة والأخوات المهتمين بشؤون الرابطة الذين أتمنى لهم كل التوفيق الى إعادة قراءة الفقرات اعلاه لا سيما الفقرة الرابعة. أخشى ان تكون الرابطة في الزمان الخطأ والمكان الخطأ ومع الشخص الخطأ وفي الجانب الخاسر من التاريخ كما هي الإدارة البطريركية اليوم.

ما العمل؟
أقترح، وهذا اقتراح شخصي، ان يتخذ السينودس قرارا بتشكيل لجنة من الأساقفة والمختصين من الكلدان لإدارة الإعلام البطريركي لأن الوضع أصبح لا يطاق. ومن ثم تشكيل لجنة طقسية ذات صلاحيات كاملة من المختصين وان يكون المطران سرهد جمو من ضمنهم للشؤون الثقافة والطقسية واللغوية والفنية والتراثية الخاصة بالكلدان كشعب وهوية وكنيسة ذات خصوصية وأذهب ابعد من ذلك وأقترح تشكيل لجنة اسقفية للإدارة لأن المؤسسة الكنسية تمر في فوضى عارمة.

=================================
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=821911.0
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,821543.0.html
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793177.msg7424970.html#msg7424970
رابط 5
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=811163.0
رابط 6
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793177.msg7424970.html#msg7424970



59
كيف نضع ثروة المرحوم الأنبا قرياقوس ميخو وامواله وممتلكاته المنقولة وغير المنقولة في الميزان ضمن نطاق مؤسسة الكنيسة الكلدانية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


وفاة الأنبا قرياقوس ميخو عبدالأحد في الظروف التي جرت فيها (رابط  1) وما أثارته من ردود أفعال والاهتمام الكبير الذي حظيت به من لدن الكلدان بصورة خاصة والمسيحيين المشرقيين بصورة عامة قد تبقى معنا لوقت غير قصير.

المكانة التي منحتها له رهبنته الكلدانية والكلمات الطيبة والثناء الذي حصل عليه من رئاسة الرهبنة بدليل دفنه في كنيسة الدير مع اجداده العظام من البطاركة والأساقفة والرؤساء الذين انجبتهم رهبنتنا الكلدانية المجيدة وما قيل عن مناقبه مؤشر اننا لم نكن امام شخصية عادية (رابط 2).

جرد

كأي راهب، كان يجب إجراء جرد بإملاكه. وظهر ان كل ثروته لم تتجاوز:

•   سيارة موديل 1990 مركونة في شارع في دهوك وستعود ملكيتها للرهبنة (الرهبنة ستتصرف بها)
•   1850 دولار نقدا
•   مليون دينار عراقي (حوالي 750) دولار نقدا

هذا كل ما ورثه الأنبا قرياقوس الذي كان وكيلا بطريركيا على أبرشية عقرة والزيبار وكان رئيسا عاما للأديرة الكلدانية لخمس سنوات وخدم في ابرشية السليمانية وبغداد ودهوك لأكثر من أربعة عقود.

 الدنانير والدولارات (التي لا تساوي شيء اليوم) تم صرفها لتغطية نفقات المستشفى والعلاج.

وشخصيا لم الحظ من خلال قراءتي لما قيل او كتب عنه، وهو الكثير في مواقع شعبنا ومواقع التواصل، إلا ما يثير الفخر براهب جليل يستحق كل الثناء.

أخلاقنا الشرقية

ونحن كشرقيين، اخلاقنا تفرض علينا الا نذكر أي مثلبة للميت مهما كانت إن كان اهله في الحداد حتى ولو كان ذلك صحيحا.

أخلاقيا، أي الوازع الأخلاقي وليس الديني او الإنجيلي، يفرض علينا ان نحترم الميت مهما كان من أمر وإن كتبنا او حضرنا او أرسلنا برقية او رسالة، ان نحجم عن النقد وذكر أية أمور كانت من وجهة نظرنا سلبية لا سيما في فترة العزاء والحداد.

ولكن هذا لم يحدث (أي كان هناك غياب للوازع الأخلاقي) في تقريرين يتوقع المرء من كاتبهما ان يتصف بأقصى درجات الخلق والروح المسيحية والإنجيلية ( رابط 3 ورابط 4).

أظن لا يقبل شخص عادي جدا على نفسه ان يعزي شخص ويذكر سيئاته حتى ولو كان ذلك صحيحا لا سيما في الأيام الثلاثة الأولى.
وماذا إن كان ذكر ما يراه المرء أنه مثالب وهي ليست كذلك؟

اتهامات باطلة

جرى اتهام المرحوم الأنبا قرياقوس انه لم يكن وكيلا او مدبرا بطريركيا من قبل اعلى سلطة في الكنيسة الكلدانية او من خلال رفض السلطة هذه ذكر منصبه بينما الواقع غير ذلك وهذا غير صحيح.

ومن ثم والكلدان ورهبنتهم مصدمون بالحدث الجلل وهم يفقدون واحدا من أعمدة رهبنتهم وإذا بهذه الشخصية تجتر اتهاما اخر وفي فترة الحداد مدعية ان الراهب قرياقوس كان قد غادر رهبنته بينما هو كان يخدم ضمن أبرشية في العراق وبموافقة أسقف الأبرشية تلك والتواصل مع الرهبنة والأسقف حي يرزق وفي قرية تفتقر الى الخدمات الأساسية حيث عمّر كنيستها وأسس فيها مدرسة من ستة صفوف يقرأ فيها حوالي 200 تلميذ لغتنا وطقسنا وتراثنا الكلداني وهذا بشهادة اهل هذه القرية ذاتها.

إذا كان يعمل في تلك الأبرشية وفي قرية تنعدم فيه الخدمات دون موافقات أصولية فلماذا قبله أسقف تلك الأبرشية؟ المسؤول هو الأسقف الأبرشي وليس الكاهن المسكين؟ الشخصية هذه تتشبث بالضعيف وتخشى أصحاب السلطة. تحاسب الرهبان "المساكين" (وتنسى أنهم مساكين بالروح ولهم ملكوت السماوات) ولكنها تخشى أصحاب السلطة الذين يرمون كل قرارتها في سلة المهملات ويحجمون دورها ويقلصون ويقننون صلاحيتها ويستولون على مناطقها ويجبرونها على رفع الرايات البيضاء والتنفيذ دون نقاش.

وهل بإمكاننا أن نسأل ماذا كان يفعل الذين يجترون هكذا اتهامات باطلة عندما كان الأنبا قرياقوس يؤسس مدرسة من ستة صفوف لتعليم الكلدان لغتهم وطقسهم في قرية كلدانية؟ هل في الإمكان ان يذكروا لنا دورهم في شق صفوف المؤسسة الكنسية عندما كان الأنبا يخدم بكل إخلاص وتفان في هذه القرية؟ هل في الإمكان ان يذكروا لنا إن كانوا قد أسسوا مدرسة او فتحو صفا واحدا لتدريس لغتنا او طقسنا وتراثنا؟

مقاربة لا بدّ منها

دعني أولا ابدأ بالخبر الذي هو رقم واحد في الصحافة العالمية.

لقد فتح المدعي العام لمدينة نيويورك تحقيقا في جمعية خيرية charity يملكها ويديرها دونالد ترامب، وهو المرشح القوي لرئاسة أمريكا للحزب الديمقراطي لأنه فقط دفع 25 ألف دولار كتبرع من أموال جمعيته الخيرية لأن ذلك لا يقع ضمن نطاق الشفافية. وهذا الخبر هو على صدر الصحافة العالمية ومنها ال بي. بي. سي. (رابط 5)

الشخصية التي تنتقد المرحوم الأنبا قرياقوس وتتهمه جزافا (رابط 3 و 4) والذي ظهر انه لم يكن يملك شيئا (أي لا جيب له) توزع المكارم والعطايا هنا وهناك تقريبا دون حساب. أتى الى السويد وتبرع لأثرياء الكلدان ومؤسستهم الكنسية الثرية بمبلغ 50,000 ألف يورو (أي 56,000 ألف دولار). يتبرع بهكذا مبلغ كبير للسويديين من الكلدان كي يبنوا كنيسة والكنيسة الكلدانية صار لها حوالي 40 سنة في السويد ولها خمسة كهنة ولم تستطع بناء كنيسة يتيمة واحدة بينما كل أقرانها وأشقائها المشرقيات بنت كنائس كثيرة في هذا البلد وهي اقل عددا من حيث الأتباع. وذهب الى هولندا وتبرع بالمبلغ ذاته وأماكن أخرى كثيرة كذلك وتبرع بعشرات الالاف من الدولارات الى الرابطة الكلدانية منها خمسة الاف دولار من جيبه الخاص (أنظر جيبه الخاص والمبلغ ضعف كل ما كان يملكه الأنبا قرياقوس عند وفاته). (رابط 6 و7 ).

مجمل العطايا المعلن عنها فقط في الإعلام (أنظر الإعلام) قد تصل الى حوالي 250,000 يورو (أكثر من 280 ألف دولار) وهذا مبلغ ضخم جدا حتى على مستوى مؤسسة كبيرة في السويد، وهي من أغنى دول العالم. هل من حق أي واحد منا ان يقول من اين لك هذا وكيف ولماذا بينما قبل ثلاث سنوات ونيف كانت هذه الشخصية تهاجم الإدارة البطريركية التي سبقتها بغياب الشفافية والتركة الثقيلة وغيره.

إذا كان ترامب، الذي قد يصبح رئيسا للدولة الأعظم في العالم يخضع لتحقيق مستقل ونزيه لأنه أنفق 25,000 دولار من مالية جمعيته الخيرية (أي يملكها هو) دون المرور بقواعد الشفافية، هل من حقنا ان نسأل رجل دين مسيحي كيف ولماذا كل هذه العطايا والمكرمات والكلدان في العراق تقريبا برمتهم نازحون ومهاجرون والأموال التي تنفقها كلها أموال احسان وصدقة أي charity تبرع بها محسنون لصرفها على الفقراء والمعدمين والنازحين، أي ليست ملكك. وحتى الملك عندما يتحول الى charity له قواعد وقوانين خاصة ضمن نطاق الشفافية عند الصرف.
 
أسئلة

هل نستطيع وضع ثروة الأنبا قرياقوس وعطايا ومكرمات الشخصية هذه في الميزان؟

هل نستطيع ان نحاسب، كما تفعل أي مؤسسة تحترم نفسها، من ينثر العطايا والمكرمات ولا نعرف من اين أتى بها وكيف ولماذا؟

مجرد أسئلة؟

=====================================================

 رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,820878.0.html
رابط 2
https://www.youtube.com/watch?v=WmpsW2ZiRuw
رابط 3
http://saint-adday.com/?p=14408
رابط 4
http://saint-adday.com/?p=14421
رابط 5
http://www.bbc.com/news/election-us-2016-37359046

رابط 6
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,796683.0.html
رابط 7
http://baretly.net/index.php?topic=49425.0

60
الأنبا قرياقوس ميخو عبدالاحد يفارق الحياة بعد ثلاث ساعات من توجيه هذه الدعوة الى البطريركية الكلدانية لإنقاذ حياته

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

الأنبا قرياقوس ميخو عبدالأحد هو وكيل البطريرك لويس ساكو على أبرشية عقرة والزيبار للكلدان. ماذا يتوقع المرء إن وقع الراهب الكلداني هذا طريح الفراش وفي غيبوبة مضى عليها أسابيع وهو بين الحياة والموت في مستشفيات تفتقر الى ابسط المعايير الطبية والصحية؟ (رابط 1).

يتوقع المرء ان يكون البطريرك ساكو في مقدمة الذين يقومون برعاية وكيله الأسقفي على أبرشية كلدانية.

الكلدان وكل المسيحيين العراقيين يتوقعون ان يكون البطريرك ساكو أول المعتنين والمهتمين بوكلائه وموظفيه وكهنته واساقفته.

بيد ان ما يرد من أخبار من أقاربه وما وصلنا من معلومات من خلال مقابلات هاتفية وشخصية – ونأمل ان لا تكون صحيحة – تقول إن البطريركية الكلدانية لم تقدم يد العون والمساعدة الى الراهب الكلداني الأنبا قرياقوس كي يلقى الرعاية الصحية اللازمة ويمضي بعض الوقت في مستشفى حكومي في دهوك يفتقر الى أبسط معايير الرعاية الصحية السليمة وأوقات في مستشفى أهلي.

ما يأتيه من رعاية هو فقط من رهبنته الكلدانية وأقاربه بينما – حسب التقارير وأقول نأمل انها غير صحيحة –البطريركية قد تخلت عنه ولم تنفق فلسا واحدا عليه.

اما وضعه الصحي فخطير جدا وقد يفارق الحياة إن لم يتم تقديم رعاية صحية سليمة له. الأجهزة الطبية في المستشفى الحكومي إما عاطلة لنقصان قطع الغيار او لا تعمل بصورة سليمة والمستشفى الأهلي مكلف جدا أكثر حتى من طاقة الرهبنة الكلدانية.

اما أهله واقاربه فهم نازحون وإمكانياتهم محدودة جدا.

وحسب اقوال المصادر من أقاربه وغيرهم فإن البطريركية – ونأمل مرة أخرى الا يكون هذا صحيحا أيضا – لم ترسل أي موفد شخصي عنها للاستفسار عن صحته ومواساة أقاربه.

وما يحز في النفس ان الموقع البطريركي الذي لا يكل ولا يمل عن نشر بيانات وتصريحات لا اول لها ولا أخر لم ينشر أي بيان او خبر صغير عن الوضع الصحي لوكيله على أبرشية عقرة والزيبار الكلدانية حتى هذه اللحظة.

البطريركية أخلاقيا وكنسيا ووظيفيا – لأن الأنبا قرياقوس كان على ملاكها الرسمي كوكيل لها – مدعوة الى التحرك وبسرعة كي تبدد كل الشكوك او الأقوال – التي نأمل ان تكون مجرد إشاعات – عن أنها لم تقم بواجبها الأخلاقي والإنساني والمسيحي تجاه وكيل لها كان اول من أطاع قراراتها بينما رفضها الأخرون كي لا يقول كل معارضيها ورافضي قرارتها حسنا فعلنا لأننا لو قبلنا وأطعنا لحدث لنا ما حدث للأنبا قرياقوس.

الموقف من الأنبا قرياقوس سيكون له تبعات كثيرة لا سيما وأن البطريركية هي في صراع مع كثير من الكهنة والأساقفة وجمهرة الكلدان الذين لهم اعتراضات واضحة على مسيرتها وسياساتها ومواقفها وإعلامها منذ توليها سدة الإدارة قبل ثلاث سنوات ونيف.

إن كان الأمر صحيحا ان البطريركية لم تقم بواجبها تجاه وكيل لها وتركته يتضور في مستشفيات تفتقر الى ابسط شروط الرعاية الصحية وتركته لأهله ورهبنته رغم انه وكيلها على أبرشية كلدانية عريقة، فإن ذلك سيكون له تأثير سلبي على سمعتها ومكانتها التي في الواقع وأساسا لا يحسد عليها.

إن رفضها حتى الأن نشر خبر ولو صغير عن الوضع الصحي للأنبا قرياقوس وما تقوم به من واجب يفرضه عليها الوازع الأخلاقي ولا نقول الديني والمسيحي والانجيلي لعمري مؤشر سلبي ويرسل رسالة سلبية الى كل الإكليروس الكلداني والكلدان بصورة عامة. ولا أريد الدخول في التفاصيل.

كل ما قامت به البطريركية حسب المصادر هو انها اتصلت هاتفيا بالرهبنة مستفسرة عن الأنبا قرياقوس.

سأكون سعيدا لو أظهرت البطريركية أنني على خطأ وعندها سأعتذر لها ولكن سكوتها، والإعلام – رغم موقفنا السلبي منه – هو عماد وجودها يظهر أن ما يرد من تقارير عن تقاعسها عن واجبها صحيح وأكرر أمل ان يكون الأمر عكس ذلك لأن موقفا كهذا سيرسل رسالة غير حسنة وغير حميدة الى الكلدان برمتهم كشعب وكنيسة وهوية أيضا.
.
==========================
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,819766.0.html


61
أمريكا اشترت الأكراد وباعتهم الى تركيا مثل أي سلعة تجارية – وماذا عن شعبنا؟
ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد

مرة أخرى يبدو ان أمريكا استخدمت الأكراد، هذه المرة في سوريا، كسلعة تجارية وما أن ارتفع سعرها حتى قبلت بيعها – التخلي عنها.

بعد أشهر من قتال مرير وبمساندة أمريكية واضحة في الأرض والسماء، تقف أمريكا موقف المتفرج على غزو الرئيس التركي اردوغان لسوريا بحجة محاربة الإرهاب الذي فيه يساوي بين دموية ووحشية داعش والأكراد الذين كانوا يقاتلون هذ التنظيم الدموي ببسالة منقطعة النظير.

كانت القوات الكردية في سوريا حديث الدنيا. وتربعت صور مقاتلات كرديات الصفحات الأولى في الجرائد العالمية.

ونتذكر كيف استبسل الأكراد في الدفاع عن عين العرب (كباني) ومنعوا سقوطها بيد داعش. وكيف طردوا داعش من منبج وهي مدينة استراتيجية وكانوا في طريقهم لتضيق الخناق على هذا التنظيم الإرهابي.

وفجاءة دخل اردوغان على الخط واحتل مدينة جرابلس دون خسائر تذكر. يبدو وكأن هناك تفاهمات سرية بينه وبين داعش وإلا كيف تترك داعش مدينة حدودية استراتيجية وهي شريان حياتها دون قتال.

اردوغان سياسي وداهية. قبل ان يهاجم الأكراد بضوء اخضر أمريكي تصالح مع روسيا وتصالح مع إسرائيل ومد يد التعاون مع إيران ويقال انه يتباحث مع الحكومة السورية أيضا.

والأن تتمركز القوات التركية في جرابلس وستتخذها قاعدة عسكرية كما اتخذت بعشيقة في العراق قاعدة لها. بيد انه هناك فرق كبير. في بعشيقة الغزو الاردوغاني هو بموافقة مسعود بارزاني وميليشياته اما في سوريا هو بموافقة أمريكا.

هل تجرع الأكراد السم مرة أخرى؟

كل الدلائل تشير ان أمريكا عندما خُيرت ان تختار اختارت تركيا اردوغان وهي في طريقها الى بيع الأكراد في سوريا.

الأكراد لا يتعلمون الدرس ابدا ويتحمسون بسرعة ويتصورون انه لا يمكن الاستغناء عنهم.

حتى حليفتهم إسرائيل تقف وتتفرج فقط.

وحليف أكراد سوريا مسعود البارزاني منح تركيا قاعدة عسكرية في بعشيقة – سهل نينوى الذي ندعي نحن بأننا سنمتلكه وسنؤسس حكما ذاتيا فيه.

يذكرني هذا المشهد بالمشهد الذي باع فيه مسعود البارزاني الأكراد الأتراك عندما سجل ميليشياته جنودا بإمرة الأتراك في التسعينيات من القرن الماضي لمحاربة ابناء قومه من الأكراد في تركيا مقابل رواتب دسمة. أي صاروا فرسانا كما كان الكثير منهم فرسان للحكومات العراقية المتعاقبة التي كانت تحارب الأكراد في العراق.

أمريكا دولة مصالح وحسب. بعد ان جعلت الأكراد يعتقدون انهم مصلحة استراتيجية لا يستغنى عنها تمادوا الى درجة انهم شنوا هجوما واحتلوا مدينة حسكة وطردوا الجيش السوري وحلفائه بينهم أبناء شعبنا من السريان منها.

واليوم تتساقط ما بقي لنا من بلدات في سوريا في محافظة حماة بيد المتشددين المسلمين وكثير منهم من أنصار القاعدة وليس هناك من يرف له جفن في الغرب كله.

الوضع في العراق وسوريا خارج السيطرة ولا يعلم إلا الله ماذا سيحدث وكيف ستتغير وتستقر الأمور.

والوضع ليس متعلقا بداعش. إن انتهت داعش – وهذا امر ليس وارد في المستقبل المنظور -  ستكون هناك دواعش أخرى.

وداعش أيضا سلعة تباع وتشترى بيد تركيا وبيد أمريكا وبيد الدول الخليجية وغيرها.

وكل شيء تقريبا في سوريا والعراق اليوم يجرب بالإنابة، أي انه من أنصاري وحلفائي يؤدي بدلا عني القتال الوسخ، رغم ان أكثر المجموعات والأحزاب أغلبها إسلامية الهوى ومنها يقع في خانة الإرهاب.

وهل شعبنا سلعة بيد أمريكا او غيرها؟

أقول دون مواربة وبثقة ودون خشية بأننا كلنا في داخل العراق وسوريا وفي الشتات وبأسمائنا المختلفة قيمتنا اقل من ان تتخذنا أي دولة او أي حزب او أي مجموعة في الشرق الأوسط والعالم كمصلحة أي سلعة، لأننا في نظرهم لا نساوي شيء.

الأكراد في سوريا وحسب الصحافة العالمية جمعوا لأمريكا حوالي 500 ألف مقاتل ونفذوا بدلها قتالها الوسخ على الأرض وهي كانت تراقب من السماء.

عندما حانت الساعة هرعت امريكا وقبلّت يد اردوغان وهي الأن تراه وهو يحتل المناطق الكردية في سوريا ويفتك بهم دون ان يرف لها جفن.

لو كان الجيش السوري مثلا قام بذلك لقصفت أمريكا سوريا وأخرجتها من المعادلة كما كانت تقصف داعش.

نحن قيمتنا كشعب لا تساوي خردلة وليس هناك دولة او حزب او مجموعة او مؤسسة في الدنيا تكترث لنا.

وأكرر وبصوت عال: ليس امامنا سوى الهرب.

نحن فئويا – ككلداني او أشوري او سرياني – ومذهبيا – كاثوليكي، نسطوري، يعقوبي، أرثوذكسي انجيلي – سلعة ثمينة ولكن أين: فقط في منتديات وموقع عنكاوة ومنتديات شعبنا الأخرى.

نحن شعب وأمة وهوية فقط في الواقع الإلكتروني الافتراضي.

متى نتعلم الدرس؟ لست أدري.


62
ترتيلة القيامة واحدة من الروائع الفنية والأدبية والشعرية والموسيقية لكنيسة المشرق المجيدة التي سبقت زمانها بقرون
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

كان لي شرف المشاركة في الكونسرت (الحفلة الموسيقية) التي نظمها الأسقف عوديشو اوراهم من كنيسة المشرق الأشورية في السويد في 14 اب احتفاء بتذكار العذراء مريم.

والمطران عوديشو غني عن التعريف. كأسقف مسؤول عن كنيسة المشرق في أوروبا، له نشاطات كثيرة في التأليف والتدريس وإعادة طبع مؤلفات ومخطوطات كنيسة المشرق الطقسية وغيرها. خورنات وكنائس أسقفيته في السويد شعلة من النشاط من حيث التدريس الخاص بكنيسة المشرق بتعليمها المسيحي ولغتها وطقسها وليتورجيتها وفنونها وموسيقاها. وهو منشد من الطراز الأول وله تسجيلات وصل عدد مشاهديها الى مئات الالاف.

وقد قدمتُ عدة مقطوعات طقسية في الحفل ومنها ترتيلة القيامة، وهي واحدة من روائع القطع الفنية والأدبية والشعرية التي تركها لنا اجدادنا العظام.

وهذا تسجيل لهذه المقطوعة اديته على الة الكمان وأمل ان تروق لكلم وان تستمتعوا بسماعها:

http://www.ankawa.org/vshare/view/9918/resurrection-hymn-church-of-the-east/

وقمت بترجمتها نثرا الى العربية رغم ان الترجمة لا ترقى ابدا ولا حتى تقترب من روعة النص الأصلي.

اما اللحن فهو من الروعة بمكان ومؤشر مع النص الى الرقي والسمو الأدبي والفني الذي كان قد وصله اجدادنا في القرون الأولى للميلاد، الأمر الذي لا نشاهد قربا منه الا في العصور الحديثة وفقط لدى كبار شعراء الأدب الحديث.

وتيمنا بكنيسة المشرق المقدسة الرسولية الجامعة، اضفت بيتا واحدا للتغني بهذه الكنيسة المجيدة لأن لولاها لكنا قد اضعنا أنفسنا واندثرنا منذ أمد بعيد.

اما اللحن فحافظت قدر الإمكان على رونقه وروعته. المقام بيات من أروع ما يمكن سماعه وسلمه الموسيقي بديع قلما نرى مثيلا له لدى الشعوب الأخرى. وإن كان هناك شبه له فإنه لا بد وأن تمت إعارته (سرقته) من تراثنا لأننا الأقدم من حيث الثقافة والفنون ومعرفة الكتابة والقراءة والشعر والموسيقى وإنشاء المدارس والجامعات من الأمم برمتها.

وأناشد أبناء وبنات هذه الكنيسة المجيدة من الكلدان والأشوريين بصورة خاصة ومعهم الاشقاء السريان المحافظة على هذا الفن والأدب الرفيع.

الأمة او المؤسسة التي تمثلها، كنسية كانت ام مدنية، التي لا لغة ولا فنون ولا أدب ولا طقوس لها امة ومؤسسة ميته.

والأمة او المؤسسة التي تمثلها، كنسية كانت ام مدنية، التي تستبدل فنونها وآدابها وطقوسها ولغتها بالدخيل والأجنبي او تهمشها تقتل نفسها بنفسها.

ولا علاقة للتدين او المذهب من حيث التشبث بهذا التراث الرائع. السويديون لا دينيون (ملحدون) في أغلبيتهم الساحقة ولكنهم لتراث وأناشيد وفنون وآداب ولغة كنيستهم محبون ومحافظون.

هذا التراث الذي بدونه نفقد شرعيتنا كأمة وكذلك ككنيسة مشرقية ذات خصوصية وهوية، نملكه كلنا سوية بغض النظر عن المذهب الذي ننتمي اليه وبغض النظر عن التسمية وبغض النظر إن كنا متدينين ام لا.

والقصيدة هذه تعد أيقونة من أيقونات كنيسة المشرق لخصب خيال مؤلفها الذي يبدع في تأويل وتأوين النص الإنجيلي بشعر حر موزون بإحكام وبعض الأبيات فيها قافية نونية تظهر مكانة الكاتب من حيث التمكن من ناصية اللغة السريانية الساحرة بتفاعيلها وشعرها في فترة كانت أغلب الشعوب الأخرى في ظلام.

وما هو مدعاة فخر هي الحوارية المذهلة بين الملاك والنسوة ومريم المجدلية ومن ثم التسبحة والشكر في خاتمة القصيدة.

ويستخدم مؤلف هذه القصيدة المجهول أسماء حسنى للإشارة الى الله الأب ومنها "علّايا" (العلي) و"حنّنانا" (الحنان).

ولله الأب والمسيح ابنه والعذراء مريم أسماء حسنى كثيرة اخذها منا الأخوة المسلمون وصارت تراثا وثقافة وجزاء لا يتجزأ من كيانهم وفنونهم الموسيقية والأدبية والعمرانية وغيرها.

نحن مع الأسف لم نقم بجمعها او ربما – وحسب علمي – دراستها أيضا.

في الإمكان كتابة بحث من الاف الكلمات عن رائعتنا هذه وهي ليست الا واحدة من مئات او ربما الاف الروائع التي يجب ان نحيها بلغتها ولحنها ووزنها.

وأسهل طريقة هي كتابتها بخطها السرياني الساحر او بالكرشوني للذين لا يعرفون قراءة هذا الخط حسب الابجديات السائدة مع تقديم ترجمة لها باللغات الدارجة، وهذا ما سعيت القيام به رغم عدم مهنيته لكون معلوماتي وممارستي للتكنولوجيا الرقمية محدودة.

وقد تلاحظون انني اضع لقب "الدكتور" امام الأداء والترجمة وذلك تبجيلا وتثمينا لما تركه لنا اجدادنا العظام وربما هذه اول مرة استخدم فيها هذا اللقب وذلك عرفانا وبرهانا على اننا لا شيء امام عظمة كنيستنا المشرقية المجيدة وتراثها وفنونها وثقافتها وفكرها ولاهوتها وفلسفتها ولغتها الساحرة المقدسة مهما علا شأننا ومقامنا ومركزنا ولقبنا وعلمنا.

اترككم مع الترتيلة مرة أخرى ومن ثم ترجمتها:

http://www.ankawa.org/vshare/view/9918/resurrection-hymn-church-of-the-east/


ترتيلة القيامة حسب طقس كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية

[Resurrection Hymn according to the holy liturgy of the Church of the East

المؤلف: مجهول
اللغة: السريانية
أداء وترجمة: الدكتور ليون برخو


طار وهبط رئيس الملائكة من أعالي السماوات     وهو مكسو بالوقار والتبجيل الملائكي
ودحرج الحجر من القبر بخشوع كبير           وأدخل الخوف والاضطراب في قلوب الحراس
وردّ على النسوة وقال لهن: "لا تخفن"         لقد قام ربنا من القبر كما وعدنا"
"وأرتقى بحمد وثناء كبيرين الى العلي تعالى      تعالي وأنظرن المكان الذي كان مسجى فيه جسده البهي"
هلّلويا، اهللّ هللويا                                    لكنيسة المشرق اهللّ هلّلويا

"ها هو الكتان الذي لف فيه متروك هنا          كي يكون شاهدا لقيامته للشعب وكل الأمم"
وظهر لمريم المجدلية بمثابة البستاني             واجابت هي وقالت له حسب عقلها:
"أيها البستاني أرني الذي انا في طلبه            فإن نار حبه تتقد في وتحرق احشائي"
وأجابها ربنا وقال لها في ذات الوقت            "مريم، مريم انا ابن الحنّان"
هلّلويا، اهللّ هللويا                        لكنيسة المشرق اهللّ هلّلويا

مبارك الرب الذي راق له هذا العمل            وأنجز وأكمل بعمله هذا سر الخلاص
مبارك الذي قام بسلطان من بين الأموات         ومنح الظفر لجنس ادم
له التسبحة من كل الأفواه وكل الألسنة           ولتحل رحمته وحنانه علينا في كل أوان
هلّلويا، اهللّ هللويا                                   لكنيسة المشرق اهللّ هلّلويا

63
الانبا قرياقوس ميخو عبدالاحد الوكيل البطريركي لأبرشية عقرة والزيبار في الإنعاش في المستشفى وبحاجة الى رعاية عاجلة
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

الراهب قرياقوس ميخو عبدالاحد معروف في اوساط الرهبنة الهرمزدية الكلدانية. كان رئيسا عاما لهذه الرهبنة في فترة حرجة من تاريخها في التسعينيات من القرن الماضي.

ولم التق راهبا من هذه الرهبنة الا وأغدق المديح لرئاسته.

ومشاكل الرهبنة الكلدانية – التي كانت دائما الشريان الذي يغذي كنيسة المشرق الكلدانية – استفحلت بعد فترته وقرأنا الكثير عن هذه الأمور على صفحات هذا الموقع.

والراهب (الأنبا) قرياقوس مشهود له طاعته والتزامه بنذوره الرهبانية.

وكان من أوائل الذين لبوا نداء البطريرك بالعودة الى ديرهم حيث كان يخدم في قرية شيوز بالقرب من دهوك. ورغم محبة رعيته له ومحاولاتهم ثنيه عن العودة، الا انه عاد الى الدير حسب طلب البطريركية تاركا وراءه خورنة مزدهرة احبته وأحبها.

وفي الحقيقة هذا كان شأن اغلب الرهبان الذين كانوا مثار الحديث في هذه الموقع حيث عادوا الى الدير ولكن سوء الإدارة والتنظيم أجبرتهم على العودة الى الأماكن التي كانوا قد هربوا اليها في الغرب.

شخصيا اعرف كل الرهبان وهم أصدقاء وبعضهم تلاميذ لي وأكن لهم كل الحب والمودة والاحترام.

وهؤلاء الرهبان ومعهم الأنبا قرياقوس يعودون الى الفترة الذهبية من تاريخ الرهبنة في منتصف القرن العشرين عندما انتزع البطريرك الكلداني بولس شيخو ادارتها وتنظيمها مما يسمى السلطة "الحبرية" وأتبعها الى البطريركية الكلدانية مباشرة. ومفهوم "الحبرية" ما هو الا تسمية تلطيفية لفرض سلطة اجنبية دخيلة على مقدرات الكنائس المشرقية الكاثوليكية.

اغلب الرهبان اليوم تم تثقفيهم وتدريسهم وتعليمهم ضمن هذه الفترة الذهبية وتحت الإشراف المباشر للبطريرك شيخو.

واعتزازا بالدور الكبير الذي لعبه الراهب قرياقوس فقد عينه البطريرك ساكو وكيلا له على أبرشية عقرة والزيبار.

كانت هذه الأبرشية التي أسسها وعزز وجودها أيضا البطريرك شيخو من أكثر الأبرشيات الكلدانية ازدهارا في حينه.

كوكيل بطريركي يتمتع الأنبا قرياقوس بامتيازات وصلاحيات الأسقف على ما تبقى من هذه الأبرشية المجيدة التي انا واحد من أبنائها وأقول ذلك باعتزاز وفخر.

ولكن الأنبا قرياقوس يحتضر في المستشفى وحسب ما يصل من أخبار من اطبائه وأهله ومحبيه انه في الإنعاش وفي وضع صحي خطر.

ومع كل هذا لم نقرأ أي خبر عن وضعه الصحي في الموقع البطريركي الذي يجب ان يكون مركزا إعلاميا نعرف من خلاله ماذا يحدث في كنيستنا وليس مركزا لأمور تثير الخلاف والفراق.

ولا علم لي إن كانت البطريركية قد اتصلت به او أرسلت من ينوب عنها للاطمئنان على صحته في غياب أي خبر عنه على صفحتها الإلكترونية.

بيد ان عرفانا لخدمة هذا الراهب الجليل لكنيسته ورهبنته ورعيته، يتوقع المرء ان تكون البطريركية ليس فقط على علم بحاله وصحته التي هي في تدهور لا بل انها قامت وستقوم بواجب رعايته الصحية وعرضه على أطباء اخصائيين او حتى إرساله للخارج للعلاج.
 
والبطريرك ساكو، رغم افتراقنا عنه في بعض المسائل، الا انه مشهود له كرمه.

واحث أيضا احبائه وأبناء وبنات خورنته – في الكمب في بغداد وشيوز في دهوك – واشقائه من الرهبان واخرين الى التواصل معه والسؤال ولاستفسار عن صحته والقيام بالواجب إن لزم ذلك.


64
هويتنا المشرقية المسيحية المتمثلة في ثقافتنا وفنونا وليتورجيتنا ولغتنا وريازتنا وأزيائنا وتقاليدنا ورموزنا اهم بكثير من المرمر والحلّان والأبنية الشامخة
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

أثار المقر الضخم لبطريركية بابل للكلدان الكثير من الشجون.

ولن ادلو بدلوي في هذا الشأن، ولكن النقاشات ذكرتني بما كان يحدث في العراق منذ السبعينيات من القرن الماضي واستمر في فترة الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) وفي فترة الحصار (1990-2003) ومن ثم بعد الغزو الأمريكي وحتى يومنا هذا.

وكلنا نتذكر كيف صار الحلّان والمرمر والبناء الشامخ للكنائس (مثلا في الموصل وغيرها) هدفا وغاية في حّد ذاته.

ونتذكر كيف كان الكثير من القسس والمطارنة ومسؤولي الخورنات يتلقون أموالا طائلة من الدولة في عهد صدام حسين الذي كان ينفق بسخاء على الأبنية الدينية. الطاغية كان يعرف ان كسب قلوب رجال الدين – من كل الأديان والمذاهب – امر أساسي وركن مهم لتثبيت وبسط سيطرته.

ولا أريد ان اذكر أسماء رجال الدين او الأبنية من الكنائس والأديرة التي كانت تنهمر عليها المكرمات او التي كانت تذكر محاسن صاحب المكرمة او تتودد اليه.

وبينما كان رجال الدين منهمكين في اعمال البناء والعمران التي اغلبها لم يكن هناك منفعة وظيفية لها على الإطلاق، كان الشعب المسيحي المشرقي بكلدانه وسريانه وأشورييه يعاني الأمرين من الحرب العراقية الإيرانية العبثية والمدمرة والحصار الظالم الخانق الذي من جرائه انتهكت كرامة الإنسان وقيمته كبشر.

والهوس بالعمران والأشغال والبناء استمر بعد الحصار – أي بعد الغزو الأمريكي. لا بل صار الحلّان والمرمر والأبنية الفخمة ربما الهمّ الوحيد للمؤسسة الكنسية.

وفي كل هذا الإنفاق والبذخ غير المبرر – أنظر كيف تركنا كل الأبنية مع حلّانها ومرمرها وفخامتها وهربنا بجلدنا – لم يكترث رجال الدين (المؤسسة الكنسية) البتة بتنمية الإنسان المسيحي المشرقي من خلال الحفاظ على هويته المسيحية المشرقية المتمثلة أولا وأخرا بلغته السريانية المقدسة وثقافتها وطقوسها وريازتها وأزيائها وليتورجيتها وآدابها الكنسية وشعرها وفنونها الكنسية.

بنوا كل هذه الصروح الشاهقة ولم يفتحوا صفا واحدا لتعليم لغتنا الكنسية والحفاظ على إرثنا الكنسي بفنونه وثقافته وطقوسة وليتورجيته وريازته وآدابه وشعره وازيائه.

هل نحن حقا بحاجة الى المرمر والحلّان والحجر اما بحاجة الى الصفوف والمدارس والتعليم والثقافة والعمل لإحياء ما تكتنزه لنا كنيستنا المشرقية المجيدة من كنوز لا تثمن ودونها لا وجود لنا كأمة وشعب وهوية وكنيسة مشرقية أصيلة؟

كنيسة المشرق المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة لم تكن يوما ما تتباهى بالحلّان والمرمر والحجر.

كنيسة المشرق المجيدة كانت منارة ثقافية وطقسية ولغوية وليتورجية بفنونها وريازتها وطقوسها وتقاليدها وأزيائها الكنيسة وفلسفتها وفكرها النير وحوذرتها المقدسة.

رغم الاضطهاد المروّع الذي عانت منه في اغلب فترات تاريخها، لم تتخل هذه الكنيسة المقدسة عن الثقافة والعلم والفنون بصيغتها المشرقية المسيحية النقية ولم تتخل ابدا عن لغتها السريانية المقدسة بفنونها وليتورجيتها وريازتها وأزيائها وغيره.

وأين ما حلّت في اصقاع الدنيا من الهند الى الصين ومن مصر الى منغوليا وغيرها من الأمصار التي أوصلت البشارة والمسرة اليها، اخذت معها ثقافتها ولغتها المقدسة مع ريازتها وأزيائها وطقوسها وليتورجيها وشعرها وفنونها.

الثقافة التي بشرت من خلالها كانت اهم بكثير من الحجر.

التعليم ومن ثم التعليم ومن ثم التعليم كان جوهر رسالة هذه الكنيسة المقدسة الرسولية. كل كاهن فيها وكل مطران فيها كان له صف ومدرسة وتلاميذ يتلقون علوم وثقافة ولاهوت كنيستهم المشرقية المجيدة بلغتها الساحرة.

كل مبشر وكاهن وخورأسقف واسقف ومطرابوليط وبطريرك فيها كان مدرسة متنقلة.

وبهذا حافظت على تراثها وثقافتها ولغتها وشعرها وآدابها ومشرقيتها المسيحية الأصيلة قبل ان يتهافت القائمون على شؤونها في العصر الحديث على الحلّان والمرمر وعلى كل دخيل وأجنبي من لغة وطقوس وريازة وأزياء وغيره الى درجة اخذت تخسر وتفقد الكثير من أصالتها وخصوصيتها وكأنها غريبة على تاريخها وهويتها المشرقية الأصيلة.

اليوم نحن لسنا بحاجة الى الحلّان والمرمر والحجر. نحن بحاجة الى الثقافة واللغة والليتورجيا والطقوس والريازة والأزياء التي تحفظ لنا هويتا ومشرقيتنا المسيحية الأصيلة.

نحن بحاجة الى صفوف ومدارس في كل خورنة او كنيسة او تجمّع لنا في الداخل والشتات لتدريس وتعليم لغتنا وطقوسنا وثقافتنا المشرقية المسيحية التي من خلالها حافظ اجدادنا على مسيحيتهم وهويتهم المشرقية والتي دونها نحن لها خاسرون لا محالة.

المسيحية كبشارة ومسرة ليست مرتبطة بجغرافيا وابنية وأمكنة. إنها مسكونية التوجه.

نحن الذين في الشتات مسيحيون ولا يجوز القول ان الذي في الداخل أفضل او اقل مسيحية من الذي في الخارج او العكس.

ما ينقصنا وما يشكل خطرا كبيرا علينا هو فقدان هويتنا المشرقية كما وضحتها أعلاه إن كنا في الداخل ام الشتات او في السهل ام في اعلى الجبال او في الصحراء ام في غابات الشمال او في المدينة ام الريف او في بلد النهرين ام بلد العم سام.

الحجر والحلّان والمرمر والأبنية الشاهقة ليست مؤشرا للنجاح وليست رمزا للحفاظ على الهوية المشرقية الأصيلة لكنيستنا المشرقية المجيدة.

مشرقيتا المسيحية (هويتنا) سنخسرها اين ما كنا في اللحظة التي نتخلى او نزدري او نهين او نهمش لغتنا وطقسنا وليتورجيتنا وثقافتنا وطقوسنا وأزيائنا وآدابنا وشعرنا وفنونا.

لو كان لدينا عمارات دبي الشاهقة وناطحات السحاب في منهاتن في نيويورك وأبراج سنغافورة وخسرنا مشرقيتنا المسيحية بهويتها وثقافتها كما وضحتها أعلاه، فإننا زائلون لا محال ولن يفدنا الحجر والحلّان والمرمر ابدا.

الأمة – أي امة – تموت فقط عندما تخسر ثقافتها ولغتها وطقوسها وريازتها وأزيائها ورموزها وفنونها وآدابها وشعرها.

اين نضع أنفسنا نحن الأن؟ هل في قائمة الحجر والحلّان والمرمر ام في قائمة اصحاب اللغة والثقافة والفنون والطقوس والريازة والأزياء والشعر والآداب التي في مجملها تتشكل منها مقومات هوية وشخصية أي امة وكنيسة في الدنيا؟

اترك الجواب لكم.

65
قصيدة "سجل أنا كلداني" نموذج صارخ للانتحال والسرقة الأدبية وعمل مدان وغير مقبول
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

 كنا بالكاد نضع مسألة شهادات وجامعات "سوق مريدي" وراء ظهرنا، حتى ظهر لنا نوع أخر من التزوير يفوقه من حيث تبعاته على واقعنا المؤلم الذي فيه كل واحد منا صار العالم والفيلسوف والمؤلف والشاعر والمفكر وكل شيء.

واليوم صارت قصيدة انتحلها أي سرقها من ظهر أخيرا أنه قس ورجل دين مثار الحديث في مواقع شعبنا التواصلية وغيرها.

هذه القصيدة هي من روائع الشاعر الفلسطيني محمود درويش ومادة دراسية ضمن مناهج الأدب العربي الحديث وهي اشهر القصائد في إسرائيل ايضا لروعتها الأدبية مطلعها: "سجل انا عربي" وعنوانها "بطاقة هوية":

http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=64761

يقول سارق هذه القصيدة انه قام بمحاكاة صاحبها أي الشاعر الفلسطيني.

المحاكاة ليست هكذا. هذه القصدية لا تحاكي. هذه سرقة مائة في المائة. إنه غيّر فقط كلمة "عربي" الى "كلداني" ومن ثم أبقى على المتن الباقي كما هو وهذا عيب وجريمة كبرى؟

وقد ورد نص القصيدة المسروقة في موقعنا هذا وعلى الرابط ادناه ويبدو ان صاحبها بدأ بحذفها اين ما أستطاع. هذا جيد ولكن المفروض ان يعتذر علنا للشاعر اولا والقراء ثانيا. وأضع النص المسروق في نهاية المقال:

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=815281.0

في حالة القس هذا، كان عليه ان لا يخدع أحد وقبلها نفسه أولا ويقول إنه اقتبسها حرفيا من الشاعر محمود درويش وغير فقط كلمة "عربي" الى "كلداني" ويذكر المصدر.

السرقة الأدبية او الانتحال تستحق أقسى الكلمات وأعنفها وصاحبها يعاقب ويطرد من الجامعة او المؤسسة التي يعمل فيها.

أي كلداني يقبل الاعتزاز بهويته ومشرقيته ولغته وشعره وتراثه وآدابه بانتحال وسرقة جهود الأخرين؟ هل نحن شعب خرجنا للتو من ظلمات الغابة الى الحضارة كي نستعين بالدخلاء والأجانب للاحتفاء بهويتنا؟ نحن شعب لنا من الإرث والأدب والشعر والليتورجيا والأناشيد وبلغة ساحرة ما لا يملكه أي شعب أخر في الدنيا.

يبدو ان الانتحال بهذا الشكل صار جزء من واجبات المؤسسة الكنسية بقيادتها الجديدة ضمن سياستها التدميرية التي تطلق عليها جزافا "التأوين والأصالة" وهي عملية حرب تدميرية تشنها على لغتنا وثقافتنا وليتورجيتنا وأزيائنا وريازتنا وتستهين بهم علانية وتهمش وتهاجم كل محب لها.

هذا جزء من سياسة التأوين التي تشجع على استخدام كل اللغات وأي نشيد او نص موائم ومن أي كان وتستهجن الأصيل والأصالة والينابيع الصافية.

ومع كل هذا ينبري بعض الأخوة مدافعين عن هذا الانتحال لهذا لقس. ولكن لماذا نعاتبه إذا كانت سياسة إقحام الغريب والأجنبي صارت نهجا لذوي الشأن في السنين العجاف الثلاث الأخيرة.


الإشارة الى المصدر لا تعني ابدا انه بإمكاننا ان ننسب المادة الى أنفسنا.

يذكر بعض الأخوة تحوير كلمات النشيد الشهير "موطني موطني" لنقد الوضع في العراق كعذر للسرقة هذه.  القس هنا لم يحور ولم يحاكي ابدا. بل بدل كلمة واحدة فقط "عربي" الى "كلداني" وأبقى الباقي كما هو. لو عمل محاكاة أي غير المتن والمحتوى لكان الأمر مختلفا.

وعندما نأخذ لحن النشيد هذا (موطني موطني) ونطبق عليه كلمات سويدية لا يعني انه من حقنا ان ننسب اللحن لأنفسنا او الكلمات. في هذه الحالة اللحن يبقى لصاحبه وهو الموسيقار اللبناني محمد فليفل. الكلمات تم محاكاتها أي تحويرها برمتها ولهذا لم تعد لصاحب القصيدة وهو الشاعر الفلسطيني ابراهيم طوقان. القس او السارق هذا لم يحور ولم يبدل ولم يحاكي او يبذل أي جهد في محاكاته هذه.

ويذكر بعض الأخوة مثال صلاة "قديشا الاها" وكونها بيزنطية ولكن الأخرين يستخدمونها؟ أولا هذه ليست بيزنطية وثانيا أنها مستقاة من الكتاب المقدس ومن إشعيا النبي بالذات وأي قارئ مطلع يعرف انها تعود للكتاب المقدس. إن اراد ان يحاكيها اي شخص عليه تبديل كل الكلمات والحفاظ على النسق لا سيما الوزن من حيث الشعر او النثر والفكرة التي اتت فيها.

وذكر الأخوة أغنية فيروز الشهيرة "يا انا يا انا" كمثال للدفاع عن المنتحل والسارق في هذه الحالة.  لم يدعي او يقول الرحابنة ابدا انهم الفوا موسيقاها. الموسيقى تعود لموزارت وهي خانة من أشهر سيمفونياته. الكلمات هي للأخوين الرحباني واللحن هو لموزارت وهذا مثبت وموثق:
http://www.doomtak.com/tracks/3640

هذه هي المصداقية.

 أي مصداقية لهذا القس. يقول انه يحاكي ولكنه لم يحاكي بل يسرق.

كان الأولى به ان يقوم بتحويلها الى لغتنا السهلية الساحرة وعندها كانت ستكون محاكاة حقيقية لا ان يسرق.

أخشى ان يكون هذا القس جزء من حملة "التأوين" الظالمة التي اتت على كل ما يميزنا ككلدان من هوية ولغة وطقوس. يأخذون من هنا ومن هناك من اي منشأ ومن اي لغة ويستهينون بلغتنا وطقوسنا وليتورجيتنا وأناشيدنا وشعرنا.

لدينا إرث إنشادي وشعري لا يعلى عليه ولا يسمو عليه ولكنهم صاروا لهذا الإرث اعداء وأخذوا يستعينون لا بل يسرقون في وضح النهار من الأخرين ويقحمون في طقوسنا وثقافتنا وليتورجيتنا وشعرنا وأناشيدنا وريازتنا وأزيائنا  كل دخيل وأجنبي ويسرقون من هنا وهناك مثل اللصوص ويريدوننا ان نسكت ومع الأسف يحصلون على اصوات ومباركة بعض الأخوة.

نعم هزلت حقا هزلت لا سيما في السنين الثلاث العجاف والجوفاء الأخيرة التي يحارب فيها علنا كل تراثنا ولغتنا وطقسنا وريازتنا على حساب كل دخيل وأجنبي من اي منشأ وبأي لغة والطامة الكبرى أن الذي يحاربه يحمل أسمى منصب فينا ومع ذلك يأتيه المديح.
======
هكذا تلاعب وزور وسرق هذا القس قصيدة عربية لمحمود درويش كي يتباهى بكلدانيته بوضع فقط كلمة "كلداني" محل "عربي":

انا كلداني
“سجِّل! أنا كلداني
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ؟
سجِّلْ!
أنا كلداني
وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،
والأثوابَ والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ
ولا أصغرْ
أمامَ بلاطِ أعتابكْ
فهل تغضب؟
سجل
أنا كلداني
أنا اسم بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
يعيشُ بفورةِ الغضبِ
جذوري...
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي.. من أسرةِ المحراثِ
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
يعلّمني شموخَ النخلة قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ
منَ الأعوادِ والقصبِ
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا اسم بلا لقبِ
سجل
أنا كلداني
ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ
ولونُ العينِ.. بنيٌّ
وميزاتي:
على رأسي شاش وعقال فوقَ كوفيّه
وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
تخمشُ من يلامسَها
وعنواني:
أنا من بابل أصبحت  عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
فهل تغضبْ؟
سجِّل
أنا كلداني
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضاً كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ..
فهل ستأخذُها
أحزابكم .. وووو كما قيلا؟
إذن
سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي”
سجل انا كلداني

66
نهضة المطران سرهد جمو أطلقت أسماء الحيوانات على معارضيها من الكلدان؛ نهضة البطريرك ساكو تطلق تسميات غير حميدة عليهم
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


لقد صار جليا ان الكلدان ومؤسستهم الكنسية يمرون بأزمة عارمة وفي حالة انهيار.

وهذه الأزمة يغديها إعلام هزيل يفتقر ليس فقط الى ابسط الشروط التي يجب ان تتوافر في وسيلة إعلامية تحترم نفسها ومتلقيها بل ضمن نطاق الحوار العادي بين الناس البسطاء ايضا.

وأخر مثال لهذا الهزال كان البيان الذي ظهر على صدر (واجهة) موقع البطريركية الكلدانية حول إعفاء (او بالأحرى منع) الراهب القس نوئيل كوركيس من الخدمة ضمن نطاق مؤسسة الكنيسة الكلدانية. (رابط 1)

هذا البيان، الذي في نظري لم يكن هناك أي داع له، يزيد من البلبلة ويزيد من مكانة الراهب نوئيل بدلا من انتقاصها ويجعل منه بطلا في عيون معارضي البطريركية وهم كثر اليوم بعد ان التحق بهم بعض محبي لغتنا وطقسنا وتراثنا وثقافتا وريازتنا وأزيائنا وطقوسنا وحوذرتنا المقدسة – الأمور التي تستهين بها البطريركية الحالية لا بل وصل الأمر بها الى ازدرائها علنا.

لن أدخل في التفاصيل القانونية لهذا الإجراء ولكنني كنت أتمنى ان لا يخرج للعلن في الإعلام بهذا الشكل الهزيل جدا.

وما استرعى انتباهي وما هالني ورود عبارة لا تليق بالمقام وهي "الطابور العاشر."

هل هناك قاموس او عالم معاجم او لغة او إعلامي يشرح لنا ما هو معنى "الطابور العاشر"؟

كلنا نعلم ان هناك مصطلح "الطابور الخامس" وهو إعارة او ترجمة من المصطلح الإنكليزي the fifth column . اما "الطابور العاشر" فهذا مصطلح غايته الانتقاص من الأخر المختلف وإهانته.

ومن ثم نحن شعب صغير جدا ومسكين الى ابعد حدّ والذين يرتادون الكنيسة من الكلدان هم بالآلاف وليس حتى عشرات الالاف. يا ترى من هم "الطابور العاشر" في صفوف هذا الشعب الجبار صاحب الجيش الجرار؟

ولماذا الاستغراب! الم يهاجم البطريرك منتقديه ومعارضيه مُطلقا عليهم عبارات نابية مثل: "انبياء الشؤم" و "ابواق الشؤم" وغيرها والمعارضون هؤلاء من رعيته وأبنائه وبناته.

يذكرني هذا بخطاب النهضة (أسف نكسة) المطران سرهد جمو – الذي فجأة غاب او تم تغيبه والله يعلم السبب او الاسباب – حيث كان أنصاره ومن ضمنهم هذا الراهب القس الذي نحن في صدده ينهالون على الكلدان الذين يخالفونهم ونهج مطرانهم واصفين اياهم ب "قطواثا" اي القطط والبزازين" وبأنهم باعوا أنفسهم وإلى أخره من الأقوال التي أثارت ولا يزال دهشة الكثيرين. (رابط 2)


ويحضرني وصف أخر رافق "نكسة" المطران الكلدانية حيث تم إطلاق لفظة "الجحوش" على الكدان المعارضين لخطهم.

 وبين "الجحوش والبزازين والطابور العاشر وأنبياء الشؤم وأبواق الشؤم" نحن بانتظار تسميات سلبية بذيئة أخرى من الذين يرفضون النقاش والحوار المدني والحضاري وقبول الأخر المختلف وذلك من خلال الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة.
[/b]

=========================================

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=815115.0
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=540515.0



67
المذهبية والهوية: على ضوء تحذير البطريرك ساكو من "الكنائس الوافدة"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

كثيرة هي هفوات البطريرك لويس ساكو في الإعلام. وأظن ان الهوس الإعلامي لديه صار أمضي سلاح يرتد عليه وعلى المؤسسة الكنسية التي يرأسها – أقول "يرأسها" مجازا لأن السلطة البطريركية محدودة ومقننة الى الدرجات الدنيا منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى اليوم وهي في أفول؛ وهذا صار واضحا وجليا.

وأكاد أجزم أن إعلام مؤسسة البطريركية الكلدانية – وقد أشار الى هذا الأمر كتّاب ذو يراع مؤثر ومن مناصري البطريرك – قد يشكل نموذجا في الإمكان الاستناد إليه لأي استاذ في الإعلام إن أراد وضع نماذج لطلبته حول "الإعلام الهزيل."

وأخر شطحة إعلامية أتت قبل أيام في رسالة او بيان المفروض فيه ان يكون داخليا إلا ان صاحبه وكاتبه – كما هو شأنه دائما –وضعه على الملأ وتناقلته مواقع شعبنا.

ولا علم لي إن فكّر صاحبه بتبعات ما يكتبه. ولكنني لا استوعب كيف يحق لرجل دين له لقب كبير يهاجم كنيسة أخرى مؤثرة جدا ليس في العراق بل العالم أجمع؛ الأمر الذي أكاد أجزم لن يقوم به علانية حتى بابا روما، الذي يرأس عمليا وفعليا – وليس رمزيا –أكبر كنيسة في الدنيا.

لنقرأ ما أتى من خطاب غير مبرر، غير عقلاني غير حميد في أخر رسالة او بيان للبطريك ساكو، علما ان لا نهاية لبياناته وتصريحاته رغم عقم اغلبها:

"... انتبهوا من الجماعات المسيحية الوافدة التي تغربكم من جذوركم الاصيلة وينابيعكم الصافية." (رابط 1)

قبل ان ادخل في خضم هذا الموضوع الخطير، دعني أكرر مرة أخرى أنني أرى ان كل المذاهب المسيحية متساوية القيمة والقداسة في الارض والسماء ما دام هدفها ممارسة الإنجيل على أرض الواقع بأعمدته الأربعة: المحبة والغفران والعطاء والتسامح؟

ولأن "الكنائس الوافدة" والنشطة جدا في الشرق والعراق وسوريا ولبنان ومصر خصيصا هي الكنائس الإنجيلية، فلابد وأنها تقع ضمن الإطار الذي قصده البطريرك لأن ليس هناك كنائس وافدة تبشر في صفوف المسيحيين المشرقيين وبنشاط مثل الكنائس الإنجيلية اليوم.

اليوم الكنيسة الإنجيلية (اللوثرية والبروتستنتية) أقوى كنيسة في العالم من حيث التأثير المادي والسياسي والاقتصادي. والذين يعيشون في أمريكا خصيصا واوروبا وأمريكا اللاتينية وافريقيا ودول الشرق الأوسط ذات الأقليات المسيحية المتناقصة لا بد وان لاحظوا ذلك.

والإرساليات التبشيرية الإنجيلية في العراق وسوريا والدول الشرق أوسطية – التي تهمنا في هذا المقال أكثر من غيرها – تعمل ضمن جمعيات خيرية تقدم خدمات كبيرة جدا للاجئين تفوق ما تقدمه مثلا كنيسة روما رغم ان أكثر المسيحيين العراقيين كاثوليك.

وهذه الإرساليات التبشيرية يدعمها ظهير سياسي وعسكري واقتصادي تستند إليه في تثبيت سطوتها وقوتها ومكانتها وتستخدمه بطريقة ذكية لكسب المسيحيين المختلفين مذهبا الى صفوفها وهي تحقق اختراقات كبيرة ومؤثرة وإلا لما حذر منها البطريرك.

وهي قوية سياسيا واقتصاديا الى درجة ان السلطات الكردية مثلا لا تستطيع ان تحدّ من نشاطها في صفوف المسيحيين لا بل تدعمه وتسانده، إلا ان نطاق عملها في صفوف المسلمين ضيق جدا لا بل مراقب وعليه شبه حذر من قبل هذه السلطات.

شيء غريب وعجيب هذا الذي تقوم به الكنائس الوافدة وعلينا إدانته بأشد العبارات لأن غايتها إنهاء ومحاربة ثقافتنا – المذهب ثقافة لأنه يؤشر الى قراءة مختلفة ضمن النطاق الثقافي للإنجيل وهذا حق مشروع.

 وكما ان الإنجيلي ينطلق من مناطقيته وثقافته لقراءة الإنجيل والكتاب المقدس، كذلك المشرقي المسيحي من حقه ان ينطلق من محيطه وثقافته لقراءة الكتاب المقدس والإنجيل.

كيف وقع البطريرك ساكو في هذا الفخ؟

الفخ نصبه البطريرك لنفسه بنفسه ووقع فيه. البطريرك ينسى او يتناسى ان المذهب (الكنيسة) الذي هو عليه مذهب (كنيسة) وافدة. وينسى ويتناسى ان ذات الكنيسة وحتى هذا اليوم لا تختلف في طريقة تبشيرها الظالمة في صفوف المسيحيين المشرقيين عن الكنيسة الإنجيلية لا بل فاقتها وبزتها وتفوقها وتبزها لأنها استخدمت عنفا مفرطا وظلما لا يطاق ومحاكم تفتيش لم يرى العالم مثيلا لها ضد المسيحيين المشرقيين ذاتهم والكلدان منهم خصيصا والبطريرك وكنيسته من ضمنهم.

لماذا لا يعتبر البطريك كنيسته ضمن الكنائس الوافدة ويركّز على الكنيسة الإنجيلية وحسب؟

 يجب إدانة كل المبشرين الغربيين القادمين الى ديارنا لتغير مذاهبنا وثقافتنا أشد إدانة لأنهم يستخدمون سلطتهم وتأثيرهم لكسب المسيحيين المشرقيين وتغير ثقافتهم بينما يخشون حتى التقرب من المسلمين لا بل يستعينون بهم لاضطهادنا.

بيد انه علينا ان نعترف ان الوسائل التي يستخدمها الإنجيليون لا تحتوي على العنف والاضطهاد المرعب الذي تعرضت له كنيستنا المشرقية لا سميا الشق الكلداني منها – وبعض تفاصيل هذا الظلم لا تزال قائمة.

كانت كنيسة المشرقية الكلدانية الكاثوليكية أكبر كنيسة في المشرق عددا وغنى وأتباع ومناطق حتى منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين – أكثر بكثير من الكنائس القبطية والمارونية والسريانية مجتمعة – قبل ان يرسل الفاتيكان أفواجا من مبشريه لهدم صرح هذه الكنيسة بحجة ان إيمانها الكاثوليكي غير قويم وبحاجة الى تقويم وحدث ما حدث من تغير ثقافة مناطق شاسعة بملايين الأتباع عنوة الى الثقافة اللاتينية وسلب الصلاحيات وجعل المؤسسة الكنسية تابعة ذليلة دون أية صلاحيات.

لقد شخصنا هذا الموضوع بالتفصيل والقراء الكرام صاروا على دراية به.

إذا لماذا حلال لكنيسة وافدة وحرام لكنيسة وافدة أخرى؟ الاثنان يجرمان بحق شعبنا وثقافته والاثنان من أغنى المؤسسات في الدنيا وأكثر المؤسسات تأثيرا في العالم ولا حدود لأملاكهما وأموالهما ولكن بدلا من استخدام كل هذا التأثير لحمايتنا والحفاظ على مشرقيتنا وثقافتنا يستخدمانه لهدم ثقافتنا وتشتيتنا.

وكم كنت أتمنى ان لا يذكر البطريرك "الجذور الأصيلة والينابيع الصافية" لأن هذه بالذات هي ضحية سياسات كالتي تتبعها البطريركية ذاتها وهي ليست وليدة اليوم.

محاربة الأصالة والينابيع الصافية بدأت وبقوة عندما تبنى هذا النهج الهدام الذين همشوا هذه الينابيع والأصالة وضربوا كل ما يشير إليها عرض الحائط في حملات ازدراء واستهجان بالتراث ولأصالة والريازة والأزياء والطقوس.

هؤلاء ادخلوا وأقحموا ممارسات دخيلة وأجنبية تشبه كثيرا الممارسات الإنجيلية التي تهمش الأصالة والينابيع الصافية وغيروا الريازة وأزدروا الطقوس والثقافة واللغة والأزياء ولم يلتزموا بها والأدلة عليها كثيرة جدا.

رموا الأصالة والينابيع الصافية المتمثلة بحوذرتنا المقدسة وريازتنا وأزيائنا ولغتنا أينما حطوا في سلة المهملات وباستهجان وازدراء.

كل ما بناه القس افرام رسام وكل ما بنى عليه القس البير ابونا في سلطانة الوردية في الكرادة من أصالة وينابيع صافية أتوا عليها وأزالوها من الوجود في خلال شهرين.

كل ما بناه أعمدة الثقافة واللغة والطقوس والأصالة والينابيع الصافية في المعهد الكهنوتي أتوا عليه وأزالوه من الوجود في فترة وجيزة وتخرج لدينا كهنة لا يعرفون معنى الاصالة والينابيع الصافية ولا حتى باستطاعتهم قراءة سطر من حوذرتنا المقدسة وهم أقرب الى الثقافة الإنجيلية من الثقافة المشرقية الكلدانية.

والسنين الثلاث العجاف الأخيرة كانت بمثابة الضربة القاضية – هذا في رأي الشخصي – للقليل الذي تبقى من الأصالة والينابيع الصافية لكنيسة مشرقية مجيدة – أم كنائس الدنيا.

واليوم أتى المبشرون الإنجيليون – كما قام قبلهم ويقوم به المبشرون الكاثوليك – بهدم البقية الباقية من الثقافة.

لو زالت ثقافتنا – مشرقيتنا – فماذا بقي لنا؟ المذهب او المؤسسة التي لا تحفظ لنا ثقافتنا وطقوسنا وليتورجيتنا وريازتنا وأزيائنا وفنوننا ولغتنا وأصالتنا وينابيعنا الصافية ومناطقنا أينما تواجدنا كما أتت من اباء كنيستنا المجيدة لا حاجة لنا به. ألم يكن هذا شعار الثوار الكلدان في نهاية القرن التاسع عشر؟

مسيحيتنا واحدة لأن كلنا لنا الإنجيل ومنه ننهل. ما يميزنا هو ثقافتنا – قرأتنا الخاصة، وهذا من حقنا – للإنجيل، ولكن حتى هذا استكثره المبشرون الغربيون علينا.

وهذا سيكون مصيرنا لأننا وضعنا مقاديرنا بأيدي الذين أساسا لثقافتنا محاربون ومزدرون ومهمشون.
======================
رابط (1)
http://saint-adday.com/?p=13577



68
الفاتيكان يراجع موقفه من أداء الطقوس ويقول إن التراخي في الالتزام بها "إغراء من الشيطان" – فماذا تقول البطريركية الكلدانية التي تزدري وتعادي الطقس الكلداني المقدس بلغته وروائعه وعلوه وسموه وقدسيته

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

في تحولّ غير مسبوق وبعد فترة اتسمت ببعض الليبرالية (انفتاح) عاد الفاتيكان وأكد على أهمية الليتورجيا والعودة الى الجذور في أداء الطقوس الكنسية.

جاء ذلك في تصريحات ادلى بها الكاردينال روبرت سارا، عميد المجلس الحبري "للأسرار والليتورجيا"، والتي ادخل فيها الفرحة في قلوب الملايين من الكاثوليك، ودشن بها عهدا جديدا للعودة الى الطقوس والليتورجيا كما وصلت إلينا من اباء الكنيسة. (رابط 1)

وقال الكاردينال سارا إنه تلقى أوامر وتعليمات واضحة من البابا فرنسيس على الاستمرار في النهج الليتورجي الذي كان قد دشنه البابا بندكتوس والذي بموجبه سمح للإكليروس اللاتيني ممارسة الطقوس حسب الليتورجيا اللاتينية.

لا بل ذهب الكاردينال سارا، وهو واحد من أكثر رجالات الكنيسة الرومانية الكاثوليكية تأثيرا بعد البابا فرنسيس، ابعد من ذلك حيث قال إن على كل الإكليروس بكافة درجاتهم مواجهة المذبح والتوجه صوب الشرق وليس جمهرة المصلين من المؤمنين.

وقال إن هذا القرار بتغيير "وجهة الكهنة صوب المذبح" وليس الجمهور يجب ان ينفذ من بداية سابوع البشارة هذه السنة والذي يصادف 27  تشرين الثاني.

وكان المجمع الفاتيكاني الثاني اتخذ ما أطلق عليه في حينه "إصلاحات ليتورجية" وبموجبها حدث تراخ في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في الالتزام بالطقوس وأدائها.

إلا ان الكاردينال سارا قال كان قصد المجمع في حينه جذب المؤمنين الى الكنيسة والمشاركة في الذبيحة الإلهية، بيد أنه أضاف أن هذه السياسة ثبت فشلها. " إخوتي واخوتي، أين هم المؤمنين الذين تحدث عنهم اباء المجمع (الفاتيكاني الثاني)."

وحثّ الكاردينال سارا الاكليروس والمؤمنين على تقبل وبرحابة صدر "القداس اللاتيني التقليدي" وكذلك شجّع على اداء "الممارسات التقليدية" التي كان البابا بندكتوس قد اقترحها من ضمنها استخدام اللغة اللاتينية في القداس وذلك بالعودة الى الأناشيد الغريغورية الأصيلة."

وقال: "علينا ان ننشد الأناشيد والموسيقى الليتورجية المقدسة وليس فقط موسيقى دينية، او أسواء من ذلك أناشيد (أغان) مدنسة (ليست ليتورجية)."

ودعا أقرانه من الكهنة الى "توخي الحذر من إغراء التراخي الليتورجي لأن هذا الإغراء من الشيطان."

"ألمجمع (الفاتيكاني الثاني) لم يكن قصده ان يتم الاحتفال بالطقس الروماني (اللاتيني) باللغات المحلية وحسب. إن مقصده كان السماح لاستخدامه الواسع، لا سيما في القراءات."

ورغم ان المجمع الفاتيكاني الثاني كان قد اتخذ قرارات وتوصيات خاصة بالكنائس المشرقية الكاثوليكية يحثها على التشبث بتقاليدها وليتورجيتها وطقوسها، إلا ان بعض رجال الدين وعلى الخصوص في الكنيسة الكلدانية اتخذ المجمع حجة او قميص عثمان للهجوم على الطقس وتهميشه ومعاداته بريازته ولغته وأزيائه وأناشيده ولغته ورموزه وموسيقاه.

ووصل الأمر الى الارتجال وإقحام كل دخيل وأجنبي وبلغة ركيكة ونصوص يكتبونها هم وهي لا ترقى ان تكون مادة إنشائية مدرسية.

ووصل الأمر بالبعض ايضا الى مهاجمة ومعاداة الليتورجيا الكلدانية بلغتها وروائعها ومعها كل محب لها. (أنظر الروابط 2 و3 و4 ادناه حول معاداة البطريركية الكلدانية للطقس الكلداني وازدرائها به وتهميشها له وللغته وروائعه المقدسة).

بيد ان الكاردينال سارا عبر عن امتعاضه من "العبث" الذي يمارسه البعض بالليتورجيا في الكنيسة. "لقد شاهدنا الكثير من الاحتفالات الليتورجية التي يتدخل فيها الناس والأشخاص من خلال أفعال بشرية وبصورة جلية وهي وكأنها تعمل على إقصاء الله."

وقد عبر عن "حزنه العميق" بسبب "التشويهات الكثيرة لليتورجيا في الكنيسة برمتها اليوم."


وقال: "تقع علينا نحن الكهنة والأساقفة مسؤولية كبيرة. كيف ان النموذج الحسن الذي نقدمه يبني ممارسة جيدة لليتورجيا وكيف أن استهتارنا وأخطائنا تلحق ضررا بالكنيسة وبليتورجيتها المقدسة."

وذكر ان واحدا من النماذج الصارخة للإساءة التي تقترف ضد الليتورجيا المقدسة هي قيام بعض الكهنة بالسماح للعلمانيين بمناولة المؤمنين القربان المقدس. "هذا خطأ. هذا نكران للواجبات الكهنوتية وكذلك يجعل من الكهنوت مسألة علمانية."

وحث الكاردينال سارا كل الكاثوليك لا بل جعله لزاما عليهم السجود على الركبتين اثناء تناول القربان المقدس واستثنى من ذلك المرضى.

إلا أنه أردف قائلا لا يحق للكاهن حرمان المؤمن من القربان إن لم يجثو على ركبتيه.

وأثارت تصريحات الكاردينال سارا دهشة مراقبي الفاتيكان الذين ذهلوا للمسار التقليدي الجديد للبابا فرنسيس حيث كانوا يعدونه واحدا من الليبراليين الكاثوليك.

إلا ان الكاردينال سارا لم ير في ذلك أي تغير في مسار البابا فرنسيس ونظرته الى الليتورجيا، قائلا: "ابانا الأقدس البابا فرنسيس يكن احتراما فائقا لليتورجيا والنظرة والموقف والإجراءات الليتورجية للبابا بندكتوس."

======================
رابط 1
https://www.lifesitenews.com/news/vatican-liturgy-chief-asks-all-priests-and-bishops-to-face-east-for-mass-fa

رابط 2 و3 و4 حول معاداة وازدراء البطريركية الكلدانية للطقس والليتورجيا والكلدانية ومحاربتها للغتها وريازتها ورموزها واناشيدها وموسيقاها ...

رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,813058.0.html

رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,812936.0.html#msg7476942

رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793177.msg7424970.html#msg7424970

69
لفظة "السيمونين" لفظة "بذيئة" – فلماذا التجاء إليها المطران سعد سيروب لتوصيف منتقديه

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

لقد أثارت لفظة وردت في أخر مقال للمطران سعد سيروب الكثير من علامات الاستفهام. وشخصيا، سألني بعض الأخوة عن معناها.

يستخدم المطران لفظة (السيمونين). وأظن هذا سهو منه وهو يقصد "سيموني" Simonian نسبة الى العقيدة السيمونية Simonianism التي يراها المسيحيون بدعة او هرطقة.

واللفظة يعود أصلها الى صاحب هذه العقيدة وكان اسمه سايمون Simon وأصلها الاسم عبري "شمعون" وهي مصدر للفعل شمّعْ (سمع).

ويرد ذكر لرجل ساحر اسمه سايمون ماكنس Simon Magnus في العهد الجديد في أعمال الرسل بالذات وقصته شهيرة. كان ساحرا بارعا وتنافس مع الرسل في ما كان يقوم به من (معجزات) – سحر. دخل المسيحية ومن ثم خرج منها وصار له اتباع.

وقصته شهيرة في المسيحية واللاهوت المسيحي وهي تشير الى أي شخص يستخدم المال والنفوذ والمكانة والمنصب لتحقيق أغراض غير أخلاقية وسليمة من حيث المبدأ والعقيدة المسيحية للوصول الى أغراضه الشخصية والمؤسساتية.

المسيحي الذي يرى الأخر لا سيما من نفس الدين والمذهب انه يقترف "خطيئة" شراء الذمم والمناصب ودفع المال واستخدام المنصب لتحقيق أغراض دنيوية يُطلق عليه "سيموني" وهي كما قلت كلمة بذيئة جدا لا بل واحدة من أبشع الكلمات في القاموس المسيحي.

أما بالنسبة لأتباعه، يعد سيمون الفادي والمخلص وقوة الله في الأرض. بالنسبة للمسيحيين يعد سيمون وأتباعه من "السيمونيين" هراطقة وأصحاب بدعة.

واللفظة كما قلت ترقى الى شتيمة وبذاءة عندما يستخدمها رجل دين بدرجة أسقف ضد معارضيه. وقد وضعتها بين علامتي التنصيص في العنوان كي اتجنب الإساءة لأنني لا أرى هرطقة او بدعة او إساءة في أي مذهب او فكر طالما التزم بالبعد الإنساني في التعامل مع الأخر المختلف عنه.

كيف وردت اللفظة في خطاب المطران سيروب؟

وردت اللفظة في خطاب المطران سيروب بطريقتين: الأولى التحدي والثانية الشتيمة. لنقرأ النص سوية (رابط 1):

الصفقة: أية صفقة أعقد؟ ومع من أعقد صفقة؟ الصفقات تعقد في الخفاء، والذمم تُشترى في الظلمة بعيدا عن الناس. أنا في النور كتبت وعلى العلن خرجت، بعد أن خرجت السلطة وتحدثت عني وعن الكنيسة كما تهوى وتريد وتتخيل. الصفقة تعقد بين اشخاص يتحدثون إلى بعضهم، وانا والسلطة لا نتحدث الى بعضنا إلا للعراك والخناق. الصفقات تعقد مع الاشخاص الضعيفي الشخصية، مع السيمونين (وكم اتمنى ان تعرفوا هذه الكلمة ومعناها!). الصفقة هي للتجار وليست مع الصغار.

نرى ان المطران يتحدى القراء إن كانوا يعرفون معنى هذه الكلمة. ومن ثم هو يطبقها على غرمائه المفترضين الذين لا نعرف حتى الأن ماهيّة مشكلته معهم لكثرة الهمز واللمز في كتاباته.

ومن ثم، يمنح الكاتب ذاته درجة من العلم والمعرفة يتصور ان غيره لم يصلها بدليل تخيله أننا لا نعرف معنى هذه اللفظة.

والاستحواذ على العلم والمعرفة وحق تفسير النصوص المقدسة وحتى قراءتها جزء من سطوة السلطة الدينية طوال التاريخ ونرى كيف يستخدم هذه السطوة رجال الدين في كل الأديان والمذاهب لتثبيت سطوتهم ومكانتهم.

وهذا يعني ان أي شخص يدعي المعرفة ويقول إنها ملكه "سيموني" الهوى لأنه يستخدم المعرفة لأغراضه الخاصة كما يستخدم صاحب المال والجاه والكرسي والمنصب ووضعه لأغراضه الخاصة، هذا حسب التعريف المسيحي لهذه اللفظة.

أما كون اللفظة بذيئة المعنى في المسيحية لعمري لهو أمر واضح لأن السيمونية ذاتها تراها المسيحية بدعة وهرطقة ومن ثم تطور المصطلح وأخذ منحى معرفي حيث صار يطلق لكل من يستخدم مكانته ونفوذه في أي حقل او منحى لتحقيق مأرب خاصة.

واستخدام عبارات وألفاظ لا تليق بالمقام ليس خاصية خطاب المطران سيروب. قلت في ردي عليه انه يشترك في كثير من المواقف مع البطريرك ساكو الذي لم يتورع في أحد خطاباته إطلاق لفظة "أنبياء الشؤم" على معارضيه، وهذه اللفظة أيضا أساسها الكتابات والنصوص الدينية. (رابط 2)

كل فكر وإيديولوجية وثقافة (والدين والمذهب فكر وثقافة) يجمع ويكدس أصحابه معجم من الالفاظ الحميدة والقبيحة. يحتفظون بالحميدة منها لتوصيف أنفسهم ويرددونها كثيرا ويحتفظون بالألفاظ القبيحة لتوصيف الأخر الذي يعارضهم.

أنظر مثلا التوصيفات القبيحة التي تطلقها المجموعات المسلمة السنية على المسلمين الشيعة والعكس صحيح وكذلك أنظر كيف ان كل مجموعة تختار الالفاظ الحميدة لتوصيف نفسها.

وكذلك التوصيفات غير الحميدة التي يطلقها المسلمون بصورة عامة على غيرهم (الأديان الأخرى) والتوصيفات الحميدة التي يطلقونها على دينهم.

وهذا ينطبق على كل الأديان والفئات الأخرى.

المسيحيون أيضا لهم الفاظ حميدة لتوصيف أنفسهم وألفاظ غير حميدة لتوصيف الأخر. وضمن المذاهب المسيحية هناك الفاظ حميدة للمذهب والفاظ قبيحة للمذهب المختلف.

لا أريد الاسترسال لأن موضوع التوصيف الخطابي موضوع أكاديمي ومعرفي يتناوله العلماء والباحثون ويشبعونه نقاشا.

وفي هذا نحن مدينون للفيلسوف الأمريكي ريجرد برنشتاين في سلسلة كتبه التي يحاول فيها تفسير الشر لنا حيث يقول ان أس الشر يبدأ من اللفظة لا سيما اللفظة غير الحميدة التي نخشى ان نطلقها على أنفسنا ونطلقها فقط على الأخر المختلف عنا ناسين اننا لا نختلف عنه كثيرا.
==========================
رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,813139.0.html
رابط (2)
http://saint-adday.com/?p=9314

70
من هو "الثعلب" و "هيرودس" في "كنيسة السلطة وخطوط القوة" والهمز واللمز والسخرية والاستهزاء – تعقيب على الحرب الكلامية التي شنها المطران سعد سيروب ضد البطريرك لويس ساكو

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

من دون سابق إنذار، أشعل المطران سعد سيروب منتديات شعبنا ومواقع التواصل الاجتماعي فيه في سلسلة مقالات جذبت عددا كبيرا من القراء والمعلقين.

وفي هذا المقال سأركز على خمس نقاط أساسية وردت في مقالاته الثلاث.  وسأقسم المقال الى ثلاثة أجزاء.  في الجزء الأول، ألقي الضوء على النقاط الخمس. في الجزء الثاني، أقدم تفسيرا فكريا وفلسفيا للنقاط الخمس هذه. وفي الجزء الأخير، أقدم بعض الأدلة والبراهين.

خمس نقاط مهمة ذكرها المطران سيروب

الأولى، الهوس الإعلامي لدى البطريرك واستخدامه للإعلام سلاحا في أغلب الأحيان يرتد وبالا عليه. وقد أشرت الى ذلك في مقال منفصل ونبهه على سوء استخدام الإعلام بعض الأخوة من مناصريه. ولكن يبدو ان البطريركية لا تكترث مهما علت أصوات محبيها وليس منتقديها أنها على خطأ.

ثانيا، استخدام السلطة لتكرار وتثبيت الأخطاء بدلا من حلحلتها. الخطأ ذاته يتكرر أحيانا كل يوم او كل أسبوع او كل شهر وكل تكرار يقضم من هيبة الكرسي الذي هو جالس عليه ويهمش مكانته. مع ذلك هناك إصرار على المضي قدما في الخطأ. (هنا كان يجب على المطران سيروب ان يكون شفافا لأنه هو أيضا كما سنرى وضمن نطاق منصبه – عندما كان قسا ومن ثم مطرانا – اتكأ ويتكئ على "السلطة وخطوط القوة" لتمرير سياساته ومواقفه وتثبيت مكانته المؤسساتية).

ثالثا، التلاعب بالليتورجيا المقدسة ولغتها وتهميشها ويذكر المطران سيروب رتبة (طقس) القداس الذي جرى تطبيقه دون دراسة علمية وأكاديمية وطقسية ولغوية فجاء النص مليئا بالأخطاء وفي كل الاتجاهات. (هنا كان الأولى ان يتكلم المطران سيروب عن نفسه. إن كان هناك قس ومن ثم أسقف كلداني يستهين بالطقس والليتورجيا والثقافة والريازة والأزياء واللغة ومعها كل كلداني غيور يحبها ويمارسها فهو المطران سيروب. هنا لا يختلف المطران عن البطريرك الذي ينتقده ابدا).

رابعا، وهذه أهم النقاط وأكثرها خطورة، التعلق او الاستشهاد بأبيات من الانجيل لتبرير مواقف سلطوية وخطوط سيطرة على مقدرات الأخرين. أي منصف يعرف ان مؤسسة الكنيسة الكلدانية تعاني من تسيب وفلتان منقطع النظير في الأمور التنظيمية والمالية والإدارية والثقافية والليتورجية. ومشكلة المطران سيروب، التي يشير الهيا بالهمز واللمز دون الإفصاح عنها، لا علاقة لها برسالة الغفران والعطاء والتسامح والمحبة التي هي الأركان الأربعة لرسالة المسرة. استخدام السلطة وخطوط القوة لا تختلف كثيرا بين المطران والبطريرك ولكن مع الأسف الاثنان يكثران من الاستشهاد من الإنجيل لأغراض سلطوية وليس إنجيلية. والطامة الكبرى وقعت عندما قارن المطران سيروب نفسه بالمسيح والذي ينتقده "بالثعلب وهيرودس" (رابط 1) في تشبيه يشوه الآية الإنجيلية ويخرجها من سياقها ويمدها ويمطها ويخيطها كي توائم تطلعاته السلطوية وخطوط القوة لديه. وهذا ديدنه كما هو دين البطريرك. يقتبسون لتمشية أغراضهم الشخصية السلطوية. أخرجوا المسيح والإنجيل من خطاب الهمز واللمز والبغضاء والكراهية التي تدفعكما الى ما تقومان به وهو أبعد ما يكون من رسالة المسرة.

خامسا، في سلسلة مقالاته الثلاث يتحدث المطران سيروب وببعض الإسهاب عن إنقاذ الكنيسة الكلدانية دون ان يقدم أي خارطة طريق او خطة عمل. وهنا هو لا يختلف قيد أنملة عن البطريرك الذي ينتقده. الاثنان يعرفان ان إنقاذ الكنيسة الكلدانية لن يتم دون التشبث باللغة والثقافة والليتورجيا والطقس والأناشيد والآداب والفنون الكلدانية – هذه هي الثقافة التي تجمع الكلدان ويلتف حولها الكلدان وتجعل منهم شعبا وكنيسة ذات خصوصية وهوية. ولكن الاثنان مشهود لهما وبالدليل القاطع محاربتهما دون هوادة لا بل استهزائهما وازدرائهما للثقافة وكل كلداني محب لها وكل ما يمت للكلدان من هوية وكنيستهم ومن هوية وخصوصية. في الحقيقة هذا الثنائي ومن في خطهما هما السبب الرئيسي لتهميش الثقافة الكلدانية داخل الكنيسة وخارجها وإدخال كل غريب وأجنبي وتفضيله على الأصيل الذي لدينا (رابط 2).

مناقشة

أفضل دراسات عن "السلطة وخطوط القوة" وكيفية تطويع اللغة والخطاب والإعلام لترسيخها خدمة للمصالح المؤسساتية او الشخصية برزت في إيطاليا وبالذات في كتابات الفيلسوف الإيطالي الشهير أنطونيو غرامشي في "كراسات السجن" حيث كتب بإسهاب عن السلطة والهيمنة وهو في السجن. ويعد غرامشي من الماركسيين المحدثين وله تأثير هائل في كل الدراسات التي تتعلق بالسلطة والهيمنة والخطاب.

ويأتي بعده الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو، فهو دون منازع فيلسوف السطلة لا سيما في كتابه الشهير "الحقيقة والسلطة" وكيف يطاوع او يكيف او ينتف او يمد او يمط أصحاب السلطة (ورجال الدين يقعون في خانة أصحاب السلطة) النص لغايات سلطوية ومؤسساتية بحتة.

ومن ثم هناك فيلسوف العصر يورغن هابرماس وهو المفكر الرائد في وضع التفاسير للخطاب المؤسساتي ولماذا وكيف يتكئ أصحاب السلطة على اللغة والخطاب والاقتباس من اجل الهيمنة والسطوة على الأخرين الذين هم أضعف منهم.

وأخيرا، هناك نورمان فيركلو صاحب الكتاب الذائع الصيت "اللغة والسلطة" الذي فيه يطبق المفاهيم الفكرية والفلسفية التي اتى بها فلاسفة السلطة والهيمنة ومن خلال تحليل نماذج من الصحافة الغربية وأقوال المتنفذين. والكتاب اليوم جزء من مناهج اللغة والخطاب والإعلام وأغلب العلوم الاجتماعية في الجامعات الغربية ولا يمكن الاستغناء عنه في أي دراسة في هذا الشأن.

فرضيات فلسفة السلطة

إن أردنا تقديم تعريف مختصر وبإيجاز شديد عن مفهوم السلطة والهيمنة بإمكاننا القول إن كل صاحب سلطة يستخدم اللغة والخطاب لتثبيت سلطته وهيمنته والبرهنة على سلامة مواقفه وعدم سلامة مواقف غرمائه ومعارضيه. وصاحب السلطة (والمطران سيروب والبطريرك ساكو لهم سلطة) يقتبسون النصوص التي توائم توجهاتهم ويقدمون التفاسير التي تعززها ولا يكترثون لمن يعارضها إلا إن كان ذو سطوة وسلطة اعلى منهم. وأصحاب السلطة يمدون ويمطون النص لأغراضهم السلطوية والمؤسساتية. وأصحاب السلطة يتصورون انهم على حق وغيرهم على باطل وان هذا الغير (الأخر) ما عليه الا ترديد او تكرار انماطهم الخطابية والإيمان بها وممارستها. وأصحاب السلطة يتصورون ان خطابهم ولغتهم التي تشكل مواقفهم وممارساتهم هي جزء من الحس السليم والفطرة السليمة ولهذا لا يتورعون عن إدانة غيرهم (الأخر) الذي لا يفكر ولا يتصرف مثلهم. والناس في الغالب تنخدع بأصحاب السلطة كما هو الحال مع الكثير منا عند قراءتنا لما يكتبه المطران سيروب والبطريرك ساكو. ومع ذلك تذهب الناس مسافات بعيدة جدا في التشبث بما يقوله أصحاب السلطة رغم عدم منطقيته وعقلانيته. وهنا يأتي دور الباحث والفيلسوف والمفكر الذي يحلل الخطاب. واحد من أقدس واجباته هي توعية الناس الى أن أصحاب السلطة لا يتكلمون عن وفي الغالب لا يفكرون في المصلحة العامة بل في مصلحتهم وغاياتهم المؤسساتية البحتة.

البرهان

هناك أدلة كثيرة في خطابات البطريركية ومعها المقالات الثلاث الأخيرة للمطران سيروب على انه يستند الى خطاب سلطوي لغايات شخصية ومؤسساتية بحتة.

ووصل الأمر بالمطران سيروب ان يضع نفسه مكان المسيح – وحسب الإيمان المسيحي المسيح هو ابن الله والرب والله ذاته. لا أعلم كيف يتجرأ أسقف ان يقتبس بهذا الشكل السلطوي – أي كي يثبت ويبرر مواقفه الشخصية والمؤسساتية – ويمد ويمط النص كي يجعل من نفسه هو المسيح والذي يخالفه هو "الثعلب هيرودس." أنظر اقتباسه من الإنجيل في مقاله الأخير:

" فِي تِلْكَ السَّاعَةِ نَفْسِهَا، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ، قَائِلِينَ لَهُ: «انْجُ بِنَفْسِكَ! اهْرُبْ مِنْ هُنَا، فَإِنَّ هِيرُودُسَ عَازِمٌ عَلَى قَتْلِكَ». فَقَالَ لَهُمْ: «اذْهَبُوا، قُولُوا لِهَذَا الثَّعْلَبِ: هَا أَنَا أَطْرُدُ الشَّيَاطِينَ وَأَشْفِي الْمَرْضَى الْيَوْمَ وَغَداً. وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَتِمُّ بِي كُلُّ شَيْءٍ. وَلكِنْ لاَبُدَّ أَنْ أُكَمِّلَ مَسِيرَتِي الْيَوْمَ وَغَداً وَمَا بَعْدَهُمَا، لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ إِلاَّ فِي أُورُشَلِيمَ! (لوقا 13: 31-33).

هذا الاقتباس يفقد المطران سيروب أية مصداقية إن كانت له مصداقية أساسا. جراءة عجيبة وغريبة على مدّ ومطّ النص لتثبيت دعائم السلطة والهيمنة ولغايات شخصية سلطوية بحتة. بالنسبة إليه هذا يعتبره "الحس السليم والفطرة السليمة" ولكن بالنسبة للمتضلع في تحليل الخطاب هذا لا يعدو كونه محاولة للتلاعب بالنص المقدس لغايات مؤسساتية وكذلك التلاعب بعواطف الناس البسطاء. النص هذا له أسبابه وله تفسيرات شتى إلا ان مطراننا هذا يجيره لأغراضه الخاصة ونحن ضحية هؤلاء وحربهم المؤسساتية على السلطة وخطوط القوة.

ومن ثم يتحدث المطران وكأن قلبه محترق على الكنيسة الكلدانية وينسى ويتناسى الأذى الذي الحقه وهو ومعه البطريرك بها ليس اليوم ولكن منذ أمد بعيد حينما بدأ يغردان خارج السرب الكلداني من حيث اللغة والثقافة والطقس والهوية والخصوصية. وشنّ الاثنان حربا شعواء على الهوية واليوم يتباكيان عليها دون ان يكلفا أنفسهما الاعتراف ولو بكلمة واحدة بالأذى المريع الذي الحقاه بالثقافة واللغة والطقس والتراث والإرث والآداب والفنون والريازة والأزياء وغيره التي دونها لا وجود للكلدان كهوية وخصوصية ودون ان يراجعا حساباتهما الخاطئة.

الكلدان وكنيستهم تجمعهم هويتهم وثقافتهم ولغتهم وليتورجيتهم وطقسهم وآدابهم وشعرهم وفنونهم وازيائهم وريازتهم وأنتما الاثنان لها محاربون ومزدرون ومهمشون. إن ذهبت الثقافة وهي في طريقها الى الزوال ومعها اللغة والطقوس والليتورجيا والتراث والآداب فعن أية هوية وكنيسة كلدانية تتحدثون؟ قلبكما لا يحترق لهذه الكنيسة ابدا بل للسلطة وخطوط القوة. (أنظر الرابط 2 حول مواقف البطريرك ساكو العدائية ضد الثقافة واللغة والطقس والآداب والفنون الكلدانية ويشاركه في هذا المطران سيروب قلبا وقالبا).

عسى الذكرى تنفع

لا أريد الاسترسال ولكنني اذكر المطران هذا ومعه البطريرك عن الذي رمى كتبنا الثقافية والأدبية والطقسية في سلة المهملات وبدا يأتي من عندياته ما يلذ له ويطيب وهو ابعد عن تراثنا وهويتنا وهو رتيب وممل لا يرقى الى مادة إنشاء جيدة على مستوى المرحلة الثانوية.

هل اذكر المطران هذا بالذي رمى كتاب الطقس الكلداني بتوقيع البطريرك الجليل بولس شيخو على الطاولة وباستهزاء وازدراء امام جمع من الكلدان لغاية في نفس يعقوب ولغاية سلطوية كي يفرض هو نفسه وثقافته الدخيلة الأجنبية على الكلدان وبالقوة.

هل اذكّر المطران هذا بالذي اساء وأمام حشد من الناس – والشهود حاضرون للإدلاء بشهادتهم – بسيد شهداء كنيستنا مار شمعون برصباعي فقط لأن بعض الكلدان أرادوا الاحتفاء بذكراه ولأنه لا يزال معنا بصلواته وتراتيله. هل هناك صاحب ثقافة وهوية يزدري قديس بقامة مار شمعون برصباعي؟ ربما سيقوم المطران او البطريرك بإيراد اقتباس لتثبيت سطوتهم وسلطانهم الأرضي علينا للبرهنة ان هذا القديس انتهى زمانه.

هل اذكّر المطران هذا ومعه البطريرك بالذي يستنكف من ازيائنا الطقسية وبوده ازالتها مع الريازة والطقس والأيقونة والتقليد وكل ما يرتبط بليتورجيتنا والمقدسة؟

هل أذكّر المطران هذا والبطريك بالذي لم يلتزم باي انافورا (رتبة قداس) او ليتورجيا او ريازة او لغة او ازياء او طقس كلداني ويدخل ويقحم ما يناسبه في الليتوريجا المقدسة دون وازع ونكاية بالسلطة الكنسية واستهجانا وازدراء بالكلدان المحبين لهويتهم ولغتهم وطقسهم؟

الكدان وكنيستهم هم ضحية لأمثال هذا المطران وكذلك أمثال هذا البطريك الذي ينتقده.

المطران هذا لا يختلف ابدا عن البطريرك في كل شيء وهما أساس الحملة ضد لغتنا وثقافتنا وليتورجيتنا وهويتنا وخصوصيتنا ككلدان وكنيسة مشرقية كلدانية في العصر الحديث منذ الثمانينات من القرن الماضي وحتى اليوم.

سيادة المطران، ما أتيت به ينسحب عليك قبل غيرك.

ولكن قبل هذا وذاك، كف عن مّد ومط النصوص المقدسة لغاياتك الشخصية. وإن تصورت انت المسيح – كما في اقتباسك أعلاه – وغيرك ثعلب وهيرودس، فإن العكس قد يكون صحيحا أيضا.
=====================
رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,812936.0.html#msg7476942
رابط (2)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,793177.msg7424970.html#msg7424970




71
كيف نفكّ رموز أنشودتنا السريانية الخالدة "امَّرْلي عيْتا" وما دورها في تاريخ ومستقبل كنيسة المشرق الكلدانية-الاشورية المجيدة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

جرى مؤخرا حوار مهم على صفحات هذا المنتدى حول أنشودة كنيستنا المشرقية المجيدة " امَّرْلي عيْتا" (أنظر الروابط ادناه).

بدأ النقاش عندما كتب الزميل مايكل سبي مقالا يستند فيه الى محاضرة من محاضرات المطران سرهد جمو التي يحاول فيها فكّ رموز هذه القصيدة السريانية الرائعة والتي ما هي الا واحدة من مئات ومئات الروائع الأخرى التي تضمها ثنايا حوذرتنا وطقوسنا المقدسة.

القراءة التي قدمها المطران جمو جديرة بالثناء بيد انها تبقى قراءة محددة تقبل الخطأ والصواب لأننا نتعامل مع نصّ قديم لا نعرف مؤلفه ومعلوماتنا شحيحة عن مكانه وزمانه وأسباب تأليفه وملحنه. وهذا شأن يرافقنا دائما كلما أردنا فكّ رموز تراثنا وطقسنا وآداب كنيستنا المجيدة التي تشكل ركنا مهما وحيويا وأساسيا من هويتنا الكنسية والقومية.

وأعقبه الزميل يوحنا بيداويد بمقال محاولا اماطة اللثام عن مؤلف هذه الرائعة التي لا تزال تأخذ بألباب الكلدان والأشوريين منذ تأليفها وتلحينها في زمن غابر حتى يومنا هذا.

وحسنا فعل الزميل بيداويد عندما صحح خطأه وأعترف انه من الصعوبة بمكان معرفة مؤلف القصيدة.

ليس من الصعوبة معرفة المؤلف وحسب بل من العسر ايضا، وفي غياب دليل مادي من التراث، ارجاعها بدقة الى زمان ومكان محدد من تاريخ كنيستنا المشرقية المجيدة المقدسة الجامعة.

كيف إذا بإمكاننا فكّ رموز هذه القصيدة السريانية الرائعة التي لا تزال تحتلنا، او بالأحرى الكثير منا، بمحتواها ومعانيها الكبيرة ولحنها الشجي؟

تحليل خطاب أي نصّ يستند الى عدة عوامل أساسية، أخص بالذكر منها حواريته ومن ثم مقارنته ومقاربته مع نصوص تقترب منه من حيث المضمون والأطر الخطابية وأخيرا الفكر او الفلسفة التي يحملها.

وبما أننا امام قصيدة مغناة فلا بد وان نعرج على اللحن وأدائه ايضا.

تقديم تحليل خطابي علمي وأكاديمي لأي نص ليس عملية سهلة. التحليل يستغرق وقتا طويلا ولن تسعه مساحة مقال مخصص لمنتدى او وسيلة إعلامية تقليدية.

مع ذلك أمل ان ما سأقدمه من تحليل مبسط ومختصر سيلقي بعض الضوء على رائعتنا هذه.

القصيدة هذه في الغالب كتبت قبل الفرز المذهبي الذي اتخذ منحى خطيرا في حوالي منتصف القرن التاسع عشر عندما صار كل شق ينظر الى الأخر بعين الريبة والشك والعداء.

وأمتد الفرز المذهبي الى النصوص حيث من النادر ان نرى نصا تم تأليفه بعد منتصف القرن التاسع عشر من قبل طرف يأخذ به الطرف الأخر.

إذا من الجائز القول إن القصيدة تعود الى فترة تسبق الفرز المذهبي.

نعرج على نظرية الحوارية dialogism التي وضع أسسها وأطرها فيلسوف علم اللغة والخطاب ميخائيل باختين.

هذا الفيلسوف الروسي العملاق يقول كل نص مهما كان عدد كلماته – حتى لو كان كلمة واحدة – يدخل في حوار دائم أولا مع نفسه وثانيا مع زمانه ومكانه وثالثا مع الفكر والفلسفة التي يحملها ورابعا مع متلقيه.

وأغلب الروائع الطقسية لكنيسة المشرق المجيدة لا سيما بعد تبنيها للفكر النير واللاهوت الحواري dialogic للقديس مار نسطوريس تمتاز بحوارية مذهلة.

بمعنى أخر اخذت كنيسة المشرق بعد استنادها الى فكر القديس مار نسطوريس تحاور النص او الحدث المقدس وتناقشه بأسلوب وحبكة لم وربما لن تمتلكها أي كنيسة أخرى.

وهذه الحوارية تتجلى بأبهى صورها في مار نرساي وكتاباته حيث يحاور الخالق والنص بشكل عجيب مدافعا عن الإنسان الضعيف الذي أساسا خلقه الله ضعيفا ومن ثم يناقش النص، أحيانا معاتبا وأحيانا غاضبا وأحيانا محاججا.

وهذا واضح في مياميره التي لا تزل تنشدها كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية في إطار الكنائس الملتزمة بالطقس. فمثلا يخاطب مار نرساي الله في أحد مداريشه ما معناه إن أنت غفرت لداود النبي الذي اقترف الزنى وقتل رجلا بريئا لماذا لا تغفر لي وذنبي لا يرقى الى ذلك.

إلا ان قصيدة "امَّرْلي عيْتا" تتسم بحوارية من نوع مختلف. حوارية مار نرساي في مياميره ذات بعد صوفي نابعة من محبة فائقة للخالق واندماج بين الخالق والمخلوق.

حوارية "امَّرْلي عيْتا" شأنها شأن حوارية قصائد مار نرساي الأخرى تحاور النص الإنجيلي بأسلوب بديع وخيال خصب إلا أنها تقف هناك دون الدخول في باب التصوف.

حوارية "امَّرْلي عيْتا" قريبة الشبه من نص اخر بديع لمار نرساي وهو قصيدة "شلاما عمخون" التي ترتل في مراسيم دفن الموتى وهي ثلاثية الحوارية triologic حيث يتحاور فيها الميت في الجناز مع الموتى في المقبرة وهناك أيضا صوت الكاتب (مار نرساي)

ولكن هناك فرق جوهري بينهما. قصيدة "شلاما عمخون" جزء من الطقس الجنائزي. لا علم لي إن كانت قصيدة "امَّرْلي عيْتا" جزءا من الطقس المعتمد كنسيا أي كصلاة فرض. قد يتحفنا أحد القراء المطلعين وينورنا في هذا المجال.

وقصيدة "امَّرْلي عيْتا" من وجهة نظري ممكن مقاربتها حواريا وخطابيا وفكريا وفلسفيا مع انشودة أخرى رائعة الا وهي "مشيحا ملكا دلعلمين" التي تتضمن في ثناياها أيضا حوارا مدهشا وعجيبا ونادرا بين العذراء مريم (وقد بلغ بها الكبر عتيا وهي على فراش الموت) وابنها المسيح قبل وفاتها حيث تطلب منه ان يرسل للتبرك والمعاينة كل من بطرس من روما ويوحنا من أفسس وتوما من الهند واداي من الرها.  ويعدها المسيح انه سيرسلهم وسيقومون بحمل نعشها وزياحها. وهذه الأنشودة كانت شائعة في منطقة ارادن وترتل في عيد انتقال العذراء.

وهذه الحوارات كما هو الحال مع حوارية كنيستنا المشرقية المجيدة لا سبق لها في اطرها الخطابية والفكرية في الآداب الكنسية الأخرى – حسب معرفتي المتواضعة وفي اقل تقدير في الآداب التي انا مطلع عليها.

وأخيرا قصيدة "امَّرْلي عيْتا" لها لحن بديع وهي مؤشر على اننا سبقنا الأمم الأخرى في منطقتنا ليس فقط بآدابنا بل في موسيقانا. لحن القصيدة من نغم "الدشت" وأغلب الظن ان الأمم الأخرى اخذت هذا اللحن الشجي من عندنا.

والأن اترككم قرائي الكرام مع القصائد او الروائع الثلاث:

الأولى، "مشيحا ملكا دلعلمين" أداء المرحوم المطران اندراوس صنا وهو أداء من أبدع ما يكون:

http://www.chaldean.org.uk/4marandrasanamshehamalka.m4a

الثانية، " امَّرْلي عيْتا":

https://www.youtube.com/watch?v=mWjL7cRAfp0

الثالثة: "شلاما عمخون":

https://www.youtube.com/watch?v=_KK9dydnuEk

وشكرا للزميلين مايكل سبي ويوحنا بيداويد لتطرقهما الى هذه القصيدة الرائعة، الأمر الذي حفزني على كتابة هذا المقال.

وأملي ان يتحفنا القراء الكرام بما يتم إنشاده حاليا من طقس كنيستنا المشرقية المجيدة من قبل الكلدان والأشوريين والذي يتم توثيقه في الشبكة العنكبوتية.

والحمد لله ورغم محاولات البعض للنيل من هذا التراث الذي لا يثمن والذي دونه ولغته نفقد هويتنا الكنيسة والقومية، أرى هناك بصيص أمل لإحيائه حيث تزداد يوما بعد يوم اعداد المنشدين والمعجبين بتراث وطقس وثقافة ولغة وآداب كنيستهم المشرقية المجيدة.


==========================

الروابط:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,810769.0.html

http://www.ankawa.org/vshare/view/9686/sarhad-gamo/

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,810818.0.html

72
عندما يصبح الإعلام وبالا على صاحبه – مؤسسة البطريركية الكلدانية مثالا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

الإعلام سلاح بتار. والإعلام أكثر تأثيرا من السيف والبندقية. والإعلام علم قائم بذاته، وهو دون مجاملة رائد العلوم الاجتماعية اليوم.

قلما تخلو جامعة في العالم اليوم من قسم او كلية تتبنى تدريسه واجراء الأبحاث العلمية والأكاديمية فيه ومنح الدراجات والشهادات العليا في علومه.

والإعلام اليوم يشار اليه كسلطة رابعة the fourth estate جنبا الى جنب مع السلطات الثلاث الأخرى وهي: التنفيذية والقضائية والتشريعية.

ولأهميته أخذت الكثير من الجامعات الراقية في العالم تدريسه كمقرر عام وملزم لكل طلبتها باختلاف اختصاصاتهم وفروعهم.

ولأهميته أيضا، تصنف الدول الإسكندنافية، التي تقبع على قمة سلم الرقي والتمدن والحضارة في العالم، الإعلام ضمن العلوم الهندسية والطبية من حيث المكانة ومخصصات وامتيازات الهيئات التدريسية وكذلك من حيث ما تحصل عليه اقسام الإعلام وكلياته من منح حكومية تبلغ ضعف ما تحصل عليه نظيراتها في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

بيد ان الإعلام إن أسيء استخدامه وأفرط فيه وتناوله اشخاص او أناس لا معرفة لهم بعلومه وتأثيره ووقعه وكيفية التعامل معه يرتد على صاحبه سلبا وينتقص من قدره.

 وبدلا من ان يكون سلاحا لتعزيز مكانة وتأثير صاحبه ومؤسسته ينقلب عليه سلبا ويحط من مقامه ومقام مؤسسته ويصبح مثله مثل حامل البندقية الذي بدلا من تصويب البندقية على العدو، يصوب البندقية على قدميه.

أسس الإعلام السليم والرزين

ولأن الإعلام سيف بتار، لا يتجرأ أي مسؤول عاقل وحكيم يريد الحفاظ على مقامه ومكانته ومكانة مؤسسته الولوج في دهاليزه ومكنوناته دون الاستناد الى أصحاب الاختصاص.

فترى مثلا أن أي مؤسسة تحترم نفسها ومكانتها ومكانة المنتمين لها، تنشيئ دائرة إعلامية خاصة يرأسها شخص متضلع بعلوم الإعلام والصحافة يقود هذه الدائرة التي غالبا ما يطلق عليها الدائرة الصحافية او المكتب الصحافي Press Office .

وهذا الأمر ينطبق على شركات ومؤسسات صغيرة ومتوسطة وكبيرة ايضا. كلها لديها موظفون مختصون بشؤون الإعلام والصحافة، لهم باع طويل في التعامل مع الصحافة والإعلام.

وإن ارادت المؤسسة او رئيسها مخاطبة العالم الخارجي من خلال الإعلام او مواقعها على الشبكة العنكبوتية استعانت بالمختصين لديها. المختصون يقدمون الاستشارة لا بل يكتبون التصريحات الصحافية وينقحونها قبل ان تصدر للعلن.

هل تعلم ان الرئيس الأمريكي ذاته لا يخرج للإعلام دون استشارة المختصين لديه. هل تعلم ان الرئيس الأمريكي له أناس مختصون يكتبون له تصريحاته وخطاباته ويطلق عليهم speech writers وهم من كبار المختصين في الإعلام.

وقبل ان يظهر مسؤول او ناطق امام الكاميرات او يصدر تصريحا، يتدرب أياما ويتلقى التعليمات من المختصين.

ولكون الإعلام سيف بتار ترى ان المسؤولين والمؤسسات التي تحترم نفسها مقلة فيه، تلتجئ الى الإعلام عند الضرورة.

ولكون الإعلام سيف بتار، ترى ان المسؤولين والمؤسسات التي تحترم نفسها، قلما ترد على منتقديها او ما يرد من نقد او هجوم عليها من قبل الصحافيين او الوسائل الإعلامية المختلفة. ترد عند الضرورة القصوى فقط.

ولكون الإعلام سيف بتار، ترى ان المسؤولين والمؤسسات التي تحترم نفسها لا تعقب على كل شاردة وواردة ولا تقبل ان يسلط الضوء على شؤونها الداخلية المحضة والخاصة بها من خلال الإعلام.

ولكون الإعلام سيف بتار، يستند المسؤولون العقلاء على الشعب لا سيما نتائج الاستبيانات التي لها مصداقية والدراسات الأكاديمية الرصينة التي تصدرها مراكز أبحاث يعتد بها.

ولأن الإعلام سيف بتار، يحاول المسؤولون العقلاء عدم الإكثار من "الثرثرة" الإعلامية وعدم نشر ما يثير البلبلة والتشويش ويفرق الشعب أكثر مما يجمعه.

لا يجوز لأي مسؤول عاقل تهمه مكانته ومكانة مؤسسته، مهما علا شأنه ومقامه، ان يصدر تصريحات إعلامية على هواه كلما شاء ومتى ما شاء.

ولا يجوز لأي مسؤول عاقل ان يحصر الإعلام بشخصه. إن فعل هذا فإنه قد يؤدي بنفسه ومؤسسته والذين يدعي انه يدافع عنهم الى التهلكة. المسؤول العاقل يترك ذلك لمستشاريه والناطقين باسمه.

كلما زاد الظهور الإعلامي للمسؤول المباشر، معناه انه في ورطة وأزمة شديدة ويعاني نفسيا وجسديا وعقليا.

الإفراط في الظهور الإعلامي للمسؤول والإفراط في التصريحات الإعلامية آفة لأنه يتحول الى ادمان من الصعوبة بمكان اقناع الشخص ان ظهوره الإعلامي المتكرر يرتد عليه وعلى مؤسسته سلبا.

ومن الأسس المهمة جدا هي الاختصاص، أي يجب ان يكون الظهور الإعلامي لأي مسؤول او مؤسسة ضمن نطاق اختصاصها ومسؤولياتها. لا يجوز لوزير الخارجية ان يصدر تصريحا في شؤون الطاقة. ولا يجوز لوزير الداخلية ان يصدر تصريحا في شؤون العلاقات الخارجية. ولا يجوز لرجل الدين ان يصدر تصريحا وكأنه السياسي الداهية المحنك.

أي مسؤول يحترم نفسه ومكانته ومكانة مؤسسته يحصر تصريحاته في مؤسسته وانجازاتها واخفاقاتها وخططها المستقبلية.

أي مسؤول عاقل يتعلم من اخطائه وسلبياته. إن أخفق في ظهور اعلامي اتخذه درسا كي لا يكرره واتخذ كل الاحتياطات كي لا يقع في ذات الحفرة مرة أخرى.

وأخيرا، لا يشفع أي مسؤول يحترم نفسه ان يقول إن ظهوره الإعلامي يعبر عن رأيه الشخصي. هذا لا ينفع ولا ينطلي الا على البسطاء من الناس. حتى ماضيه يصير ملكا للشعب ويأخذ الإعلاميون لا سيما الصحافيون الاستقصائيون بنبشه وتسليط الضوء عليه. الرأي الشخصي يكتبه المسؤول بعد ان يتقاعد او يستقيل او يضمنه في دفتر ذكرياته.

البطريركية الكلدانية والإعلام

(أغلب الإستشهادات مقتبسة من الروابط ادناه)

إن بحثنا بعمق وحللنا ببعض التجرد اعلام البطريركية الكلدانية لرأينا انه اعلام فاشل وهزيل. يحب الظهور الممل بمناسبة ودون مناسبة ويقحم نفسه في غير اختصاصه ويترك جانبا مسؤولياته الأساسية التي تنحصر اليوم، بعد سلب تقريبا كل الصلاحيات منه في بداية القرن العشرين، في تدعيم وتعزير الثقافة واللغة والطقس والتراث والليتورجيا والريازة والأزياء الخاصة بالشق الكلداني الكاثوليكي من كنيسة المشرق المجيدة.

اعلام البطريركية فردي، أي يقوم به شخص واحد دون استشارة أحد. يكتبه هو وينقحه هو ولا يمر بأي غربلة وهكذا يظهر وكأنه مادة انشائية رتيبة وركيكة ومطولة تقترب مما يكتبه أناس عاديون في موقع منتديات او تواصل اجتماعي.

أعلام البطريركية يتصرف وكأنه الوحيد في الساحة ويهاجم وينتقد ويستخدم اطرا خطابية لا تليق بالمقام (مرة أطلق لفظة "انبياء الشؤم" على منتقديه).

إعلام البطريركية وبعد ثلاث سنوات عجاف ونيف هجومي وفي كل الجهات والجبهات ولم يسلم منه حتى تراث وطقس ولغة وريازة وأعلام وأزياء الشعب والكنيسة التي ينتمي اليها ولا حتى بعض اباء هذه الكنيسة.

اعلام البطريركية اعتباطي أني متشنج يستخدم لغة غير محببة لا تليق بالمقام ويحب الظهور المتكرر بمناسبة ودون مناسبة.

اعلام البطريركية يفرق أكثر مما يوحد وقد أدى الى الفرقة بين صفوف الكلدان وإكليروسهم.

إعلام البطريركية ربما لم يبقي جهة إلا وهاجمها. حتى اشقائه البطاركة في العراق لم يسلموا من النقد والهجوم.

إعلام البطريركية يرى في نفسه أكبر من حجمه بكثير ويتصرف وكأنه صاحب السلطة ويعرف كل شيء وله المام في كل شيء وهو المختص في كل شيء.

إعلام البطريركية لا يتعلم من أخطائه. في كل معركة خاضها، خرج كسير الجناح. يصدر تصريحا ومن ثم يعقبه بتصريح أخر للتوضيح والتوضيح يزيد من البلبلة والتشويش.

إعلام البطريركية شق صفّ الكنيسة الكلدانية وجعل الكلدان في حيرة من أمرهم وصار الكلدان اليوم في وضع لا يعرفون فيه ما هي لغتهم (هذه البطريركية تقدس كل اللغات عدا لغتنا القومية) ونسوا فيه طقسهم وتراثهم وفنونهم وريازتهم وأزيائهم وكل العوامل التي نتمكن من خلالها تعريف شعب ذو خصوصية وهوية.

إعلام البطريركية يخلق أزمات لنفسه وبالكاد يخرج من أزمة إلا وأقحم نفسه في أزمة اشد منها.

إعلام البطريركية يعيش مفارقة تاريخية عجيبة. هاجم مجموعة من الكهنة الكلدان ودخل في معركة مصيرية معهم وهم لا ناقة ولا جمل لهم بوضعهم لأن الأمر يعود للأساقفة وهو على دراية تامة أن لا سلطة للبطريركية على الأساقفة والخورنات والإرساليات الكلدانية لا سيما في المناطق.

إعلام البطريركية معتد بنفسه يتعامل مع منتقديه بازدراء وكأنه البرج العاجي ولا يكترث لمناصريه والمدافعين عنه وهكذا تركهم في العراء عندما رفع الرايات البيضاء بعد معركة محسومة النتائج على مصير بعض الكهنة الكلدان رغم ما ناله بعضهم من تجريح وتشفي وهجوم بسبب مناصرتهم له.

أغلب ما تصدره البطريركية يخالف ابسط شروط الإعلام السليم والرصين. أغلب ما تصدره البطريركية يتعلق بأمور داخلية لا يجوز طرحها للعلن واي مسؤول يأخذ المسؤولية الملقاة على عاتقه بجدية لا يقبل طرحها بهذا لشكل وبهذه التوقيتات.

إعلام البطريركية لا يفكر في العواقب لأن حب الظهور يأتي في المقدمة.

إعلام البطريركية يرى الكتابة على الحائط ويقرأها، بيد أنه يتجاهلها وكأن لا علم له بها.

وإعلام البطريركية لا يفكر في العواقب ابدا وإلا هل هناك مسؤول تهمه مصلحة شعبه ومؤسسته يطلق تصريحا مناوئا لموقف من الكونكرس الأمريكي في وسائل الإعلام مع ذكر اسمه الصريح وفي هذا الوقت الحرج والحساس والمصيري بالذات. أي مسؤول يهتم بمصير مؤسسته وشعبها لما قام بذلك من خلال الإعلام.  هناك قنوات كثيرة للتعبير عن الموقف دون التوجه الى الإعلام وبهذا الشكل الخطير. هل تعلمون قوة وسطوة الكونكرس الأمريكي؟

الأمور في العراق خرجت عن السيطرة وكذلك في سوريا – والله اعلم اين سننتهي – والكل يهادن الكونكرس وأمريكا ومعهم داعش واخواتها الإرهابية الأخرى لأن أمريكا مصممة على تغير الخارطة وبيدها المفتاح وهي ستقرر من يسكن أين وفي أي حدود وتحت أية ظروف وشروط. مع كل هذا وذاك يأتي إعلام البطريركية ويقحم نفسه لا بل يورط نفسه في امر ليس من اختصاصه ولا معرفة له به ولا يعرف كنهه ويتناوله وكأن الأمر يتعلق بما يسميه "الكهنة المتمردون او الهاربون" وهم أضعف حلقة ضمن الهرم الكنسي.

وإعلام البطريركية يستند الى الأنية والاعتباطية والنرفزة والانفعال والعصبية والرد الفوري دون روية حتى إن تعلق الأمر بكاتب مغمور في أحد المنتديات.

وإعلام البطريركية يعيش مفارقة تاريخية وانفصام عن الواقع وحالة نكران شديدة. لا يوجد عاقل اليوم لا يعرف ان العراق الذي نعرفه ذهب دون رجعة وأن سوريا التي نعرفها ذهبت دون رجعة وكذلك ليبيا وكذلك اليمن والحبل على الجرار وإن إعادة تكوين المنطقة برمتها وخريطتها الجديدة حتى على مستوى حدود قرية صغيرة بيد الكونكرس وأمريكا وحلفائها.

لا أظن ان أي من الأسس التي يستند اليه الإعلام الحضاري والمتمدن تنطبق على إعلام البطريركية.

الكلدان ومؤسستهم الكنسية في خطر

أكرر هذا القول رغم ما قد يأتينا من هجوم ونقد ان البطريركية الحالية بإعلامها صارت خطرا على نفسها أولا وعلى الكلدان في العراق والشتات ثانيا وأظن على المسيحيين في العراق ثالثا لكثرة تدخلها الإعلامي في شؤون ليست من اختصاصها وواجباتها.

بالنسبة للكلدان ومؤسستهم الكنسية فهم اليوم فرق مختلفة ولغات مختلفة وطقوس مختلفة ولن يمضي وقت طويل حتى تصبح كل منطقة مستقلة عن أخرى بشكل كامل حتى داخل العراق إن بقي شيء من العراق الذي نعرفه.

بدلا من ان يجمع اعلام البطريركية الكلدان ثقافيا تحارب ثقافتهم اي هويتهم المتمثلة بلغتهم وطقسهم وليتورجيتهم وفنونهم وموسيقاهم واشعارهم ونثرهم وتراثهم وريازتهم وأزيائهم بحجج واهية ومنطق غريب وشعارات فارغة.

بعد ثلاث سنين عجاف ونيف لم تقدم هذه البطريركية على طبع كراسا واحدا للكلدان او صفحة يتيمة واحدة بلغتهم او لهجتهم السهلية الساحرة ولم تؤسس صفا واحدا لهذا الغرض في الداخل او الشتات وما قدمته لهم من طقوس تسميها مؤنة (معربة مليئة بالأخطاء وبأي لغة كانت وكما يناسب) رتيب ممل يفتقر الى الحبكة والسياق وفنون الأدب الرفيع وهي اقل شأنا بكثير عن النتف من التراث والطقوس والليتورجيا التي لا تكف هذه البطريركية عن مهاجمتها وتهميشها وازدرائها وأحيانا بشكل فظ.

المستقبل مظلم

إن أخذنا إعلام البطريركية معيارا، وهو معيار مهم، فإن التركة الثقيلة التي قالت انها أتت لمحاربتها قد زاد ثقلها أضعافا وأخشى انها قد تكون أخر بطريركية في حياة الكلدان لأن أي بطريركية قادمة سترى نفسها دون لغة وتراث وطقس وريازة وأزياء وفنون وأناشيد وموسيقى واشعار والحان وتراتيل وأي عامل أخر يجتمع الكلدان عليه، حيث ستكون هذه البطريركية قد محتها من الوجود ويكون الكلدان في كل منطقة يمارسون ما يناسبهم.

ما العمل؟

من الصعوبة بمكان ان تغير النهج الإعلامي للبطريركية أي ان تترك ما هي مدمنة عليه أي ان تسمح لهيئة مصغرة من الأساقفة مطعمة بكبار المثقفين والأكاديميين من الكلدان ان تشرف على إعلام البطريركية وعلى قرارتها وتناقش وتحاور البطريركية في كل امر تقوم به كي تعيد اللحمة الى الصف الكلداني بصورة خاصة والمسيحي المشرقي بصورة عامة وتعيد لغته وتراثه وطقسه وريازته وأزيائه واشعاره وفنونه وأعلامه وايقوناته وألحانه وكل ما يتعلق بنا كشعب وكنسية والذي دونه لا يستطيع أي شعب في الدنيا تميز نفسه عن غيره وأي مؤسسة كنسية في الدنيا التشبث بخصوصيتها.

عداها نكون قد وصلنا الى شفا الانهيار والفناء لأن لن يبقى هناك ما يجمع او يجتمع الكلدان حوله وأغلبهم في الشتات بعد ثلاث سنين عجاف جرى فيها تقريبا طمس كل يميز هذه الكنيسة وهذا الشعب كخصوصية وهوية وصرنا كلنا لا شغل لنا الا ما تصدره هذه البطريركية من تصريحات إعلامية هزيلة لا تسمن ولا تغن من جوع.

======================
الروابط

ملاحظة:
هذه بعض الروابط التي استندت اليها في توصيفي للنهج الإعلامي للبطريركية الكلدانية، اضعها هنا على سبيل المثال لا الحصر لأن تصريحات البطريركية الكلدانية لا حصر لها وهي لا بد وان تفوق كل ما نشره من تصريحات حتى الفاتيكان في السنين الثلاثة ونيف الأخيرة رغم ان الفاتيكان هو أكبر وأقوى مؤسسة في الدنيا. وقد تفوق التصريحات التي ادلت بها البطريركية أيضا كل ما صرحت به الحكومة في بغداد وأقليم كردستان في الفترة ذاتها:

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=793177.0

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,810967.0.html





73
كلنا مقامرون فلماذا تستلون سكاكينكم وتنهشون في لحم القس الكلداني عامر ساكا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

في السويد، وهي أكثر دول العالم تمدنا وتحضرا ورقيا، لا يجوز اظهار وجه المتهم وذكر اسمه ابدا. وهذا ما يلاحظه الناس هنا عند متابعتهم للصحف والتلفزيون او أي وسيلة إعلامية أخرى.

ووسائل الإعلام في السويد، والغرب بصورة عامة، تركز كثيرا على نقل الأحداث المتعلقة بالجرائم وما يجري في المحاكم. تغطية الجرائم يعد من الأحداث الأساسية التي تثير اهتمام الإعلام في الغرب. ولكن ليس هناك تغطية في الإعلام إن لم يرافقها السياق.

السياق اهم من الاسم والوجه

في علوم الصحافة والإعلام يأتي السياق context في مقدمة اهتمامات المختصين. وكذلك في مقدمة مقررات الكتابة لوسائل الإعلام في الأقسام والكليات والجامعات التي تدرس هذه المادة العلمية الأساسية.

 الإعلام أخطر سلاح اليوم الى درجة قد تجعلني ان اجزم اننا لسنا الا الإعلام الذي يحيطنا من كل جهة والإعلام ما هو الا انعكاسا لما نحن فيه كواقع اجتماعي.

والسياق في غاية الأهمية للبحث العلمي والأكاديمي أيضا لاسيما في حقل العلوم الاجتماعية، والدراسات الإعلامية فرع من فروعها.

المقال والسياق

كل مقال صحافي لا سيما الخبري منه يجب ان يحتوي على فقرة او أكثر تشير الى سياق الحدث – لماذا وكيف حدث ما حدث والبيئة التي حدث فيها ودور النظام او المؤسسة في وقوع الحدث وأيضا لماذا بحق السماء نهتم بهذا الحدث دون غيره.

ونطلق على هذه الفقرة او الفقرات nut paragraph(s) (فقرة السياق).

وفقرة السياق لا بد من ذكرها في أي كتابة إعلامية رصينة. وفي الصحافة الأمريكية والكندية يجب ان تأتي بعد الفقرات الرأسية مباشرة.

الصحافة في شمال أمريكا تتبع بصورة عامة كتاب الأسلوب لوكالة اسوشتتبرس AP Style Guide وهو كتاب سميك ويعده الإعلاميون بمثابة كتابهم المقدس.

حدث القس عامر ساكا والتغطية الصحافية

ما قرأته عن هذا الحدث المؤلم في مواقع شعبنا ما هو الا قفز على السياق وكأن القس عامر ساكا نزل علينا من المريخ وفجاءة شاهد مبلغا من المال و"قامر" به.

بيد ان الإعلام الكندي المتشبع بمفهوم السياق كما يرد في ادبيات وكالة اسوشتتبرس ذكر السياق بصورة واضحة لا تقبل اللبس. إنه يتحدى السياق ويلومه بإماءة واضحة ربما غير مباشرة قبل ان يلقي بالأئمة على القس عامر. وسأعرج على ذلك في متن ونهاية المقال.

السياق يحتاج الى جراءة وتحدي

ذكر السياق مهم جدا. إنه يمنح الكاتب دورا رقابيا على السلطة والمؤسسة. ومن هنا نطلق على الإعلام اليوم the fourth estate أي السلطة الرابعة ودورها الأساسي مراقبة ومحاسبة المؤسسة والسلطة وليس فقط المساكين من امثال القس الكلداني عامر ساكا.

وأسوشتتبرس The Associated Press (AP) تمارس رقابة على السلطة والمؤسسة لأن من خلال تركيزها على السياق تتحدى السلطة. وهذا ما فعلته الصحافة الكندية عند نقلها للحدث المتعلق بالقس عامر وهذا ما لم ولن يتجرأ على القيام به اعلام شعبنا لأسباب سنعرفها من خلال قراءة المقال.

مكانة أسوشتتبرس في أمريكا والعالم

ربما بإمكاننا اختصار الدور الذي تلعبه هذه الوكالة العظيمة في شمال أمريكا بصورة خاصة والعالم الغربي بصورة عامة بما قاله الكاتب والمفكر الأمريكي الذائع الصيت مارك تواين Mark Twain :

"هناك قوتان بإمكانهما حمل النور الى كل زاوية في الأرض – فقط قوتان – الشمس في السماء والأسوشتتبرس هنا في الأرض."
http://richardsnotes.org/2010/04/12/mark-twain-quotations/

مع كل احترامي لما اجتره اعلام شعبنا في المواقع المختلفة بضمنها مواقع التواصل الاجتماعي التي اشتعلت بهذه القضية فإنني أرى انه بدلا من ان تحمل الكتابات والتعاليق هذه النور لنا لم تزدنا ومعنا القس عامر الا ظلاما وظلما.

كيف تتعامل السويد مع السياق

السويد وأي بلد او مجتمع او مؤسسة مدنية حضارية خرجت من الظلمات الى النور لا تكترث كثيرا ابدا للجاني او المتهم وكما قلت حتى لا تذكر اسمه ولا تنشر صورته.

الاتهام يأخذ مجراه الى المحاكم. هي التي تقرر.

ولكن المؤسسة التي يعمل فيها او التي تراقبه والمؤسسة التي يقع الحدث ضمن نطاقها هي من يتحمل المسؤولية أولا وأخيرا.

فإن حدثت سرقة في مصرف، يتحمل مديره والمسؤولين فيه المسؤولية، إما بالاستقالة وترك المجال للأكفاء او تعين لجنة تقصي مستقلة لمعرفة لماذا وكيف حدث ما حدث والسياق الذي ورد فيه.

والسياق يعني تحمل المسؤول او المؤسسة التي تراقب الفرد والحدث المسؤولية عما حدث وليس تسقيط الفرد الذي قام بالحدث كما هو الحال مع قضية القس الكلداني عامر ساكا.

بمعنى اخر ان من يتحمل المسؤولية المباشرة هي المؤسسة او المسؤولين الذين يكون الفرد تحت رقابتهم under watch .

وترد عبارة under watch في تغطية الصحافة الكندية للحدث هذا بينما لم يتم التطرق اليها في مواقع شعبنا لأن المؤسسة دينية او مذهبية ويخشاها الناس ولا يريدون تحديها رغم انها السبب لأن الحدث وقع ضمن سياقها.

الصحافة الكندية المتشبعة بدليل أسلوب اسوشتتبرس لا تخشى المؤسسة. هي أساسا موجودة لتحدي المؤسسة.

وإن اخذنا السياق في عين الاعتبار وكانت لنا الشجاعة ان نذكر من هو المسؤول والمؤسسة التي يقع القس عامر ساكا تحت رقابتها under watch لما استغرق الوقت منا كثيرا كي نعرف ان مقامرته أصغر بكثير وأقل وقعا من حبة خردل إن وضعناها ضمن السياق العام للمؤسسة التي هو تحت رقابتها under watch .

بالكاد يمر يوم واحد ولا نقرأ ان الصحافة العالمية منشغلة بمقامرات من الوزن الثقيل جدا جدا من قبل هذه المؤسسة والمسؤولين الكبار فيها يزيد وزنها الاف والاف الأطنان عن وزن "مقامرة" القس عامر، ولكن الويل ثم الويل للذي يتحداها في مواقع شعبنا وإن فعل أمرئ ذلك انهالوا عليه نقدا وتجريحا بدلا من تحدي السياق.

الشعب الذي لا يتحدى السياق المؤسساتي يبقى شعبا جاهلا متخلفا كما هو شأن شعوب الشرق الأوسط والتي، طالما تخشى تحدي سياقها المؤسساتي لا سيما الديني والمذهبي منه، فإنها لن تخرج من قمقم تخلفها ابدا.

ولا أظن اننا نختلف كثيرا عن شعوب الشرق الأوسط لأننا أساسا نخشى مؤسساتنا الدينية والمذهبية الى درجة اننا نمنحها العصمة حتى في المسائل الدنيوية والمؤسساتية والإدارية والتنظيمية والمالية وغيره.

ولهذا لا نجرأ على مقارعة المقامرين الكبار الذي يبلعون ما لله وعبدالله ونستل سكاكيننا وننهش بجسد القس الكلداني عامر ساكا مثلا.

بيد أن المقامر ليس القس عامر ساكا ...

المقامر هو الذي دفع مليارات الدولارات من أموال المساكين والفقراء في دولة واحدة فقط لتغطية وتعويض وإسكات ضحايا فضيحة التحرش الجنسي بالأطفال واغلبهم كاثوليك ولم يتم محاسبة أي مسؤول كبير او إيداعه السجن:
http://www.nbcnews.com/id/19762878/ns/us_news-life/t/la-archdiocese-settle-suits-million/#.Vv9saXpM4-1

المقامرون هم "لصوص الهيكل" الذين رغم كل هذه الفضائح في الصحافة العالمية لم ولن يرف لهم جفن ويرفضون التصرف مؤسساتيا بطريقة شفافية مثل ما تتصرف بلدية في قرية صغيرة في السويد:
http://www.nytimes.com/2015/03/22/books/review/gods-bankers-by-gerald-posner.html?_r=0

المقامرون هم الذين يتجسسون حتى على البابا فرنسيس ويسرقون وثائق من غرفة ملاصقة لغرفته المتواضعة جدا كي يخفوا ويزيلوا أي أثر او دليل على مقامراتهم:
http://www.themalaymailonline.com/features/article/spying-on-the-pope-vatican-leaks-reveal-dirty-dealings

المقامر هو الذي يسرق تبرعات المحسنين للفقراء وينفقها على اغراضه الخاصة وتأثيث شقته:
http://www.timeslive.co.za/world/2015/11/03/Vatican-leaks-reveal-spying-on-the-Pope-charity-money-refurbished-cardinals-houses

المقامرون هم الذين يجلبون أناس (لن نفصح عن جنسهم وهويتهم، الذي يرغب يقرأ المصدر) وسرعان ما نكون وجها لوجه امام فضيحة لا بعدها فضيحة تتلقفها الصحافة العالمية:
http://nypost.com/2015/11/15/corruption-at-the-vatican-leaks-the-bomba-sexy-at-the-center-of-it-all/

المقامرون هم الذين وقفوا وبعناد وقوة ضد محاولات البابا فرنسيس اصلاح المؤسسة والدولة وانقاذها من الفساد والمفسدين:
http://www.reuters.com/article/us-vatican-books-idUSKCN0SS2PC20151103

المقامرون هم الذين يستولون على أربعة دولارات من كل عشرة دولارات يتبرع بها المحسنون للفقراء لإضافتها الى ماليتهم:
http://www.dailymail.co.uk/news/article-3303893/Vatican-spends-just-four-ten-euros-receives-donations-poor-rest-going-finances-claims-new-book.html

المقامرون هم الذين يرفضون ان يضعوا سجلات دقيقة وشفافة حالهم حال بلدية صغيرة في السويد كي يعرف الشعب كيف تجمع وتصرف الأموال الى حدّ الفلس.

المقامرون هم الذين ينفقون الملايين في محاكمات خاسرة أصلا واساسها التزوير والسرقة ويرفضون تقديم كشف شفاف عنها.

المقامرون هم الذين يزورون الوثائق للاستيلاء على أملاك الغير.

المقامرون هم الذين يغدقون المديح على المزورين والسراق واللصوص.

المقامرون هم الذين أرسلوا مبشرين الى الشرق ليس للتبشير بكلمة الإنجيل بين المسلمين والذين لم يسمعوا بالمسرة بل للسيطرة على مقدرات المسيحيين المشرقيين وتغير ثقافتهم ومذاهبهم القويمة والسليمة والاستيلاء على اوقافهم.

المقامرون هم الذين لا يزالون يرسلون المبشرين الى المشرق للتأثير وتغير ثقافة المسيحيين المشرقيين رغم الظلم المرعب الذي هم فيه نتيجة طغيان المجموعات الإسلامية الظلامية والتكفيرية.

المقامرون هم الذين قسموا وشتتوا ام كنائس الدنيا، كنيسة المشرق الكلدانية، الى مناطق وكنتونات ومراكز ومشيخات الى درجة اننا صرنا وكأننا عدة مؤسسات كنسية بقدر الابرشيات والخورنات وليس مؤسسة كنسية واحدة موحدة.

المقامرون هم الذين استولوا ولا يزالون على اوقافنا وأحرقوا مخطوطاتنا واضطهدوا كهنتنا وأكليروسنا واقتطعوا مساحات شاسعة ولا يزال واضافوها ويضيفونها الى املاكهم وإمبراطورتيهم مع ناسها وأملاكها بعد فرض ثقافة دخيلة وأجنبية عليها.

سأكتفي بهذا القدر ليس لأن ليس هناك المزيد.

والله بإمكاني الاستمرار بذكر المقامرات، التي لا تبدو مقامرة القس الكلداني عامر ساكا الا قزما صغيرا امامها، أياما واسابيع وقد لا تنتهي.

تحية من الأعماق الى القس الكلداني عامر ساكا

إن ما قمت به غير مقبول وجريمة ولكن بينت أنك وإن كنت "مقامرا" إلا أنك رجل شهم وشجاع بإمكانك تحمل مسؤولية ما قمت به. اعترفت بالخطأ وسلمت نفسك للعدالة.

اما نحن ومعنا كل هذا الفوج من المقامرين الكبار جبناء لأننا نفتقر الشجاعة لتحمل المسؤولية ولهذا لا نعترف بمقامراتنا.

لقد سألت عنك كثيرا واستقصيت. 

كنتَ في بغداد تخدم في أفقر المناطق – السنك، كمب الكيلاني، السعدون. وكنت الأب الحنون للفقراء والمساكين وتأخذ شمامستك في زيارات لبيوتهم وتمنحنهم ما قسمه الله.

وكنت تجمع الشمامسة مرتين في الأسبوع وكنت قلعة من القلاع الملتزمة بطقس ولغة وتراث وريازة وثقافة كنيستك المشرقية الكلدانية.

ولن أنس عيد الشمامسة في عام 1996 حيث اقمت مهرجانا بهيجا جمعت فيه كل شمامسة بغداد مع البطريرك والأساقفة والكهنة.

وبدأنا في الصلاة حسب الطقس الكلداني من مزامير وموتوا وشهرا وصبرا ونحن عشرات وعشرات الشمامسة ومن ثم القداس (تليثايا) والمذبح مزين بعشرات وعشرات الشمامسة حتى ضاق المكان بهم واضطر الكثير منا الوقوف مع الشعب.

وهذا ما جعل البطريرك المرحوم بيداويد ان يباركك في كرازته ويستشهد بك ككاهن غيور ونموذج لما يجب ان يكون الكاهن الكلداني عليه محافظا على طقسه ولغته وتراثه وثقافته وريازته.

القس عامر عمل ما لم يتجرأ أي كاهن او أسقف كلداني القيام به

كان الكثير منا يرى في القس عامر نموذجا للممارسة الإنجيلية على مستوى النشاط اليومي.

فهو الكاهن الوحيد – حسب معرفتي – عمل المستحيل للحصول على موافقة وزارة الداخلية في العراق للقيام بزيارات دورية للسجناء المسيحيين كافة دون تسميات ومذاهب وإقامة قداس لهم مرتين في الشهر في قاعة وسط سجن أبو غريب المرعب والمخيف وامام أعين وأنظار الاف السجناء المسلمين.

وكان القس عامر يمر على الميسورين ليجمع المساعدات للمساجين من المسيحيين وعوائلهم.

وكان لي شرف مرافقته أحيانا الى سجن ابو غريب الرهيب.

كان يحمل رسائل الى السجناء رغم خطورة الوضع ويستلم رسائل منهم ويوصلها الى احبائهم.

وكان السجناء المسيحيين يتقاطرون الى القاعة وهم يسبحون وينشدون مع الكاهن وكثيرون منهم مظلومين ويبكون في القداس بكاء مريرا وهم ينشدون لاخو مارن، وقديشا الاها، وسبارو سبرث لمريا، ومارن إيشوع، وكرروى وسرابي، وحذ اوا قديشا، وتاج الصلوات في المسيحية "اوون دوشميا."

حادثة لا تنسى ابدا

في فورة من فورات الجنون والعربدة، القى عدي صدام حسين بالصحفي العراقي البارز والشهم الدكتور هاشم حسن جاسم التميمي في زنزانة في سجن أبو غريب.

وكنا مجموعة من الصحافيين العراقيين في حينه أردنا إيصال مبلغ من المال ورسالة سرية الى الدكتور هاشم الذي هو حاليا عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد.

ولكن من بإمكانه ان يقوم بذلك؟

وأخذ القس عامر الرسالة والمال في احدى زياراته وأوصلها الى الدكتور هاشم.

الدكتور هاشم حي يرزق والقس عامر حي يرزق. أقول هذا فقط للتأكيد.

هل يستحق هذا القس الكلداني الغيور كل هذه السكاكين؟

كلنا مقامرون ولكن لماذا ننهش بلحم أصغر مقامر في صفوفنا بينما ننسى السياق ونتحاش رفع سكاكينا في وجه المقامرين الكبار من الحيتان الكبيرة التي هي سبب بلائنا والوضع المأساوي من الناحية التنظيمية والإدارية والمؤسساتية والطقسية الذي نحن فيه.

ولكن الصحافة الكندية التي لا يعنيها أمر الدين والمذهب والمؤسسة الكنسية كثيرا ولا تخشى أي مؤسسة او سلطة لم تنسى السياق وذكرت المؤسسة التي نحن تحت مراقبتها under watch باسمها الصريح:

http://www.ctvnews.ca/mobile/canada/ontario-priest-accused-of-gambling-away-500k-for-refugees-1.2834931
http://www.thestar.com/news/gta/2016/03/28/money-for-refugees-lost-gambling-says-catholic-church-in-london-ont.html

كلنا مقامرون ومن الدرجة الأولى فكفوا عن حدّ سكاكينكم ونهشها في جسد هذا "المقامر" البسيط والمسكين.

إن لم نقدر ان نعري ونتحدى كبار المقامرين ومؤسستهم وسلطتهم المطلقة على كل مقدراتنا والذين نحن تحت مراقبتهم under watch هذا سيكون وضعنا ونحن مقبلون الى الانقراض لا محالة.

الأمة التي تخشى السياق لن تنهض ابدا وتبقى على الهامش وتموت.

74
الى أنظار القراء رواد موقع عنكاوة.كوم الكرام

تحية طيبة،

وكما تلاحظون قرائي الكرام ان المقال الأخير الذي كتبته (رابط 1) اثار موجة من الردود وعدد من المقالات المنفصلة لا سيما التي كتبها كل من الزميل العزيز Catholic والزميل العزيز الدكتور رابي والزميل العزيز زيد ميشو.

وهناك تعاليق منفصلة ومطولة مثل التي اتتنا من اخينا وصديقنا يوحنا بيداويد في مكان أخر (رابط 2).

هذا دليل ان ما كتبته ليس أسطوانة مشروخة او مقززة او مكررة كما يقول بعض الأخوة. إن كانت كذلك لما استحقت كل هذا الاهتمام والعدد الهائل من القراءات.

ما كتبته يخص مسألة وجودية لشعبنا لا سيما المكون الكلداني منه وكنيسته الكلدانية المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة.

بالطبع هناك الكثير مما يقع خارج السياق في محاولة للفرز على أساس مذهبي وطائفي – وهذا من حق الأخوة عرضه استنادا الى حرية الفكر والتعبير – بيد انه خارج السياق ويأخذ نتف محددة ويستند اليها او تأتي في غير موضعها او خارج الموضوع وتفشل في هدفها منذ بدايتها.

لضيق الوقت لن يكون بمقدوري الرد على كل مقال او تعليق يأتي فيها على حدة. فقط سأرد على الأخوة المعقبين على مقال الرئيسي (رابط 1) الذي اثار هذه الموجة المباركة والبناءة من المقالات والتعليقات.

ولكن اعد قرائي الكرام أنني سأرد في مقال منفصل أكشف لهم حقائق مذهلة وصادمة وصاعقة وأزيل الستار عن حقائق غيبت عمدا او كانت غائبة عن الموضوع الذي نحن بصدده.

وكعادتي سأترك ما موجود من مقالات وتعقيبات على المادة المهمة التي كتبتها مؤخرا ان تأخذ مداها ومن ثم أشرع بالكتابة وقد يأخذ ذلك وقتا لكثرة المشاغل.

وأخيرا انا سعيد وفرح ومنشرح القلب للأثر الذي تتركه مقالاتي ونشاطاتي في صفوف أبناء شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة.

الأفكار الحية والرصينة والنقدية هي التي تحدث تأثيرا. ولم أتوقع لأفكاري ان تحدث هذه النهضة الفكرية والنقاشات البناءة بين صفوف شعبنا لا سيما إخوتي وأبناء وبنات جلدتي من الكلدان.


تحياتي لنقادي أولا ومن ثم الى قرائي الكرام الذين انحني امام تقاطرهم على ما أكتبه او أنشده من تراث كنيستنا المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة.

والى المقال القادم

ليون

++++++++++++++++++++++++++++++++
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,805699.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,805802.0.html


75
لماذا وكيف تقترف الكنيسة الكلدانية كل هذه الأخطاء وفقط في 20 صفحة من كراس القداس الإلهي "المؤن"؟ رد على مقال الأستاذ سيزار هوزايا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

اتحفنا استاذنا الجليل سيزار هوزايا بمقال بديع اثار الكثير من الاهتمام (رابط 1). والمقال والتعقيبات التي جرت عليه كانت من الروعة بمكان.

وهذا ليس غريب على أستاذنا الكبير هوزايا. فهو مقل في كتاباته ولكنه يهزنا بقلمه عندما يطلع علينا بين الفينة والأخرى.

فمني ومن كل محب للغتنا المقدسة السريانية له ولأفراد عائلته تحية من الأعماق والشكر الجزيل.

ملخص المقال

المقال تعقيب على مقال الأستاذ هوزايا. ويتناول أهمية اللغة وأهمية الطقوس في حياة البشر لا سيما المؤسسات الكنسية. عندما نقول إن الفروقات بين المذاهب الكنسية ما هي إلا الفاظ – وهذا صحيح – فإننا بذلك نشير الى اختلاف اللغات والطقوس والثقافات.
 
سأبدأ وباختصار شديد وضع إطار فكري ونظري للمقال تتخلله بعض الفرضيات ومن ثم أحاول تطبيق النظرية والفرضيات على مسألة اللغة والطقوس وأنهيه ببعض الاستنتاجات الخص فيها لماذا وكيف وصل الأمر بمؤسسة الكنيسة الكلدانية ورئاستها الحالية ان تقترف كل هذا الكم الهائل من الأخطاء فقط في 20 صفحة من كراس طقس القداس الجديد.

الإطار الفكري (النظري)

لا يجوز فرض طقس وثقافة وسلطة واحدة على المسيحي المختلف باسم الوحدة المسيحية. ولا يجوز ان يكون الانتماء الى مذهب محدد او قبول سلطة مذهب محدد – أي ثقافته وألفاظه – أساس الوحدة.

وحدة مثل هذه او الذي نادى  وينادي بوحدة مثل هذه أساء ويسيء كثيرا الى المسيحية.

تخللت الدعوات مثل هذه ممارسات تقصي الأخر المسيحي وتهرطقه وتكفره.

استخدم أصحاب هذا النوع من الوحدة عنفا رهيبا جسديا ولفظيا وثقافيا وطقسيا ضد المسيحي المختلف.

 وما محاكم التفتيش (التي عانى منها مكون رئيسي من شعبنا اشد العناء ولا يزال) والحروب المذهبية المرعبة والقول بسمو مذهب على اخر (عنصرية مذهبية) الا نتيجة حتمية للوحدة التي تفرض ثقافة وسلطة مذهب معين على أخر.

أهمية اللغة

قد يتفق الكثير من القراء ان كاتب هذه السطور واحد من كتاب شعبنا الأكثر تأكيدا على دور لغتنا السريانية في حياتنا كأمة وكشعب اصيل وكنيسة مشرقية مجيدة مقدسة رسولية جامعة.

وأنا في غاية السرور ان أرى ان اللغة وأهميتها في الحفاظ على وجودنا وهويتنا – كنسيا وقوميا – أصبحت مدار البحث والكتابة وجذبت صوبها كل من يعترف بخصوصيتنا المشرقية كنيسة وهوية ويحترمها ويقدسها.

وعدد الذين يكتبون عن دور لغتنا السريانية المقدسة في حياتنا ووجودنا في ازدياد وعدد المؤسسات كنسية وغيرها التي صارت تؤمن ان لغتنا القومية هي أساس وجودنا ومشرقيتنا المسيحية ودونها نصبح هباء منثورا في نمو وتطور – والحمد لله.

وفي نفس الوقت علينا ان نتذكر ان هناك – ومع الأسف الشديد – من يحاول جهده طمس هويتنا بتهميشه للغتنا وطقوسها. البعض يذهب بعيدا باستخدام توصيفات غير حميدة لما تركته لنا من جواهر طقسية لا تقدر بثمن.

وكم يحز في النفس ان يكون من بين هذا البعض من يحمل مناصب رفيعة وبدلا من لعب دورههم وتنفيذ واجبات ومسؤوليات مناصبهم الأساسية التي تكمن في الحفاظ على الطقس والثقافة المشرقية بلغتها وفنونها وريازتها وأزيائها نراهم يتنكرون لها ويقحمون ذواتهم في متاهات لا تؤدي الا الى تهميشهم وتهميش دورهم ومنصبهم ومكانتهم.

ما هي الطقوس؟

نحن لا شيء خارج نطاق الطقوس (والخطاب واللغة عصب هذه الطقوس) التي نمارسها.

كل كائن حي له طقسه ويحبه ويدافع عنه ويقدسه.

البلبل مثلا له صوته وزيّه ولونه – أي طقسه (لغته وخطابه). من خلال طقسه نعرفه انه بلبل وليس غراب.

هل يقبل البلبل ان يغير طقوسه؟ هو لن يفعل ذلك ابدا. إنه يتباهى بطقوسه. يقاوم كل الظروف مهما كانت كي يحافظ عليها.

والشعوب والكنائس أيضا تعرف بطقوسها – لغتها ولونها وأزيائها وطريقة حياتها في كافة النواحي.

اللغة تشكل الطقس حسب ما عرفناه. والطقس هو وجود أية أمة ويمثل هويتها من خلال لغتها.

والطقس له خصائصه ومقوماته. وهذه تشمل حتى طريقة البناء. كنسيا مثلا تدخل فيها الريازة الكنسية والأيقونات والصور والتماثيل والزخرفة والأناشيد والموسيقى والفنون وغيرها.

المؤسسة – أي مؤسسة – التي لا طقس لها او يتم تبديل طقسها وثقافتها من قبل الأخرين او هي تبدل طقسها وثقافتها – لغة، وعمرانا وريازة وأزياء وأيقونات وأعلام وغيره – تكون مثل البلبل الذي يتحول الى غراب ويصر على انه بلبل.

ماذا حلّ بالكنيسة الكلدانية في السنين الثلاث الأخيرة؟

في إمكاننا دائما ان نؤشر الى الخطأ وبسهولة. وهذا ما نفعله عند النظر للواقع الاجتماعي للأخر وليس واقعنا الاجتماعي الخاص بنا.

ولكننا في النادر نلتقط اخطاءنا وإن اكتشفناها نخشى ان نضعها ضمن سياقها. بمعنى أخر لماذا وكيف وصل الأمر بالناس ان يقوموا بهذا العمل؟ لماذا وكيف يصرون عليه ويرونه شيئا عاديا ومقبولا رغم معارضته للعقل والمنطق والحس الإنساني السليم؟

السياق يقول إنه ليس هناك، عمليا وممارسة وتنظيما وإدارة وطقسا، ما يسمى "مؤسسة كنسية" بالنسبة للكلدان. المؤسسة تقريبا فقدت كل مكونات ومقومات وجودها كمؤسسة في اليوم الذي خسرت استقلاليتها المؤسساتية وصارت تابعة بكل ما للكملة من معنى.

وتابعة لمن؟ تابعة لمؤسسة أخرى اجنبية ودخيلة متمثلة بالمجمع الشرقي (وزارة المستعمرات) في دولة الفاتيكان.

لن أغوص في ما فعله هذا المجمع بالكلدان وكنيستهم. لقد قلت في ذلك الكثير.

ولكن أنظر الى السياق

هذا المجمع فرض عدة طقوس على الكلدان.

في ملبّار، حيث كان تاج الكنيسة الكلدانية، طمس المجمع كل ذكر للكلدان وطقسهم ولغتهم وثقافتهم لا بل احرقها وازالها من الوجود وباستخدام عنف مفرط لم يلجأ اليه عتاة الاستعمار. وملبّار كانت تاج وعروس الكنيسة الكلدانية.

هذا المجمع لا يهمه ولا يكترث إن كانت هناك بلبلة طقسية او تهميش للطقس والثقافة واللغة.

وهو أساسا لا علاقة له بها ولا يهمه اندثارها. ما يهمه السلطة والسيطرة على مقدرات الكنيسة الكلدانية.

أنظر كيف تدخل وبشكل مباشر للحافظ على سلطته المطلقة على الكلدان عندما تحرك البطريرك الكلداني وأصدر قرارات لنقل بعض الكهنة؟

ولكن لن يحرك ساكنا حتى وإن أتينا بأدلة دامغة على اضطهاده لطقسنا وثقافتنا وان تدخله قد أربكنا وشتتنا وجعل من كل أبرشية او حتى خورنة بطريركية لذاتها (وهذا موثق تاريخيا والتاريخ شاهد).

ولم يحرك ساكنا مع كل الأدلة التي اتي بها الأستاذ الهوزي في مقاله عن ان هناك عشرات وعشرات الأخطاء في 20 صفحة فقط من التي فرضها بمبادرة من المؤسسة البطريركية على الكلدان.

ولو كان لأمر يقتصر على الهفوات والأخطاء اللغوية لكان الأمر هينا. الطقس المؤن الجديد برمته تهميش وبإصرار للطقس الكلداني الأصيل بلغته وريازته وفنونه وأناشيده وموسيقاه وتقريبا في كل شيء.

فيه من الأخطاء ما لا يقترفه مبتدئ – أي الطفل الذي يدخل الدير لتعلم اللغة السريانية والطقس.  حتى النقل من الحوذرا والطقس الذي كان معتمدا في السابق فيه أخطاء كثيرة.

وقد تعاملت مع الطقس الجديد عند صدوره مع مجموعة من الشمامسة وراودتني فكرة ان فرض طقس وبهذا الشكل له مقاصد لا يعلمها الا الله ولا تخدم اللغة والثقافة والطقس والشعب الكلداني البتة.

ومن ثم لماذا وكيف يوافق المجمع الشرقي ووزيره العتيد على طقس مليء بالأخطاء وبهذا الشكل؟ هذا يعني انه لا يكترث ولا علاقة له بلغتنا وطقسنا وثقافتنا وليس من اختصاصه.

 المهم ان يكتب اسمه قبل اسم البطريرك وموافقته عليه في اول ورقة من الكراس ويظهر اسمه بارزا – كما هو الحال – دلالة على انه الوزير وانه السلطة.

هل هذا هو الطقس الوحيد؟

كلا. هذا الوزير الذي لا تدور أي عجلة مهما كان صغرها حتى بحجم خردلة في مؤسسة الكنيسة الكلدانية دون آذن منه وهو المسيطر بالمطلق على كل شيء قد وافق على طقس أخر – أفضل بكثير من كراس الطقس الذي تناوله الأستاذ سيزار – وهو الذي يستند اليه المطران سرهد جمو.

الأن ربما عرفنا لماذا يتشبث المطران جمو بطقسه. إنه نابع ومستند الى الأصالة واللغة والثقافة والأزياء والريازة والطقس الكلداني الأصيل وليس فيه كل هذا الكم الهائل والمخيف من الأخطاء. ولكن قبل كل شيء يحمل ايضا اسم وختم الوزير.

والمطران جمو – وأنا على خلاف شديد مع توجهاته – أظهر اصالته بما يقوم به من حلقات تدريسية عن الطقس واللغة والثقافة والريازة وعلى الهواء يبدي فيها حبا جمّا لمشرقية كنيسته الكلدانية ولغتها وثقافتها وطقسها وريازتها، الأمر الذي زاد من شعبيته ومكانته ومكانة مناصريه بين الكلدان الغيارى على طقسهم ولغتهم وهويتهم على حساب غريمه – المؤسسة البطريركية – التي وصل الأمر بها الى استهجان الطقس واللغة والثقافة وحتى اسباغ نعوت غير حميدة لتوصيفها وابعاد الكلدان عنها. (رابط 2)

نعود ونسأل، لماذا يتدخل هذا الكردينال ولماذا يتصرف بهذا الشكل هو وأسلافه من مجمع البروبغندا بالطقس الكلداني حيث يمنح موافقتين لطقسين مختلفين في آن واحد ويلغي لا بل يطمس أي أثر للطقس الكلداني ويستبدله بالطقس اللاتيني في مناطق أخرى؟

هذا ازدراء بالعلم والمعرفة والطقس واللغة فكيف يقبل به الكلدان!

إن كان هذا الوزير لا يتكلم لغتنا ولا يعرف أي شيء عن طقسنا وثقافتنا وفنونا وريازتنا ومشرقيتنا لماذا يصر على التحكم والسيطرة علينا؟

في الأكاديمية هناك مبدأ علمي مهم وهو ان يتم إرسال أي بحث علمي او تأليف جديد الى لجنة من المحكمين المتضلعين في الموضوع لقراءته والتحقق من علميته وسلامته لغويا وعلميا وثقافيا وأكاديميا وغيره قبل تداوله او نشره او فرضه كمنهج.

هل يجوز ان نرسل كراسا جامعيا وباللغة الإنكليزية عن الثقافة واللغة والأدب الإنكليزي الى أستاذ اللغة العربية والأدب العربي الذي لا يتحدث الإنكليزية في جامعة القاهرة لتقيمه والموافقة على استخدامه وتداوله؟

هذا ما يحدث للكلدان وكنيستهم. الحكم والمقيم على أقدس وأغلى ما يملكونه هو كردينال أجنبي دخيل لا يفقه لغتنا ولا يعرف أي شيء عن ثقافتنا ومشرقيتنا ويرأس وزارة المستعمرات في دولة الفاتيكان، الوزارة التي الغتها كل الدول الأوربية ولم تبقيها الا دولة الفاتيكان لضعف وقلة حيلة الكلدان وتبعية مؤسسة كنيستهم المطلقة لها.

المؤسسة لا يهمها إن كان هناك أخطاء. المهم ان تحصل على موافقة وزارة المستعمرات في الفاتيكان ووزيرها. وحال ما تحصل عليها يصبح بمثابة كتاب منزل وتفرضه على الكلدان بسقطاته (هنا أتحدث عن اللغة والثقافة والطقوس ليس الا).

هل نستحق هذا؟

بالطبع لا ولكن ماذا نقول للمؤسسة البطريركية التي لم تترك مناسبة منذ ثلاث سنين ونيف وإلا وتشن فيها هجوما غير مبرر على لغتنا وثقافتنا وطقسنا (رابط 2) وتصفها بأقسى النعوت وتزدري ريازتها وازيائها وحوذرتها وأناشيدها ولولا مقاومة الغيارى من الكلدان لكانت انهتها والغتها الى غير رجعة.

وتستغل الرئاسة ذاتها الفوضى الطقسية العارمة التي خلقتها هي بنفسها لفرض صلوات وطقوس كتبتها بالعربية وهي أيضا مليئة بالأخطاء ومكتوبة بلغة ركيكة وفيها نصوص تعارض الطقس الكلداني ذاته. العربية كانت غايتها منذ الثمانينات من القرن الماضي ويبدو انها قاب قوسين او أدنى لتحقيق غايتها في جعل كل شيء عربيا.

كيف تستطيع المؤسسة البطريركية فعل هذا، ان تفرض كتابا باللغة العربية وتطلب ترجمته الى لغات الدنيا وكتاب الطقس الكلداني– جوهر الطقوس في المسيحية – تهمشه وتزدريه من خلال ما تنعته به من صفات سلبية؟ (رابط 2)

مؤسسة الكنيسة الكلدانية التي قد لا يتجاوز اعداد المنتسبين الذين يرتادون الكنيسة فيها بضعة عشرات من الالاف متمثلة برئاستها قد رفعت لواء مناهضة وتهميش الطقس الكلداني واللغة الثقافة الكلدانية.

هي اليوم تدعو الكلدان الى ممارسة الطقوس بأي لغة كانت – رغم ان كلهم كلدان ويحبون ثقافتهم ولغتهم وطقسهم رغم قلة عددهم.

المؤسسة البطريركية ومع الأسف الشديد وصل الأمر بها الى محاربة الطقس بالمعنى الذي ذكرناه اعلاه لغة وفنا وموسيقى وريازة وازياء وكأنها لا تمت الى اللغة والطقوس والثقافة الكلدانية بصلة، وهذا لا تقوم به أي مؤسسة كنسية أخرى في الغرب حيث الاعتزاز والتشبث بالطقس واللغة والأزياء والأناشيد والفنون والريازة يأتي في مقدمة اولوياتها.

فهي تدعو في الكراس ذاته الى انشاد مثلا ما يراه الكاهن او الجوق مناسبا، أي كل حسب هواه.

حتى القبيلة الأفريقية التي خرجت للتو من الغابة للحضارة عند اعتناقها المسيحية لا تقبل ان يتم تهميش طقوسها القبلية بهذا الشكل ابدا. تحافظ عليها وتدخل اغلب العناصر الطقسية والثقافية واللغوية القبلية فيها وتمارسها ضمن عقيدتها الجديدة.

ونعرف كيف ان الأفريقي لا يقبل ان يكون زي وسيماء الايقونة مثلا غربيا او لاتينيا بل يسبغ عليها صبغة قبلية أفريقية لغة وفنا وريازة وموسيقى.

مؤسستنا البطريركية الحالية لا تعترف بهذا. إنها تريد ان تفرض علينا طقسها الخاص بها وبالطريقة التي تريدها وبالكم الهائل من الأخطاء التي تقترفها وهمها الحصول على موافقة المجمع الشرقي.

 اما الطقس الكلداني الأصيل والذي هو من أبدع ما انتجته القريحة المسيحية في الدنيا فهو طقس "الجراد والحشرات الدابة والصرصر ...." (رابط 2).

أقولها وفي نفسي حسرة ان الوضع في الكنيسة الكلدانية لم يكن بالفلتان والفوضى العارمة التي صار فيها في السنين الثلاث الأخيرة منذ ان فقدت هذه الكنيسة استقلاليتها في نهاية القرن التاسع عشر وفي مستهل القرن العشرين.

هذا هو السياق يا أستاذ هوزايا الذي تعيش فيه مؤسسة الكنيسة الكلدانية.

لا يهم كم هناك من الأخطاء ولا يهم أي لغة. اللغة بالية والطقس عتيق يلبي حاجة المزارعين، حسب رأي المؤسسة البطريركية (رابط 2).

"الحداثة والتأوين والعصرنة" مفاهيم يجري استغلالها كي يصيغوا طقسا على مقاسهم – او بالأحرى كل على مقاسه – لما يرونه "مدنية وحضارة " حسب وجهة نظر "الحداثيون" من الكلدان الذين لا يفقهون معنى المصطلحات هذه ويستخدمونها حجة لتنفيذ سياساتهم التي دشنوها في الثمانينات من القرن الماضي وغايتها محاربة لغتنا وطقسنا وثقافتنا وأناشيدنا وريازتنا وأزيائنا وفنونا بشكل لا تقبل به قبيلة أفريقية خرجت للتو من ظلمات الغابة الى النور.

------------
رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,804258.0.html
رابط (2)
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=793177.0





76
عيد الميلاد مؤشر لضياعنا وخسارتنا لهويتنا كشعب وكنيسة مشرقية (كلدانية اشورية) مجيدة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

هوية أي امة لها مؤشرات نستدل من خلالها على وجودها. ووجود أي امة يتمثل في الثقافة التي تحملها. ووعاء أي ثقافة هو اللغة.

والثقافة واللغة سوية يكونان هوية أي امة.

وتأتي الطقوس والأناشيد والموسيقى والآداب والفنون في مقدمة العناصر الثقافية واللغوية التي تميز امة عن أخرى.

ودخول الأمم في دين محدد او مذهب محدد او تبنيها لفكر محدد يجب ان لا يؤدي الى هدم الثقافة كما عرفتها أعلاه. الأمم الحية تترك مسألة الميول (دين، مذهب، فكر، موقف أيديولوجيا ...الخ) للفرد ولكنها لا تتساوم على الثقافة.

والاحتفال بعيد الميلاد جزء من الثقافة. وهذه الثقافة تتمثل بالطقوس التي ترافق الاحتفال هذا.

في السويد مثلا تبدأ طقوس الاحتفال أربعة أسابيع قبل مجيء العيد. وهذه الطقوس هي جزء من اللغة والثقافة السويدية.
 
والسويديون اغلبهم لا دينيون (ملحدون) ولكنهم يتشبثون بطقوس (ثقافة) عيد الميلاد وكأنهم متدينون وأعضاء وناشطون في المؤسسة الكنسية.

في السويد يتم تدريس ترانيم عيد الميلاد الخاصة بالثقافة واللغة السويدية في المدارس بكافة مراحلها. والمؤسسات الكنسية باختلاف مذاهبها تدرب الجوقات واتباعها على أدائها.

وهذا العمل تقوم به كل الدول لإسكندنافية بصورة خاصة والدول الغربية بصورة عامة. والدول الإسكندنافية تقبع في اعلى سلم الرقي والحضارة والمدنية والبعد الإنساني رغم علمانيتها المطلقة.

لا يتحجج مسؤولو هذه الدول ورؤساء كنائسها بقدم او عدم موائمة هذا الطقوس لزماننا كما يفعل بعض المسؤولين الكنسيين الكبار في شعبنا.

ولم الحظ ان مسؤولا كبيرا في هذه الدول وصف الترانيم هذه بأنها "زراعية" او "اقطاعية" اوانها الفت في زمن بعيد وزمننا يختلف او ان لغتها كلاسيكية لا يفهمها الناس.

وأقول، وليس لكوني كلداني، بل هذا حقيقة اننا نحن الكلدان ومع الأشقاء الأشوريين نملك ثقافة من اغنى الثقافات من حيث الطقوس الخاصة بعيد الميلاد وفترة البشارة.
 
الترانيم التي لدينا للاحتفاء بهذا العيد المجيد – وكل مناسبة عزيزة من تاريخنا المشرقي المسيحي – لا تملكها أي امة أخرى. إنها من الروعة بمكان.

ولكن – ومع الأسف الشديد – هذه الطقوس التي تحيها دول مثل السويد وكنائسها يحاربها بعضنا ويطلق عليها صفات غير حميدة.

ووصل الأمر بهؤلاء الى الدعوة العلنية الى تبني ثقافات وطقوس (لغات) أخرى على حساب لغتنا وطقوسنا الساحرة التي هي الوجود ودونها لا وجود لنا كأمة وكنيسة مشرقية.

كم كنت أتمنى ان ينشدها، او يقف على رأس جوقة تنشدها، رجال الدين من الكلدان لا سيما الذين هم في رأس الهرم لأنهم يتحملون المسؤولية الكنسية والثقافية والأخلاقية للحفاظ عليها.

أخوتي وأخواتي الكلدان ومعهم اشقائي الأشوريين والسريان، بدون هذه اللغة وهذه الثقافة لا وجود لنا. استبدال لغتنا وثقافتنا وطقوسنا انتحار جماعي وقتل جماعي، أي نحن نزيل أنفسنا بأنفسنا من الوجود.

بدلا من الحفاظ على هذا التراث الذي لا مثيل له في الدنيا والذي حافظ عليه اجدادنا العظام كي يسلموه لنا سليما معافى رغم الكوارث الرهيبة التي حلت بهم، بدلا من هذا يقوم أصحاب الشأن بيننا باستهجانه واستبداله ضمن سياسة غير حميدة أطلقوا عليها "التأوين والتجديد والعصرنة" والتي لها معنى واحد لا يقبل التأويل وهو هدم وإلغاء اللغة والثقافة والطقوس الكلدانية التي هي جوهر وجودنا ودونها لا وجود لنا.

أخشى ان هناك حربا على ثقافتنا اليوم. الذين يحاولون المحافظة عليها من خلال تدريسها وادخالها ضمن الطقوس وإلغاء الطقوس الدخيلة والأجنبية التي تم فرضها علينا عنوة، هم اليوم محاربون ومهمشون بحجج الحداثة والتأوين والترجمة والتكلم بكل اللغات.

يشبه وضعنا نحن الكلدان اليوم وضع القوم الذين ورد ذكرهم في الكتاب المقدس، عندما أرادوا بناء برج لتحدي الخالق. الطريقة الوحيدة لشرذمتهم وتشتيتهم وانهائهم كانت جعلهم يتكلمون بلغات مختلفة. قصة رمزية ذات معان كبيرة.

إن اردت ان تشتت شعبا وتشرذمه وتنهي وجوده، اجعله يتكلم بلغة غير لغته. أخشى اننا في هذا الطريق سائرون.

سأكتفي بهذا القدر من التعليق واترك قرائي الأعزاء مع روائع ترانيم الميلاد حسب الطقس الكلداني وهي لا تمثل الا جزءا صغيرا جدا من جواهر ترانيم الميلاد الخاصة بكنيستنا المشرقية المجيدة.

وأمل من القراء الكرام إضافة أي ترنيمة للميلاد في حوزتهم او لهم معرفة بها وهي بلغتنا القومية الساحرة ضمن تعليقاتهم. سأقوم بإضافتها الى الباقة التي اخترتها ادناه.

إنها سمفونيات سبقت كل عباقرة الموسيقى الكلاسيكية بقرون.

الفرق ان أصحاب الموسيقى واللغة والثقافة الكلاسيكية في الغرب العلماني ومؤسساته الكنسية لها محبون ومحافظون وبها متشبثون لأنها تمثل وجودهم، بينما كبار القوم عندنا وأغلب مؤسساتنا الكنسية وكثيرون منا لها محاربون ومهمشون ومزدرون.

وأدعو قرائي الكرام بعد سماعهم لها ان يقرروا ضمن تعليقاتهم أي ترنيمة مست شغاف قلوبهم وأكثرها روعة من وجهة نظرهم في استبيان بسيط.

ونتيجة لهذا الاستبيان سأكتب مقالة منفصلة عن الترنيمة التي تقع عليها أكثر الاختيارات.
 
الترنيمة الأولى

 https://www.youtube.com/watch?v=XuypfQJXvCY

الترنيمة الثانية

https://www.youtube.com/watch?v=bJMkLDY2T88

الترنيمة الثالثة

https://www.youtube.com/watch?v=grlX5RoBW6I

الترنيمة الرابعة

https://www.youtube.com/watch?v=dike3qX5YPs

الترنيمة الخامسة

https://www.youtube.com/watch?v=5YNG9iabHxE

77
على الكلدان قبول أنفسهم أولا قبل الطلب من الأخرين قبولهم
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول قبول الأخر. والحديث مفاده ان الأشقاء الأشوريين لا يعترفون بالكلدان كهوية او قومية.

وأقحم الكثير من أبناء شعبنا أنفسهم في مفهوم "قبول الأخر". وأول من اثاره كان رجل دين كلداني (على مستوى مطران) وتبعه بعض الأخوة وبينهم أقلام رصينة.

هناك في رأي عدة مسائل ومفاهيم فكرية وعلمية وفلسفية وأكاديمية مهمة يحاول الأخوة الكلدان تجنبها او التهرب منها عند الحديث عن "قبول الأخر." سأعرضها ادناه مع بعض الأمثلة. وسأثير كذلك بعض الأسئلة.

الإطار الفكري

لنناقش أولا الإطار الفكري لمفهوم "قبول الأخر." لا أظن ان الذي استعمله أولا وأثار هذا الكم من النقاش يفهم ما هو معنى "قبول الأخر." ولا أظن انه باستطاعته تعريفه. وقد لا أجانب الحقيقة إن قلت إنه نفسه يقع ضحية لما اثاره من نقاش.

"قبول الأخر" هو مفهوم فلسفي فكري. هذا المفهوم وضع اسسه النظرية والفكرية والتطبيقية فلاسفة معاصرون كبار جلّهم امريكان. ونطلق عليهم "الفلاسفة البراغماتيون".

والبراغماتية التي علمتنا "قبول الأخر" بعيدة عن الدين والمذهب والطائفة. لا بل تمقت كل فرد او شخص ينطلق من مفهوم او أرضية ان ما لديه من كتب او ميول دينية او مذهبية او عرقية او جنسية او أفكار او ايديولوجيات أفضل او أقدس او أسمي من الأخر.  او ان ألأخر لن يخلص (بمعنى يحصل على البركة السماوية ويدخل ملكوت الله) او يستحق العيش إن لم يصبح مثلي ويتبنى خطابي وميولي او ديني او مذهبي.

هيغل و"قبول الأخر"

وأول من وضع لبنات هذه الفلسفة – فلسفة قبول الأخر – هو الفيلسوف الألماني هيغل. بيد ان مسألة قبول الأخر – أي جعل او اعتبار ما لدى الأخر مقدسا وسليما ومقبولا ومساويا لما لدي لم تلق اذانا صاغية في أوروبا في القرن الثامن عشر، الذي ولد فيه هيغل، والقرن التاسع عشر الذي توفي فيه.

"قبول الأخر" كما صاغه هيغل ليس امرا سهلا. المجتمعات تحتاج الى ثقافة وتعليم وتربية وتنوير كي تصل اليه. وتحتاج أيضا الى التخلص قبل كل شيء من اردان الأصولية الدينية والمذهبية والطائفية وعصمة ما لديها من كتاب او رجل دين او مبادئ وإيديولوجيات تراها مطلقة.
 
ولهذا لم تكترث أوروبا للمفهوم الهيغلي حول "قبول الأخر." وظهرت النازية والشوفينية والبلشفية والتعصب والأصولية الدينية والمذهبية – وهي شرور لم ير مثلها البشر– في عقر دار هيغل او ما حوله.

أمريكا وهيغل

في أمريكا جرت قراءة مختلفة لهيغل عن تلك التي في أوروبا. تلقف فلاسفة امريكيون كبار من أمثال جارلس بيرس وويليم جيمس وجون دوي، وهيلري بوتمان، وريجارد روتري أفكار هيغل عن "قبول الأخر" وطوروها وأطلقوا عليها "الفلسفة البراغماتيىة". في أوروبا، الفيلسوف الذي اشاع وادخل الفلسفة الهيغلية والبراغماتية حول "قبول الأخر" هو يورغن هبرماس.

الفلاسفة الأمريكيون هؤلاء إليهم يعود الفضل في صياغة الدساتير والقوانين في أمريكا واليهم يعود الفضل في بناء النظام المعرفي والتربوي والثقافي في أمريكا.
 
ولهؤلاء الفلاسفة يعود الفضل في اشاعة مناخ التسامح الديني والمذهبي والعرقي في أمريكا واليهم يعود الفضل في التشريعات التي تجعل من هذا المناخ فكرا وممارسة عملا ممكنا.

ركنان

مفهوم "قبول الأخر" وباختصار شديد له ركنان اساسيان. الأول، يرتكز على أرضية ان قداسة وعصمة وسمو ما لدي من دين ومذهب وكتاب وفكر وإيديولوجية وميول (بشتى أنواعها) وثقافة وتقاليد وهويه (وهذه وعاؤها اللغة) صحيحة ومنطقية وسليمة ولكن فقط بقدر التعلق الأمر بي وحسب.
 
وكذلك فإن قداسة وعصمة وسمو ما لدى الأخر من دين ومذهب وكتاب وفكر وإيديولوجية وميول (بشتى أنواعها) وثقافة وتقاليد وهويه (وهذه وعاؤها اللغة) صحيحة ومنطقية وسليمة ولكن فقط بقدر التعلق به وحسب.

إذا مسألة القداسة والعصمة والسمو لما لدي ولما لدى الأخر نسبية. وعليه علينا كلنا الانطلاق من أرضية ان كل ما لدي وما لدى الأخر مساو في القدسية والعصمة والسمو وأن نقبل الواحد الأخر انطلاقا من هذا النهج.

إن قلت وتصرفت عل أساس ان ما لدي له قدسية وعصمة وسمو وأن ما لدى الأخر يفتقر اليها، أكون في هذا قد اخلت بشروط "قبول الأخر" واستحق العقاب او التنبيه على ذلك. وإن قلت ان ما لدى الأخر باطل (باطل في نظري النسبي)، مثلا، فيكون ما لدي باطل أيضا (في نظره النسبي).

والركن الثاني هو ركن اللغة والخطاب. وهذا الركن يشبعه فلاسفة "قبول الأخر" نقاشا. واللغة هي الوسيلة التي من خلالها نعبر عن قدسية وعصمة وسمو ما لدينا، أي اللغة هي التي تجمعنا وتجعل منا امة او قومية ومن خلالها تتكون ذاكرة جمعية تحتوي وتعبر عن ميولنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ورموزنا التاريخية وآدابنا من شعر ونثر وفن موسيقى وغناء وغيره. ونظرية قبول الأخر حسب معادلة قبول الأخر التي سقتها أعلاه تنطبق على اللغة أيضا.

اللغة والخطاب الذي لدي مقدس وله العصمة والسمو لأنه يكوّن هويتي (أي من انا) بقدر تعلق الأمر بي وكذلك بقدر تعلق الأمر بالأخر. إذا قدسية وعصمة وسمو الهوية او القومية (اللغة) هي الإطار الذي يجمع أبناء الأمة الواحدة بغض الطرف عن الدين والمذهب والميول.

ومن هذا المنطلق، الدين او المذهب الذي يفرض ثقافة محددة وطقوسا محددة ورموزا محددة على الأخر، كون ان ما لديه له العصمة وهو أقدس وأسمى مما لدى الأخر، ينتهك ابسط شروط مبدأ "قبول الأخر."

التطبيق

إن اخذنا هذا الإطار الفكري والفلسفي والنظري أساسا، سنرى ان ما اثير حول "قبول الأخر" مؤخرا على لسان رجل دين من أبناء شعبنا تسطيح للمفهوم وينطلق من أرضية طائفية مذهبية ترى ان ما لديها من مذهب وطائفة مقدس وله العصمة وما لدى الأخر لا يملك تلك الخصائص.

ولهذا أتت على لسان الشخصية هذه وفي مناسبات عديدة كثيرة من الأطر الخطابية التي تنتقص من مذهب الأخر وتستخدم تسميات مثل "النسطورية" للانتقاص منه لأنه ينطلق من أرضية عصمة وقداسة ما لديه فقط بينما لا يمنح الأخرين احقية العصمة والقداسة لما لديهم. وفي كل هذا ينسى ان جذوره وثقافته ولغته وطقوسه وآدابه وفنونه ورموزه واجداده لا بل ذاكرته برمتها ذات صبغة "نسطورية."

ومن خلال ما جرى من مناقشات بدا لي ان مفهوم "قبول الأخر" يستخدمه البعض كمفهوم دارج عام لا أسس علمية وأكاديمية له. هذا خطأ. له اسسه ومدياته كما أشرنا أعلاه من خلال الركنين الذين ذكرناهما.

ومن خلال المناقشات بدا لي ان المطلوب هو ان الكل يجب ان يقبل الكل مهما كان الأمر. أي ان نقابة الأطباء عليها ان تقبل أي شخص اخر يسمي نفسه طبيب دون مؤهلات جامعية وشهادات معترف بها. او ان الجامعات عليها ان تعترف بالأخر وتضمه ضمن صفوفها وإن كانت شهادته من جامعة غير معترف بها.

ماذا عن هويتنا

الأمور ليست هكذا. هويتنا كشعب هي بمثابة انتماء شأنه شأن أي انتماء اخر. له شروطه وأهمها اللغة وما تكتنفه من ذاكرة تاريخية برموزها وآدابها وطقوسها وتراثها وثقافتها وتقاليدها وأزيائها وريازتها. إن لم تعترف بهذا الانتماء وتمارسه وتقدسه وتمنحه العصمة والسمو (بقدر تعلق الأمر بك) لا يجوز الاعتراف بك ومنحك حق الانتماء الى الأمة وهويتها كما ان نقابة الأطباء لا تمنحك بطاقة الانتماء وإن فعلت تكون قد خانت الأمانة وانتهكت اخلاق المهنة.

والانتماء لا علاقة له باسم الشخص او مذهبه إن كان مار نسطوريس او غيره طالما ساهم في تشيد البنيان الذي يكوّن هويتنا.

والعرب مثلا تتباهى بالمسيحيين الذي ساهموا في نهضة لغتهم وهويتهم وفنونهم وآدابهم وهم كثر ولا حاجة الى ذكر أسمائهم. وهذا ما تفعله كل الشعوب التي لها غيرة على هويتها ولغتها وطقوسها وتراثها وريازتها وأزيائها وهندستها وفنونها.

الكلدان ومع الأسف الشديد ربطوا كل مصيرهم ومن ضمنه هويتهم بدولة الفاتيكان (ثقافة وهوية) او مؤسستهم الكنسية التي تتبع هذه الدولة بالمطلق وليس على مبدأ قبول لأخر الذي وضحته اعلاه. وهوية هذه الدولة على نقيض من هويتنا. هويتها لاتينية. هويتنا شيء اخر تماما. لنا رموزنا ولغتنا وثقافتا وطقوسنا وريازتنا وازيائنا وتاريخنا وذاكرتنا التي هي خاصة بنا. ممارستنا للهوية اللاتينية الفاتيكانية او الهوية العربية او الكردية (لغة وثقافة) معناه انسلاخنا عن هويتنا وانضمامنا اليهم. الاسم والتسمية لا يغير في الأمر شيئا.

الإشكال

الإشكال الذي وقع فيه صاحب "قبول الأخر" في انتقاده للأخوة الأشوريين هو غضه النظر عمدا او سهوا عن ان الكلدان والأشوريين بصورة خاصة والسريان بصورة عامة لهم لغة ورموز وثقافة وطقوس وريازة وأزياء وذاكرة واعلام وادأب وفنون وشعر وتقاليد ونثر وتاريخ واحد مشترك.

الذي يفضل ثقافة (هنا لا اقصد المذهب ابدا) دولة الفاتيكان اللاتينية مثلا او الثقافة العربية وغيرها على ثقافة ولغة شعبنا لا يحق ولا يجوز ان يُقبل به كصاحب هوية او قومية لأنه أساسا غيّر قوميته او أستبدلها الى قومية وثقافة اللغة التي تبناها.

مع الأسف ان الكثير من الكلدان اليوم ومعهم رجال دين كبار علانية يتبنون الثقافة الفاتيكانية اللاتينية (لا اقصد المذهب) والثقافة العربية او الكردية او اي ثقافة أخرى (لغة أخرى) ويزدرون ثقافتنا ولغتنا. والدليل المحاولات الحثيثة والخطيرة لتغير وتبديل وتهميش واقصاء تقريبا كل ما نملكه من طقوس ولغة وفنون وغيره بحجة العصرنة والترجمة والتأوين والتجديد او مسايرة دولة الفاتيكان.

معدلات وفرضيات فكرية

الأشوري رجل دين او غيره الذي يتشبث بلغتنا وثقافتا ورموزنا وذاكرتنا وطقوسنا وريازتنا وهندستنا وآدابنا وشعرنا وفنوننا وحوذرتنا المقدسة ولا يقبل ان يحتله الأجنبي والدخيل كي يزيل لغته وثقافته وطقوسه وغيره هو أكثر كلدانية من أي كلداني مطران كان او غيره يزدري لغتنا وحوذرتنا المقدسة وتراثنا وآدابنا وتاريخنا ورموزنا وذاكرتنا او غيره.

والكلداني رجل دين او غيره الذي يتشبث بلغتنا وثقافتا ورموزنا وذاكرتنا وطقوسنا وريازتنا وهندستنا وآدابنا وشعرنا وحوذرتنا المقدسة ولا يقبل ان يحتله الأجنبي والدخيل كي يزيل لغته وثقافته وطقوسه هو أكثر اشورية من أي أشوري مطران كان او غيره يزدري لغتنا وحوذرتنا المقدسة وتراثنا وآدابنا وتاريخنا ورموزنا بحجة التأوين والترجمة والعصرنة.

وهكذا السرياني رجل دين او غيره الذي يتشبث بلغتنا وثقافتا ورموزنا وذاكرتنا وطقوسنا وريازتنا وهندستنا وآدابنا وشعرنا وفنوننا ولا يقبل ان يحتله الأجنبي والدخيل كي يزيل لغته وثقافته وطقوسه وغيره هو أكثر كلدانية واشورية من أي كلداني او اشوري مطرانا كان او غيره يزدري لغتنا وحوذرتنا المقدسة وتراثنا وآدابنا وتاريخنا ورموزنا وذاكرتنا وغيره.

شروط الانتماء والقبول

الانتماء الى هوية له شروطه والاعتراف بهوية له شروطه. الجامعة التي لا تعترف بشهادة محددة لأنها لم تستوف الشروط ليس معناه انها لا تعترف بالشخص كإنسان. وكذلك نقابة الأطباء. الجامعة ونقابة الأطباء يحق لهما عدم الاعتراف بالأخر أي قبول انتمائه لهم إن لم يستوف الشروط.

وشروط الانتماء الى هوية شعبنا كما وضحتها وفسرتها أعلاه اليوم تتمثل خير تمثيل في اشقائنا الأشوريين ومؤسستهم الكنسية. هنا نتحدث عن هوية وخصوصية شعبنا التي تعكسها لغته وثقافته وطقوسه وريازته وحوذرته المقدسة والتشبث باللغة دراسة وتدريسا وعلى كل المستويات.
 
ولهذا ترى ان الكثير من أبناء شعبنا من السريان والكلدان بقبلون بالأشورية كهوية لأن الأشقاء الأشوريين يمارسونها ويقدسونها ويمنحونها العصمة والسمو فوق أي هوية أخرى. ليس هناك مكون من مكونات شعبنا او حزب من أحزاب شعبنا او منظمة مدنية او كنسية لها ولع وحب وشغف باللغة والثقافة والطقوس والفنون والآداب والشعر والنثر والموسيقى والأناشيد والذاكرة التي تجمع شعبنا مثل الأشقاء الأشوريين ومؤسساتهم المدنية والكنسية.

والمؤسسات الأشورية المدنية بصورة عامة تسمو على المذهبية والطائفية، أي لا تضع المذهب قبل الهوية. لغة وثقافة وهوية شعبنا تأتي لديها فوق المذهب أي كان.
 
نحن الكلدان، ومع الأسف، كل شيء في حياتنا يدور ويتمحور حول المذهب، الفاتيكان. وننسى ان الفاتيكان دول وهوية لا علاقة لها بهويتنا على الإطلاق. نجتمع مذهبيا ولكننا نحن على طرفي نقيض هوية وثقافة. ولهذا لم نفلح في تشكيل هوية خاصة بنا من دون الإطار المذهبي. حتى المؤسسات (أحزاب) الصغيرة تتكئ في كل شيء على الإطار المذهبي والكنسي. والرابطة الكلدانية أساسها هذا.

وعليه، لم نر أي انتقاد ولو كلمة عتاب من الرابطة الكلدانية او غيرها من المؤسسات الكلدانية مثلا على ما تقوم به البطريركية من تهميش للتراث واللغة والطقس الكلداني وحوذرتنا المقدسة وريازتنا وهندستنا وازيائنا وكأنها غير معنية بالكلدانية كهوية. وهذا هو شأن تقريبا كل مؤسساتنا الكلدانية.

ما يهم هو انتقاد الأشقاء الأشوريين وكأنهم هم احرقوا كتبنا ومكتباتنا ومخطوطاتنا واهانوا واضطهدوا كهنتنا واجبرونا على قبول واقحام لغات وثقافات أخرى دخيلة اجنبية وكانوا وراء استعمارنا الذي بدأ في القرن التاسع عشر ولا يزال والذي تقريبا لم يبق لنا شيء يذكر.

جعل الأشورية شماعة لفشلنا لا بل هزيمتنا منذ انكسار ثورتنا المباركة على الطغيان والظلم والاستعمار أسهل ما يكون ولكنه لن يعيد لنا شيء، لا بل سيفقدنا النزر اليسير الذي بقي لدينا.

هل هناك أمل؟

ان ننتمي الى شعبنا ونكون أصحاب هوية علينا العودة الى جذورنا من لغة وثقافة وفنون وطقوس وشعر ونثر وموسيقى وتراث ومناطق وأوقاف وأتباع في كل مكان من الدنيا. الذي يزدري هذا المورث ويرميه جانبا لا يحق له المطالبة بهوية او قبوله كصاحب هوية ضمن نطاق هوية شعبنا.

لم تبق بين صفوف الكلدان الا قلاع قليلة جدا (وهناك حرب شعواء لنسفها) بعد ان خسرنا تقريبا كل شيء من ضمنه استقلالية قرارنا في مسائل تنظيمية بسيطة جدا منذ ان بطش المستعمرون وقضوا على ثورتنا المباركة في عهد البطريرك يوسف اودو. خسرنا أراض شاسعة واوقاف لا تقدر ولا تثمن وملايين الأتباع جرى جردهم من لغتهم وثقافتهم وطقوسهم.

اليوم لا نستطيع كتابة صفحة ونشرها ضمن الإطار المؤسساتي الكنسي دون موافقة الأجنبي والدخيل.

اليوم هناك فوضى عارمة على كافة المستويات التنظيمية والإدارية واللغوية والتراثية والطقسية ... وغيرها.

اليوم نحن لا استقلال لنا وفي كل شيء تقريبا.

اليوم هناك حملة كبيرة تستهدف كل كلدني، رجل دين او غيره، يحاول الحفاظ على القليل الذي تبقى لدينا.

اليوم الكثير من الكلدان بينهم أساقفة لا يكترث حتى وإن جرى تهميش كل لغته وتراثه وثقافته وطقوسه وتم حرق حوذرته المقدسة او رميها في سلة المهملات.
 
وهكذا صرنا لا نميز بين المتشبث بهوتيه من لغة وطقوس وتراث وفنون وهندسة وريازة وأزياء وغيره وبين الذي يريد ليس تهميشها بل محاربتها علانية وإزالتها من الوجود.

"قبول الأخر" يعني عليّ ان أكون مؤهلا كي انضم الى الهوية فكرا وممارسة، أي ان ابداء بقبول نفسي اولا.

نحن لا نميز بين المذهب والهوية. وهذا امر سلبي جدا.

الأقرب الى الهوية لا بل صاحب الهوية هو الذي يحبها ويمارسها ويدرسها ويحافظ عليها من لغة وطقوس ورموز وتراث وثقافة وشعر وموسيقى واناشيد وتراتيل وفنون وآداب ونثر. هذا علينا قبوله وهو منا والينا، إن كان اشوريا او كلدانيا او سريانيا، وإن كان على مذهب الأجداد السليم والقويم او على مذهب الفاتيكان او على أي مذهب اخر.

المحك في القبول ضمن العقل الجمعي لشعبنا هو التشبث بلغتنا وما تكتنفه من الخصائص التي ركزت عليها أعلاه. الذي لا يملكها او يحاربها او يهمشها ويفضل هوية أخرى عليها، كما هو شأن الكثير من الكلدان ومعهم بعض رجال الدين الكبار، لا يحق قبوله ضمن نطاق هويتنا لأنه قد استبدلها بالهوية التي يمارسها.

وهذا المحك هو الذي يؤدي الى الوحدة، وحدة الهوية وليس المذهب. والذي يقول انه يريد الوحدة عليه التشبث بالهوية أولا، الهوية من لغة وطقوس وفنون وشعر وتراث وأناشيد وآداب وريازة وأزياء وهندسة وكل ما تكتنفه اللغة كوعاء ثقافي دونه لا هوية ولا قومية ولا وحدة ولا هم يحزنون.

78
يا رب خلصنا وشعبنا الكلداني وكنيسته الكلدانية "من الجراد والحشرات الدابّة والصرصر والحر الذي يحرق الزرع وخوف الليالي ..."

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

لقد اثار المقال الذي كتبته بعنوان "الكلدان في خطر!" الكثير من الردود والتعقيبات والمناقشات. وبصورة اجمالية كانت الردود إيجابية، أي ان اغلبها ترى في نهج ما يسمى "التأوين والحداثة والتجدد" خطرا وجوديا على الكلدان ومؤسستهم الكنسية. وهذا لا يعني انني لم اكترث للأصوات المعارضة. على العكس. قرأتها بتمعن واحترم مواقف وأراء كتابها.

وأحث كل أبناء شعبنا بتسمياتهم ومذاهبهم المختلفة الى الإدلاء بدلوهم. الموضوع مهم وحيوي لأن ما يسمى او يطلق عليه حاليا مصطلح "التأوين" او "لحداثة" او "العصرنة" وبالشكل والطريقة التي يتم فيها يشكل خطرا حقيقيا على الكلدان وكنيستهم.

 ولأن الكلدان مكون كبير وأصيل من مكونات شعبنا، لذا على الكل المساهمة في هذا الموضوع من خلال نقاش بناء كي نتمكن سوية وقف او درء هذا الخطر المحدق بثقافتنا ولغتنا وطقوسنا وارثنا وتراثنا وفنونا وشعرنا وأدبنا ونثرنا واعلامنا ووجداننا وذاكرتنا. إن فقدنا لغتنا وطقوسنا وثقافتنا وتراثنا بكل اشكاله وصيغه فقدنا مميزات وشروط تواجدنا كأمة وكنيسة مشرقية ذات خصوصية.

وكي أسهّل عملية قراءة هذا المقال الذي يتناول الثقافة واللغة والطقوس والتراث الكلداني، سأقدم ملخصا abstract للمواضيع والأفكار الرئيسية themes التي ترد فيه. الغاية هي جعله بقدر الإمكان دراسة اكاديمية علمية وفكرية وفلسفية وليتورجية بأسلوب صحافي سهل ممتنع. وهذا سيمكن القارئ متابعة المقال اما بقراءته كله دفعة واحدة، او قراءته على مراحل او انتقاء ما يود قراءته من فقرات.

ملخص المقال


يتناول هذا المقال ما ورد من تعقيب او ردّ تحت عنوان "الطقس الكلداني والتأوين واللغة والمستقبل" (رابط 1) المنشور في عدة مواقع ومنها موقعنا هذا بتاريخ 15/9/2015. وأتى هذا التعقيب او المقال ردا على ما كتبته ونشرته في موقع عنكاوة.كوم حصرا تحت عنوان "الكلدان في خطر!" (رابط 2).
سأحاول تحليل ما ورد في التعقيب أعلاه (رابط 1) تحليلا نقديا علميا قدر المستطاع. وفي هذا سأطبق نظريات علمية نستخدمها في تحليل الخطاب التي من خلالها نستطيع التوصل الى ما يخفيه النص وما يضمره والسياق الذي يأتي فيه. والنص أي نص مؤشر لخلفية وفكر وعقل ونهج وسياسة ومسيرة محددة.

وإن نظرنا الى النص (رابط 1) الذي نحن في صدده وحللناه لرأينا انه يمتاز بسردية narrative تحركها العاطفة وقراءة مجزأة لا بل فئوية (فردية individualistic) وغير ذي علاقة (عرضية irrelevant) تحاول تسطيح وحتى تشويه كل شيء تقريبا من اجل استراتيجية "التأوين" و"التجدد" و"الحداثة" – والتعابير الثلاثة الأخيرة تعابير تلطيفية euphemisms لما يمكن ان نطلق عليه خطة منهجية او سردية  نمطية premeditated or planned narrative معدة سلفا وبدقة لتهميش ومحو الطقس الكلداني بلغته وفنونه ونثره وشعره وعمقه في وجداننا وذاكرتنا كشعب كلداني وكنيسة كلدانية.

وهناك أيضا تشبث غير منطقي وغير علمي بهذه السردية التي تمثل جناحا صغيرا ولكنه مؤثر في صفوف الكلدان وكنيستهم. وهناك استغلال للنص والاقتباس لفرض نهج محدد وضيق وفردي للتأثير في السردية التي تجمع الكلدان كشعب وكنيسة ورموز تمثل وتعكس وعيهم ووجدانهم الجمعي society or community narrative . وهذا واضح من خلال الاقتباسات غير الموفقة والأمثلة التي لا يجوز ابدا الاعتداد والاستناد اليها ومن خلال سرد حوادث وتجيرها بشكل مضلل لتثبيت موقف غير سليم وإجراءات تشكل خطرا وجوديا على الكلدان وكنيستهم حاضرا ومستقبلا.

والنص الذي نحن بصدده دليل اخر على ان الساحة الكلدانية صارت مسرحا لسرديات تضليلية يحاول المتشبثون بمواقفهم الفئوية والشخصية لا سيما ضمن الهرم الإكليروسي ترسيخها. وعلى ما يبدو فإن غايتها هي فصل الكلدان عن كل ماضيهم وذاكرتهم ووجدانهم وذلك بطمس لغتهم وطقوسهم وتراثهم وفولكلورهم وأزيائهم وهندستهم وريازتهم وكل رمز يشير الى هويتهم وإطلاق توصيفات او سردية غير حميدة malignant narrative عليها. وهم في هذا الخط مصممون على السير غير عابئين للسواد الأعظم من الكلدان المتشبث بلغته وطقسه ورموزه وثقافته وتاريخه ومشرقيته رغم علمهم وإدراكهم ويقينهم ان سردياتهم هذه تشكل خطرا وجوديا علينا كشعب وكنيسة.

وكل سردية من هذه السرديات قد كرست لنفسها "فوجا" من "المؤيدين" و "كتاب المواقع الإلكترونية" والقراء من "المعلقين" على الكتابات بحيث صار من الصعوبة بمكان للقارئ المحايد لا سيما الكلدان الذين يحبون هويتهم ولغتهم وطقوسهم وفنونهم وثقافتهم وإرثهم ومشرقيتهم واعلامهم الفصل بين ما هو مضلل (حداثي، تأويني، تجددي) وبين وما هو اصيل، الذي إن خسروه خسروا اصالتهم كشعب وهوية وكنيسة ذات هوية وخصوصية.
والتحليل يفيد ان السردية هذه ليست وليدة اليوم. إنها ظهرت اول ما ظهرت في بداية الثمانينات من القرن الماضي على اكتاف عدد من الكهنة الشباب الذين وبشكل علني كانوا يهمشون ويزدرون لغتنا وهويتنا وثقافتنا وطقوسنا الكلدانية ولا يزال. واليوم يرفضون حتى أدائها وليس ترتيلها وجلبوا لا بل أقحموا ثقافة ولغة او لغات وطقوسا من عندهم وكما يناسبهم لمحو الأصيل الذي لا مثيل له.

وحصيلة التحليل تظهر ان الكلدان كشعب ومعهم مؤسستهم الكنسية التي كانت طوال التاريخ محافظة وحامية ومدافعة عن هويتهم ولغتهم وطقوسهم وإرثهم وليتورجيتهم وثقافتهم وتراثهم، هم حقا في خطر وجودي سيأتي على ما تبقى لهم ليس من خلال جيل واحد بل في غضون عقدين او ثلاثة من الزمن إن لم يستفيقوا وينهضوا ويضعوا حدّا وقبل فوات الأوان للسردية هذه المتمثلة بالتأوين والترجمة والتجدد والحداثة.

كلمة لا بدّ منها


قبل الولوج في خضم التحليل ومنهجه، اود القول إن هذا المقال وكل ما يندرج فيه يخص نهج وسياسة محددة لمناصري ومروجي فكرة التأوين والعصرنة والحداثة. فكما يعرف القراء فإن ولائي وحبي ومساندتي لكرسي اجدادي لا مساومة عليه ومن هذا المنطلق وقفت مع الكرسي واصطففت في صف الغيارى من الكلدان في الصراع الدائر من اجل الاستقلالية المؤسساتية والتنظيمية والإدارية للكنيسة الكلدانية.

ولكنني شخصيا أرى، وأظن ان الغالبية من الكلدان وإكليروسهم من المتشبثين بأصالتهم ولغتهم وطقسهم وثقافتهم ومشرقيتهم، وكما اظهر سيل التعليقات والتعقيبات وما وصلني من خلال الهاتف والبريد الإلكتروني، يتفقون مع توجهي وتفسيري للأصالة واللغة والهوية – هوية شعبنا بتسمياته وكنيستنا بمذاهبها – ويعارضون سردية التأوين والحداثة والتي كما سنرى ونلاحظ انها ترقى الى مصاف مؤامرة على لغتنا وثقافتا. ومن هنا كان لا بد من الكتابة والتنوير لإظهار اين هي حقيقة الأصالة وماذا وراء ما يطلقون عليه او يسمونه ليس اليوم ولكن منذ الثمانينات "الحداثة والتجدد والعصرنة."

المنهج

سيكون منهج التحليل بأخذ عينات من النص الذي نحن بصدده وتحليلها وتفسيرها حسب منهج التحليل النقدي الحديث ضمن السياق الذي اتت به وإظهار ان هذه العينات والفقرات والأفكار الأساسية لا سند لغوي وعلمي وأكاديمي ولاهوتي وفكري وفلسفي وثقافي وتاريخي لها وكذلك تعارض القوانين والمجامع الكنسية التي ثبتتها الشرائع والفقرات الواردة في اللوائح المعتمدة لدى الفاتيكان في العصر الحديث.

التحليل

أولا، القول إن طقوسنا ولغتنا وتراثنا الكنسي يعكس "طابع المزارعين" وأنها "صيغت لشعب مزارع" قول لا سند علمي له. ليس هناك في كل ما نقرأه من كبار العلماء والمفكرين واللاهوتيين والمختصين المحايدين عن طقوس كنيستنا الكلدانية ما يشير ولو من بعيد الى كونها "زراعية." هل بإمكان النص او أي من مؤيديه ان يأتي لنا مصدرا علميا رصينا محايدا يبرهن على "زراعية" تراثنا وطقوسنا ولغتنا وهويتنا؟ على العكس، كل المصادر تشير الى ان طقسنا وتراثنا وآدابنا ولغتنا الكنسية شمولية التوجه زمانيا ومكانيا. هذا الكلام الذي ينتقص من لغتنا وطقسنا وثقافتنا وتراثنا وهويتنا لا يعتد به لأنه أساسا يمثل توجه "الحداثيين" المشهود لهم كما سنرى عدم حبهم لطقسنا ولغتنا وتراثنا ليس اليوم بل منذ عقود. نحن بانتظار اقتباس علمي ذو إسناد أكاديمي من مصدر علمي مستقل وإلا تكون المقولة هذه باطلة.

ثانيا، اتفق مع المقولة ان ابائنا العظام افرام ونرساي وإيشوعياب "قاموا بعمل نبوي". ولكن إن كان الأمر كذلك لماذا يتم تهميشهم من خلال إدخال أناشيد ولغات مناسبة – أي كل يجلب من عنده ما يريد، أليست هذه فوضى – بدلا من استخدام هذه النصوص المقدسة النبوية وعلى أوسع نطاق؟ ومن ثم من هو ذو موهبة نبوية اليوم كي يحل محلهم؟ بمعنى اخر، من اعطانا الحق ان نلغي ونغير ونهمش الأصيل ونبدله بما يلائمنا ويناسب اذواقنا الشخصية وان نؤلف من عندنا كراريس وبلغات غير لغتنا وبصورة ركيكة مملة ومليئة بأخطاء لغوية وفكرية وفلسفية ولاهوتية ونضع اسمنا عليها ونفرضها على الكلدان؟
 
ثالثا، القول إن ما اتانا من "عمل نبوي" من ابائنا العظام رغم صحته يدرج في سياق مضلل لأنه بعد سطر او سطرين يذكر النص ان هذه الأعمال النبوية "تتناسب مع واقع زمانهم." هذا خطأ. ليس هناك مفكر او ناسك او عالم او أكاديمي او عالم ليتورجيا مختص بطقسنا او بتحليل النصوص او لاهوتي محايد (ضع خطين تحت محايد) او مؤمن (ليس متدين) يقول إن ما اتانا من اباء كنيستنا يلائم واقع زمانهم فقط. إنه يلائم زماننا أكثر من زمانهم وصلواتهم وتراتيلهم شاهد على ذلك وهذا ما يؤكده كل من قرأ ويقرأ لهم من كبار المفكرين الغربيين وغيره. إن كان هناك مصدر علمي أكاديمي لاهوتي يؤيد ما ذهب إليه النص فأتونا به وإلا تكون المقولة هذه أيضا باطلة.

رابعا، منذ الثمانينات، عندما اخذ بعض الكهنة الكلدان الشباب على عاتقهم تهميش الطقس واللغة والتراث الكلداني وحتى اليوم وهم متشبثون بهذا لاقتباس اليتيم: "يا رب خلصنا من الجراد والحشرات الدابّة والصرصر والحر الذي يحرق الزرع وخوف الليالي ..." وجعلوه بمثابة "قميص عثمان" ولازمة يرددونها كتبرير لما اقترفوه من ظلم وما الحقوه من أذية بهويتنا ولغتنا وأصالتنا الكلدانية وطقسها الذي يسمو على أي طقس اخر في المسيحية طرا. هل هذا النص اليتيم، الذي لا يذكرون السياق الذي يرد فيه، عذر كاف لكي نقوم بحملة "حداثة وتأوين وعصرنة" لمحو كل ما هو أصيل؟ قبل ان ابرهن للقراء اننا اليوم في أمس الحاجة الى صلاة تتضمن نصا مثل هذا أكثر من أي وقت مضى، اذكّر القراء الكرام بما يرد في صلاة الوردية لدى الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.  وهذه الصلاة يرتلها كل الكاثوليك في الدنيا.  وهذه الصلاة التي تعد من أكثر الصلوات الغالية والعزيزة على قلوب اللاتين الكاثوليك تعود الى القرون الوسطى واتت تلبية لمجتمع زراعي اقطاعي استبدادي متخلف يتفشى فيه الفقر المدقع والأمية ولهذا يكثر فيها التكرار. في هذه الصلاة بالذات عبارات مريمية (مخاطبة او الصلاة امام العذراء مريم)، ونعرفها نحن الكاثوليك على ظهر القلب مثل: "أيتها الاستراحة اللذيذة، انت في التعب راحة وفي الحر اعتدال" و "اطردي عنا مخاوف الجن الخبثاء" و " يا وردة سريّة، يا أرزة لبنان، يا بُرجَ داود، يا بُرجَ العاج، يا بيت الذهب". السؤال: هل هناك أسقف لاتيني وقف او سيقف يوما مهاجما ومنتقدا هذه الصلاة بحجة انها كتبت لمجتمع امي زراعي اقطاعي او يطالب بتأوينها وتحديثها وعصرنتها لأنها لا توائم العصر او يقول إن العبارة التي نطلب من العذراء فيها ان تخلصنا "من هذا الوادي، وادي الدموع" يجب ان نغيرها الى وادي الكومبيوتر والقنبلة الذرية والسيارات المفخخة والهجمات الإرهابية؟ ما يحدث للكلدان ومؤسستهم الكنسية بحجة "التأوين والحداثة والعصرنة" شيء مخيف لا يطاق ولا يقبل به أي شعب له ذرة من الغيرة على لغته وأصله واصالته ووجدانه وذاكرته وهو يمثل خطرا وجوديا سينهيهم كهوية وأصالة وأمة وشعب وكنيسة وبفترة قصيرة جدا.

خامسا، وهناك في النص سردية أخرى ظالمة هدفها القاء اللوم على اللغة وكأن لغتنا – هويتنا – لغة غريبة دخيلة اجنبية فرضها علينا الاستعمار او من مخلفات الاستعمار وعلينا التخلص منها.  ومن هنا اتى الاقتباس من اللغة المحكية (السوادية الكلدانية vernacular) الساحرة في غير محله وجرى وضعه في النص لمجرد ذر الرماد في العيون. نعم العبارة اليتيمة التي يستشهد بها النص مليئة بألفاظ عربية وأخطاء ولكن ماذا عن النصوص العربية او لغات أخرى التي تجبرون الناس على حفظها وترتيلها وإدخال الذي يناسبهم منها ضمن الطقوس او التي يتم تأليفها دون وجه حق لأن هذا لا يجوز قانونيا وطقسيا وهي مليئة بالأخطاء كما ذكرنا وتفرضونها علينا؟ ام العربية او أي لغة أخرى أسمي واعلى مرتبة من لغتنا؟ والاقتباس هذا دليل فقر في اللغة لاسيما الكلدانية السوادية (او السهلية من سهل نينوى) vernacular. هناك مجموعة كتابات وتراتيل وأناشيد وآداب وفنون بلغتنا الكلدانية المحكية الساحرة لا تثمن هي نتاج نهضة غنية ولكنها قصيرة العمر ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يحفظها شعبنا على ظهر قلبه وفيها من السمو ما يرقى ويسمو بمئات الدرجات على الرتيب والدخيل والأجنبي الذي يُفرض علينا الأن. هل نذكركم بالأناشيد التي يحتويها كتاب واحد فقط المشهور باسم “داويذ كورا" وهو واحد من عشرات التراثيات في اللغة الكلدانية المحكية الساحرة؟ لماذا نستشهد باقتباسات لا تليق بالمقام ونهمش كل هذا الإرث العظيم ونفرض طقوسا عجيبة وغريبة ودخيلة وأجنبية مكانها؟

سادسا، وحتى كاتبنا المبدع وواحد من اعلام شعبنا الكبار وهو "إيليا ابو حليم" لم يسلم من الهجوم غير المبرر وغير العقلاني وغير المنطقي الذي يشنه بعض الكلدان – أقول بعض الكلدان وفي نفسي حسرة وحزن وقنوط وتشاؤم. هؤلاء يلصقون كل المثالب والنواقص والسلبيات التي في حداثتهم وتأوينهم وعصرنتهم بأصالتنا وتراثنا ولغتنا وكأنهم ليسوا منا وليسوا احفاد هؤلاء العظام. انظر كيف يقدس العرب السجع والقافية في النثر الذي وردهم قبل الإسلام وعلى لسان أسقف مسيحي وهو قس بن ساعدة وكيف انهم حتى اليوم يحفظون هذا النثر على ظهور قلوبهم ويدرسونه في المدارس وكثير منا على علم به: " يا أيها الناس اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا ..." هل سيقوم أي عربي يعتز بهويته ولغته وتراثه وطقوسه بتهميش قس بن ساعدة وهو أسقف مسيحي كما يفعل اهل التأوين والحداثة والعصرنة في صفوف الكلدان بالهجوم على واحد من كبار أدباءنا وشعرائنا ورواد لغتنا وطقوسنا المشرقية وهو إيليا أبو حليم بحجة ان نثره فيه "سجع": وهذا "السجع" يأتي فقط في مناسبة او مناسبتين من دورة طقسية فيها عشرات الملايين من الأبيات من الشعر الحر المقدس النبوي الذي استنبطه اجدادنا قبل ان تعرفه أوروبا بألف سنة وقبل ان يدخل العربية بألف وخمسمائة سنة؟ هل نأخذ الجزء اليسير جدا وهو شعر مقفى وليس "سجع" – رغم عظمته – كي ندين ونستهزئ ونزدري بالوجدان الجمعي لشعب وأمة وكنيسة؟ ومن ثم ما هذا القول الذي لا يليق بالمقام ان هناك "عبارات تحتاج الى فتّاح فال لفك لغزها." هل هناك أستاذ او أكاديمي يحمل شهادة عليا في الأدب واللغة والتراث يقول هذا عن لغته وتراثه وطقوسه وهويته؟ إن شكسبير وقس بني ساعدة واغلب الأدب والطقوس في الكنائس الغربية وفي كل انحاء العالم مليئة بعبارات تحتاج الى شرح وقواميس وحتى الكتابات الأدبية الحديثة تحتاج الى شرح. نحن نحتاج الى هامش بسيط في نهاية الصفحة كي نفسر للقراء ماذا تعني هذه الكلمات وليس الى "فتاح فأل". هذا هجوم اخر غير مبرر على لغتنا وثقافتنا وطقوسنا لم يقم به حتى الغرباء والأعداء ولكن مع الأسف أصبح على لسان بعض الاكليروس الكلدان واخرون من الكلدان الذين ينعتون لغتنا بلغة طلاسم. إنها طلاسم لأنننا غرباء عنها ولا نحبها. كانت السويدية طلاسم بالنسبة لي. بجهد بسيط صارت لغة اقرأها واتحدث بها وعندما ارتاد الطقوس في الكنيسة الكاثوليكية السويدية لم اعد اراها طلاسم ابدأ.  بدلا من القيام بالخطوة الأولى لتعلم لغتنا وتدريسها والتشبث بها والحفاظ عليها وطقوسها وتراثها وثقافتها نصبح جزءا مما يرقى الى ما اراه مؤامرة لمحوها ونعتها بأنها تحتاج الى فتاح فال وأنها طلاسم. أي امة ذات هوية وأصالة تقول ذلك عن لغتها؟ هل يقول الكردي اقوال مثل هذه عن تراثه ولغته التي اغلب نصوصها لا يستطيع قرأتها وفهمها دون مساعدة وهوامش وقواميس وتفاسير؟

سابعا، وردت بعض الأسماء الكلدانية اللامعة في النص ولكن ما هي الغاية من إيرادها؟ غالبية هذه الأسماء عدا واحد منها تقدس الطقس ولا تقبل تهميشه وحاولت جهدها لا بل قاومت التيار المسمى بالحداثي والتأويني مقاومة شديدة وحذرت من خطورته. ولنقف قليلا عند القس المرحوم يوحنا جولاغ وله فضل علي لأنني وغيري من الكلدان تعلموا على يديه لا سيما أداء الطقوس الكلدانية الساحرة بطريقة سليمة. وهنا أسال: من كان في الموصل يزدري ما يقوم به يوحنا جولاغ؟ ومن كان يصفه ويصفنا نحن المحبين للغتنا وطقسنا وتراثنا وأصالتنا الكلدانية بأننا من اتباع "الجراد ... والصرصر" ؟ ومن كان منذ الثمانينات قد رمى حوذرتنا المقدسة في سلة المهملات ويرفض الالتزام بها ... وغيره كثير؟ لست الوحيد الذي يتذكر القس يوحنا جولاغ وتحذيره لنا ومن خلالنا للكلدان قاطبة ان أصحاب الحداثة والتجدد والتأوين يشكلون خطرا وجوديا على الكلدان كأصالة ولغة وتراث وطقوس وإن سارت الريح حسب سفنهم لأنهوا كل شيء ولما ابقوا لنا شيء؟ ومن ثم، إن كان حقا إرث القس جولاغ مهمّا كما يدعي النص – وهو بالطبع جهد لا يثمن لأنه استخدم لغتنا المحكية الساحرة في اداء الطقوس بشكل عبقري مذهل – أقول لماذا لم تفرضوا الكتب والتراتيل التي حولها او بسطها simplify (لم يترجمها لأن اللغة واحدة) الى اللغة المحكية بدلا من قرار استخدام تراتيل مناسبة كل من عنده وبأي لغة يشاء وفرض صلوات بالعربية وكل اللغات على الكنائس في المهجر وغير المهجر بحجة الطلبات وغيره؟ الذي يفتخر بأصالته الكلدانية ولغته وطقوسه يتكئ على أمثال يوحنا جولاغ  وأفرام بدى وبطرس يوسف والأناشيد السحرية المقدسة لداويذ كورا وأغسطين صادق والعملاق  المطران اسطيفان بابكا وصاحب القيثارة بلغتنا المحكية الكلدانية الساحرة المطران توما بيداويد وغيرهم من الأعلام المعاصرين لأنهم حقا كانوا يمتلكون ناصية الأصالة وليس على الحداثيين الذين لا يعرفون اللغة ولا يعرفون معنى الأصالة بمفهوم الهوية واللغة والطقوس التي لا يجب التنازل عنها لأن التنازل عنها معناه الاندثار والفناء.

ثامنا، وهناك سردية ليست مضللة فقط بل مخيفة في النص لأنها تهاجم كل شيء ولا تبقي لنا شيء وكأننا امة خرجت للوجود البارحة. وهكذا يصل الهجوم الى الهندسة والريازة والأزياء التراثية ولا تستثني بطاركتنا الأجلاء الذين لولاهم ولولا جهودهم الجبارة لكنا قد خسرنا هويتنا ولغتنا وأصالتنا منذ زمن بعيد. كل شعب اصيل ومؤسسة اصيلة تفتخر بهندستها وريازتها وأزيائها التراثية عدا الحداثيون والمعاصرون والمجددون وأصحاب التأوين بين الكلدان. وفي الحقيقة أحيانا أتمنى الموت على قراءة سردية تقارن بين الزي التراثي لبطاركتنا الأجلاء وبين زي السلاطين العثمانيين المجرمين في إسطنبول. كيف يجرؤ كلداني ان يقارن بين زي يوحنا سولاقا ويوحنا هرمز وعبديشوع وغيرهم الذين يرتقون الى مرتبة القداسة وبعضهم سقط شهيدا وزي سلاطين الدولة العثمانية الذين كانوا ينتهكون اعراض المحارم ويقتلون أولادهم وابائهم وشنوا علينا حملة إبادة جماعية. أزياء بطاركتنا التراثية المقدسة لم تكن مشابهة ابدا لأزياء السلاطين العثمانيين المجرمين؟ هل يقبل كردي ان يقارن بين الزي التراثي للمرحوم مصطفى البرزاني وخنجره مع الزي الكردي الذي لبسه مرة صدام حسين في زيارة لشمال العراق ويتخذ ذلك حجة لتهميشه ام يحتفي الكردي بزيه التراثي ولا يقبل تهميشه ويرتديه كبار القوم لأنه واحد من رموز الهوية والذاكرة والوجود والوجدان؟ هل يستهزئ أي صاحب هوية واصالة بزيه التراثي ولا يقبل ان يلبسه مثلا في المناسبات ولا يبني متحفا له ويطلب من الناس والطلبة والتلاميذ والصغار والكبار زيارته للتعرف على الأصالة والهوية؟ أقول بمليء الفم إن ما يأتي من اذى للكلدان من الكلدان ذاتهم هو اليوم أخطر مما اتاهم من اعدائهم. وإن كان الزي والهندسة والريازة لا تدل على القداسة فمن يقول ان رميها وشطبها والاستهانة بها وتبديلها بالدخيل والأجنبي سيزيدنا قداسة ويقربنا من الله؟

تاسعا، من الظلم القول إن هجرة وتسرب الشباب الكلدان الى كنائس أخرى او تركهم للكنيسة سببه لغتنا وطقوسنا وأناشيدنا. هذا قول حق يراد به باطل. ليس هناك استبيان علمي أكاديمي عن سبب التسرب رغم ان البرهان العرضي يقول العكس تماما اذ يعزو التسرب الى التلاعب الكيفي بالطقوس ومغادرة اللغة. وهناك دليل اخر يقحم هذه المقولة حيث اليوم يهرب الكلدان من كنيستهم بسبب الفوضى الطقسية التي تزداد سوءا سنة بعد اخرى. في السويد مثلا اغلب الذين يرتادون الطقوس في الكنيسة الكاثوليكية السويدية كلدان ولكن الكنيسة السويدية لم ولن تقبل ان تؤن او تجدد او تعصرن طقسها او تحوله الى لغة أخرى إن فهمه الكلدان او لم يفهموه او إن فهمه حتى السويديون او لم يفهموه. حتى الكهنة تستوردهم السويد ومعها الكثير من البلدان الأوروبية الأخرى من الهند وبولندا وأفريقيا وهؤلاء عليهم اتقان السويدية وأداء الطقوس بالسويدية من تراتيل وأناشيد قبل ان يسمح لهم ممارسة الطقوس ولا يكترث أحد بوجود الكلدان في الكنيسة السويدية. وأغلب الطقوس تعود الى القرون الوسطى وهي مكتوبة بلغة سويدية كلاسيكية صعبة الفهم حتى بالنسبة الى السويديين ولم أرى أسقفا اسكندنافيا – وهذه المنطقة من أرقي مناطق العالم علما وتمدنا وتطورا وحداثة وعصرنة وتأوينا – يطالب بتأوين الطقوس وتغير اللغة القومية او السماح للكلدان باستخدام لغتهم او أي لغة أخرى غير اللغات الإسكندنافية في كنائسهم. وأيضا اسوق دليلا اخر. الحداثة والعصرنة بالمفهوم التضليلي القاصر لدى بعض الكلدان ليست وليدة اليوم كما قلت. طبّقها بعض الكهنة وفرضها عندما اعتلوا سدة الأسقفية في مناطق محددة. وكانت كركوك أكثر ابرشية عرضة للحداثة بالمفهوم الذي ذكرناه ولا تزال. فقط أقول إن كركوك بالذات صارت كعبة ومركز الكنائس الإنجيلية الحرة. شخصيا احترم كل الأديان والكنائس والمذاهب ولكن سقت هذا كي ابرهن بطلان القول إن التجديد والتأوين والعصرنة (أي الغاء الأصيل واستبداله بالدخيل) هو العلاج لكسب الشباب.

عاشرا، في النص اقتباسات كثيرة واتيت على بعضها. ولكن هذه الاقتباسات ليست في محلها وأسلوبها "التضليلي" (بمعنى كسب عاطفة وتأييد الناس لاسيما الذين لا دراية لهم بسياق هذه النصوص) جلي وواضح. وهنا سأركز على اقتباسين واحد حرفي verbatim – أي النص كما هو – والثاني يبدو أنه تعبيري paraphrase . النص الحرفي منقول من الأصل ومن المجمع الفاتيكاني الثاني. ولكن يجب ان لا ننسى ان المجمع الفاتيكاني لا يلغي القوانين الكنسية ومنها قوانين الكنائس الشرقية التي تطبق علينا وإلا لكان مبدأ المناطقية، الذي بموجبه لا سلطة للبطريركية خارج نطاق جغرافيتها المحدودة وحتى ضمنها هي مقيدة، غير ساري المفعول كما هو اليوم. القوانين الكنسية ومعها المجمع الفاتيكاني الثاني تعارض التلاعب بالليتورجيا على طريقة كل على راحته والأسلوب المناسب الذي يراه كما يحدث اليوم (انظر الاقتباس في الرابط  2). والتضليل واضح لأن الاقتباس الذي يعتقدون انه كعب او عقب اخيل  Achilles’ heel كي ينفذوا خطة حداثتهم وعصرنتهم لتهميش التراث واللغة والطقوس لا ينطبق على الكنائس الشرقية ذات اللغة والطقوس التي هي جزء لا يتجزأ من ثقافتها ولغتها وهويتها الوطنية. ولهذا الفاتيكان في العصر الحديث سنّ قوانين تحرم التلاعب بالطقوس الشرقية وفي المجمع الفاتيكاني الثاني ذاته حيث هناك قرار خاص من المجمع بخصوص "الكنائس الشرقية الكاثوليكية Orientalim Ecclesiarum (انظر رابط 3) الذي فيه من النصوص ما يحرم فيها ما يقوم به الحداثيون والمعاصرون من الكلدان في سعيهم لمحو وتهميش الطقس الكلداني ولغته. هذا هو الذي ينطبق علينا ويمنحنا كل حقوقنا الثقافية في الطقس واللغة وهذا هو الاقتباس الصحيح من مقررات المجمع. لماذا يتم تجاهله ولمصلحة من وعلى حساب من:
 
"6-  وليعلم الشرقيون كلهم علماً يقيناً أنه بإستطاعتهم بل يجب عليهم أن يحفظوا دوماً طقوسهم الليتورجية الشرعية ونظامهم، وألا تطرأ عليها تغييرات الا ّ بسبب تقدمهم الذاتي والعضوي. وعلى الشرقيين بالذات أن يحافظوا إذاً على هذه الأشياء كلها بكل أمانة. وعليهم أيضاً أن يحصلوا فيها معرفة أحسن، وأن يمارسوها ممارسة أكمل. وإذا ما أبعدوا عنها إضطرارياً، بفعل ظروف الزمان والأشخاص، فليجتهدوا أن يرجعوا الى تقاليد أجدادهم."

الاقتباس في النص الذي نحن بصده ونقوم بشرحه بإخضاعه لقوانين ونظريات علم التحليل النقدي للخطاب الذي ينقل من المجمع الفاتيكاني مضلل لأنه يريد ان يقول للكلدان إن ما يقومون به من تهميش للطقوس واللغة والتراث والثقافة إرادة فاتيكانية وهي ليست كذلك. وقد سمعت بعض الاكليروس الكلداني وهم يكررونه في كرازتهم ويتخذونه عذرا غير مقبول لتهميشنا ولغتنا وأصالتنا وطقسنا ووجداننا وينقله عنهم بعض افراد الجوقات واخرون من الكلدان كي يأتوا ويقحموا ما يرونه مناسبا، أي كل كما يريد ويشاء وباللغة التي يريد او يشاء. نحن لسنا عرضة الى حملة لمحو طقسنا ولغتنا وأصالتنا وارثنا وذاكرتنا وفنوننا وريازتنا وهندستنا الكنسية وأزيائنا التراثية وكل ما يميزنا كشعب وكنيسة وهوية بل نحن عرضة لحملة تضليل أيضا من قبل هؤلاء الحداثيون وأصحاب التأوين والتجدد.

وإن اتينا الى بعض الاقتباسات التعبيرية لرأينا انها تفتقر الى السند العلمي والأكاديمي ولا يقبل أي صاحب علم ومعرفة وصاحب شهادة ان يستند اليها للتعبير عن وجهة نظره او موقفه. وهذا الاقتباسات مثال حي لفرض السردية الفردية والانكفائية والعقل الفردي على السردية الجمعية والعقل الجمعي الذي يربط افراد امة وهوية ببعضها. من الخطأ بناء السردية استنادا على "قالت جدتي" و"قالت خالتي" ومن ثم اطبقها على سردية مجتمع وأمة ومؤسسة بمقام مؤسسة الكنيسة الكلدانية والأمة الكلدانية بأجمعها. اليس هذا ما نستشفه عندما نستند الى "أتذكر ان أحد الشمامسة شمس مع المرحوم والدي والذي لم يكن يعرف اللغة فعوضا ان يقرأ مزمور "نودْ (كذا) وشحن على (كذا) طوري (كذا) اخ صبرا: نودي وجكاني."  أولا، لا يجوز لأكاديمي وعالم وصاحب شهادة علمية معترف بها ان يقوم بكذا اقتباس ويبني عليه مواقف. ثانيا، لم يتمكن النص ذاته من نقل حروف وأصوات لغتنا السريانية المقدسة بصورة سليمة الى اللغة العربية حيث هناك خطأ صوتي في "نودْ" و "على" و "طوري." هل يقع احبارنا الذين نزدري زيهم التراثي بأخطاء كهذه؟ وأين هذا من التراث والعمل النبوي الذي هو قمة في الإبداع اللغوي والأدبي والفكري والفلسفي والمسيحاني واللاهوتي واللغوي؟ والاقتباس الأخر ايضا لا يجوز سرده لأن أولا لا نستطيع البناء عليه ولا الحصول على أي استنتاجات رصينة من خلاله ومن ثم لا يقبل به أي عالم او أكاديمي يصبو الى الرصانة والعلمية والمصداقية. هذا لا يجوز البتة. اقوال كهذه لا يبنى عليها ابدا: "بعد قداس (ململم) وموعظة مقتضبة وقفت امرة (كذا) أستاذة جامعية وقالت بأعلى صوتها: سيدنا نريد طقسا قصيرا نفهمه/ مليئا بالمعنى يعطينا وسط صعوباتنا املا ورجاء." كأكاديمي اشتغل بالتحليل النقدي للخطاب أقول جازما هذا ليس اقتباسا حرفيا وأن الأستاذة الجامعية هذه ربما قالت شيء ولكنها لم تقل هذا بالضبط وسأصدق فقط إن كان الحديث مسجلا. ومن ثم انا ايضا أستاذ جامعي وفي واحدة من أرقي جامعات السويد والسويد أرقي بلد في العالم من حيث الحداثة والعصرنة والتأوين والتجدد والتمدن أقول إن التجديد الذي يحدث الأن كارثة لا بعدها كارثة وان هناك عشرت الالاف من الكلدان وأبرشيات كبيرة وأساقفة وكهنة ومئات الشمامسة يريدون الحفاظ على لغتهم واصالتهم وطقوسهم وثقافتهم وفنونهم وتراتيلهم النبوية الأصيلة كما اتت من ابائنا القديسين فهل ستستمعون لنا وتستشهدون بأقوالنا وتأخذونها دليلا للكف عن الحملة الواسعة لمحو تراثنا ولغتنا وطقوسنا وهويتنا؟ وإن قلت إن هناك أكثر من عشرين تعليقا على مقالي بعنوان "الكلدان في خطر" مؤيدة لما ذهبت إليه فهل سينظر "الحداثيون" في هذا؟ وان قلت إنني تسلمت عشرات وعشرات الرسائل من الشمامسة الكلدان وبعض الكهنة وبينهم أساقفة يشيدون بالمقال فهل سيذكر أصحاب "التأوين " هذا الأمر ويأخذونه بعين الاعتبار ام انهم في طريق محوهم لأعز ما نملكه كأمة وشعب وكنيسة ووجدان وذاكرة وتاريخ سائرون؟

كلمة أخيرة


أوجه هذه الكلمة الى الكلدان الغيورين والمحبين للغتهم وطقوسهم وثقافتهم وفنونهم وليتوريجتهم كما اتتنا من ابائنا القديسين ومعهم الأساقفة والأبرشيات والخورنات التي تحاول جهدها درء هذا الخطر الوجودي المحدق والوشيك وأقول إن الأمم لا تزول الا بزوال لغتها وثقافتها وطقوسها وأسوأ انواع الاستعمار الذي عرفته البشرية هو الاستعمار اللغوي والثقافي.

وكما ان موج البحر يمسح كل كتابة على رمل الساحل كذلك الغاء او تبديل اللغة والطقوس والتراث والفنون يمحي الهوية من الوجود. ألم تزول وتختفي امم وشعوب وصارت اثرا بعد عين فقط بزوال لغتها؟ الأمم تبقى حيّة مزدهرة ما دامت للغتها حافظة. هذه قاعدة علمية ونظرية أكاديمية برهن على صدقيتها التاريخ ويبرهن على صدقيتها الحاضر.

لقد اكتوينا ككلدان بنار الاستعمار الثقافي واللغوي مرة عندما غزا المبشرون الغربيون أراضينا ومناطقنا وألغوا لغتنا وطقسنا وفرضوا لغة وطقسا دخيلا وأجنبيا على الملايين من اتباع كنيستنا. اين هم اليوم؟ من منهم يتذكر انه كلداني ومن منا يستطيع الادعاء او القول انهم كلدان؟

وهذا سيحدث بالضبط وبعد وقت قصير من محو لغتكم وطقسكم وفنونكم وأناشيدكم وتراثكم وريازتكم وهندستكم وأزيائكم التراثية أيها الكلدان ولن يمض وقت طويل حتى يقال كان هنا في يوم ما شعب يقول انه كلداني. اليس هذا ما نقرأه اليوم عن المناطق التي تم فيها محو طقسنا ولغتنا وتراثنا؟ ملايين الكلدان في المناطق التي تم استعمارها في العصر الحديث لغويا وثقافيا وطقسيا تحت مسميات مضللة وخادعة مثل التدين والحداثة والتأوين والقداسة والقرب من الله والبعد عن الهراطقة ليس فيها شخص واحد اليوم من يقول او يدعي انه كلداني غير الأطلال والمقابر (رابط  4 ). المفارقة هي ان الأجانب والدخلاء الغوا لغتنا وطقسنا ووجودنا كشعب وهوية في المناطق. اليوم نحن نفعل ذلك، أي بأيدينا نلحق كارثة أخرى بأنفسنا، أي على نفسها تجني براقش.

وأنا اقرع جرس الإنذار بقوة وشدة هذه المرة، كلي امل ان يقرأ الكلدان هذا المقال بعيون مفتوحة وأخص بالذكر أصحاب الحداثة والتجدد والتأوين ومن يناصرهم ويقف الى جانبهم من الكلدان. لهم أقول إن ما تقومون به خطير سيؤدي الى زوال شعب وهوية وامة وكنيسة مشرقية بهويتها ولغتها وطقوسها الذي قاتل اجدادنا من اجله واستشهدوا في سبيله.

والى كل محبي لغتنا وطقسنا وتراثنا وليتورجيتنا وفنوننا وأناشيدنا وتراتيلنا أقول علينا ان نردد اليوم أكثر من أي يوم مضى الاقتباس اليتيم من ليتورجيتنا الذي يتخذونه حجة لتهميشنا وأصالتنا ولغتنا وطقسنا ومشرقيتنا ووجداننا ضمن عشرات الملايين من العبارات المقدسة النبوية التي تضمها ثنايا عشرات المجلدات الضخمة لطقسنا. إننا حقا بحاجة ماسة إليها والتي تقول: "يا رب خلصنا من الجراد والحشرات الدابّة والصرصر والحر الذي يحرق الزرع وخوف الليالي ..." لأنها توائم حالنا وواقعنا اليوم ونحن نعاني الأمرين أكثر من موائمتها لعصرها وزمانها.

إنها حقا عبارة نبوية إن قارناها بما ورد في النص الذي نحن في صدده حيث يهاجم حتى خاصته واحبته الذين وقفوا الى جانبه وتعرضوا للإساءات والإهانة والشتائم بسبب مواقفهم لأن اغلب مؤيدي المقال المعنون "الكلدان في خطر" هم من وقف بجانب النص في صراعه مع المجمع الشرقي وأبرشية في المهجر وبعض الإكليروس. هل خاصتكم وأحبتكم هؤلاء حقا أنتم لستم بحاجة إليهم ولا الى فكرهم وثقافتهم لأنهم "يبكون على الأطلال" وأنهم "انبياء شؤم" ؟ هل هذا نص نبوي؟ هل الكلدان بحاجة الى نصوص حداثية مؤونة ومعصرنة ومحدثة وبلغات شتى يفرضها عليهم فرضا من يرى الذين للغتهم وطقسهم وثقافتهم وتراثهم وفنونهم ووجدانهم وذاكرتهم وتاريخهم ومشرقيتهم مدافعون ومحافظون ومحبون على انهم سلفيون وعلى الأطلال باكون وانهم "انبياء شؤم" رغم انهم من صحبته واحبائه ورعيته ومناصريه؟

الخيار خياركم أيها الكلدان بين مار افرام ومار نرساي وإيليا وطيمثاوس وشمعون برصباعي وقيوما وداديشوع وايشوعياب وبابي وبابا الكبير وداويذ كورا والمطران العملاق اسطيفان بابكا والمطران أفرام بدى والقس يوحنا جولاغ والمطران توما بيداويذ صاحب القيثارة المكتوبة بلغتنا المحكية الساحرة ومعها داويذ كورا وتراثيات أخرى كثيرة تمثل وجداننا ولغتنا وذاكرتنا وثقافتنا وطقوسنا وغيرهم من العمالقة والعظماء من ملافنة واباء شعبكم وكنيستكم الذين في غياب نصوصهم ولغتهم لا تبقى ذاكرة لنا كشعب وأمة وكنيسة، وبين أصحاب الحداثة والعصرنة والتأوين الذين يهدمون ويمحون ويزيلون ذاكرتكم.

وامل أيضا من القراء الكرام ان يتم التعليق والمداخلة على الموضوع ضمن سياقة وضمن نطاق النقاط والأفكار الأساسية التي وردت فيه.

وشكرا لصبركم.

------------------------------
رابط 1
http://saint-adday.com/permalink/7879.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=791774.0
رابط 3
http://www.christusrex.org/www1/ofm/1god/concili/vaticano-II/orientalium-ecclesiarum/index.htm
http://www.christusrex.org/www1/ofm/1god/concili/vaticano-II/orientalium-ecclesiarum/1-11.htm
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=792808.0
   



 

79
المنبر الحر / الكلدان في خطر!
« في: 11:42 13/09/2015  »
الكلدان في خطر!

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد


توطئة

نحن كشعب بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة نمر في مرحلة خطيرة. ولكن الخطر الذي يداهم الكلدان، وهم مكون اصيل من شعبنا، خطر وجودي. ان لم يستلحق الكلدان ويشمروا عن سواعدهم، فإن وجودهم كشعب ومؤسسة كنسية وثقافة وليتورجيا وهوية وطقوس ولغة سيصبح في خبر كان.

والمتابع لما اكتبه لا بد وأن لاحظ انني اربط وجود أي شعب او امة او هوية او قومية بالتشبث بالثقافة والتقاليد والطقوس ومن ضمنها الآداب والشعر والفنون والغناء والأناشيد وحتى الأزياء وأسلوب الحياة الذي يتراكم بالتراكم الثقافي الذي يميز امة عن أخرى.

وخير ما يمثل الثقافة هي اللغة وما تكتنزه لنا من شعر وعلم وأدب وطقوس وفن وليتورجيا واعلام وغيره. قد يتمكن العدو من قتلنا جسديا وتهجيرنا – وهذا ما يحصل الأن لنا كما حصل ذلك طوال التاريخ.

بيد ان قتل الجسد والتهجير والاضطهاد – الذي كان ولا يزال جزءا من تاريخنا ووجودنا – لا ينهي وجود امة وشعب وهوية. الذي يقتل شعب وامة هو الذي يقتل الثقافة والطقوس والهوية المتمثلة باللغة وما تكتنزه حسب تعريفنا اعلاه.

اليوم الكلدان ثقافة ولغة وليتورجيا وطقوس وهوية في خطر. ومع الأسف أرى ان الخطر المحدق بالكلدان من حيث ثقافتهم وهويتهم ولغتهم وليتورجيتهم وطقوسهم وادبهم وشعرهم وفنونهم وغيره يأتي من داخل البيت الكلداني ومن ذات المؤسسة التي واحد من واجبتها يجب ان يكون كما كان طوال التاريخ الحفاظ على الطقوس والهوية والثقافة واللغة رغم الشدائد والهزات وحملات الإبادة والاضطهاد والتهجير الذي تعرضنا له ونتعرض له.

وما حفزني على كتابة هذا المقال وقرع جرس الإنذار هو ما ورد في اخر بيان او مقال في موقع البطريركية الكلدانية في الإمكان الاطلاع عليه على الرابط 1 ادناه لا سيما الحقل تحت عنوان: "مسألة الطقوس الكنسية" والذي أدرجه ادناه:

"طقوسنا كانت بالسريانية الشرقية وبعضها ترجم الى العربية والى السريانية المحكية ( سورث). أما اليوم فإن الغالبية لا تفهم هذه اللغة، ليس فقط من المؤمنين، لكن لا يملك ناصيتها العديد من الكهنة ممن يمارسون الصلوات الليتورجية باللغة الطقسية الأصلية. المؤمنون بحاجة لا فقط الى ترجمة الطقوس ترجمة حرفية، بل الى التأوين والتجديد لتتلاءم مع ثقافتهم الجديدة وحساسياتهم وواقعهم. فنحن بحاجة الى طقس مفهوم بالعربية والإنكليزية والكوردية والفرنسية والألمانية والفارسية والتركية والهولندية والفلامكنية.... الخ. وهذا ليس سهلا فمعظم طقوسنا تعود الى القرن السابع واعدت لمجتمع زراعي ولا تتماشى مع ثقافة المجتمع الجديد وعقليته وتنوعه. المهم ان نساعد مؤمنينا على الصلاة وليس على أداء طقوس غير مفهومة ولا تشدهم وتغني روحيتهم. الطقوس من اجل الانسان وليس العكس كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم.


السياق

وقبل الولوج في الموضوع من أوسع ابوابه اود القول إن ما اتى في السياق العام للرابط فيه نقاط مهمة وصحيحة وذات فائدة وتبرهن ما ذهبت اليه في كتاباتي في هذا المنبر. قد تحتاج الى بعض الشرح لوضعها في سياقها الصحيح.

وأمل ان يتسع صدر البطريركية للنقد. وأمل أيضا ان لا تتعجل بالرد كما هو شأنها اغلب الأحيان. الاعلام سيف بتار قد يرتد على صاحبه إن لم يستخدم بحكمة وروية.

وانا أرد على نقاط محددة، هذا لا يعني ابدا ان ولائي وحبي لكرسي اجدادي، كرسي كنيسة المشرق الذي تمثله رئاسات ثلاث اليوم – الكلدانية والاشورية والقديمة – قد شابه وهن او ضعف. لا مساومة على الولاء لكرسي ساليق/قطيسفون لأنني اعرف نفسي وهويتي – كما عرفتها أعلاه – من خلاله.

واظن ان الكثير من القراء – ان لم يكن كلهم – يضعونني في خانة المدافعين لا بل المستميتين في الدفاع عن كرسي بابل على الكلدان لا سيما في الصراع والأزمة التي لا زالت مستمرة حول السلطات والحقوق المؤسساتية للبطريركية على كافة الكلدان حيث تواجدهم لأننا اصبحنا شعبا مهاجرا يعيش اغلبنا في الشتات ومناطق متباعدة جغرافيا وغير مرتبطة ادارة وتنظيما ببعضها وتنسيقا ومنسلخة عن الرئاسة (الكرسي) في بلد الأجداد.

وأمل ان تنظر البطريركية من هذا المنطلق بالذات – أي ان النقد ادناه يأتي من محب لها ومدافع عنها. وفي الحقيقة انني أرى اغلب النقد الذي اتاها حتى الأن من هذا المنطلق. المؤسسة البطريركية بالنسبة للكلدان جزء من الوجود والهوية والثقافة حسب تعريفي لها.

استخدام الإعلام


بالطبع هناك الكثير من المقالات والبيانات الصحافية وغيره تصدرها البطريركية، واعلاميا هذا خطأ. اكاد اجزم ان عدد الردود والبيانات والتصريحات وغيره التي أصدرتها البطريركية قد يفوق ما صدر عن الناطق الرسمي باسم الحكومة في العراق او باسم حكومة الإقليم في كردستان العراق.

لن اتحدث عن أثر هذه التصريحات والبيانات والمقالات ولكن تحليلا خطابيا معمقا لها يظهر ان البطريركية في صراع دائم وعلى عدة جبهات في آن واحد. وأحيانا هي في صراع حتى مع نفسها. ولا تكاد تهدأ جبهة حتى تفتح جبهة أخرى.

وهذا دليل ايضا على ان البطريركية لا تكاد تنتهي من ازمة حتى تقحم نفسها في ازمة أخرى. وبدلا من التركيز على ازمة واحدة، تحاول معالجة عدة أزمات في آن واحد. ولن نجافي الحقيقة إن قلنا انها فشلت في حل او حلحلة أي من الأزمات التي تناولتها. خرجت من كل الأزمات وبعد صراع مرير مكسورة الجناح، ومنها الخلاف مع ابرشيات في المهجر والخلاف مع الفاتيكان المتمثل بالمجمع الشرقي ووزيره وغيرها من الأزمات.

الشعارات


وحتى الشعارات التي رفعتها والتي توسمنا خيرا فيها بقيت شعارات. لا الوحدة تحققت وأخشى انها لن تتحقق ولا الصلاحيات البطريركية المسلوبة والمناطق المغتصبة تم اعادتها. ولم يتحقق أي شيء من الأصالة.

بالعكس نحن مقبلون على خطر محدق والذي انا بصدده وهو التجديد والحداثة، بمعنى ان كل ما لدينا من ثقافة وطقوس ولغة وأناشيد وفنون وفلسفة ولاهوت تضمه ثنايا ليتورجيتنا وطقوسنا المقدسة هو "زراعي"، أي قروي متخلف علينا استبداله وتغيره وترك لغتنا وثقافتنا وطقسنا أي هويتنا واستبدالها بهويات (لغات) شتى (انظر الرابط 1 والاقتباس اعلاه).
 
الهجرة والشتات


لا اظن ان البطريركية حققت أي تقدم او نجاح يذكر في كل النقاط المذكورة في الرابط. الكلدان غالبيتهم في المهجر وليس بلد الأجداد. في المهجر كما في العراق هم مشتتون متباعدون حتى ضمن الدولة الواحدة ولم تحصل البطريركية على اية صلاحيات لتنظيم شؤونهم. بالعكس الأمور تشير الى تقليصها أكثر والصدام او الصراع المستمر والمتزايد مع الأبرشيات وبعض الالكيروس خير دليل وعدم التوافق والتباعد ضمن منطقة جغرافية واحدة في الإدارة والتنظيم واللغة والليتورجيا كما هو الحال في أوروبا مثلا دليل اخر.

اما الهجرة فليس بإمكان البطريركية ايقافها. نعم نقف اجلالا لما قامت به الكنائس بصورة عامة من اجل المهجرين ولكن كل الحلول وقتية ولن يمضي وقت طويل حتى يفرغ البلد تقريبا من كلدانه ومسيحيه.

الخطوط التي تمسك بالفوضى في المنطقة أكبر من حجمنا ومن حجم أي من مؤسساتنا بكثير وأكبر من حجم الحكومات هناك وحجم الأديان والمذاهب الكبيرة والقوميات التي تضم عشرات الملايين. نحن لسنا جزءا من الحل ولا المشكلة ولا تكترث أي مؤسسة او دولة غربية او شرقية دينية او مدنية لنا ولوجودنا وإن اجتمعنا بهم او اجتمعوا بنا وإن كتبنا لهم وكتبوا لنا فذلك لن يقدم او يؤخر في الأمر شيئا.

أمور إيجابية؟


بالطبع هناك افرازات ومخارج إيجابية لما قامت به البطريركية. كثرة خطابها الإعلامي ودخولها في حوار مع منتقديها كانت له ثمار طيبة رغم ان هذه الإيجابيات أتت عكس ما كانت تهدف اليه البطريركية. 

فمثلا، وبعد اخذ ورد وكتابات عارضها البعض بشدة وبأسلوب غلبته الشخصنة والمباشرة اعترفت البطريركية ذاتها ان هناك خط فاصل بين الكنيسة كرسالة انجيلية سماوية رسولية والكنيسة كمؤسسة أرضية حيث تؤكد البطريركية – وحسب معلوماتي هذه اول مرة – وبشكل شبه قطعي قائلة إنه "لا بد ان نميّز بين الكرسي الرسولي ودولة الفاتيكان". (رابط 1)

هذا امر جيد. لأن الكرسي يمثل رسالة السماء والدولة تمثل مؤسسة شأنها شأن أي دولة او مؤسسة أخرى. والفاتيكان حقا دولة، صغيرة ولكنها كبيرة ومؤثرة جدا، فيها مجلس وزراء ورئس وزراء ورئس دولة ووزراء الخارجية والمال والمستعمرات وفيها أيضا دائرة كبيرة بمثابة وزارة تعني بشؤون التجسس والمخابرات ولها علاقات وطيدة مع دوائر المخابرات والتجسس في العالم.

بيد ان البطريركية تفشل، في رأيي الشخصي ومن خلال قراءتي، في وضع الثورة الكلدانية ضد هذه الدولة ضمن سياقها التاريخي.

تقول البطريركية إن واحدا من البطاركة الكلدان العظام وهو "يوسف اودو قام بالتصدي الشجاع لهذه الظاهرة" أي ظاهرة ان تقوم دولة (دولة الفاتيكان) باستعمار مناطق وثقافات لا تعود لها بغية تطويعها وتغيرها وفرض ثقافة وليتورجيا وهوية بديلة دخيلة اجنبية عليها.

لقد كتبت عن هذه الثورة المباركة كثيرا وانا سعيد جدا ان ارى البطريركية اخذت بذكرها والتنويه بها. ولكن لنكن حذرين عند التعامل والتحدث واحياء هذه الثورة. أنها لم تكن من اجل السيطرة على كاهن هنا وكاهن هناك. كانت هذه الثورة من اجل الثقافة والطقوس والليتورجيا واللغة والهوية التي تميز الكلدان كشعب وكنيسة.

لقد نهض البطريرك الغيور اودو وثار ضد اللاتين وتدخلهم السافر في الشؤون الطقسية ومحاولتهم تبدليها والغائها وفرض اللاتينية محلها. هذا ما قاومه البطريرك بشدة ولولاه لكنا كلنا اليوم ومعنا كل الكنائس الشرقية الكاثوليكية لاتينية صرف من حيث الثقافة والطقوس.

نعم فشلت ثورته واسبابها كثيرة ولكنها نجحت الى حد ما في الحفاظ على الليتورجيا والطقوس والثقافة والهوية والفنون والاعلام الأناشيد واللغة كما اتتنا من ابائنا وقديسينا وملافنتنا العظام. ولكن قائدها خسر الصراع من اجل الاستقلال في إدارة وتنظيم مؤسسته الكنسية واضطر الى التنازل عن مناطق شاسعة وملايين الأتباع وخسر السلطة على الأساقفة. كان البطريرك اودو همه الأول الحفاظ على اللغة والثقافة الكلدانية والطقس الكلداني والهوية الكلدانية وحارب ودخل في صراع مرير مع دولة الفاتيكان من اجل ذلك.

لم يمس الكرسي الرسولي في روما ابدا، أي رسالة الانجيل، ولكنه كان قاسيا جدا على دولة الفاتيكان وحملاتها التبشيرية المدعومة من دول استعمارية لا سيما البرتغال حيث أطلق عليهم كلمات قاسية واوصاف يستحقونها مثل "الذئاب بلباس الحملان" و "الكروم الملعونة" و"المجرمين" فقط لأنهم ارادوا التلاعب بثقافتنا وطقسنا وليتورجيتنا ولغتنا ورموزنا واناشيدنا وانافوراتنا ومخطوطاتنا وفنوننا وريازتنا ودورتنا الطقسية وحوذرتنا وارادوا ان يرفعوا رموزنا ويضعوا محلها رموزهم اللاتينية. لن أسهب في هذا لأنني قد اشبعته نقاشا.

موقف البطريركية الحالية


موقف البطريركية من طقوسنا ولغتنا وليتورجيتنا الكلدانية التي قاتل من اجلها اجدادنا وثاروا على دولة الفاتيكان بسببها موقف خطير إن لم يتداركه أصحاب الشأن. البطريركية الكلدانية تعتقد لا بل تجزم، وهنا خطورة الموقف ان "معظم طقوسنا تعود الى القرن السابع واعدت لمجتمع زراعي ولا تتماش مع ثقافة المجتمع الجديد وعقليته وتنوعه." (انظر رابط 1 والاقتباس اعلاه)

أخشى ان البطريركية تعد العدة لإلغاء طقسنا وتبديله بحجة "زراعيته". وهل هناك شعب او مؤسسة صاحبة هوية تنعت تراثها وادبها وليتورجيتها ولغتها بأنها "زراعية"؟

أي ان مار افرام ومار نرساي وغيرهم من اعلام كبار وعظام ليس على مستوى شعبنا وكنيستنا بل على مستوى العالم وكنائسه الكبيرة والصغيرة ويشهد لهم بذلك الفلاسفة واللاهوتيون والمفكرون القدامى والمعاصرون من شتى الثقافات والكنائس "زراعيون" وما تركوه لنا "زراعي" علينا استبداله والغائه. وأن "مارن ايشوع" و "هاو دنوارنه" و "اوا دقوشتا" وكل الجواهر الثمينة التي نملكها وبدونها نخسر أنفسنا كشعب وهوية كنسية "زراعية". وكل كارزواثا "زراعية" وقروية فيجب تبديلها كما حدث بكتاب الطلبات بالعربية الذي فيه من الركاكة والممل والأخطاء فكرا ولغة وعلما وليتورجيا وتاريخا ما لا يجب ان يكون ولا يليق بكنيسة بحجم ومكانة كنيسة المشرق الكلدانية.

ما هو "الزراعي" فيما تركه لنا مار افرام ومار نرساي اللذان يعدان وبحق قيثارة الروح القدس ومن قبل كل كنائس الدنيا تقريبا. ومار افرام اليوم ترتل صلواته في الغرب ومنها صلوات الصبح "صبرا" وينشدها الرهبان في الأديرة في ارجاء العالم. فكيف صارت بقدرة قادر "زراعية" لا توائم العصر ويجب مسحها وتبديلها كما حدث مع الطلبات (كرزواثا) وغيرها مما تراه البطريركية مناسبا وهو غير مناسب وعصريا وهو غير عصري لأنه ممل ومكرر وملئ بالأخطاء ويفتقر الى الأصالة في الفكر والأسلوب والمتن والمحتوى وهو لا شيء لا بل صفر امام ما تركه لنا اجدادنا العظام الذين يشهد بأصالتهم وقدسيتهم ومواءمتهم لعصرنا بتنوعه الغرباء عن ثقافتنا وطقسنا ولكن بطريركيتنا تراهم "زراعيين".

 إن كان موقف البطريركية صحيحا فكل ليتورجيا الكنيسة الرومانية الكاثوليكية واغلب رموزها وطقوسها وفنونها وقديسيها يعود الى القرون الوسطى المظلمة حيث كان يسود الاقطاع الزراعي والظلم المؤسساتي الكنسي ومن ضمنها روائع الموسيقى الكلاسيكية الكنسية وفنون العمران والرسم والايقونات وغيرها. فهل سنسمي هذه الرموز والليتوريجا والاناشيد والموسيقى الكنيسة والطقوس والفنون التي تدرس في الكنائس وفي المدارس الحكومية وتتشبث بها كافة الكنائس الغربية ومعها المؤسسات المدنية وحتى الحكومات العلمانية لا بل تقدسها بأنها "اقطاعية زراعية ظلامية" وعلينا الغائها وتبديلها؟

اليوم بالذات المفروض ان نرتل صلوات عيد الصليب حسب الطقس الكلداني. وهذا سؤال موجه الى كل كلداني غيور على ثقافته وهويته ولغته، هل هناك منكم من يستطيع تأشير ما هو "زراعي" في طقس عيد الصليب؟ "الزراعي" هو فقط ما تم فرضه علينا من كتاب الطلبات وغيره من الأناشيد "المناسبة" واقحامها في طقسنا وليتورجيتنا بحجة الحداثة وهي بعيدة عن الحداثة والأصالة بعد السماء عن الأرض.

والعمود الفقري للطقس الكلداني هي روائع مار افرام وغيره من الملافنة والقديسين والأدب المريمي الذي لا مثيل له في العام. وكل هذه تدور حول الكتاب المقدس لا سيما مزامير داود، أي لا نستطيع ممارسة الطقس ابدا دون ان يكون للمزامير دورا رئيسيا. فهل المزامير "زراعية"؟ كنت أتوقع أي شيء ولكنني لم أتوقع ولم يدر في خلدي وحتى في الحلم انه سيكون هناك أساقفة كلدان ينظرون الى الطقس الكلداني نظرة كهذه.

طقوسنا مشتركة


ومن ثم نحن نشترك في هذه الطقوس مع كنائس وشعوب أخرى. احتراما للقدسية التي تنظر هذه الكنائس الى ما تراه البطريركية انه "زراعي" كان يجب عدم استخدام تعابير مثل هذه تنتقص من أغلى ما نملكه او ربما كل ما نملكه كهوية وثقافة وشعب وكنيسة ووجود.

إن هذا النهج خطير ويفتقر الى ابسط الأسس العلمية ويخالف النظرة لدى البطريركيات المشرقية الأخرى كاثوليكية او غيرها. فبطريرك الكنيسة السريانية الكاثوليكية يرى لغتنا الطقسية وليتورجيتنا وطقوسنا مقدسة ويؤكد على ذلك في كثير من المواقف.

وبطريرك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية يراها أيضا مقدسة ويوم تنصيبه كان احتفالا بهيّا بهذه الطقوس المقدسة التي ومع الأسف الشديد تسميها بطريركيتنا الكلدانية "زراعية" وتأخذ ذلك حجة غير سليمة وغير منطقية لإلغائها واستبدالها. والبطريرك السرياني الأرثوذكسي بدأ خطبة التنصيب بلغة اجداده واجدادنا – السريانية – مؤكدا على مكانتها الطقسية والوجودية في صفوف شعبنا وكنيستنا.

وبطريرك الروم الملكيين قال في طقسنا ولغتنا وما تركه لنا اجدادنا مثل ما افرام إن هذه الطقوس والليتورجيا بالنسبة الى المشرقيين المسيحيين هي مثل نهري دجلة والفرات لأرض ما بين النهرين، نستقي منها ونحيا فيها.

وهناك بوادر تغير وعودة للجذور الطقسية واللغوية لدى البطريركية المارونية ايضا حيث نلحظ زيادة ملحوظة في القداديس والمراسيم والطقوس للأناشيد الطقسية السريانية وجوقات تنشد فيها وتحيّها بعد ان كانت أصبحت شبهة منسية.

اما بطريركية كنيسة المشرق الاشورية والقديمة فالتزامهما بالطقوس لا مساومة عليه والحفاظ على ما تركه لنا اجدادنا بلغته وتعميمه وتدريسه جزء من الواجبات المؤسساتية.

القول إن بعض الكهنة لا يملك ناصية هذه اللغة عذر غير مقبول لأننا نعلم لماذا بعض الكهنة لا يتمكن من الطقس واللغة. هذا مرده الفترة التي تم رمي الكتب الطقسية واللغة الطقسية والحوذرا الطقسية في سلة المهملات في المعهد الكهنوتي وإطلاق تسمية "الجراد والصراصر" عليهما وبروز تيار "حداثي" لدى بعض الإكليروس الكلداني ذو فهم قاصر لمعنى الحداثة حيث لديهم وحسب تفكيرهم القاصر الحداثة تعني ضرب التراث والثقافة واللغة والطقوس عرض الحائط، وهذا ما لا يقبل به أي شعب او مؤسسة ذات هوية. ولكن هذا ما حصل ويحصل في الكثير من المناطق وأخشى ان يكون هذا هو التيار السائد في البطريركية. ولن أسهب في هذا كي نتجنب المباشرة. بدلا من التشبث بحجة عدم التمكن من ناصية اللغة علينا العمل على تدريسها وتعلمها وتعليمها.

التأوين وما أدراك ما التأوين


الحل لا يكون "بالتأوين والتجديد" لأن التجديد كما تريده البطريركية سيكون كارثة على الهوية لأنها تسعى الى استخدام كل اللغات ونحن لا نتجاوز عشرات الالاف من الكلدان من الذين نرتاد الكنيسة بصورة منتظمة. وهذا الأمر بالذات صار سببا للتسرب والتسيب حيث كل يوم لدينا طلبات واناشيد "مناسبة" مليئة بالأخطاء وركيكة اللحن والأداء والفكر والحبكة وركيكة اللغة بالعربية او غيرها ونحن في الشتات.

ان ترد كلمة او كلمتين تشيران الى الزراعة في طقوسنا لا يجوز ولا يحق لنا ان نأخذهما عذرا للهجوم على تراثنا وطقسنا. التجديد والحداثة لدى البطريركية صار هجوما على التراث واللغة والثقافة والطقوس وليس احياء لها.

ولهذا اليوم لدينا بطريركية كلدانية تكون الوحيدة بين البطريركيات المشرقية التي لم ترم حوذرتنا المقدسة جانبا بل الكثير من الرموز التي تميزنا وتشير الى ثقافتنا ومن ضمنها الزي البطريركي بينما كل البطاركة المشرقيين ملتزمي بأزيائهم.

اليوم لا يستنكف رئس الوزراء الهندي والماليزي والباكستاني والأفريقي من زيه ويرتديه في كل المناسبات.

وارى ان الاقتباس من القديس يوحنا فم الذهب الذي تكرره البطريركية ليس الأن ولكن منذ عقود في محاربتها للطقس في غير محله وخارج سياقه. يوحنا فم الذهب يقول إن رسالة الانجيل في المحبة والغفران والتسامح والعطاء تأتي قبل أي طقوس، أي انه لا يهاجم الطقس بالمفهوم البطريركي.

الطقس في خدمة الانسان وهويته وثقافاته.  وهذا لا يتنازل عنه الأفريقي الذي خرج للتو من الغابة الى الحضارة ويتشبث برموزه وطقوسه وتقاليده ولغته ويجعلها جزءا من ليتورجيته. فكيف بشعب علم الدنيا القراءة والكتابة والدورة الطقسية والأنافورا وغيره.

الطقس هو في خدمة الإنسان وثقافته وهويته وليس اضطهادا للإنسان وهويته. استبدال الثقافة والهوية والطقس واللغة وفرض ثقافة ولغة وطقس جديد بلغة غير لغتنا او طقس أجنبي ودخيل اضطهاد. كتابة طلبات من عندنا وبالعربية بركاكتها والقصور الواضح فيها مقارنة بما لدينا فكريا ولاهوتيا وفلسفيا وعلميا ومنطقيا كي تحل مكان الكرزواثا الطقسية اضطهاد. وتغير الطقس وكتابة أشياء جديدة وبلغات شتى اضطهاد.  يوحنا فم الذهب يريد ان يخدم الطقس هويتنا المسيحية وثقافتنا المسيحية وليس اضطهادنا، أي فرض ثقافة وهوية ولغة وليتورجيا دخيلة او جديدة علينا بحجج واهية.

خطر وجودي


لن يمض وقت طويل وسنرى ان الكلدان وكنائسهم وابرشياتهم كل له طقسه وبلغته الخاصة وكما يناسبه. ما هو الداعي الى تحويل القداس والليتورجيا الى اللغة السويدية والإنكليزية والفلومنكية والهولندية والفرنسية والدانماركية والفنلندية والالمانية وبأسلوب ركيك ورتابة وملل كما هو شان ما يأتينا بالعربية حاليا؟ اليس من الأحرى ان يحضر الكلدان القداديس والطقوس التي تقوم بها الكنائس الكاثوليكية في هذه البلدان وبلغاتها القومية؟

وهل الطقس من اختصاص البطريركية دون استشارة أصحاب الشأن؟ هناك في كنيستنا الكلدانية أساقفة كبار ومختصين لهم باع بالطقس ولهم إمكانية هائلة في فهمه وتفسيره وقراءته وانشاده وتدريسه؟ لماذا لا تلتجئ البطريركية إليهم لأحياء طقوسنا بدلا من الاتكاء في كل شيء على نفسها وكأنها مختصة في كل شيء؟

وما تقوم به البطريركية من تجديد لأنها ترى ان ما لدينا "زراعي" لا يلائم العصر شيء غريب وعجيب. كل الأدب العالمي تقريبا والذي يأخذ بألباب الدنيا يتكئ على الطبيعة. فهل نذمه ونلغيه لأنه زراعي؟

وموقف البطريركية يعارض مواقف اخرى لأساقفة كلدان اخرين الذين يرون ان طقوسنا مقدسة ويجب الحفاظ عليها لا سيما جواهرها التي لا تثمن.

وصفة لمشاكل قادمة


هذا الموقف ضد الطقس ولغته أخشى انه سيحدث شرخا اخر في الكنيسة التي أساسا لا زالت تعاني الأمرين ولم تفلح البطريركية حتى الأن في حل أي من معضلاتها ومشاكلها وما أكثرها.

إنه حقا وصفة لمشاكل كبيرة قادمة لأن الخلاف مع ابرشيات المهجر او لنقل بعضها ومع الأبرشيات الأخرى أساسه ثقافي لأنها ترى بالعين المجردة ان البطريركية ماضية دون هوادة في تهميش لا بل إزالة الطقس الكلداني ولغته من الوجود لأنه "زراعي" وهذا غير صحيح ابدا.

واظن ان البطريركية في موقفها هذا من الثقافة واللغة والطقس الكلداني ستزيد في مكانة معارضيها ومتحديها متانة لأنها تقدم لهم الدليل على انها لا تكترث للطقس والثقافة واللغة والهوية بينما الكلدان بصورة عامة يرغبون في الحفاظ على طقسهم ولغتهم وسيناصرون ويهرعون لمساندة كل من يلتزم بها ويعلّي من شأنها وليس الذي يهمشها ويصفها بأنها "زراعية".

مفارقة كبيرة


ومن ثم فإن المقولة والموقف هذا يتعارض أساسا مع نهج الكرسي الرسولي في الفاتيكان في العصر الحديث. وانقل هنا ما اتي في مقال لأسقف كلداني محب لطقسه وليتورجيته وهو ينقل من قوانين الكنائس الشرقية والذي يتعارض مع الموقف السلبي للبطريركية ضد الطقس الكلداني (رابط 2).

ق. 39- إن طقوس الكنائس الشرقية يجب حفظها ودعمها بورع، لكونها تراث كنيسة المسيح بأسرها، يشع فيه التقليد المنحدر من الرسل عن طريق الآباء ويؤكد بتنوعه وحدة الايمان الكاثوليكي الالهية.
ق. 40 بند 1- على الرؤساء الكنسيين الذين يرأسون الكنائس المتمتّعة بحكم ذاتي، وعلى جميع الرؤساء الكنسيين الآخرين أن يُعنوا عناية بالغة بصَون طقسهم بأمانة وحفظه بدقّة ولا يقبل ايَّ تغيير فيه، ما لم يكن في سبيل نموّه الذاتي والحيوي، واضعين مع ذلك نُصب اعينهم المحبة المتبادلة بين المسيحيّين ووحدتهم.
بند 2 – على سائر الإلكليروس وجميع اعضاء مؤسّسات الحياة المكرّسة ان يحفظوا بأمانة طقسهم ويكتسبوا على الدوام معرفة له اعمق وممارسة أكمل.
بند 3- وكذلك على سائر المؤمنين أن يعزّزوا معرفة طقسهم وتقديرهم له، كما يجب عليهم أن يحفظوه في كل مكان، ما لم يستثنِ الشرع أمراً ما.
 


هذه القوانين ستكون سندا للمعارضة الحالية للبطريركية ومواقفها بصورة عامة وموقفها من الطقس الكلداني ولغته بصورة خاصة وبإمكان المعارضين الاستناد اليها في رفض ما تقوم البطريركية بتأليفه بالعربية كما أسلفنا وارساله كفرض على الكنائس لا سيما في المهجر حيث أساسا لا سلطة إدارية لها على الأبرشيات والخورنات.

لماذا لا نتشبث بهذا القانون ونتمسك به لأنه يمنحنا حقوقا ثقافية ولغوية كاملة ويحفظ هويتنا ولغتنا وطقسنا وليتورجيتنا وتم سنّه بعد ان شعر الفاتيكان كدولة بخطئه لا بل خطيئته لاسيما في اضطهاده للكلدان وطقسهم ولغتهم وتراثهم ومحاولاته وحملاته الحثيثة وأحيانا العنيفة لإزالة كل ما يمت للكلدان من طقس ولغة وفنون وثقافة وفرض اللاتينية محلها.

نريد حقوقا تعيد لنا السلطة على الكهنة في الشتات وهذا جيد ولكن هناك حقوقا قد حصلنا عليها من الفاتيكان فلماذا لا نمارسها.

أكرر ان الموقف هذا وما تقوم به البطريركية من اعمال لتهميش اللغة الطقس الكلداني والحوذرة الكلدانية والليتورجيا برمتها هي وصفة لمشاكل عويصة حيث لا يزال بعض الأساقفة ومعهم ابرشيات كبيرة ومعهم عدد كبير من الكلدان ينظر بامتعاض الى هكذا مواقف وممارسات واظن ان الموقف سيزيد من المواجهة بدلا من إرساء التوافق والسلام والمحبة.

دعوة

على الكلدان واساقفتهم وأكليروسهم ومعهم كل الأشقاء من المحبين لهويتهم وثقافتهم ولغتهم وطقسهم الذي قاتل اجدادهم من اجله ولم يتركوه او يغادروه او يستبدلوه في ظروف اقس بكثير من التي نحن عليها اليوم إضافة الى الذين يشتركون معهم في طقسهم المشرقي القيام بحملة توعية وحملة تواقيع لإثناء البطريركية عن نهجها والطلب منها الالتزام بلغتنا وطقسنا وليتورجيتنا الكلدانية كما اتت لنا من ابائنا القديسين. بدونها لا هوية لنا. بدون لغتنا وطقسنا وثقافتنا سنصبح كالشعب والمؤسسة الكنسية التي هي على قارعة الطريق، كل واحد يدفع بها بالاتجاه الذي يريده. وهذا ما يحدث الأن بالضبط حيث كل واحد يأتي بما يناسبه.

واختتم وأقول إنني ما زلت على ولائي للبطريركية والكرسي الرسولي الذي تمثله وامل ان تنظر البطريركية الى ما اتيت به في هذا المقال بعيون منفتحة وبقلب واسع.

وكذلك امل من الأخوة القراء ان يناقشوا متن الموضوع وما اتى فيه من نقاط ويتركوا مسائل التسمية والأمور الشخصية جانبا.
 

رابط 1

http://saint-adday.com/permalink/7786.html
رابط 2

http://saint-adday.com/permalink/7836.html






 





80
على شعبنا وكنائسنا التعامل بجدية مع مقترح البطريرك ساكو حول وحدة كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية رغم الأسئلة الكثيرة والفرضيات العديدة والجدل الذي يثيره

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد

توطئة

قدم البطريرك لويس روفائيل ساكوا أفكاره "الشخصية" حول وحدة كنيسة المشرق التي صارت مطلبا جماهيريا من مكونين أساسيين من مكونات شعبنا وهم الكلدان والأشوريين (رابط 1).

والبطريرك ساكو اتفقنا معه او اختلفنا قد أدخلنا في زمن جديد. له العديد من الصفات القيادية التي يبحث عنها أي شعب بوده النهوض بنفسه ومؤسساته.

ومع مكانته البارزة يعمل بتواضع. يكتب أحيانا ليس بصفته الجالس على واحد من أعظم الكراسي الكنسية طرا، وهو كرسي ساليق/قطيسفون، بل واحد منا له اراءه الشخصية يطرحها للنقاش في مواقع شعبنا شأنه شأن أي كاتب اخر.

وأظن ان كنيستنا المشرقية انجبت ثلاثة بطاركة عظام في القرون السبعة الماضية منذ انتكاستها الرهيبة علي يد المغول. الأول هو البطريرك يوسف اودو والثاني هو البطريرك بنيامين شمعون والثالث هو البطريرك ساكو، الذي نعيش زمانه.

ومن مميزات البطريرك ساكو انه يطرح أي مقترح حول مصيرنا كشعب وكنيسة أي وجودنا للحوار العام كي يتناوله الكل ويشبعونه نقاشا من خلال ما هو متوافر من وسائل إعلامية في متناول شعبنا وكنائسنا.

وهو بهذا، شأنه شأن القادة الكبار، يجس نبض الشارع ويعده لقرار مصيري او نقاشات مصيرية، وكأنه بهذا يضع مقترحاته وأراءه امام استفتاء شعبي.

والبطريرك ساكو يقبل النقد طالما كان ضمن الكياسة واللياقة الأدبية. بيد انه عَبَرَ كل حدود التواضع والتسامح عندما وصف بعض نقاده رغم تجاوز عباراتهم التي وصلت الى المباشرة والشخصنة بأنهم أبنائه ومن موقعه كأب لن يكترث ولن يرد وهو يحبهم دائما.

هدف الدراسة هذه

وبودي في هذا المقال تقديم افكاري الشخصية حول وحدة كنيسة المشرق بفرعيها الكلداني والأشوري. وفي هذا سأناقش الأفكار التي اتى بها البطريرك مستندا الى قراءتي الخاصة للوضع الحالي وفهمي لتاريخ هذه الكنيسة المشرقية العظيمة المقدسة الرسولية الجامعة وكذلك إدراكي الشخصي لطبيعة العلاقة مع الكرسي الروماني.

واظن ان صدر بطريركنا الجليل، الذي يدهشنا ويحتلنا باستمرار منذ جلوسه على كرسي اجداده في ساليق/قطيسفون الذي يشترك فيه مع اشقائه في الشقين الأخرين من هذه الكنيسة، سيتسع أيضا لأفكاري الشخصية وقراءتي الخاصة.

إنني شخصيا أقول دائما انا مسيحي مشرقي وكنيسة المشرق بلاهوتها وعقيدتها وفلسفتها وآدابها وشعرها ولغتها وطقسها وتقاليدها وموسيقاها وشعرها ونثرها وثقافتها وفنونها واعلامها وقديسيها ورموزها وشهدائها وريازتها واستقلاليتها هي وجودي وهويتي، ووحدتها حلم امل ان اعيشه واتحقق منه وافرح به قبل مماتي.

ولكن قبل ان ادخل في مناقشة الأفكار الشخصية التي اتى بها البطريرك، دعنا نعرج على بعض العلمية والأكاديمية كي نستند اليها للوصول الى حقيقة واقعنا الاجتماعي. الواقع الاجتماعي – أي من نحن وماذا نريد وكيف نصل الى ما نريد وما هي ظروفنا وامكاناتنا وطاقاتنا وما هو موقعنا وما هي هويتنا – لن نصل اليه بالعاطفة والتمني والشعور والأفكار والمشاعر الشخصية التي تنتابنا بين الفينة والأخرى.

كيف نعرف ونعرّف أنفسنا

نعرف واقعنا الاجتماعي من خلال اثارة أسئلة محددة ومحاولة الإجابة عليها ووضع فرضيات ومحاولة البرهنة عليها او تفنيدها. لا مكان للشعور والعواطف والأفكار الشخصية في معرفة من نحن وما هو واقعنا الاجتماعي. كل مقترح يفتقر الى فرضيات محددة واسئلة محددة يتم تجريبها والبرهنة عليها للوصول الى نتائج مرْضية قد يؤدي الى نتائج وخيمة إن تم تطبيقه.

ونعرف واقعنا الاجتماعي من خلال السياق أيضا. والتاريخ جزء جوهري من كل سياق. إننا نتاج تاريخنا وسياقنا. وأنا أعرج على التاريخ في هذا المقال او بالأحرى الدراسة المطولة غايتي هي فهم واستيعاب الحاضر الذي ولد من رحم الماضي.

تقديم مقترحات وأفكار شخصية بدون أسئلة وفرضيات معناه نحن لا زلنا نتكئ على المشاعر والأحاسيس والعواطف والذاتية وبعيدون عن الموضوعية والنزاهة والحياد. المشاعر والأحاسيس لن تحدد هوية أي مؤسسة او شعب او مجموعة كنسية او مدنية ولن تساهم في تعزيز استقلالية المؤسسة الرائدة فيه وهي المؤسسة الكنسية ولن يؤدي الى تحررها إن كانت تابعة. اليوم الدنيا تقاد من خلال فرضيات محددة والإجابة عن أسئلة محددة وسياقها التاريخي وواقعها الاجتماعي وليس المشاعر والأحاسيس.

المشاعر والأحاسيس والأفكار الشخصية البعيدة عن الفرضيات والحوار المتكافئ واسئلة ذات علاقة مباشرة بالواقع الاجتماعي لن تحدد هويتي ومشرقيتي وكذلك طبيعة الشراكة مع الكرسي الروماني.

وكثيرا ما نقرأ في هذا الموقع من يقول انني صاحب الهوية الفلانية او التسمية الفلانية او المذهب الفلاني لأن هذا شعوري وهذه احاسيسي وهذا موقفي الشخصي وهذه انفعالاتي او لأن والدي او جدي قال ذلك. العالم اليوم لا يكترث بماذا نشعر او نحس او ماذا قال جدي وأبي وعمي. العالم يتعامل مع الواقع الاجتماعي من خلال أسئلة محددة وفرضيات محددة.

فرضية بسيطة

أظن ان قرائي الكرام بأغلبيتهم الساحقة يدركون معنى الأسئلة والسياق (دور الماضي في تكوين الحاضر) ولكن ربما يتساءلون حول ما اعنيه بالفرضية. وهاكم مثال بسيط:

لو نزلت صخرة من قمة الجبل وسقطت في الشارع، هناك احتمال اصطدامها بعجلة وقتل سائقها وركابها. الأحاسيس والمشاعر والأفكار الشخصية لا تفيد ابدا في درء الخطر. علينا تقليل او الغاء باي طريقة ممكنة إمكانية سقوط الصخرة من الجبل في الشارع إن أردنا الحفاظ على سلامة وامن المواطنين وإلا فإن الصخرة ستسقط وتؤذي وتقتل وتجرح ولن تنفع كل مشاعرنا وأحاسيسنا وانفعالاتنا وأفكارنا الشخصية.

ولدرء خطر الصخرة، علينا القيام بحوار متكافئ لا يقبل سياسة التابع والمتبوع والسيد والعبد والشروط المسبقة ولا مكان فيه للمشاعر والعواطف من خلال إثارة أسئلة وفرضيات ودراستها للوصول الى حلول ناجعة للحفاظ على السلامة. وهذا يحتاج الى بحث متعدد المجالات من قبل باحثين في عدة اختصاصات. هكذا تفكر وتعمل الشعوب المتحضرة وهكذا يفكر ويعمل القادة الحريصين على شعوبهم وهكذا يفكر ويعمل المدراء الحريصين على مؤسساتهم وشركاتهم ودوائرهم.

ماذا عنا

اما نحن ومؤسساتنا المدنية والدينية وقادتنا المدنيين والدينيين غالبا ما نتكئ على العواطف والأحاسيس والأفكار الشخصية والانفعال وغياب الحوار الحضاري والمتمدن لتقرير مصير شعب ابي عريق علّم الدنيا القراءة والكتابة وكنيسة مشرقية عظيمة كانت لها انافورات وليتورجيا وفلسفة وعلوم وفنون وقديسين ومفكرين ولاهوتيين وأعلام وموسيقى وشعر وعلماء في شتى أنواع المعرفة "وقيثارة الروح القدس" عندما كان الأخرون يبيعون صكوك الغفران ويطبقون محاكم التفتيش.

ما هي هويتنا (خصوصيتنا)؟

 الهوية تتمثل بالثقافة والآداب والفنون والشعر والليتورجيا والموسيقى والأناشيد والرموز والأعلام والفلكلور والتقاليد والطقوس – كل هذه من أرقي ثمار الحضارة الإنسانية – التي تميز الشعوب (الهويات) عن بعضها. كل هذه الرموز التي تشكل هوية أي امة في الدنيا تختزلها اللغة. ولغتنا القومية لها من الفنون والرموز والأدب والموسيقى والتراث والليتورجيا والخصوصية ما لا تملكه أي امة أخرى. الذي حفظ لنا كل هذا لنا رغم الاضطهاد المريع الذي تعرضنا ونتعرض له من الكل دون استثناء في شرق الدنيا وغربها هو كنيستنا المشرقية المجيدة وليس غيرها.
 
وكنيستنا المشرقية كاثوليكية شأنها شأن الكنيسة الرومانية التي هي كاثوليكية. لهما انجيل واحد ولكن هويات مختلفة. هوية وخصوصية الكنيسة الرومانية او الكرسي الروماني لاتينية حسب التعريف أعلاه. وهوية وخصوصية كنيستنا او كرسي ساليق/قطيسفون مشرقية، حسب التعريف أعلاه.

ما هي الشراكة

يقول البطريرك إن "شركة الإيمان والوحدة مع الكرسي الروماني قاعدة أساسية وجوهرية للوحدة." هذا صحيح لأن الكنيستين ايمانهما سليم وقويم. ولكن لا يعرّف لنا البطريرك ماهية الشراكة ولا واقعها التاريخي والاجتماعي.

الخلافات بين كنيسة المشرق وكنيسة روما في مسائل الإيمان والإنجيل لفظية وحسب، وهذا ما يؤكده البطريرك. وهذا صحيح ومعناه ان الكرسي الروماني والكرسي المشرقي متكافئان ومتساويان في الإيمان والإنجيل. إذا، بأي حق يكون لأحدهما سلطة مؤسساتية (وهذا يشمل اركان تعريف الهوية اعلاه) على الأخر لا تحتويه بل تلغيه لا تقويه بل تضعفه؟

الشراكة تعني المساواة. هل هذا حاصل؟ المساواة بين الكراسي لأن، وحسب قول البطريرك وهذا صحيح – لا خلاف بينهما حول الإنجيل والمسيح وصليبه، وهذا هو الأهم، لأن الإنجيل والمسيح فوق الكل وفوق الكراسي؛ لأن الإنجيل هو الطريق الى السماء وليس الكرسي.

 وانا المسيحي المشرقي البسيط والجالس على أي كرسي مهما علا شأنه ومقامه سنقف امام الرب، صاحب الإنجيل، سوية. هو لن يفده كرسيه في الدينونة لأنه سيدان حسب اعماله. وأنا الإنسان البسيط لن اتكئ غير على اعمالي وليس على الكرسي ومن جلس او سيجلس عليه، أي كرسي كان. وهناك نصوص وآيات كثيرة تؤكد هذا وتسنده بالأدلة والأمثلة والبراهين.

 من هنا نستنج ان قراءة الإنجيل وممارسته هي الأهم في أي شراكة والأمور الأخرى دنيوية توقعنا في التجربة وكل يوم نصلي ونطلب "لا تدخلنا في التجربة." الشراكة في الإنجيل وعداها سلطة وجاه وامور مؤسساتية أرضية وكل مؤسسة سلطوية (لاسيما المؤسسات الكبيرة وعلى وجه الخصوص المؤسسات الدينية الكبيرة) تحاول فرض نفسها ومصلحتها ومنفعتها على الأخرين. السطلة تحارب وتتقاتل من اجل مصلحتها. والمؤسسة التي تسلم مقاديرها كي يحتلها او يدمجها الأخر ويفرض عليها تفسيره ومنهجه الخاص في النظام والإدارة مثلا وتهمش استقلاليتها تخون الأمانة.

جوهر شراكة كنيسة المشرق الكلدانية مع روما كانت انجيلية لعدة قرون وليس مؤسساتية ابدا حسب مفهوم المؤسسة أعلاه. ولكن هذه الشراكة لم تصمد لأن الطرف القوي نكث في عهده وتعهداته والبطريرك يقرأ التاريخ وهو واحد من اختصاصاته ولابد انه على دراية تامة بالانتفاضة والثورة الكلدانية العارمة التي قادها البطريرك يوسف اودو، رائد نهضة شعبنا، ضد الفاتيكان كمؤسسة لأنه ألغى الشراكة وفرض الطاعة العمياء والمطلقة في كل شيء حتى في ابسط الأمور المؤسساتية ولا زال (رابط 4).

فقدان الصلاحيات والحقوق واضمحلال دور وسلطة البطريركية تم بعد وأد هذه الانتفاضة الكلدانية المباركة ضد التدخل والسيطرة المؤسساتية الفاتيكانية. يكرر البطريرك في سجاله مع المجمع الشرقي ورئيسه ان الأخير يتبع سياسة المماطلة والتسويف (رابط 1) في علاقته مع مؤسسة الكنيسة الكلدانية والمراسيم البطريركية والسنهادوسية. ولكن هذا من حق الكاردينال اللاتيني (دائما اللاتين هم السادة) لأن سلطته المؤسساتية شبه مطلقة ومثبتة في قوانين وزارة المستعمرات التي يرأسها (في علم الخطاب نطلق على مسميات مثل "المجمع الشرقي" مصطلح تلطيفي، لأن تسميته شيء وباطنه شيء اخر تماما). الغرب برمته تخلى عن هكذا وزارة ومفاهيم وقوانين ومؤسسة الفاتيكان لا زالت متشبثة بها. والسؤال ما علاقة المماطلة والتسويف والتسلط المؤسساتي بهذا الشكل بالإنجيل والإيمان (الشراكة)؟

واظن ربما لم يبق مسيحي مشرقي بكافة المذاهب والطوائف لم يضرب عشره على رأسه للطريقة المهينة التي تعامل ويتعامل الكاردينال رئس المجمع الشرقي مع مؤسسة الكنيسة الكلدانية الى درجة بات الكثير من الكلدان يقول إن الكاردينال اللاتيني الغريب والدخيل هو البطريرك الحقيقي لأن في يده مصير الكل ومن ضمنهم البطريركية. لنكن واقعيين ونقول الحقيقة رغم مرارتها. هذه أسئلة وفرضيات لا بد من إثارتها والتعامل معها وحلها لصالح كنيستنا المشرقية في أي وحدة قادمة. ومسألة الكهنة وأبرشية سانتياغو خير دليل. نذكرها ونؤكد عليها لأنها مؤشر خطير على الضياع والبعثرة والاحتواء والذوبان.

مسألة الكهنة والرهبان "الهاربين"

فشلت البطريركية في تعاملها مع هذه القضية لأن سلطتها محدودة جدا وتكاد تكون معدومة. السلطة برمتها في يد الكاردينال مسؤول المجمع الشرقي. إن كنا نحن فقدنا استقلاليتنا منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بحيث صرنا اتباع وليس شركاء، لا اظن يحق لنا التفكير في وحدة او اتحاد مع كنائس مستقلة مؤسساتيا إن لم نحرر أنفسنا أولا؟
 
القاء اللوم على الكهنة وتعريتهم بالشكل الذي تم دليل دامغ على ان البطريركية لا استقلالية لها وهي بالمطلق تحت الحكم المؤسساتي للكاردينال ومجمعه الشرقي. هذا خطأ تاريخي كان يجب ان لا يقع ولكن هذا الواقع. الم يكن من الأجدر على البطريركية ان تحصل أولا على حقوقها المسلوبة وصلاحياتها المغتصبة بخصوص المناطقية ورسامة وعزل او إيقاف الأساقفة والبت في أمور الليتورجيا والرموز والأعلام وغيرها لا سيما التحرر من السلطة المؤسساتية الرومانية قبل صب جام الغضب على اخر وأضعف حلقة في الهرم الكهنوتي متمثلة بالرهبان والكهنة؟

هل الشراكة مع الكرسي الروماني حقا قوة

 ويقول البطريرك إن الشراكة مع الكرسي الروماني "هي قوة وليست انتقاصا ... لذا التفكير بفكّ ارتباط كنيسة المشرق مع كرسي روما خسارة كبيرة وضعف."

إن قرأنا التاريخ والواقع الاجتماعي مليا للكنيسة الكلدانية لرأينا حقا ان الشراكة كانت قوة في بدايتها وللحق والتاريخ كانت قوة هائلة قبل فترة الهجمة التبشيرية في حوالي منتصف القرن الثامن عشر وقبل الهجمة او بالأحرى الغزو اللاتيني الكاسح على المناطق خارج ما بين النهرين لاسيما الهند.

بعد هذا التاريخ صارت الشراكة نقمة على الكلدان والتاريخ شاهد وليس بإمكاننا تغيره لأنه موثق بالتفصيل اليومي وفي حوليات ورسائل ويوميات الرهبان والقسس والأحبار والبطاركة الكلدان، أي نحن شهود على النقمة التي حلت بالكلدان بسبب هذه الشراكة لا سيما عندما نكثت مؤسسة روما بكل عهودها ومواثيقها معنا.

عن أي قوة يتحدث البطريرك وبعض تفاصيل الكارثة التي اوقعها اللاتين بالكلدان لا زالت حيّة في اذهاننا وبعضنا شاهد عيان عليها لأن بعض تفاصيلها حدثت في منتصف الستينيات من القرن الماضي؟

لقد تحدثت عن هذا كثيرا والذي يريد الاطلاع بإمكانه مراجعة بعض المصادر المرفقة وكلها كلدانية المنشأ (رابط 4). هذا ليس من الماضي. إنه يعيش معنا لأننا نعاني منه وقضية الكهنة والرهبان جزء بسيط جدا من إفرازاته.

هنا وجريا على مواقف اجدادي من الذين ثاروا وانتفضوا على الظلم والطغيان انا لا أمس الكرسي الروماني لأنه مقدس شأنه شأن كرسي اجدادي. وهذا ما كان يفعله الرهبان والقسس والمطارنة والأحبار والبطاركة الكلدان حيث كانوا يصبون جام غضبهم على اللاتين وبعثاتهم التبشيرية ومجمع البروبغندا السيء الصيت سلف المجمع الشرقي وكارديناله الحالي.

ما قاله وسجله وأرشفه الكلدان ورجال دينهم (وهنا لا اذكر ما قاله ويقوله بقية الأشقاء المشرقيين) في الظلم المؤسساتي الذي وقع علينا من الفاتيكان ومجمعه الشرقي من السوء والقسوة حيث ترتعش له الأبدان ويوقف شعر الرأس ولا حاجة أن اعيد اقتباس بعض النصوص من مصادر حية من الرهبان والقسس والأساقفة والأحبار والبطاركة الكلدان حول المآسي والفواجع التي اوقعتها مؤسسة الفاتيكان بنا. فعن أي قوة نتحدث؟

المؤسسة الكنسية في أفول

وكنيسة المشرق الكلدانية بسبب هذه السياسات هي في افول منذ فشل الانتفاضة والثورة الكلدانية وأخشى انها ستنقرض إن لم يتحرك البطريرك وأساقفته ومجمعه ويستجمعوا شجاعتهم المشرقية مستنيرين برائد نهضة الكنيسة الكلدانية في العصر الحديث البطريرك اودو وبسرعة لاسترجاع كل حقوقهم المؤسساتية المغتصبة. أظن ان البطريركية على دراية بالأوقاف والمناطق التي سلبها اللاتين منا وهي على دراية بقوانين المجمع الشرقي التي أكل عليها الدهر وشرب وهي ميراث الاستعمار الأوروبي القديم وليس الحديث.

واليوم وبسبب هذه السياسات ضاعت الهند وضاعت المناطق وبإمكان أي أسقف او اسقفين تحدي البطريركية كما يحدث اليوم وكما سيحدث غدا إن أراد أي أسقف اخر السير في خطاهم وهذا جائز بالاتكاء على المجمع الشرقي لأن الصلاحيات لدى كرديناله وسكرتيره من اللاتين وليس البطريركية. نظام المناطقية وحتى الحبرية بالمفهوم المؤسساتي نظام استعماري تسلطي بحت لا علاقة له بالإنجيل والإيمان.

مثل الرهبان

ويحضرني مثل الرهبان مرة اخرى الذين وردت أسماؤهم في اخر تصريح (رابط 3). بعض هؤلاء أصدقائي وبعضهم تلامذتي ولكن ما هو الذنب الذي اقترفوه؟

كي يدرك الكلدان ومعهم اشقائنا الأشوريين وبقية المشرقيين المسيحيين ما يحدث وما هو الواقع الاجتماعي، ولو انني اظن ان الكثير لا يكترث او ربما سيقذفني بعض الأخوة بسيل من الشتائم والتجريح بدلا من تقديم حجج مضادة او تشغيل العقل لتقديم مبادرات عملية والإجابة على الأسئلة المثارة ومناقشة الفرضيات التي اوردتها، أقول إن سبب ما حدث لهؤلاء الرهبان هو المجمع الشرقي الفاتيكاني الأجنبي والدخيل لتدخله غير المبرر وغير المنطقي في الرهبنة الهرمزدية الكلدانية وهي جزء بسيط من كنيسة واسعة الأطراف بملايين الأتباع قبل اقتحامها من قبل اللاتين ومبشريهم.

وانا اتحدث كشاهد عيان لأن الرهبنة تعيش في عروقي وانا مدين لها بالكثير. في منتصف التسعينات من القرن الماضي جرت انتخابات ديمقراطية نزيهة في الرهبنة بعد رياضة روحية "وحلول الروح القدس" وتم انتخاب الراهب المرحوم شربل رئيسا عاما. ألغى سفيرة دولة الفاتيكان في بغداد الانتخابات برمتها وحوّل المجمع الشرقي الرهبنة الى حبرية أي خارج السلطة البطريركية.

اشتكى الراهب شربل رحمة الله عليه – وهو زميلي في الدير وصديق حميم– لدى البطريرك المرحوم بيداويد واجابه انه لا سلطة له على السفير ونصحه بالذهاب إليه والتفاهم معه. والسفير لا يتفاهم؟ وألغى السفير الانتخابات ونصب الراهب قرياقوس رئيسا عاما وفرضه على الكل شاء من شاء وأبى من ابى.

منصب السفير منصب دبلوماسي، شأنه شأن سفير أي دولة أخرى، ولكنه تقريبا الكل في الكل وقد تعاملت شخصيا مع سفيرين بحكم منصبي في بغداد وانا على علم كيف انهم يتدخلون تقريبا في كل كبيرة وصغيرة وبطرق لا تخطر على البال...

بعد فترة جرت انتخابات وفاز فيها الراهب مفيد وحدث ذات الشيء. هذه مؤامرات ودسائس ومماطلة ولا علاقة لها بالإنجيل والشراكة التي يمتدحها البطريرك. الراهب مفيد وغيره تركوا الرهبنة لأن مديرها وسيدها هو الدخيل والأجنبي والبطريرك لا حول ولا قوة له. وعندما ذهب الراهب مفيد مشتكيا للمرحوم البطريرك دلي، قال له: "اذهب للسفير. هو يقرر."

وبعدها جلبوا راهبا لبنانيا لا يعرف لغتنا وطقسنا وتراثنا، غريب عن ثقافتنا وهويتنا وخصوصيتنا ولغتنا، ونصبوه رئيسا واليوم الرهبنة تعاني وهي على شفا الانقراض. لمن نشتكي؟ من سيحمي الكنيسة المشرقية الواحدة من السفير؟

ذوبان

ويقول البطريرك "الوحدة لا تعني ذوبان هويتنا الكنسية الخاصة." وماذا ابقي اللاتين لنا من هوية او ماذا ابقينا لأنفسنا من هوية؟ وأين صار الطقس الكلداني الذي لا مثيل له في الدنيا وأين صارت الريازة وأين صارت اللغة وأين صار الملايين والملايين من الكلدان وكنائسهم وأوقافهم ومناطقهم ...؟

ما تبقى من الكنيسة الكلدانية (بعد ان استولى المبشرين اللاتين من مؤسسة الفاتيكان على تاجها وعروسها وأعني هنا الهند وغيرها) في طريقها او ان بعض مناطقها المتبقية صارت أكثر لاتينية من اللاتين أنفسهم.

 كل الأيقونات والصور والأعلام والقديسين والصلوات والطقوس والريازة والأناشيد والثقافة والأدب وغيرها صارت لاتينية تقريبا على حساب ليتورجيا مشرقية حوارية فكرية فلسفية تسمو على كل ما لدى اللاتين.

 إن كانت البطريركية حقا مهتمة بعدم ذوباننا لألغت كل ما اتانا من اللاتين واسترجعت كل ما اخذوه منا وفكت ارتباطنا المؤسساتي بهم لأننا كنيسة ذات خصوصية وهوية لا يجوز ان نلغي هويتنا لمصلحة هوية دخيلة وأجنبية. هذا لا يقبله اللاتيني الكاثوليكي ابدا. لماذا يقبله الكلداني المشرقي الكاثوليكي؟

شخصيا لا اشك ابدا بصدق ونزاهة البطريرك وحبه لكنيسته المشرقية وشعبه بأسمائه المختلفة ولكن لا نستطيع ان نستد الى المشاعر والأحاسيس والأفكار الشخصية لإنقاذ شعب وكنيسة وهوية لا سيما إن كنا في موقع الصدارة.

إن كان الكلدان ومؤسستهم الكنسية أصحاب هوية عليهم أولا وقبل كل شيء إحياء ثورتهم المباركة والاحتفاء بقائد هذه الثورة البطريك اودو. صاحب هوية الذي يقول انه يرفض الذوبان ويحافظ على الخصوصية، فإن كانت له خصوصية هي خصوصية الانتفاضة الكلدانية المباركة على الظلم الذي اتاهم من اشقاء لهم في الدين والمذهب. هل هناك امة ذات هوية لا تحي ذكرى انتفاضتها وثورتها وقائدها؟

فهل يتجرأ كلداني (علماني او اكليروسي) صاحب هوية ان يرفع صورة البطريرك اودو ويجعل من منطلقاته وثورته وانتفاضته ومشاريعه وصراعه نبراسا لما يجب ان تكون الهوية عليه ويطالب بإعادة الحقوق المغتصبة في كل شيء؟ الذي يقرأ الإنجيل ويرفع الصليب يجب ان لا يعتدي او يغتصب حقوق وصلاحيات وامتيازات الأخرين والأنكى انهم في شراكة وميثاق وعهد معه او في اقل تقدير هذا ما نتوقعه منه.

من هو الجريء بين الكلدان (علماني او اكليروسي) الذي سيقوم بطلب تعويض وإعادة كافة الحقوق والصلاحيات والمناطق والأوقاف الى أصحابها الشرعيين؟ الم يطالب ضحايا ممارسات وسياسات دولة الفاتيكان من الاعتداء الجنسي وغيره كثير من الكاثوليك اللاتين تعويضات ودفعت مؤسسة الفاتيكان صاغرة مليارات ومليارات الدولارات لهم ورفعت كل الغبن عنهم من خلال تشريعات حديثة تلبي متطلبات المدنية والحضارة الغربية المعاصرة؟ ام يحق للسيد الكاثوليكي اللاتيني ما لا يحق للتابع الكلداني الكاثوليكي؟ وهناك امثلة كثيرة جدا لا يتسع المجال لذكرها وهي في متناول اليد ومن خلالها باستطاعتنا اثارة الكثير من الأسئلة ووضع العديد من الفرضيات.

وهل يتجرأ المجتمعون في سبيل الرابطة الكلدانية في بغداد الأن الوقوف دقيقة واحدة على ارواح شهداء هذه الانتفاضة؟ وهل يتجرأ المجتمعون على اعتبار تاريخ انطلاق ثورتنا المباركة عيدا وطنيا ويضعون المذهبية والطائفية جانبا ويحاربون من اجل استقلاليتهم واستقلالية مؤسستهم الكنسية وهويتها كما عرفّتها في هذا المقال وكما عرّفها البطريرك اودو في حينه؟ وهل تجرأ أصحاب النهضة الكلدانية والتي صار بعضهم اليوم يصفها بنكسة على القيام بذلك؟

الطريق الى وحدة كنيسة المشرق

اظن ان اول لبنة لوحدة كنيسة المشرق تبدأ بفك الارتباط المؤسساتي ( (constitution للكنيسة الكلدانية بالكرسي الروماني والإبقاء على الشراكة الإيمانية كما كان ينادي الثوار الكلدان وقائدهم في حينه. عداه فنحن لسنا أصحاب هوية لأننا نضع المذهبية والطائفية والسلطة المؤسساتية للمجمع الشرقي وكرديناله وسكرتيره وسفيره ومبشريه ووعاظه فوق هويتنا كشعب وكنيسة.

ماذا بعد

وبعد هذا السرد هل يضمن البطريرك ان ما وقع على الكلدان من ظلم واغتصاب حقوق ومناطق واتباع وصلاحيات واحتواء لن يحدث لأشقائنا الذين بقوا على مذهب الأجداد السليم والقويم في حال دخولهم في "شركة" مع الكرسي الروماني؟ هل يضمن ان المجمع الشرقي وكرديناله وسفيره ومبشريه سيتركونهم بسلام وسيحافظون على استقلاليتهم المؤسساتية والتنظيمية والثقافية والليتورجية واللغوية مع شراكة إيمانية انجيلية مع الكرسي الروماني؟

هل سيضمن ان مؤسسة الفاتيكان لن تفرض عليهم المناطقية والحبرية بالمفهوم أعلاه وتفرض عليهم أيقوناتها وصورها وتساعياتها وشهورها وصلواتها واعلامها ورموزها ولاهوتها وتعليمها وكراريسها ومناهجها التعليمية وغيره على حساب هويتهم وخصوصيتهم المشرقية؟ هل سيضمن ان كلمة البطريرك ومجلس اساقفته ستكون هي العليا في كل الأمور المؤسساتية من رسامة الأساقفة والتعيين ولإيقاف والعزل والليتورجيا والطقوس والمناطقية والتقليد والتعليم وليس كلمة وزير المستعمرات ساندري مثلا؟

 وهل سيقبل بطريرك كنيسة المشرق الواحدة أي كان ان يكون وزير في الفاتيكان يتقدم عليه درجات في المكانة والتدرج والصلاحيات المؤسساتية وان يكتب له كي يحصل على موافقة تعميم كراس صلوات وإن حصل على موافقته وضعها بخط عريض في اول صفحة من القداس الإلهي كما حصل مع انافورة القداس الكلداني الجديد؟ الوضع الحالي في مؤسسة الكنيسة الكلدانية لا يطاق فيه ظلم وتبعية عمياء ومطلقة في كل شيء. فإن كنا لا نستطيع طبع كراس بدون موافقة وزارة المستعمرات فكيف سنضمن استقلالية الأخرين؟

وما هو ومن هو الكرسي الرسولي؟

والغريب لا نعرف ما هو ومن هو الكرسي الرسولي ولم يقدم البطريك تعريفا له في مقترحه الى درجة اختلط الأمر لدينا ونسينا اننا أصحاب كرسي رسولي في المقام الأول. اليوم ورقة مهلهلة من الكاردينال وزير المستعمرات يقال عنها انها قرار من الكرسي الرسولي او موافقة من الكرسي الرسولي كما حدث في ازمة الرهبان والكهنة؟ هذا خطاء. الكرسي الرسولي هو الشراكة بين الجالس على كرسي روما (البابا فقط) والجالس على كرسي ساليق/قطيسفون (البطريرك فقط). يجلسان سوية في حوار متكافئ ويقرران في المسائل الإيمانية الإنجيلية الخاصة بمشرقية كنيستنا وحسب. اليوم كل شيء من روما، مبشر بسيط ووزير وسكرتير وسفير وواعظ علماني كلهم صاروا كرسي رسولي. هذه ليست شراكة ابدا. هذا احتواء واستعمار مغلف بطابع ديني مذهبي وهذا ديدن كل المؤسسات السلطوية لا سيما الدينية والمذهبية منها.

فرضية جدلية

ويمكن إثارة سؤال او فرضية جدلية: إن كان بإمكان البطريرك تحصيل هكذا حقوق لأشقائنا الباقين على مذهب الأجداد في "الإدارة والقوانين والطقوس والتقاليد ... من خلال احترام صلاحيات البطريرك والسينودس" لماذا لا يحصلها أولا لنفسه كبطريرك ومجمع اساقفه ومؤسسة كنيسته الكلدانية لتعزيز هويتها ثقافة ولغة وليتورجيا ورموز وريازة وتقليد وطقوس وتنظيم ومناطق وغيره ويعيد كل الحقوق والصلاحيات والمناطق وملايين الأتباع الذين اغتصبوهم منا عنوة وبعنف مفرط يرقى في بعض تفاصيله الى جريمة ضد الإنسانية والثقافة الإنسانية وهذا بشهادة الأحبار والبطاركة الكلدان؟ حتى تقليد زواج الكهنة وهو جزء من مشرقيتنا سلبوه منا بطريقة ماكرة في بداية القرن العشرين. فرض البتولية على الكهنة جزء من الذوبان والاحتواء والاحتلال. هل سيقبل اللاتين ان يلغي بطريرك ساليق/قطيسفون بتولية الكهنة حسب تقليد وخصوصية وثقافة كنيستنا المشرقية ويرسم كهنة متزوجين لرعيته في أوروبا مثلا؟ وهناك بالطبع أسئلة كثيرة أخرى يجب اثارتها ومناقشتها وإيجاد حلول مشرقية وليس لاتينية لها.

وهناك الكثير الكثير من الأمور التي لا اظن ان البطريركية الكلدانية ذاتها باستطاعتها الإجابة عنها لأنها خارج نطاق صلاحياتها التي سلبها المجمع الشرقي منها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بمكر وخداع ومماطلة وتسويف لا يدركه ويمارسه غير عتاة ودهاة السياسة والاستخبارات. وهناك الكثير الكثير من الفرضيات لا حق لها كتابعة للمجمع الشرقي وكرديناله البرهنة عليها او تفنيدها او البت فيها وإلا لما كانت مسألة بسيطة تتعلق بعدد من الرهبان تأخذ كل هذا الوقت وحرق اعصاب وتسويف ومماطلة والنتائج كانت مكسبا كبيرا للمجمع الشرقي وكرديناله وصحبه (دهاة في السياسة وقيادة دولة ومؤسساتها) وخسارة كبيرة لمؤسسة الكنيسة الكلدانية وهيبتها ومكانتها وستكون لها تبعات مستقبلية لا أستطيع التكهن بها.

خاتمة

هذا ما أتت به قريحتي مستندا الى قراءتي لواقع كنيسة المشرق الكلدانية-الاشورية المجيدة. في رأي المتواضع احتوت الدراسة على اسئلة مهمة وفرضيات أساسية أوردتها ضمن واقعها الاجتماعي وسياقها التاريخي. أي وحدة لا تجلب الاستقلالية المؤسساتية ( constitution ) الكاملة لكنيسة المشرق ستكون لها عواقب وخيمة ونخسر بقية الخصوصية التي لنا ونذوب وننتهي.

وأي اتفاق لا يجوز ان يكون شفهيا كما حدث مع البطريرك اودو (رابط 4). المؤسسات الكبيرة سلطوية، لها مائة طريقة وأكثر لفرض نفسها وما تريد، وألف تفسير ونص وتشريع للهيمنة على الضعيف.

ولهذا يجب ان يكون أي اتفاق مع دولة الفاتيكان حول استقلالية كنيسة المشرق مكتوبا وموقعا من قبل البابا وفيه فقرة او فقرات تجعله القانون الأساسي وفوق أي قانون مؤسساتي اخر لدى المجمع الشرقي والفاتيكان.

ومن ثم يجب إيداع الاتفاق كوثيقة رسيمة معتمدة في الأم المتحدة واختيار هيئة حيادية من القانونيين خارج نطاق مؤسسة الفاتيكان ومشرعيها ومحاميها وهيئاتها الاستشارية من اللاتين للبت في أي خلافات محتملة في المستقبل.

لقد عانى شعبنا كثيرا من التبشير الغربي ولا يزال حتى هذا اليوم هدف هجمة تبشيرية غربية شرسة أخرى من قبل مؤسسة الكنيسة الغربية الإنجيلية ذات سلطة لا حدّ لها ومال لا يحصى والتي صارت بقدرة قادر واحدة من أكبر الكنائس في العراق على حساب مشرقيتنا المسيحية وهويتنا وخصوصيتنا.

واشكر القارئ الكريم لا سيما الذي صبر وقرأ الدراسة المطولة هذه برمتها وعذرا إن كنت قد سببت له أي عناء او مشقة في قراءتها.

-------------------------------------

رابط 1
http://saint-adday.com/permalink/7566.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,781808.0.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,784488.0.html

رابط 4
I.   للمزيد من التفاصيل الموثقة راجع رسائل البطريرك يوسف اودو ورسائل الأحبار الكلدان وراجع وثائق المجمع المسكوني (الفاتيكاني الأول). الكثير من هذه الوثائق متوافر للباحثين. كذلك هناك الكثير من الوثائق كانت في حينه في مكتبة دير السيدة ومار كوركيس ودير الابتداء في الدورة في بغداد واطلعت على بعضها شخصيا.
II.   لقد تم ترجمة بعض الرسائل التي كتبها البطريرك يوسف اودو واحبار كلدان اخرون ضمن كتاب: رسائل مار يوسف السادس أودو بطريرك الكلدان، تعريب وتحقيق المطران ابراهيم ابراهيم والشماس خيري فومية ،مشيكن 2010 .
III.   وكذلك انظر مؤلفات الأنبا شموئيل جميل حول علاقة الكنائس الشرقية بمجمع البروبغندا (الشرقي حاليا). وكان الأنبا جميل رئس عام الرهبنة الهرمزدية الكلدانية في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الكلدان، فترة انتفاضتهم المباركة ضد مؤسسة الفاتيكان ممثلة بمجمع البروبغندا. وبالمناسبة فإن البطريرك يوسف اودو كان راهبا في صفوف رهبنتنا الكلدانية. والجدير بالذكر ان بذور الانتفاضة الكلدانية ضد الاضطهاد المؤسساتي من قبل الفاتيكان ومجمع البروبغندا تعود الى الرهبنة الكلدانية.
IV.   وأيضا انظر حوليات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية، المجلد الأول 1808 - 1874




81
ماذا ينتظر كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية بعد ان هوى نجم من سمائها

ليون برخو
جامعة ينشوبنك
السويد

توطئة

لقد هوى نجم من سماء كنيسة المشرق برحيل البطريرك دنخا الرابع. وهذه سنّة الحياة. والحياة ستستمر وسيلتئم مجمع كنيسة المشرق – الشق الأشوري، سوركاذا حدثا – لإنتخاب خليفة له، هذه المرة في أربيل، في 2 حزيران 2015.

كنيسة المشرق واحدة من اعظم كنائس الدنيا. تاريخها يشهد على ذلك. تبشيرها الذي طرق ابواب الهند والصين واليابان وكوريا ومنغوليا يبرهن على ذلك.

 لغتها المقدسة – السريانية – وأدابها وطقوسها وأنافوراتها وفنونها وليتورجيتها ولاهوتها وفسلفتها وشعرها ونثرها تسموا في روعتها وبهائها وروحيتها ومسيحانيتها وحواريتها على ما لدى أي كنيسة اخرى، وهذا بشهادة اي مختص وعالم له إطلاع على إرث هذه الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة.

كان بطريركها (جاثاليقها) يجالس الملوك والخلفاء وكانت منزلته كبيرة جدا لدى اتباعه. وكان ابناء هذه الكنيسة يقرعون النواقيس ويخرجون وهم يحتفون بقدوم المرسوم البطريركي. وإن حضر البطريرك فكأن الدنيا امطرت منّاً وعسلا وسلاما.

وإلى تقريبا نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كان كل اتباع هذه الكنيسة بشتى مناطقهم في كافة انحاء العالم – وكانوا  عندئذ بالملايين – يتبعون كرسي بابل/قطيسفون. كان كل الأساقفة وإبراشياتهم من الهند إلى السند من الصين الى منغوليا ومصر وقبرص وتركيا وإيران وفي اي مكان من العالم تابعين ومطيعين لهذا الكرسي والجالس عليه.

إنقلاب على الشرعية

حدث إنقلاب على الشرعية البطريركية لكرسي بابل/قطيسفون في نهاية القرن التاسع عشر  حيث تم فرض مبداء "المناطقية" المجحف على الفرع الكلداني من هذه الكنيسة العظيمة ومنذ ذلك الحين والكنيسة في أفول.

جرى إغتصاب مناطق شاسعة من الشرعية البطريركة معها تقريبا كل صلاحياتها، وأزيلت بطرق غير حميدة اداب وثقافة ولغة وطقوس هذه الكنيسة من هذه المناطق عنوة  وأستبدلت بالأجنبي والدخيل.

حتى بداية القرن العشرين كانت كنيسة المشرق لا سيما الشق الكلداني اكبر كنيسة مشرقية من حيث الأمصار ولإنتشار وعدد الأتباع وعدد الكنائس والأساقفة وفي كل شيء تقريبا.  ما نراه اليوم امر محزن، والحزن يأخذنا ايما مأخذ لا بل يحتلنا لأن سبب هذا النكوص كان ولا يزال مبداء "المناطقية" البغيض الذي قلت فيه الكثير ولا أظن هناك حاجة للإعادة.

لم يبق لهذه الكنيسة – التي هي جزء مهم من هويتنا مهما كانت تسميتنا ومهما كان مذهبنا – إلا القليل او النزر اليسير مما كان لها من مكانة وجغرافية ولغة وهوية وطقوس وليتورجيا وأداب وفنون كانت تحسدها الدنيا عليها.

كل الأنظار صوب أربيل

اليوم ستتجه الأنظار إلى اربيل حيث سيعقد مجمع كنيسة المشرق، الشق الأشوري. وهناك في اربيل وغيرها عشرات الالاف من ابناء هذه الكنيسة الذين جرى تهجريهم وإنتهاك ابسط حقوقهم الإنسانبة من قبل وحوش العصر، البرابرة من المتشددين والمتعصبين من بعض الفرق الإسلامية الظلامية والتكفيرية التي تتخذ من العنف والبطش والتنكيل والسبي والقتل وإنتهاك الأعراض والخطف والإغتصاب وإنتهاك اعراض القاصرات نبراسا لتدينها المزيف.

هذا المجمع مفصلي. والقرار بعقده في اربيل قرار حكيم وسيكون له تبعات مهمة على حياة شعبنا وكنيستنا المشرقية إن إستطعنا فيه وبواسطته تجاوز التعصب المذهبي والقومي والتسموي والمناطقي والقبلي الذي يعصف بنا ونحن كشعب في مفترق طرق وعلى كف عفريت.

سيكفي إن نظر الأساقفة الأجلاء يمينا او شمالا. لا بد وأن تقع عيونهم على خيم المهجرين والمتعبين من ابناء شعبنا حيث تم إحتلال وإغتصاب القليل من الأرض التي كانت باقية لنا منهم، ورميهم في المجهول.

الام هؤلاء المهاجرين والمبعدين قسرا عن ديارهم والمستقبل المجهول الذي ينتظرهم تصرخ في وجهنا كلنا ان لا مستقبل لنا إن لم نتوحد، إن لم نشكل صوتا موحدا ونسموا على التفرقة تسموية كانت او مذهبية. هذه الألام تقول لنا لا الكلداني ولا الأشوري ولا السرياني ولا الأرامي بإمكانه النجاة بجلده والحفاظ على وجوده وهويته بدون الأخر ر لأن ما يحدث في سوريا مؤلم بقدر ما يحدث في العراق.

أفق كنيسة المشرق

وهكذا عندما اقول كنيسة المشرق اعني كل المشرقيين المسيحيين الذي يشتركون في لغة وهوية واحدة الا وهي السريانية بطقوسها وفنونها وليتورجيتها وأدابها.

كل هؤلاء – وهذه حقيقة تاريخية والتاريخ ثابت – لهم منشأ واحد لأن كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية لا تستيطيع ا ن تستغني عن عمقها الأنطاكي وشراكتها الشاملة مع هذا الكرسي التي لم تنفصل عراها  لحوالي خمسة قرون، شراكة تجذرت في الطقوس والأداب والفنون  والليتورجيا واللغة وكل ما يشكل هوية شعب او كنيسة.

ولا حياة لنا ولا وجود ولا مستقبل لنا ككنيسة وشعب لو تخلينا عن لغتنا – لغة شعبنا وكنيستنا – وما تحفظه لنا من فنون وطقوس وشعر وأداب ونثر ولاهوت وغيره. الذي يتخلى عن الإرث الكنسي بلغته وطقوسة وليتورجيته ورموزه ولاهوته يتخلى عن هويته ومشرقيته.

والمجمع في أربيل مسكوني حيث سيحضره اساقفة من الهند وهو سيكون برئاسة مار افرام ميطرابوليط الهند. وانظروا يا ابناء وبنات شعبنا وكنيستا الى هذه القامة العملاقة، لهذا الميطرابوليط الذي لا يزال، وهو من الهند، يكتب رسائله بلغتنا السريانية المقدسة ويوقع إسمه بهذه اللغة. (رابط 1).

عندما وقعت عيناي على توقيع المطرابوليط بالسريانية زدت فخرا بهذه الكنيسة العظيمة وفي نفس الوقت تألمت أشد الألم للكارثة التي لحقت بها بسبب فرض مبداء"المناطقية" المضر والمؤذي على الشق الكلداني من كنيسة المشرق  حيث بموجبه تقريبا تم سلب كل الصلاحيات البطريركية والسنهادوسية من هذا الشق وخسرنا عشرات وعشرات الإبراشيات وملايين الأتباع في الهند لوحدها. والأثر السلبي للمناطقية لا يزال يفعل فعله حتى يومنا هذا.

الكراسي المشرقية التي انقذت نفسها من مبداء "المناطقية" السيء الصيت هي فقط التي حفظت على إستقلاليتها المؤسساتية والتنظيمية والإدارية على كل مناطقها الجغرافية وفي أي بقعة يتواجد اتباعها لأنها  رفضت ان تنحني للأجنبي والدخيل لأن الإنحناء والركوع هو للمسيح وإنجيله وحسب.

ولا أظن ان اعضاء المجمع في اربيل ليسوا على دراية تامة بأهمية ان يحافظ سينودسهم وبطريركهم القادم على الإستقلالية المؤسساتية في اي مفاوضات او لقاءات للشراكة المسكونية. الشراكة المسكونية هي في الإنجيل والصليب وليس فرض السلطة والسطوة والتهميش على الأخرين.

مهام رئيسية

وأمام المجمع والبطريرك القادم مهام كبيرة ومصيرية، وعلى رأسها وحدة كنيسة المشرق والحفاظ على هويتها المشرقية كما وضحتها اعلاه.

ولهذا امل ان يتم دعوة روؤساء الكنائس المشرقية الشقيقة – وهنا اعني كنيسة المشرق الكلدانية وكنيسة المشرق القديمة – لحضور جلسات المجمع كماهو شأن المجامع التي تعقدها الكنيسة السريانية بشقيها الكاثوليكي والأرثذوكسي.

وأمل ان تحدث نهضة ثقافية وليتورجية وأدبية وشعرية وفنية نابعة من لغة هذه الكنيسة ولغة شعبنا تستند إلى إحياء إرثها وأدابها في عهد البطريرك الجديد وأن يكون لكل أسقفية في أي مكان من العالم كلية خاصة بها كما هو شأن كلية ما نرساي في أستراليا، واحد من اهدافها يكون الحفاظ على لغتنا وثقافتنا وليتورجيتنا وفنونا وأدابنا ورموزنا وطقوسنا للأجيال القادمة.

وأمل ان نرى مزيدا من الحب والشوق لأداب هذه الكنيسة ورموزها ولغتها وفنونها وليتورجيتها. كم يسعدني عندما ارى أساقفة هذه الكنيسة وهم ينشدون ويرتلون من ليتورجيتنا المقدسة وهم بزيهم المشرقي الأصيل ويضعون تأديتهم لها في مواقع التواصل الإجتماعي لكل محبي لغة وتراث هذه الكنيسة بفرعيه المشرقي والمغربي .نحن بحاجة الى المزيد وأتطلع الى اليوم الذي ندرك فيه مثل الأمم والكنائس الأخرى ان لغتنا هي وجودنا.

وأمل ان يهتم المجمع والبطريرك القادم بأتباع هذه الكنيسة في شتى ارجاء العالم. ولأنها ليسست محكومة بمبداء "المناطقية" المشؤوم، ارى انه عليها ان ترسم كهنة وأساقفة – وهذه من صلاحياتها – لروسيا والصين واليابان ودول ألإتحاد السوفيتي السابق وكل مكان يتواجد لنا فيه اتباع يفتخرون بهوية ومشرقية هذه الكنيسة. هم موجودون ولكن ينتظرون ان نتحرك صوبهم كي لا تفقد هذه الكنيسة جامعيتها ومسكونيتها.

الشراكة مع الفاتيكان

وأمل ان يستمر المجمع والبطريرك القادم بمباحثات الشراكة مع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. لقد تم الإتفاق الكرستولوجي بين الكنيستين وكذلك تم توقيع الإتفاق في موضوع الأفخارستيا. وحسب علمي فإن الإتفاق في موضوع الأسرار قد تم التوصل إليه ولا يتطلب إلا التوقيع.

تبقى المسألة المؤسساتية وهي ليست إيمانية او إنجيلية وقد اوضحت رأي في ذلك – وهذا بالطبع رأي شخصي – ولكنني ارى انه ربما في الإمكان تجاوز هذا الأمر والوصول الى شراكة حقيقية دون التنازل مطلقا عن الشؤون المؤسساتية بوجود البابا فرنسيس. وهذا البابا قد أعلن انه قد يتقاعد في غضون ثلاث او اربع سنوات وقد لا تسنح فرصة مثل هذه في المستقبل. لقد كانت برقيات المواساة والتعازي التي ارسلها البابا فرنسيس لأجل راحة البطريرك دنخا في الحقيقة من أروع ما قرأته بهذه المناسبة الأليمة.
 
التشبث بهوية هذه الكنيسة – بلغتها – لا يؤثر على روحانيتها بل يعززها. الروحانية هي ممارسة الإنجيل يوميا وعلى ارض الواقع ولا علاقة لهذا بالأمور الإدارية والتنظيمية والمؤسساتية ولا بتهميش تراث ولغة وليتورجيا وطقوس هذه الكنيسة بحجة الروحانيات. على العكس كل ما تركه لنا اجدادنا العظام  وبلغته يزيد من روحانية هذه الكنيسة وتهميشه تهميش لها ولهويتنا ووجودنا كشعب وكنيسة.

مشاركة

ومشاركة متواضعة مني في رثاء الفقيد البطريرك دنخا الرابع اضع هنا أنشودة مار نرساي التي فيها يتحاور الميت في نعش على وشك موارته التراب مع بقية الموتى في المقبرة. هذه هي عظمة كنيسة المشرق حيث توصلت الى حوارية النص في ادبياتها قبل أكثر من 1500 سنة من إكتشاف فيلسوف الحوارية ميخائيل بختين  لهذه النظرية في تحليل الخطاب والنص:

http://www.ankawa.org/vshare/view/7070/aramaic-hymn-of-shlama-amkhoun/

نموذجان

وفي الختام بودي ان اشارك معي في هذا المقال صديقين عزيزين واحد من كنيسة المشرق الأشورية والأخر من كنيسة المشرق الكلدانية.

الأول، هو اخي العزيز ادي بيث بنيامين الذي سألني سؤالا في مقال أخر ولم أجبه عليه عن رأي في اداء مداريش وصلولات الجناز للبطريرك مار دنخا الرابع. اقول لقد بدت هذه الكنيسة في احلى ابهتها وعمقها النهريني في هذ الصلوات وطريقة اداء الليتورجيا المقدسة. وأمل ايضا ان تستمع الى الأنشودة اعلاه لأن اللحن إستقيته من الشماس برخو في مدينتنا عند حضور مراسم جناز هنا ومن ثم طورته. أنظر كيف نبدع عندما يلتقي الكلداني والأشوري سوية.

والثاني هو الأخ العزيز جاك الهوزي والمقولة او الحكمة التي لخصها في جملة واحدة عن ماهيّة هوية اي شعب وأمة او كنيسة وبهذا يخصنا كلنا بها، وياريت نجعل منها نبراسا (رابط 2):

"عندما لا تحتفظ بما تبقى لك من اللغة وتخجل من تراثك ولاتستمتع بفنونك ولا تحتفظ بإرثك الكنسي فأقرأ السلام على أُمّتكَ."


رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=777845.0
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,773157.0.html


82
سلامات استاذ حبيب تومي وتمنياتي بالشفاء والعافية
[/b]

ليون برخو
جامعة يونشوبتك
السويد

رنَ الهاتف في ساعة الظهيرة من يوم الخميس المصادف 9 نيسان 2015. رفعت سماعة الهاتف وإذا بصوت يخاطبني بكل ادب ووقار، فيه نبرة حزن وشجن ومسحة من الإكتئاب.

"والدي يسلم عليك ويبارك عيدك ويتمنى لك ولعائلتك كل السؤدد،" قالتها المرأة وهي تتحدث بلهجة سهلية ممتعة من لهجات لغتنا السريانية المقدسة الدارجة لدى البلدات الكلدانية في شمال غرب الموصل لا سيما القوش.
"من انتِ ياأختي."

اجابت: "أنا بنت حبيب تومي. وقد حملني والدى تحياته بمناسبة العيد لك ولعائلتك. إنه طريح الفراش في المستشفى ولا يستطيع إستخدام الهاتف او الإنترنت وإلا لكان قد أتصل بك شخصيا."

لم يكن الخبر صاعقا بالنسبة لي لأنني كنت على علم بمرض الأستاذ حبيب تومي، وهو واحد من كبار كتاب شعبنا علينا إحترام قلمه إختلفنا معه او إتفقنا.

قلت لبنته النجيبة: "أختي العزيزة. اشكرك واشكر والدك وارجو ان تعبري له عند زيارته في المستشفى بأنه في القلب وافكر فيه كثيرا واذكره في صلاتي واتمنى له الشفاء العاجل والعودة الى منتديات شعبنا كي نقرأ له لأنني شخصيا افتقده كثيرا."

قالت: "ذكر والدي انكما تختلفان في النظرة الى بعض الأمور ولكن قال لي سيبقى ليون اخا عزيزا والإختلاف ظاهرة صحية لا تبعدنا عن بعضنا بل تقربنا لأننا إخوة."

والله لقد اذهلتني وصعقتني وأحتليتين يا أخي العزيز حبيب. يا لروعة موقفك. نعم مهما إختلفنا في افكارنا ونظرياتنا سنبقىى جزءا لا يتجزاء من  هذا الشعب الأبي بمكوناته وكنائسه المختلفة، الشعب العظيم الخلاق الذي قدم للإنسانية ربما ما لم يقدمه اي شعب اخر ولكنه اليوم يعاني من ظلم وطغيان وتهجير ونسيان وتهميش صار فيه ومستقبله برمته على كف عفريت.

 وعلمت من القس فادي الراهب ومجموعة من الأخوة الشمامسة الذين سافروا يوم الأثنين الماضي الى النرويج لإقامة قداس إحتفالي للجالية الكلدانية هناك بمناسبة عيد القيامة انهم زاروا الأستاذ حبيب في المستشفى بناءا على طلبه الذي اتاهم بواسطة نجله حيث  اخبرهم  ان ابا رياض يمر بمرحلة حرجة ودعاهم للصلاة من اجله.

وقد تناول الأستاذ حبيب القربان المقدس وادى الكاهن والشمامسة واجباتهم حسب الأسرار الكنسية التي يطلبها ويحتاجها كل مؤمن عندما يمر بأزمة او مرض وطلبوا منا الصلاة من اجله.

اخي العزيز حبيب،

انا واظن ان الكثير من قراء هذا الموقع يذكرونك في صلاتهم وافكارهم وتأملهم ويطلبون من الله ان يعيدك لهم وانت في احسن حال وتعود معافى اولا لعائلتك واحبائك وثانيا لقراءك واصدقائك وانا واحد منهم.

83
كيف ولماذا ومتى تنقرض الأمم والشعوب وما هي تباشير ساعة ذوبانها ونهايتها – شعبنا العريق مثالا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

تدور احاديث كثيرة مؤادها اننا كشعب بإختلاف اسمائنا ومذاهبنا قاب قوسين او ادنى من الفناء او الإنقراض. في هذه المقال احاول ان اعرج على بعض المفاهيم الأكاديمية والعلمية التي تدلل على قرب علامات الساعة الكبرى للأمم والشعوب والثقافات.

لن احاول الوصول الى إي إستنتناج بل اترك الوصول الى خاتمة او محصلة الموضوع للقارىء الكريم وسأحاول ان اوجز قدر الإمكان.

اعمار الشعوب وبقائها ووجودها يتم حسابه بالمدة التي تكون فيها ثقافتها وفنونها ورموزها (وكل هذه كامنة وحية في لغتها القومية) شائعة وتُمارس على نطاق واسع او ربما لنطاق ضيق في فترة ما من الزمن ولكن تزدهر وتنمو حالما تسنح لها الفرصة بذلك.

والثقافة بالنسبة لشعبنا اراها لغته القومية (إسمها العلمي والأكاديمي السريانية ولكن لا يضير إن اطلق عليها البعض تسميات أخرى لأن ذلك لا يغير في ماهيهتا من كافة الأوجه. المهم ممارستها).

ما دامت لغة امة او شعب دارجة والناطقون بها لها محافظون ولتراثها وثقافتها وفنونها وليتورجيتها ممارسون وللغتهم الأم مدافعون كدفاعهم عن وجودهم وحياتهم، ولها مناصرون من حيث فتح المدارس والدورات والكليات لتعليم الجيل الجديد، ولهذه اللغة مفضلون في المحافل والكنائس والإجتماعات والنشاطات ووسائل الإعلام، فلا خوف على وجودهم وإستمراريتهم وهويتهم ولا هم يحزنون.

انت تستطيع ان تقتلني وتأخذ بيتي وتنهبني مع ارضي ولكن ليس بإمكانك قتل هويتي طالما انا لها محافظ وممارس من خلال تمسكي بلغتي القومية حسب المفهوم اعلاه.

انت تقتلني او انا اقتل نفسي عندما اتخلى عن لغتي القومية اي هويتي وثقافتي وليتورجيتي وادابي وفنوني ورموزي بكافة اشكالها لأن، كلما يعلمنا علم السيميوتيكا وعلم الخطاب والعلوم الإجتماعية الأخرى، اننا لسنا إلا رموزا والرموز (اللغة الأم) التي نحملها هي التي تحدد هويتنا. فناء هذه اللغة معناه فناء الهوية.

ولهذا يحمل الناس هويتهم (لغتهم) معهم اينما رحلوا. تبقى هويتهم حية طالما حفظوا وحموا لغتهم. تنقرض هويتهم إن إنقرضت لغتهم.

هذه فرضية تم التحقق منها تجريبيا وفي الإمكان الإستدلال إليها من خلال الدليل التاريخي وكذلك دليل الحاضر الذي نعيشه.

هل هناك علاقة للدين والمذهب بالهوية؟ بالطبع الجواب المباشر هو كلا. الهوية والقومية شيء والدين والمذهب شيء اخر تماما.

بيد ان وضع شعبنا مختلف بعض الشيء. كان يجب ان لا يكون. لكن للتاريخ احكام. لأننا لم نكوّن او نشكّل كيانا سياسيا يجمع هويتنا ويدافع عن لغتنا، صارت كنائسنا بمثابة مؤسسات ذات منهجين او مسارين متوازيين: الأول روحي. والثاني له علاقة كبيرة بمفهوم الهوية كشعب ووجود لأن بعض الكنائس كانت ولا تزال تلعب دورا اساسيا في الحفاظ على اللغة والثقافة والفنون.

هل المؤسسىة الكنسية هوية؟ نعم. وقد يستغرب البعض من الجواب الإيجابي المباشر. المؤسسة الكنسية  التي لا هوية خاصة بها معناه أنها إنقرضت او إنسلخت عن وجودها وتاريخها. الكنائس هويات من حيث الأداب الكنسية والليتورجيات والطقوس والرموز والأعلام واللغات الخاصة بكل واحدة منها شأنها شأن الأمم والشعوب التابعة لها.

ولكن لا يجوز ربط الهوية برمتها بالدين والمذهب. إن فعلنا ذلك سنقع في خطاء كبير لأن بعض المذاهب والأديان مؤسسات شأنها شأن الدول. وكما ان الدول والشعوب والإيديولوجيات القوية الطاغية تحاول احتلال الدول الأخرى وضمها، كذلك تحاول الأديان او المذاهب القوية الطاغية ايضا احتلال الثقافات الأخرى وفرض ثقافتها عليها. ومحاولات التعريب في العراق في زمن حكم البعث البائد خير مثال ومحاولات التكريد قد تأتي ضمن ذات المنهج.

ولا خوف على الدين والمذهب ابدا. الخشية والخوف هي على الثقافة واللغة بالمفهوم اعلاه.

وافضل مثال لنا هم الموارنة في لبنان. لا خشية ولا خوف على مسيحيتهم ومذهبهم الذي هم عليه ابدا. بيد ان الموارنة اضاعوا هويتهم وافنوا نفسهم كشعب ذو هوية ولغة وثقافة خاصة به من خلال لغته السريانية وذلك بإستبدالها باللغة العربية.

فالموارنة  اليوم عرب يتباهون ويتفاخرون بلغتهم العربية وثقافتهم العربية والإسلامية. لكنهم مسيحييون ويفتخرون بمسيحيتهم وصليبهم وإنجيلهم. الموارنة يقولون اليوم لا بل يشهدون بملء إرادتهم وفصيح لسانهم انهم عرب اقحاح اكثر من عدنان وقحطان. وهذا صحيح لأنهم قدموا للثقافة والهوية العربية وهم اقلية ما لم يقدمه كل العرب المسلمون في التاريخ المعاصر.

لولا الموارنة وما انجزوه ضمن مفهوم الحداثة وعصرنة الثقافة العربية واللغة العربية والفنون العربية، لما ظهر المفهوم القومي ومفهوم الهوية لدى العرب او ربما تأخر كثيرا.

وشدني حقا وفاة المطربة الشحرورة صباح. هي مارونية وسريانية الثقافة ولكن هويتها (لغتها) عربية بدليل ان ما قدمته من فن رائع لم يكن لنا فيه حظ ونصيب. فنها كمطربة شكل علوا وسموا للثقافة العربية والإسلامية.

ودهشت حقا للمكانة التي كانت قد وصلتها من خلال الإهتمام العالمي وليس العربي وحسب بوفاتها. لم تبق اي صحيفة او سيلة إعلامية مرئية او سمعية او مقروءة في العالم ولم تكتب عنها. كل هذه الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى قدمتها بأنها سيدة الغناء الفلكلوري العربي وليس فلكلور شعبنا. والمحزن لم يأت احد على ذكر كونها من ابناء شعبنا ولا حتى كونها مسيحية. وهذا ينطبق على الموارنة قاطبتهم تقريبا وعلى كل واحد منا ازاح لغته واحلّ محلها لغة اخرى أي ثقافة اخرى.

وحتى  الكنيسة المارونية عرّبت نفسها أي إستبدلت فنونها وثقافتها وادابها وليتورجيتها التي كانت تشكل هويتها من خلال لغتها السريانية الى العربية. لم تخسر مسيحيتها ابدا ولكنها خسرت هويتها.

من هذا نستدل ان الموارنة رغم انهم لم يخسروا الأرض إلا انهم خسروا الهوية.

هذا يعني ان الوجود والبقاء هو للثقافة واللغة وليس للأرض. قد تخسر ارضك وبيتك وقد يؤدي صراع ما الى خسارة انفس بريئة كثيرة ولكن الشعوب تُفنى فقط عندما تغادر لغتها وثقافتها.

هل هناك تباشير اننا لثقافتنا ولغتنا (هويتنا كشعب) محافظون وممارسون، ام ان تباشير ساعة الذوبان قد قربت؟

اترك الجواب للقراء الكرام واترك المجال لمناقشة الموضوع. امل ان نبقى ضمن السياق قدر الإمكان.
 

84
واخيرا تمخض جبل الأخ حبيب تومي فولد فأرا سقيما وبدلا من ان يكحلها لنفسه ومطرانه وصحبه عماها أكثر
ليون برخو
جامعة يونشوبنك


(ملاحظة: أسترعي إنتاه قرائي الكرام ان المقال طويل ولكن مع ذلك ارجو منهم الصبر والتأني في قراءته برمته لتكوين مفهوم متكامل. واعد انني سأتعامل يإيجابية وعقل منفتح كما هي عادتي مع كل تعليق او تعقيب يأتي ضمن سياقه).

مقدمة

في سلسلة من ثلاثة اجزاء اراد الأخ حبيب تومي ان يعبّر رسالة مفادها تفكيك ما يسميه بالهجوم على المطران سرهد جمو ومن ضمنه تعقيب على عنوان مقال لي يسميه إستفزازي.

انا شخصيا – واظن ان غالبية القراء – لم الحظ اي تعقيب عقلاني ومنطقي ولو بطريقة غير مباشرة يرد فيه الأخ حبيب على منتقدي المطران جمو. في المقال الأول والثاني إجترّ او ربما عمل كوبي بيست (copy and paste) لما كان قد كتبه سابقا في صراعه المرير وغير المبرر مع اشقاء له في الدين والهوية والتاريخ واللغة وكل المقومات الأساسية الأخرى التي تشكل قومية اي امة الا وهم الأشوريون إخوتنا بالدم والتاريخ والعرق والوجود وكل شيء تقريبا.

وفي مقاله الأخير بداء بإنتقادي ولم يرتكز على ما قلته وما ذكرته من نقاط سلبية تنطبق – حسب وجهة نظري على المطران وأصحابه  - بل ايضا إلتجاء الى كوبي وبيست  لمقالات كنت قد نشرتها قبل سنين وظهرت ونوقشت في هذا المنتدى بالذات وبالتفصيل. وهذا في اداب الحوار المتمدن نسميه (irrelevant) اي خارج سياق الموضوع. وبالمناسبة انا لست الوحيد الذي إنتقد او هاجم المطران جمو ولا اعلم لماذا ترك الكل وعنوّن المقال بإسمي ومن ثم خرج عن الموضع الذي هو بصدده ووصل الأمر به الى استجداء او مناجة القراء للتعليق على موضوعه.

واظن انه بمقاله هذا صار مثله مثل الجبل الذي اتت فترة مخاضه ولكنه لم يلد إلا فأرا سقيما وبدلا من ان يكحلها لنفسه ومطرانه وصحبه عماها اكثر، فأتى مقاله سقيما ايضا فيه مغالطات وفيها إفتراء وفيه إنتحال وفيه إزدواجية وليسمح لي الكثير من النفاق ايضا وملىء بالمفاهيم المذهبية والطائفية وفيه تديّن ظاهري وغيّرة كاذبة  على المسيحية والإنجيل والمذهب والكثلكة وهو يقول او يدعي انه قومي ولكنه  يزاوج بين القومية والمذهبية بشكل فج اكاد اجزم  ان الكردي الأمي الذي يحارب داعش اليوم في مدينة عين العرب (كوباني) السورية  سيستهجنها ويدينها اشد إدانة.

وقبل ان ادخل في خضم الموضوع محاولا البرهنة كيف ان مخاض جبله لم يلد إلا فأرا سقيما وانه هدم ما تبقى من بيت مطرانه  على رأسه ورأس اصحابه، ليسمح لي قرائي الكرام ان اوجز بكلمات قليلة نظرية المعرفة (epistemology) اي فلسفتي وفهمي وتحليلي للحياة والواقع الإجتماعي لنا كبشر الذي اؤمن به وأسس عليه اكاديميتي وكتاباتي الأكاديمية والصحفية.

نظرية المعرفة

انا لا اؤمن ان ما لدي مهما كان من دين او مذهب او نصوص اراها مقدسة هي افضل مما لدى الأخر كائن من كان. اؤمن انها افضل حسب فهمي وضمن نطاقي المحدود فقط وضمن البيئة التي ترعرعت فيها، لأنني لو ترعرعت او ولدت في بيئة اخرى لكان ما اراه افضل شيئا اخر مختلفا تماما. ولهذا ارى ان ما لدى الأخر من دين ومذهب ونصوص يراها مقدسة مساوية لما لدي وعلي ان اتعامل معه من حيث الخطاب والفعل من هذا المنطلق. افة البشرية هم الناس الذين يرون ان  ما لديهم من دين ومذهب ونصوص وتفاسير وغيره افضل بكثير مما لدى الأخر وليس هنا في الأرض فقط بل حتى في السماء التي لم نراها ولا نعرف كنهها. أس الشر والبلاء الذي نحن فيه كبشر نابع من هذا الموقف الذي يرى ما لدى الأخر اقل قداسة او قيمة إنسانية مما لديه ويتكلم ويكتب ويتصرف إستنادا الى هذا الموقف. هذه ثنائية مقيتة جدا وخطيرة نعاني منها كبشر لأنها تقسمنا الى اخيار واشرار إستنادا الى نصوص محددة والى قل ولا تقل الى درجة مثلا يستخدم المسلم المتشبث بهذا الموقف كلمة مسيحي او نصراني او يهودي او فلّا (بالكردية) بشكل بذيء ليس هذا بل يتعامل بثنائية حتى ضمن الإسلام ويتخد كلمات مثل سني/شيعي او رافضي/نصيري ... الخ سلاحا للإنتقاص من الأخر المختلف. وهذا موجود بكثرة ايضا لدى المسيحيين حيث مثلا كلمة يهودي ومسلم لدى ثنائيي الفكر والموقف تستخدم للإنتقاص من الأخر وضمن المذاهب ايضا هناك نسطورنايا /بابايا/يعقوبايا/بروتايا.. الخ. والذي يقراء مقال الأخ حبيب اظن انه لا بد وان يضعه في خانة الثنائية المقيتة لأن هجومه علي ليس دفاعا عن المطران الذي هجم بيته على رأسه ورأس اصحابه او الإنجيل او الكثلكة كما يدعي بل لأنني لا اتعامل بثنائية مع الأخر، اي كان، وهذا مشهود لي ضمن  مكونات شعبنا وكنائسنا والأقليات الأخرى في العراق مثل الإيزيدية والمندائية والكاكائية والأديان بصورة عامة  وأوكد عليه في تحليل الخطاب واجعله واحدا من الأسس المهمة لحقوق الإنسان والنزاهة.

 والثنائية ذاتها يمقتها الإنجيل ولكن نغيّبها ونغض النظر عنها لأن تطبيقها خطابيا وعمليا من الصعوبة بمكان. هناك امثلة ونصوص بديعة في الإنجيل تمنح الأخر المختلف الذي يراه المتبخترون والمراؤن الذين يمتدحون من خلال الأقوال وليس الأفعال دينهم ونصوصهم ويقولون ويتصرفون على اساس ان ما لديهم صحيح ومن السماء وما لدى الأخر باطل وكله عنف وأن كتابنا سليم وكوننا من هذا الدين او المذهب كلنا محبة والسماء لنا والجحيم للأخر وما شاكله. وأنظر مثل الفريسي والعشار حيث  يقول الفريسي ما معناه ان كتابه من السماء وشريعته وممارساته كلها متطابقة مع السماء اي ان الأرض والسماء له وليس مثل هذا العشار الذي في عيني نفسه ايضا يرى رموزه ونصوصه مقدسة ولكن الفريسي يراها باطل الأباطيل، تمنح هذا المختلف رغم تصورنا القاصر انه على باطل قدسية ومكانة سامية. والعشار هو المختلف عنا بالضبط حسب الثنائية اعلاه. بالطبع هذا المفهوم لا يفيد اي دين عندما يتحول الى مؤسسة لأن المؤسسة تريد السلطة والجاه والمناصب والألقاب فتبحث عن نصوص تشرّعن لها السيطرة على المقدرات والمال وغيره فتتشبث مثلا بكونها مالكة لمفاتيح الأرض والسماء وما تشرعنه في الأرض يشرعن في السماء. هذا النص موجود ولكن النص الأخر ايضا موجود. لماذا يتغلب الثاني على الأول؟ السب هو اننا ننتف من النص ما يوائم توجهات السلطة والمؤسسة وإن ظهر ان ما تقوم به المؤسسة يعارض نصوص اخرى هذا لا يهم. المهم المؤسسة لأن وجودها وتفسيرها المؤسساتي يأتي قبل النص ذاته. وأظن ان مثل الأخ حبيب ومثل الكثير منا  يشبه الفريسي لأن كما ان الفريسي ينقل من نصوصه المقدسة وتفسيره الخاص لها كي يدين الأخر وينتقص منه ينقل الأخ حبيب نصوص من القرأن كي يدين القرأن والمسلمين وينسى ان المسلمين ايضا بإمكانهم  فعل ذلك بنقل نصوص من كتبنا تدينه وتديننا ... امل ان تمنح هذه المقدمة النظرية تفسيرا علميا اكاديميا لكثير مما اراه مغالطات تصل حّد التجني في مقال الأخ حبيب.

بين الرأس والرؤوس والقبلة والقبل

ولأن الأخ حبيب يعيش في ثنائية مقيتة وجعل من نفسه متدينا مدافعا صنديدا عن الإنجيل والمسيحية والمذهب الكاثوليكي تراه يدينني لأنني عنونت احد مقالاتي في الصحافة العربية " الشيخ القرني .. اقبل رأسك". قلت ذلك وثارت ثائرته. وهذا شأن كل صاحب الثنائية المقيتة في هذه الدنيا. لم يسأل لماذا قلت ذلك وماذا كانت المناسبة وماذا كانت الشروط ولم يمنح لنفسه فرصة البحث وهو يضع كلمة (د.) قبل إسمه إن كان هناك ليس قبّلة بل قبلات ليس للشيخ القرني بل لما هو أكبر بكثير من الشيخ القرني بل أكبر من كل شيوخ ودعاة المسلمين في السعودية وما بعد السعودية. استحلفك يا اخي العزيز ...... ماذا تقول عن هذه القبلات؟
 
بابا الفاتيكان يقبّل القرأن

http://www.deceptioninthechurch.com/popekiss.html
 
https://www.facebook.com/video.php?v=495944843765407&video_source=pages_finch_thumbnail_video
البطريرك الكلداني يقبل القرأن


1.   
البابا يقبل اقدام مسلم سجين بتهمة الإرهاب


البابا يعانق شيخ مسلم
         
http://www.aleteia.org/en/religion/article/pope-francis-koran-kisser-5338227284115456

البابا يمتدح الإسلام
https://www.youtube.com/watch?v=TxhtLZSEfhs

البطريك الكلداني يقول الاسلام دين رحمة والمسيحية دين محبة
http://tfpb.org/old/?page=view&id=30

البطريرك الماروني الراعي في الجنوب: ما أجمل المسيحية والإسلام عندما يلتقيان
http://www.alanba.com.kw/ar/arabic-international-news/lebanon-news/229627/25-09-2011

طبعا هذا غيض من فيض ولن اذكر لضيق المساحة ما غنته فيروز وغيرها من فنانين مسيحيين كاثوليك من قصائد في مديح الإسلام ومكة  لشعراء مسيحيين كاثوليك وما قاله جبران خليل جبران في الإسلام وما كتبه رواد النهضة العربية الحديثة من المسيحيين اللبنانيين والسوريين في الإسلام ومحمد والقرأن. كل هذه متوافرة اليوم على الشبكة العنكبوتية ولطول المقال اعتذر عن نقلها.

قرائي الكرام، اعمال كهذه انا اجلّها لأنها تقع ضمن نطاق فلسفة المعرفة التي اؤمن بها. اذكرها كي اظهر الكم الهائل من النفاق والإزدواجية لا بل التحجر والتكلس العقلي لدى الأخ حبيب تومي لأنه ينتقدني لأنني قلت فقط اقبل رأس شيخ مسلم ولكن يتجاهل ويتعامى عن جهل او قصد او لغرض في نفس يعقوب كل هذ القبلات الحقيقية وليس اللفظية.

عندما قلت اقبل رأس الشيخ كنت في إسرائيل بدعوة من المركز الثقافي الفرنسي في القدس وجامعة تل ابيب في زيارة لمدة اسبوعين وكانت معي عائلتي وكنا يوميا تقريبا (زوجتي حافية القدمين) نسير درب الصليب ونصل كنيسة القيامة ونمضي المساء هناك. ولكن ماذا حدث في هذه الكنيسة؟ لقد حولتها المذاهب الكبيرة الغربية الى مرتع للصراع والعراك والمخاصمات والإقتتال بالأيدى وكسر الرؤوس والدماء تسيل من كثير من القسس ورجال الدين في المناسبات وتتدخل الشرطة الإسرائيلة وانا كنت في زيارة رسمية بإمكاني الوصول الى اين ما اريد لا بل الوصول الى الحقيقة ويضحك عليهم الجنود الإسرائيليون المدججين ومع سلاحهم وبساطيلهم يدوسون على قبر المسيح بحجة فض النزاعات هذه (رابط ادناه).

ليس هذا ولكن واحدا من المذاهب الغربية الكبيرة وبالتواطوء مع السلطات الإسرائيلة (وقد كتبت عن هذا الحادثة في هذا الموقع) اضرم النار في الجزء الصغير المخصص لشعبنا المسكين المضطهد من الكل من الشرق والغرب ضمن كنيسة القيامة واحرقه بكل ما فيه من صلبان وأناجيل وكتب طقسية مقدسة واليوم يتعاون هذا المذهب الغربي المسيحي مع السلطات الإسرائيلة لتطبيق القانون العثماتي الإسلامي كي لا يتمكن ابناء شعبنا من تصليح كنيستهم الصغيرة هناك. كان لي شرف حضور قداس لهم بلغتنا السريانية المقدسة ضمن الفحم واثار الحريق التي كانت شاخصة للعيان :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=568528.0
 
الأن يا اخ حبيب تومي مرة اخرى استحلفك بشرفك.... ماذ كنت ستكتب وتفعل لو كان -  وهذا مستحيل طبعا -  الذين احرقوا معبد شعبنا الصغير ضمن كنيسة القيامة هم الأشوريون وبطريركهم ؟ كان حوالي 35-40 في المائة من الفلسطينيين مسيحيين اي كان المسيحيون يشكلون اكبر نسبة سكانية في هذا البلد ضمن نطاق الشرق الأوسط ؟ اين صاروا اليوم؟ واحد من اسباب بلائهم لما حدث  ويحدث لفلسطين هو موقف الكنسية الغربية والدول الغربية، وعندما دافع القرني عن فلسطين بطريقة جريئة خارج الإطار التقليدي اثنيت عليه والمقال كتبته وانا في زيارة لإسرائيل وهذا موجود في المقال ولكن يتغابى عنه الأخ حبيب وهناك مقالات كثيرة لي في الصحافة العربية انتقد بشدة الكثير من الممارسات للشيوخ والدعاة وادافع فيها عن الأقليات وأشن هجوما على التفسير الغيبي للنص وعدم إشغال العقل والإتكاء على تفاسير شيوخ مثل ابن تيمية ولكن يتغابى عنها السيد تومي ايضا لأن في نفسه غاية وغصة لا اظن انها غائبة عن القراء الكرام.

صوت الأذان

ومن ثم تلومني وتنتقدني وبقسوة ضمن ثنائيتك المقيته هذه وكأن الخير هو فيما تقوله انت والشر هو فيما قلته وانا لست إلا إنسانا بسيطا لأنني قلت سعدت بسماعي صوت الأذان من جامع في إستوكهولم. يا اخي اليس هذا رياء من قبلك؟ لماذ لا تعاتب الذين يسمحون في بناء هذه الجوامع من الحكومة السويدية مثلا وهم يزورنها ويخلعون احذيتهم والنساء بينهم يلبسن الحجاب عند دخولهن اليها وتأتي وتحاسبني؟ ولماذا لا تحاسب البابا – نعم حتى البابا من حقنا ان نحاسبه ضمن نطاق الكنيسة الكاثوليكية وسأتي على ذلك  - الذي لشدة تأثره بأيات قرأنية من سورة مريم ترجمها له شيخ مسلم عند زيارته لجامع في إستنبول بدأء يصلي وبخشوع وهو في جامع وهو اول بابا في التاريخ يفعل ذلك؟ وعندما سُئل قال كانت الأيات والكلمات مؤثرة جدا. هو يتأثر ويصلي من شدة تأثرة بالقرأن وانا إن قلت سعدت بسماع صوت المؤذن انا في نظرك كافر او زغت عن الصواب وتريد ان وتحاسبني. اليس هذا نفاق ورياء في اقص صوره؟ ولماذا لا تحاسب الكنيسة في السويد ومن ضمنها الكنيسة الكاثوليكية والمشروع الكبير الذي تموله لبناء جامع وكنيسة واحد بصف الأخر مع قاعة مشتركة وباب للدخول والخروج مشترك؟ اليس هذا نفاق اخر منك وإزدواجية مذهبية طائفية مقيتة من قبلك؟

بابا الفاتيكان: صليت في مسجد “السلطان أحمد”

http://akhbarturkiya.com/?p=42962

مخطط لمشروع "بيت الله" في استوكهولم الذي تموله الكنيسة السويدية بالإشتراك مع الكنيسة الكاثوليكية وبموافقة ومشاركة الحكومة السويدية لبناء جامع وكنيسة واحد في صف الأخر مع قاعة مشتركة ومدخل مشترك
http://gudshus.se/



إنتقاد الفاتيكان

نعم انا انتقد وبقسوة الكنيسة كمؤسسة ولكن لا امس الكنيسة كرسالة سماء اي الإنجيل وإن فعلت فالويل لي وإن برهن لي عالم اكاديمي او لاهوتي محايد او رجل دين همه ممارسة الإنجيل وليس الجري وراء الأمور المؤسساتية بالدليل القاطع انني قمت بذلك فسأعتذر واعتذرت حقا وفي هذا المنتدى عن عبارة نقلتها من الإنجيل في مكان كان علي تجنب نقلها. ولكن لست انا الذي اقول ان مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية (إدراة وتنظيم وعلاقات وسلطة وعلاقة  مع المسيحي الأخر المختلف ليس مذهبا بل حتى ثقافة مثل الكلدان) هي فاسدة. وهذا واحد من كبار فلاسفة القرن العشرين وكاثوليكي ممارس وواحد من منظري المجمع الفاتيكاني الثاني وأكثر لاهوتي تأثيرا في المسيحية قاطبة كتب في نيويورك تايمز مقالا هزّ الدنيا يقول فيه وهذه ترجمة لمقدمة مقاله: "بالطبع فإن مؤسسة الكنيسة الكاثوليكة لا تشبه تونس ومصر لأنها بمثابة ملكية مستبدة مثل المملكة العربية السعودية. في هذين المكانين ليس هناك إصلاحات حقيقية بل تنازلات جزئية. وفي كليهما يقف التقيلد ضد الإصلاح. في السعودية العربية يعود التقليد الى حوالي قرنين لكن فيما يخص البابوية فإن التقليد عمره 2000 سنة."
Of course, the system of the Catholic Church doesn’t resemble Tunisia or Egypt so much as an absolute monarchy like Saudi Arabia. In both places there are no genuine reforms, just minor concessions. In both, tradition is invoked to oppose reform. In Saudi Arabia tradition goes back only two centuries; in the case of the papacy, 20 centuries.
http://www.nytimes.com/2013/02/28/opinion/a-vatican-spring.html?pagewanted=all&_r=0

إذا كنت حريصا على الكثلكة كما تدعي يا اخي العزيز لماذ لا تكتب لهذه الجريدة الأوسع إنتشارا والأكثر تأثيرا في الدنيا وتنتقدها او تكتب لكاتب المقال وهو أكاديمي كاثوليكي مثلي. اليس هذا نفاق وإزدواجية من قبلك؟

ما يقوله هذا الأكاديمي الجريء هو عين الصواب وأكده البابا نفسه مؤخرا حيث إتهم مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية (الفاتيكان كإدارة وتنظيم وسلطة) بالفساد والمحسوبية والوصولية.
http://www.theguardian.com/world/2014/dec/22/pope-francis-scathing-critique-vatican-officials-curia-speech
 
وهل تريد ان اذكر ما فعلته هذه المؤسسة بالكلدان وكيف بطشت بهم وإقترفت بحقهم جرائم يندى لها الجبين وهي مثبتة ومؤرشفة بالتفصيل في حوليات بطاركتنا وأحبارنا الأجلاء؟ لقد طال المقال وإلا لكنت وضعت نصوصا تظهر ان ما فعلته مؤسسة الفاتيكان بالكلدان يرقى في كثير من تفاصيله الى جرائم ضد الإنسانية وفي العصر الحديث؟ بشرفك هل انت كلداني قومي حقا؟ الجواب كلا والف كلا لأن القومي الذي لا تثيره ولا تؤثر فيه جرائم بشعة مثل هذ بحق شعبه وهويته ليس إلا طائفيا ومذهبيا حاله حال اي حزبي طائفي ومذهبي في الشرق الأوسط اليوم. هل لديك غيرة وحميّة على هويتك؟ لا أظن لأن إن كان لك حبّة غردل منها لما كنت قبلت بهذا. تقول ماذا عن داعش مثلا؟ يارجل داعش ترفع راية سوداء بغيضة وهؤلاء كانوا يعلقون الصليب على صدورهم ويقراؤن الإنجيل كل يوم. هل فهمت؟ ولكن لا أظن لأنك ربما تريدني ان اتهم الأشوريين بهذه الجرائم الفظيعة عندها فقط ستفهم وستصحى؟   أستحلفك مرة اخرى بشرفك ماذا كنت ستقول وتفعل وتكتب لو كان مقترف هذه الجرائم البطريرك الأشوري والأشوريين مثلا؟. لكنت اقمت الدنيا ولم تقعدها! اليس هذا نفاق؟

من جملة الملايين من الكلدان الذين دمرت مؤسسة الفاتيكان لغتهم وثقافتهم وليتورجيتهم واحرقت كنائسم ومكتباتهم وأقترفت جرائم يشيب لها الولدان بحقهم لم ينجو غير حوالي 3000 (ثلاثون الف) وهم اليوم من اتباع كنيسة المشرق الأشورية في الهند ولا يزالون يعتزون بتسميتهم ويطلقون على انفسهم "كلدان" وهم رغم فقرهم طبعوا والفوا من كتب التراث والطقس واللغة والليتورجيا ودرسوا وقدموا خدمات جليلة للثقافة والهوية اكثر مما فعله الفاتيكان لنا وهو اغنى واكبر مؤسسة في الدنيا. هؤلاء الكلدان لا تذكرهم رغم انهم لا يزالون محافظين على الإسم والهوية لأنهم ليسوا كاثوليك اليس كذلك؟ والذين اصبحوا كاثوليك وهم بالملايين محت هذه المؤسسة الكنسية الغربية ثقافتهم ولغتهم وهويتهم من الوجود. يا اخ إستفيق انت لست قومي انت مذهبي وطائفي لأنك تربط الكلدانية بالكثلكة وهذا لا يفعله اي قومي اخر في الدنيا حتى الكردي الأمي الذي يعتز بقوميته لا يقبل ان يقول انه كردي سني او كردي شيعي. ولكن انت تقول انا قومي كلداني كاثوليكي وتعلم علم اليقين ما فعله الفاتيكان بالكلدان وتعلم علم اليقين انه ليس هناك قومي واحد في الدنيا يربط هويته بمذهبه.

هذه هي مؤسسة الفايتكان مؤسسة مستبدة فاسدة إداريا وتنظيميا وماليا حسب ما يقول اصحابها. فكيف يتصور الكلدان انها ستنصفهم وستحل مشاكلهم وكيف يقبل الذي يقول انه قومي ان تحتله وتستعمره هو ومقاديره ومقادير مؤسسته الكنيسة مؤسسة اجنبية وبهذا القدر من الفساد؟

ومن انت يا اخي كي تنصب نفسك حكما على الكنيسة الكاثوليكية؟ هناك نقد يومي لها ولم ينجو منه حتى البابا فرنسيس ومن نشطاء كاثوليك ممارسين واخر مثال كان النقد من الحركات النسوية الكاثوليكية  بسبب قول البابا ان الكاثوليك لا يجوز ان ينجبوا مثل الأرانب ( breed like rabbits) العبارة التي  رأت فيها الكثير من النساء الكاثوليكيات إهانة لمكانتهن كمراءة وحقهن في الإختيار حيث تقول ناشطة كاثوليكية في جريدة الغاردين التي يقرأها في اليوم الواحد حوالي اربعين مليون شخص ما معناه ان مؤسسة الكنيسة الكاثوليكة تنتهك حقوق المراءة لأنها مؤسسة رجولية يقرر فيها الرجال ما يجب ان تفعله المراءة التي لا يسمح لها المشاركة في القرار والحصول على مناصب في الهرم الذي يتسلط عليه الذكور فقط وتحرم عليهن حبوب منع الحمل ومن ثم تتهمهن بأنهن ينجبن مثل الأرانب وهناك إنتقادات اخرى كثيرة في المقال. هل سيطردها او يحرمها الفاتيكان او يشكك في عقيدتها لأنها نشرت مقالها في جريدة لا تكّن مودة للكنيسة  الكاثوليكية والمسيحية بصورة عامة؟ متى ستخرج من تكلسك الفكري وتحجرك العقلي وانت تقول انك قومي المنهج؟
   http://www.theguardian.com/commentisfree/2015/jan/29/im-a-catholic-feminist-and-my-church-needs-me-more-than-ever

الحروب الصليبية

وايضا تعرج على كتاباتي حول الحروب  الصليبية وقولي ان الصليبيين قتلوا من المسيحيين المشرقيين ربما اكثر من المسلمين وان صلاح الدين الأيوبي كان اكثر تحضرا وتمدنا وخلقا والتزاما بحقوق الإنسان بمفهوم ذلك الزمان في حربه من الصليبيين درجات كثيرة. يا رجل انت تقول ان شهادتاك الدكتوراة (لن اسميها سوق مريدي) في التاريخ ولكن كل قراءتك لأي ظاهرة اتيتها في المسلسل (مقالات)  نابعة من الثنائية المقيتة التي اشرتُ إليها اعلاه. ما قلته يؤكده اساتذة التاريخ من الغربيين انفسهم. إقراء كتاب امين معلوف وهو فرنسي الجنسية وكاثوليكي مشرقي مثلي الذي الفه بالفرنسية وتُرجم الى عشرات اللغات وبسببه نال ارفع الجوائز الأدبية وتثمينا لهذا الكتاب القيم  بالذات انتخب عضوا في اكاديمية العلوم الفرنسية وهذا منصب من ارفع المناصب العلمية في الدنيا.

لعلمك ما فعله الفاتيكان من خلال الحروب الصليبية بمسيحيي القسطنطينية من الأرثذوكس من فتك وقتل بعشرات وعشرات الالاف حسب المؤرخين كان وراء افول نجم القسطنطينية منذ ذلك الحين وسبب من اسباب  سقوطها بيد المسلمين من العثمانيين. 
http://www.goodreads.com/book/show/64533.The_Crusades_Through_Arab_Eyes

قراءة عرجاء للنصوص

وتقتبس اية من القرأن  كي تتحداني وتذكر إبن تيمية؟ هذا ايضا يقع في باب الثنائية المقيتة لأن النص لا يجعل الناس صالحين او أشرار وإلا لكان كل الذين يقولون انهم يتبعون الإنجيل اناس صالحون ابرار وإن كان الأمر كذلك لما وقعت الحروب المذهبية الطاحنة بين المسيحيين ولا كان لدينا صكوك الغفران ولا محاكم التفتيش ولا الحروب الدينية ولا ظهرت العبودية المرعبة التي إستمرت في امريكا كقانون وتشريع حتى سنة 1960 ولا التميز العنصري (ابارثيت) الذي شرعنه الدستور وأستمر حتى عام 1995 في جنوب افريقيا ولا الفاشية ولا النازية لأن كل هذه الشرور المرعبة وقعت في اراض يقول اصحابها انهم مسيحيون. كل الأديان لا سيما التي يقول اصحابها انها من السماء بغض النظر عن ماهية  نصوصها إقترفت عنفا وظلما مرعبا وليس هناك دراسة تقول ان اصحاب الدين الفلاني كانوا اكثر رحمة او اكثر قسوة من الدين الأخر وفي كل هذا الظلم الشنيع الذي عانت وتعاني منه البشرية على مر التاريخ  لا سيما في العصر الحديث كانت المؤسسة الدينية – كل الأديان والمذاهب دون إستثناء – جزءا اساسيا منه وتتماشى وتهادن الظالمين والسلاطين.

احداث 11 سبتمبر

وتذكر موقفي من احداث 11 سبتمر. هذا لست انا اقوله اليوم. الكثير من العلماء والأكاديميين وكبار الصحفيين يشاركونني الرأي في ان امريكا إستغلت الأحداث لتحقيق اغراض دنيئة وغزو دول بريئة وإقتراف جرائم اكثر شناعة من احداث 11 سبتمر. إقراء كتاب ريشارد برنشتاين وهو اليوم يعد اكبر فيلسوف في امريكا طرا عن سوء إستخدام امريكا لهذه الحادثة وكتابه هذا كتاب منهجي في اغلب الجامعات الأمريكية والأوروبية ومن ضمنها جامعتنا وأستقيت معلوماتي منه. هل ستكتب له وتقول له ان نظريته حول تفسير ماهيّة الشر وإستخدامه لأغراض دنيئة من قبل بلده امريكا خاطئة وانك صاحب (د.) - ولا اقول سوق مريدي - من خلال ابحاثك العلمية الأكاديمية الرصينة المنشورة في ارقى المجلات العلمية في العالم إستطعت تفنيد نظريته حول ماهيّة الشر وإن لم يغير موقفه فإنك ستكتب سلسلة مقالات من ثلاثة اجزاء تهاجم فيها ليون برخو لأن لما كان في الإمكان انتقاد احداث 11 سبتمبر والكشف عن كيفية إستغلالها امريكيا لتحقيق اغراض ومصالح إستراتيجية دون مراعاة لأبسط حقوق الإنسان لولا كتابات ليون برخو في الصحافة العربية؟
http://eu.wiley.com/WileyCDA/WileyTitle/productCd-074563494X.html

وها هي امريكا اليوم ترفض إطلاق كلمة "الإرهابية" على حركة طلبان الأفغانية بعد حرب مدمرة في افغانستان التي اهلكت الحرث والنسل  بحجة احداث 11 سبتمبر لأن مصالحها تتطلب ذلك رغم ان هذه الحركة ذاتها لها ضلع في احداث 11 سبتمبر الإرهابية. لماذا لا تطلب من البيت الأبيض يا اخينا العزيز حبيب تومي وتلقن اوباما ومستشاريه درسا في مذهبيتك وطائفيتك وإنطلاقا منها تنصحه ان هذا خطاء؟ بدلا من ذلك تهاجمني لأنني قلت ان امريكا تستخدم حتى الجريمة في حقها من اجل مصالحها وغدا قد يرفعون إطلاق كلمة "الإرهاب" على داعش إن إقتضت مصالحهم. هكذا يتصرف الوطنييون والقوميون الأمريكان وغيرهم في كل مكان من العالم من اجل وطنهم وشعبهم وهويتهم حيث يضعون مصلحة شعبهم فوق كل الإعتبارات الدينية والمذهبية وغيرها وانت لا زلت حبيس المذهب وتربط هويتك التي هي هويتي بالكثلكة والفاتيكان والمؤسسة الكنسية.
http://www.aljoumhouria.com/news/index/207688

الإقتصاد الإسلامي

وتتحدث لماذا اكتب عن الإقتصاد الإسلامي؟ إسأل الجامعات الأمريكة والأوروبية لماذا يتهافت الطلبة فيها للحصول على شهادات والتسجيل في برامج اكاديمية تدرس مادة الإقتصالد والصيرفة الإسلامية ولماذا لا تقوم بتدريس الإقتصاد والصيرفة المسيحية او اليهودية مثلا؟ هناك كم هائل من المقالات والكتب والمجلات العلمية والأكاديمية التي تعني اليوم بشؤون الإقتصاد  والصيرفة الإسلامية والبنوك الإسلامية كانت تقريبا الوحيدة التي لم تتأثر بالهزة المالية التي ضربت العالم الغربي في عام 2008. هذا هو الواقع والعالم الغربي عالم مصلحة ومال. إن كان الإقتصاد والصيرفة الإسلامية نشاطات مربحة فسيقبلون بها وهذا واقع المصالح في الغرب. وبريطانيا حيث تقع اكبر المؤسسات المالية العالمية اليوم، تشجع هذا النشاط الإقتصادي وتدعمه بنكيا ومصرفيا وجامعيا. الست دكتور! وتنشر مقالاتك في عشرات المواقع الإلكترونية وتتهمني بأنني اصول وأجول فيها وانا منذ زمن بعيد لا أنشر إلا في هذا الموقع؟ فلماذا لا تكتب لديفيد كاميرون رئس الوزراء البريطاني ان يمنع تدريس الإقتصاد والصيرفة الإسلامية في الجامعات البريطانية وجعل لندن اهم مركز في الدنيا للصيرفة الإسلامية  لأنه شخصيا قد تبنى هذا الأمر منذ توليه رئاسة الوزراء في بريطانيا:
http://www.independent.co.uk/news/uk/politics/david-cameron-unveils-plans-to-make-london-a-mecca-for-middle-east-wealth-8911301.html

الكنائس في السعودية

وتذكر مسألة السعودية والكنائس وتطلب رأي او تطلب مني ان اطلب منهم تغير رأيهم. يا رجل لماذا لا تطلب من الفاتيكان مثلا ان يضغط عليهم بدلا من ان يدخل معهم في شراكة في تأسيس مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين اتباع الأديان وكم فاتيكاني وكم كاثوليكي يتقاضى مراتب من هذا المركز وغيره من خلال المنح التدريسية وكراسي ثابتة  في الجامعات الغربية ومراكز بحثية حول حوار الأديان والدراسات الإسلامية في الغرب ممولة تقريبا كلها سعوديا؟ الم يتعاون الفاتيكان مع المخابرات الغربية والأمريكية لإسقاط الإتحاد السوفيتي السابق؟ يا رجل إتق الله وحاول ان تنصف نفسك اولا وتصحح مفاهيمك البالية العتيقة والكسيحة والسقيمة عندها إنصح الأخرين.
http://www.kaiciid.org/

امبراطورية الإعلام السعودية

وتذكر ان جريدة الإقتصادية سعودية. لا اعلم إن كان هذا مرده جهل او تجاهل؟ صحيح هذه الجريدة سعودية؟ ولكن هل تعلم تقريبا ان كل الجرائد والوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقرؤة لقطاع كبير من المارونيين الكاثوليك في لبنان ومن ضمنها جريدة النهار والحياة وغيرها سعودية وبعضها إماراتية او قطرية والأخرى إيرانية؟ وانت في بيتك في النرويج تقريبا كل ما تشاهده في التلفزيون سعودي وتدفع صاغرا إشتراك شهري ضمن الإيجار او منفصل للقنوات السعودية التي تغزوك في عقر دارك وتجلس وتسهر امامها وهي تبث ثقافة عربية إسلامية من خلال الترفيه او التوثيق او الأخبار؟ فلماذا فقط الإقتصادية؟

السعودية تملك تريلون دولار في صندوقها السيادي ومبالغ هائلة في إستثمارات في الغرب يسيل لها لعاب الرئس الفرنسي والأمريكي والبريطاني وكل الغرب وهم على إستعداد لعمل اي شيء لإرضائهم. دول الخليج –السعودية وقطر والكويت والإمارات – يطلق عليها المحللون الإقتصاديون اليوم "بؤرة الثراء الإستراتيجي في العالم" وهي تملك ربما البيت الذي انت ساكن فيه وانت لا تدري وتدفع لهم انت او الدولة الإيجار صاغرا إن كنت تعتاش على الضمان الإجتماعي . والعالم الغربي الذي انا ادينه ومن ضمنه مؤسسته الكنسية الكبيرة الفاتيكان (دولة الفاتيكان) عالم نفاق ورياء عند تعلق الأمر بالمصالح.

التبشير

وتذكر مسألة التبشير. جيد. وأنا أسالك لماذا لم يقم المبشرون الفاتيكانيون من اللاتين الكاثوليك عندما قدموا لديارنا بالتبشير في صفوف المسلمين وصبوا جام غضبهم علينا وأعتبرونا  نحن هارطقة وكفرة وكأننا نحن المسلون والمسلمون مسيحيون بينما نحن كنا نسبقهم بمسيحيتنا المشرقية اجيالا وفي كل شيء؟ لماذ قبل هؤلاء المبشرون الذي يطلق عليهم البطاركة الكلدان واحبارهم بالمجرمين والكروم الملعونة والشياطين البيض والذئاب في لباس الحملان (انظر ارشيف البطاركة ومراسلاتهم) نعم قبلوا ان يحصلوا على فرمانات من الدولة العثمانية  المسلمة العتيدة وكان من شروطها عدم التقرب صوب المسلمين ولكن يحق لهم الإستعانة بالمسلمين لإضطهادنا نحن وضربنا وقتلنا وتشتيتنا وحرق كتبنا ومخطوطاتنا ومكتباتنا وفرض الثقافة اللاتينية علينا بالظلم والقهر والإضطهاد إستعانة بالمسليمن؟ هذا موثق والوثائق موجودة ولكن يبدو ان الطائفية والمذهبية قد احكمت الطوق عليك ومثل النعامة تخفي رأسك في رمالها كي لا ترى ولا تقراء. بشرفك لو فعل بنا البطريرك الأشوري وأتباعه – وهذا سابع مستحيل – ما فعله هؤلاء المبشرون الفاتيكانيون من مجمع البروربغندا وكرديناله وخلفه وزير المستعمرات الحالي الكاردينال ساندري، رئس المجمع الشرقي، الذي لا يزال يتصرف مع الكلدان بنفس العقلية ويهينهم ويحيلهم الى محاكمه الإستبدادية ويلغي مراسيم بطريركية كي يزيد في إهاننتا،  لو كان سبب هذا الأشوريون ماذا كنت ستفعل؟ إذا انت لست قومي كلداني ولا تحب الهوية الكلدانية شأنك شأن المطران الذي هدم بيته على رأسه وراس اصحابه لأن بدلا من ان يستعين بأهله وبطريركيته التي هي رمز وجوده ومسيحيته المشرقية يلتجىء إلى الأستعمار والدخيل والأجنبي وتمدحه انت. اليست هذه هي الخيانة العظمى في نظر اي قومي حتى ولو كان كرديا اميا في اعالي جبال زيبار او بارزان؟

وتنتحل إقتباسات من الأخرين وتنسبها لي. هل وصل بك الأمر الى هذه الدرك. مثلا تقول انا القائل: "الدكتور ليون برخو الذي تقول عنه الصحف النصرانية أنه "متطرف له اجندة لقلب الحقائق التاريخية، القومية والطائفية وتزويرها. وله اسلوب ماكر فهو يضرب من اسفل الجدار، بسبب مواقفه المتشددة تجاه بعض مذاهب المسيحية، يشيد بدور الإسلام في التجارة والصيرفة الحديثة، ويقر بفضائل الإسلام التي جعلت الإقتصاد الإسلامي يدرس في جميع كليات الإقتصاد في العالم كثاني أهم مادة اقتصادية." يا رجل هذا لم اقله انا ابدا. هذا ما كتبته احدى المجلات العربية التي تهاجمني غالبا ولكنك تنسبه لي. وهناك إقتباسات اخرى خارج سياقها وتقويلي امورا لم اقلها لا يتسع المجال لذكرها مثلا تذكر ان القرني نشر رسالته لي في جريدة الإقتصادية وتقول انني خرجب من إجتماع النهضة – عفوا النكسة – قبل بداية الأسئلة والأجوبة .. كل هذا إفتراء.

إزدواجية مقيتة

ان تنتقد الذين يهاجمون المطران جمو هذا من حقك ولكن عليك تفنيد إنتقادهم  من خلا تقديم حجة منطقية وليس الولوج في دفاتر فكرية سقيمة عقيمة لا منطق لها. ولهذا لا ترى الكم الهائل من الإهانات والكلمات البذيئة والمقرفة والشتائم التي يستخدمها اصحاب هذا المطران وبموافقة شخصية منه ضد الكرسي الكلداني الرسولي ممثلا بالبطريركية التي تحمل إسمك الى درجة ان وصف بعضهم البطريرك بهتلر والنازية ولكنك تهاجمني لأنني أنتقد مؤسسة دولة الفاتيكان. يا رجل إفنح عينك كي ترى.

ووصل الأمر بك كي تغض النظر عن الخطاب التكفيري الهرطوقي لهذا المطران من خلال موقعه الكنسي (انظر الكنسي)  الذي لا يختلف عن خطاب بعض الفرق الإسلامية التكفيرية الظلامية وما يقوم به من ممارسات لا علاقة لها من قريب اوبعيد بالإنجيل وتاتي وتحاسب ليون برخو وهو شخص لا يمثل إلا نفسه وتقول هل يقبل الإنجيل بهذا؟ هل يقبل الإنجيل ما يقوم به هذا المطران؟ هل بإمكانه كشف حساباته وتقديم كشف عن الأموال الهائلة التي دفعها لإنقاذ صاحبه المطران من محكمة امريكية مدنية خسر قضيته فيها؟ هل تعلم لماذا خسرها؟ هل بالإمكان ان يكشف لنا هذا المطران طبيعة علاقاته مع الكاردينال وزير المستعمرات؟ اليس من حقنا وحق رعيته ان يعرفوا؟ هل التهديد بالشرطة والسجن جزء من الإنجيل؟ هل تحويل الكنيسة والمذبح والمنبر الى ساحة تصفية حسابات شيء من الإنجيل؟ وهل وهل وهل ...

ما هي الحقيقة

حقيقة الأمر والواقع ان الأخ حبيب تومي ليس همه الكنيسة او الإنجيل او الكثلكة او الهوية الكلدانية او ان ليون برخو يدافع في بعض مقالاته ضمن مئات المقالات التي يكتبها عن الإسلام والقرأن. هل تتذكرون كيف جرى وهرول واطلق الريح لساقيه لاهثا وراء شيخه الكلداني رغم توجهاته وممارساته الطائفية والمذهبية المعروفة والشائعة وكونه من الميلشيا وهناك تقارير عن إشتراكه واصحابه في معارك مذهبية بين المسلمين انفسهم وانا لا ادينه لأن هذا ليس شأني ولكن تتذكرون كيف كان يكيل له الأخ حبيب تومي المديح وكيف فرش له مطرانه الذي هدم بيته على رأسه ورأس اصحابه السجاد الأحمر واغدقوا عليه المال الوفير ودفعوا ثمن سفره وتذكرته الى امريكا رغم إصطفافه المذهبي والطائفي عمليا وممارسة في الصراع الديني والمذهبي الذي يعصف  بالمسلمين في العراق واقاموا له الحفلات والولائم وصفقوا له في الكنائس والمجالس وجعلوا من موقعهم الكنسي السيء الصيت كلدايا.نت منبرا له لتغطية نشاطاته المقرفة في العراق وبالتفصيل الممل بينما يحجبون اي نشاط لكرسيهم الرسولي كرسي بابل/قطيسفون للكلدان في العراق والعالم.

إذا يا رجل إخرج المسيحية والإنجيل من حساباتك وإنتقاداتك لي وحاول كما يقول الإنجيل ان تخرج الخشبة التي في عينيك كي ترى الأخر وتساعده.

والله ومن ثم والله لو كان ليون برخو ضمن البيت الذي هدمه المطران جمو على رأسك ورأس اصحابك وليس "رؤوس" يا دكتور! بالعربية  نقول "هدم الكاتب الجريء البيت على رأس المنافقين" وليس رؤوس كما تقول كي تظهر انك فطحل في العربية – اي لو جرى وهرول ليون برخو وراءكم – وهذا سابع المستحيلات لأنه وحدوي الهوى قوميا وكنسيا -  لأقمتم له الولائم وفرشتم له السجادة الحمراء مثلما فعلتم مع شيخكم  الكلداني الذي اغدقتم عليه المديح والعطايا وجعلتم منه اية، لما كنتم تذكرون او تشيرون ابدا الى بعض مقالات ليون برخو في الصحافة العربية وتسوّقونها مذهبيا وطائفيا من اجل قضيتكم  الخاسرة اساسا او ما صار يطلق عليه نكسة نهضتكم ولكنتم ودافعتم عن ليون برخو بأرواحكم حتى ولو كان ظالما كافرا لا علاقة له بالإنجيل والكنيسة ومشرقيته المسيحية التي يعبدها ويقدسها. اليس كذلك يا دكتور! حبيب تومي ؟

85
المطران سرهد جمو يهدم بيته على رأسه ورأس اصحابه

ليون برخو
جامعة يونشوبنك - السويد

كان المطران سرهد جمو والى فترة وجيزة بمثابة الداعية دون منازع لما يسمى بالنهضة الكلدانية وصدقه الكثير من الأخوة والكتاب من القوميين الكلدان وشحذوا له اقلامهم واغدقوا عليه المديح ونسيوا ان لا ناقة للمطران بالقومية والنهضة ولا هم يحزنون وإن مراده شخصي ولا يكترث إن اصاب اليأس كل مناصريه واصحابه لرؤيتهم ان كل احلامهم في نهضة كلدانية حقيقية قد ذهبت ادراج الرياح.

كرئس للنهضة او القومية الكلدانية كان على المطران لعب دور سياسي وليس مذهبي وطائفي اساسه إقصاء وإلغاء وهرطقة الأخر. والسياسة فن التعامل مع الممكن للحصول على ما يراه السياسيون انه حقوق مهضومة.

 وأين صارت النهضة الكلدانية التي نادى بها؟ الم يحولها الى عداء وفرقة بين الكلدان انفسهم؟

منذ اليوم الذي سمعته وهو يتحدث ومعه القس الذي في معيته في مدينتنا في مؤتمر لنهضتهم (رابط 1) قلت إن القائمين على النهضة لا علاقة لهم بالكلدان ولا بقضيتهم وهمهم تبجيل انفسهم على حساب اقرب المقربين إليهم ومنهم القوميون الكلدان الذين ظهر كم كانوا مخطئين في تشبثهم به كرمز لنهضتهم ووضع كل بيضهم في سلته.

القومي هو سياسي قبل ان يكون مذهبي وطائفي والقومي يسمو على المذهبية والطائفية وحتى على الدين ولكن المطران والقس الذي معه من خلال خطاباتهم والموقع الذي يديرانه ظهر ان لا علاقة لهم بالقومية ولا السياسة بل انهم مذهبيون وطائفيون حتى النخاع الشوكي.

لقد ضاقت الحيل بالمطران وصحبه وأخذوا يستندون الى امور طائفية ومذهبية التي تشوه دون وجه حق الأخر المختلف عنهم. وبوادر هزيمة اي شخص او مجموعة او فكر تتمثل في التدين الظاهري من خلال إستخدام عبارات تثير العواطف وإقتباسات خارج السياق لكسب ودّ بعض البسطاء.

وهكذا يقول المطران انه يدافع عن مذهبه الكاثوليكي (رابط 2) وهو امر لن ينطلي على ابسط الناس لأن اغلب منتقديه ايضا كاثوليك من حيث المذهب. وعندما لم تنجح هذه السياسة إتجه صوب مفهوم الهرطقة وهو مفهوم القرون الوسطى عندما كان الناس ومؤسساتهم الكنسية والدينية تعيش في الظلام وفي الكهوف.

ففي هجومه الأخيرعلى انافورة القداس التي إعتمدها السينودس الكلداني برئاسة البطريرك لويس ساكو إدعى دون وجه حق ان الأنافورة تعيد ادبيات مار نسطورس وهذا ليس صحيح ويدلل على جهل بالتاريخ وثقافة وادبيات كنيسة المشرق الكلدانية وشقيقتها كنيسة المشرق الأشورية لأنهما في الأساس والعمق كنيسة واحدة. (رابط 3).

المطران جمو يذكر إسم مار نسطورس كي يثير العواطف لا سيما من بسطاء الناس الذين لم تسنح لهم الفرصة في قراءة  متأنية للتاريخ وما طرأ من تطور على الفكر الكنسي حيث ينسى او يتناسى المطران ان كنيسة روما ذاتها رفعت الحرم عن مار نسطورس عندما رأت ان تعاليمه سليمة وقويمة وإن الخلاف السابق كان لفظيا وثقافيا. أين الأكاديمية والشهادة والدكتوراة؟؟؟

ومن ثم يقول إن الكنيسة الكلدانية حذفت إسم مار نسطورس فقط من انافورة القداس الإحتفالي وأبقت على "رازي تليثايا" العائد لمار نسطورس اي انها رفعت الإسم وابقت على الفكر والنص. هل هناك منطق بحق السماء في موقف كهذا؟ الذي حذف الإسم معروف ولا نريد ان ندخل في التفاصيل.

وينسى المطران ان مار نسطورس بالنسبة لكنيسة المشرق هوالثقافة واللاهوت وإلغاء فكره وادبياته وثقافته وفلسفته ولاهوته معناه إلغاء انفسنا ككلدان وأشوريين؟

 وأذكره فقط ونحن على اعتاب العيد بترتيلتنا المشرقية (الكلدانية والأشورية) الرائعة في نهاية جلسة صلاة عيد الميلاد التي مطلعها "شرارا كليا بدق" التي تختصر إيمان ومعتقد كنيستنا المشرقية من حيث شخص المسيح الإله من جهة والإنسان من جهة اخرى انها نسطورية المنحى والتوجه واللاهوت والفلسفة. فهل سيهرطقها المطران ايضا ويهرطق الحوذرا والأداب الكنسية بشعرها ورموزها وموسيقاها وفنونها برمتها لأنها نسطورية الهوى؟

يذكرني موقف المطران بموقف المبشرين الغربيين الذين لم يتقربوا صوب مسلم واحد بل صبوا جام غضبهم على كنيستنا المشرقية واتباعها وكانوا إن شاهدوا مكتبة مخطوطات احرقوها خوفا من ورود إسم مار نسطورس فيها. هذه هي الظلامية بعينها.

كم من ظلم وقع لا سيما من قبل المبشرين الغربيين على هذا القديس ومن خلاله بنا وبكنيستنا حيث صار مجرد ذكر إسم "نسطورس" يدخل الرعب في قلوبهم ومدعاة لحرق الكتب والمخطوطات والهجوم على كنيستنا المشرقية المجيدة الرسولية ذات الإيمان القويم والسليم وهذا اليوم بشهادة روما نفسها.

هتلر وصدام والقذافي وكاسترو

وهذه اخر تقليعة في خطاب  الكراهية والبغضاء الذي يدعمه المطران هذا من خلال موقعه الإقصائي والتكفيري والعنصري حيث شبه فيه كاتب من مؤيديه في مقال له في موقعه الكنسي بطريرك الكلدان في العراق والعالم بهتلر وصدام وكاسترو (رابط 4). يا للمصيبة التي وقعنا فيها. تدافعون دون هوادة عن كرسي روما والفاتيكان ونعم ما تفعلون لا سيما في عهد البابا فرنسيس ولكن تهاجمون دون هوادة كرسيكم الرسولي كرسي بابل/قطيسفون وكأن هذا الكرسي لا يمثلكم وليس رسوليا ومقدسا شأنه شان روما والفاتيكان.

وكان لله في عون الكلدان من شر بعض الكلدان.
--------

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,540515.0/nowap.html
 رابط 2
http://kaldaya.net/2014/News/12/03_A1_ChNews.html



رابط 3
http://kaldaya.net/2014/News/12/18_A1_ChNews.html
رابط 4
http://kaldaya.net/2014/Articles/12/20_AmirFatouhi.html




86
ماذا حلّ بالكلدان وكنيستهم وكيف يقبلون بوضع كهذا – رد على رد

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

كتب الأخ والصديق جاك الهوزي مقالا (رابط 1) يرد فيه على بعض النقاط التي اتيت بها في مقال لي نشرته مؤخرا (رابط 2). وانا ارد ليست غايتي التعقيب من اجل التعقيب. هدفي تفسير الواقع الإجتماعي الذي نحن فيه عسى ولعل نستطيع من خلاله معرفة انفسنا وواقعنا وتحسين وضعنا.

والواقع الإجتماعي عَبَرَ كل ما كنا نتصوره انه خطوط حمراء لا سيما ما يخص مؤسسة الكنيسة الكلدانية بصورة عامة والكلدان بصورة خاصة. ولا حاجة ان اجترّ البيانات والمراسيم ولا حاجة ان انقل عن التحدي العلني والممارسات غير اللائقة وتغليب مقولة العين بالعين والسن بالسن التي غادرها الإنجيل من قبل طرف من اطراف االصراع الكداني-الكلداني الحالي.

وكل ما نحن في صدده لا علاقة له بالإنجيل والإيمان، اي نحن في صدد امور ومسائل مؤسساتية بحتة. لا انا ومعي الأخ جاك  نريد ولا يخطر ببالنا التدخل في الشؤون الإيمانية البحتة التي نقدسها سوية لا سيما الإنجيل دستور حياتنا ووجودنا كمسيحيين على هذه الأرض وتوقنا من خلاله للحصول على ملكوت الله.

وأنا ادرج هنا ردي على رده فإن هدفي هو النقاش والحوار المدني والحضاري الذي يركز على الموضوع وسياقه وحججه. وامل ان يتسع صدر الاخ جاك لمحاولتي محاورته مرة اخرى وأظن ان قراء الموقع لا بد وان يتذكروا ان هذا ليس حوارنا لأول وربما لن يكون الأخير. الحوار هو الحياة والحوار يجب ان لا يكون له محرمات في عالم اليوم. وادناه ما رأيته حسب وجهة نظري من إخفاق في النقاط التي طرحها الأخ جاك في رده ومنها ما ورد في تعقيباته.

اولا:

يكتب الأخ جاك: " وعندما يكون هذا المجمع – يعني المجمع الشرقي - (وزارة المستعمرات)، فأن الفاتيكان متمثلة بشخص رئيسها (البابا) الذي يرأس هذه (الدولة الأستعمارية) بحسب ما ذكرناه أعلاه يبارك كل ما يفعله هذا المجمع من (إذلال وتقزيم) بحق كنيستنا، وإن ما يقول ويقوم به البابا فرنسيس تمثيل في تمثيل." هذا في رأي إخفاق في الحجة والمنطق والرد. وكثيرا ما نقع في هذا الخطاء. إن كانت مؤسسة او موظف  في السويد مثلا فاسدا او ظالما او ربما مجرما لا يعني هذا ان رئس الوزراء فاسد والنظام برمته فاسد. حتى في شريعة حمورابي مكتوب لا يجوز اخذ العبد بجريرة سيده ولا السيد بجريرة العبد، بمعنى إن كان شخص مجرما لا يجوز ان نحاسب إبنه معه والعكس صحيح.

ما علاقة البابا بالمجمع الشرقي الذي يعمل بشكل شبه مستقل عن الفاتيكان ذاته حيث اسس لنفسه دستورا ضخما من القوانين المتخلفة التي كتبها هو دون مراعاة المشرقيين من الكلدان وغيرهم غايتها إستعباد الأخر وإلغاء إستقلالية قراره؟ نتخذ البابا عذرا ونذكره دائما لأننا فاشلون وديدنا تقديم التبريرات لفشلنا الذريع في كل شيء تقريبا لأن هذه المسألة لا علاقة له بها من قريب او بعيد ورددها بعض اطراف الصراع كتبرير غير عقلاني ومنطقي لإضفاء شرعية وهمية لا بل مزيفة لموقفهم المعارض والمناوىء للبطريركية. والفاشلون في الشرق الأوسط مثلا دائما يهرعون صوب التبرير بدلا من محاسبة انفسهم ومحاسبة المسبب الحقيقي لمأساتهم.

الفاتيكان مؤسسة مهولة وهناك فيه حوالي نصف مليون قس (كاهن) هل من مهام البابا الذي إضافة الى منصبه كأسقف روما (الحبر الأعظم) يشغل منصب رئس دولة ورئس وزراء له اكثر من 100 سفارة وسفير حول العالم وعلاقات دولية ودبلوماسية وسياسية وإقتصادية وإستخباراتية متشابكة التدخل في أمر كل كاهن وأسقف في الدنيا؟ كل امورنا المؤسساتية ومعنا الإرساليات المشرقية الكاثوليكية (22 إرسالية) يحكمها المجمع الشرقي في كل التفاصيل ولا علاقة للبابا بها. ولماذا نقحم البابا في الأمر. بابا روما لا سيما الحالي رجل الله والإنجيل لا علاقة له من قريب وبعيد بألاعيب ومؤمرات ودسائس المجمع الشرقي وكرديناله الحالي ومن سبقوه. البابا يحكم الدنيا مؤسساتيا وله من القضايا الكبيرة والمشاكل العويصة ما لا يواجه حتى اوباما نفسه ولا أظن انه يفكر بعدة الاف من الكلدان ومصيبتهم وعذابهم على يد المجمع الشرقي.

واذكر الأخ جاك ومعه القراء بمسألة فساد بنك الفاتيكان وهذا امر شائع وكتب عنه الكثير. أتي ببنك الفاتيكان كمثل لعلاقته المباشرة بالموضوع الذي نحن في صدده.  إن اخذنا مقولتك وموقفك ووضعناه امام مشرحة المنطق والعلمية والأكاديمية فإن هذا يعني ايضا وإستنتدا الى نظريتك: "أن الفاتيكان متمثلة بشخص رئيسها (البابا) الذي يرأس هذه (البنك الفاسد) بحسب ما ذكرناه أعلاه يبارك كل ما يفعله هذا البنك من (فساد) بحق كنيستنا، وإن ما يقول ويقوم به البابا فرنسيس تمثيل في تمثيل." البنك بعد ما نُشر عنه من غسيل للأموال والتعامل حتى مع المافيا قاطعته كل البنوك الغربية واحيل بعض موظفيه وبمناصب كنسية رفيعة للمحاكمة وكان واحدا من اكثر منتقديه الكاردينال  جورج بيل (رابط 3). عندما اصبحت "الحديدة حارة" كما يقول المثل وكاد البنك برمته ان يحال الى المحاكم الأوروبية إضطر الفاتيكان والبابا ذاته التدخل من اجل الإصلاح وحسب اخر تقرير لبي بي سي بُث قبل يومين جرى العثور على مئات الملايين من الدولارات المخباءة (بنك دولة لا يعرف اين هي مئات الملايين من الدولارات ويتم إكتشافها صدفة (إقراء التقرير في الرابط 3). لو لم تقاطع البنوك الأوروبية ولو لم تكرر الصحافة مليون مرة ان بنك الفاتيكان فاسد وحتى يتعامل مع المافيا لما جرى الإصلاح والتغير. ولهذا شخصيا ادعو كل البطاركة المشرقيين الكاثوليك لا بل كل المشرقيين الكاثوليك الى مقاطعة المجمع الشرقي وكرديناله لا بك تقديمهم الى لجنة مساءلة وان يكشفوا الظلم الذي إقترفوه لا سيما بحق كنيستنا الكلدانية كي يتم إلغائه او إصلاحه جذريا لأن وجوده مؤسساتي شأنه شأن بنك الفاتيكان.

لا يجوز ان نتكىء على المؤسسة من اجل الدفاع عن الأيمان والإنجيل. المؤسسة كل مؤسسة لا سيما الكبيرة منها وعلى الخصوص المؤسسات الدينية والمذهبية – كل الأديان والمذاهب دون إستثناء - التي تقول انها تستند في شرعيتها في الأمور الأرضية والمؤسساتية الى السلطة التي منحها لها الله لا بد وان يقتحمها الفساد. هناك خلط بين المؤسساتي والسماوي وهذا لا يجوز لأن هذا الخلط  ذاته مثلا يستخدمه المطران جمو في هجومه على البطريرك حيث يقول انه في موقفه يدافع عن الإيمان الكاثوليكي وانظر كذلك كيف ردّ على بيان البطريركية حول طرد احد الكهنة الرهبان حيث وضع شريطا لكرازته وقيامه بالإحتفال بالقداس في موقعه الإلكتروني تحديا لها (رابط 4) وبهذا يحبب نفسه لدى المجمع الشرقي ويظهر انه مدافع عن الإنجيل والإيمان والإثنان براء مثل براءة الذئب من دم يوسف من ممارساته ومماراسات المطران الذي بمعيته وقسسهما. وهذا ينطبق على البطريركية في دفاعها عن صلاحياتها المؤسساتية وينطبق ايضا على المجمع الشرقي الذي لا يريد ان يتنازل قيد شعره عن تسلطه المطلق والمستبد على مؤسسة الكنيسة الكلدانية التي تتشبثت بجلباب كهنة ورهبان – وهنا انا لا ادافع عن خطئهم – وتترك المسبب لكل هذه الفوضى وهو المجمع الشرقي الفاتيكاني وكرديناله والمطران جمو والمطران الذي بمعيته اللذين يستقيان معلوماتهم وأوامرهم مباشرة من هذا المجمع ويتحركون حسب توجيهاته.

ثانيا:

يكتب الأخ جاك: ". إنك تعلم جيدا بأنه لا البطريرك ساكو ولا المطران جمو يرغبون بالأنفصال عن الفاتيكان وسيحترمون قرارها، أين المشكلة إذاً؟" إنفصال عن ماذا؟ نحن في شراكة في قراءة الإنجيل والإنجيل يأتي قبل كل الكراسي ورؤسائها من روما الى انطاكية والأسكندرية واورشليم والقسطنطينية وقطيسفون. ومن ثم إن كان كل شيء من تنظيم وإدارة وحتى مسألة محاسبة كاهن او مطران او شماس او طبع عدة اوراق طقسية او تعليمية كلها من صلاحيات روما فلماذا لدينا بطريرك ولماذا لدينا مجمع اساقفة ولماذا نحن كنيسة؟ هكذا موقف يلغي الخصوصية الثقافية والليتورجية واللغوية والمؤسساتية والإدارية والتنظيمية وكل هذه ليست مسائل إنجيلية وإيمانية اي خارج نطاق الشراكة ولكن بالطبع إن طبقنا هذا لأنتفت الحاجة الى المجمع الشرقي ووزيره (كارديناله) ومن في معيته من اللاتين وذهبت إمتيازاتهم وسلطتهم ادراج الريح.

ثالثا:

يكتب الأخ جاك: "إما أن لهذا المجلس صلاحيات تفوق سلطة وصلاحيات البابا، وهذا أمر مستبعد وغير معقول مؤسساتيا." البابا الحالي ورث هذا المجلس بكل شوائبه وسلبياته وسيئاته والبطاركة الشرقيين ضاقوا ذرعا به بدليل انهم إجتمعوا بالبابا الحالي طالبين منه إعادة صلاحيتهم التي سلبها منهم هذا المجلس. البابا وعدهم خيرا ولكن الفاتيكان مؤسسة كبيرة جدا جدا، لا بل واحدة من اكبر المؤسسات في الدنيا وتضيع الكثير من الأمور الحسنة في دهاليزها المتشعبة واروقتها التي همهما السلطة والجاه والسيطرة والمال ولهذا ومع الأسف يبدو ان الفرصه هذه ضاعت في عتمة المؤسساتية المتخمة للفاتيكان  لأن البابا اوصى  بإعادة دراسة كل القوانين الخاصة بالكنائس الشرقية والنظر جديا في منح البطاركة المشرقيين صلاحياتهم التي كانوا يتمتعون بها قبل نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ماذا حدث؟ اسأل المجمع الشرقي وكرديناله والمستفيدين من هذا الوضع المزري الذي لم يبقي أي سلطة مؤسساتية او ليتورجية لنا.

رابعا:

يذكر الأخ جاك بعض الأمثلة عن اللغة والطقس والتراث ولكنني لا اظن انها تفند موقفي كما يقول. إحدى اهم مهمات المجمع الشرقي الفاتيكاني فرض الثقافة اللاتينية على المشارقة. وتنسى كيف احرقوا مكتبات بالاف والاف المخطوطات برمتها وكيف ازالوا ويزيلون ثقافة ولغة وطقس ملايين الكلدان وتبعيتهم لكرسيهم الرسولي في بابل/قطيسفون في مناطق كثيرة والأزمة الحالية جزء من هذه السياسة.

الفاتيكان دولة من اكبر دول العالم من حيث الغنى والتأثير والسطوة. قارنه بالسويد. السويد دولة علمانية لادينية تمنح من الإمتيازات والمنح والدعم للثقافات واللغات والطقوس المحلية بمليارت الكرونات لا بل تفرض عليهم دراسة لغتهم الأم وممارسة ثقافتهم كما هي وتساعدهم في إنشاء المدارس والجمعيات وتدعم كنائسهم ماديا وتقدم دعم مادي سخي لأي فرقة موسيقية واي دورة لغوية لأصحاب الثقافات المختلفة. كم دولار يقدم الفاتيكان المتخم بالمال للحافظ على لغتنا وثقافتنا وطقوسنا وكم مدرسة انشاء؟  المجمع الشرقي الفاتيكاني دمر الثقافة واللغة والطقس ... ولا اريد الإسترسال.

وإن كان المطران جمو يهتم بالطقس واللغة وانا اشيد بأي محاولة في هذا الإتجاه فإن المسألة – من وجهة نظري – لا علاقة لها بهوية كنيستنا وخصوصيتها الثقافية واللغوية والمؤسساتية. له دوافع  وأغراض اخرى وإلا فإن التشبث بالهوية واللغة والطقس والثقافة لها اسسها وبدلا من ان ينفق مئات ومئات الالاف من الدولارات لإنقاذ شخص غيّر مذهبه فقط بعد خسارته لقضيته في محكمة امريكية مدنية لكان اسس مدرسة وثانوية وكلية تدرس لغتنا السريانية وطقوسنا وليتورجيتنا وثقافتنا كما يفعل اسقف نظير له في إستراليا.

والمجمع الشرقي ذاته لا يدرّس في معاهده طقسنا ولغتنا. كل الدراسة باللغة الإيطالية واغلبها تدور حول الثقافة واللاهوت والأداب الكنسية اللاتينية.

والفاتيكان يمول حاليا (مبالغ كبيرة جدا) مشروع إنشاء جامعة للأكراد حسب المناهج التربوية الكردية لإقليم كردستان (رابط 5). لماذا لم يفتح مدرسة واحدة وليس جامعة لنا حسب مناهج المديريات السريانية في العراق او في الشتات؟
 
وهل حقا هناك تشبث بالطقس واللغة والليتورجيا؟ لا أظن وكهوية نحن في طريقنا إلى الزوال لأن لا نستطيع طبع وتأليف كراس بلغتنا القومية التي هي لغة وهوية كنيستنا بصورة صحيحة إن في امريكا او العراق وغيره ودليلي هو الأنافورا الجديدة للبطريركية حول رتبة القداس التي تم تعميمها مؤخرا والتي قيل ان الأساقفة راجعوها ولكن رغم فرحي بها ومساهمتي بقدر الإمكان في تثبيتها ونشرها والتمسك بها وتدريب الجوق والشمامسة عليها في منطقتنا إلا انها ومع الأسف مليئة بالأخطاء وهالني حقا عندما لاحظت شريط الفيديو النموذج وقد غلبت اللغة العربية على لغتنا (هويتنا القومية والكنسية). ولقد  كان امرا محزنا جدا ان ارى حشدا من الكهنة ومعهم اساقفة وهم يخفقون في إنشاد "ها مزمنيتون"؟ هل هذه هي كنيسة المشرق الكلدانية التي نعرفها؟

خامسا:

 يتحدث الأخ جاك عنن إستغلال مسألة الكهنة الموقوفين واليوم المطرودين حسب البطريركية بيد ان لا غبار عليهم ولا هم يحزنون حتى الأن حسب المجمع الشرقي. رغم ان هذه المسألة صارت اشهر من نار على علم إلا ان المشكلة ذاتها لم تكن تحدث لولا تدخل هذا المجمع لأنه شجع ومن خلال علاقات خاصة مع إبرشية كلدانية في المهجر ان تقوم بما تقوم به من إحتضان الهاربين من اديرتهم ووظائفهم في العراق. تريد ان تقنعني ان ما يقوم به وما فعله ويفعله المطران جمو والمطران الذي في معيته حتى الأن في تحديهما للبطريركة  لم يكن بمباركة المجمع الشرقي الفاتيكاني؟

سادسا:

يكتب الأخ جاك: " وما ينطبق على كنيستنا ينطبق على جميع الكنائس التابعة لها وللفاتيكان الصلاحية الكاملة بالتدخل في هذه الكنائس وتجميد حتى رؤسائها إن كانوا برتبة كاردينال أو رئيس أساقفة وليسوا كلهم من أصول لاتينية وكنيستنا ليست إستثناء." هنا كما قلت تقع في خطاء تاريخي كبير وهو خطاء شائع بين الكلدان إكليروسا وعلمانيين وسبب من اسباب نكستنا لابل زوالنا مناطقيا وسكانيا وثقافة ولغة وطقسا. هذا القول بعيد عن الحقيقة التاريخية الناصعة وطبيعة الشراكة مع الفاتيكان.

كنيستنا إستثناء لأنه يرأسها بطريرك منتخب من مجلس اساقفة ولا يجوز مقارنة البطريرك بالكاردينال غير المنتخب. هنا المصيبة لا بل المصيبة الكبرى متى كان البطريرك يساوي الكردينال ومتى صار منصبه ادنىى من الكردينال؟ هذا لم يحدث إلا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين اي بعد قرون من الشراكة؟هذا حدث بالضبط في عهد البابا بيوس التاسع الذي فرض العصمة عنوة ودون وجه حق على المشرقيين وكانت غايته إلغاء المنصب البطريركي والذين قاوموه كانوا الكلدان وبطريركهم. إقراء وقائع ومحاضر المجمع الفاتيكاني الأول وحاول ان ترى بنفسك كيف قاوم الكلدان وبطريركهم لا بل ثاروا على مبداء العصمة وخرجوا من المجمع بغضب وتبعهم كثيرون لأنهم كانوا يدركون ان الموافقة على العصمة معناه نهاية الكنيسة الكلدانية كمؤسسة ليس إدارية وتنظيمية وحسب بل طقسية وليتورجية وثقافية ولغوية وهذا ماحدث لأن لم يبق شيء من الطقس الكلداني ولا من الصلاحيات البطريركية والسنهودوسية.

سابعا:

يذكر الأخ جاك إنني اكرر نفسي. ردي هو ان هذا صحيح من وجهة نظرك فقط. فمثلا هذا المقال رد على ما اتيت به في تعقيبك علي وانا شخصيا ارى تعقيبك مكرر ويكرره الأخرون ايضا. كم من الكلدان او القراء كانوا على علم ان الكلدان ثاروا وأنتفضوا على ظلم المجمع الشرقي الفاتيكاني (بروبغندا في حينه) وعلى بعثاته التبشيرية بعد ان ذاقوا الأمرين واصناف العذاب والإظهاد منه ومن بعثاته؟ هل حقا كنت انت شخصيا على علم بذلك؟ ولماذا نتهرب من ثورتنا المباركة ضد الظلم والطغيان؟

وهل هناك شعب في الدنيا لا يفتخر بثورة سلمية من انصع الثورات في العالم من اجل حقوقه القومية في الهوية واللغة والمناطقية والجغرافية والليتورجيا والأداب والفنون وغيرها؟ جرى وأد هذه الثورة المباركة ببطش وظلم وطغيان لا مثيل له قد لا تقترفه اعتى المؤسسات الإستبدادية. هذه حقيقة تاريخية لماذ نتهرب منها؟ نتهرب منها ومسحناها ليس فقط من ذاكرتنا بل حتى في كتبنا إنطلاقا من دوافع مذهبية وطائفية ليس إلا . وهذا شأن كل دين ومذهب حيث يخفي اتباعه ما إقترفه وأقترفوه من ظلم وفظائع ويؤكدون فقط على محاسنه ومحاسنهم.

وازيد ان الدنيا كلها في ثورة وما يحدث على صفحات هذا المنبر ايضا ثورة خطابية والمطران جمو والمطران الذي في معيته وقسسه ومسانديه في ثورة ضد توجه البطريركية وما قام به البابا كان ثورة على الفساد والمؤسساتية في الفايتكان ولكن مع الأسف لم تغطي هذه الثورة المجمع الشرقي لأنه مهمش حتى في الفاتيكان وذلك لضعفنا وعدم إكتراثنا وإتكائنا على تبريراتنا غير المنطقية ولأننا لا زلنا ضمن عقليتنا الشرقية  حيث من الصعوبة بمكان ان نثور او احيانا حتى ان نقبل مناقشة ما تلقنه لنا الأديان والمذاهب من الأمور المؤسساتية والأرضية حيث جعلنا المبشرون نؤمن ان كل شيء من الفاتيكان لا سيما ممثلا بمجمعه الشرقي وبعثاته التبشيرية هو من السماء ويعلو على كرسي بابل/قطيسفون وبطريركه المنتخب ومجلس اساقفته لا بل مواز او ربما متقدم حتى على الإنجيل نفسه وهذا ليس صحيح وهو في رأي المسبب لكثير مما عانيناه وما نعاني منه اليوم.
 
-----
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,760324.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=759865.0
رابط 3
http://www.bbc.com/news/world-europe-30339699
رابط 4
http://kaldaya.net/2014/News/12/03_A1_ChNews.html
http://kaldaya.net/2014/News/12/03_A2_Video.html
رابط 5
http://ar.radiovaticana.va/news/2014/11/13/%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%82%D9%81%D8%A9_%D8%A5%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7_%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%84%D9%88%D9%86_%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9_%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1_%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D9%83%D8%B1%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82/1111037

87
كاردينال لاتيني يحرق اعصاب الكلدان وكنيستهم ويلحق بهم هزيمة مدوية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

لقد خرج الصراع الكلداني-الكلداني من قمقمه وصار على لسان الكل ودخل على الخط الإعلام خارج نطاق مواقع شعبنا الإلكترونية.

ومع الأسف أنني ارى ان مأساة كبيرة ستقع على الكلدان وكنيستهم هذه المرة لأن النقاش الجاري والكم الهائل من الكتابات بالإنكليزية والعربية وربما لغات اخرى كلها تشير الى صدع وإنقسام لم يشهده الكلدان وكنيستهم منذ وأد الانتفاضة الكلدانية بقيادة البطريرك الكلداني يوسف اودو في نهاية القرن التاسع عشر.

ولا يجوز في رأي ولا يمكن لنا ان نفهم ما حدث ويحدث للكلدان وكنيستهم من إنتكاسة بعد اخرى إن لم نضع كل ما وقع من احداث اليمة وفواجع ضمن سياق العلاقة مع المؤسسة الفاتيكانية المتمثلة بالمجمع الشرقي وسلفه مجمع البروبغندا.

ولا يجوز صب جام غضبنا على الكهنة او الرهبان الذين يتحدّون البطريركية والسنودس الكلداني لأن هؤلاء مثلهم مثل العبد المأمور وكذلك لا يجوز إلقاء اللوم كل اللوم على المطران جمو او المطران الأخر الذي في معيته لأنهم ايضا يتكئون اليوم على مجمع لم يحصل الكلدان منه غير الشقاء والبهدلة والإضطهاد بكافة اشكاله. كل هؤلاء وغيرهم لا حول ولا قوة لهم لأن كل الخيوط لتحريك المؤسسة الكنسية والسيطرة  عليها إداريا وتنظيميا ليست بيد الكلدان وكنيستهم.

قد لا يعلم البعض فإن الكنيسة الكلدانية كانت اكبر الكنائس المشرقية عددا وإنتشارا وثروة واملاكا واتباعا وغيره الى اللحظة التي أُجبر فيها  البطريرك اودو على الإستسلام والتنازل لمجمع البروبغندا في حينه (المجمع الشرقي حاليا) عن كل المقادير الإدراية والتنظيمية والتصرف بالأملاك والمناطق البطريركية وحق رسامة الأساقفة وغيرها من الحقوق الأساسية التي لا يمكن بدونها لأي مؤسسة مهما كان حجمها تمشية امورها الذاتية.

هذا يعني اننا دخلنا القرن العشرين والكنيسة الكلدانية كان لها اتباع يقدرون بمئات لالاف بل ربما بالملايين وكان لها سلطة مؤسساتية وإدارية تمتد حول العالم، اي في أي بقعة يتواجد فيها شخص يمارس طقوسها وصلواتها وثقافتها ولغتها وكانت اكبر في كل شيء حتى من الكنيسة  المارونية والكنيسة القبطية والكنيسة السريانية الأرثذوكسية.

ماذا حدث؟ المجمع الشرقي قضم هذه المؤسسة مثلما يقضم الفأر قطعة الجبن. فهو لم يستقطع منها المناطق بل غيّر الثقافة واللغة والطقس وفرض ثقافة اجنبية دخيلة كما يصفها المطران سرهد جمو ذاته (رابط 1). ليس هذا فقط بل سلب هذا المجمع منها كل الصلاحيات وصارت هذه المؤسسة اليوم لا تستطيع ليس إصدار قرار لإيقاف شماس او كاهن او حتى واحد من اتباعها في امريكا او غيرها  دون موافقته بل لا تستيطع ان تطبع منشورا طقسيا من عدة صفحات دون موافقة المجمع الشرقي وكارديناله اللاتيني وسكرتيره الخطية الى درجة ان الكل يتهافت اليوم الى تلبية رغباتهم وارضائهم وان كان على حساب الهوية والعقارات والمناطق والأتباع وفقدان ابسط معايير الإستقلال الذاتي من حيث الإدارة والتنظيم وغيرها من الشؤون.

وإن طُبع المنشور يجب وضع موافقة هذا الكردينال وسكرتيره في الواجهة قبل مقدمة البطريرك ذاته. وهذا ما يشتكي منه المطران جمو ذاته عندما يتعلق الأمر بتوجهاته السياسية ولكنه يحبذه ويبصم عليه بالعشرة رغم انه مدرك لخطره الوجودي على الكلدان كهوية ومؤسسة كنسية عندما لا يتوافق معها ومن هنا تحديه للبطريركية مستندا الى المجمع ذاته الذي يدينه (رابط 1). كيف يكون وكيف يجوز وكيف يقبل الكلدان واخص هنا بالذكر النشطاء القوميون منهم ان يقرر مصيرهم  ومصير لغتهم وهويتهم وقوميتهم كاردينال وسكرتير اجنبي؟

السؤال في محله لأن الناشطين الكلدان يعتمدون بالدرجة الأساس في التشبث بما يرونه انه قومية او هوية منفصلة على المؤسسة الكنسية بينما المؤسسة الكنسية يحكمها بكل تفاصيلها اناس غرباء عن ثقافتنا ولغتنا وهويتنا.

وحتى لو حدث ان اصدر الرئس الأعلى للمؤسسة الكنسية ومجلسه الأسقفي قرارا ما او اصدر مرسوما ما يقف له المجمع الشرقي هذا وكارديناله وسكرتيره بالمرصاد كي يفرغوه من محتواه او يمددوا ويمدوا ويطولوا ويستطيلوا تنفيذه حارقين بذلك اعصاب الكلدان وكنيستهم.

 مضى حوالي شهر كامل على صدور المرسوم البطريركي والكلدان في مد وشد والكل بإنتظار ماذا؟ قرار من كاردينال لاتيني دخيل وغريب على ثقافتنا وشؤون حياتنا.

لماذا تصدر البطريركية مرسوما وتتبعه بالأسباب القانوينة الموجبة التي تسنتد الى ما يسمى قوانين المجمع الشرقي وبينما الحل والربط هو بيد الكاردينال؟ عن اي قانون تتحدثون؟ هل المجمع الشرقي مجمع منتخب من قبلكم ومجمع ديمقراطي تتداول فيه الرئاسة والرئاسة تم توطينها اي هي من كنيستنا وشعبنا كي تأملوا خيرا؟

عندما تكون المؤسسة غير منتخبة كما هو حال المجمع الشرقي لا يسود فيها إلا الإستبداد بالقرار.

ما يقوم به المجمع الشرقي وكارديناله من مماطلة وتميع للقرار – بالمناسبة القضية برمتها في ملعب المجمع الشرقي وليس البابا – ليس غريبا. هذا ما قام به هذا المجمع وسلفه مجمع البروبغندا في تمييع وإفراغ كل القررات والمواقف التي إتخذتها سنهودوسات الكنيسة الكلدانية منذ ان بطش هذا المجمع بالكلدان ومؤسستهم الكنسية وانتفاضتهم السلمية المباركة ضد الظلم والطغيان.

وشخصيا لست مدافعا عن البطريرك كشخص ولكن عن المؤسسة ذاتها التي بدأ الإنهيار في صفوفها وهذا كان ظاهرا للعيان ليس اليوم بل منذ سنين لا بل عقود والإنهيار كان مسألة وقت لأن كيف تكون هناك مؤسسة ولا تملك حق إصدرا قرار او مرسوم لتمشية امورها الإدارية البسيطة؟

المجمع الشرقي وكارديناله لن يقبلوا تحت اية ظروف ان تكون للبطريركية التي تحمل اسم وتاريخ وهوية الكلدان لا بل وجودهم (وذلك لغياب الوعي القومي لديهم او بالأحرى ربطهم للوعي القومي بالمؤسسة الكنسية) ان تبسط سلطتها شبرا واحدا خارج العراق.

وحتى داخل العراق القرار ليس قرار المؤسسة البطريركية لأن باي لحظة بإستطاعة المجمع الشرقي وكارديناله وسكرتيره عمل ما يشاؤون وحسب ما يشاؤون ومتما يشاؤون. والعراق اليوم في محنة والمسيحيون فيه في محنة كبيرة وقد لا يمضي وقت طويل وقد غادره كل الكلدان.

والأبرشيتان الكلدانيتان – او كما سماها بعض الزملاء بالمشيختين – تطفوان على المال وهما من ضمن عدد قليل جدا من الإبراشيات الكاثوليكية الأمريكية التي خرجت سالمة لا يشوبها اي عيب من كارثة الإعتداء الجنسي للكهنة الكاثوليك على الأطفال الصغار حيث افلست الكثير من الإبراشيات الكاثوليكية في امريكا لدفعها تعويضات فلكية للضحايا وجلهم من الكاثوليك.

فكيف سيتنازل المجمع الشرقي وهو مؤسسة همها السيطرة والمال والأملاك عن واحداتين من اغنى الإبراشيات الكاثوليكة في امريكا للبطريرك الكلداني؟

مهما كان القرار الذي سيصدره المجمع الشرقي فإنه سيمثل ضربة قاصمة اخرى او ربما الفأس الذي يقع على الرأس بالنسبة للكلدان كهوية وكنيستهم كمؤسسة.

هل نستحق هذا؟

نعم نستحق لأننا لسنا في شراكة مع الفاتيكان كما يتم تصوير الأمر لنا لأن الشراكة بين مؤسستين تعني ان أي منهما لا يجوز ان يلغي الأخر اي في اقل تقدير هي 50 – 50. والشراكة هي في قراءة الإنجيل وليس في السيطرة المطلقة والتامة على كل الأمور من إدراية وطقسية ومؤسساتية والتعين والنقل والإيقاف والأوقاف والرسامة وهلم جرا.

هذه ليست علاقة شراكة. هذا علاقة السيد بالعبد والمستعمر بالمستعمر والأمر بالمأمور وكان لا بد وان يحدث هذا.

كيف يسكت الكلدان من الغيارى على هويتهم ولغتهم وتراثهم وثقافتهم وفنونهم وقوميتهم التي حفظتها لهم كنيستهم المشرقية المجيدة على وضع كهذا حيث وصل الأمر الى مهاجمة بطريركية بابل/قطيسفون على الكلدان في العراق والعالم (ضع خط تحت العراق وعدة خطوط تحت العالم) بينما يخشون حتى انتقاد كردينال لاتيني حصل على اللقب بالتسمية ومجمعه الشرقي المستبد الذي لم يبقي لهم  حبّة خردل من إستقلالية القرار؟

رابط 1
http://www.kaldaya.net/Articles/400/Article486_May29_07_BishopSYJ.html

88
الدروس التي في الإمكان إستخلاصها من الأزمة التي تعصف بالكلدان وكنيستهم

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

الكلدان وكنيستهم في ازمة شديدة. الأزمة ليست وليدة اليوم ولا أظن بإمكاننا إستيعابها او تعلم أي درس منها إن لم ننظر إليها وندرسها ونمتحنها ضمن سياقها.

والسياق مهم جدا لتحليل الخطاب – أي خطاب – لأننا لن نتمكن إستيعاب معنى كلمة او مفردة واحدة إن لم نضعها في جملة وليس بإمكاننا فهم معنى جملة خارج النص الذي وردت فيه وليس بإمكاننا إدراك معنى النص (الخطاب) إن لم نضعه ضمن سياقه، بمعنى اخر ضمن بيئته التاريخية والثقافية والإجتماعية. والأزمة تقريبا برمتها خطاب – نص او بيان او مرسوم او توجيه وبعده تعقيب وجواب ورد ومن ثم كم هائل من المقالات في المنتديات.

وكل نص، كما يقول ميخائيل بختين، وهو فيلسوف الخطاب والحوار، ما هو إلا جواب على نص اخر، وكل نص مهما كان عدد كلماته وحتى لو كان كلمة واحدة ما هو إلا عملية تحاورية dialogism مع نصوص اخرى سبقته او عاصرته ولا يوجد نص ليس فيه الكثير من التاريخ لأننا عندما نكتب نحاور المتلقي ونحاور اللغة التي نكتب فيها وتراثها وثقافتها حتى وإن بدا النص انه غير موجه الى أي متلق. ويؤكد لنا بختين ان اكثر من 95% مما نكتبه او نقوله كان موجودا اساسا قبل نطقنا به او كتابتنا له.

ولهذا امل ان لا يستكثر علينا القراء بالقول ان ما حدث في الماضي لا سيما القريب منه والذي لا يزال مؤثرا علينا وعلى ثقافتنا وتراثنا وخطابنا شيء من المفارقة.

القارىء الذي يعزو ربط الحاضر بالماضي الى "مفارقة" ينطلق من اجندات تغلب عليها الشخصنة والبعد الديني والطائفي والمذهبي عادة.

خطاء بسيط تقترفه امه او قائدها او زعيمها المدني او الديني يكون له تبعات كارثية ليس على حاضر ذلك الشعب في حينه بل على مستقبله ووجوده.

وما يلحق بالمجتمعات من خير او شر وما يصيبها من احداث سلبية او إيجابية اساسها مفاهيم محددة نطبخها خطابيا (من خلال اللغة) اولا من ثم نطبقها من خلال اعمالنا.

وواحد من الدعائم الفكرية والنظرية التي نستند إليها في تحليل الخطاب تقول ليس هناك شر لا يسبقه غلو ومغالاة في الخطاب وليس هناك خير لا يسبقه الحوار الفكري المنفتح على الأخر.

كانت هذه مقدمة موجزة للدخول في موضوع حساس يخص الشعب الكلداني وكنيسته المشرقية الكلدانية الكاثوليكية احاول فيه التعرج بعجالة على بعض الدروس التي إستقيتها من هذه الأزمة من خلال تحليل مبسط للخطاب الذي بين ايدينا.

الدرس الأول

اظهر الكلدان وكنيستهم في هذه الأزمة انهم شعب راق وحضاري وذلك للحرية الكبيرة التي يتمتعون فيها من خلال نقدهم الواحد للأخر ووضع حتى مؤسستهم الكنسية تحت مشرحة النقد والتمحيص ولم تنجو من ذلك حتى مؤسسة الفاتيكان (الفاتيكان كدولة ومؤسسة) لا سيما المجمع الشرقي ورئسه.

بالطبع لم يكن كل النقد بناءا ولكن كون الكلدان وكنيستهم يقبلون منا النقد برحابة صدر ويتركون لنا المجال لإبداء الرأي الأخر فلعمري هذا لوحده إيجابية كيبرة تسجل لهذا الشعب وكنيسته حيث وصل الأمر ببعض الكتاب إستخدام نقد لاذع (وانا هنا لست في صدد الحكم عليه إن كان في محله ام لا) اجزم ان اي مكون اخر او كنيسة اخرى لشعبنا لما كانت قبلت به. هذا يسجل لنا كشعب وكنيسة في صفحات من النور.

الدرس الثاني

الكلدان وكنيستهم في امان وامامهم فرصة ذهبية للنهوض وهم مكون اصيل من شعبنا ونهضتهم هي نهضة للكل. ودليلي على ذلك هو قول بعض الأخوة ان ما ورد من نقد لمؤسسة الكنسية الكلدانية او الفاتيكانية لو كان ضمن أي مؤسسة كنسية اخرى لتم قذف الناقد بالحرم الكبير. هنا لن ادخل في خضم كون النقد في محله ام لا ولكن هذا دليل ان مؤسستنا الكنسية قلبها رحب وتقبل النقد وتتعامل معه بروح إيجابية.

 وما اذهلني انني سمعت من خلال علاقاتي الوطيدة مع كل مكونات شعبنا وكنائسنا انهم بحاجة الى ما يشبه النقد الذي يجري بين أشقائهم من الكلدان لأنهم لا يؤشرون على الأخطاء وحسب بل يقدمون بعض الحلول والممارسات.

وازيد قرائي الكرام معلومة عما يدور في الكنيسة الكاثوليكية حيث ان بعض الأكاديميين الكاثوليك يطالبون اليوم وبشدة إلغاء مفهوم عصمة البابا لأنه تم فرضها في منتصف القرن التاسع عشر مع معارضة عارمة في المجمع الفاتيكاني الأول كان من روادها البطريرك الجليل يوسف اودو، اي البطريرك الكلداني كان واحدا من رواد ما يشبه الإنتفاضة حيث لحقه مئات الأساقفة من كافة انحاء العالم في مواجهته للبابا بيوس التاسع وطلبه بمنحه العصمة. (رابط 1).

الدرس الثالث

في كل ما جرى ومن خلال قراءتي للخطاب الذي ينتصر للبطريرك اوالذي ينتصر للمطران اوالذي يمسك العصى من وسطها غابت على الكثيرين مسألة مهمة جدا وهي اننا اليوم امام مؤسسة فاتيكانية بقيادة البابا فرنسيس التي فتحت الباب على مصراعيه للكل ان يعبّروا عن رأيهم بصراحة ودون خوف ووجل وان يضعوا طلباتهم على الطاولة مهما كانت شريطة ان تكون ضمن نطاق وحدود الخطاب الإنجيلي الذي يعلو على الكل ومنهم اصحاب الكراسي الرسولية.

ويبدو ان الكلدان وكنيستهم لم يستفيدوا من رياح التغير في الفاتيكان فبدلا من ان يطلبوا إلغاء المجمع الشرقي ورئسه والقائمين عليه وكلهم من اللاتين وهم كما يصفهم المطران سرهد جمو بالدخلاء والأجانب على ثقافتنا (رابط 2) وضع جانبي الصراع كل بيضهم في سلته. إنها كانت ولا زالت فرصة ذهبية لتقديم طلب للبابا فرنسيس بإلغاء المجمع الشرقي وإعادة الصلاحيات كاملة للسنهودس الكلداني بشراكة تامة وإيجابية وفاعلة proactiveومتبادلة مع البابا.

الدرس الرابع

ظهرت اخطاء جسيمة من وجهة نظري في الخطاب الذي قرأته وهذا ينطبق على طرفي الصراع. قد لا يكون غالب ولا مغلوب مهما كانت النتائج. إن أصدر المجمع الشرقي (الأمور المؤسساتية الخاصة بالكنيسة الكلدانية كلها في جعبة المجمع الشرقي وليس البابا) قراره لصالح المطران معناه ان منصب البطريرك صار شيء رمزي وقد يكون إلغاؤه افضل من بقائه. وإن اصدر قراره لصالح البطريرك اننا سنخسر الكثير من الإيجابيات والطاقات التي هي متاحة للمطران وإبراشيته والتي يفتقدها اغلب اقرانه من الأساقفة الكلدان.

 ولن ادخل في تفاصيل السلبيات والإيجابيات إلا ان المطران يشهد له حبه لمشرقيتنا الكنسية وذلك من خلال جهوده الحثيثة للمحافظه على تراثنا وثقافتنا ولغتنا وريازتنا وليتورجيتنا كما تركها لنا اباء كنيستنا المشرقية والتي مع الأسف يدوس عليها اليوم البعض الأخرولكن طريقة تقديمه لها والغلو والمغالاة في الخطاب جعل اغلب الكلدان خارج منطقته وربما ضمنها يعزفون عن طروحاته.

ولهذا بقيت جهودة الجبارة والمشكورة من حيث الحفاظ وإحياء الطقس والفنون والليتورجيا الكلدانية وتراثها وإرثها المشرقي حبيسة منطقته الإبرشية ولم تنتشر خارجها. كان الأولى به ان يحافظ على علاقة وطيدة وفاعلة مع البطريرك لا بل ان يكون ساعده الأيمن كي يتمكن من نشر افكاره وطروحاته وكي يتقبله الكلدان برحابة صدر.  وخشيتي هي اننا امام نكسة كبيرة في هذا لإتجاه.

والخشية – وانا صريح وجرىء كما يعرفني القراء – تكمن في شعار البطريرك وهوالتجديد (اي العصرنة) الذي اساسا دشنه بعض القسس الكلدان في نهاية الستينات والسبعينات وادخلوا التعريب من اوسع ابوابه دون أي معارضة لغياب الوعي القومي ومفهوم الهوية القومية والكنسية. ومن خلال المفهوم السلبي للعصرنة هذا والذي لا يزال قائما بكل سلبياته رموا في سلة المهملات حوذرتنتا وادابنا الكنسية بلغتها وشعرها وموسيقاها التي تبز ما لدى اي امة او كنيسة اخرى جانبا لا بل إستهان البعض بها واستبدلها بالدخيل والهجين والباهت.

لن يكون هناك شيء إسمه كلدان ولن يكون هناك شيء إسمه كنيسة كلدانية مشرقية دون الثقافة والفنون والأداب والليتورجيا التي تكتنزها لغتنا ولغة كنيستنا لأن الفنون والثقافة (اللغة) هي ارقى ثمار الحضارة الإنسانية. إن كان معنى التجدد والعصرنة  تهميش لغتنا فأقراء على هويتنا وهوية كنيستنا السلام.

الدرس الخامس

أخطاء المطران في وقوفه في الصف المعارض للبطريرك واخطاء ومعه بعض الأخوة من النشطاء القوميين الكلدان. في رأي وامل ان الوقت لا يزال ملائما كان يجب الوقوف مع البطريرك والأخذ بيده ومن ثم إقناعه من خلال علاقات تفاعلية وليست تصادمية بموقف المطران ومناصريه من الهوية لا سيما اللغة لأن اللغة هي الهوية وكنت وما زلت حقا سعيدا للجهود الكبيرة التي بذلها المطران في هذا الخصوص والأن بدأت اخشى عليها.

والوقوف في الصف المعارض تخلله غلو ومغالاة. والغلاة في اي منحى كان لا بد وان يروا ابراجهم تتساقط الواحد تلو الأخر. إستخدام الكرازة في القداس لأغراض مؤسساتية وسياسية كما قرأنا وسمعنا من خلال منتديات التواصل الإجتماعي ومواقع شعبنا ما هو إلا غلو ينعكس على صاحبه سلبا.

والمطران يلام هنا لأن بدلا من تركيز جهوده على هويتنا المشرقية جرى حتى تحوير بوصلة الخطاب الكنسي وضمن الخدمة الكنسية لتمرير اغراض مؤسساتية بحتة ومنها مثلا مسألة مطران غير مذهبه – والناس احرار في إختيار مذاهبها – صارت لديه ولدى بعض النشطاء القوميين من مناصريه في مقدمة اولوياتهم. وهناك تفاصيل اخرى لن ادخل في خضمها.

الدرس السادس

اظهر الخطاب الذي قرأناه ان الكلدان بغالبيتهم ومعهم بعض المعارضين لخط البطريرك يكنون لكرسيهم الرسولي، كرسي بابل/قطيسفون على الكلدان في العراق والعالم احتراما كبيرا ويرون في علاقته مع كرسي روما علاقة شراكة إيمانية وان الشراكة تكمل الواحد الأخر ولا يجب ان تلغي اوتهمش كرسي بابل.

وظهر هذا المفهوم الرائع جليا في كثير من الكتابات ومن هنا كان الموقف الصائب من مفهوم المنطقة البطريركية الوهمي وغير المقبول إطلاقا الذي فرضه المجمع الشرقي على الكلدان دون وجه حق وآن الآوان لإلغائه مع المجمع الذي فرضه.

وكان حقا امرا يثير الفخر ويثير العزة والسؤدد ان ترى التشبث بالكرسي اولا ومن خلاله الشراكة مع روما ومعارضة الغالبية الساحقة لمفهوم ان اي ابرشية او خورنة بإمكانها التصرف كما تشاء بحجة اننا تابعون الى روما.

الدرس السابع

قضية الرهبان الذين تم إيقافهم من قبل البطريرك قضية مثيرة حقا ولا نستطيع فهمها دون سياقها التاريخي. الرهبان الذين وردت اسماؤهم في المرسوم البطريركي كلهم اصدقائي ومعارفي. عشت مع بعضهم اجمل سني حياتي في الدير والأصغر عمرا منهم تلامذتي حيث كنت اقوم بتدريسهم في دير الإبتداء للرهبنة الهرمزدية الكلدانية في الدورة في بغداد والبعض الأخر بمثابة اولادي امضوا اوقات طويلة في بيتي ومع عائلتي.

وشخصيا ما زلت قريبا جدا من الرهبنة الكلدانية التي تعيش في عروقي وانا على إطلاع ومعرفة بما يجري في اروقتها وبحوزتي الكثير من الوثائق عن مسيرتها.

وقبل ان ادلو بدلوي في هذا المضمار اقول كان على الرهبان الذين جرى ذكرهم في المرسوم البطريركي تنفيذ ما طُلب منهم وبحذافيره وفورا دون الإتكاء على المطران او المجمع الشرقي. وبالمناسبة فإن الإسستئناف الذي قدمه المطران سيبت فيه المجمع الشرقي وليس البابا لأن المجمع الشرقي هو الذي يحكم وهذا لا يجوز. لا يجوز ان يتبع البطريرك الكلداني المنتخب من قبل مجمع اساقفة كردينال لاتيني في الفاتيكان جرى تعينه بالتسمية بل يجب ان يكون منصبه ومكانته ارفع من الكردينال وان تكون علاقته مباشرة مع البابا.

المجمع الشرقي من خلال السفير الفاتيكاني في بغداد – وكانت لي علاقات صداقة وصلة وثيقة بسفيرين للفاتيكان في التسعينات من القرن الماضي في بغداد -  هو الذي همش الرهبنة الكلدانية وكان سببا في ترهلها. لقد الغى السفيرين إنتخابين ديمقراطيين حرين للرهبنة بعد رياضة روحية "وحلول الروح القدس" وهذا مثبت بالأسماء والتواريخ وحدث هذا رغم معارضة البطريرك في حينه والرهبان بأغلبيتهم حيث نصب المجمع الشرقي في الحالتين اشخاصا يرغب فيهم هو وليس الرهبان ولم يكترث بنتائج الإنتخابات وحدث على اثرها فلتان ادى الى هروب الكثيرين ومغادرة البعض ليس للدير وحسب بل للكنيسة الكلدانية ايضا.

واليوم الرهبنة – وقبل التسونامي الداعشي – تعاني كثيرا وهي على شفا الإنهيار وانها تستنجد بالرهبان الذين غادروها دون موافقات قانونية اوبراءة ذمة العودة إليها كي تستعيد إستقلاليتها المؤسساتيىة دون تدخل المجمع الشرقي والسفير وتنهض من جديد.

الدرس الثامن

وهذا درس مهم لأنه يخص الخطاب الخاص بالمطران وموقعه الكنسي الأبرشي وهذا موقع كان قائما سنين عديدة قبل تسنم سدة البطريريكة من البطريرك الحالي.

خطاب هذا الموقع يعارض ما يريده منا الإنجيل ويعارض ابسط مبادىء حرية الرأي واحيانا كثيرة يثيرالكراهية والبغضاء بين ابناء وبنات شعب واحد من خلال توصيفات طائفية ومذهبية سلبية وصلت حد هرطقة الأشقاء الأشوريين والسريان الباقين على المذاهب التي كانت سائدة في القرون الأولى للميلاد وهي مذاهب قويمة وسليمة ومساوية القيمة في الأرض وفي السماء للمذهب ذاته الذي هو عليه.

الموقع يمثل المغالاة والغلو في الخطاب بأقصى صوره ولن يخرج القارىء الذكي لما ينشر فيه إلا بمحصلة مفادها ان القائمين عليه ليسوا إلا من الغلاة الذين يقدمون ما لديهم ويمنحونه مرتبة اسمى على ما لدى الأخرين ويطبخون خطابهم على نار مفهوم ال superiority الإستعلاء والغلو.

المشلكة كانت التشبث بالموقف دون مراعاة مشاعر الأخرين رغم ان الكثيرين اشروا الى ذلك وصار خطاب الموقع، إنعكاسا لموقف وعقلية اصحابه، إقصائيا وطائفيا فيه الكثير من المغالاة. كنت اتصور ان مجرد تشخيصه من قبل البعض وهذا  جرى قبل سنين عديدة سيحفز المطران على إتخاذ إجراء فوري ولكن هذا لم يحدث والموقع مستمر بخطه حتى هذه اللحظة.

الخلاصة

وفي الختام ارى ان الكلدان بحاجة الى ما اراه من نقاط إيجابية لدى المطران لا سيما جهوده الحثيثة في الحفاظ وإحياء ليتورجيا ولغة وثقافة وإرث كنيسته المشرقية المجيدة، فهو بحق يعد واحد من القلاع القليلة الباقية في الكنيسة الكلدانية من التي لا تقبل تهميش الهوية الثقافية واللغوية والليتورجية لكنيسته. واخر مرة إطلعت على درس له للشمامسة وحقيقة تمنيت ان اكون بينهم كي أستفيد وأفيد.

والحق يجب ان يقال ان المطران جمو ربما هو المطران الكلداني الوحيد الذي يمضي وقته الثمين وهو يعقد الحلقات الدراسية في هوية ولغة وليتورجيا وثقافة وفنون وريازة كنيستناالمشرقية لشمامسته وتلامذته بينما اقرانه واغلب رجال الدين الكلدان يرفضون القيام بذلك ووصل الأمر بالكثير منهم الى درجة الإشمئزاز من هكذا امور لا بل محاربة من يمارسها ويتشبث بها ويحاول إحيائها وهذه كارثة.

 لن تقوم لنا قائمة وسنضيع مثل الريش في مهب الريح دون لغتنا التي هي الوعاء الذي يضم وجودنا كأمة وهوية كنسية وقومية وهذا لا يضير إن كنا في بلد الأجداد او في الشتات.

ومن الناحية الثانية يجب مناصرة جهود البطريرك بكل ما اوتينا من قوة وهو يحاول إعادة الأمور الى مجاريها وذلك بإعادة الهيبة والسلطة المؤسساتية الكاملة التي سلبها المجمع الشرقي في نهاية عهد البطريرك يوسف اودو من الكلدان وإعادتها الى كرسي بابل الرسولي وسنهودسه كاملة كما كانت في اوج عهد البطريرك اودو والذي بحق يعد الفترة الذهبية للكلدان وكنيستهم في العصر الحديث.

الوضع فيه فلتان كبير لا يطاق وهو كما وصفته في مقال لي قبل اكثر من خمس سنوات يشبه حارة غوار الطوشي "كل من إيدو إلو" حيث وصل الأمر ان يكون للكنيسة الصغيرة هذه عدة روزنامات طقسية منها ما هو ملىء بالأخطاء والبعض يضع صوره عليها ويتقاضى اثمانها ويرمي الروزنامة البطريركية في سلة المهملات.

وخلاصة الأمر ان المطران بحاجة كبيرة للبطريرك إن اراد للجهود الكبيرة التي بذلها من اجل الهوية واخرها الجهد الجبار والقيم الذي بذلته ابرشيته في تبسيط simplified version لغة الكتاب المقدس (وليس ترجمته كما ورد لأن اللغة واحدة) من اللغة الفصحى الى سوادايا الدارجة (رابط 3) ليس فقط لدى الكلدان كما ورد بل لدى اشقائنا السريان ايضا في بغديدا وبرطلة.

ارى ان المطران والبطريرك يكملان الواحد الأخر ولكن البطريرك لأنه الجالس على الكرسي يتقدم الجميع ولهذا كان في رأي على المطران وقسسه تنفيذ المرسوم والطاعة من خلال حوار بناء يكون هدفه خدمة الشعب والكنيسة وليس إحداث شرخ اخر قد لا نتحمله.

وكان في رأي ان يشد المطران ومع الأسقف الذي في معيته وقسسه الرحال الى بغداد ولقاء البطريرك والحوار معه والخروج بصيغة ترضي الكل دون الإستجارة بما يسميه المطران في كتاباته بالدخيل والأجنبي (رابط 2).

رابط 1
راجع رسائل مار يوسف ألسادس أودو بطريرك الكلدان ،تعريب وتحقيق المطران ابراهيهم ابراهيم والشماس خيري فومية ،مشيكن 2010
رابط 2
http://www.kaldaya.net/Articles/400/Article486_May29_07_BishopSYJ.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,757478.0.html

89
مطران سانتياغو في مواجهة بطريرك بابل على الكلدان وبطريرك المشرق الأشوري في حضرة بابا الفاتيكان

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد

توطئة

سنجافي الحقيقة إن قلنا إن الأمور تسير على ما يرام فيما يخص العلاقة المؤسساتية بين رئاسة بطريركية بابل على الكلدان ومطران إبراشية سانتياغو في امريكا. هناك صراع وهناك تحد وهذا جلي وتفاصيله واضحة للعيان.

وقد ظهرت مقالات عديدة حول هذا الموضوع والمشوق فيها انها دائما تحاول الفصل بين الرسالة الإلهية للكنيسة (الإنجيل والمسيح وصليبه) والرسالة المؤسساتية (الأرضية والبشرية). وهذا فرز لا بد منه لأن ما يحصل في خضم العراك الحالي بين الجهتين يدور حول السلطة والإدارة والمناطقية والإمتيازات والمكانة والجاه – الأمور التي ينبذها المسيح في إنجيله ويترفع عنها ويدينها أشد إدانة.

الإنجيل – حسب ما أفهمه – هو المحبة والتسامح والعطاء والغفران. وما نقراء عن الجفاء والصراع بين الجهتين وكذلك بين الكراسي الكنسية بصورة عامة اساسه مؤسساتي ارضي وبشري وليس إلهي.

والظاهر في هذه الكتابات ان اصحابها يؤكدون على هذا الفرز وهذا كان بالضبط واحد من الأهداف الرئسة لنقدي للمؤسسة الكنسية والذي في حينه (قبل اكثر من خمس سنوات) هاجمه البعض ولكنه اليوم صار امرا مألوفا حيث تلقفه الكثير من كتاب شعبنا.

أين مربط الفرس؟

ورغم جراءة وصراحة ما قرأناه من مقالات في هذا الإتجاه، إلا ان التركيز ومع الأسف كان على النتائج الأنية اي الحدث كما وقع ولم نلحظ أي من الكتاب يضع لنا النتيجة والحدث ضمن سياقه: بمعنى اخر لماذا وكيف يستطيع أسقف تحدي رئاسة كنيسته أي البطريرك؟

ذهبت المقالات طويلا في التحدث عن النتيجة – تبرعات كرازات ومقتطفات من هنا وهناك – ولكن لم الحظ ان اي من الكتاب حاول التطرق بإسهاب إلى المسببات: لماذا وكيف وصل الأمر بمؤسسة الكنيسة الكلدانية إلى هذه الدرجة حيث بإمكان أسقف او كاهن تحدي ومواجهة البطريرك والرئاسة.

لا نستطيع فهم أي نتيجة او حدث دون سياقهما التاريخي وسياق العلاقة بين البطريركية وإبرشيات الإنتشار وكذلك سياق السلطة المؤسساتية والتي ومع الأسف تم سلبها من كافة البطاركة الكاثوليك في المشرق منذ منتصف ونهاية القرن التاسع عشر.

السياق التاريخي

لا يهم إن إختلفنا او إتفقنا مع المطران سرهد جمو. مواقفنا قد تكون شخصية ذاتية او نابعة من ردة فعل لما نؤمن به وندافع عنه ونتخذ ذلك قياسا للوقوف بجانبه او ضده. وشخصيا انني لا اتفق مع الكثير من طروحاته ومواقفه وتشهد على ذلك كتاباتي ولكن هل سألنا انفسنا إن كانت مواقفه واعماله في مواجهته لرئاسة البطريركة الكلدانية على بابل قانونية ام لا؟

وضمن الإطار ذاته يقع حبنا ودعمنا للبطريركية. مهما كان حبنا لها كبيرا ودعمنا لها بارزا لن نستطيع تغير الواقع القانوني الذي يحدد صلاحياتها ويجعلها محصورة في منطقة محددة دون أخرى. السياق التاريخي مهم جدا لإلقاء الضوء على المواجهة الحالية التي كمفهوم وممارسة ليست وليدة اليوم.

السياق هذا يعود إلى زمن البطريرك يوسف اودو وإنتفاضته ومواجهته لمؤسسة اكبر منه كثيرا كي يحافظ على صلاحياته الإدارية والتنظيمية ولكن مع الأسف الشديد إنهار في اخر المطاف ومنذ ذلك الحين فقد كرسي بابل اغلب صلاحياته المؤسساتية وصارت الكلمة العليا لغيره وليست له وتحولت الشراكة التي وضع لبناتها بطاركة الخط الكلداني لكنيسة المشرق، الشراكة التي حفظت كل الصلاحيات الجاثاليقة كاملة إلى اواخر عهد البطريرك اودو، تحولت الى تبعية مؤسساتية شاملة ومطلقة.

الموقف القانوني

 الذي يعترض ويكتب ضد ما يتخذه وزير ما من إجراءات في السويد شيء وكون ان كان ما يقوم به الوزير قانوني شيء اخر. إن كانت اجراءات الوزير قانونية شرعية فكل صراخي سيذهب ادراج الريح. نعم حرية التعبير تسمح لي ان اصرخ ولكن القانون مثل الجبال التي تردد الصدى ليس إلا وتبقى هي شامخة.  علينا تغير القانون او تعديله إن اردنا ان يكون صوتنا مسموعا وليس صداى وحسب.

القانون – وقد يفاجاء البعض – بجانب المطران جمو. إقراؤا قوانين الكنائس الشرقية الفاتيكانية بتمعن والتي جرى فرضها على مؤسسة الكنيسة الكلدانية في اواخر القرن التاسع عشر بعد فشل إنتفاضة البطريرك اودو. حسب هذه القوانين لا سلطة للبطريركية على إبراشيات الإنتشار، ليس الإبرشيات بل حتى الخورنات، وليس الخورنات بل الكلدان الكاثوليك برمتهم في هذه المناطق.

وحسب هذه القوانين فإن ما يقرره السينودس لا ينطبق على هذه الإبرشيات ومن ضمنها إبرشية الأسقف جمو.

بالطبع قد يرى القارىء ان هناك تعارضا وتناقضا في الكثير من القوانين التي تحكم العلاقة بين الطرفين ولكن الملاحظ ان اي ملم بالقانون ولو بصورة سطحية سيكتشف ان غاية المجمع الشرقي الفاتيكاني هي السيطرة على المقدرات المؤسساتية والإدارية ومهما حاولت التشبث بنص محدد لتقوية السلطة المؤسساتية للبطريركية في بلاد الإنتشار هناك نصوص كثيرة اخرى تحد منها لا بل احيانا تلغيها.

السلطة الإدراية المطلقة هي بيد المجمع الشرقي في الفاتيكان والذي منذ تأسيسه يرأسه كاردينال لاتيني ونواب وموظفون غالبيتهم الساحقة من اللاتين – إلا ما ندر – ولم يحدث حسب علمي ان ترأسه بطريرك مشرقي رغم انه يدير البطريركيات الكاثوليكية المشرقية. (رابط 1)

السلطة البطريركية محصورة بالأمور الطقسية والطقس الكلداني في افول كما يعلم الملمين به ولا أريد الإسترسال هنا لأن هذا خارج سياق موضوعنا.

الإزدواجية المؤسساتية

لا تستطيع أي مؤسسة وحتى على مستوى دائرة صغيرة جدا العمل بصورة جماعية من اجل خير كل اعضائها والمنتمين إليها ما لم تكن لها درجة من الإستقلالية في القرار. انا ادير مركز ابحاث صغير نسبيا ولكن موارده بالملايين من الكرونات السويدية. إن لم تكن لي إستقلالية في العمل والقرار التي تمنحها لأمثالي قوانين مصلحة التعليم العالي السويدية لنتف من حولي كل الهبات التي تصل إلى المركز من المحسنين السويديين ولرموني على قارعة الطريق.

كل المؤسسات الكبيرة – دولة، وزارة، مصلحة – في العالم المتمدن تمنح الدوائر والمؤسسات الصغيرة ورؤسائها قدرا كبيرا من إستقلالية القرار ولا تتدخل في كل كبيرة وصغيرة. هذا هو فن الإدراة الناجح اليوم ولكن لا اثر لذلك لدى المجمع الشرقي في الفاتيكان الذي لا يزال يتعامل مع قوانين بالية مضى عليها زمن طويل ولا تلبي حاجة هذا الزمان.

موقف شجاع؟؟؟؟

وهنا اقصد المطران سرهد جمو حيث له موقف شجاع من قضية محددة وانا معه في ذلك قلبا وقالبا ولكن كما وضحت في العنوان الفرعي اعلاه هذا الموقف بالذات له اكثر من علامة إستفهام وهو مثال حي للمد والجذر والمواجهة بين البطريرك وأساقفته وحتى كهنته منذ سلب الصلاحيات البطريركية في اواخر عهد البطريرك اودو.

ففي مقال له شن المطران جمو هجوما مبطنا لاذعا على المجمع الشرقي الفاتيكاني ورئسه في حينه الكاردينال اوجين ووصف تدخله في الطقس الكلداني ضمن وثيقة له "بالفكر الأجنبي الدخيل" وعنون مقالته  "الهوية الكلدانية بين بطريرك اصيل وفكر دخيل" وصاحب الفكر الدخيل يعني به الكاردينال اوجين والمطابع الغربية والأفرنجية (رابط 2). عندما يخص الأمر مسألة قومية يهاجم المجمع الشرقي ورئسة ولكن عندما يخص الأمر الصلاحيات  المؤسساتية يتشبث بالمجمع الشرقي وهذا حقه لأنه ضمن القانون مهما كان مجحفا.

بالصيف ضيعت اللبن

واليوم غالبية الكلدان في الشتات وقد لا يمض وقت طويل حتى يفرغ العراق من كلدانه وكما ان الهند ضاعت بملايينها وأزيلت من الخارطة البطريركية ومعها روسيا وبلدان الإتحاد السوفيتي السابق ودول الخليج العربي ومناطق شاسعة اخرى فيها مئات الالاف من الكلدان هذا بالضبط سيحدث عاجلا وليس اجلا شأنا ام ابينا لما تبقى من الكلدان في بلاد الإنتشار: أي ان دور البطريركية في الوضع الحالي سينمحي تماما في حال بقاء قوانين المجمع الشرقي الفاتيكاني على ما هي.

وفي غياب سلطة مؤسساتية تنظيمية وإدارية ذات إستقلالية ستكون الإبرشيات الكلدانية في الشتات وحتى الخورنات الصغيرة تابعة كل وحسب منطقته للأساقفة اللاتين. وفي غياب السلطة البطريركية كلٌ سيكون له لغته وطقسه وروزنامته وقوانينه ومواقفه – كما هو الحال الأن في اوروبا وغيرها من المناطق – والكل على حق لأن القانون الفاتيكاني بخصوص وضع الكنائس الشرقية في بلاد الإنتشار  بجانبه رغم سلبياته.

بدل هذا السجال والمواجهة كان يجب على الأساقفة الكلدان برمتهم الوقوف صفا واحدا وتقديم شكوى بكل محبة الى البابا الحالي لأن رياح التغيير بدأت تهب على الفاتيكان منذ تسنمه عرش البابوية وهو ذاته يطلب من الكاثوليك تقديم نصائح وبدائل للقوانين القديمة وليس فقط القوانين المؤسساتية بل حتى الكثير من الدوغما الكاثوليكية في الكثير من الأمور التي كانت سابقا تعد مناقشتها هرطقة إلا انها صارت امام مطرقة النقاش والتغيير.

وترى اليوم مراكز ضغط كاثوليكية تحاول الإستفادة من رياح التغير هذه كي تثبت وجودها ومواقفها ومطاليبها منها الحركات النسوية وحركات مثليي الجنس وحركات ضد بتولية الكهنة وحركات ضد عصمة البابا وحركات لاهوت التحرير وحركات حرية منع الحمل وحرية الإجهاض إلى حركات تريد الحد من السلطات البابوية والبابا ذاته يستقبلهم ويسمع منهم وقريبا سيعقد مجمع فاتيكاني كبير لمناقشة كل هذه الأمور.

في كل ما أقراءه لم الحظ اي حركة للكاثوليك الشرقيين صوب تغير او تعديل الكثير من القوانين الكنسية التي هي بالـتأكيد مجحفة بحقهم لأنها صدرت في زمن ومكان ربما كان تشريعها مطلوبا ولكن ليس اليوم. الحق يضيع إن لم يكن وراءه مطالب.

بطريرك كنيسة المشرق الأشورية وبابا الفاتيكان

من المفترض ان يكون وفد برئاسة بطريرك كنيسة المشرق الأشورية قد إجتمع ببابا الفاتيكان في 29/9/2014 . كنيسة المشرق الأشورية رغم صغرها لها إستقلالية مؤسساتية تامة وتجري حاليا مباحثات على قدم وساق مع الفاتيكان.

لقد توصل الطرفان إلى إتفاق مهم ضمن نطاق الكريستولوجي christology. وحسب هذا الإتفاق يعترف الطرفان بالإيمان السليم والقويم للطرف الأخر وهذه مسألة مهمة للغاية ومع الأسف لم يستوعبها البعض حتى الأن رغم الإعتراف الإيماني المتبادل بين الطرفين.

حسب معلوماتي ستتركزالمباحاثات حول الأسرار sacraments للوصول إلى الشراكة التامة فيها. ولا أظن ان تكون هذه عائقا امام التواصل لا سيما في عهد بابا متواضع يحاول جهده التشبث بسيرة المسيح وتقديم نموذج لما يجب ان يكون عليه المسيحي الحقيقي اليوم.

وأرى ان كنيسة المشرق الأشورية محظوظة ان تجتمع بالبابا الذي صار قدوة إنسانية وأخلاقية في العالم ووجوده نعمة وهبة من الله وهو الزمن الموائم قد يمكنهم فيه بوجود شخصية بمقامه التوصل الى شراكة حقيقية تحتفظ فيها كنيسة المشرق بصلاحياتها الجاثاليقية كاملة مع شراكة ايمانية حقيقية.

بالطبع سيكون هناك مناقشة مستفيضة للشراكة المؤسساتية ضمن مفهوم    constitution. وامل ان يقراء المفاوضون من هذه الكنيسة العريقة هذا المقال لأن إن تم تطبيق المناطقية على كنيستهم واغلب إبراشياتها حاليا في بلدان الإنتشار معناه ان كل إبراشية ستصبح مستقلة لذاتها وهذا يجب ان لا يحدث لأنه سيكون بداية النهاية لإستقلاليتهم المؤسساتية وهويتهم ككنيسة  مشرقية عريقة تضرب جذورها في اعماق التاريخ.

تثبيت وتعزيز هوية كنيستنا المشرقية

من المؤكد ان كنيسة المشرق الأشورية لا تزال محافظة للهوية المشرقية لكنيستنا ولا بد من الإشارة الى كلية مار نرساي في إستراليا التي فيها الاف الطلبة من ابناء شعبنا يدرسون ضمن مناهجهم التربوية الإسترالية لغتنا القومية وطقس وأداب وفنون وموسيقى وتراث كنيستنا المشرقية. وكل الخريجين يقراؤن لغتنا القومية بطلاقة ويدرسون اداب هذه الكنيسة العريقة وتاريخها ويرتلون من جواهر طقسها ضمن دروسهم.

كم اتمنى ان ارى كلية مشابهة لكلية ما نرساي الأسترالية في اوروبا وأخرى في امريكا وأخرى في كندا وفي كل مناطق الإنتشار. وهذا ليس امرا صعبا على اساقفة هذه المناطق وشخصيا لدي مع بعضهم حوارات مهمة وبإمكاني تشخيص إمكانيات وقدرات هائلة كامنة تمكنهم المنافسة مع استراليا لخير شعبنا بأسمائه المختلفة وكنيستنا بمذاهبها المختلفة. في غياب المدارس والكليات سنخسر الهوية لا محالة.

وهكذا ستحفظ هذ الكنيسة لنا لغتنا القومية وكذلك تراث الأباء والأجداد وفنونهم وثقافتهم كما كان شأنها منذ تأسيسها قبل حوالي 2000 سنة وهذه هي اروع ثمارالحضارة الإنسانية التي تشكل الهوية لأي امة او كنيسة تحترم نفسها وذاتها وتاريخها ووجودها ومكانتها واستقلاليتها بين الأمم والكنائس.

++++++++++++++++++++++++++

رابط 1
وهذا رابط لمقال في غاية الأهمية  للزميل العزيز الدكتور عبدالله رابي يتناول ذات المسألة وبإسهاب: http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,712859.0.html
 
رابط 2
http://www.kaldaya.net/Articles/400/Article486_May29_07_BishopSYJ.html


90
ماذا افعل كي امسح دموعكم وكيف لي ان اقبّل اقدامكم وجباهكم يا اقدس واطيب الناس

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

وها انتم  تركتم دياركم واديرتكم وكنائسكم وهربتم كي تنقذوا أنفكسم من شر رهيب حلّ في ديارنا لا يعرف الرحمة ولا الحوار وفي قاموسه لا مكان للتسامح والمحبة والعطاء والغفران – الفضائل التي تربيتم عليها واستقاها اجدادكم من الكتاب الذي لم يفارقهم لحظة وفي سبيله قدموا انهارا من الدماء الزكية إلى درجة صار العالم يطلق على كنيستكم المشرقية المجيدة كنيسة الشهداء، وددت ان اتقرب اكثر إليكم وان أشاركم احزانكم قدر المستطاع.

وها انا اشحذ ما منحني الله من هواية متواضعة كي انشد لكم من تراث كنيستكم المشرقية المجيدة التي بقيتم اوفياء لها اكثر مني حيث رفضتم مغادرة الديار والأديرة والكنائس والقصبات والمدن التي كانت يوما تعج بأبناء شعبنا بأسمائه ومذاهبة المختلفة إلى اليوم الذي قدم هؤلاء المجرمون البرابرة وفي قلبهم لا مكان للرحمة ولا وجود للمشاعر الإنسانية ولا يمكن ان يدركوا إيمان شعب مبني على الأركان الإنجيلية  الأربعة – التسامح والمحبة والعطاء والغفران – وبدلا من ان يتعلموا منه اخذوا يتاجرون به ويساومون على مستقبله.

بكل تواضع اهديكم هذا النشيد من تراث كنيستكم المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة وقد انشده اجدادكم في القرون الأولى للمسيحية يوم كانت كنيسة المشرق بغربها وشرقها قبل الإنقسام في شراكة معمقة وعميقة مع كرسي أنطاكية. والنشيد هذا وكان ولا يزال شائعا في بعض كنائسنا. وقد قمت بترجمته ونسخه بالحروف العربية مع تقديم ترجمة له (أنظر ادناه)، وفيه اقدم مقطعا موسيقيا على السليقة يبداء في الدقيقة  3:25 وهي مهداة خصيصا لكم يا اقدس وأطيب الناس:

https://www.youtube.com/watch?v=LD5Mo7oHPIA

كنت قد أنشدته منذ زمن ولأنه نشيد نرتله في سابوع القيظ وهو سابوع التوبة، ففيه نبرة حزن عميقة وتأمل وخشوع وإنكسار النفس والجسد ينم عن إيمان عميق وفهم وإستيعاب لروح رسالة الإنجيل ما احوج عالمنا اليوم إليه.

منذ ان حلت الكارثة وانا لا يفارقني منظر المسنين في صفوفكم وارى فيهم ابي "يوسب" وامي "مرتا" وجدي "برخو" وبين صفوفكم عماتي واعمامي وأشقائي وشقيقاتي ولكن لا أستطيع التميز ابدا. امام نظري وكاميرة تلفزيون عشتار تنتقل بين مخيماتكم، كلكم كتلة واحدة ارى نفسي فيكم  وكأن الحبل السري الذي كان يربطني بوالدتي جرى زرعه في بدني وربطه بكم.

لن تسعفني كلمات أي معجم ولن يكون بإمكاني وصف معاناتكم ومأساتكم وكيف ان العالم ترككم لوحدكم في العراء مهما بلغت ملكتي في اللغة.

اراكم واحدا ولو كنت قريبا لركعت وقبلت اقدامكم. كم يروعني منظر المسنين والمسنات والأطفال والكثير منهم بزيهم المحلي الذي يميز قصباتنا وكم يروعني منظر الأطفال والنساء.

لا أريد ان اكون خطيبا لأنني لست ذلك ولن افلح ولكن من حقي ان اخاطب قرائي الكرام واقول:

هذا ليس زمن الصراع حول التسمية والتاريخ والمذهب وغيره. هذا زمن التألف والتراصف وان نرجع إلى انفسنا كلنا وننظر بتمعن إلى احبائنا المهاجرين الذين خسروا كل شيء يهيمون على وجه الأرض، البؤس في محياهم وقد إغتالهم الحزن وهم لا يدرون المصير الذي ينتظرهم.

إن نظرنا يا قرائي الكرام بتمعن في افواج اللاجئين من ابناء شعبنا فلن نرى هذا "القطيع الصغير" الذي بقي في ارض الأجداد إلا واحدا: إنصهر في بوتقة واحدة ولن نميز بين من هو سين وجيم من حيت التسمية والمذهب وغيره.

إذا كانت هذه الكارثة المرعبة لن تعيدنا إلى رشدنا كي نصبح واحدا ونغادر كل ما يفرقنا ويمزقنا ويشتتنا كشعب واحد وكنيسة واحدة فلن تكون هناك فاجعة مثل هذه ابدا كي تجعلنا ان نتراصف ونقف في وصف واحد لأننا سنكون في خبر كان.

الذين في الداخل وفي الشتات، الكنائس والأحزاب، الكتاب والقراء، كلنا علينا ان نعيد النظر في الكثير من مواقفنا التي إن تشبثنا بها فإننا نفترف جريمة بحق أنفسنا وخيانة لشعنبا وتاريخنا وإرثنا وثقافتنا ولغتنا وكنيستنا وليتورجيتنا وميراثنا وكل ما يميزنا كأمة عريقة.

وهذا نسخ للنشيد بالحروف العربية للذين يرغبون المتابعة. النشيد شعر حر موزون بروعة قلّ نظيرها ونحن نتحدث عن القرون الأولى للميلاد (حوالي القرن الثالث). وهذا دليل على ان شعبنا عرف هذا الجنس الشعري قبل اوروبا بأكثر من 1000 سنة وقبل العرب بأكثر من 1700 سنة:

حونَيّنْ مار أخْ دَلْمَخْسا                  كاعَيْنا لواثَخ مَرْيا إثْراحمَّعْلايْ.
مبَنَى شِئْلاثا لَذْشألينْله                    وْباثَحْ تَرْعِهْ لَذْنَقْشينْبِهْ.
بْثَحْليْ مارْ تَرْعِهْ دَحْنانَخْ                وْهاوْليْ حْوسايا لسَخلْواثْ.
                         دْعُهْدَنْهِنْ مْسَرْذْليْ. 
يَذَعْنا كيرْ وْعاهدْنا لْسورْحَنايْ        لا مَصْيا مارْ دإتْدَكى دْلا رَحْمَيكْ
أتْ دْينْ بْطَيْبوثاخْ هَولْيْ دْئْثِمْرقْ      منْ صَأثا دْحَوبْىْ دْخَتْمونْ
                       باروقا مْرَحْمانا مارِكُلْ شْوحا لاخْ


وأدناه الترجمة العربية وبطبيعة والحال فإنها لن ترق إلى الأسلوب والأدب الرفيع للقصيدة السريانية اعلاه ولا تنصفها ابدا وتحتاج إلى شاعر فطحل كي يحافظ على بعض رونق النص السرياني:

حن علي يا سيدي كما  العشار            اطلب منك  يا ربي ارحمني
 إنك تلبي طلبات الذين يسألونك           وتفتح بابك للذين يقرعون عليه
إقتح لي باب حنانك                          وامنحني الغفران لزلاتي
                          لأن ذكراها يرعبني
انا متيقن وعارف بخطاياي               ولا يمكن ان أتطهر منها دون رحمتك
انت بنعمتك إغسلني                       من دنس الخطايا العالقة بي
                       أيها المخلص الرحوم سيد الكل سبحانك



   

91
المطران ربان القس وردّه المتشنج وغير المقبول على منتقديه من ابناء شعبنا المنكوب

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


لا شك ان المأساة التي حلت بشعبنا في العراق رهيبة غير مسبوقة وأظن اننا لن نبالغ القول إن ما تعرضنا له يمثل نكبة بكل تفاصيلها.

 ولا شك ان ثقل الأزمة كبير وان القائمين على امور شعبنا في العراق من كنسيين ومدنيين تحت ضغط هائل وامام مسؤولية كبيرة تجاه شعبهم.

وشخصيا اقف إجلالا وأقبّل اقدام كل من يمد العون لهم كائن من كان وافهم ان الوضع صعب للغاية.

ولكن علينا ايضا ان نفهم  وضع ابناء وبنات شعبنا من المهجرين الذين تركوا مدنهم وقراهم وقصباتهم حفاة حيث إغتصب المجرمون كل ما يمتلكونه ووصل الأمر إلى حرمانهم حتى من امور شخصية مثل المحْفظات والأوراق الثبوتية وغيرها.

واظن ان أي اديب ولغوي مهما بلغت مكانته ستخونه اللغة لأن ليس هناك كلمات لوصف الوضع المريع والمأساوي لشعبنا المغلوب على امره.

ومن هنا علينا كلنا الحذر الشديد في كل ما نكتبه وما نقوله لأن المرحلة تتطلب لم الشمل والعزاء.

هذا ليس زمن إلقاء اللوم على بعضنا البعض وليس زمن جلد الذات لأننا شعب صغير والعدو متوحش بربري تخشاه دول وجيوش جرارة وهو اوقع هزيمة نكراء بالجيش العراقي وفرقه وكذلك دحر الميليشيات الكردية (البيشمركة) ملحقا بها هزيمة أشنع من التي الحقها بالجيش العراقي.

ومن هنا فإن المطران ربان القس لم يكن موفقا في رده ابدا وهو غير مقبول في بعض فقراته (رابط 1).

بأي حق يطلب المطران من ابناء شعبنا المنكوب الإنضمام إلى صفوب الميليشيات الكردية للدفاع عن قرانا ومدننا وقصباتنا؟

وانا أسال المطران: هل حقا دافع البيشمركة عن قرانا وعن قراهم؟ الم ينهزموا شر هزيمة امام داعش في كل مناطقهم وليس فقط  في مناطقنا وتركوا ليس فقط شعبنا بل شعبهم الكردي في العراء تفتك به داعش كما حصل للإيزيدية؟ هل تريد ان اذكر لك الأقضية والنواحي والقرى والمناطق الكردية الصرفة في محافظات نينوى وأربيل وكركوك وديالى والسليمانية التي هرب منها البيشمركة مثل الجرذان وتم تهجير اهلها من الأكراد؟

البيشمركة كانت فقاعة مثل الجيش العراقي رغم ان تجهيزها كان افضل. لولا تدخل الأمريكان لحماية أربيل لكانت هذه المدينة وبشهادة كل المحللين الغربيين قد سقطت بيد داعش. الطلب من شعبنا حماية قراه امام داعش قول حق يراد به باطل.

ومن ثم بأي حق يتهم المطران شعبنا المنكوب الذي هرب حافيا إلى دهوك بأنه السبب في إثارة الذعر والخوف بين السكان من اهالي دهوك؟

البيشمركة لم تستطيع حماية سنجار وسد الموصل وزمار وعين زالة وهربت وتركت كل معداتها وراءها والأخبار والصور والفيديو والتلفزيون تنقل وتوثق هذه الهزيمة الشنيعة للعلن.

 هذا هو الذي ادخل الرعب في قلوب اهل دهوك، اي هزيمة الميليشيات الكردية هي سبب الذعر وليس شعبنا المسكين. بأي حق تتهم شعبنا بتهمة باطلة كهذه بدلا من ان تضع النقاط على الحروف؟ هل قول الحق بما وقع للميليشيات الكردية من هزيمة نكراء بحيث لم تعد قادرة على القتال لوحدها دون مساعدة الدول العظمى خط احمر وقول الباطل حول شعبنا مقبول؟؟

شعبنا متشبث بالمؤسسة الكنسية لأنه يرى فيها بيته ونفسه وكيانه ويرى في رجال دينها قادة ولهذا يلتف حول هذه المؤسسة في الشدة. شعبنا اليوم يسأل لماذا تطلق مؤسسته الكنسية تصريحات وتعقيبات في شتى الأمور ومنها ما هو باهت لا يستحق التعقيب ولكن لم نلحظ موقفا إيجابيا من دعوة وزير خارجية فرنسا للمسيحيين بالهجرة إلى فرنسا؟

زار وزير خارجية فرنسا العراق قبل ايام ؟ هل إتصلتم به؟ هل حاول أي واحد منكم مقابلته لتوضيح الموقف من هجرة شعبنا بينما لا يخلو يوم إلا وهناك تصريح من مسؤول كنسي؟ حاول الأكراد كل جهدهم كسبه لجانبهم وهذا امر حكيم وبدأت الأسلحة الفرنسية تتدفق عليهم. لماذا لم يحاول أي منكم – حسب علمي –مقابلته وطلب المساعدة وتوضيح موقفه من تصريحه حول هجرة شعبنا؟

واخيرا، لم أكن اعلم ان هناك "بدعة" في المسيحية وان الشخص الذي يغير مذهبه أي مذهب كان ينتمي إلى بدعة.

كلمة "البدعة" كلمة داعشية لا تقبل بها الكنيسة اليوم بأي شكل من الأشكال والفاتيكان ذاته لا ينظر إلى أي مذهب مسيحي اخر كبدعة ابدا وحتى لا ينظر هكذا نظرة إلى أي دين مختلف عن المسيحية.

 وأقوال وممارسات الفاتيكان بقيادته الجديدة واضحة مثل الشمس حيث هناك نظرة جديدة إنسانية اخلاقية إنجيلية لكل شيء ومن ظمنه الموقف حتى من التبشير بمفهومه التقليدي (أنظر رابط 2 حول النصائح العشر الجديدة لبابا الفاتيكان). فعن أي بدعة تتحدث يا مطراننا؟.


رابط 1
http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=749153.0

رابط 2
http://www.independent.co.uk/news/people/pope-francis-issues-top-10-tips-for-happiness-9639488.html

92
لا مفرّ امام شعبنا سوى الهرب لأن الخطة جهنمية أكبر من حجمنا وحجم العراق والمنطقة برمتها

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

في العلوم السياسية يتربع ويليم كودوين   William Godwin وكتابه الذائع الصيت: بحث في العدالة السياسية    An Enquiry concerning Political Justice  قائمة الكتب المنهجية في الأقسام الجامعية في الغرب. ليس هذا فقط بل يعد كودوين وكتابه هذا بمثابة الإنجيل او القرأن او التوراة لكل من يعمل في السياسة.

وكودوين يعد ودون منازع صاحب الفلسفة النفعية او الفلسفة الفوضوية. ورغم ان كتابه الثمين هذا ظهر في حوالي منتصف القرن الثامن عشر، إلا ان تأثيره لا يزال كبيرا ليس فقط في الأروقة الجامعية لا سيما العلوم الإجتماعية ومنها العلوم السياسية والخطاب والإعلام والإجتماع والنفس والصحافة وغيرها بل ايضا في الأروقة السياسية والمؤسساتية.

ماذا يقول كودوين وماذا يعلمنا اي كيف يفسر تصرف السياسيين ورؤوساء وقادة المؤسسات مدنية ودينية دون إستثناء لتحقيق مأربها ومبتغاها؟  سأحاول الإجابة على هذا السؤال بالطريقة الكودوينية التي تفسر الأمور من خلال سيناريوهات نظرية ولكنها قريبة من الواقع للإستنتناج والإستدلال على صواب منطلق المقال هذا.

سيناريو

الفلسفة النفعية او الفلسفة الفوضوية التي وضع نظرياتها كودوين والتي يقول فيها إن كل صاحب مصلحة ومسؤول مؤسسة مدنية اودينية او رجل دين من أي دين دون إستثناء، سياسي وقائد أي مؤسسة او دولة دون إستثناء يلجاء إليها ممكن تلخيصها بالسيناريو التالي:

لو رأى رجل صاحب مصلحة (والكل ينطلق من مصلحته) سيارة تحترق وهناك في السيارة شخصان الأول رجل ورع يخاف الله وجرت علىي يديه معجزات والثاني شرير لايخاف الله ويستهزىء بما يراه الناس مقدسا، ولم يكن بإمكان هذا الرجل إلا إنقاذ شخص واحد فأي منهما سيقوم هذا الرجل بإنقاذه يا ترى؟

 حسب كودوين إن كان للرجل هذا مصلحة لدى الشخص الشرير الذي لا يخاف الله بحيث ان وفاته ستؤدي إلى خسارة هائلة له فإنه دون أي وخز ضمير او مُساءلة سيقوم بإنقاذ الشخص الشرير وترك الشخص الورع يحترق في النار وهذا هو بالضبط ما تتطلبه الأخلاق والعدالة لدى كافة المؤسسات سياسية كانت اوعسكرية او دينية او مذهبية.

ولهذا يقول كودوين لا مكان للأخلاق الطوباوية او الإنجيلية او غيرها في عالم السياسة وعالم المؤسساتية ليس فقط لدى المؤسسات المدنية ولكن حتى الدينية والمذهبية وغيرها تتصرف مثل الرجل صاحب المصلحة.

امثلة

هل لدينا امثلة تتشابه وتتقارب مع هذا السيناريو؟ بالطبع. التاريخ والماضي والحاضر مليء بهكذا سيناريوهات حقيقية تقع على ارض الواقع وليس هناك زعيم او قائد او مؤسسة مدنية او دينية بإمكانها الإفلات منها وإن اقوال مثل: إن الناس متساوون وانه عليك ان تحب قريبك مثل نفسك او ما تعلّمنا إياه من أخلاق النصوص التي نراها مقدسة مجرد اقول لا يطبقها أي قائد او زعيم او رجل دين على رأس أي مؤسسة.

ويذهب كودوين بعيدا ويقول حتى على مستوى الأفراد المحبة بالطريقة التي تدعو إليها الأديان لا مكان لها في الحياة العملية لأنني، وهذا نقل منه كما اعلاه، اخلاقيا لا يجوز ان أساوي بين إبني وإبن الجيران تحت أية ظروف ولا يجوز اخلاقيا ان امنح ما أملكه للفقراء والمعوزين.

هذا بإختصار شديد ما تدعو إليه الفلسفة النفعية او الفلسفة الفوضوية التي يتبناها كودوين. هل أتفق شخصيا معها ام لا هذا بحث أخر ولكنني أقول وبثقة ان هذا هو بالضبط ما يقود عالم اليوم ومؤسساته كل مؤسساته دون إستثناء.

ماذا عن شعبنا

ونحن شعب صغير ومسكين ومعذب ومظلوم تنتابنا احيانا الطوباوية ونطلب من العالم حولنا ومؤسساته التي هي اكبر بكثير وتضع مصلحتها ومصلحة اصحابها فوق أي إعتبار ان تتعامل معنا بطوباوية وأخلاق المساوة والعدالة الإنجيلية بينما كودوين يقول ليس هناك عدالة إنجيلية، هناك عدالة سياسية تقتضيها متطلبات المصلحة المؤسساتية.

من حقنا ان نطلب حماية دولية ولكن هذه لن نحصل عليها ابدا لأننا لا نمثل حتى صفرا في المعادلة المؤسساتية اوالسياسية.

الفلسفة النفعية والفوضوية لكودوين تقول إن الكل سيقف متفرجا علينا، الكل دون إستثناء مدنيا كان او دينيا.

النفعية على ارض الواقع

الفلسفة النفعية والفوضوية تدعو ان يغض العالم النظر عن تركيا او عن السعودية او الإمارت او قطر او إسرائيل كي تعبث بالمنطقة على طريقتها ما دام ما يحدث يقع ضمن مصلحتها. وكل هؤلاء ووراءهم اصدقاؤهم في الغرب يرون في داعش اليوم مصلحة.

داعش ساعد تركيا على كسر ظهر الأكراد في سوريا وظهر حكومة بشار الأسد واليوم هو ومعه الدول الأخرى تريد ان تكسر بهم ظهر حكومة مالكي في العراق وكذلك ظهر الأكراد في العراق. الأكراد وقعوا ضحية قادتهم لأنهم صدقوا ان تركيا غيرت سياستها تجاههم.

وداعش صار له أكثر من سنتين في سوريا ويحتل اجزاء واسعة من ذلك البلد وفعل بالمسيحيين السوريين أكثر بكثير من الظلم الذي اوقعه على المسيحيين في الموصل ففي حمص مثلا لم يبق إلا عدد يسير من المسيحيين بعد ان كان عددهم يتجاوز 160,000 وفعل بالكنائس ما يفعله اليوم بكنائس الموصل وتركيا ساعدت داعش وغيرها على مهاجمة منطقة كسب وهي ايضا منطقة مسيحية؟

أين كان العالم؟ وأين كان المسيحييون في لبنان الذين إصطف أغلبهم ضد بشار الأسد؟ وأين كانت فرنسا التي كانت ولا زالت الداعم الرئس لما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة بينما في الحقيقة لا تستطيع الفرز بين معتدل وداعشي.

وتركيا وغيرها من دول شرق اوسطية يغبطها ان تكون فرنسا وغيرها من الدول الغربية القوية إلى جانبها ولما لا وهي عضو في حلف الناتو. كل ما يصل داعش من مدد في العدد والسلاح والمال والمتطوعين الإنتحاريين أغلبه يأتي عن طريق تركيا.

لتركيا كما لغيرها من الدول مصلحة كبيرة في داعش. ولهذا عندما إفترس داعش مئات الالاف من التركمان (الأتراك العراقيين) وسباهم لم تحرك تركيا ساكنا. لو كان المالكي او البارزاني عمل بالتركمان ما عمله داعش لكانت القوات التركية اليوم تحتل شمال العراق برمته.

 وهذا حدث للشبك حيث تم إفتراسهم من قبل داعش كما حدث لنا في الموصل وقصباتنا في سهل نينوى. لا تنتظروا ان ينخرط احد لمساعدتنا لأن الخطة جهنمية فيها اكثر من طرف والأقوياء في المنطقة وخارجها يوظفونها لمصلحتهم ومصالحهم.

التركيبة العراقية

التركيبة العراقية معقدة جدا وصارت أكثر تعقيدا بعد الغزو الأمريكي عام 2003 وإفرازاته ولكن هذه التركيبة ولدت إنسجاما مذهبيا وقسمت البلد إلى عراق سني وعراق شيعي.

السني له مرجعيته الدينية والشيعي له مرجعيته الدينية. ويبدو حتى الأن ان المرجعية الشيعية منسجمة ولولا فتواها حول الجهاد الكفائي لكان داعش اليوم في كربلاء ونجف. بمعنى اخر إستطاعت الحكومة إيقاف داعش وليس دحره لأن ما يسمى بالهجوم المضاد على تكريت مثلا صار له اربعين يوما وهو يتراوح مكانه بينما داعش يقاتل في مشاهدة وتاجي.

والإحتماء بالأكراد بالنسبة لشعبنا هو مثل الإتكاء على قصبة مرضوضة وهذا ما أثبتته احداث الأيام الماضية حيث إنهزمت الميليشيات الكردية (بيشمركة) شر هزيمة في سنجار وربيعة وزمار وعين زالة وسد الموصل وغيرها من النواحي والقصبات تاركة معسكر الكسك ومعداتها وأجهزتها لداعش من ضمنها حقول نفط ومصفى سعته حوالي 20 الف برميل في اليوم.

الميليشيات الكردية (بيشمركة) التي كانت تستهزىء بالجيش العراقي المدحور صارت هي ذاتها اضحكوة وصار القادة الأكراد ومنهم بارزاني الكبير وبارزاني الصغير أضحكوة لأنهم إستعجلوا الأمور وبدلا من ان ينسقوا لمحاربة داعش إستغلوا الموقف لإحتلال مناطق عراقية ووسعوا من منطقتهم بنسبة 40 بالمائة وأحتلوا كركوك وأطلقوا العنان لتصريحاتهم والريح لمتطلبتاتهم وكأن الدنيا صارت تبتسم لهم وهم ولا يقراؤن الكتابة على الحائط ولا ينظرون ابعد من أنوفهم.

لن ينم اردوغان قرير العين إلا ان يرى ان ما وقع للأكراد في سوريا يقع للأكراد في العراق ايضا.

الأكراد ليسوا محصنين

والأكراد ليسوا محصنين مثل شيعة العراق من خلال مرجعيتهم. المد الإسلامي الداعشي في كردستان قوي أكثر مما نتصور وهو على أحر من الجمر كي يخرج من قمقمه الفائر.
 
وكيف يثق بعضنا بالأكراد. كلنا كنا في قرى لا سيما في منطقة بهدينان. أي قرية لم يهجم بيتها الأكراد إن من خلال إختطاف بناتنا ونسائنا او هدم بيوتنا وقرانا وكنائسنا. هل نسينا احداث 1960 وما حدث مؤخرا في زاخوا ودهوك وغيرها؟

مسكين الأمير تحسين امير اليزيدية ولدي مواقف معه ومع بابا شيخ (المرحوم) في اثناء عملي الصحفي. يقول في رسالته التي ادمعت عيناي ان الديانة اليزدية ديانة التسامح الحقيقي وتقبل كل الأنبياء والرسل  للديانات الأخرى ويستنجد بالأمم المتحدة واميركا وأوروبا وبارزاني  ومالكي لإنقاذ شعبه. مع الأسف وانا محبكم وصليت في مزاراتكم وقبّلت انصابكم وكتبت عنكم كثيرا في الصحافة العالمية، لن يكترث احد لكم. العالم بمؤسساته له مصلحة ونحن  وأنتم لا نساوي شيء في نظره.

طارق الهاشمي وما ادراك ما الطارق

في الحقيقة اعجبني وأذهلني وصعقني تصريح طارق الهاشمي (رابط ادناه) الذي قال ان داعش سيكون فئة باغية لو إستمر بهجومه على البيشمركة لأن الكرد سنة. هذا هو قائد داعش الهمام الذي ركع وصلى عند قدوم داعش للموصل لأنها بالنسبة إليه إنتفاضة عشائرية سنية ثورية نقشبندية بعثية ولهذا لم يكترث ولم يفتح فاه عندما بطش داعش بشعبنا وإفترس التركمان والشبك لأنهم ليسوا سنة بل شيعة وبطش بمئات الالاف من اليزيدية في سنجار، كل هذا الظلم والإضطهاد لم يخدش ضميره قيد أنملة بل طار صوابه عندما هاجم داعش البيشمركة لأنهم سنة.

وطارق الهاشمي وصحبه من البعثيين والنقشبنديين والعشائريين الثوريين والبعض الأخر من المحسوب على الداعشيين هم ندماء البارزاني وأغلبهم يعيش في فنادق خمس نجوم في اربيل.

كردستان العراق في خطر

منطقة كردستان في الوضع الحالي في خطر أكثر من الجنوب العراقي الشيعي الذي تحميه فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية الشيعية بقيادة السيستاني.

في كردستان العراق لا سيما في بهدينان لن تكون هناك فتوى ضد داعش إن لم يكن العكس وإن إقترب داعش أكثر من دهوك او عقرة او حتى اربيل فإن سقوط هذه المناطق سيكون عظيما، اللهم إلا إن حاول اناس من امثال الهاشمي إصلاح ذات البين ووافق الأكراد على دفع "خاوة" لداعش بأي شكل من الأشكال.

الخطة جهنمية

الخطة جهنمية او أكثر من جهنمية لأن اليوم حتى السني صار يقتل السني شر قتلة. الناس والمنظمات في غزة سنية لكن المعركة ضد غزة لا تقوم بها إسرائل اليوم لوحدها بمساندة الغرب وأمريكا حيث معها السعودية والإمارات ومصر والأردن وهذه كلها دول سنية.

وداعش يبدو انه اطلق العنان لنفسه في لبنان والله الساتر.

إنهم يبحثون عن رأس الحية، ورأس الحية يختلف بإختلاف المصلحة. بالنسبة لإسرائيل والسعودية المدعومتين بقوة من الغرب وأمريكا، رأس الحية هو حماس وحزب الله وإيران. وكل قوي صاحب مصلحة له دور في المسيرة النفعية والفوضوية الكودوينية التي تضرب المنطقة.

وشعبنا لا يملك أي مؤسسة مدنية او دينية غربية او شرقية تقف بجانبه وكل الذين ينطقون بإسمه ليس لهم خطة للحفاظ عليه سالما ولا هم يحزنون، مجرد طوباويات وتمني وهذه لا مكان لها في عالم كودوين النفعي والفوضوي.

كان الله بعون شعبنا الذي ليس امامه مفر إلا الهرب.

-------
http://www.shafaaq.com/sh2/index.php/news/iraq-news/81026-2014-08-04-09-48-18.html

93
وهكذا ضاع شعبنا بين جنون الساسة العراقيين وبربرية داعش ونفاق الغرب
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

وكأن التاريخ يكرر نفسه. ها هو شعبنا يتعرض مرة اخرى الى كارثة رهيبة قد تأتي على البقية الباقية منه.

والكارثة مرعبة بكل تفاصيلها واظن ان كل قارىء لتاريخ شعبنا بتمعن يتبادر الى ذهنه ما وقع علينا بعد الغزو المغولي للعراق حيث هرب بطريركنا وأساقفته صوب الشمال وأستقروا في القوش وسهل نينوى وشماله وحدثت مجزرة رهيبة راح ضحيتها مئات ومئات الالاف من ابناء شعبنا.

واليوم الجالس سعيدا على كرسي اجداده في قطيسفون (بغداد) البطريرك ساكو يطلق صرخة تلو الصرخة ان نكبة كبيرة قد حلت بشعبنا وكنيستنا وهو يحاول جهده لمّ شمل كنيسته المشرقية طارقا كل الأبواب ومستخدما كل السبل متجاوزا التقاليد والعرف للتقرب من شقيقيه الذين يشاركانه هذه الكرسي –البطريرك دنخا والبطريك ادي.

السبيل الوحيد امامنا للصمود يأتي من خلال وحدة كنيسة المشرق، الوحدة التي تجمع وتحافظ على الهوية المتمثلة بالخصوصية الثقافية واللغوية والطقسية والليتورجية والتاريخية والموسيقية والفنية وغيرها لهذه الكنيسة لأن فروعها الثلاثة في العمق هم فرعا واحدا.

ولكن ما نتعرض له اليوم قد يجعل كل احلامنا وامالنا في البقاء والصمود والحفاظ على الوجود كأمة عريقة وكنيسة عظيمة مجرد اوهام لأن الهجمة على شعبنا شأنه شأن الأقليات الأخرى هجمة شرسة، بربرية، وحشية، يشترك فيها الكل الشرق والغرب دون إستثناء.
ونخدع انفنسا إن قلنا اننا نمثل رقما في المعادلة الحالية التي يجري تطبيقها في العراق او الشرق الأوسط برمته. المسيحيون في العراق لم يعد يمثلوا اي رقم في المعادلة وهناك ادلة كثيرة.

موقعنا في الخريطة

في كل ما اقراءه من تقارير ومنها ما تنشره مراكز الأبحاث عن العراق لا مكان للمسيحيين في الحساب. أخر تقرير قراءته وهو في أكثر من 400 صفحة لكاتبه انثوني كوردزمان وهو رئس مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية  في الويلايات المتحدة لا وجود فيه لنا كشعب او كنيسة ولا يخصص الكاتب حتى فقرة خاصة لنا (رابط 1).

والتقرير الذي صدر في ايار اي قبل مدة قليلة جدا من هجوم داعش على العراق يحمل عنوان: "العراق في ازمة." والذي لا يعرف أهمية هذا المركز لدى اصحاب القرار في واشنطن اقول ان ملخص من كل تقرير ينشره يوضع على مكتب الرئس الأمريكي مع النسخة الكاملة وهو مادة قراءة ومنهج عمل للمؤسسات الأمريكة والغربية برمتها.

يرد ذكر المسيحيين في هذا التقرير المهم خمس مرات فقط مع بقية الأقليات من شبك وتركمان ومندائين (صابئة) ويزيدية. وفي كل مرة يرد ذكره ضمن جملة عابرة عند التحدث عن معاناة بعض الأقليات. ليس هناك ارقام ولا خطط ولا خرائط ولا فكرة ولا إقتراح ولا هم يحزنون.
اما التسميات التي نتقاتل من اجلها فلا ذكر لها. يرد ذكر كلمة أسيرين اظن مرتين او ثلاثة بصورة عابرة وليس كأمة او قومية او غيره بل اقلية لا تأثير لها على الإطلاق. ام الكلدان فلا ذكر لهم والسريان ايضا.

لن ادخل في تفاصيل هذا التقرير المهم والذي صار بمثابة المسار للغرب وفيه لا مكان للمسيحيين كشعب او قومية او كنيسة او غيره.
نأتي الى الوضع الحالي واضع امام قرائي الكرام قراءتي الشخصية النابعة من مطالعاتي للتقارير والصحافة العالمية.

الحكومة في بغداد

ابداء برئس الوزراء نوري المالكي الذي يرأس الحكومة في العراق. المالكي شأنه شأن كل الساسة العراقيين لا يمثل العراق كوطن وهوية. يمثل فئته وطائفته وحزبه وفي فترة الثماني سنوات اقام مؤسسات على الشاكلة هذه، اي الولاء للطائفة والمذهب والشخص وليس الوطن. مع ذلك الطائفة الشيعية التي هو منها لا يمكن تجاهلها في اي تسوية في العراق لأنها الغالبية وتقرير كوردزمان يمنحها المكانة ويضع لها الخطط والخرائط.

مشكلة المالكي كما هي مشكلة القادة في عراق اليوم والقادة بصورة عامة في الشرق الأوسط لا ينظرون إلى اخطائهم او لا يتصورون ابدا انهم يخطئون او عرضة للخطاء. ولهذا لا ينظر المالكي الى التاريخ، تاريخه الشخص، ولا يشعر او يحس بما سببته سياساته ومواقفه وهو اليوم ومعه كل القادة الأخرين يتصرف وكأنه لا يزال يقود مجموعة من المتمردين او الثوار (سمهم ما شاءت) في الأهوار لمقاتلة الحرس الجمهوري واجهزة الأمن والمخابرات في عهد صدام حسين.

الحكومة في اربيل

نأتي الى الأكراد ونأخذ زعيمهم مسعود البارزاني. لا ينكر ان وضع المناطق الكردية افضل من المناطق الأخرى في العراق ولكن الوضع نسبيا افضل فقط أي المسألة نسبية. عدا ذلك لا اظن ان هناك فرق كبير بين المالكي والبارزاني الذي لا يزال يحكم بطريقة عشائرية وميليشاوية حيث كل شيء يدور حوله وحول اولاده وعشيرته واقاربه.

والغريب ان البارزاني يطلب من المالكي التنحي لأن المالكي صار له دورتين. هل هذا ينطبق على البارزاني او على هوشيار الزيباري الذي هو خاله او على اولاده او اولاد اخيه. ومن ثم مسعود البارزاني لا وطنية له بقدر تعلق الأمر بالعراق. له ميليشياته الخاصة يسميها بيشمركة ولاؤها المطلق له ولمن كان غريمه سابقا جلال الطلباني. وهكذا يرسل ميليشياته (ان أسمي البيشمركة ميليشيا في كتاباتي دائما إن بالإنكليزية او العربية لأن ولائها ليس للعراق كوطن) الى كركوك مثلا ليس من اجل الوطن العراق بل من اجل تطلعاته الشخصية او الإثنية واطماعه في الأرض العراقية.

ومن ثم شأنه شان المالكي فبالإضافة الى  تشبثه بالسلطة هو وعشيرته والعشائر المتحالفة معه لا ينظر الى ماضيه ولا يعترف بأخطائه وكيف انه وضع يده في يد صدام حسين للبطش بابناء جلدته، وتعلمون ماذا يحدث عندما كان يبطش صدام حسين بالناس.
من يستطيع ان يقنعني ان الذي طلب من الحرس الجمهوري البطش بالأكراد بقيادة صدام حسين الذي كان البارزاني ذاته يتهمه بمذبحة حلبجة ومذبحة البارزانيين بعشرات الالاف سيتحول الى زعيم ديمقراطي مدني حضاري؟ في الغرب خطاء بسيط مثلا التملص من دفع فاتورة بمائة دولار ينهي الحياة السياسية لأي سياسي.

ولهذا ترى ان البارزاني لا يزال يتصرف في كثير من الأمور وكأنه قائد بيشمركة وليس كسياسي ويكرر انه على إستعداد لحمل البندقية والقتال، اي العودة الى الجبال. وتصرف ويتصرف مع الثروة الهائلة التي كانت تصله وهي 17 في المائة فقط من ورادات النفط العراقية عدا الضرائب والكمارك ومبيعات النفط الخاصة وكأنها ثروته ولم يحصل الأكراد على أيه شفافية في كيفية صرفها وهي كانت اكثر من الميزانية السنوية للبنان وسوريا مجتمعة والأكراد اليوم ليس لهم مصنع واحد لإنتاج الشخاط.

وهو يقتحم كركوك مثلا والمناطق الأخرى ليس لحمايتها بل لضمها، اي ليس من اجل عيون السكان او العراق كوطن بل من اجل عيون الأطماع في الأراضي ويقول انه يعود الى ارض الأجداد. ونحن الأقليات هل لنا اجداد وهل لنا ارض؟ مجرد سؤال؟ ومع كل هذا للأكرد حصة لا يستهان بها في تقرير كوردزمان.

الداعشيون

ونأتي الى داعش. هذه مجموعة بربرية تكفيرية ظلامية ولكن هذا وصف صحيح بالنسبة لي واظن لكل ابناء وبنات الأقليات من الذين إكتووا بنارها ولكنه ليس صحيح في نظر الأخرين. انظر الى الإعلام العربي وحتى الكردي وترى هناك من يصفهم بالثوار والفاتحين واحفاد صلاح الدين.

عندما تحلل داعش وكأنك تحلل ماهيّة  الشر والنفاق في النفس البشرية. والشر والنفاق والظلم في البشر لا يقتصر على دين او اخر او مذهب او اخر او قوم او اخر. انه افة بشرية نعاني منها كلنا قد نقع ضحية لها او نكون من مرتكبيها بغض النظر عن الدين والمذهب والقومية والجغرافيا.
ومن هنا ترى هناك اراء مختلفة عن بربرية داعش. من الناس من يرى فيهم حسنة ويصفق لهم (من باب رب ضارة نافعة) ويغدق عليهم بمدد جعل منهم قوة منظمة ومدربة ومجهزة احسن تجهيز إلى درجة صار من الصعب القضاء عليها او ربما ليس بود القوى العالمية مثل امريكا العمل على القضاء عليها لأنها نافعة في كثير من اوجهها بالنسبة للمصلحة الإستراتيجية.

ولهذا الدواعيش في سوريا ومعهم جبهة النصرة وغيرها من المنظمات الشريرة يعدها ليس العرب والمسلمون في الخليج وتركيا مثلا بل حتى امريكا والدول الغربية منظمات ثورية حيث لا حديث عن محاربة هذه التنظيمات او منع تركيا وغيرها من الدول مدهم بكل عناصر القوة. داعش في سوريا رحيمة حسنة لأنها تحارب بالنسبة لهم او ما يرونه انه نظام شرير في دمشق ولكنها إرهابية مرعبة يجب القضاء عليها في العراق لأنها تقترب من ابار النفط الدسمة.

وداعش هي بمثابة النسيم العليل بالنسبة للمخابرات الغربية التي حاولت جهدها ان تحول وجهة المنظمات الإرهابية الإسلامية مثل القاعدة وداعش وغيرها صوب الإقتتال مع  بعضها بعضا وان يكون القاتل والقتيل من العرب والمسلمين وان يقاتلوا بعضهم بعضا حتى الفناء. وهكذا صار حتى السنة في إقتتال مع بعضهم بعضا لأن الكثير من السنة متنورون ومنفتحون ووسطيون. والسنة العرب في العراق لأن إمتدادهم في الخليج العربي حيث تعد دوله من اقوى حلفاء الغرب لهم حصة كبيرة في تقرير كوردزمان.

ونحن؟

نحن لا حصة لنا ولا نمثل رقما على الإطلاق. وإن وقعنا نحن المسيحيين والأقليات الأخرى تحت الأقدام فهذا امر مقبول بالنسبة لديهم لا بل لا بد منه لأن كل قنبلة ثقيلة ترميها لا بد وان يكون هناك ضحايا خارج نطاق الهدف الأساسي الذي تريد القضاء عليه ويطلقون عليه مصطلح "ضرر غير مباشر او مقصود".

ولهذا لا يهم إنقراض المسيحية في العراق او سوريا او لبنان او فلسطين – بالمناسبة كان حوالي 40% من سكان فلسطين مسيحيين قبل ان يؤسس الغرب دولة لليهود فيها. الغرب  له مصالح وتحقيقها لا يمر عبر المحبة والتسامح والأمانة والغفران. وأليس هذا ما تعلمه الغرب من الفلسفة النفعية ورائدها ويليام كودين الذي لا يزال كتابه عن العدالة السياسية واخلاق السياسة الذي يفصل بين العدالة الإنجيلية والعدالة السياسية فصلا نهائيا، المادة الرئسية للقراءة في الفلسفة والعلوم السياسية ودهاليز المخابرات الغربية واصحاب القرارات السياسية فيها؟

94
هل اصبحت كنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية قاب قوسين او ادنى من الوحدة الشاملة؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

الأخبار من ارض الأجداد لا تبشر بخير. المنطقة برمتها تمر في مغاض رهيب قد لا يكون فيه موطىء قدم للكبار الممسكين بزمام الأمور فكيف سيكون حال اقليات لا حول ولا قوة ولا تأثير ولا سند لها.

امام هذا المشهد الحزين الذي يبعث على التشاؤم عرجت بفكري وقلبي صوب مدينة شيكاغو الأمريكية حيث سيلتقي البطريرك ساكو مع اخيه البطريرك دنخا في اول لقاء يجمعهما منذ تسنم البطريرك ساكو لمنصبه كرئس اعلى لكنيسة المشرق الكلدانية.

مع فارق الوقت بين البلد الذي أسكن فيه – السويد – وبين مشيكان لا اعلم ان كان مقالي هذا سيظهر قبل او مع او بعد اللقاء المهم هذا.

بالنسبة لي – وهذا موقف شخصي – ليس هناك شيء أسمى وأغلى في هذه الدنيا من الإيمان المطلق بوحدة شعبنا وكنيستنا المشرقية بإختلاف التسميات والمذاهب.

شوق ولهفة

ولهذا فإنني على احر من جمر لسماع اخبار سعيدة عن هذا اللقاء الذي سيجمع البطريرك ساكو مع اخيه البطريرك دنخا كممثلين بارزين عن كنيسة المشرق. وهنا يجب ان لا ننسى الشق الثالث لهذه الكنيسة المتمثل بكنيسة المشرق الجاثاليقية القديمة برئاسة البطريرك ادي.

ولشوقي الكبير لسماع اخبار سارة وعلمي مسبقا بهذا اللقاء كنت قد سجلت أنشودة من طقس كنيستنا المشرقية المجيدة على الة الكمان كي أهديها للبطريرك ساكو والبطريك دنخا والاساقفة الذين سيكونون بمعيتهما مذكرا الكل بما تملكه هذه الكنيسة العظيمة من لغة وإرث وتراث واداب وفنون وطقوس هي جزء اساسي وحيوي  من الهوية وبدونها لا هوية. أضعها هنا بتواضع شديد وقد جعلت الردة معلته لأهميتها ورمزيتها ومكانتها في كنيستنا المشرقية ولأنها ايضا توائم من ناحية خاصة اللقاء الكبير هذا:

https://www.youtube.com/watch?v=vPB5ycXE7UY

خلافاتنا

خلافاتنا حول التسمية وغيرها يغذيها الخلاف المذهبي والطائفي وإن تم تسوية هذا الخلاف فإنني ارى ان حل المشاكل الأخرى قد يكون سهلا لا سيما إن وضعنا اما اعيننا المصير المشترك والمستقبل الغامض الذي صار حقا على كف عفريت إن لم نستلحق امرنا.

وفي هذا المقال اود ان اضع امام قرائي الكرام ما تم تحقيقه في مسار وحدة كنيسة المشرق حتى الأن وما هو المطلوب وما جمعته  وما وحصلت عليه من معلومات من خلال إتصالاتي وزياراتي لبعض الأساقفة من الكنائس (المذاهب) الثلاث التي تشترك معا تقريبا في كل شيء من لغة وإرث وأداب كنيسة وطقوس وفنون وتاريخ واعلام وقديسين. وهنا سأركز على مسائل ثلاث:

اولا الوثيقة المسيحانية Christology

هذه تم التوقيع عليها حيث تم الإعتراف المتبادل بين كنيسة روما الكاثوليكية – وكنيسة المشرق الكلدانية هي في شراكة تامة مع كنيسة روما – وظهر ان الخلاف السابق الذي ادى الى التحريم والهرطقة وغيره كان مجرد خلاف لفظي وثقافي ولا علاقة له بإيمان كنيسة المشرق القويم والسليم وبهذا بإمكان الكنيستين المشرقيتين الكلدانية والأشورية الإصطفاف سوية من حيث الإيمان القويم والسليم.

ثانيا الأسرار Sacraments

لم يتم توقيع وثيقة بشأن الأسرار المشتركة. وهنا لا اظن أنه ستكون هناك عوائق لتوقيع وثيقة مشتركة لأن أساس الأسرار هو الوثيقة الإيمانية المسيحانية. وهناك سوابق في هذا حيث وقعت الكثير من الكنائس الأرثذوكسية الوثيقة المسيحانية ووثيقة الأسرارالمشتركة مع كنيسة روما الكاثوليكية.

ثالثا، الدستور Constitution

هنا ندخل في المسائل المؤسساتية من حيث الإدراة والتنظيم والسيطرة. لم توقع أي كنيسة مشرقية او غيرها – حسب علمي – وثيقة بهذا الخصوص مع كنيسة روما وذلك لأن روما لم تكن تقبل ان تكون للكنائس المنافسة لها والمختلفة عنها ذات السلطة الدستورية والمؤسساتية.

ولكن بوجود البابا فرنسيس دخل الفاتيكان عهدا جديدا حيث صارت المؤسساتية امرا غير محببا لدى هذا البابا الذي اذهل الدنيا بروحه وممارساته الإنجيلية. بمعنى اخر الإنجيل وممارسته على ارض الواقع تأتي لدى البابا الحالي قبل المؤسساتية.

وشخصيا ارى ان هذه النقطة التي كانت نقطة شائكة حقا حيث لا يقبل أي رئس كنيسة او كرسي شرقي او غيره التنازل عن صلاحياته المؤسساتية للأخر ربما هي اليوم من أسهل النقاط بوجود البابا فرنسيس. وهنا اتكلم بعد مراسلات ولقاءات وقراءات لكبار اللاهوتيين الذين بودهم وسيعملون كل ما بإستطاعتهم ومعهم البابا لإعادة الوضع في العلاقة مع الكنائس الأخرى لا سيما الأرثذوكسية الى ما قبل بداية الالفية الثانية حيث كانت الكراسي متساوية القيمة مع شراكة مسيحانية حقيقية.

رغبة عارمة في الوحدة

هنا اقول إن البطريرك ساكو سيذهب للقاء اخيه البطريرك دنخا ومعه حشد من أساقفته وهذا دليل على الروح والعمل الجماعي لكنيسة المشرق الكلدانية. هذه من جهة ومن جهة اخرى انني من خلال إتصالاتي مع أساقفة كنيسة المشرق الكلدانية ارى ان هناك رغبة عارمة في الوحدة.

وكذلك ومن خلال إتصالاتي مع كنيسة المشرق الأشورية رأيت هناك رغبة عارمة في الوحدة والشراكة الحقيقية التي تلغي الفروقات وان هذه الكنيسة قد وضعت الخلاف حول الموقف من المطران باوي وراءها ويهمهما الشراكة الحقيقية مع كنيسة المشرق الكلدانية لأنهما اساسا كنيسة واحدة ومن خلالها شراكة حقيقية مع روما تحفظ الخصوصية الثقافية واللغوية والمؤسساتية والتنظيمية والطقسية  لكل المنظوين تحت خيمة هذه الشراكة.

وهذه ليست نصيحة

ومن انا كي انصح بطاركة كنيسة المشرق ولكن لا أظن أنهم يمنعون اتباعهم التعبير عن ارائهم بحرية طالما اتت من اجل النفع العام ومن خلال خطاب تغمره الكياسة واللياقة الأدبية.

ومن هنا اقول لأشقائي في كنيسة المشرق الاشورية بشقيها ليس هناك اليوم ما تخشونه بوجود البابا فرنسيس وأزيد ليس هناك ما تخشونه ايضا بوجود البطريرك ساكو لأنه ها هو يأتيكم ومعه حشد من أساقفته. اليس هو القائل انه من اجل وحدة كنيستنا سيعمل المستحيل؟

كنيسة المشرق الأشورية وبطريركها سيتم دعوتهم لزيارة البابا فرنسيس لأنهم كنيسة مستقلة. عندما تلتقون البابا فرنسيس خذوا معكم البطريرك ساكو وكوّنوا وفدا مشتركا مع خيرة أساقفتكم وضعوا كل ما ترونه انه عائق او مشكلة في سبيل الوحدة امام البابا الذي يذهلنا يوميا بممارساته الإنجيلية ولا أظن انكم ستخرجون خاليي الوفاض.

البابا الذي دعا الغرباء والمسلمين الى وليمة العشاء الأخير في عيد الفصح – اقدس اقداس المسيحية – وغسل اقدامهم وقبلها وسمح في بادرة تحصل لأول مرة في التاريخ بصوت الأذان وتلاوة القرأن في الفاتيكان مع قراءة من الإنجيل والتوراة كيف سيخيب ظنكم وأنت تريدون ان تصبحوا واحدا؟
 

95
موقع عنكاوة.كوم إلى أين؟ حقيقة الموقع بين مطرقة النقد وسيل المديح

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

لا أظن ان موقع عنكاوة ومحرريه في حاجة إلى مديح. الذي يحقق نجاحا باهرا في الحياة في أي مضمار كان بحاجه إلى النقد البناء أكثر منه إلى التطبيل والتزمير. والموقع قبل الهجرة إلى الحلة الجديدة كان موقعا ناجحا تقريبا بكل المقاييس إن اخذنا في عين الإعتبار إستقلاليته المادية والفكرية والمهنية من حيث النشر والتحرير ومدى إنتشاره وشعبيته.

ولن نجافي الحقيقة ان قلنا ان الموقع تعرض إلى "كبوة" بتبنيه للحلّة الجديدة. فبدلا من  من ان يستحسنها غالبية الرواد نرى ان الأغلبية الساحقة منهم لم تحبذها بدليل الإستبيان الذي يقوم به الموقع ذاته حيث نلحظ ان الغالبية   (50.5%) – حتى لحظة كتابة هذا التقرير – بودهم العودة إلى الحلّة السابقة وان الأصوات التي ترى ان الحلّة الجديدة سيئة (14.9%) أكثر من التي ترى فيها حسنة او مقبولة. وهناك ايضا مقالات وتعاليق ومداخلات تتماشى مع النتيجة في الإستبيان، أي من الناحية الأكاديمية والعلمية هناك دليل كمي (ارقام) ونوعي (اناس يدلون بأراهم من شتى الأطياف) يحذر الموقع من مغبة القرار الذي إتخذه بهجرة الوضع السابق والدخول في معترك وضع جديد لا ترغبه غالبية القراء.

وفي هذا المقال سأقدم رايا اكاديميا مستقلا عن الموقع بصورة عامة ومن ثم أعرج على الوضع الحالي وامل ان يتسع صدر مشرفية وإدارييه لأن المنطلق هو الحرص على الموقع ومكانته ومن ثم ان تقديم المشورة لمواقع إعلامية سويدية وعالمية كبيرة ومؤثرة جزء اساسي من الخدمات التي يقدمها مركز الأبحاث الجامعي الذي اديره وتشكل هذه الإستشارات مصدرا اساسيا لدخل المركز.

شعبية الموقع وإيرادات الإعلان

الموقع كان يرتاده حوالي 75,000 قارىء يوميا قبل الهجرة إلى الحلة الجديدة. إن اخذنا اثر ذلك على الإعلانات – التي تشكل الدخل الرئسي للموقع – وقارناه بالحال في السويد مثلا لرأينا ان الإعلان يشكل دخلا كبيرا جدا لأي موقع سويدي يتجاوز رواده في اليوم 30,000. بمعنى اخر موقع سويدي كهذا بإمكانه الحصول على إيرادات كافية لتعين رئس تحرير ومحررين ومراسلين على الملاك الدائم وتحقيق ارباح لا بأس بها.

لماذا لم يتمكن موقع عنكاوة.كوم تحقيق إيرادات كبيرة من خلال الإعلانات تكفي لتعيين رئس تحرير ومحررين على الملاك الدائم؟ السبب واضح. عدد الرواد رغم تفوقه على ما هو مطلوب لموقع ناجح في السويد متوزع ومشتت على دول كثيرة ومناطق كثيرة وقارات عديدة.

بمعنى اخر ليس بإمكان الموقع تقديم نفسه للمعلنين وشركات الإعلان كونه موقعا بارزا في أي بلد لوحده – السويد مثلا – وهذا ما يجعل المعلنين الكبار يعزفون عن الدفع او الإعلان.

حالة فريدة

وقبل أن أتي إلى  ما اراه من امور سلبية مع الحلة الجديدة اقول أيضا ان الموقع حالة خاصة لا بل فريدة في عالم الإعلام: فريدة ليس من الناحية الإيجابية فقط بل السلبية أيضا.

المحتوى – اي المواد التي تنشر فيه – فيها تباين كبير وهائل فهو ليس جله موقعا صحفيا مهنيا وليس جله منتدى شعبي. بمعنى أخر يتأرجح موقع عنكاوة.كوم بين المهنية الصحفية والمنتدى الشعبي العام. وهكذا ترى مثلا موادا قد تم تحريرها بأسلوب صحفي راق لا سيما بعض الأخبار وتقراء مقالات في الواجهة جرى إنتقاؤها بعناية كبيرة ومن طرف اخر تقراء في المنتدى امورا كثيرة وضعها اصحابها كما يشاؤون بغض النظر ان كانت تتماشى مع السياسة الصحفية المهنية لأغلب الواجهة.

هذا الأمر قد يكون مشجعا لزيادة عدد الرواد ولكن غير مشجع على الإطلاق لأصحاب الإعلانات الرصينة والشركات الكبيرة التي تعني بشؤون الإعلان مثل غوغول وغيره. هذه الشركات لا تحبذ عادة التعامل مع المنتديات الشعبية المفتوحة التي لا تمارس رقابة صارمة على المحتوى لا سيما عند تعلق الأمر بالإساءات والشتائم وتعابير الكراهية والعنصرية.

فمثلا هناك اليوم فلترات هائلة ومعقدة وذات تكنولوجية فائقة لشركات الإعلان الكبيرة تنبهها فور ورود اي شتيمة او عبارة نابية او الفاظ تؤشر الى الكراهية والعنصرية  وتخرج او تطرد أي مشترك (موقع او حتى فرد) ينشر هكذا محتوى.

مشاكل

إحدى مشاكل الموقع تكمن في أنه يستلم كما هائلا جدا من المحتوى – المواد – يوميا ولأن موارده قليلة جدا بالنسبة الى عدد رواده ومكانته فليس بإمكانه حتى توظيف شخص واحد على الملاك الدائم للتأكد ان ما ينشر من محتوى يقع ضمن الشروط المرعية.

 ولا ننسى ان الموقع مركزه السويد والتعين على الملاك الدائم يكلف كثيرا جدا لأن الحد الأدنى للراتب الشهري يجب ان لا يقل عن 1500 – 2000 دولار وهناك إلتزامات مادية أخرى حول التأمين والتقاعد وأمور أخرى كثيرة.

إذا الموقع يدار من قبل متطوعين وحسب علمي فإنه عدا المراسلين الذي يتقاضون بالقطعة – أي يدفع لهم إن نشروا فقط – فإن كافة العاملين الأخرين في الموقع لا رواتب او مخصصات لهم.

الحّلة الجديدة

نأتي الأن إلى المسألة التي نحن بصددها وهي الموقع بحلّته الجديدة.

يبدو لي ان المشرفين على الموقع لم يأخذوا الكثير من الأمور بعين الإعتبار عندما قرروا هجرة الموقع بحلّته السابقة وتبني الحلّة الجديدة.

التجديد والتطوير مطلوب لأنه جزء من الحياة وبدونه لا حياة ولكن كل خطوة في العصرنة والتجديد والتطور يجب ان تكون محسوبة بجدية ويجب ان يتم تجربتها اولا على نطاق ضيق لتقدير مدى نجاحها وتقبلها قبل إطلاقها وتعميمها.

والنقطة الأساسية الأخرى هي أي تجديد وتحديث ومن إسمه يجب ان يأتي بشيء جديد وحديث في اقل تقدير هو افضل وأكثر عملية وفائدة من سابقه وإلا لا حاجه فيه ومن الأفضل البقاء على الوضع كما هو.

ماذا حدث

يبدو لي ان المشرقين على الموقع لم يراعوا هذه الشروط، أي لم يجربوا الموقع حتى ضمن نطاقهم المحدود كي يروا مدى فائدته وتطبيقه وإن كان له مزايا افضل من السابق. ومن ثم لم يطلبوا مثلا من مجموعة من القراء أستخدامه لفترة محددة ومن ثم الإستئناس بأرائم قبل الهجرة إلى الموقع الجديد.

وما حدث يبدو لي ان الحلّة الجديدة لم تكن كاملة عندما تم الإنتقال إليها ولم يضع المشرفون في الحسبان العدد الهائل للمسجلين في الموقع (أكثر من 100,000 شخص) والعدد الهائل للأسماء المستخدمة وكلمات السر والكم الهائل للمحتوى.

ولهذا جاءت الحلّة الجديدة ناقصة غير متكاملة ولا تلبي طلبات المستخدم كما كانت الحلة السابقة. أي هناك مشاكل إلكترونية خاصة بإستخدام الإنترنت وقد يستغرق وقتا ربما طويلا لحلها.

ومن ثم هناك مسائل مهمة كان يجب مراعتها وهي ان الموقع وصل الى ما وصل إليه من مكانة من خلال محتوى المواد التي يقدمها وهامش الحرية الكبير الممنوح للكتابه وان النقد متاح لأي كان وضد اي كان بغض النظر عن المكانة والدين والمذهب والقومية والتسمية وغيره.

الصدارة في الإعلام للمحتوى وليس للتكنولوجيا

إذا موقع عنكاوة.كوم له الصدارة من خلال المحتوى وليس من خلال الإبداع التكنولوجي الذي رغم أهميته لم يرقى حتى الأن إلى وضع بإمكانه منافسة المحتوى.

ولأن المحتوى يأتي في المقدمة لذا ترى ان المواقع الرصينة والشهيرة لا سيما التي تعني بالإعلام بصورة مهنية تحاول جهدها ان تكون مادتها – الحروف وحجما وشكلها وخطها وترتيبها ولونها – مقروءة وواضحة وفي الإمكان تحميلها على كل الحواسيب بأشكالها المختلفة لا سيما الجوال (موبايل) الحديث الذكي.

ولهذا لا تكترث المواقع هذه – كما كان يجب على موقع عنكاوة بحلته الجديدة – باللون والألوان إن كانت براقة ام لا. لم يكن الموقع في حاجة إلى زيادة الألوان التي ترافق الكتابة (المحتوى) بل إلى خلفية بيضاء ناصعة وخط اسود مقروءة بسهولة. المهم ان تكون الكتابة – المحتوى – مقروءة بيسر وسهولة وبإمكان الموقع تحميل المواد – كتابة وصورة وفيديو – بيسر وإنسيابية على كل متصفحات الإنترنت وبرامج التطبيقات المتوفرة مجانا.

الإعلان

وأرى ان الموقع بحلته الجديدة ربما أراد زيادة المساحة المخصصة للإعلان ولكن التجارب العلمية والعملية تؤكد ان زيادة المساحة للإعلان لا يعني دائما زيادة إيرادات الإعلان.

الإعلانات وإيراداتها تتماشى مع القيمة المعنوية والمادية التي يمتلكها القراء ورواد الموقع او الجريدة او الوسيلة الإعلامية. فمثلا إن كانت هناك جريدة توزع 30,000 نسخة وأغلب هذه النسخ يشترك فيها اغنياء القوم وفي منطقة محددة سيكون ريع الإعلان فيها اكثر بكثير من جريدة توزع 100,000 نسخة وقراؤها من فقراء ومحدودي الدخل.

وهناك دراسات اكاديمية رصينة تتناول مكان الإعلان ومساحته ضمن الموقع الإلكتروني والجريدة. وبما أن موقع مثل عنكاوة.كوم عادة يتقاضى دخلا حسب عدد النقرات على الإعلان فإن وضعها في مكان خاص لها ضمن الواجهة امر غير محبذ لأن الناس بصورة عامة لا تنقر على الإعلان إلا إن فرضته عليهم بصورة ذكية كي يتقبلوه او ان ظهر ان الإعلان فيه امرا مهما مثل تخفيض كبير بالسعر او التنبيه حول مادة او سلعة جديدة او مهمة من الناحية الحياتية.

ونقطة أخرى اساسية تتعلق بموائمة الإعلان للمحتوى، اي الإعلان يتماشى مع المحتوى للمقال او الصفحة او المادة. بالطبع هناك امور اخرى كثيرة لا يتسع المجال للدخول فيها.

دراسة مسبقة

ونقطة أساسية أخرى هي انه كان يجب المحافظة بصورة كاملة وعملية على الحلة السابقة للموقع لأن كل شيء جائز مثلا ان يعزف رواد الموقع وقرائه عن الحلة الجديدة كما هو الحال الأن.

ولكن يبدو لي ان هذه النقطة أيضا لم تؤخذ بعين الإعتبار لأن الحلة الجديدة يظهر انها مبنية على الحلة السابقة وأخشى ان الموقع خسر الحلة السابقة أي من الصعب جدا العودة إليها.

ولهذا يبدو لي ان الجري وراء الحلّة الجديدة لم يكن مدروسا بكفاية من قبل مختصين اكفاء. أي صاحب إختصاص كان سيضع كل النقاط التي ذكرتها اعلاه في عين الإعتبار قبل اطلاق الموقع بشلكه الجديد.

ما العمل؟

وهنا اتكلم كصاحب إختصاص اقول لا خوف على الموقع واؤكد لمحبيه وعشّاقه – وانا واحد منهم – ان الموقع سيخرج من هذه الأزمة بنجاح وما علينا إلا الصبر لأن المشرفين عليه حريصون جدا على استمراريته وبصيغة افضل وأقوى.

 أنصحهم بطلب المساعدة – وهذا يستند إلى إمكانيات الموقع المادية – من اصحاب الإختصاص في الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات كي يحافظوا على اغلب المزايا والمنافع التي كانت للموقع في حلّته  السابقة ويضيفوا ما ينفع ويفيد القراء والموقع ذاته من تجديد وعصرنة.

ومن ثم – ومن حسن حظ الموقع – ليس هناك مواقع في صفوف شعبنا بإمكانها منافسة عنكاوة.كوم ليس من خلال التطور التكنولوجي ولكن من حيث الإستقلالية والنزاهة وهامش الحرية الكبير الذي يمنحه للكل وهذا الأمر يمنحهم الفرصة والوقت كي يعيدوا مكانة موقعهم – الذي هو موقعنا – بتأن وحرص لأن العجالة في هذه الأمور قد يكون ضررها كبيرا.

96
زمان جديد ــ سعدي المالح نجم يهوي من سماء الثقافة السريانية

ليون برخو
خطف القدر نجما كبيرا في سماء الثقافة العراقية والسريانية يوم الثلاثين من ايار 2014 تاركا بذلك فراغا كبيرا في وقت كان الناطقون بالسريانية في امس الحاجة إلى ضيائه.
في غضون سنوات معدودة إستطاع الراحل الدكتور سعدي المالح بناء صرح الثقافة السريانية في إقليم كردستان العراق بعد ان كادت اللغة والأداب والفنون السريانية ان تختفي من الوجود نتيجة الإهمال من الحكومات العراقية المتعاقبة وعدم إكتراث اصحاب الشأن من الناطقين بهذه اللغة. والدكتور المالح غني عن التعريف. له مكانته البارزة في الأدب العراقي المعاصر من خلال مجموعاته القصصية وتراجمه ومؤلفاته. ترك بصماته من خلال مؤهلاته والشهادات التي حصل عليها والوظائف التي تقلدها.
ولكن وهو يغادرنا عن عمر يناهز 63 عاما فإن الذي سيبكيه وسيفتقده أكثر هم ابناء جلدته من العراقيين الناطقين بالسريانية. لقد عمل للثقافة واللغة والأدب والفنون السريانية في حوالي عقد من الزمان ما لم تفعله أي حكومة او منظمة في الشرق الأوسط في العصر الحديث. منذ تبوئه منصب المدير العام للثقافة والفنون السريانية في منطقة كردستان عام 2006 كرّس كل جهده لا بل حياته للثقافة واللغة والفنون التي ينتمي إليها.
فبادر إلى تأسيس مديريات للثقافة والفنون السريانية في كل من دهوك وأربيل وكان على وشك إفتتاج مديرة أخرى في مدينة السليمانية ولكن المنية عاجلته قبل ان يتمكن من تحقيق حلمه. وكانت مسيرته من خلال ترأسه للمديرية العامة للثقافة والفنون السريانية في منطقة كردستان مليئة بالنشاط والحيوية. فلا تمضي فترة قصيرة إلا وهناك ندوة او مؤتمر يتناول شأنا من شؤون الناطقين بالسريانية ولغتهم وثقافتهم.
تعد الفترة القصيرة التي امضاها في هذه المديرية الفترة الذهبية في العصر الحديث للثقافة والفنون السريانية من ادب وموسيقى وشعر وفنون وتأليف وطبع ونشر وتشجيع للجيل الجديد للتشبث بلغته وثقافته السريانية.
ولم تكن أنشطته مقتصرة على منطقة كردستان. فكان مقره بمثابة محج تؤمه كل الأطياف العراقية من عربية وسريانية وكردية وتركمانية وغيرها.
وكان الناطقون بالسريانية في منطقة كردستان والعراق برمته والذين هاجروا وهم أكثر بكثير من الذي بقيوا صامدين في العراق يرون فيه وفي مديريته عونا وسندا للحفاظ على ثقافتهم ولغتهم وفنونهم.
فشيّد المتاحف التي تعني بالثقافة والفنون السريانية وشجع على التنقيب والبحث وطبع وتنقيح ومراجعة المخطوطات السريانية وترجمتها.
ولم يبقي تقريبا شخصية سريانية رفيعة برزت في تاريخ العراق المعاصر إلا وكتب عنها او نظم ندوة او مؤتمرا حولها.
وصارت المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية في عهده مثالا يضرب به اين ما تواجد الناطفون بهذه اللغة خارج إقليم كردستان مما عجّل في تبني الحكومة العراقية للفكرة ذاتها وتأسيس مديرية عامة تعني بالثقافة والفنون السريانية في العراق لا سيما في المحافظات خارج منطقة كردستان.
وشهدت فترته زيارات خاصة قام بها رجال الدين من المذاهب المسيحية ذات الإرث والطقوس والثقافة والفنون السريانية وشخصيات سريانية بارزة من سوريا وفلسطين ولبنان للراحل الكبير ومديرته وفي نيتهم تبني فكرته في دولهم.
الثقافة العربية توأمة للثقافة السريانية ولا يمكن لأي منصف ان ينكر دور السريان في الثقافة والفنون العربية والإسلامية لا سيما من خلال الترجمة والتأليف الذي قام به كبار الملافنة السريان لا سيما في العهدين الأموي والعباسي.
واليوم العرب والمسلمون مدعوون أكثر من أي وقت مضى للإهتمام بالأقليات بين ظهرانيهم لأنها تمنح مجتمعاتهم السؤدد والقوة وتجعل منها قوس قزح جميل يجذب الحسن ويبعد الطالح.
والعراق بالذات مدعو بكل أطيافه الكبيرة التي تمسك زمام الأمور اليوم إلى تعزيز الثقافة والفنون واللغة السريانية من خلال الإهتمام بالناطقين بها داخل العراق وخارجه.

97
"وطني هو لغتي" – بمناسبة الذكرى الأولى للإحتفال بلغتنا القومية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

المقولة بين هلالين في العنوان هي إقتباس ورد في مقال علمي عن الفرنكوفونية – وهو مصطلح يطلق على كل الذين يستخدمون اللغة الفرنسية كلغة أساسية اولية او لغة ثانونة خارج فرنسا.

المقال ضمن حوالي 10 ابحاث إخترتها من عشرات الأبحاث للنشر في المجلة العلمية التي أحررها والتي ستظهر في عدد خاص حول "إعلام الأقليات" في نهاية عام 2015.

والمقولة مترجمة من الإنكليزية   "My country is my language"  لأن المقال اساسا مكتوب بالإنكليزية. ويقول الباحث، مارك ليست، من الجامعة الكاثوليكية في لوفن في بلجيكا، إن المقولة رددها اغلب المشاركين في إستبيان اجراه لتقييم الإعلام الفرانكوفوني في كندا وبلجيكا وسويسرا ودول أخرى إتخذت الفرنسية لغة أساسية منها بعض الدول الأفريقية.

والبحث طويل أكثر من 8000 كلمة من الصعب إختزاله في مقال قصير إلا ان النتائج التي يحصل عليها في غاية الأهمية لكل اقلية تعيش ضمن اكثرية تختلف عنها ثقافة وهوية (أي لغة).

ويؤكد من خلال دراسة اذهلتني حقا لرصانتها العلمية ان الناطقين بالفرنسية في كل الدول خارج فرنسا ينظرون إلى لغتهم الفرنسية كمعيار رئسي للهوية والثقافة والفنون التي تتبعها وهم على إستعداد للتخلي عن أي شيء حتى جنسية بلدانهم ولكن ليس لغتهم (هويتهم).

ويظهر ان الإعلام الناطق بالفرنسية في هذه الدول له باع طويل في الحفاظ على الهوية الفرنسية للناطقين بها بإختلاف أجناسهم وجنسياتهم وذلك بتركيزه على اللغة الفرنسية في كل الوسائل الإعلامية - مرئية ومكتوبة ومسموعة.

ويضيف لولا الإعلام لربما ماتت اللغة الفرنسية في هذه الأمصار وأندثرت ومعها الهوية الفرنسية لهم. بالطبع يعترف الباحث ان التعليم باللغة الفرنسية وتدريسها الذي يصر عليه الناطقون بها خارج فرنسا له الدور الأساس في الحفاظ عليها.

والتشبث بالهوية اللغوية اصبح له مدلولات قومية وسياسية وجغرافية وإقتصادية حيث ترسم خطوط وحدود الأقاليم حسب التوزيع اللغوي وصار الفرز اللغوي في دول مثل بلجيكا وكندا وسويسرا وأماكن كثيرة اخرى من العالم مدعاة لطلبات الإستقلال او الفدرالية على أساس هذا الفرز.

لن يكون بإمكاني منح هذه الدراسة المهمة جدا حقها حيث قبلها المقيمون كما هي دون الطلب من الباحث إدخال أي تغير عدا الطلب منه إكمالها من الناحية الشكلية formatting كي تتماش مع متطلبات دار النشر.

في الشرق الأوسط حيث ارض اجدادنا هناك مسعى واضح في هذا الإتجاه في شمال افريقيا، في العراق وسوريا وتركيا وإيران وحتى افغانستان ودول أخرى كثيرة حيث بدأ الفرز اللغوي يحدد الخطوط العريضة للهوية والجغرافية والسيادة والفدرالية والأمثلة واضحة ولا أعتقد ان القارىء اللبيب بحاجة إلى الإتيان بها وما يقوم به الأكراد في العراق وسوريا وتركيا وغيرها من الدول لهو خير دليل.

ماذا عنا نحن الناطقين بالسريانية؟

نحن غائبون وللغتنا محاربون ولفنوننا وادابنا وموسيقانا وطقوسنا وليتورجيتنا مهمشون ولمدارسنا السريانية القليلة جدا مزدرون ومع ذلك نبحث عن هوية وقومية.

وكانت سعادتي غامرة عندما اعلن البعض من ابناء شعبنا من الغيارى على لغتهم اي هويتهم وقوميتهم ووطنهم كما يعلمنا الباحث الفرنسي في بحثه الرائع يوما في السنة للإحتفال بلغتنا السريانية.

ولكن اتى حتى هذا الحدث المهم وهو يعكس وضعنا الذي لا يحسد عليه من صراع ومهاترات حول إسم اللغة وليس دورها الحيوي والأساسي في الهوية القومية. بدلا من ان يكون هذا اليوم الكبير مناسبة لجمع ولمّ الشمل والوحدة صار مثل كل شيء في حياتنا تقريبا سببا للفرقة والتشتت.

لماذا لا نجتمع ونناقش ونحاور قبل ان نقدم على إتخاذ قرارات مصيرية مثل هذه كي ننهض بأنفسنا وهويتنا كي لا نزول ونندثر؟

كانت المناسبة ستكون إنطلاقة جديدة ودفعة دم تبث الحياة في اجسامنا المنهكة بسبب التناحر المذهبي والطائفي والتسموي لو ان الأخوة القائمون على هذا الأمر إستأنسوا بأراء كل مكونات شعبهم كي يجمعوا ولا يفرقوا ومن ثم اطلقوا على هذا اليوم الكبير والعيد البهي "يوم اللغة السريانية" لأن هذا هو الإسم العلمي لها والإسم الذي يستخدمه إخوتنا الباقون في ارض الأجداد والإسم الرسمي في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين والهند وكل جامعات الدنيا.

هل خلقنا لله لنمزق أنفنسا بعد كل الويلات التي حلت بنا ام لنجمع ونحن اقلية وهوية لغوية في طريقها إلى الضياع؟

98
ماذا يريد "القوميون" الكلدان من البطريرك وكنيسته

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


مقدمة

منذ جلوس البطريرك لويس ساكو على كرسي بابل وقطيسفون برزت في ساحة كنيسة المشرق الكلدانية ظاهرتان شاخصتان للعيان: الأولى تخص موجة كبيرة بين الكلدان ومعهم أشقائهم من الأشوريين والسريان يرون في بطريركهم الجديد الأمل او الفرصة الأخيرة لإنقاذ كنيسته وشعبه من الغرق في العراق، والثانية تحاول جهدها تهميشه بوسائل شتى احيانا بالإتكاء إلى الفلتان المؤسساتي والإداري والمالي والمناطقي الذي ينخر بجسد المؤسسة الكنسية الكلدانية واحيانا من خلال مقالات في منتديات شعبنا وبعض كنائسه في المهجر.

وقبل ان ادخل في خضم الموضوع اقول أنني ادافع عن كرسي اجدادي بغض النظر عن الجالس عليه. هذا كرسي رسولي مقدس ورمز وجودي ومصيري. هذا الكرسي هوالذي حمل راية المسيحية في المشرق لألفي سنة ومن ثم حمى لنا هويتنا من خلال التشبث بالأرض ومن خلال لغتنا وما تكتنزه لنا من تراث وثقافة وشعر واداب وطقوس وليتورجيا وفنون وموسيقى تشكل في ذاتها ارقى ثمار الحضارة الإنسانية وهي ذاتها الهوية التي نستطيع تعريف أنفسنا من خلالها ودونها لا هوية لنا.

وقبل ان ادلو بدلوي اقول إن النقد مهم لأنه يحرك ويغني شريطة ان يكون صحيحا ومستندا إلى ثوابت من التاريخ والحاضر ولكن يبقى مزعجا ويرتد على صاحبه إن كان منطلقه مصلحي وورد في غير محله وكان خارج سياق موضوعه وأتى معاكسا للتطلعات الفكرية او الإيديولجة التي يحملها صاحبه.

ومن هنا سأخاطب الأخوة "القوميون" الكلدان بشقهم المدني والكنسي الذين يمارسون النقد العلني للصرح البطريركي وهم بذلك يسيئون إلى قضيتهم اولا وأخيرا ولا يعرفون انهم بهذا يزيدون في مكانة هذا الصرح وشاغله ليس في عيون الكلدان فقط بل في عيون كل مكونات شعبنا من الأشقاء الأشوريين والسريان ايضا ويبعدونه عنهم وعن قضاياهم.

وسأحاول محاججتهم مرة أخرى بعد ان كنت تركتهم وشأنهم منذ زمن بعيد من خلال نقاط او حجج خمس: اولا، لكم كل الحق في تبني مواقفكم والدفاع عنها ولكن من انتم اولا، وثانيا هل حقا انتم "قوميون"، وثالثا هل أنتم حقا مجموعة موحدة او منقسمة على نفسها، ورابعا طبيعة علاقتنا مع الصرح البطريركي وأخيرا هل انتم حقا في سياق الترويج لقضيتكم لكسب الأخرين من الكلدان والدفاع عنهم او محاربتهم وتهميشهم.

من انتم؟

الأخوة القوميون شأنهم شأننا نحن كتاب شعبنا "إنترنتيون". ولكن هناك مشكلة كبيرة جدا في خطابهم. يتحدثون وكأنهم كل الكلدان وان أي كلداني لا يجاريهم لا يقع في خانة معارضيهم فقط بل ربما اعدائهم. لا أعلم كيف منحوا الحق لأنفسهم او من منحهم الحق في التحدث بإسم كل الكلدان لأن هذا ليس صحيح ولأن العكس صحيح، بمعنى انهم اقلية صغيرة جدا وأن الأكثرية الساحقة من الكلدان لا تكترث لهم وزادوا في عزل أنفسهم وأقترفوا خطاءا قاتلا او ربما اطلقوا النار على اقدامهم بموقفهم غير الودي لمقام البطريرك والكرسي الجالس عليه.

ويا إخوتي الأعزاء إن لم تصدقوني انظروا كم من الكلدان صوتوا لكم في قصباتنا وقرانا الكلدانية وأكثر من هذا إنتظروا كيف سيستقبل الكلدان في أبرشية القوش وكيف سيخرجون عن بكرة ابيهم في إستقبال بطريركهم الجالس سعيدا على كرسي اجدادهم في زيارته الرعوية المرتقبة لهذه الأبرشية. امل ان تراقبوا ذلك عن كثب.

هل أنتم "قوميون" حقا؟

هذه اهم نقطة. القومية برزت اساسا كرد فعل للمؤسسة الكنسية وهي التي فصلت السياسة والدولة والوطن عن الدين، عن الكنيسة في اوروبا، وهي التي حصرت الدين في جدارالكنيسة. ليس هناك اليوم قومي حقيقي يتشتبث بالدين اوالمذهب او رجل الدين. القومي يضع خطا فاصلا بين الدين وقوميته لأن القومية لا علاقة لها بالدين ابدا وإن تعلقت بجلباب رجال الدين او المذهب اصبحت مشروعا طائفيا ومذهبيا.

 انظروا إلى الأكردا هل سمعتم او قرأتم يوما لجلال طلباني او أي زعيم كردي اخر يتشبث بمذهبه او رجل الدين الذي يمثله اوالمركز الذي يدير المذهب؟ الكردي القومي همه قوميته – لغته وأرضه لا غير – والدين والمذهب شأن شخصي ولهذا يتقاتل القوميون الأكراد من اجل اليزيدية الذين لا يدينون بالإسلام وحسب بعض المفاهيم الفقهية الإسلامية يجب قتلهم او إعلان إسلامهم وعن الشيعة من الأكراد وعن السنة من الأكراد وعن الملحدين من الأكرد وعن المسيحيين من الأكرد  في كل ما يخص اللغة والأرض ولم نسمع ولن نسمع يوما قومي كردي اصيل يتباهى بمذهبه و رجل دينه. وهذا ينطبق على كل الحركات القومية الأصيلة في الدنيا في اوروبا وخارجها. أين أنتم من هذا؟ في كل شيء في كل صغيرة وكبيرة تقحمون الصرح البطريركي والمذهب والدين؟ الذي يفعل ذلك لا علاقة له بالقومية على الإطلاق ويبقى يدور ضمن إطار المذهب والطائفة.

هل انتم على وفاق؟

إن نظرنا إلى الواقع لرأينا ان الأخوة الذين يقولون انهم "قوميون" في صفوف الكلدان لهم مواقف مختلفة. عقدوا إجتماعين في امريكا ولكن بدلا من ان يجمعوا ويوحدوا اظن انهم زادوا في تشتيت صفوفهم وحسب معلوماتي هناك عزوفا لمنطلقاتهم بين المثقفين والأكاديميين من الذين كانوا يناصورنهم لا سيما بعد معاداتهم العلنية للكرسي البطريركي. المعادلة بسيطة يا إخوتي. كلما زدتم إلتفافا حول كرسي بابل زادت مكانتكم في عيون الكلدان. كلما بعدتم عنه وهمشتموه زاد تهميشكم لأنفسكم ومن قبل الكلدان. هذه معادلة بسيطة وتطبيقها القومي بسيط لأن البطريرك متشبث بالأرض وهذه إحدى المقومات الأساسية للقومية اما اللغة فحديثها ذو شجون بالنسبة للكلدان.

الصرح البطريركي

هناك في رأي الشخصي سوء فهم لدينا نحن الكلدان حول الشراكة القوية مع كرسي روما. الشراكة قائمة ولا غبار عليها ولكن الشراكة هذه يجب ان تكون من خلال الصرح البطريركي وليس عذرا لتهميشه.

عندما ذهب بعض اجدادنا صوب تثبيت العلاقة والشراكة مع كرسي روما لم يكن هدفهم ابدا تقليص او تهميش كرسي بابل. العكس صحيح. انهم رأوا في روما كما ينظر إليها طقس كنيستنا المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة عونا وسندا لتعزيز وجود كنيستهم المشرقية وتثبيت دعائمها وتقوية مكانة ومنصب وحقوق كرسي بابل وقطيسفون وتقوية سلطته المؤسساتية والتنظيمية والإدارية والطقسية على كافة مناطق تواجدها من الهند إلى الصين إلى شمال أفريقيا إلى بلدان الإتحاد السوفيتي السابق إلى تركيا وإلى  حيث تواجد الكلدان وأتباع هذه الكنيسة في هذه الأرض. ولكن مع الأسف ما نلاحظه اليوم هوان البعض حوّر هذه الشراكة المهمة لتحقيق مصالح آنية لتثبيت مبداء المناطقية، أي انا تابع لكرسي روما ولا علاقة لي بكرسي بابل.

إخوتي هذا خطاء كبير وحدثت اخطاء كبيرة في الماضي دفعنا ثمنا باهضا بسببها. الشراكة هي من خلال الصرح البطريركي ومن خلال الجالس عليه سعيدا وليس كل واحد على هواه يشكل لنفسه شراكة خاصة مع روما. لا أريد ان ازيد لأنني تكلمت عن هذا الموضوع بجراءة كبيرة وكان في نظر البعض تجاوزا للخطوط الحمراء ولكن لا بد من التركيز عليه لأن الشراكة مع روما يجب ان تعزز وجودنا ككنيسة مشرقية مجيدة وليس العكس.

هل كنتم عامل وحدة ام إنقسام؟

وأخيرا لندرس الواقع وأمل من الأخوة أن يقوموا بمراجعة مواقفهم ودراسة هذا الأمر بدقة. الا تظننون انكم بمنطلقاتكم وخطابكم ابعدتم الكثير والكثير من الكلدان عنكم لا بل ان عددا كبيرا من الذين كانوا في صفكم خرجوا منه والسبب الرئسي هو ما أشرت إليه اعلاه؟

أين صار مثلا الإتحاد العالمي للكتاب الكلدان؟ وأين صارت مؤتمرات "النهضة" ولماذا اساسا بنيتم النهضة تقريبا معاكسة لكل ما هو اشوري وهم اشقاء لنا في كل شيء في الدين واللغة والتاريخ والطقوس والإرث الكنسي وكل شيء عد الإختلاف بالإسم. هل تبنى هوية شعب على المتضادات مع هوية أخرى وهي ذات الهوية؟ ارجو ان لا يساء تفسير هذا لأنني وحدوي حتى النخاع الشوكي ولا افضل إسم على اخر ولا مذهب على اخر وأرى ان اسمائنا ومذاهبنا متساوية القيمة والقداسة.

وأخيرا

كلمتي الأخيرة – وهذا عائد لكم – هي ان تعيدوا النظر تقريبا في كل شيء وتجمعوا الصفوف بدلا من تجزئتها وشرذمتها وتتركوا الصرح البطريركي وشأنه وأملي ان يتم عقد إجتماع كبير في بغداد (أو أي منطقة أخرى في العراق) لدراسة الشأن الكلداني من جديد وان يغادر الأخوة الكلدان "الإنترنتيون" خطاب تخوين الأخر المختلف عنهم من الكلدان وذلك بإستخدام القاب غير حسنة.

وإجتماع كهذا مهم لا سيما بعد صرخة البطريرك المدوية حول نكبة قد تحل بنا كشعب وكنيسة (بإختلاف المذاهب والتسميات) إن  لم نتدارك أنفسنا حيث سيفرغ البلد من المسيحيين وبسرعة وعندئذ لا تفيد التسمية ولا التاريخ ولا اللغة ولا القومية وسنضيع ونصبح هباءا منثورا.

99
البطريرك لويس ساكو يقرع اجراس نكبة شعبنا وكنيستنا فهل من مستمع او مجيب؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


بطريرك كنيسة المشرق الكلدانية لويس ساكو قائد شجاع. يقول الحق ويتشبث بالحقوق وبجراءة قلّ نظيرها. إلا انه حكيم يعرف ان الدنيا اليوم تدار بفن الممكن وضمن الطاقات المتاحة والمتوافرة.

والجراءة ليست امرا جديدا بالنسبة له. ادلى بدلوه سابقا وقبل تسنمه سدة البطريركية حول شؤون كنيسة المشرق الكلدانية وشؤونها المؤسساتية والتنظيمية.

هذه إذا ليست اول مرة يقرع اجراس النكبة (رابط 1) وهذه ليست اول مرة يخشى على مسقبل كنيسته ورعيته. هذا الموقف كان يراوده كثيرا منذ ان كان بمنصب خوري في كنيسة ام المعونة في الموصل.

والبطريرك عندما يقرع أجراس النكبة بالنسبة لكنيسته المشرقية الكلدانية لا يعني هذا انه يخص الكلدان بذلك وحسب.

مخطىء ان يظن اي واحد منا ان البطريرك هو بطريرك الكلدان فقط. نعم هو بطريركنا ككلدان ولكن هذه الكنيسة المشرقية العظيمة كانت ولا زالت النبراس او المقياس الذي بواسطته نهتدي او نقيس ليس فقط وضع المسيحية في العراق بل وضع شعبنا بأطيافه وتسمياته وكنائسه.

ولهذا ومنذ ان اصدر بيانه حول كنيستنا ووصفها بالمنكوبة وانا شاغل البال  مهموم وحزين واشبك عشري على رأسي كيف لشعب عمره الاف السنين وصاحب اعرق حضارة في الدنيا وكنيسة عمرها الفي سنة كانت اعظم كنيسة في الدنيا ان تصل بها الأمور إلى ما وصلت إليه.

البكاء والعويل لا ينفع. ما ينفعنا – كلنا بإختلاف أسمائنا ومذاهبنا – هو الإلتفاف حول البطريرك لأنه يحبنا كلنا دون تميز. نعم هو حصتنا نحن الكلدان ولكنه شخصية كاريزمية لها مكانتها عراقيا وشرق اوسطيا ودوليا وفاتيكانيا، أي بإمكانه مساعدتنا كلنا وتحقيق ما نصبو إليه في شتى المجالات.

وكرئس ليس فقط للكنيسة الكلدانية بل للكنسية في العراق برمته علينا ان نأخذ تحذيره بجدية.

لقد كان لذكره لكنيسة الصعود في حي المعلمين في بغداد وقع الصاعقة علي لأنني كنت احضر احيانا المناسبات مع القس جميل نيسان وكانت خورنته اكبر الخورنات الكلدانية في الداخل والشتات.

وفي مناسبات مثل التناول الأول كانت تكتظ الكنيسة بالناس وتزدحم الشوارع بالسيارات وكأن الناس في كرنفال ومهرجان.

هل سيذهب قرع اجراس النكبة هذه المرة ايضا ادراج الرياح؟

ولكن لمن قرع البطريرك الأجراس هذه المرة؟

إنه قرعها لنا نحن الإنتنرنتيون ايضا (وانا اولهم) الذين نعيش في نعيم ونزلزل الأرض بمقالاتنا وتعاليقنا وصراخنا ولكن لا نحرك ساكنا لمساعدة الصامدين في الأرض وعلى رأسهم بطريركنا.

إن كنا نحن "الإنترنيتيون" ومعنا الشتات لسنا على إستعداد للعودة ولا المساهمة معنويا وماديا كي يصمد الباقون على ارض الأجداد وكي تبقى الكنائس تقرع اجراسها فلنسكت إذا.

كلنا قدمنا من قرى وقصبات ولكن لسنا على إستعداد للعودة وكذلك لسنا على إستعداد لمساعدة القلة الباقية فيها على الصمود من خلال التبرع والمشاريع وشتى الوسائل الأخرى. في هكذا وضع  فإن النكبة قادمة لا محالة.

أغلبنا باع الملك والأرض وقبض ثمنها او تركها خاوية. ماذا نتوقع؟

ألأجراس التي قرعها البطريك اقوى وأخطر أجراس في تاريخ شعبنا وكنيستنا. وهناك دلائل وإحصاءات رسمية تشير إلى تراجع اعدادنا إلى نسب خطيرة جدا وبعض الإحصائيات اليوم تقدر عددة المسيحيين في العرق بأقل من 1% او ربما قد لا يتجاوز عددهم 250,000 نسمة وهو بتناقص مضطرد.

يجب ان لا يخش أي واحد منا كلداني او اشوري اوسرياني ومن أي مذهب في العراق وخارجه ان يضع يده في يد البطريرك. إنه يحبنا كلنا، وهو سيصمد إلى النهاية وهو مشروع شهادة في سبيل كنيسته وشعبه وهو على إستعداد لبذل الغالي والرخيص في سبيلنا كشعب وكنيسة.

لنساعده كي نساعد أنفنسا.

----
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,736569.msg6244310.html#msg6244310

100


كلنا فلاسفة فما حاجتنا إلى الفلسفة يا عزيزي سيزار هوزايا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

كان حقا مقالا جميلا الذي كتبه زميلنا وصديقنا العزيز سيزار هوزايا مؤخرا حول حاجة شعبنا إلى فيلسوف أي مفكر يضع أسس او قواسم مشتركة لبث الحياة في شرايينه وإنعاشه. (رابط 1)

وقد لا نجافي الحقيقة إن قلنا إننا كشعب في غرفة إنعاش قد نستفيق او لا نستفيق وإنقاذنا يحتاج إلى معجزة – أي ولادة فيلسوف او مفكر يفسر لنا ما آل إليه وضعا ويقدم لنا أطرا نظرية لما نحن فيه وما يجب ان نكون عليه.

ولأمم تحيا وتتسلق سلم الرقي والحضارة من خلال ما يقدمه لها مفكريها وفلاسفتها. والفلاسفة يفككون الواقع ويعرونه – بمعنى أخر ينقذون الإنسان من الوهم الذي ترميه فيه السلطة والمؤسسة بأشكالها المختلفة، الوهم الذي يعرقل نموه وتطوره ويجعله اداة طيّعة بيد المؤسسة التي تقذف به في أتون الجهل وعدم الإدراك اولا لنفسه وثانيا لواقعه الإجتماعي.

ماذا يفعل الفيلسوف؟

الفيلسوف والمفكر ينقذ الإنسان من بطش وثقل المؤسسة التي تجعل من أتباعها بمثابة عبيد وتقحم في عقولهم لا بل قد تغسل أدمغتهم بالقول إن سلطتها خارج نطاق الطبيعة والإدراك البشري.

والإنسان يتحول تابعا عندما يقف ليس حائرا بل موافقا لما تقوله المؤسسة دون سؤال او محاولة العصيان لتحسين وضعه وواقعه الإجتماعي. وهكذا يصبح الإنسان من حيث يدري او لا يدري ملكا للمؤسسة ويتشبث بالألفاظ حتى دون ان يعي معانيها ويدافع عن المؤسسة رغم إضطهادها له ويرفض التغير ويقاومه.

ويأتي المفكر والفيلسوف وهمه إزالة الغشاوة عن عيون الإنسان ويقول له: "إنهض! أنك في وهم ومُضطهد." ويفسر له واقعه الإجتماعي ويقدم  له حلولا مرضية للتغير صوب الأحسن.

ما هي الفلسفة؟

هل بإستطاعتنا تعريف الفلسفة والفكر بعد هذه المقدمة الوجيزة؟ نعم. الفلسفة باختصار تساعدنا على فهم واقعنا الاجتماعي من خلال تقديم تفاسير وأطر نظرية لما نحن فيه ولما يجب أن نكون عليه والتي غالبا ما تعاكس المفهوم التسلطي الذي تفرضه المؤسسة علينا.

بمعنى آخر، تُسلّط  الفلسفة الضوء على الواقع الاجتماعي من خلال عيون غير عيوننا التي ما هي إلا عيون السلطة والمؤسسة وبهذا تأخذ بيدنا كي نراه بطريقة مختلفة لتجنب مساوئه وتطويره صوب الأحسن.

أمثلة

فمثلا نتعلم من الفيلسوف الفرنسي مايكل فوكو أن الفرد يفقد استقلاليته ويصير تابعا، شاء أم أبى، إن لم ينتقد لا بل يقاوم المؤسسة التي تتحكم به. وإن لم يفعل تسيطر عليه المؤسسة كليا إلى درجة إن حاول التشبث باستقلاليته وحرمته فإن محاولته ستشبه الذي ينقش اسمه على الرمال على شاطئ البحر، حيث لا يمر زمن طويل حتى تأتي الأمواج وتزيل نقشه.

ويعلمنا إيمانوئيل ليفيناس أن الاستعمار ليس فقط احتلال بلد أو مجتمع ما من خلال نشر جنود مدججة بالسلاح. الاحتلال الحقيقي هو عندما يحاول القوي من الناحية المؤسساتية فرض خطابه وأسلوب حياته وثقافته ودينه ومذهبه وأدابه ولغته وفنونه على الآخر أو يقبل الإنسان دون نقاش ونقد أو مقاومة خطاب وأسلوب حياة وثقافة من هو أقوى مؤسساتيا منه ويصوغ لنا عبارته الشهيرة: "الإمبريالية الثقافية".

ويعلمنا جون دوي أن ما لدى أي مجتمع أو حتى فرد من فكر أو موقف او دين او مذهب أو ثقافة تساوي في قيمتها الإنسانية والأرضية والسماوية ما لدي مهما كان طالما لا يحاول أي طرف فرض ما لديه على الآخر والحقيقة لن نصل إليها إلا من خلال الحوار المتوازن وفي حالة الاصطدام أو الخلاف نستطيع الاستعانة بلجنة من الحكماء. وقد أثّر دوي كثيرا في بناء المؤسسات المجتمعات المدنية ودساتير الدول المتطورة وكذلك في شكل الإدارة والحكومة في الويلايات المتحدة.

هؤلاء الفلاسفة الثلاثة ـــ ومن الوزن الثقيل ـــ لا علم لي إن كنا قد قرأناهم بتمعن ولكنهم مادة دراسية أساسية في الدول المتمدنة وأفكارهم وفلسفتهم صارت نبراسا من خلاله تراجع دور الدين والمذهب والطائفة في هذه الدول وصار الناس تنظر إلى الدين مثل نظرتها إلى نقابة مهنية للعمال والأطباء والمهندسين.

ماذا جرى لنا

اليوم كل واحد منا صار فيلسوفا ونحن ابعد الناس عن الفلسفة. هل كنا هكذا؟ كلا والف كلا. كان شعبنا من أكثر شعوب الدنيا حبا للفلسفة في العهود المشرقة من تاريخه ومن خلاله عرف العرب والمسلمون الفلسفة  ونهضوا حينها عندما قام اجدادنا ليس بنقلها وترجمتها إلى العربية بل إلى توطينها في الفكر العربي والإسلامي.

ولم ينهض العرب والمسلمون إلا بعد ان علمهم اجدادنا حب الفلسفة ولم يدخل العرب والمسلمون في الظلمات إلا بعد ان حذفوا الفلسفة من حياتهم وجروا وراء الغيبيات ولم تنهض اوروبا وتنقذ نفسها من عصر الظلمات والغيبيبات إلا بعد ان جعلت من حبها للفلسفة والفكر في مقدمة تطلعاتها وحصرت المؤسسات الغيبيبة في دهاليزها المظلمة وأخذت منها زمام الأمور.

ولم تنهض كنيستنا المشرقيبة المجيدة إلا بعد ان تمكن مفكريها وفلاسفتها وملافنتها من أمثال مارماروثا ومار نرساي وإبن العبري (هو مفريان، جثاليق السريان الغربيين في المشرق ) وغيرهم لا يسع المجال لذكرهم التزاوج بين الدين والفكر والفلسفة وعدم الخشية من نقد الفكر الديني وبهذا اوصلوا فكرهم وفسلفتهم وثقافتهم (عقيدتهم) إلى الصين والهند ومنغوليا وإلى اقاصي الأرض وصاروا أكبر كنيسة فكرية ثقافية عرفتها الدنيا ولها من الأداب والفنون الكنسية ما لا تملكه أي كنيسة أخرى في العالم.

أسئلة إستقصائية

دعني هنا أتكيء على سقراط وهو ربما رائد الفكر والمنطق دون منازع وكان ولا يزال له تأثير هائل في الفكر الإنساني عامة وفكر وفلسفة شعبنا وكنيستنا المشرقية لأن طريقته الاستقصائية للوصول إلى الحقيقة تستند إلى إثارة أسئلة محددة وحكيمة ذات علاقة حيوية بحياة المجتمع.

وتلقف اجدانا هذا المنهج العلمي وصارت ليس الفلسفة والفكر بل أغلب علوم الحياة عندئذ ومنها العلوم الدينية بصيغة سؤال وجواب كما يفعل مار نرساي ومن اجدادنا تلقف العرب الطريقة الإستقصائية في الفترة العباسية ونهضوا من خلالها.

وتأثير سقراط في مسار الفكر الإنساني هائل وشعبنا في حاجة ماسة  إلى إثارة أسئلة محددة تخص كل جوانب حياته دون خوف أو وجل للوصول إلى حقيقتنا الاجتماعية واستيعاب العالم حولنا وموقعنا فيه.

وتيمنا بالمفكرين من اجدادنا الذين استندوا إلى سقراط لفهم واقعهم الاجتماعي هل بإمكاننا إثارة بعض الأسئلة حول وضعنا الراهن وهل بإمكاننا الإجابة عليها لإغنائها دون وضعها في القالب المذهبي والطائفي والتسموي؟ ولقد وردت هذه الأسئلة في ذهني بعد قراءتي للمقال الثر لزميلي العزيز سيزار هوزايا:

ـــ ما السبب الذي يدفع شعبنا إلى المغالاة في التسمية والمذهب والطائفة والمغالاة في التبعية إلى الماضي السحيق الذي لا تربطنا به رابطة وجدانية لا سيما ثقافية ولغوية وادبية وفنية وغيرها؟

 ـــ لماذا يقاوم بعضنا افرادا ومؤسسات علانية إستخدام او تدريس لغتنا القومية؟

- لماذا لا نطالب في حقنا في هويتنا – لغتنا – اينما كنا وضمن نطاق أية مؤسسة من مؤسسات شعبنا كنيسة كانت اومدنية ونقاوم الذي يحرمنا من هذه الحق؟

- كيف صرنا نحن شعبا لا نعرف شيئا عن مفكرينا وملافنتنا وأعلامنا وأدابنا وأشعارنا وفنونا وموسيقانا وربما لا يستطيع الغالبية الساحقة ذكر إسم او إسمين لهم؟

- لماذا صار واقعنا الإجتماعي بعيدا جدا عن كل مقومات أمة حية وشعب يريد الحياة والنهضة؟

- لماذ نحن شعب تصل نسبة الأمية بالنسبة للغة الأم – اللغة القومية – في صفوفه إلى حوالي 99%؟

- لماذا يأخذ المذهب والدين والطائفة حيزا كبيرا جدا في واقعنا الإجتماعي بينما الفلاسفة والمفكرون يقولون ان واحدا من اكثر مؤشرات التخلف هو سيادة الفكر الديني والمذهبي والطائفي لدى الشعوب؟

- لماذا نحول سياق أي موضوع خارج إطاره ونقحم فيه أحيانا الشخصنة والمباشرة وغالبا المذهب والدين والتسمية؟

الخاتمة

في الإمكان الإسترسال ولكنني أكتفي بهذا القدر واقول إن خشيتنا من إثارة أسئلة منطقية وعقلانية غايتها تفسير واقعنا الإجتماعي وتقديم حلول مرضية وعقلانية لتغيره وتطويره دون الخشية من المؤسسة أي مؤسسة كانت ومحاولة الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تشكيل لجنة من الحكماء يضعون مستقبل شعبنا ومصيره وهويته المتمثلة بلغته القومية قبل التسمية والمذهب والطائفة وحتى الدين، الخشية هذه ستبقينا في غرفة الإنعاش ونحن في حالة اللاوعي بما نحن فيه من مأساة لا تبق ولا تذر عاجلا وليس أجلا.


101
لماذا أقف بجانب الأستاذ  طلعت ميشو في صراعه مع "المتدينين" ونصوصهم "المقدسة"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


مقدمة

اولا أشكر صديقي العزيز طلعت ميشو شكرا جزيلا لأنني أرى أنه قد خفف من لهجة خطابه وبدأ يركز على ماهية الموضوع الذي يطرحه وبهذا يكون قد عزز اواصر الصداقة عن بعد التي تربطنا لأنه إستجاب لطلب لي بهذا الخصوص.

ولا يفوتني أن أثني على الجهد الكبير الذي يبذله في ردوده المفصلة تقريبا على كل تعقيب يأتيه. الحوار مهم جدا والحوار هو أساسا مع المختلف عنا فكرا ودينا ونهجا. الواقفون على جانب واحد من السياج الفكري والمتشبثون به والغارقون في إغداق المديح له ورؤية فضائله فقط وقياس الدنيا بمعياره لاحاجة لهم للحوار مع المختلف عنهم ولا حتى مع بعضهم.

أين أقف

أنا مؤمن وإيماني يستند إلى إرث كنيستي المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة التي منها ومن قرأتي لكثير من نصوصها ومن قرأتي في الفلسقة وتطور الفكر الإنساني إستطعت ان أميز بين الدين والإيمان – المتدين والمؤمن – وكذلك بين الكنيسة كرسالة إنجيل ورسالة سماء والكنيسة كمؤسسة بشرية أرضية شأنها شأن أي مؤسسة أخرى.

وكمؤمن لا أمنح ما لدي أي أفضلية على الذي لدى الأخر وإن كان ما لدي من السماء ومقدس فإن ما لدى ألأخر من كان مقدس ومن السماء بالنسبة إليه كما هو شأن ما لدي بالنسبة لي، أي أننا متساوون في بشريتنا ولا تمنحنا أدياننا ومذاهبنا ونصوصنا أية أفضلية او تفاضل لأننا أساسا إكتسبناها بالفطرة (عن ابائنا وأجدادنا).

ومن هذا المنطلق لا يمنحني الإستشهاد بنص أراه مقدسا مكانة اسمى من الأخر المختلف عني دينا او مذهبا لأن المختلف عني أيضا في الدين او المذهب له نصوصه التي من وجهة نظره تحرجني وتفحمني بالدرجة التي أتصور ان نصوصي تفحمه وتحرجه.

التكامل ام التفاضل

لا يجوز لأي نص او كتاب مهما علا شأنه او مقامه، سماويا اوغيره، أن ينتهك او ينتقص او يهمش البعد الإنساني (الضمير) للبشر تحت أية ذرائع. والمفاضلة او التفاضل – أي ان ما لدي مقدس ومن السماء وما لديك باطل او أرضي كانت سببا ولا زالت لإقتراف إنتهاكات شنيعة للبعد الإنساني وحقوق الإنسان.

الأديان والمذاهب – كل الأديان ومنها السماوية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، ومع الأسف الشديد ديدنها بصورة عامة هو التفاضل، أي إثبات أفضليتها من خلال نصوصها على الأخر والغاية ليست إنسانية بحتة بل إقناع العقل البشريى المختلف ومرارا بطرق عنيفة بأنها الدين المفضل والمذهب المفضل الذي يجب إتباعه. ولا يهمها ولا تكترث ما يحدث من إنتهاكات خطيرة للبعد الإنساني من خلال تشبثها غير العقلاني بأفضلية نصوصها على المستوى الديني والمذهبي – لأن المذاهب ما هي إلا تفاسير بشرية مؤسساتية للنص ذاته.

وبدلا من أن يبحث أتباع هذه الأديان وهذه المذاهب طرقا للتكامل الإنساني  أي ان الفروقات في النصوص الدينية لا سيما التي يراها أصحابها سماوية هي مجرد تفساير بشرية لفظية ثقافية نابعة من إختلاف الزمنكانية والمنفعية وتدخل فيها الإختلافات اللغوية ومسيرة التاريخ البشري تراهم متشبثين بأفضلية ما لديهم على الأخر وهم لا يدرون ان الإختلافات جزء من التكوين البشري لأنهم حتى ضمن الدين الذي هم فيه والنصوص التي يرونها مقدسة تراهم منشقين ومختلفين ومنقطعين بعضهم عن بعض.

ويحدث ان يقوم اتباع الدين الواحد والذين يدعون ان نصوصهم من السماء بإقتراف فظائع مهولة إستنادا إلى ذات النصوص التي يقدسونها كما حدث في اوربا ومن قبل المؤسسة الدينية ذاتها لا سيما في القرون الوسطى من حرق للبشر وهم احياء ومحاكم التفتيش اللعينة وصكوك الغفران والحروب المذهبية والطائفية وغيرها وكما يحدث اليوم في الشرق الأوسط بين المسلمين الذي يدعون ان نصوصهم منزلة من السماء ولكنهم إستنادا إليها يقترفون فضائع مهولة تشيب لها الولدان.

العقل البشري والدين

في اللحظة التي أقول إن كتابي مقدس وكتابك ليس كذلك (باطل) فإنني أقترف إنتهاكات خطيرة للبعد الإنساني لا يقبل به العقل البشري المعاصر ويحاربه ويذمه ويشرع القوانين التي تعاكسه. وإنتهاك حقوق الإنسان، كما تقول الفيلسوفة حنا إرندت، تبدأ باللفظة اولا، أي اجردك وأحرمك من "التفاضل" أي القدسية والسماوية التي امنحها لنفسي ونصوصي من خلال أقوالي وألفاظي إستنادا إلى نصوصي. وهذه الفيلسوفة، التي عرّفت لنا الشر وما هيته ووضعت له أسسا خطابية، بدأت تؤثر كثيرا في الحضارة الغربية وهي مادة دراسية في الكثير من العلوم الجامعية وتقول ما مفاده إن كل الشرور التي إقترفها البشر والتي ذكرتُها أعلاه ومنها الفاشية والنازية شرور لفظية اولا أي إستنادا إلى النظرة العنصرية للنص بمعنى أن نصي مفضل وأقدس وأهم مما لديك من نص وأقوال وألفاظ وستأخذني إلى إلسماء بعد الممات اما نصك وألفاظك وأقولك فأرضية وأدنى مما لدي ولن تأخذك إلى السماء على المستويين الديني والمذهبي.

الكتاب المقدس بالمعنى العام – توراة، قرأن، او غيره – يبقى مقدسا لدى أصحابه فقط ويتحول إلى نظرة عنصرية وفاشية ونازية كما تقول الفيلسوفة إرندت في اللحظة التي نستخدمه للتفاضل أي القول إن ما لدينا هو حق ومن السماء وما لدى الأخر ليس من الحق بشيء.

ولا أريد الإطالة في هذا الحقل بالذات بل أقول رغم القدسية التي يغدقها أصحاب الأديان على نصوصهم، كل الأديان  دون إستثناء، لن يبقى منها إلا صفحات قليلة إن جردناها من تأثير حضارة سومر إلى أكد إلى اشور بالطبع دون إغفال تأثير حضارت الشرق الأدنى الأخرى. مشكلة الأديان تكمن في أنها كما سأبين ادناه تحاول التفسير والشرح وفرضه مع الألفاظ والأقاويل وقلما تسمح او قد تنزعج إن أثرت اسئلة محددة حول ما لديها مثلا إن قلت لماذا القصة هذه صارت سماوية فور إدخالها ضمن نصوصكم ولم تكن كذلك ولا تعدونها كذلك لدى الأمم التي إخترعتها ومنها إستقيتموها؟

إشكالية التفسير

المشلكة هي أن مبدأ "التفاضل" الذي تتبعه هذه الديانات ومذاهبها وأتباعها والقائمون عليها مؤسساتيا من رجال الدين ديدنهم التفسير، أي شرح النصوص وأحيانا منح تفسيرهم من مكانة ترقى ما لدى النص ذاته أي منح التفسير البشري ورجل الدين مكانة من القداسة تصل إلى "الله" الذي حسب معتقدهم أنزل او ألهم او أوحى النص ذاته (كلمات من الصعب التمايز بينها لأنها كلها ترى النص مقدسا وليس بشريا) ولهذا ترى ان المؤسسات الدينية كل الأديان والمؤسسات المذهبية كل المذاهب تمنح نفسها صلاحيات أرضية وسماوية وتقول إن سلطانها من الأرض والسماء في آن واحد. وهنا الطامة الكبرى.

ولأنها تفسر ولا تنتقد فإنها بدأت تقع في مطبات كثيرة لا سيما في عصر النهضة والتنوير. النقد ونقد النص او التحليل النقدي للخطاب يركز على التفسير من خلال علامات التعجب والإستفهام وإثارة الأسئلة مثل كيف ولماذا وهل ومتى وغيرها. والتحليل النقدي للخطاب والنصوص أية نصوص غايته إعتاق البشر أي تخليصهم من سطوة المؤسسة ورجالاتها (في حالة النص الديني المؤسسة الدينية) الذين يدعون انهم يملكون سلطان إلهي سماوي إضافة  إلى سلطتهم البشرية. وهذا النوع من النقد وشرح النصوص لا تحبذه ابدا المؤسسات الدينية رغم انه اليوم صار مادة أساسية في كل العلوم الإنسانية وبدأ يأخذ مداه في العلوم الصرفة وغيرها منها الطب والصحة والعلوم الطبيعية.

ماذا بقي من "سدوم وعامورة"

ولهذا تسقط قصة او حكاية سدوم وعمورة التوراتية والقرأنية امام ما تتبناه المجتمعات المتحضرة والمتمدنة التي همهما البعد الإنساني والتكامل الإنساني والمساواة الإنسانية وليس التفاضل، تسقط من ناحية النظرة إلى "الله" حسب مفهوم ذلك الزمان لأن العنف والقسوة التي فيها ترقى إلى إستخدام قنابل نووية على مدن بأكملها وإبادتها عن بكرة ابيها دون الإكتراث للأطفال والنساء والأبرياء وهذا ما لا يمكن اي يقبله أي ضمير إنساني سوي في الوقت الحاضر، وتسقط أخلاقيا أيضا من حيث الحبكة وما يجري للذين هربوا من النار واخيرا وليس أخرا فإن رمزيتها أيضا تسقط امام  المعايير الأخلاقية اليوم لأن كثيرا من الكنائس وكثير من اليهود اليوم يشرعون حقوق مثليي الجنس (أي اللواطة التي أرادت القصة ان تنبهنا إلى عدم أخلاقيتها وعدم رض "الله" عنها) وحتى الكنائس الكبيرة ومنها كنيسة روما بدأت اليوم تنظر نظرة مختلفة تماما إلى مسألة حقوق مثليي الجنس (أي عكس ما أرادت له هذه القصة).

واليوم وفي السويد وفي المرحلة الإبتدائية يدرس التلاميذ عكس ما أرادت ان تلقنه هذه القصة  التوراتية التي ترد أيضا في القرأن وتتم تربية النشىء الجديد على مبدأ المساواة ومنها المساواة في الميول الجنسية ويمنحون معلومات عن الدول التي لا زالت تضطهد مثلي الجنس وينصحون بمقاومة ومناهضة كل من لا يقبل مساواة البشر حسب ميولهم الجنسية ذكر-انثي، أنثى -أنثى، وذكر – ذكر، والمؤسسة الدينية او غيرها التي لا تقبل بمبدأ المساواة هذه تحاكم وتحاسب. ومبدأ المساواة يأخذ بالطبع مديات أبعد وأوسع في هذه المجتمعات أغلبها يعارض النصوص التي يراها أصحابها مقدسة مع تفاسيرها.

واليوم المانيا ودول شمال اوروبا ادخلت حقلا جديدا في خانة الجنس التي كانت حتى اليوم مؤلفة من حقلين: ذكر وأنثى كي تضمن حقوق الذين يشعرون أنهم ليسوا هذا ولا ذاك وهم كثر حسب الإحصائيات الأكاديمية والعلمية. (رابط 1)

هل هذا يهمش او ينتقص من إيماني؟ كلا إنه يزيدني إيمانا بمسيحيتي المشرقية لأن المساواة ومحبة الأخر لا سيما المختلف عني كمحبة النفس ركنان لا غنى عنهما للمسيحية الحقة وأشكر الله انهما صارا حجر الزاوية لدى النظم المتمدنة.

رابط 1
http://www.nydailynews.com/life-style/health/german-passports-add-gender-category-article-1.1504764
http://www.bbc.com/news/world-europe-24767225

102
كيف نوظف قانون اللغة العراقي لصالحنا وكيف نبعده عن صراعنا حول التسميات والمذاهب


ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

مقدمة

في خضم الفوضى غير الخلاقة التي يشهدها الشرق الأوسط نسمع ونقرأ بين الفينة والأخرى عن أمور تخصنا ولها نبرة إيجابية تدعونا إلى التحرك للحفاظ على هويتنا وخصوصيتنا القومية من الضياع. وقانون اللغة (رابط 1) الذي صادق عليه البرلمان العراقي يأتي في هذا المضمار.

والقانون واضح يمنح شعبنا في العراق قانونيا ودستوريا الحق في التشبث بلغته القومية – السريانية – ويجعل منها اللغة الرسمية في المناطق التي نشكل فيها أكثرية. بالطبع هذه المناطق قليلة وأخذة بالتناقص بيد ان هذا لا يعني وضع القانون على الرف بقدر تعلق الأمر بشعبنا.

بعض الشيء عن اللغة

وقد قلت في اللغة والتراث ربما ما لم يقله أي من الأخوة على صفحات هذا الموقع وكذلك قمت بنشاط متواضع جدا من خلال الممارسة لتقديم نموذج محدد – وهو واحد من النماذج الكثيرة المتوفرة – في كيفية الحفاظ على الهوية القومية من خلال التشبث باللغة.

واللغة نظام – رموز كتابية وصوتية – نستخدمها للتعبير عن افكارنا والأفكار تنبع من العقل والإنسان دون العقل لا شيء واللغة والعقل والفكر متلازمان.

وتؤثر اللغة في الفكر الإنساني كثيرا وقد يكون التأثير أبعد من تأثير الفكر في اللغة والفلاسفة تعرّف الإنسان انه حيوان ناطق ومنها تنبع أهمية اللغة للإنسان بصورة عامة.

ولكن أهم خاصية تملكها اللغة تتمثل بطاقتها الهائلة كونها مستودع عقل الإنسان وهويته منذ نشأته ونشأة الهوية معه. في هذا المستودع فقط بإمكان الباحث عن الهوية كشف ماضيه وتراثه الاجتماعي وفنونه وآدابه وعقائده وذكرياته كتاريخ وتراث وفكر وحضارة وفنون الأسلاف، أي أنها تصل الأحياء بالأموات من الذين كانوا ينطقون ذات اللغة.

واللغة التي نكتسبها هي التي تصبح مستودعنا بالمفهوم أعلاه اشأنا أم أبينا. فإن انتقصنا من لغتنا القومية على حساب لغة أجنبية دخيلة معناه أننا انتقصنا من ثقافتنا وفنوننا وتاريخنا وتراثنا وباختصار معناه انسلخنا عن هويتنا لأن اللغة المكتسبة تصبح مستودعنا.

وعلميا وأكاديميا واستنادا إلى ما يقوله فلاسفة وعلماء اللغة لا يجوز تفضيل لغة على اخرى بالقول ان هذه اللغة لها مفردات أكثر من الأخرى او ان اللغة تلك أكثر جمالا وفصاحة من الأخرى. القول أنه يجب علينا تبني لغة غير لغتنا لأن لغتنا غير قادرة على التعبير او الإفصاح عن افكارنا ومتطلباتنا قول مرفوض أساسا.

ولا معنى، كما يؤكد إدورد سابير، وهو من أكابر علماء وفلاسفة اللغة والثقافة، للقول أن هناك لغة أي لغة هي أكثر فصاحة او تعبيرا عن لغة اخرى. قد تكون أكثر صعوبة وتعقيدا من حيث الأصوات والنحو ولكن حتى هذه مسائل تتعلق بالثقافة وماهية اللغة ذاتها.

وضعنا الراهن

وضعنا الراهن كشعب لا يحسد عليه لأننا لم نتمكن حتى الأن من وضع خط فاصل بين الهوية التي تمثلها لغتنا القومية وبين القضايا والمسائل الشائكة الأخرى التي تعصف بنا كشعب منها المذهب والطائفة والتسمية التي يجب لأي شعب يبحث عن نهضة حقيقية إخراجها خارج قوس الهوية ولكن يبدو ان هذا ألأمر صار شبه مستحيل بالنسبة إلينا.

وهناك أيضا حقائق تاريخية واجتماعية وثقافية ولغوية يجب أخذها بعين الاعتبار لاسيما كوننا شعب مهجّر غالبيته الساحقة تعيش خارج أرض الأجداد في بلاد الله الواسعة واقلية تعيش في أرض الأجداد.

وهنا تكمن مشكلة لا يدركها الكثير منا مفادها أننا نحن الذين نعيش في المهجر في طريقنا إلى خسران هويتنا كما خسرها الأمريكان من أصل الماني والذين يشكلون حوالي نصف سكان أمريكا تقريبا وكما خسرها خمسة ملايين أمريكي سويدي وكما خسرها 11 مليون لبناني في المهجر ولا أثر لهويتهم العربية إلا في بلاد الشام (سوريا ولبنان).

اولادنا  في المهجر  في طريقهم إلى خسارة الهوية وأحفادنا صاروا أجانب وباتوا ينظرون إلى لغتنا وكأنها لغة أجنبية حقا وبهذا يكونون قد  اكتسبوا هوية جديدة – لغة جديدة بمستودعها حسب ما شرحته أعلاه.

هذه حقيقة لا نستطيع نكرانها اللهم إلا إن قمنا بتأسيس مدارس وكليات للحفاظ على خصوصيتنا وهويتنا كما تفعل بعض الجاليات النشطة. وحسب ظني ليس هناك اي مدارس رسمية حتى الأن عدا كلية مار نرساي الأشورية في أستراليا وبعض المدارس في أرمينيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق أسسها الأشقاء الأشوريون على عاتقهم وبمساعدة الدولة.

ولهذا من حيث الهوية والقومية لا أمل لنا اليوم إلا في أشقائنا في أرض الأجداد. هم الخير وهم الهوية ولولاهم لانقرضنا عن بكرة أبينا وصرنا في خبر كان ربما ليس اليوم ولكن بعد جيل او جيلين.


الأمم والدول وقوانين الحفاظ على اللغة

ولأن اللغة هي الهوية ترى ان أغلب الدول في العالم وأغلب الأقوام في العالم من المتشبثين بهويتهم يسنون قوانين دستورية تتعلق بكيفية المحافظة على اللغة القومية والأمثلة كثيرة جدا ولا حاجة للإتيان بها وإننا اليوم الأمة الوحيدة في العالم لم نسنْ او نشرع او نفرض على أنفسنا قانون كهذا بخصوص لغتنا إن على المستوى المؤسساتي المدني او الكنسي.

 الأكراد مثلا ليسوا دولة مستقلة ولكن اول عمل قاموا به  هو تشريع قوانين للحفاظ على هويتهم أي جعل أمر اللغة مادة دستورية وكانت هذه المواد جزءا من النظام  الداخلي للأحزاب الكردستانية ولا زالت وأتمنى أن تصبح جزءا من النظام الداخلي لكل مؤسساتنا المدنية والدينية.

واليوم تخلت الأمم والدول الحريصة على هويتها عن مبادىء دخيلة حاول البعض عن جهل وقصد إدخالها في الشعوب المستضعفة كون ان لغتهم لا تلبي متطلبات العصر. أمم صغيرة جدا اقل عددا منا تتشبث اليوم بلغتها وجعلت منها وسيلة للتعليم بكافة مراحله.

لذا أمل وحرصا على هويتنا وخصوصيتنا القومية أن نبعد قدر المستطاع لغتنا السريانية التي تشكل الركن الأساسي لهويتنا ووحدتنا عن الفرز والاصطفاف المذهبي والطائفي والتسموي الذي يعصف بشعبنا وصار بمثابة مرض خطير قد يؤدي في النهاية إلى انقراضنا.

وأقترح النهل من المستودع الهائل والذي ربما هو أكثر غنى وشمولا من اي مستودع أخر لأي لغة أخرى في العالم الذي تركته لنا لغتنا السريانية وأدعو مديريات الثقافة السريانية والتعليم السرياني وكذلك كل مؤسسات شعبنا الحزبية والمدنية ومعها الكنائس إلى النهل من هذا الينبوع إن كنا حقا حريصين على هويتنا وخصوصيتنا القومية والكنسية.

نموذج حي

وفي الختام امل من كل مكونات شعبنا الاقتداء بالمكون المؤسساتي الأشوري المدني والكنسي النشط من حيث الحفاظ على اللغة والاقتداء به. المكون الذي يحافظ على لغتنا السريانية والنهل من مستودعها هو الذي يملكها.

وإلى  محبي لغتنا القومية – هويتنا – أهدي هذا الشريط – الفيديو – الذي تبجّل فيه مطربة اشورية ابجديتنا –  ܐܠܦ ܒܥܬ ܓܡܠ ܕܠܬ ܘܫܪܟܐ    الب بيث كمل دلث ... الخ – وأمل ان نقتدي  بها كلنا لتمجيد هويتنا والحفاظ  عليها من خلال لغتنا:

http://www.youtube.com/watch?v=ZMYKIQLOQrk

 ولا ضير على الإطلاق ان يحول الكلداني كلمة "اثور" إلى "كلدو" والسرياني إلى "سورييو" لأن هذا لا يغير البتة في عدد أحرف لغتنا الجميلة ولا في نحوها وصرفها ولا في مستودعها وفنونها وموسيقاها وآدابها وتراثها وتاريخها وثقافتها ولا في كونها تشكل هويتنا وخصوصيتنا القومية التي تَعّبُر وتتجاوز كل خلافاتنا ومشاحناتنا ومهاتراتنا حول المذاهب والتسمية.



+++++++++++++++++++++++++

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,719986.msg6181035.html#msg6181035

103
كيف نقرأ الصراع  بين "شيخ الكلدان العام" وأصحابه وبين بطريرك بابل على الكلدان ومناصريه

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

توطئة

لقد أخذت قضية السيد ريان سالم الذي يطلق على نفسه أو يطلق البعض عليه أحيانا  لقب "الشيخ" او "شيخ الكلدان" او "شيخ الكلدان العام" أو غيره أبعادا كثيرة وجذبت إهتماما لم تكن تستحقه لولا الفرز المذهبي والطائفي والمناطقي والتسموي – الأفة التي يعاني منها شعبنا بصورة عامة.

بيد أن مسألة السيد ريان إتخذت طابعا خاصا حيث صارت وكأنها مسألة مصيرية للمكون الكلداني وهو من المكونات الأساسية لشعبنا الواحد . وإنقسم الكلدان بين مؤيد ومعارض لا سيما بعد التصريح حول قضية "المشيخة" الذي صدر عن إعلام البطريركية الكلدانية  في بغداد.

ولم يكن من الصعوبة بمكان فرز الأخوة الكلدان من المتشبثين والمتمسكين بكرسيهم الرسولي المقدس – كرسي قطيسفون وبابل على الكلدان – حيث يرون فيه – بغض النظر عن شاغله – جزءا أساسيا وحيويا لا غنى عنه لهم ككلدان ومسيحيين كاثوليك مشرقيين عن الأخوة الأخرين من الذين وضعوا السيد ريان والأبرشية الكلدانية التي تسانده في مرتبة أعلى وأسمى بكثير من كرسي قطيسفون وبابل على الكلدان  وشاغله.

وفي كل ما كُتب – وهو كثير جدا حتى الأن وقد يستمر مدّ الكتابة في الموضوع -  فإنني لم ألحظ ، حسب وجهة نظريي المتواضعة أن أي  من الأخوة كانت له الشجاعة الدخول في مسببات هذه القضية الخلافية بين الكلدان. بمعنى أخر لماذا وكيف وصلت الأمور بأبرشية كلدانية في المهجر إلى تحدي البطريركية بهذا الشكل وعلى الملأ وتبني هذا الشيخ ودون خشية من عقاب او تنبيه او غيره، بينما المفروض والواقع  يقولان إن مطران (او مطراني) هذه الأبرشية وكهنتها يجب ان يكونوا تحت سلطة البطريركية وأن يضعوا مصلحة الكرسي الرسولي للكلدان فوق مصالحهم مهما كانت شخصية مؤسساتية او غيره.

كيف نصل إلى المسبب؟

هذه ليست مسألة صعبة على الإطلاق وبالإمكان الوصول إلى المسبب إن تحلّينا بالشجاعة والصراحة والشفافية اولا وثانيا إن أثرنا أسئلة محددة تأخذ أكثر الفرضيات إحتمالا. والبحث عن المسبب كان ولا يزال الديناميكية التي تدور حولها العلوم طبيعية كانت، علمية صرفة أم إنسانية. دون تشخيص مسبب المرض لا يستطيع الطب منح  العلاج ودون تشخيص مسبب التضخم لا يستطيع أي عالم إقتصاد تقديم حلول ناجعة ودون معرفة مسبب الفساد لا تستطيع أي قوة في الدينا محاربته وهكذا أغلب القضايا التي تواجه البشر.

والفلسفة، والتي بإختصار شديد تساعدنا على فهم واقعنا الإجتماعي  من خلال تقديم تفاسير وأطر نظرية لما نحن فيه ولما يجب أن نكون عليه، بمعنى آخر تسلط الضوء على الواقع الاجتماعي من خلال عيون غير عيوننا وبهذا تأخذ بيدنا كي نراه بطريقة مختلفة لتجنب مساوئه وتطويره صوب الأحسن، تبدأ وتنتهي بالمسببات من خلال إثارة أسئلة محددة منذ أفلاطون وأرسطو ووصولا إلى جون دوي ويورغن هبرماس وكدامار وغيرهم.

بعد تحديد المسببات من خلال إثارة أسئلة محددة يأتي دور الحكماء والعقلاء الذين ينتخبهم المجتمع لدراسة الظاهرة ووضع الحلول الناجعة واضعين ذاتيهم ومذهبيتهم وإثنيتهم وميولهم مهما كانت منها الدينية والجنسية وغيرها جانبا قدر الإمكان.

هل بإمكاننا كشعب التحدث عن المسببات حسب أعلاه؟

من الصعوبة بمكان لأننا كلنا ننطلق ضمن الأطر والقوالب المذهبية والطائفية والتسموية التي أخذت تحد من نطاق تفكيرنا وتركيزنا لأننا اليوم نفسر كل شيء في حياتنا كشعب ضمن نطاق التسمية والمذهب والدين حيث وضعنا مسألة الهوية – وهذا أخطر شيء طرا في حياة اية أمة – تحت هذه المطرقة بينما التاريخ وواقع الحال يقدم الدليل تلو الدليل ان ليس هناك أمة في الدنيا نهضت وأحيت هويتها وقوميتها وتراثها ولغتها وموروثها وفنونها وليتورجيتها وطقوسها وتقاليدها وغيره بالإستناد إلى مذهبها او طائفتها وحتى دينها.

إذا كان حالنا هذا فما الغاية من هذا المقال؟

الغاية من هذا المقال وغيره مما أكتبه هو إدخال – وأخشى أن هذا صار تقريبا شبه مستحيل – خطاب وممارسة لدى من يبجث عن الهوية في صفوف شعبنا خارج نطاق المذهب والتسمية. هكذا موقف لو تبنيناه كان سيساعدنا جدا لأنه  كان مثلا يحتم قبل كل شيء على الأخوة المناصرين والمعادين او المختلفين مع الشيخ ريان مثلا الإجابة على أسئلة في غاية الأهمية واساسية مثلا من هو، وما هدفه ولماذا أطلق على نفسه كلمة الشيخ،  ومن يقف وراءه، ما تاريخه، ما سيرة حياته، من يقدمه لنا بهذا الشكل ولماذا، في أي إعلام له حضور أكثر، وما مكانته لدى مثلا أبرشية سانتياغو/كاليفورونيا او غيرها، من يموله ولماذا يقف إعلام البطريركية ضده وغيره من الأسئلة؟

ولا أظن حتى الأن – رغم الكم الهائل مما كتب عنه – بإمكاننا الإجابة على أسئلة كهذه ومع ذلك كان من السهولة ملاحظة الإصطفاف بين الأخوة الكلدان من معارض ومساند او غيره. كيف وصل بنا الأمر أن نعارض ونساند شخصا او توجها ما دون معرفة المسببات اي من دون ان نعرف ما هو الواقع الإجتماعي وتفسيره من خلال عيون محايدة قدر الإمكان.

المسببات

هذه من وجهة نظري المسببات التي أوصلت الكلدان ومؤسستهم الكنسية إلى ما هم عليه من وضع  لا يحسد عليه ولا أظن أن أي شخص يتخذ العلمية والمنهجية والمنطق والواقعية مسلكا بإمكانه نكرانها. بالطبع تسقط  هذه المسببات في اللحظة التي نضع مذهبيتنا وتسميتنا وطائفتنا ومناطقيتنا قبل الهوية أي نقيس الدنيا ضمن الغلو في المذهب والطائفة والتسمية وهذه أفة شعبنا بمكوناته المختلفة وأظن ان الذين يقعون في هذه الخانة سيهاجمون كاتب السطور ومنطلقه لأن لا يجوز  بمفهومنا القاصر وغير المنطقي والعقلاني والواقعي مناقشة اي شيء إلا في إطار المذهب والتسمية والطائفة  وهذه كما قلت كارثة  حلت بنا وهي أحد الأسباب الرئسة لتخلفنا. مع ذلك لنتكل على الله وندلي بدلونا كما فعل الأخوة الأخرون.

 اولا، المسبب المؤسساتي:

هناك شرخ مؤسساتي كبير في الكنيسة الكلدانية وعلينا الإعتراف بذلك. هذا الشرخ لا يمكن تصحيحه دون إعادة الإعتبار الكامل لكرسينا الرسولي وبطريكيتنا البابلية. هناك  مسببات تاريخية لن أدخل في خضمها وقد شرحتها بإسهاب سابقا (رابط  1 ) أساسها انه تم سلب تقريبا كل إمتيازات وحقوق وصلاحيات الجاثاليقية لبطريركية بابل على الكلدان التي دونها لا تستطيع اي مؤسسة تنظيم شؤونها الإدارية والمالية والطقسية والليتورجية والمناطقية وغيره على الإطلاق وتبقى سائبة وأمورها ليست على ما يرام من كان شاغل الكرسي. وهذا حدث بعد حوالي 400 سنة من الإتحاد مع روما أي في حوالي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

هذا المسبب خطير وقد يؤدي إلى خسارة الهوية إن لم نكن قد خسرناها لأن في غياب رئاسة يطيعها الكل من اساقفة وكهنة وشمامسة ورعية تستند في إدراتها المؤسساتية إلى مقرارت سنهادوقية سيستمر الوضع المؤسساتي الخطير الحالي الذي فيه كل أسقف تقريبا وحتى كاهن بإستطاعته العمل  بطريقته الخاصة وعلى هواه متجاوزا الرئاسة متما يشاء.

ثانيا، المسبب الفاتيكاني:

تحدثت كثيرا عن هذا الموضوع ولكنني هنا لن أتحدث عن الماضي لأن الفاتيكان اليوم بقيادة البابا فرنسيس يختلف جذريا عن الماضي. ولهذا علينا كلنا الوقوف صفا واحدا وبكل محبة وتواضع مناقشة وضع كنيستنا المؤسساتي من كافة ابعاده من حيث المنطقة البطريركية ورسامة الأساقفة ونقلهم وغيره وسلطة كرسي بابل على الكلدان ومسائل مؤسساتية أخرى مع الفاتيكان او بالأحرى مع الحبر الأعظم. لا يتصور أي من الأخوة أنني أدعو إلى عودة عقارب الساعة إلى الوراء. ما يجب ان نطالب به هو تعزيز الشراكة الإنجيلية والتي من خلال ورقة واو وثيقة يوقعها الجانبان تمنح كنيستنا المشرقية الكلدانية الكاثوليكية وكرسيها الرسولي – وهذا حق تشرعه دساتير الفاتيكان ذاته -  حق التمتع بحكم  ذاتي من الناحية المؤسساتية على كل الكلدان أينما تواجدوا في الدنيا بأبرشياتهم واساقفتهم وكهنتهم وغيره.

ثالثا، المسبب المناطقي:

هذا كان ولا يزال  أهم مسببات التسيب المؤسساتي في الكنيسة الكلدانية وأحد أهم الأسباب التي أدت إلى بروز ظاهرة "شيخ الكلدان العام." والمناطقية تعني كل منطقة أسقفية (ابرشية) وأحيانا منطقة خورنة (كما هو الحال في أوروبا مثلا) تتصرف وكأن البطريركية غير موجودة على الإطلاق وليس هناك نظام او إدارة و لا تسلسل هرمي ولا هم يحزنون. هذه الحالة خلقت بلبلة كبيرة بحيث لا يعرف المرء اين يقف مؤسساتيا.

 لنأخذ مثال ابرشية او منطقة سانتياغو/كاليفورونيا وحالها قد ينطبق على مناطق أخرى.

لن نجافي الحقيقة إن قلنا أن هناك تمرد واضح في هذه المنطقة يقوده أسقفها بشكل علني ضد الصرح البطريركي وهاكم الأدلة التي صارت دامغة لا تقبل النقض ابدا:

1. أحاط صاحب هذه المنطقة نفسه بمجموعة من الكهنة أغلبهم هاربون ومتمردون على أديرتهم وأساقفتهم في العراق ولدينا الأسماء ولكن سنعزف عن كشفها ووصلت العجرفة ببعضهم إلى المناداة ومن على المنابر الكنسية أنهم تابعين لللاتين او الفاتيكان ولا علاقة لهم بكرسي بابل على الكلدان ومهاجمة البطريركية والبطريركية لا حول ولا قوة لها ليس في نقلهم او إجبارهم على العودة والحصول على براءة ذمة لتصحيح وضعهم بل في منعهم من الإساءة إليها. (رابط 2).

2. المنطقة او الأبرشية هذه (وغيرها أيضا)  فصلت نفسها إداريا وتقريبا في كل شيء عن البطريركية، أي أنها مستقلة ولكنها لاتكف  عن التدخل المباشر وبشكل سافر في المنطقة البطريركية في بغداد. اي ما لدي هو لي كله والبطريرك لا حق له فيه على الإطلاق اما أنا فبالإضافة إلى ما لدي فإنه من حقي الإستحواذ على ما لدى البطريرك  أيضا. أي منطق هذا؟

3. هناك إزدواجية ونفاق في التوجه العام لهذه الأبرشية. فمثلا يهاجم صاحبها بأقسى العبارات اللاتين الكاثوليك والفاتيكان من خلال مجمعه الشرقي ورئسه السابق الكاردينال اوجين تيسيران (رابط 3) والذي يقراءه قد يتصور انه ليون برخو في دفاعه عن الهوية الكلدانية المشرقية. ولكن هذا لا ينطلي على ذي بصيرة لأن هدفه المبطن هو مهاجمة الصرح البطريركي لأنه من ناحية أخرى يقدم الطاعة وبشكل غير مقبول يجب ان لا يصدر من أي أسقف كلداني  لذات المجمع ورئسه الحالي كي يكسب وده لغايات مؤسساتية بحتة والصور المنشورة على موقع كلدايا.نت أكبر دليل على ذلك. هل سيستقبل الأسقف الكلداني هذا بطريركه الكلداني الجالس على كرسي اجداده في بابل وقطيسفون بهذه الصورة وهل ستوجه له دعوة لزيارة هذه الأبرشية وهل يعتبر ابرشيته جزءا من البطريركية أم منطقة مستقلة تابعة للدخلاء والغرباء (الفكر الدخيل كما يسميه) وكما يصفهم في الرابط أعلاه؟ (رابط 4).

4. موقع هذه الأبرشية الإعلامي موقع سيء الصيت لا يتورع عن نشر مواد تشكك لا بل تكفر وتهرطق أشقاء لنا من الأشوريين الباقين على مذهب الأجداد القويم والسليم وأشقائنا السريان الأرثذوكس (اليعاقبة) التابعين إلى كرسي أنطاكية وهو كرسي رسولي قويم وسليم شأنه شأن أي مذهب مسيحي أخر، وهو موقع إقصائي يمارس رقابة صارمة معاد ومناوىء للصرح البطريركي ويمنح مساحة وأهمية كبيرة جدا لفعاليات ونشاطات شيخ الكلدان العام ولا يكترث البتة بما تقوم به البطريركية في بغداد وكأنها غير موجودة. والإقصاء هو لكل من يعارض توجه الأسقف وجماعته. إن عارضتنا أنت خائن للكلدان وإن كنت معنا فأنت كلداني "أصيل" ويبنون أغلب المواقف على هذا التقسيم.

5. جعلت هذه الأبرشية وأتباعها من مسألة مطران إنشق عن كنيسته وغير مذهبه – وهذا خيار والناس أحرار في خيارهم – مسألة مصيرية للكلدان ومؤسستهم الكنسية  حسب وجهة  نظرها بينما لا علاقة لهذه المسالة بالهوية على الإطلاق لأنها مسالة مذهبية صرفة. وهذه المسالة بالذات فيها الكثيرمن سين وجيم منها ان صاحبها خسر قضيته التي كان تخص امورا مالية وعقارية وأوراق  وسندات مزورة في محكمة مدنية أمريكية وأضطر أسقف الأبرشية العتيدة هذه دفع أموال طائلة لتخليصه من حكم كان سيصدر بحقه لو لم تدفع الأموال وهي بمئات الالاف من الدولارات إن لم يكن أكثر ولولا هذه الأموال لربما كانت الأمور الأن  بشكل مغاير ..... بأي حق دفعت هذه الأموال؟؟ (رابط 5)

رابعا، مسببات "المشيخة"

والأن أظن بإمكاننا وضع "مشيخة" السيد ريان في سياقها ومسبباتها. الشيخ ريان الكلداني – أنا شخصيا لا إعتراض لي على كلمة الشيخ ولا الكلداني على الإطلاق – صنيعة أبرشية سانتياغو بإمتياز ومن أعلاه لا نستطيع الجزم ان هدف هذه الأبرشية هو خدمة الهوية الكلدانية لأن هدفها وتوجهها مذهبي وتستغل مسالة الهوية لكسب ود بعض الكلدان ولتقوية خطها المعارض للبطريركية.

جماعة سانتياغو إقترفوا خطاءا كبيرا لأنهم تجاوزوا منطقتهم المستقلة التي من خلال علاقاتهم كما وضحنا أعلاه يفعلون فيها ما يشاؤون دون محاسب او رقيب بل تمادوا ونصبوا شيخهم في قلب المنطقة البطريركية كتحدي لسلطتها ومنحوه  من الإهتمام والتقدير والعون على حساب البطريركية (بدليل تهميشها التام)  وصار الشيخ يتصرف وكأنه ممثل الكلدان وتستقبله الأبرشية وصاحبها وممثليها من رجال الدين بالأحضان (رابط 6). والشيخ  يبدو أنه نشط وذكي  فاستمال إلى مكون طائفي في العراق لكسب الود وبدا هو وأصحابه يطلقون تصريحات بإسم الكلدان فيها تجاوز في نظر الكثيرين منها مثلا ان دم المسيح  إختلط  بدم الحسين وان دمائهما متساوية القيمة والقداسة  وان دم الحسين هو خاتمة الدم الذي بذله المسيح وغيره ويقومون بممارسات او يضعون ويحملون رموزا معينة دلالة على إصطفافهم مع هذه الطائفة مما اثار حفيظة الطائفة الكبرى الأخرى والطائفتان (السنية والشيعية) في صراع مرير وعبثي يأكل الأخضر واليابس – صراع ظلامي تكفيري يعدينا إلى القرون الوسطى المظلمة ويهلك الحرث والنسل – صراع تدميري تؤججه مصالح وقوى وإستخبارات دولية وإقليمية لا يكترث بالطفل والشيخ والمراءة والأبرياء والأقليات. والوضع في العراق وسوريا وغيرها من بلدان الشرق الأوسط خير دليل.

أمل  أن لا يساء التفسير لأن لا إعتراض شخصيا لي على قائمة البابليون ابدا ولكن التطبيل والتزمير لها بالشكل الذي وضحناه من قبل صاحب سانتياغو وجماعته الذين دون شك لهم موقف من البطريركية قد اثار بعض الشبهات ان المسألة ليست إنتخابية بحتة لأن هناك قوائم كلدانية أخرى منافسة فلماذا كل هذا الإهتمام بهذه القائمة بالذات ومن قبل هذه الأبرشية التي أساسا لا تعترف ولا تكترث للصرح البطريركي في بغداد؟

الخلاصة

أمل أنني قدمت تفسيرا للمسببات – حسب وجهة نظري – التي أدت إلى ظهور مسألة "المشيخة" لدى الكلدان وبهذا الشكل المثير وردة فعل البطريريكة عليه وأمل أيضا ان يتم دراسة ومناقشة الظاهرة  بذهن منفتح دون تشنجات وشخصنة ومباشرة وتحويل سياق الموضوع عن مساره.

وأقترح كوننا لم نصل إلى مرحلة حضارية مدنية كشعب بمكوناته المختلفة تساعدنا على ممارسة هويتنا المتمثلة بلغتنا وموروثها وتراثها وأدبها وليتورجيتها وفنونها وثقافتها وأعلامها دون إقحام المذهبية والطائفية والتسمية في اي شيء نناقشه ونمارسه أن يشكل الكلدان جمعية او منتدى او مجموعة  - ليسموها ما يشاؤون – هدفها حماية كرسيهم الرسولي المقدس في قطيسفون وبابل وإعادة الإعتبار إليه ومناقشة الفاتيكان  بروح المحبة الإنجيلية بإعادة صلاحياته وحقوقه وإمتيازاته المؤسساتية كما كان الوضع في نهاية القرن التاسع عشر مع الحفاظ على الشراكة الإنجيلية والإيمانية مع الكرسي الرسولي في روما. وأقول أن هذا ممكن لأن فاتيكان اليوم ليس فاتيكان الأمس لا سميا بوجود البابا فرنسيس. إنها فرصة الكلدان الأخيرة إن إنتهزوها أنقذوا أنفسهم وهويتهم وكنيستهم  وإن أضاعوها فإنهم سيخسرون كل شيء: لن تبقى الكنيسة كمؤسسة ذات فعالية وكلمة مسموعة ولن تكون هناك هوية وستصبح كل أبرشية وحتى خورنة فيها شبه مستقلة او مستقلة تماما عن المركز كما هو الحال في كثير من المناطق الأن.

وأنا أقول هذا ويعلم الجميع أنني وبالإسم الصريح ومن خلال الإعلام كنت هدفا لبيان او تعقيب من قبل إعلام البطريركية فيه تنبيه وإنذار ولكن هذا لن يجعلني أشخصن الموضوع لأن علاقتي هي بكرسي بابل على الكلدان وليس بالأشخاص. هذا الكرسي يجب أن نحميه بأرواحنا كما فعل أجدادنا الذي إنتفضوا ضد مناوئيه لثلاثة قرون متتالية وقدموا الشهداء من أجله. لا حاجة إلى إنتفاضة او ثورة في الوقت الراهن كما فعل اجدادنا العظام بل علينا تقديم الدعم بطرق سلمية حضارية - كل الدعم بكافة الأشكال -  لهذا الكرسي كي يعيد هيبته وإستقلاليته لأنه يحمل إسمنا ومن خلاله نستطيع المحافظة على وجودنا وعلى أنفسنا من الزوال لأنه الخيمة التي تجمعنا.
 

 رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=712015.0


رابط 2

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=558386.0

رابط 3

http://www.kaldaya.net/Articles/400/Article486_May29_07_BishopSYJ.html

رابط 4

http://www.kaldaya.net/2013/News/07/Jul24_A1_ChaldeanNews.html

رابط 5

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=669280.0


رابط 6

http://kaldaya.net/2013/News/12/Dec23_A1_ChNews.html




104
كيف يحتفي السويدي العلماني بتراثه وموروثه الكنسي وكيف نهمشه نحن المشرقيين "المؤمنين"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


توطئة

السويد بلد ليبرالي علماني صرف. وإن عرّفنا الشخص العلماني بأنه لا يؤمن بالله والكتب التي يدعي أصحابها انها من السماء (أي منزلة) سيكون السويديون من أكثر الناس بعدا عن الدين والمذهب والطائفة وأكثرهم إلحادا في العالم.

لا أريد ان أقول من هو أكثر إنسانية وصدقا وأمانة ومحبة وقبولا وإحسانا وإيواءا للأخر – السويدي الملحد ام المهاجر او المقيم "المؤمن".  أترك مناقشة ذلك  "للمؤمنين" من كافة الأديان والمقيمين في السويد.

ظاهرة

بيد ان تقريبا كل شخص في السويد لا بد وأن لاحظ ظاهرة ملفتة للنظر تأخذ مداها على مستوى البلد برمته في الأسابيع الأربعة التي تسبق عيد الميلاد او كما يسمونه هنا كريسمس او يول.

والظاهرة هذه تتألق وتصل اوجها في هذه الأسابيع الأربعة ولكن هذا لا يعني انها تهمل او لا تأخذ مكانتها من الإهتمام في الأسابيع او الأشهر الأخرى من السنة.

الليتورجيا

في هذه الأيام يتبارى الكل من تلاميذ المدارس وأساتذتهم والنقابات والمؤسسات والجامعات والشعب السويدي برمته تقريبا في إنشاد وترتيل وعزف وغناء قصائد الميلاد او (كريسمس كارولز) وهذه القصائد هي جزء من الليتورجيا والأداب الكنسية السويدية (بمذاهبها المختلفة).

ويحتفي الكل تقريبا وبطرق مختلفة عميقة الجذور بأحد قديساتهم (حسب ليتورجيتهم) ضمن إحتفالات عيد الميلاد وهي لوسيا رغم عدم إيمانهم. الكبار والصغار، المدارس والجامعات والمعامل والمنشأت كل يحتفي بهذه القديسة من خلال أزياء خاصة وتيجان وشموع وأناشيد وتراتيل (ليتورجيا) يرتلونها وينشدونها سوية وهم يسيرون في الشوارع والشموع بإيديهم ضمن مسيرات جماهيرية يطلقون عليها "لوسيا توك".

لقد حول السويديون قديساتهم وقديسيهم وليتورجيتهم الكنسية وإرثهم وموروثهم الكنسي إلى رموز وطنية وسمة من السمات الرئسة للهوية الوطنية والقومية وأغلبيتهم الساحقة علمانيون.
 
ومهما يكن من امر هذه الليتورجيا فإنها لا تلحق ولا ترتقي إلى ما لدينا نحن ابناء وبنات كنيسة المشرق. ليتورجيتنا بأناشيدها وقصائدها ونثرها تمتد جذورها في عمق التاريخ الإنساني وتستقي من ينابيع البشارة في القرن الأول الميلادي. الليتورجيا السويدية حديثة العهد بالنسبة إلى ما لدينا ولا يتجاوز عمرها بضعة مئات من السنين.

ورغم أن الكثير من القصائد مكتوبة بلغة كلاسيكية يصعب على الكثير من السويديين فهمها فإنهم يقدسونها ويبقون عليها كما هي ويتعلمونها وينشدونها رغم عدم "مسيحيتهم" او إيمانهم.

المدارس والجامعات

في جامعتنا تدرس الليتورجيا والإنشاد المسيحي ضمن مناهج كلية التربية وفي معهد الموسيقى يخصص يوم واحد في الأسبوع لتلقين الموسيقيين الشباب الليتورجيا الإنشادية وشخصيا أنا متابع للمعهد كون احد أعضاء فرقتنا الطقسية يدرس هناك.

وكل المدارس في السويد لا سيما في هذه الأسابيع تأخذ طلبتها إلى الكنائس (ليس طلبا للإيمان والصلاة) بل لإقامة حفلات إنشادية من الليتورجيا الكنسية يحضرها الأباء والأمهات.

وفي هذا العام كان لي مساهمة لخمس دقائق في إحدى الكنائس كي اؤدي على ألة الكمان نشيد من أناشيدنا الكنسية ضمن فعاليات إحدى المؤسسات. ما لاحظته ان بين المشاركين كانت طالبات مسلمات محجبات وهن يؤدين الليتورجيا السويدية ليس لكونها مسيحية المنشاء بل لأنها صارت جزءا من الهوية السويدية والحكومة هنا ترى ان تعلم الليتورجيا جزء من الهوية.

والسويديون يرتلون ليتورجيتهم طوال السنة ويؤديها كبار مطربيهم في حفلات عامة كبيرة وترى ان الالاف من الحاضرين يشاركونهم في الأداء وتبث على الهواء من الإذاعة والتلفزيون.

شعب صاحب هوية

الشعب السويدي شعب صاحب هوية يستقي هويته من لغته وموروثها بكافة أجناسة ويمنح ليتورجيته الكنسية (الأناشيد) اهمية قصوى رغم ان الدين او والمذهب ورجالاته وما يعدونه كتبا "سماوية" لا دور يذكر لهم في مسيرة حياته المتطورة والمتمدنة لا بل يرى الكثير من السويديين ان الدين معرقل للتمدن والحضارة لهذا لا يدرسونه في كل المستويات التعليمية كمنهج للحياة بل ضمن المعرفة العامة شأنه شأن أي مادة معرفية أخرى ويرفضون القسم على "الكتب السماوية" ويكتفون بقسم الشرف في المحاكم وغيرها.

وخلاصة القول ان السويد ترى في الموروث الكنسي والليتورجي جزءا حيويا ومكملا لهويتها الوطنية رغم عدم تدينها وأخرجته من خانة المؤسسة الكنسية والمذهبية وجعلته نبراسا للأجيال للإحتفاء بالهوية الوطنية. فالتراث والاداب والليتورجيا الكنسية لم تعد حكرا على "المؤمنين" والشمامسة والقسس والمطارنة وغيرهم من سلك الإكليروس رغم أنهم أكثر الناس تشبثا بها.

ماذا عنا

أما نحن فتقريبا كل شيء لدينا مرتبط بالتسمية والمذهب والطائفة والمؤسسة الكنسية. ونحن أصبحنا في مشكلة عويصة. لماذا؟ لأن أغلب ما نملكه من تراث وموروث وفنون وأداب – وهي أرقى ثمار الحضارة الإنسانية طرا والتي دونها لا يمكن ان تكون هناك هوية وطنية لأي أمة – يقع ضمن لغتنا وتراثنا وموروثنا الكنسي.

والأنكى من هذا فإننا جعلنا الإيمان بالمفهوم التقليدي شرطا لممارسة هذه الهوية.

 وبالمفهوم المذهبي نمنح ليتوريجا وثقافة وأداب وفنون الأجانب أصحاب المذهب الذي تبنيناه في العصر الحديث أهمية أكثر بكثير مما لدينا إلى درجة اننا تقريبا همشنا ما لدينا من أجل عيون ثقافة المذهب الجديد ونسينا اننا بذلك نهمش هويتنا بينما السويدي أخرج ثقافته وأدابه وفنونه الكنسية ليس من خانة الدين والمذهب فقط بل حتى من خانة المؤسسة الكنسية وجعلها مؤشرا أساسيا للهوية الوطنية.

وشتان بين مؤسساتنا الكنسية والمؤسسات الكنسية السويدية. مؤسساتنا االكنسية العتيدة بعضها يزدري الطقوس (الليتورجيا) ويهملها ويفضل الدخيل والأجنبي عليها رغم بهاتته وخوائه وسطحيته بينما السويدي محتفظ بها وجاعل منها جزءا من وجوده كشعب وكنيسة.

هل يجب ان يكون الشخص الذي يحي وينهض بموروثنا الليتورجي الكنسي مؤمنا وممارسا تقليديا للمذهب الذي نحن عليه؟ هل يجوز ان نطلب من شخص من بني قومنا وهو يحاول جهده جعل الموروث بكافة أشكاله مكونا رئسيا لهويتنا أن يكون متدينا على شاكلتنا؟

موروثنا حياتنا وهويتنا

الموروث الذي حفظته لنا ذاكرة لغتنا السريانية بأشكاله المختلفة  ومن ضمنها الليتورجيا والأداب والفنون الكنسية ليس ملك المتدينين من ابناء ونبات شعبنا ومن أي مذهب كانوا وليس ملك رجال الدين.

هذا المورث نملكه كلنا سوية متدينين كنا او علمانيين او ملحدين وعلى اي مذهب وعلينا تشجيع إحيائه ومن اي أتى مهما كان دينه او مذهبه او عقيدته او توجهه. هذا هو شأن الأمم الحية.

فمثلا عندما يقوم شخص ما بمحاولات لإحياء تراثنا وليتورجيتنا وأدبنا الكنسي بلغته الساحرة وموسيقاه وألحانه الشجية لا يجب أن يكون دافعه الرئسي كونه شماسا او كونه مسيحيا او كا ثوليكيا او كونه باق على مذهب الأجداد او كونه إنجيلي او علماني او كلداني او أشوري او سرياني. علينا القيام بذلك حبا وتقديسا لهويتنا المتمثلة بلغتنا والتي يجب ان لا نستبدلها بأي لغة أخرى او نفضل عليها لغة أخرى مهما كلف الأمر ومهما كان ديننا او مذهبنا اواللفظة التي نطلقها على أنفسنا كتسمية.

نمتلك ما لا تملكه أمة اخرى

ونحن في موضوع الهوية وعلاقتها باللغة وااليتورجيا أقول إننا نملك من الموروث والأداب والثقافة الأناشيد والقصائد التي تخص مناسبة أعياد الميلاد ما لا تملكه أمة أخرى في الدنيا. إنها وبحق أجمل لحنا شعرا واسلوبا وموسيقى مما لدى أي أمة او كنيسة اخرى. ولكن هل يستطيع عشرة أشخاص منا أن يجتمعوا سوية وينشدونها إعتزازا بالهوية؟

مع ذلك أقول وبإعتزاز كبير ان شعبنا يحب هويته لأنه يبحث عنها دون كلل ويتشبث بها إن عرفنا وأشرنا له الدرب والطريق للوصول إليها. والدليل هو واحد فقط  من أناشيد الميلاد التي أنشدتها فرقتنا الطقسية حيث شاهده عشرات الالاف حتى الأن وصار واحدا من أكثر الأناشيد إنتشارا في صفوف شعبنا رغم قصر الفترة التي تم فيها وضعه على الإنترنت كفديو وهو يتربع على موقع متقدم جدا في مكتبة الفيديو لعناكاوة.كوم متقدما عل اغان وأناشيد سبقته هناك بسنين. وهذا رابطه:

http://www.ankawa.org/vshare/view/3603/christmas-carol/


105
هل سيعيد البابا فرنسيس الصلاحيات والإمتيازات والحقوق التي سلبها الفاتيكان من بطاركة المشرق الكاثوليك

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


مقدمة

يجتمع في روما اليوم الخميس المصادف 21 تشرين الثاني بطاركة المشرق الكاثوليك مع البابا فرنسيس (رابط 1). وهذا إجتماع مهم ربما يوازي في أهميته الإجتماع الذي عقده أسلافهم في روما في منتصف القرن التاسع عشر مع البابا بيوس التاسع الذي فيه إستخدم الفاتيكان الدهاء والنفاق السياسي والمال والحيلة جرد بموجبها بطاركة الشرق الكاثوليك من كل صلاحياتهم تقريبا وصاروا بمثابة موظفين لدى القاصد الرسولي (السفير) والموظفين اللاتين في المجمع الشرقي في الفاتيكان والبعثات التبشيرية اللاتينية الكاثوليكية. (رابط 2)

ملاحظات مهمة

وقبل أن أدخل في خضم الموضوع اود الإشارة إلى أنني أكتب هذا المقال المهم مستندا إلى وثائق تاريخية كنسية كتبها البطاركة الكلدان وأساقفتهم (أنظر الهامش لا سيما رابط 2) وكذلك أستند إلى تواجدي في الدير وقراءتي للمخطوطات السريانية وما سمعته من كثير من رؤساء الأديرة التي ترعرعت فيها ومن بعض الرهبان الذين كانوا شهود عيان لهذه الأحداث.

وكذلك أود الإشارة إلا أنني أكتب وأنا منتم إلى الكنيسة الكاثوليكية وأحد أعضائها مستفيدا من هامش الحرية الكبير الذي تمنحه اليوم للأكاديميين من أمثالي. وانا لست وحدي في هذا حيث كتب قبلي الأكاديمي الكاثوليكي الليبرالي هانس كونك مننقدا تصرفات الفاتيكان وطريقة إداءه وتعامله مع الأخرومشبها أياه بالحكم المستبد في المملكة العربية السعودية ونشرت مقالته النيويورك تايمز وفورين بوليسي وغيرهما من المجلات والصحف العالمية. (رابط 3). ولدي أيضا فصلا كاملا في كتاب حول الإعلام والتعصب (نشر 2010)– وهو حاليا مادة تدريسية – تناولت فيه الكثير من المسائل التي يثيرها هانس كونك في مقاله الأخير والمؤسسة الكنسية على علم بالكتاب وقد أهديتها نسخة منه فور صدوره.

 ولم يتهم أي كاثوليكي إكليركي وغيره هانس كونك بأنه يهاجم الإيمان المسيحي ولم يدينه أي كاثوليكي متنور بل ايده الكثيرون لأنه يشير  إلىى المؤسساتية الكنسية ولم يمس الإنجيل الذي هو أساس الدين والكنيسة. وهنا أنا أيضا أتكلم عن المؤسسة الكنيسة وليس الكنيسة كرسالة إنجيلية همهما ممارسة الإنجيل على أرض الواقع.

ولكي أقطع دابر بعض الأخوة من الذين يجعلون المذهب والطائفة والعقيدة قبل الإنجيل ويحكمون على الناس ويكفرونها بينما أعلى السلطات الكنسية اليوم تسمح بالنقد وحرية التعبير لا بل تشجعه فقد قمت بإرسال هذا المقال أيضا إلى المسؤولين الكنسيين الكاثوليك في الدول الإسكندنافية مع ترجمته وطالبا منهم تحويله إلى الفاتيكان ذاته.

اللقاء ضمن سياقه التاريخي

وحسب علمي فإن البطاركة سيطالبون البابا بإعادة سلطاتهم التي سلبها منهم الفايتكان في عهد البابا بيوس التاسع وهذا حق لأن الوضع الحالي لا يحتمل من حيث العنف المفرط الذي بدأ يدب في كافة الأمصار التي يقطنها المسيحيون في الشرق. إن إعادة صلاحياتهم المسلوبة والمغتصبة أمر مهم لتمشية الأمور الإدارية والمؤسساتية وغيرها المتعلقة بكنائسهم وعلاقتها مع الكنائس الشقيقة غير الكاثوليكية. (رابط 4)

وهناك نقطة أساسية أخرى  وهي ان البطاركة المشاركين في هذا الإجتماع كلهم لهم كنائس شقيقة يرأسها بطاركة لهم كامل الحقوق والصلاحيات على كنائسهم ورعيتهم وإكليروسهم. وبطاركة المشرق الكاثوليك والأرثذوكس وغيرهم صامدون في أرض يجتاحها العنف والإرهاب والحروب والتعصب الأعمى والفتنة الطائفية.

هؤلاء البطاركة الأجلاء بإختلاف مذاهبهم يرغبون في الوحدة وطي صفحة الفرز المذهبي والطائفي المسيحي ولكن حجر العثرة هي الفاتيكان التي تريد لغير الكاثوليك منهم ان يتنازلوا عن كل صلاحياتهم شأنهم شأن البطاركة الكاثوليك ويعترفوا بعصمة الفايتكان كشرط مسبق للوحدة.

واقول هنا إن البطاركة غير الكاثوليك محقون في رفضهم لهكذا شروط مهينة ومن حقهم الإحتفاظ بكل صلاحياتهم التي ورثوها منذ تأسيس كنائسهم في القرن الأول الميلادي.

وللعلم فإن البطاركة الكاثوليك أنفسهم لم يعترفوا بعصمة الفاتيكان التي فرضها البابا بيوسس التاسع عنوة في منتصف القرن التاسع عشر على الكل ولم يقبلوا بها لا بل قاموا مقاومة شديدة التنازل عن أي من صلاحياتهم ومنهم بطريركنا الكبير يوسف أودو. وأفقوا فقط تحت الضغط الشديد والتهديد والإغراء والتحايل والمكر وليس طوعا وقناعة وهذا ما يكتبه بطريركنا يوسف أودو في أحد رسائله من روما (ص  92 - 93):

"من يوسف أودو الذي بنعمته الجاثاليق بطريك بابل: إعلم، أنه من جهة أعمالنا قد إنتهينا، والـتأم المجمع برفض المائة والستون (عقيدة) العصمة، وبعدم تنازلهم عن صلاحياتهم، وكذلك نحن (البطريرك أودو) وبطاركة الروم والموارنة والسريان، لم نحضر (الجلسة الختامية) ويعلم الجميع. والمائتين من المؤيدين، وافقوا لأنهم يعتاشون على مساعدات البابا والباقون وافقوا خوفا ورياءً وطمعا بالمال والهدايا التي ينالونها بسبب مناصبهم ... هذا السَفَر يكلفنا مصاريف ونفقات كثيرة وفي روما لم نعط شيئا، لأننا لم نعمل بما طلب منا."

ويضيف البطريرك الجليل في رسالته (ص 105) أنه كان من المعارضين الأشداء لمنح العصمة للبابا والتنازل عن صلاحياته كرئس أعلى للكنيسة الكلدانية وكرسي قطيسفون وبابل. ولكنه يكتب بعدئذ ما يظهر مكر وتحايل الفاتيكان البعيد كل البعد عن الروج الإنجيلية التي يجب أن تأتي قبل العصمة وقبل إي صلاحيات:

"ولكن كتبنا إلى ... البابا بأننا قبلنا العصمة بشرط أن تبقى كافة الإمتيازات بدو تغيير ...تحت شرط بقاء الإمتيازات والحقوق والتقاليد كما كانت سابقا ... إن باليوس (الزائر الرسولي اللاتيني الذي أرسله الفاتيكان إلى الموصل لإقناع البطريرك بالعصمة والتنازل عن صلاحياته) تعهد لنا فيما وافقنا على العصمة، فإن الملبار ستعود لنا."

التعهد نكثوا به لا بل إزدادوا في غيّهم ومارسوا عنفا مفرطا لفصل الكلدان عن كرسي بابل وتأليب الأخرين من خلال بعثاتهم التبشرية على سلطة البطريرك وذهبوا بعيدا في تطبيق محاكم تفتيشهم اللعينة مما جعل البطريرك وأحباره ومناصريه يطلقون عبارات مثل "الأشرار، ورعاة غرباء ودخلاء ودجالين وماكرين فاسدين أعداء الإنجيل والمسيح" على سفراء االفاتيكان وبعثاتهم التبشرية من الدومنيكان وغيرهم، وتسترسل إحدى الرسائل في خطابها للشعب الكلداني وإكليروسه وتحذيرهم من  المبشرين الكاثوليك الغربيين وممثلي الفاتيكان بالقول (ص 123):

"فعلة فاسدون ماكرون، أعداء الإنجيل ويسوع المسيح، وأنانيون لا يحبون غير ذواتهم وبطونهم/ وسراق ومبتزوا (أموال) الكنائس وبيوت المسيحيين بحجة ان قداسة البابا يحلهم من أثامهم ... إن غايتهم وغاية مرسليهم  ليست إلا تغيير  الطقوس الشرقية وإبطال رئاسة البطريركية والمطرانية، لينفردوا هم بالسطلة .. فإنهم لا يتوانون  من حرق كتبنا التي وضعها الرسل الأطهار ... لذا إخوتي إحذروهم  ولا تسمعوا كلامهم لأنه كلام لبق معسول ظاهرا،غير أنه في الحقيقة مملوء سما قاتلا .. ما أن تستتب لهم الأمور حتى يلدغونكم كالحية الخبيثة وينفثوا سمومهم بلا شفقة ورحمة."

هناك المزيد المزيد ولكن!!!

لا أريد أن أسترسل كثيرا في المأسي التي وقعت على كنيستنا المشرقية المجيدة لا سيما الفرع الكلداني منها. إنه ظلم لا بعده ظلم ويرقى كما قلت وبشهادة البطاركة والأحبار وكل الكلدان الغيورين على هويتهم المشرقية وطقسهم الكلداني بلغته الساحرة في كثير من تفاصيله إلى  جريمة ضد الإنسانية.

الذي يقرأ ما كتبه بعض بطاركتنا من المدافعين عن هويتنا الكلدانية المشرقية وطقسنا الكلداني المجيد ليصاب بالهول لشدة الفاجعة.
واليوم لا يستطيع أي بطريرك شرقي كاثوليكي رسامة مطران او خلعه والأمور برمتها تقريبا بعهدة اللاتين واساقفتهم وكهنتهم ورهبانهم إلى درجة ان بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ليس بإستطاعته اليوم الطلب من كاهن راهب هارب من رهبنته العودة إلى ديره او حتى الكف عن معادة البطريركة لأنه يحتمي  بمطرانه ومطرانه يحتمي بموظف بالفاتيكان. هذه حقيقة. والأنكى فإن الراهب الهارب هذا يتجرأ من على المنبر في الكنيسة القول إنه ليس تحت سلطة البطريرك الذي ومنذ منتصف القرن التاسع عشر جردته الفاتيكان تقريبا من كل صلاحياته الجاثاليقية.

فرصة ذهبية

هذا أفضل زمن كي يطالب بطاركة المشرق الكاثوليك بإسترجاع صلاحياتهم وحقوقهم التي سلبها منهم الفاتيكان. لماذا؟ لأن الفاتيكان يمر اليوم في عصافة من التجديد والتغير يقودها البابا فرنسيس دون كلل حيث وضع الإنجيل قبل العقيدة وقبل الصلاحيات الإدراية والسلطة والجاه والعصمة.

هذا أفضل زمن لبطاركة المشرق الكاثوليك أن يعيدوا ترتيب بيتهم ويطالبوا بكافة صلاحياتهم التي سلبت منهم وهم أمام حضرة الحبر الأعظم الذي يبدو ان لا نهاية لسعيه لإصلاح الفاتيكان وتخليصه من الفساد المزمن والمحسوبية والنفاق التي كنا نحن أنباء كنيسة المشرق من الكلدان اول وأكبر ضحاياها.

البابا الذي اليوم يقبل ويرفض أن يدين حتى مثلي الجنس (اللوطي) والذي قبل ان يعطي أكبر جائزة يمنحها الفاتيكان لكاتب لوطي (   رابط  5  ) والذي منح الخلاص حتي للملحدين والذي غسل أرجل نساء ومنهن مسلمات ضمن واحدة من أقدس أقداس المسيحية وهو عيد الفصح، أي جعل من النساء والمسلمات ضمن الأثني عشر، لا أظن أنه لن يسمع لكم ولا أظن أنه لن يلبي طلبكم.

إنها فرصة تاريخية كي تعيدوا مجد المسيحية المشرقية بشراكة إنجيلية إيمانية فقط مع الكنيسة الجامعة وتسترجعوا كامل صلاحياتكم وتبسطوا سلطتكم الجاثاليقية عل كافة المناطق في العالم التي يتواجد فيها رعاياكم وتسترجعوا ما تم سلبه من كنائس وأديرة وأوقاف ومناطق.

وهذه الصلاجيات ستسمح لكلم الدخول في نقاش ومفاوضات مباشرة مع الكنائس الشقيقة بروح مسكونية إنجيلية – وليس من أجل السلطة وإلغاء الأخر وصلاحياته – من أجل وحدة هذه الكنائس المشتتة والتعويض عما أصابها من ظلم بإسم الإنجيل والتبشير- الذي أساسه المسرة وليس الظلم – كي تستطيع هذ الكنائس المقاومة والحفاظ على وجودها في خضم شرق أوسط فوضوي تتداخل فيه الفتنة الطائفية والإرهاب والعنف والصراع الإقليمي والدولي على المصالح.

---
رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,711836.0.html

رابط 2

أنظر الرسالة الخامسة والعشرين والسابعة والعشرين والثامنة والعشرين للبطريرك الكداني يوسف أودو والتي يوضح فيه ما جرى له من إهانة في روما وكيف تحايلوا عليه للتوقيع على أمور لم يرغب فيها وكيف سلبوا منه ومن بعده خلفائه كل صلاحيات. الرسائل موجودة بالعربية في كتاب "رسائل مار يوسف السادس أودو بطريرك الكلدان. تعريب وتحقيق المطران إبراهينم إبراهيم والشمساس خيري قومية: مشيغن 2010.
كل الإقتباسات والإشارات في هذا المقال من رسائل البطريرك ما يتم ذكر غيره.

رابط 3
http://www.nytimes.com/2013/02/28/opinion/a-vatican-spring.html
http://www.foreignpolicy.com/articles/2013/11/15/does_the_world_need_a_vatican_spring

رابط 4
http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5240.html

رابط 5
http://www.elephantjournal.com/2013/11/gay-teen-scientist-honored-by-vatican-for-developing-early-test-for-pancreatic-cancer/

106
وأخيرا وجدتها إنها ألقوش يا استاذ ادي بيث بنيامين

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


ومنذ أن قمت بإنشاد قصيدة ألب ألبن مارن (( ܐܠܦ ܐܠܦܢ ܡܪܢ )) ، التي تعد من عيون ادبنا السرياني الحديث (رابط 1)، وأنا أبحث وأسأل وأقرأ علني أصل إلى جواب شاف للسؤال الذي أثاره زميلنا وصديقنا العزيز المتبحر بلغتنا السريانية الجميلة الأستاذ ادي بيث بنيامين عن مؤلف هذه التحفة الأدبية النادرة.

والبحث في شؤون شعبنا وكنيستنا المشرقية المجيدة عن مسائل تخص ليتورجيتها المقدسة وأدابها وفنونها لا بد ومع الأسف الشديد ان يعرج على الشؤون المذهبية لأنها واحدة من المعايير التي نستخدمها لحصر ملكية وعائدية المؤلفات والقطع الشعرية والأدبية والفنية.

فمثلا، الفرز المذهبي الذي حدث في القرن الخامس للميلاد وشطر كنيستنا جعل الجزء الغربي لا يأخذ بما تأتي به قريحة ملافنة وعلماء الشطر الشرقي والعكس  صحيح. وذات الشيء جرى عندما إنشطر الجزء الشرقي مذهبيا إلى كنيستين – كلدانية وأشورية – وتباعد الواحد عن الأخر تباعدا يكاد يكون شاملا في حوالي منتصف القرن التاسع عشر.

ولكن قصيدة ألبن مارن (( ܐܠܦ ܐܠܦܢ ܡܪܢ )) تشذ عن هذه القاعدة. لقد الفها قس كلداني ألقوشي أثناء تواجده مع أشقائه الأشوريين في قوجانس وهو العلامة يوسف هرمز عبيا من بيت شكوانا.

ولقد كتب الأستاذ الأديب نبيل دامان مقالا رائعا عنه (رابط 2) حيث يذكر أنه خريج المعهد الكهنوتي الكلداني ولكنه إنضم إلى كنيسة المشرق الأشورية ورسمه البطريك الشهيد شمعون بنيامين كاهنا وهو متزوج وذلك في مستهل القرن العشرين  ولكنه ولأسباب لا يدخل الأستاذ نبيل في تفاصيلها يرجع إلى كنيسته المشرقية الكلدانية.

تك الفترة كانت فترة عصيبة حيث الفرز المذهبي أشده في صفوف شعبنا وكنيستنا ولكن لأن أديبنا وشاعرنا الألقوشي الكبير برسامته من قبل شهيد شعبنا البطريرك شمعون بنيامين ومن ثم عودته إلى كنيسته المشرقية الكلدانية صار جسرا يجمع الغصنين اليانيعين لجذع شجرة كنيستنا المشرقية المجيدة.

وهكذا لم يتنازل اشقاؤنا في كنيسة المشرق الأشورية عنه وعن مؤلفاته ولم تتنازل الكنيسة المشرقية الكلدانية عنه وعن مؤلفاته وبهذا تكون الب البن ماران  (( ܐܠܦ ܐܠܦܢ ܡܪܢ ))  تحفة نادرة ليس في أسلوبها الشعري وصياغتها ووزنها ومعانيها بل في لم شمل شعبنا وكنيستنا لأنه من النادر ان يقبل أي فرع وإنطلاقا من الفرز المذهبي ما يضيفه أي منهما لليتورجيا او الأدب الكنسي.

 وكلنا أمل أن يتحقق حلمنا بالوحدة وننهي هذا الفرز المذهبي والطائفي والتسموي لأنه لا يليق بنا كشعب صاحب أرقى حضارة في الدنيا.

وقد أدى هذا النشيد الرائع حسب علمي ولحد الأن ستة أشخاص من ابناء شعبنا بينهم المطران ميلس زيا. أضع الروابط هنا وأطلب من القراء التعليق على الأداء وكذلك التعليق على ملفاننا الكبير إبن ألقوش البار القس عبيا من بيت شكوانا:

الأداء الأول من قبل الفرقة الطقسية:

http://www.youtube.com/watch?v=6PhwAc8SB54

الأداء الثاني من قبل المطران ميلس زيا:

http://www.ankawa.org/vshare/view/4273/alpenmara-marmeelis/

الأداء الثالث من قبل جورج يلدا:

 http://www.youtube.com/watch?v=vtSRTgeCb1U

الأداء الرابع من قبل شمعون كوسا:

http://www.youtube.com/watch?v=RQJ3iEq3ABo

الأداء الخامس من قبل مارلين خوشابا:

http://www.youtube.com/watch?v=bLaSVNwRVOU

الأداء السادس من قبل الأب توما ككا:

http://www.youtube.com/watch?v=JgEswTwhJcY


نعم تستحق كنيسة المشرق المجيدة ويستحق شعبنا الأبي ان نمجده بهكذا أناشيد وألحان شجية وإن كان هناك من ادى هذه القصيدة الرائعة ولا علم لي عنه  أرجو من القراء الكرام وضع رابط له كي أضيف إسمه أعلاه.

ودعوني أختم هذا المقال بفقرة مذهلة كتبها زميلي وصديقي العزيز نبيل دامان وهو يصف رسامة هذا الملفان كاهنا من قبل شهيد شعبنا البطريرك بنيامين (رابط 2):

"في يوم الاحد المصادف 19- نيسان- 1908 تم وضع يد مار شمعون بنيامين على الشماس يوسف عبيا ، ففي ذلك اليوم اجتمع المؤمنون في كنيسة مار شلـّيطا في قوجانس ، وبحضور ناطر الكرسي البطريركي مار بولس ايشي ، ومار اسحق حنانيشوع اسقف شمدين ، ومار ايليا ابونا اسقف وان ، ومار زيا سركيس اسقف اورميا . وبعد ارتسامته القى كلمة بليغة نالت استحسان الحاضرين ، وقوطعت مرارا بالتصفيق ، وبعد انتهاء المراسم خرج عبيا من كنيسة مار شليطا ، في موكب كبير ،  والمزامير تختلط مع اصوات تغاريد النساء ، وضربات الناقوس مع اصوات البنادق ، ويردد اصداء ذلك جبلي ، كوكي والأيل . والقسيس يوسف يشق طريقه وسط الشباب بزيهم الجميل المطرز بالأوراد ، وعلى رؤوسهم الغطاء المخروطي ،  الذي ينتصب فوقه ريش الطاووس والكورته."

---------

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=699934.0

رابط 2

http://www.bakhdida.com/NabilDamman/FrYousifAbia.htm

107
اللغة هي الوسيلة الوحيدة لمعرفة ماضينا والتعامل مع حاضرنا والحفاظ على وجودنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


أود في هذا المقال أن أعرج مرة أخرى على أهمية اللغة في تكوين الهوية وأسرد بعض الحقائق عن لغتنا القومية التي تشكل أهم قاسم مشترك يجمعنا كشعب وحضارة وتراث وفنون وتاريخ.

ولغتنا إسمها العلمي والأكاديمي هو السريانية هذه تسميتها في كافة الأروقة العلمية وهذا ما تطلقه عليها كافة الجامعات – 100 جامعة ونيف – التي تدرسها وتبحث فيها وتمنح الشهادات الجامعية للمختصين بها من دبلوم وبكلوريوس وماجستير ودكتوراة.

اللغة والهوية

اللغة الأم تشكل هوية الأمة الناطقة بها. اللغة لها طاقة هائلة لا نحس بها لأننا نكتسبها دون عناء يذكر عند الولادة والترعرع في أحضان والدين ومجتمع ينطقها كوسيلة إتصال أساسية.

وطاقة اللغة لا حدود لها لأنها الماضي ولأنها الحاضر ولأنها المستقبل بالنسبة لأي شعب صاحب هوية. هي المرآة التي ترى الأمة ذاتها خلالها.

ماضيها بكل ما يحمله من ثقل فني وتراثي وحضاري وليتورجي وأدبي وغيره مكتوب فيها.

حاضرها مرتبط بالماضي الذي تختزنه هذه اللغة وهذا الحاضر يتم خزنه أيضا في ذاكرتها غير المتناهية ويتكدس بأحداثه ورموزه وفنونه وثقافته على الرقم اللغوية للماضي وسوية تشكل الإنطلاقة صوب المستقبل.

متى وكيف يحدد التاريخ

تاريخ وهوية أي شعب يحدده بداية الفترة الزمنية التي بدأ فيها يكون لنفسه لغته الخاصة به ولا يزال مرتبطا بها وبأدابها وفنونها عبر التاريخ. وتاريخ اي امة يبدأ بظهور إرثها الكتابي المحفوظ بلغتها الخاصة.

واللغة تتطور شأنها شأن الكائن الحي. والتطور هذا قد يؤدي إلى ظهور لهجات مختلفة.  وهذه اللهجات قد تتطور إلى لغات مستقلة مختلفة. وهذه اللغات المستقلة المختلفة تؤدي إلى ظهور هويات وقوميات مختلفة.

والهويات الجديدة يبدأ تاريخها منذ ظهور ادابها الكتابية ونصوصها المكتوبة. وهذه النصوص قد تكون لغويا وأدبيا كلاسيكية (أي لا يستوعبها إلا المتعلمون والمختصون) ولكنها قريبة جدا من اللهجات المحكية واللغة الرسمية المتداولة.

ينتهي التواصل اللغوي وتواصل وترابط الهوية حالما تتخذ اللهجة الجديدة إستقلاليتها اللغوية الكاملة من حيث المفردات والقواعد والصرف. وهذا هو شأن اللغة الإسبانية واللغة الإيطالية واللغة الفرنسية مثلا التي إستقلت إستقلالا كاملا عن أمها اللاتينية وكونت شعوبا وهويات مختلفة مستقلة مرتبطة كل واحدة منها بتاريخها الكتابي الخاص بها.

هذه مقدمة وجيزة عن أهمية اللغة بالنسبة للهوية وكيف ان اللغة والهوية يشكلان ويكونان الواحد الأخر. نأتي الأن إلى المسألة الأهم وهي دور لغتنا القومية  السريانية في تشكيل وتكوين هويتنا بماضيها وحاضرها ومستقبلها.

بعض الحقائق عن لغتنا القومية

لغتنا القومية السريانية لغة مستقلة وهي ليست لهجة من لهجات اللغة التي كانت دارجة لدى الشعوب القديمة في الشرق الأدنى ومنها بلاد الرافدين الا وهي الأكدية.

لغتنا ليست لهجة من اللهجات الأكدية. الأكدية التي سادت بلاد الرافدين بعد إضمحلال وإندثار اللغة السومرية هي أيضا إضمحلت  وماتت. ولا علاقة للغتنا السريانية بالأكدية وإن وجدت بعض المفردات المتشابهة فهذا شأن عام وخاصية عامة لدى كل اللغات في العالم.

ولغتنا السريانية ربما هي من اللغات الفريدة والقليلة في العالم التي حافظت على كلاسيكيتها حيث لا يصعب اليوم على ابناء شعبنا الذين يتحدثون لهجات صافية إن في القوش او بغديدا مثلا على فهم وإستيعاب الكثير من الأشعار والأداب التي تركها لنا مثلا ملافننا السرياني الكبير مار أفرام الذي عاش قبل 1500 سنة ونيف.

وكتابات مار أفرام السرياني لا تختلف إلا قليلا جدا عن كتابات برديصان الذي سبقه تقريبا بثلاثة قرون وكتابات برديصان لا تختلف إلا قليلا عن كتابات من سبقه بقرون.

ولكن قراءة مار أفرام وبرديصان ومن سبقهما – والتي أتمكن منها أنا شخصيا مثلا – لا يعني البتة التمكن من قراءة الأكدية لأن الأكدية لغة مختلفة تماما وتطلّب فك رموزها عقودا طويلة ومضنية من العمل الشاق ومن قبل عشرات لا بل مئات من  العلماء من كافة أنحاء العالم.

والحوليات والرقم وغيرها التي أتتنا من الإمبراطوريات والممالك التي حكمت بلاد الرافدين او العراق القديم جلها بالأكدية. تدخل لغتنا القومية وبقوة وتصبح لغة عالمية في القرون الأخيرة قبل الميلاد مما تطلب من البلاط الأشوري والبابلي وغيره تعين مترجمين يتقنون لغتنا القومية والأكدية في آن واحد لأن التخاطب بين اصحاب اللغات والهويات المختلفة كان شبه مستحيل دون لغتنا القومية كما هو شأن الإنكليزية اليوم.

كنا أصحاب أرقى ثقافة وفنون وحضارة

وكان أجدادنا أصحاب علم ومعرفة وثقافة وفنون وأصحاب تجارة لا سيما في القرون ألأخيرة للميلاد وأسسوا ممالك ودويلات ومدن كبيرة ومحميات قارعت إمبراطوريات كبيرة.

ثقافة أجدادنا التي إحتوتها لغتنا القومية كانت أسمى وارقى من كل الشعوب في حينه فهرعوا إلى إستيعابها وتوطينها ومنهم اليهود والعرب وبقية الشعوب في الشرق الأدنى.

وأقرب اللغات إلى لغتنا القومية هما العبرية والعربية  لا بل اللغتين تعدان لهجتين من لغتنا كوّنتا لنفسيهما كيانا خاصا وهوية خاصة كما هو حال الفرنسية والفرنسيين والإيطالية والإيطاليين والإسبانية والإسبان الذين جرى ذكرهم أعلاه.

هل هناك لغة أشورية او كلدانية؟

 واليوم ليس هناك في كل جامعات الدنيا من يدرس لغة إسمها الكلدانية او الأشورية. هذه أسماء أقوام وجغرافيا في العراق القديم. وهذه الأقوام والأقاليم كانت لغتها الأكدية وبمرور الزمن حلت محلها لغتنا القومية السريانية.

واليوم يقول علماء اللغة وعلماء الإجتماع إن الفرد والمجتمع الذي يكتسب لغة جديدة يكتسب هوية هذ اللغة بمرور جيلين او ثلاث. وهذا حدث لأشقائنا المارونيين السريان الذين بدلوا لغتهم إلى العربية واليوم صاروا عربا أقحاحا أفضل من عدنان وقحطان.

شعبنا والهوية

ونحن اليوم شعب نبحث عن هوية والهوية هي لغتنا – سمها ما شئت لأن هذا لا يغير في جوهرها ومرادفاتها وجملها وعباراتها وقاموسها وصرفها وعلم صوتها وقواعدها التي هي واحدة بإختلاف اسمائنا ومذاهبنا.

مشكلتنا هي الغلو في الماضي السحيق والغلو المفرط في المذهبية والطائفية والتسمية وهذا الغلو والصراع السقيم ومع الأسف الشديد سحبناه إلى أقدس ما نملكه وهو لغتنا القومية – التي هي بحق ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ووجودنا كأمة صاحبة هوية.

والصراع السقيم هذا جعلنا نبتعد عن العلم والأكاديميا ومصادرهما الرصينة المعتمدة ونلهث وراء أي كتاب او مصدر منطلقه مذهبي وطائفي وتسموي وليس العلم والمعرفة إلى درجة أخشى فيها اننا أصبحنا كلنا مزورون لتاريخنا  ولغتنا وهويتنا وماضينا.

وهكذا عندما تحاول مثلا ان تكتشف إن كان مصدر ما او إقتباس او نص ما مثل الذي يردده الكثير من ابناء شعبنا (رابط 1) معتمدا ورصينا ترى أنه لا يساوي الحبر الذي كتب فيه لأنه لا يتم ذكره إلا في الوكيبديا وباللغة العربية.

وموسوعات الويكي – بدّيا وغيرها – لا يجوز الإعتماد عليها والجامعات تنصح طلبتها لا بل قد تعاقبهم إن إستندوا إليها حتى في ابحاثهم الجامعية الأولية.

لنا مئات العلماء وهم أصحاب شهادات رفيعة وهم أساتذة في أرقى جامعات الدنيا ويدرسون ويبحثون ويشرفون على أطاريح جامعية في أقسام اللغة السريانية ولهم دوريات علمية رصينة ومعتمدة وحسب علمي ليس بينهم كلدني او أشوري واحد.

 فلنشمر عن سواعدنا لنمتلك  ناصية لغتنا على المستوى الشعبي والجماهيري كي نعرف ماضينا وندرك حاضرنا ونعد أنفسنا للمستقبل كي لا نندثر ونضمحل وننفني كما إنتهت شعوب وأمم ولغات وحضارت أخرى كثيرة وضاعت معها هويتها.

إن لم ننهض نهضة رجل واحد ونعود إلى لغتنا وبقوة فإن مصيرنا الزوال كما زالت الأمم من قبلنا.

-----------------------------
رابط 1
أنظر الويكيبديا الرابط أدنا والإقتباسين في الهامش. لا يجوز البتة الإستناد إلى هذا الرابط وأي رابط أخر من هذه الموسوعة الشعبية لأن أي واحد منا  بإمكانه إضافة ما يشاء. ما يرد في هذا الرابط وأي رابط أخر في موسعات ويكي يبقى غير موثق ونحن لا نسمح حتى لطلبة الدراسات الجامعية الأولية الإقتباس منها وقد نعاقب طلبتنا إن فعلوا ذلك. ستكون هذه المسائل معتمدة علميا وأكاديميا ومعرفيا إن وردت في موسوعة علمية مثل بريتانيكا وستانفورد مثلا او ضمن مقال علمي منشور في دورية أكاديمية معتمدة. عداه يكون كلام جرائد.

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9

يتفق أغلب الأكاديميين أن لفظتي سرياني (ܣܘܪܝܐ وهي نفسها سوري) اطلقها الإغريق القدماء على الآشوريين[19][20][21] حيث أسقطوا الألف في آشور (Ασσυρία، أسّوريا) لتصبح سوريا (Συρία، سوريا) واستعمل هيرودتوس لفظة سوريا أو "سيريا" في كتاباته للإشارة إلى الأجزاء الغربية من الإمبراطورية الآشورية[22] ثم امتدت التسمية لاحقا لتشمل جميع مناطق أعالي بلاد ما بين النهرين. كان عالم الساميات الألماني ثيودور نولدكه أول من أشار إلى رجوع السريان إلى الآشوريين سنة 1881 حيث استشهد كذلك بأعمال جون سلدون سنة 1617[19] تم إثبات هذه النظرية بشكل قاطع بعد اكتشاف نقوش جينكوي الثنائية اللغة بجنوب تركيا والتي تظهر فيها ترجمة لفظة "آشور" بالفينيقية إلى "سوريا" باللوية.[23]

في مقدمة قاموس ”زهريرا“ (عربي-سرياني) للقسين شليمون خوشابا وعمانوئيل بيتو يوخنا، يذكر أن تسمية ”السريان“ و ”السريانية“ هي تحريف فارسي يوناني للاسم ”آثور“ أو ”آشور“ مستندين في ذلك على ظاهرة تبادل الأصوات (ش - س) أو (ت - ث) بين اللهجتين الشرقية والغربية فتكون التسميتين السريانية والآشورية كمترادفات تعني أحدهما الأخرى. ويعتبران بذلك سريان اليوم ورثة شعوب المنطقة القديمة وورثة اللغة الآرامية، مستندين على كتابات سريانية قديمة لدعم رأيهم كقصيدة للشاعر نرساي (437- 507) يتحدث فيها عن بلبلة الألسنة أثناء بناء برج بابل فيذكر أسماء شعوب مختلفة قريبة وبعيدة مغفلاً ذكر الآشوريين والكلدان والبابليين والآراميين والفينيقيين مكتفياً بذكر السريان (ܐܣܘܪܝܝܐ)، كذلك في تاريخ البطريرك السرياني ميخائيل الكبير (1126 - 1199) يعدد هذا الأخير الأمم والشعوب المعروفة آنذاك «ويقول وبنو سام الآثوريون، الكلدان، اللوديون، الآراميون، وهم السريان».[29][30]








108
ماذا نتعلم من نصيحة حذابيا "إلى الشاب المتحمس أشور كيوركيس"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


شخصيا أتجنب التعليق على مواضيع لا تخصني لأنني إن كتبت شيئا أخشى ان يتحول مسار الموضوع إلىى ما كتبته فيبدا القراء بمناقشة أرائي بدلا من أراء الكاتب. قد تؤشر هذه إلى أهمية ما أكتبه ولكن ليس من المنطق تحويل مسار أي موضوع مهما كان.

ولكن نزولا عند رغبة الأخ فاروق كيوركيس (رابط 1) سأدلو بدلوي وسأثير كما يطلب منا سقراط عددا محددا من الأسئلة. لسقراط تأثير هائل في الفكر والمعرفة الإنسانية لأن طريقته الاستقصائية للوصول إلى الحقيقة تستند إلى إثارة أسئلة محددة وحكيمة ذات علاقة حيوية بحياة المجتمع. وتلقف اولا الشرق ومن ثم الغرب هذا المنهج العلمي وصارت ليس الفلسفة والفكر بل أغلب علوم الحياة بصيغة سؤال وجواب.

المقال بقلم حذابيا وهو على ما يبدو إسم مستعار يأتي ردا على كتابات الأخ أشور كيوركيس. أنا لا علم لي بمكانة حذابيا العلمية والأكاديمية لأننا أساسا لا نعرف من هو وما هو إختصاصه وتحصيله الدراسي ولكن يبدو لي ان الأخ أشور ناشط أشوري وهذا من حقه ولكن كونه ناشط لا يكفي كي نتخذه حجة في ما يأتي به لأن تقريبا كل ما يكتبه لا يخرج عن نطاق الذاتية أي بعيد عن الموضوعية العلمية والأكاديمية.

وما أتى به الأخ حذابيا أقرب إلى العلمية والأكاديمية حسب وجهة نظري، لماذا؟ سنصل إلى النتيجة من خلال إثارة أسئلة محددة كما يطلب منا سقراط. فقط كنت أتمنى ان يترفع الأخ حذابيا عن إستخدام بعض العبارات التي أراها أنها تفتقر إلى الكياسة وهذا مأخذ كان يجب ان لا يقع فيه.

اولا، هناك حوالي 100 جامعة وكلية تدرس لغتنا فيها من الفطاحلة في علم لغتنا والعلماء ما لا يشق لهم غبار. كل هؤلاء يسمون لغتنا السريانية وتراثنا وثقافتنا سريانية. لمن نسمع؟ هل نسمع لهولاء العلماء والأكاديميين ام نسمع للنشطاء الذين لا يملكون من العلم والأكاديميا ما يؤهلهلم حتى لإلقاء محاضرة جامعية واحدة؟

ثانيا، كل النشطاء في صفوفنا – وهنا لا أقصد الناشط السياسي – من الذين يكتبون في كل شيء تقريبا ويقدمون أنفسهم لنا وكأنهم فطاحلة زمانهم لا يجوز الإتكال او اعتماد على ما يأتون به. البحث العلمي والأكاديمي هو الذي يجب ان يسود في قضايا العلم والثقافة واللغة والتراث والفنون وليس ما يسرده النشطاء من اقوال لا يعتد بها علميا. إمنحوني إسم ناشط بين صفوف شعبنا من الذين ملؤا الدنيا ضجيجا قد نشر بحثا علميا أكاديميا رصينا في مجلة علمية معتمدة في المادة التي يكتب فيها. إلى من نسمع؟ هل نسمع للناشط او الأستاذ الجامعي او الأكاديمي الذي أحرق حياته بحثا عن العلم والمعرفة؟

ثالثا، كل شيء لدى شعبنا لا سيما نشطائه – وهم كثر والحمد لله – لا يتجاوز خانة التسمية والمذهبية والطائفية وهذه امور كلها لا علاقة لها بالهوية –الأرض واللغة. من هو أقرب إلى هويتنا، الجامعة التي تدرس لغتنا القومية والعلماء الأجانب الذين يحافظون عليها من خلال تدريسهم أياها وبحثهم في تراثها وأدبها وفنونها وثقافتها ام النشطاء الذين يتقاتلون على امور لا علاقة لها بالمرة بممارستها والمحافظة عليها؟

رابعا، للبحث العلمي الرصين شروطه. لكتابة بحث واحد من حوالي 7000 كلمة لتقرير صحة او خطأ مسألة ما تفرّغ الجامعات الرصيتة أحد أساتذتها لسنة كاملة للقيام به. وإن أنجزه هذا ليس معناه نهاية المطاف. يناقش البحث من قبل اللجنة العلمية في القسم ومن ثم يرسل إلى مجلة علمية معتمدة والتي تحيله اولا إلى هيئة تحريرها ومن ثم يرسل إلى مقيمين للبحث في علميته ورصانته. وفي كل هذه المراحل قد يرفض او يتم طلب إجراء تعديلات كثيرة عليه. لم أر في حياتي بحثا أكاديميا قُبل للنشركما هو في كل المراحل التي ذكرتها. نسبة الرفض في المجلات العلمية الرصينة تصل إلى أكثر من 70% مما يقدم لها للنشر. هذا هو البحث العلمي. أين هذا مما يكتبه نشطاؤنا؟ وهل مرت المصادر التي يستندون إليها بكل هذه المراحل من التقيم والغربلة؟

خامسا، الأكاديمي والعالم لا يهاجم الناس فقط من أجل الهجوم ومن أجل إسقاط وتسفيه كل ما يأتون به لأنه يتعارض مع مواقفهم وعقائدهم ومذهبيتهم وطائفتهم وتسميتهم. يناقشونه برحابة صدر من خلال الأتيان بالبرهان والدليل والحجة العلمية التي تفنده. فمثلا يقول الأخ حذابيا إن كلمة "الموصل" قلما ترد في تراثنا وأدابنا السريانية القديمة التي تستبدل إسم الموصل بكلمة "أثور." العالم والأكاديمي إن أراد تفنيد هذا القول يذهب إلى كتب التراث المكتوبة بالسريانية ويبحث عن كلمة الموصل. إن وجدها وقد تكررت مرات عديدة وفي كثير من الكتب السريانية عندها يكون قد فند ما أتى به الأخ حذابيا. في غياب هكذا دراسة معمقة يبقى ما أتي به حذابيا صحيحا، أي ان الموصل في تراثنا السرياني كان يشار إليهام بكلمة "أثور." الناشط يثور على هذا الأمر. العالم والأكاديمي يأخذ الأمر بروية ويدرسه وإن لم يجد ما يفنده يغير قناعته ويتبع ما أتي به حذابيا. أي ناشط في صفوف شعبنا على إستعداد لتغير قناعته حتى لو أتينا له بدليل من السماء؟

سادسا، الباحث العلمي والأكاديمي لا يستند إلى أي مصدر كان ولا إلى كلمة واحدة هنا وهناك يقتبسها خارج سياقها. مثلا إن قال عالم إن الكتاب المقدس – العهد القديم –  لا يعتد به من حيث العلم والأكاديميا لأنه مليء بالأخطاء العلمية والجغرافية والتاريخية واللغوية (علم اللغة) وغيرها، شأنه شأن اي كتاب أخر يراه أصحابه منزلا،  لإتهمه البعض بالهرطقة. وإن قال إن أغلب المصارد المتداولة بين صفوف ابناء شعبنا وفي هذا المنبر لا تعد مصادر علمية رصينة لأنها مبنية على منطلقات مذهبية وطائفية وتسموية وأنها لن ترى النور في أي دورية علمية وأكاديمية رصينة لهاجمه البعض بما لم ينزل الله به من سلطان. هل سننهض ونتثقف بإستنادنا إلى مصادر ثانوية غير علمية؟

سابعا، نحن شعب فقدنا تقريبا كل شيء. ألأرض تقريبا أضعناها او في طريقنا إلى ضياعها واللغة – الشق الثاني للهوية – نتصارع على تسميتها بدلا من إتقانها وتدريسها والتشبث بها. اليوم نحن الشعب الوحيد في الدنيا – عدا أبناء شعبنا من الذين فلتوا من بطش وإضطهاد وإرهاب مؤسسة الكنسية الغربية في الهند – لا نملك كادر علمي جامعي يقوم بتدريس لغتنا القومية (القلة التي فلتت من إضطهاد مؤسسة الكنيسة الغربية في الهند – حوالي مليونين من مجموع حولي 20 مليون – لها افضل الأقسام العلمية لتدريس والبحث في لغتنا السريانية. بالمناسبة المذهب الغربي لا يزال يضطهد وبصورة بشعة من بقي متمسكا بلغتنا القومية في الهند وتراثها وليتورجيتها، رابط 2). حسب علمي كل الهيئات التدريسية في الأقسام العلمية التي تدرس وتبحث في شؤون لغتنا القومية عدا الهند هم من غير أبناء شعبنا. أي همهم ليس المذهب والتسمية والطائفة وغيرها من الأمور التي نتصارع عليها. من منهم موضوعي ومن منهم ذاتي ينطلق من مصالح تسموية وطائفية ومذهبية؟ النشطاء لدينا ام العلماء الإنكليز والأمريكان والألمان والهنود وغيرهم؟

وأخيرا، أظن أنه ستبدأ التخمينات والظنون من كل حدب وصوب من نشطاء شعبنا لأن الناشط ينطبق عليه مثل: "الطيور على أشكالها تقع." وهكذا ترى الناشطين مجموعات يساند واحدهم الأخر يتشبثون بالمثل العربي السقيم وغير المنطقي: "أنصر أخاك ظالما او مظلوما." وهذه مصيبتنا.

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,708058.0.html

رابط 2

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,706089.0.html

109
كيف غيّر البطريرك ساكو شعبنا وكنيستنا من حال إلى حال في تسعة أشهر فقط؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

مقدمة

أظن أن الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة تحسّ أنها في زمن مختلف.

وقد أشرت إلى هذه الظاهرة مرات كثيرة وقلت أننا مسكونيا من الناحية المؤسساتية الكنسية في زمن البابا فرنسيس الذي دشّن من إصلاحات جذرية في الفاتيكان ومؤسسة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية في اقل من ستة أشهر ما لم يحدث في عدة قرون.

ولن أجافي الحقيقة إن قلت إن الكثير من المفاهيم والتقاليد والممارسات والألفاظ ما كان البعص يعتقد أنه بمثابة "طابو مقدس"  صار أمرا باليا وعبئا على رسالة الإنجيل في التسامح والتقشف والغفران والعطاء ومحبة القريب مثل النفس لا سيما المختلف عنا مذهبا ودينا وعرقا ولونا وجنسا. أي ما يراه بعضنا مما هو خارج نطاق الإنجيل وكأنه اقوال منزّلة قد ولى زمنه إلى غير رجعة. هذا ما علمنا إياه البابا فرنسيس وفي فترة وجيزة جدا.

ومشرقيا صرنا كلنا، أشأنا أم أبينا، في زمن البطريرك لويس ساكو الذي في خضم تسعة أشهر دشن إصلاحات جذرية في كنيسته المشرقية الكلدانية التي من خلالها وبواسطتها جعل هذ المؤسسة تشق طريقها بثبات وعنفوان بعد عقود طويلة من السبات والإحباط والتسيب الإداري والتنظيمي كاد يقضي على الكنيسة الكلدانية كمؤسسة وتنظيم.

تقاطع
   
ولا أظن ان البطريرك ساكو بحاجة إلى مقال أخر من الثناء. وشخصيا وفي الوضع الفكري والموقف الذي أنا عليه لا أخفي تقاطعي الجذري مع البطريركية وإخوتي الكلدان بصورة عامة  من حيث قرأتي الخاصة لتاريخ العلاقة المؤسساتية والتنظيمية والإدارية مع مؤسسة الكنيسة اللاتينية في روما وكذلك الموقف من ليتورجيا ولغة وثقافة ومشرقية كنيستنا الكلدانية. (هنا أسترعي إنتباه القراء الكرام أنني في هذا الصدد لا أعني ابدا الشراكة الإنجيلية والإيمانية).

هذا موقف مبدئي وأخلاقي بالنسبة لي لن أتزعزع عنه مهما كانت التبعات لأن سنده التاريخ وأحداثه ومبرره الممارسات في الماض القريب والحاضر لما له من أثر سلبي بالغ جدا في حياة شعبنا وكنيستنا المشرقية  المجيدة. ولهذا تراني كثير الإشارة إليه غير مباليا بالمتاعب التي يسببها لي.

التقاطع لا يعني التباعد

بيد ان التقاطع في اي توجه فكري لا يمنح لأي واحد منا العذر كي يرمي الطرف الذي نحن في خلاف معه بسهامنا مهما فعل. ومع الأسف فإننا كشعب ومثقفين نعاني من هذه الظاهرة. خلافي مع أي جهة في نقطة او نقطتين لا يمنحنى الحصانة كي أقوم بتسقيط كل ما تقوم به.

الحياة مجموع مواقف وممارسات. قد نفلح في موقف وممارسة محددة ونفشل في مواقف وممارسات أخرى. لذا النزاهة والمنطق يطلبان منا الإنصاف وعدم الحكم على الأخر فقط من خلال نقطة الخلاف.

من هذا المنطلق لا يسعني إلا ان أحث شعبنا الواحد وكنيستنا المشرقية المجيدة انه عليهما إستغلال هذا الزمن الجديد والتعامل معه بإيجابية – كافة الأطراف دون إستثناء – لأنني ومن خلال قرأتي لواقع شعبنا وكنيسته أستشف اننا امام ظاهرة جديدة.

الكنيسة شيء والسياسة شيء أخر

 منذ زمن بعيد جدا ونحن نفتقر إلى قائد يحبنا كلنا ويعمل من أجلنا كلنا ولا يسأل عن أسمائنا ومذاهبنا وكنائسنا. منذ زمن بعيد جدا ونحن نفتقر إلى قائد يجعل وحدة شعبه بإسمائه المختلفة وكنيسته المشرقية بمذاهبها المختلفة هدفا له لا يقبل المساومة رغم الضغوط الهائلة التي يتعرض لها من كافة الأطراف.

منذ زمن بعيد جدا ونحن نفتقر إلى قائد وزعيم ديني ينأى بنفسه ومركزه كجاثالق على قطيسفون وبابل ان يقحم نفسه في مزاريب القومية والسياسة والتسمية التي حولناها إلى صراع وقتال دون كيشوتي كان ولا يزال سببا لتخلفنا.

والبطريرك رئسه الروحي الأعلى هو البابا الذي بذاته حذر الكنيسة من مغبة إقحامها ورجالاتها في مزاريب القومية والسياسة حيث نقلت جريدة الغارديان البريطانية عن البابا فرنسيس مؤخرا قوله ان الكنيسة الكاثوليكية في عهده لا يمكن ولا يجوز لها ولن تقحم نفسها بالسياسة خارج نطاق الدفاع عن القيم الأساسية. (رابط 1).

بعض الأخوة وربما لأغراض خاصة يخلط بين دعوة البابا للكاثوليك (وليس السلك الكهنوتي المتمثل بالمؤسسة الكنسية) إلى المشاركة في الحياة السياسية (رابط 2). الدعوة صريحة إلى عدم تدخل الكنيسة المتمثلة برجال الدين في الشؤون السياسية وكذلك الدعوة صريحة لأتباعها من العلمانيين بالمساهمة الفاعلة فيها.

قدوة حسنة

ومن موقف وحدوي كهذا يقدم لنا كلنا بإختلاف أسمائنا ومذاهبنا قدوة حسنة علينا السعي ما وسعنا إلى تبنيها والعمل في إتجاهها. وكان نداؤه الأخير لنا نحن الذين غادرنا أرض الأجداد في العودة نابعا من حبه لشعبه وكنيسته بإختلاف الأسماء والمذاهب وحرصه علينا وعلى هويتنا من الإندثار والضياع.

ولا أخفي سرا – لأنني أحاول ككاتب أن أكون شفافا قدر المستطاع – أنني ابرقت إلى البطريركية معربا عن رغبتي بالعودة تلبية لنداء البطريرك. وقدمت البطريركية بعض النصائح وسأتصل بجامعة دهوك لهذا الغرض. إن منحتني منصبا أكاديميا يليق بمقامي العلمي وضمن إختصاصي فإنني عائد إلى أرض الأجداد رغم الإمتيازات الهائلة والتي لم أكن يوما أحلم بها التي تغدقها جامعتي السويدية علي. وهذا وعد.

تأثير ملحوظ

ونحمد الله ان خطاب البطريرك ساكو ومواقفه وممارساته في الوحدة بدأت تأتي أكلها حيث تلقفها اساقفته الملتفين حوله وبدأوا يمارسونها قولا وفعلا.

وكلنا رأينا في مدينتنا – يونشوبنك – كيف أن الكلدان والأشوريين تجمعوا بالمئات لإستقبال النائب البطريركي والزائر الرسولي المطران رمزي كرمو والتأثير المباشر لخطاب البطريرك ومواقفه على هذه الشخصية الكلدانية البارزة.

كان المطران كرمو في موعظته وكلماته نموذجا للوحدة التي ينشدها البطريرك حيث قال ما معناه انه زائر رسولي للكل – كلدان وأشوريين –وأنه يمثل البطريرك الذي هو بطريرك الكل وان كنيستنا المشرقية كنيسة الشهداء اليوم تتجسد في شعب واحد ذو تسميتين جميلتين وكنيسة واحدة تحمل ايضا تسميتين جميلتين.

المطران كرموا مثّل البطريك ونهجه الوحدوي خير تمثيل وكم كان رائعا موقف أشقائنا الأشوريين الذي إلتفوا حوله وكأنهم في كنيستهم وأمام أسقفهم.

كانت حقا زيارة ميمونة. كانت هناك سلبيات وبحجم كبير سببها الإرسالية الكلدانية في جنوب السويد. كم كنت أتمنى ان لا تحدث ولكنني سأعزف عن الإشارة إليها والسبب أن عنوان البطريرك وهاتفه وكذلك عنوان نائبه على الكلدان وهاتفه متوفر ليس لي بل لكل الكلدان قاطبة وكافة أبناء شعبنا بصورة عامة، وأحث الكلدان ان لا يترددوا في إيصال كل سلبية يلاحظونها إلى أعلى سلطة كنسية لدينا المتمثلة ببطريرك الوحدة البطريرك ساكو ولا أظن أنه يهمل اي رسالة تصل إليه.

--------------------------
رابط 1

However, the pope criticised the church for having done very little to open dialogue with nonbelievers since the Second Vatican Council.

Separately, he said the Catholic church should not, and would not, during his papacy, involve itself in politics, beyond a defence of its basic values.

http://www.theguardian.com/world/2013/oct/01/pope-francis-narcissistic-papal-curia


رابط 2

http://www.washingtonpost.com/blogs/on-faith/wp/2013/09/16/pope-francis-a-good-catholic-meddles-in-politics/

http://www.zenit.org/en/articles/pope-catholics-cannot-be-indifferent-to-politics










110
رجال أربعة يضعون شعبنا امام خيارين مصيريين لا ثالث لهما


ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبة المختلفة في وضع لا يحسد عليه. ولا أظن انني سأجافي الحقيقة إن قلت إن غالبيتنا الساحقة على بينة من الواقع الإجتماعي المربك الذي نعيشه. ولا أظن أنني سأزيد خردلة على ما يعرفه القارىء الكريم إن دخلت في تفاصيله.

وأمام واقع مأساوي نمر فيه كأقلية وقعت احداث أربعة في الأسابيع القليلة الماضية كان روادها قادة أربعة وضعوا شعبنا امام خيارين مصيريين لا ثالث لهما.

الخياران ومؤشراتهما

 الخياران يتمثلان في شقين أيضا لا ثالث لهما: الشق الأول يتعلق باللغة أي الهوية. وأظن أنني قلت في أهمية اللغة لهوية شعبنا ومن على هذا المنبر ربما ما لم يقله مالك في الخمر. والشق الثاني يتعلق بالأرض. وأدناه ألخّص لقرائي الكرام المؤشرات الخمسة المتوفرة لهذين الخيارين:

المؤشر الأول

كل ما قلته في اللغة – الهوية – لا يرقى خطابا وممارسة إلى ما أتي به البطريرك أغناطيوس يوسف الثالث يونان خلال السنودس السنوي لكنيسته السريانية الكاثوليكية الأنطاكية الذي إنعقد في بيروت مؤخرا (رابط 1). إن أخذنا الشق الغربي لكنيستنا المشرقية المجيدة من خلال واقع الكنيستين السريانيتين الكاثوليكية والأرثذوكسية الأنطاكيتين نكون امام تطور مذهل من ناحيتين أساسيتين وأمام واقع محزن ومؤلم جدا من ناحية أخرى.

الناحية الأولى تتعلق بموقف البطريرك يونان من هوية شعبنا – اي لغته القومية. فهذا اول زعيم ديني لنا يربط مصيرنا كشعب وكنيسة بلغتنا السريانية بشكل واضح لا لبس فيه حيث قال مخاطبا أساقفته وبحضور ممثل رفيع المستوى من كنيسته السريانية الأرثذوكسية – اقول كنيسته لأننا شعب واحد وكنيسة واحدة وهذا ما يؤكده البطريرك بنفسه أيضا حيث يقول:

"أننا بحق كنيسة واحدة وشعب واحد موحّد بالتقليد وباللغة والتراث وباللغة السريانية المقدسة، لغة ربنا يسوع المسيح ووالدته الطاهرة ورسله الأبرار." (رابط 1)

هذا القول يجب ان نكتبه كلنا بماء الذهب لا بل أن ننقشه على جبيننا لأن فيه خلاصنا إن أردنا الحفاظ على هويتنا القومية وهويتنا كمسيحيين  مشرقيين وكنيسة مشرقية بشقيها الشرقي والغربي. وهذا القول يجعل اولا أتباع كنيسته وكذلك الكنائس الأخرى أمام مسؤولية تاريخية، كنسية، إنجيلية، أخلاقية، إنسانية قد يكون الخروج عن نطاقها بمثابة الخروج عن المقدسات.

المؤشر الثاني

والناحية الأولى تتعلق أيضا بالخطوات الكبيرة التي حققها الشق الغربي لكنيستنا المشرقية المقدسة والتي ظهرت جليا في الدعوة الرسمية التي وجهها البطريرك يونان لشقيقه االبطريرك أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكيا للسريان الأرثذوكس.  ورغم أن البطريرك زكا لم يستطيع الحضور لكبر سنه وبسبب عارض صحي ألم به وأستدعى إدخاله المستشفى، إلا أنه أرسل ممثلا رفيعا عنه وهو المطران ثيوفيلوس جورج صليبا الذي قراء رسالته في الإجتماع وأكد على وحدة الشعب والكنيسة وهويته المتمثلة بلغته المقدسة.

ومن خلال اللقطات المصورة  نرى كيف ان البطريرك يونان أجلس ممثل أخيه بطريرك الشق الثاني لكنيستنا السريانية بجانبه وعلى المنصة في السينودس. شعب فيه هكذا قادة عليه ان يستغل الفرصة المتاحة له للنهوض والحفاظ على الهوية. واليوم هناك نهضة لدى اشقائنا السريان وفي كلتا الكنيستين المقدستين الرسوليتين حيث نرى إهتماما متزايدا بلغتنا السريانية وأدابها وفنونها وليتورجيتها الكنسية.

المؤشر الثالث (إضطهاد مستديم)

ونحن في سياق الشق الغربي من كنيستنا المشرقية المقدسة علينا ان لا نغفل الناحية السلبية والتي وصفتها بالمؤلمة والتي لا يمكن لأي مؤمن بالمسيح وإنجيله أن يكون اداتها او واسطتها لأن الإنجيل لا يمكن أبدا ان يسمح بممارسات سوداء وشريرة كهذه.

وكوني حاليا أخص مقالاتي لهذا الموقع من مواقع شعبنا دون غيره علي ربط ما أكتبه بما هو متوافر للقراء من معلومات ذات علاقة في الواجهة وتحت عمود رئسي وهو "صورة وخبر" (رابط 2) حيث نقرأ مقابلة غاية في الأهمية مع المطران ماثيو سكرتير البطريرك زكا لشؤون الكنيسة السريانية الأنطاكية في الهند.

في هذه المقابلة يذكرنا وبصورة غير مباشرة ولكنها ذكية  بالعذابات والظلم الفظيع الذي وقع على شعبنا من أحد مذاهب الكنيسة الغربية  التي لازالت وبعد كل الجرائم الرهيبة التي إقترفتها بحق شعبنا وكنيسته المشرقية الرسولية الجامعة المقدسة تقترف إثم التبشير في صفوفه وتحاول الإستيلاء على عقاراته وكنائسه (رابط 2) وكأن ما إقترفوه من جريمة ضد الإنسانية من خلال محاكم  تفتيشهم وغيرها بحقنا ليس كافيا.

فبعد أن ألغوا وأقصوا الوجود الكلداني في هذا البلد وغيره من المناطق – أكثر من 10 ملايين جرى إضطهادهم بشكل بشع وجرى تبديل قسري لهويتهم وليتورجيتهم وفنونهم وطقوسهم وإرتباطهم المصيري بكرسي بابل وقطيسفون من خلال تطبيق أبشع محاكم تفتيش عرفتها البشرية عليهم – لا زال بعضهم يطبق ذات الأساليب ولكن بأدوات مختلفة  لتشتيت وتغير هوية أشقائنا السريان هناك  وفي مناطق أخرى.

السريان وبضعة الاف من الكلدان إستطاعوا النجاة بجلدهم من محاكم التفتيش اللعينة  ولكن اصحابها مستمرون في غيهم وهم اليوم يحاربون  بذات الأساليب التي حاربوا بها الكلدان ولكن بأدوات مختلفة حيث تقلص عدد  أشقائنا السريان من أربعة ملايين إلى مليونين فقط (رابط 2) كما تقلص عدد الكلدان من 10 ملايين إلى بضعة الاف.

وحتى ما بقي لنا هناك لم يتركوه بسلام فهم في غيهم سائرون ويحاولون سلب وإغتصاب العقارات والكنائس وفرض ثقافة ولغة وفنون غريبة دخيلة عليهم وهذا من أبشع أنواع الإستعمار. أما شعبنا هناك وكما كان شأنه دائما امام بطش مضطهديه من الشرق والغرب فرده على هكذا إنتهاكات فظيعة لهويته وحقوقه هو الإجتماع في  الكنيسة والصلاة وقراءة الإنجيل بينما مضطهديه ماضون في سلب حريته وإغتصاب أراضيه وعقاراته وتغير ثقافته وهويته – لغته – كما  هو شأن مذهب هذه الكنيسة الغربية التي يشير إليها مطراننا من الهند دون تسميتها (رابط 2).

هناك أكثر من 300 مليون مسلم في الهند ومليار من الهندوس. لماذا لا تبشرون في صفوفهم وتركزون علينا ونحن مسيحيين وقراءنا وترجمنا وأستوعبنا الأنجيل وبشرنا به قبل ان تدخلوا المسيحية أنتم بقرون؟ هل هذا ما يعلمنا إياه الأنجيل؟ وهل هناك إنجيل يدعو إلى شق صفوف المؤمنين به وجعلهم أعداء يتحاربون على العقارات والمذهبية والتسمية؟

كل فرد من أبناء شعبنا يحمل ذرة من الغيرة على هويته ومشرقيته عليه إدانة هكذا أعمال لأنها تقترب في كثير من تفاصيلها ما فعله الأغا الشرير سمكو وأصحابه من الكرد والأتراك بفرق كبير وهو ان سمكو كان يقرأ القرأن وهم مسلم وهؤلاء يدعون أنهم مسيحيين ويقراؤن الإنجيل كل يوم ويعلقون الصلبان على صدورهم.

القلة التي بقيت لنا في الهند هي من أكثر مكونات شعبنا تشبثا بلغتنا السريانية المقدسة وهي اليوم تمتلك جامعات ومعاهد ومدارس ومطابع همهما الأول هو الحفاظ على هويتنا – لغتنا – و مشرقيتنا المسيحية من الضياع. لولا الدراسات التي تعني بشؤون لغتنا وما تحويه لنا من  ثقافة  وعلم وفنون وإرث وتاريخ وليتورجيا والتي اخذها على عاتقه أبناء شعبنا من الذين نجو بجلدهم من بطش وإضطهاد وإستعمار المذهب الكنسي الغربي هذا لضاع الكثير من ادبنا ولغتنا وثقافتنا أي وجودنا.

عددهم تقلص بسبب الإضطهاد الذي أتانا من هذا المذهب الكنسي  الغربي من حوالي 15 مليون إلى اقل من  مليونين اليوم. هل حلت بأي شعب في الدنيا كارثة بهذا الحجم. ومن من؟ من الذي يدعي انه يقرأ الإنجيل!!!!!

أنظر إلى الهلع والخوف الذي أدخله هؤلاء المجرمون في قلوب ابناء شعبنا حيث يخشى مطراننا في الهند حتى الإشارة إلى إسم المذهب ويكتفي بالقول: إنهم "يتبعون إحدى (أحد)  المذاهب الكنسية الغربية." (رابط 2).

المؤشر الرابع

وهنا  لا بد من الإشارة إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها البطريرك لويس ساكو بطريرك كنيسة المشرق الكلدانية من أجل توحيد الشق الشرقي – الأشوري والكلداني – لكنيستنا المشرقية المجيدة حيث صار اليوم ليس بطريركا على الكلدان  بل بطريركا لكل أبناء شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة وبإستطاعتنا القول انه ومن خلال نظرته الإنجيلية المستنده إلى إرث كنيسته المشرقية المجيدة وأدابها وقديسيها أنه اليوم وبحق ومن خلال مواقفه المتسامحة التي تدعو إلى إيواء وقبول الأخر كما هو – وليس كما أريده أنا – صار بطريركا وجاثاليقا لكل العراقيين حيث يحترمه ويجله الكل بإختلافهم الديني والمذهبي والطائفي والإثني ومن كافة المستويات.

وكان نداؤه الأخير لنا نحن الذين في المهجر للعودة إلى ارض الأجداد (رابط 4) ودعواته المتكررة المشفوعة بخطوات على الأرض لأشقائنا في أرض الأجداد للتشبث والبقاء والحفاظ على مسيحيتنا المشرقية بهويتها المتمثلة بالأرض واللغة إشارة واضحة أخرى إلى وجود أمل كبير لنا في البقاء والحفاظ على الهوية والوجود.

المؤشر الخامس

وأنا أتحدث عن الخيارين المتوفرين لشعبنا للحافظ على هويته ووجوده لا يسعني إلا ان اذكر وبفخر كبير كلية مار نرساي الأشورية التي تدرس لغتنا القومية السريانية في المهجر –أستراليا. في هذ الكلية يدرس أكثر من 1600 طالب وطالبة وفيها لغتنا السريانية مادة أساسية. والكلية يديرها المطران ميلس زيا الذي يشع حبا وشوقا ويبذل الغالي والرخيص في سبيل كنيسته المشرقة وهويتها المتمثلة بلغتها وأدابها وفنونها وليتورجيتها وطقوسها وطبع من الكتب والمؤلفات بلغتنا السريانية لوحده ما لم تستطيع طبعه مؤسسات كبيرة (رابط 3).

خاتمة

هذه كانت في رأي الشخصي المتواضع أربعة مؤشرات تنبهنا وتسلط الضوء كي تنير دربنا إلى ما يجب ان نفعله للحفاظ على هويتنا كشعب أصيل وعريق صاحب ارقى حضارة وثقافة وفنون وأداب وتراث وإرث في تاريخ البشرية.



 رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,704017.msg6123555.html#msg6123555

رابط 2

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,705990.msg6131253.html#msg6131253
 
رابط 3

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,701579.0.html


رابط 4

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,704970.msg6127236.html#msg6127236





111
مشكلة شعبنا عويصة جدا – تعقيب على نتائج زيارة البطريرك لويس روفائيل لرئس الوزراء العراقي

ليون برخو
جامعة يونشوبك
السويد


مقدمة

في البداية اود القول إن ما أكتبه ادناه اوجهه اولا إلى نفسي قبل توجيهه إلى أي من قرائي الأعزاء. المقال بمثابة مراجعة للنفس.

والمراجعة هذه هي تعقيب غير مباشر على خبر الزيارة التي قام بها البطريرك لويس روفائيل والمنشور على الرابط في أسفل المقال حيث – حسب الخبر – نحصل على وعد من الحكومة العراقية على إعادة أراضينا وأملاكنا التي أخذت من شعبنا عنوة وكذلك العمل جديا على مساعدة الباقين في أرض الأجداد على الثبات والصمود هناك.

مشكلة عويصة

هناك مشكلة كبيرة جدا في خطابنا، سيما نحن كتاب شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة. المشكلة لا علاقة لها بالتسمية، الأزمة التي وصلت إلى درجة من الخطورة على مصير شعبنا حيث يمنع مثلا موقع إعلامي رائد في صفوف شعبنا نشر أي مقال عنها في الواجهة او أحيانا رفع ما يشير إليها من كتابات حتى في المنتدى.

المشكلة حسب وجهة نظري المتواضعة تتعلق بالهوية التي أساسها وحجر زاويتها الأرض واللغة. ولا أظن هناك مفكر او مؤرخ او متضلع في العلوم الإجتماعية ينكر هذين الركنين الحيويين والأساسيين لهوية أي شعب او قوم.

ركنان اساسيان

الركن الأول وهو الأرض خسرناه نحن الذين في بلدان الإنتشار او المهجر. تركنا وغادرنا – لن أدخل في الأسباب – وتركنا وراءنا الأرض إلى اصقاع وبلدان وشعوب مختلفة عنا تماما من كل الأوجه الثقافية واللغوية والفكرية والإثنية وغيرها.

ونحن الذين تركنا الأرض ومنا من باعها وقبض أثمانها إلى الأعاجم والأغراب نمثل في غالبيتنا خيرة وخميرة أبناء شعبنا، أي ان أغلب الكفاءات غادرت الوطن وصار اليوم عدد الذين في الشتات أكثر بكثير من الذين لا زالوا متمسكين بالأرض.

والخطورة على هويتنا ومصيرنا كبيرة جدا. نحن الذين في الشتات قد خسرنا ركنا مهما من اركانها وهو الأرض وفي طريقنا – إن لم يكن ذلك فعلا قد حدث – لخسارة الركن الثاني المهم وهو اللغة.

أشقاؤنا في أرض الأجداد

أشقاؤنا في الوطن – رغم المخاض الرهيب الذي تعيشه المنطقة والذي قد لا تتحمله أسواء اجناس الجن – متمسكون بالأرض بأسنانهم من رجال دينهم الذين يصرون على تفضيل الشهادة على الرحيل ومرورا بتنظيماتهم المدنية والسياسية والإجتماعية.

هم ليس حماة الأرض فقط إلا أنهم حماة اللغة ايضا التي دونها لا هوية لأي شعب كان حيث لهم ولأول مرة في تاريخنا الحديث مدارس من إبتدائية ومتوسطة وثانوية  تدرّس بلغتنا القومية وعددها  في إزدياد وهم في طريقهم إلى فتح معاهد وجامعات.

ولهم أيضا مديريات متخصصة ضمن وزارات التربية والتعليم والثقافة في المركز والإقليم  تدير وتنظم وتؤازر هويتنا القومية من خلال المحافظة على اللغة والأرض.
 
نحن الذين غادرنا الأرض

نحن الذين فينا الخير سافرنا وأبتعدنا عن هويتنا بعد خسارتنا للأرض. ولغتنا نحن في طريقنا إلى نسيانها وذلك بإندماجنا في مجتمعاتنا الجديدة ولا مؤشر للمحافظة عليها كنسيا ومدنيا عدا محاولات متواضعة هنا وهناك.

 ومن بلدان الإنتشار نتحمس ونخطب ونصر– وكله حكي في  حكي لأن لا علم لي إن كنا نحن قد تبرعنا لبناء قرية واحدة او معمل واحد او ربما دكان واحد لأبناء شعبنا.

ولا علم لي إن كنا قد ساهمنا في بناء مدرسة واحدة او بلطنا شارعا واحدا. ولا علم لي إن كان لدينا جمعية لها مساهمات كبيرة في الحفاظ على الأرض واللغة والعمل ممارسة وليس خطابيا على حل مشاكل الذين قرروا الصمود في الأرض.

ورغم أن خيّرنا لم يقدم اي شيء عملي للصامدين في الأرض ولم يعمل أي شيء ملموس للمحافظة على اللغة – الركن الثاني الأساسي للهوية – ترى كل واحد منا يغني على ليلاه بخصوص التسمية والقومية ونحن لم نحرك ساكنا من أجلها.

خطيئتان

أنا حزين جدا. لأنني كلما أراجع نفسي وأنا غادرت الأرض وفي طريقي إلى ضياع هويتي – لغتي – أرى أنني أقترفت خطيئتين.
الأولى، لا أعمل أي شيء عملي ملموس لهويتي – لغتي- ولا أقوم بأي شيء ملموس لمساعدة أهلي وقومي وشعبي الذي لا يزال متشبثا بالأرض واللغة في الوطن.

والثانية، أنني لا أكف مع كل هذه الذنوب بحق هويتي عن الصراخ والحكي والخطابة الطنانة والرنانة عن ما يجب ان يقوم به اهلي في الوطن وأنا بعيد عنهم ليس جغرافيا بل في كل شيء تقريبا لأنني لم أقم بأي عمل ملموس لمساعدتهم والمحافظة على لغتي التي هي هويتي.

ولهذا أظن علينا نحن الذين في بلدان الإنتشار الكف عن الصراخ. الصراخ من قبلنا لن يثني الذين في الوطن على المغادرة ما لم نقدم لهم دعما عمليا ملموسا على الأرض وهذا ما فشلنا في القيام به فشلا ذريعا.

نصيحة

ولهذا أنصح أشقائنا الصامدين في الأرض من رجال دينهم وكنائسهم وأحزابهم ومؤسساتهم المدنية والإجتماعية ومديرياتهم الثقافية والتربوية وكافة شرائحهم على عدم الإكتراث لنا وبنا وبصراخنا.

الذي فيه خير في بلدان الإنتشار (من كلا الجانبين وفي كافة المستويات ومن اي من التسميات) ليحزم  أمتعته ويعود او أضعف الإيمان ليقدم شيئا عمليا للناس هناك من أجل الصمود.

والذي يتغنى بالقومية في بلدان الإنتشار ( من كلا الجانبين وفي كافة المستويات ومن أي من التسميات) لنواجهه بهذا السؤال المصيري: ماذا فعلت لبقاء الناس في الأرض وماذا فعلت للمحافظة ودعم أسس هويتك المتمثلة بلغتك القومية؟

رابط
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,704462.msg6125129

112
كي لا يفوت القطار على زوعا ومعها مصير شعبنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


مقدمة

كتبت هذا المقال بعد التطورات الكبيرة التي بدأت تأخذ ابعادها في تركيا لا سيما رزمة الإصلاحات التي اطلقها رئس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا (رابط 1) وموقع وموقف منظمات شعبنا منها لأن تركيا بخارطتها اليوم كانت موطنا لأعداد كبيرة جدا من أبناء شعبنا وفيها جرت مأسي رهيبة بحقنا حيث أقترفت مذبحة كبيرة وتم إغتصاب معظم أراضينا وكنائسنا وأديرتنا.

 أردوغان وتركيا معه في طريقهما إلى التراجع بعض الخطوات عن التعصب والعنصرية بمنح حقوق الأقليات ونحن من الأقليات التي عانينا الأمرين. وأنا أخاطب زوعا في هذا المقال كونها حركة قومية رائدة ومستقلة ضمن الظروف الصعبة التي نعيش فيها، فإنني من خلالها أخاطب أيضا كل الحركات القومية ذات منهج وحدوي يسمو على الإختلافات والإختناقات المذهبية والطائفية والتسموية هدفه الأرض واللغة فقط وليس غيرهما.

ركزت على الإصلاحات في تركيا في نهاية المقال وخصصت بدايته ووسطة لمخاطبة زوعا كوني وحدوي الهوى همي الأرض واللغة – أي الهوية – التي بالنسبة لي تتقدم على المذهب والطائفة والتسمية.

مشاحنات

دارت مؤخرا سجالات كثيرة حول زوعا وقيادتها. ففي هذا الموقع الإعلامي المؤثر لدى شعبنا الواحد بإسمائه ومذاهبه المختلفة لم يمر تقريبا يوم واحد دون أن نقرأ مقالة او مقالتين عن زوعا.

وكما هو شأن غالبية القضايا المصيرية التي تخص شعبنا، كان هناك أخذ ورد، ذم  ومديح، تباين وإتفاق، ريبة وصدق إلى درجة صار من الصعوبة بمكان ان يرى القارىء اين تكمن الحقيقة.

ورغم أننا شعب صغير مصيره على  كف عفريت ولا يزال  تحت نير الإضطهاد من الكل ومن كل الجهات شرقا وغربا ، إلا ان القارىء من خارج صفوفنا والغير عارف بواقعنا الإجتماعي ربما تصور وكأننا دولة كبيرة تتصارع فيها الأحزاب على كراسي رئاسية ووزارات سيادية وأغلبية برلمانية.

كنت أتوقع من زوعا – التي هي بحق الحركة الرئسية في صفوف شعبنا ذات منهج قومي مستقل ينادي ويناضل من أجل هويتنا القومية المتمثلة باللغة والأرض – ان تكون هي وقيادتها أرفع وأسمى من المشاحنات مثل التي تدور حول التسمية والمذهبية والطائفية التي تعصف بوحدة شعبنا.

كلنا إنصهرنا في بودقة واحدة

زوعا في نظري  هي البودقة التي إستطاعت ان تصهر شعبنا فيها بإختلاف تسمياته ومذاهبة. زوعا كانت ولا تزال تتقاتل من أجل أرضنا ولغتنا – اي هويتنا القومية. زوعا هي حركة قومية إستطاعت تجاوز ليس المذهبية والتسموية بل حتى حدود أرض الرافدين – العراق – بإمتدادها صوب سوريا ولبنان وتركيا والشتات.

أنا لست عضوا في زوعا ولا علاقة شخصية لي او غيرها مع أي من قادتها او أعضائها. ما يجذبني إلى زوعا وما يجعلني أسطر هذ الكلمات هي سياستها القومية ونضالها القومي لا سيما دفاعها المستميت عن الأرض واللغة القومية.

وإنني لا أقسّم زوعا إلى ألف وباء وياء وأعرف صعوبة المرحلة. ولا أظن يحق لي التدخل في شؤونها التنظيمة الداخلية ولو أن زوعا لم تعد ملكا لنفسها – كما هو شأن أي تنظيم قومي أخر – بل ملكنا كلنا.

هل يحق لنا مخاطبة زوعا

ولا شك لدي بوطنية قيادة زوعا وأعضائها السابقين والمستقيلين والباقين ضمن التنظيم.

ولكن أظن أنه لدي الحق أن اخاطبهم كلهم وأقول إن مصير شعبنا في هذه الظروف المصيرية ليس معروضا للمساومة. في كل ما تفعله زوعا وقيادتها الحالية والسابقة والمستقيلة عليها أخذ مصير شعبنا بعين الإعتبار وأنها ليست ملك نفسها بل ملكنا جميعا.

لأول مرة في التاريخ الحديث لدينا أكثرمن 50 مدرسة سريانية في العراق. واي منصف لن يكون بإستطاعته نكران دور زوعا في تأسيسها.

ضعف زوعا ضعفنا جميعا

لذا عندما تضعف زوعا معناه ان مسيرة تثبيت هويتنا في الأرض واللغة تصبح في مهب الريح. وعندما تقوى  زوعا معناه أن الوصول إلى تحقيق أمانينا في الأرض واللغة قد تصبح سهلة المنال.

أمل أن يضع كل قادة زوعا – السابقين والمستقيلين والحاليين  - هذه المعادلة أمام أعينهم في كل حركة يقومون بها وفي كل تصريح  يدلون به.

اليوم الشرق الأوسط والدنيا برمتها في تغير مستمر والأقليات مثلنا ملزمة أن تتحين الفرص حيث لا مجال بقي لها لإضاعة أية فرصة. إضاعة أية فرصة ممكنة لتحقيق طموحنا المشروع في الأرض واللغة ربما تكون نتيجته وخيمة على المستقبل.

هذه قد تكون مقدمة طويلة للموضوع الذي أنا في شأنه والذي عنونت المقال به.

تركيا وأردوغان وحقوق الأقليات

من كان يتصور أن طيب أردوغان رئس وزراء تركيا سيقوم بإصلاحات جوهرية يمنح الأكراد في بلده حقوقا لم يحلموا بها في دولة عنصرية مثل تركيا.

اردوغان سمح للأكراد بتعليم  لغتهم في مدارسهم الخاصة وكذلك إعادة الأسماء الكردية إلى المدن والقصبات والقرى التي تم تتريكها ضمن حزمة إصلاحات جوهرية أطلقها البارحة  (الأحد) (رابط 1) وستعقبها إصلاحات جوهرية أخرى في القريب العاجل.

لا أريد  الدخول في الأسباب التي جعلت أردوغان القيام بهكذا إصلاحات جوهرية ولكن علينا أن نبحث عن حقوقنا نحن الناطقين بالسريانية من الكلدان والأشوريين والسريان.

أردوغان يذكر إسم شعبنا ويعترف بالتعدي عليه

وما جذب نظري وما حفزني لكتابة هذا الموضوع كان ذكر أردوغان لأبناء شعبنا واراضيه المغتصبة في تركيا حيث وعد بإعادة النظر في الأراض السليبة التابعة لدير مار كبرييل السرياني.

ومما لم يذكره التقرير فإن السماح لللغات غير التركية في تركيا يشمل السريانية أيضا وكذلك تأسيس قسم للدراسات السريانية في جامعة أنقرة.

ومن غير زوعا من خلال إنتشاره القومي وخبرته في تأسيس المدارس السريانية في العراق والدفاع عن الأرض بإستطاعته المساهمة  في مشروع كهذا.

نعم هناك لوبي سرياني (مجموعة ضغط) قوي في السويد وأوروبا يضغط على الحكومة التركية. وها هي قد إستجابت للضغط لأن عيونها على السوق الأوروبية المشتركة والإتحاد الأوروبي.

وسوريا أيضا في طريقها إلى التغيير وكذلك لبنان وفلسطين وفي كل هذه البلدان تواجد كبير لشعبنا.

هل تدرك زوعا ما ينتظرها من دور في حياة شعبنا؟ هل تدرك  زوعا أن مصير شعبنا أهم من كل الصراع التنظيمي والمشاحنات التي دارت مؤخرا.

أنا لا أحمل زوعا أكثرمن طاقتها. ولكن في غياب نهج قومي مستقل ضمن الحدود الممكنة في صفوف شعبنا غايته الأساسية الإحتفاظ بالأرض واللغة – مكونات الهوية الأساسية – لا يبقى امام شعبنا اليوم إلا النظر إلى زوعا كحركة جماهيرية بإستطاعتها الترفع عن الصراع المذهبي والتسموي والأخذ بيد شعبنا صوب تحقيق أمنياته وطموحاته الأساسية بالإحتفاظ بأرضه وإسترجاع ما تم إغتصابه والتشبث بلغته وثقافته وفنونه.


رابط 1

http://www.bbc.co.uk/news/world-europe-24330722

113
إلى البطاركة لويس ودنخا وأدي: أهديكم هذه الأنشودة وأنتم على درب وحدة شعبنا وكنائسنا سائرون

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


قمت بإنشاد هذه القصيدة السريانية الرائعة وكنت أنتظر المناسبة الملائمة كي أضعها في متناول ابناء وبنات شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة. إنها أنشودة: ألب البنماران  ܐܠܦ ܐܠܦܢ ܡܪܢ التي تتناغم وتتألف كلماتها ومعانيها ولحنها مع مبادرة الوحدة التي عرضها البطريرك لويس ساكو للبطريرك دنخا الرابع بمناسبة الإحتفال بميلاده الثامن والسبعين:

http://www.ankawa.org/vshare/view/4272/alpanmaran/

القصيدة ابجدية،  أي ان كل بيت فيها يستهله شاعرها بحرف من حروف الإثنين والعشرين لأبجدية لغتنا السريانية الساحرة. ولا علم لي إن كان اليونان او أي شعب أخر من شعوب العالم القديم قد إستنبط هذا الجنس الأدبي الشعري ولكنني على يقين اننا سبقنا به كل الأمم الأخرى من عرب وفرس وأتراك واكراد وغيرهم حيث إقتبسوه منا في أدابهم وتأليفاتهم.

وكلمات هذه القصيدة ومعانيها قريبة جدا من لهجاتنا السريانية المحكية الشرقية منها والغربية. والمؤلف المجهول عبقري ليس في إنتقاء الكلمات والتعابير والمعاني بل في الوزن الشعري وتفعيلاته.
 
شرح القصيدة

فالبيت الأول مثلا يبدأ ب "ألب"  ܐܠܦ والكلمة الثانية تبدأ ب ܐ ܠܦ. ܐܠܦ ܐܠܦܢ ܡܪܢألب البن ماران. أي سيدنا (المسيح)علمنا حرف الألب. ومن ثم يؤكد على دور اللغة السريانية حيث يقول: ܥܣܪܥܢ ܘܬܪܬܥܢ ܐܬܘܬܐ ܐܥܟ ܕܐܡܪܐ ܥܕܬܐ أي  الكنيسة تقول ان الرب علمنا إثنان وعشرين حرفا – وهي أحرف أبجدية لغتنا السريانية. وبعدها يتسأل على لسان الكنيسة ܐܥܬܘ ܠܥ ܒܢܥ ܕܢܙܡܪܘܢ ܒܟܢܪܥ ܕܘܥܕ أين هم ابنائي كي يرنموا لي بقيثارة دأود. ومن ثم: ܘܐܥܬܘ ܠܥ ܒܢܥܐ ܖܠܥܙܥܢ ܒܩܠܐ ܘܩܥܢܬܐ أين هم ابنائي كي يرنموا بالأصوات والأناشيد.

وينتقل الشاعر السرياني المبدع إلى حرف "بيث"  ܒܥܬ    وبعده "كمل" ܓܡܠ وهكذا حتى يصل إلى اخر حروف أبجديتنا وهو حرف ت ܬ وكل بيت يكرر الدعوة لأبناء الكنيسة ويطلب البحث عنهم وإن لم يقوموا بذلك يرجو منحه عنوانيهم كي تقوم الكنيسة بالذهاب إليهم وجمعهم تحت كنفها كي يبدأوا بالإنشاد والتزمير والترنيم بلغتهم السريانية الساحرة من أجلها.

وكل بيت يؤرخ لحدث او رمز إنجيلي او يكيل المديح لكنيستنا المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة. كل بيت من أبيات القصدية الأثنين والعشرين يحث أبناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة إلى التشبث بلغتهم وطقسهم وليتورجيتهم وثقافتهم بالترنيم والإنشاد على الألات الموسيقية وبلغتهم السريانية الساحرة كما كان يفعل دأود النبي على قيثارته وفي مزاميره.

هذه هي كنيسة المشرق المجيدة

هذه هي كنيسة المشرق المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة، رسالة مسيحية أساسها الأول الإنجيل وتعاليمه والثاني هويتها المتمثلة بلغتها وليتورجيتها وطقوسها وقديسيها ومشرقيتها والثالث إستقلاليتها. والوحدة أي وحدة يجب أن يكون هذا منطلقها.

هكذا كانت مكانة لغتنا السريانية لدى كنيستنا المشرقية حيث كان أجدادنا يؤمنون انها لغة مقدسة وأنا اشاركهم إعتقادهم لأن هذه اللغة وبواسطتها حفظنا على أنفسنا كقوم وهوية وعلى كنيستنا ومشرقيتها وتأثيرها وإنتشارها الذي وصل إلى اصقاع الأرض الشاسعة.

لضيق الوقت والمساحة لن أسهب في شرح هذه القصيدة التي تعد من عيون أدبنا السرياني ومن روائع فنونا الموسيقية التي سبقت الدنيا بأصالتها ولكنني أضعها امام بطاركة كنيسة المشرق وأذكرهم وأذكر نفسي وكل البنات والأبناء البررة لهذه الكنيسة المجيدة وهم يشكلون اليوم شعبا واحدا ذو أسماء ومذاهب مختلفة مذكرا ومحفزا على تلبية نداء الوحدة الذي وجهه البطريرك لويس ساكو.

هل تعلمون

هل تعلمون يا قرائي الأعزاء أنه مهما إختلفنا حول أسمائنا ومذاهبنا فإننا شعب واحد وكنيسة واحدة.

هل تعلمون أننا أحفاد سيل لا ينقطع من الشهداء وإن راجعتم شربا دسهذي  ܫܪܒܐ ܕܣܗܕܐ الذي يؤرخ لشهدائنا في القرون الكنسية الأولى لما كان بإستطاعتكم عدهم.

هل تعلمون اننا أصحاب لغة واحدة وتاريخ واحد وكنيسة واحدة وتراث واحد وأدب كنسي واحد وفنون وموسيقي وفلكلور واحد.

هل تعلمون أننا كنا وما زلنا هدفا لإضطهاد فضيع من الكل وكل الجهات – غربية وشرقية – وانه لن يشفعنا أحد غير وحدتنا وتمسكنا بهويتنا المشرقية بلغتها وتراثها وفنونها وأدابها لأننا نعّرف من خلالها وهي التي تعرّفنا وتقدمنا للعالم كأمة عريقة علمت الدنيا ما لم تعلم.

وإلى البطاركة الأجلاء اقول:

إن عيوننا تصبوا إليكم. وحدة كنيسة المشرق لا بد  منها إن أرادت هذه الكنيسة المشرقية الأصيلة البقاء والمحافظة على الوجود والإستمرار وعدم الإندثار والفناء.

وحدة كنيسة المشرق أمانة في أعناقكم وأعناقنا جميعا والتاريخ سيديننا إن أضعنا هذه الفرصة الذهبية.

ستكون هناك عوائق ومطبات ولكن يجب ان لا ننسى ان صاحب النداء قائد من طراز خاص وهبة من الله لشعبنا. له مكانته الخاصة لدى الكنيسة الجامعة وواحد من كبار اللاهوتيين في العالم ومتبحر بتراث ولغة وطقس وليتورجيا وفكر ولاهوت وفلسفة ومنطق وتاريخ ونشأة وإنتشاركنيستنا المشرقية المجيدة.

إن تحولقنا حوله ووضعنا أيدينا بيده فأنا علي يقين انه سيأخذ بمركب كنيستنا المشرقية المقدسة إلى بر الأمان.أليس هو القائل أنه على إستعداد للتخلي عن منصبه والعودة ككاهن بسيط في قرية نائية في سبيل وحدة كنيستنا وشعبنا ووجودنا في أرض الأجداد؟

وختاما فأنا على ثقة ان البطريرك دنخا له من المكانة والحكمة والدراية والعلم ما يؤهله لأداء دور حيوي في وحدة كنيستنا. ويجب ان لا ننسى الشق الأخر لكنيستنا برئاسة البطريرك أدي فهو أيضا أهل للمسؤولية وله من الحكمة والمكانة مما يجعل أمر حل المسائل الشائكة يسيرا.

ولنكن كلنا بمستوى شاعرنا الكبير الذي كتب لنا هذه القصيدة الرائعة حين كانت الشمس لا تغرب على أصقاع كنيستنا المشرقية المجيدة ونحن نتطلع إلى اليوم الذي يكون لنا جاثاليق واحد وشعب واحد وكنيسة واحدة تعيد مجدها التليد وتأخذ بيدنا إلى الأفاق التي أرادها لكنيسته وكنيستنا المشرقية صاحب "ألب البنماران" ܐܠܦ ܐܠܦܢ ܡܪܢ.

114

نظرة في الدين على ضوء ممارسات ودعوات البطريرك ساكو والبابا فرنسيس

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


مقدمة

قلت في مقال سابق إن الخطر الذي تواجهه الأفكار النيرة والأديان التي تدعو إلى المحبة والتسامح، التي يربطها أصحابها بالسماء وغيرها، يكمن في خطفها من قبل المنفعيين الذي يشكلون مؤسسة خاصة بهم ويمنحون بموجبها أنفسهم حق التفسير وحق القضاء والتنفيذ والتشريع.

والخطر يداهم الدين والفكر النير عندما تغرس المؤسسة في أذهان أتباعه ألفاظا محددة حيث يصبج الفكر النير والدين  مسألة قل ولا تقل.  بمعنى أخر يتباهى الناس بخطابهم ويشمئزون لا بل يدينون من يخالف خطابهم ويتهمون من يستخدم خطابا خارج نطاق مداهم اللفظي شتى الإتهامات.

والخطاب بمفهومه العلمي والأكاديمي يضم اللغة نطقا وكتابة والصورة الثابتة والمتحركة والإيقونة والتماثيل والمزارات والطقوس وما يعده أتباع الأديان والأفكار بمثاية القديسين او ائمة او صالحين أحياءا كانوا او اموات. وهذه ليست ظاهرة دينية وحسب. بعض العقائد السياسية والمدنية تكون لنفسها خطابا يشابه في كثير من تفاصيله ما لدى الأديان.

بين اللفظ والممارسة

يفقد الدين والفكر النير ماهيته وجوهره في اللحظة التي يتم إختطافهمها مؤسساتيا وتحويلهما إلى ألفاظ وطقوس وإحتفالات وتجمهرات ظاهرها التشبث بالفكر النير وباطنها رفع شأن المؤسسة ورجالاتها.

ورغم الأبهة والبهرجة اللفظية والخطابية التي ترافق المؤسسات الدينية والمؤسسات العقائدية برمتها، ترى الناس في واد وجوهر الفكر النير والدين في واد أخر. لماذا؟ لأن اول الناس بعدا عن ممارسة الفكر النير سماويا كان او غيره على أرض الواقع هم المستفيدون من وجود المؤسسة التي تحاول، وتفلح في أغلب الأحيان، التشبث خطابيا ولفظيا – حسب المفهوم أعلاه – بكل ما يعزز مكانتها وأمتيازاتها.

البابا فرنسيس والمؤسسة

لا يخفى أنني منبهر بهذا الرجل ومتابع بشكل يومي تقريبا لكل أفعاله وأقواله. إنه هبة من الله لأنه أدخلنا في عالم الممارسة الحميدة والأعمال الصالحة ويريد أخراجنا من عالم المؤسساتية وعالم اللفظة والخطاب. أي لا يهم ماذا تقول، ولا يهم ماذا تكتب، ولا يهم إن قلتَ أنا من الدين  الفلاني او المذهب الفلاني ولا يهم إن قلتَ أن كتابي هذا افضل من كتابك. الحكم هو افعالك، أي الإتكاء هو على الممارسة والأعمال الصالحة وليس على الألفاظ والخطابة.

وهو رغم  منصبه الرفيع كحبر أعظم بدأ بنفسه وثم بمن حوله وثم بكل المؤسسة المهولة التي يقودها – الفاتيكان رغم صغره مساحته يعد واحدا من أكبر مؤسسات الدنيا.

لا اريد الغوص في تفاصيل ما يمارسه هذا الرجل إلا أنه صار منارة وبفترة وجيزة ليس لأتباعه من الكاثوليك بل للدنيا بأديانها ومذاهبها المختلفة وحتى لغير المتدينين لأنه يرفض ان يجعل من خطابه وألفاظه نبراسا وهداية كي يمنح نفسه أسبقية على الأخرين. الخطاب مهما كان جميلا او قبيحا يبقى خطابا. المهم الأعمال الصالحة والممارسة الحميدة. هذه يقوم بها البابا يوميا ويدهشنا يوميا. إنه حقا أدخل المسيحية في عهد جديد تماما.

واخر ممارسة قام بها كان موقفه من الأوضاع في سوريا حيث دعا إلى الصوم والصلاة كي يجنب الله البلد حربا مدمرة. ولأنه يؤمن ان العمل الصالح من أي كان بغض النظر عن الدين والفكر الذي يتبعه هو المحك والمعيار وليس الالفاظ شاركه في الصلاة أتباع كل الأديان والمذاهب وشاركه في توجهه الإنساني هذا حتى العلمانيين.

البطريرك سأكو والممارسة

البطريرك ساكو ادخلنا أيضا نحن المسيحيين المشرقيين في عهد جديد. وإنني شخصيا أرى ان هناك تبدلا في نظرتنا إلى كثير من الأمور التي تخص حياة شعبنا الواحد من الكلدان والأشوريين والسريان في الفترة الوجيزة التي تسنم فيها منصبه وقد يحتاج هذا إلى مقال منفصل لتبيان مداه.

ولكن ما يدهشني عند متابعتي له أنني أرى تركيزا كبيرا جدا على الممارسة، أي أن الخطاب و اللفظة تفقد معناها وتصبح عديمة القيمة ما لم ترافقها الممارسة الحميدة والعمل الصالح. وهنا لن أدخل في مواقفه من حوار الحضارات والأديان والرصيف الفكري الذي يستند إليه – في المقدمة يأتي الإنجيل ومن ثم إرث كنيسته المشرقية المجيدة -  لأن هذا الرصيف بدأ يأخذ مداه ودوره في توجيه بوصلة الكنيسة الجامعة وليس كنيسته المشرقية الكلدانية كونه واحدا من أبرز لاهوتيي العالم.

ولكن دعنا نركز على اخر نداء له والذي وجهه لأتباع كنيسته لمد يد المساعدة لسكان القرى والقصبات من أبباء شعبنا من الكلدان وغيرهم في شمال العراق.

اين نحن من هذه الممارسة؟

نحن بصورة عامة صرنا رهائن الالفاظ والخطاب وغادرنا الممارسة. لأن إن كنا حقا مسيحيين – وأتكلم عن نفسي اولا – لكنا اخذنا نداء البطريرك للتبرع من أجل إخوتنا في العراق محمل الجد لأنه الرئس الروحي المباشر لنا نحن الكلدان الكاثوليك.

كان يجب ان يحدث فورا ما حدث عندما طلب الرئس المباشر للكاثوليك في إسكندنافيا – وهو بدرجة أسقف وليس جاثاليق – مد يد  العون للمحتاجين في العالم لا سيما ضحايا الحروب والمهاجرين وضائقيي اليد والروح.

عندما وصل التوجيه – وكان للتو تم إنتخابي كعضو في مجلس إدارة كاريتاس في السويد – ودون تدخل مباشر من الأسقف تحول الكهنة والشمامسة وأعضاء الكاريتاس إلى شعلة عمل وممارسة فتم تخصيص صينية اول احد من كل شهر للأعمال الخيرية – كاريتاس – وتم الإعداد لممارسات يتم جمع المال فيها للفقراء والمحتاجين مثل الأسواق الخيرية وتقديم الشاي والقهوة والحلويات وغيرها بعد كل قداس لقاء تبرع محدد من قبل المؤمنيين.

ووردنا مالا غفيرا وكان لكاريتاس في السويد مثلا دور كبير في مساعدة المحتاجين ومنهم ابناء شعبنا. واخر نداء من المسؤول الكنسي المباشر كان جمع تبرعات لأطفال سوريا ووضعنا صندوقا من الزجاج امام المذبح في كل قداس وكنا نطلب بعد قراءة الإنجيل من الحاضرين لا سيما الأطفال وضع ما يودنه من مبالغ لمساعدة الأطفال السوريين.

لم أرشح هذا العام لإدارة كاريتاس لكثرة مشاغلي وتركت منصبا خدميا أمضيت فيه اربع سنوات تعلمت منه الكثير كإنسان اولا وكمسييحي ثانيا.

أين نحن من هذا؟

كنت أتوقع ان الكدان الكاثوليك سيهبون فورا لتنفيذ نداء بطريركهم كما فعل الكاثوليك في الدول الإسكندنافية. وكنت أتوقع من الأبرشيات الثلات المتواجدة في الخارج وبعضها يطفو على المال ان تقوم فورا بإعداد خطة متكاملة كما فعل الكاثوليك في إسكندنافيا لتنفيذ دعوة  رئسهم الروحي المباشر. حسب معلوماتي لم وأخشى لن يحدث هذا رغم أن أي مال سيتم جمعه سيذهب إلى إخوتنا وأشقائنا في العراق أي بني قومنا بينما الأموال التي جمعناها في السويد كانت كلها تذهب إلى غير السويديين.

كاريتاس كلدانية؟

آن الأوان ان يكون لكنيسة المشرق الكلداينة كاريتاس – جمعية خيرية – خاصة بها اي جمعية خيرية تساعدنا على الخروج من حكم الألفاظ والخطاب الذي خطف مسيحيتنا ويدخلنا في عالم الممارسة والأعمال الصالحة تشبثا بالبابا فرنسيس وتنفيذا لدعوة رئس كنيستنا البطريرك ساكو.

وعند  تواجدي في كاريتاس كنت قد حصلت على موافقة رسمية  من السلطات الكنسية على إنشاء كاريتاس كلدانية خاصة بنا في السويد ولكن مع الأسف الشديد لم يرى المشروع النور لأسباب لا أريد الدخول فيها.

115
هل سينقذ إجتماع البطريرك ساكو – مع الزائر الرسولي وكهنته – الكلدان في اوروبا من الضياع

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


توطئة

يبدو ان كنيسة المشرق الكلدانية بدأت تشق طريقها في العراق بخطى واثقة صوب حاضر ومستقبل أفضل رغم التركة الثقيلة والصعاب الجمة الناجمة من الوضع السياسي غير المستقر الذي يتغلبه العنف والإرهاب في بلد الأجداد والهجرة المستمرةالتي قد تأتي على نهاية وجودنا على أرضنا.

والدليل على نهضة هذه الكنيسة المشرقية العظيمة المجيدة في العراق كانت زيارة البطريرك لويس ساكو لشمال الوطن لا سيما أبرشية العمادية وزاخو في محافظة دهوك. فبعد غياب طويل يعيد  جاثاليقنا المحبوب الدورالحيوي لهذه الكنيسة كونها كنيسة الوحدة ،كنيسة مسكونية جامعة تتسامى على الفروقات المذهبية والطائفية والإثنية والقومية بين افراد الشعب الواحد ابناء وبنات كنيسة المشرق المجيدة.

وانا شخصيا تتبعت الزيارة ليس من خلال التغطية الإخبارية المملة البعيدة كل البعد عن المهنية الصحفية التي نقلها لنا المتحث او الناطق الإعلامي بإسم البطريركة. أستقيت معلوماتي من خلال الهاتف ومواقع التواصل الإجتماعي لأبناء شعبنا بألوانهم المختلفة وتبين اننا امام ظاهرة فريدة  في تاريخ شعبنا حيث رأى الكلداني والأشوري والسرياني ان القادم بطريركهم وكذلك فعل رجال دينهم.

وكان البطريرك عند حسن ظنهم بخطابه الوحدوي الذي تجاوز كل الخلافات التي تعصف بنا مذهبية كانت او إسمية. وفي كل نشاط قام به تقريبا اراد ان يكون بجانبه اساقفة من الأطياف المختلفة لشعبنا وجعل من زيارته زيارة جامعة مسكونية لكل ابناء شعبنا وليس فقط رعيته من الكلدان.

وسَمِعته  يقول نحن شعب واحد وكنيسة واحدة ولا فرق بعد اليوم بين الكلداني والاشوري والسرياني – خطاب ما احوجنا إليه في ظرف مصيري كالذي نمر فيه. وسمعته وهو يدعو اهلنا في المنطقة إلى الحفاظ على لغتهم وتقاليدهم وثقافتهم.

ماذا عن اوروبا

في اوروبا الوضع يختلف.وبالصراحة والجراءة  التي يعرفها عني القراء اقول إن مقولة: " حارة غوار الطوشي كل من إيدول إلو" التي اطلقتها قبل اربع سنوات لا زالت قائمة دون تغير على الإطلاق.

التغير الكبير الذي حصل كان تنصيب المطران رمزي كرمو زئرا رسوليا على الكلدان في اوروبا وعداه فإن الوضع في تقهقر وهناك خطورة كبيرة ان نضيع ككلدان ومعنا هوية كنسيتنا  المشرقية الكلدانية.

والهوية كنسية كانت او غيرها كما يعرّفها فلاسفة وعلماء اليوم (رابط 1) تتعلق بالأرض واللغة. الأرض خسرناها نحن الذين في الشتات ولم يبقى امامنا غير لغتنا التي تضم في ثناياها ليتورجيتنا وثقافتنا وادابنا وفنوننا الكنيسة وغيرها. هذه كلها في خطر الزوال إن لم نستلحقها.

تعين المطران كرمو منسقا لشؤون الكلدان في اوروبا جاء في محله.  فالمطران مشهود له حبه لمشرقية كنيستنا وليتورجيتها وأدابها وفنونها ولغتها ونحن ننتظر الكثيرمنه.

الشعب والكنيسة التي لا ماضي لها ولا تستند عليه لفهم  حاضرها وإستيعابه وجعله بلغته وثقافته وفنونة وسادة للإنطلاق صوب المستقبل تندثر وتضيع بين الأمم.

إجراءات لا بد منها

شخصيا انا على إطلاع تام على الكثير مما يجري في اوروبا بمجملها وليس السويد فقط. وأنا اضع هذه النقاط في الإعلام 1) كي يطلع عليها ابناء شعبنا من الكلدان و 2) كي يشبعونها نقاشا لا سيما وان البطريرك لويس روفائيل سيجتمع قريبا بالزائر الرسولي وكهنته في اوربا على الأرجح في مطلع أيلول.

والبطريرك له أسلوبه الخاص في الإدارة. حيث يجتمع اولا مع المسؤول  المباشر والكهنة كل على حدة ويستمع إليهم واحدا واحدا ومن ثم يجتمع بهم سوية. وهذا ما فعله في إجتماع سابق الذي ضم الزائر الرسولي السابق والكهنة.

وبالطبع هناك قصور كبير في التمثيل لعدم تواجد تمثيل حقيقي لنا نحن الكلدان لا في الإجتماع الأول ولا في الثاني حيث سيتغيب عنه اي ممثل لعامة الشعب من المؤمنين وسيقتصر على الإكليروس وهذا خطاء في رأي.

وهذا السبب بالذات دعاني إلى كتابة هذا المقال لأننا نحن عامة الشعب المعنين، والإكليروس – مع إحترامي لدرجاتهم – لا يمثلوننا لأن عدم الرض ظاهر على العيان من خلال سيل من المقالات لم ينقطع عن ممارسات مدانة وتصرفات مرفوضة.

ماذا نتوقع

من خلال قرأتي ووجودي في اوروبا ارى ان الكثير من الكلدان يتوقعون قرارات حاسمة وليس إجتماع عابر يعود الإكليروس إلينا وليس في جعبتهم غير "يهديكم البطريرك تحياته." بما أننا لسنا في عهد جاثاليق عادي، جاثاليق وبمدة قصيرة شق طريق للكنيسة برمتها في العراق وليس كنيسة المشرق الكلدانية وحسب، من حقنا ان نتوقع قرارات حازمة لا سيما في الأمور التالية.

الليتورجيا

الوضع الحالي مأساوي. اليوم حتى الصلاة الربانية التي نفتتح بها القداس صارت مسألة خلافية لا نعرف هل نرتلها كما اتتنا من اباء الكنسية او حسب وهز ونفسية الكاهن. واحد يختصرها إلى النصف ولا يكملها واحد يلغيها ولا يبدأ القداس بها. اما القداس فكيفي في اغلبه من حيث اللغة  والترك والإضافة. فهذا له طلبات قد أعدها من تلقاء نفسه وذاك له ترجمته الخاصة وهذا له لغته الخاصة.

اما كتاب الصلوات -  صلوثا دغوا – فهذا حدث ولا حرج. هناك من لا يعترف به أساسا. هناك من يقول انه تم إلغاؤه وهناك من يقول انه تم إختصاره وهناك من يقول غير ذلك. وهناك أيضا من الكهنة والأساقفة من أعد كراسات وطبعات خاصة به دو أذن من الرئاسة او السينودس والأغرب هو ان يكون لدى كاهن واحد كراسات عديدة لليتورجيا الخاصة بنشاط او سر محدد  مثل العماذ وهناك من ذهب بعيدا وترجم  إلى العربية على راحته وبلغة ركيكة مليئة بالأخطاء لغوية وغيرها ...

كيف يجوز وبحق السماء ان يكون وضع كنيسة بعظمة كنيسة المشرق الكلدانية صاحبة أرقى واسمى ليتورجيا في المسيحية بأجمعها بهذا المستوى حيث لا كتاب للصلاة فيها ونحن نأتي إلى الصلاة ولا نعرف ماذا سنرتل وماذا سنقول؟ هذا لا يحدث حتى على مستوى الصف الأول الإبتدائي في أي مدرسة حيث هناك منهج والمعلم والتلاميذ عليهم ممارسته وتنفيذه.

الروزنامة الطقسية

هنا أشير إلى مسألتين مهمتين:

الأولى تخص الروزنامة ذاتها. في الفترة السابقة، كان بإمكان أي قس طبع روزنامته الخاصة وبيعها والحصول على اثمانها ووصل الأمر إلى درجة ان البعض وضعوا صورهم على غلافها.

هذه السنة اطلب من كل الكلدان في اوروبا رفض لا بل تمزيق أي روزنامة يتم طبعها وتوزيعها عليهم دون رخصة واضحة من البطريركية او الرؤساء. لنحزم امرنا ولو مرة واحدة.

الأفضل ان لا نقبل أي روزنامة غير الروزنامة البطريركية. ندفع ثمنها ونحن ممنونين ومهما كان كي يودع ريعه للكلدان والبطريركية في العراق وبالعملة الصعبة. وما أحوج إخوتنا في العراق لهذا المال ونقطع بذلك دابر المستفيدين ومحبي المال والظهور.

النقطة الثانية ربما أهم من النقطة الأولى. الروزنامة الطقسية من حيث الممارسة ماتت ودفنت منذ زمن بعيد في اوروبا وربما  في أماكن أخرى ايضا. وأذكر هنا هذا الشهر (اب) فقط  حيث كان فيه عيد التجلي وتذكار سيد شهداء كنيستنا المشرقية مار شمعون برصباعي وعيد العذرا مريم (شونايا) وبعده مر تذكار الشهيد قرداغ وغيره ولم  نحتفل بهم او نصلي او نقدس تذكارا لهم.

اللجان الكنسية

نأمل قرارا حازما في هذا الشأن. إما ان تكون القرارت المتخذة فيها ديمقراطية أي بأغلبية الأصوات او إلغائها فورا. الوضع الحالي يشير في كثير من الأحيان إلى دكتاتورية شمولية، اي الكاهن هو صاحب القرار والكل في الكل. وهذا خطأ.

[i]الشؤون المالية[/i]

أمل ان  يتم إبعادد الإكليروس كليا عن المسائل المالية شريطة منحهم رواتب مجزية تقدم لهم مستوى معاشي جيد.

دور العلمانيين

الكنيسة ليست فقط الإكليروس. إما كلنا كنيسة او ليس هناك كنيسة. إذا ما هو دور الشمامسة؟ وما هو دور المؤمنين وهل لهم حق في إبداء الأراء وكيف؟

ما هي هويتنا؟

هويتنا الكنسية مشرقية كلدانية تتمثل في لغتنا الساحرة وليتورجيتنا وفنونا وثقافتنا الراقية. هنا لا أخفي شخصيا أنني أتقاطع في بعض التوجهات حتى مع رئاسة الكنيسة. في اللحظة التي نفتقد فيها لغتنا وثقافتنا وادبنا الكنسي المشرقي إقرأ على هويتنا الكنسية والقومية السلام. هذا ليس رأي. هذا رأي العلماء والفلاسفة وهذا ما لا تقبل ان تسغني عنه حتى الكنيسة السويدية الكاثوليكية التي بالكاد يتجاوز اتباعها بضعة الالاف ونحن الكلدان أكثر منهم عددا ولكن اقل منهم بكثير إكتراثا بهويتنا.

بضع عشرات من السويدين الكاثوليك يتشبثون بلغتهم وثقافتهم وفنونهم ولا يتازلون عنها امام مئات من الكلدان الذين يحضرون معهم. لو حضر سويدي واحد في كنيستنا لغير كهنتنا ليس اللغة بل حتى الفنون والأداب والثقافة من أجله. هذا حدث عندما إقتحم التعريب معاقل كنيستنا.

التفسير الفلسفي لهذه الظاهرة

يناقش الفلاسفة المعاصرون منهم فوكو وهبرماس وفيش وسعيد ظاهرة الإستشراق من خلال تحليل الخطاب ويؤشرون ويبرهنون كيف حاول ويحاول المستشرقون الغربيون بكافة فئاتهم مدنية وكنسية فرض ثقافتهم وألفاظهم وطرقهم على الأضعف منهم. وهناك مصطلح متداول في الأروقة الأكاديمية وهو: "الأمبريالية الثقافية" يحاول بواسطته الأقوياء فرض ثقافتهم على الضعفاء.

هذاحدث وما زال يحدث من خلال حملات التبشير الغربية التي هدفها كان ولا يزال جعلنا مسيحيين (وكأننا كفرة) ولكن حسب الفاظهم ولغتهم وثقافتهم. وحدثت مأسي كبيرة في الماضي من جراء هذه السياسية. ولكن يجب ان نعلم ان هناك تغير كبير حدث في النظرة للأخر لاسيما لدى الفاتيكان حيث التوجه اليوم هو عكس الماضي، اي العمل على ان يحافظ الشرقيون على كل ما لديهم كما يرونه هم وليس كما تريده روما او غيرها.

وهذا التوجه الجديد يسمح لنا ان نقول وأن نمارس لغتنا وليتورجيتنا وطقوسنا وأزيائنا حسب لغتنا وثقافتنا وتقاليدنا وفنونا ويسمح لنا ان نُخرج ما تم إقحامه من ثقافات دخيلة وأجنبية، أي نحن الكلدان يجب ان نعلم اننا لسنا  لاتين. نعم نشترك معهم في تبعيتنا للكنيسة الجامعة التي يرأسها أسقف (بابا) روما. ولكن اللاتينة ثقافة وليتورجيا وطقوس وأزياء ولغة وتاريخ واعلام وقديسين وغيرهم والكلدانية أيضا لغة وثقافة وليتورجيا وطقوس وتاريخ وفنون واعلام وأزياء وقديسين وغيرهم.

 لماذا إذا لا يقبل اللاتين تغير حرف مما لديهم من أجلنا او إقحام حرف مما لدينا في ثقافتهم وليتورجيتهم ونحن نفتح الباب على مصراعية لهم. هل تعلمون ان هذا يعارض الدساتير التي وضعتها الكنيسة الجامعة (الفاتيكان) في القرن الماضي حيث ترفض إقحام الثقافة الغربية بأي طريقة كانت بالطقوس الشرقية وتدعو لا بل تفرض على الشرقيين من الكاثوليك الحفاظ والإلتزام بكل ما لديهم. وسأعود إلى هذا الموضوع الحساس والمهم في مقال قادم بعون الله.

عدد الكهنة

عدد الكهنة غير كاف. الكاهن الواحد يخدم عدة مدن والخدمة تقتصر على قداس مرة او مرتين في الشهراو اقل حيث  ان الكلدان منتشرين في بقاع وامصار ومدن وقصبات وقرى. ومن هنا علينا العودة إلى الجذور والأصالة والعودة تشرّعها لنا دساتير الفاتيكان ذاته. وهنا ادعو البطريرك لويس روفائيل إلى رسامة شمامسة متزوجين كهنة كما كان يفعل اجدادنا وكما فعل هو نفسه عندما كان رئس أساقفة كركوك وكذلك إلى رسامة شمامسة إنجيلين يمنحون الصلاحيات الممنوحة لأقرانهم من اللاتين لمساعدة الكاهن والقيام بالمراسيم والصلوات والنشطات التي تجيزها لهم دساتير الفايتكان.

وأخيرا

اضع هذه النقاط امام ابناء شعبنا من الكلدان في الشتات وامل ان يشبعوها نقدا ونقاشا بناءا  والبطريرك في طريقة لعقد هذا الإجتماع المهم ونحن لنا زائر رسولي جديد. وامل ان يشاركنا في النقاش ابناء شعبنا من المكونات الأخرى من الأشوريين والسريان وغيرهم لأننا شعب واحد وكنيسة مشرقية مقدسة رسولية جامعة واحدة.  اقول هذا وانا اعلم ان البطريرك لا تفوته قراءة أي مقال يخص كنيسته وشعبه وهو يتفاعل معه حتى وإن تقاطعنا مع افكاره وتوجهاته.

رابط 1

أنظر Roger Scruton الفيلسوف والمؤرخ البريطاني المعاصر

http://www.rogerscruton.com/articles.html

http://www.bbc.co.uk/news/magazine-23810527

http://roger-scruton.blogspot.se/

116
قراءة نقدية في أخر إحصاء رسمي عن الكلدان في العراق والعالم ومدلولاته لحاضر ومستقبل شعبنا

ليون برخو
جامعة ينشوبنك
السويد


ليس هناك اليوم أرقام نزيهة حول أي شيء مرتبط بالعراق. كل إحصاء – عدا إحصاء 1957- لا بد وأن تتخلله بعض الشبهات حيث تتدخل فيه السياسة وشؤون مذهبية وطائفية وأثنية وغيرها مما يجعل الباحث والأكاديمي في شك كبير.

ولهذا كانت دهشتي كبيرة وفرحتي غامرةعندما وقعت عيناي وبمحض الصدفة على جدول إحصائي عن عدد الكلدان الكاثوليك في العراق والمهجر لا سيما وأن ناشريه – وهم منظمة كاثوليكية تابعة للفاتيكان – مشهود لهم النزاهة والصدق والأمانة والدقة في النقل عند تداول مختلف الشؤون المسيحية (رابط ا).

وربما هذه الدقة والأمانة جعلت بعض المواقع الكلدانية نشره على صفحاتها. (رابط 2).

وقبل تقديم قرأتي كأكاديمي لهذا الإحصاء المهم (أنظر الجدول في نهاية المقال) وتفسيره ووضعه ضمن سياقه التاريخي العام الخاص بشعبنا الواحد (لا سيما المكون الكلداني منه) أمنح القارىء بعض المعلومات عنه وانقل له بعض الأرقام دعما لما سأثيره من نظريات حول حاضرنا ومستقبلنا كشعب واحد، كلدانا كنا او اشوريين او سريان.

 الإحصاء

يتناول الإحصاء خمسة جداول. هناك تباين كبير في الأرقام النهائية ولكن هذا لا يقلل من مصداقية الأرقام. التباين مرده لأن شعبنا الكلداني شأنه شأن المكونات الأخرى من السريان والأشوريين كان ولا يزال في حركة (حالة عدم إستقرار) دؤبة بسبب الحروب إبتداءا بالحرب العراقية الإيرانية العبثية والمدمرة التي إستمرت ثمانية أعوام 1980-1988 وبعدها غزو وحرب الكويت والحصار الإقتصادي الخانق ومن ثم غزو العراق في عام 2003 وما أفرزه من كوارث ومخاصصات طائفية ومذهبية وعرقية مقيتة نشبت بسببها حرب أهلية دمرت بنيان العراق الإجتماعي وكان شعبنا كأقلية من أكثر ضحاياها.

هذا لا يعني ان الأرقام نهائية ابدا. قد نحتاج إلى عدة سنين أخرى كي نعلم بالضبط كم هو عدد سكاننا. بيد ان الجدول يستند إلى الأبرشيات الكلدانية في العراق والخارج لأنه يحتوي أيضا على إحصائيات بعدد الأساقفة والكهنة والشمامسة وغيرهم من هم في سلك الإكليريك والرهبنة.
وشخصيا ما يهمني في هذا التقرير وما سأركز عليه هو جدول عام 1999 وجدول عام 2013 فقط. الجدولين أراهما أقرب إلى الحقيقة وواقع شعبنا الكلداني.

عام 1999 وعام 2013

في عام 1999 بلغ عدد الكلدان الكاثوليك حسب الإحصاء هذا 469,764 نسمة. في عام 2013 وصل إلى 536,525 حسب المعلومات التي إستقاها المصدر من ألأبرشيات الكلدانية في العراق والمهجر.

وإن تفحصنا هذه الأرقام لرأينا ان الغالبية من الكلدان 292,554 تعيش في المهجر لا سيما الويلايات المتحدة ولرأينا كذلك عدد الكلدان في العراق يبلغ 243,971 غالبيتهم لا يزالون في بغداد 150,000وأن التجمع الثاني للكلدان في العراق بعد بغداد هو في المحافظات الشمالية حيث يبلغ عددهم 93,971 . ونلاحظ أيضا ان عدد الكلدان القاطنيين في منطقة الحكم الذاتي – إقليم كردستان – يبلغ حولي 72,000.

ماذا يذكر الموقع من معلومات حول شعبنا من الأشوريين

أرى ان هناك محاولة جادة للحيادية في الموقع الكاثوليكي هذ لا سيما فيما يخص تاريخ كنيستنا المشرقية والمحاولات التي جرت من قبل مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية لتجريد شعبنا من هويته الكنسية المشرقية لا سيما في الهند. (رابط 4)

ولكن ما يثير الإنتباه والدهشة هو ما يقدمه الموقع من معلومات عن كنيسة المشرق الأشورية حيث ينسب إليها وإلى تسميتها الأشورية معظم تاريخنا الكنسي إلى فترة الإنشقاق ويشير بعبارات ملؤها المحبة إلى الإتفاق التاريخي الذي جرى بين هذه الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة وبين الفاتيكان. وهاك  ما يرد في الموقع من سرد لهذا الإتفاق المفصلي الذي قرّب الكنيستين وجعلهما تقريبا كنيسة واحدة ويقتبس الموقع من الإتفاق قائلا:إن الكاثوليك والأشوريين "متحدون اليوم في الإعتراف بذات الإيمان في المسيح إبن الله ...الخ ".  وشخصيا لا أعلم ماذا ينتظر الطرفان لتطبيق هذا الإتفقاق المهم على أرض الواقع كي ننهي الخصام المذهبي السقيم بيننا.

وحسب الموقع فإن عدد أتباع كنيسة المشرق الأشورية يبلغ حوالي 400.000 (راجع رابط 5 أدناه حول التفاصيل).

إستنتاجات

هذه إستنتاجات عامة أي بمعنى أخر في الإمكان مناقشتها وربما دحضها إن قدم أي شخص إستنادا إلى مصدر أخر رصين إحصاءات مختلفة لا سيما مثلا البطريركية او أحد الأبرشيات التي لديها أرقام تناقض الأرقام التي وردت في الأحصاء. عداها لا نخرج كلنا من باب التخمين ويبقى الإحصاء هذا معتمدا رغم نواقصه.

اولا

زيادة السكان بالنسبة للكدان حسب الإحصاء بين السنتين اللتين إتخذتهما كمعيار اقل بكثير من النسبة المعتمدة لزيادة السكان في العراق وهي حوالي 3.5 في المائة لأن حسب هذه النسبة لكان عدد الكلدان اليوم اكثر من 770.000 نسمة. السبب قد يكون ان غالبية الكلدان اليوم في المهجر لا سيما الدول الغربية حيث نسبة زيادة السكان تكاد تكون معدومة.

ثانيا

الأرقام قد يكون مردها التسرب الكبير من داخل كنيسة المشرق الكلدانية  إلى الكنائس الأخرى لأسباب عديدة لا أريد الدخول فيها حيث جرت مناقشتها في هذا المنبر من قبل الكثيرين وبإسهاب.

ثالثا

مهما كان من أمر فإن كنيسة المشرق الكلدانية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة في أفول قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إندثارها – بمعنى فقدانها لهويتها ولغتها وثقافتها وأدابها وليتورجيتها الكنسية المشرقية التي كانت ولا زالت هدفا لهجمة كبيرة اولا من قبل مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية التي سلبت منها مناطق شاسعة وملايين من الأتباع في العالم. في الهند مثلا وغيرها من المناطق قام اللاتين بما يشبه غزو ثقافي ولغوي يرقى في كثير من تفاصيله إلى جريمة ضد الإنسانية حيث جردوا قسرا وظلما وعنفا حوالي عشرة ملايين كلداني هندي من هويتهم المشرقية الكنسية الكلدانية. وقد تطرقت إلى هذا الموضوع في السابق.

وما هو جدير بالذكر ان الموقع الكاثوليكي الذي أستقيت الإحصاء منه يشير إلى هذه المأساة وكيفية فرض الثقافة والأداب ولليتورجيا الكنسية اللاتينية من خلال محاكم التفتيش اللعينة على أتباع كنيستنا المشرقية الكلدانية المجيدة (رابط 4).

ولكن يجب ان لا ننسى ان الهجمة اللاتينية مستمرة ولو بأشكال أخرى وصيغ أخرى حيث يجري الأن تجريد اتباع هذ الكنيسة العظيمة وفي كثير من المناطق إن في المهجر او في الداخل من ادابهم وثقافتهم وليتورجيتهم ولغتهم الكنسية وتبديلها باللاتينية المعربة ومع الأسف هناك الكثير من الكلدان ومن ضمنهم  اعضاء في الإكليروس الكلداني يدفع في هذا الإتجاه حيث التعريب مثلا جار على قدم وساق حتى في المهجر حيث لا حاجة إليه ابدا.

رابعا

ومهما كان من أمر فإننا لا نستطيع ان نجزم ان كل أتباع الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية هم كلدان. هناك تداخل في المسألة الكنيسة ومسألة الهوية أيضا. هناك أشوريون اتباع لهذه الكنيسة وهم بالطبع يشتركون معنا نحن الكلدان في كل شيء من حيث الهوية والثقافة والتاريخ الذي تضمه ثنايا لغتنا المشتركة وليتورجيتنا وأدابنا الكنيسة المشتركة.

هناك ايضا مشكلة كبيرة فيما يخص الهوية الكنسية هل هي لاتينية ام عربية ام فارسية ام كردية حيث هناك الأن دعوة إلى إستخدام كل اللغات وهذه من وجهة نظري ضربة قاصمة للهوية الكدانية الكنسية والقومية وبمرور الزمن (جيل او جيلين) وكما يقول علماء علم الإجتماع وعلم اللغة فإن مستخدمي اللغات الأجنبية هذه سيكتسبون ثقافة وهوية اللغة الجديدة.

والهوية مسألة اراها عويصة جدا بالنسبة إلينا نحن الكلدان لأن الكثير منا وبينهم رجال الدين أساسا لا يعيرون أية أهمية للهوية الكنسية المتمثلة بالأداب الكنيسة والليتورجيا واللغة وأخر تقليعة في اوروبا كانت ترجمة الأناشيد الكلدانية (عونياثا) التي ربما لا مثيل لها في العالم إلى العربية وفرضها على الشمامسة والناس لإنشادها بهذه اللغة.

 وأغرب حالة عاينتها كانت إدخال اللغات المحلية الأوروبية في الكنيسة. أي يريدون منا ان ننشد لبتوهفن وماندل وباغ وموزرت ونحن كلدان وباللغات الأوروبية في كنيستنا. لماذا كل هذا العناء؟ نذهب نحن وعوائلنا إلى الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية حيث ينشدون لهؤلاء العمالقة من خلال ليتورجيتهم وبلغتهم. ولكن أقول إن ما لدينا أرقى واسمى وأرفع شأنا تاريخا وفلسفة ولاهوتا ولغة وموسيقى مما لدى اللاتين.
ولكن للتذكير فإن اللاتين في اوروبا لو قتلتهم وذبحتهم ولو كان الكلدان يمثلون أكثر من 90% كما هي الحال في كثير من المناطق من رواد كنيستهم لما قبلوا ان ينشدوا او يقراؤا حرفا واحدا بلغتنا القومية.

ولكن لو كان عدد المهاجرين اللاتين 90% - اي لو عكسنا الأية – لقام اللاتين ليس فقط بتغير ليتورجيتنا ولغتنا وأدابنا بل لإحتلونا وأخذوا كناسئنا منا وأحرقوا حتي كتبنا كما فعلوا في الهند وغيرها من المناطق.

خامسا

إنْ وضعنا هذا الإحصاء في سياق تعداد شعبنا من المكونين الأشوري والكلداني لنلاحظ تقارب في أتباع الكنيستين  المشرقيتن الأشورية والكلدانية حيث يذكر الموقع ان أتباع كنيسة المشرق الأشورية يبلغ حوالي 400,000 .

وكما نعلم هناك شق اخر لكنيسة المشرق الأشورية وهو كنيسة المشرق القديمة. الموقع يبدو انه لا يذكرهم ولهذا حاولت الحصول على عدد تخميني من خلا الإتصال بجهات عديدة. ما توصلت إليه هو ان عددههم قد يصل إلى 250,000 . أي قد يكون عدد اتباع الكنائس المشرقية (الكلدانية والأشورية) متساويا.

وأخيرا
أمل ان ينمحنا القراء الكرام ما بحوزتهم من وثائق وإحصائيات لا سيما ما تملكه البطريركيات الثلاثة لكنيسة المشرق وأبرشياتهم من أرقام معتمدة وحديثة لعدد أتباعهم إستنادا إلى سجلات العماذ والوفاة.

رابط 1
http://www.cnewa.org/home.aspx?ID=26&pagetypeID=12&sitecode=HQ
رابط 2
http://www.kaldaya.net/2013/News/08/Aug09_E2_ChaldeanNews.html


رابط 4
http://www.cnewa.org/default.aspx?ID=60&pagetypeID=9&sitecode=HQ&pageno=1

رابط 5

A milestone in relations with the Roman Catholic Church was reached on November 11, 1994, when Mar Dinkha IV and Pope John Paul II signed a Common Christological Declaration in the Vatican. The statement affirms that Catholics and Assyrians are “united today in the confession of the same faith in the Son of God…” and envisages broad pastoral cooperation between the two churches, especially in the areas of catechesis and the formation of future priests.

http://www.cnewa.org/default.aspx?ID=1&pagetypeID=9&sitecode=HQ&pageno=2


للإطلاع على الجدول الإحصائي عن عدد الكلدان الكاثوليك في العراق والمهجر، إذهب إلى:

http://www.kaldaya.net/2013/News/08/Aug09_E2_ChaldeanNews.html






117
عندما يتحول الدين والمذهب والفكر النير إلى مجرد الفاظ وأقوال

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


سأحاول في هذا المقال تقديم عرض موجز لفلسفة تحليل الخطاب (اللغة) لقرائي الكرام وسأتجنب الجانب النظري قدر المستطاع من خلال منحهم امثلة حية من الواقع الإجتماعي مقارنا ومقاربا ما لدينا بما لدى الأخر المختلف عنا.

ولكن قبل الدخول في صلب الموضوع علينا تقديم تعريف موجز لما نعنيه بالخطاب وما نستند إليه عند تحليله. وتحليل الخطاب اليوم مدرسة قائمة بذاتها يدرس في أمهات الجامعات وتمنح في درسه مئات الشهادات الرفيعة وتستخدمه العلوم الإجتماعية برمتها وبدأ يأخذ مداه في العلوم الأخرى منها الطب ومدارس التمريض والإقتصاد والعلوم الطبيعة بإختلافها.

ما هو علم تحليل الخطاب

لنبدأ اولا بالخطاب وما نعنيه عند ذكرنا له. الخطاب مادته الأساسية اللغة إلا أنه أبعد من اللغة بالمفهوم العام لأنه يشمل أي رمز يستخدمه البشر لغرض إيصال معلومة او رسالة ما. وهنا ندخل في مضمار ليس اللغة فقط بل اللباس والحركات والإيماءات والإشارات وكل الرموز من أزياء رجال الدين والعسكر وغيرهم، والأولياء والقديسين والرموز الدينية والعلمانية والصور المتحركة والثابتة والتماثيل والإيقونات والمزارات وغيرها كثير. كل هذه جزء لا يتجزء من الخطاب.

كيف نحلل الخطاب؟

هناك مدارس عدة ولكاتب السطور باع متواضع فيها ولكن أهمها طرا هي التي تستند إلى فلسفة سقراط وتركيزها على نظريته الداعية إلى  فرز الممارسة عن الألفاظ (الخطاب).  هذه النظرية طورها كثيرا ماركس في فلسفته التي ينتقد فيها سطوة المؤسسات بكافة أشكالها والبون الشاسع بين ألفاظها وممارساتها ونحن مدينون له كثيرا في هذا.

ومن الفلاسفة الكبار الأخرين يأتي هورخيمر وهبرماس وفوكو الذين منحونا الوسائل النظرية والعملية لتحليل الخطاب وعليهم يستند اليوم علماء الخطاب لتحليل المؤسسات بكافة أشكالها – أي تفسيرها لنا كما هي حقيقتها الإجتماعية وليس كما يريد اصحاب السطوة فيها ان نراها.

علم الخطاب والدراسات الدينية

بدأت دراسات تحليل الخطاب تدخل في بعض العلوم الدينية ولو ببطء وإستحياء والسبب واضح. الفلسفة عدوة الدين كمؤسسة لأنها تعري المسيطرين عليه – أي رجال الدين – وتظهرهم اولا كأناس عاديين رغم الخطاب والألفاظ الكثيفة التي يغطون أنفسهم بها – لباس خاص رموز محددة ازياء مزركشة أثناء الطقوس وغيرها كثير – وثانيا كأناس همهم إستغلال الأخر من نفس الدين والمذهب لا سيما ألأدنى منهم مرتبة أي أتباعهم – من خلال تلقينهم الفاظا محددة ينتقونها بعناية فائقة ويركزون عليها دون غيرها من النصوص كي توائم توجهاتهم المؤسساتية البحتة، وثالثا منح ما لديهم من الفاظ وخطاب مكانة اسمى في السماء والأرض مما لدى الأخر المختلف عنهم دينا او مذهبا.

وكل فرقة او مذهب في أي دين يبني مؤسسته على الفاظ محددة اغلبها دوغماتية – أي لا يهم إن فهمها مرددوها. المهم إيمانهم المطلق بها وترديدها كدفاع عن مؤسستهم. وكل فرقة او مذهب من أي دين كان تبْني نفسها على شكل هرم او مثلث تضع على قمته رجل – وليس إمراءة على الأقل حتى الأن في ألأديان والمذاهب الرئسة– تمنحه مقدرات فوق الطبيعة وهالة من القداسة والمكانة يفتقدها كل من حوله او أبعد منه ضمن نطاق المؤسسة.

وتبدأ الطبقات بالظهور. فالقابع على قمة الهرم له زيه الخاص وعلامات فارقة وكل طبقة لها علامة فارقة تميزهاعن الأخرى حتى نصل إلى عامة الناس الذين لا تميز لهم ويجري تلقينهم منذ الصغر خطابيا ولفظيا لتميز فرقتهم ومذهبهم عن الأخرين.

وتدعو هذه الفرق والمذاهب لفظيا وخطابيا إلى  المساواة ولكن هذه كذبة كبيرة لأن اكثر ما تخشاه المؤسسة الدينية – حتى الأن – هو المساواة مثلا السماواة  بين الرجل والمراءة في إعتلاء المراكز العليا في الهرم وتخشى النظام المدني الحديث لا بل ترى فيه خطورة على وجودها فتحاربه ولكنها في نهاية المطاف تنصاع صاغرة امام قوانينه. أنظر مثلا كيف ان الكثير من المؤسسات الدينية في اوربا منها الكبيرة جدا بدأت تنهار امام ضغط المؤسسة المدنية التي تساوي اليوم بين مثليي الجنس وغيرهم وهناك أمثلة كثيرة أخرى لا مجال لذكرها، أترك شأنها لقرائي الكرام.

ما هو دور علم الخطاب

علماء الخطاب يقولون ان لهم رسالة في هذه الأرض شأنهم شأن الأنبياء والرسل ولكنهم بالطبع يرفضون رفضا قاطعا إضفاء صبغة القداسة والمكانة الإجتماعية او الدينية او غيرها لهم. تركيزهم علمي أكاديمي اولا، اي يقدمون نظريات تستند إلى فلاسفة اللغة من امثال ويتكنشتاين وأوستن وهاليدي وغيرهم ويزاوجونها بأفكار ونظريات فلاسفة الخطاب وعلاقتها مع الإيديولوجيا والفكر والثقافة.

فهم عكس غيرهم من العلماء لا يقفون عند الجانب النظري (الألفاظ مثلا)  الذي كما يقول ماركس لا يساوي شيئا ما لم نتحقق بالدليل الدامغ كيفية ممارسته على أرض الواقع. اي إن رددت مؤسسة دينية او غيرها نصوصا جميلة جدا لا يجوز ان نصدقها بل نمتحن اعمالها وممارساتها تجريبيا على أرض الواقع.

نتائج مذهلة

ما نحصل عليه من خلال ابحاث تحليل الخطاب شيء مذهل. والذهول هنا مفاده ان اغلبنا إن لم يكن كلنا مخدعون لأننا نقيس أنفسنا حسب الفاظنا وخطابنا الذي تُلقننا اياه المؤسسة منذ الصغر، فنرى ان ما لدينا من خلال الفاظنا وليس اعمالنا وممارساتنا انه افضل واقدس وأسمى مما لدى الأخر وهذا ليس صحيح.

والطامة الكبرى اننا لا نقيس أنفسنا وننظر إليها حسب الفاظنا بل نستخدم الفاظنا وخطابنا وتعابيرنا للحكم على دين ومذهب وثقافة الأخر، اي اننا نضع أنفسنا من خلال الفاظنا كقضاة (ديان) كي نحكم على الأخرين المختلفين عنا.

وتظهر للعلن الفاظ غريبة وعجيبة تطعن بالأخر وتدينه وتظهر ان ما لديه اقل قداسة وأقل سموا واقل إنسانية مما لدينا. أنظر مثلا الصراع اللفظي بين الأديان حيث كل واحد منها يرى ما لديه هوالطريق إلى السماء وما لدى الأخر الطريق إلى الجهة الأخرى.

ولا يقتصر الأمر على الأديان بل يتعداه إلى المذاهب والفرق ضمن الدين الواحد. فكل مذهب يطور الفاظا محددة تستند إلى نصوص يراها مقدسة يتم إنتقاؤها بعناية فائقة – عدة أسطر من الاف السطور – للبرهنة  ان المذهب والفرقة قويمة وسليمة وأقرب إلى السماء من غيرها.

 والمذهب كما الدين اساسه تفسير لفظي بشري له أناس يحددون صحة وخطأ هذه الألفاظ والتعابير وله خبراء يحددون الرمز والصورة والتماثيل التي يجب ان تدخل ضمن الطقوس والعبادة والتي لا يجوز، وغيرها من الأمور. والناس – أتباع المذهب او الدين – تتبع الألفاظ غالبا دون تمحيص او إمتحان او مناقشة لأن المؤسسة الدينية مؤسسة شمولية غايتها التلقين ولا تقبل النقاش لأنها تعتقد أنها تستقي مكانتها من السماء ولو انها تمشي على الأرض شأنها شأن سائر البشر.

علم الخطاب واللاهوت المسيحي

قراءاتي الأخيرة لما يكتبه بعض اللاهوتين الكبار كانت مفرحة حقا لأنني رأيت تاثيرا نسبيا للفلسفة لا سيما فلسفة الخطاب الحديثة لفوكو وهبرماس وهورخيمر فيها رغم ان العلماء هؤلاء لا يشيرون مباشرة إليهم.

حسب إطلاعي هناك اليوم أربعة لاهوتيين كبار يحاولون فهم الدين والمذهب والفكر النير من خلال هذه الدراسات. في الإسلام – ومع الأسف – ذهبت محاولاتي حتى الأن ادراج الرياح في الدعوة إلى إدخال علم تحليل الخطاب الحديث في الفقه الإسلامي.

وبين علماء اللاهوت الأربعة الكبار يحتل البطريرك لويس روفائيل مكانة بارزة لا بل هو العَلم والشعلة التي تقود مسار الكنيسة الجامعة في هذا المضمار ولنا فخر كبير ان يكون بين ابناء شعبنا الواحد من إرتقى إلى هذه المكانة. العلماء الثلاثة الأخرون هم: فرنسو انو ولويجي سبيوني وسمير خليلو واندريه دو هالو.

فلسفة تحليل الخطاب للبطريرك لويس روفائيل

في الحقيقة هذا الموضوع لا يمكن إيجازه في سطر او سطرين اوحتى مقال او مقالين. إنه اوسع من ذلك بكثير ولكن كي أختصر لقرائي الكرام أقول إن بطريركنا المحبوب ادخل في الدرسات اللاهوتية فلسفة خاصة مفادها اننا لا يجوز ان ننظر إلى او نحكم على ثقافة الأخر (الثقافة تشمل الدين أيضا) من خلال خطابنا والفاظنا وتعابيرنا. والبطريرك لويس روفائيل في نظري عالم خطاب من الطراز الأول لأنه لا يكتفي ببناء نظريته الخاصة بل يمارسها على أرض الواقع يوميا من خلال كتاباته وأعماله لا سيما نظرته إلى الأخر المختلف مذهبا ودينا.

هذا بالطبع لا ينفي وجود خلافات فكرية اكاديمية وعلمية بين كاتب السطور والبطريرك لا سيما في مسألة العلاقة مع مؤسسة الكنيسة الغربية وممارساتها والفاظها وخطابها الذي فرضته علينا بإستخدام العنف المفرط أحيانا كثيرة، العنف الذي الذي يرتقى إلى جريمة تاريخية كبيرة، وكذلك مسألة النظرة إلى تراث ولغة واداب وثقافة وليتورجيا كنيستنا المشرقية المجيدة حيث لا ألتقي مع نظرته في هذا الشأن.

كنيستنا المشرقية ضحية الألفاظ

كنيستنا المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة كانت ولا زال فرعها الباقي على مذهب الأجداد من اكثر ضحايا الألفاظ في التاريخ الكنسي برمته. كنيستنا هُرطقت وجرى تكفير اتباعها ليس لأنها اقل إيمانا والتزاما بالإنجيل من غيرها – حاشى لأن العكس صحيح – بل لأن الأخرين حكموا عليها لا سيما الغربيون من اللاتين من خلال الفاظهم وخطابهم وتعابيرهم وليس إنجيلهم لأنه ذات الإنجيل لدى كل الأطراف.

فكانت كنيسة المشرق ولا زالت هدفا للحملات التبشرية التي تخلل بعضها عنف فظيع في كثير من المناطق وصارت ثقافتها وادبها ولغتها وليتورجيتها وكتاباتها الكنيسة هدفا للطمس والحرق والعدوان تم فيها عنوة تغير وتبديل الفاظها وخطابها بالفاظ وخطاب أجنبي دخيل.

"من انا كي ادين مثليي الجنس"

هذا ليس قولي. هذا قول اطلقه مؤخرا البابا فرنسيس (رابط 1) الذي صار يدهش العالم كل يوم لأنه يحاول الخروج من القالب الخطابي الذي يحكم على ثقافة الأخر المختلف عنه دينا ومذهبا وجنسا وميلا جنسيا وغيره من خلال الألفاظ والتعابير الخاصة بنا. هذا القول سيدشن مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية الجامعة كما كانت ممارساته وأقواله الأخرى لا سيما موقفه من ان الخلاص ليس حكرا ابدا على الكاثوليك او المسيحيين بل يرافق كل شخص يمارس اعمالا صالحة.

هذا القول معناه ليس من حقي ان ادين الأخر لأن نصوصه تقول كذا وليس من حقي ان ادين الأخر لأن نصوصي تقول كذا. علم الخطاب يقول ان الإستشهاد بنص معين دون غيره معناه انني افرض هذا المنحى على الأخر لأنه يوائم تطلعاتي المؤسساتية والنفعية والشخصية وإلا لما إقتبسته ولفضلت نصا أخر عليه. بعبارة أخرى ليس من حقي ان أستخدم الفاظي للحكم على ثقافة الأخر وليس من حقي ان أستدل على مكانتي في الأرض وفي السماء بالإستناد إلى الفاظي بل إلى ممارساتي واعمالي على أرض الواقع.

أين اوصلني علم الخطاب

أغلب كتاباتي من مقالات  وأبحاث وكتب وغيرها تعني بعلم تحليل الخطاب. إنه علم شيق لأنه يزواج بين النظرية والتطبيق. النظرية باطلة إن لم نستدل عليها من خلال الممارسة. والخطاب والألفاظ، كانت مقدسة لدى أصحابها ام لا، عديمة الجدوى في غياب واقعها الإجتماعي.

فكريا وفلسفيا انا أنظر إلى الدنيا إي الواقع الإجتماعي لا سيما ثقافة الأخر – دينه او مذهبه اوثقافته – ليس من خلال ألفاظي او خطابي بل من خلال إقامة جسر متين للتقارب المبني على مبادلة الإحترام والنظرة والمكانة من كافة الأوجه سماوية ارضية إنسانية قدسية او غيرها. وصار هذا الموقف الفكري جزءا من فلسفتي في الحياة وجزءا من فلسفتي كأكاديمي.

فلسفتي في الحياة هي ان ما لدي من دين او مذهب او فكر او كتاب مقدس (خطاب)  او عرق – اي كل ما لدي بإختلافه او إلتقائه مع الأخر– سليم ومقدس وإنساني وإلهي وغيره بنفس الدرجة التي لما لدى الأخر كائن من كان. ولهذا انا أنظر كمسيحي مشرقي إلى ما لدى أخي وشقيقي المسلم او الإيزيدي او الهندوسي او البوذي او غيره بنفس المستوى الأخلاقي والإنساني وغيره لما لدي.

وقد جلب لي هذا الموقف الفكري مشاكل وهجومات من المذهبيين والطائفيين والراديكاليين والمغالين في التطرف – من كل الأطراف –  الذين ينظرون إلى ان ما لديهم هو الحقيقة المطلقة والقداسة بذاتها وما لدى الأخر ليس اقل شأنا بل لا يعتد به وبأصحابه.

شخصيا انا لا أعير اي أهمية لهم لأنني لا أرى ان من واجبي جعلهم سعداء كي يغدقوا علي المديح الذي انا لست بحاجة إليه على الإطلاق. علينا اولا ان نتحدى ما لدينا ونضعه امام المجهر ونفلشه من ناحية الأخلاق الإنسانية التي تجعلنا كلنا في نفس المستوى من حيث القيمة الإنسانية. هذا ما يحاول ان يعلمنا إياه علم الخطاب الذي لا أرى انه يعارض كثيرا عقيدتي كمسيحي مشرقي.

رابط 1

http://www.bbc.co.uk/news/world-europe-23489702

http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2013/07/130729_pope_gay_people.shtml




118
إلى كنيسة المشرق الأشورية بشقيها الحديث والقديم – سوركاذا حدّثا وسوركاذا عتيقا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


يكرر البعض في تعليقاتهم عبارة لي وردت في مقال نشرته في هذا الموقع قبل أكثر من أربع سنوات تحت عنوان: "أبرشية كلدانية تكمم افواه معارضيها من  الكلدان" (رابط 1).

والمقال كان ضمن باكورة كتاباتي في مواقع شعبنا والتي بدأتها بإنتقاد المؤسسة الكنسية وعدم جواز ربط الأمور الأرضية من مالية  وتنظيمية وإدارية أي المؤسساتية – برسالتها السماوية – أي ما يطلبه منا الإنجيل.

وأظن ان هذه الكتابات كان لها أثر بالغ في صفوف شعبنا وأتت الأيام والأحداث كي تبرهن على صحة وجهة نظري القائلة ان المؤسساتية عدوة للكنيسة كرسالة سماء لأن الكثير من النصوص في الإنجيل ذاته ما هي إلا حرب على المؤسساتية الدينية وإن وضعناها  جانبا لربما شكلت من حيث عدد كلماتها أكبر نسبة من النصوص المقدسة عند مقارنتها لما يتطرق إليه الكتاب من مفاهيم وممارسات أخرى.

 والعبارة التي أنا بصددها وردت ضمن جملة واحدة من مقال مطول والتي يتم إقتباسها من قبل البعض لغاية في نفس يعقوب خارج سياقها وكذلك خارج الجملة والفقرة التي وردت فيها والمغزى العام للمقال برمته الذي هو ضمن سياق إنتقاد لتكميم الأفواه وتكفير الأخرمن قبل هذه الأبرشية وموقعها الإعلامي الرسمي.
الجملة وردت كالأتي:

"هل تريدنا هذه الأبرشية ان نتغنّى في كنائسنا بنركال، الصنم الأصم الذي كان الكلدانيون القدامى يسجدون له  كما يتغنّى إخوتنا الأشوريون في كنائسهم بأشور، الصنم الأصم الذي كان الأشوريون القدامى يسجدون له. ماذا حلّ بنا يا ترى."

الإشارة في العبارة اعلاه كانت إلى نشيد حديث يرد فيه ذكر كلمة اشور أي ليس ابدا إلى رسالة السماء التي تحملها هذه الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة وليس إلى ليتورجيتها التي هي ليتورجيتي وليتورجيتنا كلنا ولا إلى ممارساتها الطقسية وعباداتها التي هي ممارساتي وممارساتنا كلنا كأبناء وبنات لكنيسة المشرق المجيدة.

 وكوني وحدوي الهوى كنت ولا زلت أتمنى من كل قلبي ان تتخلص كنائسنا من الإضافات التي ألحقت بها وتعيد إسمها التاريخي التليد والمجيد الا وهو "كنيسة المشرق." وكلنا أمل أننا مقبلون على هذا بعون الله.

وهأنذا اقدم أعتذاري وأسفي من أعماق القلب إن ظن بعض الأخوة من ابناء شعبنا الواحد لا سيما من أشقائنا الأشوريين انها مسيئة إلى معتقدهم ومذهبهم الذي هو بمثابة معتقدي ومذهبي أيضا لأنني كما معروف عني وحدوي الهوى ولا أميز بين تسميات ومذاهب شعبنا وأرى كنائسه كلها مقدسة رسولية جامعة.

كيف لي ان أسيء إلى أي كنيسة كرسالة سماء وكيف لي ان أسيء إلى كنيستي المشرقية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة وانا لا فخر لي بعد الصليب غير هذه الكنيسة بأدابها وتراثها وفنونها وموسيقاها ولاهوتها وأعلامها وقديسيها وملافنتها ولغتها لأن دونهم لا وجود لي كهوية وكمسيحي مشرقي.

يتصيد البعض في المياه العكرة وانا شفاف في علاقاتي مع شعبنا وكنائسه. يحاول البعض رمي حجر في كل بركة وبحيرة صافية متمثلة بكتّاب ومثقفي شعبنا من الوحدويين الذين يتسامون في خطابهم على مهاترات التسمية والمذهبية ظنا منهم أنه بإستطاعتهم تعكيرها.

وكي أؤكد أنني لم أقصد الإساءة إلى إخوة وأشقاء لنا بقيوا على مذهب الأجداد السليم والقويم والمقدس والرسولي فإنني أرتاد كنيسة المشرق بفرعيها أحيانا كثيرة وأصلي مع إخوتي وأشارك في الليتورجيا والأداب الكنسية المشرقية التي لا يزالون يمارسونها يوميا ويدرّسونها ولغتها بكثافة وبنوا المدارس والكليات في المهجر لمنع موتها وإندثارها ويحافظون على نقاوتها وأصالتها ويرفضون إقحام الأجنبي والدخيل فيها – ونِعْمَ ما يفعلون لأنهم بذلك يدافعون عن هويتنا الكنسية المشرقية وهويتنا القومية من خلال الحفاظ على لغتنا الجميلة.

انا لا أمس اي كنيسة كرسالة سماء. ولهذا كنيسة المشرق الأشورية مقدسة رسولية جامعة ليس في نظري بل في نظر كل مثقف وقارىء ولاهوتي ومفكر نزيه للتاريخ والإيمان والعقيدة المسيحية شأنها شأن أي كنيسة اخرى، وكرسيها هو  سليل كرسي اجدادي في قطيسفون كما هو شأن كرسي كنيستي المشرقية الكلدانية المقدسة الرسولية الجامعة.

وأنا اقدم هذا التوضيح وهذا الإعتذار اؤكد أنني لا أرجو منه ومن ورائه أي كلمة ثناء من أحد ولا غاية لي منه غير توضيح موقف لي من عبارة أسيء إستخدامها من قبل البعض لغايات غير نزيهة وغير شريفة ولا علاقة لها بالكنيسة كرسالة سماء. وهذا البعض غايته لا تنطلق من روح إنجيلية عند ترديده الفاظ محددة بصورة متكررة ومملة.

ولا يظن البعض هذا ان تعليقا هنا او تعليقا هناك مهما كان كنهه سيثنيني عن المسار الذي أنا عليه والذي، حسب ظني، بدأ الكثير من أبناء شعبنا التفاعل معه وبقوة. ولا يظن أحد أنني سأغير بوصلة كتاباتي ومواقفي الفكرية من خلال تعليق مسيء هنا او هناك. لو فعل كل كاتب ذو فكر مستقل هذا لخلت الدنيا من المفكرين والعلماء والفلاسفة. أغير قناعاتي فقط من خلال الحوار الهادىء المعمق والحجة المستندة إلى التجربة العملية والمنطق الإنساني السليم والمقاربة والمقارنة الصحيحة.

 كتبت التوضيح كي القي مزيدا من الضوء على موقفي الوحدوي المستند إلى إرث وتراث وفنون وأداب وليتورجيا وطقس ولغة وفكر وفلسفة ولاهوت كنيستنا المشرقية المجيدة بأضلاعها الثلاثة والتي تشكل ثالوثا مقدسا بأضلاع ثلاثة متساوية القداسة في الأرض وفي السماء لا يجوز ولا يمكن فصله او إنفصامه وهي: كنيسة المشرق الكلدانية وكنيسة المشرق الأشورية والكنيسة الشرقية القديمة.

وتحياتي إلى كل ابناء شعبنا الواحد بأسمائهم ومذاهبهم المختلفة الذين لم ولن تنطلي عليهم ألاعيب البعض ولم يعد أغلبهم يؤيد اي إنفصالي او إنقسامي او مذهبي او طائفي من أية تسمية او مذهب كان بل يرون اننا بوتقة إنصهرت فيها تسمياتتا ومذاهبنا  – إنصهرت في لغتنا الجملية بما تحمله من إرث وتراث وأداب وليتورجيا وفنون وطقوس وثقافة نشترك فيها جميعنا بالتساوي – وأي كنيسة اليوم هي أقرب إلى المقومات الأساسية لهويتنا الكنسية المشرقية لغة وطقسا وليتورجيا وأدبا وفنونا من كنيسة المشرق الاشورية بشقيها الحديث والقديم (سوركاذا حدّثا وسوركاذا عتيقا)؟

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=368114.0




119
متى يرسم شعبنا الحدود بين ما هو ديني ومذهبي وبين ما هو سياسي وقومي

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


هناك خلط كبير لدينا نحن ابناء شعب واحد بمختلف تسمياته ومذاهبه حول أمور كثيرة لا سيما بين الدين والمذهب من جهة والسياسة والقومية من جهة أخرى وأظن ان واقعا إجتماعيا كهذا صار من الأسباب الرئسة لما نعانيه من تهميش وتخلف وتمزق.

تقريبا كل شيء يدور حول المذهبية بينما المذهب ما هو إلا تفسير بشري لنص ديني واحد تلتزم به وقدسيته اتباع ذلك الدين بمختلف مشاربهم.

والتفسير وليد المكان والزمان والظروف آنية وغيرها وإن نظرنا إلى أكثر المذاهب شيوعا في اي دين لرأينا ان ما يلتزم به اليوم من تفسيروالذي  يضعه احيانا حتى فوق قدسية النص الذي لديه كان بمثابة كفر يعاقب عليه قائله اشد عقوبة في الماضي.

المذهبية والطائفية

والمذهب يتحول إلى مذهبية او طائفية – وهي كلمات وأوصاف سلبية – عندما يضع اتباع مذهب محدد او حتى دين محدد مصيرهم بيد عدد محدد من كبار رجال الدين او ربما رجل دين واحد ويجعلون منه اية ويعلنون ولاءهم المطلق له ولما يقدمه من  تفسير للنصوص التي يعدونها مقدسة. والولاء المطلق، أي نفذ ثم ناقش او بالأحرى نفذ ولاتناقش و في أي مسلك – ديني، سياسي، إقتصادي .. ألخ – يعد اليوم ظاهرة شمولية يجب مقاومتها إن أراد المجتمع، أي مجتمع، التطور والإزدهار.

وهذه أيضا ظاهرة بشرية – وليس سماوية – سلبية جدا لأن هدفها مؤسساتي سياسي منفعي سلطوي يتخذ الدين – التفسير البشري للنص – لخلق مذهب يتحول بالتدريج إلى مذهبية او طائفية  شمولية تلقن أتباعها ما مفاده ان هذا التفسير أي المذهب هو التفسير الصحيح وما عداه خاطىء او كفر وهرطقة.

وبمرور الزمن يتقبل الناس التفسير هذا ويجعلونه نبراسا لحياتهم ويقيّمون موقعهم وموقع الأخرين بموجبه ليس في هذه الأرض بل في السماء ايضا.

وبمرور الزمن تتكون لديهم مفردات وألفاظ ، أي خطاب محدد له قوالب لغوية جاهزة يحكمون على الأخر وثقافته وأسلوب حياته من خلالها،  أي إن إستخدم شخص الفاظهم هو منهم وإن إستخدم ألفاظا أخرى للتقرب من الأخر والحوار معه ضمن نطاق ثقافته وأسلوب حياته صار عدوهم – عدوهم في هذه الأرض وعدوهم بعد الممات لأنه ما دام لا يستخدم الفاظهم ولا يقبل سلطة رجال دينهم فإن مصيره الجحيم.

ماذا عن وضع شعبنا

وبما أنني أكتب لهذا الموقع الذي غالبية قرائه من أبناء شعبنا اقول إن الخلافات التي تعصف بشعبنا لها جذور مذهبية وطائفية تستند في جوهرها إلى تفسيرات بشرية للنص المقدس ضمن الإطار الفكري الذي أتينا به أعلاه.

ولنفترض ان هناك مذهب الف وباء وجيم تتمثل بكرسي 1 و2 و3. أكاد أجزم أن السواد الأعظم من اتباع أي من المذاهب والكراسي لا يفقه الفرق بين مذهبه وكرسيه وبين المذاهب والكراسي الأخرى. وحتى لدى المتنورين ومن ضمنهم كبار رجال الدين لا يتجاوز الفرق الألفاظ الخاصة بالمذهب الذي هم عليه يتخذونها هي وليس جوهر الرسالة الإنجيلة معيارا لتقيم أنفسهم والمختلفين عنهم أيضا. كل ما يملكونه هو جمل ومفردات وعبارات – الفاظ – محددة يرددونها ويمنحون انفسهم أفضلية من الناحية البشرية والسماوية بناءا عليها ويضعون الأخرين في مرتبة إنسانية وسماوية ادنى إستنادا إليها.

ظاهرة خطيرة

وهذه ظاهرة خطيرة لأنها تمنح الأقوى بين المذاهب والكراسي الأفضلية على الأخرين بحيث لا تُقبل مساواتهم مالم يتبعوا ويمارسوا الألفاظ التي لدى صاحب السلطة والقوة. وهذه أيضا حالة بشرية عامة لها إنعكاساتها في شتى ميادين الحياة حيث لا يقبل فيها القوي ان يساويه الضعيف ما لم يصبح تابعا ذليلا له.

الشعوب المتمدنة أنهت سيطرة المؤسسة الدينية أي رسمت حدودا فاصلة بين الدين والمذهب وبين الهوية والسسياسة والقومية وما النهضة الأوروبية (الغربية) إلا إنعكاسا لهذا الفرز المهم في الحياة.

شعبنا ضحية المذهبية والطائفية

شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبة المختلفة ونتيجة لظروف تاريخية قاهرة لا يزال ضحية عدم فرز بين ما هو ديني ومذهبي وطائفي وما هو سياسي وقومي يخص هويته وإرثه وتراثه وموروثه ولغته.

 ومن هذا المنطلق لا يزال بعض الأخوة والأخوات من مثقفي ومثقفات شعبنا لا يقبل او يتغاضى عن الفرز الذي أجريه في كتاباتي بين الكنيسة كرسالة إلهية والكنيسة كمؤسسة بشرية ويغلّف تقريبا كل شيء بإطار مذهبي وطائفي.

ولهذا حتى إن كان لنا الدليل المادي ان جريمة كبرى تم إقترافها بحق شعبنا وهويته القومية بإسم المذهبية ينبري لنا بعض الأخوة بالقول بأننا اعداء للكنيسة كرسالة سماء وهذا بالطبع ليس صحيح على الإطلاق.

وأخر ضربة لهويتنا القومية – اي لغتنا – وردت في تصريح للناطق الرسمي  بإسم البطريركية الكلدانية حيث ظهر ان واحدا من أهم الكنوز التي نمتلكها كشعب وأمة والتي تخص هويتنا – أي ذاكرتنا القومية – المتمثلة بمخطوطات لا تقدر  بثمن جرى إتلاف بعضها نتيجة الإهمال وعدم إكتراث المؤسسة الكنسية الأرضية وليس السماوية (رابط 1). أليست هذه كارثة بحق هويتنا القومية والكنسية؟

ولكن هذه الكارثة لم ولن تجلب حتى إنتباه وليس نقد بعض "القوميين" من ابناء شعبنا لأن مسببها الكنيسة (المذهب او الطائفة). لنفترض أن مسببها ليون برخو او مذهب أخر، فماذا كنا نتوقع؟

وبإمكاني الإتيان بعشرات الأدلة وبعضها اشبعته نقاشا في مقالاتي السابقة والذي لا يمكن إستيعابه إلا ضمن اطار الفرز ورسم الحدود بين ما هو لله وما هو لقيصر.

هذا بيت القصيد ولهذا السبب لا استطيع مهادنة المؤسسة وأحاسبها كما أحاسب نفسي واحاسب اي من طلبتي او اقاربي او الناس حولي.

هذا ما علمتني اياه مسيحيتي المشرقية اي انا مسيحي مشرقي وليس مسيحي لاتيني او غربي – وهذا فرز أخر علينا إستيعابه لأنه جزء من هويتنا – وهذا واحد من الأرصفة الفكرية الاساسية التي ابني عليها فلسفتي وأتخذها نبراسا في كتاباتي.

رابط 1
http://www.chaldeaneurope.org/2013/06/27/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%81%D8%A7%D8%B8-%D8%B9%D9%84%D9%89/

120
شعبنا وكنيستنا يبحثان عن هوية والهوية أقرب إليهما من حبل الوريد – وهاكم البرهان

ليون برخو
جامعة يونشبنك
السوي
د

مقدمة

شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة يمر في مرحلة حرجة من حيث الحفاظ على خصوصيته وهويته  ليس في أرض الأجداد وحسب بل في كل البقعة الجغرافية التي يتواجد عليها وبضمنها الشتات.

ويبدو ان مسألة تكوين كيان سياسي جغرافي لشعبنا بدرجة مقبولة من حكم ذاتي وليس إستقلال بدأت تدخل في باب شبه المستحيل للمخاض الهائل والرهيب والذي يمر فيه الشرق الأوسط حيث، على ما يبدو، أن خارطته على وشك تغير هائل قد لا يكون لصالح وجودنا هناك.

في وضع جيوبوليتيكي كهذا هناك عدة طرق إتبعتها شعوب أخرى للحفاظ على هويتها وخصوصيتها كي لا تندثر. وواحد من اهم هذه الوسائل يتمثل في الحفاظ على اللغة القومية وما تحفظه لنا من موروث وأداب وشعر وفنون وطقوس وليتورجيا وفلكلور وغيره.

في وضع شعب كشعبنا تصبح خسارة اللغة القومية مساوية لضياع الهوية لأن الشعب الذي لا يدافع عن لغته التي هي هويته ووجوده يكون كالمشرد الذي ينام على قارعة الطريق والكل يرفسه بأقدامه.

ولغتنا القومية السريانية ليست (وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن نقضها) لغة عادية. إنها تحمل في ثناياها من العلوم والفلسفة والشعر والأدب والفنون وفي شتى مناحي الحياة ومنها الكنسية ما قد يبز ما لدى أي امة أخرى في الدنيا.

واليوم سأقدم لقرائي الكرام – لا سيما من الذين يحبون ويدافعون ويتشبثون بهويتهم أي لغتهم حسب المفهوم اعلاه – نموذجين أخرين من كنوز لغتنا القومية الساحرة كي أبرهن ان اي فرد من ابناء شعبنا – بغض النظر عن منصبه ومكانتة، علمانيا كان او من الإكليروس – يقترف خطاءا كبيرا وخطيئة لا تغتفر بتهميشه للغة شعبه القومية لأن نظريا وعمليا يلغي هويته كنسية كانت او غيرها.

البرهان

اطلب من قرائي الكرام الإستماع اولا إلى هاتين القصيدتين السريانيتين. نحن لنا من الشعر الغنائي ما لا يمكله أي شعب أخر في الدنيا كما ونوعا. وهاتان القصيدتان، الأولى لمار نرساي والثانية لمار أفرام السرياني، قطرتين فقط في محيط ادبنا وترثنا وشعرنا وليتورجيتنا:

القصيدة الأولى لمار نرساي (حسب أداء كنيسة المشرق – الفرع الأشوري):

http://www.youtube.com/watch?v=_KK9dydnuEk


القصيدة الثانية لمارأفرام السرياني (حسب أداء كنيسة المشرق – الفرع الكلداني):

http://www.youtube.com/watch?v=cDEU4EeSLGA

الترجمة

سأقوم بكتابة القصيدة الأولى بالكرشوني (بالحروف العربية) لكون الكثير من ابناء شعبنا – وهذا الأمرالسلبي يجب ان لا يدوم – ليس بإستطاعتهم قراءة الحروف السريانية.

سأترك ترجمة قصيدة مار أفرام لسببين: الأول لأنها شائعة وثانيا ومن السهولة الحصول على ترجمتها.  وسأقوم بترجمة مدراش (قصيدة مغناة) مار نرساي بتصرف كي أساعد القارىء على الدخول بعمق في ماهية النص وفلسفته ومعانيه لا سيما طبيعتة الحوارية والتي هي خاصية بإمتياز لأحد أعمدة ثقافتنا وادبنا وليتورجيتنا، وهو العلامة مار نرساي، والتي فيها يسبق زمانه بأكثر من 1500 سنة ومن ثم أقدم تحليلا موجزا لخصائصه الخطابية واللغوية وما يحوية من حوارية وجدلية تعدان فتحا للفكر المسيحي والإنساني ليس لزمانه بل لزمننا هذا ايضا وربما لقرون عديدة من الأن.

كلمات وترجمة القصيدة الأولى لمار نرساي

 والقصيدة حوار فلسفي لاهوتي بين الميت في تابوته وهو على وشك ان يوارى التراب وبين الموتى في المقبرة. والقصيدة مغناة على شكل مقام بيات ولكن بلون مميز يمثل خاصية وخصوصية شعبنا.

عْونايا (الردة):
شْلاما عَمْخونْ أحْايّْ وْرَحْمايْ شْغيْبَيْ دَذْمِخْ
بْثَحْليْ تَرْعا دِعْولْ وإتْنيحْ بْيثْ سِدْرَيْكونْ.

المتوفي: (الردة)
السلام معكم إخوتي وأحبائي المتوفين النائمين
إفتحوا لي الباب كي أدخل وأستريح بين صفوفكم

الموتى:
تا عْولْ وَحْزيْ كْما كَبْارى شْخيوينْ هَرْكا
عْويْذينْ عَبْرا وْرمْثا وْساسا بْعوبا دَشْيولْ.

تفضل وأدخل وأنظر كم من الجبابرة مطمورين هنا
لقد صاروا ترابا وأكلهم العث والسوس وهم قابعون في جوف القبور.

تا عول وَحْزيْ  اوعبرانا كنسى داذام
وْحْورْ وإثْبَقّى دََليْكا شارخْ كيانْ مايوثى.

تفضل وأدخل وأنظر أيها المجبول من التراب من جنس أدم
وتمعن وتفحص إلى أين ينتهي مصير الجنس المائت.

تا عْول وَحْزْيْ سوغا دغَرْمى داخْذا حليطْينْ
ولا بْريشْ كَرْما دْمَلكا وْعَودا حَذْ منْ حَوره.

تفضل وأدخل وأنظر أكوام العظام المختلطة مع بعضها
حيث لا يٌميّز بين عظام الملك وعظام العبد  من بعضها.

تا عْول وَحْزْيْ حْوالا رَبَّا دَشْرَيْنَنْ به
وْسًكّا لْمارانْ دْنَيْثى نْقيمَخْ منْ يَمْيْنه.

تفضل وأدخل وأنظر الهلاك  الذي وقعنا فيه
وأنتظر معنا قدوم سيدنا (المسيح) كي يقيمك وتجلس عن يمينه.

المتوفي (الردة):
شْلاما عَمْخونْ أحْايّْ وْرَحْمايْ شْغيْبَيْ دَذْمِخْ
بْثَحْليْ تَرْعا دِعْولْ وإتْنيحْ بْيثْ سِدْرَيْكونْ.


التحليل

قصيدة مار نرساي تحفة ادبية وفلسفية وفكرية ولاهوتية نادرة شأنها شأن أغلب اعماله التي وصلت إلينا. ويختلف مار نرساي في أوجه كثيرة عن مار أفرام السرياني. بصورة عامة مار أفرام  وفي أغلب مؤلفاته الكنسية يبقى ضمن نص الكتاب المقدس وسياقه لا سيما العهد الجديد. أما مار نرساي يجعل النص المقدس وسادة للإنطلاق صوب فضاءات فكرية وفلسفية ولاهوتية لم تكن شائعة في الليتورجيا الكنسية لأي شعب أخر ولا يزال، حيث تمثل كتاباته طفرة هائلة في الفكر واللاهوت الكنسي لكنيسة المشرق الكلدانية – الأشورية. وعكس مار افرام الذي تتخذه الكنائس السريانية بفرعيها الغربي والشرقي كعلم من اعلامها الكبار فإن مار نرساي له تأثير بالغ في ليتورجيا والأداب الكنسية لكنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية.


مار نرساي يُدخل فن الحوار الضمني في قصائده – أي الصلاة بالنسبة له ليست تكرار ورتابة اللفظة – كما هو الحال مثلا في النصوص اللاتينية المعربة وغيرها التي ادخلها الفرع الكلداني لكنيسة المشرق في ليتورجيته. ومار نرساي يدخل في باب مناجاة الخالق ولكن بشكل ومضمون تفتقر إليه كل الأدبيات الكنسية ومنها اللاتينية.

 والمناجاة بالنسبة له ليست من مخلوق ضعيف لا حول له كما نلاحظ في الأدب الكنسي اللاتيني الذي وردنا من الكنيسة الغربية بل من إنسان يضع نفسه في مرتبة يستطيع فيها محاورة ومحاججة الخالق. وأروع ما قرأت له هي قصيدته التي يناجي فيها الخالق بهذه الكلمات: ܠܐ ܡܪܥ ܬܗܒܐ ܐܥܟ ܒܪܢܢܫܐ ܕܐܢܬ ܐܠܗܐܬ: ܘܠܐ ܐܥܟ ܓܒܘܪܐ ܕܠܐ ܡܨܐ ܠܡܦܪܩ ܕܐܢܬ ܦܪܘܩܬ أي "يا رب لا تتصرف مثل الإنسان وأنت الله ولا مثل الرجل الذي ليس بإمكانه أن ينقذ الأخرين وأنت المخلص."

لا أريد ان أطيل في التحليل لكنني اقول ان القصيدة التي نحن في صددها تأتي في هذا الإطار – إطار الحوار والمناجاة ولكن هذه المرة بين المتوفي الذي يسجى بالصلوات صوب مثواه الأخير وبين أصحاب القبور الذين في إنتظاره.

 الصلاة في كنيستنا المشرقية ليست "إرحمنا وإستجب لنا" فقط وليست تكرارا مملا لذات  الشيء عشرات المرات. إنها حوار بين الخالق والمخلوق وحوار بين البشر أنفسهم حول شؤون الخلق والخلاص وملكوت السماء. وأروع ما في القصية هو البيت الأخير حيث يقول الموتى للمتوفي الجديد قبل دفنه بما معناه تعال وأنتظر معنا قدوم الرب كي يقيمنا من الأموات ويجلسنا عن يمينه. هنا يزيل مار نرساي الوصف المتشائم والكارثي للوضع في القبور حيث يكلله بالفرج القريب من المسيح. بعدها يردد المتوفي الجديد ما معناه: " السلام معكم وأفتحوا لي الباب انا قادم إليكم ونائم (ليس ميت) بين صفوفكم منتظرا الرب كي يقيمنا جميعا ويجلسنا عن يمينه.

إن مار نرساي كما قلت يسبق زمانه بالاف السنين لا بل لم أقرأ لأي فيلسوف او لاهوتي غربي نصوصا بهذا المستوى الرائع من الحوارية المستندة إلى العقل والمنطق الإنساني وجدلية الخالق والمخلوق في اي ادب كنسي وقعت عليه عيناي.

مكانة مار نرساي في الفكر الإنساني

هناك فيلسوفان كبيران لهما تأثير كبير في تطور الفكر والخطاب الإنساني في العصر الحديث وهما ميخائيل بختين وعمانوئيل ليفيناس والثاني يعد لاهوتيا في كثير من الأوجه لأنه يركز على تفسير الكتاب المقدس وكان أفضل فيلسوف لدى البابا الراحل يوحنا بولس. ولكنني أرى من خلال قرأتي ان كاتبنا المبدع قد سبقهما وانه لا يزال في صدارة الفكر الإنساني وطبيعة علاقة الخالق مع المخلوق ولا يزال حتى اليوم يسبق زمانه بقرون عديدية.

مكانة مار نرساي لدى شعبنا وكنيستنا المشرقية الكلدانية – الأشورية

مع الأسف قد اخذنا الغلو والتعصب في تسمياتنا ومذاهبنا مبلغا جعلنا نتغنى ونتشدق بأسماء وتواريخ وثقافات وأداب وأعلام لا علاقة وجدانية ولغوية وتاريخية لنا معها بينما مار نرساي وأقرانه – عمالقة الأدب ليس السرياني وحسب بل العالمي – من الذين كتبوا بلغتنا وما كتبوه لا يزال يخاطبنا وكأنهم معنا قد تم تهميشهم كنسيا ومدنيا. من منا يحفظ بيتا شعريا واحدا لهذا العبقري ومن منا يحتفل بعيد ميلاده او وفاته او تذكاره. عظماء مثل مار نرساي يجب الإحتفاء بهم كل عام من قبل كل فئات ومكونات شعبنا بكنائسه ومنظماته المدنية.

تحية وإجلال وشكر وتقدير

وهنا لا يسعني إلى ان اقدم التحية والإجلال والشكر – لا بل أنحني بقامتي – امام أسقف من كنيسة المشرق الكلدانية – الأشورية وهو يقود أبرشية في الشتات وبنى كلية تحمل إسم فيلسوفنا الكبير لا بل فيلسوف الدنيا وفيها أكثر من 1600 طالب وطالبة من أبناء شعبنا يقراؤن لغتنا القومية السريانية ومن خلالها يتعرفون على إرث وتراث وثقافة وفنون وليتورجيا شعبنا – المقومات الأساسية لأي هوية وقومية او كنسية.

شتان بين أسقف وأخر وأبرشية وأخرى وشتان بين المتشبث بالهوية لفظا ولغرض في نفس يعقوب والمتشبث فيها قولا وفعلا وممارسة.

طلب بسيط من القراء الكرام

أطلب من قرائي الكرام لا سيما محبي لغتنا القومية السريانية الجميلة ان يعيدوا سماع النشيد الثاني لمار أفرام لأنه شائع لدى شعبنا الكلداني السرياني الأشوري برمته ويركزوا على الردة التي جعلتها: "هللويا هللويا":

http://www.youtube.com/watch?v=cDEU4EeSLGA

والأن أطلب منهم ان يرددوا معي:

هللويا  هللويا لكنيسة المشرق الكلدانية-الأشورية المجيدة المقدسة الرسولية الجامعة.

كلمة أخيرة

وهنا أذكّر قرائي الكرام ان محبة التراث واللغة والأداب كنسية او غيرها ليس مرتبط بالدين او المذهب او رجال الدين من الشمامسة او الكهنة او غيرهم.  إنه مرتبط بالوجدان وعلى ابناء كنيسة المشرق الكلدانية – الأشورية التشبث بقوة بالموروث والتراث والفنون والأداب واللغة إن أرادوا الحياة والبقاء وعدم الفناء.

في الختام أشكر احبائي وفلذة كبدي عازف  العود المبدع نينوس برخو وعازف الكمان الموهوب وعضو الفرقة السمفونية السويدية ريمون برخو اللذين يشاركاني حبي وتعلقي بهوية شعبنا وكنيسته المشرقية المجيدة المتمثلة بلغتها وتراثها وفنونها  وليتورجيتها وادابها وشعرها.








121
رد على موضوع: "البطريركية الكلدانية: الشماس ليون برخو يزدري بالكنيسة الكاثوليكية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد



في الحقيقة تفاجأت بالتصريح الذي أتي به الأب البير هشام، مسؤول إعلام البطريركية. ولأن التصريح نُشر على الملأ (رابط 1)، لذا إنطلاقا  من حرية الرأي والتعبير والنشر والرد – وهي حقوق إنسانية أساسية مقدسة – أمل  أن يتسع صدر ألأب هشام وصدر البطريركية للتوضيحات التي سأقدمها.

اولا، أنني قد تخليت عن درجتي الشماسية منذ شباط الماضي وبموافقة خطية من الأسقف الكاثوليكي السويدي الذي انا تابع له (وهي درجة بسيطة جدا في الإمكان لأي قارىء ومتعلم القيام بها ويقوم بها الكثيرون من غير المرتسمين)  . وكان قراري في محله. مرة واحدة فقط منذ ذلك الحين قمت بخدمة القداس بعد إلحاح كبير من إخوتي الشمامسة واليوم أيضا عزفت على الكمان مع الجوق الكنسي وأطفال التناول ولكن دون إرتداء زي الشماسية. هذ للعلم فقط.

ثانيا، لا أرى أنني إقترفت أية جريمة كي يتم تهديدي بهذا الشكل حيث يخلوا التصريح من اية أدلة ملموسة على إقترافي جريمة (حاشى) ضد الكنيسة حيث أنني لم ولن أتناول او امس الإنجيل او الكنيسة كرسالة إلهية او سماوية.

ثالثا، كل ما كتبته عن مؤسسة الكنيسة اللاتينية تقريبا مكرر أي موجود في مقالات كنت قد كتبتها منذ امد بعيد وكررتها وإنها تعبر عن نظرتي الشخصية وقرأتي للتاريخ والعلاقة المؤسساتية التي تربطنا بها. والمقال الذي ينتقده الأب هشام يبدأ بهذه العبارة (رابط 2): "قبل ان أقدم قرأتي الشخصية لما ورد في اللقاء الذي اجرته إذاعة صوت الكلدان مع المطران إبراهيم إبراهيم."

رابعا، الشيء الجديد والوحيد في المقال (عدا التعليقات التي هي بمثابة ردود على ما يأتي به القراء) هو تقاطعي وإنتقادي لما أتي به المطران إبراهيم – أي النقاط الأربعة التي ركزت عليها وأنتقدت موقف المطران منها وطريقة التعبير عنها. وكنت أمل من الأب هشام ان يفند هذه النقاط وغيرها بدلا من منحنا نصا عموميا تغلب عليها سمة التهديد والوعيد.

خامسا، اليوم الكنيسة الكاثوليكية تمنح هامشا كبيرا من الحرية لمنتسبيها في التعبير عن رأيهم بحرية، أي ان الناس اليوم ومنهم المؤسسات الكنسية تنظر إلى حرية الرأي والتعبير والرد والرد المضاد والحجة والحجة المضادة بمثابة المقدسات. واليوم وغدا بإمكان الأب هشام او غيره من الأخوة ان يفند ما أتيت فيه من حجج وأراء وإنتقادات في المقال المذكور إن أراد.

سادسا، أتفق مع الأب هشام أن للزمنكانية دور في الرؤى للتاريخ والحاضر ولكن قرأتي تختلف للعلاقة مع مؤسسة الكنيسة اللاتينية لأن الزمنكانية حسب وجهة نظري قائمة في الحاضر ومن حقي كإنسان ان يكون لي وجهة نظري الخاصة.

سابعا، نعم للكنيسة الكلدانية دور في تنشأتي وأنا لم ولن أنكر ذلك وأذكره مرارا ولكن هذا لا يجوز ان يكون سببا كي يُفرض علي ان أفكر هكذا او أكتب هكذا. السويد والدول الأوروبية الأخرى لها فضل هائل على ملايين اللاجئين وبينهم حوالي 150 الف كلداني والفضل هنا مسألة حياة او موت ولكن لا يجوز ان تذكر مؤسسات هذه الدول لهم انها لها فضل في تنشأتهم ولهذا عليهم ان يعبرواعن أرائهم بطريقة مختلفة.

سادسا، لدي نصيحة للأب هشام مسؤول إعلام البطريركية وانا من محبي البطريركية ومؤيديها ومناصريها بغض النظر عما ستتخذه من إجراء ضدي. وهنا أتكلم ضمن إختصاصي كأستاذ للإعلام في جامعة سويدية والسويد ارقى بلد في العالم وأقول: هناك خلل كبير في إعلام البطريركية وعلى الأب هشام الإتكال على إختصاصيين لأن تصريحاته المتكررة وبمناسبة ودون مناسبة وبصورة عامة ومنها التصريح الذي يخصني مربكة ومحيرة تفتقر إلى ابسط المعاير الإعلامية السليمة واغلبها ذات مردودات سلبية.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,673249.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,672480.0.html


122
هل قلب المطران إبراهيم إبراهيم الطاولة على رأس السينودس الكلداني ومقرراته؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


 قبل أن اقدم قرأتي الشخصية لما ورد في اللقاء الذي اجرته إذاعة صوت الكلدان مع المطران إبراهيم إبراهيم (رابط 1) أسترعي إنتباه قرائي الكرام أنني في كل ما سارده هنا من توضيح او نقد او شرح لن امسَّ او أتقرب إلى الكنيسة كرسالة سماء – أي الإنجيل. هذا خط احمر لا يمكن ان اتجاوزه ابدا. كل حديثي سيتناول امورا مؤسساتية تنظيمية إدارية لها علاقة بالأداب الكنسية والهوية والليتورجيا واللغة الخاصة بالكنيسة المشرقية الكلدانية كمؤسسة ارضية.

ومن خلال هذه القراءة لما ورد على لسان المطران إبراهيم اقدم شرحا لأبناء وبنات  شعبنا الواحد لا سيما الكلدان في صفوفهم عن البنية التركيبية والمؤسساتية لكنيسة المشرق الكلدانية مستندا إلى ما جاء من مواقف في هذا الحوار ولماذا صرنا نحن الكلدان أكثر ملكيين من الملك إلى درجة اننا أصبحنا نضع المذهبية في أعلى سلم اولوياتنا وصارت تبعيتنا المذهبية المؤسساتية هي الهوية الحقيقية لنا كشعب وكنيسة وليس اي مقومات أخرى.

وأنا اقوم بذلك أعلم مسبقا انني قد اصبح هدفا للإنتقاد والهجوم  بيد ان النقد والهجوم مرحب به طالما بقي ضمن اخلاق وأداب المخاطبة وضمن الموضوع الذي نحن بصدده  وميز أصحابه بين الكنيسة  كرسالة  سماء والكنيسة كمؤسسة أرضية والأهم من هذا  وذاك إن وضع المعلقون والقراء المذهبية والطائفية جانبا وركزوا على هويتنا الكلدانية (وليس مذهبيتنا)، الهوية التي تشترك في كل مقوماتها الأساسية منها والفرعية مع هوية أشقائنا من الأشوريين والسريان.

ذكريات جميلة ولكنها مؤلمة جدا

قبل الدخول في صلب اللقاء أقدم لقرائي الكرام نبذة تاريخية كي أضع ما سأقوله ضمن سياقه وكذلك ضمن الواقع الإجتماعي لكنيستنا وواقعنا الإجتماعي ككلدان.

قد لا يتذكرني المطران إبراهيم إلا أنني أتذكره جيدا لأنني عشت بالقرب منه عندما كنت تلميذا في دير الرهبنة الهرمزدية الكلدانية في اسيا (الدورة) في بغداد وهو كان رئسا للمعهد الكهنوتي القريب جدا من ديرنا. ولكن هذا ليس بالأمر المهم.

الأمر الأهم كان وجود كهنة ومدرسين في المعهد من الكلدان الهنود حيث كانوا يقومون بالتدريس وحسب ظني كان واحدا منهم في فترة محددة رئسا للمعهد الكهنوتي. وكان هؤلاء الأباء فطاحل في لغتنا القومية السريانية وأداب وليتورجيا وفنون وثقافة كنيستنا المشرقية الكلدانية وكانوا يزوروننا في الدير تقريبا كل يوم ونلتقي ومعنا الأب المرحوم هرمز شلال الراهب وهو كان من المتبحرين في لغتنا السريانية ولتيوجيتها وأدابها الكنسية وكنا كلنا نتحدث عن شؤون تخص هويتنا وهوية كنيستنا المشرقية الكلدانية.

ومن هؤلاء الأباء – وانا أتحدث عن فترة حديثة  جدا أي منتصف ونهاية الستينات من القرن الماضي كي لا يتهمنا أحد اننا نتحدث عن مفارقة تاريخية – سمعت من القصص عن المأسي الفظيعة والظلم الذي لايوصف والذي اوقعته مؤسسة الكنيسة الغربية اللاتينية  بالكلدان. إنها قصص يصعب على الخيال تصديقها ولكنها الواقع والحقيقة وتشير إلى إنتهاكات بحقنا نحن الكلدان ترقى في كثير من تفاصيلها إلى جرائم ضد الإنسانية والثقافة الإنسانية.

أقول صعب على الخيال تصديقها لأنني في حينه لم أكن أصدق ان هناك  مؤسسة كنسية في الدنيا تقرأ الإنجيل كل يوم بإمكانها القيام بإقتراف جرائم  كهذه. وعليه ومنذ حينه وحتى اليوم لاتفارق صورة هؤلاء الكلدان واحيانا حسراتهم وبكائهم مخيلتي.

ومنذ ذلك الحين وانا أقراء وابحث في هذه الجريمة ضد  الإنسانية التي إقترفتها هذه المؤسسة الغربية وهي مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية – الفاتيكان – بحق شعبنا الكلداني وكلما أستمر في القراءة أكتشف المزيد والمزيد مما لا يمكن، نعم لا يمكن، للخيال تصوره او تصديقه.

لماذا اذكر هذا

أذكر هذا لأنه في مستهل ومنتصف الستينات ظهرت بوادر إنتفاضة كلدانية شبيهة بالتي قادها البطريرك يوسف أودو ضد اليد  المؤسساتية الغليظة وغير الإنسانية لمؤسسة الكنيسة اللاتينية (الفاتيكان). هذه المرة كان مهندسها البطريرك الجليل بولس شيخو. ولكنها لم تدم وسُحقت في مهدها وسُحب البساط المؤسساتي من تحت  أقدام  مؤسسة الكنيسة الكلدانية بالمرة وأحد أسبابه -  كما حدث عندما سحقت روما إنتفاضة البطريرك يوسف اودو – كان تواطىء بعض الكلدان ورجال دينهم ضد البطريرك شيخو وبعد ان تم وأد هذه الإنتقاضة تم قطع كل علاقة مباشرة وغير مباشرة لكرسي بابل بالهند من ضمنها العلاقة الليتورجية (الطقسية) لا بل جرى حصر السطلة الجاثاليقية جغرافيا أكثر فأكثر وتقليص سلطاتها وحقوقها حتى وصل الأمر إلى الوضع الحالي الذي يتطرق إليه المطران إبراهيم إبراهيم بلهجة سهلية سلسلة وبتفصيل كبير.

خيبة أمل كبيرة

ولكن ما ألمني وجعلني اشعر بخيبة امل كبيرة لا بل بقشعريرة هو ان المطران إبراهيم لم ينبس ببنت شفة من النقدعند المرور على مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية لا بل منحها دون وجه حق ما لا تستحقه من المكانة تتجاوز بكثير السلطة الرئاسية لكنيستنا الكلدانية الكاثوليكية لا بل تهمشها وكأن الجرائم الرهيبة التي  إقترفتها في حقنا نحن الكلدان سمن وعسل وهو العليم والخبير وشاهد عيان على هذه الجرائم وهو الذي أتحفنا بترجمة رائعة لمراسلات البطريرك الكلداني اودو (ربط 2) الذي ثار على الفاتيكان. والمطران إبراهيم على دراية كاملة  بالعبارات القاسية جدا التي تتجاوز بكثير كل ما إستخدمته من نقد وهجوم على مؤسسة الكنيسة الغربية اللاتينية الكاثوليكية حتى الأن والتي يستخدمها  قائد الإنتفاضة الكلدانية في العصر الحديث – وهي اول إنتفاضة قومية في تاريخ شعبنا الواحد بحق المجرمين من اللاتين الكاثوليك بقيادة الفاتيكان من الذين لم  يكتفوا بالقتل والإضطهاد والبطش بل عمدوا إلى إقتراف جريمة كبرى بحق هويتنا الكلدانية المشرقية. والذين عاشروا البطريرك شيخو لا بد وأن يتذكروا مواقفه المعارضة لكل  شيء لاتيني والتدخلات المؤسساتية غير المقبولة والمعارضة للروح الإنجيلية والشراكة المسكونية من خلال تدخلاتها المؤسساتية في شؤون كنيستنا الكلدانية.

اسقف لاتيني ام أسقف كلداني؟

وانت تسمع اللقاء مع المطران إبراهيم وكأنك امام اسقف لاتيني كاثوليكي وليس اسقف من كنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكية. وهذه ظاهرة غريبة وعجيبة لدى الكثيرين من الكلدان لا سيما الأكليروس حيث يعتقدون ويتصرفون وكأن إرتباطهم المؤسساتي المباشر من حيث الهوية والمذهب هو مع روما وهويتها وليتورجيتها وثقافتها وفنونها  اللاتينية بدلا من ان يكون الإرتباط الأول والأخير برئاسة الكنيسة الكلدانية ومن خلالها وبواسطتها تتم الشراكة الإنجيلية مع روما. ولكن ما يحدث  من حيث الهوية والمذهب هو أن أي اسقف وحتى كاهن بإمكانه تجاوز الرئاسة وتأسيس علاقات مباشرة من كافة النواحي مع روما وهذا سبب رئسي للتهميش الذي جرى للكنيسة الكلدانية كمؤسسة.  وبالطبع هذا لم يكن يحصل بدون رضى روما  وإجراءتها التعسفية التي جرى من خلالها سحب أغلب السلطات المؤسساتية من رئاسة الكنيسة بعد ان سحقت الإنتفاضة الكلدانية التي قام بها البطريرك اودو.

وهذا الموقف بالذات ادى إلى ظهور ما اطلق عليه احد الكتاب الكلدان "مشيخات" مؤسساتية كنسية إن على مستوى الأبرشيات او على مستوى الخورنات والأبرشيتين الكلدانيتين في امريكا ما هما إلا مشيختين حيث لا ولاء مباشر لهما للبطريركية ولا بإستطاعة البطريركية جرهما إلى بيت الطاعة لإعادة ترتيب البيبت الكلداني المشتت والمنهار. ليس بإمكان البطريركية ان تحاسب مؤسساتها في امريكا واوربا مثلا لا ماليا ولا إداريا او ليتورجيا بسب طبيعة السياسات التي أشرت إليها انفا. ولهذا  وانت تستمع للقاء تخرج بسؤال  ان كان اللاتين قد ابقوا أي سلطة  إدارية او تنظيمية  او مؤسساتية تذكر للرئاسة والسينودس ام ان سلطتهما مجرد سلطة رمزية وحسب لأن المطران إبراهيم يربط كل شيء وكل قرار مؤسساتي بروما التي هي الحكم والفصل وليس الرئاسة والسينودس حسب رأيه.

ويظهر اللقاء ليس فقط الضعف المؤسساتي للكنيسة الكلدانية بل أظهرها وكأن لا وجود لها ولا يمكن لها ان تخطو خطوة واحدة دون موافقة مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية – اي نحن لسنا في شراكة إيمانية مع الكنيسة اللاتينية (رومية) بل تحولنا بمرور الزمن إلى عبيد لهم لا يحق لنا إتخاذ ابسط قرار مؤسساتي دون بركتهم رغم اننا ككلدان اصحاب هوية كنسية اسمى بكثير من  الهوية الكنسية اللاتينية.عدا الشراكة الإنجيلية كان يجب علينا ان لا نقبل بل نقاوم وننتفض ضد  أي  تدخل مؤسساتي في شؤؤننا.

ولأكن صريحا لم ألتقي بأي كلداني من رجال الدين وغيرهم من الذين لهم غيرة على هويتهم الكلدانية إلا ودان اللاتين الكاثوليك وحملهم وزر ما أل إليه وضعنا. لسان حال إي كلداني يحمل ذرة من الغيرة الحقيقية على هويته الكلدانية هو: "لم يدمرنا غير اللاتين."

كيف حدث  هذا

حدث هذا بعدما أجبر الكلدان على وضع المذهبية (اي العلاقة المؤسساتية مع روما) فوق الهوية الكنسية والقومية. وعندما أقول روما وأكرر مرة أخرى اعني مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية. ونتيجة للسياسات والإجراءات  المؤسساتية الذكية التي أتبعتها روما خرجت العلاقة مع الكنيسة اللاتينية من صيغة الشراكة الإيمانية إلى صيغة التبعية والعبودية المؤسساتية.

والدليل على ما اقول واضح حيث إستوطنت الممارسات والمفاهيم اللاتينية  وأحتلت وأزاحت الكثير من الممارسات والمفاهيم الخاصة بهوية كنيستنا المشرقية الكلدانية وهويتنا ككلدان من ريازة  وليتورجيا وطقوس وأزياء وأيقونات ومناسبات وفنون وثقافة وصرنا نحن  الكلدان نعرف مذهبيا اكثر من كوننا أصحاب هوية وصار الكثير منا حتى من يطالب بالقومية والهوية المنفصلة ينادي بأعلى صوته ويقول أنه كلداني  كاثوليكي. ما علاقة المذهب بالهوية؟ ومتى كان المذهب رديفا للهوية؟ هل سمعتم  فرنسي او الماني او سويدي او  إنكليزيي او كردي وطني وقومي صاحب هوية يربط هويته وقوميته بدينه ومذهبه؟

نتف من اللقاء

سمعت اللقاء أكثر من مرة وسأركز على أربع نقاط أساسية  فيه وهي: مشكلة اوروبا، رسامة أساقفة جدد، وحدة كنيسة المشرق بفرعيها الكلداني والأشوري، وقضية المطران باوي سورو. عند حديث المطران إبراهيم عن هذه القضايا الأساسية  والخطيرة ظهر ان البت فيها اولا وأخيرا يعود إلى "رومية" أي لا قول ولا فصل لمؤسسة الكنيسة الكلدانية وسينودسها في هذه الأمور وهو يذكر "رومية" مرات عديدة في اللقاء رغم انه لم يتطرق إلى مسائل العقيدة والإيمان التي تجمعنا معها بل إلى مسائل مؤسساتية بحتة.

نموذج حي

وهكذا اتى شرح المطران إبراهيم للوضع في اوروبا مؤيدا لموقفي القائل اننا نحن الكلدان قد اصبحنا عبيدا لللاتين حيث يؤكد المطران إبراهيم وبفرح وسعادة ودون ادنى حرج او إنتقاد ما معناه انه لا السينودس ولا الرئاسة بإمكانهم التأثير على المونسنير فيليب نجم الزائر الرسولي لأوروبا لأن تعينه من الفاتيكان وهو صاحب القرار الأول والأخير في شؤون الكلدان في اوروبا شأت الرئاسة ام ابت.

بالطبع المطران إبراهيم لم  يقل الحقيقة كما هي بخصوص الكلدان في اوروبا. الفاتيكان قد  وضع المونسنير فيليب نجم في هذا المنصب كواجهة حيث عمليا لا سلطة له على الإطلاق. كل السلطة المؤسساتية  والإدارية وغيرها على الكدان في اوروبا هي في يد الأساقفة اللاتين في المناطق التي يتواجدون فيها. المطران اللاتيني هو الحكم  والفصل وهو بإمكانه فصل وتجميد الكهنة الكلدان وهو السلطة الكنسية  العليا للكلدان في مناطق تواجدهم وفيليب نجم ليس إلا ساعي بريد. وهذه حقيقة مؤسساتية نعيشها يوميا ويوما بعد يوم تتناقص اعدادنا وتنهار هويتنا حيث تغلب الأن ممارسات الهوية اللاتينية السويدية او غيرها في اوروبا في كثير من الكنائس ولدى الكثير من الكلدان  لأن الناس ترى ان خوري الكنيسة والمطران  من اللاتين ونحن الكلدان مجرد اتباع وخدم مطيعين وهم اصحاب القول والفصل والكاهن الكلداني مجرد  خادم مؤسساتي لهم والمونسنير فيليب نجم لا في العير ولا في النفير.

ماذا يقول القوميون الكلدان من الذين وضعوا بيضهم كله في سلة المؤسسة الكنسية؟ هل تقبلون بوضع كهذا ام ستصبون جام غضبكم على ليون برخو لأنه لا يقبل تحت أية ظروف ان تهمش هويته الكلدانية ولا يخشى مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكة بل يفضحها في مقالاته لأنها السبب الرئسي لما أل إليه وضعنا المزري؟ أقول لكم يا إخوتي القوميين إن لم تتخلصوا من المذهبية المؤسساتية اللاتينية وترفعوا نيرها عن كاهلنا وكاهل كنيستنا فإننا في طريقنا إلى الإنقراض والزوال كما إنقرضت هوية الملايين والملايين من الكلدان إن في الهند او اماكن اخرى شاسعة من العالم لأن اللاتين لا ينظرون إلينا وكأننا اصحاب هوية مستقلة وان شراكتنا معهم إيمانية إنجيلية وليست مؤسساتية بل عبيدا علينا تنفيذ إرادتهم المؤسساتية وتقبل بطش يدهم الغليظة.

وأنظر إلى النفاق والرياء والإزدواجية في مؤسسة الكنيسة اللاتينة الكاثوليكية عند التعامل مع رعاياها حيث لا تقبل ان يرتبط اللاتين مؤسساتيا في أي بقعة من الأرض بأي هوية كنسية كاثوليكية أخرى. أي ان الأسقف اللاتيني في العراق لا تحكمه مؤسساتيا الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية التي هي أكبر كنيسة في العراق بل هو مستقل ويرتبط بصورمباشرة برئسه رغم ان عدد أتباعه قد لا يتجاوز بضع مئات من الأشخاص.  قارن هذا بوضع الكلدان في أوروبا مثلا وقارن هذا بما إقترفوه بنا وهويتنا من جرائم لإجبارنا على قبول هويتهم وقارن كيف أنهم إستولوا على مناطق شاسعة تابعة مؤسساتيا لكنيستنا منها الخليج العربي مؤخرا.

الذي يختار ويعين الأساقفة هو الذي يحكم

ونأتي إلى مسألة مؤسساتية اخرى وهي إختيار الأساقفة. للذين لا إطلاع لديهم اقول إن الأسقف هو سلطة حقيقة في الكنيسة ضمن منطقته الإدارية بإمكانه تجميد الكهنة والشمامسة وبإمكانه الحذف والإضافة أي لن يحدث شي متعلق  بالكنيسة في منطقته دون موافقته.

وهذا كان أحد أسباب الإنتفاضة الكلدانية المباركة التي قام بها البطريرك اودو حيث إنتفض عندما اراد اللاتين سلب سلطة إختيار المطارنة ونقلهم وتجميدهم  منه ولكنه إنهار امام بطشهم وضغطهم. وأنتفض البطريرك شيخو ولكنه أيضا إنهار في النهاية امام الأخطبوط والوحش المؤسساتي لمؤسسة الكنيسة  اللاتينية الكاثوليكة. الذي يملك سلطة إختيار الأساقفة وتعينهم وتجميدهم ونقلهم هو الرئس المؤسساتي الحقيقي للكنيسة وغيره مجرد واجهة. أكبر خطاء إقترفته كنيستنا هو التنازل عن هذا الحق.

ولنعد إلى مقابلة المطران إبراهيم حيث يقول إن السينودس رشح ثلاثة كهنة ورومية هي التي ستختار واحدا  منهم بعد ان  يتم فحصه. فحصه عن ماذا؟ هل المسألة إيمانية وإنجيلية؟ إن كانت  إيمانية وإنجيلية فهولاء كهنة مذبح الرب يجب ان لا يكون غبار عليهم والسينودس ادرى من الكاردينال اللاتيني  اوغيره في درجة الإيمان لدى هؤلاء.

إذا الغابة الأساسية هي إختيار من هو أكثر طاعة وتنفيذا للرغبات والسياسات التي تتبعها مؤسسة الكنيسة  اللاتينة ولهذا بإمكان "رومية" رفض المرشحين الثلاثة وهذا حدث سابقا وإختيار أي إسم من عندها وفرضه على الكل شاء السينودس او الرئاسة ام ابت وهذا حدث في الماضي ايضا. فإي إستقلالية بقيت لدينا نحن الكلدان؟

وحدة كنيسة المشرق

ونأتي إلى مسألة حساسة اخرى وهي وحدة كنيسة المشرق. إن ما يطرحه المطران إبراهيم في هذا الشأن لهو مفارقة عجيبة وغريبة وتدل مرة اخرى بشكل لا يقبل اللبس ان لا إستقلال على الإطلاق لمؤسسة الكنيسة الكلدانية ورئاستها.

الوحدة في الوضع الراهن في نظري يجب ان تشمل جمع الشمل من حيث الثقافة والأداب والتنظيم والإدارة والليتورجيا والفنون واللغة والتاريخ الكنسي والمشاركة ببعض الأسرار المشتركة التي تجمعنا كلنا كأبناء لكنيسة المشرق المقدسة الرسولية الجامعة ولكن المطران يقحمها فورا برومية أي الذي يرفض سلطة اللاتين المؤسساتية لا يريد الوحدة. انا مستغرب جدا من هذا الموقف لأن حتى الفاتيكان اليوم تخلى عن نظرته الإستعلائية وكونه الكنيسة الوحيدة التي تمثل المسيح وإنجيله في العالم. اليوم الفاتيكان يقول انه يمثل فقط رئة واحدة من عدة رئات تتنفس من خلالها المسيحية ويرى في رئاسته (البابا) سلطة كنيسة واحدة من عدة سلطات وكراسي كنسية ذات الإيمان القويم والسليم.

أظن ان الكثير من الكلدان ورجال دينهم لا يزالون يعيشون في عقلية القرون الوسطى التي كانت فيها االكنيسة اللاتينية الكاثوليكية تعتبر نفسها هي الوحيدة ذات الإيمان السليم وتقاوم لا بل تقتل وتفتك وتبطش بكل من يعارضها.

ومن ثم إذا كان كل شيء بخصوص الوحدة مرتبط برومية فلماذا العناء وجعل الوحدة إحدى الشعارات الرئسية للكنيسة الكلدانية لأنه حسب قول المطران إبراهيم إن الحل والربط كله في يد  الفاتيكان وهذا أخشى انه واقع الحال  بالنسبة للكنيسة الكلدانية وإن كان كذلك ما هو دورالرئاسة  ولماذا نعقد الإجتماعات مثل السينودس وغيره.

قضية المطران باوي

والنقطة المهمة الأخرى التي عرج عليها اللقاء كانت قضية المطران باوي سورو. في هذه النقطة يتم إستخدام عبارات تفتقر ومع الاسف الشديد إلى اللياقة حيث يكرر المطران إبراهيم لقب "نسطورنايي" على اتباع كنيسة المشرق الذين بقوا على مذهب الأجداد القويم والسليم شأنه شأن المذهب اللاتيني الكاثوليكي.  هذا يرقى إلى درجة الإستهزاء وهو جزء من خطاب الكراهية والبغضاء الشائع لدى البعض اليوم لأن هذه الكينسة ليست "نسطورية" حسب الفمهوم الذي أتي  به المطران. هذا اللقب إستخدمه اللاتين لا سيما المبشرين منهم لأنهم كانوا يعتقدون جزافا ان المسيحي الذي لا يقبل الإنتماء إلى مذهبهم هو هرطوقي وكافر ويستحق  نار جهنم.

وبدلا من المحبة الإنجيلية ادخل هؤلاء المبشرون ألقاب هجينة مسيئة على كل من رفض طروحاتهم لإثارة البغضاء والكراهية بين صفوف شعبنا الواحد  فصاروا أيضا يطلقون على اشقائنا من السريان الأرثذوكس لقب "اليعاقبة" بمفهوم انهم هراطقة شأنهم شأن "نسطورنايي." وحتى اليوم لو اطلقت على أي كلداني لقب "نسطورنايا" او "يعقوبايا" لنظر إليه بمثابة  شتيمة. هناك ظاهرة ملفته للنظر وهي ان الخطاب السلبي وأحيانا الهرطوقي والتكفيري قد لا تجد مكانا له ليوم في عالم المسيحية برمته إلا لدى "المشيختين" الكلدانيتين الكاثوليكيتين في أمريكا.

هل يقبل المطران إبراهيم ان يصفه مطران أخر من اتباع مذهب اجدادنا بالقاب مسيئة ردا عليه ؟

إنني ككلداني كاثوليكي أطلب من المطران إبرهيم تقديم إعتذار على إستخدام هكذا القاب ومخاطبة اشقائنا بالإسم الذي يطلقونه على أنفسهم إحتراما لإنسانيتهم ومذهبهم وهو "كنيسة  المشرق الأشورية" لأنه ليس رجلا عاديا يكتب تعليقا عابرا في منابر شعبنا. هل يستطيع المطران إبراهيم إستخدام كلمة "نكيرو" Negro في الإعلام كلقب للأمريكيين من أصل أفريقي؟ أظن أن أي شخص يستخدم هكذا لقب اليوم في أمريكا حتى وإن كان الرئس اوباما لوقع في مصيبة كبيرة.

وأختم هنا لأنني بلغت حوالي 2500 كلمة ولكن حتى مسألة المطران باوي حسب قول المطران إبراهيم صارت في يد "رومية" أي هي التي ستقول كلمتها بغض النظر عن موقف الرئاسة والسينودس. اي حرية او إستقلال بقي لنا نحن الكلدان وعن اي هوية نتحدث؟


رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,672039.0.html

رابط 2

رسائل مار يوسف السادس اودو بطريرك الكلدان: تعريب وتحقيق المطران إبراهيم والشماس خيري قومية: مشيغن: 2010







123
موقف ليون برخو من تصريحات البابا فرنسيس والكنيسة الكاثوليكية

ما ادلي به في هذا المقال الموجز ليس تعقيبا على أي من الكتّاب من الذين كتبوا مقالات يردون فيها علي – وما أكثرها والحمد لله. كل كاتب او قارىء من حقه ان يعبر عن  نفسه وأرائه وكل صاحب تعليق أيضا  له الحق في التعبير عن نفسه وأرائه. ما أكتبه هنا هو فقط للتوضيح بخصوص التصريحات الأخيرة للبابا فرنسيس وموقفي من الكنيسة الكاثوليكة والتي انا عضو فيها.

اولا تصريحات البابا فرنسيس بهذا الشأن واضحة وضوح الشمس. أخذنا الخلاص مجانا فلا يحق لنا حتى القول إن الأخرين (غير الكاثوليك او غير المسيحيين) لا يستحقونه لا سيما إن كانت أخلاقهم الإنسانية ومحبتهم  اسمى من أخلاقنا ومحبتنا وأعمالهم صالحة وأعمالنا طالحة.

هذا الموقف الفذ والفريد والنابع من قراءة معمقة للإنجيل للبابا فرنسيس لم يتم  نفيه او حتى توضيحه بشكل مختلف عن ما اورده الحبر الأعظم بشكل رسمي من قبل الفاتيكان حسب علمي ولحد كتابة هذا المقال.

وهذا الموقف ينطبق مع فلسفتي للحياة ومسيحيتي المشرقية التي هي في شراكة إيمانية وليس مؤسساتية مع الكنيسة الجامعة أي الفاتيكان. وهذ الموقف واضح في أغلب كتاباتي إن بالعربية او بالإنكليزية.

ثانيا، أنا لم أنتقد او أهاجم الكنيسة الكاثوليكية كرسالة سماء ابدا وحاشى لي أن أفعل. رسالة السماء هي الإنجيل وهذا أعز ما أملكه في الدنيا.

نعم انا أهاجم وانتقد وأدين الكنيسة الكاثوليكية كمؤسسة مدنية وثقافية ومالية وغيره شأنها شأن أي مؤسسة دينية او مدنية أخرى همها السلطة والمال والسيطرة. وقد وضحت ذلك في مقالاتي لا سيما عند تعلق الأمر بالطريقة الإجرامية التي تعاملت بها هذه المؤسسة معنا نحن الكلدان وبشهادة وثائق ورسائل كتبها بعض بطاركتنا الكلدان الحريصين والغيورين على هويتنا الكلدانية وهوية كنيستنا المشرقية الكلدانية المتمثلة بلغتها وأدابها وليتورجيتها وأناشيدها وريازتها وفنونها  وثقافتها التي حاولت ولا تزال مؤسسة الكنيسة اللاتينية الكاثوليكية طمسها وتهميشها بشتى الأساليب

124
غياب المطران سرهد جمو عن سينودس الكنيسة الكلدانية: معان ودلالات

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


تتجه أنظار كنيستنا المشرقية المجيدة وشعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة صوب السينودس الذي تعقده حاليا كنيسة المشرق الكلدانية برئاسة البطريرك لويس روفائيل وإخوته الأساقفة وبغياب أسقف كلداني واحد وهو المطران سرهد جمو.

وإن أخذنا التصريحات الأخيرة للمطران سرهد على عواهنها والتي تحدى فيها البطريركية برئاستها الجديدة من حيث كون أبرشيته تمثل أكبر الأبرشيات الكلدانية (حسب ما نقل عن المطران نفسه أنظر رابط 1) ولها من التأثير ما لا تملكه ربما كل  الأبرشيات الكلدانية الأخرى مجتمعة إلى درجة ذهب فيها  إلى إدعاء أن أي قرار لن يتخذ خارج نطاق ورغبة أبرشيته فإننا نحن الكلدان وكنيستنا سنكون في وضع محرج حقا.

ولكن لنكن منصفين وننظر إلى الواقع الإجتماعي الكلداني نظرة موضوعية ونزيهة ونسأل: من هو الذي سيخسر في النهاية هل المطران جمو صاحب او زعيم النهضة الكلدانية – وسأتي إلى هذا الموضوع لاحقا – ام البطريركية والأساقفة الذين إجتمعوا في بغداد ومعهم قلوب ليس فقط الكلدان بل كل أطياف شعبنا بأسمائم وكنائسهم المختلفة.

أبرشية كبيرة ومؤثرة!

لا شك ان المطران جمو يتربع على ابرشية كبيرة وغنية جدا لها من المال ربما دون حساب ولا شك ان المطران جمو جمع حوله عددا لا بأس به من المثقفين القوميين الكلدان الذين دافعوا وربما لا يزالون عن نهجه السياسي ونظرته الخاصة للقومية وكذلك بعض الكهنة من الذين  مكنهم بأساليب غير مسيحانية على الهرب من العراق.

ولا شك ان للمطران  جمو تأثيرا كبيرا في مجريات الكنيسة الكلدانية كمؤسسة ولن نخفي سرا تحديه المؤسساتي من خلال علاقاته بالفاتيكان او غيره للبطريركية في عهد المرحوم روفائيل بيداويذ – الأرشيف البطريركي يؤكد على ذلك – وكذلك تأثيره المباشر أحيانا على مجريات الأمور في عهد البطريرك السابق والمستقيل عمانوئيل دلي.

إذا نحن امام شخصية ليست عادية لأنها جمعت السياسة والصراع مع الرئاسة والصراع مع الفرع الأخر (الأشوري)  لكنيستنا المشرقية المقدسة الرسولية الجامعة وذلك بتبنيه لقضية المطران  المنشق باوي سورو وإقحامها في الصراع السياسي والقومي والمذهبي والمالي والعقاري الدائرة رحاه بين أطياف شعبنا وغيرها من المواقف.

القوميون الكلدان

وألتف القوميون الكلدان حول هذه الشخصية – وهذا في رأي واحد من أخطائهم الكبيرة – وصار المثقفون بينهم يغدقون عليه المديح ومنهم من رأه "اسد الكلدان" ومنهم من حمّله "الراية الكلدانية" ومنهم من رأى فيه المنقذ الذي بواسطته سيفيق الكلدان من سباتهم لا بل غيبوبتهم ومنهم من طالب علانية من الأساقفة الكلدان الأخرين وحتى الكهنة إلى حذو حذوه وإقتفاء خطاه وأثره.

ولكن هل كان المطران جمو بمستوى الثقة العمياء التي منحه إياها القوميون الكلدان؟ هل حقا بادلهم الثقة هذه وذلك بوضع مصلحة إحياء الهوية الكلدانية ( لا سيما من حيث اللغة والثقافة والتعليم والتأليف والنشر وتأسيس وإنشاء المدارس والمعاهد  لتدريس لغتنا القومية وغيره)؟ او بالأحرى هل وضع مصلحة الهوية الكلدانية كممارسة فوق كل شيء وليس مجرد مصالح خاصة والتشبث اللفظي بالتسمية الكلدانية قولا وليس فعلا؟

تناقض كبيبر

المحب  لهويته الكلدانية  لا يفرق بل يجمع، لا يهمش بل يدعو إلى الشراكة، لا يعرقل بل يساهم، لا يقصي بل يوحد، لا يبغض بل يحب، لا يهاجم بل يمد  يده لأخيه الكلداني المختلف عنه، لا يشتت بل يرتب لا سيما البيت الكلداني.

ولنكن منصفين فإن ما حصل من خلال المنهج السياسي والقومي الذي إتبعه المطران جمو جاء – وهذا رأي الشخصي – عكس توجهات ليس فقط مريديه ومناصريه من القوميين بل الغالبية الساحقة  من الكلدان أيضا والكثير من أبناء شعبنا من المكونات الأخرى.

 وهكذا بدلا من أن يضع المطران جمو يده في يد البطريرك المحبوب لويس روفائيل الذي وفي فترة وجيزة ادخلنا تقريبا كلنا بإسمائنا ومذاهبنا في عهد جديد عمل على تحديه.

وبدلا من ان يحضر السينودس ممثلا للذين ساندوه في كل هذه الفترة ومدافعا عن نهجه ونهجهم ومستخدما التأثير الذي يقول انه وأبرشيته يملكانه بصورة إيجابية من أجل محبيه من القوميين أرى من وجهة نظري أنه خذلهم بغيابه.

وغيابه عن السينودس كما نستشف من السجال الذي جرى بينه وبين البطريركية والمنشور على موقعه كلدايا.نت لا علاقة مباشرة او غير مباشرة له بحرصه على الهوية الكلدانية كممارسة بل مرتبط بأمور اخرى ومنها قضية المطران باوي.

وبغيابه وحضور كل الأساقفة الأخرين أرى انه ضرب مسألة القومية الكلدانية بالطريقة التي أثارها في السنين الأخيرة في الصميم. والسبب واضح. الكلدان بأغلبيتهم الساحقة مصطفون وراء البطريركية متمثلة برئاستها الجديدة.

ولا يغرنكم كون الأبرشية التي يقودها أكبر الأبرشيات الكلدانية. لا أظن ان الكلدان حتى في هذه الأبرشية على إستعداد لتبني أي موقف معارض للبطريركية او ما سيتمخض عنه السينودس الحالي من قرارات مهما إدعت من تأثير او قوة تملكها على المؤمنين من الكلدان او الأثوريين التابعين لها.

هل من أثر إيجابي

الأبرشية العتيدة هذه لها الكثير من المال والتأثير. هذا صحيح. ولكنها لم تترك  أثرا إيجابيا في صفوف الكلدان بصورة عامة.

فالخطاب الذي نقرأه على صفحات موقعها الرسمي خطاب غير حميد: إنه خطاب تكفيري هرطوقي احيانا وإقصائي احيانا أخرى ورقابي بشكل صارم حيث تغيب فيه أبسط مبادىء حرية التعبير وهجومي في أغلب الأحيان والهجوم طال حتى البطريرك لويس روفائيل الذي ترى فيه كل مكونات شعبنا الواحد وكنائسه المختلفة هبة من الله في زمن صعب جدا صار وجودنا كشعب وكنيسة على المحك.

وغياب المطران جمو عن السينودس لن يؤثر في أغلب الظن على مجريات الأمور. وحتى غياب الأبرشية – إن  نجحت رئاستها في تحديها الحالي – على مسار شعبنا وكنائسنا.

فرغم التأثير الكبير والإمكانيات الهائلة لهذه الأبرشية فإن القائمين عليها لم يوظفوها في خدمة الكلدان وهويتهم. لم تقم هذه الأبرشية – حسب معلوماتي – ورغم إمكانياتها الهائلة بتأسيس مدارس او معاهد  لتدريس لغتنا القومية في الشتات او في أرض الأجداد ولا بناء مشاريع خدمية او خيرية في القرى والقصبات الكلدانية في أرض الأجداد ولا إنشاء مؤسسات عامة تعني بأمور الناس وتشجعهم على التشبث بهويتهم من خلال ممارسة لغتهم وثقافتهم وليتورجيتهم وطقوسهم.

لو كان لهذه الأبرشية مثلا عشرات المشاريع مثل هذه لكان غيابها او تغيبها أثر بصورة مباشرة على إستمرارية هذه المشاريع ولربما كان لها وقع كبير على شعبنا لا سيما علينا نحن الكلدان.

الخطأ القاتل

أكرر مرة أخرة وأقول أخطأ القوميون الكلدان في وضع بيضهم كله في سلة المؤسسة الكنسية وأقترفوا خطاءا مميتا بإصطفافهم مع تيار محدد في هذه المؤسسة ومعارضة بعضهم  للنهج الوحدوي للبطريرك الجديد وهو لا يزال في ايامه وأسابيعه الأولى.

كان يجب عليهم التريث وتشجيع تيارهم الكنسي للوقوف خلف البطريركية ولإستفادة قدر المستطاع من نهجها والعمل بالممكن من الذي ستساعدهم فيه  ومن ثم – وهذا الأهم – الإعتماد على النفس. منذ نشأءة الأحزاب والتجمعات القومية الكلدانية وهي تتكىء على المؤسسة الكنسية وها هي اليوم تدفع ثمن عدم إستقلالية قرارها.

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,666164.msg5999364.html#msg5999364


ملاحظة

جرى تعديل طفيف للمقال يوم الأحد الساعة 11:58 بتوقيت السويد وضعته بين قوسين في الفقرة الثانية وهذا نصه:

(حسب ما نقل عن المطران نفسه أنظر رابط 1)


125
سينودس الكنيسة الكلدانية: هل سيدخل المسرة في قلوبنا أم سيزيد من تجهمنا؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


كان بودي جعل العنوان: "سينودس الكنيسة الكلدانية سيدخل المسرة في قلوبنا" فقط ولكن تجربتي كصحفي علمتني الحذر لا سيما عندما يتعلق الأمر بكتابة تقارير عن مؤتمرات لم تبدأ وعن إجتماعات لم تنفض وعن قرارت لم تطبق.

وأنا أكتب "ويدي على قلبي" كما يقول المثل. بطريركنا المحبوب أرسل أكثر من إشارة ورسالة يرشدنا مرات ويؤنبنا مرات اخرى وينذرنا أحيانا نحن الكتاب في منتديات شعبنا ان نعتمد الكياسة واللياقة الأدبية في الكتابة وأن نضع العلمية والأكاديمية والسعي إلى الحقيقة نصب أعيننا.

وهو محق. شعبنا الواحد وكنيستنا المشرقية المقدسة الرسولية الجامعة ولا سيما الفرع الكلداني منها يمران بمرحلة حرجة جدا. نحن شعب قد لا نتحمل أخطاء أخرى لأن وجودنا على المحك.

وفي كل هذا فهو لم يحرمنا من النقد والتعبير عن أرائنا بحرية ولكن بموضوعية لأنه يرى في النقد ظاهرة حضارية مهمة للتطور الإنساني والمؤسساتي والفكري. (رابط 1)

وإنطلاقا من موقف البطريركية الإيجابي من النقد لا سيما الموضوعي والنزيه منه أمل ان يتسع صدرها لقرأتي الخاصة لبعض الملفات الشائكة والتي أظن أنها تؤرق الكثيرين من ابناء شعبنا وكنيستنا المشرقية بأسمائها ومذاهبها المختلفة.

هذه الملفات تتناول(1)  العلاقة مع الفاتيكان و(2) هوية كنيستنا المشرقية الكلدانية  و(3) العلاقة مع شقيقتها كنيسة المشرق الأشورية بفرعيها (سوركاذا عتيقا وسوركاذا حدثا).

1. العلاقة مع الفاتيكان

هنا انا لا اقصد الشراكة الإيمانية والإنجيلة مع الكنيسة الجامعة. هذه الشراكة نعمة وبركة لأن أساسها ومنطلقها يستند إلى الكنيسة كرسالة  سماء اي دستورها هو الإنجيل.

قصدي هو العلاقة المؤسساتية والإدارية والليتورجية والثقافية والتاريخية. وهنا نحن في صدد الكنيسة كمؤسسة بشرية.

القول ان الفاتيكان لم يتدخل مؤسساتيا وإداريا وثقافيا وليتورجيا في شؤون كنيستنا الكلدانية قول غير صحيح من الناحية العلمية والأكاديمية والتاريخية. قد تكون مكانة البطريرك الحالي وتأثيره وعلميته وسعة أفقه من الأهمية بمكان إلى درجة أنها ربما ستضع حدا للتدخل المؤسساتي والإداري والثقافي والليتورجي في شؤون كنيستنا الكلدانية من قبل الفاتيكان!! ولكن هناك أدلة تاريخية كثيرة على  ان  الفاتيكان تدخل مؤسساتيا بشكل سلبي وكارثي في حياة شعبنا وكنيستنا.

ليس هناك بطريرك كلداني غيور على هوية كنيستنا وإستقلاليتها وعلى المسؤوليات المرتبطة بمنصب الجالثاليق لم يشتكي من هذا التدخل بصورة علنية ووصل الأمر مرات عديدة في التاريخ الحديث إلى شبه قطيعة لا بل إنتفاضة ولكن لم يكتب لها النجاح. (رابط 2 )

الوثائق التاريخية التي أشرت إليها في الرابط أعلاه وغيرها كثير موجودة في أرشيف البطريركية وأرشيف الفاتيكان وبإمكان أي باحث الإستناد إليها للبرهنة على التدخل المؤسساتي السلبي للفاتيكان في حياة كنيستنا. والذي يقرأ الرسائل التي كتبها البطريرك يوسف أودو التي يشترك في ترجمتها المطران إبراهيم إبراهيم مع الشماس خيري قومية (رابط 2)  يرى كيف ان هذا البطريرك الجليل  يظهر فيها إمتعاضة وغضبه من هذا التدخل غير المبرر والكارثي والتعابير القاسية جدا والسلبية جدا التي يستخدمها في وصفه له.

وما حدث في الهند ومناطق أخرى من تدخل وصل حد إقتراف جرائم  كبرى بحقنا وكنيستنا وثقافتنا وليتورجيتنا وأدابنا الكنسية ولغتنا موثق أيضا في كتب أكاديمية رصينة وأرخه واحد من الكتاب الأوربيين الكبار الذي حصل على جوائز ادبية رفيعة مستندا إلى الوثائق الكنسية وغيرها (رابط 3). وهذا كما قلت ليس من الماضي ابدا. إنه أقرب إلينا من الحاضر نفسه. يتصارع بعض كتابنا ومثقفينا على حقبات تاريخية لا ناقة ولا جمل لنا بها مثل الطوفان وقبله وبعده ... ونخشى إماطة اللثام عن حاضرنا. لماذا؟  لا يجوز ان نتكىء على مذهبيتنا وطائفيتنا او غيرها كي نخفي او نتغاضى عن حقائق تاريخية دامغة تخصنا بصورة مباشرة واثرت علينا سلبا كشعب وكنيسة وهوية وحاضر ومستقبل.

1.1 الحكم الذاتي

كنيستنا المشرقية الكلدانية – وبشهادة البطريركية (رابط 4) – هي الكنيسة الوحيدة في الشرق والمرتبطة بشراكة إيمانية وإنجيلية مع روما وليس لديها حكم ذاتي Sui Juris، أي نحن الكلدان لا نملك إتفاقية مع الفاتيكان فيها نصوص تحدد  الحقوق والواجبات من الناحية المؤسساتية والإدارية والليتورجية والثقافية وغيرها.

حتى الأنكليكان الذين إنشقوا عن كنيستهم الأم – حوالي 70000 شخص – وقبلوا  بشراكة مع الكنيسة الجامعة أي الفاتيكان قبل حوالي سنتين لهم إتفاقية – مشروع حكم ذاتي – مع الفاتيكان يمنح لهم كامل الحقوق المؤسساتية والإدارية والثقافية والليتورجية ويحتفظون فيه بكل إمتيازاتهم من حيث الهوية الكنسية ومناطق تواجدهم وغيره دون تدخل من الفاتيكان (رابط 4).

الا يحق لنا نحن الكلدان وكانت اعدادنا بالملايين قبل ان يتدخل الفاتيكان بشؤوننا المؤسساتية ويستقطع جغرافيا مناطق شاسعة من سلطة جاثاليقنا ويفرض الطقس والثقافة والليتورجيا اللاتينة على هذه المناطق وينهي الهوية الكلدانية للملاين من أتباع كنيستنا وإلى الأبد – الا يحق لنا مشروع حكم ذاتي ونحن أتباع كنيسة كانت يوما اقوى وأوسع وأكثر علما وثقافة وتنويرا من النواحي الليتورجية واللاهوتية والفكرية والتبشيرية حتى من روما ذاتها؟.

فهل سنشهد إقرار مشروع حكم ذاتي خاص بنا ومن خلاله تعاد كل السلطات التي إنتزعتها روما من الجاثاليق (رئاسة كنيستنا) والمناطق التي إغتصبتها من كنيستنا؟

2. الليتورجيا

الليتورجيا هي جزء مهم وأساسي من هوية أي كنيسة. ولا حاجة إلى التذكير بأن كنيسة المشرق الكلدانية-الأثورية لها ليتورجيا تسمو فكرا ولاهوتا وغنى وأدبا على كل ما جادت فيه القريحة المسيحية منذ إنتشارها قبل حوالي الفي سنة.

والليتورجيا مجموعة ادبية ثقافية فنية تؤرخ لهوية الشعوب المسيحية والكنسية  وليتورجيتنا المسيحية المشرقية تحفة رائعة لا نظير لها في العالم من حيث الصلوات وتنسيقها وتوزيعها وعدم رتابتها وفيها من الفنون المسيحية المشرقية – والفنون من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية – ما يضع الفنون المسيحة الأخرى ومنها  اللاتينية في مصاف ادنى بكثير.

ولكن – ومع الأسف الشديد – كانت  الهوية المتمثلة بالليتورحيا – الأداب الكنسية وبضمنها اللغة – هدف هجوم لا مبرر له من الفاتيكان اولا ومن بعض الكلدان ثانيا.

التاريخ الحديث وأرشيف الرسائل البطريركية مليء بالحقائق تلو الحقائق عن الكوارث التي ألحقها اللاتين  بالكلدان حيث إستخدموا العنف المفرط غير المبرر لطمس  الليتورجيا الكلدانية وتبديلها باللاتينية فيما يرقى إلى جريمة ضد الثقافة الإنسانية في بعض المناطق. وصرخات بعض بطاركتنا الأجلاء وأحيانا بكاءهم ونحيبهم تعبيرا عن الألم الذي كان يعتصر قلوبهم بسبب الهجمة اللاتينية الإستعمارية على ليتورجيتنا لا سيما في الهند ومناطق أخرى يصل عنان السماء. فهذاالبطريرك اودو يصرخ في رسائله ويدين اللاتين على فعلتهم النكراءة وبأقسى العبارات  ويتوسل بالفاتيكان والفاتيكان لا يجيب لأنه كان هو وراء هذه الكارثة (رابط 2). هذه حقائق تاريخية لا يجوز وإنطلاقا من المذهبية او الخشية المؤسساتية ان نخفيها بالغربال.

والتهديد  المباشر الثاني ضد ثقافتنا وادابنا وفنونا الكنسية المشرقية اتى من بعض الكلدان لا سيما الأكليروس الذين فضلوا الطقس اللاتيني على طقوسنا  وادابنا وفنونا الكنسية وهكذا بدأنا نحن الكلدان نخسر ريازتنا الكنسية ودخلت الإيقونات بأشكالها والتساعيات والشهريات والأناشيد والصلوات اللاتينية (مترجمة) واحتلت وأزاحت درة ادابنا الكنسية وتم إقحام نصوص كثيرة لا تمت إلى أصالتنا بشيء وجرى حتى تبديل بعض الأزياء الكنسية المشرقية بالأزياء اللاتينية رغم ان ما لدينا يرقى ويسمو على ما لدى اللاتين.

ليس هذا فقط. بل بدأنا بإدخال الممارسات اللاتينية في كل طقوسنا على حساب ليتورجيتنا وثقافتنا الكنسية. كل هذا تم من جانب واحد لأن صاحب الطقس اللاتيني لو قتلته لما قبل ان يأخذ حرفا واحدا منا. وها نحن نعيش في الشتات ونحضر طقوسهم كوننا كاثوليك ونملأ كنائسهم ولكنهم لن يبدلوا او يزيحوا حرفا واحدا من ليتورجيتهم وأدابهم وفنونهم  الكنسية من أجل عيوننا. هناك إلتزام مطلق بالليلتورجيا والفنون والطقوس كما وردت في الكتب الطقسية.

في السويد الليتورجيا المستخدمة هي ذاتها منذ نشوء المسيحية من الألحان والنصوص المكتوبة بلغة سويدية كلاسيكية والكل يلتزم بها رغم ان أغلب الكهنة غير سويديين إلا أنه كان لزاما عليهم تعلم السويدية وإتقان أداء الطقوس والليتورجيا بهذه اللغة قبل التعين في الخورنات. وإعتزازا بالإرث الطقسي اللاتيني لا زالوا حتى اليوم ينشدون باللاتينة أحيانا والكتاب الطقسي يضع اللغة اللاتينية بجانب اللغة السويدية رغم ان السويدية واللاتينية لغتان مختلفتان  تماما حيث ان الأخيرة جرمانية الأصل.

نحن ما جرى ويجري لدينا هو العكس تماما رغم ان ليتورجيتنا مكتوبة بلغتنا الوطنية ورغم ان السواد الأعظم من أبناء شعبنا لا زال يتحدث لهجة محكية قريبة جدا من اللغة الطقسية. هناك حرب شعواء لا سيما من بعض الأكليروس الضعيف النفس على الليتورجيا ومنهم من يصفها بكلمات سلبية لا بل صار البعض ينظر إليها نظرة دونية ويراها متخلفة عن مثيلاتها والعكس صحيح. اليوم إذا تواجد شخص واحد يتكلم العربية او يدعي العروبة في الكنيسة فيجب تحويل البوصلة الليتورجية 180 درجة من أجل عيونه اما البقية التي ترى ليتورجيتها جزءا من هويتها الكنسية فلا أهمية لها، بينما لا يفعل ذلك الكاثوليكي  السويدي او الألماني او الفرنسي او غيره حتى ولو كنا نحن الغالبية في كنائسهم. واليوم هناك دعوات إلى إستخدام كل اللغات وكل الطقوس. هذا امر مخيف وغير منطقي لا يمارسه أي شعب يعتز بهويته وثقافته وأدابه وليتورجيته وفنونه الكنسية.

نعم الليتورجيا هي في خدمة الإنسان وتطويرها وتحديثها جزء من التطور البشري ولكن ليس بهذا الشكل وهذه النظرة التي تجعل من الطقس اللاتيني الأجنبي الدخيل قُبلة البعض. كل الكنائس الكاثوليكية في اوروبا وغيرها تلتزم بتراثها وأدابها الكنسية ولهذا لا زالت تنشد وتمارس روائع الموسيقى الكلاسيكية الكنسية مستخدمة نصوصا مكتوبة بلغة كلاسيكية قديمة ولا تركنها جانبا كما فعلنا ونفعل نحن.

هناك طرق كثيرة لتحديث وعصرنة الليتورجيا ولكن إلغائها وإستبدالها بالأجنبي والدخيل هذا امر لا يجوز ان يقبل به اي فرد او شعب له ذرة من الغيرة على هويته.

ولهذا لا أرى مبررا ان يكون لنا إحتفالات او نشاطات تؤرخ او تحتفي باسماء لاتينية لأننا نحن كنيسة مليئة بالألاف من أسماء القديسيين والشهداء. هل  نحتفي بجيش او  كشافة او فرسان كولمبوس او نحتفي بشمعون برصبعاي او نرسي او أفرام او جبرائيل دنبو ومئات ومئات لا بل الالاف من القديسين والشهداء الذين يزخر بهم أدبنا الكنسي المشرقي؟ اللاتيني لو ذبحته لا يشكل كشافة بإسم شمعون برصباعي لأنه أساسا لا يعترف به قديسا بينما إستشهاده ومعه إخوته الاساقفة يضعه المؤرخون الكنسيون من حيث القدسية بعد إستشهاد  الرسل. مع كل إحترامي لا يجوز لنا ككلدان ان نقبل إستخدام إسم لاتيني على حساب أسمائنا من القديسين  والشهداء وعلينا ان نعاملهم بالمثل لأن ليتورجيتهم وطقسهم وأدابهم وفنونهم الكنسية ليست ارقى  واسمى وافضل مما لدينا بل العكس صحيح.  كيف ولماذا دخلت اللاتينية إلى طقوسنا وحياتنا وأحتلتنا لا بل إستعمرتنا بهذا الشكل؟ لست أدري.

إن كنا حقا حريصين على الأصالة علينا تنقية ليتورجيتنا لأن الطقس اللاتيني وحسب دساتير الفاتيكان له من الحقوق ما للطقوس الأخرى هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الطقس الكلداني طقس مشرقي ولهذا له إمتيازات كبيرة أكثر بكثير من الطقس اللاتيني ذاته تمنحها له دساتير الفاتيكان لا بل تلزم هذه الدساتير والقوانين أصحاب الطقوس المشرقية (ومنها طقسنا المشرقي الكلداني اي نحن الكلدان) الحفاظ عليها والتقيد بطريقة حياتنا الليتورجية والكنسية والثقافية الخاصة بنا كهوية كنسية لها خصوصيتها التي يحترمها اليوم الفاتيكان. فلماذ لا نستند إلى دساتير الفاتيكان في حملتنا لتنقية ليتورجيتنا وثقافتنا وأدابنا وفنونا الكنسية من كل دخيل وغريب لا سيما اللاتيني منه ونعود إلى جذورنا المشرقية الأصيلة في كل شيء من الريازة والأزياء والليتيورجيا واللغة وزواج الكهنة وغيرها مع الشراكة المسكونية مع الكنيسة الجامعة ومع حداثة تحي وتبث الحياة في الموروث ولا تلغيه كما حدث ويحدث اليوم؟ (رابط  6).

3. العلاقة مع الفرع الأشوري لكنيستنا

لا يخفى ان "الوحدة" صارت من اهم الأولويات لدى رئاسة كنيستنا المشرقية (الفرع الكلداني) ولا أظن ان البطريرك لويس روفائيل سيتخلى عن هذا الهدف النبيل مهما كلف الأمر  وانا على يقين انه سيبذل قصارى جهده لتحقيقه وأليس هو القائل انه على إستعداد للتخلي عن منصبه من أجل وحدة كنيستنا؟

ومن هذا المنطلق سيكون السنودس مفصلي لأن النقطتين (1 و 2) أعلاه من النقاط الشائكة في المباحثات بين كنيستنا المشرقية (الفرع الأشوري) والفاتيكان. إن إستطاع السنودس والأساقفة إبرام عقد حكم ذاتي مع الفاتيكان يعيد لكنيستنا المشرقية الكلدانية إستقلاليتها لا سيما من حيث الصلاحيات الجاثاليقية مع الحفاظ بالشراكة الإنجيلية والإيمانية مع الكنيسة الجامعة فإننا سنكون امام وضع جديد يستطيع الفرعين المشرقيين الإلتئام والوحدة.

وإن قام السينودس بمبادرة العودة إلى الجذور والأصالة والإستغناء عن الغريب والأجنبي  والدخيل لا سيما اللاتيني من حيث الليتورجيا والثقافة والأداب والفنون الكنسية (وهذا ما تدعو إليه دساتير الفاتيكان) فإننا سنكون على ابواب نهضة كلدانية كبيرة وعميقة ستمتد  جذورها إلى اعماق الأرض وأغصانها إلى عنان السماء وسيكون بإمكان أشقائنا الأشوريين التفيء بظلالها.

وأخيرا

امل كإبن بار لكنيسة المشرق (الفرع الكلداني) ان يكون هذا اخر سينودس يعقد دون أشقائنا من كنيسة المشرق (الفرع الاشوري). أظن ان كل ابناء شعبنا ينتظرون بفارغ الصبر وعيونهم تحدق وقلوبهم تخفق لما ستتمغض عنه جهود بطريركنا المحبوب بشأن وحدة كنيسة المشرق المقدسة الرسولية الجامعة.

وكلنا بإنتظار اليوم الذي تندمج وتتوحد فيه الرئاسات الثلاث برئاسة واحدة مع شراكة إيمانية إنجيلية مع الكنيسة الجامعة وحقوقنا بحكم ذاتي حقيقي من الناحية المؤسساتية والإدراية والثقافية  والليتوريجة واللغوية  وما يخص السلطات الجاثاليقية مضمونة في نص تشريعي يوقّع مع الفاتيكان.

وأظن ان مكانة بطريركنا لدى الكرسي الرسولي (الفاتيكان) والتغير الإيجابي لدى الفاتيكان ذاته حيث غادر الكثير من الممارسات السلبية السابقة وبدأ ينظر إلى الوحدة المسيحية كشراكة في الإنجيل والعقيدة المسيحية وليس إثبات الأحقية المؤسساتية والسلطوية والإدارية والليتورجية والثقافية وفرضها على الأخرين قسرا.

قلت سابقا إننا في زمن جديد.  مسكونيا نحن في زمن البابا فرنسيس ومشرقيا نحن في زمن البطريرك لويس روفائيل. حقا إنه زماننا وزمان كنيستنا المشرقية العظيمة وعلينا إستغلال هذه الفرصة الذهبية لأن ضياعها قد يعني ضياعنا.

----------------------

 رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,669734.msg6016736.html#msg6016736

رابط 2
أنظر على سبيل المثال لا الحصر "رسائل مار يوسف السادس اودو بطريرك الكلدان: تعريب وتحقيق المطران إبراهيم إبراهيم والشماس خيري قومية: مشيغن: 2010".

رابط 3
أنظر ريجرد زيلمر Richard Zimler ورواياته التاريخية التي حازت على عدة جوائز ادببية رفيعة وتربعت على قائمة اكثر الكتب مبيعا في عدة دول اوروبية والمستندة إلى وثائق كنسية ووثائق جرى رفع الكتمان عنها من قبل وزراة الخارجية البرتغالية عن المأسي الرهيبة التي حدثت في منطقة غوا في الهند حيث يقطن الملايين من ابناء شعبنا من الكلدان الذين تم فرض الليتورجيا والطقس اللاتيني عليهم وتغير هويتهم الكنسية والليتورجية وأدابهم الكنسية:
http://www.rediff.com/news/2005/sep/14inter1.htm

وكذلك:
http://ajitvadakayil.blogspot.se/2010/12/portuguese-inquisition-in-goa-and.html

وأنظر كلذلك الكتب الأكاديمية الحديثة التي تؤرخ لهذه الفترة بعلمية ورصانة وتظهره على حقيقتها:
http://www.amazon.com/Goa-Inquisition-Quarter-Centenary-Commemoration/dp/083642753X/ref=sr_1_1?s=books&ie=UTF8&qid=1370247133&sr=1-1&keywords=inquisition+of+goa

http://www.amazon.com/account-Inquisition-Goa-India/dp/B009T8MQ74/ref=sr_1_8?s=books&ie=UTF8&qid=1370247183&sr=1-8&keywords=inquisition+of+goa
وغيرها كثير

رابط 4
http://www.saint-adday.com/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/4527-%D8%AA%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8%AD-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AE%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B4%D9%88%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D9%83%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D9%86%D8%AA.html

رابط 5
http://catholicknight.blogspot.se/2009/10/breaking-traditional-anglicans-return.html

رابط 6
أنظر دستور الفاتيكان حول القانون الكنسي المشرقي الذي وقع عليه البابا بولس السادس في تشرين الثاني عام 1964 وكيف ان الدستور يدعو إلى الحفاظ على الليتورجيا والثقافة والطقوس المشرقية:
http://www.vatican.va/archive/hist_councils/ii_vatican_council/documents/vat-ii_decree_19641121_orientalium-ecclesiarum_en.html

وكذلك أنظر كيف جرى التأكيد عليها في قوانين مسكونية أخرى في عام 1990 لاسميا الفقرات 28 و 39 و 40:
http://www.jgray.org/codes/cceo90eng.html

وأنظر أيضا مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني عما  1964 التي تؤكد لا بل تلزم الكنائس الشرقية في شراكة مع الفاتيكان على الإحتفاظ بموروثها الليتورجي لا سيما الفقرات 5 و6 و 10. وأنظر الإقتباس التالي من الفقرة 6 وقارنه إلى الطريقة التي يفسر لنا البعض مقررات المجمع:
"All members of the Eastern Rite should know and be convinced that they can and should always preserve their legitimate liturgical rite and their established way of life, and that these may not be altered except to obtain for themselves an organic improvement."

"على كل أعضاء الطقوس الشرقية ان يعرفوا لا بل أن يقتنعوا انه يإمكانهم لا بل أنهم ملزمون بالحفاظ على طقوسهم الليتورجية الشرعية وعلى طريق حياتهم الخاصة وانهم ملزمون بعدم تغيرها إلا في الحالات التي تتطلب تحسنا عضويا" (ترجمة الكاتب)

 

126
هل تستحق قضية المطران باوي سورو كل هذه الضجة وهذا الإهتمام؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


كثر الحديث في الأونة الأخيرة حول المطران باوي سورو وظهرت مقالات عديدة ذات إتجاهات مختلفة رافقتها مئات التعاليق. أنا لست في خضم تقيم هذا الكم الهائل من الكتابة ولكنني كفرد من أبناء شعبنا كنت أحيانا أتمنى الموت عند قرأتي لبعض الأسطر.

لقد اظهر هذا السيل الجارف من الكتابات في هذه القضية – شأنها شأن أي مسألة أخرى تخص شعبنا – أننا لازلنا نخلط الكثير من المفاهيم التي لا توائم بعضها ولهذا أرى ان أغلب القراء لم يكن بإمكانهم  معرفة إن كان أصحاب المقالات او التعاليق ينطلقون من حرصهم على مسيحيتهم او مذهبهم او كنيستهم او مناطقيتهم او هويتهم او تسميتهم ام أنهم مجرد اشخاص يناصرون او يقاومون ما يرونه حسب وجهة نظرهم أنه قضية عادلة او خاسرة او انهم اشخاص لهم مواقف شخصية مؤيدة او معادية للرجل ولأسباب لا يعرفها إلا الله.

وأغرب شيء وقعت عليه عيناي كان محاولة البعض إضفاء طابع إيماني  مسيحي إنجيلي على القضية وكأن المسيحية لا زالت حتى اليوم تعتقد انه بإمكانها إصدار صكوك الغفران او صكوك الإدانة.

في رأي المتواضع ان المسيحية المستندة إلى الإنجيل بعيدة كل البعد عن هذه القضية. المسيحية اليوم بدأت تلبس حلة جديدة بقيادة البابا فرنسيس الذي يرى ان الألفاظ والنصوص عديمة الفائدة دون ممارسة الأعمل الصالحة. أي القرب من المسيح او  البعد عنه لا تقرره الألفاظ والنصوص بل الأعمال والممارسة.

وهذا الموقف يعد طفرة هائلة ليس في الفكر المسيحي بل الإنساني اقام دعائمه وشيد ارصفته هذا البابا الجليل الذي أدخلنا في زمن جديد وصار يدهشنا تقريبا كل  يوم. وأكثر دهشة كانت تصريحاته الأخيرة حول ملكوت السماء – اي الجنة – ومن سيدخله حيث قال بإمكان كل صاحب عمل صالح وممارسة صالحة الدخول إلى ملكوت الله حتى وإن كان ملحدا.

 اي كوني انا مسيحي كاثوليكي وشماس ملتزم لا يمنحني الحصانة من حيث يكون البكاء وصرير الأسنان وكون زميلي السويدي الملحد الذي لا يؤمن بالله والإنجيل ويستهزىء بالطقوس التي أمارسها كشماس والألفاظ التي أنطقها والنصوص التي أستشهد بها ليس معناه انه لن يجلس عن يمين المسيح.

ما يحدد الجلوس عن يمين المسيح هو العمل الصالح وما يضعنا عن يساره هو العمل الطالح وإنطلاقا من هذه المعادلة التي أتى بها البابا فرنسيس والتي هزت الدنيا (رابط 1) لا بل ادت وستؤدي ربما إلى إعادة كتابة اللاهوت المسيحي برمته (رابط 2) أرى اننا نخطىء كثيرا في إقحامنا لكل قضية ومن ضمنها القضية التي نحن في صددها في الإطار الإنجيلي والمسيحي.

يخطىء من يتصور اننا امام قضية مسيحة إنجيلية. التحول من مذهب إلى أخر لا علاقة له بالإنجيل ولا علاقة له بتفسير الإنجيل حسب منطلقات البابا فرنسيس الجديدة التي تعلمنا الأن ان الخلاص مرتبط بالأعمال الصالحة وليس الدين او المذهب.

قضية المطران باوي وليعذرني محبيه ومعاديه خرجت عن إطارها الإنجيلي منذ إقحامها في المحاكم الأمريكية التي لم يترشح عنها حتى الأن أي شيء رسمي لأنه يبدو ان المحكمة وتنازلا  لرغبة أحد الأطراف وافقت على وضع وقائع ومحاضر الجلسات وما أدلى به الشهود وكل الوثائق والمستندات الخاصة بها تحت بند  ما يسمى ب "كاك اوردر"  Gag Order – أي طي الكتمان – والتي غالبا ما يتطلب امر رفع السرية عنها عدة سنوات.

وهذا معناه أن كل ما أثير وسيثار عن هذه القضية لا يمكن الوثوق به في غياب الشفافية. اليوم الذي سترفع المحكمة فيه السرية عن وقائع الجلسات وما أدلى به الشهود والوثائق الرسمية المقدمة من كل الأطراف عندها سيكون بإمكاننا إستيعاب هذه القضية وأبعادها وواقعها الإجتماعي.

ولهذا كان هناك مقالات اوتعاليق من الطرفين تهدد بكشف المستور – والله يستر – يوم ترفع المحكمة امر السرية على الوثائق والشهود وأقوالهم.

وقضية المطران باوي قضية سياسية وإدارية وعقارية ومالية بإمتياز بدليل تدخل احد الأحزاب القومية الرئسية لشعبنا في مسيرتها وبدليل الصراع على الأبنية والمال الذي رافقها.

وقضية المطران باوي صارت مذهبية وطائفية بإمتياز والمذهبية والطائفية ألد اعداء المسيحية المستندة إلى الروح الإنجيلية الحقة.

وهذه القضية أيضا بدأت تؤثر سلبا على مساعي الوحدة التي جعلها البطريرك لويس روفائيل من أهم اولوياته.

ولهذا – وهذا رأي الشخصي – كون القضية خرجت من نطاقها المسيحي والإنجيلي أرى ان يتم التريث في البت فيها حتى تنكشف كافة اوراقها وما خفي منها ويكون  لدى كل أطراف شعبنا من المعلومات والوثائق ما يمكننا الوصول إلى واقعها الإجتماعي أي الأسباب الإدارية والمالية والسياسية والعقارية  والإجتماعية والمالية التي رافقتها.

وأمل أن اي حل لهذه القضية في المسستقبل أن لا يتم دون إتفاق الطرفين وأن يتخذ الفرع الأشوري والفرع الكلداني لكنيسة المشرق قرارا حازما بإيقاف قبول هجرة الإكليروس من اي طرف إلى ان تستكمل مباحثات الوحدة التي لا اشك  للحظة واحدة ان بطريركنا المحبوب مصمم على إجرائها وإنجاحها.


رابط 1
http://arabic.cnn.com/2013/world/5/27/heaven.for.atheists_/

رابط 2

http://www.catholic.org/hf/faith/story.php?id=51077

127
هل سيكرر الكلدان والسريان ذات الأخطاء التي إقترفها بعض الأخوة من الأشوريين

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


الذي يقرأ ما يكتبه ابناء شعبنا الواحد من الكلدان والأشوريين والسريان من مقالات او تعاليق في منتدياتنا قد يصاب بالهلع والخوف والخشية من الحاضر والمستقبل. إن كان الخطاب إنعكاسا للواقع الإجتماعي لأي امة او مجموعة او حتى فرد – كما يقول علماء اللغة والإجتماع وعلم النفس – فإننا كشعب وحتى كنيسة في "حيص بيص". أي قراءة لخطابنا ستخرج بنتائج سلبية للغاية لأنها ستظهرنا شعبا لا ننظر أبعد من أنوفنا واننا مصابون بقصر نظر ونعاني من كل الأمراض والمسببات التي ادت إلى إندثار الحضارات والثقافات واللغات – أي شعوب بأكملها.

خلط عجيب وغريب

نحن شعب نعيش ضمن واقع إجتماعي هو مزيج وخلط اصبحنا لا نميز فيه بين أمور اساسية في حياة اي شعب او أمة. نحن مزجنا الكنيسة والهوية والقومية والطائفية واللغة والتاريخ والثقافة والعلم وتقريبا كل شيء مع بعض.

ولهذا الذي يقرأ خطابنا – أي الإطلاع على واقعنا الإجتماعي – ليس بإمكانه فهم او فرز ماذا نريد نحن او من نحن.  مرة يرانا متدينين واخرى مذهبيين واخرى طائقيين وأخرى كنسيين وأخرى قوميين وأخرى متعصبين وأخرى منفتحين وهكذا دواليك.

مأساة

لم يكن بودي إستخدام هذه الكلمة  ولكنها قد تكون الأقرب للوضع الذي نحن فيه إن نظرنا إلى أنفسنا كشعب واحد ذو تسميات ومذاهب مختلفة وكذلك إن نظرنا إلى مكوناتنا المختلفة بصورة مستقلة. فمثلا واقعنا الإجتماعي نحن الكلدان ليس على ما يرام من كافة الأوجه وهو يسير من سيء إلى أسواء – في أقل تقدير حسب وجهة نظري.

والأمر سيان إن نظرنا إلى مكونات شعبنا الأخرى. لا أظن ان الواقع الإجتماعي لأشقائنا الأشوريين يختلف كثيرا عن واقعنا نحن الكلدان. ويبدو لي ان إشقائنا السريان في طريقهم إلى واقع إجتماعي مماثل.

الخطأ الأشوري القاتل

أمل من أشقائنا الأشوريين قبول ما سأتي به من نقد بسعة صدر. بعد كل ما كتبته في مواقع شعبنا أظن ان الغالبية الساحقة لا تشك في منطلقاتي الوحدوية التي أساسها اننا شعب واحد وكنيسة مشرقية مجيدة مقدسة رسولية واحدة.

منطلقي الفكري بخصوص شعبنا هو ان أسمائنا متساوية القيمة – فأنا كلداني بالقدر الذي أنا فيه أشوري وسرياني. وكنسيا أرى ان مذاهبنا المختلفة متساوية القيمة من حيث القداسة لأنها كلها رسولية مقدسة جامعة (كاثوليكية).

وضمن هذا المنطلق أرى أننا شعب واحد لأننا نشترك في لغة واحدة وتراث واحد وليتورجيا واحدة وثقافة واحدة وتاريخ واحد وفنون واحدة ووجدان واحد – المقومات الأساسية لأي أمة او هوية.

ماذا حصل؟

في العصر الحديث شأت الظروف ان يكون الأشقاء الأشوريين اول من ينهض في صفوفنا من حيث المفهوم القومي في العصر الحديث. هذا النهوض فخر لشعبنا ونقطة مضيئة في تاريخه المعاصر وله الكثير من الإيجابيات.

بيد ان هذه النهضة رافقتها سلبيات جمة كان لها أثرا بالغا في مسيرة شعبنا وهنا أنا أشير إلى النكبات التي حصلت من الناحية السياسية، أسميها نكبات ولكنها في واقع الأمر إنتفاضات قومية ستكتب بحروف من النور في تاريخ شعبنا ولكن لم يكتب لها النجاح.

(وهنا انا لست في خضمها ولكنني أقول لنفترض ان الأشوريين في إنتفاضتهم القومية لم يكونوا لوحدهم بل ساندتهم بقوة كل فئات ومكونات شعبنا في العراق وسوريا ولبنان  وفلسطين – كوننا شعب واحد – أظن لكان لنا واقع إجتماعي مختلف تماما عما نعاني منه اليوم – اي كيان سياسي يمتد من سهل نينوى إلى سواحل البحر المتوسط.)

ما أريد الوصول إليه هو ان هذه النهضة رافقتها بصورة متوازية حركة سلبية جدا ديدنها التعصب والغلو تشوبها بعض العنصرية حيث نظرت إلى الأشورية وكأنها كل شيء وأنها تختزل كل شي ودونها ليس هناك شيء. وجرى مد ومط كل شيء من تاريخ ولغة وحتى الكنيسة كي يوائم هذا الشيء دون وعي او إدراك  لنتائجه السلبية على الأخوة الأشوريين أنفسهم اولا وعلى أشقائهم من المكونات الأخرى ثانيا.

هذا المد الأشوري المتعصب – شأنه شأن أي فكر متعصب أخر – كان قصير النظر ولم يستند إلى دراسة علمية وأكاديمية من حيث التاريخ واللغة وتحوّل بمرور الزمن إلى مثالية بعيدة عن الواقع الإجتماعي لشعبنا لا بل تعاكسه وتؤثر عليه سلبا.

وأثر هذا المد على الكنيسة الشرقية ذاتها حيث دخلت في مزاريب التعصب القومي قبل حوالي أربعين سنة. واقول جازما ان كنيسة المشرق – الفرع الأشوري – دفعت ثمنا باهضا نتيجة إقحامها للمفهوم القومي الأشوري في أدبياتها الكنسية. كنيسة المشرق كنيسة جامعة مقدسة رسولية ذو خصوصية طقسية ليتورجية ولاهويتة وفكرية وفلسفية ولغوية خاصة بها ولهذا كان من الخطأ إقحامها في مزاريب القومية. المنحى القومي لكنيسة المشرق الأشورية ابعدها عن المكونات الأخرى رغم أنها كنيستهم.

إقحام كنيسة المشرق في القومية بالمفهوم العصري للأشورية كهوية قومية كان خطاءا فادحا دفعنا وسندفع ثمنه كلنا سوية – والثمن باهض جدا.

الواقع اليوم

شخصيا أرى توجها قوميا وحدويا لدى الكثير من الأخوة الأشوريين اليوم الذين ينظرون إلى مكونات شعبنا ومذاهبة وكأنها أغصان يانعة لجذع شجرة باسقة جذورها في أعماق الأرض.

ولكن لا زالت هناك مجموعة من الأشقاء الأشوريين لم يستوعبوا حتى الأن الواقع الإجتماعي لشعبنا في العصر الحديث ولكن لنكن منصفين ان هذه المجموعة بدأت تفقد بريقها حتى في صفوف أشقائنا الأشوريين.

ولنكن منصفين هناك نهضة أشورية جديدة تنبذ التعصب وترى أن كيانها ووجودها ومستقبلها مرتبط بشقيقها الكلداني والسرياني وان دونهما سينهار البنيان الأشوري.

ولنكن منصفين هناك نهضة في كنيسة المشرق – الفرع الأشوري – ترى أن إقحام الكنيسة في مزاريب القومية قد أثر عليها سلبا وأنها تريد إخراجها من هذه المزاريب ووضعت  يدها بيد  البطريرك  الكلداني لويس روفائيل ونهجه في إنقاذ كنيسة المشرق برمتها من الإنهيار والنهوض بها بالعودة إلى الجذور من ليتورجيا وأداب وفنون ولغة وطقوس ولاهوت وفلسفة وفكر بشراكة إيمانية رسولية مع الكنيسة الجامعة.

الخطأ الكلداني القاتل

الخطأ القاتل هو عندما ينظر بعض الأخوة الكلدان إلى واقعهم الإجتماعي وكأنه ردة فعل للتعصب الأشوري الذي شرحناه أعلاه. هذا هو الخطأ القاتل. الأشوريون كانوا على خطأ وأغلبهم اليوم وحدويون وبدأوا يدركون الأخطاء التي إرتكبوها في  مسيرتهم القومية لا سيما مفاهيم  التقوقع من حيث التسمية والمذهب.

ما يحز في قلبي ويؤلمني كثيرا عندما ارى او أقرأ لبعض المثقفين الكلدان او رجال دينهم وهم يؤكدون على هويتنا الكلدانية – هوية شعبنا الواحد لأنها هوية واحدة – وكأنها ردة فعل معاكسة لما لدى الأخوة الأشوريين.

هذا امر مؤلم جدا، لأن التعصب بدأ يفقد  بريقه لدى أشقائنا الأشوريين ولكنه بدأ بالظهور مجددا لدى بعض الأخوة من الكلدان. كل خطابهم يركز على لازمة مفادها: "لماذا الأشوري" وهنا يقصدون الأشوري المتعصب الذي لا يمثل الغالبية اليوم. الأشوري المنفتح والقومي الوحدوي ينظر إلى الكلداني اليوم كأخيه وشقيقه يشترك معه في كل المقومات التي تمير أمة واحدة.

الخطاب الكارثة

أقول "كارثة" لأن الأخوة المتعصبين من الكلدان يريدون إقحام  كنيسة المشرق الكلدانية في مزاريب القومية كما فعلت كنيسة المشرق الأشورية. كنيسة المشرق الأشورية أخطأت لا بل سببت كارثة لنفسها ولنا بإقحام نفسها في مزاريب القومية.

كارثة بعض الأخوة من الكلدان هي إنهم يريدون من البطريرك المتنور والعالم لويس روفائيل إقحام كنيسته المشرقية المرتبطة بالكنيسة الجامعة بشراكة إيمانية إنجيلية في ذات المزاريب. والأمر المؤسف حقا هو ان هؤلاء الأخوة  من الكلدان عندما يأتون إلى الأسباب التي تدعوهم إلى إتخاذ موقف كهذا  يذكرون موقف البطريرك الأشوري: "لماذا هذا (البطريرك الأشوري ) يقول كذا وكذا وأنت (البطريرك الكلداني) لا تقول ذات الشيء).

بمعنى اخر انهم يطلبون من البطريرك الكلداني ويطلبون من الوحدويين من الكلدان وهم كثر – ومع الأسف يسمونهم غير أصلاء او متأشورين – ان يقبلوا على أنفسهم السير على ذات المنحى المتعصب لبعض الأخوة الأشوريين.

هذا هو الخطأ الكلداني القاتل. الوحدوي الكلداني لن يتأثر بهكذا خطاب لأنه يرى الأشوري والسرياني جزء من كيانه ووجوده وتاريخه وإرثه  وثقافته ولغته وطقوسه وفنونه ووجدانه.

والرئاسة الكنيسة بزعامة البطريرك المحبوب لويس روفائيل لا أظن أنها ستقبل هذا التوجه الكارثي للمتعصبين من الكلدان لأن البطريرك يقرأ التاريخ ويعرف نقاطه السلبية وسيعمل جهده ويستغل علمه ومكانته لدى كل  مكونات شعبنا وعلاقته المميزة مع الكرسي الرسولي في روما لمنع شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة إعادة أخطاء الماضي.

بشائر

هناك أخبار سارة في صفوف شعبنا لأن الكثير من الأشوريين والكلدان والسريان اليوم بدأوا نبذ التعصب تسمية  ومذهبا. وكم كانت فرحتي عامرة ان أرى اصواتا بارزة في المؤتمر الكلداني الأخير ترى أننا شعب واحد وكنيسة واحدة وبدأ بعضهع ومن المنظمين الأساسيين للمؤتمر – رغم قلتهم – يردد: "نعم الوحدة ... ثم الوحدة ... ثم الوحدة." فبارك الله فيكم ولقد  أثلجتم صدري ككلداني يتعتز بتسميته وهويته ولغته التي يراها مكملة لما لدى أخيه الأشوري والسرياني لأنها  قواسم مشتركة لا يستطيع أي مكون الوقوف على قدميه دونها.

وإلى أشقائي السريان أقول: حذار ... حذار ... من الوقوع في مصيدة التعصب التي وقع فيها اول من وقع كانوا اشقائنا من الأشوريين ووقع في ذات المصيدة بعض الأشقاء من الكلدان. أبقوا بعيدين عن هذه المصيدة وأرفعوا شعار الوحدة مثلما رفعه البطريرك الكلداني وتشبثوا بلغتنا السريانية الملائكية لأنها الطريق إلى وجودنا وهويتنا وحاضرنا ومستقبلنا.

أقول "سريانية" لأن هذا إسمها التاريخي والعلمي والأكاديمي ولكن لنمارسها وهذا الأهم ولنسمها ما نشأ.




128

هل للكلدان بطريرك واحد او أكثر – قراءة تاريخية نقدية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

كنيسة المشرق تشتت كثيرا في العصر الحديث. وأول دليل على هذا التشتت هو وجود رئاسات ثلاث لها اليوم. لن أدخل في هذا المقال في التفاصيل الدقيقة لتشرذم وتشتت وتفكك هذه الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة (الكاثوليكية). الدخول في هذا المعترك يثير الشجون وكذلك حفيظة الكثير من ابناء شعبنا المؤمن بالفطرة والذي يرى الدنيا كلها تقريبا من خلال نظرة لا تتجاوز الحدود الضيقة جدا للمذهبية والطائفية والتسموية.

وهذا الحال ينطبق في كثير من تفاصيله على أشقائنا ابناء وبنات كنيسة المشرق (الفرع الغربي) – أي الكنيسة السريانية – حيث لها رئاسات عدة ولكن من خلال إطلاعي على مواقع شعبنا أرى ان هذه الرئاسات ليست في باب الجدال العقيم والمهاترات التي غالبا ما ترافق النقاشات التي تدور بين المثقفين من ابناء شعبنا أتباع كنيسة المشرق (الفرع الشرقي).

ما هي القصة؟


بيت القصيد في كل الخلافات التي عصفت بكنيسة المشرق كانت تنصب على منصب الجاثاليق وصلاحياته. كان جاثاليقنا (البطريرك) هو الرئس الأعلى للكنيسة. له من الصلاحيات ما كان أحيانا يفوق ما لدى بابوات روما او حتى بابوات الكرازة المرقسية (الأخوة الأقباط) او حتى رؤساء الكنائس الأنطاكية.

والسبب واضح. لأن جاثاليقنا كانت سلطته تشمل كل الشرق القديم من الهند والصين ومنغوليا وروسيا دول الإتحاد السوفيتي السابق وأفغانستان وإيران وتركيا والعراق والخليج العربي.

وكان أتباعه في فترات من التاريخ المسيحي أكثر عددا من أتباع أي رئاسة أخرى ومنها روما. ليس هذا فقط، بل كان أتباعه (وشرف كبير لي ان اكون واحدا من أحفادهم) من أكثر أمم الأرض ثقافة وعلما وإنتاجا وتأليفا.

هؤلاء أجدادنا العظام أسسوا كنيسة من أعظم كنائس الدنيا ووضعوا ليتورجيا وطقوس كنسية أقول جازما لم ولن تلد المسيحية مثلها وحافظوا على تراث وأداب وفنون كنسية وغيرها بتشبثهم  بلغتهم الملائكية السريانية التي من خلالها وبواسطتها نستطيع اليوم ان نعرف من نحن وما دورنا في الحضارة الإنسانية ودورنا كشهود للإنجيل. ومنحوا المسيحية من القديسين والشهداء  والملافنة والمفكرين ما يفوق ما لدى أي مذهب اخر او رئاسة أخرى في المسيحية.

كنيسة مضطهدة

وفي مسارها التاريخي – إي عبر ألفي سنة – كانت كنيستنا المشرقية المقدسة المجيدة من أكثر كنائس الدنيا إضطهادا. نحن منحنا من الشهداء ما لم  تمنحه أي كنيسة أخرى في العالم فحق عليها لقب "كنيسة الشهداء".

والذي لم يقرأ "شربا دسهذي" – أي سيرة الشهداء – وهو مخطوطة بعدة أجزاء ومن الاف الصفحات لا يمكن له تصور ما لحق بأجدادنا العظام ابناء وبنات كنيسة المشرق من إضطهاد وما جرى لكثير من ملافنتنا وقديسينا وجاثاليقينا. والذي لم يقراءه لا يستوعب لماذا يجب ان نكون كنيسة واحدة وشعبنا واحدا مهما زدنا في غلونا وتطرفنا من حيث التسمية والمذهبية والطائفية.

كنيسة مسكونية حقيقية

وكنيستنا هي من اوائل الكنائس الرسولية التي تأسست في العالم. ولكن لها ميزات خاصة بها تجعلها من أكثر الكنائس القديمة إنفتاحا وقبولا للأخر المختلف عنها دينا ومذهبا. ولهذا نادرا ما ترى في أدبياتها تكفيراو هرطقة دين أخر او حتى مذهب مسيحي أخر مختلف عنها.

ولهذا لم تساهم – حسب إطلاعي – في اي محاولة لتحويل المسيحيين من مذهب إلى أخر بإسم  البشارة.  بل كان  جل إهتمامها نشر المسرة والبشرى المسيحية لدى  غير المسيحيين من خلال تقديم نموذج إنساني أخلاقي يترفع ليس نظريا ولفظيا بل عملا  وممارسة على كل ما كان سائدا عندئذ.

وعندما فشل اجدادنا في بث المسرة بين المسلمين حملوا إنجيلهم إلى اقاصي الأرض ووصلوا الصين والهند ومنغوليا وهم لا جيش ولا سلاح لهم ولا حكومات ومؤسسات وعساكر تحميهم.

اجدادنا لم يبشروا بين المسيحيين كما فعل الأخرون الذين قدموا إلى الشرق حيث بدلا  من نشر الرسالة الإنجيلية بين المسلمين مثلا ركزوا كل جهودهم علينا وكأننا لم نكن مسيحيين ولم نؤسس كنيسة فاقت شهرتها الأفاق ولم نوصل الإنجيل إلى أقاصي الأرض. ومن المفارقات العجيبة  والغريبة ان هؤلاء – وبعضهم لا زال حتى اليوم – يقوم بتلقيننا المبادىء المسيحية حسب وجهة نظره وكأننا أميون لا نعرف من المسيحية بشيء.

إضرب الراعي وتتشتت الخراف

راعي كنيستنا كان الجاثاليق (البطريرك). كانت مكانته ومنصبة يرقيان إلى درجة القداسة لدى اجدادنا. والذي يقرأ التاريخ يرى ان الرسالة الرعوية التي كان يكتبها جاثاليقنا كانت تحمل إلى كل أصقاع الشرق. وقبل وصول السُعاة الحاملين للرسالة كانت تقرع الأجراس وتخرج الجموع بالهلاهل والزغاريد وكلٌ متلهف لسماع الخطاب الذي تحتويه وتنفيذ الرغبة الجاثاليقية.

الهند نموذجا؟

كانت الهند تاج وعروس كنيستنا المشرقية الكلدانية فيها الملايين من الأتباع وهؤلاء كان أغلبهم من كبار القوم (المجتمع الهندي مجتمع طبقي). وكانت كلمة الجاثاليق  لا تقع على الأرض في الهند. وتحول الكلدان في الهند إلى الكثلكة بعد تحول الرئاسة في بابل وطيسفون إليها من خلال ما عرف في حينة بالشراكة الإنجيلية والمسيحية مع الفاتيكان وليس ابدا الشراكة المؤسساتية (في كتاباتي أنا أميز بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كمؤسسة).

ما معنى هذا؟ هذا كان معناه اننا نحن الكلدان الذين دخلنا الكثلكة صرنا في وحدة إنجيلية مسيحية مع روما. وكان معناه اننا مؤسساتيا وإداريا وليتورجيا وطقسيا وثقافيا وتراثيا  يجب ان نحتفظ بكل حقوقنا. أي ان الجاثاليق يبقى رأس الكنيسة الكلدانية من خلال شراكة مقدسة مع رأس الكنيسة الرومانية يحتفظ فيها الجاثاليق بكل الإمتياوات المؤسساتية والإدارية بكافة تفاصيلها ومنها  رسامة الأساقفة ورؤساء الأساقفة ونقلهم او تجميدهم وكذلك الحفاظ على السلطة الجاثاليقية على كل مناطق تواجد الكلدان في العالم.

والشراكة الإيمانية كانت تعني اننا نحن الكلدان نتمتع بحكم إداري مؤسساتي حقيقي لا يحق لأي كان التدخل في إدارة شؤوننا من ليتورجيا وطقوس وتقاليد ورسامات وإنتخابات وتواجد جغرافي إينما تواجد الكلدان. عدا الشراكةالإيمانية والإنجيلية بقيت كنيستنا مستقلة تماما من حيث رسامة الأساقفة والتعينات وزواج الكهنة وكل الشؤون الأخرى.

ماذا حدث؟

الحكم الذاتي (الإداري والمؤسساتي) هذا لا يعجب أصحاب السلطة. جرى تدخل سافر في سلطة الجاثاليق ووصل الأمر إلى سحب سلطتهم الإدارية من رسامات لا سيما للأساقفة وكذلك جردهم من سلطاتهم في الهند ومناطق جغرافية كثيرة أخرى وتحجيمها في إنتهاك واضح للإتفاق المبدئي بين كنيستنا وكنيسة روما (اننا الكنيسة الوحيدة حسب ظني ليس لدينا إتفاق حكم ذاتي مكتوب مع الفاتيكان وإن كنت مخطئا أرجو التصحيح).

والتدخل جرى بشكل سافر خارج نطاق لا بل في إنتهاك فظيع لأبسط المبادىء الإنجيلية والمسيحية. جرى إضطهاد فظيع للكلدان خارج الشرق الأوسط اولا – وهم بالملايين – وجرى تعذيب وإهانة وإنتهاك حرمة كل كلداني قاوم  السلطة المؤسساتية للكنيسة الغربية.

المشكلة التي عانتها روما حينئذ انها لم تكن تعلم كم كان الكلدان إن في الهند – وهم بالملايين – او غيرها من  المناطق متشبثين بكرسي بابل وطيفسون وأنهم كانوا دائما مشاريع شهادة من أجله وفي سبيله.

فإنتفض الكلدان – ربما هذه هي اول إنتفاضة قومية وكنيسة بهذا الشكل في تاريخ شعبنا. وقاوموا المستعمرين الجدد بكل ما اوتوا من قوة رغم  البطش الفظيع حيث جرى الهجوم على بيوت كل الكهنة وحجز زوجاتهم ورفض إطلاق سراحهم إن لم يقسموا الولاء المطلق فقط لكرسي روما ويوقعوا على وثائق ينهون فيها أية علاقة بكرسكي بابل ويعلنون الطاعة العمياء لا سيما من الناحية الإدارية والمؤسسساتية لروما -  أي ينبذون البطريرك وسلطته.

أنا لا أريد ان اتحدث عن ما حدث حسب وثائق تاريخية جرى إماطة اللثام عنها مؤخرا في المعسكرات التي كان المستعمرون هؤلاء يحجزون زوجات كهنتنا وغيرهم. لا أذكر ذلك ليس خشية لأنني لا أخشى المؤسسة الكنسية ابدا. أخشى الإنجيل والمسيح وصليبه فقط. ولكن لنترك ذلك إلى فرصة أخرى.

اما ما حدث من حرق للكنائس التي رفضت العصيان على كرسي بابل وبطريركه وما جرى من تعذيب للكهنة الكلدان من نتف لحاهم وإنتهاكات لزوجاتهم وما تم حرقه من كتب  ومخطوطات فحدث ولا حرج.

والشي الفضيع الذي لا يغتفر كان تطبيق محاكم  التفتيش السيئة الصيت على الكلدان. ومحاكم  التفتيش التي طبقت في غوا حيث تواجد الملايين من الكلدان كانت من ابشع نظم محاكم التفتيش التي عرفتها البشرية وأستمرت إلى حوالي منتصف القرن التاسع عشر.

قد يقول قائل هذا من الماضي. كلا! إن ما جرى اقرب إلى الحاضر من الحاضر نفسه. الا تتقاتلون على قصص توراتية سحيقة في القدم بعضها أساطير وكذلك على اكيدو وانكيتو وأشور وسرجون ونبوخذنصر ومعارك وقعت قبل اربعة الاف سنة واصنام او ملوك لا نفقه معنى أسمائها ولا نقرأ لغتها ولا علاقة وجدانية – ثقافية لغوية تربوية دينية – لنا معها؟ فلماذا تستكثرون علينا مناقشة مسألة من أهم المسائل التي تخصنا في العصر الحديث؟

الإنتفاضة الكلدانية


اول إنتفاضة قومية وكنسية حدثت في العصر الحديث لدى شعبنا كنا روادها نحن الكلدان – مع إحترامي الشديد للأشقاء الأشوريين وموقفي الوحدوي واضح كنسيا وقوميا وما أتاني من التجريح وما سيأتي بسببه سيجعله أكثر وضوحا وتأثيرا في صفوف شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة بعون الله.

إنتفاضة الكلدان في الهند ضد مستعمريهم وغيرهم إستمرت – حسب بعض المؤرخين حوالي 150 سنة – إلى بدايات القرن العشرين. وفشلت كل محاولات فصل الكلدان عن كرسي بابل رغم  القسوة والبطش الرهيب الذي إستخدم ضدهم.

وعندما رأى المضطهدون مقدار تعلق الكلدان بكرسي بابل – أي البطريرك – إنتهجوا سياسة خبيثة يتبعها الإستعمار أينما حل وإلى هذا اليوم. يتبعها أيضا كل  صاحب سطوة وقوة للي ذراع الأخرين إن تحدوه.

وأمام الثورة الكلدانية  الكنسية والقومية العارمة رغم البطش الفظيع ومحاكم التفتيش اللعينة رأت روما ان افضل طريق هو الضغط على بطريرك بابل وإجباره على التنازل عن صلاحياته والكتابة إلى الكلدان والطلب منهم قبول الإنفصال عنه وقبول الوضع الحالي والطلب منه ايضا التخلي رسميا عن الهند. فكان الإتفاق ان يتصل البابا بيوس بالبطريرك الكداني يوسف اودو (حدث هذا في  منتصف وأواخر القرن التاسع عشر) وإجباره على التخلي ليس عن  الهند بل حتى عن سلطاته الجاثاليقية منها رسامة الأساقفة وغيره من المسؤوليات المباشرة.

إنتفض البطريرك الجليل على روما رافضا رفضا قاطعا التخلي عن سلطاته الجاثاليقية كرئس للكنيسة الكلدانية وكذلك التخلي عن رعيته في الهند او في غيرها من المناطق . وحدثت أزمة كبيرة بين الفاتيكان وكرسي بابل وإنقسم الكلدان لا سيما رجال دينهم  بين ما عرف في حينه "الندايي واليباسي".

هذا الإنتفاضة القومية والكنسية لم  يكتب لها النجاح وسحقتها الكنيسة الغربية والسبب كان تواطىء وخيانة بعض الكلدان من الذين وضعوا المذهبية وليس المسيحية فوق شؤون ومصلحة الكنيسة الكلدانية كهوية مسيحية مشرقية وأنهار البطريرك الجليل اما ضغط البابا الذي هدده بالحرمان الكنسي والعزل فما كان منه إلى الرضوخ.

ومنذ ذلك الحين فقدت الكنيسة الكلدانية إستقلاليتها الإدارية والمؤسساتية وجرى فصل الأصقاع المشرقية عنها واحدا تلو  الأخر. محاولة أخيرة جرت لتحقيق حكم ذاتي حقيقي للكنيسة الكلدانية في عهد البطريرك بولس شيخو الذي طالب بإعادة سلطته على كل الأصقاع التي سلبت من كرسي بابل وإعادة حقه التاريخي في رسامة وتجميد الأساقفة وغيرها من المسؤوليات المؤسساتية والإدارية ولكن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح ايضا لنفس الأسباب التي فشلت فيها إنتفاضة البطريرك اودو لا بل كان القرار فصل الهند كليا – اي حتى طقسيا – عن كرسي بابل وسلب حق رسامة الأساقفة من البطريرك وإلى الأبد وصار البطريرك في نظر روما مجرد أسقف عادي اقل شأنا بكثير من رتبة الكاردينال مثلا.

لقد عرج بعض الأخوة على الإنتفاضة الكلدانية المباركة هذه ولكن ومع الأسف الشديد – وكما هو الحال في كل شيء كلداني حاليا – لم يتجراؤا على إخارجها عن قالبها وإطارها المذهبي والطائفي. (رابط1).

واليوم

واليوم نلاحظ بوادر إنتفاضة كلدانية عصرية لإعادة مجد كنيستنا الكلدانية وهويتها المشرقية ولم شملها والحفاظ على وحدتها وتوحيد رئاساتها  والحفاظ على إستقلاليتها المؤسساتية والإدارية من خلال حكم ذاتي كنسي حقيقي ضمن الكنيسة الجامعة يعيد لجاثاليقها صلاحياته كاملة ويعيد لها ما أغتصب منها عنوة ونلاحظ كذلك ذات النهج المعارض والمتواطىء لوأد الإنتفاضة في مهدها.

ومع الأسف الشديد نرى ان قادة هذا النهج المناوىء لنهضة الكلدان هم كلدان بعضهم يدعي القومية  والهوية حيث يعارضون ويهاجمون رئاسة كنسية تقرأ التاريخ بعيون مفتوحة وعقل نير وبشراكة مسكونية إنجيلة مع الكنيسة الجامعة مع شراكة تاريخية لغوية ثقافية ليتورجية طقسية إيمانية مع الفروع الأخرى لكنيسة المشرق المقدسة الكاثوليكية المجيدة تحفظ لجاثاليقنا ورئاستنا إستقلاليتها المؤسساتية والإدارية الكاملة حيث تواجد أبناء شعبنا.

لا أعلم ما هو الدافع كي تقود أبرشية كلدانية في المهجر  لواء معارضة البطريرك  الجديد – الذي في نظري هو بمثابة البطريرك اودو. هناك علامات إستفهام كثيرة على هذه الأبرشية كان الأجدر ان تتعامل معها قبل مناهضة البطريرك  بهذه الصيغة حيث وصل الأمر إلى التشكيك بكتبه العلمية التاريخية والإستهزاء بها بينما هي مكتوبة باسلوب علمي أكاديمي  قل نظيره.(رباط 2)

وأشير هنا إلى كثير من الأعمال المنافية للنهضة الكلدانية التي تقوم بها هذ الأبرشية منها تهميسشها للرهبنة الهرمزدية الكلدانية وذلك بتشجيع كهنتها على الهرب من العراق  وترك الرهبنة  والإلتحاق بها وتقديم الماوى لهم خلافا لكل القوانين الكنسية ودون إستحصال موافقات أصولية. (رابط 3)

وأشير كذلك إلى خطابها التكفيرى الهرطوقي الذي يميز موقعها العتيد – كلدايا نت – الموقع المسيحي الوحيد في الدنيا الذي يكفر ويهرطق المسيحيين من مذاهب أخرى لا سيما ابناء كنيسة المشرق من الذين بقوا على مذهب الأجداد القويم والسليم وابناء وبنات الكنيسة السريانية اللأرثذوكسية.

وكان أخرها التصريحات النارية التي نقلت عن أسقف الأبرشية وبما معناه انه ورعيته هم مركز الثقل ولن يمر قرار دون موافقتهم. (رابط 4)

هل كنيسة المشرق الكلدانية من الضعف مؤسساتيا حيث ان أي اسقف او كاهن او ربما شماس بإمكانه تحدّيها دون عواقب؟

هل نحن لدينا رئاسة واحدة او  بطريرك  واحد او أكثر؟

رحم الله البطريرك  اودو. أتصور أحيانا ماذا كان ينتظر شعبنا من نهضة وسؤدد وتقدم وإزدهار وسمو وعلو لو نجح في إنتفاضته وحافظ على حكم ذاتي حقيقي لكنيستنا ضمن الشراكة الإيمانية مع الكنيسة الجامعة.


 رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=662957.0

رابط 2
http://kaldaya.net/2013/News/05/May13_A5_ChaldeanNews.html

http://kaldaya.net/2013/Articles/04/Apr29_KaldayaNet2.html

رابط 3

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=558386.0

رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,666164.msg5999364.html#msg5999364

http://www.kaldaya.net/2013/News/05/May13_A1_ChaldeanNews.html


129
هذا زمن جديد يفتح فيه البطريرك لويس روفائيل أعيننا لنرى حقيقتنا الإجتماعية كشعب وكنيسة واحدة


ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

منذ تسنم البطريرك لويس روفائيل سدة البطريركية لكنيسة المشرق الكلدانية وأعين وقلوب شعبنا بتسمياته ومذاهبة وكنائسه المختلفة في شوق وأمل وسكون وكأننا مقبلون على زمن جديد بعد طول إنتظار وسبات لا بل غيبوبة كادت أن تقضي على كل أحلامنا.

وما هي احلامنا؟ يمكن إختصارها بجملة او جملتين. نحن شعب واحد، لنا لغة واحدة وتاريخ واحد وطقس واحد وليتورجيا واحدة وتراث واحد وثقافة وفنون مشتركة وكلنا ابناء وبنات كنيسة مشرقية مجيدة واحدة.

امام هذه الحقائق الدامغة: كيف ولماذا صرنا اعداء ونحن اشقاء، ومتباعدون ونحن الأقربون، ونافرون لبعضنا  الأخر ونحن من طينة واحدة، واحيانا قساة وغلاظ القلوب على بعضنا البعض ومصيرنا كشعب وكنيسة مشرقية على كف عفريت؟

ما هي حقيقتنا الإجتماعية

كلنا كنا في حاجة ماسة إلى قائد يصعقنا ويهزنا ويفتح عيوننا ويرينا حقيقتنا الإجتماعية كما هي من منظور علمي وتاريخي واكاديمي وكنسي. وشعبنا الخلاق، صاحب أرقى حضارة في البسيطة واغنى لغة من حيث العلم والتراث والأداب والعلوم والفنون – اللغة التي إستوعبت علوم الدنيا أجمعها في القرون القديمة والوسيطة، اللغة التي هي اليوم بمثابة ارض خصبة تنتظرنا كي نحرثها لتعطينا ثمارا بوفرة وغزارة تفوق كل توقعاتنا – كان على موعد مع هذا القائد.

والبطريرك لويس روفائيل كان يقرأ الحقيقة الإجتماعية لشعبه وكنائسه بأسمائهم ومذاهبهم المختلفة – قراءة معمقة اوصلته في النهاية إلى إكتشاف ما يحتاجه شعبنا كي ينهض. إنها الوحدة ومن ثم الوحدة ومن ثم الوحدة التي جعلها شعاره الأول وفي سبيل تحقيقها منحنا نموذجا وضع كل مسؤولي شعبنا من المدنيين والكنسيين على المحك ووضعنا نحن عامة الناس على المحك أيضا.

أليس هو القائل انه على إستعداد حتى للتنحي عن منصبه في سبيل وحدة ومجد وعلو شأن كنيستنا المشرقية المجيدة بأسمائها ومذاهبها المختلفة؟

شعبنا مضطهد ولكن أصيل وخلاق

وشعبنا أصيل وخلاق وحضاري رغم الإضطهاد الذي جرى ويجري له من كل الأطراف. شعبنا ذكي وحكيم ولهذا إلتف حول البطريرك الجديد واليوم كلنا نرى فيه القائد المنتظر الذي وبفترة قصيرة جدا فتح أعيننا وجعلنا نرى حقيقتنا الإجتماعية التي جوهرها اننا شعب واحد وكنيسة واحدة والخلافات التسموية والمذهبية ليست إلا خلافات لفظية وإدارية لا يجوز ان تكون عائقا للوصول إلى الهدف الأسمى – مصيرنا ووجودنا كشعب عريق وكنيسة مشرقية مجيدة.

من منا لم تغرورق عيناه بالدموع ومن منا لم يتأثر تأثيرا بالغا وهو يرى كيف خرج ابناء شعبنا في المهجر وبالذات في إستراليا بصورة عفوية وهم يهللون ويزغردون ويرتلون ويدقون الصنج ويقرعون اجراس الكنائس بمقدم البطريرك.

الإستقبال العفوي والحب الكبير والشوق العظيم لرؤية البطريرك لم يكن مقتصرا على رعيته من الكلدان. ما أظهره اشقاؤنا الأشوريون وغيرهم من محبة عظيمة للبطريرك وكأنهم يستقبلون بطريركهم من خلال زغاريدهم ودموعهم وتصفيقهم الحار لكل كلمة تشير إلى الوحدة لدليل على اننا غصنين جميلين لجذع شجرة باسقة في السماء وجذورها في أعماق الأرض.

كم كان رائعا مشهد الأساقفة من الكنيستين المشرقيتين المجيدتين وهم يعانقون بعضهم بعضا وكم كان رائعا مشهد الشماسمة والكهنة من الطرفين وهم ينشدون ويرتلون سوية وكم كان رائعا مشهد الجموع التي إختلطت وتوحدت وكلها بصوت واحد تنشد للبطريرك.

رحلة ميمونة

زيارة البطريرك لأستراليا كانت فتحا جديدا لكنيسة المشرق الكلدانية. أظهرت أن البطريرك محبوب من الكل وفوق ما نتصور لدى رعيته من الكلدان وأظهرت كذلك ان جعله للوحدة الكنسية واحدا من أهم اولوياته قد أثلج صدور شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة وجعل منه وفي فترة قصيرة إيقونة في صفوف شعبنا.

حدث الكثير في هذه الزيارة الرعوية الميمونة مما سيشكل سابقة في تاريخ شعبنا الحديث.

رحلة البطريرك ومعه اساقفته من العراق كانت بادرة طيبة ودليل أننا امام قيادة جماعية ونأمل ان لا يسافر البطريرك إلا ومعه أساقفته كما كان الحال في إستراليا. وجود الأساقفة بجانب البطريرك أرسل رسالة قوية إلى كل أبناء وبنات الكنيسة الكلدانية مفادها اننا امام قيادة جديدة جماعية لكنيسة اصابها الشلل والتفكك وانهكتها  تركلة ثقيلة لا تتحملها الجبال. وجود الأساقفة بمعية البطريرك جعلنا نحن الكلدان ندرك لأول مرة اننا امام قيادة كنسية جماعية مصممة على النهوض بنا من خلال الوحدة والأصالة والتجدد.

والزيارة التي قام بها البطريرك وأساقفته لإشقائنا الأشوريين فيها رسالة عظيمة. البطريرك واساقفته أكدوا لنا اننا كنيسة مشرقية واحدة وعلينا ان نعيد مجدها وعلينا ان نركز على ما يجمعنا وهو الكثير وان نترك ما يفرقنا وهو ليس إلا خلافات لفظية وإدارية.

مسؤوليات كبيرة

المحبة الكبيرة التي أظهرها شعبنا بتسمياته ومذاهبة المختلفة للبطريرك وأساقفته يضعهم امام مسؤوليات أخلاقية وتاريخية وكنسية. أمامهم مهام كبيرة جدا في مقدمتها تأتي وحدة كنيسة المشرق والتي وحسب رأيي المتواضع سهلة التحقيق لأن الإرداة موجودة لدى الطرفين بالإضافة إلى ظهور زعامة كنسية جديدة وضعت الوحدة هدفا أساسيا ليها.

قدوة حسنة

وأخيرا، امل ان نقتدي كلنا بما قام به بطريركنا وأساقفتنا في إستراليا. لقد منحونا نموذجا للتصرف والعمل. وأمل ان يقوم بطريرك كنيسة المشرق الأشورية وأساقفته حين تواجدهم او زياراتهم لمناطق تواجد شعبنا بزيارة الكنائس الكلدانية وأمل ان نرد الجميل لإشقائنا الأشوريين وان نستقبلهم هم ورؤسائهم الكنسيون بمثل الحفاوة التي إستقبلوا فيها بطريركنا وأساقفتا.

لقد أمسكنا بزمام العهد الجديد الذي دشنه البطريرك لويس روفائيل وعلينا كشعب وكنيسة ان لا نسمح ان يفلت الزمام من يدنا هذه المرة.

130
درس في الهوية والقومية مع نماذج وأمثلة حية ما احوج شعبنا إليها في هذ الفترة العصيبة من تاريخه

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


ملاحظة: امل من القراء الكرام قراءة المقدمة والجزء الذي يأتي بعدها حول بعض خصائص لغتنا القومية ومن ثم التركيز على النماذج وشرحها وترجمتها التي تأتي لاحقا.

المقدمة

 القتال والصرع والمماحكات والمهاترات جارية على قدم وساق في مواقع شعبنا حول احقية هذا الإسم او ذاك او افضلية هذا المذهب الكنسي او ذاك.

وإن كان الخطاب مؤشرا للواقع – كما يقول علماء اللغة – فإننا كشعب في وضع مزري للغاية: وضع لا يتفق مع كوننا ورثة لأجداد عظام كانوا أصحاب حضارة قد لا نجافي الحقيقة إن قلنا انها من أرقى وأسمى الحضارت التي ظهرت على البسيطة.

وكيف نعرف رقي أي حضارة لا سيما القديمة منها؟ الطريق الوحيد لإدراك ماهية أي حضارة بشرية تكمن في ما تركته لنا من فنون وتراث وثقافة وعلوم وأداب – وكل هذه تختزنها لنا لغتنا  القومية الساحرة وانا لا أخشى ابدا من إيراد تسميتها العلمية والأكاديمة الا وهي السريانية.

لن اغوض في التفاصيل الفنولوجية او المورفولوجية او السينتاكتية للغتنا الجميلة هذه – يبدو اننا كشعب خسرنا خاصيتنا العلمية والثقافية واللغوية التي ميزتنا عن بقية الأمم في الماضي – لأن لا ظن هناك من يصغي للعلمية والأكاديمية ولكنني اقول إن السريانية من اكثر لغات العالم العريقة إحتواءا للعلم والمعرفة والفنون والموسيقى والفلكلور والأداب، أي ان اجدادنا العظام كانوا جزءا من شعب خلاق ومبدع وأصيل في كل مناحي العلم والمعرفة وأكثر شعوب الدنيا تشبثا بلغتهم القومية.

اما نحن احفادهم ابناء وبنات شعب واحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة فقضيتنا قضية  وقصتنا قصة ووضعنا مأسوي إلى درجة اننا الأن الشعب رقم واحد في العالم من حيث تفشي الأمية في صفوفه – الأمية قياسا بقراءة وكتابة اللغة القومية.

خاصيتان لغويتنان فريدتان

وللغتنا القومية الساحرة خاصيتين لا تملكهما أي لغة اخرى في العالم. الأولى إنها لغة موسيقية، اي بحروفها الإثنين والعشرين واصواتها البديعة تفرش نفسها مثل السجاد الفارسي للموسييقى والغناء.

وفي حديث مع القس الكلداني بول ربان، وهو متبحر في طقس كنيستنا المشرقي والحانه البديعة، قلت له هناك وقع كبير جدا على السامع عندما تتلو البركة في نهاية القداس بالسريانية أكثر بكثير جدا من تلاوتها بالعربية، أجاب: "ألا تعلم ان لغتنا السريانية لغة موسيقية." لا فض فوك ايها الأب الجليل.

وإن اخذنا إسماء الملائكة التي نعرفها قياسا فإن الأسماء هذه جميعها سريانية وهذا الأمر بالذات جعل بعض العلماء المسلمين يشكون في كون لغة الملائكة – اي لغة الناس في الجنة – هي العربية لأن حسب وجهة نظرهم كيف يجوز ان تكون لغة أهل الجنة  العربية  – لغة القرأن –  وأسماء الملائكة سريانية.

لقد ذهبنا بعيدا في هذا المقال وربما اخذتنا الحمية الوطنية والغيرة على لغتنا القومية أكثر مما يجب. لا بأس لأنني محب للغتي التي هي وطني وهويتي وقوميتي.

والأن أترككم مع نموذجين من تراثنا اللغوي والثقافي والفني – مع نشيدين من أناشيدنا السريانية – أداء جوقة الكنيسة الكلدانية وفرقتها الطقسية في السويد. أرجو اولا ألإستماع إليهما ومن ثم تطبيق الممارسة التي تجعلنا شعبا واحدا وكنيسة رسولية مقدسة جامعة بإختلاف تسمياتنا ومذاهبنا:

نموذجان

النشيد الأول: تاو او حبيواي
ألحان: ليون برخو
تأليف: مجهول (تراث كنسي)
أداء: جوق الكنسة الكلدانية والفرقة الطقسية في السويد
 
http://www.youtube.com/watch?v=tUkRc5qj5t0&feature=youtu.be
 
النشيد الثاني: تاودي لطاوا
ألحان: تراث كنسي (حسب أداء دير السيدة)
كلمات:  مار نرساي (تراث كنسي)
أداء: جوق الكنسة الكلدانية والفرقة الطقسية في السويد
 
http://www.youtube.com/watch?v=eKFvD83xV3Q&feature=youtu.be
 
والأن ساقدم لكم كلمات النشيد الأول وأكتبها بالكرشوني اي بالحروف العربية كي أسهل الأمر لأن أغلبيتنا لا يقرأ حروفنا. وسأترجم معاني الكلمات الصعبة بالعربية واضعها بين قوسيين. الغاية هي كي اوضح لكم ان لغتنا الجميلة قريبة جدا من لغتنا المحكية إن كنا نتقنها بنقاء وصفاء. وهذا الأمر بذاته حالة غريبة لأن قلما يحدث ان تكون لهجة دارجة في القرن الواحد والعشرين قريبة بهذه الدرجة من لغة فصيحة كانت دارجة قبل حوالي 2000 سنة. وإن بذلتم جهد بسيط في قراءة النشيد سترون انه بإمكانكم إنشاده مع الجوق الكلداني في السويد:

النشيد الأول: تاو او حبيواي

تاو (تعالوا) او حبيوَي                  بنيْ مَعموديثا
نوروخ ونسكود لِه                      لمارا دورياثا (الكون)

بيه بْهانا عيذا                           ريشْ كلْ يْوماثا
كَذ رخيوْ عَل عيلا (حمار)           شيطْ (أدنى) كْلْ حَيْواثا (حيوانات)

إثا دملّبْ لَنْ                            رازْ مَكيخوثا
وطلاييهْ وشوريهْ (الأطفال)         قْعاو (صرخوا) بَحذا ملثا (كلمة)

أوشعنا بْرَوما                         أوشعنا بْعومقا
بْريخْ دإثا وأثيهْ                       بَشميهْ دْفاروقا (فاروق أي المخلص))


النشيد الثاني: تاودي لطاوا

هذا النشيد ينسب إلى مار نرساي وهو من عباقرة ادبنا السرياني، متصوف وقديس وفيلسوف ولاهوتي من الطراز الأول لا أظن وفي رأي المتواضع انجبت المسيحية بقامته. وأطلق أجدادنا عليه لقب "قيثارة الروح القدس." وتأليفاته السريانية وأناشيده تمثل قمة الإبداع الأدبي والشعري وهي تشكل جواهر طقس كنيستنا المشرقية بفرعيها الكلداني والأشوري. الأشقاء السريان تجنبوا تأليفاته لأسباب مذهبية التي اقضت مضاجعنا منذ القدم  وإلى اليوم شأنها شأن التسميات.

ونشيد تودي  لطاوا صعب بعض الشيء، ليس من  ناحية اللغة ولكن من ناحية الفلسفة واللاهوت والفكر حيث يختزل ويختصر المسيحية ولاهوتها في أبيات لا تتجاوز 16 بيتا. وهي قصيدة موزونة بدقة متناهية وغير مقفاة، تظهر تفوق فيلوسفنا هذا ليس على أقرانه ومعاصريه بل حتى على الذين أتوا من بعده من الغربيين وغيرهم من الفلاسسفة واللاهوتيين المسيحيين. والترجمة تميل إلى الحرفية بعض الشيء لتقريب روعة النص وسلاسته وغناه من حيث المعنى والفكر والفلسفة واللاهوت إلى القارىء. حقا إنه يستحق تمثالا في كل مناطق تواجدنا وإيقونة في كل كنيسة من كنائسنا.
 
تاوديْ لطاوا دْحَررْ كِنْسَنْ مِنْ عوْدوثا دويشا ومَوتا
شيّنْ عمّنْ كنشَي رَوْما درَكْيْزينْواو مطُلْ عَوْلَنْ


الشكر للطيب (من أسماء الله الحسنى بالسريانية) الذي حرر جنسنا من عبودية الشرير والموت
أصلح ذات البين بيننا وبين القاطنين في السماء الذين كانوا قد غضبوا علينا بسبب أثامنا

بريخْ حنّنانا دْخَذْ لا بْعَيّنايي نْبَقْ بَوْعاثنْ وَحْذي بْحَيْيَينْ
وصَرّْ دِمْواثا دابّيْذوثََنْ وَذْبونايَنْ بعرْبا دطعا


مبارك الحنون (من أسماء الله الحسنى بالسريانية) الذي دون طلب منا خرج باحثا عنا وفرح بحياتنا
وشبّه عودتنا من ضياعنا وهلاكنا بمثل الخورف الضال

يَرْتا وَوْرا قَرَيْ لَخْيانَنْ دَطْعا وَبْنا وميثْ وإثْنَحَمْ
وحَدّيْ لخِنْشى روحانايي بَثْاياوْثَنْ واوْنوْحامَنْ


الوريث والإبن (من اسماء المسيح الحسنى) دعا كياننا الذي كان ضائعا وميتا  وأحياه
وأبهج بذلك المجاميع في السماء بتوبتنا وانبعاثنا

لا مِثْمَلّلَلْ حُبَّا رَبّا دْحاوي صِيدِيْنْ راحِمْ كِنْسَنْ
دْمْنّه دكنّسَنْ عوَذْ مِصْعايا ورَعْي لعلْما عَمْ رَبّوثه


لا يمكن وصف المحبة التي أظهرها تجاهنا محب جنسنا
حيث جعل من جنسنا واسطة كي يكسب العالم رضى جبروته

رَبَي منْنَنْ منْ كُلْ برْيَنْْ حذتّا دَسْعَرْ صدْ ناشوثَنْ
دعَوده لبَخْرَنْ هَيْكَلْ قودْشا دَنْمَلِبه سخْدَث كُلّلا


ما صنعه تجاه إنسانيتنا يفوق كل ما لدينا ولدى الخليقة
حيث جعل من جسدنا هيكلا (لروح) القدس كي يتحدث به كل من يسجد له

تاو أرْعانه وَشْمَيّانه تهَرْ واتْدَمَّرْ برَبوثْ دَرْغا
دْمْطا كنْسَنْ لرَوْما رَبّا دالاهوثا دلا مدْدَركا


تعالوا ايها الأرضيون وتاملوا وتفكروا بالرتبة السامية (التي منحها لنا)
حيث وصل فيها جنسنا إلى السماوات العليا للألوهية التي لا تدرك

شمَيّا وأرْعا وخُلما دَوهونْ نَودونْ عَمْنْ لمَورِوْ كنْسَنْ
دْحَدثْ صَلْمَنْ  وَقْرَنْ بَشْمه وشَعْبذْلانْ كٌلْ


السماء والأرض وكل ما فيهما يشكرون الذي رفع من شأن جنسنا
حيث حدّث صورتنا وأطلق علينا إسمه ووضع كل شيء في خدمتنا

شاوى لشوحا هَوْ داريمَنْ لعِلْ منْ كُلْلا
نِمْرْ كُلّلنْ له تشْبوحتا لعالمْ عالمينْ امِنْ وامِنْ


يستحق التسبحة هذا الذي رفعنا فوق الكل
لنردد كلنا سوية له التسبحة لأبد الأبدين امين وأمين

واخيرا

هذه لغتنا وهذا ترثنا وهذه ثقافتنا وهذه هويتنا وهذا وطننا. هذا التراث السامي والفكر النير واللحن البديع ليس ملك أي إسم من أسمائنا واي مذهب من مذاهبنا. هذا الغنى الثقافي واللغوي ليس ملك الكنيسة والكهنة والشمامسة وغيرهم من الإكليروس. إنه ملكنا جميعا فيه نرى أنفسنا ونعرف من نحن. هؤلاء العمالقة علينا الإحتفاء بهم وتكريمهم كما تحتفي الأمم الأخرى بموسيقييها وشعرائها وكتابها.

كم كنت أتمنى ان نركز على ما تحتويه لغتنا السريانية الساحرة لنا من كنوز لا أظن يملك مثلها اي شعب أخر في الدنيا بدل مهاتراتنا حول التسمية والمذهبية. وبدلا من هذه الصراعات العقيمة حول التسمية والمذهبية كان الأجدر بنا شحذ الهمم لتعلم وتعليم لغتنا الساحرة.

التسمية والمذهب لم ولن يساهما في تكوين هوية أي شعب في الدنيا. يستند عليهما فقط الذين يشكّون في هويتهم وغير الواثقين من أنفسهم.

وفي الختام: هللويا هللويا هللويا لكنيستنا المشرقية المجيدة الرسولية المقدسة الجامعة بمذاهبها وأسمائها المختلفة وهللويا لفيلسوفنا ومفكرنا وكاتبنا وشاعرنا المبدع مار نرساي، قيثارة الروح القدس، وهللويا لشعبنا المسكين المضطهد من الكل من الشرق والغرب وحتى من نفسه.



131
القوميون الكلدان والخطأ القاتل – رد على منتقدي موقف البطريرك من القومية


ليون برخو
جامعة يونشوبنك


أظن ان الكتابات الأخيرة لبعض الأخوة من الكلدان من الذين ينادون بالقومية المنفصلة حسب مقاساتهم ويريدون فرضها على كل الكلدان عنوة وقسرا بضمنهم المؤسسة الكنسية كانت مخيبة للأمال وتشير قبل كل شيء إلى ان اصحاب هذا التوجه وحسب ما قرأناه لا فكر قومي سليم ومستقل لهم وأنهم إتكاليون وفي فوضى كبيرة جعلتهم لا يميزون بين الهوية والدين والمذهب والطائفة.

وأظهرت هذه الكتابات ما كنا نحذر منه وهي ان هناك بعض الأخوة يريدون إختطاف الكلدان وكنيستهم لغايات خاصة لا علاقة لها بالهوية ولا القومية لأن لا الخطاب ولا  الممارسات التي يقومون بها تشير من قريب او بعيد إلى أشخاص همهم  نهضة قومهم وإعلاء شأن لغته التي هي هويته ووجوده وكيانه ووطنه.

وهؤلاء الأخوة -  وانا على خلاف فكري معهم منذ أمد بعيد – يتصورون انه بإمكانهم لي ذراع اي من معارضيهم لاسيما من الكلدان ولا يدركون ولا يدرون انهم باسلوبهم هذا يضربون أنفسهم بأنفسهم ويبعدون الكلدان أكثر  فأكثر عن طروحاتهم.

غياب المنهج وتبيعة الفكر

والأخوة هؤلاء لهم خطاب لا منهج له غير الهجوم بإستخدام عبارت تفتقد  الكياسة وافكار لا سند علمي وفكري ومنطقي لها وطروحات تفتقر الى العلمية والدقة واللياقة الادبية.

وهذا دليل ضعف وخواء وتبعية من حيث المنهج والفكر والخطاب حيث تراهم يوما يدافعون عن الهوية الكلدانية وفي اليوم الثاني يهاجمون اللغة القومية ولا يرون فيها عاملا رئسيا للهوية. وتراهم مذهبيون حتى النخاع الشوكي والويل ثم الويل للذي ينتقد المذهب لا سيما إن كان في الجانب الأخر من سياجهم.

وغريب امر هؤلاء الأخوة حيث يجعلون من المذهب كل شيء وهم لا يدرون ان الهوية القومية أساسا غير مذهبية وان لا خير في أي قومية او هوية أساسها الدين والمذهب.

 ولكنهم ضعفاء جدا إلى درجة انهم لا يستطيعون عقد إجتماع واحد دون وجود رجل دين بينهم كي يقودهم ورأينا كيف انهم يؤدون القسم امام رجل الدين رغم علامات الإستفهام الكبيرة حوله وحول أخرين من أتباعه.

والمذهبية تعمي البصر والبصيرة  ولهذا تراهم يدافعون دون هوادة عن أي شأن مذهبي بحت ويجعلون منه قضية كبيرة ومسألة مصيرية. خذ مثلا القضية المتعلقة بالمطران باوي. أنا شخصيا اكن للرجل كل التقدير وأحترم خياره أي كان ولكن ما علاقته وقضيته بالهوية والقومية؟

والفوضى التي رافقت الكتابات والتعليقات حول المطران باوي تفتقد الكياسة واداب المخاطبة واللياقة الأدبية والحوار المدني وكانت سببا لكشف امور سلبية وسيئة جدا كنت أتمنى الموت قبل قرأتها.

هوية هشة لأن نبراسها المذهب ورجل الدين  

والمذهبية واضحة في طروحات هؤلاء الأخوة إلى درجة انهم يقبلون كل المأسي الرهيبة منها ما يرتقي في بعض تفاصيله إلى جرائم ضد الإنسانية التي حلت بالكلدان وفي العصر الحديث ولكنهم يتدافعون للهجوم على الكلدان الذين يقراؤن التاريخ لا سيما الحديث منه بعيون مفتوحة وبفكر نير ويقتبسون منه الدرس الذي أساسه اننا بإخنلاف اسمائنا ومذاهبنا امة واحدة وكنيسة مشرقية مقدسة رسولية جامعة واحدة.

والمذهبية جعلتهم لا يرون اخطاءهم وكيف وصل الأمر بهم إلى قبول وتداول خطاب التكفير والهرطقة من خلال موقع أبرشي كلداني في المهجر الذي دون خوف من الله وحياء من  البشر يطلق على اشقائنا الأشوريين الذين بقوا على مذهب الاجداد السليم والقويم شأنه شأن أي مذهب أخر لفظة "النساطرة" تهكما وعلى أشقائنا السريان الأرثذوكس لفظة "اليعاقبة" إذلالا بينما الكنيسة ومنذ أمد بعيد ترفض إستخدام هكذا خطاب حتى لوصف من لا يؤمن بالله ولا يعترف بأي دين.

وضعفهم وتبعيتهم وعدم إستقلاليتهم وقلة حجتهم ظاهرة للعيان لأنهم لا يستطيعون القيام بأي عمل دون الإتكال على رجل الدين. هل رايتم هوية في الدنيا او قومية تعتمد على رجل الدين ودونه تنهار كل اسسها؟

هل تعتمد الهوية الكردية اليوم على الملا الفلاني او الشيخ الفلاني او المفتي الفلاني؟ ولكن الهوية الكلدانية حسب هؤلاء يجب ان يكون ورأها رجل الدين الذي عليه ان يحملهم على كتفيه وظهره وينطق بلسانهم وتنقطع انفاسهم لو طرحهم ارضا لأن لا مقدرة لهم على المشي لوحدهم ولا تشغيل عقولهم بأنفسهم.

سياسة التبعية والأضداد

وغريب أمر هؤلاء الأخوة لأن كل منطلقاتهم تستند إلى الأضداد – اي كل ما يعاكس اشقاء لنا في مشرقيتنا الكنسية ولغتنا وطقسنا وتاريخنا وتراثنا وثقافتنا وفنونا – أي الأخوة الأشوريون. في كل شيء تأتي الأضداد: لماذا هم وليس نحن!!

وهذه مقارنة عقيمة ودون جدوى. هل رأيتم يوما ما الأخوة في زوعا يستنجدون برجل الدين؟ هل رايتم يوما ما الأخوة في زوعا يهاجمون لغتنا القومية السريانية؟ هل رايتم يوما ما رجل دين بجلبابه وهو يقود زوعا ويصلي على رأسهم ويخطب فيهم ويفرض عليهم إداء القسم امامه؟

الم تروا كيف هؤلاء الأخوة "القوميون"  الكلدان ينحنون امام قس كلداني هارب من رهبنته وعليه عدة علامات أستفهام؟ الم تروا كيف هو ورئسه الأعلى يخطب فيهم ويطلق من العبارات غير الحميدة بحقهم وكلنا صاغرون – انني كنت واحدا من الحاضرين.

وهل رأيتم كرديا اميا لا يحب لغته ولا  يقدسها كما يفعل بعض هؤلاء الأخوة؟ هل رأيتم كرديا اميا يدعو إلى إلغاء التدريس بلغته القومية وإستبدالها بالعربية مثلما  فعل زعيم حزب بين صفوف هؤلاء الأخوة؟ هل رأيتم كرديا اميا يدعو علانية إلى تهميش لغته القومية وإستبدالها بالعربية او لغة أي شعب يتواجد بينه الأكراد كما فعل واحد من الأخوة القوميين الكلدان؟ هل رأيتم كرديا أميا يقبل ان تستبدل لغته وأدبه وفلكلوره بالعربية كما يدعو إليه بعض هؤلاء الأخوة؟ هل رأيتم كرديا اميا اليوم لا يعارض إستخدام العربية او غيرها من اللغات في أي نشاط كان ديني او مدني اوتربوي او تعليمي او غيره؟ صدق المثل القائل: "عيش وشوف."

الأخوة القوميون الكلدان يتصورون أنه لن تقوم قائمة لهم ولن يكتسبوا قومية او هوية منفصلة إلا بمقارعة  ومصارعة الأشقاء الأشوريين وكنيستهم المشرقية ولهذا يتعاملون بالأضداد وليس بالمنطق.

لو تعاملوا بالمنطق لأسسوا المدارس التي تدرس بلغتنا القومية ورفضوا التعريب وحاربوه على كل الأصعدة كما يفعل الأخوة في زوعا – الحركة القومية التي اغلب اعضائها من الكلدان.

خطاب معيب

كم كان معيبا الخطاب الذي قرأناه مؤخرا والموجه إلى البطريركية برئاستها الجديدة. وصل بعض الأخوة إلى إستخدام عبارت تنم عن تهديد مبطن والويل والثبور والوعيد إن لم تستجيب البطريركية إلى مطاليبهم التي يريدونها على  مقاساتهم.

نحن اليوم في وضع اوصلنا فيه هؤلاء الأخوة إلى مرحلة إستبدادية الخطاب – أي يجب عليك ان تقول كذا  وكذا وأن تستخدم العبارات التالية فقط – اي قل ولا تقل – وان تكون في جانبنا من السياج وإلا نحن لك  بالمرصاد.

وأنا أقرأ وينتابني حزن شديد لأن ما ورد من خطاب سيكون له – حسب ظني – إنعكاسات سلبية على الأخوة هؤلاء وانا أرى أنهم إقترفوا خطاءا ليس فادحا بل قاتلا.

رسالة البطريرك قمة في الإبداع وطفرة في الفكر الكنسي المشرقي

رسالة البطريرك  لويس روفائيل التوضيحية حول الكنيسة والقومية قمة في الإبداع فكرا وفلسفة وعلما وأسلوبا. كان يجب عليكم قرأتها عدة مرات والتأني والإنتظار طويلا قبل الرد بهذا الشكل الفج.

نسي هؤلاء الأخوة اننا – باسمائنا وكنائسنا - وبإنتخاب البطريرك لويس روفائيل دخلنا في زمن جديد. الم تقرؤا وألم  تلاحظوا سيرة هذا البطريرك الذي لم يلتف المسيحيون بمذاهبهم وأسمائهم حوله بل اخذ بمسيحيته المشرقية الباب الأديان والمذاهب الأخرى في العراق.

من حقنا ان ننتقد ولكن ليس بهذا الشكل يا إخوتي. لقد عبرتم كل الخطوط الحمراء لأن بطريركنا الجديد ليس شخصا عاديا ابدا. إنه ظاهرة جديدة في صفوف شعبنا الواحد وكنيستنا المشرقية المجيدة الواحدة بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة إتفقنا معه او إختلفنا.

هناك ظاهرتان او أيتان في المسيحية اليوم ادخلتنا كلنا في زمن جديد. الظاهرة الأولى مسكونيا هي البابا فرنسيس ومشرقيا هي البطريرك لويس روفائيل.

إن كنتم يا إخوتي لم تستوعبوا هاتين الظاهرتين امل ان تراجعوا انفسكم.

طلبكم من البطريرك يشبه طلب الأرجنتين من البابا كي يناصر هويتهم ونزاعهم مع بريطانيا حول جزر فوكلاند. أي ارجنتيني يفعل ذلك سيصاب بخيبة امل كبيرة كما ومع الأسف الشديد اوقعتم انفسكم فيما اظن انه خيبة امل كبيرة جدا.

رسالة البطريرك حول الهوية والقومية ودور الكنيسة فيها وكذلك دور  الكنيسة كرسالة سماء ودورها المؤسساتي البشري هي افضل ما قرأته في إرث كنيستنا المشرقية الذي يمتد الى الفي سنة بعد  كتابات فيلسوف وقديس كنيستنا المشرقية المجيدة مار نرساي، قيثارة الروح القدس.

سنصاب كلنا بخيبة امل إن تصورنا انه بإمكاننا ومن خلال مقالين او ثلاث او عشرة او مائة او حتى الف "لي ذراع" البطريرك لويس روفائيل.

هذا بطريرك احبه الجميع دون إستثناء وإن القلة التي تريد توجيهه حسب مرادها لن تنجح ابدأ.

أمل يا إخوتي ان تراجعوا أنفسكم وحساباتكم كي لا يضرب بكم المثل القائل: "وعلى نفسها جنت براقش."
 


132
كل واحد منا يريد "بطريركا" على مقاسه وهذا مستيحل والفرصة الأخيرة لإنقاذ شعبنا ستضيع

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


منذ تسنمه سدة البطريكرية لكرسي بابل لكنيسة المشرق الكلدانية صار البطريرك لويس روفائيل محط أنظار شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة. ما هو السبب؟

السبب بسيط وواضح. نحن شعب نفتقد القيادة والزعامة، مشتتون حول تسميات ومذاهب مختلفة ووضعنا من كافة النواحي في تردّ مطرد وصار وجودنا كأمة بكل مقوماتها على كف عفريت.

ولهذا عندما بزغ بين ظهرانينا قائد ينظر لأغلب ما نواجهه من مشاكل نظرة مختلفة أساسها العلم والمعرفة والإطلاع على التاريخ وإستيعابه من جوانبه العديدة والمختلفة إلتف شعبنا حوله بمختلف أسمائه ومذاهبه.

وزاد حبه ومكانته بين أغلب صفوف شعبنا لمواقفه لا سيما الوحدوية ووقوفه على رابية فكرية علمية منطقية يرى فيها تسمياتنا التي قضمت ظهرنا ومذاهبنا (ليس مسيحيتنا)  من منظار يختلف: أي جعلها عامل وحدة ولم الشمل بدلا من الفرقة والتجزئة.

ومن ثم للبطريرك تاريخ مشهود لا سيما في كركوك. لولا البطيرك لصارت كركوك موصل الثانية ولحل بشعبنا والمكونات العرقية والدينية او المذهبية الأخرى فيها ما حل بالناس في الموصل.

ولهذا احبته كل مكونات كركوك بقومياتها وأديانها ومذاهبها – وكركوك هي حقا عراق مصغر.

وعندما تسنم سدة البطريركية هب الكل لتهنئته لأن كل المكونات – وليس المسيحية فقط – رأت انها تملك حصة فيه.

ولأنه نشيط ونزيه لا يحب المال بل يمقته ولا يمر يوم تقريبا دون ان يكون نشاط بارز له صار الكل ينتظر منه ما يلبي طموحه، وهذا حق مشروع ولكننا يجب ان لا نحمله أكثر من طاقته.

أبدأ بنفسي. أنا لا أعير إي إهتمام للتسمية أي كانت إن صارت عائقا امام وحدة شعبنا ولا حتى للمذهبية (ليس المسيحية). جل إهتمامي هو في لغتنا السريانية لأنها الوطن والوجود والهوية دونها او في غيابها إقرأ علينا الفاتحة كشعب او أمة.

ولهذا كتبت مقالات أنتقد أي توجه للبطريركية يهمش هذه اللغة او ما خلفته لنا من ليتورجيا وأداب كنسية وتراث إنشادي هائل وأدب وشعر وغيره مما لا يملك مثله وبغناه أي شعب أخر في الدنيا.

الأشقاء من القوميين الكلدان يريدونه في صفهم. وهذا حقهم كما هو حقي في توجهي الخاص.

وهكذا كل المكونات الأخرى من الأشقاء الأشوريين والسريان وحتى ألأطياف الأخرى في العراق.

انا شخصيا اتصل باي شخص يقدم من أرض الأجداد إلى السويد وأحاول ان أستفسر منه الوضع وكذلك أتصل بمعارفي من المسيحيين في العراق ومن الذين إلتقيتهم وحاورتهم رجال  دين كبار ومثقفون وكتاب مرموقون من كافة أطياف شعبنا الواحد.

كلما سألت واحدا عن مستقبل شعبنا أتاني الجواب: "نحن بإنتطار ما سيفعل البطريرك الجديد."

أشأنا ام ابينا ان دولاب حياتنا الذي كان بالكاد يدور صار اليوم مفتاحه في يد البطريرك الذي قال انه مستعد ان يتنازل عن المنصب في سبيل وحدة شعبه وكنائسه – اي كلنا بإختلاف أسمائنا ومذاهبنا.

اي بطريرك أخر – ونحن والحمد لله كنيسة مشرقية واحدة لدينا اليوم ستة بطاركة – له  الجراءة والشجاعة والمحبة لهذا الشعب المسكين المضطهد من الكل وحتى من نفسه ان يقول هذا. وما زلنا بإنتظار.

نعم هو حصتنا نحن الكلدان لأنه بطريركنا ونحن فخورون به ومحبون له وقد نختلف مع بعض قرارته ومواقفه ولكنه سيبقى في القلب.

ونحن الكلدان نخطىء إن تصورنا – مثل ما يتصور بعض الأخوة من الأشوريين – ان الدنيا كلها لا تدور إلا في محيط التسمية وكلما زاد غلونا وإفراطنا بها زادت محبتنا لكلدانيتنا.

انا شخصيا احمل نظرة مختلفة عن التسميات. لا أعير أية أهمية لها اليوم لأنها صارت عبئا كبيرا علينا وشرذمتنا لا بل جعلت من بعض تصرفاتنا أضحوكة امام الأمم.

أنا أقيس محبة شعبنا بالأعمال التي تحافظ على وحدته وتراثه ووجوده وثقافته وأدابه وفلكلوره ولغته وجمع شمله.

نحن اليوم نواجه مسألة مصيرنا كشعب وحضارة ووجود وليس مسألة أي إسم افضل من الأخر وأي مذهب أفضل من الأخر. الذي لا يضحي من أجل وحدة ومصير ووجود شعبه ومستقبله ولغته وتراثه وثقافته لا أظن يحق له ان يقول انه كلداني او أشوري او سرياني.

في اليوم الذي وصلنا إلى مستوى نقول فيه مصير شعبنا أهم من تسمياتنا وحتى مذاهبنا (ليس مسيحيتنا) عندها نحن وطنيون وعندها نحن كلدان أصلاء وأشوريون اصلاء وسريان أصلاء.

إن لم نقم بهذا أي نرتقي إلى ما يريده منا البطريرك فلن تقوم لنا قائمة.

هذه فرصتنا الأخيرة. لننتزعها ولا نقبل ان تضيع من أيدينا كما أضعنا فرص أخرى كثيرة في العصر الحديث.
 

133
من يقيّم مسيحية ليون برخو: المذهبيون والطائفيون ام الكنيسة؟

ليون برخو
جامعة ينشوبنك
السويد

في الإنجيل (متى) هناك ايات واضحة تهدي المسيحي الحقيقي:

.18: 15 و ان اخطا اليك اخوك فاذهب وعاتبه بينك و بينه وحدكما ان سمع منك فقد ربحت اخاك
18: 16 و ان لم يسمع فخذ معك ايضا واحدا او اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين او ثلاثة
18: 17 و ان لم يسمع منهم فقل للكنيسة و ان لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني و العشار

وإلى كل الأخوة الذي يشككون في مسيحيتي  وإيماني بالإنجيل وملؤا الدنيا ضجيجا– وهم  مع الأسف الشديد بعض المذهبيين والطائفيين من الكلدان حد اصابع اليد الواحدة -  اقول قبل ان تدينوني بهذه الإساءة البالغة الم يكن من الأولى ان تطبقوا ما قاله المسيح من خطوات قبل ان تصدروا احكامكم. .

والسؤال إلى هؤلاء من الذين لا يتورعون عن تجريم وتكفير الأخر بإسم المسيحية والإنجيل: أنا لن اسمع لكم ولا منكم. لأن لا أنا ولا أنتم بإستطاعتنا ان نقيم أنفسنا قضاة في مسأءلة خطيرة كهذه. لماذا لا ترفعون الأمر إلى الكنيسة وبعد ان تحقق الكنيسة وتصدر قرارها عندها لكم الحق أن تقولوا ما تقولوا.

الكنيسة موقفها واضح وإنها إلى جانبي وتساندين وتشجعني في إقامة حوار مع الأخر لا سيما إخوتنا المسلمين وإن لم تصدقونني فهذا العنوان البريدي لرئس الكنيسة الذي أنا تابع له وأرقام الهاتف:

info@katolskakyrkan.se
الهاتف:
+ 46 8 462 66 00
الفاكس
+ 46 8 462 94 25

وأنا بإنتظار أي نتيجة كنسية تحصلون علهيا سلبا او إيجابا. إن كانت إيجابية بحقي سأهلمها وإن كانت سلبية أقسم بشرفي امام كل القراء ان أنشرها انا بنفسي في كل مواقع شعبنا.

إزدواجية مقيتة

ومن ثم ماذا تقولون عن البابا الجديد الذي جعل مسلمة تؤمن بحرفية قرأنها واحدة من تلاميذ المسيح الأثني عشر في عيد الفصح. ليس هذا بل غسل قدمها وإنكب أرضا هو وصليبه وقبلها.

ماذا تقولون عن ما قاله البطريرك الجديد الذي هو علامة وحجة وفيلسوف وواحد من أرفع اللاهوتيين في العالم ويستشيره الفاتيكان في كل كبيرة وصغيرة في شؤون الحوار ولقاء الحضارات وعلاقة الشرق بالغرب والعلاقة مع المسلمين. (رابط 1).

ماذا تقولون عن شعراء مسيحيين كاثوليك عرب وما قالوه في نبي الإسلام من مديح يتجاوز الكثير مما قلته وبعضهم من أكابر شعراء وكتاب العربية؟ هل هرطقتهم الكنيسة وكفرتهم كما تفعلون إلى درجة وصل بعضكم فيها إلى وضع  مفاتيح الجنة في يده اليمنى وسيف جهنم في يده الأخرى.

هذا هو الشاعر القروي المسيحي وهذا ما نظمه في الإسلام وهو غيض من فيض:

يا فاتح الأرض ميداناً لدولته
صارت بلادُك ميداناً لكل قوي
يا قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم
لا يُنهِض الشرقَ إلا حبُّنا الأخوي
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة
فبلّغوه سلام الشاعر القروي
إذا حاولتَ رفعَ الضيم فاضرب
بسيف محمدٍ واهجر يسوعا!
أحبوا بعضكم بعضًا وُعظنا
بها ذئبًا فما نجَّت قطيعا
ألا أنزلتَ إنجيلاً جديدًا
يعلِّمنا إباءً لا خنوعا !

وماذ تقولون عن كهنة ورجال دين كبار وما كتبوه في مضمار قبوال الأخر والحوار معه. (رابط 2)

وماذ تقولون عن البابا الذي ستعلنه الكنيسة قديسا وهو يقبل القرأن امام شيخ مسلم او البطريرك وهو يقبل المصحف امام علماء دين مسلمين. (رابط  3)

وماذا تقولون عن أشهر كاتب لبناني مسيحي كاثوليكي وهو أمين معلوف وما قاله في مؤسسة الكنيسة الغربية  لا سيما حروبها الصليبية في واحد من ابدع الكتب في تاريخ اللغة الفرنسية حصل بواسطته على كرسي في قمة هرم الأدب الفرنسي. (4)

وحتى في المقال الذي ترددونه كثيرا وتؤكدون على عبارة واحدة فيه فقط وهو واحد من مئات المقالات  اقول فيه ان كل هذا زادني إيمانا ومسيحية وامام قراء العمود الصحفي الأسبوعي الذي أكتبه وهم بمئات الالاف.

إخرجوا الإيمان والعقيدة عن الموضوع

الموضوع خارج عن الإيميان والمسيحية والعقيدة لأن الكنيسة اساسا أخرجت تكفير الأخر من قاموسها رغم ان الموقع الرسمي لأبرشية كلدانية كاثوليكية تعرفونها جيدا ينشر مقالات تكفر حتى إخوتنا من السريان الأرثذوكس والأخوة الأشوريين من الذين بقوا على مذهب الأجداد – المذهب الرسولي المقدس شأنه شأن اي مذهب أخر. تكفير المذاهب الأخرى بالجملة خطيئة كبرى اليوم في الكنيسة ومع هذا  يقوم بذلك موقع أبرشي مسيحي كلداني يرأسه أسقف. (رابط 3) فهل لكم ان تنصحوه او تكتبون مقالا تقولون فيه إن هذا خطاء. لا تفعلون ذلك لأنه يتماشى مع افكاركم وليس مع المسيحية الحقة التي لا تدين كي لا تدان. أنتم من شلة واحدة تدافعون عن بعضكم ظالمون ومظلومون.

خلافنا واضح. أنا اقف في الصف الأخر. انا اؤمن حتى النخاع الشوكي بوحدة شعبنا وإننا رغم أسمائنا المختلفة شعب واحد وقومية واحدة وهذا ما يشهد له التاريخ واللغة والتراث والثقافة والعلم والأكاديميا. ونحن كنيسة مشرقية مجيدة واحدة متساوية القداسة امام الله والمسيح ولنا ليتورجيا وطقس واحد وأدب كنسي واحد وإرث إنشادي موسيقي فلكلوري واحد رغم إختلاف مذاهبنا.

أنتم  لا تستوعبون هذا. انا أستوعبه وأدافع عنه بلساني وقلبي ويدي ونفس وحياتي. أنتم على خلاف مع قلمي في صفوف شعبنا الذي فلّش وهدم وعرّى أمام شعبنا مواقفكم المذهبية والطائفية والإنقسامية. هذ هو جوهر كل الخلاف بيني وبينكم.

والله ومن ثم والله لو جاريتكم لما كتبتم  وقلتم كلمة واحدة سيئة في حقي. بالعكس لدافعتم عني حتى لو كنت ملحدا كافرا بالله والمسيح والإتجيل ومقترفا لفظائع وخطايا ما أنزل الله بها من سلطان.

إخرجوا إلى الزمن الجديد

إننا في زمن جديد في زمن مؤسسة مسيحية تريد تجديد نفسها والتخلص من المؤسساتية والسلطوية والمذهبية والطائفية التي أكلت أخضركم ويابسكم. إذا كنتم لا تستوعبون ما قام به البابا والبطريرك من ممارسات وكل الأمثلة التي ذكرتها لكم ومنها أيات من الإنجيل فكيف ستسوعبون بعض كتاباتي الفكرية في الصحافة العربية. المسيحية ونحن معها عبرت عصر الظلمات وعصر الطوائف والمذاهب وعصر ان ما لدي هو الحق المطلق ومن السماء وما لدى الأخر باطل. انتم الذين تشكون في مسيحيتي وأوصلتم الأمر إلى التكفير والتجريم  لا زلتم تعيشون في عصر قديم عفا عليه الزمان وشرب.

على من تقراؤن مزاميركم

ولكل الذين إستخدموا عبارات بذيئة جدا في وصفي واوصل البعض الأمر إلى الغوض في العرض وأثاروا الشكوك  في أغلى ما أملكه في هذه الدنيا وهي مسيحيتي المشرقية وإيماني المطلق الذي لا يتزعزع في الإنجيل  مستغلين بساطة أغلب أبناء شعبنا الواحد المؤمن بالفطرة اقول:

وليكن الإنجيل والمسيح والصليب الحكم بيننا لأنكم  تريدون ان تتجاوزوا الكنيسة وتصدرون حكمكم من اجل التشهير وحسب ولأغراض شخصية ومذهبية وطائفية وسياسية وقومية وليس حبا بالمسيح وإنجيله وقبل ان ترفعوا المسألة إلى الكنيسة التي هي فقط لها الحق في البت في امور العقيدة والإيمان  كما يامرنا الإنجيل.

إذا من يقيم مسيحية ليون برخو؟

لم أكن  أعلم ان هناك مذهبيون وطائفيون من الكلدان – حد اصابع اليد الواحدة -  اصبحوا هم الكنيسة بهرمها من القاعدة حتى الرأس.
سامحكم الله

++++++++++++++
ورابط 1
لويس ساكو: الإسلام أكثر الأديان غناً بروح التسامح ونحن المسيحيون أصبحنا أحراراً في ظله
http://www.merakrg.com/board/1-1-0-74

رابط 2


http://blog.sami-aldeeb.com/2013/03/30/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8-%D8%AD%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1-%D8%B5%D9%84%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD-%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%A7%D9%85%D8%AA%D9%87-%D9%85%D9%86
 رابط 3

https://www.google.se/search?q=%22%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%83%D8%A7%D9%86+%D9%8A%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A3%D9%86%22+karemlesh&hl=en&source=lnms&tbm=isch&sa=X&ei=K_ViUcaZMIectAbAjIGYBQ&ved=0CAcQ_AUoAQ&biw=1160&bih=569#hl=en&tbm=isch&sa=1&q=pope+kisses+the+qur%27an&oq=pope+kisses+the+&gs_l=img.1.0.0l3.4018.11154.1.14101.17.17.0.0.0.0.154.1325.14j3.17.0.ernk_rqr..0.0...1.1.8.img.IIpfW1dRDmY&bav=on.2,or.r_cp.r_qf.&bvm=bv.44770516,d.Yms&fp=3fe12c4165f4986a&biw=1160&bih=569


http://www.karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=120143


https://www.google.se/search?q=%22%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%83%D8%A7%D9%86+%D9%8A%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A3%D9%86%22+karemlesh&hl=en&source=lnms&tbm=isch&sa=X&ei=K_ViUcaZMIectAbAjIGYBQ&ved=0CAcQ_AUoAQ&biw=1160&bih=569#hl=en&tbm=isch&sa=1&q=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83+%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A6%D9%8A%D9%84+%D8%AF%D9%84%D9%8A+%D9%8A%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A3%D9%86&oq=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D9%83+%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%A6%D9%8A%D9%84+%D8%AF%D9%84%D9%8A+%D9%8A%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A3%D9%86&gs_l=img.3...306650.324686.3.325614.35.34.1.0.0.0.133.2183.32j2.34.0.ernk_rqr..0.0...1.1.8.img.DqwxMHp2IQU&bav=on.2,or.r_cp.r_qf.&bvm=bv.44770516,d.Yms&fp=3fe12c4165f4986a&biw=1160&bih=569



https://www.google.se/search?q=%22%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D8%A7+%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D9%83%D8%A7%D9%86+%D9%8A%D9%82%D8%A8%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A3%D9%86%22+karemlesh&hl=en&source=lnms&tbm=isch&sa=X&ei=K_ViUcaZMIectAbAjIGYBQ&ved=0CAcQ_AUoAQ&biw=1160&bih=569#hl=en&tbm=isch&q=pope+kisses+the+quran&spell=1&sa=X&ei=5vdiUau_OYqItQbS1IHgCQ&ved=0CEsQBSgA&bav=on.2,or.r_cp.r_qf.&fp=3fe12c4165f4986a&biw=1160&bih=588

رابط 4

http://www.goodreads.com/book/show/64533.The_Crusades_Through_Arab_Eyes
رابط 5
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/11/30_Nov20_DrGmardo.html
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/08/14_Aug08_DrGMardoo.html
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/04/30_Apr16_DrGMardo.html
http://www.kaldaya.net/2011/Articles/12_December2011/62_Dec27_DrGorgisMardo.html

134
بطريرك بابل وبابا روما والموقف من الإسلام وشؤون مهمة أخرى

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


توطئة

قد يرى البعض عنوان المقال مثيرا بعض الشيء. وكي أزيل اللبس أدخل الموضوع مباشرة وفي الفقرة الأولى من المقال كما يفعل أي صحفي قدير عند نقله للخبر حيث يعمد إلى إتباع قالب الهرم المقلوب، أي منح القارىء ما هو الأهم في الفقرات او الجمل الثلاث الأولى وبعدها تأتي الأمور الأقل أهمية.

أنا لست مداحا وكنت ربما الكاتب الوحيد من أبناء شعبنا ينتقد التصريحات التي أدلى بها البطريرك لويس ساكو  بشأن لغتنا السريانية. ربما فعلت ذلك بعجالة لأن ما ورد في بيانه الأخير من طلب من الفنانين والموسيقيين والأدباء للتأليف الموسيقي والشعري بلغتنا المحكية كي ننشده سوية في الكنسية بعد فحصه وترخيصه من البطريركية قد أزال غيمة كبيرة كانت تؤرقني حيث إزدادت موجة التعريب التي لا حاجة لها حتى في بعض كنائسنا في المهجر بينما الغالبية الساحقة تتكلم لغتنا المحكية الساحرة.

وكنت أيضا واحد من المنتقدين البارزين في الصحافة العربية والعالمية وفي كتاباتي الأكاديمية لمواقف محددة للبابا السابق بندكتوس. وهذه الأمور موجودة على الشبكة العنكبوتية وفي الإمكان الإطلاع عليها.

ولكن والحق يقال هناك مسألة لا يجوز إغفالها في مسيرة بطريرك بابل الحالي وبابا روما الحالي فرنسيس لأنهما من وجهة نظري يريدان إدخالنا في زمن جديد من حيث العلاقة مع الأخر المختلف عنهما  دينا وفكرا وتوجها وهنا أقصد الإسلام الذي يبلغ تعداد أتباعه حوالي مليار ونصف من البشر وهم من حيث الإلتزام الحرفي  بتعاليمه حرفيا يشكلون أكبر الأديان طرا في الدنيا حسب الإحصائيات المستقلة.

العلاقة مع الأديان الأخرى لا سيما الإسلام

شخصيا أنا أكتب في هذا الخصوص إن في الصحافة او من خلال  كتاباتي الأكاديمية لأن تحليل الخطاب جزء مهم  وأساسي من إختصاصي الجامعي.

وشخصيا وبتواضع لدي مساهمة متواضعة في حوار الحضارات والأديان من خلال علاقتي الوطيدة والتي أعتز بها جدا مع رئاسة الكنيسة الكاثوليكة في إسكندنافيا ومعهد نيومان الكاثوليكي في جامعة اوبسالا. وقبل فترة كنت قد رتبت للقاء مهم جدا بين مسؤول كنسي كبير منخرط في حوار الحضارات والأديان وبين رجل دين مسلم كبير جرى في الدوحة. وحسب علمي كان اللقاء ناجحا.

مساهمة بطريرك بابل

ولكن أفضل ما وقعت عليه عيناي قراءة وممارسة وقربا من رسالة السماء المسيحية التي أساسها المحبة وقبول الأخر كما هو وليس كما أريده أنا كانت كتابات البطريرك  لويس روفائيل لا سيما كتابه القيم "حوارات مسيحية إسلامية" ومؤلفه  الأخير "المسيحية والإسلام ... العقيدة والممارسات والأعياد" إضافة إلى ممارساته اليومية والعملية  عندما كان رئس أساقفة كركوك،  حيث كان يرى ولا يزال يرى اليوم وهو  في منصب البطريرك، انه ليس أسقف وبطريرك الكلدان وحسب بل أشقائنا الأشوريين والسريان ايضا وليس أسقف وبطريرك المسيحيين وحسب بل اسقف  وبطريرك المسلمين أيضا.

اليوم لا يستطيع أي دين او فكر او مذهب او عرق ان يختفي وراء دينه او مذهبه اوطائفته اوكتبه وينظر إلى نفسه وما لديه أنه السليم والحق المطلق والطريق الوحيد الرشيد والقويم للإنسانية بينما ما لدى الأخر من مذهب  ودين وفكر ومعتقد وكتاب لا يوائم الإنسانية ويجب إعتباره أدنى مرتبة  مما لديه وعلينا التصرف نطقا وكتابة وعملا حسب ذلك.

في كتاباته ومواقفه وممارساته يدحض البطريرك هذا الموقف وهذه النظرة ويرى الأمور من منظور إنساني أخلاقي مسيحي مشرقي حيث نتساوى كلنا امام الله بغض النظر عن أدياننا ومذاهبنا وكتبنا . أي بمعنى أخر لا يجوز لأي واحد منا أن يتخذ ما لديه نظريا من دين ومذهب وكتاب ورجال دين مطية للعبور إلى ملكوت الله. ما يوصلنا إلى ملكوت الله  كبشر والله صار بشرا في سر التجسد حسب المفهوم المسيحي هو أعمالنا الصالحة أي ممارساتنا اليومية والعملية وليس كوننا كذا وكذا وكون كتبنا ومذاهبنا وأدياننا كذا وكذا. هذه لا تمنحنا أبدا أحقية على الأخرين او حصانة لا امام الضمير الإنساني كحكم للأخلاق ولا أمام الله كديان.  في أقل تقدير هذه قرأتي الشخصية لكتابات البطريرك ومواقفه وممارساته.

بابا روما

وعزز هذا الموقف ما قام به البابا فرنسيس في عيد الفصح. كم كان رائعا هذا البابا وكم كان قريبا من تعاليم الإنجيل عندما إنكب هو وصليبه وهو يغسل ويقبل أقدام إمراءة  مسلمة إنتخبها كي تمثل واحدا من حواري اي تلامذة المسيح الإثني عشر. قبلها هي وكتابها ودينها ومذهبها وعقيدتها كما هي وجعلها بمثابة تلميذة للمسيح ولم يفرض او يطلب منها ان تبدل او تغيرأي  شي مما هي عليه وهو  يعرف ان دينها ومذهبها ومعتقدها وكتابها مختلف تماما عما لديه.  المسيحية التي لا تأوي المختلف عنها وتنظر إليه كما تنظرإلى نفسها ليست من المسيح بشيء. وتواضعا اقول أنني شخصيا كنت قد توصلت إلى هذه الرؤى المسيحية منذ زمن طويل بعد  تعمقي في الليتورجيا والأدب الكنسي والإرث الإنشادي التي لا تملك أمة أخرى مثله في العالم والذي يعود حصرا لكنيستي المشرقية المجيدة العظيمة التي كانت سباقة ليس في المفاهيم المسيحية والإنسانية الحقة والسليمة لا بل في كل شؤون الحياة الأخرى.

مسلمون في كنيسة العذراء في بغداد

في بغداد كنت كل شهر تقريبا انا وعائلتي ومرات مشيا على الإقدام نحج إلى كنيسة العذراء في الميدان. وما كان يدهشني هو الوجود الكثيف للأخوة والأخوات من المسلمين في الكنيسة وهم يركعون ويذرفون الدموع أمام العذراء وبعضهم يقرأ بأعلى صوته سورة مريم من القرأن الكريم.

مسيحية في جامع النبي يونس

وقبل خروجي من بغداد في عام 2000 أخذت والدتي رحمها الله تلبية لرغبتها كي تحج إلى ضريح او جامع النبي يونس في الموصل لأن يونان النبي كان شفيعها. وعند الضريح أخرجت والدتي سبحة الوردية وبدأت بابانا الذي في السماوات والسلام لك يا مريم وبصوت عال وبخشوع. وعندها دخل إمام الجامع فطلبت من والدتي خفض صوتها وإخفاء سبحتها إلا أن الإمام المتنور أنبني وقال دعها يا ولدي إنها تناجي ربها الذي هو ربي وربك. الف رحمة عليك وعلى والديك  يا أيها الإمام الجليل. ما أحوج عالمنا اليوم إلى أمثالك. ولم أخرج من الجامع إلا بعد أن أكلمت  والدتي صلاة الوردية بأكلمها، خمسون مرة السلام لك يا مريم وعشر مرات ابانا الذي في السماوات ليتقدس إسمك. ولهذا فإنني أثني على البطريرك واحد بياناته الأخيرة وهو يدين تفجير حسينية في كركوك وقوله إن الجوامع والحسينيات والكنائس كلها بيوت الله.

ضجيج بعض الأخوة من الكلدان

وأظن من حقي  القول إن ممارسات وكتابات بطريرك بابل وبابا روما هي أفضل رد على منتقدي بعض كتاباتي ومقالاتي في الصحافة العربية والتي مع الأسف الشديد لم تُنتقد إلا من ثلاثة او أربعة اشخاص ومع الأسف الشديد جدا أن كلهم من المكون الكلداني للشعب المسيحي والبالغ عدده أكثرمن 30 مليون شخص في الشرق الأوسط من الذين بإستطاعتهم قراءة العربية. وأقول هنا وبثقة شبه مطلقة ان هؤلاء الأنفار لم ينطلقوا من مسيحيتهم في إنتقادها ولم ينطلقوا من حرصهم على ألإنجيل في إنتقادها بل منطلقهم كان مذهبيا وطائفيا بحتا فيه مسحة من الشخصنة والمباشرة.

  ومن المحزن جدا أن يكون بينهم الأستاذين جاك الهوزي ويوحنا بيداويد لأنه مشهود لهما كتاباتهما وتعليقاتهما الرصينة والحكيمة التي ترى في التسامح وقبول الأخر كما هو  ومن منظورالبطريرك والبابا قيمة أخلاقية إنسانية حيث لا مسيحية بدونها. وما أستغربه أن الإنتقاد كان في غير محله وفي غير سياقه أي كأن يتحدث شخص عن قانون العرض والطلب وتأثيره على مبيعات النفظ وإذأ بأخر يقحم نفسه بسؤال وتعليق خارج الموضوع عن أساليب منع الحمل الإصطناعية وموقف الكنيسة الكاثوليكية منها. هذا ليس معناه انه لا يجوز إنتقاد ما أكتبه. بالعكس النقد البناء الذي يرفض الإستناد إلى منطلقات مذهبية وطائفية وشخصية مرحب به. وانا أرحب اليوم وغدا باي مقال منفصل رصين ومتزن تحكمه الكياسة وأداب المخاطبة عن أي شيء كتبته او موقف إتخذته لأنني سأكون المستفيد الأول منه.

خاتمة

أكرر مرة أخرى أنني لم أت بكل هذه الأمثلة الحية والممارسات العملية  كي يكف إثنان او  ثلاثة من إخوتي الكلدان عن إنتقادي. بالعكس إنهم يؤدون فضلا كبيرا لي من مناح لا أود  ذكرهأ. فأهلا وسهلا بنقدهم وتشبيههم لي بالوهابي والعبد المتسعود وغيرها من ألقاب نابية لأنني على يقين وثقة ان القراء حكماء وبإستطاعتهم الكشف أنهم لا ينطلقون ابدا من حرصهم على مسيحيتهم وإنجيلهم وممارسات المحبة والتسامح وقبول وإيواء الأخر المختلف عنا وكما هو التي يدعو الإنجيل إليها في كل صفحاته.أنا على ثقة ان القراء على دراية تامة أنهم ينطلقون من مفهوم مذهبي وطائفي مقيت يضع غشاوة على العيون كي لا ترى إلا ما تريد المذهبية والطائفية لهما أن ترى ووضع قفل على العقل كي لا يفكر إلا بما تريد المذهبية والطائفية له ان يفكر.


135
كيف نساعد البطريرك لويس روفائيل في مسعاه للحفاظ على لغتنا الساحرة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك السويد


جاء الوعد الذي قطعه البطريرك لويس روفائيل في رسالة الشكر التي أرسلها لفنان شعبنا المبدع يوسف عزيز في الوقت والزمان المناسب (رابط 1).  هذا الوعد أثلج صدور الكثير من أبناء شعبنا لأنه بمثابة خارطة طريق لما نتوقعه من خطوات حثيثة لتطبيق ما دعا إليه فنانا الشاب. الطلبات التي وضعها فنان شعبنا الملهم عبرت عما يدور في خوالج أغلبية شعبنا بأسمائه ومذاهبه المختلفة.

رسالة الشكر التي أرسلها البطريرك لفنانا الشاب لا تتجاوز التسعين كلمة إلا أنها مليئة بالمعاني وعلى محبي شعبنا وهويته ومشرقيته وضع كل كلمة وعبارة فيها  في إطار من ذهب إن أمكن.

لغتنا المحكية الساحرة

نعم لغتنا ساحرة ولا يجوز ان نيأس لأن إمكانية المحافظة عليها وإحيائها ممكنة جدا إن كانت لدينا الإرادة. إن كان بإمكان شعبنا تأسيس مدارس سريانية من لا شيء تدرس اليوم فيها كل المواد بلغتنا الأم فإن إحياء  الطقس والليتورجيا لكنيسة المشرق الكلدانية بلغتنا المحكية الساحرة ليس أمرا مستحيلا.

المهارات العلمية والفنية والإدارية

نعم أغلب هذه المهارات غادرت بلد الأجداد ولكن أكاد أجزم ان الأكثرية قلبها مع البطريرك. وعالم اليوم رغم إتساعه إلا أنه بمثابة قرية ضغيرة. بإمكاننا نحن في المهجر أن نكون على تواصل مع أشقائنا في الداخل ونمد لهم يد  العون والمساعدة ونضع يدنا بيد البطريرك كي نسهل عليه مهمته لأن التركة التي ورثها أثقل من ان يتحملها جبل.

دعوة لعودة ذوي الإقتراحات

أطبق هذه الدعوة على نفسي لأنني صاحب بعض الإقتراحات وربما أكثر كاتب من أبناء شعبنا ضجيجا عند تعلق الأمر بالحفاظ على لغتنا الساحرة وما تكتنزه لنا من ليتورجيا وطقوس وفنون وأداب او العمل على وحدة شعبنا بأسمائه ومذاهبه المختلفة. وعليه أتلو هذا القسم الذي أمل ان يردده معي الإختصاصيون من أبناء شعبنا في المهحر  وأمام الملأ:

أقسم بشرفي وأمام كل القراء الكرام أنني سأكون جنديا في أمرة البطريرك – إن قبلني كجندي – بما أحمله من علم متواضع وموهبة فنية متواضعة وإطلاع متواضع على لغتنا الأم وطقوس كنيستنا المشرقية الكلدانية وأن أعمل ما في وسعي من اجل إعادة مجد كنيستنا المشرقية وليتورجيتها وطقوسها وأدابها وفنونها وأن أعمل بجدية وإخلاص من أجل وحدة شعبنا وكنائسه. وأقسم أنني على إستعداد حتى للإنتقال إلى بلد الأجداد للعمل تحت امرة البطريرك والإنضمام إلى جامعة سريانية او معهد تكون لغتنا الساحرة جزء من برامجه  وللفترات التي يتطلبها العمل .

جسامة التركة

هذا صحيح وكما قال البطريرك اليد الواحدة لا تصفق.

ولهذا أتى طلبه من ابناء شعبه في المهجر للقدوم إلى العراق ومساعدته في مسعاه في محله. لقد وضعنا نحن الذين نعيش في الغرب على المحك لا سيما نحن الكتاب من الذين لا يمضي أسبوع واحد إلا ولنا مقال تنظيري.

الكفاءات المهاجرة من أبناء شعبنا قد تكفي لإدارة أكثر من جامعة. فمثلا في إختصاص  علم  اللغة – واحد من إختصاصاتي –هناك الدكتور يوئيل يوسف عزيز وهو عالم ذائع السيط وهناك الدكتور دنحا طوبيا كيوركيس الذي لوحده وبعلمه يشكل قسما علميا كاملا وهناك الدكتور صبحي زورا وكثيرون أخرون في إختصاصات العلوم الإنسانية. لو إجتمعنا وفي حال توافر ظروف مناسبة فبإستطاعتنا إدارة كلية للأداب برمتها. وهكذا الأمر في بقية العلوم.

الوحدة

هذا هدف من أسمى الأهداف لأننا كيف نكون نموذجا لعراق طائفي يئن تحت المخاصصة والمذهبية ونقدم مبادرات لمصالحتهم وإصلاح ذات البين بينهم ونحن المسيحيين منقسمون إلى 14 مذهبا وكنيسة رسمية في العراق ومختلفون تقريبا على كل شيء حتى على إسمنا وإسم لغتا وعددنا كلنا في العراق قد لا يتجاوز 250 الف نسمة؟

دور الكنيسة

للكنيسة دور كبير رغم ما تعانية من تشتت والتركة الثقيلة التي تحملها.

لذا يجب على الكنيسة ان تبادر اولا وتوقف مد التعريب والتغريب وإدخال كل ما هو أجنبي وغريب في جسد كنيستنا المشرقية من طقوس وأناشيد وترجمات وغيرها.

لقد  بينت في مقالات سابقة ان هذا لا تقبل به اي كنيسة أخرى في الشرق الأوسط عدا كنيستنا الكلدانية وبعض الكنائس الأخرى (كنيسة او كنيستين). وهذه هي الكنيسة السويدية الكاثوليكية التي تلتزم بلغتها وليتورجيتها ورغم تواجدنا الكثيف في صفوفها فإنها لا تقبل ان تستخدم طقوس ولغات أي مجموعة كاثوليكة أخرى كلدانية او غيرها رغم ان السويديين هم أقلية صغيرة جدا. فلماذا نقبل نحن ان نعرب أنفسنا وكنيستنا بينما الغالبية الساحقة تتكلم لغتنا المحكية الساحرة؟

حجج واهية

وليسمح لي رجال ديننا من الأساقفة والكهنة القول إن الحجج التي ساقها ويسوقها بعضهم لتهميش لغتنا الساحرة وطقوسها وليتورجيتها وأناشيدها البهيجة حجج واهية وغير منطقية.

يقول البعض انهم يفعلون ذللك من أجل رسالة المسيح. أنا أشك في ذلك وهاكم الدليل والحجة.

رسالة المسيح ليست خطب وكرازات ودورات لاهوتية وترجمات ركيكة لطقوس مكتوبة بأدب رفيع وسامي وليست كتابة صلوات فردية بالعربية وفرضها على الكل عنوة  رغم عدم مشروعيتها وليست إدخال طقوس رتيبة وباهتة  من أناشيد رتيبة ومملة  وغيرها والتلاعب والإستهزاء بالليتورجيا كما يحدث في السويد مثلا وغيرها من البلدان حيث صار الإرتجال سيد الموقف – الإرتجال حتى عند الممارسة الطقسية – اي في الكنيسة ذاتها – مما أجبر الكثير من الكلدان إلى الهرب إلى كنائس أخرى وذلك لتحول ممارساتنا الطقسية والليتورجية إلى ما يشبه مهزلة.  هذه ليست رسالة المسيح على الإطلاق.

والبرهان والدليل على ذلك هو البابا فرنسيس الذي جرى إنتخابه مؤخرا. هذا البابا برهن لنا ان المسيحية ممارسة وتقرب من المسيح والإنجيل وتطبيق تعاليمه على أرض الواقع من تواضع  ومحبة وفقر وتقشف وتسامح وعطاء وغفران.

ولهذا ودعني أكون صريحا معكم في هذا المضمار وأقول لقد حقق هذا البابا في سبعة أيام من خلال ممارسات إنجيلية عملية على أرض الواقع من تواضع ونكران الذات وتضحية ومحبة وتقشف وفقر وقهر الكراهية والبغضاء في داخل النفس وإيثار القريب على النفس أكثر بكثير مما حققه البابا السابق بكل كتبه وتأليفاته وعلمه في اللاهوت والفلسفة والكتاب المقدس  في مسيرة حياته برمتها.

في سبعة أيام نقل الكنيسة من حال إلى حال وصار نموذجا يحتذى وهز العالم بممارساته الإنجيلية وليس الدورات اللاهوتية وكتب الفلسفة والترجمات والتلاعب بالليتورجيا وتغير ثقافة شعب كامل من خلال التعريب بحجة محبة المسيح وغيرها.

في سبعة أيام ومن خلال ممارساته اليومية وتواضعه غيّر نظرة الدنيا إلى الكنيسة حيث كانت الصحافة العالمية في السنوات الماضية مليئة بفضائح وإنتهاكات وإختلاسات وفساد ورشاوي ومحسوبية الفاتيكان. أما اليوم فإنها لا تتحدث إلا عن مدى قرب البابا الجديد من خلال ممارساته اليومية والعملية والتطبيقية بالإنجيل وتعاليمه.

الروحانيات هي ممارسة يومية وعملية وليست تهميش تراثنا وأدبنا الكنسي ولغتنا الساحرة وليتورجيتنا التي هي فخر للمسيحية جمعاء.

فرجائي عدم التحجج برسالة السماء وبرسالة الإنجيل وبالروحانيات  وإتخاذها ذريعة لإدخال التعريب في كنيستنا. التعريب إستعمار ثقافي وهو أسواء أنواع الإستعمار – لا خير في أمة لا تقاومه. رسالة الإنجيل هي ممارسة يومية للمحبة والتواضع والتسامح والعطاء والمسرة والرجاء الصالح تماما كما يفعل البابا فرنسيس.

رباط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,653351.0.html

136
البطريرك لويس روفائيل: هل نحن في حلم؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


لقد أنزل بطريرك كنيسة المشرق الكلدانية  لويس ساكو سلاما وبردا على قلوب أبناء كنيسة المشرق بتسمياتها ومذاهبها المختلفة. لقد أدلى في مقابلته الأخيرة (رابط 1) بتصريحات حول الوحدة والشفافية لا أظن أننا كنا نحلم ان نسمعها يوما ما من  أحد رؤسائنا الكنسيين.  هذه التصريحات بث فيها البطريرك فسحة أمل كبيرة في شعبنا وكنائسنا وبرهن وفي فترة قصيرة لا تتجاوزاسابيع قليلة  منذ تسنمه سدة البطريريكة أننا امام زمن جديد قد يعيد لنا مجد كنيستنا المشرقية ويجمعنا ويحمينا من التشتت والضياع الذي نعانيه.

لقد اثلجت صدورنا ولا فظ فوك وأنت بعدك في أسابيعك الأولى تقول أنك مستعد للتنازل عن المنصب في سبيل وحدة شعبك المشرقي المسيحي لا بل انك على إستعداد لتغير الإحتفال بأحد ألأعياد الكبيرة كي تلتقي مع أشقائك ليس في منتصف الطريق بل أنك على إستعداد للذهاب إليهم في اخر الدنيا من اجل الوحدة: أسمى وأعز هدف لدى الغالبية الساحقة من أبناء وبنات شعبنا.

لن يخيب ظننا؟

نعم لم يخب ظني حتى الأن عندما حالفني الحظ كي أكون أول مسيحي مشرقي يرتجل كلمة التهاني في يوم تسنمك للمنصب وقلت فيها بلغتنا السريانية الجميلة: هانو يوما دعوذ مريا، تاو نذوص ونحدى به؟ هذا هو اليوم الذي صنعه الرب تعالوا نفرح ونتهلل به.
 
أقوالك  وكلماتك صوب الوحدة أظن أنها  اليوم تجعل  كل أبناء وبنات كنيسة المشرق يصرخون ويرتلون هذين البيتين اللذين إستقيتهما من المزامير.

لنكن بمستوى المرحلة

أملي ان نكون كلنا بمستوى هذا الخطاب وهذه الخطوة الشجاعة ومن هذا الموقع أمل كما يأمل كل أبناء وبنات شعبنا أن يضع البطريرك دنخا والبطريرك أدي يديهما بيدك والثلاثة سوية تلتقون في القريب العاجل وفي بيان أولي مشترك تضعون خارطة طريق لوحدتنا يبدأ بالعودة إلى إسم كنيستنا التاريخي المجيد وهو كنيسة المشرق وترسلون رسالة رعوية مشتركة بتوقيع كنيسة المشرق. رسالة كهذه أظن انها ستهدىء مخاوفنا وتمنحنا الطمأنينة على مستقبلنا كشعب وكنيسة مشرقية عظيمة.

ماذا عن البيت الكلداني؟

وبخصوص البيت الكلداني وكنيسته المشرقية فإن الخطوات التي إتخذتموها حتى الأن مذهلة حقا (عدا في نقطة واحدة سأتي عليها أدناه). لأول مرة تدخلون الشفافية من أوسع ابوابها في كنيستنا وتشيرون بجراءة لا يمتلكها إلا القادة الشجعان إلى إختلاسات  وفساد ومخالفات وفوضى سميتها  "عبي بالخرج" ومن ثم تقولون أن أمورا مثل هذه حدثت في مؤسسة الكنيسة الغربية – الفاتيكان – الذي يحاول اليوم  جهده إستئصالها – حقا لم نر شفافية بهذا المستوى في صفوف شعبنا... أمور مؤسساتية كنسية مثل هذه وكثير غيرها كان كاتب هذه السطور يشير ولايزال  إليها مع ذلك كان يأتينا ولا يزال هجوم من المستفيدين والطائفيين والمذهبيين ومن الذين لا يميزون بين الكنيسة كمؤسسة يجب أن تدار بشفافية وأخلاق وعدالة إنسانية والكنيسة كرسالة إنجيل، إنجيل المسرة والرجاء الصالح. نأمل أن تبسط هذه الشفافية ذراعيها كي تشمل كل إبرشية وخورنة كلدانية في اي مكان من العالم. أملنا فيكم كبير.

نقطة خلافية مهمة

وتبقى نقطة واحدة. إنني لست مداحا أبدا إلا في محله وأقول إنني أخالفكم الرأي فيما ذهبتم إليه من حيث الهوية الكنسية المتمثلة بالأدب الكنسي والليتورجي لكنيستنا المشرقية. أقول ذلك من باب حرية الرأي والنقد البناء والجدال والحجة  والحوار حيث ان المسيح وافق أن يحاور ويجادل الخطاءة والعشارين والزناة والفريسيين وحتى الشيطان الذي أراد أن يجربه. فإن كان سيد ورب الكل قبل بالجدال والحوار بهذا الشكل فيجب أن يتسع صدرنا لبعضنا بغض النظر عن مناصبنا لأننا في اي حال من الأحوال عبيد بطالون مسعانا الأول والأخير هو ملكوت السماء الذي لن نحصل عليه إلا من خلال الإنجيل والمسيح وصليبه وليس من خلال مذاهبنا ورجالات دينها وغيره.

 وعليه أرى ان الموقف الذي إتخذتموه منذ توليكم سدة البطريركية وفي اللقاء الأخير – بالطبع هذا الموقف له جذور تاريخية لن نغوص في تفاصيلها – لا  يمثل ما تريده الغالبية الساحقة من أبناء وبنات كنيستنا المشرقية وكذلك لا تفعله أي كنيسة كاثوليكية غير مشرقية.  ونحن في الغرب ونجوب العالم. كل كنيسة محلية لها لغتها وليتورجيتها ووصف الذين يريدون الحفاظ  على هويتهم الكنسية مع مراعاة الظروف العصرية أي وصفك لنا نحن محبي هويتنا ب "المحافظين والمتعصبين للتراث كتراث" إتهام باطل وغير موفق وفي غير محله.

تعريف غير سليم

هذا ليس تعريفا سليما للمتعصب او التعصب. المتعصب هو الذي يفرض لغة أجنبية وطقوسا دخيلة وأناشيد من تراث الغير وتقاليد الأخرين على هوية أخرى. أما إن كان صاحب هوية ويغادر هويته ويفرض على نفسه وأخرين من بني قومه هوية ولغة وطقوسا أخرى بأي عذر كان فهذا ليس متعصبا بل أكثر من ذلك بكثير ... الذي يتعصب لهويته ولغته وطقوسه وأناشيده هو الإنسان الحكيم وغير المتعصب لأن هذا حق منحته له الطبيعة والتاريخ ومنحه له الله والإنجيل. هذا الحق لا يتنازل عنه الكردي اوالعربي اوالأفريقي اوأي شعب أخر كنسيا وهوية وإن جرت محاولة تهميشه تحت اية ذريعة يوصف القائمين بذلك بالمتعصبين ويلقون مقاومة شديدة.

لنتمثل بالإنجيل

الإنجيل يقول بعد حلول الروح القدس تلمذوا كل بلغته وأنا أقول  نعم بلغته أي لغتي ولغة المئات الالاف من الكلدان وليس لغة انفار قليلة من الذين يدعون العروبة ويفضلون العربية لا سيما في صفوف الإكليروس اوالكرد او الفرس إن وجدوا في صفوفنا. تلمذونا بلغتنا وبأدبنا وليتورجيتنا حفظكم الله كما قال لنا ولكم الإنجيل.

أنا أجوب الدنيا وقلما ابق دون أسرار وأقول حتى القبائل الأفريقية التي للتو خرجت من الغابات ودخلت المسيحية (الكثلكة) لا تقبل اليوم  ان يهمش تراثها من رقص وأنغام وطبول وموسيقى ولغة  وأناشيد في ممارساتها الكنسية وحتى إيقوناتها وصورها للمسيح  والتلاميذ وغيرهم سمراء وسوداء اللون ذات شعر مجعد.

قبيلة الزولو – وحضرت قداسها في جنوب أفريقيا – تعلمت الكتابة قبل عقود ودخلت المسيحية قبل سنين تحافظ وتتعصب لتراثها ولغتها وتدخلهم في ممارسة مسيحيتها فكيف لشعب إستنبط الشعر الحر 1700 سنة قبل أوروبا و2000 سنة قبل العرب، تريدهم اليوم ان يستبدلوا تراثهم بالفارسية والكردية والعربية؟

جدلية الوحدة والتراث والهوية

وأنتم تنشدون الوحدة يجب ان تكون وحدتنا ذات هوية مسيحية مشرقية حقيقية بكل ما تمثله من تراث وليتورجيا بالشراكة الإيمانية والإنجيلية مع الكنيسة الجامعة للمكون الكلداني الكاثوليكي ولبعض أشقائنا الأشوريين الكاثوليك.

إن دخل الفرس والكرد المسيحية فهذا حقهم ان يحتفظوا بتراثهم ولغتهم وتقاليدهم ولكن أن تفرضوا علينا الفارسية والكردية كما فرضتم العربية في كثير من الأحيان قسرا ودون مبرر فهذ أمر أخشى أنه سينسف كل ما تريدون بناءه.

الكلداني الكاثوليكي، إن قمتم، كما فعل ويفعل البعض – دون ذكر  الأسماء –بالتعريب والتكريد والتفريس سيتغرب عن كنيسته الكلدانية كما يحدث اليوم في السويد مثلا وغيرها من الأماكن حيث تطغى العربية والعروبة دون وجه حق لأن الغالبية تتحدث السورث لا سيما الجيل الجديد.

وهكذا ترى الناس الذين غربتهم هذه السياسة وأفقدتهم هويتهم الكنسية المشرقية يغادرون الكنسية الكلدانية زرافات بعضهم إلى الكنيسة السويدية الكاثوليكية وأخرون كثيرون إلى الإنجيلية. بيد أن تواجدهم الكثيف في الكنيسة السويدية لم يجعل هذه الكنيسة أن تقبل إدخال حرف من هويتنا وليتورجيتنا ولغتنا وأناشيدنا رغم ان نسبة السويديين الكاثوليك لا تتجاوز 10 في المائة من مجموع عدد الكاثوليك في البلد هذا.

وينطبق نفس الشيء على كل الكنائس المحلية الكاثوليكية ولا تشذ عن هذه القاعدة إلا الكنيسة المشرقية الكلدانية وبعض الكنائس الشرقية الأخرى.

إن خسرت كنيستنا المشرقية الكلدانية – وهذا ما أخشاه – هويتها المشرقية المتمثلة بلغتها وليتورجيتها فإنها ستخسرخسارة عظيمة وتنهي نفسها  بنفسها.

ولهذا فإنني رغم سعادتي الغامرة بالرئاسة الجديدة والخطوات التي إتخذتها  حتى الأن فإنني أخشى كثيرا من شعار" التجدد" الذي رفعته. هذا الشعار ليس جديدا.  له سوابق كارثية على كنيستنا ولا نريد أن نؤشر او نفصح عن الذين أدخلوه بهذا الشكل الفج في كنيستنا لأننا شعب صغير ولكن نتيجته كانت ان صار لكل واحد طقسه وصلاته وترجمته وأناشيده لأن لو سمحت بكل اللغات – وهذا ما لاتقبله أي كنيسة محلية حتى المتكونة من  قبائل أفريقية للتو دخلت المسيحية – منحت الفرصة للإرتجال والإرتجال أخطر شيء على أية مؤسسة وعدو الشفافية.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,652165.msg5949424.html#msg5949424

137
حقائق نجهلها عن لغتنا القومية وأهميتها والجامعات التي تدرسها

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


طلب مني بعض الغيارى على هوية شعبنا من الذين يرون شأنهم شأني ان الحفاظ على لغتنا السريانية الجميلة بأدابها وثقافتها وتراثها وموسيقاها وليتورجيتها هو سر وجودنا كشعب وكنيسة مشرقية أن أبحث لهم عن الجامعات التي تمنح شهادات فيها او تعد كورسات دراسية خاصة لتدريسها.

ورغم مشاغلي الكثيرة كان لا بد لي تلبية طلبهم. كيف لا وأنا أصرخ ليل نهار أننا سنضيع كأمة وسننتهي من وجه الأرض كشعب وكنيسة مشرقية بضياع لغتنا. كيف لا وأنا أهاجم باقس العبارات كل من يحاول تهميشها علمانيا كان او رجل دين. وكيف لا وأنا لا اتورع عن مهاجمة مؤسسة  الكنيسة الغربية الإستعمارية لما أراه جريمة ثقافية عظمى إقترفتها بحقنا في هذا الشأن.

نتيجة العمل

وكانت نتيجة عملي المضني الذي إستغرق أياما عديدة بلياليها قائمة بالجامعات العالمية التي تدرس لغتنا السريانية (أنظر الملحق). لا أعلم إن كان هناك قائمة أخرى مشابهة.

وأنا أضع هذه القائمة في تصرف ابناء شعبنا أمل أن تشكل دافعا لشبابنا وشاباتنا إلى التخصص بها. نحن أصحابها ولكن ما يؤلم أن اغلب المختصين الجامعيين فيها ليسوا منا، أي أناس غرباء لكنهم يقدرونها ويقدسونها لأهميتها في إستيعاب تاريخ الشرق الأدني وكذلك نشوء وتطور المسيحية المشرقية.

شيء مذهل

وعندما تلقيت الطلب من هؤلاء الغيارى تصورت ان عدد الجامعات التي تمنح شهادات في لغتنا قد لا يتجاوز العشرين. وإذا بالرقم يعبر120 جامعة منها جامعات ذات سمعة عالمية وكلها جامعات معتمدة علميا وأكاديميا.

ماذا يعني هذا

هذا يعني أن لغتنا السريانية وما تكتنزه  لنا من تاريخ وليتورجيا وثقافة وأناشيد وتراث وعلوم من الأهمية بمكان حيث صارت جزءا من التراث العالمي لايمكن الإستغناء عنه وهذا هو السبب الرئسي للكم الهائل من الإهتمام بلغتنا رغم انها ومع الأسف الشديد على حافة الإندثار بين صفوفنا.

ودورنا نحن

نحن وأولهم صاحب السطور لا نستحق حقا ان نكون  او ندعي أننا أبناء وبنات هذا التراث الذي تحفظه هذه اللغة، وإلا كيف نفسر لأنفسنا تهميشنا لها إلى درجة ينبري بين صفوفنا مثقفين يصرخون على الملأ أن دورها في تكوين هويتنا ووجودنا هامشي.

ما إسمها؟

كل هذه الجامعات وبينها جامعات من أشهر الجامعات في الدنيا تطلق عليها "السريانية." عدد محدد يطلق عليها "الأرامية" إن كان القسم او الإختصاص يعني بشأن لغتنا في القرون الخمسة الأولى قبل الميلاد. ليس هناك جامعة او عالم مختص بلغتنا يطلق عليها " الأشورية" او " الكلدانية." أمل أن يكون هذا درسا لنا كي لا نقحم لغتنا التي هي وطننا وهويتنا وفيها وبواسطتها نتعرف على مسيحيتنا المشرقية في مهاترات التسمية التي صارت مملة لدرجة الإشمئزاز.

من طلب مني القيام بهذا العمل

أبناء شعبنا في إستراليا وهم على ابواب عقد ندوة للبحث في شؤون الحفاظ علي لغتنا. حقا أنتم أبناء بررة لهذه الأمة المجيدة والكنيسة  المشرقية المجيدة. الأخبار الواردة من أستراليا مشجعة حيث الخطى حثيثة لإنشاء كلية مار نرسي لتدريس لغتنا والكنائس المشرقية قد أخذت على عاتقها تدريسها والحفاظ على ليتورجيتها – الليتورجية التي لم ولن تلد المسيحية ما يرقى إليها.

وهنا كأكاديمي وواحد من أبناء شعبنا أنحني لكلم أحبائي واقدم شكري الجزيل للأسقف المشرقي الذي أخذ على عاتقه إعلاء شأن لغتنا وليتورجيتها. له مني كل  التقدير والإحترام.

وليعذرني القراء عن ذكرالأسماء والتسميات لأننا شعب واحد وكنيسة مشرقية واحدة وأمل من قرائي الكرام ان ينظروا للأمر هكذا. نهوض مكون من  مكوناتنا هو نهوض لنا جيمعا وإنتكاسة اي منهم  هو إنتكاس لنا جميعا.

ولكن الحقيقة يجب ان تقال. إن هؤلاء الأحبة وأسقفهم يقدمون نموذجا اصيلا لما يجب ان تكون الهوية والقومية عليه  ولما يجب أن تكون هويتنا الكنسية المشرقية عليه.

شيء مذهل حقا!!!

ما أذهلني حقا عند القيام بهذا العمل المتواضع كان دور أشقائنا الهنود السريان. لهم جامعات راقية ومعاهد رصينة تمنح شهادات وإختصاصات بلغتنا. هؤلاء أغلبهم أحفاد هجرات كبيرة لأجدادنا هربا من الإضطهادات التي كانت تقع عليهم  وفيهم من تنصر من الهنود على أيدي أجدادنا من المبشرين. هل تعلمون أن هؤلاء الأشقاء أكثر حرصا منا على هويتنا وليتورجيتنا الكنسية؟ عددهم تقلص جدا وهم اليوم بعشرات الالاف بعد ان كانوا بالملايين وذلك بسبب الكارثة الكبرى التي ألحقتها بهم مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية.

ما هي الكارثة الكبرى؟

تفاصيل هذه الكارثة الهائلة بدأت في الهند ووقعت خصصيا على شعبنا. جرى إضطهاد فضيع لشعبنا هناك من قبل مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية ووقعت كوارث ومنها جريمة ثقافية عظمى جرى من خلالها طمس لغتنا وتراثنا وليتورجيتنا وأناشيدنا وموسيقانا السريانية وتبديلها قسرا وظلما باللاتينية.

وهؤلاء الباقون اليوم وهم قلة هربوا بجلدهم من المناطق التي حلت عليهم هذه الكارية او لم تصلها الأيادي الشريرة. عشرات الالاف لهم اليوم عشرات الجامعات والمعاهد التي تعني يثقافتنا وليتورجيتنا وتراثنا ولغتنا. ماذا كان سيحدث من تطور وإزدهار للغتنا وتراثنا لو لم تقع هذ الكارثة التي خسرنا من خلاها اكثر من 10 ملايين من أبناء شعبنا في الهند فقط.

يجب التركيز على هذه الكارثة لأنها وقعت في العصر الحديث وعلى أيد أناس كان من المفروض عليهم حمايتنا وليس إضطهادنا. وإنني من خلال مطالعاتي وسفراتي ولقاءاتي أرى اننا في إمكاننا الحصول على حقوقنا المسلوبة إن نظرنا إلى هذا المأساة خارج نطاق المذهبية والطائفية.



1.   St.Berchmans' College Changanassery also known as S. B. College, is one of the most reputed Colleges in Kerala
http://depts.sbcollege.org/display_depthome.php?id=18&name=Syriac

2.   St.Thomas College, Palai, Kottayam, Kerala, India.
http://www.stcp.ac.in/department/department_of_syriac

3.   Mardin University, Turkey
http://www.roger-pearse.com/weblog/2009/02/23/new-department-of-syriac-at-mardin-university/

4.   Catholicate College, Kerala, India
http://www.catholicatecollege.co.in/department.php?mode=Syriac&id=9

5.   Mar Ivanios College is an educational institutuion situated in Trivandrum, the capital city of Kerala, India.

http://www.marivanioscollege.ac.in/syriac.html

6.   Malankara Syrian Orthodox Theological Seminary (MSOTS) is run by the Jacobite Syrian Church with an ecumenical outlook.[1] The Malankara Syrian Orthodox Theological Seminary: a venture in union theological training in South IndiaHead of the Department of Syriac
Malankara Syrian OrthodoxTheologicalSeminary


http://www.zoominfo.com/#!search/profile/person?personId=1261016909&targetid=profile


7.   St. John’s College, India
http://stjohns.ac.in/about-us/internal-quality-assurance-cell-iqac/

8.   Mahatma Gandhi University
http://shodhganga.inflibnet.ac.in/handle/10603/6

9.   University of Notre Dame, U.S.A.
http://classics.nd.edu/undergraduates/arabic-and-syriac/

10.   Hebrew University
http://overseas.huji.ac.il/?pg=search&CategoryID=0&SearchParam=aramaic
http://classics.nd.edu/undergraduates/arabic-and-syriac/

11.   Oxford University Language Center.
http://www.lang.ox.ac.uk/links/lesscommonlytaught.html#Aramaic
http://www.orinst.ox.ac.uk/ec/index.html

12.   Holy Spirit University of Kaslik (courses) Lebanon
http://www.usek.edu.lb/en/News/Course-in-Syriac-Language

13.   Harvad Divinity School
http://www.hds.harvard.edu/academics/courses/language-courses.cfm

14.   St. Ephrem Ecumenical Research Institute (SEERI) VERY IMPORTANT
http://www.seeri.org/AboutSeeri.html


15.   OrthodoxChristianity.net (Beth Mardutho)
http://www.orthodoxchristianity.net/forum/index.php?topic=36044.0

16.   (Distance learning)
http://www.bestindiaedu.com/distance-learning/courses/syriac-language-certificate.html

17.   Baylor University Waco (U.S.A)
http://www.baylor.edu/religion/index.php?id=67701

18.   The Catholic University of America (U.S.A.)
http://semitics.cua.edu/

19.   New York University (U.S.A.)
http://meis.as.nyu.edu/page/home

20.   Macquarie University’s Ancient Languages School
http://www.mq.edu.au/about_us/faculties_and_departments/faculty_of_arts/department_of_ancient_history/macquarie_ancient_languages_school/

21.   The Ohio State University (Department of Near Eastern Languages and Cultures)
http://nelc.osu.edu/

22.   Columbia University
http://www.columbia.edu/cu/isso/languages/

23.   University of Wisconsin Madison
http://www.languageinstitute.wisc.edu/content/languages_programs/languages_taught.htm
24.   The University of Sydney
http://sydney.edu.au/courses/Diploma-of-Language-Studies

25.   The University of Salamanca (Spain)
http://www.usal.es/webusal/en/node/21000

26.   Distance learning (Aramaic)
http://education-portal.com/articles/Distance_Education_Programs_in_Aramaic_Studies_Overview_of_Learning_Options.html

27.   University of Toronto
http://www.utoronto.ca/nmc/courses/undergrad_armaic_syriac.htm
http://www.artsci.utoronto.ca/languages/languages-offered/arabic

28.   The University of Texas at Austin
http://www.utexas.edu/cola/depts/mes/

29.   Leiden University
http://en.mastersinleiden.nl/programmes/hebrew-and-aramaic-languages-and-cultures/en/programme

30.   University of London
http://www.soas.ac.uk/nme/programmes/baanes/

31.   The University of Chicago
http://nelc.uchicago.edu/graduate/programs/near-eastern-judaica

32.   University of Washington
http://www.washington.edu/students/crscat/

33.   Yale University
http://nelc.yale.edu/

34.   University of Cambridge
http://www.admin.cam.ac.uk/students/gradadmissions/prospec/studying/qualifdir/courses/ames/

35.   University of Princeton
http://www.princeton.edu/nes/people/display_person.xml?netid=epapouts
36.   University of Pennsylvania
http://www.college.upenn.edu/languages-offered

37.   Durham University
https://www.dur.ac.uk/mlac/translationstudies/

38.   University of St Andrews
http://www.st-andrews.ac.uk/modlangs/alumni/history/
39.   Uppsala University (Sweden)
http://www.uu.se/en/education/exchange/incoming/courses/list

40.   American University of Beirut
http://www.aub.edu.lb/registrar/Documents/catalogue/undergraduate09-10/arabic.pdf
41.   University of Denison
http://www.denison.edu/academics/departments/religion/goodspeed.html

42.   Asbury College
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
43.   Azusa Pacific University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
44.   Brigham Young University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
45.   Carson-Newman College

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
46.   Catholic University of America
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
47.   Chapman University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
48.   Columbia International University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
49.   Concordia University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

50.   Concordia University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
51.   Concordia University-Ann Arbor


http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
52.   Concordia University-Wisconsin
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
53.   Cornerstone University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

54.   Dallas Theological Seminary
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
55.   Geneva College
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

56.   Graduate Theological Union
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
57.   Houston Baptist University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

58.   Howard Payne University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
59.   Luther College
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

60.   Midwestern Baptist Theological Seminary
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
61.   North Central University


http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
62.   Northland International University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
63.   Oklahoma Baptist University


http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

64.   Oklahoma Wesleyan University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

65.   Olivet Nazarene University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

66.   Oral Roberts University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
67.   Southern Nazarene University

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

68.   Trinity International University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

69.   Union University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

70.   University of Chicago
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html
71.   University of Chicago

http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

72.   Olivet Nazarene University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

73.   Yale University
http://www.collegeatlas.org/ancient-near-eastern-biblical-languages-colleges.html

74.   York University
http://futurestudents.yorku.ca/program/certificates/hebrew-jewish-studies

75.   University of Georgia
http://www.linguistics.uga.edu/program/courses/courses.htm

76.   University of Aberdeen
http://www.abdn.ac.uk/divinity/pgrad/mth-biblical.shtml

77.   Mahatma Gandhi University
http://www.mgu.ac.in/index.php?option=com_content&view=article&id=27&Itemid=28

78.   Florida State University
http://religion.fsu.edu/undergraduate_requirements.html

79.   Cornel University
http://www.zubiri.org/works/englishworks/nhg/ideaofphilosophy.htm

80.   Cardiff University
http://www.cardiff.ac.uk/for/resource/4403.25677.file.eng.pdf

81.   Universityof Calicut
http://www.universityofcalicut.info/syl/BABSCBCOMsyl29512.pdf

82.   Indiana University
http://www.indiana.edu/~bulletin/iu/gradschool/2012-2013/opportunities/foreign.shtml

83.   University of California
http://my.sa.ucsb.edu/catalog/future/CollegesDepartments/ls-intro/relst.aspx

84.   Claremont Lincoln University
http://www.claremontlincoln.org/academics/degree-programs/phd-in-religion/

85.   University of California Santa Barbara
http://www.ehow.com/list_7376156_colleges-islamic-arabic-studies.html

86.   University of Michigan
http://www.ii.umich.edu/isp/aboutus/people/faculty/ci.muehlbergerellen_ci.detail
      88. The University of Melbourne
http://arts.unimelb.edu.au/arts-student-centre/options/intensive-subjects

89. Brigham Young University
http://meti.byu.edu/meti_staff.php

90. Brown University
http://brown.edu/Departments/Joukowsky_Institute/people/facultypage.php?id=10127

91. The Jewish Theological Seminary
http://jtsa.edu/x1044.xml

92. The University of Alabama
http://history.ua.edu/mideast/
93. تعلم السريانية بدون معلم
http://www.syriacstudies.com/category/learn-syriac/
94. Trinity Evangelical Divinity School
http://divinity.tiu.edu/academics/programs/ma-old-testament-semitic-languages

95. UCLA Near Eastern Languages and Cultures
http://www.nelc.ucla.edu/programs/undergraduate-majors/2-uncategorised/62-b-a-in-middle-eastern-studies.html
96. North American Society for Christian Arabic Studies
http://www.christianarabic.org/researchers.html
97. The University of Manchester, Faculty of Humanities
http://courses.humanities.manchester.ac.uk/undergraduate/module.html?code=MEST30641
98. Abilene Christian University

http://www.acu.edu/academics/gst/faculty/childers.html

99. Northern Arizona University

http://nau.edu/CAL/CCS/Faculty-and-Staff/Gulacsi/

100. Queen’s University, Belfast

http://www.qub.ac.uk/schools/InstituteofTheology/AboutUs/SubjectAreas/
101. University College, Dublin

http://www.ucd.ie/registry/adminservices/studentdesk/booklets/booklets05-06/arts_ug.pdf

102. The University of the Three State

http://apps.ufs.ac.za/dl/yearbooks/198_yearbook_eng.pdf


103. University of California, San Diego
http://students.ucsd.edu/academics/languages/courses.html
104. Rothberg International School
http://overseas.huji.ac.il/gradlanguages

105. Johns Hopkins Arts and Sciences
http://neareast.jhu.edu/graduate/hebrewbible

106. Peking University, School of Foreign Languages
http://sfl.pku.edu.cn/en/list.php?catid=101

107. University of Virginia
http://www.virginia.edu/mesa/Languages/languages_arabic.html

108. Gordon-Conwell Theological Seminary
http://www.gordonconwell.edu/degree-programs/MA-Biblical-Languages.cfm

109. University of Edinburgh
http://www.sbl-site.org/publications/article.aspx?articleId=506
110. MacMasterUniversity
http://www.humanities.mcmaster.ca/~linguistics/grad/index.html
111. I. Javakhishvili Tbilisi State University (TSU)
http://www.tsu.edu.ge/en/studies/doctoralstudies
112. Jerusalem University college
http://www.juc.edu/long/masters.asp
113. University of Maryland
http://www.umd.edu/catalog/index.cfm/show/content.section/c/1/s/124
114. Valley Forge Christian College
http://www.universities.com/edu/Bachelor_degrees_in_Ancient_Near_Eastern_and_Biblical_Languages_Literatures_and_Linguistics.html
115. WallaWallaUniversity
http://www.universities.com/edu/Bachelor_degrees_in_Ancient_Near_Eastern_and_Biblical_Languages_Literatures_and_Linguistics.html
116. Stanford University
http://searchworks.stanford.edu/?q=%22Aramaic+language%22&search_field=subject_terms
117. McGilluniversity
http://www.mcgill.ca/study/2009-2010/courses/jwst-581
118. Northern Arizona University
http://cline.lib.nau.edu/search~S0?/dAramaic+language+--+Dialects+--+Azerbaijan./daramaic+language+dialects+azerbaijan/-3,-1,0,B/browse
119. Baghdad University
http://colang.uobaghdad.edu.iq/PageViewer.aspx?id=39
120. Cairo University
http://arts.cu.edu.eg/index.php?option=com_content&view=article&id=113&Itemid=195

121. Gonzaga University
http://www.gonzaga.edu/Academics/Colleges-and-Schools/College-of-Arts-and-Sciences/Majors-Programs/Modern-Languages/Arabic/default.asp

138
مقال الأخ حبيب تومي الأخير مليء بالمغالطات

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


هناك مغالطات كثيرة وردت في مقال الأخ حبيب تومي الأخير (رابط 1 ). وأنا احاول الرد عليها او بالأحرى تصحيحها اود التركيز على أنها ليست مرتبطة فقط بزميلنا حبيب تومي. إنها شائعة في صفوف شعبنا.

 وأنا أقوم بالرد أمل من الأخ حبيب ان لا يتصور أن المسالة ذات أبعاد شخصية كونه ينادي بالقومية الكلدانية وما يتبعها من ملحقات. فأنا أيضا كلداني ولكنني أتقاطع معه فكريا. أنا كلداني وحدوي شأني شأن الكثير من الكلدان الأخرين. هويتي وقوميتي ووجودي لا يكتمل إن لم أصطف مع أخي وشقيقي الأشوري والسرياني في اللغة والتاريخ والثقافة والإرث والأدب والموسيقى والطقس والليتورجيا وكل العناصر الأخرى الأساسية التي تكون هوية شعب ما في الدنيا. له خياره ولي خياري. له الحق في الدفاع عن توجهه العقائدي ولي الحق في الدفاع عن وحدة شعبنا ومصيره ولغته القومية التي هي أساس وجوده.

وأظن ان أغلب القراء يتفقون أنه هناك فرقا أساسيا بين ما أكتبه من مقالات في صفوف شعبنا وما يكتبه الأخ حبيب وأخرون من الطرفين الكلداني والأشوري حيث جعلوا من التسمية معركة حامية الوطيس. وهؤلاء الكتاب لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة من كل طرف وهم أنفسهم يشغلون مواقع شعبنا الإعلامية بمقالات وتعليقات تجتر ذات المغالطات بشكل ممل ومتعب.

ولأن المغالطات التي في المقال يقع فيه الكثير من كتاب شعبنا من كل الأطراف سأكف عن مخاطبة  الزميل حبيب تومي وسأوجه الخطاب إلى الكل ومن ضمنهم صاحب السطور هذه على أن أعود إلى ألأخ حبيب في خاتمة المقال.

مغالطات لغوية لا تغتفر

نخطىء لا بل نقترف جريمة بحق أنفسنا وشعبنا عندما ندعي أننا لا نتحدث او لا نملك لغة واحدة وهي السريانية. الذي يقول ذلك أمي. أمي بقدر تعلق الأمر باللغة الأم أي بمعنى لو كنا نقرأ لغتنا الأم ونكتبها ونتقنها لما تجرأنا على إطلاق أقوال خطيرة أقل ما يقال عنها أنها تعبر عن جهل وعدم وعي بأساسيات علوم اللغة.

فإذا كان شخص في صفوفنا لا يفهم شقيقه الأشوري او الكلداني او السرياني عندما يتحدث، هذا ليس معناه ان عدم الفهم هذا  إشارة إلى وجود لغة مستقلة. هذا معناه اننا أميون بقدر تعلق الأمر بلغتنا الأم. لو كنا نقرأ لغتنا ونكتبها ونتغنى بأشعارها ونفتخر بأدبها وندرسه وندرّسه كما يفعل الكردي اوالعربي او أي شعب حي أخر ونتحدثها بعد إنقاذها من العروبة والتعريب لما واجهنا أي مشكلة في فهم بعضنا.

وأتيكم بمثالين بسيطين. إن قال مثلا الأشوري "مدرشتا، بيث صوبي، شَوتابوثا" ولم نفهم عليه، من الجريمة بمكان ان نقول أنه يتحدث لغة أخرى لأن الكلمات الثلات التي تشير إلى "المدرسة، الجامعة، النادي" هي كلمات أصيلة في لغتنا السريانية الجميلة.

والذي يقول انه لا يفهم اللهجة السريانية الغربية وعليه فإن هذه اللهجة السريانية هي لغة مستقلة ينطلق أيضا من جهل مطبق وأمية تسود الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا بخصوص اللغة الأم.

أستحلفكم بالله أن تقولوا لي (هنا أخاطب المتعلمين من أبناء شعبنا الذين يقراؤن ويكتبون لغتنا القومية بطلاقة) ما هو الفرق بين هذين النشيدين السريانيين الخالدين اللذين هما درة أدبنا السرياني، الأول (هاو دنورانى) يؤديه شماسين من الكنيسة الشقيقة  السريانية الأرثوذكسية والثاني (نهورا دنح – تسبحة النور) تؤديه فرقة من الكنيسة السريانية الماورنية الكاثوليكية والطريقة التي نؤديهما ونقرأهما ونلفظهما فيها إن كنا كلدان او أشوريين:

1. ترتيلة سريانية أداء اللكنيسة السريانية الأرثوذكسية

http://www.youtube.com/watch?v=w4B6TGghdYs

2. تسبحة النور لمار افرام السرياني أداء فرقة موسيقية من الكنيسة المارونية السريانية

http://www.youtube.com/watch?v=eyXcJmuxzm0

إذا كنا نحن أميين وجهلة بقدر تعلق الأمر بلغتنا الأم لا يجوز أن نعمم ونقول لأنني لا أفهم فإذا هناك لغات مستقلة ولأنني لا أفهم إذا أننا شعوب وقوميات مستقلة. لا يجوز ان نقيس العلم والمعرفة والأكاديميا بمقياس مفهومنا الضيق للدنيا وحقيقتها الإجتماعية. اللهجات العراقية والسورية واللبنانية لا تمثل لغات مستقلة عن العربية كما هو الحال مع لهجاتنا. الفرنسية والإيطالية والبرتغالية والإسبانية لغات مستقلة عن اللاتينية لأن الذي يتقن الفرنسية لا يستطيع قراءة اللاتينية. الذي يتقن السريانية يقرأ ويفهم كل النصوص السريانية شرقية كانت او غربية ويستوعب كل لهجاتها. إذا كنا لا نفهم سببه أميتنا وجهلنا وليس كوننا شعوبا مستقلة لها لغات مستقلة.

الهوية واللغة

هناك خلط كبير ومغالطات كبيرة ترد في كتاباتنا. الهوية تشمل التراث والثقافة والفلكلوروالموسيقى والأدب والشعر والأعلام وكل الذاكرة التاريخية التي يحفظها لأي شعب إرثه الكتابي واللغوي. الكردي إن كان سوراني ذو اللهجة الخاصة وإن كان بهديناني ذو اللهجة الخاصة وإن كان تركي ذو اللهجة الخاصة يشتركون في هوية واحدة هي لغتهم الواحدة التي يكتبون فيها ويدرسونها في مدارسهم ويقراؤن بواسطتها شعرهم وأدبهم. جغرافيّا الكردي العراقي له جواز عراقي والكردي التركي له جواز تركي. وهذا شأن الألمان الناطقين بلغتهم إن كانوا في النمسا او سويسرا او المانيا  وكذلك شأن الأسبان الناطقين بهذه اللغة.

 اللغة تكوّن الهوية الثقافية والأدبية والشعرية والتراثية للفرد والمجتمع والأمة. جغرافيا النمساوي يدافع عن النمسا ضد المانيا ولكن ثقافيا وهوية يشتركون في لغة واحدة أي هوية واحدة. إن بدلوا لغتهم بدلوا هويتهم. المارونيون سريان الثقافة واللغة مثلنا بدلوا هويتهم اللغوية وصاروا عربا أقحاح أكثر من عدنان وقحطان. جوازهم لبناني ولكن هويتهم العروبة (العربية) ويفتخرون بها ويتغنون فيها ويكتبون أشعارهم وأدبهم بها وصاروا أعلاما للعروبة اليوم وليس لشعبنا وهويتنا.

التأثير السلبي "للأمية" من حيث اللغة الأم على المفاهيم التاريخية وغيرها

ولأننا أميون بقدر تعلق الأمر بلغتنا القومية (لا نكتبها ولا نقرأها) قفزنا فوق وعلى كل إرثها الكتابي الهائل أي لم نكترث للهوية الثقافية والأدبية والفلكورية والإنشادية والموسيقية والطقسية والليتورجية وكل الأعلام والقديسيين والقديسات والشهداء والجغرافيا والتسميات والأيام والتواريخ وغيرها كثير مما حفظته لنا لغتنا السريانية وأقحمنا أنفسنا في أمور تافهة ومهاترات لا علاقة لها من قريب او بعيد بمفهوم الهوية.

وهكذا قفزنا إلى أنكيدو وأكيتوا وأشور ونبوخذنصر وغيرهم وأخترعنا لأنفسنا رأس سنة  (او ربما رؤوس سنوات) بعضها يعود إلى خمسة او سبعة الاف سنة قبل الميلاد أي لم يكن الإنسان بعد قد إكتشف الكتابة وكان للتو بدأ إكتشاف الزراعة في وادي الرافدين ولم تكن هناك بعد لا أمم ولا قوميات ولا حتى لغات بالمفهوم الحضاري من خلال التواصل الكتابي.

كل هذا التراث الكتابي الغزير الذي حفظته لنا لغتنا القومية السريانية غادرناه وتشبثنا بتواريخ وأسماء لا نعرف حتى معناها.

وصرنا ونحن رغم أميتنا بلغتنا الأم وعدم ممارستنا لها نقحم أنفنسا في مغالطات بشأنها وهذه المغالطات سببها اولا وأخير أميتنا لأننا لو كنا نقرأ لغتنا وما حفظته لنا ذاكرتها لما تشبثنا بما نحن عليه وراجعنا أنفسنا.

لغتنا السريانية (قديما الأرامية) وحسب كل المصادر العلمية الجامعية  الرصينة أقرب من حيث علوم الفونولجيا والمورفولوجيايا والسينتاكس والمرادفات إلى اللغات السامية الأخرى لا سيما العبرية منها إلى الأكدية لغة بابل وأشور. هذا ما يقوله العلم. إنها لغة مستقلة. مع ذلك ورغم أميتنا من حيث اللغة الأم ترانا نتحدث عنها وعن إسمها وتاريخها وعلم لغتها وكأننا عباقرة فيها وأغلبنا إن لم نكن تقريبا كلنا لا نعرف إسم شاعر كبير من شعرائها ولا نحفظ بيتا شعريا من إنتاجها الشعري الغزير ولا ننشد نشيدا واحدا مما خلفته لنا من إرث موسيقي لا تملكه أي لغة او أمة أخرى في الدنيا.

المصادر وكيفية التعامل معها

والمصادر التي في حوزتنا وما أدراك ما هذه المصادر. جلها مصادر كنسية حديثة ذات منحى ديني ومذهبي وطائفي وجلها لا يرقى إلى إعتباره مصدرا أكاديميا رصينا.

المصدر الأكاديمي والعلمي الرصين هو الذي تطبعه دار نشر أكاديمية رصينة او مجلة علمية جامعية رصينة. والمصدر العلمي والأكاديمي يمر بغربلة طويلة قد يستغرق نشره سنوات وذلك لكثرة الأيادي التي يمر عليها من تقيم وتمحيص وإختبار من قبل كبار العلماء والأكاديميين في حقله قبل إعتماده.

أي شي مكتوب  لدى أبناء شعبنا يعد مصدرا رصينا حتى وإن كان رابطا عابرا في الشبكة العنكبوتية.

وأكثر أيلاما هو الإقتباس من الكتاب المقدس (العهد القديم) وتقديم ذلك على أنه مصدر موثوق. لا يوجد اليوم عالم او أكاديمي او مؤرخ او عالم أثار يحترم نفسه وقلمه يجعل من الكتاب المقدس مصدرا أساسيا.

والطوفان التوراتي هو نص مضخم جدا لفيضان حدث في جنوب العراق. قصة الطوفان التوراتية خيالية لم يقع فيضان او طوفان بهذا الشكل إقتبسها كاتب النص أثناء وجوده ضمن سبي بابل وسمعها هناك ونقلها بمبالغة مليئة بالمغالطات التاريخية والجغرافية ولكنها مع ذلك تشكل نصا أدبيا رفيعا لأن الكاتب يقحم فيها الخيال مع مفهومه لقصة خلق جديدة وبحبكة رائعة وحوار بديع ومناجاة مذهلة يتدخل فيه الله، حسب إعتقاده، لتثبيت وتفوق وتسامي العنصر اليهودي العبراني.

ولكن أنظر المهاترات التي رافقتها وترافقها لدى الكثير من كتاب شعبنا والمقال الذي نحن بصدده.

عودة إلى الزميل حبيب تومي


أخي العزيز، لا أظن أنني بإستطاعتي تغير قناعاتك وليس هذا هدفي. ولكننك تتحدث كثيرا عن المصداقية في كتاباتك. ولكنني أقول وبثقة عالية أنك شخصيا لا تصدق ما تقوله.

لقد تحدثنا عن موضوع شهادتك المزعومة وأتينا البرهان القاطع أن لا مصداقية لها بدليل أنك لم تكتب بحثا علميا واحدا او حتى شبه إطروحة علمية كي تزيل في أقل تقدير بعض الشك عن فقدان المصداقية.

هل تعلم ماذا حدث لعلماء ووزراء وكتاب وأساتذة  كبار حصلوا على شهادات من أرقى الجامعات في الدنيا وظهر بعد ذلك أنهم قد نقلوا بعض الفقرات او الصفحات من أخرين دون ذكر المصدر؟ إستقالوا فورا وأعتذروا على الملآ وأختفوا عن الأنظار وأخر حادثة  مثل هذه كانت في المانيا:

http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2013/02/130209_germany_minister_education_plagiarism_resignation.shtml

اقول ويؤسفني التكرار إن وضعك يا أخي العزيز من حيث المصداقية اسوأ بالاف المرات من هذه الوزيرة ومع ذلك تتحدث عن المصداقية في كتاباتك.

أقول ذلك وأكرره فقط لكي نستوعب نحن أبناء شعبنا لا سيما القراء الكرام مقدار الأذى الذي لحق ويلحق بنا بسبب أشخاص فقدوا مصداقيتهم في وضح النهار ومع ذلك بودهم تلقيننا دروسا في المصداقية والأمانة في الإقتباس والكتابة.

وأعذرني أخيرا ان اقول إنك ومن هم على خطك كلدانا او اشوريين يحملوت اجندة خاصة هدفها الهدم وليس البناء. كل المأسي حسب وجهة نظرك سببها الأشقاء الأشوريون وكل المشاكل حسب الأشوريين من الصف المقابل لك سببها الأشقاء الكلدان.

هل جلست يوما وأنت تدعي المصداقية وقرأت ما أقترفته المؤسسة الكنسية الغربية الإستعمارية بنا نحن الكلدان من قتل وتقتيل وتعذيب وحرق وتدمير وتطبيق أسوأ محاكم تفتيش عرفتها البشرية بحقنا إستمرت تقريبا إلى منتصف القرن التاسع عشر؟

هل قرأت كيف إستطاع رجال الدين اليهود وكتّابهم مؤخرا إجبار هذه المؤسسة والدولة التي ساندتها في تطبيق محاكم التفتيش عليهم ليس فقط على الإعتذار بل  إعادة الإعتبار والتعويض لأحفاد الضحايا؟  (رابط  2).

ما فعلته هذه المؤسسة من جرائم بحقنا سمن وعسل في عينيك وفرض هوية دخيلة أجنبية على ملايين الكلدان كي تحل محل هويتهم الكلدانية قسرا وظلما لا يثير حبة خردل من الغيرة فيك على كلدانيتك؟

ولكن اشقائك الأشوريون الذين يقدسون هويتنا المشتركة من خلال تقديسهم للغتنا السريانية وليتورجيتها صاروا أعدائك؟

مع كل هذا تدعي أنك كاتب ذو مصداقية!!!!!


رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,649374.0.html

رابط 2
http://www.bbc.co.uk/news/magazine-21631427


139
 
رسالة البابا بندكتوس إلى البطريرك الكلداني وأساقفته وكهنته وشمامسته وجوقاته ورعيته
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


مقدمة
 
لقد بعث البابا بندكتوس السادس عشر رسائل عديدة إلى أتباعه من الكاثوليك الذين يبلغ تعدادهم حوالي 1.2 مليار بشر في بابويته القصيرة التي إستغرقت حوالي سبع سنوات.

ولكن الرسالة التي قرأها في اليوم الذي أعلن فيه إستقالته والجهود الجبارة التي بذلها لإحياء وتنظيم وترتيب ليتورجيا كنيسته اللاتينية وإحياء وتجديد وبث الحياة في هويتها لها أكثر من مدلول لنا نحن الكلدان برئاستنا المتمثلة بالبطريرك والأساقفة والكهنة والشمامسة والجوقات والرعية.

مقارنات

 لن أجري مقارنات مستفيضة بين الجهود الجبارة التي بذلها البابا، الذي إستقال وغادر منصبه في نهاية شباط، لإحياء التراث الليتورجي اللاتيني للكنيسة الكاثوليكية وبين الجهود العظيمة والملفتة للنظر التي بذلها ويبذلها الكثير من الأساقفة والكهنة والشمامسة والجوقات الكلدانية لطمس هويتهم الليتورجية المشرقية.

بيد أنني أقول إن بندكتوس كان مهندس المجامع والإجتماعات المسكونية التي عقدت في الستينات حيث كان عندئذ رئس اساقفة في ألمانيا بإسم جوزيف راتزينكر ولعلمه الغزير بتراث الكنيسة اللاتينية وهويتها ولاهوتها وليتورجيتها أصبح المستشار اللاهوتي لهذه المجامع.

أذكر المجامع المسكونية لأن بعض ضعاف الأنفس من الأساقفة والكهنة الكلدان إتخذوها ذريعة لتهميش هويتنا الليتورجية وتراثنا المشرقي حيث رمى بعضهم كتب الليتورجيا والتراث في سلة المهملات وأنطلقوا ليس بدافع كنسي او مسكوني بل بدافع عروبي ويعربي لفرض التعريب علينا.

ولكن هذه لم تكن سياسة البابا بندكتوس. إنه كان يحب هويته الكنسية اللاتينية حبا جما وبعث الحياة فيها إلى درجة كان المؤمنون في شتى أنحاء العالم يرونه وهو ينشد من تراثه اللاتيني في القداديس والصلوات مشاركا الجوقات والموسيقيين الذي كانوا يؤدون روائع موزارت وباخ وغيرهم.

لحظة لن ينساها العالم

ويوم إستقالته الذي هز الدنيا أبى إلا ان يقرأ بيان الإستقالة بلغة كنيسته اللاتينية رغم معرفته أنه ليس هناك في كل العالم أليوم أكثر من 100 شخص يتقنون التحدث بها.

ومن بين مئات الصحفيين الذي كانوا حاضرين لم يكن فيهم من يفهم اللاتينية غير الصحفية الإيطالية جيوفانا تيري التي لقفت الخبر ومنحت صحيفتها سبقا سيدخل التاريخ.

والبابا بندكتوس قد دخل التاريخ ليس فقط من خلال قراره الشجاع بالإستقالة بل لأنه أصر على إحياء لغة وليتورجيا كنيسته اللاتينية. واليوم بدأ الالاف يتعلمون هذه اللغة ويتعلمون الحان وروائع ليتورجيتها وأخذت الكنائس في كل اوروبا تنشد الأصالة – أي العودة إلى الجذور وإحيائها وتقديمها بشكل يناسب عصرنا الحالي.

لم يكتف البابا بهذا بل شجع الجوقات الكاثوليكية اللاتينية على إنشاد روائع الطقس اللاتيني إن بلغاتها المحلية الكلاسيكة او باللاتينية. وكان نادرا أن يخلوا قداس او صلاة او مناسبة يقيمها من جوقات وعازفين يؤدون الليتورجيا اللاتينية التي تمثل هويته الكنسية.

والبابا كما يعرف الكل ألماني، أي هويته الإثنية  واللغوية لا علاقة لها من قريب او بعيد باللاتينية.

لكنه مع ذلك أسس الكلية البابوية اللاتينية لتشجيع الدراسات والممارسات الليتورجية بهذه اللغة.

هل سنتخذه قدوة؟


وقد قرأت في أخر مقابلة للبطريرك لويس روفائيل انه يتخذ البابا بندكتوس قدوة له.

ما أحسن هذا القول.

ونحن ننتظر بفارغ الصبر يوم التنصيب الرسمي لبطريركنا ونتوقع أن يترجم قوله هذا على ارض الواقع وأن يقرأ جزءا من خطبته بلغة كنيسته المشرقية الكلدانية وأن ينشد مع الأساقفة والكهنه الحاضرين روائع الطقس الكلداني والليتورجيا الكلدانية الخاصة بهذه المناسبة.

وننتظر ان تقوم الجوقة المرافقة بإنشاد روائع طقسنا وتكف عن التغني بما أُقحم علينا من ليتورجيا دخيلة، مملة وباهتة.

ونأمل أن يؤسس أكاديمية بطريركية سريانية تعتني بهوية كنيستنا المشرقية الكلدانية وتبث الحياة فيها كما فعل قدوته وهو البابا بندكتوس بخصوص اللاتينية.

وبالطبع هناك فرق كبير جدا. بالنسبة لنا ولبطريركنا واساقفتنا وكهنتنا وجوقاتنا فإننا لسنا غرباء عن لغتنا التي هي هويتنا وليتورجيتنا التي هي هوية كنسيتنا لأننا منها وهي منا. البابا بندكتس الماني ولكن أحيا ليتورجيا هويته الكنسية اللاتينية – اللغة التي لا علاقة مورفولوجية او فونولوجية او سينتاكتية لها مع الألمانية.

والأنكى أن المتحدثين بها بحدود المئة شخص مع ذلك جعلها اللغة الرسمية للفاتيكان.

نحن لغتنا لا زالت الغالبية الساحقة من الكلدان يتحدثون بها – أي مئات الالاف من الأشخاص - وهي تقريبا ذاتها من كل النواحي لأن السورث التي نتكلمها ما هي إلا لهجة قريبة جدا من لغتنا الطقسية أي هويتنا كقوم وكنيسة.

البابا والموقف من الهوية الكنسية المشرقية

وكان البابا من أكثر البابوات في العصر الحديث الذين أكدوا على الهوية المشرقية للطوائف الكاثوليكية وكان يطالب بالحفاظ على الليتورجيا المشرقية وعدم إستبدالها باللاتينية او غيرها.

وعندما إجتمع في مستهل بابويته بالأساقفة في الدول الإسكندنافية ألقى فيهم خطبة ولا زلت أحتفظ بنسخة منها يقول لهم اليوم في أبرشياتكم الكثير من الكاثوليك المشرقيين وأنا أطلب منكم ان تعملوا جهدكم كي يحافظوا على مشرقيتهم ولغتهم وليتورجيتهم.

ولكن ما حدث ويحدث هو العكس تماما حيث تجمع أكثر من 700 كلداني في السويد مع كهنتهم قبل أشهر وهم ينشدون بالعربية في السويد وبعضهم يتغنى بالعروبة.

ولتكن الكنيسة الكاثوليكية السويدية او غيرها قدوة لنا أيضا. نسبة السويديين لا تتجاوز 10% من مجموع الكاثوليك في هذا البلد البالغ حوالي 150 الف شخص. ولكن لن ترى أبدا في أي ممارسة ليتورجية لهذه الكنيسة غير تراثها السويدي وبعضه يعود إلى مئات السنين ومكتوب بلغة كلاسيكية صعبة جدا.

الكنيسة الكاثوليكية السويدية حتى يومنا هذا تضع اللغة اللاتينية التي ليست لغتها القومية بجانب اللغة السويدية في أغلب ليتورجيتها.

الكنيسة السويدية الكاثوليكية يحضرممارساتها الليتورجية كلدان وكروات وصربيون وفيتاميون وصينيون وأفارقة وغيرهم من أمم ولغات شتى ولكنها تتشبث بهويتها الليتورجية المتمثلة بكتابها الليتورجي الموحد الذي يلتزم به الكل.

لو كنا نحن لجعلنا – كما هو شأننا الأن – ليتورجيتنا أمما متحدة وعزونا ذلك إلى "الروح القدس" وإلى تعليمات المجمع الفاتيكاني. يا لنا من مساكين.

صار لي أكثر من عشر سنوات هنا أرتاد فيها الممارسات الليتورجية للكنيسة الكاثوليكية ولم ألحظ يوما واحدا أن الأسقف او كهنته قد تخلوا حتى عن زيهم التقليدي ويلتزمون بالليتورجيا حسب الروزنامة الليتورجية اللاتينية من حيث اللباس والتقليد.

ومن التقاليد التي أرتادها سنويا هو اربعاء الرماد وهو اول يوم من زمن الصوم لدى أتباع الليتورجيا اللاتينية حيث يرتدي رجال الدين والشمامسة زيا خاصا ويحملون اواني  فيها رماد ويرسمونه كإشارة صليب على جبين كل الحاضري ويرتلون وينشدون كلهم سوية وبلغتهم ولم يكترثوا يوما أن هناك كلدان او غيرهم كي يغيروا ليتورجيتهم او لغتهم على شأنهم.

اما نحن فحدث ولا حرج

بعض أساقفتنا وكهنتنا يرى في هذ الممارسات جزءا من التقليد فيطالب بكسر القيود ولا يعلم أنه يساهم في تحطيم هويته الكنسية المشرقية التي دونها لا هوية لنا.

ولهذا لم أرى يوما اسقفا كلدانيا او كاهنا كلدانيا منذ تواجدي هنا في السويد وهو بزيه التقليدي.

ولم أسمع جوقة تنشد من ليتورجيتنا المجيدة.

 وبعض الكهنة الذي قدموا لدينا يرفض حتى إرتداء الزي الليتورجي الخاص بنا ويفضل الزي اللاتيني بينما لم يحدث أبدا أن قبل كاهن لاتيني إرتداء زيينا الكنسي.

اما عن المخالفات الليتورجية فهذا يراد له مقالا او ربما كتابا خاصا. كل له ليتورجيته ولغته وزيه وقد يكون هناك ليتورجيا مختلفة كل يوم أحد ولا نعلم ما هي الليتورجيا الخاصة بالصوم وبدايته ووسطه ونهايته وما هي ليتورجيا الأسرار وكل له ترجمته وصلاته المملوءة بالأخطاء... وليكن الله في عوننا.

أملنا كبير ببطريركنا المحبوب أن يحدث ثورة في ليتورجيتنا المشرقية الكلدانية تعتمد وتستند وتغرف من الأصالة المشرقية التي لم تلد المسيحية مثلها روعة وجمالا وأسلوبا ومحتوى وموسيقى.

وليكن مثلنا البابا بندكتوس

نعم كنت أنا ومعي المئات من الأكاديميين والعلماء الكاثوليك من المنتقدين للمؤسسة الفاتيكانية ولطريقة البابا بندكتوس لمعالجة بعض القضايا. وأنا شخصيا إنتقدت المؤسسة الكنسية في مقالات لي بالعربية والإنكليزية وفي كتاب مهم هو اليوم ضمن المناهج الدراسية لكثير من الجامعات. ولن أكف لأنني أرى ظلما وحيفا كبيرا جدا لحق بنا نحن المشرقيين الكلدان على أيدي المؤسسة الكنسية الغربية الإستعمارية أي الفاتيكان وقد وضحت ذلك في مقالات سابقة وسأعرج عليه لاحقا.

ولكن كان قلب البابا بندكتوس مفتوحا ويسمع لنا ويقرأ لنا.

وأروع وأبدع وصف لمسيرته كبابا كان في خطابه الأخير عندما قارن بين فترته وبين التلاميذ في مركب في بحيرة طبريا كاد يغرق من العواصف القوية بينما كان المسيح نائما. لكنه أردف قائلا: رغم كل هذه العواصف – وهو يشير إلى المشاكل الهائلة التي تمر بها المؤسسة الكنسية – لن يترك المسيح كنيسته وسينهض من النوم وبإشارة منه ستهدأ كل العواصف.







140
هل يقبل الكرد المسلمون  ان يحدث هذا لبناتهم

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


يخطىء من يقول إن الأقليات في إقليم كردستان في نعيم. إنها في جحيم تؤججه سياسات السيد مسعود البارزاني وحاشيته والعشائر الكردية المتألفة معه وحزبه – الحزب الديمقراطي الكردستاني – الذي بدأ يتحول تدريجيا بعد أن أفسده المال والسلطة إلى حزب قومي وديني متطرف.

وإلا كيف نفهم أن تتستر السلطات على إختطاف طفلة يزيدية ذات ال 11 ربيعا وهي سيمون دأود من قبل شخص من عشيرة الكوران القوية والمسنودة من البارزانيين بإسم حسن نصرالله رغم كل نداءات الإلتماس والتوسل التي  قدمها القادة الروحانيون والمدنيون للطائفة اليزيدية في العراق لمعاقبة الجاني وإعادة الطفلة إلى أهلها. (رابط 1)

هذا غدر في وضح النهار لمجموعة دينية مسالمة وكردية ولكنها ليست مسلمة. هذه الحادثة المؤلمة والجريمة النكراء ترسل رسائل مفزعة إلى كل الأقليات الدينية في إقليم كردستان.

لا أعلم ما هو النص الديني او القرأني الذي يستند إليه الكرد البارزانيون – الحاكمون الفعليون لإقليم كردستان – والمسلمون المتطرفون لخطف بنات الأقليات الضعيفة بحجة الحب والزواج ومن ثم فرض الإسلام عليهن بينما لم يحدث على الإطلاق أن قام اي فرد من أقلية دينية أخرى بخطف كردية مسلمة بحجة الحب والزواج وإجبارها على إعتناق دين أخر.

الإسلام الذي نعرفه لا يسمح بهكذا جرائم. الإسلام الذي لا يتقبل عيش شعوب وأقليات مختلفة عنه عقيدة وتوجها في صفوفه بحرية وعدالة وكرامة ومساواة هو إسلام مشوه، جرى خطفه من قبل مجموعات لم تقراءه ولم تفقهه بصورة صحيحة.

خطف بنات الأخرين من المسيحيين واليزيدية تكاد ان تكون خاصية كردية في العراق وقد عانينا  منها نحن المسيحيين في شمال العراق الأمرين وأكاد أجزم ليس هناك عائلة مسيحية او يزيدية  ليست على علم بحادثة مؤلمة ومفزعة مثل هذه.

هل يعلم السيد البارزاني مقدارا الألم والإهانة الذي يلحقونه بالأقليات بإقتراف هكذا  أفعال مشينة؟ لقد حدثت جرائم مثل هذه في قريتنا عندما كنا في شمال العراق وأتذكر كيف أن كل أفراد القرية كانوا يتمنون أن تبتلعهم الأرض ولا أن يقع شيء من هذا القبيل لهم. والمجرمون كانوا خوال البارزاني من الزيباريين.

القوي سلطة وجاها ومؤسسة ودينا ومذهبا يأكل الضعيف في المناطق التي تحت سيطرة ميليشيات (بيشمركة) البارزاني وأجهزة مخابراته وأمنه التي قد لا تحصى. وقس على ذلك أغلب المناطق الأخرى في العراق.

الله أعلم مقدار الألم والإهانة والإحباط الذي الحقه المدعو حسن نصرالله الكوراني بوالد سيمون وعائلتها وعشيرتها. إنهم يتمنون الموت. واليزيدية شعب حي ولن يسكتوا رغم الظلم المرعب الذي وقع عليهم من قبل العشائر الكردية المسلمة والتاريخ يشهد على ذلك والذي لا يصدقنا ليقرأ كتب المؤرخين والرحالة.

إن أردنا معرفة حجم جرائم كهذه يجب علينا أن نضع أنفسنا مكان الضحايا. أن يقبل المرء على نفسه ما يقبله على صاحبه هو قمة الأخلاق الإنسانية وهو بالضبط ما تدعو له كل الأديان السماوية.

وهكذا يجب على السيد مسعود البارزاني ان يتصور ماذا كان يحدث له ولعشيرته لو قام شاب يزيدي بإختطاف بنته بحجة الحب والزواج منها وإجبارها على ترك الإسلام كدين وإعتناق اليزيدية؟

القادة الكبار الذين يحبون شعوبهم ويبنون أوطانهم عليهم التصرف هكذا، أي وضع أنفسهم مكان شعبهم وكأنهم الضحية والمظلمون.

ولكن هذا ليس من شيم القادة الذي يتخذون العشائرية والتطرف والتفرد بالرأي والحكم ديدنا لهم. كلنا نتذكر ماذا حدث للصحفي الكردي المسلم سردشت عثمان وكيف أعدموه في أربيل ورموا جثته للكلاب في أطراف الموصل فقط لأنه كتب مقالا تصور فيه انه رأى حلما في المنام كان فيه صهرا  للبارزاني.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,642967.0.html

141

توضيح  من ليون برخو حول مقاله عن ألأستاذ ميخائيل ممو

أود ان أقدم شكري الجزيل للدكتور عبدالله رابي وذلك لمساهمته وإغنائه للجزء من المقال الخاص بالعلاقة بين اللغة الأم وتطور الفرد والمجتمع والدور البارز والحيوي الذي تلعبه اللغة الأم كونها عاملا رئسيا في تكوين الهوية.

وأشكره على تنبيهه لي عن خطأ ورد في مقالي الأصلي عن رواد علماء الإجتماع وعلم النفس والتربية بخصوص درو اللغة حيث تبين ان كبار المفكرين والأساتذة في جامعة شيكاغوا كانوا قد سبقوا زملائهم السويديين.

وقمت فور إستلامي ملاحظته بتعديل الموضوع والمعلومة وله ألف شكر.

أدناه المصدر الأكاديمي الذي إستند إليه الدكتور رابي:

Modern Sociological Theory
By George Ritzer

142
الأخ ميخائيل: لغتنا هي وطننا وهويتنا الكنسية والقومية والإحتفاء بها واجب

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


لقد وضع المقال الأخير (رابط 1)  للكاتب والشاعر والمعلم ميخائيل ممو أبناء وبنات ومنظمات وكنائس شعبنا أمام مسؤولية مصيرية تخص وجودنا وهويتنا كنسية كانت او قومية.

وأنا شخصيا سعيد جدا أن أرى الإهتمام المتزايد بلغتنا السريانية الجميلة حيث يذكرها الكثير من كتاب شعبنا وكان الطلب بالحفاظ عليها وموروثها الليتورجي والفني والموسيقي والثقافي والإهتمام بها جزءا مهما في أغلب خطابات البهجة والسرور التي سرت في عروق شعبنا بأطيافه ومذاهبه المختلفة بمناسبة تسنم المطران لويس ساكو سدة البطريركية في كنيستنا المشرقية الكلدانية.

وبتواضع أظن يحق لي أن أقول إنني كنت من رواد تنبيه وتوعية شعبنا بأهمية اللغة وما تحمله لنا من موروث وتراث وليتورجيا وثقافة وأداب وفنون وموسيقى وتاريخ وأعلام وما زلت أطرق هذا الجانب في أغلب كتاباتي في مواقع شعبنا.

ولكن ما أتى به الزميل ميخائيل ممو يأخذنا إلى مصاف جديد لم يخطر ببالي يضم في ثناياه شيئين أساسيين على ابناء وبنات شعبنا وضعهما في عين الإعتبار ومنحهما الأهمية القصوى: الأول هو دور اللغة الأم في سلوكية الطفل والفرد والمجتمع وتنمية قابلياته الذهنية والعقلية والثاني تخصيص يوم نحتفي فيه كلنا بلغتنا السريانية التي لولاها لا وجود لنا كأمة وهوية وكنيسة مميزة ومسيحية مشرقية مجيدة وسماوية يؤطر حاضرها دماء مئات ومئات الالاف من الشهاداء. بعدها سأعرج على موقف كاتبنا وشاعرنا وصديقنا ميخائيل من لغتنا. ولكن قبل هذا وذاك دعنا نسستأنس برأي واحد من اشهر وأكثر فلاسفة الشرق تأثيرا في دنيا الفكر والشعر والأدب في الوقت الحاضر الا وهو أدونيس ورأيه في اللغة.

أدونيس واللغة

أنا لست الوحيد الذي يقول إن اللغة هي الهوية كنسية كانت او  قومية. هذا المفهوم يؤكده الفلاسفة وتؤكده الكنيسة ذاتها لأن الليتورجيا جزء من الحياة المسيحية. صحيح أن الناس لا يجوز أن تبقى حبيسة الموروث اللغوي والليتورجي بيد ان كل الزعماء الحكماء، سياسيين وكنسيين، من قادة الأمم الحية والمتمدنة والمتحضرة تفتخر بهويتها كنسية كانت أوقومية وتتكىء على موروثها اللغوي وتعيد الحياة إليه كي يتنفس من جديد كما يفعل المسعفون في المريض المصاب بغيبوبة وربما هذا أفضل وصف لحالنا وكنائسنا في الوقت الراهن.

وهاكم ما قاله أدونيسن فيلسوف الشرق (رابط 2) وابرزعَلم في دنيا الشرق الأوسط يكن له العالم الغربي برمته إحتراما لا مثيل له عند سؤاله عن اي بلد يعتبره وطنا له، فأجاب:

"وطني اللغة وليس الجغرافية"

بمعنى اخر أن اللغة العربية (لغته الأم) هي ظله وحياته وهويته وتأتي قبل بيته وبلده ودينه ومذهبه ووطنه كجغرافيا.

 وبالمناسبة فإن أُستاذ ومعلم  أدونيس والمشرف على إطروحته "الثابت والمتحول" التي هزت أركان  الثقافة والأداب بالعربية  كان عالم كلداني هو بول نويا من قرية إينشكي. وكان الأب بول نويا رئسا لدير مار كيوركيس حيث مكثتُ أربع سنوات وكان محبا للغتنا القومية وليتورجيتها وثقافتها وإرثها وأدبها وموسيقاها وفنونها حبا جما وفي عهده تعلمت أساسيات لغتنا السريانية وليتورجيتنا الكنسية بلغتها الأصلية. أضع هذه الحقيقة اولا امام كنيستي المشرقية الكلدانية وأمام رئاستها وامام إخوتي وأخواتي الكلدان.

يوم اللغة السريانية

أظن أن الغيارى على هويتهم القومية والكنسية في صفوف شعبنا لا بد وأن تلقفوا الإقتراح الذي قدمه الزميل ميخائيل وإنني لعلى ثقة ان تحديد يوم خاص للإحتفاء بلغتنا السريانية صار مسألة وقت.

ولكن رجائي الوحيد هو أن لا يتم ذلك دون دراسة مستفيضة تشترك فيها كل فئات شعبنا بمنظماتهم  وكنائسهم لا سيما زعمائنا الكنسيين وأخص بالذكر بطاركتنا.

لقد عانينا الكثير من التشرذم وذلك لأن كل واحد منا تصرف وكأنه المرجعية الوحيدة وبادر بإتخاذ قرارت على هواه دون الإكتراث بمصير وموقف المكونات المختلفة لشعب صار مستقبله على كف عفريت.

لنتخذ ولو لمرة واحدة في تاريخنا المعاصر خطوة مهمة كهذه بطريقة حضارية ونترك شأنها للعلماء  والأكاديميين والمختصين في صفوف شعبنا ونخرج بقرار تتفق الأغلبية عليه ويكون مسنودا ومدعوما من قيادتنا الكنسية.

لغتنا سريانية وليست كلدانية اوأشورية

هنا نرجع إلى ما صار يقض مضاجع شعبنا ولكنني سأبداء بزميلي ميخائيل اولا وأقول له إن كل علماء اللغات الشرقية في جامعات الدنيا بمشارقها ومغاربها – وأنت في علاقة مباشرة مع الكثير منهم بحكم موقعك – تطلق على لغتنا – وطننا وهويتنا – إسم "اللغة السريانية." وأزيد- بحكم علاقة الصداقة بيننا – لا أنا ولا أنت ولا ربما أي شخص أخر في صفوف شعبنا يحمل شهادة جامعية بمستوى دكتوراة  من جامعة رصينة في هذه اللغة حيث ان حملة الشهادات الراقية فيها كلهم تقريبا من غير أبناء شعبنا. فهم عندما يطلقون عليها "السريانية" ينطلقون من موقف علمي أكاديمي رصين وإلا لسموها شيء أخر لأنهم ليسوا تحت تأثير الكنيسة الغربية الإستعمارية او الصراع المرير المستمر والمهاترات التي لا تنقطع حول  تسمياتنا ومذاهبنا المختلفة.

وهذه المسألة بالذات كانت سببا لخلاف بيني وبين زميلي ميخائيل حيث رفضت الدعوة لإلقاء محاضرة في تجمع معلمي وأساتذة اللغة السريانية في السويد لورود إسمها بطريقة لا تتفق مع ما هو دارج في الأروقة العلمية والأكاديمية.

ولكن اقول وبثقة ومن خلال ما يقع بيننا من نقاش مستمر حول شؤون شعبنا ونحن الإثنان نفديه بروحنا إنني لاحظت ان الأستاذ ميخائيل يضع وحدة ومستقبل ووجود شعبنا قبل أي شيء أخر وإن كانت مسألة هذا الإسم او ذاك عائقا امام مصير شعبنا فإنه على إستعداد لقبول ما يجمعنا ويوحدنا وليس ما يفرقنا. واللغة السريانية التي صارت واسطة التعليم في عشرات المدارس في العراق هي الإسم الرسمي في بلد الأجداد وبإتفاق الكل. إذا لنتحد نحن في الشتات مع أشقائنا وأحبائنا في أرض الأجداد وندعمهم في كل خطوة يتخذونها.

اللغة الأم والتربية

تعلّم وتدريس اللغة الأم له تاثير إيجابي كبير على مدارك الإنسان (كفرد ومجتمع) ويساهم في نموه وتطور ذهنه وعقليته ويجعل منه في المستقبل إنسانا ناضجا له إستيعاب كبيرلمجريات الحياة وفهم وإدراك مستفيض لهويته كجزء من التراث الإنساني مما يجعله يواجه الحياة ومشاكلها وهمومها بروح إيجابية  ويتعامل بصورة أكثر نضجا وعقلانية مع المحيط الذي يعيش فيه ويحل مشاكله. والتلاميذ والطلبة الذين يدرسون لغتهم الأم وإن كانوا في محيط تكون فيه لغة او لغات أخرى هي السائدة يبزون أقرانهم في التحصيل العلمي وغالبا ما ترد أسمائهم في قمة التدرج من حيث الدرجات العلمية في صفوفهم ومدارسهم. والتأثير الإيجابي هذا يتحول إلى تأثير سلبي إن فقد المرء فرصة تعلم لغته الأم.

هذه ليست نظرية ليون برخو ولا الأستاذ ميخائيل ممو. هذه نظرية إبتكرها علماء التربية وعلم النفس والاجتماع حيث ربط علماء كبار في جامعة شيكاغو من أمثال هربرت وكوفمان وبلومر بين اللغة وبناء الذات والنفس والفكر والمجتمع. وتطورت هذه النظرية حول الدور الرئسي للغة الأم في تكوين وخلق الهوية للفرد والمجتمع على أيدي علماء في في السويد وبالذات أساتذة وعلماء التربية وعلم النفس في الجامعة التي أنتمي إليها. هذه الدراسات صار لها صدى في كل أنحاء العالم وإتخذتها الحكومة والبرلمان السويدي نبراسا وبنت عليها سياستها التربوية والتعليمية التي تقضي أن حق تعلم اللغة الأم لكل من يعيش في السويد حق مقدس وصارت السويد اليوم تنفق مليارات الكرونات سنويا لتدريس اللغة الأم لكل الأجانب القاطنين فيها. وبدأ العالم المتمدن يعترف بما توصل إليه علماء السويد بشأن اللغة الأم وأخذت دول كثيرة تستسنخ التجربة السويدية في النظرة والتعامل مع اللغة الأم ومع الناطقين بها او ورثتها.

أضع هذه المسألة أمام كل الذين يهمشون دوراللغة الأم (السريانية) في صفوف شعبنا لا سيما بعض رجال الدين وغيرهم من الذين يدعون علانية إلى مغادرتها او يرون أنها لا تلعب دورا رئسيا في تكوين الهوية والشخصية، أضع كل هؤلاء أمام مسؤولياتهم التاريخية لأنهم بتهميشهم للغتنا لا يهمشوننا كقوم وكنيسة فقط بل يسببون أذى فظيعا لنا من الناحية العقلية والذهنية والنفسية ويؤثرون سلبا على مستقبلنا ومستقبل أجيالنا.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,641086.0.html
رابط 2
http://www.alskilbieh.com/modules.php?name=Forums&file=viewtopic&t=4689


143
نعم تسمياتنا صنيعة الإستعمار ولكن ليس لغتنا وموروثنا – تعقيب على البطريرك لويس روفائيل 1-3

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

كنت قد قرأت المقابلة مع البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو باللغة الإنكليزية ثلاثة أيام قبل ظهورها في موقع عنكاوة.كوم  (رابط 1) وحاولت تجاهلها ولكن بعد نشرها وقرأتها من قبل الالاف من ابناء شعبنا أرى من الواجب أن أعقب عليها. والتعقيب هو بمثابة نقاش بين أكاديمي وأكاديمي، أي وكأننا في حلقة دراسية نجري حوارا حول المسألتين المهمتين اللتين أشار إليهما وهما التسمية ولغة شعبنا وموروثه وتراثه.

ولا أظن أن البطريرك المشهود له بالعلم والمعرفة سينظر إلى الأمر من زاوية غير زوايته الحوارية والأكاديمية. العلم والمعرفة لا يعترفان بحواجز المنصب والدرجة الكهنوتية والبطريرك ذاته يدعو إلى رفع كل ما يقف عائقا امام الحوار والتخاطب ويبدو ومع الأسف الشديد أنه يرى أن لغتنا القومية وتراث وليتورجيا وطقوس وفنون وأداب وزي كنيسته المشرقيه التقليدي الذي لم يتخل عنه حسب علمي كل من سبقه في هذا المنصب منذ نشوئه قبل حوالي الفي سنة ضمن المسائل التي تعرقل مسيرتنا ومسيرة كنيستنا  المشرقية.

البطريرك يفجر قنبلة من الوزن الثقيل بشأن التسمية

نعم. إنها قنبلة مزلزلة. قنبلة تصيب كبد الحقيقة. وكي أكون منصفا هذه حسنة ستحسب لصالحه كقائد جرىء ولكن في نفس الوقت تضعه امام مسؤوليات جسيمة. الإستعمار شيء بغيض ويجب مقاومته ومقارعته وإزالة كل الأثار السلبية التي الحقها بكنيستنا المشرقية وما أكثرها ولا يجب حصرها بالتسميات.

وكنيسة المشرق الكلدانية ذاتها هي أكبر ضحية للإستعمار وإن ما وقع على هذه الكنيسة من مأسي وما لحق بها من إضطهاد فظيع يرقى في بعض تفاصيله إلى جرائم ضد الإنسانية وما تعاني منه الأن من تشتت وتخلف وإنهيار في كافة حلقات الهرم المؤسساتي سببه الرئسي الإستعمار. لا تستغرب عزيزي القارىء.

وخير مثال – وهو جزء بسيط من بطش الإستعمار بمؤسستنا الكنسية المشرقية – هو منصب كرسي الرئاسة. لا يغرنكم هذا المنصب – وأنا أحترمه وأبجله - لأنه عمليا وعلى أرض الواقع  لقد تم (من قبل الإستعمار) تحجيم وتحديد سلطة الرئاسة التي كانت تغطي كل الشرق برمته تقريبا من العراق إلى الهند والصين ومنغوليا وروسيا ودول الإتحاد السوفيتي السابق وجزء من أوروبا بحيث صارت اليوم أدنى بكثير من سلطة السفير في بغداد لأنه عمليا هو الذي يحكم. ولا تستغربوا إن قلت لكم ان  السلطة القليلة المتبقية للرئاسة اليوم محدودة بحدود العراق وإيران. لقد تم مؤخرا سحب الخليج العربي من السلطة البطريركية وكذلك الرهبنة الهرمزدية الكلدانية. والشتات برمته خارج سلطة الرئاسة. الكلدان في الشتات يتبعون الأساقفة والكرادلة اللاتين في مناطقهم.
 
مع ذلك كانت فرحتي شديدة عندما وقعت عيناي على المقابلة باللغة الإنكليزية وزادت عندما قرأت النسخة المترجمة (وهي ترجمة جيدة وأقول ذلك كمختص) في موقع عنكاوة لأنه لأول مرة يشير مسؤول كنسي كبير في كنيسة المشرق إلى دور الإستعمار في تشتيتنا وشرذمتنا.

نعم الإستعمار خلق التسمية

 قلناها مرارا وتكرارا ليس هناك سند علمي وأكاديمي لما نتصارع عليه من حيث التسمية وانه ليس هناك عالم أكادمي أثاري او لغوي اليوم يحترم نفسه وقلمه يذهب ما نذهب إليه من غلو وتعصب بشأن التسميات التي نطلقها على أنفسنا والصراع المرير الذي نخوضه بشأنها وليس هناك دراسة اكاديمية علمية رصينة تقدم حتى دليلا عرضيا على ما نحن ذاهبون إليه في هذا الإتجاه ولم يصدقنا أحد.

وإذا بالبطريرك يطلق تصريحا نابعا من مكانته العلمية ومعرفته الموسوعية ويقول: " مفردات مثل الكلدانية والآشورية هي وليدة الاستعمار الذي يرمي إلى تقسيم المكونات ذات الأصل الواحد."

اليوم أتت لحظة الحقيقة ولحظة  المصداقية ومراجعة النفس بشأن ما يقض مضاجعنا والذي سببه االرئسي هو الإستعمار. وأنا أتفق مع البطريرك في هذا الأمر بكل تفاصيله وأشد على  يديه لجرأته لأنه وضع الأصبع تماما على مكان الجرح. المصداقية لأننا جميعنا تقريبا قلنا إننا سنضع يدنا في يدي غبطته كي يسير بسفينتنا صوب الأمان وهي الوحدة – واحد من الشعارات التي رفعها. كلنا تقريبا قلنا إكليروسا وعلمانيين إننا كنا ننتظر بصبر ولادة قائد يجمع شملنا ومنا من شبهه بغاندي وأخرون بمنقذ وأخرون قالوا في يوم إنتخابه إنه اليوم الذي صنعه الرب. وها هي لحظة الحقيقة قد زفت. فإما نحن أناس صادقون وإما لا.

بالطبع البطريرك يوزن كلامه لأنه تابع لمؤسسة أخطبوطية هائلة وهي الفاتيكان. أنا واحد من أبناء شعبنا لا أخشى المؤسسة اي كانت ولا أخشى رجل الدين مهما علا شأنه ومقامه ولهذا سأكمل ما في رأي الشخصي وحسب علمي وأكاديميتي يشكل الجزء الثاني المهم من المعادلة الزلزال التي أتي بها البطريرك وعلى الشكل  الأتي:

مفردات مثل الكلدانية والآشورية بالطريقة التي نستخدمها اليوم هي صنيعة الكنيسة الغربية الإستعمارية  التي قسمت وشتت وإضطهدت شعبنا بشكل عنيف ومفرط  وفتكت به  وكنيسته المشرقية فتكا لا يقبله أي ضمير له ذرة من الإنسانية ولقد بدأ الكثير من الإخوان مساعدتي في نبش هذه الحقيقة ونشرها في إعلام شعبنا.

والفتك مستمر حتى اليوم وبطرق مختلفة وأشكال أكثر بشاعة حيث تم مؤخرا حرق الكابيلا (معبد او مصلى صغير) التي تعود لنا  وأين؟ في كنيسة القيامة، اقدس مكان في المسيحية من قبل هذه الحيتان المؤسساتية الكنسية الإستعمارية (رابط  2 ). السبب كان لأن المكان تابع لإخوتنا وأشقائنا السريان الأرثذوكس وهم قطيع مشرقي صغير(سمك صغير) من غير جنس الحيتان الكبيرة فيجب إبتلاعهم كما تم إبتلاع الهند ومناطق أخرى شاسعة من كنيستنا المشرقية بناسها وكنائسها وأديرتها ومكتباتها وأوقافها وأراضيها ولغتها وليتورجيتها وثقافتها وإرثها وأدبها الكنسي وغيره والحبل على الجرار. واليوم ودون أي وخز ضمير تنشر مؤسسة أبرشية مشرقية كاثوليكية في الغرب وعلى موقعها الأبرشي مقالات يقول فيها أصحابها أن الكنيسة السريانية الأرثذوكسية والمشرقية الأشورية بفرعيها ومؤمنيهم في ظلالة وبدعة (رابط 3). هذا ما يفعله الإستعمار الكنسي الغربي.

أنا أتفق مع البطريرك أن التسميات من صنيعة الإستعمار الكنسي الغربي المؤسساتي (هو لم يقل الكلمات الثلاث الأخيرة) وإن محاربة الإستعمار مهمة وطنية وأخلاقية ولكن يجب ان نحاربه ومساوئه بكل أشكالها وليس مانراه متطابقا مع منهجيتنا وعواطفنا ومذهبيتنا وتبعيتنا.
 
الموقف من اللغة والتراث

الموقف من التسمية شيء والموقف من اللغة والتراث والليتورجيا شيء أخر. اللغة والتراث والموروث والأداب والفنون كنسية كانت او غيرها من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية بالنسبة لأي شعب في الدنيا والذي يهمشها يقترف خيانة بحق شعبه كائن من مكان وفي أي بقعة من العالم وفي صفوف أي شعب من شعوبه إن كان ذلك الشعب يحمل ذرة من الوطنية والحرص على هويته قومية كانت او كنسية.

وعليه  أرى ان البطريرك لم يوفق في التعبير عن موقفه من اللغة والتراث. أن يحارب المرء  التسمية لأنها صنيعة الإستعمار لتفتيت شعبه وكنيسته هذا شيء حسن وجزء من الوطنية الحقة.

ولكن أن يحارب المرء اللغة والفنون والتراث والطقوس والإرث الوطني لشعبه وزيه التقليدي فهذا أمر يجب ان نحسب له نحن محبي مشرقيتنا وهويتنا الكنسية بلغتها وإرثها وتاريخها وليتورجيتها وفنونها وأدابها الف حساب  لأن هذا هو بالضبط ما يفعله ويريده الإستعمار بضمنه المؤسساتي الكنسي الغربي؟ والإستعمار اللغوي أسواء إستعمار عرفته البشرية وإستخدمته الدول الغربية ومؤسستها الكنسية الإستعمارية بشكل واسع وكان شعبنا لا سيما المكون الكلداني منه من أكبر ضحاياه.

أن ننسب فقط  التسميات إلى الإستعمار ونقبل بمنطلقات وأفعال وأهداف إستعمارية أخرى كنسية كانت او غيرها لتهميش تراثنا ولغتنا هذا أمر أنا شخصيا سأقاومه بقلمي لأن لا سلاح لي غيره وإن ملكت غيره لاستخدمته واظن ان الذين يشاركوني حرصي على هويتي الكنسية المشرقية والقومية المتمثلة باللغة وما تحمله من فنون وأداب وطقوس وليتورجيا وفلكلور وتراث كثيرون في صفوف شعبنا وسيقفون على الخط ولن يخيبوا ظني فيهم.

ولهذا أمل من غبطته أن يرفع الضبابية الكثيفة عن أقواله بشأن لغة وموروث وليتورجيا وطقوس شعبنا. أقوال مثل:

"والعمل على إلغاء كل ما متوارث لأنه مبني أساساً على التقاليد القديمة ... نحن بحاجة لان نتحرر من قيود الماضي ... بحاجة إلى التكيّف مع روح العصر من خلال لغة أكثر فاعلية ... نتحدث بها محلياً والتي قد تكون عربية، كردية أو حتى فارسية"

هذه الأقوال تهمش لابل تهدم صرح هويتنا الكنسية  المشرقية وهي جزء من سياسة الإستعمار والمؤسسة الكنسية الغربية الإستعمارية تطبقها فقط علينا نحن المشرقين وأتحدى ان تفكر فقط في مجرد التصريح بها لشعوب مسيحية غربية مثل الفرنسيين والألمان والإنكليز والأسبان والسويديين وغيرهم من الشعوب التي جعلت لغتها وتراثها وموروثها وفولكلورها وفنونها وموسيقاها لب وعصب وجودها كأمة وشعب وبشر وكنيسة.

 أن نتحدث مع الأخرين بلغتهم هذا ما تفعله كل كنائس وشعوب الدنيا ولكن ان نغير ونهمش لغتنا التي تمثل هويتنا الكنسية المشرقية والقومية بفنونها وطقوسها وأدابها كي نتحدث مع أنفسنا هذا أمر غريب وعجيب ويوقف شعر الرأس لأنه يمثل مفارقة لن يستسيغها ويقبل بها أي شعب حديث التكوين مثل قبائل الزولو في أفريقيا والأكراد في شمال العراق فكيف بشعب تمتد جذوره وهويته الكنسية والقومية في أعماق الحضارة الإنسانية.

يجب ان يفكر اولا البطريرك بنا وهويتنا الكنسية ولغتها ويلبي رغبتنا في الحفاظ عليها ونفخ الحياة فيها قبل ان يدعو إلى إستخدام الفارسية والكردية والعربية. لا أعلم كم فارسي او كردي مسلم جرى تنصيره مؤخرا؟ أجدادنا العظام فشلوا في تنصير المسلمين وعندما قدم المبشرون أعضاء الكنيسة  الغربية الإستعمارية بدلا من أن يبشروا بين الأمم غير المسيحية أخذوا في تنصيرنا من جديد وكأننا كنا عبدة أوثان ولم يكتفوا بذلك بل فتكوا بنا وشتتونا وقسمونا إلى مذاهب وتسميات متناحرة وسرقوا وأغتصبوا اغلب المناطق والدول التي كان لنا أشقاء فيها وأضطهدونا وأستعمرونا لغويا وثقافيا وليتورجيا إلى درجة وصل بنا الأمراليوم إلى الدعوة إلى تكريد وتفريس وتعريب  لغتنا وفنوننا وموروثنا وأدابنا وليتورجيتنا وطقوسنا وليس هناك أفراد بعدد اليد الواحدة من الأكراد والفرس والعرب المسلمين الذين تحولوا إلى مذهبنا وأنضموا إلى كنيستنا.

وامل ان يكون ما قرأناه بشأن اللغة والتراث والموروث كلمات فقط وليس أفعال لا بل أمل أن يقدم البطريرك توضيحا بشأنها.

كل مسؤول في صفوف شعبنا رجل دين او غيره يجب ان يدرك أن هناك قطاعا واسعا بين كل مكونات شعبنا بتسمياتهم المختلفة ليسوا على إستعداد لقبول تهميش هويتهم اللغوية  بأي ثمن وتحت أي ظرف لأنهم يقدسون اللغة والموروث الليتورجيي والأداب والفنون الكنسية وغيرها ويرون  فيها جزءا مكملا لمسيحيتهم أي أنها ترقى إلى درجة القداسة لديهم فيجب على الرئاسة إحترام هذا الموقف بكل تفاصيله ووضعه في عين الإعتبار في كل خطوة تخطوها. على كل واحد في موقع المسؤولية أن يدرك أنه يهيننا نحن الذين نفتخر بلغة وتراث وطقوس وليتورجيا وموسيقى وفنون كنيستنا المشرقية (أي مسيحيتنا) كما يفتخر الألماني المسيحي مثلا بالليتورجيا التي تتضمن روائع الفنون الكلاسيكية التي وضعها كبار الموسيقيين الألمان من أمثال بيتهوفن وباغ وماندل ووكنر وموزرت وغيرهم. هذه الليتورجيا الألمانية مكتوبة بلغة كلاسيكية يصعب على بعض الألمان اليوم فهمها. ولكن أقسم بالله لو ان بابا روما، وهو  ألماني، دعا إلى تبديلها وليس إلغائها لثارت المانيا في وجهه. هكذا يجب ان نكون نحن أيضا حريصين على موروثنا.

شعار الوحدة فاشل دون التركيز على لغتنا القومية

أقول وبثقة مطلقة إنه لم يبق اليوم ما يجمع ويوحد شعبنا غير لغتنا القومية التي إسمها العلمي والأكاديمي هو السريانية ولكن ليسمها أبناء شعبنا ما يشاؤون شرط ممارستها. وأقول وبثقة مطلقة إن عدم محبة  لغتنا القومية والليتورجيا والتراث والثقافة والأدب الكنسي والإرث الفلكلوري والموسيقي والطقس الذي خلفته لنا سيلغي ويبطل أوتوماتيكيا شعارين من الشعارات الثلاثة التي رفعها البطريرك وهما الأصالة والوحدة. الإثنان دون اللغة لا يمكن تحقيقهما وبدون التشبث باللغة وبليتورجيتها وأعلامها وإرثها وثقافتها وأدبها الكنسي وغيره لا جدوى من رفع شعار الوحدة والاصالة، اللهم إلا إن كان هناك معنى وتفسيرا وغاية أخرى لهما غير التي في ذهن أبناء شعبنا. وبهذا سنبقى وجها لوجه أمام شعار التجديد الذي تفسيري له هو التهديم والإلغاء بشكل كارثي كل ما توارثناه من لغة وليتورجيا وطقوس وفنون وأداب كنسية وغيرها بدلا من إحيائها وممارستها بما يتماشى مع العصر.

وأظن ان موقف كهذا لا يتماشى مع رغبة الغالبية الساحقة من أبناء شعبنا والتي يجب إحترامها. وإن تتبعنا ما كتبه أبناء شعبنا من كل الأطياف والمكونات من تعاليق ومقالات معبرين عن فرحتهم بالبطريرك الجديد لرأينا أن الطلب من غبطته التشبث بلغتنا القومية والإرث والموروث والليتورجيا والأصناف والفنون الأدبية التي تحتويها تأتي في مقدمة الأولويات لأغلبهم.

ضربة حظ

وكانت ربما ضربة حظ كي إلتقط قبل كل القراء خبر إنتخاب البطريرك الجديد في موقع عنكاوة.دوت كوم الذي سبق الجميع في إعلانه كي أكون أول المهنئين بتسنمه هذا المنصب الرفيع ومن أعماق قلبي بعبارة بلغتنا السريانية الجميلة وقلت فيها ما معناه بلغة يشوبها تقريبا التأكيد المطلق– وأمل أن لا أكون مخطئا – أن  البطريرك الجديد سيعمل بجدية للحفاظ على لغتنا وليتورجيتنا المشرقية وطقوسها ولن يقبل تهميشها اوتعريبها اوتكريدها او تفريسها (من الفارسية) او تبديلها باي لغة أخرى كما يدعو إلى ذلك بعض ضعاف النفوس من الإكليروس وغيرهم وسيسبغ عليها مسحة عصرية كي تتماش مع متطلبت العصر. وهذا أملي في بطريركنا الجديد وأمل ان لايخيب ظننا فيه.
وللمقال صلة ....

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,640331.msg5908451.html#msg5908451

رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,568528.0.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,637941.0.html


144
تركة ثقيلة وملفات خطيرة تنتظر البطريرك الكلداني الجديد؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


كثر الحديث عن كنيسة المشرق الكلدانية بصورة عامة وسينودسها القادم بصورة خاصة. وكلما زاد الحديث لا سيما الإنتقاد والهجوم، زادت مؤسسة الكنيسة الكلدانية صمتا وكأن النقد لا يخصها، وكأن الأمور التنظيمية والمؤسساتية لا شائبة فيها وأن الأحوال على أحسن ما يرام.

لم تتعرض مؤسسة كنسية مشرقية عراقية إلى نقد وهجوم كالذي تعرضت له مؤسسة الكنيسة الكلدانية. وهذا حدث منذ أن بدأتُ كتابة سلسلة مقالات أنتقد فيها بعض الممارسات المؤسساتية قبل أكثر من أربع سنوات.
 
بيد أن المؤسسة هذه يبدو أنها ليست في سبات بل في غيبوبة سريرية حيث تعاظم النقد والهجوم من قبل كتاب وزملاء كلدان أخرين وأتى النقد حتى من رجال دين كلدان وهي لم تحرك ساكنا. وأنا أقول مؤسسة لأنه لا يجوز ربط الماديات والدنيوات بالإلهيات والسماويات. والنقد حتى الأن كان في الإطار المادي والدنيوي والسياسي والتنظيمي والطقسي والليتورجي وغيره من مسائل تنظيمية التي لا علاقة لها برسالة السماء التي هي الإنجيل والروح القدس. ورسالة السماء ليست ملك رجل الدين مهما علا شأنه ومقامه. هي ملكنا جميعا.

ومن هذا المنطلق أسرد هنا بعض الملفات المؤسساتية الخطيرة التي أمل أن ينظر فيها بجدية السينودس القادم والبطريرك الجديد. هذه الملفات جزء من تركة مؤسساتية أثقل من أن يتحملها جبل ولهذا ليكن الله في عون أي بطريرك كلداني سيتم إنتخابه.

الملف الأول: خطاب الهرطقة او التكفير

هذا الملف من أخطر الملفات لأنه يؤشر إلى تسيب وفلتان ليس على المستوى المؤسساتي بل على المستوى الإيماني والعقائدي. هناك أبرشية كلدانية في المهجر تبث من خلال موقعها الذي يشرف عليه رجال دين ومنهم من بدرجة الأسقفية خطاب يدعو إلى الكراهية وتكفير وهرطقة الأخر. الأخر ليس من دين أخر – وعذرا لأن حتى هذا لا يجوز – بل المسيحي من مذهب أخر.
 
بأي حق تصف هذه الأبرشية أتباع الكنيسة السريانية الأرثذوكسية وكنيسة المشرق الأشورية والقديمة بالهراطقة ومن الذين يؤمنون او يتبعون البدع الهرطوقية (أنظر الروابط  أدناه). من كان يصدق أن تصل أبرشية كلدانية إلى هذا المستوى من الكراهية والبغضاء لأتباع مذاهب شقيقة نشترك معها بأدب كنسي واحد وعقيدة واحدة هي المسيح وإنجيله؟ من أوصلنا إلى هذا الحضيض؟ أي إنجيل يعلمكم هذا؟ ويبدو أن خطاب الكراهية هذا إقتحم كتابات بعض الزملاء الكلدان الأخرين وصار جزءا من أسلوب الكرازات لبعض الكهنة ولا نريد الإسترسال خشية الشخصنة ونحن شعب صغير ولكن نرى اليوم عزوفا عن كنيستنا الكلدانية من أغلب الذين لهم علاقات قرابة مع السريان الأرثذوكس او أتباع كنيسة المشرق بفرعيها الأشوري والقديم لأن بعض الكهنة بدأ يردد ما تجتره هذه الأبرشية من خطاب الفتنة والتحريض.

هذا موقع لبث الكراهية والبغضاء. أظن أن هذا هو الموقع المسيحي الوحيد الذي يستخدم كلمات مقدسة لدى الأخرين بصورة نابية حيث تكثر فيه مصطلحات مثل "اليعاقبة والنساطرة" ويصوغها أصحابها بطرق تثير الإستهزاء والإستهجان بمعتقدات الأخرين بطرق ماكرة وينسى المشرفون على الموقع و لا سيما المسؤول الأول أن جده كان نسطوريا بالمفهوم الذي يذكره وان كنيسة المشرق مدينة  ليعقوب ونسطورس وأن الإستهزاء بهم بهذا الشكل – وأستغفر الله – يعني الإستهزاء بفصله وأصله وهويته وأدبه الكنسي برمته.

ولا يجوز القول إن المقالات تعبر عن أراء كتابها لأن هذا الموقع من المواقع الإستثنائية الذي لا يقبل الرأي الأخر. أي أن المشرفين عليه ينتقون بعناية فائقة كتابات بغيضة كهذه ويرفضون نشر ما لا يرونه موائما لمنطلقاتهم وتوجهاتهم الإستقصائية والتكفيرية.

وقد أتصل بي بعض الأخوان وهم يطلبون مساعدتي لمقاضاة الموقع والأبرشية المشرفة عليه حسب القوانين الأمريكية التي لا تسمح ببث الكراهية في الإعلام ولا تقبل وصف معتقدات الأخرين بالبدع والهرطقة ولكنني نصحتهم بالتريث حتى إنعقاد السينودس وإنتخاب البطريرك الجديد عسى ولعل يضع حدا لممارسات بغيضة كهذه ويعاقب أصحابها والمشرفين عليها.

الملف الثاني: الشفافية

الشفافية تعني، كما يقول الإنجيل، عدم إخفاء الشمس بالغربال ومحاربة الكتمان والأسرار. وأحد أسباب الكم الهائل من النقد الذي تواجهه هذه المؤسسة متعلق بغياب الشفافية – أي ان القاعدة لا تصدق ما يقوله الأفراد في القمة من الناحية المؤسساتية وأن القمة لا تعترف أساسا بوجود القاعدة ولهذا لا صدى لصوت المؤمنين ولما يكتبونه. هناك طمر لكثير من الحقائق المتعلقة بالتاريخ القريب وما حدث مؤخرا.

والشفافية اليوم صارت معيارا بواسطته نحكم على أي مؤسسة او منظمة او حكومة بالفشل او النجاح. وأخر ضربة للشفافية أتت عندما وضعتنا هذه المؤسسة امام قرار تنظيمي قيل  فيه إن البطريرك عمانوئيل دلي قدم إستقالته بمحض إرادته وكُتب ما كُتب عن هذا الإجراء الإداري. الإستقالة في تسلسل بطاركة كنيسة المشرق بهذا الشكل سابقة لم يذكرالتاريخ لنا لها مثيلا. والطريقة التي نُقلت فيه إلينا لا سيما أنها أتت خلال زيارة مسؤول فاتيكاني رفيع تجعل صحفي إستقصائي مثلي يثير علامات إستفهام كبيرة على ما جرى وعلى أن البطريرك ربما لم يقدم إستقالته بمحض إرادته.

الملف الثالث: ماذ حلّ بملايين الكلدان في الهند؟

يريد بعض الزملاء الكلدان ان تقف المؤسسة الكنسية بجانب رؤيتهم السياسية والقومية. هذا رأيهم ولهم كل الحق في التعبير  عن ذلك. ولكن كيف لهذه المؤسسة ان تحمينا نحن الكلدان ومعنا هويتنا – لغتنا – وهي او بعض أعضائها البارزين تركوا ملايين الكلدان في الهند وغيرها في العراء كي تنهش فيهم أنياب مؤسسة كنسية أخرى؟

المأساة التي حدثت في الهند وبحق الكلدان بالذات ترقى في بعض تفاصيلها إلى جريمة ضد الإنسانية. وأذكر أن أخر إتصال رسمي لنا مع أشقائنا الكلدان في الهند الذين يتجاوز عددهم 10 ملايين كان في منتصف الستينات. وكنت عندئذ تلميذا في دير الرهبنة الهرمزدية الكلدانية وكان الأباء الكلدان من الهنود يعملون في معهد شمعون الصفا في أسيا (الدورة). وكان هؤلاء الأباء يزوروننا بإستمرار لأن الدير كان قريبا من المعهد وكنا نتحدث معهم بالسريانية الفصحى. وأستقيت منهم ومن خلال مطالعاتي معلومات عما فعلته بهم مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية ما يوقف شعر الرأس.

وكنت أنا التلميذ الذي يخدم رئاسة الدير من غسل وتنظيف وتقديم الشاي والقهوة (وهذا شرف) لا سيما للمطران الراهب أبلحد ربان والقس الراهب هرمز شلال الذي لم أرى متبحرا مثله بالسريانية. وكان يزورنا  مرارا البطريرك الراحل بولس شيخو الذي كان من خلال أقواله يظهر ألما شديدا لما حدث للكلدان في الهند ويظهر إمتعاظه من تدخل مؤسسة الكنسية الغربية في شؤونه وقرارها بقطع كل علاقة له مع الهند مع العلم أنها كانت تابعة لكرسي البطريركية الكلدانية لأكثر من 1500 سنة.

اليوم بدلا من صب جام غضبنا على إخوة وأشقاء لنا في الهوية والقومية واللغة والدين والأدب الكنسي من "اليعاقبة والنساطرة" كما تفعل الأبرشية الكلدانية العتيدة في المهجر علينا المطالبة بحقنا ليس في الهند فقط بل وفي كل أرجاء المعمورة حيث تم سلب وإغتصاب ما بنته هذه الكنيسة بأنهار من دم شهدائها. نريد كشفا عن الذين قاوموا من البطاركة والمطارنة بطش الكنسية الغربية الإستعمارية بأشقائنا والذين تواطؤا والبعض من الذي سيحضر السينودس كان شاهدا على ذلك.

الكلداني الذي يملك ذرة من الغيرة على هويته القومية او الكنسية علماني او إكليريكي لا يمكن أن ينسى ما حل بالكلدان في الهند وغيرها ولا يمكن له إلا أن يدين بأقس العبارات الممكنة الذين فعلوا بنا كل هذه الجرائم. لا أعلم كيف بمقدور أي كلداني التحدث عن الهوية كنسية كانت او قومية وهو لا يكترث لمأساة كبيرة حلت بنا على أيدي مؤسسة الكنيسة الغربية. نحن لا نتحدث عن عقيدة. نتحدث عن ملايين من البشر جرى تقريبا محو تراثهم وطقسهم وهويتهم المشرقية وقطع علاقتهم بنا بطريقة قسرية وعنيفة لا يقبل به أي ضمير إنساني حي.

الملف الرابع: العلاقة مع روما

الكنيسة اللاتينية شأنها شأن أي كنيسة أخرى مؤسسة مدنية وأرضية أيضا. الفاتيكان له سفراء ووزراء خارجية ومالية وبنك أرصدته مليارات ومليارات الدولارات. هذه أمور مؤسساتية مثلما هي أمور أي حكومة او دولة أخرى.

هنا تبرز مشكلة كبيرة لأن مؤسسة الكنيسة الكلدانية إختلط عليها الأمر حيث صارت لا تميز بين الأمور المؤسساتية والتنظيمية والأمور العقائدية إلى درجة أنها خسرت إستقلاليتها المؤسساتية. البطريرك لا يحكم ولا هناك من يطيعه. وصارت المؤسسة كما شبهها بعض الكتاب مثل حارة كل من إيدو إلو. الذي يحكم هو السفير. وهذه حقيقة. أي عضو في المؤسسة ومن خلال علاقته بالفاتيكان يستطيع فعل ما يريد. ونتيجة لهذه الضبابية المؤسساتية خسرنا الهند، تاج وعروس كنيستنا، بينما لم تخسر أي مؤسسة كنسية مشرقية أخرى موطىء قدمها هناك وأتباعها .

ولهذا ترى اليوم كهنة تركوا خورناتهم دون براءة ذمة ولا هم يحزنون. نتائج  إنتخابات ديمقراطية وحرة ( بالمفهوم العقائدي بعد رياضة روحية من ثلاثة أيام وحلول الروح القدس) تلغى من قبل السفير كما حدث مع إنتخابات الرهبنة الهرمزدية الكلدانية مرتين ويجري تسمية شخص أخر لم يحصل على الأصوات المطلوبة. واليوم يرأس الرهبنة – شأء من شأء وأبى من أبى – كاهن غير كلداني هويته عربية كونه من الموارنة الذين بدلوا لغتهم السريانية بالعربية وقدموا خدمات مذهلة للعرب والعروبة كهوية ولا يزالون. أبرشية لها سلطة ومال وعلاقات تسحب كهنة من العراق ومن الرهبنة وتأويهم رغم إحتجاجات المسؤولين ...

والسفير حاضر في كل شيء وهذا أمر غريب. كل فترة له نشاط ويعرفه الكل ويحتاجه الكل. صار لي أكثر من عشر سنوات في السويد وأنا على علاقة وطيدة برئاسة الكنيسة الكاثوليكية في هذا البلد ومطارنتها ومعهدها العالي في جامعة أوبسالا، أعرق جامعات السويد، وإلى هذا اليوم لم ألتق السفير ولم أراه ولم أسمع عنه ولا أعلم إن كان موجودا ولم ألحظ أن له أي سلطة على الإطلاق على رئاسة الكنيسة الكاثوليكية هنا ولا يحق لأي كاهن كلداني هنا تجاوز المطرانية والإتصال بالسفير ولا يحق للسفير التدخل في شؤون المطرانية.  في مؤسستنا الكنسية العتيدة هو تقريبا كل شيء. فماذا بقي من سلطة لبطريركنا؟

وهذا الإنفلات الإداري ليس سببه البطريرك الحالي او غيره. سببه عدم الإكتراث والشكاوي التي لا تنقطع للسفير والفاتيكان من كل حدب وصوب حتى وصل الأمر إلى ان لا سلطة حقيقية للبطريرك وحتى للمطارنة لأن كل واحد تقريبا يعمل حسب هواه وهكذا ظهرت طقوس مختلفة وكراريس طقسية مختلفة بعضها يكتبه كهنة من عندياتهم ويفرضونه كصلاة جماعية رغم أخطائه الليتورجية والعقائدية وحتى اللغوية.

الملف الخامس: الهوية الكنسية

الهوية تميز كنيسة عن أخرى. نحن ننتمي عقائديا إلى الفاتيكان ولكن هذا لا يعني أننا نتخلى عن هوية كنيستنا المتمثلة باللغة والليتورجيا والأدب الكنسي. ما يحدث في هذا الملف إن إستمر على المنوال الحالي سيلغي الهوية الكنسية – اللغة– اي سيقضي علينا كقوم وكنيسة كلدانية. ويبدو أن البعض من أفراد المؤسسة همهم الوحيد هو محاربة اللغة الطقسية وما تركه لنا اباء الكنيسة من صلوات وتراتيل وأدب يبز من كافة النواحي ما لدى أي كنيسة أخرى في العالم.

اليوم يدعو بعض الكهنة ومن المنابر الكنسية والإعلامية إلى إستخدام كل اللغات ويقول بعضهم علانية حتى لو تكلم شخص واحد بالكردي في الكنيسة فأنا علي أن أرتل وأنشد بالكردي. ويبدو أننا مقبلون في بعض الكنائس لا سيما في المهجر إلى التحول إلى أمم متحدة خاصة بنا.

وإن أخذت السويد او اوروبا مثالا حيث تتواجد جالية كلدانية كبيرة ترى ان الهوية في طريقها إلى الإندثار والضياع بسبب هذه السياسة. في السويد هناك من يحبذ حتى الأن العربية والعروبة على هويته الكلدانية المتمثلة بلغته ويعزو ذلك جزافا إلى الإيمان والعقيدة. اليوم أغلب الجوقات، مدعومة من قبل الكهنة – كما حدث في المهرجان – تفضل العربية على الهوية الكنسية المتمثلة بلغتنا القومية رغم ان الجيل الحديث لا سيما التلاميذ في المدارس لا يفهمون العربية، يتقنون السورث والسويدية مع ذلك يصر البعض على إستخدام العربية او أي لغة أخرى .

أنا أسمّي هكذا مواقف "مهزلة العقل البشري" لأنها تعارض أبسط مبادىء المنطق. هل نحن كنيسة ناطقة بالعربية؟ إن كنا كذلك ماذا عن الأغلبية الساحقة التي تفضل لغتها وهويتها وإن كنا كذلك ما لنا والكلدانية التي نعتز  بها إن تحولنا إلى العربية وعربنا أنفسنا؟

والسؤال الأخر هو لماذا هذا التهاون لا بل الكراهية لكل ما هو كلداني لدى البعض من الكلدان ورجال دينهم؟ أنظر الى الكنيسة الكاثوليكية السويدية. كهنتها ليسوا سويديين وأغلب المؤمنين الذي يؤدون الطقوس والأسرار فيها أجانب إلا أنها تتشبث بهويتها وطقسها وليتورجيتها، أي كل شيء بالسويدي رغم ان الكثير من الأناشيد عمرها مئات السنين ومكتوبة بلغة سويدية كلاسيكية يصعب فهمها حتى على السويديين، فماذا عن الأجانب؟ نحن إن كان شخص واحد يريد العربية فكل شيء يصبح عربي. أليست الكنيسة السويدية الكاثوليكية تابعة لروما؟ لماذا كل هذا التهاون والإشمئزاز من هويتنا الكنسية بإسم المجمع الفاتيكاني او غيره من الحجج الواهية والغير منطقية؟

اما عن طريقة أداء الطقوس فحدث ولا حرج فكل له طقسه وكراريسه لا بل كل يوم أحد قد يكون هناك كراس جديد.

ولهذا بدأ الكلدان مغادرة كنيستهم زرافات. ماذا يفعل الوالدين الذين لا يفقه اولادهم العربية وعندما يأتون بهم للكنيسة يصر البعض لا بل يفرض العربية على الكل؟ وهكذا  يفضل البعض الإنتماء إلى الكنيسة الكاثوليكية السويدية وأخرون يغادرونها إلى كنائس أخرى. ومع كل هذه الحقائق ترى البعض وقد ركبت العروبة والعربية رأسهم ويقومون بفرضها علينا رغما عن أنفنا.

الملف السادس:الطقس الكلداني

الطقس الكلداني اليوم مهمش في أغلب المناطق. والطقس هو الليتورجيا وكما قلنا كل كنيسة لها ليتورجيا خاصة تميزها عن الأخرى. وطقس كنيسة المشرق حسب أداء الكنيسة الكلدانية من أبدع ما أنتجته القريحة الإنسانية. فهو في مجمله ادب كنسي وموسيقي ولاهوتي وفلسفي وتصوفي وثقافي وأخلاقي وتربوي من منطلق إنجيلي مسيحي لا يوازيه أي أدب كنسي أخر في الدنيا.

اليوم هذا الطقس مهمش في أغلب المناطق ومن قبل كثير من رجال الدين وحتى من هم في سدة الأسقفية. وما يؤسف له هو تفضيل مواد أخرى لا سيما من الليتورجيا اللاتينية والعربية على هويتنا الكنسية. وهذا أمر أيضا يقع ضمن "مهزلة العقل البشري." لا أعلم كيف يجوز تفضيل ليتورجيا دخيلة على ليتورجيا كنيستنا. أفهم الشراكة العقائدية لكن لا أفهم ابدا الشراكة الليتورجية بحيث صرنا اليوم ننشد ونصلي ونقرأ نصوصا ونؤدي ممارسات غريبة وعجيبة ورتيبة ومملة وأحيانا باهتة لا تمت بصلة إلى تراثنا المسيحي المشرقي. نعم الطقس بحاجة إلى إحياء وتحديث، ولكن إلغائه وتهميشه او تعريبه او إستبداله جريمة بحق كنيستنا المشرقية وتاريخها وقديسيها وشهدائها وإرثها وهويتها.

الملف السابع: التزوير

هذا ملف دخل صفوف كنيستنا المشرقية من خلال مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية حيث جرى ليس تشتيتنا بل تفرقتنا إلى طوائف وتسميات لا زالت حتى اليوم السبب الرئسي لتخلفنا وإنقسامنا وشرذمتنا ولم تدخل التسميات مثل "النسطوري او اليعقوبي"  في خطابنا في العصر الحديث، والتي تستخدمها الأبرشية الكلدانية في المهجر بكثافة للإنتقاص من أشقاء لنا وتكفيرهم، إلا من خلال ما وردنا من الغرب ومؤسسته الكنسية.

والتزوير لا علاقة له بالروح القدس وكون الكنيسة مؤسسة إلهية. التزوير كما الحال مع الملفات الأخرى حالة بشرية دنيوية يجب إدانتها من أي جهة أتت. وهنا أشير إلى إسم كنيستنا الرسمي والتاريخي وهو: "عيتا دمذنحا او عيتا دمذنحا دسورياي"وكيف جرى تزويره طقسيا إلى التسميات التي نتصارع عليها اليوم في مستهل القرن العشرين ومنتصفه ومن قبل الجانبين. لم يرد في كل أدبنا وتراثنا الكنسي وغيره تسميات مثل "عيتا دمذنحا دكلدايي او عيتا دكلدايي او عيتا دمذنحا داثورايي او عيتا داثورايي." هذا تزوير للتاريخ والتراث والأدب الكنسي.
 
والتزوير مستمر. فرغم أن كنيسة المشرق الكلدانية بأغلبها لا تطبق الطقس كما ورد في الكتب الطقسية مثل الحوذرا، الذي صار كتابا مهمشا، نرى ان الطبعات الأخيرة إحتوت تجاوزات خطيرة حيث جرى التبديل والتحريف الكيفي من قبل معديه. فمثلا في صفحة (نون لمث كمل)  جرى تبديل كلمة "سوريايي" إلى "كلدايي" أينما وردت وقد يحفز هذا الطرف الأخر على تحويلها إلى "أثورايي".

هذا النوع من التزوير في كتب التراث وبهذا الشكل الفج يرقى من الناحية الأخلاقية والعلمية والأكاديمية إلى جريمة وإن قام به أكاديمي لدى الأمم الأخرى لخسر منصبه وسحبت منه الشهادة وتم فضح أمره. وما يؤسفنا ان من بين معدي كتاب الحوذرا في طبعته الأخيرة من يدعي أنه يحمل شهادة دكتوراة او أكثر. أنا أستطيع أن أسمي نفسي ما أشاء ولكن لا يجوز أن أتلاعب بالتاريخ والتراث وأزور الأسماء  حسب ما أهواه وأتمناه. لو فعلت كل الشعوب مثلنا لما بقي مكانا للحقائق والتاريخ بين الأمم.

الملف الثامن: تطبيق المقررات

يتعلل الكثير منا ان الأزمة الحالية مردها الرئاسة. وبالطبع هذا هروب من الواقع المرير الذي نمر فيه والجرح العميق الذي نعاني منه لأننا نجعل من الرئاسة شماعة لأخطائنا علمانيين وإكليروس. هناك مقررات من سينودوسات سابقة وافق عليها المطارنة بالإجماع ومنها سينودس عام 1967 وعام 1998 ومقرراتهما منشورة ومعروفة. هل الرئاسة كانت السب في عدم إلتزام الكهنة والمطارنة بها؟ ومن يقول أننا سنلتزم بهذه المقررات الأن بعد أن تم إزاحة الرئاسة الحالية؟

الملف التاسع: عدم مبالاة

على الكلدان الخروج من قوقع "عدم المبالاة"  وأن الهوية والكنيسة هي رجل الدين إن قال "واحد" نحن نردد وراءه "واحد،" وإن قال "إثنين" نحن نردد وراءه "إثنين."  علينا المطالبة في حقنا في كل مكان في الكنيسة والنادي والبيت ... بحقنا في هويتنا ولغتنا وطقسنا وتراثنا وأدبنا. كم أتمنى ان يقف الكلدان صفا واحدا أمام أي شخص يهمش لغتهم وهويتهم وتراثهم، رجل دين كان او غيره. بمعنى أخر ان نقول لرجل الدين او افراد الجوقات او الشمامسة او مسؤولي النوادي والتنظيمات إننا نحب هويتنا ولغتنا ولا نسمح بتهميشها. سينهض الكلدان في اليوم الذي ينتفضون على وضعهم الحالي ويقولون للشخص الذي يبدل او يعرب لغتهم وأناشيدهم وليتورجيتهم وطقوسهم وتقاليدهم ولا يطالب بحقوقهم المهضومة إن في الهند أو غيرها كائن من كان "أنت لست منا" رجل دين او غيره. ولكن ما يحدث اليوم، ومع الأسف الشديد، ان المتزمت بهويته وتراثه ولغته يُحارب ويُهمش واليعربي والعروبي هو المفضل ومع ذلك نقول نريد ان ننهض.

روابط (نماذج محددة)
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/11/30_Nov20_DrGmardo.html
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/08/14_Aug08_DrGMardoo.html
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/04/30_Apr16_DrGMardo.html
http://www.kaldaya.net/2011/Articles/12_December2011/62_Dec27_DrGorgisMardo.html





145
الأستاذ ميخائيل ممو: لننقذ شعبنا قبل فوات الآوان

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

فاجأني الأستاذ ميخائيل ممو بمقالته الأخيرة (رابط 1) والتي يخاطبني فيها مباشرة ويثير فيها مسائل ذات علاقة مصيرية بوضع شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة ويضع النقاط على الحروف بخصوص ما يواجهه من  مشاكل وإحباط.

وفي الرسالة نبرة عتاب وحزن على ما آل إليه وضعنا من فرقة وتشرذم وصراع مرير على أمور ليست ذات قيمة او جدوى لمسيرتنا كهوية وقوم له خصوصيته وثقافته ولغته وتاريخه وموروثه الذي يميزه عن باقي الأمم والأقوام.

وكل هذا أتى ضمن أسلوب أدبي محكم لا يتقنه إلا الأدباء والشعراء. والأستاذ ممو شاعر وأديب اولا بلغتنا القومية وثانيا بالعربية أيضا. فاستميح قرائي عذرا إن رأوا أن أسلوبي لا يرتقي إلى علياء حبكته اللغوية المتينة.

وكان المقال من ناحية الأسلوب قطعة أدبية كلماتها وعباراتها وجملها منتقاة بعناية فائقة إستطاع فيها الكشف عن الجرح العميق الذي يعاني منه شعبنا وأسبابه ويستشف منه القارىء اننا ومؤسساتنا لا سيما الدينية منها السبب وراء وضعنا المزري الذي تغيب فيه خاصية الحوار المتمدن وتنعدم فيه روح التضحية من أجل المبادىء السامية التي تتمثل في الحفاظ على هوية شعبنا ووجوده الذي هو اليوم على كف عفريت.

أنا لست أديبا او شاعرا. أنا صحفي وأكاديمي. والمقال الصحفي يختلف جذريا عن المقال الأكاديمي. الصحفي القدير هو الذي يثير أسئلة مهمة ولا يخشى السلطة دينية كانت او غيرها ويواجه غير ابه ما يمكن أن يتعرض له من هجوم وإنتقاد ولا ينس في كل هذا العمل قدر المستطاع من أجل  النزاهة والعدالة والحقيقة.

ولأنني صحفي، أرفض الإختباء وراء الأكمات اللغوية وأكتب بصراحة قد لم يتعود عليها شعبنا وما إنتقادي للدور السلبي للمؤسسة الدينية في النهوض بشعبنا والحفاظ على وحدته وهويته ووجوده إلا مؤشر واضح على ذلك.

 واليوم أنا الوحيد بين كتاب شعبنا يشير في كتاباته إلى الإضطهاد الكبير الذي وقع علينا على أيدي مؤسسة الكنيسة الغربية الإستعمارية في العصر الحديث والدور التخريبي الذي لعبته في تشتيتنا إلى ملل وطوائف وتسميات. وكوني عضو في هذ الكنيسة لا يعني أنني أقبل أن تُقترف جرائم بحق الملايين من ابناء شعبنا بطمس هويتهم وطقسهم ولغتهم بشكل قسري وعنيف وقطع حبل إتصالنا معهم.

آن الآوان ان يميز شعبنا بين الدور المؤسساتي المدني لكنائسنا ودورهم الروحي والإنجيلي. إنتقاد الدور المؤسساتي واجب وكشف وفضح الممارسات المؤسساتية الخاطئة لأي جهة كانت يقع في صلب عمل أي صحفي او كاتب يحترم نفسه وقلمه وقراءه. والأستاذ ممو يشير إلى هذا بعبارات كثيرة في مقاله إلى درجة تقترب احيانا من المباشرة في إلقاء اللوم.

إن كنا نقاوم بقدرالمستطاع والممكن – من خلال أقلامنا لأننا شعب لا نملك شرطيا واحدا – كل من إضطهد ويضطهد شعبنا من مسلمين وعرب وأكراد وأتراك وما إقترفه بعضهم من جرائم تعد إبادة جماعية بحقنا، وإن كنا نحاول جاهدين الحفاظ على وجودنا في أرض الأجداد وعدم التخلي عن لغتنا أين ما أدى بنا الدهر في أرض الله الشاسعة، علينا أيضا أن نشخص ما نسببه نحن لأنفسنا من أذى حيث في كثير من الأحيان وخصوصا في العصر الحديث كنا ضحية أنفسنا ومؤسساتنا لاسيما الدينية منها.

نحن اليوم ومن خلال ما يجري من نقاش بين مثقفينا وكتابنا على صفحات هذا الموقع او غيره نفتقد خاصية الحوار المتمدن. طريقة إجراء حوار حضاري مهمة جدا واليوم تدرّس في كثير من المدارس في الغرب. ولكن حوارنا حوار عقيم. لو قلت مثلا إن ممارسة اللغة القومية هي الوجود وهي الهوية لأتاك جواب سفسطائي يحيلك إلى التسمية التي صارت تقض مضاجع شعبنا وصارت شماعة وقميص عثمان للأفراد والمجموعات التي غايتها لم تعد جمع شمل شعبنا من خلال التشبث بهويته – لغته – بل تشتيته وشرذمته منطلقين من دوافع مذهبية او شخصية او نفعية.

ونحن نتقاتل على إسم لغتنا القومية او هويتنا وبعبارات طنانة ترقى أحيانا إلى الخطابات البعثية اليعربية (القومجية) الحماسية، نكتشف ان صاحب الخطاب ومن حوله لا يمارس هذه اللغة ولا يدافع عنها عمليا ولا يكترث إن إستُخدمت او لم تستخدم والأنكى تراه يحارب كل جهد لإحيائها وتداولها وإنقاذها من الإندثار لأن إندثارها يعني نهايتنا كأمة وهوية قومية كانت او كنسية.

وصرنا اليوم رهائن لمصادر وكتب ومقالات لا يعتد بها من الناحية العلمية والأكاديمية. جل ما نذكره ونستقي معلوماتنا منه هي مصادر ذات نبرة مذهبية وطائفية لا يكترث لها العلماء والأكاديميون. الكتاب والمقال العلمي هو الذي ينجح بعد وضعه امام إختبارات قاسية جدا ويتم نشره في دورية علمية معتمدة او دار نشر أكاديمية او جامعية معتمدة.

وماذا عن أغلب المصادر التي نعتمد عليها اليوم ونحن نتصارع على أمور جوهرية ذات مساس بوجودنا كهوية وقوم وحضارة؟ يؤسفني القول إن النقاشات التي تدور الأن بين مكونات شعبنا ليست هامشية المحتوى فقط بل تعتمد على أسس ومصادر هامشية لا يعتد بها علميا وأكاديميا.

وهنا أذكر – وهذا الأمر يتطلب شجاعة صحفي لا يكترث لموقف الأخرين عند تعلق الأمر بالنزاهة والموضوعية – مسألة الكتاب المقدس – العهد القديم – الذي صار المصدر الأول لأبناء شعبنا في امور تخص الهوية والقومية. وهنا كأكاديمي أقول إن العهد القديم لا نعده حتى مصدرا ثانويا. هذا ليس كتاب علمي وأكاديمي. تاريخيا وعلميا ولغويا (علم اللغة) ومن نواح كثيرة أخرى هذا كتاب مملوء بالأخطاء شأنه شأن أي من الكتب التي يراها اتباعها مقدسة. ومع ذلك ترى الكثير من ابناء شعبنا وفي خانة المثقفين إن أرادوا الإستشهاد بمواقف تخص هوية ولغة شعبنا عرجوا على هذا الكتاب.

وهذا الحال الذي هو فيه شعبنا مأساة حقا. لماذا؟ لأن الذي يدعي أن إسم لغتنا القومية يجب ان يكون "سين" وليس "جيم" تراه يهاجم إن أنشد ليون برخو قصيدة كتبها احد عمالقة أدبنا لغرض إحيائها ولغرض تحفيز الكل لا سيما الشباب للعودة للجذور وجعلها طاقة للإنطلاق صوب المستقبل.

يهاجمون مؤدي القصيدة ولحنها ولغتها لأنني سميتها "سين". يأ إخوتي وأخواتي هي ذات اللغة وكاتبها واحد وحروفها واحدة ومفرداتها واحدة ومعناها واحد ونحوها وتسلسل أقسام جملها واحد إن كانت "سين" او "جيم". ما يهمنا هو عدم ضياعها، هو إنشادها وتدريسها ومغادرة الدخيل والهجين والأجنبي لا بل أحيانا المقرف الذي نتعامل به اليوم وننشده.

أنا مثلك يا عزيزي ميخائيل أتألم عندما أرى اننا نحارب أنفسنا ونهمش أنفسنا وهويتنا – لغتنا. أنا أقول "أه" ولكن "أه" من "أه" لأنها صارت "أهات وأهات."

وأخيرا اشكرك على وعدك أنك ستمضي قدما في تأسيس مدرسة سريانية في السويد وستشيد هذا الصرح بطريقة وحدوية تضمّنا جميعا بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة وستجعل منها خيمة لا بل منارة لأبناء وبنات شعبنا الواحد وستكون مناهجها وكتبها ذات العلاقة بلغتنا القومية هي ذات الكتب والمناهج التي تدرس اليوم في مدارسنا السريانية في العراق.

المدارس السريانية في العراق تجربة فريدة من نوعها وأول إنجاز قومي لشعبنا في العصر الحديث. الذي له ذرة من الغيرة والنخوة والشهامة لهويته القومية والكنسية المشرقية ومن أي إسم او مذهب كان عليه دعمها ومساندتها. نجاحها سيعني إنتشارها ليس في العراق والشتات ولكن في سوريا ولبنان وكل مناطق تواجد شعبنا الأخرى.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,634303.0.html

146
أنشودة تودي لطاوا: هذا ما تركه لنا أجدادنا العظام وماذا فعلنا نحن؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


أمضيت ليلة رأس السنة الجديدة – 2013 – وأنا أتأمل في مصير شعبنا الواحد بأسمائه ومذاهبه المختلفة. وأخذتني ذاكرتي إلى برديصان – واحد من عمالقة أدبنا السرياني. وأنا أقارن وأقارب سيرة حياته ومساهمته في أعلاء شأننا كأمة ولغة وهوية قبل أكثر من 1800 سنة ومن خلال تحليل خطاب سيرته قلت في نفسي إن هذا العملاق قد يكون صاحب هذه الإنشودة السريانية الرائعة التي أدتها فرقتنا الطقسية مؤخرا:

http://www.youtube.com/watch?v=-UJwRK2w0dA&feature=youtu.be

http://www.youtube.com/watch?v=rKqC6rkzllE

 وقد ينسبها الأخرون إلى مار أفرام – عملاق اخر من عمالقة أدبنا السرياني إلا أن ما حدث بعد وفاة برديصان يجعلنا نشك أحيانا في أقل تقدير في عائدية الكثير من الأناشيد والأشعار في أدبنا السرياني.

برديصان كان مسيحيا إلا أنه بالنسبة إلى مار أفرام وزملائه كانت هناك شوائب في مفاهيمه المسيحية (اللاهوتية) مما جعل الأخير يشن عليه هجوما عنيفا كان من نتائجه خسارة الكثير من الروائع والكنوز الأدبية والموسيقية البرديصانية.

وبرديصان قد يكون رائد الشعر الحر في عالم الأدب. والشعر الحر صنف أدبي لم يعرفه الغرب إلا في القرون المتأخرة ودخل العربية في القرن العشرين عي أيدي شعراء عراقيين أمثال بدر شاكر السياب ونازك الملائكة.

وحسب بعض المؤرخين أن مار أفرام أعاد صياغة الكثير من أشعار برديصان لجعلها موائمة للفماهيم المسيحية (اللاهويتة) الشائعة في زمانه وأحتفظ بموسيقاها ولحنها ونسبها أو نُسبت إليه.

وموسيقى برديصان – حسب قراءتي لسيرة حياته – تمتاز بالخفة والحركات السريعة لهذا تلقفها الشباب في ذلك العصر وأنتشرت بينهم مثل إنتشار النار في الهشيم.

وهذا ما جعلني أنسب اللحنين الرائعين أعلاة إلى برديصان إستنادا إلى إستقراء نصوص محددة مما خلفه لنا ولكنني لا أجزم أنني على صواب مائة في المائة.

وكنت قد بحثت عن هذا العلامة وكيف كان قد ألهب الشباب في مدينة الرها – مدينة العلم والفسلفة والجامعات والمدارس السريانية – بما سطره من أشعار وألحان. ذاع صيت الرها – تعرف حاليا بإسم أورفا في تركيا – بسبب برديصان لأنه هو الذي أسس مدرستها وجامعتها وجعل السريانية لغتها الرسمية.

قصة برديصان لها علاقة مباشرة بكافة أبناء وبنات شعبنا اليوم كلدانا او أشوريين اوسريان كانوا لأن هذا العلامة الذي ولد في منتصف القرن الثاني الميلادي وتوفي في مستهل القرن الثالث يعود له الفضل في إحياء لغتنا السريانية وجعلها – من خلال أشعاره والحانه – الهوية الحقيقية لأجدادنا.

وهذان اللحنان الرائعان قد أختفيا من كل الكنائس. القصيدة لا زالت بعض الكنائس المشرقية تنشدها ولكن بأسلوب مختلف.

إذا من أين حصلت عليهما؟ اللحن الأول (سيكا) علمني أياه الأب هرمز شلال ،رحمه الله،  في منتصف الستينات عندما كان رئسا لدير المبتدئين من الرهبنة الهرمزدية الكلدانية.

واللحن الثاني (بيات) أستقيته من المطران أفرام بدي، رحمه الله، والذي كا أسقفا في كنيسة المشرق الكلدانية. يقول المطران إن هذا اللحن كان شائعا لدى أتباع الكنيسة الكلدانية في تركيا.

وأملي ان نعيد إحياء هذا التراث. كلنا بإختلاف أسمائنا ومذاهبنا نملكه سوية. لنا حق فيه لأن من خلاله نعرف من نحن وما هي هويتنا.

وأقترح على مديريات الثقافة والدراسات السريانية في العراق إدخال مادة "النشيد السرياني" في مناهج مدارسنا كافة وان يقوم أساتذة مختصون بتدريس هذه الأناشيد كي نحافظ عليها من الضياع وننشدها كلنا سوية.

وبالمناسبة وتلبية للطلبات الكثيرة التي وردتنا فإن الفرقة الطقسية ستطلق عن قريب باكورة أعمالها، البومها الأول، الذي سيتضمن 13 قصيدة سريانية مغناة من طقس كنيسة المشرق بأسمائها ومذاهبها المختلفة.

 

147
المدارس السريانية فخر لشعبنا والذي يعرقل عملها يقترف الخيانة العظمى
   ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


العصر الحديث عصر نكبات ومأسي لشعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبة المختلفة. كان شعبنا هدفا للإضطهاد والقتل والتشريد ولم تسعفه حتى الجبال العصية التي هرب إليها. أكاد أجزم ان أي فرد من أبناء شعبنا وفي غضون جيل واحد قد خسر واحدا من أقاربه في أقل تقدير وهرب بجلده من أكثر من  مكان.

ولا نستثني أحدا من الأقوام التي سكنّا معها او بقربها. الكل إضطهدنا بطريقته الخاصة وأحيانا بقسوة ترقى إلى مذابح جماعية. وموضوع ما وقع علينا من إضطهاد يحتاج إلى موسوعة يشترك في تأليفها جمهرة من المؤرخين وليس مؤرخا واحدا لأنه يشمل حتى مؤسسة الكنيسة الغربية وما ألحقته بنا من مأسي وإضطهاد يندى له الجبين لا سيما ما فعلته بشعبنا في الهند وأماكان أخرى كثيرة.

ضوء في نهاية النفق

ولكن يجب ان لا نجزع. رغم ما لحق بنا من مأس فإننا وبعون الله مقبلون على نهضة  والمدارس السريانية في العراق التي تجاوز عددها الستين وطلبتها عشرات الالاف مؤشر يبشر بالخير ومستقبل زاهر رغم الصعوبات.

هذه المدارس في رأي تمثل أكبر وأهم إنجاز حققه شعبنا في عصره الحديث لأنها ولأول مرة تصبح فيه لغتنا السريانية الجميلة لغة التدريس للمواد كافة في عصرنا هذا.

وإن أضفنا إلى هذه المدارس المديريات السريانية – واحدة للثقافة وأخرى للتربية في إقليم كردستان وواحدة للتربية في بغداد – فإننا نكون أمام ظاهرة فريدة في تاريخ شعبنا في كافة الأقطار المشرقية لتواجده – العراق وإيران وتركيا وسوريا ولبنان وفلسطين.
هذا إنجاز كبير وانا شخصيا أقف بإجلال وإحترام لكل الذين كانوا من ورائه ولكل الذين يساندونه ويدعمونه ولكل الذين يقفون بالمرصاد لوأد كل جهد اومؤامرة لإفشاله.

وما نصبو إليه هو إنشاء مجمع اللغة السريانية، يجمع خيرة علماء هذه اللغة، وكذلك جامعة سريانية خاصة بنا. هذا حلم كبير بالنسبة لي وأمل أن أراه على أرض الواقع قبل أن تلحق بي المنية.

تجربة فتية

هذه تجربة فتية ستتخللها سلبيات ولكن في الإمكان تجاوزها. إننا شعب كنا في سبات لأسباب عديدة بعضها يجب ان نلوم أنفسنا عليه وليس غيرنا.

قد لا يعلم الكثير من ابناء شعبنا أننا قلما نملك عالما لغويا بالمستوى الأكاديمي الذي يؤهله للتدريس الجامعي من أبناء شعبنا. فمثلا يعتمد فسم اللغة السريانية في جامعة بغداد في غالبيته على الأساتذة العرب  والمسلمين الذين إختصوا في لغتنا.

وكل الأقسام الجامعية في العالم التي تدرس وتبحث في شؤون لغتنا السريانية يديرها أساتذة لا ينتمون إلى هويتنا القومية. والإختصاصت العليا في اللغة السريانية نادرة إلى درجة ان كل الجهود لفتح قسم  للغة السريانية في إحدى الجامعات في كردستان في شمال العراق إن في أربيل او دهوك ذهبت حتى الأن أدراج الرياح.

ربما خير لنا

بعدُنا عن الإختصاصات العليا في لغتنا القومية السريانية قد يشبه "وعس ان تكرهوا شيئا وهو خير لكلم" لأنه أنقذ هذه اللغة من مهاترات التسمية التي تعصف بشعبنا. أظن لو كان لنا إختصاصيون يحملون شهادات الدكتوراة في هذه اللغة لجعلوا منها مادة دسمة لمهاترات التسمية أيضا كما يحدث الأن بخصوص أسمائنا.

اليوم تدرس لغتنا في ارقى جامعات الدنيا في اوروبا والويلايات المتحدة والهند وغيرها من البلدان وفي كل الأقسام التي تدرسها إسمها "قسم اللغة السريانية." والذين يدرسون في هذه الأقسام علماء بكل معنى الكلمة.

ولكن بعض أبناء شعبنا، ومع إحترامنا الشديد لهم ولمكانتهم، يحاولون إقحام أجمل وأغلى ما نملكه سوية كأمة وشعب والذي دونه لا هوية لنا في مهاترات التسمية. فبدلا من أن  نحافظ على هذه اللغة وندعمها بكل ما نملكه ونحث اولادنا للإنضمام إلى مدارسها والإختصاص فيها يحاول بعضنا تشويه إسمها.

سفير العراق في السويد وقنبلته اللغوية

قبل مدة فجر السفير العراقي في السويد  السيد حسين العامري قنبلة لغوية هزت السطات في البلد برمته. وإنفجرت هذه القنبلة وبدوي هائل بعد رسالة كان السفير قد أرسلها إلى السلطات التربوية في السويد يطلب فيها السماح للحكومة العراقية بتأسيس مدارس عراقية خاصة تكون اللغة العربية مادتها الأساسية وعلى نفقة العراق.

تلقف الإعلام السويدي الخبر وإستنادا إلى مطالعتي للصحافة السويدية لم ألحظ موقعا إعلاميا إلا وأبرزه (رابط 1 و 2). وأهم تحليل كتبته الصحفية السويدية الشهيرة في جريدة داكنزنيهتر – أهم  جريدة في السويد –أوسا موبري (رابط 3) ،تعقب فيه على رسالة السفير. وتقول أوسا هناك 250 الف عراقي في السويد وإذا أخذنا تجربة المدارس الإسلامية في كل من السويد والدنمارك فإن هذه المدارس سيكون لها شأن كبير لأنها إضافة إلى إستلامها الدعم المالي من الدول الراعية فإنها تستحق وحسب القانون السويدي كل الدعم المالي من السويد أيضا شأنها شأن المدارس السويدية. وقانونيا ليس بإستطاعة الحكومة السويدية منع العراقيين او غيرهم من الجاليات الدراسة بلغتهم الوطنية. وتعزو أوسا ذلك إلى ما يتمتع به السويديون في الخارج من إمتيازات تشمل الدراسة بلغتهم الوطنية.

ولكن ما أثارني وجذب نظري في مقالها هو قولها أن الكنيسةالسويدية هي التي تهتم بشؤون اللغة الوطنية السويدية بالنسبة للسويديين المقيمن في الخارج. لنقارن ونقارب موقف الكنيسة السويدية بشأن الهوية اللغوية مع بعض كنائسنا  ورجال ديننا من الذين لا يهاجمون الهوية الكنسية  المتثلة باللغة والليتورجيا بل يحاربونها في نفس الوقت أيضا.

ما العمل

وفي الحقيقة – وهنا أنا مقصر بقدر تعلق الأمر بالشعب الذي أنتمي إليه – كنت قد كتبت مقالا في هذا الشأن في الصحافة العربية واليوم يعد العراقيون من العرب والمسلمين من المقيمين في السويد أنفسهم لفتح المدارس الخاصة بهم فور صدور قرار كهذا من الحكومة العراقية.

أضع هذه المسألة امام المتنفذين من أبناء شعبنا في المهجر والسويد بالذات. هل نحن على إستعداد لفتح مدارس سريانية أم سنظل نتقاتل على أن إسمها سين او جيم؟ ما هو دور رجال ديننا؟ البعض منهم له دور إيجابي في تدريس والحفاظ على هويتنا الكنسية من خلال اللغة والليتورجيا والأخر لا يكترث لها البتة لا بل يحاربها ويرفض حتى فكرة تأسييس مدارس بلغتنا القومية ووصل الأمر إلى درجة ان يجتمع أكثر من 700 شاب وشابة  لنا في مؤتمر للجوقات وهم ورجال دينهم يهللون للعربية والعروبة وفي كل المهرجان لم ينطقوا كلمة واحدة بلغتنا القومية (رابط 4).

الخيانة العظمى

اللغة هي الهوية ولغتنا السريانية هي هويتنا مع أسمائنا الجميلة. اللغة والهوية سيان. الذي يحارب او يعرقل او لا يقبل تأسيس مدارس سريانية اويحث الطلبة على عدم الإنضمام إليها إن في أوطاننا الأصلية او  في المهجر يجب ان نشخصه ونقول له إن ذلك يمثل خيانة للهوية ومنها هويتنا الكنسية.

وإن كان ذلك الشخص يمثل مذهبا او حزبا او منظمة او يدعي القيادة ويعرقل او يحارب لغتنا ومدارسها ويكتب رسائل إلى الجهات المختصة لفتح مدارس عربية في مناطقنا وأماكن تواجدنا بدلا من السريانية فإنه يقترف الخاينة العظمى وإن إدعائه انه يريد ان ينهض بنا ويرفع من شأن إسمنا – أي إسم كان – او هويتنا كذب في كذب.

ولهذا لم أصدق لابل خاب ظني عندما وقعت عيناي على مقال يطلب فيه قيادي حزبي من ابناء شعبنا – يقول أنه يقود  حزبا قوميا –عدم فتح مدارس سريانية في مناطقنا بل يطالب وبصراحة السلطات المختصة بفتح مدارس عربية (رابط 5). هذه خيانة لا بعدها خيانة ولا أظن أن كرديا أميا في أعالي جبال كردستان يقبل على نفسه ذلك ولا يقبله أي شخص أخر له غيرة على هويته التي هي لغته.

 رابط 1 و 2
http://www.friatider.se/irakiska-grundskolor-snart-i-sverige
http://www.dn.se/nyheter/sverige/irak-vill-oppna-skolor-i-sverige

رابط 3
http://www.dn.se/nyheter/asa-moberg-tank-om-irakiska-skolor-blir-battre-an-de-svenska
رابط 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,616072.0.html
رابط 5
http://www.kaldaya.net/2012/Articles/12/47_Dec17_AblahadAfram.html









148
الأستاذ حبيب تومي والإصرار على الباطل

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


مقدمة

وأخيرا ظهر الحق رغم الإصرار على الدفاع عن الباطل.  هذا ما خطر ببالي وأن أنهي قراءة أخر مقال للأخ حبيب تومي (رابط 1) الذي يتناول فيه ستة محاور أساسية.

فأولا يخصص الكاتب جزءا من المقال لنظرته الخاصة لما يجب ان تكون عليه الهوية الكلدانية. ثانيا يعرج على مسائل ومواقف شخصية تقع ضمن خانة مديح الذات. ثالثا يذكر ماضيه لا سيما كونه حارب في صفوف البيشمركة. رابعا يؤكد على إدعائه السابق أن بإمكانه خدمة شعبنا (بتسمياته المختلفة) وذلك بمساعدته على إعادة ما إغتصبه الأكراد منا من أراض وقرى. خامسا يذكربعض الشؤون العائلية. وسادسا وأخيرا يدافع بإصرار عن الجامعات المفتوحة لا سيما التي يديرها بعض الأساتذة العراقيين في الخارج، بمعنى أخر يدافع عن شهادة الدكتوراة المزعومة التي منحتها له إحدى هذه الكيانات.

المغزى

شخصيا لم أتمكن من إيجاد أي رابط منطقي بين النقاط  الستة أعلاه. ولكن يبدو ان الكاتب لملمها في محاولة قد تكون أخيرة لإقناع القراء أن لا غبار على الجامعات المفتوحة التي نحن بصددها وعليه لا غبار على شهادته المزعومة. وفي هذا المقال سأتناول اولا النقطة السادسة من ثم أعرج على نقاط أخرى أيضا. وقد يقول بعض القراء الكرام "كفى. لقد فهمنا كل شيء ويزيد." ولكن أستميحهم عذرا لأن ما ذكره الأخ حبيب من مسائل لا يجب أن تمر مرور الكرام لأنها تلحق ضررا فادحا ليس بشعبنا فقط بل بمكانة العلم والأكاديميا وهي بمثابة مغالطات تنتهك اساسيات العلم والمعرفة.

مغالطات

 يريدنا السيد حبيب تومي ان نغير مفاهيم العلم حيث يقحم نفسه في حقل ما زال عصيا ليس على الأكاديميين والعلماء بل حتى على الفلاسفة وهي مسألة الفروقات بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية والعلوم الصرفة. العلوم تختلف عن بعضها ليس في رصانتها البحثية والعلمية ولكن من حيث حقيقتها الإجتماعية فقط حيث يقول بعض الفلاسفة إن العلوم الإنسانية تقع في باب الذاتية اما العلوم الطبيعية فتقع في باب الموضوعية. ولكن هناك من الفلاسفة والعلماء من ينكر إلصاق "الذاتية" بالعلوم الإنسانية ويقول إن دراساتها وشهاداتها لها من الموضوعية ما للعلوم الأخرى.

إذا الفرق فلسفي وليس عملي وعلمي من حيث مقاعد الدراسة والمختبرات والتجارب العلمية كما يدعي السيد حبيب تومي. اليوم نحن نستخدم المختبرات العلمية في علوم اللغة والإنثربولوجيا والجغرافيا والأثار والتاريخ لا بل أن الكثير مما تستخدمه هذه العلوم الإنسانية وغيرها مثل علوم النفس قد يصل من حيث المختبرات والتطبيقات ما لدى العلوم الطبيعية. وحتى في الإعلام اليوم نطبق الأسس النظرية والعلمية والمختبراتية التي تطبق في العلوم الطبيعية أما اللغة فإننا نتحدث اليوم عن (كومبيتيشنال لنكويستكس وارتفيشل إنتليجنز) ولا يسع المجال لشرحها هنا. وكي أزيد قرائي تنويرا أحيلهم إلى جامعة هارفرد الأمريكية الشهيرة حيث يعمل علماء اللغة والإعلام والجغرافيا وغيرها من العلوم الإنسانية ضمن معهد ماساشوست للتكنولوجيا. إذا لا فرق أبدا بين العلوم من حيث الرصانة العلمية ومن حيث التطبيق للأساليب النظرية والمختبرات والتجارب العلمية. والميزة الأخرى التي ظهرت مؤخرا هي تداخل العلوم بكافة أصنافها. فطالب الطب مثلا قد يدرس اليوم علوم تحليل الخطاب (اللغة) وطالب الجغرافيا يدرس الكثير من المناهج المعتمدة في العلوم الطبيعية وطالب الأثار واللغة مثلا يدرس الإحصاء وغيره من الشؤون العلمية الصرفة.  

ما أتي به كاتب المقال هراء وباطل من الناحية العلمية والأكاديمية. هذا غير مقبول ويمثل إستهانة بأبسط المبادىء العلمية في الوقت الحاضر . وأستميح صاحبه عذرا ولكن أقول إن حامل شهادة الدكتوراة من أي جامعة رصينة معتمدة لما كان قال ما قاله لأن مسائل علمية كهذه تدرس  ضمن المناهج الأساسية وهناك كتب علمية معتمدة تدرس تقريبا في كافة الجامعات عن الحقيقة الإجتماعية وفسلفة العلم.

أليس هذا كافيا ان نطلق على هذه الكيانات الهزيلة "جامعات سوق مريدي وجامعات الواقواق" وعلى شهاداتها شهادات سوق مريدي؟

مطب بعد مطب

و المطب الأخر هو قوله إن الجامعات في الغرب لا تعترف بشهادات الجامعات العراقية العريقة. هذا قول باطل وهراء أيضا. إن الجامعات في الغرب ومنها الدول الإسكندنافية تعترف بالشهادة العراقية ولكن بعد إستفحال ظاهرة سوق مريدي وظاهرة الواقواق إتخذت الجامعات الغربية ووزارات التعليم العالي فيها إحتياطات كي تميز الشهادة المزورة مثل التي تمنحها الجامعات المفتوحة التي نحن بصددها والشهادات المعتمدة. وهذا حق.

وأنا شخصيا أتعامل بهذا الموضوع ولم يحدث أن رفضت السويد مثلا الإعتراف بشهادة عليا مصدقة ومعتمدة من جامعة عراقية عريقة. وهناك الالاف من العراقيين يعملون في السويد إستنادا إلى شهاداتهم العراقية. في جامعتنا هناك ثلاثة عراقيين واحد منهم رئس قسم الإحصاء والأخر مدير مركز أبحاث والأخر أستاذ في الهندسة كلهم إستندوا إلى شهاداتهم العراقية عند التعين.

المسألة ليست كما يريدها الأخ حبيب تومي ولا يجوز على الإطلاق أن نقارن بين شهادة صادرة من جامعة أكاديمية وعلمية معتمدة وجامعة غير معتمدة. المسألة هي وجود  إختلافات في سوق العمل وأيضا مسألة العرض والطلب. الذي يحصل على شهادة الدكتوراة من جامعة عراقية لغة التدريس فيها العربية لا يستطيع العمل في بلد لغته السويدية مثلا. عليه إتقان اللغة الوطنية كشرط أساسي للعمل ومن ثم البرهنة ان الباحث لم ينقطع عن مسيرة العلم والأكاديميا من خلال أبحاثه وأطروحته.

التغني بالبطولات

وليتسع صدر الأخ حبيب بتذكيره أن التغني ببطولات من خلال المقالات شيء والعمل شيء أخر. فمن حقنا كابناء شعب واحد أن نتسأل كيف نصدقك وقولك أنه بإمكانك إعادة الأراضي التي إغتصبها الأكراد منا نظرا لمكانتك،كما تدعي، لدى السلطات الكردية وأنت لم تحرك ساكنا عندما تواطأت هذ السلطات مع الأسلاميين من الأكراد وحرقت ممتلكات ابناء شعبنا وروعتهم وأخيرا وفي تواطىء واضح لم تعاقب المسيئين والأنكى أنها لم تعوض المتضررين من أبناء شعبنا بطريقة منصفة؟ اليس من حقنا ان نسأل: أين كنت وأين أنت؟ أليس أغلب الذين وقع الظلم الكردي عليهم كلدان – من أبناء جلدتي وجلدتك؟

ولكن أستحلفك بالله ماذ كنت ستفعل وكم من المقالات كنت ستجتر وعبارت مثل سلب الحقوق والتهميش والشوفينية والإقصاء وغفلة من الزمن وإحتكار السلطة والمال والمنصب وغيرها كثير الذي قلما يخلو مقال لك منه لو ان – لا سامح الله –الذين إضطهدوا شعبنا في هذه الحادثة المؤلمة التي أقصمت ظهرنا كانوا من أشقائنا الأشوريين ؟ ليس الأشوريون فقط بل حتى نحن الكلدان الذين نختلف عنك توجها – لأننا نؤمن أننا شعب واحد لنا تراث وتاريخ ولغة وطقس وإرث ودين واحد – لا نسلم من قلمك ونحن لم نغتصب اراض شعبنا ولم نحرق دكاكينه او نروع أطفاله او نحرق كتبه وكنائسه ونقتل رجال دينه وننتف لحاهم ونطبق عليهم محاكم التفتيش كما حدث لملايين الكلدان من أبناء جلدتك وجلدتي لا سيما في الهند. إن قَتَلنا وذبَحنا وأحرقنا الغرباء إن كانوا أكرادا او غيرهم أمر مقبول لديك ولكن المكون الأشوري من أبناء شعبنا الذي نحن ومعه ومع أشقائنا السريان نشكل بودقة واحدة يستحقون كل العبارات السلبية التي تستخدمها رغم ان وجودنا جميعا بأسمائنا المختلفة على كف عفريت اليوم.

أين الشخصنة؟

ليس هناك شخصنة في الموضوع، كما يدعي الأخ حبيب. المشكلة لا تتعلق بشخص السيد حبيب وهو زميل عزيز. المشكلة هي الإصرار على الخطأ والباطل من قبله. هذا ما يدعونا إلى الرد وتوضيح بعض الأمور لشعبنا كي لا يتم إختطافه من قبل من لا إختصاص له. نحن كلنا كأبناء لشعب واحد علينا العمل كي نحافظ على وجودنا الذي صار على المحك – هذا الوجود اليوم لا يتحمل أي خطأ او نكسة لأنها ستؤدي إلى هلاكنا كشعب وأمة. ووجود شهادات مزورة في صفوفنا ونحن شعب صغير أمر خطير للغاية.

والمشكلة الثانية أيضا تتعلق بالضجيج الذي أثير حول شهادته المزعومة والمفارقات والمغالطات التي أعقبتها لا سيما فيما يخص اسماء المشرفين والمناقشين المزعومين والأطروحة المزعومة وغيرها من الأمورحيث لا هو يريد ان يقول لنا شيء عنها ولا المشرفون والمناقشون على إستعداد لتبنيه علانية بينما كل مشرف ومناقش يفتخر بطالبه والأطروحة التي قدمها وكذلك يفعل الطالب.

وأخيرا

ونحن في غضم الرد والرد المضاد دعني أختم هذا المقال  لتوضيح مسألة مهمة يذكرها الأخ سيزار في مقاله الأخير (رابط  2 ) حيث يرد إسم جامعة مفتوحة في هولندا يديرها أستاذ عراقي. أخي سيزار هذه الجامعة حالها حال الجامعات المفتوحة الأخرى إن كانت من طائفة سوق مريدي او طائفة الواقواق. النصب والإحتيال ديدن هذه الكيانات. وأنت تعيش في الغرب وتعلم ان مسألة التسجيل لا سيما لدى الغرف التجارية او مصلحة الضرائب لا بد منها للحصول على عنوان وإلا كيف تعمل. ومسألة التسجيل بإستطاعة أي واحد منا القيام بها في الغرب من خلال الكمبيوتر وبدقائق. أي بإمكان أي واحد أن يسجل شركة او منظمة وتسميتها ما يشأ من خلال الإنترنت. ولكن يظن بعض الناس ان ذكر مسائل مثل " مسجلة في غرفة تجارة هولندا" قد تنطلي على البسطاء من الناس وهي كذلك وإلا لما دافع أي خريج من هذه الكيانات الهزيلة عنها او عن الشهادة التي تمنحها.

هل تعلم أخي سيزار ان عربة لبيع الطرشي ودكان لبيع الدوندرمة او السيكاير او المشروبات او النقانق يجب أن يكون مسجلا إما في غرفة التجارة او في مصلحة الضرائب في الغرب؟ واللبيب بالإشارة يفهم.

أختلف مع الأخ سيزار في نقطة واحدة. هذه الكيانات غير المعتمدة علميا وأكاديميا لا يجوز حتى مقارنتها بمطاعم الوجبات السريعة. مطاعم الوجبات السريعة لا تخدع الناس ولا تحتال او تنصب عليهم. نحن نتحدث عن "مطاعم" تتعامل بالسموم ووجباتها سم زعاف ولكن مع الأسف الشديد هناك من يتجرع هذا السم برحابة صدر ويصر أن ما تجرعه لبن وعسل.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,631107.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,631337.0.html

149
شهادات سوق مريدي ومقال الأخ سيزار ميخا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

لا أعلم لماذا أقحم الأخ سيزار ميخا مسألة شهادات سوق مريدي – مصطلح أستخدمته في منتديات شعبنا لوصف مدعي الحصول على شهادات عليا من جامعات غير مسجلة وغير رسمية وغير معتمدة علميا وأكاديميا –  في مقاله  (رابط  1) حيث يتهم مطلقي هذه العبارة (وهو صاحب السطور هذه) بالإزدواجية.

والأخ سيزار يدافع عن السيد حبيب تومي في هذا المقال – وهذا أمر مشروع ومن حق أي واحد منا أن يعبر عن رأيه بحرية، ولكن المناسبة لم تكن لها أي علاقة بجامعات سوق مريدي وأصحاب شهادات سوق مريدي حيث قام  بعض الأخوان بشن هجوم– إستُخدمت فيه عبارات غير لا ئقة أحيانا – ضد السيد تومي بعد مقال له إدعى فيه أنه بإمكانه إعادة الأراضي التي إستولى عليها او إغتصبها الأكراد من أبناء شعبنا في شمال العراق (رابط 2) . وهذا أمر لا يخص ما نحن بصدده ولا تعليق لي عليه.

هل حقق الأخ سيزار هدفه من مقاله

أظن أن الأخ سيزرا بدلا من أن يدافع عن السيد حبيب تومي والورطة الذي وضع نفسه فيها بعد إعلانه المزعوم عن حصوله على شهادة الدكتوراة من جامعة هوائية غير معتمدة فإنه لا يزيد عن الورطة التي أوقع السيد حبيب تومي نفسه فيها بل يزيد في طينه بلة أيضا.

لماذا؟

لأن الأخ سيزار يريدنا أن نقارن بين شهادة الدكتورة المزعومة للسيد حبيب تومي والضجيج الذي رافقها مع شهادة الماجستير المزعومة للسيد شمس الدين كوركيس زيا والضجيج الذي رافقها.

وحسنا فعل الأخ سيزرا لأن المقارنة والمقاربة هما الوسيلة الأمثل لفهم أنفنسا وحقيقتنا الإجتماعية كأفراد ومجموعات وأمم وهويات وغيرها.

ما الفرق بين الشهادتين

هناك فرق كبير. السيد حبيب يدعي حصوله على شهادة الدكتوراة – وهي شهادة كبيرة جدا لأنها تؤهل حاملها أن يدخل العلمية والأكاديمية من أوسع ابوابها وعند تعينه في أية جامعة يحق له الإنضمام إلى هيئة التدريس فيها.

أما السيد شمس الدين فإنه يدعي حصوله على شهادة الماجستير – وهي شهادة أقل شأنا بكثير من شهادة الدكتوراة وفي الدول المتمدنة والمتحضرة لا يسمح لحاملها دخول العلمية والأكاديمية من أوسع ابوابها ولا يحق له الإنضمام إلى هيئة التدريس في الجامعة.

ما التشابه بين الشهادتين

عدا الفرق الذي ذكرته أعلاه فإن الشهادتين متساويتين في القيمة والإعتبار ويؤسفني القول ان لا قيمة ولا إعتبار علمي وأكاديمي لهما لأنهما صدرتا من كيانات هزيلة غير رسمية وغير معتمدة وغير معترف بها من قبل أي جهة تحترم نفسها من حيث العلم والأكاديميا.

ويا ليت الأخ سيزار لم يذكر هذا الأمر لأن ما ينطبق على الجامعة المزعومة التي يدعي السيد شمس الدين حصوله على الماجستير منها ينطبق تماما على الجامعة المزعومة التي يدعي السيد حبيب أنها منحته شهادة الدكتوراة. للمزيد من المعلومات أنظر (رابط 3 و 4).

ماذا عن جامعة السيد شمس الدين

شأن هذه الجامعة الهوائية المزعومة شأن جامعة السيد حبيب تومي. إنها حقا جامعة الواقواق. مقرها جزيرة نائية أكاد أجزم أن أغلب قراء هذا المقال لم يسمع بها. يدير هذه الجامعة مجموعة من النصابين في جزيرة نيوى وتقع هذه على بعد 2400 كلم من نيوزيلندا. لها شبه إستقلال ذاتي ولكنها تتبع سياسيا نيوزيلندا أي أن الكثير من القوانين النيوزيلندية لا تُطبق في هذه الجزيرة التي لا يتعدى سكانها 1500 شخص.

والحكم الذاتي الذي تمتع به جعل منها – كما هوشأن الكثير من الجزر – مرتعا للمافيا وغسيل الأموال وتدخل في هذا الخانة ما يسمى بجامعة سانت كليمنس (العالمية) للتعليم العالي التي تتخذ من هذه الجزيرة مقرا لها وهي ذات الجامعة التي منحت السيد شمس الدين الماجستير.
 
هنا أضم صوتي إلى صوت الأخ سيزار وأقول هل يستحق المرء ان يحتفل وبضجيج عال عند حصوله على قصاصة ورق من كيان هزيل كهذا وبالشكل الذي فعله السيد شمس الدين؟  

ولكن الإنصاف يدعونا أن نقول أيضا إن ما ينطبق على السيد شمس الدين ينطبق بشكل أكبر بكثير على السيد حبيب تومي لأنه يدعي حصوله على شهادة أعلى بكثير ولكن من كيان لا يقل في سوءه ومهزلته عن الكيان الذي يدعي السيد شمس الدين حصوله على الماجستير منه.

لماذا كل هذا الضجيج حول هذه الشهادات

قد يقول المرء لا بد أن هناك غاية او مسألة شخصية لليون برخو مع حاملي هذه الشهادات لأن هناك الكثير يدعون أنهم حصلوا على شهادات من هذه الجامعات المزعومة ولم يتم التركيز إلا على أبناء شعبنا.

هنا دعني أكون واضحا. إننا شعب صغير جدا ووجودنا علىى كف عفريت والتلاعب بمصيرنا وهويتنا وتراثنا وصل إلى درجة تزوير كتب تراثنا وكل واحد منا يريد أن يأخذ شعبنا المسكين في الوجهة التي يريدها دون مراعاة لصوت العلم والعقل والأكاديميا. فإن كان وضعنا صعب لهذه الغاية ماذا سيحدث لو تغلغل أشخاص بين صفوفنا بإدعاءتهم الكاذبة كونهم حاملي شهادات عليا؟ هذا هو المنطلق الذي يجعلني أصرف وقتي الثمين واحرق ايضا أعصابي في كتابة هذه المقالات لأنني أرى أنها تقدم خدمة لشعبنا المسكين الذي تتقاذفه مهاترات وأمواج التسمية والمذهبية البعيدة عن هويته الأصيلة كشعب صاحب أرقى حضارة وتراث وإرث ثقافة ولغة وأدب وفنون وموسيقى عرفها الإنسان.

أين أخذنا الأخ سيزار

الأخ سيزار أدخل نفسه ومعه السيد حبيب تومي في مطب جديد يرفع القناع ويكشف الوجه الحقيقي للشهادة المزعومة للسيد حبيب تومي ويؤكد ما ذهبت إليه من نقد وان ما قلته بشأن هذه الجامعات الهوائية صحيح مائة في المائة.  ولا أعلم إن كان الأخ سيزار يدرك ذلك قبل كتابته لمقاله.

لأول مرة يُفصح عن إسم المشرف على الأطروحة المزعومة للسيد حبيب تومي – التي لا يعرف إلا الله أين هي وإن كانت قد كُتبت وكيف كُتبت – حيث يذكر الأخ سيزار صراحة أن المشرف كان الدكتور عبدالله رابي.

وللتذكير احيل القراء الكرام إلى ما كتبه السيد حبيب تومي ردا على مقال لي حول أصحاب الشهادات المزورة  في صفوف شعبنا (رابط  5) حيث يعزو عدم ذكر إسم المشرف إلى امور سياسية. فهل تم رفع الحذر عو الأمور السياسية التي أجبرت السيد حبيب تومي إخفاء إسم المشرف؟ وماذا سيكون رد الدكتور رابي؟ ومن نصدق؟

هذا لا يحدث في اي مؤسسة علمية معتمدة ورسمية. هذا لا يجوز وتحت أية ظروف. ولكن هذه الأمور مقبولة في جامعات الواقواق وجامعات سوق مريدي.

أين الخطأ القاتل

الخطأ القاتل هو ليس وجود هكذا كيانات هزيلة. كيانات غير رسمية مثل هذه لن تزول ما دامت الدنيا قائمة لأن سيكون هناك دائما من يحاول شتى الأساليب لغرض الإحتيال والنصب والتهرب من طائلة القانون.

الخطاء القاتل، كما يشير إلى ذلك الأخ سيزار بطريقة غير مباشرة، هو تشبث هؤلاء الأشخاص بشهاداتهم المزورة علانية والإحتفاء بها امام الملأ ونصب السراديق وقبول التهاني ومن ثم العناد بإستخدام ألقابهم وكأنها حقيقة مطلقة. هذا هو الخطأ القاتل.

فبدلا من الإعتذار لشعبنا عن الأذى الذي الحقوه به وبأنفسهم يزيدون من ورطتهم ومن طينهم بلة وهم مصرون على ذلك إصرارا غريبا وعجيبا.
رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,627038.msg5852076.html#msg5852076
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,626576.0.html
رابط 3 و 4
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,606284.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,608231.0.html
رابط 5
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,608271.0.html






150
قصة إنشودة إمر لي عيتا وخونا برعيتا ومصير شعبنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

لشعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة تراث وأدب وإرث هائل لا أظن يجاريه في أصالته وغناه أي شعب أخر في الدنيا. ووعاء هذا التراث الذي تعود جذوره إلى أكثر من 2500 سنة هي لغتنا القومية السريانية. ولغتنا هويتنا دونها لا هوية لنا.
 
وللغتنا السريانية تراث إنشادي فلكوري موسيقي قلما يملك مثله شعب أخر في الدنيا. وهذا الفلكور وعاؤه لغتنا السريانية. لهذا التراث الإنشادي مميزات وخصائص كثيرة منها أننا لا نعرف في أحيان كثيرة أسماء المؤلفين والموسيقيين من أجدادنا العظام. منذ دخولنا المسيحية – وكنا اول شعب في الدنيا يعتنقها افواجا – تخلق أجدادنا لا سيما الكتاب والملافنة منهم بالأخلاق المسيحية ومنها التواضع. فإن كتبوا قصيدة رائعة وألفوا مقطوعة موسيقية عزفوا عن ذكر أسمائهم تواضعا.
 
ولكننا محظوظون لأن أدبنا السرياني بكافة فروعه ومنه الكنسي لم يضيع رغم مجهولية الكثير من مؤلفيه ورغم تهميشه من قبلنا. ومن الروائع الأدبية والفنية في تراثنا تأتي إنشودة "إمر لي عيتا" حيث لا زلنا حتى اليوم لا نستطيع بالضبط تحديد إسم الشاعر الذي كتب هذه القصيدة الرائعة وكذلك إسم الشخص الذي وضع لحنها الجميل.

قصة إنشودة "إمر لي عيتا"

قبل أن أتي إلى قصة هذه الانشودة الرائعة أطلب من القراء الكرام الإستماع إليها على الرابط الأتي.  وإن تتبعتُ سلوك أجدادنا العظام لقلتُ إنها من أداء"محيلا وحلاشا عودا دمشيحا" أي " الحقير والمتواضع خادم المسيح ." بالطبع ونتيجة للتطور التكنولوجي اليوم صار من المستحيل إخفاء الإسم:

http://www.youtube.com/watch?v=mWjL7cRAfp0

كلمات القصيدة بسيطة جدا. رغم أنها مكتوبة بالسريانية الفصيحة إلا أنه من السهل لكل متحدث بأي من لهجاتها إستيعاب معانيها. فهي مستوحاة من أيات إنجيلية وحديث جرى بين بطرس الرسول والمسيح.

وقد أدى هذا اللحن الكثيرون من أبناء شعبنا ومنهم كهنة وأساقفة وتسجيلاتهم موجودة على اليوتيوب. ولكن يجب ملاحظة أن الانشودة جرى تلحينها حسب فرع من فروع مقام البيات. والبيات مقام رئسي له فروع عديدة. بعضها متداول في أغلب دول الشرق الأدنى وبعض الأخر له خصوصية خاصة لكل شعب من شعوبها. فمثلا في العراق هناك الخنبات والقوريات والناري والمحمودي والسعيد مبرقق والإبراهيمي والجبوري وغيرها من الفروع.

ولكن يبدو لي ان لحن او مقام إمر لي عيتا قريب جدا من فرع الدشت او الدشتي الذي يشتهر لدى الفرس إلا أنه يختلف عنه وأظن أنه يشكل فرعا خاصا بنا كشعب وهوية ولكن لنترك البت في ذلك للمختصين حيث يقع هذا خارج إختصاصي.

لا نعر ف بالضبط من هو مؤلف هذه الإنشودة وتاريخها. وقد راسلت بعض المهتمين بتراثنا من أبناء شعبنا ولكن لم أصل إلى نتيجة مقنعة. منهم من يردها إلى المطران توما بيداويد أسقف مصر وأحواز سابقا، ومنهم من يقول إنها تعود لقرية سناط وكُتبت قبل حوالي 80 سنة.

مهما كان الأمر لا نستطيع نكران أنها أنشودة مشتركة بين كافة اطياف شعبنا الواحد شأنها شأن أغلب تراثنا وأدبنا بكافة فروعه. واليوم يصعب القول أن هذه الأنشودة او هذه القصيدة تعود لهذا المكون فقط. كونها كتبت بلغتنا السريانية فإنها ملكنا جميعا.

ما علاقة خونا برعيتا بالإنشودة

خونا برعيتا راهب من الرهبنة الهرمزدية الكلدانية. كان مقره دير السيدة في ألقوش. تعرفت عليه عند إلتحاقي بالرهبنة قبل أكثر من 45 سنة. وكان خونا برعيتا قصير القامة كثيف اللحية وضريرا. وكان يملك صوتا جهوريا عذبا. وكان شاعر على السليقة. وكان كثير من الناس تزور الدير بغية لقائه.

وكنت من محبيه والمتعلقين به لأنه كان نموذجا بين أقرانه في التواضع والتقشف والفقر والطاعة. كلما كنت ألتقيه يسألني عن إسمي وفورا يؤلف عدة أبيات شعرية قافيتها "نون." ولكن ما يهمنا هو أن خونا برعيتا كان يشتهر بأدائه المميز لهذه الأنشودة وكان ينشدها لكل شخص يطلبها منه ولم يحدث أن إلتقيته إلا وطلبت منه أداءها.

والأداء في اليوتيوب أعلاه أستقيته من خونا برعيتا بكسراته وقفلاته وحذف حرف "دلث" من "دوئنيخ" الأولية" حيث كان يقول أنه يؤثر على الوزن رغم أنني ابقيته في البيت الأخير.

ومما يروى عنه – رحمه الله – انه كان يصعد إلى دير ربان هرمز في مستهل شاوعا دقودش عيتا من كل سنة طقسية ومن هناك يرتل هذه الأنشودة ويقال أن الرهبان في دير السيدة وبعض أهالي القوش كان بإمكانهم سماع صوته الذي كان يزلل جبل ربان هرمز.

ما علاقة مصير شعبنا بهذه الإنشودة

هناك علاقة مصيرية. الأمة التي لا تكترث لتراثها ولغتها وشعرها وأدبها وموسيقاها التي تميزها عن بقية الأمم أمة إنسلخت عن جلدها وأمة ميتة لا محالة. نحن بإسمائنا ومذاهبنا المختلفة إنصهرنا في بودقه اللغة والتراث والتاريخ المشترك الذي يجمعنا والذي يشكل هويتنا.

مكانة هذه الانشودة وغيرها بالمئات بمقدار مكانة الفلكلور الغنائي الشعبي لدى العربي والكردي والفارسي والإيراني والإنكليزي وغيرهم من الأمم. هؤلاء لا ينشدون تراثهم إلا بلغاتهم القومية ويرون إستبداله بلغة أخرى خيانة عظمى. تصور الأكراد يلقنون شعبهم "سالحو" بالعربية او العرب يلقنون شعبهم "جي مالي والي" بالإنكليزية. والذي يفعل ذلك في صفوف شعبنا كائن من كان فإنه يقترف الخيانة العظمى ضد واحد من أرقى شعوب الدنيا.

151
هل سيفلح السينودس القادم في إصلاح الكنيسة الكلدانية؟ رد على الدكتور رابي

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مقدمة

قرأت المقال الذي كتبه الدكتور عبدالله مرقس رابي (رابط 1) حول السينودس وإمكانية إصلاح ما أفسده الدهر فيما يتعلق بالشؤون التنظيمية والإدارية والليتورجية للكنيسة الكلدانية. والحق يقال ان المقال بمثابة بحث علمي حيث يتجاوز عدد كلماته 3000 وإن عززناه بالملخص والهوامش والمراجع والتوثيف العلمي لكنا أمام مقال أكاديمي بإمتياز.

ومقال الدكتور رابي ليس الوحيد حيث كتب عن إمكانية إنعقاد السينودس القادم زملاء كلدان أخرين وكان المادة الرئيسية للمقابلة الإذاعية التي أجراها  الصحفي المعروف ولسن يونان مع المطران لويس ساكو.

ويبدو أن إنتقاد مؤسسة الكنيسة الكلدانية (مؤسسة وليس رسالة سماء) صار مادة دسمة للنقاش بعد سلسلة المقالات التي كتبتها قبل حوالي ثلاث سنوات والتي كانت غايتها الإصلاح وبسرعة وقبل فوات الآوان. اليوم لم يعد الإنتقاد حصرا علي فدخل الحلبة زملاء أخرون وتناوله بالتفصيل بعض رجال الدين من الكدان.

لماذا مؤسسة وليس رسالة سماء

عندما ظهرت مقالاتي التي تنتقد المؤسسة الكنسية  أتاني عتاب وهجوم من كثيرمن مثقفي شعبنا الكلداني لأن أغلبهم حينئذ ربما فاته أنه علينا ان نميز بين الكنيسة كمؤسسة تنظمية وإدارية ومالية وطقسية وغيرها من الشؤون الدنيوية والكنيسة كرسالة سماء. والدكتور رابي يشير إلى ذلك صراحة حيث يقول إن هدفه "تغير الحال في مؤسستنا الدينية متجنبا الجوانب المتعلقة بالإيمان."  وهذا كان ولا يزال الهدف الرئسي من النقد من قبلي. الإيمان مبني على المسيح وإنجيله – رسالة السماء. المؤسسة مبنية على الإدارة والتنظيم والأداء  وما يتعلق بهم من علاقات تنظيمية بين الرأس والقاعدة وعليه من حقنا كلنا كأعضاء في هذه المؤسسة ان يكون لنا دور في شؤونها التنظيمية والإدارية لأنها إن إقتصرت على رجال الدين لإنتهت.

وأبدع ما قرأته حتى الأن من خطاب يبرهن فيه الكتاب الكلدان على ان هناك فرقا كبيرا جدا بين الكنيسة كمؤسسة والكنيسة كرسالة  سماء وأنه على الكلدان ان يعوا وقبل فوات الآوان ان ملكوت السماوات ليس مرتبطا برجل  الدين مهما علا شأنه ومقامه كان مقال للزميل زيد ميشو (رابط 1) عن الكاهن التاجر والمؤمن الصامت وأعقبه مقال أخر للزميل مايكل سيبي (رابط 2) يظهر بجلاء البون الشاسع بين ملكوت السماء ومؤسسة رجال الدين. الزميلان لا يذكران السينودس مباشرة ولكن الدكتور رابي يؤشر في مقاله وبطريقة تكاد تكون مباشرة الإنقسامات الشديدة بين كبار رجل ديننا (الإنجيل – رسالة السماء – براء من من هذه الممارسات المؤسساتية) ويهدد بشكل مبطن بربيع كلداني إن فشل السينودس القادم في إصلاح الكنيسة.

ولماذا نذهب بعيدا. الذي يريد ان يعرف الفرق بين المؤسسة الدينية ورسالة السماء ما عليه إلا ان يقرأ متي (23 ) الإصحاح الذي هو قراءة إلزامية للأحد الأخير من سابوع قودش عيتا في ليتورجيا كنيستنا المشرقية. المسيح يوجه سهامه صوب الفريسيين الذين حولوا الإيمان وملكوت الله إلى ممارسات مؤسساتية خدمة لمصلحتهم ومصالحهم المؤسساتية. ولا يجوز هنا الإختفاء وراء عباءة ان المسيح وجه نقده اللاذع للمؤسسة اليهودية وليس للمؤسسة الكنسية. هذا تفسير خاطىء لأن الإنجيل موجه لنا قبل غيرنا. الإنجيل أغلبه خطاب متلقيه من الفريسيين واليهود. هذا لا يعني أبدا أننا لسنا المعنيين.

أين الخلل؟

الخلل في المؤسسة الكنسية ذاتها ويطلق عليها الدكتور رابي "الذات المؤسساتية." وشبهتها في كثير من مقالاتي "بحارة غوار الطوشي: كل من إيدو إلو." كيف وصلنا إلى هذه المرحلة والتي قال عنها المطران لويس ساكو في المقابلة إن الكلدان برمتهم تأذوا منها كثيرا؟ بمعنى أخر ما هي الأسباب التي أوصلتنا إلى مرحلة مريرة ومؤلمة كالتي نعيشها الأن.

عندما نصل إلى الأسباب أراني في الصف المخالف والمعاكس للدكتور رابي ولكل الذين كتبوا عنها. الكل تقريبا يعزوا المحنة المؤسساتية التي تمر بها كنيسة المشرق الكلداينة  إلى الرئاسة. ولكن هل هذا صحيح؟

أقول وبصراحة وكواحد من الكلدان الذين تيسر لهم الإطلاع على بواطن الأمور إن لوم الرئاسة المتمثلة بالبطريرك او معاونيه  لا أساس له من الصحة ويرقى في كثير من تفاصيله إلى التهرب من المسؤولية او الهروب إلى الأمام.

الرئاسة والذات المؤسساتية

وكأن الرئاسة الحالية غريبة وغير معنية بالوضع المؤسساتي العام. ألم تكن هذه الرئاسة حاضرة وبقوة منذ عقود طويلة حيث كان البطريرك الحالي أسقفا لبغداد ونائبا بطريركيا في عهد البطيرك بولس شيخو والبطريرك روفائيل بيداويذ؟ ألم يكن هو الإداري البارز وقلما أتخذ قرارا في فترة تواجده بقرب رأس الهرم دون إستشارته او من قبله؟ لن نغوص في التفاصيل.

ماذا جرى إذا؟

ما جرى يرقى إلى مصاف كارثة مؤسساتية لا سيما في الإجتماعات السينودسية. كان البطيرك الحالي قد قدم إستقالته وتقاعد لكبر سنه وأراد أن يمضي بقية عمره في الويلايات المتحدة. وبالفعل حط الرحال هناك. فماذا جرى؟ ما حصل كان عدم التوافق بين الفئات الأسقفية التي يذكرها الدكتور رابي في مقاله حيث كل فئة أصرت على رأيها وموقفها رغم حصول شبه إجماع على شخصية محددة لتولي الرئاسة. ووصلت الإنقسامات إلى درجة خطيرة مما حدى بروما، مرغمة وليس راضية، إلى الطلب من الأسقف المتقاعد لتولي الرئاسة درءا لأخطار محدقة.
الرئاسة الحالية إنتهجت ذات السياسة التي كانت تتبعها منذ عهد البطريرك شيخو ولكن الوضع المؤسساتي كان قد تغير إلى الأسواء حيث صار لكل أبرشية وخورنة شبه إستقلال ذاتي إداريا وماليا وتنظيميا وطقسيا وليتورجيا. وقام تقريبا الكل ليس الأساقفة فقط بل حتى الكهنة بالتصرف وكأنهم الهرم بذاته بقاعدته ووسطه ورأسه.
 
ماذا كانت النتيجة؟

النتيجة كانت دخول المؤسسة الكنسية في ازمة شديدة نتج عنها ظهور مؤسسات كثيرة إلى درجة أن تقوم خورنة  يرأسها كاهن وليس حتى ابرشية بطبع روزنامة طقسية خاصة بها وطبع كراريس خارج المنهج الطقسي والليتورجيا مليئة باخطاء لغوية كانت او ليتورجية ولا ينفع إن نصحت أصحابها او قلت لهم انها غير قانونية. ووصل الأمر بالبعض إلى كتابة صلواتهم الشخصية وفرضها ضمن الليتورجيا وباللغة التي يشاؤن. أنا لدي نماذج كثيرة من كراريس لا يجوز أن تقبل بها أي مؤسسة تحترم نفسها ولكن أعزف عن الإتيان بنماذج منها لأن قصدي ليس شخصا معينا بل المؤسسة برمتها ونحن كشعب صغير علينا الإبتعاد عن الشخصنة  قدر الإمكان.

وإنسحب هذا الأمر إلى كل المرافق المؤسساتية منها الرهبنة والشمامسة والجوقات وجمع المؤمنين الذين صاروا لا ناقة ولا جمل لهم بكل الأمور الكنسية. الكل لسان حاله يقول: "مالي ولهذا" أي "أنا شعلي"  وإن أشرت إلى خطاء مؤسساتي جاءك الجواب "ظلت علي" وهذا ما حدث بعد ان تم تشخيص خلل ليتورجي كبير عند أداء واحد من أهم الأسرار الكنسية.

وأكثر أمر إيلاما ويشخص مباشرة أن ما يحصل مؤسساتيا قد يرقى إلى مصاف الكارثة هو عدم وجود أي تعليمات أو إرشادات عن ماذا يجب القيام به وماذا يجب تجنبه. كل شيء تقريبا كيفي ولهذا قلما تلاحظ ان كاهنين وليس أسقفين يؤديان الليتورجيا بطريقة واحدة  او يطبقان تنظيمات واحدة. والأنكى من هذا ليس هناك أي شيء يدلل على واجبات وحقوق الفئات المختلفة في المؤسسة كي يتم التنفيذ والإشراف والمحاسبة. كل له ترجمته وله كراريسه وطريقته ولغته وتوجهاته ورغباته وتعليماته وإرشاداته  في ما يجب ان يقال وان لا يقال وفي ما يجب القيام به او مغادرته.
 
نحن إلى أين؟

هذا سؤال صعب جدا. إن أخذنا التاريخ القريب والسلوك المؤسساتي الحالي وأسبابه فإن المؤسسة الكنسية تتجه صوب المجهول. كل مؤسسة تكتنفها السرية إقراء السلام عليها. مؤسسات العصر الحديث لا سيما التي غايتها خدمة الناس تأخذ الشفافية نبراسا اما المؤسسة الكنسية فتكتنفها سرية غامضة تعاكس لا بل تنتهك روح الإنجيل الذي يقول ليس هناك سرا إلا وسيظهر والشمس لا يمكن إخفائها بالغربال ولكن يبدو ان المؤسسات الكنسية ومنها الكبيرة جدا تجبر أفرادها على القسم على السرية المطلقة وهو جزء من الولاءالمؤسساتي وليس الإنجيلي. فنحن الكلدان مثلا لا نعرف ماذ حدث وسيحدث وماهو جدول الأعمال للسينودس وما هي الأمور الملحة التي سيناقشها وماذا سيحدث إن إتخذ قرارات وما هي الخطة البديلة إن أخفق الإجتماع. نحن غير موجودين لدى المؤسسة. وهذا ليس بغريب. فحتى على المستوى الأبرشي اوالخورني لا دور تقريبا للرعية. ولا أعلم إن كان الأساقفة قد عقدوا إجتماعات حتى مع كهنتهم لإستشارتهم عن الأمور التي بودهم طرحها على السنودس.

وماذا عن السينودس القادم إن إنعقد؟

هل سينعقد السينودس ام لن ينعقد وأين، هذه هي الأن المسألة الكبرى. ولكن حتى وإن إنعقد فأنا كمتابع وعضو في هذ المؤسسة لا أحمل الكثير من التفاؤل. من الصعب التوجه صوب الإصلاح دون مراعاة كبيرة لرغبات القاعدة. ومن الصعب التوجه صوب الإصلاح إن كانت قمة الهرم في ذاتها بحاجة إلى إصلاح. ولهذا إن لم يشمر الكلدان عن سواعدهم ويأخذوا إصلاح مؤسستهم الكنسية بجدية ويغادروا موقف الامبالاة وترك الأمور سائبة مثل ما يحدث الأن فإن الإصلاح لن يأتي حتى وإن نجح السينودس في مسعاه الإنتخابي او تم فرضه عليهم من قبل روما كما حدث سابقا.

وأنا أميل كثيرا إلى ما دعى إليه الدكتور رابي صراحة وهو إنتفاضة كلدانية- ربيع كلداني – من أجل النهضة بالكنسية قبل ان تضيع هويتها التي هي هويتنا. والربيع لا يجوز ان يكون كما يقول الدكتور رابي الرعية مع الكهنة ضد الأساقفة بل الرعية برمتها ضد الذات المؤسساتية. إنه ربيع طال إنتظاره.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,621670.0.html
رابط 2
http://www.karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=169344
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,622504.0.html

152
دخول البارتي اربيل في أب 1996 يوم مشؤوم في تاريخ الكرد وحركتهم الوطنية
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

المقال الذي حمل عنوان: "يوم دخل البارتي اربيل في أب 1996" (رابط 1) يلوي عنق الحقيقة ويجافي أبسط معايير النزاهة والإنصاف والعدالة في الكتابة الصحفية. وأظن ان المقال ذاته يقع في خانة الفائضين "في الحكومة – إقليم كردستان – من – ( المتغزلين ، والمتزلفين ) من شعراء البلاط".
كيف للعراقيين بصورة عامة والكرد بصورة خاصة أن ينسوا هذا اليوم المشؤوم الكارثي الذي فيه إستدعت قيادة البارتي في رسالة مهينة إلى صدام حسين وبتوقيع زعيم البارتي الحالي – رئس الأقليم – يتوسل فيها إرسال قطعات الحرس الجمهوري لإحتلال أربيل والفتك بالمعارضين له من الكرد.
هل أتاكم خبر هذه الرسالة المشؤومة والعبارات الطنانة التي تستخدمها قيادة البارتي في مديح صدام حسين وحكمه وتسولاتهم له بمساعدة ميليشياتهم التغلب على ميليشيات الحزب المعارض لهم وهو الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة رئس الجمهورية الحالي جلال طلباني؟
هذه الحادثة يجب أن تذكر عند التحدث عن دخول البارتي إلى أربيل على ظهر الدبابات الصدامية.
الإنصاف يدعونا كعراقيين ان لا نغفل هذه الحادثة المشؤومة وان لا ننس المئات من الأكراد والمعارضين الأخرين الذين تم القبض عليهم وإعدامهم في بغداد والسبب هو البارتي وقيادته متمثلة بزعيمها الحالي مسعود البارزاني الذي وضع يده بيد صدام للبطش بشعبه.
بإسم إجتثاث البعث جرى حرمان مئات الالاف من العراقيين من مصدر رزقهم بسبب وجودهم ضمن تنظيمات حزب البعث او الجيش او اجهزة الأمن والمخابرات والشرطة ولكن قيادة البارتي العتيدة تفلت من العقاب رغم انها شاركت الحرس الجمهوري في الفتك بالمعارضين من الأكراد وغيرهم في أربيل الكردية فقط لأنها كانت تحت إدراة حزب كردي أخر تختلف عنه توجها.
لا أعلم كيف يكون التغزل والتزلف والوقوف على باب البلاط إن كتبنا مقالة نمتدح بها البارتي بدلا من ذمه عند التعرج على هذه الحادثة المأساوية في تاريخ الكرد والعراق.
واليوم وبقيادة البارتي نفسه وتحت ذات الزعامة صارت كردستان العراق مرتعا للفساد ومحطة لإنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان حسب التقارير التي اوردتها منظمات حقوق الإنسان المستقلة ومنها هيومان رايتس ووج.
المقال لا يكترث لكل هذا ويقدم لنا وصفا ورديا وكأننا في بلد مثل السويد حيث حرية الكلام والنقد من المقدسات. ملفات الفساد في الأقليم بالالاف فهل سيطالب صاحب المقال بفتحها؟ الا تتعلق أغلبها بقبيلة الزعيم الكردي من ناحية الأب (البارزانيين) وبقبيلته من ناحية الأم (الزيباريين) وبقبيلة الزعيم الكردي الأخر وقبيلة قرينته.
أي فتح شفاف ومستقل وموثوق لهذه الملفات لا بد وأن يرفع النقاب عن ما لم تسمع به الأذن الكردية والعراقية حتي الأن رغم كون العراق بمجمله يقبع عى رأس قائمة الدول الفاسدة.

اما عن إنتهاكات حقوق الإنسان فحدث ولا حرج حيث وردت تقارير موثوقة من قبل منظمات حقوق الإنسان على أن الميليشيات الكردية وقوات أمنها وأستخباراتها تضطهد الأقليات غير الكردية في سهل نينوى منها أبناء شعبنا من الكلدان الأشوريين السريان.
إن كانت قيادة البارتي تفتح أذانها للنقد مثلما يقول صاحب المقال حيث لا يحاسب المرء على إنتقاده لزعامة البارتي فلماذا لا يسمح للشبك واليزيدية والأقليات الأخرى لا سيما في سهل نينوى الذي تحتله الميليشيات والمخابرات الكردية إختيار الطريق الذي يرونه مناسبا بل يفرض البارتي عليهم التكريد قسرا؟
وإلى اليوم لا زلنا ننتظر محاسبة قتلة شهيد الصحافة العراقية، الصحفي الكردي العراقي ساردشت عثمان، والكثير منا يريد معرفة السبب الذي دعى ميليشيات وأجهزة أمن البارتي على رمي جثته في الموصل بعد ان تم قتله في أربيل فقط لكتابته مقالا يتخيل فيه حلما رأه في المنام كان قد صار فيه صهرا لرئس الأقليم – البارتي.
هل بإستطاعة أحد المطالبة بفتح السجلات والدفاتر لا سيما الأضابير التي بحوزة الباراستن والتابيت والبهركي والأسايش- قوات الأمن والإستخبارت الكردية التي تحكم قبضتها الحديدية على كل شيء في الأقليم والتي يقودها البارتي وأقارب زعيمه؟
هل هناك شجاع في الأقليم يقول للبارتي ان أي ثورة في الدنيا  زاغت عن مسارها عندما تم إحتلالها من قبل شخص واحد وأقاربه وعائلته وعشيرته؟ هل  هناك من يجاسر على قول الحقيقة للبارتي أن إدارة الحكم  الحالية مظهرها ديمقراطي وباطنها إستبدادي فاسد؟
غريب أمر المقال الذي أنا في صدده. ومع غرابته فيه خاتمة جيدة وربما أتت من دون أن يعي الكاتب أهميتها لأنها تنطبق تماما على البارتي وقيادته. وأنا أقتبسها كما هي عسى ذكرها ينفع:
"والاهم من ذلك كله أتسائل متحديا وبأصرار هل نترك المفسدين ، والسيئين يعيثون في الارض فسادا دون ملاحقتهم ، وكشف فضائحهم مهما بلغوا من المناصب ، والمسؤوليات درجه ؟..هذا السؤال الحيوي والمهم لابد أن يدور في خلد كل أنسان وطني غيور يحب وطنه وشعبه ..."

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,619275.0.html

153
لماذا وكيف افلح السريان وأخفق الكلدان في مهرجان الجوقات في السويد

ليون برخو
جامعة ينوشوبنك – السويد

في أخر كتاب له مع عنوانه الثانوي "فساد السياسة والدين "  (رابط 1) يتحدت الفيلسوف الأمريكي الشهير ريجرد برنشتاين  بإسهاب كيف يستخدم  السياسيون ورجال الدين مفاهيم إنسانية بريئة أتت بها الأديان الثلاثة – اليهودية والمسيحية والإسلام – للإساءة إلى الدين نفسه من خلال إنتقاء أيات ونصوص محددة دون غيرها او نصب أنفسهم وكلاء لله في الأرض. وكذلك يتطرق إلى  الطريقة التي إستخدم ويستخدم بها السياسيون لا سيما ألأمريكيون منهم وتحديدا إدارة الرئس السابق جورج بوش للمأساة التي وقعت في سبتمر 9/11 لإقتراف أمور شريرة إن وضعناها ضمن سياقها العام لقاربت الشر الذي إقترفه الإرهابيون ضد أمريكا.

والكتاب رغم صغر حجمه – حوالي 100 صفحة – يعد فتحا في فهم الشر والإساءة من خلال نظرية يضع أسسها هذا الفيلسوف الكبير ويطلق عليها "صراع العقليات."

ما المناسبة

المناسبة هي ردة الفعل على المقال النقدي الذي كتبته حول مهرجان الجوقات والأخويات في السويد (رابط 2). والمقال جذب عددا قياسيا من القراء ووردني حوله عدد كبير من الرسائل والتعليقات. ولننظر كيف تتصارع العقليات في صفوف شعب مثل شعبنا رغم صغره وأركز على الشتات – أي تواجد شعبنا خارج أرض الأجداد في الشرق الأوسط.

إرفعوا القبعة للأشقاء السريان

اشقاؤنا من السريان الذين كانت لهم مشاركة متواضعة في المهرجان قدموا أداءا يرفع الرأس حيث كانت جوقاتهم الوحيدة التي أنشدت بالسريانية لغتنا القومية اما الجوقات الكلدانية كما أوضحنا فلم تكترث لتراثها الكنسي وهويتها الكنسية البتة وبدت أكثر عروبة من عدنان وقحطان.

وبعد المهرجان قمت بإجراء لقاءات وأحاديث كثيرة مع كل مكونات شعبنا التي شاركت في المهرجان ومن ضمنهم مسؤولي الجوقات والخورنات ورجال الدين المشرفين عليهم. وأنا أنقل ما توصلت إليه أطلب رأي قرائي الكرام وأنا أعلم ان قراء اليوم – رغم عصر الإنترنت والصحافة الجماهيرية – من الصعوبة بمكان زحزحتهم عن مواقفهم دون جهد ونزاهة وإستقلالية.

ولندرس الأن العقلية الكلدانية والعقلية السريانية من خلال محادثات وجدالات مطولة مع رجال الدين وأخرين لهم دور كبير في مصير شعبنا في الشتات والحفاظ على هويته من الضياع. وقد شرحت ما هي الهوية في المقال السابق (رابط 2). وهنا لا أستطيع التعميم. الفيلسوف برنشتاين نظريته "صراع العقليات" نظرية كونية – أي في الإمكان تعميمها. أما أنا فلست إلا معلما جامعيا بسيطا ولذا أتجنب التعميم وأقول أن ما سأسرده أستقيته من الوضع في السويد الذي قد ينطبق على مناطق أخرى او لا ينطبق.

الأسس النظرية

النظرية هنا في السويد  تقول أن كل من وصل إليها يافعا من أبناء شعبنا وكل من ولد فيها من أبناء شعبنا لا يفقه اللغة العربية، اي يتحدث السويدية والسورث ونادرا وبإستثناءات قليلة جدا العربية. وهذا معناه ان دور العربية في مجتمعنا في السويد في طريقه إلى الزوال شئنا أم أبينا.

العقلية الكلدانية في السويد

رجل الدين المشرف له دراية كاملة بهذاالوضع ولكنه يتنكر له. وفي المحاججة  يستند إلى منطق أي عقلية عرجاء وعوجاء وفي الإمكان إستخدام عنوان الكتاب الذائع الصيت لعالم الإجتماع الكبير على الوردي "مهزلة العقل البشري" كوصف لها والذي كتبه ردا على منتقدي كتابه الأكثر شهرة "وعاظ السلاطين." وكنت قد سألت رجل الدين المشرف الذي يتقن لغتنا القومية نطقا وكتابة لماذا تتشبثون بالعربية والعروبة وتروجون لهما بينما اولادنا وأحفادنا لا يتحدثون بها وهم يهربون من الكنيسة بسبب ذلك، قال ما معناه نحن نقرأ ونعظ ونرتل بالعربي وأنتم إذهبوا إلى البيت وترجموا لأولادكم. أي منطق هذا حتى العروبي البعثي ذو النظرة الشوفينية للتعريب لا أظن أنه كان قد وصل إلى هكذا تفنن للترويج للعروبة وهذا في السويد. أن يبقى اولادنا وأحفادنا خارج الكنيسة لأن سيادته عروبي ومروج للعروبة والعربية. هذه هي البشارة حسب هذه العقلية.

والأغرب من هذا أن التعامل مع المقال كان بعيدا جدا عن فحواه. فأنا لم  أتطرق لا إلى البشارة ولا إلى الإنجيل ولا إلى المسيحية كعقيدة وإيمان. ولكن أغلب ما سمعته كان إتهاما باطلا لي بأنني أنتهك التعاليم الكنسية وتعاليم الإنجيل وأن تلاميذ المسيح بشروا في كل اللغات ولهذا فإنهم لن يتخلوا عن العربية والعروبة وحتى في السويد  وإن كان اليافعون والصغار يهربون من الكنيسة.

كل هذا ونحن نتحدث عن الهوية والأدب الكنسي وكل الدلائل في الدنيا تشيرأن كل الكنائس تتمسك بهويتها الكنسية لا بل ان الكنيسة الجامعة الأن تشجع وتحث الكنائس على ممارسة هويتها الكنسية وعدم خسارتها لا سيما الكنائس الشرقية وعلى الخصوص التي هي في الشتات.

والأنكى من هذا يستغل هؤلاء مكانتهم ومركزهم الديني والشروع بخطبة  وبصوت عال وفي مكان عام للهجوم على ما كتبته وإقحامه ضمن الهجوم على الكنيسة ومبادئها والأنجيل والمسيح. أي أن رجل الدين هنا يغتزل الكنيسة والمسيحية بشخصه. المأساة هي عندما يناصره البعض وينسى اننا كلنا سواسية، بغض النظر عن مناصبنا، أعضاء في جسد الكنيسة والمسيح  وليس فقط رجال الدين وأن إتهام شخص بإنتهاك تعاليم  المسيح لا يتم دون دليل ونقاش يضم خيرة المؤمنين من الإكليروس والعلمانيين وتحت إشراف الأسقف المخول، ويُمنح "المتهم" فسحة كبيرة للتعبير والدفاع عن نفسه. ولكن صاحبنا نهض على قدميه وأنزل من التهم والأقاويل والأباطيل ما لم يأتي به الله من سلطان وحتى بعد مغادرة صاحب العلاقة المنبر إحتراما للمكان والحاضرين.

العقلية السريانية في السويد

العقلية السريانية هي على نقيض العقلية التي ذكرناها أعلاه فرجال الدين وأصحاب الشأن بينهم الكاثوليك ومنهم من الأشقاء الأرثذوكس يتفهمون واقع شعبنا في السويد ويحاولون جهدهم تربيته على هويته الكنسية ويذكرونه بالضياع الذي كان في أرض الأجداد وان التواجد في بلد مثل السويد هو فرصة سانحة لنهضة شاملة  للهوية الكنسية المشرقية لا سيما اللغة والطقس والأدب الكنسي. ولأنهم يتفهمون هذا الواقع بعقلية متفتحة أسميها "العقل البشري السليم" مقارنة  مع "العقل البشري الهزيل" الذي أشرنا إليه سابقا فإنهم أخذوا في إلقاء محاضرات والدخول إلى الإعلام الجماهيري مثل الفيسبوك ويوتيوب وغيره لرفع شأن هويتهم المنسية السريانية.

ومن خلال إتصالاتي مع عدد من الكهنة وأصحاب الشأن من الأشقاء السريان – الكاثوليك والأرثذوكس – إستغربوا موقف الذين يتكئون على الإنجيل والمسيح والصليب – كما كان شأن صاحبنا أعلاه – لإعلاء شأن العروبة بين صفوف شعبنا. على العكس رأوا في المقال تذكيرا للكل بأهمية تراث ولغة وأدب وإرث أعرق كنيسة في الدنيا وهي عيتا دمذنحا دسورياي بأسمائها ومذاهبها الحالية المختلفة. والإستغراب في محله لأن فقط الضعفاء وعديمي الحجة وفاقدي المنطق هم يهرعون إلى الإنجيل لبث أفكار ومواقف ونشاطات تقع ضمن هزلية العقل البشري. كلنا نعلم أننا في المسيحية لن نتكىء إلا على أعمالنا ولكن الظلام والظلامية والشر والإساءة تشرق وتزدهر عندما يروج بعض رجال الدين ومن أي دين كانوا أن الخلاص والفلاح في هذه الأرض او غيرها لن يحصل دون الإتكاء عليهم.

ولهذا جاءت إستجابة الأشقاء السريان لما ورد في المقال معاكسة تماما لبني قومي من الكلدان لا سيما رجال  الدين.

ومما يقوم به أحد الكهنة السريان هو أنه أوصل رعيته إلى مغادرة كلمة "السلام  عليكم" بالعربية وغيرها إلى "شلاما"  او "شلاما عمخون" حتى في المراسلات الشخصية. وبعد أن كان بعضهم او ربما أغلبهم قد نسي هويته الكنسية هناك نهضة – رغم الصعوبات – بدأت تتغلغل في صفوف الشباب والشابات الذين بداؤا هنا في السويد، وبنهم، قراءة تراثهم وتاريخهم وكلما زادوا قراءة وسماعا له زادوا حبا وقربا منه.

ولغتنا القومية هي أقرب لغة إلى المسيحية لأنها لغة المسيح ومن هذه الأرضية ترون أنهم يبشرون بالمسيح وإنجيله لأن المسيح  نفسه تكلم هذه اللغة ويرون الأن – وهذا ما إستقيته من خلال أحاديثي ولقأتي معهم – أنهم كلما زادوا قربا من إرثنا وأدبنا وطقسنا ولغتنا وموسيقانا وكتب صلواتنا السريانية زادوا قربا إلى المسيح وإلى الله.

وبداؤا بشرح  الليتورجيا للكثيرين وصار الناس يتقبلونها وصارت أعداد غير قليلة تتهافت على ترتيلها رغم ان  الكثير منهم لا يفهمها بل يستعين بترجماتها.

رجال الدين وأصحاب الشأن  لدى السريان يرون ان من واجبهم تعليم الشباب والشابات هنا في السويد حب تراثهم وهويتهم وطقسهم السرياني الذي فيه حب المسيح وان واجبهم ومن ضمنه الكنسي،  هو أن يفهم الكل – ابناء شعبنا – أنه لدينا تراث وأدب كنسي لا نظير له عمره بعمر المسيحية.

وصار لدى الأخرين من السريان ومنهم رجال الدين مفاهيم تراثية وكنسية تربط التراث والأدب  السرياني بالمفهوم والهوية المسيحية ومفاده أن ضياع الترث والأدب الكنسي السرياني يرقى إلى خراب المسيحية  المشرقية التي يجب ان نحافظ عليها ونحن في الشتات.

نتيجة العقلية السليمة

ونتيجة لهذه العقلية التي بدأت تتغلغل في صفوف شعبنا من المكون السرياني وفي السويد ظهرت جوقات وقف المسؤولون فيها على المنصة في المهرجان يلقنون الحاضرين ومنهم الكهنة الكلدان دروسا بليغة ليس في الهوية الكنسية بل في الهوية المسيحية أيضا ولا أظن أن صدى ما قاله أحدهم وهو يهاجم "دبابة العروبة والعربية" وهي تكتسح الهوية الكلدانية المسيحية والكنسية بالسويد ورغم المأساة ترافقها الهلاهل المدوية والتصفيق الحاد من أصحاب العقليات الهزيلة.

وكم كان بائسا ومثيرا للشفقة موقف الجوقات الكلدانية والكهنة الكلدان  الحاضرين عندما أنشدت جوقة سريانية الترتيلة الكلدانية الرئعة والذائعة الصيت "بشمّا دبابا وبرونا" وكيف أن أغلب الحاضرين إندمج معهم وأخذ يردد خلفهم بينما لم ارى اي واحد من الحاضرين يردد خلف الجوقات اليعروبية الكلدانية حيث كانت كلماتها غريبة ومملة ورتيبة وسمجة كما لحنها.

هذا حقا صراع العقليات

نعم. كان المهرجان حقا برهانا ولو بشكل يسير على نظرية الفيلسوف ريجارد برنشتاين عن صراع العقليات. صراع بين عقلية – لا أريد ان أزيد في وصفها – ترى البشارة والمسيح والمسيحية والهوية الكنسية من خلال العروبة والتعريب والعربية رغم أن هذه العقلية متحجرة ومتخلفة وتتعارض مع الواقع كما ذكرنا أعلاه، يقابلها عقلية سليمة متفتحة ترى الواقع وتتعامل معه وتتغلب على تراكمات الماضي من خلال نهضة ترى في تراثها وأدبها الكنسي ولغتها وإرثها المسيحي المشرقي الطريق إلى البشارة والمسيح وكذلك سبيلا للحفاظ على الوجود المسيحي وهويته في بلد مثل السويد.







رابط 1
http://www.polity.co.uk/book.asp?ref=074563494x
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,616072.0.html


154
مهرجان الجوقات والأخويات في السويد: ضربة قاصمة لهوية شعبنا الكنسية والقومية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


جرى تجمع كبير للجوقات والأخويات الكلدانية والسريانية في مدينة يونشوبنك السويدية يوم السبت الفائت. وحضرت المهرجان تقريبا برمته. في الحقيقة لم يكن هناك أي تسمية طائقية او مذهبية للمهرجان ولكن الجوقات والأخويات الكلدانية وبدرجة أقل السريانية هي كانت الطاغية وكان هناك غياب ملحوظ للمكون الأشوري من ابناء شعبنا.

وكفرد من أبناء شعبنا الواحد يهمه مستقبل ومصير هذا الشعب وتواجده لا سيما الخواص الأساسية التي تشكل هويته المستقلة وفي مقدمتها تأتي اللغة التراث والأدب من ضمنه التراث والأدب الكنسي كان حضوري خصيصا لتأشير بعد وقرب شبابنا في السويد من هويتنا كنسيا وتراثيا ولغويا.

ويؤسفني القول إنني صدمت لأن ما رأيته وسمعته وشاهدته أظهران الشباب والشابات لا سيما الكلدان منهم  ومن خلال الجوقات والأخويات لا درابة لهم بالهوية، كنسية كانت او غيرها. لقد اخذوا وهم في السويد العروبة والعربية نبراسا كهوية وكأنهم عرب أقحاح لا لغة قومية لهم ولا أدب ولا تراث وهوية كنسية مشرقية خاصة بهم.

وبإستثناء جوقتين واحدة من الكنيسة السريانية الكاثوليكة وأخرى من شقيقتها الأرثذوكسية والتي سأخصص مقال خاص لهما فإن الجميع من المرتلين والمنظمين والكهنة الكلدان بدوا لي وكأن العربية هي لغتهم  الأم. فلم أسمع كلمة واحدة بلغتنا القومية ولم اسمع نشيدا واحدا من تراثنا الكنسي ولم يمر أي من المتكلمين او المرتلين او الممثلين ولو مرور الكرام على أي شيء له أية علاقة ة بتراثنا وهويتنا وأدبنا الكنسي المشرقي.

وقبل أن أدخل في خضم الموضوع الحساس والمصيري هذا دعني اقدم بعض التعريفات ولو بصورة مختصرة لما أعنيه بالهوية الكنسية والهوية القومية. التعاريف ذات أهمية قصوى في كل حقول المعرفة لأنها تحدد المفاهيم الإنسانية  لأن دونها ندخل أنفسنا في متاهات لا مخارج لها.

ما هي الهوية المسيحية؟

 الهوية المسيحية شيء والهوية الكنسية شيء أخر. الهوية المسيحية هي محبة يسوع المسيح والعمل حسب وصاياه وتعاليمه كما وردت في الإنجيل وفي مقدمتها المحبة والعطاء والغفران والتسامح – الأركان الأربعة للهوية المسيحية بكل مذاهبها. وهذه الأركان من الممكن التعبير عنها باشكال إنسانية مختلفة في البيت مع العائلة ومع الأقارب ومع القريب – الإنسان – وفي أشكال عديدة أخرى ومنها التجمعات بغض النظر عن اللغة والجنس واللون والدين والمذهب.

 والمسيحية بإمكاننا ممارستها ونحن خارج نطاق المؤسسة – ان تتأمل وتصلي وأنت في غرفتك وحيدا كي يرشدك الله لتمارس ما يقربك من الإنجيل وتعاليمه وهناك أيات في ألإنجيل بهذا الخصوص. وهناك بالطبع أيات قد تعارض الصلاة والتأمل بإنفراد خارج نطاق وسيطرة المؤسسة. هذا شأن كل النصوص المقدسة في كل الأديان. إنها حمالة أوجه ولهذا لنا مذاهب مختلفة – أي تفاسير بشرية مختلفة للنص المقدس الواحد.

ما هي الهوية الكنسية؟

الهوية الكنسية تخص الأدب والتراث الكنسي من كتابات وصلوات وميامير وقديسين وشهداء وملافنة ولغة تميز كنيسة معينة عن أخرى. وكنيستنا المشرقية بأسمائها ومذاهبها المختلفة لها  لغتها الخاصة ولها تراث إنشادي هائل لا نظير له في المسيحية ولها لاهوت مشرقي خاص بها ولها لاهوت مريمي وتراتيل للعذراء لا تملك أي هوية كنسية أخرى مثلها. ولهذا ترى أن كل كنيسة ضمن إيمانها المسيحي بالإنجيل الواحد والمسيح الواحد والصليب الواحد قد كونت لنفسها هويتها الخاصة من كتب صلوات ولغة وإحتفالات وطقوس وكل الخصائص الأخرى التي تشكل الهوية. والكنائس في كل الدنيا تفتخر بهويتها الكنسية وطقوسها وقديسيها وتاريخها وشهدائها ولغتها.

أمثلة على الهوية الكنسية

أقرب مثال إلى كنسية تتشبث بهويتها هي الكنيسة السويدية بكل فروعا ومنها الكاثوليكية. وسأخذ الكنيسة السويدية الكاثوليكية نموذجا لأنها ربما الأقرب إلى غالبية  المشاركين في مهرجان الجوقات.

 الكنيسة السويدية الكاثوليكية لها هويتها الخاصة وتفتخر بها كما أنها تفتخر بهويتها المسيحية ضمن عيتا قديشتا شليحيتا قاثوليقي – أي كنيسة مقدسة رسولية جامعة. وكل الكنائس الرسولية كنائس مقدسة رسولية جامعة منها الكنائس التي ينتمي إليها شعبنا.

وإن أجرينا مقارنة بين الطريقة التي تحافظ الكنيسة السويدية على هويتها وعلى الطريقة التي ظهر فيها المهرجان لشخصنا بالملموس وقع الكارثة التي حلت بالمسيحيين المشرقيين لا سيما الكلدان منهم في السويد.

الكنيسة السويدية قلما ترى فيها كاهن لغته الأم سويدية (هويته وقوميته سويدية). تستورد الكنيسة السويدية أغلب كهنتها من بلدان أجنبية (هويات كنسية أخرى). ولكن لا يُسمح لأي كاهن ان ينقل هويته الكنيسة الأجنبية إلى الكنيسة السويدية. على الكاهن الأجنبي تعلم السويدية بطلاقة والكرازة والصلاة والإنشاد بالسويدية والقيام بكافة الطقوس والنشاطات بهذه اللغة أيضا.

الكنيسة السويدية الكاثوليكية هويتها واضحة وضوح الشمس ولا تقبل تغيرها. كتاب صلاتها واضح وإن حضر ليون برخوالكلداني وعشرات من بني قومه فلن يتم تغير كتاب الصلاة وكتاب الأناشيد واللغة من أجل عيونهم. هذه كنيسة تحترم هويتها ولا تخلط بين هويتها المسيحية وهويتها الكنسية.

وهذا ينطبق حتى على الغجر (رومانر او سامرنا) ليس في السويد بل بلدان أخرى حيث يحافظ  هؤلاء على هويتهم كنسية كانت او اخرى ضمن التعريفين اللذي قدمناهما اعلاه.

ماذا حدث في المهرجان

ما حدث في المهرجان كان غياب تام لهويتنا الكنسية المشرقية عدا ما قدمته جوقات الكنيسة السريانية بفرعيها الكاثوليكي والأرثذوكسي.

وغياب الهوية – أي ان الكلدان في المهرجان داسوا على هويتهم الكنسية والقومية بأقدامهم إلى درجة ان جعل مرتلة عربية  لبناينة تصل إلى إستنتاج ومن على المسرح وتقول وبرباطة جأش "إحنا العرب كلنا"  أي أن كل الحاضرين عرب مما أثار إستهجان بعض الأصوات ومنهم كاتب هذه السطور الذي صاح بأعلى صوته "نحن لسنا عرب" ولكنها جذبت التصفيق الحار والهلاهل المدوية من أغلب الحاضرين.

كيف حصل هذا؟

هذه مسالة مهمة يجب دراستها وتمحيصها لأنها بالنسبة لي بمثابة الكارثة – وأي كارثة اقسى من أن يخسر الإنسان هويته الكنسية والقومية – حسب التعريفين أعلاه – لحساب هوية أخرى هو أساسا يدعي أنه هرب بجلده إلى السويد من ظلم أصحابها؟

مسح عشوائي عن هويتنا الكنسية

وقد أجريت مسحا عشوائيا بسيطا حيث إنتخبت عشوائيا حوالي  40 شخصا من الحاضرين والمشاركين في المهرجان كي أستطلع عدد الذين لا يفهمون لغتنا القومية. تقربت إليهم وبادرتهم الحديث بلهجتي ككلداني. وأقسم أن كل من تحدثت معه جاوبني بطلاقة أي بمعنى أخر أنه يعرف لغتنا ويتحدثها كلغة أم.

فلماذا إذا يلجا شبابنا الكلداني إلى اللغة العربية؟ اهي عقدة خواجة خاصة بنا أي ان العربية وهويتها أسمى من لغتنا وتراثنا وحتى نحن في السويد؟

غياب الأصالة وإنتصار النقش والنقل من الأخرين

ومن ثم كل من سمعته لا سيما من أناشيد منسوخ ومنقول برتابة وأحيانا بطريقة سمجة – أتحدث هنا كلغوي وموسيقي – من التراث الكنسي العربي لا سيما اللبناني. أي ان ما حدث كان نقلا  ونقشا للأخرين وكأننا نحن الكلدان شعب بلا تراث ولا هوية ولا لغة ولا تاريخ ولا ادب كنسي خاص بنا.

ألم يكن الأفضل ان يُصرف ولو وقت قصير وبعض الجهد مما تم بذله لإنشاد والتحدث بلغتنا القومية. أين صار كل تراثنا الإنشادي وفلكلورنا وموسيقانا وبلغتنا التي دونها لا هوية لنا؟

ألماذا نحترم الهوية العربية على حساب هويتنا وأكاد أجزم أن أكثر من 90 في المائة من الكلدان والسريان الحاضرين يتحدثون  لغتنا؟

لماذا تفرض الكنيسة السويدية على كل الكهنة الأجانب العاملين لديها والمؤمنين الأجانب الذين يشاركون في نشاطاتها ومنهم الكلدان أن يحترموا ويمارسوا هويتها الكنسية – لغة وطقسا وإنشادا وتراثا – ونحن سائبون لا نعير حبة خردل من الإهتمام لتراثنا ولغتنا؟

لماذا لا يحترم  كهنتنا ومؤمنينا وشبابنا وشباتنا هويتهم الكنسية المشرقية بلغتها وتراثها وطقوسها وإنشادها وممارساتها وأدبها؟

هناك أسئلة كثيرة جدا بالإمكان إثارتها ولكن يبدو أن  سطوة العروبة والعربية قد سيطرت على شعبنا الكلداني إلى درجة أن شبابنا وشاباتنا وكهنتنا لا يستطيعون الإفلات منها حتى وهم في واحد من أكثر بلدان العالم هدؤا وأمنا.

وهكذا ذهب كل التراث الكنسي المشرقي بهويته الكنسية المميزة أدراج الرياح في مهرجان كان يجب ان يكون له فيه حصة الأسد.

وهكذا لم يحترم شبابنا وشاباتنا تراثنا وهويتنا الكنسية. الأمم والشعوب الحية تدافع عن لغتها وتراثها وأدبها وتقدم الشهداء في سبيلهم  ولا تخلط بين إيمانها وهويتها. نحن إختلط علينا الحابل بالنابل ولا يريد أي واحد منا أن يميز بين هويته كمسيحي وهويته الكنسية  كمشرقي له تراث وادب كنسي يجب المحافظة عليه.

من أوصلنا إلى هذه الكارثة؟

الخطأ خطاؤنا جميعا ولكنني ألوم بشكل خاص مؤسسة الكنسية الكلدانية وبشكل أساسي الكهنة الذين كانوا حاضرين في المهرجان والغائبين عنه إن في السويد او في بلدان أوروبية اخرى.

لا استطيع أن أفهم كيف يمكن لكاهن ذو هوية مسيحية مشرقية أن يقف ليس فقط مكتوف الأيدي بل مشجعا ومهلهلا ومصفقا لهذا الدوس المجاني على تراث وأدب وهوية أعرق كنيسة في الدنيا بينما يرى بأم عينيه كيف أن الكنائس الغربية تحافظ على تراثها وهويتها.

والله حتى الكردي الأمي في أقص قرية من زيبار وهومار وبارزان لا يقبل ان يهدم تراثه وهويته بهذا الشكل على الإطلاق.

ولا أي شعب أخر يقبل على نفسه ان يحدث ما حدث في هذا المهرجان وما يحدث في مؤسسة كنيستنا الكلدانية في السويد وغيرها حيث كنت في زيارة لجنوب أفريقيا قبل شهرين وشاهدت كيف أن الكنائس هناك من ضمنها الكنيسة الكاثوليكية تتشبث بتراثها القبلي من إيقاعات ولغات وحتى إيقونات.

أهكذا صرنا بلا هوية  بحيث ان الجوقات الكدانية بأجمعها لم تنشد ولم تتحدث إلا بالعربية فقط وما قدمته  من التراتيل كان باهتا رتيبا مملا وسمجا موسيقيا ولغة ومحتوى لا يقبله الحس السليم إن وضعناه ضمن سياق ما نملكه من تراث وأدب وإرث كنسي لم ولن تنجب المسيحية مثله ابدا.

واليوم وربما اليوم فقط  أستطيع أن أفهم بعد ما وقعت عليه عيني من كارثة فظيعة أننا نحن الكلدان لم يبق لنا بعد اليوم حق في هويتنا إن كان لدينا شبان وشابات يمقتونها بهذا الشكل وكهنة همهم الأول والأخير الدوس على التراث والهوية الكنسية  والترويج  للعربية والعروبة.

واليوم أستطيع ان أفهم لماذا بدأ بعض الغيارى على كلدانيتهم وفي مدينتنا مغادرة الكنيسة الكلدانية والتوجه صوب الكنيسة السويدية الكاثوليكية او حتى غيرها.

واليوم عرفت ان الله بالنسبة إلينا نحن الكلدان لا يقبل أي شفاعة ولا صلاة إن لم تكن بالعربية.

واليوم عرفت أننا نحن الكلدان بمشيئتنا كتبنا "نحن عرب" في حقل القومية في زمان صدام  حسين ونحن عربنا أنفسنا له على طبق من ذهب بينما قاومته كل المكونات الأخرى.

واليوم عرفت ان عملية التعريب وبهذا الشكل السمج مستمرة على أيدي بعض الكلدان وحتى في السويد.

سؤالي الأخير أين هم الناشطون القوميون من الكلدان الذين يهاجمون ليون برخو إن كتب مقالة نقدية كهذه. اين أنتم والتعريب والعروبة يمر من تحت أقدامنا ونحن عنه ساهون؟
 

155
ملاحظات هامة جدا على شعبنا أخذها في عين الإعتبار
ليون برخو
جامعة يونشونك – السويد


في أخر مقال كتبته (رابط 1) ضمن الحوار بين وبين الزميل العزيز غسان شذايا تمنيت أن يرد على الأسئلة التي أثرتها فيه أحد الأكاديميين من أبناء شعبنا او من خارجه او ان يرد أي كان ولكن بطريقة علمية أكاديمية. الرد الذي أتاني من الأخ شذايا (رابط 2) بعيد كل البعد عن العلم والأكاديميا وسأعرج عليه في نهاية المقال.

وقبل الدخول في حوار جديد مع الزميل الغالي أود التأكيد ان الغاية منه هي خدمة شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة وكذلك إدخال المنهج العلمي والأكاديمي في نظرتنا إلى أنفسنا اليوم ومستقبلنا غدا وما كنا عليه في الماضي.

وما شجعني على الإستمرار هو ما كتبه الأستاذان يوحنا بيداويد وشوكت كوسا والإثنان معروفان بخطابهما الهادىء وحرصهما الشديد على شعبنا الواحد وحاضره ومستقبله. وأتفق جدا مع الأستاذ كوسا أنه آن الأوان للأكاديميين من أبناء شعبنا وبالأخص الذين يرفضون التحول إلى  ناشطين (وسأشرح مفهوم الناشط لاحقا) كي يدلو بدلوهم في شؤون شعبنا الحساسة.

كيف يعمل الأكاديمي – موقع عنكاوة.كوم مثالا

هذا مثال حي للطريقة التي يعمل بها الأكاديمي.  لنفترض اننا أردنا أن نعرف إن كان موقع عنكاوة.كوم محايدا ونزيها ام لا في تغطيته الإخبارية. كأكاديمي  لا يجوز ان أذهب إلى ماكنة البحث غوغل وأختار نصوصا محددة حسب رغبتي وأقدمها على أنها دليل على إنحياز الموقع لهذا او ذاك او لنزاهته. يجب أن أخذ عينة تشمل تغطية الموقع لمدة لا تقل عن ستة اشهر واحدد الصفحة التي اخذت العينة منها وكذلك الحقل او الحقول التي تنطبق عليها، مثلا المنبر الحر،الحوار والرأي الأخر، أخبار شعبنا، خبر وصورة .. إلخ.

وأكلف مساعدين أكاديميين أكفاء كي يقوموا بقراءة كل هذه المادة بصورة دقيقة وتبويبها حسب المحتوى – كلمات، عبارات، جمل، فقرات، عناوين، صور ..الخ) وتسجيل كل تكرار للمحتوى. ومن ثم إدخالها في الكمبيوتر وإستقدام استاذ في الإحصاء لتحليلها وتحديد الأهمية الإحصائية لها. وبعد أن نصل إلى هذه النتائج من خلال البحث الكمي علينا الشروع بالبحث النوعي من خلال علم تحليل الخطاب الذي يدخل في تفاصيله التحليل النوعي من خلال مقابلات مع مشرفي ومحرري الموقع وكذلك مع الكتّاب الأكثر إنتاجا وتحليل هذه المقابلات. وعند الحصول على النتائج يجب وضعها ضمن السياق العام من أجل للوصول إلى نتيجية  مرضية علميا وأكاديميا. لهذا قد نحتاج إلى سنة كاملة وتفرغ أستاذ لسنة كاملة أيضا.

 وهذا لا يكفي. يجب ان يتم تقييم الدراسة من قبل أكاديميين مستقلين أكفاء وذلك بإرسالها دون الكشف عن اسماء القائمين بها ومنصبهم ومؤسساتهم (أي بصورة سرية) لمقيمين إثنين في اقل تقدير. إن رٌفضت الدراسة ذهب الجهد سدا وسيكون لزاما علي أن أعيد الكرة  مسترشدا بأراء وإقتراحات المقيمين. وسأكون سعيدا جدا لو طُلب مني بدلا من الرفض إعادة النظر في حقول معينة وإعادة كتابتها.  هكذا هو العلم والأكاديما وهكذا تعمل مراكزالأبحاث الجامعية التي يعتمد عليها العالم المتمدن في كل صغيرة وكبيرة لبناء حاضره ومستقبله وهكذا نصل إلى نتائج ذات مصداقية يمكن الإعتماد عليها.

كيف يعمل الناشط

في الحقيقة لقد ساعدني الأخ شذايا في رده على تقديم وصفة كاملة عمليا ونظريا لكيفية عمل الناشط. الناشط هو بالضبط ما يقوله السيد شذايا عن نفسه ومواقفه في خاتمة مقاله، حيث يردد بما معناه: هذا أنا شاء من شاء وأبى من ابى. العالم الأكاديمي يغادر هكذا مواقف وهكذا نشطاء ويرى فيهم خطرا ليس على العلم والمعرفة بل حتى على المجتمعات التي ينتمون إليها.

والناشط – القومي اوالسياسي او المذهبي او الديني او غيره - يتصور جزافا أنه وطني. في الحقيقة الناشط لا يملك من الوطنية خردلة لأنه يتشبث بأمور سطحية لا علاقة لها بحاضر ومستقبل وحتى التاريخ الكتابي لشعبه. ولهذا تراه مستعدا أن يهدم شعبا بأكلمه من أجل كلمة واحدة (خذ مثلا التسمية) او الإنتماء إلى مذهب معين (ناشطب مذهبي) حيث يجعل من مذهبه  كل شيء هو النعمة والبركة والغنى ومفتاح السماء والأرض حتى على حساب هوية شعبه وعلى حساب كل البراهين المادية والعملية والتجريبية على ان المذهب هذا قد ساهم في تهميش لا بل تشتيت الشعب وتدمير هويته.

واليوم شعبنا واقع تحت مطرقة الناشط القومي والناشط المذهبي. هؤلاء جعلوا من ناشطيتهم وليس وطنيتهم نبراسا لأنفسهم لا يحيدون عنها حتى على حساب هوية ومصير ووجود شعبنا. بمعنى أخر أن شعبنا يندر أن تجد في صفوفه وطنيون يضعون مصلحة الشعب قبل الناشطية والمذهبية. اي أن هوية الشعب ومصيره ووجوده وحاضره ومستقبله ولغته وثقافته وتراثه تأتي بالنسبة للوطني قبل التسمية والمذهب والعَلَم وقبل انكيدو وأكيتو واشور ونبوخذنصر وروما وغيرها. اما الناشط فيتشبث بموقفه حتى على حساب الوطن وأنظر التشبث غير العقلاني وغير المنطقي بامور مذهبية وتسموية التي كادت تعصف بنا كشعب وأمة وحضارة وهوية.

أمثلة أخرى

والتعلق بهذا الشكل من الغلو والإفراط بأمور بعيدة كل البعد عن العلمية والأكاديمية من قبل ناشطينا يشبه من حيث الخطاب ما يدور من معارك خطابية طاحنة بين المسلمين لا سيما العرب منهم حيث يُقيّمون حاضرهم ومستقبلهم ومصيرهم على ما قالته قبل 1500 سنة عائشة او عمر او معاوية او علي او ما قاله ويقوله الناشط المذهبي او الشيخ الفلاني. وهم اليوم لا يهمشون بعضهم البعض من خلال الخطاب المستند إلى الماضي بل يقتلون الواحد الأخر وبالجملة ويذبحون الناس بالسكاكين ويفجرون أنفسهم ويهدمون ويحطمون دول ومجتمعات برمتها كما حدث ويحدث في العراق وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان العربية  إنطلاقا من ناشطيتهم  المذهبية  العمياء.

طبعا نحن شعب صغير لا حول ولا قوة لنا غير الخطاب ولكن إن أجريت تحليلا لخطاب ناشطينا القوميين والمذهببين لرأيت تشابها كبيرا مع الخطاب الشرق الأوسطي الإسلامي. الفرق ان العربي المسلم لا زال ما جرى قبل 1500 سنة جزءا وجدانيا – لغة وهوية – أي أن الكتابة (اللغة العربية)، بمعنى أخر  الخطاب  وهو الثقافة والحضارة – لا زالت مستمرة دون إنقطاع منذ ذلك الحين وحتى اليوم. نحن معاركنا الخطابية الدونكيشوتية تجري  من أجل عيون ثقافة وهوية ولغة لا ناقة ولا جمل لنا بها بدليل أن افضلنا علما ومعرفة لا يستطيع قراءة جملة واحدة مما خلفته تلك  الشعوب التي ندعي الإنتماء إليها ولا يعرف معنى أي إسم من أسمائها ولم يجري ذكرها في  الثقافة والتراث الذي تحمله لغتنا القومية (السريانية) إلى ما بعد دخول مذهبية الكنيسة الغربية الإستعمارية على الخط.

نماذج عن الأذى الذي ألحقه ويلحقه الناشطون (القوميون والمذهبيون) بشعبنا

هذه بعض النماذج عن الأذى الهائل الذي سببه ويسببه الناشطون لشعبنا. وبالطبع هذا غيض من فيض.

اولا، في السويد هناك جالية كبيرة لشعبنا، بمقاييس العراق يكون تواجد شعبنا أكبر في هذا البلد من أي منطقة جغرافية أخرى في العراق. وفي هذا البلد تُشجِع لا بل تُجبر الدولة غير السويديين على تعلم لغتهم الأم (اللغة القومية) وتقدم  تسهيلات  سخية في هذا المجال. وظهر في السويد  بعض الأساتذة من أبناء شعبنا ألفوا كتبا لتدريس اللغة القومية. ولكن لأنهم ناشطون وليس وطنيون أصروا ويصرون دون وجه حق على تسمية اللغة بغير إسمها الأكاديمي العلمي وهو السريانية حيث يطلقون عليها "الأشورية". وهذا الأمر أثار إمتعاض وحفيظة جالية كلدانية كبيرة وهي اليوم تقاطع الدروس والمناهج التي يقدمها هؤلاء الناشطون القوميون. وهؤلاء الناشطون القوميون الأشوريون مصرون على موقفهم ان اللغة "اشورية" وليست سريانية رغم أنه ليس هناك جامعة في العالم كله تطلق عليها هذا الإسم فكل الأقسام العلمية في الدنيا التي تدرس هذه اللغة تسميها السريانية.

وهؤلاء  الناشطون يقولون ان الكل "اشورييون".أمنا بالله ولو من أجل المحاججة. إذا كنا كلنا اشوريين كما تدعون فهل يجوز ان تقبلوا أن يبقى غالبية شعبكم (من الكلدان) أميا (من ناحة اللغة الأم) بالتشبث بتسمية غير علمية وأكاديمية وتعلمون ان مجرد رفع هذه التسمية قد يؤدي إلى محو الأمية بين صفوف أبناء شعبنا في السويد؟. هل هناك شخص يؤمن بالوطنية الحقة يقبل على نفسه أن تبقى الغالبية الساحقة من مواطنيه أمية على  حساب التشبث غير العلمي والمنطقي والعقلاني بتسمية محددة بينما العلم والأكاديميا قد إتخذوا موقفا من هذا الأمر وإسم اللغة علميا وأكاديميا اليوم هو السريانية ؟ الوطني الصادق يعمل المستحيل كي ينقذ شعبه من الأمية  ولن يقف أي شيء أمامه في سبيل تحقيق هذه الغاية. هؤلاء الناشطون وهم يعيشون في مدينتي وهم أصدقائي يرددون مثل السيد شذايا: "شاء من شاء وابي من ابى" حتى على حساب تدمير شعبنا لأن الأمية دمار.

المثال الثاني نستقيه من الناشطية المذهبية وهي متغلغلة في صفوف شعبنا لا سيما الكلدان منهم حتى النخاع الشوكي وعلى حساب تراث وهوية ولغة وقومية شعبنا. أصحاب النهضة الكلدانية يقودهم رجال كبار مذهبيا  ويدعي بعضهم أنه يحمل شهادتين او أكثر للدكتوراة ولكنهم ومع الأسف الشديد ناشطون مذهبيون وليسوا وطنيين. ومثلهم مثل مدرسي اللغة الأم في السويد حيث هم أيضا يقولون ان الكل كلدان. أمنا بالله ومن أجل المحاججة إن كان الكل كلدان اي من أبناء شعبكم فكيف تقومون جهارة وعلانية وعلى موقعكم الأسقفي والكنسي بإهانة قطاعات واسعة من شعبكم وتصفونهم بالهراطقة (الكفار) فقط لأنهم يختلفون عنكم  مذهبا؟ فالنساطرة هراطقة (بينما كل الكدان وإلى وقت قريب كانوا نساطرة) واليعاقبة (السريان الأرثذوكس) أيضا هراطقة وهذا يرد في موقع إعلامي علني يشرف عليه من هم  بدرجة الأسقفية. وإن قلت لهم إن هذا مؤشر لتفشي الجهل والظلامية في صفوكم لأن مدنية وحضارة اليوم اليوم تتسامى على المذهبية والناشطية رددوا،  كما ردد السيد شذايا في خاتمة مقاله: "هذولة إحنا، شاء من  شاء وابى من أبى."

ثالثا، يتحدث بعض كتاب شعبنا في المنتديات عن مسائل تخص ما يقولون انه تزوير لبعض المطبوعات التي في متناول أبناء شعبنا وهذه المطبوعات أساسا ليست علمية ولا أكاديمية. مفهوم التزوير علميا وأكاديميا يختلف عن المفهوم لدى الناشط السياسي او القومي او المذهبي. هؤلاء الناشطون يوظفون كل شيء من أجل مصالحهم الأنية والضيقة وليس المصلحة الوطنية العليا. ولهذا ترى ان هؤلاء الناشطين يغضون النظر عن التزوير الحقيقي الذي حصل ويحصل لتاريخنا وتراثنا ولغتنا ويتشبثون بالقشور. لن أدخل في خضم معنى التزوير من الناحية العلمية والاكاديمية ولكن التلاعب بالكتب التراثية وتغير حتى كلمة واحدة منها في النص الأصلي يعد جريمة لا تغتفر. النص الأصلي من  الكتب التراثية (ومنها الإنجيل او التوراة او القرأن) يعد مقدسا. إن أردت أن تفسر او تعلق عليها عليك ان تفعل ذلك ضمن هامش او  خارج نطاق الإقتباس من النص التراثي.

لنأخذ مثالا واحدا لما فعله الناشطون لا سيما المذهبيون بشعبنا وتراثنا. هنا سأركز على كتاب الحوذرا (بيث كزا او كنزا ربا) لأنه أهم كتاب في أدبنا الكنسي طرا لا بل أهم مطبوع تراثي كنسي ولم وأجزم لن تنجب المسيحية مثله. وهنا أستند على النسخ التي بحوزتي. خذ إسم كنيستنا. كنيستنا في كل كتب  التراث ومنها الحوذرا  إسمها (عيتا دمذنحا) او (عيتا دسورياي مذنحايى)  لتميزها عن شقيقتها الغربية –غرب العراق - (عيتا دمعروا) او (عيتا دسورياي معروايى) .

اول تزوير فظيع حصل لإسم كنيستنا في العصر الحديث قام به الناشطون المذهبيون من الكلدان  بتغير إسم كتاب الحوذرا  من (عيتا دسوريايى  مذنحايى) إلى (عيتا دسوريايى مذنحايى دهنون كلدايى).  

أعقبهم الناشطون المذهبيون من الأشوريين وذلك بتحوير – تزوير – الإسم الأصلي لكنيستنا من (عيتا دمذنحا) إلى (عيتا دمزنحا دأثورايى).
وكأن كل هذا التزوير لم يكن كافيا في خلق بلبلة مرعبة اساسها مخاصصة وفرز مذهبي وطائفي مقيت أقحمنا المذهبيون الكدان في حملة غش وتزوير لذات الكتاب في طبعته الأخيرة – نسخة منه في حوزتي – حيث طارت كلمة (سوريايى) وحور العنوان من (عيتا دسوريايى مذنحايى دهنون كلدايى) إلى (عيتا دمذنحا دكلدايى).

والناشطون المذهبيون من الكلدان لم يقفوا عند هذا الحد من التزوير رغم ان القائمين على المشروع يدعون أنهم اصحاب شهادات ويقال أنهم لا  زالوا يدرّسون في جامعات -  بل زوروا امورا أساسية وجوهرية أخرى كما هو الحال في صفحة (نون يوث طيث) حيث قاموا بتزوير شنيع أخر أزاحو فيه كلمة (سوريايى) من (دوخرانا دملباني سورياي) أي (تذكار الملافنة السريان) وأحلوا محلها (دوخرانا دملبانى كلدايى). وهكذا (عيني عينك) دون خجل ولا وجل. هذا ليس علم ولا أكاديميا. هذا قلة إحترام للتراث لا بل يرقى إلى قلة حياء.

في العلم والأكاديميا لو فعل ليون برخو ذلك لطُرد من الجامعة وسحبت منه الشهادة. ليس هذا فقط بل لسحبت كل مؤلفاته وكتبه وأبحاثه من المكتبات ونشر عنه الإعلام هذه الحقائق ولصار عبرة لمن لا يعتبر.

هذا فقط غيض من فيض للتزوير الذي وقع على تراثنا ولغتنا وتاريخنا الكنسي وغيره ومع كل هذا لا يزال هؤلاء المزورون من الطرفين يقرأون علينا مزاميرهم ونقبّل أياديهم وندافع عنهم وكأنهم  أناس منزلين.

وكل هذا التزوير – هناك أمثلة كثيرة اخرى – ونحن الكلدان مثلا لا نقيم أي وزن او إعتبار لكتاب الحوذرا – وهو كنز أدبنا الكنسي ووصل الأمر بالبعض – وهم في سدة الأسقفية – إلى رميه في سلة المهملات اما بالنسبة للشباب الكلداني والجوقات الكلدانية فهذا الكتاب يعد مطبوعا "متخلفا" فبدلا من إنشاد روائعه تراهم يهرعون إلى اللغة العربية وحتى في المهجر ويأخذون من أداب كنائس أجنبية لا ترقى ابدا إلى ما بين أيدينا من تراث ويدخلون كل هذه الأدبيات السطحية والمملة والرتيبة إلى كنيستنا ولتذهب اللغة والهوية والتراث وليذهب الأدب الكنسي الذي لم تلد المسيحية مثله في كل تاريخها إلى الجحيم.

هذا ما يحدث لأمة تضع مصيرها بيد الناشطين.

عودة إلى الحوار بيني وبين العزيز شذايا

الأخ شذايا ناشط وبكل ما للكلمة من معنى. إن كان وطنيا حقا لوضع مصير شعبه (لا سيما حاضره ومستقبله ووجوده وتراثه ولغته) فوق أي إعتبار اخر. وإن كتب شيء كان عليه – كما يفعل أي أكاديمي تمحيصه  ووضعه ضمن سياقة التاريخي والعلمي العام ولما قفز إلى العموميات ونتائج عامة دون القيام بدراسة أكاديمية رصينة – كما اوضحنا اعلاه – او الإستناد إليها.

فأنظر مثلا كيف أقحم نفسه في إتهامات باطلة – ترقى إلى التجني – بخصوص الدكتور ابو الصوف. وأنظر  كيف أنه تجنب الإجابة عن كل الأسئلة التي أثرتها حول بطلان إدعاءاته منها ربطه بين "بعثية" السيد أثيل النجيفي المزعومة ومع ابو الصوف وتهربه من الأتيان بمقال علمي وأكاديمي يظهر أن الدكتور دوني يبرهن فيه اننا أحفاد الكلديين والأشوريين كما يزعم ولا يعير أهمية للدليل الدامغ الذي قدمته عن أن الدكتور دوني كان ناشطا أشوريا ويقصي الأخرين من أبناء شعبنا شأنه شأن أي ناشط  سياسي او قومي اومذهبي أخر ولم يجاوب على إستفساري إن كان سيربط تكريم الإسلامويين العراقيين للدكتور دوني بإطلاق إسمه على قاعة المتحف العراقي  بموقف سياسي كما فعل مع ابو الصوف ولم يعط أي دليل إن كان ابو الصوف قدم السند الأكاديمي والعلمي للطاغية صدام حسين للمضي قدما في سياسة التعريب ولم يقدم دليلا واحدا على كل هذه الأمور وغيرها. كل ما ذكره هو ان ابو الصوف كتب مقالات في جريدة بابل دون  ن يقتبس ولو جملة واحدة من هذه المقالات. وهذا شأن كل الناشطين بالمفهوم الذي ذكرته.

وماذا عن هذه الحقيقة الدامغة وكيف سيقرأها الناشطون من أبناء شعبنا؟

مشكلة الناشط انه يقدم عموميات غامضة ويعدها براهين علمية. فإن أخذنا الإدعاءات الباطلة التي يسوقها الأخ شذايا حول الدكتور ابو الصوف من أجل المقاربة والمقارنة فماذا عساه ان يقول عن هذه الحقيقة الدامغة.

هل يعلم ان الدكتور دوني كان هو الذي نفذ تعليمات صدام حسين  بحذافيرها كمشرف عام ورئس ومدير هيئة إعادة إعمار (لم يكن إعمار بل تدمير) بابل حيث وضع صدام  تحت تصرفه ميزانية – والعراق حينئذ واقع في حرب ضروس مع إيران – بلغت أكثر من نصف بليون دولار؟ وأنا شخصيا زرت بابل وهي تحت التعمير (الهدم) وألتقيت مع الدكتور دوني وكتبت عن ذلك في الصحافة العالمية. هل يعلم السيد شذايا ان ما جرى وتحت الإشراف المباشر للدكتوردوني كان تدميرا منهجيا لأعرق مدينة في تاريخ العالم؟ ألم ينفذ الدكتور دوني تعليمات صدام حسين بحذافيرها ومنها طبع إسمه على كل طابوقة إستخدمت في إعادة الإعمار (الهدم) وهي بعشرات الملايين؟

فهل يجوز أن أستنتج أن الدكتور دوني كان عميلا لصدام حسين كما تفعل أنت عندما تستنتج كناشط ان الدكتورابو الصوف كان عميلا لصدام كونه كتب بعض المقالات في جريدة بابل؟

والأن وبعد أن وضحت لشعبنا هذه الحقيقة وإستنادا إلى الطريقة غير المنهجية والعلمية والأكاديمية التي يتوصل فيها السيد شذايا إلى عموميات غامضة بإستطاعة اي ناشط كلداني التوصل بطريقة السيد شذايا إلى ما قد يراه  أنه حقيقة مفادها أن الدكتور دوني وضع يده في يد صدام حسين لتدمير عاصمة الكلديين لأنه – وحسب الكثير من مقالاته غير  العلمية التي نشرها في المنتديات – كما اوضح لي ذلك خطيا – والتي ينادي فيها باشورية الكل وأننا جميعا أحفاد اشور بانيبال – كان يريد ان يمحي هذه المدينة التي هي تاج الحضارة الكلدية  من الوجود. إن صح ما يدعيه السيد شذايا بخصوص ابو الصوف يصح أيضا ما سيدعيه أي ناشط كلداني بخصوص الدكتور دوني.

أنظر ما يفعله الناشطون. الأكاديمي – أي  مثلا ليون برخو – لا يعير حبة خردل من الإهتمام لما قاله الناشط بخصوص الدكتور ابو الصوف ولا ما قاله او ربما سيقوله الناشطون الكلدان بخصوص الدكتور دوني. الأكاديمي يتبع منهج بحث علمي – كمي ونوعي – للوصول إلى نتائجه وليس التخمين.

ماذا حول إنقراض الحضارات العراقية القديمة؟

السيد شذايا يطلب مني  البرهان. أنا قدمت البرهان من خلال ترجمتي لموسوعة علم الأثار ومرافقتي لكل البعثات الأجنبية والعراقية التي عملت في العراق منذ منتصف الثمانينات وإلى يوم خروجي من البلد.

وقدمت مثالين للحضارات التي لم تنقرض منها الفارسية واليونانية.

في العلم والأكاديميا نحن لا نعتمد على ما نشعر به. هذا ما يفعله الناشط فهو يشعر مثلا انه أكدي وأشوري وأرامي وكلدي واموري والأخر يشعر أنه كذا وكذا. في علم الأثار نحن نعتمد على المعول والمجس  والإثنان يقولان ويقدمان الدليل تلو الدليل من خلال مئات المواقع والاف المجسات ان الشعوب التي  ندعي الإنتماء إليها إنقرضت - طبقتهم الحضارية اي مستوطناتهم إختفت – وحلت محلها مستوطنات وحضارت أخرى.

بإمكان الناشط أن  يشعر ما يريد مثله مثل الشخص الذي يظن ان قلبه مريض ولكن الحكم هو المختبر الطبي والأجهزة والتحليل. إن أظهرت هذه ان قلبه سليم لن يقوم أي طبيب بإجراء العملية له او حتى منحه ادوية. كل علم له مختبره وعلم الأثار مختبره المعول والمجس.

هذا لا يقوله فقط الدكتور ابو الصوف. قاله الدكتور دوني لأن لم يأخذ أي عالم او مجلة علمية إدعاءاته كناشط أشوري ان المسيحيين الناطقين بالسريانية هم ابناء اشور بانيبال محمل الجد ولهذا لم يستطع نشر مقال علمي وأكاديمي واحد كي يبرهن على أشوريته بمفهوم التواصل الحضاري او أن تلك الحضارة او الشعب لم ينقرض شأنه شأن الشعوب العراقية القديمة الأخرى وانه حفيدهم. وأنا أعرف الرجل وأعرف أنه كان ناشطا قوميا أشوريا من الطراز الأول. وحسب علمي لم يكتب أي باحث او عالم أثاري دراسة أكاديمية رصينة تثبت أن تلك الشعوب لم تنقرص او أن الفئة الحالية هذه او الفئة تلك هي حفيدة او الوريثة لأي من تلك الحضارات.

وهذه الحقيقة أقر بها أنا كأكاديمي ويقرها أيضا العلامة البير ابونا ويقرها الدكتور يوسف حبي في كتاباته ويؤشر عليها الدكتور لويس ساكو.
فهل سيديننا الناشطون على اننا كذا وكذا كما فعل السيد شذايا مع الدكتورابو الصوف لأننا مثله نقر بنظرية إنقارض تلك الشعوب وحضاراتها؟

ماذا عن المصادر التي يذكرها السيد شذايا

في العلم والأكاديميا نبتعد عن ذكر المصادر بهذه الطريقة –طريقة اللصق (كوبي أند بيست)، أي الدخول إلى ماكنة البحث وإدخال كلمات مثل – اشوري ارامي أكدي كلدي – ونقل ما نحصل عليه من مصادر وتقديم رابط تلو الأخر. بالطبع هناك المئات ومئات من المصادرالتي تذكر هذه الأسماء.  هذه الطريقة خطر على صاحبها ويجب عليه  مغادرتها   (وأنا هنا أتكلم من موقع أكاديمي أظن أن السيد شذايا يقر بعلميته ورصانته لأن من هم بمنزلة السيد شذايا أكاديميا هم تلامذة لدينا)  إن أراد الدخول بجدية إلى عالم العلم والأكاديميا. اليوم  لدينا وسائل لإكتشاف إن كان ذكر المصدر لغرض علمي أكاديمي بحت ام لغاية في نفس يعقوب.

المصادر التي يذكرها الأخ شذايا تفحمه هو وتظهر بطلان إدعاءاته. فمثلا اللوح الثنائني اللغة – الأكدي والأرامي (السرياني) – لا يدل على ان الأشوريين غيروا لغتهم. يدل على ان حضارة جديدة ارقى مما كان موجودا حينئذ بدأت للظهور في ارض الرافدين. وهذا ليس اللوح الوحيد من نوعه. هناك  ألواح أخرى ثنائية وثلاثية اللغة أكتشفت في أماكن عديدة من بلاد الرافدين وغيرها.

ثانيا كون الأرامية اللغة الثانية او الأجنبية في بلاد أشور لا يؤشر على الإطلاق أنها كانت اللغة السائدة بين افراد الشعب من الأشوريين . كان على الأشوريين وغيرهم من الأقوام إستخدام اللغة  الأرامية لأنها صارت لا سيما قبل سقوط الأمبراطوريات التي ندعي الإنتماء إليها بقرن او قرنين لغة الدبلوماسية والتجارة والعلم  والثقافة وكانت الأرامية اللغة الأجنبية او الثانية لدى كل شعوب منطقة الشرق الأدنى لا بل العالم القديم برمته في ذلك الحين. فوجود قاموس إنكليزي سويدي (ثنائي اللغة) في السويد لا يعني ان الإنكليزية صارت اللغة الدارجة لدى السويديين.

اما عن ظهور رقم او لوحات كتابية بعد سقوط هذه الإمبراطوريات هنا وهناك هذا لا يؤشر على ان حضارتهم لم تنقرض بمفهوم علم الأثار.السومريون كحضارة   - كطبقة أثارية – انقرضوا، أي ازاحتهم الحضارة او الطبقة الأكدية ولكن رقمهم تظهر إلى ما بعد ذلك بكثير وتظهر الرقم السومرية او الأكدية على طول وعرض الشرق الأدنى وفي فترات مختلفة وتظهركتابات فرعونية وعاجيات لا نظير لها حتى في مدينة نمرود الأشورية. هل يعني هذا اننا سننجر إلى عموميات كلما حصلنا على رقيم او أخر؟

واللغة هي هوية القوم. إن بدل قوم لغتهم معناه أنهم بدلوا هويتهم. هذا ما يقوله العلم والأكاديميا والتجربة. فابناء شعبنا من اللبنانيين المسيحيين بدلوا لغتهم من السريانية إلى العربية وبذلك صاروا عربا أقحاح وبرز منهم من الشعراء والأدباء صاروا اليوم نبراسا للعروبة واداب اللغة العربية في العصر الحديث ينشد العرب وليس ابناء شعبنا من الناطقين بالسريانية اشعارهم في المدارس وتدرّس كتبهم على طول وعرض الوطن العربي. بتبدل لغتهم تبدل تراثهم وتاريخهم. فهم اليوم لا يفتخرون إلا بالعروبة ويرون أنفسهم جزءا من الحضارة العربية والإسلامية وإن ذكروا رموزا لهم تبادر إلى ذهنهم المتنبي والمعري وأمرىء القيس والنابغة والتوحيدي وإبن خلدون وغيرهم من أعلام العربية. أما أعلام لغتنا السريانية فصاروا غرباء وأجانب  لديهم. اللغة العربية وليس السريانية هي اليوم لغتهم الأم ولهذا هم اليوم أكثر عروبة من عروبة عدنان وقحطان.

اللغة قوة جبارة ولهذا إكتسابها يعني إكتساب الهوية. فإن كانت – ولو جدلا – الشعوب التي ندعي الإنتماء  إليها إكتسبت لغة جديدة وهي السريانية كلغتها الأم فمعناه أنها إكتسبت هوية جديدة وخلعت عنها الهوية القديمة.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,613364.0.html

رابط 2
 http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,613603.0.html

156
بين العالم الأكاديمي والناشط القومي: تعقيب على موقف السيد غسان شذايا من الدكتور ابو الصوف


ليون برخو
 جامعة يونشوبنك – السويد


توطئة

هذا تعقيب على ما ورد في مقال للاخ العزيز غسان شذايا عن مواقف مزعومة للعالم الأثاري المرحوم الدكتور بهنام ابوالصوف (رابط 1). والتعقيب هو فقط من أجل توضيح بعض النقاط وتسليط الضوء عليها من منظور علمي أكاديمي. فالتعقيب غايته  ليست قطعا الدفاع عن الدكتور أبوالصوف. ابو الصوف لا يحتاج مساعدة أحد للدفاع عنه. ما خلفه لنا من إنجازات كبيرة تمثل ترسانة لا أظن بإمكان أي ناشط النيل منها تحت مسميات سياسية او قومية.

وقبل أن أناقش بعض النقاط التي أثارها السيد شذايا، علينا اولا ان نقدم تعريفا يحدد مفهوم "الناشط" وكذلك "العالم الأكاديمي." دون تعريف محدد تفقد الكتابة ميزتها الأكاديمية والعلمية وتصبح مجرد إنشاء وكتابة من أجل الكتابة أي أقوال لا يمكن التحقق منها بصورة موضوعية مستقلة.
وهذه مقدمة طويلة بعض الشيء لوضع النقاط على الحروف قبل التطرق إلى المسائل التي وردت في مقال السيد غسان وأمل من قرائي الكرام  قراءتها بتمعن لأهميتها في فهم الكثير من المسائل التي تخص واقع شعبنا.

ما المقصود بالناشط

الكلمة هذه إستعارتها العربية من الإنكليزية حديثا وهي ترجمة حرفية لكلمة "أكتيفيزم او أكتيفيزت". والكلمة الإنكليزية أيضا حديثة حيث يؤشر قاموس ويبستر أن أول إستخدام لها كان في القرن العشرين وشاعت في أواخره.

والكلمة في اللغتين لها تقريبا مدلولا واحدا وهو الإصطفاف وراء نهج محدد على حساب الحيادية والدفاع عن هذا النهج تحت أي ظرف ومقاومة النهج المخالف او المضاد. والناشط لا يكترث كثيرا للدليل العلمي والاكاديمي، فهو متشبث بموقفه ومصرعليه. والناشطون مثل الطيور يقعون على اشكالهم، فتراهم يقتبسون ذات المصادر ويستندون على ما يرونه أنه حقيقة ويدافعون عن بعضهم البعض ظالمون اومظلمومون. فمثلا إن حقق احدهم ما يرون أنه إنجاز رغم عدم علمية وأكاديمية هذا الإنجاز تراهم يهرعون في مديحه وإبرازه مستخدمين شتى الطرق.

والناشطون يقتبسون من مصادر محددة رغم عدم علميتها وأكاديميتها والأنكى من هذا فإنهم يقتبسون عادة كلمة او كلمتين او جملة او جملتين دون ذكر السياق الذي ورد فيه الإقتباس ويكررونه لدرجة الملل. وميزة اخرى انهم يتجنبون الإجابة على أي أسئلة محددة تثار حول أحقية او صدقية أرائهم ومواقفهم ويميلون في الغالب على شخصنة الموضوع، أي بدلا من الإجابة بطريقة أكاديمية وعلمية يقحمون مسائل قد تخص الحياة الشخصية وحتى العائلية لمنتدقديهم.

العالم الأكاديمي

العالم الأكاديمي له عالمه او صومعته الخاصة يحددها التجريب والبرهان المستند على أبحاث تجريبية مستقلة معتمدة علميا وأكاديميا لا سيما ما تنشره أمهات المجلات الأكاديمية في حقل إختصاصه وما تنشره أمهات دور النشر الأكاديمية من كتب في الشؤؤن التي يتعامل فيها.

والنشر في امهات المجلات العلمية ليس أمرا سهلا أبدا. وقد يستغرق المقال سنين قبل نشره وذلك لمراحل الإختبار التي يمر فيها والمجلات التي في المقدمة عادة ترفض نشر أغلب ما يقدم لها من أبحاث بعد تمحيصها وتدقيقها ولا يرى النور إلا ما كان من الرصانة والعلمية والأكاديمية ما يزيد في المعرفة او يؤدي إلى تطوير او تحديث او تفنيد نظريات معتمدة. ولا مكان للناشطية (أكتيفيزم) اوما يكتبه الناشطون في حقل العلم والأكاديمية.

مثال على العلمية والأكاديمية

أستقي هذا المثال من علم الأثار لأنه يقع في صلب موضوعنا.

أحد أركان علم الأثار لا سيما المتعلق ببلاد الرافدين يستند على التنقيب من خلال مجسات "ساوندينكنز" للكشف عن الطبقات او العصور الحضارية التي مر بها الموقع الأثاري. وقد تم التنقيب حتى الأن من خلال المجسات عن مئات المواقع الأثارية في بلاد النهرين وأظهرت هذه التنقيبات والمجسات توافقا وتناغما كبيرا. والتناغم والتوافق من أجل الوصول إلى إستنتاجات عامة يمكن تطبيقها عمليا مسألة غاية في الأهمية لدى العلماء والأكاديمين.

هذه التنقيبات كشفت أن كل التلال الأثارية والمخلفات التي تركتها لنا الشعوب القديمة في هذه البلاد تظهر وبشكل لا يقبل الشك تسلسلا حضاريا من خلال اللقى في كل طبقة. والطبقة الحضارية يمكن التعرف عليها بسهولة اليوم لتقدم العلوم والمعرفة ومن ثم من خلال الخصائص الفنية (الفخار مثلا واللقى الفنية الأخرى) وطراز البناء والأدوات المنزلية وغيرها وإن وجدت الكتابة فهذا يعد من أكثر الأدلة المادية قبولا.

وتنتهي الحضارة وينقرض الشعب الذي كان أساسها ومكتشفها إيذانا بعصر جديد إن ادى المجس إلى ظهور طبقة أثرية أخرى فوقها تختلف إختلافا جوهريا عن سابقتها من حيث اللقى والفنون والكتابة وغيرها من الأثار المادية. تتأثر الحضارة الجديدة بسابقتها إلا أفرادها يستنبطون مقومات حضارية جديدة في شتى مناحي ونظم الحياة من سياسية وإجتماعية  وحربية وفنية ومعمارية وغيرها. وهذا ما حدث مع الأكديين الذين أزاحت حضارتهم الحضارة السومرية.

فمثلا عصر ما قبل التاريخ بفروعه المختلفة والمتسلسة (حسونة – حلف – العبيد – الوركاء – جمدة نصر)  يختفي في المجس والتنقيب ويأتي بعده عصر فجر السلالات. وهذان العصران ينقرضان ويختفيان وتحل محلهما في المجسات والتنقيبات الأثرية العصور التاريخية. وقد يحدث أيضا أن يتعاصر عصران أو أكثر. ولكن العصر المعروف بالسومري كما قلنا إنقرض حضاريا ولغويا (كطبقة أثرية)  وحلت محله عصور أخرى (طبقات أخرى) منها الأكدية والأمورية والكيشية والكلديية (البابلية) والأشورية وبعدها تبدأ العصور الأجنبية في العراق منها الأخمينية (فارسية) والسلوقية (يوناينة) والفرثية والساسانية (فارسية) ومن ثم العصور العربية والإسلامية.

علم الأثار من خلال المجسات يقول مثلا أن السومريين إختفوا (إنقرضوا حضاريا – كطبقة أثرية) لأن من أتى بعدهم إستنبط حضارة لها خصائص مختلفة كثيرا عن سابقتها لغويا وفنيا ومعماريا وفي غيره من الصفات الحضارية. وهذا ينطبق على كل طبقات العراق القديم حيث تظهر المجسات ان كل طبقة تحل محلها طبقة حضارة  أخرى لها صفاتها الخاصة التي تميزها بوضوح عن سابقتها.

وفي العراق القديم ربما يتواجد عدد من الحضارات هو الأكثرعن أي مكان أخر في العالم وقد أحصيت حوالي 25 حضارة مختلفة من خلال ترجمتي لموسوعة علم الأثار ترعرعت ومن ثم إختفت في العراق القديم. وهذا ينطبق على كل الحضارات منها الكلدية والأشورية حيث لم يحدث وأن أظهر مجس أثاري تسلسلا طبقيا متواصلا لأي من هاتين الحضارتين بعد سقوطهما بفترة  وجيزة (قرن او قرنين) في أي من التلال الأثارية المكتشفة في العراق.

مثال على حضارة قديمة إستمرت مراحلها التاريخية والحضارية حتى اليوم

أوضح مثال على الإستمرارية التاريخية والحضارية لقوم وشعب منذ قديم الزمان وحتى اليوم هم الفرس. الفرس لهم ثلاث طبقات حضارية في العراق (الأخمينيون والفرثيون والساسانيون). هذه الحضارات الثلاث تظهر في كثير من المجسات ولكن لا أثر لها بعد إنهيارها أي سقوطها حيث تحل حضارات وعصور أخرى محلها كما هو الحال مع الحضارات التي ندعي الإنتماء إليها – أي أنها من ناحية العلم والأكاديمية الأثارية تنقرض في بلاد الرافدين. ولكن الفرس لم ينقرضوا في بلاد فارس. فالمجس الأثاري في بلاد فارس يظهر تسلسلا حضاريا مستمرا إلى اليوم للحضارة الفارسية بفروعها المختلفة.

والمثال الأخر هو الحضارة اليوناينة التي تركت بصمات واضحة في المجس الأثاري في العراق – الطبقة السلوقية (اليوناية). ولكن هذه الطبقة شأنها شان الطبقات الأخرى تنقرض وتزول وتحل محلها طبقات اخرى في العراق. ولكن الطبقة والحضارة اليونانية لا زالت مستمرة حتى اليوم في بلاد اليونان وهذا ما يظهره ويؤكده المجس الأثاري.

المجس الأثاري في العراقي, ومع الأسف الشديد، يشير إلى عدم إستمرارية – أي إنقراض – الطبقات التي ندعي الإنتماء إليها، أي ليس هناك أي أثر مادي على إستمرار تواجدها بعد سقوطها في كل المجسات وهي ربما بالألاف – لأن التلة الأثارية الواحدة قد يحفر فيها الأثاريون عدة مجسات.

مقال الزميل غسان بعيد عن العلمية والأكاديمية

الزميل غسان يقفز على العلمية والأكاديمية  في مقاله المذكور ويقحمنا في ما يجتره الناشطون القوميون من أبناء شعبنا. وهذه بعض الأدلة.
اولا، لم يعطنا الزميل غسان ولو إقتباسا علميا واحدا لتأكيد إتهامه أن أبو صوف كان " شخصية خدمت أعداء قضية شعبنا القومية وبشكل واضح وصريح" وكذلك عن إدعائه ان " بهنام أبو الصوف أدعى العروبة عن قناعة وكتب للبعث عن قناعة."

قرأت المصدرين الذين يشير إليهما، واحد من ناشط قومي من أبناء شعبنا وهو السيد سرجون بولص والأخر مقال كتبه الدكتور بهنام ولم أجد أي إشارة فيهما أو إقتباس يؤيد أن ابو الصوف إدعى العروبة. العالم الأكاديمي لا يمكن أن يفعل هذا. عندما يأتي بمصدر لا بد وأن ينقل أو يقتبس منه فقرة تؤكد قوله. الزميل شذايا لا يقتبس أي فقرة من هذا القبيل في مقاله ومصادره لا تحوي إشارة صريحة إلى ذلك. إذا أين الدليل؟

وثانيا، يقارن الزميل شذايا بين ابو الصوف والدكتور دوني جورج ويقول ان "ألأخر (دوني جورج) أوصلته بحوثه الأثارية لإثبات كوننا أحفاد أجدادنا بناة حضارة بابل وأششور." أنا مطلع على أغلب ما نشره الدكتور دوني في المجلات العلمية ومن ضمنها أطروحته وليس هناك أي شيء في هذه المجلات يؤكد إدعاء السيد شذايا. إن كان في حوزة السيد شذايا مقالة للدكتور دوني جورج منشورة في مجلة علمية أكاديمية بهذا الخصوص فليمنحنا إياها لأن ذلك سيكون فتحا في علم الأثار ويعني ان الطبقة الأشورية او الكلدية  إستمرت من خلال مجس في تلة أثرية في العراق إلى يومنا هذا (بالمناسبة الدكتور دوني لا يعترف بالكلدان كقوم وسأتي إلى ذلك بعد قليل). وإن لم يكتب في هذا فمن حق القارىء أن يضع مقالة السيد غسان ضمن حقل "الناشطية" وليس "العلمية والأكاديمية".

ثالثا، أنا شخصيا عاصرت الدكتور دوني جورج سبع سنوات وكانت تربطني به علاقة صداقة حميمة وبكل تواضع أقول إنني كنت اول صحفي يقدمه للعالم من خلال ما نشرته عن التنقيبات التي أجراها في أم العقارب. المقال الذي كتبته عن هذا الموقع وإكتشافات وتنقيبات الدكتور دوني جورج فيه نشرته أمهات الصحف العالمية ومنها صحيفة لوس أنجلزتايمس (رابط 2) والسيد شذايا يعيش في أمريكا ويعرف أهمية هذا الصحيفة ليس في الإعلام الأمريكي بل العالمي أيضا.

إذا علاقتي  بالدكتور دوني جورج ليست فقط من خلال الإيميلات بل من خلال معرفة شخصية حيث عملنا سوية وقابلته عدة مرات وأستفسرت منه عن كثير من الأمور. نعم الدكتوردوني كان يعتز بأشوريته كما أعتز أنا بكلدانيتي ولكن الفرق كان أنني مثلا كنت وما زلت أرى خلافاتنا، إسمية كانت او مذهبية، تذوب كلها في بودقة كوننا شعب واحد ومكوناته متساوية القيمة والأهمية لأنها تشترك بلغة واحدة. الدكتور دوني جورج كان خارج نطاق الأكاديمية يتشبث "بالناشطية الأشورية" ومع الأسف الشديد، والذي لا يصدقني أدعوه لقراءة مقال كتبه (رابط 3) حيث يلغيني ككلداني وعندما راسلته معاتبا كيف له وهو العالم البارز ان يكتب هذا (لا زلت أحتفظ بالمراسلات) رد معتذرا قائلا إن ما كتبه لا يعتد به علميا.

رابعا، يتهم السيد شذايا جزافا طبعا الدكتورابو الصوف بأن " ما لايغفر له كونه سمح لنفسه أن يكون أداة البعث في محاربة قضية شعبنا القومية وفي أستخدام أختصاصه الآثاري لأعطاء سند علمي لحملة لحملة التعريب القذرة." للنناقش هذا الإتهام الباطل بعقلانية. هل كان الطاغية صدام حسين بحاجة إلى سند علمي من أي كان للمضي بحملته الرعناء والوحشية لتعريب كل ما هو ليس عربي؟ وماذا عن الأكراد؟ وماذا عن التركمان؟ هل كان الدكتور بهنام وراء حملة التعريب الشعواء لكل هؤلاء الأقوام؟

ومن ثم يعرف اليوم القاصي والداني ان من ساهم في حملة التعريب ومن عرّب نفسه بنفسه ولا زال يفعل ذلك حتى اليوم هم  بعض مكونات شعبنا لا سيما نحن الكلدان. كل المكونات الأثنية الأخرى – التركمان والأكراد – اول شيء قامت به ضمن نهضتها القومية كان رفع نير التعريب البعثي عن كاهلها. نحن الكلدان وبعد مضي حوالي عقد على سقوط الطاغية لا زال التعريب يزحف بشراسة في صفوفنا. فمن هو الذي يقدم السند العلمي لنا ولكنائسنا كي تقضل حتى هذا اللحظة العربية على لغتنا القومية السريانية؟

خامسا، الأمرالمثير والغريب والعجيب الأخر الذي يثيره السيد شذايا هو  الربط غير العقلاني وغير المنطقي بين السيد أثيل النجيفي ومواقفه السياسية وبين قراره  (الذي لم ينفذ حتى كتابة هذه السطور) إطلاق إسم الدكتور ابو الصوف على احد المواقع الأثرية في الموصل. العالم الأكاديمي من المستحيل ان يقوم بربط كهذا دون دليل مادي بين ما يدعيه السيد شذايا من "بعثية" السيد النجيفي وعلاقة ذلك بالدكتور أبو الصوف. السيد النجيفي يضع يده الأن بيد حكومة إقليم كردستان وزعيمها السيد مسعود البرزاني الذي كتب  في يوم من الأيام (1995) رسالته الشهيرة إلى صدام حسين متوسلا إياه أن يرسل حرسه الجمهوري للبطش بشعبه في أربيل وحدث من المجازر ما حدث. فهل سيربط السيد شذايا كل هذه الأمور سوية؟ وماذا عن الذين وضعوا يدهم بيد المحتل والغازي الأجنبي فهل بإمكاننا ان نعدهم وطنيون؟ ومن هو في عراق اليوم وطني صميمي لا يحمل أجندة بعثية كانت او إسلاموية او أجنبية؟

وماذا سيقول السيد شذايا إن عرف ان السلطات الحالية التي تدير الثقافة والأثار والسياسة في بغداد والتي وصفها الدكتور دوني بعد ان هرب بجلده من العراق بكونها "إسلامووية"  وتتخذ مواقف غير حميدة قد ترقى إلى الشوفينية من تاريخ العراق القديم لأنها تنظر إليه من عيون إسلامية فقط كما فعل البعثيون حيث نظروا إلى كل شيء من عيون عروبية – ماذا سيقول إن علِم أن هؤلاء "الإسلاموويون" قد أطلقوا إسم الدكتور دوني جورج على قاعة المتحف العراقي (رابط 4) وأن هذه القاعة بالذات إستخدموها لتأبين الراحل ابو الصوف. فهل سيذهب السيد شذايا بعيدا ويربط هذا بهذا؟  

سادسا، مقال السيد شذايا ومقال السيد سرجون بولص يقعان في خانة الناشطية وبعيدان كل البعد عن الأكاديمية والعلمية. ما يثير الإثنان هو قول ابو الصوف ان الشعوب القديمة التي ندعي الإنتساب إليها قد إختفت وأنقرضت. هذا القول تسنده معاول علماء الأثار ومجساتهم وأبحاثهم. الدكتور ابوالصوف لا ينكر الإنجازات الحضارية الهائلة للأشوريين كونهم بناة واحدة من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ القديم كما يدعي السيد سرجون في مقاله. ما ينكره هو تواصل حضارتهم ووجودهم في المجس الأثاري بعد سقوط إمبراطوريتهم. وما يقوله المجس الأثاري هو العلم والأكاديمية في ما يخص تاريخ الشعوب القديمة. وموقف الدكتور بهنام عن دور الكنيسة الغربية (الإستعمارية) في تفتيت وتشتيت شعبنا إسميا ومذهبيا مثبت في كثير من المصادر الأساسية منها الكنسية ذاتها. أنظر ماذ حل بالإسم الذي كانت تحمله كنيستنا طوال القرون بعد تدخل الكنيسة الغربية في شؤوننا.

 والنقطة الأخرى أظن هي قوله ان الكثير من الأقوام القديمة هاجرت إلى العراق من الجزيرة. في المقالين اللذين يستشهد بهما السيد شذايا ليس هناك ما يؤكد أن الدكتور ابو الصوف يقول صراحة أنها كانت عربية. يقول جزرية وشتان بين الإثنين.
ولغويا هناك مسألة شائكة في تاريخ العراق القديم. الأولى، تخص السومريين حيث لا نعلم حتى اليوم من أين أتوا وإلى أي عائلة لغوية تنتسب لغتهم وهذا ما حدا ببعض العلماء القول أنهم ربما أتوا عن طريق البحر.
والتقسيم الجغرافي يتبع التقسيم اللغوي في العراق قديما وحديثا. الشعوب التي اتت من الشرق والشمال هي شعوب أرية لغتها هندو- اوروبية مثل الفرس والأكراد والأتراك. الشعوب التي أتت من الشرق –  الشام والجزيرة – شعوب سامية (الأكديين والأموريين والكلديين والأشوريين) ولغتها سامية. السومريون ليسوا هذا ولا ذاك.

وأخيرا

في الختام أقول إن شعبنا يحتاج إلى العلماء والأكاديميين إن أراد النهوض. اليوم شعبنا واقع تحت التأثير المباشر للناشطية والناشطين – وشتان بين الأثنين. كم أتمنى أن يرد كاتب من أبناء شعبنا بصورة أكاديمية وعلمية على ما كتبته وأثرته من أسئلة. الأكاديمي يغير قناعاته في حال توفر الدليل العلمي. الناشط لا يتشبث بقناعاته فقط بل  يرفض حتى الدليل العلمي إن تعارض معها.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=612246.0
رابط 2
http://articles.latimes.com/2000/nov/26/news/mn-57276
رابط 3
http://www.assyrian4all.net/akhne/index.php?topic=13940.0
رابط 4
http://www.azzaman.net/qpdfarchive/2012/09/25-09/P2.pdf


157
الدكتور بهنام أبوالصوف وبعض الأصوات النشاز

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

كان لخبر وفاة عالم الأثار الكبير الدكتور بهنام ابوالصوف صدى كبير في الإعلام العربي والأجنبي ومن ضمنه إعلام شعبنا الناطق بالعربية.

وكوني من أصدقاء المرحوم حيث كنت على إتصال وثيق به منذ عام 1983 وحتى مغادرتي العراق في عام 2000 وكونه صاحب فضل كبير علي وعلى ما حصلت عليه من مكانة متواضعة في عالم الإعلام والمعرفة لاسيما الأثرية والتاريخية منها فقد تتبعت تقريبا كل ما كُتب عنه من رثاء في الإعلام.

ويحزنني لا بل يؤرقني ان أرى ان المرحوم لم يتم نعيه بكلمات سلبية إلا من قبل أفراد من أبناء شعبنا وإنطلاقا من إصطفاف وفرز مذهبي وتسموي يؤشر على مدى تخلفنا عن اللحاق بركب المدنية والحضارة.

وقبل أن أدلو بدلوي في هذه المسألة بودي أن أسترعي إنتباه القراء الكرام ان الدكتور بهنام يعود له الفضل في الكشف عن حضارة عراقية قديمة جديدة لم يأتي على ذكرها أحد قبله ويعود تاريخها إلى مطلع العصر الحجري الحديث (الألف السادي قبل الميلاد).

وهذه الحضارة مرتبطة بإسمه وستبقى مدى الدهر وهي حضارة سامراء او تل الصوان في سامراء. وهو الأثاري العراقي الوحيد الذي أتى هذا الإنجاز على يديه. ويدرّس اليوم إكتشاف الدكتور بهنام وما كتبه في أمهات جامعات العالم وقد كُتبت عشرات اطاريح الدكتوراة والأبحاث والكتب عنه وسيظل العالم منبهرا بهذا الإنجاز طوال الدهر.

والدكتور بهنام واحد من ثلاثة عمالقة أثار أنجبهم العراق. الأخران هم طه باقر وفؤاد سفر. هذا الثالوث وضع لبنات علم أثار عراقي وفي نهاية السبعينات من القرن  الماضي صار له من المكانة العلمية حيث كان  بإستطاعته مجاراة العلماء الألمان المشهور عنهم حنكتهم ودقتهم ومهنيتهم وصدقيتهم وعلميتهم في التنقيب ليس في العراق فقط بل في كل الشرق الأدنى.

أعود إلى هذه الأصوات التي سميتها نشازا وعذرا عن إستخدام  هذه العبارة إلا أن هذه الأصوات لا ترى الدنيا إلا من منظارها المذهبي والتسموي الضيق الذي بموجبه يجب أن يكون كل شيء إما كلدانيا  او أشوريا ليس من الناحية الحضارية  لهؤلاء الأقوام بل من الناحية التسموية التي وإن  دلت على شيء فإنها تدل على ضعف الحجة وعدم الحكمة. كيف نحن شعب له هوية ولا زلنا لا نعرف ما هو إسمنا الصحيح ونتقاتل عليه ونحكم على الدنيا من خلال خلافاتنا التسموية وليس من خلال العلم  والمعرفة؟

وإن كان الدكتور بهنام، كما إدعى البعض، كتب ما كتب وكانت له ميول سياسية معينة، فليس مكان نقدها في صفحة مخصصة للرثاء والنعي. الا تفرض علينا معتقداتنا المسيحية المشرقية  ان رثاء الميت واجب كنسي رغم إختلافنا عنه لا سيما خلال فترة الثالث والسابع حيث نتلو الصلوات على راحته؟

كان ولا يزال في إمكان المختلفين عنه كتابة مقال علمي وأكاديمي – إن إستطاعوا إلى ذلك سبيلا – لنقد وتحليل مواقفه ونشره ولكن إقحام أمورسلبية في صفحة مخصصة للرثاء امر يثير الدهشة والريبة.

صارت مسألة "العروبي والبعثي" عند بعض ابناء شعبنا شماعة يعلقون عليها كل شخص لا يغني على ليلاهم ولا يمشي على خطاهم كون كل شيء في العراق او خارجه إما اشوري او كلداني. لو تعامل العالم المتمدن مع الفترة الشيوعية في الإتحاد السوفيتي السابق والفترة النازية  في المانيا بهذا الشكل لتخلف الفكر الإنساني وعاد القهقري إلى الوراء قرونا كثيرة.

وإن قلتَ لهم إن مواقفكم وتعصبكم وتشبثكم بأرائكم رغم فقدان الدليل العلمي والأكاديمي يرقى في كثير من تفاصيله إلى بعض منطلقات الفترة البعثية في العراق حيث كان كل شيء بعثي وعروبي لشنوا عليك حملة إعلامية شعواء وشككوا حتى في معتقدك الديني.

وإن أقتبست من عالم قدير يقول شيئا لا يطابق عصبيتهم لإتهموه فورا "بالعروبية والإسلاموية والبعثية."

يكفينا فخرا كشعب اننا انجبنا علماء بقامة الدكتور بهنام ابو الصوف.

وعلى المختصين والعلماء والأكاديميين من أبناء شعبنا توعيتنا كي لا يتم إختطافنا من قبل من لا إختصاص له – الذين ادخلونا في صراع مذهبي تسموي أنهك قوانا وشرذمنا على حساب تراثنا وأدبنا وفلكلورنا ومسويقانا ولغتنا  القومية – السريانية.

158
شعبنا بحاجة إلى فلسفة ولكن أي فلسفة؟ تعقيب على الأب الدكتور يوسف توما

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

أتحفنا الزميل العزيز يوحنا بيداويد بمقابلة شيقة أخرى، هذه المرة مع الأب الدكتور يوسف توما. وكانت المقابلة متشعبة وطويلة.
وما جذبني إليها كان العنوان رغم أن المتن لم يتطرق إلى الفسلفة بالمفهوم الإنتولوجي والإبستمولوجي – طبيعة المعرفة لدى الإنسان وحقيقته الإجتماعية – المفهومين الذين تتركز عليهما الفلسفة كعلم. ففي كل  المقابلة هناك إشارتين عابرتين للفلسفة كمفهوم إنساني. الأولى تخص عنوان المقابلة والثانية تخص الفقرة والإقتباس من الفيلسوف الفرنسي عمانوئيل ليفيناس. وفي الحقيقة إن الإشارة العابرة إلى هذا الفيلسوف كانت الدافع إلى كتابة هذا التعقيب.

وسأركز في هذا المقال على بعض المفاهيم الأساسية التي  أتى بها هذا الفيلسوف – والذي تقول عنه موسعات المعرفة العالمية ما معناه أنه لو لم تملك فرنسا من العباقرة غير عمانوئيل ليفيناس لكفاها ذلك. إذا نحن أمام مفكر عملاق صاحب عقل جبار وتحليل وتفكيك لحقيقتنا الإجتماعية كبشر وطبيعة معرفتنا الإنسانية بخصوص الكون والوجود تفوق وتسمو على ما أتى قبله وهنا لا أستثني ما ورد للبشرية من معرفة عن طريق الأديان أيضا، كل الأديان.

عنوان المقابلة

ولكن قبل الولوج في فلسفة ليفيناس اود ان اعلق على العنوان. لا أعلم من وضع العنوان. العنوان يجب ان يعبرعن المتن وأنا شخصيا لم الحظ ذلك في المقابلة. هل كانت المسألة متعلقة بجذب القراء؟ بالطبع هذا ليس غريبا عن الصحافة.

ثانيا، محتوى او معنى العنوان ورغم تكراره في المتن تجانب الحقيقة. قبل ألف سنة كانت المنطقة العربية تعج بالفلسفة. فالحكم العباسي في بغداد والذي كان فيه لأجدادنا مساهمة حضارية فاعلة لم يسقط حتى منتصف القرن الثالث عشر ومن ثم إستمر في القاهرة إلى ما بعد القرن الخامس عشر وفي الأندلس كانت الفلسفة مزدهرة إلى ما قبل سقوطها في القرن الخامس عشر.

بين المنطقة العربية وأورويا

قبل ألف سنة كانت المنطقة العربية مزدهرة فكريا وفلسفيا وكانت اوروبا تمر في عصر مظلم تحكمه – كما هو الحال في المنطقة العربية الأن – سلطة دينية مطلقة حولت قيمها وكتبها إلى حقائق مطلقة وتصدر الفتاوي وتجبر الناس قسرا على إتباعها في وضع يشبه في كثير من  مناحيه ما يدور الأن في المنطقة العربية. هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى – وكما يعلمنا ليفيناس وغيره من الفلاسفة المعاصرون سنأتي على ذكرهم – فإن إحتضان او محاربة الفلسفة لا يجوز إتخاذه معيارا للرقي الحضاري او التخلف عن اللحاق بركبه. فالمانيا التي تعد أم الفلسفة المعاصرة أنجبت النازية في القرن العشرين وأقترفت من الجرائم ما لم  تقترفه الإنسانية أجمعها في تاريخها الطويل والأنكى من هذا كان كبار الفلاسفة يهادنوها ومنهم هيدكر الفيلسوف الذي تاثر به ليفيناس كثيرا جدا.

وهناك أمريكا التي رغم وجود فلاسفة من امثال دوي وبيرس وجيمس وبوتنام – الفلاسفة الذين كان لهم فضل كبير في تكوين الفكر المدني والعلماني المعاصر حيث تتساوى فيه القيم الإنسانية والأخلاق رغم إختلاف البشر من  حيث الدين والمذهب والثقافة والجنس واللون – كانت تستخدم نظاما مقيتا للعبودية يخالف  أبسط القيم الإنسانية وجرى العمل بكثير  من تفاصيله غير الإنسانية تقريبا حتى منتصف الستينات من القرن الماضي وشنت هذه الدولة حروبا شنيعة وغير إنسانية وغير أخلاقية رغم تدينها الشديد وفلسفتها النيرة.

ولنا في مثال جنوب أفريقيا دليل أخر حيث تصرف أصحاب الفلسفة واصحاب كتب مقدسة وحملة إرث الفلسفة الأغريقية وهم  الأوروبيون البيض بشكل غير أخلاقي (كلمة الأخلاق مهمة جدا لفهم  فسلفة ليفيناس التي سنأتي عليها) وغير إنساني فيما يعرف بسياسة الفصل العنصري والتي إستمرت تقريبا حتى نهاية القرن العشرين.

ومن الطرف الأخر لنا في القبائل الأفريقية التي تحمل الإرث الأخلاقي – وليس الفلسفي او الديني بالمفهوم الذي ورد في المقابلة،  بمعنى أخر أن لا فلسفة لها على الإطلاق –  تصرفت بطريقة أخلاقية وإنسانية تسمو كثيرا على حملة الفلسفة والكتب الدينية. فنلسن مانديلا في جنوب أفريقيا هو وقبائله عندما سيطروا على الحكم تصرفوا بأسلوب أخلاقي إنساني أفضل بكثير من الغربيين أصحاب الفلسفة والكتب المقدسة. (ذكر الدين مهم لأن دونه يصعب فهم فلسفة ليفيناس.)

إذا القول أن محاربة الفلسفة مؤشر للتخلف الأخلاقي او الإنساني وإحتضانها مؤشر للرقي الأخلاقي والإنساني قول لا يعتد به إن كان هذا القصد وراء المقولة والعنوان.

شعبنا والفلسفة

شعبنا – وهنا أعني مسيحيي المشرق ذو الإرث والحضارة والثقافة التي تكتنفها لغتنا القومية – السريانية – كان قديما حامل لمشعل الفلسفة والفكر ونقلها إلى العربية. ولكنه ولظروف تاريخية لا مجال للغوص فيها غادر الفلسفة وصار الدين وقيم التدين هي معيار الأخلاق والتصرف الإنساني لديه. وإلى يومنا هذا لا زال شعبنا أسير القيم الدينية وكل ما لديه من فكر وفلسفة مرتبط بالقيم  الدينية التي ترقى في كثير من الأحيان إلى الإيمان المطلق ليس فقط بحرفية الكتاب بل بحرفية التفسير الذي يقدمه له رجال الدين الذين كل ما لديهم من فسلفة وما يعدونه قيم أخلاقية وإنسانية موضوع في إطار التفسير الديني او المذهبي اوالطائفي.

إذا نحن اليوم شعب – رغم جرحنا العميق للظروف القاهرة التي نمر فيها – بلا فلسفة التي تؤسس للمفاهيم الإنسانية والأخلاقية خارج نطاق الدين والمؤسسة الدينية. هذا لا يعني أن الفلسفة تنبذ الدين.كلا.  الفلسفة تنظر إلى الوجود والحقيقة الإجتماعية وطبيعة المعرفة الإنسانية من منظار العقل والأخلاق. فالعقل والأخلاق هما المعيار وليس القيم الدينية.

حاجتنا إلى الفلسفة

لماذا نحتاج الفلسفة؟ الفكر  الفلسفي (وليس الديني) يخرجنا من القوالب الضيقة ويدلنا من خلال العقل على ما يمكن ان نعتبره قيما  وأخلاقا إنسانية. الفلسفة – من خلال ليفيناس وغيره – تقول لنا ليس هناك شيء مطلق لأن القول أن قيمي ومبادئي دينية كانت اوغيرها صحيحية مائة في المائة ولا تقبل المناقشة وأن كتابي معصوم وأن رجل الدين الذي أتبعه – من أي دين كان– معصوم وتفسيره مطلق يشكل ليس اليوم بل في كل العصور خطرا علينا وعلى إنسانيتنا قولا وفعلا.

وأنا كمعلم جامعي مختص باللغة والإعلام يهمني القول – الخطاب. ونحن المعلمين لسنا فلاسفة بل نحاول أن نتعلم منهم ونطبق أفكارهم على إختصاصاتنا. واليوم تُدرس الفلسفة في كل فروع المعرفة في السويد وفي جامعتنا دخلت حتى في مناهج كليات مثل الهندسة والطب ولا يتخرج طالب في أي مرحلة من الدراسات العليا إن لم يكتب في إطروحته فصلا كاملا عن المنطلقات الأنتولوجية والإبستمولوجية التي يستند عليها في بحثه.

والمطلق لغويا هي الجمل المثبتة والجمل الشرطية الجازمة والأسماء والألقاب والتسميات (الجمل الأسمية) والتي لا يخلو منها أي فكر ديني – أي دين كان – ولا يخلو منها الخطاب الإعلامي أيضا والناس تتشبث بها كثيرا وأكثر ترديدا وإستثمارا لها هي المؤسسات الدينية او المؤسسات التي تؤمن بحرفية وعصمة كتابها او كبار رجال دينها ولا سيما التي تربط العمل على هذه الأرض بمستحقات وجوائز وفوائد في الحياة ما بعد الموت.

عمانوئيل ليفيناس

ليفيناس يعد فيلوسف "أخلاقية الأخلاق،" اي انه يطور مفهوم الأخلاق الإنسانية ويذهب به ابعد من كل الذين سبقوة ومن ضمنهم كانت. وليفيناس يهودي ويستند في كثير  من منطلقاته، لا سيما تلك التي تخص الأخلاق وموقفنا من الأخر او الأخرين وموقع "أنا" او  "نحن" اي العلاقة بين الأخلاق الخاصة (الدينية مثلا) والأخلاق العامة (الإنسانية التي تجمعنا)، على يهوديته وديانته. ودراساته التلمودية (التلمود الكتاب المقدس  لليهود وأقرب كتاب مشابه له هو العهد القديم) قمة في الإبداع رغم أنها تعارض في كثير من تفاصيلها تفاسير كبار أحبار اليهود.

 ولهذا لا أعلم من أين جاء ربط مقولة ليفيناس بالإقتباس من الإنجيل في المقابلة. أنا لا أدعي أنني قرات كل ما كتبه هذا الفيلسوف ولا يمكن إنصافه في مقال وحتى كتاب وترجماته إلى الإنكليزية حديثة جدا وهناك – حسب معرفتي –كتاب يتيم عنه في العربية صدر قبل سنتين على ما أظن وهو " قراءة نقدية عربية لفكر ليفيناس" لمؤلفه بسكال لحود، وأدخلناه لأول مرة في بعض الكورسات الجامعية لدينا هذه السنة. هل كان الربط من بنات أفكار الكاتب ام أن ليفيناس قام به؟ ولماذا لم نقرأ أكثر من هذا الجملة وهذا الربط عن هذا الفيلسوف الكبير؟ وهل حقا أفكار ليفيناس ذات فائدة لحاملي الفلسفة الدينية للحياة؟ او بالأحرى هل يجرأ حاملي الفكر الفلسفي الديني كما أوضحنا أعلاه مجاراة ليفيناس؟

الله وليفيناس

الله لدى ليفيناس ليس الله الذي لدى اليهود او المسيحيين او المسلمين. ليفيناس يهودي ويعتز بيهوديته ودينه وكان مدير مدرسة يهودية راقية في فرنسا ولكن له فلسفته وأفكاره الخاصة التي تفسرليس التلمود بل الحياة والوجود من نظرة خاصة للأخر ونظرة خاصة للعقلانية والأخلاق الإنسانية (وليس الدينية).

لنلق نظرة سريعة على قصة إبراهيم وسماعه صوتا (صوت الله حسب الكتاب المقدس والتلمود والقرأن) يأمره بقتل إبنه وتقديمه ذبيحة. بالنسبة لليفيناس لا يجوز أن يتقدم الصوت الخاص، الذي هو صوت الدين، حتى  وإن كان من فوق أي من السماء على صوت الأخلاق المتمثل بالعلاقة مع الأخر. بمعنى أخر الخاص "أنا وما لدي" من كان مصدره اقل شأنا بكثير من الناحية الأخلاقية العامة. ولهذا كان على إبراهيم، حسب ليفيناس، ان لا يقبل الأمر الذي صدر له لذبح وقتل إبنه لأن الأمر خاص. الأمر العام "الأخلاق الإنسانية" لا تقبل ذبح وقتل الأخر مهما كان الأمر. أي لغة او خطاب يدعو إلى العنف بهذا الشكل غير أخلاقي وغير مقبول من الناحية الإنسانية والعلاقة مع الأخر مهما كان مصدره، يقول ليفيناس.

بطبيعة الحال في قصة إبراهيم يتراجع الصوت عن قراره ويمنع إبراهميم من قتل إبنه ولكن هناك الكثير من الأصوات في الكتب المقدسة او تفاسيرها لكل الأديان تطلب علانية القيام بأعمال شنيعة او تصدر عنها خطابات تقلل من الشأن الإنساني للأخر وكثير من هذه الأعمال تحصل على أرض الواقع دون تدخل هذه الأصوات.

من هو الفيلسوف الديني (اللاهوتي او الفقيه) الذي يقف على المنبر في كرازة او خطبة ويفسر النص "المقدس" من ناحية الفعل والقول (الخطاب واللغة) بهذه الجراءة الإنسانية؟

وهكذا وضع ليفيناس لبنات لفلسفة "أخلاقية الأخلاق" ووضع لبنات لفلسفة الوجود التي تستند على العلاقة مع القريب والنظر إلى القريب "الأخر المختلف عني" ووضع إنسانيته ومنحه أهمية تأتي قبل الأهمية التي نمنحها لأدياننا وكتبنا المقدسة وما يقرأه علينا رجال ديننا من مزامير.

ليفيناس لا يرى الوجود ولا الحقيقة، إجتماعية كانت او لغوية كانت او وجودية إلا من خلال نظرته للإنسان "الأخر". أي أن التصرف الإنساني والأخلاقي "أخلاقية الأخلاق" تتطلب وضع العام "ألاخر" قبل "الخاص" الذي يمثل "أنا" او "نحن". وإن أتتنا أصوات، وحتى لو كانت من السماء، وكان فيها تعدي على إنسانية الأخر – التعدي ليس فقط بالمفهوم الجسدي او المادي بل يضم ايضا المعنوي واللغوي – اللغة ممكن إستخدامها للأغراض الخاصة ومن أجل الإعتداء على الأخر – فلا يجوزالإنصياع له.

بين ليفيناس وقبائل زولو

وتذكرني "اخلاقية الأخلاق" لليفيناس بأخلاقية قبائل زولو والتي إستند عليها نلسن مانديلا في التعامل مع الأخر الذي إضطهده ومعه شعبه وعامله بطريقة  مهينة وسيئة تنتهك أبسط الحقوق الإنسانية. للقبائل الأفريقية في جنوب أفريقيا لا سيما قبائل زولو  مقولتها الشهيرة:

I am because you are

ومعناها: "أنا موجود بسببك أي بسبب وجود الأخر (الإنسان) معي." وبنى نلسن مانديلا عليها فلسفته. جنوب أفريقيا مرت في خضم ثورة تشبة ثورات ما يسمى بالربيع العربي ولكنها إستندت على الأخلاق الإنسانية في التعامل مع الأخر. هذا ما فعلته القبيلة التي لا فلسفة لها ولم يفعله الأوروبيون البيض  أصحاب الفلسفة والكتاب ولا يستطيع القيام به العرب أصحاب الفلسفة  والكتاب.

أقوال أخرى

ومن الأقوال التي وضعت تحتها عدة خطوط لأهميتها في كتاب  "الله والفلسفة" وهو واحد من أبدع مؤلفات ليفيناس تأتي هذه الجملة: "الإيمان ليس مسألة وجود الله او عدمه. الإيمان هو الإعتقاد ان المحبة ذات قيمة عندما لا تكون راءها مكافاءة."

هل في تراثنا السرياني مفكر مثل ليفيناس؟

أقرب مفكر لدينا لأفكار ليفيناس هو ما نرساي. ما ر نرساي أعده شخصيا أعظم مفكر وفيلسوف سرياني لأنه أدخل ما أستطيع تسميته "حوارية الأخلاق" إلى قراءة النص لا سيما الديني منه، وهذا كان قبل أكثر من 1500 سنة من ظهور ليفيناس. وما هي "حوارية الأخلاق"؟ هذا مفهوم نرساوي – من مار نرساي – قريب إلى مفهوم"أخلاقية الأخلاق" وفيه لا يستسلم مار نرساي للصوت من السماء بل يدخل معه في حوار عن أخلاقية وإنسانية ما تردده النصوص عنه ومنها نصوص العهد القديم (التلمودية) تماما كما يفعل ليفيناس. ومن هنا تأتي عظمة مار نرساي ومياميره والتي ومع الأسف الشديد بدأت تندثر كما هو الشأن لأغلب أدبنا وتراثنا الكنسي المشرقي ولغته.

كيف نسينا مار نرساي وغيره؟ نسيناهم لا بل همشناهم ضمن حملة مبرمجة لألتنة – من اللاتينية – ادبنا الكنسي المشرقي كما حصل مع لغتنا حيث وضعناها تقريبا على الرف وعربنا أنفسنا. ولهذا لم ألتق بأي فرد من أبناء شعبنا رغم حضوره لدورات لاهوتية عديدة وهو يعرف من هو مار نرساي. بإمكانه سرد أسماء غربية كثيرة وبسرعة للاهوتيين (ليس فلاسفة)  ولكن لا علم له إن كان لنا مفكرين وفلاسفة سبقوا ليفيناس ب 1500 سنة.

خاتمة

 نعم شعبنا بحاجة ماسة إلى الفلسفة، فلسفة بمستوى فكر ليفيناس الذي بدأ السويديون يقراؤنه بنهم.

 وماذا يقرأ شعبنا؟ هل سيقرأ ليفيناس أم سيعود إلى مار نرساي ام سيظل يحارب الفلسفة على حساب الإنتماء المذهبي والطائفي؟
 

159

حول موقف شعبنا من حملة الشهادات المزورة بين صفوفه

ليون برخو
جامعة ينوشبنك – السويد


في أخر مقال له إتهم السيد حبيب تومي منتقدي إدعائه كونه حاصل على شهادة الدكتوراة بتسيس المسألة  وموجها الكلام لي قال بما معناه إنني أطبق عليه معايير جامعة سوربون.

 السيد تومي مخطىء في المسألتين. بقدر تعلق الأمر بي فأنا أطبق عليه أبسط المعايير الأكاديمية والعلمية التي يجب أن تكون متوفرة في أي جامعة تمنح شهادة الدكتوراة في أي بلد أو مكان في العالم. وأقسم ان لا غاية وراء الكتابة عن الشهادات الورقية التي تمنحها الجامعة المفتوحة في شمال أمريكا وأخواتها "المفتوحة" الأخرى في أوروبا غير خدمة العلم وخدمة شعبنا. وفي هذا لا أستثني أي فرد يدعي حصوله على شهادة من هذه المؤسسات غير الرسمية وغير المجازة  كائن من كان.

وكنت في الحقيقة أعتقد بعد الدلائل الدامغة التي قدمتها أن يقوم السيد تومي وكل من ساعده في إنتحال صفة "الدكتور" بالإعتذار اولا إنصافا لشعبنا الكلداني الذي يدعي أنه نذر نفسه لخدمته لما للأمر من أثر سلبي علينا ككلدان وإنصافا لأقاربه وأحبائه الذين فرحوا ومن ثم صدموا به ولا سيما إنصافا لشبابنا الكلداني الذي يدعي  السيد تومي أنه صار مثالا كي يحتذى به .

لا أعلم ماذا سيقول كل هؤلاء  وماذا سيكون موقف السيد تومي بعد أن أقدم دليلا دامغا أخر أن شهادته لا تساوي الحبر الذي كتبت به لأن الجامعة التي يدعي منحته أياها لا وجود لها في عالم الأكاديميا والتعليم العالي.

وقبل ذلك دعني أذكر قرائي الكرام ببعض الحقائق والدروس كي يستخدمها أبناء شعبنا دليلا وحجة لمواجهة مدعي ومنتحلي الشهادات العليا ومانحيها.

 اولا شهادة الدكتوراة تحتاج إلى حوالي 250 وحدة دراسية منها برامج دراسية وأبحاث إضافة إلى الأطروحة.

ثانيا لا يحق لأي شخص منح اي شهادة جامعية مهما كانت مرتبته العلمية. ليس الشهادة الجامعية ولكن حتى شهادة الإبتدائية لها شروطها وامتحاناتها والمدرسة الإبتدائية التي تمنحها يجب ان تكون معتمدة من مديرية التربية  ووزارة التربية حيث المفتشون ومناهج تدريس وكتب دراسية  محددة. بمعنى أخر حتى أدونيس، الذي يعد اليوم نجم في دنيا الشعر والأدب العالمي، لا يستطيع منح شهادة الإبتدائية ولا ليون برخو بإمكانه منحها. الذي يريد الحصول عليها حتى وإن كان يقرأ الشعر الجاهلي بطلاقة يجب عليه إجتياز مراحلها او معادلتها. ولهذا لا يحق لأي أستاذ او عالم او طبيب او صيدلي .. الخ مهما كانت درجته العلمية ومكانته الأكاديمية ان يمنح شهادة. الأقسام العلمية المعتمدة هي التي تمنح الشهادة. وإن كان السيد  تومي يتصور ان شخصا محددا يحق له منحه هذه الشهادة وحتى إن كان المدعو رئس هذه الجامعة المفتوحة فهو مخطىء.

ثالثا وكي يتجنب الإحراج – انا أسميه فضيحة – يرفض السيد تومي كشف إسم مشرفه واسماء ممتحنيه بينما كل صاحب شهادة عليا يفتخر بمشرفيه وممتحنيه علنا. وكذلك يرفض الإفصاح او الإجابة إن كان قد أنجز بنجاح حولي 250 وحدة دراسية وقدم أطروجة. هذا لا ينطبق على جامعة سوريون. هذه الأمور لا بد منها في أي جامعة تمنح هكذا شهادة حتى ولو كانت في الصومال.

رابعا وقد لا يفطن السيد تومي خطورة الوضع الذي هو فيه. في العلم والأكاديميا نحن لا نرحم ولا نحابي بعضنا الأخر إن تعلق الأمر بالتزوير والإنتحال وحتى سرقة أدبية قد لا تتجاوز سطرا او سطرين. وقد لا يعلم هو والكثير من أبناء شعبنا خطورة هذه الأمور لا سيما السكوت عنها بعد كشفها.

خامسا حتى في الإعلام وعلى مستوى الصحافة يؤدي الإنتحال والتزوير إلى فضائح وكوارث على أصحابها. هذا فريد زكريا أشهر إعلامي وصحفي في أمريكا والكاتب رقم واحد في جريدة نيوزويك وصاحب برنامج شهير في سي أن أن وقراؤه كانوا أصحاب القرا ر حول العالم خسر مؤخرا كل شيء وأجبر على الإعتذار وأوقف عن العمل بعد ان قدم صاحب موقع إلكتروني دليلا انه كان قد إقتبس فقرة واحدة (جملتين او ثلاث) في مقال له من جريدة نيويورك تايمز دون الإشارة إلى المصدر. أقول هذا كي يعرف شعبنا خطورة شهادات سوق مريدي التي يمنحها بعض الأشخاص وبعض الجامعات المفتوحة. يجب محاسبتهم وحملهم على الإعتذار والإختفاء عن الأنظار ولو لفترة محددة وعدم الوثوق بهم وبما يكتبونه ويقولونه وتشخيصهم وجعلهم درسا للأخرين من كانوا.

سادسا رؤساء دول في المانيا وهنغاريا ورومانيا فصلوا او أجبروا على الإعتذار او الإستقالة مؤخرا لأنهم إدعوا حملهم لشهادة الدكتوراة وظهر أن أطاريحهم فيها سرقات أدبية فما بال شعبنا بأشخاص لا نعلم أنهم قد كتبوا أطروحة ام لا ويرفضون الإفصاح عن أسماء مشرفيهم ودرجاتهم ويصرون على أنهم "دكاترة".

سابعا حادثة أخرى جرت في السويد مؤخرا كان ضحيتها دكتورا وأستاذا كنا نعده حجة في إختصاصه وجعلنا من كتبه وأبحاثه مناهج لنا ولطلبتنا وهو روبرت برونيت أشرف على عشرات طلبة الدكتوراة والقشة التي قضمت ظهره كان تقريرا في أحد المنتديات يبرهن فيه كاتبه أن أطروحته فيها بعض الفقرات التي  قد نسبها لنفسه وهي ليست له. وبعد التدقيق فُصل من الجامعة وسُحبت منه الشهادة وسحبنا كل كتبه وأبحاثه من المكتبات وصارت قضيته بمثابة فضيحة مدوية.

اسوق كل هذا كي  يعلم ابناء شعبنا خطورة الإنتحال وخطورةالتزوير وخطورة السماح لهكذا أمور أن تمر دون حساب بعد كشفها.

وقد قلت في مقالي السابق أمل أن لا أضطر إلى الكشف عن مزيد من الحقائق كون شهادات الجامعة المفتوحة التي يدعي السيد تومي وغيره حصوله على درجة الدكتوراة منها شهادات ورقية  وشهادات منتحلة لا يعتد بها ولا يجوز للحاصلين عليها إستخدام اللقب العلمي الرفيع "الدكتور". وهاكم الدليل الدامغ الأخر.

كأكاديمي كان يجب علي التدقيق من أكثر من مصدر فطلبت رأي مصلحة (وزارة) الدولة  للدراسات العليا والتعليم العالي في السويد (هيكسكول فيركت) فأتاني الجواب بصيغة رسالة رسمية انه ليس هناك كيان رسمي أكاديمي مسجل لا في أمريكا ولا كندا ولا أي مكان أخر في العالم بإسم "الجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا" ولذا ننصح بتجنبه وعدم التعامل معه وشهاداته المزعومة.

لدي الرسالة وأمل أن لا أضطر إلى كشفها لأنها ستزيد الطين بلة وأمل أن يتدارك كل الذين لهم ضلع في هذا الأمر خطورة الوضع.

يقول السيد تومي في أخر مقال له ان الأخ برخو يعتقد أنني إقترفت خطيئة. نعم أقول إنك إقترفت خطيئة من الناحية الأكاديمية والعلمية، خطيئة سيكون لها نتائج سلبية وكارثية على شعبنا فكن يا سيدي شجاعا وأعترف بهذه الخطيئة وأعتذر.





160
إعتذار من ليون برخو حول معلومة وردت سهوا في مقاله الأخير
 
ورد في مقالي الأخير " مقارنة بين شهادات سوق مريدي وشهادات الجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا" على الرابط:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,606284.0.html

أن الجامعة التي يحضّر فيها السيد غسان شذايا رسالة الدكتوراة هي واحدة من أرقى الجامعات الأمريكية. هذا خطأ وقد ورد سهوا وما أعنيه هو أن جامعته واحدة من أرقى الجامعات ليس أمريكيا فقط بل عالميا بخصوص التعليم عن بعد وأن شهاداتها معتمدة أمريكيا وعالميا حالها حال أي جامعة رصينة ولكن لا نستطيع وضعها في مصاف هارفرد او ستانفرد او أكسفورد.

وللأمانة فإن القسم الذي يدرس فيه السيد غسان "إدارة الأعمال والتكنولوجيا" له من الأهلية والمكانة الأكاديمية أمريكيا وعالميا من حيث الإعتماد والتصنيف الأكاديمي وكفاءة الهيئة التدريسية أكثر بكثير مما لدى نفس القسم في جامعتنا في السويد.

لذا جرى التنويه وشكرا للقارىء الكريم الذي إسترعى إنتباهي إلى ذلك .

ليون

161
مقارنة بين شهادات سوق مريدي وشهادات الجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

أخذت في الأونة الأخيرة ظاهرة الجامعات المفتوحة (الإلكترونية) التي يملكها أساتذة أغلبهم عراقيون مهاجرون بالإنتشار في الغرب وشمال أمريكا. التعليم عن بعد (إلكتروني)  بكافة مراحله متوفر اليوم وتقدمه بعض الجامعات الشهيرة في العالم. ولكن هناك ضوابط يجب توفرها كي تكون الدراسة والشهادة التي يحصل عليها الطالب مستوفية للشروط العلمية والأكاديمية الرصينة. وهنا أرى أنا أغلب هذه الجامعات ومنها الجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا تفتقر إلى أبسط الضوابط العلمية والأكاديمية التي لا بد منها كي تكون الدراسة فيها والشهادات التي تمنحها مقبولة بالحد الأدنى.

لماذا هذه الجامعة بالذات؟

السبب الذي دعاني إلى التقصي إن كانت هذه الجامعة جامعة معتمدة ورسمية وعلمية وليست ورقية هو ما كتبه السيد غسان شذايا من تعليق على الخبر الذي أورده الدكتورعبدالله رابي يقول فيه ان السيد حبيب تومي حصل على شهادة الدكتوراة من هذه الجامعة. (رابط 1)
في البداية لم أصدق ما أتى به السيد غسان لأن كيف يمكن للإستاذ والدكتور عبدالله رابي أن يسوّق لشهادة بهذا المستوى وهي لم تستوف الشروط العلمية والأكاديمية كما يقول السيد غسان؟ وما هي مؤهلات السيد غسان العلمية كي يقحم نفسه في هكذا موضوع حساس؟
اول أمر قمت به هو معرفة إن كان للسيد غسان أي مؤهلات أكاديمية. وهذا أمر بسيط اليوم. ماكنة البحث غوغل تعطيك الجواب بثوان. فظهر أن السيد غسان طالب دكتوراة في المرحلة النهائية في واحدة من أرقى الجامعات الأمريكية. (رابط 2)

وبسهولة تستطيع ان تتصل بجامعة السيد غسان وتحصل على كل شيء بشفافية منقطعة النظير. والشفافية واحدة من الأسس المهمة للتعليم الجامعي. بإمكانك أن تحصل على كل شيء فيما مايخص جامعة السيد غسان وأي جامعة معتمدة موثقة علميا وأكاديميا إن كان عن أعضاء هيئتها التدريسية وهواتفهم وعنواينهم البريدية والإلكترونية وسيرة حياتهم وكذلك كل ما يخص طلبة الدرسات العليا لا سيما مرحلة الدكتوراة. فبإمكانك مثلا معرفة مشروع البحث الذي قدمه ويستند عليه السيد غسان في إطروحته والحصول عليه إن أشأت، وكيف تمت مناقشته ومن قبل من وهل رفض او عدل او قبل كما هو والمواد (الكورسات) التي حضرها وإسم مشرفه وغيرها من الأمور .

وسترى ان الجامعة معتمدة  علميا حسب المعايير الأمريكية (رابط 2) – وهي معايير قاسية تطبقها هيئة او مجلس التعليم العالي الأمريكي – وعلى كل الجامعات المعتمدة في أمريكا إتباعها.  ويستخدم هذا المجلس سلطته العلمية للتحقق من أن الجامعات تطبق معايره من خلال زيارات فصلية وسنوية.

وهذه المعايير تقتبسها كثير من الجامعات لأنها قريبة من المعايير البريطانية التي تعتمدها أغلب الدول ومنها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية.

أهمية الإعتماد العلمي والأكاديمي

والإعتماد العلمي والأكاديمي غاية في الأهمية وهو لا يشمل الشهادة العليا فقط بل حتى  مواد التدريس والبرامج المختلفة. اي كل فرع علمي له إعتماده الخاص ومن حق الجهة المانحة له سحبها  وعندها يتم إيقاف البرنامج لحين إعادة النظر فيه كي يستوفي الشروط.
وحدث هذا للجامعة التي أنا فيها وهي واحدة من أرقى الجامعات السويدية وفي قسم العلوم السياسية بالذات حيث اوقفت سلطة التعليم العالي في السويد (هيكسكول فيركت) منح شهادة الدكتوراة من قبل القسم لمدة سنتين وحدثت ضجة كبيرة. وأعادت الجامعة الإعتماد للقسم من خلال تعيين أساتذة أكفاء جدد وإعادة النظر بالمناهج كافة كي تستوفي الشروط المطلوبة ضمن معايير هيكسكول فيركت.

ضوابط أخرى

وهناك ضوابط كثيرة لا أستطيع حصرها في مقال واحد إلا ان أي جامعة تحترم نفسها تضع كافة برامجها وأسماء أساتذة كل برنامج والمواد والإمتحانات وغيرها من الأمور مثل الأطاريح والرسائل العلمية على صفحتها الإلكترونية وتودعها في المكتبة الجامعية ومكتبات جامعية أخرى في البلد نفسه وخارجه كي تكون في متناول القراء والباحثين.

فإذا كان طالب دكتوراة، كما قلنا سابقا، فبإمكاننا الحصول وبيسرعلى كل المعلومات الأكاديمة حوله وسيرته والوحدات التي يحتاجها دراسة وتأليفا وغيرها من الأمور.

والأهم هو وضع أطروحته بعد مناقشتها مباشرة في متناول الباحثين إما بإيداعها في المكتبات كما كان يحدث سابقا او بتوفيرها إلكترونيا كما يحدث اليوم. ويتسابق الأساتذة وطلبتهم لوضع روابط تشير إلى الأطروحة لأن حياة الأطروحة وأهميتها لا تكمن في الشهادة بل في فائدتها وإطلاع العلماء وحتى عامة الناس عليها.

اي عملية إخفاء للأطروحة أو إسم المشرف اوالمناقشين ومشاريع البحوث والكورسات التي هي ضمن متطلبات الشهادة تحت أي ذريعة كانت ليست عملية أكاديمية وعلمية على الإطلاق ولا يجوز أن تقترفها أي جامعة بأي شكل من الأشكال ولم أسمع أن جامعة في الدنيا تخفي الأطروحة ولا تضعها، مباشرة بعد  مناقشتها والتأكد انها وكاتبها قد إستوفيا كل الشروط العلمية والأكاديمية، في متناول القراء و لا تقبل ان تكشف عن إسم المشرف او المناقشين.

ماذا عن الجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا؟

كل هذه الشروط ليست متوفرة في هذه الجامعة  وللتحقق من أنها غير متوفرة لنمتحن سوية شهادتين للدكتوارة ورد ذكرهما في مواقع شعبنا. وأنا أركز عليهما كنموذج للإستشهاد فقط إلا أن ما ينطبق عليهما ينطبق على أغلب الجامعات العربية المفتوحة في الغرب. وما سأثيره أدناه هو مسألة أكاديمية علمية بحتة لا علاقة له بالسياسة وصراعات شعبنا التسموية والمذهبية والطائفية وغيره.

شهادة "الدكتور" الشماس كوركيس مردو

منحت هذه الجامعة شهادة دكتوراة فخرية للسيد كوركيس مردو. بحق السماء ما هو الداعي لمنح السيد مردو شهادة فخرية بهذا المستوى؟ الشهادة الفخرية تمنح لقاء خدمات جليلة للعلم والمعرفة عن طريق الإحسان وتقديم خدمات طوعية مثل تغطية نفقات طلبة محتاجين وتقديم منح دراسية تمكن الفقراء من تكميل دراساتهم او دعم مراكز البحث العلمية بالمال من أجل القضاء على أمراض او الوصول إلى نتائج علمية تخدم البشرية والإنسانية. وكل هذه الأمور توضح وبالتفصيل في بيان تصدره الجامعة وتمنح بموجبه شهادة الدكتوارة الفخرية. هل ستتفضل الجامعة هذه ه بتزويدنا بهكذا بيان؟ شهادة دكتوارة فخرية تمنح هكذا دون مقابل؟ أليس من حقنا ان نشك ونثير أكثر من علامة إستفهام؟  لوحدث هذا في أي جامعة سويدية – وهذه لو كبيرة جدا جدا – لأتت هيكسكول فركت وأجرت تحقيقا في كشف كل الحسابات والدفاتر الجامعية ولسقطت رؤوس كثيرة.

ثم أن هناك ضوابط للشهادات الفخرية حيث لا يحق لصاحبها إستخدامها كلقب علمي وإن إستخدمها يجب سحبها منه فورا. ولكن الدكتور المزعوم مردو يجوب الدنيا من خلال الشبكة العنكبوتية معتبرا نفسه "دكتور" وهو اللقب الذي يطلقه عليه الناس. الا ترقى هذه المسألة إلى فضيحة؟ أمل ان يتعظ بعد هذا المقال ويكف عن الإستهانة بهذا اللقب العلمي الكبير.

شهادة "الدكتور" حبيب تومي

لاحظ أنني اضع عبارة "الدكتور" بين قوسين وهذا معناه هناك أكثر من علامة إستفهام. من خلال إتصالاتي لم أحصل على الأطروحة التي يقال أن السيد حبيب تومي كتبها رغم أنه قدمها لجامعة مفتوحة أي إلكتروينة والمفروض ان يكون هناك رابط يؤدي إليها او في اقل تقدير يكون الرابط متوفرا لدى الجامعات المعنية. ليس هناك في كل الدنيا جامعة تخفي الأطروحة عن الأنظار مهما كانت الأعذار.

والأن يقولون انهم سيطبعونها مستقبلا وستكون متوفرة في المكتبات. وهذا لا يحصل في أي مكان في العالم إلا في سوق مريدي. وأمل الا يقوم المعنيون بعد قراءتهم لهذا المقال بجمع عدد من مقالات المنتديات وغيرها ورزمها بسرعة ووضعها على رابط إلكتروني او طبعها وتقديمها على أنها أطروحة خشية من الفضيحة لأن هذا لن ينطلي على أي صاحب علم وثقافة وسيجعل من الفضيحة فضيحتين .  ليس هناك جامعة في العالم لا تودع نسخة من الأطروحة فور مناقشتها وإستيفائها الشروط العلمية في مكتبتها وتجعلها في متناول الكل لا سيما طلاب وأساتذة الجامعات من خلال نظام إقراض جامعي. وتوديع الأطروحة في المكتبة الجامعية كي تكون في متناول الباحثين شرط اساسي لمنح شهادة  الدكتوراة. الشهادة تحجب لا بل  يجب سحبها إن لم  تودع الأطروحة في المكتبة مباشرة بعد المناقشة وحتى كتابة هذه السطور لم أستطيع الحصول حتى على ملخص لهذه الأطروحة التي كان يجب أن توضع على رابط مباشرة بعد المناقشة بينما بإمكاننا اليوم الحصول أية أطروحة في عالم اليوم مباشرة بعد حصول صاحبها على الشهادة.  ألا يثير هذا الأمر الريبة وعلامات إستفهام كبيرة؟

ثانيا ترفض الجامعة المزعومة هذه الإفصاح عن إسم المشرف والمناقشين وحتى هذه اللحظة لا نعرف من هم هؤلاء وهذا لا يحدث في اي جامعة أخرى في الدنيا حيث ان مناقشات أطاريح الدكتوراة ليست عملية سرية بل علنية يتم الإعلان عنها وعن أسماء الممتحنين اسابيع قبل يوم المناقسة وبإمكان الإنسان العادي حضورها اما الأطروحة المزعومة للسيد حبيب تومي لا زالت سرا وإسم مشرفه لا زال سرا وأسماء المناقشين لا زالت سرية حتى هذه اللحظة . أما قصاصة الورق التي تزعم حصوله على هذه الشهادة فقد بثها الدكتور عبدالله  رابي  المشرف على الدراسات العليا في هذه الجامعة في كافة أنحاء الدنيا من خلال الإنترنت وانهالت التهاني من أبناء شعبنا المسكين الذي يصدق كل شيء مندفعا إما بطيبته او تخندقه وإصطفافه الطائفي او المذهبي او التسموي. أما الأمور الأكاديمية الأساسية والمتطلبات الرئسة والتي هي من صلب واجبات أي مسؤول للدراسات العليا والتي أشرنا إليها أعلاه فهذا لا شأن له به وأما التسويق الإعلامي لطالب في جامعته – والذي ليس من مسؤولياته لا من قريب او بعيد وكصاحب  موقع في هذه الجامعة المزعومة كان يجب عليه الترفع عنه – يصبج في صلب إختصاصه. ألا يشير هذا أننا أمام شركة تجارية وليس جامعة ومع إحترامي الكبير للدكتور رابي فهو زميل وصديق منذ أيامنا في جامعة الموصل وسييقى كذلك.

مسائل غريبة وعجيبة

وللنظر سوية إلى مسألة أخرى التي في نظر اي أكاديمي يعمل في الشؤون الإنسانية والإجتماعية قد ترقى إلى كارثة لا بل فضيحة حيث تكتب الجامعة حول كيفية تصحيح الإمتحانات ونتائجها ما يلي: "نعم، هناك امتحانات فصلية وسنوية، تعد من قبل الاستاذ المختص، ولكن يتم تصليح (يجب ان تكون تصحيح) الإجابة بشكل اوتوماتيكي ، اي بدون تدخل الاستاذ." (رابط 5).

 في كافة العلوم لا سيما العلوم الإنسانية مثل العلوم السياسية والإجتماع والتاريخ والأدب وعلوم اللغة وغيرها لا يمكن التصحيح الأوتوماتيكي. التصحيح الأوتوماتيكي يكون في المسائل البدائية مثل الصح والخطاء وملىء الفراغات وغيرها. هذا النوع من التصحيح لا يجوز حتى على مستوى المدارس الإبتدائية. الا يحق لنا التشكيك بكل الشهادات التي منحتها وتمنحها جامعات مزعومة كهذه؟

وأنظر إلى المعلومات التي توفرها عن هيئة أعضاء التدريس. قسم منها جملة واحدة فقط: "دكتوراة في المحاسبة ، يقوم بالتدريس في الجامعة والاشراف على طلبة الدراسات العليا في قسم المحاسبة والادارة والاقتصاد، له عدد كبير من البحوث في مجالة (يجب أن تكون مجال) المحاسبة." (رابط 4). من هو الذي سيثق بهذا الأستاذ الذي لا يعرف عنه غير هذه الجملة اليتيمة ولا عنوان ولا هاتف ولا عنوان إلكتروني متوفر كي يتم الإتصال به ولا سيرة حياة.

التسجيل والإعترف

يتبجح أصحاب هذه الجامعة المزعومة أن شهاداتهم توقع عليها وزارة الخارجية الأمريكية. يا أخي كل شيء مسجل في الغرب حتى وإن كان عربة لبيع اللقانق واللبلبي تعد شركة مسجلة ضريبيا وهذا يحتم على الوزارات المعنية توقيع ما يصدر عنها من وثائق ليس إعترافا بهذه الوثائق بل للتأكيد أنها صادرة من هذه العربة المسجلة لديها. هذا لا يغير في الأمر شيئا إلا لدى البسطاء من الناس.

وماذا عن الجامعة

هناك في موقع الجامعة امورأخرى أكثر غرابة من التي ذكرناها لا يمكن ان تقوم بها اية جامعة رصينة معتمدة وبعضها يبدو انه موجه خصيصا للإيقاع بالطلبة. أنظر مثلا إلى حقل "الإعترافات والتعاون". ما يضعه المدعو رئس الجامعة من دليل على الإعتراف هو شهادة تقدير حصل عليها لحضوره أحد المؤتمرات (رابط 3). يا أخي من المعيب ان تضع هكذا قصاصة في هذا الحقل. هذه القصاصة تمنح لأي شخص يحضر مؤتمرا علميا حتى وإن كان شخصا عاديا. لماذا تخدعون الناس بهذا الشكل. قولوا صراحة نحن حاليا لسنا مؤسسة معتمدة لا علميا ولا أكاديميا.

وأخيرا

في حوزتي معلومات كثيرة أخرى منها ان بعض الأساتذة الذين تقدمهم هذه الجامعة كأعضاء هيئة التدريس تبراؤا من شهاداتها وصدقيتها وقالوا أنهم هناك إسميا فقط وبعض الأخر هاجم المسؤولين في هذه الجامعة لأسباب شتى وامل أن لا أضطر إلى كشفها.

لقد عقدت العزم على تعرية هذا النوع من الجامعات المزعومة من خلال مواقع شعبنا اولا ومن ثم من خلال الصحافة العراقية والعربية.

وأنصح زملائي من الأساتذة العراقيين الموجودين في الغرب وأمريكا إلى الإقتداء بالكثير من أقرانهم بالعمل على تعديل شهاداتهم في الدول التي هم فيها كما فعل ويفعل الكثير منهم في السويد حيث بعد مدة وجيزة يتقنون اللغة الوطنية ومنهم من يعمل كأساتذة في الجامعات السويدية وأطباء كبار في مستشفياتها وشهاداتهم العليا أصلها عراقي أي حصلوا عليها من جامعات عراقية معتمدة بدلا من التوجه والإرتماء في أحضان أصحاب الشركات التجارية هذه التي همها الربح والمادة وليذهب العلم والمعرفة والرصانة الأكاديمية إلى الجحيم. ولكنهم ينسون أن شمس الحقيقة لا يمكن إخفائها بالغربال.

 

رابط 1


http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,604575.0.html
لسيد حبيب تومي المحترم،
تحية طيبة

مع كل الأحترام، الشهادة التي حصلت عليها غير معترف بها لا من قبل أية جامعة كندية أو عراقية أو عربية أو أية جامعة أو دولة أو حكومة في أية دولة في العالم. شهادتك وشهادة السيد كوركيس مردو الذي يدعي هو كذلك الدكتوراه ليست أكثر من قصاصة ورق أعطيت لكما من نفس الشركة التجارية المسماة الجامعة العربية المفتوحة لشمال أمريكا (وهذه تختلف عن "الجامعة العربية المفتوحة" فتلك جامعة أخرى غير معترف بها أيضا في أميركا أو كندا ) التي يملكها المدعو صالح الرفاعي الذي يعترف بنفسه أن الشهادات الورقية التي توزعها شركته غير معترف بها من أية حكومة عربية (دعنا عن وزارتي التربية في كندا وأميركا اللتان مع كونهما تعترفان بالجامعات المفتوحة الحقيقية ولكن ليس بشهادات هذه الشركة التجارية) وهذا بحسب رئيس هذه الشركة التجارية بنفسه. أرجو قراءة مقابلة صالح الرفاعي مع جريدة النهار الكويتية في جوابه على السؤال عن الأعتراف بشهادات شركته:
http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=266818&date=18042011

بل أن رسوم التسجيل في هذه الجامعة/الشركة ترسل الى حسابه الخاص مباشرة أذ حتى لا يوجد حساب بنكي بأسم هذه الجامعة (وهذا بالنسبة لي دليل قاطع أن هذه ليست أكثر من شركة تجارية شخصية وليست جامعة بنظام أكاديمي حقيقي). لاحظ الواصل التالي:
http://www.acocollege.com/aouna/index.php?option=com_content&view=article&id=52&Itemid=66

أكتب لأنه من الضرورة أن يحترم الفرد عقله وأنجازاته الفردية الحقيقية وأنجازات الآخرين أن كانت حقيقية وليس ضحكا على عقول الناس. يجب أحترام صاحب شهادة الدكتوراه الحقيقية وأحترام الأنجاز الأكاديمي الحقيقي وعدم القبول بأهانة تلك الشهادة المرموقة من قبل شركات تجارية تهين الدراسات الأكاديمية والجامعات الحقيقية . يجب المحافظة على شرف الشهادة الحقيقية والمبدع الحقيقي .

لك أحترامي عزيزي السيد حبيب تومي ولكن أنت لست بصاحب شهادة دكتوراه.
غسان شذايا


رابط 2
http://www.ncu.edu
Accreditation

Northcentral University is regionally accredited by the Higher Learning Commission (HLC) and is a member of the North Central Association of Colleges and Schools (NCA) (230 South LaSalle Street, Suite 7-500, Chicago, IL 60604, 1.800.621.7440, www.ncahlc.org). Read the HLC Comprehensive Visit and Self-Study 2012

In the United States, a truly accredited university MUST be regionally accredited, and their graduate studies must be accredited by one of the regionally accredited comissions approved by US department of Education. To check for the accreditation of any school, go to: http://ope.ed.gov/accreditation/Search.aspx
The business degree program is additionally accredited by another prestigious group, Accreditation Council for Business Schools and Programs (ACBSP) . Read here: http://www.ncu.edu/northcentral-programs/schools/business-and-technology


رابط 3
http://www.acocollege.com/aouna/index.php?option=com_content&view=article&id=50&Itemid=64
رابط 4
http://www.acocollege.com/aouna/index.php?option=com_content&view=article&id=246:2011-01-09-04-39-35&catid=40:2010-12-25-19-37-40&Itemid=138
رابط 5
http://www.acocollege.com/aouna/index.php?option=com_content&view=article&id=51&Itemid=65

162
الأمة التي لا تقدس لغتها وتراثها وتعتاش على فتات الأخرين أمة ميتة لا محالة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


عنوان هذا المقال ليس لي. إقتبسته من تعليق لزميلي الكاتب المبدع يوحنا بيداويد ورد مضمونه ضمن تعليق له على باقة تراتيل الشهداء من الطقس الكلداني (رابط 1) التي أدتها الفرقة الطقسسية لكنيسة المشرق الكلدانية في السويد.

وقبل أن اعقب على هذه الحكمة التي أتى بها صديقي العزيز بيداويد أود المرور بإختصار على التعاليق والردود التي أتتنا من القراء والمستمعين من كافة مكونات شعبنا الواحد من الكلدان الأشوريين السريان والتي فاقت كل توقعاتنا.

مديح لا نستحقه

فكلمات المديح التي أتتنا بالسريانية مثل "ملبانا، يصيبا، مشمشانا، موحبا، سبرا دهيا، مشمها وغيرها" تزيدنا تواضعا وليسمح هؤلاء الأعزاء والأحبة  القول إنني، وفي الوقت الذي أشكرهم عليها، فإنني لا أستحقها ابدا. يستحقها فقط مار ماروثا، هو الملفان والأديب والموسيقار والعلم البارز في تراث وأدب شعبنا. هو الذي ترك لنا تراث لا تملكه أمة أخرى غيرنا نحن الكلدان الأشوريين السريان وتحسدنا عليه وتذمنا بسببه كافة الأمم.

تحسدنا لأنها لا تمتلك مثله وتذمنا لأننا نسينا عبقري مثل ما ماروثا وغيره من العمالقة وإستبدلناههم بطقس وأدب كنسي لا يمت بأي صلة تراثية وثقافية ووجدانية لنا ولا يرقى بكل عصريته وحداثته إلى ما لدينا، بينما أستبدله أخرون برموز وأسماء من شعوب وحضارت قديمة لا علاقة لغوية لنا بها ولا نستطيع فك طلسم من حروفها ورموزها وأسمائها في حين لا يزال مار ماروثا ومن خلال أدبه وروائعه وكأنه يعيش بيننا.

شمامسة أعزاء

ونشكر كذلك الشمامسة الذين عبروا عن رأيهم ومنهم من أعده أنا شخصيا بمنزلة الأساتذة وأستعين بتسجيلاتهم لصقل موهبتي وبكتباتهم التي تناول بعضها أدب وإرث الشهادة لدى كنيستنا المشرقية. وشكري الخاص للشماس العزيز الذي منحنا درجة تقترب من 95%. وإن أخذنا موهبته وسعة معرفتة وإطلاعه على طقس كنيستنا الكلدانية فهذا يعد فخر لنا.

شكر خاص لرجال الدين

والشكر الجزيل نقدمه لكل الذين إتصلوا بنا خارج القنوات الخاصة بالتعليق على المقال ومنهم من هو  بدرجة الأسقف والمونسنيور والكاهن. كلماتكم ستكون نبراسا لنا.

أنحني امام الأساتذة الكبار

ويعسدني جدا أن أنقل لكل محبي  تراث ولغة وطقس وأدب كنيستنا المشرقية العظيمة أننا تلقينا إتصالين من موسيقيين عراقيين لامعين. الإتصال الأول كان من الأستاذ سامي نسيم أستاذ الموسيقى في معهد الدراسات النغمية في بغداد الذي أبدى إعجابه بالأداء واللحن وقال إن ما قدمناه من تراث نادر  يجب أن  لا يضيع وأكد أنه سيدعو الفرقة لزيارة بغداد في أقرب وقت ممكن.

والإتصال الثاني أتانا من الأستاذ علي الإمام أستاذ الة العود في المعهد العالي للموسيقى في تونس والأستاذ إمام، كما الأستاذ نسيم، غني عن التعريف في عالم الموسيقى الشرقية. ومما قاله أنه معجب  بالالحان وراض عن أداء الفرقة.

رسالتي إلى زميلي بيداويد

والأن أعود إلى ما في خلدي قوله لزميلي بيداويد تعقيبا على مقولته أعلاه. وبما أننا الإثنان نعتز بكلدانيتنا قولا وفعلا ونراها مكونا أصيلا للبودقة التي تجمع كل مكونات شعبنا سوية بمذاهبه وأسمائه المختلفة، سأخوض مرة أخرى في الصراحة التي عودت قرائي عليها.
فحوى الرسالة

بما أننا شعب يمر في مرحلة عصيبة يا عزيزي بيداويد رأيت أن أكتب لك عن تصوري وفهمي الخاص عن الهوية، هوية أي شعب حي في الدنيا.

الأمة التي لا تمارس  تراثها ولا تفتخر بأعلامها ولغتها وأدبها الكنسي وغيره وتعتاش على فتات الأخرين امة لا تستحق الحياة. أليس هذا ما قلته في تعليقك؟ أضيف إنها أمة تعاني من إزدواجية وهذه الإزدواجية تجعلها تركن تراثها وأدبها ولغتها جانبا مستبدلة لهم بما لدى الأجانب او تراها تركض وراء سراب أمم سحيقة لا علاقة وجدانية لها معها.

 وهكذا ترى هذه الأمة تتباهى وتحتفل مثلا بريتا وفرنسيس وسلفستر وكولومبس وأنكيدو وأكيتو ونبوخذنصر وأشور وتنسى أنها تملك عباقرة مثل مار ماروثا  كتبوا بلغتها شعرا حرا قبل أن تعرفه أمم أخرى بقرون وواضعين ألحانا من صلب فلكورها ومخترعين نوتة موسيقية قبل أن يعرفها الغرب بحوالي ألف سنة.

والأمة التي لا تفتخر بتراثها ولا تمارسه وتركض وراء تراث ولغة الأخرين تنسى أنها تستعمر نفسها بنفسها لأن أسوء أنواع الإستعمار هوالإستعمار اللغوي والثقافي.

هذا النوع من الإستعمار يعمي البصر والبصيرة لأن الواقع تحت نيره كما هو حالنا  يرى في الأجنبي الخلاص إلى درجة أنه ينغمس في إغداق المديح عليه وإن كان سببا في طمس هويته وإلغاء  ادبه وثقافته ولغته.

كل الأمم تفتخر بما لديها من كتّاب وفنانين عظام. الكردي لا يمكن أن يقبل أن يحتل عبقري الإنكليز شكسبير ولغته او عبقري العرب المتنبي ولغته محل ملا جزيري وأحمد خاني. أما نحن فما لنا ومار ماروثا او غيره من العمالقة. نحن اليوم نرتل بالعربية ونتغنى بالإيطالية ونقدس ونتكلم  بعدة لغات. كل شيء أجنبي ودخيل نفضله على لغتنا السريانية وأدبها وحتى خسارة التراث والطقس واللغة والموسيقى وروائع ثقافتنا السريانية ومناطقنا الجغرافية للدخلاء والأجانب نعدها فضيلة وغنى.

وهكذا مرت ذكرى مار افرام، عميد أدبنا الذي من المفروض ان يكون لدينا بمثابة الشكسبير لدى الإنكليز لا بل أسمى، دون أن تتذكرها أي مؤسسة كنسية كلدانية او غيرها – حسب علمي – لأن الكل كان مشغولا بالتساعيات والشهريات وتراتيل وممارسات من اداب وطقوس أجنبية. أما تراتيل مار أفرام – قيثارة الروح القدس -  فما لنا ولها.

لن أطيل ولكنني ساردد قولك الذي أمل أن يضعه كل الكلدان، بمثقفيهم ورجال دينهم وعامتهم، نصب أعينهم ليل نهار إن كانوا حقا يعتزون بإسمهم وتراثهم ولغتهم وطقسهم وأدبهم الكنسي وغيره:

الأمة التي يستمتع أبناؤها بإرث الأخرين ويعتاشون على فتاتهم ويفتقدون الإقتخار بإرث أجدادهم هي حقا أمة ميتة. (من أقوال يوحنا بيداويد)

رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,601495.0.html


163
هل الإنتماء إلى الكنيسة الغربية عامل نعمة وبركة؟ تعقيب على مقال المطران لويس ساكو

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


أظن أن الجواب على هذا السؤال ليس يسيرا. الجواب حاضر ويسير لا بل بديهي ومطلق لكل من يضع المذهب والعقيدة قبل الهوية والتراث واللغة والطقس والتاريخ والأدب الكنسي وكل من لا يميز بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كمؤسسة شأنها شأن أي مؤسسة مدنية ومالية وسياسية وإستخباراتية  وعسكرية وغيرها.

أنا في كل كتاباتي أذكر هذا الأمر. وما بدر مني من نقد لم تكن وجهته العقيدة لا الكاثوليكية ولا غيرها. وجهته المباشرة هي المؤسساتية. والكنيسة أشأنا أم أبينا مؤسسة وما تمر به الكنيسة الكلدانية من أزمة لا علاقة له بالعقيدة. إنه شأن مؤسساتي بحت.

وكذلك ما تمر به الكنيسة الغربية (الفاتيكانية) حاليا من أزمة شديدة المتمثلة بالفاتيليكس والتي حسب أقوال الصحافة العالمية – والعهدة على الرواي – ترقى في كثير من تفاصيلها إلى ما تقوم به المافيات الإيطالية شأن مؤسساتي لا علاقة له بالعقيدة لا من قريب ولا بعيد.

لندع العقيدة جانبا

إذا لندع العقيدة جانبا رغم أن مناقشتها ليست أمرا محرما لأننا كبشر يجب أن ننزع حتى النص الذي نعده مقدسا من قدسيته – كونه كلمات نطقها الله ولا يجوز دراستها وتحليلها وتمحيصها ونقدها إنسانيا وتفسيرها إتكاءا على الزمان والمكان والثقافة واللغة وغيرها من الشؤون الإنسانية – كي نستطيع فهمه كبشر. وهذا ينطبق على الإنجيل والقرأن وغيرهما من الكتب التي يعدها الناس مقدسة.

وكذلك يجب أن ننزع القداسة من رجال الدين مهما علا شأنهم ومقامهم ومن كانوا  مسيحيين أم مسلمين أم يهود أو غيرهم كي نستطيع فهمهم  وتحليلهم  ونقدهم من منظورنا الإنساني كبشر وإلا أصبحوا  في مصاف الألهة وعندئذ خارج نطاق الإدراك الإنساني.

الله قريب الإنسان

والمسيحية أقرب ديانة  - حسب إعتقادي – إلى المفهوم الذي ذكرته أعلاه. لماذا؟ لأنه حسب الإعتقاد المسيحي عندما أراد الله أن يخلص الإنسان نزل إلى الأرض وتجسد أي صار بشرا مثلنا ومن خلال مفهوم  الله كبشر أصبح الله حسب المفهموم المسيحي قريب الإنسان لا بل هو الإنسان، أي الكلمة – الله – حلت في البشر أي أن الله صار بشرا والله  والبشر، كل البشر، يعملان سوية. أليس هذا واحد من أهم أركان العقيدة المسيحية؟

الإنسان والنعمة والبركة

إذا ليس هناك شيء كله نعمة وبركة ما دام يضم الإنسان والإنسان واحد من خصائصه الأساسية أنه غير معصوم من الخطأ وقد يقترف جرائم وإنتهاكات فظيعة ولننظر إلى التاريخ القريب والبعيد وكذلك إلى ما حدث ويحدث في عالمنا اليوم إن كان من قبل المؤسسات الدينية – كل الأديان دون إستثناء – او من قبل المؤسسات الأخرى حيث الخير والشر مرتبطان بالمسيرة الإنسانية برمتها بإختلاف أديانها ومذاهبها وألوانها.

من هذ المنطلق أرى أن الكثير مما فعلته مؤسسة الكنيسة الغربية بحق مسيحيي المشرق ومنهم الكلدان لا يدخل في باب النعمة والبركة على الإطلاق وهذه  حجتي:

اولا، إغتصبت هذه المؤسسة منا الهند بملاينها من الأتباع  بأسلوب عنيف وبوسائل ترقى إلى جرائم ضد الثقافة الإنسانية حيث تم فيها قتل بعض رجال ديننا وتعذيب الكثير منهم وفرض تراث وثقافة وأدب أخر عليهم عنوة وحتى تطبيق ممارسات كانت جزءا من محاكم التفتيش السيئة الصيت.   لماذا لا زال هناك تواجد مؤثر للكنائس الشقيقة – الأشورية  والسريانية– حيث لا زالت سلطة الجاثاليق لديهم قائمة هناك إلى يومنا هذا ولم يتم إغتصاب هذه السلطة إلا من جاثاليقنا (بطريركنا)؟  وقراء هذا الموقع الأغر لا بد وأن لاحظوا النشاطات من رسامات وإجتماعات عقدتها هذه الكنائس في الهند مؤخرا. أين موقع الكنيسة الكلدانية والهند كانت تاج كنيستنا؟  هل يجوز سلب أهلنا وثقافتنا وتراثنا وممتلكاتنا من الكنائس وغيرها وطمس تراثنا وأدبنا الكنسي وإستبداله بالأجنبي فيما يرقى إلى جريمة كبرى بحقنا ككلدان ومن ثم نقول إن الإنتماء إلى الذين فعلوا كل هذا بنا هو نعمة وبركة؟

ثانيا، إستخدمت مؤسسة الكنيسة الكلدانية الإنتماء للكنيسة الغربية ذريعة لتهميش أدبنا الكنسي الذي يرقى ويسمو في كل المناحي على ما تم إدخاله في أدبياتنا الكنسية نقلا عن الأخرين. أي أبرشية او خورنة ،أي مطران او قس لدينا اليوم يتباهى بكتاب الحوذرا او غيره من روائع وكنوز أدبنا الكنسي؟ ألم يركنه البعض ومنهم من هو  في سدة الأسقفية بجانب سلة المهملات او ربما أخرجوه حتى من مكتباتهم وأحلوا مكانه ما هو أدنى مرتبة منه إن كان كنسيا او لغويا او حتى عقائديا؟

ثالثا، العلاقة المؤسساتية مع الكنيسة الغربية لم تكن علاقة تكافىء او حتى علاقة بين تراثين وادبين ولغتين كنسيتين. صارت نموذجا صارخا لعلاقة التابع (الخادم) – ليس عقائديا لأن العقيدة واحدة بل مؤسساتيا –  بالمتبوع (السيد) إلى درجة أن المؤسسة الغربية هذه صارت تتدخل في إختيار المناصب والرسامات وفرضها على البطريرك رغما عنه ووصل الأمر إلى درجة القيام بإلغاء إنتخابات كنسية او رهبانية قانونية وديمقراطية وغيرها من الأمور. ولا أريد أن أذكر أمثلة.

رابعا، الإنتماء كان في أساسه عقائديا رغم أنه لم تكن هناك أي شائبة عقائدية في إنتماء أجدادنا النساطرة وهذا بإعتراف الفاتيكان ولكن سرعان ما تحول إلى  إستقطاعات جغرافية حيث قلصت جغرافية كنيستنا تدريجيا بإجبار الكنائس مع المؤمنيين تقديم الطاعة العمياء ليس عقائديا بل تراثيا وطقسيا ولغويا ومؤسساتيا حيث تم السيطرة  من خلالها حتى على الممتلكات. ولا حاجة إلى الإتيان بأمثلة.

خامسا، الكنيسة الغربية لم تترك لنا هامش حرية مؤسساتيا وأحلت أدبها الكنسي محل أدبنا وأسماء قديسيها محل قديسينا وأجبرتنا  أن نعترف بكل قديسيهم وأن نستخدم الكثير من طقوسهم وصلواتهم وهم لا يعترفون بقديسينا ولا يرتلون صلواتنا رغم أننا نبزهم بالشهداء البررة والقديسين والقديسات والطقوس والتراتيل والصلوات. اليوم صرنا نعرف أكثر عن بريجيتا وشارل وريتا وفرنسيس ولوسيا وتريزيا وسلفستر وكشافة كولومبس أكثر مما نعرف عن أي من قديسينا. هل هم أكثر درجة عند الله؟ لست أدري.

سادسا، وأنا أناقش المسائل المؤسساتية أطالب من كنيسة المشرق الكلدانية فتح أرشيف المراسلات بين بعض بطاركتنا والفاتيكان وترجمتها كي يطلع ابناء شعبنا الكلداني كيف أن مؤسسة الكنيسة الغربية لم تقبل حتى النقاش حول مسائل مؤسساتية تخص هويتنا ووجودنا في المسائل أعلاه وكيف تم تهديد بعض بطاركتنا الأجلاء بالحرمان الكنسي إن قاوموا قرارات مؤسساتية مجحفة. أي ان العلاقة المؤسساتية مع الكنيسة الغربية فاقت نموذج "نفذ ثم ناقش" الذي إعتمدته بعض الأحزاب الشمولية بل صارت "نفذ ولا تناقش."

كلمة أخيرة

وختاما دعني أقول مرة أخرى إنني أتحدث مؤسساتيا وأرى ككلداني كاثوليكي وحسب إطلاعي المتواضع أننا لم نحظ بأي نعمة وبركة من الناحية المؤسساتية جراء إنتمائنا للكنيسة الغربية ...

وعليه وفي الوقت الذي أدين فيه ككلداني وكاثوليكي أشد الإدانة ما إقترفته هذه المؤسسة بحقنا أطالب أن ترد كل ما أخذته منا جغرفيا وأن تستغفر الله كمؤسسة على ما فعلته بنا وبإسم المسيح  والصليب الذي هو فخرنا ورمزنا وحياتنا أدعو هذه المؤسسة إن كانت تؤمن بالعدالة والتسامح والمحبة المسيحية أن تعيد كل منطقة جغرافية سلبتها منا بمؤمنيها من الكلدان وبكنائسها وأديرتها وأوقافها وتراثها ولغتها وطقسها وتضعها مرة أخرى تحت سلطة بطريركنا مباشرة وعدا ذلك تكون هذه المؤسسة إستغلت العقيدة والمذهب لمأربها الشخصية والمؤسساتية وهذا ما حدث وهذا ليس نعمة ولا بركة.


164
وأخيرا ظهر ان ما كتبه (البروفسور العلامة ...) عن الكلدان ومؤسستهم الكنسية صحيح

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


مقدمة

خرج علينا إعلام شعبنا الإلكتروني بموضوعين مهمين مؤخرا فيما يخص المكون الكلداني من شعبنا الواحد. الموضوع الأول كان المقابلة التي أجراها الزميل يوحنا بيداويد مع المطران لويس ساكو (رابط 1) والثاني كان المقال الذي كتبه الزميل سيزار ميخا (رابط 2).

والقارىء اللبيب لا بد وأن خرج بعد قراءته للموضوعين بخلاصة مفادها أن الكلدان ومؤسستهم الكنسية في أزمة شديدة وأن ما كتبه صاحب هذه السطور سابقا من نقد للوضع المأساوي الذي وصلنا إليه نحن ومؤسستنا الكنسية فيه الكثير من الحقيقة.

هل كنت في حاجة إلى شهادة من أسقف يكن له أغلب أفراد شعبنا بمكوناتهم وأسمائهم المختلفة إحتراما وتقديرا كبيرا؟ وهل أنا في حاجة إلى شهادة كاتب كلداني شاب نهضوي المنحى وقومي الإتجاه لا سيما بعد الإنتقادات اللاذعة التي كان يوجهها لكتاباتي سابقا؟

شخصيا وبتواضع شديد أقول كلا لأنني متيقن أن وضعنا ككلدان ووضع مؤسستنا الكنسية في حالة يرثى لها وقد شخصت ذلك مرارا وسأعرج عليه في هذا المقال. ولكن لم أكن أتصور أن مقالاتي ستصبح مؤثرة إلى درجة أن ينتقدها رجال الدين في كرازاتهم وخطبهم، كما أظهر مقال السيد سيزار.

ولكن سأتجنب الحقيقة إن أخفيت سعادتي بعد قراءتي لهذين الموضوعين. السعادة ليست نابعة من التكبر والتعالي. الألقاب أعلاه في عنوان المقال هذا أستقيها من مقال السيد سيزار ويبدو أنها أستخدمت تشفيا وأستهزاءا من قبل رجال دين كلدان رغم أنني لم أستخدمها ورغم أنها في الحقيقة تمثل الواقع وإلا لما كان بإمكاني الإنضمام إلى هيئة تدريس واحدة من أرقى الجامعات وفي بلد يبز الدنيا بتطوره وشفافيته.  نحن شعب صغير جدا وقد نكون على شفا الإنقراض ولا حاجة لتسديد أهداف ضد أحدنا الأخر. سعادتي نابعة من بصيص أمل عسى ولعل ينهض الكلدان من غفوتهم وغيبوبتهم. هذا من باب التمني.

مقابلة المطران ساكو

وقد أعقبت على مقال المطران ساكو (رابط 3) والقارىء اللبيب لا بد وأن لاحظ نقاط اللقاء والتقاطع بيننا.

اللقاء كبير وفي موضوع حساس وحيوي يخص لقاء وتقارب الأديان والثقافات والمذاهب من خلال نظرة إنسانية لا تجعل ما نملكه من عقيدة ودين ومذهب وطائفة في مرتبة سامية وتنظر إلى ما للأخر في مرتبة دنيا. نحن بشر خلقنا الله وهو الذي إختار لنا الدين والمذهب والطائفة التي نحن عليها لأننا ولدنا من اب وأم من نفس الدين وتربينا وترعرعنا في بيئة حاضنة له. كما أننا لم نختار الأب والأم اللذين أتيا بنا إلى الدنيا فإننا كلنا تقريبا  لم نختار الدين الذي نحن عليه. إكتسبناه او بالأحرى فرضه علينا الوالدين والبيئة التي نشأنا فيها. لو أتينا للدنيا من والدين أخرين من دين أخر لكنا إكتسبنا ديانتهم او مذهبهم.

فأي فضل لدي على الأخر الذي لا يدين بديني او مذهبي ولا يقدس كتابي إن كنت أنا لم أختاره لنفسي؟ بأي حق أكفر وأهرطق او أحلل دم الأخر المختلف عني دينا او مذهبا او عرقا او إثنية وأنا أعلم أن ما إكتسبه الأخر هو إرادة الله لأن الله هو الذي أختار الوالدين وبواسطتهما خرجنا للدنيا ومنهما إكتسبنا ليس فقط علاماتنا الوراثية بل علاماتنا الدينية والمذهبية والعرقية والإثنية؟

ونقاط التقاطع بيننا واضحة لا سيما بخصوص النظرة إلى التراث واللغة والطقس حيث أنني أتفق مع المطران ونظرته أنه يجب تحديث التراث والثقافة والطقس إلا أنني لا اتفق معه فيما حصل لنا نحن الكلدان. نحن لم نحدّث بل ألغينا التراث والطقس واللغة وحتى فن الريازة والعمران والتقاليد الكنسية الخاصة بنا. النظرية صحيحة ولكن الممارسة كارثية لأنها لم تبق لنا شيء تقريبا من تراثنا وهذا خطأ فظيع لم يقترفه أي شعب أخر بإرادته الحرة في التاريخ.

ونقطة الخلا ف الثانية تخص أسباب النكسة التي حلت بالكلدان ومؤسستهم الكنسية. أنا لست رجل دين ولكنني على إطلاع كبير ولهذا لدي هامش حرية أكبر في الكتابة والتحدث. فأنا أعزو الأزمة – وفي معظم تفاصيلها –التي نمر بها إلى تدخل المؤسسة الفاتيكانية في شؤوننا بشكل غير مقبول وسلطوي وفي امور لا علاقة لها بالعقيدة ولا رسالة السماء – الإنجيل. نحن ضحية هذا التدخل ولا حاجة إلى التذكير بالمأسي التي لحقت بنا مؤسساتيا منذ قبولنا لسلطة الفاتيكان من الكارثة التي حلت بملايين الكلدان في الهند وهلم جرا.

مقال الزميل سيزار

أعود إلى مقال السيد سيزار وأمل أن يتسع صدره للملاحظات المهمة التي سأذكرها ادناه تعقيبا على مقاله.

من الخطأ التصور أن إنتقاداتي للكلدان وللمؤسسة الكنسية كانت تنصب على الوضع في اوروبا فقط. هذا ليس صحيح. المؤسسة برمتها في أزمة شديدة في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا والعراق وأي مكان أخر يتواجد فيه الكلدان في العالم.

حصر الأزمة التي نمر بها بما يطلق عليها السيد سيزرا "سندباد الكلدان على أوروبا" هو بمثابة الهروب من الواقع. أنا شخصيا لا أستسيغ هذ العبارة التي تتكرر سبع مرات في المقال ولكن سأقتبسها للجدل من خلال الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة وليس كما يفعل بعض الزملاء من الكلدان أصحاب الخطاب الهابط والعبارات البذيئة التي يستندون في بعضها على أسماء الحيوانات. خطاب هؤلا جزء من الكارثة التي نمر فيها. ورغم ان الخطاب الهابط يعكس شخصية قائله، إلا أنه يشخص الحضيض الذي وصلنا إليه حيث بتنا لا نميز بين الفكر والمنطق في الرد على الأخرين وبين الهلوسة والهمجية.

انا أقول ان هناك أكثر من "سندباد" لدى الكلدان ومؤسستهم الكنسية، لا بل هناك أكثر من سندباد في كل خورنة وكل جوقة ومجموعة شمامسة وتواجد كلداني، وقد ينطبق لقب "السندباد" بالمفهوم الذي يأتي السيد سيزار به حتى على كاتب هذه السطور.

"السندباد" هو الذي تجرأ ويتجرأ على فرض التعريب علينا وأغلبنا يتحدث في البيت لهجة قريبة من لغتنا القومية.

"السندباد" هو الذي يصر على إستخدام لغة غير لغتنا الطقسية ويرفض إستخدامها رغم إتقانه لها.

"السندباد" هو الذي لا يكترث للغتنا القومية ويفضل عليها العربية لا بل يحارب كل من يرغب في إستخدامها او تدريسها.

"السندباد" هو الذي أدخل أناشيد وتراتيل وصلوات من عنده او نقلها من طقوس أخرى ويفرضها علينا فرضا وكأننا قبائل أفريقية للتو دخلنا المسيحية ولا تراث ولا طقس ولا لغة لنا.

"السندباد" هو الذي يؤلف كراريس بالعربية بعضها مليء بالأخطاء اللغوية وبعضها ترجمات ركيكة وهزيلة ويوزعها علينا ويفرضها فرضا على حساب تراثنا وثقافتنا وكأننا أمام مسؤول ما من أحد الأحزاب الشمولية.

"السندباد" هو الذي أجبرنا على الإحتفاء بمناسبات وأشخاص (من كانوا قديسين أو غيرهم) من طقوس أخرى على حساب ما لدينا من مناسبات وأشخاص. هم يجب أن يأخذوا منا لأننا أصحاب أغنى كنيسة تراثا وطقسا وشهداء وقديسيين في العالم. ولكن رويدك يا أخي من تنادي يا منادي؟

"السندباد" هو الذي يسكت او يضع الغربال على شمس الكوارث  التي سببتها لنا المؤسسة الكنسية منذ خسارة الهند بملايينها من الكلدان وهلم جرا.

"السندباد" كل من نصب نفسه وكأنه يمثل المسيح في الأرض ولا يقبل النقد ولا النقاش ويتصور أنه يملك الكتاب والكنيسة ومفتاح الأرض والسماء.
"السندباد" هو كل مسؤول جوقة او عضو فيها يصرف وقته بالتدريب على تراتيل أجنبية دخيلة باهتة المعنى ركيكة اللحن ويفرضها في الكنيسة على الكل رغم أننا نملك تراثا إنشاديا لا تملكه أي كنيسة أخرى في العالم.

"السندباد" هو الذي يستشعر ما وصلنا إليه من حضيض ومع ذلك لا يسكت فقط  بل تراه يصب جام غضبه على كل كلداني غيور يحاول الإصلاح قبل فوات الآوان.

"السندباد" هو الذي بإسم العصرنة – وما أدراك ما العصرنة عندنا نحن الكلدان –رمى كل تراثنا الكنسي في سلة المهملات والأنكى من هذا ألغى كل ما يشير إلى ريازتنا وتراثنا وتقاليدنا الكنسية.

 "السندباد" هو الذي لا يكترث مهما أظهرت له من أدلة على أن وضعنا الحالي لا يجوز أن يستمر لأنه بمثابة الهلاك لنا.
"السندباد" هو الذي يرفع شعار هرطقة وتكفير أشقائنا من مذاهب أخرى وعلى صفحات موقع أبرشي يعود لكنيسة المشرق الكلدانية في المهجر.

"السندباد" هو الذي يقصي أراء تخالف رأيه ولا يتورع عن نشر هجوم على ما يكتبه الأخرون ولكن يرفض منحهم حق الرد الذي يعد اليوم بمثابة المقدسات وهذا يحصل في موقع أبرشي كلداني.

القائمة طويلة وأكتفي بهذا القدر ولكن كما ترى يا عزيزي سيزار هناك أكثر من "سندباد" وحصر الإنتقاد والأزمة بشخصية واحدة في أوروبا معناه أننا نتهرب من واقعنا. وهكذا قد يكون السندباد "أنا" و "أنت" وغيرنا. كلنا ساهمنا في تهميش انفسنا ومؤسستنا الكنسية لأننا ننظر بعين واحدة فقط ونرى القذى فقط  في عيون من لا نحبهم ولا نقبل أن نرفع الخشبة من أعيننا وأعين الذين نحن على وفاق معهم.


رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=582755.msg5637340#msg5637340
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,587023.0.html
   رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,587153.0.html



165

تعقيب على طروحات المطران لويس ساكو حول التراث والكنيسة الكلدانية وحوار الأديان


ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

توطئة

أتحفنا الزميل يوحنا بيداويد بمقابلة مهمة مع المطران لويس ساكو (رابط 1). وقد قرأت المقابلة أكثر من مرة. وقبل أن أبدأ في التعقيب على بعض النقاط المهمة التي أثيرت فيها، اود التعبير عن إعجابي وشكري وتقديري في آن واحد بالطروحات التي أتي بها المطران ساكو.

وشخصيا فإن أخر كتاب قرأته للمطران كان "حوارات مسيحية إسلامية: مقاربات لاهوتية بالعربية في عصر الخلافة العباسي" . ويجب أن أعترف مقدما أن الكتاب فتح عيوني للمضي قدما في الدراسة والبحث عن الحوارات التي أجراها أجدادنا النساطرة من كنيسة المشرق مع إخوانهم  المسلمين. والذي يقرأ الكتاب بتمعن يرى كيف أن أجدادنا النساطرة أداروا حوارا لا نظير له حتى في عالم اليوم مع الأديان الأخرى أسسه روح الإنجيل التي تتمثل بالمحبة والتسامح والعطاء والغفران وقبول الأخر كما هو وليس كما أريده أنا.

والكتاب هذا دفعني لا بل أزرني أن أمضي قدما كأكاديمي ومسيحي مشرقي سليل الجثالقة والمفكرين النساطرة العظام من أبناء كنيسة المشرق  في تدشين ما يراه البعض أنه نموذج مختلف من الحوار الحضاري والديني مع إخواننا المسلمين أسسه تنبع من رسالة الإنجيل التي ترى في الإنسان قيمة إلهية – المسيح حسب المفهوم المسيحي هو الله ولكنه صار بشرا – بغض النظر عن دينه ولونه ومذهبه وعرقيته وجغرافيته. وكون الإنسان قيمة إلهية علينا جميعا كبشر ان نعترف بالأخر ونقبله كما هو وننظر بصورة متساوية إلى أدياننا ومذاهبنا وأسمائنا وعرقيتنا وغيرها من عناوين  الخلافات التي تقض مضاجعنا اليوم. فشكرا لك يا مطارننا العزيز.

وسأقسم مقالي هذا إلى ابواب ثلاثة يخص كل واحد منها أحد المفاهيم المهمة التي وردت في اللقاء وهي نظرة المطران إلى الأخر والحوار معه والنطرة إلى التراث وأخيرا الموقف من مؤسسة الكنيسة الكلدانية.

أمور في غاية الأهمية

أن يقول أسقف مشرقي كاثوليكي "انا اسقف للمسيحي والمسلم ولغيرهما" هذا القول في رأي لا ياتي إلا من شخص قد إستوعب  رسالة السماء التي أتى بها المسيح وهضم تراث وفلسفة  كنيستنا المشرقية في الحوار واللقاء مع الأخر. لا نريد أن نقارن او نقارب لأننا سنكون أمام صدمة كبيرة ولكن لو عمل كل قادة شعبنا – الكنسيون والعلمانيون -  بهذا المفهوم التسامحي لما كان بعضنا حتى اليوم  - ونحن كلنا مسيحيون – يكفر ويهرطق الأخر وكأننا في اوروبا القرون الوسطى وكم يحزنني أن تكون نقطة إنطلاق خطاب الهرطقة وإقصاء الأخر أبرشية تحمل إسم كنيسة المشرق الكلدانية.

لو ان كل أسقف من كنائسنا المختلفة قال أنه اسقف الكل – الكدان والأشوريين والسريان –  لتوحدنا وقبلنا بعضنا البعض كما يفعل المطران ساكو في ابرشيته الصغيرة في كركوك. ولو قال شيوخ وائمة المسلمين أنهم شيوخ وائمة السنة والشيعة والمسيحيين وغيرهم لما رأينا كل هذه الدماء البريئة تسيل في العراق وأمصار العرب والمسلمين.

ولو وضعنا مفهوم المطران ساكو حول التسمية التي صارت بالنسة للبعض وكأنها كل شيء حتى على حساب خسارة وجودنا وهويتنا لا بل ديننا لما رأينا كل هذه المهاترات والصراعات التي زادت في تشتيتنا وشرذمتنا. لو كنا قد صرفنا الجهد والوقت الذي بذلناه في الصراع على التسمية على إحياء لغتنا القومية وتحديث وعصرنة تراثنا وثقافتنا وأدبنا وعلومنا وعمارتنا وريازتنا وأثارنا وعلمائنا وقديسينا وطقوسنا لكنا في وضع أفضل بكثير من الوضع الذي نحن فيه الأن.

الموقف من التراث

ما ورد على لسان المطران بخصوص التراث هو الذي يجب ان يحصل. ولكن إن نظرنا إلى الواقع لا سيما فيما يخص كنيسة المشرق الكلدانية لرأينا ان العكس هو الذي حصل.

التراث تحملة وتستوعبه اللغة القومية. اللغة هي الوعاء الذي يحفظ لأي أمة تراثها وشعرها وأدبها وطقوسها وأناشيدها وسير علمائها وكتابات وأفكار وفلسفات علمائها وملافنتها. وهكذا ترى الأطفال في المدارس والتلاميذ في الثانويات والجامعات  ينشدون ويحفظون ويقراؤن تراثهم كل بلغته. هذا ما يفعله الكردي اليوم والتركي والإيراني وأي شعب حي أخر. الشعب الذي لا يستطيع قراءة تراثه وبلغته القومية شعب ميت لا حياة ولا نفس له.

كم منا يحفظ بيت شعر واحد لشعرائنا الكبار؟ كم  منا يحفظ إسما او إسمين لكتابنا وشعرائنا وعلمائنا الكبار؟ وهناك العشرات والعشرات من الأسئلة التي بإمكاني إثارتها وكلها تدل أننا صرنا شعبا وكأن لا تراث لنا. جل ما نعرفه هو أسماء أشورية وكلدانية قديمة حفظناها من العهد القديم او الكتب المدرسية وهذه لا علاقة لغوية وتراثية وأدبية وثقافية ووجدانية لنا معها. أليست هذه كارثة تراثية؟

  ما حدث لشعبنا وأسبابه كثيرة وبعضها ليس خافيا نكسة تراثية لا سيما لدى المكون الكلداني منه. اللغة لقومية لا نحبها ولا ننشد  بها ولا نتغنى بها ولا نكتب بها ونحارب كل  من يدرسها ويحاول المحافظة عليها ونهمش كل من يريد إحياء تراثها وأناشيدها وطقوسها. فعن أي تراث نتحدث إذا؟

لا يغير اي شعب حي  بإسم العصرنة والحداثة لغته. نحن لم نغيرها فقط بل ألغينا تراثنا ولغتنا تقريبا. كل مكونات الشعب العراقي غير العربية رفعت عن كاهلها نير التعريب بعد سقوط نظام صدام حسين إلا نحن الكلدان. نحن لم نقبل صاغرين ودون مقاومة على الإطلاق التعريب  في زمان الطاغية بل لا زلنا متشبثين به وكأن لا تراث خاص بنا. هل هناك صف واحد لنا نحن الكلدان يدرس اللغة القومية؟

الحداثة والعصرنة لا تلغي بل تحيي وتقدم القديم بصورة أشوق وتحببه للجيل الجديد كي يبقى متشبثا بالتراث وهذا ما تفعله كل الأمم الحية. أين موقعنا من هذه الخارطة الإنسانية نحن الكلدان؟

الكنيسة الكلدانية

وصف المطران لما تمر به كنيسة المشرق الكلدانية "بأزمة شديدة"  وصف دقيق للغاية ويشعر به كل غيور على هذه الكنيسة من أبنائها. وكوني شخصيا عضو في هذه الكنيسة وإنطلاقا من مقولة المطران ساكو ان كلنا شركاء في الكنيسة وليس رجال الدين فقط فإنني أرى ان الأزمة التي تمر بها هذه الكنيسة من الناحية المؤسساتية والتنظييمة والطقسية والتراثية واللغوية وغيرها من الحدة إلى درجة أنني أخشى أن الغيبوبة التي تمر بها غيبوبة سريرية لا شفاء لها، مع إحترامي الشديد للتفاؤل الذي يحمله المطران ساكو من أن سنودسا ما قد يعيد إليها حيويتها.

وهنا أنا أتحدث عن الكنيسة كمؤسسة وليس رسالة السماء. المؤسسة تعني التنظيم والشفافية والإستقلالية وإحترام الهرمية وإحترام الذين يقبعون في  راس الهرم للقاعدة والتفاعل الإيجابي بين الأثنين.

والتحدث عن المؤسساتية في الكنيسة الكلدانية حديث ذو شجون وقد يثير حفيظة الذين لا يميزون بين رسالة السماء والمؤسسة والذين لا زالوا يتصورون أن إنتقاد ممارسات رجال الدين معناه إنتقاد الإنجيل وهذا ليس صحيح.

الأسباب التي ذكرها المطران عن الأزمة التي تمر به كنيستنا صحيحة جدا ولكنني اود أن أضيف اسباب أخرى لا تقل أهمية عنها.

أحد الأسباب الأساسية للنكسة التي منيت بها الكنيسة الكلدانية هي فقدان الإستقلالية المؤسساتية، بمعنى أخر هذه المؤسسة لا تستطيع اليوم إتخاذ أي قرار دون الإتكاء على الفاتيكان وإن حدث وإن إتخذت قرارا فلا من مطيع ولا من مجيب. نحن نشترك مع الفاتيكان في عقيدة واحدة  ولكن لماذا رمينا كل بيضنا – مؤسساتيا – في سلته وهو واحد من أكبر المؤسسات في العالم والفاتيكان ذاته اليوم يعاني من أزمة مؤسساتية شديدة من خلال ما يتم تسريبه من وثائق سرية أطلق عليها فاتيليكس وتشير إلى فساد ومحسوبية ورشاوي وغيرها من الممارسات المؤسساتية التي يرقى بعضها إلى ما تقوم به المافيات الإيطالية، حسب ما تقوله الصحافة العالمية.

مؤسسة الفاتيكان من الكبر والعظمة ما لا يمنحها فرصة للتفكير في مصالح بضعة عشرات الالاف من الكلدان الكاثوليك. وعندما تنهال عليها الشكاوي من قبل الأكليروس الكداني والعلمانيين تتخذ قررات قد لا تكون صائبة منها إلغاء نتائج إنتخابات نزيهة أجرتها مؤسسة الكنيسة الكلدانية وحدث بعدها ما حدث.

لا أظن على الإطلاق أن اجدادنا النساطرة عندما ذهبوا صوب الفاتيكان وقبلو سلطته العقائدية كان من ظمن خططهم فقدان إستقلاليتهم المؤسساتية ولكنهم فوجئوا بأن المؤسسة  الفاتيكانية تريد أن تسيطر على كل شيء وعندما قاوم بعض بطاركتنا – لم يقاوموا العقيدة قاوموا قرارات مؤسساتية مجحفة – هُددوا بالحرمان.  وهذا مثبت في وثائق تاريخية وكنسية.

وهكذا خسرنا مؤسساتيا كل شيء. خسرنا الهند وخسرنا كل الأصقاع التي كانت تابعة لكنيستنا وخسرنا لغتنا وخسرنا طقسنا وتراثنا وفرضت علينا الالتنة شئنا أم ابنيا وفرضت علينا تساعيات وأشهر وكشافات لاتينية وغيرها من الممارسات وقبلناها على حساب تراثنا الكنسي الذي إن لم يكن أكثر ثراءا من التراث اللاتيني فإنه مساو له.

وتركنا الكثيرمن الممارسات المهمة مثل زواج الكهنة والتي صارت اليوم مطلبا ملحا في أوروبا يقودها في حملة تصل إلى العصيان على الفاتيكان مئات الكهنة في النمسا ولا أظن أن سيادة  المطران ليس على علم بها. وفي مسألة زواج الكهنة أشد على يديه لأنه من المطارنة المشرقيين الكاثوليك  القلائل الذي منح الدرجة الكهنوتية لشمامسة متزوجين كما كان  يفعل اجدادنا الأساقفة من النساطرة وكما يفعل أشقاؤنا اليوم من الأشوريين الذي بقيوا على هذا المذهب.

وأنا صريح  في كتاباتي إلى درجة أن صراحتي قد  تجلب لي بعض المتاعب وإنطلاقا من هذه الصراحة أريد أن اوجه سؤلا إلى كل الكدان الأكليروس والعلمانيين. وإثارة اسئلة محددة أمر لا بد منه في أي  كتابة رصينة تريد التواصل مع القارىء والوصول إلى الحقيقة.

 الكل يعلم اليوم ان الفاتيكان ذاته إعترف مؤخرا ان عقيدة أجدانا النساطرة كانت عقيدة  سليمة وان الخلاف كان إداريا و لفظيا وثقافيا وليس إيمانيا. بمعنى أخر أن ما كان عليه أجدادنا النساطرة من إيمان وما هم عليه من بقي منهم على هذا المذهب لا غبار عليه من الناحية العقائدية.

إن كانت عقيدتنا النسطورية السابقة سليمة إيمانيا – وهي كذلك – فما  الذي جنيناه من التحالف مع الفاتيكان غير خسارتنا لإستقلاليتنا المؤسساتية والتي بسببها أضعنا الهند وكل تواجد لنا في أصقاع كثيرة أخرى من العالم وأضعنا تقريبا كل تراثنا الكنسي الذي لا مثيل له في تاريخ  المسيحية في العالم واليوم تم تقليص السلطة المؤسساتية لجثاليقنا – التي  كانت تمتد إلى أصقاع الدنيا يوم إتصالنا مع الفاتيكان – بحيث لا تتجاوز القلاية التي يسكنها في بغداد؟

واليوم بإستطاعة أي كاهن او مطران له علاقات محددة مع الفاتيكان عمل أي شيء بغض النظر إن كان ذلك ضمن التنظيم المؤسساتي لكنيسة المشرق الكلدانية ام لا. وهكذا ظهرت الطقوس واللغات والأناشيد والروزنامات والكراريس وبالعشرات وربما بقدر عدد  الكهنة والمطارين وصار تقريبا الكل يتصرف وكأنه في حارة "كل من إيدو إلو".

نعم كنيستنا الكلدانية تمر بغيبوبة  شديدة أخش انها لن تفيق منها.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=582755.msg5637340#msg5637340




 





166
بعض الكتاب الكلدان يستخدم لغة غير لائقة على الإطلاق

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

من حق كل إنسان ان يعبر عن رأيه ولكن التعبير عن الرأي لا يجوز أن يتم من خلال لغة وخطاب لا يسيء إلى صاحبه فقط بل إلى قضيته والقوم الذي يدعي أنه يدافع عنهم.

واللغة السيئة كارثة على صاحبها. لأننا كأفراد ومجتمعات نتاج خطابنا. فما ننطقه ونكتبه يعكس من نحن والشفاه تعبر عن دواخل القلوب.

ويبدو أن اللغة السيئة صارت لصيقة بفئة محددة من الكتاب الكلدان. هؤلاء، وهم لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، يدورون ويلوكون ويعلكون ذات الألفاظ بعضها بذيء لا يليق بأي شخص يعتز بكونه كلداني. هم يتصورون أنهم يدافعون عنا ولكنهم في الواقع والحقيقة يلحقون ضررا فادحا بنا لأننا جميعا نتفيأ بمظلة إسمنا الكلداني الجميل.

الكلدان "الجتا" والكلدان "الجحوش" والكدان "قطواثا" والكلدان "فئران" وإلى أخره من عبارت وصفات قبيحة لا يمكن أن تصدر عن شخص يملك حبة خردل من الحس الإنساني السليم.

ووصل الأمر بالبعض وهم يقبعون على قمة هرم أطلقوا عليه الإتحاد العالمي للكتاب الكلدان ولهم طموحات وأجندة للحصول على ما يطلقون عليه "الكوتة والكعكة" لتمثيل شعبنا الكلداني إلى إسستخدام عبارات بذيئة مثل "اللواكة" والراكبين على موجة الأحزاب الأشوررية "للحصول على فتات موائد". هل بالله عليكم هذه اللغة الهابطة تليق بشخص يدعي أنه قائد ووطني بينما يصف إخوان كلدان له بهذه الصفات البذيئة  لمجرد أنهم يتقاطعون معه في الرأي والموقف. (رابط  1 ).

وكل هذا الهجوم اللغوي غير اللائق ضد كل من يختلف عنهم في الرأي فإنهم لا يرون أخطاءهم وإنعزاليتهم وكيف أنهم ركبوا في الحق والحقيقة امواج أحزاب كردية يغدقون عليها المديح دون حق وإستحقاق لأن غايتهم الفتات من مائدتها وليس خدمة شعبنا وإلا لكانوا إنتقدوها لأنها تضطهد شعبنا وأنها حتى اليوم لم تنصف ضحايا الهجوم الذي وقع عليه في محافظة دهوك ولم يتم تعويض الضحايا عما لحق بهم من أضرار.

وهذه الأقلام لأن همها فتات الموائد لا زالت تستخدم خطابا لم نألفه إلا في عهود الأحزاب الشمولية وإلا من هو اليوم الذي يستخدم وفي العقد الثاني من القرن والواحد والعشرين عبارة "الرئس (الفلاني) المناضل" وقد أطلق هذا الرئس العنان لميليشياته (البيشمركة) وأجهزة امنه (أشايس) التي يديرها إبنه "المناضل" لإنتهاك حقوق شعبنا في سهل نينوى بحجة أنها مناطق متنازع عليها.

وبحجة مناطق متنازع عليها وسياسات هذا "المناضل" – الذي تمتدحونه بسيل لا ينقطع من المقالات ولا يمكن أن يكون ذلك حبا بالكلدان إلا لغاية في نفس يعقوب – تحول سهل نينوى إلى منطقة متفجرة او برميل بارود قد يأتي على الأخضر واليابس في أية لحظة وصار هذا السهل حيث تقع أخر مستوطنات تاريخية لنا من قرى وبلدات في أرض الأجداد إلى أكثر المناطق تخلفا في العراق. فلا الحكومة المركزية تقدم خدماتها لقاطني هذا السهل من أبناء شعبنا لأنه محتل من قبل ميليشيات وأسايش "الرئس المناضل" ولا حكومة "الرئس المناضل" تقدم أية  خدمات بحجة أن مسألة الصرف المالي على السهل تعود للحكومة المركزية.

وهذا الإنتهاك الصارخ لحقوق شعبنا قد جرى تأكيده في تقريرين من منظمتين دوليتين غربيتين مستقلتين تعنيان بحقوق الإنسان ومع هذا لا ترى ولو عتابا بسيطا فيما يجتره هؤلاء من مقالات مكررة المنحى ومملة الألفاط. أليست هذه أجندة؟ من ينطبق عليه "خطاب التملق وبالعراقي اللواكة" (  1  )، عذرا هذه ليست لغتي بل لغة المدافعين عن مضطهدي شعبنا والمدعين أنهم رواد نهضتنا بينما "الرئس المناضل" مستمر بسياسة التكريد لبلداتنا في سهل نينوى، وبمسار يذكرنا بما كان يقوم به الطاغية المقبور من تعريب قسري.

ومن هو الذي يصر على بناء الأبراج في أخر بلدة كلدانية كبيرة  في العراق لتغير ديمغرافيتها؟ أهو نحن الكلدان الذين نتقاطع فكريا عنكم  أم هم جماعة "الرئس المناضل". هل لكم الجراءة لإنتقادهم؟ لا أظن. لأن هدفكم الكعكة وحتى على حساب خسارة أخرة بلدة كلدانية كبيرة  لنا، وإلا لكتبتم كلمة نقد واحدة ضد سياسات ظاهرها حب شعبنا وباطنها إستئصاله. فمن الذي ينطبق عليه خطاب "التملق  وبالعراقي اللواكة؟"

وانظر إلى تكرار مفردات مثل "الشوفينية والنازية والصدامية" وأخرى "الإقصاء  والتهميش" والتشبث بمقارنة علاقتنا مع بعضنا ونحن شعب صغير جدا بما كان يقوم به موسيليني وصدام وهتلر.

قولوا بالله عليكم من هو الذي طبق علينا نحن الكلدان سياسات شوفينية أدت إلى تدمير لغتنا وتعريب شعبنا وفرض لغة جديدة وطقوسا غريبة على الملايين من الكلدان عنوة وبصورة قسرية وهمجية وفي حملة محاكم تفتيش لم يتعرض لها شعب مشرقي غيرنا أدت إلى إلغاء هويتنا الثقافية والقومية واللغوية وأغتصاب كل ما كنا نملكه ويعود إلينا من بشر وأوقاف وكنائس وأديرة من الهند إلى الصين والإتحاد السوفيتي السابق وقبرص وأخيرا الخليج العربي؟ هل هم إخوة لنا نشترك معهم بتاريخ وعقيدة ولغة وثقافة وتراث ووجدان واحد أم المؤسسة الكنسية الغربية التي إستغلت الإنجيل والصليب وقلصت أعدادنا من ملايين إلى بضعة عشرة الاف وسلبت بطريركنا (الجاثاليق) سلطانه الذي كان يمتد إلى زوايا الدنيا الأربع وحددته في قلاية صغيرة في بغداد؟

تعرفون هذه الحقائق ولكن تحجبونها بالغربال وتتغاضون عنها. ليس المهم من دمر لغتنا والحق بنا الكوارث التي ترقى في بعض تفاصيلها إلى جرائم ضد الإنسانية؟ المهم الكوتا والكعكة الشهية في أقليم كردستان وكل هذا وعدد المسيحيين في هذا الأقليم بمذاهبهم الرسمية الخمسة عشر وأسمائم الستة (عربي، كردي، كلداني، اشوري، سرياني، ارمني) قد لا يصل إلى 75 الف شخص.

ومن الذي يقصي الأخر ولا يؤمن بالرأي الأخر أكثر من أبرشية كلدانية في المهجر وموقعها الذي يديره أناس يحملون الإنجيل والصليب رمز التسامح والمحبة وقبول الأخر حيث حولوا موقعهم الإعلامي إلى  موقع همه بث الكراهية وهرطقة وتكفير الأخر وعدم إحترام الرأي الأخر؟. اليست هذه الأبرشية خلف تمزيق الكنيسة الكلدانية وذلك بمعارضتها ورفضها قبول إنتخابات بطريركية نزيهة وطلبت من روما التدخل وحصل ما حصل؟ أليست هذه الأبرشية التي مزقت الرهبنة الكلدانية اخر منارة ثقافية لنا وذلك بإيوائها وتشجيعها للكهنة الرهبان لترك رههبنتهم وتعينهم في مناصب لخدمة توجهاتها السياسية والمذهبية والشخصية دون موافقة الرئاسة الرهبانية ومع ذلك ليس هناك من يذكر لها حتى ولو سلبية واحدة لأنها تساعدهم في مساعيهم للحصول على الكعكة (رابط  2 ).

يا أخي العزيز المثل يكول: "إمشي أعوج واحجي عدل".

رابط 1
http://ahewar.org/debat/show.com.asp?coid=336108
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=558386.0




167
ملاحظات هامة على زيارة سفير الفاتيكان لكنيسة المشرق الأشورية في تلكيف

ليون برخو
جامعة يونشوبنك-السويد

كانت زيارة ميمونة تلك التي قام بها السفير البابوي في العراق والأردن المطران جورجيو لينكوا الى كنيسة المشرق الآشورية / مارت شموني في تلكيف. (رابط 1).

وكان موقفا رائعا الذي إتخذه الخور أسقف يوسف بنيامين راعي الكنيسة ومعه  الأب متي بيتو وإخوتنا واشقاؤنا الشمامسة في كنيسة المشرق هذه. كانت هذه زيارة خاصة، كما أتى في الخبر، وكان الإستقبال بمستوى هذه الزيارة لا سيما عندما صدحت حناجر الشمامسة والجوق مرتلة  النشيد السرياني الخالد (صلوثاخ أوون).

وما زادني فخرا وإعتزازا ككلداني منتمي لكنيسة المشرق الكلدانية تواجد المطران أميل نونا رئيس أساقفة الكلدان في الموصل والخوري حنا ججيكا والأب هديل بمعية السفير.
 
وككلداني وحدوي – أي اؤمن اننا نحن الكلدان الأشوريين السريان – شعب واحد لنا ثقافة ولغة وطقس وتراث وتاريخ واحد – أ ود إجراء مقاربة ومقارنة مستخدما ما أملكه من معلومات تاريخية وعلمية متواضعة كي أقدم تحليلا نقديا لهذا الزيارة الميمونة واللقاء المبارك.

وأنا أقوم بذلك أعلم أن بعض ابناء شعبنا قد لا يروق لهم هذا. نحن أصبحنا شعبا صغيرا جدا ومضطهدا، وأحيانا، وإنطلاقا من تشبثنا بوجودنا الذي صار على المحك، قد نرفض حقائق تاريخية وعلمية وننجر وراء عواطفنا.

ولكن الحقيقة لا يجوز تجاوزها لا سيما إن إكتشفناها من خلال المقاربة والمقارنة والتحليل والإستقصاء العلمي. قد تكون مرة. نعم. ولكن إخفاؤها أخطر بكثير من إظهارها للعيان.

1. النشيد السرياني (صلوثاخ أوون)

هذا النشيد الخالد الذي عمره أكثر من 1500 سنة هو من أروع الألحان وأقدمها قاطبة من مقام سيكا قصير ضمن كل ما تملكه الدنيا من تراث إنشادي وموسيقي. وهذا النشيد ومعه مئات ومئات  الأناشيد الأخرى يشترك فيه الكلدان والأشوريين والسريان. تنشده كنيسة المشرق بفروعها المختلفة – الكلدانية والأشورية (سوركاذا عتيقا وسوركاذا حثا) وكل فروع الكنائس السريانية الأنطاكية منها السريان الكاثوليك والموارنة الكاثولكيك (الذين هم سريان أيضا) إضافة إلى السريان الأرثذوكس.

أي شعب في الدنيا له هكذا تراث مشترك وبلغة مشتركة ولحن مشترك (مع تغيرات طفيفية) وبهذا العمق التاريخي؟ أي لغة في الدنيا لها هكذا ذاكرة بحيث تحفظ قصيدة مغناة لناطقيها كل هذه القرون الطويلة مثل لغتنا السريانية الجميلة؟

هل نحن شعب واحد ام لا؟

2. المطران أميل نونا

هذه الزيارة الميمونة وبهذا الشكل الوحدوي الرائع وإنطلاقا من روح التسامح والمحبة والعطاء المسيحية لم تكن لتتم لولا هذا المطران الجليل. رغم تواجدي في السويد إلا أن روحي وعقلي مع شعبنا الواحد إن في العراق او سوريا او لبنان او أي مكان أخر ولهذا أتابع شؤونه قدر المستطاع.

وما أسمعه عن هذا المطران الذي يدير أبرشية ومعه الكهنة والأساقفة من المذاهب الأخرى في منطقة أكثر المناطق عنفا في العالم مدعاة للفخر لكل أبناء شعبنا. فإنطلاقا من روح الإنجيل وإرث كنيسته المشرقية فهو ينظر إلى كل المسيحيين من مختلف المذاهب وكأنهم واحد. فتح كنائسه للكل وقلايته للكل. وأليس هو خليفة شهيد كنيستنا المشرقية المطران بولص فرج رحو؟

وهذا الموقف، واقول بفخر وإعتزاز، هو موقف كل أساقفة الشمال من هذه الكنيسة العظيمة، في كركوك وفي عنكاوة وفي القوش وفي العمادية. هذه نعمة من الله فله الشكر الجزيل.

3. المطران جورجيو لينكوا

زيارة المطران جورجيو لينكوا أتت في الوقت المناسب حيث يمر المسيحيون بظروف قاهرة في الشرق الأوسط لا سيما العراق وأظهرت ان الكنيسة الكاثوليكية، التي هي أكبر وأقوى وأغنى الكنائس في العالم، بدأت تفتح قلبها للكل وليس الكاثوليك فقط وقد شاهدنا لا سيما في عهد البابا الراحل يوحنا بولس إنطلاقة وحدوية خلاقة لم تشمل المذاهب المسيحية المختلفة بل ذهب هذا البابا حدا لم يصله أي من أسلافه في التقارب مع الأديان الأخرى.

القراءة النقدية

هنا سأقارب وأقارن لأن النقد البناء مبني على المقاربة والمقارنة. وكي أقرب هذا المفهوم النظري والفلسفي لقرائي الكرام أقدم لهم مثلا من الصحافة والإعلام، من صلب إختصاصي. وزير خارجية السويد كارل بيلد له مواقف مزدوجة أي تشم منها رائحة النفاق. لماذا؟ لأنه أدان مستخدما أشد العبارات القاسية غزو روسيا لجورجيا بينما لم يفتح فاه لإنتقاد غزو الويلايات المتحدة للعراق والويلات والمأسي التي سببها وصامت كالحجرعند تعلق الأمر بالإحتلال الإسرائيلي الوحشي للأراض الفلسطينية. ويتشبث بكل هذه الإزدواجية والسويد لها قوات ضمن القوات الغربية الغازية في أفغانستان . كيف توصلنا إلى هذه النقطة؟ توصلنا بعد أن حللنا نقديا التصريحات التي أطلقها والبيانات التي أصدرها بخصوص غزو جورجيا من قبل روسيا وغزو العراق وأفغانستان من قبل أمريكا وإحتلال الأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل. وهذا مثبت في دراسة أكاديمة تحت يدي.

 ومن هذا المنطلق لنعود إلى النقاط أعلاه ونضعها تحت مجهر النقد التحليلي من خلال إثارة بعض الأسئلة والتوضيحات.

1. النشيد السرياني (صلوثاخ أوون)

كانت جوقة الخور أسقف يوسف بنيامين وبعض أعضائها بعمر الزهور ومعهم الشمامسة وبعضهم شباب يقراؤن السريانية بطلاقة وينشدونها. وقد تخرجت على يدي الخور الأسقف الغيور هذا مجموعات ومجموعات من الشباب والشبات من الذين يقراؤن السريانية بطلاقة. وهذا في الحقيقة هو شأن كل كنائس المشرق القديمة التي فضلت البقاء على مذهب الأجداد وبهذا حافظت علىى تراثنا الطقسي والإنشادي وعلى لغتنا السريانية من الضياع.

ماذا عن فرع الكلداتي لكنيسة المشرق؟ مع كل الحزن والأسف نرى أن التوجه كل التوجه ما زال صوب التعريب لدى غالبية الكنائس وقلما ترى كاهنا كلدانيا او خورنة كلدانية تهتم بشؤون الثقافة واللغة والطقس. والجوقات همها الأكبر الإنشاد باللغة العربية. وإن وجد شخص يقرأ السريانية فإنه  قد بلغ من الكبر عتيا اما الشباب والشابات والكهنة  والجوقات فيبدو ان لا عدو لهم غير لغتهم القومية (اللغة هي الهوية) ولا صديق وحليف لهم غير العربية (اللغة العربية هي هوية العرب والعروبة).

2. المطران أميل نونا

ما أحوجنا نحن المسيحيين المشرقيين، لا سيما من الذين يشتركون في الإرث والثقافة والطقس والأناشيد والشعر والأدب الذي حفظته لنا لغتنا السريانية (اللغة هي ذاكرة وهوية الأمة لولاها لا وجود للهوية)، إلى أساقفة من أمثال هذا المطران الذي يرى المسيح في الكل لا سيما قريبه من الكنائس الشقيقة.

 أين هذا من خطاب أبرشية كلدانية أخرى في المهجر حيث نقرأ على صفحات موقعها مقالات تقطر كراهية وإقصاءا إلى درجة هرطقة وتكفير أبناء الكنائس المشرقية الأخرى المختلفة مذهبا منها أبناء الكنيسة الشقيقة في تلكيف التي زارها السفير البابوي؟ يؤسفني أن يدعي هؤلاء أنهم كلدان او حتى مسيحيين. وكل هذا يحدث في المهجر في بلدان الديمقراطية وحقوق الإنسان وقبول الأخر كما هو.

3. المطران جورجيو لينكوا

نحن بحاجة إلى زيارات خاصة مستمرة للسفير البابوي للكنائس الشقيقة. إننا في الشرق لم نعرف الفرقة وكنا نرى انه بإختلاف مذاهبنا أننا واحد كما أن المسيح واحد. فنحن بإنتظار زيارات ميمونة أخرى.

ولكن السياق والتاريخ، التاريخ القريب وليس البعيد، يثيران مسألتين مهمتين.

الأولى هي المعاملة بالمثل. أي هل سنقوم نحن أبناء كنيسة المشرق الكلدانية بصورة خاصة والكنيسة الكاثوليكية بصورة عامة بإستقبال أسقف من كنيسة المشرق الأشورية او أي كنيسة شرقية  أخرى غير كاثوليكية بالحفاوة التي إستقبل فيها الخور أسقف يوسف بنيامين المطران جورجيو لينكوا؟ علينا ان نحب قريبنا كأنفسنا. أليست هذه المقولة واحدة من الأعمدة الرئسة لرسالة المسيح؟

المسألة الثانية وهي في غاية الأهمية تخص الحقائق التاريخية. تلكيف أصبحت كاثوليكية تقريبا برمتها في حوالي منتصف القرن التاسع عشر ومعها غالبية المؤمنين التابعين إلى كنيسة المشرق في شتى أصقاع العالم.

عندما غادر أجدادنا مذهبم القديم – رغم صحة وأحقية إيمانهم وعقيدتهم  المسيحية التي كانوا عليها – وتبنوا المذهب الكاثوليكي تصوروا أنهم بهذا ربما سينجون من الإضطهاد في العهد العثماني وذلك باللجوء إلى أحضان كنيسة كبيرة كانت عندئذ تسندها دول عظمى غالبية سكانها من الكاثوليك مثل فرنسا وبرتغال وأسبانيا.

وكانت كنيستنا حين لجوئها إلى روما تمتد حدودها إلى الصين والهند وروسيا وكان بطريركها يرأس كل هذه الأصقاع الشاسعة بملاينها من الكلدان وكان هو الذي يرسم ويعين الأساقفة ورؤساء الأساقفة وكانت لنا مئات ومئات من الكنائس والأديرة وأوقاف (أملاك) لا حصر لها في شتى أرجاء العالم.

وكان أجدادنا يعتقدون انهم بإنتسابهم إلى كنيسة روما بقوتها المؤسساتية – جاه وسلطة ومال وحظوة كبرى لدى القوى العظمى في ذلك الحين – سيتمكنون من النجاة بجلدهم من الإضطهاد والحفاظ على تراثهم ولغتهم وثقافتهم وإرثهم الكنسي والطقسي واللغوي وممتلكاتهم الكنسية (أوقافهم). تبديل المذهب ليس مفتاحا لملكوت السماء.  لا نستطيع الإتكاء على المذهب للحصول على ملكوت الله. تطابق أعمالنا مع تعاليم الإنجيل هي التي ستقودنا إلى السماء. أي لن نتكىء يوم الدين على رجال ديننا وأسماء مذاهبنا وكنائسنا بل على أعمالنا.

إلا أن ما حدث كان العكس تماما. وإستنادا إلى ما بدأ يترشح من حقائق تاريخية من خلال دراسات أكاديمية رصينة بعضها يستند على وثائق كنسية تم تسريبها او الحصول عليها فإن ما حدث وما وقع علينا نحن الكلدان جراء الإتكاء على روما كان أشبه بالكارثة.

وحسب ما قرأته مؤخرا في كتب ومقالات علمية رصينة تعني بتاريخ كنيستنا المشرقية (مسيحيي مار توما الرسول) والصادرة عن دور نشر معتمدة (رابط 2)، فإن الكلدان كانو الشعب المسيحي الوحيد خارج اوروبا الذين تعرضوا لأبشع أنواع الإضطهاد من خلال نظام محاكم التفتيش التي طبقتها هذه المؤسسة الكنسية الغربية على ملايين من أتباع كنيستنا في الهند رغم أنهم كانوا قد تحولوا إلى الكثلكة معنا.

فتم قتل بعض رجال ديننا من ظمنهم من هم بدرجة الأسقفية وحرق كنائسنا وأديرتنا وكتبنا وفرضوا علينا لغة وثقافة وطقسا أجنبيا – ا ي دمروا لغتنا (هويتنا) – و تعرضنا علي أيدي أصحاب الذين أعتنقنا مذهبم بغية حمايتنا  لويلات ومأسي لا يمكن أن يقبل بها أي كلداني له ذرة من الشعور والحس القومي.

سأكتب بالتفصيل عن هذه الكارثة متما سنحت لي الفرصة ولكن لم تكتفي المؤسسة الكنسية الغربية بهذا بل بدأت بالزحف على معظم الأصقاع التي كانت تابعة لكنيستنا خارج العراق وضمتها واحدة تلو الأخرى إلى مملكتها مع كنائسها وأديرتها وأوقافها وناسها بعد أن فرضت عليهم الألتنة قسرا.

واليوم بطريركنا هو الوحيد بين بطاركة كنائس الشرق التي تتبنى الطقس واللغة السريانية، الوحيد الذي لم يبقى له موطىء قدم في الهند مثلا بينما كان يبلغ عدد أتباع كنيستنا من الكلدان هناك عدة ملايين.

إنها قصة حزينة ومأساوية وقد عقدنا العزم نحن الكتاب الكلدان من الذين لن نسمح للمذهب أن يتقدم على ثقافتنا ولغتنا وتراثنا وقوميتنا أن نكشف عن هذه الكارثة وبالتفصيل في سلسلة مقالات قادمة.

نحن الكتاب الوحدويون من الكلدان نريد ان تعيد كنيسة روما كل ما أخذته منا دون وجه حق.هل حدث هذا في غفلة من الزمن؟ هل يجوز إستخدام العنف لتغير الإرث الكنسي لملايين من البشر بلغتهم وطقسهم وتاريخهم وقديسيهم وشهدائهم وملافنتهم؟ هل يجوز الإستيلاء على الأملاك والعقارات الكنسية التي بناها وإشتراها أجدادنا بعرق جبينهم وبعملهم التبشيري المتسامح حيث لم يحملوا معهم غير إنجيلهم وخبز كفاف اليوم وليس كما فعل الأخرون من الذي قدموا ومعهم الجيوش الجرارة والأسلحة الفتاكة؟

في الوقت الذي ندين فيه هذه الممارسات أشد إدانة، نطالب بإعادة سلطة بطريركنا إلى كل الأصقاع التي سلبتها المؤسسة الكنسية الغربية منا، أقول مؤسسة لأن الكنيسة التي تتبع رسالة السماء (الإنجيل) لا يمكن لها أن تقوم بهكذا أعمال. هذا حق قومي وثقافي ولغوي وكنسي لن نتنازل عنه. ونريد كذلك أن تقدم هذه المؤسسة إعتذارا صريحا عن الأخطاء التي أقترفتها في حقنا كما إعتذرت عن الكثير من الخطايا التي إرتكبتها بحق الأخرين في الماضي.

والإعتذار وإرجاع الحق إلى أصحابه كما برهنت سياسة البابا الراحل يوحنا بولس تزيد الكنيسة قوة وسؤددا. الإعتذار وإعادة الحق إلى أصحابه ليس علامة ضعف على الإطلاق بل علامة قوة وسؤدد.



رابط1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,573398.0.html

رابط 2
http://www.ananthapuri.com/kerala-history.asp?page=christian
http://www.kerala.cc/keralahistory/index36.htm
http://thomaschristians.blogspot.se/2010/06/kerala-cradle-of-christianity-in-south.html
http://www.srite.de/index?id=2&cikk=84
http://nasrani.net/2011/03/07/nazrani-christians-and-the-social-processes-of-kerala/
http://indiafirsthand.com/2010/04/01/syrian-christians-of-kerala/
dotpark.com/pdf/St.%20Thomas.pdf
http://orthodoxwiki.org/Timeline_of_Oriental_Orthodoxy_in_India_(St._Thomas_Christianity)
http://www.bokus.com/bok/9780198263777/christianity-in-india/


168
حقائق يجب ان لا  تغيب عن بال شعبنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

يتواجد في العراق حاليا روبرت فيسك، مراسل الشرق الأوسط لجريدة الإنديبندت البريطانية. وقد كتب سلسلة من المقالات الرائعة نقلتها أمهات الصحف والقنوات العالمية بمختلف اللغات. ضمن هذه السلسلة كتب مقالا مطولا عن قس أنكليكاني في بغداد إسمه أندرو وايت ولأهمية هذا المقال إرتأيت ان أقدم ملخصا وجيزا عنه لأنه يقدم بعض المعلومات المهمة ذات علاقة بمستقبل شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة. (رابط 1)

وفيسك غني عن التعريف. فلقد وصفته جريدة نيويورك تايمز مرة كأشهر وأبدع صحفي في بريطانيا. وفيسك حصل خلال مسيرته الصحفية التي تمتد حوالي ثلاثة عقود على جوائز صحفية لا أظن قد حصل عليها أي صحفي أخر في العالم.

والمعروف عن هذا الصحفي البارع تأكيده للمعلومة وتحققه منها من أكثر من مصدر وتأنيه في الكتابة إضافة إلى اسلوبه الأدبي الرفيع. فهو نادرا ما يقع في أخطاء وإن أخطأ تراه يبادر إلى الإعتذار فورا وفي نفس المكان الذي نشرت الصحيفة له المقال المعني.

والكنيسة الأنكليكانية التي يكتب عن رئسها في بغداد واحدة من 15 كنيسة (مذاهب) مختلفة معترف بها في العراق. لا يذكر فيسك عدد أتباعها ولكن يقول نقلا عن القس وايت أن 270 فردا من مؤمنيها قتلوا في العمليات الإرهابية في خمس سنوات فقط.

والكاتدرائية الأنكليكانية في بغداد تقع خلف بناية وزارة الثقافة والإعلام السابقة. وقد زرتها شخصيا عدة مرات عند تواجدي في بغداد ضمن فريق وكالة رويترز. وهي كنيسة جميلة جدا زارها الجنرال الإنكليزي مود الذي فتح بغداد ولكنه لم يدفن فيها حيث دفن هو وجترود بيل في المقبرة البريطانية.

وحسب فيسك فإن الكنيسة الإنكليكانية برئاسة القس وايت قد لعبت دورا بارزا في التلاقي بين الأديان والطوائف المختلفة وكانت الدافع الرئسي وراء إصدار فتاوي من قبل رجال الدين السنة والشيعة لوقف سفك الدماء والعنف الطائفي. ويضيف فيسك ان هذه الكنيسة بواسطة قسها النشط كانت المحطة التي لا زالت تجمع رجال الدين من المسيحيين والمسلمين واليزيدية والمندائين وغيرهم من الطوائف.

ولكن أكثر ما أحزنني وأقلقني كانت الإحصاءات التي حصل عليها فيسك عن عدد المسيحيين حاليا في العراق فيقول: "عدد المسيحيين في العراق تراجع إلى 200,000 بعد ان كان حوالي مليون ونصف والفضل في هذا يعود إلى الشخص الذي عاد وأكتشف مسيحيته " وهو يعني الرئس الأمريكي السابق جورج بوش.

 لا أظن انه بإمكان أي شخص الشك في الرقم الجديد الذي أتى به هذا الصحفي العالمي البارز وهو يتطابق مع ما صرح به وزير التخطيط العراقي علي  يوسف في شهر شباط الماضي حيث  قال أن نسبة المسيحيين في العراق الأن تقل عن 1% من مجموع سكان العراق البالغ حوالي 30 مليون. (رابط 2)

ولا أعلم ماذا سيكون رد بعض كتاب شعبنا اصحاب التضخيم والرطانة والأقلام الطنانة والإدعاء  بأنهم  يمثلون الكل، أصحاب الخطاب الممل والمكرر عن أن مكون واحد فقط من شعبنا يمثل القومية الثالثة في العراق ويتشبثون بهذه الإسطوانة رغم أن عدم مصداقيتها لا يمكن أن تمر على أي شخص عاقل.

لو وضعنا العدد الذي ذكره فيسك ضمن سياقه المذهبي والكنسي (15 كنيسة او مذهب مسجل رسميا في العراق) وسياقه الطائفي او الإثني (كلداني، اشوري، سرياني، أرمني، عربي، كردي ...) لظهرت الحقيقة الناصعة وتبين بطلان الأقلام المتصارعة.

هل نقف ولو للحظة ونفكر مليا بأن وجودنا في أرض الأجداد على كف عفريت ونكف عن المزايدات على بعضنا البعض، مزايدات تقع أحيانا حتى بين أبناء مكون  محدد من أبناء شعبنا.

وأخر معلومة وردتني – خارج نطاق مقال فيسك – تفيد ان عددا كبيرا من البيوت خالية من شاغليها في كثير من القرى المسيحية في شمال العراق بعد أن غادرها أصحابها. ومع ذلك أنظر إلى مزايدات وتخبطات ومهاترات بعض كتاب شعبنا.

ويتسأل فيسك: أين حل الدهر بالمسيحيين الذين كان أغلبهم يتحدثون الأرامية؟ ويجيب: "لقد شدوا الرحال إلى السويد والأردن ولبنان وسوريا وأمريكا ... ".

وليكن الله في عون شعبنا ويقيهم شر أقلامنا.

رابط 1
http://www.independent.co.uk/opinion/commentators/fisk/robert-fisk-under-siege-but-vicar-of-baghdad-is-still-spreading-the-word-7624763.html
رباط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=560221.0


169
نعم الكلدان في غيبوبة ومن الصعب إفاقتهم!

ليون برخو
جامعة يونشوبنك-السويد

الغيبوبة علميا هي صنف من النوم العميق لا يشعر فيه المريض ولا يتفاعل ولايتجاوب مع المحفزات الخارجية. هو حي ولكنه شبه ميت. ولكن الإفاقة من الغيبوبة أمر ممكن إن حاول المريض التفاعل والإستجابة مع المحفزات.

رد على مقالين

القارىء اللبيب يدرك أن مقالي هذا جاء ردا على ما كتبه الزميلين بطرس أدم وسمير شابيلا. والإثنان شمامسة في كنيسة المشرق الكدانية وأعضاء لهم دور مشهود فيها. وكاتب السطور هذه أيضا شماس في هذه الكنيسة.

والزميلان لهما أسلوب راق في الكتابة. نادرا ما يحصل ان يهبطا بخاطبهما إلى الشخصنة والمباشرة كما يفعل بعض الزملاء الأخرين من الكتاب الكلدان، ومع الأسف الشديد.

وكي لا أطيل كما هي عادتي حيث أننا على أبواب ختام السنة الأكاديمية في السويد والكل منهمك جدا لإنهاء متعلقاته قبل عطلة الصيف سأحاول إثارة أسئلة محددة كي أبرهن فيها أننا نحن الكلدان لسنا في غيبوبة عميقة فقط بل مسألة إفاقتنا منها  صعبة للغاية.

كبد الحقيقة

الزميل سمير يصيب كبد  الحقيقة عند  قوله أننا نحن الكلدان في غيبوبة ولكنه يبتعد عنها كثيرا في تشخيصه للأسباب. ليس السبب شخصا معينا ومحددا. الغيبوبة أتت جراء تراكم عقود من الامبالاة وعدم التميز بين دور الكنيسة كمؤسسة والكنيسة كرسالة سماء. والزميل بطرس يقع في ذات الخطاء عند إنتقاده للزميل سمير حيث تراه يجعل من كنيستنا المشرقية الكلدانية (او أي كنيسة أخرى) وكانها برمتها جزء من الروح القدس وما تقوم وما قامت به لم يأت إلا من خلاله.

مفاهيم عتيقة

هذا المفهوم عفا عليه الزمان وشرب. المؤسسة الكنسية هي مثل القائد العام في ساحة المعركة (المثال الذي أتي به الزميل بطرس). والمعركة ليست روحية غالبا. إنها معركة تثيرها المؤسسة وقوادها وضباط وحداتها لغايات سلطوية دنيوية في كثير من الأحيان ولكن نحن البسطاء نتصور أن كل ما تأتي به هو من الروح القدس.

وأعتقد أننا نقترف جريمة بحق مسيحيتنا عندما نقول ان الروح القدس يعود لرجال الدين لا سيما الكبار منهم فقط. هذا هراء. هذا ما تريده السلطة أن نؤمن به كي تبسط سلطتها الدنيوية علينا. الروح القدس هو ملكنا جميعا وكلنا كمسيحيين (هياكل للرب) بغض النظر عن مذاهبنا لا بل كل البشر على وجه هذه الأرض بإختلاف أديانهم ومشاربهم لهم حصة متساوية في الروح القدس.

مشكلتنا الكبرى

مشكلتنا اننا وضعنا مصيرنا الفكري والتفسيري بيد المؤسسة.  أنا لا أقبل أن يفرض علي أي رجل دين او لاهوتي تفسيره الخاص للإنجيل ما لم أقتنع أنا شخصيا به. أنا أقراءه وأفهمه وبإمكاني الأن قراءته بعدة لغات منها الأرامية (السرياية) التي كان يتحدث بها المسيح.

الإنجيل واحد ولكن التفاسير مختلفة. والمؤسسة كي تنجح دنيويا ومذهبيا تضع تفسيرها فوق النص المقدس. أي علينا أن نتبع التفسير وليس الإنجيل كما نفهمه. وهذا سبب الإنقسامات والكوارث التي حلت علينا.

أين الروح القدس من هذا

وإلا قولوا لي بالله عليكم ما علاقة الروح  القدس  بالفضائح التي كشفتها الصحافة العالمية مؤخرا  والمعروفة بفاتيليكس عما يدور من مؤامرات في أروقة الفاتيكان بعضها، حسب الصحافة العالمية، يرقى إلى ما تقوم به المافيات الإيطالية. ما علاقة الروح القدس بهذا؟ (رابط 1)

ما علاقة الروح القدس بسلخ أصقاع كبيرة وأمصار كثيرة عن كنيستنا بإسم المذهبية وبطريقة همجية وعنيفة كما حدث لملايين الكلدان في الهند مثلا حيث أحرقت كتبهم وبعض كنائسهم وأديرتهم  ووصل الأمر درجة نتف لحى كهنتنا وأساقفتنا وتعذيبهم وسجنهم وهذا مثبت في كتب التاريخ؟

هل محاكم التفتيش وحرق الناس أحياء وإستخدام أساليب تعذيب جسدية شنيعة من قبل المؤسسة الكنسية له علاقة بالروح القدس؟

ومسائل أخرى كثيرة

وهناك الكثير من الأسئلة التي تخص شعبنا الكلداني اليوم ولا أظن أن أي عاقل يتصور ان للروح القدس أي علاقة فيها.

هل الروح القدس يفرض على المؤسسة الكنسية تعريبنا عنوة وإدخال طقوس وأناشيد غريبة وعجبية في كنائسنا وضرب كل تراثنا الكنسي واللغوي والإنشادي والموسيقي عرض الحائط؟

هل الروح القدس يأمر المؤسسة الكنسية كي ترسل مبشرين لإعادة تنصير أتباع كنائس رسولية أخرى؟ من  منكم سمع الروح القدس يقول أن أتباع الكرسي الرسولي الفلاني هم المسيحييون الحقيقيون والأخرون مزيفون؟ بأي حق نهمش أتباع كنائس رسولية اخرى منها أتباع كنيستنا المشرقية المحافظون على مذهبهم وتقاليدهم أو ابناء الكنائس الأنطاكية  والكرازة المرقسية وغيرها؟ الذي بشر ويبشر لإعادة تنصير أتباع الكنائس الرسولية إنطلق وينطلق من روح لا صلة لها برسالة المسيح وإنجيله – المحبة والغفران والعطاء والتسامح.

إنها غيبوبة حقا

صرنا اليوم نتوسل كي تبقي هذه المؤسسة على نزر يسير من لغتنا وتراثنا ونتوسل أن يبعدوا التعريب عنا لأنه مدمر لهويتنا ولكن دون فائدة؟
اليست هذه غيبوبة لا بعدها غيبوبة عندما يقاوم أعضاء المؤسسة والكثير من الكلدان تراثنا ولغتنا وطقسنا وموسيقانا ويفرضوا علينا كل دخيل وأجنبي؟

اليست هذه غيبوبة عندما يفرض التعريب على الكنيسة برمتها في كثير من الأصقاع بينما أكثر من 90 في المائة من المؤمنيين يتحدثون ويفهمون لغتنا القومية؟ لماذا لا تفعل الكنائس الكاثوليكية في الغرب مثلما نفعل نحن بتغير مناهجها من أجلنا وتبدأ إستخدام لغتنا القومية او اي لغة أخرى؟ الكنيسة السويدية الكاثوليكية سويدية، والإنكليزية إنكليزية والألمانية المانية اما كنيستنا الكلدانية فأولا عربية وثانيا إنكليزية وثالثا سويدية وأخرا ربما قد تفكر بلغتنا. "الأرض (عفوا الكلدان) بتتكلم عربي." ومع إعتذاري للسيد مكاوي ورائعته.

غيبوبة عميقة جدا

أليست هذه غيبوبة عندما نعمل عل تهميش الرهبنة الكلدانية وبكل السبل لدرجة  تركيعها وليس هناك من ينتقد وإن إنتقد أحد تقولون له أنك تقاوم مشيئة الروح القدس لأن القائم بالتهميش رجل دين؟

أليست هذه غيبوبة عندما ترى أن بعض الأبرشيات واكثر الخورنات تنظر بعين من الريبة والشك إلى  تراثنا الكنسي واللغوي والموسيقي ؟

أليست هذه غيبوبة عندما لا يكترث الكلدان بلغتهم ولا يظهرون غيرة على تعليمها وتعلمها لا بل فرضها حيث كان الأمر ممكنا؟

أليست هذه غيبوبة عندما يتم تزوير تراثنا وذلك بحذف كلمة "سورياي" ووضع تسميات أخرى محلها كما حدث في الطبعات الحديثة لصلوثا دغاوا؟ طيب لو كنا نحب هذا التراث ونتشبث به لربما نظرنا للمسالة من وجهة نظر مختلفة  ولكن كتب التراث التي يتم التزوير فيها قد تركناها وأستبدلناها بكتب وبلغات أخرى؟

والغيبوبة تظهر باشكال أخرى عديدة منها أننا لا نكترث إن كان كلداني عضو في الحزب الشيوعي الذي لا علاقة له في الدين والقومية (مع إحترامي الشديد لمنظر الشيوعية ماركس الذي أعده من فلاسفتي المفضلين) ولا  نكترث إن كان كلدني عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقدس القومية الكردية واللغة الثقافة الكردية ولكننا نهاجم لا بل نشمت أي كلداني ينتمي إلى حزب يديره افراد من مكونات شعبنا إن خط لنفسه نهجا يختلف عن موقفنا.

أليست هذه غيبوبة أن يكون لنا إتحاد كتاب ومثقفين وهم لا يقراؤن لغتنا القومية ولا يدافعون عنها ولا يقاومون التيار العروبي والمذهبي الجارف الذي ربما قد قضى علينا؟ هل يحدث هذا في إتحاد ادباء كرد او تركمان او عرب او أي قوم أخر غيرنا؟

صدق زميلي بطرس بتشبيهه العلاقة المؤسساتية في الكنيسة بساحة المعركة وما يجري فيها ولكن مع الأسف الشديد يبدو ان القادة والضباط والكثير من الجند همهم محاربة تراثهم ولغتهم وأناشيدهم وطقسهم وثقافتهم وبني قومهم بدلا من توجيه أسلحتهم صوب العدو الحقيقي الذي أمل أنني نجحت في توضيحه وتفسيره وتفصيله أعلاه.

رابط (1)
http://www.economist.com/node/21549965
http://www.nytimes.com/2012/02/18/world/europe/vatican-in-celebratory-mood-shaken-by-leaks.html?_r=1&pagewanted=all
http://www.boston.com/news/world/europe/articles/2012/02/17/vatileaks_casts_cloud_over_new_cardinal_ceremony/
http://www.reuters.com/article/2012/02/15/us-vatican-corruption-idUSTRE81E17E20120215


170
صراع مذهبي مقيت على قبر المسيح والخاسر الوحيد شعبنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك-السويد


كنت في زيارة عمل إلى إسرائيل بدعوة من المركز الثقافي الفرنسي في القدس وجامعة تل أبيب. الزيارة إستمرت حوالي أسبوعين. قد لا يهتم القراء من أبناء شعبنا بمعرفة ما أقوم به من نشاطات لأننا نحن الأكاديميين نُتهم من قبل البعض بالتكرار وإدخال الملل في نفوس قرائنا ومستمعينا. لذا سأدخل في صلب الموضوع مباشرة.

محطات الألام

 الذي يزور القدس لا بد وان يزور المحطات الرئيسة في حياة المسيح، رسول السلام والمحبة والعطاء والغفران والتسامح وقبول الأخر كما هو وليس كما أريده أنا أن يكون.  

وكأي مسيحي بدأت بمحطات او طريق الألام. ولم أكن لوحدي حيث هناك أفواج وأفواج من السياح بعضهم يحمل صلبان كبيرة تشبها بالمسيح وأخرون يرتلون كل بلغته. البعض قد خلع أحذيته ويمشي طول الطريق حافيا متوقفا في كل محطة وراكعا وخاشعا وقارعا على صدره.

والطريق الملتوي طوله حوالي كيلومترين. على جانبيه دكاكين يبيع أغلب أصحابها إيقونات ورموز مسيحية من الخشب وغيره من المواد. وعليك الحذر. المكان المقدس لا يعني غياب الغش.

ماذا حل بالمسيحيين الفلسطينيين

وقد كان أغلب أصحاب هذه الدكاكين والشقق التي فوقها من المسيحيين الفلسطينيين. بالطبع هذا كان في السابق قبل إحتلال المدينة القديمة من قبل إسرائيل في عام 1967 . أما اليوم فالغالبية العظمى من أصحاب المحلات هم من إخواننا  المسلمين العرب. واليوم على طول وعرض طريق الألام لم يبقى إلا حوالي 15 عائلة مسيحية.

ماذا حل بالمسيحيين الفلسطينيين هذا شأن قد نتناوله في مقال قادم. هذا الموضوع بحد ذاته مؤشر خطير للطريقة التي تتلاعب بها السلطة او المؤسسة، مدنية كانت او كنسية، بمصير مسيحيي المشرق والنفاق والرياء في التعامل مع هذه البقعة الحساسة من العالم.

إحمل إنجيلك معك

وأنت في المدينة القديمة تتوارد إلى خاطرك الكثير مما تعلمته من الإنجيل. تتذكر كيف يصف الإنجيل معجزات المسيح وكرازاته وأقواله في هذه المدينة المقدسة. وأكثر ما تذكرته كان دخوله المهيب إلى المدينة قبل صلبه بأيام ونتذكره نحن بإحتفالات عيد الشعانين. ومن ثم ما جرى له بعد هذا العيد بفترة قصيرة حيث أُلقي القبض عليه وحوكم وصلب.

وأنت تمشي من محطة إلى أخرى تصل إلى بداية تلة لا بد وأن كانت خالية في وقت المسيح إلا أنها الأن مبنية برمتها وتتذكر قصة حمله لصليبه وما جرى له من حديث مع النسوة وسمعان القيرواني الذي حمل الصليب عنه لبعض الوقت.

وكلما تتقدم صوب رأس التلة يزداد التأمل في جوهر الرسالة والبشارة التي تركها لنا المسيح. وأنصح أي زائر في المستقبل أن يحمل إنجيله معه ويقرأ النصوص الخاصة بكل منطقة تطئها قدماه. هذا ما فعلته أنا.

إقرأ العشاء الأخير

وفتحت الكتاب وقرأت العشاء الأخير. وعندما تقرأ إعتمد على قرأتك وتفسيرك للنص وأنت أقرب جغرافيا إلى موقع الحدث. وإن قرأت ما قاله المسيح يوم الفصح لتلاميذه قبل ألامه لربما رأيت (كما رأيت أنا) كم نحن بعيدون عن جوهر الإنجيل. يعلمنا المسيح ما هي المحبة وما هو قبول الأخر وما هو التسامح لأن ليس هناك محبة وتضحية أعظم من أن يمنح المرء ذاته قربانا من أجل قريبه أي ان يحبه ويقبله كما هو وعلى المذهب الذي هو عليه وعلى الدين الذي هو عليه ولا كما يحلو لي او يروق لي.

وتتذكر أيضا كيف أن المسيح غسل أرجل تلاميذه وقال لهم أنظروا أنتم تقولون انا السيد وانا الرب وكيف تنازلت وغسلت أرجلكم. أريد أن تفعلوا هكذا مع بعضكم البعض وان تتعظوا وتأخذوا عبرة من التضحية القادمة التي سأقوم بها من أجلكم ومن أجل الإنسانية جمعاء بمذاهبها وأديانها وألوانها وأجناسها المختلفة حيث سأبذل عنكم وعنها نفسي وحياتي.

الصدمة

ولكن ما أن تصل إلى كنيسة القيامة حتى ترى العجب العجائب. ترى هناك سبعة مذاهب مسيحية في صراع مرير وأحيانا بالتواطء مع السلطات الإسرائيلة لتهميش بعضها البعض والنيل من بعضها. مذاهب كبيرة (حيتان كبيرة) بودها أن تفترس المذاهب الصغيرة (السمك الصغير).

ما يحدث في كنيسة القيامة يقدم الدليل القاطع لنظريتي التي أرددها دائما وهي أنه علينا نحن المسيحيين أن نميز بين الكنيسة كسلطة ومؤسسة وبين الكنيسة كرسالة سماء. وهنا أقول أنني كمسيحي رأيت المؤسساتية والسلطوية في أبرز اوجهها عند قبر المسيح ولم أرى شيء من الملكوت الذي لا يمكن الحصول عليه دون تطبيق رسالة السماء وهي المحبة كما أظهرها بالأمثلة والممارسة المسيحُ لتلاميذه.

معارك طاحنة

هذه المذاهب قد جعلت من قبر المسيح مكانا للتباهي والإحتفال برموزها السلطوية والمؤسساتية (رجال الدين). فهناك كنائس عديدة وامام كل كنيسة قائم بأعمالها وتهرع الناس إلى حيث تحط مذهبيتها. وقد زين كل مذهب الجزء الذي يحتله من القبر بطريقة تدل على سلطته ومؤسسته وكوني مطلع على هذه الأمور كان بإمكاني تشخيص عائدية المكان وإسم المذهب من خلال الزينة والصور والإيقونات أو عدمها.

ورجال الدين هنا قد يتعاركون بالعصي والحجارة وتحتدم المعارك بينهم أحيانا حيث يسقط البعض أرضا مضرجا بدمه. والمال يجري هنا مثل الأنهار بطريقة عجيبة. والأنكى من هذا فالناس تدخل بأحذيتها والبعض قد يدخل ومعه  البسكويت والمشروبات الغازية او ربما ...في أقدس مكان لدى المسيحية.

يدخلون القبر بأسلحتهم  وبساطيلهم

أما جنود او شرطة الإحتلال الإسرائيلي فحدث ولا حرج. أمضيت صباح يوم احد بجوار القبر ونهضت مبكرا لحضور قداس بلغة أجدادي السريانية ورأيت ما لم تراه العين. يدخل جنود الإحتلال بمسدساتهم وأسلحتهم وبساطيلهم حيث قبر المسيح.

وعندما حضر رجل دين كبير خرج الناس للإحتفاء به وهم ينشدون أمامه والشرطة الإسرائيلية تدفع بالناس جانبا كي تفسح المجال له وصار الناس يقبلون أيدي رجل الدين وصليبة ونسينا كلنا أننا نقف حيث كان الصليب الحقيقي والقبر الذي دفن فيه المسيح. وتُرفع الرايات التي تدل على المذهب وبالإمكان تشخيصها، وعلى الحيطان صور لزعماء بعض المذاهب.

المذهبية وما أدراك ما المذهبية

وكل هذه المذاهب في صراع مرير ومقيت مع بعضها تغذيه وتدعمه السلطات الإسرائيلية. والكل تقريبا عليه أن يهادن هذه السلطات وأحيانا حتى على حساب الرسالة والبشارة وقد جمعت أدلة كثيرة على ذلك.

وكل هذه المذاهب تنطلق من أحقية زعيمها في حمل مفاتيح الجنة (أي خليفة المسيح على الأرض والمسيح لم يوكل أي شخص كي يرثه أو يمثله او يقوم بمقامه على الأرض) ومع المفاتيح يمنح لنفسه الحق في تفسير النص لا بل وضع تفسيره  الخاص فوق النص المقدس بغية تثبيت سلطته أما بقية الإنجيل وروحه وجوهره التي يمكن إختصارها بأربعة كلمات – المحبة والعطاء والغفران والتسامح – فهذه شأن أخر.

ولأن كل مذهب يعتقد أنه على الصواب والأخرون على خطأ او ربما هراطقة وكفرة، كما يفعل بعض أفراد ورجال دين شعبنا وبالمكشوف في مواقعهم الإعلامية او ربما في كرازاتهم، شنت بعض هذه المذاهب في الماضي الحروب المدمرة وأقامت محاكم صورية ومارست التعذيب بأبشع صوره وأحرقت الذين يخالفونها الرأي وهم أحياء وأرسلت البعثات التبشيرية ولا تزال لتحويل المسيحيين من مذهب إلى أخر لا بل العمل على تعميذهم من جديد كما حدث ويحدث في العراق مثلا.

والخاسر شعبنا

وبينما كان فريق من ابناء شعبنا يرتل بالسريانية ضمن برنامج القداس وإذا بصوت أرغن (ألة موسيقية) يصدح بواسطة سماعات كبيرة  وبنبرة نشاز تصم الأذان لدرجة صرنا بالكاد نسمع بعضنا.

والجزء المخصص لأبناء شعبنا من السريان الأرثذوكوس جزء صغير جدا لكنه مهم لأنه أقرب الأجزاء لما ورد في الإنجيل حيث لا تزال الكهوف شاخصة فيه وهو برمته عبارة عن كهف كبير في صخرة هائلة.

وهناك أثار دخان او ربما حريق كبير والمكان بحاجة إلى تعمير وترميم وتصليح والمذبح ليس في هيئة مرضية ولائقة إلا أن أبناء شعبنا ليس بإستطاعتهم فعل أي شيء واليوم أكثر ما يخشون هو إستيلاء الحيتان المذهبية الكبيرة ذات العلاقات الأخطبوطية مع السلطات الإسرائيلية عليه وخسارة هذا الركن المتواضع من قبر المسيح.

حتى في هذه البقعة المقدسة تجري محاربة شعبنا. وإسرائيل تسرح وتمرح لما تراه من صراع مذهبي مقيت على قبر المسيح وتستخدمه ببراعة فائقة وبدبلوماسية لا يتقنها إلا الدهاة لمصلحتها وتطبق على المذاهب، او ربما هذا ما تريده المذاهب الكبيرة،  ذات القوانين التي كانت سائدة في العهد العثماني كما تطبق على الملايين من الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة قوانين الإنتداب (الإستعمار) البريطاني وامام انظار العالم المتمدن وهو يعيش العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.

والله لو أتى المسيح لفعل بكم ما فعله بالمؤسسة التي كانت تدير الهيكل يوم دخوله المهيب إلى أورشليم. وأترك تكملة القصة للقارىء.

171
إخوتي الكلدان: أخاطبكم من القلب إلى القلب

ليون برخو
جامعة يونشوبنك- السويد

“They have destroyed our languages”
"لقد دمروا لغاتنا"

هذا ليس قولي. هذا قول يقتبسه علماء الأنثروبولوجيا (الأجناس البشرية) في كتاباتهم عن الشعوب الأصلية في أمريكا. وهؤلاء من الهنود الحمر لم يعمل المستعمرون الغربيون على إبادتهم فقط بل القضاء على لغة من تبقى منهم. واليوم يردد أحفاد هؤلاء الأقوام هذه المقولة لأنهم يقاربون ويقارنون بين المذابح التي تعرضوا لها علي أيدي المستعمرين من جهة وخسارتهم للغتهم من جهة أخرى ويقولون أن خسارتهم للغتهم الغت ليس فقط هويتهم وثقافتهم لا بل وجدودهم كقوم أيضا. والعبارة التي أقتبستها في مستهل المقال رددها أمامي الرئس الفنزولي هوغو شافيز الذي تعود جذوره إلى سكان أمريكا الأصليين عند لقائي به في عام 2000 (رابط 1 ).

الهنود الأمريكيون بخسارتهم للغتهم لم يبقى لهم أية هوية لأنهم الأن تحت نير وحكم وثقافة وهوية اللغة الجديدة، إسبانية كانت، برتغالية او إنكليزية. لم يبقى لهم شعر ولا أدب ولا إرث كتابي. كل ما يملكونه الأن هو ما تحقظه لهم ذاكرتهم من خلال اللغة الجديدة التي فرضها المستعمرعليهم ولهذا فإن إحدى مأخذهم الكبرى على مستعمريهم هي تحطيم لغاتهم المحلية  - وهذه جريمة ترقي إلى جريمة الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها علي أيدي المستعمرين أنفسهم.

خسرنا ملايين وملايين الكلدان بعد أن خسروا لغتهم

قبل عقود  قليلة كان عدد الكلدان حوالي  اربعة ملايين. ماذا حل بهم؟ هذا السؤال لا يثيره أحد لأن إثارته كارثة رهيبة وفضيحة كبرى في نفس الوقت ولكنني لا أخشى غير الله وسأميط اللثام عنه في مقال قادم بعون الله وسأعرج عليه بإختصار شديد هنا فقط للبرهنة على ان قومية وهوية وثقافة لا بل أصل الفرد في لغته.

عندما تخلت مؤسسة الكنيسة الكلدانية عن ملايين الكلدان وسمحت لسلطة كنسية إستعمارية اخرى إحتلالهم – ليس عسكريا او مذهبيا بل لغويا وطقسيا وثقافيا –  خسرناهم في فترة تقل عن عمر جيل واحد. السلطة الكنسية الإستعمارية هذه اول شيء قامت به كان إلغاء كل ما يمت لثقافتنا ولغتنا وطقسنا وموسيقانا وفرض الألتنة بصوره قسرية وعنيفة وبطريقة مأساوية ترقى في بعض تفاصيلها ما مقام به المستعمرون الغربيون في أمريكا. وسرعان ما إكتسب هؤلاء الكلدان ثقافة وهوية جديدة واليوم لا شأن لهم لا بكنيستنا ولا بتراثنا ولا بلغتنا ولا بطقسنا بعد أن كانوا جزءا منا لأكثر من 1500 سنة. هؤلاء ليسوا كلدانا بعد لا بل يستنكفون من الكلدانية والثقافة واللغة والطقس الكلداني وفكوا كل إرتباط لهم معنا لأنهم غادروا لغتنا وكل إرثها الكتابي. هذه كارثة رهيبة طبعا ولكنها دليل قاطع على ان اللغة هي االهوية.

إن أرادت هذه الملايين أن تنهض عليها ان تعود إلى لغتتها القومية التي هي ذات اللغة التي يشترك الكلدان والأشوريون والسريان فيها. وإن أراد الذين عربوا أنفسهم  بين صفوفنا كلدانا كانوا أم سريان (لن اذكر الأشوريين لأنهم لا زالوا يقدسون اللغة القومية) يجب أن تنهض معهم لغتهم وثقافتهم وأدبهم وشعرهم وفلكلورهم، الأمور التي تقريبا غادرناها نحن الكدان ولا نعير أهمية تذكر لها. من منا اليوم نحن الكلدان ومن رجال ديننا يحب لغته ويفضلها على أية لغة أخرى كما يفعل الكردي او العربي او التركي او الفارسي او غيره من الأقوام؟ من منا يمنح اهمية لتراثنا وكتابنا وأعلامنا وشعرائنا وموسيقيينا بالقدر الذي نمنحنه لأقرانهم من الأجانب؟

ولأننا نسينا كل ما يتعلق بنا من ثقافة وفن ولغة وأدب وشعر وتاريخ وموسيقى وليتورجيا هربنا من واقعنا وألصقنا أنفسنا بأنكيدو وأكيتو ونبوخذنصر وغيرهم وصرنا لا نعرف شيئا عن أنفسنا وتراثنا ولغتنا ولا نعلم أي شيء على الإطلاق عن القوم الذي ألصقنا أنفسنا بهم وهذا هو قمة الإنكسار الحضاري. وهذا ما يفعله الأشوريون عندما يلصقون أنفسهم بأشور وأسرحدون وسنحاريب. نحن كلدان وفخورون بهذا الإسم ولكن مع الأسف الإسم يبقى دون مسمى إن لم نعد وبسرعة إلى لغتنا وتراثنا وثقافتنا وموسيقانا ونحاسب وبشدة كل من ساهم في ضياعها.

لماذا نستهين بالإختصاص؟

أنا أعلم أن كلامي هذا قد لا يستوعبه البعض وأعلم الأسباب، ولكن ودعوني أثير هذا السؤال المهم: لو أراد أي منكم ان يزيد في معارف ولده او بنته في درس الرياضيات او اي مادة علمية أخرى قبل الإمتحان، بمن بستعين؟ أظن ان الجواب سيكون بمدرس الرياضيات او شخص مختص بالرياضيات. ومادة الرياضيات او الفيزياء او التاريخ او اللغة أو أي مادة أخرى لا يدرسها في أي مدرسة حتى ولو كانت في الصومال إلا صاحب الإختصاص. وإن تمرض ولد لنا نأخذه إلى طبيب إختصاص وإن كانت لدينا قضية قانوينة ذهبنا إلى المحامي وإن أردنا بناء بيت ذهبنا إلى المهندس والبنّاء وهكذا في أغلب شؤون حياتنا.

 لماذا نهتم ونقدر أصحاب الإختصاص في كافة شؤوننا الشخصية ولكننا نجعل من أنفسنا حكاما من دون وجه حق في شؤون مصيرية تخص مستقبل شعبنا هو يمر بمرحلة مصيرية وهي إما الحياة او الموت؟ كيف نقبل على أنفسنا أن نتحدث في شؤون شعبنا ونحن لا نملك الإختصاص في التحدث في هذه الشؤون بينما لا نقبل أن يُدرس ولد لنا أستاذ لا يحمل الإختصاص في المادة التي نريد تقويته فيها؟ من أكثر أهمية مستقبل ومصير فرد واحد (وهو ولدنا) أم مصير أمة؟ ولهذا تفرض الصحف الرصينة اليوم على كتابها لاسيما عند تناولهم شؤونا حساسة ذكر مؤهلاتهم وإختصاصاتهم التي تلحق في هامش في نهاية المقال او بدايته او يطلب من القارىء الرجوع إلى سيرة الكاتب الذاتية في موقعه على الإنترنت. نحن يكتب في شؤوننا كل من هب ودب دون أن يذكر لنا شيء عن سيرته الذاتية ومؤهلاته وإختصاصاته.

ولهذا ترى العجائب والغرائب بين مكونات شعبنا. أستحلفكم بالله إن كنتم قد سمعتم ان هناك إتحاد كتاب وأدباء عرب ولا يتحدث ويكتب أعضاءه  باللغة العربية وقس على ذلك إتحاد أدباء أكراد او أتراك وغيرهم. هل رأيتم رئس إتحاد ثقافي وأدبي كردي اوعربي لا يقرأ ولا  ولايكتب بلغته القومية؟ هلل سمعتم يوما أن رئس إتحاد ثقافي وأدبي عربي او المنتمين إليه او مناصريه إنبروا يوما بالقول إن اللغة العربية ليست ألأساس للقومية والهوية العربية؟

ولكن عندنا نحن الكلدان او السريان وحتى الأشوريين هذا جائز ومقبول. أي نحن إتحاد أدباء ومثقفين ولكن اللغة غير مهمة. نحن كتاب وأدباء كلدان (او سريان او أشوريين) ولكن لا نعرف إسم شاعر من شعرائنا القوميين من الذين كتبوا بلغتنا؟  نحن إتحاد ادباء ولا نملك صفا واحدا لتدريس لغتنا القومية لابل نقاوم ونستهجن إخوة  اخرين لنا إن كانوا كلدانا وغيرهم إن قاموا بإحيائها لا بل وصل الأمر إلى محاربة أي جهد في هذا المضمار. نحن إتحاد كتاب وأدباء ولكن لغتنا عربية ونفتخر بها ونفضلها على لغتنا القومية وإن كان هناك واحد بيننا يود التحدث بالعربية فلتكن لغة الكل العربية وهذا ما تفعله المؤسسة الكنسية حيث يُرمى كل الإرث الكنسي عرض الحائط إستجابة لأقلية تحب العروبة والعربية. واليوم صارت جوقاتنا وأغلب أعضاء مؤسستنا الكنسية يفضلون ترتيلة عربية ركيكة وسمجة المعنى وموسيقى رتيبة مملة على روائع ما ماروثا ومار أفرام ومار نرسي؟أي شعب في الدنيا يقبل هذا؟ تصوروا إتحاد ادباء كردستان او إتحاد ادباء العرب لا ينتقد هذه الظاهرة ولا يقاومها؟

حجج واهية

لا أظن ان مخابرات ورجال أمن العهد البائد كانوا يجبروننا على الترتيل بالكنائس بالعربية بدلا من السريانية. هاجرنا من قرانا وظروفنا كانت صعبة للغاية ولكن لم يكن هناك فأس مسلط على رقابنا أن نهمش كل تراثنا الكنسي مثلا؟ هذه حجج واهية ودليلها واضح لأن بعد سقوط  النظام أزداد حب لغات غير لغتنا القومية. كل الأقليات كانت معرضة لحملة تعريب ظالمة ولكن كل الأقليات إستفاقت بعد سقوط النظام وأعادت هيبة لغتها القومية عدانا نحن. وهذا ما نلاحظه حتى في الشتات أيضا حيث لا زالت الجوقات والكنائس تنشد بالعربية – كم هي محظوظة هذه اللغة وكم هي مسكينة لغتنا السريانية! وبعد كل هذا يظهر اليوم كتاب بين صفوفنا ويقولون ان اللغة ليست مهمة في تثبيت الهوية وهكذا وبكل بساطة بينما لا يقبل اليوم هذه المقولة كردي بهديناني يعيش في قرية نائية في أطراف بارزان او زيبار.

نعم انا مدين للرهبنة الهرمزدية الكلدانية

نعم أن مدين للرهبنة الهرمزدية الكلدانية ليس في تعلمي للغة السريانية والإطلاع على ثقافة وأداب وأشعار وموسيقى وأعلام وعلوم أجدادي – أجدادي ليسوا الكلدان او الأشوريين القدامى لأن هؤلاء لا علاقة وجدانية لي معهم – خلال ما خلفته لي لغتي السريانية من تراث كتابي هائل قلما يملكه شعب أخر في الدنيا. هذه الرهبنة فتحت أعيني على العالم ومن خلالها تعرفت على الكارثه الرهيبة التي الحقتها المؤسسة الكنسية بالتواطوء مع سلطات كنسية أخرى بنا نحن الكلدان وبتاريخنا وثقافتنا لا بل وجودنا.

هذه الرهبنة كانت العمود الفقري لما تبقى من ثقافتنا ولغتنا وتاريخنا وهويتنا ولكن تم تهميشها لا بل تفليشها ومن قبل من؟ من قبل مطران كلداني يدعي زعامة النهضة الكلدانية ونائبه القس. وقد سلطت الضوء على ذلك (رابط 2 ) وببعض التفصيل. إذا الذي يهمش ويفلش الكلدان ليس إخوة لنا نشترك معهم في اللغة والتاريخ والتراث والثقافة والطقس والدين أيضا وليس ليون برخو الذي يلقى من بعض الزملاء ودون وجه حق الكثير من الشتم والتشنيع. ومع كل هذه الحقائق عن التهميش الذي الحقناه بأنفسنا حيث من حوالي سبعة ملايين (إن أخذنا متوسط نسبة زيادة السكان)  اصبحنا اليوم بضع عشرات من الالاف، ومع كل هذه الحقائق يؤسفني أن ارى خيرة مثقفينا يتحدثون عن أن تهميشنا يجري من قبل الأشوريين وهم بضعة الاف. ويؤسفني أيضا أن ارى خيرة مثقفينا وهم جالسون في ندوة وينبري فيها زعيم النهضة الكلدانية ونائبه ويأتيان من المغالطات في تاريخ ولغة وهوية شعبنا ما قد لا يقترفه شخص متوسط الثقافة ومع ذلك  يقابلان بالتصفيق الحار بدلا من محاسبتهم بقسوة على تهميشنا.

وحتى من منظار مسيحي بحت حول هذا المطران ونائبه القس موقعهم الذي يحمل إسما كلنا نعتز به وهو كلدايا.نت إلى موقع لنشر ثقافة الكراهية والبغضاء وإلغاء الرأي الأخر ونشر أمور تسيء حتى إلى مسيحيتنا ومنها مقالات تقطر كراهية وقدحا حيث تكفر وتهرطق إخوة لنا في ألإنجيل لأنهم يختلفون عنا مذهبا رغم ان المذهب الذي هم عليه مذهب لا غبار عليه حيث إعترفت الكنيسة الكاثوليكة بصحته وأن الخلاف الذي كان في الماضي خلاف لفظي وثقافي وليس عقائدي، أي أن أجدادنا النساطرة كانوا على حق والباقون على هذا المذهب على حق أيضا. فبأي حق يسمح هذا المطران وقسه نشر ثقافة الكراهية هذه ويحرمون أصحاب الرأي الأخر نشر أفكارهم مع أنهما يرتلان بأعلى صوتيهما كل أحد في القداس "شلاما عمخون". اليست هذه بالظبط صفات الشمولية والدكتاتورية والعنصرية والفاشية وإقصاء الأخر وغيره من التعابير التي يستخدمها بعضنا لوصف الأخرين؟

مساهمتي

وبخصوص مساهمتي أمل أن لا يزايد أحد علي بكلدانيته. فقد  أديت ما علي. يكفي أنني أحاول – حسب إعتقادي – تنوير أبناء شعبنا من خلال كتاباتي بخصوص أهمية إعلاء شأن لغتنا. ويكفي أنني أحاول جهدي تنوير شعبنا ان هناك فرقا جوهريا وشاسعا بين الكنيسة كمؤسسة والكنيسة كرسالة سماء. ويكفي أنني أحاول جهدي البرهنة من خلال وقائع علمية وبراهين أكاديمية أننا شعب واحد وأن أدعائنا الإنتماء إلى شعوب سحيقة في القدم لا أساس علمي له وأن الإختلاف في الأسماء كان سببه اولا وأخيرا الخلاف المذهبي. ويعرف الجميع دوري في إقامة ثلاث دورات لتعلم اللغة السريانية ولكن كانت كل دورة تفشل لأننا نحن الكلدان بصورة عامة صرنا لا نحب هذه اللغة وهذه كارثة بحد ذاتها. ولم ألقى أي تشجيع من المؤسسة الكنسية التي يجب أن يكون واحد من واجباتها الأساسية الحفاظ على لغتنا وطقسنا وتراثنا الكنسي من الضياع.

لقد حققنا سوية أنا وإخوتي الشمامسة في مدينتنا مالم تحققه أي كنيسة  كلدانية أخرى في الحفاظ على تراثنا ولغتنا وهذا بشهادة المطران جاك إسحق مسؤول الشؤون الطقسية في كنسية المشرق الكلدانية وواحد من العلماء الكبار في شؤون طقسنا وتراثنا الكنسي (رابط 3). ولكن دعوني أقول لكم أن هذا الإنجاز حققناه بغياب سطلة المؤسسة الكنسية أي في غياب الكاهن الكلداني لأن الكهنة بصورة عامة لا يحبون هذه اللغة وهذا الطقس أي يفضلون الهوية والثقافة العربية على لغتهم وثقافتهم وتراثهم الطقسي والكنسي.

والأن أخشى ان كل ما أنجزناه قد يصبح في مهب الريح لأن اللغة والطقس والتراث والثقافة لا تاتي ضمن اولويات شعبنا إن في منطقتنا أو أي مكان أخر. ويبدو أن الغلبة هي للعربية او ربما الإنكليزية او أي لغة أجنبية أخرى حتى هنا في المهجر لأنني الحظ تململا لدى الشمامسة وإدخال أناشيد وحتى صلوات عربية جديدة سمجة الكلمات والمعنى وبلغة ركيكة ولحن باهت جدا. لا أعلم كيف يذهب شعب يملك كل هذا الإرث الهائل من الأناشيد والأشعار والصلوات وبلغة وألحان ربما لا مثيل لها في الدنيا ويستبدلها بأناشيد والحان ولغة وصلوات هجينة لا يعلم إلا الله كيف تم تبنيها ولماذا؟

أنا لا أتزلف لأي كان

ودعني أكرر مرة أخرى أنني لا "أطبطب" على ظهر أحد وخلال مسيرتي الصحفية لم اتزلف لأحد للحصول على مكرمات. لو كنت كذلك لأستخدمت نفس الأسلوب الذي يستخدمه البعض في التزلف لرجال  الدين او السلطات الكردية مثلا. أبواب الصحافة العربية والعالمية مفتوحة أمامي وفي مقال واحد كان بإمكاني الحصول على اراض او ربما قصور ولكنني لا أرضي إلا ضميري وكتبت مقالات في صحيفة الزمان، الصحيفة رقم واحد في العراق، تنتقد بقسوة شديدة إستنادا إلى حقائق ما يحدث مثلا من إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان وفساد فضيع في إقليم كردستان وبينت إزدواجية لابل نفاق القيادة الكردستناية الحالية. وكان بودي أن ازور أرض أجدادي لا سيما الأديرة التي نشأت فيها إلا أن البعض نصحني التريث بسبب الكتابات هذه.

ما الحل إذا؟

امامنا خيارين إما العودة للغتنا وتراثها وأدبها وشعرائها وصلواتها وموسيقاها وعلمائها وملافنتها وبسرعة ويدا بيد مع اشقائنا الأخرين من الناطقين بهذه اللغة او الضياع كما ضاع ملايين الكلدان قبلنا. والأمر متروك لكم.
 
رابط 1
http://www.highbeam.com/doc/1P2-23453167.html
http://www.chron.com/CDA/archives/archive.mpl/2000_3234303/iraq-hails-visit-by-chavez-another-slap-in-the-fac.html
http://community.seattletimes.nwsource.com/archive/?date=20000810&slug=4036118
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=558386.0
 رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=457239.0;wap2


172
إلى أنظار أستاذنا الكبير ميخائيل ممو الموقر

أستاذي العزيز أنا أعتز بك كثيرا ككاتب ومثقف من الطراز الأول من أبناء شعبنا ولكن لدي ملاحظة صغيرة على مقال رائع نشرته في موقع عنكاوة.نت الأغر بعنوان: "عازف أشوري عراقي في فرقة سمفونية سويدية" رابط ( 1). العازف إبن أخي وقد ساهمت أنا بتدريسه وتعليمه وترشيده ولا أظن أنه سينكر دوري الكبير في حياته وهو الأن يشق العنان ويصل إلى المرتبة  التي وصفته فيها مشكورا وفي بلد من أرقى بلدان العالم.

وتعلم موقفي من مكونات شعبنا حيث أنني لا أنظر إليهم إلا مثل البودقة برغم إختلاف أسمائهم ومذاهبم فلا فرق لدي بين كلداني واشوري وسرياني إلا بالعمل من أجل إعلاء شأن لغتنا وثقافتنا وتراثنا السرياني. ومن هذا المنطلق فإنني وكوني بمثابة الأب لريمون لم يكن بودي أن تنسبه إلى الأشورية لأننا عائلتنا كلدانية أبا عن جد.

كان من الأولى أن تقدمه كواحد من أبناء شعبنا كما يفعل موقع عنكاوة.كوم وكنت بهذا ستسدي خدمة كبيرة لكل تسميات ومذاهب وفرق شعبنا. ليون برخو كلداني ولكنه من حيث الثقافة واللغة والتاريخ والتراث والطقوس والموسيقى فهو واحد من أبناء شعبنا وعندما أقول هذا فانا أعني أنني لست ملكا لأي إسم او مذهب من ابناء شعبنا انا ملك الجميع الكلداني والأشوري والسرياني كما ان ريمون الذي أفتخر به اليوم كثيرا صار ملك الجميع.

وأنتم في المنزلة التي فيها من ثقافة وعلم ودور بارز في إعلاء شأن ثقافتنا ولغتنا القويمة – السريانية الجميلة – أمل أن نكون سوية كمثقفين فوق الإعتبارات الأسمية والمذهبية لشعبنا وأن ننظر إلى الكل من منظار واحد ونحن كلنا نتصارع على وجودنا سوية.
جاء ردي متأخرا بعض الشيءولكن كما يقول المثل الإنكليزي:

Better late than never

ولك مني كل الإحترام والشكر والتقدير والتثمين لمقالك الجميل.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,558765.0.html

ليون برخو

173
رد عل مقال: هل كان يسوع المسيح أشوريا؟

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد


رد بعض الأخوة بمقالات مطولة على ما أثرته عن أهمية اللغة (رابط 1) في تحديد الهوية القومية. وهنا أخص بالذكر السيد تيري بطرس (رابط 2) والسيد أبرم شبيرا (رابط 3) رغم أن مقال السيد شبيرا لم يذكر بالإسم موقفي من نظرية اللغة التي يستند عليها الدكتور سوسة حيث ينسب من خلالها أصولنا إلى الجذور اليهودية في العراق.

وقبل أن أناقش المقالين اود اولا أن أشكر الكاتبين وأثني على خطابهما الذي إبتعد عن الشخصنة والمباشرة او إستخدام كلمات او عبارات في غير محلها كما يفعل بعض الزملاء الأخرين من المختصين بالخطاب الهابط والعبارات غير الائقة. إننا بحاجة إلى خطاب يرقى إلى ما كتبه الزميلين تيري بطرس وأبرم شبيرا، أي ان نخاطب بعضنا بكل إحترام وان نبقي خلافاتنا على المستوى الفكري حصرا. وفي نفس الوقت اود تذكير السيد تيري بطرس أنني لم أرى اي رابط  بين عنوان مقاله وما أتى في متنه. العنوان عادة يلخص المقال. أقتبسه هنا فقط كي أسترعي إنتباه القراء أنني أناقش ما ورد في هذا المقال وليس العنوان.

أطر النقاش

في كل نقاش علمي علينا دائما أن نحدد نطاق النقاش ونضع بعض الحدود الفكرية له. ومن وجهة نظري فإن حدود نقاشنا هذا تتعلق بنظرية علمية لغوية نستخدمها للإستدلال على هوية قوم ما. أي نحن لسنا في خضم مناقشة الدكتور سوسة وخصوصية حياته. نحن في خضم مناقشة نظرية لغوية علمية.

ولهذا لنخرج الدكتور سوسة وخياره العقائدي والديني جانبا. ليس من الحكمة أن نهاجمه بكل هذه العبارات السلبية فقط لأنه إختار دينا معينا. هذا لا يجوز. إثارة هذه الأمور لدحض نظرية علمية بحتة لا مكانة له في حقل العلم والمعرفة. هل كنا سنهاجم وبهذه اللغة القاسية إختيار الدكتور سوسة لو أنه كان قد أيد ما وضعنا أنفسنا فيه من أفكار ومعتقدات بخصوص جذورنا التاريخة؟ لو كان الدكتور سوسة قال اننا حقا أحفاد الأشوريين لكان الكتاب من المكون الأشوري لشعبنا جعلوا منه أية! ولو كان الدكتور سوسة أيد وجهة نظر المكون الكلداني لكان الكتاب من هذا المكون جعلوا منه أية ووضعوا مسألة إشهار إسلامه جانبا ولم يكترثوا لها ابدا. في العلم والأكاديميا نحن لا نكترث البتة لدين او ايديولوجة او عقيدة الباحث. نناقش  مدى صحة نظريته والفرضية التي  يستند عليها والتجريب الذي يستخدمه للوصل للبرهان بغض النظر عن خياراته الشخصية.
 
بين سوسة وماركس والمؤسسة الكنسية

 كارل ماركس منظر الشيوعية لايؤمن بالخالق ونظرته اممية (يرى في المفهوم القومي ضررا بالغا على البشرية) ويهاجم الدين لاسيما المؤسسة الكنسية ويصفها بأفيون الشعوب. ولكنني كباحث أشجع طلبتي على دراسة ماركس والعلماء الذين إستوعبوا فكره وشرحوه لنا وقربوه إلى واقعنا لأن فلسفة ماركس، رغم إلحاده، تفسر لنا حياتنا العصرية لا سيما دور السلطة والمؤسسة أفضل بكثير من أي كتاب سماوي او مقدس. ولهذا أطلب من طلبتي قراءة هذه الفلسفة وليس الإنجيل او الكتاب المقدس رغم كوني مسيحي وشماس. لا يجوز أن أحكم على شخص ما من خلال دينه وعقيدته وخياراته الشخصية.

وإلى قبل أيام قليلة ظهرت للعيان عبقرية ماركس في هجومه القاسي على المؤسسة الكنسية. ولا أعلم إن كان ابناء شعبنا على علم بفاتيليكس، الفضيحة الكنسية الأخيرة التي ترقي في بعض أركانها كما تقول الصحافة العالمية والإيطالية منها تحديدا إلى ما تقوم به عصابات المافيا، والتي ضربت المؤسسة الكنسية في روما (الفاتيكان) والتي لا زال الإعلام الدولي ينقل بعض تفاصيلها  وصارت مادة دسمة للدراسة الفلسفية التي تستد على الفكر النير لهذا الفيلسوف (رابط 4).

إذا لنضع الأمور الشخصية البحتة التي تخص الدكتور سوسة جانبا ولندرس من ناحية علمية وأكاديمية بحتة النظرية اللغوية التي يستند عليها لتحديد هوية قوم ما. ولهذا فإنني سأتجنب التطرق إلى كل الأمور الجانبية التي لا علاقة لها بالنظرية هذه لأنها تقع خارج خانة ما نحن بصدد مناقشته. وهنا أعود وأقول ان كل ما قرأته لتفنيد هذه النظرية إن كان من قبل الكاتب تيري بطرس او الكاتب أبرم شبيرا أو أخرين يبرهن بالدليل القاطع ان النظرية صحيحة لا غبار عليها.

وجهة نظرنا وموقف العلم

لا يجوز ان نقول ان هذه النظرية او هذا القول غير صحيح لأنه حسب وجهة نظرنا غير منطقي وغير عقلاني. ما هو غير منطقي وغير عقلاني هو الذي يعارض النظريات العلمية التي جرى البرهنة عليها من خلال التجربة والبحث. كان العقل والمنطق حسب ملايين البشر وحسب الكنيسة وأقوال الكتاب المقدس يقول أن الشمس تدور حول الأرض. عندما أتي  غاليلو وبرهن العكس من خلال العلم والتجربة إنهال الناس والكنيسة عليه وكادوا يقتلونه.  ماذا نقول اليوم؟ اليوم كلنا نقول أن الأرض تدور والشمس ثابتة رغم ان الكتاب المقدس يقول عكس ذلك.

هناك نقطة يثيرها الكاتبان وهي في غاية الأهمية. الإثنان يقولان أن ما يتحدثان به لا يقع ضمن إختصاصهما. هذا إعتراف نادرا ما نحصل عليه من قبل كتاب شعبنا.  بيد أنهما من ناحية أخرى يتحدثان في أمور ليست من إختصاصهما وكأنها مسلمات. الإختصاص في غاية الأهمية عند التحدث في شؤون علمية. وأنا أرى أن شعبنا بمكوناته المختلفة  إسميا ومذهبيا جرى إختطافه من قبل الذين يتحدثون في غير إختصاصهم. وهذا حدث لدى حضوري الندوة التي عقدها المطران سرهد جمو بصفتة زعيم النهضة الكلدانية ونائبه القس في السويد. الإثنان حتى لم يعترفا بأن ما يتحددثان به لا يقع ضمن إختصاصهما بل ذهبا بعيدا في حديثهما وأتيا بما لم ينزل الله به من سلطان في شؤون تخص تاريخ ولغة وهوية شعبنا.

مقارنات

علاقتنا حسب النظرية اللغوية والتي  يستند عليها الدكتور سوسة مع الشعوب التي ندعي إنتسابنا إليها تختلف كثيرا عن علاقة الإنكليزي واليوناني والإيطلي والعربي والكردي والتركي وغيرهم من الأمم بجذورهم. المثقف اليوناني بإستطاعته قراءة اللغة الكلاسيكية اليونانية حتى التي كانت سائدة في عهد إسكندر المقدوني لأن لغته الحالية لهجة من تلك اللغة. والإيطالية الحديثة قريبة جدا من الاتينية، أي أن استاذ اللغة الإيطالية بإمكانه فهم وقراءة النصوص اللاتينية. وأنا، كون أحد إختصاصاتي اللغة الإنكليزية، فإنني أقراء بطلاقة شكسبير لا بل أقدم  نص إنكليزي ورد إلينا. اللغة  الإنكليزية الحديثة لهجة تطورت من لغة شكسبير. وهذا ينطبق على السريانية التي أكتبها واتحدثها بطلاقة حيث بإمكاني قراءة أقدم النصوص المكتوبة بهذه اللغة وكذلك العربية حيث بإمكاني قراءة سجع الكهان وهو من أقدم النصوص المكتوبة بهذه اللغة.

ولكنني ورغم إتقاني للسريانية فإنني كما قلت "مثل الأطرش بالزفة" عند وقوفي أمام نص مكتوب باللغة الأكدية الحديثة، لغة الأقوام  التي ندعي الإنتساب إليها. وقد  حاولت مرارا فهم جملة واحدة مما نقله علماء الأثار وكتبوه  بصورة صوتية بالإنكليزية ولم أفلح. هل تعلمون لماذا؟ لأن لغتنا السريانية ليست لهجة من لهجات الأكدية.  اللغة السريانيةـ لغتنا القومية- مستقلة عن الأكدية شأنها شأن العربية وقد تكون العربية أقرب إلى الأكدية من السريانية.

ولهذا تدرس الأكدية اليوم كلغة من لغات الأقوام القديمة من أشورية وكلدانية وأكدية وسومرية وأمورية وكيشية وميدية وحثية وساسانية وغيرها ضمن علم الأشوريات والذي يضم كل المعارف واللغات والفنون والتواريخ والأعلام والأديان والميثولوجيات التي كانت سائدة في الشرق الأدنى. وأستاذ الأكدية لا علاقة له بأستاذ اللغة السريانية. هاتان لغتان مستقلتان عن بعضهما وعلاقتهما لا تتجاوز كونهما من السلالة اللغوية السامية كما هو شأن العربية والحبشية والفينيقية والعبرية وغيرها من اللغات السامية.

نظرية الأسماء

 والدكتور سوسة يستند على نظرية الأسماء أيضا وهو محق في ذلك إستنادا إلى ما كان متداول لدى كل الشعوب الأخرى التي إعتنقت ديانات جديدة حيث لم تنسى او تغادر الأسماء النابعة من هويتها اللغوية والثقافية والقومية بينما نحن لم يبقى لنا أثر تقريبا من أسماء الأقوام التي ندعي الإنتساب إليها. وتاريخنا الكتابي أقدم وأغزر تاريخ في الشرق الأدنى  إلا أنه عكس التاريخ الكتابي لكل الأمم الأخرى يتجاهل ذكر الشعوب التي ندعي الإنتساب إليها اللهم إلا مفردة هنا وهناك وهذه المفردة ترد ضمن سياق عام كما ترد مئات المفردات الأخرى رغم ان الكثير من ابناء شعبنا يبني عليها الأمال والقصور كما يفعل بعض الكلدان لورود كلمة "الكلدانيون" اليتيمة في طقسنا المشرقي. للتحقق من أمر كهذا نحتاج إلى كم هائل من الأدلة وسنوات من البحث العلمي يشترك فيه أساتذة كبار في إختصاصهم ولا يعتد بأي نتيجة مالم تختبر من قبل أساتذة وعلماء محايدين.

واليوم أدخلنا في حياتنا كثيرا من المفاهيم التي كانت سائدة لدى الشعوب السحيقة في القدم التي لم تتحدث لغتنا. خذ مثلا الصراع العقيم على أكيتو. أعطوني دليلا واحدا على ذكر هذا الإسم في تراثنا الكتابي بلغتنا القومية؟ والإسم ذاته ليس سريانيا لا هو ولا جذوره اللغوية؟ والتاريخ الذي نحتفل به اليوم لا مكانة ولا ذكر له في تاريخنا الكتابي. السؤال المنطقي هو لماذا لم يغادر الأكراد  او الفرس  اوالطليان اوالألمان اوالإنكليز وكل الأقوام الأخرى مناسباتهم الوطنية رغم قبولهم لأديان جديدة بينما تراثنا الكتابي لم يكترث لها البتة؟ أكيتو اوجدناه نحن مؤخرا وأخرجناه بصيغتين مختلفتين، صيغة أشورية وصيغة كلدانية، رغم عدم وجود علاقة وجدانية (لغوية وثقافية) بيننا وبينه. والصيغتان لا تنبعان من إرثنا السرياني بل هما جزءا من المفاهيم الجديدة التي نتصور، لكوننا لسنا أصحاب إختصاص، انها ذات علاقة مباشرة بأصولنا، وهذا ليس صحيح.

لنستأنس باراء العلماء

وأنا هنا لا أتحدث عن التسمية ولا علاقة لي بمذهب ودين الدكتور سوسة. هذه لا تغيرشيئا فيما نحن بصدد مناقشته. وبما أننا لسنا من أصحاب الإختصاص لنسأل أصحاب الإختصاص ولنضع ليون برخو خارج قوس الإختصاص. في كل ما قراءته حتى الأن من هجوم على هذه النظرية لم الحظ ان الكاتب إقتبس او إستند على عالم اوأكاديمي او بحث علمي منشور في دورية علمية تصدرها جامعة رصينة. شخصيا لم أقرأ أي بحث علمي يقول ان لغتنا السريانية هي سليلة الأكدية مثل ماهي اليونانية الحديثة سليلة اليونانية الكلاسيكية والإنكليزية الحديثة سليلة الإنكليزية القديمة وهذا ينطبق على العلاقة الحديثة والقديمة  بين لغات العالم. وجود تقارب في مفردات محددة في لغة ما مع لغة أخرى هذا لا يعني ان الواحدة مشتقة من الأخرى كما يفعل بعض الزملاء عند البرهنة على ما يرونه انه المنطق والعقل. مسألة ان تكون هذه اللغة لهجة مطورة من لغة أخرى، مثل الإنكليزية  الحديثة والقديمة، او كما يدعي السيد تيري بطرس والسيد ابرم شبيرا أن السريانية مشتقة او لهجة مطورة من الأكدية الحديثة  لها شروط علمية وبحثية تقصيها يحتاج إلى سنين من الدراسة الأكاديمية. وفي الحقيقة هناك دراسات أكاديمية كثيرة في هذا المضمار وهي متوفرة وتنفي كون السريانية لهجة من لهجات الأكدية الحديثة وإن كان في حوزة أي كاتب من كتاب شعبنا دليل علمي في دورية علمية معتمدة او كتاب علمي صادر عن جامعة راقية يفند ما أقوله فإنني على  إستعداد لأخذه في عين الإعتبار لأن العلم والأكاديمية علمتنا أن ما نملكه من معلومات ومعرفة يمكن للأخرين من العلماء تجاوزه من خلال أبحاث تستند على نظرية علمية جديدة جرى البرهنة عليها من خلال التجربة وجرى تقيمها من قبل علماء لهم شأن وباع في الإختصاص هذا قبل أن يتم نشر النظرية في مجلة علمية رصينة. وغير ذلك يبقى ما نقوله مجرد خيال وتمني وفرضيات لا أساس علمي لها ويكون مثلنا مثل الذين سجنوا غاليلو ودانوا لا بل كفروا ماركس وظهر أن ماركس أفهم  منهم بقدر تعلق الأمر بتقاصيل وخفايا السلطة والمؤسسات إن كانت دينية او دنيوية.

كلمة أخيرة

ودعني أختم هذا المقال بالإشادة بما أتي به السيد تيري بطرس لا سيما بعض المفاهيم عن اللغة وعن الخلافات بيننا، نحن ابناء وبنات شعب واحد. أنا اقف إلى جانبه في مسألة أهمية اللغة وهنا لا بد من الإشادة بما قدمه المكون الأشوري لشعبنا في هذا المجال. يكفي الأشوريين فخرا أنهم يولون لغتنا السريانية أهمية كبيرة ومن بين مكونات شعبنا برز الأشوريون اليوم هم وكنائسهم كحماة لهذه اللغة يفدونها بأرواحهم عكسنا تماما نحن الكلدان حيث أننا همشنا أنفسنا بأنفسنا من خلال تهميش لغتنا السريانية وقمنا بذلك طوعا عندما قبلنا لا بل فرضنا على انفسنا التعريب في شتى مناح الحياة. وما الاحظه الأن ان هناك عودة وبقوة للغة السريانية حتى من قبل المكون السرياني لاسيما الماروني منه. حتى السريان الكاثوليك بدأوا بالعودة إلى لغتنا الجميلة وأخر قداس للسريان الكاثوليك حضرته في السويد كان أغلبه بلغتنا السريانية. اما أشقاؤنا من السريان الأرثذوكس فمعالم النهضة اللغوية واضحة لديهم وأمل ان الأحداث في سوريا ستنتهي وشعبنا السرياني هناك قد حصل على حقوقه الثقافية واللغوية وعلى حد علمي فإن الكنيسة السريانية الأرثذوكسية وأحزاب وتجمعات أشقائنا السريان هناك تعمل بجد ودون كلل لإعلاء شأن  ثقافتنا ولغتنا السريانية. وبينما تعود كل مكونات شعبنا إلى لغتها القومية أرى أننا نحن الكلدان نبتعد عنها أكثر فأكثر. النهضة الحقيقية لأي شعب كان لا تتحقق إن لم تنهض لغته القومية معه. في هذاه النقطة أرفع القبعة لإشقائنا الأشوريين.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,564889.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,565377.0.html
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,565996.0.html
رابط 4
http://www.economist.com/node/21549965
http://www.reuters.com/article/2012/02/15/us-vatican-corruption-idUSTRE81E17E20120215
http://uk.reuters.com/article/2012/03/19/uk-vatican-bank-idUKBRE82I0P820120319
http://thechronicleherald.ca/world/74851-internal-probe-eye-vatileaks-scandal
http://www.thedailybeast.com/articles/2012/02/26/who-s-behind-the-leaked-letters-roiling-the-vatican.html
http://newsstore.fairfax.com.au/apps/viewDocument.ac;jsessionid=6B152DA4F43082E43C1111A037251CA4?sy=afr&pb=all_ffx&dt=selectRange&dr=1month&so=relevance&sf=text&sf=headline&rc=10&rm=200&sp=brs&cls=540&clsPage=1&docID=SAG120219J37BA6AOVLD

174
هل نجح السيد تيري بطرس في تفنيد نظرية د. سوسة عن أصولنا "اليهودية"؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

كتب السيد تيري بطرس ردا مطولا على ما نقله السيد أخيقر يوخنا عن العلامة الدكتور أحمد سوسة وكذلك الرد والتوضيح الذي قدمته لما هومتداول (رابط 1) بين أصحاب الإختصاص والعلم حول العوامل التي تحدد هوية قوم ما والتي جلها تستند على اللغة التي هي بحق ذاكرة الأمم.

وللأمانة فإن مقال السيد تيري (رابط 2) لم يكن ردا مباشرا على ما كتبته بل كان هجوما على نظرية الدكتور سوسة التي تستند على اللغة والأسماء لتحديد هوية وأصل قوم ما.  والنظرية هذه واحدة من الأعمدة العلمية الرئسة في تحديد أصل وهوية وثقافة الأقوام، وهي ليست من بنات أفكار لا الدكتور سوسة ولا غرانت وقد برهن عليها وتحقق من صدقيتها وأهميتها الكثير من العلماء والباحثين وتتمثل اليوم بعلم تحليل الخطاب (ديسكورس أناليسيز) الذي يدرس في شتى الجامعات العالمية ومن ضمنها جامعتنا ومفاده أننا كبشر وهوية حصيلة اللغة واي واسطة تواصل أخرى نستخدمها وتأتي المفردات والأسماء في مقدمة الدلالات التاريخية.

نناقش نظرية لغوية وليس تسمية

وأنا ارد على ما أتى به السيد تيري أود التأكيد اننا هنا لسنا في خضم ما يدور من مهاترات ومعارك دونكيشوتية حول التسميات. هذا شأن لا أمنحه أنا شخصيا أية أهمية. ما يهمني هو أننا شعب واحد لنا لغة وثقافة وتاريخ وطقوس مشتركة ويهمني ان نحافظ على لغتنا لأنها وجودنا. وأنا سعيد لأنني أرى ان ما كتبته عن اهمية اللغة للهوية القومية بدأ ياخذ حيزا مهما في منتدايات شعبنا وصار تأثيره واضحا لدى بعض كتابنا ومؤسساتنا. يجب أن نثقف أنفسنا وشعبنا على أحقيتنا في لغتنا السريانية وعلينا أن نطالب بهذا الحق لا بل نناضل من أجله في كل أماكن تواجدنا في الوطن والشتات ومن خلال مؤسساتنا من أحزاب ونواد وتجمعات وكنائس.
 
وما يستند عليه الدكتور سوسة هو اللغة لتحديد الهوية بعد أن قرأت كتابه بنهم وفي هذا أشكر السيد تيري الذي وضع رابط تنزيل الكتاب في مقاله. والكتاب يتحدث عن معتنقي المذهب النسطوري من أبناء كنيسة المشرق من بقي منهم على هذا المذهب ومن تحول عنه وهم بالتحديد الكلدان والأشوريين من أبناء شعبنا.

النظرية يتبناها علم اللغة ولم يجري تفنيدها  

وعلى قدر علمي لم يجري تفنيد النظرية اللغوية التي يستند عليها الدكتور سوسة لحد اليوم ولا زال العلماء والباحثون في الجامعات والمعاهد العلمية الرصينة في العالم يأخذون بها. يتم تفنيدها دون وجه حق ولأسباب لا علاقة لها بالعلم والمعرفة والإختصاص فقط من قبل كتاب شعبنا وعلى صفحات المنتديات. وهؤلاء الكتاب ينطلقون غالبا من مواقف متعصبة وإنفعالية صوب إي نظرية تفند الأطر والقوالب الفكرية والمذهبية "والتسموية" التي حبسنا أنفسنا  فيها.

أنا لا أروج للنظرية التي يستند عليها الدكتور سوسة بشأن هوية شعبنا في قديم الزمان، ولكن أقول وأجزم أنني، ورغم أن إحدى الشهادات العليا التي أحملها هي في علم اللغة ولي مساهمة متواضعة في هذا المجال في الدوريات والمجلات العلمية، لا أستطيع تفنيدها.

اليهودبة كدين واليهودية كهوية لغوية وقومية

ولأكن واضحا وصريحا أمام قرائي أقول أن السيد تيري بدلا من تفنيد النظرية فإنه يأتي بالدليل تلو الأخر لتثبيت أحقيتها وأولويتها في تحديد هوية وأصل الأقوام. نحن كتاب المنتديات من أبناء شعبنا نعاني من مشكلة عويصة جدا. إننا نتكلم كثيرا في غير إختصاصنا وعندما نفعل نأتي بالعجائب.
لا أعلم من نصدق عن مكانة الدكتور سوسة كمؤرخ كبير حيث إستند في كتاباته على إختصاصه في تاريخ الهندسة المدنية  (لا سيما الري) في بلاد مابين النهرين، هل نصدق الموسوعات العلمية التي يكتبها خيرة العلماء والباحثين مثل موسوعة المؤرخين العراقيين او موسوعات اخرى يرد إسم هذا العلامة فيها أم نصدق أنفسنا نحن كتاب المنتديات ونحن لم نكتب بحثا علميا واحدا او حتى مقالة علمية رصينة واحدة جرى نشرها في دورية علمية معتمدة؟

كتاب الدكتور سوسة الذي نحن بصدده يفند ما أتي به السيد تيري من تجن على هذا الكاتب المبدع الذي يعد اليوم واحد من أكبر المؤرخين العراقيين. هذا الكتاب جرى سحبه من الأسواق وتعرض كاتبه للمضايقات لأنه يؤكد فيه على اليهودية كهوية وقومية وليس اليهودية كدين. ويبدو لي أن السيد تيري لا يميز في هذا المقال بين اليهودية كدين واليهودية كهوبة لغوية وقومية. وشتان بين الأثنين. في إسرائيل هناك يهود علمانيون لا يؤمنون بالتوراة ولكنهم يهود قوميون أحيوا لغتهم القومية (العبرية) وجعلوها لغة الحديث والعلم والصحافة والصلاة وغيرها. هناك يهود (من ناحية  الدين) ولكن  ثقافتهم وهويتهم عربية بينهم شعراء وكتاب وهذا ينطبق على اليهود الروس مثلا وغيرهم. وهكذا هناك عرب مسيحيون ولكن لغتهم وثقافتهم عربية مثل ما كان حال الغساسنة والمناذرة وما آل إليه حال المارونيين في لبنان. المارونيون كانوا سريانيي الثقافة واللغة مثلنا. عندما بدلوا لغتهم بدلوا هويتهم وقوميتهم ولم يبدلوا دينهم.

مبادىء أساسية

وهناك نقطة أخرى أود أن يتسع صدر السيد تيري لها. رده لا يفتقد الحجة العلمية فقط بل يفتقد أسس المقال الصحيح  أيضا. حبكة المقال ضعيفة وينتقل من موضوع إلى أخر دون رابط واضح لا سيما عندما يقحم الحركة الديمقراطية الأشورية في الموضوع وأنا لم أذكر في مقالي أي تسمية من تسميات شعبنا أو أي حزب أو تجمع. فجل ما كتبه السيد تيري هو  الدفاع عن الحركة ووجهة نظرها بينما نحن في صدد الحديث عن نظرية علمية.

ثم يقول السيد تيري إن تبني التسمية لم يكن بسب بما كتبه ويكرام، وهذا مشكوك  فيه. إن لم يكن ويكرام فمن هو الذي ذكرنا بها بعد حوالي ثلاث ألفيات وهي لم ترد في تراثنا اللغوي المكتوب لا هي ولا غيرها. هل كان أجدادنا لا يهتمون بأصلهم إلى درجة أنهم نسيوا او تجاهلوا أنهم أحفاد هذا وذاك ومسحوا كل أثر لهولاء الأقوام حتى من وجدانهم؟ هذا لم يفعله أي شعب أخر في الدنيا.  لم يحدث أن مسح شعب ذاكرته التاريخية من الوجود بهذا الشكل؟  

إختلافات جوهرية

هناك فرق شاسع بين التسمية الكردية او العربية او الإنكليزية او اليونانية وبين التسميات التي نتصارع عليها. التسميات الأخرى تعود جذورها إلى المراحل الكلاسيكية من تاريخها الكتابي. اليوناني مرتبط  وجدانيا وبتواصل لغوي دون إنقطاع بتراثه وذاكرته من خلال لغته وهكذا العربي والكردي والإنكليزي. نحن وحسب النظرية التي يستند عليها الدكتور سوسة في ورطة كبيرة لأن الأقوام التي ندعي الإنتساب إليها لم تتحدث لغتنا ونحن لا علاقة وجدانية وثقافية وحضارية وتاريخية لنا معها. أعلم ان هذا الأمر سيكون له وقع الصاعقة على الكثير من أبناء شعبنا ولكن لا يمكننا  تجاوز الحقائق العلمية بالإستناد على ما نكتبه في المنتديات وجداريات او جرائد نوادينا وأحزابنا او ما نصدح به في إجتماعاتنا.

علاقتنا مع الثور المجنح وأسد بابل والألواح المسمارية بما تحتويه من ثقافة وأدب وفنون ولغة تختلف كثيرا عن علاقة اليوناني بفنونه من نحت وأدب وشعر وموسيقى وغيرها لأن كل هذه لا زالت جزء  من وجدان وثقافة ولغة الشعب اليوناني دون إنقطاع منذ نشوئها والمثقف اليوناني يقرأها ويفهمها ويستوعبها اما نحن فنقف امام فنون ولغات وأداب هذه الأقوام السحيقة "مثل الأطرش بالزفة" ولا نستطيع فك طلسم  حرف واحد منها.

نظرية الأسماء

وما يؤكد نظرية الدكتور سوسة ويفند ما أتي به السيد تيري هي نظرية الأسماء وهذه النظرية جزء مهم وأساسي من نظرية اللغة. حسب هذه النظرية أغلب أسمائنا التي ترد في ذاكرتنا اللغوية المكتوبة (أي في المخطوطات التي في حوزتنا)  عبرانية (توراتية) ويندر أن تلحظ فيها اسماء أشورية او كلدانية. ولكن هذا لم يحدث لكل الأقوام التي دخلت المسيحية  منهم الفرس والعرب والمغول والهنود وكل الأمم الأخرى التي تتلمذت على يدي أدي وماري.

فهل نضع نظرية الأسماء المعتمدة علميا جانبا ونضع ما أتى به الدكتور حسن عيسى مؤرخ واستاذ التاريخ الاول في جامعة الكوفة وأبحاثه المعتمدة عن التواجد المسيحي في العراق وأبحاث الدكتور محمد باقر البهادلي وما أتى في كتب العلامة، شيخ علماء كنيستنا المشرقية، ألبير ابونا، وغيرهم من الباحثين والعلماء عن الأسماء وأهميتها في تحديد الهوية على الرف ونهلل ونصفق لما نتصوره في مخيلتنا ما كان يجب أن تكون عليه الأمور ونكتب وكأننا نحن أصحاب الإختصاص؟ وهل نتهمهم بالإنحياز إلى معتقداتهم الدينية والعروبية وغيرها من التهم الجاهزة والباطلة؟

الأسماء وهوية الأمة

ويقع السيد تيري في خطاء كبير عند القول أن تغير الأسماء حدث لدى الأمم الأخرى عند دخولها المسيحية ولا أعلم على أي نظرية علمية يستند عند إطلاقه هذا التعميم. نحن فقط أسماء بطاركتنا وأساقفتنا وعلمائنا وكتابنا وشعرائنا أغلبها عبرانية (توراتية). وعندما يقول السيد تيري أن أسماء البابوات عبرانية فإنه يجافي الحقيقة. هل درست ذلك بصورة علمية؟ أنظر إلى  أسماء البابوات (رابط3 ) وسترى أن أغلبها ليست توراتية بل نابعة من الذاكرة اللغوية للشعوب التي أنجبت هولاء البابوات. وهذا ينطبق كما قلت على كل الأمم  التي دخلت المسيحية. أنظر إلى  اسماء رؤساء الكنائس من المذاهب والطوائف الأخرى فترى أنها حفظت الأسماء التي كانت متداولة في لغتها وثقافتها قبل دخولها المسيحية كما حفظت الشعوب الأخرى مثل الأكراد والفرس والأتراك أغلبية أسمائهم النابعة من هويتهم عند إعتناقهم للإسلام. وأنظر ايضا إلى أسماء القديسين والاديرة والكنائس وسترى أن أغلب الأسماء لدى كل الشعوب القديمة التي دخلت المسيحية نابعة من ذاكرتها اللغوية والتاريخية والثقافية.

 ولا أعلم من أين أستقى السيد تيري معلوماته من ان أغلب الأسماء الإنكليزية توراتية. هذا ليس صحيحا. في الحقيقة العكس صحيج. أغلب الأسماء والألقاب (والألقاب أهم من الإسم الأول) في الإنكليزية "كلتية" أي تأتي من صلب الأنكليزية كهوية وثقافة. وهاك بعض الأمثلة عن الأسماء الدارجة في الإنكليزية والتي لا علاقة لها بالتوارة:

Blair, Bush, Bale, Bruce, Carl, Colin, Craig, Perry, Ross, Marvin, Otis, Alice, Alda, Zera, Tara, Polly, Maia, Mona, Myra, Rita, Riby


ولا حاجة للإتيان بالمزيد. ارجو من القراء الكرام مراجعة قوائم الأسماء بالإنكليزية على الرابط (4) كي يؤكدوا بأنفسهم ان أغلب الأسماء الإنكليزية ليست توراتية بل نابعة من صلب الثقافة والحضارة والهوية الإنكليزية.

 وامامي الأن أسماء عشرين طالبا سويديا في صف أدرسه بينها ثلاثة أسماء توراتية فقط والبقية تستند على ذاكرة ولغة الشعب السويدي ومنها:

Kaj, Uts, Ingrid, Stig, Atle, Persson, Sjögren, Inger, Burman, Bohlin, Borg, Carlsson, Hultsberg, Evert, Södergre, Fält, Tea
ومرة أخرى لا حاجة للمزيد بل أحيل القراء إلى الرابط (5) أدناه.

من نصدق إذا: هل نصدق النظريات العلمية التي جرى البرهنة عليها من خلال الواقع والتجريب او ننجر وراء ما نجتره من معلومات غير موثقة لا بل خاطئة على صفحات منتدياتنا وجدارياتنا وجرائدنا (إن وجدت) ؟

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,563667.0.html
رابط 2
 http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,563946.0.html
رابط 3
http://www.newadvent.org/cathen/12272b.htm
رابط 4
http://www.world-english.org/boys_names_list.htm
http://www.world-english.org/girls_names.htm
رابط 5
http://www.babynames.org.uk/swedish-baby-names.htm
http://www.thinkbabynames.com/popular/0/sweden

175
كيف نحدد هويتنا القومية؟ رد على مقال السيد أخيقر يوخنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


يثير السيد أخيقر يوخنا في مقاله الأخير (رابط 1) "قراءة في كتاب مهم وخطير يزعم بان أصولنا (يهودية) " مسائل مهمة للغاية ويترك أسئلة مصيرية تخص شعبنا دون جواب. وأود أن أسترعي إنتباه القراء الكرام ان كلمة (يهودية) لم يضعها السيد أخيقر في عنوانه ربما لحساسية الموضوع ولكنها وردت في متن المقال.

إنني أشكر السيد أخيقر على شجاعته في كتابة موضوع كهذا وأثني عليه. قرأت بعض ما كتبه الدكتور أحمد سوسة ولكن فاتني أن أقرأ كتابه القيم: "ملامح التاريخ القديم ليهود العراق" وهو حسب المؤرخين من أبدع ما كتبه وقد تمت ترجمته إلى عدة لغات.

سؤال مهم جدا

وما شجعني لكتابه هذا الرد هو ما جاء في الجملة التي يختتم بها السيد أخيقر مقاله حيث يقول: "وهل نستطيع دحض ما يطرح بعيدا عن الإنفعال والتهور او التعصب؟"

ودعني أضع السؤال المهم هذا بصيغة أخرى: "هل سيسمع شعبنا  ولو لمرة واحدة ما يقوله أصحاب الإختصاص إن أتى خارج الأطر الفكرية والإيديولوجية والعقائدية والمذهبية التي وضعنا أنفسنا فيها؟" لأن دحض ما أتى به شخص بقامة الدكتور أحمد سوسة ليس بالأمر الهين على الإطلاق. بصورة عامة مكونات شعبنا المختلفة تسمية ومذهبا لا تسمع لأهل الإختصاص إلا إن غنوا على ليلاهم.

الدليل اللغوي

من الخطأ ربط هوية قوم بما يتصورن أنه كان يوما ما أصلهم من سحيق الزمان دون سند علمي لا سيما إن كانت هناك شكوكا تارخية وثقافية ولغوية حوله. والدكتور سوسة  يهودي الأصل ثم أسلم وهذا الأمر له مدلولات كبيرة سأتي عليها لاحقا ودليله وقياسه العلمي في طرحه هذا يستند على الدليل اللغوي. والدكتور سوسة ليس شخصا عاديا بل علامة. حصل على شهادة الدكتوراة بشرف وأمتياز من جامعة هوبنكز الأمريكية وهي واحدة من أرقى الجامعات في الدنيا ومقالاته وكتبه حصدت عدة جوائز عالمية وهي اليوم مصدرا علميا أساسيا ليس على مستوى العراق والشرق الأوسط  بل عالميا في كل إختصاص كتب فيه لا سيما التاريخ.

والدليل اللغوي لتحديد هوية قوم – أي قوم كان –  هو الركيزة الأهم لتحديد الأصل. لأن أصل وتاريخ أي قوم او شعب يمتد بمقدار ذاكرته التي حفظتها له لغته. وعندما يخسر فرد او شعب لغته ويتبنى لغة أخرى فإنه بهذا يخسر ذاكرته أي اصله وهويته ويتبنى هوية وأصل أصحاب اللغة التي إكتسبها. ومن هذا المنطلق تعمل الأمم الحية على الحفاظ على لغتها لأن اللغة هي الهوية وهي الأصل.

بين سوسة وويكرام

وعليه لا يجوز على الإطلاق وضع عالم بمكانة الدكتور سوسة وما كتبه من حيث المصداقية بنفس مستوى ما أتي به ويكرام في كتابه: "مهد البشرية." ويكرام قس درس اللاهوت وكان في بعثة ظاهرها تبشيري باطنها إستعماري وتتفق جميع المصادر تقريبا على عمله كمخبر للسلطات البريطانية ودوره السياسي والإستخباري في خدمة أسياده البريطانيين الذين خدعوا شعبنا لا غبار عليه. وويكرام ليس إلا رحالة وممثل لرئس أساقفة كانتبري للكنيسة الإنكليكانية الإنكليزية التي كانت، ولا زالت، تخضع لسلطة الأمبراطورية البريطانية ممثلة في الملك الذي هو رئس الكنيسة الأعلى.

 ويكرام ليس عالما ولا أثاريا ولا باحث أكاديمي ومؤلفاته قصصية جلها حكايات ونوادر عن الأقوام التي زارها ومنهم الإيزيدية. فليس من الإنصاف والحكمة أن نمنح ما أتى به بخصوص شعبنا الأهمية التي يجب أن نمنحها للدكتور سوسة او اساتذة الجامعات من علماء ولغويين ومؤرخين أو ما يدور من شؤون علمية وتاريخية وثقافية تخص شعبنا في صفحات المجلات العلمية وأروقة الجامعات العالمية.

ومع ذلك صار ويكرام اليوم نبراسا لمكون معين من شعبنا وكأنه عالم زمانه كما صار مثلا العهد القديم من الكتاب المقدس الذي لا يعتد بكثير مما يحتويه من الناحية العلمية والتاريخية واللغوية نبراسا لمكون أخر إلى درجة أن بعضهم صار يذكر عدد المرات التي ترد مفردة معينة فيه للدلالة على طرحه.

وضع علامة مثل الدكتور سوسة بجانب ويكرام هو جزء من التهور والتعصب والإنفعال بعينه . ووضع ما أتى في العهد القديم بجانب ما يقوله علم الأثار والتاريخ واللغة هو التهور والتعصب والإنفعال بعينه. والبحث عن مفردة واحدة وإقتباسها خارج سياقها التاريخي والعلمي كما نفعل عند التشبث الأعمى بتسمية معينة او مذهب معين هو التهور والتعصب والإنفعال بعينه.

كيف نحدد الهوية

أنا لن أحدد موقفي مما أتى به الدكتور سوسة رغم انه هناك علماء بارزين يؤيدونه. ولكن من يقول أن الأصل الغارق في القدم دون دليل لغوي متواصل هو هوية القوم؟ هوية قوم ما وتاريخه وإنتسابه وأصله تحددها لغته. ويبدأ الأصل وتحدد الهوية ضمن إطار الإرث الكتابي لذلك القوم.

الدكتور سوسة كان يهوديا وأسلم. اليوم صار فخرا للعروبة والإسلام. وأولاده وأحفاده سيصبحون جزءا لا يتجزاء من نسيج الثقافة واللغة العربية والإسلامية. فكيف لنا أن نتصور احفاد الدكتور سوسة بعد 2500 سنة من التعريب والأسلمة يدعون أنهم يهود او عبرانيون؟ ستكون هذه مفارقة تاريخية خارج نطاق الخيال الإنساني، ولكن عند بعض أفراد شعبنا مفارقة كهذه منطقية ومقبولة.

 لنأخذ مثالا أخر. جبران خليل جبران كان هو وأجداده ذو ثقافة وهوية ولغة سريانية، شأنهم شأننا. ولكنه تعرب وصار اليوم علما من أعلام العروبة يتغنى الأطفال في المدارس العربية بأشعاره وقصيدته "أعطني الناي وغني" التي لحنها عبدالوهاب وغنتها فيروز صارت اليوم من أبدع ما أنتجت العروبة من شعر وموسيقى وغناء. وعندما ذهب إلى امريكا كتب رائعته الشهيرة "النبي" بالإنكليزية ومنذ ذلك الوقت صار علما من أعلام الأدب الإنكليزي الأمريكي حيث أقام له الكونغرس تمثالا وحديقة في واشنطن وصار "النبي" بمثابة الإنجيل لملايين الأمريكيين.

إذا هوية القوم تحددها لغتهم وما تحويه هذه اللغة من ثقافة وعلم وشعر وأدب وطقوس وأناشيد وغيره. أعرف ان كثيرا من أبناء شعبنا لن يقبل هذا الطرح والسبب معروف وواضح. هؤلاء غادروا كل ما له صلة بلغتهم وذاكرتها من تراث وثقافة وشعر وأدب بعد ان عرّبوا أنفسهم بالمجان. ولهذا تراهم لا يعرفون إسم شاعر او كاتب واحد من بني قومهم وإن أنشدوا او رتلوا إستخدموا اللغة الجديدة أي الهوية او الأصل الجديد الذي تبنوه. ولأنهم لا دراية لهم بلغتهم ينسبون أنفسهم إلى أمم سحيقة في القدم لم تتحدث لغتهم ولا هم لهم دراية بذاكرة لغات تلك الأقوام.

كل الأقوام في الدنيا تتشبث بثقافتها من خلال لغتها وما حفظته لهم  من نصوص كتابية او شفهية كتب او قيلت بهذه اللغة. بمعنى أخر اصل القوم ينحدر من أصل لغتهم حتى وإن إكتسبوها حديثا. ولهذا صارت فيروز التي كانت من ابناء شعبنا نجمة الغناء العربي وليس السرياني.

من يأتي في المقدمة الإسم أم اللغة

نحن القوم الوحيد في الدنيا الذي يضع تسميته فوق لغته وثقافته وتاريخه وحضارته التي ينتمي إليها من خلال ما هو متوفر من إرث كتابي بإمكان مثقفيه إستيعابه. فالمثقف الكردي يستوعب أقدم ما كتب بلغته وكذلك الإنكليزي والتركي والفارسي وهلم جرا. نحن فقط ننظر إلى أصولنا خارج نطاق لغتنا وثقافتنا وأدبنا وأستيعابنا.

ليس المهم ما كان إسم أجدادنا قبل الاف السنين. هذا لا يحدد الهوية. ما يحدد الهوية هو مقدار تشبثنا بلغتنا وما تحتويه من ثقافة وادب وشعر وعلم وأناشيد وأعلام. ما يحدد أصل الكرد اليوم هو تشبثهم الكبير بلغتهم وأشعارهم وثقافتهم وتقاليدهم التي إكتسبوها من أجدادهم. ولهذا لا يقبل الكردي ان ينشد جوق او يخطب إمام او سياسي بغير لغته القومية. واللغة والثقافة مشتركة بين مكونات الشعب الكردي المختلفة. البارزاني والطلباني والسورجي والهركي والزيباري وغيرهم لهم لغة مشتركة وثقافة وأدب مشترك وهم على إستعداد للقتال والشهادة من أجلها.

نحن صار البحث عن الأصل (التسمية) أهم من لغتنا وثقافتنا وأدبنا وشعرنا واناشيدنا. نحن الأن نتصارع ليس على الهوية بل نتصارع مثلما يتصارع البارزاني (عشائريا) مع الهركي او السورجي او كما يتصارع البهديناني مع السوراني. كل هؤلاء يتصارعون على السلطة والجاه والمال ولكنهم متفقون على هويتهم وقوميتهم التي حفظتها لهم لغتهم.

ولهذا عندما سنحت الفرصة للكرد بعد سقوط نظام صدام حسين، أول عمل قاموا به كان رفع نير التعريب الذي كان قد أثقل كاهلهم كي يصبح بإمكانهم الشروع بنهضة شاملة . بعض مكونات شعبنا ومع الأسف الشديد تفعل العكس حيث صار التعريب هو الهوية وتهميش اللغة القومية جزء من الثقافة. ماذا كان سيكون موقف الأكراد لو ظل البارزانيون يعتمدون على الرحالة مثل ويكرام او على كتبهم المقدسة كما نفعل نحن مع العهد القديم لتحديد هويتهم؟ إن فعلوا ذلك فإنهم كانوا سيخدمون عشائريتهم ومذهبيتهم وليس هويتهم. نحن منكبون على خدمة عشائريتنا ومذاهبنا وليس هويتنا.

مفهومنا للنهضة والهوية مفهوم بدائي

ولهذا ترى أن البعض يعتقد ان النهضة والهوية القومية تحصل عندما يتم تثبيت وزير او مسؤول من التسمية (العشيرة) الفلانية وليس الأخرى. نحن اليوم في صراع عشائري وأنهكنا التعصب والتهور والإنفعال وإلا هل يعقل أن يعقد مؤتمر صحفي او ينشر بيان من كبار رجال ديننا للدفاع عن عشائريتا وليس عن هويتنا التي تكمن اولا وأخيرا في التخلص من الإستعمار اللغوي والثقافي الذي جلبناه على أنفسنا.

ولهذا أيضا، لأننا نبحث عن الأصل، صار كثير من أبناء شعبنا لا يكترث للتعريب وإستبدال ثقافته وطقسه وأناشيده ولغته – أي هويته – بالأجنبي لا بل صار البعض يحارب الهوية ويقدم عليها كل ما هو أجنبي لغويا، وطقسيا، وتراثيا وثقافيا. واليوم ونحن في معركة حامية الوطيس عن اصلنا وضعنا فيها ليس ويكرام بل انصاف المثقفين وأشباه العلماء بمكانة ومستوى الدكتور احمد سوسة وغيره من المختصين والعباقرة.

ونحن ننتظر كي نبت في أصلنا (عشائريا) في نفس الوقت نخسر الهوية من خلال خسارة اللغة. وصار مثلنا مثل غودو في مسرحية صموئيل بيكت الشهيرة: "في انتظار غودو" حيث يظل رجلين يدعيان فلاديمير وأستراغون ينتظران  شخصا يدعى غودو وغودو لن يأتي.


رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,563204.0.html


176
هذا الإنجاز الكبير فخر لكل أبناء شعبنا

ليون برخو
جامعة يونشبنك – السويد


مقدمة

نحن الكلدان الأشوريين السريان شعب صغير جدا وإن أخذنا وجودنا قوميا في العراق مثلا فقد لا يتعدى ربع مليون شخص من مجموع 30 مليون نسمة.

وإن نظرنا إليه من الناحية الدينية فإن عددنا في الوقت الحاضر أقل من عدد إخوتنا من اليزديين الذين يمثلون الأن الديانة الثانية في العراق بعد الإسلام.

هذه حقائق ويجب أن نأخذها بعين الإعتبار لا سيما نحن كتاب المنتديات من أبناء شعبنا كي لا نذهب بعيدا في خطابنا الذي جله مزايدات ونفخ بتسمية من التسميات او مذهب من المذاهب.
 
في العراق كما قلت سابقا هناك 15 مذهبا مسيحيا رسميا مسجل في الدولة العراقية. ومن ناحية التسمية هناك ست تسميات مختلفة (رابط 1).

والأقلية لا تزاود مكوناتها على الأخرى ولا تعمل على تهميش او إقصاء الأخر ولا على سرد بطولات من خلال مؤتمرات صحفية مضحكة ومبكية على منصب لا يقدم ولا يؤخر في نهضتنا شيئا ومن يستحقه الأن ليس مسيحي بل يزيدي كون اليزيدية ثاني أكبر ديانة في البلد بعد الإسلام (رابط 2).

النهضة القومية هي اللغة والثقافة والفنون وليس غيرها

هذه مقدمة بسيطة سقتها كي أبرهن أننا نحن كتاب المنتديات من أبناء شعبنا والكثير من سياسينا وأغلب رجال ديننا ساهم وما زال في تهميش تراث شعبنا ولغته القومية وثقافته ومع ذلك تراه ينفث خطابا وكأنه فاتح زمانه وقائد تحت أمرته جيوش جرارة ومؤسسات لا هم لها إلا نهضة شعبنا من سباته. ولا يعلم هؤلاء اننا لن ننهض من سباتنا وإن كتبنا ملايين المقالات وعقدنا مئات المؤتمرات الصحفية والإجتماعات وتشبثنا حتى الموت او الأزل بتسمياتنا ومذاهبنا مالم نعود وبقوة وسرعة إلى إحياء لغتنا القومية وفنونها وتراثها وأدبها وثقافتها وعلومها.

شتان بين الفعل والقول

ولهذا فإنني أرى أن ما قام به الأستاذان القديران يوارش هيدو وروبين بيت شموئيل من ترجمة لكتاب النبي لجبران خليل جبران إلى لغتنا القومية السريانية  إنجازا كبيرا وفخرا لكل فرد من أبناء شعبنا يعتز بتراثه وثقافته ولغته (رابط 3). هكذا تكون النهضة او لا تكون. وهكذا نهضت كل أمم الدنيا – بالترجمة الثقافة والكتابة بلغتها الحية وإحياء ما أحتوته هذه اللغة من كنوز إنسانية وعلمية.

إنني انحني لكما إجلالا أيها الأحبة لأنكما وضعتما لغتنا الجميلة – والتي لولاها لا وجود لنا – في متحف واحد من أبدع كتاب عصرنا هذا. إن ما قمتم به هو النهضة الحقيقية وليس الخطابات الطنانة والمؤتمرات الصحفية وعياط كتاب او نشطاء او رجال دين داسوا على لغتهم وتراثهم وثقافتهم ويتباهون بالتعريب وكل ما هو أجنبي ودخيل علينا.

اللغة القومية هي الحكم

ولنضع عملكما أيها الأحبة معيارا للنهضة ومقياسا للمحبة التي يكنها والخدمة التي يقدمها أي فرد من أبناء شعبنا إن كان كاتبا او ناشطا وأي مؤسسة إن كانت إجتماعية او سياسية او كنسية لشعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة.

الكاتب والسياسي والناشط ورجل الدين الذي لا يحب لغتنا يكذب عندما يقول أنه يدافع عنا.

كل من بإستطاعته أن ينشد في المحافل الرسمية او الكنسية او الإجتماعية بلغتنا الجميلة ولكنه لغاية ما يفضل عليها لغة أجنبية يكذب عندما يدعي أنه يحب قومه او قوميته.

كل من يفضل ترتيلة أجنبية على تراتيل وأناشيد طقوسنا يكذب على نفسه وقومه عندما يدعي أنه يخدمهم كاتبا كان او سياسيا او رجل دين.

أي قوم أو شعب في الدنيا اليوم يفضل لغة أجنبية على لغته في مناسابات كهذه إن كان كرديا او عربيا او تركيا او فارسيا او سويديا وهلم جرا– أي شعب غيرنا نحن. ومع ذلك ودون خجل ندعي أننا وطنيون وقوميون. أي وطني كردي يقبل أن ينشد الأطفال الأكراد او الجوقات في مناسبات وطنية كانت او دينية بلغة غير اللغة القومية. أما عندنا صار تهميش دور اللغة القومية وكل تراثها الطقسي والإنشادي والفنون والأداب والثقافة التي إحتوتها  بمثابة نصر ونهضة (عصرنة) بينما هو في الحقيقة تخلف ونكسة وهزيمة وجهل؟

حق اللغة القومية هو تقرير المصير

آن الأوان كي ننتزع حق تقرير مصيرنا من ناحية الثقافة واللغة والتراث. وعلينا أن نضع محبة اللغة السريانية معيارا للوطنية والقومية.

وعلينا ان نساند كل كاتب او فرد او رجل دين او حزب او كنيسة، بغض النظر عن التسمية والمذهب،  تمنحنا هذا الحق وتدافع عنه وعلينا مقاومة كل من يحرمنا منه.

الف مبروك

والف مبروك لأبناء شعبنا هذا الإنجاز العظيم للأستاذين القديرين يوارش هيدو وروبين بيت شموئيل.

ما أحوجنا إلى امثالكم كي ينهضوا بنا ويعلموننا كيف تكون النهضة الحقيقية – النهضة المبنية على التراث واللغة والثقافة وليس تزويق المقالات.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,560221.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,562248.msg5498474.html#msg5498474
رابط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,562250.0.html

 

177
لو عرفنا نحن كتاب شعبنا الحقيقة لخجلنا من كثير مما نكتبه

ليون برخو
جامعة يونشوبنك - السويد

نقلت الصحف العراقية وبعض مواقع شعبنا عن وزير التخطيط العراقي علي يوسف شكري قوله أن نسبة المسيحيين في العراق حاليا أقل من 1%.

وإن درسنا هذا القول الذي يأتي من أرفع مسؤول إحصائي عراقي فإننا سنحصل على نتائج تجعل من خطاب بعضنا نحن كتاب شعبنا شبه مهزلة.

سكان العراق حاليا حوالي 30 مليون ونسبة أقل من 1% تعني أقل من 300 الف شخص.

لو وضعنا هذه الحقيقة الإحصائية في سياقها المذهبي والطائفي لحصلنا على نتائج قد تزيد من خجلنا أكثر.

 في العراق هناك 15 كنيسة او طائفة او مذهب معترف به رسيما من قبل الدولة من ارمن وكلدان وأشوريين وسريان ولاتين وشهود يهوه وكنائس إنجيلية مختلفة وما وما ... بينما المسلمون الذين هم حوالي 30 مليون منقسمون إلى مذهبين رئسين فقط.

وإسميا وقوميا المسيحيون منقسمون جدا. البعض منهم يقول أنه عربي والبعض الأخر يقول أنه كردي والبعض يقول أنه كلداني والبعض يقول أنه أشوري وأخر سرياني وأخر أرمني وإلى أخره من أسماء وقوميات.

هل جلسنا يوما نحن كتاب شعبنا وتأملنا قليلا في خطابنا قياسا بهذه الحقائق؟ الذي يقرأ بعض كتاباتنا يتصور أننا ملايين وأننا أصحاب جيوش وشرطة وميلشيات ووزارات ومؤسسات ومجامع علمية وجامعات ومعاهد.

  لو قسمنا هؤلاء المسيحيين على 15 طائفة كم سيكون عدد الكلدان وكم سيكون عدد الأشوريين في العراق؟

في عام 1996 كتبت تقريرا لوكالة رويترز مستندا على إحصائيات الأمم المتحدة عن سكان شمال العراق الكردي ومحافظاته الثلاث - دهوك وأربيل والسليمانية -وكان عدد المسيحيين في المحافظات الثلاث حوالي 30 ألف نسمة.

ماذا سيقول أصحاب الخطاب الإنقسامي والإقصائي أمام هذه الحقائق؟ هناك من يتحدث عن الثقل الديمغرافي لقومه او  شعبه او طائفتة. عن أي ثقل ديمغرافي تتحدثون؟

ماذا سيقول الذي ظل يردد إسطوانة أن قومه يمثلون القومية الثالثة في العراق وعددنا أقل من عدد إخوتنا من الشبك؟

ماذا سيقول الذي بدأ يخمن ويضرب الأخماس بالأسداس ويتبنأ بإنفجار أبار النفط في ألقوش وحلول المليارات على قومه وكل سكان ألقوش قد لايتجاو ز عددهم 5000 نسمة وبالتأكيد فإنهم لا يمثلو ن لونا واحدا ؟

ماذ سيقول أصحاب الخطاب الإقصائي الذين يتصورون أن إسمهم او مذهبهم هو الأصل والفصل وأن الدنيا كلها تدور حوله وأن العراق سينتهي دونه؟

ماذا سيقول أصحاب الخطاب المسيء والهابط الذي يصف الفريق الأخر بالنازية والصدامية والإرهابية والوهابية وغيرها من الكلمات البذيئة التي لا تليق بشعب لا يملك شرطيا واحدا.

ماذ سيقول أصحاب الخطاب المذهبي من الذين يكفرون الطرف الأخر ويهرطقونه ضاربين عرض الحائط أبسط  المبادىء المسيحية؟

ماذا سيقول كل الذين يتصورون أن تسمياتهم تشير إلى قوميات مستقلة؟ أي قومية تتحدثون عنها وعدد المسيحيين حوالي ربع مليون موزعين على 15 كنيسة ومذهب والكثير منهم يعتز بعروبته وكرديته.

نتصور نحن كتاب شعبنا أننا كلما إزددنا غلوا وتعصبا وزدنا من الكلمات والعبارت المسيئة والهابطة  في خطابنا لوصف بعضنا الأخر إزددنا حبا بفئويتنا وإنقساميتنا وزهوا أمام مريدينا.

وأخيرا دخلت على الخط مؤسساتنا الكنسية وإنبرى كبار رجال ديننا يتصارعون وعلى ماذا؟ على توظيف شخص في منصب لا حول ولا قوة له وأدخل الأخرون الإقصائية حتى في خطابهم الديني.

وكل هؤلاء من الذين يملأون صفحات الإنترنت بالمهاترات لا يهتمون بالحقائق بل هدفهم شخصي بحت ويركبون موجة القومية او الإقصاء اوتهميش الأخر لغايات هدفها الإنتقام من خلال جولات كلامية يتصورون بإستطاعتهم من خلالها إلحاق الهزيمة بالخصم وهم لا يعلمون أنهم يلحقون الهزيمة بأنفسهم.

ولهذا إن سألتهم هل عملتم على نشر لغتكم القومية أو فتح صف واحد لتدريسها او الحفاظ على إرثكم الكنسي او الدفاع عن ابناء قومكم وهم بالملايين من الذين إفترسهم الأجانب والغزاة  بإسم المذهبية لأدخلوك جبرا في حلبة المصارعة الكلامية والتي لا يستطيع الكثير منا دخولها لبذأتها.

نحن كتاب شعبنا نهتم بكل شيء عدا الحقيقة إن كانت إحصائية، لغوية، ثقافية، تاريخية، طقسية او كنسية.
 
وكان الله في عون شعبنا


178
تحليل نقدي لموضوع: مقال أعجبني (حول الوقف المسيحي والنائب يونادم كنا) للكاتبة الاء حامد من الناصرية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

بودي أن أدخل في نقاش علمي موضوعي حول المقال الذي نقله لنا الزميل سيزار ميخا (رابط 1). وأمل ان يتقبل ما سأطرحه من اسئلة وشكوك – التقبل بمعنى ان يرد عليها بأحسن منها لزيادة المعرفة وخدمة للمنفعة العامة فيما يخص شعبنا. وأملي أن يأتيني رد خال من الشخصنة والمباشرة والتهرب من الأسئلة المثارة بغية إبعاد القارىء عن مسار الموضوع الذي نحن بصدده.

الشك طريق اليقين

هذا ليس قولي. هذا ما أتى به أب الفلسفة المعاصرة ديكارت حيث وضع مسألة الشك وإحتمالية أن يكون ما نراه صائبا موضوع تساؤل وخطاء ركيزة فلسفية علمية تساعدنا في فهم أنفسنا وعالمنا لا بل معتقداتنا.

والشك ركن من أركان المسيحية رغم أنني قد أدان من قبل المؤسسة الكنسية على هذه المقولة. بيد أنني أستند إلى نص من الإنجيل يدعم قولي. توما الرسول كان يشك في قصة قيامة المسيح وظل على شكوكه رغم كل الأدلة التي قدمها له أقرانه ولم يغادره حتى برهن عليها من خلال الحواس البشرية – اللمس والنظر والسماع من المصدر والحديث المباشر مع الشخص المعني– أي المسيح، أنظر يوحنا 20: 24-28.

كنيستنا المشرقية كنيسة توما

وكنيستنا المشرقية بأسمائها ومذاهبها المختلفة وذات الإرث الحضاري والطقسي واللغوي والثقافي المشترك أسست على يدي هذا الرسول الشكاك الذي طلب الدليل من المسيح ذاته كي يصدقه. والمسيح حسب الإعتقاد المسيحي هو الله. ومع ذلك لم يلعنه المسيح او يخرجه من مجموعة تلاميذه. ولهذا إن شككت في بعض ما ورد في الرواية التي أتتنا من الزميل سيزار في موضوع: "مقال أعجبني (حول الوقف المسيحي والنائب يونادم كنا) للكاتبة الاء حامد من الناصرية" أمل منه ومن زملائه التعامل مع الشك كما تعامل معه المسيح – أي بدلا من الهجوم وتحويل مسار النقاش إلى أمور غير ذات علاقة وإستخدام الكلمات النابية والألقاب الحيوانية من خلال خطاب هابط عودنا عليه بعض الزملاء، أملي هو الأتيان بالدليل القاطع لإفحامي وتبديد شكوكي كما فعل المسيح مع توما.

نحن ورثة كنيسة بناها توما الذي شكك حتى في قيامة المسيح

وهذه حقيقية. كنيستنا المشرقية بناها هذا الرسول وتلميذيه أدي وماري. وهذا فخر لأننا كمسيحيين مشرقيين أحفاد ادي وماري تلامذة مدرسة الشك المسيحية التي بناها توما حوالي 1600 سنة قبل ديكارت. وأسس هذه المدرسة تستند على الدليل لتبديد الشكوك. إثارة الشكوك حول مسائل لاهوتية ووجودية وحياتية وفكرية ودينية جزء من تراثنا الفلسفي واللاهوتي.

ملفاننا نرساي السرياني عميد مدرسة مار توما

والذي يقرأ السريانية – لغتنا ووعائنا الثقافي والتاريخي والكنسي والطقسي، اي وجودنا كأمة وقومية ، لا بد وأن سمع بمار نرساي السرياني. ورواد الكنيسة لا بد وأن سمعموا بمياميره التي تقرأ يوم الأربعاء الثالث من صوم الباعوثا. أظن أن مار نرساي يثير من الشكوك والمسائل حول الوجود والعالم ما لم يثره أي فيلسوف او لاهوتي قبله وبعده.

في مياميره، يخاطب نرساي الله مخاطبة الند للند ويثير سلسلة طويلة من الأسئلة حول وجودنا رغم تواضعه كإنسان امام الخالق. ولا يخشى في تأملاته وتأخذه الشجاعة، شجاعة متصوف مهول، إلى وضع الخالق امام حقائق بشرية وأخلاقية وبايولوجية ومناخية وزراعية وتاريحية وغيرها من أمور الدنيا بطريقة يلوم فيها، ومن خلال خطاب فسلفي لاهوتي بديع، الخالق على ضعف الإنسان لأنه خلقه ضعيفا أصلا بينما كان بإمكانه خلقه أقوى مما هو عليه كثيرا. كثير من المرات أتامل كيف أدخل اجدادنا العظام هذا التصوف السامي الرائع ضمن صلواتنا الطقسية وهذا حدث في القرن السادس بينما كان الكثير من سكان اوروبا يعيش في الكهوف والكنيسة في أوروبا تبيع صكوك الغفران ومساحات وأراض ومفاتيح في الجنة.

كل هذ اسرده يا عزيزي سيزار كي أبرهن لك اننا لنا الحق أن نشك. والشك مقبول في تراثنا السرياني أي تراث كنيستنا المشرقية رغم أنك ومعك زملاء أخرين تقفزون فوق وعلى هذا التراث وتتباهون بأور الكلدانيين ونبوخذنصر. وسأتي على ذلك لا حقا.

ما هية الشكك

لدي شك كبير في أن تكون "ألاء حامد" صاحبة المقال كلدانية  لأن تحليلي لهذا المقال بالذات ولمفراداته وجمله يدل ان صاحبة المقال قد إستقت كثيرا  من زملائنا من الكتاب الكلدان. أنظر التشابه بين ما يكتبه البعض من زملائنا الكتاب وما ورد في المقال من عبارات وأنظر إلى أسلوب المقال وطريقة تقديمه: "تهميش الكلدان والإقلال من شانهم وتبخيس تاريخهم والإصرار على حصرهم في إطار مذهبي كنسي فقط وهذه أفكار عنصرية مقيتة" وإلى أخره من عبارات وجمل يتداولها خطاب بعض زملائنا.

وقصة التعاليق

أنظر كيف تظهر لنا هذه"الكلدانية" في موقع الناصرية حيث أن كل  التعاليق حتى تاريخ كتابه هذه الأسطر هي من كتاب شعبنا المتصارعين والإنقساميين الذين يعيشون في المهجر. إن كانت هي من الناصرية وهناك كلدان أخرون مسلمون في هذه المدينة لماذا لم يتدافعوا للتعليق دفاعا عن "زميلتهم الكلدانية" سيما وهناك تعاليق تشك في الأمر وتهاجم الكاتبة المزعومة وكلدانيتها؟ وكل التعاليق الإيجابية هي من قبل كتاب كلدان معروفين وكأنهم كانوا على موعد مع المقال وصاحبته.

ظاهرة " الاء حامد" ظاهرة غريبة وعجيبة

يجب أن تنورنا يا سيد سيزار لأننا لأول مرة في تاريخ إرثنا وثقافتنا وتراثنا الهائل المكتوب بالسريانية نلتقي بإخوة مسلمين لا علاقة لهم بلغتنا وعقيدتنا وتراثنا ويدعون أنهم من بني جلدتنا. التاريخ لا يحتوي على هكذا نماذج. إنها نماذج جديدة إخترعها زملاؤنا من كتاب المنتديات. الهندي الكلداني كان يتباهى بكنيستنا المشرقية وبشارة مار توما وله ثقافة سريانية وطقس سرياني وتراث سرياني يفتخر بهم أكثر مني ومنك – بالطبع كان هذا قبل أن ترميه مؤسسة الكنيسة الكلدانية طعما لأنياب الألتنة الكاسرة.

كيف تبدد شكوكي؟

كما فعل المسيج. أعطني أدلة حسية ومرئية موثقة ذات صدقية أن "الاء حامد" كلدانية وتنطبق عليها ابسط الشروط التي تجمع ابناء قومية واحدة. فأنا وأنت نشترك بلغة واحدة وتراث واحد وطقس واحد ورموز تاريخية واحدة كلها إنصهرت في بوتقة او وعاء لغتنا القومية – السريانية، أليس كذلك؟ فهل لك مثلا أن تمنحنا صورتها مع بطاقة هويتها  اوسجلها المدني وهاتفها وإن كانت قد سجلت قوميتها كلدانية في أخر أحصاء جرى في العراق والذي حدث على ما أظن قبل سنتين او ثلاث او أي إحصاء قبله او بعده وكم شخص كتب في هذا الإحصاء من إخوتنا العرب المسلمين الشيعة "كلداني" في خانة القومية في مدينة الناصرية وكيف حدث وإكتشفت بعد مرور أكثر من 2500 سنة أنها من القومية الكلدانية وليس العربية ومتى حدث ذلك ولماذا؟

وحتى لو كانت "الاء حامد" كلدانية

لنفترض جدلا أن "الاء حامد" كلدانية ابا عن جد، كما هو شأني وشأنك فما المغزى من كل هذا؟ هل نحن الكلدان في حاجة إليها كي نبرهن على كوننا كلدان؟ هل وصل شكنا بأنفسنا إلى هذه الدرجة كي نرقص على أنغام مقال وهوية مشكوك في أمرها للبرهنة على هويتنا؟ من الأفضل مدارسنا وجامعاتنا وثقافتنا ولغتنا وأديرتنا وكنائسنا وطقسنا والملايين الملايين من الكلدان الأقحاح  الذين غدرت مؤسستنا الكنسية بهم وتركتهم فريسة كي يلتهمهم الغرباء والأجانب أم "الاء حامد" التي أخذ بعضنا يهلهل لأنها قالت أنها كلدانية؟

وهل أتتك قصة الخليج العربي. هل تعلم ما حدث للكلدان ومدارسهم وكنائسهم وممتلكاتهم في دول الخليج؟ المدرسة الكلدانية في دبي كان يرتادها الأمراء وأبنائهم؟ إسأل المؤسسة  الكنسية ماذا حل بها؟ كم كنت فخورا براهباتها عندما عملت لفترة وجيزة في دبي واليوم منحناها على طبق من ذهب لغرباء عن طقسنا وتراثنا ولغتنا كما فعلنا بالملايين من الكلدان الأخرين وغيرهم وكما نفعل بأنفسنا ونحن نعرب كل طقوسنا وتراثنا وثقافتنا وألحاننا وأناشيدنا ونغادر لغتنا. ألم يكن الأجدر أن تكتب مقالا في هذا الشأن بدلا من أن تبث دعاية لكاتبة مغمورة يشك الكثير منا في صدقيتها وصدقية كلدانيتها؟

وأور الكلدانيين

أور ليست مدينة كلدانية. بابل نعم ولكن أورمدينة سومرية. تسمية  أورالكلدانيين تسمية توراتية (العهد القديم في الكتاب المقدس) وقد ردد العبارة بعض الأثاريين القدامى طمعا في الحصول على منح من الكنائس والكاتب التوراتي قال ذلك  لأنه كتب النص وهو ضمن سبي بابل لبني إسرائيل وكان يرى الدنيا من منظار الإمبراطورية الكلدانية حينئذ. ومسألة إبراهيم النبي أن يكون من اور ليست مسألة موثقة تاريخيا وأثاريا وعلميا. إنها قصة كأي قصة أخرى في العهد القديم غايتها التعليم والدرس والتربية والبرهان على تدخل الخالق في شؤون الخلق. ليس هناك عالم اليوم يؤيد نظرية أن إبراهيم قدم من أور. الكتاب المقدس (العهد القديم) فيه كثير من الأخطاء التاريخية والعلمية وغيرهاولهذا لا يعتد به أكاديميا وعلميا كمصدر أساسي.
 
وكلمة عتاب لموقع عنكاوة كوم

لم أكن أتصور أن موقع عنكاوة.كوم يقبل نشر مقالات "تعجبني" منشورة أصلا في مواقع أخرى وغير مرسلة له من قبل كتابها وعلى صفحته الأولى في حقل أراء وأفاق. أن تظهر هكذا مقالات في صفحة المنتديات هذا أمر مقبول. أظن ان الموقع أدخل نفسه في سابقة كان في غنى عنها حيث الأن عليه أن يقبل أي مقال منشور في موقع أخر ذو علاقة بأحد مكونات شعبنا ويدخل في خانة "يعجبني" على صفحته الأولى.

-------
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,558666.0.html


179
لمصلحة من يجري تهميش الرهبنة الكلدانية؟

ليون برخو
جامعة ينوشوبنك – السويد

كل كاتب له رسالة او هدف. ولتحقيق غايته عليه تقديم أدلة موضوعية منطقيه كي يصدقه الناس.

ثلاثة أهداف

 انا شخصيا لدي ثلاثة اهداف أتوخى تحقيقها من خلال كتاباتي في مواقع شعبنا. في مقدمتها تأتي وحدة شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة. فنحن شعب واحد. لنا لغة وثقافة وتاريخ وأدب وطقوس كنسية مشتركة يتضمنها إرثنا الكتابي المتمثل بلغتنا السريانية. والذي يقول عكس ذلك لا علم له بهذا الإرث الكتابي المشترك الذي يعد واحد من أقدم الكنوز المعرفية وأكثرها غنى في العالم.

والهدف الثاني يتمثل في قول الحقيقة بقدر المستطاع إستنادا إلى حقائق تاريخية ولغوية وثقافية تتعلق بتاريخ  شعبنا. شعبنا يعاني كثيرا من السلطة التي فرضت نفسها عليه دون وجه حق مستغلة في أغلب الأحيان قميص المذهبية.

والهف الثالث، الذي يقع مقالنا هذا في نطاقه، يتعلق بالسلطة الكنسية. هنا اريد ان يعرف شعبنا أن هناك فرقا كبيرا بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كسلطة او مؤسسة. رسالة السماء هي الإنجيل – المحبة والتسامح والعطاء والغفران. والسلطة والمؤسسسة تتغاضى عن هذه المبادىء وتبحث عن المال والجاه والمكانة الإجتماعية والتشبث الأعمى بالمذهبية وتتصرف تماما كما تتصرف اي مؤسسة او مديرية او حزب أو حكومة.

أمثلة

 ووقعت بعض الأحداث في الفترة الأخيرة تظهر أن رجال الدين قد يتصرفون مثل جباة الضرائب او رؤساء أحزاب او سياسيين وقد يقعون في متهات وأخطاء ومغالطات ويأتون من تصرفات لا يقبلها الإنجيل لا بل يدينها أشد إدانة.

 فمثلا الإقتتال والصراع المذهبي المقيت على قبر المسيح في كنيسة القيامة حيث يهجم القسس والاساقفة الواحد على الأخر ويرمي بعضهم البعض بالحجارة والمكانس في أقدس أقداس المسيحية والمساومات والمؤمرات  التي يعقدونها مع السلطات الإسرائيلية للإيقاع بعضهم بالأخر جزء من السلطة والمؤسسة وتنافي ابسط مبادىء الإنجيل. والإعلام العالمي قد وثق هذه الأحداث بالصورة والفديو.

ومليارات الدولارات التي أُنفقت للدفاع عن إنتهاكات بعض رجال الدين في المحاكم في أمريكا بينما مئات الالاف من اللاجئين المسيحيين العراقيين يعانون الأمرين إن في سوريا او العراق دون ان تقدم لهم  هذه المؤسسة أية مساعدة تذكر أيضا جزء من السلطة والمؤسسة ولا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد برسالة المسيح.

وهناك العشرات لا بل المئات من الأمثلة تظهر ان الكنيسة شأنها شأن أي مؤسسة أخرى تتصرف بإزدواجية ظاهرة للعيان.
ولهذا تراني أحاول التميز بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كمؤسسة او سلطة مدنية ولا أتحفظ على الإطلاق عند إنتقادي للمؤسساتية والسلطوية في الكنيسة.

هل يجوز هذا

ومن هذا المنطلق أضع أمام شعبنا لا سيما المكون الكلداني منه تصرفا مؤسساتيا مدان من قبل أبرشية كلدانية في المهجر. بينما تدعي هذه الأبرشية – لا سيما رئسها ونائبه – أنها تريد النهضة بنا، من ناحية أخرى عملت ولا تزال على تهميش رهبنتنا بوسائل ومخططات تصل درجة المؤامرة.

هذه كله موثق – أي في حوزتي وثائق كنسية – تظهر ان ما حدث أفقدنا نحن الكلدان ركنا من أركان ثقافتنا ونهضتنا ومع ذلك يعمل ويتصرف قادة الأبرشية هذه وكأنهم رواد نهضتنا.

قبل أن تعمل هذه الأبرشية على إفراغ رهبنتنا من خيرة ابنائها بمساومات لا يقبل بها إي ضمير، اود تذكير القراء الكرام أن الأبرشية هذه صارت مرتعا لكل راهب يترك الرهبنة الهرمزدية الكلدانية ودون حل من النذور الرهبانية وموافقة الرئاسة.

تصرفات مدانة

الوثائق تظهر ان الأبرشية صارت ملاذا لأكبر عدد من الرهبان - سنتحفظ عن ذكر الأسماء -  الذين غادروا العراق دون موافقات رسمية وان المسؤول المباشر للأبرشية قام بتعيين بعضهم للعمل ضمن توجهاته الإعلامية والسياسية دون موافقة الرئس العام غير مكترث بسيل من الرسائل التي وجهتها له الكنيسة.

 وبسبب هذه السياسة والعمل على إستقطاب الرهبان دون إذن وموافقات رسمية خسرت رهبنتنا الكثير، منها المجلة العلمية والتراثية التي كانت تصدرها بإسم "ربنوثا" وأكثر من ذلك خسرت دار نشر كانت واحدة من أنشط  دور النشر في تاريخ ثقافتنا السريانية وكان أخر إصدار لها معجم عربي- سرياني يعد قمة في الإبداع.

والوثائق تتحدث عن مساومات وما يشبه الحيل والمؤمرات هدفها الحط من مكانة لا بل تهميش رهبنتنا التي هي كلدانية وليست شيئا أخر. ووصل الأمر إلى درجة أن يغادر رئس دير منصبه دون إذن او براءة ذمة تاركا وراءه مشاكل عويصة من مالية وإدارية لا زالت الرهبنة تعاني منها. ووصل الأمر كذلك ان يغادر المدبر الأول للرهبنة منصبه دون إذن اوبراءة ذمة ويحط ترحاله في أحضان هذه الأبرشية والقائمين عليها.

أسئلة لا بد منها

السؤال الذي لا بد وأن يسأله القارىء لماذا صارت هذه الأبرشية بالذات ملاذا لكل من ترك الرهبنة دون وجه حق ولماذا يرفض كل الأساقفة تعيين او منح مناصب لهم غير أسقف واحد من مجموع 19 اسقفا في هذه المؤسسة؟ وهل لنا ان نعلم لماذا يعتمد هذا الأسقف بهذه الدرجة على نائب خارج عن قانون رهبنته وناكث لنذوره المؤبدة ومساهم في تحطيم هذا الركن المهم من  ثقافتنا وتراثنا ولغتنا لا بل وجودنا ككلدان؟ والسؤال الذي لا بد منه كيف لنا نحن الكلدان أن نصدق او نتشبث بجلباب هكذا أبرشية وهكذا رجال دين؟
 

180
ماذا ينتظر المسيحيين في سوريا
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

في الخطاب السياسي للشرق الأوسط يوصف المسيحيون أنهم الحلقة الأضعف. أنا أؤمن بهذه المقولة ليس كوني مسيحيا مشرقيا بل إستقراءا للتاريخ الدامي لهذه المنطقة.

كان المسيحيون من العرب وغيرهم يشكلون الأغلبية في دول مثل العراق وسوريا وفلسطين إلى حوالي القرن الثاني عشر. واليوم هناك بضعة الاف في فلسطين بعد أن كانوا يشكلون حوالي 40 في المائة من السكان عندما قرر الغرب منحها لليهود.

التواجد المسيحي في سوريا هو الأكبر في الدول العربية الأسيوية. ولكن هذا التواجد صار على المحك.هناك حربان أخرييان في سوريا عدا التي تدور رحاها الأن.

الحرب الثانية أصبحت تقريبا ظاهرة للعيان وبعض الدول العربية وبالتنسيق مع دول أخرى صارت تمهد  للتدخل العسكري الأجنبي. والحرب الثالثة ستبدأ عندما تسيطر الغالبية المتمثلة بالمسلمين السنة الحكم وترفع عن كاهلها الغبن الذي لحقها لعقود من الحكم الفردي المستند على أقلية مسلمة تختلف عنها مذهبيا.

والحرب الثالثة هذه ستطحن كل من كان في  نظر التنظيمات الجديدة مهادنا للنظام وهم المسيحيون ومناصرا ومدافعا عنه بالسلاح وهم كل المنتمين للأقلية الحاكمة. وهكذا سيقع المسيحيون في أنياب مطحنة ستقترب في كثير من تفاصيلها المطحنة التي كادت تقضي على الوجود المسيحي في العراق.

المسيحيون العراقيون والسوريون لهم قواسم مشتركة منها المساهمة الفاعلة في الحضارة العربية والإسلامية تفوق ما قدمه المسلمون إن أخذنا معدل نسبتهم إلى مجمل عدد السكان. والمسيحيون العراقيون والسوريون لم يرفعوا السلاح في وجه أحد طوال تاريخهم. والمسيحيون العراقيون والسوريون كانوا مساندين على الدوم للنظم  القائمة ليس حبا بها بل لأنها "الحلقة الضعيفة"  لا حول ولا قوة لها.

والضعيف يبحث عن الحماية ويولي وجهه صوب الجهة القوية لأن لا قوة ولا حول له. من الخظأ القول أن المسيحيين المشرقيين يساندون الأنظمة الشمولية او القميعة حسب وصف البعض. المسيحيون المشرقيون من السوريين والعراقيين أقص ما يتمنوه هو الحماية والحفاظ على ثقافتهم ودينهم وتقاليدهم التي إنغرست وبحكم الزمن لا بل صارت جزءا من الثقافة العربية والإسلامية.

ويخطيء من يقول أو يتصور أن الغرب المسيحي بحكوماته وكنائسه (الكبيرة والصغيرة) يهمه أمر المسيحيين الشرقيين. أنظر ماذا حل بالمسيحيين الفلسطينيين والعراقيين. الغرب المسيحي بحكوماته وكنائسه منافق في سياساته الشرق الأوسطية. المهم أن أي تغيير وإنقلاب إو إستمرار للوضع القائم لا يؤثر على ربيبته إسرائيل ومصالحه الإستراتيجية  وعداه  فليذهب  الكل للجحيم.

الأحداث في سوريا كما أراها وبعد عقود من الحكم الفردي وسياسات الحزب الواحد يبدو أنها ستأتي على الوجود المسيحي في سوريا وإن علمنا أن قسما كبيرا من اللاجئين العراقيين في سوريا والبالغ عددهم أكثر من مليون شخص مسيحيون من العراق حسب ما تقول الأمم المتحدة عندها نعرف حجم الكارثة.

ولكن لم يتطرق أحد حتى الأن كيف إستطاعت سوريا بإقتصادها الضعيف  (ميزانيتها اقل من ميزانية إقليم كردستان في العراق) وإمكانياتها المحدودة إستيعاب أكثر من مليون عراقي وليس هناك مخيم واحد لهم في سوريا – بمعنى أخر أوتهم بين صفوفها.

 أي دولة او كنيسة غربية  تفعل ذلك.
 
قلبي على سوريا
 


181
إلى المطران شليمون وردوني: لا فض فوك يا أسقفنا الجليل

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

 وهكذا يخرج علينا أسقفنا الجليل شليمون وردوني النائب البطيريكي للكدان كي يلقننا نحن كتاب شعبنا اولا وابناء شعبنا الواحد ثانيا درسا بليغا في المحبة والتسامح وقبول الأخر بعد أن ذهبنا بعيدا في طعننا للأخر ونسينا أننا "أبناء المعمودية" وأبناء المسيح الواحد الأحد وإنجيله.

بعد ان شحذنا أقلامنا للتنكيل ببعضنا البعض يخرج علينا أسقفنا الجليل كي يقول: مهلا، مهلا لقد أسأتم الفهم. ما حدث في المؤتمر الصحفي والبيان الذي اصدرته البطريركية الكلدانية ما هو إلا لبنة لا بل حجر زاوية في وحدتنا رغم تباين أسمائنا ومذاهبنا:

http://www.ankawa.org/vshare/view/2787/marwardoniishatr

إن ما أتى به أسقفنا الجليل من طروحات في اللقاء الهام الذي أجراه معه الإعلامي شمعون متي في قناة عشتار يضع أصحاب الأقلام المتربصة والمريضة – والتي همهما زيادة الأم شعبنا وتقسيمه ولا بل تمزيقه من خلال خطاب إقصائي تتخلله عبارات قد لا يقع نظرك عليها إلا في كتابات أقلام النظم الشمولية – على المحك.

وقبل أن انقل بعض العبارات التي وردت في هذا اللقاء المفصلي، أمل من كل الأطراف، لا سيما الطرف المعني في المؤتمر الصحفي، وضع يده بيد مطراننا الجليل لتنفيذ دعوته لوحدتنا ولم شملنا وترجمتها على  ارض الواقع اولا وأخيرا من خلال ما يتبناه من سياسات ومواقف، وأن يغادر عملا ونطقا كل ما يهمش او يحط من قدر أي مكون من مكونات شعبنا.

نعم يا سيادة المطران كلنا نعاني من "الإبليس" الذي يدخل علينا من خلال كتاباتنا التي تفرق أكثر مما تجمع وأخذت بعضها تمزق البيت الكلداني ذاته.

"الإبليس يحاول التفرقة بين المسيحيين." ما أروعه من قول. إذا لنشخص الإبليس ونخرجه بين صفوفنا.

هل لاحظتم كم مرة وردت لفظة "المصالحة، الوحدة" بين أطياف شعبنا بأسمائه ومذاهبه في كلام أسقفنا وقارنوا بين الألفاظ الشمولية والإقصائية والتكفيرية التي ترد في خطابات بعضنا؟

وأسبوع الوحدة المسيحية الذي تحتفل به كل الكنائس في العالم منذ 1916 كان من المواضيع البارزة التي أكد عليها وكانت معظم إقتباساته من الإنجيل تؤكد على أننا واحد في المسيح كلنا الذين إعتمذنا بإسمه.

"نحن نفرح ونحث كل فرد من أفراد المعمذين بإسم المسيح" على الوحدة " وإن لم نعمل ذلك نعمل ضد أنفسنا وضد الإنجيل. نحن مستعدين أن نضحي بحياتنا من أجل كل فرد معمذ بإسم المسيح."

"كل فرد معمذ" أي كلنا بأسمائنا ومذاهبنا المختلفة. إنك حقا نعمة وبركة لشعبنا يا أسقفنا الجليل ومتى نتعلم منك أننا كلنا واحد.

ولا أعلم كيف سيقرأ او يحلل بعض الزملاء من الكتاب الذين يهرطقون "يكفرون" الأخر ويضعون مذهبهم أو إسمهم فوق الجميع ويقسمون شعبنا حسب هواهم؟

لنسمعه مرة أخرى:

"من يحاول أن يفرق او يقسم بين المسيحيين فإنه يخطأ ويعمل ضد إرادة ربنا يسوع المسيح ... لنا إنجيل واحد. إن ربنا ومخلصنا هو واحد. عماذنا واحد. لنا أمور كثيرة توحدنا."

والله، والله ثم والله لو كنت قريبا منك لقبلت رأسك ويديك وقدميك.


182
وأخيرا ساعدنا رجال ديننا من الكلدان والأشوريين على التميز بين الكنيسة كرسالة سماء والكنيسة كمؤسسة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك -  السويد

كنت ألحظ أن البعض من ابناء شعبنا لايتفق مع لا بل يستهجن طرحي بخصوص الكنيسة وواجب التميز بين مهمتين تقوم بهما.

المهمة الأولى، وهي الأساسية، تخص رسالة المسيح التي وردت إلينا في إنجيله وكذلك الرسائل التي تركها لنا رسله.

المهمة الثانية مهمة دنيوية بإمتياز لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد برسالة الإنجيل التي بلإمكان تلخيصها بكلمات أربع: المحبة والتسامح والإحسان والغفران.

مثال من كنيسة (أ)

في يوم من الأيام كنت في كنيسة (أ) وحضرها أسقف ومعه كاهن. قرأ الأسقف الإنجيل وكم كانت رائعة كلمات المسيح حيث أنها سقطت على القلب مباشرة. وكم كانت رائعة الكرازة التي أكدت على المبادىء او الكلمات الأربع التي ذكرتها أعلاه وأنشرح صدري وصدر الكثير من الحاضرين للموعظة.

ولكن ما أن ذهبنا إلى قاعة الكنيسة للإحتفاء بالأسقف حتى تغير الوضع والخطاب وأستدار الأسقف والقس 180 درجة. صعدا الإثنان على المنصة وأطلقا خطابا إقصائيا جعل من كنيسة وأتباع (أ) هم الأصل والفصل وأغدقا المديح على (أ) وإسمها ولغتها وأحجارها في المتاحف وأن (أ) عرفت الله قبل أن يقدمه لنا المسيح في رسالته. وأنهال الحاضرون بالتصفيق رغم ان ما أتيا به من طروحات وأخطاء قد لا يقترفها شخص متوسط الثقافة.

مثال من كنيسة (ب)

دخل أسقف وقس قاعة غاصة بالحاضرين ودخلا في نقاش يخص الكنيسة (ب) ولغتها وإسمها وقوميتها. لم يرسم أي منهما حتى إشارة الصليب ولم يستهلا الإجتماع بالصلاة الربانية بل دخل الإثنان في خطاب إقصائي جله مهاترات ومغالطات في التاريخ واللغة والتراث والطقس وبعضه مسيء مع ذلك كان الجميع يصفق لهما. وفي حديثهما الذي إستمر حوالي ساعتين لم يقتبسا حتى كلمة واحدة من الإنجيل وهذا لا يفعله حتى إمام حسينية في قرية نائية عند تعلق الأمر بالبسملة او الإقتباس مما لديه من نصوص.

ونعود للكنيسة (أ)

وكأن الذي فعله أسقفها لم يكن كافيا حتى دخل رئسه  على الخط. هذه المرة أقحم الإقصائية وتفضيل كل ما يعود ل (أ) على الأخرين وهو يخاطبنا بمناسبة عيد الميلاد الذي علمنا نحن المسيحيين المشرقيين ان لا نبتدىء صلاتنا إلا بعبارة "تشبوحتا لالاها بمرومى وعال أرعا شلاما وسورا طاوا لونيناشا" (المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام والرجاء الصالح لبني البشر). أين هذا من هذا؟

ونعود للكنيسة (ب)

وكأن ما أتى به أسقف كنيسة (ب) وقسه لم يكن كافيا حتى دخل رئسهما على الخط وأين؟ في مؤتمر صحفي وفي خطاب جاء ردا، كما يبدو، على ما أتى به أتباع الكنيسة (ب). لا أود الدخول في مناقشة التصريح لكن علينا ان لا ننسى أن هذا البيان وكل الأمثلة التي تحدثت عنها حتى الأن لا علاقة لها برسالة السماء التي أتانا بها المسيح.

ما هي إذن؟

إنها سلطة ومؤسساتية ولأنها دنيوية بعيدة عن رسالة المسيح يحق لنا التعامل معها كما نتعامل مع أي خطاب سياسي مؤسساتي. ولأن الكنيسة (أ) والكنيسة (ب) إنطلقتا من طروحات أرضية بحتة وغير سماوية فعليهما تحمل تبعة ما قامتا به.

أصحاب المؤتمر الصحفي

ولأنني تابع إلى الكنيسة (ب) فإنني أقول لإصحاب المؤتمر الصحفي شكرا لكم لأنكم وضحتم لنا كيف تكون الكنيسة مؤسسة شأنها شأن أي بلدية او دائرة جباية ضرائب او حزب سياسي أو أي إدارة مدنية أخرى.

نعم لقد نهضتم (ثرثرتم) ولكن أنتم ورجال الدين من الطرف الأخر سقطتم سقوطا مريعا لأنكم الأن في أعين الكثير من ابناء شعبنا لستم إلا أناس عاديين تستخدمون سلطتكم الكنسية لتحقيق مأرب دنيوية ذات أبعاد سياسية قومية إيديولوجية بحتة لا علاقة لها برسالة الإنجيل.

هذا جيد ولكن فيه الكثير من الرياء والنفاق وإلا لكان أصبح بإمكانكم إستخدام  نفس الأطر "النهضوية" في مناح أخرى وليس في طريقة جعلت منا– ونحن شعب مسكين ومضطهد وعلى شفا الإنقراض – أضحكوة أمام أنظار شعوب العالم وليس العراق وأقلياته فقط. وإن لم تصدقوني أعيدوا قراءة تصريح النائب من الطائفة اليزيدية:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,555155.0.html

شبعنا رياءا ونفاقا

إن كنتم هكذا أقوياء مؤسساتيا لماذا لا تنهضون وتهبون هبة رجل واحد لإنقاذ مؤسستكم الكنسية من الإنهيار حيث لا سلطة لكم فيها حتى على كاهن واحد. واليوم لنا كراريس صلوات  بأشكال ولغات وطقوس مختلفة ربما بعدد الكهنة الموجودين لدينا في المؤسسة وبعضها مليء بالأغلاط اللغوية والطقسية والعلمية والتاريخية وحتى اللاهوتية؟

إن كنتم هكذا أقوياء لماذا لم تضعوا تقريرا مفصلا وعلى الإنترنت عن أوقاف الكنيسة ووارداتها في بغداد التي أثارت ولا زالت علامات إستفهام كبيرة كي ندخل عصر الشفافية وينتهي القيل والقال؟

وإن كنتم هكذا أقوياء لماذا ليس بإستطاعتكم إنقاذ المؤسسة من غزو الألتنة والتعريب كي نعود كلنا سوية إلى طقس وتراث كنيستنا المشرقية العظيمة؟

إن كنتم لا تستطيعون فرض طقس قداس موحد في مدينة واحدة يتواجد فيها أكثر من كاهن فكيف تطلقون العنان لأنفسكم في خطاب فيه تهديد وإنذارات وفي كل الإتجاهات؟

أتحداكم أن تفرضوا على كاهن  واحد فقط أن يغير ملازمه الطقسية والغير القانونية والمليئة بالأخطاء ليس اللغوية فقط بل حتى العلمية والتاريخية والطقسية وغيرها؟

وهناك الكثير الكثير مما يمكن أن يقال منها التأمر المكشوف من قبل من هم حتى بدرجة الأسقفية على بعضكم البعض وحتى على رهبنتنا الكلدانية وكتابة التقارير للسفير والفاتيكان ووصل الأمر بالبعض العمل كمخبرين حيث أفشلوا من خلال علاقاتهم إنتخابين حرين نزيهين لإختيار الرئس العام للرهبنة ؟ وهذه الأمور كلها موثقة.

هل نسيتم؟

هل نسيتم كيف تواطأت هذه المؤسسة (مؤسسة المؤتمر الصحفي) مع مؤسسة أخرى ورضخت لشروطها بقطع علاقتها مع ملايين الكلدان في الهند (ومناطق أخرى مثل الخليج مؤخرا) وكيف سمحت للمؤسسة الأخيرة والتي هي من نفس المذهب إستخدام العنف المفرط لتغير ثقافة وطقس ولغة الكلدان هناك في ما يرقى إلى جريمة بحق الثقافة الإنسانية. أين كنتم عندئذ؟ ألستم شركاء؟

وأعتقدَ الكثير من الكلدان – لا بل إستبشر بعضهم خيرا – أن الخبر المصور الذي بثه موقع عنكاوة.كوم بعنوان "الكلية الكلدانية السريانية في الهند تحتفل بذكراها ...":

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,555148.0.html

 جزء من النهضة الكلدانية او ربما ردة فعل لبطولة وبهلوانية المؤتمر الصحفي ونسيوا أن هذه المؤسسة ذاتها ساهمت في إلغاء إسم الكلدان من الوجود هناك وسلمت كل المعتزين به برجالهم ونسائهم وكهنتهم وأساقفتهم ورهبانهم وراهباتهم وكتبهم وتراثهم وثقافتهم وكنائسهم وأديرتهم ومدارسهم وجامعاتهم لقمة سائغة كي تفتك بهم أنياب الألتنة وتنهي لغتهم ووجودهم إلى غير رجعة.

وها أنا أضع الرابط أدناه  لنفس المدرسة كي يطلع عليه القراء من الكلدان وأمل أن لا يستغربوا، وأن يكفوا عن الإتكاء على هذه المؤسسة لأنها صارت مثل القصبة المرضوضة التي تجرح في النهاية كل من إستخدمها للتقدم إلى الأمام او النهوض:

http://www.cshss.com/aboutus.php

تصور البعض من الكلدان بعد قراءة الخبر أن الثقافة الكلدانية والطقس الكلداني واللغة السريانية (سمها كلدانية) التابعة للبطريركية صاحبة المؤتمر الصحفي لا زالت قائمة في الهند وتصور البعض أن النهضة الكلدانية وصلت إلى هناك. كم نحن مخدوعين.

نعم كان هناك عدد هائل من الكلدان في الهند (كان عددهم قبل عقود أكثر من أربعة ملايين) ولكن قضت عليهم هذه المؤسسة بعد أن داست عليهم بأرجلها ورمتهم طعما سهلا للذئاب الكاسرة وغزاة الألتنة.

وما تبقي منا تقدمه اليوم هذه المؤسسة ذاتها ضحية وطعم لغزو التعريب والألتنة ايضا وأنظر كيف أنها تخلت عن الكلدان في دول الخليج العربي وبإنبطاح مكشوف لاينم عن أي غيرة او حرص على إسمنا وثقافتنا ولغتنا ومدارسنا ووجودنا هناك وهذا حدث مؤخرا وقارن بين عنجهية البيان الذي تلاه السيد نامق جرجيس في المؤتمر الصحفي.

وأنظر كيف هب الكثير من الكتاب من الزملاء الكلدان للدفاع عن المؤتمر المضحك المبكي وكيف أنهم يغضون النظر عن كل الكوارث والمأسي التي جلبتها هذه المؤسسة علينا لا سيما فيما يخص إسمنا وتراثنا وثقافتنا ولغتنا وطقسنا وتاريخنا لا بل وجودنا كأمة.

خلاصة

أظن أنني وضحت بما فيه الكفاية أن رجال ديننا من الكنيسة (أ) والكنيسة (ب) ساعدونا كثيرا في ما قاموا به من أعمال في الأشهر الأخيرة للبرهنة وبالدليل الدامغ على الإزدواجية التي كان الكثير منا يخشى حتى التطرق إليها  في أحلامه.

183
هل سنشهد قريبا بوادر نهضة كلدانية حقيقية؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


تحدثت كثيرا عن النهضة ومقوماتها ودخلت في سجال مع زملائي من الكتاب الكلدان حول مفهوم النهضة. النهضة الحقيقية  تستند على أسس علمية وتاريخية ولغوية رصينة وحسب وجهة نظري فإننا نحن الكلدان في تراجع منذ عقود ولم نخسر لغتنا وتراثنا على حساب التعريب وبالمجان بل مناطق شاسعة في العالم كان لوجودنا فيها كأمة تأثير كبير في الماضي القريب.

  ما الحل إذا

السؤال الذي يدور الأن على شفاه كل كلداني هو: ما الحل إذا وكيف ننهض؟ الجواب بسيط جدا وقد قدم لنا معهد شمعون الصفا الكهنوتي لبطيركيتنا الكلدانية نموذجا رائعا لما يجب أن تكون عليه نهضتنا.

نهضتنا لا تتم إلا بالعودة إلى جذورنا المستمدة من إرثنا الكتابي الذي ما زلنا نتدفأ به والذي إحتوته لغتنا السريانية الجميلة. وقد لا حظت بادرة طيبة في هذا الإتجاه من قبل تلامذه المعهد بقيادة رئسهم الجليل الأب فادي القس ليون.

هؤلاء التلاميذ قادة كنيستنا المشرقية الكلدانية في المستقبل قاموا بعمل جبار. قد يروه هم عملا عاديا ولكنه عمل هائل بكل المقاييس.
لأول مرة يقوم معهد تابع لكنيستنا المشرقية الكلدانية بتسجيل ألحان من طقسنا بأسلوب علمي وأداء رائع.
 
ترتيلتان

ادى هؤلاء التلاميذ ترتيلتين رائعتين من طقس كنيستنا المشرقية الكلدانية.  في النموذجين من الفيديو كليب ادناه تراهم يمشون كالملائكة وهم يحملون كتاب الصلاة (الحوذرا) بأيديهم. وهاتان الترتيلتان من تراتيل عيد الميلاد لا تمثلان إلا جزءا يسيرا جدا مما خلفه لنا أجدادنا العظام من أناشيد بهية ضمن الجزء المخصص من الدورة الطقسية للإحتفال بعيد الميلاد  يبدأ من سابوع البشارة (سوبارا) وحتى نهاية سابوع الدنح (دنحا):

http://www.ishtartv.com/viewvideo,266,clip.html
http://www.ishtartv.com/viewvideo,265,clip.html

الترتيلة الأولى (تذمورتا ربثا دبأيا لالاها) عمرها في أقل تقدير ربما أكثر من 1500 سنة. وهي، بحدود معرفتي الموسيقية كهاو وعازف للكمان، من أقدم  وأروع ما خلفته البشرية من فلكلور غنائي مبني على مقام سيكا قصير.

والترتيلة الثانية (شوحا لهاو دبرقن)  من المداريش  التي هي بمثابة– حسب علمي المتواضع – بستة لمقام. والمقام هنا بيات وإن كانت القفلة على الري فإنه يقفل مرة على الري وأخرى على الفا. أنظر العظمة.

متى نعود إلى لغتنا وتراثنا وطقسنا

متى تعود كنائسنا وأبرشياتنا إلى طقسنا الذي لم تلد المسيحية مثله؟ متى تعود جوقاتنا إلى إنشاد هذه التراتيل بدلا من التراتيل العربية الركيكة المعنى والباهتة اللحن وهي أساسا ليست من تراثنا وثقافتنا ولغتنا – إنها دخيلة بكل ما للكلمة من معنى؟

ومتى يوقف أساقفتنا الزحف الهائل لا بل غزو التعريب والألتنة – من اللاتينية – لكنيستنا؟ ومتى يفتخر الكل – الأساقفة والكهنة والشمامسة والجوقات والكلدان كلهم– بهذا التراث المشرقي لكنسيتنا ويغادروا كل ما لا صلة له بتراثنا؟

ومتى يتوقف كهنتنا عن تأليف كراريس خاصة بهم إلى درجة أن صار لكل كاهن كراسه الخاص وترجمته الخاصة للعربية يتشبث بها حتى في دول المهجر.

أمور غير مقبولة

وكثير من هذه الكراريس والترجمات فيها أخطاء جمة لا يقبلها أي مطلع على إرث كنيستنا الطقسي واللغوي ناهيك عن انها غير قانونية لأنها لا تحمل ختم القلاية البطريركية او السنودس.

ووصل الأمر بالبعض إلى ترجمة حتى بعض العونياثا (الحان) المكتوبة بوزن شعري خاص  إلى العربية وفرضها بركاكتها اللغوية وترجمتها غير الدقيقة وأخطائها الكثيرة.

وأخر شيء سمج وغير مقبول البتة سمعته كان في عيد الدنح حيث ترجم أحد الكهنة من عندياته نصا بالسريانية دون موافقة أحد او مراجعة مسؤول الشؤون الطقسية في كنيستنا وفيه وضع المرادف العربي "سيادتك" مقابل الكلمة السريانية "ماروثاخ"، وهي من الأسماء الحسنى التي يطلقها طقسنا على المسيح وهو الله وابن الله حسب المفهوم المسيحي. فتصور كاهنا كلدانيا – أستغفر الله –يخاطب الله والمسيح ب "سيادتك".

وأخر تقليعة هي الترجمة الركيكة جدا إلى اللغة المحكية (السورث). الترجمة إلى لغتنا السريانية المحكية مهمة في كثير من الأحيان ولكن يجب أن لا تتم إلا على يد إخصائيين. ولهذا كم كانت دهشتي كبيرة عنما ترجم أحد الكهنة العبارة السريانية "مريا حسّا حطاهي وسخلواثا دعوديك" إلى "مريا محاسي حطاهي ونزنواثا دعوديك" وفرضها على الكل دون وجه حق.علما أن "نزنواثا"، ليست سريانية بل كلمة كردية لا يفقه معناها إلا من يتقن الكردية. كيف يتم ذلك وكيف نسمح أن يحدث ذلك في كنائسنا؟ يحدث كل هذا لفقدان المركزية وأي مفهوم بأننا نتبع مؤسسة لها كيانها الخاص بها لا يجوز لأي كان التلاعب به.

تغير المذهب لم يشترط  مغادرة اللغة والتراث

عندما غير بعض اجدادنا المذهب (او قل في سبيل المحاججة عادوا إلى الصواب، كما يود البعض سماعه، رغم أن الصواب عند الله فقط الذي هو خالق وضابط الكل) لم يغيروا التراث والطقس واللغة والتاريخ والأناشيد والتراتيل.

الحفاظ على اللغة والتراث والطقس هو النهضة الحقيقية بعينها. لماذا، لأن الكتاب الذي يرفعه التلاميذ ويقراؤنه والطقس الذي ينشدونه في الفيديو كليب أعلاه هو ذات الكتاب بأحرفة وبفوارزه ونقاطه الذي يحمله اشقاؤنا في كنيسة المشرق بفرعيها الأشوري والقديم. وهو متشابه إلى حد كبير مع ما لدى أشقائنا من كنائسنا السريانية.  هذا الطقس وكل ما نملكه من تراث كتابي وما يحتويه من علماء وملافنة وشهداء وقديسين وقديسات وجامعات ومدارس وعلم وأدب وشعر وثقافة وسير وقصص نملكه سوية كشركاء متساوي الحقوق والواجبات ولا يحق لأي إسم او مذهب أن يدعي أنه يعود له فقط. هو ملكنا جميعا.

النهضة خيمة تجمع الكل

إن أردنا نحن الكلدان النهوض فالطريق سالكة أساسها التراث واللغة والثقافة التي نشترك فيها مع بقية مكونات شعبنا. القول إن اللغة لا تستجيب لمتطلبات العصر قول باطل. السريانية من أكثر لغات العالم إستجابة لمتطلبات العصر.

القول إننا لا نفهم اللغة الطقسية قول باطل أيضا. من منا يفهم دخلة مقام الحسيني والتي هي ابيات شعرية للمتنبي وفيها حتى عبارات بالفارسية؟ ولكن لن يتخلى عنها العراقيون من العرب مهما طال الزمن.  الناس تستذوق موسيقى هذه الألحان قبل الكلمات.
 
لا أظن أن هناك شعبا في الدنيا تخلى عن لغته وتراثه وطقسه وثقافته بالسهولة التي تخلينا عنها نحن الكلدان. ولا أظن أن هناك شعبا قبل غزو لغوي وطقسي وثقافي أجنبي طواعية ودون مقاومة مثلنا نحن الكلدان.

كنيستنا المشرقية رائدة المسيحية في الليتورجيا

الألحان والتراتيل والمقامات التي في حوزة كنيسة المشرق الكلدانية لا مثيل لها وإن درسناها بإسهاب لربما تكون كنيستنا المشرقية الرائدة في المقامات والألحان الفلكلوية في الشرق والعالم. وإنني لأرى ان الكثير من المقامات والألحان التي يتباهى بها العراقيون من العرب، والأكراد والإيرانيون والأتراك تعود جذورها إلى الحاننا الطقسية لأننا الأقدم دون منازع ولأننا الشعب الوحيد الذي حافظ على فلكلوره لمدة قد تزيد عن 1500 سنة دون إنقطاع.

نحن الشعب الوحيد الذي وضع نظاما، رغم بساطته، للنوتا الموسيقية حيث مكنت الأجيال المتعاقبة إنشاد مئات ومئات وربما الالاف من الألحان بطريقة تكاد تكون متشابهه. وأجدادنا إستنبطوا هذه النوته حوالي الف سنة قبل أن تضع أوروبا مبادىء النوتة الموسيقية الحديثة.

هذا إضافة إلى المحتوى والمعاني التي تعبر عنها كلمات هذه الألحان. ولا أظن أن أي من المختصين في الليتورجيا سيعارض القول أن ليتوجيتنا تبز كل ما لدى المسيحية بكافة طوائفها ومذاهبها في قيمتها اللاهوتية الفلسفية وإدراكها للمغزى الحقيقي لرسالة المسيح وأسلوبها الراقي والسامي ومعظمه شعر حر كتبه خيرة ملافنتنا وقديسينا. أي شعب في الدنيا يهمل هكذا تراث غيرنا؟

شكرا معهد شمعون الصفا

إلى تلاميذ معهد شمعون الصفا الف والف شكر ونحن بإنتظار المزيد والمزيد من النشاطات التي من خلالها تعلموننا كيف تكون أسس النهضة الحقيقية لشعبنا.

ونأمل من قناة عشتار وكل قنوات شعبنا أن تبث هذه الألحان بإستمرار وأملنا أن يعيد أساقفتنا النظر في موقفهم السلبي من لغتنا السريانية وطقسنا  الكلداني.
 
طلب مشروع

نحن أبناء كنيسة المشرق الكلدانية لنا الحق كل الحق أن نطالب بالحفاظ على لغتنا وتراثنا وطقسنا وثقافتنا من الضياع لأن ضياعها ضياعنا ولنا كل الحق أن نقاوم أي محاولة لتهميش هذه اللغة وهذا الطقس وهذا التراث ومن أي مصدر أتت.
 



184
لماذا قلب الحقائق ولمصلحة من يا سيد زيد ميشو

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

لم يكن بودي الرد على الزميل زيد ميشو (رابط 1) لو لم يتهمني جزافا بأنني أسيء  إلى مقام المطران سرهد جمو. هذا ليس صحيح. ألا تخشى الله يا رجل؟ الذي يسيء هم أصحاب الخطاب الهابط، الذين يقسمون حتى شعبهم الكلداني إلى صنفين – صنف يطلقون عليه لقب  الجحوش وقطواثا وصنف أخر أشبال وأسود. فمن حق الذين تطلقون عليهم لقب الجحش ومن ثم تدعون أن إطلاق أسماء الحيوانات على البشر شيء عادي وبريء أن يحاججونكم إن كنتم ستطلقون نفس اللفظة على الذين تسمونهم أسودا او أشبال. أنتم أوقعتم أنفسكم في الفخ وعندما لا تعرفون طريق الخلاص تتهمون الأخرين بورطتكم. حاشى وألف حاشى لي أن أتقرب صوب هكذا خطاب.

خطابكم مسيء جدا

أكرر وأقول هناك مجموعة من كتبة المنتديات قد لا يزيد عددها عدد أصابع اليد الواحدة. وهذه المجموعة تزيد من جرح شعبنا إيلاما وتزيده فرقة وتشرذما ونحن أحوج ما نكون إلى وحدة الكلمة ورص الصفوف لأننا جميعا بإختلاف أسمائنا ومذاهبنا نواجه مسألة مصيرية تتعلق بوجودنا من عدمه. ولننظر وبإختصار شديد إلى ثلاثة مقالات فقط لثلاثة زملاء  دون ذكر الأسماء:

مفردات مثل "النازية والشمولية والفاشية"

أظن أنك يا زميلي العزيز على علم بأصحاب هذه الكلمات وأمثالها ومن يستخدمها.هل تنطبق عبارات النازية والشمولية والفاشية والصدامية وغيرها من المفردات على أي مكون من مكونات شعبنا وأحزابنا ومنظماتنا؟ نحن لا نملك شرطيا واحدا وشبرا من الأرض ومع ذلك بيننا من يتهم الجانب الأخر بالنازية التي أحرقت ملايين وملايين البشر وهم أحياء كما تفعل النظم الفاشية والشمولية. لو لم يتفضل علينا الأخوة الأكراد والعرب ويخصصوا لنا مقاعد في برلماناتهم لربما لم نحصل حتى على مقعد واحد عن طريق الإقتراع المباشر. فعن أي نازية وشمولية وفاشية تتحدثون؟

الخطاب الهرطوقي (التكفيري)

وهذه أخر تقليعة يتبعها بعض الكتاب النهضويين حيث أنهم يتهمون إخوة مسيحيين لهم بالهرطقة (الكفر) ويستهزئون علانية برموزهم مثل نسطورس. وهذه المقالات يختص فيها فقط عدد محدد من الكتاب ولا تنشرها إلا مواقع معينة وبعضها ومع الأسف الشديد يديرها رجال دين من المفروض أن يكونوا قد نذروا أنفسهم لرسالة المسيح التي هي المحبة ثم المحبة ثم المحبة.

كلمة الهرطقة (الكفر) أخرجتها الكنيسة من قاموسها منذ زمن بعيد وأعتذرت عن إستخدامها. إستخدمتها الكنيسة في عصرها الظلامي التكفيري عندما كانت تحرق الذين يخالفونها الرأي وهم أحياء. هذا من جهة.

ومن جهة أخرى فإن الكنيسة ذاتها رفعت رسميا الهرطقة عن كنيستنا المشرقية القديمة (النسطورية) لأنها كنيسة رسولية شأنها شأن أي كنيسة رسولية أخرى وهناك قرار كنسي واضح يعلن صراحة أن عقيدة نسطورس عقيدة صحيحة وأن الخلاف التاريخي كان سببه سوء فهم  لفظي وثقافي وإداري وحسب.

وأزيدكم علما هناك تيار في الكنيسة الكاثوليكية ذاتها كان قد إقترح إعلان نسطورس قديسا. فبأي حق وإستنادا إلى أي نص وأي إنجيل يقوم موقع تديره كنيسة بنشر أمور تخالف حتى الشريعة المسيحية ومبادئها التي تنبذ التكفير والهرطقة؟

وإن قلنا يا إخوة إقراؤا وأستأنسوا بأراء المختصين كي لا تقعون في مطبات كهذه لأنها جعلت منا نحن الكلدان أضحوكة أمام المثقفين من أبناء شعبنا، قلتم هذه إساءة لمقام رجل الدين. مقام رجل الدين هو إنجيلة وما عداه فهو شخص مثلي ومثلك.

من يمثل الكلدان

ولماذا يا زميلنا العزيز تدعي أنكم تمثلون كل الكلدان. هذا إدعاء باطل. لا أنا ولا أنت نمثل كل الكلدان. أنا كلداني أختلف فكريا عن المسار الذي تسيرون عليه. أنا لم ولن أمس مقام أو شخص أي رجل دين ولكن من حقي أن أنتقد طروحاته السياسية والقومية لأن هذه لا علاقة لها بالإنجيل، كما من حقي أن أنتقد السلطة المؤسساتية للكنيسة وأنا لست وحدي في هذا، يشترك معي رجال دين من الكنيسة ذاتها أيضا. فلماذا الإستغراب؟

أنا وحدوي الهوى

أنا كلداني وحدوي. اؤمن إيمانا عميقا وثابتا وراسخا أننا شعب واحد وقومية واحدة وادعم بقلمي كل جهد يجمعنا وسأقاوم بقلمي أيضا أي مسعى يقسمنا ويشتتنا مستندا على العلم والمنطق والحجة. نحن أبناء شعب صغير ومسكين يستحق كل جهد يجمع شمله. أنا لا أقول أمثل الجميع ولا يجوز أن تدعي أن التيار الذي تتبعه يمثل الجميع.

مسائل الخلاف

وكذلك من حقي أن أضع ما أراه من الحقائق أمام شعبنا. من حقي أن أقول أن ما تأتون به من طروحات (رابط 1 و 2 ) يخالف أبسط مبادىء المعرفة الإنسانية في التاريخ واللغة. وطلبت وضع إعتراضاتي على هذه الطروحات أمام لجنة علمية محايدة ووضعت قلمي على المحك وقلت إن أتت هذه اللجنة بتقرير يعاكس ما ذهبت إليه فإنني على إستعداد للإعتذار علنا ووضع القلم جانبا مدى الحياة. ولكن يبدو أن لا السيد زيد ولا زملائه القوميين الأخرين بودهم الإستعانة بالعلم وإلا لكنا أنهينا هذ المهاترات ومنذ زمن بعيد.

وربما تنكر هذا الدليل أيضا

وإلا، قول لي بالله عليك كيف إننا لسنا شعبا واحدا ونحن نتكلم لغة واحدة. وإن لم تصدق أننا نتكلم لغة واحدة، أطلب منك ومن القراء الكرام، لا سيما الكلدان منهم، أن يستمعوا إلى جزء من القداس لكنيسة المشرق القديمة (لأشورية) وبعدها ترتيلة "هاو نوراني" أداء شمامسة من كنيسة الأرثذوكسية السريانية. إي شخص عادي بمستوى ثقافي متوسط وليس مدعي الإختصاص والنهضة سيرى أنها لغة واحدة – لغة الكلدان الأشوريين السريان – و رغم ذلك تأتون وتقولون، لا بل تصفقون، كما يفعل الأخرون من الطرف الأخر، عندما يأتي رجل دين ويغني على ليلاكم:

http://www.youtube.com/watch?v=b9orjxKYtfo&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=LKcPXrJaiW0&feature=related

أظن أن أي فرد من أبناء شعبنا يملك ذرة من الشعور القومي ليخرج بعد سماعه لهذين الشريطين بمحصلة واحدة هي أننا شعب واحد. وأظن ان عيون الكثيرين من الذين ينطقون السريانية لغشتها الدموع عند سماعها. فبأي حق تغرسون سكاكين الإنقسامية بين صفوفنا، ووجودنا كقوم وشعب على كف عفريت؟

مقالاتي في الإقتصادية

أما عن مقالاتي في الإقتصادية فكتبت عن ذلك كثيرا وأعود وأقول أنها لم تُنتقد حتى الأن وبهذا الشكل الهزيل من أي مكون مسيحي لا بل من أي مسيحي من مجموع حوالي 30 مليون مسيحي مشرقي يقراؤن العربية غير من ثلاثة أو أربعة كتاب من أصحاب النهضة الكلدانية إضافة إلى مجموعات إسلامية تكفيرية ظلامية. أليس من حقي أن أسأل لماذا؟ وأليس من حق القارىء أن يسأل أيضا لماذا؟ الكنيسة على علم تام بهذه المقالات، مَن الأولى أن يدلو بدلوه أهو السيد زيد ميشو أم اللجنة الكنسية التي تعني بشؤون الحوار؟

والسبب في تمسككم الممل بنصوص محددة من مقالاتي عن حوار الأديان واضح. إنه ليس حبا بمسيحيتكم بل كرها بأفكاري التي تحرجكم لا بل تسحب البساط من تحت أقدامكم لأن لا أنا ولا أنت بإستطاعتنا أن ندين إن كان ما يكتبه شخص مسيحي يوائم  العقيدة ام لا. كما أنك، وأنت تعيش في كندا، لا تستطيغ إدانة إي مقال صحفي إن كان فيه نزعة عنصرية ام لا، وإن فعلت دون وجه حق تحال إلى المحاكم. المنطق والقوانين تحتم عليك أن ترفع القضية إلى الشرطة والمحاكم هي التي سترى إن كان كاتب المقال ذو نزعة عنصرية أم لا. وإن برأت المحكمة ساحته لا يفيد نعيقنا وصراخنا. وإن حكمت عليه بالذنب، لا يفيد نعاق وصراخ الكاتب.

جنابك وجناب عدد محدد من الكتاب الكلدان فقط تحكمون علي ربما بالهرطقة او الكفر والسبب كما قلت مرارا ليس لأنكم تحبون مسيحييتكم بل لأنني أتقاطع مع أفكاركم.

من الذي سيقرر أن ليون برخو خارج عن مسيرة الإيمان السليم أهوأنت أم هناك محاكم او مجالس عليها البت في الأمر. إن كان أمر الحكم علي مسيحيا بيدك وبيد أقرانك فأقرأ على المسيحية السلام.

هذه الكنيسة مؤسسة كبيرة فيها تسلسل هرمي لا يجوز تجاوزه وأنت تضرب هذا التسلسل عرض الحائط.

الكنيسة قالت كلمتها

رفع نفر من الكلدان هذه المقالات التي تذكرها مع ترجمتها إلى الكنيسة من خلال الأسقف الكاثوليكي الذي أنا تابع له. ودرست من قبل لاهوتيين في الكنيسة ذاتها. وأصحاب الشكوى، ومع الأسف الشديد كانوا من الكلدان النهضويين والقوميين – والقومية والدين  لم يجتمعا طوال التاريخ إلا معنا نحن الكلدان . حسنا ما فعلوا. لأن هذا هو الطريق الصائب وليس – كما تفعل أنت وغيرك – بنصب أنفسكم مكان المؤسسة التي في يدها وليس في يدي او يديك كل الأمور التي تخص العقيدة.

حكمت المحكمة وهذا كان القرار الذي وصلني بالإنكليزية:

>>> "Biskop" <biskop@katolskakyrkan.se> 2010-12-06 09:29 >>>
Dear Leon Barkho, Thanks ever so much for your kind email and the report. It is indeed very important that you continue your dialogue and keep on writing. The Holy Father stresses the importance of this dialogue in his new book, so you can always quote him if necessary. May this sacred time of Advent fill your heart with longing for the coming of Our Lord. May He bless you and all your family! +Anders Arborelius ocd

لن أترجم القرار وأترك شأنه للقراء كي يحددوا كيف وضعتم أنفسكم مكان الديّان.  ولكن رغم أن الكنيسة ذاتها في تقريرها عن هذه المقالات تذكر أنها تقع ضمن ما يتمناه "قداسة البابا" لا أتوقع منك او من أقرانك أن تكفوا عن هذه المعزوفة. والسبب واضح. ستعودون إليها كلما ضاقت الحجة والحيلة بكم. وإلا أعود وأقول ما علاقة مقالاتي عن الأديان بما كتبته إن لم يكن هدفكم التشهير وتشويه السمعة ودون وجه حق.
ومسألة من الذي يبت في أمو العقيدة لا تحتاج إلى صاحب إختصاص. يعرفها حتى المسيحي الأمي. قضايا مثل هذه ترفع للكنيسة وهي صاحبة القرار.

نحن نناقش مسائل الثقافة واللغة والتراث والتاريخ الخاص بشعبنا وتعيدنا كل مرة القهقري إلى مقالاتي في صحف أخرى وفي شأن أخر.
ألم أقل أخشى أنكم تمثلون تيارا متعصبا أخر بين أبناء شعبنا ؟ وإن لم يكن كذلك لتعاملت مع هذه المقالات بما تمليه عليك الشرعية الكنسية للمذهب الذي تنتمي إليه وهو وضع القضية أمام أنظار الكنيسة. والكنيسة أصدرت قرارها. بإمكانك أن تستأنف من خلال الأسقف الكاثوليكي الذي تتبعه.

ولماذا تنقل أمورا لم أقلها في مقالاتي؟ أنا لم أدعو السويد  أن تتعلم من السعودية. بالعكس أن أضع السويد كمعيار للأخلاق والشفافية وأطلب من الدول العربية أن تتعلم منها. لماذا قلب الحقائق بهذا الشكل ولمصلحة من؟

والمقالات هذه أكتبها حصرا لهذه الجريدة في طبعتها الورقية يُنشر معظمها في طبعتها الإلكتروينة وهذا رابطها. يا أخي أنقل الرابط أين ما شئت وسأكون ممتن لك جدا.

http://www.aleqt.com/author/lion_barkao

أبجديات العلم لا تحتاج إلى إختصاص

لا نحتاج إلى إختصاص بل إلى القراءة فقط كي نعلم أن الكنيسة خرجت منذ زمن بعيد من شرنقة هرطقة الأخر ولا نحتاج إلى إختصاص في أمور كثيرة تخص مسيرة شعبنا، لكن الإصرار على الخطاء والتشبث به هو مصيبتنا وبينما الإعتراف بالخطاء فضيلة لدى الأمم المتحضرة صار لدينا رذيلة.

وإلا كيف ما زلت تصر او تقترح أن أنشر مقالاتي التي أخص بها صحف معينة في المنتديات. أنظر إلى موقع عنكاوة.كوم. هذا موقع رائد يلعب بإمتياز مع الكبار في الساحة الإعلامية العراقية والعربية. له إتفاق مع كتاب (مراسلين) في شتى أنحاء العراق. هل يجوز أن نطلب من كاتب له إتفاق خاص مع عنكاوة.كوم أن يرسل مقالته أو خبره لكل الجهات في أن واحد؟ إن فعل ذلك فإنه ينتهك شرف وأخلاق المهنة، والذي يطلب منه ذلك ويقسم بشرفه أن ذلك ممكن ومستساغ يخالف أبسط مبادىء الأخلاق والمهنة أيضا. ولهذا ترى أن موقع عنكاوة حريص جدا على علامته التجارية وعند حصوله على مقال أو خبر من الكتاب الذين له إتفاق خاص معهم يحرّم عليهم نشره في أي مكان أخر وعند نشره يحذر الأخرين من نقله دون الإلتزام بشروطه.

هل هذا الأمر يحتاج إلى صاحب إختصاص يا أخي زيد؟ هذا من أبجديات الإعلام كعلم ومعرفة. لا أعلم كيف ندعي قيادة شعبنا ونحن لا معرفة لنا عن أبسط المبادىء في الحقول التي نتحدث عنها والأنكى من هذا أننا لا نريد أن نتعلم.

اسماء مستعارة

لم أكن أتصور أن يصل الأمر ببعضكم إلى درجة إستخدام أسماء مستعارة. وهذا ما أعترف بعضكم به  علنا.  أي من حقنا الأن ان نشك في ان الكثير من الأمور التي يستهجنها الذوق السليم في منتديات شعبنا والتي يحاول أصحابها الإختفاء وراء أسماء مستعارة مثل فادي 1 وفادي 2 وسرياني ونادر وعربي مقيم في السويد وغيرها كثير ربما مصدرها أنتم.
------
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,552023.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=540515.0
ربط 3
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=545216.0




185
لماذا يلجأ بعض كتاب شعبنا إلى أسماء الحيوانات في خطابهم – السيد نزار ملاخا نموذجا

ليون برخو
جامعة يونشبنك – السويد

أتحفنا الزميل نزار ملاخا بمقال مطول (رابط 1) عن سبب إطلاق أسماء الحيوانات على البشر. الموضوع كان سيكون شيقا جدا لو لم يحاول الكاتب تبرئة ساحته  من كونه رائد في هذا النوع من الكتابة "البريئة"، حسب قوله. وقبل أن أحلل الطريقة التي ينتقي فيها زميلنا العزيز أسماء الحيوانات اود أن أضع امام القارىء اللبيب بعض خصائص هذا الخطاب ومن أثم أعرج وبإختصار شديد على ما يقوله العلم.

كتاب شعبنا وأسماء الحيوانات

وهنا أنا لا أرد مباشرة على الزميل نزار رغم الإساءة الواضحة للطريقة التي يستخدم فيها أسماء الحيوانات. ويؤسفني القول أن إستخدام أسماء الحيوانات، وحسب علمي، إختصاص مجموعة محددة جدا لاتتجاوز أصابع اليد الواحدة من الزملاء من كتاب شعبنا من الكلدان بينهم رجل دين واحد. وهذه قائمة بأكثر اسماء الحيوانات تداولا في خطابهم والقارىء المتابع لكتاباتهم لا بد وأن مر عليها : (1) الجحوش والفئران والأسد، (2) الثعلب والذئب، (3) شبل ابن الأسد، (4) قطواثا و (5) التلاعب بالأسماء لغرض الإساءة والشخصنة والمباشرة.

مقال الزميل نزار (رابط 1)

وقبل أن اقدم رأيا علميا وأكاديميا عن الألقاب والأسماء، اود التذكير أن السيد نزرا يفشل في مقاله المطول في التميز بين أسلوبين مهمين في التسمية (ليس التسمية من مفهوم أبناء شعبنا). هناك فرق شاسع يا زميلي العزيز بين الأسماء التي نُعرف بها والتي نتداولها فيما يبننا للتعريف والتي قبلناها منذ الصغر، وبين الأسماء او التسميات التي نطلقها على الأخرين إضافة إلى اسمائهم الأصلية. الأسلوب الأخير يكون إما للتحبب او للذم وهذا ما يحاول الزميل نزار التهرب منه لتبرئة ساحته  ولكن دون طائل.

ماذا يقول العلم
 
والتسمية علم قائم بذاته يدخل في باب علم اللغة والمنطق والخطابة والفلسفة. ومن الفلاسفة الذين تحدثوا عنه بإسهاب هم ديكارت وبيرس وهبرماس وكيربكي. ومن علماء اللغة الكبار يأتي دي سيسور في مقدمتهم. ومن علماء وعباقرة اللغة والترجمة ومدلولات التسمية بين العربية والإنكليزية يأتي الدكتور يوئيل عزيز، وهو واحد  من أبناء شعبنا وأغلب الظن ان السيد  نزار ومعضم كتاب شعبنا لم يقرأوا لهذا العلامة الذي تدرس كتبه وأبحاثه في كل جامعة في العالم تعني بشؤون الترجمة من العربية إلى الإنكليزية او بالعكس.

 نحن منشغلين بأمور تافهة مثل أي إسم او مذهب أفضل من الأخر ومن أقدم من الأخر وأشياء أخرى مثل نبوخذنصر وأسده وبرجه التي لا علاقة وجدانية ولغوية وتاريخية لنا معها غير مدلولها التوراتي كما هو الشأن مع أشور بانيبال وتماثيله ورقمه الطينية.

ديكارت

ديكارت علمنا اننا نملك في عقلنا مفهوما محددا لإسم معين (مثل عمر او شاة او أسد او جحش او ثعلب او قطة) وهذا المفهوم له علاقة مباشرة بما يمثله هذا الإسم على أرض الواقع. بالطبع الأسماء من الناحية اللغوية أنواع كثيرة لا مجال للغوص في تفاصيلها.

بعد ديكارت

ولكن بيرس المشهود له بنقده لديكارت يقول ان ما أتى به هذا الفيلسوف غير كاف. نظرية ديكارت الثنائية قاصرة لأن هناك بعد ثالث للأسماء وهو البعد الثقافي والحضاري والزمني والمكاني الذي نمنحه لها. فمثلا القول إن: "موسى حقيقة تاريخية" له مدلولات كثيرة تختلف بإختلاف اللغات والثقافات والأديان والأزمنة والأمكنة. بالنسبة إلى المتدينين من اليهود والمسيحيين والمسلمين الذين يؤمنون بحرفية نصوصهم المقدسة موسى ليس إلا حقيقة تاريخية وإسم  موسى يشير إلى إسم النبي التوراتي الذي فعل وكذا وكذا وكل ما أتى به ورد بحرفيته في النص المقدس.

 بالنسبة للشخص الذي لا يؤمن بحرفية النصوص المقدسة بل يقرأها كأي نص أخر، الأمور التي أتى بها موسى وقصته التوارتية او كما وردت في القرأن محض خيال او نوع أدبي رفيع له مدلولات أخلاقية فلسفية لاهوتية ولكن تصديق الأفعال التي أتى بها موسى أمر صعب للغاية وغير ممكن. وكل هذا لا يعني أنه لم يكن هناك شخص إسمه موسى في قديم الزمان. وبهذا أسقط بيرس المفهوم الديكارتي المزدوج للتسمية وصرنا ننظر إلى بعد ثالث أخر.

هبرماس والسياق
 
ومنذ ذلك الحين توسعت الدرسات العلمية والفلسفية واللغوية إلى أن ظهر هبرماس (أفلاطون العصر) والذي ساعدنا على فهم أنفسنا في العصر الحديث حين قال نحن كبشر والكون الذي نعيش فيه والدنيا التي نحن فيها ليس إلا خطابا ضمن السياق الذي نرد فيه. ولهذا لا يجوز أن يكون لنا مفهوم محدد نفرضه على الكل عن أي تسمية كانت لأننا لا نصل إلى المعنى إلا من خلال السياق والذي يختلف بإختلاف الحضارات والثقافات والأديان واللغات.

 خذ مثلا تسيمة "مجاهد او إرهابي او متصهين او يهودي او مسلم او مسيحي وغيره" وكيف أن الناس والثقافات واللغات تمنحها من المدلولات ما ينبع من السياق الذي قيلت فيه والسياق يمثل المكان والزمان والتاريخ والثقافة  والدين وغيره.

مساهمة الدكتور يوئيل عزيز

وما فعله الدكتور يوئيل عزيز أنه قرأ لكل هؤلاء الفلاسسفة والعلماء من الذين كتبوا في شؤون التسمية وهضمهم ومن ثم طبق نظرياتهم على الإختلافات اللغوية والحضارية بين العربية والإنكليزية وأبدع أيما إبداع في المقالات العلمية والكتب التي نشرها.

ومما يقوله الدكتور يوئيل – وأتشرف ولي الفخر كل الفخر أنني واحد من تلامذته وهو الذي أشرف على رسالتي للماجستير في علم اللغة – أن اللغة العربية وليدة مناخ صحراوي جاف متمثل بالجزيرة العربية اما الإنكليزية فهي وليدة مناخ رطب ممطر المتمثل بالجزر البريطانية. وإنطلاقا من هذه المقارنة يأتي لنا بمثال تلو الأخر عن المشاكل التي نقع فيها عند الحديث والترجمة وإطلاق التسميات وما أحدثه ويحدثه هذا من سوء فهم في حوار الشرق مع الغرب.

 ويقول الدكتور يوئيل عزيز إن مدلولات أسماء الطيور والحيوانات تختلف بين الشرق والغرب. فيعلمنا مثلا بصورة عامة ان معظم أسماء الطيور وحيوانات الصحراء محببة بالعربية بينما معظم أسماء الطيور وحيوانات الأماكن الرطبة والباردة جدا غير محببة فيها بصورة عامة.

وتظهر عبقرية دكتورنا النجيب هذا – وهو واحد من أبناء شعبنا كما قلت – عندما يضع هذه الخلافات ضمن سياقها ويرى أن السياق قد يختلف ويعارض التسمية. فمثلا "نم قرير العين" سياق محبب بالعربية لأن العرب لا تحب القيظ وتحاول حماية نفسها منه. وإن وجدنا عبارات معاكسة لهذا الأمر مثل "إستقبال حار" فهذه عبارات وسياقات دخلت العربية من خلال المفهوم الفلسفي واللغوي الذي نطلق عليه "مقايضة الكلمات" وعذرا لأن لا مجال لي لشرح هذا المفهوم في هذا المقال.

التسمية والترجمة

ومن الأمور الأساسية التي نتعلمها من الدكتور يوئيل انه علينا الإنتباه عند الترجمة لأن للتسمية مدلولات كثيرة لا يجوز أخذها على عواهنها. فيذكرنا مثلا أن الشعراء الإنكليز ومنهم شكسبير يبجلون القيظ والصيف والشمس لا بل يشبّهون الحبيبة بيوم من أيام الصيف الحارة والشمس فيه مشرقة. هذا السياق يفقد معناه عند نقله للعربية كما ان السياق الذي يشبّه به الشعراء العرب الحبيبة بالليل والقمر يفقد معناه عند ترجمته للإنكليزية. وهناك الكثير من المطبات التي علينا أخذها في عين الإعتبار عند ترجمة وإطلاق التسميات.

إضافة متواضعة

وهنا أود الإشارة إلى الإضافة المتواضعة لكاتب هذه السطور لما أتى به الدكتور يوئيل حيث كتبت مقالا علميا عن مشاكل الترجمة السياسية في ذات المجلة العلمية الراقية التي كان ينشر الدكتور يوئيل أبحاثه فيها. في هذا المقال، الذي لا يزال يؤخذ به لدى دراسة الترجمة السياسية، أحذر من إستخدام التسميات في الخطاب السياسي لأن سياقها هو الذي يحدد المعني وليس مبتغى مطلقيها. وقلت حينه أن كلمة "المجوس" التي كان يستخدمها الإعلام العراقي لوصف الإيرانيين ولا زالت متدوالة في الخطاب الإعلامي العربي، تتحول من تسمية غير محببة بالعربية إلى تسمية محببة جدا بالإنكليزية لأن مرادفها "ماجيشنز" يشير إلى الحكماء الثلاث الذي قدموا من الشرق – ويعتقد بعض المفسرين من بلاد فارس – لتقديم الهدايا للطفل يسوع.

الحذر واجب يأ أستاذ نزار

إذا يا أخي العزيز نزار مسألة إطلاق التسميات على عواهنها ليست مسألة بريئة كما تدعي ولا أعتقد أنك تصدق وتؤمن بما تقول. وهاك الدليل:

تعترف أنك أطلقت لقب "اسد الكلدان" على شخص محبب لديك. وتعترف أنك أطلقت تسمية "جحوش الكلدان وفئران الكلدان" على أشخاص غير محببين لديك. إن كنت بريئا في هذا، كما تريد أن تصور للقراء الكرام، أي أن إطلاق تسمية الحيوانات على البشر أمر عادي ولا يثير الشبهات والإساءة، إذا عليك ان تقبل أيضا أن تضع كلمة "جحش او فأرة" مكان كلمة "الأسد" في المثال اعلاه و"الأسد" مكان "الجحوش والفئران" في المثال الثاني. هل تقبل بذلك؟ أنظر أي مطب أوقعت نفسك فيه لأننا كتاب المنتديات نكتب دون أن نفكر او نقرأ.

وتساند أيضا مطلق لقب "قطواثا" (بزازين) رغم أنني أكاد  أجزم أن معظم  الأخوة الكلدان من الذين حضروا الخطبة تلك إمتعضوا من ذلك إمتعاضا شديدا.

لماذا لا نقرأ قبل أن نكتب

وماذا ستقول عندما تعلم حقيقة سياق تسمية "اسد بابل" و "الجنائن المعلقة" التي إتخذها البعض رموزا لنهضتنا وهو لا يفقه معناها على حساب كل تراثنا الكتابي وعلمائه وملافنته.

ماذا ستقول لو علمت ان أسد بابل لا علاقة له بالكلدان القدامى. إنه رمز من رموز الإلهة عشتار الذي كان العراقيون القدامى يعتقدون أنها تتخذه بمثابة سرج او مطية في حروبها وترحالها والدليل مكان السرج الظاهر على ظهر الأسد. فهل ستظل تطلق لقب "اسد الكلدان" على من يروق خطابهم لك "وجحوش الكلدان" على الذين لا تستسيغ خطابهم؟

 وبدلا من إطلاق التسميات بهذا الشكل والتي تسيء اولا وأخيرا إلى مطلقها وقضيته وقومه لماذا لا تحاول ان تلجأ إلى أسلوب الإستقصاء والبحث كي تفند ما لاحظناه من منطلقات خاطئة تعارض أبجدية العلوم الإنسانية في خطاب الذين تطلق  أسماء محببة عليهم؟

وماذ ستقول لو ظهر أن السياق التاريخي ولأثاري لا يؤيد على الإطلاق وجود برج بابل بالمفهوم الذي نحن عليه؟ اي أن  العلم يعارض القصة التوراتية لبرج بابل. وهذا معناه أن النص نص تعليمي لاهوتي فلسفي وحسب. علميا لا برج بهذا المفهوم ولا هم يحزنون.

لنقلل من الكتابة في غير إختصاصنا

امل ان يتسع صدرك لهذا الرد وأمل أن نقلل نحن كتاب شعبنا من الكتابة في غير إختصاصنا وأن نكف عن الرد المتعصب والمتنرفز غايته اولا وأخيرا الإساءة وليس زيادة المعرفة.

وأخيرا ليعلم كل أصحاب الخطاب المسيء من أبناء شعبنا أن المباشرة والشخصنة وإطلاق التسميات والتلاعب بالأسماء (بدلا من الرد بالحجة مقابل الحجة) تنعكس على صاحبها اولا وتسيء إلى قضيته وقومه ثانيا، فلنتجنبها.
 ------
رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=544428.0

186
هل يصدق شعبنا أقوال السياسيين الأكراد حول ما حل بنا أخيرا في دهوك وزاخو
ليون برخو

جامعة يونشوبنك – السويد

كُتب الكثير حول ما حل بشعبنا في محافظة دهوك. ولن أزيد خردلة على ما كتبه زملائي من إدانة وشجب للطريقة الهمجية التي أستخدمت للنيل من شعبنا المظلوم والمكلوم بحجة بيع المشروبات الكحولية.

ومنذ تلك الأحداث التي وقعت علينا كالصاعقة لا ينفك المسؤولون الأكراد من إطلاق تصريحات ينأون بأنفسهم عنها وكأن الذين هاجموا ابناء شعبنا قدموا من المريخ.

ويؤسفني القول أن أغلب ما أتى به زملائي الكتاب من ابناء شعبنا لا ينطلق من سياق الوضع القائم في العراق بصورة عامة وإقليم كردستان بصورة خاصة.

وربما صدق بعض ابناء شعبنا قول الزعيم الكردي مسعود البارزاني  – نقل عنه قوله ولم يؤكده مصدر مستقل – أنه سيحمل السلاح ويقاتل من أجلنا. أقول أن الذي يصدق هذا القول لا دراية له بسياق الأحداث ومجريات الأمور في هذا الأقليم.

الزعيم الكردي مسعود البارزاني في وضع لا يحسد عليه هو وحزبه وعشيرته. الفساد المالي والسياسي ينخر في جسم إقليم كردستان الذي يتزعمه وإن إحتاج للسيف مرة أخرى فعليه إستخدامه اولا وأخير لمحاربة الفساد في إقليمه.

والنقطة المهمة الأخرى أن الأوضاع في إقليم كردستان ونتيجة للسياسات التي أتبعت من قبل الحزبين الرئسين وزعيميهما مرشحة للإنفجار في أي لحظة. المعارضة تتربص بهما والشعب في معظمه يعيش تحت خط الفقر رغم تدفق مليارات ومليارات الدولارات للميزانية الكردية التي يزيد مدخولها السنوي عن ميزانية دولة مثل سوريا تعدادها أكثر من 20 مليون نسمة وتعداد الأقليم حوالي أربعة ملايين.

قبل أن يحمل البارزاني سلاحه ويحارب من أجلنا نريد منه – كما طلبت منه منظمات حقوق الإنسان الغربية المستقلة – أن  يرفع يد البطش الثقيلة لميليشياته وأجهزة أمنه وإستخباراته عن سهل نينوى ومدينة الموصل بالذات.

وضع شعبنا في المناطق المتنازع عليها وضع لا يحسد عليه لا سيما نينوى وكركوك ومنظمات حقوق الإنسان المستقلة تتهم الميليشيات والأساويش الكردية بفروعها المتشعبة بما يحدث لشعبنا في هذه المناطق.

وقبل أن يرفع أي مسؤول كردي سيفه ويحارب من أجلنا – وهذا لن نتوقعه أبدا – نطلب من البارزاني أن يكف عن تكريد مناطق في سهل نينوى. التكريد مساوئه مثل التعريب الذي عانى الكردي منه كأقلية في زمان الطاغية صدام حسين.

هناك إحتقان كبير في إقليم كردستان وهذا سببه سياسات حكومة الأقليم التي جعلت الناس تلجأ إلى الدين والأحزاب الدينية ربما ليس حبا بالدين بل كرها للسياسات الحالية.

وعلى حكومة الأقليم أن ترد بشكل مقنع على إتهامات المعارضة أن حزب البارزاني وميليشياته وأشاويسه كان لهم يد في الأحداث المؤلمة وهذا ما نقله الزميل سيزار هرمز عن وزير الهجرة والمهجرين الكردي ديندار شفيق في زيارته الأخيرة للسويد.

وأخيرا كيف لنا أن نصدق أن رئاسة الأقليم وحكومة الأقليم ستنصف شعبنا إذا كانت اللجنة التي شكلها البارزاني تعمل بسرية تامة وكأنها لجنة إستخبارات وليست لجنة لتقصي الحقائق تنطلق اولا وأخيرا من مبدأ الشفافية الكاملة.

لماذا تكون نتائج التحقيق سرية بهذا الشكل ولمصلحة من؟ هذا يثير الكثير من علامات الإستفهام؟ واين هي الصحافة المستقلة التي لم تستطيع حتى الحصول على أي شاردة وواردة بينما تسريب امور كهذه للصحافة في أي بلد ديمقراطي يعتبر تحصيل حاصل.

هكذا لجنة تحقيق وفي مسألة مصيرية كهذه تضع نتائجها في تصرف البرلمان والصحافة والشعب ولا تضع نتائجها في مظروف مختوم بالشمع الأحمر. هذا ما تفعله لجان إستخبارات وليس لجان يقودها قضاة.

وحتى إن ظهرت نتائج التحقيق فمن بإمكانه تصديقها بعد كل هذه السرية التي أحيطت بها؟


187
زيارة البطريرك يوسف الثالث يونان إلى مديرية الثقافة والفنون السريانية: معانيها ودلالاتها

ليون برخو
جامعة يونشوبنك

منذ إعتلاء مار يوسف الثالث يونان سدة البطريركية لأشقائنا من السريان الكاثوليك، ونحن نقرأ بشكل  مستمر عن زياراته ونشاطاته وإجتماعاته وندواته التي يعقدها  في شتى المناطق والدول حيث يصعب على القارىء معرفة مقر قلايته البطريركية.

مقره مثلا ليس في العراق إلا انه دائم الحضور متفقدا أبناء شعبنا بمذاهبهم وتسمياتهم المختلفة، ومذكرا الكل بالدور الحيوي الذي كان يقوم به اسلافه في رص الصفوف والحث على الصبر والإيمان والمحبة.

زيارة ذات دلالات كبيرة

وأخيرا أتت زيارته الميمونة لمقر مديرية الثقافة والفنون السريانية في عنكاوة والتي أثلجت صدر كل مسيحيي المشرق بإختلاف مذاهبهم وتسمياتهم لأن اللغة والثقافة السريانية هي البوتقة التي إنصهرنا فيها كلنا ولولاها لاوجود لنا كأمة وشعب.

وهذه الزيارة الميمونة تبعتها زيارة أخرى للمديرية ذاتها من قبل المطران يوحنا إبراهيم مطران حلب للسريان الأرثذوكس وهو أسقف غني عن التعريف محب لتراثنا ولغتنا وثقافتنا السريانية وعلم من اعلامها.

وفي هذا الصدد أتذكر الزيارة التي قام بها المطران بشار وردة  من كنيسة المشرق الكلدانية الكاثوليكة إلى المدرسة السريانية في عنكاوة.

بهذه الزيارة يذكرنا غبطته ومعه الأساقفة  الأجلاء انه علينا جميعا العودة إلى هذه اللغة وبقوة وإعلاء شأنها بكل ما لدينا من إمكانيات رغم محدوديتها.

مدارسنا السريانية

شعبنا في العراق، بمنظماته المدنية والسياسية ورغم العنف الذي يتعرض له، تمكن ولأول مرة في التاريخ الحديث إنشاء مدارس لغة التواصل والتدريس والتعليم فيها السريانية – وهذا إنجاز نقف له إجلالا. إضافة إلى المدارس، لنا الأن ثلاث مديريات عامة تعني بشؤون ثقافتنا ولغتنا السريانية وقسم لتدريسها في جامعة بغداد ونأمل ان نشهد إفتتاح أقسام أخرى لا سيما في جامعات أقليم كردستان وننتظر بفارغ الصبر تأسيس جامعة سريانية.

مقترحات

وبمناسبة هذه الزيارة التي أثلجت صدري حقا، اضع بعض المقترحات امام اصحاب الغبطة والنيافة من المهتمين بشؤون ثقافتنا ولغتنا السريانية والمنطلقين من أرضية علمية أكاديمية رصينة.

اولا، حث أبناء وبنات شعبنا في العراق وخارجه على تعلم هذه اللغة والإنخراط في صفوف هذه المدارس وكذلك العمل بمثابرة على إدخالها في كنائسنا لا سيما التي عربت نفسها لظروف لا نريد الغوص فيها.

ثانيا، تأسيس مدارس سريانية جديدة في العراق لا سيما في المناطق التي يقطن فيها ابناء شعبنا والتي لازالت اللغة الكردية او العربية فيها لغة التواصل والتعليم. وكذلك العمل على تأسيس مدارس سريانية في الشتات.

ثالثا، قد لا يعرف أبناء شعبنا ولكن الحكومة في سوريا لا تسمح بتدريس السريانية في المدارس حتى في المدارس الخاصة التابعة للكنائس وانه ليس هناك قسم لدراسة اللغة السريانية في كل الجامعات السورية بينما إسم سوريا ذاته سرياني ويشيرإلى مكانة الناطقين بهذه اللغة في تاريخها. وكي نستفيد من الظروف التي تمر فيها سوريا أقترح لقاءا بين المسؤولين في الكنيستين السريانية الكاثوليكية والسريانية الأرثذوكسية في سوريا يضعون فيه مسألة حقوقنا الثقافية في لغتنا على رأس الأولويات. والأوضاع في سوريا رغم صعوبتها تشكل فرصة سياسية مواتية لنيل حقوقنا الثقافية قد لا تتحق مرة أخرى.

رابعا، يجب أن لا ننسى الجذور السريانية للمسيحية في لبنان. بالطبع الوضع اللبناني مختلف جدا لظروف تاريخية معينة ولكن هناك نهضة قوية للعودة إلى الجذور السريانية والذي يلاحظ الأن مثلا أن جوقات الكثير من الكنائس في لبنان بدأت إستخدام التراتيل السريانية والله يعلم كم كانت سعادتي عند إستماعي لتراتيل سريانية من خلال الإنترنت التي إستقبلت فيها جوقة كنسية في لبنان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي.

خامسا، أقترح لقاءا يجمع بطاركة المشرق للكنائس ذات الإرث الطقسي السرياني المشرقي والمغربي "سورياي مذنحايي وسورياي معروايي" وهي الكلدانية والأشورية (بفرعيها الحديث ولقديم) والسريانية والماروينة. إجتماع كهذا يرسل رسالة  إطمئنان إلى شعبنا وتذكره بثقافته ولغته السريانية وتؤكد  له أننا شعب واحد له تاريخ ولغة وثقافة مشتركة رغم تبايننا من حيث المذاهب والتسميات.


 

188
نعم ليون برخو داعية وخطيب ولكن رسالته إنسانية بحتة

إلى الأخ الذي يدعو نفسه السرياني ( إن كان هذا إسمه)

إنك تحاول الإصطياد في الماء العكر ولن تنجح. وتأتي بخطاب يقع في خانة التشهير وتتهجم من خلاله على عائلتي وأنا لا أريد أن أعرف من أنت.
 
المعلومات التي تذكرها في مقالك خاطئة وإقتباساتك خاطئة وفي غير محلها وخارج سياقها لا يقترفها إلا الجهلة ليس في الإسلام كدين بل حتى فيما يخص المسيحية وهي خاطئة حتى عن ولدي رغم أن الله في إنجيله وعهده القديم وحتى حمورابي في مسلته لا يحمل الأباء وزر الأبناء ولا الأبناء  وزر الأباء. فأنظر إلى إنحطاط وهبوط عقليتك ومستواك الذي لم يرقى حتى الأن ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين إلى مستوى قوانين أوجدها الإنسان قبل أكثر من 4000 سنة ولم تقف لحظة مع نفسك كي تناقش ما كتبته قبل نشره.

وتنصب نفسك حكما على الأخرين وتدينهم منطلقا من مفهوم مسيحي خاطىء بعيد عن روح التسامح والعطاء الغفران ومحبة الأخر وحتى تفضيله على النفس سيما وإن كان غريبا أي من دين أو مذهب أخر. أهذا ما تعلمته من الإنجيل؟

الإسلام كدين ليس باطلا وهذا لا يقوله ولا يردده إلا أولاد الأفاعي كما يصف الإنجيل الذين يضعون ما لهم فوق الجميع مثل الفريسيين. هل تعلم أن حتى زعيم الكثلكة في روما لا يقول ذلك. فمن أنت؟ على أي نص تستند غير شياطين تعصبك وعنصريتك ومذهبيتك؟


إنك منزعج ليس من موقفي من الإسلام ولا محبة بكثلكتك ومسيحيتك  بل من كتاباتي بخصوص شعبنا التي تدعو دائما إلى الوحدة ولم الشمل وتهاجم وبمنطق علمي سليم كل من يشرذم هذا الشعب المسكين وكذلك من إنتقادي الحاد، وفي محله، لممارسات بعض رجال الدين ومنهم من هم في سدة الأسقفية وفوقها.

موقفي من الإسلام واضح ولا تراجع عنه.  أنك تنسب كل المأسي التي تحدث في العراق الجريح للمسلمين وتغض النظر، لقصر نظرك، عن المأسي التي ألحقها الإحتلال البربري للغرب المسيحي لهذا البلد.

وكم أنت مسكين وبائس يا من لا تحمل إسما حيث تقول أن اليهود هم ضحية الشرق المسلم. يا لغبائك. نسيت المحارق التي جرت على أيدي المسيحيين الغربيين وملايين البشر الذين تم حرقهم وأكثرهم يهود وهم أحياء.

كلنا بشكل او بأخر ضحية لسياسات الغرب المسيحي. ماذا حل بملايين المسيحيين من الفلسطينيين؟ ماذا جرى لهم نتيجة السياسات الرعناء والعمياء للغرب المسيحي وكنائسه في الدفاع المستميت عن يهود إسرائيل وهم كانوا قبل أقل من خمسين سنة يسوقونهم بملايينهم للمحارق وهم أحياء؟

 
مع ذلك هذا ردي إليك ويبدو أنك لم تقراءه.


مقالي الأسبوعي عن الإسلام وشؤون الشرق الأوسط
لماذا يصطف نفر من الكلدان الكاثوليك مع مجموعات إسلامية تكفيرية ظلامية؟

كلما كتبت مقلا أنتقد فيه طروحات البعض من كتاب النهضة الكلدانية ومنظريها، إنبرى نفر من الكلدان الكاثوليك مستشهدين بما أكتبه في مقالي الأسبوعي في جريدة الإقتصادية عن الإسلام والمسلمين ومزايدين علي بمسيحيتهم وكثلكتهم وهم ليل نهار ينادون بالقومية رغم أن القومية والدين لا يلتقيان.

ولكن لا أعلم أية مفارقة هذه وليس لدي تفسير معين لهذه الظاهرة ولكن لم يحدث وأن إنتقد أي مكون مسيحي (بالمناسبة هناك أكثر من 30 مليون مسيحي مشرقي في العالم العربي) كتاباتي باللغة العربية عن الإسلام والقرأن غير هذا النفر من الكلدان الكاثوليك. وذهبوا هؤلاء بعيدا إلى درجة أنني في نظرهم أستحق الحرمان الكنسي وبهذا تطابقت مواقفهم مع مجموعات إسلامية متطرفة كفرتني علنا وهدرت دمي بسبب نفس الكتابات التي لا يرضون عنها.

وقبل أن أسأل هؤلاء بعض الأسئلة المحددة والتي أعلم أنهم لن يجاوبوا عليها – وعدم الإجابة معناه الفشل – أود تذكير القراء الكرام أنني أنتقد الفاتيكان وبعض مواقفه من المذاهب المسيحية والأديان الأخرى وبقسوة في فصل كامل من كتاب "التعصب في الإعلام". والكتاب منهج دراسي في كثير من الجامعات ومصدر أساسي في حقله والفاتيكان على إطلاع عليه. ولم يرد الفاتيكان على ما كتبته من نقد لاذع رغم كوني كاثوليكي المذهب.

والمقالات التي يشير إليها هؤلاء تحدثت عنها سابقا في هذا الموقع وهي ثمرة مقال أسبوعي يظهر لي في الصفحة الأخيرة من جريدة الإقتصادية الواسعة الإنتشار (وهذا أقصى ما يتمناه كاتب صحفي). ولهذا العمود صدى واسع في العالمين العربي والإسلامي. وكان نفر من الكلدان الكاثوليك من خلال رئس اساقفة السويد وإسكاندينافيا قد قدم شكوى ضدي طالبين معاقبتي على هذه المقالات أي تكفيري. وأنا ألتقي مع رئس الأساقفة مرار ونتواصل في الكتابة لبعضنا ومعنا القاصد الرسولي في السويد وكان ردهم هذا ما تريده الكنيسة الأن وأقتبست من برقية وردت لي في هذا الخصوص في مقال سابق.

ومسألة إحتضان القرأن وتقبيله من بابا روما الراحل يوحنا بولس موثقة. وقد ذهب هذا البابا بعيدا في إنفتاحه على المسلمين (رابط  21 3) لدرجة إقامة صلوات مشتركة مع أئمتهم والصلاة في جوامعهم. إن كان هذا النفر من الكلدان الكاثوليك من المعارضين لكتاباتي لم يستوعب بعد ما يدور في عالم التعددية الذي نعيش فيه اليوم كمسيحيين كاثوليك فإنه يظهر مدى جهلهم للخطوات الرائدة التي قامت بها  الكنيسة بفضل البابا يوحنا بولس من إنفتاح على كل المذاهب والأديان ومنها الوثنية ومعناه أنهم  لا يقراؤن الدورية الكاثوليكية التي يصدرها الفاتيكان والتي فيها يحدد مواقفه والمقال في الرابط أعلاه واحد منها.

وأخيرا طوبت الكنيسة هذا البابا وهو في طريقه لنيل درجة القداسة، وهذا معناه أن سلوكه وأعماله ونشاطاته ونظرته للدنيا والأخرة تصبح منارا للكاثوليك. يا أخوتي لماذا تتدخلون في ما لا يعنيكم وتجلبون الإساءة حتى إلى أتباع مذهبكم وهم أكثر من مليار إنسان؟ كل هذا لأنكم لا تقراؤن. ولأنكم لا تقراؤن فإن كل ما تقتبسونه من مقالاتي وترونه منافيا للتاريخ والمعرفة ورسالة المسيح يمثل الحقيقة بعينها ويتطابق مع روح الإنجيل ورسالته السماوية ويستند إلى مصادر موثقة. ولهذا لم تعلق الكنيسة سلبا على ما أكتبه رغم التـاثير الهائل الذي تحدثه هذه المقالات ولا أظن أنها ستفعل.

لن أسمح لأي سلطة دينية أن تحدد مسار فكري

أنا لا أقتبس هذا كي أبرر كتاباتي لأنني كمفكر حر لن أسمح لأي سلطة دينية مهما بلغ مقامها وبنظركم قدسيتها أن تحدد لي ما يجب أن أكتبه او لا. أنا مفكر حر ومسيحي مشرقي له فهمه وقراءته الخاصة للإنجيل. الذي يوقفني هو نص صريح في الإنجيل يدين ما أكتبه وليس تفسير رجل دين يمط ويمد النص المقدس لأغراض مؤسساتية وأرضية لا مكان لرسالة السماء فيها.

ولكن لنفترض ولأجل المحاججة أنني شخص فاسق، شرير، لا أخاف الله ولا أستحي من البشر، ظالم وقاتل وسارق ولص أشرك بالله وأدوس – حاشى – على إنجيله بأقدامي – هل كان هذا سيثير ردة عكسية من هذا النفر من الكلدان الكاثوليك ؟

إذا غايتكم ليست حرصا على مسيحيتكم ومذهبكم بل حرصا على مفهومكم لقوميتكم وإيديولوجيتكم الدنيوية التي تضعونها فوق قيمكم المسيحية، اليس كذلك؟




رابط 1
http://www.catholicnews.com/jpii/stories/story04.htm
رابط 2
http://www.karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=120143
رابط 3
http://www.yabdoo.com/board/showthread.php?t=7395

189
ما لم يقال عن جلسة يونشوبنك للنهضة الكلدانية بزعامة المطران جمو

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


لم يرد أي من الزملاء من الكتاب الكلدان المنضوين تحت خيمة المطران جمو ونهضته الكلدانية عن ما أثرته عن جلسة يونشوبنك ( رابط  1). وحتى أصحاب الشأن – أي المطران وقس النهضة الكلدانية– لم  يردوا على ما شخصته من سلبيات في كلمتيهما.

إذا إستثنيا المقال الذي كتبه الأستاذ عبد الأحد قلّو، فإن كل ما قرأته كان مقالات متناثرة في مواقع إلكترونية معينة همها ليس الرد بالحجة مقابل الحجة بل قذف الإتهامات والكلمات النابية، مفضلين الشخصنة والمباشرة على إشغال العقل والحس السليم. ولأن هكذا خطاب يرتد سلبا على صاحبه أولا وأخيرا، سأتجنبه في هذا المقال.

خلافنا فكري وليس شخصي

أنا أختلف مع أصحاب النهضة الكلدانية فكريا على مستويات كثيرة ولكن لا يجوز أن نزج الشخصنة والمباشرة في ردنا على أسئلة فكرية. وليعذرني البعض من زملائي الكتاب لا سيما من هم أعضاء في الإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان إلا أنني أرى أنهم بهذا الخطاب لن يحصلوا على نتيجة وبدلا من أن يخدموا شعبهم فإنهم يسيئون إليه.

اللف والدوران

مشكلة أصحاب النهضة الكلدانية ومنظريّها – المطران جمو والقس نوئيل الراهب – أنهم يلفون ويدورون لا بل يتهربون من الإجابة على أية أسئلة فكرية ولغوية وثقافية ومؤسساتية تثار حول طروحاتهم. ولهذا لم أستغرب على الإطلاق عدم الرد بشكل عقلاني رغم أن ما أتيت به في مقالي (رابط 1) أراه ذات أهمية بالغة لمسيرة شعبنا الواحد بتسمياته المختلفة وليس المكون الكلداني منه فقط.

أهمية الأسئلة

 الإجابة عن الأسئلة مسألة مهمة جدا لمعرفة فيما إذا كان صاحب فكر او طرح علمي او موقف إيديولوجي او حتى ديني او قومي او ثقافي او لغوي مؤهل علميا وثقافيا وإجتماعيا وإنسانيا وحضاريا للعب دور في المجتمع. إن الفشل في الإجابة على الأسئلة المثارة حول طروحاته وفكره معناه أن لا فكر ولا علم ولا منطق ولا أسلوب ولا عقل ولا حجة ولا دراية له بالأمور التي يتحدث عنها.

جلسة يونشوبنك

كانت جلسة يونشوبنك للنهضة الكلدانية أول جلسة أحضرها. وكانت جلسة عامة بإمكان أي شخص حضورها وتم نقلها بواسطة الفديو مباشرة من خلال كلدايا.نت وبطنايا.نت. وقد تحدثت بعض الشيء عن السياق الذي جرت فيه في المقال السابق. وهناك الكثير مما يمكن أن يقال عن السياقات التي تجري فيها الكثير من النشاطات الخاصة بشعبنا.

ولكن قبل أن أبدا بالحديث عن مسائل لم أذكرها حتى الأن بخصوص سياق الجلسة، أود سرد أمور حدثت معي كثيرا وأنا أغطي نشاطات كهذه في الشرق الأوسط عندما كنت أعمل مراسلا لوكالة رويترز وبعدها لأسوشيتت برس.

كنت الاحظ أن أغلب الناس لا تفقه معنى الشعارات والصور والملصقات في المسيرات او الجلسات التي كانت تحضرها. وعندما ترى أناسا يرفعون ملصقات وصور وشعارات ولا يفقهون معناها، إعلم أن هناك مشكلة كبيرة. أي أن الناس لا تدري ما يدور ولا تريد أن تعرف بل حضرت إما لأنها مجبرة او لأن "الحشر مع الناس عيد". وهذا الأمر يحدث كثيرا ضمن النشاطات التي ينظمها المسؤولون في صفوف شعبنا الواحد والمكون الكلداني منه غير مستثنى.

أسد بابل وبرج بابل

 أنا لا أعلم ماذا كانت الغاية من رفع كل هذه الملصقات لأسد بابل وبرج بابل. وانا متأكد لو سألنا أي من الحاضرين ومنهم المتحدثون عن المعنى وراء ذلك لما أجابوا بصورة صحيحة.

تمثال أسد بابل كان رمزا للإلهة عشتار وعلى ظهر التمثال هناك علامات واضحة تشبه السرج حيث كان يعتقد العراقيون القدامى انه السرج الذي كانت تمطتيه في حروبها وترحالها. وعشتار كانت الهة الأنوثة والحياة لدي جميع شعوب العراق القديم وبلاد ما بين النهرين التي تشمل سوريا وجزءا من إيران وتركيا وبقياس جغرافية اليوم فإن تأثيرها الحضاري يشمل فلسطين وجزء من مصر.

أما برج بابل فلا علاقة له بالجنائن المعلقة لنبوخذنصر. هذه قصة توراتية رمزية مجازية ذات حكمة لاهوتية مفادها أن الإنسان لا يجوز له مقارعة الخالق. وأقرب برج، حسب علماء الأثار لهذا الرمز، هو زقورة سيبار (موقع ابو حبة)  التي يُعتقد أن الكاتب التوراتي (اليهودي) الذي سباه نبوخذنصر مع عشرات الالاف من بني قومه العبرانيين إنبهر بكل شيء رأه في أرض الرافدين لأن هذه الأرض كانت حينئذ أكثر تطورا وتقدما في شتى الميادين من أرض إسرائيل. وسيبار مدينة سومرية وزقورتها يعود تاريخها إلى السومريين أي حوالي 2000 سنة قبل نبوخذنصر. وكل شعوب العراق القديم كانت تقدس هذه المدينة.

لماذا كل هذا العناء


ولماذا نتشبث برموز وشخصيات لا علاقة وجدانية لنا معها، ولا نستطيع قراءة لغتها ولا فك رموز ما خلفته لنا من أثارولا نستطيع حتى تفسيرها؟ وهذا ينطبق على المكون الأشوري لشعبنا أيضا. والسؤال الذي يؤرقني هو هل يعتقد هؤلاء أن شعبنا لم ينجب أعلام ورموز وشخصيات وأدباء وكتاب وعلماء وفنون ومدارس وجامعات وعمران في كل تاريخه منذ سقوط هذه الإمبراطوريات كي نلتجىء إلى أصنام لا نعرف قراءة حرف مما هو مكتوب عليها؟ أليس هذا دليل جهل بتاريخ شعبنا؟ أين صارت جامعات ومدارس أنطاكية والرها ونصيبين ودير زوقنين و قرتمين و قنسرين ومدرسة دير العامود ودير مار حنانيا وبيث عاوى وديرا علايا والعديد من الجامعات والمدارس والأديرة وغيرها كثير ...

من هو أحق أن نرفع ملصقا له في هكذا مناسبات هل هي هذه الأصنام والتماثيل التي لا علاقة وجدانية لنا معها ولا نفهمها ولا تفهمنا أم علماء وفطاحلة من بني قومنا كتبوا بلغتنا وتركوا بصمات لا تمحى على مسيرة الحضارة الإنسانية ولا زال البعض منا ينشد لهم في الكنائس ويتغنى بما تركوه لنا من كنوز مثل برديصان ووافا ومار أفرام الكبير (ويسميه بعض الكتاب العرب نبي السريان – الكلدان الأشوريين السريان) ورابولا ويهيبا ومار أفرام ونرساي وباباي الكبير ومار يعقوب الرهاوي واسحق الإنطاكي ويوحنا فم الذهب والبطريرك بولص الثالث والقائمة قد لا تحويها صفحات كتاب كامل.


ماذا سيقول العالم المتحضر والمتمدن عندما يعلم أننا نرفع شعارات وملصقات لا نعرف عنها وماهيتها أي شيء بينما لا نكترث لا بل نحتقر كل هذا التراث الهائل والكنز الثمين الذي لنا علاقة وجدانية مباشرة معه من خلال اللغة التي هي لغتنا جميعا ولا زال الكثير منا يتحدثها في بيته ومع أهله وأصحابه؟

مطران وقس النهضة الكلدانية

حسب إختصاصي والعلم الذي أحمله ظهر ان المطران جمو، منظر النهضة الكلدانية، لا دراية موثقة له في الأمور الني يتحدث فيها. وإستنادا إلى ما قاله وأتي به من نظريات وطروحات فكرية، فإن المطران، ومع إحترامي لدرجته الكهنوتية، غير متضلع بتاريخ ولغة وتراث شعبنا. معلوماته عن تاريخ شعبنا وإرثه وثقافنه ولغته وطقسه ولهجاته لا سند علمي وتاريخي ولغوي لها. وقع في أخطاء عند حديثه عن اللهجات واللغة السريانية ومسائل تاريخية. وإن لم تصدقوني لنرسل خلاصة ما قاله إلى لجنة علمية أكاديمية محايدة وإن قالت غير ما قلته فإنني على إستعداد للإعتذار علنا ووضع القلم جانبا في كل ما يخص شعبنا.

أما القس فحدث ولا حرج. كلامه لم يكن مترابطا وفيه إهانة واضحة للسامعين والحاضرين وهذا ما أكده معظم الأخوة الكلدان في الجلسة وغيرهم من الذين حضروا من مناطق بعيدة مثل كوثنبرك. هل يجتمع الكلدان لسماع هكذا خطاب مسيء وفي السويد وبينما شيخ علماء كنيسة المشرق بفروعها ومذاهبها المختلفة المقيم الأن في السويد، وهو عالمنا الكلداني الجليل البير أبونا، لا توجه له الدعوة للحديث؟

يسمح لقس مثل هذا مخاطبة الكلدان من أعلى المنابر وتنقل خزعبلاته في بث حي إلكترونيا ويهمش عالم تخرجت على يديه أجيال وأجيال من التلاميذ من كل الطوائف المشرقية وكتبه صارت من أمهات المصادر لدى كل المختصين والجامعات التي تعني بتاريخنا وثقافتنا ولغتنا؟ يهمش فقط لأنه كعالم كبير لايستطيع مجاراة ما نجتره من مهاترات لا تمت للعلم بصلة.

ومع كل هذا عندما وصل هذا القس إلى السويد خرج الأخوة المنظمون بخبر عنوانه: "وصول طلائع النهضةالكلدانية ..."

مقالي الأسبوعي عن الإسلام وشؤون الشرق الأوسط


كلما كتبت مقلا أنتقد فيه طروحات البعض من كتاب النهضة الكلدانية ومنظريها، إنبرى نفر من الكلدان الكاثوليك مستشهدين بما أكتبه في مقالي الأسبوعي في جريدة الإقتصادية عن الإسلام والمسلمين ومزايدين علي بمسيحيتهم وكثلكتهم وهم ليل نهار ينادون بالقومية رغم أن القومية والدين لا يلتقيان.

ولا أعلم أية مفارقة هذه وليس لدي تفسير معين لهذه الظاهرة ولكن لم يحدث وأن إنتقد أي مكون مسيحي (بالمناسبة هناك أكثر من 30 مليون مسيحي مشرقي في العالم العربي) كتاباتي باللغة العربية عن الإسلام والقرأن غير هذا النفر من الكلدان الكاثوليك. وذهب هؤلاء بعيدا إلى درجة أنني في نظرهم أستحق الحرمان الكنسي وبهذا تطابقت مواقفهم مع مجموعات إسلامية متطرفة كفرتني علنا وهدرت دمي بسبب نفس الكتابات التي لا يرضون عنها.

وقبل أن أسأل هؤلاء بعض الأسئلة المحددة والتي أعلم أنهم لن يجاوبوا عليها – وعدم الإجابة معناه الفشل– أود تذكير القراء الكرام أنني أنتقد الفاتيكان وبعض مواقفه من المذاهب المسيحية والأديان الأخرى وبقسوة في فصل كامل من كتاب "التعصب في الإعلام". والكتاب منهج دراسي في كثير من الجامعات ومصدر أساسي في حقله والفاتيكان على إطلاع عليه. ولم يرد الفاتيكان على ما كتبته من نقد لاذع رغم كوني كاثوليكي المذهب.

والمقالات التي يشير إليها هؤلاء تحدثت عنها سابقا في هذا الموقع وهي ثمرة مقال أسبوعي يظهر لي في الصفحة الأخيرة من جريدة الإقتصادية الواسعة الإنتشار (وهذا أقصى ما يتمناه كاتب صحفي). ولهذا العمود صدى واسع في العالمين العربي والإسلامي. وكان نفر من الكلدان الكاثوليك من خلال رئس اساقفة السويد وإسكاندينافيا قد قدم شكوى ضدي طالبين معاقبتي على هذه المقالات أي تكفيري. وأنا ألتقي مع رئس الأساقفة مرار ونتواصل في الكتابة لبعضنا ومعنا القاصد الرسولي في السويد وكان ردهم هذا ما تريده الكنيسة الأن وأقتبست من برقية وردت لي في هذا الخصوص في مقال سابق.

ومسألة إحتضان القرأن وتقبيله من بابا روما الراحل يوحنا بولس موثقة. وقد ذهب هذا البابا بعيدا في إنفتاحه على المسلمين (رابط  2، 3، 4) لدرجة إقامة صلوات مشتركة مع أئمتهم والصلاة في جوامعهم. إن كان هذا النفر من الكلدان الكاثوليك من المعارضين لكتاباتي لم يستوعب بعد ما يدور في عالم التعددية الذي نعيش فيه اليوم كمسيحيين كاثوليك فإنه يظهر مدى جهلهم للخطوات الرائدة التي قامت بها  الكنيسة بفضل البابا يوحنا بولس من إنفتاح على كل المذاهب والأديان ومنها الوثنية ومعناه أنهم  لا يقراؤن الدورية الكاثوليكية التي يصدرها الفاتيكان والتي فيها يحدد مواقفه والمقال في الرابط أعلاه واحد منها.

وأخيرا طوبت الكنيسة هذا البابا وهو في طريقه لنيل درجة القداسة، وهذا معناه أن سلوكه وأعماله ونشاطاته ونظرته للدنيا والأخرة تصبح منارا للكاثوليك. يا أخوتي لماذا تتدخلون في ما لا يعنيكم وتجلبون الإساءة حتى إلى أتباع مذهبكم وهم أكثر من مليار إنسان؟ كل هذا لأنكم لا تقراؤن. ولأنكم لا تقراؤن فإن كل ما تقتبسونه من مقالاتي وترونه منافيا للتاريخ والمعرفة ورسالة المسيح يمثل الحقيقة بعينها ويتطابق مع روح الإنجيل ورسالته السماوية ويستند إلى مصادر موثقة. ولهذا لم تعلق الكنيسة سلبا على ما أكتبه رغم التـاثير الهائل الذي تحدثه هذه المقالات ولا أظن أنها ستفعل.

لن أسمح لأي سلطة دينية أن تحدد مسار فكري


أنا لا أقتبس هذا كي أبرر كتاباتي لأنني كمفكر حر لن أسمح لأي سلطة دينية مهما بلغ مقامها وبنظركم قدسيتها أن تحدد لي ما يجب أن أكتبه او لا. أنا مفكر حر ومسيحي مشرقي له فهمه وقراءته الخاصة للإنجيل. الذي يوقفني هو نص صريح في الإنجيل يدين ما أكتبه وليس تفسير رجل دين يمط ويمد النص المقدس لأغراض مؤسساتية وأرضية لا مكان لرسالة السماء فيها.

ولكن لنفترض ولأجل المحاججة أنني شخص فاسق، شرير، لا أخاف الله ولا أستحي من البشر، ظالم وقاتل وسارق ولص أشرك بالله وأدوس – حاشى – على إنجيله بأقدامي – هل كان هذا سيثير ردة عكسية من هذا النفر من الكلدان الكاثوليك ؟

إذا غايتكم ليست حرصا على مسيحيتكم ومذهبكم بل حرصا على مفهومكم لقوميتكم وإيديولوجيتكم الدنيوية التي تضعونها فوق قيمكم المسيحية، اليس كذلك؟

وأخيرا

وفي الختام لا أعلم متى نتخلص نحن الكلدان من الإزدواجية التي نعيش فيها. لقد حددت بعض أوجه هذه الإزدواجية في مقالات سابقة ولاحظتها بحدة في جلسة يونشوبنك.

لم أعلم كيف تحول بعض الأخوة والأخوات بقدرة قادر من مقاومين لكل شيء متعلق باللغة الأم السريانية (في المؤتمر أطلقوا عليها الكلدانية) إلى محبين عابدين لها خلال الجلسة. وتحدث معي بعض الأخوة الكلدان من الذين غادروا الكنيسة الكلدانية وصاروا أعضاء في الكنيسة السويدية واصفين ما لاحظوه ب "النفاق" حيث أنهم تقاتلوا من أجل اللغة الأم ووقفوا ضد التعريب في الكنيسة ولكن دون جدوى إلى درجة أنهم قرروا ترك الكنيسة الكلدانية.

والتيار الذي يقاوم اللغة الأم كان التيار الذي يدافع عنها بإستماتة خلال الجلسة. ولكن هذا التيار بالذات هو الذي عرقل كل الجهود لتحويل الخورنة الكلدانية في يونشوبنك إلى خورنة كلدانية إسما وفعلا ولغة وخطابا وطقسا وترتيلا.

ونظم  محبو اللغة الأم ثلاث دورات لتعلم السريانية في المدينة إلا أنها فشلت فشلا ذريعا لأنها إنتهت دون طلبة ودارسين عدا قس بولوني من الرهبنة الفرنسسكانية.

ولهذا لم أفاجأ عند حضوري القداس الأول بعد جلسة يونشوبنك النهضوية حيث غطت العربية تقريبا على ما تبقى من اللغة الأم في القداس كما لم اتفاجأ عندما قام البعض بكتابة رسالة إلى المطران يشتكون فيها من أن أحد الشمامسة همه التراث الطقسي واللغة الأم بينما هم يريدون العربية.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,540515.0.html
رابط 2
http://www.catholicnews.com/jpii/stories/story04.htm
رابط 3
http://www.karemlash4u.com/vb/showthread.php?t=120143
رابط 4
http://www.yabdoo.com/board/showthread.php?t=7395


190
مجمع اللغة السريانية حاجة ملحة لوضع حد لمحاولات التلاعب بالتاريخ الخاص لشعبنا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

مر الخبر الذي نشره موقع عنكاوة.نت (رابط 1) حول أهمية تشكيل مجمع اللغة السريانية دون إهتمام يذكر من قبل أبناء شعبنا الواحد من الكلدان الأشوريين السريان إن أخذنا عدد قرائه بعين الإغتبار.

ولكنني أعده من أهم الأخبار التي ظهرت على هذا الموقع. دون مجمع لغوي ومجمع علمي مؤلف من خيرة العلماء والأساتذة المختصين بلغتنا السريانية الجميلة والعلوم والأداب والثقافة والموسيقى والطقوس والفلكلور الذي يحتويه وعاؤها لن ننهض لا بل  سنبقى على الهامش وسننقرض ومعنا لغتنا.

صوت العقل والعلم

واليوم نحن في أمس الحاجة لصوت العلم والعقل – مجمع اللغة السريانية والمجمع العلمي السرياني -  لتنوير دربنا المظلم ووضع شارات على الطريق كي نستطيع الحفاظ على ما تبقى لنا من وجود.

ووجودنا كشعب وهوية وقومية رغم تسمياتنا ومذاهبنا المختلفة مرتبط بلغتنا السريانية. إن اضعناها معناه شطبنا وجودنا كشعب وحضارة وإن زورنا تاريخها وإسمها – كما يفعل بعض المتعصبين وضيقي الأفق والجهلة – معناه اننا زورنا تاريخنا ووجودنا.

دور المجامع اللغوية والعلمية

المجامع العلمية لغوية وغيرها سمة من سمات النهضة الحديثة والتمدن والحضارة. الشعب الذي تقود مسيرته مجامعه اللغوية شعب حي وخلاق وعلى إستعداد دائم للنهوض والرقي مستندا إلى خارطة الطريق التي يضعها له علماؤه.

ولأننا اليوم دون مجامع علمية، سيطر علينا الجهل بالتاريخ والعلم والأدب والتراث الذي تضمه هذه اللغة التي كان دورها ولحوالي ألف سنة يشبه ما للغة الإنكليزية من تأثير في الحضارة والتمدن والتقدم الذي نعيش في كنفه الأن.

  ولأننا اليوم دون مجامع علمية، يأتي كل من هب ودب ويضع نفسه حكما على التاريخ واللغة دون وجه حق، مسميا لغتنا السريانية بالتسمية التي توائم نهجه المتعصب والمنغلق وقارئا مزاميره على أذان شعب مسكين يصارع ليس فقط من أجل وجوده بل لقمة عيشه.

ولأننا اليوم دون مجامع علمية، يؤلف ويكتب كل على هواه إلى درجة أن البعض ألف كتبا منهجية لتدريس اللغة دون مرورها على المختصين في المجامع اللغوية والعلمية كما هو شأن الدول والشعوب المتمدنة. وهذه الكتب لأنها غير منهجية وغير علمية كارثة بكل المقاييس وأصحابها دون وجه حق سلبوا لا بل إغتصبوا حقوق شعب في تعلم لغته بطريقة علمية سليمة.

الخطوة التالية

بعد أن حصلت الموافقات من أعلى الجهات في إقليم كردستان لتشكيل مجمع اللغة السريانية، تقع المسؤولية الأن وبصورة مباشرة على مديرية الثقافة السريانية في إقليم كردستان ومديرية الدراسات السريانية في الإقليم ومديرية الدرسات السريانية في بغداد.

ونحن لا نشك للحظه في موقف هذه المديريات لدعم لغتنا السريانية الجميلة وثقافتها وأدبها وتاريخها ولهجاتها. هذه المديريات إتخذت العلم والإختصاص منهجا في تسير أمورها غير مكترثة بأصوات الغوغائيين والمتعصبين والمنغلقين من نفر من أبناء شعبنتا علميتهم وثقافتهم لا تتجاوز أنوفهم.

المسؤولية السياسية

والمسؤولية السياسية تقغ بصورة مباشرة  على المجلس الشعبي وحركة زوعا لأنهما وحتى إنتهاء الدورات البرلمانية الحالية يمثلون شعبنا في إربيل وبغداد. وأنا سعيد  وأشكرالله أن هذين الحزبين وبقدرتعلق الأمر بلغتنا السريانية  بعيدون عن التعصب والغوغائية والإنغلاق ويعتمدون على المناهج وخارطة الطريق التي تضعها لهم المديريات السريانية.

نحن بإنتظار

يوم يعاد تشكيل وإحياء مجمع اللغة  السريانية (المجمع كان قائما في السبعينات من القرن الماضي) سيكون يوم عظيم في تاريخ شعبنا. وبعد مجمع اللغة السريانية يجب تحقيق حلم أخر وهو المجمع العلمي السرياني ومن ثم نحقق رغبة شعبنا الجامحة في تأسيس جامعة سريانية في أي بقعة من أرض الأجداد. ولكل القائمين على مشاريع هذه لهم منا الف والف شكر.

وأخيرا

رجائي الوحيد أن نكف عن تزوير هذه اللغة والتلاعب بتسميتها ولهجاتها. يكفي ما حل بنا من مأسي بسبب مهاتراتنا على التسميات وصراعنا العقيم على أفضلية مذهب على أخر.

لنتشبث ونحافظ بكل ما لدينا من قوة وتأثير رغم ضعفنا للحفاظ على لغتنا السريانية الجميلة.

وليكن شعارنا وهدفنا سياسيا وثقافيا وفي أي منحى أخر مناصرة الحزب والجمعية والإتحاد والكنيسة التي تحب هذه اللغة وتعمل على إحيائها وتحافظ على تسميتها وكنوزها التي لا تقدر بثمن، ومعارضة كل حزب وإتحاد وجمعية وكنيسة لا تعمل على إحيائها والمحافظة عليها وعلى كنوزها.
----------
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,541147.0.html




  



191
سلبيات وإيجابيات النهضة الكلدانية بزعامة المطران سرهد جمو – جلسة يونشوبنك
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

كان للجلسة التي عقدها مؤتمر النهضة الكلدانية في مدينة يونشوبنك في 17 تشرين الأول بعض الصدى لدى الكلدان في هذه المدينة السويدية. ومدينة يونشوبنك ربما هي واحدة من أشهر المدن الأوروبية بالنسبة لأبناء شعبنا الواحد من الكلدان الأشوريين السريان لأسباب صارت معروفة من خلال ما تنشره مواقع شعبنا الإعلامية.

وإن أخذنا الحضور قياسا – حيث كانت قاعة نادي الكلدان غاصة بالحضور إلى درجة بقاء عشرات الأشخاص وقوفا لأكثر من ساعتين – فإن الجلسة تعد ناجحة جدا.

وإن أخذنا الموضوع الرئسي الذي تناولته، تكون الجلسة أكثر من ناجحة لأنها ركزت بالدرجة الأساس على موضوع اللغة واهميتها في الحفاظ على الهوية القومية.

ماذا بعد

وقد يقول القارىء أين السلبيات إذا، وأنت تصرخ ليل نهار أن فقدان اللغة معناه فقدان الهوية القومية وإكتسابها معناه إكتساب الهوية القومية.
 أمل أن يمنحني قارئي اللبيب الفرصة كي أتحدث له عن الإيجابيات اولا ومن ثم أعرج على السلبيات.

ولكن قبل هذا وذاك دعنا نتحدث بإيجازعن بيئة وسياق الجلسة. علميا وعمليا أننا نفشل في فهم او حتى تقديم وصف دقيق لما ننقله إن وضعناه خارج بيئته وسياقه.

البيئة والسياق

 وكي ابرهن أننا قلما ندرك أمرا دون سياقه سأقدم لكم مثالا.  وقبل نقله لكم أقول أن ما أذكره جزء من الفلسفة والعلم الذي تقوم بتدريسة خيرة الجامعات في العالم وأن الذي أسس لهذا العلم هو فيلسوف ألماني معاصر إسمه يوركن هبرماس. يقول هذا الفيلسوف الذي قلما يتحدث عالم أو أكاديمي في الشؤون الإنسانية والإجتماعية واللغوية دون ذكره والإعتماد عليه أن الحقيقة الإجتماعية التي نعيشها اليوم تُختصر في اللغة او الخطاب (ديسكورس).

والخطاب يتضمن اللغة المكتوبة والمحكية وكذلك كل إشارة حولنا من صور ولافتات وإيقونان وطريقة  اللباس والإيماءات وغيرها. وهبرماس يقدم لنا في كتاباته نظريات يقرنها ببراهين دامغة  من حياتنا اليومية. وفي هذا العمل الجبار الذي غير لا بل قلب الكثير من المفاهيم الفلسفية والإجتماعية واللغوية والسياسية على عقب يعتمد هبرماس على الخطاب او اللغة.

مثال

 فإن قلنا: "أرفض هذا" علينا وضع الجملة في سياقها كي نستطيع الإستدلال على كلمة "هذا". إسم الإشارة "هذا" يحتاج إلى معرفة سياق وبيئة قائله لأنه قد يشير إلى أمر قد قضى (ماضي) أو أمر حاضر أو أمر قد يقع في المستقبل. هذا مثال مبسط للغاية للمعنى البراغماتيكي والنقدي لهذه الجملة القصيرة جدا. وحياتنا المعاصرة، يقول هبرماس، هي مجرد ديسكورس (لغة) التي يمثلها الإعلام اليوم خير تمثيل.

الجلسة وسياقها

وصلت، حسب إعتقادي، متأخرا عشرة دقائق إستنادا إلى التبليغ الذي وصلني ولكن الجلسة التي إستغرقت أكثر من ساعتين لم  تبدا إلا بعد أكثر من ساعة من وصولي.

في داخل قاعة نادي الكلدان كان المنظمون منشغلين بتزيين القاعة بالعلم الكداني وصورأسد وبرج بابل. وتقريبا لم يبق مكان في القاعة إلا وكانت صور الأسد والبرج قد غطته ونحن نتوقع قدوم رجال دين برئاسة مطران كلدني وبمعيته قس وراهبتين.

رغم ذلك لم يفكر أحد قط بالكنيسة. الأطفال الذين إصطفوا لإستقبال المطران كانوا يرفعون العلم الكلداني. لم ألحظ مكان لأي أيقونة – صليب او غيره – وعندما حاول أحد الشمامسة تعليق صورة القلب الأقدس إعترضه البعض ولكن الشماس الغيور هذا أخرج الصورة ووضعها بجانب أحد صور برج بابل رغم الإعتراض.

عندما دخل المطران وهو متأخر عن الموعد أكثر من ساعة وبمعيته القس والراهبتين لم يرسم إشارة الصليب ولم يمنح البركة بل وقف والوفد المرافق له تبجيلا للنشيد الوطني الكلداني. ثم جلس الجميع وأفتتحت الجلسة بإلقاء الكلمات.

قراءة السياق

قد يختلف القراء في قراءتهم للسياق أعلاه. ولكن قراءتي الخاصة إيجابية – وهذا قد يدهش البعض – رغم إعتراضي الشديد على صور الأسود الكلدانية وصور الثيران المجنحة الأشورية التي يرفعها الطرفان في مناسبات كهذه.

الناس لها الحق أن ترفع من الصور واللافتات ما تشاء ولكن لا في هذه الجلسة ولا في ما يقابلها من الجلسات الأشورية نلاحظ تركيزا على دور شعبنا منذ سقوط هاتين الإمبراطوريتين وإندثار شعوبهما.

 يتصور هؤلاء وكأن شعبنا لم يكن متواجدا ولا مساهمة تذكر له في ال 2500 سنة التي تفصلنا عن هذه الإمبراطوريات، بينما التاريخ يقول أننا أنجزنا من خلال لغتنا الجميلة السريانية ما لم ينجزه أي شعب أخر على وجه البسيطة من علم وثقافة وأدب وموسيقى وترجمة وهذا محفوظ في الكنوز التي لا تثمن التي تركها لنا أجدادنا من خلال مئات الالاف من المخطوطات المبعثرة في المتاحف العالمية.

هذا التراث الذي كان نبراسا للدنيا ولولاه لضاع الكثير من الإرث الإنساني مكتوب في لغة هي لغتنا وبإستطاعة بعض مثقفينا قراءتها والتدفء بها وجامعات العالم تنفق ملايين الدولارات لدراسته وتدريسه هو ولغته ولكن لا مكان له في جلسات كهذه كلدانية كانت أو أشورية. وهذا ما أسميه القفز فوق وعلى التاريخ، الأمر الذي لا يفعله أي شعب أخر في الدنياغير شعبنا.

مع ذلك كانت المرة الأولى في حياتي أرى اسقفا كلدانيا ومعه قس وراهبتين يضعون مذهبيتهم جانبا لا بل على الرف ويقدمون هويتهم القومية عليها. هذا امر غير مسبوق لدينا نحن الكلدان ولو فعل رجال ديننا ذلك لكان عددنا اليوم أكثر من ستة ملايين وليس بضعة مئات من الالاف. وقد تحدثت عن ذلك في مقالات سابقة.

السياق يؤيد نظريتي حول إزدواجية الكنيسة

ومن ناحية أخرى، فإن هذا السياق بالذات دليل قاطع على نظرية أشتغل بها حاليا وأتطرق إليها مرارا في كتاباتي في مواقع شعبنا وقد كتبت فصلا كاملا عنها بالإنكليزية في كتاب "التعصب في الإعلام".

 خلاصة هذه النظرية أن الكنيسة، أي كنيسة، تعاني من إزدواجية لا يكشفها المتدينون المتزمتون لأن كل متزمت يضع غشاوة على عينيه كي لا يرى إلا الجانب الذي يريد أن يراه.

 المؤسسة الدينية – مسيحية او إسلامية او يهودية اوغيرها – لها وجهان على الأقل. فالكنيسة مثلا – الكاثوليكية والأرثاذوكسية والبروتستنية وغيرها – هي رسالة سماء ومؤسسة مدنية في آن واحد. وكونها مؤسسة فإنها تتصرف في كثير من الأحيان تصرف أي حزب سياسي أو تصرف أي حاكم مدني لا علاقة له برسالة السماء.

 فكم كان المطران رائعا عندما دخل إلى القاعة وبصليبه المتدلي من عنقه وبلباسه الأسود المزركش بالأحمر يرافقه كاهن بزيه الكهنوتي وراهبة بزيها الرهباني وأخرى بالزي المدني وهو لا يكترث لا إلى إشارة الصليب ولا البركة او حتى الإستهلال بالصلاة الربانية. أثار هذا الأمر تململ بعض الشمامسة ولكنني شخصيا لم أكترث.

دور اللغة

كل المتحدثين في الجلسة تقريبا أكدوا على دور اللغة. وكان موقفا رائعا مشاهدة بعض المتكلمين وهم لا يستطيعون التحدث باللغة القومية وهم يبدون في نفس الوقت أسفهم على القطار الذي فاتهم.

 كان  هناك إتفاق شامل ومفرح في آن واحد ان الوقت قد حان لنا نحن الكلدان للعودة وبقوة إلى لغتنا القومية. هذا شيء عظيم ويبشر بالخير إذا تم إستغلاله بطريقة جدية وعلمية سليمة خالية من التعصب والإقصاء والتقوقع وتجمع الشمل الكلداني ولا تفرقه وتبعده عن مكونات شعبنا الأخرى.

ولكن الطريقة التي يريدنا أصحاب النهضة العودة إلى لغتنا طريقة محفوفة بالمخاطر وقد تفرق أكثر من ان تجمع وتكون محصلتها بالضد مما نتمناه.

زعامة النهضة بيد المطران ونائبه القس

ليس خافيا أن المطران سرهد جمو مع نائبه القس نوئيل الراهب هو القائد او الزعيم السياسي للنهضة الكلدانية الحالية. فلا غرو أن نرى ان هذه النهضة تصبغها المفاهيم والمواقف التي يتبناها هذا المطران ونائبه لا بل يبدو أنهما يفرضانها على أتباعهم فرضا حيث لم الحظ طوال الجلسة غير التصفيق الحاد لهما رغم أن ما قاله المطران ونائبه الكاهن إحتوى على مغالطات من حيث علم اللغة والتاريخ لا يمكن القبول بها او الركون إليها على الإطلاق. وسأشرح ذلك لاحقا.

الكتب الطقسية

قام المطران ومعه مناصروه من الإكليروس بتأليف كتب تعلم اللغة القومية ووضعوا كتبا طقسية حديثة ويبدوا أنهم يريدوننا نحن الكلدان أن نتخذها منهجا.

من ناحية الكتب الطقسية، فإنها حسب علمي وأنا على إطلاع عليها، لا تحمل ختم القلاية البطريركية ولا سلطة السنودس. هذا معناه أن المطران جمو بإمكانه فرضها ضمن الرقعة الجغرافية لإبرشيته وعداه لا حق له. ولهذا لم أستغرب عندما رفض الكهنة في السويد التعامل مع هذه الكتب حين ورودها إليهم وربما رموها في سلة المهملات. ولا أظن أن أي خورنة أو أبرشية أخرى ستقبل بها لأن الوضع في مؤسسة الكنيسة الكلدانية من الإنفلات حيث صار اليوم لكل كاهن ومطران طقسه الخاص ولغته الخاصة.

وفي حوزتي كتاب القداس الجديد لأبرشية المطران جموحسب طقس كنيسة المشرق وهو بثلاث لغات السريانية والعربية والإنكليزية وفيه تحويرات. ليست المسألة إن كانت كنيستنا في حاجة إلى كتاب قداس أخر. ألا يعلم المطران أننا في السويد مثلا لنا كتب طقسية مختلفة تختلف بإختلاف الكهنة وعددهم؟ أي أن هذه المؤسسة الكل يعمل فيها على هواه يؤلف على هواه ويفرض على هواه وباللغة التي على هواه.

وكي أبرهن للقارىء أن مؤسسة كنيستنا تشبه حارة غوار الطوشي "كل من إيدو إلو" كنا في حيرة شديدة نحن الشمامسة في يونشوبنك يوم السبت الماضي. روزمانة الكنيسة الكلدانية في السويد تقول اننا سنبدأ الشاوع الرابع للصليب والسابع لإيليا بينما الروزنامة البطريركية تقول أننا سنبدأ الشاوع الأول لموشى.

تأمل مؤسسة صغيرة مثل كنيستنا الكلدانية لا تتفق على روزنامة واحدة، بمعنى أخر أن لا طاقة ولا سلطة لها حتى لفرض التوقيتات الصحيحة للدورة الطقسية  وبمعنى أخر أن كل كاهن أو مطران  فيها بإمكانه طبع روزنامته وعلى هواه وطبع طقس صلاته وعلى هواه وفي اللغة التي يشاء. اي نهضة نرجوها من مؤسسة كهذه؟

كتب تعلم اللغة

أما بخصوص كتب تعلم اللغة والتي كان يحملها المطران وطلب من الجميع الإلتزام بها، فهذه ظاهرة سلبية أكثر منها إيجابية بالشكل الذي قدمت لنا.

 الكتب المنهجية لاسيما تلك التي تخص تعلم اللغة الأم لا يقوم بها إلا الإختصاصيون والعلماء في حقلهم. عندنا أي شخص يؤلف كتابا لتعلم اللغة ويطلق عليه وعلى اللغة التسمية واللقب الذي يشاء.

 وكُتب المطران عن تعلم اللغة "الكلدانية" تذكرني بكتب بعض المعلمين الأشوريين لتعلم اللغة "الأشورية" في السويد. هؤلاء كتبوا وسموا على هواهم والمطران وجماعته كتبوا وسموا على هواهم.

 أين دور أساتذة وعلماء اللغة السريانية في الجامعات ودور المديريات السريانية ودورالمجمع العلمي السرياني؟ الذين يزورون التاريخ والتسميات بإمكانهم أيضا وضع أنفسهم محل أي أستاذ او عالم او مجمع علمي أيصا.

كلمة المطران

 المطران تحدث بلغتنا القومية وتحدث لمدة طويلة ولكنه أقحم نفسه في أمور يبدو انها ليست في إختصاصه لا سيما اللغة والتاريخ. ويا ليته لم يتحدث لأنه أوقع نفسه في مغالطات كثيرة لا يقبلها العلم والمنطق السليم ليس لدى أصحاب الإختصاص بل حتى لدى المثقفين من العامة.
ولا أعلم كيف إستقبل الحاضرون المعلومات التي أتى بها إلا أن القول أن اللهجة الكلدانية الحالية، لنقل مثلا لهجة القوش، هي ذاتها لم تتغير لأكثر من 3000 سنة قول لا أعتقد سيقبل به أي متعلم مهما كانت درجة ثقافته.

ليس هناك لغة  حية في الدنيا بقيت كما هي لمدة 3000 سنة. هذا يعارض أبسط مبادىء علم اللغة والف باء علم اللهجات. هل يعلم المطران أن قريتين تتحدثان ذات اللغة ويفصل بينهما جبل ستظهر لديهما لهجتين مختلفتين من حيث اللفظ والمفردات وحتى بعض الأمور التي تتعلق بالقواعد؟

ولهذا لم يوفق المطران وباعد الحقيقة العلمية الناصعة عند تحدثه عن الفروقات بين اللهجات المختلفة للغتنا السريانية (هو ونائبه يسميانها كلدانية). ومن شدة تعصبه وتزمته بموقفه أطلق بعض العبارات التي قد يراها السرياني او الأشوري إستصغارا به. وبالمناسبة كان البعض من إخوتنا السريان حاضرون.

كيف يعلم المطران ومن أين إستقى معلوماته أن الملاك خاطب العذراء قائلا "شلاما" حسب اللهجة السريانية الشرقية وليس "شلامو" حسب اللهجة السريانية الغربية؟ هل كان حاضرا؟

وأتت أمثلته الأخرى "عيتا" و"عيتو" و "طليثا" و"طليثو" للبرهنة أن كل شيء كلداني – كما يفعل البعض من الأشوريين المغالين والمتعصبين للبرهنة أن كل شيء اشوري – مثيرة   للشفقة لأنها تدل على ضيق الأفق وفرض الرأي دون دليل علمي وتجريبي.

فالقول أن اللهجة السريانية الشرقية  لغة مستقلة ومنفصلة عن اللهجة السريانية الغربية قول غير دقيق ولم أتوقع أن يصدر من شخص بمكانته. وذهب إلى أبعد من ذلك لإدخال مفاهيم خاطئة وغير دقيقية وغير علمية في أذهان مستمعيه من أجل تلقين مواقفه السياسية حيث قال أن أجدادنا من السريان الشرقيين (سورياي  مذنحايي، كما يرد في الكتب الطقسية)  لم يتكلموا لغة أهل الرها والنصيبين من السريان الغربيين (سورياي معروايي، كما يرد في الكتب الطقسية). أي أن مار أفرام، عميد الأدب السرياني، غريب عنهم وعنا لغويا. هل يعقل هذا؟

وأكثر غلوا وتعصبا وبعدا عن العلم والمنطق والحقيقة كان عندما قال أن اللهجة التي يتحدثها الكلدان حاليا لا علاقة لها لا بل أنها مستقلة عن اللغة الفصحى، اللغة الطقسية. يا للمصيبة، مصيبة شعب مسكين يأخذه كل على هواه دون وجه حق. والكلام مسجل حيث أن كل جلسات مؤتمر النهضة الكلدانية في السويد وبضمنها جلسة يونشوبنك كانت تنقل بالفديو على الهواء ومن خلال كامرات حديثة عن طريق بطنايا.نت وكلدايا.نت (رابط1 )  وتحفظ وتعاد مرات عديدة. من ناحيتي، كنت أسجل النقاط الأساسية في دفتر الملاحظات الذي أحتفظ به.

 وأقحم نفسه في مغالطات أخرى كثيرة لا يتسع حيز مقال في ضمها منها أقواله عن معلولة، المدينة السريانية في سوريا، وأراؤه عن مكتبة أشور بانيبال واللغة الأكدية واللغة التي كتب بها التلموذ، اي العهدالقديم، ومصدر وإشتقاق مفردة "العرب والعربي" ومفردة "سوريا" وغيرها كثير.

كلمة القس نوئيل الراهب

القس نوئيل الراهب مع الراهبتين وضعهم خاص لأنهما جزء من رهبنات. لا أعلم أي رهبنة تنتميان إليها الراهبتين، ولكنني على علم برهبنة القس نوئيل وهي الرهبنة الهرمزدية الكلدانية التي أمضيت فيها تسعة أعوام من عمري.

عندما يصبح  شخص راهبا، مثل القس نوئيل، فإنه يؤدي قَسَم النذورالمؤبدة وأنا تركت الدير قبل القسم لأنني تيقنت أن لا طاقة لي لتحمل ثقله.
القسَم الرهباني وما أدراك ما القسَم الرهباني وإن لم تكن قد حظيت حضورحفلة أدائه لا يمكنني أن أصور للقارىء الكريم الرهبة والخشوع والخوف الذي ينتاب الشخص المزمع على تأديته والأشخاص الحاضرين.

أمام الإنجيل والقربان المقدس والرئس العام وحشد من الكهنة والرهبان والعلمانيين يؤدي الراهب القسم – الطاعة والفقر والعفة. وإتصلت بالرهبنة الهرمزدية الكلدانية ، التي تمر الأن بوضع صعب للغاية، لتوضيح الموقف وما حصلت عليه لم يكن مشجعا على الإطلاق. وقد يكون هذا مادة خصبة لموضوع قادم، ولكن أكتفي هنا بالقول أن القس نوئيل الراهب ومعه أخرون سنأتي على ذكرهم وأسمائهم وأماكن تواجدهم بعون الله نكثوا بالقسم عند تركهم الرهبنة والإستقرار في الخارج وساهموا بطريقة مباشرة في خراب الرهبنة الهرمزدية الكلدانية. هرمزدية نسبة إلى ربان (راهب) هرمز الذي يقع ديره في طرف جبل ألقوش شامخا مثل عش نسر.

ولهذا لم تدهشني كلمة القس نوئيل التي رأها الكثير من الحاضرين مسيئة ومنتقصة من قيمتهم الإنسانية ووضعهم كمسيحيين. ذهب بعيدا في مديحه لمطرانه إلى درجة  أنه حذر الحاضرين  من أنهم لن يستطيعوا إستيعاب ما سيقوله وأنهم سيحتاجون إلى أيام لهضمه.

وأنذرهم قبل أن يلقي المطران كلمته أن على الذي يتصورأنه يفهم أكثر من المطران او بإستطاعته إلقاء محاضرة في حضرتة عليه مغادرة القاعة.

وكشف على الملأ كيف أن موقع كلدايا.نت الذي يعد ناطقا رسميا بإسم النهضة يستخدم الرقابة لإسكات أصوات المعارضين وأصحاب الأراء الحرة من الكلدان وغيرهم. وبالطبع هذا الموقع هو الموقع الكلداني الوحيد الذي يمارس رقابة صارمة على النشر شأنه شأن بعض المواقع الأشورية.

الموقع الذي يعد لسان النهضة الكلدانية يمارس الرقابة أي لا ينشر إلا ما يراه ملائما وموافقا لوجة نظر أصحابه. لن أعلق ولكن أقول أي نهضة يتحدث عنها هؤلاء إن كان الناطق بإسمهم يؤمن بالرقابة ويستخدم مقص الرقيب لحذف أراء غيره ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين؟

وكأن هذا ليس كافيا بل أنهال على الكلدان الذين يعارضون نهجه ونهج مطرانه واصفا اياهم ب "قطواثا" اي القطط والبزازين" وبأنهم باعوا أنفسهم وإلى أخره من الأقول التي أثارت إستهجان ودهشة الكثير من الحاضرين.

وبمناسبة وصف الكلدان بالقطط والبزازين يحضرني وصف أخر أتى من  كاتب نهضوي أخر حيث أطلق عليهم لفظة "الجحوش". وبين الجحوش والبزازين من الكلدان وردت أوصاف أخرى مثل "الذئاب الكاسرة والثعالب الخائبة" ونحن بإنتظار تسميات سلبية أخرى من الذين يرفضون الجدل والنقاش والحوار وذلك من خلال الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة.

رابط 1

http://www.livestream.com/batnayalive/video?clipId=pla_12ef22f2-1d8d-4a64-9ae2-3a9061c9c70c&utm_source=lslibrary&utm_medium=ui-thumb
 

 

192
نعم فقدان اللغة يعني فقدان الهوية القومية
ليون برخو
جامعة ينوشوبنك – السويد

أنا سعيد جدا أن أرى الكثير من الزملاء الكتاب من أبناء شعبنا الواحد يهتمون بشؤون اللغة. وقد يكون هذا من جراء ما كتبته مؤخرا عن أهمية اللغة للهوية القومية.

وأخر مقال قرأته كان للزميل زيد ميشو يحاول فيه البرهنة أن فقدانه للغته القومية لن يكون حائلا ضد هويته الكلدانية.

الموقف العلمي والأكاديمي

أنا اقول، ومن منطلق أكاديمي وعلمي، نعم أن الشعب الذي يفقد لغته القومية يفقد هويته وإن تطور وساهم في الحضارة الإنسانية يكون تطوره ومساهمته إنجازا ثقافيا وحضاريا يضاف إلى الشعب الذي إكتسب لغته وليس لغته القومية وشعبها.

هذه نظرية علمية وبإمكاننا الإستدلال عليها تجريبيا (الإعتماد على التجربة الحياتية للبرهنة عليها).

وقبل أن أذكر تجارب شعوب كثيرة في هذا المضمار أود تذكير الزميل زيد ومعه كل أبناء شعبنا، أن النظرية هذه تنطبق على الأشخاص العاديين من أمثالنا. ولكنها تنطبق أكثر وتظهر جلية وناصعة لدى الفطاحلة والعلماء وكبار الكتاب والفلاسفة والمثقفين من الذين يغيرون مجرى التاريخ للغتهم وأبناء قومهم – ولا تزعلوا مني يا إخوتي إن قلت أننا شعب نفتقد من أمثال هؤلاء العظماء اليوم وربما هذا سبب لتشرذمنا وصراعنا على أمور تافهة مثل التسمية والمذهبية وغيرها رغم أننا شعب صغير جدا.

النهضة العربية مثالا

لنأخذ النهضة العربية الحديثة. إنها قامت على أكتاف فطاحلة غالبيتهم من أبناء شعبنا. ولكن لأنهم غادروا لغتنا القومة وأكتسبوا بدلها العربية لسانا، جاءت إنجازاتهم الهائلة في الشعر والثقافة والقومية والفن والتاريخ والتراث وغيرها لمصلحة اللغة الجديدة التي إكتسبوها والشعب الناطق بهذه اللغة – الشعب العربي.

وهكذا يدرس التلاميذ العرب في مختلف البلدان إنجازات إبراهيم اليازجي، وجورجي زيدان، وميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران وإيليا ابو ماضي ويوسف الصائغ وغيرهم كثيرون. هؤلاء أعلام قادوا شعبا غير الشعب الذي ينتمي إلى لغة قومهم الأصلية، أليس كذلك؟ ولأنهم إكتسبوا العربية لغة، صارت العربية حائلا ضد هويتهم القومية.

تغير اللغة معناه تغير الهوية

وقد يحدث أن يكتسب مفكر وشاعر كبير أكثر من هوية واحدة في حياته. نحن أناس عاديين تأثيرنا محدود جدا. ولكن شخص بقامة جبران خليل جبران تأثيره هائل وبإمكانه تغير مجرى التاريخ في كثير من المضامير الإنسانية.

بدأ جبران حياته وهو يكتب بالعربية فأبدع وصار علما تفتخر به الأمة العربية اليوم وليس الأمة الكدانية او الأشورية او السريانية وتدرسه في مدارسها وتقيم له المهرجانات والمؤتمرات.

في أواخر حياته غادر جبران إلى أمريكا وهناك كتب بالإنكليزية وأبدع أيما إبداع وصارت كتاباته نبراسا في الأدب الإنكليزي والأمريكي واليوم تحتفي به أمريكا درجة أنها أقامت حديقة  له في واشنطن صرفت عليها ملايين الدولارات وسمتها حديقة جبران خليل جبران.
أنا أخذ العربية مثالا لأنها اللغة الأقرب إلينا. ما أقوله هنا ينطبق على كل اللغلات والهويات.

مثال من التاريخ

وللنظر بإمعان إلى التاريخ العربي الذي يعرفه معظم أبناء شعبنا بحكم تواجدهم ودراستهم في بيئة عربية.

هذه قائمة قصيرة جدا لمن ساهموا في إعلاء شأن اللغة العربية وهوية القوم الذي ينطقها ولا أعتقد أن هناك شخص بإستطاعته نكران مساهمتهم. كون هذه الأسماء اللامعة في التاريخ العربي فارسية لا يقدم ويؤخر في الأمر شيئا. إنهم خدموا وساهموا في إعلاء شأن اللغة العربية وهويتها وقومها وليس اللغة الفارسية وقومها وهويتها.

بشار بن برد والمتنبي وابن الرومي وابو نؤاس وسيبويه وابن خلدون وابن سينا وغيرهم كثيرون كانت قوميتهم وهويتهم ولغتهم الفارسية. ولكن اليوم هم جزء من الحضارة والهوية واللغة والقومية العربية. تقام لهم التماثيل والمهرجانات وتطبع كتبهم وتدرس وتقرأ من قبل العرب وليس الفرس. أليس كذلك؟

وبإمكاني الأتيان ببراهين من معظم اللغات ومنها لغتنا الجميلة السريانية.

مفهومنا للقومية والهوية مفهوم خاطىء

مفهوم الهوية والقومية كما يراه زميلي زيد وكثير من أبناء شعبنا مفهوم سائب غير علمي ومنطقي إلى درجة أن أصحاب النهضة الكلدانية الحالية يقولون أن سكان جنوب العراق كلدان. أي أن بدر شاكر السياب الذي يعد من كبار مثقفي وشعراء العرب وتدرس نتاجاته على طول وعرض االبلاد التي يتواجد فيها العرب ويتغنى العرب بإشعاره كلداني. هل هذا منطق يا إخوتي الكلدان؟

ولهذا لا أستطيع حتى الأن إستساغة مفهوم النهضة الكلدانية الحالي لأنه مفهوم سائب من وجهة نظري، مفهوم غير علمي ومنطقي للأسباب التي ذكرتها في مقالاتي السابقة.



193
الهوية الكلدانية بين الضياع والنهضة
ليون برخو
جامعة يونشبونك – السويد

يلتئم شمل إخوتنا الكلدان في السويد في منتصف هذا الشهر في مسعى يراد منه النهوض بنا. والنهضة مصطلح محبب قامت به مختلف شعوب الدنيا. والشعب الذي يريد أن ينهض معناه أنه في سبات وإن لم يفق قد يفوته القطار ويضيع أو يندثر او تبتلعه شعوب أخرى نهضت قبله. والنهضة لدى أي شعب يقودها علماؤه وشعراؤه وفلاسفته وقادته السياسيين المحنكين.

أسس النهضة

والنهضة لدى كل الشعوب تستند إلى ما لديها من تراث كتابي بإستطاعتها قراءته وإن حدث أن غادرته لفترة من الزمن يحثها العلماء والشعراء والمثقفون على التشبث به وإحيائه.

بمعنى اخر، أن النهضة تستند إلى هوية الشعب الحقيقية وليس المزيفة وهذه الهوية وعاؤها اللغة القومية لأن اللغة هي الواسطة الوحيدة التي تحفظ لأي شعب ثقافته وفنه وتاريخه وتراثه وأدبه وشعره وموسيقاه وطقسه الديني وتحفظ له سيرة أعلامه وعلمائه وأبطاله.

اللغة هي الوجود بالنسبة لأي شعب يبحث عن هوية ويحاول النهوض. اللغهة هي أم كل العلوم لدى أي شعب في الدنيا والشعب الذي لا لغة له لا هوية له. والشعب الذي يبدل أو يغير لغته يبدل ويغير هويته وإن نهض فإن نهضته تكون محسوبة على اللغة التي إكتسبها وليس لغة هويته الأصلية.

بين سانيديكو واستوكهولم

كنت من أشد المعارضين لمؤتمر النهضة الأول. والمعارضة لا يجب إلغاؤها أو إقصاؤها. إن فعلنا ذلك معناه إتخذنا الدكتاتورية نبراسا. علينا محاورة المعارضين لأسلوب النهضة الحالي ومناقشة أفكارهم وأمانيهم دون اللجوء إلى الشخصنة والمباشرة كما فعل بعض زملائي من الكتاب عند الرد على ما كتبته.

نحن واللغة

نحن الكلدان إن أردنا النهوض لا يمكن أن تتم نهضتنا إن لم نحي لغتنا وما تحتويه من الأمور التي ذكرناها أنفا. أي نهضة دون اللغة القومية نهضة باطلة لن يكتب لها النجاح مهما حاول النهضويون تزويق وتلوين مؤتمراتهم النهضوية.

ونحن الكلدان نحب لغات الدنيا الشتى عدا لغتنا القومية. مؤسستنا الكنسية و بأغلبيتها الساحقة والتي يستند إليها النهضويون لا تحارب هذه اللغة فقط بل كثير من أعضائها ومنهم من هم في سدة الأسقفية يستهجنها إلى درجة أن أغلب كنائسنا اليوم تنظر بعين الريبة وربما الإشمئزاز إلى ما خلفته لنا هذا اللغة من تراث طقسي وكنسي وموسيقي ولاهوتي وفلسفي قد لا يمكله شعب أخر في الدنيا.

وصارت كنائسنا اليوم أشبه بمحافل دولية حيث نستخدم فيها لغات شتى. في السويد مثلا العربية هي السائدة في أغلب الأحيان وتم إدخال السويدية في بعض الكنائس إضافة إلى قليل من السريانية، لغتنا القومية.

كيف ننهض

كيف ننهض وكيف تكون لنا هوية إن لم تكن لنا لغة؟ وكيف ننهض وكيف تكون لنا هوية إن كانت الأسس التي تستند إليها النهضة غير علمية وغير منطقية؟ كيف ننهض ونحن نتكىء على المؤسسة الكنسية (مؤسسة وليس رسالة سماء) التي وضعت مذهبيتها قبل كل إرثها الكنسي المدون باللغة القومية والذي يبلغ عمره حوالي الفي سنة؟

اليوم نحن الكلدان نعرف أكثر بكثير عن تريزيا وريتا وتيريزا وشارل ودومنيك وفرنسيس وصوفيا ولوسيا وبركيتا أكثر مما نعرف عن قديسينا. من منا بإستطاعته عدّ إسمين فقط من أسماء قديساتنا؟

مثال عن الهوية والنهضة

الشعب اليهودي له هوية. هويته هي لغته العبرية وما حفظت له من تراث وثقافة دينية ومدنية والتي هي موجودة في وعاء اللغة التي ينتمي إليها ويتدفاء بها وفي هذا الوعاء يقرأ اسماء أنبيائه وملوكه وشعرائه وكتابه ويقرأ عن أيامه وحروبه وإنجازاته في العمران وغيرها.

الشعب اليهودي لا يقفز فوق وعلى تراثه الكتابي وينسب نفسه لشعوب لا علاقة وجدانية وكتابية ولغوية له معها.

وهذا ديدن كل الشعوب منها العربي والفرنسي والإنكليزي والكردي والفارسي والتركي وغيرهم حيث أن ذاكرتهم تعود إلى أقدم ما تحمله لهم نصوصهم الكتابية.

وإن أرادت هذه الشعوب البت في مسألة مصيرية، إستعانت بعلمائها وباحثيها وكتابها ومثقفيها وشعرائها كي لا تخطىء الهدف.

تشويه التاريخ واللغة

وصل الأمر بنا إلى إطلاق القاب غريبة وعجيبة على لغتنا. فهذا يسميها كلدانية وأخر يسميها أشورية. وصار هؤلاء يستهزئون بالعلم إلى درجة الإستهانة بما يقوله العلماء. علم اللغة يقول لا الكلدانية ولا الأشورية كانت لغة في تاريخهما. الشعبان كانا يتكلمان الأكدية لغة العراق القديم وأن الأشوريين القدامى كان بإمكانهم التواصل لغويا عن طريق الأكدية مع الكدانيين القدامي.

الشعبان صار لزاما عليهما إتخاذ الأرامية (والسريانية وريثتها) في بلاطيهما لتنامي الدور الثقافي والعلمي لهذه اللغة. وعند سقوط الدولة الكلدانية كانت هي اللغة العالمية السائدة مثلها مثل الإنكليزية اليوم وكان على كل الشعوب التحدث بها إن أردات التواصل مع بعضها.

 كم هي مسكينة لغتنا القويمة لأننا نحن أحفادها من الأشوريين الكلدان السريان إتخذناها هدفا لمهاتراتنا حول أمور تافهة مثل التسمية.
ماذا نفعل إن كانت كل الدلائل العلمية والتاريخية واللغوية تشير إلى أننا نحن الكلدان الأشوريين السريان نشترك سوية في هذا الوعاء اللغوي، الا وهو ما إحتوته هذه اللغة لنا من كنوز. بالطبع ما يقوله العلم لن يروق لكثير من أبناء شعبنا الذي تمزقه التفرقة والظروف السياسية في أرض الأجداد.

هل يجوز هذا؟

كنت أقرأ قبل أيام مقالا كاتبه يعد من قبطان النهضة الكلدانية. وعند بحثه عن هويتنا كان أول إقتباس له ترنيمة طقسية ترد فيها مفردة الكلدان. لم يتكلم هذا العبقري عن أهمية هذا الطقس وترانيمه وأنغامه وموسيقاه وما يحتويه من ثقافة وفلسفة ولاهوت بل تشبث بمفردة واحدة ترد في هذه الترنيمة وهي واحدة من إثنا عشر نغما كتبها ونظمها ورتبها ولحنها واحد من كبار أعلامنا الا وهو مار ماروثا الميافرقيني.

 هذا الفطحل بدلا من أن يدرس ويدرّس تراث وموسيقى مار ماروثا حيث لكل ترنيمة في الصباح وفي المساء مقام خاص ومغزى تاريخي وديني مختلف راح يتشبث بكلمة واحدة من مجموع ملايين الكلمات التي يحتويها هذا الطقس ناسيا أن اجدادنا كانو يشمئزون من الأقوام التي تعبد الأصنام وكانو يلقبون كل وثني بالتسميات التي نتصارع عليها اليوم.

 اي لغة في الدنيا إستطاعت الحفاظ على تراث وموسيقي لأكثر من 1500 سنة وبهذا الشكل الرائع غير لغتنا القومية؟ وبإمكاننا أن نسأل أيضا أي شعب أهمل بهذه الدرجة وهذا الشكل تراثا غنيا مثل تراثنا؟

 وهكذا، فبدلا من أن يطلب  هذا العلامة من المؤسسة الكنسية أن تعود إلى هذه الجذور التي يحتويها وعاء لغتنا القومية، يحث الكلدان على الإحتفاء بأكيتو ونبوخذنصر. أقول لهذا الكلداني: يا أخي كيف تحتفي بأكيتو ونبوخذنصر وأنت لا تقرأ لغتهم ولا تستطيع فك طلسم من طلاسمهم ولا تعرف معنى أسمائهم وتترك التراث الذي كتبه بلغتنا وتركه لنا أشخاص من بني قومنا وديننا مثل ماروثا؟

 


 
 

194
بطريرك الموارنة في لبنان وبطريرك الكلدان في العراق وهواجس الحفاظ على الوجود المسيحي في الشرق
ليون برخو
جامعة يونشوبنك - السويد


أثارت التصريحات التي أطلقها البطريرك الماروني في لبنان بشارة بطرس الراعي في زيارته الأخيرة لفرنسا جدلا كبيرا. لقد كانت تصريحات غاية في الأهمية ليس لأن قائلها ذو منزلة كبيرة وشأن كبير في لبنان والعالم بل لأنها أسست لخطاب جديد سيكون له أبعاد كبيرة على مسيرة العلاقة المسيحية-الإسلامية في الشرق الأوسط.

تصريحات صاعقة

 وقعت تصريحات البطريرك الراعي كالصاعقة على رأس المسؤولين الغربيين وفي عقر دارهم. لم يتوقع الغربيون – لا سميا الفرنسيين والأمريكان ومعهم ربيبتهم إسرائيل – أن شخصية مسيحية بمقام البطريرك الراعي  ستقف خصما لمشاريعهم الشرق أوسطية وترى إيجابيات في وجود  المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان وتدافع عن الحق الفلسطيني الضائع وتساند موقف النظام  والحكومة في سوريا وتطالب بمنحهما فرصة من أجل الإصلاح وترى في السياسات الغربية صوب الشرق الأوسط خطرا على الوجود المسيحي.

توقع الكثيرون أن يتراجع البطريرك او بأقل تقدير أن يقدم توضيحات لتصريحاته في باريس حال عودته إلى لبنان. لكن البطريرك الماروني صمد ولم يتنازل قيد أنملة بل زاد في تقاربه وتفهمه للوضع الحالي في لبنان والشرق الأوسط وقام بما لم يقم به أي بطريرك مشرقي في العصر الحديث بزيارت رعوية ليس للمسيحيين اللبنانيين بل شملت المسلمين السنة والشيعة في لبنان.

بطريرك المسيحيين والمسلمين معا

وأستقبله المسلمون، لا سيما الشيعة منهم، أحسن إستقبال فاق الترحيب الذي لقيه في زيارات لرعيته المسيحية. وفي هذه الزيارات أطلق تصريحات أخذت بالباب اللبنانيين ودشنت كتصريحاته  الباريسية لعهد جديد من التقارب المسيحي الإسلامي مترجما لكثير من مفاهيم التسامح الإنجيلية على أرض الواقع.

 وأطلق حملة سماها "المحبة والشراكة" وأسس، إضافة إلى خطابه السياسي الذي لا يساير توجهات الغرب المسيحي، لخطاب لبناني داخلي صار بمثابة النبراس الذي يهتدي به اللبنانيون بمختلف طوائفهم من أجل التفاهم واللقاء بإستثناء الجماعات المسيحية والمسلمة  من التي لا زالت تراهن على المنقذ الغربي ومشاريعه.

المشاريع الغربية

والمشاريع الغربية لم تأت إلا بالمأسي لمسيحيي المشرق. أنظر ماذا حل بمسيحيي فلسطين بعد  قيام الغربيين بسلبها وإعطائها لليهود. اليوم لا يتجاوز عدد المسيحيين في كل فلسطين بضعة الاف بعد أن كانوا حولي 40% من السكان قبل التدخل الغربي. والعراق شاهد أخر ولبنان ذاته مثال حي لهذا التدخل وهناك خطرا كبيرا على الوجود المسيحي في سوريا كما يعتقد الراعي. سياسة الغرب الشرق أوسطية، بمؤسستيه الدينية والدنيوية، ليست مبنية على الأخلاق او المصالح المسيحية. إنها سياسة تنصب أولا وأخيرا في مصلحة وأمن إسرائيل.

أقوال حكيمة

وهذا ما قاله البطريرك الراعي  في زيارته لجنوب لبنان حيث تقطن غالبية شيعية: "ما أجمل المسيحية والإسلام إذا إجتمعا ... هذا الصليب والهلال لن ينفصلا في بناء مجتمع واحد متوازن وهذه هي الأعجوبة الكبرى في بناء البشر."

وأضاف: "لا معنى لوجودنا من دون المسلمين والعكس صحيح ... لا تخافوا من الألم ومن صعوبات الحياة المشتركة ... ولا العنف لأن الصليب هو الأقوى والهلال يطلع علينا كل يوم ... ما أجمل الصليب والهلال وما أجمل المسيحية والإسلام إذا إجتمعا."
وعن رجل الدين الشيعي مؤسس المقاومة اللبناينة الذي إختفي في زيارة إلى ليبيا، قال: " ... الإمام الصدر حي في أفكارنا وقلوبنا."

بين الراعي والبطريرك الكلداني في العراق

تذكرني هذه المواقف الشجاعة والجريئة بمواقف بطريرك الكلدان في العراق عمانوئيل دلي الذي، ومنذ الغزو الأمريكي والمأسي التي جلبها معه والعنف غير المسبوق الذي جرى بسب سيساته ما أنفك يدعو إلى "الشراكة والمحبة" في كل  تصريحاته ومواقفه. وصار البطريرك دلي كما البطريرك الراعي في لبنان بطريرك الكل في العراق، مسيحيين ومسلمين. إنه اليوم واحد من أكثر رجال الدين شعبية وتأثيرا في العراق درجة أن القوائم النيابية في البرلمان تحرص على زيارته بإستمرار لا سيما في الأعياد والمناسبات وأخيرا قام ممثلو الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بزيارة جماعية لقلايته في بغداد ونقرأ في الصحف المحلية أنه أكثر شخصية عراقية إستحقاقا لإقامة  تمثال له في بغداد.

ما أروعكما من شخصيتن

بين الراعي ودلي كثير من سياسة "الشراكة والمحبة"  مع إخواننا المسلمين لا سيما العرب منهم. "الشراكة والمحبة" تعني قبول الأخر والإعتراف به وبوجوده كإنسان ودينه وطائفته وكتبه. كم هو رائع البطريرك الراعي في توجهاته الجديدة لأننا نحن مسيحيي المشرق عانينا من التدخل الغربي في شؤون الشرق وشؤوننا أكثر مما عانيناه من إضطهاد أتانا على ايدي الأخرين.

وكم كان البطريرك دلي رائعا عندما رفع نسخة القرأن التي قدمها له هدية بعض علماء المسلمين ووضعها عل جبينه وقبلها.
بعض المتعصبين والطائفيين من المسيحيين  - نفر من الكلدان - إستهجنوا تكريم البطريرك  لكتاب المسلمين كما يستهجنون، لجهلهم وليس  لعلمهم، كتاباتي عن اللقاء والشراكة والإعتراف المتبادل والمحبة بين الأديان والحضارات. هؤلاء الجهلة ينسون أننا نزداد مسيحية كلما قبلنا الأخر. اساس المسيحية "الشراكة والمحبة" التي لا يحددها دين أو جنس او مذهب. ولنقل مع الراعي جميعا: ""ما أجمل المسيحية والإسلام إذا إجتمعا."



195
ملاحظات حول مقال الأستاذ أبرم شبيرا عن القاموس "الأشوري"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك  - السويد

شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة بحاجة ماسة إلى مقالات ومواضيع ذات طابع علمي وتاريخي رصين. وفي الوقت الذي نشكر فيه الأستاذ شبيرا على مقاله الأخير (رابط 1 )، نود التعليق على بعض ما جاء فيه وإضافة بعض الأمور وتصحيح الأخر خدمة للعلم وللنفع العام.

وأمل أن يتسع صدر الكاتب لهذه الملاحظات حيث أن الغاية منها الإضافة وتصحيح بعض ما ورد في المقال من فرضيات.
 
النقطة الأولى

النقطة الأولى التي أود الـتأكيد عليها للقراء الكرام ولم أستشفها من المقال هي أن القاموس يعني أساسا بعلم الأشوريات وشتان بين الأشوري والأشوريات. الأشوريون القدامي جزء صغير جدا من حضارة الشرق الأدنى والقاموس قاموس حضارات الشرق الأدنى لا سيما التي كانت في فترة غابرة من الزمن (من الألف الثالث قبل الميلاد وحتى نهاية الألف الأول) تنطق بالأكدية وغيرها من لغات شعوب الشرق الأدنى القديم.

 هذه المعلومة المهمة يضعها علماء جامعة شيكاغو في الصفحة الأولى من موقعهم الإلكتروني (رابط 2) وتؤكد أن القاموس يعني بحضارات ولغات وعلوم وثقافات وتاريخ الشعوب التي عاشت قديما في الشرق الأدنى. والمفهوم الأثاري والتاريخي للشرق الأدني القديم وكل الحضارات والشعوب القديمة التي قطنته يغطي بلاد النهرين (العراق وسوريا)  الأناضول (تركيا اليوم) وليفانت (لبنان وفلسطين وإسرائيل والأردن) وإيران القديمة وحضاراتها من الفرثية والعيلامية والفارسية والساسانية وغيرها.

النقطة الثانية
 
ثانيا، يقول الكاتب أن لغة القاموس أكدية. نعم هذا صحيح، ومعظم الشعوب القديمة التي عاشت في العراق القديم كانت لغتهم الأكدية ومنهم الأقوام التي ندعي أننا أحفادهم.  ولكن لا أظن أن الكاتب يفلح في فرضيته أن لغتنا السريانية هي جزء او بنت او وليدة الأكدية.
 
والدليل  الذي يأتي به الكاتب للبرهنة على فرضيته لا يمكن الأخذ به من الناحية العلمية واللغوية. فالكاتب  يذكر لنا بعض المفردات التي يراها متشابهه لما لدينا في السريانية.

 لو أخذنا بهذه النظرية لكانت الإنكليزية أصلها عربي لأن ليس فيها بعض المفردات لا بل مئات المفردات ذات الأصل العربي. وإن أخذنا بهذا المفهوم الذي يستند على بعض المفردات لتقرير أصل لغة ما، لكان أصل معظم اللغات في الدنيا يوناني لأن لا توجد  لغة في الدنيا لا تحتوي مئات من المصطلحات والمفردات اليونانية.

وإن ذهبنا بعيدا لرأينا تشابها هائلا بالمفردات والمصطلحات بين العربية والسريانية. فهل نستطيع إن نقول أن اللغة السريانية مشتقة من العربية او بالعكس؟ هذه الأمور تدرس ضمن علم اللغة وفي إختصاص ضيق جدا يدعى الفيلولوجيا – الدراسة  التاريخية لتطور اللغات.

لغتنا السريانية لغة مستقلة عن الأكدية وعلاقتها بها لا تتجاوز كونها لغة سامية شأنها شأن العربية والعبرية والحبشية والفينيقية وغيرها من اللغات السامية عدا السومرية التي لم يفلح العلماء حتى الأن في فك شفرتها العائلية، أي لا نعلم بالضبط إن كانت سامية او إندو- أوروبية.

النقطة الثالثة

إن المثال الذي يذكره الكاتب أيضا للبرهنه على نظريته كون لغتنا السريانية تعود إلى الأكدية، لغة الأشوريين ومعظم الشعوب التي عاشت في العراق القديم، لا يجوذ الأخذ به من الناحية اللغوية والعلمية.

 يقول الكاتب في مثاله أنه وكثير من الإنكليز لا يفقهون لغة شكسبير التي كانت سائدة قبل حوالي 400 سنة.

ردي على ذلك هو أن الكاتب والإنكليز لا يسستطيعون قراءة شكسبير لأن إمكانياتكم  اللغوية محدودة جدا . فأنا، كمختص في علم  اللغة، وكاتب أستخدم الإنكليزية في كتاباتي، أقرأ  شكسبير  بطلاقة لا شكسبير فقط بل أقدم مخطوطة باللغة الإنكليزية ومنها كتابات شوصر، وهو واحد من أقدم الكتاب الإنكليز.

وبما أنني أقرا السريانية الفصحى (الطقسية) التي تعود جذور بعض نصوصها الكنسية الى القرن الأول قبل الميلاد لكان بإمكاني قراءة الأكدية لغة شعوب العراق القديم ولكنني لا أستطيع ولا بإستطاعة أي عالم من علماء السريانيات. علينا تعلمها وذلك بدراستها كما ندرس أي لغة أجنبية أخرى.

فمثلا، مديرية الدراسات السريانية التي تم تشكيلها مؤخرا لا علاقة لها بدراسة اللغة الأكدية لغة الشعوب التي ندعي الإنتماء إليها ولا بعلم الأشوريات في جامعة بغداد او جامعة شيكاغو حيث صدر القاموس. الدراسات السريانية التي ستعني باللغة والتراث والثقافة والأدب والشعر والتاريخ والعلوم سيقوم بها أساتذة مختصون بلغتنا وتراثنا السرياني وليس بتراث شعوب العراق القديم وكل الأمم القديمة التي كانت تتكلم الأكدية في الشرق الأدنى.

وأخيرا أمل من كتاب شعبنا أن لا يدلو بدلوهم في أمور خارج إختصاصهم وإن فعلوا عليهم الإستئناس برأي أصحاب العلم والإختصاص، هذا إن أردنا خدمة شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة لا سيما وهو يمر اليوم في مرحلة مصيرية من تاريخه.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,525181.0.html
رابط 2
http://oi.uchicago.edu/research/pubs/catalog/cad/











196

ما هي معاني ودلالات إستحداث مديرية عامة للدراسة السريانية في بغداد بالنسبة لأبناء شعبنا الواحد

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

هناك أمور تنغص الحياة وتزيد من التشاؤم على مستقبل شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الواحد. وهناك أمور تثلج الصدر وتؤدي بنا إلى التفاؤل بالمستقبل.

دعني أبدأ بأمر أثلج صدري وجعلني أثق بالطاقة الخلاقة لشعبنا الواحد ومن ثم أعرج على امور سلبية لا تخدم شعبنا لا من قريب ولا من بعيد.

الخبر الذي نشره موقع عنكاوة.كوم عن إنشاء مديرية عامة للدراسة السريانية (رابط 1) لا بد وأن يسعد كل مثقفي وكتاب وأفراد شعبنا الواحد لا سيما المتنورين منهم.

 وأنا أتحدث كصاحب إختصاص حصل على إحدى شهاداته العليا في علم اللغة، أطلب من شعبنا الواحد أن يسمع ولو لمرة واحدة ما يقوله العلم وليس أنصاف العلماء وأشباه المثقفين من الذين بودهم خطف شعبنا إستنادا إلى تسميات ومذاهب كادت أن تقضي علينا.

سمحت لي ظروف حياتي وإنخراطي في دير لكنيسة المشرق الكلدانية لتسع سنوات أن أتقن لغتنا الجميلة – السريانية – كتابة ونطقا وعلي يدي كاهن كلداني من الهند كان يتكلمها بطلاقة مذهلة.

هذه لغة وسعت علوم الدنيا من فلسفة ومنطق ولاهوت وفيزياء وكيمياء ورياضيات وهندسة وغيرها من الحقول.

والعلم – وليس ليون برخو – يقول ان اللغة هي أم العلوم والثقافات وهي خزين لا بل ذاكرة الشعوب ولولاها لا تراث ولا ثقافة ولا حضارة ولا تاريخ ولا وجود لأي أمة.

وعليه فكل كاتب ومثقف وسياسي وناشط من أبناء شعبنا وكل حزب ومنظمة ومؤسسة دينية وغيرها تعني بشؤون شعبنا عليها أن تبرز ما قدمته خدمة لهذه اللغة الجميلة.

وعلينا جميعا أن نمتحن الأشخاص والمؤسسات دينية وغيرها حسب الخدمة التي يقدمونها لهذه اللغة وعلينا أن نساند وننتخب وندعم بكل الأشكال الممكنة الشخص والمؤسسة والحزب الذي يخدم لغتنا الجميلة.

القرب والبعد من اللغة السريانية هوالذي يجب أن يكون المعيار الذي نستخدمه عند التطرق إلى الأمور القومية والثقافية وحتى الدينية وليس القرب والبعد من من شعوب ورموز لم تتحدث وتكتب لغتنا، ولأنها لم تكتب بلغتنا فهي خارج وعائنا الثقافي والإجتماعي والتاريخي والوجداني والأدبي والعلمي.

أنظروا إلى الكردي والتركماني والعربي والفارسي والتركي وكل الشعوب الأخرى وقارنوا بين حبهم والتصاقهم وصراعهم وقتالهم من أجل لغتهم وقارنوا بين بعض أحزابنا ومؤسساتنا وكتابنا ومثقفينا من الذين أقضوا مضاجعنا بجعجعتهم ومقالاتهم الباهتة ولم يقدموا حبة خردل لإعلاء شأن لغتنا.

لا حياة لنا ولا وجود لنا ولن تبقى لنا أية خصوصية تذكر لو خسرنا لغتنا. ولا يسمح شعب على وجه البسيطة في تعريب نفسه أو تكريد نفسه أو تغير لغته غير بعض المجاميع من شعبنا التي لا ترى أبعد من أنفها.

هل تعلمون ما معنى أن يخسر شعب لغته، أي عندما يفقد المقدرة  على قراءة وكتابة لغته؟ الجواب العلمي هو أن هذا الشعب لا وجدان له ولا ثقافة له ولا تاريخ له ولا ذاكرة له ولا أدب له. وبمعنى أخر يفقد خاصية كونه شعب.

هذه ليست أقوالي. هذا ما يقوله العلم. فلنشمر عن سواعدنا، الكلدان الأشوريين السريان، للحفاظ على لغتنا وتعلمها وتدريسها وإستحداث هذه المديرية العامة خطوة إيجابية في هذا المضمار.

والأن دعوني ألخص ما أراه سلبيا لا بل يلحق ضررا فادحا بشعبنا الواحد.

ما يضرنا لا بل قد يؤدي إلى هلاكنا هي المواقف الإنقسامية التي تستند إلى التسمية والمذهبية المقيتة. الذين يضعون التسمية والمذهبية فوق لغتنا الجميلة وثقافتنا وتاريخنا الذي لا يمكن أن نعرفه إلا من خلال هذه اللغة يشكلون، من حيث يدرون او لا يدرون، خطرا مميتا على شعبنا وهو يصارع على وجوده وحضوره في أرض الأجداد.

هؤلاء لا همّ لهم إلا إجترار المقالات التي لا تغني ولا تسمن ولا همّ لهم إلا العزف على ذات الوتر الممل. لا همّ لهم غير ضجيج الأقلام والخطابات الرنانة ولا مساهمة تذكر لهم ولمؤسساتهم ومنظماتهم في إعلاء شأن لغتنا الجميلة – السريانية.

على شعبنا فرز هؤلاء وكل الذين يقحمون لغتنا السريانية في المعارك الدونكيشوتية على التسمية والمذهبية.

لغتنا تسمو على تسمياتنا ومذاهبنا. لغتنا لا تسمية أخرى لها غير اللغة السريانية.

والذي يسميها غير ذلك جاهل وبإمكاننا وضعه في خانة أشباه العلماء وأنصاف المثقفين.

مبروك لشعبنا هذه المديرية الجديدة – المديرية العامة للدراسات السريانية.

-------------

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,528386.0.html


 

197
من يهضم حقوق الكلدان ومن يسكت صوتهم؟
 
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد


مقدمة

أقرأ بإستمرار كل ما يكتبه زملائي من المثقفين والكتاب الكلدان وأخص بالذكر أعضاء الاتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان. ومن خلال قرأتي لا سيما لما يكتبه البعض من أعضاء الإتحاد أرى أن قسما من هذه الكتابات تساهم مساهمة مباشرة في تهميش وهضم حقوقنا وإسكات صوتنا، أي انها تحقق، من حيث يدري كتابها او لا يدرون، الهدف العكسي من كتابتها.

هناك لازمة قلما تخلو منها كتابات الزملاء هؤلاء. جميعها تقريبا تركز على أننا نحن الكلدان مظلومون وأن حقوقنا قد تم هضمها وأن الظلم يلاحقنا ليل نهار وأن الظالمون هم زوعا والمجلس الشعبي. وجميعها تقريبا توجه النقد اللاذع في جميع الإتجاهات ولا تستثني منه الكلدان أنفسهم من الذين يختلفون عن توجهاتهم. وأخيرا جميعها تقريبا تستند في منهجيتها على المؤسسة الكنسية وعلى ما تنبشه من نصوص توراتية (العهد القديم) لتثبيت أحقيتنا وثقافتنا ولغتنا وتاريخنا. دعنا الأن نناقش هذه المسائل الثلاث وأمل أن يتسع صدر زملائي للنقاش الحر هذا.
 
مسألة المظلومية والحقوق المهضومة

من السهولة بمكان إلقاء اللوم على الأخرين والإدعاء أنهم السبب في تهميشنا وهضم حقوقنا. ولكن لنكن واقعيين ومنطقيين عند توجيه الإتهام. هل تدرون ان السبب الرئسي لهضم حقوقنا هو الإزدواجية التي نعيشها نحن الكلدان؟

فمن ناحية نحن ننادي بخصوصيتنا القومية ومن ناحية أخرى لا نحب ثقافتنا ولغتنا وتاريخنا. لو سألت أي كلداني عن أبرز شعرائنا وفلاسفتنا وعلمائنا وقديسينا وقديساتنا وملافنتنا لأخذك إلى أنكيدو واكيتو ونبوخذنصر وفرنسيس الأسيزي وريتا وهؤلاء بعدهم عنا بمقدار بعد ثقافة شكسبيرعن ثقافتنا ولغتنا.

من يمنع أن تقوم مؤسساتنا بتدريس لغتنا السريانية ومن خلالها يتعرف شعبنا على شعرائنا وأعلامنا وملافنتنا وحضارتنا وثقافتنا؟ اللغة هي الوعاء الذي يحوي التاريخ والثقافة والشعر والأدب والتقاليد. الشعب الذي لا إرث كتابي له لا ذاكرة له.

هل زوعا او المجلس الشعبي يمنع إنشاء مدارس لتدريس لغتنا؟ من عرّب معظم طقوسنا ومناهجنا التدريسية في المعاهد التي نمتلكها؟ هل هو زوعا أم المجلس الشعبي أم نحن؟ من يمنع الكلدان في الداخل والخارج من إرسال اولادهم وبناتهم إلى المدارس السريانية او لدارسة لغتنا؟ هل هو زوعا ام المجلس الشعبي ام نحن؟

 قرأت عشرات لا بل مئات المقالات عن الحقوق المهضومة ولم أعرف حتى الأن ما هي هذه الحقوق.

إخوتي إن أراد شعب أن يسترد حقوقه عليه العمل لإحياء ثقافته ولغته وتاريخة الكتابي وليس لوم الأخرين على ضياعه. النهضة لا تأتي من خلال المقالات. النهضة الحقيقية تأتي بالتشبث بالتراث واللغة والثقافة.

إذا من الذي دفن قوميتنا وتراثنا وتاريخنا ولغتنا؟ من الذي يسكت صوتنا؟ من الذي يهمشنا؟

إزدواجيتنا وتعريبنا لثقافتنا وتخلينا عن الملايين من الكلدان في العراء كي تفترسهم أنياب الألتنة هي التي همشتنا. إن لم نعد إلى لغتنا وتراثنا وطقسنا وثقافتنا وتاريخنا المكتوب وعصرنته وتحديثه لن تقوم لنا قائمة. إن لم نحاسب أنفسنا اولا ومؤسساتنا ثانيا على مظلوميتنا لن تقوم لنا قائمة.

إن نحن لم نسمح لأي مؤسسة أو فرد كلداني مهما علا شأنه ومقامه، علماني او من الأكليروس، أن يدوس بأقدامه على ثقافتنا ولغتنا، لما كان بإستطاعة الدنيا بأجمعها أن تدفن ثقافتنا ولغتنا وتراثنا وقوميتنا. فكيف بإمكان زوعا والمجلس الشعبي القيام بذلك؟

الهجوم على الكلدان

مشكلة هؤلاء الكتاب أنهم لا يستسيغون الخلاف في الرأي ويتصورون أن على كل الكلدان الجري خلفهم لأنهم على حق. وأخترع  البعض من أعضاء الأتحاد مصطلحات والقاب لا يستسيغها الحس السليم وقد لا تقبل نشرها بعض مواقع شعبنا.

وهنا أذكر ما تفتقت به عبقرية واحد منهم على سبيل المثال لا الحصر حيث أطلق على الكلدان الوحدويين، وهم كثر والحمد لله، عبارات كان الثوار الأكراد في العراق يطلقونها على الأكراد الذين كانوا يقاتلون في صفوف الحكومة. أستميح قرائي عذرا لأنني لا أستطيع الإقتباس او حتى ذكر العبارات المسيئة او حتى الرابط لتدني مستوى الكتابة.

إستخدام الكلمات البذيئة من قبل كتاب يحملون مناصب رفيعة في الإتحاد يجعل بعضنا يخجل من كونه كلداني ولا أعلم كيف تسمح بعض المواقع نشر مثل هذا الكلام البذيء.

الخطاب المتدني هذا يساهم في دفن ثقافتنا ولغتنا وإسكات صوتنا. ولا أعلم إن كان أي كلداني سيرضى أن يمثله صاحب خطاب كهذا ولا أعلم كيف وصل الدهر بنا ونحن أحفاد مار أفرام ونرسي وماروثا وبالاي وباوي ويعقوب السروجي أن يكتب أمثال هؤلاء بإسمنا. ومن يقول أن هؤلاء الكتاب يعترفون بهولاء العظماء. معرفتهم لا تتجاوز بعض الفصول من التوراة والكتب المدرسية عن تاريخ العراق القديم ولهذا ترى تشبثهم الأعمى بأكيتو ورفاقه.
 
المؤسسة الكنسية

هنا لا أتحدث عن رسالة السماء. الكنيسة كمؤسسة تختلف إختلافا جوهريا عن رسالة السماء، لا بل تصبح المؤسسة ضد رسالة السماء التي تمثلها. وسأكتب عن ذلك في مقال منفصل بعون الله.

الكتاب الكلدان من هذا الطراز مذهبيون درجة أنهم يرون مذهبهم أفضل من المذاهب المسيحية الأخرى رغم أن زعيم المذهب وهو بابا روما لا يستطيع اليوم أن يقف ويعلن أن مذهبه هو الصحيح فقط والمذاهب المسيحية الأخرى باطلة. والأنكى من هذا فإن روما بحد ذاتها لا تستطيع أن تعلن اليوم أن الدين المسيحي هو الحق والأديان الأخرى باطلة.

مشكلة هؤلاء أنهم يرون ليس فقط قوميتهم بل ثقافتهم وتاريخهم ولغتهم وشعرهم ووجدانهم من خلال منظار مذهبهم. هؤلاء يرون ان العهد القديم بما فيه من أخطاء تاريخية وعلمية ومغالطات برمته يمثل كلمة الله. وهؤلاء يرون أن الكلداني الذي يبدل مذهبه تحق عليه اللعنة.

وإلا كيف نفسر تعليق أحد الكتاب الكلدان البارزين على تخلي أحد الكهنه الكلدان عن مذهبه الكاثوليكي وإلتحاقه بمذهب أخر حيث يذمه وذلك بإقتباس طقسي "ويللي دحطيث" (الويل لي لأنني وقعت في الخطيئة). كيف يجيز كاتب لنفسه أن يقوم مقام الديان ويدين كلداني ترك مذهبه أنه يستحق الجحيم؟

والأية تنعكس عندما يترك أسقف مذهبه الأصلي ويلتحق بالمذهب الذي عليه نحن الكلدان. فترى الفرحة والحبور والغبطة في كتابات هؤلاء وهم لا يعلمون أن المذهب ليس الطريق لملكوت الله وأننا لن نتكىء إلا على أعمالنا وليس على باباواتنا وكراديلتنا واساقفتنا وقسسنا ومذاهبنا او حتى ديننا يوم الحساب.

وهؤلاء يرضون بما ترضى عنه المؤسسة إن كان صالحا او طالحا. فمثلا، لم أرى أي إدانة من الإتحاد للعملية المشينة التي إقترفتها هذه المؤسسة وذلك بدفن الموتى من اللاجئين الكلدان في مقابر جماعية فوق الأرض لقاء مبالغ كبيرة من المال. ما علاقة رسالة السماء (روح القدس) بهذا الأمر؟

وهؤلاء ينشرون صورا لنفر من الكلدان في جنوب العراق إفتخارا بكلدانيتهم ولم يكتبوا حتى اليوم عن الجريمة التي إقترفتها هذه المؤسسة بحق شعبنا وذلك بتخليها عن ملايين الكلدان ورميهم في ا لعراء والسماح للذئاب من الأجانب على إفتراسهم وألتنتهم بإسم المذهبية.

وإن تحدث هؤلاء عن القومية والثقافة والتاريخ لا علم لهم غير ما ورد في التوراة. وإن لم تعرف عن المغالطات التاريخية الكبيرة الموجودة في التوراة إسال أي عالم أثار كي يدلك عليها. أي ينسون تاريخنا الكتابي وينسبوننا إلى شعوب وأمم توراتية لا ناقة ولا جمل لنا معها.

وإن قلت أن اللغة هي ذاكرة الأمم ولولاها لا وجود لأي أمة، أقتبسوا من الإنجيل ونزول روح القدس على التلاميذ وكيف أنهم تحدثوا بلغات شتى. إن كنتم مذهبيون لهذه الدرجة لماذا لا تصبحون قسسا ورهبان؟ إن كانت الثقافة والقومية تستند على الكتاب المقدس لترك الفرنسي والسويدي والألماني والإنكليزي والبولندي لغته كما فعلنا نحن الكلدان.

وإن قلت لا يجوز لأمة أن تترك لغتها لأن لم تفعل أي أمة أخرى هذا الأمر في التاريخ، قالوا المجمع المسكوني أمر بترك اللاتينية وإستخدام اللغات المحلية. هل هذا منطق، بحق السماء؟ اللاتينية كانت لغة أجنبية فرضتها المؤسسة الكنسية على الشعوب الكاثوليكية الأوروبية كما فرضت مؤسستنا الكنسية العربية علينا.

 العودة إلى اللغات المحلية كان إنتصارا للقوميات لأنها غادرت اللاتينية في طقوسها وصلواتها وبدأت بإستخدام لغاتها القومية. نحن نطالب بقومية دون لغة وبعد أن تركناها لا نعلم كيف نستطيع إكتسابها.  تركناها لأنه ليس لدينا اليوم صفا واحدا تدرس فيه لغتنا السريانية عدا ما قام به زوعا والمجلس الشعبي والمديرية العامة للثقافة السريانية في إقليم كردستان وقسم اللغة السريانية في كلية الأداب جامعة بغداد. أين مساهمتنا نحن الكلدان؟

وكان الله في عوننا نحن الكلدان


198
الزعماء الأكراد يحاربون الفساد بالفساد

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

بعد ضغط شعبي هائل وتغطية إعلامية غير مسبوقة لتفشي الفساد في إقليم كردستنان من القمة حتى القاعدة رضخت الزعامة الكردية لفتح هذا الملف الحساس الذي حاولت جهدها إخفائه عن الأنظار.

الملفات بالالاف، كما يقول أقرب المقربين من الزعيم الكردي مسعود البارزاني، وهو رئس ديوانه الدكتور فؤاد حسين (رابط 1). ولكن المشكلة العويصة التي تواجه هذه الزعامة أن أكثر الملفات فسادا هي التي تتعلق بقبيلة الزعيم الكردي  من ناحية الأب (البارزانيين) وبقبيلته من ناحية الأم (الزيباريين) وبقبيلة الزعيم الكردي الأخر وقبيلته وقبيلة قرينته.
 
أي فتح شفاف ومستقل وموثوق لهذه الملفات لا بد وأن يرفع النقاب عن ما لم تسمع به الأذن الكردية والعراقية حتي الأن رغم كون العراق بمجمله يقبع عى رأس قائمة الدول الفاسدة.

وبين الزعيمين، اللذين لم ينظرا إلى مئات المليارات التي أنهمرت على الأقليم وعلى السلطة الشبه المطلقة التي تمتعا بها بعد الغزو الأمريكي لإدراة إقليم كردستان إلا نظرة قبلية وعائلية وحزبية، تم تقسيم كل شي تقريبا وكأنه غنيمة مناصفة (فيفتي فيفتي) لهما ولقبائلهما ومليشياتهما وأعضاء حزبيهما.

ولهذا لا يتجرأ الزعيمان على محاربة الفساد بطريقة مستقلة وشفافة. الإثنان لهما تاريخ ثوري، قادا ثورة ضد الطغيان والفساد ولكنهما اليوم يقودان إدارة لها كل الصفات التي كان يحاربانها في الماضي.

وهكذا جرى الإتفاق بين الإثنين، وكما يقول الدكتور حسين في أخر تصريحات صحفية له، أن يتجنبا القيام بإجراءات جذرية لمحاربة الفساد، بمعنى أخر أن مأ أطلق عليه، كما ورد على لسان الدكتور حسين نقلا عن البارزاني،  بالبرنامج الإصلاحي، "هو برنامج إصلاحي وليس عقابا، كما هو واضح من إسمه، ولن ينفذ بطريقة ثورية كما يتصور البعض."

أليس هذا معناه أن الفاسدين من القمة لن يتم محاسبتهم ومعاقبتهم ولهذا فإن أغلب اللجان التي شكلت لمحاربة الفساد، يديرها فاسدون. والفاسد يقود الفاسد إلى بر الأمان.

من كان يتصور أن البارزاني الذي قاد ثورة ضد الفساد ومعه الطلباني سيصل بهما الأمر إلى رفض إجراء ثوري للقضاء على فسادهما وفساد عشيرتيهما وحزبيهما.  من كان يتصور أن هذين الزعيمين سيصل الأمر بهما إلى إستهجان الطرق الثورية (الجذرية) لمحاربة الفساد؟

الفساد المستشري في إقليم كردستان يحتاج إلى عملية جراحية لإستئصاله. إنه داء عضال لا بل سرطان كما تصفه الصحافة العالمية. وهذا التحذير ورد من قبل صحفيين كبار قبل سنين. (رابط 2 ،3 ،4 )

واليوم لأن إستئصال الفساد سيعني إستئصال للثوريين وعشائرهم ودور أحزابهم ومليشياتهم يتجنب الثورييون أنفسهم الوسائل الجذرية لإستئصاله لأن اي إجراء جذري سيعني إستئصالهم.

ولهذا يواجه الكرد العراقيون اليوم زعامة قررت محاربة الفساد بالفساد. وهذا الإجراء سيدخل تاريخ محاربة الفساد من أوسع أبوابه لأن محاربة الفساد ستؤدي إلى مزيد من الفساد.

رابط 1
http://www.aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=11897&article=628156&search=??????? ???? ????&state=true

رابط 2 ،3 ،4

http://news.bbc.co.uk/2/hi/programmes/crossing_continents/7178820.stm
http://www.ft.com/cms/s/0/37981d6c-9329-11de-b146-00144feabdc0.html
http://www.time.com/time/world/article/0,8599,1174457,00.html


199
الأستاذ أبرم شبيرا: مقالك الأخير دليل فقرنا لا بل إفلاسنا الثقافي والعلمي والإعلامي

ليون برخو
جامعة يونشبونك


ترددت كثيرا قبل الرد على المقال الأخير (رابط 1) الذي كتبه الأستاذ أبرم شبيرا ولكن تركه يمر وكأن ما تضمنه يمثل حقيقة تاريخية وثقاقية وعلمية وإعلامية يلحق ضررا كبيرا بأبناء شعبنا الواحد بتسمياته المختلفة.

ومن خلال تحليلي لهذا المقال أمل من الأستاذ شبيرا وكافة كتاب شعبنا أن يكفوا عن الكتابة في أمور ليست في إختصاصهم. الذي يكتب في غير فنه أتى العجائب. والمقال حقا مملوء بالعجائب.

وهكذا بقدرة قادر يحول الكاتب  الحقائق على الأرض والحقائق التاريخية حسب هواه ويمطها ويمدها دون سند علمي وأكاديمي كي تلائم الأوهام التي ألصقها الإنقساميون والمتعصبون بشعبنا حيث أخذ كل مكون منه لا سيما الأشوري والكلداني بالقفز فوق وعلى واقعنا وتراثنا وإرثنا وذلك بإلصاقنا بشعوب لا علاقة وجدانية وثقافية وكتابية لنا معهم.

والحقيقة الأولى التي يتلاعب بها الكاتب تتعلق بالمعرض ذاته. المعرض يخص لقى ومقتنيات من ميسوبوتميا "بلاد ما بين النهرين". والأشوريون جزء حضاري صغير من هذه الحضارة التي يبلغ عمرها حوالي 7000 سنة .  وعلى قمة هذه الحضارة يتربع السومريون والأكديون وبعدهم الأموريون وبعدهم الشعوب الأخرى والمعرض عرض روائع هذه الحضارة.

 ولكن أنظر عزيزي القارىء كيف يتلاعب الكاتب بالعنوان والمرات العديدة التي يذكر فيها الأشوريون ويغمط حق الشعوب  الأخرى لا سيما السومريين الذين أرسوا أسس وبنيان الحضارة الرافيدينة ولولاهم لم يكن هناك ميسوبوتوميا.

ولا نعلم إن كان الكاتب يكتب تقريرا أم خبرا. فمرة ينقل عن المنظمين للمعرض وأخرى عن الأساتذة الكبار من الذين حضروه. وهؤلاء كما نرى من المقال لم يذكر أي واحد منهم إسم أشور أو الأشوريين. وحتى في مقدمة الدليل التي ينقل عنها الكاتب ليس هناك ذكر للأشوريين.

ونحن لا نعلم من الناحية الإعلامية إن كان الكاتب في الإمارات وينقل مباشرة من هناك أو قابع في بلد أخر وكتب ما كتبه بعد أن وقعت عيناه على مقال في شبكة الإنترنت او صحيفة ما. الأمانة الصحفية تقتضي ذكر ذلك.

وربما كنت قد تغاضيت عن الرد لو لم يذكر الكاتب إسم عالم ألأشوريات الكبير جون كيرتس (ويكتبه الكاتب جون كورنيس، ربما خطأ غير مقصود، ولكنه لافت للنظر). جون كيرتس (أنظر رابط المتحف البريطاني 2) هو مدير مقتنيات الشرق الأوسط وإختصاصه العراق (ميسوبوتميا) وإيران. 

وأذكّر شبيرا وكل كتاب ومثقفي شعبنا أن علم الأشوريات لا علاقة  له بالإسطوانة المشروخة التي يرددها بعض الكتاب من أبناء شعبنا من المكون الأشوري وتفسيرهم المتعصب والضيق له. إنه علم يعني بكل علوم ولغات وحضارات وديانات ومثولوجيا وأساطير بلاد ما بين النهرين.

ونعود لعالمنا الجليل جون كيرتس. عملت وألتقيت مع هذا العالم وكتبت عنه مرات عديدة بالإنكليزية في أمهات المجلات والجرائد. وسألته مرات ومرات إن كان هناك أي مصداقية لإدعاء بعض العراقيين من الناطقين بالسريانية من أنهم أحفاد أشور وشلمنصر وأشور بانيبال وكان جوابه "ذيس إيز بيك فاليسي" (ومعناه هذه كذبة اوفرية كبيرة). والعالم هذا الذي قلما ظهر عالم أشوريات مثله درجة أنه يحمل الأن واحدا من أرفع المناصب الأثارية في الدنيا له عنوان إلكتروني وهاتف وكان الأجدر بشبيرا أن يسأله عن ذلك وبإمكانه القيام به اليوم او غدا او متى ما شاء.

ولهذا ولأن لا علاقة وجدانية وكتابية وثقافية وإثنية للأستاذ شبيرا وغيره بهذه الأقوام القديمة يقف هو وغيره مشدوهين أمام التماثيل والنصب والأصنام والكتابات الأشورية حالهم حال العربي والكردي والإنكليزي والفرنسي من الزائرين للمتحف البريطاني او المعرض الذي كتب مقاله عنه.

لا يستطيع الأستاذ شبيرا فك طلسم حرف من الحروف الأشورية ولا تفسير رمز واحد من الرموز التي يرمز إليها فنهم وأدبهم وعمارتهم ونحتهم لولا مساعدة أساتذة من أمثال الدكتور والبرفسور جون كيرتس.

وهذا ينطبق علي أيضا إن نظرت إلى  كلدانيتي بالمفهوم الشبيري. فأنا مثل الصم والبكم والأعمى إن عرضت أمامي كتابة او فنا يعود إلى الكلدانيين او البابليين القدامى رغم أنني أتقن االلغة السريانية القديمة (الطقسية) والتي كانت شائعة عندئذ ولا تختلف إلا بعض الشيء عما هو متواجد لدينا الأن.

ويدخلنا الأستاذ شبيرا في معمعة لا بل فرية جديدة بإستنباطه مصطلح غير علمي وموثق الا وهو اللغة الأشورية الحديثة. من قال لك ان لغتنا السريانية هي الأشورية الحديثة؟ الأشورييون في فترتهم الحديثة أي قبل سقوطهم كانت لغتهم الأكدية وهي لغة قاموس الأشوريات الذائع الصيت. وشتان بين السريانية والأكدية.

 يا أخي لغتنا السريانية الجميلة ليست اشورية لا قديمة ولا حديثة. لغتنا السريانية لغة مستقلة لا علاقة لها بالأكدية لغة االأشوريين إلا كونهما من عائلة لغوية واحدة التي تجمع تحت كنفها العبرية والعربية والحبشية والفينيقية والأكدية وكلها لغات مستقلة.

ويمضي الإستاذ شبيرا في التحدث في غير فنه ويقع في مطبات عجيبة لا رابط ولا فكرة مركزية لها.  فما علاقة بكاء الأشورية على الشيخ زايد وما علاقة هذا المعرض المتجول عن روائع بلاد ما بين النهرين بكل هذا المديح لدولة الإمارت.

لا أريد الولوج في موضوع الإمارات إلا أنني اذكر الأستاذ شبيرا أنني عملت هناك مراسلا لوكالة رويترز بعض الوقت وزرتها مرات عديدة كأكاديمي. حولي 93% من السكان أجانب وبينهم  الملايين من العمال غير المهرة والخادمات الذين يعيشون في ظروف غير إنسانية لا بل مرعبة لا يقبل بها لا ضمير ولا دين. وكتبت عن ذلك مؤخرا بالعربية ونشرته حتى بعض الصحف والمواقع في الإمارت.

هذه ليست دولة بالمفهوم الحديث. دولة بنيت لخدمة خمسة ملايين أجنبي وكل شيء تقريبا فيها محوّر وموجه لخدمة الأجنبي وثقافنه ولغته. وأخر زيارة لي كانت للمدينة الإعلامية ومدينة الإنترنت ومدينة التكنولوجييأ والمدينة الأكاديمية وكتبت بحثا علميا مسهبا في ذلك. نعم أنها غابات من العمارات الجميلة ولكن لم ألتق إماراتيا واحدا يملك من العلم والثقافة والإختصاص الذي يؤهله للعمل فيها عدا مالكي العقارات من العالئلة المالكة ووكلائهم.

وكان الله في عون شعبنا

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,520781.0.html

رابط 2

http://www.britishmuseum.org/the_museum/departments/staff/middle_east/john_curtis.aspx

200

كيف إنزلق إقليم كردستان وحكومته في مستنقع الفساد

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد


مقدمة

لم يكن خافيا على أي مراقب يتتبع مسيرة حكومة إقليم كردستان نتانة وعمق مستنقع الفساد الذي هي فيه. ولم يكن يخفي هذا الفساد إلا القائمون والمستفيدون منه لا سيما العوائل البارزة وأركانها الحاكمة من البارزانيين والطلبانيين.

وكان موقع صحيفة الزمان الغراء بالإنكليزية سباقا في تسليط الضوء على شبكة الفساد الهائلة في كردستان التي لم تكن تصل إلى ما وصلت إليه دون مباركة ومشاركة أصحاب القرار.

وبينما كان وما زال الإعلام المحلي والدولي يركز على فساد الحكومة المركزية في بغداد، نبه موقع الزمان بالإنكليزية متابعي الشأن العراقي أن حالة أخرى من الفساد يشهدها إقليم كردستان تفوق أضعاف المرات ما يحدث في باقي انحاء العراق.

الإعتراف المتأخر

وأخيرا أضطرت  حكومة الأقليم بزعامتها على الإعتراف العلني أنها قد غطست في مستنقع الفساد الذي كان السبب الرئسي وراء ثورة الكرد على زعامتهم في مظاهرات سلمية حاولت مليشيات (بيشمركة) السلطة الكردية قمعها. ولكن لحسن حظ المتظاهرين ولسوء حظ الزعامة الكردية أتى هذا الربيع الكردي والشرق الأوسط برمته يشهد تحولات جذرية جعلت من القمع الوحشي مسألة لها ألف حساب.

والإعتراف بأن كردستان أصبحت مستنقعا للفساد جاء على لسان أقرب المقربين من مسعود بارزاني الا وهو رئس ديوانه الدكتور فؤاد حسين في تصريحات صحفية نقلتها اولا جريدة الشرق الأوسط. ولكن السؤال المهم هو:  هل بإستطاعة إدارة فاسدة أشرفت على ترعرع هذا المستنقع الهائل من الفساد إجراء إصلاحات جذرية لمحاربة الفساد؟

الفساد يبدأ من الرأس

يخطىء من يقول، كما يردد الدكتور حسين : "أن حكمة رئس الأقليم مسعود بارزاني" قادرة على إجراء الإصلاحات ومحاربة الفساد. وتحضرني هنا أية من القرأن أتأمل فيها كثيرا عند تحليلي لخطاب كتاب المسلمين تنطبق على وضع الأقليم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

إي إصلاح او محاربة للفساد يجب أن يبدأ بعائلة البارزاني وعائلة الطلباني. الدكتور حسين ينقل للأكراد ولا سيما الإعلام العالمي ما يراه من وجهة نظره محاولة جريئة لمحاربة الفساد مفادها أن رئس الأقليم صادر عقارا من نجله وخصصه للنفع العام.

لا هكذا تورد إبل محاربة الفساد يا دكتور حسين. يجب أن تقول لنا كيف حصل نجل الرئس على هذا العقار؟ وهل سيحاكم ام لا لأنه إستولى، كما يبدو، على عقار بطريقة غير شرعية وقانونية، وإلا لماذا تتم مصادرته؟ يجب أن توضح للكرد وللإعلام ما كان يملكه الرئس واولاده وبناته وأقربائه وعشيرته قبل إستلامهم لمراكزهم السلطوية. وهكذا الحال بالنسبة للعائلة الكردية الحاكمة في سوران، السليمانية وما حولها.

أين ذهبت الأموال الهائلة؟

ميزانية الأقليم تصل لا بل تزيد أحيانا على ميزانية دول مثل سوريا ولبنان. إستلم الأقليم منذ عام 2003 مئات المليارات من الدولارت ولم يشهد الأقليم أي نهضة صناعية او زراعية غير ما يلاحظه المرء من قصور رئاسية وعائلية وقبلية شاهقة وأسواق وعمارات. كل هذه المليارات ولا ينعم الأقليم حتى الأن بكهرباء مستقرة. كل هذه المليارات ولا يصدر الأقليم سلعة واحدة، صناعية كانت او زراعية، رغم الأمان النسبي الذي يتمتع به مقارنة بباقي أنحاء العراق.

إن مستنقع الفساد في كردستان لا نهاية له. إنه إقليم المكرمات والمكان الذي قد لا يستطيع المرء فيه وضع خط شفاف بين ملك العائلة والقبيلة والملك العام. إن أردتم محاربة الفساد، كما تقول يا دكتور حسين، إكشفوا كل الأوراق وضعوها على الشبكة العنقودية (الإنترنت) كي يطلع عليها الشعب العراقي برمته، كرده وعربه وأقلياته. وهذا يعني أن تضع الرؤوس الكبيرة، كل الرؤوس، كشفا مستقلا بما تملكه وكيف حصلت عليه قبل 2003 وبعده. عندها سنثق بكم وبأقولاكم. وعداها سيكون قولك أن رئس الأقليم صادر عقارا من نجله مثل ذر الرماد في العيون.





201
النكران لا يفيد في قضايا إنتهاكات حقوق الإنسان يا حكومة كردستان

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

الذي يقرأ رد حكومة كردستان العراق على التقرير الجديد لمنظمة حقوق الإنسان المستقلة – هيومان رايتس ووتش – يخرج بإستنتاجين لا ثالث لهما (ربط 1). الأول أننا أمام حكومة لا تختلف كثيرا عن أي سلطة تقودها العشيرة او العائلة وما تفرزه هذه من محسوبية وفساد وإضطهاد لمن يخالفها الرأي. والإستنتاج الثاني أن هذه الحكومة تتعامل مع منظمات محترمة وسامية، مثل هيومان رايتس ووتش، التي ترفع لها القبعة دول متحضرة مثل السويد، بأسلوب يقارب ما لدى حكومات همهما ظلم شعبها وإخفاء هذا الظلم بأي وسيلة ممكنة منها الكذب من خلال إعلام مبرمج ومنسق ومرتب لمديح الحاكم وإدارته وكرسيه ومكافاءة مداحيه والبطش بمنتقديه.

لنركز على أبرز النقاط التي أتى بها التقرير الأخير الصادر في نهاية الشهر الماضي (أيار). يمتاز هذا التقرير، كما هو شأن كل التقارير الصادرة عن هذه المنظمة الدولية المستقلة  التي تعني بحقوق الإنسان، بذكر أمور محددة وموثقة عن إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في إقليم كردستان متمثلة هذه المرة في القمع المتزايد من أجل إسكات وسائل الإعلام التي تعارض حكومة الأقليم.

فعلى سبيل المثال لا الحصرر يذكر التقرير محاولة إسكات مجلة ليفين، حيث رفع الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده رئس الأقليم مسعود البارزاني، دعوى تشهير بحق رئس تحرير المجلة أحمد ميرا.  وقبله كان هناك دعوى تشهير أخرى تقدم بها حزب الإتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئس العراقي جلال الطالباني.

وقصة أحمد  ميرا وسجنه وملاحقته والتهديد بالقتل الذي تعرض له من قبل وزير البشمركة (الميليشيات والأمن الكردية) موثقة أيضا وغايتها، كما يقول التقرير "خنق وتخويف الصحافة النقدية."

وبعد  سرد أسماء الصحفيين الذين جرى سجنهم وضربهم من قبل البيشمركة، تذكر المنظمة قتل الصحفي سوران مامه حمه بعد كتابته تقريرا عن تورط مسؤولين أكراد في شبكات الدعارة.

وتذكر المنظمة كيف أن قوات البشمركة كسرت يد الصحفي بريار نامق وتذكر معلومات رهيبة عن تعقب وأختفاء صحفيين أخرين عن الأنظار – دون ذكر إسماء كثير منهم خشية على حياتهم. ومن الذين تذكرهم علانية صحفيان بارزان وهما سوران عمر وزمانكو إسماعيل إضافة إلى زانا علي غازي.

وتستشهد المنظمة بما يحدث على  صفحات التواصل الإجتماعي الإلكترونية حيث يجبر الأصدقاء على نبذ صديق صحفي لهم وإخراجه من التواصل خوفا من بطش قوات الأمن الكردية.

وتقول المنظمة ان لديها أكثر من 200 حالة موثقة من الإعتداءات والمضايقات التي يتعرض لها الصحفيين الأكراد في الأقليم و44 حالة من الإعتداءات البدنية.

وهذا هو التقرير الثاني في أقل من عامين تصدره المنظمة عن إنتهاكات حقوق الإنسان في كردستان العراق. التقرير الأول كان بمثابة قنبلة حيث برهن على أن الميليشيات الكردية وقوات أمنها وأستخباراتها تضطهد الأقليات غير الكردية في سهل نينوى منها أبناء شعبنا من الكلدان الأشوريين السريان.

والتقرير الحالي يدين حكومة الأقليم أيضا لأنها "لم تجر تحقيقا مستقلا وشفافا لتحديد ومحاكمة المسؤولين" عن مقتل شهيد الصحافة العراقية، الصحفي الكردي العراقي ساردشت عثمان، رغم مضي أكثر من سنة على مقتله الذي جرى بعد كتابته مقالا يتخيل فيه حلما رأه في المنام كان قد صار فيه صهرا لرئس الأقليم.

هذا بإختصار شديد ما ورد في التقرير الأخير.

 ماذا كان رد حكومة الأقليم؟ في بيانها الذي أصدرته في الثاني من حزيران الحالي، أي بعد حوالي أسبوع من صدور تقرير المنظمة، قالت: "التقرير لا يخلو من التشهير الفاضح وموقفها (المنظمة) من الديمقاطية وحرية الصحافة. المنظمة كانت مجحفة في تقريرها وأعتمدت الإنتقائية والمزاجية في إعداد التقرير."

بدلا من أن تناقش النقاط الأساسية في التقرير، يتخذ رد حكومة الأقليم ذات المنحى الذي كان يرد فيه نظام صدام  حسين على تقارير المنظمة ذاتها التي كانت تحذره وتذكره بإظطهاده للأكراد.

سبحان مغير الأحوال. أقليم كردستان اليوم يذكرنا بالنظام البائد وقواته الأمنية والإستخباراتية. اليوم الحديث في كردستان يدور حول دور أجهزة أمنية قاسية لا يحكمها منطق وقانون. هل أتاكم حديث البارستن والتابيت والبهركي والأساويش! مجرد ذكر إسمها تقشعر له الأبدان.

وصدق قول هيومان رايتس ووتش في تحليلها لما تقوم به هذه القوى الأمنية في إقليم كردستان حيث أكدت "أنها لا تحترم حقوق الأكراد في حرية التعبير بصورة أفضل من الحكومة التي سبقتها."

وعن ما يسمى بالمجتمع الدولي، قالت المنظمة: "بعد ثماني سنوات من إطاحة الويلايات المتحدة بصدام حسين في سبيل حماية حقوق الأكراد، فإنها تقف بصمت بينما الحكومة (الكردية) تساعد في تثبيت الإنتهاكات في كردستنان وتقمع السكان ... الحقيقة هي أن الخوف ترعاه الحكومة والقمع مستمر في التفاقم."

رابط 1
http://www.hrw.org/ar/news/2011/05/24-1
 
 


202
إخوتي وأخواتي الكلدان: هل تقبلون أن يقودكم أصحاب هذا الخطاب؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك- السويد

   
مقدمة

نحن الكلدان نريد أن ننهض، وحاجتنا إلى النهضة أكثر بكثير من حاجة إي مكون أخر من شعبنا بأسمائه المختلفة. ولكن مشكلتنا في رأي المتواضع هي أننا لا نعرف كيف ننهض.  والسبب، أيضا في رأي المتواضع، يكمن في عقود من السبات ونسيان لا بل مغادرة كل ما له علاقة بالنهوض.

ورغم وضعنا الصعب، هناك أفراد ومؤسسات بيننا – وسنبتعد عن إيراد الأسماء والتسميات – بدلا من أن تقدم خارطة طريق علمية مدروسة لنهضتنا، شرعت بتشتيتنا من خلال خطاب إقصائي يضع كل من يعارضها من الكلدان وغيره في خانة التخوين.

أي خطاب؟

والخطاب وما أدراك ما الخطاب الذي تستخدمه. إنه منهمك في الإنشاء البدائي لا فكرة مركزية له ولا حبكة له. جل إهتمامه ينصب على الشخصنة والمباشرة وإستخدام عبارات فجة همها القذف والشتم والذم.

وهذا الخطاب يعتقد مبتكريه أنه يزيد من مكانتهم ويدعم قضيتهم التي يتصورون أنها قضية الكلدان برمتهم، ولا يخطر على بالهم أنهم وبخطابهم هذا لا يهمشون أنفسهم فقط بل الكلدان برمتهم وكل من يعتز بهذا التسمية ومنهم كاتب السطور هذه.
وقبل أن أدخل في تحليل أكاديمي علمي لنماذج محددة من هذا الخطاب أمنح القارىء اللبيب بعض النماذج عنه والبيئة التي ورد فيها لمساعدته في هضمها.

من يمثل هذا الخطاب؟

النماذج أدناه لا تمثل على الإطلاق كل كتابات زملائي من الكتاب الكلدان. إنها تشير إلى نفر منهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة إلا أنهم غزيرو الإنتاج . وكي لا أحرج الأخرين إرتأيت أن أستشهد بنماذج معظمها يتناول هجوما شخصيا ومباشرا على كاتب هذه السطور، بمعنى أخر أنه يتناول إسمه وشخصيته ومنصبه ويتجنب أفكاره.

وأتى هذا الخطاب من كتاب كلدان كانوا أعضاء في مؤتمر النهضة الكلدانية الذي أقسم منظموه والمؤتمرون ومعهم هؤلاء الكتاب على الإنجيل وفي الكنيسة وأمام الملاْْ على أنهم سيعملون كل ما في وسعهم على جمع وتوحيد البيت الكلداني وليس تشتيته. وهاكم بعض النماذج المنتقاة من هذه الكتابات:

1. كاتب مرتزق ...  وشماس وأكاديمي من الصنف السيء. مأجور. ولد عاق. الثعلب الماكر.  أياك والدنو من كلدانبتنا (وإلا)  فسوف تجد من كل موبقة سوقية (لم تسمع بها).
2.  تسونامي القومية الكلدانية قض مضاجع هذا الرجل. إسمه ليونا وحاشا ان يكون  ليون ليكذب بإسم الكنيسة الكدانية ويفتري على قادة الكنيسة ويضع نفسه وليا وناطفا باسم رئاستها. القلم المريض. هذا الليون.
3. شوفيني شمولي نازي.
4. تتخذ نفس منحى وزير الإعلام النازي الهتلري غوبلز
5. مشاعـلُ مؤتمر النهـضة الكلدانية تـضيء ... المبشر الإسلامي الموليوني.

تحليل الخطاب

لا يتصور القارىء الكريم أنني منزعج من خطاب القذف والهجوم والإساءة الشخصية والمباشرة دون دليل ومبرر، لأنني اؤمن انه كلما زاد زملائي وأحبائي الكتاب الكلدان في إساءتهم إلي إزدادت مكانتي بين صفوف شعبنا الواحد وأزداد عدد قرائي وأزدادت ثقتهم بما أكتبه.  فأنا في إنتظار المزيد يا احبتي. الشجرة المثمرة هي التي يحاول المارة رميها بالحجارة والعصي او محاولة تسلقها. أما الشجرة التي لا تثمر فلا يكترث لها أحد لا بل تقلع وترمى على قارعة الطريق.

أنا غير مكترث لهذا الخطاب. خشيتي نابعة من أن الشعب الكلداني جرى خطفه منذ زمن بعيد عن لغته وتراثه وثقافته وفلكلوره وموسيقاه وقديسيه وطقسه وكتب صلاته وملافنته وأعلامه وتراثه وتاريخه وحضارته التي يشترك فيها مع مكونات شعبنا الأخرى درجة أنه صار اليوم يحتفل هو ومؤسسته الكنسية بريتا وأكيتو ولا يكترث البتة لذكرى قديسيه وأعلامه من أمثال أدي وماري. وسنأتي إلى هذا الموضوع في مقال منفصل بعون الله.

إمكانية المقاضاة واردة

والنقطة المهمة الأخرى أن أصحاب خطاب كهذا قد يقعون عرضة للمساءلة القانونية لأن القذف والشتيمة تهمة في الدول المتحضرة وإيراد معلومات تمس مكانة شخص محدد دون توثيق تهمة أيضا. ما يثير الغبطة الأن هو أن بعض مواقع شعبنا لم تعد تقبل نشر هكذا خطاب لا بل البعض منها يحذفه فورا ودون تنبيه المسؤول الإداري المباشر. والمنتديات ذاتها قد تقع عرضة للمساءلة إن رفضت رفع خطاب مسيء بعد تنبيهها من قبل الشخص المستهدف.

هل هي صدفة أم شيء أخر

ولا أعلم هل هي مصادفة أم شيء أخر أن يكون خطاب هذا النفر من الكتاب الكلدان مقاربا لما أتعرض له من بعض الفرق الإسلامية المتطرفة لا بل الظلامية بسب كتاباتي عن الحوار بين الأديان والثقافات والحضارت وان زمننا هذا هو زمن قبول الأخر وإيوائه والإعتراف به وليس تكفيره أو إقصائه. هذه الفرق بعد أن كفرتني، كما يفعل بعض الكتاب الكلدان، وأهدرت دمي، تعيرني بعبارات نابية لها شبه كبير ببعض النماذج التي أوردتها أعلاه (رابط  1). اترك شأن المقاربة والمقارنة بين الخطابين للقارىء اللبيب.

تحليل

لنعد إلى النموذج رقم (1). يا أخي الكاتب، لا يجوز إتهام شخص كونه "مرتزق" دون دليل. كيف يكون شخص مرتزق وراتب منصبه الجامعي الحالي يأتي في مقدمة الرواتب الجامعية في السويد؟ وثم تقول انه "أكاديمي سيْ". كيف تعرف أنه "أكاديمي سيء"؟ هل تعرف كم هو صعب الحصول على منصب أكاديمي في السويد؟ هل تعرف أن درجة "مدير مركز دراسات" في جامعة سويدية لا يحصل عليها إلا القلة القليلة من الأكاديميين البارزين؟ كيف تنصب نفسك مقيّما للأكاديمية؟  ومن ثم تقول أنه "شماس سيء". "الشماس السيء هذا يخدم في كنيسة تتبعونها أنتم أيضا. إنها مؤسسة مثل مجلس الوزراء.  لو كان هناك وزير سيء في مجلس الوزراء ولم يخرجه رئس الحكومة  فمعناه أن مجلس الوزراء ورئس الحكومة فاسدون. أليس كذلك؟ ومن ثم يقول أخر أن لديه مستودعا قد لا ينضب من التعابير "السوقية"، هكذا صراحة. هل هذا هو ما سنحصل عليه بعد مؤتمر النهضة الكلدانية؟

لنأت الأن إلى النقطتين (2 و 5). أنظر إلى التهويل: "تسونامي القومية الكلدانية" ونحن شعب صغير لا دولة ولا جغرافية لنا وقد غادرنا لغتنا وتراثنا وموسيقانا وثقافتنا، ومؤسساتنا، المدنية والكنسية، لا تمتلك اليوم صفا واحدا في مدرسة إبتدائية إن في العراق او في الشتات تُدرّس فيه لغتنا القومية.

ومن ناحية أخرى، من المعيب جدا يا إخوتي التلاعب بالأسماء. هذا لا يفعله حتى الطالب في الإبتدائية عندما يطلب المعلم منه كتابة إنشاء. والإسم لا يدل على الإطلاق على افكار الشخص. أنا أختلف وأتقاطع معكم فكريا.  لنبقي نقاشنا وحوارنا على المستوى الفكري والرأي والرأي الأخر ونبعده عن الشخصنة والمباشرة . هذا عيب. ماذا لو كان إسمي "إيشوع"  او "عيسى". وماذا لو كان إسم الكاتب "موسى" او "محمد" او "بوذا". أنا أعرف أسماءكم ولكن لا يمكن أن أعيبكم عليها. هذا عمل الأطفال، عمل الناس غير الناضجين.

وفي النموذج رقم (5) تتفتق عبقرية الكاتب العزيز، مثله مثل كاتب النموذج (2 )،عن خطاب مهول. كم كان منتقدي مؤتمر النهضة الكلدانية، وأنا واحد منهم، محقين لأن مشاعل هذه النهضة الكلدانية أحدثت تسونامي مكنهم من إكتشاف إسم جديد هو "المبشر الإسلامي المولويوني". وهكذا وببساطة يفيق أصحاب النهضة الكلدانية على خطاب بدلا من أن يجمع ويعمل للتسامح والمحبة بين الأطياف المختلفة لبني البشر يحاول بث الفرقة بينهم. ربما تتصور أنك بهلوان لغوي! لا يا أخي العزيز. ما إخترعته مهزلة في الكتابة يحاول كل كاتب يحترم نفسه وقلمه تجنبها ويحاول كل ناشر يحترم نفسه وموقعه عدم إدراجها ضمن منشوراته.  هذا خطاب غير مقبول ليس لأنه يعنيني شخصيا، بل لأنه يؤدي إلى البغضاء بين بني البشر. لا يجوز ذم شخص كائن من كان بسب مواقفه او ارائه او دينه او مذهبه. هذه ليست أخلاق أبناء كنيسة المشرق بأسمائها ومذاهبها المختلفة.
وأخيرا إلى النموذجين (3 و4). هذان النموذجان لا يتعلقان بي ولكنني أتيت بهما بعد إستخدامهما من قبل كاتبين كلدانيين أيضا من الذين شاركوا في مؤتمر النهضة الكلدانية. بأي حق نتهم الأخرين إن كانوا كلدانا أو غيرهم بأنهم" شوفينيون وشموليون ونازيون ويتخذون نفس منحى وزير الإعلام النازي الهتلري غوبلز" ونحن اليوم عل شفا الإنقراض، لا جغرافية لنا ولا دولة لنا ولا حتى شرطي واحد. شعب مشتت لا لغة له ولا حتى كما قلنا صف واحد في مدرسة إبتدائية تُدرّس بلغته! "النازي والشوفيني والهتلري" كلمات نابية اليوم وتدل على قادة وأمم كادت أن تقضي على البشرية. أين نحن وهم؟ كيف يجرؤ كتاب كلدان خرجوا لتوهم من مؤتمر سموه "النهضة" على إستخدام خطاب كهذا ووصف كاتب كلداني أخر زميل لهم بأنه  يتخذ " منحى وزير الإعلام النازي الهتلري غوبلز" وأنه كذا وكذا وكذا ...

حوارنا وحوار أجدادنا

الحوار والنقاش يكون بالحجة مقابل الحجة والفكرة مقابل الفكرة والرأي والرأي الأخر. هذا هو الحوار الحضاري. خطابكم خطاب غير لائق يا إخوتي. هذا الحوار ليس من الحضارة والمدنية شيء. هذا حوار يحط من قدر كاتبه اولا ويحط أيضا من قدر قومه لأنه محسوب عليهم. هل تعلمون كيف كان يحاور اجدادنا العظام محاوريهم من المسلمين؟ هل قرأتم كيف كان الشيخ يحي بن عدي، وثيودورس ابو  قرة وإيليا النصيبيني، والجاثاليق (البطريك) إيليا الثاني والجاثاليق مكيخا الأول والجاثالثق طيمثاوس الكبير وغيرهم من أعلام شعبنا يحاورون إخواننا من المسلمين؟ إنهم لم يجادلوا إلا بالجميل من الكلام والحسن من القول. خطابهم كله حكمة ومنطق وفلسفة أخذه عنهم العرب المسلمون وأستوعبوه وأنشاؤا فرقا من المفكرين الأحرار مثل المعتزلة يفتقد تسامي فكرهم ونضوجهم العالم الإسلامي برمته اليوم.

ولكن ما لكم وهؤلاء العظام من اجدادنا بعد أن تنكرتم لهم درجة أنكم ورعاتكم من رجال الدين بينهم أساقفة تعتقدون أن جدكم نبوخذنصر وأنكيدو وأكيتو. ألم تتركوا الأجداد العظام جانبا وأحتفلتم أنتم ورجال الدين معكم بذكرى أكيتو في مؤتمر نهضتكم وأنتم لا تعرفون شيء عن لغته ولا تعرفون معنى إسمه.

حقا إننا نزحف صوب المجهول.

وليكن الله في عوننا نحن الكلدان
----------
رابط 1
http://www.forsanelhaq.com/showthread.php?p=1024036
http://deedat.wordpress.com/2010/01/02/leon02/




203
إلى أبناء وبنات شعبنا: الأمة التي تخسر لغتها تخسر ذاكرتها وتاريخها وثقافتها وهويتها

ليون برخو
جامعة ينشوبنك – السويد

مقدمة

الشعب الذي يتمسك بلغته القومية معناه أنه شعب حي تمكن من المحافظة على ذاكرته وتاريخه وأدبه وفلكلوره ومسويقاه وكيانه وهويته وثقافته – المكونات التي لولا اللغة القومية لما إستطاع شعب تميز ذاته وهويته عن الشعوب الأخرى.

ماذا عن شعبنا؟

كلمة "شعبنا" تعني لأغراض هذا المقال تسمياتنا المختلفة دون ذكر أي إسم منها صراحة. نحن شعب غادر لغته طواعية. ونحن نموذج لشعب سلم ذاكرته وتاريخه وفلكلوره وموسيقاه وكيانه وهويته وثقافته للأخرين لا بل داس عليها بأقدامه. وهذا لم يفعله أي شعب أخر في التاريخ. هناك شعوب ثارت عندما حاول أخرون تغير لغتها القومية وأعطت الاف الشهداء في سبيلها. 

هل شعبنا أمي أم متعلم؟

يعتقد الكثير من أبناء شعبنا أن كونهم يتكلمون السورث (وصارت اليوم لهجة هجينة هي غليط من عدة لغات ولهجات وغالبية مفرداتها لا علاقة لها باللغة الأم)، فإنهم يقعون في خانة المتعلمين. هذا هراء. الشخص الذي يقول "رجوع رجوع، هوب هوب لا سحقتي" هذا يتكلم لغة هجينة نسميها "بيجن"، أي كشكول مختلط، وليس لغة. هذا من جانب.
ومن الجانب الأخر، وهو الأهم، ألأمية لا تمحى إذا كان الشخص قادرا على التحدث فقط. لأن كل إنسان قادر على الكلام. وإذا أخذنا هذا المنطلق كمعيار معناه أنه لا يوجد أمي واحد في العالم. الأمي هو الذي بإمكانه التكلم ولكن ليس بإستطاعته القراءة والكتابة.

ما هي نسبة الأمية في شعبنا؟

لو أخذنا اللغة الأم، السريانية، (سمها ما شئت هذا لا يغير في الأمر شيئا)، أي اللغة القومية، التي هي ذاكرة القوم وهويتهم وتاريخهم وثقافتهم وكيانهم، فإن نسبة الأمية قد تصل إلى 99% بين صفوف شعبنا او أكثر. بمعنى أخر أننا ربما أكثر شعوب العالم بعّدا عن لغتنا القومية وإن أردنا محو أميتنا فإننا نتجه صوب  لغات غريبة عن ذاكرتنا وتراثنا وثقافتنا وتاريخنا وهويتنا.

ماذا يحدث عندما يبدل الفرد او المجتمع او الأمة لغتهم؟

نحن شعب بدل لغته طوعا وغادر لغته القومية. وعندما تغير لغتك القومية معناه أنك تكتسب ذاكرة وتاريخ وثقافة جديدة. بمعنى أخر أنك تدوس بأقدامك، بإرادتك او بدونها، على تاريخك وذاكرتك وثقافتك وهويتك. وعند إكتسابك للغة جديدة كي تحل محل لغتك القومية معناه أنك لبست لباس قومية ذلك القوم. اليوم لا نستطيع أن نقول إن إبراهيم اليازجي وإيليا ابو ماضي وجورجي زيدان وجبران خليل جبران وخليل مطران ويوسف الصائغ وغيرهم من عمالقة الشعر والأدب العربي الحديث أنهم من أبناء شعبنا. ولا نستطيع القول أنهم كانوا جزءا من ذاكرة وتاريخ وثقافة وكيان شعبنا. أخذوا مكانتهم اللامعة في ذاكرة وتاريخ وثقافة شعب أخر.

كيف يتعامل الفرد او المجتمع او الأمة التي تبدل لغتها مع لغتها القومية؟


الأمة التي تبدل لغتها القومية لصالح لغة غريبة عن ثقافتها وذاكرتها وتاريخها كما فعلنا نحن، تقع طواعية في حب اللغة الجديدة أو أي لغة أخرى درجة أنها تنبذ اللغة الأم  وتحملها الكثير من المأساة والتهميش الذي تشعر به. فتتصور أن إنقلابها عل اللغة الأم – وهذا أسوأ إنقلاب كارثي يحل بالبشر – ثورة في الإتجاه الصحيح وهي قد تدري او لا تدري أنها بهذا الأمر تمحو ذاكرتها وثقافتها وتاريخها وأدبها وشعرها وموسيقاها وفولكلورها وهويتها. وتبدأ الأمة هذه بالتباهي بأسماء وأعلام وشعراء وأدباء وموسيقيي اللغة الجديدة التي إكتسبتها درجة أنها تنسى كل ما لديها.

هل تبديل اللغة نوع من الإستعمار؟

العمل على تبديل اللغة (مثلا التعريب او التكريد) هو أسوأ انواع الإستعمار. يظهر التاريخ أن النظم والمؤسسات الإستعمارية والشمولية تمنح لغتها اليد العليا على لغات الأقوام التي تحت سيطرتها وتعطيها أهمية بالغة تصل درجة المغالاة وتخصص لها من المصادر والموارد ما تخصصه لقواتها المسلحة.
ولهذا ترى ان الأمم الحية مثل الفرس والأكراد والعرب يقاومون بما لديهم من قوة أية محاولة لطمس لغتهم. والتاريخ خير شاهد على ذلك.

ماذا فعلنا نحن؟

نحن عربّنا أنفسنا على طبق من ذهب دون مقاومة على الإطلاق. وعندما سنحت لنا الفرصة كي نرفع نير التعريب عن كاهلنا بعد سقوط نظام صدام حسين كما فعل الأكراد والتركمان مثلا إزددنا تعريبا درجة أننا نفضل ترتيلة عربية رتيبة ومملة ذات كلمات سمجة على ترتيلة فيلسوف ولاهوتي وعالم مثل أفرام ونرساي وماروثا من الذين لم تلد ليس المسيحية بل الإنسانية من أمثالهم.

هل تحارب الأمة التي غيرت لسانها لغتها القومية؟

نعم. والدليل ما يحدث لشعبنا اليوم. يشن الذين بدلوا لسانهم طواعية، كما فعلنا نحن، حملة شعواء على كل ما يتعلق باللغة الأم من ذاكرة وتراث وتاريخ وهوية وحتى ريازة وعمران. فنحن لم نترك مثلا كل ما تركه لنا أجدادنا العظام من تراث كنسي وأدبي وعلمي بل قمنا بمسح ذكراهم حتى من ريازة كنائسنا. واليوم نفضل ريازة لاتينية رومانية في بناء كنائسنا على الريازة العمرانية التي تركها لنا أجدادنا.
ليس ذلك حسب، بل نتصور أن الذي ينادي ويطالب بإحياء تراث الأجداد العظام إن كان من خلال العودة إلى التراث الكنسي او الكتابي شخصا معتوها او أميا. وهكذا نتصور أن كل ما أتانا من الخارج أفضل بكثير مما لدينا من كتب الصلوات والتراتيل واسماء القديسين وكتب الأدب والقصص والشعر وغيرها.

هل محاربة اللغة الأم تقف إلى هذا الحد؟

كلا. يبدأ القوم الذي قبل تغير لغته القومية طوعا بإلغاء أي علاقة وجدانية له مع الهوية القومية – العلاقة الوجدانية تعني علاقة حميمة مع اللغة الأم مع كل الصفات المتعلقة بها والتي ذكرناها أنفا. فمن منا بإستطاعته تذكر إسم من أسماء علمائنا الفطاحل الذي أسسوا مدارس وجامعات، على غرار مدرسة الإسكندرية، إن في نصيبين او الرها او جنديسابور او بغداد؟ حتى مؤسساتنا الدينية والدنيوية أسدلت الستار على الإنجازات العلمية لأجدادنا. مدرسة الرها التي درس فيها علماء كبار من أمثال إيهيبا وبرصوما وأفرام ونرساي وصارت تعاليمها في الفلسفة واللاهوت والعلوم الطبيعية الأخرى تقلق أباطرة روما ومذهبهم الكنسي درجة أن الإمبراطور زينون إضطهدها أشد الإضطهاد مما أضطر رئس هذه الجامعة الهرب إلى نصيبين ونقل جامعته هناك.

هل نعرف من هو برصوما؟

كلا. ولا نريد أن نعرفه. ولكن هاكم ما يقوله التاريخ عنه. برصوما الذي إضطهده مذهب كنسي أخر كان تحت حكم الرومان هرب إلى نصيبين التي كانت عندئذ تحت حكم الفرس الوثنيين وهناك أسسس في منتصف القرن الخامس الميلادي ما يعد بحق كلية لاهوت وفلسفة من الطراز الأول يضعها بعض المؤرخين في قمة الجامعات التي أسست ليس في الشرق بل العالم أجمع.
 بدلا من إحياء التراث اللاهوتي والكنسي والفلسفي الذي تركته جامعة برصوما لنا، ذهبنا إلى جامعات أخرى لدراسة تراث كنسي أخر وبلغات أخرى واليوم ندرس في المعاهد التي لدينا (ربما معهد واحد في عينكاوة وأخر في الأشرفية حسب علمي) أمورا غريبة عن تراثنا كان برصوما وأصحابه من العلماء ومنهم العلامة نرساي وأفرام وغيره قد سبقوها في كتاباتهم ومحاضراتهم قبل حوالي 1500 سنة.

هل نعلم أننا أول شعب إخترع نوتة موسيقية؟

كلا. هذا لا نعرفه ولا نريد أن نعرف أي شيء عنه. وضع الأساتذة الأجلاء في هذه المدارس نوتة موسيقية، ولو بشكل بدائي، تمكن بواسطتها شعبنا الحفاظ على تراثه الفني والموسيقي لقرون عديدة. واليوم لا يعرف عن هذه النوتة الموسيقية إلا بعض الأفراد وهي في طريقها إلى الإندثار. اما الالحان والمقامات التي وصلتنا منهم، فهذا لا شأن لنا به.
قارن كيف حافظ الفرس والأتراك والكرد والعرب على ألحانهم ومقاماتهم وموسيقاهم وقارن كيف أننا لم نلغي هذا التراث بل نشمئز منه رغم كونه أقدم وأكثر نضجا من حيث الأداء والتلحين والكلمات مما لدى الشعوب الأخرى في المنطقة.
قولوا لي بالله عليكم أي أمة تستهين بهكذا تراث موسيقي يحفظ لها ذاكرتها الموسيقية على مدى حوالي ألفي عام؟ وأي أمة في الدنيا لها هكذا تراث موسيقي تستطيع إراجعه إلى القرون المسيحية الأولى؟

هل حدث وأن إستهانت أمة بتراثها؟

نعم. نحن الذين بدلنا لساننا نستهين اليوم بتراثنا، وإلا كيف نفسر تكالب جوقاتنا وموسيقيينا وكنائسنا على تراث موسيقي أجنبي معظم ألحانه وكلماته رتيبة، سمجة وسيئة الوقع على السامع. لو كانت أمة أخرى لما إستبدلت لسانها اولا وما إستهانت بهكذا تراث فريد لا يملك مثله أي شعب أخر في العالم.

هل حدث وأن قاومنا؟

ولأننا بدلنا ذاكرتنا وثقافتنا وتاريخنا لأننا غيرنا لغتنا، نحاول طمس الكوارث التي حلت باللغة الأم وعدم إكتراثنا بها. وأكبر وأسوأ كارثة حلت بنا وبلغتنا وثقافتنا في العصور المتأخرة لم تقع على يد الثقافات والأديان التي عشنا معها لأكثر من ألفي سنة، بل عل يد مؤسسة كنسية (سنتحفظ على ذكر الأسماء) التي سلمت الملايين من بني قومنا فريسة  سهلة للضواري والذئاب الإستعمارية من مؤسسسة كنسية أخرى. قاوم هؤلاء أشد مقاومة للحفاظ على اللغة القومية ولكن بطش الإستعمار الكنسي كان هائلا حيث كانت تسانده قوة إمبراطورية إستعمارية. فأنهال أفراد هذه المؤسسة مثل الذئاب الكاسرة على بني قومنا وأجتثوا ذاكرتهم وثقافتهم وتاريخهم من الجذور بعد أن قتلوا من قتلوا واحرقوا الكتب أي أحرقو اللغة الأم ودانوا المقاومين بالحرمان الكنسي لا بل نتفوا لحاهم. هذا الحدث الأليم الذي يرقى إلى جريمة ضدالإنسانية والثقافة الإنسانية لا يذكره أحد لأننا كلنا تقريبا أميون بقدر تعلق الأمر باللغة الأم – وهذا معناه أنه لا ذاكرة لنا بقدر تعلق الأمر بلغتنا القومية.
وأخر محاولة متواضعة للحفاظ على لغتنا من عوادي الزمن جرت في مستهل الستينات من القرن الماضي عندما إنبرى رجل دين مقاوما الضغط الهائل من قبل محبي الألتنة (من اللاتينية). ولكن هذه المقاومة سرعان ما تبخرت لأن المذهب لدى شعبنا يأتي قبل اللغة القومية ومزاياها.

ما هي محصلة مغادرة اللغة الأم؟

بالإضافة إلى فقدان الذاكرة والتاريخ والثقافة، يشرع هؤلاء الأفراد والمجتمعات والأقوام على بسط أميتهم باللغة الأم على التاريخ، فيبدأون بالقفز فوقه وعليه، لأنه لا ذاكرة لهم باللغة ألأم، وليس بإمكانهم ذكر إسم او إسمين من اعلام لغتهم، ولا يحفظون بيتا شعريا واحدا لشعرائها ولا يأخذون أي من أعلامها رموزا كما تفعل الشعوب الأخرى.
ولأنها لا ذاكرة لها ولا تاريخ لها لأنها تركت لغتها القومية، تبدأ هذه الأمة بالإنتساب إلى رموز تاريخية وشعوب تاريخية لا علاقة وجدانية ولغوية لها معها على الإطلاق. فهذا ينادي أن جده نبوخذنصر ورمزه التاريخي أنكيدو وأكيتو والأخر ينادي أن جده أشور ورمزه التاريخي أشور بانيبال وأسرحدون. والإثنان لا يستطيعون فك طلسم من لغة هؤلاء القوم ولا قراءة حرف من حروفهم وحتى لا يعرفون معنى أسمائهم.

شعبنا إلى أين؟

مع إحترامي وتقديري لكل الاسماء التي يطلقها شعبنا على نفسه ومع إحترامي وتقديري لكل المذاهب التي يتبعها، إلا أنني أقول صراحة إن شعبنا في طريقه إلى المجهول، يقوده اليوم أشباه العلماء فاقدي الذاكرة والتاريخ والثقافة التي تكتنزها اللغة القومية ومكتسبي ذاكرة جديدة وثقافة جديدة وتاريخ جديد.
وطالما لا نملك لغة قومية خاصة  بنا – نكتبها ونقرأها – فنحن قوم  زاحفون صوب المجهول. 
 وكان الله في عوننا

204
نص كلمة الدكتور ليون برخو في الذكرى التأسيسية لزوعا في يونشوبنك، السويد

الأخوات والأخوة الأعزاء
أشكركم على الدعوة التي وجهتموها لي لإلقاء كلمة في هذه المناسبة. كنت أتمنى أن القي الكلمة شخصيا وبالسريانية، لغتنا القومية، إلا أنني مرتبط مسبقا بموعد مهم اخر لم أستطع إلغائه.
والدعوة الشخصية الموجهة لي مبعث إفتخار لأن زوعا اليوم لا يمثل شريحة واحدة من شعبنا الكلداني الأشوري السرياني ولا إسما واحدا ولا مذهبا واحدا. زوعا كما أراه يمثل الكل ويجب أن يصبح في المحصلة النهائية البوتقة التي ننصهر فيها جميعا حيث لا فرق بين أسمائنا ومذاهبنا.
في مناسبات كهذه غالبا ما يغدق الخطباء والمتكلمون الثناء والمديح على  الأمر او القضية التي إجتمعوا من أجلها. وحزب بمستوى ومكانة زوعا في صفوف شعبنا يستحق المديح. بيد أنني، كأكاديمي وعالم ذو منهج، لا أنخرط في هذه التوجه ما لم أتحقق منه وأحصل على الدليل التجريبي أن الشخص أو المجموعة تستحق ذلك حقا.
يبدو لي ومن خلال تتبعي لمسيرة زوعا في السنين الأخيرة أن الحزب لا يحب المغالاة لا بل أصبح الكثير من اعضائه وقادته يمقتونها. والمغالاة هي منح الأفكار والمبادىء والأهداف قيمة وأهمية أكثر مما تستحقها. ولهذا فإنني، كمتضلع في ثقافة وتراث وتاريخ ولغة وإرث شعبنا، أقول إن زوعا يلعب شأنا مؤثرا في هذا المجال. يرفض زوعا في خطابه إطلاق تسميات غير مقبولة وغير علمية لا بل كارثية على لغتنا الجميلة السريانية. نعم، لغتنا سريانية وليست كلدانية ولا أشورية. تسميتها بغير إسمها بمثابة سم زعاف يود المغالون إفراغه عنوة في شرايين شعبنا التعبة أساسا بسبب المهاترات العقيمة حول التسمية والمذهبية.
 ومن يستطيع نكران جهود زوعا في إنشاء المدارس السريانية في نوهدرا (دهوك) وأربيل ومناطق أخرى. لن ينهض شعبنا بالخطابات الرنانة والتزويق اللفظي واللغوي وتحريف ومغالطة التاريخ. ولن  ينهض شعبنا دون إمتلاكه لناصية الثقافة والعلم ودون لغته القومية. فقط  الذين يعيشون على هامش التاريخ والحضارة ولا مكانة لهم في سلم الرقي الإنساني لا بل خرجوا او أُخرجوا من مسار التطور والحضارة الإنسانية يقبلون التهميش والركض وراء السراب التاريخي الذي حل علينا مثل الصاعقة عل يد أشباه العلماء مما جعل الكثير منا اليوم ينادي بإنتسابه إلى حضارات وأمم لا يفقه لسانها ولا يستطيع فك طلسم من طلاسمها.  
لا تقفز أمه على وفوق تراث كتابي لم ينقطع لأكثر من 2000 عام وهو تراثنا السرياني المشترك وتتشبث برموز وأسماء لم يرد حتى ذكرها في كل ما خلفته لغتنا السريانية لنا من علم غزير وأدب رفيع يبز ما لدى أية أمة أخرى في العالم. فلماذا وقعنا نحن ضحية لهذا الإشكال المميت في العقود المتأخرة؟
هنا لدي عتاب على زوعا وأمل أن يقوم الأخوة المنظمون لهذه الإحتفالية بنقل صوتي إلى قيادته.
على زوعا أن يكف عن بناء إي من سياساته أو أدبياته دون إستشارة العلماء والأكاديميين من أبناء شعبنا وغيرهم من المختصين في حضارة وتاريخ وتراث لغتنا السريانية. هذا ما تقوم به ألأحزاب الحية والخلاقة عند الأمم الراقية.
على زوعا أن يحث منتسبيه وأعضائه في دول المهجر على فتح  مدارس سريانية خاصة في الدول التي تقطنها جاليات كبيرة من أبناء شعبنا، وان تكون هذه المدارس، شأنها شأن المدارس في العراق، جامعة وموحدة لأبناء شعبنا بستمياته ومذاهبه المختلفة.
وعلى زوعا أن يقف على مسافة واحدة من الأسماء والمذاهب ليس في خطاباته فقط بل في أدبياته ونظامه الداخلي. وهذا  يعني أن ليون برخو الكلداني لا يشعر أبدا أن زوعا يميل إلى هذا المكون او ذاك قولا وفعلا عند قراءته لأدبيات زوعا ونظامه الداخلي. يجب على زوعا أن يجعل من أدبياته ونظامه الداخلي مرآة يرى الكلداني والأشوري والسرياني ذاته من خلالها دون تميز على الإطلاق.
على زوعا إن اراد الإستمرار في قيادة شعبنا صهر الأسماء والمذاهب في بوتقة الثقافة واللغة والتاريخ الكتابي الذي يجمعنا. ليس هناك أمة في العالم تنسب نفسها إلى تراث وتاريخ ولغة لا علاقة وجدانية تربطها معها غيرنا نحن. عندما أراد الغرب النهوض عادت شعوبه إلى لغاتها التي ترتبط  بها كتابة ووجدانا. هذا ما فعله العرب والأكراد عندما أرادوا النهوض. وكأكاديمي وعالم أسأل لماذا يتشبث ابناء شعبنا بحجارة وتاريخ وخطوط لا علاقة وجدانية لهم معها ولا يستطيعون قراءة حرف من نقوشها ولا إستيعاب معنى إسم من أسمائها؟
 ومن هذا المنطلق يجب على زوعا، من وجهة نظري، إن أراد  القيادة ولم الشمل وإستغلال الفرصة الأخيرة لنا كي لا نندثر، أن يعمل بجدية ومن الأن لإبعاد أي دلائل او علامات تشير ولو من بعيد وبصورة غير مباشرة أنه حزب فئة معينة أو إسم معين.
كيف يكون ذلك؟ لتحقيق ذلك على زوعا وقيادته الإستعانة بالعلماء والمختصين من أبناء شعبنا وغيرههم لرسم خارطة طريق لإنقاذ شعبنا العريق ولغته وتراثه وحضارته.
وشكرا  لكم مرة أخرى
 
الدكتور ليون برخو
مدير مركز الدراسات الإعلامية
جامعة يونشوبنك
السويد


205
هذا كتاب مهم على كل أبناء شعبنا قراءته

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
 
 
المقدمة
 
الأمم الحية تقدر وتجل علمائها وتستند على درايتهم وعلمهم ودراساتهم لا سيما في أمور مصيرية تتعلق بمستقبلها ووجودها ومساهمتها في الحضارة الإنسانية.
 
الشعب السويدي والعلماء
 
الشعب السويدي شعب حي وخلاق، لماذا؟ لأن الشعب برمته مع حكومته وبرلمانه ومؤسساته لا يتخذ أية خطوة دون إستشاره علمائه في الجامعات ومراكز الأبحاث. ولم يحدث أن إتخذ البرلمان السويدي او الحكومة السويدية قرارا قبل دراسته وتمحيصه من  قبل العلماء المختصين في ذلك الشأن.
 
وتنسحب هذه العملية الخلاقة والحية على مناح الحياة الأخرى. فإن أرادت شركة سويدية، على سبيل المثال، زيادة مبيعاتها او أرباحها، تمنح مبالغ مالية كبيرة للجامعات ومراكز البحث لتقديم دراسة أكاديمية مهنية بهذا الشأن وتضع تحت تصرفهم كل ما لديها من وثائق وأرشيف.
 
وما أن يبرز إسم عالم او أستاذ حتى تتقاطر عليه الطلبات من الحكومة والأشخاص للقيام بدراسات وأبحاث تساعدها في مهماتها وواجباتها.
 
العلماء والشعوب التي على هامش الحضارة
 
أما وضع العلماء في الأمم التي هي على هامش الحضارة الإنسانية وخسرت دورها القيادي والخلاق الذي كانت تؤديه في الماضي وضع لا يحسد عليه. هذه الشعوب تتشبث بالقشور والرموز التاريخية التي لا تدركها ولا علاقة وجدانية لها معها ولا تستطيع قرأتها وحتى فك طلسم من طلاسمها.
 
وأفضل مثال لأمة او لشعب على هامش الحضارة هو – ومع الأسف الشديد – وضع شعبنا من الكلدان الأشوريين السريان. العلماء يُستهان بهم لا بل يُنظر إليهم كجهلة وأميين يستحقون الشماتة والسب والشتم. وإن إستندوا على علمهم وقالوا الحقيقة ينهال عليهم الجهلة والأميون من كل صوب نقدا وقدحا وذما. يرض عنهم هؤلاء إن ساروا على سكتهم وحتى لو تبين للعلماء من أبناء شعبنا أن هذه السكة ستؤدي إلى الهلاك.
 
عالم جليل من أبناء شعبنا
 
ومن هو أكثر حكمة وعلما وحصافة ورصانة من المطران جاك إسحاق؟ هذا العالم الجليل يحمل شهادة دكتوراة في الليتورجيا الخاصة بكنيسة المشرق التي صار لها فرعان اليوم هما الكنيسة الكلدانية والكنيسة الأشورية.
 
المطران جاك إسحق يعد اليوم مصدرا أساسيا في تراثنا الكنسي المشترك ولغتنا السريانية وما تحمله من ثقافة وأدب وعلم وشعر وفلسفة وطب وتاريخ. والذي له أدنى شك لما وصل إليه هذا العالم الكنز ما عليه إلا قراءة السلسلة من الكتب التي ألفها وأخرها الجزء الرابع الذي فرغت للتو من قراءته.
 
هذا الجزء الذي يحمل عنوان  "الصلاة الليتورجية على مدار السنة الطقسية لكنيسة المشرق الكلدانية-الأثورية"، كسابقه من الأجزاء، تحفة نادرة لا يستطيع كتابته إلا متضلع عليم في كل  جوانب ترثنا المشترك.
 
الكتاب ومنهجه
 
في هذا الجزء يحلل مطراننا الجليل كل ما  له علاقة بطقسنا لا بل الكنز الذي تركه لنا أجددنا العظام، الكنز  الذي مع الأسف الشديد رمته مؤسسة الكنيسة الكلدانية في سلة المهملات وأستبدلته بليتورجيا دخيلة وغريبة لا تمت بأي صلة لتراثنا ولغتنا بحجة الألتنة (من اللاتينية).
 
وكأكاديمي ذو باع لا بأس به في وضع منهج مبسط ومتواضع للبحث العلمي في الدراسات الإنسانية، فإنني أرى ان مطراننا الجليل يتخذ منهجا في كتابه الأخير يفوق ما لدي عشرات المرات.

نحن الكتاب في الغرب نضع دائما مباحثنا التمهيدية من المصادر والإختزالات بصورة رتيبة ومملة في خاتمة كتبنا. مطراننا الجليل يضعها في بداية كتبه ولا يكتفي بذكر المصدر كما نفعل نحن بل يعطينا معلومات عنه وعن كاتبه وأهميته لمتن الكتاب.
 
والإختزالات ليست إختزالات بمفهومنا بل معلومات مهمة جدا عن كل المصادر وأصحابها وأهميتها للكتاب. ولإختزالات ذاتها تعد  موسوعة.
 
الجزء الرابع قمة في الإبداع
 
مهما إسترسلت في مديج هذه السلسة فإنني لن أستطيع منحها حقها لا سيما الجزء الرابع منها.
 
هذا الجزء يعطيك الدليل القاطع من قبل أبرز عالم في حقله اليوم على أننا شعب واحد وكنيسة واحدة.
 
وانت تبحث في مئات ومئات الصفحات وتنتقل من القرن الأول الميلادي وحتى العقود المتأخرة لا تزداد إلا إيمانا كوننا شعبا واحدا وكنيسة واحدة.
 
في كل هذا التراث العظيم الذي لم تلد المسيحية له مثيلا لا مكان لما صار يؤرقنا من المهاترات العقيمة حول أمورغير ذات أهمية مثل الأسماء والمذاهب.
 
الكلداني او الأشوري أو السرياني الذي يقرأ هذه السلسلة لا سيما الجزء الرابع منها يرى ذاته فيها. الجزء الرابع بمثابة مرآة نرى أنفسنا من خلالها. في هذا الجزء نلتقي بملافنتنا وعلمائنا وجامعاتنا وجاثاليقينا وشهدائنا وأعيادنا وايامنا وصلواتنا وأساقفتنا وقديسيينا وأديرتنا وكنائسنا.
 
ونلتقي كذلك بعمارتنا الكنيسة وطرازها وريازتها والذي مع الأسف الشديد مرة أخرى هدمته مؤسسة الكنيسة الكلدانية وجلبت الغريب والدخيل مكانه ضمن سياسة ألتنة أتت على كل غال ونفيس من تراث وتاريخ وثقافة وليتورجيا هذه الكنيسة العظيمة. الكلداني الذي يقرأ فصل ريازة كنيسة المشرق سيصاب بالهلع لأن مؤسسته الكنسية لم  تبق على شيئ له علاقة بماضينا المجيد والتليد حيث ألتنت ليس فقط الليتورجيا بل فن العمارة والريازة أيضا.
 
الدروس
 
دروس لاتحص يستقيها القارىء ما أن ينتهي من قراءة هذه السلسلة لا سيما الجزء الرابع منها.
 
الدرس الأول يتعلق بالتاريخ. وأنت تقرأ هذه السلسلة ترى انها تتحدث عنك شخصيا وليس عن أجدادك. وهؤلاء الأجداد لا علاقة لهم ببابل وأور "الكلدانيين"  كما يدعي العهد  القديم الذي لا يأخذ به كمصدر أساسي أي عالم اوأستاذ يحترم نفسه وقلمه اليوم بينما تعقد مؤتمرات يسميها أصحابها عالمية وينبري رعاة هذه المؤتمرات ويستشهدون بالعهد القديم وأقواله غير الموثوقة عن أور. وهذا ينطبق على كل من يدعي أنه حفيد لأشور وشلمنصر. هؤلاء لم يظهروا على دنيانا إلا مؤخرا ولا مكان لهم في كتابات عالم مثل المطران جاك إسحاق.
 
والدرس الثاني، وهو أهم الدروس في نظري، أنك حالما تفرغ من القراءة بودك أن تقول لا بل تصيح بأعلى صوتك إنك بعد اليوم كلداني وأشوري وسرياني في آن واحد وانك من أتباع الكنيسة الكلدانية والكنيسة الأشورية والكنيسة السريانية في أن واحد.
 
والدرس الثالث يتعلق بالمذاهب فما أن تنتهي من قراءة الكتاب حتى تزدري كل من يمتدح مذهبه جاعلا منه فوق المذاهب الأخرى وتبدأ نفسك في الإشمئزاز لا بل إحتقار كل من يدق الطبول لأن الشخص الفلاني او الشماس الفلاني أو القس الفلاني أو المطران الفلاني بدل مذهبه وكنيسته. القراءة المتأنية لهذه السلسلة تجعلك تؤمن أننا لسنا شعبنا واحدا فقط بل كنيسة واحدة أيضا.
 
والدرس الرابع والأخير يتعلق بما يمكن أن تتعلمه من الكاتب، أي المطران جاك إسحق ذاته. هذا كاتب يعمل ويفعل ما يؤمن به وما يدرجه في كتاباته. حوّل كلية بابل، وهو عميدها، ومدرسة إعداد الكهنة ومدرسة التعليم المسيحي إلى بوتقة ينصهر فيها الكل إن كان كلدانيا او أشوريا أو سريانيا. على يديه يتخرج الكهنة لكنيسة المشرق بفرعيها الكلداني-الأشوري. والأمر ذاته ينطبق على كلية بابل ودراسات التعليم المسيحي.
 
أسقف الكل
 
ولهذا ترى كل الكنائس، كلدانية او أشورية، تستقبله بدقات الصنج والهلاهل عندما يحل فيها.  فهو أهل الدار أينما رحل وأينما حطت قدماه.
 
ما أحوجنا اليوم  إلى شخصيات بقامة هذا الأسقف الجليل أسقف كنيسة المشرق وما أحوجنا اليوم إلى علماء بقامة هذا العلامة.
 
ولكن مشكلتنا أننا لا نسمع كلام العلماء بل ننقاد اليوم من قبل أشباه العلماء. وهذه مصيبتنا.
 


206
قراءة  في اعمال ووقائع مؤتمر "النهضة الكلدانية"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

حضي مؤتمر النهضة الكلدانية الذي إختتم أعماله في الأول من نيسان بإهتمام بالغ لا سيما من الكتاب والمثقفين الكلدان. والإهتمام أخذ إتجاهات شتى منها من عارض الفكرة وله أسبابه ومنها من وقف مع الفكرة وله أسبابه.

كان لا بد لهذا المؤتمر أن يحضى بالإهتمام لأن وضعنا نحن الكلدان يتطلب النهضة بعد سبات طويل نسينا فيه الكثير وصرنا مهمشين ليس من قبل الأخرين بل لأن التهميش وقع على إيدينا ومؤسساتنا.

والأن وقد أنهى المؤتمر أعماله أين يقف قطارنا الذي لم يتحرك لعقود وربما قرون.

شخصيا تابعت المؤتمر من خلال موقع كلدايا.نت  متواصلا معه ومع ما كان يبثه هذا الموقع من أخبار وصور.  وكإعلامي وأستاذ للإعلام أقول أن التغطية كانت من جانب واحد والعاملون في الموقع كان همهم البلاغة وفن الخطابة وليس نقل المعلومة.

ولهذا وفي غياب تغطية مستقلة للمؤتمر – مستقلة أعني من قبل صحفيين همهم نقل المعلومة الصحيحة بغض النظر عن موقف المؤتمرين – لا نستطيع إصدار أي حكم على ما جرى إلا من خلال الخطاب الذي أتانا من موقع كلدانيا.نت وهو موقع ليس محايد، أي أنه ينطق بإسم المؤتمر وبإسم رجل الدين الذي رعاه وأبرشيته. ولهذا لا يمكن التعويل على ما أتى به هذا الموقع .

في عالم اليوم من الصعب إخفاء الحقيقة. مسألة إخفاء الحقيقة او تجاهلها من قبل صاحبها امر في ذاته يدلنا على الحقيقة. في الدراسات الإعلامية الحديثة هناك فرع نطلق عليه علم تحليل الخطاب ومن خلاله نستطيع الإستدلال على مكانة صاحبه ومبادئه ومواقفه وإيديولوجيته.

ما هوالإعلام المستقل؟

 الإعلام المستقل هو الذي يحاول إخراج خطاب يصبو إلى الحقيقة بغض النظر عن مواقف الطرف او الأطراف التي يتناولها. وكثيرا ما نسمع في الأخبار عبارة "لا يمكن التأكد منها (المعلومة) من طرف مستقل او محايد".
 
ماذا كان سيقدم لنا الإعلام المستقل لو تواجد في المؤتمر؟

 هذا الإعلام او الإعلامي كان يحاول إجراء لقاءات مع المؤتمرين وأصحاب الشأن في المؤتمر ويطرح عليهم اسئلة كثيرة أثيرت قبل وفي غضون إنعقاده.

على سبيل المثال لا الحصر وجود إعلامي مخضرم ومستقل كان سيثير مسألة العلاقة بين الدين (الكنيسة) والقومية مع راعي المؤتمر ويحاول التوصل إلى مدى جدية الأمر لأن تاريخ وحاضر المؤسسة الكنسية لدى الكلدان لا يبشر بالخير عند تعلق الأمر بالشؤون السياسية والقومية، والتعريب وترك ملايين الكلدان في العراء كي تنهش فيهم أنياب الألتنة (من الاتينية) خير دليل على ذلك.

وكان الإعلام المستقل سيسأل عما يقصده راعي او رعاة المؤتمر بالقومية. هل هي تراث ولغة وحضارة  وأدب وثقافة وشعر وفلكلور وموسيقى أم شيء أخر.

وكنا سنعلم الكثير الكثير عن موقف راعي او رعاة المؤتمر عن ما أثير من علامات الإستفهام على إنعقاده لا سيما موقف الكنسية الأم في العراق.

وكنا سنعلم بالضبط عدد الحاضرين ومن أين أتوا. إذا إعتمدنا على الصور فإن عدد الحضور لم يتجاوز العشرين في بعض الجلسات. وفي غياب إعلام  مستقل ولا نستطيع تصديق ما سيقوله لنا كلدايا.نت.

وكنا سنعلم لماذا يرمي القوميون الكلدان أنفسهم في حضن الكنيسة وليس الكنيسة برمتها بل متمثلة بواحد من أساقفتها ال 19. وبوجود الإعلام المستقل كنا سنعلم إن كان هناك أية معارضة لإسلوب النهضة التي إتبعه المؤتمر. مؤتمر تأسيسي كهذا لابد وان تطرح فيه أراء متناقضة.

وكنا سنعلم موقف المؤتمرين من التوافق والإتحاد الجديد  في المواقف والخطاب بين مكونات شعبنا في العراق حيث جرت لأول مرة وبشهادة الصحافة المستقلة إحتفالات إشترك فيها كل أبناء شعبنا من الكلدان الأشوريين السريان في معظم مناطق تواجدهم في العراق لا بل في مناطق كثيرة في المهجر. السؤأل الذي كان سيطرحه الإعلامي المستقل هو إن كان المؤتمر ومعديه يسبحون عكسى التيار ام لا.

وكان الإعلامي المستقل سيصور حفلة القسم التي ظهرت على موقع كلدايا.نت حيث رأينا كيف وقف راعي المؤتمر وهو يشرف ويطل على المؤتمرين وهم يؤدون اليمين على الإنجيل، وهذه اول مرة حسب قرأتي للتاريخ أرى فيها أناسا يدعون القومية ومن ثم يوافقون على الوقوف أمام رجل دين لإداء القسم بينما  العلم والتاريخ يؤكدان لنا أن الدين والقومية لا يلتقيان وإن إلتقيا سيكون اللقاء على حساب أحد  الأطراف والأمم لا تنهض مالم ترمي من على كتفها نير المؤسسة الدينية.

حسنا فعل موقع كلدايا.نت عندما  رفع هذه الصور والتعليق من موقعه. شخصيا لم أكن أتصور ان مثقفا كلدانيا سيقبل أن يقسم على الإنجيل في حضرة رجل دين ليؤكد قوميته. الحفل ذكرني بمراسيم الرسامات الشماسية والكهنوتية والرهبانية.

منع الإعلام المستقل معناه محاربة حرية القلم والمعلومة

كان الأجدر بالمؤتمر أن يسمح  لأي إعلامي حضوره  لا سيما عندما يمثل منبرا إعلاميا له دور فعال وبارز في إعلام شعبنا ويأتي في صدارة المواقع العائدة لنا لا بل، ومن خبرتي كمختص بالإعلام، ينافس الكبار الكبار في المهنة حيث يصل عدد القراءات فيه لبعض الأخبار المهمة إلى أكثر من 5000 في اليوم.

لا يمكن ان أتصور أن مؤتمرا في أي مكان في العالم مهما كانت أهميته سيمنع مراسلا لنيويورك تايمز مهما كانت الأسباب، لا بل سيقبل يده لحضوره. الموقع الذي حرم من الحضور (ورد طُرد مراسله) يمثل لشعبنا الصغير ما تمثله هذه الجريدة في أمريكا والعالم.

لم يحدث وأن طُردت اوحرمت من حضور أي مؤتمر في السنين العشرة التي أمضيتها مراسلا لرويترز وأسوشتتبرس.
ليس هناك أي تبرير لمنع مراسل من الحضور وكل الأسباب التي ذكرت غير مقنعة وتقع في خانة كم الأفواه ومنع الحقيقية من الوصول إلى أبناء شعبنا.

لا يعرف المؤتمرون ولا يقدرون مقدار الخسارة الهائلة لمكانتهم ومكانة مؤتمرهم إلا بعد أن يجلسوا هم أنفسهم ويقيموا مؤتمرهم لعدم إتاحتهم الفرصة للإعلام المستقل التواجد وإعتمادهم في التغطية على موقعهم حيث أعطونا ما أرادوا أن يعطوا وحرمونا مما لم يكن بودهم ان  نعرفه اونطلع عليه.

أين أصبحنا الأن؟

اليوم نحن الكلدان خرجنا بعد هذا المؤتمر أكثر تهميشا وتشتتا مما كنا لأن المؤتمر بدلا من أن يستجيب لتساؤلاتنا العديدة عن سبب سباتنا زاد عليها عشرات الأسئلة التي فشل في الإجابة  عليها.

وأنتهى المؤتمر ولم أر حتى لحظة كتابة هذا التقرير البيان الختامي وطريق العمل للمستقبل ولم أفهم ما هي القومية التي يريدها ولم أحصل على أية معلومة إن كان هناك خطة للنهوض إستنادا على ما نملكه من تراث وأدب وشعر وموسيقى وعلم وثقافة المتمثلة في اللغة. الإسم دون تراث وثقافة وأدب وفلكلور وطقس وتاريخ كتابي يبقى إسم دون مسمى.

ولهذا زاد المؤتمر الذي لم  نعرف عنه شيء غير البلاغة الخطابية  من تغريبنا  عن بعضنا لأن التيار الوحدوي بيننا تيار قوي وفعال ومؤثر لا سيما في البلد الأم وبدلا من أن يعترف المؤتمر بهذا التيار إزداد بعدا عنه.

والتيار الوحدوي مؤثرليس فقط بين صفوف الكلدان. إنه تيار في نمو مضطرد في صفوف شعبنا، أما التيار الإنعزالي في إنحدار وبإمكاننا القول أنه في طوره إلى الزوال.



207

المطران وردوني يدعو مؤتمر سانتييغو إلى الوحدة، ثم الوحدة، ثم الوحدة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد

وأخيرا حصلنا على الرسالة الشخصية التي أرسلها المطران وردوني إلى مؤتمر النهضة الكلدانية والتي ستلقى نيابة عنه. والرسالة وردتني من الهيئة التنظيمية للمؤتمر عن طريق البريد الإلكتروني ضمن مجموعة من العناوين.

ويتخذها الإخوة المنظمون دليلا على أن كنيسة المشرق الكلدانية تقف صفا واحدا مع المؤتمر ودليلا على تفنيد ما ورد من تقارير أن الكنيسة ترى غير ذلك تماما رغم ان الرسالة ليس فيها أية إشارة على انها موجه بإسم رئاسة الكنيسة او سينودسها، بل أنها رسالة شخصية أرسلت جوابا على دعوة من المطران إبراهيم إبراهيم.
 
ليس هذا بيت القصيد. بيت القصيد هو أن القارىء (أنظر نص الرسالة أدناه) يخرج بإنطباع صريح وواضح أن المطران وردوني يؤنب لا بل يوبخ  المؤتمرين على مواقفهم الإنقسامية ويكرر مرة تلو الأخرى أن الإنقسام مدمر لشعبنا ويجب تجنبه وان شعبنا في وضع مأساوي وأن الحل الوحيد الباقي لإنقاذ ما تبقى لنا في وضعنا الصعب هذا يكمن في الصراخ والقول "لا للإنقسامات التي تدمرنا، نعم للوحدة التي تحينا، لا للحقد والإنغلاق ... نعم للمصالحة والتقارب ... بدون الوحدة سننتهي لا محالة وسوف يحكم علينا التاريخ بالإهمال عبر الأجيال."

ثم يضيف قائلا: " إخوتي، أعزائي، لنتّحد، لنتحابب، لنتحاور، لنتصالح، لنتعاون، لنبتعد عن انتقاد بعضنا بعض، لنقترب ونسعى في تقديم النصح لبعضنا البعض. إخوتكم في العراق، وفي بلدان المهجر في حالة صعبة جداً."


قبل أن أترك القراء الأعزاء مع نص الرسالة، امل من الله أن يأخذ المؤتمرون كلام المطران محمل الجد ويضعوا مأساة ووحدة شعبنا باسمائه المختلفة صوب أعينهم ويعتبروها من المسلمات ويوجهوا عنايتهم صوب المسائل الأكثر أهمية لنا نحن الكلدان الأن وهي كيفية أحياء لغتنا السريانية وتراثها وطقسها وموسيقاها وثقافتها. دون ذلك لن تكون هناك نهضة بل كما يقول المطران ستكون النتيجة "الصراخ الفارغ."

وأترك القراء الكرام مع نص الرسالة كما وردتني من منظمي المؤتمر:

                                                المؤتمر الكلداني العام

حضرة رئيس المؤتمر الجزيل الأحترام أيها السيدات والسادة، الحضور الكرام طابت أوقاتكم وسلام الرب يسوع ومحبته مع جميعكم.
إذ أشكركم من صميم القلب على دعوتكم لي للمشاركة في مؤتمركم هذا، أتمنى لجميعكم كل النجاح لتستطيعوا أن تضعوا أسساً قوية وأفكاراً واضحة لمساعدة شعبنا الكلداني في أي مكان وُجد للمضيّ قدماً في نهضة مستمرة ونجاح باهر في كل المجالات والأصعدة لكي يُرجع أمجاده التاريخية العريقة.

إن فرحي كان عظيماً عندما كلمني سيادة المطران ابراهيم ابراهيم السامي إحترامه عن هذا اللقاء المبارك ولكنني فوجئت بتاريخ انعقاده إذ في عين الوقت سأكون في روما للمشاركة في لجنة متابعة سينودس الشرق الأوسط وأنا عضو فيها، مع هذا فإنني سأكون معكم بالروح وسأصلّي من أجل أن تكون نتائج المؤتمر ناضجة وناجحة ومملوءة من الرجاء الصالح والمحبة الحقيقية لكي معاً نأخذ بشعبنا الكلداني نحو إشراقة جديدة، ومستقبل أفضل ملؤه التقدموالخير والبركة.

أيها المجتمعون الكرام، إن تاريخنا وحضارتنا وماضينا مملوءة من الأمجاد ومن المفاخر المفرحة والتي رفعت مكانتنا بين الشعوب والأمم ولكن ذلك لا يكفي لأننا اليوم بعيدون جداً ممّا حقّقه أجدادنا من الأمور العظيمة في كل المجالات والميادين، والآن وقد خان الدهر بنا وظلمنا وتشتتنا في كل البلدان ونحن في حالة مأساوية- أقلّه في بلدنا ومسقط رأسنا وبعض البلدان الأخرى- حيث نشعر بأن الكثيرين يُريدون أن يُهاجموننا بشتّى الطرق، علناًأوخفيةً لكي يُضعفوا قوانا ويشمتوا بنا. لكننا لا نقطع الرجاء لأننا أبناء اولئك العظام الذين سطروا تاريخنا بدمائهم وذكائهم ووحدتهم ومحبتهم لبعضهم البعض، فلنتساءل ما العمل والحالة هذه؟ أهل نقطع الرجاء ونرجع إلى الوراء ونبكي على ماضينا ونسدَّ الأبواب والطرق لمستقبلنا؟

كلا أيها الأعزاء، إن دماء العلماء، والحكماء والشعراء والقديسين والشهداء تجري في عروقنا جميعاً وهي تقويّكم وتدفعكم إلى الأمام وتصرخ: لا للتشاؤم والخنوع، نعم للتفاؤل والرجاء. لا للأنقسامات التي تدمّرنا، نعم للوحدة التي تحيينا. لا للحقد والأنغلاق، نعم للمحبة والأنفتاح. لا للصراخ الفارغ، نعم للحياة العملية الخلاّقة والمثمرة. لا للتعالي البغيض، نعم للتواضع الذي يحترمه الجميع. لا للبغض والتعنّت، نعم للمصالحة والتقارب. لا للوعود الفارغة والرنانة، نعم للعمل الدؤوب والناجح والمؤدي إلى الأصلاح. بدون الوحدة سننتهي لا محالة وسوف يحكم علينا التاريخ بالإهمال عبر الأجيال.

إخوتي، أعزائي، لنتّحد، لنتحابب، لنتحاور، لنتصالح، لنتعاون، لنبتعد عن انتقاد بعضنا بعض، لنقترب ونسعى في تقديم النصح لبعضنا البعض. إخوتكم في العراق، وفي بلدان المهجر في حالة صعبة جداً حاوِلوا أن تذكرونهم وتدرسوا مشاكلهم لتجدوا الحلول المعقولة والمرضية لما يعانون منه، لنضع أمامنا كلمات الكتاب المقدس القائل....."اختلطوا بالأمم وتعلّموا أعمالهم: ويا ليتها تكون أعمالاً جيدة! أما الكتاب المقدس فأنه يتكلم عن العادات السيّئة والتي ستنزل بنا إلى الحضيض .

أعزائي اعملوا كلما في وسعكم لتوحيد الصفوف لكي بقلب واحد وبيد واحدة ننهض بشعبنا ونحمله نحو الأعالي. ربنا يحفظكم جميعاً وامنا مريم تستركم من كل البلايا.
ملاحظة:  سأرسل هذا الموضوع مع السيد نامق جرجيس يمكن أن يقرأها عوضا عني إن اردتم. مع الشكر والتقدير.

208
الكنيسة والقومية وواقع شعبنا الكلداني الأشوري السرياني

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
مقدمة
هذه مساهمة متواضعة أقدم فيها رأيا أستند فيه إلى ما نتناوله في الأروقة الأكاديمية اليوم من أراء ومفاهيم علمية حول العلاقة التي تربط  الكنيسة مع القومية وأسبابها ونتائجها وتحليل هذه النتائج في ضوء المعطيات الحديثة وربطها بواقع الحال الذي يعيشه شعبنا اليوم.

وأي دراسة في هذا المجال لا بد وأن تستند إلى الإنجيل وكتابات الرسل لاسيما رسائل مار بولس وكذلك فلاسفة يأتي في مقدمتهم كارل ماركس (الفيلسوف وليس الشيوعي) وبعده جاك دريدا الفيلسوف الفرنسي الذي فتح أعين العالم المتحضر وأعيننا جميعا لا بل ساهم في تعريتنا، ليس من ملابسنا، بل من كل ما دخل في عقولنا من شوائب ومواقف تبدو لنا منطقية ومقبولة ولكنها في واقع الحال تقف ضد رسالة الإنجيل وكذلك تتعارض مع أبسط المبادىء القومية.

رسالة المسيح والقومية

الذي يقرأ الإنجيل والرسائل التي وصلتنا من تلامذة المسيح الذين عاشوا عصره يخرج بمحصلة واضحة: رسالة المسيح رسالة أممية وليست قومية والدليل أنها أنقذت مفهوم السماء وإدراكنا لوجود إله خالق وقادرعلى كل شيء من الفئوية والتعصب والتقوقع التوراتي. أي ان الله ورسالة السماء هي لكل الأمم بمختلف ألوانها ولغاتها وغير محددة بزمان ومكان وشعب معين. بمعنى أخر لم يصبح ممكنا للتوارتيين القول أن الله يعود لهم فقط من بين الأمم جمعاء.

 ولغتنا السريانية تبدع في الفصل بين المفهوم التوراتي والمفهوم الإنجيلي لرسالة السماء حيث تميز بين ܥܡܐ و ܥܡܡܐ  من حيث المدلول والمضمون اللاهوتي والمعنوي والتاريخي. اللفظة الأولى (عما ܥܡܐ) توراتية المعنى وتشير إلى الشعب التوراتي (اليهودي) والثانية (عممى ܥܡܡܐ) أممية المعنى تشير إلى الإنسانية جمعاء دون تميز وفصل على الإطلاق. ويرد اللفظان مرارا وتكرارا في تراثنا السرياني لا سيما الطقسي والكنسي منه.

ويقدم لنا مار بولس في رسائله مثالا يوضح لنا هذا الموقف بالتفصيل حين يقول ان المسيج بكرازته وموته وقيامته جعل كل البشر بمختلف قومياتهم وألوانهم أمة واحدة حيث لا فرق بعد اليوم بين العبد والحر، بين المرأة والرجل. وزاد قائلا في تحد كبير لزمانه ومكانه أنه لا فرق في رسالة السماء التي أتى بها المسيح بين عبراني وروماني ويوناني وأرامي (وبالمناسبة يذكر مار بولس  اسماء معظم الأمم في وقته وليس من بينها الأسمين اللذين أقضّا مضاجعنا وهما الأشوري والكلداني ولو كان لهما حضور يذكر عندئذ لا أعتقد أن عبقريا مثل مار بولس لم تلد الكنيسة مثله لأغفلهما).

الكنيسة والدين

نميز نحن المختصين بشؤون الأديان بين الكنيسة والدين إستنادا إلى ما أتى به فلاسفة الدراسات الإنسانية من أمثال ماركس ودريدا وهبرماز وفوكو وغيرهم. الكنيسة هي رسالة السماء كما تتمثل في النصوص الأساسية (وهنا أعني الإنجيل والرسائل). أما الدين فهو جرّ رسالة السماء إلى الأرض، اي تطبيق المبادىء الأساسية لهذه الرسالة. وكما يحدث مع كل الأفكار والإيديولوجيات يحدث كذلك مع الأفكار والمفاهيم حتى التي كانت من السماء. تطبيق الفكر والرسالة يدخلنا في أمور أرضية غالبا لا علاقة لها بالأمور السماوية. واليوم يلعن الكثير من الماركسيين الشيوعية لأنها جرّت فكر وإيديولجية ماركس عكس الهدف الأساسي من الفكر ذاته.

ماذا عن الدين

وبما أننا نتحدث عن الدين فلنتعمق في هذا الشأن بعض الشيء. رسالة المسيح أتت كم قلنا لتخلصنا من المفهوم التوراتي الضيق ولتفتح ذهننا إلى عالمية إنسانيتنا وكوننا متساوين جميعا أمام الله رغم إختلافنا في اللون والإثنية واللغة وما شاكله. وهذا معناه أنه لا يجوز لفرقة مسيحية او مذهب مسيحي إحتكار إسم المسيح والسماء والله. إن فعلوا ذلك معناه أنهم اعادونا إلى العصر التوراتي، وبمعنى أخر وكأن المسيح لم يأت بعد وليس لنا علم على الإطلاق برسالته.

ولكن ما حدث في المسيحية وما يحدث اليوم هو وكأن المسيحية لا زالت تحت نير الناموس (التوراة) وليس الأيمان والمحبة، كما يقول مار بولس. وهكذا ترى كل مذهب ينفي ليس وجود  بل حق وحصة المذهب الأخر في رسالة السماء. والحاضر والتاريخ يقدمان شواهد لا تحصى عن كيفية إحتكار مذهب مسيحي معين لرسالة السماء والحكم على المذاهب الأخرى بخروجها عن صراط الرسالة المستقيم وعليه وجب الحكم عليها بالإعدام.

التباري بولا ء الطاعة لرجال الدين

ولأن الدين شيء ورسالة السماء شيء أخر ترى ان المذاهب المسيحية تتبارى برجال دينها وتدين لهم بالولاء لا بل قد يصل إلى حمل السلاح والقتال من أجلهم (والتاريخ القديم والحديث مليء بالأمثلة) والقيام بأمور لا يقبلها حتى المفهوم الإنساني البدائي الفطري مثل حرق الناس أحياء والقتل والبطش وإستخدام خطاب يتطاير شررا لإقصاء الأخرين.  وهكذا غالبا ما تُسحب رسالة السماء من سماويتها ويضعها رجال الدين تحت أقدامهم خدمة لمصالحهم.  وإلا كيف يمكن أن نتصور أن يحتكر شخص وهو بشر مثلنا ومن أي دين كان ومهما علا شأنه ومقامه الرسالة كلها بشخصه ووجوده كإنسان؟ وفي هذه الحال تصبح رسالة السماء نقمة بدلا من أن تكون نعمة عندما ينبري شخص ويجعل نفسه مكان صاحب رسالة السماء محتكرا التفسير وجاعلا من تفسيره للنص المقدس أكثر قدسية من النص المقدس ذاته. أي يحل رجل الدين محل صاحب رسالة السماء. وهنا تكمن الكارثة وتزداد الكارثة سوءا عندما يبدأ الناس بمغادرة الرسالة ووضع مصيرهم في يد رجل الدين الذي يقوم بتخديرهم لدرجة أنهم يعتقدون ان الله ورسالته السماوية متمثلان فيه.

ولهذا السبب أطلق ماركس مقولته الشهيرة: "الدين أفيون الشعوب." ماركس عبقري زمانه وهو الفيلسوف الذي ندرّسه في الجامعات ونحث أنفسنا وطلبتنا على إعادة قراءته لإكتشاف أنفسنا. ماركس لم يقل "رسالة السماء اوالإنجيل أفيون الشعوب. بل الدين (اي رجال الدين) أفيون الشعوب. وهو ودريدا الذي أتى بعده يميزان في كتاباتهما بين رسالة  السماء أي الفكر الذي أتى به أصحابها والدين او المؤسسة الدينية التي تحاول تطبيقه على الأرض، ودريدا لا يحلل المسيحية فقط بل يتطرق إلى الإسلام أيضا وبالتفصيل.

لماذا نقبل التنازل عن عقلنا

ما حدث ويحدث أننا نتنازل عن  عقلنا، وهو هبة إلهية. لا نتنازل عنه بل نرفعه في عملية جراحية غير حميدة، ونضع عقل غيرنا من البشر محله. بدلا من إشغال عقلنا للوصول إلى ماهية رسالة السماء بأنفسنا نتكاسل ونعتمد على عقل غيرنا لتفسيرها وتقديمها إلينا بحيث لا تبق لنا أية خصوصية عقلية وإنسانية وبشرية. وهذا هو الأفيون بذاته. وهذا هو الرصيف الفكري، وبإيجاز كبير، الذي أستند عليه عند تحليلي للأديان والنصوص المقدسة في كتاباتي إن بالعربية اوالإنكليزية.

الدين والقومية شيئان متناقضان ومتنافران

متى يتقرب الدين من القومية او القومية من الدين؟ أي تقارب بينهما مصلحي ولا يمكن أن يحدث إلا على حساب رسالة  السماء. القومية تتقرب إلى الدين عندما تضعف او  تشعر أنها مهمشة أو أن تطبيق فكرها لا سيما الشوفيني منه إلى الزوال. في العراق بدأ البعثيون مسيرتهم بالإبتعاد عن الدين لا بل محاربته لدرجة أنهم لم يكونوا يكتبوا عبارة "بسم الله الرحم الرحيم" في كل مراسلاتهم وكتاباتهم وخطبهم. وحدث أن فصلوا أعضاء قيادة وعاقبوا أخرين لمشاهدتهم وهم يقدمون ولاء الطاعة لرجال الدين او يستخدمون أيات من القرأن في كتاباتهم أو خطبهم. ولكن ماذا حدث عندما ضعفت شوكة البعث؟ أدى هذا الضعف بالطاغية صدام حسين إلى الإستعانة بالمؤسسة الدينية وصار هو الرئس المؤمن والقارىء النهم للقرأن يحمله معه اينما حلّ ورحل ويقال أن نسخة صغيرة حجم الجيب كانت معه على الدوام. ودفع العراق ثمنا باهضا للتوجه هذا حيث تقوت شوكة المؤسسة الدينية درجة ملأت الفراغ الذي تركه فور رحيله.

ماذا عن شعبنا

لن يرض الكلدان والأشورييون عني أبدا ولا مؤسسساتهم الدينية لأن الأفكار التي أحملها يبدو أنها تتناقض مع وضعهم ومؤسساتهم الدينية والقومية. وإنطلاقا من حرية الرأي وحرية التعبير سأدرج تفسيرا لما يحدث لنا الأن، ولهم الحق في الرد وكما أقول دائما، الفكر والمقالة والكتاب الذي لا يُنتقد ولا يرد الناس عليه ميت قبل ولادته.

في منتصف السبعينات من القرن الماضي ضعفت كنيسة المشرق (بفرعها غير الكاثوليكي) ضعفا شديدا وعصفت بها الإنقسامات في وقت تقوّت فيه شوكة القوميين الأشوريين درجة أن بعض فرقهم كانت تستهين وتستهجن المؤسسة الكنسية. وفي بادرة تنم عن دهاء سياسي لا مثيل له (دهاء سياسي لا علاقة له برسالة السماء)  أقدم رئسها الأعلى على خطوة جريئة أنقذت كنيسته كدين وليس رسالة سماء، حيث حوّر وأبدل إسمها المتوارث من كنيسة المشرق إلى كنيسة المشرق الأشورية  بينما هناك عشرات الالاف من أتباعها من الهنود. وأقحمت هذه الكنيسة ذاتها في القومية درجة  ان سنودسها أدخل نشيدا في التراتيل والطقس الكنسي يتغنى بأشور وهذا لم تشهده هذه الكنيسة المشرقية في تاريخها الذي يمتد حوالي ألفي سنة. وتشبثت هذه الكنيسة باللغة الأم ورفضت وما زالت ترفض إدخال أي لغة أخرى في الطقوس الكنسية وهكذا حافظت على الطقس والإرث السرياني لكنيسة المشرق، ليس حبا به، بل كي تحفظ على وجودها وتتماشى مع النهج القومي الأشوري الذي يقدس بعضه اللغة السريانية، لغتنا جميعا.

ووقعنا نحن الكلدان في تناقض يعاكس الواقع الأشوري. تقوّت شوكة الكنيسة (الدين) عند الكلدان بعد أن غير تسميتها رجل دين أخر من كنيسة المشرق إلى كنيسة المشرق الكلدانية بعد قبولها للكثلكة مذهبا. ومنذ ذلك الحين صار لرجال الدين عندنا سلطة شبه مطلقة درجة أننا أصبحنا نقبل ليس فقط ان يحددوا لنا معنى رسالة  السماء بل وضّعَنا ومصير لغتنا وقوميتنا وتراثنا وثقافتنا أيضا. ماذا حدث؟ مؤسسة كنيسة المشرق الكلدانية تدين بولائها للكنيسة الرومانية اللاتينية (الكاثوليكية) بصورة مطلقة درجة أن رسامة مطران أو إنتخاب رئيس دير يجب تزكيته من روما وإلا  لن تتم الرسامة  حتى ولو كان الإنتخاب ديمقراطيا، وليس بإمكانها تثبيت مطران خارج منطقتها الجغرافية التي، بعد أن كانت تمتد إلى الهند والصين والدنيا بأجمعها، صارت بالكاد تشمل جغرافية العراق، وإن تم تثبيت مطران في خارج جغرافيتها المحدودة كما هو الحال في أمريكا مثلا، فإنه يرتبط إداريا برئسه الأعلى، رجل الدين اللاتيني، كا هو حال مع الكهنة الكلدان في أوروبا أو الأصقاع الأخرى. ولأن لا ولاء لهذه المؤسسة لتراثنا ولغتنا وطقسنا وقوميتنا، تخلت وفي غفلة  من الزمن عن ملايين الكلدان في الهند وغيرها وسمحت لمؤسسة كنسية أخرى بألتنتهم بأسلوب قسري ظالم أجبرهم على  ترك تراثهم وثقافتهم السريانية. واليوم ولأن المؤسسة الكنسية لا زالت قوية لم يحدث وأن تجرأ أي من القوميين الكلدان "الشجعان" على إدانة هذا الإظطهاد لبني قومنا الذي يرقى إلى جريمة ضد الثقاافة الإنسانية إلا الكلداني القومي كاتب هذه السطور وهو ليون برخو الذي ينهال عليه "القوميون" من كل حدب وصوب شتما وسبا.

واليوم ولأن مؤسسة  الكنيسة الكلدانية بيدها الحل والربط ليس في أمور الدين بل التراث واللغة والثقافة – أهم السمات القومية – لم ير بعض القوميين بين صفوف الكلدان بدا من اللجوء إلى شخص يمثل هذه المؤسسة وعقد مؤتمرهم النهضوي تحت خيمته ورعايته وفي كنفه وحضنه والمؤسسة تصرخ ليل نهارانها والقومية شيئان متناقضان ومتنافران وأن ولائها المطلق هو للكنيسة اللاتينية الكاثوليكية في روما وليس للغة وتراث وطقس وثقافة قومنا.

ورغم النيات الصافية والصادقة لكثير من إخوتنا  القوميين لعقد هذا المؤتمر فإن صاحبه وراعيه لا يستطيع  الخروج لا علانية ولا سرا على سلطة كنيسة روما اللاتينية كما لا يستطيع راعي الكنيسة الأشورية الخروج خارج السرب القومي الأشوري.

هل من حقنا التسأول

ولكن ما يدعونا إلى التساؤل هو كيف قبلنا وما زلنا نقبل نحن الكلدان وضع مصيرنا القومي والثقافي واللغوي والتراثي والحضاري بيد مؤسسة اساسا لا تدين بالولاء لتاريخنا الزاخر ووجودنا كأمة وتراثنا السرياني الذي يبزّ ما لدى كل الأمم الأخرى؟ وإن كان أي مسؤول ديني في  كنيستنا يدين الولاء لتراثنا ولغتنا وقوميتنا وثقافتنا لأنبرى معلنا وعلى الملأ إدانتة للألتنة المؤسسساتية (ليس رسالة السماء) وطالب بفتح تحقيق شفاف في الجريمة ضد الإنسانية التي أقترفتها ضدنا هذه المؤسسة وبالتأمر مع مؤسستنا الدينية.

ولهذا لا استطيع مناصرة المؤتمر الذي يعقده بعض من إخوتي الكلدان للنهوض القومي بنا. النهوض يبدأ من اللغة وتراثها وثقافتها وطقسها وموسيقاها وكتّابها وأعلامها وشعرائها وقديسيها وشهدائها. هذا أمرتخلت المؤسسة الكنسية عنه وليس في إمكانها النهوض به بعد تعريبها وألتنتها، ولم أسمع ولم أقرأ حتى الأن أن المؤتمر سيحاول إحيائه وإدانة كل من ساعد وساهم في تهميشه.

عسى ولعل ساهمت مساهمة متواضعة في فهم أنفسنا.

وإن لم نفهم أنفسنا كيف نستطيع النهوض بها.


209
هل الكلدان حقا في حاجة إلى مؤتمر نهضة؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
Leon.barkho@jibs.hj.se

مقدمة
على بركة الله قرر بعض إخوتنا الكلدان عقد مؤتمر سموه "مؤتمر النهضة الكلدانية" الذي سينعقد في أمريكا في أوخر الشهر الحالي. وقبل أن ادلو بدلوي وملاحظاتي ككلداني يهمه شأن هذا المكون الأساسي من شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الواحد، أتمنى للمؤتمرين النجاح والموفقية، ولكنني في نفس الوقت أدعوهم إلى قراءة معمقة وعلمية وأكاديمية لوضعنا ككلدان وإن كان حقا بإمكاننا النهوض، الذي نتمناه كلنا، رغم تقاطع مواقفنا وأفكارنا.

أسئلة كثيرة
الكلدان أحوج إلى النهضة من أي مكون أخر من شعبنا الواحد. ولكن كيف ننهض وما هي معايير النهضة التي يجب علينا الإستناد عليها؟ وهل درسنا كيف نهضت الأمم قبلنا وهل نحن على إستعداد للإستفادة من تجاربها؟ هل حقا أن الذين يدعون إلى نهضة الكلدان اليوم، وأنا واحد منهم، مؤمنون بالنهضة؟ ولماذا تأخذ هذه النهضة، بالشكل الذي يدعو له منظمي هذا المؤتمر، مسارا يقصي الأخرين وإن كانوا كلدنا من اي دور؟  وكيف يجوز لأي مجموعة كلدانية أن تتحدث وكأنها تمثلنا جميعا دون الإكتراث لمواقفنا المختلفة؟ هل يجوز إقحام المؤوسسة الكنسية في أمور نهضوية كهذه؟ وأخيرا هل هناك من إيجابية للمؤتمر هذا نستطيع الإستدلال عليها من خلال الخطاب الذي قرأناه لمنظميه؟

تقييم ما قرأته حتى الأن عن المؤتمر
من حق أي مجموعة أن تجتمع ومن حق أي مجموعة أو  شخص أن يكتب ويناقش او ينتقد. نحن نعيش عصرا يمنح المجموعات والأشخاص قدرا كبيرا من الحرية. نحن نعيش عصرا في إمكان أي فرد فتح موقع على الشبكة العنكبوتية وإصدار جريدته الإلكترونية التي تصبح في لحظة من الزمن في متناول الملايين من البشر. هذا أمر لا خلاف عليه.

ومن هذا المنطلق ومن خلال تتبعي لما يكتبه القائمون على هذا المؤتمر، فإنني – وليتسع صدر إخوتي الكلدن للنقد –لا أرى إيجابية تذكر لعقد هذا المؤتمر حتى الأن – اللهم إلا إذا حدثت أمور لم تكن في الحسبان أثناء إنعقاده. الإيجابية الوحيدة التي لا حظتها كانت الإعلان الذي نشره موقع كلدايا نت (رابط 1) عن المؤتمر، ليس فحواه، بل القرار الشجاع الذي إتخذه كتّاب البيان في إصداره أولا بلغتنا السريانية الجميلة ومن ثم باللغات الاخرى. هذه اول مرة تتخذ مجموعة كلدانية – مدنية او كنسية – قرارا شجاعا بتفضيل لغتنا السريانية، التي هي بمثابة المرآة  الحقييقة والتي لولاها لا وجود لنا من حيث التاريخ والتراث والوجدان والأدب والشعر والثقافة والقومية والكنيسة والطقس والليتورجيا والفن والموسيقى، هي ميزتنا الأساسية ودونها لا نساوي شيئا بين الأمم.  

تناقض وإزدواجية
وكوني أقرأ لغتنا السريانية وأحمل شهادة عليا في علم اللغة أود أن أسترعي إنتباه المؤتمرين أن نص البيان باللغة السريانية سيثير ذات المشاعر التي إنتابتني عند قرأتي له إن تمت قرأته من قبل أشوري أو  سرياني يتقن هذه اللغة. كل من يقرأ ويكتب هذه اللغة ويستوعب تاريخها وثقافتها وشعرها لا يمكن إلا وأن يؤمن أننا شعب واحد وإن لم يفعل فإنه يعيش في تناقض وإزدواجية. ولهذا ترى أن الفئات الإنفصالية والإنقسامية بيننا – والحمد لله أنهم قلة وشأنهم في إندحار – تقفز على وفوق تراثنا ولغتنا وثقافتنا السريانية التي تمتد دون إنقطاع لأكثر من 2500 سنة. بيننا من يريد الإنتساب إلى أشور وشلمنصر وبيننا من يريد الإنتساب إلى كلدو ونبوخذنصر والإثنان على باطل لأن لا علاقة لغوية وتراثية وثقافية وأدبية ووجدانية لنا معهم.

كيف تكون النهضة
كلنا قرأنا عن عصر النهضة في أوروبا وقرأنا عن نهضة العرب بعد الحرب العالمية الثانية وكلنا تعايشنا مع نهضة الكرد بعد سقوط نظام صدام حسين. النهضة الأوروبية قادها كتاب وفلاسفة وأسماء لامعة في اللغة والفنون الجميلة. أول أمر قامت به شعوب أوروبا كان التخلص من نير المؤوسسة  الكنسية وطغيان الألتنة – من  اللاتينية. الفرنسي تشبث بلغته وما تمثله من تاريخ وحضارة وتراث وشعر وفن وموسيقى وأدب وبدأ الكل يرمي الكتب اللاتينية في سلة المهملات ويقرأ لشعرائه وكتابه وتاريخه من خلال لغته. هكذا فعل الإيطالي والألماني وغيرهم من الشعوب عندما قرروا النهوض.

وماذا فعل  العرب؟ أول عمل قام به العرب أن رفعوا عن كاهلهم نير التتريك لغويا ودينيا حيث كان السلاطين الأتراك يحكمون بإسم الإسلام. أزاحوا اللغة التركية واحلوا مكانها العربية ونبشوا تراث وثقافة وأدب هذه اللغة وأحيوه وصار لشعراء واعلام  العربية قبل الإسلام وبعده مكانة ترقى إلى مصاف القديسسين. والقائمون على هذه النهضة كتاب وشعراء وأعلام لا زال العرب إلى اليوم يقراؤنهم في المدارس وما زال التلاميذ يحفظون قصائدهم وشعرهم وبينهم  الكثير من السريان المسيحيين الذين، كما قلت سابقا، تنكروا للغتهم القومية وأصبحوا عربا أقحاح، ومنهم جبران خليل جبران وإيليا ابو ماضي ومي زيادة وفيروز والرحابنة، وسعيد عقل، وإبراهيم اليازجي وبطرس البستاني وأخرون كثيرون لا يتسع المجال لذكرهم.

وماذا فعل الكرد؟ بعد سقوط نظام صدام حسين نهض الأكراد وأول عمل قاموا به كان إزالة نير التعريب وبدأ كتابهم وشعراؤهم وأعلامهم إحياء اللغة الكردية وتراثها وشعرائها وموسيقاها وصارت اللغة وجدان الكرد. فلا يسمح الكردي لرجل دين، مهما علا شأنه او مقامه، إلقاء خطبته بالعربية ولا يسمح الكرد الكتابة او الحديث بغير لغتهم اولا. اللغة وما تحويه من ثقافة وتراث كانت البوتقة التي إنصهر فيها الأكراد رغم إختلافاتهم وتقاطعاتهم السياسية.  الكرد اليوم يدرسون بلغتهم الوطنية في كافة المراحل الدراسية  وصارت لغتهم النبراس الذي يلتفون حوله وليس رجال دينهم او مجموعة محددة من الناس تريد تقسيمهم على أساس أن كاتبا معينا او مجموعة من الكتاب تود القفز فوق وعلى  تاريخهم الشفوي والكتابي وترميهم مثلا في حضارة أرية  قديمة كالفارسية او التركية كما نفعل نحن برمينا أنفسنا في أحضان شعوب سامية قديمة – أشورية او كلدانية – لأننا أساسا تركنا وغادرنا لغتنا وثقافتنا السريانية ولا نفقه لغة الشعوب التي نرمي أنفسنا في أحضانها، صرنا تقريبا بلا لغة ولا ثقافة ولا شعر ولا تراث ولا  موسيقى ولا فن. ولهذا لا أظن أن أي من إخوتي الكلدان من الذين سيحضرون المؤتمر سينجح في الإستبيان الأكاديمي الذي كنت قد وضعته للدلالة إن كان قوم أو شعب او حتى فرد بوده النهوض أم لا (رابط 2).

أين يقف مؤتمر النهضة القادم مما ذكرناه
إن نظرنا إلى ما وردنا حتى الأن عن المؤتمر وذلك من خلال تحليل الخطاب الذي قرأناه، فإننا سنرى ان المؤتمرين في واد والنهضة كما نعرفها  في واد أخر. الخطاب الذي نشر عن المؤتمر يظهر ان المؤتمرين لا شأن لهم بالنهضة كالتي حدثت في اوربا او الشرق الأوسط او لدى الكرد. الخطاب الذي قرأناه فيه منحى خطير وفي كثير من الأحيان يجعل القارىء يشمئز من وجود أفكار ومواقف كهذه بيننا نحن الكلدان ونحن نعيش في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين.

الخطاب أكثره هجومي يرى أنه ضحية عدو قد خلقه لنفسه وهو غير موجود. هذا الخطاب يوجه الإتهامات صوب اليمين وصوب اليسار وفي كل الجهات ويجعل حتى من الكلدان الذين يتقاطعون معه أعداء. لا حاجة للإقتباس لأنني أخشى أن بعض المواقع الرصينة  لن تقبل نشر ما يرد في خطاب بعض الأخوة الذي أعدوا لهذا المؤتمر.

الخطاب يجعل منا نحن الكلدان مكون مهمش. والتهميش حسب هذا الخطاب ليس لأننا نرفض النهضة على الأسس التي ذكرتها بل لأن هناك كعكة  وهمية حصلت عليها باقي مكونات شعبنا، وهكذا ترى أن هدف المؤتمر، من خلا تحليل خطابه، ليس النهوض بالمعاني الحضارية والثقافية واللغوية والفنية، بل الحصول على الكعكة من خلا تنصيب كلداني، او ربما واحد من المؤتمرين، في منصب نائب  لرئس او نائب رئس وزراء أو وزير في العراق، وهم ونحن نعيش في ترف في الغرب وأمريكا. لا هكذا تكون النهضة يا إخوتي الأعزاء. أنتم تجتمعون في ساندييكو وعينكم على الكعكة في بلد فاشل تحكمه الميليشيات وتعبث به فرق الموت وثلاثة أرباع شعبكم مهاجر لا قرار ولا مصير له ومستقبل وجود الربع الأخر في العراق، أرض الأجداد، على كف عفريت.

إستنساخ تجربة!
وهكذا يبدو أن المؤتمر سيكون نسخة مستنسخة للمؤتمرات التي تعقدها بعض الفرق الأشورية التي أعمى التعصب بصرها وبصيرتها حيث أنها ترى في الأخرين – لا سيما نحن الكلدان - أعداء لها وجعلت من أشور والأشورية بمثابة ألهة قد تسجد لها مقدمة البخور والطاعة. إنني أرى، ومن خلال خطابكم – وأسمحوا لي القول – أنكم تسيرون على  نفس النهج.

وهذا النهج أخطر ما نواجهه اليوم كشعب ومؤسسات، مدنية ودينية، وإلا كيف نفسر خطبة لرجل دين عالي الشأن والمقام يرد فيها إسم أشور أكثر من أسم المسيح وكيف نفسر رجل دين يتباهى في خطبته بأحجار وتماثيل ومنحوتات والخطوط المسارية للأشوريين في المتحف البريطاني بدلا من أن يتباهى برسالته السماوية. وكل هذا وهو لا يفقه شيئا عن هذه المنحوتات ولا يستطيع فك طلسم واحد من خطوطها المسمارية؟

وأنتقل الأمر إلينا نحن الكلدان من خلال خطاب إخوة لنا من الذين ينظمون هذا المؤتمر. واليوم نسمع ونقرأ عن رجال دين كلدان تطلق عليهم تسميات مثل أسد بابل وخليفة نبوخذنصر. وقرأنا أن رجال الدين من الذين يؤمنون بهذا النهج المستنسخ عن التعصب الأشوري سيحضرون المؤتمر.

رابط 1
http://kaldaya.net/2011/News/01/Jan12_A6_chalden%20convention.html

رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=401532.0


210
الدكتور دوني جورج كما عرفته

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@jibs.se

مقدمة

وفاة الدكتور دوني جورج، العَلَم والعالم في تاريخ العراق القديم وأثاره، خسارة فادحة لأبناء شعبنا الواحد. وبدءا أطلب من كل الكتاب والمثقفين من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الواحد عدم مخاصصة غياب عالمنا الكبير طائفيا ومذهبيا وإسميا كما فعل ويفعل بعض الكتاب الإنقساميين عند مواجهتنا لأحداث كهذه.

لقد كان لخبر وفاة الدكتور دوني وقع الصاعقة علي لأنني لم أخسر صديقا بل مناصرا حقيقييا للوسطية التي أخطها في كتاباتي التي لا ترى في شعبنا ذو التسميات والمذاهب المختلفة والمتصارعة إلا شعبا واحدا، بودقة لا يمكن تقسيمها وتشظيظها مهما حاول الذين ينادون بالتقسيم على أسس طائفية او مذهبية او إسمية.

قبل أن أتي على الإتصالات التي جرت بيني وبينه حول مستقبل شعبنا ومحاولتنا تأسيس ما يشبه مجمع علمي أو أكاديمي يجمع المختصين والعلماء من أبناء شعبنا الواحد لبيان الطريق العلمي الصحيح دون مواربة ودون محاباة للأمور التي تقض مضاجعنا اليوم لا سيما المهاترات غير العلمية والمنطقية التي يأتي بها بعض من الكتاب والسياسيين من أبناء شعبنا والتي همها زيادة همّ وعذاب شعبنا المسكين المضطهد الذي إضافة إلى سكاكين الإرهاب والتطرف بدا يلقى الضرب والطعن من أبناء قومه الغارقين في أحلام إنقسامية  ومذهبية وهمية لا تزيدهم إلا جهلا بأنفسهم وواقعهم ولا وتزيد شعبهم إلا مزيدا من الضرر والتهميش.

أول لقاء

أول لقاء لي مع المرحوم كان في منتصف الثمانينات حيث كان يعمل مديرا لمشروع إعمار بابل الذي كان قد خصص له صدام حسين 120 مليون دينار عراقي (حوالي نصف مليار دولار في أسعار ذلك الوقت). كنت عندئذ أستاذ اللغة الإنكليزية والترجمة في جامعة الموصل، كلية الأداب. وكنت حينئذ أعمل مراسلا أثاريا لعدد من المجلات الإنكليزية إضافة إلى عملي في الجامعة.

وحال أن سلمت عليه باللغة السريانية التي تجمعنا كلنا ليس فقط لغويا بل تاريخيا وثقافيا وطقسيا وموسيقيا وتراثيا ووجدانيا، نهض من كرسيه وحضنني مرددا مرة تلو الأخرى (بشينا وبشلاما، بشينا وبشلاما). لم يدر في خلدنا نحن الأثنين ولو للحظة أن تسميتنا المختلفة (كلداني أشوري) لها أي مدلول او تأثير على كوننا نحن الأثنين المختلفين إسميا ومذهبيا أبناء شعب واحد.

قصة صدام حسين وطابوق بابل

وكان حينه لم  يحصل الدكتور دوني على شهادة الدكتوراة، مع ذلك لا حظت فيه ذكاءا خارقا وعقلا نقديا له المقدرة على التحليل البارع للأحداث. وروى لي كيف ان الله أنقذه من مهلكة علي يدي الطاغية العراقي السابق لدى زيارته لبابل للإطلاع على مشروع إحيائها. كان مدير عام مؤوسسة الأثار حينئذ الدكتور مؤيد سعيد أخبره أن صدام حسين يريد التشبث بنبوخذنصر – وهناك من أبناء شعبنا ورجال ديننا من يحمل هكذا طموح اليوم – وذلك بختم كل طابوقة تستخدم في إعادة  بناء بابل بإسمه.

الدكتور دوني حاول تجاوز التعليمات ولكن اول شيء سأله صدام حسين عند زيارته لبابل كان إن كان الطابوق المستخدم في إعادة البناء يحمل إسمه. فتلعثم الدكتور دوني في الجواب وقال لي: كانت أول مرة أخشى فيها على حياتي. وبعدها أضطر الدكتور رغما عنه رسم إسم صدام حسين على كل طابوقة أستخدمت في إعادة البناء.

والثمن الذي دفعه الدكتور دوني كان كبيرا بمقاييس ذلك الزمان. بعد إنتهاء العمل في مشروع إحياء بابل رفضت الرئاسة درج إسمه ضمن "المكرمين" فكان الشخص الوحيد  الذي لم يحصل على التكريم الذي شمل سيارة تويوتا سوبر وقطعة أرض ومائة الف دينار.

فضله علي ككاتب وصحفي

وزادت علاقتنا وتوطدت بعد قدومي إلى بغداد وعملي مراسلا لوكالة رويترز وبعدها وكالة أشويتتت برس. له الفضل الكبير لعدد كبير من المقالات والدراسات الأثارية والتاريخية التي كتبتها والتي رأت النور على صفحات أمهات الصحف والمجلات العالمية منها ذي كاريدن وإنديبندت وأور وكلكامش ولوس أنجلس تايمز وواشنطن تايمز وواشنطن بوست وغيرها. وله الفضل في قيامي بترجمة موسوعة علم الأثار. فلك يا صديقي الحميم الإبن البار لشعبنا كل الشكر والتقدير ولولاك لما إستطعت تحقيق ما حققته من إنجاز في عالم تاريخ وأثار بلاد ما  بين النهرين.

دوره في الحفاظ على مقتنيات المتحف العراقي

أما الدورالذي لعبه هذا العالم في الحفاظ على مقتنيات المتحف العراقي فلا يمكن إجازه في فقرة أو فقرتين او مقال او مقالين. الكل يشهد أنه لولا الدكتور دوني وعمله المثابر لوضع مأساة الأثار العراقية امام العالم من خلال إتصالاته وعلاقاته بالإعلام العالمي لكانت هذه المأساة قبرت ونسيت كما حدث ويحدث للمأسي الرهيبة التي حلت بالشعب العراقي بعد الغزو الأجنبي. أول ما فعلة الدكتور دوني كان تقديم كشف مفصل بكل المقتنيات الأثارية التي نهبت وسرقت. لم يضعها في كتاب فقط بل وضعها على الإنترنت وقدمها للإنتربول، البوليس الدولي، ووضعها في متناول الباحثين والدول والمؤوسسات. وبواسطتها تم الكشف عن الكثير من المقتنيات التي لا تثمن عندما حاول المهربون بيعها في المعارض الدولية او نقلها من مكان إلى أخر. أعتقد أنه على المتحف العراقي وضع تمثال للدكتور دوني في أروقته لأنه لولاه لضاع الكثير وفقد العراق جزءا من ذاكرته.

موقفه من قضايا شعبنا

أما بخصوص موقف هذا العلامة من هموم وقضايا شعبنا، فقد كانت لنا مراسلات معه منذ عام 2009 حيث لاحظت تغيرا جذريا في موقفه وتبنيه للوسطية التي أنادي بها وكوننا شعب واحد رغم إختلاف مذاهبنا وتسميتنا. ومنذ ذلك الحين – وحسب علمي – رفض الدكتور دوني تقديم أي مناصرة للمتعصبين والإنقساميين من ابناء التسمية التي ينتمي إليها، شأنه شأني حيث أرفض مجارة او حتى مساومة بأي قدر كان الإنقساميين من أبناء التسمية التي أنتمي إليها.

وكنا نناقش مواقف رجال ديننا ودور مذهبيتهم في تقسيم وتهميش شعبنا وكيف أن الأمر وصل ببعضهم على القبول بسلخ الملايين من أبناء قومنا عن تراثهم وطقسهم وثقافتهم السريانية بإسم المذهبية المقيتة. وكنا نحاول كما قلت تأسيس مجلس علمي سرياني يضم الأكاديميين والعلماء من أبناء شعبنا كوننا لا نملك ولن نملك كيانا سياسيا.

نداء إلى الدكتور سعدي المالح

غياب الدكتور دوني خسارة هائلة لأبناء شعبنا الواحد، خسارة لا تعوض. عزاؤنا ان الذين يروننا بودقة لا مكان فيها للخلافات الوهمية التي يثيرها البعض إستنادا إلى الإسم او المذهب في إزياد وهم الأكثرية اليوم. أما الذين بودهم تهميشنا وتقسيمنا في إندحار شديد والدليل نلاحظه في خطابهم الهجومي غير العقلاني الذي يصنع عدو وهمي ويحاربه بقلمه وكأننا، نحن هذا الشعب الصغير والمضطهد، في صراع على حقول النفط وأراض ومدن ونملك من الترسانة والسلاح والجيوش ما يمكننا قتال وغزو ليس بعضنا بعضا بل مضطهدينا وغاصبي حقوقنا ومهمشي تراثنا ولغتنا.

نم قريرالعين يا دكتورنا وعالمنا العزيز ورجائي وطلبي من الذين بيدههم شؤون لغتنا وثقافتنا السريانية، وأخص بالذكر الدكتور سعدي المالح، مديرعام الثقافة والفنون السريانية في إقليم كردستان، تكريم عالمنا هذا في طريقة واسلوب يراه مناسبا لمكانته العلمية ودوره كإبن بار لشعبا الواحد.

 



211
لماذا الإستغراب يا راعي الكنيسة الكلدانية في دمشق؟


ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@jibs.hj.se

أبدى الأب فريد بطرس (رابط 1)  إستغرابه من المعلومات التي وردت في مقالي الأخير عن السلبيات في مؤوسسة الكنيسة الكلدانية في سوريا (رابط 2) وكأنه غريب عن الوضع وكأن ما ذكرته لا يمس إلى الحقيقة بصلة، مع أن الخطاب أساسا لم يكن موجها له بل إلى رئاسة كنيسته.

ولم تمض ساعات قليلة على نشر الأب بطرس راعي الكنيسة الكلدانية في دمشق توضيحه حتى أنبرى الغيارى من الكلدان في سوريا للدفاع عن الحقيقة وذهبوا إلى المقبرة وصوروها وأرسلوا الصور مشكورين إلي. وإحتراما لطلبهم فإنني أتحفظ عن ذكر أسمائهم.

ولماذا الإستغراب يا اب بطرس وهل أنت غريب عن المقبرة او بالأحرى المقبرة الجماعية. ألم نلتق أنا وأياك بالصدفة فيها وكانت الرائحة المنبعثة من غرفة الفقراء التي ترمي فيها جثث الكلدان الفقراء من أبناء طائفتك ومذهبك زرافا واحدا  فوق الأخر وعلى سطح الأرض تزكم الأنوف لدرجة أن بعض الزوار كانوا قد وضعوا كمامات على وجوههم.

ماذا حلّ بهذه المؤوسسة، مؤوسسة الكنيسة الكلدانية، كي تحتقر أبنائها بهذا الشكل، تبني غرفة عادية فوق سطح الأرض وترمي فيها جثث الموتى من أبنائها وكأنهم، حاشى وألف حاشى، مذنبين يستحقون  العقاب وتستوفي من عائلة كل متوفي 12000 ليرة سورية، كما تعترف في توضيحك.

قال الأخ المصور، الكلداني الغيور، أنه كاد يغمى عليه من الرائحة الكريهة التي كانت تنبعث من الغرفة ذات الأبعاد التي لا تتجاوز 2 في 3 متر مربع علما أن المقبرة تقع في وسط حي سكني.  أما عن التوابيت فهذه أتركها لأحباء الموتى وهم أدرى بمسألة التابوت وإن كنتم تقدمونه مجانا أم لا.  

والصناديق الإسمنتية وما أدراك ما الصناديق الإسمنتية. إنها، كما تظهر الصور، وكأنها عش الزنابير وتبيعون الواحد منها ب 75000 ليرة سورية.

لماذا أصبحنا نحن الكلدان سلبيين لهذه الدرجة بحيث نسمح لمؤوسسة دينية كهذه أن تعبث بنا بهذا الشكل. فبعد أن رمت ملايين الكلدان على قارعة الطريق إن في الهند او أماكن أخرى في العالم كي تنهش فيهم الذئاب الكاسرة وهي فرحة وسعيدة بما تراه من ظلم غير مسبوق لحق بنا على أيديها، وبعد ان همشت تراثنا ولغتنا وثقافتنا وطقسنا وتراتيلنا وكتب صلواتنا وموسيقانا وأدبنا وفضلت عليهم كل دخيل وأجنبي – لم تكتف بكل هذا - جاء دور إحتقار موتانا بدفنهم في مقبرة جماعية وفوق سطح الأرض.

لن أعلق على كون أيديكم نظيفة أم لا لأن هذه المؤوسسة تعتقد ما دام المطران او القس اوالمحاسب (بمعنى جابي) يجمعون المال فإن الشفافية أمر واقع. الشفافية هي عندما تقدم كشفا كاملا بكل الواردات وتضعها امام الرعية  وتعطيهم الحق أن يحاسبوك عن كل ليرة. الشفافية هي أن تضع ما تتقاضاه او لا تتقاضاه من رسوم عن الأسرار والخدمات والوثائق في لوحة وتمنح وصولات مصدقة عن كل جباية وتبوبها وتظهرها للعيان.

أما التميز في المقاعد في الكنسية الكلدانية في سوريا فهذه تقليعة جديدة في هذه المؤوسسة وكما يقول المثل الشعبي العراقي "عيش وشوف".

لن أطيل لأن الصور المرفقة للمقبرة تعبر أكثر وأفضل من الاف الكلمات.
 
ولكن لدي كلمة أخيرة والتي من خلالها أود أن أسترعي إنتباه هذه المؤوسسة من أنه أي تلاعب بالوضع الحالي للمقبرة والتي تظهره الصور المرفقة بجلاء سيترتب عليه تبعات قانونية وأخلاقية. لقد أرسلت الصور إلى المنظمات الإنسانية منها منظمة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر في سوريا للقيام بتحقيق مستقل عن هذه المقبرة.

وكذلك أرسلتها إلى السلطات السورية لا سيما وزارة الأوقاف ووزارة الصحة. وإضافة إلى ذلك فقد قدمت شكوى رسمية ضد رئاسة الكنيسة الكلدانية في سوريا إلى منظمات حقوق الإنسان ومنظمات وأحزاب البيئة.

وكذلك سأكتب نداء إلى الرئس السوري بشار الأسد وأرسله إلى كل الصحف التي تصدر في دمشق والمواقع الإلكترونية المقروءة هناك طالبا منه، وإنطلاقا من سياسة التسامح والتعايش الديني التي تتبعها سوريا، إرسال لجنة للتحقق مما ذكرته لأنني على يقين أن سيادته لن يقبل بأمر كهذا وأطلب منه تخصيص مساحة من الأرض في ضواحي دمشق كمقبرة للاجئينا ونقل رفات موتانا في المقبرة الجماعية في الطبّالة إليها وبناء مقبرة خاصة لهم مع شاهد وصور تظهر ما فعلته هذه المؤوسسة بنا.

إن ما يجري في هذه المقبرة أمر مرعب ورهيب لا يقبله أي شرع او دين. ولن يرتاح لي بال إلى أن يتم فتح تحقيق مستقل ومعاقبة المقصرين وعلى رأسهم المسؤول الأول في الكنيسة هناك.

 
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,487395.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=486801.0

التعليق على اصور:


الصورة الأولى: الغرفة المبنية فوق الأرض والتي تستخدم كمقبرة جماعية توضع فيها جثث المتوفين من الكلدان الفقراء واحد فوق الأخر وتتقاضى الكنيسة الكلدانية مبلغ 12000 ليرة سورية عن كل تابوت يودع فيها.


 
الصورة الثانية: الصناديق الأسمنتية التي توضع الواحد فوق الأخر ويودع في كل منها تابوت واحد وتتقاضى الكنيسة الكلدانية مبلغ 75000 ليرة سورية عن كل تابوت.


 
الصورة الثالثة والربعة والخامسة: هكذا تتعامل الكنيسة الكلدانية مع المتوفين من الفقراء الكلدان في سوريا، تدفنهم جماعيا وتتقاضى 12000 ليرة سورية عن كل تابوت.

212
إلى أنظار رئاسة الكنيسة الكلدانية في سوريا
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@jibs.hj.se

مقدمة
قبل بضعة أشهر كنت قد كتبت مقالا أثني فيه على بعض الأعمال الجيدة التي تقوم بها الكنيسة الكلدانية في سوريا، لا سيما في دمشق.

واليوم سأحاول الكتابة عن بعض السلبيات. وكما كان الشأن في أغلب المقالات التي كتبتها منتقدا المؤوسسة الكنسية، أؤكد هنا مرة أخرى على نقطتين بارزتين:

الأولى تخص الكنيسة ونظرتنا إليها نحن المسيحيين الشرقيين من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني. بعضنا يرى المؤسسة الكنسية من وجهة نظر واحدة فقط، أي كل ما يتعلق بهذه المؤوسسة جزء من رسالة السماء. هنا يكمن خطأ كبير. الكنيسة كرسالة السماء هي المسيح وإنجيله والرسائل التي تركها لنا تلامذته. في كل كتاباتي، التي تظهر على مواقع شعبنا أو في الصحافة العربية او العالمية، لم يحدث وأن تطرقت إلى الكنيسة كرسالة السماء.  هذا لا يعني أبدا أن النصوص السماوية لا يجب نقدها وتحليلها لأنها مقدسة. كل نص، مقدس او غيره، يخضع، لا بل يجب إخضاعة، لمشرحة النقد شأنه شأن أي نص أخر شريطة أن يملك الناقد من العلم والوسيلة ما يمكنه من ذلك.

النقطة الثانية تخص الكنيسة كمؤسسة أرضية ومدنية. البعض من أبناء شعبنا يلغي هذه النقطة الأساسية ويتشبث، عن علم او دونه، بالنظر إلى كل مايخص هذه المؤوسسة وكأنه من السماء. هذا خطأ فظيع دفع شعبنا ثمنا باهضا له. عندما تتدخل هذه الكنيسة بالأمور السياسية والمادية والدبلوماسية وبشؤون البشر الحياتية والإجتماعية تخرج عن نطاق رسالتها السماوية. عندها تصبح مؤوسسة مدنية وإدارية شأنها شأن أي مديرية او دائرة او وزارة في الحكومة. عليها واجبات وعليها حقوق ويحق لنا محاسبتها ونقدها كما نفعل مع أية مؤوسسة أخرى، وعلى الكنيسة في هذه الحالة أن لا تتشبث بجلباب رسالتها السماوية لتعزيز دورها كمؤوسسة أرضية ومدنية. التاريخ مليء بالأمثلة التي حاولت فيها الكنيسة إضفاء شرعية سماوية على ما يرتبط بها كمؤسسة أرضية. ومن خلال هذا الإستغلال غير المبرر والذي يناقض رسالة السماء احرقت الكنيسة الالاف من البشر وهم أحياء بتهمة الهرطقة وقامت بالتعذيب الجسدي وإيداع الناس السجن وهادنت الظلم والظالمين وأقتنت الكنوز والمال وأقترفت من الفظائع ما يندب له الجبين. أي رسالة سماوية تقبل أمور كهذه؟

عودة إلى صلب الموضوع

قمت بزيارت كثيرة إلى سوريا التي هجر إليها العشرات الالاف من أبناء شعبنا في السنوات الأخيرة. وعدد الكدان بين المهاجرين هو  الأكبر. هناك أكثر من 2000 عائلة كلدانية مسجلة في السجل الكنسي في دمشق فقط. وعدد الكلدان المهاجرين في دمشق أضعاف مضاعفة عدد الكلدان السوريين. وهذا الأمر يضيف ضغطا كبيرا على الخدمات التي تقدمها الخورنات.

وانا أسرد ما اره من أمور سلبية أوكد مرة أخرى أن الغاية هي الإصلاح وتنبيه المسؤولين من خلال الإعلام الذي صار العالم برمته اليوم يراه حقا وحقيقية كسلطة مثل السلطات الأخرى من قضائية وتنفذية وتشريعية.

الكيل بمكيالين

كلنا سواسية أمام الرب. أمام الرب تنتفي الحاجة إلى الفروقات الإجتماعية والجغرافية والعرقية والقومية والمذهبية وغيرها. سؤالي هو هل يجوز أن يتم حجز الجزء الوسطي من الكنيسة بشريط كي يجلس فيه الكلدان السوريين فقط في الأعياد؟ هل هذا التميز تقبل به رسالة السماء، المسيح وإنجيله؟ إنه إختراع يميز ليس فقط بين البشر بل بين أبناء طائفة وكنيسة ومذهب واحد. السؤال الذي نسأله كمؤمنين يجب أن يكون دائما: هل المسيح وإنجيله يقبلون بذلك؟

أين إحترام الموتى؟

هذه مسألة في غاية الأهمية. مقبرة الكلدان صغيرة جدا وضاق بها المجال قدوم الأعداد الهائلة من اللاجئين والإحصائيات تشير إلى وفاة حوالي 250 لاجىء كلداني في سوريا منذ أن بدأ سيل الهجرة.

ويبدو أن المؤوسسة بدلا من أن تقوم بواجبها كي تجد مكانا ملائما للدفن يليق بمقام البشر بدأت بإستغلال هذا الأمر لمنافع مادية وإلا كيف يعقل ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ان يدفن الكلدان في غرفة صغيرة مبنية فوق الأرض حيث توضع التوابيت فيها واحد فوق الأخر وتستوفي المؤسسة مبلغا قد يصل إلى 15000 الف ليرة سورية عن كل تابوت يوضع في الغرفة. العشرات من التوابيت مصفوفة واحد فوق الأخر في غرفة مبنية فوق الأرض، هل يجوز هذا؟. عند زيارتي لسوريا أذهب لزيارة والدتي المدفونة هناك ولا أستطيع البقاء بجانب صورتها للرائحة الكريهة التي تنبعث من هذه الغرفة التي تسمى غرفة الفقراء. وإن كنت غنيا بإمكانك شراء صندوق من الإسمنت وهذه الصناديق أيضا موضوعة الواحد فوق الأخر لأكثر من عشر طبقات. الدفن في الصندوق يكلف 75000 ليرة سورية.

المقبرة التي أقدر مساحتها بحوالي 300 متر مربع تقع في منطقة الطبّالة خلف دير مار بولس ودير مار إلياس وبإمكان الزائر التأكد  مما جاء بهذا الخصوص في هذا المقال.

الشفافية

 كتب الكثير عن غياب الشفافية في هذه المؤسسة وكاتب هذه السطور له باع طويل في هذا المجال. عندما تقوم أي مؤوسسة بجباية المال عليها ان تظهر للذين يدفعون أين يذهب هذا المال وكيف يصرف مهما كانت النيات صافية. النية الصافية ليست كافية. الدليل والكشف والشفافية هي التي تشفع في عالم اليوم. ولا يجوز أن تكون دفاتر الحسابات حكرا على شخص او مجموعة. دفاتر الحسابات في أي مؤسسة تحترم نفسها تكون مشاعة لكل الأعضاء وتوضع خلاصتها وتبويبها وتفاصيلها في لوحات إعلانات بارزة وفي عصرنا التكنولوجي هذا على صفحات الإنترنت. كل الذين تحدثت إليهم لا علم لهم أين تذهب وكيف تصرف  الجبايات التي تستحصل من المؤمنين عن الدفن والمراسيم الأخرى التي يحتاجونها. أنا لا أقول أنها تهدر ولكن عدم بيانها وإظهارها على الملأ وغياب الشفافية يجعلها موضع شك.

دور اللاجئين

رغم أن أعداد الكلدان العراقيين تفوق بكثير عدد الكلدان السوريين فإنه لا يوجد كلداني عراقي واحد في مجلس الخورنة في دمشق. صحيح ان العراقيين لاجئون ولكن يبدو لكثير منهم أن إقامتهم في سوريا ستطول او ربما ستكون سوريا محطتهم الأخيرة. وهؤلاء كونهم أبناء كنيسة واحدة هي كنيسة المشرق الكلدانية من حقهم الإنضمام إلى مجالس الخورنات.

الموقف من تراث ولغة وليتورجيا الخاصة بكنيسة المشرق الكلدانية

هناك بين الاجئين عدد لا بأس به من الشمامسة الذين قدموا من العراق. وفي دمشق لهم دور مشهود ومشكور حيث يحاولون تأدية الصلوات باللغة الأم، السريانية. إلا أنني لا حظت ان هناك تحول خطير صوب التعريب. كلدان سوريا قد تعربوا منذ فترة والمؤوسسة الكنسية ،حسب علمي، لا تعير أية أهمية للغة والطقس الكنسي وتفضل العربية على اللغة الأم.

هذه أفة نعاني منها نحن الكلدان وقد كتبت عن ذلك كثيرا منتقدا رجال ديننا وتشبثهم باللغة العربية وإهمالهم للغتنا القومية.


 


213
هوشيار الزيباري والمساومة في قضية اللاجئين العراقيين
ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

الشفافية والمحاسبة أمران مترابطان ودونهما لا يمكن لبلد او مجتمع او مؤسسة أن تدعي الديمقراطية او تدعي أنها تحترم إرادة الذين تمثلهم. ومن هذا المنطلق تحولت قضية اللاجئين العراقيين في السويد إلى قضية سياسية بعد ظهور تقرير في هذا الشأن على موقع ويكيليكس.

ما ورد في هذا الموقع يخص أفرادا غير سويديين، أي ليسوا مواطنين من البلد نفسه. فكيف تحول أمرهم إلى قضية سياسية قد تطيح بوزيري الخارجية والهجرة، كارل بيلد وتوبياس بيلستروم.

ماذا فعلاه من ذنب كي تلحق فيهم فضيحة سياسية بهذا الحجم؟ الذي ينظر إليهما من خلال شاشة التلفزيون اليوم يراهما قلقين، وجوههما يعلوها الإحمرار وهما يهربان من أسئلة الصحفيين.

جريمتهما أنهما ساوما وتاجرا باللاجئين العراقيين مع وزير خارجية العراق هوشيار الزيباري وأتفقا معه سرا على إعادة اللاجئين العراقيين ممن رفضت طلباتهم قسرا إلى العراق مقابل موافقتهما على إعادة فتح السفارة السويدية في بغداد وفتح قنصلية سويدية في أربيل.

لا يمض يوم واحد دون أن يستجد شيء حول هذه القضية في السويد. وهناك من المؤسسات من تريد مقاضاة الوزيرين. وعلى أثره صارت مسألة اللاجئين العراقيين واحدة من القضايا الملحة وقد يكون لها أبعاد سياسية كبيرة في هذا البلد.

المشكلة هي أنه لا يحق لأي مسؤول سويدي مهما علا شأنه ومقامه أن يتفاوض بسرية على مسائل إنسانية ويعقد إتفاق مع جانب أخر تكون له مردودات سلبية على حقوق اللإنسان. والإنسان هنا ليس مواطنا سويديا، بل عراقي الجنسية، هرب من الجحيم الذي كانت حكومته سببا في خلقه.

كيف يجرؤ وزير عراقي على المساومة والمتاجرة بأبناء وطنه من الهاربين من جحيم الوضع في العراق مقابل إعادة فتح سفارة في بغداد وقنصلية في أربيل؟ لقد تاجرت وساومت وزارة الخارجية العراقية في عهد وزيرها العتيد هوشيار الزيباري على منح وإصدار الجوازات والتعينات وأمور كثيرة أخرى ولكن لم يدر بخلدنا أن هذه الوزارة العتيدة سيصل الأمر بها إلى المساومة والمتاجرة بالعراقيين.

هذه المساومة السرية والتي أنكرتها وزارة الخارجية مرارا شجعت الحكومة السويدية على رفض طلبات العراقيين الخاصة باللجوء وإلى قيام شرطتها بأعمال لم يكن أحد يتصورها في السابق مثل جرّ إمراءة مع أطفالها من المستشفى ورميهم في السجن ومن ثم إلى الطائرة ومنها وإلى بغداد. هذا ما حدث بالضبط في مدينتنا.

ما هو السر وراء هذه المساومة؟ وهل ستشكل لجنة للتحقيق مع الوزير لمعرفة أسبابها وكنهها؟ وقد تكون هناك مساومات ومساومات على حساب شعبنا العراقي المسكين المضطهد.

ولكن الكارثة هي عندما يظهر أسياد هوشيار الزيباري في كردستان العراق ويدعون أنهم يرفضون إستقبال اللاجئين المرحلين قسرا في مطاراتهم. ولكنهم يغضون النظر عن وزيرهم – لا بل نسيبهم – إن قبلهم في مطار بغداد ومن هناك إلى كردستان العراق.

ما هو سر هذا الوزير الذي تربع على عرش هذه الوزارة منذ اول حكومة عراقية شكلت بعد الغزو؟ ولماذا لا يستطيع أحد إزاحته وإلى متى سيبقى على هذا الكرسي رغم كل هذه الإخطاء؟

إنها العشائرية والنسابة والمحسوبية التي تحكم العراق اليوم من شماله إلى جنوبه.

ندعو الله أن يتغمد شهيد صحافتنا العراقية، الصحفي العراقي الكردي سردشت عثمان، ويسكنه فسيح جناته، الذي قتله المجرمون في أربيل ورموا جثمانه المقدس في أطراف الموصل، لأنه رأى في الحلم أنه صهر لحاكم كردستان أي أنه أصبح في الخيال قريبا من هوشيار الزيباري.
 
لو كان حلم  سردشت حقيقة لكانوا إستوزروه وأغدقوا عليه وحافظوا عليه مثل بؤبؤ العين وغضوا النظر عن كل سقطاته.



214
السيد جورج أوراها ... ما فعلته كنيسة مار توما الرسول مدان بكل المقاييس

أخي جورج أوراها

ليس في مستطاعي التعليق على كل شيء يرد عن ما أكتبه ورغم عدم علاقة ما تذكره بما كتبته ولكنني أقول إن ما فعلته كنيسة مار توما الرسول المشرقية الأشورية مدان بكل المقاييس.

حفل من هذا النوع ودم شهدائنا الأبرار في كنيسة النجاة لم يجف بعد أمر غير مقبول على الإطلاق.

وإنني من هذا الموقع أذكر القائمين على هذه الكنيسة أنهم زاغوا عن واجباتهم الدينية والدنيوية بإقامتهم حفل كهذا.

كنيستنا المشرقية بفروعها وأسمائها المختلفة الوحيدة في العالم المسيحي الذي يبلغ تعداده أكثر من ثلاثة مليارات بشر لها صلاة خاصة كل يوم – عدا يوم السبت – لذكرى شهداء كنيستنا الأبرار. وهذه الصلاة ملزمة طيلة السنة الطقسية عدا أيام الصوم الكبير حيث نعد أنفسنا لشهادة أكبر والموت على الصليب الذي من أجله قتل أجدادنا بمئات ومئات الالاف ويقتلون اليوم.

وأذكر القائمين على هذه الكنيسة بسوركاذا دسهذي (تاريخ الشهداء) وهو مجلد بسبعة أجزاء يحتوي على قصص شهدائنا وكان موقعه لدى أبناء شعبنا من الناطقين بالسريانية (الكلدان الأشوريين السريان) موقعا لا يعلو عليه إلا الكتاب المقدس والحوذرا. كان الأولى بهذه الكنيسة أن تقرأ فصولا من هذا الكتاب على أبنائها وتذكرهم بشهدائنا في السنين الأخيرة.

نعم أنا وسطي وأقف على مسافة واحدة فكرا وممارسة من الأسماء والكنائس والمذاهب الخاصة بشعبنا.

ليون برخو

215
السيد جورج أوراها ... ما فعلته كنيسة مار توما الرسول مدان بكل المقاييس

أخي جورج أوراها

ليس في مستطاعي التعليق على كل شيء يرد عن ما أكتبه ورغم عدم علاقة ما تذكره بما كتبته ولكنني أقول إن ما فعلته كنيسة مار توما الرسول المشرقية الأشورية مدان بكل المقاييس.

حفل من هذا النوع ودم شهدائنا الأبرار في كنيسة النجاة لم يجف بعد أمر غير مقبول على الإطلاق.

وإنني من هذا الموقع أذكر القائمين على هذه الكنيسة أنهم زاغوا عن واجباتهم الدينية والدنيوية بإقامتهم حفل كهذا.

كنيستنا المشرقية بفروعها وأسمائها المختلفة الوحيدة في العالم المسيحي الذي يبلغ تعداده أكثر من ثلاثة مليارات بشر لها صلاة خاصة كل يوم – عدا يوم السبت – لذكرى شهداء كنيستنا الأبرار. وهذه الصلاة ملزمة طيلة السنة الطقسية عدا أيام الصوم الكبير حيث نعد أنفسنا لشهادة أكبر والموت على الصليب الذي من أجله قتل أجدادنا بمئات ومئات الالاف ويقتلون اليوم.

وأذكر القائمين على هذه الكنيسة بسوركاذا دسهذي (تاريخ الشهداء) وهو مجلد بسبعة أجزاء يحتوي على قصص شهدائنا وكان موقعه لدى أبناء شعبنا من الناطقين بالسريانية (الكلدان الأشوريين السريان) موقعا لا يعلو عليه إلا الكتاب المقدس والحوذرا. كان الأولى بهذه الكنيسة أن تقرأ فصولا من هذا الكتاب على أبنائها وتذكرهم بشهدائنا في السنين الأخيرة.

نعم أنا وسطي وأقف على مسافة واحدة فكرا وممارسة من الأسماء والكنائس والمذاهب الخاصة بشعبنا.

ليون برخو

216
.

العزيز بطرس أدم ... أعتقد أنك إبتعدت عن الصواب هذه المرة

الأستاذ بطرس أدم من زملائي الكتاب الكلدان من الذين أقرأهم بإستمرار. واكثر من مرة إقتبست منهم في كتاباتي. وردوده على مقالاتي تتسم بالهدوء والبعد عن المباشرة والشخصنة، وهاتان سمتان يجب علينا جميعا التحلي بهما، رغم معارضتهما لرغباتنا كبشر.

ورده الأخير (وهو الثالث) لا يبتعد عن هذه الخانة إلا في بعده وعدم علاقته بصلب الموضوع الذي كتبته. وأنا أرد هنا إحتراما للكاتب لأن ما يصدر من كاتب مثله يهمني وإلا لما قمت بذلك.

لمذا إبتعد هذا الرد عن الصواب هذه المرة؟

أولا، أنا أنتقد في مقالي (رابط 1) الإنقساميين من الطرفين إلا أن الأستاذ بطرس يتصور أنني أعني الكلدان منهم فقط. وهذا ليس صحيح.

ثانيا، التهمة في محلها بالنسبة إلى الطرفين. الطرفان بودهم تشتيت البوتقة التي إنصهرنا فيها ضمن تراث حضاري ولغوي وأدبي وتاريخي يمتد دون إنقطاع لأكثر من ألفي سنة وذلك بالقفز على كل هذا التراث والتعلق والتشبث بأمم أكل الدهر عليها وشرب ونحن عن لغتها وأدبها وتاريخها بعيدون بعدنا عن العرب والعبرانيين.

ثالثا، يقفز الأستاذ بطرس إلى العهد القديم ولا أود قول رأي الأكاديمي والعلمي في هذا الكتاب. إن قلته لأنهالت علي الإتهامات بالكفر لأن الكثيرين لا يزالون يتصورون أن هذا الكتاب الذي الفه أحبار اليهود نص مقدس. وأنا كأكاديمي ارفع قناع القدسية عنه عند دراسته شأنه شأن أي نص أخر. هذا كتاب دين وليس كتاب تاريخ. كتاب ثقافة ولغة وتراث وحضارة العبرانيين وليس غيرهم. ونحن كجامعيين لا نعده مصدرا أساسيا على الإطلاق. قد يكون كذلك عند اللاهوتيين المسيحيين.

رابعا، إن كنا نحن الكلدان أصبحنا قومية عالمية، ونتحدث ونحب لغات الدنيا كلها ونحارب لغتنا السريانية، فما لنا والقومية؟ بمعنى أخر أصبح شأننا شأن المارونيين الذين غادروا تراثهم ولغتهم وأدبهم السرياني وتبنوا العروبة لغة وحضارة وقومية وقادوا النهضة القومية العربية في العصر الحديث. هل نستطيع أن نقول أنهم سريان؟ كلا. أصبح شأنهم شأننا، لا يعرفون أسماء شعرائنا السريان لأنهم يقرأون البحتري والمتني والذبياني ويستشهدون ويفتخرون بالتراث والادب العربي وهكذا صاروا اليوم لولب العروبة ودونهم لما إستطاع العرب إحياء تراثهم بالسرعة المذهلة هذه. نحن الكلدان في إزدواجية مقيتة. من جانب نحن مثل المارونيين نحب اللغة العربية وقد عربنا أنفسنا ولساننا وتراثنا ولغتنا لدرجة أن أي مدعي للقومية الكلدانية قد لا يحفظ اليوم بيت شعري واحد لشاعر من شعرائنا السريان (سمهم كلدان هذا لا يغير في الأمر شيئا). الفرق الكبير  هو أن المارونيين لا يدعون أنهم أحفاد الفينيقيين ولا يتشبثون بالرموز الفينيقية. تعربوا وهم فخورون بعروبتهم وقصائدهم والحانهم وأدبهم ونثرهم الذي يدرسه العرب ويرددونه من المحيط إلى الخليج. هم لا يعيشون الإزدواجية التي نعيشها نحن. نحن تعربنا او تاكردنا أو تأكلزنا (من الإنكليزية) ومع ذلك يظهر نفر بيننا يتشبث بقوم لا نتكلم لغتهم ولا نحفظ شعرهم ولا نعرف شيء عن تراثهم اللهم ما قرأه عنهم في العهد القديم وفي المدرسة.

رابعا، لا أعلم من أين إستقى الأستاذ بطرس معلوماته عن الإنقسامية وربطها بالفلسطينيين. الإنقسامية مفهوم علمي أكاديمي نسميه "البراديكم الإنقسامي" ونستخدمه في العلوم الإجتماعية للدلالة عل خلفية الباحث الإيديولوجية. ومن هذا المنطلق إستخدمته لتعريف الشخص الإنقسامي بين صفوفنا.

خامسا، الإنقسامي يخفي مذهبه الإيديولوجي أي لا يقول ما يريد الناس أن تعرفه عنه ولا ما يريده هو أن تعرف الناس عنه. فهو يتصور أنه على صواب دائما لكن مصيبته لا يدري ولا يقبل أن يتعلم. ولهذا يخشى أي إستبيان علمي أكاديمي وأكثر ما يخشاه هو علماء من أمثال علماء جامعة أكسفورد. أمام العلم والمنطق ينهزم الإنقسامي إلى المؤسسة الكنيسة والعهد القديم او الإنجيل ويخترع أمورا غير منطقية مثل إضفاء صفة العالمية على الكلدان (كل العراقيين كلدان من زاخوا إلى فاو وأرض العراق هي أرض الكلدان). نعم، يا أستاذ بطرس شخص كهذا "لا يدري ولكنه يفكر ويكتب ويتصرف وكأنه يدري). وأسمح لي القول أن مقارنتك لنا نحن الكلدان بما ورد في الإنجيل ونزول روح القدس على التلاميذ كي يتكلموا لغات مختلفة من أجل التبشير برسالة المسيح يقع ضمن خانة التعريف أيضا. أي، أنا ليون برخو الكلداني يجب علي أن أتكلم أي لغة وأفضلها على لغتي القومية وتراثها تشبثا بالرسل. لماذا لا نتحول جميعا إلى رهبان وراهبات وقسس وأساقفة ...

وأخيرا، كنت أتمنى أن يبتعد الأستاذ بطرس عن الشخصنة. ربما أنا واحد من ألأساتذة الجامعين القلائل من الذين يرفضون وضع القابهم العلمية (الأستاذ الدكتور) قبل أسمائهم. وإن ذكرت درجتي العلمية ونادرا ما أفعل ذلك، فإني أسبقها بكلمة شماس. وإن قلت أنني عالم وأكاديمي فأنا لم أدع ما أنا لست فيه. وكلمة عالم التي وردت في المقال مرة واحدة بإمكاني حذفها وهذا لا يغير في محتوى المقال شيء. وإن كانت كتبي ومقالتي تدرس في الجامعات وتتبوأ الصدارة في المبيعات في أمريكا وأوروبا، فهذه حقيقة. كلامك ينطبق على الذي يدعي ما هو ليس له. وأنا لم أدع ذلك. أنظر الرابط أدناه وكيف أن واحد من كتبي يتربع على صدارة المبيعات في حقله في أوروبا رغم صدوره في أمريكا. لا اعتقد أن الإنقسامي سيسره ذلك وأن لا أرغب بسروره أيضا:

http://www.adlibris.com/se/content.aspx?type=cat&typeid=2&format=Pocket&value=7457

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj.se


رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,471689.0.html

217
الأنقسامييون – من الكلدان والأشوريين – في مواجهة علماء جامعة أكسفورد

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

leon.barkho@ihh.hj.se

توقفت كثيرا لدى قرأتي الخبر المنشور على واجهة موقع عنكاوةكوم (رابط 1) المترجم عن الصحيفة العالمية الشهيرة الغارديان (عالمية لأنها مقروءة في أمريكا أكثر بكثير من موطنها الأصلي في بريطانيا).

وتمعنت طويلا باللوح المرفق مع الصورة والكلمات السريانية (الأرامية) المنقوشة عليه. وعندها تذكرت الإنقساميين بين صفوفنا من الذين لا يكلون عن الكتابة بلغة غير لغتهم القومية مدعين فيها إلتزامهم العقائدي والقومي بكلدانيتهم او أشوريتهم وهم عن جوهر ولب ثقافتهم ولغتهم وتراثهم وأدبهم وشعرهم وتاريخهم غافلون او ربما مغفلون.

ولأن الكثير من القراء يرى أنني من إخترع تسمية "الإنقسامي او الإنقساميين" لوصف قلة من ابناء شعبنا الواحد يجب علي كأكاديمي أن أقدم تعريفا لها. في في عالم العلم والمنطق من الصعوبة بمكان مناقشة ظاهرة دون تحديد تعريف لها. وهاكم مفهوم الإنقسامي او تعريفه ضمن نطاق شعبنا الكلداني الأشوري السرياني:

"الإنقسامي هو الشخص الذي لا يدري ولكنه يفكر ويكتب ويتصرف وكأنه يدري".

وكل شخص ينطبق عليه هذا التعريف يصبح خطرا على المجتمع الذي ينتسب إليه. وخطر أمثال هؤلاء في صفوف شعب على شفا الإنقراض كشعبنا الكلدني الأشوري السرياني قد يتجاوز خطر الإرهاب والإضطهاد الذي نتعرض له الأن.

لماذا؟ لأن الإنقسامي يتصور أنه يدري فيضع نفسه لا بل جهله فوق العلماء في جامعة أكسفورد ومموليهم من المتبرعين الأجانب الذين يهمهم أن لا تضيع لغتنا السريانية – الوريثة الشرعية لإسمها الذي إشتهرت به وصارت قبلة العالم لأكثر من عشرة قرون الا وهو الأرامية.

أنظر إلى الإنقساميين وجهلهم وعدم درايتهم في مسألة اللغة وكيف أنهم يطلقون على لغتنا جزافا الكلدانية او الأشورية او الأشورية-السريانية وجلهم لا يستطيع كتابة إسمه بحروفها المقدسة – مقدسة لأن المسيح نطق بها وأبلغ رسالته السماوية بأصوات حروفها.

أنا لا أقول أنني كعالم وأكاديمي أستطيع فحم الإنقساميين. هذا جهد فوق طاقاتي. لماذا؟ لأن الإنقسامي والعلم لا يلتقيان. لأن الإنقسامي دائما يتصور ويكتب ويتصرف وكأنه هو العالم وعلمه ومعرفته فوق ما لدى علماء جامعة أكسفورد من علم ومعرفة.
 
وإن لم يكن الإنقسامي يتصور أن معرفته ودرايته تفوق تلك التي لدى علماء جامعة أكسفورد  (وبالمناسبة فإن جامعة أكسفورد واحدة من أرقى جامعات الدنيا) لوضع قلمه الإنقسامي جانبا وأعترف أننا – رغم الأسماء المختلفة – نشترك في لغة واحدة إسمها السريانية وإن هذه الشراكة نابعة مما خلفته واحتوته هذه اللغة الجميلة من علوم وألحان وموسيقى وأدب وشعر ونثر وأساطير وميامير تفوق ما لدى أي لغة أخرى في العالم.
 
 هذا التراث الكتابي الهائل من نقوش على الصخر والحجر وكتابات على جلد الغزال وملايين المخطوطات التي هي ملكنا جميع كلدانا أشوريين سريان لا يعترف الأنقساميبون بها رغم أن علماء جامعة أكسفورد والغرباء من الأجانب يتهافتون على دراستها.

والأنكى من هذا، فإن الإنقسامي الكلداني او الأشوري يشمئز من هذه اللغة ويحارب المدارس التي تدرسها ويتزلف للمؤسسة الكنسية التي يرمي الكثير من كهنتها لا بل أساقفتها كتب الصلاة المكتوبة بها في سلة المهملات.

والإنقسامي، لأنه لا يعلم، يلجأ إلى أساليب غير علمية لا يقبلها أي عاقل، لتثبيت إنقساميته. وهذا ما فعله الإنقسامييون من بني قومي من الكلدان عندما علموا أن الشاعر والملحن السرياني الكبير مار ماروثا الميافرقيني قد ذكر كلمة "الكلدان" مرة واحدة في أحد أشعاره التي ترد في كتاب الحوذرا، كتاب الصلاة المشترك.

كتاب الحوذرا فيه الاف الصفحات وملايين الكلمات وهو تراث لا نظير له في العالم الكنسي والمسيحي البالغ تعداده اليوم أكثر من ثلاثة مليار بشر. وكتاب الحوذرا مكتوب بالسريانية وليس الكلدانية او الأشورية. بعد أن تركه معظم الكهنة الكلدان وأغلب أساقفتهم وأستبدلوه باللغة العربية – او ربما الكردية الأن – يهرع علية الإنقسامييون ليس لأحيائه بل للبرهنة على إنقساميتهم.

وكان ما كان من نقاش بيزنطي حول ورود كلمة "الكلدان" مرة واحدة في هذا الكتاب العظيم وتبين للغويين ومحللين من أمثالي أنها وردت في سياق لغوي وثقافي وإجتماعي ودلالي لا علاقة له بالمفهوم الإنقسامي لدى هؤلاء.

 وينسى الإنقسامييون أن مجرد ذكر كلمة "الحوذرا" معناه أننا شعب واحد. لأن هذا الكتاب نشترك فيه جميعا. ولهذا ترى أنك لو سألت أي إنقسامي أن يذكر لك إسم من أسماء شعرائنا وكتابنا ومترجمينا لفشل في ذلك أغلب اظن. وإن سألته عن تاريخنا الكتابي الذي يمتد لأكثر من ألفي سنة لقفز الإنقسامي إلى أنكيدو واكيتو ونركال ونبوخذنصر وأشور بانبيال وبابل ونينوى.
 
أي شعب في الدنيا يقفز فوق تراث كتابي يمتد دون إنقطاع لأكثر من ألفي سنة غيرنا نحن؟ ومن أدخل هذه الفرية في عقولنا غير الإنقساميين؟

فبدلا من هذا السيل الهائل من الكتابات التي لا تسمن ولا تغني ألم يكن الأجدر بكم أيها الإنقسامييون أن تصرفوا وقتكم في تعلم لغتكم وتنوير أنفسكم عن تراثكم وشعركم وثقافتكم؟ اللغة التي يتم تدريسها في جامعة أكسفورد قريبة من لهجة ألقوش وبغديدا وهي ذاتها تقريبا التي نقرأها في بعض الكنائس. ماذا قدمتم لمحو أثر التعريب بين صفوفنا بينما كل الفئات العراقية الأخرى من تركمان وأكراد رغم قساوة الظروف أزالوا كل أثر للتعريب بين صفوفهم.

بالطبع لن يرضى عني الإنقساميون وقد ينهالوا علي بسيل من المقالات. أمنحهم كل الحق في ذلك. ولكن لدي طلب بسيط وهو أن يعودوا إلى الإستبيان الأكاديمي الذي كنت قد وضعته (رابط 2) ويضعوا إشارة صح او خطأ على كل نقطة من النقاط العشرة فيه. إنني على يقين أن أغلبهم سيفشل في هذا الأستبيان البسيط. والذي يفشل فيه لا يحق له الإدعاء أنه يحب قوميته كلدانيا كان او أشوريا. وإن أدعى فإنه يكذب لأنه "لا يدري ويفكر ويكتب ويتصرف وكأنه يدري".



رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,470857.msg5005775.html#msg5005775
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=401532.0



218
كاريتاس السويد تتبرع بمبلغ 200,000 كرون سويدي لمشروع الأب الشهيد رغيد كني في أربيل

تبرعت جمعية كاريتاس بمبلغ  200,000 كرون سويدي وذلك للمساهمة في تغطية مصاريف المشروع الخيري في أربيل والذي يحمل إسم الأب الشهيد رغيد كني.

والمشروع تديره كنيسة القديس قرداغ، وهي إحدى كنائس كنيسة المشرق الكلدانية في محافظة أربيل بإشراف الكاهن ريان عطو.

وتمثل هذه المساهمة الثانية من نوعها في أقل من سنتين من قبل جمعية كاريتاس في السويد. المساهمة الكبيرة الأخرى كانت بتبرعها بمبلغ 120,00 كرون سويدي لبيت الأيتام في دير السيدة التابع للرهبنة الهرمزدية الكلدانية.

ومشروع الأب الشهيد رغيد كني واحد من المشاريع الخيرية الكبيرة حيث يعمل فيه 15 طبيبا من مختلف الإختصاصات بصورة طوعية ويقدم خدماته المجانية لضعيفي الحال والفقراء لا سيما المرضى والمعوزين من اللاجئين.

وسيصرف المبلغ على مدى سنتين لا سيما لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية.

ورغم كون كاريتاس مؤسسة خيرية تابعة للكنيسة الكاثوليكية، إلا أنها لا تحصر خدماتها لمذهب او حتى دين معين. وتضم في عضويتها ومجالسها أفرادا من مذاهب وأديان أخرى.

ومؤخرا قامت كاريتاس بحملة عالمية لجمع التبرعات لضحايا الفيضانات العارمة التي إجتاحت باكستان ولها هناك حضور مكثف مع باقي الجمعيات الخيرية العالمية.

كنيسة المشرق الكلدانية وكاريتاس

ويحزننا القول ان كنيسة المشرق الكلدانية لا دور أساسي لها في الشؤوون الخيرية ولازالت هذه الكنيسة العظيمة تفتقد جمعية خيرية خاصة بها.

وحسب علمي فإن دورنا نحن الكلدان في السويد او اماكن أخرى في المهجر دور هامشي في القضايا الخيرية. وبذل قليل من الجهد المنظم ومسك الدفاتر بشفافية كان يمكننا القيام بدور يفوق ما تقوم به الكاريتاس في العراق.

وحسب جارلس كمارا، منسق المعونات الدولية في كاريتاس السويد، فإن الكلدان بحاجة إلى التعبير عن إيمانهم من خلال المسائل الخيرية وذلك "بالقيام بالمشاريع الخيرية بأنفسهم" دون الإعتماد على الأخرين.

فكنائسنا، شأنها شأن الكنائس الكاثوليكية الأخرى، عليها تخصيص صينية واحدة في الشهر على الأقل للأمور الخيرية وإقامة مناسبات يخصص ريعها للمشاريع الخيرية.

وكوني عضو مجلس إدارة كاريتاس في السويد، قدمت إقتراحا لتشكيل فرع خاص بنا نحن الكلدان نسميه "كاريتاس الكلدانية". وقد حصلت الموافقة عليه وأمل ان يحصل الدعم الكافي من الكهنة والشمامسة واللجان الكنسية كي ننهض بأنفسنا وكنيستنا.

وليكن فرع "كاريتاس الكلدانية" في السويد رائدا ونموذجا تتبعه كنائس المشرق الكلدانية في اوروبا وأمريكا وأستراليا وباقي أنحاء العالم لتقديم الدعم لشعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة.

وبذلك نكون فد طبقنا واحدا من الأركان الأساسية في مسيحيتنا الا وهو الإحسان.


ليون برخو
عضو مجلس إدارة كاريتاس
يونشوبنك- السويد
leonbarkho@ihh.hj.se


219
رد على موضوع: "نعم كنيستي الكاثوليكية الكلدانية في السويد بسبات ورجال الدين موظفيين عاديين"

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se


أثار المقال المنشور على واجهة موقع عنكاواكوم (رابط 2)  بعض الشك لدى عدد من أحبة لي لا سيما إخوتي الشمامسة وأعضاء الجوق والأخوية. ولكي أضعهم في الصورة لأنني تهمني أراؤهم ولأنني سهرت في تدريسهم وتعليمهم ودعمهم المستمر بكافة الأشكال وجب على الرد. الشهادة التي حصلنا عليها مؤخرا من المطران جاك إسحق (رابط  4) نائب البطريرك كون كنيستنا الصغيرة في مدينة يونشوبنك  أفضل كنيسة كلدانية في العراق والعالم تنظيما وتمسكا بتراث ولغة وليتورجيا وموسيقى كنيسة المشرق الكلدانية شهادة أعتز بها أكثر من شهادة الدكتوراة التي أحملها.

وفي هذا المقال أيضا أدعوا الكتاب والمثقفين من أبناء شعبنا مرة أخرى (رابط 1) إلى قراءة عمودي الصحفي الأسبوعي في جريدة الإقتصادية بإستمرار. والأفكار مهما كانت جميلة ومنسقة ويعتبرها صاحبها كبيرة تبقى حبيسة خطوطها الكتابية إن لم تنتقد وتمتحن. والفكر الذي يبقى ضمن إطاره النظري قد يعلوه الصدأ. حياة الفكر تنبع من تطبيقه على أرض الواقع. من خلال الممارسة فقط نستطيع الحكم إن كان الفكر او الدين او المذهب صالحا أم طالحا.

ومن هذا المنطلق وقبل أن أبدا مناقشة ما إقتبسه السيد حكمت ججو (رابط 2) من هذه السلسة كي يعبر عن وجهة نظره ويدعو صراحة "كنيسته الكلدانية الكاثوليكية في السويد" إلى إتخذ إجراء عقابي بحق أحد شمامستها أسترعي إنتباه القراء الكرام إلى أن الكنيسة أصدرت حكمها على كتاباتي (رابط 5) والذي سأتي إليه بعد  قليل. مع ذلك أشكر السيد حكمت شكرا جزيلا وأنا منتن له لإثارته هذا الموضوع على واجهة عنكاوا.كوم. ولكن ليسمح لي القول أنني أشك إن كانت غايته الأساسية الدفاع عن الكنيسة وأمل أن لا تكون ورأها أغراض شخصية. مع هذا وذاك أشكره مرة أخرى على إثارته للموضوع في الإعلام وعلى واجهة موقع أنا شخصيا أكن له إحتراما كبيرا.

الشكاوي والكنيسة

قدمت شكاوي رسمية بخصوص ما  أطرحه  في عمودي  الأسبوعي في الإقتصادية إلى رئاسة الكنيسة الكاثوليكة التي أنتمي إليها بوقت طويل قبل أن يكتب السيد حكمت مقاله.  والشكاوي هذه أتت فقط من نفر من الكلدان الكاثوليك.  والمرء يحق له ان يتسأل لماذا أبناء هذه الطائفة بالذات بينما هناك 25 طائفة مسيحية أخرى تتحدث العربية في الشرق العربي؟ أشقاؤنا الأقباط ينقلون كثيرا من مقالاتي في الإقتصادية وينشرونها في مواقعهم ويعلقون عليها دون إصدار أحكام مسبقة.

وبعد أن إتصلت الكنيسة الكاثوليكية بي أظهرت موقفي بجلاء وجاء الرد أدناه (رابط 5 ). لن أترجمه كي لا يفسر أنني أتخذه صك براءة. لأنني لست متهم. أنا متهم فقط حسب رأي مقدمي الشكاوي وربما حسب رأي السيد حكمت.

أتجنب ترجمته ليس لأنني سعيد بهذا الموقف. أريد البرهنة أنني لم  ولن أكترث من ناحية مواقفي الفكرية والفلسفية بالإملاءات. ولكي أكون واضحا أقول إنني لما غيرت موقفي ولما أركنت قلمي جانبا لو كان الجواب سلبيا. لن امنح الحق لأي رجل دين مهما علا شأنه ومقامه ولأي مؤسسة دينية أن تحدد او تحجم أفكاري وكتاباتي. ولن أقبل أن يرسم لي أي رجل دين الطريق إلى السماء. حراسة باب الطريق إلى السماء ومفتاحه خسره رجال الدين منذ زمن طويل. نحن وهم سوية يجب أن نبحث عنه من خلال أعمالنا الصالحة وليس درجاتنا الشماسية اوالكهنوتية. ونحن وهم يجب علينا العودة إلى إكتشاف إنجيلنا. ولى زمن صكوك الغفران وبيع الصلوات والأراضي في الجنة. الحكم هو الإنجيل بيني وبين الله. والباقون من كانوا بشر أنا وهم سواسية امام الله.
  
الإقتباسات

لنأت الأن إلى الإقتباسات التي إستند إليها السيد حكمت قبل تحليل إستنتاجاته لأن الإستنتاجات التي توصل إليها مبنية على إقتباساته. ولا بد أن تكون هذه الإقتباسات من وجهة نظره أكثر الإقتباسات خطورة. وهو ينقلها، كما يبدو، من وجهة شخص حريص على مذهبه الكنسي ويرى فيها خطورة عليه. ولنناقش بإختصار شديد ما إقتبسه:

من منا نحن المسيحيين العراقيين لم يؤثر الإسلام والقرأن فيهم. كنا 2% فقط من السكان. وكنا نقرأ ملزمين في المدارس تاريخ الإسلام وظهوره وقرأنه وحروبه وتوسعاته ونحفظها على ظهر القلب كي ننجح في الإمتحان. العلم يقول والتجربة تؤكد أن البيئة واللغة تؤثران على البشر فكيف إن إنخرط  البشر في التعليم والمدارس؟

كل كاتب يجب أن يراعي من يخاطبهم. وعندما أقول أن " القرأن حصتنا في هذه الأرض ... وكل واحد منا يملك القرأن برمته" أنتقد كل دين او مذهب يعتقد أن كتابه هو الحقيقة المطلقة، بمعنى اخر لا يجوز للمسلم والمسيحي والكاثوليكي ولا يجوز للداعية او رجل دين مهما علا شأنه او مقامه ان يقول ان االله (اي الطريق الصحيح، الطريق والمفتاح إلى الجنة" هو ملكه. الله بالنسبة للمسلم هو القرأن وبالنسبة للمسيحي هو الإنجيل ولإثنان يعتقدان أنهما يملكان مفاتيح الجنة. وهنا الخطأ لا بل الطامة الكبرى. كم من مأسي مرت بها البشرية وتمر بها اليوم، وكم من الملايين من البشر أحرقوا وهم أحياء أو أعدموا أو قتلوا في الحروب المذهبية والدينية والتي لا زالت قائمة بسبب مفتاح الجنة الذي لا يملكه أي واحد منا. مفتاح الجنة هو اعمالنا الصالحة وقد وضحت ذلك في المقال السابق (رابط 1).

أما كونك لا ترى شيئا إيجابيا في القرأن فهذا شأنك. أما أنا أرى أمورا إيجابية كثيرة في القرأن وأمورا غير إيجابية كثيرة لدى أتباعه شأنهم شأن المسيحيين. وكوني مسيحي لا يجوز ا ن أقول ان المسيحية خالية من الشوائب أو أن شوائب الإسلام أكثر من المسيحية.  الممارسة تقرر.

أماعن حوارية القرأن، فهذا شأن أشجع عليه وأدعوا إخوتي وإخواني المسلمين أن يتحاورا بين بعضهم البعض اولا وبينهم وبين الأخرين ثانيا "بالتي هي أحسن" ويمنحوا المجال للجانب الأخر وأن يتمثلوا بحوارية كتابهم حيث أن الكثير من نصوصه تبدأوا بقال وقالوا."قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا" واليوم أدعوهم ومن خلال كتابهم إلى "كلمة سواء بيننا."

مغالطات

وتقع يا سيد حكمت في مغالطات تاريخية خطيرة لذا وجب التصحيح. أنت لا تقرأ السريانية وتتدخل في مسألة لغوية وثقافية وتاريخية  غاية في الأهمية لمسار علاقات الأديان والمذاهب في الشرق. نعم أنقذ العرب المسلمون أجدادنا السريان (اي كلدان اشور سريان اليوم) إن في العراق او في سوريا من طغيان مضطهديهم الذين كانوا يسومونهم سوء العذاب والقتل والتشريد. في سوريا أنقذوهم من بطش إخوتهم في الدين البيزنطيين المسيحيين بسب إختلافهم المذهبي. وفي العراق أنقذوهم من إضطهاد لم يتعرض أي شعب له في التاريخ على أيدي الفرس. ولهذا أطلق أجدادنا على عمر بن خطاب لقب "باروقا" (فاروق) اي المنقذ او المخلص. والكلمة سريانية وليست عربية. ونهضت الكنيسة بعد الفتح (سمه غزو هذا لا يغير في الأمر شيئا) العربي والإسلامي درجة أن هارون الرشيد بعظمته حضر حفل (قداس) تنصيب احد جثاليقتنا (بطاركتنا). وفي العهد العربي العباسي كنا غالبية السكان في العراق وسوريا وتوسعت كنيستنا (بفرعيها الشرقي والغربي) وصار أتباعها بالملايين وامتدت سلطتها إلى الصين والهند. ولم يبدأ الإنحطاط إلى بعد الحروب الصليبية ومقدم التتار وهولاكو في القرن الثاني عشر.

 أعظم مصيبة تحل بشعبنا في الوقت الراهن تأتي من الذين لا يدرون ولكنهم يتصرفون وكأنهم يدرون.

والإضطهاد المذهبي قائم حتى هذا  اليوم. أنظر كيف ندق الطبول والصنج فرحا بالذين يتحولون من مذهب إلى أخر، ولنقل من كنيسة المشرق الكلدانية إلى كنيسة المشرق الأشورية أو بالعكس. وكل هؤلاء يغمضون أعينهم عن حقيقة أن الكنيستين رسوليتين متساويتين في المكانة والقداسة لدى المسيح وان الفروقات بينهما لفظية أكثرمنها إيمانية. وهل تعلم ما هي الفروقات اللفظية؟ مثلا كنيسة تقول " المسيح" وأخرى تقول "يسوع"، وكنيسة تقول "كاهن" وأخرى  تقول "قس". إذا  لماذا نحن مختلفون ونلعن الواحد الأخر؟  

الأفكار

يقع السيد حكمت في إشكالية في إستنتاجاته. فهو يخاطب "كنيستي الكاثوليكية  الكلدانية في السويد" ويطلب منها أن تنهض وترى ما يفعله الشماس "الكافر" في نظره. لكنه لا يدري أنه يخاطب مؤسسة دينية هي في المكان والزمان الخطأ. الكنيسة الكلدانية خسرت  إستقلاليتها منذ زمن بعيد. وقبل ان نفتخر بمذهبنا وكنيستنا علينا معرفة التسلسل الهرمي فيها كي لا نخطأ عند توجيه خطابنا.
 
ولا أرى ربطا بين المقالات التي كتبتها منتقدا الكنيسة كمؤسسة والمقالات الفكرية في جريدة الإقتصادية. (وبالمناسبة الإقتصادية ليست جريدة إسلامية كما جاء في المقال). تلك المقالات شيء العمود الصحفي شيىء أخر. ألم توقف الكنيسة الكاثوليكية في السويد كاهنا كلدانيا عن العمل؟ ألم تنقل كاهنا أخر وحددت واجباته؟ المذهبية المبنية على التعصب شيء مقيت لأتها ترى ان الله ملكها ولهذا تتجنب ذكر سيئاتها وتجعل من نفسها مؤسسة فوق  البشروتطلب الإعتراف بسلطان كبار كهنتها قبل الإعتراف بسلطان الإنجيل

الدرجة الشماسية

الدرجة الشماسية درجة طوعية وخدمية. لا يحصل صاحبها كما هو الحال في الدرجات الأعلى على أي إمتياز سوى الخدمة دون مقابل ولهذا قبلتها. وإن أرادت  الكنيسة أن تنزعها مني بسبب ما كتبته في جريدة الإقتصادية فعلى الرحب والسعة.

إلا أن هذا الشماس الذي قد يراه البعض أنه ينطق الكفر في كتاباته ينظراليوم كثيرمن اللغويين والأدباء في العالم العربي  إلى مقالاته الصحفية  في الأقتصادية بمثابة الأدب الرفيع من ناحية الأسلوب وكون أن  الكتاب الجديد لهذا الشماس "الكافر" يتربع اليوم على قائمة أفضل الكتب مبيعا وأنتشارا وشعبية في حقله في دولة تتربع على قمة سلم التطور الإنساني مثل السويد منذ صدوره قبل حوالي ثلاثة أشهر وحتى الأن فهذا لا معنى له لدى منتقديه من الكلدان (رابط 3). إما ان يكون الشماس مذهبيا ومتعصبا وإلا فلا.


-----------------

رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,462435.msg4954805.html#msg4954805

رابط 2

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,462677.msg4956333.html#msg4956333

رابط 3

http://www.adlibris.com/se/content.aspx?type=cat&typeid=2&language=Engelska&value=7288

رابط 4

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=457239.0

رابط 5
>>> "Biskop" <biskop@katolskakyrkan.se> 2010-12-06 09:29 >>>
Dear Leon Barkho, Thanks ever so much for your kind email and the report. It is indeed very important that you continue your dialogue and keep on writing. The Holy Father stresses the importance of this dialogue in his new book, so you can always quote him if necessary. May this sacred time of Advent fill your heart with longing for the coming of Our Lord. May He bless you and all your family! +Anders Arborelius ocd


220

لماذا أدافع عن المسلمين وقرأنهم؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj.se


منذ فترة ليست بقصيرة وأنا أنشر مقالي الأسبوعي في جريدة الإقتصادية الغراء، وهي واحدة من أكثر الجرائد العربية ليس إنتشارا وتأثيرا فقط بل أهمية ورصانة. والمقال ينزل كل يوم جمعة وفي الجهة اليمنى من الصفحة الأخيرة وهذا أقصى ما يتمناه أي كاتب صحفي.

وهذه المقالات الأسبوعية فكرية وفلسفية ومتسلسلة أشتغل فيها بكتاب المسلمين، القرأن الكريم، ومواضيع مهمة أخرى، وهي عصارة جهدي الأكاديمي وملخص لما أنشره باللغة الإنكليزية من كتب ومقالات بعضها يدرس في أمهات الجامعات في الغرب.

وهذه المقالات، التي قد تضم إلى الأن أكثر من 60000 كلمة، أصبح لها تأثير بالغ لدى الكثير من الناطقين باللغة العربية. وكثير منها تنقله صحف أخرى ويظهر على عشرات لا بل مئات من المواقع الإلكترونية. ومعدل صفحات أي مقال على الإنترنت يتجاوز في كثير من الأحيان 30000 صفحة.

والمقالات هذه، كونها ذات بعد فكري عميق يرسم خارطة جديدة للعلاقات والحوار بين الأديان والمذاهب والشعوب مما لم يألفه الكثير منا، صار لها ردود فعل متباينة. فبعض الطوائف الإسلامية، على سبيل المثال لا الحصر، أهدرت دمي وتتهمني بالكفر ومحاولة التنصير. وبعض الطوائف المسيحية تتهمني بتفضيل الإسلام وقرأنه على باقي الأديان منها المسيحية التي أنتمي إليها.

أنا سعيد جدا لأنه رغم أن بعض مقالاتي تنزل مثل السياط على الكثير من المفاهيم والممارسات العربية والإسلامية في دول منها السعودية ، فإن إدارة التحرير لم تتدخل في تغير أوحذف حتى كلمة واحدة.

وسعادتي نابعة أيضا من الثقة التي لدي أن الجريدة لن توقف سلسلة المقالات هذه حتى أن تكتمل بغية تحريرها قبل نشرها في كتاب منفصل في نهاية العام القادم بإذن الله.

وقد يتسأل القارىء ما لنا ومقالاتك هذه. كلا، أن صدى هذه المقالات وصل إلى الكثير من ابناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الواحد. وقد أثارها الكثيرون أمامي وكنت بإنتظار ظهور مقال او مقالات تنتقدني في مواقع شعبنا ولكن هذا لم يحدث لحد الأن رغم ان ذلك أمر محبب لدي. الأفكار التي لا تنتقد ولا تهاجم ولا تمتحن تموت دون أن تترك أثرا.

والكاتب الوحيد الذي تطرق إليها نقدا وكتابة وفي نطاق ضيق هو الأستاذ مؤيد هيلو الذي قرأ واحدا من هذه المقالات منشورا في موقع إيلاف الإخباري، فله مني كل الشكر والتقدير بغض النظر عن فحوى ما كتبه.

وشفويا كان لدي حوار معمق بالهاتف مع أحد الصحفيين البارزين من أبناء شعبنا الذي أثار بعض علامات الإستفاهم. وبين الحين والأخر نتحاور نحن الإثنان سوية في أمور إعلامية شتى إن من خلال الهاتف او إلكترونيا.

وأود أن أسترعي إنتباه قرائي وأصدقائي ومنتقدي الكرام أنني أكتب الأن ليس لتبرير مأ اكتبه. إنني أؤمن بما كتبته وما سأكتبه. ولا يتصور أحد أنني يوما ما سأعتذر عما كتبته وما سأكتبه والكتاب الذي سأنشره.

وأتمنى أن لا يعمد البعض إلى التشويش وإخراج عبارة او عبارتين او الإستشهاد بمقال او مقالين من هذه السلسلة الطويلة كي يبني مواقف محددة عليها. الموقف يبنى فقط بعد قراءة السلسلة بأكلمها والإنتظار حتي أن تكتمل.

وقبل أن أتحدث عن بعض الذي يحاول التشويش، متجنبا الشخصنة والمباشرة قدر الإمكان، أريد أن أوجز موقفي الفلسفي والفكري من صراع الحضارات والعقليات والأديان والمذاهب.

في كل كتاباتي أنا أرفض تقسيم البشر إلى أخيار وأشرار. التقسيم المزدوج للبشر – هذا أبيض وهذا أسود – أخطر كارثة تواجهها البشرية اليوم. بمعنى أخر ان الخير – الذي يتمثل اليوم خطابيا ويفرض علينا من خلال الإعلام والمؤسسات دينية كانت أم دنيوية – وصفة جاهزة للمذهب والدين والإيديولوجيا التي ننتمي إليها.

وبدا الكثير منا يرى أن وصفة الخير تنطبق على الغرب "المسيحي" وعلينا نحن المسيحيين ووصفة الشر تنطبق على الشرق العربي والمسلم. وهكذا بدأ الكثير منا يرى خيرا في الممارسات الإسرائيلية وشرا في ممارسات الفلسطينيين المضطهدين. وقس على ذلك ما يحدث في العراق أو أفغانستان، حيث يرى الكثير منا الخير في ممارسات الغزاة الأشرار وأعوانهم والشر فقط في ممارسات من يقاومهم.

وهكذا إن طارت طائرة بلا طيار من كلفورونيا وقصفت عرسا في أفغانستان او العراق او اليمن او فلسطين وفتكت بالأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء قد يراه الكثير منا بعين إيجابية ولكن إن فجر مسلم ذاته منتقما ما حدث، كونه لا يملك الوسيلة ذاتها، فلا نراه إلا بعين سلبية واضعين إياه فورا في خانة الشر.

وإن أرسل الغرب المسيحي جيوشه الجرارة المدججة حتى أسنانها بأفتك الأسلحة – وبعضها يحمل شارات وعبارت مسيحية – للغزو والتدمير كما يحث في فلسطين والعراق وأفغانستان يراه البعض منا ضمن وصفة الخير. ومتى كان الصليب – رمز المصلوب الذي لم يفتح فاه لا بل غفر للذين صلبوه -  علامة حرب وبطش وتدمير؟ كل هذا والعرب والمسلمون ليس لديهم جنديا واحدا في أصقاع الغرب المسيحي.

وأغلبنا ينظر إلى صدام حسين وزبانيته من منظر الشر – وهذه حقيقة وواقع. ولكن إن قلنا أن تصرفات الأمريكان وزبانيتهم في العراق فيها من الشر ما قد يرقى او يفوق ما قام به صدام حسين وقدمنا الأدلة لذلك لظن البعض أننا بعثيون.

هذا هو الرصيف الأول في المنحى الفكري الذي اؤمن به.

ونأتي الأن إلى الرصيف الثاني. أسس هذا الرصيف تنبع من نظرية أننا لا نستطيع فهم وإدراك الحياة دون مقاربات ومقارنات. ولنقارن العهد القديم من الكتاب المقدس وما يرد فيه من نصوص تدعو إلى العنف المفرط والنصوص القرأنية التي تدعو إلى العنف المفرط. وكأديمي وشخص متضلع في القرأن والكتب السماوية الأخرى ارى مقاربة كبيرة بين الأثنين.

إذا لماذا نعتير هذا الكتاب سماوي والأخر غير سماوي إن كانا متقاربان في الدعوة إلى العنف؟

أنا مسيحي ولكن مشرقي. بمعنى أخر أنني أقرب إلى إخواني العرب والمسلمين فكريا وذهنيا وحضاريا ولغويا وتراثيا من قربي إلى المسيحيين الغربيين. عاش أجدادي من كنيسة المشرق مع المسلمين لا سيما العرب منهم قبل وبعد أن يفلح الغربيون المسيحيون بتقسيم هذه الكنيسة وتشتيتها في فترة تعايش تمتد لأكثر من 1400 سنة، أغلبها تسامح وسلام؟

وإن كرم القرأن كتابي والنبي الذي اؤمن به فليس من باب العدالة أن أكرم كتاب المسلمين ونبيهم. ألبعض يريد من أكاديمي مثلي أن ينزل إلى مستوى بعض الجهلة والأميين وأنا أقود حملة للحوار والتعايش، بينما البشر في صراع مرير بين العقليات والأديان والحضارات المختلفة، أن أقول أن كتاب المسلمين باطل ونبيهم كذلك. حاشى والف حاشى.  أكن لهم ولكتابهم ولنبيهم ذات المقدار لا بل كثر من الإحترام والتقدير والتبجيل الذي يكنونه لي.

ونأتي الأن إلى الرصيف الفكري الثاث. لا زال البعض منا يعتقد أنه بإمكانه الإتكاء على مذهبه اودينه و رجل دينه يوم الحساب. في يوم الحساب لا ينفع الإتكاء على مذهبنا ورجال ديننا وكتبنا. ما سيشفعنا هو أعمالنا. وإن كان هناك كتاب يوضح هذا الأمر بجلاء فهوالإنجيل.
 
والمسيحييون قبل غيرهم مدعوون إلى التسامح والإعتراف بالأخر. ألم يمض المسيح جل وقته مع الخطأة والمساكين. هل حدث وأن دان او حرم شخصا حتى من الذين كانوا يلقبونه "بعل زبوب" اي ان الشيطان يقيم فيه.

المسيحية بالنسبة لي ليست مايقوله رجل الدين مهما علا شأنه او مقامه. المسيحية هي الإنجيل. والإنجيل لا يمنح مفاتيح السماء لأي مذهب ولأي شخص. إنه يمنحها للذين تتمثل فيهم "المحبة والتسامح والعطاء (الإحسان) والغفران". هذه هي الزوايا الأربعة للمسيحية من وجهة نظري.
 
كلنا قد قرأ متي (25) لا سيما الأيات 31- 46 ولا بد وأن سمعها لأنها تتلى لدى مراسيم الدفن وبعض المناسبات والأحاد. هذه هي حقيقة المسيحية بالنسبة لي وعداها ثانوي. لن يقول الرب هل كنت :"كاثوليكي المذههب وكلداني القومية أم لا" ويقرر مصيري حسب الجواب. هذا موقف الجهلة والأميين. لن نتكىء إلا على اعمالنا يوم الحساب. وهكذا ربما يحدث أن يخرجنا الرب نحن الكاثوليك من ملكوته ويأتي غيرنا من مذهب ودين أخر ويتكىء معه في ملكوته إن كانت اعماله مطابقة لمتي (25) وأعمالنا بعيدة عن ذلك.

وقد تحدثت كثيرا عن صراع العقليات والديانات والأفكار والحضارت في شتى جامعات العالم. وما يسعدني أن الكنائس في السويد والدول الإسكندنافية بدأت تقرأ ما أكتبه. وأخر محاضرة ألقيتها كانت لجمهور من الكاثوليك السويديين وبعض الكهنة تدور حول المقالات التي تظهر لي في جريدة الإقتصادية.

ومحاضرتي القادمة ستكون في إستوكهولم وسيحضرها كبار رجال دين من الكنيسة السويدية في كنيسة سنت كونراد وبعدها لجمع من المسلمين والأئمة حول نفس الموضوع. والهدف من هذه المحاضرات هو تقديم أدلة من الإنجيل ان المسيح لما كان يعارض إقامة جامع بجانب كنيسة سنت كونراد. وسأدافع لسانا وقلبا وكتابة وسأقوم بما يمليه علي ضميري المسيحي لبناء جامع بجانب الكنيسة وإقامة مكان مشترك يلتقي فيه المسلمون والمسيحيون قبل وبعد صلاتهم للتحدث والحوار.

ولا أريد الغوص كثيرا في تفاصيل الفكر الذي أحمله ومن غير الممكن إجماله في مقالة واحدة ولكنني رفضت قبل أسبوعين عرضا سخيا جدا لإشغال كرسي الأستاذية في المعهد الكاثوليكي للفلسفة والحضارة واللاهوت في جامعة أبسالا السويدية التي تعد واحدة من أرقى الجامعات في العالم. وكان السخاء درجة أن احدد الراتب بنفسي. رفضت رغم تدخل أسقف السويد الكاثوليكي الذي أكن له كل التقدير والإحترام لما يمتاز به من روح تسامح وقبول الأخر.

مع كل هذا بدأ البعض من الكلدان الكاثوليك، وأعوذ بالله من شر الشخصنة، حملة جمع تواقيع للإيقاع بي لدى الأسقف الكاثوليكي الذي تدخل شخصيا كي أتسنم كرسي الأستاذية في المعهد الكاثوليكي ورفضت.

وكم يحزنني أن أرى البعض يقتنع بما يقوله هؤلاء الأشخاص وهم  أبعد الناس عن الكنيسة ومشهود لهم بالسكر والعربدة والتزلف لرجال الدين كي يظهروا أنهم متدينون.  أمثال هؤلاء الجهلة إكتسحوا ساحة شعبنا وهم عن لغته وتراثه وتاريخه وكنيسته غرباء.

وعذرا عن الإطالة


221
هل يعقل أن البعض منا لم يتعظ بما جرى في كنيسة سيدة النجاة في بغداد؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

في أخر إتصال لي مع كاهن في بغداد قال إنه الأن منشغل طوال اليوم بمنح شهادات العماذ. وقال منذ المذبحة الرهيبة التي حلت بنا في كنيسة سيدة النجاة، بدأت موجة نزوح كبيرة للمسيحيين من بغداد ومعظمهم واجهتهم خارج العراق – إما سوريا أو تركيا. وقال أن حوالي عشرين عائلة تغادر منطقته – خورنته – يوميا.

وفي الأسابيع التي تلت هذه المذبحة الرهيبة، قرأنا عشرات وعشرات المقالات معظمها إن لم يكن كلها تدعو إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الفئات المختلفة التي يتكون منها الطيف المسيحي في العراق من ضمنها الأحزاب والنوادي والكنائس وغيرها.

وموقف كهذا يمثل أقل ما يمكن أن نقدمه للدماء الطاهرة التي إنسابت كالأنهار في إحدى كنائسنا. وبناءا عليه لم نتوقع أن تعود حليمتنا إلى عادتها القديمة سيما وأن هذه الدماء لم تجف بعد لأنها سقيت ولا زالت تسقى بدماء جديدة كل يوم إن كان في الموصل أو بغداد أو كركوك أو أماكن أخرى في عراقنا الجريح.

وموجة النزوح للمكون المسيحي في العراق لا تنحصر ببغداد والموصل والبصرة وكركوك. صارت هذه الموجة سمة المكون المسيحي على طول وعرض العراق ومنه إقليم كردستان حيث ينعم حاليا بقدر لا بأس به من الأمن.

كل هذه الأحداث المريرة التي لو ألقيت على مسامع صخرة لبكت من هولها.

بيد أن البعض من أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الواحد يبدو أنها لا تكترث على الإطلاق. وبدلا من أن تغير نهجها السلبي تزداد فيه تشبثا.

وهكذا أعادنا هذا البعض إلى المربع الأول ودماؤنا لا زالت تنزف ووجودنا على أرض الأجداد على كف عفريت.

وكفانا الله شر الشخصنة، إلا ان عودة البعض إلى مسألة التعداد السكاني في العراق (رابط 1) تثير الكثير من الشكوك إن كانت الدماء الزكية التي جرت والتي تجري الأن والتي ستستمر في الجريان قد حركت فيهم ساكنا.

ما الحكمة من العودة إلى هذا الموضوع ونحن على شفا الإنقراض. ومتى كان التعداد من الناحية العلمية مسألة عددية فقط.

الأمم والشعوب المتطورة تأخذ التعداد السكاني كمعيار لتبيان مدى تطورها الحضاري والثقافي والصناعي والعلمي ومنه تنطلق صوب نهضة حضارية وثقافية وصناعية وعلمية أخرى. أي التعداد وسيلة للتطور والحضارة والرقي وليس لتبيان عدد النفوس.

الأمم المتطورة تعرف عدد نفوسها وتضيف إليه كل مولود جديد في اللحظة التي يولد فيها وتطرح منه كل وفاة في اللحظة التي يتوفى الشخص فيها.

أما بالنسبة إلى هؤلاء فالتعداد مسألة عددية – واحد، إثنين، ثلاثة وهكذا دواليك. لا خطة لهم ولا هم يحزنون ولا هم لهم غير السطحية التي ينظرون فيها للأمور.

لم يخرج هؤلاء علينا بكلام منطقي وعقلاني كي ننظر إليهم كقادة همهم الوحيد إنقاذ شعبنا من محنته إن كان ما يخص الوجود او الحضارة او التراث او اللغة او العلم او التربية او بناء المدارس أو الجامعات او المعاهد لإعلاء شأن ثقافتنا وحضارتنا ولغتنا.

بدلا من هذه الأمور خرجوا علينا مرة أخرى من أجل مسألة عددية لأن لهم فيها غاية. أما ما يخص مستقبلنا ولغتنا وحضارتنا ووجودنا وتراثنا ومدارسنا وليتورجيتنا، فهذه أمور لا شأن لهم فيها.

وكفانا الله شر الطارئين على حضارة ولغة وتراث وعلم كنا نبز الدنيا فيه قبل عدة قرون. كل ما يبتغيه هؤلاء وغيرهم هو كم من الناس يكسبون وكم من المقاعد يحصلون وكم من الكعكة يأكلون.

ودماؤنا تفور وتفور.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,458874.0.html

222
المطران جاك إسحاق والموقف من لغة وتراث وليتورجيا كنيسة المشرق الكلدانية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

مقدمة

المطران جاك إسحق غني عن التعريف. فهو واحد من علماء كنيستنا المشرقية البارزين وواحد من الإختصاصيين النادرين بيليتورجيا (الطقوس الدينية) لهذه الكنيسة بفروعها وأسمائها ومذاهبها المختلفة. وهو المسؤول عن الشؤون الثقافية في كنيسة المشرق الكلدانية وأمينها العام ومعاون البطريرك عمانوئيل دلي الثالث.

 إضافة إلى ذلك فهو يحمل أعلى منصب أكاديمي علمي في كنيسة المشرق الكلدانية. فهو عميد كلية بابل للفلسفة واللاهوت ورئس تحرير مجلة المشرق.  ومن خلال مؤلفاته ومقالاته، والتي صارت اليوم مصدرا مهما من مصادر كنيسة المشرق وتاريخها وليتورجيتها، أصبح بإمكاننا حل الكثير من الرموز والإشارات والطقوس التي نمارسها في عبادتنا. فله الفضل في تفسير القداس حسب الطقس الشرقي والذي يشترك فيه الكلدان مع أشقائهم في الكنائس المشرقية الأخرى. وكتبه مادة أساسية لأي راغب في التعرف على تاريخنا الكنسي.

سمته التواضع، وهذه خاصية العلماء. وسمته الأخرى والتي إستقيناها عنه من تلامذته وطلابه والكهنة الذين درسوا على يديه هي نظرته الثاقبة والعميقة والعلمية النابعة من التاريخ الذي يعرفه أكثر من أي واحد منا عن كنيستنا الشرقية بفروعها المختلفة. أسس هذه النظرة تكمن في أننا الكلدان الأشوريين السريان فروع لجذع شجرة واحدة تمتد جذورها في قاع التاريخ وأن هذه الفروع لايمكن قطعها وغرسها في مكان أخر لأنها لم ولن تنبت وتزهر وتثمر لوحدها.

ومن هذا المنطلق فقد جعل من الصروح العلمية التي يديرها منارا للمحبة والتسامح والعطاء، المنارة التي تنصهر من شدة ضوئها الساطع وحرارتها الفروقات التي أخذت تقض مضاجعنا إن كانت تخص التسمية او المذهب او القومية. كل هذه الفروقات تذوب وتنصهر في بوتقة واحدة لديه حيث لا يميز هذا العالم الجليل عند تقديم خدماته العلمية بين الكلداني اوالأشوري اوالسرياني. وكثير من كهنة كنيسة المشرق الأشورية او القديمة او السريانية بفرعيها من تلامذته. وهذا ينطبق على حلقات التعليم المسيحي التي ينظمها لإعداد مدرسين أكفاء لهذه المادة في العراق. فإين نحن الكتاب المتناحرين من أخلاق عالمنا الكنسي هذا؟

هذه مقدمة موجزة للأسقف الجليل جاك إسحاق. سقتها قبل الدخول في صلب الموضوع الذي يخص لقائه بأبنائه من كنيسة المشرق الكلدانية في مدينة يونشوبنك في السويد. سقتها بغية إيصال الرسالة التي بلغنا إياها إلى إخوتي وأخواتي الكلدان اولا ومن خلالهم إلى كل أبناء شعبنا الواحد من الكلدان الأشوريين السريان. وأمل أن نأخذ ما قاله لنا بمحمل الجد لأنه من خلال ملاحظاته وأقواله  التي أتى بها عند تقيمه للدور الذي يضطلع به الشمامسة الكلدان في يونشوبنك يكمن الخلاص لنا كشعب إن أردنا الحفاظ على موروثنا الثقافي وتراثنا ولغتنا وليتورجيتنا والتي دونها لا كيان ووجود لنا كأمة.
 
الإعداد للقاء

 كنا نحن الشمامسة الكلدان في يونشوبنك على موعد مع المطران جاك اسحاق في الكنيسة الكاثوليكية في مدينتنا ومعنا أعضاء أخوية الروح القدس والجوق الكنسي وحشد من المؤمنين. قدم المطران من العراق لرسامة شمامسة كنا قد أمضينا حوالي شهرين في إعدادهم وتحضيرهم لهذا المنصب الكنسي المهم.  وكانت الرسامة أول حدث من نوعه في الكنيسة الكلدانية ليس في مدينتنا فحسب بل في السويد أو ربما أوروبا برمتها.

وبغية التحضير لهذا الحدث المهيب كنا على إتصال مستمر مع المونسنير فيليب نجم الزائر الرسولي للكلدان في أوروبا والمعتمد البطريركي في مصر. ومن خلاله تلقينا كل الدعم الممكن لإنجاز هذا النشاط بالشكل الذي يليق بمقام الأسقف القادم من العراق وترك إنطباع إيجابي لديه. ورغم مشاغلي الكثيرة ومتابعة صدور كتاب جديد لي في السويد عن اللغة، عقدت العزم على تدريب الشمامسة والتنسيق مع الأخوية والجوق لإدخال الفرحة في قلب الأسقف القادم من العراق حيث تمر الكنيسة هناك بظروف قاهرة لا حاجة إلى تفصيلها.

فأمضينا نحن الشمامسة ساعات طويلة نقرأ ونتدرب ونحضر أنفسنا للقاء الأسقف. فدرسنا سوية الليتورجيا الخاصة بهكذا مناسبات وتدربنا على الألحان. وكان الشمامسة يأخذهم العجب والذهول ونحن نتصفح الحوذرا (كتاب الصلاة المشترك) وننتقل من لحن إلى أخر ومن نغم إلى أخر. لم نختم كتاب الصلاة لأن دراسته قد تستغرق سنة بأكملها بل درسنا الأمور ذات العلاقة المباشرة بالصلاة المخصصة لأيام الأحاد والمناسبات كالتي كنا مقبلين عليها.

وما شدني على المضي قدما كان وجود شباب بين الراغبين في الرسامة. واحد من الأهداف التي أود تحقيقها في حياتي هو منح ما أملكه من خبرة متواضعة عن لغة وتراث وليتورجيا كنيستنا المشرقية إلى الشباب من أبنائنا كي ينقلوه إلى الإخرين كما فعل الذين تلقيته منهم.

اللقاء

كان موعد اللقاء الساعة الخامسة عصرا من يوم السبت المصادف 30 تشرين الأول 2010 . بدأنا صلاة الرمش قبل حوالي نصف ساعة. وكم كانت سعادتنا غامرة عندما إلتحق بنا الأب بول ربان الذي قدم إلى مدينتنا لمشاركتنا الإحتفال.  وبوجوده ومع شماسنا الإنجيلي صار عددنا 16 شماسا، ثمانية في يسار المذبح وثمانية في يمينه.

وبعد صلاة الرمش أصطفينا نحن الشمامسة لإستقبال مطراننا الجليل حيث لقيناه بالنشيد السرياني الخالد "صلوثاخ أوون" وعلى دقات وضربات الصنّج. وكان يرافقه المونسنير فيليب نجم والأب سمير وإنضم إليهم الأب بول. ودخلنا بعدها الكنيسة على أنغام "شباح لمريا بقدوشه" وردة "نزيح لميثيثه دأوون زهيا".

وبدأنا بالرسامة والقداس الإحتفالي كما يرد في طقس كنيسة المشرق الكلدانية. وكان الإنسجام رائعا بين الشمامسة والجوق لدرجة أنني لاحظت أن المطران كان يقف مشدوها وكأنه لم يخطر بباله أنه سيرى شمامسة يتقنون الليتورجيا بهذه الدرجة من الدقة. ولم يحدث أن تدخل في البرنامج الذي كنا قد أعددناه. وكان ينصت بتمعن إلينا ونحن ننشد ونصلي. ولم يقاطعنا البتة لا بل كان ينتظرنا وينتظر الجوق حتى نكمل ما لدينا من مدائح.

وكلنا لاحظناه كيف ظل واقفا بخشوع عندما كنا مع الجوق ننشد سوية "إمر لي عيتا"، وكيف كان ينصت وينظر إلينا بعيون ملؤها الأمل والسعادة ونحن ننشد بالصوت الإحتفالي"نصلى شلاما عمان" ومن ثم "نودى ونوعى" ومن ثم "قديشا ألها" ومن ثم "كلن بذحلثا وإيقارا" مع جوقنا الرائع إضافة إلى المزمورا والأقبثا والقنكى ... وكلنا لاحظناه وهو يحني رأسه، علامة الرض، عندما بدأنا إنشاد "ماران إيشوع" حسب الترنيمة الخاصة بشاووعا "دقودش عيتا". وكان رضاه عنا واضحا للعيان عندما بدأنا بالزوياح منشدين النشيد السرياني الخالد ألأخر وهو "تودي لطاوا" حسب ترتيلة الكلدان في تركيا، ويكاد هذا اللحن أن يكون منسيا.

وكنت وكأن الطير على رأسي طوال الإحتفال. المطران جاك إسحق إختصاصه الليتورجيا وهو الخبير بالطقس والأداء. وبعد رضى الله عن صلاتنا كنت على أحر من الجمر لتبيان رأيه في شمامسة وجوق الكنيسة الكلدانية في يونشوبنك لاسيما، وكأي أكون صريحا مع قرائي الكرام، بعد سلسلة المقالات التي كتبتها منتقدا بشدة بعض الممارسات والتصرفات لبعض من أعضاء أكليروس كنيستنا مما جعل مني شخصيا ومن خورنتنا الكلدانية في يونشوبنك بالذات محط أنظار إن سلبا أو إيجابا.

الشهادة

وأخيرا نطق الأسقف وقال كلمته وأدخل الفرحة في قلوب الشمامسة والشباب والشابات في الجوق والأخوية وحشد المؤمنين في الكنيسة. ومن المذبح إمتدح جمع الشمامسة بكلمات على خورنة كنيستنا الكلدانية في يونشوبنك كتابتها بماء الذهب وما زالت كلماته في مديح الشمامسة الكلدان في هذه المدينة وجوقهم حديث الكل. قال إنه لم يحضر سابقا قداسا إحتفاليا ورسامة أعد لهما بهذا الشكل الرائع وإن ما شاهده لا يحدث في أي كنيسة أخرى من كنائس الكلدان المنتشرة في العراق والعالم. وأنه فخور بوجود شباب وشابات يحبون لغتهم وتراثهم وليتورجيتهم ويتقنونها بهذا الشكل. ومما قاله أن أداء الشمامسة الرائع ذكره بعصر الكنيسة الذهبي لا سيما كنيسة المسكنتة في الموصل التي كانت قبل عقود قليلة قبلة الكلدان والحاضنة للغتهم السريانية وتراثها  وليتورجيتها. وللذين لا يعرفون أهمية هذه الكنيسة، فإنها كانت لعقود مقر الجاثاليق (البطريرك) الذي كانت تمتد سلطته عندئذ إلى الهند والسند والصين ومنغوليا وجورجيا وله ولسينودسه مطلق السلطة الكنسية وله مئات الأساقفة منتشرين في كافة أنحاء العالم ورعيته بالملايين. 

وأنا أستمع إلى هذه الكلمات رددت مع نفسي قول صاحب المزامير: "هانو يوما دعوذ مريا.  تاو نذوص ونحذى به" أي (هذا هو اليوم الذي صنعه الرب، تعالوا لنفرح ونسعد به). وأغرورقت عيناي بالدموع. وانهالت علينا  التهاني من المونسنير والأباء الكهنة وأخوتنا الشمامسة الكلدان من مناطق أخرى في السويد ومن جمهرة المؤمنين.

والذين لا يعرفون الأسقف عليهم وضع سمة أخرى من سماته في عين الإعتبار. فبالإضافة إلى التواضع، فإنه يتصف بقلة الكلام والسكوت. والسكوت من الذهب. ومن هنا تنبع أهمية التقيم الذي حصلنا عليه.
 
النصائح

وكان بودي أن أقدم كل الذين كان لهم مساهمة مباشرة في هذا الإنجاز للخورنة الكلدانية في يونشوبنك ليتعرف الأسقف عليهم  مباشرة  ولكن قصر مدة مكوثه معنا لم تسمح لي إلا تقديم الأختين العزيزتين أم مارتن، المسؤولة عن الجوقة، وأم تيّ مدربة الجوقة. وسعد المطران بلقائهما وأبلغهما سروره الكبير لما شاهده وسمعه وأعطاهما هذه النصيحة ومن خلالهما لكل أبناء وبنات كنيسة المشرق الكلدانية.  وقال إنه يجب علينا عدم مغادرة لغتنا الجميلة وتراثنا وليتورجيتنا. يجب تفضيل لغتنا السريانية والحاننا وتراتيلنا على مثيلاتها من أي لغة أخرى. وعلينا الكف عن إدخال ما هو غريب وطارىء على إرثنا وتراثنا الكنسي مما يتلقفه البعض من الكنائس الأخرى تاركين ما لدينا من كنوز لا نظير لها.

أمانة

وأوصاني شخصيا على الإستمرار بالنهج هذا لا بل العمل على نشره في خورنات كلدانية أخرى قدر الإمكان. والوصية الأخرى تلقيتها من المونسنير الذي طلب مني الحفاظ على الإنجازات التي حققتها الخورنة الكلدانية  في يونشوبنك لا بل تطويرها ووعد بأنه سيكون معنا وإلى جانبنا. وكوني شماس أي خادم في الكنيسة الكدانية فإنني أعد نيافة المطران وسيادة المونسنيرعلى تطبيق الوصيتين. وسنجتمع نحن الشمامسة والجوق والأخوية مع مجلس خورنتنا قريبا لدراسة كيفية ترجمة الوصيتين على أرضع الواقع. وسنقدم تقريرا نضمنه نشاطاتنا في هذا المجال ونرسله للزائر الرسولي والذي بدوره سيعلم الجهات الكنسية ذات العلاقة.

وعند مغادرة الأسقف، إصطف الشمامسة مرة أخرى وانشدوا أمامه ترتيلة سريانية خالدة أخرى الا وهي "ملاخا دبرقى ليعقو" وهي جزء من ليتورجيا "دأورحا" اي (الطريق) وفيها نطلب من الله أن يوصل الأسقف ومعيته إلى مقرهم سالمين غانمين دون حادث كما فعل سبحانه عندما أرسل ملاكا من السماء لحماية يعقوب.
 
تجربة فريدة

ما أنجزته خورنتنا يثبت بالدليل القاطع أن الكنيسة ليست الأكليروس فقط. خورنتنا أنجزت كل هذا بدون وجود كاهن مقيم. أي أننا نعمل حسب ما يمليه علينا ضميرنا المسيحي والتزامنا الكنسي. وربما لم نكن نحظى بشهادة أسقف بمكانة جاك إسحق لو كان هناك كاهن مقيم بيننا. لبعضنا على الأقل تجربة مريرة جدا في هذا المضمار.

الحداثة والعصرنة

بإسم الحداثة والعصرنة غادرت كنيستنا تراثها ولغتها وليتورجيتها ووقعت ضحية التعريب الذي لا زال ينخر في جسمها. وهذا جرى بسبب التفسير الخاطىء لمفهوم الحداثة والعصرنة. إخوتي وأخواتي الكلدان الحداثة والعصرنة لا تعني إلغاء التراث واللغة والثقافة والليتورجيا، كما حدث ويحدث في معظم الأبرشيات والخورنات الكلدانية. الحداثة والعصرنة تعني العودة إلى الجذور وتقديمها بشكل يحفظ على ماهيتها وجوهرها وبنمط يتماشى مع روح العصر الذي نحن فيه. لو فعلت الأمم الأخرى ما فعلناه نحن الكلدان لكان الكل قد أضاع تاريخه ولغته وأصله وفصله.

ولهذا لا تقبل الكنيسة الكاثوليكية السويدية على الإطلاق مغادرة كتاب صلاتها وطقوسها وقديسيها رغم أننا نحن الكلدان الكاثوليك أصبحنا الغالبية في كثير من الخورنات ولا تقبل هذه الكنيسة بالتحول إلى السريانية أو العربية وترفض حتى قراءة الإنجيل بغير لغتها رغم أننا نملىء كنائسهم. كل الكنائس الكاثوليكية في أوروبا وفي كافة أرجاء المعمورة لها نفس الموقف. فلماذا غادرنا لغتنا وتراثنا وطقسنا نحن الكلدان؟ ولماذا ينظر الكثير من إكليروسنا ومنهم من هم في سدة الأسقفية نظرة سلبية إلى تراثنا ولغتنا وليتورجيتنا والتي لا مثيل لها في العالم. 

أصوات نشاز
 
ولكل إنجاز كبير يعد الهدامون معاولهم لتفريغه من معانيه ومحتواه. ويؤسفنا القول أن محاولة الهدم أتت من بيتنا الكلداني الصغير في هذه المدينة. وكفانا الله شر الشخصنة ولكن هؤلاء هم ذاتهم من الذين لبسوا لباس الفئوية والإنقسامية متخذين من إسمنا الجميل "الكلدان" وسيلة لتمرير غايات لا علاقة لها لا بالكنيسة ولا بالكلدانية  كمفهوم تراثي ولغوي وثقافي. وكان الله لهم بالمرصاد وفشلوا فشلا ذريعا مرة أخرى. نصيحتي إلى أبناء خورنتنا وإخوتنا وأخواتنا الكلدان في كل مكان أن يحذروا أمثال هؤلاء لأن همهم وديدنهم الهدم وليس البناء – البناء يحتاج إلى العلم، إلى المحبة، إلى قبول الأخر، إلى المنطق، إلى الحجة، إلى الحس السليم، إلى الشفافية، إلى الصراحة، إلى الأمانة، إلى الصدق، إلى السلوك القويم. ويحزنني القول أن  هؤلاء يفتقدون كل هذه الخصال.


223
ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله – نداء من القلب إلى الشعب الكلداني الأشوري السرياني

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

الذي يقرأ عنوان مقالي هذا قد يتصور أنني أهدد او أتوعد. كلا وألف كلا. نحن شعب مسالم على شفا الإنقراض ولا نملك قيد أنملة من القوة والسلطة والجاه والمكانة والتأثير والعسكر والميليشيات وأجهزة المخابرات كي نهدد ونتوعد.  أنا اؤمن بالحكمة التي تقول: "رحم الله أمرءا عرف قدر نفسه فأراح واستراح." نعم أن أعرف أن لا مكان لنا كشعب في المشهد العراقي والأقليمي والدولي وصيحاتنا وبكاؤنا ودمنا الذي أريق على مذبح سيدة النجاة لن يوقظ الضمائر الميتة.

"ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" موجه لنا، نحن الكلدان الأشوريين السريان. معناه علينا أن نتنبه ونستفيق. لقد غاصت ركبنا في متاهات التسمية والمذهبية والحروب الدونكيشيتية التي فيها نوجه سهامنا الواحد للأخر وكأننا نتصارع على حقول النفط والغاز وكأننا نتعارك على السيطرة على المدن ولأقاليم ومناطق النفوذ وكأننا نمتلك من مقومات السلطة والدولة التي متى ما إهتز أحد أركانها إهتز له العالم.

"ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" معناه أن الكتاب من أمثالي تقع عليهم بعد اليوم مسؤولية أخلاقية وتاريخية. عليهم العمل على لم الشمل وليس التفتيت. عليهم العمل على توحيد الخطاب وليس تقسيمه. عليهم الجمع وليس الطرح والتقسيم. عليهم التشبث بما يؤكد خصوصية هذا الشعب من لغة وتاريخ وتراث وليس التهميش والتشبث بكل ما هو هجين وغريب.

"ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله"  معناه أن الوقت حان لإنقاذ ما بقي لدينا ليس من براثن الأشرار الذين بودهم إبادتنا وذبحنا جميعا - لأننا في وضع لا حول ولا قوة لنا لصد شرهم - بل من براثن أنفسنا. بعد اليوم لا يجوز أن نقبل بأن يخطفنا الأميون والجهلة من بين صفوفنا من الذين غايتهم الكبرى تقسيمنا وتهميش لغتنا وثقافتنا وتراثنا.

 "ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" معناه علينا إنقاذ أنفسنا من هؤلاء الطارئين بين صفوفنا من الذين يفضلون ضربة خنجر مسموم على المشاركة والوحدة مع الأخر. هؤلاء يعيشون في ظلام، ظلام ثقافي وعلمي وجهل مطبق. وتراهم يتدخلون في اللغة والتراث والكنيسة وهم أبعد الناس عن هذه الأمور كلها لأن لا لغة ولا تراث ولا كنيسة لهم. وهم سدوا الطرق في وجهنا للقاء والمحبة التي يفرضها علينا المسيح. سدوا الطرق للقاء شمامستنا وجوقاتنا وأخوياتنا ونوادينا وأحزابنا وكنائسنا. بأي حق نسمح لهؤلاء أن ينوبوا عنا ويتحدثوا بإسمائنا؟

"ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" معناه علينا جميعا إنقاذ شعبنا، لا سيما في المهجر – وأخص بالذكر المدينة التي أعيش فيها -  من أمثال هؤلاْء لأنهم جعلوا المهجر مرتعا للتعصب والإنقسامية والمذهبية المقيتة. علينا كشف زيفهم وتعريتهم باللسان والقلم.

"ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" معناه نحن الكلدان الأشوريين السريان علينا إلتزام أخلاقي يفرضه علينا الدم الزكي الذي إنساب كالأنهار في كنيسة سيدة النجاة. هذا الدم يقول نحن إخوة، نحن أمة وشعب واحد، لنا تراث واحد ولغة واحدة وتاريخ مشترك. هكذا يعاملنا وينظر إلينا الأعداء الأشرار ولهذا بودهم إبادتنا عن بكرة أبينا.

"ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" معناه أنه علينا أن نمسك الواحد بيد الأخر، أن نمنح الوحد الأخر سلام المحبة والأخوة، أن نقبل الواحد الأخر وكأننا اشقاء من أب وأم واحدة، وأن ننقذ أنفسنا من التعصب الأعمى والإنقسامية التي تعصف بنا وأن نقول لمسببيها: كفاكم شرا، كفاكم إنقسامية، كفاكم تفتيتا لشعب على شفا الإنقراض.

وأخيرا "ما بعد مذبحة سيدة النجاة يجب أن لا يكون كما قبله" معناه أن نصيح بأعلى صوتنا اننا شعب واحد. اننا جسم واحد. مايحدث لأي واحد منا من ألم وفرح يحدث لنا. وبهذا نكون قدا أوفينا لشهدائنا الأبرار. وبهذا لن يذهب دمهم الزكي هباء.

224
من يقتل المسيحيين في العراق؟ قراءة متأنية في مذبحة كنيسة النجاة في بغداد

ليون برخو
leon.barkho@ihh.hj
جامعة ينشوبنك – السويد

منذ يوم الأحد الماضي وأنا في صدمة كبيرة. وفي المنام أتخيل إخوتي وأخواتي في كنيسة النجاة والأشرار يفتكون بهم وهم يحملون كتب صلاتهم ومسابح ورديتهم بأيديهم والقسس يرفعون صليبهم بيد ويحملون الإنجيل، كتاب التسامح، والغفران، والإحسان والمحبة بيد أخرى.

حدث كل هذا في بيت الرب حيث نؤمن نحن المسيحيين – وأنا شماس أي خادم هذا البيت – أن الله ويسوع موجدان فيه. وحدث الذي حدث، حيث في الحقيقة لم ينجو أي من المصلين سالما، إما كانت الشهادة من نصيبه أو الإصابة او الترويع النفسي الذي هو أقس من الإصابة الجسدية.

وتريثت بالكتابة رغم أن بعض القراء إتصلوا بي قائلين: "أين أنت، وأين كتاباتك". كشماس، كان واجبي أن أعمل مع إخوتي الشمامسة وأفراد الجوق وأخوية الروح القدس للشباب كي نقيم الصلاة من أجلهم. وهذا ما سنفعله يوم السبت القادم في مدينتنا في الساعة الخامسة مساءا. وكل مكونات شعبنا بمذاهبه وأسمائه المختلفة مدعوة للمشاركة.

وماذا سأزيد إن كتبت؟ ملأنا صفحات الجرائد وشاشات الشبكة العنكبوتية بمقالات الإدانة والإستنكار وأنبرى الكثير منا مقدما اراء ومقترحات للخروج ليس من أزمة نعاني منها ولكن من إبادة أكيدة لم يبق لتكملة فصولها إلا القليل. ألم أقل في مقالة سابقة عند الرد على البعض من كتاب شعبنا وهم يتحدثون "عن ثقلنا الديموغرافي" بأن وجودنا كشعب على كف عفريت، فعن أي ثقل ديموغرافي أو قومية تتحدثون؟

 وماذا سينفع لو إستخدمت كل كلمات الإدانة والرفض الموجودة في القاموس؟ وماذا سينفع لو قدمت كل المقترحات الممكنة؟ وماذا سينفع لو إجتمعنا وناقشنا وأستنكرنا ورفضنا؟

 لأكن صريحا معكم كما عودتكم في كتاباتي، وقد يرى البعض في هذه الصراحة عبورا للخطوط التي غالبا ما نضعها أمامنا كي نقبل نحن وأرائنا إجتماعيا. وماذا بقي من أخلاق المجتمع – العراقي والإقليمي والدولي – بعد  المجزرة الرهيبة في كنيسة سيدة النجاة؟

أقول لكل المنظرين من الذين يراهنون على الأمم المتحدة وعلى الكنيسة في روما او أي مكان أخر أو على الجامعة العربية او على الحكومة العراقية او على الويلايات المتحدة وحلفائها الغربيين او على الشيعة في العراق او على السنة في العراق او على العرب في العراق او على الأكراد في العراق، أنكم على وهم كبير.

لماذا؟ لأننا نحن المسيحيين لا مكان لنا في شجرة الإستراتيجية الغربية المدنية والكنسية. نحن لا نعد حتي بمثابة ورقة مهلهلة واحدة في هذه الشجرة. ورقتنا سقطت منذ زمن بعيد وكنستها الإستراتيجية ورمتها على قارعة الطريق.

البيت الأبيض الذي يدير العالم أصدر بيانا لشجب الجريمة. هل قرأتموه؟ لقد كان بيان عام لم يذكر فيه  حتي إسم المسيحيين ولا إسم الكنيسة ولا الكهنة ولا هم يحزنون (رابط 1).

كنا سابقا نتهم بعضنا البعض بتقبل "نظرية المؤامرة". علينا اليوم أن نؤمن بهذه النظرية لأنها تطبق حرفيا في المشهد العراقي وضحيتها الأولى الضعفاء – ونحن المسيحيين أضعف مكونات المجتمع العراقي. لا العربي ولا الكردي ولا الأمريكي ولا الشيعي ولا السني على إستعداد لتقديم أي إمتياز لنا إن لم تكن له مصلحة أولى فيه. ومصلحة كل المقتدرين في المشهد العراقي تقتضي اليوم ذبحنا.

وإلا كيف يعقل أن تقوم الويلايات المتحدة بزيادة مساهمتها في المحكمة الدولية التي شكلت بعد مقتل المغفور له رئس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري إلى 30 مليون دولار ودمنا ودموعنا على شهدائنا لم تجف بعد؟ هل هناك بينكم من يعتقد أن الغرب بقيادة الويلايات المتحدة أو أي مؤسسة أخرى غربية كنسية أو مدنية ستحاول إنقاذنا وإنصافنا بتشكيل محكمة خاصة؟ محكمة الحريري لها بعد إستراتيجي. في رأيهم نحن لا نستحق دعما ولا محكمة دولية حتى لو جرى حرقنا جميعا في كنائسنا في العراق.

 الإدانة والشجب والرفض صارت من الأمور المألوفة للمأساي والظلم الذي يقع في العراق. نحن المسيحيين دفعنا دما طاهرا زكيا وعددا هائلا من الأرواح البريئة – نسبة إلى عددنا القليل في العراق. أيسر أمر في هذا الدنيا اليوم هو إتهام العدو بكل شيء وهو اليوم لا يتجاوز القاعدة وتبرئة مسببي المأسي إن كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

 المشهد العراقي – وأنا على دراية كبيرة به – مشهد متشابك معقد من الصعب تصديق ما يصدر من أحكام من محتليه الغزاة وحكامه الحاليين. المحتلون الغزاة أشرار لأن وجودهم في العراق قائم على صناعة الكذب والنفاق. والحكام الحاليين دهاة في صناعة الشر ورميه على أكتاف الأخرين. ونجح الإثنان نجاحا باهرا في تبرئة نفسيهما ورمي مسؤولية الجريمة الكبرى التي يقترفانها ومنها جريمة  يوم الأحد الماضي على الأخرين.
وهكذا وببساطة أدخلوا في عقولنا أنهم أبرياء وأن سبب كل ما يحدث هو تيار إسلامي سلفي متطرف يتبنى القتل وتكفير الأخرين من الذين لا يتفقون مع فكره الديني الرجعي.

أنسينا كيف جعلونا نصدق أن النظام العراقي السابق كان يملك  ترسانة من أسلحة الدمار الشامل وأنه على علاقة مباشرة بتنظيم القاعدة؟ ألم تكشف الأيام كذبهم ونفاقهم؟ فهل يعقل أن نصدق بيانهم عن الجريمة في كنيسة بغداد؟

ويا حسرتاه علينا نحن المتلقين لأننا أصبحنا نتقبل الكذب والنفاق على علاته لا بل نشتريه وندفع أثمانه صاغرين دون ان ندري أننا أصبحنا بمثابة عبيد نتلقى الأوامر وننفذ. حتى حق المناقشة سلبوه منا. وإلا كيف بإستطاعتنا تصديق ما يصدر عن هؤلاء المنافقين والكذابين؟

 ألم نرى بأم أعيننا شرائط فيديو توثق جرائمهم النكراء؟ ألم نقرأ ما كانو يكتبونه بخط أيديهم عن الجرائم التي إقترفوها ويقترفونها؟  ألم يأت هؤلاء المنافقون بجيشهم الجرار لغزو العراق وتدميره دون سبب؟ ألم  يستقدم  هؤلاء المنافقون جيشا جرارا أخر من المرتزقة – جلهم مجرمون وقتلة من شتى أنحاء العالم –   وأطلقوا لهم العنان للفتك والبطش والقتل والتدمير دون محاسبة؟ وهكذا صار العراق مرتعا للإرهاب المنظم.  وبدأت التصفيات كان ضحيتها الأولى علماء الذرة والفيزياء العراقيين. من له مصلحة في قتلهم؟ ومن له مصلحة في قتل المسيحيين المسالمين؟

لم يبق لنا إلا الله وبعد الله علينا نحن المسيحيين أن نلملم شملنا – أي ما بقي لنا من شمل. علينا وضع خلافتنا مهما كان نوعها أو صنفها جانبا. بعد "أم المذابح" هذه في كنيسة سيدة النجاة في بغداد يجب ان لا يكون هناك من يدعو إلى التفرقة إثنية كانت او مذهبية. الذين يفرقون بين أبناء شعبنا بعد "أم المذابح" هذه ستحل عليهم لعنة التاريح. وبوحدتنا بعد إتكالنا على الله قد نستطيع مقاومة التيار الجارف الذي سيأتي على القليل المتبقي لنا إن بقينا متفرقين.


رابط 1
http://www.nationalreview.com/corner/251901/white-houses-generic-response-act-anti-christian-terrorism-nina-shea





225

صلاة وقداس على راحة شهداء كنيسة سيدة النجاة الأبرار في الكنيسة الكلدانية في يونشوبنك

ستقيم الكنيسة الكلدانية في مدينة يونشوبنك – السويد – قداسا جنائيزيا وصلاة على راحة شهدائنا الأبرار الذين لقوا حتفهم وهم يؤدون الصلاة في كنيسة سيدة النجاة في بغداد.

سيقام القداس يوم السبت القادم، المصادف السادس من تشرين الثاني، وذلك في الساعة الخامسة مساءا بعد صلاة الرمش مباشرة.

والصلاة على راحة شهدائنا الأبرار هي أقل ما نستطيع القيام به تجاههم وتجاه عوائلهم وأحبائهم. قلوبنا وافكارنا وحواسنا معكم أيها الأحبة وأنتم تتعرضون لشتى أشكال الإضطهاد والقتل والتشريد.

ونحن في الغربة نتابع أخباركم ومأسيكم التي يبدو أن لا نهاية لها. هل عقد الأشرار العزم على إبادتكم؟ وإلا كيف تحدث هذه المجزرة التي راح ضحيتها العشرات بينهم كاهنين وفي داخل بيت العبادة وكنيسة سميت بإسم "سيدة النجاة، العذراء مريم".
بيت " سيدة النجاة" حوله إلى بيت " أم المذابح".

وكي نظهر تعاطفنا ومشاركتنا أشقائنا الشهداء وأهاليهم وأحبائهم في هذ المأساة التي حلت بشعبنا المسالم، نهيب بأبناء وبنات كنيستنا الكلدانية والكنائس الشقيقة الأخرى المشاركة في الصلاة والقداس.

نجيب إيشو
مجلس خورنة كنيسة يونشبك للكدان

226
إزدياد عدد طالبي اللجوء من العراقيين في سوريا، لا سيما من المسيحيين العراقيين

في أخر بيان لها (رابط 1)، قالت المفوضية السامية لشؤون الاجئيين أن طلبات العراقيين في سوريا للتسجيل كلاجئين في إزدياد لا سيما في الأشهر الخمسة الماضية.

وقال البيان أن عدد طالي اللجوؤ من العراقيين إزداد بصورة مثيرة منذ أيار حيث وصل إلى 3500 شخص في أب الماضي .وقال البيان أن أغلب القادمين الجدد من سكنة بغداد والموصل. 

ولا زالت أرقام العوائل المسيحية كبيرة جدا، حيث تظهر السجلات الكنسية أن عدد العوائل المسجلة لدى كنيسة المشرق الكلدانية في دمشق فقط أكثر من 2000 عائلة حاليا وأن عدد العوائل المسجلة لدى كنيسة المشرق بفرعيها الأشوري والقديم أكثر من 3000 في دمشق فقط. هذا عدا الكثير من العوائل غير المسجلة والاف العوائل التي تقطن المحافظات السورية الأخرى.

وأكدت المفوضية في بيانها أن الغالبية العظمى من المهاجرين العراقيين في سوريا ترفض العودة إلى العراق.

وقد كنت في سوريا في الأسبوع الماضي لحضور جنازة والدتي التي توفيت في  الغربة في دمشق.

وأدى التواجد الكثيف لللاجئين المسيحيين العراقيين إلى ضغط كبير على الخدمات التي تقدمها الكنائس.

وعند إنتظاري للقاء الأب فريد، خوري كنيسة المشرق الكلدانية، لبضع دقائق فقط، شاهدت أربع عوائل كلدانية تدخل غرفة السكرتارية وقد وصلت مؤخرا وتود التسجيل بغية حصولها على المساعدة.

وأكد الأب فريد في لقاء مقتضب ما أوردته المفوضية في بيانها وأن هناك إزدياد ملحوظ في مغادرة المسيحيين العراق في الأشهر الأخيرة.

وقد رفع هذا الكاهن الغيور شعار "الفقراء سادتنا" قائلا: "ما أكثرهم هنا".

 سألته إن كانت الخدمات التي يقدمها حصرا على الكلدان، أجاب بقوة : "ما هذا الكلام. هذه كنيسة الكل، الكلدان والسريان والأشوريين والأرمن وحتى المسلمين المحتاجين."

وتقدم كنيسة المشرق الكلدانية في دمشق من خلال عيادتها طبابة مجانية تشمل الفحص الطبي، وصرف الأدوية، والأشعة وحتى بعض العمليات إضافة إلى مساعدات عينية.

إلى أن الفقر المدقع بين اللاجئين المسيحيين العراقيين ظاهرة لا يمكن إغفالها عند الذهاب إلى أي كنيسة. وهذا ما شاهدته بأم عيني في كنيسة الروم الكاثوليك في جرمانة وفي كنيسة القديسة تريزا للكلدان في باب توما.

الأرامل والأيتام والمقعدون وبعض كبار السن والأشخاص الذين لا مصدر رزق خارجي لهم يتهافتون على المحسنين مقبّلين إيديهم لا بل حتى أرجلهم إن منحوهم ما مقداره عشرة دولارات.

وكثير من الناس يأتون لقداس يوم الأحد ومعهم صحون وأكياس لحمل ما يستطيعون من الأرزاق والطعام التي يقدمها بعض المحسنين لا سيما إذا علموا أن القداس سيتظمن صلاة على راحة الموتى.

وقد إزدحمت المقابر لدرجة أن مقبرة الكلدان في دمشق أخذت لا تستوعب الموتى لصغر مساحتها البالغة حوالي 250 مترا مربعا.

وبُنيت مؤخرا غرفة توضع فيها التوابيت واحد فوق الأخر ويقال أنها للفقراء إلا أن الدفن للشخص الواحد يكلف حوالي 300 دولار.

أما الأغنياء فبإستطاعتهم شراء سراديب (صانديق إسمنتية) بنيت واحد فوق الأخر يكلف المتر المربع الواحد منها حوالي 1500 دولار.

إننا شعب مضطهد، رحال. شعب دون مقابر ثابتة.

ونحن كتاب المهجر من أبناء شعبنا الواحد المهاجر، المتخمين من صدقات الضمان الإجتماعي في بلداننا، قد غرقنا في جدلنا البيزنطي حول أحقية وأفضلية إسم على أخر، أو قومية على أخرى، ونتحدث دون خجل عن "ثقلنا الديمغرافي" في العراق لأغراض التعداد ونحن على شفا الغرق والإنقراض.

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj.se


رابط 1

http://www.unhcr.org/4caf376c6.html

227
معاني ودلالات زيارة المطران بشار وردة  للمدارس السريانية في عنكاوة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj.se



مقدمة

كانت زيارة ميمونة تلك التي قام بها  المطران بشار وردة رئس  أساقفة اربيل لكنيسة المشرق الكلدانية للمدارس السريانية في مدينة عنكاوة (رابط 1).  لقد أثلجت هذه الزيارة صدور كل مثقفي شعبنا الواحد بتسمياته المختلفة لا سيما الكلدان منهم.

زيارة المدارس والإهتمام بها من قبل المسؤولين وأصحاب الشأن ليست بالأمر الغريب حيث يتطلب من صحفي واستاذ جامعي كتابة مقال منفصل عنها. هكذا زيارات تعد من المسلمات عند الشعوب المتمدنة.

بيد أن الزيارة هذه تعد فتحا بالنسبة لنا نحن الكلدان لا سيما الجناح الوحدوي بيننا والذي يمثل الغالبية العظمى من أبناء شعبنا.

العودة إلى الجذور

زيارة المطران بشار وردة تأتي بعد أن نسي الكثير منا نحن الكلدان أو تغاضى عن تراثه ولغته وثقافته وأدبه وراح يقلب صفحات تاريخ ولغة وثقافة أمم لا صلة لهم بنا، مقلدين بذلك الصحوة المتأخرة التي ظهرت لدى أبناء شعبنا من الأشوريين من الذين يتصورون أنهم أبناء وورثة أشور وليس ورثة التراث والحضارة واللغة السريانية.

أن يفعل الطارئون والإنقساميون ذلك فهذا تحصيل حاصل لأنهم لا يدركون أهمية ومكانة هذه اللغة في الحضارة الإنسانية ودور العلوم التي تكتنفها والعلوم التي نقلتها في الحفاظ على هذه الحضارة من الضياع.

يقفز الإنقساميون والفئوييون من ابناء شعبنا فوق وعلى هذه اللغة لأنها ترعبهم وتشخص أخطاءهم وخطيئتهم التي لا تغتفر في تهميش وتفتيت وتقسيم شعبنا.

وكعالم لغة أضفي دلالات ومعاني كبيرة على زيارة المطران للمدارس السريانية في عنكاوة وأمل أن أكون مصيبا في ما أنا ذاهب إليه في هذا التحليل.

لغتنا سريانية

هذا المطران الشاب يقول لنا في هذه الزيارة أن لغتنا – نحن الكلدان الأشوريين السريان – لغة  واحدة إسمها السريانية وليس الأشورية الغربية او الأشورية الشرقية او الكلدانية كما يحلو لبعض الطارئين على ثقافتنا تسميتها. على مثقفي شعبنا عدم السماح لهؤلاء تشويه إسم اللغة التي تجمعنا كما حدث وفي غفلة منا إلصاق أسماء غريبة على كنيستنا المشرقية وصارت هذه الأسماء مثار جدل وإنقسام أدى إلى تفتيت وتهميش دورنا الحضاري ومكانتنا بين الأمم.

من وجهة نظري أن مطراننا الشاب الذي لم تمض على رسامته عدة أشهر شغوف بهذه اللغة ومهتم بالمدارس التي تقوم  بتدريسها. لذا أمل أن تستمر هذه الزيارات وأن تلقى كل المؤسسات السريانية من المدارس والمديريات والأقسام الجامعية مزيدا من الإهتمام من قبلنا نحن الكلدان لا سيما كنيستنا وأساقفتنا.

أول زيارة

وإن كانت هذه أول زيارة من نوعها – حيث لم يحدث أن قام رجل دين كلداني بمثل هكذا زيارة سابقا – نأمل أن نرى مطارنة أخرين يحذون حذو المطران بشار وردة وأن يساهموا في رفد ودعم هذه المؤسسات.

فأنا على إتصال بقسم اللغة السريانية في جامعة بغداد ويحزنني القول أن هذا القسم والذي أعتبره نبضنا الثقافي لم يحظ حتى هذه اللحظة بزيارة أي مسؤول من أبناء شعبنا من العلمانيين والأكليروس رغم الدعوات التي توجه لهم في المناسبات مثل المؤتمرات والدراسات التي يعقدها او بمناسبة  حفلات التخرج.

وينطبق الأمر أيضا على مديرية الثقافة السريانية في إقليم كردستان العراق. فهي ايضا نبضنا الثقافي فيها تتمثل وحدتنا وكوننا شعب واحد لايقبل القسمة والطرح. هذه المديرية يجب دعمها وزيارتها.

مستقبل كنيسة المشرق الكلدانية واللغة السريانية

وأكثر ما أثلج صدري هو الحدس الذي راودني فور قرأتي لنباء الزيارة. هذا الحدس مفاده أن هناك في كنيسة المشرق الكلدانية رجال دين كبار بودهم الحفاظ على هوية وخصوصية هذه الكنيسة والتي من غير الممكن الحفاظ عليها من الضياع  إن لم نعد إلى لغتنا الجميلة.

بمعنى أخر، يقول لنا هذا المطران الغيور كفى تعريبا وكفى تكريدا وكفي انكلزة (من الإنكليزية). علينا نحن الكلدان أن ننفض غبار التعريب وكل ما هو دخيل على تراثنا ولغتنا وثقافتنا. وكي أكون أكثر صراحة، يقول لنا المطران في هذه الزيارة التي إستقبله فيها التلاميذ بالنشيد السرياني الخالد – صلوثاخ أوون – ان كتاب الصلاة – الحوذرا- وأن الطقس والليتورجيا السريانية جزء مكمل لوجودنا وهويتنا وان كنيسة المشرق الكلدانية ستضيع وتندثر إن غادرت هذا التراث.

ونأمل أن يقرن المطران زيارته للمدرسة السريانية بأفعال على أرض الواقع في أبرشيته والتي هي واحدة من أكبر ابرشيات كنيسة المشرق الكلدانية في العراق. في هذا الصدد أمل أن يصبح تدريس اللغة السريانية والتراث الكنسي السرياني الذي لا مثيل له في العالم بقدمه ومعانيه وتنظيمه وموسيقاه  جزءا  من فعاليات الخورنات وأن يصبح هذا الأمر واحدا من الأمور الأساسية عند التقييم.

دعوة لتدريس اللغة السريانية

ويجب أن لا يقتصر تدريس اللغة السريانية على أبرشية المطران بشار وردة. كل الأبرشيات والخورنات الكلدانية في داخل العراق وخارجه عليها القيام بخطوات حثيثة لتدريس هذه اللغة وإبراز نشاطات كهذه في الإعلام.

الزيارة تدعونا نحن الكلدان إلى دعم كل جهد يسهم في إعلاء شأن هذه اللغة والحفاظ عليها من الإندثار. على الأباء تشجيع أبنائهم على الإنضمام إلى هذه المدارس إن كانت ضمن رقعهم الجغرافية وعلينا جميعا صغارا وكبارا الدخول في الدورات التي تعد من قبل الكنيسة او غيرها من المؤسسات لتدريس هذه اللغة لا سيما في المهجر.

وأملي كبير أن لا يقتصر وجود المدارس السريانية في داخل العراق فقط. علينا التفكير مليا في فتح مدارس سريانية في الأصقاع التي هاجرنا إليها.

وكلي أمل أن أرى المطران بشار وردة مع أشقائه من الأساقفة الأخرين من الكلدان الأشوريين  السريان وهم يضعون حجر الأساس للجامعة السريانية في بغديدا في المستقبل القريب.

هويتنا لغتنا

إذا تكلمنا عن هويتنا الكلدانية أو وجودنا ككلدان فهذا لن يتم إن لم نتشبث بهذه اللغة وتراثها وفي اللحظة التي نفعل ذلك نكتشف أننا – الكلدان اشوريين السريان – شعب واحد.

كل من يقول أنه كلداني ولا يحب هذه اللغة ولا يفضلها على أية لغة أخرى إن كان من العلمانيين أو الأكليروس يكذب في قوله هذا. لأن ليس هناك شعب يدّعي الوجود ويحمل هوية خاصة به لا يحب لغته. والأخوة الأكراد خير مثال على ذلك حيث نفضوا غبار التعريب عن أنفسهم بوقت قياسي بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003.
 
كلمة عتاب

وليسمح لي القراء الكرام أن أعاتب نفس ككلداني ومعي كل الكلدان من أننا على وشك فقدان هويتنا لأن أغلبنا لا يحب اللغة القومية وتراثها وثقافتها. اللغة هي أم العلوم، لولاها لا وجود لأي شعب كان.

فهل ستوقظ زيارة المطران بشار وردة فينا هذا الحب ونبدأ بنفض غبار التعريب عن كنيستنا اولا وعن أنفسنا ثانيا؟

-------
رابط 1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,447585.0.html

228

أستاذ أبلحد أفرام: البيت الكلداني الوحدوي بألف خير

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد


leon.barkho@ihh.hj.se

من حق الأستاذ أبلحد أفرام النظر بتشاؤم إلى البيت الكلداني لأنه يراه فقط من وجهة نظر حزبه التي تريد تقسيم شعبنا الواحد إلى فئات وقوميات متعددة. (رابط 1)

أما الوحدوييون في البيت الكلداني – ويشرفني أن أكون واحدا منهم – لهم وجهة نظر مختلفة تماما. نحن نرى بيتنا الكلداني بألف وألف خير.

نحن الوحدويين أيضا جزء من البيت الكلداني إن شاء الإنقساميون من إخوتنا وأخواتنا أم أبوا. نحن نرى غير ما يراه الإنقسامييون بين صفوفنا.

بيتكم، يا أستاذ أبلحد، لا أساس له لأنه مبني على الرمل شأن البيت أو البيوت الهشة التي بناها أشقاؤنا الأشوريين وجروا علينا بتعصبهم وقفزهم على وفوق الحضارة واللغة والتاريخ والتراث الذي يجمعنا ويلات لا سبيل إلى سردها.

واليوم يأتي بعض من أشقائنا الكلدان ليبنوا لنا بيتا عنكبوتيا يأخذنا بعيدا عن الشراكة التي تجمعنا بأخوتنا من السريان والأشوريين بقفزهم على وفوق هذه الشراكة.

تتهم ضمنا البيت الكلداني بأنه لا يدرك "قوة الحضارة الكلدانية". أية حضارة تقصد؟ أهي حضارة أنكيدو وأكيتو ونبوخذنصر ونبورماني أم حضارة مار أفرام وشمعون برصباعي ومار ماروثا  وحنين بن إسحق وأل بختيشوع ويوحنا بن ماسويه ويوحنا بن البطريق وإسطيفان بن باسيل وروبيل وتاوفيل بن توما وابن زرعا وأخرون من عمالقة العلم والمعرفة والترجمة الذين لولاهم لضاع التراث البشري ولكان حال الدنيا غير ما هي عليه اليوم؟

من حقك وأقرانك الإنقساميين أن يسيطر عليكم التشاؤم كما يسيطير اليوم على الإنقساميين من الطرف الأخر لأنكم سوية في واد غير الوادي الذي يجمع الوحدويين من البيت الكلداني المتفائل الذي لا يرى أي ربط وجداني وكتابي ومعرفي وتراثي وأدبي مع ما ترونه أنه "حضارة الكلدان" كما يراه الطرف الأخر ويسميه "حضارة أشور".

غادروا هذه النغمة والتي مع الأسف الشديد أخذت تأخذ حيزا في أدمغة بعض الأكاديميين من الألقاب الثقيلة فبدلا من أن يتحفونا بمقالات عن علمائنا وفلاسفتنا وحضارتنا وتراثنا الكتابي الذي لا زلنا نقراءه ونستوعبه والمكتوب بلغة قريبة جدا من لهجاتنا والمترجم إلى معظم اللغات الحية راحوا يقلبون صفحات كتب عن حضارة وفلسفة أقوام لا يفقهون لغتهم و لا رابط وجداني لهم معهم.

 أيهما أفضل ان نكتب عن تراثنا وفلسفتنا وحضارتنا وعلومنا وأدبنا السرياني الذي يحتلنا من كل جهة والمتوفر في معظم اللغات الحية أم ننسخ مقالات عن بابل وأشور والكلدان والأشوريين القدامى؟ أقولها صراحة، كما قلتها في مقالات سابقة، نحن شعب على شفا الإنقراض لأننا أصبحنا تحت رحمة الطارئيين على تراثنا وثقافتنا ولغتنا وفلسفتنا وعلومنا السريانية والتي، وليس تبجحا، لا مثيل لها في تاريخ البشرية لأنها كانت البوتقة التي حافظت على التراث الإنساني من الضياع.
 
بيننا وبينكم هوة كبيرة. أنتم الأنقسامييون، كلدانا وأشوريين، تاخذوننا إلى "الحضارة الكلدانية والأشورية" التي لا تتحدثون لغة أقوامها ولا رابط وجداني وكتابي وأدبي لكم معها. نحن الوحدويين من كل الأطراف لا نقفز فوق تاريخنا ولغتا وتراثنا الكتابي لأنه بإستطاعتنا قرأته والتواصل معه وجدانيا وحضاريا وهذا التراث يحيط بنا من كل جهة ونحن فخورون به.

مبروك لكم – كل الإنقساميين من أي طرف كانوا – أنكيدكم وأكيتكم وأشوركم ونبوخذنصركم. أتركونا رحمكم الله ان نتغنّا وننشد ما سلمه لنا مار شمعون برصباعي ومار أفرام ومار ماروثا. أتركونا نفتخر ونتباهى بحنين بن إسحق وأل بختيشوع ويوحنا بن ماسويه ويوحنا بن البطريق وإسطيفان بن باسيل وروبيل وابن العبري وتاوفيل بن توما وغيرهم كثيرون.

أتركونا نرفع أعلامنا ولافتاتنا ونكتب عليها نحن أحفاد مدارس وجامعات الرها ورأس العين وقنشرين وأنطاكية  ونصيبين. واتركونا عسى ولعل نفلح في الحفاظ على لغة العمالقة من أجدادنا الحقيقيين ولغة جامعاتنا ومدارسنا التي لم يرى التاريخ مثلها كي نفلح بتدريسها في بعض المدارس  ويمكننا الله إنشاء الجامعة السريانية في بغديدا التي صارت حلم كل المثقفين في البيت الكلداني والبيت الأشوري والبيت السرياني.

نعم يحق للإنقساميين أن يكونوا متشائمين وخائفين أيضا، كلدانا كانوا او أشوريين أو سريان. هذا الشعب الواحد سيلفظ كل من يريد تشتيته وتهميشه وتقسيمه لأنه أساسا شعب عل شفا الإنقراض وشعب مضطهد ومسكين.

أستاذ أبلحد، أنت تقول أن عدد المسيحيين في العراق قد لا يصل إلى 400 ألف، وأقول أن هذا العدد مبالغ فيه جدا. أي أننا بعد أن كنا نشكل الغالبية من سكان بين النهرين (عراق اليوم) إلى عهودد ليست ببعيدة أصبح عددنا أقل من الأخوة التركمان واليزيدية وربما الشبك ومع كل هذه المأسي تريدون طرحنا وتقسيمنا؟ هل تعلمون أية خطيئة تقترفون يا أيها الإنقسامييون إن كنتم كلدانا أم أشوريين؟

وضعف الإنقساميين وخوفهم ظاهر للعيان لأنهم لا يستطيعون الوقوف على أقدامهم فيريدون جرّ المؤسسة الكنيسة إلى جانبهم إضافة إلى النوادي والجمعيات. أليس هذا ما ترغب فيه يا أستاذ أبلحد ويطلبه الإنقسامييون من كل الأطراف.

تريدون تحوير رسالة كنيسة المشرق من عيتا قديشتا شليحيتا قاثوليقي – كنيسة مقدسة رسولية جامعة – وجودها قائم من أجل البشارة والمسرة بالكلمة التي صارت إنسانا وحلت فينا، إلى كنيسة تتحول ألقاب اساقفتها من مبشرين بالكلمة إلى "أسود الكلدان ونمور أشور".

نحن الوحدويين في البيت الكلداني متفائلون وبألف خير لأننا على يقين أن الشعب الواحد الذي ننتمي إليه لا يقبل القسمة ولا الطرح. الذي يجمعنا لا يمكن تقسيمه وطرحه لأننا شعب واحد. ولهذا كلنا كلدان وكلنا أشورييون وكلنا سريان.

ليكن هذا شعارنا وعداه فالإنقراض أمامنا والفناء ورأنا. ومن له أذنان للسمع فليسمع.

 
رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,444625.0.html


229
إفتتاح كنيسة مريم العذراء لكنيسة المشرق الكلدانية في شوبنك


في إحتفال مهيب حضره جمع من المؤمنين تم إفتتاح كنيسة مريم العذراء في مدينة شوبنك في السويد في الحادي عشر من الشهر الحالي، أيلول.

وبهذا يكون أبناء كنيسة المشرق الكلدانية في هذه المدينة والذين لا يتجاوز عددهم 130 شخصا قد حققوا حلمهم في شراء كنيسة خاصة بهم وإفتتاحها رسميا، الأمر الذي لم يستطع القيام به مئات الالاف من الكلدان المتواجدين في مدن او دول أخرى إن في السويد او غيرها.

وقصة هذه الكنيسة تستحق الرواية لأنها تظهر أن القيادة الحكيمة متى ما ظهرت في مكان ما إستطاعت صنع المعجزات – فهنيئا لنادي أسيرسكا للكدان الذي إشترى هذه الكنيسة الجميلة وبعمله هذا وضع قادة النوادي الكلدانية الأخرى أمام المحك والإمتحان.

والمنجز الكبيرهذا جدير بالدراسة لأن الحياة برمتها من الصعوبة بمكان فهمها وإستيعابها دون إجراء مقارنات ومقاربات. ولا يمكن إستيعاب هذا المنجز وعمل أصحابه إلا عند وضعه في إطار عمل النوادي الكلدانية الأخرى وفي أماكن ومدن يبلغ عدد أبناء كنيسة المشرق الكلدانية عشرات الالاف.

وكان نادي أسيرسكا للكدان في المدينة قد أعد برنامجا شاملا للإحتفال بهذه المناسبة حضره عدد من رجال الدين من الكنائس المختلفة وبينهم مسؤولين في مجلس بلدية شوبنك.

وستضاف الكنيسة إلى مطرنية الكاثوليك السويدية في إستوكهلم إلا انها ستدار ماليا وإداريا من قبل الهيئة الإدارية لنادي أسيرسكا – وبهذا يحقق مسؤؤلي هذا النادي المتواضع والصغير إنجازا كبيرا أخر نأمل ان تحتذي به النوادي الكلدانية  الأخرى.

ولم يبخل المؤمنون من أبناء كنيسة المشرق الكلدانية حيث مدوا أيديهم بالتبرع – وهذا ليس غريبا على أبناء هذه الكنيسة العريقة حيث السخاء واليد الممدودة شيمة من شيمهم البارزة لا سيما عندما يتعلق الأمر بالشؤون الكنسية.

ورفض أعضاء هيئة نادي أسيرسكا البوح بأرقام التبرعات إلا أنهم قالوا ان المبالغ التي وصلتهم فاقت توقعاتهم.

وقد حرص مسؤولوا النادي إتباع شفافية فائقة في الأمور المالية حيث يتم منح وصل مصدق لأي تبرع مهما كان مقداره وهناك سجلات دقيقة للأمور المالية حيث يتم وضع أي مبلغ يردهم في الحساب البنكي الخاص بالنادي اولا ولا يتم الصرف إلا من خلاله – ويا ليتنا نتعلم نحن ونوادينا وكنائسنا من شفافيتهم.

وتأسيسا على هذه الشفافية يحث أعضاء الهيئة الإدارية لنادي أسيرسكا كل الأخوة الذين بودهم التبرع إلى إرسال مبالغهم مباشرة إلى العناوين البنكية التالية:


حساب سانتا ماريه داخل السويد
8182-813084920-1
santa maria kyrka

رقم الحساب من خارج السويد
ban.se1480000818280130849201
banken big/swedesess




230
لماذا أصبحنا نحن الكلدان الأشوريين السريان على هامش الحضارة والثقافة الإنسانية وعلى شفا الإنقراض (1)

ܫܪܓܐ ܘܢܘܗܪܐ ܐܥܘܗ ܥܘܠܦܢܐ
ܬܘ ܢܬܒܤܡ ܡܢ ܫܩܥܗ
ܘܢܪܕܐ ܒܫܥܠ ܦܘܩܕܢܘܗܥ


العلم سراج ونور
تعالوا نروي ظمأنا من ينبوعه
ونسلك حسب وصاياه

(مار ماروثا السرياني، اسقف ميافرقين)

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

إرتأيت أن أستهل هذا المقال بنص من التراث واللغة والحضارة التي تجمعنا نحن الكلدان الأشوريين السريان. وهذا النص مقتبس من مار ماروثا السرياني، واحد من كتابنا الكبار الذي عاش في مستهل القرن الخامس الميلادي وترك لنا كنوزا لا تثمن ومن ضمنها صلاة الشهداء التي كنا نرتلها في كافة كنائسنا صباحا ومساءا. والنص مقتبس من صلاة الرمش لمساء يوم الجمعة.

من منا كان يعرف مار ماروثا قبل ان يقحمه الإنقساميون في معمعة التعصب الأعمى الذي يكاد يغرقنا ويأتي على البقية الباقية من شعبنا؟ قبل أكثر من 1500 عام أدخل هذا الأسقف الجليل العلم بعبارات ولغة سريانية لا يمكن أن يكتب أجمل منها ضمن صلاة المؤمنين. "العلم سراج ونور". يا له من قول حكيم من حكيم لا نستحق اليوم، نتيجة لتشرذمنا وسيطرة الجهل والأمية علينا، أن يكون واحدا من أجدادنا العظام.

ولأننا لا نستحق أن نكون أحفاد أمثال مار ماروثا، إقتبست الشعوب الأخرى أقواله وجعلتها نبراسا تهتدي بها في عصر اليوم. ماذ فعلنا نحن؟ غادرنا مار مارثوا والعظماء من أمثاله وقفزنا عليهم وفوقهم وأخذنا أنفسنا إلى شعوب سحيقة في القدم لا رابط وجداني وكتابي ولغوي وثقافي لدينا معهم. الإنقساميون الكلدان قفزوا إلى نبوخذنصر وعلوم الكلدان ولغتهم التي لا يعرفون عنها شيئا والإنقساميون الأشوريون قفزوا إلى أشور بانيبال وخيرهم لا يستطيع فك طلسم واحد او قراءة كلمة واحدة في كتاب من مكتبته.

ماذا فعل الإنقساميون بنا؟ إنهم جعلوا منا أضحوكة أمام العالم الذي أخذ منا مار ماروثا ومقولته الشهيرة " العلم سراج ونور، تعالوا نروي ظمأنا من ينبوعه، ونسلك حسب وصاياه" وتركونا نركض لا هثين وراء شعوب لا نفقه ما كتبت ولا نستطيع التواصل مع رموزها وشعرائها وكتّابها وثقافتها ولغتها وتراثها. بمعنى أخر فضلنا حجارتها وأصنامها على مار ماروثا وشعره الرائع وكلماته وعباراته ولغته وثقافته وتراثه وألحانه، أي فضلنا الحجارة والأصنام على لغتنا وثقافتنا وتراثنا وأدبنا وشعرنا.

وسقطنا سقوطا مدويا من العلو الذي كنا قد بلغناه بفضل أمثال مار ماروثا. هل يجوز لأمة ترك أناشيد وأشعار وأنغام وموسيقى والحان كاتب مثل مار ماروثا وإستجداء  العلم من الحجارة والأصنام والكتابات الكلدانية والأشورية التي لا صلة لنا بها؟

وبدلا من أن نحافظ على تراتيل ومقامات وموسيقى وحكمة مار ماروثا وأمثاله، ضربناها عرض الحائط وفضلنا كل ما هو دخيل وأجنبي عليها. اليوم نحب كل اللغات إلا لغتنا السريانية وننشد كل التراتيل إلا تراتيل مار ماروثا وصحبه ونقرأ كل اللغات غير لغتنا ونتباهى بكل الأقوام غير القوم الذي نحن منه وإليه – التراث واللغة والثقافة السريانية.

ولأننا تركنا حكمة مار ماروثا أصبحنا مثل الرهائن في يد الإنقساميين. لا أعلم ماذا كان سيقول ما ماروثا لو قرأ رسائل الإستجداء التي كتبها خلفائه المنقسمين على أنفسهم، كبار رجال ديننا، إلى المسؤوليين العراقيين من العرب والكرد وهم يستجدون جعل الكلدان أو الأشوريين قوميات منفصلة في الدستور.

ولا أعلم ماذا كان سيقول مار ماروثا للطارئين على ثقافتنا ولغتنا من الذي يطلقون عليها "الأشورية الشرقية والأشورية الغربية" ويسكبون مزيدا من الوقود على نار التعصب التي تكاد تأكلنا جميعا.

ولست أدري ماذا كان سيكون رد فعل مار ماروثا عند قرأته لمقالات تتحدث عن إنجازات الكلدان او الأشوريين القدامى من الذين لاناقة ولا جمل لنا معهم ولا تذكر حرفا واحدا عنه وعن أمثاله من الذين لولاهم لضاع الإرث الإنساني ولما كانت الدنيا والحضارة والمدنية على ما هي عليه اليوم.

وبالتأكيد كان سيأخذه العجب كل العجب لو علم أننا تركناه وأقرانه مع أشعارهم وكتاباتهم وألحانهم وفولكلورهم وخطفنا الإنقساميون من بيننا وأخذونا رهائن لأكيتو الذي لا نعرف من هو و لانعرف لغة قومه وثقافتهم وتراثهم. يا أيها الإنقساميون أعطوني مخطوطة من مخطوطاتنا تذكر فيه إسم أكيتو؟ أنظروا ماذا فعلتم بأنفسكم وبنا.

ولأننا قلبنا شعار ما ماروثا على عقب وجعلناه "الجهل سراج ونور" صارت كلمة الطارئيين هي المسموعة. فهذا يتحدث عن علوم الفلك والرياضيات لدى الكلدانيين وكأنه واحد منهم وهو ليس كذلك وذاك يتحدث عن أشور وكأنه الإله الذي لولاه لما كانت الخليقة.

وكل هؤلاء – وهم إخوتنا وأشقاؤنا – قد أعمى التعصب بصرهم وبصيرتهم. ولأنهم عميان – رب أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يقولون وماذا يفعلون – تراهم يكررون مقولات إن حللتها رأيتها دون معنى وتنم عن جهل مطبق. ماذا تقول للذي يصيح  ويكتب أنه "أشوري من بطن أمه" وما ذا تقول للذي كلما كتب إسمه ألحقه "كلداني القومية – كاثوليكي المذهب". الإثنان في ظلام وحرام أن يكون مار ماروثا وربعه وصحبه من اعلام ونوابغ الحضارة الإنسانية من أجدادهم.












231
كل هذه الشراكة في اللغة والتراث والتاريخ والإنقساميون كلدانا وأشوريين يقولون لسنا شعبا واحدا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

نحن الكلدان الأشوريين السريان شعب على شفا الإنقراض. لغتنا السريانية أخذة بالإندثار إن لم تكن قد إندثرت لأنها لا تظهر في قوائم اللغات الحية في العالم والبعض منا لا يكترث على الإطلاق بتراثنا وأدبنا السرياني الذي كوّن منا بوتقة واحدة إنصهرنا فيها وأصبحنا بمثابة سبيكة لا يمكن تجزأتها. وأستمرت هذه الشراكة بالتراث واللغة والأدب والتاريخ أكثر من عشرين قرنا، أي الفي سنة.

وأعدادنا أخذة بالتناقص ووجودنا في أرض الأجداد عل كف عفريت. وبينما يتبارى الإنقساميون في تعصبهم الأعمى لتمزيق هذا الشعب المظلوم والمضطهد مرة بالإتكاء على المذهبية وأخرى على القومية وأخرى على التسمية قبل تعداد السكان العام في العراق، أقول جازما أنهم ومن أي جهة كانوا سيصابون ونحن معهم بخيبة أمل كبيرة.

عددنا في العراق أقل بكثير مما نتصور ومسألة إنقراضنا في أرض الأجداد مسألة وقت فقط.

 والإنقساميون من الكلدان والأشوريين يشكلون خطرا كبيرا على وجودنا ولغتنا وحضارتنا وتراثنا وتاريخنا. السبب بسيط. إنهم يقفزون على وفوق القرون العشرين ويأخذوننا إلى أقوام لا ناقة ولا جمل لنا بهم. ولأنهم لا يعرفون شيء عن القرون العشرين ونيف التي تجمعنا كشعب واحد، تراهم يقفزون إلى ما تعلموه من الكتب المدرسية والتوراة التي لا يعتد بها أكاديميا كمصدر أساسي.

أنصح أبناء شعبنا الواحد أن يكونوا على بينة من الخطر الذي يشكله هؤلاء لأن التعصب قد اعمى بصرهم وبصيرتهم. ولهذا تراهم يفشلون في أي إختبار علمي او أكاديمي تجريه لهم وإنني ما زلت أنتظر إجابتهم على الإستبيان الأكاديمي الذي وضعته للمنادين بقوميات منفصلة (رابط 1). إنهم سيفشلون فيه مثل فشلهم في إمتحان الحوذرا (كتاب الصلوات المشترك) وكتابات مار ماروثا السرياني.

 ولتبرير مواقفهم تراهم يهرعون إلى المصادر ويبحثون عن كلمة واحدة (كلدو أو أشور) وإن وجدوها إقتبسوها خارج سياقها وساقوها وكأنها الدليل الذي ساقة أنشتاين للبرهنة على نظريته. وأكثر هؤلاء لا يعترف بالتراث واللغة والحضارة السريانية التي أنصهرنا في بوتقتها. ينسى لا بل يتناسى هؤلاء كل هذا التراث والأدب السرياني الذي أنجب فطالحة من أبناء شعبنا لا زال العالم يقف لهم إجلالا لمساهماتهم في الحضارة الإنسانية وينسبوننا إلى أمم لا تواصل كتابي وثقافي وحضاري ولغوي لنا معهم.

فهذا يتحدث عن القومية الكلدانية وذاك يتحث عن القومية الأشورية وكأنهم يتبعون أقواما لا شراكة بينهم. الشراكة التي تجمع الكلدان الأشوريين السريان قوية وصلبة لا يمكن تمزيق عرى تشابكها مهما حاول هؤلاء الإنقساميون تجزئتها. هذه العرى أكثر صلابة وقوة مما يجمع أكراد بهدينان وسوران على سبيل المثال لا الحصر.

ولأنهم فقدوا المنطق والحجة بدأوا إستخدام خطاب لا يقبله الذوق والحس السليم. وهاكم بعض من العبارات التي يطلقونها على الوحدويين الذين يريدون جمع شمل شعبنا من أمثالي:  "المتأشورن، المتكلدنون، من المحسوبين والإنتهازيين  والذيليين والوصوليين وعبدة المصالح الخاصة، لم يبقى للحياء اية بقعة على وجوههم الصفراء ..."

ولأننا مشتتون ولأننا لا نقدر ونثمن تراثنا ولغتنا السريانية التي جمعتنا سوية لأكثر ما ألفي سنة، صرنا ضحية للخلافات المذهبية وجعلنا المذهب فوق التراث واللغة والقومية. فالإنقساميون مذهبيون في غالبيتهم ويغمضون عيونهم عن المصائب والكوارث القومية التي حلت بنا بسب تغليب المذهب على التراث واللغة والقومية، وقد ذكرت أمثلة على ذلك في مقالاتي السابقة.

واليوم لا زال الكثير منا ضحية المذهب وذلك بوضع مصيره بيد رجال الدين الذين بدلا من أن يكونوا خدمة رسالة السماء التي أتى به المسيح صار بعضهم بوقا للإنقساميين. فهذا يقف على المذبح وبدلا من  التحدث عن البشارة والمسرة يتباهى بأحجار وأصنام أشور وذاك ينام قرير العين فرحا لأن الإنقساميين لقبوه "أسد الكلدان".

اما نحن الأكاديميين فدورنا أخذ بالإضمحلال في صفوف شعبنا. فأنا شخصيا إحتضنتني واحدة من أرقى جامعات السويد وتشير إلى بالبنان في أمور الثقافة واللغة والإعلام وتعتبرني ذخرا لها، وكتبي ومقالاتي تدرس في أمهات الجامعات بينما الوصف الذي أتاني من أحد أبناء شعبنا كان "دون دكتور"، وتعني بلهجة القوش "دوني". أقبله منه برحابة صدر. يردونني أن أصبح إنقساميا، عندئذ تنهال علي المدائح إن من الكلدان أو الأشوريين، إعتمادا على الإصطفاف. لكنني غير راغب في مديحهم وسأبقى وحدوي الهوى.

الوقت عصيب ولن يقينا من الضياع والإندثار بكل ما نملكه من ثقل ثقافي وحضاري وأدبي ولغوي يمتد لأكثر من ألفي سنة إلا رصّ الصفوف والوحدة.
 ----
رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=401532.0


232
قراءة في بيان مؤتمر زوعا السادس: أقوال حسنة تتطلب أفعالا حسنة

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
 السويد
 leon.barkho@ihh.hj.se

المقدمة

أنهى زوعا مؤتمره السادس ببيان يدرج فيه مواقفه وسياساته  للسنين القادمة. وقد قرأت البيان بإمعان. وما شدني إليه كان خلوه من التشنج، والهدوء في تناول القضايا التي تخص مصير شعبنا الواحد الكلداني الأشوري السرياني. فالبيان وحدوي المنهج يختلف إختلافا كبيرا عن التشنج والضياع وقلب الحقائق والتشبث بأهداب رجال الدين والمؤسسات الكنسية . فغاب في بيان زوعا الخطاب الهجومي والإقصائي والتشهيري لبعض الأحزاب والمؤسسات الفئوية والإنقسامية لشعبنا. الكلمات حسنة وتشير إلى نهج سيكون له تأثير كبير ومباشر في صفوف شعبنا شريطة أن يؤدي إلى أعمال ونشاطات حسنة على أرض الواقع. وهذه قراءة نقدية في الخطاب أمل أن يتقبلها زوعا بصدر رحب.

أفضل الحسن

أفضل الحسن في الأقوال يتمثل في أمرين مهمين لهما مدلولات كبيرة وتؤشر المدى الذي وصل إليه خطاب زوعا في ما يخص النضوج السياسي وإدراك واقع شعبنا بتسمياته ومذاهبه المختلفة. فعندما يرد في البيان أن زوعا يقف على مسافة متساوية من التسميات ويعتز ويفتخر بها بصورة متساوية فهذا قول حسن.

 والقول الحسن قد يكون في غياب الأقوال غير الحسنة التي ترد في خطابات الإنقساميين. فما شدني إلى البيان ككلداني هو غياب إجترار مصطلحات مثل الأمة الفلانية والشعب الفلاني والقومية الفلانية والمذهب الفلاني.

البكاء على الأطلال

وأحسن الحسن في البيان هو التوقف عن البكاء على الأطلال الأشورية أو الكلدانية السحيقة في القدم. وأود أن أوكد في هذا المضمار ما أكدت عليه مرارا في المقالات السابقة أن الذين يفتخرون بهذه الأقوام السحيقة على حساب تراث ولغة وأدب وثقافة وحضارة شعبنا التي تمتد دون إنقطاع لأكثر من 2000 سنة يقفزون فوق وعلى التاريخ لأنهم على هامش الحضارة والتمدن، كما يقول أدونيس. ولهذا فإنهم يفشلون في إي إختبار بسيط إن سألتهم إن كان بإستطاعتهم التواصل مع تلك الشعوب من خلال اللغة اوالادب اوالشعر اوالرموز الثقافية والحضارية  الأخرى.

لغتنا السريانية الجميلة

 ويسعدني كباحث أن أرى  زوعا يمنح اللغة والحضارة والتراث السرياني الذي ننتمي إليه كلنا جل إهتمامه ويرفض إطلاق أسماء غريبة على لغتنا القومية الجميلة الا وهي السريانية، وشتان بينها وبين الأشورية أو الكلدانية.

بين الخطاب الوحدوي والخطاب الإنقسامي

والقول الحسن الأخر هو الإستعداد الواضح لزوعا كما ورد في البيان لأي تسمية تجمع شمل هذا الشعب المشتت والمضطهد وعدم تشبثه بتسمية محددة وترك الأمر لمؤتمر قومي عام.

هذه الأرضية  في الخطاب هي على النقيض مما يرد في خطاب الإنقساميين من أي فئة كانوا. وبهذا الخطاب الهادىء الوحدوي الذي يرى كل أطياف شعبنا الواحد بتسمياته ومذاهبه المختلفة متساوية كأسنان المشط أستطاع زوعا ضم هذه الأطياف بين جناحيه.

فالكلداني الزوعاوي ليس متأشورا كما يدعي البعض لأننا ومن خلالا قرأتنا للبيان لانرى أن زوعا يفضل الأشورية على حساب المكونات الأخرى. والكلداني الزوعاوي لايجب ان يخسر كلدانيته ولا يجوز أن نسميه "متأشورا" لأننا لا نتعامل مع الكلدان المنضوين في الأحزاب الكردية على سبيل المثال بنفس المنظار ونطلق عليهم تسمية "متأكردين".

زوعا والمؤسسة الكنسية

والحسنة الأخرى تتمثل في إبتعاد زوعا عن الخلافات المذهبية التي عصفت وتعصف بنا. مؤسساتنا الكنسية ذات المذاهب المختلفة غير جديرة بقيادة شعبنا سياسيا وتراثيا وحضاريا. بسب خلافاتها المذهبية خسرنا ما لم يخسره أي شعب أخر. ولولا هذا التناحر المذهبي لكنا اليوم في أقل تقدير سبعة ملايين إذا وضعنا في الحسبان الملايين من الهنود الكلدان الذين تركتهم المؤسسة الكنسية  في العراء كي تنهش فيهم الذئاب الكاسرة بإسم المذهب.

بين الأقوال الحسنة والأفعال الحسنة

على  زوعا ان يترجم الأقوال الحسنة التي وردت في البيان على ارض الواقع وان يتبع سياسة منهجية واضحة لا تفضل فئة معينة من أبناء شعبنا على الفئة الأخرى او مذهبا معينا على المذهب الأخر او تسمية معينة على تسمية أخرى.

وعلى زوعا أن يبني سياساته وأعماله ونشاطاته عل قاعدة أن الكل كلدان وان الكل أشوريين وأن الكل سريان إلى أن يلهمنا الله بإسم جامع لنا. هذه السياسة يجب ان يشعربها ويتلمسها الكل من المنضويين في خيمته ومن هم خارجها.

مدارسنا السريانية

على زوعا بذل مزيد من الجهود من خلال تواجده في أرض الأجداد وبالتعاون مع الأحزاب والمؤسسات المعنية بأمور شعبنا لإعلاء شأن اللغة القومية – السريانية – وذلك بفتح مزيد من المدارس التي تدرس بهذه اللغة والطلب من الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان تخصيص المبالغ الازمة للحفاظ  على لغتنا وثقافتنا وأدبنا وحضارتنا السريانية.

ولا يجب أن يكون إعلاء شأن التراث والأدب واللغة السريانية مقتصرا على الداخل – العراق. فشعبنا مشتت ومتواجد في أصقاع شتى وربما يبز عدد المقيمين في الشتات عدد الذين في الداخل. وعليه يجب التفكير في كيفية التواصل الثقافي والحضاري واللغوي مع هؤلاء.

الجامعة السريانية

ونأمل أن تشهد المرحلة المقبلة إفتتاح الجامعة السريانية في بغديدا. إن الشخص او الحزب او المؤسسة التي سيكون لها الباع الطويل في تأسيس هذه الجامعة سيدخل التاريخ. ومن هنا أدعو الأكاديميين من أبناء شعبنا في الشتات وأنا واحد منهم أن نعد العدة لليوم الذي نمنح هذه الجامعة، فور إفتتاحها، أفضل ما لدينا من علم. فأنا شخصيا سأضع إمكانياتي العلمية والاكاديمية – وهي لا بأس بها – تحت تصرف إدارة هذه الجامعة ضمن الظروف والإمكانيات.

كلمة أخيرة

وأخيرا أضم صوتي إلى صوت زميلي الكاتب الأستاذ بطرس أدم الذي ومن خلال إطلاعي عل كتاباته (رابط 1 ) يرى زوعا في طليعة تنظيمات شعبنا مما يضع على عاتقه مسؤليات جسيمة ومنها العمل على تأسيس جبهة موسعة يكون فيها للأطياف الأخرى من شعبنا لا سيما الكلدان دور يوازي عددهم وتأثيرهم.

-----------------------

 رابط 1
http://www.batnaya.net/forum/showthread.php?p=226960


233

تسعى أدارة موقع "عنكاوا كوم" أجراء عدد من التغيرات المهمة في الموقع خلال الفترة القادمة، ورغبة منا في الاستفادة من اراء ومقترحات القراء والزوّار الأعزاء وانطلاقا بمقال الدكتور "ليون برخو" الذي يعبر عن رأي كاتبه وليس بالضرورة عن رأي القائمين على الموقع، نفتتح باب النقاش "الهادىء" في الامور التي من شأنها تحسين الموقع وجعله في الصورة الأعلامية التي يرغب القراء مشاهدتها.

نتطلع الى أرائكم، ومقترحاتكم، الهادفة، والبناءّة في تعديل النواقص التي قد يعاني منها الموقع.

شكراً لتعاونكم....
عنكاوا كوم




موقع عنكاوة كوم يستقطب عددا قياسيا من القراء ولكن لا يزال أمامه مشوار طويل

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se
مقدمة

كأكاديمي إختصاصه الإعلام واللغة ومدير مركز إعلامي مؤثر في السويد إستوقفت كثيرا عندما عبر عدد القراء وفي غضون أيام محدودة سقف ال  10000  (عشرة الاف) للخبر المعنون " الطالبة هدير سعد دانيال الاولى على العراق في الدراسة الاعدادية بمعدل 99.83 بالمائة" (رابط 1). فتسألت مع نفسي، اليس هذا إنجاز يستحق الإشادة؟
وبداية أود أن أذكر القائمين على هذا الموقع أن هكذا نجاح له مبررات قد لا تعود جميعها إلى جهودهم وإمكانياتهم. مرات عديدة يتربع موقع إعلامي في الصدارة وذلك بسبب نوعية الحدث والسبق الذي يحصل عليه. والكبار في السن يتذكرون كيف أن جريدة لبنانية مغمورة إسمها "الشراع" ذاع صيتها في عالم الإعلام لأنها نشرت تقريرا في خضم الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات فحواه أن الويلايات المتحدة مدت إيران بالسلاح مقابل إطلاق الرهائن.
ولهذا أود أن تكون قلوبهم منفتحة للنقد مثل المديح. والإستئناس بالرأي الأكاديمي ميزة الشعوب المتمدنة والمتحضرة في عصر اليوم. ففي السويد لا تتخذ الحكومة والشركات منها الإعلامية قرارت حاسمة دون إستشارة الأكاديميين في الجامعات. وبالطبع يضمحل دور الأكاديميين لا بل يستهجن لدى الشعوب التي هي على هامش التمدن والحضارة أو التي تقفز فوق وعلى التاريخ كما يفعل البعض من ابناء شعبنا الواحد الكلداني الأشوري السرياني.

التمسك بالإنجاز أصعب من تحقيقه
لا أعلم إن كان موقع عنكاوة كوم قد حققق هكذا نتيجة راقية من حيث عدد القراء في تقارير أخرى وبهذه الفترة القصيرة. ولا أعلم إن كان بإمكان الموقع التمسك بهذا الإنجاز وتحقيقه مثلا كل أسبوع أو أربع مرات في الشهر من خلال نشر خبر أو تقرير ذو تأثير مثل الخبر الذي نحن في صدده.
مع ذلك أعد هذا الإنجاز نقطة تحول كبيرة في مسار الموقع. لماذا؟ لأن عدد القراء للخبر هذا يقترب من المعدلات التي بحوزتنا عن مواقع الكترونية عربية لها إمكانيات هائلة مثل الجزيرة وال س.ن.ن. وإيلاف وال بي.بي.سي. والعربية.

معدلات القراءة والإعلام
ما هي الفائدة من الزيادة في عدد القراء؟ أكبر فائدة لها علاقة مباشرة بالإعلان سيما وأن موقع عنكاوة كوم شأنه شأن الكثير من مواقع شعبنا لا يمك ممولين لا من القطاع الخاص ولا العام. وإن إستطاع موقع عنكاوة كوم الوصول إلى سقف 10000 كمعدل للأخبار مثلا فلا بد أن يزيد ذلك في دخله من الإعلان زيادة كبيرة.
ولكنني أشك في مقدرة الموقع الوصول إلى معدل سقف 10000 قارىء لكل خبر ينشره رغم أن محرريه يحاولون دائما نشر ما قد لا نلاحظه في المواقع الإعلامية الأخرى.
ليس لدي معلومات عن مقدار ما يرد للموقع من المبالغ عن الإعلانات إلا أنها لا بد وأن وصلت لدرجة مكنت الموقع تعيين شبكة من المراسلين والتي وكما نلاحظ من الأخبار التي ينشرها تغطي تقريبا مساحة العراق. ولاحظنا مؤخرا أن الموقع نشر إعلانا لتعيين مراسلين جدد.

ملاحظات عامة
والطريق الوحيد لموقع عنكاوة كوم لإدامة الموقع والبناء على الإنجازات  التي حققها تأتي من خلال الإستخدام الأمثل لهولاء المراسلين. الأخبار وليس المقالات الصحفية هي التي ستبني الموقع ومن خلالها وتطورها سيتطور ويزدهر. وهنا لدي ملاحظات أمل أن يقوم الموقع بدراستها:
أولا، يبدو أن ما نقرأه من الأخبار على الموقع لا يوازي عدد المراسلين ولا يتعادل مع ما يحصلون عليه من مخصصات إن كانت حسب القطعة أو الراتب الشهري.
ثانيا، الكثير من الأخبار الخاصة بالموقع تفتقر إلى الأساسيات التي يجب أن تتوفر في الخبر الصحفي مما يجعل بعض الأحيان قرأتها مملة وغير مشوقة رغم موضعها الدسم.
ثالثا، من خلال قرأتي للأخبار الخاصة بالموقع يبدو أن أغلب المراسلين في حاجة إلى دورات تدريبة عن كيفية كتابة الخبر الصحفي وإجراء المقابلات والحصول على السبق.
رابعا، ومن خلال قرأتي يبدو ان المراسلين يفتقدون إلى دليل عمل وهذا أمر في غاية الأهمية في الصحافة.
خامسا، ومن قرأتي أيضا يبدو أن دور تحرير الخبر من قبل محررين أكفاء غير متوفر. قد يعود ذلك إلى عدم توفر الموارد المالية ولكن يجب التفكير في ذلك.
هذا بعض ما خطر في بالي من خلال قرأتي المستمرة للموقع.

إقتراحات وحلول
وادناه أضع بعض الإقتراحات والحلول التي أراها موائمة. بالطبع يبقى تنفيذها رهن توفر الموارد وأمور أخرى:
اولا، تعيين محرر، إن أمكن، للإشراف على الوارد من الأخبار. الخبر لا يجوز أن يبقى لليوم التالي او للساعة او الوقت الذي بإمكان المحرر رؤيته ونشره. إن أراد الموقع التطور في هذا الإتجاه، وهذا أمر مهم للغاية طبعا، عليه منح هذه النقطة أهمية بالغة.
ثانيا، الطلب من المراسلين والمحررين والمشرفين الدخول في دورات صحفية إن في العراق او في المهجر للذين يتقنون الإنكليزية.

ثالثا، توجيه دعوة لا سيما إلى أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني من المقيمين في السويد أو خارجها للمساهمة في الموقع طواعية كل حسب إمكانياته وإختيار ما يناسب الموقع وتوجهاته.
رابعا، الإستفادة القصوى من الثورة التكنولوجية. فاليوم لا يجب أن يكون المحرر او حتي المشرف في مكتب أو بلد معين. أمهات الجرائد والمواقع الإعلامية في العالم تحرر اليوم في أماكن غير مقراتها الأصلية. أفضل المحررين باللغة الإنكليزية متواجدون في الهند وتتكالب عليهم الشركات الإعلامية لإمكانياتهم الهائلة وأجورهم المنخفضة.
خامسا، يجب الإرتقاء بمستوى المحتوى واللغة. وهذا أيضا يتطلب بعض الموارد ولكن لا يجوز لموقع رصين نشر مواد لا ترتقي إلى مستوى معين في المحتوى والأسلوب.
سادسا، على الموقع التفكير جديا في إعادة خاصية التعليق من قبل القراء. نحن نمر الأن في عصر الصحافة الجماهيرية، أي القراء يكتبون أيضا. وهذه الخاصية صارت من الأساسيات التي لا يمكن الإستغناء عنها في العمل الصحفي. قد يقول قائل إن بعض القراء لم يصل إلى هذا المستوى. هذا رأي غير مقبول. هناك حدود للتعليق وبإمكان الطلب من متطوعين أكفاء (ثالثا أعلاه) لتطبيق معايير تتعلق بالاخلاق والنزاهة وعدم التشهير وتجنب الشخصنة والمباشرة عند التعليق ومنع نشر أي شيء يتعدى حدود اللياقة أو يمس الديانات أو المقدسات.


234
نحن ونادينا في شوبنك كلنا كلدان يا أخي غيكا ولكننا لسنا متعصبين ومنغلقين

أخي خيكا

الأخوة في شوبنك وانا منهم كلنا كلدان ولكننا لن نقوم بتغير إسم النادي لأن بقاءه لا يؤثر على مشاعرنا تجاه بعض من إخوتنا لا يرون الدنيا والدين والتراث والحياة إلا من خلال منظار التعصب والإنغلاق وإقصاء الأخر.

أملي الوحيد ان لا ارى الكلدان يدخلون في النفق المظلم الذي دخله بعض أشقائنا المنغلقين والمتعصبين. الكلدانية تعني الإنفتاح والمحبة ومد اليد للإشقاء.

أما عن مبلغ التبرع فأرجوك العودة إلى الرقم. ألم أقل في إحدى مقالاتي أن التعصب يعمي البصر والبصيرة.

شقيقك الكلداني ليون برخو


235
نادي أسيرسكا للكلدان يشتري كنيسة في شوبنك في السويد

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

أربعون عائلة كلدانية في مدينة شوبنك السويدية إستطاعوا في ظرف سنتين عمل ما لم تستطع الاف العوائل الكلدانية القيام به إن في السويد او في اوروبا برمتها.

الكلدان في هذه المدينة منظمون ويعملون بشفافية فائقة – والشكر كل الشكر يعود إلى نادي أسيرسكا الذي يجمعهم ويرعى شؤونهم وينظم نشاطاتهم.

هذا النادي ومن خلال نشاطاته المتعددة وحساباته الدقيقة الشفافة جمع أكثر من 18000 (مائة وثمانون ألف كرون سويدي) في خلال سنتين وعدد الكلدان في هذه المدينة لا يتجاوز 130 شخص.

واليوم وبفضل الله وجهود القائمين على نادي أسيرسكا إشترى الكلدان كنيسة رائعة بمبلغ 600000 (ستمائة الف كرون سويدي)، وحسب علمي هذه أول كنيسة إستطاع الكلدان في اوروبا شرائها دون الإعتماد على مساعدة خارجية.

نموذج رائع

ونادي أسيرسكا في شوبنك قدم نموذجا رائعا لنا الكلدان في كل مكان. وأنا شخصيا أقف إجلالا لهم. لماذا؟ لأنهم إستطاعوا وهم 40 عائلة جمع كل هذا المال وأستثمروه في شراء كنيسة بينما نحن في مدينتنا وفي مدن أخرى نبلغ اضعاف وأضعاف عددهم  - ونوادينا والحمد لله تتبارى بالخطابات الطنانة وميزانياتها خاوية.

سألت رئس نادي أسيرسكا في شوبنك، السيد جمال متي، عن السر وراء المعجزة – معجزة بمفهوم النوادي الكلدانية في السويد – التي حققها، قال: "نحن نشيطون جدا. فنادينا له نشاطات مختلفة ومن خلالها نحصل على معونات من المؤسسات السويدية المختلفة إضافة إلى الإشتراكات السنوية."

 يقول السيد جمال أن النادي يقيم دورات متعددة للشباب ولبقية الأعمار منها الخياطة وتدريس علوم الكمبيوتر والطبخ والرعاية ومختلف النشاطات الرياضية منها الجري والمشي والتنزه لكبار العمر.

وضمن نشاطات النادي يعمل الجوق الكنسي والذي قرر في الفترة الأخيرة الإنشاد باللغة القومية فقط – السريانية – وتدريسها وتعليمها. وقد إستحوذ الجوق بأناشيده السريانية على قلوب وأفئدة كهنة الكنسية السويدية وأبنائها في المدينة. وسيقوم الجوق بأداء تراتيل بالسريانية في الكنيسة ذاتها وضمن القداس الوداعي الذي ستقيمه الكنيسة السويدية فيها

1000 متر مربع مع شقة وقاعة

وتبلغ المساحة الكلية للكنيسة أكثر من 1000 متر مربع ومساحة البناء حوالي 350 متر مربع. ولها ثلاث كراجات وقاعة تتسع لحوالي 50 شخصا، إضافة إلى شقة جميلة يستطيع الكاهن الزائر او المقيم إستخدامها.

ويقول السيد يوحنا أوراها، سكرتير نادي أسيرسكا في شوبنك، ان الكنيسة ستفتتح رسميا وفي إحتفال مهيب يوم 11 أيلول.

وقد كان لشراء الكنيسة من قبل نادي أسيرسكا وقع طيب في نفس أسقف  السويد للكاثوليك أندش أربوريليوس الذي قدم هدية رمزية للكنيسة وبارك جهود نادي أسيرسكا وتمنى أن تحذوا النوادي واللجان الكنيسة الكلدانية حذوه.

شكر وتقدير

وبالمناسبة هذه يود أعضاء هيئة نادي أسيرسكا في شوبنك تقديم شكر خاص للأب بول ربان الذي وصفه السيد علاء "بالأب الروحي للنادي" وكذلك للأب نعمة الله من الكنيسة السريانية الأرثاذوكسية الذي وضع كل إمكانيات طائفته في تصرف الكلدان في شوبنك لدرجة أنهم كانوا على إستعداد لدفع المبلغ برمته نيابة عن الكلدان. فشكرا جزيلا للأب نعمة الله إنكم قدمتم دليلا ماديا وحسيا ووجدانيا على أننا نحن الثلاثة – كلدان أشوريين سريان – شعب واحد.

تبرعات

وبهذه المناسبة يهيب الكلدان في شوبنك أشقائهم الكلدان ونواديهم ولجانهم وجمعياتهم وكذلك الأشقاء من الكنائس الشقيقة الأشورية والسريانية التبرع والمساهمة.

وقد تبرع الأب بول ربان بمبلغ من المال وتبرعت اللجنة الرئسية (العامة) لخورنته برئاسة الدكتور ضياء شابا بمبلغ 25000 كرون سويديدي .

وقد تبرع الدكتور ليون برخو من جيبه الخاص بمبلغ 500 دولار.

لماذا أسيرسكا

وسألت القائمين على النادي عن السبب الذي دعاهم إلى تسمية ناديهم ب "أسيرسكا" اي الأشوري، قالوا انهم لا يميزون بين الأسماء. كون إسم ناديهم أسيرسكا لا يلغي كونهم كلدانا. "ليس الإسم ما يميز الأشحاص بل أعمالهم،" قال السيد علاء. فنادينا في مدينة يونشوبنك إسمه "النادي الكلداني" ويا ريت لنا واحد بالمائة من نشاطات نادي أسيرسكا في شوبنك.




 

236
أسقف السويد للكاثوليك في لقاء الجزيرة يتحدث عن دور مسيحيي المشرق في حوار الأديان وموقف روما من زواج الكهنة ومسلل الفضائح الذي طال الكنيسة مؤخرا
خاص – عنكاوة كوم
بثت قناة الجزيرة لقاءا مطولا مع أسقف السويد للكاثوليك أندشس أربويليوس. واجرت اللقاء مع نيافته مذيعة القناة الشهيرة ليلى الشيخلي.
وتحدث الأسقف في هذا اللقاء المهم عن قضايا ذات أهمية بالغة منها دور مسيحيي المشرق ومنهم المهاجرون إلى الدول الغربية في مساعدة الغرب والكنيسة لإقامة علاقات أساسها المحبة وقبول الأخر مع العالم الإسلامي.
وتطرق اللقاء الذي بث مرتين، في 27 و 28 من تموز، عما إذا ستمح الكنيسة الكاثوليكية زواج الأساقفة والكهنة، حيث قال الأسقف: "أعتقد أن كل هذه الأسئلة الآن موجودة على الطاولة."
وعن التأثير الذي أحدثه مسلسل الفضائح الذي إرتبط بالتحرش بالأطفال، قال: "بالتأكيد هذا سؤال مؤلم لنا جميعا، علينا أن نقبل بأنه كان هناك الكثير من المخطئين حتى بين راهبينا ومعتقدنا، وبالنسبة لنا الأمر يتعلق بمحاولة التخلصمن هذه الأشياء المريعة ولكن هذه أيضا مرحلة التوبة إلى الله لأننا ندرك بأن الكنيسة هي الأخرى تحتضن من لا يعيشون حسب إرادة الله وبالنسبة لنا لقد حان الوقت بأن نسير في طريقة التوبة."
وتطرق الأسقف إلى مسائل أخرى منها التعايش المسيحي الإسلامي في الدول الإسكندنافية ودور المراءة في الكنيسة الكاثوليكية وحوار الحضارات والأديان والإسلاموفوبيا (معاداة الإسلام) والإنسجام بين المسيحيين والمسلمين في السويد والصور الكاريكاتورية المسيئة للإسلام والإجراءات والقوانين التي تتخذ في أوروبا لحظر الرموز الدينية منها الصلبان.
وكان الأسقف في زيارة لدولة قطر لمدة ثلاثة أيام للتأسيس لحوار وتفاهم بناء بين الديانتين، المسيحية والإسلامية. وقد حظي الأسقف بإستقبال حافل حيث إلتقى مع فضيلة الشيخ علي القرداغي الأمين العام لإتحاد علماء المسلمين وكبار المسؤليين إضافة إلى رؤساء تحرير في قناة الجزيرة.
وكان الدكتور ليون برخو قد رتب تفاصيل الزيارة ولقاءات الأسقف في قطر.
وقد وضعت القناة نسخة مكتوبة من اللقاء إضافة إلى اللقاء المتلفز (فيديو) في موقعها على الإنترنت وعلى الروابط الملحقة أدناه.
الروابط:

237
الأستاذ أبلحد أفرام: الكلدان ليسوا بحاجة إلى من يذكرهم بإنتمائهم وأصلهم وتراثهم

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

أثار المقال الذي كتبه الأستاذ أبلحد أفرام ساوا الكثير من التساؤل والحيرة في أن واحد. (رابط 1)
 التساؤل يأتي من باب إن كان يحق لشخص متأكد من إنتمائه وقوميته أن يطلب من المنتمين إلى هذه القومية لا بل تذكيرهم بإنتمائهم في ظرف ومكان لا وجود او تأثير يذكر للبطش الشمولي الذي كان النظام السابق يمارسه حتى في مجالات الثقافة واللغة والتراث والحضارة؟

والحيرة تأتي من الأسلوب الذي يخاطبنا فيه الأستاذ أبلحد. خطاب مقاله، والذي سأتي على تحليله أدناه، يجعل منا الكلدان وكأننا لا نفهم شيء وبحاجة إلى مدرسين ومعلمين كي يرشدوننا ويعلموننا السبيل، بينما نحن الكلدان، وهذا ليس فخرا او تزايدا على الأخرين، من أكثر  مكونات الشعب العراقي ثقافة وعلما.

وبداية، وكي أقطع دابر المشككين والإنفاصاليين والفئويين، إنني شخصيا، وأظن أن الكثير من اخواتي وإخواني الكلدان يشاركونني الرأي، لم أكن بحاجة إلى التذكير بمن أنا. ولم أكن بحاجة إلى مقال الأستاذ أبلحد كي أعرف وأعرّف كلدانيتي. وعليه فإنني،  وضمن الظرف الديمقراطي الذي أعيشه الأن، سأكتب "كلداني" أنا وعائلتي، في خانة إي إستبيان بغض النظر عن الخطاب الذي يردني محاولا توجيه بوصلتي.

ولم أفهم ماذا يريد الأستاذ أبلحد من مقاله غير حثنا على ملء شاغر القومية في إستبيان التعداد بالتسمية "الكلدانية". وما عداه فإن المقال مشتت لا رابط بين جمله وفقراته. واكاد أجزم أن هناك أكثر من يد ساهمت في كتابته. وهذا  ليس جديدا على السياسيين. فإن الرئس الأمريكي قلما يكتب خطاباته بنفسه.

والمقال كان بمثابة بيان إنتخابي أكثر منه تعريفا بالتعداد. ويؤسفني أن أقول أن الأستاذ أبلحد وخلافا لما قرأت له سابقا وقع من حيث يدري او  لا يدري في فخ الإنفصاليين والفئويين الكلدان كما وقعت في نفس الفخ بعض الأحزاب الأشورية. ولهذا خلا خطابه من التواصل مع المكونات الأخرى لشعبنا الواحد وخفت لا بل إندثرت النبرة الوحدوية التي عرفناه من خلالها.

وهكذا وقع المقال وكاتبه في فخ الذين يغالون في إنتمائهم وقوميتهم مثلما فعل ويفعل بعض أشقائنا من الأشوريين، فلا يرون الدنيا والدين والتراث والحضارة  واللغة إلا من منظار أشور. ويبدو أن الأستاذ أبلحد أصبح لا يرى  الدنيا والتاريخ والتراث والحضارة والدين واللغة إلا من منظار كلدو. أنظر كيف يتجرأ المغالون في القومية من الأشوريين على تسمية لغتنا القومية "السريانية" بالأشورية او الأشورية-السريانية. وما أستشفه من مقال الأستاذ ابلحد كأنه يريدنا أيضا أن نسمي لغتنا القومية "الكلدانية".

وفي مقاله البالغ 1954 كلمة وحتى بين أسطره  لم أستطع الحصول على ماذا يعنيه بكلمة "الكدانية" وما مراده منها. هل هي تراث، حضارة، لغة، إرث، تاريخ ...؟ وكأكاديمي كنت قد وضعت لمفهوم الكلدانية إستبيان بسيط من عشر نقاط وكم أود أن يحاول الأستاذ أبلحد الإجابة عليها بوضع إشارة صح أو خطأ ويعلمنا كم سيحصل عليه (رابط 2) كما أجبت على طلبه في بداية مقالي هذا.

ولهذا هناك خلط في الحقائق التاريخية يشبه بالضبط الخلط والوهم الذي وقع أشقاؤنا الأشوريون وكل المغالين والفئويين والإنقساميين من أبناء شعبنا الواحد بتسمياته المختلفة.

وإلا كيف يعقل الربط بين مار ماروثا الميافرقيني، سرياني الثقافة والتراث والحضارة واللغة والتاريخ، وبين 5000 سنة قبل الميلاد حيث لم يكن حينئذ حتى ذكر او وجود حضاري للسومريين، أقدم الأقوام الحضاريةالتي سكنت العراق. الكتابة التي إستنبطها السومريون وردت إلينا في شكلها المسماري المتطور – المقروء – في حوالي 2500 سنة قبل الميلاد. والعلماء بشتى إختصاصاتهم حائرون إلى هذا اليوم ولا يعلمون الإنتماء القومي والإثني للسومريين أصحاب أرقى حضارة إنسانية على وجه البسيطة، وأبناء شعبنا يتبارون بالقدم، متصورين أنهم كلما زادوا في قدمهم كثرت محاسنهم.

وما لك ومار ماروثا السرياني يا أستاذ أبلحد؟ ألم تضرب معظم الكنائس الكلدانية وجوقاتها وكهنتها ومطارنتها أناشيده وأشعاره الرائعة عرض الحائط وأستبدلتها بأناشيد عربية مملة ورتيبة او ربما لاتينية او إنكليزية؟ أين صارت الحانه وموسيقاه الرائعة وأين صارت أشعاره وأشعار غيره من زملائه الكتاب السريان الذين نسيناهم لا بل مسحناهم من وجداننا ونتكىء عليهم ونذكرهم فقط كما تفعل في مقالك لأغراض سياسية بحتة؟ لو لم يشر هذا الكاتب العملاق إلى كلمة "الكلدان" في ترنيمة الشهداء ليوم الجمعة أكاد أجزم أننا لم نكن قد ذكرناه أبدا. وأكاد أجزم أن الأشوريين قد لا يذكرونه على الإطلاق ولربما يحاول الإنقسامييون والفئوييون بين صفوفهم محو إسمه وذكره حتى من صلاة الشهداء، إن كانوا ينشدونها بعد،  لأنه ذكر إسم الكلدان في نشيده ضمن سياق لا أريد أن أدخل في تفاصيله.

ويذكر الأستاذ أبلحد في مقاله إسم "الحوذرا" وهو كتاب الصلوات. وهنا الإشكال الكبير. لم  يقل لنا بأي لغة مكتوب هذا الكتاب ومن هم كتّابه؟ في اللحظةالتي ننطق إسم اللغة المكتوب بها وندرج أسماء العمالقة الذين ساهموا في كتابته لسقط القناع من على وجه كل الإنقساميين والفئويين، كلدانا او أشوريين. كتاب الحوذرا لغته سريانية وكتّابه سريانيو  اللسان والحضارة والتراث ولا ينفع الصراخ في الإتجاه المعاكس، مهما علت نبرته.

وانا شخصيا سعيد جدا اننا الكلدان عدنا أخيرا إلى كتاب صلاتنا  المشترك، ولكن بأي حال هي عودتنا يا ترى؟ عودتنا هي بسبب كلمة واحدة فقط من ملايين كلماته والالاف من صفحاته. رحم الله مار ماروثا لأنه ذكر إسم الكلدان في أحد صلواته وإلا لكنا ننسيناه بالمرة.

 أليست الحوذرا، التي يستشهد بها المقال، هذا الكتاب العظيم بموسيقاه الرائعة التي لم يسمع به عالم ومختص إلا وقف له ولموسيقاه إجلالا، هي التي أطلق ويطلق عليها معظم الكهنة الكلدان وأغلب مطارنتهم "تراث الصراصير والجراد" وأستبدلوه بكتب وكراسات بلغات ولهجات شتى؟  متي أصبح هذا الكتاب وصلواته ذات أهمية في حياتنا؟ ومن من الكلدان يرفِق بهذا الكتاب ويقوم بتدريسه وألحانه  للنشأ الجديد كي لا ننساه؟

 والمغالاة التي يقع فيهاالمقال تجعل كاتبها لا يرى سلبية في المواقف صوب التسمية الكلدانية او القومية الكلدانية. ولهذا ليس هناك حتى إشارة عابرة للدور السليي الذي لعبته مؤسسة الكنيسة الكلدانية في هذا الإتجاه وكيف أنها قبلت لا بل وافقت على سلخ اصقاع كبيرة منها بإسم المذهبية وتركت ملايين الكلدان في العراء تنهش بهم الذئاب الكاسرة إن في الهند أو مناطق أخرى كثيرة في العالم وشرعنت سياسة تعريب التراث الكنسي حيث لم يبقى من الحوذرا شيىء في أغلب الكنائس.

ولا  أعلم كيف أن "هناك العشرات من العرب في بعض المحافظات العراقية اليوم يقرون بكلدانيتهم". هم عرب القومية ويقولون أنهم كلدان!!! أي منطق هذا؟ ومن يستطيع إستساغه؟ وعلى من سينطلي؟ أترك الجواب للقارىء؟

وأخيرا أعود وأذكّر كل الذين يخاطبوننا نحن الكلدان أن الكلدان من أكثر مكونات الشعب العراقي ثقافة وعلما. نحن سنكتب إسمنا الذي نعتز به في خانة القومية طالما لم يتم الإتفاق على إسم موحد لشعب موحد بأسمائه ثلاثة. وحتى ذلك الحين لن نمنح صوتنا إلا إلى الذي ينظر إلينا نحن الثلاثة – الكلدان الأشوريين السريان – كبوتقة واحدة لا بل سبيكة من غير الممكن فصلها إلى عناصر مختلفة. سنمنح صوتنا إلى كل حزب أو تشكيل يؤمن بالتراث والحضارة واللغة السريانية التي  تجمعنا، يشجع النشىء الجديد على تعليمها وتدريسها، يفتح المدارس والجامعات لإعلاء شأنها والناطقين بها وما عداه فلن نقبله.
 
رابط (1)
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=427995.0
رابط (2)
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=401532.0


238
الشيخ علي القرداغي يستقبل أسقف السويد الكاثوليكي في داره في قطر وقناة الجزيرة تجري لقاءا مطولا معه
ليون برخو
خاص – عنكاوة كوم

إستقبل فضيلة الشيخ العلامة علي القرداغي الأمين العام لإتحاد علماء المسلمين نيافة أسقف السويد للكاثوليك أندش أربورليوس الذي كان في زيارة لقطر إستغرقت ثلاثة أيام (13-15 من الشهر الحالي).
وأتت الزيارة ضمن الجهود التي تبذلها الكنيسة الكاثوليكية من أجل ترسيخ أسس بناءة للحوار المسيحي الإسلامي الذي تتبناه روما حاليا.
وبرز دور اسقف السويد في هذا المجال بعد أن أسندت إليه الحكومة السويدية تعميق التفاهم والتواصل مع الجالية الإسلامية الكبيرة في السويد والتي قد يزيد عددها عن نصف مليون شخص.
ولقي أسقف السويد ترحيبا حارا في قطر ووصف زيارته بالمهمة وقال أنه حصل على معلومات وتفاهمات ستساهم في إدامة وترسيخ الحوار وقبول الأخر.
وأخذت الكنيسة الكاثوليكية، بعد تلكؤ مسيرة الحوار في السنين الأخيرة، الإعتماد على مسيحيي الشرق لا سيما الشرق العربي لتعزيز هذا التفاهم.
وقد أكد ذلك مؤخرا الكاردينال سكولا في أخر لقاء له حيث قال أن أي حوار مع العالم الإسلامي لا يمكن القيام به بصورة مرضية دون مساعدة مسيحيي المشرق.
وتضم اللجنة المشكلة في السويد للحوار بين الأديان كاتب هذه السطور الذي رتب زيارة ولقاءات الأسقف أندش للقطر وقناة الجزيرة.
وقد أكد الكاتب في أخر إجتماع للجنة في إستوكهولم  أن أي لجنة للحوار لا يجب أن تضم أفراد من مذهب واحد حيث أن الكاثوليك ليسوا الأغلبية في الشرق الأوسط.
لذا ستبذل اللجنة جهدها كي تضيف أفراد من الكنائس الأخرى لا سيما كنيسة المشرق الأشورية والقديمة والكنيسة السريانية الأرثذوكسية والكنيسة القبطية.
وقد أجرت قناة الجزيرة لقاءا مطولا مع الأسقف أندش وسيبث اللقاء في نهاية الأسبوع ضمن برنامج لقاء اليوم.
ووصف الدكتور مصطفى صوأغ، رئس تحرير الجزيرة، الأسقف أندش بالعالم وقال: "إنه شخصية منفتحة وعالية الثقافة وقدأجرينا لقاءا جيدا معه لبرنامج (لقاء اليوم) وسنبثه إما يوم الأحد أو السبت."
والأسقف أندش هو المسؤول المباشر عن الكاثوليك في السويد بما فيهم الكلدان وكهنتهم والسريان الكاثوليك وكهنتهم.
إلا أن أسقف السويد ينظر بعين الإعتبار والإجلال والإحترام لفروع كنيسة المشرق الأخرى التي لا زالت تحتفظ بمذاهبها الأصلية.  "إنها كنائس رسولية مقدسة" يقول الأسقف الذي يدعو دوما إلى  التواصل والمشاركة المسكونية معها.

239
ممارسة وحدوية رائعة: شمامسة كلدان يرتلون مع أشقائهم من كنيسة المشرق القديمة

ليون برخو
جامعة يونشوبك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

مقدمة

الشعب الكلداني الأشوري السرياني، رغم التسميات الثلاث، شعب وأمة واحدة. من الطبيعي ان لا يتفق البعض على هذه المقولة، ويأتي من عندياته ما يعتقد انه يفندها. إلا أن كل ما في جعبة الإنقساميين والفئويين لا يتجاوز مصادر هشة غير علمية لا يعد لها إعتبار ولا يقبل أن يضمها بين مراجعه عالم يحترم نفسه وعلمه.

هذا الشعب – الذي يحمل ثلاثة أسماء مختلفة في الوقت الراهن – متداخل تجمعه مميزات قومية واحدة قلما توفرت في شعب أخر. هذا الشعب الأبي تجمعه حضارة واحدة وتراث واحد وتاريخ واحد وثقافة واحدة ولغة واحدة. في هذه البوتقة إنصهر هذا الشعب العظيم وصار بمثابة سبيكة من المستحبل تقسيمها إلى عناصر مختلفة.

والذين أمضوا ويمضون وقتهم الثمين في تهميش وحدة هذا الشعب يرهبم ويرعبهم تاريخه، فيعمدون إلى القفز فوقه وعليه ويأخذوننا بعيدا إلى أنكيدو وغيره، إلى أصنام وأناس لم يتكلموا لغتنا.  وخيرهؤلاء لا بل أثقفهم لا يحفظ بيتا واحدا من شعر تلك الأمم ولا يستطيع قراءة حرف من إرثهم الكتابي لا بل لا علاقة وجدانية له مع أدبهم ورموزهم التاريخية.

الممارسة

هذه مقدمة كان لابد منها كمدخل للمارسة الوحدوية الرائعة التي جمعت شمامسة كلدان مع أشقائهم من كنيسة المشرق القديمة الأسبوع الماضي. المناسبة كانت وفاة والد إمراءة تنتسب إلى كنيسة المشرق القديمة وهي زوجة شخص منتم إلى الكنيسة الكلدانية، بمعنى أخر كلداني متزوج بأشورية. وارتأت المرأة ان تقيم القداس على روح والدها في كنيسة المشرق القديمة في نورهمار، وهي مدينة جبلية جميلة تقع بالقرب من يونشوبنك في السويد.

وأراد شمامسة الكنيسة الكلدانية المساهمة في القداس وصلاة الجنازة وأتصلوا بأشقائهم في كنيسة المشرق القديمة وكاهنهم الفاضل الأب وردة. فكان الترحيب فوق التصور. طلب الأب وردة من الشمامسة الكلدان جلب ملابس الخدمة الكنسية معهم وطلب منهم الصعود إلى المذبح والمشاركة الفاعلة في القداس.

ولم يجلب الشمامسة الكلدان كتب صلاتهم باللغة السريانية. وبدأ القداس وأخذ الشمامسة الكلدان يقرأون في كتب الصلاة لدى كنيسة المشرق القديمة التي هي مكتوبة أيضا باللغة السريانية. الكتب واحدة  والأحرف واحدة واللغة واحدة والطقس واحد. الشبه كان بمكان حيث لم يتلكأ اي من الشمامسة الكلدان في المساهمة. وصعد على المذبح إثنان من الشمامسة الكلدان وحملهم الكاهن الجليل وردة القربان المقدس وكأس دم المسيح كي يناولوا جمع المؤمنين.

وبرز دور الشماس الكلداني قيس حيث أدى أحد المداريش السريانية الرئعة بصوته الشجي: "بريخو مشيحا باروقن سورا دشاريرى، وأحاريث زونى أثى ومنحم قويرى." وهذا المدراش صعب الأداء حيث فيه تحويلة معقدة من نغم الصبا إلى البيات ومنه إلى الصبا. وأبدع الشماس نينوس من كنيسة المشرق القديمة عند أدائه مدراش أخر من نغم الحجاز.

كرازة

إلا أن ما أثار رضى كل الحاضرين كانت الكرازة التي ألقاها الأب وردة والتي ذكر فيها إمتنانه للكنيسة الكلدانية التي درس وتلقى علومه فيها. وذكر كيف أن الأسقف الكلداني في تركيا أواه وجعله يقدس معه ويقرأ الإنجيل ويناول القربان ويقوم بواجبات ومراسيم دينية كثيرة رغم كونه شماسا إنجيليا حينئذ وليس كاهنا.

وخاطب الجمع قائلا، هؤلاء أشقاؤنا الشمامسة من الكنيسة الكلدانية. رأيتم كيف أنهم ساهموا معنا في القداس. هل رأيتم أو أحسستم أن هناك فرقا بيننا وبينهم. أسماؤنا مختلفة ولكننا واحد في التراث والحضارة وأكثر من ذلك نحن واحد في المسيح. كم أحوجنا إلى أمثال القس وردة.

 ذكرني هذا الراعي الغيوربالمرحوم المطران الكلداني عبدالاحد ربان، الذي كان يقوم بتدريس المرشحين لسدة الأسقفية من الكنيستين، المشرق القديمة والمشرق الأشورية، وكان يحثنا ونحن تلامذة الدير على خدمتهم في القداس والتناول على أيديهم.

 وذكرني بالمرحوم رئس أساقفة الموصل كيوركيس كرمو الذي ألحق الكلدان في حي كامل في الموصل بالأسقف توما من كنيسة المشرق وبقوا معه لحين تم تثبيت كاهن لهم. ويذكرني كذلك بالأب يوحنا عيسى الذي كان يدعوا الأسقف توما لإقامة القداس في كنيسة مريم العذراء في الدركزلية مع شمامسته وكلنا كنا نتناول على يديه يتقدمنا كاهننا الكلداني الوحدوي المنهج.

 وذكرني بكنيسة أمّ المعونة في الموصل حيث كنا نجتمع كلدان أشوريين السريان في مهرجانات الشعر والأدب السرياني حيث كنا جميعا بوتقة واحدة وسبيكة غير قابلة للفصل.
 
الكنيسة الأم

هكذا كانت الكنيسة الكلدانية، بمثابة الأم للكنائس الشقيقة في العراق. وطوال الخمسين سنة التي خدمت فيها لم الحظ ولو علامة عابرة على التعصب والإنقسام والفئوية. لاحظت هذا فقط عند قدومي إلى السويد وبالذات في المدينة التي أعيش فيها حيث يفضل البعض الخنجر المسموم على المشاركة الأخوية والمسيحية مع الأشقاء. ولاحظته كذلك على صفحات الإنترت.

المسيح كان يهوديا وكذلك تلامذته. ولكنه لم يجعل من رسالته بوقا لقوميته، على الإطلاق. كانت كلمة الله هي العليا والسائدة. والله محبة. وكان مار بولس لا يفتخر بيهوديته أبدا بل بصليبه. أليس هو القائل ليس هناك بعد اليوم يهودي وعبراني وأرامي ويوناني، كلنا واحد في المسيح. وأي كنيسة كانت الأقرب إلى تعاليم المسيح من كنيسة المشرق بفروعها الحالية المختلفة؟

حالنا اليوم

إن ما يحزننا اليوم هو دخول تيار قومي متعصب غير عقلاني على خط الكنيسة من بعض الأكليروس وبعض العلمانيين ممن لبسوا لباس الدين من أجل مأربهم الإنقسامية والفئوية الضيقة. وهؤلاء الإنقساميون والفئيون تراهم أكثر المدافعين عن الكنيسة وأكثرهم بعدا روحيا عنها. يلبسون لباسها لأن قسما من إكليروسها بدأ يحب أنكيدو وكلدو وأشور أكثر من حبه للمسيح.  

ويصفق هؤلاء  العلمانيون لهم. ولا يعلم الأكليروس هؤلاء أن الإنقساميين يحبون الكنيسة لأنها تقف في صفهم الفئوي وأنهم سيلفضونها مثلما يلفض الفم نواة التمر بعد إمتصاص حلاواته إن طردتهم من بيتها كما طرد المسيح الباعة في الهيكل.  على كل محبي كنيسة المشرق ذات الإرث السرياني إنقاذ الكنيسة من التعصب القومي لأنه يتعارض مع التعاليم المسيحية السمحاء وأدى ويؤدي إلى البغضاء التي يمقتها المسيح.

كلمة حق

وأخيرا لابد من كلمة حق في كنيسة المشرق القديمة في نورهمار. إنكم قطيع صغير ومعكم راعي يحن ويهتم برعيته. سألني بعض إخوتي الشمامسة الكلدان كيف إستطاع أبناء كنيسة المشرق القديمة شراء كنيسة جميلة وكبيرة مع شقتين وقاعتين وساحة وقوف سيارات وهم سبعون عائلة في منطقة يونشوبنك بينما نحن الكلدان ليس بإمكاننا فعل ذلك ونحن أكثر من 270 عائلة علما أن التواجد الكهنوتي الكلداني يسبق تواجد كاهن من كنيسة المشرق في المنطقة؟

وكلمة حق تتطلب الإشادة بجوق كنيسة الأب وردة حيث أن أفرادها حتى من النساء كانوا يقرأون وينشدون بالسريانية بطلاقة، الأمر الذي نفتقده نحن الكلدان.

240
كنيستنا الكلدانية وصرخة مطران كركوك
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

بعد العسر يسرا. هذا ما إستشفته من المقال المليء بالأمل الذي أتحفنا به نيافة مطران كركوك لويس ساكو. بكلمات قليلة ولكن معان كبيرة زرع الأمل في قلوب كل الغيارى على كنيستهم المشرقية العظيمة، الكنيسة الكلدانية والتي يشرفني كوني واحد من خدمتها (شمامستها). بعد أن دبّ القنوط والتشاؤم قلوبنا لا بل بعد ان قطع كثير منا الأمل في إصلاح وإنقاذ كنيستنا، يخرج هذا الأسقف العلامة الغيور على كنيسته ومستقبلها ويقول لنا كما قال المسيح لتلامذته: "لا تخافوا."

لم يتكىء أسقفنا الجليل على عكازة التبرير والحجج، بل إنبرى وبجرأة قلّ نظيرها مشخصا الخلل وأسبابه  وداعيا في النفس وقته إلى القيام وبأسرع وقت بجهد مخلص لدرء الخطر المغدق بهذه الكنيسة التي نحبها أكثر من حياتنا. والله يشهد ان النقد الذي كتبته على سلسلة مقالات على مدى سنة كاملة تقريبا لم يكن هدفه إلا الإصلاح وجذب إنتباه الغيارى في هذه الكنيسة من الإكليروس والعلمانيين إلى أننا نمر بأزمة خطيرة وإن لم نتحرك قد يفوتنا الأوان ونخسر أغلى ما نملكه في حياتنا. الكنيسة بالنسبة لنا ليست الدين والعبادة فقط. إنها جزء من حياتنا ووجودنا. إنها حافظة تراثنا وإرثنا السرياني بأدبه وشعره وموسيقاه، بعلمائه وملافنته وقديسيه وفلاسفته وشهدائه الذين تشبّعوا وأرتووا من الحضارة السريانية وأغنوا بها الحضارة العالمية.

بعد هذا المقال الذي يضع النقاط  على الحروف ويمنحنا خارطة طريق للخروج من النفق المظلم الذي نحن فيه، علينا نحن الكتاب الكلدان المعارضين للوضع الحالي لكنيستنا أن نفرح ونغبط لأن  جهدنا لم يذهب سدى. كم تعرضنا لمضايقات، وكتابات هدفها التشهير والشخصنة والمباشرة لابل حتى التهديد بالحرمان الكنسي وغيره. اليوم هو يوم الأيام بالنسبة لي شخصيا. بعد سنة من الجهد يخرج علينا صوت قوي من الكنيسة ويقول ما معناه "آن الآوان لمراجعة ومحاسبة النفس".

لقد أثلجت صدورنا يا أسقفنا الجليل. الكلمات التي سطرها قلمكم تساوي الدنيا عندي. إنها مؤشر على ان هناك من إستجاب لرغبة الكلدان الصامتين قبل ان ينطقوا ويقول كلمتهم الفصل. قلتها من أجلهم ونحن وهم ممتنون  لك. إتصل بي قبل فترة عدد كم الكهنة قائلين: "وماذا بعد، يا شماس، إلى متى تنفخ في الرماد". إلى هؤلاء الأعزاء اقول إن نفخنا في الرماد قد أثار شظايا وإن شاء الله سيشع النور والإصلاح والأمل لكنيستنا وشعبنا بتسمياته المختلفة.

كيف لا وان أسقفنا الجليل وضع نصب عينيه ونصب عيون اللجنة  التي سيوفق بتشكيلها بعون الله لإصلاح الكنيسة وحدة كنيسة المشرق الكلدانية مع شقيقتها كنيسة المشرق الأشورية. كل المتعلمين والمثقفين بيننا إن كنا كلدانا أو أشوريين او سريان يعلمون علم اليقين أننا شعب واحد، كنسيا لنا طقس واحد نشترك في الأعياد والأيام والقديسين والشهداء والملافنة.  لنا تاريخ واحد وإرث وتراث وحضارة واحدة جمعتها أم اللغات، الا وهي اللغة السريانية. لا يشذ عن هذه الحقيقة التاريخية غير المغالين والمتطرفين.

لنتشبث كلنا بالأمل الذي منحنا إياه أسقف كركوك ونشكر الله  على هذه النعمة. ونحن عل أحرّ من الجمر بإنتظار اليوم الموعود لإنعقاد المؤتمر الذي يدعو إليه أسقفنا الجليل. سيكون، إذا أنعقد، نقطة إنعطاف وتحول كبيرة نحو ألأحسن بعون الله وسيكون له، إن  نجح، أثر كبير ليس على مسيرة كنيستنا الكلدانية فقط بل على مستقبل كنائسنا المشرقية برمتها وعلى مستقبل شعبنا بتسمياته. لنقف كلنا صفا واحدا وراء الإصلاح الذي تقوده اليوم الكنيسة ذاتها متمثلة بأسقفها الجليل لويس  ساكو.

241

ورموا جثته في أطراف الموصل!

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

المجرمون خطفوا الصحفي العراقي الكردي سردشت عثمان، ثم قتلوه وبعد ذلك رموا جثته في أطراف الموصل. وإليك عزيزي سردشت من زميلك في المهنة والذي عمل عقدا من الزمن مراسلا لوكالة رويترز وأسوشيتت برس أكتب هذه المرثية نثرا عسى ولعل أنها تحدث خدشا بسيطا في ضمائر الذين خطفوك ومن ثم قتلوك وضمائر الذين وقفوا ويقفون وراء قتلة الكلمة الحرة النزيهة في عراقنا الحبيب وكردستانه الغالية.

أنا الصحفي العراقي الكلداني أقف إجلالا لك يا سردشت وأشعر، رغم أنني اليوم أستاذ الصحافة في واحدة من أرقى جامعات السويد، أنني مدين لك ولمقالك الرائع الذي سبب موتك التراجيدي. وعدّ مني يا شهيد الصحافة  العراقية أن أترجم مقالك إلى اللغة الإنكليزية وأجعل منه مادة تدريس في جامعتنا وأضمه بين ثنايا  كتاب جديد كواحد من أروع ما كتب في العالم المضطهد وعلى رأس قائمته عراقنا الحبيب وكردستانه الحبيبة.

إن ما حدث لل كان سيحدث لي لو كتبت عن حلم كنت فيه صهرا لصدام حسين أثناء عملي في بغداد ولكن بفارق كبير. إن أجهزة إغتيالات صدام حسين كانت أقل دهاءا ومكرا وخبثا من الباراستن والتابيت والبهركي والأساويش. أجهزة الأمن (الأغتيالات) الكردية ترمي ضحياها دائما في أطراف وضواحي الموصل منذ سنين وتنسب جرائمها إلى الأخرين. قتّلِك من قبلهم، يا شهيد صحافتنا العراقية الشهيدة، فضحهم. تصوروا ان رميهم لجثمانك المقدس في ضواحي الموصل سيخفي جريمتهم كما حدث مع مئات لا بل الالاف من حوادث الأغتيال والقتل كان ضحيتها الكثير من بني قومي من الكلدان الأشوريين السريان بينهم رجال دين كبار. يا لبؤسهم وجبنهم. تبا لليد التي إمتدت إليك. وتبا لليد التي كانت وراء إغتيالك إن كانت لعصمت او مسرور او غيرهم.

ألم تتنبأ ان موتك سيصبح نبراسا. حملت صليبك على طريقتك الخاصة وانتظرت موتك وقبلت به دون خشية مثلما فعل عيسى بن مريم قبل صلبه. لماذا كتبت في مقالك الذي تحول اليوم إلى ما يشبه نصا مقدسا هكذا : "أدعو أن يعطوني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية. أقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وأن الموت هو أبسط إختياراتهم، حتى يعلموا أن الذي يخيفنا هو الإستمرا في الحياة وليس الموت."

هذا نص يعيد صياغة ما أتى به أنبياء من قبلك ولكن بكلمات أخرى. أنت حقا بذلت ذاتك وجعلت نفسك قربانا لنا.

هل سنفيق بعد هذه الذبيحة. هل سينهض العراقيون من الأكراد وغيرهم ويحاسبوا مضطهديهم. أعلم أنك كنت تطالب بشفافية الحكم في إقليم كردستان.

شردشت، كم كنت محقا في كتاباتك. ومن هذا المنبر أقول للأكراد العراقيين ان إدارتهم السياسية رفضت تقديم كشف بالميزانية إلى البرلمان في كل السنين الماضية بينما كانت تحصل على 17% من كل دولار يدخل الخزينة العراقية. أي بمعنى أخر ان ميزانية الأقليم كانت تقارب ميزانية دول مثل لبنان وسوريا. هل سيؤدي موتك التراجيدي إلى فتح السجلات والدفاتر لا سيما الأضابير التي بحوزة الباراستن والتابيت والبهركي والأساويش؟

242
إخوتي وأخواتي الكلدان: آن الأوان لمراجعة ومحاسبة النفس (2)
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

في الحلقة الأولى من هذا المقال (رابط 1)  طلبت من إخوتي وأخواتي الكلدان أن يحددوا موقفهم من الثقافة والحضارة واللغة السريانية التي ننتمي إليها وتنتمي إليها كنيستنا الكلدانية من خلال ليتورجيتها وقديسيها وشهدائها وملافنتها وشعرائها وأدابها.

ووضعت إستبيانا بسيطا يضم عشرة أسئلة ومقاربة بين الكردي الذي يناضل من أجل لغته وثقافته وحضارته وتراثه وأدبه وشعره وموقفنا نحن الكلدان من كل ذلك. وكأكاديمي يبحث عن الحقيقية والموضوعية قدر الإمكان، لم أكن في حاجة على الإطلاق كي أقوم بدراسة تجريبية تستند على الملاحظة والإختبار كي أحصل على النتيجة.

 في الحقيقة لم أكتب إستبيانا كانت نتيجته معروفة مسبقا مثل هذا الأستبيان. ولا أعلم إن كان أي من إخوتي وأخواتي الكلدان لا سيما من المنادين بالقومية منهم قد طبقوه على أنفسهم وحسبوا النقاط التي سيحصلون عليها. النتيجة واضحة وضوح الشمس وتجعلني ككلداني أخجل من نفسي. السبب بسيط جدا: الكردي في حبه للغته القومية وتراثه وثقافته ودفاعه عن تاريخه وأدبه وشعره يحصل على عشرة من عشرة. أما كم نحصل عليه نحن الكلدان فأترك الجواب للقارىء اللبيب.

ولهذا لم أستغرب عند قرأتي للشكوى التي قدمها ضدي بعض من إخوتي وأخواتي الكلدان وبينهم عدد ممن يدعون القومية للسلطات الكنسية، ومن ضمن ما يشتكون منه أن ليون برخو يود الجميع وبظمنهم الكهنة إستخدام اللغة السريانية. كم أسعدتني هذه الشكوى ولا سيما هذه النقطة بالذات. نعم أنا أحب اللغة السريانية لأنها لغة أجدادي ولغة قومي ولغة كنيستي واللغة التي من خلالها أعرف من أنا والتي لولاها لضاع فصلي وأصلي. وهذا شرف أعتزّ به وسأصرّ عليه ما أمكنني ذلك سبيلا سيما وان أكثر من 90% من أبناء الكنيسة يتحدثون لهجة مقاربة للغة الطقسية. (لا زلت أحتفظ بنسخة من الشكوى).

فكيف يريدنا القوميون الكلدان ان ننتخب قوائمهم وهم لا يملكون خطة او مشروع إنتخابي لإنقاذ إندثار اللغة القومية من بين صفوفنا وليس لديهم تأثير يذكر على إقناع المؤسسة الكنسية (أقول مؤسسة لأني أميز دائما بين الكنيسة كمؤسسة وإدارة والكنيسة كعقيدة) على إيقاف زحف الألتنة (من الاتينية) وزحف التعريب وإيثار كل ما هو أجنبي ودخيل على ما هو جزء من تاريخنا وتراثنا وحضارتنا وثقافتنا ولغتنا وطقسنا.

كيف يود القوميون من أخوتنا وأخواتنا الكلدان ان نمنحنهم أصواتنا وهم لم يحركوا ساكنا لمحاسبة كل من ساهم في الكوارث القومية التي حلت بنا ومن ضمنها خسارة الهند والخليج والمهجر وجورجيا إضافة إلى اللغة والتراث والطقس بموسيقاه وترانيمه التي لا نضير لها في العالم أجمع؟ إن لم يكن بإمكان القومي الكلداني الوقوف امام الغزو الثقافي الأجنبي الذي أتى علي يد هذه المؤسسة وبعض قادتها ممن لا زالوا على قيد الحياة، فكيف نثق بهم وبأحزابهم؟ الحزب الكلداني الذي لا يؤمن قولا وفعلا بالتراث والثقافة والحضارة واللغة السريانية ولا يحارب كل من ساهم ويساهم في ضياعها، اساسه مبني على الرمل. الحزب الكلداني الذي لا يدين بأقس عبارات الإدانة ضياع ملايين الكلدان ويطالب تشكيل محاكم ولجان لمحاسبة الذين قاموا وساهموا بذلك – كائن من يكون – أساسه مبني على الرمل.

الحزب الكلداني والقومي الكلداني الذي يطلب لا بل يتضرع إلى مؤسسة الكنيسة لحماية إسم الكلدان وقوميتهم لا يرى أبعد من أنفه. هل يعلم هؤلاء أن ابعد ما يكون عن التراث واللغة والحضارة والتاريخ – السمات القومية الأساسية – هي الأن المؤسسة الكنسية. ألم تشاهدوا بأم أعينكم كيف فضلت وتفضل هذه المؤسسة الدخيل على الوطني والمحلي حتى عندما يتعلق الأمر بمسألة القديسيين والطوباويين والملافنة. فلا غرابة أن يعرف الكلداني اليوم عن شارل دو فوكو وفرنسيس الأسيزي وتيريزا وبريكيتا وأغسطين وريتا وبالكاد يستطيع تذكر اسماء قديسيه وملافنته وشهدائه ... ولا غرابة ان نرتل اليوم ما تقع عليه أذاننا واعيننا من فيديو كليبات أجنبية رتيبة وذات كلمات سمجة لا معنى لها وتأليف موسيقي باهت وننسى تراث التراتيل الطقسية وكلها شعر موزون فيه من المعاني ما أثار ويثير دهشة كبار اللاهوتيين والعلماء، وموسيقاه تستحوذ على عقول وأحاسيس البشر.

وبدأنا نحن الكلدان نقسم أنفسنا إلى كلداني "أصيل" وكلداني "غير أصيل". وهذا التقسيم غريب وعجيب ولا يستخدمه إلا بعض الكلدان ممن خطفوا التسمية لأغراض لا يعلمها إلا الله وهم أبعد الناس عن الكلدانية كلغة وتاريخ وثقافة وتراث. فالكلدان المنضمون تحت لواء المجلس الشعبي يكونون بنظرهم "غير أصلاء" والكلدان الذين تنافسوا في الإنتخابات ضمن قائمة زوعا "غير أصلاء" وكاتب هذه السطور لأنه ينتقد الكنيسة كمؤسسة ويدعو بحزم إلى إحياء اللغة القومية والتراث والتاريخ القومي "غير أصيل".

وإخوتي وأخواتي الكلدان "الأصلاء" تراهم إتكاليون وغايتهم الأساسية سحب المؤسسة الكنسية إلى جانبهم وكأنها العصى السحرية التي ستحل كل مشاكلنا. كم فرحوا عندما طالبت هذه المؤسسة إدراج الكلدان قومية مستفلة ولم يحركوا ساكنا لمطالبتها إيقاف غزو وزحف الألتنة والتعريب والتكريد. ونسيوا أو تناسوا أن هذه المؤسسة مفتتة الأوصال فاقدة الإستقلالية والقرار. الكل فيها يشتكي والكل فيها يتذمر والكل فيها يطلب الإصلاح ولا من مجيب. والشكاوي لا تذهب إلى المسؤولين فيها، لأن لاحول ولا قوة لهم، بل تصل إلى السفير البابوي في العراق او مكتب الكاردينال المسؤول عن الكنائس الشرقية في روما والذي نُقل عنه مؤخرا أن الشكاوي الواردة من الأكليروس في مؤسسة الكنيسة الكلدانية أكثر من الشكاوي التي ترده من كافة الكنائس الشرقية الكاثوليكية قاطبة والبالغة 22 كنيسة.

وإن سألنا أين أصبح الإستقلال او الحكم الذاتي الذي منحتنا إياه روما والذي بموجبه يحق لنا الإحتفاظ بكل تراثنا وطقسنا الكنسي ولغتنا القومية وقديسينا وملافنتنا وأيامنا وكل السنن والتقاليد والأعراف التي كانت لدينا من ضمنها زواج الكهنة لخرج علينا البعض متهما إيانا بالتدخل بما لا يعنينا (أذي ليلى شولوخ بابي). وهكذا أضعنا حتى الحكم الذاتي الكنسي الذي كنا نتمتع به بعد إعترافنا بسلطة بابا روما على كنيستنا. السبب ليس روما. السبب نحن. نحن لا نحب تراثنا ولغتنا وثقافتنا وأدبنا وشعرنا وتاريخنا وطقسنا وليتورجيتنا.

وأفضل وصف لهذه المؤسسة أتى به الأب سعد سيروب في مقاله الأخير (رابط 2) حيث قال: "المشكلة في أن الكنيسة لا تتكلم؟! فهي ضعيفة ولا  كلمة لها، لا في الداخل ولا في الخارج" . لا أستطيع أن أضع كلمات في فم هذا القس الغيور ولكن كأنني به يقول:
 لقد أسمعت لو ناديت حيا                   لكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت                    ولكنك تنفخ في رماد
 
ولهذا السب ليس لنا دور مؤثر في الساحة السياسية لشعبنا باسمائه المختلفة. الشعب الكلداني شعب ذكي وسخي، يحب المعرفة وينظر إلى الأفق البعيد ويقرأ وراء السطور. شعب بهذه الإمكانيات لن تنطلي عليه دعوة حتى من المؤسسة الكنسية لإنتخاب هذا الشخص او ذاك او هذا الحزب او ذاك لأنه يعلم علم اليقين ان هذه المؤسسة والقائمين عليها لا يحبون اللغة القومية ولا التراث والثقافة والتاريخ القومي. ولم يكتفوا بهذا بل قام البعض من القائمين عليها حتى بإزالة فن العمارة الخاص بكنائسنا وسلخ المدارس والإرساليات الكلدانية في الخليج وأماكن كثيرة أخرى عنها.

إن أردنا النهوض فإن النهوض لا يأتي بالتشبث بالإسم فقط أو رفع علم أو القفز فوق وعلى تاريخنا الكتابي وإلصاق أنفسنا بإسم إله بابلي لا ناقة ولا جمل لنا معه وجعله بديلا لتقويمنا ووجودنا. نحن بحاجة إلى منظمة أوحزب يرفع راية التراث واللغة والحضارة والأدب والطقس والموسيقى السريانية. ومتى ما صار لنا مؤسسة تضع المكونات القومية الأساسية فوق كل شيء حتى فوق المؤسسة الكنسية، عندئذ سيتقدم الكلدان أفواجا لمناصرتها. وحتى ذلك الحين سنبقى مشتتين ودون تأثير ليس في واقع شعبنا بتسمياته المختلفة بل بين صفوف الكلدان أيضا.

إنتظار المؤسسة الكنسية كي تنهض وننهض معها يشبه مسرحية سامويل بيكت: "في إنتظار كودوت". كودوت لن يأتي. وأنني شخصيا ما زلت أنتظر هذه المؤسسة كي ترد على النقاط التي أثرتها في ردي على ناطقها الرسمي المخول الذي يرفض ذكر إسمه (رابط 1). وأخشى أن الرد لن يأتي.

رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,383672.0.html
رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,409269.0.html





243
إخوتي وأخواتي الكلدان: آن الأوان لمراجعة ومحاسبة النفس (1)
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

leon.barkho@ihh.hj.se

منذ ظهور نتائج الإنتخابات لم ينقطع سيل الكتابة عن الأسباب التي أدت إلى إضمحلال دورنا ككلدان في الحياة السياسية لشعبنا بتسمياته المختلفة. ولقد شارك في تحليل هذه الظاهرة المؤلمة زملائي من الكتاب الكلدان بإختلاف وجهات نظرهم ومواقفهم السياسية.

ولأنني واحد منهم رأيت انه لا بد وان ادلو بدلوي. ولا أخفي قرائي سرا أنني على إتصال مع الكثير من الأقلام الكلدانية لاسيما الشابة منها. وأزيد قرائي علما أنني وعدت مساعدة بعضهم أكاديميا، إن أمكن. وكي لا أبدو "عنصريا او متعصبا" – هذه من أبغض الصفات لدي – فإن الوعد سيشمل كل ابناء شعبنا بتسمياته المختلفة إن مكننا الله في مسعانا وموقعنا الجديد في الإعلام في السويد.

وقبل الخوص في تفاصيل التحليل الذي سأقدمه على حلقتين حول وضعنا السياسي ككلدان، اود التأكيد في إستهلال هذه المقالة إن إعتزازي بكلدانيتي ليس مثار نقاش ولكن أقول أنني جزء لا يتجزأ ومكون لا ينفصم، تاريخا ولغة وثقافة وإثنية، عن مكونات شعبنا الأخرى بتسمياتها المختلفة. إرثنا التاريخي والثقافي واللغوي والكنسي والطقسي واحد.

موقفي الوحدوي لا ينطلق من المجهول. إنه نابع من قناعتي كعالم وأكاديمي مع كل تقديري وأحترامي للأخوة القوميين لا بل المتعصبين من الكلدان والأشوريين.

الكنيسة والقومية

كُتب الكثير عن هذا الموضوع وأخيرا تدخلت الكنيسة الكلدانية في هذا الشأن، جريا وراء التقليعة الجديدة حيث جرى حتي تغيير اسماء الكنائس قبل عقود قليلة. لن أدخل في موضوع التسمية لأنه أصبح مملا وباهتا ولكنني كمختص أقول أن أكبر خطيئةُ أُقترفت وتُقترف بحق كنيستنا المشرقية – إسمها الحقييقي كنيسة المشرق او كنيسة فارس _ هو تحريف وتشويه تسميتها وتحويرها من "عيتا شليحيتا قاثوليقي" – كنيسة رسولية جامعة – إلى كنيسة "قومية وعنصرية". لا أظن ان الله واباء الكنيسة من الشهداء والقديسين والملافنة سيغفرون لنا ذلك.

لماذا فشلنا سياسيا

لنعترف بالحقيقة نحن الكلدان ولنجمع شجاعتنا ونقول أننا في أزمة حقيقية. لقد حان الوقت لمراجعة ومحاسبة النفس. ولكن كيف نقوم بهذه المراجعة والمحاسبة، هذا  هدف قد نختلف في كيفية الوصول إليه. وكي أضع بعض النقاط على حروف فشلنا سياسيا، أضع امام أحبتي الكلدان لا سيما زملائي الكتاب منهم بعض الحقائق التي من وجهة نظري تعد من الأسباب الرئسة لهذا الإخفاق وإن لم نتداركها فإن الإخفاق سيستمر ومنحنى الفشل سيرافقنا في المستقبل.

وكي أبرهن على ذلك سأتبع منهجا علميا يستند على المقاربة والمقارنة. وأطلب من كل الكلدان، لا سيما القوميين منهم، أخذها بعين الإعتبار إن كانوا كما يدّعون انهم يحبون كلدانيتهم وأن تشبثهم بقومية منفصلة نابع من الحرص والإخلاص والصدق وليس لغاية في نفس يعقوب.

ما بين كردي قومي وكلداني قومي

ولنجر الأن مقاربة بين كردي قومي وكلداني قومي. وليؤشر كل وحد منا نحن الكلدان بإشارة صح او خطأ على كل نقطة من النقاط العشرة التي سأذكرها وعلى ضؤها يحدد موقفه:

1. الكردي القومي حارب بهمة ونشاط كل محاولات التعريب على حساب لغته القومية وأستطاع بعد سقوط النظام السابق محو كل أثار الإنتقاص من هذه اللغة. أطلب من نفسي ككلداني اولا ومن ثم كافة إخوتي الكلدان ان نقول صراحة إن كنا قد فعلنا أي شيء من أجل إعلاء شأن لغتنا القومية السريانية – سمها ما شأت هذا لا يغير في الأمر شيئا.

2. الكردي القومي يتقاتل على كل شبر من الأرض يعتقد انه يعود له ولا يسمح ولا يغفر كائن من كان إن تخلى عن إرثه الحضاري واللغوي والثقافي على حساب قوميته لا بل يحاربه وإن كان كرديا. هل ذكرّنا أنفسنا وحاسبناها على كل ما تخلينا عنه من إرثنا اللغوي والثقافي وفضلنا عليه الأجنبي الدخيل.

3. الكردي القومي لا ينسى أبدا منطقة جغرافية إمتدت إليها جذوره اللغوية والثقافية ويتصارع من أجلها ويدين كل من تخلى عنها إن كان بإسم الدين او غيره. من منا الكلدان، القومييون وغيرهم، له الشجاعة في إدانة سلخ أربعة ملايين كلداني هندي عن أمهم الكنيسة وتراثها الطقسي واللغوي والكنسي والثقافي؟ نحن الكلدن نتحدث كثيرا عن أكيتو ولكننا نخشى الدخول في أمور قضمت ظهرنا مثل خسارة الهند. الكلداني الذي لا يدين هذه النكبة بأقس عبارات الإدانة و لا يطالب بتحقيق شفاف ومستقل لإماطة اللثام عنها ومعاقبة لا بل إحالة المسؤولين عنها إلى المحاكم، يكذب عندما يقول أنه كلداني أصيل او كلداني قومي.

4. الكردي القومي لن يقبل ولن يسمح لأي رجل دين مسلم كردي ان يلقي خطبته بالعربية او أي لغة أخرى غير اللغة القومية.  أين نحن من ذلك؟ حتى في المهجر نفضل لغات غير لغتنا القومية.

5. الكردي القومي يحث اولاده وأقرباءه على الإنضمام إلى المدارس التي تكون اللغة الكردية لغة التعليم فيها. كم منا نحن الكلدان نفعل ذلك؟ وكم منا نحن الكلدان يقاوم ذلك؟

6. الكردي القومي يعرف عن تاريخه الكتابي ويتشبث به. يحفظ للشعراء والكتاب والمؤلفين والقادة الأكراد. أما نحن فقفزنا فوق تاريخنا الكتابي وخيرنا لا يحفظ بيتا واحدا لشاعر من شعرائنا ولا يعرف عن كاتب او مؤلف من ادبنا السرياني. ولأننا لا نعرف ذلك او لا نريد ان نعرف قفزنا فوق التاريخ وأصبحنا على الهامش.

7. الكردي القومي يحتفي برموزه التي تركت بصمات واضحة على مسيرته التاريخية من مؤرخين ومؤلفين وغيرهم ولا يمكن ان يقبل أن تكون للأجنبي حصة على حساب كرديته. اما نحن فنعرف الكثير الكثيرعن رموز وأشخاص لا يمتون بأي صلة إلى تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا ونسينا او تناسينا ما هو لنا.

8. الكردي القومي يستخدم لغته القومية في كل المراسلات ويفضلها على أية لغة أخرى إن في الجوامع او في المدارس او في الأماكن العامة او في المنشورات والمطبوعات وغيرها. اليوم قلما تعثر على كلداني يتقن اللغة القومية وسنكونوا محظوظين إن رأينا كلمة او كلمتين بالسريانية في كنائسنا او نوادينا او روزناماتنا وغيرها.

9. الكردي القومي يرفض تعليم او تدريس الأناشيد والتراتيل بلغة غير لغته القومية. نحن الكلدان غادرنا تقريبا تراثنا الإنشادي والموسيقي الذي لا مثيل له في أصالته في العالم وأستبدلناه بأناشيد نجمعها من كل حدب وصوب كل حسب هواه وغالبا ما نقبل ترتيلها بأي لغة عدا لغتنا القومية.

10. الكردي القومي يرفض التقوقع والإنغلاق. يفرح جدا عندما يتعلم كلداني اللغة الكردية ويكتب ويتحدث بها. يتواصل بجدية مع كل الأكراد لأن كرديته تأتي قبل مذهبه ودينه وحزبه وإيديولوجيته. نحن الكلدان أضعنا الكثير بتقوقعنا. البعض منا، لجهله وليس لعلمه، صار يحارب اللغة السريانية لأنه يعتقد إنها ليست لغته لأن الأشوريين يدرسونها ويتحدثون بها. الكردي القومي من بهدينان والكردي القومي من سوران لا يفعل ذلك. اللغة الكردية لها لهجات كثيرة ولكنها واحدة. اللغة السريانية بالنسبة للقومي الكلداني والأشوري ليست لغة واحدة. يتصورون زورا ان اللهجات السريانية لغات قائمة بذاتها. وهذه كارثة علمية يريد الجهلاء منا إدخالها في عقولنا.
 
الإختبار

هذا إختبار كان علينا القيام به أفرادا ومنظمات قبل الإنتخابات. كلما زاد تقرب شخص او منظمة من النقاط التي يحترمها القومي الكردي والتي أعتبرها أساسية إزداد تقربه من قوميته. وكلما بعد شخص او منظمة عنها بعد عن قوميته.

وفي رأي فإن الكلداني الأصيل او الأشوري الأصيل او السرياني الأصيل يجب أن يحدد موقفه السسياسي والقومي على ضوء هذه النقاط الأساسية.

وأنا ككلداني سأمنح صوتي إلى كل من يحرز درجات أعلى في ضوء النقاط أعلاه إن كان كلدانيا او أشوريا او سريانيا. لماذا؟ سأشرح الأسباب في الجزء الثاني من المقال.
وإلى اللقاء 



 

 


244
أبشر بطول السلامة يا أستاذ مسعود النوفلي

يقول أدونيس، الفيلسوف والشاعر العملاق، ان الشعوب عندما تصبح على هامش التاريخ وتفقد طاقتها الخلاقة وتضمحل مساهمتها في الحضارة الإنسانية تبدأ بالقفز فوق وعلى التاريخ. كثير من أبناء شعبنا لا يعرفون ان الذي ساهم في صنع هذا العملاق الشعري كان الأب الدكتور بول نويا، واحد من فطاحلة شعبنا، الذي أشرف على أطروحة أدونيس "الثابت والمتحول" ونشرت على أربعة أجزاء.
 
يشّرفني أنني كنت تلميذا لبول نويا لمدة أربع سنوات وأنه أثّّر في تكويني وفي مستقبلي أيما تأثير. بيت القصيد، يا أستاذ مسعود، أننا حاربناه حتى ضاقت الدنيا به وهرب. ومات من الهم والغم بعدها بسنوات قليلة وهو يتنقل من جامعة سوربون إلى جامعة زوريخ لإلقاء محاضراته.

نحن الشعب الوحيد في العالم الذي يتقاتل ويتصارع ويصرخ ويتباهى ويفتخر بشعوب وأمم لا يحفظ بيتا واحدا من قصائد شعرائها. نحن الشعب الوحيد الذي يتباهى بكلدو وأشور وهم براء منا. أجزم لك يا أستاذ مسعود انه ليس هناك عالم يحترم نفسه يستطيع حتى التفوه بأن لغتنا وحضارتنا وتراثنا وإرثنا الثقافي له علاقة مباشرة مع تللك الشعوب.

وفي كل تراثنا السرياني، وانا أقرأ هذه اللغة بطلاقة، أكاد أجزم انه ليس هناك إشارة إلى ذلك. وهذا التراث يمتد إلى أكثر من ألفي سنة. أنظر كيف قفزنا على وفوق التاريخ. لا الفرنسي ولا العربي ولا الكردي ولا الإنكليزي ولا أي شعب أخر يفعل ذلك فقط نحن ندعي أننا الأحفاد الحقيقيين لأقوام لا نستطيع فك طلاسم حرف من لغتهم. كل شعوب العالم ذاكرتها تبدأ من نشأة تاريخها الكتابي الذي تنتمي إليه وتتدفأ به. العربي منذ بداية الشعر الجاهلي والإنكليزي منذ شوصر والكردي من مشفا رش وفائق تيران. كل الشعوب لها بداية كتابية تعرفها وتُعرف بها إلا نحن.

ونحن فتركنا تراثنا وشعرنا ولغتنا وبدأنا نعدّ عدد المرات التي ذُكر إسم الكلدان في العهد القديم. واليوم ليس هناك عالم يحترم نفسه يتخذ من العهد القديم مصدرا أساسيا. أما اشقاؤنا الأشوريون فحدث ولا حرج.

مبروك عليك قطعة الأرض. كم كنت أتمنى كعالم ان يكون بإمكاني تقديم الدليل لك لأن الهدية ثمينة جدا ولا لأشك على الإطلاق في صدقك. ولكن إتيان الدليل الذي تطلبه من سابع المستحيل. فأبشر بطول السلامة وأنشا الله طول العمر وابدأ بحراثة أرضك وأمل أن تدر عليك وعلى ذريتك بالغلال الوفيرة.

ليون برخو

245




موقف دائرة الهجرة السويدية من حملة الكنائس لصالح الاجئين العراقيين المرفوضة طلباتهم

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
Leon.barkho@ihh.hj.se


زادت الكنائس في السويد من ضغطها على دائرة الهجرة كي تعيد النظر في قضية الاجئين العراقيين المرفوضة طلباتهم، لاسيما أبناء الأقليات.

وأخيرا علمنا ان الكنائس طلبت من الاجئيين المسيحيين حصرا تقديم طلبات جديدة من خلالها كي ترسلها إلى دائرة الهجرة في مسعى لإقناعها بإعادة النظر بقراراتها.

إنني شخصيا أشدّ على أيدي كل من يساهم في حلّ هذه المعضلة الكبيرة وأثني على جهود الكنائس أجمعها وأناشدها ان تستمر في نشاطاتها وان لا تزيح عن هذا الموقف لا بل ان تستمر فيه وبنشاط أكثر كثافة وطرق كل الأبواب الممكنة لمساعدةة أشقائنا وإخواننا.

وبغية إلقاء ضوء أكثر على اللاجئين العراقيين المرفوضة طلباتهم وعلى  الجهود المشكورة التي تقوم بها كنائسنا، إتصلت بالسيد فردريك بيير، مدير اللجوء في دائرة الهجرة السويدية  كي أستقي المعلومات من منبعها الأصلي حيث أن فريديرك واحد من الموظفين الكبار في هذه الدائرة وهو الذي إلتقى بوفد الكنائس وسيلتقي بهم مرة أخرى في غضون شهرين.

وقبل أن أنقل القارىء إلى ترجمة المقابلة ونصها بالإنكليزية، أود التأكيد على النقاط التالية:

1. أن دائرة الهجرة ملزمة بالنظر في كل الطلبات التي ستقدم إليها من قبل الكنائس. بالطبع ليس هناك وعود أنها ستعيد النظر في القرارات التي إتخذتها المحاكم لا سيما القطعية منها، إلا ان الجهد حتى ولو كان بمثابة التذكير بمحنة إخواننا وأشقائنا الاجئين، فعلينا جميعا مساندته ودعمه بكل السبل الممكنة.

2. إن بدا للبعض ان كلام المسؤول سلبي، فإن ذلك لا يعني قطع الأمل على الإطلاق. هناك سابقة في السويد عندما أعادت دائرة الهجرة النظر في طلبات أكثر من 15 الف لاجىء عراقي كانو قد حصلوا على قرارات رفض قطعية ومنحتهم إقامة دائمة في 2006 ، كل ذلك في غضون شهرين. والسابقة في دولة مؤسسات مثل السويد ذات أهمية بالغة. وأمل من مسؤولي الكنائس تذكير دائرة الهجرة بها والضغط على البرلمان والحكومة على تكرارها.

3. لا يجوز ترك الكنائس وحيدة في الساحة. علينا جميعا المساهمة لا سيما بالكتابة في الصحافة السويدية والكتابة إلى أعضاء البرلمان، لأنهم السلطة التي بإمكانها التشريع وتعديل القوانين والقرارات من ضمنها التي تخص الهجرة.

4. الوقوف خلف الكنيسة السويدية في هذا الخصوص لتأثيرها وإمكانياتها الكبيرة. الكنيسة السويدية، رغم علمانية البلد، صوتها مدو ولها منظمات إغاثة وجمعيات خيرية ذات إمكانيات هائلة.

5. الطلب من الكنيسة السويدية التحضير لحملة كتابات رسائل مشابهه لما قدمته الكنائس لدائرة الهجرة، لكنها موجه إلى الأحزاب وممثليها في البرلمان كي نجعل من الوضع المأساوي لأشقائنا الاجئين مسألة إنتخابية. لا تستهينوا بعددنا في السويد. نحن العراقيين المخولين بالتصويت من الكثرة حيث بإمكاننا التأثير.

6. وأخيرا أمل ان تختار الكنائس ممثلين اكفاء (3-5 أشخاص)  لمخاطبة الجهات الرسمية منها دائرة الهجرة.


وأدناه ترجمة اللقاء وتعقبه النسخة الإنكليزية.

ملاحظة:

جرت المقابلة هاتفيا. ومن ثم جرى تفريغ التسجيل وإرساله إلى السيد فرديرك للموافقة على نشره. حصلت الموافقة في الثامن من أذار (رابط 1)

 هل في جعبة دائرة الهجرة شيء معين بخصوص الاجئين العراقيين المسيحيين في السويد؟

نحن نعلم علم اليقين ان الأقليات، مسيحيين وغيرهم، هم بصورة عامة في خطر أكثر مقارنتهم بالأفراد من الأكثرية. بيد أنه يجب دائما ان تكون هناك وجهة شخصية لكل قضية يتم معالجتها من قبل دائرة الهجرة.

هناك منذ كانون الأول الماضي تصريح قانوني أدلى به مدير القسم القانوني في دائرة الهجرة يقول فيه أنه علينا أن نقيم الدليل من قبل الأشخاص المنتمين إلى الأقليات في بلد تعاني منه الأقليات من مشاكل، وأن نتذكر أنه علينا ان نتعامل مع الدليل بعناية كبيرة. هذا ما يقوله. وهذا ليس شيئا جديدا. وهذا يتطابق مع القانون السويدي وميثاق جنيف، .. الخ. هذا مجرد تذكير في الحقيقة. وهو لا يقول أننا نتحدث عن العراق. هذا ينطبق على أي وضع او بلد فيه أقليات.

الأن العراق هو أفضل مثال. في الحقيقة العراق يعد أفضل مثال لذلك حاليا. وعليه، فإنه علينا النظر بعناية في الطلبات المقدمة إلينا من قبل الأشخاص القادمين من بلد فيه إضطراب. هذا القرار لا يقول انهه يحق لأي شخص منتم للأقليات الحصول على اللجوء. إنه يقول ببساطة أنه يجب معالجة قضاياهم بعناية. وهذا ليس شيئا جديدا. هذا كان الواقع منذا أن بدأ العراقييون بالوصول.

ما هو تقيمك للإجتماع الذي عقدته مع ممثلي الكنائس والمنظمات غير الحكومية؟

عندما كنت في الإجتماع  إبتدأوا هم، وليس أنا، المناقشة فيما بينهم على انهم ينوون القيام بعمل ما وأنهم سيصدرون إستمارات خاصة كي يسهّلوا للعراقيين من مختلف الأقليات مسألة الطلب في إعادة النظر في قضاياهم. هذا ما ناقشوه فيما بينهم.  وهذا شيئ لا يمت لي البتة. لهم الحق أن يفعلوا ذلك. لهم الحق في مساعدة بعضهم البعض. أنا لا أستطيع فعل ذلك. ما كان علي القيام به هو إبلاغهم بالإطار القانوني لذلك.

هل أعطيت أية وعود في الإجتماع؟

كلا. أبدا. أنا فقد وضحت الإطار القانوني. إذا كان القرار صادرا من المحكمة فهناك مجال ضيق لفتح الملف. قمت بتوضيح ذلك بالتفصيل. ولكنني رأيتهم مندفعين جدا ذلك اليوم ولا أعتقد أنهم إستوعبوا ذلك تماما.

هذا الإجتماع إضافة إلى تقرير نشره موقع ذو شعبية هائلة بين العراقيين المسيحيين إن في السويد او خارجها ادى إلى ظهور تخمينات مفادها ان دائرة الهجرة قد تعيد النظر في الطلبات المرفوضة.

هناك سؤ فهم كبير. أنا لا أستطيع ان أمنعهم من التقديم وتنظيم أنفسهم. أنا لا أستطيع أن أمنع الكنيسة السويدية من مساعدتهم. لهم الحق أن يقوموا بذلك.  نحن في بلد حر. إذا كانوا قد قدموا وحصلوا على رفض من المحاكم، الإطار القانوني (المتبقي) ضيق جدا. ولكن ليس بإستطاعتي أن أقول لهم ليس بإمكانهم التقديم على الإطلاق. هذا سيكون خطأ من قبلي. عندما التقيت بهم ذلك اليوم، كانوا 25 فردا وأنا كنت لوحدي ممثلا لدائرة الهجرة. وهم إستمروا بالمناقشة فيما بينهم بعد مغادرتي. وعليه، إتصلت بزميلي، مدير قسم معالجة قضايا اللجوء، الذي ينظر في قضايا اللجوء في مراحلها النهائية، انه من المرجح انه سيرى ليس قليلا بل كثيرا من الطلبات من قبل هذه المجموعة هذا الأسبوع.

ماذا جرى، عدا ذلك، في الإجتماع؟

سألوني إن كان بإمكانهم تكليف محاميين إثنين لمساعدتهم. بالطبع لا أستطيع أن أمنعهم من تكليف محام لأن هذا حق قانوني. وعلى الأرجح أننا لن نقوم بدفع أتعاب المحاماة ولكنهم بإمكانهم أستخدامهم إن أشاءوا ذلك.

 ماذا ستفعلون بالطلبات التي ستستلمونها من الكنائش؟

ما سنفعله هو إلقاء نظرة على كل حالة على حدة والوضع في العراق وتقييم الدليل. هذا ما سنفعله. وهذا ما قمنا به بخصوص هذه الحالات. ولهذا السبب هناك أمل ضعيف في الحصول على قرار أخر عندما يتم التقديم الأن. ومن الخطأ القول ان نسبة الأمل صفر في صفر لأن هذه عملية قانونية. دائما هناك أرجحية. ولكن من أجل إعادة المحاكم النظر في قضاياهم عليهم تقديم أدلة جديدة، شيء جديد قد حدث (لقضيتهم).

لا ينفع القول انه علينا إعادة النظر في قضايا اللجوء والقول أن قراراتنا خاطئة ورجاءا إعادة النظر فيها. القضايا رفعت إلى المحاكم وتم إصدار قرارات فيها. ولكن إن كان بإمكانهم تقديم أدلة جديدية، أمور جديدة، فبالطبع علينا النظر في ذلك ومن ثم دراسة ما سنتخذه من قرار.

إنني عل ثقة أنك على دراية بالأوضاع في الموصل وهروب مئات العوائل المسيحية منها ...

أنا كنت في لندن لمدة أسبوعين خارج السويد. أنا لست ملما بالأوضاع في الموصل وما حدث فيها في الأسابيع الثلاثة الماضية ... إلا أننا كنا على إطلاع بالوضع في الموصل والهجرة الجماعية للمسيحيين منها. ونعرف أننا قد أخذنا ذلك في عين الإعتبار في القرارت التي إتخذناها وأن المحاكم قد أخذت ذلك في عين الإعتبار أيضا.

المجازفة هنا تكمن في ان كثيرا من الناس ستبني أمالا كبيرة على ان هناك شيء ما سيحدث. ليس هناك شيء جديد في قانون الأجانب في السويد او أي قرار من مستشارنا القانوني. ولكن إن طلب شخص منا النظر في قضيته مرة أخرى سنفعل.

نحن نعلم هناك خطر أكبر على المسيحيين في الموصل مثلا ولكن عليهم (الاجئيين)، وعلى اي شخص توضيح ان هناك خطر عليه شخصيا. وإن كانوا قد حصلوا على الرفض فعلى الأرجح لم يكن بإستطاعتهم توضيح ان كانو شخصيا  في خطر. هذا هو ما عليهم القيام به. ولهذا فإن الوضع العام في الموصل غير كاف ما لم يكن قد تغير جذريا. عليهم التركيز على قضاياهم الشخصية. وهذا امر صعب للغاية بطبيعة الحال.

هل ستكون هناك لقاءات أخرى مع ممثلي الكنائس؟

سألتقي بهم في إجتماع جديد. ولكن سأكون واضحا معهم بأنني لن أستطيع إستقبال 25 فردا في إجتماع واحد. سنلتقي مرة أخرى في غضون شهرين لإجراء مناقشة عامة عن موضوع المسيحيين في العراق و القضايا الفردية.


النص باللغة الإنكليزية


Is there anything special from the Migration Board  for Iraqi Christian asylum seekers in Sweden?


We know for a fact that the minorities of Iraq, Christians as well as other minorities, are in general in more danger in the country than people coming from the majorities. But there always has to be an individual aspect to each case according to which the migration board handles it.

There is from December a legal statement from our the manager of the legal division saying when we handle, when we evaluate the evidence from people coming from minorities in a country where the minorities are in trouble, we need to remember to handle the evidence very carefully. That is what he is saying. It is nothing new. That is according to the Swedish law, according to the Geneva Conventions, etc. That is just a reminder, in fact. And it is not saying that Iraq we are talking about. It could be every situation where there is a country with a minority.

At the moment Iraq is the best example. In fact the most up-to-date example. So, we should look at applications submitted by members of minorities coming from a country that is in any way in a kind of turmoil with care. The decision does not say that everyone who is coming from a minority has the right to asylum. It simply says they should be handled with care. That is nothing new. That has been the case since the Iraqis started to arrive.


What could you say about the meeting you had with the representatives from the church and NGOs?

When I was at that meeting, they, not me, together discussed between each other that they were going to do something: to produce certain forms, to make it easier for Iraqis from different minorities to have their cases reprocessed. That is something they discussed between themselves and that is nothing I can get involved in. They have the right to do so. They have the right to help each other. I cannot do that. What I can do is to inform them of the legal scope and I did that.

Did you make any promises in the meeting?

No, absolutely not. On the contrary. I only explained the legal scope. If the decision is taken by the courts there is a very narrow scope to change the case. To give permission to stay after a court’s decision, there is a very, very narrow scope. I explained that at length to them. But I saw they were on fire that day and I am not sure they really understood it.


The meeting and a report in a hugely popular website particularly among Iraqi Christians  in Iraq and outside has led to speculation that the Migration Board might reconsider the rejected cases.

That is a total misunderstanding. I cannot hinder them from applying and organizing themselves. I cannot hinder the Swedish church from helping them. They have the right to do that. This is a free country. If they have applied and they have got a rejection from the courts, the legal scope is very narrow. But I can never tell them not to apply. That would be wrong of me to say. When I saw them that day, I was one person from the Migration Board and there were 25 of them. They continued discussing after I left. I could see that something was going to happen between these groups. So, I called my colleague the Manger of the division Processing Cases,  who handles applications at that late stage in the legal process to inform him that probably he was going to see not a few but quite a lot of applications from these groups this week.

What else went on in the meeting?

They asked whether we could use two lawyers to help us. Of course I cannot hinder them from using any lawyer because that is their legal right to do so. We are not going to pay theme, probably, but they can use them if they want to.

What will you do when you receive the applications?

What we do is to look at the individual case, the situation in Iraq and weigh the evidence. That is what we do, that is what we have done in their cases already and that is why there is a very slim chance of getting another decision when they are applying now. It would be wrong for me to say there would be zero point zero chance because this is a legal process. There is always a probability. But to have their cases retried they have to produce new evidence, something new that has happened.

There is no use you going back and saying we have made the wrong decision, please do it again. They have gone to the courts and the decision has been made, but if they can produce  new evidence, new stuff, of course we will have to look at and we will see what decision we will have to take.

I am sure you are aware of conditions in Mosul and hundreds of Christian families fleeing once again …

I have been on vacation for two weeks and I have been out of town. I am not up-to-date with the situation in Mosul for the last three weeks … But the situation in Mosul in general and the exodus of Christians from Mosul we have known that, we have taken that into consideration in the decisions that we have made and the courts have taken that into account.

There is a risk here that a lot of people are going to build great expectations of something that is not going to happen. There is nothing new in the Swedish Aliens Act or in the decision of the legal director. If someone asks us to look at the situation again, we will have to do it.

We know there is a higher risk for example for Christians in Mosul but what they have to do is to point out an individual risk of each person. If they have got a rejection, they probably haven’t been able to point out an individual risk and that is what they should try to do. So the general situation for Christians in Mosul unless it has changed considerably it is not enough. They have to focus on their individual cases. And that is very difficult of course.

Will there be more meetings?

I will have a new meeting with them, but I will be very specific in saying that I cannot have 25 five people again in the meeting. We will meet again in a couple of months to have a discussion on the general subject of Christians in Iraq and not individual cases.



رابط  (1)


Dear Leon,
 
I've read the text. The only small error is that the person I spoke with after the meeting was the manager of the division processing cases where people apply after a decission from the court and it's a woman not a man! Otherwise it's correct as far as I can see.
 
Regards
 
Fredrik Beijer

>>> "Leon Barkho" <Leon.Barkho@ihh.hj.se> 2010-03-06 14:59 >>>
 
Dear Fredrik
 
Here is a somewhat linguistically 'refined' version of our phone interview yesterday. Please go through it and make the changes you see necessary. You could also add and delete at will.
 
Many thanks for your patience.
 
Leon Barkho


246

كل من يحمل السلاح في الموصل يحمل وزر قتل واضطهاد المسيحيين

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj

كثر الحديث عن معاناة المسيحيين في العراق لا سيما في الموصل الحدباء. وكلما إزدادت وتيرة العنف كلما كثرت النظريات والتخمينات عن المصدر او المصادر التي تقف وراء تفريغ ليس الموصل فحسب  بل العراق من واحد من أعرق مكوناته.

ونحن المسيحييون العراقييون في المهجر نعيش حالة قلق كبيرة لأن أجسامنا بعيدة عن الوطن الغالي، العراق، وقلوبنا ونفوسنا وكأنها لا زات هناك. فلا تستكثروا علينا عتبنا وحزننا ودموعنا على مصير الوطن ومصير ابنائه. والعراقيون المهاجرون، كالطيور الطائرة التي تحن إلى أعشاشها، بيتهم العراق ومأ واهم العراق وجوامعهم العراق وكذلك كنائسهم وثقافتهم وتراثهم وحضارتهم.

لم نكن نتصور ان تظهر في العراق جماعات وميليشيات تهاجم بيوت العبادة التي يؤمها المؤمنون – مسلمون ومسيحيون. بيد انه يحق لنا أن نذكّر إخوتنا المسلمين بالديّن الذي لدينا في أعناقهم وهو الحماية الكاملة للأقليات من مسيحيين وغيرهم. وإن  كانت الذكرى تنفع،  فمن حقنا أن نعود قليلا إلى التاريخ. ألسنا نحن المسيحييون أحفاد العلماء السريان الفطاحلة الذين كانوا من أقرب المقربين إلى الخلافة الإسلامية ولقوا بين أحضانها من التكريم ما لم يلقاه حتى بعض المسلمين. ألم يوزن الخلفاء المسلمون الكتب التي ترجمها والفها أجدادنا السريان ذهبا.

نحن لسنا في وارد إتيان الدلائل – قرأنية وغيرها – كي نثبت حقنا في العيش الكريم دون أية مضايقات. إنها أكثر من أن تضمها ثنايا كتاب ثخين. هذا عدا ما تتطلبه الأخوة الإنسانية وحقوق الإنسان. إننا لم نأت من الفضاء ولم نحل على البلد مثل الغزاة المحتلين الأجانب. جذورونا كلنا كعراقيين تتغذى من بلاد ما بين النهرين وتشرب من ذات النبع.

وهكذا يحق لي أن أقول إن الذي يقتل مسيحيا بدم بارد ويضطهده ليس بمسلم. لماذا؟ الا يتبع المسلم سنة نبيه؟ الا يتذكر مضطهدو المسيحيين رسولهم محمد؟ الا يتذكرون كيف كان محمد يذهب إلى سوق عكاظ كي يستمع إلى خطيب العرب، قس بن ساعدة، أسقف نجران وهو يلقي خطبته من على جمله الأحمر؟ الا يتذكرون كتاب العهد الذي أعطاه محمد إلى الأسقف أبي الحارث بن علقمة يمنح فيه المسيحيين من الحقوق ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم. بأي حق يلغى كتاب العهد هذا؟ الم يأمر محمد جيوشه بحماية الأديرة والرهبان والكنائس؟ فكيف يأتي مسلم ويقتل أسقفا وكهنة وشمامسة ورهبان في القرن الواحد والعشرين وفي بلاد كانت مركز الخلافة العباسية؟

نحن أقلية مسالمة وكنا كذلك طوال القرون الماضية وما زلنا. إن بدا للأخرين أننا ندخل في تحالفات قد يرونها عدائية، فهذه الأمور لا ناقة ولا جمل لنا فيها. الظروف القاهرة جعلت منا بيادق يلعب بها الأقوياء الذين لا حول ولا قوة لنا تجاههم.

أنا شخصيا أدين كل من له وجود مسلح في الموصل لما يتعرض له المسيحييون في هذه المدينة. ولنكن منصفين فإن الوجود المسلح البارز هو للميليشيات لا سيما الكردية منها. ألم يوثق تقرير دولي محايد من قبل هيومن رايتس ووتش في نوفمبر من العام الماضي"مضايقات من القوات الكردستانية استهدفت الأقليات السياسية والجمعيات المدنية التي تقاوم الجهود الكردية الرامية لدمج المنطقة في الأراضي الخاضعة للحكم الذاتي إلى الحكومة الإقليمية".

ويضيف التقرير:


"ومنذ عام 2003 بدأت حكومة كردستان الإقليمية في إعادة تشكيل الحقائق على الأرض عبر فرضها لتواجد أمني وسياسي موسع في المنطقة. ولكي تُحكم قبضتها، عرضت الإغراءات المالية على الأقليات وغيرها من المغريات لكي تربح دعمها، وفي الوقت نفسه استخدمت إجراءات تهديدية كي تخيف الأقليات. وقد تورطت القوات الكردية في أعمال اعتقال واحتجاز تعسفيين وأعمال تهديد، وفي بعض الحالات وقائع عنف مباشر استهدفت الأقليات التي تحدت إجراءات بسط الحكومة الإقليمية لنفوذها على الأراضي المتنازع عليها."


ما هي الجدوى من تواجد الميليشيات في ثاني أكبر مدينة في العراق لا تستطيع حماية أقلية مسالمة؟ وما جدوى تواجد أية مظاهر مسلحة رسمية إن لم يكن بإمكانها حماية هذه الأقلية؟

ولي كلمة عتاب لبعض المسيحيين من الكتاب والسياسيين وبعض رجال الدين المسيحيين من الذين سيّسوا قضيتنا لمنافع شخصية أو طائفية أو قومية أومذهبية لا تخدمنا لا من قريب ولا من بعيد.

بعض الكتابات والتصريحات غير مشجعة ولا تخدم قضيتنا. لا يجوز كيل الإتهام حسب الوجهة السياسية لبوصلة الكاتب او الحزب. ولا يجوز الأستقواء بالأخرين، لا سيما الأجانب، حسب بوصلة المذهب والطائفة. هناك من يدين الحكومة والمحافظ. وهناك من يدين الميليشيات والمتزمتين من المسلمين، والكل ينسى اننا امام قضية شعب وقضية مصير.


247
المجلة الكاثوليكية في السويد تشيد بفرقة الإنشاد الطقسية في يونشوبنك


الشماس ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj

نشرت مجلة كاتولسكا مكازين الناطقة بإسم الأبرشية الكاثوليكية في السويد تقريرا مصورا عن الفرقة الطقسية تشيد فيه بأدائها تراتيل حسب الطقس الكلداني.

وكانت الفرقة قد تلقت دعوة رسمية من الكنيسة الكاثوليكية للمشاركة في صلوات الوحدة المسيحية والتي حضرها ممثلون من كهنة وعلمانيون من كافة الكنائس عدا كنيستنا الكلدانية. الفرقة بأعضائها الأربعة فرقة تراثية لا صفة رسمية او تمثيلية لها.

وتغيّب عن المشاركة الشماس ليون برخو (عازف كمان)، والفنان راما ابو نرساي (اورغن) لإنشغالهما حيث إقتصرت المشاركة على الأخوين نينوس (عود) وريمون (كمان).

وأدت الفرقة تراتيل من قذام ودواثر، وهي الصلوات الدورية التي تتلى في كل صباح ومساء وتتضمن تكريم شهداء كنيسة المشرق من خلال صلوثا دسهذي صلاة الشهداء. وللشهداء مكانة بارزة في كنيستنا. لقبنا كان ولا يزال هو "كنيسة الشهداء".

وجاء في المقال ان تراتيل الشهداء حسب الطقس الكلداني ذكّرت الحاضرين بما تعانيه الكنيسة في العراق من إظطهاد. إن التراتيل "كانت بمثابة تذكير مهم عن بلد حيث يعاني فيه المسيحيون فيه التهديد ويلقون الشهادة من أجل إيمانهم."

وهذه الدعوة الرسمية الرابعة التي تتلقاها الفرقة منذ تأسيسها قبل حوالي ثلاثة أشهر. وهي منكبة الأن على تسجيل شريط (كاسيت) يضم 12 ترتيلا حسب الطقس الكلداني.

وتراتيل كنيسة المشرق حسب الطقس الكلداني من أروع وأبدع وأشوق إرث موسيقي وكنسي ولاهوتي ولغوي وثقافي يمتلكه أي شعب في العالم. طقس كنيسة المشرق لا يبزه طقس أخر. ياما إستحوذت الحانه وكلماته ونصوصه أذهان كبار الموسيقيين واللاهوتيين والفلاسفة والأدباء الكبار في العالم.

ويحزننا ويحّز في قلبنا أن نرى البعض منا – إكليروسا وعلمانيين – يستهين به ويستبدله بكلمات ركيكة والحان رتيبة مملة لا تمت إلى تراثنا وحضارتنا ولغتنا بأي صلة.

وما الفرقة إلا محاولة متواضعة لإحياء هذا الطقس حسب ما تؤديه كنائس المشرق بتسمياتها المختلفة. والكلمات هي ذاتها تقريبا في كل الكنائس إلا ان الأداء مختلف.

ويأتي أدء الكنيسة الكلدانية في المقدمة وله في الأقل ثلاث طرق مختلفة – اي ان النص الواحد في الإمكان أدائه على الأقل بثلاثة ألحان – أداء الموصل، وأداء القوش، وأدء الرهبنة الهرمزدية الكلدانية. ونحن نبحث في هذه الشؤون توصلنا الى ان الكلدان في تركيا لهم طريقتهم الخاصة في الترتيل إلا أننا فشلنا حتى الأن في مسعانا لجمع نماذج منه.

وهذا الأمر يشمل أشقائنا في الكنائس الأخرى أيضا – كنيسة المشرق الأشورية والكنيسة الشرقية القديمة والكنيسة السريانية.

علما أن الفرقة ليست مرتبطة بأي تسمية أو مذهب بل هي فرقة شعب كنيسة المشرق برمته. وهي على إستعداد للمشاركة في النشاطات التي تقيمها كافة كنائس المشرق مجانا وأبوابها مفتوحة لكل محبي تاريخنا وتراثنا وثقافتنا وموسيقانا وإرثنا الطقسي الهائل ولغتنا السريانية الحبيبة.




248
رد الشماس ليون برخو على موقف البطريركية الكلدانية من مقالاته

جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barhko@ihh.hj.se

وأخيرا وبعد حوالي سنة من المقالات في شؤون الكنيسة الكلدانية لاسيما في المهجر ردت الرئاسة بتصريح مقتضب نسبته إلى ناطقها الرسمي المخول الذي لم يفصح لا عن إسمه أومنصبه أو رتبته الكهنوتية.

المقالات التي كتبتها لها ثلاثة محاور أساسية: المادة، والإدارة، والتراث. وعن كل واحدة من هذه المحاور أوردت نقاط سلبية عديدة كي نتنبه ونستفيق نحن الكلدان من الوضع الذي أوصلتنا إدارة كنيستنا إليه. وفي كل هذه المقالات لم أتناول شؤون العقيدة.

إلا أن الناطق ركّز على الفساد، العبارة التي حاولت تجنب إستخدامها في كل مقالاتي. لدي الحق إذا أن اسأل الناطق الذي يرفض ذكر إسمه عن سبب غض النظر عن الأمور الأساسية الأخرى. مع ذلك لنبدأ بامور المادة او المال التي يسميها "الفساد". وهنا سأذكر بعض النقاط، محاولا جهدي عدم التكرار:

1. يريد مني الناطق أن أقدم له دليلا واحدا عن الفساد. أي ان أقدم وثيقة تقول: "أنا فلان الفلاني إختلست او سرقت امام الشهود فلان وفلان مبلغ كذا من صندوق الكنيسة وعليه وقعت." لو كانت الأمور هكذا لما كان الفساد مشكلة وأفة العصر الحديث. وإن رجعنا إلى مركز الشفافية ومحاربة الفساد العالمي( ربط 3 و 4 و 5) نرى أن في عالم الفساد فقدان الدليل والوثيقة والوصل عن أسلوب جمع المال وتحويله وإدخاله في السجلات وعدّه وصرفه وإيداعه وإيصاله مؤشر ودليل على إستشراء الفساد. فعندما تباع روزنامات لمدة 10 سنوات متتالية دون وصولات مصدقة فهذا فساد. عدم توفر سجل مرفق بالوصولات يحمل على أقل توقيعين عن إيرادات الصينيات هذا فساد. عدم وجود سجلات مصدقة وموثقة عن إيرادات العماذات والزيجات والنيات والوثائق، هذا فساد. عدم توفر سجلات ووصولات موقعة وموثقة عن التبرعات هذا فساد. عدم وجود وصولات عن المبالغ المعطاة مهما كان مقدارها هذا فساد. الخورنة الكلدانية التي لا تمتلك سجلات مفصلة عن كل هذا إضافة إلى جداول الإجتماعات ومحاضرها الموقعة من ثلاثة أشخاص تبين الوارد والصادر لحد الفلس لكل أسبوع وشهر وسنة تقع تحت طائلة الفساد. كم خورنة في أوروبا على سبيل المثال تستطيع تقديم هكذا سجلات ؟

2.  يقول الناطق "إن رئاسة الكنيسة الكلدانية مع الشفافية في التعامل على طول الخط." هذا أمر مشكوك فيه والرئاسة ذاتها لا تطبقه. وسأبرهن على ذلك أدناه. ولكن لنعد إلى الشفافية والتي لا أعتقد أن الناطق يعرف ماذا تعني. هاكم التعريف العالمي للشفافية حسب مركز الشفافية ومحاربة الفساد (رابط 3 و4 و5): الشفافية هي حق المعرفة لكل المنتمين الذين يتأثرون بالقرارت والإجراءات المتخذة ليس فقط عن الحقائق الأساسية وأرقام عامة بل عن التفاصيل وميكانيكية  عمل المؤسسة. وهذا يتضمن قبل كل شيئ حق الأعضاء الإطلاع الكامل على المال الوارد والصادر إضافة إلى المناقشة والحساب. من منا نحن الكلدان يعرف عن الأمور المالية للبطريركية؟ ومن منا له حق الإطلاع على الأمور المالية لخورنته؟ وأي كاهن او مطران سيضع الكشف المالي بتفاصيله الدقيقة أمامنا ويسمح لنا ان نسأل ونحاسب؟ هذا ليس تشهيرا بأمنا الكنيسة. ما دخل يسوع المسيح الذي يمثل الكنيسة كمؤسسة إلهية بالمال والفساد وفقدان الشفافية؟

3. وإن كانت الأمور تجري دون مخالفات مالية وبشفافية في البطريركية ذاتها لماذا ألحّ السنودس الأخير على البطريركية تعيين محاسب قانوني لها؟ أي بمعنى أخر ان بطريريكية بابل  على الكلدان في العراق "والعالم" ليس لها حسابات مضبوطة وشفافة ونحن ندخل في السنة العاشرة من القرن الواحد والعشرين.

4. الذي يقرأ تصريح الناطق قد يتصور أن أكليروسنا لاعلاقة ولا شأن لهم بالمال. وهكذا جاء التصريح خاليا من أي إشارة إلى طلب غالبية المثقفين الكلدان فصل المال فصلا نهائيا عن الأكليروس مهما علا شأنهم ودرجتهم ومقامهم. سيطرة الأكليروس على المال وحبهم الجمّ له جعل منا أضحوكة أمام العالم. وهاكم هذا الدليل وأسوقه تحت طائلة القانون. قبل فترة تم نقل مسؤول خورنة إلى مكان أخر فتوقفت الحياة في الخورنة. مال الكنيسة كله بإسم الكاهن وتحت تصرفه وهو لن يقبل ان يسلمه إلا إلى كاهن أخر. وقد يتأخر تعين كاهن أخر أشهر أو سنين. في أي مؤسسة او مجتمع يحدث هذا؟ إذا تم نقل شخص تقفل الأمور المالية بينما الدور الأساسي لذلك الشخص دور روحي. ويقول الناطق "ان الكنيسة هي الشعب الكلداني ... وليس الأكليروس وحده."

5. في أكثر من خورنة جرى جرد مالي وكل ما عرفه الكلدان كان رقمان: الوارد والصادر. كيف أتى وجمع وصرف الوارد "أوّا لئلى شولوخ بابي" (هذا مو شغلك أبوي). أليس هذا شرخ في الثقة وإنتهاك لأبسط شروط الشفافية؟ ومع ذلك يقول الناطق "أيها الشماس فعليك أن تقدم البراهين الثابتة التي تستند بها في إدعائك لا أن تلقي الكلام على عواهنه."

6. ينتقد الناطق مقالاتي جملة وتفصيلا وينسى أنها أحدثت هزّة كنا بحاجة ماسة إليها نحن الكلدان. إنها فتحت أعين الكثيرين عما دار ويدور في هذه المؤسسة. ولنا أدلة موثّقة ان مالية الكثير من الخورنات الكلدانية إزدادت أضعافا مضاعفة بسببها. في خورنة واحدة تم تحصيل مبلغ 120 الف كرون سويدي من ريع الصينيات وأجور اخرى في العام الماضي، بينما الريع الكلي الموثق للسنين الإربع قبلها كان فقط 9 الاف كرون. فماذا حصل؟ أليس هذا دليل على وجود خلل قبل ظهور مقالاتي. وإذا أخذنا مبلغ ال 70 الف كرون التي كانت موجودة في قاصة الخورنة عند قدوم الكاهن فإن المبلغ المفقود يصل إلى أكثر من 550 الف كرون. هذا في خورنة واحدة في أوروبا فقط. والأمور موثقة، ومع ذلك ويقول سيادة الناطق المجهول أين دليلكم؟

7. لم يعلّق الناطق  على الشخص الذي إستولى على جزء من الصينية امام الملأ والذي ذكرته في المقال السابق والأمر موثق (رابط1). وعندما قُدّم إحتجاج بذلك قيل إنه مبلغ بسيط وذكرته إحدى الأخوات الكلدانيات في مقالة تنتقدني. أي تسيب هذا؟ تُسرق الصينية أمام الملأ دون محاسبة والعذر: المبلغ بسيط. إنني أشرف بحكم عملي على ميزانية تبلغ 26 مليون كرون سويدي، حوالي اربعة ملايين دولار. قسما بذات الله لو سرقت ذلك المبلغ لفُصلت من عملي فورا وخسرت كل ما بنيته لنفسي من مكانة في السويد.

8. لم يذكر الناطق أي شيء عن موقف الكهنة في الكنيسة الكاثوليكية السويدية من المال وموقف إكليروسنا منه؟ (رابط 1). لماذا صار المال علة العلل لدرجة أن كاهنا وأمام عشرات المؤمنين وجمع من الشمامسة يربط منح المال للكاهن بمثابة الإحسان الذي يدعوا إليه المسيح ؟
 
9. أما عن اللجنة التحقيقية فأود اقول أنها قائمة وبدأت أثارها بالظهور. ما أستطيع قوله الأن انه سيتم إصدار مرسوم يعيد ترتيب وضع الكلدان وخورناتهم بطريقة تسد الباب على كل المخالفات التي ذكرتها في مقالاتي. وهناك الكثير مما يمكن قوله ولكن إحتراما لمكانة الأسقف الكاثوليكي السويدي الذي يحيطه كثير منا نحن الكلدان بهالة من الطوباوية والقداسة لزهده وخشوعه وتواضعه نتردد الأن في نشرها.

 أكتفي بهذا القدر في الشأن المالي البحت.  أنتقل الأن إلى الأمور الإدارية التي لها علاقة مباشرة بالأمور المالية وأقحم معها أمور التراث والثقافة للإختصار. ورغم كونها من الأمور الأساسية التي ركزت عليها في كل المقالات التي كتبتها إلا أن الناطق تجاهلها تماما رغم أهميتها. فإنها بالنسبة لي ولكثيرين من إخوتي وإخواني الكلدان تأتي في االمقدمة. أعرج عليها وبتوضيح أكثر عسى ولعل يتطرق إليها الناطق بإسم البطريركية في تصريح قادم.

1. ما هو موقف البطريركية من الإستهانة بتراث وطقس الكنيسة الكلدانية ولغتها في معظم الكنائس، والتعريب المجاني الذي قدمته للأخرين  على طبق من الذهب بينما قاومته كل المكونات الأثنية غير العربية عدا الكنيسة الكلدانية. وسرعان ما عوضت المكونات الأخرى عن تأثير التعريب في صفوفها بعد سقوط النظام السابق، عدانا بالطبع نحن الكلدان.  وماذا عن الإزدواجية في موقف البطريركية عن القومية حيث من ناحية تدعو إلى قومية مستقلة ومن ناحية لا تحب لغة وتراث وطقس وتاريخ وثقافة هذه القومية.

2. ما ردكم عل أننا أصبحنا الكنيسة الوحيدة في العالم التي لا تمتلك كتاب خاص بالصلوات والقداديس. كل كاهن ومطران له الحق في التأليف والإرتجال بحيث صارت بعض صلواتنا وقداديسنا أشبه بمضحكة كما حدث ويحدث في خورنتنا بالذات. وبدلا من التشبث بطقسنا العظيم الذي لم يسمع به مختص إلا وقف إجلالا له، وتحديثه وترجمتة إلى اللهجة الكلدانية المحكية، أصبحنا نبحث في الإنترنت والقنوات الفضائية عن فيديو كليبات عربية لا قيمة موسيقية ودينية وروحية وكنسية وتراثية لها كي نرتلها في كنائسنا وكأ ننا شعب لا تاريخ ولا حضارة ولا ثقافة ولا طقس ولا لغة له.

3. وأنت تنطق بإسم البطريركية ما هو موقفك من عدم مشاركة الكنائس الكلدانية هنا وكهنتها في صلوات أسبوع الوحدة المسيحية؟

4 ماذا عن لأعمال الخيرية؟ ولماذا كنيستنا هي الوحيدة في العالم لا جمعية خيرية لها؟

5. لماذا لم ترد على قولي من أننا نحن الكلدان في المهجر لسنا تحت ولاية الكاردينال والبطريرك عمانوئيل دلي ولا المونسنيور فيليب نجم؟ إننا في وضع خراف لا تعرف من هو الراعي. أو بالأحرى في وضع خراف لها عدة رعاة. الأساقفة الاتين والفاتيكان يقولون الكلدان في المهجر يتبعون أبرشياتهم المحلية في كل شيء. لهم فقط الحق في إتباع طقسهم الكلداني إن رغبوا في ذلك. وماذا بقي من الطقس الكلداني؟ الكهنة يقولون نحن "ريشا دمرعيثا". المونسنيور يتصرف وكأنه الأسقف. ولذي يقرأ تصريح الناطق الرسمي يتصور وكأننا تابعون للبطريركية إداريا وكنسيا. أي شعب يقبل في وضع كهذا؟ إفتونا رحمكم الله. أم أنكم ستفعلون بنا ما فعلتموه بالهند، تاج وعروس كنيسة المشرق الكلدانية، حيث تركتم حوالي أربعة ملايين كلداني في العراء. أين هم اليوم؟

 6. لماذا لم تعلق على الذين تركوا خورنات من الالاف الأنفس ودون براءة ذمة واستقروا في بلدان أخرى متحدين الرئاسة. هل تريد أن أذكر الأسماء؟

7. وهل أنا الكلداني الوحيد الذي إنتقد كنيسته؟ ألم يدعو الأستاذ غسان شذايا من أمريكا البطريك دلي إلى الإستقالة وقال ان الفاتيكان " أعادت عميلها المخلص سيادة عمانوئيل دلي من التقاعد ليقودهم شاؤا أم أبوا." فما رأيكم يا سيادة الناطق؟ ام انك بعدم ردك على ذلك تتفق مع كل ما أشار إليه في مقاله (رابط 2). ألم تظهر مقالات تتحدث عن فساد مستشري في كندا وأمريكا وأستراليا واوروبا وغيرها؟ لماذا شخصتني أنا فقط؟
 
كلمة أخيرة

بدلا من أن يعالج الناطق الأمور بشفافية وموضوعية وإيجابية ويعترف بالأخطاء،  ينجر الى التبرير والدفاع ويعيد إلى  أذهاننا الحجج ذاتها التي سمعناها مرار وتكرارا وذلك بالإستعانة بأيات من الأنجيل وجعلها قميص عثمان للإستمرار في السبات العميق والفلتان الإداري والمالي والطقسي. "لا تدينوا لئلا تدانوا"، " أخرج الخشبة من عينيك كي تستطيع إخراج القذة من عيني أخيك."
أي بمعنى أخر، لا حق لكم إنتقاد الممارسات الخاطئة. هناك الله في السماء هو الذي يحاسبنا وليس أنتم. دعونا نأخذ ما نشاء من المال، ونفرض الأتاوات على الأسرار والوثائق، ونصلي ونقدس بالطريقة التي نشاء، ونحن من يقرر إن كانت هناك مخالفات ام لا، والحساب عند الله. وبهذا التفسير الساذج خسرت هذه الكنيسة العظيمة ليس فقط مكانتها بل تراثها ولغتها وإرثها الطقسي الهائل ولاهوتها وفلسفتها وثقافتها وقديسيها وملافنتها  وروزنامتها الطقسية وحوالي أربعة ملايين كلداني تركتهم إدارتها في العراء تنهش فيهم الذائاب الكاسرة دون أن يرف لها جفن.

لم أكن أحسبني أحيا إلى زمن تُفسر فيه بطريركيتي الكلدانية أقوال يسوع المسيح بالمفهوم الفريسي. "لا تدينوا لئلا تدانوا" تعني ليس بإستطاعتي وعظ الناس والطلب منهم المحبة والإحسان والتسامح والزهد بالدنيا من أجل الأخرة وأنا بعيد كل البعد عن ذلك. قاله المسيح كي يرد كيد الفريسيين الذين كانوا يضعون اتاوات وأسعار عل صلواتهم ويطلبون من الناس أن يدفعوا ويتصدقوا لهم ويتّبعوا الشريعة وهم أبعد الناس عن ذلك. وعندما تضيق الدنيا بهم كانوا يكسبون ود الناس بالإتكاء على أقوال الشريعة.


رابط 1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,379818.0.html

رابط 2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,374562.0.html

رابط (3 و 4 و 5)
http://www.transparency-thailand.org/english/index.php?option=com_content&task=view&id=15&Itemid=36

http://www.pccb.go.tz/index.php?option=com_content&view=article&id=15&Itemid=16&limitstart=1

http://www.transparency.am/corruption.php.


249
إلى متى تبقى الكنيسة الكلدانية  تغطّ في سباتها العميق؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.s

في هذا المقال سأتطرق بشكل أساس إلى الدور الذي علينا أن نلعبه ككلدان لإيقاظ كنيستنا من سباتها العميق. وفيه سأجيب على بعض الأسئلة التي أثارها لفيف من إخواني الكلدان عما إذا كان يحق لشخص مثلي إنتقاد ممارسات لا ناقة ولا جمل لها بالكنيسة كمؤسسة إلهية. وكذلك سأذكر بعض الأمور التي أثارها أخرون حول ما أعتبروه "تشهيرا" إذ أن  من وجهة نظرهم، والتي أحترمها، إن الشخص الذي يحمل "درغا" على كتفيه ويلبس  "جلبابا" معصوم من الأنتقاد. ليس هناك شخص في عصرنا هذا  معصوم من النقد. كلنا نخطأ. وسبحان الذي لا يخطأ. المسألة تكمن في ردة الفعل للنقد، وهذه إحدى النقاط التي سأركز عليها في هذا المقال.

1. مقدمة

لولا النقد لما تقدمت البشرية. ولولا النقد لبقيت الكنيسة حتى هذه اللحظة تحارب وتضطهد كل من يقول ان الأرض تدور حول الشمس وليس العكس كما جاء في الكتاب المقدس (سفر إيشوع، الفصل العاشر: 12-14). ولولا النقد لاستمرت الكنيسة في إضطهاد وحرق معارضيها وهم أحياء وإلى أخره من الممارسات الشنيعة التي أقترفتها في تاريخها وأعتذرت عنها. ولكن هل أمات النقد الكنيسة أم أحياها؟

النقد، لا سيما من خلال الإعلام، السلطة الرابعة، صار في عصر اليوم أحد الركائز الرئسة في شحذ الهمم وتشخيص الأخطاء. ولولا الإعلام الحر والمستقل لبقيت أمورا كثيرة غائبة عن أذهان الشعوب ولتمكن المتنفذون طمس الحقائق وإخفاء ممارساتهم السلبية والإستمرار في إنتهاكاتهم خدمة لمصالحهم الشخصية الضيقة. وواحد من الأساليب العلمية الرصينة والرائجة في عصر اليوم لمعرفة وتشخيص الجيد من الطالح والإيجابي من السليي تكمن في إجراء مقاربات او مقارنات والتي نستخدمها في البحث الأكاديمي كوسيلة أساسية لفهم طبيعة الأشخاص والمجتمعات والمؤسسات والدول.

فكيف نعرف أن ليلى بنت ذكية وجميلة إن لم نجر قياسات ومقارنات مع المحيط الذي تعيش هي ونحن فيه. وكيف نستوعب أية الليل والنهار إن لم نقارن بينهما؟ والمقارنة غير كافية إن لم نثر حولها أسئلة محددة كي نستطيع تقديم إجابات شافية للإختلافات الظاهرة والباطنة.

ولكي أبرهن ان كنيستي الكلدانية الكاثوليكية تغطّ في سبات عميق سأجري مقارنة بسيطة بينها وبين الكنيسة السويدية الكاثوليكية. وسأتخذ من الخورنة الكاثوليكية في جنوب السويد بفرعيها الكلداني والسويدي نموذجا. وسأتطرق من خلال هذه المقارنة إلى الدور الذي كان بإمكاننا نحن الكلدان القيام به لإيقاظ الكنيسة ولكننا لم نفعل.

2. كنيستنا الكلدانية الكاثوليكية والكنيسة السويدية الكاثوليكية

في كنيستنا يختلط الحابل بالنابل. لا نعرف ولا نريد ان نعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ. فبعد مضي أكثر من 15 سنة نكتشف اليوم كم كنا مخدوعين من قبل الأكليروس من ناحية الجهة الكنسية المسؤولة عنا بصورة مباشرة. إخواني الكلدان في المهجر، لا سيما أوروبا، نحن ككلدان كاثوليك لسنا تحت ولاية غبطة الكاردينال البطريرك عمانوئيل دلي ولا تحت ولاية المنسنيور فيليب نجم. نحن تحت الولاية المباشرة للأساقفة الكاثوليك في مناطق تواجدنا. علينا من الواجبات والحقوق ما للكاثوليك الأخرين. وفي خورنتنا، والخورنات الأخرى في جميع الدول الأوروبية مثلا، كان يجب على الإكليروس والعلمانيين من الكاثوليك الكلدان العمل ضمن وبموجب تعليمات ومقررات المطرانية والخورنات التي نحن مسجلين فيها. لماذا لم يتم توضيح هذه الأمور لنا؟ لن أدخل في باب السؤال والجواب. بيد أن هذا يؤشر أن الأمور في فلتان والمؤسسة في سبات عميق.


3. أمور التراث والطقس

كنيستنا ربما هي الكنيسة الوحيدة في العالم التي لا طقس ولا كتاب صلوات ولا كتاب تراتيل خاص بها. ليس لأن أجدانا لم يتركوا ذلك لنا. حاشى! الكنيسة الكلدانية تمتلك طقسا وتراثا من التراتيل والمدائح تحسدها عليه كل الكنائس في العالم. وكوني عازف كمان وعلى دراية متواضعة بالموسيقى فإن التراتيل التي لدى كنيستنا من البراعة والروعة والقدم ما لا يتوفر لدى أي شعب أخر في العالم. نحن من الشعوب القليلة في العالم إستطاعت الحفاظ على فلكلورها الموسيقي قبل إكتشاف النوتة الموسيقية الحديثة بنحو الف سنة. لنا الحان وتراتيل يتجاوز عمرها 1500 سنة، أهملتها معظم الكنائس الكلدانية وكهنتها وشمامستها وجوقاتها وفضلت عليها تراتيل عربية رتيبة مملة مشكوك حتى في مصدرها. أي أمة أو مؤوسسة فعلت أو ستفعل ذلك غيرنا نحن الكلدان؟ ووصل الأمر إلى إحتقار هذا التراث العظيم الذي لا نظير له والذي غالبا ما يوصف من قبل بعض الكهنة وحتى بعض المطارنة بتراث "الصراصير والجراد".  أي أمة فعلت ذلك غيرنا؟ قرأت قبل أيام نص الإتفاق الذي عقده بعض الأنكليكان مع الفاتيكان من الذين إنظموا مؤخرا إلى الكنيسة الكاثوليكية. وفي مقدمة الإتفاق هناك فقره تخص التراث الإنكليكاني التي بموجبها يحق لهم الإحتفاظ بتراثهم وقديسيهم وطقوسهم وتقاليدهم لا سيما كُتُب صلاواتهم وتراتيلهم. أين نحن من ذلك!!

3.1 كنيسة بلا رأس ولا مسؤول

ولنعود إلى المقارنة. في الكنيسة السويدية توجد روزنامة طقسية يطبقها الكهنة بحذافيرها والتي تحتوي ظمن ما تحتويه لون البدلة التي يجب على الكاهن إرتدائها حسب المناسبة الطقسية. وهناك بدلات للكهنة الشرقيين أيضا. ولم ألحظ يوما واحدا ان كاهنا من الكنيسة السويدية قَبِل إرتداء بدلة شرقية. وكتاب الصلاة والتراتيل مطبوع ومتوفر وبإمكان الذين بحضرون الصلاة المتابعة والمشاركة. والتراتيل مرتبة حسب الأحاد والمناسبات وتوضع أرقامها في مكان ظاهر في الكنيسة والكل يعرف في أي وقت من الصلاة يجب ترتيلها. والصلاة والكرازة بلغة واحدة هي السويدية حتى ولو كان معظم الحضور من الكلدان. وباءت محاولاتنا إدخال ولو جزءا يسيرا من الطقس الكلداني في القداس السويدي بالفشل.

أما عندنا فحدث ولا حرج. لا تعرف كيف يبدأ القداس ومن أين سيبدأ الكاهن وباي لغة سيقيم القداس. هذا لا يحدث فقط بين كنيسة وكنيسة، بل قد يحدث مع نفس الكاهن الذي يقدس اليوم بطريقة معينة وغدا بطريقة أخرى. كل كاهن له كتابه الخاص بالصلاة يرتله حسب ما يشاء. وفي القداس ذاته يتدخل الكاهن بأمور الشمامسة طالبا منهم التحول من لغة إلى أخرى او قراءة صلاة معينة بدلا من ترتيلها.

أما الشمامسة فلا ينظر إليهم إلا كخدم. ليس خدم المذبح، لأن هذا شرف كبير. بل خدم الكاهن الذي في كنيستنا صار هو البطريرك وهو المطران لابل سمعت بعض الكهنة يقولون أنهم سادة المذبح في الكنيسة. فإين دور المسيح إذا؟

3.2 حادثة تثير الحزن والشجون

وأسوق هذه الحادثة التي وقعت قبل عدة أسابيع رغم مرارتها. وهذه الأمور لا تحدث إلا في كنيستنا. أعد الشمامسة برنامج صلاة الموتى حسب المنهاج الطقسي والمترجم إلى لهجة القوش الرائجة بين الكلدان. وكان الإعداد متقنا لأن المتوفي كان من الخورنة ذاتها والحضور شمل أحبته وأقاربه. وحضر الكاهن بدقائق قليلة قبل الموعد المحدد للجنازة.  ورفض البرنامج المعد من قبل الشمامسة وأراد ان يصلي حسب هواه. ليس لأن البرنامج المعد فيه خطأ. الكاهن أراد فرض نفسه وإرادته على االشمامسة الثمانية الحاضرين ومعظمهم أكبر منه سنا وبينهم من يفهم بالطقس أكثر منه بكثير. وصعد على المذبح وصارت الصلاة "مضحكة" لا يعرف الشمامسة المدراش الذي يجب قراءته ومن قارئه ولا العونيثا (الترتيلة) ولا الشورايا. وصار يوجه تعليماته من على المذبح والشماسة يقلبون بالصفحات. وعند الكرازة، وكعادة كهنتنا بدأ بالقول إن كان هناك واحد لايفهم السورث (اللهجة الكلدانية المحكية) فعليه إلقاء الكرازة بالعربية. ويبدو أن واحدا من الشمامسة ضاقت الدنيا في وجهه فصاح، هناك عشرة سويديين من أصدقاء المرحوم في الكنيسة، فهل ستلقي الكرازة بالسويدية؟

3.3 تقوقع وانعزالية!

وأنا أكتب هذا المقال إستلمت من الخورنة الكاثوليكية برنامج أسبوع الوحدة المسيحية وهو مبادرة رائعة يرعاها الفاتيكان، والذي نحن نقع تحت خيمته عقائديا. الا يحزنكم إخوتي الكلدان ان كل الكنائس ممثلة فيه ولها نشاط وحدوي تُتلى فيه صلوات يشترك فيها ممثلون من كل الكنائس بضمنها الكنائس الشرقية والغائب الأبرز فيها هو كنيستنا الكلدانية وكهنتها؟ اسألكم بالله عليكم هل تقبلون هذا الوضع؟ وأي مرة إشتركنا في نشاط كهذا؟ اليس هذا دليل أخر على ما وصلنا إليه من الإنحطاط. (رابط 2).


4 . وهاكم مثال أخر

ولأن الكنيسة السويدية الكاثوليكية تعمل ضمن نظام مؤسساتي وفي إطار القوانين والتعليمات، لم نلحظ يوما واحدا في خورنتنا السويدية أن أي من الكهنة الأربعة الذين يخدمونها قد تدخل في الأمور المالية. ليس هذا فقط بل أنهم يرفضون مسّ المال بإيديهم. هناك صندوق الكنيسة إن أحببت أن تتبرع بإمكانك أن تضع فيه ما يرضي ضميرك. يرفض الكهنة العاملون في الكنيسة السويدية في الخورنة حتي إستلام مبالغ النيات. لن يقرأوا إلا إسما واحدا في القداس. والنيات الإضافية هي للأعمال الخيرية. لن أتكلم عن كنيستنا في هذا المضمار كثيرا ولكنني على ثقة إن كانت هناك فقرة في مؤسسة غينيز العالمية للأرقام القياسية لبزت كنيستنا الدنيا في عدد الأسماء والنيات التي نقرأها في القداس. أما عن مبالغها، فإنني أتحدى أي خورنة كلدانية أن تظهر لنا بصورة شفافة مقدارها وأين حطت في النهاية.

4.1 الأعمال الخيرية!

الكنيسة الكاثوليكية السويدية في إنذار دائم من أجل العمل الخيري لا سيما من خلال المؤسسة الكاثوليكية المعروفة عالميا بكاريتاس. المطران وكهنته والعلمانيون كانوا قد شمّروا عن سواعدهم في حملة لجمع أكبر قدر من التبرعات بمناسبة أعياد الميلاد لأطفال كمبوديا وروسيا البيضاء . وكعضو في مجلس إدارة كاريتاس، أقول وبثقة تامة أنه تم جمع هذا المال بشفافية منقطعة النظير. كل فلس موثق حسب القانون السويدي. وكانت هناك رسالة رعوية بهذا الخصوص قُرأت في كل الكنائس الكاثوليكية في السويد عدا كنائسنا. والرسائل الرعوية ذات أهمية بالغة في أي كنيسة إلا عندنا في المهجر، لا سيما في أوروبا. أنا أحضر القداس كل يوم أحد منذ حوالي عشر سنوات هنا في السويد ولم تقرأ على مسامعي رسالة رعوية واحدة. هذا هو السبات بعينه لأنه دليل مادي ملموس على غياب الهرم الإداري. وهذه كارثة في مفهوم الإدارة الحديثة. لماذا يحدث هذا عندنا فقط؟ أترك الجواب للقارىء اللبيب.

4.2 رسالة المطران؟

قرأت على مسامعنا رسالة في عيد الميلاد يطلب فيها المطران السويدي الكاثوليكي تخصيص ريّع ما يتم جمعه في القداديس الكلدانية من أجل مشروع كبير سيقام في ستوكهولم يضم كنيسة وملاحق أخرى وسيخصصه لنا نحن الكلدان. في خورنتنا جرت الأمور على ما يرام ووصل الريع إلى حوالي 14000 (أربعة عشر ألف كرون سويدي) في قداس واحد بمناسبة أعياد الميلاد. وهذا ليس سرا. وعلى حدّ علمي فلقد تم تحويل المبلغ بمجمله إلى صندوق بناء الكنيسة. هذا ليس بيت القصيد. بيت القصيد هو إن كانت كل الخورنات الكلدانية  نفذت التعليمات. لدينا معلومات موثقة أن أحد الكهنة إستولى على جزء من الصينية ورفض إرسال مبالغ النيات رغم الأمر الرعوي من نيافة المطران. وفي منطقة أخرى لا يعير الكاهن أية أهمية للجنة الكنسية او المالية وقد وضع كل شيء بتصرفه. ألم يحن الوقت لهذه المؤسسة، ونحن في القرن الواحد والعشرين، فصل المال فصلا نهائيا عن الأكليروس مهما كانت درجتهم. هذا سيغيض الكثيرين من الأكليروس والعلمانيين، لكنه سيفرح النماذج التي إتخذت من الزهد نموذجا لها منها نيافة المطران لويس ساكو والأباء الأجلاء الذين نعرفهم وتعاملنا معهم وهم سعد سيروب وكمال بيداويذ ويوحنا عيسى.

5 . نحن والأمور الخيرية

واحد من أهم الأمور التي تهتم بها الكنيسة السويدية الكاثوليكية هي الأمور الخيرية. تخصص الخورنة السويدية ريع احد القداديس في كل شهر من السنة إلى الأمور الخيرية وهذا تقليد في كل الكنائس الكاثوليكية عدا كنيستنا. وعلى حدّ علمي لم يقم اي كاهن أو شخص كلداني بالإتصال بصورة رسمية بكاريتاس السويد من أجل شعبنا في العراق. جرت إتصالات قبل سنة إستطعنا من خلالها الحصول على معونات لا بأس بها للكنيسة الكلدانية في العراق لا سيما الأيتام في دير السيدة التابع للرهبنة الهرمزدية الكلدانية. وتم إرسال المال للإيتام غالبيتهم من الكلدان بشفافية قلّ نظيرها لدرجة أنها أثارت دهشة المسؤولين في مجلس إدارة كاريتاس العام في إستوكهولم. وكان بالإمكان الإستمرار في دعم أيتامنا لولا تدخل الأكليروس مما أفسد الحالة وأنقطعت المعونات على أثره. إثنان من الكهنة أوصلا معلومات إلى كاريتاس مفادها أن الأيتام في دير السيدة ليسوا بحاجة إلى معونة لأن لهم من يعينهم. هذا كان ردّ كاريتاس عندما قدم المشرف على بيت الأيتام في القوش طلبا ثانيا بالمساعدة. والأمورموثقة. في كنيستنا الأيتام ليسوا بحاجة إلى المال والمساعدة. الكهنة أصحاب الرواتب والمخصصات وأصحاب الجيوب المتخمة بالمال أولى وأحوج منهم. هل تقبلون بهذاالمنطق الأعوج؟

5.1  هل لنا جمعية خيرية؟

ربما نحن الكنيسة الوحيدة في العالم لا نمتلك جمعية خيرية نشطة. قد يقول قائل من أين الأموال؟ مال الكنيسة الكلدانية في المهجر يجري مثل الانهار  - السخاء واليد الممدودة صفة كلدانية أرفع القبعة لها -  لكنه مع الأسف الشديد غالبا ما يصب في الجيوب الحرام.

أجرينا مع الأخوان الذين يساعدوننا في تنقية كنيستنا بعض الإحصاءات عن دولة أوروبية واحدة مع محاسبين ومخمنين مستندين على الريع الذي جُمع في قداس واحد في عيد الميلاد وفي مدينة واحدة والذي بلغ اربعة عشر الف كرون. وكم قداس يقام في عيد الميلاد ؟ وكم عيد نحتفل به في السنة؟ هناك خمسة أعياد رسمية وهناك صينيات ونيات 53 أحادا في السنة. ولنقل أن  ريع هذه الأحاد يشكل خمسة أعياد أخرى. لاأريد أن أحسب لأن الرقم مخيف بالنسبة لسنة واحدة فقط، فكيف لو ضربنا مجموع السنة الواحدة في مجموع السنين التي كان فيها تواجد للكهنوت في هذا البلد. 

في الكنيسة الكاثوليكية السويدية التي يجب ان نتبعها في كل شيء لا يحق للكاهن إستلام المال. المال يدخل في حساب الكنيسة بشكل شفاف وموثق ولا يصرف شيء منه إلا بموافقة اللجنة وضمن محضر إجتماع موثق. ولكل المسجلين الحق في التحقق إن رغبوا في ذلك. ويجب أن يكوت الصرف ضمن المعقول وذات فائدة مباشرة للكنيسة.

5.2 هل يجوز هذا؟

 وبما أنني أدفع ضريبة للكنيسة وعضو فيها فمن حقي ومن حق أي كلداني أخر أن يسأل إن كان يحق لكاهن او حتى لجنة أن تدفع صرفيات لسفرة ترفيهية كهذه والتي نشرت على الملأ في موقع عنكاوة كوم (رابط 1):

ما أكثرما نتّخذ قرارا للذهاب الى مكان ما أو القيام بعمل ما ,وفقا لتحريك الرب وتوجيهه ,عندئذ يتولّى هو الاتيان بالنتيجة الفضلى ,

وهكذا تكون الحصيلة تعبا مثمرا,سواء علمنا او لم نعلم

ففي يوم عيد الميلاد المجيد 25 ـ12 ليلا  توجهنا نحن شباب وشابات جوقة مار ابرم الى دولة اخرى ـ النرويج ـ القريبة من السويد وبالسيارة لنفرح بهذه المناسبة 
ونحقق تسبيح الملائكة


المفهوم المسيحي للميلاد – وحسب معرفتي المتواضعة – انه عيد العطاء ومساعدة الفقراء لأن المسيح وُلد فقيرا معدما كي يذكّرنا ان العطاء ومشاركة عذابات الأخرين هي إحدى الطرق المهمة التي تؤدي إلى السماء. يا ويحنا! اليوم وفي السويد عرفنا ان طريق السماء يبدأ بالإستجمام في دولة أخرى على حساب الكلدان الذين غالبيتهم هنا تعيش على صدقات الضمان الإجتماعي. بلغ عدد قراء هذا الموضوع أكثر من 1600 فرد حين كتابة هذا المقال. أمل أن يقراؤه مرة أخرى كي يروا في أي سبات تغط كنيستنا. النص المقتبس أعلاه يصورهم وكأنهم في رحلة إلى العليين. كنا نتوقع ان يسافروا إلى العراق لمعاينة الأيتام الكلدان في دير السيدة  في القوش حاملين معهم الهدايا .... أليس هذا ضحك على الذقون، ذقوننا نحن الكلدان.

5.3 هل قول الحقيقة تشويه للسمعة وبمثابة نشر للغسيل؟

لربما يعتبر بعض إخوتي الكلدان، وأنا كلداني مثلهم وأعتز بكلدانيتي أيما إعتزاز، أنني بهذا أشوه سمعة الكنيسة وأستحق التهديد الذي سمعته بأذني.

ولربما أيضا يعتبر بعض إخوتي من الكلدان أن ما نقوله وما قلناه في مقالات سابقة مجرد إدعاءات غير موثقة. إن كانت كذلك لما قامت الأبرشية الكاثوليكية السويدية بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في مخالفات الكنيسة الكلدانية. لا تشكل لجنة كهذه في السويد إن لم تكن هناك أدلة مقنعة. واللجنة قائمة وإننا على إتصال بالمطرانية حول التحقيقات الجارية والتي ستعلن نتائجها من على المنابر في الكنائس. ولن نقبل بأقل من هذا.
 
ولكنني أتسأل مرة أخرى من هم هؤلاء الكلدان الذين جعلوا من أنفسهم وسيلة لمخالفات كهذه؟ لقد رأيت بأم عيني كيف يركض البعض منا لجمع المال للذين نصبوا المال صنما لأنفسهم. أنا منكم وإليكم ولكن إسمحوا لي ان أقول أنني ككلداني أتبرأ من ممارسات كهذه وسأحاربها بفمي وقلمي لأن إستمرارها خطر على الكنيسة والكلدانية كثقافة ولغة وحضارة ووجود ولا علاقة له بالكنيسة كمؤسسة إلهية.

6. حالنا  اليوم!!

أطلنا كثيرا في هذا المقال ولكن يبدوا أن وضع كنيستنا بصورة عامة يشبه كرة قدم تجري على قدم وساق دون حكم ومراقبي خطوط وصارت أقرب إلى حارة غوار الطوشي "كل من أيدو إيلو". وإلا كيف نفسر كل هذه الظواهر السلبية وكيف نفسر عدم الإكتراث من قبل الرئاسة. ووصل السبات درجة أن يغادر رئس دير منصبه دون براءة ذمة او تسلم وتسليم شفاف كما يجري في المؤسسات التي تحترم نفسها. أو أن يغادر الكاهن أبرشيته موليا وجهه صوب دولة او أبرشية أخرى دون تسلم وتسليم. أو ان يتحدى كاهن او حتى مطران قرارا سنوديسيا أو بطريركيا أو ان يتخلى البطريرك نفسه عن قرارات السنودس التي وقع عليها وحبرها لم يجف بعد كما حدث مع السنودس الأخير. والأسماء والشواهد كثيرة لا حاجة لذكرها.

7. هل الخطأ خطأونا؟

من الإنتقادات التي وجهها إخوتي من الكتاب الكلدان لما أكتبه كانت مقالة بقلم الأستاذ بطرس أدم. وللحقيقة إنها أعجبتني كثيرا رغم نقدها وكررت قرأتها أكثر من مرة. إنني أتفق مع الأستاذ بطرس أننا نحن الكلدان لا سيما المقربون إلى الكنيسة من الشمامسة وأعضاء اللجان وأفراد الجوقات نتحمل وزر ما ألت إليه الأمور في كنيستنا. كثير منا صار وسيلة لهذه المخالفات وكأن الدرغا والجلباب سيقودوننا إلى الجنة وليس العمل حسب تعاليم المسيح. وهكذا تركنا كل شيء للإكليروس. والإكليروس بشر. والبشر عندما لا يرى ان هناك من يحاسبه يطغى ويفعل كل شيء على مزاجه. وهذا ما حصل لكنيستنا وفي هذا المطب سقطت وبدلا من أن تنهض غطّت في سبات عميق.

8. الخاتمة

وفي الختام أود التوضيح والتأكيد مرة أخرى أن كل المقالات التي كتبتها في إعلام شعبنا الكلداني الأشوري السرياني تحمل إسمي الصريح. وبهذا فأنا لا أتكلم بإسم الكلدان لا في مدينتي ولا في أي مكان أخر. إنني أكتب نيابة عن الصامتين من الكلدان الذين لا يرضيهم ما ألت إليه كنيستهم ولا يمكن أن أتصور أنهم سيقبلون بالممارسات التي أنتقدها.

أما عن علاقتي بالمطرانية فإنها لاتتجاوز علاقة اي كاثوليكي أخر في السويد. لا حق لي التحدث او التصرف بإسمها. أستقي معلوماتي منها بالطرق العلنية المتاحة أمام أي شخص كاثوليكي أخر.


1
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,376331.msg4380534.html#msg4380534

2

Ekumeniska samlingar 20 – 23 januari 2010.
Onsdag 20 jan 12.00   Lunchbon i ekumeniska b&ouml;neveckan. Sofiakyrkan.

Onsdag 20 jan 19.00   Kvallsgudstj&auml;nst i ekumeniska b&ouml;neveckan. Fralsningsarmén.

Torsdag 21 jan 12.00   Lunchbon i ekumeniska boneveckan. S:ta Maria kyrka, osterns       Assyriska.

Torsdag 21 jan 19.00   Kvallsgudstj&auml;nst i ekumeniska boneveckan. Korskyrkan.

Fredag 22 jan 12.00   Lunchbon i ekumeniska boneveckan. S:t Franciskus katolska       kyrka.

Fredag 22 jan 19.00   Kv&auml;llsgudstj&auml;nst i ekumeniska b&ouml;neveckan. Allianskyrkan.

L&ouml;rdag 23 jan 19.00   Kv&auml;llsgudstj&auml;nst i ekumeniska b&ouml;neveckan. Immanuelskyrkan.       G&auml;st: Carl-Erik Sahlberg.

Arrang&ouml;r: J&ouml;nk&ouml;pings Kristna Samarbetsr&aring;d. Kollekt delas mellan JKS och RIA J&ouml;nk&ouml;ping.
 

250
رد الشماس ليون برخو على برقية الأخ العزيز حكمت يونان ججو، رئس الهيئة الإدارية لنادي الكلدان في يونشوبنك
 

تحية كلدانية خالصة
أخي العزيز حكمت

أشكرك على رسالتك التي حملت من الكلمات الطيبة ما قد لا أستحقه لا سيما ترشيحكم لي رئسا فخريا لنادي الكلدان في يونشوبنك. لو لم يكن النادي يحمل هذا الإسم الذي أعتز به أيما إعتزاز لكان شيئا عاديا بالنسبة لي. الله يعلم كم ان مدين لهذا الإسم ومؤسساته من الدير والكنيسة. ولو العلم الذي إستقيته منهما لما كان بإستطاعتي الوقوف على قدمي شامخا والتأثير في بلد بزّ الدنيا علما ورقيا، إن أكاديميا او صحفيا.

 وعليه، فإنني أتشرف بهذا اللقب وهو بمثابة تاج على رأسي. ولكم ولهيئة نادي الكلدان في مدينتنا كل الشكر والتقدير على ثقتكم العالية بي. ولنعمل سوية كي نجعل من نادينا إسما على مسمى ونخلق منه بيتا كلدانيا يكون قدوة في الإلتزام بلغتنا الجميلة  وتراثنا وإرثنا وأدبنا وطقسنا. الا يقف العالم اليوم مشدوها،رافعا القبعة لهذا التراث وهذا الطقس وهذا العلم وهذه اللغة؟ لنكن إذا كلنا يدا واحدة كي نصبح خير خلف لخير سلف.

أدامكم الله وشكرا جزيلا

ليون برخو
جامعة يونشوبنك


251
إستهداف المسيحين في الموصل – من المسؤول ولمصلحة من؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد

مسلسل إستهداف المسيحين في الموصل مستمر. يخبو فترة ومن ثم يطفو على السطح بأساليب غالبا ما تكون أقس من سابقتها. عندما فرّ الألاف من مسيحيي المدينة في تشرين الأول من العام الماضي وقُتل 13 منهم ونُهبت بعض البيوت تنصل الكل عن الجريمة. وشُكلت لجنة تحقيقية قيل انها توصلت إلى الجناة ولكن سرعان ما جرى طمر الحقيقية شأن الكثير من الحقائق الأخرى التي تخص عراقنا الجريح.

حلقة المسلسل هذه المرة سيئة جدا وقد تقضي على الوجود المسيحي في هذه المدينة العريقة التي عرفت على مرّ تاريخها بتأخيها وتعددها وفسيفسائها الدينية والأثنية. أبطال هذا المسلسل لهم من الأفكار الشريرة ربما لم تخطر على بال أكثر المجموعات او الإيديولوجيات قسوة وبطشا. هذه المرة الإستهداف يشمل الجذور وذلك من خلال هدم البيوت التي تركها أصحابها المسيحيون خوفا على حياتهم كي يقطعوا عليهم خط الرجعة ومحاربتهم برزقهم وأماكن عبادتهم. أي الترويع دون القتل المريع.

والإعلام الدولي والمحلي لا يعير أهمية لهدم بيت خال من السكان بالمتفجرات أو بيع العقار تحت ضغط الإرهاب والإضطهاد. العالم والعراق بوجه خاص فيه من الأحداث والوقائع الدامية والحروب ما يكفي لإشباع جوع الإعلام للأخبار.  قلما ينظر الإعلامي إلى الحدث كسبب ومسبب وقلما يضعه ضمن نطاق المحيط والبيئة وأثرهما على الضحية في المستقبل. أساليب الإضطهاد التي تُمارس ضد المسيحين في لموصل، المدينة التي ترعرعتُ ونشأتُ فيها، هدفها ان لا يبقى أثر للمسيحية في المدينة على المدى القريب لا البعيد.

الجريمة تُقترف في وضح النهار والجاني غير معروف!! من يصدّق هذا؟ وتقع معظم الجرائم في المناطق التي يتكاثر فيها وجود القوات الحكومية النظامية لا سيما الأحياء التي تقع ضمن سيطرة الميليشيات الكردية المسلحة (البيشمركة). لسنا غشماء. الحكومة لن تكشف عن الجاني إن كان كرديا والكردي لن يكشف عن الجاني إن كان من الحكومة. هذا ما تتطلبه مقتضيات مصلحة المخاصصة التي أبتلينا بها. الإثنان يلقيان تبعات ذلك على ما يعتبرانه عدوهما المشترك – الممجموعات التي تقاتل الحكومة والأكراد والأمريكان لا بل تقاتل الكل وتقاتل بعضها. ولكن في كل هذا الطيف غير الحميد لا أعتقد ان من مصلحة أي من مكوناته، التي في الحكم وخارجه، البوح بالجاني وإن عرفته.

إننا عبارة عن بنادق يُناور بنا الكل من أجل مصالحه. وإننا أدرى  بوضعنا من غيرنا وأدرى حتى من بعض رجال ديننا من الذين يطلقون تصريحات غير مسؤولة أحيانا تنفي تعرضنا لمسلسل إضطهاد متعمد.كان بودنا أن يسكتوا لأننا خبرناهم حيث فشلوا في حل مشاكل عويصة تعاني منها كنائسهم إن في العراق او في المهجر. ويا ليتهم ذاقوا مرارة الهجرة القسرية وضياع الأملاك والتيتم والترمل. يا ليتهم ذاقوا مرارة الأرامل المهاجرة مع أيتامها إلى الدول المجاورة بحثا عن أمان ورزق. وكم من عائلة مسيحية أجبرها الفقر المدقع على فعل ما لا نستطيع قوله. القول أنه ليس هناك عنف ضد المسيحين في العراق قول حق يراد به باطل.

وعليه، وبإسم مسحيي الموصل، وأنا واحد منهم، نطالب الحكومة الكشف عن الجناة من كانوا ومعاقبتهم. من أجل إحقاق العدل، نطالب تشكيل لجان تحقيقية لإماطة اللثام عن كل الظروف المحيطة بهذا المسلسل الرهيب لأننا أقلية مسالمة وقعت ضحية لصراعات إثنية وطائفية وسياسية لمكونات نخش ان نقول لها "أفٌ".

 نطالب الحكومة ان تقوم بدفع تعويضات مجزية لضحايا الإضطهاد عن الأرواح والممتلكات. كيف سيعود المسيحي إلى مدينته إن تأكد لديه ان البيت الذي تركه وراءه قد أصبح أثرا بعد عين او أنه مشغول ويسكنه شخص ذو سلطة وإن إستطاع إخراجه لأنتقم منه يوما ما. وإن كانت الحكومة لا تستطيع القيام بذلك يجب الطلب من لجنة دولية محايدة القيام به. مسيحيو الموصل والعراق بصورة عامة أدرى بشعاب مكتهم من غيرهم. نحن نعرف أننا لا نشكل وضعا او مصلحة إستراتيجية للقوى العظمى. لا نسيطر على حقول النفط ولا على بقعة أرض تجعلنا من أصحاب الحظوة لديها. وعليه أصبحنا بنادق في شطرنج المكونات الرئسية ذات الميليشيات المسلحة والسيطرة الجغرافية.









252

هل يحق لي إنتقاد كنيستي الكلدانية وبهذه "القسوة"؟
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
في هذا المقال سأجيب على بعض الأسئلة التي أثارها لفيف من إخواني الكلدان عما إذا كان يحق لشخص مثلي إنتقاد ممارسات لا ناقة ولا جمل لها بالكنيسة كمؤسسة إلهية. وكذلك سأذكر بعض الأمور التي أثارها أخرون حول ما أعتبروه "تشهيرا" إذ أن  من وجهة نظرهم، والتي أحترمها، إن الشخص الذي يحمل "درغا" على كتفيه ويلبس  "جلبابا" معصوم من الأنتقاد. وسأقسم المقال إلى مقدمة ونموذج عن مخالفة مالية رائجة عندنا نحن الكلدان، لا سيما في المهجر، لا يقبلها أي ضمير حي، وبعدها أوضح من أنا ومن أمثل ومن ثم علاقتي مع المطرانية الكاثوليكية في السويد وأنهي بخاتمة.

مقدمة

لولا النقد لما تقدمت البشرية. ولولا النقد لبقيت الكنيسة حتى هذه اللحظة تحارب وتضطهد كل من يقول ان الأرض تدور حول الشمس وليس العكس كما جاء في الكتاب المقدس، العهد القديم. ولولا النقد لاستمرت الكنيسة في إضطهاد وحرق معارضيها وهم أحياء وإلى أخره من الممارسات الشنيعة التي أقترفتها في تاريخها وأعتذرت عنها. ولكن هل أمات النقد الكنيسة أم أحياها؟

وأنا أكتب هذه السطور أوردت وكالات الأنباء العالمية خبرا مفاده أن قداسة البابا بندكت يشارك الشعب الإيرلندي مشاعر "الغضب والخيانة والعار" بعدصدور تقرير حكومي يتهم قادة الكنيسة الكاثوليكية في إيرلندا بالتغطية على الإساءات الجنسية الواسعة النطاف التي إقترفها رجال دين كاثوليك ضد الأطفال في إيرلندا. لا أريد التوسع في الموضوع ولكن بإمكان القراء الحصول على مزيد من المعلومات عن موقف قداسته من هذا العمل الشنيع على الرابط (1) أدناه.

 والذي أماط اللثام عن هذه الممارسات الفظيعة كان صحفي كاثوليكي. هل ستقوم روما بشنق او تمزيق هذا الصحفي كما يريد ان يفعل بي بعض إخواني من الكلدان؟ هل يعتبر الإيرلنديون، وهم من أشد الكاثوليك إلتزاما في العالم، ان الصحفي شهّر بهم وبكنيستهم؟ هل يجوز التغطية على ممارسات سلبية كهذه حفاظا على سمعة الكنيسة؟

كنيستنا وكنيستهم

في كنيستنا يختلط الحابل بالنابل. لا نعرف ولا نريد ان نعرف ما هو الصحيح وما هو الخطأ. إخواني الكلدان في المهجر، لا سيما أوروبا، نحن ككلدان كاثوليك لسنا تحت ولاية غبطة الكاردينال البطريرك عمانوئيل دلي ولا تحت ولاية المنسنيور فيليب نجم. نحن تحت الولاية المباشرة للأساقفة الكاثوليك في مناطق تواجدنا. علينا من الواجبات والحقوق ما للكاثوليك الأخرين. ولكن أمورا كهذه لا يتم توضيحها لنا من قبل إكليروسنا لأسباب قد لا يفقهها البعض ولكنها غير خافية على صحفي ذو باع لا بأس به في كتابة التحقيق الصحفي.

وهاكم هذا المثال

مطران السويد الكاثوليكي وكهنته ومؤسساته وكنائسه قد شمّروا عن سواعدهم في حملة لجمع أكبر قدر من التبرعات بمناسبة أعياد الميلاد لأطفال كمبوديا وروسيا البيضاء . وسيتم جمع هذا المال بشفافية منقطعة النظير. كل فلس سيكون موثقا حسب القانون السويدي. وهناك رسالة رعوية بهذا الخصوص قُرأت في كل الكنائس الكاثوليكية في السويد عدا كنائسنا(رابط 2). والرسائل الرعوية ذات أهمية بالغة في أي كنيسة إلا عندنا في المهجر، لا سيما في أوروبا. أنا أحضر القداس كل يو أحد منذ حوالي عشر سنوات هنا في السويد ولم تقرأ على مسامعي رسالة رعوية واحدة. هذا هو الفلتان بعينه لأنه دليل مادي ملموس على غياب الهرم الإداري. وهذه كارثة في مفهوم الإدارة الحديثة. لماذا يحدث هذا لنا فقط؟ أترك الجواب للقارىء اللبيب.

أين نحن من هذا؟

ولأن المطرانية في السويد تعبت في تعاملها معنا فتركتنا هي الأخرى أيضا فلا تضمنا معها في مبادرات إنسانية كهذه.  وبدلا من ان نقترح القيام بمبادرة إنسانية من عندنا، فما سنفعله بمناسبة أعياد الميلاد، أعياد العطاء والإحسان، غريب وعجيب بكل المقاييس – أترك إستخدام صفات أخرى للقارىء.  فنحن لن نساهم بفلس واحد لهولاء الأطفال. قد يقول قائل: ما لنا وأطفال كمبوديا؟ حسنا، ماذا عن أطفالنا، أطفال أبناء شعبنا من الكلدان في العراق حيث الفقر والإضطهاد. في سوريا والأردن حيث ليس هناك الفقر فقط بل أحيانا بيع الأجساد. قد يقول قائل من أين الأموال؟ هاكم هذه الحقيقية (او الفضيحة).

الجيوب متخمة بالمال

مال الكنيسة الكلدانية في المهجر يجري مثل الانهار  - السخاء واليد الممدودة صفة كلدانية أرفع القبعة لها -  لكنه مع الأسف الشديد غالبا ما يصب في الجيوب الحرام.

أجرينا مع الأخوان الذين يساعدوننا في تنقية كنيستنا بعض الإحصاءات عن دولة أوروبية واحدة مع محاسبين ومخمنين  غير رسميين فظهر ان مبلغ نيات القداديس في هذه الدولة قد يصل في أعياد الميلاد فقط إلى ما يوازي حوالي 10000 دولار أمريكي (عشرة الاف دولار أمريكي). وكم عيد نحتفل به في السنة؟ هناك خمسة أعياد رسمية وهناك نيات 53 أحادا في السنة. ولنقل أن نيات هذه الأحاد تشكل خمسة أعياد أخرى. لاأريد أن أحسب لأن الرقم مخيف بالنسبة لسنة واحدة فقط، فكيف لو ضربنا مجموع السنة الواحدة في مجموع السنين التي كان فيها تواجد للكهنوت في هذا البلد.

في الكنيسة الكاثوليكية التي يجب ان نتبعها في كل شيء لا يحق للكاهن غير مبلغ محدد وبسيط جدا والباقي يرسل بشكل شفاف وموثق إلى المطرانية والتي تصرفه بشكل شفاف على الأطفال او مشاريع خيرية أخرى بشفافية تامة. عندنا يحط في الجيوب الحرام  وتبا لليد التي تجمعه بهذه الشاكلة وتبا لليد التي تستلمه. هل يجوز ان تذهب مبالغ هائلة كهذه دون ان تقيد في السجلات وتوضع في حساب بنكي مع التواقيع المطلوبة. أتحدى أن تقدم لنا أي خورنة كلدانية في أوروبا جدولا حسابيا بواردات النيات ومقدارها وكيف جمعت وأين حطت بطريقة متسلسلة وشفافة.

إقتراح

هل بإمكاني أن أقترح منح نيتين فقط للكهنة لأنهم يحصلون على رواتب جيدة كما هو الحال بالنسبة للكهنة الكاثوليك الأخرين ، ونتبرع بالمبلغ وجزء من مبالغ الصينيات في هذا العيد إلى الأطفال الكلدن إن في العراق او في سوريا او الأردن؟ إن هذا الأمر سيرضي أول ما يرضي المسيح وسيدخل الفرحة في قلب الأسقف السويدي الذي نحن تابعون له بصورة مباشرة. إضافة إلى ذلك فإنه  سيضع حدا لفساد مالي لا يقبله الله ولا الضمير ويخالف التعليمات الكنسية وقانون الضرائب في أوروبا بشكل سافر.

لربما يعتبر بعض إخوتي الكلدان، وأنا كلداني مثلهم وأعتز بكلدانيتي أيما إعتزاز، أنني بهذا الإقتراح أشوه سمعة الكنيسة وأستحق التهديد الذي سمعته بأذني.

من هم هؤلاء الكلدان الذين جعلوا من أنفسهم مطايا وجباة لمخالفات مالية فظيعة كهذه؟ لقد رأيت بأم عيني كيف يركض البعض منا لجمع المال للذين نصبوا المال صنما لأنفسهم. أنا منكم وإليكم ولكن إسمحوا لي ان أقول أنني ككلداني أتبرأ من ممارسات كهذه وسأحاربها بفمي وقلمي لأن إستمرارها خطر على الكنيسة والكلدانية كثقافة ولغة وحضارة ووجود ولا علاقة له بالكنيسة كمؤسسة إلهية.

الجريمة جريمة مهما كان نوعها. فالجريمة التي إقترفها ببن لادن في 11 سبتمر لا تختلف عن جريمة قتل طفل او حرق كنيسة او جامع او معبد يهودي. الفرق الوحيد هو في الحجم والنطاق. وهكذا بالنسبة إلى جريمة الكهنة في إيرلندا وجريمة النيات في هذا البلد الأوروبي. الأولى حطمت مستقبل أطفال والثانية لو لم تستغل بهذا الشكل البشع لأنقذت أطفال شعبنا من الكلدان من الفقر ولربما أنقذتهم مما حدث لأقرانهم في إيرلندا اوما هو أفظع منه لأن الفقر المدقع يجعل المرء يحتقر نفسه وجسده.

كم مدرسة - او معمل او بيت - كان بالإمكان ان نبني بمال النيات فقط، لو جمعناه بصورة شفافة ولم نحطه في الجيوب التي لا تستحقه في العشرين سنة الماضية، إن في القوش او اي من الحواضر الكلدانية في العراق او حتى في المهجر لتدريس لغتنا الجميلة والحفاظ عليها من الإندثار.

من أُمَثّل؟

كل المقالات التي كتبتها في إعلام شعبنا الكلداني الأشوري السرياني تحمل إسمي الصريح. وبهذا فأنا لا أتكلم بإسم الكلدان لا في مدينتي ولا في أي مكان أخر. إنني أكتب نيابة عن الصامتين من الكلدان الذين لا يرضيهم ما ألت إليه كنيستهم ولا يمكن أن أتصور أنهم سيقبلون بالممارسات التي أنتقدها.

علاقتي بالمطرانية

علاقتي بالمطرانية لاتتجاوز علاقة اي كاثوليكي أخر في السويد. لا حق لي التحدث او التصرف بإسمها. أستقي معلوماتي منها بالطرق العلنية المتاحة أمام أي شخص أخر. وإن كان نيافة المطران الكاثوليكي يحترمني بعض الشيء فإن ذلك يعود أولا وأخيرا إلى مكانتي العلمية في هذا البلد. فهو سعيد باهتمام الإعلام السويدي والدولي بإنتاجي الفكري وهو على إطلاع بكل مايكتبة الإعلام في السويد عني. وعليه يعتبرني بمثابة ثروة لكنيسته في بلد فاق الدنيا علما ورقيا. أما كنيستي الكلدانية التي ترعرعت في أحضانها فيحزنني أن أقول ان بود البعض من أبنائها شنقي اليوم قبل غد.

كلمة أخيرة أوجهها إلى شيخ علماء كنيسة المشرق

إليك يا شيخ علماء كنيسة المشرق، الأب الفاضل البير أبونا، اوجه كلمتي الأخيرة في هذا المقال. أنا لم ألتق بكم شخصيا ولكنني من قرائكم. إن القلم الذي وضعته جانبا وقلت أنك لن تعود إليه ثانية قد أثمر أقلاما طرية طازجة كي تكمل مسيرتكم وما قلمي هذا إلا واحد منها. نعدكم أن نمضي قدما في محاربة كل ممارسة أي كان مصدرها تسيء إلى الكنيسة التي أحببتها وعشقتها كما نحبها ونعشقها نحن. ونأمل ان يمد الله في عمركم . العقول الكبيرة المملوءة حكمة وعلما تعيش مدى الدهر.


1
http://www.canada.com/news/Pope+shares+outrage+over+Irish+sexual+abuse/2329681/story.html

2
http://www.katolskakyrkan.se/1/1.0.1.0/2/1/

253
الكنيسة الكلدانية تخسر شماسها الإنجيلي الوحيد في اوروبا وإكليروسها غير مكترث
ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se


خسرت الكنيسة الكلدانية شماسها الإنجيلي الوحيد في أوروبا السيد جميل يوسف بعد خدمة إستمرت أكثر من  38 سنة أمضاها في أحضانها.

ومغادرة الشماس الإنجيلي وعدم إكتراث الإكليروس الكلداني بالأمر كانا بمثابة صدمة قوية لكثير من ابناء الكنيسة. وإن دلّ هذا على شيء فإنه يدلّ على الفلتان في الهرم الكنسي وأن قسما من الإكليروس الكلداني لا يهمهم غير منافعهم الشخصية وفي مقدمتها المال.

وكان الشماس جميل يدير من الناحية الطقسية والكنسية شؤون الكلدان بجدارة فائقة في مدينة كوثنبرغ (يوتوبوري) في السويد لما يقارب من ست سنوات. وكان الكلدان هناك قبل قدوم الإكليروس الكلداني نموذجا رائعا للنظام والشفافية والدقة والتفاني في العمل.

وبدأت مشاكلهم تطفو على السطح بعد قدوم الكهنة الكلدان إلى المدينة حيث ظهرت مباشرة مشاكل بخصوص مالية الكنيسة التي لم يكن للشماس أي ضلع فيها.واستمر بخدمته حسب ما يرام إلى ما قبل  حوالي سنة عندما تم تجريده من كل صلاحياته بحجة أن لا دور للشماس الإنجيلي في الكنيسة الكلدانية، وبالطبع هذا يتعارض مع كافة مقرراتها لا سيما التي أتخذت في عام 1995
 
خلفية الحادث

وقد تتبعت شخصيا مسألة الشماس وظهر ان الخلاف إستفحل بعد ظهور التعليمات الخطية من المطرانية تؤكد تعليمات سابقة كان الإكليروس على علم بها منذ سنين طويلة ولكن لم يعلنوها للشعب ولم يطبقوها ومفادها ان الإكليروس من الكلدان، حالهم حال الكهنة الكاثوليك الأخرين، لايحق لهم إستيفاء  او إستلام اية رسوم او هبات نقدية من الأعضاء عن أي خدمة يقدمونها وهذا ما أراد الشماس تطبيقه.

إلا انه إصطدم بحائط شاهق وسميك كسر رؤوسا كثيرة في المؤسسة الكلدانية – أقول مؤسسة لأن حاشى ان يطلق  إسم كنيسة على إكليروس جعل من المادة لنفسه  صنما ، كما قال شيخ علماء كنيستنا الأب البير أبونا.

الإتصال بمطران الكاثوليك في السويد

والتقى مار أندش مطران الكاثوليك في السويد وبحضور كاتب هذه السطور الشماس جميل الذي شرح له قضيته بالتفصيل. ووعده المطران خيرا وذلك بالتحقيق في قضيته ونقله إلى مدينة لا وجود لكاهن كلداني فيها لممارسة عمله كشماس إنجيلي وكانت يونشوبنك إحدى المدن المرشحة. وفي الحقيقية صعقت وحزنت كثيرا عندما طرق سمعي ان بعض إخوتي من الكلدان عقدوا إجتماعا مع الكاهن وكتبوا بحضوره عريضة للمطران (لا اعلم إن أرسلت ام لا) من ضمنها رفض قدوم الشماس إلى مدينتنا. لا أعلم إن كان هذا الإجتماع وهذه العريضة أحد الأسباب التي حملت جميل على إتخاذ قراره النهائي بترك الكنيسة الكلدانية لأننا كنا مع المطرانية والخورنة الكاثوليكية السويدية في يونشوبنك نعمل ما في جهدنا كي لا يقع أمر كهذا. وقد وصف مار أندش مغادرة الشماس جميل بالمأساة وهو غير كلداني ونحن الكلدان وأكليروسنا "العزيز" نتأمر عليه.

ورغم مغادرته الكنيسة الكلدانية فإن جميل أكد امام حضرة المطران انه لن يغادر عقيدته الكاثوليكية. وهو يشارك الأن في قداس يوم الأحد في إحدى الكنائس الرسولية رغم تعينه رسميا في دائرة سويدية قامت بإنتدابه  للعمل في الكنيسة السويدية البروتستنتية.

من سيء إلى أسوأ

 إن الأمور تسير من سيء إلى أسواء في كثير من مناطق السويد وأوربا ومناطق أخرى في المهجر. وأضع بعض النقاط امام شعبنا الكلداني لاسيما الكتاب المثقفين منهم وأطلب منهم، بعد تحية كلدانية خالصة، القول إن كان يصح هذا أم لا. وإنني ما زلت في إنتظار ردهم على مقالي عن أبرشية مار بطرس الرسول في المهجر (رابط 1)، حيت لم الحظ ان اي من مثقفينا قام برد منطقي وعلمي عليه. إنني أنتظر منهم ان يشبعوا النقاط الخمسة التي ذكرتها نقاشا ونقدا قبل كتابة المقال الذي وعدت القراء به عن الكارثة القومية الرهيبة التي حلت بنا وسببها الأول والأخير كان عدم إكتراث وتقاعس إكليروسنا وأعرج فيها على اسرار وخفايا زيارة غبطة البطريرك الأخيرة إلى جورجيا وأرمينيا التي ذكرتني بهذه الفاجعة القومية.  وكصحفي وأكاديمي وعالم ذو باع لا بأس به في علوم الإعلام واللغة،  أحثهم ، ومعهم كل كتّاب شعبنا الكلداني الأشوري السرياني، على قراءة المقال البديع للأستاذ عبدالاحد سليمان بولص (رابط 2) قبل الكتابة او الرد. ولأهمية هذا المقال فقد جعلت منه مادة أساسية لتدريس طلبة الإعلام في جامعتنا وسأتحدث عنه بإسهاب في المؤتمر العالمي عن الإسلام والإعلام المزمع عقده في جامعة كولورادو الأمريكية في مستهل كانون الثاني 2010. المبدعون يستحقون الشكر دائما.

إجتماعات ومحاضر دون جدوى

منذ حوالي سنة عقدنا إجتماعات عديدة شارك فيها ممثلون عن كافة اللجان الكنسية وكل إجتماع  له محضر خاص به مثبت وموثق نتفق مع الإكليروس على ما نراه جميعا أفضل طريق للحدّ من المخالفات لا سيما المالية منها. ولكن كل مرة يتنكر الشخص المعني بحجة من الحجج. وأخيرا تنصل عن العمل ببرتوكول كنا جميعا إتفقنا عليه وترجمناه وسلمناه امام الملأ إلى نيافة مار أندش مطران الكاثوليك في السويد.

تحد وحجج
لا أعلم كيف يتحدى أعضاء من الإكليروس كنيستهم وشعبهم برمته والتعليمات الكنسية واضحة وضوح الشمس أنه لا يحق لهم إستلام واستيفاء مبالغ نقدية لقاء اي خدمة يقدمونها لكونهم موظفون ويستلمون راوتب جيدة. والأنكى من هذا يدعي بعضهم ان إستلامهم للمال قانوني لأنهم في نهاية المطاف يضعونه في صناديق كنسية أخرى بدلا من وضعه مباشرة وبشفافية في صندوق الكنيسة التابعة للمنطقة التي قبضوا المال منها. وقد ظهر لنا ان هذا غير صحيح وغير موثوق في كثير من المدن.

وعندما سألنا لماذا كل هذه المخالفات، كان يأتينا الجواب: "إننا أدرى بمصلحة شعبنا الكلداني."  هذا ليس جواب منطقي. أظن أن كثيرا من أفراد الشعب الكلداني وانا منهم لا يشرفهم ان يتحدث بإسمهم أي رجل دين هكذا . بعدها قالوا إن الأب متياس كراهام، المسؤول عن شؤون الكنائس الشرقية في المطرانية وضع كل الأمور المالية بيدهم فقط.

إتصلت بالأب متياس كراهام ونفى ذلك نفيا قاطعا. بعدها إدعوا أن المطران ذاته سمح بهذه الأمور. واتصلت بالمطران ونفى ذلك وأمر بإجراء لجنة تحقيقية.

لا يجوز كنسيا وقانونيا ان يعطى الحق لشخض بمفرده في أي مؤوسسة غير ربحية وتحترم نفسها ان يقبض كما يشأ ويصرف كما يشأ دون الرجوع اول بأول إلى مجلس منتخب وهذا المجلس هو الذي يدير الأمور المالية بشفافية تامة وليس شخص واحد. ولكل الأعضاء الحق في الإطلااع والمحاسبة بعد إنتهاء كل دورة.

وأخرها قالوا ان هناك إرسالية  كلدانية، ورغم كونها  تابعة للمطرانية، فإن تعليماتها تأتي من النائب البطريركي الكلداني في روما. وكنت قد إتصلنا بالنائب البطريركي قبل أشهر ونفى هو بدوره نفيا قاطعا ان تكون له سلطة على الأمور المالية او اية امور أخرى على الكلدان لأنهم يتبعون مباشرة الأسقف الكاثوليكي في مناطقهم. من يستطيع حل مربط كهذا؟

الكلدان يعانون الفقر والإكليروس التخمة

وبينما يتعارك ويتخاصم بعض الأكليروس على الملأ من أجل  المال، علمنا قبل أيام ان عوائل كلدانية في مدينتنا قد إظطرت ومنذ أشهر إلى الإختفاء خوفا من ملاحقة الشرطة السويدية. ولأن قرار رفض طلبهم للحصول على الإقامة قد وصل  إلى الدرجة القطعية فإنهم الأن لا يحصلون على أية معونة من الخدمة الإجتماعية. وبدلا من ان نجمع المال لمعيشتهم ومساعدتهم يتبارى البعض من الكلدان في إحشاء جيوب الإكليروس المتخمة أساسا بمزيد من المال الحرام.

هل تعلمون من يساعد هذه العوائل الكلدانية الهاربة من الشرطة السويدية؟ من يساعدهم هم أعضاء من الكنيسة السريانية الارثاذوكسية. فمني يا أشقائي السريان يا أحفاد مار أفرام السرياني، ملفاننا جميعا،  لكم الشكر الجزيل والف تحية على موقفكم الرائع الذي يخجلني ككلداني ولكن يزيدني فخرا وعزة لأننا وإياكم شعب واحد.

أما نحن الكلدان، إن في السويد او مناطق أخرى في المهجر، فما سنقوم به في الأعياد القادمة هو قراءة مئات ومئات من الأسماء في قداس الميلاد وجمع  أكبر قدر من المال وان يقوم بعضنا بحمل سلة امام الباب كي تملأ بما يسمى "عيدانية القس" كما يحدث في أماكن كثيرة في عيد الميلاد لا سيما في المهجر ولا أحد يعلم كم تحمل هذه السلة من المال وكم سيكون ريع الأسماء التي ستقرأ في القداس ومقدار الكعكة من صينية العيد الدسمة التي قد يجري دسها في الجيوب المتخمة أصلا بالمال الحرام.

إقتراح

أليس من الأفضل ان نخصص كل هذا المال للقرى الكلدانية والعوائل الكلدانية الفقيرة، إن في شمال العراق او في الموصل او أية منطقة أخرى، التي تئن تحت نير الفقر والإضطهاد؟ لا أعلم يا إخوتي الكلدان كيف نسمح لأنفسنا جمع المال الحرام ووضعه في جيوب لا تستحقه ونحرم من هو أكثر إستحقاقا. هذا إقتراح أمامكم. حسب القانون والكنيسة لا يجوز إعطاء المال للإكليروس لأنهم موظفون رسميون يتقاضون رواتب ومخصصات جيدة. لنجمعه ونمنع غير المستحقين عنه ونمنحه لأخواننا الذين يعانون الأمرين في العراق.

وإن لا، فتبا لليد التي تمدهم بهذا المال الحرام وتبا لليد التي تستلمه. حرام لأنه ضد التعليمات الكنسية. حرام لأنه ضد قوانين الضرائب.  

1.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,368114.0.html

2.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,368965.msg4330058.html#msg4330058



254


ابرشية كلدانية في المهجر تكمّم أفواه معارضيها من الكلدان

ليون برخو

في البدء أود التأكيد ان هذا المقال، شأنه شأن المقالات السابقة في هذا الخصوص، لا علاقة له بالكنيسة كمؤسسة إلهية. أنا لم ولن أدلو بدلوي في الشؤون الكنسية البحتة مثل اللاهوت والأسرار المقدسة ولا الكنيسة الرسولية المقدسة الجامعة.

 كتاباتي السابقة ومقال اليوم تتناول أشخاصا محددين من الإكليروس وغيرهم لتدخلهم في أمورلا ناقة ولا جمل للكنيسة فيها مثل جمع المال بطرق غير مشروعة والتلاعب باللتورجيا  والتدخل في الشؤون السياسية ومحاولة طمس تراث الكنيسة كوريثة، مع شقيقاتها الأخرى، للحضارة والثقافة السريانية.

ومدخل هذا المقال يندرج في تدخل  بعض من رجال الدين من هذه الأبرشية، ابرشية مار بطرس الرسول في الويلايات المتحدة الأمريكية، ومعهم بعض العلمانيين في الشؤون السياسية والإعلامية. من يولج باب السياسية كائن من كان، ومنهم كاتب هذه السطور،  عليه ان يتوقع غثها وسمينها.

بعد مقال كتبته عن قرار الأبرشية الكاثوليكية في السويد تأسيس  لجنة لتقصي الشكاوي ضد إكليروس الكنيسة الكلدانية في السويد وأوروبا، نشر بعض من إخوتي الكلدان مقالات تنتقدني. وما أعجبني في هذه المقالات الحسّ العالي بالمسؤولية لكتابها وأسلوب الكتابة لاسيما إستهلال مقالاتهم ب "تحية كلدانية" رغم نقدهم الاذع وغير المبرر أحيانا. فلهم مني جميعا "تحية كلدانية خالصة".

ولأن أضع أمامهم وأمام كل مثقفينا من الكلدان الأسلوب الذي حاول إعلام أبرشية مار بطرس الرسول رفض نشر المقال (رابط 1) او حتى الإشارة إليه  برابط  رغم أنها نشرت لكل كاتب هاجمني.

وعندما كتبت لهم (رابط 3) للمرة الثانية أتاني الجواب (رابط 2) يقول:  "تؤكد كونك كلداني. هل من فضلك ان تخبرنا ماذا تعنيه بالكلداني؟ شكرا. المركز الإعلامي الكلداني."

كان ردي عليهم ما معناه (رابط 4) هل لكلم ان تقولوا لي ماذا تعنون ب "كلداني". ومهما كان المعنى فإنه يجب الا يعني نشر الأصوات التي نحبها وإسكات الأصوات التي لا نحبها.

والأن أقول لكم ماذا تعني كلمة "كلداني" بالنسبة لي بعد كل الأمور السلبية التي قمتم بها أنتم القائمون على هذه الأبرشية وموقعها الإعلامي مما أحدث شرخا ليس في شعبنا من الكلدان الأشوريين السريان ولكن فينا نحن الكلدان أيضا.

اولا، الكلدانية تعني لي التشبث قدر المستطاع  بالحضارة واللغة والتراث والتاريخ بأسمائه وأعلامه  – سمه ما شئت كلداني، أشوري، سرياني، هذا لا يقدم او يؤخر في الأمر شيئا – الأمر الذي غادره غالبية الكلدان ومعظم الأكليروس الكلدان لا بل البعض منهم ومن أصحاب النيافة ايضا يحاربونه ويصفونه بتراث "الصراصير والجراد" ويفضلون عليه حتى في المهجر لغات أخرى مثل العربية  . فإي إزدواجية مقيتة هذه عندما يطالب الأكليروس بالقومية الكلدانية وهم يحاربون ولا يحبون تراثها ولغتها وليتورجيتها وتاريخها.

 ثانيا، إن كان لا يحق لأحد التحدث بالقومية والثقافة والتاريخ واللغة الكلدانية فهم إكليروس الكنيسة الكلدانية. كم هي قصيرة ذاكرتنا نحن الكلدان. كنا أكثر من خمسة ملايين وتنازل أكليروسنا عن أكثر من أربعة  ملايين كلداني أُجبروا على تغيير قوميتهم قسرا وبأساليب عنيفة ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية ولم يرف جفن لهم. هل تعرفون حقيقة الفاجعة القومية التي حلت بنا يا إخوتي الكلدان؟ أعدكم بكتابة مقال خاص يتناولها بإسهاب وأعرج فيه على خفايا وأسرار زيارة ابينا البطريرك الكاردينال عمانوئيل الثالث دلي إلى جورجيا وأرمينيا والتي ذكرتني بهذه الكارثة.

 ثالثا، الكنيسة، أي كنيسة، يجب ان تبتعد عن التعصب لأننا كلنا واحد في المسيح وليس في المسيحية الحقيقية، كما يقول مار بولس، من هو عبراني ويوناني وأرامي وروماني. الحمد لله لم يكن في زمانه من يدّعي الكلدانية او الأشوريية وإلا لكان قد ذكرهم. أنا كمثقف كلداني، ومعي الكثير من المثقفين الكلدان، نرفض التعصب والإثنية الفئوية لا في الكنيسة فقط بل في كل شيء. هل تريدنا هذه الأبرشية ان نتغنّى في كنائسنا بنركال، الصنم الأصم الذي كان الكلدانيون القدامى يسجدون له  كما يتغنّى إخوتنا الأشورييون في كنائسهم بأشور، الصنم الأصم الذي كان الأشوريون القدامى يسجدون له. ماذا حلّ بنا يا ترى.

رابعا، لا يشرفني على الإطلاق ان يقوم رجل دين مهما علا شأنه تحديد قوميتي وثقافتي وحضارتي بجره فلم. القومية والتي تشمل الثقافة واللغة والتقاليد والتاريخ لا تحدد بقرار كما يحاول القائمون على هذه الأبرشية القيام به. لقد سئمنا تدخل الأكليروس في شؤوننا الدنيوية. الكلدانية تسمية الصقت بنا من قبل رجل دين كما أن الأشورية الصقت بأشقائنا من قبل رجل دين. وهكذا تم تحوير إسم كنيستنا الشرقية إلى الكلدانية في القرن الثامن او التاسع عشر من قبل رجل دين كما فعل رجل دين أخر في أوخر القرن العشرين عندما الصق اسم الأشورية بها.

 وأخيرا، الكلدانية بالنسبة لي تعني انه كوني انا كاثوليكي فإن ذلك ليس معناه إلغاء تراث كنيستي بيلتورجيتها وقديسيها وطقوسها ولاهوتها وتاريخها كما يحلو للبعض ان يفعل حيث يرغب بكل دخيل من أي صوب كان وينبذ المحلي لدرجة ان جرى إلغاء حتي الطراز المعماري الكنسي التي إمتازت به كنيستنا. والحديث عن الشؤون الكنسية من ناحية التراث والقومية واللغة والعمارة والأثار والتاريخ حديث ذو شجون لا أظن ان لأغلبنا ومعظم إكليروسنا وفي هذا الوقت بالذات باع يذكر فيه.

1

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,335405.0.html
 
2

Dear Mr. Leon Barkho:

You assert to be Chaldean.  Would you please tell us what do you mean by Chaldean?  Thank you.

Sincerely,
Chaldean Media Center



                                                                                                                                            3
Subject: عتاب أخوي
الأعزاء في الموقع
 
نشرتم عدة مقالات ترد على ما كتبته وترفضون نشر ما كتبته
 
هل هم أفضل كلدانية مني؟ هل لكم مقاس خاص للكلدانية دونه لا يعتبر الشخص كلداني؟
 
لا أود ان أشير في مقال قادم انكم رفضتم نشر مقالتي لأن إعتزازي بكلدانيتي لا يقل عن الذين نشرتم لهم وينتقدونني
 
وادناه الرسالة التي أرسلتها لكم مع الملحقات وأملي ان تحترموا حرية الكتابة والتعبير لأن دونها لا تكون الغاية سليمة
 

4


Dear editors,
 
Could you please let me know what you yourself mean by that. You ask me a question and I bounce it back to your court.
 
But whatever meaning there is for the word Chaldean it should not mean at all giving the chance to the voices you like and denying those which you do not.
 
Leon Barkho

255
مسيرة صامتة في يونشوبك ضد سياسات الحكومة السويدية تجاه طالبي اللجوء

سينظم مجلس كنائس السويد مسيرة شموع صامتة كمبادرة منه لإدانة سياسات الحكومة السويدية الحالية تجاه طالبي اللجوء ولاسيما العراقيين منهم.

تنطلق المسيرة يوم السبت المصادف 21 نوفمبر في الساعة 11 صباحا من كنيسة كرستينا شيركان صوب هوبتس توريت.

وستشترك كل الكنائس السويدية في هذه المسيرة.

وقد طلب منظموها من ابناء الكنائس الشرقية من الكلدان الأشوريين السريان المشاركة الفعالة في المسيرة. 

وقد إتصلنا بالكهنة ومسؤولي اللجان في الكنائس الشرقية وابدوا إستعدادهم للمشاركة وبأكبر عدد ممكن من المتظاهرين.

وقد اناب خوري توما راعي الكنيسة السريانية الأرثذوكسية الشماس عصام مراد ولجنة كنيسته للمشاركة في المسيرة.

وعن الكنيسة الشرقية الأشورية سيحضر الأب دانيال شمعون مع جمع من رعيته.

وعن الكنيسة الشرقية القديمة قال السيد سمير توما، رئس اللجنة الكنسية، انه سيحضر شخصيا وسيحث ابناء كنيسته على المشاركة.

وعن الكنيسة الكلدانية سيحضر السيد نجيب إيشو رئس اللجنة الكنسية مع اعضاء اللجنة. وقد طلب السيد نجيب من ابناء الكنيسة الكلدانية الحضور وبكثافة للمشاركة في المسيرة.

256
في ظل تقرير هيومن رايتس ووتش
 
الكل يظطهد الأقليات في العراق والأقليات تظطهد نفسها

 ليون برخو

وهكذا مرّ أفضل وأصدق تقرير تصدره منظمة عالمية لحقوق الإنسان حول وضع الأقليات في العراق مرّ مرور الكرام. فلا المكونات الأساسية في المجتمع العراقي – لا سيما الأكراد، الذين يوجه التقرير أصبع الإتهام إليهم مباشرة – إكترثوا بالتقرير ولا الأقليات أخذته في عين الإعتبار.

الأسباب واضحة وضوح الشمس. الكبار في العراق او لاعبي الشطرنج أصبح لايهمهم غير مصالحهم. فالأكراد همهم الأن قضم أكبر مساحة ممكنة مما يسمى حاليا بالمناطق المتنازع عليها والعرب، بعد حرب دامية وحامية الوطيس بين مكوناتهم المذهبية الرئسية، راحوا يستجمعون قواهم للحد من الهيمنة الكردية.

وهؤلاء الكبار، لا سيما الأكراد، يلعبون بالأقليات مثل بيادق الشطرنج.  والأقليات هي الأن أضعف من ان توجه حتى نقدا شفويا او كتابيا ضد هذه السياسات وإن حاولت فلن يكون هناك من ينشره وإن اعلنته للملأ ، او إعترضت،  فإنها "تواجه التبعات" وتسقط "ضحية السلطات الكردستانية وأساليبها الخشنة، ومنها الإعتقالات التعسفية وأعمال الإحتجاز، والتهديد، أي شخص يقاوم الخطط التوسعية الكردستانية،" كما يقول التقرير.

وهذا الضغط الكردستاني الهائل، تقول المنظمة المستقلة المعروفة بحياديتها ونزاهتها عالميا وعدم خشيتها من اي سلطة مهما كانت، "فتح الباب للمتطرفين من العرب السنة، الذين يستمرون في حملة قتل الأقليات، لا سيما الأقليات الدينية." وهكذا وقعنا نحن ابناء الأقليات الدينية ضحايا أبرياء لسندان الأكراد ومطرقة المتشددين العرب.

ويعطي التقرير الأكراد قصب السبق في إضطهاد الأقليات. يا لها من مفارقة عجيبة. قبل سنوات قليلة فقط كانت المنظمة ذاتها تصدر تقارير تثير عطف العالم مع الأكراد المضطهدين. سبحان مغير الأحوال. اليوم ذات المنظمة تدينهم بالقيام بإضطهاد الأخرين. كم هي قصيرة ذاكراة الإنسان.

الأكراد يحتلون بالقوة معظم المناطق المتنازع عليها رغم أنها، كما يقول التقرير، ليست كردية صرفة ولا عربية صرفة. ويستخدمون المال بشكل رهيب لتحقيق مأربهم وأقحموا مليشياتهم المسلحة (بيشمركة) وامنهم واستخباراتهم (اشاويس) في مناطق لاتمت إليهم بصلة ويعرفون مسبقا انها بمثابة برميل بارود ومتي ما انفجر سيحرق وأول من سيحرق هم الأقليات الدينية والإثنية التي تعيش فيها. وإلا كيف نفسر وجود القوات المسلحة الكردية في الموصل وضواحيها. إن كانت مناطق متنازعة، هل حل إشكالها يكون السلاح ام التفاهم.

ما هو هدف الأكراد، كما يقول التقرير، من تأسيس مقرات حزبية كردية مسلحة في قرية مسيحية صرفة في سهل الموصل بالكاد يستطيع سكانها تأمين خبز اليوم ويعرفون مسبقا انها ستستهدف من قبل المتشددين؟ هل يعرف العالم كم وصل عدد القتلى من الميليشيات الكردية ( البيشمركة) في الموصل؟ هل بإستطاعة السلطات الكردية وضع الارقام امام الملأ؟ هل الدفاع الكردي المستميت عن الموصل هو من أجل عيون المسيحيين واليزيدية والشبك؟ الا يعرف الأكراد ان العرب، بسنتهم وشيعتهم، لن يسمحوا لهم إحتلال سهل نينوى حتى ولو ادى ذلك إلى نشوب حرب تحرق الأخضر واليابس فيه. ماذا يهم الطرفان مادام غالبية سكانه من المسيحيين واليزيدية والشبك؟

كم كانت خجولة ردود افعال الأقليات لا سيما المسيحية منها على التقرير؟ وكم كان هشا ردّ حكوة أقليم كردستان. أعتقد ان اي منصف سيعتبر بيان حكومة كردستان "مضلل بشكل فادح" وليس تقرير منظمة رصينة ذات صدقية عالية مثل هيومن رايتس ووتش. ويريدنا البيان ان نصدق ان حكومة اقليم كردستان تعالج او ستعالج الأمور "ضمن الإطار القانوني لإقليم كردستان وجمهورية العراق." الذي يقرأ هذه الفقرة يتصورر ان العراق دولة القانون والشفافية والحرية ولا يقبع في قعر تسلسل الدول الأكثر فسادا ورشوة وغيابا للقانون والعدالة في العالم بمركزه وأقاليمه.

اما الأقليات فهي من الضعف حيث لا تعر ف ماذا تعمل. إن إستوقت فإنها تستقوي على ابناء جلدتها وعلى بعضها البعض كما يفعل المتعصبون من المسيحيين الكلدان ورجال دينهم والمتعصبون من المسيحيين الأشوريين ورجال دينهم.

لنفترض جدلا ان التقرير كان يتهم الأشوريين بإضطهاد الكلدان او بالعكس. عندئذ لانبرت الأقلام وملئت صفحات الإنترنت بمقالات تحمل من عبارات الإدانة والإستنكار ما لم ينزل به الله من سلطان. ولانبرى رجال الدين الكبارمن الطرف المضطهد وحملوا اوراقهم  وربما طلبوا من الغرب، حسب مذهبيتهم، التدخل ورفعوا شكواهم إلى الرئاسة والبرلمان وحكومة إقليم كردستان وطلبوا من القسس قراءة بياناتهم في الكنائس ولعقد رؤساء الأحزاب المسيحية مؤتمرات صحفية تهدد بالويل والثبور.

الم يفعل المتشددون الكلدان والأشورييون ذلك بعقد سنودسات وإجتماعات تبناها كبار رجال دينهم طالبين من الحكومتين المركزية والإقليمية تثبيت اسمائهم المصطنعة كقوميات مستقلة وعدد المسيحيين في العراق بالكاد يصل إلى 500,000 شخص مع المكونات الأخرى من السريان والأرمن والإنجيليين والسبتيين ولاتين وغيرهم. كل هذه الإصطفاف المذهبي والفئوي من قبل المتعصبين من الطرفين من أجل التلاعب بمصير شعب هو على شفا الإنقراض وقع، كما يقول التقرير، بين كماشة الأكراد والعرب المتشددين. فلا المركز ينعم عليهم بنعم ميزانيته المثقلة بالعملات الصعبة ولا الأقليم ينفق عليهم شيء يذكر من المليارات التي تحول إليه من المركز والمليارات التي يجمعها من الكمارك، وإن فعل فإن ذلك يكون لغاية في نفس يعقوب.

لماذا سكتم وأخفيتم رؤسكم كالنعامة في التراب وشعبكم يتعرض لأقسى  إظطهاد قد يطيح بوجوده في بلده الأصلي؟ الجواب تجدونه في التقرير:

"وقد حاولت السلطات الكردستانية كسب رضاء الأقليات بإنفاق ملايين الدنانير العراقية ... كما تمول حكومة كردستان الأقليمية ميليشيات خاصة مشكلة حسب الزعم لحماية الأقليات من العنف الخارجي، ولكنها في حقيقة الأمر تعمق النفوذ الكردستاني. وأخيرا غذت الزعامة الكردستانية خزائن بعض القيادات الدينية للأقليات، ودفعت نفقات دور عبادة جديدة لكسب رضا المؤسسات الدينية للأقليات."

يا لنا من مساكين.


257
مصير الأقليات في العراق


ليون برخو
تثار بين الفينة والأخري مسألة الأقليات في العراق. وهذه المسألة ليست وليدة اليوم وليست خاصة بعراقنا فقط. انها مسألة مهمة مطروحة علي بساط البحث والنقاش في شتي انحاء العالم.
بيد انها برزت وأخذت حيزا كبيرا في العراق لما شاهدته السنين الأخيرة من عنف طال كل فئات المجتمع العراقي بطريقة وحشية وبشعة صعق لها العالم لأن الضحايا غالبيتهم من الأبرياء.
وقد يكون عدد الضحايا من الأقليات أقل منه من المكونات الأساسية اذا أخذنا نسبة السكان في عين الاعتبار، ولكن العنف ضد الأقليات غالبا ما يستأثر اهتماما أكبر. وقد لا نجافي الحق اذا قلنا ان الأقليات العراقية ربما هي أكثر التصاقا وقربا وعلاقة بتاريخ وحضارة بلدها من أي أقلية أخري في الشرق الأوسط.
فالصابئة المندائيون متواجدون في جنوب العراق منذ حوالي 2000 سنة. اليزيديون متواجدون في شمال العراق بقرون عديدة قبل اعتناق الأكراد للاسلام. والسريان والعرب المسيحيون كانوا متواجدين قبل الميلاد بقرون، وأثروا بعلمهم ولغتهم وثقافتهم الحضارة العربية الاسلامية.
وأقليات اليوم في العراق كانت أغلبية يوما ما لا سيما المسيحيين من السريان. وظلوا كذلك حتي أفول الدولة العربية وتقهقرها امام ضربات الأجانب والأعاجم لا سيما المغول.
ولم يخلُ البلاط الأموي والعباسي منهم كشعراء وعلماء ومترجمين وأطباء. وكان الخلفاء المسلمون العرب يكرمونهم ويعظمونهم بغض النظر عن دينهم وقوميتهم ويُروي ان بعضهم كان يدخل علي الخليفة والصليب يتدلي من رقبته.
الم يحضر الخليفة العباسي هارون الرشيد، بعظمته وجبروته، مراسيم سيامة جاثاليق كنيسة المشرق السريانية في بغداد.والجاثليق حينئذ كان يحمل رتبة لها من الصلاحيات والسلطة الدينية ما لبابا روما اليوم، تمتد الي اصقاع شاسعة تضم أجزاء من الهند والصين.
واصاب الأقليات لاسيما المسيحية واليهودية في الشرق الأوسط ما أصاب بعد استقواء الغرب وتدخله في شؤونهم. فكان من هذا التدخل ان غادر اليهود العراقييون العراق أجمعهم وكان عددهم حسب بعض الاحصائيات نحو ربع مليون يهودي عندما كان سكان العراق حوالي خمسة ملايين. مهما قيل عن الاضطهاد المزعوم لليهود في العراق، لا يستطيع أي مؤرخ ان ينكر أن اكثر من ثلث تشكيلة احدي الوزارات العراقية قبل رحيلهم كانت تتألف من العراقيين اليهود.
وتدخُّل الغرب العلماني والديني كان غرضه وما زال حتي اليوم تأمين مصالحه الاستراتيجية والجيوبولوتيكية والمذهبية وهذا ما شكل أحد الأسباب في تشرذم الأقليات المسيحية واضمحلالها في الشرق الأوسط. انظر ماذا حل بالمسيحيين الفلسطينيين نتيجة خلق اسرائيل. في أقل من نصف قرن تراجعت نسبتهم الي 2% من مجموع السكان بعد ان كانت حوالي 30%.
وانظر الي لبنان. تحالف المسيحيين واعتمادهم علي الغرب بشقيه العلماني والمذهبي كان أحد الأسباب في ضياع غالبيتهم وسلطتهم. وانظر ماذا حل بالمسحيين منذ الغزو الأمريكي للعراق. وهذا شأن قد أتناوله في مقال قادم. ما يهمنا اليوم كيفية المحافظة علي ما تبقي للعراق من فسيفساء ثقافية ودينية واثنية. أنا لست سياسيا ولا منظرا لذا سأمتنع عن تقديم مقترحات او اراء عن كيفية ايواء ما تبقي. وسآخذ السويد نموذجا عسي ولعل يري فيها أصحاب الشأن ما يفيد في كيفية التعامل مع الأقليات وسأركز علي الأقلية المسلمة فيها. للمسلمين، وعددهم في السويد أقل بكثير من المسحيين العراقيين، اكثر من 50 مسجدا وجامعا في استوكهولم العاصمة فقط. لهم من الحقوق والامتيازات ما للأديان والمذاهب الأخري مثل البروتستنت والكاثوليك المسيحيين. لهم الحق في فتح محلات خاصة لهم تبيع المواد حسب السنن وتقاليد التي تسمح به الشريعة الاسلامية. ليس هذا فقط. لهم الحق في ممارسة طقوسهم من حيث المأكل والمشرب والصلاة في المدارس والمعامل والجامعات.
وأخيرا تدخلت شخصيا مستخدما مكانتي العلمية لتخصيص غرفة مؤقتة في المكتبة كي يؤدي الطلبة المسلمون في جامعتنا الصلاة، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة،. وفي نيتي التدخل في السنة القادمة لايجاد مكان أوسع فيه كل ما يحتاجه الطلبة المسلمون لأداء صلاتهم وشعائرهم حيث نتوقع زيادة عددهم. ومن غير المتوقع علي الاطلاق ان تتدخل الدولة لصالح هذه الفئة او الأخري ان كانت مسلمة او مسيحية او غيرها. نحن نعلم ان الغالبية العظمي من سكان العراق مسلمون ولكن هل يجوز للغالبية ان تفرض عقيدتها او مذهبيتها من خلال تشريعات قانونية علي الجميع. هل يجوز ان تُمنع محلات بيع الكحول، مثلا. ان لم يكن الكحول موجودا علي الاطلاق وفي المتناول، فما هو أجر المؤمن اذا امتنع عنه؟ المسلمون في العراق ليسوا أفضل ايمانا من المسلمين المقيمين في الغرب وهم بالملايين والكحول ولحم الخنزير وكثير من الأمور التي يحرمها الاسلام معروضة أمام أبصارهم ولكنهم يتجنبونها.
كي يستطيع العراق الوقوف علي قدميه والحفاظ علي تكوينه المتنوع والذي يجب ان يكون نعمة وليس نقمة، علي الجميع التخلي عن فرض نظرتهم ورؤيتهم الخاصة الي العالم علي الآخرين والا سنعيد العراق الي عهد العصور الوسطي في الغرب عندما كانت الكنيسة تقتل وتعدم وتحرق الناس أحياء وتشن الحروب وتجبي الضرائب وتسن القوانين والتشريعات لفرض هيمنتها المذهبية علي الآخرين، كما يحدث احيانا في عراقنا الآن. واليوم بدأت الكنيسة الغربية تدرك كم كانت علي خطأ. العراق أضعف من ان يتحمل وزر أخطاء أخري.

اكاديمي واعلامي مقيم في السويد



258
الدكتور ليون برخو لن يحاضر في "مؤتمر اللغة الآشورية – السريانية في السويد"

ورد إسم مؤتمر اللغة الأم المزمع عقده في يونشوبنك – السويد – والمنشور في موقع عنكاوة كوم بإسم "مؤتمر اللغة الآشورية – السريانية" .  وهذا لم يكن ضمن الإتفاق عندما طلب مني منظموا المؤتمر القاء محاضرة عن دور الإعلام في تعلم اللغة الأم.
إنني أكن إحتراما كبيرا لكل مكونات وتسميات شعبنا وموقفي الوحدوي معروف ولكن كعالم لغة لا أستطيع إستساغة تسمية كهذه.
اللغة الأشورية ليست اللغة السريانية (الأرامية). إنهما لغتان مختلفتان ولم يكن الأشورييون القدامى يتحدثون السريانية ولا الكلدانيون.
والتسمية الوحيدة التي تجمعنا بعد أن ادمتنا التسميات القومية (كلداني أشوري) ومزقت شملنا هي تسمية "اللغة السريانية". وعلى حذّ علمي فإن هذا ما نجمع عليه.
ولهذا فإنني أشترط إعادة صياغة الإسم وجعله " مؤتمر اللغة السريانية" كي أستطيع المشاركة.
وأود التأكيد أن الموقف هذا لا علاقة له بكوني كلداني لأنني كنت سأفعل ذات الشيء وأتخذ نفس الموقف لو كانت "اللغة الكلدانية" محل "اللغة الأشورية" في التسمية.
لغتنا السريانية (ارامية) ليست لغة أشورية ولا كلدانية.
إن إدخال التسميات الحديثة (كلداني أشوري) التي ألصقت بنا إلى حيز اللغة له أثار سلبية كبيرة. فكثير من الكلدان في السويد يرفضون الإنضمام إلى صفوف تعلم اللغة الأم بسب التسمية وهكذا كان سيفعل الأشقاء الأشوريون لو كانت التسمية تشير إلى الطرف الأخر.
وكم خسرنا نتيجة التشبث بتسمية لم تكن يوما ضمن إرثنا السرياني (الأرامي).
وأمل ان يتسع صدر منظمي المؤتمر لهذا الموقف.
واعدهم بالمشاركة إذا جرى تعديل التسمية إلى "مؤتمر اللغة السريانية في السويد".

الدكتور ليون برخو
جامعة يونشوبنك – السويد
leon.barkho@ihh.hj

259
رد المدير المالي لأبرشية بغداد الكلدانية وصرخة  الأب البير أبونا


ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se


من منا لا يعرف العلامة الأب البير أبونا, شيخ علماء الكنيسة الشرقية بتسمياتها المختلفة وواحد من المؤرخين البارزين على مستوى العالمين الغربي والشرقي. وكتبه التي تنيف عن 60 تحتل اليوم رفوف المكتبات الجامعية التي تعني بتاريخ العراق وكنيسته.

وعند سماعي عن مقاله (رابط 1) هرعت إلى جهاز الكمبيوتر لا لقرأته بل لحفظه وطبعه لأن غالبا ما  تعمل المؤسسة التي ينتقدها إما على إسكات صوت المعارضين او عدم الإكتراث بهم.

 أقول" مؤسسة" لأن النقد البناء والصرخة المدوية التي أطلقها هذا العالم الغيور على كنيسته موجهة إلى أشخاص وليس إلى "كنيسة واحدة جامعة مقدسة". هذه الكنيسة لا ولن تقوى عليها ابواب الجحيم. اما المؤسسة فيبدوا أنها مبنية على الرمل لأن الأشخاص الذين يوجه الأب الفاضل نقده إليهم يبدوا أن أغلبهم قد  زاغوا عن كنيستهم وروحانيتهم.

والمؤسسة هذه, التي لابد وأن حاولت هذه المرة أيضا ان تضيق الخناق على الصوت الحر والمنبر الحر, لن ينفعها بعد اليوم إخفاء الشمس بالغربال لأنك يا عالمنا الكبير خلقت فينا بمقالك غيرة على الكنيسة جعلتنا نشحذ معاولنا لبنائها من جديد وذلك بتنقيتها من كل الشوائب التي ذكرتها.

وإن كنا نحن ابناء هذه الكنيسة العظيمة, الوريثة الشرعية مع شقيقاتها لإرث وتاريخ ولغة وليتورجيا كنيسة المشرق, لا نستطيع مجاراة غيرتك عليها ومسؤوليتك تجاهها والتي تكاد كما تقول ان تسحقك  فإننا ابناء هذه الكنيسة نقف معك ونستلهم من غيرتك ومسؤوليتك.

وبما أنك جددت صرختك "المستغيثة" فإننا نعدك ان لا نستسلم "الى الصمت والسكون او الى اليأس امام الحالة الراهنة" التي شخصتها وما هذا المقال إلا جزءا بسيطا من الوفاء لقلمك وغيرتك على كنيستك.

أين هي المؤسسة؟

كم كنا نتمنى ان يرد عليك ابينا البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي الكلي الطوبى او أحد نوابه بدلا من الأستاذ المهندس نامق ناظم جرجيس المدير المالي لابرشية بغداد الكلدانية (رابط 2) لأنك أقدم من حيث الرسامة الكهنوتية من ابينا البطريرك حيث رسمت كاهنا في 17 تموز 1951 وتمت رسامة أبينا البطريرك في 21 كانون الثانى 1952.

وأمل ان يتسع صدر الأستاذ المهندس نامق ناظم لما سأقوله عن رده والذي مع الأسف الشديد لم يشف غليلنا ,لا بل اثار مزيدا من الشكوك حول ممارسات هذه المؤسسة بدلا من ان يزيلها وأعطى زخما وقوة ودعما كبيرا لصرخة ألأب الفاضل البير ابونا من أجل إجراء إصلاح جذري وفوري لإنقاذ الكنيسة. واسرد ادناه بعض النقاط:


1. الرد معظمه يدور حول النفي من أجل النفي. وبمعنى أخر ان ما قاله لأب البير ابونا غير صحيح جملة وتفصيلا.  ولكن من خلال قراءتنا للرد لا نلحظ اي دليل على ان ما ذكره الأب الفاضل غير صحيح.

2. يبدو ان الأستاذ نامق لم يقرأ مقال الأب البير أبونا بتمعن. لا أعتقد ان الأب البير ابونا يقصد ان ابينا البطريرك لا يتمتع "بكل حيوية ونشاط" وقلما رأه الأستاذ نامق "مرهق او تعب من اداء واجباته تجاه شعبه وكنيسته". الأب البير أبونا يقصد الإدارة التي وصلت إلى حد الفلتان بحيث أصبح ليس لكل مطران بل لكل كاهن ضيعته الخاصة وقوانينه وتعليماته وروزنامته وطقسه وصلواته الخاصة وكأن كنيستنا لا هرم لها.

3. اما في خصوص التواجد فيبدوا أن الأستاذ نامق لم يفقه ما ذهب إليه الأب البير أبونا. إنه ومن خلال قرأتي يقصد ان وجود غبطة البطريرك او غيابه لا يقدم او يؤخر في الأمر شيئا. لأن لا البطريرك ولا النواب بإستطاعتهم إتخاذ قرارت حاسمة. لأن الكل يعلم أن بإمكان اي مطران او حتى كاهن رفض هذه القرارات وما حدث في السنودس الأخير خير مثال على ذلك اذ لا زالت قرارته حبرا على ورق. وما حدث ويحدث في اوروبا خير دلبل أيضا اذ وصلت الأمور إلى لجان تحقيقية وقد تستفحل الأمور ويحدث ما لايحمد عقباه والمؤسسة نائمة في واد من غير ذي زرع.

4. ويؤسفني ان أقول أن لأستاذ نامق يعزو إنتقاد هذه المؤسسة وتعرية وفضح تصرفات الأشخاص فيها إلى "نظرية المؤامرة". فكتاباتي  مثلا حسب نظره تكون للهجوم "تحقيقا لمأرب اخرى لمؤسسات لا تتفق مع الكنيسة الكلدانية لنظرتها في الأمور التي تخص ابناء شعبنا وخاصة في العراق". أي أنه يضع نفسه حكما على مدى إلتزامنا واعتزازنا بكلدانيتنا وكنيستنا. وبمعنى أخر لديه قالب خاص لقياس الإنتماء للكنيسة الكلدانية. إن لم تحور افكارك وعقليتك لا بل جسمك كي  تدخل في هذا القالب فأنت متأمر ضد الكنيسة الكلدانية. الحمد لله إنه ينزه الأب البير أبونا من ذلك.

5. اما بخصوص ان الطرح من خلال الإعلام "وبهذا الأسلوب يضر بالكنيسة" فليدلنا الأستاذ نامق على الأسلوب الصحيح. اود التأكيد ان المؤسسة التي تنفي جملة وتفصيلا ما أتى به شيخها وكبير علمائها بهذا الأسلوب مشكوك في صدقيتها ونهوضها. فأنا مثلا لم أبق مكانا لم أوصل صوتي إليه سرا وعلانية ولم تحرك المؤسسة ساكنا. وأخيرا تدخل الأسقف السويدي وقد تستفحل الأمور لأن الشفافية والإستقلالية التي لاتعترف بها هذه المؤسسة قد تؤدي كما ذكرت إلى عواقب وخيمة قد تشمل اوروبا برمتها. ومع ذلك لا زال كل الذين إنتقدهم الأب البير ابونا صامتون وكأن على رأسهم الطير.

6. اما الأمور المالية فما أدراك ما الأمور المالية في هذه المؤسسة وبدلا من ان يرفع الأستاذ نامق الغشاوة عنها زاد مائها عكرا وطينها  بلة. كل المخالفات المالية التي ذكرناها ويشير إليها الأب البير ابونا هي لديه "اراجيف ووشايات كاذبة". إن كانت كذلك في اوروبا مثلا لما قرر اسقف سويدي إجراء تحقيق فيها. ولكن دعني من فمك أدينك. هل بإستطاعتك القول لماذا أمر أبينا البطريرك بتشكيل لجنة جديدة وتبين لنا بالتفصيل الخلل في اللجنة السابقة. إذا كانت لجنتك الجديدة إستطاعت, كما تقول, تنمية الموارد, فلماذا أخفقت اللجنة السابقة ومن المسؤول؟ الإبل لا تورد هكذا في الأمور المالية أستاذ نامق. غياب الشفافية يجعل مما تسميه "اراجيف ووشايات" حقيقة. تُلغى لجنة مالية لأنها مقصرة وتأتي لجنة محلها دون حساب ومحاسبة؟ أخشى الآ يحدث هذا إلا في مؤسستنا. واللجنة الجديدة قد تخفق وتأتي لجنة أخرى وهكذا دواليك لا حساب ولا محاسبة ولا هم يحزنون. اما عن الوقف فهذا قصته قصة لا يمكن قصها في مقال او مقالين وقد تحتاج إلى كتاب ثخين.

7. ودعني أذكّر الأستاذ المهندس نامق بعام 1995 العام الذي عُقد فيه مؤتمر واسع للكنيسة برأسة ابينا البطريرك الراحل الكلي الطوبى بيداويذ الأول وحضره أبينا البطريرك الحالي الذي كان عندئذ أسقف بغداد ويعمل نائبا للبطريرك. وكلنا نتذكر ماذا حدث عندما طلب اسقف بغداد من رؤوساء الخورنات تقديم كشوفا تفصيليية وذات صدقية بكل المصروفات والواردات وتقديمها لأبرشية بغداد الكلدانية. عندها نهض كاهن غيور (وقد تقول ايضا انه كان وراء مأرب أخرى لمؤسسات لا تتفق مع الكنيسة الكلدانية) وقال بالحرف الواحد: "عندما تقدم لنا البطريركية وأبرشية بغداد كشفا موثوقا بوارداتها عندئذ إطلبوا منا ذلك". وأذكّره أيضا إن كانت الأمور كما يقول وأن "كل ذلك موثق في سجلات" لماذا طلب السنودس الأخير الذي إنعقد قبل أشهر من البطريركية تعيين محاسب قانوني؟

8. ونظرة الأستاذ نامق إلى مسألة القصور تظهر انه لم يفهم ما يربو إليه الأب البير أبونا وان قرأته سطحية. فهو يأخذ القصور بمعناها الحرفي ولأنه لا يستطيع مشاهدتها بأم عينه فإنها غير موجودة. الأب البير ابونا يقصد ابعد من ذلك بكثير. القصور بمعناها المجازي تعني امورا كثيرة تطرقت إليها في كتاباتي الأخيرة بإسهاب وأعزف عن ذكر أمثلة لها إحتراما لمقام المطارنة الذين ذكرهم.

9. وأخيرا نعود إلى نصيحة الأستاذ نامق إلى عنكاوة دوت كوم وكم كنت اتمنى ان يحتفظ بها لنفسه. وكأستاذ في الإعلام وصحفي سابق أقول لكل قراء هذا الموقع ان المعايير التي يتخذها محرروه لنشر مسائل حساسة ترقى في بعض الأوجه لما كان لدينا في وكالة رويترز واسوشيتت برس. ومن خلال هذا المقال أطلب من كل ابناء كنيستنا الكلدانية بالكتابة إلى الإعلام, السلطة الرابعة, من أجل النقاش والحوار وتشخيص الأخطاء ومحاسبة المقصرين من كانوا.



نداء من القلب الى الأب البير أبونا

 أيها الراعي الجليل صوتك هذه المرة لن يذهب سدى ولن يكون كما يتمناه  الذين " اصبحوا للكنيسة علـة العلـل وداءً بلا دواء" والذين "إتخذوا من المال صنما". إن ما سيحدث في السويد سيكون له أثر قانوي, بعون الله على أوروبا التي جعل بعض الأشخاص منها ضيعة لمأربهم الشخصية.

وأتذكر صوت الهاتف الذي وردني بعد كتابة مقالي الأول مهددا بالحرمان الكنسي لأنني تجرأت على إنتقاد بعض الأشخاص العاملين في هذه المؤسسة وكأنني شجرة في ضيعته يجتثني من الجذور إن لم اورق وازهر وأحمل الثمر الذي يعجبه هو وليس ما يروق للمسيح وكنيسته.

كم كنا سذجا قبل قراءة مقالك. اليوم بدأ أبناء كنيستنا الكلدانية العظيمة يفهمون ويدركون ان "الدرغا" شيء والممارسات الشخصية شيء أخر. اليوم بدأنا نميّز ان جمع المال ووضعه في الجيب  ليس من الكنيسة بشيء.

لقد منحتنا الشجاعة ان نقول لكل الذين إنتقدتهم ان واجبكم هو العمل لله فقط اما كل الأمور الأخرى عليكم رفع يدكم عنها لا سيما المال.

اليوم علمتنا انه بإمكاننا ان نحساب هذه المؤسسة والأشخاص العاملين فيها عما نراه غير قانوني ولا يصب في رفعة كنيستنا الكلدانية العظيمة وفي رفعة شأنها وتعزيز روحانيتها.

وكي أبرهن لك ان كلماتك ليست صرخة في البرية فإن مقالك كان وما يزال المادة الرئسية للأحاديث التي تدور بين الكلدان في السويد وفي اوروبا.

وإنشاء الله سيكون هناك عما قريب جواب يرضيك ويسرك ولن تخجل منه عن سؤالك الخطير والمهم للغاية: "كيف هي كنيستي الأن؟ إن هذا سؤال اخجل من الإجابة عليه".

مد الله في عمرك يا شيخ علماء الكنيسة الشرقية, ولنسمك هكذا بعد اليوم.
 


 1.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,339381.0.html

2.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,340951.0.html

260
مطران السويد للكاثوليك والتحقيق في الشكاوي ضد الكنيسة الكلدانية

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

حسنا فعل مار اندش اسقف الكاثوليك في السويد عندما اعلن في مقابلة اخيرة (رابط 9) انه امر اجراء تحقيق في الشكاوي الواردة ضد الكنيسة الكلدانية. وبهذا يكون قد حقق سابقة حميدة  كنا ننتظرها على احرّ من الجمر لأن الشكاوي, وحسب ما اوضح نيافته في المقابلة, ترد لمكتبه من عدة اطراف وأخرها ما كتبناه واوضحناه تحت طائلة القانون في سلسلة مقالات في إعلام شعبنا الكلداني السرياني الأشوري (رابط 2, 3, 5, 8).

وبما  ان كاتب هذه السطور هو الذي اوصل صوت الصامتين المعارضين لكثير من الممارسات والمخالفات غير القانونية في اوروبا بصورة عامة والسويد بصورة خاصة إلى الإعلام, فإنني على إتصال باصحاب الشأن في المطرانية عن كيفية إجراء هذا التحقيق وكذلك قمت بإستشارة اساتذة القانون في جامعتنا ومخمنون رسميون للمساعدة. وظهر ان ما لدي من ادلة والأدلة التي ظهرت من خلال الرد على المقالات التي كتبتها يخولني الطلب من الكنيسة الكاثوليكية في السويد اجراء تحقيق شفاف وعلني ذات صدقية يضم اشخاص مشهود لهم بالنزاهة وأن توضع نتيجة التحقييق امام الملأ كي تكون لها صفة قانونية وإجرائية تطبق في السويد وأي مكان أخر في اوروبا.

فشكرا لكم نيافة المطران أندش. لقد اثبتم مرتين في غضون اشهر قليلة انكم اداريون من الطراز الأول. وإن كان الفلتان صفة ترافق الكنيسة الكلدانية في كثير من الأماكن فإن مكانه ليس السويد. المرة الأولى عندما اصدرتم تعلميات واضحة (رابط 6) تنهي وإلى الأبد ما سماه الأب الغيور يوحنا عيسا قبل حوالي 4 عقود "بالدروشة" (رابط 8) والمرة الثانية عندما قررتم التحقيق في الشكاوي التي أختصرها في ما يلي:

الروزنامات غير القانونية والتي في السويد تحمل اسم اربعة اشخاص وفي مناطق في اوروبا تحمل  صورة شخص او شخصين. وبعد التشاور مع اساتذة المحاسبة في جامعتنا وتقديم بعض المعلومات عن كيفية بيعها وجمع اثمانها مستندين على ما حدث هذه السنة في مديينتين صغيرتين فقط ظهر ان الذين إستلموا هذه المبالغ كان عليهم ادخالها رسميا في مدخولاتهم والتصريح بها ضريبيا. وإن لم يفعلوا ذلك فيأخذ القانون مجراه مما يعني دفع كل المستحقات الضريبية والتي قدرت اوليا بمئات الالاف من الكرونات منذ البدء بإصدارها. وقد يقول الأن كاتب الرابطين (7 و 9) والذي يخفي اسمه الصريح تحت خيمة اخوية مار بولس لم "تعطينا ولودليلا واحدا". الرزنامة عنده ليست دليل وإن كانت معلقة على حائط شقته.

وأشكر هذا الكاتب كما اشكر السيد جيم بنيامين (رابط 1) على إعترافهما الصريح بأن الأشخاص المعنيين في الشكاوي يقبلون إستلام الهبات النقدية بينما أساتذة القانون في جامعتنا يقولون لايجوز قانونيا منح هبة نقدية لأي خدمة تقدم لنا إن كانت تصليح سيارة او تعميذ طفل او تدريس التلاميذ لأن ذلك سيجعلني أنا مثلا كأستاذ جامعي اقبل هبات نقدية بطريقة او بأخرى من الطلبة الذين أدرسهم بينما تخصص الجامعة راتبا ومخصصات للقيام بهذا العمل. من يفعل ذلك في الجامعة يفصل من عمله ويحال إلى المحاكمة. فكيف إذا كانت الخدمات حسب تعليمات الأسقف كلها من قداديس ووثائق وغيرها مجانية (رابط 6). إذا يجب على الشخص الذي يستلم الهبة النقدية بهذا الشكل ان يصرح بها للسلطات.

وبخصوص الأمور الأخرى فإنني سأطالب المحققين بالكشف الحسابي عن المبالغ التي تصرف كأجور نقل ومقدارها ومبالغ التأثيث وغيره وبعد ذلك تقارن مع سحوبات الفيزا وكذلك مجمل مبالغ الريشيثا او الجزية وعندها يظهر الحق من الباطل.

وأما عن المخالفات الطقسية فقد قال رأيه فيها احد المختصين في كنيسة المشرق الكلدانية عند تعليقه على احد الكراريس غير المرخصة بالقول "هذا كفر". وحدث ذلك امام عدد من الشمامسة.

ونعود الأن إلى المقابلة مع نياقة المطران أندش

الشخص الذي اجرى المقابلة اساء كثيرا جدا إلى نفسه وكنيسته من حيث يدري او لا يدري. ومن المعيب جدا على كاتب ان يستغل مقابلة اسقف يحيطه الكثير منا بهالة من الطوباوية والقداسة لأغراضه الخاصة ولغاية في نفس يعقوب. والتعليق المتكون من حوالي 1000 كلمة (بينما المقابلة برمتها 400 كلمة) سمعته عبر الهاتف من شخص محدد وهو ذاته الذي رأيناه بأم اعيننا نحن الشمامسة يصعد على المذبح ببنطاله الضيق ويقبّل اسقفا من وجنتيه وكأنه يلتقي شخصا عاديا في الشارع بدلا من ان يركع ويقّبل يد الأسقف وصليبه.

وانا اسال الكاتب (لأن حاشا ان نكون نحن الكلدان من جماعة "موافج" بحيث تتفق أخوية مار بولس بكافة اعضائها على التعليق كما هو) اي مؤسسة (هو يقول كنيسة) لن تقوى عليها ابواب الجحيم؟. هل هي المؤسسة التي يديرها كهنة كانوا رهبان ثم هربوا من رهبنتهم؟ هل هي المؤسسة التي تنخر فيها المخالفات لدرجة تجبر اسقفا سويديا ان يحقق رسميا فيها؟ هذه المؤسسة مبنية, كما يقول الرب, على الرمل. إنها لا تتحمل ضغط مقالة في اعلام شعبنا بل إهتزت من اعلاها إلى أسفلها. المؤسسة التي لا تقاوم مقالة فكيف تقاوم ابواب الجحيم.

الكنيسة التي لا تقوى عليها ابواب الجحيم هي كنيسة مار أندش الذي يتنقل من مدينة إلى أخرى مستخدما القطار والباص وسندويجا وتفاحة في حقيبته. هي كنيسة الأب روفائيل الراهب الذي لا جيب له. هي كنيسة خوري توما في مدينتنا الذي خرّج مجاميع من الشمامسة واشترى ارضا لبناء كنيسته وصندوق كنيسته يطفح بالملايين وراتبه متواضع جدا ويرفض الدروشة. هي كنيسة الآب يوخنا الذي رغم بعده وأشغاله اقام جوقا رائعا كلهم بقرأون السريانية بطلاقة واشترى كنيسة وقاعة وله حوال 70 عائلة ونحن حوالي 250 عائلة... وغيرهم كثيرون.

كيف لاتقوى ابواب الجحيم على مؤسسة لا يزورها المسؤول المباشر عنها إلا لجمع ريشيثا او الجزية التي لا يعلم مقدارها ولا اين تحط إلا الله. كيف لاتقوى ابواب الجحيم على مؤسسة لم تخرّج منذ العام 1995 شماسا واحدا ولم تعلم حرفا كلدانيا او سريانيا واحدا ولم تبني كنيسة واحدة ويدعي اشخاصها ان هناك أكثر من 18000 الف كلداني في اوروبا. فأين ذهبت الصينيات والهبات ومبالغ الروزنامات واثمان الوثائق وغيرها كثير. الجواب بسيط: في الكنائس التي لا تقوى عليها ابواب الجحيم تحط هذه المبالغ جميعها في الصناديق الكنسية, في مؤسستنا لا يعلم إلا الله اين  هي وجهتها.

انا شخصيا سعيد بما قاله المطران أندش والمقابلة ينطبق عليها مثل "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها". فسيادته عندما يقول "لا أعرف" جوابا عن سؤال "هل ... يوجد فساد واسع وكبير في الكنيسة الكلدانية". هذا معناه انه لاينفيه. وعندما يقرر اجراء تحقيق في الشكاوي, فمعناه له شكوك ان الشكاوي قد تكون صحيحة. ويا ليت كان الكاتب من الذكاء ليعرف ما تعنيه لجنة تحقيقية في بلد شفاف مثل السويد. يا ما ارتعدت ركب وزراء ومتنفذين من لجان تحقيق في هذا البلد.

ومن ثم يقول الكاتب ان الأب بول ربان قرأ تعليمات الأسقف في الكنيسة في 21-6-2009 . اولا لم يعترف الكاتب ولا الأب بول بأن هذه التعليمات جديدة والإثنان ادعيا (رابط 7 ) ان الكهنة على علم بها منذ سنين وأنهم قد بلّغوا بها ويطبقونها. انا لم اتكلم في مقالي (رابط 6 ) عن التعليمات الجديدة التي أخفيت عنا كل هذه المدة. قلت اذا كان الأب بول على علم بها سابقا لماذا لم يقرأها حينئذ ليس بعد صدورها. واتصلت بالأب بول عدة اسابيع بعد 21 -6 -2009 ولم تكن لديه ترجمة عربية لها وقال انه يرفض ترجمتي وسيحيل النسخة السويدية إلى مترجم قانوني ونشرتم ترجمتكم  في 8-7-2009 (رابط 7). هل يمكن لأي عاقل ان يصدقكم.

انا لم استخدم في كل مقالاتي كلمة "فساد". أنظر كيف اوقع الكاتب نفسه في هذه الحفرة. وكنت قد سألت اسقفا في الكنيسة الكلدانية عن رأيه في هذه المخالفات والمقالات التي اكتبها. أحتفظ بإسم الأسقف حاليا وأمتنع عن ذكره, ليس لأن نيافته يخشى ذلك, بل كي لا نؤثر على سير التحقيق لكنه قال: "إن هذه المخالفات تعد فسادا ... الفساد مستشري في كل مكان ... لكن الله هو صاحب الكنيسة  والطيبيين من امثالك لن يكفوا من قول الحقيقة بشجاعة .. الرب يباركك وعائلتك من أجل الكنيسة ... اثبت الى الأخير ونحن معك."

سابقة خطيرة

"والفساد" والفلتان استشرى اكثر ما استشرى منذ العام  1995. وكانت مصادفة عجيبة تلك التي قادتني بحكم عملي كي اكون شاهدا على سابقة خطيرة في الكنيسة الكلدانية. كنت عندئذ مديرا لمكتب وكالة رويترز في بغداد ويعمل تحت امرتي فريق صحفي جلّه من الأجانب (يقول الكاتب المجهول في رابط 9 "صحفي في زمن صدام, لا بأس) وكنت احد الأصدقاء المقربين للسفير البابوي في بغداد الذي طلب مني ان اقوم بالتدريس في دير الرهبنة الهرمزدية الكلدانية في الدورة لحين ان يتم الطلب من الكهنة الرهبان الذين يدرسون في الخارج العودة إلى الدير ألأم. وأعدت كورسا مكثفا في اللغة الإنكليزية للرهبان الكلدان كان من ضمنهم الرئيس العام الحالي ورئيس دير السيدة الحالي.

وكان السفير البابوي مهتما جدا بالرهبنة التي كانت تمر بعصر ذهبي في عهد الرئيس العام الأب قرياقوس عبدلأحد حيث كان لها 20 كاهنا و 10 رهبان ومثلهم من المبتدئين.  وكتب الأب قرياقوس رسالة إلى احد كهنته الرهبان في اوروبا طالبا منه العودة للمساهمة في نهضة الرهبنة وإدامتها. وبدلا من ان يطيع الأمر حسب القسم الغليظ الذي اداه امام القربان المقدس والأنجيل ضمن قسم النذور الأبدية (الطاعة والفقر والعفة) رفض الأنصياع ومن خلال علاقاته الأخطبوطية استطاع البقاء في اوروبا رغم انف الرئيس العام والسفير البابوي وهو اليوم يحمل منصبا رفيعا وكاد ان يحصل على درجة  الأسقفية لولا جهود الغيورين من الكلدان. الأب قرياقوس حي يرزق وسمح لي منح هاتفه الشخصي لكل قارىء من اجل التأكيد وزيادة المعلومات.

السماح لسابقة كهذه  دون عواقب ومحاسبة خطر على اية مؤسسة. وهكذا إتخذ الكثيرون من الرهبان وغيرهم ذات الخطوة. إن كان يحق لفلان يحق لي. وتسرب الرهبان واحد تلو الأخر فترك الرهبنة بولس وزهير واوراها وبطرس ومفيد وفادي وغيرههم من اكليروس خارج الرهبنة وداخلها.

وكتبت للسفير البابوي الحالي عن هذه الأمور وأوصلتها بطريقة غير مباشرة إلى المسؤول عن الكنائس الشرقية في روما ولم يحرك احد ساكنا. واخيرا بلّغت السنودس بها من خلال احد الأساقفة وأتاني الجواب انهم لا يستطيعون عمل شيء "لعلاقاته مع مرؤوسيه". فمن هم هؤلاء المرؤسين يا ترى؟ وكلما تحدثنا عن هذه الأمور كان يأتينا الجواب "اوّا ليله شولوخ بابي" هذا مو شغلك ابوي.

لذا إنني اهيب بالمسؤولين عن الكنيسة الكلدانية ان يحزموا امرهم ويقوموا بإجراء تغيير جذري في اوروبا قبل استفحال الأمور, وأخص بالذكر نيافة الأسقف لويس ساكو ونيافة الأسقف شليمون وردوني كي يضعوا حدا لهذه الممارسات وينقذوا كنيستهم وكنيستنا.

وأخيرا اود تبليغ كل من ساندني وكل من تطوع في العمل في لجنتنا ولنسميها بعد اليوم "جمعية أصدقاء الكنيسة الكلدانية" كي نضيف هذا الإسم العزيز إليها بأننا ثابتون حتى النهاية في جهدنا لتنقية كنيستنا من كل الشوائب. انا لم اقل ابدا ان اللجنة "الجمعية" لها صفة كنسية رسمية, كما يدعي الكاتب جزافا. من حقنا قانونيا في اوروبا ان نشكل جمعية كهذه للمراقبة والتحقق من كل المخالفات والكتابة عنها في وسائل الإعلام وتنبيه الأشخاص الذين نتأكد من ممارستهم لها. هذا حق طبيعي في المجتمعات التي نعيش فيها. ومن حق اي مواطن ان يرا قب تصرف رئس الوزراء وان يبلغ عنه إن إستطاع جمع ادلة كافية. والجمعية في توسع في السويد وبدأ بعض الكلدان الغيورين على كنيستهم ومستقبلها من مناطق أخرى في اوروبا ألإنضمام إليها وأبوابها مفتوحة للجميع.

 

الروابط:

1
 http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=323435.0
2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,320426.0.html
3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,300519.0.html
4
http://www.ishtartv.com/articles,2161.html
5
http://www.ishtartv.com/articles,2259.html
6
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=315801.0
7
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,317148.0.htm

8
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,328180.0.html

9
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,328694.msg4057674.html#msg4057674


261
هل الكنيسة الكلدانية في حاجة إلى إصلاح؟

ليون برخو
جامعة يونشوبنك
السويد
leon.barkho@ihh.hj.se

في عام 1970 وقف الأب يوحنا عيسى على مذبح كنيسته المتواضعة في الدركزلية في الموصل وبدأ موعظته بعبارات يذكرها كل من كان حاضرا ومن ضمنهم كاتب هذه السطور, وقال: "أنا كاهن في كنيسة المشرق الكلدانية. أنا لست درويشا اوأجيرا. لن أقبل بعد اليوم أن يضع كائن من كان نقودا قي يدي او في جيبي. هذه إهانة لن اسمح أو أقبل بها بعد اليوم." ومنذ ذلك اليوم صارت كل الخدمات الكنيسة من قداديس وعماذات وصلوات الموتى والوثائق الكنسية بمختلف أشكالها مجانية, لا هبات ولا نقود ولا دروشة.  مقابل ذلك خصصنا راتبا متواضعا له يفي بمتطلبات معيشته.

وكنت شماسا لدى الأب يوحنا عيسى سنين عديدة وعضوا في اللجنة الكنسية ولم يتدخل يوما في الأمور المالية او التنظيمية. وفي سنين قليلة إستطعنا ان نجمع من التبرعات الكنسية في أيام الأحاد والأعياد (الصينية) ما مكننا من شراء قطعة أرض وشرعنا ببنائها. ولم يستلم الأب يوحنا عيسى فلسا واحدا عن إصدار الوثائق الكنسية التي كنا نحضرها له فقط للتوقيع وعند سفره او غيابه كان يوقّّع مجموعة منها ويتركها لدينا للحالات الطارئة. كان ذلك في القرن العشرين وقبل حوالى 40 سنة.

ولم يدر في خلدي على الإطلاق ان الأمور التي ترفّع عنها الأب يوحنا عيسى ستصبح من المسلمات في القرن الواحد والعشرين في الكنيسة الكلدانية وفي اوروبا بالذات رغم ان العاملين في الكنيسة موظفون رسميون يتقاضون رواتب ومخصصات.

ولم يدر في خلدي على الإطلاق ان كاهنا في القرن الواحد والعشرين وفي السويد يسافر ويقفل على الأختام والوثائق. وحدث في سفره ان احتاج احد ابناء كنيستنا بصورة إضطرارية إلى شهادة مطلق الحال. وصدمنا عندما اكتشفنا ان ابواب الوصول إلى هذه الوثيقية – ربما يوازي سعرها اكثر من وزنها ذهبا بعد ان وصل مزادها إلى 500 كرون سويدي – مقفلة. وسافر هذا المسكين إلى استوكلهولم ورجع بخفي حنين بعد ان قطع اكثر من 700 كلم. وهو لم يحصل عليها حتى لحظة كتابة هذه السطور, رغم وجود شماس انجيلي في المنطقة وثمانية شمامسة رسائليين ولجنتين كنسيتين رسميتين. كل هؤلاء ليسوا جديرين بالثقة وإلا لكان الكاهن سلم امور الوثائق للجان كما فعل الأب يوحنا عيسى قبل اربعين سنة لأنها أساسا يجب ان تكون مجانية حسب تعليمات الأسقف وكفانا الله عناء وربما "شر" كتابة مقالات كهذه.

ولم يدر في خلدي على الإطلاق ان يصبح الحصول على الوثيقية الكنسية في بعض المناطق من السويد أصعب وأثمن من الوثيقة السويدية الشخصية ذات الأهمية البالغة. الدولة السويدية تمنحها مجانا وفورا لكل من يطلبها ولعدة مرات ربما في غضون شهر ولا يمكن لأي مسؤول مهما علا شأنه ان يقفل عليها عند السفر. هناك قصص توقف شعر الرأس من الصعوبة والمبالغ التي انفقها بعض ابناء كنيستنا من أجل الحصول على هذه الوثيقة اللغز. 

أسوق هذه الأمثلة وأنا أتذكر الرد الذي كتبه السيد جيم بنيامين (رابط 1) على إحدى مقالاتي (رابط 2)  متهما أياي انني لم اتحقق "ولو من عشر" ما نشرته. وما اثار دهشتي انه يضع في فمي ما ألم اقله رغم انه بذلك قد افادني كثيرا, على رأي المثل "رب ضارة نافعة". يقول السيد جيم:

(لقد أطلعنا الأستاذ, في الأونة الخيرة, على مقالات ينبغي من خلالها "اصلاح الكنيسة" حسب قوله ... لأن الكنيسة الكلدانية قد زاغت على حد تعبيره, عن درب القوانين الكنسية ...)

أنا لم أقل هذا ولكن الأن اقول وأوكد ان الكنيسة الكلدانية في حاجة ماسة إلى الإصلاح. لا أقصد بهذا ابدا القوانين الكنسية. ومن أنا حتى اتحدث بأمور المذهب والإيمان. انا مجرد شماس بسيط من الدرجة الدنيا. انا اتحدث وأنتقد الإدارة التي وصلت إلى حد الفلتان لدرجة ان الكنسية اصبحت الأن, لا سيما في أوروبا, دون هرم وقيادة ومحاسبة.

ولست أنا من يقول ان الكنيسة الكلدانية بحاجة ماسة إلى الإصلاح. قالها السنودس الأخير عندما طلب في بيان رعوي نشر على صفحات الإنترنيت من البطريركية ذاتها والأبراشيات والخورنات ضبط حساباتهم وذلك بتسليمها إلى أشخاص من ذوي الإختصاص (رابط 3  ). هل تعلم يا سيد جيم ان بقال بسيط له دفتر (ابو الثلاثين) يوضح فيه لزوجته وأولاده وشريكه ان كان له شريك كل ألأمور المتعلقة بالبيع والشراء وبشفافية تامة.

وكي نعلم أين وصلت كنيستنا الكلدانية دعنا نجري بعض المقارنات.

ماذا كان سيحدث لأي شخص (أقول شخص وليس واحد من الأباء الكهنة كي لا يفسر أننا نتحدث عن الأيمان او المذهب) من الكنائس الشقيقة لو تجاسر وطبع روزنامة طقسية من عنده ووضع إسمه او صورته عليها, لا بل قام ببيعها واستيفاء اثمانها ووضع إيراداتها حيث لا يعلم إلا الله؟

ماذا كان سيحدث لأي شخص من الكنائس الشقيقية يستخدم منصبه لجمع ريشيثا او جزية لا يعلم أحد إيرداتها الإجمالية وكيفية صرفها إلا الله؟ اعتقد الجواب واضح. هذا لايمكن ان يحدث وإن حدث فإن الشخص ستتم محاسبته محاسبة عسيرة. عندنا الكلدان هؤلاء يسرحون ويمرحون دون حساب.

هل يستطيع شخص – لنقل استاذ جامعي – ان يجمع حاجياته ويرحل بعيدا إلى جامعة أخرى دون براءة ذمة او موافقات أصولية من الطرفين قبل عملية الترحال؟ إن فعل أستاذ هذا لسقط في نظر المجتمع الأكاديمي. ولكن في كنيستنا اصبح هذا الأمر من المسلمات. وهناك مثال الأباء الكهنة من الرهبان. هذا لا يعني ان الأخرين لا يفعلون ذلك. اسوق مثال الرهبنة الهرمزيدة الكلدانية لأنني لا زلت في نظر الكثيرين بمثابة عضو فيها.

تسعة رهبان كهنة تركوا اديرتهم ومناصبهم بعد ان كانوا قد أقسموا على الطاعة والفقر والعفة ولاذوا بأمريكا وأوروبا منهم من كان رئسا للدير او نائبا للرئس العام  ورفضوا ويرفضون العودة إلى اديرتهم. ولأنكى من هذا واحد منهم يحمل ومنذ زمن بعيد منصبا رفيعا في اوروبا. كيف تمنح كنسية مناصب رفيعة لأشخاص غادروا رهبنتهم بهذا الأسلوب وبعد كل القسم الغليظ؟ وكيف يمنحون مسؤولية خورنات؟ أكتفي بهذا القدر والقراء الذين يودون معرفة المزيد بإمكانهم العودة إلى الروابط (4 , 5 ).

وأخيرا اعود إلى القضية التي أثارت السيد جيم.

أستاذ جيم أؤكد وأقول أنكم خالفتم تعليمات الأسقف, المسؤول المباشر عن الكنيسة الكاثوليكية في السويد وبضمنهم الكلدان. لماذا؟ لآننا كأعضاء في الكنيسة التي هي مؤسسة, لسنا احرارا, كما تقول, بحيث نتصرف على هوانا. إن كان الكاهن يقول انه يدفع من جيبه الخاص للسيارة المؤجرة, فيجب محاسبة المطرانية على ذلك لاسيما الأب متياس كراهم المسؤول عن الكاثوليك الشرقيين وكهنتهم. على الأب متياس ان يدفع ذلك ولستم أنتم. ,وإن لم يدفع, على الشخص المعني الإتصال بنيافة الأسقف حيث قلبه يسعنا كلنا.

ثانيا, تعليمات الأسقف تقول ان الهدايا والهبات من ألأفضل والمستحسن ان تذهب إلى الصناديق الكنسية.

وثالثا, أستاذ جيم, كم يجب أن يكون مبلغ الهبة اوالهدية؟ نحن في الجامعة نتقاضى رواتب عالية لكن معدل ما ندفعه كهبة او هدية لأي مناسبة كانت مهما بلغت درجة أهميتها لا يتجاوز مبلغ 20 كرونا سويديا. كم دفعتم أنتم؟

وأخيرا أستاذ جيم, أنت حر بمالك وهداياك خارج المؤسسة التي هي الكنيسة. داخل الكنيسة في السويد – او اوروبا او اي مكان اخر – يجب ان نتصرف حسب التعليمات والتي صارت واضحة بعد جهد جهيد وبعد ان تم إخفائها عن جمهور المؤمنين عن قصد او دونه لسنين عديدة (رابط 6). إن لم نتصرف بما تمليه علينا الكنيسة من تعليمات وتوجيهات نكون قد ساهمنا في خرابها.

الروابط:

1
 http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=323435.0
2
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,320426.0.html
3
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,300519.0.html
4
http://www.ishtartv.com/articles,2161.html
5
http://www.ishtartv.com/articles,2259.html
6
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=315801.0
                                     

262
الأب كمال بيداويذ يقول:

الكنيسة الكلدانية يجمعها مع شقيقتيها الأثورية والمشرق القديمة إرث وليتورجيا وتاريخ ولغة   مشتركة




ليون برخو

في محاضرة عن تاريخ الكنيسة الشرقية, ذكر الأب كمال بيداويذ ان كنيسة المشرق بفروعها الثلاثة – الكلدانية والأشورية والمشرق القديمة – كانت كنيسة واحدة موحدة غير منقسمة الى حوالى اواخر القرن السادس عشر.

ولأكثر من 16 قرنا كان يرأسها جاثاليق واحد هو الرئس الأعلى للكنيسة التي توسعت كثيرا ووصلت الى منغوليا والصين والهند وفيلبين ومناطق أخرى كثيرة.

وألقى بيداويذ المحاضرة في كنيسة الكلدان في يونشوبنك يوم الأحد الماضي وحضرها الشمامسة والكورال وأعضاء أخوية روح القدس إضافة إلى جمهور المؤمنين.

واكد بياويذ ان كنيسة المشرق لم تكن في تاريخها كنيسة قومية محددة بل انها كانت جامعة رسولية مقدسة وكان اسمهاܥܕܬܐ ܕܟܕܢܚܐ اي  كنيسة المشرق .

وذكر انه إلى فترة متأخرة جدا كانت مقاطعة ملابار الهندية بملاينها تابعة للكنيسة الكلدانية والتي كانت ترسل اساقفة لإدارة شؤونها.

ويقطن حاليا اكثر من اربعة ملايين كلداني في الهند إلا ان صلتهم وعلاقتهم بكنيستهم الكلدانية واشقائهم في العراق إنقطعت بعدما الت ادارة شؤونهم الى الفاتيكان في روما.

وذكّر الحاضرين ان قانون الأيمان الذي اتفق عليه اباء الكنيسة في مجمع نيقيا الذي انعقد في تركيا  في 325 كان العنصر الأساسي الذي يربط الشرق والغرب.

ولا تزال كنيسة المشرق بفروعها الثلاثة تستند في قانون ايمانها على مجمع نيقية الذي حضره مار شمعون بر صباعى حين كان لايزال اسقفا ممثلا للكنيسة حيث كان الجاثاليق مار فافا الأول عندئذ قد بلغ به الكبر.

وارتقى مار شمعون سدة رئاسة الكنيسة في العام 329 وازدهرت في عهده الكنيسة ايما أزدهار ولكن هذا لم يدم طويلا اذ تعرضت الكنيسة الى موجة رهيبة من الإضطهاد على يدي الفرس راح ضحيته مار شمعون نفسه وكوكبة من ألاساقفة.

ولقب ب "صباعى" لأن عائلته كانت من علياء القوم مهنتها زركشة وخياطة ملابس ملوك وامراء الفرس.

وعند استشهاده كان ثوبه المقدس مضرّجا بدمه ودم رفاقه الأساقفة الشهداء وتيمّنا بإستشهاده الذي حصل يوم الجمعة العظيمة  في  340 ميلادية ابى الجاثاليق الذين تبعوه إلا ان يلبسوا الثوب الأحمر دلالة على استعداهم الدئم للشهادة.

وحتى هذا اليوم يرتدي بطاركة كنيستنا الشرقية الثلاثة الثوب الأحمر.
  
ولمار شمعون بر صباعى لمسات لاهوتية وإيمانية وأدبية ليس في الكنيسة الشرقية فقط بل في الكنيسة الغربية ايضا قبل الآنقسام الأول الذي حدث في 431 .

 وكلنا, الكلدان السريان الأشورييون, مدينون له وما زلنا نرتل في كنائسنا روائعه اللاهوتية ܥܕܥ ܚܒܘܫܒܐ- يا عارف افكار البشر-ܒܥܥܢܐ ܕܬܖܥܥܬܐ- بعين القكر والحب -    ܠܟܘ ܡܖܐ ܕܟܠܐ ܡܒܕܥܢ – لك يا سيد الكل -ܐܦܢ ܫܠܚܬܒܘܢ – وإن نزعتم.  

 ومما اثار اهتمام الحاضرين كان قول بيداويذ انه لم يكن هناك شرخ في ايمان او عقيدةا او ليتورجيا كنيسة المشرق قبل الإنقسام والإنشقاق وتأكيده ان خلافات إدارية او تقويمية وليس لاهوتية كانت السبب.

وقد رد الفاتيكان الإعتبار لنسطورس ولاهوته الذي سارت عليه كنيسة المشرق الموحدة لإكثر من 1000 سنة. ويقول المطرن لويس ساكو (أنظر الرابط), العالم البارز بتاريخ الكنيسة الشرقية: "واليوم اظهرت الدراسات الكثير من الصحة في طرحه (نسطوريوس) وعدّ اختلافا لفظيا وثقافيا، وفي العام 1994 اعلنت الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق في بيان مشترك عن الايمان الواحد".

وأكد بيداويذ انه يجب على ابناء الكنيسة, المنقسمون الأن, احترام بعضهم البعض لا سيما الرموز الكهنوتية وتسميتها باسمائها والقابها ومخاطبتها بكل احترام وتقدير.

وقال: "يجب ان نحترم الواحد الأخر نحن ابناء هذه الكنائس ونصلي الى الرب لكي تعود الوحدة الى صفوفها كما كانت كنيسة واحدة حسب ارادة الرب."

ودعا بيداويذ ابناء الكنيسة من الكلدان السريان الأشوريين الى "الأبتعاد عن العنف الكلامي الذي لا يبني ابدا بل يحدث شروخا اعمق."

وبيداويذ يرأس خورنة مار توما في ولاية كاليفوروميا والغالبية الساحقة من رعيته هم من الأثوريين الكاثوليك التابعين للكنيسة الكلدانية.

وكونه واحد من المختصين القلائل بطقس الكنيسة الشرقية (الكلداني) فقد دبّ نشاط منقطع النظير في صفوف شمامسة وجمهو الكنيسة الكلدانية في يونشوبنك في السويد حيث تم الإحتفال لأول مرة بعيد نوسرديل بصلاة خاصة وقداس احتفالي وتمت تلاوة صلوثا دعنيذى, وكذلك لأول مرة, بشكلها السليم وحسب الطقس الكلداني.

والجدير بالذكر ان الكنيسة الكلدانية في يونشوبنك لها 16 شماسا ومعهم 12 مجلدا كاملا من بيث كزّا اي الصلاة الطقسية باللغة الأم.



http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,315929.0.html





263

نعم هناك "اعوجاج" في الكنيسة الكلدانية في اوروبا يا أخوية مار بولس

ليون برخو
Leon.barkho@ihh.hj.se


المقدمة

ليس من عادتي الرد على ما أكتبه لأنني لو قمت بذلك لاستغرق الوقت مني كثيرا لكثرة ما أكتب بالعربية والإنكليزية, وسأتي على ذكر ذلك في نهاية المقال. القراءة والكتابة والموسيقى والبستنة تأتي في مقدمة إهتماماتي بعد حبي لكنيستي الشرقية الكلدانية وإرثها وليتورجيتها السريانية (الأرامية).

بيد أن الرد الذي كتبه إخوتي الشباب في أخوية مار بولس الكلدانية في السويد (رابط 1)  فرض علي ان ارد لما فيه من دفاع غير عادل عن الأوضاع الراهنة لكنيستنا الكلدانية في اوروبا عموما والسويد بوجه خاص ومن هجوم وانتقاد غير عادل لشخصي كشماس واستاذ جامعي.

وكأكاديمي ليسمح لي القارىء اللبيب ان اضمن هذا المقال بعض الدقة والموضوعية التي نتبعهما في كتابة البحوث العلمية وذلك لحساسية الموضوع وعدم إكتراث الذين يشملهم رغم النداءات المتكررة ولإنتقادات القاسية لأوضاع الكنيسة الكلدانية في اوروبا والسويد عل وجه الخصوص.

والدقة العلمية تتطلب قبل كل شيء اتباع منهج رصين ومحدد للحصول على أكبر قدر ممكن من الموضوعية في الطرح وشرح كيفية الوصول إلى ذلك للقارىء. وكذلك يجب أن يقدم الكاتب قدرا لا بأس به من المعلومات عن نفسه للقارىء, الأمر الذي سأعرج عليه في نهاية المقال.

المنهج

قامت اللجنة المشكلة في يونشوبنك لمتابعة تنفيذ التعليما ت التي وجهها نيافة مطران الكاثوليك في السويد مؤخرا(رابط 2) بإجراء مقابلات شفوية ومن خلال الهاتف مع عدد من الكاثوليك الكلدان في ارجاء السويد وتحدثت اللجنة مع بعض الكهنة الكلدان. وراجعت اللجنة بعض المستندات لدى مجالس الخورنات. وهكذا تستند الحقائق في هذا المقال على المقابلات والوثائق اضافة إلى الهوامش الملحقة (1-6) والتي تتكون من الرسائل المتبادلة بين كاتب المقال وأخوية مار بولس الكلدانية في السويد. وهناك روابط تمكن القارىء من العودة الى المصادر المشار إليها (1-7).  لنبدأ اولا بذكر نماذج محددة من المخالفات المالية وغيرها في السويد خاصة وأوروبا عامة.. وبعدها نعرج على الوضع العام في اوروبا, ومن ثم نناقش رد أخوية مار بولس وننهي المقال بخاتمة لزيادة التوضيح.

ونوجه  عناية القراء الكرام أننا (كاتب المقال واللجنة) على إستعداد لإثبات هذه المخالفات بواسطة الشهود الذين تحدثنا إليهم والوثائق قسم منها في حوزتنا وقسم أخر نحن على إطلاع عليه وفي الإمكان وضعه في متناول اي لجنة تحقيقية تحت طائلة القانون.

نماذج محددة من المخالفات (السويد)

- قال اولياء امور تلاميذ التناول الأول في مدينة شوبنك انه تم استيفاء مبلغ الف كرون من كل تلميذ دون منحهم وصل بذلك. أين ذهب المبلغ؟ قد تقولون إنه هبة! ولكن الهبة غير الزامية,  ويفضل ويستحسن ان تودّع, حسب تعليمات الأسقف, في صندوق الكنيسة او الخورنة. والهبة لا يجوز ان تصل الى هذا المبلغ الكبير والمتساوي في نفس الوقت ومن أناس مختلفين.

- تقولون في رسالتكم لي (هامش 2) عن المبالغ التي يتم جمعها عن الروزنامات المحلية ما معناه باننا نحن الكلدان نعلم ومن خلال الكهنة أين تذهب وارادت الروزنامات المحلية وأن القس بول ربان يبلغ بذلك كل مرة . ومن خلال التحري الذي أجرينا ظهر ان لا القس ربان ولا غيره من الكهنة الكلدان في السويد في حوزته وصولات رسمية تبين المبالغ التي استلمت وأين ودعت.

- كان يتم استيفاء مبالغ تصل إلى 500 كرون سويدي عن الوثائق الكنسية ومبالغ عن الخدمات الكنسية الأخرى والتي يجب ان تكون مجانية حسب توجيهات سيادة المطران.

- تم صرف مبالغ كبيرة من مال الكنيسة على تأثيث شقق بعض الكهنة وصرف مبالغ أخرى على أمور شخصية من خزينة الكنيسة.

- تستخدم الفيزا كارت العائدة للكنيسة والتي في حوزة الكهنة احيانا لأغراض شخصية. وستقوم اللجنة بالكتابة بصورة رسمية الى المطرانية والطلب منها إما سحب كارت الفيزا او اصدار تعليمات تضع حدا لهذه المخالفات وتحاسب المقصرين.

نكتفي بهذا القدر وننتقل الى اوروبا

نماذج محددة من المخالفات (اوروبا)

- منذ حوالي اربع سنوات يتم جمع ريشيثا اوجزية من معظم الخورنات الكلدانية في اوروبا. وبإسم الشفافية, نطالب بالكشف عن هذه المبالغ وكيفية صرفها؟

- اصبحت اوروبا ملاذا لكل من يترك رهبنته او ديره او خورنته ومعظم الأحيان دون برأة ذمة مما خلق مشاكل عويصة للذين يشغلون اماكنهم.

- ظهور كراريس للصلوات الطقسية غير مرخص بها من قبل السنودس. ففي السويد مثلا هناك ثلاث كراريس مختلفة من وضع وترتيب القس فلان بن فلان. ففي كنيستنا مثلا هناك كراس صلاة الموتى يفرض على الشمامسة رغم الأخطاء الفظيعة التي فيه. وغالبا ما يحدث ان يتم ترتيل صلاة مخصصة للرجال بينما المتوفي إمراءة. يا للهول!. هل هذه هي كنيسة مار ادي ومار شمعون بر صباعى ومار أفرام ومار نرسيي ومار باوى ...؟

- وصل التسيب والفلتنان في اوروبا لدرجة ان يضع كاهن اسمه او صورته على الرزنامة الطقسية وكأن كنيستنا غير هرمية ليس فيها بطريرك ولا مطارنة.

ومع كل هذا, تنفي اخوية مار بولس وجود مخالفات وتتهمني وكتاباتي بعدم الصدقية لجر القارىء للإعتقاد وكأن "الكنائس الكلدانية ... بها إعوجاج", المرادفة التي اقتبستها من رد الأخوية في عنوان هذا المقال.

وأتي الأن الى ردكم المنشور في عنكاوا كوم (رابط 1)

رد على أخوية مار بولس

ردكم (رابط 1) فيه الكثير من التجني والدفاع دون وجه حق عن مخالفات لا يقبل بها كل غيور على كنيسته. وهذه بعض الأدلة:

- قد لا تعلمون عن خلفية الإتصالات بيني وبين سيادة المطران ولكن عندما أخبرته ببعضها وقسم منها منشور (رابط 4-7) قال بالحرف الواحد "هذه مأساة... كنا نشك بحدوث مخالفات ولكن لم نتصور أنها قد وصلت الى هذه الدرجة". وبناءا على ما كتبته وعلى الإتصالات بيننا (وفي الإمكان  الإطلاع على ذلك من نيافته) نشر هذه التعليمات خطيا وطالب تنفيذها بحذافيرها.

- تقولون هذه ليست جديدة. نعم ليست جديدة بالنسبة للكهنة الذين كانوا على علم بها منذ سنين ولكن لم يعملوا بها ولم يبلغوا عنها. أنا شماس ومشرف على نشاطات خورنة يونشوبنك الكلدانية وأصبح لي تسع سنوات في السويد ولم أكن أعلم عن وجودها. وكانت بمثابة مفاجأة كبيرة  لكل المنتمين للكنيسة الكلدانية. ومنذ صدورها لم ينقطع الطلب على نسخ منها بالعربية والسويدية من خورنات كلدانية من مختلف مناطق السويد.

- تقولون انها وضعت في لوحة الإعلانات في خورنتكم. قولوا لي بالله عليكم باي لغة وضعتموها؟ ولماذا لم تقرأ في الكنيسة؟ ولماذا لم توضع النسخة العربية إن كانت موجودة في موقعكم والمواقع الكنسية الأخرى؟ ولماذا لم توزع على ابناء الخورنة؟

- كل المراسلات بيني وبينكم موجودة في الهوامش الملحقة بهذا المقال (1-6). لم استلم منكم "ردودا شبيهه". ولم أطلب منكم على ألإطلاق نشر مقالاتي في موقعكم. ولم أعد بالرد عليكم.
 
- لم أقل لكم (1-6) أنني لا اتقن السويدية. قلت انا أقرأ السويدية. ما قلته هو أنني مازلت في حاجة الى تطوير ملكة الكتابة. وكلغوي أقول الكتابة والقرأة ملكتان لغويتان مختلفتان.

- حاولتم في احد رسائلكم (هامش 2) مقارنة ما يحق لنا ككاوثليك وما يحق لغيرنا. لن أدخل في تفاصيل ذلك. ولكن اي مقارنة مع الكنائس الشقيقة في السويد ومعظم اوروبا تجعلنا نحن الكلدان في الحضيض. ولدي مقارنات كثيرة بين كهنتنا وكهنتهم, وماليتنا وماليتهم, وكنائسنا وكنائسهم, وقاعاتنا وقاعاتهم, ونشاطاتنا ونشاطاتهم, والتزامنا باللغة الأم وتراث كنيسة المشرق والتزامهم, وشمامستنا وشمامستهم ... الخ.

- الترجمة التي ظهرت في المقال الذي كتبته (رابط 2) ترجمة امينة  وحصلت على موافقة لا بل بركة وشكر نيافة المطران. ولم أنشرها إلا بعد استلامي موافقة نيافته الخطية بذلك.

الخاتمة

تطلبون مني "عدم التلاعب بالعنوانين باسلوب صحفيين من الصحف الصفراء بادعائك الباطل". على من ينطبق قولكم هذا أيها الشباب؟ هل يتهم صحفي كان مديرا لمكتب رويترز لسبع سنوات وكاتبا معتمدا في اسوشيتت برس لثلاث سنوات وأستاذ لغة وإعلام في واحدة من ارقى الجامعات الأسكندنافية بأنه "صحفي من الصحافة الصفراء." هل يتهم كاتب عمود اسبوعي في واحدة من أشهر الصحف العربية  وعضو في هيئة تحرير اكثر الصحف العراقية انتشارا هكذا؟

هل يتهم صاحب كتاب "استراتيجيات السلطة في الإعلام" والذي تناوله الإعلام السويدي والدولي بالنقد والتحليل هذا الإتهام الباطل؟ هل يخاطب استاذ يقترب من الستين من عمره وصاحب, لا أقول نظرية, بل منهج جديد لتحليل النصوص الإعلامية, بهذا ألسلوب؟ هل تعلمون كم هي الجامعة التي يعمل فيها فخورة بهذا المنهج؟ لقد دعت الجامعة كبار المحررين في الشبكات الإخبارية العالمية وكبار علماء الإعلام الى مؤتمر دولي في أكتوبر 1-3 لمناقشة الكتاب.

وعندما طلبت منكم إرسال نسخ من المداولات الرسمية بيني وبينكم (هامش 5), قلتم: " للاسف لم نحتفظ نحن ايضا باي نسخة ايضا بل مسحت مع المئات من الرسائل والردود التي تصل للاخوية بعد الانتهاء من ضرورة الاحتفاظ بها". فعلى ماذا اعتمدتم في ردكم؟ على الذاكرة؟ والذاكرة تخون الإنسان. ويبدو انها قد خانتكم كثيرا. 

أما عن موقفي من طلبكم السكوت على هذه التجاوزات, فهو موضح في رسالتي اليكم (هامش 6). ابشركم ان  اللجنة بدأت بالتوسع وستشمل قريبا معظم الخورنات هدفها تنقية الكنيسة الكلدانية في السويد من كل الشوائب. وفي نيتنا التوسع أكثر كي نظم التواجد الكلداني في كل اوروبا.

لأن الله هو صاحب الكنيسة فلا يجوز التغاضي او السكوت.  وقد عقدنا العزم الا نسكت بعد اليوم.



-------------------------------------------------------------------------------------

الهوامش

هامش (1)
Dear editors,
Could you please read this article which tackles the conditions of the Chaldean church in Europe and other issues. The writer will be very pleased to receive comments and criticism.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,299729.0.html 
Best regards
Leon Barkho

هامش (2)
hej
tack f&ouml;r s&auml;ndning av din artikel. vi som f&ouml;rening i n&auml;rheten av kaldeiska kyrkan hade vi &aring;sikter om delen det handlade om kyrkan i sverige.
vi tycker att din syn och &aring;sikt om kaldeiska kyrkan i sverige  beh&ouml;vde lite mer fakta och info specielt n&auml;r det g&auml;llde ekonomin i kyrkan . i varje kyrka finns det en redovisnings matrial som &auml;r obligatorisk och &aring;rlig &ouml;ppen f&ouml;r alla enligt katolsakakyrkans stadgar med kass&ouml;r och revisor detta finns i s&ouml;detelje g&ouml;teborg och eskilstuna . katolska kyrkan betalar inte reseers&auml;tning f&ouml;r alla resor som g&ouml;rs till st&auml;derna . i sverige finns tv&aring; kaldeiska kyrkor du gl&ouml;mde v&auml;l eskilstunas kyrkan st;ephrem som ryms f&ouml;r 300 pers. o. s.v . en fr&aring;ga till pr&auml;sten skulle du f&aring; svar om vart g&aring;r kalender pengarna som samlas varje &aring;r fdr paul s&auml;ger det varje g&aring;ng de som lyssnar vet det . Syrianer har l&auml;ttare att bygga kyrkor f&ouml;r att ortodoxa kyrkan till&aring;ter att kyrkorna f&ouml;rvaltar sina pengar och egendom i syfte att g&ouml;ra vinst allts&aring; t.ex.  att kyrkan bygger en festlokal till uthyrning men detta &Auml;R inte till&aring;tet i katolska kyrkan plus att syrianska folket bygger de kyrkona inte pr&auml;sterna . ingen pr&auml;st i sverige kan eller g&ouml;r s&aring; m&aring;nga resor som de tre kaldeiska pr&auml;ster g&ouml;r ABSOLUT ingen ,detta &auml;r bevisat.
st&auml;der som BARA fdr paul bes&ouml;ker  Eskilstuna, k&ouml;ping, v&auml;ster&aring;s, sandviken,g&auml;vle,halsberg,kumla,&ouml;rebro,v&auml;llingberg, avesta. Snart FALUN, B&Ouml;RL&Auml;NGE.
 mvh
st;pauls kaldeiska ungdomsf&ouml;rening

هامش (3)
Many thanks for your letter.
 I read it with interest. It is just one of so many letters I have been receiving since the publication of the article. I welcome criticism with open arms because the intention is to generate a live debate about the Chaldean church particularly in diaspora.
 Of course I disagree with your suggestion about authorized accounting and auditing with regard to the Chaldean mission.  But I will not go into details right now.
 And as for the church in Eskilstuna, it is not church’s private property. It is rented the way you rent a flat.
As for the issue of calendars, the story is totally different from what your letter says. But I am not going to reveal it now.
 Once I settle down I will tabulate the responses, among them yours, and respond to them, with evidence, in another article.
 Meantime, I thank you so much for your letter and would be pleased to read more of your reaction.
 And finally, apologies for responding in English. My reading skills in Swedish are fine but I still need to improve my writing skills.
 With all the best wishes,
 Leon
هامش (4)
إخواني الاعزاء في اخوية مار بولس الرسول 
فرحت جدا بنشر الرد على الخبر الذي كتبته في عنكاوا كوم. إنه دليل على حرصكم وغيرتكم على الكنيسة.   
لدي طلب بسيط:   
هل في الإمكان إرسال نسخة من رسالتكم لي وردي عليها حيث, ولسب ما, لم افلح في استردادهما من جهاز الكمبيوتر رغم محاولاتي الكثيرة.   
وسأكون شاكرا
ليون برخو
هامش (5)
الى العزيز الاستاذ ليون
للاسف لم نحتفظ نحن ايضا باي نسخة ايضا بل مسحت مع المئات من الرسائل والردود التي تصل للاخوية بعد الانتهاء من ضرورة الاحتفاظ بها  ونحن تجاوزنا الموضوع حتى نشرك لمقالتك وتجاهلك لردودنا فرأينا انه من الواجب الرد على نفس المنبر,,بالنسبة للاخوية نعتقد انه من المؤسف جدا ان يكافح بعض الشباب والمسيحيين الكلدان لجذب شبيبتنا الكلدانية في غربتنا الى كنيستنا بكل الوسائل وللحفاظ على تراثنا وايماننا ونجابه بهجوم من بعض شخصياتنا الكلدانية لاحباط الهمم وتشويه وجه كنيستنا بل والتشيهر بابائنا الكهنة علنا وننظر بعين من الحسرة الى ابناء الاديان الاخرى الذين بغيرتهم لا يتجرئ حتى الاوروبيون على انتقاد رموزهم اتمنى ان تفكر بالشباب الذي سيبني مستقبلا هنا في السويد والذي نتمنى ان يكون لكنيستنا الكلدانية دور في حياتهم. فبدلا من التشهير حبذا لو كان هنا تشجيع والعمل المشترك لان الكنيسة هي نحن وليست الكهنة فقط او البناية..لا تزعل منا استاذنا العزيز اسلوبك في المقال كان حجر عثرة للشبيبة ولكل من يحتاج الكنيسة وان اخطأ احد العاملين في الكنائس لا يجب ان نشهر امام الملأ به وان كان هناك اثباتات وادلة وفساد جسيم نرجو تقديمها لسيادة المطران مباشرة لتصحيح الخطأ لأنه من المنطقي ان  رأيت مالا يعجبك في بيتك ان تصححه بنفسك لانه بيتك وليس صحيحا الذهاب للجيران للشكوى فالكنيسة بيتنا وان راينا خطأ فيها نصححه في الكنيسة وبايمان مطلق ان المسيح يحمي كنيسته..نحن شاكرين لك مخاطبتنا والمسيح يسوع يساعدنا جميعا معا لنصرة كنيسته الجامعة لمجده ...امين
ادارة الاخوية
هامش (6)
اعزائي في اخوية مار بولوس
شكرا لردكم ولكنني حصلت من خلال السيرفر الجامعي على المراسلات التي دارت بيننا. وحزنت كثيرا لأن في ردكم كثير من التجني على الحقيقة ... ولكن انتم احبائي وبمثابة اولادي.
ٍسأرد عليكم من خلال الإعلام لا لكي ابري ساحتي ولكن لتنقية الكنيسة من الفساد. كل غيور على كنيسته لا يمكن ان يسكت على المخالفات الكبيرة التي تحدث في اوروبا لا سيما السويد. السكوت عن هذه المخالفات هو بمثابة المشاركة فيها.
وسأقدم وثائق دامغة عن هذه الممارسات مع هوامش لما دار بيننا من المراسلات ومقارنته بردكم المنشور.
كل هذا من اجل انقاذ كنيستنا الكلدانية التي حقا تمر الأن بأزمة حادة.
ليون برخو


الروابط

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,317148.0.htm    1.
 

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=315801.0   2.     

 http://www.ishtartv.com/news,8245.html  3.   

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,299729.0.html4.     

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,305956.0.html    5. 

http://www.ishtartv.com/articles/print-artcl.php?id=2259      6.

http://www.ishtartv.com/articles/print-artcl.php?id=2161      7.

264
لا فض فوك يا مطران كركوك
   
عندما يتكلم العلماء غالبا ما يصغي الأخرون الى ما يقولونه. فعندنا في السويد مثلا قلما تصدر الحكومة او البرلمان قرارت ذات شأن إن لم تدرس بدقة من قبل مراكز البحث في الجامعات  التي يقودها العلماء.

والشعوب والحضارات تدخل طور الإنقراض لا بل تندثر عندما تهمل ما يقول به العلماء وتتشبث بالقال والقيل الذي أصبح اليوم, ومع ألأسف الشديد, الواجهة التي يهيمن بواسطتها غير العلماء على مقدرات شعبنا المسيحي بتسمياته المختلفة في العراق والشتات.

  هل إنتهت عندنا الطاقة الخلاقة لدرجة اننا اصبحنا تحت رحمة اصحاب "القال والقيل" حتى لو كان الأمر يتعلق بمصير شعب كان يوما رائد الحضارة والثقافة في الشرق وأوصل رسالته ومسيحيته وتراثه وحضارته الى الهند والصين؟

كنت على شفا اليأس من مصير شعبنا بيد ان المقال الذي كتبه عالمنا البارز المطران لويس ساكو ادخل بعض الأمل في قلبي وجعلني أثق ان الطاقة الخلاقة عندنا ليست في طريقها الى الزوال.

امران مهمان إستوقفاني في مقاله الذي يظهر فيه نيافته سعة اطلاع ومقدرة نادرة وعلم غفير. ومن له أذنان فليسمع:

"التسميات الكنسية الحالية حديثة نسبيا: الكنيسة الكلدانية والكنيسة الأشورية"

هذا التصريح من واحد من ابرز علماء الكنيسة الشرقية وفي هذا الوقت بالذات يضعنا نحن المثقفين امام مسؤوليات كبيرة تجاه شعبنا الذي أدخل غير العلماء في عقله إننا احفاد اشور ونبوخذنصر  حيث أخذ الكثير منا بالقفز فوق وعلى التاريخ والإرث السرياني والأرامي الذي يجمعنا وأسقطونا في احضان شعوب لم تتكلم لغتنا ولم يكترث اجدادنا بهم ابدا.

وكلغوي أقول  لم تكن السريانية (الأرامية) لغة أم لدى الأشوريين القدامى. ولم تكن ايضا لغة أم لدى الكلدانيين (البابليين) القدامى. ولكن كان على الإمبراطوريتين ان يستخدما مترجمين وكتاب اراميين في بلاطيهما, لاسيما في الالف الأول قبل الميلاد لأن الأرامية, كما يقول اسقفنا العالم, كانت لغة التجارة والإتصال والسياسة كما هو حال الإنكليزية اليوم.

لو كان هولاء القوم يتكلمون الأرامية لما احتاج علماء الأشوريات الى عشرات السنين من البحث والتنقيب والتأليف والتمحيص لفك رموز اللغة الأشورية, لكنا نحن من قام لهم بذلك. وما زال   علماء الأشوريات لحد هذا اليوم, على حد علمي, لم يفحلوا في وضع قاموس شامل لمفردات هذه اللغة. لماذا لم يستخدموا قواميسنا؟

لو كان هولاء القوم يتكلمون الأرامية, لكان بمستطاع اشقائنا في معلولة في سوريا فك طلاسم اللغة الأشورية بسهولة ولكان المتعلمون بينهم يتبؤون الأن كراسي الأستاذية في الأشوريات في ارقى جامعات العالم.

هذا ليس رأيي الشخصي, بل يشاركني فيه علماء كبار. وتراودني خاطرة حدثت لي شخصيا عندما كنت اتحدث في معهد الإستشراق في جامعة زوريخ في سويسرا في قاعة كبيرة مكتظة بالأساتذة والطلبة عن التعصب لدى العرب والمسلمين ومقارنته بالتعصب لدى الأوربيين المسيحيين.

وحالما انتهيت من الحديث إنبرى احد الأساتذة من الحاضرين, لا أتذكر اسمه لكنه قال انه يدرّس الإستشراق في سوربون, قائلا: "لماذا لم تذكر التعصب عند بني قومك المسيحيين ... إنكم تتقاتلون على اشور ونبوخذنصر ... ووتتعصبون للأشورية والكلدانية  القديمة حد الأقتتال  والممات وليس هناك دليل لغوي وعلمي انكم احفادهم."

وعليه اقول اولا لإخواني الكلدانيين, وانا واحد منهم, ان يكفوا عن ذكر الكلدانيين القدامى وحكامهم وملوكهم وتاريخهم للدلالة على القومية الكلدانية. انا ككلداني لا يشرفني ان يكون هولاء اجدادي. ولكن لي كل الشرف ان انسب الى افرام ونرسي وشمعون برصباعي ويعقو وبهنام وهرمز وحنين وسركيس ...

وللكتاب الكلدانيين اقول اتركوا ساحة التاريخ والقومية والحضارة واللغة لأصحاب الشأن. كنيستنا الشرقية الكلدانية فيها من العلماء والمؤرخين واللغويين لهم من المؤلفات ما يجعلهم في صدارة التاريخ كعلم. وكتبهم هي الأن من امهات المصادر في تاريخ ونشاة كنيستنا وشعبنا ولغتنا. وأذكر هنا البطريك الكلي الطوبى عمانوئيل دلي وأطروحته التي نال بها شهادة الدكتوراة والتي تعد الأن اهم مصدر في هذا المجال. وكذلك يجب الا ننس القس البير ابونا, الذي صارت كتبه (اكثر من 60 كتابا حتى ألأن) مصدرا ليس لتاريخ شعبنا وكنيستنا بمختلف اسمائهما بل للعراق أجمع.

ولإخواني الأشوريين اقول علينا جميعا ان نحكم للعقل والحجة وان لا نقفز فوق تاريخ ولغة وإرث شعبنا وننسب انفسنا لأناس لم يتحدثوا بلغتنا ولم يذكرهم إرثنا السرياني (الأرامي) المكتوب كونهم اجدادنا.

واذكرهم, لاننا شعب واحد, ان يكفوا عن الإستشهاد بالحجارة والكتابات الطينية والمنحوتات في المتحف البريطاني. بالطبع إن المعوروضات الأشورية ذات اهمية تاريخية بالغة, ولكننا مهما حاولنا لا نستطيع قراءة وفهم سطر من الكتابات التي عليها لأنها كتبت في لغة غير لغتنا كما بينا اعلاه.

وأذكرهم ايضا انه علينا ترك الساحة للعلماء من امثال اسقف كركوك كي نتعلم منهم. علينا ان نأتي الحجة بالحجة. التعصب لا يسعفنا ولا يفيدنا ابدا والقول ان البروفسور الفلاني او العالم الفلاني لا يفهم لأننا تعلمنا من حليب امنا اننا كذا وهكذا سنكون قول غير حكيم.

اما النقطة الثانية التي استرعت انتباهي في المقال تخص الفكر الراقي والمتنور الذي يبديه اسقف كركوك في قبول الطرف الأخر. لقد وجدت في هذه النقطة طريق الخلاص الوحيد لشعبنا. ففيها يقدم اسقفنا الجليل موقفا ناضجا بامكانه, لو طبقناه, ان ينتصر على موجات التعصب التي هبت علينا ومزقت شملنا.  لنقرأه مرة أخرى:

"... لا يزال أمامنا مجال لتوحيد التسمية بعيدا عن كل التأثيرات الخارجية ... بالامكان تبني مثلا تسمية موحدة  كالاراميين أو سورايي، أو كلدانيين  أو اشوريين أو السريان. ما نحتاجه هو التوافق وهذا قرار بيدنا ... اتفاق معقول للتسمية وبشكل جماعي وليس فردي او فئيوي"

هذا هو القبول الحقيقي للأخر. هذا ما يمنحنا اياه اسقفنا ومثقفنا الكبير وعالمنا الشهير لويس ساكو. ويبقى سؤال أخير:

هل يستطيع الطرف الأخر اعتماد خطاب اسقف كركوك. انني لم أفاجا بمضمون مقاله. أنا شخصيا اعرف نيافة المطران منذ الصبا. والطريقة التي يقبل فيها الأخر لا تصدر الا عن رجل دين استوعب تعاليم ربه يسوع المسيح وحمل الام شعبه باسمائه المختلفة.

الكرة الأن في ملعب الطرف الأخر. هل سنسمع او نقرأ خطاب مماثل يصدر من رجل دين نظير لساكو؟


ليون برخو
Leon.barkho@ihh.ih.se
أستاذ اللغة والإعلام
جامعة يونشوبنك
السويد


265
مطران الكاثوليك في السويد يصدر تعليمات جديدة لوضع حدّ للمخالفات في الكنائس الكاثوليكية

الشماس ليون برخو

أصدر نيافة المطران أندرش أربوريليوس الراهب, مطران الكاثوليك في السويد, دليل عمل يعرض فيه الواجبات والحقوق التي يتمتع بها الكاثوليك الشرقيين في السويد لوضع النقاط على الحروف لا سيما فيما يخص الأمور المالية .

ويأتي الدليل استجابة للمقالات التي نشرتها بعض المواقع الالكترونية تظهر وجود مخالفات للقواعد المتبعة في الكنيسة فيما يتعلق بمالية الكنيسة الكلدانية في اوروبا عموما والسويد في وجه خاص.

ورغم ان الدليل موجه للكنائس الكاثوليكية الشرقية عامة , فإن صدوره يعد استجابة مشكورة من نيافته لهذه المقالات والإستفسارات والشكاوي التي تلقاها من ابنائه الكاثوليك لاسيما الكلدان.

وحسب التعيلمات الجديدة لايحق لأي كان, مهما كانت صفته ودرجته الكنسية, استيفاء اية رسوم عن كل الخدمات الكنسية ومنح الاسرار والوثائق الكنسية مهما كان نوعها من الأعضاء في الكنيسة الكاثوليكية.

اما بخصوص الهبات فإنها طوعية تماما وغير الزامية على الإطلاق ويفضل ويستحسن ان يضعها المؤمنون وحسب تعليمات نيافتة في الصناديق الكنسية للخورنة او الإرسالية.

لجنة متابعة في يونشوبنك

وبناءا عليه فقد تم تشكيل لجنة في مدينة يونشوبنك لمتابعة تنفيذ التعليمات هذه. وقد اتصلت اللجنة بالكهنة وظهر انهم كانوا على علم بهذه التعليمات منذ سنين ولم يتم قرأتها او توضيحها لجمهور المؤمنين.

وعليه تكون كل المبالغ التي استحصلت خلافا لتعليمات الأسقف غير قانونية بضمنها مبالغ الروزنامات المحلية وجباية الريشيثا او الجزية ورسوم الوثائق الكنسية وما الى ذلك.

ويحق لكل الذين يشعرون بغبن وقع عليهم جراء هذه المخالفات الإتصال بالمطرانية مباشرة حيث ان صدر الأسقف يتسع لكل الكاثوليك الشرقيين لا سيما الكلدان منهم حيث لهم مكانة خاصة في قلبه,كما عبر سيادته عن ذلك في اتصال هاتفي مع كاتب الخبر. ويمكن الإتصال بنيافته او الكتابة اليه بالدخول على موقع المطرانية على العنوان التالي:
http://www.katolskakyrkan.se/1/1.0.1.0/2/1/


Leon.barkho@ihh.ih.se

وفيما يلي النص العربي والنسخة الاصلية بالسويدية


أبرشية ستوكهولم الكاثوليكية
مطرانية هولمينز

دليل عمل الإرساليات الكاثوليكية الشرقية العاملة ضمن ابرشية ستوكهولم الكاثوليكية

نظرا لكثرة التسأولات التي وردت بخصوص أوضاع الكاثوليك الشرقيين في ابرشيتنا, أريد ان اوجز القوانين المرعية الموجودة حاليا وأمل انها ستوضّح الموقف. وأطلب من الكل احترام هذا الدليل وتنفيذه بحذافيره.

1. بما أن الكنائس الشرقية الكاثوليكية لا تتمتع بإستقلالها الذاتي في السويد, فان كافة الكاثوليك الشرقيين وبضمنهم كهنتهم يقعون ضمن سلطتي كأسقف أبرشية ستوكهولم الكاثوليكية.

2. وضمن ابرشية ستوكهولم الكاثوليكية هناك منصب مؤقت لإدارة شؤؤن الكنائس الشرقية الكاثوليكية الذي يشرف عليه النائب الأسقفي الخوري ماتياز كراهام من الرهبنة البندكتية. يرجى الإتصال به في حالة وجود اسئلة تخص مختلف المسائل.

3. ومن الطبيعي ان يتبع كل الكاثوليك الشرقيين كنائسهم والطقوس الخاصة بهم ولهم كل الحق في الحفاظ على تقاليدهم وطقوسهم وروحانياتهم.

4. وكذلك فإن كل الكاثوليك في السويد وبضمنهم الكاثوليك الشرقيين يتبعون الأبرشية الأقليمية ذات الطقس اللاتيني حيث هم مسجلون. وعليه فإنه من الأهمية بمكان التأكد من كونهم مقيدون في السجلات.

5. والتسجيل يعني أنهم يدفعون الرسم الكنسي من خلال مصلحة الضرائب لأبرشينتا (الرسم لا يشمل الذين يتقاضون معاشاتهم من الخدمة الإجتماعية). وهذا يعد التزاما أخلاقيا لكل الكاثوليك بمختلف طقوسهم اذ عليهم مساندة كنيستهم من خلال هذا الرسم. اما الذين يمرون بضائقة مالية فبإمكانهم طلب الإعفاء من الرسم.

6. ويحق لكل الذين قد سجلوا اسمائهم في القيد الكنسي الحصول على كل الأسرار والخدمات الكنسية مجانا بضمنها الوثائق الكنسية مثل شهادات العماذ, والزواج (مطلق الحال) والوفاة. وعلى الكهنة إدخال كل هذه النشاطات الكنسية في السجلات وبضمنها اسماء العرابون عند الزواج. وأما الذين يودون منح هبات فيفضل إداعها في الخورنة او الإرسالية, بيد أن منح الهبات أمر طوعي تماما.

7. يدفع غير المسجلين من الكاثوليك رسما لا يتجاوز 2500 كرون عند الدفن والجناز ويعتمد هذا على الأوضاع الرعوية.

8. على كل إرسالية إرسال حساباتها إلى الدائرة الأسقفية الكاثوليكية لغرض التدقيق.

9. والكاثوليك الشرقيون ملزمون عقائديا المشاركة في قداس الأحد حسب الطقس اللاتيني في حالة عدم امكانية مشاركتهم في قداس حسب طقوسهم وليتورجيتهم.

ستوكهولم في 15 حزيران 2009

المطران أندرش أربوريليوس الراهب (كرملي)



الروابط:

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,299729.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,305956.0.html
http://www.ishtartv.com/articles/print-artcl.php?id=2259
http://www.ishtartv.com/articles/print-artcl.php?id=2161

266
هذا يوم مجيد لم يأت بمثله تاريخ الكلدان السريان الأشوريين المعاصر

منذ تشرذمنا إلى طوائف وتسميات وقوميات ومذاهب مختلفة في القرون الثلاثة أو الأربعة الماضية لم يثلج صدرنا شيء مثل اعتماد التسمية الموحدة – الكلدان السريان الأشوريون. هذه القرون المظلمة كانت مليئة بالأخبار السيئة لدرجة ان الواحد منا كان يشتم الأخر من بني طائفته بتعيره باسم الطائفة او المذهب الأخر.

فإنني ككلداني  لم يحدث ان شعرت يوما ان ابواب القومية واللغة القومية والحضارة والإرث القومي قد إنفتحت على مصراعيها امامي مثل اليوم, وما على اشقائي الكلدان السريان الأشوريين إلا الدخول فرحين إلى السهل الخصب الجديد لننهل منه جميعا.

وكمختص بعلم اللغة والإعلام أقول لإخوتي من الكلدان المعارضين إننا الثلاثة نشترك في لغة قلما حدث في التاريخ أن جمعت شعبا أخر كما تجمعنا اللغة السريانية.  وكشماس ملتزم في الكنيسة الكلدانية أقول أن كتاب ܛܟܣܐ ܕܣܘܪܥܥܐ ܡܕܢܚܥܐ الذي أحمله والعائد إلى كنيستي الكلدانية هو ذات الكتاب الذي أحمله معي عند مشاركتي الصلاة مع إخوتي في كنيسة المشرق القديمة وكنيسة المشرق الأشورية. فلا فرق بينهما إلا بحجم الحروف. وأخذته معي مرة إلى الكنيسة السريانية ومقدار الشبه بينهما كان مثار دهشتي لا سيما عندما أنشدنا كلنا سوية ܠܟܘ ܡܪܐ ܕܟܠܐ ܟܘܕܥܢܢ ومن ثم عندما بدأ الجميع بإنشاد رائعة مار شمعون برصباعي ܐܦܢ ܫܠܚܥܬܒܘܢ ܢܚܬܥܟܘܢ ܗܢܘܢ ܒܪܐܥܐ. اما الرزنامة الطقسية فتكاد تكون متشابهة.

هذه اللغة السريانية (الأرامية) العظيمة كانت تلعب منذ حوالي منتصف الألف الأول قبل الميلاد وإلى حوالي القرن الثامن بعد الميلاد دورا يشبه الى حد كبير الدور الذي تلعبه اللغة الإنكليزية اليوم كلغة العلم والمعرفة والإتصال. ألم يبشر ويتحدث يسوع المسيح العبراني المولد واللغة بهذا اللسان الرائع كي يوصل بشارته إلى العالم؟

وهذه الفترة المجيدة من تاريخنا انجبت لنا من العلماء والكتاب ما لا تسعه صفحات موسوعة كبيرة لدرجة ان كثيرا من المؤرخيين واللغويين في العصر الحديث يعترفون أنه لولا اللغة السريانيية والناطقين بها من اجدادتا العظام لافتقدت البشرية اليوم جزءا كبيرا من تراثها.

ونحن الكلدان دفعنا ثمنا كبيرا اكثر من اشقائنا الأخرين بسسب التشرذم  والإختلاف. علينا ان نقول بشجاعة اننا خسرنا الهند, تاج كنيسة المشرق, بينما للأشقاء الأخرين لا زال تواجد ملحوظ هناك, وخسرنا مناطق شاسعة أخرى, ونحن الان على شفا خسارة لغتنا السريانية حيث استبدلتها الكثير من كنائسننا بالعربية او لغات أخرى. لا بل وصل الأمر أن يحارب البعض منا اللغة القومية.

فبدلا من التشبث بلإسم من اجل الإسم فقط,  لنضع يدنا في يد اشقائنا وننهض سوية كي نجنب أنفسنا كارثة "هند" جديدة تأتي على الأخضر واليابس. ولهذا أقول بملىء فمي اليوم: "أنا كلداني سرياني أشوري".

ولتحيا الأمة الكلدانية السريانية الأشورية.

ليون برخو
Leon.barkho@ihh.ih.se
أستاذ اللغة والإعلام
جامعة يونشوبنك
السويد


267
وسن مروكي تحصل على شهادة الدكتوراة من معهد كارولينسكا السويدي



منح معهد كارولينسكا السويدي شهادة الدكتوراة لوسن مروكي عن اطروحتها الموسومة "تقييم وتحديد الأهداف العلاجية في نماذج الأورام السرطانية الرخوة" بعد مناقشة حامية اشترك فيها اربعة من ابرز الاختصاصيين في العالم في الاورام السرطانية.

وبعد المناقشة التي استمرت اكثر من ثلاث ساعات ومداولات سرية بين الاختصاصيين, دخل البروفسور ستيفان  ايمره الى قاعة الإنتظار حيث كان والدا وسن وجمع غفير من الأصدقاء بينهم الدكتور ليون برخو, استاذ اللغة والإعلام في جامعة يونشوبنك السويدية, على احر من الجمر لاستماع  القرار الذي اتخذه الممتحنون.

وهاجت القاعة بالهلاهل والتصفيق عندما اعلن البرفسور استيفان منح وسن شهادة الدكتوراة. وعلا التصفيق والهلاهل عندما اردف قائلا: "واضافة الى شهادة الدكتوراة قررنا اعتبار اطروحة وسن واحدة من افضل عشرة اطروحات اعدت في معهد كارولينسكا."

ويعد معهد كارولينسكا واحد من اكثر المؤسسات العلمية تطورا في العالم. فمبروك لشعبنا الكلداني الاشوري السرياني هذا الإنجاز العضيم.

 ان الإنجاز العلمي الرائع الذي حققته الدكتورة وسن يذكرنا بارثنا السرياني الأرامي العلمي الذي بزّ فيه اجدادنا من امثال حنين بن اسحق العبادي وجورجيس بن بختيشوع البطريق وقسطا بن لوقا وإسحق الدمشقي وعيسى بن نسطور وشمعون الراهب وابن العبري وغيرهم كثيرين كانو يمثلون شعبا ولغة وحضارة موحدة شملت كل ارجاء الشرق الأوسط لقرون عديدة.

ليكن الإنجاز العلمي الذي حققته الدكتورة وسن حافزا لكل ابناء شعبنا بتسمياته المختلفة للبرهنة اننا اصحاب حضارة عضيمة وذلك من خلال حث الشباب على ضرورة النهل من العلم مهما بلغ بعده واننا لن نقبل ان نغدوا شراذم التاريخ رغم ما حلّ بنا من مأسي.

والدكتورة وسن انسانة ورعة ولها حضور مكثف في نشاطات كنيستها الكاثوليكية الكلدانية. ومما تجدر الإشارة اليه أن الدكتورة تقتبس من الأنجيل ايات محددة وكذلك من المزامير في اطروحتها لتنير دربها العلمي.


نادي الكلدان
يونشوبنك
السويد





268
ملاحظات على المقابلة الصحفية مع المعاون البطريركي الكلداني

الإعلام سيف بتار وفي الإمكان استخدامه لأغراض شتى منها اضهار الحقيقة او إخفائها. وأخطر ما يواجه البشرية هو عندما يقع هذا السيف بيد لوبي او مجموعة متناسقة من ذوي النفوذ والجاه. عندئذ يصبح اداة لتنفيذ مأرب خاصة بغض النضر عن كونها شرعية ام لا.

بالطبع هذا لا ينطبق على اعلامنا الكلداني الأشوري السرياني لضيق ومحدودية نطاقه اولا ومن ثم لانحسار دورنا كشعب وتشرذمنا, رغم قلة عددنا, الى طوائف ومذاهب وقوميات وتسميات كثيرة.

رغم ذلك لعب هذا الإعلام دورا كبيرا في توعيتنا الثقافية والحضارية وقربنا الى بعضنا وجعلنا في متناول عدد لا بأس به من المواقع الإعلامية والإلكترونية الرصينة التي دخلت بيوتنا لا بل احتلتها في كثير من الاحيان. وكم كانت فرحتي عارمة عندما وقع بصري على عنكاوة كوم كمصدر في وكالة رويترز التي كنت يوما احد صحفييها البارزين ومنها انتقلت الى الأسوشيتدت برس قبل ترحالي الى السويد وانضمامي الى مركز الدراسات الإعلامية في جامعة يونشوبنك الذي يعد الأن الأول في العالم من حيث الكفاءة العلمية لمنتسيبه واهمية منشوراته وعلاقته مع الشركات ورجال الأعمال والصحافة المرئية والمسموعة والمقروءة في العالم.

والمقابلة الصحفية احد الأركان الأساسية في منهاج مركزنا وسأركز هنا على بعض من الآساسيات واتخذها مدخلا لاجراء تقييم علمي للمقابلة الأخيرة التي اجراها السيد فادي كمال يوسف مع سيادة المطران شليمون وردوني, المعاون البطريركي للكنيسة الكلدانية, مازجا بين خبرتي كصحفي واستاذ في اللغة والإعلام.

مقابلة عنكاوا كوم مع المطران وردوني

في البدء اود ان اهنىء السيد فادي ومعه عنكاوة كوم. السبب بسيط. الإثنان حققا ما يصبوا اليه اي صحفي او اية مؤسسة صحفية الا وهو "السبق الصحفي." فبعد سنودس الكنيسة الكلدانية وما اثاره بيانها العام والذي الحقته بعد عدة ايام ببيان رعوي كنا جيمعا في لهفة وشوق لسماع رأي الكنيسة للإنتقادات التي وجهت للبيانين وما صدر من تأيد واستنكار لهما في اعلام شعبنا. والمقابلة اثارت اهتماما كبيرا وتناولها بالنقد والتحليل الأستاذ انطوان دنحا الصنا في مقال رائع يستند على اقتباسات منها ومقارنتها مع ما قاله المطران وردوني في مقابلات سابقة واتحفنا برابط لكل مقابلة سابقة معه. وبعده تناولها الأستاذ كامل زومايا في مقال بديع حاول فيه قراءة ما بعد السطور.

والأن اتى دوري كأكاديمي عسى ولعل ازيد بعض االشيء على ما اتى به الأستاذان الفاضلان. ففي الكراس الخاص الذي وضعته لمنهاج طلبة الإعلام في جامعتنا, صحفيي المستقبل في السويد, اذكر عدة قواعد للمقابلة الصحفية الناجحة منها .....

1. على الصحفي قراءة ما يمكن قرأته من المقابلات السابقة مع الشخص المراد مقابلته.
2. على الصحفي قراءة المقالات التي كتبت عن الشخص او المنظمة التي يمثلها
3. على الصحفي ان يصف للقاريء كيفية اجراء المقابلة واحداثياتها
4. على الصحفي ان لا يهاب الشخص المراد مقابلته
5. على الصحفي ان لا يكتفي بإثارة فقط الأسئلة التي يرتاح لها الشخص المراد مقابلته
6. على الصحفي استشارة المحررالمسؤول عن الأسئلة التي يود اثارتها كي يضمن اكبر قدر من المساحة للنشر.
7. يجب على الصحفي استثمار السبق والا تحول الى سبق في الزمن وليس المعلومة

هذه امور اساسية دونها تفقد المقابلة الصحفية دورها في اشباع رغبة القراء للمعلومة المفقودة. المقابلة كانت سبقا فريدا ولكن لم يجر استثمارها  من اجل الحصول على  المعلومة الصحفية الفريدة.  ولهذا ارى ان المقابلة لم ترو ضمأنا عما نريد معرفته عن الكنيسة الكلدانية وهكذا لم تفلح, رغم السبق الذي حققته, في استثمار المعلومة الصحفية استثمارا صحيحا عن شقين مهمين من التسأولات,  الآول يخص الأمور المالية والثاني يخص العلاقة بين المذهب والقومية.

الشق المالي

لا نعرف إن كانت المقابلة اجريت وجها لوجه او انها عبارة عن اجوبة مكتوبة لأسئلة محددة انتقيت من مجموعة اسئلة كثيرة ولا نعلم الاسئلة التي كان بود الصحفي اثارتها ولم تتم الإجابة عليها.  فمثلا كان بودي كقارىء وكمنتسب الى الكنيسة الكلدانية ان اعرف السبب الذي ادى بالسنودس الأخير الى الطلب من البطريركية والأبرشيات والخورنات الى تعيين محاسبين قانونيين ومسك الدفاتر بصورة صحيحة. ان هذا الأمر قد اثار وسيثيرعدة تسأولات منها:

ا. هل سيتم فتح تحقيق شفاف ومستقل بالممارسات المالية السابقة ام عفا الله عما سلف.

ب. كيف سيتم فصل الحسابات البنكية للكنيسة لا سيما تلك التي هي مسجلة باسم الكهنة او المطارنة. هذه مسألة خطيرة لا نعلم كيف ستتم معلالجتها. ولقد حدثت مشاكل هائلة بعد الوفاة حيث استولى الأقارب على ما يعود لله وما يعود لقيصر وخرجت الكنيسة بخفي حنين. والمبالغ ليست قليلة ويروى انها وصلت الى مئات الالاف من الدولارات وربما اكثر بكثير.

ج. واكثر ما يحزن ان هذه الأمور حدثت وما زالت قائمة في دول متطورة مثل اوروبا وامريكا. فعندنا في السويد الحساب البنكي للكنيسة الكلدانية في مدينتين مهمتين على الأقل هو نفس الحساب الشخصي للكاهن ينزل فيه راتبه ومخصصاته الشهرية كموضف في الكنيسة السويدية ولكن يستخدم بطاقة الإئتمان الشخصية للتعامل معه. اي ان مال الله ومال قيصر سيان.

د. هل سيتم وضع حد لكيفية التعامل مع الوثائق الكنسية التي حولها البعض الى مايشبه صكوك الغفران. فمثلا وصل عندنا في السويد سعر شهادة مطلق الحال الى 500 كرون سويدي, وهذا مبلغ هائل سيما وان الشهادة تنتهي صلاحيتها في ثلاثة اشهر وان معضم الكلدان هنا وفي اوروبا يعيشون على صدقات الضمان الاجتماعي التي بالكاد تفي بالمتطلبات المعيشية الأساسية. ولمعرفة الإجحاف الكبير الذي يقع على ابناء طائفتنا فان الحكومة السويدية المعروفة عالميا انها تفرض اقس الضرائب تتقاض اقل بكثير من هذا المبلغ عن اصدار جواز رقمي حديث مدة صلاحيته خمس سنوات.

الشق المذهبي والقومي


والمعلومة الصحفية عن الشق الثاني تكاد تكون معدومة لاننا لانعرف, رغم السبق الفريد الذي حققته  المقابلة, اين تقف الكنيسة الكلدانية فيا اذا لو خيرت بين خانة المذهب وخانة القومية. وهكذا مازالت اسئلة هامة اخرى عائمة, ومنها:

ا. في السابق غالبا ما كانت المذهبية على حساب اللغة والثقافة وتاريخ وطقوس وحضارة الإرث الأرامي والسرياني للكنيسة الكلدانية. فهل ستعود الكنيسة لهذه الجذور ام ستسستمر في ضياعها اذ ان الكلدانية كما هو الواقع الأن وكما قال المطران وردوني نفسه في زيارة له للسويد وبلهجة السورث السلسة "كلدايوثا هولا بمياثا" اي ان الكلدانية تحتضر وان إنقاذها لا يكون الإ بالعودة الى إرثها اللغوي والثقافي والكنسي, فهل سنعود؟
 
ب. المذهبية لم تفلح في ابعاد اية كنيسة عن ارث اتباعها اللغوي والحضاري والثقافي والتاريخي الا عندنا نحن الكلدان وهاهي معضم كنائسنا وضعت هذا الإرث جانبا واستبدلته بإرث دخيل باسم المذهب بينما ذات المذهب استخدمته شعوب اخرى للحفاض على ما لديها من لغة  وتاريخ وحضارة. وهذا ما جعل الكلدان يتقلصون من ملايين الى بضع مئات من الالاف وجعلتهم يخسرون اصقاع كثيرة تمتد من الهند الى الصين ومنغوليا وتبت وروسيا ومناطق اخرى كثيرة. لقد كان السبق الصحفي فرصة سانحة لإثارة هذه المواضيع المهمة. ونحن لا نعلم ان اثيرت ام لا او ربما كانت ضمن الأسئلة ولم تتم الإجابة عليها.

الكنيسة ام الأكليروس

الكنيسة ليست الأكليروس فقط, بل انها جمع المؤمنين بضمنهم الأكليروس. ورجال الدين بشر حالهم حال الناس الأخرين. فلا يجوز ان نقف مكتوفي الأيدي امام ما نراه غير قويم. ومثلنا الأعلى في هذا هو البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي وقف شامخا معتذرا وبكل تواضع عما قام به بعض اسلافه من ظلم وطغيان واضطهاد وأخطاء باسم الكنيسة. وعندما سئل هل الكنيسة تخطأ, قال الكنيسة عندما تمثل المسيح لا تخطأ, اما نحن فبشر والبابا واحد من البشر معرض للخطأ, والبشر عندما يخطأ عليه ان يستجمع قواه ويعترف بالخطأ ويعتذر علانية عنه.


ليون برخو
leon.barkho@ihh.hj.se
استاذ اللغة والإعلام
جامعة يونشوبنك
السويد

269
قراءة نقدية في البيان الصادر عن مجمع اساقفة الكنيسة الكلدانية

1. المقدمة

سأتناول في هذا المقال البيان الصادر عن مجمع اساقفة الكنيسة الكلدانية. سأقوم بتحليله ونقده مستندا على بعض من معرفتي كإختصاصي ذو باع لا بأس فيه في علم النقد التحليلي ومستخدما جزءا يسيرا وبسيطا وعاما من التقنيات التي استند اليها في ابحاثي العلمية ومحاضراتي العامة والكتاب الذي اصدرته مؤخرا والكتاب التالي الذي تقوم الأن مطبعة هامبتون الأمريكية بطبعه ومن ثم توزيعه. وفي كل ما نشرته حتى الأن احاول ان اشرح للقارىء ماذا يجب ان يفعل كي يستطيع السباحة في خضم كم هائل من المعلومات والبيانات والتقارير والمقالات التي تناهل علينا في عالم اليوم مثل الفيضانات العارمة. وسأترك التقنيات العلمية لا سيما اللغوية والفلسفية جانبا لصعوبة فهمها حتى على بعض الإختصاصين واركز على نقطتين عامتين اساسيتين. الاولى توقعاتي كقارىء عما كان يجب ان يحتويه البيان ومحاولة معرفة السبب الذي ادى الى اهمال تلك التوقعات. والنقطة الثانية فهم النص على ماهيته واستخدام مفاهيمه ومعانيه لتعزيز القضية التي يؤمن القارىء بها او يرفضها.

 والنقد التحليلي, شأنه شأن العلوم الإجتماعية الأخرى, ذاتي غير موضوعي. ولتقليل اثرالذاتية يستخدم الباحثون اساليب مختلفة للحصول على قدر معقول من المصداقية. وواحد من هذه الأساليب المهمة تقديم معلومات للقارىء تكون بمثابة المراءة كي يرى الكاتب او المحلل من خلالها, لأن اي نص لا يمكن ان يكون نصا مجردا دون صلة بأهواء وتاريخ  وعقيده واتجاه كاتبه. وفي نفس االوقت هذا لايعني ان النص بعيد كل البعد عن المصداقية  لاسيما عند وجود قرائن تعتمد على المقارنة. فمثلا لو قتل شخص عائلة مسالمة تتكون من ستة اطفال واب وام واطلقنا عليه لفضة "ارهابي",  وقتل شخص اخر عائلة اخرى بنفس المواصفات ولم نستخدم نفس اللفضة واعتبرنا انه دفاع عن النفس مثلا, فاننا نقع في اشكال انساني كبير ذو علاقة مباشرة بالعدالة الإنسانيية وحقوق الإنسان والأخلاق واعتبارات اخرى مثل الدين والسلطة والموقف السياسي والإجتماعي, لأن مايراه شخص او قوم ارهابا قد يكون جهادا في سبيل العدالة الإجتماعية والحرية لدى قوم او اشخاص اخرين.

ومن هذا المنطلق اقول وكي لا اخدع القارىء انني كلداني واعتز بكلدانيتي وشماس في الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في المهجر (السويد) ولكنني اؤمن ايمانا عميقا راسخا اننا نحن الذين نطلق على انفسنا كلدانا والذين يطلقون على انفسهم سريانا والذين يطلقون على انفسهم اشوريين او اراميين شعب واحد لنا تاريخ وتراث ولغة وطقوس وادب مشترك في معضمه وان خلافتنا عقائدية اكثر منها قومية.

 ولنبداء الأن بتحليل البيان اخذين ما ذكرته انفا في الحسبان وذلك بالتركيز على النقطة الأولى.

2. ماذا كانت توقعاتي 

كنت أمل واصلي ان يخرج المجلس بتوصيات وقرارات تعيد اللحمة والوحدة الى الكنيسة الكلدانية وينقذها من التشرذم وعدم التنسيق والتلكوء لا بل الإنفلات الذي بدأ ينخر في صفوفها منذ وفاة بطريركنا الجليل بولوس شيخو. فكشماس ملتزم لا اعلم الى اين كنيستي ذاهبة وفي اي اتجاه مبحرة. مستقبل كنيستي كما اراه مستقبل لا يحسد عليه واسوق هنا بعض الأمور, على سبيل المثال لا الحصر او التعميم,  غض البيان النظر فيها رغم اهميتها البالغة, في جهد نقدي بحت لفهم, قدر المستطاع, بعض الشىء لما وراء السطور لأن من وجهة نظر النقد التحليلي  الأشياء المغيبة عن النص رغم توقعها قبل اصداره لها قدر الأهمية مثل الأمور المذكورة فيه:


ا. منذ مدة غير قصيرة لاسيما منذ قدومي الى السويد لم التق كاهنين كلدانيين يقيمان القداس والصلوات (ان وجدت) باسلوب ومنهج وطريقة او لغة واحدة. فانت لا تعرف من اين يبدأ القداس مثلا ولاتعلم متى يتحول الكاهن من لغة الى اخرى. لا بل ان بعض الكهنة يدير  ظهره للطقس ويقدس ويقيم الصلاة بالطريقة او اللغة التي يراها مناسبة. ولكل كاهن كراس خاص فيه مجموعة غير منسقة وغير مرخصة من قبل السنودس من الصلوات يتلوها عند الزفاف والجناز والعماذ وبعض منها  لا يلائم المناسبة على الإطلاق.

ب. ووضع الكهنة عندنا في السويد وأوروبا وضع مضحك ومبكي وهذا أقل ما يقال عنه. فنحن ندفع ضريبة للكنيسة الكاثوليكية في السويد, وهذا واجب نقبله برحابة صدر. هذه الضريبة هي لقاء كل الخدمات الكنسية من عماذ وقداديس وجناز ودفن ... الخ والتي يجب ان تكون مجانية وهذا هو الحال مع كل الكهنة الكاثوليك عدا الكهنة الكلدان الذين يتقاضون اجورا غير قانونية (تسمى هنا اسود) رغم انهم يستلمون رواتب ومخصصات شهرية وامتيازات مادية اخرى كموضفين في الكنيسة الكاثوليكية السويدية. ووصل الأمر بالبعض الى مطالبتنا بدفع بدل إيجارات شققهم او اجرة مجيئهم عندنا عدا مخصصات النقل التي يستلمونها من المطرانية. وذهب الأمر بعيدا بأخرين فألزمونا بدفع ريشيثا (جزية) في السنين الأخيرة متعللين بأن الأمر صادر من البطريركية دون وجود نص او رسالة رعوية في ذلك.

ج. حسب علمي لا توجد اية شفافية, وبأدنى مستوى في الكنيسة الكلدانية في السويد (ويقال اوروبا اجمعها .....) عن وارادات الجباية الكنسية بكافة اشكالها. وفي اعتقادي لا تستطيع اية ارسالية كلدانية في السويد برمتها تقديم كشف موثوق ومصدق  حسب الأصول بالواردات واين ذهبت ومن اين اتت وكيف وزعت والمبالغ التي ذهبت الى جيوب الكهنة.

د. ولأنكى من هذا يقوم بعض الكهنة في السويد واوروبا بطبع روزنامات محلية بعض منها يحمل صورة كاهن او كاهنين ويتم توزيعها وبيعها, قبل وصول الرزنامة البطريركية, ولا يعلم أحد اين يذهب ريعها. الا تستحق كنيستنا العظيمة روزنامة موحدة كسائر الكنائس الشقيقة الأخرى يذهب ريعها لشعبنا الكلداني الذي يعاني ما يعانيه من فقر في الأوقات العصيبة التي يمر بها العراق؟

ه. وبسب الإنفلات المالي هذا نرى اننا الكلدان لا نملك سوى كنيسة يتيمة صغيرة في السويد وهذه لولا المساهمة المادية السخية من المطرانية الكاثوليكية السويدية لما استطعنا شراءها بينما اشقاؤونا في الكنائس الشقيقية الأخرى لهم كنيسة او كنيستين تقريبا في كل مدينة يتواجدون فيها لا بل انهم قاموا ببناء كنائس حديثة وصناديقها فيها مئات الألاف وملايين الكرونات اما صناديق كنيستنا الكلدانية فمعضمها خاوية بينما نحن الكلدان اضعاف مضاعفة وان التواجد الكهنوتي الكلداني مضى عليه حوالي 20 سنة في السويد, وهي من اغنى بلدان العالم.

هذا غيض من فيض وانني لعلى يقين ان لكل غيور على كنيسته من الإكليروس والعلمانيين قصة كان يود ان يقوم السنودس المقدس في معالجتها. لماذا لم تدرج او لماذا لم يتم معالجتها في بيان منفصل ومحدود التداول ضمن الكنيسة الكلدانية؟ إن عدم التطرق الى امور جوهرية كهذه تمس حياة ومستقبل الكنيسة يعطي الفرصة للمحلل ان يطلق العنان لأفكاره. لكننا في النقد التحليلي لانفعل ذلك ونترك القارىء اللبيب ان يستخلص النتائج والعبر.   

ولنعرج الأن على محتويات البيان وهنا سأركز على مادتين اساسيتين هما في الحقيقة جوهر ما اعلنه السنودس للملأ:
 
3. ما احتواه البيان

3.1 العلاقات مع الكنائس الشقيقية

ان تأكيد البيان على تعزيز العلاقات مع الكنائس الشقيقة داخل العراق وخارجه يثلج صدور الكثير من ابناء شعبنا من الكلدان والسريان واشوريين. فالوحدوييون من امثالي وهم كثر لا ينضرون الى الأخر الا من منضار كونه شقيق وينبذون الفئوية والتعصب ولإنغلاق وإقصاء وإنكار الشقيق لشقيقه. فشكرا لمطارنتنا اللأجلاء على الموقف الرائع هذا ولا نتوقع غير الإستجابة بالمثل او أكثر من الكنائس الشقيقة الأخرى.

ولكن كيف نكون كنائس شقيقة وكل شقيق يدعي انه قومية منفصلة, وهذا سيكون مدار النقاش عند تحليل المادة الثانية.

3.2 الكلدان قومية منفصلة

هذه تقع ضمن خانة السياسة بامتياز والسياسة دهاء ومعرفة وحكمة ومبادىء واستراتيجية وتكتيك وامور سلبية اخرى اعزف عن ذكرها كي لا يتصورها البعض تطاولا على مقام المطارنة  لاسيما ان بعضهم من الأصدقاء ومعرفتي بهم ترجع إلى ايام الصبا ومنهم من هو العالم في اختصاصه ومنهم من يحمل ارقى الشهادات وأكن لهم احتراما وتقديرا شديدين. ولكن الذي يولج باب السياسة عليه ان يتقبل النقد بكافة اشكاله وان كان مؤلما لأن السياسة فيها امور غير حسنة احيانا.

 القومية فعل وعمل وكفاح ونضال ومقاومة كل هذا في سبيل الإرث الحضاري والثقافي والأدبي والتاريخي واللغويي الذي يشترك فيه ابناء القومية الواحدة. الفرنسيون قومية يدافع المنتمنون اليها عن اللغة والتراث والحضارة الفرنسية حد الممات. وأقرب مثال الينا هم الأكراد. الأكراد قومية يناضلون ويكافحون في سبيل اعلاء شأن لغتهم وإرثهم الحضاري والثقافي ولأدبي بكل السبل ولا يتخلون عن اخون لهم في القومية اينما وجودوا.

اذا كانت غاية المطارنة الأجلاء اعلاء شأن اللغة الكلدانية وإرثها الثقافي الكلداني ( الأرامي السرياني) وعدم السماح للأخرين بسلخهم عن هذا الإرث مهما كانت الأعذار والأسباب والدفاع عنهم بكل  السبل المتاحة والممكنة فانا كلداني قومي حتى العضم, اما إذا كانت القومية الكلدانية في غير ذلك فالسببب والغرض هو فقط لغاية في نفس يعقوب. ولكن لنتصور ان الغاية سليمة,  عندها تكون هذه المادة من البيان بشرى كبيرة وسارة لنا نحن الكلدان لأن سنودسنا المقدس وكل القوميين الكلدان من الأن فصاعدا مثلهم مثل القوميين الأكراد او افراد أية قومية أخرى  سيصبون جل اهتمامهم على الأمور التالية في اقل تقدير:

ا. العودة وبكل محبة وشوق الى اللغة القومية (الكلدانية)  وتفضيلها عل اية لغة اخرى, كما يفعل الكردي والفرنسي مثلا, في كل الأمور الاعلامية والطقسية والدراسية وفتح المدارس لتدريس الجيل الناشىء خوفا من ضياعها وجعلها لغة الكنيسة الرسمية في المغاطبات والمعاهد التي تديرها البطريركية الكلدانية. هل ستكون هذة التوقعات صحيحة ام مجرد احلام. ان الكثير من الكهنة الكلدان وقد وصل الأمر الى سدة المطارنة لا يحبون اللغة الكلدانية وقسم منهم يحاربها ويفضل لغات اخرى عليها.

ب. القومية, كالقومية الكردية والقومية الفرنسية, تدافع عن هويتها القومية وعن المنتيمين الى لغتها وتراثها وارثها الحضاري كما قلنا اعلاه وتقاوم كل المحاولات لطمسها و لا تقبل الضيم والإستعمار مهما كان مصدره ومنشأه ومن اية سلطة صدر دينية كانت او دنيوية. وعليه واستنادا غلى بيان السنودس المقدس نتوقع نحن الكلدان من مطارنتنا الأجلاء وكنيستنا وكل المنادين بالقومية الكلدانية وانا وحد منهم حسب المفهوم القومي لدى الفرنسي والكردي مثلا, ان نصدر بيانا باسمنا جميعا ندين فيه  سلخ الهند ومناطق شاسعة أخرى يقطنها ملايين الكلدان عن قوميتهم وكنيستهم الكلدانية بأقس عبرا ت الإدانة وإرسال وفد كنسي وعلماني الى الجهة او الجهات التي عملت على طمس الهوية الكلدانية في هذه المناطق وتقديم شكوى الى المنضمات الدولية ذات العلاقة, لأن ما حدث لأبناء قوميتنا الكلدانية في الهند مثلا وما عانوه من ظلم واضطهاد لتغيير هويتهم القومية وسلخهم عن كنيستنا يرقى الى مصاف الجرائم ضد الإنسانية. فالكلدان في الهند الذين اجبروا بشتى الأساليب العنيفة على ترك لغتهم الكلدانية وتراثهم وإرثهم الثقافي الكلداني يتربعون ألأن على ارقى المناصب السياسية والإقتصادية والإجتماعية في بلد مرشح ان يصبح قوة عظمى في المستقبل القريب. وتصور عزيزي القارىء ماذا كان سيعنيه لنا ذلك في الضروف القاهرة هذه. ان ماحدث للكلدان  في الهند كارثة من اقسى الكوارث القومية ويجب على القوميين, اكليروس وعلمانييون, ان يخصصوا يوما في السنة لتذكار هذه الماساة وإدانة كل من ساهم فيها وتعريف العالم بها والطلب بإعادة الهند المسلوبة والمناطق الأخرى الى الحضن الكلداني واتخاذ كافة الإجراءات كنسية وغيرها لإرجاع الحق لأصحابه. علما ان الكنائس الشقيقة الأخرى لاتزال على صلة كنسية وقومية بأبنائها في الهند ولكن الكلدان كانوا االأكثرية هناك فتصور حجم المأساة.


د.  وكأننا الكلدان لانتعلم الدرس من التاريخ ولا ننضر أبعد من انوفنا لأنه حسب ما ورد من تقارير من مصادر كنسية انه تم فصل الكلدان في الخليج العربي بنفس الطريقة التي حدثت في الهند. وهناك تقارير غير مؤكدة تقول ان ذات الجهات التي تأمرت لطمس الهوية القومية الكلدانية في الهند تتأمر لفصل ايران. ولنقل افتراضا ان هذه التقارير صحيحة فهل يستطيع المنادين بالقومية الكلدانية لاسيما من الأكليروس مقاومة وإدانة الجهة او الجهات التي سيصدر هكذا قرار عنها؟

ه. القومية, كالقومية الكردية مثلا, تحتفي بشعرائها وكتابها واعلامها وإن كانت ذات ارث مسيحي بقديسييها القوميين ايضا كما يحدث في فرنسا وهنا في السويد. فهل سنرى العودة الى الجذور الأرامية والسريانية لكنيستنا ونبدأ بتقديم اعلامنا في الأدب واللاهوت والعلوم الأخرى منهم قديسيينا وشهدائنا الذي حصلوا عل درجة القداسة عند إستشهادهم على ما فرض علينا من اسماء اجنبية, رغم احترامي الشديد لها, إلى انها لا ترقى على ما لنا من القديسيين والشهداء الكلدان. ولكي أكون صريحا أكثر هل يجب على الكلداني من الناحية القومية ان يقرأ في الكنيسة او في البيت او في المدرسة او حتى في الدير او المعهد الكهنوتي عن شارل دي فوكو وفرنسيس الأسيزي وريتا وتريزا او عن مار ادي ومارماري وشمعون بر صباعي ومار افرام ويعقو وبهنام وهرمز واوراها وداديشوع وسركيس وابلحد ... والقائمة قد لا تنتهي لو استمريت بالكتابة عشرة ايام أخرى. انني ككلداني اقرأ البيان أنه عودة الى الجذور والتراث وتقديمهما على كل دخيل في قوميتنا. فهل سيحدث هذا؟

4. الخلاصة

الكلدانية كقومية لها إلتزامات كبيرة تقع اول ما تقع على القوميين الكلدانيين انفسهم وكل من يروج لهم. فاذا كان هدف مطارنتنا الأجلاء ومنضماتنا القومية التشبث بالكلدانية كحضارة ولغة وتاريخ وثقافة وحتى جغرافية كما هو حال الأكراد الأن فإنني أشد على ايديهم, وإن كان غرضهم غير ذلك فهذه مصيبة. وما ادراك ما المصيبة. المصيبة تكمن في التعصب الذي, وكما كتبت في فصل أساسي من كتاب التعصب والإعلام من إصدار وتحرير جامعة كولورادو, يفقد فيه المرء القدرة على الرؤية  وإن رأى فانه لا يرى إلا وجهة نضر مبتورة فيضيع دربه وبوصلته. والتعصب عصف اول ما عصف بأشقائنا من الأشوريين الذين نصبوا الأشورية وأشور الها وانتقلت العدوى ومع الأسف الشديد الى معضم كنائسهم واكليروسهم. وفي احدى مناسباتهم الكبيرة شاركتهم كشماس في القداس والصلاة ولكنني سمعت حتى في الصلاة اسم اشور يتكرر – رغم انه غير موجود في الصلاة الطقسية التي نشترك فيها جميعا – اكثر من اسم يسوع المسيح. وعندما سألني احد اشقائي الشمامسة الأشوريين عن رأي في الصلاة والمناسبة, قلت له, "لقد ضقت ضرعا باشوركم". ومنذ ذلك الحين لا اتردد إلا نادرا على الكنيسة الأشورية في مدينتنا رغم شوقي ولهفتي في المشاركة في الصلاة الطقسية الرائعة التي يقيمونها كل يوم احد. وأكثر ما اخشاه ككلداني ان تكون هبتنا القومية هذه ردة فعل على التعصب الأشوري وعندها نكون قد وقعنا في نفس المصيبة واقترفنا ذات الخطأ.



ليون برخو
Leon.Barkho@ihh.hj.se
استاذ اللغة والإعلام
جامعة يونشوبنك
ألسويد

صفحات: [1]