عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - علي الحسناوي

صفحات: [1]
1
الاعتداء على صحفي عراقي أخطر من تفجير ارهابي
علي الحسناوي


انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الاعتداء على الصحفيين العراقيين  بمناسبة ومن غير مناسبة. فالأمر سيان حينما يتقدم الصحفي العراقي بكل دبلوماسية ومهنية بتقديم اوراقه الثبوتية بغية انجاز تكليف ما أو حتى إن لم يتقدم بها فالأمر كل الأمر يتعلق بما تعنيه مفردة الصحفي عند بعض (شقاوات) العهد الجديد. ويقينا أن ما من أحد من هؤلاء الأشقياء المكنى بالحمايات يعي مدى النتائج السلبية التي يمكن أن تنقلب عليه وبالا نتيجة اعتداء ما على صحفي عراقي وذلك لو كان يدرك ناحيتين مهمتين في حياته البطولية. أولهما أن ولي نعمته ومانح بركاته على سلوكياته سوف لن يدع مثل هذا الأمر يمر مرور الكرام, فيما لو وصل اليه, وهذا يعني أنه لولا الضوء الأخضر الوهاج, بلا توقفات صفراء, الذي يحصل عليه هؤلاء الأشقياء من مسؤوليهم لما تمكنوا من تحقيق طموحاتهم العضلاتية ونقصهم العدواني السايكولوجي في الاعتداء على (اولاد الخايبة) من الصحفيين اللاهثين وراء الحقيقة من أجل حفنة من الدنانير المبتلة بالموت المتربص بهم وراء كل عمود. وثانيهما أن الصحفيين العراقيين غير مدعومين بمؤسسات حكومية قوية التشكيل وقادرة على التنكيل وحماية كتابها ومراسليها في كل زمان ومكان وضد كائنا من يكون وذلك مادامت هذه الثلة من الأوفياء تقف بجانب الحق وتدافع عن الحقيقة. وبغض النظر عن مسببات الاعتداء وحيثياته فإنه لابد وأن تكون للهوية الصحفية حرمتها ولابد وأن يكون للصحفي العراقي كرامة مضافة فوق عراقيته خصوصا وأن هنالك قنوات اتصال وتواصل قادرة على فض النزاعات ومعاقبة المسيء فيما لو حصل , لا سامح الله, من الجانب الاعلامي المؤسساتي وبعيدا عن قيام البعض من هؤلاء الشقاوات بتطبيق القانون على هواه ووفقا لاهوائه. إن السلوك اليومي الذي يقف عليه افراد الحمايات الخاصة هو جزء لا يتجزء من سلوكية وشخصية المسؤول المحمي. كما أن هذا النوع من العمل أصبح يرتبط بمدارس ومعاهد تربوية وقيادية جلها من الاساتذة الأكفاء في علم النفس البشري ومدربين جادين في كيفية المراقبة والتصرف والتدخل السريع بأقل عدد من الخسائر. ولا أفصح سرا إن قلت أن مجمل عمل الحمايات يتعلق بكيفية التدخل عند تواجد المسؤول وليس في غيابه. والمدهش في الأمر أن يتصرف حمايات المؤسسات والمنشآت بطريقة (سوبرمانية) بغية حماية جدران وابواب مؤسساتهم متناسين أن عملهم يتعلق أولا بحسن التصرف واستقبال الزوار وتنظيم التواصل بين الموظف والمواطن. في العراق هنالك سايكولوجية وحيدة ومتفردة في كيفية التعامل مع (اليونيفورم) الزي الذي يرتديه هؤلاء الاشقياء سواءا كانت على شكل مجموعة من النظارات السوداء وحفنة (وايرات) معلقة فوق البدلات (التعبانة) أو كانت هذه الأزياء على شكل بدلات رسمية عسكرية من كل الوان الطيف الشمسي. هذه السايكولوجية يمكن تعريفها بأنها أنك تملك مساحات من الحرية غير المسؤولة ولديك قوة أكبر وقدرات فوقية أعلى وأنك خارج حسابات القانون وذلك مادمت ترتدي واحدة من تلك الأزياء فاضرب بيدٍ من حديد ويا أهلا بالمعارك ولا فرق بين صحفي وامرأة وعاجز ومسن إلا من أتاك بواسطة من المسؤول ذاته. الأمر الآخر والذي لابد من تناوله هو أن هذه التصرفات غير الانسانية التي يقدم عليها رجالات الحمايات بأجسادهم الملأى (بالعافية الربانية) تنبع أساسا من كون أن لا دولة مركزية قادرة على حسم كل أهواء ومتطلبات الشارع العراقي خصوصاً وأن البرلماني هو رئيس جمهورية مكتبه البرلماني بامواله وجماهيره وحمايته وأن الوزير والوكيل والنائب هم رؤساء على جمهورياتهم بميزانياتهم وشعوبهم وحماياتهم كل حسب تخصصه وتطلعاته وأن شيخ العشيرة اضحى هو الآخر رئيس جمهورية (آل بو فلان) حسب مقدرات ولائه وعدد الاصابع البنفسجية التي يمنحها هنا أو هناك وأن السيد والولي والشيخ المعمم أصبح ايضاً رئيسا منتخبا بالحب المذهبي بحماياته وامواله ورقعة سلطانه. طبعا لازال قانون الصحفيين بكل مفرداته حبيس الادراج ولازالت حقوقهم حبيسة رضى المسؤول. الخلاصة لا تبكوا على الألسن المقطوعة مادمتم تخنقون الكلمة الحرة الصادقة. حتى (شقاواة) العصور المظلمة كانوا رحماء بأهل محلتهم قساة على من يتطاول عليها .

2
على عتبة كأس آسيا لا يمكن للفوز أن يبرر سوء الأداء

علي الحسناوي
كل الحسابات الرقمية والفلكية كانت تؤشر لخروج منتخب الأمارات من البطولة لأسباب متعددة أولها حجم التخمة الإعلامية والمالية التي عليها لاعب المنتخب الاماراتي. كما أن المؤشرات ذاتها كانت قد أعطت مدلولا حقيقيا على عدم جدية منتخب كوريا الشمالية في هذه البطولة وهو القادم من المونديال الأخير إلا أنه لم يثبت سوى حسن انضباطه خارج الملعب وضياع هويته داخله. أما المنتخب الايراني فقد قال قولته منذ مباراته الأولى أمام المنتخب العراقي التي كسب نقاطها الثلاث بتميز رائع وتكتيك شبابي جديد. واليوم أضحى منتخب العراق الوطني يقف على اعتاب الدخول الى المربع الذهبي بعد أن حسم الأمر ودخل صراع الكبار ولم يعد أمامه سوى مباراة واحدة بمواجهة الكنغر الاسترالي. وبعد أن اثبت افشين قطبي مدرب ايران أنه مدرب من نوع خاص ومتميز على الرغم من قدومه من القارة الامريكية وتدريبه للمنتخبات النسوية فيها إلا أن مدرب منتخبنا الوطني سيدكا لازال حائرا شاردا قلقا بعد أن اثبت منتخب العراق أنه منتخب بلا مدرب وأنه لازال يلعب بروحية كأس آسيا ـ فيرا 2007. مباراتنا الثالثة في المجموعة وعلى الرغم من الفوز والتأهل على حساب كوريا الشمالية والامارات أثبتت بما لا يقبل الشك أن منتخبنا يلعب بلا هوية كروية وهو بالتالي لا ينتمي إلا لمدرسته الخاصة التي يقودها المعلم يونس محمود ويداري على تقلباتها وتناقضاتها الكابتن كريم ناعم (هنا لابد من مراجعة تصريحات الكابتن يونس خلال البطولة مثل اجتمعت باللاعبين وتحدثت مع اللاعبين وطلبت من سيدكا). فشل سيدكا في فرض روحيته الألمانية وتجربته كلاعب ومدرب كرة قدم في أقوى دوريات العالم من الناحية البدنية والحركية (الماكنات الألمانية) كما أنه فشل في اثبات سلوكياته القيادية من خلال اعتماد مبدأ العقاب الشخصي أو الفردي من خلال المغامرة بمستقبل العراق بعد أن تعمد الابقاء على الداينمو كرار جاسم والمدافع الصلب باسم عباس خارج حسابات البطولة. أما من الناحية الفنية والخططية فيمكن ملاحظة أن العراق كان يلعب وخلال مبارياته الأولى والأخيرة بدون خطة واضحة المعالم حيث سادت خطة (من كاصد الى يونس) من ناحية وبدون روحية الاسود من ناحية اخرى بعد أن خانت اسودنا لياقتهم البدنية خلال نهاية الشوط الأول وكل الشوط الثاني من مباراتنا أمام كوريا الشمالية بل يمكن القول أن الكوريين كانوا قاب قوسين أو أدنى من الفوز على منتخبنا لولا براعة الحارس كاصد وشفاعة رب العالمين تحت ضغط دعوات العراقيين. ولعل المتابع الذواق لكرة القدم يعي تماما أن كرة القدم تعني خلق جمل تكتيكية متميزة وتعني اللعب والاندفاع المنظم نحو الأمام وتعني التسديد المركز والمباشر نحو مرمى المنافس وتعني نقل الكرات بشكل سليم. أكاد أجزم أنه أي من هذه المواصفات لم يتحقق خلال تلك المباراتين فلقد ضاع منتخبنا الوطني في الملعب ولازال يعاني من عدم القدرة على تنفيذ اللعب تحت ضغط الخصوم والدليل تعمد لاعبينا إعادة الكرة الى الخلف في سابقة خطيرة قد ندخل معها موسوعة جينس للأرقام القياسية. كما أن التشتت بات واضحا من خلال إرسال اكثر من مناولة نحو خارج الملعب وأخيرا وليس آخرا لم يتمكن أي من لاعبينا (المسؤولية جماعية في فكر كرة القدم الحديث) من تحقيق تسديدة (حلوة) ومباشرة وخطرة اتجاه مرمى المنافس اللهم باستثناء التسديدة التي جاء منها هدف الفوز على المنتخب الكوري الشمالي. لازال منتخبنا الوطني يرزح تحت ثقل بقاء الأساسي وغياب البديل وذلك بعد شاهدنا اصرار سيدكا على اشراك قصي منير (الغزال الشارد) ونشأت أكرم (ثقيل الخطوة يمشي ملكاً) خلال التشكيلة الأساسية على الرغم من وجود بدائل ناجحة لهذه المراكز إضافة إلى تخمير المدافع الجيد سعد عطية على مصطبة الاحتياط. نعم بات واضحا أننا نفتقد لبصمات المدافع النبيل سلم شاكر ولكن هذا لايعني أن غياب لاعب مدافع يعني ضياع الانضباط الدفاعي وتهلهله الى مستوى تقديم هدايا مجانية للفريق المنافس كما أن خطة منتخب العراق باعتماده على لاعب صريح هو يونس محمود لم تعُد تعطي جدواها خصوصا مع غياب التنظيم والاسناد من الخلف. البطولة في فحواها الحقيقي ستنطلق من خلال ما هو آتٍ من مبارياتها القوية والتي لا تقبل القسمة على اثنين وهذا يعني أنه لازال أمام سيدكا متسع من الوقت كي يفكر مليا ويعيد حساباته الخططية من خلال الانصات لصوت العقل والمنطق خصوصا أن ماتوفر لسيدكا من معسكرات ومباريات تجريبية وبطولات لم تتوفر لغيره من قبل.

3
رؤية بطران لواقع التعليم الابتدائي العراقي الخربان
علي الحسناوي

في الوقت الذي لازال فيه التلميذ العراقي منشغلا بحل طلاسم دار دور والتفكير في الفترة الزمنية التي سوف يبقى فيها البعير على التل فإننا نجد أن الطفل الأوربي ومن نفس الفئة العمرية العراقية قد بدأ بتتبع ممرات ناسا الفضائية ومعرفة جغرافية الارض وعلومها بلغات تصل الى الثلاث في الكثير من الأحيان. وبعد أعوامٍ عجاف من الفشل التربوي والأكاديمي في العراق نجد أنفسنا أمام حقيقة واحدة مفادها أن قطاع التعليم في العراق, وخصوصا في المراحل الابتدائية منه, لازال يأن تحت ضغط ما يسمى بنقص التمويل (؟) وخراب البنية التحتية التي أدت الى نتائج وخيمة على عدد الاطفال المتسربين من القطاع المدرسي الابتدائي. هذا الخراب يشمل مفاصل رئيسية منها خراب المدارس وافتقارها الى ابسط مستلزمات البيئة الدراسية إضافة إلى ركاكة المناهج التعليمية واعتمادها على كلاسيكيات قرون خلت وأخيرا وليس آخرا مستوى قدرة المعلمين والمشرفين التربويين على إعداد جيل طيب الاعراق. ولأن التعليم الابتدائي هو الاساس في بناء الشخصية المدرسية والاجتماعية والفكرية للطالب فإننا نجد قطعا أن انهيار مستوى التعليم في المراحل الاخرى, من المرحلة المتوسطة وحتى الجامعية, هو افراز طبيعي لهشاشة البناء التعليمي الابتدائي. ومن هنا فإن العوائل العراقية التي تعيش تحت خط الفقر وهي بالملايين لا تستطيع أن تجد لاطفالها مقعدا في المدارس الخاصة بل هي على العكس من ذلك تجد لهم أمكنة وقوف تجارية في تقاطعات الشوارع والساحات العامة بغية الاستجداء أو البيع. إن اصلاح التعليم الابتدائي في العراق لا يحتاج الى الكثير من الفلسفة السياسية والتوافق الحكومي ولو انه جزء من المنظومة التعبوية للبلد بقدر ما يحتاج إلى رقابة صارمة ومنفصلة, عن طريق لجان خاصة, على كيفية استثمار واستغلال الاموال في بناء المدارس وتجهيزها بمعدات الدراسة اي ابعادها قدر المستطاع عن صفقات الفساد المالي والاداري الذي ينخر بجسد التنمية العراقية.
لا تعتمد الدراسة الابتدائية في بلدان أوربا على أهمية تحية العلم الصباحية وانضاج الوعي السياسي للطلبة كما أنها لا تهتم كثيرا بالمشتقات الوطنية بغية إعداد جيل من المقاتلين القادرين على الدفاع عن البلد في اية لحظة من غزو محتمل إذ لا غزو في بلدان أوربا اللهمّ إلا غزو الله جلّت قدرته بكوارثه الطبيعية بين الفينة والاخرى. كما أن المدارس الابتدائية الاوربية بعيدةً كل البعد عن التمييز العنصري والعرقي والديني وكافة انواع التمييز الاخرى بمسمياته المعروفة وغير المعروفة.
يُعتبر كل صف دراسي بمثابة وحدة تعليمية مستقلة ومستقرة وتنتمي من الناحية الادارية فقط إلى دائرة ادارة المدرسة التي تشرف بدورها على سير مهنية التعليم ومراقبة خطوات التقدم بشكل حذر وبعيد عن التدخلات السافرة في شؤون المعلمين وطريقة ادارتهم لعقلية التلاميذ. يتم تجهيز كل صف من التمهيدي وحتى السادس بجميع وسائل التعليم المطلوبة ومن آخر المبتكرات الالكترونية بعد أن اضحى الطباشير والسبورات السوداء ارثا من الماضي العتيق.
تعتمد الدراسة في منتصف مراحلها وتحديدا من الرابع وحتى السادس على شبكة متكاملة من البحث والتقصي الذاتي عبر الشبكة العنكبوتية مع تقليل دور المعلم في التلقين وبالتالي حصر دوره بالشرح والاشراف على البحوث ومن هنا تقع على عاتق الطلبة مسؤوليات جسام, وتحت خيمة تنمية عقلية العمل الجماعي, في انضاج واجباتهم الدراسية عبر الدراسة أو المذاكرة المشتركة وهو ما يعزز مستقبل الطالب العلمي والاجتماعي كون أن كافة مفاصل الحياة الاوربية تقوم على اساس العمل الفرقي أو الجماعي وفقا لمباديء جليلة ونبيلة أولها احترام الراي والرأي الآخر. يركز قطاع التعليم الاوربي وبصورة ذكية على أهمية قدرة الطلبة على المشاركة والتفاعل الميداني في روح الفريق الواحد حيث لا تلعب النتائج في الكثير من الأحيان دورا مهما بقدر نتائج التفاعل والقدرة على التخاطب الجماعي اي بقدر أهمية النتائج الاجتماعية المتحصلة من بعد انتهاء العمل الجدماعي ذاته. ومن الجدير بالذكر هنا أن المدارس الاوربية انتهجت فكرا متجددا في اعتماد التعليم عن بعد اي من خلال قيام الطالب وبمفرده من متابعة دروسه ومذاكرته من خلال تصفح المواقع الدراسية والمكتبات ومتابعة الاحداث عبر مواقع الانترنت. ومن هنا وفي هذا السياق بالذات نجد أن قدرة الاطفال في العمر الدراسي الثالث الى السادس قد تطورت الى درجة مذهلة في تعلم اللغات الاخرى وخصوصا الانكليزية التي اضحت اللغة المكملة والمتممة لاي بلد من بلدان أوربا في تعاملاتها اليومية مع العالم.
لا تعتمد الدراسة الابتدائية في اوربا على مبدأ التوبيخ والضرب والاسقاط والتسفيه بل هذه كله جرائم يعاقب عليها القانون الأوربي بل تعتمد وبشكل كبير على مبدأ تعاون أولياء امور الطلبة مع المدرسة في متابعة التطور الاكاديمي والاجتماعي والتربوي لابنائهم وبناتهم إضافة إلى تواجد الآباء والامهات في كافة الحلقات النقاشية الدورية التي تهم العلاقة بين الطالب والمدرسة حيث يتحول المعلم هنا إلى منصت جيد ونبيه لاستقبال ومناقشة افكار اولياء أمور الطلبة. وتتم برمجة الحصص الدراسية بشكل يؤدي الى حصول الطالب على استراحات متفاوتة ومتباينة (من 15 وحتى 30 دقيقة) لاستعادة نشاطه الجسدي والعقلي والحصول على كميات اكبر من الاوكسجين النقي حيث لاوجود لمبدأ الاستراحات المنتظمة ذات العشر دقائق بين حصة وأخرى كونها اثبتت عدم فاعليتها إضافة إلى انعكاساتها السلبية على راحة الطالب اليومية.
لا تخلو المدارس الاوربية الابتدائية من وحدة التطوير والمتابعة الصحية والتي تُعنى بالدرجة الاساس بالوضع الصحي والنفسي والغذائي للطالب عن طريق وجود الوحدة الصحية المصغرة في كل مدرسة من هذه المدارس والتي تقوم بالتعاون الثلاثي بين المعلم البيت على متابعة ورصد التطورات الصحية للطلبة عن طريق وضع ارشيف صحي خاص بالطالب يرافقه من عامه الأول وحتى انتهاء عمره الدراسي الافتراضي.
يحصل الطلبة في أوربا, مجانا في العديد من الدول, على وجبة الغداء الاساسية والتي يشرف عليها اطباء تغذية في مطعم الطلبة حيث يمارس الطلبة هنا دورهم الريادي والعملي في ترتيب واعداد المطعم على أكمل وجه ومن خلال جدول زمني يومي يشمل مشاركة كافة المراحل (عدد الطلبة المستفيدين من هذه الخدمة يصل الى 500 طالب في كل مدرسة ابتدائية). وفي حالة عجز اولياء الأمور عن توفير وجبة الافطار الصباحي لاطفالهم فما عليهم إلا الاتصال بالمدرسة كي يتم درج اسماء اطفالهم في قائمة الفطور الصباحي المجاني. وبعد انتهاء الحصص الأكاديمية وباوقات متفاوته ونتيجة لانصراف الاطفال الى قاعات اللعب والترفيه حتى المساء فإن البعض منهم يحصل على وجبات غذائية سريعة أو نوع من الفاكهة كوجبة مكملة حتى وصول الاطفال للسكن وحلول موعد تناول طعام العشاء المبكر.
يحصل كل طالب على حصص رياضية وفنية ومهنية من خلال تواجد قاعات رياضية متكاملة التجهيز وبمعدل ساعتين اسبوعيا وباشراف متخصص رياضي من خريجي كليات التربية الرياضية حصرا وخصوصا نجاحه في مادتي القيادة الرياضية والتعامل النفسي مع الاطفال. وتتم ادارة الاستوديو الفني من قبل متخصصين موسيقيين أو فنانيين متمكنين من ادوات عملهم يُضاف الى هذه العملية قاعة خاصة ومتكاملة بتعلم بعض الحرف والمهارات المتخصصة.
وعودة إلى حال التعليم الابتدائي العراقي, ومع ثبات كافة عوامل البناء والتطور, فإننا نجد أنه ليس من الصعوبة بمكان تعيين ممرض أو ممرضة من خريجي القطاعات الطبية للاشراف على الحالة الصحية للطالب العراقي في كل مدرسة ابتدائية كما أن الأمر لا يستوجب أكثر من تجهيز غرفة طبية بسرير طبي وبعض المستلزمات الطبية والدوائية البسيطة حيث يتمكن حينها هذا المشرف الطبي من التعاون مع المراكز الصحية الموجودة في البقعة الجغرافية لمكان المدرسة. وليس من الصعوبة أيضا تعيين معلمين لاستيفاء الحصص الرياضية من خريجي كليات التربية الرياضية مع توفير مستلزمات الاداء الرياضي والتي لا تتعدى بضعة مئات من الدولارات قياسا بسوق الرياضة العراقية الواقع في شارع النهر. أما الحصص الفنية فحدث ولا حرج كون أن معاهد وأكاديمية الفنون الجميلة حبلى بالخريجين ممن يقفون في طابور البطالة أملا في الحصول على تعيين ما في مدرسة ما. والسؤال المطروح هو ماذا تعني لميزانية المدرسة الابتدائية أن تقوم بصرف مايعادل المليون والنصف دينار عراقي لفريق من ثلاثة اشخاص (مشرف طبي, معلم رياضة, معلم فنية) في المرحلة الاولى من التعيين مقابل كافة الخدمات التي سوف تحصل عليها في إنضاج عقلية مئات الطلبة الصحية والجسمية والفنية في آن واحد. للاسف يتخرج الطالب العراقي من اعرق كليات العراق وفي تخصصات الطب والهندسة وهو غير قادر على تكوين جملة انكليزية واحدة بلا ركاكة أو تأخير والحال اتعس حينما تقف على قدرات خريجي كلية اللغات من قسم اللغة الانكليزية واللغات الاخرى.
قد يصفني البعض بالبطران وينعتني الآخر بالفسكان  وربما يتفوه فقيه ما بمقولة (عرب وين وطنبورة وين) ولكن هذا كله لن يمنعنا من ممارسة حقنا الطبيعي والشرعي في النقد والتحليل مستفيدين من رؤيتنا الخاصة وواقعيتنا في الطرح واحترامنا لمن يلقي عليهم الموضوع بظلاله ولأن موضوعي هذا بحد ذاته لا يعني احداث ثورة تعليمية في العراق بعيدا عن نضج الضروف الذاتية والموضوعية وكأنني ارى في العراق واحة للأمن والأمان ولم تسوده صراعات الاخوان وتصاريف الزمان ولكنني ابغي منه اصلاح عملية التعليم من الداخل بعيدا عن بناء المدارس بالجدران ذات النقوش الاسلامية والشبابيك ذات الطراز العباسي والمقاعد التي تشبه مصطبة احتياط نادي ريال مدريد والله من وراء القصد.


4
هل يعي المالكي والدباغ ما يأتيان به من قول

علي الحسناوي/ ستوكهولم
حينما أقف مع العراق وأنتخبه بلون النهرين فإني لا أكون مع عراقية علاوي ولا دولة المالكي ولا ائتلاف الحكيم ولا كردستانية الكورد. من هنا فإني اتحدث بعفوية المواطن وصدق مشاعره ولهيب لوعته مقارنة ببساطة تطلعاته. كان بودي اولاً أن اناجي الدكتور علي الدباغ, وهو القيادي في دولة القانون, على ضوء تصريحاته الاخيرة حول مستقبل العملية السياسية في العراق, إلا أنني وجدت أن الأمر لا يعدو أن يكون أكثر من استمرارية في الحوار المتشعب حول قضايا العراق وهو بالتالي أحد تشعباتها المتشابكة. ولكني وبعد مطالعتي العفوية لبيان مكتب دولة رئيس الوزراء والذي جاء فيه (ندعو ابناء شعبنا الكريم و قواه السياسية الوطنية المخلصة الى التمسك بالوحدة الوطنية وتفويت الفرصة على الحلف البعثي التكفيري) اجد أنني صريع دوامة السياسة العراقية أو ذبيح تصريحات القائمين عليها. هذا الكلام المالكي والذي جاء كي يدبغ ماتفوه به الدباغ من قبل لا يُنطي إلا انطباعاً واحدا وهو أننا لازلنا في حالة من الصراع والتخبط والفوضى قد تدوم طويلاً قبل أن يظهر المخلّص أو قبل أن يصل المنقذ. فالناطق الرسمي لدولة القانون يقول بما معناه أنه ليست هنالك من تقاطعات سياسية حول كيفية قيادة البلد والجميع توصلوا إلى اتفاقاتٍ ذات رؤى واضحة ولكن المشكلة تكمن في آليات وأحقية اختيار رئيس الوزراء. والآن إذا كان مكتب المالكي يدعونا إلى تعزيز الصفوف فهل ينطلق هذا التعزيز من القاعدة نحو القمة أم من القمة نحو القاعدة؟ وكيف نتوحد ونفوت الفرصة على المتربصين إن كانت قياداتنا ذاتها في حالة من الفوضى والتخبط والتقاطع المصالحي الضيق؟ وهل يتوجب على العراق أن يدفع فواتير التناحرات الاقليمية الخارجية والعداء السياسي الفكري الداخلي حتى تستقر الأمور وينحسر السحر عن المسحور؟ ماقيمة وأهمية منصب دولة رئيس الوزراء أمام هذا القتل العشوائي المُبيّت والمُعلن عنه؟ لنلاحظ ونمعن ونركز على عبارة (حينها سيكون لكل حادث حديث) والتي اضحت حلاوة ختام الكثير من القيادات السياسية في الوقت الراهن والتي لا تُعطي إلا تفسيراً واحداً لمحتوى التهديد المبطن وغير العقلاني لاخلاقية وتربوية السياسي القائد في العراق والذي اصبح يميل إلى سياسة (عليَّ وعلى أعدائي) أكثر من ميله إلى سياسة (أنا واخي واولاد عمومتي على الغريب). للاسف لم تعُد الأمور تحتمل التأجيل ولم يعُد حال المواطن يحتمل التأويل ولم تعُد السياسة العراقية تحتمل التفسير والانتظار والتعليل. إن المحلل السياسي والمتتبع لمسار العملية السياسية في العراق يجد أن في تصريحات الدباغ, وقد يتوافق معه البعض من قادة القوائم الاخرى, الكثير من التفاؤل السخي غير المبرر والكثير من التحابب والتوادد السياسي غير الموجود على أرض الواقع خصوصاً وأن عقلية وذهنية الوعي السياسي لدى المواطن العراقي اصبحت تصيب السياسي ذاته بمقتل. كما أن دعوة المالكي فيها الكثير من تحميل المسؤولية لوعي وانتباه المواطن بخصوص ما يحصل في الشارع العراقي ومن ثم يدعوه . اي بيان المكتب, إلى تحقيق ماعجزوا هم عن تحقيقه خصوصاً وأن حالة التآخي والتآلف موجودة فعلا في عقلية ونفسية المواطن العراقي وهو على أتم الاستعداد كي يحتوي المصائب القادمة والخطوب الدائمة. ووفقاً لرؤيتي المتواضعة فإن الكُتل والاحزاب والقوائم والقادة كلهم وبلا استثناء , المحليون منهم والمستوردون, هُم أول من يتحمل مسؤولية ما يحصل في العراق اليوم من قتلٍ وتدمير وبلاءٍ مستطير وطردٍ وتهجير وإن كانوا يمتلكون ذرة من وطنية حقة أو قطرة من غيرة عراقية فليس أمامهم إلا أمر من اثنين فأما أن يتوافقوا ويتفقوا على تحقيق الأمن والخدمات وأما أن يرحلوأ بعيدا غير ماسوف عليهم خصوصا وأن ذلك سوف لن يولد اي فراغ سياسي اسوأ واعقد مما نحن عليه اليوم والعراقي الذي تبلل بالدم لا يخاف مطر القنابل.

5
وهل ينقطع دم العراق عن شريان المسيح؟
((إهداء إلى روح الشهيد الشاب زيا توما سورو))
علي الحسناوي

في حياة كل منا موقف قد يثير الاستغراب ومشهد يظل في حيثيات ترتيباته يصارع النظرية والعِلم. إلا أن مايربط بين الموقف والمشهد هو عدم تدخلنا الذاتي في تشكيله أو تصميمه من حيث أننا غالباً ما نعتبر أن الأيدي الخفية أحياناً هي التي تتلاعب بمقدراتنا, تماما, كما آمن الاقتصادي آدم سمث حينما نشر نظرية الايادي الخفية التي تحقق ازدهار المجتمع فيما بعد. إن مايدفعني إلى هذه المقدمة والتي تشكل أنواع من التساؤل في ذهنية المتلقي هو أنني ابصرت النور في محيطٍ مسيحي المذهب عراقي الانتماء يقبع في آخر التدرجات الطبقية من مستوى البروليتاريا العالمية على الرغم من صغر مساحته الجغرافية التي لم تكن تتعدى بعض البيوتات الطينية المقوّاة بالحجر الصلب والمحبة الرقيقة المسماة بكمب الأرمن ذو الكنيسة الصغيرة البيضاء الشامخة بوجه الفقر والمطلة على مواويل القطارات الصاعدة والنازلة بين محطة قطار العلاوي ومحطة المعقل. وربما ينطفيء النور في عينيّ وأنا لازلت مدهوناً بزيت الصليب قابعاً منزوياً في دولة مسيحية أكبر وهنا تكمن مفارقة العبد الفقير المسلم في أن يولد على رنين ناقوس الكنيسة البغدادية المتواضعة ليموت على رنين الكنائس السويدية العظمى. أتذكر أن رفيقاتنا من المسيحيات الصغار كن يلطمن الخدود ايام العشرة الحسينية وهن يتقافزن على وقع الملاية سنية متقابلات وشقيقاتنا المسلمات حتى إذا ماحلّت ليلة خضر الياس, في وقتٍ آخر, توجهنا جميعا طائعين صاغرين نحو دجلة الخير كي نغرس أعواد الياس والشمع في صواني الخضر على شواطيء دجلة الخير وتحديداً عند أعتاب جسر الجمهورية حيث يشّمر حسن البلام عن ذراعيه الطويلتين كي يعيننا على أن تطفو صوانينا بعيداً عن الموجات الموحشة. وفي صباحات الأحد كان القس بخنس يأخذنا بجولةٍ ايمانية بين تراتيل الانشاد ومواعظ الكتاب المقدس ناصحاً وموجهاً في أن نلتف بعراقيتنا ونبكي معا لأوجاعنا الطبقية حتى إذا ما انتهى القداس انقسمت الجموع خلف القيادات المعروفة سلفاً إلى فريقين كي نبدأ المطاردة البريئة عبر صرائف الشاكرية الصفراء مروراً ببساتين الجت وحتى حافات الدورة كي نعود معلقين بالقطار النازل عند محطة الدورة بعد أن تكون مسابقة (بلبل حاح) قد أدمت أقدام الحفاة منا. بطرس الجميل وداود السريع وعلي وزياد وفريدة وسعدية  كانت بعض من عشرات الاسماء التي تتحدث المسيحية والعربية على حدٍ سواء. والحق اقول أننا كنا نسميه عيد الرشاش, ذلك العيد النيساني الصاخب بالألوان, وذلك لكثرة ماكنا نرشه من ماء على أجساد المارة في ايام نيسان الدافئة ولكنني أيقنت فيما بعد أنه عيد القيامة وتلوين البيض حينما عايشته في ملاذي الآمن عند الدول المسيحية. وها نحن اليوم نُجبر من جديد على  أن نهرب بعراقيتنا واسلامنا كي نغادر صوب الأمن والراحة في واحة (الدول الصليبية) التي آوتنا ومنحتنا الراي والأمان. ما اشبه اليوم بالبارحة حينما كان الآباء يطاردونا لذنبٍ طفولي اقترفناه فنجد أقدامنا الحافية تدفعنا نحو الدخول والاحتماء بمنزل مكنزي العطار أو فريد الرسام والعجيب أن الآباء المسيحيين كانوا يلقون بالحجة في وجه آبائنا المسلمين حينما يقولون لهم (مَن دخل داري فهو آمن). وكلما تغنيت برائعة (يامسيحينه العراقي) للشاعر الدراجي يتملكني شعور غريب بأن الشاعر ماكتب القصيدة كي يقرأها المسيحي بقدر ماكتبها كي يغنيها المسلم وهو يترنم على المآثر الجِسام التي دوّت تحت اقدام رجال عِظام من أمثال يورا وعمو وباسل وشدراك كي ترتقي براية هذا الوطن الجريح. فلا عجب أن ينتصر المسيحي العراقي كي يزهو أخيه المسلم ويفتخر. ولاغرابة في أن ينتصر المسلم العراقي كي يشدو أخيه المسيحي ويفتخر.
إن الحملة الظالمة التي يقف عليها أعداء العراق في قتل وترهيب وتشريد أهلنا من المسيحيين العراقيين لا يُمكن لها أن تعزل الدم العراقي عن الشريان المسيحي بل لا يُمكن لها أن أن تُلغي ذكر المسيح عن قرآن محمد. ستبقى بابل والنمرود وآشور ماثلةً لآلافٍ أخرى من السنين متحديةً صوت مسميات الارهاب تحت راية وصليب العذاب. ستظل أور مسيحية الولادة والذكر معطرةً بعبير هور الجبايش بين ناصرية يوسف سلمان وبين بصرية شجرة آدم. أكاد أجزم بأن شعب الأقليات العراقية مع عراقتهم واصالتهم يبقون الأكثر شوقاً للإرتماء في حضن الوطن والأكثر اندفاعاً لتقبيل ترابه وشم هواءه وشرب ماءه حتى أن أحد الوزراء اليهود لم يتوانى عن ذكر عراقيته في كل مكانٍ وكل حين وحتى أن شلومو صالح الكويتي اليهودي يعشق تراب الكويت أكثر من عشقه لتراب اسرائيل. قد لايكون حب الأمام الحسين تحديداً هو من يدفع بالمسيحي كي يرافقنا في حجة المسير عبر عشرات الكيلومترات التي تفصل فيما بين بغداد وكربلاء ولكنه بالتأكيد حباً بمن يحب الأمام وهو بالتالي الحب بالاستعاضة وفقاً للمنطوق العلمي الرياضي وإلا مالذي يحدو بالعَمة بياترس أن تغرز الراية السوداء على سطح القبة الوحيدة للغرفة الوحيدة من بيوت الزعيم قاسم. قبل خمسين عاماً كنا نتجمل كي نشارك اخوتنا ليلة الميلاد في البيوتات المنارة على ضوء (التريكات الصفراء) والأجمل أنهم كانوا يعدون لنا طعاماً من حلالٍ طيب حتى لا نقع في بحر الخطيئة الكبرى. كان الكبار منهم قد اشتغل في شؤون (جيش الاحتلال البريطاني الأول) وهو مامكنّهم من التحدث بالأنكليزية السليمة ومن هناك كنا نلتقط منهم الكلمات ثم نهرب اليهم بكراريسنا المدرسية كي يفكوا لنا عقدة اللغة الأنكليزية التي قضت على مضجع كل طالبٍ عراقي كي نكبر ونحن نتشاجر بالآثورية الجميلة ونكتب الإنشاء والشعر بالعربية الصحيحة ونبهر معلم الانكليزية بحُسن النطق وجمال الكتابة. في كمب الأرمن لم نكن نعي لماذا نتحدث الآثورية ولم يكونوا هم يعرفون لماذا تتوحد اللهجات العراقية القادمة من صرائف الشاكرية باهلها العِماريين ومن حدود قصور حافات كرادة مريم  باهلها البغادة ومن اولاد الطبقة الوسطى الساكنين في المحيط الأخضر لدور موظفي السكك بخليطها العرقي العجيب. فمتى تعود ياعيد الاضحى كي يقف العم أدور بجبته السوداء وصليبه الفضي حاملاً هديته منتظراً قافلة الحجاج. كل شعوب الأرض تحدو صوب المستقبل وتعدو أو تحبو نحوه إلا العراقي يظلّ موجوعاً بتقلبات الحاضر متقطع الأعراق والجذور ولا همّ له إلا العودة الى الوراء حيث يذوب زمن التوحد في وحدة الوطن وحيث تذوب المسميات في مسمى العراق بوجه المحن واليوم وبعد أن ضاعت العقول واسودت القلوب, وبعد أن فرقتنا الحواجز وسُدّت الدروب, بتنا نصحو بعد الفجر وننام قبل الغروب, حتى لانسقط في طريق السالب نحو المسلوب, فلا عاشقٍ يُغنّي ولا نجوى لمحبوب, حيث لم يعُد لنا إلا التذكر حينما تدلهم الخطوب. اليوم لا أحد يريد ان يتذكر تلك الآيات القرآنية المريمية التي تلاها  نفرٌ من الصحابة اللاجئين عند الحبشة ففيها ملك مسيحي اسود لا يُظلمُ عنده أحد كما أوصاهم نبيهم ونبينا محمد, والواحد الأحد من وراء المقصَد. عفواً أحبتي ولكن لماذا جمعنا كتاب وفرقتنا القوائم والكتل والأحزاب؟, لماذا بحق المسيح لا ننحى بالحديث نحو المنهج النبوي الصريح؟ فإن كان دين محمد في المحبة والوئام لا يستقيم إلا بقتل الامام فلا يُمكن أن يستقيم العراق من غير أن تكون الأقليات معنا في وفاق واتفاقٍ وانعتاق وانسجام.

6
كذب المرشحون ولو صدقوا
علي الحسناوي

يتشدق بعض المرشحين العراقيين للدورة البرلمانية القادمة, خلال المرحلة الراهنة, بأن لهم النصيب الأكبر والحظ الأوفر في ذاكرة الناخب العراقي وذلك تحديداً في هذه المحافظة أو تلك. كما يكاد البعض أن يعد العدة من الآن لحجز مقعده البرلماني في المواقع المتقدمة غافلاً عن أن مواقع الصف الأول هي الأكثر خطورة من الناحية الموقعية الأمنية والأكثر لغطاً من الناحية الاعتبارية وخصوصا حينما يدخل الرئيس ونوابه في نقاشٍ لا أول له ولا آخر. وفي الوقت الذي تغيب فيه الآليات العلمية والمعيارية في قياس مؤشرات الفوز والخسارة لدى هذا المرشح أو ذاك, كما جرت عليه العادة في أرض الله الواسعة, إلا أنهم لازالوا يتمادون في تفائلهم غير المشروع من خلال تمرير احصائيات رقمية وشواهد مصوّرة عن مظاهرات وندوات تطالب ببقائهم إن كانوا من السلف البرلماني الأول أو انتخابهم إن كانوا من الخلف البرلماني القادم. والحق اقول, وهو ما تعززه كل يوم تلك اللقاءات المباشرة مع الناخب العراقي, أن دور المواطن العراقي خلال المرحلة الحالية لا ولن يكون بتلك الدافعية التي كان عليها خلال المرحلة الانتخابية الأولى. ولمن يقول أن المواطن العراقي بحاجة إلى تلمس معنى الديمقراطية من خلال التوجه نحو صناديق الانتخابات فإنه على قدرٍ كبير من عدم المعرفة وسوء التحسس بأوجاع المواطن العراقي التي سببتها سياط الأعوام الأربعة العجاف من عمر البرلمان السابق خصوصاً وأنه, اي المواطن العراقي, كان قد مَرّ بهذه المرحلة الانتقالية من ممارسة العمل الديمقراطي وانتهى به المطاف إلى الوقوع في فخ الوعود التي عادت بالخير والبركات على شخص المرشح فيما عادت بالأجر والحسنات على شخص الناخب. إن زيادة وعي وثقافة الناخب العراقي جعلته في موقع المقتدر على التمييز بين أن يكون أو أن لا يكون واقفاً في طابور المركز الانتخابي منتظراً بركات هذا السيد أو عطايا ذاك المسؤول وهو, أي الناخب, اصبح أكثر قدرة على التمييز فيما بين اتخاذ قرار الزحف نحو صناديق الانتخابات أو البقاء في خندق الصمود والتصدي لدفء الملاحف ونعومة الشراشف التي اضحى ثمنها في مزاد ديمقراطية اليوم ما يُعادل الصوت الانتخابي العراقي الواحد. إن الصدمة الاعتبارية التي تعرّض لها المواطن العراقي خلال المرحلة السابقة, وهو يمنح صوته لأناسٍ آمن بتوجهاتهم وقيمهم الأخلاقية والوطنية, تمادت في اهتزازاتها على مقياس ضعف الأمن وغياب الخدمات حتى وصلت إلى مستوياتها الاهتزازية العليا وهي ماجعلته في خوفٍ مستمر من الهزات الارتدادية التي قد يأتي بها البرلمان القادم خصوصاً أن من ينفذ من المرشحين نحو قبة البرلمان سوف تجعله بعيداً عن الحساب وآمناً من العقاب حتى يتم تطبيق مقترحي بإعادة تقييم عمل البرلماني عن كل عامٍ قضاه وبالتالي محاسبته عند القصور حتى لا ينفلت زمام الأمور ونعود نبكي صوتنا المهدور وحظنا المغدورعند الاضرحة والجسور لاطمين الصدور وناشرين البخور. ولعله من المؤسف في هذا المجال نشر ثقافة صوتك سلاحك بدلاً عن ثقافة صوتك ايمانك وأمانتك وهو ما يعني ضمناً أن دفع الناخب كي يدلي بصوته منحازاً لفريقٍ معين وانتقاماً من فريقٍ آخر لهوَ حالة من عدم الوعي في كيفية استثمار الصوت الانتخابي بعيداً عن السماح للناخب بدراسة البرامج الانتخابية بكل حرية وروية حتى يتمكن بالتالي من اتخاذ القرار الحاسم في انتخاب من يراه الاقرب الى وطنيته وهمومه وتطلعاته اليومية. ويبقى سؤال قد لا يختلف عليه اثنان فقط وانما قد لا يختلف عليه عاقل مع ذاته وهو هل قدمت لنا رجالات البرلمان الحالي ـ السابق ما يتناسب والامتيازات التي حصلوا عليها بفعل ما اكتسبوه منا؟ فهل يُلدغ العراقي من ديمقراطيةٍ مرتين؟

7
منتخب الجزائر جاء مهزوما بلعنة الفراعنة فاستسلم ولم يهاجم
د/ علي الحسناوي

تدفعني خبرتي في عالم كرة القدم إلى أمنياتٍ قد لا تروق للبعض من الناحية المشاعرية ولكنها تتناسب حتما مع طموحاتنا في رؤية مونديال كروي افريقي أممي يتناسب والمجهودات الفنية والادارية التي بذلتها المنتخبات في سبيل تمثيل بلدانها خير تمثيل في هذا المحفل الكروي الأكبر. ومن أمنياتي التي تبلورت عنها قناعاتي هذا اليوم هي أمنية أن لا تتأهل الجزائر على حساب الفراعنة والتي جاءت, أي أمنيتي هذه, على ضوء متابعتي للمباراة الكبرى والمصيرية التي جمعت منتخب الفراعنة الساجدين بمنتخب الجزائر للأنانيين. ففي كرة القدم والتنافس على الفوز لا يمكن القول أن الفوز نتاج حقيقي لجودة الفريق الفائز قياساً بضعف أداء الفريق الآخر المقابل وسوء تقديراته. وبتقديري فإن منتخب الجزائر حاول خلال هذه المباراة أن يصرع الفراعنة بنفس السلاح الذي استخدمته الفراعنة من قبل في سبيل ايقاف زحف الهولنديين ومنعهم من تسجيل هدف من خلال اللعب بتشكيل 1 ـ 11 وهي المباراة التي أُعتبرت من أسوأ مباريات كاس العالم حتى اللحظة.  ويبدو لي الآن أن منتخب الجزائر قد استسلم للضغط النفسي والارهاق الذهني الذي صاحب طبيعة أهمية المباراة والدليل الأمثل على مانقول هو القدرات الفردية الفذة والسرعة العالية التي كان منتخب الجزائر يمتع بها إلا أنه لم يتمكن من إيجاد الترابط الفردي بين اللاعبين وبين تنفيذ خطة اللعب, خصوصا وأن الهدف المصري المبكر كان قد ألقى بظلاله المعتمة على نفسية اللاعبين الجزائريين. لاتوجد في عالم الكرة اليوم مفهوما محددا لعبارة الدفاع خير وسيلة للفوز بل أن عبارة الهجوم خير وسيلة للدفاع هي التي لازالت سائدة لحد الآن وبنجاحٍ ساحق. ولا اعرف أي معنى لأهمية انكماش منتخب الجزائر وتكدسهم داخل منطقة جزائهم وهو ما أربك تحركات الحارس الجزائري من جهة خصوصا مع انتباه الفراعنة لهذه النقطة بالذات حيث عمدوا بعدها الى الدخول الى جوانب منتصف الملعب الجزائري وتحرير الكرات العرضية بغية التسديد المباشر أو احداث الدربكة امام المرمى مع ملاحظة وقوف اثنين من لاعبي الوسط المصريين قريبا من خط الجزاء الجزائري وهم على أتم الاستعداد لاستقبال الكرات المبعدة أو الساقطة بغية التسديد المباغت أو إعادة الكرة لغرض تنظيم هجمة معاكسة. وأمام هذه المد المصري وقفت الموانع الجزائرية عاجزة عن ابعاد الكرة والتقدم والانتشار في منطقة العمليات على أقل تقدير بغية فك الضغط المصري المتراكم. هذه مباراة لا يمكن تحليلها وتحويل ادائها الحركي الى مجموعة ارقام احصائية بغية مناقشة اخطائها الفنية والخططية وبالتالي الوقوف على طريقة تفكير مدربيها فيما حصل. هذه المباراة لا يمكن أن تتوافق ومعطياتها كل اساليب التحليل الكروي ومدارسه المنتشرة على خارطة الكرة الأرضية. ومادامت هذه المباراة تبتعد عن التحليل العلمي في طرائق متغيراتها فإنه لم يعد لي من قول إلا أنها لعنة الفراعنة التي شلّت قدرات اللاعبين الجزائريين ومنعتهم بالتالي من رؤية بعضهم البعض. وللذين لا يتفقوا معي في طرحي هذا فإني أقول لهم تعالوا نحسبها بالورقة والقلم بعد مشاهدة اعادة شريط المباراة ولكن بعد صفاء النفوس وزوال الغضب وكفكفة الدموع. منتخب الجزائر هذا, إن أستمر على ماهو عليه في مباراته المصيرية الفاصلة في السودان, لا يستحق أن يشرف القارة الافريقية في المونديال الجنوب افريقي السنة القادمة.

8
النغم المنلوجي في تصريحات النائبة ميسون الدملوجي
د. علي الحسناوي

أُعلن أولاً وعلى رؤوس الاشهاد أنني لست من المهتمين بالطروحات البرلمانية خصوصاً وأننا الشعب الوحيد في العالم الذي يخضع لأكثر من سلطة تشريعية وغير تشريعية, كما أننا البلد الوحيد في العالم الذي تحكمه العديد من القيادات وتحت مسمياتٍ مختلفة, هذا إضافة الى تأثيرات دول الجوار في رسم السياسة العراقية الخارجية منها والداخلية حتى أنها باتت أكثر تأثيراً وعنفاً في اصطياد المواطن العراقي الشارد في أرضه والمتشرد في أرض الله. اقول قولي هذا وأنا اقرأ, بمنتهى الغرابة, التصريحات الأخيرة التي اطلقتها النائبة ميسون الدملوجي, والتي عبرت فيها عن سخطها العنيد وغضبها الشديد على تصريحات السيد المالكي التي تحاول, اي هذه التصريحات,  أن تُحدث طلاقاً بائناً مع العرب يقابله زواجاً مستتراً مع دولة ايران. وأنا هنا لست بصدد الحديث عن توجهات كليهما, اي التصريحات الماللوجية, كونهما يُبحران في مركبٍ واحد وإن اختلفت مقصورتيهما, إلا أن ذلك لا يمنعني قطعاً من تذكير النائبة ميسون , وهي التي رشحت نفسها لرئاسة البرلمان فيما سبق وهي رئيسة تجمع نسوي للعراقيات المستقلات والنائبة منذ أربعة أعوام عجاف, تذكيرها بأنه كان من الممكن لها أن تعمل حقيقة من أجل تطوير وتحسين واقع المرأة العراقية والطفولة البائسة خصوصا مع توافر الاحصائيات الرقمية المرعبة عن واقع المرأة العراقية المرير. فالدملوجي كان يُمكن لها أن تسارع في سبيل (احتلال) وزارة المرأة التي استقالت وزيرتها بكل شرفٍ وأمانة قبل فترة ليست بالقصيرة علما بأنه لا عِلم لي بقيمة فروقات الامتيازات بين البرلماني الهمام وبين الوزير المقدام. أليس من المنطقي أن تجاهد البرلمانية, كما هو حال اخواتها في الكويت وبريطانيا وجزر الواق واق, أن تجاهد في سبيل نُصرة بنات جنسها والإرتقاء بصوتهم الاجتماعي والوطني كي تتقدم بخطوات تحقق من خلالها مقولة الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الاعراقِ, وبالعراقي فإن ما من برلمانيٍ يقظ وذكي لا يعمد هذا اليوم إلى استغلال حتى (سعر السمك في سوق مريدي) من أجل احداث جعجعة انتخابية أو التنكيل بواقع استيراد البرتقال الى مدينة ديالى على سبيل المثال. نعم يحق للدملوجي أن تنتقد المالكي ولكن هذا النقد يجب أن يُبنى على سياسة العلاقة بيت البيت الزجاجي والحجر. فإذا كانت الدملوجي قادرة على تقديم قائمة بمنجزاتها البرلمانية من أجل إسعاد وأمان الشعب أولا ومن أجل النهوض بواقع المرأة والطفولة ثانيا حين ذلك فقط تستطيع الدملوجي أن تهلل للقائمة العراقية كونها جزء لا يتجزأ من عطاياها التي فاضت على المواطن العراقي حتى بات العراق يختنق من مهجري ومهاجري الدول الأخرى الذين طلبوا اللجوء عندنا هرباً من جور حكوماتهم وظلم قادتهم وتصريحات برلمانييهم. إن منلوج نقص الأداء وقصر الغطاء وقلة الوعاء وضعف العطاء الذي رافق الأداء الحكومي العراقي خلال الأعوام العجاف المنصرمة, والذي تريد أن تطرب عليه الدملوجي هذه الايام, لا يعني بالضرورة انتصار للبرلماني (العراقي) وهو المسؤول الأول عن حالة الشعب بل هو مؤشر مشترك على مساهمة أعضاء البرلمان العراقي بهذه المصيبة الكبرى التي حلت على رؤوس العباد وعلى رؤوس الاشهاد. عندنا في كرة القدم, وفي حزب الفيفا, نقول لا يوجد فريق يخسر المباراة من 90 دقيقة بسبب الأداء السيء للاعب واحد بل الخسارة تكون نتيجة منطقية لضعف الأداء العام للاعبين جميعا إضافة الى عدم قدرة قيادييهم على توجيه موارد اللاعبين الوجهة الحسنة. والسؤال الآن الذي أريد أن أوجهه للنائبة هو لماذا خسرتم أنتم, فريق البرلمان العراقي, مباراتكم مع فريق الشعب العراقي بعد أن كنت لاعبة هجوم اساسية لأكثر من 2073600 دقيقة ودون أن تحصلي على كارت اصفر واحد أو أحمر.. عَجَبي!!!.

9
مقترح خطاب تعهد رقابي سنوي على كل برلماني جديد
د. علي الحسناوي

كنت قد اشرت في مقالٍ سابق إلى أهمية أن نضمن حقوقنا الانسانية والبشرية عند التعامل مع خطابات المرشحين الطامحين لاعتلاء المقعد البرلماني القادم. ويبدو أن الفكرة أعجبتني كناخبٍ مفترض على الرغم من أنها لم تعجب المرشح, أقول أعجبتني الى الدرجة التي منحتني ثقة أكبر على بلورة تفاصيل التعهد الخطي والشعبي والمفترض بكل مرشح أن يبصم عليه قبل أن ندلي بصوتنا في دلوه. والفكرة دفعتني الى لملمة اطراف المهمة للخروج بمجموعة من المقترحات التي اريد الآن أن انثر مياهها على جفاف الفكر الانتخابي العراقي. كل حزب يبتدأ من فكرة وكل فكرة لابد وأن تحفر لها اثراً في رؤوس المبشرين بها بعد أن تتولد لديهم قناعات خاصة بفكرة الحزب. بعدها يأتي التثقيف والنشر والتبشير حتى يتكاثر الأنصار وتنتشر رؤية الحزب في الأمصار. الحالة الانتخابية العراقية حالة متفردة كونها تعني في مضمونها كيفية التعامل مع أزمة الثقة بين الناخب والمرشح. فالناخب يعاني من احباط مستقبلي وسقوط فكري وظلامية في الرؤية وتتبلور جل طموحاته في العيش بسلام طالبا من الجميع أن يؤمنوا بأن الدين لله والوطن للجميع وعلى الأرض السلام والمحبة. أما المرشح فهو ذلك الكائن المجهول الهوية وغير المعروف له لون وطعم ورائحة, اي ان المرشح اليوم لا يعدو أن يكون أكثر من كائن هلامي تحاول ملامحه أن تتشكل في ذهنية الناخب من خلال طروحات المرشح ذاته وخطاباته الموشحة طبعا بوعوده المستقبلية. ومن هذه النقطة بالذات لابد لنا أن نكون أكثر حذراً في تمرير عملية التثقيف وتسيير عجلة التخفيف عن معاناة الكائن العراقي الذي أضحت دافعيته الانتخابية تتناقص حتى وصلت الى درجات دون خط الصفر. هذه السايكولوجية البشرية في العمل السياسي هي حالة طبيعية وهي رفض مبطن وغير مُعلن لتمرد الناخب على العملية الانتخابية نتيجة للاحباط السابق والذي أحدثه عدم صدق البرلمانيين الحاليين في تنفيذ وعودهم الانتخابية. من هنا تتكسر الفسيفساء العراقية, كما يحلو للبعض أن يسميّها, إلى مجموعة من الألوان المختلطة وتتباين فكرة الناخب عن مديات دوره الوطني في الانتخابات القادمة. فمنهم من قضى سره وآمن بأن لا يخرج من بيته كي يتمتع بمشاهدة المسلسلات التركية طيلة ساعات منع التجوال, في حين آمن الآخر بأن الناخب العراقي لن يُلدغ من جحرٍ مرتين, وهناك من يريد أن يمارس دوره الأنتخابي بالوصول فقط الى موقع الانتخابات متوعدا بالثورة البيضاء. الثورة البيضاء تعني القاء الورقة بيضاء في صناديق الاقتراع. ومن هنا نجد أن عجز البرلمان الحالي/ السابق عن تحقيق طموحات البسطاء, خصوصا مع فرار القطط السمان والأرانب والخرفان الى دول الراحة والأمان, قد ألقى بثقله على كاهل المواطن العراقي البسيط الذي اختنق من الوعود حتى قادته القيود الى اختراق الحدود. والآن اصبح لزاماً علينا أن نتوصل الى صيغة توافق اخلاقي وتواصل وطني بيننا وبين مرشحينا الذين سنصوّت لهم على أن تكون هذه الصيغ على شكل قبول وموافقة وايمان المرشح بأهمية التوقيع على وثيقة تمنح الحق الوطني لكل مواطن بمحاسبة المرشح محاسبة سنوية على شكل كشف حساب حينما يخفق في تنفيذ وعوده الانتخابية. هذا المقترح يعني الغاء فكرة الالتصاق بالكرسي والمنصب واقصاء شعبي وبقرار وطني لكل نائب يتقاعس عن أداء مهامه وتنفيذ وعوده. وهذا المقترح يشكل تهديدا سنوياً هاما للنائب كي يحاسب نفسه قبل أن يُحاسبه غيره. وهذا المقترح يُلغي تماما فكرة الحصانة والصيانة التي يستند عليها النائب في التكاسل والتماهل. وهذا المقترح هو تصفية شرعية سنوية للبرلمانيين كي نقف على أدائهم وبالتالي ابعاد السيئين منهم واحلال الجيدين وهو الابقاء على الوطنيين ومنحهم بطاقة موافقة الشعب على استمرارهم في عملهم لسنة أخرى حتى موعد التصفية القادم. حكمة المقال: ينقسم الواحد الى اربعة ارباع ولعمري أن سارق الربع خلال عام أقل ضرراً من سارق الأرباع كلها خلال دورة انتخابية كاملة. آلية المقترح أن لا يُترك حبل البرلمان على الغارب بل لابد وأن تكون هناك لجنة رقابة شعبية وطنية كي تمتحن البرلمانيين منذ لحظة تسجيلهم في الصف الأول في المدرسة البرلمانية العراقية ذات الاربعة سنوات وأن لا تسمح لهم بالنجاح والعبور نحو السنة الثانية حتى تمتحن أدائهم وتتأكد من صدق نواياهم راجيا أن تكون الأسئلة والأجوبة باللغة العربية الفصحى.

10
قسِّموا العراق إن كنتم تعقِلون واعطوا مال القيصر للقيصر
د. علي الحسناوي
قد يكون طرحي ملغوماً ورأيي مستهجناً وافكاري مسمومة ورؤيتي شوفينية. ولكن ما قيمة كل هذا أمام هذا القتل الجماعي الذي يتعرض اليه شعبي. شقيقتان رحلتا في ضرف أقل من عام من كثرة المعاناة والهم والغم الذي سقط على رؤوس الازواج والاطفال وشقيق لازلت ابحث عنه في قوائم المفقودين وسجلات الطب العدلي إضافة إلى آلاف المكالمات الفورية التي تثقل كاهلي وتشتت تركيزي في عملي. إذن أنا اكتب من رحم المعاناة واكتوي بنار الموت الذي اصبح اقرب الى كل عراقي من حبل الوريد. قبل التغيير أو السقوط أو الاحتلال أو الخراب, سمه كما يحلو لك, كنا نتندر على الإعلام العراقي بمقولة (إني الشهيد) كلما توجهنا بعُدتنا وعتادنا نحو جبهات القتال ونحن مُطاردين من عدسات الصحافة وكاميرات صور من المعركة. واليوم اضحى كل عراقي يتحدث بلغة (هم السابقون ونحن اللاحقون). ليس المهم من أنا ومن أكون وبماذا أدعو, المهم أن كل كينونتنا تبقى صفرية القيمة أمام هذه المذابح التي تحيق بالعراق. كفانا تمجيدا وتعظيماً لحضارة بابل والنمرود بعد أن ساهمنا بخرابها أجمعين, كفانا حديثا عن الفراتين والدجلتين بعد أن تلونتا بدماء أولادنا وبناتنا, كفانا تأليهاً للقائد المعمم والشيخ المصبوغ اللحية بعد أن اثبت فشله وعجزه في توجيه العشيرة والأمة, اللهم إلا بما تمليه عليهما مصالحهما وبما ستملكه أَيمانهما. لنعترف جميعا وبشجاعة الفرسان أن التقسيم الديموغرافي اضحى هو صاحب القول الفصل في معادلة السكن العراقية, لنعترف أن حكم العراق لن يكون لطائفةٍ على حساب الأخرى ولا لأقلية على حساب الأغلبية, لنعترف أن ما مِن سياسيٍ مستورد أصبح مقبولاً في الوسط السياسي العراقي وهذا إن كنا فعلا نعي معنى المفهوم السياسي المحترم لمفردة السياسة, كما أنه ما من سياسي محلي تمكن من ان يضع العراق نصب عينيه.
يعيش العالم من حولنا بأمن واستقرار كما يعيش ابنائه بمنتهى البهجة والحبور وخصوصا تلك الدول والمقاطعات التي لايزيد عدد سكانها عن بضعة آلاف نسمة. ولست أدري وفي هذا المحور بالذات ما معنى أن يموت الآلاف من اهلنا واحبتنا مقابل أن لا نسمح بانشاء دول أو مقاطعات أو اقاليم من ملايين. نحن نعيش أزمة الاعتراف بالتسميات كما عشنا أزمة الاقتراب من الجنس حتى ولو بالحديث الصحيح والمعنى الصريح. أنا أعلن خروجي من شرنقة الخوف من المسميات وأُعلن على رؤوس الاشهاد أنه ما من جماعة سنية عراقية تقبل أن يدير شؤونها السياسية رجل شيعي, ولكنها ترضى في ذات الوقت أن يكون للشيعة حقوقهم في معتقداتهم ومقدساتهم ومن خلال ضوابط امنية واقتصادية لا يمكن أن تهدر أوقات العمل وتوقف عجلة الانتاج. وفي ذات الوقت فإنه ما من جماعة شيعية توافق في عراق اليوم أن يدير شؤونها السياسية والدولية قائد سني وعلى الرغم ايضاً من احترام الشيعة المعتدلة لمقومات الاسلام السني كما يحلو للبعض أن يُطلق عليه. وهل منا من يُنكر سياسة العزم والحزم التي تمارسها القوات الكردية بحق العرب الداخلين اليها والخارجين منها تحت مسمى حماية أمن المنطقة وهُم في ذلك لصادقين والدليل حالة الأمن ونعمة الاستقرار الذي تعيشها المنطقة. وهل استطاع مقاوم شيعي أن يتخطى الفلوجة ويشن حربا على ارهاب السنة كما تسميه ابواق الاعلام الخارجية؟ وهل استطاع مقاوم من أهل السنة أن يتخطى العامرية كي يشن ارهابا مقابلا على اهل الشيعة؟ وتبقى الأقليات القومية والدينية من المسيح والأزيديين والصابئة والشبك والتركمان بين مطرقة قلق الحكم الشيعي وسندان المقاومة السنية في سبيل إعادة التوازن السياسي للعراق.
للاسف نحن نقف أمام حقائق إلا أننا في ذات الوقت ندير أوجهنا عنها ولا نريد أن نراها. نحن نقف أمام البعد الاستقلالي للقضية الكردية وحقهم بالتالي في تقرير المصير, فإن فازوا فزنا معهم وإن خسروا خسروا لوحدهم. ونحن نقف أمام تمسك وتعنت عربي خليجي لنصرة القضية السنية في سبيل إعادة التوازن السياسي من جهة والتخلص من شبح المثلث الشيعي من جهة أخرى. ونحن نقف أمام تغلغل ايراني, لا يعنيني هنا إن كان صفويا أو فارسيا أم رافضي, في جسد الخارطة السياسية العراقية وبالتالي ميل عظيم لدى البعض من الشيعة في سبيل اتباع المنهج الايراني في قضايا عراقية عربية. ولكن ومن أمام كل هذه الصراعات السرمدية والخصومات الأزلية يقف المواطن العراقي عاريا اعزلاً محروماً كونه الضحية الأولى التي تسقط على طريق الصراع الكردي العربي والصراع السني الشيعي والصراع الخارجي الداخلي. لدينا ثروات مالية وعلمية وحضارية وسياحية تكفي لعشرات الدول وللمئات من السنين ولكننا لا نعرف كيفية اقتسامها حتى تركناها عرضة للسرقة الداخلية والخارجية, ولدينا جغرافية موصولة باوربا عن طريق تركيا والخليج عن طريق الكويت وآسيا عن طريق أيران ولكننا لا نعرف كيف نصون ارتباطاتنا ونحافظ على وحدتنا. ومن وحدتنا هذه أنطلق في القول لأعلن أنه ليس هنالك من وحدة عربية كردية على أرض الواقع والرجاء الرجاء امسحو اغنية (هربجي كرد وعرب) من ذاكرتكم. وليس هنالك من توافق ديني شيعي سني على أرض الواقع والرجاء الرجاء امسحوا عبارات الفسيفساء والطيف من قواميس لغتكم, بعد أن رحل من القاها في افواهنا, وكفّوا عن صلاة الجماعة المشتركة أما عدسات الصحفيين وكاميرات الفضائيات. نحن بحاجة الى غاندي جديد يقود ثورة سلمية للجياع لتحطيم قبة البرلمان العراقي واعتقال ومحاسبة كل برلماني نهب وسلب واغتنى واكتسب. نحن بحاجة الى قانون قوي وشجاع لاقتسام الأرض والحفاظ على العرض مادام التقسيم الطائفي والقومي قائم فعلا على أرض الواقع. ليست هولندا وبلجيكا ولخنشتاين والامارات والكويت باكبر منا مساحة واكثر منا سكانا ولا أوفر منا ثروات. امنحوا كركوك النظام الداخلي للفاتيكان واتركوها تعيش بسلام لمن يريد البقاء فيها, أما من يريد الرحيل عنها فأمامه حل من ثلاث بعدد الاقاليم التي سينقسم اليها العراق. لا تزايدوا بعبارات الوحدة الوطنية ودولة القانون واللحمة الدينية على حساب موت العراقي الضعيف. اسألوا اي عراقي عن منتهى مايريد بعد أن تخلى عن مفردات النفط والكهرباء والغذاء, حيث سيكون جوابه شافيا عافيا من خلال نطقه ومطالبته بمفردة الأمن. والآن ايهما أهم وأنفع لأهلي كمواطنين عراقيين أن ينعموا بالأمن في اسرائيل أو المانيا أو سوريا أو الصين أم أن يموتوا في العراق بلا سبب وبدون أي هدف معقول نتيجة للصراعات الدينية والقومية أو للصراعات الطائفية والشوفينية العنصرية. كلا أريد لللبقية الباقية من أهلي وذريتي أن تعيش وتتناسل وتتكاثر حتى لو طلبوا اللجوء الأمني في اسرائيل التي لا تختم جواز العربي بختمها عند دخوله اليها حتى لا يفترسه أخوته واشقاءه من العرب. عجبي على دولة مثل اميركا قوضها الارهاب الاسلامي ولازالت تفتح ابوابها لكل مسلم في حين تنظر الدول العربية الاسلامية الى مذهب المسلم قبل السماح له بالدخول. سامح الله صديقتي التونسية حينما سألتني هل انت مسلم أم شيعي؟. قسِّموا العراق جغرافيا واتركوا مال الشيعة للشيعة ومال السنة للسنة ومال الاكراد للأكراد ومال العرب للعرب ومال المسيح للمسيح والمال الآخر لأهله ولا تزايدوا أو تكابروا وتشجعوا واعلنوا قسمة الأقاليم قبل أن تخسروا جميعا.

11
لم تُنهي الطائفية كرة العراق ولكن عنصرية مدرب السويد أنهت طموحات شعب

د. علي الحسناوي

للاسف لم تعُد القدرات التدريبية لاي مدرب كرة في العالم قادرة على وضعه على منصات التتويج دون أن تكون لهذا المدرب سياسة تربوية وامكانيات قيادية فوق العادة. وبعد أن اختلطت الأجناس البشرية فيما بينها في كل دول أوربا والأمريكتين وقارتي كندا واستراليا فإن هذه المجتمعات لم تعُد قادرة على تسيير عجلة تقدمها ورقيها لوحدها دون أن يكون لهؤلاء الأجانب أو المهاجرين اليد الطولى في قيادة وتحريك دفة المجتمع بكافة نشاطاته الحياتية ومنها الرياضية على وجه الخصوص. وعندنا في السويد, على سبيل المثال لا الحصر, يُعتبر مدرب المنتخب الوطني السويدي لارش لاغربك واحدا من الأمثلة السيئة على المدربين من النوع الذي يقصدهم المقال في عدم احتوائهم للنواحي التربوية والأخلاقية في المجتمعات الأوربية وخصوصا من نواحي التعامل مع مفردة العنصرية التي اصبحت فرس الرهان في اسقاط الحكومات الأوربية وهي , اي العنصرية ومفردة الاندماج الاجتماعي, لا يُمكن الاستغناء عنهما في اية حملة انتخابية, سياسية كانت أو رياضية. ولكوني الأقرب الى اسباب ومتغيرات خروج منتخب السويد من نهائيات المونديال الأفريقي, ومن خلال العشرون عاما في رحاب الكرة السويدية والأوربية, فإني استطيع القول, كمتفرج عادي وشاهد عيان, ولكي نضع القاريء العراقي في الصورة الأوربية الحقيقية, خصوصا ما يتعلق بمصداقية الإعلام الرياضي العراقي, لما يدور في كواليس الكرة الاوربية مستفيدين من تجاربها الإيجابية ومتغافلين عن سلبياتها فإني أفرد لكم بعض الحقائق المذلة التي رافقت مسيرة هذه المدرب. وأول هذه الحقائق هي أن المدرب لارش لاغربك من أكثر المدربين المعروفين بالعنصرية والعداء للمهاجرين خصوصا بعد أن طالبته الجماهير الكروية وخبراء الكرة السويدية باستدعاء المحترف السويدي من اصل افريقي ( هينوك) والذي يلعب في الدوري الاسباني لغرض تغطية النقص الحاصل في منطقة عمليات المنتخب السويدي. وفعلا تم نشر اسم اللاعب في تشكيلة المنتخب إلا أن المدرب لارش لاغربك قام بالضغط على الاتحاد السويدي مستغلا علاقاته المافيوية برئاسة الاتحاد بغية ابعاد اللاعب وسط ذهول الجماهير الكروية السويدي ليقوم بعدها باستدعاء لاعبين سويديين ومن أصل سويدي لم يتمكنا من تحقيق نصف طموحات ماكان يراد منهم. ويبدو أن البعض لم يكن على علم بالأزمة العنصرية التي افتعلها المدرب لاغربك مع اللاعب السويدي المهاجر من أصل يوغسلافي زلاتان ابراهيموفتش حيث أعلن زلاتان وعلى رؤوس الاشهاد أنه سيتقدم بطلب الحصول على الجنسية الايطالية بعد أن لعب عدة مواسم هناك ومن ثم اللعب الى منتخب ايطاليا بدلا من السويد في تصفيات كاس العالم 2010 مالم يسارع المدرب لاغربك بالسفر الى ايطاليا وتقديم اعتذار شخصي وموثق للاعب زلاتان عن عنصريته وفداحة زلته. وفعلا تمت تسوية الأمر بين اللاعب زلاتان والمدرب لاغربك بمنتهى الودية في الأروقة السرية لكواليس الاتحاد السويدي لكرة القدم. أما من الناحية المهنية والاحترافية فإن المدرب لاغربك كان قد حقق الانجازات في ظل تواجد مدربين كبار عمل الى جانبهم ومن ضمنهم المدرب اندرسون والمدرب تومي سودربري الذي كان المسؤول الأول عن الوصول الى المونديال العالمي الأكبر والميدالية البرونزية لكاس العالم في أمريكا. لست أدري كيف يتم تقييم مدرب اوربي سويدي محترف كاد ان يتعادل مع جزيرة مالطا لولا عناية الرب وقيام المدافع المالطي بتسجيل هذف في مرماه وبالتالي وصفه بالمدرب الفذ أو الاسطورة أو ماشابه ذلك. كيف يتسنى لمدرب أن يخسر أفضل الفرص في الوصول الى كاس العالم بعد أن لم يتمكن من الفوز على الفريق الدنماركي المجاور لأكثر من خمس سنوات. من المعروف لدينا هنا في مملكة السويد أن ملايين الجماهير الكروية السويدية وكما جاء في صحف الاكسبرسن والافتون بلادت والداغز نيهيتر كانت قد طالبت المدرب لاغربك بالرحيل كما أنها طالبت الاتحاد السويدي باقالته من منصبه فورا بعد النتائج المذلة التي رافقت قيادته للكرة السويدية. ليس من المنطقي والعلمي أن يقوم مدرب سويدي بقيادة منتخب السويد لأكثر من عشر سنوات, مع تعالي الاصوات بازاحته, دون أن يكون له ارتباطات مشبوهة برئاسة الاتحاد وخصوصا مع الرئيس الحالي لاغريل والذي لا يعمل إلا مع مقربيه ولا يمنح فرص التدريب إلا لخاصته حيث لازالت فضيحة تدريب المنتخب الأولمبي السويدي يندى لها جبين الشارع الكروي السويدي بعد استقالة المدرب الاساسي وبالتالي قيام الرئيس لاغريل بتفضيل احد اصدقائه على بقية المدربين المستحقين والمشهود لهم بالانجازات الكبيرة. لا أريد ومن خلال متابعتي هذه إلا احقاق الحق واظهار الوجه التدريبي البشع للكرة الأوربية وخصوصا حينما تدور مصائر المدربين في أروقة وكواليس مكاتب رؤساء الاتحادات. إن معظم الجماهير الكروية الأوربية, وللاسف, تتألف من عصابات ومنظمات اجرامية مثل بانديدوس وهيلس انجلس (ملائكة الجحيم) والعديد من الاسماء الأخرى المنتشرة في السويد والدنمارك والمانيا وهولندا والبقية من اصقاع أوربا وهي بالتالي تعمل من خلال أجندات عنصرية واجرامية على ازاحة وتغييب قدرات المدرب واللاعب المهاجر ومن هنا فانه من الطبيعي أن تعمل هذه الجماهير الكروية الشاذة على تأليه المدرب العنصري لاغربك كونه يمثل امتداد طبيعي لسياساتها الشاذة والبعيدة عن القيم الرياضية وهو ما دفع بالعديد من مدربي السويد الكبار مثل اريكسون الى الهجرة والعمل في بلدان خارج حدود الضغط والعصابات. لا أدعي العلم بالشيء ولا اريد أن انتقص من قدرات هذا أو إمكانيات ذاك ولكني لا اريد لأحد أن يجعل من المدربين الأوربيين ملائكة على حساب شيطانية المدرب العراقي, فلو توفر للمدرب واللاعب العراقي ربع ماهو متوفر للمدرب واللاعب الأوربي من أرضية عمل لفاقت انجازاته أعتى المدربين الأوربيين. كرتنا بإعلامها ومدربيها وجماهيرها ولاعبيها تعيش وتنتصر على الفطرة ولكنها تتمتع على الأقل باخلاقية عالية كما هو حال اخلاقية إعلامها الرياضي والذي ارجو أن يتسع صدره لفهم مقالي هذا. كما أن الرياضة العراقية ورغم مادار عليها من محن وأزمات لم تخضع بسبب نقاوة اصلها وشرف إعلامها إلى الخضوع لحرب الطائفية والتمييز القومي الشوفيني كون أن اللاعب المسيحي لازال يسجل أجمل الأهداف في بطولة خماسي الكرة كما أن المدرب العربي لازال يتألق في المناطق الكردستانية. والآن دخل اللاعب الأسود المحترف بكل حرفنة وحب من البوابة الرئيسية لملعب فرانسواحريري. إن العنصرية التي فرضها المدرب السويدي لارش لاغربك في عدم التعامل مع اللاعبين من اصل عربي آسيوي أو أفريقي أو اللاتين اميركية واعتماده بالتالي على 99% من اللاعبين السويديين قد قضت على طموحات شعب كامل بالوصول الى نهائيات كأس العالم القادمة ويبقى لي أن اقول الحمد لله الذي جعل اللاعب بن زيمة واللاعب زيدان بعيدان عن عنصرية مدرب منتخب السويد لارش لاغربك.



12
حينما تقتات الأقلام الصغيرة على موائد الصحف الكبيرة
د. علي الحسناوي
للاسف اضحى الإعلام العراقي وخصوصا الرياضي منه مناخا خصباً لاستقبال وولادة واحتضان العديد من المقالات الرياضية. وهذه المقالات يمكن تصنيفها الى رؤى فردية أو مقابلات أو نقل لنشاطات معينة أو تحليل ونشر رؤية ذات مغزى معيُن. فالرؤى الفردية هي ملك لأصحابها وتعبير حي وحقيقي عن مستوى توجهاتهم الفكرية وخلفياتهم الثقافية, أما المقابلات مع الرياضيين والفنانيين فهي لا تتعدى أكثر من تذكير الجمهور بنشاط معيّن لهذا الرياضي أو ذاك الفنان وهنا يدخل نقل النشاطات الرياضية عبر مراسلين معتمدين أو متطوعين من باب زيادة الخير خيرين. لكن الأهم في الأمر هو قيام البعض من ما يسمون أنفسهم بالإعلاميين أو من كتّاب الكلمة الرياضية بنقل رؤية غير حقيقية أو تحليل غير منطقي لحدث ما وخصوصا حينما يتمحور هذا التحليل على تفسير عقلية تدريبية أو محاولة تفسير حدث رياضي عالمي قد يفوق في امكانياته ثقافة وقدرات المراسل ذاته. نحن (نحن المعني بها نحن القادرين على تشخيص هذه الحالة) نعترف طوعاً أن اتساع رقعة الإعلام الرياضي العراقي المقروء منه والمتلفز تطلب استثمار كمي وغير نوعي للعديد من المراسلين الذين يمكن الإعتماد عليهم في سبيل نقل الخبر وتحليل الحدث. وهذا الاعتماد تنوع بين العمل الطوعي, كما أفعل أنا بمنتهى السعادة, أو العمل على اساس القطعة, كما يفعل غيري وهمُ كثرُ في أرض المهجر, ولكن الاساس في عملية النشر هنا تكمن في وضع  المعلومة أمام أنظار القاريء من خلال العمل على محورين اساسيين أولهما مدى ثقة مستقبِل المعلومة بمصدر ارسالها وثانيهما توافر مستشارين إعلاميين قادرين على التمييز بين الصح وبين الخطأ, أو بين الحقيقة وبين الفبركة, أو بين من يريد أن يرتقي باسمه على حساب رصانة وجدية وشرف كل من المهنة والجريدة. وهنا لا أتحدث عن المنتديات كونها فضاءات شاسعة تتسع لكل الطيور وهي بالتالي تتشكل على شكل مدارس إعلامية مبسطة ينجح فيها من ينجح كي يبقى ويثابر وايضاً يرسب فيها من يرسب كي يغادر. للاسف تقع الصحف العراقية وخصوصا ملاحقها الرياضية تحت طائلة هذا النوع من المراسلين الصغار الذين يحاولون أن يحللوا ويستنتجوا ويقيّموا الكثير من الأحداث الرياضية التي هي بمحتواها أعمق من مضمونهم وبشكلها أكبر من حجمهم. ومن هنا بات على السادة من مديري هذه الملاحق الرياضية المرتبطة أو الصحف الرياضية المستقلة أن تستظل بظل الحقيقة وأن تقترب, كل على طريقته الخاصة, من مصداقية العمل الخاص بمناقشة وتحليل وتقييم احدى الشخصيات الرياضية الأوربية بشكلٍ عام والكروية بشكلٍ خاص. إنه لما يدهشني حقا أن تعمد صحف محترمة الكلمة ووفيرة السمعة, أن تعمَد, إلى نشر تحليلات رياضية تكتيكية ورؤى فكرية وتدريبية ما انزل الله بها من سلطان لا لشيء إلا لأن هذه الرسالة الإعلامية بتحليلاتها ورؤآها قد وردت من خارج العراق وتحديداً من مراسلهم هناك في اي مكانٍ ما من خارطة العالم. عفواً لا أريد أن اتعرّض لأحد أو انتقص من آخر ولكني مؤمن أن رسالة الإعلام الرياضي مبنية على الحقيقة ولا لشيء غير الحقيقة. والله من وراء القصد.

13
سيف عنترة بين القائمة العذراء والقائمة المفتوحة
د. علي الحسناوي
أراهن على البقية من عمري, وهي بيد الله, أن السواد الأعظم من ما يُسمى بالناخبين العراقيين لا يفقهون الفرق فيما بين القائمة المفتوحة والقائمة المغلقة, بل إني شخصياً أجدهما مفردتين لغويتين دخلتا القاموس السياسي العراقي بمباركة مفردات الشفافية, الطائفية, النسيج الوطني, الوحدة الوطنية, المصالحة, حكومة خدمات, .. الخ. ويبدو أن لكل أزمة سياسية عراقية مفردة جديدة تلدها تلك السياسة كي تنمو وتترعرع بيننا وهي تبحث عن والدٍ هارب أو والدةٍ لا هوية لها. ولست أدري مالقوم المدافن من سكان المقابر ومدن القمامة, مِن مهجَري وفقراء العراق, وما للقائمة إن كانت مغلقة أو مفتوحة. عجلة السياسة العراقية, ومن خلال تجربتها الماضية, لا تؤمن , من قريبٍ أو من بعيد, بالبناء والوطنية وتوفير الخدمات قدر إيمانها العميق والتام بأهمية الحصول على السلطة وبعدها لتحترق روما بأهلها (روما هنا تعني العراق). كما أن الناخب العراقي المُستغَل لا يؤمن, هو الآخر, بمفرداتٍ وَضَحَت له زيفها وعدم واقعيتها خلال الأعوام الأربعة العجاف وهو بالتالي أكثر اندفاعا نحو ما يُمكن أن يحصل عليه من مكاسب بغية الادلاء بصوته. ومن الآن اقول للمرشح النزيه الوطني والفقير الذي لم تسمح له كينونته في التنعم بمباهج أوربا والأمريكيتين وجنسياتهما, أقول له وداعا كفيت ووفيت وجعلها الله خاتمة الاحزان, فيما رأيت, على الجانب الآخر من المعادلة الانتخابية العراقية  (وبوالد) عيني العديد من المرشحين الاقوياء وهم يستغلون ويستثمرون ويستغلون مواقعهم ومناصبهم الحكومية في سبيل تسيير عجلة الانتخابات نحو شواطيء موانئهم الضحلة. فبعد أن ولى زمن البطانية والمدفأة وقنينة الزيت جاء الزمن الأخضر بورقة للعائلة أو دفتر للفخذ أو (شدة) للعشيرة. لن يتمكن اي سياسي عراقي وخلال السنوات الألف القادمة من أن يكون غاندياً جديداً خصوصاً وأنه لم يحذو حذو جيفارا في ثورته. ولعلّ ما يؤسف له شديد الاسف أن تعيش في برلماننا, ولأربعة أعوام, ديناصورات وخونة وجواسيس دون أن يتمكن أحد من أن يقول لهم أُفٍ ولم ينهرهمها أو حتى أن يشير اليهما وذلك ما يأتي قبل أضعف الإيمان, بل على العكس من ذلك نجد أن اصحاب الضمائر التي صحت من سباتها حديثاً, وخلال هذه الايام بالذات, بدأت هي الأخرى تنشر الغسيل الوسخ لمن سبقهم أو رافقهم رحلتهم البرلمانية بغية الحصول على بيعة جديدة وكأنهم أدوات كارتونية بيد شركة آريل لانتاج مساحيق التنظيف. أنا أجد أن هؤلاء الذين سكتوا عن الحق طوال الأعوام الأربع العجاف هُم الشياطين الخُرس بعينها, بل هُم أكثر لعنة على السياسة العراقية من غيرهم. أدعوا كل الجياع أن يتوجهوا إلى نادي الصيد ونادي العلوية وقاعات فنادق المنصور والشيراتون وبابل كي يأكلوا عشر مرات ويهتفوا مرة واحدة, أن يتنعموا برائحة السمك المسكوف وعبير الرز المطبوخ بالدهن الحر وعبق شواء القوازي فأمامهم اربعة من السنوات العجاف قادمة لا محالة مادامت قوائمنا الانتخابية قائمة على الاقتتال الانتخابي ومادام الهَم الأعظم حكم العراق وليس خدمة ابناء شعبه والى لقاء في سنة 2014. اتنازل طوعا عن دعوتي لمقاطعة الانتخابات واستبدلها بممارسة الحق الدستوري والجري نحو صناديق الانتخاب فهوَ والله الاحماء الرياضي الحقيقي للموقعة الديمقراطية القادمة, ولكن بعد أن نلقي بالورقة البيضاء مادمنا لا نثق بأحد من رجال العهد القديم ورجالات العهد الجديد ومادام عنترة العبسي لم يصدأ سيفه بعد في زمنٍ تكحلت عيناه بدخول الرجل الاسود في البيت الأبيض..

14
مأساة معهد ماكس بلانك وشعار لا لدول الجوار نعم لدول اللاجوار
د. علي الحسناوي

القضية باختصار أنه ما من دولة جوار قادرة على التدخل في الشان الداخلي العراقي إن لم تحصل على الضوء الأخضر من مولدة فئة عراقية خالصة. وإلا فالمنطق يقول أنه ما من مواطن عراقي مستقل ومحب لاستقلالية ارض وشعب العراق راغب حقاً بتدخل دول الجوار إلا فيما يختص بالنواحي الاقتصادية والمالية. ولكن حسب علمي المتواضع وتجاربي الغنية وخبرتي الثرية بدول أوربا, فإنني أكاد أُجزم بأنه ما من منظمة دولية أو معهد دراسات أو مؤسسة مالية, يُمكن أن تُقدم على عمل اوربي عراقي بغية تطوير واقع عراقي معين, لوجه الله ولسواد عيون العراقيين. فهي, اي هذه المنظمات والمؤسسات والمعاهد, لابد وأن يكون لها مردود مادي أو معنوي, على الأقل بما يُغطي مصاريفها, مقابل وعلى اساس حصولها على السمعة الدولية التي يمكن أن تستثمرها في مجالات أخرى. اقول قولي هذا وأنا اقرأ خبراً مفاده قيام أحد المعاهد الألمانية, معهد ماكس بلانك ومقره مدينة منشن الجنوبية, برعاية مؤتمر عراقي الماني يهدف الى تطوير وتثقيف وتحوير وتكييف البرلماني العراقي أو الساسي العراقي. لست أدري على اية شاكلة وكيف ولماذا, ولكن الخبر بحد ذاته هو استفزاز حقيقي لكرامة السياسة العراقية (الحقة). وهو انتقاص فعلي من قدرات القيادة السياسي العراقي (الحق). والاحتكام الى الأرض المحايدة وعلى هذه الشاكلة يذكرني تماماً بالأرض المحايدة التي يفرضها الاتحاد الدولي للعبة كرة القدم حينما يريد الفصل بين أحقية فريقين في أن يتأهل أحدهما على حساب الآخر. إلا أن الفرق بين هذا وذاك أننا هنا نعمد الى الهروب الايجابي طائعين صاغرين الى دول اللاجوار بغية حل مشاكلنا والتفكير في أمرنا. ومن خلال حسبة بسيطة نجد أن معهد ماكس بلانك هذا غير قادر بالمرة, من الناحية المالية, على تمويل سفر واقامة وتفعيل نشاطات مجموعة من الساسة العراقيين خصوصا وأن هؤلاء الساسة سوف لن يرتضوا بفنادق الثلاث نجوم أو المشاركة الفندقية, كما أنهم سوف لن يأكلوا السندوتشات في المطاعم التركية (الحلال) المنتشرة في الأصقاع الألمانية ذات الأجواء الجميلة والنقية خلال هذه الاشهر بالذات. والذي يريد أن يداهرني أقول له انظر الى تعريف المعهد على لائحة المعاهد الدولية المعنية بشؤون البحوث والتطوير, حيث سيقابلك النص التالي (نحن مؤسسة غير ربحية ومستقلة تُعنى بشؤون البحوث المستقلة والتطوير) والمعهد معني بتطوير قدرات القادة المستقبليين وخصوصاً الأكاديميين حيث أن من أولى مهامه تطوير التعاون المهني بينه وبين الجامعات. وهذا المعهد موجود منذ مايقرب من الستين عاما على الخارطة العلمية الدولية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق باسباب عدم حضور محاضري ومثقفي وقادة ومجاهدي معهد ماكس بلانك الى العراق الآمن المطمئن كي يُقيموا سرادقهم من خيَم العلم والتطوير والتنوير وبمصاريف اقلَّ لهم, وسمعة دولية أفضل لنا, ولكن حينها سنراقب كم مِن هؤلاء الساسة الذين أعدّوا حقائبهم للرحيل نحو بلد الماكنات الألمانية, (تسمية رياضية), بعد أن أنهوا درج اسمائهم في قوائم الايفاد, أقول كّم منهم سيضحون بوقتهم الثمين من أجل حضور محاضرات المعهد المعني. أنا اثق بأنهم كلهم سيحضرون لأن قاعة المحاضرات ابرد والطف من الركض وراء هموم الشعب تحت الشمس المحرقة. أو لنقل هرباً من هموم الناس التي اثقلت كاهلهم وأدمت أعينهم وجعلتهم في حيرة من أمرهم. خير البلية ما يُبكي من الضحك.

15
الإرهاب اللغوي والثقافي لدى موظفي ومستشاري السيد المالكي
علي الحسناوي
لشدّ ما يُحز في نفسي أن اطالع من على فضاء الحرية الكتابية التي ينعم بها عراق اليوم, خطاباُ أو تصريحاً أو رداً صادرا من مستشارية المالكي بمكاتبها المتعددة التخصصات وهو, أي هذا المكتوب, يكاد لا يخلو من الأخطاء اللغوية والنحوية الفاضحة من جهة, وهو يفتقر إلى أبسط مباديء الفكرة النبيلة والرؤية الموضوعية بل والاحترام المتبادل من جهةٍ أخرى. وللأسف الشديد فإن هذه المكاتيب لم تقتصر على اللغة العربية فحسب كونها لغتنا التي بها نتغنى ونستزيد ولكنها تمادت حتى وصلت إلى اللغة الانكليزية التي هي الأساس في تحقيق التواصل الدولي بين دولة رئيس الوزراء والبقية من مسؤولي الحكومات الاجنبية. والمقصود هنا أن هذه الفضائح اللغوية والنوائح الفكرية لم تعُد قابلة للتغطية العربية العربية تحت باب التضامن العربي ولكنها أضحت مدلولاً موثّقاً على الفقر الثقافي واللغوي لدى (البعض) من موظفي المكاتب الاستشارية لدولة رئيس الوزراء.
وقبلاً كنت قد تناولت هذا الموضوع وبالأدلة الدامغة حينما عرضت الرسالة الجوابية وباللغة الانكليزية التي بعثتها واحدة من تلك المكاتب إلى إحدة المؤسسات الدولية والتي كانت , ولازالت, تفتقر إلى أبسط حدود الذوق الدبلوماسي في التخاطب إضافة إلى وقوعها في عشرات الأخطاء الاملائية واللغوية التي لا يُمكن أن يقف عليها أحد طلبة الدراسة المتوسطة ولنقل (من المتفوقين) منهم في اللغة الانكليزية.
وعلى ذكر المتفوقين فقد طالعنا موقع النهرين هذا اليوم, وفي معرض نقله لخبر تغطية عودة الأوائل من برلين, وأطلعنا في ذات الوقت على هفوتين لا يمكن أن تُغتفر في نص الخبر المرسل من (المكتب الاعلامي لمستشار رئاسة الوزراء لشؤون الاعمار والبيئة). فالهفوة الأولى بانت على وقع ( العِلمُ نورن) حيث جاء في نهاية نص المكتب الاعلامي لمستشار رئاسة الوزراء عبارة ( الطلاب الكسالا) وهذا ما سأتركه للغويينا من أحفاد (قُل ولا تقُل) من الزمن الجميل العتيق بغية التعليق والمناقشة والتدقيق حتى لا نضطر الى أخد الزفير قبل الشهيق. أما ما استفزني حقاً وأثار فيَّ جذوة عراقيتي التي عادة ما تخبو حتى تكاد تنطفيء أمام جدران العزل الفكرية التي رصفتها رجالات الداخل بوجه كفاءات الخارج فهو ماجاء في تصريح السيد (حق الحكيم) والذي اطلقه دون وجه حق وبدون أية حكمة والقائل (لاننا نحب الطلاب المتميزين ولا نريد الطلاب الكسالا). هذا التصريح وحسب قرائتي الأولى له يعني أن الطالب العراقي الكسول هو مَن يتحمل مسؤولية كسله كونه يعيش في أجواء دراسية طيبة ومثالية ولا تشوب نبوغه وتفوقه أية شائبة أمنية أو نفسية أو حتى مدرسية. وهي دعوة صريحة الى المسؤولين الحكوميين أولا وما يمثلونه من شرائح اجتماعية ثانية إلى نبذ وكره هذه الشريحة العراقية من الطلبة العراقيين (الكسالا) وعدم مساعدتهم ورعايتهم لأنهم أضحوا أحد أهم أعمدة الإرهاب المحلي والدولي بسبب عدم استثمارهم للبيئة الدراسية الرائعة التي توفرت لهم من جهة وتحت ذريعة أن هؤلاء ليسوا من أحباب الله فيتوجب علينا رجمهم نتيجة لعدم تفوقهم الدراسي من جهة أخرى. لا أريد أن أقول وأعيد حتى لا أزيد من غضب المارد الحكومي الرعديد ولكني أدعو السيد المالكي إلى الإقدام على (صولةٍ) قكرية ولغوية في أروقة مكاتبه وحيثما يتواجد مستشاريه ورجالاتهم كي يتمكن من كنس ارهابهم الثقافي المستتر قبل أن يخرج لتنظيف العراق من الأرهاب الأمني المُعلَن فوالله ثم والله إن الإرهاب الفكري اشد فتكاً بالعراق من غيره..

16
الفنان العراقي وقناة الشرقية. مَن يلهث وراء مَن؟ هذا هو السؤال
علي الحسناوي

من المألوف أن تستعد المحطات الفضائية وتسخِّر عُدتها وعديدها وخلال شهر رمضان تحديداُ في سبيل الوصول إلى عين المشاهد أو قلبه أو تفكيره وذلك حسب التوجهات الفكرية والأهداف, المُعلن عنه والخفي, ووصولاً إلى مصادر التمويل التي تقف وراء هذه القناة أو تلك. وتكتسب القنوات شرعيتها الصحيحة والقانونية في عملية التعاقد مع الفنانين بدرجاتهم العشرة ومستوياتهم المتباينة من خلال لائحة التعاقد التي هي شريعة المتعاقدين. إلا أن المتابع لقناة الشرقية لا يستطيع أن ينحى باللائمة عليها وحدها حينما يتعلق الأمر بهذا الانحطاط الفني الذي يغلف البعض من مسلسلاتها الرمضانية ذات الكادر المتنوع المصادر والمتباين الانحدار الفكري والطبقي. والحديث عن هذا الموضوع بالذات فإنه لابد لنا أن نقف عند حدود الفنان العراقي ذاته وبالتالي تفسير الدافعية الحقيقية التي تقف وراء غرقه في هذا البحر الهائل من التفاهات من الفَن الهابط والتي تُعرَض في العديد من المحطات الفضائية ومنها قناة الشرقية. أما من ناحية أخرى فإن الإصرار على الاساءة المفضوحة والصريحة والمتعمدة لبعض الأغاني العربية المصرية والعراقية ليُعتبر بحد ذاته تجاوز انساني وتعدٍ بشري على حقوق الانسان الطامح نحو الفن النبيل والهادف. فهل يُعقل أن يتم تقليد أغاني نجاة الصغيرة ذات السحر الشرقي المفعم بالمحبة والوداد وذات التأريخ الناصع على شواهد الفن النبيل, أن يتم تقليدها بهذه الصورة البشعة وعلى ألسن فنانين من مستوى الدرك الاسفل من مستويات الفن التجاري الهابط ووفقاً لحركاتٍ تعبيرية هي أقرب الى حركات المصابين بالخلل الدماغي مع احترامي لهؤلاء المصابين الذي يفوق احترامي لهؤلاء الفنانين انفسهم.
ولست أدري من أعطى الحق لقناة الشرقية في أن تعمل على تغيير مفردة (داري) في واحدة من شواهد المقام العراقي الأصيل لأغنية (العملاق يوسف عمر) كي يتم تسميتها بأسم واحدة من مراهقات الفن العراقي الجديد وهي تتلوى على (فاترينة البرنامج) من أجل الإساءة للأغنية العراقية ذات الجنوبية الأصيلة والشموخ الجبلي الصامد.
نعم لنعترف أولاً أن البرنامج الرمضاني لقناة الشرقية , وللقنوات الأخرى, لا يُمكن أن يرتقي, وفي أي حالٍ من الأحوال, إلى القمم المصرية من أمثال نيللي وشريهان وفوازيرهما ولكنه يبقى نسخة رديئة التقليد وسيئة الصيت لمعنى الفوازير والهدف الحقيقي من رسالته النبيلة. إلا أن الذنب لا يُمكن أن يقع على عاتق الإدارة الفنية لقناة الشرقية كونها قناة ترتزق من أعين المشاهد وتريد الوصول الى فكره قبل قلبه, ولكن الذنب كل الذنب يقع على عاتق الفنان العراقي بتنوعاته وتأريخه والذي يوافق طائعاً على الخوض في هذا المستنقع الفني وبالتالي فهو يمنح توقيعه (من أجل حفنة من الدولارات) مع احترامي للفنان كلينت إيستوود, ويوافق بالتالي على توقيع شهادة موته الفني وإعدام تأريخه وتمزيق رسالته الانسانية النبيلة. وإلا فسِّروا لي وفكروا معي, مالذي يدفع بفنانٍ هاربٍ من جحيمٍ ما كي يحصل على الإقامة في دول أوربا الغربية تحت ذريعة النار التي أتت عليه وعلى آل بيته ثم يعود ليرتمي راضياً مرضيا في ذات الجحيم ولكن بشكلٍ آخر وفي مكانٍ آخر. ومالذي يدفع بفنانٍ وقفنا له وانبهرنا بفنه الهادف وهو يؤسس لمسرح عراقي أوربي في اسكندنافيا ثم يشدو بصوته العذب متألقاً في واحدة من أجمل حفلات نقابة الفنانيين العراقيين في المهجر, مالذي يدفعه إلى التعري الجزئي والشعوذة والغناء بطرقٍ مسيئة للذوق العام قبل أن تُسيء لتأريخه الذي ندمنا على وقوفنا أمامه.
ولنعترف, ثانياً, أن لكل بضاعةٍ سوقها الأثير وهو ما يعني أن لفوازير الشرقية جمهورها الكبير والواسع ولكن من يتحمل مسؤولية ذوق هذا الجمهور وبالتالي التاثير في خياراته. وهنا بالتحديد تبرز لنا ظاهرة عجز مفاصل الأداء الحكومي العراقي الرسمي وعلى كافة المستويات ومنها بالذات مفصل الإعلام العراقي الرسمي والمتمثل بالفضائية العراقية التي فشلت فشلاً ذريعا في التعبير عن هموم وآمال المشاهد العراقي خصوصا وأنها القناة التي تكاد تتفرد بانتمائها الى مؤسسة الإعلام العراقي وثروته الطيبة التي لا تُستثمر وفقاً لخطط جماهيرية رائدة وهو ما نلمسه يوميا على الصعيدين العام من القناة العراقية العامة والرياضي الخاص من على القناة العراقية الرياضية.
لست مسؤولاً عن توجهات قناة الشرقية ولا أريد أن أنصّب نفسي محاميا عنها أو قاضيا عليها ولكن الحق والمنطق يقول أن قناة الشرقية لم تعتقل الفنان العراقي وفقا للتكتيك الذي تم فيه اعتقال (المناضل الكردي عبدالله أوجلان) كي تُلقيه مُجبرا أمام كاميراتها, كما أنها لم تُجبر أحد من الفنانين العراقيين من خلال رسالة تهديد أو حديثٍ بوعيد على التوجه عبر القارات السبع كي يحط طائراً صابراً صاغراً لتوجهات مخرجيها, ولم يرفع دُعاة قناة الشرقية كاتماً للصوت في وجه الفنان العراقي كي تُجبره على ترديد افكار كتّابها ومؤلفيها. والآن مَن يلهث وراء مَن؟ هذا هو السؤال.

17
التأثيرات السلبية لكتّاب الانترنت المستترين منهم والمكشوفين على أزمة العراق
علي الحسناوي
لم أفكر يوماً في اي اتجاه تصب خواطري وكتاباتي حينما يتعلق الأمر والموضوع بحالة عراقية عامة.  فمن الطبيعي أننا نرسل همومنا ووجعنا المستورد منه والمصدّر الى مَن يعنيهم الأمر من ولاة الفضائيات وسادة المواقع وأمراء الصحف. وليس المهم حينها في اي نهرٍ تبكي مآقينا أو على اي رصيف ترسو مراسينا مادام المصب العام ينحدر نحو سدة العراق, وهو ما يتعالى على تفكيرنا وما يسمو على نوايانا.  وللأسف فإن تصفحي اليومي والعادي للعديد من المواقع العراقية والعربية دفعني إلى ملاحظة الكثير من التباين المحسوس والمقصود في الطرق والمقومات التي يعتمدها البعض في تصنيف هذه المواقع طبقاً لتوجهات كتابه من جهةٍ أو اسم وتأريخ القائم أو القائمين عليه. ووصل الأمر الى الحد الذي اضحت فيه المغالاة في الأمر تأخذ طابعا محدداً بقوالب جاهزة ودون أدنى فسحة زمنية للتفكير في طريقة التقييم أو التراجع عن شمولية التعميم. فالواعظ الديني يُتهم بالشيوعية والإلحاد ووجوب الرجم إن هو كتب مقالة في كيفية التقرب إلى الله واسندها بخطاب نبوي جائت فيه مفردة الجدلية بشكلٍ متكرر حتى لو كانت الجدلية هذه تُبنى على رؤية واقعية لمهمة الدين في تطور حياة الإنسان. والكاتب العربي القلب حَد التعصب يُتهم بالبعثية والعفلقية إن هو كتب موضوعاً عن أهمية التضامن العربي في حياة الأمة وذلك حتى لو كانت الأمة هي فعلاً في أمس الحاجة الى تطبيق فكرة التعاون الخليجي والعودة الى نقاوة الصحراء كي تغسل تناقضات وتقاطعات السياسة في المدن. وحينما يكتب الأديب الكردي عن أهمية تأثير شعر كوران أو صوت كابان في تنويعات الفن الغنائي العراقي فإنه كردي شوفيني انفصالي. والمثقف الماركسي يتحول إلى مُلحد وعدو الله الأوحد حينما يقول أن أحلى الأيام تلك التي لم تأتي بعد, إذ من أين لهذا المُلحد أن يعرف ببواطن الغيب وما سيدخل الجيب, ولا أدري ماذا سيحل به فيما لو قال إن الدين أفيون الشعوب. ويبقى , وفي ظل هذه المعادلة, العراقي الداعي إلى الوحدة والتماسك وعدم التفريط بجغرافية العراق وتمزيق جسده المريض, يبقى عدواً ملعوناً يتوجب على الأكراد رميه من على قمة بيري مكرون على أن لا يُدفن في تلك الأرض الخضراء المباركة. وهكذا يمتد التقاطع الأدبي والفكري والسياسي والاجتماعي المتقابل والمزدوج والخارجي والداخلي  بين زوايا العرب بسنته وشيعته, والأكراد  ببرزانييهم وطالبانييهم, والتركمان بكركوكهم المختلطة وتركيتهم الأمل, والأقليات الأخرى التي قد لا أُحسن تسميتها بين الطائفة الأصل والمسيحية التسمية والأخرى من الأزيدية, المندائية, الشبك, مروراً بآخر تسمية مهما قل عددها وتنوعت مآربها. وللاسف تمتد حالة الكر والفر هذه بين الطوائف والأعراق العراقية تحديداً إلى أبعد من جغرافية العراق حتى أن لهيب حريقها في العراق يكاد يلامس أطراف القارات السبع حيث ما وجد عراقي ابن عراقي ابن عراقي. إن تداعيات هذا الصراع العراقي الداخلي تراه بيّناً في الولايات الأميركية على امتداد القارة والمناطق الاسترالية والكندية ودول اسكندنافيا ودول أوربا الغربية. وعلى الرغم من أنني استشهد بالتجارب القريبة مني كوني شاهد عليها إلا أنني اتسائل كيف يمكن لأكثر من خمسين قومية وطائفة تتحدث أكثر من خمسين لغة, أن تتعايش جنباً إلى جنب في مقاطعةٍ واحدة في أحدى الدول الأوربية. وقد لا أكون انا الشاهد الوحيد على هذه الجزئية حيث أن التعايش السلمي والمتحضر بين المهاجرين من مختلف دول العالم, وعلى اختلاف ثقافاتهم واديانهم, قد اضحى أنموذجا يُأخذ به في العديد من الدراسات والبحوث الاجتماعية. وبكل تأكيد فإن التخصص العرقي أو الطائفي أو الفكري الذي تفرضه إحدى المواقع العربية أو العراقية في الخارج على كتّابها قد بدأ يأخذ طابعا عدوانياً شرساً من حيث انعكاساته على توجهات الداخل. ولكن هذا لا يمنع من الإعتراف بوجود بعض المواقع العراقية الطابع والوطنية التوجه والتي تنشر لجميع العراقيين مادام هؤلاء يحترمون الرأي والرأي الآخر تحت إطار من الاحترام لمفاهيم الحوار المتمدن والمتحضر وبعيداً عن الاساليب الرخيصة والمأجورة أو المدفوعة الثمن في التعبير عن آراء غيرها في نشر سمومها على صفحات بعض المواقع النبيلة.
ويلاحظ القاريء اللبيب أن هنالك بعض الكتّاب ممن تلتصق مقالاتهم وصورهم بالموقع ولأيامٍ طويلة ومتعددة لا لسبب إلا لكون الكاتب ينتمي الى الصفوة التي يعتمد عليها مدير الموقع أو لأن الكاتب يرتبط بعلاقات فوق العادة مع مدير الموقع, وبالتأكيد فإن هذا حق مشروع للموقع ومديره كونه صاحب الحق والامتياز ولكنه من جانب آخر يُثير العديد من الاسئلة المبهمة والتي تحتاج الى أجوبة واضحة وصريحة وخصوصاً مع فورة الكتابة الالكترونية واتساع الهوس البشري في صياغة المقال أو في الرد عليه وهو ما يُجبر العديد من مدراء المواقع الملتزمين بشرف المهنة على فرض سياسة التغيير اليومي أو الأسبوعي لواجهة كتابهم من خلال استقبال ونشر مواضيع جديدة لكتّاب آخرين بعد أن يكون لهم إطلاع أوّلي على توجهات الكاتب والمقال. ولابد أن نعترف هنا أن لأسماء بعض الكتاب وقع جواز المرور الدبلوماسي (وليس الدكلوماسي كما ينطقها بعض سفرائنا) على قلب الموقع دون استئذان وذلك نتيجة لنجاحهم وتميزهم السابق في التعبير عن الحالة العراقية بكل صدق وأمانة ودن أن نشم بين سطور كتاباتهم رائحة تأجيج اي صراع عراقي داخلي.
وللاسف لم يتمكن اي من كتابنا, السابقين منهم واللاحقين, على تفسير مفردات التسميات التي اختلطت على القاريء نتيجة لاتساع مساحات البث الفضائي والكتابة الالكترونية ومنها على سبيل المثال وليس الحصر مفردات, محلل, ناقد, باحث, كاتب, مؤلف, أكاديمي, هذه التسميات التي عادة ما تسبق اسماء كتابنا وهي التي بدأت تثير فينا نوعاً من الأزمة الفكرية أو المعرفية في فهم مجموعة من القضايا والتي يقف في مقدمتها أحقية الكاتب في تزكية وتزويق اسمه بهذه المفردة أو تلك. أو لنقل من هو المسؤول الأول عن منح مثل هذه الألقاب وماهي مقومات الحصول عليها وشروط الالتزام بها؟.
إن فك رموز مثل هذه المعادلات سوف يمنح القاريء صفاءً فكرياً وجواً انتقائياً لمساعدته على الثقة بالكاتب من جهة والإيمان بما يكتبه من جهةٍ أخرى خصوصاً ونحن نعيش عصر حرية الكتابة والتعبير والنشر والتفكير. وهنا يتمكن القاريء بكل تأكيد من تمييز توجهات الكاتب والوقوف على مراميه ومقاصده من كتابة مثل هكذا مقال وهو ما سوف يمنحه, اي القاريء, تلك الجرعة المضادة لعدم الانقياد وراء هذا الكاتب أو ذاك.
أما أزمة التخفي وراء الاسماء المستعارة فمردها إلى أزمة الثقة بين الكاتب ومجتمعه وهي حالة سايكولوجية بحتة تُعطي الكاتب الحق بالانغماس في شخصية هي غير شخصيته كي يتقمص الدور الجديد والمتلون الذي يتطلب منه الكتابة في المواضيع الحساسة أو الخوض في الردود التي تحتاج نوعاً منفرداً من التباين الخُلُقي والتوجه التربوي. وعلى الرغم من أن هذه الحالة ليست بجديدة على ثقافة العالم المعاصر إلا أنها ولدت لأسباب هي خارج الحالة العراقية وصراعاتها الفكرية والسياسية في الوقت الراهن. وللقاريء أن يحصي العشرات من المسميات الغريبة التي تكتب بحرية كاملة وبتمايز في النشر لا مثيل له كونها تقبع خارج حدود المسؤولية الاخلاقية والقانونية بعد أن ألغت هويتها الحقيقية خصوصاً مع تواجد عبارة (المواضيع المنشورة تعبّر عن راي كتابها ولا يتحمل الموقع ....). ومهما يكن السبب التي تختفي وراء بردته هذه الشخصيات ذات الاسماء الوهمية والشخوص الحقيقية فإني أرى أنها تؤشر لحالة صحية أحياناً في النقد والتحليل وتأشير الخطأ ولكن مع هروبها السرمدي وتنصلها من المناقشة والمسائلة والتصدي للمنتقدين أو المعارضين, إذ لا يصُح في عالم اليوم أن تُلقي بفكرتك وتهرب من كنيتك نحو القطعات الخلفية كي تستظل بظل الآمر. وهذا يعني أن هذا الهروب هو إلغاء أو إقصاء لفكرة التناقض اساس التطور أو لنقل التناقض المحترم اساس ولادة الأفكار المحترمة. قد لا أكون الأنسب لتناول مثل هكذا موضوع ولكني ارجو أن أكون الأول في طرق ابوابه فهل من فاتحٍ آخر ونحن على ابواب سبتمبر؟

18
ياوزير التعليم العالي. وهَلْ عُمر العراقي مثل عُمر البشر
علي الحسناوي

لا أعلم إن كانت هنالك أية قرآنية أو حديث نبوي قد أفتت باقتصار القبول لطلبة الدراسات العليا وفقاً لمحددي العمر والمعدل. ولم أقرأ في صحائف الأولين وفتاوى الآخرين المسلمين منهم وغير المسلمين عن أية معلومة أو فكرة تؤيد القبول والإمتناع لأفكار وزير التعليم العالي التي طرحها مؤخراً من كونها خطاً أحمر لا يُمكن التجاوز عليه. ويبدو لي الآن أن معدل الخطوط الحمراء التي لا يمكن التجاوز عليها في جمهورية العراق سواء بالحوار أو النقاش أو المفاضلة أو الرفض قد تُدخلنا كتاب غينس للأرقام القياسية أو ربما أن فكرة تزايد الخطوط الحمراء في العراق قد تدفعه إلى الإعلان عن التوصل إلى الحل الكامل والشامل لألوان وتصميم العَلَم العراقي من خلال رسم مئات الخطوط الحمراء المتوازية على قطعة قماش سوداء مستطيلة. ونحن وإن آمنا بأن شرط المعدل قد يكون مقبولاً نوعاً ما كونه مؤشر سليم, في الحالات الإعتيادية ووفقا لأوضاعٍ مستقرة, على التفاضل العلمي بين منتسبٍ وآخر. أما شرط العمر فإني أراه مجحفاً وقاصراً ومحدداً للطموح البشري المشروع, بل هو تجاوز صارخ على حقوق الإنسان بشكلٍ عام وخصوصاً حقه الطبيعي في التعليم والمعرفة. ولست أدري إن كان السيد وزير التعليم العالي ينكر على أوربا تطورها العلمي الأكاديمي وسباقها المحموم من أجل التطور المعرفي وسبر أغوار الكون وهي التي تستثني خط العمر الأحمر من أجل القبول والإنتساب إلى أقسام الدراسات العليا في جامعاتها المختلفة الأهداف والمتباينة التخصصات. لا نعلم على وجه التحديد إلى متى سيبقى العراق, وهو منار الحضارة  ونور المعرفة, إلى متى يبقى يعيش على تناقضات مسؤوليه وصراعات القرارات غير المدروسة والتي لا تُلبي طموحات وتطلعات المواطن العراقي. ولكني أعي تماما أن هذا البلد لو كُتب عليه أن يعيش حالة حرب خارجية جديدة, على الرغم من حروبه الداخلية المتعددة, فسيكون السبّاق إلى تجاوز كل معدلات العمر الحمراء كي يستدعي شيبه وشبابه ونسائه وأطفاله من أجل الإلقاء بهم إلى متون حرب جديدة أو لتبرير اعتداء جديد. وهاهي مواليد 1947 أو المتبقي منها لازالت شاهدة على اجتثاثهم وقطع رحمهم في أتون حروبٍ ما أبقت منهم من هو قادر على التواصل الحياتي بعد أن خمدت فتنتها وخفتت جمراتها وفُكت طلاسمها وفاحت اسرارها. ولكن حينما يتعلق الأمر بموضوعٍ حياتي ورغبة بشرية معرفية عارمة فهنا لابد لماكنة الحياة أن تتوقف أما بفعل عصى الوزير أو تحت رحمة صدأ ماكنة الحروب الداخلية منها والخارجية. وحينما ننظر للأمر من ناحية أخرى قد تتجاوز المساحات المسموح للوزير التفكير فيها, فإننا نجد أن ما من دراسات عليا قد أنجبت سيبويه والفراهيدي وابن رشد عند العرب وما من شهادة دكتوراه قد أتت بزرادشت وشهريار وشهرزاد عند العجم, ولم تكن شهادة الماجستير هي من ألقت بخطى آرمسترونغ الأميركي على القمر في خطوة صغيرة لبشر واحد وكبيرة وجريئة للبشرية أجمع. كان محمد الأمين أمياً وكان المسيح نجاراً وكان الأنبياء رُعاة ولم يتم اصطفائهم تحت تأثير درجاتهم العلمية أو مراحلهم السنية أو حتى معدلاتهم الدراسية في كتاتيب ودواوين ذاك الزمان. للأسف لازلنا نعيش سلطة اللقب العلمي بعد أن جارت علينا السلطات والمسميات الأخرى وسامتنا سوء العذاب حتى وصل بنا الحال إلى الخضوع القسري لسلطة الدرجات الدينية التي بدأت تحلل هذا وتحرّم ذاك وكأننا مهاجرون من كوكبٍ لا رَب له ولا سلطان. ايها الوزير المتعلم لا تحرموا الناس العِلم بعد أن سرق غيرك خبزهم ولا تجعلوهم يستشيطوا فيكبر غيضهم ويقوى كيدهم وغضبهم وحينما يأتي يوم على العراق حيث لا ينفع فيه جدار عازل في التفريق فيما بين العالم والجاهل سوف نجد بعد أن تتكسر الأنامل أن إشباع الفكر خير لكم وأبقى من بعد جوع البطون. ليست العبرة ايها الوزير في أن تكون امتداداً لمن سبقك في التكرار واتخاذ القرار ولكن العبرة في أن تؤسس لأرضية أكاديمية إيجابية تتميز بها عن غيرك حيث يكون التعليم العالي أحد الحقوق المشروعة لكل مواطن وبعيداً عن محددات العُمر ووفقاً لفضاءاتٍ نيرة وحريات ملتزمة ومكفولة في البحث والتقصي وطرح الإستنتاج. ايها السادة الوزراء عليكم أن تعلموا أن كافة شهادات التخرج العراقية الممنوحة خلال الفترة من 1979 ولغاية 1988 قد فقدت مصداقيتها ونفذت صلاحياتها بسبب الحرب الإيرانية العراقية الجائرة على الطرفين ووفقاً لمواثيق اليونسكو التي تستدعي الإنخراط في العمل خلال سنتين من تأريخ الحصول على آخر شهادة جامعية. إن هذا الأمر يعني ضمناً أن هنالك الآلاف من العراقيين والعراقيات الذين لم يسعفهم الحظ العراقي العاثر المتعثر في التقديم إلى الدراسات العليا إلا خلال المرحلة الحالية وذلك بسبب الجور الداخلي والهجرة الخارجية وكلا النوعين من الإغتراب المؤقت والدائم. وأخيراً سيادة الوزير اقول لك أن وزارتي التعليم العالي ووزارة الرياضة والشباب إضافة إلى وزارة الثقافة والفنون هم الأعمدة الحقيقية التي تقف عليهما خيمة الوطن أو لنقل التي لابد منهما كي يستقر (قِدر) الوطن. قد تُغادر يا سيادة الوزير خلال ملحمة الانتخابات القادمة وحسب ما تقتضيه لوائح المحاصصة البغيضة ولكنك مطالب اليوم وأكثر من أي يوم مضى في سبيل تسجيل اسمك في سجل الخالدين والمخلصين الذين تركوا اثراً طيبا على مدخل وزارتهم.

19



منتخب شباب العراق الأوربي: حراسة كردية ودفاعات مسيحية وهجوم عربي
علي الحسناوي
قد لا يستسيغ البعض, وأنا منهم, الكتابة عن أي حدث رياضي عراقي بلغة التقسيم ومفردات التجزئة, ولكن الدافعية لإنجاح الحدث بمعطيات النتائج هي من يفرض عليك قالباً معيناً لا يحق لك حينها أن تتنصل من قول الحقيقة وذلك من خلال اللعب بالكلمات. فالعراق ورياضته حالة من التوافق والتآلف والتآخي بين مكونات أمة العراق على مر العصور والأزمان. والمتتبع لتأريخ العراق الكروي يجد أن النجوم التي أضاءت ليل العراق والشموس التي استفاقت عليه نهاراته كانت تتغذى وتستمد عزيمتها من تراتيل الكنائس وآذان الجوامع وصلوات المعابد الأخرى. وانطلاقاً من الكأس الآسيوي الذي وحّد رياضة العراق مروراً بالمنجز الكروي العراقي لبطولة غوتا خلال هذه السنة وحتى النصر الذي خطه منتخب شباب العراق الأوربي في مشاركته الأولى نجد أن هذه الحلقات العراقية الثلاث تجتمع في سلسلة واحدة هي سلسلة الانتصارات الكروية الرياضية العراقية في كافة المحافل الدولية متجاوزةً جدران العزل الطائفية وعابرة فوق خنادق العنصرية والشوفينية. وبعد أن أخفق الساسة, وخلال الأعوام التي مرت, من توحيد كلمة الوطن والإعلاء من صوته الوطني داخل المحافل الدولية نجد أن رياضة كرة القدم العراقية قد تمكنت ولمراتٍ ثلاث متتالية من أن تعيد للحزن العراقي بسمته وأن تعيد لسارياته راياته وأن توحد أغنية مهاجريه وجالياته على أغنيةٍ رتلها شباب العراق على أجمل ما يكون. وبعد أن كانت لي شرف المشاركة الرسمية كأحد العاملين في فريق العمل الفني والإداري لبطولتي غوتا في غوتنبرغ وسيفله في كارلستاد, تلمست لي جادةً اصلب نحو العراق وأهله وخصوصاً وأنا اعيش كلمة العراق المدوية من كافة جوانب الملعب حينما كانت الرايات العراقية تُعلن ولادة وحدة وطنية رياضية من نوع خاص. هنيئاً لكل من اثبت أن زيتونة الرياضة اقوى من مدافع السياسة, وأن الصراع بين عبارة الله وأكبر والنجوم الثلاث لا معنى له حينما لا تهتز الراية بهمة السواعد الوطنية والمخلصة. مبروك لمنتخب المدينة وهو يمنح العالم تذكرة التعريف بمعنى أمن العراق, ومبروك لمنتخب الشباب العراقي الأوربي وهو يتمختر على بوابة العراق بعربات آشور المكللة بنرجس الكرد والمعقودة على رقاب الخيول العربية الأصيلة. طوبى لكم, يا رُسُل المحبة والتآخي والسلام, وأنتم تمدون اجنحة العراق خارج حدوده الجغرافية كي يكون لكم في كل بلدٍ عراق, وحتى لا يكون لنا في عراق واحد أكثر من بلد.

20
الجالية المسيحية تحتفي بمنتخب مدينة الصدر في غوتنبرغ السويدية
علي الحسناوي
إحتفت الأوساط المسيحية العراقية في مدينة يوتبوري السويدية بالوفد العراقي الكروي القادم من مدينة الصدر للمشاركة في بطولة غوثيا الشبابية الدولية. وفي احتفالية عراقية رائعة وجهت الجالية المسيحية الدعوة للعديد من المنظمات العراقية العاملة في المدينة لمشاركتها احتفاليتها التي استمرت حتى بعد منتصف الليل. وألقى السيد حسن شمة رئيس المجلس البلدي لمدينة الصدر ورئيس الوفد كلمة بالمناسبة أشاد من خلالها بالدعوة الكريمة ثم عبر السيد ألبير عن سعادته الغامرة بحضور الوفد وكسره للحصار الرياضي المفروض على مشاركات العراق الخارجية. وكان للدكتور علي الحسناوي الحضور الشعري المتميز من خلال قرائته لقصيدة الشاعر فالح الدراجي (يا مسيحينه العراقي) والتي أعقبها بقراءة قصيدته الخاصة (يا عراق) حيث لاقت المقطوعتان إستحسان الجمهور الغفير الذي لم تتسعه قاعة البيت الثقافي العراقي.  بعدها تم الإعلان عن تسمية السيد إيفان كاتو سفيرا للسلام والرياضة وهو أحد الأبطال الثلاثة من الذين وقفوا وراء تنفيذ مشاركة الوفد العراقي إضافة إلى المجهودات القيمة التي وقف عليها كل من الكابتن سلام علي والسيد تميم الكرعاوي. وعلى انغام الفرقة الموسيقية اختلطت الأكف بالأكف والصوت بالصوت لتشدو مزيجاً طيباً من الأغاني العراقية الجميلة التي أطربت الحضور الكريم وأعادتهم إلى ملاعب الصبا والشباب في عراق الخير والبركات. وخلال استراحة العشاء قام السيد مسؤول منظمة الحزب الشيوعي في يتبوري بتقديم هدية تذكارية الى رئاسة الوفد تعبيراً عن أمتنان الحزب لما ابداه الوفد من تفعيل روح التضامن العراقي والألفة والمحبة من على مدرجات الملعب. إن بصمة المحبة وروح التضامن التي زرعتها وتزرعها الجاليات المسيحية على المكوّن العراقي ستبقى رمزاً للتآخي والتآلف مهما اشتدت الشدائد. المجد للرب في العلى وعلى أرض العراق السلام.


21
حقائق بأرقام مرعبة عن سوء مشاركة منتخب العراق في كأس القارات
د. علي الحسناوي

لا نُريد أن نتحدث بلغة الإعلام العراقي المُتعَب والمُحبط عن مشاركة العراق في كأس القارات. ولن نرقص فرحاً للأغاني النشاز التي يُطلقها البعض, للأسف, عن جدية واثارة وندية ونجاح المشاركة. هذه التصريحات التي وردت من رأس هرم المؤسسة الكروية العراقية مروراً ببعض دعاة الإعلام الرياضي ومحلليه وخبراءه ووصولاً إلى أصغر متابع كروي عراقي. في نظريات كرة القدم عادة ما تكون مسؤولية تسجيل الأهداف من نصيب اللاعب المهاجم. ونتيجة لمقتضيات الخطة فقد يتولى هذا الأمر لاعب الوسط, أما لاعب الدفاع فهو الأبعد عن التسديد إلا في حالاتٍ نادرةٍ جداً. تشير الأرقام الواردة من موقع البطولة وطبقاً لأحدث برامج التحليل (نموذج كاسترول لتحليل الأداء) المتبعة حالياً إلى أن لاعبي الهجوم العراقي كانوا الأكثر عقما في التسديد أو التهديف نحو مرمى الخصوم. فمن مبارياتهم الثلاث لم يتمكن هذا الهجوم الضارب سوى التصويب لثلاث مرات صحيحة باتجاه الهدف ونحن غير معنيين هنا بسرعة وزاوية وطريقة التسديد كونها أمورٌ لم نصل نحن بعد إلى فك طلاسمها وحل رموزها كما يعتقد البعض من أولي العِلم والمعرفة. كما أن هذه الحقائق المذكورة أدناه تتحدث وبشكلٍ علمي ولا يقبل الجدل عن التحليل الفردي للقدرات الفسيولوجية والمهارية للاعبين وليس عن مستوى فهمهم الخططي وقدرات مدربهم ولو أن المدرب يتحمل الوزر الأكبر في سبيل إعداد اللاعبين الإعداد الجيد وبما يتناسب ومستوى جهد البطولات.
حصل اللاعب العراقي السفاح يونس محمود على المركز الأخير في تصنيف كاسترول التحليلي الذي تم تطبيقه على كافة اللاعبين المهاجمين, حيث جاء يونس في التسلسل 76 وبمعدل 4,12. ويثير هذا الرقم أو موقع يونس ضمن القائمة الكثير من الفهم لدى المشاهد العادي وذلك فيما لو علمنا أن كل قدرات يونس الهجومية, خلال البطولة, تأتي بمقدار أقل من نصف قدرات اللاعب الاسباني دافيد فيلا والذي تربع على عرش القائمة بحصوله على الرقم 1 وبنسبة 9,1. والمصيبة الكبرى تكمن في حصول اثنين من مهاجمي نيوزلندا (الضعيفة) على المركزين 42 و 65 على التوالي وبمعدلات 6,55 و 5,19 على التوالي متقدمين على السفاح يونس في ترتيب القائمة.
والأكثر غرابة مما سبق وعند استخدام مؤشر كاسترول لتحليل قدرات لاعبي الوسط فإننا نجد أن لاعب الوسط العراقي نشأت أكرم يقبع ضمن المراكز الثلاثة الأخيرة حيث حصل نشأت على التسلسل 70 من 73 لاعب وبمعدل خجول هو 4,94 وهي ذات القائمة التي تفوق فيها البرازيلي كاكا وبمعدل 9,06 أي أن كاكا يعادل تقريباً ضعف قدرات لاعب الوسط العراقي نشأت أكرم. وليس من باب العجب أن نذكر هنا وفي نفس هذا المحفل بأن هنالك أربعة لاعبين وسط نيوزيلنديين قد تفوقوا على نشأت أكرم في تسلسل القائمة وحصلوا على مراتب متقدمة فيها ومنهم سيمون إليوت ضمن التسلسل 41 وبمعدل 6,70. .
ساذكر لكم أرقام تسلسلية وحسب أسم اللاعب العراقي وهذه الأرقام تمثل مجموع ( التمريرات القصيرة, المتوسطة, الطويلة, عدد مرات التسديد الطائش, عدد مرات التصويب الصحيح) خلال مبارياتنا الثلاث ولكم أن تحكموا بالتالي على فزع الحقائق التي تختفي وراء هذه الأرقام.
يونس محمود: 19, 29, 6, 1, صفر.
كرار جاسم: 24, 43,16,4, 2
هوار الملا محمد: 32, 30, 3, صفر, صفر
عماد محمد: 7, 20, 3, 1, صفر
صالح سدير: 3, 9, 1, 3, صفر
نشأت أكرم: 46, 89, 26, 5, صفر
علاء عبد الزهرة: 12, 29, 6, 3, 1
لاحظ مستوى رقم مجموع المناولات لدى اللاعبين محمد علي كريم 93, فريد مجيد 90, علاء عبد الزهرة 47, سلام شاكر 83. وبغض النظر عن زمن الأداء الذي حصل عليه كل لاعب وخصوصاً السفاح يونس 190 دقيقة  بنسبة 51,58 % من دقة المناولة مع تسديدة واحدة يتيمة من داخل منطقة الجزاء, ونشات 270 دقيقة بنسبة 71,43 من دقة المناولة مع 5 تسديدات متهورة من خارج منطقة الجزاء.
ومن الأمور التي نأسف لها تماماً هي عدم قدرة أيٍ من لاعبي الهجوم والوسط العراقيين من الظهور على مؤشر كاسترول التحليلي (كاميرات تحليلية ترتبط بمنظومة كومبيوترية معقدة) وذلك لعدم تطور قدراتهم اللياقية من حيث سرعة الحركة داخل الملعب والمسافة المقطوعة خلال مشاركتهم في هذه البطولة وهما الأساس الحقيقي في عمليتي إعادة التنظيم ونقل الكرة للأمام في مباريات كرة القدم. وحتى مع مغادرة المنتخب الاسباني البطولة إلا أن دافيد فيلا لازال يحمل الرقم الأفضل وهو 28,36 لسرعة العمل مقابل 31532 للمسافة المقطوعة يليه البررازيلي كاكا ثم الاميركي ديمبسلي فالجنوب افريقي ماسيلا واخيراً مواطنه توريس.
ومن دواعي فخر العراق في هذه البطولة هو حصول الحارس العراقي محمد كاصد على الرقم 1 ضمن مؤشر كاسترول وبمعدل عام هو 8,51 يليه الحارس الجنوب افريقي إيتوميلينغ بمعدل 6,89 وأخيرا الحارس المصري عصام الحضري بمعدل 5,96 . كما أن حصول الاتحاد العراقي على مبلغ المليون ونصف المليون دولار من الفيفا يعتبر إحدى ثمرات وبركات هذه المشاركة.
ومن الأرقام الداخلية الأخرى هي تلك المفاجأة التي أحدثها المدافع العراقي الشاب وقليل الخبرة فريد مجيد بتفوقه على كل من سلام شاكر وعلي حسين ارحيمة ضمن تسلسل قائمة كاسترول التحليلية للمدافعين حيث حصل فريد على معدل 5,97 يليه سلام بمعدل 5,70 ثم علي ارحيمة بمعدل 4.63. ولأغراض المقارنة فقط نذكرأن المدافع الجنوب افريقي ماسيلا قد حصل على المرتبة الأولى وبمعدل 8,70 في حين تفوق المدافع العراقي باسم عباس على اصابته ليحصل على معدل مقنع وهو 7,95.
فهل يُعقل ياسادة ياكرام ويا من تجلسون على الأرائك الأثيرة وتُلقون بالثلج على كل حصيرة أن تتبنوا تصرياحتكم المريرة وتُعلنوا على لسان أميركم والأميرة أنها ستكون المشاركة الأخيرة بعد أن ملّت الخلق أحجيتكم الوفيرة الطويلة الخضراء منها والقصيرة.

لمزيد من التفاصيل http://www.fifa.com/confederationscup/statistics/index.html

22
بفكر بورا ونجاح أولاد راضي ورحمة الحكم حصلنا على التعادل

د. علي الحسناوي

لا أُخفيكم سراً فيما لو اعتقدت ولو لبرهةٍ من الزمن بقدرة بورا على قراءة اللغة العربية, وما يدفعني لهذا الإعتقاد هي تلك التشكيلة المتوازنة من لاعبي المنتخب الوطني التي إعتمدها فيرا في سبيل تنفيذ فكره الخططي لإستيعاب رهبة متطلبات مباراة إفتتاحية من نوع كأس القارات والتي كان فيها منتخبنا الوطني الأكثر استقراراً من ذي قبل وذلك قبل أن يُسلّم مفاتيح اللعب للفريق الخصم خلال النصف ساعة الأخيرة من المباراة بفعل عاملي اللياقة البدنية المدنية وغياب الفهم الخططي لإعادة تشكيل الهجوم الضاغط لدى الحصول السريع على الكرة, أي أن هذه التشكيلة جائت متطابقةً نوعاً ما بين رؤية بورا التكتيكية لقدرات لاعبي منتخبنا وبين رؤية الإعلام الرياضي العراقي, الأكاديمي منه والمتخصص.
أفصحت المباراة عن حقيقةٍ مرةٍ مفادها أن الثلاثي العراقي هوار ـ يونس ـ نشأت لم يعُد متفاهماً بالمرة على كيفية توحيد الجهود وتنفيذ فكرة المدرب وخصوصاً في المساحات المفتوحة أمام الفريق الخصم, حتى أنهم لم يُحسنوا التواجد على مسافات مناسبة من بعضهم البعض ووفقاً لمتطلبات الأداء الآني.
يبدو أن بورا قد راهن منذ البداية على عدم إشراك هوار في تنفيذ فكرته الخططية لهذه المباراة بالذات والذي, أي هوار, لم يكن بمستوى طموح رفع إيقاع مستوى المباراة بعد إشراكه خلال الربع ساعة الأخيرة من زمن المباراة. إن الخلل الهجومي والعقم التهديفي تفاقم لدى منتخبنا بعد خروج مهدي كريم حيث كان من المفترض خروج يونس محمود الذي لم يكن فعالاً بالمرة خصوصاً وأن صالح سدير كان الأقرب لتشكيل تفاهم جديد بينه وبين علاء عبد الزهرة ومهدي كريم في حالة عدم خروجه على ذاك النحو الذي تابعناه معاً.
أفرزت المباراة مجموعة من نقاط الضعف التي لم يتمكن بورا من القضاء عليها خلال فترة الإعداد القصيرة كونها من أولويات كرة القدم ولابد للاعب من أن يتقنها قبل أن يرتدي فانيلة المنتخب الوطني. ومنها عدم قدرة لاعبينا على تحريك والسيطرة على الكرة في المناولات القصيرة التي كنا الأحوج إليها ضمن خطة بورا خصوصاً بعد أن انتبه كل مختص في تحليل كرة القدم إلى أن بورا قد منع المهاجمين تماما من متابعة الكرة الساقطة وذلك بعدم الضغط على الحارس أو المدافع الأخير الساقط.
تركزت خطة بورا على الإحتفاظ بأكبر تكتل عددي في ثلث الوسط أو ما يُسمى بمنطقة العمليات دافعاً بعلي حسين رحيمة إلى الأمام عند عبور الكرة نحو منتصف ملعب الخصم مقابل عدم توغل يونس نحو منطقة جزاء الخصم. لا أُريد أن انتقص من قدرات يونس اللياقية وفهمه الخططي حيث توّج الأولى بكثرة السقوط والإعتراض, وأعرب عن الثانية بكثرة الركض نحو المساحات الميتة في ملعب كرة القدم, ولكني وجدته غير قادر على اللعب بدون الحرية التي تعوّد عليها ايام فيرا وأكرم وحمد. كما أن منتخبنا أضاع التوازن الخططي عند إعادة تنظيم التمركز من حالة الهجوم إلى حالة الدفاع والدليل على هذا الشرح هو ما شاهدناه من قيام بورا بتوجيه اللاعبين للتحرك قريباً من جوانب الملعب في حالة حصول الخصم على الركلات والرميات الحرة بطريقة ( تعالوا تعالوا). كما أفرزت المباراة أهمية معرفة سلام شاكر بأن قانون الأوفسايد لا يُطبق في حالة ركلات الهدف المباشرة وإلا لما كان قد ترك المهاجم الجنوب الأفريقي وراءه وهي الحالة التي كادت تتسبب بهدف لولا بسالة كاصد أو كادت تتسبب بطرد سلام (منع المهاجم بتعمد عن تسجيل الهدف كآخر مدافع) لولا رحمة الله في السماء والحكم في الأرض أضف إلى أن سلام شاكر لازال مُصرّاً على مراقبة المهاجم من الأمام كما تعوّد عليه في المباريات السابقة والتي جاء من إحداها هدف التعادل البولوني في مباراتنا التجريبية . حتى أن المحللين الأوربيين اتفقوا على طرد سلام, لتعمده سحب المهاجم من فانيلة اللعب ولزمنٍ ليس بالقصير, ولكنهم اختلفوا على التوقيت وأهمية المباراة التي لا تعنينا في شيء عند تطبيق مفردات قانون كرة القدم. ولعلَ أخطر ما كشفت عنه المباراة هو الضعف الواضح والإصرار الفاضح على عدم تدريب حراسنا على ألعاب الهواء وخصوصاً بعد إن استبشرنا بتواجد كاصد خيراً من البداية والذي أدى ماعليه وكاد أن يحصل على العلامة الكاملة لولا تلك الحالتين التي لم يتمكن معهما من إلتقاط الكرة الهوائية من الكرة العرضية وركلة الزاوية. أخيراً لم يعُد لنا من قول سِوى أن الهالة الإعلامية التي رافقت منتخب البافانا بافانا, وعلى الرغم من محترفيه الأوربيين, لم تكن على الإطلاق بمستوى ما شاهدناه وتابعناه من الكثير من الأخطاء التي رافقت أداء هذا المنتخب وخصوصاً في خطوطه الدفاعية والتي كان يُمكن لمهاجمينا من إختراقها بكل يسر فيما لو أحسنوا التركيز والإنتشار. والآن وبعد زوال رهبة ليلة دخلة منتخبنا في عرس جنوب افريقيا يمكننا القول, ومن خلال زوال ورقة التوت التي كانت تستر سمعة فرقي جنوب افريقيا ونيوزلندا, إن أي مدربٍ محلي ومن العيارالثقيل كان قادراً على الإنتقال بمنتخبنا إلى المربع الذهبي من خلال فوزين وتعادل أو خسارة مع اسبانيا أو فوز واحد وتعادلين وبالتالي فإن مستوى المجموعة قد تكشف عن أن كل هذه الهالة الإعلامية التي أُحيطت بمنتخبنا ومجموعته الباسلة لم تكن بمستوى الحدث الفعلي لأداء المجموعة باستثناء الثور الإسباني, الجميل الأداء والذهبي القرون.
 

23
مقدم الرياضية حسن عيال مِن اينَ يُطعم العيال
علي الحسناوي

إستبشرنا خيراً بالتغيير , الإضطراري, الذي طال اللاعب الأول في قناة العراقية الفضائية والذي أدى تربعه على العرش القابع في قمة هرم هذه القناة الفتية إلى العديد من التقاطعات المهنية والاقاويل التي لا تصلح ابداً أن تُنشر على حبل غسيل الإعلام العراقي الفتي هو الآخر. وأقمنا الافراح والليالي الملاح لدخول اللاعب البديل الذي توخينا فيه القدرة على السماع والقوة على الأمتناع وأن لا يُطيع مَن لا يُطاع حتى تبين لنا أن الصراع لازال قائماً حد الضياع. ولست أدري مدى العلاقة المهنية والادارية التي تربط فيما بين القناة العراقية العامة والرياضية العراقية التي اضحت جزء من جسد الرياضة العراقية, شئنا ذاك أم ابينا, حتى أنها صارت المتنفس الرياضي العراقي الوحيد لربط المشاهد بماضيه الرياضي الذهبي والإفصاح عن متطلبات حاضره ومساعدته في رؤية مستقبل الرياضة العراقية الذي لازال مجهولاً بين مضارب الخارج وعشائر الداخل. والمُدهش في الأمر أن العاملين في هذه القناة وخصوصاً أولئك الذين يقفون أمامنا وجهاً لوجه في برامجهم اليومية الرياضية لم يعُد لهم من معيلٍ أو كفيل غير تلك (الدريهمات) القليلة التي تتذكرهم فيها القناة الحكومية الرسمية بين الفينة والأخرى. ويبدو أن (الخدش) المالي لهؤلاء الجنود قد تحوّل إلى (جرحٍ) بدأت دمائه تسيل هنا أو هناك حتى باتت تلون البطاقات الحمراء التي لابد وأن نرفعها أمام القائمين على هذه القناة كي لا يعمدوا إلى (اللعب غير النظيف) في عدم صرف مستحقات البعض من العاملين ولفتراتٍ تجاوزت الأربعة اشهر. المقدّم الرياضي التلفزيوني لا يتمكن من أداء عمله دون نوع معين من الأناقة واللباقة وحسن الصداقة. والأناقة بالذات هي الشغل الشاغل والسؤال الفاعل لتحصيل حاصل الجزء الأكبر من رواتب هؤلاء المقدمين الرياضيين. فكيف يصرف المقدم على ضيافة ضيوفه ويقف على شراء ملابسه ويعيل عياله وآل بيته وهو يجتر مرارة الفاقة شهرا يلحق بشهر. دعوتان نتوجه بهما إلى سيادة اللاعب البديل والمشرف على قناة العراقية أولهما أن يقف على حقيقة صرف المستحقات المتراكمة لهؤلاء المبدعين من العاملين في قناة الرياضية العراقية وثانيهما أن تتكفل القناة وبشكلٍ دوري بمصاريف الطلّة البهية والعطور الزكية لهذه النخبة من المقدمين الرياضيين حتى نرتقي بنفسياتهم كي يُفصحوا عن ابتسامتهم ورضاهم. وإلا هل من المعقول أن نُجبر مقدماً بارعاً لبرنامج بروحٍ رياضية أن يتخلى عن روحه الرياضية. أكرموهم في عيدكم خيرُ لكم وأبقى.



مباراتنا أمام بولندا في ثلاث نقاط خفيفة على معدة الوفد
علي الحسناوي

هل يحق نقد وتحليل مباراة تجريبية؟. أحياناً حينما تسأل حكام المباريات عن سر تنازلهم عن نصف أجرهم, في أغلب الأحيان, عند إدارتهم للمباريات التجريبية فإن الجواب يأتيك جاهزاً ومغلفاً بورق سكري وهو: تحكيم المباريات التجريبية هو تجريب خاص بنا ايضاً. ومن هذا المنطلق فإنه يحق للإعلام الرياضي أن يدخل معترك تجريب الكتابة وترغيب النقد عند متابعته للمباريات التجريبية التي تسبق عملية الإعداد القصيرة منها والطويلة الأجل. وحتى لا يكون كلامنا ثقيلاً على البعض ممن لا يطيقون للإعلام الرياضي كلام ويحبون له طول الصيام فإني ساتناول ثلاثة نقاط رئيسية تتعلق بالتجريب الذي حاول من خلاله منتخبنا الوطني النفاذ من نفق بولندا نحو مباراة جنوب افريقيا الافتتاحية لكاس القارات.
أولاً وحتى هذه اللحظة لم يبدو على لاعبي منتخبنا الوطني, وبعد القيادة البيروية المحترفة, اي تطور لياقي خاص بالسرعة الفردية للاعبين أو في سرعة نقل الكرة, إذ لازال وقع الأداء ضعيفاً وبطيئاً سلحفاتياً وهو ما لايُمكن أن يتناسب وقدرات الفرق التي سوف نلاعبها في مجموعتنا التي يحاول البعض, وللاسف التقليل من شأنها, بهدف نفخ جرعات هوائية في بالون المنتخب وهُم في ظلالةٍ عن أن هذا العمل قد ينعكس سلباً على مدى جاهزية لاعبينا للمباراة.
ثانياً لازال مستوى الحراس مهزوزاً ومرتبكاً وخصوصاً لدى الحارس الأول نور صبري الذي لم يتمكن وللاسف من إستغلال خبرته وطول باعه في إحتواء رهبة مباراة تجريبية. ولست أدري في أي علمٍ تدريبي يقوم حارس المرمى بصد كرة سريعة وقريبة ومباغته من خلال الإرتماء بكامل جسده نحو الخلف في حركة اكروباتية تلفزيونية زائدة نحو الكرة في الوقت الذي كان يكفيه استخدام قبضتيه فقط في تشتيت الكرة مستفيداً من وزن جسمه وثبات قدميه دون الحاجة للإرتماء.
ثالثاً وللمرة الثانية, وبنجاحٍ ساحق, ولن تكون الأخيرة يعمَد اللاعب سلام شاكر الى تغطية المهاجم من الأمام كي يتسبب بهدف على العكس تماماً مما يقوم به لاعب الفئات العمرية ومدارس كرة القدم. وهنا لابد لنا من وقفةٍ مع ما يفعله بورا في ترتيب طريقة وقوف اللاعبين المدافعين عند تغطية اللاعب الخطر أو مراقبة اللاعب الأقل خطورة أو مراقبة خط الكرة. وكلنا شاهدنا موقع سلام شاكر حينما قام المهاجم البولندي برفع الكرة من فوقه كي يواجه نور صبري بالتسديدة المباغتة التي تعامل معها نور بطريقة فريدة من نوعها.

24
عمو بابا. مسيحي يرحل في ليالي فاطمة الزهراء
علي الحسناوي
في مباراتنا المصيرية أمام المنتخب القطري التي أُريد لها أن تكون في كلكتا, بعيداً عن كل ماهو عراقي, انحنى اللاعب العراقي المسيحي باسل كوركيس ليقبّل المصحف الشريف الذي كان موضوعاً بالقرب من باب الخروج الى أرضية الملعب حاله حال بقية اللاعبين الآخرين من أعضاء المنتخب الذهبي. ومن هناك وقبل عشرات الأعوام أرسل باسل رسالة محبة وسلام ومودة ورحمة لأرض العراق. وعلى الرغم من التأريخ المسيحي المشرّف الذي خطته (أجساد) اللاعب المسيحي على الأرض العراقية الشريفة إلا أن لشيخ المدربين عمو بابا الأثر الأكبر في كتابة هذا التأريخ بأحرفٍ من نور الإيثار والعطاء والتضحية والنقاء التي شابت مسيرته الكروية عبر أكثر من نصف قرن من حبٍ للعراق لم يقوى على إنتزاعه منه جبروت ظالم أو مغريات حاكم.  وعلى الرغم, أيضاً, من الزهد الزاهد في حياة ابو سامي والتسامي الواضح في تضحياته السمحاء من أجل وحدة العراق ورهانه على وطنية واصالة ابنائه, إلا أن رب العرش العظيم كانت له الكلمة العليا والقول الفصل في بعث آية كونية جديدة ذات دلالاتٍ ربانية كبرى إلى ملته العراقية الصابرة حينما أختار ابن العراق البار ودليل توحدهم وتآلفهم إلى جواره في هذه الليالي المباركة التي تُنشد حزناً وألماً لرحيل الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء. فهل تؤكد الحكومة العراقية توجهاتها الموَحِدة لشعب العراق حينما تعمَد إلى جعل الصليب المسيحي يتكيء على حافة الهلال المُسلم وذلك حينما تُشرع في بناء الصرح المُنتظَر على قبر شهيد العراق وفقيد كرته داخل مساحة ملعب الشعب الدولي كي يبقى مزاراً لكلّ من أحبّ الفقيد وآمن برسالته وفهم معاني صموده وبقاءه وتعلّم منه الدرس في إخلاصه في عمله وتواضعه الجَم وتربويته الرائعة في حب صغار موطنه, والأهم من كل ذلك, نزولاً عند رغبة الفقيد تغمده الله بوافر رحمته واسكنه فسيح جنانه.

25
تعالوا نتحدث بعلمية عن منتخبنا والأشواط التأريخية الثلاث
علي الحسناوي

أولاً: ليس هنالك اي وقع تأريخي, كما يحلو لبعض المهللين أن يُطلقوا عليه, على مباراة منتخب العراق الوطني أمام الجيش القّطّري في سلسلة إعداد هذا المنتخب لبطولة كاس القارات. والحق يُقال أن هذا النظام, نظام الأشواط الثلاثة, التجريبي معمول به حتى لدى تدريبات الفئات العمرية منذ عشرات السنين وفي دولٍ عديدة. أما محاولة استثمار الحدث لإطلاق بالون إعلامي كروي قطري عراقي جديد عن فدائية وجدية الإعداد, فهو لا يعدو أن يكون أكثر من لهو طفلٍ بمفرقعة عيد ميلاده الأول.

ثانيا: إن الإختبار الحقيقي للاعبين وخصوصاً ذلك المتعلق بالقدرات اللياقية والفسيولوجية ( مستوى ضغط الدم, مؤشر تحمل جهد القلب, حجم العطاء العضلي, مستويات التنفس, الإنطلاقات بسرعٍ مختلفة الزمن والمسافة, وغيرها) لا يمكن أن تتحقق علمياً من خلال اللعب لمدة ثلاثين دقيقة. فإذا كان لاعب كرة القدم يحتفظ بالكرة لمدة 28 ثانية خلال زمن المباراة ( رقم نهائي بطولة أمم أوربا في البرتغال) أو لنقل دقيقتين على ابعد تقدير (رقم المباريات الكلاسيكية) فإننا نصل إلى حقيقة أن اللاعب العراقي سوف لن يكون قادراً على تحقيق هذه المعادلة خلال دقائق الشوط الواحد من الاشواط القَطَرية الثلاث, هذا إذا سُمح له أصلاً بالمشاركة لفترة معقولة. أضف إلى ذلك أن هذا الرقم هو ليس مؤشر مهاري بحت لطريقة التصرف بالكرة, بل هو مؤشر لياقي وخططي لدراسة الذكاء الميداني للاعب وتنقلاته الحركية وتسارعه بدون الكرة.

ثالثاً: كيف يتسنى للطاقم الفني المشرف على المنتخب (والذي كان يصرف عاماً كاملاً لإعداد منتخب جاهز وخالي من التقاطعات) كيف يتسنى له الوقوف على حقيقة اللاعب العراقي من خلال شوط واحد من ثلاثين دقيقة خصوصاً وأن قائمة الاسماء المرسلة الى موقع البطولة القارية ستُختزل بعد هذه المباراة التجريبية الترويحية.

رابعاً: أن مستوى الضغط الهجومي للجيش القطري الواقع على دفاعات المنتخب العراقي (بغض النظر عن موقع الضغط) من جهة, إضافة إلى مستوى الضغط الهجومي الواقع على دفاعاتهم (بغض النظر عن موقع الضغط) من جهة أخرى, لا يُمكن أن يكون مؤشراً صحيحاً للإقتراب من مستوى البطولة وبالتالي إعطاء دلالات صادقة وحقيقية عن مستوى اللاعبين الذين سيمثلون العراق في هذه البطوله (والحديث هنا لا يشمل أولئك اللاعبين الحاصلين على الموافقة والقبول السرمدي) بل يشمل أولئك الغيارى الذين سيتحدد مصير مشاركتهم من خلال مباريات ( عقيمة وغير جادة) للوصول إلى انطباعات حقيقية لقدراتهم. هذا مع الأخذ بنظر الإعتبار قدرات لاعبي منتخبات جنوب افريقيا ونيوزلندا واسبانيا كي تكون مؤشرنا الحقيقي لتحقيق معادلة التفوق الرياضي.

خامساً: إن معرفة المدرب لمستوى فهم الخطة, التي يريد الإعتماد عليها, لا يمكن أن يتأتى من خلال مباراة من ثلاثة اشواط (كون أن المدرب يريد ايضاً الوقوف على الفهم الخططي للاعبين من خلال مباريات التجريب والترغيب). والسبب هنا أنه سيقوم باشراك أكثر من 35 لاعباً في مباراةٍ واحدةٍ ومنهم مَن سيتم اشراكه للإيقاع به وابعاده ومنهم من سيتم اشراكه لمنحه صك الغفران بالمشاركة الدائمة ومنهم من ينتظر ولو أنهم أُبدلوا تبديلا.

سادسا: إن مستوى الضغط النفسي الواقع على سايكولوجية اللاعب العراقي خلال هذه المباراة, والمشارك لأقل من ثلاثين دقيقة خلال شوطٍ واحد, يختلف اختلافاً جذرياً عن سايكولوجية المباراة الكاملة أو بطولة القارات. فاللاعب العراقي هنا يقاتل في الأرض القَطَرية من خلال معركة (غير متكافئة) وربما محسوبة النتائج من أجل المشاركة والحصول على موقع له ضمن المواقع القليلة المتبقية ضمن قائمة المنتخب وهو ما يعني إن تصاعد مستوى الحماسة غير المبرمج وتصاعد وتيرة الإندفاع غير محسوب العواقب لإثبات الذات والوقع في صراع نفسي ومهني بين رؤية المدرب ورؤية اللاعب, فإن كل هذه العوامل وغيرها ستؤدي بالتالي إلى قلب الطاولة على راس اللاعب ذاته مع تصاعد إحتمالية تعرضه للإصابة الجسمانية أو الإنهيار النفسي, في حين أن قتال نفس اللاعب في جنوب افريقيا سوف يكون مختلف الاهداف والمقومات, كونه يعرف تماماً أن لارجعة في قرار إشراكه أللهم إلا لاسبابٍ اخلاقية أو مختبرية, وهو ما يدفع بسايكولوجيته إلى التغير والتبدل نحو الاستقرار الفكري العام كي تتكيف بالتالي وفقاً لمفاهيم الولاء الوطني بشكله الصادق والمشرّف والظهور الاحترافي ببواعثه المالية والمكانية.

سابعاً: أن العريس بورا بشخصه ومفردات عقد قرانه (وهو يتسلح بالقوى الخفية والمعلنة) سوف لن تكون له أية عودة أو حديث عن ما سوف ستؤول إليه النتائج بعد توقف عجلة منتخب العراق عند أية محطةٍ من المحطات, وكل الذي سيفعله أنه سيترجل ليرحل تاركاً السفينة في مهب الريح, كون أنه يعمل الآن بانفلاتٍ حرٍ, من جهة, وغير خاضع, من جهةٍ أُخرى (لمراقبة اللجنة الفنية الدولية العراقية لاتحاد كرة القدم) والمعنية بمساعدته على تسيير أموره الفنية وتقييم عمله بين الفينة والأخرى.

ثامنا: إن الزواج من بورا وطلاق شنيشل, حتى وإن لم تكتمل العُدة بعد, أفرز حالة من الإنقسام المبطّن والغير معلن ووفقاً لغايات مبيتة ومبهمة, في واقع الإعلام الرياضي العراقي وعلى كافة الأصعدة. حيث أصبحنا نقف وبوضوح على رسائل إعلامية ايجابية جداً من موقف السيد راضي الثائر, في حين نقف على تلميحات مبطنة باتهام الرجل باللاوطنية والجهل وعدم القدرة على تمشية أموره مع بورا والحصول على مغانم كاس القارات. ولو كان هذا الإنقسام الإعلامي ينبع من الحرص على كرة العراق والخوف على سمعته لكنا الآن في موقفٍ نُحسد عليه, ولكن أن يكون هذا الإنقسام بفعل التعبير عن توجهات فرقٍ إعلامية تحت مسميات عديدة أو اهداف لطوائف مقيتة أو توصيات لهذا المسؤول أو ذاك أو بغية الحصول على مكسب دنيوي رخيص, فهو والله ما لا نُحسدُ عليه. لنعترف أن الكرة العراقية في أزمةٍ حقيقةٍ بفعل واحد وهو عدم الإستقرار الإعلامي والمهني على نوعية وكفاءة اللاعبين من جهة والصراع الدائر بين الإبقاء على محترفي الزمن الجميل بكل تناقضاتهم أو الإستعانة بلاعبي الزمن العليل بكل آهاتهم , وعدم الإستقرار هذا تقف وراءه العديد من التوجهات والرؤى التي فتحت الباب على مصراعيه لدخول فلسفة إعلامية رياضية جديدة اسمها فلسفة (اللامعقول في غسل العقول) والتي أصبح فيها كتّاب الدرجة الخامسة ينهضون من قواعد المبني للمجهول كمحللين وخبراء على حساب كتّاب المبني للمعلوم ومن فئة الدرجة الممتازة .
 
تاسعاً: سبق وإن حذرنا, وكان معنا مَن يغني على لحننا, من أن للمباريات التجريبية الحقيقية مع منتخبات من مستوى البطولة سوف تعمل وبشكلٍ لا يقبل الجدل على الوصول الفعلي لجاهزية اللاعبين أو المنتخب بشكلٍ عام من الناحيتين المهارية والخططية. وهو ما كنا نتمناه بغية القضاء على سلبيات قصر فترة الإعداد, إلا أن الإصرار على اللعب مع منتخبات خليجية وآسيوية سوف تُبقينا ننظر من خلال مرآةٍ مشوهة وغير واضحة المعالم ولن يتمكن لا بورا ولا من يلف لفه من الوقوف على حقيقة جاهزية منتخبنا لبطولة القارات.

عاشراً: لك الله ياعراق.

26
قناة الفيحاء والعودة المعاكسة للكفاءات العراقية
علي الحسناوي

عَرَضَ برنامج فضاء الحرية من على قناة الفيحاء آخر مستجدات كسر قيود الحرية من أجل الإنطلاق نحو عملية بناء الوطن حيث جاء البرنامج في إطاره العامة كواحد من البرامج الأخرى وفي فضائيات أخرى التي تحاول الغناء على لحن قصيدة (عودة الروح) لكوكب الشرق أم كلثوم حيث لا فرق هنا بين روح الأغنية وروح الأمنية. ولكي تكتمل واقعية هذا الفضاء فقد استضافت القناة أربعة من النسور المهاجرة التي أدلت بدلوها وقالت كلمتها المبنية عن تجارب واقعية ومعايشات من حضن الوطن. وعلى الرغم من أنني سجلت خمسة من عبارات (للأسف) لدى المتحدث الأول وثلات عبارات من (سوف نعمل على تفعيل وتأسيس) لدى المتحدث الآخر, إلا أنني لم أجد في لغة الثالث والرابع إلا الكثير من الاحباط المبطّن نتيجة اصطدامهم بمجموعة من العقبات الإدارية والفكرية والمذهبية والأمنية في سبيل تفعيل برامجهم. والحق أقول أنهم وصلوا إلى أعلى المستويات, كمواقعهم الأكاديمية, في سبيل طرح افكارهم و (مشاريعهم) التي لازالت جمراتها تختفي تحت رماد الواقع العراقي المرير. قد لا أكون في الموقع المناسب لنقد وتحليل معطيات هذا البرنامج الذي عادة ما يَعِد مقدمه (بالعديد من المشاركات الهاتفية) حتى ينتهي بعبارة (هذا ما يسمح به وقت البرنامج) إلا أنني في الوقت ذاته أجد نفسي مدفوعاً لتذكير السيد المالكي وقناة الفيحاء وكل من يتبنى مشروع عودة الكفاءات سواء بالصوت أو بالصورة أو حتى من خلال الحضور المعنوي, أذكرهم بأن هذا المشروع الوطني والحيوي قد أخذَ منا ما أخذْ ولم يعطينا شيئاً بالمقابل والسبب هنا يعود إلى أننا لازلنا ندور في حلقة مفرغة دون أن نتمكن من الوقوف على المسببات الحقيقية التي تقف بوجه عودة الكفاءات والتي نعرفها جميعا ونخشاها جميعا في الوقت ذاته. لم يَعُد سجل القتل والاغتيال والتصفية, في عراقٍ تسوده الفوضى الإدارية والأمنية, محصوراً على شخصٍ دون غيره ولسببٍ دون غيره ولكن المشكلة أن هذا الأمر تحوّل إلى شهوة يومية ورغبة سايكولوجية قد يستثيرها أي شيء وفي أي مكان وفي اي وقت. كما أن هذه الحالة الأمنية لم تعُد سبباً مباشراً لقلق الناس ولكن المشكلة تكمن في مَن يستهدفك ولماذا. مسلسل الموت الذي يتخذ من العراق مسرحاً له وتدور حلقاته بنجاح ساحق على طول وعرض البقعة الجغرافية للوطن, لم يَعُد يفرق بين هذا وذاك ولا يمتلك القتلة صحيفة سوابق أو لواحق هذا أو ذاك ولا يخططون للقتل حسب الهوية أو السيرة الذاتية, فالكل عبارة عن مشروع موت مؤجل والكل أموات تمشي على الأرض. هذه التصورات لم تتوارد إلى خاطري في حلم ليلة صيف بل عايشتها عن قرب ورأيت شياطينها تحوم حولي حتى كادت تقتلعني وتبتلعني في شارع نادي الصيد في صباحٍ عراقي ولا أجمل. من هنا نجد أن مقترح بناء المدن العلمية والطبية والمراكز المعلوماتية التكنولوجية المحصنة والتي لا يدخلها إلامن أتى الموقع بهويةٍ سليمة, سوف لن تكون هي الحل, كونها لن تكون أكثر حَصانةً من مقر البرلمان ودوائر الداخلية ومراكز الصحوات التي استهدفت جميعا بشكلٍ أو بآخر. من هنا نجد أن الخوف الذي يتحدث عنه البعض والمعني بصراع المناصب بين كفاءة الخارج وكفاءة الداخل سوف يبقى صراعاً أزلياً, ويحمل في طيّاته كل مقومات الجدل البيزنطي, والسبب يعود هنا إلى أن كفاءة الخارج تطالب بالموقع قياساً بشهادة البقاء والتضحية وربما الإتكال على هذا الحزب أو تلك الطائفة, في حين أن كفاءة الخارج سوف تبقى تهدد بورقة الخبرة من جهة والدعم الحكومي من الجهة الأخرى. وبعودة سريعة إلى التأكيد على من يقف على هرمية القرار في الوزارات والمؤسسات العراقية, التي ستعمل فيها كفاءة المهجر, وتحت أية مسوغات تتم صياغة هذا القرار, نجد أن كفاءة الخارج ستخسر نتيجة المباراة بنتيجة اثنين إلى واحد. أضف إلى ذلك تعوّد وتكيّف وتأقلم, سمّها ما شئت, كفاءة الداخل على مؤشرات الوضع الأمني القلق والمضطرب مقابل الخوف الدائم لكفاءة الخارج من تقلبات هذا الوضع, نجد أن كفاءة الداخل سوف تسجل هدفاً ثالثاً في مرمى منتخب كفاءات الخارج. ولكي أكسر بيضة المالكي التي لوّح بها خلال لقاءه بكفاءات المهجر في العاصمة لندن, ودون أن أحصل على الكارت الأحمر, فإني أطرح هنا حلاً وسطياً وهو ما أسماه ابو اسراء باللقاء عند منتصف الجسر. هذا الحل يتمحور حول ذات الهدف من عودة الكفاءات والتي تنصب على إعادة بناء البلد بشكلٍ علمي ومتطور. والجزء الأول من الحل يكمن في تشكيل لجنة من وزارة الخارجية والأمانة العامة لمجلس الوزراء بغية تسهيل إرسال أو إيفاد العناصر العراقية الشبابية والتي يقل عمرها عن ثلاثين عاماً في دورات تطويرية ودراسات أكاديمية أو معايشات ميدانية إلى دول الجوار في حالة رغبة وعودة مجموعة من الكفاءات في تنظيم وإعداد دورات أو حلقات دراسية خاصة بهم في دول الجوار هذه. أما من ناحية أخرى فإن هنالك العديد من المنظمات العراقية القادرة على استقبال ورعاية أعداد منتظمة من العراقيين في دولهم في سبيل إشراكهم في الدورات التدريبية والمعايشات. إن تنفيذ هذا المقترح البسيط لا يمكن أن يدخل حيّز التنفيذ دون التدخل الفعال من تلك اللجنة المشتركة في سبيل المساعدة على حصول المشاركين أو الموفدين على سمة الدخول الى تلك الدول. نعم أعترف أن هنالك بعض الكفاءات العلمية والأدبية التي ما أن حطّت على أرض مطار بغداد حتى قدمت محروسة ومحصنة نحو المواقع الآمنة ومنها المنطقة الخضراء لتلتقي بالتالي بالمسؤولين الأكثر حصانة وحراسة ليكون هنالك بالتالي اجتماع أمل وغذاء عمل في هذه المؤسسة المدججة بالسلاح أو تلك الوزارة المحمية. هذا النوع من لقاءات الكفاءات لا يعنينا في هذا الأمر من قريبٍ أو من بعيد كونه حالة خاصة ومتفردة ولا تعبّر عن حقيقة الواقع الأمني العراقي الذي يمكن لك أن تعيشه حينما تضطر للسير على الأقدام من شارع نادي الصيد العراقي وحتى فندق الشيراتون فتحرق ثلاث ساعات من وقتك غير الثمين في يوم واحد من اجازة الشهر كما فعلت أنا. والسبب جاهز: في انتظار مرور المسؤول أو دورية الأمريكان أو أحدى المصفحات غادرت كي تجلب ولاعة المسؤول التي نساها في البيت. ليس العيب في المشروع ذاته ولا في من يدعو إليه ولا مَن سيشد الرحال الأبدي من أجله, ولكن العيب كل العيب في القائمين على تفعيله وإدارته وتحرير المشمولين به. والعيب كل العيب في مشاريع الحكومة التي تُطلق هنا وهناك دون أن يكون لها لجنة مراقبة أو هيئة متابعة بغية ربط العلاقة المتواصلة بين مستجدات تطور المشروع وبين الحكومة القائمة عليه والداعمة له. ويستطيع المالكي وغيره من رجالاته, على أعتبار أنه هو من يقف على رأس هرم السلطة, أن يُطلق في كل بلد بالوناً إعلامياً أو دعائياً
على شكل مشاريع, ستنهض أو نهضت ثم كبت أو سُرِقت أرصدتها, عن عودة الحياة وعودة الكفاءات وعودة الأمن وهو ما يفرحنا جميعاً وتطرب له نفوسنا ويبث فينا جذوة الأمل, إلا أن الواقع يقول شيء آخر. وهذا الواقع هو رأس الفتنة وخصوصاً أولئك الصغار الذين يعمدون إلى تقييم الكبار, وأولئك الجدد الذي يعمدون إلى تقييم الخبرة, وأولئك الأغنياء بالمال الذين يعمدون إلى تقييم الأغنياء بالمعرفة, وأولئك المتقولين بالشعارات الذين يعمدون إلى تقييم من خطّها ورفعها, وأولئك المستعدين للهروب من الوطن الذين يعمدون إلى تقييم القادم من أجله. الشمس لا تُغطى بالغربال, والصحراء لا يقوى عليها غير صبر الجمال, ولن تفتح عتمة الحرام طريقاً بوجه نور الحلال, ويبقى ما قيل هنا أو هناك يُقال, ضربا من تفانين السحر ووهم خيال.

27
ثلاثي تشيلسي (بالاك,أونري,دورغبا) والقدوة الحسنة

علي الحسناوي

بعد أن استقال الحكم السويدي الدولي (أندش فريسك) معترضاً على الحالة غير الأمنية التي بدأت تغزو الملاعب الأوربية وخصوصاً بعد إصابته بشجٍ في الجبهة إثر مقذوفٍ اصابه في مقدمة الرأس وهو ما جعل دماءه تروي قصة استقالته القاسية في رسالةٍ أعتقدنا من خلال كلماتها أنها كانت رسالة تحذير قد وصلت الى المعنيين بأمن الحكام في الاتحاد الدولي وأمن الملاعب كي يتدبروا أمرهم قبل تكرار الواقعة وفوات الأوان .
فبعد أن عجز نادي تشيلسي العريق عن مجاراة الثور البرشلوني الاسباني في مباراة نصف النهائي, لم يكن أمامهم إلا صراع السيف مع حكم المباراة النرويجي الذي جاء كقائد للمباراة ليعود كالثور الطريد.
يبدو أن عدوى الإعتداء على الحكام قد تحولت إلى (انفلونزا) جديدة بدأت مخاطرها تغزو الملاعب الأوربية بشكلٍ سافر بعد أن كان لها في الملاعب العراقية حاضنة خصبة  افرزت عن العديد من القضايا التي لازالت عالقة في أروقة مؤسستنا الكروية ومنها الكيفية التي سيتم من خلالها حماية الحكام من غضب اللاعبين والمدربين من جهة وأيضاً كيفية حماية اللاعبين من السطوة الغير علمية وعدم الفهم الحقيقي لمفردات قانون كرة القدم من قبل حكامنا المحليين منهم وأصحاب الشارة الدولية على حدٍ سواء.
وبعد الفوضى العارمة التي اجتاحت ملعب ستامفورد بيرج كان لابد للشرطة الانكليزية أن تعمل على تهريب حكم المباراة النرويجي (توم هانينغ أوفربو) خارج اسوار الملعب وترحيله نحو بلده بمنتهى السرية والحماية القصوى وذلك حال انتهاء مباراة القمة في النصف النهائي بين نادي تشيلسي الانكليزي العريق ونادي برشلونه الاسباني. ويبدو أن حياة الرجل لن تكون بمأمن حتى على الأرض النرويجية بعد أن توعده الجمهور الانكليزي بالانتقام حتى وهو في عقر داره, هذا الأمر دفع بالشرطة النرويجية إلى إتخاذ أقصى تدابير الحماية والحذر للحفاظ على روح الحكم التي ما أن أفلتت من أن تزهق على يد الانكليز حتى وجدت من يريد أن يقبض عليها حتى على الأرض النرويجية المسالمة. ولم يكن هذا الخوف إلا نتيجة للحالة التصاعدية وسلسلة الأخطاء التي يعتقد الأنكليز أنه تغاضى عنها في سبيل منح فريقهم الأثير (مجموعة من ضربات الجزاء). ثلاثة من النجوم الذين عشقناهم ورفعنا قبعاتنا لهم كانوا الأفضل في تمثيل أدوار الشر في فلم (الحكم الوحيد كالثور الاسباني) إضافة الى عشرات الآلاف من جماهير النادي. فبعد أن طارده بالاك لأكثر من مساحة نصف الملعب عاد ليجد الكابتن تيري أونري أمامه معترضا بحدة وهجومية عنيفة ليستقر أمره على ديدير دورغبا الذي كان الأكثر قسوة حينما عمد الى المهاجمة البدنية. هذه اللوحة العنيفة تكاملت ملامحها بانتظار آلاف الجماهير الغاضبة أمام الفندق المخصص لطاقم التحكيم وهو ما دفع بالشرطة الانكليزية الى تغيير عنوان الحكم وابقاءه تحت الرقابة الليلية ومن ثم تهريبه خارج البلد بسرية تامة. وفي معرض تعليقه على عشرات الآلاف من رسائل التهديد التي وصلت الى الاتحاد النرويجي كان لابد لهذا الإتحاد أن يعمل على أخذ الموضوع على محمل الجد والتفكير من الآن بحماية روح الحكم النرويجي, كما صرح به الناطق الاتحادي الرسمي الى صحيفة المساء (ستاندرد). كما يرى طاقم التحكيم المساعد أنهم لم يحصلوا على الاحترام المناسب والحماية الكافية والشعور بالأمان الذي عادة ما يتطلبه مثل هذا النوع من المباريات. إن هذه الحادثة إن مرّت مرور الكرام على أروقة الاتحادات الكروية المعنية فإنها سوف تتسبب لا محالة في إستنهاض عهدٍ جديد من الفوضى والعنف في الملاعب الكروية. هذا يعني أنه لابد من توجيه رسالة قاسية إلى الثلاثي المرح (بالاك, أونري, دورغبا) تتمثل في حقهم الشرعي على الإعتراض من خلال مدربيهم وهيئتهم الإدارية ووفقاً للطرق الاصولية المعمول بها ولكن أن يعمدوا هم إلى التعامل وفقا لقانونهم الخاص وتنفيذه كما يحلو لهم, ففي هذا الأمر الكثير من الإساءة للمؤسسات الرياضية الدولية والجماهيرية وخصوصاً لأولئك الصغار الذين يعتبرونهم قدوة حسنة لهم في حياتهم الكروية اليومية.





28
الكرة العراقية بين سطوة المال وضياع الرجال
علي الحسناوي

للاسف لازالت النظرة الضيقة والغير علمية لواجبات الهيئات الإدارية للنوادي والمؤسسات الرياضية, قاصرةً على رؤية تلك الهيئات لكل ما يعينها في تحقيق تطلعاتها القريبة الأجل على حساب الأهداف الرياضية النبيلة والبعيدة الأجل. إي العمل على إعلاء مفردة (الأنا) على حساب مفردة (نحن) التي تعني المشاركة العامة في المردود الجمالي والنفسي لأي عملٍ رياضي جماعي من هذا النوع. وتعمل هذه الهيئات, ومن أجل الوصول الى أهدافها الغير مشروعة, على قولبة الأنشطة الرياضية في هذا النادي أو ذاك بما يخدم توجهاتها ويضمن تسلسل بقائها الأزلي في المواقع القيادية. ويبدو أننا أما أن نكون غير قادرين على التعلم واكتساب الخبرات مِن الآخرين الذين سبقونا في تنظيم هذه المعادلة الرياضية الادارية وهذه هي المصيبة الصغرى, أو أننا غير راغبين اساساً في التعلم والتطور وهي المصيبة الكبرى. ومن ناحية أخرى نجد أن المعلوماتٍ التي تتسرب من فَم هذا أو إشارات ذاك كلها تعني بداية إنطلاق صراع محموم وغير أخلاقي في التعامل مع الهيئات الإدارية لبعض النوادي بغية ترشيح من يميل على هواهم لاحتلال المنصب الأهم في الهيئة العامة للإتحاد العراقي المُقبل وذلك دون العودة إلى الآليات المهنية والسياقات الفنية المعمول بها في مثل هذه الحالات. ومن هذا المنطلق أصبح لزاماً على الهيئات الادارية للنوادي المعنية بهذا الاختيار وخصوصاً تلك التي بدأت هذه الآفة تأكل في جذورها العريقة, أن تعتمد السيَر الذاتية الفنية والسيَر الاخلاقية للمفاضلة بين الأعضاء الراغبين بالترشيح إلى الهيئة العامة لاتحاد الكرة, وهو الطريق الأسلم للوصول بالكفاءة الحقيقية الى مكانها الحقيقي بغية رسم خارطة جديدة للكرة العراقية بعلمية عالية وتطلعات مشروعةلازال العامل المالي هو المسيطر على فرض سلطوية هذا المسؤول أو ذاك, وهو ما يُقصد به مصادر التمويل الاقتصادية التي تضمن ديمومة واستمرارية عمل النشاط الرياضي. وبالتأكيد فإننا آمنا ومنذ زمنٍ بعيد بقدرة سيطرة المال على فرض سياساته, حتى وان كانت غير واقعية, على الموارد البشرية التي تعمل على إبقاء الروح الرياضية في أمكنتها الواقعية والبعيدة عن الواقع. برزت خلال الأعوام القليلة الماضية ظاهرة سيطرة اصحاب رؤوس الأموال على مقدرات الأنشطة الرياضية وهي حالة تكاد تتواجد في كافة النواحي العراقية الأخرى. إلا أن الحالة الرياضية العراقية تمتلك خصوصية بحتة كونها تمثل في مجموعها ملكية شائعة للجماهير الرياضية الغفيرة. تعمل كافة النوادي العالمية في كرة القدم على إعتماد مبدأ التمويل المشترك ومن مصادر متعددة لتحقيق طموحاتها الرياضية وهذا يعني أنها تعمد إلى تسيير أنشطتها وفقاً لمصادر مالية تعتمد على اتجاهين مختلفين لكنهما بالتالي يصبان في خزينة النادي, وأول هذه المصادر هي مجموعة الرعاة الرسميين من أصحاب الإعلانات التي تعمل النوادي على تسويق إعلان منتجاتها وكذلك الممولين المتعاطفين والعمالة التطوعية التي اضحت المصدر الأكبر وثانيهما كل ما يتعلق بالمدخولات النقدية من التذاكر وتأجير منشآت النادي للنواحي الاجتماعية وساحات وقوف المركبات. وطبعا يبقى التمويل الرسمي مهماً وضروريا وهو ما يُقصد به المُنح القادمة من وزارة الشباب واللجنة الأولمبية. أما العمالة التطوعية فهي تبقى متوقفة على قدرة العامل على المشاركة في البناء بشكل غير مدفوع الأجر ولكنه يشترط تمتع هذا العامل, أصلاً, بالحياة الحرة الكريمة من النواحي الاقتصادية والإجتماعية وبالتالي توفر مساحة من الوقت في عالمه الخاص كي يمنحها لناديه الأثير على قلبه. إن سياسة أنا ومن بعدي الطوفان, والتي صارت شعاراً ومنهج عمل نرجسي اللون, والتي يعتمدها البعض من رؤساء الهيئات الإدارية في نوادينا المتعبة, لا يمكن إلا أن تؤسس لثقافة رياضية جديدة وشاذة مبنية على السيطرة الإجتماعية (اخي وابن عمي وحمال كفني) والسيطرة الأمنية (رجال الحمايات والطبالين والزفة) والسيطرة اللامرئية لكل ما يُدبّر بليلٍ كي ينشط في النهار. طبعا نحن نعي جيداً أن سياسة (لا أغنيك ولا أجعل رحمة الله تأتيك) التي تعتمدها مؤسسات التمويل المركزية الحكومية للنوادي والمؤسسات الرياضية, تُعتبر من العُقَد الأقوى في منشار الواقع. كون أن هذا القلق والضعف والتردد والخوف والمحاباة في التعامل مع نوادينا الرياضية نابع أساساً من قلق السلطة المركزية الحكومية وضعف مؤسساتها العاملة على تفعيل مشاريعها وتردد رجالاتها في اتخاذ القرارات الحكيمة وخوف المخلصين مما ينتظرهم على عتبة الباب ومحاباة البعض من أصحاب القرار لهذا النادي على حساب الأندية الأخرى. ولم يعُد خافياً على أحد أن مصيبة الكرة العراقية, وعلى اعتبارها النشاط الأكثر شعبية في بلدٍ تشتت شعبه وعاش رعبه, لم تعد تقتصر على إخفاقة الاتحاد أو ضياع وزارة الرياضة والشباب أو المسيرة الغير واضحة المعالم للجنة الأولمبية المنتخبة ولكنها الآن, أي المصيبة هذه, أصبحت الجزء الأهم في معادلة ضعف الأداء الحكومي الشامل في انتشال العراق برمته من محنة الخوف من المجهول. ولا أخفي سراً إذا قلت أنه ليس هنالك من مسؤول في المرحلة الحالية قادر على اتخاذ اي قرار ممكن أن يصب في صالح المواطن إن لم يمر هذا القرار, أولاً, على نفق الحزب وخنادق الطائفة ومجاميع العسكر. وهنا أقصد تلك القرارات التي يمكن أن تُحدث تغيير إيجابي  كبير في حياة المواطن ومنها حياته الرياضية وعشقه الكروي المستديم. ومادامت الوزارات والمؤسسات العراقية الكبرى غير قادرة على رعاية النوادي الرياضية المنتمية إليها وتجلس على قمة هرمها تحت مسميات الرئاسة الفخرية, فإننا سوف لن نصل ومهما عملنا إلى واقع الاستقرار الاقتصادي لتلك النوادي المتسبب بالتالي بالاستقرار النفسي للاعبيها ومدربيها وجماهيرها الغفيرة. دعونا ننتهي من رؤية الواقع الكروي العراقي من زاوية واحدة وهي زاوية سيطرة الهيئات الادارية ورؤسائها كونهم فوق مستوى القانون الرياضي والأبعد عن المسائلة. فالمدرب العراقي البائس اقتصاديا مقارنة بمدربي دول الله الأفقر منه علماً ومعرفة تدفعنا إلى رؤية واقع الكرة العراقية من زاوية أخرى وهي زاوية خضوع المدرب لقدره المالي ورغبته في إعالة نفسه وعائلته وتسويق نفسه إعلاميا وجماهيرياً, والحكم العراقي البائس أمنياً كونه يحتاج إلى من يحكم من حوله الوضع الأمني وتهور الجمهور وتطاول ما يُطلقون على أنفسهم بالقادة, يدفعنا هو الآخر إلى رؤية الواقع من زاوية جديدة. واللاعب العراقي البائس مهارياً وفنياً واقتصادياً بفعل انهيار البنية التحتية للملاعب والمنشآت الكروية وضياع مصدر القرار يجعله هو الآخر في حالة من الإنتماء المالي للهيئة الإدارية حتى تضيّق الخناق من حوله وتطبق عليه وتجهز عليه بالتالي بضربه رجل واحد. أما الجمهور الكروي العراقي, فحدَث ولا حرج, كونه نسى مفاهيم الجمال والتكتيك والمتعة والإثارة في كتاب الدوري العراقي البائس والفقير لابسط متطلبات إنعاش الكرة العراقية على الأسِّرة الصفراء المتكسَّرة لملاعب الكرة العراقية وأستعاض عنها بمشاهد العنف والفوضى والاعتداء بكافة أنواع الأسلحة على الحكام واللاعبين حتى أنه, اي هذا المشاهد العراقي, بات لا يراهن على مشاهدة مباراة كاملة من تسعين دقيقة تحت راية الإرهاب القسري والإنسحاب الفوضوي والذي يمكن أن يحصل تحت اية دقيقة من زمن المباراة, وربما يكون البديل هنا وللقضاء على ظاهرة الانسحاب, فإنني أقترح إلغاء فقرة ضربات الجزاء من قانون الكرة العراقية. للأسف يجري الماء من تحت أقدام الكرة العراقية, في حين أن رجالاتها في الداخل والخارج مشغولون بترتيب أوضاعهم واستعداداتهم للوقوف على نفس عتبة الماضي المر وخصوصاً بعد أن اضحت لغة الصراع والتغييب والتهديد والوعيد هي السائدة في قاموس الروح الرياضية العراقية خصوصاً ونحن أمام تحدٍ قاري من نوع آخر يحتاج منا الى التضامن والتكاتف في سبيل تقديم كل أنواع الدعم والإسناد لمنتخبنا الوطني المغادر نحو كأس القارات حتى مع كل الضبابية التي تحيط بطريقة تشكيله واختيار قياداته الفنية والإدارية. أعي تماماً إنني أنا الآخر ضائع بين مصائب ونوائب الكرة العراقية وخفايا ونوايا القائمين عليها من قريبٍ أو من بعيد وهو ما يجعلني أفقد رأس الخيط (والشليلة) معاً في الحديث عنها وتناول معوقاتها ولكنني أعود كي أجدد ثقتي بذكاء المتابع العراقي وثقافته المتطورة ورؤيته الساخرة في إلتقاط الخيط وتتبع المقاصد وصولاً إلى ساق العصفور.

29
القيادة الإدارية لمنتخب العراق الوطني في كأس القارات
علي الحسناوي
يُقبل منتخب العراق الوطني بكرة القدم على إفتتاح بطولة كأس القارات مشاركةً مع الدولة المضيّفة جنوب افريقيا وذلك في يوم الرابع عشر من حزيران 2009 في لقاءٍ تتطلع نحوه الأبصار وتهفو إليه القلوب على الرغم من بعد الأمصار واشتداد البرد عند الغروب. وبغض النظر عن ما ستؤول اليه نتائج منتخبنا حصريا في هذه البطولة إلا أنها فرض واقع لظهورٍ رائع لابد من تأديته بعد حصول العراق على بطولة كأس آسيا لعام 2007. تناول الإعلام الرياضي العراقي وكذلك مؤسساته الأكاديمية المرتبطة موضوعة الإدارة الفنية للمنتخب حتى أن الشارع الرياضي العراقي صام الأشهر العجاف حتى فطر على بورا كونه ينتمي الى قائمة المدربين الجالسين على دكة الاحتياط في سوق المدربين العالميين خلال المرحلة الحالية أو على الاقل خلال الأعوام الأربعة الماضية, ولم يكن لاعباً اساسياً في بورصة المدربين المحترفين حتى ساعة هبوط الوحي العراقي على صومعته المكسيكية. ومن هنا نجد أن بورا هذا قد نُسِخ من (أصل دريللو وفيرا) بعُمر الأول بلا مشاركات وقصر فترة الإعداد للثاني بلا مقوّمات.  وبذلك اضحى بورا البديل الاسلم والمدرب الأنعم في التعامل مع متطلبات الاتحاد العراقي وشروطه المهنية والحرفية في ولادة مدرب من مستوى البطولة بعد مخاض دام لأكثر من المعقول حتى كادت الاقلام أن تنتحر وتتشظى العقول. إلا أن بورا, ومَن بمعيته من لاعبين ومدربين مساعدين سوف لن يكونوا قادرين على قيادة المهمة الدولية الكبرى في كأس القارات, إحدى كبرى البطولات الكروية تحت لواء الفيفا, وذلك إن لم تتوفر له الأرضية الإدارية التي يستطيع من خلالها أن يدفع بعجلة الإدارة الفنية نحو بر الأمان. ويحدثنا التأريخ الكروي العراقي ومن خلال الأعوام التي مضت عن الكثير من حلقات مسلسل الإخفاقات الإدارية لإدارة منتخبنا والتي تزامنت واخفاقاته في ذات البطولات التي لازالت روائح مسبباتها تنتشر في فضاء الكرة العراقية إن لم نقل في سماوات الخليج ودولٍ عربية أخرى. أما من الناحية العلمية والأكاديمية فإنه يمكن تعريف علم الإدارة بأنه أحد العلوم الإنسانية الحديثة التي تُعنى بالطرق المثلى لإدارة العمل الجماعي والمؤسساتي. وهو مجموعة القواعد والمباديء العلمية التي تهتم بالإستخدام الأنسب للموارد والطاقات البشرية, الذهنية والفنية, للمساعدة في تحقيق الأهداف العليا. يُفترض بنا أن نؤمن, ومن خلال المنطق السابق, أن قضية إختيار اتحادنا الكروي للشخص الأنسب لرئاسة النواحي الإدارية لمنتخبنا الوطني المغادر نحو برد جنوب افريقيا لابد وأن تتأتى من خلال النظر لهذا الشخص من نافذة هذه المباديء والتي ستكون معززة, بكل تأكيد, بالقدرات اللغوية والمظهر الدبلوماسي وحسن تصريف الأمور. ولعلّ أول من تناول موضوعة الإدارة بمفهومها العلمي الحديث هما مجموعة من العلماء من أمثال (فريدريك تايلور, هنري فاويل, آدم سمث) والذين تمكنوا من تأسيس دعائم هذا العلم وفقاً لمباديء معرفة القائد بضرورات الادارة من حيث الهيمنة المحترمة على العناصر البشرية لتحقيق الكفاءة وأيظاً ضرورات التخصص الاداري وعزله عن التخصص الفني وفقا للأصول والقواعد المعمول بها والتي يضعها القائد الإداري في أولويات عمله. ولغرض النجاح في هذا النوع من المهمات فإنه يتوجب على القائد الإداري أن يكونو ملماً بالعديد من العلوم الاجتماعية والتأريخية والفكرية التي يمكن أن تعمل على ترسيخ أقدامه في المجتمعات الدولية التي سيمثل بلده فيها خير تمثيل. أما المنظور التنظيمي للإدارة فهو إنجاز أهداف تنظيمية محددة سلفاً من خلال إستثمار من خلال إستثمار قدرات الأفراد وحسن توجيه الموارد الأخرى. وتُعنى عملية التنظيم هنا بالقدرة على تخطيط المساحات الزمنية لتدرج العمل وفقا لأجندة منهج تواجد الأفراد اثناء هذا المحفل الرياضي أو ذاك, كما أنه تنظيم هذا التواجد وتحديد توقيتاته الزمنية معززة بمنشورات رقمية لابد وأن تصل الى الجميع وتكون تحت انظارهم, ولكي تتحقق هذه العوامل وغيرها فإنه لابد وأن يكون المدير الاداري أو القائد قادرا على توظيف أدواته البشرية والمادية على الوجه الأكمل, ومن ثم توجيهها ومراقبتها وتعديل مساراتها من خلال فرض اسلوب لين وغير متصلب في إعادة تقييم العمل بين فترة وأخرى. إن تواجد ثلة من الثقافات المتباينة في بطولة كأس القارات إضافة إلى تواجد هذا الثقل الإعلامي الرياضي والذي سيعمل على نقل الحدث بشارده ووارده إلى كافة اصقاع العالم, يتطلب منا أن نكون أكثر حذراً واشد وعياً واقوى شكيمةً على حسم مسألة تعيين المدير الإداري لمنتخبنا الوطني وانطلاقاً من هذا التحليل الأكاديمي المتواضع لأهمية مفهوم إدارة العمل في المحافل الدولية. إن الركض وراء تحقيق مسميات جاهزة لمفهوم مدير المنتخب لا يمكن أن تقبع حبيسة اللاعب الدولي السابق أو الإعلامي المتمرس والحاذق, كما أنها لا تعني بالضرورة صفة مُجيَّرة لهذا العضو الاتحادي أو ذاك, كونها ليست تكريم عن فعل ولا مكافأة لفاعل ولا هزيمة لمفعول به, بل هي تشريف بتكليف رسمي لإظهار الوجه الحضاري والمشرق لأي بلد من البلدان المشاركة. إن العمل ضمن خطة متكاملة وتحت شعار وحدة الفريق تتطلب التفاهم المشترك بين الادارة الفنية لمنتخبنا الوطني وبين ادارته الإدارية من أجل أن تتوضح الرؤى ولا تحصل التقاطعات ولكي يتمكن المدير الفني من التركيز على المهام الفنية البحتة الخاصة باللاعبين وهو ما سوف يعمل على عدم منح المدير الفني الفرصة لإختلاق الاعذار في حالة الأخفاق بسبب ضياع مصدر القرار حينها لا ينفعنا تخدير المتابع أو إسدال الستار.

30
المدرب بورا (الطائش) بين غرور المهنة ومستوى المحنة
علي الحسناوي

في الوقت الذي لا نعرف فيه كيف يفكر اتحاد كرة القدم, كونه الأقرب للواقع والأقوى على عبور الموانع, إلا أننا نجد أن انتمائنا, المشوب بالحذر, للكرة العراقية يدفعنا الى التساؤل عن أهمية التعاقد مع بورا في هذا الوقت بالذات. فمن الناحية العملية نجد أن الفترة المتبقية لانطلاقة أولى مبارياتنا في بطولة كأس القارات وبمواجهة جنوب افريقيا لا يفصلنا عنها إلا خمسة وستون يوماً, وهي الفترة التي لاتكاد تُذكر في علم إعداد الفرق لمنتخبات من وزن هذه البطولة, ومن الجدير بالذكر هنا مراجعة اسباب عدم قبول المدرب جمال الدين بالمهمة العراقية كونه قال بالحرف الواحد (أن الفترة المتبقية غير كافية لإحداث توازن ذهني وفني بمستوى بطولة القارات) هذا من الناحية الزمنية, أما من الناحية المهنية فإننا نجد أن اي مدرب يتكفل بمهمات وطنية وكبيرة من هذا النوع, وتحت مظلة فترة الإعداد هذه, يجب أن يتوفر فيه مجموعة من العوامل والتي يأتي في أهميتها مدى معرفته ودرايته بالفرق التي سنواجهها في المجموعة الأولى من البطولة, هذا إضافة إلى قدرته على كيفية التعامل مع هكذا منتخبات اثناء زمن المباريات, أي حينما تقع الواقعة. ولكي تتوافر هذه المقومات فإنه يتوفر بالمدرب من هذا النوع أن يتحلى بقدر كبير من الإستقرار النفسي وقوة الشخصية والعمل بصمت وبدون جلبة إعلامية أو جماهيرية, هذا إضافة الى تمتعه بحب التحدي المشوب بالصبر أثناء المواقف الحرجة. ويتمتع منتخبنا الوطني العراقي بخصوصيات تكاثرت وكبرت خلال الفترة الممتدة من أنجاز آسيا وحتى إخفاقة الوصول الى المونديال الأفريقي. ومن هذه الخصوصيات العزف على نغمة (جاء المحترف ذهب المحترف) ونغمة (بناء فريق شبابي جديد) وهو ما أثبتت تجارب مبارياته التجريبيتين الأخيرتين مدى عقم هذه الفترة خلال هذه الفترة القصيرة من الإعداد السريع والذي وقف عليه مدرب محلي شاب وطموح وقائد إلا إنه يفتقد للخبرة الدولية للتعامل مع إعداد فريق لبطولة من هذا النوع.  وثالث هذه الخصوصيات التي تميز لاعبينا عن بقية لاعبي أرض الله هي تلك الحالة من التقلبات السايكولوجية التي يعيشونها يوميا وتحت العديد من المسميات ومنها الخوف من عودة المحترف والإرتباك الناشيء عن تقلبات رؤى المدربين, إذ ما قد يوافق عليه راضي قد لا يستسيغه بورا. وبورا هذا (وحسب رؤية الإعلامي محي التميمي والذي كان الأقرب اليه منا جميعا خلال فترة عمله في الاتحاد القطري ولمدة عامين) يُعتبر من أكثر المدربين غروراً وحضورا أمام الإعلام المرئي والمقروء والمسموع, ومن أكثر المدربين حباً لإحداث الجلبة من حوله والعبث في كل ما هو صحيح بغية إحداث تغييرات قد تصل أحياناً إلى حد الخروج عن المألوف الذي لا يقبله منطق ولا يصدقه حكيم. فهو, اي بورا, ممكن أن يهدم كل ماقام به السيد راضي خلال الفترة التي مرت كي يقوم ببناء منتخب جديد من الناشئين والأشبال. وإذا ما قام الاتحاد بوضع حافظة التسجيلات الصورية والفلمية لمبارياتنا الماضية كي يستفيد منها بورا في التعرف على اللاعبين (تصريح رسمي) فإن هذا يعني أن هذا اعترافاً صحيحاً بعدم معرفة بورا بلاعبينا. ولا تصيبكم الدهشة فيما لو قام بورا بتسريح كافة لاعبي كتيبة شنيشل ليعود الى المربع الأول حيث تعسكر كتيبة فيرا بمحترفيه من الذين سقطوا في ثلاثة امتحانات متتالية وهما (تصفيات مونديال افريقيا, خليجي 19, احتفالية استعراض عواجيز ايطاليا) حيث لم يعد لهم الحق في إجراء أي امتحان خارجي كان أو داخلي بعد رسوبهم بالثلاث. وبتقديري المتواضع فإنني أجد أن بورا ليس هو برجل المرحلة التي يمكن أن تعبر بمنتخبنا بما يحفظ ماء الوجه ويقيه من ضربات تحت الحزام. هذا إن تعاملنا مع قضية بورا بمنتهى الحرفية والمهنية. أما إذا كان لبورا رأي آخر في قبوله المهمة ومنها حب الصعود على أكتاف العراق نحو سجلات بطولات القارات وثانيهما مبلغ العقد والذي ترك بصمته عليه بدراية تامة ومعرفة مسبقة وعلى اساس أن (كل مدرب يتمنى قيادة العراق في بطولة بهذا الحجم ومن هذا النوع) وهو تصريح اتحادي ايظاً. لا يُمكن القول أن بورا, ومهما علا كعبه وغلا ثمنه, سيكون أجدر من العديد من مدربينا المحليين وخبرائنا الأكاديميين في معرفة نفسية ومهارية وقدرات لاعبي منتخبنا الوطني خلال هذه المرحلة بالذات. نعم نحن نعي أن صرخة راضي شنيشل تختفي ورائها العديد من الدوافع التي أكتشفها خلال قيادته للمنتخب خلال فترة الإعداد الماضية. إضافةً إلى دراسته العلمية لحقيقة معادلة التوازن بين الواقع الحقيقي للاعب المنتخب العراقي وبين الطموح القاري للمنافسة في بطولة كأس القارات. لابد وأن نتحدث إذن بمنطق علمي ونفكر بصوت عال من أن منافسينا في المجموعة الأولى الرحيمة (جنوب افريقيا, نيوزلندا, اسبانيا) قد أعدّوا العدة وأكملوا استعداداتهم لتقديم مستوى يليق بتأهلهم لهذه البطولة, في الوقت الذي لازلنا فيه نتحدث عن المدى والآلية التي (سوف) تمكن بورا من الإطلاع على منتخبنا (كي) يتمكن من تشكيل رؤية واقعية عنهم. أي أننا لابد وأن نعود إلى دائرة المشاهدة فالحُكم فالخيار كي يتمكن بورا من اتخاذ القرار. هذه السلسلة لا تعني ضمناً توقف زمن الكون كي يلحق بورا ومنتخبنا بقاطرة البطولة بل تعني واقعاً لابد وأن يفرض علينا ضياع الكثير من الوقت والجهد حتى يصل بورا الى التوليفة الأخيرة. وهنالك حقيقة أخرى لابد من ذكرها والمرور عليها وهي أن منتخبنا لم يدخل وحتى هذه اللحظة معترك التجربة الميدانية الحقيقية ولأسبابٍ مهمةٍ منها, أن منتخبنا لم يلعب ضد مدارس كروية مشاركة في البطولة أو قريبة من اسلوبها, فهو أجرى مباريتين استعداديتين في غاية الفقر الكروي والبؤس الفني, هذا إضافة إلى ترشيح فرق مثل السودان وغيرها كي يستكمل منتخبنا استعداداته. لا ننكر على أحد, قادة ومدربين ولاعبين, وطنيته في تحقيق نتائج طيبة, خصوصاً ونحن الأحوج اليها في زمن الصراع وانفلات الشراع, ولكننا نعي تماماً ومن منطلق علميتنا ورؤيتنا للأمور أن مصطلحات مثل, الغيرة والوطن والأسود, كلها عوامل ذات أهداف نفسية في تصعيد الحالة الإندفاعية للاعب العراقي وتزيد من قتاليته الميدانية. ولكن هذه القتالية تحتاج إلى قدرات فسيولوجية حقيقية لتشغيلها والابقاء على ديمومتها. وهذه القتالية تحتاج إلى خطة ميدانية محكمة للحفاظ عليها من الخرق والإنفلات. وهذه القتالية تحتاج إلى قيادة تربوية وإدارة منتخب على مستوى عالٍ من الثقافة والدبلوماسية الدولية كي تقي اخلاقيات اللاعبين من التشرذم والاهتزاز والوقوع في المحذور حتى لا نضطر, فيما بعد, إلى استبدال روايات العسل بسحر البخور.

31
بين (لاآت) رئيس الأولمبية الجديد و(لاآت) الواقع السعيد
علي الحسناوي

من المؤكد تماماً ولكلِّ من عرف العمل القيادي أن المؤسسات والتنظيمات الكبيرة وذات الإستقلالية المركزية عن سلطة وسيطرة الحكومات المركزية, لا يُمكن أن تُدار برئيسٍ واحد أو رؤية منفردة. واللجنة الأولمبية الوطنية العراقية تقف اليوم على عتبة الدخول نحو الأممية الحقيقية بأنشطتها الرياضية المتنوعة والمتعددة, ولفترة أربعة سنوات قادمة, وهي بذلك تستدعي الكثير من العمل الإداري والفني في الداخل والخارج. وليس من باب اللعب بالكلمات أن نكتب أننا نقف على عتبة الدخول ولم ندخل بعد. فليس من المؤكد بعد أننا سوف نتمكن من الدخول, القوي والمشرِّف, مالم يُحسن الرئيس الجديد إستثمار أدواته البشرية والمادية واستثمار حنكته وخبراته في إحداث توليفة علمية أكاديمية من المستشارين والخبراء, والذين سيكون بوسعهم تقديم المشورة اليومية له في ماخفيَ من الأمور وما ظَهَر. إننا نعي أن للرئيس نوابه والذين تم انتخابهم بشكلٍ قانوني, والذين يمتلكون حقهم الشرعي والدستوري في مساعدته على توجيه العمل وتعديل الدفة, ولكن هذا لا يعني في أية حالٍ من الأحوال أن لا يكون له نخبة من المستشارين والعقلاء الذين سيزيدون الرؤية نورا على نور. إن المجلس الإستشاري الذي ندعو له اليوم, وأكثر من أي يومٍ مضى, يجب أن يكون خاضعاً في تعريفه وتأسيسه إلى مجموعة من المتطلبات التي لابد وأن تتوفر في صفة الخبير أو المستشار المادية والمعنوية. ثم أن هذا المجلس لابد وأن يحتوي على لجنة خاصة بإدارة العلاقات الدولية, وهذه اللجنة ستكون بمثابة الوجه الخارجي للجنة الأولمبية الوطنية العراقية ومدلولات رئيسها. وهي, ومن خلال تصرفاتها وتمثيلها ومخاطباتها, لابد وأن تعكس الوجه الحضاري والمشرق للعراق أولاً ولممثليته الأولمبية ثانياً. على السيد رعد حمودي, وهو يضع خطوته الأولى داخل المحفل الأولمبي, أن يعلم علم اليقين أن العوالم الخارجية من حوله حُبلى بالكفاءات الرياضية العاملة اليوم في بلدان أوربا وغيرها,  والتي تؤسس عليها, أي هذه البلدان, قاعدة علمية عريضة لرياضاتها ومؤسساتها التعليمية العملية والأكاديمية. وهذه الكفاءات سوف لا ولن تدّخر من أجل عراقها جهداً ولا ولن تتوانى في سبيل الوقوف بجانب أولمبيته ولا ولن تتأخر في تلبية النداء إذا ما أتت نغمته تتوافق وأغنية الطموح خصوصاً ونحن لازلنا نتعثر في مسيرة مشروع عودة الكفاءات العراقية من المهجر.

32
الأولمبية العراقية بين علمية طالب ومَعشر الديوان ونجومية حمودي
علي الحسناوي
هل أقول أن رعد حمودي سيفوز بنجوميته. أم أذكر أن عصام الديوان سيفوز بعشائريته وطيب معشره, أم سيكون الفوز من نصيب الدكتور فيصل بعلمه وأكاديميته. ولكن هل يعني هذا إن الكابتن رعد لا يمتلك عشائرية الطبع وأكاديمية المهنة. وهل يعني هذا أن الوكيل عصام الديوان لا يمتلك النجومية والعلمية. وماهي فحوى طيبة وعفوية ونجومية الدكتور فيصل وثقته المسرفة بالآخرين.
ليس من الصعب الإختيار ولكنه الإختيار الأصعب. والحقيقة الثابتة هنا أن كل هؤلاء يجمعهم حب العراق كونهم تتلمذوا على يديه وقاتلوا من أجله وتغربوا أو أُبعِدوا بسببه. ويبقى للعراق الفضل الأكبر عليهم والأمانة الأسمى في أعناقهم وهو الوسيلة التي أوصلتهم إلى ما هم عليه والغاية التي ستكون نصب أعينهم. للأسف, جاء الأسلوب الديمقراطي الذي ستنتهجه العملية الإنتخابية بحتمية فوز أحدهم مع مغادرة من لا يحصل على الموقع الأول. وهنا بالذات سوف ينكسر ظهر المؤسسة الرياضية الناهضة في العراق, لأننا وببساطة شديدة ننظر الى رعد وطالب وعصام على شكل مثلث متساوي الأظلاع والزوايا. وهم الآن وبما يمتلكونه من خبرة ودراية ونفوذ يُعتبرون بحق مثلث الرياضة العراقية الذي نعول عليه الكثير الكثير في بناء مستقبل رياضي جديد ومشهود. فياحبذا لو تصافت النفوس وصدقت النوايا واشرقت الشموس وغربت الخبايا واتفق هذا المثلث الرياضي على أن لا ينكسر من خلال تشكيل هيئة نواب من ثلاثتهم أجمعين صادقين ومُصادقين على السماح للحكومة العراقية بترشيح ممثل عنها لقيادة لجنتنا الأولمبية خلال الأربع سنوات القادمة, واعتبارها بالتالي فترة انتقالية لترتيب البيت الأولمبي العراقي. خصوصاً وأن قرارهم هذا سيعود علينا وعليهم بجميع الفائدة, إن المواثيق الأولمبية تفضَّل أن يكون رئيس اللجنة الأولمبية من الكوادر الرياضية, وحتى غير الرياضية,  القريبة من الحكومة والوثيقة الصلة بها كي تتمكن بالتالي من إختصار مسافة التخاطب الرسمي والشعبي وتفعيل عملها المالي وتمويلها من خلال قنوات قصيرة تتطابق والمسافة الزمنية لعملها في البطولات المحلية والدولية والمحافل الأولمبية. أحبتي رعد وعصام وطالب, الشارع الرياضي يريدكم جميعاً تحت هذا المسمى الثلاثي الذي ذكرته في محضر خطابي لكم. والجميع يقف منكم على مسافة واحدة وذلك على الرغم مما سيشوب العملية الإنتخابية من صراعات وأمو تُدبّر بليلٍ كي تستشري في النهار. ولكننا نريد لكم أن تقولوا للجميع إنكم أيظاً تقفون منا ومن العراق على مسافة واحدة وإنكم سوف ستتحملون وزر المسؤولية بشكل مشترك من خلال السماح لأي شخصٍ آخر بصفته الرمزية أو المعنوية, بتولي منصب الرئيس الشرفي للجنة الأولمبية الوطنية, على أن تبقون أنتم بيننا موجهين ومرشدين , قادة وقوامون على شؤون وشجون الرياضة العراقية خلال الأربع سنوات القادمة وبعدها لكلِّ حادثٍ حديث. وما وفاقكم واتفاقكم هذا إلا صولة رياضية على من يريد لكم أن تتفرقوا وأن لا تتحابوا ورسالة بطابع عراقي وبعنوان لا يخطئه أي ساعي بريد. فما لكم لا تكتبون.

33
اتحاد الكرة, إنكم تقتلون اللاعب البديل
علي الحسناوي
(حول ظاهرة تأجيل مباريات الدوريات المحلية بسبب انشغال اللاعبين الأساسيين بالإستحقاقات الدولية). لا أريد هنا ومن خلالي تناولي لهذا الموضوع الحساس عراقيا والعادي جداً دوليا, أن أجزم على, أو أدافع عن, أو أقف بوجه, موضوعة البديل الناجح في كرة القدم, وربما بعض الألعاب الجماعية الأخرى, بقدر ما أريد أن أُلقي بحجرٍ صغيرٍ في مياه الثقافة الكروية الراكدة. فعلى الرغم من برودة مصطبة الإحتياط, إلا أنها غالباً ما تكون, مصطبة السَعد على العديد من نجوم كرة القدم. فثقافة البديل لا تعني كونه, أي هذا البديل, الرقم الزائد في معادلة المدرب. وقدرات البديل الفنية والقيادية لا تعني أنها تأتي في المرتبة الثانية في أولويات المدرب, وتواجد البديل لا يعني, وتحت أي حالٍ من الأحوال, أنه الأسم الذي لابد منه كي تكتمل قائمة اللاعبين. فاللاعب البديل هو الأساسي المؤجل. وهو الأفضل الذي لم يحن دوره بعد في حسابات المباراة. وهو اللاعب الذي لاغنى عنه كي يبقى التوازن الخططي على حاله. واللاعب البديل هو الوقود المعوِّض لدوام ماكنة الفريق. وقد يكون لعلماء النفس الرياضي تعاريف أفضل وأجدر كون البديل السليم والجاهز هو من يُبقي الفريق بحالة طيبة من الإطمئنان النفسي والتوازن الذهني, وهي الحالة المعاكسة تماماً للتخوف من حالات الطرد التي غالباً ما ترهب أعتى الفرق كونها ستتسبب, قطعاً, بتغيير العديد من الجوانب الخططية للمباراة. ولكي يحصل البديل على دوره التعبوي فإنه لابد وأن يتوفر واحدا من مجموعة من العوامل , والتي يأتي في مقدمتها, التبديل الاضطراري بفعل الإصابة, التبديل لأغراض خططية بحتة,  التبديل وفقاً لتطور عوامل نفسية سلبية قد تؤثر في مستوى أداء اللاعب. إن سياسة البديل هذه عادة ما تخضع لعامل الزمن وهي لابد وأن تحصل خلال دقائق المنافسة. ولكن هنالك نوع آخر من البديل الذي لايخضع لتوقيتات المنافسة, بل يخضع تماماً لفكر المدرب وخصوصاً تلك المتعلقة بقدرات هذا المدرب أو ذاك على التحدي من خلال أحلال عملية التجريب والإختبار بشكلٍ علمي وقويم. والمقصود هنا سلوكية المدرب الشخصية في تعويض اللاعب الاساسي الغائب بفعل ارتباطه ببطولة معينة تخص المنتخبات الوطنية. ومن المؤكد أن بطولات كاس العالم وأمم أوربا والعديد من البطولات الدولية والقارية الأخرى تستدعي توقف الدوري في العديد من البلدان المشاركة في هذه البطولات وذلك بفعل انشغال الوفرة الأفضل والنخبة من لاعبيها في هذه البطولة أو تلك. ولكن أن يتم تأجيل مباراة واحدة أو أثنتين من الدوري بفعل غياب اللاعب الاساسي فهذا فيه حيف كبير وضيم أكبر على اللاعب البديل. وهو ما يُمكن أن يُشعر اللاعب البديل بأنه فعلاً غير مؤهل للعب في صفوف الفريق وفي هذا المركز بالذات كون أن مدربه يطلب رسميا من الأتحاد تأجيل اية مباراة بفعل هذا الغياب القسري, متى تأتي فرصة اللاعب البديل على اثبات وجوده أذن. وهل المطلوب  منه أن يجلس على مصطبة الاحتياط داعيا الآلهة أن تُصيب لاعباً أو تعبث بخطة المباراة كي يحصل على فرصته. وهل يُمكن أن تكون نتيجة مباراة الفريق على تسلسل الدوري مرهونة بتواجد هذا اللاعب أو ذاك وهل هذا يعني أن الفريق سينسحب من الدوري لو جاء أجَل اللاعب الأساسي, لا سامح الله. هذه الأسئلة وغيرها, لابد وأن تكون في موضع دراسة وافية من قبل الاتحادات الكروية في بلدنا وفي جميع الدول التي لم ترتقي بعد إلى أهمية ثقافة اللاعب البديل. لو , التي لم تُفلح زراعتها. لو كنت مسؤولا في الأتحاد الكروي ولأية رياضة فرقية لما ساهمت في تأجيل أية مباراة تحت عذر سفر أو عدم تواجد اللاعب الأصيل مهما لمع نجمه وعَلا شأنه. ببساطة لأني بعملي هذا إنما أرسل رسالة غير مستحبة لكافة البدلاء في اللعبة ذاتها مفادها (تصيطبوا حتى يأتيكم الربيع). هذا من ناحية, أما من ناحية أخرى فإني أريد أن أثير سؤالاً واحدا بوجه حالة التخلف في فهم أهمية اللاعب البديل لتطوير اللاعب الأصيل:  ماذا يفعل المدرب في وحداته التدريبية كي يعمل على تطوير الفهم الخططي للاعبيه الاساسيين, هل يؤجر لاعبين من النوادي المجاورة, مثلاً, أم يعتمد وبشكلِ كامل وبثقة مطلقة على لاعبيه الآخرين؟؟ أفتونا حتى لا نسأل البديل وكي نتفادى ثورة البدلاء.

34
منتخبنا الوطني بحاجة الى مختص نفسي وليس الى مدرب آسيوي
علي الحسناوي
الخطوة الأولى نحو الفوز تبدأ من خارج الملعب. والمدرب المُلتزم يُعرف من مصطبة الإحتياط. إذ بعد أن استطاع علم النفس الرياضي اقتحام كافة الابواب الموصدة للأنشطة الرياضية بكافة قطاعاتها المحلية والدولية, أضحى لزاماً على منتخبنا الوطني المشارك في بطولة القارات أن يؤمن بأهمية هذا العِلم في سبيل تحقيق القدر الكافي من التوازن النفسي والذهني للعبور نحو تنفيذ الأفكار الخططية الميدانية للمدربين بثقة مظلقة بالفوز وإيمان عميق بأداءٍ أفضل من المراحل السوداوية السابقة. وفي هذا المجال يقول المدير الفني لمنتخب المكسيك حالياً ومنتخب انكلترا سابقا, أنه آن الأوان لمدربينا أن يعوا جيداً أننا ملزمين بأن نتنازل عن جزء كبير من عملنا المهاري والخططي لصالح مباديء ومقومات علم النفس الرياضي والذي يتوجب علينا عمله في هذا المجال هو أن نكف عن رؤية أقدام اللاعبين ونبدأ بالتطلع نحو رؤوسهم. ومن هذا المنطلق فقد أولَتْ العديد من الدول اهتماماً خاصاً بالجانب النفسي للاعبين وبدأت ومنذ زمنٍ طويل نسبيا تخصيص مرشد أو معالج نفسي لكل لاعب أو فريق بغية تصعيد الجانب الذهني والتركيز لدى اللاعب أو اللاعبين وخصوصاً في استراليا التي عادة ماتدعم فرقها بمجموعة منهم, أو في الصين التي كللت رؤيتها هذه بالحصاد الذهبي الوفير في الأولمبياد الذي أُقيم على أراضيها. وبما أن علم النفس الرياضي يعني أولا بالجوانب النفسية والعقلية للاعبين والمدربين بغية تحسين أداءهم العام فإننا نجد ووفقاً للضغوطات النفسية التي يمر بها لاعب المنتخب الوطني العراقي في الوقت الحاضر, مِن أننا في أشد الحاجة, وأكثر من أي وقت مضى, إلى مرافقة أحد المختصين النفسيين في مجال علم النفس الرياضي لتخفيف تلك الأزمات النفسية التي يعاني منها اللاعب والمدرب العراقي قياساً بالعوامل التالية:
أولا: أن أغلبية لاعبينا, إن لم نقل كلهم, لم يدخلوا من قبل اختبارات المنافسات الدولية والقارية من هذا النوع, خصوصاً, وأنهم حتى لم يمروا من خلال نفق العبور النفسي وفقاً لمجموعة من البطولات المصغرة سابقاً. وهنا لابد أن نشير إلى الخطأ الميداني الكبير الذي وقع فيه المنتخب الوطني العراقي على المشاركة بمحترفي آسيا في بطولة خليجي 19 حارماً المنتخب الحالي من هذه التجربة الطيبة.
ثانياً: أن منتخبنا مقبل على افتتاح البطولة بمباراة الحسم التي تتطلع اليها جنوب افريقيا للفوز تحت اي ثمن, خصوصاً وأنها عملت على تهيئة فريقها نفسيا للفوز في هذه المباراة الافتتاحية لما لها من أهمية معنوية وجدولية, حيث غالباً ما تشكّل مباريات الافتتاح عبئاً كبيراً على نفسية اللاعبين المتخصصين والمحترفين, فكيف الحال بمنتخبنا الوطني الذي لم يختبر من قبل قدراته النفسية وتركيزه الخططي.
ثالثاً: إن المختصين بالجوانب النفسية للرياضيين يعلمون تماماً ما للتغيرات المكانية والبيئية وفروقات التوقيت من تأثير في تركيز اللاعبين. وهنا سوف ينتقل العديد من لاعبينا نحو تلك الأجواء بصورة سريعة وغير مدروسة وهو ما سوف يعمل على تشتت انتباههم وتركيزهم وهم يحاولون استيعاب مايدور من حولهم في تلك البقعة الساحرة من الأرض.
رابعاً: يتحمل لاعب منتخبنا الوطني مجموعة من أنواع الضغط النفسي المسلّط عليه, حتى دون شعوره بذلك, ولعلَ من أهمها محاولة اللاعب عكس شخصية ونوعية اللاعب العراقي التي بان عليها خلال مسلسل اخفاقات البطولات السابقة والمحصورة بين بطولة آسيا 2007 وبطولة الخليج 2008. وهنا يريد اللاعب العراقي أن يتفوق على ذاته أولاً وعلى الآخرين ثانياً.
خامساً: أن هنالك مجموعة غير قليلة العدد من اللاعبين الذين يدينون بالولاء المطلق لمدربهم نتيجة لوضع ثقته فيهم ومنحهم بالتالي شرف تمثيل العراق. هذه الدافعية سوف تحدو بهم إلى إثبات أنهم أهل لهذه الثقة, وهو ما سوف يعمل على تحقيق جرع أدائية قد تكون غير مطلوبة في بعض الأحيان. أي أكثر مما يريده المدرب.
سادساً: تنامي الحس الوطني والشعور المبدأي في نفسية اللاعب العراقي خصوصاً وإنه بدأ يعقد توأمة فكرية بين تطلعات الأداء المشرِّف وانعكاس ذلك على راحة ونفسية المواطن العراقي في الداخل.
سابعاً: وهنا لابد وأن نتوقف عند العوامل الخاصة والفردية التي سوف تدفع باللاعب العراقي الى تقديم أقصى ماعنده كونه يعرف أنه مراقب من مجموعة من السماسرة الذين سوف يعملون على تحسين وضعه الاقتصادي والفني من خلال العقود المغرية التي تنتظر تواقيعهم. وهذا الأمر بالذات هو سيف ذو حدين, حيث يتوقف إستثماره إيجابياً على حسن ادارة المدرب لخيوط هذه اللعبة وبعكسه فإن الأداء الغير ملتزم هنا بواقع الخطة والمعتمد على الفردية والنرجسية, ممكن أن يقود اللاعب الى الإصابة أو التهور الخططي.
ثامناً: إن بطولة من هذا النوع لابد وأن يرافقها العديد من الإنعكاسات النفسية والتطورات الغير محسوبة الحساب على لاعبينا, خصوصاً وأن اللعب بنظام المجموعتين يعني نقص فرص التجاوز والعبور نحو المرحلة المقبلة.
لا يُمكن, وفي أية حالٍ من الأحوال, القول بأن المدرب المعني هذا أو ذاك قادر على تحقيق التوازن النفسي وتشذيب الذهنية المطلوبة لدى اللاعبين, لسببين أولهما أنه قد لا يتوفر للمدرب تلك المساحات الزمنية التي تعينه على أداء هذا العمل وثانيهما أن مدرب كرة القدم هو مختص بتحقيق التوازن الميداني الخططي لدى اللاعبين وهو بالتالي لا يمكن أن يكون بديلاً ناجحاً للمختص النفسي الرياضي.  إن مرافقة مختص نفسي قادر على استيعاب ضروف بطولة القارات وتهيئة اللاعبين والمدربين للتعامل معها سوف يعني وبقدر كبير من الإيجابية أن منتخبنا سوف يتمكن من عبور الحاجز النيوزلندي والجنوب افريقي, ومع اي خسارة أو تعادل اسباني فإن منتخبنا سوف يكون ضمن الأربعة الكبار في العالم. فهل يضع اتحاد الكرة العراقي, مشكوراً, هذه الأهمية أمام نصب عينيه.

35
الجيش الأمريكي أوجَدَ جيش من الأرامل بلا أمل

(صحيفة الأفتون بلادت السويدية / في 10 آذار 2009/ بقلم: أولّه سفينينغ / ترجمها بتصرف: علي الحسناوي.
----------------------------------
لعلّ من اسوأ نتائج التغيير السياسي الذي حصل في العراق خلال الأعوام الست التي مرّت, هو وصول عدد الأرامل العراقيات إلى أكثر من ثلاثة ملايين أرملة قياسا بالتوزيع السكاني والذي يشير, أيظاً, إلى أن نسبة الأناث من مجموع السكان وصلت الى 65%. ودقت السيدة نوال السامرائي جرس الانذار باستقالتها من منصبها كوزيرة للمرأة, ليس بسبب عدم تفعيل وزارتها, وإنما بسبب عدم قدرة الحكومة على رعاية أكثر من 30% من نسبة الأرامل حيث تم ترك النسبة الكبيرة الباقية منهن ليلاقين نصيبهن بقدراتهن الذاتية. وإذا ما عرفنا أن ميزانية السيدة الوزيرة لم تكن تتعدى الـ 7500 دولار شهريا, حينها ينقشع الضباب وتتبدد الغيوم عن الحقيقة المرة التي دفعت بها الى الإستقالة. وعلى الرغم من تشريع العراق لقانون حماية المرأة ومساواتها بالرجل وتحديداً في العام 1959, وعلى الرغم أيظاً من قيام الحكومة العراقية السابقة بالعمل على تثقيف وتأهيل المرأة, إلا أن كل ذلك انهار حينما أعلن الرئيس السابق, في الثمانينيات من القرن الماضي, من أن المرأة العراقية وُجِدت كي تنجب جنوداً لإدامة ماكنة الحرب التي ماكان ينتهي من واحدة حتى يُشعل فتيل الأخرى. حتى أن صدام اشار في واحدة من تصريحاته بأنه لابد أن تنجب كل عائلة خمسة أفراد على الأقل. فمن مذابح الرجال خلال الحرب مروراً بالعوقبات الدولية, التي طالت الشعب ولم تتعرّض للنظام. كان الأطفال يموتون موتاً جماعياً وهو ما أدى إلى بقاء النساء وحيدات في ساحات معركة الصراع من أجل البقاء. وعلى الرغم من التصريحات المرافقة التي أطلقتها كل من لاورا بوش وكونداليزارايس من أن الحرب الاميركية على العراق جاءت من أجل تحرير النساء إلا أن الواقع يقول عكس ذلك تماماً حينما نشاهد مايقرب من 250000 أرملة بلا مأوى حقيقي لها ولأولادها. إن غالبية هؤلاء النساء هُنَّ من المتسولات واللواتي عادة ما يتعرضن للإهانة والتعذيب والعنف والإغتصاب القسري. ولابد هنا من التذكير بحوادث اختطاف الشابات العراقيات وبيعهن بالتالي في اسواق النخاسة تحت مسميات تجارة الرقيق الأبيض. وتحدثت ثلاث نساء عراقيات , بمرارة وألم, عن القانون 41 الذي يعطي كل جهة دينية الحق في تشريع ما يتناسب ومصالحها في التزويج واغتصاب حقوق المرأة وهو ما سمى بالغطاء الشرعي للأعمال الغير سليمة اتجاه المرأة تحت واعز الشرعية الدينية. القوات الأميركية التي بنت الجدران الأسمنتية لتحقيق العزل الأثني والديني بين السنة والشيعة هي وحدها التي منحت الشيعة قوة الشرعية على حساب السنة ثم تعود لكي تشتري السنة المحسوبين على صدام بدولاراتها بعد أن ألبستهم البدلات العسكرية ومنحتهم تسميات مختلفة. وللأسف هكذا خلقت أميركا الفوضى في البلد ومنه تعرّض المرأة لمزيد من القهر الاجتماعي والديني والذي وصل حد القتل في الكثير من الأحيان. وهو تكرار لسيناريو العنف الطالباني ضد المرأة في افغانستان. وهنا تشير الكاتبة (نادية العلي) إلى أنه من غير الممكن الحصول على فئة سكانية جديدة من (السوشي) من خلال التزاوج الشيعي السني. وعلى الرغم من التاريخ النظالي العتيد للمرأة العراقية خلال الأعوام التي تلت الحرب العالمية الأولى إلا أنها عادت لتغامر مع الحاكم المدني بول بريمر وفرضت عليه سياسة الـ 40% من النساء المنتخبات الى البرلمان العراقي. إلا أن بريمر نكث بوعده ونفض يديه مستهجناً هذه النسبة العالية لكي يتحول بعدها نحو تقسيم البرلمان وفقاً للمحاصصة الطائفية البغيضة. المصدر (صحيفة الأفتون بلادت السويدية / في 10 آذار 2009/ بقلم: أولّه سفينينغ / ترجمها بتصرف: علي الحسناوي.

36
حَولَ فشل الإستعمار البغدادي في قيادة الرياضة العراقية
علي الحسناوي
لَم تعُد الرياضة بمعانيها الإنسانية والأممية النبيلة حِكراً على شعب أو ملكاً لأمةٍ دوناً عن سائر الأمم. بل على العكس من ذلك تحوّل مشاهير الرياضة إلى سفراء للسلام (الأنكليزي بيكهام) في حين قادت النجومية البعض منهم كي يقفوا على رأس الهرم الرياضي (الكاميروني روجيه ميلا)  لبلدانهم في حين تربع البعض الآخر على عروش المناصب الأولمبية الدولية (المغربية نوال المتوكل). وعبر إشعاع  هذه النجوم نرى نور الإنسانية الذي تفوق على ظلمة العنصرية اللونية والإقليمية الشوفينية. أما على صعيد المنتخبات فليس أمامنا إلا أن نتطلع, وبكل فخرٍ واعتزاز, نحو تلك المساحات من الحرية التي منحها التاج البريطاني لمنتخبات ايرلندا وويلز كي تلعب وتنافس تحت ألويتها المستقلة, إضافة إلى منتخب (الفيرو آيلاند) الذي ينشد أغنيته الخاصة وتحت رعاية تامة من لدن التاج الدنماركي. وليس غريباً على السياسات المافيوية الإيطالية أن تمنح قدسية الفاتيكان حقه بالعيش المستقل حتى لو أراد أن يبني منتخباً كروياً من قساوسته, إذ أن المبدأ هو ذات المبدأ. جنوب السويد يرفع علمه الخاص ويعتز بهويته الخاصة وكما يسمّون أنفسهم (سكونسكا) والجزر الإيطالية والفرنسية (سيسيليا وصقليه) النائمة في حضن البحر الأبيض المتوسط لا تدين بالولاء إلا لأنفسها على الرغم من انتمائها الرسمي لجمهورياتٍ أوربية أخرى. ولو أرادت (جزيرة غرينلاند) الثورة والتمرد على أنتمائها للدنمارك فإنها قادرة, وبفعل مساحتها ومناخها, من القضاء على العالم الإسكندنافي بكامله. الله سبحانه هو من خلقنا شعوباً وقبائل كي نتعايش ونتصالح ونتسامح مستفيدين من قدراتنا المشتركة ولم يخلقنا دولاً او دويلات بحدودٍ متنوعة المقاييس كي نتخاصم ونتقاتل من أجل شبرٍ متصحر تنفيذاً لرؤى ضيقة الأفق مبنيةً على دوافع دنيوية بحتة ومصالح سياسية أحرقت الأخضر واليابس تحت شعاراتٍ جوفاء وراياتٍ ما أنزل الله بها من سلطان. ولنا في بطولة الأقاليم الرياضية خير مثال على مدى رغبة وقدرة الشعوب على التآلف والتحابب والتواصل.
إن حجم الصراعات العراقية الرياضية المريرة بمثلثه الذي تقاسمت اضلاعه (الحكومة والبرلمان والمؤسسة الرياضية) لم نحصد منه إلا مزيداً من الخسائر والإذلال على المستويين المحلي والدولي. ولا يُمكن في أية حالٍ من الأحوال إلقاء تبعات هذه الإنكسارات الرياضية المريرة على أي طرفٍ من الأطراف الثلاثة لوحده دوناً عن الأطراف الأخرى. كما أن هذه الصراعات عملت على تغييب متعمد وقسري لصوت الإزدهار الرياضي الذي يمكن أن يحصل في محافظةٍ من المحافظات الأخرى وذلك بعد أن تسيّدت الصراعات في بغداد عبودية الرياضة العراقية في أي مكانٍ آخر من جمهورية العراق. حتى أن الصوت الرياضي في المحافظات الأخرى اضحى تابعاً مقاداً, سواء برغبته أو بغيرها, لزعامة جمهورية الرياضة البغدادية التي أخذت على عاتقها تسيير دفة الرياضة العراقية في كل مكان. نحن لا ندعو إلى التمرد الأعمى ولكننا في الوقت ذاته ندعو الى التحضر الرياضي المتبصَّر في التعامل مع تطورات الأنشطة الرياضية في المحافظات الأخرى بشكلٍ يؤمّن لها العمل باستقلالية عالية ومركزية أعلى كي تتمكن, هذه المحافظات, بالتالي من التخطيط لمصالحها الرياضية وبالشكل الذي يُعيد للعراق أسمه وسمعته السليبة. لا يمكن أن تخضع سمعة الرياضة العراقية لمحصلة نتائج الرياضة البغدادية التي أصبحت تضيّق الخناق على إستثمار القدرات الفنية والتعبوية المتوفرة في المحافظات الأخرى. إن تمركز الرياضة العراقية, وبدون وجه حق, داخل الحدود البغدادية يدعو إلى ثورة رياضية واستنهاض مستقل للإمكانيات التي يمكن أن تقف عليها بعض التكتلات من المحافظات الأخرى. ومع اقتراب موعد بطولة القارات, والتي سيكون العراق فيها ممثلاً لآأسيا, فإن جعجعة حدة الصراعات وبوادر التشنج لازالت تعلو على صوت العقل والمنطق خصوصاً ونحن نتحدث عن الصراع الرياضي الداخلي والذي يُفترض به أن يحمل رسالة نبيلة إلى كل العالم على قدرة هذا البلد على الخروج من تحت ركام الأحداث. وعلى العكس من ذلك فإننا أصبحنا نعطي الفرصة, لأولئك المرتوين بمرارة البلد, كي يزيدوا من غلّهم ويرفعوا من غيّهم نافخين في جمرات الحرائق الماضية كي يحرقوا الرياضة العراقية بأكملها مدّعين عجز الساسة والقادة عن توفير مناخ آمن لتنفيذ استحقاقات البلد المحلية والدولية على الوجه الأفضل. ولست أدري ما ضرَّ لو تحاورَ هؤلاء السادة والساسة على مائدة مستديرة لمناقشة واقع مستقبل الرياضة العراقية بعد أن يكونوا قد ألقَوا عنهم مصالحهم الخاصة واكتفوا بالدخول حاملين قنينة ماء عراقية خالصة. وإلا فإن عليهم أن يتنّحوا فغيرهم اشطر. فإن لم يتنحى السادة وبقوا على خصامهم المبطن وزعلهم الألعن ولم يُسمح, بالتالي, للاشطر كي ياخذ دوره الحقيقي في بناء الرياضة العراقية وفقاُ لرؤى علمية, فلن يتبقى لنا إلا تقسيم العراق إلى أربعة مجالس رياضية مركزية ووفقاً لميزانية مالية خاصة بكل منها مع توافر جهة رقابية تابعة للحكومة المركزية. هذا التقسيم ممكن أن يخضع إلى جغرافية البلد كأن يكون مجلس رياضة الشمال  (السليمانية, أربيل, دهوك, الموصل, صلاح الدين, كركوك) ومجلس رياضة الجنوب (البصرة, الناصرية, ميسان, السماوة) ثم مجلس رياضة الوسط (النجف, كربلاء, الحلة, الكوت, الديوانية) وأخيراً مجلس رياضة المركز (بغداد, الانبار). على أن يُدير كل مجلس رياضته بمنافساتها الخاصة به ثم تلتقي المجالس في بطولة مستقلة خاصة بالعراق كي نتمكن بالتالي من بناء منتخبات شاملة وفقاً لسياسة أفضل البدائل.



37
انتخابات الاتحادات الرياضية والتعكز على الخطأ لتحقيق الصواب
علي الحسناوي
الآن وبعد أن اشرفت ملحمة الإنتخابات الرياضية العراقية على إسدال الستار عن آخر فصولها, لم يعد لنا إلا أن نقف على النتائج التي تمخضت عنها تلك المسيرة الطويلة لأطول عملية انتخابية والتي رافقها الكثير من التقاطعات الحزبية والسياسية التي حاولت بطريقة وأخرى أن تؤثر على آلياتها في سبيل تحقيق مصالحها الذاتية. وعلى الرغم من العمل الرائع والجهد الجبار الذي بذلته اللجان المعنية بهذه الإنتخابات إلا أنها أخفقت في التصدي لبعض المحاولات التي عملت على تهميشها مستمدة قوتها من ولائاتها الحزبية والسياسية والتي وقفت تلك اللجان أزائها موقف المتفرج والعاجز. هذه التجاوزات نجحت في تمرير مرشحيها على سمع وبصر الإعلام العراقي الرياضي كون أن الأمر يعود أولاً وأخيراً إلى توجهات الهيئات العامة صاحبة القول الفصل والتي كوّنت انطباعاتها ورؤيتها وخياراتها خارج القاعات الانتخابية مستمدة تلك الرؤية من خلال العلاقات الشخصية والوعود والنعرات العشائرية والغطاء المذهبي. للأسف لم يقم الكثير من المرشحين بطرح برنامجهم الانتخابي وأكاد أجزم أن هنالك اكثر من تسعين بالمائة من الناخبين قد أدلوا بأصواتهم دون أن يقفوا, وعن قرب, على البرامج الانتخابية لمرشحيهم. هذه الحلقة المفقودة في الآلية الإنتخابية هي التي لم تقف عليها اللجان المسؤولة والمعنية بالإنتخابات, إذ كان من المفترض بهذ اللجان الحكومية أن تعمل على إلزام المرشحين بطرح برامجهم الانتخابية ورؤيتهم لكيفية تطوير هذا النشاط الرياضي أو ذاك قبل فترة وجيزة كي يتمكن الناخب من دراستها وتحقيق اختياره بشكل علمي وسليم, هذا على فرض أن العلاقات والمآرب الشخصية ليست كفيلة هنا بمنح صوت الناخب, وكما هو معمول به في كافة انحاء العالم. وللأسف كان هنالك تغييب عمدي وقسري للوجوه الرياضية النبيلة وإبعاد مقصود للكفاءات الأكاديمية والإعلامية الرياضية إضافة إلى التخلص من تواجد الوجوه الشبابية الطموحة مع غياب واضح لدور المرأة الرياضية في ساحة الانتخابات والتي اقتصر دورها على نسبة خجولة لا تكاد تُرى أو تُذكر إلا لتحقيق وهج إعلامي أو لملأ الفراغ الانتخابي.
من المفترض أن يعي الناخب والمرشح من أن هنالك علاقة وثيقة بين الدورات الأولمبية وبين انتهاج منهج الانتخابات الدوري كل أربع سنوات وذلك من أجل العمل على إعداد مشروع طموح وبعيد المدى لتقديم بطل أولمبي قادر على المشاركة في المنافسات الأولمبية ولكل نشاط من الأنشطة الرياضية المُعتمدة. عادة ما يتم تسيير عجلة الرياضة الأولمبية ولكل دولة من الدول من خلال ثلاث مقومات اساسية هما توفر العنصر البشري الرياضي المنافس, توفر مصادر التمويل السخية, ووجود قيادات علمية ناجحة وقادمة من خلال دورة انتخابية سليمة لا يصح فيها إلا الصحيح. ومن خلال تسقيط هذا الأمر على الواقع الرياضي العراقي الآن والواقع الأولمبي المنشود مستقبلاً نجد أن العراق يتمتع بأهم خاصيتين وهما توافر هذا الكم الهائل من الفئات العمرية القادرة على التحول إلى خامات للتطوير والمنافسة إضافة إلى توافر مصادر التمويل, هذا إذا ما تم استغلالها واستثمارها على الوجه الأفضل, إلا أن ما ينقصنا هو وجود قيادات حكيمة وعلمية قادرة على قيادات اتحاداتها الرياضية بشكل لا تشوبه أية شائبة.
ولست أدري في حقيقة الأمر لماذا يُصار إلى انتخاب شيوخ وقامات رياضية عراقية سابقة لم يعُد لها من قدرة على تسيير ومتابعة نفسها واتحاداتها وذلك بدلاً من إستثمارها على شكل مستشارين وخبراء في ذات الاتحادات وهو ما يُمكن أن يُعطي الاتحاد دفقة أعمق واقوى في انجاح مسيرته وتوجهاته المستقبلية من خلال السماح للقيادات الشابة بالعمل والأخذ بزمام المبادرة. ومن هذا الجانب بالذات كان الأولى باللجنة المشرفة على الانتخابات أن تعمل على تحديد فواصل عمرية للمرشحين مثلما حددت فواصل دراسية لهم, ولو حتى أن هذا المبدأ قد تم اختراقه وفقاً لأساليب وغايات مختلفة.

38
راضي شنيشل بين محلية العمل وازدواجية التصريحات
علي الحسناوي
تعددت ردود الأفعال التي رافقت اختيار السيد راضي شنيشل للإشراف المؤقت على منتخبنا الوطني وهو في معمعة زحفه القلق نحو بطولة القارات المقبلة في شهر حزيران من السنة الحالية. وعلى الرغم من الدعم الإعلامي الغير مسبوق الذي وقف على جانبي السيد راضي إلا أن هنالك العديد من الرؤى التي لازالت تسود الشارع الرياضي الكروي ومنها أن سيناريو السيد هو مشابه تماماً لسيناريو فلم فيرا الذي سبقه, كون, أن الأثنين تربعا على عرش الكرة العراقية لتحقيق رغبتين متعاكستين أولهما تلبية الرغبة الجماهيرية العارمة وثانيهما إستثمار المؤسسة الرياضية الكروية العراقية لهذا الإندفاع بغية التعميم على الاندحار الخليجي في مسقط من ناحية والاندحار المونديالي في قطر. ومن الأمور التي بدأ راضي يتطبع بها, وبحسب رؤية الشارع الكروي العراقي, هي كثرة التصريحات التي بدأت تأخذ طابعا غريبا وجديدا من خلال رغبته في ان يعتذر اللاعب علي حسين رحيمة للشعب العراقي كشرط إعادته للمنتخب الوطني. وهذا التصريح يجعل من الكابتن راضي ليس مديرا فنيا مؤقتا للمنتخب فحسب بل يجعله في موقع المسؤول عن آمال وتطلعات ورغبات الشعب العراقي كأي عضو برلماني, على الرغم من أن السيد يعني لنا أكثر مما هم يفعلون. ولازال السيد قلقا بين إستثمار وعدم إستثمار قدرات اللاعبين المحترفين بعد أن خفف من حدة لهجة خطابه الموجه نحوهم قياسا بالفترات الماضية وهو هنا, أي السيد, بدأ أيظاً يتحدث بلغة بعيدة كل البعد عن توجهاته أمام المؤسسة الرياضية الكروية قياساً بالفتره التي تم فيها تغييب دوره في الاشراف على منتخب العراق الرديف قبل بطولة النروج الرباعية التي أُقيمت في العاصمة الأردنية عمان وهو مادفعه للسفر الى قطر. أسوق هذه المقدمة التي بدأت تلقي بظلالها على التوجهات المهنية للسيد منطلقا في الوقت ذاته من أحقية الإعلام المساند والمحايد في التعبير عن وجهة نظره إتجاه ما يحدث من تطورات متسارعة في الكرة العراقية. ونحن حينما نقول فلان فإننا لا نقصده بالذات بقر ما نعني المرحلة التي يمثلها ويتحمل مسؤوليتها, كما أننا نعي أن مرحلة راضي شنيشل هي مرحلة من نوع خاص كونها تنأى بنفسها عن المنافسات العربية العربية أو الخليجية الخليجية لتدخل بمنافساتها مفترقا جديدا في طريق المنتخب الوطني العراقي حينما سينافس مجموعة من الدول الأوربية ذات الباع الطويل والمتقدم في كرة القدم. وعلى الرغم من إيماننا بقدرة اللاعب العراقي على التفوق على نفسه وغيره منطلقين من التصاعد الرائع لأداء منتخب أولمبياد اثينا إلا أننا يجب أن نؤشر إلى أن عالمية وأوربية بطولة القارات لا يمكن أن تتجاوب وقدرات مدربين قضّوا نصف أعمارهم في آسيا وهم يدورون من دولة إلى أخرى. إن مجموعة ميتسو وماتشالا وميزوفوتش سوف لن تتمكن من نقل لاعبينا من مستوى المحلية العربية والخليجية إلى مستوى الأوربية بين ليلةٍ وضحاها, ليس استهانة بقدراتهم, ولكن لأنهم تأقلموا وتكيفوا مع دوافع ونوازع الكرة الآسيوية والتي لا يمكن أن تصمد لأقل من ربع شوط امام الكرة الاسبانية والايطالية. قد نتفق على أهمية توافق العمل بين راضي وموزوفيتش الصربي, حتى لوكانت هذه الاتفاقية معدّة سلفاً, إلا أننا لسنا مع قيادة أي مدرب آسيوي لمنتخبنا في بطولة القارات إن صحّ التعبير وهو ما سيقودنا حتما إلى خسارة المزيد من الأموال والدموع على حدٍ سواء. إن المنتخب الذي يقف على اختياره السيد لوحده والقادم من أعماق ركام الهزائم ورماد الإخفاقات يعاني من تردد كبير في قواه النفسية وتطلعاته الذهنية ,حاله حال اي متابع للكرة العراقية, وهو ما يُضفي على الإدارة الجديدة أن تعمل على إستثمار قدرات المعالجين النفسانيين وخصوصاً أن علم التدريب الحديث لم يعُد يؤمن بقيادة المدرب الواحد لكل النواحي الفنية والنفسية للمنتخبات بل توزعت مهامه إلى أكثر من مدرب في فريق عمل متكامل ومتجانس. ومن هنا فإنه يتوجب على اتحادنا وحكومتنا أن تعمل على الإبقاء على السيد راضي لتحقيق عوامل الانظباط والالتزام مقابل استقدام مدرب أوربي شاب قادر على التحدي وممتليء بالطموح لتحقيق انتصارات ذاتية مع منتخبات متوازنة القدرة وبعيدة عن احتمالات الفوز بالبطولة على أن يمتد ذلك ليشمل الإبتعاد عن المباريات التجريبية ذات الخصم الآسيوي. وهنا فإننا لا نتناول قدرات مدربين مثل سكولاري ومورينهو لأسبابٍ أولها مالية وثانيهما أن هذه الفئة من المدربين لا يمكن لها أن تُصلح ما أفسده الآخرون بين ليلةٍ وضحاها كونهم مدربوا بناء ثم إنجاز وليس العكس وهو مالم نتعلمه من درس أولسن لغاية هذه المرحلة.

39
ما لم يُكتب أو يُقال في حكاية فيرا المُقال
شهادة: علي الحسناوي
********************

كان قد صَدَرَ لي من قبل كتاب (فيرا العراقي .. بساطة الرجل وصعوبة المهمة) وكل من قرأ كتابي هذا وجد فيه تجسيد حقيقي وصادق لمرحلة ما قبل وبعد انجاز آسيا إضافة إلى دراسة بعض التقاطعات الإدارية والفنية التي واجهها فيرا خلال تلك المرحلة. فأنا بطبيعتي وتوجهاتي لا أكتب عن تأريخ الأنسان بقدر تعلقي بكتابة تأريخ المرحلة التي يساعد هذا الأنسان, كائناً من يكون, على صنعها والمشاركة في تحقيقها. وحينما تم توزيع الكتاب في كل من العاصمتين الأثيرتين ستوكهولم وبغداد مطرزاً بإمضاء فيرا لكل من احتفى به, حينها, وصلتني بعض الدعوات لكتابة السير الذاتية لمدربين آخرين كانت لهم البصمة الواضحة والأنيقة على صحف تأريخ الكرة العراقية من قبل ومن بعد. قد يعتقد البعض جزافاً أن فيرا لم يدخل بقوة سوق المدربين, خصوصا وهو لازال منتشياً بالإنجاز الآسيوي, ولكنني أجزم أنني كنت أرد على مكالمات مسؤولين أتحاديين ووكلاء من دولٍ عدة تدعو فيرا لقيادة منتخباتها أو نواديها وهو ماكان الرجل يرفضه جملة وتفصيلا. يرفضه لأسبابٍ كانت في حينها منطقية ومعقولة وهو يتعلل بالإهتمام العائلي أولاً وبحد سنوات العمر الستين التي لم يكن راغبا في دخولها وهو لازال يعمل في مجال التدريب. أما السبب الأكاديمي والمهني فكان يكمن في رغبة فيرا الإهتمام بأكاديميتيه الفعالتين في كل من المغرب والبرتغال والتي كان ينوي إستثمارهما في تأهيل واقع الكرة العراقية.
وضع فيرا أمامي مشروع المليون دولار والذي أراد من خلاله تسيد الكرة العراقية بطريقة ذكية والتزامية والتي كانت تعطيه الحق في إدارة المنتخب الوطني الأول مع تعديل وتغيير الطاقم العراقي الفني المشرف على المنتخب الأولمبي, خلال منافسات تصفيات أولمبياد بكين, ومن خلال إستقدام مدرب برازيلي يشبهه في الطباع ويجاريه في القيادة على أن يُبقي على مساعد عراقي واحد (سعدي توما) مع المنتخب الأولمبي إضافة إلى إعادة هيكلية منتخبي الشباب والناشئين بقيادة عراقية ومساعدة برازيلية لشؤون اللياقة البدنية والتخطيط ولكن بعيدة عن إستثمار فرناندو في هذا المستوى. كما كان مشروع المليون يمتد ليشمل إفتتاح الأكاديمية العراقية لكرة القدم بإستثمارات برتغالية ودعم تدريبي مغاربي.
وبعد أن تبخر حلم فيرا مع رفض مشروع المليون لاسباب تتعلق بنقص التمويل أو رفض الفكرة أو عدم وضوح الخطة, توجه فيرا بكل أسلحته للقتال في دول الخليج التي غازلته طويلا إلا أنها لم تخطب وده بعد أن حقّ الحق ووضح المنطق. وهنا كان للنادي الإيراني القول الفصل مع تواجد ما تبقى من شتات اسود الرافدين  مثل عماد محمد وأبو الهيل إلا أن فيرا عاد ليرفض تدخلات الهيئة الإدارية الجديدة بعد تعاقده مع القديمة وهو ما أبعده لفترة عن الملاعب الإيرانية ليعود بعد تطميناتٍ جديدة. وكلنا نتذكر المباراة الفاصلة التي اضاف فيها الحكم الايراني عدد غير معقول من الدقائق الإضافية بغية كسر جناح فيرا وتغليب سمعة المدرب دائي على سمعته. لم تكن زيارة فيرا لقَطر إلا لتحسس الأجواء ومعايشة القبول من خلال مقابلة بعض المدربين البرازيليين العاملين هناك والذين يكنّون لفيرا إحترام خاص مشفوع بالإنجاز العراقي الآسيوي وهو ما وثقته الصحف القَطَرية حينها بالصوت والصورة المرئية والمتلفزة.
لم تكن إتصالاتي الودية الحميمة قد انقطعت يوماً بالكابتن حسين سعيد وخصوصاً بعد أن شرّفني بتقدمة رائعة قدمني فيها إلى قيادات الإتحاد الأردني لكرة القدم صحبة زميلي الكابتن رافد القادم من كندا وهو ما أضفى على تفاهمنا مع الإتحاد الأردني أهمية خاصة بعد أن اعطاهم الكابتن سعيد إنطباعاً خاصاً عن قدراتي الأكاديمية وتوجهاتي العلمية وهو , أيظاً, ما دفع بهم إلى إستشارتي بمشروع تطوير الشباب خلال تلك الجلسة الغير عادية.
ومع ازدياد توجه الشارع الكروي العراقي نحو إعادة إستقدام فيرا بعد الإنهيار الحقيقي للكرة العراقية في تصفيات كأس العالم 2010 , هذه التوجهات التي أدارها فيرا بكل وعي وحرفية عالية من خلال تواجده في ملعب البطولة صحبة زوجته السيدة خديجة, لم يكن أمام الحكومة العراقية إلا الضغط من أجل التفاهم مع فيرا. هذا الضغط لم يتأتى عن وعي علمي ومهنية كروية مؤطرة بدراسة مستفيضة لواقع فيرا خلال تلك المرحلة, أقصد المرحلة التي تأخر فيها كثيراً عن اللحاق بركب موسم التعاقدات الوطني والدولي وعلى صعيدي الأندية والمنتخبات, بل جاء مبنياً على دفقات العواطف الشعبية ومساحات الحزن المستديمة والتي بللها فيرا بدموعه الساخنة بعد لحظات من إعلان فوز قطر على اسود الرافدين وبالتالي إقصائنا من المونديال الجنوب أفريقي سواء بوجود أميرسون أو بعدم وجوده. إن تواجد فيرا في هذه المباراة بالذات هو الذي فتح عليه قنوات التعارف والتلاطف مع المسؤولين الحكوميين العراقيين والذين بادلوه الأسى وتقبلوا منه التعازي بوفاة الكرة العراقية التي كان هو, وكما يعتقد هو ومن جاملوه, أوكسجينها الوحيد ورئتها الوحيدة التي يتنفس منها المنتخب بحرية ونقاء. هذا التلاحم الحكومي مع فيرا منحه دفقة القوة التي كان يحتاجها بغية مصارعة توجهات الاتحاد العراقي الذي رفضه من قبل ومن ثم الإستعداد لمراسيم التتويج على عرش الكرة العراقية. وكلنا نتذكر ان فيرا لم يُغادر بلد المباراة بعد انتهائها بل عمل على تجديد إقامته كونها كانت نقطة تواجد والتقاء العديد من المسؤولين الحكوميين العراقيين. في ليلتها قال لي فيرا, أنه كان قادراً على صنع الفوز لو قُدّر له أن يكون بدلاً من حمد وأن إنجاز آسيا يُسرق من العراق في وضح النهار نتيجة للتلاعبات والتقاطعات في عمل البعض من المشرفين على الكرة العراقية. كان فيرا عادة ما يستخدم كلمة (مكتوب) ويقصد النصيب حينما كان يكتبها عربيا وباللغة الإنكليزية ويعني (أن ما حصل كان المكتوب بعينه وليس هنالك من أحد قادر على تغييره).
لم أكن من النوع الذي يتصيد المناسبات الحزينة للتحاور مع رئاسة الاتحاد العراقي لكرة القدم بل عادة ماكنت اترك هذا التواصل للمناسبات الأكثر سعادة وخصوصاً الأعياد والمناسبات الخاصة ولكني وفي الوقت نفسه كنت على تواصل مباشر ودائم مع فيرا من خلال الهاتف والانترنت بشكلٍ يكاد يكون يومي معبرين عن توجهاتنا المشتركة في سبيل إعادة الروح للكرة العراقية والتي أعلن فيرا رفضه ولأكثر من مناسبة العمل فيها وتسيد ساحتها التدريبية على اساس تقاطعاته القديمة الجديدة مع رجال الإتحاد العراقي وتعبيراً عن عدم قناعته برفض مشروعه المليوني من الاساس.
لنعترف أن لرئيس الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم نظرته المهنية الخاصة والموضوعية في قدرات وسيَر المدربين, هذه النظرة المستقاة من أنه صاحب تأريخ كروي مشرِّف وحرفة ميدانية توجها خلال المراحل الحديثة برؤيته الدولية والأممية لكل ما يدور في فلك كرة القدم من اخفاقاتٍ وانتصارات. ولعلّ لرئيس الاتحاد فلسفته الخاصة في عدم قبول فيرا كونه يرى الإنجاز الآسيوي من زاوية تختلف تماماً عن تلك التي ينظر فيها فيرا لإنجازه الأفضل على مَر تأريخه الكروي الحافل بالعديد من المؤشرات السلبية والإيجابية. هنا لابد من التذكير بأن الإعلام العراقي المنصف والمحايد وكذلك الإعلام الرياضي العربي الذي يتسم بتوجهات مختلفة كانت لهما أيظاً شؤون وشجون في عَرض مقومات واسباب نجاح العراق في إنجاز آسيا وهو أمر مقبول للجميع كونه يصب في خانة حقيقة واقع الإعلام الرياضي العربي الذي لازال يتصف ببعض سمات الميول والقبول.
جاءت عودة المسؤولين الحكوميين العراقيين إلى بغداد, بعد الاندحار المونديالي, وهم يضربون أخماساً بأسداس عن الكيفية التي سيتم من خلالها إعادة تطبيق شعار (ارفع راسك أنت عراقي). ومن هنا كان لابد من إعتماد مبدأ التضحية بالقديم واستقدام الجديد فكان المدرب العراقي حمد أول ضحايا الإقصاء بقرار حكومي أثار ولازال يثير جدلاً واسعاً في الأوساط الرياضية عن مدى جدية وأهمية هذا القرار في إعادة هيبة الكرة العراقية وخصوصاً مع بقاء المؤسسة الكروية العراقية بكامل عدتها وعددهها على راس الهرم الكروي العراقي. ومن ضمن التوجهات الجديدة كان البحث عن المنقذ فيرا وذلك من خلال ضغط جماهيري وإعلامي مورس بكل عفوية وتلقائية بعيداً عن دراسة الواقع دراسة مستفيضة وبالتالي تحليل وإعادة تقييم ماحدث بغية الوصول إلى بدائل أكثر عقلانية. وهنا لابد من الإعتراف أن فيرا كان الأذكى ميدانياً في التعامل مع مصالحه في الحدث العراقي, والأفضل في شد الأوتار المتشنجة بين الاتحاد والحكومة حتى أنه فيكان الراقص الاشطر على مطاطية تلك الحبال بغية العبور عن ضفة القبول العراقي. ولعلَّ أكثر ما كان يُخيف فيرا ويرعبه في الجانب العراقي هو الإعلام الرياضي العراقي المثقف والمتابع, من ناحية, ونخبة المثقفين والأكاديميين, من ناحية أخرى, وهنا لابد من التوقف عند نقطة محددة هي وصول فيرا إلى قناعة, وعبر بعض أحاديث المسؤولين, أن فيرا سيعمل في فضاءٍ تام من الحرية وخالٍ تماماً من التدخلات الأتحادية وهو بالتالي سوف لن يتعرّض إلى أي نقد علمي أو أكاديمي. هذه الأجواء التي أُشيعت عمداً حول محيط فيرا دفعته إلى النظر نحو أكاديميينا ومدربينا وخبرائنا نظرة دونية وازدرائية وخصوصاً فئة المدربين من لاعبينا الدوليين السابقين الذين كانوا يتبارون فيقمة هرم الدوري العراقي. وهنا اعتمد فيرا على الحجب الإعلامي وعدم مقابلة الصحفيين أو التقرب من أماكنهم والذين كانوا يحملون العشرات من الأسئلة عن توجهاته واهدافه وطريقته القادمة في العمل. ومن جانبي فقد أرسلت له العشرات من الأسئلة المحددة والخاصة ببعض الزملاء إلا أن فيرا لم يكن يلتفت اليها بل كان يتهرب منها على الاصح بداعي أنه سيعقد مؤتمراً صحفياً موّسعاً خلال المرحلة القادمة وهو ما لم يفعله إطلاقاً. إن حالة القلق النفسي وحالة اللاإستقرار الذهني تبلورت أول ما تبلورت لدى فيرا من قَدَر تغيرات الوضع الأمني في بغداد ومن إحتمال تواجد الكابتن حسين سعيد في العراق تحت اية لحظة وهو ماكان سوف يدفع بفيرا إلى البقاء تحت هاجس الرعب والعمل في العراق وتحت رقابة شاملة من أكبر متحديه على مستقبله الكروي الاحترافي. أسّرّ لي فيرا وقبل ساعتين من إقلاع طائرته المتوجهة نحو العراق صحبة مُضيّفه الحسيني أنه سوف يعقد مؤتمراً صحفياً شاملاً على أرض مطار بغداد حتى قبل أن يُغادر بوابة المغادرة إلا أن شيء ما حصل أو تغيّر دعاه إلى عدم الوفاء بوعده. المصيبة هنا أنني طلبت من بعض الزملاء التوجه وتغطية الحدث وهو ما أوقعني في حرجٍ شديد فيما بعد. ومن الأمور التي لم يعرفها أحد أن فيرا كان يعتقد أنه قادر على الترشح لمنصب رئاسة الاتحاد العراقي المركزي لكرة القدم مدعوماً بحب وثقة الجماهير به وذلك بعد حصوله على الجنسية العراقية التي قاتل من أجلها بكل ما أوتيَ من فوةٍ ومن رباط الخيل إلا أن طلباته كانت تواجه بحالة من التريث والتخدير المقصود والغير مقصود. وهنا طلب مني فيرا إستقراء آراء الإعلام والمعنيين بهذا الأمر. كان فيرا , ومن خلال تواصلي معه, على علم كامل بكل ما يدور وراء أو أمام كواليس الكرة العراقية وخصوصاً أنه سبق له وأن بدأ الدخول في حوارات هاتفية ومناقشات جانبية مع الأطراف الحكومية التي بدأت هي الأخرى تخطب وده بغية تحقيق مبدأ الإلتصاق الجماهيري وإرتداء بدلات الفرسان الذين لا غنى عنهم بغية إنقاذ واقع الكرة العراقية. المفاجأة التي أوصلتني إلى هذه المعلومة كانت وقوف فيرا على كل ما كان يجري من مباحثات وتقاطعات في سبيل إعادته إلى حضرة الكرة العراقية إلى الحد الذي كان معه يعرف من خلاله بكل ما كُتب عنه اليوم وماذا سيُكتب عنه غدا . تسلّح فيرا جيداً بقدرات السادة المسؤولين الحكوميين الذين كانوا على تواصل دائم معه, بعد أن عقدوا مع فيرا إتفاقية العمر الإعلامية , كما أنه تسلّح بالسلاح الفتاك ألا وهو الرغبة الجماهيرية العفوية العارمة الحمراء التي أكتسحت المنطقة الخضراء خلال تلك الفترة. حاولت التخفيف من زخم التواصل الفني والإستشاري مع فيرا بعد أن وجدت فيه إندفاعاً محموماً لركوب الموجة الحكومية وضرب كل توجهات الاتحاد بعَرض الحائط وكأنه أراد بذلك إصطياد عصفور الرفض الاتحادي له وعصفور مبلغ العقد بحجرٍ واحد خصوصاً وأنه كان قد ضحى بالكثير من أمواله السابقة في سبيل إعادة الروحية الجمالية والإجتماعية لمسكنه القابع أمام أحد ابواب ملعب محمد الخامس في العاصمة المغربية وأيظاً في توجهاتٍ أُخرى لا تعنينا في شيء هنا في هذه الشهادة.
من هنا وافقت رئاسة الإتحاد العراقي على الدخول في مفاوضاتٍ تجريبية مع فيرا لمعرفة توجهاته ونواياه والتي لم تكن قطعاً, وحسب ما خبرت الرجل, ذات صبغة فنية أو مهنية هذه المرة, حتى أنه ذكر لي أن تواجده مع العراق في بطولة القارات أهم لديه من الانجاز ذاته. أما الحديث عن كاس الخليج فلم يكن يعنيه بالمرّة كونه كان يعتبره تحصيل حاصل ضمن عقده التدريبي وأيظاً لأنه كان واثقاً من الفوز في المونديال الخليجي وإنطلاقاً من نفس نظرة مَن كانوا يتكأون على المنجز الآسيوي في صنع نصر خليجي لاغبار عليه. وهذه أولى الكبوات الفنية التي وقع فيها فيرا كونه لم يكن مطلّعاً في حقيقة الأمر على شبابية وقوة المنتخبات الخليجية المشاركة من الناحية الفنية علاوة على أنه اراد تحقيق تحديات ذاتية وانتصارات شخصية على رجالٍ لم يوافقوا يوماً على طموحاته العريضة من الناحية السايكولوجية. لم يكن فيرا مرتاحا بشكل كبير في الوسط الإجتماعي الذي كان يشكو منه بشكل دائم وهو ماكان يدفعه للسفر إلى أماكن أخرى في العالم أكثر هدوءاً ومتعة وراحة بال.
لم يكن اتصال الكابتن حسين بنا يحمل في دلالاته الكثير من الجدية في التعامل مع فيرا كون الأخير كان قد اختار له منتجعاً شخصياً وآثر الإنزواء بعد أن أغلق هواتفه. إن تحليلي الثابت والأكيد لهذا السلوك النفسي الإجتماعي لحالة التصومع التي دخل فيها فيرا كانت قد أتت بعد أن وصلت لفيرا إشارات بقرب موعد مفاتحته بالعودة إلى أحضان البلد الذي بكى من أجله وفارقه مرغماً. قال لي الكابتن حسين بالحرف الواحد (أين صاحبك لقد ضاع من بين ايدينا). بعد دقائق كان الكابتن حسين وفيرا في حديث أولي بعد ان كان فيرا في رحلة بالسيارة بين مدينتين وهو ما دفعني إلى نصحه بالتوقف في أقرب موقف والاتصال بالكابتن حسين.
هنا أفرغ فيرا وخلال دقائق كل ما في جعبته من قهر وتحدث إلي بشكل مستفيض وواقعي عن قدراته الحالية المدعومة بحب الجماهير ودعم المسؤول الحكومي الذي لم ينفك عن تحقيق مبدأ المصلحة المشتركة معه. وختم حديثه بالقول أنه لديه عقد خليجي بمبلغ مليوني يورو فإذا كان الاتحاد قادر على الدفع اكثر من ذلك فإنه مستعد للتفاوض. هنا قلت لفيرا (انت تعي تماماً مع مَن تتحدث لأني لا أمثل اي طرف من الأطراف) وهنا هدأت حدة فيرا وقال (مليونا يورو ومع فرناندو الذي سأتفاوض بدلاً عنه). الذي يعنينا في الأمر أن تلك الواقعة كانت بداية العهد الجديد بين فيرا وسعيد. يبدو أن الكابتن حسين قد أعلن لفيرا رغبته الصادقة في التحاور مع فيرا في الأردن ولكن ليس بهذا المنطق المادي الكبير) هنا عاود فيرا الاتصال بي معلناً عن رغبته بتجاوز الاتحاد والعبور مباشرة نحو العراق بغية التفاوض خصوصاً وأنه ذكر لي بأن أحد المسؤولين الحكوميين كان قد وجه له دعوة فعلية للتعامل معه بهذا الاسلوب إلا أنه رفض الفكرة جملة وتفصيلا بسبب رهبته من الأوضاع الأمنية السائدة. من هنا سادت في الأوساط الإعلامية الرياضية مواقف تنتقد دعوة الكابتن حسين لفيرا بغية لقائه في الأردن وعلى اساس أن هذا الأمر سيُثير حساسية الحكومة في حالة ما تم توقيع العقد في عمّان بعيداً عن مصدر صنع القرار العراقي في بغداد في حين اراد الكابتن حسين, وحسب تقديري الشخصي, إبعاد فيرا عن المساندة الحكومية التي ستعمل على تقليل سلطة المراقبة الفنية على عمل فيرا عند تواجده في بغداد والعمل فيها. لا يُمكن لأحد ان يعقل ومن الناحية الفنية أن فيرا قد تمكن من جمع اللاعبين الشباب خلال اسبوع تواجده في العراق وبالتالي أعد العدة لانتمائهم للمنتخب الوطني بعد مشاهدتهم والوقوف على الأفضل منهم إذ أن هذه التسوية غير مقبولة علمياً وفنياً خصوصاً وأن فيرا لا يفقه شيئاً في تقلبات مستوى الدوري العراقي.
هذه التوجهات دفعتني حقيقة إلى الإتصال بالكابتن حسين معبرا عن وجهة نظر فيرا والذي افادني بأن الحكومة غير قادرة على توفير الغطاء المالي لفيرا بين ليلة وضحاها فهذا الأمر يحتاج الى تفاوض وبنود ولكن الاتحاد قادر على الأقل على المساهمة بالقسم الأولي لقيمة العقد. وبعد أخذٍ ورد بيني وبين فيرا , وبحضور أحد الدبلوماسيين العراقيين الذين تواجدوا بالصدفة والكابتن أحمد الفلوجي مدير نادي عراقنا, أفصح فيرا عن رغبته بالسفر الى الأردن والتعاقد على مبلغ سبعمائة يورو. وفي نفس الفترة وخلال مساء نفس اليوم توصلت مع فيرا إلى تغيير المبلغ إلى سبعمائة ألف دولار والكف تماماً عن الحديث باليورو وهو ما باركه الكابتن حسين معلناً عن إرسال التذاكر للسيد فيرا وفعلاً تم إستقباله في اليوم المحدد. كان من المفترض أن نقوم أنا والكابتن احمد الفلوجي بمرافقة فيرا في رحلته إلى العراق وبناءا على رغبته التي أعلنها مراراً وتكراراً, ليس من أجل الدخول في معترك التدريب, وإنما من أجل إضفاء جو الطمأنينة في نفس فيرا الذي كان خائفا من خوض التجربة حد الرعب. ولكن الأمر الذي الغى هذه المرافقة هو وصول السيد بسام الحسيني وهو ما اعتقدناه كان كافياً جداً لتحقيق نفس المعنى إن لم يكن بشكلٍ أفضل. والنص الحقيقي والموثق لديّ في هذا الخصوص أن فيرا قال (لن أدخل العراق إلا وأنتم على يميني وعلى يساري). ولو أن فيرا عرض عليّ إدارة المنتخب قبل أن يلغي الفكرة بسبب عدم موافقة بعض الاطراف على هذا المقترح  حسب ادعائه هو اي إدعاء فيرا, إلا أن أوساط اقرب مني إلى فيرا أبلغتني فيما بعد أن فيرا كان في حالة لم تسمح له بتغيير اي شيء على خارطة الإدارة الحالية للمنتخب ولم يقُم بمفاتحة أي من المعنيين بشان ذلك في حين أن فيرا أوضح لي وخلال ليلة هروبه إلى الأردن أنه كان قد فاتح المعنيين في الإتحاد لكنهم كانوا يفتحون عيونهم من الدهشة والتعجب, وهو التعبير الخالص كما ذكره لي فيرا,, وهنا أتذكر قول الكابتن حسين حينما صرّح لي بأن عملي مع المنتخبات مرهون بفيرا وحده كونه الآن يحمل القرار الوحيد وإمكانية البت فيه وذلك بعد أن حصل على كل هذا الدعم الحكومي والشعبي. كنت قد اشرت إلى فيرا وفي آخر ليلة أردنية جمعتني معه ان يعمد إلى مراقبة الدوري العراقي وتأهيل اللاعبين الشباب لبناء منتخب جديد وبالتالي اختبارهم والمراهنة عليهم من خلال بطولة النروج على أن يتم تطعيم المجموعة ببعض لاعبي الخبرة من القادرين على التكيف والتأقلم مع المجموعة الجديدة. وهنا أعلن لي فيرا بصراحة بأنه سوف لن يعتمد في بطولة الخليج التاسعة عشرة إلا على لاعبي آسيا بكامل عددهم حتى لو وقع اختياره على اربعين لاعب محلي بمستوى جيد ولائق. حتى أنني كنت قد ابلغت الكابتن عامر عبد الوهاب في ليلتها بوقوع اختيار فيرا عليه لقيادة الحراس متمنياً عليه حُسن التعامل مع الحدث. وحينما عرضت على فيرا تواجد الكابتن راضي شنيشل وجدت أن فيرا لم يكن يعي حقيقة الإنجازات المحلية والخليجية التي عليها السيد راضي إذ أنه اثار في حينها حديث طويل وغريب وشائك عن السيد راضي تبيّن لي فيما بعد ومن خلال تحليل ومساعدة الكابتن الفلوجي أن فيرا كان يتحدث عن الكابتن عدنان درجال متوهماً أنه السيد راضي. هذا الخلط أعطاني الدليل على أن فيرا لم يكن يفقه في الكرة العراقية ابعد من لاعبي آسيا وهو لم تكن له اية دراية واقعية بمكانة اللاعب والمدرب العراقي المحلي أكثر ما كان يُشار إليه في هذا الأمر. لم تدخل وزارة الرياضة والشباب حتى هذه اللحظة, بناءا على معلوماتي الصراع العراقي الفيروي , إلا أن دخولها أو حشرها في الأمر كله جاء بعد ان تأخر صرف الدفعة الأولى من مبلغ عقد فيرا وهو ما دفع بفيرا إلى الاحتجاج الغير مُبرّر وبالتالي إظهار وجهه الحقيقي والمادي من خلال مغادرته العراق وفقاً لتصرف لم يكن يرتقي إلى عالم الإحتراف بشيء. كان هذا التصرف أول تعبير عن الفكرة الخاطئة التي صدمت الجمهور الكروي العراقي والذي لم يكن أمامه من منفذ إلا انزال جام غضبه على المتسببين بتأخر الدفع كائناً من يكون, هنا لا بد من الاشارة إلى أنني وطوال تعاملاتي الاجتماعية والمهنية مع فيرا لم أجده يوما وهو يُرعد ويُزبد ويخرج عن طوره الإنساني وثقافته الفرنسية في التعامل مع الحدث وهو ما أعلنته ووثقته خلال تلك الفترة لثلاثة من أقرب الإعلاميين الأعزّاء على قلبي متيقناً في الوقت ذاته أنه لم تكن لفيرا أية طموحات تطويرية أو توجهات تربوية في توليف منتخب عراقي جديد. ولو كانت تلك الأحاديث قد نُشرت في حينها لكادت تتسبب بأزمة كروية أخلاقية حادة بين فيرا من جهة وبين المؤسسة الكروية العراقية باتحادها وحكومتها وبرلمانها من جهة أُخرى. وللتأريخ اقول أن فيرا شكى لي هنا من محاولة تسيّد السيد عبد الخالق مسعود على مقدرات المنتخب العراقي من حيث إختيار نوع وعدد اللاعبين حتى أن فيرا عمل وبشكل مستميت من أجل إبعاد السيد عبد الخالق عن إدارة المنتخب إعتماداً على قوته الحكومية إلا أنه رضخ للأمر الواقع فيما بعد حينما عَرف أنه لا يُمكن أن تقوم للمنتخب قائمة دون قيادة الملا مسعود. لم يكن فيرا ومسعود على وفاق دائم فهو, أي فيرا كان دائم التذمر والشكوى من تواجد مسعود قريباً منه وكأنه رقيباً على عمله, إلا أن السيد مسعود ورفاقه كانوا يحاولون الوصول إلى برنامج العمل الذي لابد وأن يكون فيرا قد أعدّه حاله حال اي مدرب آخر. هنا كتب لي فيرا أنه غير مستعد لتقديم برنامجه إلا لأناس يعرفون ما فيه وإنه سيقدمه أما للكابتن حسين أو لنائبه الأول عند انتقاله للمرحلة الثانية من تدريب المنتخب. ومن خلال سلسلة التصرفات السلبية والامتعاض الحاد الذي كان يبديه فيرا لتواجد أعضاء الاتحاد في ملعب الشعب أثناء الوحدات التدريبية, دخلت العصا الأخرى في عجلة المنتخب من خلال إعتماد فيرا على الاسناد الحكومي بالتعامل الغير مهني مع اعضاء الاتحاد حتى وإن كان تواجدهم لا مبرر له خلال وقت التدريب خصوصاً وأن فيرا كان يأتي ويعود من خلال هالة من الحمايات المدججة بالسلاح والمفعمة بالألوان الزرقاء والحمراء وهي تشق شوارع العاصمة بضجيجٍ مفتعل. أما العصا الثالثة التي أعاقت مسيرة العمل فكانت إعطاء فيرا الحق لنفسه, وبعيداً عن اي إعتراض من أحد, بممارسة أدوار إدارية بعيدة كل البعد عن تخصصه الفني وذلك من خلال قضاء نزهات طويلة في جنوب افريقيا لحضور قرعة بطولة كأس القارات أو من خلال قضاءه لنزهات أخرى للمساعدة في إعادة اللاعب هوار إلى حضن المنتخب على الرغم من أن البطولة لم تكن تعطي الحق للمدربين بالضغط لإستثمار اللاعبين المحترفين على اساس أن بطولة الخليج غير مُعترف بها دولياً. ومن وجهة نظري فإنه على الرغم من عدم أهلية بطولة النروج للإرتقاء بامكانيات اللاعب العراقي وبالتالي الإفصاح عن قدراته الحقيقية إلا أنها كان لابد منها للعبور بنفسية اللاعبين الشباب وإحداث حالة التكيف النفسي والتركيز الذهني لإدخالهم في بطولة الخليج التي تلتها. لابد من التاشير هنا إلى ضياع دور الرقابة الفنية على عمل فيرا حتى ولو من قبل لجنة أكاديمية محايدة وهو ما أعطاه حرية السفر للمغرب وقضاء فترة العيدين مع بعض بعيداً عن أداء مهامه الفنية مع المنتخب وتلبية لبرنامج تعاقده مع الحكومة.
للأسف لم يكن فيرا مستقراً على أمرٍ ما بل على العكس كان قلقا بين المراهنة على صنع انجاز آخر يضاف إلى سيرته الذاتية بمنتخب آسيا, وبين المراهنة على اللاعبين الشباب لبناء منتخب عرافي جديد فادر على المنافسة بروحه الشبابية في كاس القارات. هذه المفاضلة كانت تعني لفيرا أما العراق أو أنا. وهو من هذا المنطلق لم يفلح في الوصول إلى البديل الثالث (العراق وأنا) من خلال إستثمار قدرات اللاعبين الشباب الذين اثبتوا جدارتهم في مباراة الكويت بشكلٍ لا يقبل الجدل كبديل موضوعي وعملي عن منتخب آسيا المبتلى بالاصابات وتقدم العمر وروح اللا انضباط. دخل فيرا العراق منتصراً حتى قبل أن تبدأ المعركة الخليجية وكل هذا الوهم تلبّس فيرا بسبب الحفاوة الحكومية والإستقبال الرسمي والشعبي الذي أعطاه حجماً أكبر من مصداقيته الفنية في التعامل مع بطولات من هذا النوع. ومن هنا دخل فيرا التأريخ كأول مدرب يُحتفى به متأخراً عن بطولة أكل عليها الدهر وشرب أو منتصراً في بطولة لم يُكسر له فيها سيفاً بعد. ولو كان الاتحاد على مقدرة من التعامل بعيدا عن التأثيرات الحكومية والضغط الشعبي لكان قد عمد إلى إقالة فيرا بعد مباراة البحرين والإبقاء على فرناندو وحميد للمباريتين المتبقيتين وهي حالة تحصل في كل العالم. ولو كانت الحكومة قد شكلّت هيئة من الأكاديميين والخبراء الحقيقيين للتعامل العلمي والمهني مع قضية فيرا وابعدت الساسة والمروجين عنه لما حصل ما حصل. ولو كان البرلمان, وهو سلطة الشعب, قد فرض على فيرا البقاء في الداخل وممارسة دوره الفني الحقيقي وعدم التسيب من خلال إستغلال الدعم الحكومي له لما كان ماكان من أخبار المنتخب في ذلك الزمان. من شهادتي هذه نجد أنه لبيس هنالك من مذنب وحيد في ما آلت إليه سمعة الكرة العراقية من قبل ومن بعد, بل الأدهى من ذلك كله أنه يتوجب علينا جميعاً أن نقف في قفص اتهامٍ واحد بمساحة خارطة الوطن, ولكن المشكلة حينها أننا سوف لن نجد من يحاكمنا أو من يدافع عنا, ببساطة, لأننا كلنا مذنبون. إنه لمن المُعيب, الآن, حقاً أن تُستغل قضية الرياضة العراقية الراقدة في غرفة الإنعاش من أجل تحقيق المكاسب على حساب النبش بما آلت اليه المناقب وإستغلال عاديات النوائب بدلاً من أن نترفع على المصائب ونخرج في خِضَمّ المواكب كي نلعن الناصب والمناصب فلا آنَ لصاحبٍ من غير صاحب ولا لعدوّ من غير مُحارب. رُفِعَت الجلسة.

40
بلا منازع. الكرة العراقية الأفضل في اقصاء مدربيها
علي الحسناوي
من الطبيعي أن يتفق العديد من المعنيين بالشأن الكروي المحلي والدولي على أن لكل دوري في العالم خصوصيته المحببة والتي, بدورها, تُعطي الدوري في هذا البلد أو ذاك خصوصيته الجمالية وهويته المستقلة. وليس من الغريب أن ينشد المتفرج والمتابع العراقي الكروي باتجاه الدوريات الأوربية كونها تحمل نكهة تنافسية تتباين بين الأسلوب المهاري الذي عليه اللاعبين متبوعاً بالمدرسة الخططية التي عليها المدرب. ومن هنا تتحول هذه الدوريات إلى أكاديميات كروية مجانية لكل من يهوى متابعتها والإستزادة من علومها والاستفادة من مهنيتها في عمله الميداني اليومي. وبعد ابتعاد مدرب الصقور عن سماء الجوية فأننا نؤشر لرقم مخيف بدأ يُلقي بظلاله على واقع الكرة العراقية المظلم اساسا من كثرة الإنكسارات النفسية والانجازية خصوصا بعد أن فاق هذا الرقم اكثر من عشرين مدربا نالتهم يد الادارات التي هي بدورها تحتاج الى وقفة مراجعة من نوع خاص.
على الرغم من الأداء العقيم الذي تطبعت عليه كرتنا العراقية في دورينا الماراثوني اليتيم, وعلى الرغم من مسلسل الاخفاق الكروي العراقي الذي بدأ يُلقي بظلاله على شمس الكرة العراقية في الداخل, إلا أن لدورينا العراقي مرارته الخاصة ورائحته المميزة التي بدأت تنتشر على خارطة ملاعب العراق اينما تواجدت. هذه المرارة المميزة التي اضحت من أهم سمات الدوري العراقي تتميز بتفوق دورينا على كافة دوريات العالم في مسلسل طرد وابعاد وتغيير المدربين.
لست أدري في حقيقة الأمر اية علمية أو مهنية تقف وراء هذا التمايز الغير مسبوق. كما أنني لا أعي حقيقة الاسباب والتبريرات التي عادة ما تأتي بعد كل تغيير كنتيجة لسد الفراغ الأعلامي الرياضي الذي أصبح يكتب عن كل شيءٍ, شيء, ولا يتخصص بالكتابة عن شيء كل شيء. ومن هنا أدعو أعلاميينا إلى متابعة ودراسة هذه الظاهرة الغير صحيحة وبالتالي التخصص في ملاحقة مفرداتها وكواليسها التي بدأت تطفو على السطح على شكل حكايات فاقت قصص ألف ليلة وليلة.
إن الرؤية الفنية لأي مدرب كروي لا يمكن أن تكتمل من خلال بعض المباريات العقيمة وخصوصاً حينما يكون تسلسل هذه المباريات ضمن جدول الدوري, حيث لا يتمكن المدرب حينها من وضع الفريق في حالةٍ من التجريب, كما أنها, أي هذه الرؤية, لا تكتمل وفقاً للتقاطعات الجانبية والضيّقة التي تعصف برياحها العاتية في أروقة نوادينا ومؤسساتنا الكروية. ولعلّ من أولى هموم المدرب العراقي الآن هي تلك النظرة الإستعلائية والفوقية التي اصبح البعض من أداريينا ورؤساء انديتنا يتمتعون بها وفقاً لمنطوق رئاسي أجوف إضافة إلى انحدار ثقافة لاعبينا نحو مستويات مخيفة في كيفية احترامهم لمدربيهم. هذه النظرة جعلت الإداري في حالة من التدخل الفوضوي في شؤون وشجون المدرب واللاعبين على حدٍ سواء, وهو, أي الرئيس, بالتالي أصبح أكثر مطالبة بتحقيق نتائج في واقع غير صحي وغير سليم غير آبه بتحقيق مستلزمات صنع الانجاز قبل الحديث عنه.
من هنا انتشرت ظاهرة هروب وعزوف واستقالة وإقالة المدربين وبالتالي الإبتعاد عن نواديهم, هذا إن لم يبتعدوا عن الواقع العراقي الكروي بشكلٍ كامل. إن هذا التفسخ الإداري في العلاقة بين المدرب العراقي وادارة النادي, والتي تسمح باستغلال المدرب والتلاعب به, نابعة اساسا من عدم وجود منظمة أو نقابة أو اتحاد لرعاية شؤون المدربين العراقيين. هذا يعني وبشكل مباشر تقصير المدرب العراقي وضيق نظرته نحو آفاق مستقبله الكروي وحماية نفسه والتي لا تتأتى إلا من خلال إعتماد صيغ عمل وضوابط مهنية لرعاية حقوق المدرب العراقي أينما كان ومن خلال تكوينهم لأي تجمع رسمي وتطوعي قادر على حمايتهم من النواحي المهنية والاعتبارية.

41
انتخابات اتحاد الكرة بين جرادل الصغار وحبائل الكبار
علي الحسناوي

أفرز الصراع الدائر حول مستقبل الكرة العراقية العديد من الظواهر التي إرتبطت بإيجابيات تحقيق أرضية جديدة للعمل, كونها تشكل في اطارها العام المفهوم الحقيقي لديمقراطية الاعتراض والتقاطع والاختلاف في الرأي, والذي تُبنى على تناقضاته العديد من ثوابت التطور. إلا أن هذا الصراع أفرز بالمقابل الكثير من الظواهر السلبية التي لا تنتمي لعالم الرياضة وكرة القدم من نواحيه المهنية البحته, أي العمل الميداني, ولكنها تنتمي إلى المراهنة على ما يُمكن أن يتحقق مستقبلاً نتيجة فوز هذا الطرف أو ذاك. فالمتابع الجاد لمواقف البعض يجد أن أعداء الأمس قد اضحوا رفاق اليوم كما أنه يجد أن معارض الأمس قد أضحى مناصر بين ليلة وضحاها. وعلى الرغم من أن سقوط فيرا من على جواد الكرة العراقية قد دفع بالعديد من مدربينا المحليين إلى التودد حد التوسل من أجل السماح لهم بركوب هذا الجواد, ومهما كان الثمن, إلا أن التحضير للعملية الانتخابية الكبرى في العراق , وفي مفصل كرة القدم تحديداً, قد فاقت هي الأخرى كافة توقعات المتابعين والمحللين حينما بدأت بعض القنوات الفضائية العراقية تكشف تغيراً كبيراً في مواقف البعض على طريقة تحوّل ضحايا الأمس إلى مدافعين عن طغاة اليوم. فمن المحيِّر حقاً أن تجد أن هنالك بعض المندفعين لبناء كرة عراقية مزدهرة يعمدوا إلى الصلاة ظهراً في جامع زيد ليقضوا المساء في جامع عمر. ومثلما أفرزت دورة الانتخابات العراقية المحلية الأخيرة نوعاً جديداً من عرض العمل يتمثل في تعليق وإلصاق الآلاف من صور ولافتات المرشحين مقابل أثمان محددة من قبل مجاميع امتهنت هذا العمل خلال الشهر المنصرم حتى دون أن تعرف مَن هو هذا المرشح ولأية قائمة ينتمي. فكما يقف العشرات من بائعي البانزين على حافة الطرقات البغدادية عارضين بضاعتهم بالطريقة التي تروق للسائقين, فإن هذه الجماعات الانتخابية تفننت هي الأخرى في الوقوف على شكل مجاميع صغيرة محملة بأدوات العمل ومنها جرادل الصمغ وسلالم التعليق. هذه المجاميع الأخيرة باتت هي الأقرب إلى توجهات المراهنين على مواجع اتحاد كرة قدم جديد أو منافع الإبقاء على القديم. فالقضية هنا ليست اخلاقية مواطن أو ثقافة شعب أو مستقبل أمة بل هي اخلاقية وسط رياضي بأكمله وهي تربية خمسة أعوام من التقاطعات والصراع على مناصب أقل ما يُفترض بها أنها لا تحمل إلا نفساً رياضياً بين طياتها وأنها لا تؤخذ بل تُعطى. والمصيبة الكبرى أنني على وعي تام ودراية كاملة بأن كافة اطراف الصراع العراقي الرياضي السياسي يعرفون تماماً مَن هُم هؤلاء اللاعبين على حبال الوصل, حتى أنهم, أي اطراف الصراع هذه, لا يطربون تماماً لألحان رقصات أولئك الذين يضعون قدمأ على جرف والأخرى على الجرف الآخر. فالحقيقة الوحيدة والتي ستبقى ماثلة للعيان أن الرابح الأكبر, كائناً من يكون, لن يضع يده في يدٍ صافحت وآزرت العشرات من معارضيه من قبل, بل قد تضع فيها القليل من الدراهم لا اكثر.


42
إنتكاسات منتخب العراق الوطني في كتاب رياضي متخصص
علي الحسناوي

صدر في العاصمة السويدية ستوكهولم للباحث والأكاديمي العراقي علي الحسناوي مؤلفَه التاسع والموسوم ( سِمات المدربين واللاعبين وعلاقتها بدافعية الأداء). يحتوي الكتاب على خمسة ابواب ومجموعة من الفصول أحتواها الكتاب في أكثر من 300 صفحة إضافة إلى مجموعة من الملاحق ذات العلاقة بمضمون الكتاب. ولأول مرة يفرد الباحث الحسناوي ملحقاً خاصا باللغة الإنكليزية تم ترجمة فكرته العامة إلى العربية وذلك كي يتمكن اساتذة وطلبة كليات التربية الرياضية من تطوير المفهوم الثقافي والإبداعي للمدربين واللاعبين في العراق والوطن العربي. اترككم مع كلمات الكاتب: لجعل الحالة قريبة من الواقع فإن العديد من لاعبي المنتخب الوطني العراقي على سبيل المثال كانوا على علاقات متفاوته مع مدربيهم. ولعلّ الإنتكاسة العراقية التي رافقت أحداث خروج المنتخب العراقي من بطولة الخليج التاسعة عشرة أكبر دليل على مصداقية هذا القول. فبعد مباراته المصيرية مع المنتخب السعودي حدثت مشاكل جمّة ومتنوعة الحدة بين اللاعبين ومدربهم أكرم سلمان خلال تلك الفترة. إن الذي يعنينا هنا هي تلك الملاحظات التي سجلها البعض من أن الإدارة العامة للمنتخب, خلال تلك البطولة, لم تكن حياديةً في تعاملاتها ولم تكن تُعطي لكل لاعب قيمته الحقيقية وهو ما تسبب في خلق حالة من الفوضى والفتنة فيما بعد والتي إنعكست سلباً على أداء المنتخب العراقي خلال تلك البطولة, لتعقبها مجموعة من التصريحات القريبة من الحدث وفوضى كلامية أطلقها البعض من الإعلاميين والتي تلقفتها الفضائيات لتصب فوقها الزيت وتوقدها ناراً. يبدو من الواضح الآن أن حصول العراق على بطولة آسيا كان وراءها, مجموعة من العوامل التي أضفت بيئة سليمة وصحية للتعامل بين كافة الأطراف التي ساهمت في صنع ذلك الإنجاز الغير مسبوق. هذا إضافة إلى توافر العوامل الفنية التي تمكنت من قراءة المباريات قراءة صحيحة من خلال إستثمار جهود المدرب القدير فرناندو سواريز وهو الجندي المجهول والحقيقي وراء ذلك الإعجاز العراقي في أعلى بطولة آسيوية. هذه السطوة الاجتماعية التي فرضتها تلك العوامل والمشوبة بالإحترام المتبادل التي بثتها بين صفوف اللاعبين وفي نفسيتهم من خلال التعاملات اليومية السليمة هي التي خلقت بيئة رائعة من الأجواء الإيجابية في سبيل تحقيق الإنجاز. ولكن هذا التحليل الاجتماعي لا يعني بأية حالٍ من الأحوال إلغاء دور العوامل الفنية والموضوعية الأخرى التي وقفت إلى جانب تحقيق هذا الإنجاز, وحتى لا يُحسب بالتالي للمدرب وحده, بل هو تجانس مجموعة من الأفكار والرؤى الفنية والتربوية واللياقية التي وقفت وراء هذا الانجاز. يُعزى الآن, ومن ناحية أُخرى, خروج المنتخب الوطني العراقي من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2008 إلى التخبط في العلاقات التي كانت تجمع أعضاء الفريق الواحد. كما تُعزى إلى العشوائية وحالة اللاإستقرار, التي فرضتها العديد من ضغوطات تلك المرحلة وتقلباتها, في عملية إختيار القادة والمسؤولين والمدربين مما خلق جواً مفعماً من السلبية واللاتجاوب وهو ما تبين لنا أثره السلبي على مستوى الأداء ولكن بعد نهاية الجولة الحاسمة أمام المنتخب القَطَري. حيث تسبب عدم إستقرار المنتخب الوطني العراقي على رؤية أو سلوكية ومنهجية مدرب واحد, في العديد من الإخفاقات التي لاحقت هذا المنتخب وهو يستبدل مدرب بعد آخر وخلال فترة قصيرة لم تتجاوز العام الواحد. هذه التقلبات فرضتها أيظاً حالة من التقلبات في الرؤى الإعلامية للصحف الرياضية وحالة من الضغط الجماهيري لإحلال المدرب الأجنبي ناهيك عن بعض العوامل الشاذة والغير طبيعية التي عصفت بواقع المؤسسات الكروية العراقية من خلال بعض التقاطعات الحكومية التي حاولت, ولأهدافٍ عديدة, إدارة دفة المؤسسة الكروية العراقية بل والإشراف على الرياضة بشكلٍ عام, وهو ما أدى إلى ظهور حالة من التخبط الإداري في العلاقة العراقية الدولية حول الرياضة عامة وكرة القدم بشكلٍ خاص.
على الرغم من أن فكرة المؤلَف مستوحاة من بيئة العمل الغير متوازنة والتي عصفت ببعض تجارب الكرة العراقية تحديداً, في كُلٍّ مِن بطولتي الخليج وكأس العالم 2010, وبناءاً على تجاربها الغير سارة للوسط الرياضي والتي أفرزتها, فيما بعد, حالة التداعي المهني والنفسي والإنقسام الإعلامي خلال تلك الفترة, إلا أنها, أي الرسالة هذه, من ناحية أخرى تُقدِّم نظرة واقعية ورؤية شاملة لما يُمكن أن يكون عليه المدرب العربي من خلال دراسة سماته الشخصية دراسة علمية وبحثية. كما أنها تدرس في المقابل رؤية اللاعب لما يُمكن أن يكون عليه مدربه وإنطلاقاً من السمات ذاتها, على أنها ليست رؤية إلزامية, حيث يحدث كل ذلك من خلال علاقة تبادلية بين مايريده المدرب الآن وبين ما يُراد له أن يكون عليه من ناحية وبين قدرات اللاعب الآن وبين نظرة مدربه إليه من ناحيةٍ أُخرى. وذلك من خلال إستفهام وإستلهام سماتهما على الوجه الأفضل, لتحقيق الإنجاز المنشود. آثرت أن أُطرِّز هذا الجهد بملحق خاص لرؤية سمات المدرب من وجهة نظر العديد من المختصين الأوربيين ومن خلال لغتها الأصلية والتي قمت بترجمة مكنوناتها ترجمةً حُرّة للوقوف على مقاصدها والغايات منها.
هذا الكتاب, وعلى الرغم من أكاديميته البحتة وإعتماده على العديد من المصادر العربية والأجنبية التي خطّها عالم جليل أو أستاذ نبيل أو مُرَبٍّ اصيل, إلا أنه لابد وأن يكون نافعاً في فكرةٍ ما, أو مفيداً في معلومةٍ مُعيَّنة, قد تُسهِما فيما بعد في تنمية قدرات وتوسيع مدارك المدرب الرياضي العربي أينما كان. لا أدَّعي التفرد والإبداع في تأليف هذا الكتاب ولكني حاولت جاهداً أن أجمع خيوطه كي أغزلَ منها ثوباً معرفياً توخيت منه أن يليقَ بكل المقاييس الفكرية والخبرات الميدانية التي عليها مَن هُم مثلي أو أفضلَ مني بكثير. بتواضع مؤمن وصبر محارب وطموح مُحِب, اضع هذا الجهد بين ايديكم.


43
فتوى (أبو رضا) بعدم جواز التعليم عن بعد ومساعدة العراق
علي الحسناوي

أتوجه بخطابي المتواضع هذا إلى مشايخنا مِمَّن وصلوا إلى درجة أهل الذكر كي يأتوني بفتوى أُريدُ لها, أما أن تنسف مشروعية كتابتي أو أن تُزيدها نورٌ على نور. وإلى علمائنا مِمَّن أفنوا عُصارة عمرهم في البحث عن الحقيقة كي يأتوني بنظريةٍ تتعارض ومباديء الإنسانية الحقّة. وهَل للمؤرخين من نصيبٍ على البحث في زوايا الدساتير الأرضية والشرائع السماوية كي يأتوني بما يتعارض ومبدأ نُصرة الأخ وإسناد المحتاج ودعم المُتعب. والحاجة هنا لا يُمكن أن تتوقف على كِسرة ألخبز وشربة الماء وبيت شَعر أو قطعة كَساء. إذ أن الحاجة لعطش العِلم وإكتساب نور المعرفة هُما فقط ما يُمكن أن يتحقق معهما إشباع الجسد وحمايته وبالتالي تأمين نوع متحضر من الأمن الإجتماعي والإكتفاء الذاتي لدى مجتمعاتنا المتهالكة. ما يدفعني لقول هذا هو تلك الإشارة الخفية التي كتبها (ذلك الاستاذ الجامعي) تحت مسمى (ابو رضا) في محضر ردَّه على موضوع تحقيقنا حول ندوة الكفاءات العراقية في السويد والذي, أي هذا الرد, أيقظ في داخلي رغبة نائمة في سبيل تناول هذا الأمر على شكل تسلسل فكري قد يتناول بعض الأفكار التي سادت خلال عهد ما بعد التغيير. لم يكن الرسول الأُميّ (ص) حاملا لشهادة الدكتوراه في إعجاز القرآن كي يضطّر للهجرة من منفى إلى آخر وهو يبتغي نشر نور الله سبحانه الذي أتمَّ نوره وإن كَرِهَ الكافرون. ولم يكن المسيح (ع) حاصلا للماجستير في كهنوت الكنائس كي يسير في طريق الآلام حاملاً صليبه على ظهره. ولم يحصل أي من الخلفاء الراشدين على أي بكالوريوس في علوم شريعة خدمة الناس والوقوف على إحتياجاتهم.
للأسف, لازال البعض مِمّن يعشقون (فلم أنا مُعترض) يوغلون, وبدون شرعيةٍ أو انتساب, في إيقاف عجلة الماكنة العراقية الأوربية كي يوصدوا الأبواب ويُرضوا الأحباب من خلال الوقوف بوجه كل محاولة شريفة للإرتقاء بآلية العمل الأوربي العراقي المشترك. فالبعض الذي يُعيب على علمائنا وأكاديميينا من التواصل العلمي والثقافي مع مريديهم ومحبيهم عبر مساحات الإنترنت وفقا للاسلوب القانوني والمشروع فيما يُسمى (بالتعليم عن بعد) ألا إنما هُم في ظَلالٍ مبين. فالدول الأوربية الآن, سيدي الفاضل, تؤمن وتطحن وتعجن محاضراتها عبر غرف العِلم الألكترونية, ومنها مَن فعلاً قامت بتسجيل أكثر من 200 الف مواطن من طلبة المرحلة الابتدائية للدراسة عبر الانترنت وعبر الصوت والصورة. وهنالك جامعات مرموقة ومؤسسات وصروح أكاديمية أوربية بحتة أضحت تنتهج النهج الذي اصبحت أنت وغيرك تنكرونه على الغير لا لشيء إلا لأنه ينتمي لخانة الوقوف في صف العراق. فمادامت صروحنا العلمية العراقية الأوربية كالمفتوحة في الدنمارك والحرة في هولندا وغيرها تنشر نور معرفتها تحت غطاءٍ من الشرعية الأكاديمية الدولية واعترافات اليونسكو ومباركة العديد من المنظمات الدولية فهي بالتالي تتعالى وترتقي على بعض أساليب شراء تذاكر الشهادات والألقاب من على أرصفة فلينوس وتالين ومينسك بعد تفكك الاتحاد السوفيتي كما كًنا نُدعى له ونتأفف منه في محلات (الخردة التي اكتنزت بمداليات وشهادات الأحزاب الشرفية). أوليس التعليم عن بُعد بتواجد منهج علميَ واستاذ جامعي مُشرِف أفضل ألف مرة من دكاكين آلاف الألقاب التي تُشترى في لندن والتي, وللتأريخ, لم يكن من ضمن قوائمها (فضائحها) أي عراقي, وذلك كما نشرته المواقع الالكترونية التي لايُريد لها الاستاذ الجامعي (ابو رضا) أن تُساهم في نقل الحقيقة وكشف المستور العربي خلف كواليس أوربا الشرقية وبريطانيا واميركا. ألا نَتعِظ من آلاف الشهادات التي احترقت قيمها ولم تكفي أعوام دراستها همّها بفعل عرف اليونسكو الذي يُريد للمتخرج أن يمارس تخصصه خلال سنتين من تأريخ تخرجه. مّن منا من عَمل واستوظف أو استوزر خلال أعوام الحرب العجاف حينما كانت ماكنة الحرب تُلقي بخريجيينا إلى أتون النار أللهُمَّ إلا من أتى الوالي بجيبٍ سمين أو تقرير دَهين. ألَمْ تَرَ كيف كُنا نمارس إمتحاناتنا النهائية بمراقبة ثلاث جهاتٍ, حزبيةٍ وأكاديميةٍ إتحاديةٍ وأمنية. من اين كان يأتي طلبتك, الذين بهم تفخر خلال الأعوام العجاف, بمصادر دراستهم ومراجعهم وهُم غارقون, ونحن وإياهم, في ظلامٍ فكري حالك وعَتَمَةٍ معرفية سحيقة. والآن, هل لابد وأن ترتبط التوأمة العلمية الأوربية العراقية بشهادةٍ أو لقب؟ وهل لابد وأن ترتبط المساعدة العلمية التي يُقدِم عليها مواطن أوربي عراقي شريف بحجم شهادته وكُبر لقبه؟.إن عِلمك الجامعي والذي أمتد إلى أكثر من ثلاثين عاماً, كما تقول في ردك, قد توصَّل إلى عدم جواز حصول عامل الغسيل العراقي في إحدى المستشفيات على جهازٍ مختبري وبالتالي أخذ الموافقة بإرساله للعراق لأن الرجل لا يحمل شهادة أستاذ جامعي مثلك. وإنه المطلوب منا الآن أن نرُدّ عشرات الآلاف من الدولارات إلى السيد عبد الواحد الموسوي التي تبرعت بها مؤسسته لإسناد رياضة العراق لأنه لا يحمل دكتوراه. وأن نَرُدَّ عشرات الآلاف من الدولارات إلى نادي عراقنا ومديره أحمد الفلوجي والتي انتصروا بها لأخوتهم في دورة دمشق لأن الرجل لا يحمل لقب أُستاذ جامعي. وأن نقول لمدير نادي شيستا السويدي : لانريد منك الربع مليون كراون التي صرفناها في كردستان العراق لتنمية توجهات تربويينا لأن الرجل ببساطة لا يحمل مؤهلاً جامعياً. وهذا يعني أن ما تريد الذهاب إليه, ومن خلال ردك القَلِق, إلى إصدار فتوى بعدم جواز حضور أي عراقي مغترب لا يحمل لقب استاذ جامعي ( على إستقامة الخط وطول النخلة وبريق الفسفورة) إلى أي مؤتمر أو ندوة تبحث في آلية تنشيط التعاون العراقي العراقي بين الداخل والخارج. الجرح عميق ومن برك الدم العراقي الفائر تنضج ورد حمراء تعلق في افواهنا فلا تجعلنا نقول ونكتب المزيد إحتراماً لأنفسنا من الوقوع في الوعيد وإكراماً لعلومنا وتوجهاتنا من نزقٍ غير مفيد ويكفي سعيدتنا وسعيد مِمَّن تواجدوا في اللقاء الحميد أننا لا نكتب بأسمٍ مستعارٍ جديد ونعتَّز ونفخر ولا نتنكّر لأسمنا الوليد سواء كان عليّاً أو بطرساً أو كاكه حمه أو يزيد فإذا كانت أبوابنا الخشبية مشرعةً وسط الظلام والجليد  فلماذا تخاطبونا عبر شبابيكٍ من حديد.  (حبيبي ابو رضا حقيقةً) وبعد عشرون عاماً من البحث العلمي والتواصل الأكاديمي (فقط) من سبرينغ فيلد يونفرستي في كاليفورنيا إلى جامعة موسكو إلى معهد فلينوس إلى كلية كيل في مانجستر إلى مركز لارج العلمي في كلاسكو إلى مركز بوسون الرياضي في ستوكهولم فنموذج  كريتا لتدريب المعاقين في اليونان, ألا يصُح لنا ان نكون من أهل الذكر على الاقل في هذا المجال خصوصاً ونحن ننطق بلسان الاقوام الخمسة. حكمة المقال: هنالك من تخرَّجوا من الأمية وأحبّوا العراق بدرجة دكتوراه مع مرتبة الشرف وهنالك من يحملون, ما تحمل من ألقاب, ولا يُريدون الخير للعراق. تلك هي المسألة. هَداك الله.

44
تمرُّد محترفينا على مدربينا الشباب وسياسة المدرب العجوز
قراءة: علي الحسناوي

التواضع, كلمة بسحرٍ رباني ومعنى إنساني كبير. والتواضع من أفضل خصال المؤمنين وسمة من سمات الإنسان الذي يبغي التضحية بالشهرة المؤقتة على حساب المباديء الدائمة. إن الله يحبّ تواضعَ العبد عند أمرِه امتثالاً، وعند نهيه اجتنابًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن تواضع لله من غير منقصة). في حين قال الفضيل بن عياض رحمه الله عن التواضع: التواضع أن تخضع للحق وتنقاد له ولو سَمِعتَهُ من صَبيٍ قَبِـلتَهُ منه. اقول قولي هذا وأنا أكاد أرى ظاهرة غريبة بدأت تغزو ملاعبنا وتستفحل في هشاشة أرضيتنا الرياضية الغير صلبة بفعل إختلاط الهدف الرياضي النبيل بالغايات السياسية المتشابكة. وعلى الرغم من أن تشكيلة الأحد عشر لم تتغير منذ عهد حامد فوزي وعمو بابا وحتى وسام كاصد وهوار ملا محمد إلا أن المباديء هي التي تغيرت وخصوصاً الجزء الأهم منها والمتعلق بالخلق الرياضي. ولكي لا يتحول الموضوع إلى درس ديني فإني أبث شكواي للاعبينا المحترفين من كتيبة الإنتصار الآسيوي, وأبعث بنجواي لمدربينا الشباب الذين يحاولون تلمس طريق المجد والنهوض بالواقع الكروي العراقي تحت غطاءٍ من حذر النهار ورداءٍ من خوف الليل. والقصة في ظاهرها هي حقيقة عدم قبول, على صيغة تمرد, لاعبينا المحترفين في الدوري العراقي للتعامل النفسي والتكيف المهني مع متطلبات مدربينا الشباب. هذا الأمر أفرغ في واقعنا الرياضي حالتين جديدتين هما إستمرار سياسة البحث عن أسم المدرب الكبير عُمراُ بغض النظر عن إنجازاته وعلميته خلال الفترة الأخيرة. وأيظاً ترويج سياسة سحب البساط من تحت اقدام مدربينا الشباب من أمثال وليد ضهد وولي كريم وحبيب جعفر على سبيل المثال وليس الحصر. والمشكلة ليس لها غير جانب أُحادي واحد هو عدم رغبة لاعبينا المحترفين بالإنصياع لتوجيهات و(أوامر) مدربينا الشباب المحكومين اساساً بـ (أوامر) تحقيق الإنجاز. ليست هنالك من علاقة علمية وحقيقية بين عمر المدرب وقدرته على تنفيذ علمية التدريب وقراءة وتحليل المباراة اللهم إلا تلك التفاصيل التي تتعلّق بعوامل الخبرة. وعادة ما يُضفي طموح الشباب, ورغبتهم بالإطلاع والتعلم على كل ما هو حديث في علوم كرة القدم, سمة حميدة ودافعية جديدة على تحقيق الهدف المنشود. والمعادلة الرياضية الحسابية تقول أنه لا يُمكن, بل من المستحيل, لمدربٍينا الكبار من اصحاب الخبرة, وهم على عدد الاصابع, أن يتمكنوا من تدريب ثلاثة أو اربعة فرق في آنٍ واحد. هذا إضافة إلى ولع البعض منهم للعمل في الأجواء الخليجية والعربية الهادئة والمثمرة. ولكي نتمكن من وضع حلولٍ عملية ومنطقية لهذا التناقض الصارخ والذي اصبح يهدد مستقبل مدربينا الشباب فإنه لابد لنا من التوجه الثقافي والتربوي لإعادة (مفهوم التربية الرياضية والكروية) في أذهان لاعبينا المحترفين في الداخل وخصوصاً تلك الجزئية التي تتعلق بتوجيه مساهمتهم الفاعلة ومشاركتهم الودية والأخوية في الأخذ بيد المدرب الشاب, وهم بذلك إنما يضربوا مثلاً كبيراً في التواضع والإيثار الرياضي وهو لعمري ما أمرنا به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) رواه مسلم. كما أننا في الوقت ذاته ندعوا مدربينا الشباب إلى عدم التطيُّر من أفكار وآراء لاعبينا المحترفين كونهم يشكلون خزين معرفي وعامل مساعد على إغناء ثقافتهم الرياضية وتحقيق النصر في حالة إستثماره على الوجه الأمثل. أمرنا الله سبحانه بالتواضع، فقال: (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين). ولابد هنا من التركيز على أهمية إحترام نوادينا للعهود التي قطعوها على أنفسهم بإسناد ودعم مدربينا الشباب والعمل على تعزيز ثقتهم بأنفسهم والكَفْ الفوري عن اللعب على حبلي المدرب الشاب صاحب الإنتصارات من جهة والبحث, في نفس الوقت, عن مدرب كبير العمر يُثير الرهبة والإحترام في نفوس اللاعبين من جهة أخرى. هذه نظرية سقطت ومفهوم رحل عنا منذ زمنٍ بعيد ولم يعُد موجوداً في قاموس كرة القدم الحديث. ولكي تتحقق معادلة الأمان لمدربينا الشباب فإن كُلاً من اتحاد الكرة ووزارة الشباب لابد وأن يمارسوا دورهم الرسمي والطبيعي من خلال المحافظة على الحقوق المهنية والأخلاقية لمدربينا الشباب, خصوصاً بعد معرفتنا بأن العديد منهم يعملون من أجل إثبات الذات, نحن نَعي تماماً أن مفهوم القيادة الرياضية بعلميته ونظرياته لم تصل بعد إلى مستواها المنشود ومبتغاها الحقيقي في واقعنا الرياضي العربي عموماً والعراقي خصوصاً إذ لازالت الاساليب الدكتاتورية هي السائدة في طرح معنى القيادة ثقافةً وتصرفاً وهو ما لا يليق بتاتاً بالواقع الديمقراطي (المنقوص) الذي تعيشه رياضتنا هذه الأيام. كان بودي دعم الهدف من المقال بالعشرات من الأمثلة الأوربية والمحلية لمدربين شباب تمكنوا من الوصول بنواديهم, وبمساعدة لاعبين محترفين كبار, إلى منصات التتويج ولكني أجد أن لاعبينا المحترفين ممن آمنوا بربهم وعاهدوا عراقهم على تلوين صورة دورينا بلون أكثر اشراقاً وطمأنينة, أكثر قدرة مني على إيراد مثل هذه الأمثلة كَون أهل مكة أدرى بشعابها. ولابد هنا من أختم مقالي هذا بقول الشاعر: (تَوَاضَعْ تَكُنْ كالنَّجْمِ لاح لِنَاظـِـــرِ ـ على صفحاتٍ الماءٍ وهوَ رَفيعُ) (ولا تَكُ كالدُّخَانِ يَعْلُـــو بَنَفْسـِـــهِ ـ على طبقات الجوِّ وهوَ وَضيعُ) مع جُل إحترامي للجميع والله من وراء المُبتغى..

45
ماذا لو يرحل بطلنا العراقي الذهبي ستار عطية إلى قَطَر؟

قراءة: علي الحسناوي

أغلب العدّائين الافارقة ومن الدول الفقيرة تحديداً حققوا إنجازاتهم الرياضية وفقاً لأسلوبين اساسيين ولا ثالث لهما, وهما, أما بيعهم وعن طريق سماسرة مختصين إلى دولٍ أوربية وخليجية كي ينافسوا تحت رايتها في المحافل الدولية والأممية بعد أن يكونوا قد أكتسبوا , وبقوة عضلاتهم, حق المواطنة وخلال فترة زمنية غير قانونية لا يقرها دستور بلاد ولا تعترف بها العباد. فمن أوربا مرورا بالخليج وحتى شرق آسيا , تجد هؤلاء يسرحون ويمرحون في ملاعب نموذجية مساءا وفي ممرات المصارف صباحاً, وطبعا لهم كل الحق في ذلك. وثانيهما, أي ثاني الاسلوبين, هو التدرب في دولٍ أوربية بعيدة أما عن طريق إستثمارهم من قبل مدربين دوليين أكفاء أو عن طريق معايشتهم لعدائي المستقبل في ذلك البلد الأوربي وعلى طريقة (شيَّلني واشيَّلَك). فما أن تسأل بعض العدّائين المغاربة سؤالاً حول هذا الأمر حتى يرد عليك بالعربية المطعّمة بالهجة المغربية بكلمة ( فيرنسا) أو (بلجيكا). يحق لكل قائلٍ أن يقول عن مدى وطنية وانتماء أولئك الرياضيين ممن شملهم الاسلوب الأول, خصوصاً, ونحن لازلنا نعيش ( وَهْم ) جرح التجنيس القطري الذي تفوّق على وطنية بعض لاعبينا في النكسة الحزيرانية المونديالية التي مرّت على تهديد ووعيد مسؤولينا برداً وسلام في إنتظار موعد تصفيات الدورة القادمة وكأننا نريد القول بأن العراق, بمنتخبه واتحاده وجماهيره, خسر أمام أيمرسون وبن همّام ليس إلا.
ما يدفعني لهذا الحديث هو سؤال واحد فقط لاغير وهو: ماذا لو طلبت قَطَر من العراقي الذهبي بطل العالم في كمال الأجسام أن يدخل قائمة المجنسين القطريين؟ وبدون أدنى تفكير فإني أجزم بأن الجواب سيكون (لا) سيكتبها بطلنا الذهبي بتقاطع أطول نخلتين في الجنوب وأجمل شجرة جوز من الشمال. وليس من الضروري أن ندخل عوام التحليل النفسي (والباراسايكولوجي) بغية بناء هذا الموقف, كَون, البطل أعلنها صراحة من خلال لقاءه بالفضائية البغدادية وتحديداً من خلال عبق كلماته الجنوبية العراقية الطاهرة وصراحته الفطرية في التعبير عن نفسه. والسؤال الوليد الذي يلد من رحم السؤال السابق هو: لماذا يتخلى العراق عن بطل يتمسك به وأمامه ابواب الدنيا مفتوحة على مصراعيها؟. وهنا لا اقصد التخلي بالمعنى الوطني والجغرافي وإنما بمعنى كيفية المحافظة على هذا المُنجز (الذي لم يأتي به ثلاثون لاعبا وخمسة مدربين وجيش من الإتحاديين) وإنما جاءت به ثُلة آمنت بربها وعراقيتها. أليس من المنطقي أن يكون في وزارة الشباب رجل رائد قادر على تنظيم إستقبال حاشد للإعتراف بالمُنجز الذي لم يأتي من خلال حشد هائل من المدربين الأوربيين وإنما جاء بجهودٍ فردية وتبرعات ذاتية. أليس من المنطقي أن يتم رعاية هؤلاء الأبطال وفتح الآفاق أمامهم بنوعيها التدريبي والمهني كي يتمكنوا من صنع إنجازات أفضل وأحلى وأمثل وأكمل على طريقة (السوري) مصطفى الأغا) والذي لن أندهش إذا وجدته يوماً يجلس قبالة ابطالنا الذهبيين في قطر وهو يحاول تكريمهم من خلال برنامج (صدى الملاعب) قبل أن تفتح لهم قَطَر, أو غيرها, خزائنها. ألا فَهُبُّوا بني العراق لنصرتهم واحتضانهم والإحتنفال بهم وبالتالي إعتبار منجزهم من افضل منجزات العراق الرياضية لعام 2008 قبل فوات الأوان. والف الف مبروك

46
السيد المالكي. متى تكتمل دعوتك لنا بالعودة والمشاركة


علي الحسناوي


نَعي تماماً أن قدرات الخارج ليست أفضلَ من قدرات الداخل. واللحن الجميل الذي أضحى يُطرب عليه ويغنيه المسؤولين العراقيين في الداخل هو لحن (يلي نسيتونه يمته تذكرونه). وبالتأكيد فإن مثقفي الخارج وأكاديمييهم وخبرائهم لم ينسوا يوماً وطنهم, إن لم يكونوا يتنفسونه مع كل شهيق من أنفاس الغربة, كي يكونوا في حاجة كي يتذكرونه. وهم ليسوا أيظاً بحاجةٍ لدعواتٍ رسمية كي يقوموا بدورهم الطبيعي والمُنتظَر منهم في سبيل صلاح الأُمة وزوال الغُمة. ولكنهم بالتأكيد بحاجةٍ إلى آليات خاصة كي تُعينهم على تحقيق مسألتين هُما في غاية الأهمية بالنسبة لهما. أول تلك المسائل هو إستحداث آلية منتظمة وعملية للسفر (وهنا قد لا أأتي بجديدٍ إن أفصحت عن خوفٍ مبطّنٍ من إستخدام الجوازات الأوربية في عملية الدخول والخروج مِن وإلى العراق) وهو ما يعني, ضمناً, أن تكون هنالك آلية عمل تُسَّرِع في حصول هذه الفئة على جوازاتٍ عراقيةٍ نافذةٍ وصالحةٍ من سفارات البلدان التي يتواجدونَ فيها كي تُعطيهم ذلك الإحساس بالأمان وتُزيل عنهم ذلك الإحساس بالرهبةِ من عمليات البيع والشراء للعقول الفذة والنيِّرة التي مارسها البعض من قبل على نقاط الحدود والتفتيش العراقية ((هذه النقطة بالذات كانت من النتائج الفرعية لزيارة السيد المالكي إلى العاصمة السويدية ستوكهولم والتي للاسف لم يتم الأخذ بها لغاية الآن بسبب تعقيدات التفاهم بين الخارجية في الداخل والسفارة في الخارج)). وثاني تلك المسائل وأهمها على الإطلاق هو ضرورات التعبير عن حفاوة الإستقبال وحرارة اللقاء, ليس بفرش السجاد الأحمر, ولكن من خلال إستحداث لجنة خاصة لإستقبالهم وإرشادهم إلى المستلزمات التي تعينهم على أداء عملهم وتسهيل لقائهم بالمسؤولين القادرين على صناعة وصياغة وإصدار القرار, كي يتمكنوا بالتالي من طرح منهاج عملهم وبيان تصوراتهم ومناقشة أفكارهم. ومثلما نُريد منكم فإنه يتوجب علينا أن نُعطيكم الحق في تحقيق مسالتين مهمتين أيظاً وهما التأكد الميداني , وبشكلٍ دقيق,  من أكاديمية وعلمية وخبرة وقدرات الخبير الراغب بالعودة والتمتع بامتيازات الدولة. هذا أولاً أما ثانياً فهو التأكد الميداني أيظاً, وبشكلٍ أدق من أولاً, من هوية ومصداقية وحقيقة وجود الشركات والمؤسسات الأوربية التي يطرحها الخبير العراقي المغترب كمقترح أما للبناء أو لتوفير مستلزمات البناء. قد لا نأتي بشيءٍ جديد إذا قلنا وآمنا بحقيقة أن الخبير العراقي المغترب قد تعوَّد على نوع معين ودقيق من تنظيم العمل من حيث إحترام قيَم الوقت والجهد والمال, وهو من هذا المنطلق غير قادر, إطلاقاً, على المساهمة والمشاركة في نهضة العراق من خلال العمل في محيطٍ من الفوضى واللادراية والإرباك والروتين التي , وللأسف, اصبحت السمة المشتركة للعديد من مشاريع الإعمار ورفع الوطن والمواطن من دائرة الدمار. ومن هنا يُمكن أن نقترح تواجد مؤسسة مستقلة بكيانها الإداري والمالي وترتبط مباشرة من الناحية الهيكلية التنظيمية بمكتب أمانة مجلس رئاسة الوزراء على أن تكون مهمتها الاساسية العمل على تنفيذ مشاريع الخبراء المغتربين دون المرور من خلال الأنفاق المظلمة والقنوات المعتمة وذلك حتى لا نُعطي الحق لخبرائنا وأكاديميينا أن ينفضوا أيديهم من تراب الوطن ليعودوا كي يغمسوها في تراب الغربة.

47
إلى مدير فضائية الفرات: إغسلْ بعض برامجك بمائِك
علي الحسناوي

لا تجعلوا من العنوان هدفاً لرجمي بالحجَر ووصفي بالمرتَّد القذر الذي يحاولُ أن يُعبثَ بالقدر كي يمنع عن عباد الله خير المطَر وذلك قبل أن تقفوا على نهاية المقال كي تتبينوا القُبحَ من الجمال وتَحكموا على أن الحال من المُحال. فلولا حبي لكم لتغاضيت عن الأمر وتركتكم تتعرّضّون لمن قد يكون (أقسى) عليكم في أمركم. طالما عَجِبتُ لأحبةٍ يكتبون في كل شيء وعن كلِّ شيء, حتى أنني وددت لو حاورتهم عن الكيفية التي يجدون فيها أحداثاً تكفي لكل ما يكتبون. إلا أن الباحث والأكاديمي المتتبع للفضائيات العراقية, ونحن بالطبع من اصحاب التجارب القصيرة في هذا المجال, ليجد نفسه أمام العشرات من المواضيع التي تستحق أن يُكتب عنها والمئات من الأحداث التي يُمكن أن يغوص في مفرداتها ليخرج علينا كلَّ يومٍ بمقالةٍ أو تحقيق.
على أعتاب منتصف نهار العراق من يوم الرابع والعشرين من شهر تشرين الأول عرضت قناة الفرات برنامجاً حوارياً مع تدريسية إسمها نجلاء عبد علي , على ما أتذكَّر, تناولت فيه, الضَيفة وبمباركة المُضيِّفة, العديد من الظواهر السلبية التي بدأت تغزو مجتمعاتنا العربية والإسلامية في الوقت الحاضر والتي تسببت, قطعاً, في وصولنا إلى مانحن عليه من إنحدار خُلُقي وانهيارٍ حضاري واندثار معماري. ولكوني من غير القادرين, نفسياً, على الصبر والسماع لمثل هكذا إنطباع قد يُحطِّمَ فيَّ الموانع ويهدّ القلاع (وهي تحليلات فكرية تستدعيها طبيعة المرحلة الراهنة التي يمُرُّ بها العراق) فلقد آثرت الراحة والهروب حتى لا ألجأ إلى تداعيات الضغط والحبوب معاهداً قلمي أن تكون لي مع أحبتنا في قناة الفرات جولة ما بعد الغروب كي تتصافى النفوس وتتحابب القلوب وحتى لا يُقال أن ابنَ الشمال لم يعترض فلماذا يتألم ابن الجنوب.
السيدة الفاضلة التدريسية نجلاء عَزَت البعض من مشاكل المجتمع العراقي إلى ثلاث مسببات رئيسية وهما:
1 ـ إندثار الزي العربي (الصاية والعِقال) حسب مسميات, الأخت نجلاء, والتمسُّك بالزي الغربي , حسب الإستنتاج, وهذا يعني ضمناً أنها أتت بتحليلٍ سياسي مُنعكِس على عدم قدرة الشيخ الياور على الإستمرار في قيادة البلاد وحُكم العِباد مقارنة بالرئيس مام جلال أو رئيس وزرائه. فالأول بقي محافظاً على صايته (الفضفاضة) وعقاله (الجميل) مقابل تمسُّك الآخرين (بالبدلة الغربية وربطة العنق التي أضحت تثير غضب بعض دول الجوار).
2 ـ عَزَت السيدة نجلاء إلى أن من أهم اسباب (ضياع وقت المواطن العراقي الثمين جدا) هو الركض وراء حافلات بيع النفط في رحلة الشتاء وبحثه عن (الواتر بمب) في رحلة الصيف. وتقول الأخت نجلاء في فضائية الفرات على أن إنحسار العِمارة العثمانية والهندسة الإسلامية في تصميم بيوتنا وتحولنا بالتالي من سياسة وضع ابوابٍ وشبابيك صغيرة صغيرة جداَ وجدران عريضة جداً جداً إلى سياسة بنائية تهتم بالطراز الغربي من حيث توسيع مساحات النوافذ والابواب. فإنَّ هذا الأمر أدى , وحسب الإستنتاج الهندسي للأخت نجلاء, إلى ضياع فرصة الحصول على بيوت دافئة شتاءا وباردة صيفاً كان يُمكن أن تحافظ على وقت المواطن وتُغنيه عن اللهاث وراء مستلزمات مواكبة التحضُّر وتطورات تكنولوجيا العصر الحَديث في صحيح الحَديث. والحمد لله أن الأخت نجلاء لم تتعرّف بعد على شيطانية رأس غليص وجمال عيون عالية وشاعرية ساري العبد الله لكانت, هي الأُخرى, قد طالبتنا بالعودة إلى الأنفتاح على الخيمة البدوية على الرغم من انه حتى هذه الخيمة اصبح لها عموداً ثابتاً, ولا غنى عنه, لتثبيت الدش أو الصحن أو الساتيلايت.
3 ـ وبخصوص (المظاهر الإحتفالية) والأفراح والليالي الملاح التي إبتلانا بها رب العرش العظيم دوناً عن الوطن العربي الكريم فلقد تناولت الاخت نجلاء هذه الحالة بشيءٍ فيهِ الكثير من الإسهاب وكلامات العذاب على دخول الغرب من شبابيكنا وهروبهم من الابواب. فهي تقول إن تصاعد ذروة إحتفالات المواطن العراقي في إحتفالات رأس السنة إلى الحد الذي بدأ فيه هذا الإحتفال يأخذ طبعاً كافراً ويكلفنا الكثير من الطاقة الكهربائية (بسبب أنوار الزينة) لهو من العادات المستوردة والدخيلة من أُناسٍ لا هَمََ لهم إلا إشغالنا عن أمور ديننا الحنيف وتقاليدنا الإسلامية العريقة وخصوصاً أنها, أي الأُخت نجلاء, قد إستشهدت على كلامها بمذاق كيكة عيد الميلاد التي لا تَنمُّ في اية حالٍ من الأحوال على احترامنا الديني للخبز العربي بنوعيه (خبز الإركاك والتنور). أنا طبعاً لم يتسنى لي متابعة البرنامج والوقوف على حقيقة الإتصالات الهاتفية من المواطنين العراقيين الذين أتخمتهم (كيكات) أعياد الميلاد وأعماهم إنبهار أنوار زينة رأس السنة وهم يطالبون قناة الفرات بمساعدتهم على الضغط على الحكومة من أجل العودة إلى الحضارة العثمانية الجميلة والمريحة.
هذا وستتحدث الأخت نجلاء , ربما في الحلقة المقبلة, عن إستغلال الرجل المسلم لحقه الشرعي في  الزواج بالأربعة ورفضها القاطع للإسناد الذي يحصل عليه الرجل في تغليب النص (الرجال قوّامون على النساء) على النص (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). مع تشديد المطالبة على ضرورات توفير وحدة سكنية لكل مواطن, حتى وإن كانت مبنية على الطراز العُثماني, طبعاً بعد أن تكون قد قرأت هي ومضيِّفتها, موضوعي الذي أأمل أن يُنشر في إحدى الصحف الفُراتية.
أيُّها الأحبة في قناة الفرات والفضائيات الأخرى: أتعلمون كم يكلفكم ثمن دقيقة البث الفضائي؟ أوَليسَ من الأفضل, دينياً وأخلاقياً, إطعام مئة مسكين بدلاً من أن نجعل نجلاء وأخواتها يتلاعبن بهواء العراق بأحاديثٍ ما أنزلَ الله بها من سلطان وبطريقة حوارية لا تنتمي للغةِ بشيء. والله من وراء القصد.

48
من بطولة بلاتر: حلال على فلسطين وحرام على العراق
علي الحسناوي

يصل عرّاب الكرة الأممية وسيّد قراراتها المحبِِطة للشعوب, العّم الكبير والعمدة القصير, السيد بلاتر إلى الجزء العربي المعني بصراع الأجيال. فهو, أي هذا البلاتر, سيصل العاصمة الأردنية عمّان لتحقيق غايتين رئيسيتين أولهما مكشوف ومعلَن عنه وهو زيارة أمير البلاد ورئيس إتحاد الكرة فيها لأغراضٍ تمويلية ودعائية قد تضمن له سنوات أخرى من الجلوس على رقاب العباد في أرض السواد. وثانيهما غير مكشوف ولا يعلم به إلا الراسخون في مواقع الكرة العربية والخليجية. إلا أن الغاية الحقيقية والرسمية من هذه الزيارة والتسيارة ستنطلق شعاراتها و تلعلع رصاصاتها من على أرض الأخوة الأعداء في فلسطين الحبيبة على قلب (كلّ عراقي) وصاحبة أكبر حجم من دموع المآقي في بلاد الوعد والتلآقي القدس العجيبة ثاني القبلتين وثالث الحرمين ورابع العرفاتنين وخامس الفتحين وسادس الحماستين.
بلاتر هذا سيحضر أول لقاء للمنتخب الوطني الفلسطيني مع شقيقه ونظيره وأمه وابوه ومربيته وحاضنته المنتخب الأردني. وبلاتر هنا سيُبدي (شجاعة الفرسان) في تحقيق سلام (الشجعان) حينما سيتحدى بجسده المطعّم بالجبنة السويسرية رصاص المقاومة وعنف المساومة وجدران الفصل العنصري. والأنكى من ذلك أن بلاتر لابد وأن يكون تحت غطاءٍ غير مكشوف من الحماية (الصهيونية) والتي ستدخل الملعب حاملة الدفوف والسيوف بلباسها الفلسطيني التقليدي كما تعوّدت أن تفعل كلما أرادت أن تستقي معلومة أو أن تختطف عالم.
والذي يعني العراق في زيارة الوفاق للأخوة الرفاق هو ذلك التعتيم الذي يفرضه بلاتر على تحسن الوضع الأمني في العراق وقدرته, أي العراق, التي لاغبار عليها في تنظيم المهرجانات والبطولات الدولية داخل أرضه. فليس من المعقول أن يخاف بلاتر قناص المقاومة العراقية ولا يخاف قناص المقاومة الفلسطينية وكلاهما واحد في تفسيرهما لمفهوم ومعنى المقاومة الوطنية. وليس من المعقول أن لا يخاف بلاتر صراع الفرقاء والطلقاء في فلسطين ويخاف صراع الفرقاء في العراق. فالصواريخ والقذائف التي اقلقت وقضَّت مضاجع الحكومة الصهيونية الاسرائيلية البغيضة وشعبها الاسرائيلي اليهودي المهاجر والمغتصب للأراضي الفلسطينية العربية الحبيبة هي ذات القذائف والهاونات التي كانت تُطلق على المنطقة الخضراء العراقية ولو بعددٍ اقل.
لن يغيّر الله ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم. ولن تتوقف السياسات البلاترية عن سياسة الكيل بمكيالين حتى نغيّر نحن ما بأنفسنا. فمن الواضح والصريح في الحديث الكروي الصحيح إن سياسة حب العدو وكيل المديح لن تجعلنا نرتاح ونستريح حتى نصل إلى قوة القول العربي الفصيح في تحطيم عنجهية بلاتر(وليس الفيفا) ومَن يتنفس من خلال حاضنته ويتغنى بجيروته ويختبيء وراء معطفه. أخيراً لولا البقية من حياء والخوف من لسان الشعراء لقام الهُمام ابن همّام وبقية الفرقاء بمرافقة بلاتر إلى أرض الميعاد والأنبياء كي يتحقق لهم الهناء وتباركهم اليهود بسخاء وربما يطردهم البرلمانيون العرب بلا وَجَلٍ أو أسفٍ على قضاء. أسألكم الدُعاء.

49
وراء كلّ عظيمٍ جيش من الرجال
علي الحسناوي. السويد
****************************

ثلاث حالات لابد منها كي لا نعمل على تسريع عملية القضاء على الجنس البشري أكثر مما تفعله الكوارث, ما تقدّم منها وما تأخر. أول الحالات, هذه, هو أن نرتكن للحوار وثانيهما أن ننتقد بودٍ وصدقٍ وثالثهما أن نفترق بسلام إن لم يوصلنا كل من الحوار والنقد إلى بر الأمان. لماذا نتطيّر من النقد؟ وهل النقد هو حالة من حالات نتائج سوء الفهم؟ وحتى وأن إختلفت الدافعية الحقيقية وراء عملية توجيه النقد فإنه لابد للفرد أن لا يخضع لموجة ردة الفعل الأولى بعد انتهاءه من قراءة النقد, بل عليه أن يتريث قليلاً كي يُعيد حساباته التي دفعته للكتابة أو التصريح بما يستوجب النقد. فالنقد هو فعالية عقلية و محاكمة تهدف لإظهار عيوب أو محاسن طريقة فكرية أو منهج فلسفي أو أسلوب أدبي. وهي بالتالي لا تنتقص من إسم أو موقع أو شخصية الكاتب. هذا فيما لو أُحسن إستخدام مفهوم النقد وأدواته بشكلٍ حضاري ومحترم. والنقد, كعملية تقاطع فكري, مارسته الأنبياء والخلفاء والملوك وكافة ولاة الأمر من بعدهم ومن هنا إختلفت ردود الأفعال بين نقدٍ قاتل لصاحبه, بلا قتال, وبين نقدٍ ناقل يرفع بصاحبه من حالٍ إلى حال. ولا يُمكن للحركة الرياضية في العراق والعالم أن تنأى بنفسها عن علمية النقد كونها جزء لا يتجزء من ثقافة الأمة وطموحات الشعب في حياةٍ ترتقي بأسم بلدها إلى مصاف الدول صاحبة الإنجاز. وكلما كبرت مساحة التقاطع بين أطراف قيادة الحركة الرياضية كلما تبع ذلك زيادة متناسبة في مساحة النقد وعلى أسس إحترام الرأي والرأي الآخر وفي ظلّ ثقافة الديمقراطية الوليدة في العراق الجديد. ولعلّ من أهم ما يدفعنا إلى إستثمار وإستخدام حرية النقد بتقلباته السلبية والإيجابية هو عدم قدرتنا على إستيعابِ ثقافةٍ أفضل وأجمل من ثقافة النقد ذاته ألا وهي ثقافة الحوار. فلو كنا قادرين على فض نزاعاتنا الداخلية والخارجية وبكافة اشكالها عن طريق تعلّم الجلوس على مائدة الحوار ومناقشة الأمر بروحٍ رياضيةٍ عاليةٍ, لكنّا اليوم أقل الناس كتابة في محتوى النقد. نحن وللاسف, في عراق اليوم, لا نألوا جهداً ولا ندخرُ وقتاً في سبيل تدمير الآخر والقضاء على تطلعاته أو طموحاته التي تتقاطع مع توجهاتنا, وهو أمر قضائي فردي نتخذه لوحدنا ونقف على تنفيذه دون الرجوع لرأي أهل الأرض أو التفكير بعدالة السماء.ولكي نقترب من مصداقية الأمر فإن هنالك أكثر من مقولةٍ سياسيةٍ تؤيد هذا الرأي الرياضي البحت. هذه المقولات تجتمع على فكرةٍ واحدةٍ مفادها أنه كلما اقترب موعد الانتخابات السياسية كلما زاد العنف والقتل والتدمير. ولكون حركة إنتخابات الحركة الرياضية أحد أبواب الحياة السياسية المهمة, وخصوصاً في بلدٍ مثل العراق, فإن مؤشرات حالة الواقع الانتخابي الذي نعيشه هذه الايام لا يؤشّر لتوجه الاطراف نحو قاعة الحوار, على شكل ثُللٍ أو جماعات, بل على العكس من ذلك تماماً فإنه يؤشر لإدامة المعدات وتعمير الثكنات. وكلما جاء زيد بمشروعٍ تربوي ونبيل كلما قام له عَمر كي يقضي على فكرته وهي في مهد الورق. وكلما حاولت جماعة أن تأتي برأيٍ رشيد كلما تناخت لها أخرى كي تُبقي على القديم ولا ترتضي بالجديد؟ أعوام عِجاف مرّت على رياضتنا (رياضة العراق لا تعني كرة القدم لوحدها) ونحن في إنتظار شهر سعيد من أشهر الخير كي تتصافى النفوس لتُشرق على العراق الشموس لكننا نسير من تشاؤم إلى عبوس. وقبلاً كنا نقول وراء كل عظيمٍ امرأة لكننا اليوم نعي ونعلم جيداً أن وراء كل عظيمٍ جيش من الرجال المدججين بأحدث الاسلحة والمعدات, لكنها للاسف اسلحة قد لا تُطلق نارا أو تعيث في الأرض دمارا بل هي فكرة أو معتقد أو ربما (نَقدْ) ولكنه من النوع الورقي الأخضر وليس الكلامي الأصفر فايهما أخطر ذاك هو السؤال.

50
نادي عراقنا من علاوي الحلة إلى سودرتاليا

علي الحسناوي

لم يشهد العراق. وعلى مرّ التأريخ, بصفحاته الصفراء القديمة والخضراء والحمراء الحديثة, نهضةً حضارية بكل جوانبها مثلما يقف وراء تلك النهضة نوع من التآخي والتآلف المسيحي الإسلامي. نعم , أتفق معكم, أنه كانت تحصل هناك بعض الإنحدارات الخطيرة في مؤشر هذا التحابب السماوي بين البشر ولكن المحصلة العامة كانت تشير دائماً إلى انتصار الحب والسلام على قوى البغي والظلام. وربما كُتبَ لنا, نحن المسلمون, الذين ولدنا وترعرعنا في كّنف الكنيسة وأغتسلنا بمياه أعياد القيامة أن نكون أكثر دراية ومعرفة بقيمة الحب والسلام الذي تنشده الديانة المسيحية والتي أحتضنتنا ورعتنا حتى بلغنا اشدنا, على الرغم من معرفتهم الدقيقة, أننا لإسلامنا لعائدون إن طال الزمن أو قصُر. وعلى الرغم من أننا عشقنا نسائهم وأكلنا من قدورهم إلا أنهم كانوا الأحرص منا علينا كي لا نقع في بحر الخطيئة. ولعلّ أولئك الذين ولدوا وترعرعوا في (كمب الأرمن) وتحديداً في محيط محطة قطار العلاوي القديمة, يعرفون أننا كنا نحج إلى كنيستهم البيضاء صباحاً لننشد تراتيلهم ونأكل كعكهم إلا أننا سرعان ما كنا نعود كي نصلي خلف أوليائنا, وربما مصحوبين بالبعض منهم ومن الذين لايريدون أن يفارقونا. ومثلما كنا نبكي على صلب المسيح ونرافقه صاغرين عبر طريق الآلام التي كان يحدثنا عنها القس بخنس إلا أننا كنا نحث الخطى ثللاً أو جماعاتٍ كي نُنصت لقصص الملاية سنية عن عذابات مسيرة الآلام في طريق الإباء الزينبي. وعجباً كيف كانت حوريات المسيح البيضاء تلتف بسواد عاشوراء ثم يلطمن الخدود عابرات الحواجز والحدود بين ثقافتين كي يتقافزن وأحفاد محمد على وقع القصائد الحسينية.
وبعد اربعة عقود, منذ ان فرقتنا السياسة بتقلباتنها السيئة ونواياها الخبيثة, أعود مجدداً لأعيش ذلك الزمن الجميل من خلال عراق مصغّر أسمه نادي عراقنا. ويعود الإنتصار الى سابق عهده وبالطريقة ذاتها حينما تتآلف القلوب وتتعاضد الايدي وتتوحّد الكلمة من أجل الوطن.  هنا يقبّل المدرب المسيحي رأس اللاعب المسلم في أجواءٍ من التحدي الشريف. وهنا يحمل (ستيف) الماء كي يشربه اسامة. شباب بعمر جراحات الوطن ورجال يبكون كلما رفرفت راية العراق على أرضية الملعب. لاعبون يضعون أيديهم على موقع الراية من صدورهم كي يُثبتوا للعالم عراقيتهم. وقبل إنطلاق كل مباراةٍ كانوا يشكلّون دائرة من الأخضر العراقي كي يضعوا أكفهم فوق بعض ويُطلقوا صرخةً طالما أرعبت خصومهم عراق .. عراق .. عراق. فازا بهمة الوطن وتألقوا بحبه بعد أن كانوا, بعد كل نصرٍ , يغتسلون بمياه دجلة ويشربون من الفرات. اليوم تأهلوا بعد عامٍ من حروب كروية خالصة خاضوها من على عرباتهم البابلية بعد أن تثبتوا من سوط آشور بانيبال وساروا على خطى سرجون الأكدي. وغداً يحتفلون بالفوز الذي حدثّهم عنه محمد الرسول في قرآن ربه تعالى ورتله على مسامعهم يسوع المسيح في إنجيله الصحيح وهو يستلقي على الصليب الخشبي المغسول بدماء عذابات العراق. إنتصارنا ووحدتنا نلفه براية العراق بعد أن نضع عليه اكليل من النرجس ونضمخه بقطرات من مياه الهور كي نهديه لأولئك الذين هُجَّروا من الديار وهم يرددون طوبى للرب في العُلى وعلى الأرض السلام. وعليهم السلام. تعالوا إلى حفلنا كي نُصلي معا صلاة العراق.

51
رُبَّ صورةٍ خيرٌ من مليون كلمة

علي الحسناوي

أُقدم لكم صورة الرئيس الفرعي لأتحاد كرة القدم في مدينة سودرمانلاند في مملكة السويد, والذي كان حاضراً بزيّه الرسمي, لكي يُشرف على مباراتنا التأهيلية والمصيرية على ملعب كفيكسوند, وهو, يقوم (بكنس أو تنظيف) مدخل غرفة تبديل الملابس الخاصة بنادي عراقنا على إعتباره الفريق الضيف. وفي خلفية الصورة يظهر أولادنا الصغار بملامحهم العراقية تأكيداً للأمر وفوق رؤوسهم لافتة معدنية تقول: على أساس الصداقة والزَمالة وقع اختيارك على نادينا. حيث تعني كلمة (كامراتسكاب) التقارب على اسس المحبة والصداقة ضمن الفريق الواحد لتحقيق هدف مشترك. هذا الرجل واسمه (جوني أوبوم) هو الرئيس التنفيذي لاتحاد الكرة في مقاطعة تتألف من أربع مدن رئيسية وتمتد مساحتها على زمن ساعتين بالسيارة.



52

رحيل فيرا بين منطق العودة واللاعودة

علي الحسناوي
الآن وبعد أن فعلت العاطفة فعلها, ووصل فيرا الساحر, إلى بر العراق الثائر فإنه, وبعد أن تعلّلَ بأنه  لم يجد له لا من معينٍ ولا من مناصر, فإنه آن الأوان لعلميتنا أن تكمل المسيرة ولخبرائنا أن يتناولوا على عاتقهم تحليل الخطوة الأولى ولمدربينا أن يقارنوا بين ماكان عليه لاعبيهم وبين الذين تم اختيارهم. ولنتفق أيظاً أننا لابد وأن نقيّم العمل من خلال درسه الأول حتى لا ترسب الكرة العراقية في منهجية العمل. الأحداث تقول أن فيرا غير مستند على أرضية مالية وإقتصادية صلبة. فالمماطلات بتحويل المبلغ تعصف بمستقبله مع العراق وتربك عمله. وعصبيته المفرطة بدأت تنعكس حتى على دبلوماسيته الفرنسية التطبع. وكلما حاول فيرا التقرب من الشارع الكروي العراقي فإنه يبتعد في ذات الوقت خطوة عن رب العمل (مصطلح اتحاد الكرة في أوربا). وبالتأكيد فإن تأجيل مباراة العراق مع نجوم العالم قد أعطته نسبة من التحرر الزمني ومنحته وقت كاف للراحة والإسترخاء وهو ما إنعكس على قضاءه لفترة العيد في المغرب وليس في أربيل,. ومن ناحية أخرى يقف الاتحاد بكل مهنية. بالمرصاد, لفيرا كونه لم يتفاعل ومتطلبات الاتحاد ولم يعمل على تقديم برنامجه التدريبي, خصوصاً بعد أن أعلن السيد رئيس الاتحاد عن تحررهم من مستحقات فيرا المالية الخاصة بالاتحاد وتبقى نصيبه في وزارة الشباب التي رحلت بطاقمها التنفيذي والمالي إلى معسكر شباب العالم, غير آبهةٍ بإيفاء إستحقاقات الرجل , وهو ما أثار غضب فيرا وجعله يرعد ويزبد في آخر رسائله التي خلت حتى من تحية المساء. فرناندو الذي توقعنا وصوله بغداد عبر محطة الراحة الأردنية لم يصل وهو ما يمكن إعتباره مؤشر غير سليم على تحركات او توصيات أو رسائل وصلته ومنعته من الحضور, هذا على فرض أن فرناندو يحمل قلب الاسد بين ضلوعه ليتخلى عن آراءه السابقة ويؤمن بما شاهده فيرا وما عايشه. الحوار مع المتخصص في فسيولوجيا كرة القدم,البيكراوي, لم يصل إلى صورته النهائية وربما يكون للسيد نبيل البيكراوي رؤية أخرى لم تتوضح معالمها بعد. الحقائق العلمية تُفصح عن مؤشرات لم يأخذها فيرا بنظر الإعتبار من حيث عدم جواز أو عدم علمية إختبار لاعب دون خضوعه لجوٍ تنافسي حقيقي. الأمثلة كثيرة والدروس وفيرة في تأكيد هذا المبدأ العلمي الهام والذي لا يمكن لأي مدرب, ومهما علا كعبه, أن ينتقص منه أو أن يغفل عنه. في بريطانيا تعلّم أريكسون من كل مدرب  في الدوري الإنكليزي معلومة أو فكرة ليجمعها ويحوّلها إلى منهاج عمل. في العراق تُمارس سياسة الإلغاء والتهميش التي يمارسها فيرا, ومن يدور في فلكه, لكافة مدربينا المحليين ومنهم مَن لا يعترف, أصلاً, بفيرا مدربا من الأساس بل وينتظرون كبوته الأولى. كل هذا يحدث ونحن لا نعي حقيقة الدور المطلوب من فيرا أن يؤديه لأننا, وبكل بساطة, نفتقد إلى اللجنة القادرة على متابعته وتقييم عمله, كما هو حاصل في أرض الله عند خلق الله من جهة ولأننا لم نتفق وفيرا على برنامج عمل لإعادة تأهيل الكرة العراقية , كما أدعاه في كل زمانٍ ومكان, من جهة أخرى. هذا الأمر سوف يمنح فيرا محيطاً خصباً كي يهرب من المسؤولية في حالة الأخفاق ويضع الآخرين في موقف لا يحسدون عليه خصوصاً وأن فيرا كان قد خضع لتجربة مماثلة حينما جائت به, مرةً, هيئة ادارية لتلغيه واحدة أخرى بعد أن أُنتخبت بدلاً عن الأولى. أقول لكم ومن واقع تجربتي الشخصية, إن كل مدربٍ قادم يبحث عن مفاتيح مخارج اللعبة أولاً كي ينفذ بجلده قبل أن يعمل على إدخال اي شخص آخر إلى محيط عمله. وأنهو أي هذا المدرب, عادة ما يبقى دائم البحث عن أفضل وأقوى طوق للنجاة للخلاص من بحر الغضب حتى قبل أن ينشر اشرعته. خذوا الحكمة من فمي. 



أيها الناس أفطموا (فيرا) وتَبنّوا العراق

ألسنا كلنا عبيد لله؟ لا نعصي له أمراً ولا نشتكيه لأحد وهو المُحاسِب الذي لا يُحاسَب. وما بعد رب العِزّة, كلنا نخضع للحساب كي ننال القصاص أو الثواب. هكذا هو حال الدنيا سائل ومسؤول, عامل ورب عمل, وحينما يدخل الخوف من الله والذات والمجتمع إلى قلب وكيان البشر يُبدع الإنسان. ولكن حينما يتحول هذا الخوف المشروع إلى رهبةٍ غير مشروعةٍ فاقرأ على الإبداع السلام. ومن هنا أيظاً يدخل مفهوم التسيّب اي عدم الإلتزام ولكن دون عبور الخط القانوني الأحمر حتى لا يقع المسيء في قفص الاتهام القضائي.
وعودة إلى العمل ورب العمل فإني أكاد أُجزم أنه لا يوجد على وجه البسيطة من يعمل دون مراقبة وتقييم, وإلا أنقطع الأجر وقُضيَ الأمر. ومن هنا كان للمدربين, كونهم جزء من مفهوم العمل وأدواته, أنواع عديدة من المراقبة كي يُجبروا على تحقيق الإنجاز والوصول إلى مرحلة الإعجاز. هذه المراقبة تبتدأ من السخط والرضى الجماهيري والشعبي لتمر بتقييمات الخبراء والمثقفين والإعلام لتنتهي عند الإتحادات المركزية والتي هي رب العمل. وفي سابقةٍ خطيرة للتجاوز على هذا المفهوم, ووفقاً, لضروفٍ خاصة جداً فقد توصل الأتحاد العراقي المركزي لكرة القدم والحكومة العراقية إلى وثيقة إشهار عقد مشاركة مالية في تمويل مشروع فيرا وتحقيق حلمه بالعودة. هذه العودة التي لازالت تُعاني من القلق وعدم الإستقرار نتيجة لمتغيراتٍ عديدة. وقياساً بحالة المد الشعبي والحكومي الذي يواجه فيرا أينما حلّ ورحل مقارنة بلباس الجَزر الذي يرتديه, هو, في تعاملاته اليومية مع الأطراف الحكومية و الرسمية,  فإن هنالك حقيقة واحدة مفادها أن اي مدرب يقف على مسؤولية منتخبٍ ما, لا بد وأن يخضع إلى المحاسبة والتغيير عند ثبوت الإهمال والتقصير أو الثواب والتكبير عند حصول المطلوب من التغيير. وفي كل دول العالم , المتحضرة منها والمتصحرة, لابد وأن يكون هنالك جهاز فني قادر على إعطاء أحكام علمية وموضوعية وتقييمات رقمية وإحصائية لعمل اي مدرب من المدربين. هذه اللجنة لابد وأن تتألف من ممثلين عن الاتحادات المركزية وسلطة الاعلام والوزارات المعنية. واقول لكم اليوم, وقبل فوات الأوان, أن تنفيذ المدرب للواجبات المناطة به, في تنفيذ طموحات الأمة, تحت عباءة الحكومة أو بأحضان الشعب مستنداً في ذلك على التعاطف الجماهيري أو صراع المناصب لن يكون في مصلحة أحد من هذه الأطراف. آن الأوان ان تَفطم رئاسة الوزراء ووزارة الشباب طفلها المدلل فيرا. وآن الأوان للشارع الكروي العراقي أن أن يرفع الوصاية من على فيرا كي يتعلم إتخاذ قراراته بمفرده. وآن الأوان للاتحاد العراقي المركزي للعبة أن يسحب يديه من يديّ فيرا كي يتعلم المسير لوحده. ولكن علينا أن لا نترك حبل فيرا على غاربه فالقضية أصبحت قضية شعب ومستقبل وطن. على اللجنة أن تجلس وفيرا على طاولة (مربعة) كي تعطيه ما له وتأخذ منه ما عليه. أن تقول له هذه حدود الله فلا تتجاوز عليها وهذه حدودنا فلا نتجاوز عليك. من يكون فيرا وفوساتي وميتسو وماتشالا أمام مصلحة العراق . بالأمس رحل فوساتي وميتسو وغداً يرحل فيرا ولن يتبقى لنا غير العراق حبيب.



53
أين حقنا الوطني والمشروع في عقد فيرا
الهيئة الإدارية لنادي عراقنا وعلي الحسناوي
******************************

لعلّ دولة رئيس الوزراء السيد المالكي أول من يشهد على محور لقائاتنا المتكررة به, حتى وإن استغرقت بضع دقائق, خلال زيارته الميمونة إلى مملكة السويد. وعلى الرغم من أن (مطلبنا المُلّح) والمتكرر قد اثار سُخرية البعض ممن لا يفقهون من اين تتحقق مصلحة الوطن إلا أننا تحملنا, عصبية المالكي وغضبه علينا وردة فعله المتشنجة, أيظاً من أجل عيون العراق وشعبه وطموحات فيرا وبيت أهله. فنحن لم نُطالب بانضمام كركوك إلى الأتحاد الدولي لكرة القدم كونها قضية أقليمية وقومية ولا تهم (مقدرات الشعب وتأريخ ملعب الشعب) ولم نطالب السيد أبو إسراء بإيقاف الزيباري عند حده فيما يتعلق يقضية إعادة اللاجئين العراقيين من السويد إلى بلد الرشيد كون اللاجئين,هنا, ليسوا محترفينا في قطر وغيرها من دول الخليج كي يتجرأوا على العودة واللعب في بغداد.
نحن قلنا للمالكي كلمتين, أولهما, أن الرياضة العراقية تنوء تحت ثقل الأحكام الدولية الجائرة وثانيهما أن الشعب يريد فيرا ولدينا هنا رسالة منه إليك. هناك في قاعة الإجتماعات الكبرى اشعل نادي عراقنا, وبعود ثقاب عراقي, قضية عودة فيرا. هذا بعد أن عجزنا, حقيقة, من الحصول على حجز سريع لفيرا كي يتمكن من لقاء المالكي بنفسه وبناءاً على رغبته ورغبتنا.
ويُمكن أيظاً, وفي نفس السياق, للعديد من الزملاء الصحفيين والأخوة الإعلاميين في الداخل أن يؤكدوا سرعة إتصالاتنا بهم, خلال الفترة التي سبقت قبول وغشهار فيرا لعقده مع العراق, وكذلك الأهداف التي كانت وراء هذه الإتصالات, حتى وإن لم نتعمد الإشارة لاسمائهم الكريمة والخيرة. وبالتأكيد فإننا نعي ومن خلال خبرتنا الطويلة في سوح الوغى الرياضية, العراقية والأوربية, أن مولاي يوسف فيرا أبو ياسين كان القاسم المشترك لتحقيق مصالح ومطامح كافة الأطراف التي شاركت فيما بعد في إستقدام الكابتن فيرا إلى بغداد. وعلى الرغم من المحاولات الجريئة والمحسوبة بدقة من قبل السيد رئيس الإتحاد العراقي المركزي لكرة القدم لإعادة فيرا المتمرد إلى بيت الطاعة العراقي إلا أن فيرا كان يزيد من دلاله وخصامه وتعنته وهو يُغني على وتر العقود التي بدأت تنهال عليه من هذا الفريق أو ذاك أو من هذا المنتخب أو ذاك. فمن سفره إلى ماليزيا مرورا بقطر وحتى دبي ثم البرتغال والمغرب ضاع السيد فيرا من على بوصلة الاتحاد وهو الأمر الذي دفعنا للبحث عنه (بطرقنا الإنتربولية الخاصة) ومن ثم العثور عليه يتناول وجبة (الماكدونالد) في أحدى مواقف البرتغال بعد أن تعمد إغلاق جميع هواتفه الخلوية باستثناء الخط الذي توصلنا من خلاله إليه. ومن هناك تمكنا وبعد حديث ذو شؤون وشجون من إعادة حرارة التواصل بينه وبين مريديه. وكان أول ما قاله فيرا أن لا أحد يريده فهم يقولون له كلمة في يوم ويختفون لأيام وخصوصاً, حينما جاء ذكر هذا الكلام, عن واقعة تنظيم حفل خرافي له في العاصمة بغداد لتوقيع العقد المزعوم بينه وبينه الحكومة وحسب ما قيل له في حينها. وهنا أكرر إستشارة فيرا لنا في نتائج تصرفه هذا, ومن ثم إجابتنا التي تمحورت حول مَن سيضمن له حقوقه فيما لو حصل نفس ما حصل له مع العقد الإيراني, الذي تدهور لمرتين, فيما لو لم يُصادق الاتحاد الدولي أو لجنة العقود على وثيقة عقده. ومن هنا لم يجد فيرا أمامه غير طريق السيد رئيس الإتحاد الذي, أي رئيس الإتحاد, أوحى لي بأن فيرا قادر على التوقيع في بغداد على أن يكون التوقيع في مقر الإتحاد في بغداد بعد أن يكون الرئيس قد منح جزء من صلاحياته للعاملين هناك في سبيل المصادقة على العقد وحضور مراسيمه.
وبعد حديث اثقل فيه الكابتن فيرا مسامع الاتحاد بمطالبه المالية العريضة وشروطه التعجيزية الأعرض دخلنا على الخط لفهم الموقف عازفين على وتر حبه للعراق والخارطة التي لا تفارقه وأمنياته بالحصول على المواطنة العراقية. وهنا قال فيرا محاولا التخلص من خناق العراق الذي وضعناه حول رقبته مِن أنه قانع بنصف العقد الخليجي وهو مليون يورو بالتمام والكمال على أن يتسلم نصفها عند توقيع العقد ونصفها الآخر على شكل رواتب وهذا من غير مبلغ الـ 200 الف يورو لفرناندو.
حسناً لا أريد أن اثقل كاهلكم بالمعادلات الرقمية التي توالت ولكننا تمكنا, وبفضل الله أولاً, من الوصول مع فيرا إلى مبلغ الـ 700 ألف دولار (وليس يورو) وعلى رؤوس الاشهاد وأولهم أحد الدبلوماسيين المرموقين من رجال الخارجية العراقية الذي كان معنا ساعتها. ولغرض توضيح الرؤية طلبنا من فيرا الكف عن التواصل الهاتفي والرضوخ لرغبة السيد رئيس الاتحاد بلقائه في دبي أو عمّان. وفعلاً كان الاسبوع التالي موعداً للقاءهما الذي أخلفه فيرا وتخلف عنه بسبب عدم وصول تذاكر الطيران وصيغة الدعوة. وعند علمنا بالأمر وأن اللقاء الموعود لم يتم, كنا مباشرة في حديث لا يخلو من القسوة مع فيرا مطالبينه بالإعتذار وعدم التكرار والبقاء على نفس المسار حتى لا تضيع منه ومنا أطراف الحوار فيخسر دار العراق واهل الدار. وبعد اتصالنا التالي بالسيد رئيس الاتحاد أبلغنا أنه متفهم ومتسامح وأنه فعلاً ارسل وثيقة العقد ومتطلبات الحجز الى المغرب. وخلال الايام التي تلت ذلك قال فيرا أنه ذاهب لمناقشة الموقف وليس لتوقيع العقد وأنه ليس في حسبانه زيارة العراق. من قاعة الاجتماع وخلال احدى الاستراحات ارسل لي فيرا رسالة قصيرة مستفسراً وموضحاً أنه لم يوقع بعد. في مساء نفس اليوم تحدثنا وقال لي أنه مسافر الى العراق غداً صحبة الحسيني. سمعت في نبرات فيرا بعض الخوف من المجهول والتخوف من عواقب الزيارة وهو مادفعه إلى الإتصال بي طالبا عدم الإعلان عن الزيارة حتى موعد وصوله بالسلامة. ولكني وحرصاً مني على وضع الشارع الكروي العراقي في موقع الحدث أبلغت بعض الثقاة من رجال الإعلام الذين تربطني بهم علاقات مهنية عالية هي غاية في الإحترام. وبعد عودة فيرا من زيارته, التي اثارت غضب البعض من الإعلاميين والذين أعتبروها زيارة إلى المنطقة الخضراء, اتصل بي بفرح طفولي غامر كأنه مراهق قد جاء للتو من لقاء حبيبته لأول مرة ليُعلن أنه أختار نبيل البكراوي وعامر عبد الوهاب وفرناندو لتشكيل فريق عمل. وحينما سألته عن رحيم حميد قال بالحرف الواحد: نعم طبعاً طبعاً. وللأمانة الإعلامية والصحفية (أنا لا أملك هوية الصحفيين العراقيين) فإني قمت وخلال العام المنصرم بترجمة كل ما قيل ويقال عن شخصية فيرا وأرسلته إليه. عشرات من الصحائف وآلاف من الكلمات بالإنكليزية المبسطة درسها فيرا ووقف عليها متلمساً طريقه نحو دار السلام حتى وطأت اقدامه أرض العراق.
فلو كنا سماسرة, في قضية فيرا, لكنا قد حصلنا الآن على مبلغ 80 الف دولار من قيمة العقد وهو مبلغ قد يمكننا من توسيع أنشطتنا العراقية الإجتماعية وإقامة بعض المعسكرات التدريبية لفرقنا التي تعاني من وطأة التمويل الذاتي. ولو كنا نتاجر بالكلام والإعلام لكنا قد انتظرنا السيد فيرا وصحبه في بغداد من قبل ومن بعد كي نكون في الواجهة, ونحن الأعلم بمواعيد وصوله ووجهته. ولو كنا نبغي العمل معه لكنا الآن في أولى المواقع ولكننا, وللاسف, نتقاطع مع توجهاته المهنية واساليبه في العمل وهو ما وضع علاقتنا به في مدٍ وجزر, وهو ما اشرنا إليه وبكل علمية في مقالاتنا السابقة, ولأننا أيظاً لم نتعوّد الوقوف في ظل الآخرين. وقد يسال سائل عن ما نريده من وراء كل ما قلناه؟
الجواب: نريد كلمة شكر صادقة ومكتوبة وموثقة من رجالات الحكومة العراقية الذين قدموا من بعيد ليقفوا أمامنا في طابور فيرا. نريد إعترافاً حكومياً وعراقياً بدورنا الوطني والغيور في إعادة فيرا إلى حضن العراق بعد أن عجزت كافة الأطراف الأخرى عن الوصول إليه وإقناعه. نريد أن تكون الصيغة مكتوبة كالتالي:
تتقدم الحكومة العراقية وهيئتها الرياضية بوافر الشكر والعرفان إلى الهيئة الإدارية في نادي عراقنا في مملكة السويد والاستاذ علي الحسناوي للجهود التي بذلوها من أجل المساهمة في بناء الرياضة العراقية من خلال مشاركتهم الفعّالة والأساسية في إستقدام المدرب جورفان يوسف فيرا لتدريب المنتخب الوطني العراقي.
نحن لا نطالب الاتحاد لأننا تعاملنا معه من موقع المهنية المشتركة ولا نطالب الحسيني لأنه لا ينظر ابعد من حدود مدربينا في الخليج, اللهم بإستثناء تلك التي قام من خلالها, مشكوراً, بتوزيع مؤلفاتي والشهادات التقديرية على خريجي أحدى دورات نادي عراقنا, الخاصة بالمدربين العراقيين, في دمشق وتحديدا في إحتفالية ملعب الشعب. وأيظاً لا نطالب فيرا بأية كلمة شكر لأننا إنما نعمل لأهلنا وليس لأهله ولأننا وإياه نتعامل بعقلية إحترافية. آخر الكلام, إن لم تنصفونا ونحن خارج الوطن فكيف تنصفونا حينما تريدونا أن نعود إليه وهو لعمري شعاركم الذي أطلقتموه للمرحلة القادمة. والله من وراء القصد.


54
ملعبنا وملعبهم, جمهورنا وجمهورهم, عراقنا وخليجهم


علي الحسناوي
سمعت, ولم يحدثني أحد, أن شيخ المشايخ دخل على لاعبي نادي الوصل الإماراتي ليوصيهم بالعراق الرحمة ويطلب له المغفرة. والعراق هنا يعني نادي القوة الجوية الذي جاء متعباً مرهقاً على طائرة عسكرية كي يفي بإستحقاقاته الآسيوية. وفيما قاله الشيخ: أوصيكم بالعراق فإن سجلتم فيهم هدف فلا بأس أن تلحقوه بآخر وربما ثالث وأسمح لكم بالرابع ولكن لا تزيدوا على ذلك ففيه زيادة في جرح الأشقاء ومتاعبهم وهم في اشد الحاجة إلى العون والتضامن. المهم أنتهت المباراة بفوز الصقور العراقية بهدف جعلت الشيخ أول من يخرج من ملعب الوصل بحماية مصرية محمولاً على أكتاف الإستكبار الخليجي.
وللأسف لازالت دول الخليج تعتقد أنها يُمكن أن تصنع لها تأريخاً رياضياً مشرّفاً ودوراً تنافسياً مشرقاً من خلال تحويل الملايين من أطنان الإسمنت إلى ديكوراتٍ جميلة على شكل ملاعب ومنشآت رياضية ووفقاً لأحدث المواصفات العالمية. إلا أنه فات على عقول مموليها أن الحجارة تبقى باردة وصماء دون أن يكون لها تماس مباشر مع البشر بصراخهم الذي يمكن أن يتحول إلى وسيلة ضغط عسكري. ففي ملعب الشعب , مثلاُ وفي يوم النصر الكروي الجديد والثاني بعد انتصار آسيا, عادت الكتيبة الأمريكية أدراجها بعد أن طردتها صيحات الجماهير التي وصل تعدادها إلى أكثر من خمسين ألف متفرج في ملعبٍ لا يمتلك أبسط مقومات الراحة قياساً بماهو متوفر في أبسط ملعب في الخليج.
ففي صباح يوم اللقاء الأماراتي الكوري طالعتنا الصحف الإماراتية (كما ينبغي) وببشارة خاصة و (متميزة) حول الإلتفاتة الأميرية بتوسيع الملعب كي يستقطب 12 ألف متفرج جديد إضافة إلى سعة الملعب التي تصل إلى 28 الف متفرج. كل ذلك من أجل سواد عيون الأماراتيين الذين سيضطرون لعبور حواجز التفتيش والوقوف طوابير طوابير تحت لهيب شمس الخليج قبل ساعات من بداية المباراة. المهم أنتهت المباراة بخسارة أماراتية قاسية أمام مَن أعتبروهم اضعف فرق المجموعة لتلحقها خسارة أخرى أثقل وهي خسارة المنتخب الأبيض لجماهيره التي لم يصل تعدادها, عند بداية المباراة, إلى نصف طموحات الأمير. فشتّان بين من يسير على الموت ليأتي كي ينصر فريقه وبين مَن لا يسير على طريق الورد كي لا يأتي لنصرة بلده ومنتخبه.

55
حساب (العَرَب) خسرَ العراق وربح فيرا
علي الحسناوي
عادة ما تُقاد المفاوضات التي تخص مستقبل النشاط الرياضي لأي بلدٍ من البلدان من قبل ناس معنيين بشؤون وشجون العمل الرياضي إضافةً إلى خبراء متخصصين في شؤون اللعبة. ولا تقف هذه اللجان على حال الرؤية الفنية للمدرب القادم فحسب بل أنها تنقسم إلى فريقي عمل يتولى أحدهما تهيئة الأرضية الإدارية والمالية للعمل في البلد المعني في حين تتولى الثانية مهمة دراسة النواحي الفنية والسلوكية للمدرب القادم. ومن المؤكد أن متطلبات المرحلة هي التي تحسم شكل ونوعية وجنسية المدرب كما أنها تحسم أيظأً سرعة الحسم ومقدراته الأخرى. وإعتماداً على التسريبات الصحفية والإعلامية للموقف المالي الذي وقفت عنده عجلة فيرا في العراق وهي 600 الف دولار بعد أن كان قد ذكر لي مجموعة من الثوابت والخطوط الحمراء التي لا ولن يتمكن من تجاوزها وهي مبلغ الـ 700 الف يورو من جهة وعدم التواجد في العراق من جهةٍ أخرى. ومن خلال الرسائل السرية اليومية والمقابلات الألكترونية تمكنا, ولعيون العراق, من أن نجعل فيرا يحيد عن متطلباته المالية وأن يتواجد في العراق. والآن أتفقت الأطراف على قيام فيرا بتدريب المنتخب الوطني العراقي (حصراً) خلال السنة القادمة وإعتباراً من شهر ايلول, على أن تدفع الحكومة العراقية أو الاتحاد مبلغ الـ 600 ألف دولار. وقبل عامٍ من الآن وتحديداً مع إنطلاقة جولة المفاوضات الأولى كان فيرا قد اشترط مبلغ الـ مليون دولار من أجل الإشراف المباشر على الكرة العراقية, وتحت رؤوس العديد من الاشهاد, والتي تعني:
1 ـ الإشراف على تدريب المنتخب الوطني برفقة مساعد برازيلي
2 ـ إستقدام مدرب برازيلي للإشراف على المنتخب الأولمبي
3 ـ تعيين مدرب برازيلي ثالث للعمل مع فئة الشباب على أن يساعده مدرب عراقي.
4 ـ ربط أواصر التعاون الرياضي بين أكاديميتيه في البرتغال والمغرب والكرة العراقية.
5 ـ بناء أكاديمية كروية عراقية في دمشق ( بانتظار تحسن الوضع الأمني).
6 ـ ربط أواصر التعاون بين أكاديمياته والأكاديمية العراقية المقترحة من جهة وأكاديمية السويد من جهة أخرى وهو مادفعه لزيارة السويد للمرة الثانية الموثقة بالصور.
7 ـ أن يكون مديراً للكرة العراقية بغية إعادة بناء أرضية الكرة العراقية.
قد لا أُجيد الحساب والإحصاء كما أجيد الحديث في الرياضة وكرة القدم ولكني أضع هذه المعادلة أمام كلّ معني بمستقبل كرة العراق كي يُجري المقارنة بقلمه ويحسب النواتج بعقله ليستدل أنه كان يُمكن للحكومة العراقية أن تجعل فيرا يُشرف على النقاط (من 2 إلى 7) بسعر 66,6 ألف دولار للسنة الواحدة وهو ناتج قسمة الـ 400 ألف المتبقية من المليون على النقاط (من 1 إلى 7). للأسف كم خسرنا وكم ربح فيرا.


56

رقابنا تحت سيوفهم, بناتنا في قصورهم, برلمانيونا في منتجعاتهم
علي الحسناوي

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه) يوعز بإرسال طائرة خاصة إلى المنكوبين الثلاثة من مواطني دولة الأمارات بعد أن حاصرتهم ألسنة اللهب الأميركية في واحدة من أعقد كوارث الحرائق في الولاية الأميركية. الطائرة تحط وسط أجواء سيئة وفوضى ميدانية عارمة أمام عشرات الآلاف من النازحين والناجين من شبح الكارثة.
(العدو الصهيوني البغيض) يساوم ويساوم من أجل إسترجاع رفات جنوده القتلى على الأراضي العربية مضحياً بالغالي والنفيس من أجل تحقيق أمنية طفل أو دُعاء أُم أو لنقل إعلام شعب وصوت أمة ومهما حملت هذه المساومة من معانٍ سياسية وتطبيل إعلامي.
مملكة السويد تُرسل طائرة مستشفى من أجل إعادة المناضل الكردي وأحد أبرز أعلام الوطنيين الكورد, إلى الأراضي السويدية بغية إسعافه من الوعكة الصحية التي ألمّت به على أرض اربيل.
الشعب الياباني بملايينه إنتصر على رأي الحكومة اليابانية وقرارها بإرسال أعداد الجُند (رقم رمزي للمشاركة) إلى العراق تحت قبعة التحالف أو الإحتلال أو سمّه ما شئت.
الحكومات العربية ذاتها ودول خليجية بعينها تفعل المستحيل من أجل إعادة ابنائها (المغرّر) بهم من ساحة القضاء العراقي بعد أن عاثوا في أرض العراق فسادا.
وعلى الرغم من أننا لم نستنهض الهِمم ونقلب الموائد على النِعَم من أجل إستعادة رفات جنودنا الأحياء عند ربهم يُرزقون, ولم نُطالب بالحل الجذري لمشكلة الألاف من المهجرين في الداخل والخارج, إلا أننا وتحت غطاء الشرعية الدولية ومواثيقها الإنسانية التي باتت معروفة للجميع نُطالب الحكومة العراقية بتواجد الصوت القانوني الرسمي العراقي داخل ساحات المذابح في رفحا وعرعر. كما أننا نعي في الوقت عينه أن مملكة آل سعود, وغيرها من الممالك والدول, تُطالب بإعادة العديد من (أشقائنا السعوديين والعرب) من الذين أُلقي القبض عليهم في العراق وهم متلبسين بجرم الإرهاب الدولي. لماذا يُقتل العراقي في الداخل والخارج وبنفس الآلة؟ فهم يُرسلون أولادهم لذبح أولادنا في الداخل, ويقومون هُم بذبح الباقي على منصّات طائفيتهم. أية عدالة سماوية أو أرضية هذه؟ هل كان صدام على حق حينما دخل الكويت حتى وصل إلى حدود الخفجي كي ينال منهم؟ لا أجد مبرراً واحداً كي أكتب أكثر مما كُتِب أو أن أقول أكثر مما قيل ولكني أقول : مَن لك ياعراق بعد أن صارت رِقاب أولادك في الخليج أرخص من لحم بناتك في مواخيرهم ؟ لك الله ياعراق. لنتذكر أن صرخة الإنسانية الدولية لازالت تدوي في وديان أفغانستان ألماً وحرقة على تمثالٍ  لا ينطق بعد أن تم ذبحه (عفواً تم تفجيره) بقنابل كتبوا عليها لا إلله إلا الله وهي نفس العبارة التي يرددها ذبّاحوا آل سعود كلما أطاحوا برقبة عراقية شريفة هي بالتأكيد اشرف من اشرف ... والبقية تأتي.


57
نريد مدرباً للبناء والتغيير وليس مدربا لمرحلة التعمير
علي الحسناوي ـ ستوكهولم
coachfbs@yahoo.com

هنالك العديد من العوامل التي تتحكم بكيفية وتوقيت اختيار المدرب للمنتخبات الوطنية والنوادي. وتتغير هذه العوامل, من حالة إلى أخرى, وخصوصاً حينما يكون قرار الأختيار خاضعاً أول الأمر للمقارنة بين قدرات المدرب المحلي من جهة والمدرب الأجنبي من جهة أخرى. وغالبا ما يكون توقيت إختيار تغيير المدربين إنعكاساً لمتطلبات مراحل مابعد انتهاء المنافسات, وهو بالتالي المؤشر الأصلح على توجهات المؤسسات الكروية القادمة. ويبدو أن هنالك صراعاً مشروعاً فيما بين رؤية كل طرف من الأطراف لنوعية وأهمية المدرب القادم. ويبقى لضغط الشارع الكروي نسبة لا يُستهان بها من هذا الصراع, أي في تغيير مساراته أو مؤشره نحو أسم هذا المدرب أو ذاك.
وهنالك بعض, الأسئلة, التي تستدعي الإجابة عنها بغية دراسة الكيفية التي سوف يتم من خلالها إستقدام مدرب جديد ومنها على سبيل المثال لا الحصر.
1 ـ هل المدرب القادم سيكمل رسالة المدرب السابق؟.
2 ـ هل المدرب القادم سيعمل وفق رؤية جديدة بعيدة كل البعد عن رؤية المدرب السابق؟.
3 ـ هل المدرب القادم سيبدأ ببناء منتخب جديد أم سيعمل على تقوية وتدعيم المنتخب القديم بعناصر شابة وجديدة أم سيعتمد على المنتخب القديم دون إحداث أي تغيير في هيكليته؟.
4 ـ هل سيعمل المدرب بالتعاون مع الطاقم المحلي المساعد أم سيجلب طاقمه المساعد معه؟.
ولا بد من الإعتراف أن الدعم المالي الحكومي أو المؤسساتي كمصادر التمويل والرعاية, تلعب دورا حاسماً في إختيار أفضل نوعية من المدربين من ذوي الرصيد العالي على صعيد الإنجاز. إن التجارب تعلمنا أن المدرب صاحب الإنجاز, لبلدٍ ما وخلال بطولة معينة, ليس بالضروروة قادر على صنع نفس الإنجاز لبلدٍ آخر وفي بطولة أخرى. والسبب هنا يعتمد على المتغيرات التي تحكم كل بطولة من البطولات المحلية والدولية إضافة إلى توافق العديد من العوامل الخارجية التي لابد وأن تساعد على حصول الإنجاز المعني. وما فوز الدنمارك بالبطولة الأوربية عام 1992 (التي شاركت كبديلة ليوغسلافيا السابقة) وفوز اليونان من بعدها بنفس البطولة عام 2006 (التي شاركت كي تراهن على تقديم مستوى يليق بسمعة كرتها) وأيضاً فوز العراق بكأس آسيا 2007 (وهو القادم من جحيم شبح الحرب الأهلية) إلا بعض النماذج التي تُشير وبشكلٍ قاطع إلى إمكانية تحقيق الإنجاز على أيدي مدربين مغمورين وتحت ضروف عمل فنية وغير فنية قد لا تتناسب وواقعية الإنجاز, طبعاً فيما لو توافرت العوامل الخارجية الأخرى. ومن ناحية أخرى فإنه يمكن تسجيل العديد من الحالات المعاكسة, أي تلك التي لم تتمكن المنتخبات فيها من تحقيق أي إنجاز يُذكر على الرغم من تواجد خيرة مدربي العالم على رأس طواقمها التدريبية. وما خروج دول أوربية مثل إيطاليا (حاملة اللقب المونديالي 2006) وغيرها في البطولة الأوربية الأخيرة, وخروج البطل الآسيوي ( العراق) من تصفيات كاس العالم إلا واحدا من هذه الأمثلة. أي أن ما يتوفر من عوامل ومتغيرات لإنجاز معين خلال بطولة معينة لا يمكن أن يتكرر في بطولات أخرى حتى لو كانت أقل شأناً من البطولة السابقة. ولعلّ من أول الأسئلة التي يجب أن نطرحها على أنفسنا, كأكاديميين وإعلاميين ومهتمين بالشأن الكروي, هو: هل يتوجب علينا, وقبل الإختيار, أن نفكر بنوعية المدرب ثم نأتي بلاعبين على مقاساته, أم من الأجدى أن نختار اللاعبين ثم نأتي بمدرب يتطابق ومواصفاتهم؟. وربما يكون الجواب لا هذا ولا ذاك ولكننا يجب أن نأتي بالمدرب التوافقي أي القادر على تحقيق مصلحة جميع الأطراف التي تريد أن تقفز على سطح الأحداث بغية تجيير الإنتصارات بأسماء رجالاتها وخدمة لتوجهاتهم المشروعة والغير مشروعة. ومن خلال معرفة أن لكل مدرب مواصفاته الخاصة وبالتالي قدرته على العمل والإبداع في جزئية خاصة من عالم التدريب الواسع والمثير, فإنه يتوجب علينا أن ننفي تواجد مصطلح المدرب المتكامل.
ويبدو , ومن خلال دراسة واقع الكرة العراقي الآن وإعتماداً على المتغيرات السابقة, أن هنالك محاولات جادة للإنعطاف بمسيرة الكرة العراقية نحو  منعطف آخر, قائم على التجديد والتحديث, بكل مفاصل الكرة العراقية. ثورة التجديد هذه يقودها السيد رئيس الإتحاد العراقي من خلال شبكة علاقاته العنكبوتية والتي لا غنى لنا عنها. ويحاول أن يدير خيوطها بين الفينة والأخرى بعض رجالات الحكومة العراقية من خلال محاولات إلقاء تبعات توجهاتهم على توجهات المدربين المرشحين للعمل مع الكرة العراقية مستقبلاً. وتبقى بعض التأثيرات الجانبية والتي تعوّدت على الضهور والإختفاء طبقاً لمصالحها الخاصة, وعلى شكل اشخاص أو حوادث أو مقالات, دوراً خفيفاً في إحداث , أو المساعدة, على إحداث نفس التغييرات الحكومية.
أما من الناحية الرسمية فإن المدرب المحترف يعي تماما, أن لا توثيق وتصديق لأي عقد من العقود لدى لجنة العقود في الفيفا, دون أن يتم مصادقته بتوقيع رئاسة الاتحاد المعني وليس بختم الحكومة التي ينتمي الاتحاد لمؤسساتها الرياضية. هذا التوثيق والإتراف هو الذي يحدد ويحافظ على حقوق المدرب المحترف عند حصول الإختلاف. كما أن الموافقة على خطة عمل المدرب المستقبلية لا تخضع لبحث الحكومة وإنما تخضع لبحث ومصادقة الإتحاد ولجانه الفنية كونهم, ومن خلال لجانهم الفنية تلك, الأكثر علماً ومعرفة من الحكومة بالشأن الكروي العراقي والأكثر قدرة على إعادة تقييم العمل.
إذن لا يمكن أن نسمح للكرة العراقية وهي لازالت تعاني من الجرح الحزيراني أن تخضع في توجهاتها لعواطف ومشاعر الشارع الرياضي والكروي ولأي سبب من الأسباب. لأننا , علمياً, نقول أن إنجاز آسيا جاء بفعل عوامل علمية وبيئية قد لا تتكرر ابداً, وهذا يدفعنا إلى القول أن خياراتنا الحالية يجب أن تخضع لنفس علميتنا السابقة من حيث رفض سياسة التأثير بالمشاعر والعواطف والحب الذي لا ينتهي على الطريقة التي سيتم من خلالها إختيار المدرب القادم. وخلاصة القول, نحن نريد ونحتاج إلى مدرب قادر على الجمع بين صفتي الإختيار الدقيق والبناء. قادر على جمع بين صفتي العمل في الداخل والخارج, قادر على الجمع بين صفتي حبه للتألق والإبداع والمراهنة على عناصر جديدة ودماء شابة وواعدة. ومن ناحية أخرى فإننا نرفض التعامل مع والإنصات لأي مدرب يطمح إلى المتاجرة بعراقيتنا (العراقية التي أجبرت 90 الف متفرج على التصفيق للوفد العراقي الأولمبي في بكين). نريد مدرباً يعرف الفوارق الإقتصادية والأخلاقية والسمعوية بين أن يكون مدرباً للمنتخب الوطني العراقي وبين أن يكون مدرباً للمنتخب الوطني لأي بلدٍ آخر. والأهم أن يكون مدرباً قائداً لمرحلةٍ جديدة, وأن لا يتعكز على إنجازٍ سابق صنعته عوامل عديدة.
   
 

58
هل تفتح (عينكاوا) ذراعيها لنجمها البار باسل كوركيس
حاوَرَه: علي الحسناوي

حينمت تأهلت إحدى الفرق السويدية من دوري الدرجة الأولى الى دوري الدرجة الممتازة, لم يكن أمام المدينة إلا أن تصنع تمثالا مرمريا للاعب الذي سجل هدف الفوز والترشح. هذا التمثال يتصدر اليوم الواجهة الجميلة من ساحل مدينة ليونغشيله السويدية.
روجيه ميلا الكاميروني يقود الكرة الأرجنتينية من أرفع مناصبها, جورج ويا اللايبيري اراد الترشح لرئاسة الجمهورية, المغربية نوال المتوكل تعلو على مناصب الأوربيين في اللجنة الأولمبية الدولية, الأنكليزي كاري لينكر يقود برامج التحليل الكروي للتلفزيون البريطاني. بلاتيني يجلس على عرش الإتحاد الأوربي. والسؤال بعد هذه المقدمة, أين مبدعينا؟ أين صناع العصر الذهبي للكرة العراقية وهُم الذين لازلنا نُطلق عليهم, بالجيل الذهبي للكرة العراقية, على مر التأريخ الكروي العراقي المشبع بالأفراح والمثقل بالأتراح.
نحن لا نتحدث إلا عن كرة القدم كونها الرياضة الأولى والتي أثبتت تفوقها على القرار السياسي العراقي ووحدت العراق على الرغم من نزاع البرلمانيين والتكالب على المصالح واقتسام البلد.
باسل كوركيس, الأسم الذي إعتلى صهوات المجد طويلا, أعتلى منصات الفوز والتتويج وهو موشحا بالراية العراقية الخفاقة. أحد رموز الكرة العراقية المونديالية في ثمانينيات القرن الماضي. وواحد من أفضل وأجدر عوامل الفوز العراقي بالعديد من البطولات العربية والخليجية والدولية.
من مدينة البرد والثلوج, تورنتو, الكندية حاورته من بعيد على أملٍ بلقاء قريب لياتيني صوته مرتجفاً, إلا أنه مازال حادا وقويا كما عهدته في آخر مرة التقيته.
يقول باسل: أنا هنا ولكني بعيد جغرافياً عن العالم الذي أحبه وأحترمه وقضيت فيه أحلى ايام العمر وذلك على الرغم من الآلام والأوجاع التي خلّفها في داخلي. لازلت أعشق الكرة وهي حبي وعشقي الوحيد الذي لن أتخلى عنه.
* كيف كانت رحلتك إلى دبي كابتن؟
ـ على أجمل ما يكون . لقاء من الشوق بالأحبة الذين فارقتهم منذ أعوام عجاف. ولاعبين وجدت فيهم صباي ونجوميتي التي لم تأفل بتألقهم. في دبي تنفست عبق العراق من على أكتاف لاعبي المنتخب الوطني العراقي وبعض المدربين الذين يعملون هنا وعيونهم على الوطن.
* وهل استبدلت الكرة بالعمل؟
ـ ابداً ابداً فللكرة في داخلي تأريخ وأمجاد وبطولات, وأنا متابع جيد لكافة الأحداث الكروية وخصوصا العراقية منها.
* كابتن لن اسالك عن مباراتنا مع قطر ولكني اريد أن اسال عن رؤيتك للكرة العراقية الآن.
ـ الكرة العراقية لن تعود الى سابق عهدها إلا بتظافر القيادات المخلصة من الناحية الإدارية وكذلك القيادات الفنية المخلصة. ولا يمكن عزل أي طرف عن الطرف الآخر. نحن نحتاج الى مرحلة بناء, وهذا الشيء يحصل في كل العالم حيث تلي النكسة دراسة الاسباب واعادة التقييم وتصحيح المسيرة حتى لو أقتضى الأمر استبدال بعض الأشخاص.
* وهل انت في تواصل مع الكرة
ـ في الحقيقة أنا أواصل دراساتي في كرة القدم كي أصقل الخبرة بالعلوم الحديثة وخصوصا علوم القيادة. وقبل فترة حصلت على الشهادة الأكاديمية من الأكاديمية السويدية بمشاركة خيرة نجوم الكرة الستابقين من امثال كريم هادي وحازم ياسر وحيدر محمود وغيرهم.
* كابتن هل هذا مؤشر لعودة قريبة الى العراق
ـ  كما تعرف العراق دائما في قلبي وعقلي. وعودتي هذه المرة ستكون تحديدا إلى أهلي في مدينة عنكاوا وذلك لأرواء عطش الغربة من ناحية وللإطلاع على واقع الرياضة وكرة القدم هناك ودراسة ما يمكن تقديمه لهم من أجل تطويرهم.
* وهل تبقى اذا عرضوا عليك منصب مناسب لقيادة الكرة هناك
ـ اولا أنا لا أحب العمل في أدارة كرة القدم لأني لاعب دولي ودرست كرة القدم, هذا يعني يشرفني العمل في قطاع التدريب إذا ما توافرت لي الفرصة المناسبة هناك. ولكن تبقى هذه الفرصة مرهونة بمدى إستعداد الهيئات الإدارية الجديدة للتغيير والتطور من حيث توفير مصادر العمل ومستلزمات التدريب والإنفتاح على العالم الحديث في كرة القدم.


59
تكامل المسلسل التركي والنقص في شخصية المشاهد العربي
علي الحسناوي. السويد
لنتفق أولاً أنه ليس للدراما العربية اية مسؤولية أوقصور في تفوق الدراما التلفزيونية المستوردة, ومنها هذا المد الهائل من المسلسلات المكسيكية والتركية, ولا يمكن من وجهة نظر أخرى إعتبار النجاح الكاسح الذي حققته المسلسلات التركية لقلوب وعقول المشاهد العربي إنحسارأ أو انهزاماً لموقع المسلسل العربي لدى نفس المشاهد. فالمسلسل السوري الذي يتحدث عن مآثر الأجداد وأخلاقية البداوة, والمسلسل المصري الذي يطرح التأريخ وفقاً لرؤى ضيقة موهماً أن مصر أم الدنيا وأب الجميع, لا يمكن لهما أن يعنيا شيئاً بالنسبة للجيل الحالي من الشباب المنغمس في حياةٍ لم يعُد يتحدث فيها أحد منهم بالعربية, بل حتى السلام عليكم ومع السلامة قد تحولتا, وبفعلٍ منظّم وموجّه إلى كلمتي ,هاي, و,باي.
إن انتشار الألاف من الفضائيات, مراكز تعبئة الأثير بِعُلب, المتكالبة على إستقطاب عقلية نفس المشاهد الواحد, والتي تعيش وتعتاش, على قدراته ومواصفاته وكذلك سماته العربية, لابد لها إذن من أن يكون لديها مراكز بحوث وتخطيط, ستراتيجية وطويلة الأمد, تتخصص في كيفية إيقاع المشاهد في شبكتها هي دون غيرها. هذا الأمر بالذات يتطلب البحث الجاد عن الطُعم الذي لابد وأن يسيل له لعاب المشاهد العربي. ولا نحتاج إلى البحث الطويل والمعمّق كي نصل إلى حقيقة ما يُمكن أن يسيل له لعاب المشاهد العربي. إن الحقيقة التي تكاد تغيب عن الكثيرين, من الذين تناولوا ظاهرة (مهند, يحي, لميس, نور) في موجة المسلسلات التركية, تتعلق ليس بالتكامل العاطفي والموضوعي والمهني الذي تكون عليه هذه الشخصيات والذي كان , من المؤكد لدى البعض, السبب الرئيسي في انتشارها, ولكن الحقيقة تكمن في النقص والقصور العاطفي والموضوعي والمهني الذي عليه الشخصية العربية لكلا الجنسين. هذا الأمر الغريب دفع بالرجل العربي إلى رؤية ذاته في عقله الباطن الذي أستولت عليه لميس من جهة ونور من جهة أخرى. وعلى مسافة أكبر تقف المرأة العربية في كيفية رؤيتها لشخصيتي يحي ومهند في كيفية تأثيرهما على طريقة تصرفها الاجتماعي والعائلي خلال المرحلة التي تلت مرحلة مهند ويحي.
إن الدافعية وعلى اعتبارها القوى أو الطاقات النفسية الداخلية التي توجه وتنسق بين تصرفات الفرد وسلوكه أثناء استجابته للمواقف والمؤثرات البيئية المحيطة به, هي المسؤولة بشكل مباشر عن تلقي وترجمة وتخزين وتحليل هذا المؤثر الخارجي القادم على شكل مجموعة من التصرفات الإنسانية, الجنسية والعاطفية, كَون أن العلاقة بين الدافعية والسلوك تتمحور حول ثلاث منطلقات رئيسية يأتي في مقدمتها ما يُسمى بـ (تنشيط وتحريك وإستثارة السلوك).
ومن خلال تفسيرنا للحاجة وعلى أساس أنها عبارة عن شعور بالنقص أو العوز لشئ معين وهو ما سوف يؤدي إلى توتر وعدم اتزان داخلي حتى يتم إشباع هذه الحاجة.
تعمل الحوافز, ووفقاً لاشكالها المتعددة, على تحفيز السلوك عن طريق مفهومي المنع والعطاء. ومن هنا نجد أن الحافز الإيجابي الذي يعطيه المسلسل للشخصية العربية تتعلق أولا بالنوازع الجنسية الجمالية والنوازع العاطفية التي يفتقدها المشاهد العربي في العديد من الدول العربية. أما الحافز السلبي الذي يمنحه المسلسل أيظاً للشخصية العربية فهو ذلك الذي يتعلق بوقوع المشاهد العربي تحت رحمة المقارنة اليومية بين ما هو لديه فعلياً وبين ما تتحصل عليه لميس ونور على يديّ مهند ويحي يومياً. لابد من الاشارة هنا إلى أن ما يعلل عدم انتاج المسلسل وفقاً لمتطلبات الذوق العربي هي تلك الحرية الجنسية التي يتمتع بها أبطال المسلسل من خلال الحمل بدون زواج والسكن المشترك وتقبل الواحد للآخر دون أية مراعاة لمقتضيات الخلق العربي والموانع الدينية.
إن الحاجات العضوية أو الفسيلولوجية Psychological Needs التي يتعرّض لها المسلسل ويعمل من خلالها على دغدغة مشاعر المواطن العربي, هي الاساس في نشر ثقافته المتعددة الأغراض والمزدوجة الهوية كونه يُنتج ويُمثل في بلدٍ إسلامي  يقاتل من أجل الإنتماء لدول الاتحاد الأوربي. وهو , أي تركيا, ومن خلال المسلسل يريد أن يوصل رسالة إلى القائمين على صناعة القرار في الاتحاد الأوربي من أن تركيا قد بدأت فعلياً بالتخلي عن هويتها الدينية وتزمتها الإسلامي الذي أراد أردوكان أن يؤسس له سابقاً. وهي أيظاً رسالة ذات مغزى سياسي مفادها أن البرلمانيين الإسلاميين لم تعد لهم القدرة في تسيير أمور البلاد والتحكم بمصائر العباد وإلا لكانوا أقاموا الدنيا من أجل منع عرض المسلسل الذي عرض اساساً بلغته الاصلية بعد أن تخلى, المسلسل, عن هويته الدينية أللهمّ إلا من خلال اسماء شخوصه وممثليه. من المؤكد أن كلا المسلسلين لو أُتيح لهما أن يُعرضا في التلفزيونات الأوربية وباللغة الألمانية أو الأنكليزية ما كانا سيحصلا على واحد بالمائة من الاهتمام والمتابعة التي حصلا عليها في الوطن العربي. ان الأسباب القادرة على تفسير هذه الحالة لابد وأن تكون معروفة للجميع والتي يأتي في مقدمتها إنهيار جمالية ابطال المسلسل في واقعية الجمالية الشكلية التي عليها المواطن الأوربي. كما أن مجموعة المناظر الليلية الطبيعية لجسر اسطنبول الفاصل بين شقيها الشرقي والغربي متوفر تقريباً في كل أنحاء أوربا وربما بدرجاتٍ أعلى من الجمالية وذلك فيما لو قارناه بجسر مالمو الرابط مملكة السويد بالدنمارك أو مجموعة الجسور الأخرى الرابطة بين مملكة الدنمارك بالأمة الألمانية. ومن هنا وبعد عزل كافة المؤثرات المكانية التي يتمكن السائح العربي الآن من زيارتها وأيظاً بعد تصغير حجم المؤثرات الصوتية والديكورات كونها تتوافر الآن في العديد من شركات الإنتاج العربي, فإنه لا يتبقى لدينا غير جمالية الوجوه وحساسية القصة وطرق التعامل, بين أبطال المسلسل, التي اسميناها بمتطلبات الحاجات العضوية للبقاء والتواصل. ولعله من نافل القول أن القصتين في كلا المسلسلين لايمكن , وتحت اي ذريعة من الذرائع, أن يرتقيا إلى مستويات القصة العربية خصوصا تلك التي تخضع إلى معالجات درامية متميزة. فمن ليالي الحلمية والسير  الذاتية لأم كلثوم والعندليب مرورا بالمسلسلات السورية الخالدة والخليجية الرائدة فإن التواصل العربي التركي في مسلسلي نور ولميس ليس له إلا تفسير واحد وهو ذلك المتعلق بنقص ثقافة المواطن العربي في التعامل الجنسي, بمفهومه الواسع وليس المقتصر على تحقيق الأوركازم, مع الطرف الآخر وأيظاً بسبب نقص دبلوماسية المواطن العربي في كيفية التعامل اليومي من خلال توفير أو تبادل الحاجات اليومية الحياتية سواء مع رفيق الدرب أو رفيق المهنة.
خلاصة القول أن تأثيرات لميس ويحي من جهة وتأثيرات نور ومهند من جهةٍ أخرى لابد وأن تتحول إلى مدارس مجانية في كيفية التعامل التربوي والأخلاقي بين الطرفين مع الإبقاء على الهوية الدينية والمتطلبات الفكرية والعقائدية. وهما إنطلاق من عدم التستر وراء تعابير (الرجال القوّامون) إلى الإعلان والتعامل وفقاً لتعابير (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). فالله سبحانه وتعالى ورسله خاطبونا بصيغ الجمع مثل ( ياعبادي, ايها الناس, يا معشر المسلمين).
ومن الجدير بالذكر هنا هو  معرفة أن المسلسل مبني بطريقة روائية ذكية حيث تمنحه القدرة على تغيير الأحداث وبالتالي إختلاق قصص متكاملة داخل الحلقة الواحدة مع بقاء المشاهد مرهوناً ومتسمراً أمام الإطار العامة للمسلسل. فمن خلال متابعة المشاهد لحكايتي نور ولميس نجد أن هنالك العديد من الشخصيات الأخرى تأتي وتخرج على شكل قصص صغيرة مثل زواج الجد وغرام العمة وزيارات الأقرباء من الضيعة وبعض الإختلاسات والأحداث البوليسية هنا وهناك. هذه الحكاوي الصغيرة ليس لها إطلاقاث أية تأثيرات على توجهات أبطال المسلسل لكنها تشغلهم وتشغلنا معهم بطريقة رائعة وذكية. بقي أن اقول أن المسلسل تمكن من أن يشد المشاهد العربي وعلى اختلاف توجهاته الفكرية وأنحداراته الطبقية بسبب تنوع شخوصه وشموله لرؤية عالم متكامل وتناقض من الفقر والثراء, الجريمة والعدالة. الحب والكراهية, الكهولة والشباب, الجمال والقبح. وأراهن أن هنالك الآلاف من الذين لم يكن أبطال المسلسل يعنون لهم (بعود ثقاب محترق) قدر انتظارهم لمنظر القصر الراقد على أحضان الخليج التركي. واليوم وبعد أن صار لكل بيت (طبق) أضحى المواطن العراقي يدير طبقه على رأس الساعة (24 ساعة) على محطة العربية, ليس حباً بجميلاتها فقط وإنما لرؤية العالم من خلال دقائق لقطات العالم الآن, حيث تنقل الكاميرات المثبّته لقطات من كافة بقاع العالم ولثوانٍ معدودة لاتكاد تكفي عطش الأعوام التي قضاها العراقي مسجوناً في بلده. وبعد أن يرحل الهَوَس التلفزيوني التركي عن ديارنا فليس لي إلا أن أقول لكل رجلٍ أن يبحث عن إيجابيات مهند ويحي في داخله وأن أقول لكل امرأة أن تُداري على إيجابيات نور ولميس في داخلها. وهنا فقط يمكن أن نلتقي على واحدة فقط من محاسن المسلسل.


60
وا..عراقاه.. جاء دور (مصطفى الأغا) كي يقرص أذن العراقيين
علي الحسناوي. أكاديمي في كرة القدم, ستوكهولم

كتب الإعلامي مصطفى الأغا, مقدم برنامج صدى الملاعب في الشاشة الأحلى والأكمل والأمثل والأجمل والأعدل العربية الإشتراكية الديمقراطية لفضائية الـ (أم بي سي), و الذي جاء, منشوراً, في جريدة استاد الدوحة القطرية عموداً تحت عنوان (هل بن همام متآمر؟) حيث يعترف (بن الأغا) في مقالته , ضمناً, بأنه قد يتعرّض إلى كرهٍ عراقيٍ شديد بسبب ماجاء في مقالته تلك والتي حاول من خلالها التقرّب, بساقٍ واحدةٍ, من نتائج الخسارة العراقية أمام المنتخب القطري.
ولأني لا أميل قطعاً إلى أن أملأ أدراج النوادي القطرية والخليجية بملفاتٍ قد لا يُحسنون قرائتها لذلك آثرت محاورة (الأغا) بنفس النهج الخليجي الذي كتب به عموده ذاك.
أولاً ـ ألقى الشارع الرياضي العراقي الملامة , كل الملامة, على لاعبي المنتخب الوطني العراقي وطاقمهم التدريبي والإتحاد العراقي الذي كان, ولا يزال, مسؤولاً شرعياً إتجاه ما حدث. ولم يتناول أي إعلامي عراقي , هاوٍ كان أو محترف, الأسماء التي إنتقيتها أنت يا مصطفى بعناية فائقة وإختيارٍ مشوب بمحاولة توجيه القاريء إلى المعاني التي خبئتها وراء كلماتك. وإلا ما معنى أن تتقصد ذكر اسماء محددة مثل حمد ويونس وحسين. ولو كنا نكيل بمكيالين, مكيال التمسك بالعمل ومكيال التقرّب الأعمى, لكنا ثرنا , إعلامياً, على تلك الكلمات والتصريحات والجمل والتعابير التي حاولت أن تنتقص من كرامة العراق والعراقيين والتي جاءت وللاسف باللغة العربية واللهجة الخليجية  واللغة الأورغوانية والبرازيلية. ولكننا نعرف حدود الله وحدود ما آلت إليه نتيجة المباراة وبالتالي لانريدك الآن أن تنفخ في الجمرات التي غطاها رماد الفيفا لأن الإعلامي العراقي , البسيط, يعرف تماما أن يوهانسون السويدي, وهو رئيس الاتحاد الأوربي السابق, كان قد سقط  بالضربة الفنية القاضية على يد بلاتر ليأتي بلاتيني مرتاحا بسبب ملايين الدولارات التي نثرها بلاتر على موائد الأتحاد الأفريقي ليلة الإنتخابات. وبذلك فنحن في غنى تماماً عن إرشاداتك (الأغوية) في سبيل تزويق درب بن همام أو مسح أكتاف بلاتر لأننا وببساطة كنا قد قلناها مراراً وتكراراً , وبالعربية التي تكتب بها وتقرأ بها خطاباتك, أن خسارة المنتخب مسؤولية الجميع بإستثناء الشعب العراقي. إن خسارة العراق يا مصطفى هي كبوة جواد, وربّ ضارةٍ نافعة, ولكنها لن تلغي ابداً عراقية أحد ولا تنتقص من كرامة أحد سواء كان هذا الأحد (حمد أو رحيم, يونس أو نشات, حسين او ناجح). إعلامنا يا (درش) يستطيع الآن أن يتملّك المالكي ويطالب الطالباني. فهل يستطيع إعلامك أن يقول (أُفٍ) لأبن همّام.
ثانياً ـ لست أدري مدى فهمك للنظام العالمي الجديد حتى (تتمسخر) على الخطاب الإعلامي العراقي وتستخدم التعابير في غير محلها وأنت الرياضي الذي لابد وأن تعني لك الرياضة , ووفقاً لميثاق شرفك أنت بالذات, من أنها رسالة محبة وسلام وتآخي بين الشعوب وبالتالي فإن سياسة الخلط بين المصطلح الرياضي والسياسي قد يسيء إلى مهنتك الخليجية وهمتك العربية ويُخرجك بالتالي عن دائرة (اللعب النظيف والكلام النظيف في آنٍ واحد).
ثالثاً ـ كنت قد ذكرت يا (أغا) من أن البعض قد طالبك بفتح ملفات ايمرسون وبالتالي وانطلاقاً من المنطق الواقعي فإن هؤلاء البعض لابد وأن يكونوا من العراقيين لأنك بالتأكيد, ووفقاً لنباهتك, لن تصدق أن قطَريا يدين نفسه ويطلب منك فتح ملفات ايمرسون. فهل لك يا (أغا) أن تدلّنا على اسمٍ واحد كي نحاوره ونعيده إلى رشده خصوصا وأنك تقول أنك رفضت العرض (الأميرسوني النبيل) ولن تشارك ابداً في تغيير (النظام العالمي الجديد) من خلال الحديث عن اميرسون.
رابعاً ـ تعترف يا (درش) بأن تحت يديك خطاب الفيفا الذي يعترف فيه بذنب ما اقترفه من خطأ جسيم إتجاه العراق إلا أن الفيفا هذا كان قد عاقب نفسه بنفسه ودفع من أمواله إلى ميزانيته غرامة رمزية كي تتوازن الحالة الإدارية والمحاسبية في سجلاته. بربّك (يادرش) هل انت مقتنع بهذا المنطق والذي نسميه إصطلاحاً (دبل مورال). بالمناسية يامصطفى تفسير الكلمة باللغة العربية يعني (لا تنهى عن فعلٍ وتأتي بمثله). طيب يا مصطفى اليست هذه مسؤوليتك الإعلامية وشرفك المهني أن تتحدث عن الواقعة. ولنفترض يا مصطفى أنك مسيّر وغير مخيّر في توجيه أهداف برامجك أليس من شرف المهنة وشرفك الذاتي أن تتناول القضية كونك صاحب برنامج رياضي من المُفترض أن لايبلع شاردة ولا يغصُّ بواردة.
أنت تعترف يا (ميمو) بأن هنالك قضية, وليس المهم مدى تأثير القضية, وأنك استلمت خطابات وفاكسات تتناول القضية ذاتها. فهل يُعقل يا مصطفى أن يكون الفيفا أكثر حرصاً علينا منك وأن يكون إعلامهم أكثر وعيا واهتماماً بقضيتنا من وعيك وإعلامك العربي النزيه؟
خامساً ـ كتبت إليك با مصطفى بقلمٍ نزعته من نخلة بصراوية وحبرٍ أحمر ملأته من نهر الدم العراقي وورقةٍ إنتزعتها من جبلٍ كردستاني. وها أنا أرسله أليك عبر (الواجهة الغربية) لعراقي الحبيب. فهل لك يا (أغا) أن تَرُدَّّ عليَ بخطابٍ تكتبه من بلدك الأُم في أول إجازةٍ لك ترى فيه قضايا العراق هناك على حقيقتها بعد أن تنزع عن عينيك عدسات الخليج؟ كلا لن نكرهك يا مصطفى كونك تحمل إسماً تعلَمنا منه كيف نقول ومتى نقول. وكنا نتمنى أن يسبقنا القَول فيك عراقيونا مِن مَن هُم الأقرب منا إليك. .

61
((( منتخبنا والأوزون حقائق أغرب من غابات الأمزون )))
دراسة إنعكاسية على أداء منتخبنا الوطني
علي الحسناوي. أكاديمي في كرة القدم. ستوكهولم
 
1* اسباب القيء لدى اللاعبين؟ هل هو العسل الملكي؟
2* مصدر إجازة الطبيب المعالج؟ هل هي أيطاليا أم ماذا؟
3* هل تم التأكد من وقت وفترة العلاج؟ ساعات أم ايام؟
4* هل كان باسم الأكثر حاجة للأوزون؟ أم غيره أكثر؟
5* هل تعي الحكومة مدى مسؤولية مدير الوفد؟

 
إليكم بالأجوبة فصبرأ آل العراق .. موعدنا جنوب افريقيا... لو!!

تصدير
هنالك بعض المعطيات العلمية لخسارة منتخبنا الوطني أمام قَطر وبالتالي تداعيات هذه الخسارة وانسحابها على العديد من الرؤى والمفاهيم العلمية والتدريبية والطبية التي رافقت أو جاءت كنتيجة حتمية لهذه الخسارة المريرة.
فمن توجيه الرماح نحو صدر المدرب بقدراته وامكانيات لاعبيه مروراً بمحاولات القبض الكلامية والاعلامية على رجال الاتحاد ووصولاً إلى ما أفرزت عنه البحوث والتجارب الطبية التي وقف عليها الكادر الطبي العراقي, ونفذها ببراعة ودراية وتخطيطٍ مسبق البعض من الاطباء العراقيين الذين عَرَضوا خدماتهم المجانية على المنتخب, فإنه لابد لنا من التصدي وبحزم للعديد من الإشكاليات التي رافقت خروجنا الغير متوقع والحزين من تصفيات كأس العالم 2010. لابد لطبيعة المناخ الذي عليه دول الخليج أن يؤثر بشكلٍ محسوس على القدرات التنفسية للاعبي كرة القدم. وتكاد تكون نسبة الأوكسجين هي الشغل الشاغل للعديدد من الفرق الكروية التي تتنافس في مناخاتٍ مختلفة وهو نفس العامل الذي يدفعها إلى إجراء معسكرات تدريبية في دولٍ ذات أجواء متشابهة على أن يأتي بعدها التواجد في بلد المنافسة بوقت طويل نسبياً. إن ارتفاع وانخفاض معدلات تواجد الأوكسجين اثناء وقت المنافسة الرياضية يؤثر تأثيراً كبيراً في المستوى اللياقي للاعبين وربما يكاد يحسم العديد من نتائجها لصالح الفرق ذات النفس الأطول واللياقة الجيدة.وتستعد الدول الأوربية من الآن للتكيّف على أجواء المونديال الجنوب افريقي الحارة والتي تعني لهم تباين في إستنشاق مستوى الأوكسجين وعمل دؤوب ودائم على كيفية التعامل الطبي مع هذه الاجواء. والاوكسجين هو من العناصر المهمة لحياة الأنسان حيث أن 90% من طاقة الجسم مصدرها الأكسجين وبذلك فأن جميع أنشطة الجسم تعمل نتيجة امدادها بالأكسجين ولغرض الحصول على صحة جيدة يجب التأكد من وصول الأكسجين الكافى الى جميع خلايا الجسم.
 
ماهو الأوزون: Ozone
* أولاً يجب عدم الخلط بين أوزون الجو والأوزون الطبي والذي هو أوكسجين نقي مركّز وله خواص دوائية متميزة.
* غاز الأوزون هو أوكسجين منشّط أى إنه الأوكسجين النقى.
* وهو سائل يتكون من ذرتين هيدروجين وذرتين أوكسجين ( H2O2 ) وهو يشبه الماء في البناء الكيميائي ( H2O ) ولكنه أقل استقراراً لانه يحتوى على ذرة اوكسيجين ( O ) اضافية .
* تعريف اعلاني: يعتبربيروكسيد الهيدروجينِ أو ماء الاوزون أحد المعجزات الشفائية البسيطة. وإستعمالاته الامنة والمتعدّدة يصنّفانِه بأنه الاقوى والاشرس فى محاربة كل الامراض حتى اشدها خطراً على الانسان وتاريخه الشفائى يثبت انه فوق أى دواء.
* إن غاز الأوزون Ozone هو غاز يتكون من اتحاد ثلاث ذرات أكسجين O3 تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية ولونه ازرق باهت ووزنه الجزيئي 48 و هو نوع من الأكسجين الجوي الطبيعي عالي الطاقة ومصادر الأوزون موجودة في الطبيعة كغلاف يحيط بالكرة الأرضية عند ظهور الشمس ولان الأوزون أثقل من الهواء فانه يهبط باتجاه الأرض ويتحد مع ملوثات البيئة فينقي الهواء الذي نتنفسه .

* أما الأوزون التكنيكي  Technical Ozone فهو خليط غازي يتألف من غاز الأوزون O3 والهواء الجوي المتضمن الأكسجين ويستعمل لتعقيم المياه ولغايات صناعية .

* أما الأوزون الطبي Medical Ozone فهو خليط غازي يتألف من غاز الأوزون O3 والأوكسجين النقي الطبي وحديثا أمكن توليد الأوزون الطبي من أجهزة صغيرة ومعقدة وأصبح يستعمل للوقاية والمعالجة لكثير من الأمراض الميئوس منها و أصبحت هذه الطريقة من الطرق الرائدة والواعدة في هذا القرن .
* والأوزون كما يوضح الدكتور محمد نبيل موصوف استاذ علاج الآلام ورئيس وحدة الأوزون بمعهد الأورام القومي بجامعة القاهرة, كثيرا ما يطلق عليه الأكسجين النشيط ولكن جزيئه يحتوي علي ثلاث ذرات من الأكسجين وهو غاز يتولد في الطبيعة من تأثير أشعة الشمس فوق البنفسجية على الأوكسجين في طبقات الجو العليا‏‏ كما يتولد على مستوى البحر من تأثير امواج البحر علي الشاطئ‏,‏ وهذا الغاز الذي يكون طبقة في الأجواء العليا يحمينا من التركيز العالي لأشعة الشمس فوق البنفسجية‏,‏ كما يحمينا في طبقات الجو الدنيا من المواد الضارة‏(‏ الهيدروكربونات‏)‏ ويحولها الى مواد غير ضارة بعد ان يتّحد مع هذه المواد الضارة‏.‏
 
تأريخ الأوزون
تم اكتشاف الأوزون في عام 1818 وهو  موجود في الطبيعة  بكميات ضئيلة ويعتبر بيروكسيد الهيدروجين غير مستقر حيث انه يتحلل بعنف عندما يتصل مباشرة بمادة يمكن ان تتفاعل معه مثل الكربونات والبروتينات والكلور والفحم والحديد وغيرها.
أول من اكتشف واستخلص الأوزون كيميائيا هو الألماني شونبين  C.F.Schonbein عام 1840 ومن خلال أبحاثه توصل إلى أن قدرة هذا الغاز على أكسدة العناصر قوية فهو يقتل البكتيريا والفيروسات والجسيمات الدقيقة ويزيل السموم فعمم استخدامه في تنقية مياه الشرب والطبيب الألماني وولف H.Wolf   في الحرب العالمية الأولى عام 1915 أول من استخدم الأوزون في الطب بالجروح المنتنه وأمراض الجلد والتهابات العظام أما أول من استخدم الأوزون الطبي فهو د.روبرت ماير Dr.R.Maye عام 1943 وتتالت الأحداث حتى أصبحت الوقاية والمعالجة بالأوزون من الطرق الرائدة والواعدة في هذا القرن لكثير من الأمراض التي لم يكن لها علاج سابقا والميئوس منها .
ظهرت بداية ابحاث الاوزون أثناء الحرب العالمية الأولى وذلك عندما أرسل القواد الألمان الجنود المصابين الى قمم جبال الألب على الحدود الألمانية السويسرية حماية لهم من القصف الجوى من الحلفاء. وقد لاحظ الأطباء الألمان سرعة التئام الجروح بنسبة عالية جدا عندما استخدموا مياة الأمطار لغسيل الجروح. هذة الظاهرة جعلت العلماء يبحثون عن اسباب هذه الظاهرة حتى اكتشف العالم الألمانى Riling وجود نسبة كبيرة من غاز الأوزون فى مياة الأمطار وقد تكون هى السبب الأول فى شفائهم. ومن هنا بدأ العلماء الألمان فى الإهتمام بالأوزون واستخدامه فى مجالات التعقيم وخصوصا الجروح . وتطور هذا العلم فى المجال الطبى بسرية تامة وقد حصل احد العلماء الألمان اوتوفاربرج على جائزة نوبل لأبحاثة التي اختصت بالأوزون .
ويدرّس الأوزون الأن ومنذ اكثر من 10 سنوات أيضاً بجامعات اوروبا العريقة ومنها جامعة نابولى بايطاليا وجامعة بافيا بشمال ايطاليا. وتُعتبر كوبا من أوائل الدول التي استخدمت الأوزون أيضا ولكن وفقا لمنهاج علمي مدروس كي لا يقع رياضيوها المشاركين في عروس الالعاب بفخ شبح المنشطات.
مصادر الأوزون:

معظمنا تناول بيروكسيد الهيدروجين بعد فترة قليلة من الولادة من حليب الأم وخاصة الحليب الأول    (colostrum)   الذى يَحتوي على كميات هائلة منه.
تبدأ دورة الأوكسجين في الطبيعة من النباتاتِعلى الأرض والطحالب في البحر أثناء عملية التمثيل الضوئي ولأن الأوكسجين أخف مِنْ الهواء فهو يصعد في الجوِّ إلى ارتفاع 20-30 كيلومترِ وبتأثير الأشعة الفوق بنفسجية القوية من 185-200 نانوميتر يَقْصفُ الأوكسجين ويُتحوّل البعض مِنهُ إلى الأوزون وهذا الأوزون يكون طبقة في الجو وهى التي تحْجبُ جزء من الأشعة الفوق بنفسجية من أن تصل الأرض.  وإنتاج الأوزون في طبقات الجو العليا يعتمد على كمية الطاقة القادمة مِن الشمس. ففي أثناء قمة النشاطِ الشمسي يكون إنتاج الأوزون بنسبة أعظم من أثناء فترات الهدوء في دورة البقعة الشمسية وتكون طبقة الأوزون رقيقة إلى حد ما. وقد تم قياس الحد الأدنى في عام 1962 ليلا على الجانب المُظلم من الأرض ولوحظ أن طبقة الأوزون اختفت خلال بضعة ساعات ولكن يعاد بنائها ثانية عندما تَرتفعُ الشمس في الصباح كما انه ليس هناك أوزون على قطبي الأرض في الشتاء لعدم تواجد ضوء الشمس. أي انه يُنتَجُ بشكل ثابت في الجوِّ الأعلى طالما الشمس تشرق. ولان الأوزون أثقلُ مِن الهواء فانه يَبْدأُ بالهبوط نحو الأرض مقابلا في طريقه أي تلوث فيَندمج به ويتفاعل معه حيث انه مؤكسد قوى جدا وهذا هو نظام الطبيعة الرائع في التنظيف الذاتي. وعندما يقابل الأوزون أثناء سقوطه بخار الماءِ يُشكّلُ بيروكسيد الهيدروجين ِ O3+H2O=H2O2+O2
إستخداماته:
ويعتبر العلاج بالاوزون غير السام مسموحاً به في بعض الولايات الامريكية وفي الدول الاوروبية ويعتبر الكوبيون هم اول من استفاد من الاوزون في المعالجة لعدة سنوات . يستخدم الأوزون فى ايطاليا فى الطب الرياضى من اكثر من 10 سنوات فى اصابة الملاعب السريعة والأصابات المزمنة ايضا والتى لايستجيب لها العلاج التقليدى أو الادوية ويستخدم فى التنشيط حيث ان دخول الأوزون الى الجسم ينبة الجهاز المناعى ويزيد من نشاطة وبالتالى يزيد من الطاقة العضلية ويحمى الجسم من الألتهابات ويرفع من كفاءة وحيوية خلايا واعضاء الجسم حيث يزيد من نسبة الأكسجين المتاحة للخلايا كما ان الأوزون يقلل من الألم ويعمل على تهدئة الأعصاب مما يُشيع جواً من الراحة النفسية والبنية. كما يساعد على افراز كثير من الأنزيمات الهامة للجسم وبطريقة طبيعية وينشط خلايا الجسم بزيادة نسبة الأكسجين المتاحة لها عن طريق أكسدة المادة الغذائية كما يتفاعل مع الخلايا الفيروسية والبكتيرية بان يخترقها لان جدارها يحتوى على انزيمات خاصة موجودة فى الخلايا الطبيعية ويؤكسدها ويوقف فاعليتها.
والجدير بالذكر ان وحدة حجم من الأوزون وبتركيز 30%  ينطلق منها مئة وحدة حجم من غاز الاوكسجين عندما يتحلل وهو ايضاٌ يتحلل بالضوء و التسخين . وعلى سبيل المثال فإنه عندما نضع بيروكسيد الهيدروجين على جرح أو قطِع جلدي فإننا سنرى الفقاعات الكثيرة التي سوف تنتج كنتيجة للتفاعل وهذه الفقعات هي الاوكسجين .
كما يعمل الأوزون على تحسين وتنشيط الدورة الدموية في شرايين الجسم بتقليله لزوجة الدم والتخلص من الترسبات الدهنية على جدران الأوعية الدموية وزيادة نسبة الأكسجين في الدم‏‏ مما يعمل على تحسين التمثيل الغذائي للأوكسجين باطلاق بعض الانزيمات التي تزيد من استفادة الخلايا بالاكسجين الموفد بالهيموجلوبين‏.‏
ويوضح الدكتور طارق الطنبولي نائب رئيس الجمعية المصرية للعلاج بالأوزون والطب التكميلي الصورة قائلا‏:‏ إن الأوزون ليس عقارا دوائيا وإنما يستخدم لتحفيز الأجهزة المناعية واطلاقها داخل الجسم مما يفيد في حالة ضعف المناعة مثل انترلوكين ‏2‏  كما يعمل أيضا علي اعادة التوازن للجهاز المناعي في حالة الاختلالات المناعية مثل الروماتويد باطلاق مادة انترلوكين ‏10‏ التي تعمل علي تنظيم الجهاز المناعي. إضافة إلى أن الأوزون يُحسَّن من انتاج مادة الأنترفيرون الطبيعية بالجسم التي تعمل علي مقاومة الفيروسات‏ كما يعمل الأوزون علي تحسين وتنشيط الدورة الدموية في شرايين الجسم بتقليله لزوجة الدم والتخلص من الترسبات الدهنية على جدران الأوعية الدموية وزيادة نسبة الأكسجين في الدم وهو ما سوف يعمل على تحسين التمثيل الغذائي للأوكسجين باطلاق بعض الانزيمات التي تزيد من استفادة الخلايا بالاوكسجين الموفد بالهيموجلوبين‏.‏
يقول الدكتور شريف زلط استاذ مساعد علاج الآلام وخبير العلاج بالأوزون بكلية الطب جامعة المنوفية ان الجديد أيضا في الأوزون استخدامه لتحسين أداء الرياضيين وهو ليس دواء منشطا كالأدوية الممنوع على الرياضيين استخدامها وتجرمها الاتحادات الرياضية في العالم‏ فهو يعطي الانسان طاقة وحيوية ونشاطا‏. ‏
بدائل العلاج بالأوزون:
تُعتبر طريقة التنشيط الحديثة جدا بالأوزون هي تلك المسماة بحمامات الأوزون والتى تعالج حالات الأجهاد المصاحب للتمارين والمجهود العضلى لجميع الرياضيين وتزيد من كفاءة العضلات فى الجسم وتقلل احتمالات الأصابة بها بدرجة عالية جدا.
 
نصائح وردود الأفعال الطارئة:
* وينصح الخبراء العاملين في هذا المجال على أهمية الإنتباه إلى   وضعية النظام الغذائي للاعب قبل المباشرة في إستخدام الأوزون. ويُحدد هؤلاء الخبراء بأن إستخدام الأوزون أما أن يكون قبل تناول الوجبة الغذائية الرئيسية بساعةٍ واحدةٍ أو بعد تناولها بأربع ساعات حيث أن تفاعل الأوزون مع العناصر الغذائية يُمكن أن يتسبب في إضطرابات معوية وقلق فكري وعدم إستقرار ذهني بالكامل بسبب توجه تركيز اللاعب نحو المتغيرات الجسدية والأعراض الجانبية التي يمكن أن تعتريه عند المعالجة بالأوزون خلال الأوقات الغير صحيحة.
* كما لا يُنصح باستخدام الأوزون في حالة وجود عضو مزروع في الجسد لأن هذا العضو المزروع قد يتسبب برفض الجهاز المناعي للمعالجة.
* من الضروري إستخدام الماء المقطر فقط عند المعالجة بالأوزون وذلك كَون المياه العادية تحتوي على نسبة من الكلور في حين تحتوي المياه المعدنية على نسب من المواد الكيمياوية.
* إن هذا البيروكسيد هو ماء الاوزون الذى يحتوى فقط على جزيئات ماء وذرّات من الأوكسجين الإضافية. وعندما يتصل بالفيروس او البكتريا او اى دخيل يُسبّب الأمراض المختلفة. إن ذرة الاوكسيجين الذائدة تقوم بقْتل الجراثيم بالأكسدة والتى تؤكسد ايضا السموم الموجودة فى الجسم وكنتيجة طبيعية لتخلص الجسم هذه من السموم والجراثيم يحدث ما يسمى "بأزمة الُشفاء" والتي يُمكن أن تتسبب في حدوث المضاعفات التالية:
تهيج جلد , إعياء ، إسهال، برودة، اعراض تشبه الانفلونزا, ظهور بعض البثور, تهيج فى الاذن وهذه عمليات تَطهير طبيعية حيث تتراوح فترة بقاء هذه الأعراض من ثلاثة إلى خمسة ايام.
* من الخطر استنشاق غاز الأوزون لأنه يسبب تهيج فى الشعب الهوائية وأيضا من الخطأ الفادح الحقن المباشر لغاز الأوزون فى الوريد لذلك يجب ان يكون العلاج بالأوزون تحت اشراف طبيب متخصص هو الذى يعطى الجرعة المناسبة بالطريقة المناسبة والسليمة.
* إن المدرسة الطبية الجماعية الوحيدة فى العالم التى تعطى شهادة تخصص الأوزون هى جامعة بافيا ونابولى بايطاليا وهي الوحيدة المسؤولة عن منح إجازة ممارسة المهنة .
 
قبل البدء بالمعالجة بالأوزون الطبي

* يجب إخبار طبيبك عن التحسس إن وجد و أية أدوية أو حمية تتناولها و الأمراض الوراثية والشكوى بالتفصيل

* يجب معرفة أن درجة الأمان في المعالجة بالأوزون الطبي هي عالية جدا فتؤكد دراسة علمية ألمانية صدرت عام 1986 قام بها العالم Jacobs ضمت 384775 مريضا تلقوا جميعا ما يزيد عن خمسة ملايين جلسة علاجية كانت نسبة المضاعفات لا تزيد عن 7 لكل مئة ألف مريض وهي نسبة لا تذكر مقارنة بكل الوسائل العلاجية المعروفة ولا يوجد أية تداخل دوائي بين الأوزون والأدوية الأخرى فهو يعتبر أأمن علاج طبي على الإطلاق

* يجب معرفة أن جرعة الأوزون وطرق تطبيقها تعتمد على نوع المرض وحالة المريض و يعطى الأوزون على شكل جلسات علاجية تكرر وفق جدول زمني مدروس .

* ويجب معرفة أن فعالية المعالجة بالأوزون الطبي لكثير من الحالات المرضية أمكن السيطرة عليها والشفاء منها وهذا مؤكد عبر دراسات متخصصة أكاديمية علمية قامت بالتعاون مع الجمعيات الطبية لتطبيق الأوزون في الوقاية والعلاج المنتشرة في العالم وكذلك يجب ان نعرف ان نجاح المعالجة بالأوزون تعتمد على الحالة العامة للمريض ومدى المثابرة على العلاج وإتباع الجدول الزمني لجلسات المعالجة وكذلك فان هذه المعالجة لا تعني أن نستبعد المعالجات التقليدية وبجدول الاستطباب نجد نسبة فعالية المعالجة بالأوزون في شفاء الأمراض
 
نتائج البحث
ويبدو الآن ومن خلال شرح ما تقدّم لكل ما له من علاقة بالأوزون وأيضاً من خلال ربط العلاقة بين ىثاره الجانبية المحتملة وبين أداء منتخبنا الوطني في مباراته المريرة أمام قَطَر أنه كانت هنالك ترتيبات غير طبية وغير سليمة لتوقيت إستخدامه من ناحية أو أن لاعبينا لم يكونوا أساساً في حاجة اليه بسبب تمتعهم بالمستوى المقبول والجيد من الإرتياح العضلي العلمي والذي تفرضه فترة الراحة الطويلة نسبياً بين مباراة وأخرى. كما أن تعوّد أكثر لاعبي المنتخب الوطني على الأجواء الخليجية, بسبب أن جلّهم من المحترفين هناك, لا يُعطي السبب لإستخدام الأوزون في سبيل معالجة التوازن الأوكسجيني لديهم. إن محاولة تطبيق ما حصل لمنتخبنا الوطني مع قصة الأوزون على الفترة الزمنية التي كانت تفصل بين مباراة وأخرى في بطولة أمم أوربا الأخيرة وأيضاً مستوى الإجهاد الذي كانت تتعرّض له الفرق كان لابد وأن يُعطي الفرق الأوربية دافعاً أقوى لاستخدامه وهم الأكثر ثقافة ودراية وعلمية عما نحن عليه.
إن اعتراف الطبيب العراقي الذي نصح منتخبنا بمادة الأوزون من أنه لم يسبق له وأن أختبر (بضاعته) على رياضيين من قبل يدلّ دلالة واضحة على جهله التام بتأريخ ومصادر إستخدام الأوزون. وهذا يعني أنه لم يأتينا بجديد قياساً بالدراسة المقدمة الآن والتي استوحيناها من مصادر متعددة ولكنها تعني من وجهة نظر أخرى الجهل العلمي والثقافي الذي عليه مدير المنتخب الوطني والذي من المفترض أن لا يعمل حارساً لأبواب الملعب, يطرد هذا ويسمح لذاك, قدر عمله على تدارك مثل هذه النوايا خصوصاً وأنه كان يمتلك تخويلاً صريحاً, حسب ما ذكرت المصادر, من رئاسة الاتحاد بعدم تعريض اللاعبين لأي نشاطٍ مشبوه. إن الفقرة الأخيرة في نتائج البحث تذكر لنا أن ايطاليا هي الوحيدة المخوّلة بمنح إجازة غستخدام هذا النوع من العلاج. فهل كان الطبيب العراقي حاملاً لإجازة العلاج بالأوزون.
 
مصادر البحث:
•   الدكتورة مها عسل. دراسة متكاملة في المفهوم والاستخدام
•   الدكتور طارق الطنبولي.   مداخلة مقروءة
•   الدكتور محمد نبيل. مداخلة مقروءة
•   الدكتور أيمن فاخر. مركز الأوزون في أيطاليا
•   مجموعة من البحوث المتخصصة والمنشورة على الشبكة العنكبوتية
•   مجموعة من الدراسات لمعهد الأوزون السويدي. ستوكهولم
•   المجلة البريطانية المتخصصة بأبحاث الأوزون. لندن


62
محمد خلف و(الهايد بارك) بعد حِرمان أفضل لاعبي الوسط
علي الحسناوي

ولازال التحقيق مستمرّاً .. ولكن مع مَنْ؟ هذا هو السؤال. المدرب قال قولته بكلَّ مهنيةٍ وشرف بعد أن جاء بقدميهِ وأعترََف. رِجال الاتحاد لن يقولوا كلمتهم إلا في الإجتماع الصيفي المقبل مع إطلالة شهر الحِراب والخراب, تموز العظيم,  وتحديداً في عاصمة العراق الصيفية أربيل. الجمهور العراقي يكتوي بنارين أولهما نار الخسارة والتي لا تنفع معها كل عربات إطفاء (نوع فيفا) السويسرية وثانيهما نار الصيف التي لا تنفع معها تقوية تيار المحبة والتضامن. ومن هنا جاء طموح برنامج (هايد بارك) غير متناغماً مع جَمال وانفتاح حدائق الهايد بارك اللندنية الشهيرة. فلا تهليل البرامج التلفزيونية يُمكن ان تُعيد لنا حقنا الضائع ولا تطبيل الإعلام قادر أن يزيل الموانع. فسباقات المئة متر والتي كان منافسنا فيها البرازيلي القَطَري ايمرسون قد تحوّلت, وبقدرة قادر, إلى سباق ماراثوني لا أول له ولا آخر. ومن هنا ضاعت فرصة الفوز بالثواني العشرة لكي تتحول إلى لا فوز حتى لو دارت قضيتنا مع ايمرسون لأعوامٍ طوال. الحوار التلفزيوني الذي انتظرناه طويلاً والذي قام عليه وأداره  الكابتن محمد خلف لم يكن, وللأسف, بمستوى التوقعات. بل استطيع القول أنه كان نسخة مكررة لتوقعات الشارع الكروي العراقي. قُلْ لي من الضيف أقول لك ماذا سيقول. ولكنه وعلى الرغم من عدم جدواه بعد  إنشغال الكابتن حسين سعيد بما هو أهم وعدم توافق وقت البرنامج مع توقيت جداول رحلته وأيضا بعد أن لم  يتمكن الكابتن حمد من التواجد الفعلي والحقيقي الذي كان يُمكن أن يُعطي لبرنامج (هايد بارك) طعماً آخر ومذاقً أحلى قد يُزيل البعض من مرارة الواقع الكروي العراقي الآن. قد تمكّن من إلقاء بقعة صغيرة من النور على ظلام الأحداث المتسارعة والتي لم يعُد القلب العراقي قادراً على  تحمّل خفقانها. وجُلَّ ما فعله البرنامج أنه قدّم لنا رؤية جديدة عن الكابتن رعد حمودي  بطلّته التي اشتقنا اليها  وبلسانه الذي أضحى أكثر خبرة ودراية بكيفية صريف الأمور وتحويل الحزن والتشاؤم إلى تفاؤلٍ وحبور. ومن الحسنات الأخرى التي جاء بها البرنامج هو إثباته لمنطوق نظرية أن لاعداوة مستديمة وأن نظرية الأخوة الأعداء لم تعُد تتماشى وسياسة الجمع بين المنصب الرياضي والطموح السياسي.
وبقي الدكتور المنشيء, الذي شرّفني بتصدير أحد مؤلفاتي, هادئاً ملتزماً باللوائح والقوانين التي تفرضها طبيعة المرحلة الحالية محافظاً على حجمه التأريخي وثقله الإعلامي فيما إكتفى الكابتن محمد خلف بمحاولة قيادة دفة البرنامج نحو بر الأمان, وذلك من خلال التوفيق بين هذا وذاك بعد أن إفتقد لتواجد العناصر الاساسية بضياع فرصة محاورة أثنين من أهم مفاتيح (خط وسط البرنامج), وهي بالتأكيد مسؤوليته الشرعية النابعة من حِس إعلامي لا غُبار عليه. وكان بودي, وربما يكون هذا رأي الشارع الكروي العراقي أيظاً, لو تواجدت الأطراف الأخرى التي تمثّل وجهات نظر مختلفة ومتقاطعة مع المؤسسة الكروية العراقية. أنا لا أميل أن يتحول البرنامج المهذب بكوادره الخلوقة إلى نسخة من البرنامج القَطَري الاتجاه المعاكس ولكنني كنت أتوخى أن يكون لتواجد نخبة من مثقفي وأكاديميي الكرة العراقية, ومن الذين لا تربطهم مصلحة حقيقية بهذا أو ذاك, على مقاعد أستوديو حقيقي يتقبّل مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر. ألسنا أمام قضية وطن ومصلحة شعب؟. وربما تكون هذه فكرة الكابتن محمد القادمة والذي سدّد فاصاب العارضة هذه المرة وعلينا بالإنفرادة القادمة.
 


63
نحن ومنتخبنا الوطني بين الإرهاب الفكري والأرهاب الكروي
علي الحسناوي. أكاديمي في كرة القدم. السويد

مرةً , ومن خلال إحدى اللقاءات الفضائية الرياضية, حاولت التخفيف من وقع كلمة الدكتاتور وذلك في حالة المقارنة بين اساليب عمل بعض المدربين. وعلى الرغم من تخوّف الكثير من اللاعبين من شخصية المدرب الموصوف بالدكتاتور إلا أن ذلك لا يعني أن هذا المدرب بالتحديد قد يعكس واقع الدكتاتورية السياسية والفكرية على لاعبيه وإنما قد تكون الكلمة قد أُلصِقَت بكل مدرب يهوى التنظيم والصرامة في العمل. ومن هنا وعِبرَ الأعوام العِجاف أضحى العراقي يخاف الكلمة قبل أن يبتدأ الفعل.
ويتخذ الإرهاب, كمصطلح فكري تخريبي, العديد من الأشكال والأوصاف التي يمكن أن تعمل على تحقيق نفس الهدف, الإرهابي, ولكن وفقاً لوسائل متعددة. وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الضغوطات المالية التي تعرّض لها المنتخب السويدي وقبل إنطلاق موقعته المصيرية أمام المنتخب الروسي للمنافسة على بطاقة الدور القادم من يورو 2008 وتحديداً من أحد المليارديرات الروس, يُعتبر إرهاب بحد ذاته كونه محاولة  رخيصة لشراء ذمم اللاعبين وبالتالي سرقة وطنيتهم على حساب تخريب طموحات بلد مزدهر وترهيب شعب آمن.
ووفقاً لهذه القياسات,على المستوى الأوربي,  فإنه لابد وأن تكون هنالك أيضاً بعض الضغوطات, المرئية والغير مرئية والمباشرة والغير مباشرة, قد وقعت على لاعبي منتخبنا الوطني والتي لابد وأن تكون قد اتخذت أشكالاً متعددة  إتسم البعض منها بالفردية في حين جاء البعض الآخر على شكلٍ جماعي.
لا يُعقل ووفقاً لسجلات الإتحاد الدولي لكرة القدم والمسؤول عن نوعية وقدرات الحكّام, أن يكون الحكم الدولي الكويتي سعد كميل مصاباً وغير قادراً بالمرة على قيادة مباراة مباراتنا المصيرية أمام المنتخب القطري المتعدد الجنسيات. هذه الإصابة التي أتت بفعل خطأ في طريقة أداء الوحدة التدريبية وقبل يوم أو ساعات من إعلانه حكمأ لهذه المباراة. المنطق لا يقبل إصابة حكم دولي عارف بكل مفردات تسلسل الإحماء العادي والطبيعي للحكام والذي عادة ما يتألف من هرولة إحماء خفيفة يليها مطاولة من خلال العدو حول الملعب لتكون الإنطلاقات بسرعٍ مختلفة خاتمة المطاف.
الإرهاب الأمّر والمصيبة الأكبر والتي ترتبت على هذه الإصابة, الغير مؤكدة, هي وقوع إختيار لجنة الحكام الدولية على الإماراتي الحكم علي حمد, لاعب نادي حتا سابقاً والرائد في شرطة دبي لاحقاً, على قيادة هذه المباراة. ولابد لأسم علي حمد هذا أن يُثير الكثير من الشكوك في الشارع الكروي العراقي كونه وقف على واحدة من أكبر فضائح الكرة العراقية الخليجية حينما تسبب, ليس بمفرده, في إبعاد المنتخب الوطني العراقي من بطولة الخليج أثر إحتسابه ضربة جزاء ضد حامي عريننا الكابتن نور صبري والذي, أي نور العراق هذا, لم يمس حتى رباط حذاء اللاعب ياسر القحطاني المُلقّب (بوخة كأس آسيا فيما بعد) لتتسبب ضربة الجزاء اللعينة هذه, وعوامل أخرى, في إقصائنا من البطولة المذكورة. هذا القرار الغير سليم والذي أثار سخرية المختصين السعوديين الأماراتيين قبل العراقيين يُعتبر إرهاب بحد ذاته ولكن من النوع الكروي. هذا التغيير الغير منطقي والغير واقعي يدفعنا إلى التفكيرمليّاً بواقع علاقاتنا الكروية وسياساتنا الرياضية التي بدأت تتعرّض من وقتٍ إلى آخر إلى نوعين من الأرهاب أحدهما داخلي (ستظهر نتائجه فيما بعد) وآخر خارجي بدأنا بتلمس وتحسس نتائجه خلال هذه المرحلة بالذات والتي تسبق موعد مباراتنا المصيرية أمام المنتخب القَطَري. ومن المؤكد أن هذا التغيير الإرهابي في حكم المباراة مقصده التاثير على نفسية لاعبينا والعمل على تغيير توازنهم الذهني من خلال الإنتقال بهذا التوازن من التركيز على الأداء الخططي الخاص بالمباراة إلى التفكير بالتأثيرات التي سيتعمد الحكم الأماراتي علي حمد إحداثها لغايةٍ في نفس يعقوب. وإنطلاقاً من الإرهاب العسكري الذي يحصد الأرواح من عراقيينا كل يوم ومروراً بالإرهاب الفكري الذي ينخر بدوده مواقعنا الألكترونية وحتى الإرهاب الكروي الذي يريد أن يجعل منتخبنا الوطني في حالةٍ من اللاوعي فإننا نرى من الجانب الآخر صمتاً مطلق وأبواباً تُغلَق واشرعةً ما تكاد تُبحر حتى تغرَق. فلا من معينٍ لنا ولا نصير ولا من مُدّبرٍ أو مدير وكأننا وأفراد منتخبنا الوطني في وادٍ وأصحاب القرار في وادٍ آخر. أن كل هذه الهجمات المنتظمة والمتسلسلة التي يتعرّض لها شعب بأكمله, ومن خلال ضرب أنشطته الفكرية والرياضية, لن تزيدنا إلا إصرار على الكتابة والبحث ونشر الحقائق حتى تقودنا المعرفة بنورها عِبرَ أنفاق الظلام. كما أنها الصوت الأقوى الذي سيزيد زئير اسود الرافدين قوة وهي تقاتل كي تتخطى بنا عبر موقعة ليل الخليج إلى نهارٍ عراقيٍ بهيج. الله معنا.

64
الموسوعة الحسناوية لأفضل لاعب البطولة الأوربية (ح3) خط الوسط
علي الحسناوي ـ محاضر وأكاديمي في كرة القدم ـ ستوكهولم

تتناول الحلقة الثالثة من حلقات الموسوعة الخاصة بالبطولة الاوربية (يورو 2008) أهم خطوط لعبة كرة القدم والمتعلقة بما يُمكن أن يُطلق عليه بمحركات المباراة التي لا تهدا طوال دقائق المبارايات ألا وهم خطوط الوسط. لا بد للاعب الوسط أن يتمتع بقدرات لياقية ومهارية عالية كي يتمكن من ربط خطوط الفريق ببعضها البعض. كما أنه لا بد له أن يكون ذو حس تهديفي عالي من حيث القدرة على التسديد من خارج منطقة الجزاء وأيضاً قدرته على مشاهدة المرمى.
وفي التوصيف الآتي نتناول أهم أفضل عشرة من لاعبي خط الوسط في البطولة الأوربية:
1 ـ اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو. أحد الشياطين الحمر في نادي مانجستر يونايتد العريق ومِن اللاعبين الذين ساهموا بشكلٍ كبير في حصدهم للبطولات. يقول عنه الإعلام الرياضي: ببساطة هو أفضل لاعب في العالم. من صفاته الغير محببة عدم قدرته على إحتواء الإحتكاك المشروع الأمر الذي يدفع به إلى التشكي والإعتراض المتكرر. نضج كثيرا كلاعب خلال الأعوام التي مرت بعد أولمبياد اثينا.
2 ـ اللاعب الإسباني سيسيك فابريكاز. الساحر الصغير والقادر على أن يُلقي بجمالية فنه الكروي في قلب أي مشاهد وخلال لحظات من الأداء المهاري الجميل. يلعب بموسيقية عالية, هو ما أكسب نادي أرسنال الأنكليزي الذي يلعب فابريكاز في صفوفه, جمالية الأداء التي تتفوق على عنف الإنكليز.
3 ـ اللاعب الألماني ميشيل بالاك. لاعب في وطن أو وطن في لاعب. غيور إلى حد البكاء الطفولي بعد كل خسارة لوطنه. لازال يحمل أحزان المونديال الألماني العالمي في قلبه. القيادة بمفهومها الحديث هي واحدة من أهم صفاته داخل الملعب. تخاصم الإعلام الألماني حول العديد من اللاعبين الألمان لكنهم إجتمعوا على حقيقة أن بالاك هو من يحمل ألمانيا على كتفيه. مرشح ساخن لرفع كأس البطولة من خلال تحدي ثأر عدم الفوز بالمونديال العالمي وسقوط ناديه جلسي أمام المانجستر يونايتد.
4 ـ اللاعب الإيطالي أندريا بيرلو. إذا أردنا أن نضرب مثلاً لأهمية إتقان المناولة لدى لاعب الوسط فليس أمامنا إلا أن نعرض تسجيلات بيرلو كونه أفضل من يحسنها. يلعب لنادي ميلان الإيطالي مما سوف يكسبه تفاهم أكبر في ربط خطوط اللعب حينما سينافس على لقب أفضل لاعب خط وسط في البطولة الأوربية.
5 ـ اللاعب الفرنسي فرانك ليبيري. حينما أحترف في نادي بايرن منشن لم يأخذ معه سوى إسم زيدان وهكذا يراه الجميع على أنه أفضل وارث لعرش زيدان الكروي وهو نفس السبب الذي زاد من شعبيته وأكسبه نجومية مضاعفة.
6 ـ اللاعب الهولندي ويسلي سسنيجدر. حينما تسلّم رقم بيكهام, بعد رحيله, في نادي ريال مدريد فإنه لم يرتدي القميص ذو الرقم الإنكليزي فحسب وإنما إكتسب كل إنكليزية اللاعب بيكهام بعد ذلك. فهل هو سحر القميص أم سحر الرقم؟ وهل سيعود ويسلي إلى برتقالية اللون الهولندي حينما يلعب لبلده أم سيبقى سحر الإنكليز في جسده؟.
7 ـ اللاعب البرتغالي ديكو.  حينما نتحدث بمصطلحات كرة القدم العلمية لنقول (صانع ألعاب) فنحن نقصد, وربما دون أن ندري, إنما نحن نتحدث عن ديكو لأنه وببساطة شديدة صانع ألعاب من مستوى المونديال على الرغم من كونه يتفنن في منطقة وسط نادي برشلونه.
8 ـ اللاعب الإسباني خافي. زميل ديكو ومرافقه الأفضل في خط وسط نادي برشلونه إلا أنه يتميز عن بقية لاعبي الوسط في العالم بقدراته الرائعة على الجري مع الكرة ونادراً ما يُخطأ عنوان المناولة.
9 ـ اللاعب السويدي فريدريك ليونغبري. أحد اللاعبين الذين ألقت بهم نجوميتهم بأحضان شركات الإعلان المتخصصة بالملابس الرجالية مستفيدين من قياسات جسمه الرياضية وشهرته في أوربا ومملكة السويد. هاديء الطباع إجتماعي ومتواضع إلا أن ذلك لا يعنيه في شيء حينما يدافع عن ألوان الكرة الإنكليزية في نادي ويست هام. أحد مفاتيح اللعب الأساسية في منتخب لاغربك السويدي بعد زلاتان.
10 ـ اللاعب الألماني تورستين فرينجز. لو قابلته في الطريق فلا يمكن أن توصفه بلاعب كرة قدم من مستوى النجوم بل سيتصور لك أول وهلة أنه من نجوم موسيقى الروك العالميين. يلعب لنادي فيردر بريمن الألماني وهو ما يُكسبه تفاهم وتجانس أفضل في منتخب بلاده. لو تحدثنا عن نوعية لاعب الوسط من حيث التكليف بالواجبات الدفاعية والهجومية فإنه لا يمكن لنا إلا أن نعتبر فرينجز أفضل لاعب وسط قادر على أداء المهمات الدفاعية. 



الموسوعة الحسناوية لأفضل لاعبي البطولة الأوربية (ح4) خط الهجوم
علي الحسناوي ـ محاضر وأكاديمي في كرة القدم ـ ستوكهولم

على الرغم من الإنحسار الجزئي لدور اللاعب المهاجم في تسجيل الأهداف وبالتالي تفوق لاعبط الوسط في أداء هذه المهة إلا أن ذلك يأتي وفقاً لمتطلبات خطة اللعب والتي قد تنحصر أحياناً بدور لاعب الهجوم في المشاغلة وخلق الفراغات والمساحات المكانية لدخول لاعب الوسط.
ولكن هذا الأمر لا يمنع من تفوق المهاجمين في الأداء وبالتالي إضفاء النهايات السعيدة للعبة من خلال تسجيل الأهداف وصنع الفوز. وفي الجزء الرابع والأخير من هذه الموسوعة ستنتناول وبشكلٍ موجز أهم مواصفات البعض من لاعبي خط الهجوم في البطولة الأوربية القادمة.
1 ـ اللاعب الإسباني فرناندو توريس. لاعب نادي ليفربول الإنكليزي إلا أنه يلعب بالنكهة الكروية الإسبانية من حيث  مستوى التكنيك ( المهارة). يتميز بالسرع العالية مع أو بدون الكرة كما أنه قادر على التسديد وبشكلٍ محكم من جميع الزوايا والمسافات. يُمكن إعتبار توريس على أنه المهاجم الذي تتكامل فيه كافة مواصفات متطلبات الهجوم.
2 ـ اللاعب السويدي زلاتان ابراهيموفتش.  شلاتان في السويد وإيبرا في ايطاليا, تعددت الألقاب والمهاجم واحد, إنحداره الطبقي وترعرعه في أعنف مناطق المهاجرين في السويد أكسبته رجولة مبكرة. لا تخاف الخصوم قدميه وقدرته على محاورة الكرة قدر خوفهم من طوله الفارع الذي أعطاه أفضلية في التسجيل عن طريق الرأس. يلعب لنادي إينتر الإيطالي وأحد أعمدته الأساسية. إذا قال زلاتان قالت السويد. زعله السابق على مدربيه في المنتخب السويدي وصل إلى نهايات سعيدة.
3 ـ اللاعب الفرنسي تيري هينري. أحد نجوم نادي برشلونه والذي بدأ زمن لعبه يضيق خلال الفترة الماضية. ما خسر من راهن على دخوله ولو لدقائق. لاعب فذ من حيث قدرته على إصابة المرمى من أي مكان وفي اية لحظة. سرعته العالية تسببت في الكثير من حصول فريقه على الركلات الثابتة وبذل فهو سيف ذو حدين.
4 ـ اللاعب الهولندي رود فان نيستلروي. تعاونه مُثمر ومشاغلاته تُثمر. لاعب من طرازٍ خاص كونه الوحيد الذي حصل, وحسب رأي النقاد والمختصين, على لقب ماكنة الأهداف. كما يتميز رود بنشاطه الذي لا يهدأ إلى أن تضع صافرة الحكم نهاية لتحركاته. بحق أفضل مهاجم نشِط في المنتخب الهولدي ونادي ريالمدريد.
5 ـ اللاعبالإسباني دافيد فيلا. لاعب نادي فالينسيا. صغير بحجمه كبير بأفعاله. أحد المرتكزات الأساسية لبناء الهجمات الإسبانية. ببساطة لا يمكن الحديث عن حسم المباراة إلا إذا كان فيلا معنا.
6 ـ اللاعب الإيطالي لوكا توني. مهاجم نادي بايرن منشن. هداف بطريقة ماكرة فهو من أفضل من يسرقون تسجيل الأهداف دون إنتظار من أحد. تجتمع فيه صفتي المهاجم والهداف في آن واحد إذ ليس كل مهاجم هداف ولا كل هداف مهاجم. من المتوقع أن يُسجل لإيطاليا أهدافاً بمجهود فردي وأداء ذاتي.
7 ـ اللاعب الألماني ميروسلاف كلوس. مهاجم نادي بايرن منشن الألماني. مهاجم ثابت على مؤشرٍ واحد إذ نادراً ما تتخلخل قياساته ومواصفاته. المهاجم الوحيد الذي ينافس لاعب غاب عنا منذ زمنس ليس بالبعيد إلا أنه عاد إلينا بمنصب رئيس الكرة الأوربية. كلوس وبلاتيني في صراع محموم حتى اليوم. فهل يكون كلوس أفض هداف أوربي بعد بلاتيني؟.
8 ـ اللاعب الروماني أدريان موتو. لاعب نادي فيورنتينا وأحد صنّاع الدخول إلى البطولة الأوربية. يجبرنا على الحديث عن المواصفات الغير مرغوبة في اللاعب المهاجم فهو فوضوي ومشاكس إلى درجة أنه لايبالي لأحد. ولكنه يتمتع بموهبة أجبرت مدربيه على إحترام هذا الجانب فيه وإستدعاءه للمنتخب.
9 ـ اللاعب السويسري أليكساندر فري. المهاجم الوحيد الذي يمكن أن يُطلق عليه باللاعب النجم في سويسرا وقد يكون الوحيد المرغوب دولياً أيضاً. نجوميته هذه هي التي تميّزه عن بقية لاعبي المنتخب الوطني السويسري إذ لم يُشرق منهم غيره في سماء الإحتراف والنجومية.
19 ـ اللاعب السويدي هينرك لارشون.  أن يعود أو لا يعود! هذا هو السؤال الذي شغل البطولة وحيّر مدافعيها. ولكنه عاد بعد دراسة عائلية مستفيضة. وعودته هذه هي الوحيدة التي إحتلّت مساحات واسعة من الإعلام الرياضي الأوربي. رمح المنتخب الوطني السويدي إذا كان زلاتان سيفه. فهل يتمكن المهاجم العجوز لارشون من التفوق على دفاعات الشباب؟.
النتائج: كان بودي إجراء مسح إحصائي لعدد النجوم ـ المركز مقارنة بكل دولة كي نتعرّف على أحقية الإهتمام الدولي بهم وبالتالي توقع نتائج الأداء الخاص بكل دولة. ولكني آثرت أن يقوم المتتبع الكريم لهذا الأمر لأسبابٍ عديدة يأتي في مقدمتها المراجعة العامة والتذكّر وأيضاً من أجل تنمية قدرات التحليل الكروي لديه. هذا الأستقراء البسيط قد يقودنا إلى الحديث عن المقارنة بين ما هو عليه اللاعب الآن, وطبقاً لما أوردناه عنه, وبين ما سيكون عليه وهو ما سيكسب متابعة ومشاهدة البطول مذاق آخر ربما لم نتحسسه من قبل. نراكم في حلقات عن مونديال كأس العالم ان شاء الله.               

65
للاسف .. القَطَريون يريدونها حرب بمنتخبهم المتعدد الجنسيات
علي الحسناوي. أكاديمي في كرة القدم

دعونا نعبر بقارب اللقاء العراقي القَطَري نحو شواطيء أخرى. شواطيء لا تعوم على مياهها كل نظريات التكتيك في كرة القدم ولا تتحدد رمالها بكل التطور المهاري الذي عليه منتخبنا. وعلى الرغم من أن جُلّ ما يخشاه اللاعب هو اسم الحكم الذي سيقود اللقاء وخصوصاً لقاءات الحياة والموت أو صراع أن تكون أو لاتكون إلا أن الحكم الكويتي سواء كان هو أو غيره من سيقود المباراة لابد له من أن يتجاوز على ذاته ويعبر بشرف مهنته على جسور الإغراءات القَطَرية التي ستحاول أن تحتك به بشكلٍ مباشر أو غير مباشر..
ولكن هنالك قواعد اساسية لكل عمل تتمحور عادة على مساحات الأمان النفسي والأمن الذهني والإجتماعي الذي عليه اللاعب المشترك في مثل هذا النوع من المنافسة. إن أفضل ما يمكن أن يُقال على المدرب التركي المشارك في نهائيات أمم أوربا الجارية وقائعها الآن, على سبيل المثال لا الحصر, أنه القائد الوحيد القادر على نقل إحساسه وحماسه إلى لاعبيه كي يحوّل تأخرهم إلى تقدم.فهذا القائد لايؤمن كثيرا بأهمية تغيير المتطلبات الخططية اثناء المباراة ولكنه يؤمن أن هنالك شيئاً ما في لاعبيه لا يعرفه إلا هو ولا يراه إلا بعينه الثالثة. وكنت قد كتبت في مراحل سابقة عن العوامل التي وقفت وراء التألق التركي, الصيني, والكوري في نهائيات كأس العالم. ألا لا أفضل من حصن الوطنية ولا أوفى من سور الوطن. وما يدوّنه الحاضر من وقائع يحفظه التأريخ في خزانتين لا ثالث لهما وهما قطعاً على طرفي نقيض. وإلا لماذا لازلنا نتحدث عن الاسماء التي طرزت ذاكرتنا بالذهب وأخرى قتلتنا قهراً واشبعتنا تعب.
أربعة ايام تفصلنا عن موقعة الحسم القَطَرية العراقية على ارضٍ خليجيةٍ وأمام منتخبٍ خليجي وقد تكون تحت قيادة حكم خليجي وجمهور يُراد له أن يكون خليجياً إن لم يتأخلج حتى يوم الأحد القادم.
أنا أعي تماماً أن حمد لا تعلو على كلمته كلمة وخصوصاً حينما تحين لحظة الحسم ولكن المنطق يقول أن قائد الأسود سوف لن تنفعه الايام الأربعة في سبيل تحقيق طفرة نوعية في لياقة ومهارية وخططية منتخبنا الوطني بل على العكس تماماً, وهو مايراه حمد, كما أراه أنا من أن منتخبنا الوطني في أمسّ الحاجة الآن وقبل أي وقت مضى إلى الإسترخاء الحر والتركيز الذهني ودراسة المفردات القَطَرية بعينٍ لا تعلو على حاجب. وهذا يعني أن أهم ما يجب الحذر منه خلال هذه الايام الأربعة القادمة هو ذلك العصف الإعلامي الذي ستحاول الماكنة الأعلامية القَطَرية خصوصاً والخليجية عموماً, من المرتزقة العرب,  من خلاله على قلع جذور ثقة اللاعب العراقي بنفسه وبقدراته ولكن بوطنيته وأنتمائه قبلاً. إن إرسال رسالة غير معنونة وغير واضحة وعبر شفرات غبية الترقيم مفادها قيام إمبراطورية قَطَر باحتضان لاعبينا وعدم التخلي عنهم حتى في حالة عدم تأهلهم للدور القادم (عدم تأهلهم هو التعبير المؤدب لخسارتهم), لهي حرب إعلامية مفتوحة المدى وعبر كافة الجهات. ولعلّ المقولة التي طلع علينا فيها احد المرتزقة اللبنانيين من الأعلاميين المأجورين والتي كتبها في الصحافة القطرية الصادرة هذا اليوم , مخاطباً المنتخب العنّابي الذي عصره الكنغر الأسترالي عصراً ( العدو من أمامكم والبحر من ورائكم) وكأنه يقف على الحد الفاصل بين حالتي الموت والحياة التي إرتكن إليها شعبه اللبناني قبل ايام. هذه الأصوات الإعلامية العربية التي تدافع عن الحق القَطَري في التأهل على حساب العراق ما هي, في حقيقة الأمر, إلا أرهاب من نوعٍ آخر ولكنه ليس من النوع الطويل كما أنه ليس من نوع العبوات والمفخخات التي تنفجر بالأفراد فتقتل هذا وتجرح ذاك ولكنه أرهاب يستهدف طعن العراق في القلب وإنه سموم تريد خنق الرئة الكروية العراقية فلا يبقى لنا من متنفس.
نحن ليس أمامنا من معركةٍ فاصلة ولاقتال ولا نريد أن نقتسم معهم البحر قبل الرمال ولكني أقول للاعبينا اينما وَجَدوا كلماتي هذه, ولّوا بوجوهكم وَجه جنوب أفريقيا ولا تسمعوا لهم غياً ولا تقرأوا لهم كلمة. لا تشاهدوا لهم فضائية ولا تصادقوا منهم أحد قبل أن تستعينوا بالواحد الأحد وتجعلوهم شذراً مذرا بلا عُدةٍ ولا عدد سواءً كانوا من أهل الدار أو مِمَنْ جائوهم من غير بلد لأنهم سيعدّوا لنا ما استطاعوا من رباط الخيل كي يرهبونا. تحصّنوا واهلكم وقادتكم خلال الايام الأربعة القادمة ثم أخرجوا لهم خِفافاً في موقعة التسعين دقيقة حينها فقط ينجلي الزيف عن الحقيقة. سلاحكم في عراقيتكم يوم لا تنفع قَطَر ولا هُم يتأخلجون. 

66
منتخبنا الوطني بين سرور الفوز وضمور الأداء
علي الحسناوي. أكاديمي في كرة القدم. السويد

على الرغم من اندحار التنين الصيني أمام أسود الرافدين في الموقعة الصينية العراقية المؤهلة للجولة الثانية من تصفيات كأس العالم. وعلى الرغم أيضاً من الخراب القّطّري الذي حَلَّ على غرور الكرة القطرية والذي جاء بفعل العواصف الأسترالية الثلاث والتي قدمت للعراق خدمة العمر على طبقٍ من ذهب, إلا أنه لابد لفرحة الفوز المزدوجة هذه أن لا تنسينا العديد من الملاحظات التي لا تتلائم قطعاً مع الألق الذي وصلت اليه الكرة العراقية وما هو مطلوب منها مستقبلاً, والتي رافقت أداء منتخبنا الوطني خلال هذه المباراة. فلا يمكن الآن ولأي إعلامي متخصص في كرة القدم أو محلل كروي, وبعد مشاهدتنا للمباراة من أن يضع الغربال على شمس حقيقة الأداء العراقي خلال هذه المباراة. فالمحصلة العامة تقول ان مستوى الأداء, وإن تحقق الفوز, جاء باهتاً ضعيفاً لم يرتقي خلال دقائقه التسعين إلى مستوى الطموح القادم والذي لا تنفع معه هذه البرودة والثقل الذي لازم لاعبينا خلال المرحلة الأخيرة وخصوصاً حينما نتأهل بعون الله إلى المرحلة المقبلة. لم يُقدم منتخبنا الوطني, بإستثناء مباراته التي خسرها امام استراليا بهدفٍ يتيم, أي مباراة يمكن ان تنتمي إلى ما يسمى بكرة القدم على مستوى تصفيات كأس العالم أو على الأقل على مستوى الدول التي تأمل بالتأهل إلى المرحلة المقبلة. يبدو جلياً الآن عقم الخطة العراقية التي تعتمد على المهاجم الواحد وذلك كون أن هذه الخطة تحتاج إلى لاعبين من نوع خاص وهم في أفضل الأحوال من لاعبي خط الوسط والقادرين على التقدم للأمام وإسناد المهاجم الواحد. وهذا يعني أن العودة مطلوبة إلى خطة التوازن 442 في مباراتنا القادمة والمصيرية أمام العنابي القطري. وعلى الرغم أيضا من بيان عدم جدوى مشاركة يونس محمود, المصاب أساسا, والذي تسبب في فقدان العراق لفرصة الاحتفاظ بالبديل بسبب خروجه خلال الدقائق العشر الأولى من عمر المباراة, وهي المرة الثانية التي يوقعنا فيها في هذا المطب (المحمودي), إلا أن البديل الناجح مهدي كريم بقي تائهاً وسط زخم المدافعين الصينيين على الرغم من جريان نهر الأداء العراقي بشكله الطبيعي والمعتاد سواء تواجد يونس محمود أو غاب عن التشكيلة الرئيسية وذلك كّون أن هذا اللاعب قد فقد الكثير من مميزات لاعب كرة القدم التي يمكن أن يُعتمد عليها خلال المرحلة القادمة وعلى كافة الأصعدة. ولعلّ من أول ما يمكن تسجيله خلال هذه المباراة هو ذلك المستوى الغير مطمئن الذي بان عليه حارسنا الدولي نور صبري والذي تسبب بدخول الهدف الأول نتيجة لاعتقاده بأن الكرة عادت من حالة إنقاذ وأيضاً حينما تحرك نحو اليسار ليختفي تماما وراء الجدار العراقي في الوقت الذي كان يتمتع بموقعٍ افضل قبل التسديد, ولم يكن نور موفقاً كعادته في حسم الكرات العالية والعرضية وهو ما كاد يتسبب بدخول هدفين آخرين للمنتخب الصيني لولا التدخل الذكي من اللاعبين هوار ملا محمد في الحالة الأولى واللاعب سعد عطية في الحالة الثانية وفي تغطية أكثر من رائعة. ولكن نور تمكن من جانب آخر من التصدي للكرة الخطرة التي كادت أن تدخل مرمانا لولا رد الفعل الرائع الذي كان عليه خلال تلك الحالة فقط والتي أنقذتنا من ورطة التعادل.
كان لاعبونا على مستوى عالٍ من البطء في كل من الحركة بدون كرة ومعها وهو ما لا يمكن أن ينفع ما نتطلع إليه خلال مباراتنا القادمة أمام المنتخب القطري الذي يتميز لاعبوه بالسرعة في الحركة ونقل الكرة. ونتيجة للحالة الهجومية التي أستيقظ عليها منتخبنا على أثر الهدف الصيني الأول تمكن نشأت وعماد وهوار وبمساندة كبيرة من لاعبي الوسط  من تحقيق بعض الضغط الذي أسفر عن تحويل كرة عرضية رائعة من اللاعب هوار إلى اللاعب عماد محمد الغير مراقب داخل منطقة جزاء الفريق الصيني والذي لم يتوانى في تسديدها برأسه (على الطائر) على يمين الحارس الصيني الذي لم تنفعه محاولته المستميتة في إبعاد الكرة.
ويبدو أن هذا الهدف قد أشعل النار في جليد الأداء العراقي الذي حاول أيضاً تسجيل هدف السبق من محاولات إختراق عقيمة لعدة مرات حتى حانت اللحظة التي أستلم فيها اللاعب نشأت أكرم كرة أعادها إليه صالح سدير على استقامة خط الجزاء ليقوم نشأت بخداع المدافع بالتظاهر بالتسديد ليجتازه ويسدد بالقدم اليمنى على يمين الحارس الصيني. وتمكن البديل هيثم كاظم من تحريك خط وسط المنتخب العراقي مع المحافظة على الاستقرار النسبي للمنطقة الدفاعية التي عجز المنتخب الصيني من اختراقها حتى أطلق الحكم صفارة نهاية المباراة ليحصد العراق نقاط المباراة الثلاث ولكنه لم يحصل على علامة الأداء الكامل. لا نريد ان نستبق الأحداث ولكننا نستطيع أن نسجل ووفقاً للمعطيات الحالية أن هنالك العديد من المنتخبات القوية قد وضعت قدمها فعلاً في قطار المرحلة المقبلة وهذه الفرق ليست بمستوى بعض الفرق التي تعادلنا معها أو فزنا عليها لأنها فرق قوية عُدةً وعددا وهي سوف لن تستلم لأقدارها بسهولة بل ستبقى تقاتل حتى الرمق الأخير. وهنا لابد لنا من التذكير, إن نفعت الذكرى, بأننا غدونا في أمس الحاجة إلى المدرب المختص في رفع اللياقة البدنية للاعبينا كي تتناسب ومتطلبات المرحلة المقبلة من حيث الأداء وتجاوز التعرّض أو تصنّع الإصابة على أن يتم تنفيذ هذا العمل وفقاً لخطة بينةٍ وواضحة للمدير الفني للمنتخب كي يتمكن هو الآخر من التلاعب بأدواته بشكلٍ علمي ومفيد. إن العراقي القادر على تجاوز الصعاب ومقارعة المستحيل في الخارج وتحقيق العديد من الإنجازات المحلية والأوربية لقادر أيصاً على تلبية نداء الوطن والعمل بكل علمية وصبر من أجل الإرتقاء بسمعة العراق. فهل يُعقل مثلاً أن يرتقي مدرب عراقي بلاعبيه الأوربيين إلى مصاف البطولات الأممية والدولية ولا يكون قادراً على العمل على رفع اللياقة البدنية للاعبينا؟. إسألوني كي أدلُّكُم. مبروك للاعبينا ولطاقمهم التدريبي ولشعبنا هذا الفوز الذي أعادنا إلى دائرة الكبار حتماً إذا عرفنا كيف نستفاد من الفوز الاسترالي على المنتخب القَطَري من الناحيتين الذهنية والخططية.



67
الموسوعة الحسناوية لأهم لاعبي البطولة الأوربية (ح2) خط الدفاع
علي الحسناوي ـ محاضر وأكاديمي في كرة القدم ـ ستوكهولم

كنا قد ذكرنا في مقدمة الحلقة الأولى من هذه الموسوعة بأننا سنقدم خلال الحلقة الثانية منها تحليلاً مقتضباً لأهم المواصفات التي يتمتع بها الخط الثاني من خطوط تنسيق لعبة كرة القدم والتي ستتعلق قطعاً بلاعبي خط الدفاع. وفي التسلسل الآتي نتطرق إلى أهم مواصفات مَن هُم أفضل لاعبي خط الدفاع في الدول الأوربية التي ستتصارع بشكلٍ حضاري من أجل الظفر بالكأس الأوربية لسنة 2008.
1 ـ المدافع الأسباني سيرجيو راموس. يلعب للنادي الملكي ريال مدريد وأحد أفضل من شغل هذا المركز من حيث تمتعه بأهم صفتين للاعب كرة القدم الذي يمكن أن يُطلق عليه بالمدافع وهما القدرات المهارية العالية المستوى المصحوبة بالأناقة والأداء المنظّم.
2 ـ المدافع الأيطالي فابيو كانافارو. رفيق سيرجيو في النادي الملكي, الريال, وتجمعهما حب اللعبة واللغة المشتركة بعض الشيء من حيث القدرة على التفاهم. ببساطة وحسب وصف النقاد فإنه يمكن إعتبار كانافارو أفضل مدافع في العالم خلال الوقت الحاضر. وربما سيكون الأفضل خلال البطولة.
3 ـ المدافع الفرنسي ويليام كالاس. في أتون الحرب الفرنسية الانكليزية قال أحدهم (هيهات ان أن تختلط قطرة دم من شهيد فرنسي مع أخرى من شهيد انكليزي) ولكن كرة القدم فوق الرغبات والميول. كالاس من افضل مدافعيي نادي أرسنال الأنكليزي. ولعلّ ما يميزه عن باقي المدافعين هي قدراته الخارقة على اللعب في كافة المراكزالدفاعية. إضافة إلى تفوقه في هذه المراكز حتى على المتخصصين انفسهم.
4 ـ المدافع البرتغالي ريكاردو كارفالهو. يؤكد الشارع الكروي البرتغالي على ان كارفالهو أفضل ما انجبته الملاعب البرتغالية خلال الوقت الحاضر, ولكن, يبقى كريستيانو رونالدو الأفضل دوماً. قدّم مستوًى رائعا في  ناديه وكان من عوامل وصولهم الى نهائي الكأس الأوربية للأندية في موسكو.
5 ـ المدافع الأيطالي ماركو ماتيرازي. واحد من أعمدة نادي إينتر الأيطالي. يعشقه رفاقه حتى الوله ويكرهه خصومه حد السفه. طفل صغير في داخله حينما تعانق كرته الشباك فينسى رجولته وعمره وموقعه ويفرح كالأطفال الصغار. الكثير من خصومه أثاروا سؤالاً واحداً وهو كيف يلعب مثل هذا المجنون في هذا المستوى من البطولات. مقاتل, عنيد, مشاكس, لا يحبه الحكام.
6 ـ المدافع الألماني فيليب لام. ألماني الإنتماء والإحتراف. يحب بلده إلى الدرجة التي لا يميل معها إلى قبول عروض إحترافية خارجية. كل صلابة نادي بايرن منشن الألماني تتوقف عليه. فإن صمد صمدوا وإن اهتزّ إنفرطوا. لام هو النموذج الحديث والحضاري لتسمية المدافع.
7 ـ المدافع الروماني كريستيان شيفو. قلق جداً بخصوص قدراته على إستخدام قدمه اليسرى على الرغم من أنه يُعتبر من أفضل واشهر مدافعي أوربا الشرقية وبإعتراف صحافتها الرياضية. يلعب لنادي إينتر الأيطالي وهو ما يؤكد مصداقية الحديث عنه.
8 ـ المدافع الإيطالي جيانلوكا زامبروتا. وجوده في نادي برشلونه دلالة على قدراته واعتراف شعبي بإمكانياته التي تتميز بكونه أفضل لاعب يمكن إستثمار قدراته ومهاراته في كل مكان. يمكن تطويعه لكي يتناسب مع  الأفكار الخططية المتنوعة.
9 ـ المدافع اليوناني ترايانوس ديلاس. مفتاح العمل في المنتخب اليوناني. محترف محلي لنادي أيك أثينا وهو ما يعطيه الكثير من مواصفات التنسيق مع بقية رفاقه. الجواد الذي تراهن عليه اليونان من أجل تكرار الإحتفالية الذهبية التي عاشتها اليونان عند فوزه بالبطولة اسابقة. الآن هو أحد الآلهة اليونانية التي سيكون لبركاتها القول الفصل في الكثير من المواقف الصعبة.
10 ـ المدافع السويدي أولوف ميلبري. أحد نجوم نادي أستن فيلا السويدي. صعب المراس قوي الشكيمة. أثبت قدرات عالية في التغطية والإحتكاك والإنقضاض ولكنه ليس باللاعب المهاري الذي يمكن أن يُعتمد عليه في المشاركة في بناء الهجمات من منتصف ملعب السويد. خبرة واسعة ولكنها قد لا تنفعه حينما يكون في مزاج عكر.
 

68
الموسوعة الأسمية لأفضل لاعبي البطولة الأوربية (يورو 2008)
علي الحسناوي ـ محاضر واكاديمي في كرة القدم ـ ستوكهولم

coachfbs@yahoo.com

تتوجه أنظار عشاق الكرة المجنونة نحو بلد ليالي الأنس التي سيعتمد توقيتها هذه المرة على الساعة السويسرية الأنيقة صنعةً وجمالاً. النمسا وسويسرا يتقاسمان إحتضان البطولة الأوربية بكرة القدم 2008 وهي تكاد تكون من أهم المنافسات الدولية بعد بطولة كأس العالم.
جنة النجوم وموقعة الخصوم ستأخذنا نحو عشق سيدير أفكارنا وولهٍ ينسينا آلامنا , فمنا من سيهيم في جمالية اللعبة ليلقى على يديها مراده ومنا من سيعتبرها مدرسة مجانية للتعلّم والإستزادة. والأهم أن نساهم في تحليل ودراسة المنافسات بشكل موضوعي وذلك من خلال إجبار أقلامنا على أن تستعرض كل ما يمكن أن يخص هذه الإحتفالية كي نوفر للمشاهد العربي الأرضية الخصبة التي يتمكن من خلالها من فهم ما يراه وإستدراك المواقف التي تعينه على تحقيق الأفضلية في التوقع اللاغيبي والمبني على أُسسٍ علمية صحيحة.
ولكون كرة القدم تعتمد في إطارها الاساسي على ترتيب الخطوط الثلاث من الناحية الكلاسيكية إلا أنني آثرت أن أضيف لها الخط الرابع والأهم ألا وهو مواقع حركة حراس المرمى الذين بدأوا يصولون ويجولون حتى خارج منطقة الجزاء. في هذه الحلقة سأتناول التعريف وبشكلٍ مقتضب برجال المرمى الذين ربما سيكون لهم القول الفصل في تسلسل النتائج.

الحلقة الأولى: حراس المرمى
إعتادت المؤسسات والإتحادات الدولية والقارية على إرسال مجموعة من الكرات التي ستستخدم في البطولة القادمة إلى الدول المشاركة فيها. وعادة ما يحصل ذلك قبل إنطلاق البطولة بفترة زمنية نسبياً بحيث انها تعطي المجال الكافي للاعبين كي يتحسسوا الكرة ويعتادوا عليها.
وفي البطولة الأوربية القادمة (يويفا 2008) تبيّن للعديد من حرّاس المرمى خصوصا,  واللاعبين أيضا, أن هنالك خصوصية غير مرغوب بها في صناعة الكرة لأوربيةً الجديدة تتحدد أولاً بعدم ثبات إتجاه التسديد. وتبيّن من خلال التجارب التي أُجريت على الكرة في نادي اسيرسكا السويدي والذي يلعب في دوري الدرجة الأولى, أن هذه الكرة لا تحافظ على إتجاهها كما ينشده المهاجم أثناء محاولته إصابة المرمى من زوايا مختلفة. أي أنها تميل ذات اليمين وذات الشمال بدرجات خفيفة بعيدة عن الخط الذي يجب أن تسلكه الكرة. ومن الخصائص السلبية الأخرى والتي عانى منها حراس المرمى هو طبيعة إرتطامها بالكفوف التي يرتديها الحراس. فالكرة المعنية لا تحافظ على ثباتها بين يدي الحارس بل تتعرض إلى إنزلاق خفيف وهو ما يمكن أن يُعزى إلى طبيعة المواد التي صُنعت منها.
المعنيون بالبطولة الأوربية وبهذا الأمر بالذات قالوا أن البطولة الحالية ربما تشهد المزيد من الأهداف وذلك لعدم قدرة الحراس على توقع إتجاه الكرة من ناحية وأيضاً بسبب عدم قدرتهم على الإحتفاظ بها من ناحية أخرى. ويبدو أن المشاهد سيكون هو المستفيد الوحيد من هذه الخصائص الغريبة في الكرة الأوبية العجيبة. وإليكم أفضل عشرة حراس في يورو 2008.

1 ـ الحارس الأيطالي (جيان لويجي بوفون). الحارس الأمين لنادي يوفنتس والذي وقف وراء العديد من إنتصاراته المحلية والدولية. قائد ميداني فذ ومحرّك جيد للعديد من الخطوط الدفاعية. شيء ما غير طبيعي في هذا الحارس وهي تلك الأناقة والنجومية التي لا تليق إلا بشخصٍ مثله.
2 ـ الحارس التشيكي (بيتر جيك). الحارس الذي عرف كيف يستوعب متغيرات الأنكليز مما زاد من قدراته القيادية في توجيه نادي جلسي الأنكليزي الذي يحرس مرماه. حارس أقل ما يُقال عنه أنه الماكنة التي لا تهدأ بين العمودين وتحت العارضة. يتمتع بثقة ممتازة ومتبادلة بينه وبين نفسه وبينه وبين زملاءه الذين بالكاد يئتمنون غيره على مرماهم. يتمتع بتأريخ مشرق وسجل ناصع في قائمة الحرّاس الذين نادراً ما يُخطئون.
3 ـ الحارس الهولندي (إدوين فان ديرسر). على الرغم من عشقه اللامحدود لناديه الأنكليزي العريق (مانجستر يونايتد) وولهه بلون الشياطين الحمر إلا أنه عادة ما يتمختر على ظلال الألوان البرتقالية. حارس عنيد لا يُعطي الزمن فرصة كي يكسر قدراته لأنه أقوى من السنين التي أخذت منه ما أخذت وتركت له الرفعة والنجومية وبالتالي القدرة على التواصل والعطاء.
4 ـ الحارس الأسباني (إيكير كاسيلاس). أحد الحراس الملكيين والذي يقف بملوكية تامة خلف الخطوط الدفاعية لنادي ريال مدريد. إسباني السمعة والألق. من الحراس القلائل الذين ألفوا النجومية وتذوقوا معنى الشهرة وهو لم يبلغ السابعة عشرة من عمره بعد. عشر أعوام وأسمه يتردد في كل بيت وعلى كل لسان فيا له من قادر على إحتواء كل هذا الضغط الذهني وهو الحارس الذي لا يقوّم غلطته أحد من بعده.
5 ـ الحارس الروسي (إيغور أكينفيف). أفضل حارس يُبدع في بلده وخلال المباريات التي تحتضنها الملاعب الروسية. فهل سيكون هذا فأل غير حسن عليه وهو المطلوب منه المزيد خارج أرضه.؟ تعوّد على اللعب لوطنه حارسا للمنتخب ولنادي سيسكا موسكفا. تضع الجماهير الروسية ثقتها الكبيرة فيه كونه حارس موعود وموهبة إن ذهبت قد لا تعود.
6 ـ الحارس البرتغالي (ريكاردو). مهارات فردية رائعة على الرغم من انه يهوى حراسة مرمى (ريال بيتيس). أفضل حارس في إلتقاط الكرات بكل ثقة وثبات. فهو لا يهتز له بدن وهو يحتضن أقوى التسديدات على الرغم من شهرته في الحركات التلفزيونية وعشقه لأداء العديد من القفزات والحركات البهلوانية وهو يتصدى للكرات المعادية.
7 ـ الحارس البولوني (آرتر بوروج). أبدع في الذود عن نادي سيلتيك الأسكتلندي على الرغم من تنوع ثقافة الكرة بين الكرة الأسكتلندية وإختلافها أيضا عن ثقافة الكرة البولونية. وإذا كنا قد نسينا الحارس العظيم (بيتر شمايكل) الدنماركي الساحر إلا إنه يعود ليتجسد في شخصية ومهارية (آرتر بوروج) الذي يُجبرنا على تذكر شمايكل.
8 ـ الحارس الفرنسي (غريغوري كوبيت). الحارس الراقص في نادي ليون الفرنسي وأفضل من يُجيد الألعاب الأكروباتيكية. يُعطي كل ما لديه حتى يتصبب عرقاً كأنه للتو خارج من بحرٍ مالح. يتميز بقدراته الغريبة على القيادة الصوتية من خلال كونه من أفضل الحراس الذين يتخاطبون واللاعبين بأعلى قدرات صوتية لديه. لا يسامح من يخطأ أن لم يُصغي له.
9 ـ الحارس الروماني (بوغدان لوبونت). حارس محلي. أحد الحراس القلائل الذين أعتمدهم نادي داينمو بوكارست خلال مشواره البطولي الرائع. أجمعت آراء النقاد والمحللين المختصين بكرة القدم على إعتبار لوبونت أفضل حارس خلال مرحلة التصفيات وهذا ما يمكن أن يمنحه أفضلية بلا غرور وأحقية ملأى بالحبور كي يُثبت أنهم كانوا على صح حينما سجلوا إسمه في أول القائمة..
10 ـ الحارس السويدي (أندرياس إيساكسون). فاز بجائزة أفضل لاعب سويدي واعد وهو في عمر الرابعة عشرة إلا إنه لم يكن يستقر على مركز معيّن. أخيراً قادته مهاراته الفريدة وطوله الفارع وقدراته على ألعاب الهواء إلى الوقوف بين الخشبات الثلاث. حارس خجول لا يتحدث كثيراً حتى لو طال إنتظاره على مصطبة الإحتياط. أصاب الإرباك مؤشر تطوره الياباني خلال فترة من الفرات وهو في صراع محموم مع رامي شعبان على الأفضلية. أثبت خلال بطولة كأس العالم الأخيرة أنه حارس متخصص بالمنافسات الدولية أكثر منه حارس مبدع خلال البطولات المحلية وخصوصاً في الدوري الأنكليزي ونادي مانجستر سيتي حيث لارحمة للمخطئين.
الحلقة الثانية: أهم لاعبي خط الدفاع
كنا قد ذكرنا في مقدمة الحلقة الأولى من هذه الموسوعة بأننا سنقدم خلال الحلقة الثانية منها تحليلاً مقتضباً لأهم المواصفات التي يتمتع بها الخط الثاني من خطوط تنسيق لعبة كرة القدم والتي ستتعلق قطعاً بلاعبي خط الدفاع. وفي التسلسل الآتي نتطرق إلى أهم مواصفات مَن هُم أفضل لاعبي خط الدفاع في الدول الأوربية التي ستتصارع بشكلٍ حضاري من أجل الظفر بالكأس الأوربية لسنة 2008.
1 ـ المدافع الأسباني سيرجيو راموس. يلعب للنادي الملكي ريال مدريد وأحد أفضل من شغل هذا المركز من حيث تمتعه بأهم صفتين للاعب كرة القدم الذي يمكن أن يُطلق عليه بالمدافع وهما القدرات المهارية العالية المستوى المصحوبة بالأناقة والأداء المنظّم.
2 ـ المدافع الأيطالي فابيو كانافارو. رفيق سيرجيو في النادي الملكي, الريال, وتجمعهما حب اللعبة واللغة المشتركة بعض الشيء من حيث القدرة على التفاهم. ببساطة وحسب وصف النقاد فإنه يمكن إعتبار كانافارو أفضل مدافع في العالم خلال الوقت الحاضر. وربما سيكون الأفضل خلال البطولة.
3 ـ المدافع الفرنسي ويليام كالاس. في أتون الحرب الفرنسية الانكليزية قال أحدهم (هيهات ان أن تختلط قطرة دم من شهيد فرنسي مع أخرى من شهيد انكليزي) ولكن كرة القدم فوق الرغبات والميول. كالاس من افضل مدافعيي نادي أرسنال الأنكليزي. ولعلّ ما يميزه عن باقي المدافعين هي قدراته الخارقة على اللعب في كافة المراكزالدفاعية. إضافة إلى تفوقه في هذه المراكز حتى على المتخصصين انفسهم.
4 ـ المدافع البرتغالي ريكاردو كارفالهو. يؤكد الشارع الكروي البرتغالي على ان كارفالهو أفضل ما انجبته الملاعب البرتغالية خلال الوقت الحاضر, ولكن, يبقى كريستيانو رونالدو الأفضل دوماً. قدّم مستوًى رائعا في  ناديه وكان من عوامل وصولهم الى نهائي الكأس الأوربية للأندية في موسكو.
5 ـ المدافع الأيطالي ماركو ماتيرازي. واحد من أعمدة نادي إينتر الأيطالي. يعشقه رفاقه حتى الوله ويكرهه خصومه حد السفه. طفل صغير في داخله حينما تعانق كرته الشباك فينسى رجولته وعمره وموقعه ويفرح كالأطفال الصغار. الكثير من خصومه أثاروا سؤالاً واحداً وهو كيف يلعب مثل هذا المجنون في هذا المستوى من البطولات. مقاتل, عنيد, مشاكس, لا يحبه الحكام.
6 ـ المدافع الألماني فيليب لام. ألماني الإنتماء والإحتراف. يحب بلده إلى الدرجة التي لا يميل معها إلى قبول عروض إحترافية خارجية. كل صلابة نادي بايرن منشن الألماني تتوقف عليه. فإن صمد صمدوا وإن اهتزّ إنفرطوا. لام هو النموذج الحديث والحضاري لتسمية المدافع.
7 ـ المدافع الروماني كريستيان شيفو. قلق جداً بخصوص قدراته على إستخدام قدمه اليسرى على الرغم من أنه يُعتبر من أفضل واشهر مدافعي أوربا الشرقية وبإعتراف صحافتها الرياضية. يلعب لنادي إينتر الأيطالي وهو ما يؤكد مصداقية الحديث عنه.
8 ـ المدافع الإيطالي جيانلوكا زامبروتا. وجوده في نادي برشلونه دلالة على قدراته واعتراف شعبي بإمكانياته التي تتميز بكونه أفضل لاعب يمكن إستثمار قدراته ومهاراته في كل مكان. يمكن تطويعه لكي يتناسب مع  الأفكار الخططية المتنوعة.
9 ـ المدافع اليوناني ترايانوس ديلاس. مفتاح العمل في المنتخب اليوناني. محترف محلي لنادي أيك أثينا وهو ما يعطيه الكثير من مواصفات التنسيق مع بقية رفاقه. الجواد الذي تراهن عليه اليونان من أجل تكرار الإحتفالية الذهبية التي عاشتها اليونان عند فوزه بالبطولة اسابقة. الآن هو أحد الآلهة اليونانية التي سيكون لبركاتها القول الفصل في الكثير من المواقف الصعبة.
10 ـ المدافع السويدي أولوف ميلبري. أحد نجوم نادي أستن فيلا السويدي. صعب المراس قوي الشكيمة. أثبت قدرات عالية في التغطية والإحتكاك والإنقضاض ولكنه ليس باللاعب المهاري الذي يمكن أن يُعتمد عليه في المشاركة في بناء الهجمات من منتصف ملعب السويد. خبرة واسعة ولكنها قد لا تنفعه حينما يكون في مزاج عكر.
الحلقة الثالثة: أهم لاعبي خط الوسط
تتناول الحلقة الثالثة من حلقات الموسوعة الخاصة بالبطولة الاوربية (يورو 2008) أهم خطوط لعبة كرة القدم والمتعلقة بما يُمكن أن يُطلق عليه بمحركات المباراة التي لا تهدا طوال دقائق المبارايات ألا وهم خطوط الوسط. لا بد للاعب الوسط أن يتمتع بقدرات لياقية ومهارية عالية كي يتمكن من ربط خطوط الفريق ببعضها البعض. كما أنه لا بد له أن يكون ذو حس تهديفي عالي من حيث القدرة على التسديد من خارج منطقة الجزاء وأيضاً قدرته على مشاهدة المرمى.
وفي التوصيف الآتي نتناول أهم أفضل عشرة من لاعبي خط الوسط في البطولة الأوربية:
1 ـ اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو. أحد الشياطين الحمر في نادي مانجستر يونايتد العريق ومِن اللاعبين الذين ساهموا بشكلٍ كبير في حصدهم للبطولات. يقول عنه الإعلام الرياضي: ببساطة هو أفضل لاعب في العالم. من صفاته الغير محببة عدم قدرته على إحتواء الإحتكاك المشروع الأمر الذي يدفع به إلى التشكي والإعتراض المتكرر. نضج كثيرا كلاعب خلال الأعوام التي مرت بعد أولمبياد اثينا.
2 ـ اللاعب الإسباني سيسيك فابريكاز. الساحر الصغير والقادر على أن يُلقي بجمالية فنه الكروي في قلب أي مشاهد وخلال لحظات من الأداء المهاري الجميل. يلعب بموسيقية عالية, هو ما أكسب نادي أرسنال الأنكليزي الذي يلعب فابريكاز في صفوفه, جمالية الأداء التي تتفوق على عنف الإنكليز.
3 ـ اللاعب الألماني ميشيل بالاك. لاعب في وطن أو وطن في لاعب. غيور إلى حد البكاء الطفولي بعد كل خسارة لوطنه. لازال يحمل أحزان المونديال الألماني العالمي في قلبه. القيادة بمفهومها الحديث هي واحدة من أهم صفاته داخل الملعب. تخاصم الإعلام الألماني حول العديد من اللاعبين الألمان لكنهم إجتمعوا على حقيقة أن بالاك هو من يحمل ألمانيا على كتفيه. مرشح ساخن لرفع كأس البطولة من خلال تحدي ثأر عدم الفوز بالمونديال العالمي وسقوط ناديه جلسي أمام المانجستر يونايتد.
4 ـ اللاعب الإيطالي أندريا بيرلو. إذا أردنا أن نضرب مثلاً لأهمية إتقان المناولة لدى لاعب الوسط فليس أمامنا إلا أن نعرض تسجيلات بيرلو كونه أفضل من يحسنها. يلعب لنادي ميلان الإيطالي مما سوف يكسبه تفاهم أكبر في ربط خطوط اللعب حينما سينافس على لقب أفضل لاعب خط وسط في البطولة الأوربية.
5 ـ اللاعب الفرنسي فرانك ليبيري. حينما أحترف في نادي بايرن منشن لم يأخذ معه سوى إسم زيدان وهكذا يراه الجميع على أنه أفضل وارث لعرش زيدان الكروي وهو نفس السبب الذي زاد من شعبيته وأكسبه نجومية مضاعفة.
6 ـ اللاعب الهولندي ويسلي سسنيجدر. حينما تسلّم رقم بيكهام, بعد رحيله, في نادي ريال مدريد فإنه لم يرتدي القميص ذو الرقم الإنكليزي فحسب وإنما إكتسب كل إنكليزية اللاعب بيكهام بعد ذلك. فهل هو سحر القميص أم سحر الرقم؟ وهل سيعود ويسلي إلى برتقالية اللون الهولندي حينما يلعب لبلده أم سيبقى سحر الإنكليز في جسده؟.
7 ـ اللاعب البرتغالي ديكو.  حينما نتحدث بمصطلحات كرة القدم العلمية لنقول (صانع ألعاب) فنحن نقصد, وربما دون أن ندري, إنما نحن نتحدث عن ديكو لأنه وببساطة شديدة صانع ألعاب من مستوى المونديال على الرغم من كونه يتفنن في منطقة وسط نادي برشلونه.
8 ـ اللاعب الإسباني خافي. زميل ديكو ومرافقه الأفضل في خط وسط نادي برشلونه إلا أنه يتميز عن بقية لاعبي الوسط في العالم بقدراته الرائعة على الجري مع الكرة ونادراً ما يُخطأ عنوان المناولة.
9 ـ اللاعب السويدي فريدريك ليونغبري. أحد اللاعبين الذين ألقت بهم نجوميتهم بأحضان شركات الإعلان المتخصصة بالملابس الرجالية مستفيدين من قياسات جسمه الرياضية وشهرته في أوربا ومملكة السويد. هاديء الطباع إجتماعي ومتواضع إلا أن ذلك لا يعنيه في شيء حينما يدافع عن ألوان الكرة الإنكليزية في نادي ويست هام. أحد مفاتيح اللعب الأساسية في منتخب لاغربك السويدي بعد زلاتان.
10 ـ اللاعب الألماني تورستين فرينجز. لو قابلته في الطريق فلا يمكن أن توصفه بلاعب كرة قدم من مستوى النجوم بل سيتصور لك أول وهلة أنه من نجوم موسيقى الروك العالميين. يلعب لنادي فيردر بريمن الألماني وهو ما يُكسبه تفاهم وتجانس أفضل في منتخب بلاده. لو تحدثنا عن نوعية لاعب الوسط من حيث التكليف بالواجبات الدفاعية والهجومية فإنه لا يمكن لنا إلا أن نعتبر فرينجز أفضل لاعب وسط قادر على أداء المهمات الدفاعية. 
الحلقة الرابعة: أهم لاعبي خط الهجوم
على الرغم من الإنحسار الجزئي لدور اللاعب المهاجم في تسجيل الأهداف وبالتالي تفوق لاعبط الوسط في أداء هذه المهة إلا أن ذلك يأتي وفقاً لمتطلبات خطة اللعب والتي قد تنحصر أحياناً بدور لاعب الهجوم في المشاغلة وخلق الفراغات والمساحات المكانية لدخول لاعب الوسط.
ولكن هذا الأمر لا يمنع من تفوق المهاجمين في الأداء وبالتالي إضفاء النهايات السعيدة للعبة من خلال تسجيل الأهداف وصنع الفوز. وفي الجزء الرابع والأخير من هذه الموسوعة ستنتناول وبشكلٍ موجز أهم مواصفات البعض من لاعبي خط الهجوم في البطولة الأوربية القادمة.
1 ـ اللاعب الإسباني فرناندو توريس. لاعب نادي ليفربول الإنكليزي إلا أنه يلعب بالنكهة الكروية الإسبانية من حيث  مستوى التكنيك ( المهارة). يتميز بالسرع العالية مع أو بدون الكرة كما أنه قادر على التسديد وبشكلٍ محكم من جميع الزوايا والمسافات. يُمكن إعتبار توريس على أنه المهاجم الذي تتكامل فيه كافة مواصفات متطلبات الهجوم.
2 ـ اللاعب السويدي زلاتان ابراهيموفتش.  شلاتان في السويد وإيبرا في ايطاليا, تعددت الألقاب والمهاجم واحد, إنحداره الطبقي وترعرعه في أعنف مناطق المهاجرين في السويد أكسبته رجولة مبكرة. لا تخاف الخصوم قدميه وقدرته على محاورة الكرة قدر خوفهم من طوله الفارع الذي أعطاه أفضلية في التسجيل عن طريق الرأس. يلعب لنادي إينتر الإيطالي وأحد أعمدته الأساسية. إذا قال زلاتان قالت السويد. زعله السابق على مدربيه في المنتخب السويدي وصل إلى نهايات سعيدة.
3 ـ اللاعب الفرنسي تيري هينري. أحد نجوم نادي برشلونه والذي بدأ زمن لعبه يضيق خلال الفترة الماضية. ما خسر من راهن على دخوله ولو لدقائق. لاعب فذ من حيث قدرته على إصابة المرمى من أي مكان وفي اية لحظة. سرعته العالية تسببت في الكثير من حصول فريقه على الركلات الثابتة وبذل فهو سيف ذو حدين.
4 ـ اللاعب الهولندي رود فان نيستلروي. تعاونه مُثمر ومشاغلاته تُثمر. لاعب من طرازٍ خاص كونه الوحيد الذي حصل, وحسب رأي النقاد والمختصين, على لقب ماكنة الأهداف. كما يتميز رود بنشاطه الذي لا يهدأ إلى أن تضع صافرة الحكم نهاية لتحركاته. بحق أفضل مهاجم نشِط في المنتخب الهولدي ونادي ريالمدريد.
5 ـ اللاعب الإسباني دافيد فيلا. لاعب نادي فالينسيا. صغير بحجمه كبير بأفعاله. أحد المرتكزات الأساسية لبناء الهجمات الإسبانية. ببساطة لا يمكن الحديث عن حسم المباراة إلا إذا كان فيلا معنا.
6 ـ اللاعب الإيطالي لوكا توني. مهاجم نادي بايرن منشن. هداف بطريقة ماكرة فهو من أفضل من يسرقون تسجيل الأهداف دون إنتظار من أحد. تجتمع فيه صفتي المهاجم والهداف في آن واحد إذ ليس كل مهاجم هداف ولا كل هداف مهاجم. من المتوقع أن يُسجل لإيطاليا أهدافاً بمجهود فردي وأداء ذاتي.
7 ـ اللاعب الألماني ميروسلاف كلوس. مهاجم نادي بايرن منشن الألماني. مهاجم ثابت على مؤشرٍ واحد إذ نادراً ما تتخلخل قياساته ومواصفاته. المهاجم الوحيد الذي ينافس لاعب غاب عنا منذ زمنس ليس بالبعيد إلا أنه عاد إلينا بمنصب رئيس الكرة الأوربية. كلوس وبلاتيني في صراع محموم حتى اليوم. فهل يكون كلوس أفض هداف أوربي بعد بلاتيني؟.
8 ـ اللاعب الروماني أدريان موتو. لاعب نادي فيورنتينا وأحد صنّاع الدخول إلى البطولة الأوربية. يجبرنا على الحديث عن المواصفات الغير مرغوبة في اللاعب المهاجم فهو فوضوي ومشاكس إلى درجة أنه لايبالي لأحد. ولكنه يتمتع بموهبة أجبرت مدربيه على إحترام هذا الجانب فيه وإستدعاءه للمنتخب.
9 ـ اللاعب السويسري أليكساندر فري. المهاجم الوحيد الذي يمكن أن يُطلق عليه باللاعب النجم في سويسرا وقد يكون الوحيد المرغوب دولياً أيضاً. نجوميته هذه هي التي تميّزه عن بقية لاعبي المنتخب الوطني السويسري إذ لم يُشرق منهم غيره في سماء الإحتراف والنجومية.
10 ـ اللاعب السويدي هينرك لارشون.  أن يعود أو لا يعود! هذا هو السؤال الذي شغل البطولة وحيّر مدافعيها. ولكنه عاد بعد دراسة عائلية مستفيضة. وعودته هذه هي الوحيدة التي إحتلّت مساحات واسعة من الإعلام الرياضي الأوربي. رمح المنتخب الوطني السويدي إذا كان زلاتان سيفه. فهل يتمكن المهاجم العجوز لارشون من التفوق على دفاعات الشباب؟.
النتائج: كان بودي إجراء مسح إحصائي لعدد النجوم ـ المركز مقارنة بكل دولة كي نتعرّف على أحقية الإهتمام الدولي بهم وبالتالي توقع نتائج الأداء الخاص بكل دولة. ولكني آثرت أن يقوم المتتبع الكريم لهذا الأمر لأسبابٍ عديدة يأتي في مقدمتها المراجعة العامة والتذكّر وأيضاً من أجل تنمية قدرات التحليل الكروي لديه. هذا الأستقراء البسيط قد يقودنا إلى الحديث عن المقارنة بين ما هو عليه اللاعب الآن, وطبقاً لما أوردناه عنه, وبين ما سيكون عليه وهو ما سيكسب متابعة ومشاهدة البطول مذاق آخر ربما لم نتحسسه من قبل. نراكم في حلقات عن مونديال كأس العالم ان شاء الله.               

الحكم المساعد يتسبب في ذبح الفرحة النمساوية
علي الحسناوي ـ أكاديمي في كرة القدم. ستوكهولم
تتأكد يوم بعد آخر مقولة أن لا سعادة بلا عمل وأن لا عمل بلا سعادة. وتبني نظريات كرة القدم قواعدها على اساس مساحات السعادة التي تمنحها للجمهور الكروي في كافة أنحاء العالم. هذه السعادة لابد وأن تكون مزدوجة في تكوينها فهي من جانب سعادة اللاعب بما يفعل وسعادة الجمهور بما يقدمه اللاعب من سعادة لهم. أما النتائج فهي وحسب نظريات علم النفس الرياضي المحصلة النهائية وأحد نواتج تلك
 السعادة. ولابد لهذه السعادة أن تكون محاطة بوعي الحكام وقدراتهم بالتالي على عدم تجاوز مساحات الفرح للخطوط الحمراء التي خطتها الفيفا بغية المحافظة على جمالية اللعبة. وفي المونديال الألماني لعام 2006 لم يتمكن بعض الحكام من فهم متطلبات لجنة الحكام في المحافظة على جمالية الأداءو وهو ما تسبب بالتالي في وقوعهم تحت ضغط نفسي وعصبي إنعكس سلبيا على الكيفية التي يتم من خلالها التعامل مع اللاعبين داخل الميدان. والمفترض أن يتمكن الحكام من أداء واجباتهم وفقاً لمجموعة من القواعد الغير مكتوبة والتي تتحدد بالحيادية أولاً وتطبيق روح القانون (وليس نصه) ثانياً أما ثالثاً وأخيراً فإن تطبيق ذلك لابد وأن يعتمد على إحساس الحكم بسعادة ما يفعل.
لا يمكن الحديث عن الأخطاء التي تفوت الحكام مشاهدتها لأي سببٍ من الأسباب ولكننا نتحدث عن تلك المرونة في التفسيرات التي تنطبق على حالةٍ واحدةٍ بين مجمكوعة من الحكام. في مباران اليونان والنروج التي جرت للتنافس على بطاقة الترشيح للبطولة الأوربية تم تصوير العديد من الحالات التي تعمّد فيها اللاعبون اليونانيون مسك (حَضن) اللاعبين النرويجين في منطقة جزاء اليونان وخصوصاً لدى تنفيذ الركلات الحرة الثابتة. الحكم الدولي ماسيمو بوسكاسا لم يَعِرْ أهمية للأمر ولا حتى لإعتراض النروج المتكرر. . كتبت في مواضيع سابقة حول العلاقة المتشدة بين رغبة الأتحاد الدولي والأوربي في سيطرة الحكام على المباراة وفقاً للإستخدام الحرفي لنص لقانون. إلا أن أغلب محاضرات التوعية والتوجيه قبل إنطلاق البطولات تتحدث عن ضرورة إستخدام روح القانون وليس نصه في البعض من الحالات.
إعتمد الإتحاد الأوربي على نص القانون في إحتساب الهدف الهولندي الأول في مرمى إيطاليا وعلى أساس أن الحكم هو الوحيد الذي يتمتع بسلطة السماح للاعبين بالخروج والدخول من وإلى أرضية الملعب. هذا يعني إن خروج المدافع الأيطالي المصاب بعد ارتطامه بالحارس كان مبرراً لإحتساب الحكم للهدف وإلغاء حالة التسلل.
اليوم وفي مباراة الحياة والموت بين بولونيا والنمسا سقطت النمسا في فخ عدم فهم مراقب الخط لمفهوم التسللد (نصاً وروحاً). حكم الساحة اشار إلى ضربة حرة مباشرة للفريق البولوني خارج منطقة الجزاء. وفي لحظة التنفيذ دخل اللاعب رقم (20)  منطقة التسلل, كونه كان الأقرب إلى حارس المرمى النمساوي, وعند إستلام اللاعب البولوني الآخر للكرة وإخمادها على صدره بالقرب من عمود الهدف النمساوي كان اللاعب البولوني رقم (20) لازال في منطقة التسلل. وفي نفس اللحظة التي مرر بها اللاعب, المستلم للكرة, الكرة على خط هدف المرمى عاد اللاعب رقم (20) من منطقة التسلل ليستلم الكرة ويدخلها المرمى.
ومن خلال دراسة هذه الحالة نجد أن هفوات الحكام بدأت تُلقي بظلالها على مصائربلدان كاملة راهنت بالغالي والنفيس من أجل الوصول إلى حالة التميّز الرياضي المنشود لتقل فرحة شعب بأكمله. كلنا نتذكر هدف كرار جاسم في مرمى المنتخب الصيني والذي ألغاه الحكم  على الرغم من أن كرار كان أقرب الى الكرة من حارس المرمى الصيني الذي وقف مشدوهاً وغير مصدقاً أن الحكم  ألغى الهدف. تُرى لو أُحتسب ذاك الهدف هل كان لأولسن أن يرحل وهل كان منتخب العراق قد دخل عنق الزجاجة. الأمثلة كثيرة ومتعددة وكم من بلدٍ سيُنحر حتى نصل إلى حلٍ يُنهي إرتجالية الحكام في تفسير القانون.


69
الموسوعة الحسناوية لأهم لاعبي البطولة الأوربية (ح2) خط الدفاع
علي الحسناوي ـ محاضر وأكاديمي في كرة القدم ـ ستوكهولم

كنا قد ذكرنا في مقدمة الحلقة الأولى من هذه الموسوعة بأننا سنقدم خلال الحلقة الثانية منها تحليلاً مقتضباً لأهم المواصفات التي يتمتع بها الخط الثاني من خطوط تنسيق لعبة كرة القدم والتي ستتعلق قطعاً بلاعبي خط الدفاع. وفي التسلسل الآتي نتطرق إلى أهم مواصفات مَن هُم أفضل لاعبي خط الدفاع في الدول الأوربية التي ستتصارع بشكلٍ حضاري من أجل الظفر بالكأس الأوربية لسنة 2008.
1 ـ المدافع الأسباني سيرجيو راموس. يلعب للنادي الملكي ريال مدريد وأحد أفضل من شغل هذا المركز من حيث تمتعه بأهم صفتين للاعب كرة القدم الذي يمكن أن يُطلق عليه بالمدافع وهما القدرات المهارية العالية المستوى المصحوبة بالأناقة والأداء المنظّم.
2 ـ المدافع الأيطالي فابيو كانافارو. رفيق سيرجيو في النادي الملكي, الريال, وتجمعهما حب اللعبة واللغة المشتركة بعض الشيء من حيث القدرة على التفاهم. ببساطة وحسب وصف النقاد فإنه يمكن إعتبار كانافارو أفضل مدافع في العالم خلال الوقت الحاضر. وربما سيكون الأفضل خلال البطولة.
3 ـ المدافع الفرنسي ويليام كالاس. في أتون الحرب الفرنسية الانكليزية قال أحدهم (هيهات ان أن تختلط قطرة دم من شهيد فرنسي مع أخرى من شهيد انكليزي) ولكن كرة القدم فوق الرغبات والميول. كالاس من افضل مدافعيي نادي أرسنال الأنكليزي. ولعلّ ما يميزه عن باقي المدافعين هي قدراته الخارقة على اللعب في كافة المراكزالدفاعية. إضافة إلى تفوقه في هذه المراكز حتى على المتخصصين انفسهم.
4 ـ المدافع البرتغالي ريكاردو كارفالهو. يؤكد الشارع الكروي البرتغالي على ان كارفالهو أفضل ما انجبته الملاعب البرتغالية خلال الوقت الحاضر, ولكن, يبقى كريستيانو رونالدو الأفضل دوماً. قدّم مستوًى رائعا في  ناديه وكان من عوامل وصولهم الى نهائي الكأس الأوربية للأندية في موسكو.
5 ـ المدافع الأيطالي ماركو ماتيرازي. واحد من أعمدة نادي إينتر الأيطالي. يعشقه رفاقه حتى الوله ويكرهه خصومه حد السفه. طفل صغير في داخله حينما تعانق كرته الشباك فينسى رجولته وعمره وموقعه ويفرح كالأطفال الصغار. الكثير من خصومه أثاروا سؤالاً واحداً وهو كيف يلعب مثل هذا المجنون في هذا المستوى من البطولات. مقاتل, عنيد, مشاكس, لا يحبه الحكام.
6 ـ المدافع الألماني فيليب لام. ألماني الإنتماء والإحتراف. يحب بلده إلى الدرجة التي لا يميل معها إلى قبول عروض إحترافية خارجية. كل صلابة نادي بايرن منشن الألماني تتوقف عليه. فإن صمد صمدوا وإن اهتزّ إنفرطوا. لام هو النموذج الحديث والحضاري لتسمية المدافع.
7 ـ المدافع الروماني كريستيان شيفو. قلق جداً بخصوص قدراته على إستخدام قدمه اليسرى على الرغم من أنه يُعتبر من أفضل واشهر مدافعي أوربا الشرقية وبإعتراف صحافتها الرياضية. يلعب لنادي إينتر الأيطالي وهو ما يؤكد مصداقية الحديث عنه.
8 ـ المدافع الإيطالي جيانلوكا زامبروتا. وجوده في نادي برشلونه دلالة على قدراته واعتراف شعبي بإمكانياته التي تتميز بكونه أفضل لاعب يمكن إستثمار قدراته ومهاراته في كل مكان. يمكن تطويعه لكي يتناسب مع  الأفكار الخططية المتنوعة.
9 ـ المدافع اليوناني ترايانوس ديلاس. مفتاح العمل في المنتخب اليوناني. محترف محلي لنادي أيك أثينا وهو ما يعطيه الكثير من مواصفات التنسيق مع بقية رفاقه. الجواد الذي تراهن عليه اليونان من أجل تكرار الإحتفالية الذهبية التي عاشتها اليونان عند فوزه بالبطولة اسابقة. الآن هو أحد الآلهة اليونانية التي سيكون لبركاتها القول الفصل في الكثير من المواقف الصعبة.
10 ـ المدافع السويدي أولوف ميلبري. أحد نجوم نادي أستن فيلا السويدي. صعب المراس قوي الشكيمة. أثبت قدرات عالية في التغطية والإحتكاك والإنقضاض ولكنه ليس باللاعب المهاري الذي يمكن أن يُعتمد عليه في المشاركة في بناء الهجمات من منتصف ملعب السويد. خبرة واسعة ولكنها قد لا تنفعه حينما يكون في مزاج عكر.
 

70
الموسوعة الحسناوية لأفضل لاعبي البطولة الأوربية ح1
علي الحسناوي ـ محاضر واكاديمي في كرة القدم ـ ستوكهولم

يبدو أن أقدار النتائج العربية في محفل تصفيات كأس العالم 2010 , وآخرها خسارة العراق أمام استراليا وخسارة البحرين وتعادل قطر, بدأت معالمها تتضح نحو ضرورة إنقياد الشارع الرياضي والكروي , مجبراً, نحو تعزية التنفس وتسليتها بمتابعة البديل الأوربي الأحلى والأجمل من خلال مشاهدة البطولة الأوربية لكرة القدم حيث تتوجه أنظار عشاق الكرة المجنونة نحو بلد ليالي الأنس التي سيعتمد توقيتها هذه المرة على الساعة السويسرية الأنيقة صنعةً وجمالاً. النمسا وسويسرا يتقاسمان إحتضان البطولة الأوربية بكرة القدم 2008 وهي تكاد تكون من أهم المنافسات الدولية بعد بطولة كأس العالم.
جنة النجوم وموقعة الخصوم ستأخذنا نحو عشق سيدير أفكارنا وولهٍ ينسينا آلامنا , فمنا من سيهيم في جمالية اللعبة ليلقى على يديها مراده ومنا من سيعتبرها مدرسة مجانية للتعلّم والإستزادة. والأهم أن نساهم في تحليل ودراسة المنافسات بشكل موضوعي وذلك من خلال إجبار أقلامنا على أن تستعرض كل ما يمكن أن يخص هذه الإحتفالية كي نوفر للمشاهد العربي الأرضية الخصبة التي يتمكن من خلالها من فهم ما يراه وإستدراك المواقف التي تعينه على تحقيق الأفضلية في التوقع اللاغيبي والمبني على أُسسٍ علمية صحيحة.
ولكون كرة القدم تعتمد في إطارها الاساسي على ترتيب الخطوط الثلاث من الناحية الكلاسيكية إلا أنني آثرت أن أضيف لها الخط الرابع والأهم ألا وهو مواقع حركة حراس المرمى الذين بدأوا يصولون ويجولون حتى خارج منطقة الجزاء. في هذه الحلقة سأتناول التعريف وبشكلٍ مقتضب برجال المرمى الذين ربما سيكون لهم القول الفصل في تسلسل النتائج.
الحلقة الأولى: حراس المرمى
1 ـ الحارس الأيطالي (جيان لويجي بوفون). الحارس الأمين لنادي يوفنتس والذي وقف وراء العديد من إنتصاراته المحلية والدولية. قائد ميداني فذ ومحرّك جيد للعديد من الخطوط الدفاعية. شيء ما غير طبيعي في هذا الحارس وهو تلك الأناقة والنجومية التي لا تليق إلا بشخصٍ مثله.
2 ـ الحارس التشيكي (بيتر جيك). الحارس الذي عرف كيف يستوعب متغيرات الأنكليز مما زاد من قدراته القيادية في توجيه نادي جلسي الأنكليزي الذي يحرس مرماه. حارس أقل ما يُقال عنه أنه الماكنة التي لا تهدأ بين العمودين وتحت العارضة. يتمتع بثقة ممتازة ومتبادلة بينه وبين نفسه وبينه وبين زملاءه الذين بالكاد يئتمنون غيره على مرماهم. يتمتع بتأريخ مشرق وسجل ناصع في قائمة الحرّاس الذين نادراً ما يُخطئون.
3 ـ الحارس الهولندي (إدوين فان ديرسر). على الرغم من عشقه اللامحدود لناديه الأنكليزي العريق (مانجستر يونايتد) وولهه بلون الشياطين الحمر إلا أنه عادة ما يتمختر على ظلال الألوان البرتقالية. حارس عنيد لا يُعطي الزمن فرصة كي يكسر قدراته لأنه أقوى من السنين التي أخذت منه ما أخذت وتركت له الرفعة والنجومية وبالتالي القدرة على التواصل والعطاء.
4 ـ الحارس الأسباني (إيكير كاسيلاس). أحد الحراس الملكيين والذي يقف بملوكية تامة خلف الخطوط الدفاعية لنادي ريال مدريد. إسباني السمعة والألق. من الحراس القلائل الذين ألفوا النجومية وتذوقوا معنى الشهرة وهو لم يبلغ السابعة عشرة من عمره بعد. عشر أعوام وأسمه يتردد في كل بيت وعلى كل لسان فيا له من قادر على إحتواء كل هذا الضغط الذهني وهو الحارس الذي لا يقوّم غلطته أحد من بعده.
5 ـ الحارس الروسي (إيغور أكينفيف). أفضل حارس يُبدع في بلده وخلال المباريات التي تحتضنها الملاعب الروسية. فهل سيكون هذا فأل غير حسن عليه وهو المطلوب منه المزيد خارج أرضه.؟ تعوّد على اللعب لوطنه حارسا للمنتخب ولنادي سيسكا موسكفا. تضع الجماهير الروسية ثقتها الكبيرة فيه كونه حارس موعود وموهبة إن ذهبت قد لا تعود.
6 ـ الحارس البرتغالي (ريكاردو). مهارات فردية رائعة على الرغم من انه يهوى حراسة مرمى (ريال بيتيس). أفضل حارس في إلتقاط الكرات بكل ثقة وثبات. فهو لا يهتز له بدن وهو يحتضن أقوى التسديدات على الرغم من شهرته في الحركات التلفزيونية وعشقه لأداء العديد من القفزات والحركات البهلوانية وهو يتصدى للكرات المعادية.
7 ـ الحارس البولوني (آرتر بوروج). أبدع في الذود عن نادي سيلتيك الأسكتلندي على الرغم من تنوع ثقافة الكرة بين الكرة الأسكتلندية وإختلافها أيضا عن ثقافة الكرة البولونية. وإذا كنا قد نسينا الحارس العظيم (بيتر شمايكل) الدنماركي الساحر إلا إنه يعود ليتجسد في شخصية ومهارية (آرتر بوروج) الذي يُجبرنا على تذكر شمايكل.
8 ـ الحارس الفرنسي (غريغوري كوبيت). الحارس الراقص في نادي ليون الفرنسي وأفضل من يُجيد الألعاب الأكروباتيكية. يُعطي كل ما لديه حتى يتصبب عرقاً كأنه للتو خارج من بحرٍ مالح. يتميز بقدراته الغريبة على القيادة الصوتية من خلال كونه من أفضل الحراس الذين يتخاطبون واللاعبين بأعلى قدرات صوتية لديه. لا يسامح من يخطأ أن لم يُصغي له.
9 ـ الحارس الروماني (بوغدان لوبونت). حارس محلي. أحد الحراس القلائل الذين أعتمدهم نادي داينمو بوكارست خلال مشواره البطولي الرائع. أجمعت آراء النقاد والمحللين المختصين بكرة القدم على إعتبار لوبونت أفضل حارس خلال مرحلة التصفيات وهذا ما يمكن أن يمنحه أفضلية بلا غرور وأحقية ملأى بالحبور كي يُثبت أنهم كانوا على صح حينما سجلوا إسمه في أول القائمة..
10 ـ الحارس السويدي (أندرياس إيساكسون). فاز بجائزة أفضل لاعب سويدي واعد وهو في عمر الرابعة عشرة إلا إنه لم يكن يستقر على مركز معيّن. أخيراً قادته مهاراته الفريدة وطوله الفارع وقدراته على ألعاب الهواء إلى الوقوف بين الخشبات الثلاث. حارس خجول لا يتحدث كثيراً حتى لو طال إنتظاره على مصطبة الإحتياط. أصاب الإرباك مؤشر تطوره الياباني خلال فترة من الفرات وهو في صراع محموم مع رامي شعبان على الأفضلية. أثبت خلال بطولة كأس العالم الأخيرة أنه حارس متخصص بالمنافسات الدولية أكثر منه حارس مبدع خلال البطولات المحلية وخصوصاً في الدوري الأنكليزي ونادي مانجستر سيتي حيث لارحمة للمخطئين.

71
الفلم البريطاني: ربحت كل الاطراف وخسر نشأت اكرم
علي الحسناوي
ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم. هذا المثل العربي الذي لابد وان يُصار الى ترجمته بالانكليزية وبالتالي تأطيره ووضعه في مكانٍ بارز من مقر نادي مانجستر سيتيُ كي يراه ويقرأه الداخل والخارج.
لايمكن للاطراف التي دخلت عملية ترتيب انتقال اللاعب الدولي العراقي نشأت اكرم الى صفوف نادي مانجستر يونايتد, لايمكن لها ان تدعي اليوم بأنها لم تكن تعرف القوانين والضوابظ التي تحكم هذه العملية المعقدة خصوصا وانها من المشهود لها في الساحة الكروية وتتمتع بسمعة اصفى من الذهب. وبالتالي فإنه لايمكن لنا من جانب آخر ان نصدّق ادعائاتها التي تطلع علينا بين الحين والآخر وهي تحاول ان تتجنب السنة النار التي بدأت تحرق مستقبل اللاعب نشات اكرم نفسه بعد ان تم تهيئته ذهنيا ونفسيا للانتقال (واللعب!!) في الدوري الانكليزي. هذا الأمر يُطلق عليه بعلم النفس الرياضي بالاحتراق الرياضي وهو هنا مبكّر جدأ لسببين اولهما صغر سن اللاعب ومحدودية خبرته وثانيهما ان الاطراف التي عملت على ترتيب الصفقة كانت قد قطعت شوطاً كبيرا حتى أعطى هذا الأمر للاعب اشارة خاطئة أدت به الى تصرف (طائش) وهو تسليم كل ما بعدته من ممتلكات الى ادارة نادي العين الاماراتي حتى قبل ان يتأكد تماما من ان كل الاطراف قد أغتنمت حصتها من الكعكة النشأتية وانه تم تسجيله فعلا في قوائم كشوفات النادي الانكليزي للسنة الحالية. إذ لا يمكن والحالة هذه ان تقف دوائر الهجرة والعمل الانكليزية  وهي التي خبرت هذا العمل وتعوّدت عليه بوجه (الورك بيرمشن) التي تخص اللاعب نشأت على فرض ان الاطراف المتعاقدة قد انهت كل متطلباتها الرسمية وقامت بإيداع الطلب لدى الدوائر المذكورة.
ان تصريحات الناطق الاعلامي لنادي العين تدل دلالة واضحة على ان هنالك مجموعة اخطاء فردية وجماعية مقصودة وغير مقصودة قد تلاعبت بمستقبل اللاعب الكروي وأودعته في سجن حالة من الاحباط والاحتراق الرياضي قد لا يخرج منها إلا بعد سلسلة من المعالجات النفسية الطويلة الامد.
ولكن لننظر للأمر من زاوية اخرى وهي زاوية المدرب اريكسون والذي اضحى خبيرا في مهنيته عالما بعمله, من قبل ومن بعد, وبالتأكيد فإنه لايمكن ان تفوته شاردة أو واردة بخصوص عملية التعاقد مع اللاعب نشأت وهو أي اريكسون المحاط بالعشرات من الناصحين والمستشارين والخبراء في كافة القطاعات وصاحب الرأس الذي لم تطيحه اعتى العواصف البريطانية.
ويبدو لي ان كعكة الاعجاز الآسيوي الذي حصدته كتيبة فرسان الرافدين وبمعية طاقمهم التدريبي العراقي ـ الفيروي الفذ قد بدأت تتناثر وتغزو نكهتها انكلترا بعد ان ملأت الانوف النرويجية الصغيرة (كبارا وصغارا) ولا يمكن وفي أية حال من الاحوال ان لا يكون عقد نشأت فيه الكثير من الفبركة الاعلامية الانكليزية وهي بدعة من اريكسون الذي لا تكاد تخبو له بدعة اعلامية نسائية في ايطاليا أو انكلترا حتى تشتعل واحدة اخرى في دبي حينما أساء الى عمله بعد ان استدرجه الصحفي الانكليزي المزعوم  وتنكّر بملابس الامارة ليتحدث اريكسون بما يُخجل عن المنتخب الانكليزي وقائده بكهام الذي كان يعتبره الاب الروحي له خلال تلك المرحلة. وهو الأمر الذي تسبب في اقالته من منصبه ودفع رواتبه طوال فترة بحثه عن العمل بغية التخلص من عفونة رائحة فضيحته الاخيرة.
وبعد أن اطلّ علينا المدرب النرويجي دريلو بوعود الدعم والدعاية والاعلان  بغية الاستفادة والعيش الرخيص على سمعة ابطال آسيا والعودة قويا من بوابة العراق بعد ان استجدى العمل حتى بدون راتب كما كتبته الصحف النرويجية ذاتها, نجد اليوم اريكسون يراهن هو الآخر على تحقيق دوامة اعلامية حوله وحول مانجستر يونايتد من خلال إستغلال بشع ومتعمد لمشاعر وقدرات ونوايا وعراقية اللاعب الدولي نشأت اكرم. علما ان اريكسون ومن خلال علاقاته الشخصية والرسمية لقادر على الايفاء بالتزاماته وناديه نحو اللاعب نشأت ومن يقف ورائه. انني لا ادعي هنا معرفتي بكل مادار ولازال يدور حول فلك العقد الانكليزي العراقي ولكنني واثق ان العملية برمتها كذبة انكليزية صدقتها الاطراف المحيطة بنشات حتى وان كانت هذه الأكذوبة قد وصلت الى مراحل متطورة وبعيدة من المصداقية إلا ان هذا النوع من الإيحاء لا يصل الى مستوى الحقيقة والصدق حتى يصل الى مراحله النهائية وهو ما استفاد منه اريكسون.
لازلت اتذكر انه وحينما وقع اريكسون في دائرة الحرج بعد سلسلة من الاخفاقات الكروية على المستوى الدولي فإنه عاد الى السويد وتحديدا يوم افتتاح بطولة (غوتا) الدولية الشبابية ليقوم بالاستعراض في مقدمة الطوابير رافعا يد اللاعب الفلسطيني باليسرى واللاعب الاسرائيلي باليد اليمنى حتى انه رتّب الامر كي يسير الفريق الفلسطيني والاسرائيلي جنبا الى جنب وتحت كثافة اعلامية غير مشهودة سابقا. وما ان انتهى الاستعراض حتى عاد الى المنتخب الذي كان ينتظره.
انني ادعو الاخ العزيز نجم عبدلله وهو المعني الاول بهذا الأمر, وكافة الاطراف الاخرى, الى عدم التهاون والارتخاء في سبيل احقاق الحق والعمل بكل خبرته التعاقدية ومكوكياته الجغرافية على توجيه ضربة موجعة الى البيروقراطية الانكليزية التي كان لابد لها من ان تأخذ ضروف العراق وحراجة مواقفه الامنية وانتصاره الآسيوي في عين الاعتبار هذا إن صَدَقَت في نواياها ولم تنام على خباياها التي فضحها الناطق الاعلامي الاماراتي في آخر حديثه حينما قال:
هم ناموا على الأمر حتى أيقضناهم برشة ماء. اين اذن مصداقيتهم وهم عن نشأت غافلون.

72
حقيقة محاولات أولسن (النرويجي) الالتقاء بفيرا (العراقي)

علي الحسناوي
Alias2155@yahoo.com
 كانت هنالك بعض التلميحات الصحفية والكتابات الفقيرة التي تفتقد للبرهان والدليل القاطع, هذه الأقاويل كانت قد بُنيت على تصريحات فيرا من انه مستعد لأبداء أية مساعدة للمدرب النرويجي الجديد, كما ذكر هو ذلك للعديد من وسائل الانباء. واثناء جولتنا التفقدية لمواقع الاكاديمية الدولية السويدية لعلوم كرة القدم ومنشآتها الرياضية والكروية, اتصل بي أحد الصحفيين النرويجيين طالبا التحدث معي حول كتابي (فيرا العراقي) طالبا في الوقت عينه الحصول على نسخة منه أو على الاقل بعض التراجم الانكليزية التي كنت قد اعطيتها لفيرا مسبقاً. ثم انعطف الحديث حول قدرات أولسن ومتعلقات فيرا, وهو الامر الذي حدا بي الى انهاء المكالمة متعللاً بعدم قدرتي على مواصلة الحديث بوجود فيرا معي. اتصلت بي الصحافة النرويجية مرة اخرى (طالبة الحديث مع فيرا عارضة في الوقت عينه فيما اذا كانت هنالك امكانية على استقبالنا في أوسلو بدلا من العودة الى ستوكهولم) واجراء محاورات صحفية تلفزيونية مع فيرا والكادر المرافق له.
طلبت مهلة كي أستأنس برأي فيرا الذي رفض الامر جملة وتفصيلا كونه قادم أولا من اجل شأن آخر ليس له علاقة بالمنتخبات وثانيا لأنه مرتبط بموعد مع السيد رئيس الاتحاد الدولي سيب بلاتر في الساعة العاشرة من صباح الثلاثاء ولم يكن امامه غير اقل من 16 ساعة, وهو ما افهمته تماما للكادر الاعلامي النرويجي في حينه.
كانت كل الحوارات النرويجية تتمحور حول مصداقية العمل الكروي المهني الذي سيقدم عليه أولسن مع المنتخب الوطني العراقي, قياسا, باعلانه عن قدراته على جلب الشركات والمؤسسات النرويجية التي ستعمل على رعاية المنتخب ماديا و(ماديا) وهو جزء من التصريحات التي ادلى بها السيد فيرا في حواره على (العشاء الاخير) مع السيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم. تحدث السيد فيرا عن هذه النقطة بالذات حول الفرق بين المدرب الذي يعمل لكي يأخذ حقه وبين المدرب الذي يعمل ويعطي في نفس الوقت حقوقه وبالتالي ما للحالتين من فروقاتٍ جمةٍ.
تريد الصحافة الرياضية النرويجية الآن التأكد فيما اذا كان السيد فيرا قد صرّح لقناة عشتار الفضائية حول هذه الحقيقة بالذات, لذلك فهي تنتظر, مع مترجمهم الخاص, وبفارغ الصبر موعد مساء الثلاثاء القادم لمتابعة اللقاء العشتاري الفيروي وذلك على الرغم من العديد من الرسائل الالكترونية التي وصلتني ووصلته والتي تدعو السيد فيرا الى مغازلة أولسن.
ان العديد من المتتبعين لتطورات العلم الكروي الحديث لعلى ثقة تامة من ان المدرب النرويجي أولسن أو دريلو (اسم الدلع) يتمتع بمواصفات فنية وقدرات اكاديمية جمّة, ولكن كان هذا في سالف العصر والأوان قبل ان يتقوقع على انتصاراته قبل تسعة اعوام من الآن مهتما بالكتابة والبحث والدراسة لم يرتدي خلالها بدلة تدريب المنتخبات الوطنية ولا مرة واحدة, حتى ان تجربته بتدريب احدى النوادي الانكليزية باءت بالفشل الذريع والتي تلتها بعض التجارب الفقيرة داخل النروج في هذا النادي أو ذاك. وهذه الحقائق موثقة ومعروفة للجميع. إن اية دراسة علمية ذات بعد زمني تقول وتؤمن بأن أي مدربٍ ومهما (نقُص كعبه) لابد وان يكون قادرا على قيادة المنتخب الوطني العراقي (صاحب الاعجاز الفيروي الآسيوي) الى موقعة المرحلة القادمة من التصفيات المؤهِلة لنهائيات كأس العالم 2010 في جنوب افريقيا وذلك من  خلال عبور الحاجز الباكستاني الذي لايعرف ويفقه في كرة القدم مثل معرفته بلعبة (الكركت). وهذا يعني من جهة اخرى بقاء أولسن لفترة طويلة نسبيا دون ان يدخل موقعة الاختبار الحقيقي مع اسود الرافدين حاصلا بذلك على السمعة الدولية كمدرب لافضل منتخب وطني في آسيا إضافة الى ما يمكن ان تدّر عليه هذه الاشهر من دخلٍ علمه عند الله وحده خصوصا وانه يَعتبر, من الآن, وبناءا على اول تصريحاته من ان البطولة القارية القادمة في جنوب افريقيا ماهي إلا مرحلة إعداد وبناء (على الرغم من اننا سنلعب الى جانب دول عظمى مثل البرازيل والمكسيك واميركا وبطل افريقيا. ولكن لماذا تطارد الصحافة النرويجية تصريح أولسن هذا بالذات؟ يبدو لي والله اعلم ان أولسن قد وقع في الفخ العراقي من خلال تصريحاته الرنانة تلك فهو الآن إن خسر (بعد ربحٍ كبيرطبعاً ) فليس امامه إلا القول: ـ انا لا اعمل بنقودكم بل اعيل نفسي من شركات وطني. ان عدم تقدم أي من رجالات الدولة العراقية بعرض المنحة أو المساعدة أو (المكرمة) المالية لدعم متطلبات الاتحاد العراقي المركزي المالية لابد ان تدعم هذا الرأي وهو دليل على ان كل من الاتحاد والدولة في زورقين مختلفين. كما ان عدم توصّل الاتحاد الى أي اتفاق مع اية مصدر تمويلي لرعاية المنتخب خلال استحقاقاته القادمة لابد وان تدعم هذا الرأي مرة اخرى.
إذن من اين يأتي راتب أولسن؟ ومخصصاته؟ واقامته؟ وتذاكر طيرانه؟ ومرتب مساعده النرويجي ومترجمه العراقي؟. اما على الصعيد الفني فقد أثبتت الاستفتاءات الرياضية الكروية على تقدم فيرا بنسبة 76 من الاصوات مقابل 24 الى أولسن من حيث أهمية تواجد الاصلح منهما بالنسبة للكرة العراقية وللعراقيين والشارع الكروي العراقي. كما ان الاسلوب الكروي العام الذي بناه فيرا خلال الفترة القصيرة التي قضاها مع منتخبنا الوطني لم تأتي من فراغ ( على الرغم من المعوّقات والصعوبات التي واجهته) بل جاءت من خلال قدرات وإستعدادات لاعبينا على تقيُّل التعامل مع المدرسة البرازيلية لكرة القدم. إضافة الى ميل مهارة اللاعب العراقي من حيث التعامل مع الكرة الى تقليد الكرة البرازيلية. ناهيك عن المناخات والبيئة العامة التي تصب في صالح الكرة البرازيلية من حيث ملائمتها للكرة العراقية. ان الاسلوب الاكاديمي الذي عليه أولسن ينتمي الى مدارس الصبر والعمل الطويل الامد والتجريب والتحليل وبناء سدود دفاعية مقابل عدم اعطاء اهمية قصوى لعمل صانع الالعاب بسبب الكرات الطويلة نحو العمق الدفاعي للفريق الخصم. تمكّن أولسن ومن خلال إستخدام هذا الاسلوب من تحقيق انتصارات كبيرة للكرة النرويجية ولكن هذا النصر جاء عبر اعوامٍ من العمل الجاد ومتابعة اللاعبين لأعوامٍ طويلة ابتدأت من خلال متابعتهم للمنتخب الشبابي مرورا بالاولمبي وانتهاءاً بالمنتخب الوطني. هذا العمل لا يتناسب مطلقاً مع واقع المنتخب الوطني العراقي في الوقت الحاضر. ان الحل الامثل يكمن في قيام أولسن أو (أي مدرّبٍ آخر) بالعودة الى الدهاء والفطنة التي كان عليها سابقا ومحاولة تحقيق اتفاقات جديدة مبنية على إعادة بناء الكرة العراقية إنطلاقاً من مرحلة الشباب والتركيز على تطوير قدرات ومهارات لاعبي الاولمبي الذهنية والخططية آخذاً بنظر الاعتبار الأّعمار التي عليها البعض من لاعبي منتخبنا الوطني الآن وما ستؤول اليه بعد ثلاث سنوات. ولعله من الأجدى ان يعمل الاتحاد على فتح قنوات اتصال مع شبابنا من العراقيين الذين يلعبون في أوربا وفي الدرجات الممتازة والاولى من الاعمار الصغيرة 16 الى 18 سنة والذي يتطلعون الى تمثيل منتخبنا الوطني العراقي قبل ان تعصف بهم قوانين الفيفا وتحرمنا من قدراتهم فيما لو أنتموا الى المنتخبات الوطنية الاوربية.
وقبل ان يمتطي أولسن صهوة الجواد العراقي في خبب التأهل للمونديال كان قد أعلن عن قدراته على إدخال المنتخب الوطني العراقي لملاقاة منتخب النروج والعديد من الدول الاوربية الاخرى. ولكن هذا الطلب الذي تقدم به أولسن الى السيد أوكه هاريلد رئيس الاتحاد النرويجي لكرة القدم كان قد دخل درج مكتب السيد أوكة وتحت عنوان (يؤجل حتى نهاية 2009 وفقط في حالة التأهل) فالسيد رئيس الاتحاد النرويجي رفض وبشكلٍ غير متوقع كل دعوات أولسن وهو يصرخ على ابواب الاتحاد (انا نرويجي) كما ذكرت صحيفة (افتن بوستن النترويجية في عدد 26 من سبتمبر).
رئيس الاتحاد النرويجي يقول ان منتخب النروج يعمل على جدول مزدحم ولغاية نهاية 2009 ولا يعتقد ان منتخب العراق ذو اهمية فنية تُذكر لمنتخب النروج على الرغم من تهويل السيد أولسن لقدرات المنتخب العراقي , كما ذكرت الصحيفة النرويجية. وهذا ما يُقال عنه في الشارع الكروي العراقي الآن (بانَتْ من أولهه).
هذه الانعطافة الخطيرة بين قدرات ووعود أولسن وبين تصريحات رئيس اتحاده لابد وان تعطي الضوء الاخضر لاتحادنا الموقر (وهو الخبير والقدير على تلافي الازمات) من العمل على إيجاد البدائل الموضوعية وبعيدا هذه المرة عن الساحة العربية والخليجية.
قال السيد فيرا لأولسن أو لِمَن اراد لهم أولسن ان يستطلعوا افكارنا (ولازالوا ولحد هذه اللحظة يفعلون ذلك) وبالحرف الواحد: ـ مهمتي انتهت وارجو ان تبدأ مهمتكم من حيث انتهيت. حظاً سعيدا.

73
فضائية عشتار .. هي العراق وهي الخَيار


علي الحسناوي
Ali2155@yahoo.com


لم اكن قد شاهدت فضائية عشتار من قبل, ليس لاني من (روافض) المشاهدات الفضائية, ولكن طبيعة المهمات الحياتية ومتطلبات البحث الاكاديمي والتقصي عن حقائق جديدة لا تُعطي والحالة هذه متسعا من الوقت بغية مشاهدة (معلبات الهواء البرامجية).
ثم ان مرض (الصداع الفضائي) لابد وان يحتلّ رأسي ويغزو تلافيف دماغي بعد كلّ إنتقالة لي فيما بين الفضائيات التي تتسابق في إظهارعراقيتها وتُزايد على مهنيتها من خلال إلغاء عراقية الآخر حتى يُخيّل إليّ احيانا من انني في سوقٍ فضائي لا ينتهي إلا باستخدام الصَحَن أو الدش في حفلة تشريب فضائية غنية باللحم الحيواني بدلا من اللحم البشري الذي يأتي به الصَحَن من مشارق الارض ومغاربها.
ومن محاسن الصدف ان تعود بي علاقاتي الرياضية, ومن خلال قناة فضائية عشتار بالذات,  الى جذوري الاجتماعية (المسيحية) وذلك بعد مساهماتها الفعّالة في تسليط الضوء على نشاطاتنا العراقية التصميم والعراقية الهدف ومن خلال تواجدها في وقت وموقع الحدث.
سادت في الآونة الاخيرة توجهات (فضائية) استلهمت شعارات النفط العنصرية الخائبة من خلال الاعلان عن قناة الكرد للكرد وقناة العرب للعرب. ثم تعددت الفضائيات فيما بعد, مستلهمة نفس الشعار السابق,  معلنة العمل وفق خطة (كلٌّ يبكي على ليلاه) وهي تعمل وبكل ما أوتيت به من قوة ومصادر تمويل على ابعاد ليلى العراق عن قيسها المسكين بالعربي أو جوليت العراق عن روميو بالمسيحي أو نه سرين عن كاكا حمه بالكردي مرورا بآخر حبة لؤلؤ في عقد العراق المفصّص بالجواهر المتنوعة الاشكال والاحجام.
ان الارتباطات المهنية هي التي دفعتني الى البحث عن افضل (ناصب) وخبير كي يعينني على إدخال رقمية فضائية عشتار الى جهازي الذي اصبحت قنواته اكثر عددا من الدول المنتمية تحت لواء الامم المتحدة.
طالعت عشتار على مدى يوم كامل حتى ضاق البيت بالعراق ليخرج منه عبر الشبابيك الى البيوت المجاورة, فمن الأبوذية الى السويحلي والعتابة ومن الجوبي الى الدبكة ومن خوني الى اخي الى كاكا ومن ديخوت الى جوني الى سلامات ومن محمد (ص) الى مشيحا (ع) ومن شكرا الى سباس الى بسيما الى تشكّر حتى أحسست خلال ذلك اليوم بأني انما كنت قادما من ابي غريب (حيث يسكن اخي) الذي لم يعُد يسكن هناك نحو الشاكرية (حيث سكنت انا) عبر جسر الجمهورية ماشيا نحو البتاوين الى مدينة الثورة الى كراج النهضة نحو كركوك لأدخل اربيل ثم عينكاوا فالقوش الى السليمانية دون ان تستوقفني سيطرة وهمية أو حقيقية طائفية كانت أو غير طائفية ولم يتحدث إليّ جندي اميركي (سكن انفاق نيويورك من قبل) ثم تعلّم بعض العراقية في معسكرات جورجيا.
ايها السيدات والسادة لا تشتروا اجهزة جديدة كي تستوعب فضائيات اخرى, فالبقاء لعراقية عشتار الفضائية دون منازع وهي قطعا سوف تبقينا على عراقيتنا كي نُبقي الدين في العُلا وننشر في الارض السلام حيث لا يُمكن لبشرٍ ان يكون عبداً لسيّدين في آنٍ واحد. فأما الله أو المال. اللهمّ اني صائم.

74
لنستذكر عِراقية العَرَق الكروي المسيحي على الارض المسلمة
[/color]
إستذكار : يوسف ثامر ـ مؤرخ كروي وكاتب
كتابة وإعداد: علي الحسناوي ـ محاضر وأكاديمي
إبتداءا من الأثر الكبير الذي فرضته الحضارة الآشورية بمفرداتها المختلفة على الإرتقاء بالأنسان العراقي ومرورا بوصية النبي محمد الأمين (ص) لأصحابه الغُر الميامين بأن يتوجهوا الى الحبشةِ ففيها ملك لا يُظلمُ عنده احد (حينما قرأوا ثلاثون آية من سورة مريم) وحتى زمن زهو وتألق المسيحية (العراقية) على مساحات الخارطة العراقية فإنه لا يمكن لنا ومن الناحية التأريخية وعند تقسيمنا لمظاهر الحياة العراقية عبر العديد من الحقب والتواريخ المعاصرة ان نتجاهل أو ان نتناسى دور القطاع الرياضي ووفقا لنشاطاته المتعددة في التأثير على توجهات واهداف هذه النشاطات الرياضية.
ومن هذا المنطلق فإنه لابد لنا ايضا من الوقوف بكلِّ اجلال وإحترام لكل الاطياف والمعتقدات المدفوعة بعراقيتها أولا والتي أثْرَت هذا القطاع الرياضي النبيل والطيّب بمسمياته المختلفة وأثّرت فيه كذلك خصوصا ونحن نحاول إستذكار تلك الأسماء اللامعة من العراقيين المسيحيين والذين ساهموا بشكلٍ فعّال ونقي في رفع سمعة الرياضة العراقية في جميع المحافل الوطنية والدولية.
وحينما نفتح هذه الذاكرة الكروية فإن أول من يضيّفنا هو الدولي توما عبد الاحد وهو الذي مثّل مسيحيي العراق والعرب في أول منتخب كروي عراقي عام 1951  ليبلي معه البلاء الحسن.

يورا إيشايا ..أول عراقي يفتح ابواب الإحتراف
والحديث عن يورا أيشايا خليط من الشأن الكروي وشجن الاغتراب كونه أول لاعب عراقي  يفتح ابواب الاحتراف على مصراعيه ومن ارقى طرقه الانكليزية وذلك بعد ان وقّع لكشوفات نادي بريستول روفرز وهو واحد من افضل النوادي الانكليزية في ستينيات القرن الماضي إلا ان صوت العراق الذي نام في ذاكرة ايشايا طوال تواجده في مدينة الضباب أستيقظ ليرحل به حنينه للعراق وفنونه الكروية الجميلة ليساهم وبفعالية كبيرة في تحقيق الكثير من الانجازات للازرق الجوي العريق وليساهم بقيادة المنتخب الوطني العراقي في العديد من المحافل الدولية.
وبعد اعتزاله الكرة وتركه عالم الاحتراف راودته فكرة الاغتراب ليحط هذا الطائر المسيحي فوق احدى مداخن مملكة السويد لينزلق منها ويقع مباشرة في عشق أول جميلاتها ليبني له ولها وبجدران العراق عشا جديدا وليخرج من القفص الذهبي الاوربي ليدخل ابواب التدريب للعديد من الفرق السويدية وليعمل بعراقيته الصميمية من اجل المساعدة على قدوم اول فريق عراقي للاشبال للمشاركة في دورة غوتا الدولية للشباب في  مدينة غوتنبرغ السويدية ليفوزوا بكأسها ويتألقوا على ملاعبها.
ويأبى اللاعب العراقي أيشايا إلا ان يموت واقفا وهو ينتظر ان يلاقي معشوقته المستديرة وذلك عند دخوله الى احدى ملاعب التدريب ليسقط الجسد العراقي المنهك بحب العراق ليحتضنه العشب السويدي الندي وليخفف عنه آلام السقوط.
ومن ذكريات الأخ علي الحسني نقتبس المعلومة التالية والتي زادت هذا الاستذكار نور على نور
يورا ايشايا زار مدينة النجف الاشرف في عقد الستينات من القرن الماضي مع المنتخب العسكري تارة أو مع النادي الاثوري البغدادي وقد لعب الراحل (يورا ايشايا) في ملعب اعدادية النجف للبنين في بداية الستينات وشاهده الجمهور النجفي انذاك واسمتع بلمحاته الفنية الرائعة
زار الراحل يورا ايشايا مدينة النجف الاشرف اكثر من مرة والتقى اهالي المدينة والتقى باعضاء ومسؤولي الفرق النجفية التي لعبوا معها وكانت لهم ذكريات جميلة ومنها (سراديب النجف)!!!وهي من المحطات الجميلة التي كانت في ذاكرة ذلك الجيل عندما كانت الكرة النجفية تستدعي عبر فرقها المشهورة انذاك مثل اتحاد الفضلي والامل الرياضي وفريق الرياضي الاهلي ونادي الغري مختلف المنتخبات والاندية العراقية وبالذات من العاصمة الحبيبة بغداد.
دلائل الثقل المسيحي في الكرة العراقية (دورة لبنان)
ومن دلائل الثقل المسيحي في الكرة العراقية هو ما حصل في عقد الخمسينيات وتحديدا عام 1957 في الدورة العربية الرياضية في بيروت وذلك حينما تواجد سبعة لاعبين مرة واحدة ومن الطائفة المسيحية في صفوف المنتخب الوطني الذي شارك في هذه الدورة.
وبفضل هذه النخبة حققنا فوزا رائعا على ليبيا 3 ـ 1 وتعادلنا مع المغرب بنتيجة 3 ـ 3 بعد ان كنا متقدمين بثلاثة اهداف حيث احرز شاعر الكرة عمو بابا هدفين منهما. إلا ان خسارتنا امام تونس  بنتيجة 2 ـ 4 حالت دون ترشحنا الى الادوار النهائية.
ومن الجدير بالذكر ان المنتخب الوطني العراقي سجل ثمانية اهداف خلال تلك البطولة كان نصيب خمسة منها بأقدام اللاعبين المسيحيين.
واللاعبين السبعة هم:
عمو بابا , يورا أيشايا, كاكو كوركيس, خوشابا لاو, زيا شاؤول, أديسون, سركيس.
وهكذا يُسدل الستار على جزء من حكاية أول من حمل فن وحب وأسم العراق نحو بوابات العالم.

[ طرزان ويلسون ..صديق الاطفال ]
اقترن اسمه بمغامرات افلام طرزان وهو الامر الذي تسبب بأن يكون لأسمه تلك الرهبة المحببة والرغبة العالمية في ان تستذكر معه ذلك العالم الساحر في غابات الأمازون وبذلك جاء اسمه ليكون سهل النطق محفورا في ذاكرة الاطفال الذين غطت بهم ملاعب السكك والشاكرية وكمب الأرمن كما كان يُطلق عليه خلال تلك الفترة.
وكنا غالبا ما نتندر معه سائلين اياه عن سبب عدم مرافقة (الشيتا له).
ـ تارزن ..وين الشيته
 على الرغم من حبه الكبير لكرة القدم إلا انه كان صديقا صدوقا لنخبة من رياضيي عصره وزمانه من ممارسي النشاطات الرياضية الاخرى ولم يكن بطبيعته الربانية يبخل علينا نحن الصغار برشة ماء نغرقه فيها من فوق سطوح بيوت عبد الكريم قاسم وهو عائد للتو من التمرين وذلك كلما حلّت (مواسم عيد الرشاش) ,كما كنا نطلق عليها نحن المسلمون,  لنكون أول من يُطلق حرب الماء حتى نغرق عند العصر نحن وأخوتنا المسيحيين ببركة من الماء والطين ولكم ان تتخيلوا ماذا كان يحصل لنا في البيوت عند رؤية امهاتنا لنا قبل ان ننشغل بتلوين البيض العربي الأبيض.
تألق تارزن مع الفرق العسكرية العراقية والتي تسيّدت ساحة الكرة العراقية خلال تلك الفترة ولعب لمنتخبنا الوطني وتألق ضمن قوته الهجومية الضاربة وذلك قبل ان يُغادر الى الكويت ليعمل هناك ضمن طواقم عمل البناء والتشييد في أوج النهضة النفطية في الكويت.
ويُقال ان الكابتن تارزن كان قد تعرّض لحادث اليم خلال هذا العمل بعد سقوطه من احدى (السقالات) المرتفعة في مدينة الكويت.

[ جرجيس الياس (ابو غازي) صانع النجوم ]
لا يدلّك قصر قامته ونعومة جسده على قدراته القيادية الفذة. ويمكنني الآن من تحدي كل النظريات الكروية لأقول واتسائل كيف كان يمكن لجرجيس الياس (ابو غازي) من القدرة على السيطرة على تلك المجاميع الموهوبة والمتمردة في الفرق الكروية التي كان يشرف عليها والتي كانت في حينها تحج اليه من مشارق بغداد ومغاربها اما راكبة أو ماشية على الاقدام.. وهو يتأوه بلكنته المسيحية المحببة:
ـ هاذا فاله راه يموتني ..بالمسيه
ولم يثنيه يوما الدرب الوعر الذي كنا نسلكه ملتصقين بجدار مدرسة كرادة مريم الابتدائية الطويل مرورا ببقايا الشاكرية منحرفين بأمتداد الطريق الترابي الحار على امتداد دور موظفي السكك حتى ندخل ملعب السكك قبل ان يتحول اسمه الى ملعب المواصلات ثم نادي الزوراء فيما بعد قبل ان يقف على ذكريات نجومه الجميلة فندق الرشيد حاليا.
كان ابو غازي اكثر إيثارا للاعبيه على ابناءه واكثر بقاءا في ملعبي السكك الرسمي والشعبي من بقاءه في مسكنه الذي طالما تمنيت ان يكون متحفا وشاهدا على الزمن النبيل على ان تَطال امنيتي هذه بيت شيخ المدربين اطال الله لنا في عمره.
ولا عجب ان ينتخي المدرب السوفيتي يوري في حينها برؤية ابوغازي لمساعدته على تشكيل أول منتخب للشباب وهو نفس الأمر الذي حصل مع الكابتن عبد الرحمن القيسي (ابو عوف) مدرب البريد آنذاك رحمة الله عليهما!!!
حيث اطلق ابو عوف مقولته الشهيرة في حينها حينما استدعى يوري اغلب لاعبي السكك والبريد لهذا المنتخب:
ـ انا إلي ربيت وال (يوري) يصيرون. تمثلا بالاغنية الشعبية العراقية المأثورة (انا الربيت والغيري يصيرون.
ومن المواقف النبيلة والانسانية التي يجب ان تظل خالدة في التأريخ الكروي العراقي هو رفض ابو غازي الاستمرارية بالتدريب بعد ان أُغتيلَ فريق السك بمؤامرة دمجه مع المواصلات بعد ان اتخذ من اسم نادي النقل كفترة انتقالية له ولتتحول هذه الخلطة الى نادي الزوراء بتسميته الحالية وهي المعلومة الفريدة التي يجب ان تظل في ذاكرة الأرشيف العراقي الكروي.
وُيعتبر الكابتن جرجيس الياس من اكثر الناس عداوة لكل ما يسيء الى الرياضي وسمعته الاخلاقية حيث كان يوصي لاعبيه بعدم التقرّب من الكحوليات وعدم تناول مشروب (البيرة) على وجه الخصوص حتى ولو القليل منه.
وكان اللاعب الذي يُخالف هذه القاعدة الصارمة ولأي سبب من الأسباب عادة ما يذهب بنفسه الى الكابتن جرجيس وبكل وجلٍ وخجل لكي يعترف بما اقترفه من ذنب وكأنه يقف امام شباك الاعتراف الكنائسي. وحينما كان هؤلاء اللاعبون يُسألون عن ماهية ودافعية اعترافهم لأبوغازي بفعلتهم النكراء كان يجيبون بكل برود:
ـ في حقيقة الأمر كنا يوم امس نرى وجه الكابتن جرجيس في قدح الشراب وهو يتوعدنا بالعقاب وايضا لأحساسنا وعند دخولنا ساحة اللعب انه يعرف كل شيء ولكنه ينتظر الفرصة المناسبة للإنتقام منا.
من دلالات عبقرية مدرسة ابو غازي في صناعة النجوم فإنه لابد لنا ان نتوقف عند بعض المحطات المضيئة في عالم مدرسة ابو غازي وأعلامها التي رفرفت في سماء الكرة العراقية.
انور وحازم جسام, علي كاظم, جلال عبد الرحمن, كاظم خلف, المرحوم ستار خلف (والذي تألق مع نادي آليات الشرطة فيما بعد), المرحوم كاظم لعيبي, رسن بنيان, عليوي حسين بطوش, زياد عبد الحميد,  ثامر يوسف, سمير محمد علي ....والقائمة تطول.
تألق ابو غازي في قدراته التدريبية الميدانية وأبدع في قيادته الملعبية وتفوق على الآخرين بحسن أدبه ووسع درايته ومرحه دون ان يكون له أي نصيب مما يحظى به دلال المدربين في العالم المعاصر فهل كتب الكابتن جرجيس الياس (ابو غازي) نظرية جديدة مفادها ان عملية التدريب الكروي عبقرية انسانية وابداع بشري قبل ان تكون رقم في حساب مصرفي.
ومن العبق الكنسي المسيحي الذي تركه جرجيس الياس فينا ممزوجا بالطيب الاسلامي الذي نثره عبد الرحمن القيسي فوقنا فإنه لابد لنا ان نتسائل:
ألم يحن الوقت .. لتكريم هؤلاء المبدعين أم ماذا ننتظر ؟؟؟؟

[عادل جرجيس .. إنجازات كروية عبر الاجيال]
لا يمكن ان تفارق الابتسامة محيّاه. ولا يمكن لك ان تعاشره دون ان تضحك كثيرا بسبب تندره المستمر على شؤون الحياة وشجونها. مَرِنٌ كأعوادِ السنابل, صلبٌ كأعوادِ الخيزران.
عادة ما نتسائل, ونحن نراقب مدربا مبدع, عن التأريخ الكروي لهذا المدرب إذ غالبا ما ارتبطت عندنا حالات إنتقال اللاعب من ميدان اللعب الواسع الى مصطبة التدريب الضيقة. أي من لاعبٍ الى مدرب.
تتقارب سيرة عادل جرجيس كمدرب من حيث رؤيتنا التأريخية لماضيه الكروي مع الكابتن الكبير جرجيس الياس (ابو غازي) من حيث ان كلاهما ابتدءا من حيث انتهى الآخرون والدخول مباشرة الى عالم التدريب الصعب والقاسي خلال تلك الحقب الملأى بالسعادةِ وبالتعب.
إلا انهما اشتركا بصيغةٍ واحدة وهي ان كلاهما أختارا الطريق الصعب والمليء بالأشواك وذلك من خلال الاشراف على فرقٍ فتيةٍ لم يلمع اسمها بعد في ذاكرة التأريخ العراقي الكروي خلال تلك الفترة وجواهر من اللاعبين تعب عادل جرجيس في صقلها وزاد من بريقها بعد ان التقطها من خانات النسيان الكروي.
إبتدأ المبدع عادل جرجيس مشواره التدريبي من خلال الأشراف على فريق الصواعق (الكهرباء) وذلك حينما كان يلعب في دوري الدرجة الثالثة خلال الفترة المحصورة بين ستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي. 
وبعد مسيرة حافلة بالانجازات خلال دوري الدرجة الثانية والتي تمكن فيها الكهرباء من صعق فرق المجموعة بقيادة عادل جرجيس الذي تميّز بحرصه الشديد والغيرعادي الأمر الذي كان يتسبب باهتزاز جسده طوال الاوقات الحرجة من المباريات. حصل الفريق على بطاقة الدخول الى دوري الدرجة الاولى في العام 1974 وحجز مقعده الوفير مع عالم الكبار والذي لم يغادره لسنين طويلة من التألق والإبداع.
ومن هنا دخلت مرحلة عادل جرجيس الذاكرة الكروية من خلال إستئثاره بظاهرة صناعة النجوم والتي كاد فيها ان يجاري صانع النجوم ابوغازي.
وبالتالي فإنه سرعان ما تحوّل فريق الكهرباء الى مصدرٍ للنجوم بعد ان أثرى فرق الدوري العراقي بالعديد من النجوم التي بدورها إرتقت وتسامت بسمعة الكرة العراقية على صعيد المحافل الدولية من خلال مشاركاتها في المنتخبات الوطنية. ومن هذه الجواهر التي صقلها المبدع عادل جرجيس تتألق الذاكرة الكروية بأسماءٍ مثل:
ضرغام الحيدري, ياسين ياس, قاسم محمد (ابو حمرة), سعدي يونس, حميد سلمان, فيصل غضبان, كريم هادي, شاكر محمود, اياد محمد علي, الأخوة كريم ونعيم ورحيم صدام, رزاق خزعل...وآخرون.
وحتى حينما تخلى الكهرباء عن اسمه الصاعق ليحمل اسم (نادي الصناعة) فيما بعد إلا ان عادل جرجيس ظلّ وفيا له وقائدا لمسيرته لأكثر من خمسة عشر عاما.
 
ونتيجة لهذا التألق أُسند اليه الإشراف على اول منتخب لأشبال العراق ليقوده فيما بعد في بطولة هلسنكي الدولية في فنلندا وليحصد كأس البطولة مع مجموعة رائعة من اللاعبين الجدد والذين اصبحوا فيما بعد من ابرز نجومنا الدوليين امثال:
الاخوين خليل وكريم علاوي, باسل كوركيس, كريم كردي, ناطق هاشم (رحمه الله), غانم عريبي, والحارس كريم سهيل.
 
ومن اروع الامثلة على القيادة والدعم الذهني الرياضي التي تميّز بها عادل جرجيس هو تلك اللحظة التي اضطر فيها عادل الى ابدال الدولي ضرغام الحيدري باللاعب الأسمر الشاب ذو الخمسة عشر عاما كريم هادي ليرتدي قميصا ازرق كان يصل حتى ركبتيه.
فما كان من عادل جرجيس إلا إلقاء محاضرة قصيرة الزمن كبيرة المعاني حينما قال له بالحرف الواحد:
ـ اسمع ابني كريم.. انك لست أدنى شأنا عن هؤلاء النجوم ان لم تكن افضل منهم كونك قادم الآن من انتصار بطولة هلسنكي وكنت الهداف فيها.
ابدع كريم هادي وهو يصارع رعد حمودي في منطقة الجزاء حيث انتهت مباراة الصناعة والشرطة بالتعادل السلبي وحصل كريم في حينها على اول تكريم له بزيادة مخصصاته لتصل الى مستوى مخصصات النجوم .
ولم يتوقف ابداع عادل جرجيس عند حرفة صناعة النجوم فحسب بل تعدّاه ليصل الى صناعة المدربين الذين واكبوا مسيرته وساروا على خطاه واعتمدوا نهجه التدريبي المذهل.
 
ومن هؤلاء الكابتن موفق المولى الذي كان مساعدا لعادل جرجيس والذي اشرف بعد ذلك على منتخب اشبال العراق الذي شارك في بطولة هلسنكي الدولية وكأنه يريد ان يذكّرنا بمقولة هذا الشبل من ذاك الأسد. كما تخرّج من مدرسته التدريبية الكابتن محمد الشيخلي والذي استلم راية نادي الصناعة بعد ذلك والذي لازال لحد الآن حافظا للعهد والمباديء التي غرسها فيه الكابتن عادل جرجيس.
ويأبى عادل جرجيس ان يغادر ميدان التدريب الكروي إلا وهو مصحوبا بإنجازٍ آخر ليدخل التأريخ مرتين ويخرج منه مرة واحدة وذلك بعد ان أُنيطت به مهمة تشكيل وإعداد أول منتخب نسوي عراقي لكرة القدم ليتألق معه ايضا من خلال تعامله الاجتماعي والأبوي ليغادر بعدها الساحة التدريبية بصمت وهو مكلل بأكاليل من العتب ومثقل بالكثير من الشكوى من حالة النسيان التي طغت على مسيرات عظمائنا الذين صنعوا تأريخ الكرة العراقية وكتبوه بحروف من نور.
طوبى للمبدعين الذين رتّلتْ لهم الكنائس وأذّنت لهم الجوامع وهم ينتخون عراقيتهم أولا.[/b][/font][/size]

صفحات: [1]