عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - محمد المنصـور

صفحات: [1]
1
الإعلامي داود أمين
عطاء في المسرح وجمال في الشعر

محمد المنصور


ولد في قضاء شط العرب في البصرة عام (1948)، وانتقل مع عائلته إلى الناصرية عام (1951)، وتخرج من دار المعلمين عام (1969)، وغادر العراق أوائل عام (1979) لأسباب سياسية، متوجهاً إلى بلغاريا واليمن الديمقراطية، ثم إلى كردستان العراق حيث ساهم في حركة الأنصار هناك. بعدها سافر إلى الاتحاد السوفيتي ومن ثم إلى سوريا، وحط رحاله في الدانمارك ليستقر أخيراً في العاصمة كوبنهاكن. إنه الإعلامي والشاعر والمسرحي العراقي داود أمين منشد (أبو نهران). الذي ولد في بيت تحتل قسماً منه مكتبة كبيرة تحتوي على المئات من الكتب، ونشأ في وسط ثقافي مع أب مدمن على القراءة وأم حنونة وطيبة وأخوة يمتهنون الثقافة. في زمن كان فيه التعليم رصيناً ومبنياً على أسس علمية حديثة وعلى أيدي معلمين ومدرسين وأساتذة أكفاء. وما زال داود يتذكر وهو طالب في الصف السادس الابتدائي نبوءة معلمه (ستار طاهر). الذي كان يراجع مواضيعه الإنشائية ويقول له: "أنت يا داود سيكون لك شأناً في المستقبل وستصبح كاتباً مرموقاً".

ليلاي والطقوس الأخيرة

أحب داود الشعر وكتب القصيدة العمودية قبل أن يتحول إلى كتابة القصيدة الحرة التي بدأها بقصيدة (كبش الفداء) والتي نشرت في صحيفة (كل شي) عام (1968). "كبش الفداء أنا ولا يدري الجميع / قد جف نسغي مات في قلبي الربيع / حل الشتاء ببرده الثلجي وانهمر الصقيع / الكل يمشي في القطيع / إلا أنا لا أستطيع / ألأن إيماني ضعيف بالذي قاد القطيع؟ / ألأنني فكرت بالسير الوضيع؟ / برتابة السير الوضيع / فلقد خرجت من القطيع". ثم كتب القصيدة المدورة عام (1970) وهي بعنوان (أبحت دمي): "أبحت دمي هامتي راية / وصوتي غيوم تنز سيولا / عصر الخلافة ولى لم نعد نطيق الوصاية / وليالي شهرزاد انقضت / نيرون عاد لروما والحريق نما / والظلم أوغل صوت الحق مفقود / يا أرض دجلة يا من تحملين دماً / جود الطغاة شحيح فهو مردود". بعدها قصيدة (ليلاي): "ليلاي أين متى بالله ألقاك أعيا بي البحث حتى صرت أخشاك / أنا كم بحثت عسى يوماً أصادفها تلك التي غرست في القلب أشواك / لكن وقتي بلا جدوى أضيعه مهما بحثت فأني لست ألقاك".

كانت مقهى (أبو أحمد) في الناصرية بمثابة تجمع للمثقفين شباباً وشيوخاً في سبعينيات القرن الماضي، وكان (داود أمين) أحد روادها المنتظمين، وكان للمخرج (عزيز عبد الصاحب) مسرحية (الغريب)، وكان يبحث عن شخص يقوم بدور الجندي البريطاني، فوجد ضالته في داود وأسند له دور البطولة. كان هذا أول عمل مسرحي لداود يمثله في الناصرية عام (1967)، ومن هذه البطولة إلى أدوار البطولة في أعمال مسرحية كثيرة منها: (حفلة سمر من أجل خمس حزيران) مع (صالح البدري) وكذلك (سيرة أس)، وبصحبة الفنانة (إيمان خضر) في مسرحية (المسيح يصلب من جديد) إخراج الفنان (حازم ناجي)، ومع المخرج (بهجت الجبوري) في (أسياد الدم) وكذلك (الطقوس الأخيرة)، ومع المخرج (مهدي السماوي) في (حصان محترق الأطراف). وحاز على الجائزة الثانية لأفضل ممثل في المنطقة الجنوبية عن مسرحية (المغني) للشاعر (رشيد مجيد)، في يوم المسرح العالمي في البصرة سنة (1970)، وفي العام التالي شارك في مسرحية (ستربتيز) مع (صالح البدري)، التي حازت على الجائزة الأولى كعمل متكامل في ذات المهرجان في البصرة.

على أعتاب المنفى

ساهم داود بتشكيل جمعية (رعاية الفنون والآداب في الناصرية)، في بداية السبعينيات من القرن الماضي. ثم ساهم بتشكيل مكتب صحفي بعنوان: لجنة الصحافة والفنون (لصف)، الذي تحول لاحقاً إلى لجنة الصحافة والنشر (لصن)، ليصبح داود مراسلاً لجريدة (طريق الشعب)، وعضواً في سكرتارية المكتب الصحفي للمنطقة الجنوبية: (البصرة، العمارة، والناصرية). ثم ألتحق بدورتين صحفيتين بين عامي (1974 / 1976) في جريدة طريق الشعب. وكان يكتب بأسماء مستعارة ويقوم بتحقيقات ميدانية في الأهوار: (الجبايش، الحمار، والفهود)، ويجري العديد من اللقاءات مع شخصيات وطنية معروفة. ليضطر بعدها إلى مغادرة العراق متوجهاً إلى بلغاريا عام (1979).

لم يمكث داود طويلاً في بلغاريا حتى سافر إلى اليمن وعمل في جريدة (14 أكتوبر) ولاحقاً في (المسار) ثم (سيناريست) في مجلة أطفال (نشوان). وكان يرسم بالمجلة الفنانين: (عفيفة لعيبي وعبد الإله لعيبي)، وقد أدخل داود رسوماتهما في ثلاثة كتب أصدرها لاحقاً. ثم توجه إلى كردستان، وعمل في مكتب إعلام (سرية زاخو) الذي إصدار مجلة (المفرزة 47) الدفترية. وأصبح مسؤولاً للإعلام وساهم بإصدار صحيفة (النصير) باللغتين العربية والكردية. ثم رئيس تحرير جريدة الجبهة الكردستانية (ريكاي سركفتري) باللغتين العربية والكردية، ونسختين بالكردي (البهديني والسوراني). بعدها التحق بالإعلام المركزي في (سوران) في نهاية عام (1985)، وعمل محرراً ومذيعاً. وكان في هيئة تحرير طريق الشعب وسكرتير تحرير (نهج الأنصار). وفي نهاية الحرب العراقية الإيرانية وبدء عمليات الأنفال عام (1988)، توجه (أبو نهران) إلى مدينة (راجان) الإيرانية وعمل في إذاعة الجبهة الكردستانية محرراً ومذيعاً ومسؤولاً للقسم العربي.

وطن يأكل أبناءه

أول قصيدة شعبية كتبها داود كانت (أحلام) في بيت سري في طهران بعد مغادرته كردستان، وفي الذكرى الثالثة لاستشهاد شقيقته (أنسام / موناليزا)، وتحتوي القصيدة على (21) حلماً. وكان الحلم الأول بعنوان أمي: "إحلمت مره بمره حره أصفى من الذهب دره / ما طخت أبد راس ولا دنكت للناس / هم مره الزمان يجود وتشوفج عيني يا أم داود". الحلم الثاني شقيقته الشهيدة أنسام: "إحلمت مره بوجه أنسام يكلي الغيره تنقصنه يا خويه الغيره والإقدام". الحلم الثالث شقيقته الشهيدة سحر: "إحلمت مره بسحر تضحك وعلى خدها الحلو رصعات / كمت أطحن حزن وأسحك وأمسح بيدي أثر دمعات / لأن عيني ألمحت ركبة طويلة وأحس حبل يخنك وشبح رجلين يتلولحن ماكو ثبات". ومن ثم أبنته روزا والخسارات الأخرى في كردستان.

وصل أمين إلى سوريا عام (1990)، فعمل في مركز الدراسات والبحوث الفلسطينية في دمشق، ثم في إذاعة (صوت العراق) حتى وصل الدانمارك عام (1992). لديه خمسة كتب باللغة العربية وأثنين باللغة الدانماركية وكتاب باللغة الكردية. ومشاريع عديدة منها: كتاب عن الفنانين: (طالب غالي، كوكب حمزة، وكمال السيد)، وكتاب عن (ناصرية الخمسينات)، ورواية وكتاب أنصاري وكتاب دراسات. صدر له أحد عشر كتاباً: قصص للأطفال وكتاب دراسات إعلامية (مقالات) ورسالة الماجستير، وكراس عن الشاعر (عدنان الصائغ)، وكتاب آخر تحت الطبع. إضافة إلى المقالات والدراسات الأخرى ومنها دراسة مهمة عن (الحزن في الأغنية العراقية)، تبدأ من السومريين وكلكامش إلى يومنا هذا، وتحتوي على نماذج عديدة وعلى أسباب الحزن وهي محاولة للتفسير.

2

الشاعر خلدون جاويد
هذا وطننا .. وطن القيامة .. فمن يدافع عنه غيرنا؟

خلدون جاويد: شاعر ينشد الأمل ويعشق الحياة في ثنائية حب نقية، يرى فيها الوطن في عيون الحبيبة والحبيبة في فضاءات الوطن. لم يستكن ولم يهادن وبالشعر يقاوم، على الجرح يتكئ وينز من قصيدته الفرح، وفرة من العطاء ودواوين تنتظر الصدور. أعجب بوالده كثيراً حد الهيام والافتتان، وأعجب بالشعر الذي يقرأه ويغنيه وبحافظته الرائعة، كان يستلهم هذا الجمال ويمني النفس بأن يكتب مثل هذه الروائع. لم يكن لمدينته التي ولد فيها علاقة بتكوينه الشعري، ولا حتى لمدينة بغداد ذاك الفضل، لكن بغداد أضافت له في واقع الحال. كان يقرأ الرصافي والكاظمي وعلي الشرقي والجواهري، فصاغ قصيدته الأولى ومنها انطلق في تزين العقد. كان تركيزه على الشعر أكثر منه على الفكر والسياسة: "الشعر هو كل حياتي، أو هو الهالة التي أدور فيها، ذهبت إلى بدر شاكر السياب وإلى نزار قباني اللذين أثرا بي تأثيراً كبيراً، وحاولت أتشبه بهما بالكتابات الأولى، عدا الديباجة الرصافية والجواهرية، التي كنت أستلهمها في الكتابة".

أسر القصيدة
كان هناك وفاء غير طبيعي للشعر في حياة خلدون، فكان يترك الدراسة ويذهب إلى الشعر، ويكتب في كل ليلة قصيدة حتى في ليلة الامتحان، وكان يعاقب على هذا من قبل والده، الذي اكتشف ذات مرة قصيدة غير مكتملة، كان خلدون قد وضعها في كتاب الجغرافية، كتبها عن صديق له فقد حياته إثر حادث سير، فقرأها والده واكتشف أن القصيدة جيدة وأعجبته فقال له: (لو لم تكن هذه القصيدة جميلة لعاقبتك ذاك العقاب! أكملها). أعجب خلدون بالتشكيل الشعري لأنه جميل ويعطي ويعلم ويثور اللغة، ولكنه لم يدخله في حياته: "لأني كنت أسير في أسار القصيدة الرصافية في ملاحقة الحدث اليومي التأريخي، بمعنى أني لن أخرج من التأريخ، لكني أيضاً أدبج قصيدتي بجماليات التشكيل وهذا ضروري، لأنه يجب أن تكون القصيدة ضفيرة ما بين التشكيل وبين التأرخة، وبين الموقف المضاد أي القصيدة المضادة، وأنا هذا ديدني طيلة الفترات الطويلة، وأصدرت دواوين وكتابات في هذا المنحى".

أول الغيث
إن القصيدة التي أشرت لخلدون شاعراً، كتبها في بغداد في نيسان عام (1973)، واعتبرها القصيدة الأولى وكانت بعنوان: (لمشمسة العينين). قرأها في قاعة (ساطع الحصري) في كلية التربية في مهرجان الربيع. كانت قصيدة ثورية تبجل الحزب الشيوعي العراقي، وثورة السودان وقتها، ومدينة الناصرية العراقية: "كان الجو ملغوماً في القاعة وقد سخر الجمهور من بعض الشعراء. فقلت لصديقتي التي أصبحت فيما بعد زوجتي، أني سوف أنسحب ولا أقرأ ولا أريد أن أتعرض إلى السخرية. فقالت لي لا، عليك أن تذهب لأن قصيدتك قوية، وفي كل الأحوال أعتبر نفسك تقرأها لي أنا فقط. فسرت في الممر حتى صعدت إلى المسرح وأنا العاشق الولهان قلت: (إذا كانت قصيدتي سبباً في شتمي، فإني سأحتضن كل شتائمكم في قلبي، وذلك لأني أغني قصيدتي إلى تربة الناصرية، التي أول ما نبتت عليها وفي بلادي ثورة الاشتراكية الحمراء).
فصعد إلى المسرح شخص من الاتحاد الوطني لطلاب العراق، ووضع أمامي ورقة مكتوب عليها، (ليس هكذا يا صديقي!). لم أعر أي اهتمام لذلك وقرأت قصيدتي التي كان مطلعها: "مدن الشرق لا تخافي فوجهي نصبوه للعاشقين صليبا / عربات النزيف تلهث في رأسي زهوراً من الدخان لهيبا / وإذا يحرقون كل حديد الأرض ناراً في جثتي لن أذوبا / أنا فيتنام كالفرات بلادي كل شبر في الناصرية كوبا".

 
الشاعر خلدون جاويد

شمعة تضيء الجزائر
غادر خلدون العراق مكرهاً في ربيع عام (1979) باتجاه بلغاريا ومكث فيها بضعة أشهر، ومنها إلى الجزائر إلى مدينة في قلب الصحراء، تبعد عن العاصمة ثلاثة ألاف كيلومتر تقريباً، حيث عين فيها مدرساً وعاش فيها لأكثر من ثماني سنوات: "كان لدي الكثير من الوقت للقراءة، كرست جله للرواية الجزائرية. وقد أعجبت بأسماء روائية مهمة وكبيرة منها: (الطاهر وطار، رشيد بو جدرا، وأمين الزاوي). وقد تأثرت أيضاً بعدد من الشعراء الشباب وبقصائدهم الثورية، لأنهم يمثلون الإرث الثوري لآبائهم وأجدادهم، والملاحم البطولية التي سجلوها ابان الاحتلال الفرنسي لبلدهم الجزائر. فكانت قصائدهم تسحرني كما أسحرني الشعر الفلسطيني، وبنيت قصيدتي على هذا النحو وبدأت أتشبه بقصائد هؤلاء الشعراء الشباب".
إضافة إلى هذا كان خلدون يقرأ الصفحات الثقافية في كل الصحف اليومية التي تصل إلى تلك الولاية، وكان يكتب نقداً لبعض القصائد المنشورة فيها. إضافة إلى كتابة الكثير من القصائد ونشرها في العديد من الصحف منها: (جريدة النصر، الشرق الجزائري، الوهرانية، الجمهورية، وجريدة الشعب). كان معروفاً على الصعيد الثقافي في الجزائر، حتى أن الإعلامي الجزائري (عبد القادر دعميش)، الذي يعمل الآن في قناة الجزيرة. كتب عنه مقالاً بعنوان صادم: (خلدون جاويد شمعة تضيء الجزائر قاطبة)، وذلك لكثرة ما كان جاويد يمطر الجرائد بقصائده.

هذا العتاب
بعدما تجاوزت شهرته الجزائر، قرر خلدون السفر إلى سوريا عام (1988)، وعمل لدى شاعر العرب الأكبر (محمد مهدي الجواهري)، وكتب الكثير من الشعر الجميل في دمشق. من أشهر ما كتب قصيدته الرائعة، التي طفقت شهرتها الآفاق بعنوان: (هذا العتاب)، الذي يمدح فيها الجواهري ويهجوه في آن واحد: "أتشعر أم أنت لا تشعر بأن سكوتك ذا مضجر". وقد نشرت في جريدة النداء اللبنانية وتردد صداها في دمشق. إضافة إلى مطولات عديدة تجاوزت أبياتها المائة في بعض القصائد. لم يطل بخلدون المقام في دمشق، حتى غادرها متوجها إلى موسكو عام (1989)، ومكث فيها ثمانية أشهر، حتى استقر به المطاف في مدينة كوبنهاجن في الدانمارك.

النمو الفلسفي والفكري
تجاوز إعجاب جاويد بالثلاثي اللبناني الرائع، (جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي)، إلى حد التأثر بهم، وخصوصاً بالشاعر الفيلسوف جبران خليل جبران: "بدأت أستلهمه وأسعد به في فترة لاحقة، عندما بدأ عندي النمو الفلسفي أو الفكري، الذي هو أرقى قليلاً من الفهم الشاعري والذائقة الشعرية. وإذ كان هناك شاعر مهم جداً كان اسمه (فؤاد الخشن)، إنه شاعر غير معروف والذين يعرفونه قلة من المهتمين، لكنه شاعر رائع للغاية، وكنت أقرأ له كتاب اسمه: (الآلهة وعشتروت)، أثر بي كثيراً". ومن الشعراء المصرين عدا (أحمد شوقي وحافظ إبراهيم)، أثر به شاعر رائع هو: (علي محمود طه)، "حتى أعجبتني الشاعرة (لميعة عباس عمارة)، في لقاء لها عندما قالت: (إن الشاعر الذي لا يقرأ علي محمود طه، لا يعرف الشعر وجماليته)، وأنا قرأت له ضمن قراءاتي عندما كنت شاباً".

البوصلة الشعرية
أما الشعر الفلسطيني فقد أعجب جاويد به كثيراً، وكثيراً ما قرأ لهؤلاء الشعراء العظام مثل: (توفيق زياد، سميح القاسم، محمود درويش، عزالدين المناصرة، وأبي سلمى). وكانت القصيدة الفلسطينية وقتها: "هي البوصلة الشعرية الفكرية العظيمة، وهي بحد ذاتها ثورة ثقافية. وكان الشعر الفلسطيني شعر محرض وأنيق وجميل، وفيه من الجدة ما يضاهي أو يتغلب على الأدونيسية في وقتها. كانت الأدونيسية واقع الحال، وفي معظمها ضوئيات أكثر مما تستهدف الواقع، أي أنها ليست قصيدة تأريخية. القصيدة الفلسطينية هي قصيدة الحالة والتحريض والثورة وتحريك التأريخ. بينما هنا القصيدة الأدونيسية تعيش مثل نحلة في عالم اللغة، ومن ذلك كان الإعجاب بالجدة. بينما القصيدة الفلسطينية ليس فيها من الجمال الضوئي ما يرقى إلى القصيدة الأدونيسية، ولكن فيها من الجمال المبدئي والأخلاقي والهيليني والبطولي والتحريضي. هذه هي قوتها، فهي هرم شاهق في التأريخ". 

القصيدة الهيلينية
لم تخرج قصيدة خلدون من إطار القصيدة العمودية إلى فضاءات الشعر الحديث، بالرغم من تأثره بشعراء القصيدة الحرة: "القصيدة العمودية أسيرتي، فهي تأسروني وموسقاتها تعطيني هيبة وقيمة ومنبرية ومهرجانية وهيلينية وبطولية، كأنما أريد أن أفتح فيها فتوحات في التأثير على الآخر، لأن القافية كما يقول الجواهري: (إذا كان الشطر قوياً وصداه أقوى في القافية والتواشج الشعري ما بين الشطر والعجز، فإنه يؤثر تأثيراً بالغاً بالمقابل بحيث يحفظه لجماليته)، فأنا أنحو هذا المنحى ولذلك أحب هذه القصيدة العمودية. عدا هذا لدي ديوان كبير جداً يحوي أكثر من مائتي قصيدة حرة مموسقة على الطريقة السيابية في الحفاظ على الموسيقى، وأيضاً كتبت قصائد نثرية عديدة وأنشر بعضها بين الحين والآخر". لدى جاويد أكثر من (760) إسهامة في (الحوار المتمدن) عدا المقالات وأغلبها نقداً روائياً. وبالرغم من أسره في القصيدة العمودية، لكنه لم يقاوم إغراءات القصيدة الحرة.
وعندما سأل الجواهري عن الشعر الحر قال: (ويبقى الشعر شعراً مهما اختلف الإناء)، ولكن لدى (إليوت) إجابة مغايرة حول الشعر الحر، حيث يعتبر: (أن في الشعر الحر دلالة على عدم قدرة الشاعر على كتابة القصيدة العمودية وهروبه إلى القصيدة الحرة). ولا تخلو القصيدة العمودية المقيدة بالقافية من الحشو أحياناً، حتى عند كبار الشعراء، فهناك من طوع القافية لقصيدته، وهناك من سحبت القافية قصيدته إلى الوقوع في شرك الحشو أحياناً، كما قال الجواهري (كل ارتفاع له انخفاض). إذن "لا يمكن أن تأتي القصيدة العمودية كقمم متلاحقة، ومن يبحث بعين العارف بين النصوص لأية قصيدة حرة، يجد أيضاً هناك قمة وهناك منخفض".

هجاء ورثاء الجواهري
طبع جاويد ديوانه الأول: (كتابة على صليب وطن) في سوريا، وصدر ديوانه الثاني في لبنان: (شكراً من الكامب)، والثالث (البقايا)، والرابع (الحنين إلى البيت)، وكلها قصائد حرة. ومن ثم ديوان عمودي كبير بعنوان: (قم يا عراق). كل هذه الدواوين صدرت في التسعينات من القرن الماضي. وفي بداية الألفية الثانية، كتب خلدون مذاكرات بعنوان: (لماذا هجوت الجواهري ورثيته). بعدها قصص وخواطر بعنوان: (شمعة ذكرى إلى أم عراقية) في عام (2003)، ثم ديوان جديد في عام (2015)، وهو عبارة عن بيت شعر: (هذي العمائم لا تطاق جرب أصيب به العراق). بعدها ديوان آخر يحمل عنواناً جميلاً، وهو عن بيت شعر أيضاً، وتكمن جماليته في كونه على شكل صليب، كتب الشطر الأول منه على الذراع الأفقي للصليب، والشطر الثاني على عمود الصليب: (قم يا عراق فقد تناهبك الوبا حطم صليبك ما خلقت لتصلبا) في عام (2016). لدى جاويد أكثر من سبع مخطوطات لدواوين أخرى ينوي طباعتها تباعاً، ويتراوح عدد القصائد في كل ديوان من دواوينه (من 30 إلى 101) قصيدة: "أرتب قصائدي وأنقحها وأضع تواريخها وأبوبها وأنظفها، وأتصل بصديقي المصمم ليضع التصميم المناسب، وأتناول الثاني والثالث وهكذا، فكل دواويني جاهزات كطائرات على المدرج".

درة العقد
خاض خلدون جاويد غمار الحقل الروائي، وطرق أبواب الرواية الفضائحية تحديداً، وأنجز منها روايتين، وهو لا يرغب بالنشر الآن، ويتحفظ حتى على ذكر العناوين لأسباب يقول عنها خاصة جداً: "لا أستطيع نشرها الآن، لأنها تتناول الحياة السرية لأسماء وأشخاص معينة، وقد أودعت الروايتين مع مبلغ من المال، لدى شخص يُعتمد عليه، يقوم بنشرها من بعدي". وهو بذلك متأثراً بالجملة للشاعر الجزائري الكبير (واسين الأعرج)، الجملة الفاتنة المفهورة بالمحسنات البديعية والمفهورة بالغرابة والدهشة.
ينوي جاويد لملمة قصصه وخواطره في مجموعة قصصية ثانية يرسلها للطبع، قد لا تخرج عن مسار قصائده الوطنية والوجدانية: "أنا الآن كالمجنون أعمل ليلاً ونهاراً، وأعمل في كل لحظة، وكل لحظة تطالبني بأن أسدد للوطن ديناً برقبتي، أريد أن أُرجع للوطن قليلاً من الضوء والحب والافتتان، فكيف لي أن أهدأ وأنا أراه يحترق ويقتل في جنون طائفي ومذهبي، فهذا وطننا وطن القيامة فمن يدافع عنه غيرنا؟، أنا أتمسك بالأمل وأرى أن العراق سينهض من تحت الركام قصر الزمان أم طال". لقد نهلت قصيدة جاويد من حب الأرض وتغنت بعشق الحبيبة: "وأصبحت قطعة ذهبية على فود المرأة، أي قلادة على صدرها، تمازجت في موشور متداخل". كما يقول الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، (عن الورود أدافع شوقاً إلى شفتيك، وعن تراب الشوارع خوفاً على قدميك).

محمد المنصور / كاتب وإعلامي (عراق/السويد)



3

  محمد المنصور ، كاتب و إعلامي ( عراق/السويد)



الشاعر هاتف بشبوش فوق سلالم الأبجديةِ يعزفُ صوتَ الراحلين


 

في سنين انتشار الثقافة والفكر اليساري في عموم العراق، في ذلك الزمن الجميل من سبعينيات القرن الماضي، ومن ذلك الزقاق في مدينة السماوة (زقاق موسكو). رسم هاتف بشبوش خطواته الأولى نحو عوالم المعرفة الرحبة، فبدأ يكتب الشعر وهو في السابعة عشرة من عمره في مرحلة الدراسة الثانوية. وأول من شجعه وأخذ بيده كان الفنان (كمال السيد)، حيث ضمه إلى فرقة الإنشاد في السماوة. ووجد هاتف نفسه في كلية الهندسة وسط مجموعة من الأدباء منهم الكاتب (شاكر الأنباري)، فراح ينشر قصائده في جريدة (طريق الشعب) وفي بعض الصحف الكويتية. وعندما اشتعلت حرب الخليج الأولى عام (1980)، ودخلت البلاد في نفق مظلم، التحق هاتف بالخدمة العسكرية الإلزامية وتوقف عن الكتابة، لأنه لا مجال للخيال والتأمل في الثكنات العسكرية، التي أمضى فيها ما يزيد على العشر سنوات. وبعد حرب الخليج الثانية عاود بشبوش الكتابة والنشر في الصحف الكويتية، لكنه توقف مرة أخرى لمدة خمس سنوات لأسباب أمنية، حتى غادر العراق عام (1998) إلى الأردن، ليحط رحاله بعد بضعة أشهر في الدنمارك، فيستلهم من خزين السنين ويكتب الشعر من جديد.

قصائد وقيود وعيون


إن القصيدة الأولى التي أشّرت إلى هاتف بشبوش شاعراً كانت بعنوان: (يكتنزك اللهيب وأنت عابر)، التي كتبها عام (1977): "وأنت تطلق النار على جسد أثقله الخمر / يرمي بأوزاره كلما ابتعد الوطن / في آخر قلعة تقتات منها الذاكرة / وأنت تفتك بقصيدة صارت حطباً وسلاحاً / لحرب على وشك الابتداء / وأنت تطأ القلب المتفائل بما يحزن الأقدام / قلق الأنامل المرتجة باللمس / وأنت تحيك تحت رائحة البرق / أخيلة لمقابر الثلج والندى / ما أوسع أزاهيرك في الجحيم / ولم تدرك أن عمرك مصلوب خلف زجاج الفردوس". أما القصيدة الثانية التي يعتز بها، وهي الأولى بعد فترات الانقطاع، فكانت في خارج العراق وبعنوان (شيوعي): "من رقة زحام قلوب مكلومة / وشك واضطراب في عاصفة اليقين / بأن هناك فوق ذرى التل / حدائق في الآتي / فيزهو الكون بسوسنة الحلم / التي تملآ النقاء أريجاً / بين حراس الأرض.

صدر له أول ديوان شعري: (الشمس تأتي من دفء مخدعك) عام (2006)، وتحمل احدى قصائده ذات العنوان: "من ريح هذه المتاهات التي بين الرؤى والمستحيل / تسمرت أقدامي بانتظارك يا مهرة الروح / لنغني هذا اللحن الخفيف / نمسد قنديلاً على خاصرة الليل / لكنكِ منذ الأزل تعزفين منهكة بحفنة الذكريات / فوق سلالم الأبجدية صوت الراحلين". وصدر ديوانه الثاني: (مفترق المجهول) عام (2009)، وهو ذات العنوان لإحدى قصائده أيضاً: "على حافة السلم العلياء / يلتمس المطوح دورة النبيذ / وراء حشرجة الأسياد / ما الذي يقيد الصدق لحظة ما نرجوه / وحينما يشنق الإلهام أمام عيون السراج المنطفئ / ما الذي يسرّع الخطى كي نحظر حفلة الميلاد". صدر له مؤخراً كتاب نقدي بعنوان: (قراءات نقدية انطباعية لنخبة من الأدباء)، ثم ديوان بعنوان: (نساء)، وديوان آخر بعنوان: (الطريق إلى سانت كروز). لديه تسعة مشاريع كتب تتوزع بين الشعر والنقد والسينما، (خمس مخطوطات شعرية، كتابان نقديان لنخبة من الرواد في الرواية والشعر، وكتاب بعنوان: السينما اليوم).


 


شعر ونقد وسينما

كتب بشبوش قصيدة النثر الغامضة والواضحة في آن وما زال يكتبهما، ويرى في (محمد الماغوط)، مثالاً ملهماً في القصيدة الواضحة، ويعزو نجاح (سعدي يوسف) لوضوح قصيدته النثرية، مقارنة بالغموض الذي كان يكتنف قصيدة (أودنيس)، أو قصيدة (أنس الحاج) الغارقة بالرمزية والتكثيف، التي تثقل كاهل القارئ عند فك رموزها. ويؤكد بشبوش على أن يكون الشاعر دائم الوضوح: "كما هو الشاعر الكبير (بابلو نيرودا)، الذي أتهم بالقصيدة المباشرة أي القصيدة الواضحة، وكان يعتبر حينها عيباً، ولكن أين نحن الآن من الشاعر الفذ (بابلو نيروها)؟ الذي ترجمت كافة قصائده إلى مختلف اللغات العالمية"، ويعتقد بشبوش أن نجاح (نيرودا) أعتمد على كتابة القصيدة التي يفهمها البسطاء من الناس. وكذلك نجاح الشاعر (ناظم حكمت)، والذي اعتمدت شهرته على الوضوح فيما يكتب: (أجمل الأطفال ذك الذي لم يكبر بعد / أجمل البحار ذاك الذي لم نصله بعد). ويرى بشبوش من أن الشاعر أو الأديب إذا شعر في أية لحظة، أنه لا يستطيع أن يسترسل في بوحه على وجه السليقة وبانسيابية سلسة تأتي من قريحته، فعليه أن يترك الشعر لأنه مهنة تتصل بالناس، ويتوجب عليه أن يرضي الشريحة البسيطة من عامة الناس أولاً وقبل كل شيء.

يعتقد بشبوش أن النقد يحتاج إلى ثقافة وإطلاع واسعين، فكلما قرأت أكثر كلما أصبح عندك خزين داخلي، تستطيع أن توظفه في الكتابة النقدية، خصوصاً في النقد الانطباعي الذي يتناوله بشبوش، وليس النقد التنظيري، "النقد التنظيري يأخذك إلى المدارس والنظريات ولا يعطي القصيدة حقها، ويتناول فقط الجانب الفني واللغوي وسبك الكلمات للقصيدة ويعقد التعقيد. أما النقد الانطباعي فيتناول البعد الاجتماعي والإنساني للقصيدة، ويحاول أن يعطي قصة لما يرويه الشاعر في قصيدته. وقد أدخلت السينما في المقالات النقدية، أي أنني حينما أكتب عن قصيدة أو بيت شعري يعجبني، فأني أوظف فلماً كاملاً لهذا الغرض، وبهذا أبتعد عن الأوزان والبحور والجوانب الفنية واللغوية، وأتناول القصة أو الحكاية وأحولها إلى سينما، لأن مهمتي ليست التقنية في اللغة وإنما النقد فقط". وتناول بشبوش في نقده الشعري العديد من الشعراء، منهم: (يحيى السماوي، برهان شاوي، قاسم والي، خلدون جاويد، حامد فاضل، زيد الشهيد وغيرهم). وفي القصة القصيرة قدم نقداً لأعمال القاص (أنمار رحمة الله). أما في السينما فقد تناول العديد من الأفلام كان آخرها الفيلم الأمريكي: (القارئ)، وكانت بطلة الفيلم الشابة الجميلة (كيت وينسلت)، التي شاركت البطولة مع (دي كابريو) في فيلم (تايتنك). ويستشهد بشبوش بقول الشاعر محمود درويش: (الشعر هو الذي يبعدنا عن مسار اللغة العامية الدارجة التي نتكلمها من الصباح إلى الليل). ويبقى الشعرُ في الأساس موهبة وليس لغة، ولو كان لغة لأصبح كبار اللغوين أمثال سيبويه شعراءً ونقاداً.



4
أدب / ثنائية الخلود
« في: 20:35 22/02/2016  »


ثنائية الخلود



 محمد المنصور


لوحة الشهيد:

يلي حتى الليل يمك
ينتحب ويوج شمعته.
يلي طشيت الفرح
بعيون أهلنه .. الفرح أنت.

أغسلت حزن السنين
وللشعب عمرك نذرته.
سحر الحديثات .. ومي خدهن
روى دمك حمرته.

دمك ودم كل شهيد
موهجه وتلهث جمرته.
رخصت روحك .. عوافي
للوطن .. والشرف نلته.

لوحة الشهيدة:

دگ ليل حزني بفرح
دگ غفوتي وصحيني.
تانيني .. يا آخر هلي
وفزز .. بگايه سنيني.

طرز لي برصاص الغضب
بدلة عرس تغويني.
وگلاده من زرد الفشگ
ومن منحري حنيني.

ولفلفني بتراب الوفه
بحب الوطن .. غطيني.
للناس .. والصبح اليجي
طش فرحتي وغنيني.


5
حفل توقيع كتاب
عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية العربية





محمـد المنصور

في أمسية كاتب وكتاب، استضاف إتحاد الكتاب العراقيين في السويد، السبت (13 / 2 / 2016)، الباحث الدكتور محمد الكحط، في حفل توقيع كتابه الجديد: "عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية العربية ـ المهاجرون العرب في السويد أنموذجاً / دراسة ميدانية"، والكتاب هو أطروحة دكتوراه للباحث، نال عليها اللقب بتقدير جيد جداً من الأكاديمية العربية في الدنمارك (2011)، ويظم الكتاب خمسة فصول في أكثر من (220) صفحة، حدد الفصل الأول فيه الإطار المنهجي للبحث، والثاني الإطار النظري ويشمل ثلاثة محاور، والثالث إجراءات البحث، والرابع عادات تلقي المهاجرين العرب في السويد للفضائيات العربية، أما الفصل الخامس والأخير ففيه استنتاجات البحث وتحليل النتائج ثم المقترحات والتوصيات، وقد طبع الكتاب على نفقة الباحث في بغداد هذا العام، وزين الغلاف بلوحة (حوار الألوان) للفنان شاكر عطية، وأهدى الباحث هذا الكتاب: إلى كل مَن قدّم ويقدم بفكره، ويخط بقلمه، ويرسخ بفنه وإبداعه عناوين الحقيقة ليضيء مشعل الحرية.

"سعى البحث لدراسة (عادات التلقي لدى المهاجرين العرب للقنوات الفضائية العربية)، وتم اختيار المهاجرين العرب في السويد أنموذجاً للدراسة، حيث تزداد أعداد أبناء الجاليات العربية في المهجر يوماً بعد يوم، فهناك أجيال عديدة غادرت بلدانها العربية وأصبحت جزءاً من مجتمعات بلدان المهجر، هذه الملاين من المهاجرين، تثير العديد من التساؤلات والإشكاليات، وتحتاج إلى الاهتمام الجدي بها، والسعي لاستمرار تفاعلها مع بلدانها الأم، والفضائيات العربية هي من الوسائل المهمة، التي يمكنها أن تلعب هذا الدور، وتخفف عبء الغربة وهمومها عن المهاجرين، وابتعادهم عن أوطانهم الأصلية، في ظل التطور السريع للثورة المعلوماتية وتقنيات الاتصال، التي انعكست تأثيراتها على مجمل نواحي الحياة، لما وفرته من سهولة وكثافة في الاتصال والتواصل والانفتاح على الآخرين ثقافياً واجتماعياً".
 
قدم لهذه الأمسية الكاتب كريم السماوي، رئيس إتحاد الكتاب العراقيين في السويد، بالقول: "في هذا البحث الميداني النادر والقيّم، أشار الباحث منذ البداية وفي المقدمة، بتعاظم دور القنوات الفضائية في التأثير على المتلقين أينما كانوا، خاصة بعد التطور التكنولوجي، وسهولة التواصل عبر الكثير من الوسائل، وفي مقدمتها القنوات الفضائية، والذي جعل من كوكبنا يبدو كقرية مترابطة، وحيث التأثير يصبح أكثر للمتلقين المحبين للتواصل مع القنوات المفضلة لهم، والمشاركة فيها بما يحقق لهم ما أسماه الباحث برجع الصدى بالصوت والصورة .. ولكون الكتاب أطروحة دكتوراه، فهذا يعطيه مصداقية البحث والتقصي والمناقشة، وهو هام لنا جميعاً، لأنه يتخذ من السويد أنموذجاً، ويشير إلى أكثر الفضائيات مشاهدة وتأثيراً، ويؤكد على مسؤولية الفضائيات العربية في مواجهة إعلام غربي، غالباً ما يقدم صورة مشوهة عن المهاجرين العرب، فضلاً عن دورها المرتجى في تخفيف عبء وهموم الاغتراب والابتعاد عن الجذور.
 
الدكتور محمد كحط عبيد الربيعي، مواليد بغداد (1954)، دكتوراه في الإعلام والاتصال، يدرس مادة الإعلام والفنون السمعبصرية في الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، أصدر في السويد عام (2014)، كتابه الأول: "الدور الثقافي للقنوات الفضائية العربية"، عمل فني تكنيك في البث والإخراج الإذاعي، مراسل ومحرر للعديد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية، ناشط في عدد من منظمات المجتمع المدني العراقية، عضو في نقابات الصحافيين العراقية والسويدية والعالمية، عضو اتحاد الكتـّـاب العراقيين في السويد، وحاصل على العديد من الشهادات التقديرية.

تحدث الدكتور محمد الكحط عن أهمية هذه الدراسة الميدانية، وتناول بالتفصيل بعض الإحصائيات والأرقام والنتائج التي خلصت إليها الدراسة، وأشار إلى الصعوبات التي واجهت الباحث في اختيار عينات البحث، وأكد في حديثه على التساؤلات التي أثارتها الدراسة في هذا الكتاب وهي: "ما مدى مشاهدة ومتابعة المهجرين العرب للقنوات الفضائية العربية ولماذا يشاهدونها؟ ما هي عادات تلقي المهاجرين للقنوات الفضائية العربية، وما هو حجم التعرض وأنماطه، وما هي المواضيع والمضامين الأكثر اهتماماً للمشاهدين؟ ما هي الاحتياجات والإشباعات التي حققتها القنوات الفضائية العربية للمهاجرين العرب؟ ما هو دور القنوات الفضائية العربية كعامل تفاعل إيجابي بين المهاجرين العرب وما تتعرض له بلدانهم الأصلية من مشاكل أو كوارث؟".

أشار الدكتور الكحط إلى الدور الثقافي والترفيهي الذي تلعبه الفضائيات العربية، الذي يخفف من هموم ومشاكل ومتاعب الغربة لدى المهاجرين، لكنه أكد أيضاً على أنها ساهمت على تفكيك البنى الثقافية والاجتماعية والفكرية، المكونة للشخصية العربية والشرق أوسطية في بلدانها بسلبياتها وإيجابياتها، لكنها لم تعيد بنائها على أسس صحيحة، بل بقيت مشتتة، وتوقف الدكتور الكحط عند الجوانب السلبية للقنوات الفضائية العربية، بالإشارة إلى ما يراه الكاتب (خليفة السويدي) أن الفضائيات العربية أصبحت: "أشد خطراً على الجيل من القنوات الأجنبية من حيث هجومها الصارخ على القيم والعادات العربية والإسلامية، لأنها تعرض وتنقل صراعات الانحراف الخلقي الغربي إلى العالم العربي بلسان عربي، وأيضاً تساهم بعض هذه القنوات في هدم اللغة العربية باستخدامها اللهجات المحلية السائدة في مجتمعاتها".

وقد تفاعل الحاضرون مع حديث الدكتور الكحط، وما قدمه من عرض جيد عن كتابه، وأهمية الدراسة التي تناولها الباحث في هذه الكتاب، وطرحوا الأسئلة والأفكار والرؤى، التي فضل الكحط الإجابة عليها من خلال الاستنتاجات، التي خرجت بها الدراسة ومنها: أن القنوات الفضائية العربية تلعب دوراً مهماً في حياة المغتربين العرب، وأنها وسيلة تواصل مهمة بينهم وبين بلدانهم ولغتهم وثقافتهم الأم، ووسيلة للتواصل مع أخبار البلد الأم ومتابعة قضاياه، ومشاكله السياسية والاجتماعية والثقافية، وتلعب دوراً مهماً في تفاعل المغتربين العرب مع مجتمعاتهم الجديدة وتخفف عنهم معاناة الغربة، إلا أنها أخفقت في نقل معاناة المغتربين، وأن فئة الشباب تعاني من صعوبة التواصل مع هذه الفضائيات، خصوصاً الذين ولد منهم في المهجر، أو جاؤوا صغاراً إلى هذه البلدان، ولم يتقنوا اللغة العربية، بسبب اندماجهم مع المجتمع الجديد، وضعف اهتمامهم بالتواصل مع ثقافة آبائهم، وأن القنوات الفضائية العربية بحاجة إلى دراسة احتياجات جميع فئات المهاجرين العرب، ووضع برامج تتناسب مع تلك الاحتياجات.
 
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الباحث، قد أفرد في الكتاب فصلاً خاصاً عن الهجرة إلى السويد، البلد الذي لم يخطر ببال المهاجرين العرب والشرق أوسطيين مثل: أمريكا والبرازيل والأرجنتين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها من بلدان المهجر، إلا في العقود الأخيرة من القرن الماضي، وذلك بسبب موقع السويد في شمال القارة الأوربية، وانخفاض درجات الحرارة فيه حد التجمد، وبرودة العلاقات الاجتماعية كبرودة الطقس، ومحدودية اللغة السويدية التي لا تتجاوز جغرافية البلد.

6
أدب / عندما يحتضرُ الموت
« في: 20:52 16/02/2016  »
عندما يحتضرُ الموت

 

محمد المنصور

الرفيق الشاب .. الصيدلاني البصري .. القادمُ شيوعياً ونصيراً إلى ذرى كردستان .. الشهيد يونس شغيث (أبو كفاح).

ليتني
يا خبزَ يومي
كنتُ قوتَ العائدينْ.
ليتني
أهوى الصلاة
فأُصلي لرفاقٍ راحلينْ.

راهبٌ يعشَقُ حزنَه
قابعٌ في صومعة.
يعصرُ الآهَ
كبردِ الصبحِ في خدِ الورودْ.

مِثلُ حباتِ السنابلْ
تلكَ حباتُ الدموع.
لستُ أبكيكَ لوحديْ
قد بكتْ قبلي السماءْ.

ليتَ
أحضانَ العذارىْ
تحملُ الدفئَ اليك.
ليتَ
أحلامي تسافرْ
تبعثُ الشوقَ اليك.

لم أرَ غيرَ حطامٍ
في متاهاتِ السبيلْ.
تلكَ آهاتُ السنينْ
وبها يخطو الأنينْ.

من هنا يبدأُ حُزني
يسألُ الظمآنَ عن قطرةِ ماءْ.

أيها الراحلُ
وداعاً
سوف نلقاكَ جموعاْ.
سوف نلقاكَ
رصاصاً
سوف نلقاكَ ربيعاْ.

قلْ لأهلينا
سنأتي
بين طيفٍ ورؤىْ.
بين آهاتِ المسافرْ
وابتساماتِ الدجىْ.


7

نادي القصة
غربة وقصة أخرى

 
محمد المنصور

في الأمسية الأولى لنادي القصة هذا العام في ستوكهولم، وهي الثانية التي يقيمها إتحاد الكتاب العراقيين في السويد، كان فرات المحسن في غربته وهنينغ مانكل في زيارته إلى فالاندار، هما ضيفا هذه الأمسية، التي امتدت لأكثر من ساعتين، ما بين قراءة النصوص وتداخلات الحاضرين، وقد بدأها الكاتب فرات المحسن في قصة (غربة)، برسم صورة ذات بعدين، تفصل بينهما سنواته الستين، في صباح سويدي بارد، تناثرت فيه نتف الثلج على العشب، وتلاشت عند ملامستها الجدران، لتبحر به بعيداً .. بعيداً وترسو عند شواطئ الذاكرة، حيث الشط واللبط ونداءات النساء، قبل أن توخز الغربة أحلامه الندية، ليصحو على صفير الريح في شيخوخة الشجر، لوحة أدبية أكثر من كونها قصة قصيرة، إنها غربة الروح والجسد.

"أصحو فجراً وفي وهدة الروح، أتلمس العشب الندي المرمي أمام نافذة شقتي. أتضرع للأفق المغلق الهابط بوحشته جواري، ونتف الثلج تهبط مترنحة بتؤدة فوق الحاجز الخشبي. نثار الثلج ألملمه وسادة رخية، وشاحاً من لعل وأين. شيء من الذاكرة يثقب ذاك الصمت، الصمت أكبر من صوتي، يخال ليّ أن الشفق المرمي في البعيد وحيداً، مستنزفاً، ثقيل الخطى كان". هذه صورة الخواء النفسي لدى الإنسان، كما جسدها المحسن في غربة الوجع والألم، ليكمل اللوحة بصورة التمني، ويتوسل الكلمات: ممكن ... ممكن. "ممكن.. أرى ضوء الشمس يتسلل رويداً رويداً ويمسد جدران غرفتي الصماء. تنقلني خضرة الحقول لتلك المدن الصاخبة، هناك حيث بدأ أصحابي لعبتهم الأولى دون حساب، هناك حيث يلبط جسدي رخياً خفيفاً في غمر الشط وتناديني بخوفها أصوات حشد نساء، لا تبتعد أيها الشيطان الصغير. فأضج ضحكاً وألبط ألبط، ألبط في البعيد .. على غفلة لكزتني الغربة: لا تذهب بعيداً".

الكاتب فرات المحسن: مواليد عام (1949) في قلعة سكر، خريج جامعة بغداد كلية الآداب قسم اللغات الأوربية (اللغة الروسية)، منذ انتقاله إلى السويد بداية أعوام التسعينات من القرن العشرين، شارك في العمل التطوعي لعدد من منظمات المجتمع المدني العراقية، مارس العمل الصحفي رئيساً وسكرتيراً لتحرير بعض المجلات الشهرية والدورية، التي كانت تصدر عن بعض مؤسسات المجتمع السويدية ذات الأصول العراقية، مهتم بالشأن السياسي الاجتماعي والثقافي العراقي، أصدر مجموعته القصصية الأولى (فيما تبقى) عام (2010)، له مجموعة قصصية جاهزة للطبع، ينشر قصصه في الأبواب الثقافية للمجلات والصحف العراقية والمواقع الالكترونية.

الكاتب السويدي هنينغ مانكل، كان حاضراً بعطائه الثر، وبمواقفه الإنسانية المتميزة، وبرحيله المفاجئ عن عالمنا، في قصة واقعية، غلب عليها حسه الدرامي، واشتغاله المسرحي والسينمائي، لتبتعد قليلاً عن السرد القصصي، وتقترب من أطراف الرواية المعاصرة، في (زيارة إلى فالاندر)، يسلط الضوء فيها على برودة العلاقات الأسرية في السويد، البلد الأكثر برودة في الشمال الأوربي، حيث أدرك فالاندر أخيراً، بأن مشاغل الحياة أبعدته عن أبيه كثيراً، في وقت لا يجدي الندم فيه نفعاً، ولا يمكن للدموع أن تغسل أوحال الزمن، وقد كان الكاتب كريم السماوي، موفقاً جداً في ترجمة هذه القصة الرائعة.

"الابن فالاندر: صار واضحاً أننا سنغادر إلى ايطاليا. وسآتي إليك خارجاً بأسرع ما أستطيع. الأب: ربما ستكون رحلة لطيفة. المرء لا يعرف بالضبط. غادره فالاندر وذهب إلى الفتاة في مركز الاستقبال، قال لها: أطلب من لطفكِ. يبدو من المناسب تماماً أن تسمحي لوالدي بالانتظار هنا من أجلي. عاد إلى غرفته. فجأة لاحظ أن الدموع تغمر عينيه. فعلى الرغم من العلاقة المتوترة والمتأثرة بضمير سيء مع والده، فقد شعر بحزن عميق يلفه وهو يغادره بعيداً. وقف عند النافذة ونظر نحو الخارج فبدا طقس الصيف الجميل".

هنينغ مانكل (1948 - 2015) روائي سويدي، اشتهر برواياته البوليسية، كما أنه مخرج سينمائي وكاتب مسرحي، وقد تحولت بعض رواياته إلى أفلام سينمائية، كتب للأطفال واليافعين وكتب القصة القصيرة، ونال عن أعماله جوائز عديدة، وقد تـرجمت كتبه إلى أكثر من (40) لغة عالمية منها اللغة العربية، مثل: رواية (قاتل بلا وجه) ورواية (الكلاب في ريغا)، اللتان ترجمهما الكاتب مهدي صالح المالكي، ورواية (سر النار) التي ترجمها الكاتب جاسم الولائي، وتدور أحداثها في موزمبيق، البلد الذي يعشقه مانكل، وقد تبرع هنينغ عام (2007) بمبلغ (15) مليون كرونة سويدية، لصالح منظمة قرى الأطفال (SOS)، لقرية (شيمويو) غرب موزامبيق، كما تبرع بمبالغ كبيرة لمنظمات خيرية أخرى، معنية بمكافحة الفقر، مثل منظمة (يد بيد)، وكان مانكل على متن "أم أس صوفيا"، إحدى السفن التي شاركت في أسطول الحرية، الذي حاول كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة عام (2010)، وبعد مداهمة الأسطول من قبل القوات الإسرائيلية، تم ترحيل مانكل إلى السويد. وقد دعا فيما بعد لفرض عقوبات دولية على إسرائيل، وقيل وقتها أنه ينظر بمسألة إيقاف الترجمة العبرية لكتبه.

بعد أن استمعنا إلى هاتين القصتين الرائعتين، أضاف الحاضرون بآرائهم وتحليلاتهم واستنتاجاتهم جميعاً، دفقاً وحيوية على هذه الأمسية، التي تفاوتت بتفاوت الثقافات والأزمان والأحداث، ومن هذه الآراء نختار:

الكاتب جاسم الولائي: تبدو قصة غربة للكاتب فرات المحسن، أكثر سحراً عندما تسمع من أن تقرأ، فطاقتها أقوى بتوليد الأفكار في الذاكرة، وطاقتها أقوى عندما يستقبلها المتلقي ويقوم بتحليلها وتفسيرها، حسب ظرفه وهاجسه الوقتي الذي يعيش فيه، وهي قصة قصيرة لكنها مشبعة، أما قصة زيارة إلى فالاندر للكاتب هنينغ مانكل، فهي قصة نفسية أكثر من كونها قصة فنية إبداعية، وهي من القصص التي تتناول علاقة الأب بالابن، ومن الواضح أن الابن لم يندم عندما صرخ بوجه أبيه، وأن العلاقة متوترة بينهما، وأن الابن هو السبب في توتر هذه العلاقة، ويبدو أن الأب إنساناً جيداً، لكن الحوار بينهما لم يكن ودياً، ولكن في المقطع الأخير، عند مواجهة الابن للطبيعة بعيون دامعة، فتحت له نافذة كبرى على العالم كله، وكانت الضربة الإنسانية الكبيرة.

الكاتب كريم السماوي: عندما يصف فرات المحسن الطبيعة، يصفها من عدة زوايا، بحيث يجعلك أن تفكر وتقرأ معه، وتشعر بأن هناك شيئاً ما ستصل إليه، ووصفه للطبيعة والحوار الداخلي رائع جداً، وعندما يأتي هنينغ مانكل ويتحدث عن الحياة والعلاقات الاجتماعية في بلد مثل السويد، الذي ترى فيه التفكك الأسري واضحاً، وهو يختلف عن حياتنا وعن أهلينا في أوطاننا، فهو أمر طبيعي في الحياة الأوربية، مع هذا تجد أن الإنسان في لحظة ما، يشعر أن هذا الأب الذي أوجده، أو كان سبباً في وجوده، مصاب بهذا المرض، الذي قد ينسيه كل شيء، فينظر إلى الحياة ويجد فيها الجمال، ويجد الطقس فيها جميلاً، ففي هذه اللحظات تتكامل مشاعره بانهمار دموعه، وقد خلق مانكل شخصية محقق الشرطة (كورت فالاندر)، من مركز شرطة مدينة (ايستاد)، الواقعة بمحافظة سكونه جنوب السويد، وهي شخصية ذكية، قادرة على فك ألغاز الجرائم الكبرى، وتحاكي شخصية (شارلكهولم) للروائي آرثر كونان دويل أو شخصية (هيركبول بوارو) لأجاثا كريستي أو شخصية (جول ميغرية) لجورج سيمنون.

الكاتب فرات المحسن: كل قصص الحواريات المهمة تجعلك تتبع الحوار، ففي كل مشهد هناك صورة، وهذا ما تجده في قصة زيارة إلى فالاندر، فعندما يذكر الأب كرة القدم، يريد أن يثبت أن ذاكرته حية، في حين التفسير الآخر الذي يستمر إلى لحظة الوداع، هو العلاقة المتشنجة بين الابن وأبيه، التي تنتهي بندم الابن، فالحواريات هذه تختلف عن الصورة، فأنت عندما تختلق صورة وتجزئ المشهد، تطرح المشهد بعموميته لأنك أنت الراوي، والاختلاف هنا حسب تصور المتلقي، وما قصدته أنا في قصة غربة هو مشهدين فقط، المشهد الأول: هو حالة اليباس النفسي لدى الإنسان، الذي يشعر بالغربة والوجع والألم، في عامه السابع والستين، وهذه الوحشة القاتلة في الظلمة والبرد وتساقط الثلج، والمشهد الثاني: هو التمني بأن يدس أحدهم في قلبه جنح فراشة ويرجعه إلى الطفولة، ويتذكر عندما كان يسبح في الشط، ويستمع إلى خوف النساء عليه عند الشاطئ، فتلكزه الغربة وتقول له: لا تذهب بعيداً، هذه هي صورة فقط وتخلو من الحوار تماماً، لكنها تحتفظ بحوارها الداخلي.

في الختام قدمت العديد من الآراء والأفكار والمقترحات منها: أن ييتم التركيز في أماسي نادي القصة، على الكتاب العرب المغتربين، وتناول أعمالهم بالنقد والتحليل، ومناقشة موجزة لكتاب أدبي معين، أو مجموعة قصص قصيرة جداً، أو عرض صورة مختارة في موقع الإتحاد، ويطلب من المهتمين تقديم عرض موجز عنها، للتنوع والإثراء في الأماسي القادمة.


8
الفضائيات العربية في ندوة حوارية

 

محمد المنصور / ستوكهولم

"تأثيرات القنوات الفضائية العربية في حياتنا، كعامل تواصل مع الوطن والثقافة الأم"، كان هذا هو عنوان الندوة التي قدمها الأستاذ محمد الكحط,  مساء الجمعة الموافق 28/5/2010, بدعوة من نادي 14 تموز الديمقراطي العراقي في ستوكهولم / السويد.

قدم للندوة الصحفي جاسم الولائي مشيداً بالدور الإعلامي للأستاذ الكحط, وسعيه المستمر في البحث عن الحقيقة .. متطرقاً إلى محاور الندوة التي تمثلت في التالي: حصر سريع للقنوات الفضائية العربية .. تأثيراتها السياسية والاجتماعية والثقافية .. مدى استجابتها للمهاجرين كونها عامل تواصل مع الوطن والثقافة الأم .. سلبيات وإيجابيات القنوات الفضائية العربية.

أستهل الأستاذ محمد الكحط حديثه بالتعريف لمفهوم الاتصال وأطرافه الأساسية, موضحاً أن الرسالة الاتصالية لا يمكن أن تتم, إلا إذا توافرت لها متطلبات الاتصال الرئيسية ومنها ثلاثة عناصر هامة هي: (المرسل .. الوسيلة .. المتلقي), وتناول بالشرح والأمثلة محاور الندوة الأربعة, موضحاً أن الوقت لا يتسع للاستفاضة, لأن كل محور من هذه المحاور يحتاج إلى محاضرة كاملة.

وكان الأستاذ الكحط قد وزع في البداية على الحاضرين, استمارة استبيان تتعلق بموضوع الندوة.
 
أهمية الموضوعة عنوان الندوة, والمحاور ذات الصلة بالجمهور, أثارت العديدة من الأسئلة لدى الحاضرين, والتداخل حول مضامينها, فمنهم من ربطها باستمارة الاستبيان وتحدث في هذا الاتجاه, ومنهم من رأى فيها إضافة واستزادة من خلال الأرقام والمعلومات التي تطرق إليها المحاضر في حديثه, وآخرون تحدثوا عن الدراما التركية التي تغزو الفضائيات العربية, وتبسط ثقافتها على كافة المجتمعات في الشرق الأوسط وعلى المغتربين منهم في أوربا  والغرب عموماً.

لقد كان الأستاذ محمد الكحط موفقاً في اختيار العنوان موضوع الندوة, لأهميته وما يعنيه من دلالة لجمهور الحاضرين الذين تفاعلوا إيجابياً معه, وكان الكحط بدوره سخياً معهم في تقديم الأرقام والبيانات والمعلومات, التي لا تتوافر لعموم الناس إلا للمعنيين والمهتمين والباحثين في فضاء الاتصال.

            

9
أدب / أزمان
« في: 11:19 04/07/2009  »
أزمان


 
محمد المنصور


في ليلة ِ الفصل  ِ
تحاورَ خائبان ْ .
في غفلة ِ الزمان
أيهما ...
له السبق ْ .
الحاجب ُ الهمام ْ ؟
أم ...
الفارس ُ المقدام ْ ؟
وإحتدم َ النقاش  
فأجهز َالنهار ْ.
ترنح َالخصمان  
وإنتصرَ ...
الدرك ْ .

***

سحقا ً ...
لأزمان ٍ عجاف
زمن ٌ .. يطاردوني .
زمنٌ .. أطارده .
زمن ٌ ...
يرحل ُ في أمسي .
زمنٌ ...
يظهر ُ في يومي .
فيحجب ُ .. عن غدي
الرؤيا ...
ويدور ُ .. في رأسي
السؤال ...
أي من الأزمان ..
آت ... ؟

***

10- نيسان - 2003

10
أدب / نِتْرَجه الشمسْ
« في: 15:48 27/06/2009  »
نِتْرَجه الشمسْ

(خمسة وسبعون حمامة ً بيضاء َ تسافر ُ نحو  الشمس)

محمد المنصور

 
چنه نِتْرَجه الشَمِسْ
لاچن غيوم الوكت .. زادتْ سواد
وساحتْ الكِحله بجِفن أترف عروس
والخدود توَسدتْ ظل الگصايب.


جزرتْ المَدْ بنهرنه
ونشفتْ شطوط الصدگ
الچلمة ماتت عالشفايف
وآنه خايف ..!
ويا هو اللي يردّه ضميره
يصيح خايف.


تروح توصل للمگابر .. تشوف نار
ترد تگل لهلك .. على طيوف المگابر
تشوف نار
ناشدتْ كِلْ نجمْ يلمعْ
الگمر چا وين صاير..؟!

جاوبتْ حفنة ضماير
بصوت مبحوح إيتراجف
نار ...
عينك ما تشوف النار
شبتْ بالصرايف نار.


وإختنگ .. حتى الجنين إبطن أمه
من سمع صيحاتْ نار
واللي ما عرف خيط الشمس
حَسِباه سنان نار.

***

شعتْ شموس الربيع
وبدِدَتْ ذاك الظلام
خضّرتْ حنطة هلي
تشابگتْ ويّ المعامل
وسطر التاريخ .. بأقلام المجد
صفحات بيضه.


أورَدْ .. رَدْ لفانه الشته الأگشر
غيّمتْ دنيانه أكثر
وإنذِبح برعم أملنه ...
برحم أمه ..! لرَبْه يشهگ
نعّستْ ذيچ الضماير
وإشتغل شبچ الخناجر.


الظلام إيلفنه كلنه
وإحنه ماشين بعزمنه
چنتْ أركضْ وأنه أدري
بعد تتناني خناجر
شفت كل الطيبين
إمشَچچه كِلهه خناجر.


ذاك .. ماتْ بصدره خنجر
وتجدح إعيونه شرار
وهذا .. شايل رحم أمه فوگ چفه ..!
وذاك .. مِتلفلِفْ بعار.

***

ودارتْ ألدنيه .. مثل دوّر الرحه ..
ودار دولاب الوكتْ
والصدور .. الواجهتْ ذيچ الخناجر
تشابگتْ.


راحتْ تحيي زِلمنه
عزم زاد إعله عزمنه
مشتْ إنجوم السلف ..
لأجمل عروس ...
سمره .. وحديثه .. وجميله
مهره .. وكحيله .. وأصيله.

***

11
أدب / نِتْرَجه الشمسْ
« في: 19:37 04/04/2009  »
   
نِتْرَجه الشمسْ

محمد المنصور



خمسة وسبعون حمامة ً بيضاء َ تسافر ُ نحو  الشمس

 
چنه نِتْرَجه الشَمِسْ
لاچن غيوم الوكت .. زادتْ سواد
وساحتْ الكِحله بجِفن أترف عروس
والخدود توَسدتْ ظل الگصايب.


جزرتْ المَدْ بنهرنه
ونشفتْ شطوط الصدگ
الچلمة ماتت عالشفايف
وآنه خايف ..!
ويا هو اللي يردّه ضميره
يصيح خايف.


تروح توصل للمگابر .. تشوف نار
ترد تگل لهلك .. على طيوف المگابر
تشوف نار
ناشدتْ كِلْ نجمْ يلمعْ
الگمر چا وين صاير..؟!

جاوبتْ حفنة ضماير
بصوت مبحوح إيتراجف
نار ...
عينك ما تشوف النار
شبتْ بالصرايف نار.


وإختنگ .. حتى الجنين إبطن أمه
من سمع صيحاتْ نار
واللي ما عرف خيط الشمس
حَسِباه سنان نار.

***

شعتْ شموس الربيع
وبدِدَتْ ذاك الظلام
خضّرتْ حنطة هلي
تشابگتْ ويّ المعامل
وسطر التاريخ .. بأقلام المجد
صفحات بيضه.


أورَدْ .. رَدْ لفانه الشته الأگشر
غيّمتْ دنيانه أكثر
وإنذِبح برعم أملنه ...
برحم أمه ..! لرَبْه يشهگ
نعّستْ ذيچ الضماير
وإشتغل شبچ الخناجر.


الظلام إيلفنه كلنه
وإحنه ماشين بعزمنه
چنتْ أركضْ وأنه أدري
بعد تتناني خناجر
شفت كل الطيبين
إمشَچچه كِلهه خناجر.


ذاك .. ماتْ بصدره خنجر
وتجدح إعيونه شرار
وهذا .. شايل رحم أمه فوگ چفه ..!
وذاك .. مِتلفلِفْ بعار.

***

ودارتْ ألدنيه .. مثل دوّر الرحه ..
ودار دولاب الوكتْ
والصدور .. الواجهتْ ذيچ الخناجر
تشابگتْ.


راحتْ تحيي زِلمنه
عزم زاد إعله عزمنه
مشتْ إنجوم السلف ..
لأجمل عروس ...
سمره .. وحديثه .. وجميله
مهره .. وكحيله .. وأصيله.


   

12
أدب / هلي
« في: 23:40 10/04/2008  »
هلي

محمد المنصور



أحشمكم ...
هلي يهل الكرامة
والشهامة وشيمة الفرسان.

أظن ...
وسفة الرجال تنام
ودمها يسيل چالغدران.

الصگور ...
إلما جزتها الريح
تحوم إبدالها الغربان.

تراه ...
يا أهلنه الليل
طال وما غفه السجان.


وتراها ...
چبيرة نشعل نار
وتدور الدلة والفنجان.

تميل ...
الدنيه لومالت
عگلكم يحرم الديوان.

بالرميثة ...
وثورة العشرين
تسولف بيكم العربان.

وحكومات ...
إشكثرسقطت
ودم ناشف على الحيطان.

چثيره ...
إسجون تعرفكم
وإسمكم يرهب السجان.

رقم واحد ...
وسجن الكوت
والحلة ونگرة السلمان.

هلي ...
الكلفة عبرتوها
وجزيتوا المحنة من زمان.

ردوا ...
الفرح ياهلي
لكل أم وطفل حزنان.

خل ...
تضحك ليالينه
بعد حزن السنين الچان.

ويرن ...
الهاون من بعيد
مزهو بلمة الخلان.

الشعب ...
ما يرضى بالذلة
ولا يصبر على الطغيان.

ولا يخاف ...
السجن والموت
ولا يخشى من السلطان.

هيهات ...
الوفي يرتد
وهيهات الشهم ينهان.

ياويله ...
الذي إيظن الزلم
ماتت ورى القضبان.

وحسباله ...
الشمس تطفه
بسواد الغيم والدخان.

ما يدري ...
الفجر إحنه
ونشع شموس كل مكان.

 

صفحات: [1]