(الاشوريين الكلدان السريان) والاكراد: يوم الكشف عن النوايا
اسكندر بيقاشا- السويد
لم يكن ادخال البرلمان الكردستاني قضائي تلكيف والحمدانية او ما نسميها بسهل نينوى مفاجأة لنا. لقد تطرق الاخوة الاكراد في مناسبات عدة عن رغبتهم في ضم سهل نينوى الى اقليم كردستان لا بل قدموا ذلك ضمن مشروع الى البرلمان العراقي عند مناقشة الدستور العراقي الجديد. ولا اعتقد انهم تركوا الموضوع كله للظرف والصدفة بل انهم قد خططوا ونفذوا وبنوا لهم ركائز واسس في المنطقة تمكنهم من وضع الخطوة التالية. لكن اهم عامل في تقرير مصير المنطقة وتحديد مستقبلها الاداري هو رأي اهل المنطقة ذاتها.
ان غالبية نفوس اهل المنطقة هم من ( الكلدان, الاشوريين, السريان)وهم سكان المنطقة منذ آلاف السنين وليست هنالك اية شائبة على عائدية المنطقة اليهم تاريخيا.
لكن هذا الشعب الذي هو من بقايا شعوب مابين النهرين القديمة يعاني من مشكلة خطيرة تكاد ان تدمر حاضره ومستقبله وهي تسميته. انا هنا لا اريد حقا في مناقشة اية تسمية هي الصحيحة لأنني لا استطيع اضافة الكثير لما قيل وكتب في الموضوع لحد الان . لكني اريد هنا ان اشدد على حقيقة راسخة لا شك عندي البتة فيها هي ان ابناء الكنائس الكلدانية والاشورية والسريانية هم ابناء امة واحدة. واتحدى ان يأتينا احدا بفرق قومي واحد بين شخص من اهل بخديدا السريانية اوالقوش الكلدانية او الشرفية الآشورية.
اما الإختلاف في اللهجات فهو وارد في كل اللغات وانني اؤكد بان الفرق بينها ان وجد لا يفوق مطلقا الفرق بين اللهجتين الكرديتين السوراني والبهديناني.
ان انضمام شعب هذه المنطقة الى كردستان (التي تعني ارض الكرد) دون الحصول على حقوق وضمانات انسانية وقومية تضمن الحفاظ على خصائصهم القومية وتسمياتهم التاريخية ما هو الا انتحارا قوميا وعملية بيع ارضهم التاريخية بثمن بخس.
ان اهم ضمانة هي ان يقر الدستور الكردستاني بمنطقة حكم ذاتي لهم. ولا ارى ما يضر من يكون ذلك ضمن اقليم كردستان في حالة اقرار الاكراد بدستور علماني ديمقراطي لا يفرق بين ابناء المنطقة في الدين والقومية او الجنس.
لكن الكرد قد يلتفون على مطالب هذا الشعب والتي عبر عنها السيد سركيس اغاجان وزير المالية في حكومة اقليم كردستان باقامة منطقة حكم ذاتي للكلدان الاشوريين السريان ,والذي اوصى به مؤتمر بغداد نهاية 2003 ايضا, من خلال:
تقسيم ابناء هذا الشعب الصغير الى قوميتين او ثلاث
او تقديم المشروع باسم المسيحيين دون ربطها بالقومية.
ففي الحالة الاولى يقسم ابناء هذا الشعب الى كلدان وآشوريين وسريان. وبتواجد اليزيدية والشبك في المنطقة والذين يعتبرهم الدستور الكردستاني بصيغته الحالية اكرادا يكون الاكراد اكبر القوميات في المنطقة. ونتيجة لذلك يكون الحكم والسيادة للكرد. اما الكلدان والاشوريين والسريان والحالة هذه ما هم الا ثلاث اقليات قومية صغيرة فيه. وبذلك فان الحكم الذاتي يفقد معناه وتزول اهميته في الحفاظ على الكيان القومي والسياسي لهذا الشعب.
اما تقديم المشروع باسم المسيحيين فهو سيكون طعنة في حقوقنا القومية والتاريخية المشروعة وتحويل مطالبنا الى مطالب دينية بحتة تمهيدا لتكريد المنطقة وتحويل اهلها بمرور الزمن الى مسيحيين كردستانيين ثم الى اكراد مسيحيين بعد ان يكونوا قد ضموها الى اقليم كردستان.
بعد ان تعب القادة والمثقفين من محاولة الاتفاق على تسمية واحدة في هذه الظروف الصعبة. وبعد ان فقدوا الكثير سياسيا ومعنويا فقد رضيت الاغلبية الساحقة باستعمال التسميات الثلاثة معا(كلداني آشوري سرياني) لحين دراسة الموضوع من قبل المؤرخين بتعمق وتروي للوصول الى تسمية مرضية للجميع ان وجدوا الحاجة لذلك. لكن الجميع بات يعرف الان باننا شعب واحد وقومية واحدة لذا ترتأي هذه الاغلبية الى ان ترفع الواوات كي لا يحسبنا ويتعامل معنا باقي القوم على اننا عدة قوميات.
في السنين الاخيرة حصل تقارب ملحوظ بين الشعبين الكردي و(الاشوري الكلداني السرياني) نتيجة المساعدات التي قدمت للنازحين من الوسط والجنوب وبناء القرى الكلدانية الاشورية السريانية التي هجرت ودمرت المئات منها اثناء حركة التحرر الكردية منذ الستينات. وقد اعتبر الكثيرون ذلك بادرة حسن نية من الكرد نحو المسيحيين عموما وتحولا نوعيا في تطور الفكر السياسي الكردي فيما يخص الموقف من الديانات غير الاسلامية. لكن قوميا فلا يزالون مقسمين في مسودة دستور كردستان رغم ثقتي بان القادة الكرد يعرفون تماما بانهم قوم واحد. ولم يحصلوا على حقوق ادارية وسياسية متميزة في الاقليم يوازي عمقهم التاريخي في المنطقة مما يطرح ظلالا من الشك على مصداقية الكرد فيما يخص حقوقهم القومية في اقليم كردستان خصوصا وفي العراق على وجه العموم.
لإزالة المخاوف والشكوك التي خلفتها مذابح مير كور وبدرخان بك وسمكو شكاكي وفرمانات الحرب العالمية الاولى واعترافا بالتضحيات التي قدمها هذا الشعب مع الكرد في نضالهم من اجل نيل حقوقهم يجب على الأخوة الاكراد ان يتعاملوا بمصداقية ونزاهة مع (الكلدان الاشوريين السريان) ان ارادوا ان يجعلوا منهم شركاء وحلفاء في المستقبل. اما ان يعملوا على استغلال الظرف الصعب الذي يمرون به ويحاولوا ان يلتفوا على مطالبهم المشروعة من خلال الاستعانة مثلا ببعض الاشخاص الذين ياتمرون بإمرتهم او ممن يدافعون عن مواقعهم الطائفية لتقسيم واضعاف ابناء هذا الشعب فان ذلك سيؤدي بالتاكيد الى فتح جروح الماضي القريب وعودة اجواء الشك والريبة في نوايا الكرد المستقبلية.
الكرة الان هي في الملعب الكردي وقراراتهم في الدستور القادم ستكشف عن نواياهم تجاه (الكلدان الاشوريين السريان) كأمة تريد الحياة. وعلى نتيجتها سيقرر اهل منطقة سهل نينوى ان كانوا يرغبون في الانضمام الى اقليم كردستان او رفضه.