عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - صباح دمّان

صفحات: [1]
1

يا رب إنعم على الفقيد الراحل بالراحة الأبدية لترقد روحه بسلام وليشرق عليه نورك الابدي في ملكوتك السماوي مع الأبرار والمؤمنين وإلهم عائلته وأبنائه وكافة أهله وذويه جميل الصبر والسلوان ، ولكم مني جميعاً خالص العزاء .....
صباح دمّان

2

ببالغ الاسى وعميق الحزن تلقينا نبأ رحيل الزميل والكاتب المتميز بنشاطاته ومتابعاته الفقيد فارس ساكو عن هذه الحياة الفانية إلى الحياة الابدية في ظرف إجتماعي مُحزن ووضع مأساوي بالغ الدقة في الغربة....
ليتغمده الرب برحمته الواسعة وليشرق عليها بنوره الدائم في ملكوته السماوي مع المؤمنين والصالحين ويلهم عائلته وأبنائه الصبر والسلوان مع خالص العزاء ، ونلتمسه أن يفتح أمامهم بعد هذه الفاجعة المؤلمة كل ابواب الإستقرار والأمان والحياة المستقرة الكريمة . حكمة تقول  " أهدني وردة في حياتي ، خيراً من قنطار من الورود بعد مماتي. "
                                    صباح دمّان

3
الأخ قيصر السناطي المحترم
الإخوة المحترمون..
الرحمة للضحايا الأبرياء الذين سقطوا في ذلك الحادث الإجرامي المؤسف، مع مواساتي لذويهم والشفاء العاجل للجرحى... ولكن من خلال متابعتي للموضوع ، تسربت معلومات بان الجاني زار مرتين تركيا ، موطن الدواعش  ، ودول شرق أوسطية اخرى .... ماذا كان يفعل هناك ومع من إجتمع ، إن لم يكن له علاقة مشبوهة وتنسيق مع مخابرات إحدى الدول لتنفيذ العملية لتشويه سمعة المسيحيين في العالم الغربي وإلصاق التهمة بمنظمات اليمين المتطرف ، من أجل النيل منهم والحد من رصيدهم المتصاعد بين شعوبهم ، والوقوف بوجه اية محاولات لمراجعة وتعديل دساتيرهم للمحافظة على هويتهم وتقاليدهم وتراثهم المهددة كلها بالزوال بسبب أجندات الإسلام المتطرف ، إضافة إلى إشعال نار الفتنة بين المسيحيين والمسلمين في كل بقعة من العالم ، وجرهم إلى مواجهات دامية يكون ضحاياها الأبرياء ، تكون تلك الجهة المستفيد الوحيد من تلك الحرائق ... مخطط خطير مشبوه غايته ضرب عدة عصافير بحجر صغير واحد ....
لذا علينا إستنكار إستهداف الابرياء من أي دين أو مذهب ونناشد إخوتنا في الإنسانية المسلمين البسطاء بشكل عام والمثقفين والكتاب والمتنورين بشكل خاص إدانة أي عمل إجرامي ضد الابرياء المسالمين ومن كافة الأديان والمذاهب وفي كل دول العالم....
ولكن اليوم ينبغي علينا التريث قبل إصدار أحكامنا المتسرعة وإنتظار النتائج الأولية للتحقيقات حول هوية واهداف الجاني الحقيقية وإرتباطاته المخابراتية والتنظيمية ، والجهات التي امدته بالسلاح وسهلت تنقلاته وخططت معه لتنفيذ العملية ..... وهنالك صورة إنتشرت على موقع التواصل الإجتماعي تظهر المجرم مع الدواعش ..... وصورة أخرى لمقاتل من كتائب ابو فضل العباس يهدد بتفجير كنيستين في بغداد إنتقاما لضحايا نيوزلاندا.... والنبيه تكفيه الإشارة.... مع خالص تحياتي

4

برأي المتواضع أخي الكاتب والناقد الساخر المتميز نيسان سمو الهوزي المحترم ، وبإختصار شديد، كانت الزيارة وما تمخض عنها محاولة لتغليف بعض الشر بشيء من العسل ... إضافة إلى الإعتراف الضمني بالمبادئ المسيحية من قبل من شارك في الصلاة والقداس من غير المسيحيين ...وإستقبال قداسة البابا كان كالملوك العظام وهو أكبر دليل على إحترامهم له وإجلالهم لمكانته الدينية والدولية ، الأمر الذي أجبر شيخ الأزهر الذي إمتنع سابقاً عن إدانة داعش، بتغير موقفه ومعانقة البابا الذي كان يكفره سابقاً ، وتوقيع الوثيقة التي وضعت شيوخ التيار الإسلامي السلفي المتشدد في الأزهر في مأزق كبير ، وخاصة فتاويهم الإرهابية المتطرفة ، وبعض الأحاديث والكتب التي تكفِر المسيحيين ، فكانت خطوة متقدمة ربما لإيقاف أو تهدئة حملات الفتنة وجرائم القتل في مصر وبعض الدول التي ينتشر فيها التطرف الإسلامي وقوى إخوان المسلمين .. وقد تُعمق الهوة بينهم وبين الشيوخ المعتدلين الذين سيتضاعف رصيدهم الشعبي والإعلامي بين الشعوب الإسلامية.
 وبذات الوقت أتساءل : ما هي الاضرار التي نتجت عن تلك الزيارة ؟؟ وماذا خسرنا أكثر مما خسرناه طيلة العقود والقرون الماضية قبل الزيارة... ؟؟ رؤيتي الخاصة ستكون لتلك الزيارة التاريخية على المدى المتوسط والبعيد نتائج إيجابية على وضع المسيحيين في الشرق ، لو تُرجمت بحسن النوايا من الطرف المقابل، تلك الوثيقة التي تم التوقيع عليها إلى مفردات عمل وتوجيهات وإلتزامات ..
وربما سيعقبها زيارات أخرى لدول إسلامية معتدلة ، لو منحه الرب سنوات أخرى ليعيش ويقوم بها ، ستضع تلك الدول على مفترق الطريق لتصحيح مسارها وتحديث مفاهيمها الثقافية والإجتماعية والدينية للحياة ، وتعيد قراءة التاريخ بموضوعية وتجرد بعيداً عن الإملاءات الخارجية والتأثيرات الفكرية والعقائدية ، وتقوم بدراسة متوازنة عميقة للمسيحية وتقييم عادل بعيداً عن الحقد والتطرف وعن كثير من الأيات المدنية في القرأن  .. مع فائق مودتي وتقديري

5

نواسيكم بمصابكم الأليم ونشاطركم أحزانكم لرحيل فقيدتكم الغالية عن هذه الحياة الفانية ... ليتغمدها الرب يسوع المسيح برحمته الأبوية ويسكنها في فردوسه السماوي مع الأبرار والصالحين، ويلهم زوجها وأبناءها وكافة عائلاتكم وأهلكم وذويكم فائق الصبر وجميل السلوان، ولتبقى   أحاديثها الطيبة سلوى لنفوسكم وذكراها العطرة تعيش معكم على مدى السنين والأيام...
                                         صباح دمّان

6

الأخ العزيز دكتور عامر ملوكا المحترم...
مقالة تحليلية وتاريخية رصينة تطرقت لمعالجة النهايات السائبة لبعض المجتمعات المتخلفة..وأضيف بأن:
التمسك بالثقافة والتقاليد القديمة البالية وجعلها دستوراً دائماً للحاضر والمستقبل ، والتباهي بالماضي والإيمان المطلق باننا الافضل والأصلح، مع تأليه الزعماء والقادة السياسيين والطاعة العمياء للرؤوساء الدينيين، بإعتبارهم ألهة على الأرض، وتقديس شخصيات تاريخية، ربما بعضها مجهولة الهوية والنسب، وإتباع وصاياهم وقصصهم الغريبة، وقبول هلوساتهم الفكرية وخرافاتهم اللامعقولة وكأنها حقائق مطلقة، وتناقلها من جيل إلى جيل، تسببت بغلق عقول البسطاء وهم الغالبية العظمى من تلك الشعوب ، فأمست هذه الأمور الأسباب الرئيسية لتخلف معظم المجتمعات العربية والإسلامية ...تقبل خالص تحياتي

7
أخي العزيز دكتور صباح المحترم
لو سمحت لي بإضافة توضيح بسيط، تعقيباً على إحدى المداخلات : فحينما ذكرت عبارة " سرد تاريخي ووثائقي رصين" لم أقصد بهذا الوصف، جوهر الموضوع ولا تاييد تلك الإستنتاجات التي تتعارض مع إيماننا الكاثوليكي وجوهر عقيدتنا المسيحية، بل المقصود كان إسلوب  السرد للكاتب المبدع الموقر، وتنيسقه لتلك الأجتهادات بطريقة سلسة إستناداً إلى مصادر ومراجع معروفة ....وبذات الوقت أثنيت على تلخيص وجهة نظره والتي تمثلت بالإستنتاج المنطقي العلمي السليم ....تحياتي

8
الأخ الدكتور صباح قيّا المحترم
تحياتي الطيبة
سرد تاريخي ووثائقي مشوق رصين وإستنتاج منطقي وعلمي سليم ...
مع خالص مودتي وتقديري

9
حَمَائم الكاظمية وأعشاش الأعظمية وأوكار الرموز السياسية
بقلم : صباح دّمان
                      هنالك حكمة تقول بأن فرصة تحقيق أمنيات الحياة في كثير من الأحيان، هي ضربة حظ قد تطرق باب إنسان تافه لا يفقه شيئا ًفي كل شيء، ولا يحمل ثقافة من أي نوع، فتمنحه موقعاً بارزاً ما كان يراوده حتى في أحلامه، أوعندما كان في قمة تفاؤله وهو يطلق عنان خياله وينظر بشغف إلى الأفق البعيد وهو في غربته الموحشة أو صومعته البائسة .
فجأة يمسي الحلم حقيقة والوهم واقعاً، فيجد نفسه على بساط طائر سحري، يهبط به في داخل المنطقة الخضراء، ليتبوء منصباً رفيعاً في وزارة أو مؤسسة، لم يخطر بباله يوماً وهو يشارك في مؤتمرات المعارضة قبل سقوط النظام السابق، أن يكون موظفاً بسيطاً في أحدى دوائرها النائية .
بيد أن سنين الإغتراب إنتزعت من وجدانه مشاعره الإنسانية، وقطَّعت أواصر إرتباطه بأبناء شعبه، فجفت عروقه الوطنية وتساقطت أمامه الشعارات الجوفاء التي كان يرفعها بحماس، وتلاشت من أفكاره المثل العليا التي كان يؤمن بها في سنوات الحرمان، بعد أن جرفته إغراءات الأماكن الموبوءة التي كانت ملاذه الوحيد في تلك الأيام العصيبة، فإنقلب إلى مخلوق غريب لا حواجز تصمد أمام أطماعه وجشعه، ولا محرمات تخمد جشع غرائزه المنفلته.....
بينما غيره كان ذو ثقافة متميزة، وله مكانة علمية مرموقة ومنزلة إجتماعية رفيعة وخبرات متراكمة، ولكن لم تصادفه لمسة حظ واحدة، لا بل أُّغلقت بوجهه كافة أبواب الحياة ولازمه النحس أينما ذهب وحيثما حلّ ومهما حاول، فظل حتى ساعة رحيله يعيش على هامش الأحداث وتحت رحمة سخرية الأقدار، إنطلاقاً من مقولة "قيراط حظٍ يعادل أحياناَ قنطاراً من التجارب والثقافة والعلوم . "
يُروى والعهدة على الراوي، بأن في بغداد كانت تعيش فصيلة من الحَمَائم الجميلة، تقضي معظم أوقاتها في الكاظمية، تاكل من أرزاق المدينة، تشرب من ينابيع مياهها، تمرح بين أروقتها، تستمتع بظلالها، تغرد بين إغصان أشجارها، تتزاوج بين مخابئها، تقذف فضلاتها على قبابها وأسطح بيوتها وعلى مركباتها المتوقفة وأرصفتها النظيفة وحتى على رؤوس بعض المارين، وتتنقل بحرية دون خشية من صيدها...
ولكن حينما تقترب ساعة وضع بيوضها، تنشر أجنحتها وتحلق مسرعة إلى أعشاشها المفضلة في الأعظمية فتضعها هناك، وبعد أن تُكمل العملية، تحتضنها وهي مطمئنة عليها لحين إنتهاء عدتها وخروج فراخها. وكلما تحتاج لتغذيتها، كانت تعود ثانية إلى موطن الخير الدائم، فتجمع ما تجده من غذاء وتعود لإطعامها.
ومع وجود التباين الجوهري في المغزى من هذه المقارنة في السلوك والغرائز، لا بل الهدف من هذه المفارقة النابعة من وفاء تلك الحمائم لأعشاشها القديمة، وخيانة معظم الوزراء وكبار المسؤولين وأصحاب المواقع الخاصة والسياسيين الملثمين ونواب البرلمان الفاسدين لوطنهم، بعد أن شربوا من مياه دجلة والفرات، وإشتد عودهم بين أحضانه، وعاشوا من خيراته، وتعلموا هم وأبناؤهم في مدارسه وتخرجوا من جامعاته. ولكن حين حلّ موعد الوفاء وإعادة الدين الذي في أعناقهم له، نراهم على العكس يستلون خناجرهم ويتلذذون بطعنه غدراً، ثم يرقصون على جثث ضحاياهم طرباً وهم سكارى من ألحان أنين جروحهم .
وبالرغم من مرور عقد ونصف على سقوط النظام السابق، فما زال حيتان الفساد يحكمون قبضتهم على كافة وزارات ومفاصل الدولة، ينهبون أموالاً فلكية تعادل موارد دول أفريقية وعربية مجتمعة، بأساليب لصوصية محترفة، لتعيش عائلانهم في المهجر بترف فاحش وبذخ خرافي، بعد أن جعلوا مقراتهم الرئيسية في دول غربية يحملون جنسياتها، ويهربون إليها كلما إفتضح أمرهم وإقترب الخطر من مواقعهم، وأخرون يحملون مناصبهم كحقائب مسافرين وهم يتجولون في دهاليز مظلمة لعقد صفقات تجارية مشبوهة بعمولات خيالية وشعبهم يعاني من الفقر والبطالة والجوع وشظف العيش .
إن دماء الشهداء وأنين الأرامل ودموع اليتامى وصراخ المفجوعين ومأسي المشردين في الخيام والمهجَّرين على أرصفة الغربة وأمام بوابات الأمم المتحدة، ستبقى سياطاً تلهب أجسادهم، وكوابيس تقضُّ مضاجعهم في منامهم، وما إقترفوه بحق وطنهم ستبقى وصمة عار على أجبانهم، وتأنيب ضميرهم ( لو بقي لديهم شيئا منه) سينتزع السلام من نفوسهم، ولعنة العراق تطاردهم طيلة حياتهم .
والسؤال الذي يؤرِق الجميع اليوم: هل سيتمكن العبادي من الإيفاء بتعهداته وتنفيذ وعوده التي طال إنتظارها وبهت بريقها، وكان ختامها فخ "إئتلاف النصر"، فيستجمع شجاعته وقواه ويخوض غمار معركة إنتحارية فاصلة مع مافيات السرقات الذين ينخرون بهياكل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية (كما يفعل النمل الأبيض في بيت جميل) وكثير منهم من قادة حزبه وإئتلافه، فيحيلهم مع الهاربين إلى محكمة خاصة برئاسة قاض شجاع نزيه، ليصدر حكمه العادل بمعجزة إلاهية ودعم قوى عالمية، ويستعيد منهم أموال الشعب المنهوبة!!
 أم أن الداء الخبيث قد إستفحل في كافة أنحاء جسد المريض، "وسيعجز العطار أن يُصلح ما أفسده الدهر"، فينطبق عليه المثل الشعبي القائل " الشكْ جِبير والرِكْعة زْغَيرة " فتُطوى صفحته بطريقة ما، ويتسلل الإخطبوط إلى مركز القيادة ومعه دواعش الفساد بحلة زاهية، أو يخرج من الأزقة الخلفية ممثل بارع يدعي الوطنية والأمانة والبطولة والوفاء للوطن، فيتصدر المشهد السياسي بعد إنتخابات يجري فيها إستغفال البسطاء وإغراء الفقراء وإستغلال مشاعر المتدينين وجهل الأميين وتوزيع النذورعلى المحتاجين، الذين جميعهم يتناسون دوماً القول المأثور: " إن خدعتني مرة  فعار عليك ، وإن خدعتني مرتان، فعار عليَّ ".
 ومن ملامح عملية خلط أوراق الإنتخابات بإستخدام خدع بصرية لتشتيت إنتباه الناخب، وإطلاق شعارات مضلِله لإرباكه، تبدو الأجواء ضبابية معتمة ومدى الرؤية للخارطة السياسية المقبلة شبه معدومة، وساحة المعركة ستكون حبلى بالمفاجئاة والغدر والتناقضات، وكما تعودنا ستدور بنا من جديد عجلة الإحباطات.
لقد أثبتت تجارب الحياة بأن أفظع انواع الخيانة هي: هروب الضابط من ساحة المعركة دون عِلم جنوده، مبادلة القاضي الفاسد بالإغراءات نزاهة مهنته، نكول الوزير من أجل دراهم فضة بقَسَم منصبه، مساومة سياسي من أجل موقع مرموق بكرامته، تلوين الكاتب الإنتهازي لمداد قلمه، وأبشعها التي تترك مرارة بالنفس وغصة في القلب، حينما يصادر الحاكم  المستبد إرادة شعبه، فيغتال طموحاته ويسرق مستقبله وإبتسامة أطفاله، ويشوه مرتكزاته الإجتماعية والثقافية والأخلاقية، بتوزيع المكارم والمناصب والهدايا على أعضاء حزبه والمقربين منه، وإغداق الأموال على معارضيه لتكميم أفواههم، وشراء ذمم المرتزقة والإنتهازيين والسفهاء لكسب تأييدهم، من أجل بقائه ملتصقاً بعرشه .                                                                2 / 2 / 2018




10

الأخ والصديق الأستاذ خوشابا سولاقا المحترم
إسمح لي أن أتقدم إلى شخصكم الكريم بتعازي القلبية الصادقة لرحيل والدتكم الفاضلة عن هذه الحياة الفانية إلى الحياة الأبدية .
 ليتغمدها الرب خالق الكون ومخلص البشرية برحمته الإلهية الواسعة ويسكنها في فردوسه السماوي مع الأبرار والقديسيين، ويلهم بقية أبنائها وأحفادها وكافة عائلاتكم وأهلكم وذويكم فائق الصبر وجميل السلوان، ولتبقى ذكراها العطرة في قلوبكم وأفعالها الطيبة في نفوسكم على مدى السنين والأيام... 

11

الأخ الكريم الدكتور ليون برخو المحترم
تحياتي الطيبة
مرورك الكريم بمقالتي أثْرتْ الموضوع  بربط المواقف المتشنجة والمتعالية لبعض أركان لقيادة قبل الإستفتاء، وما يجري من تنحي وتقديم تنازلات وطلب وساطات للتفاوض مع حكومة بغداد ، في الوقت الذي كان الإقليم يمتلك سلطات أشمل من دولة، حيث كان يحكم خمسة محافظات شمالية تتمتع بسلطات دولة مستقلة ذات سيادة ، وبذات الوقت كان بيضة القبان في إتخاذ أية قرارات مصيرية في البرلمان الإتحادي في تمرير أي مشروع، وكان النواب الكورد يفرضون الشروط التي يريدونها ، وما كان أي قرار يُتخذ دون موافقتهم .  وشاهدنا ماذا جري بعد الإستفتاء في السليمانية من مظاهرات وإحتجاجات على سياسة قادة الإقليم الذي وضعت الشعب الطيب المغلوب على أمره بين فكي كماشة وأمام خيرات أحلاها مر ، وهو يطالب بحقوقه المشروعة وبلقمة العيش .
والحديث عن خلافات وإنشقاقات بين قياداته .... وما زال الغموض يكتنف المشهد السياسي .
وكما تفضلت من حق الشعوب الحصول على حقوقها المشروعة والمطالبة بالإستقلال ، ولكن حينما تنضج الظروف الموضوعية للبلد من النواحي الإقتصادية والسياسية والإقليمية ، فتقتنص الفرصة المواتية لإعلان ذلك بخطوات مدروسة وبتأييد ومساندة القوى الكبرى والمنظمات العالمية...وليس بإتخاذ قرارات مصيرية بشكل عاطفي وإنفعالي وفردي وتحدي الجميع ....
مع أمنياتنا لشعبنا الكردستاني بالإستقرار والحياة المرفهة الكريمة ....
وأكرر إمتناني لمداخلتك أخي دكتور ليون برخو....

12
إقترح علي الأخ الدكتور ليون برخو المحترم، كتابة مقالة تتضمن إحدى مدخالاتي على مقالته حول السيد مسعود برزاني قبل إجراء الإستفتاء ، لأن قراءتي وتوقعاتي لما كان يجري كانت منطقية حول وصف أحد الإخوة الكتاب لرئيس إقليم كردستان السابق السيد مسعود برزاني "بالقائد الشجاع الذكي" :
"الأخ صباح دمّان المحترم"

"تحليلك من أبدع ما يمكن وقرأته أول ما ظهر في صفحة الأخ أخيقر. في الحقيقة يستحق ان يكون مقالا منفصلا وحبذا ان تعيد كتابته وتنشره بعد اجراء بعض التعديلات لأن ما أتيت به ينطبق على ما بعد مسرحية الأستفتاء الذي سيكون له تبعات خطيرة على الأكراد اولا والأقليات ثانيا والعراق والمنطقة بصورة عامة."
ليون برخو
وعذراً منك أخي دكتور ليون إن جاءت مقالتي متأخرة بسبب ظروف خاصة ...
حينها كتبت:
" صفات كل قائد سياسي  ناجح ورئيس دولة مخلص حكيم، يود الوصول بسفينة شعبه إلى شاطئ الامان والإستقرار والحياة المرفهة الواعدة، لا ينبغي أن تُختزل فقط "بالشجاعة" لوحدها، بعيداً عن المزايا القيادية الأخرى لأنها ليست منازلة بين رجلين، وليست مقامرة عابرة يتحمل هو بالذات نتائجها، بل هي مغامرة قد تفضي إلى كارثة حقيقية لشعبه وترسم صورة قاتمة لمستقبل أجياله اللاحقة، كما حدث عقب إجتياح صدام حسين لدولة الكويت وحروب اخرى نشبت في العقود الاخيرة أطاحت بملوك ورؤوساء وطغاة ما كنا نظن يوما بأنهم سيرحلون بتلك المسرحية المهينة...
لذا يجب أن يتسم رئيس الدولة والقائد الميداني والسياسي البارع، بالحنكة والرؤية الشمولية لمجمل جزئيات اللوحة السياسية أمامه، ويمتلك نظرة ثاقبة للنتائج المترتبة على أي قرار مصيري يتخذه، فيناقشه مع كافة قادة شعبه بموضوعية مجردة وواقعية وبتواضع الكبار، وإحترام أراء معارضيه قبل أن يتخذ القرار وليس بعده، إضافة إلى إجراء دراسة واقعية لإقتصاده ومدى تحمله الخسائر الجسبمة الناجمة عن معركة قد تطول وقد تمتد إلى كافة مفاصل الدولة، ثم يقيِّم بحكمة مواقف الدول الكبرى والمنظمات الدولية والقوى التي تتحكم بمصير العالم اليوم، إضافة إلى مراجعة دقيقة لمواقف الأطراف الإقليمية المحيطة به، وفي ذلك الظرف البالغ الدقة والحساسية، ويحلل بذكاء ويفرز خنادق من يؤيده من أجل دفعه إلى هوة يستحيل عليه تسلق منحدراتها المسننة مرة ثانية، وبين من يقف معه بصدق وأمانة ويؤيد موقفه، وبذكائه وخبرته يرى أين تميل كفة الميزان.
 كما ينبغي عليه التحلى بنكران الذات وليس بتضخيمها وبالموضوعية وليس بالعناد، والمراجعة والتأمل عند عدم وضوح الرؤية، وعدم ضمان مساندة دول كبرى له عند بدء المواجهة وإستمرار المنازلة وإتساع أفقها وتنوع مساراتها ، لتجنب ردود أفعال غير محسوبة وتقديم تضحيات جسيمة غير منظورة، لا طاقة لشعبه على تحملها.
 ومن صفات القائد المخضرم الحكيم ان يستنبط الدروس والعبر من مجريات وأحداث التاريخ التي أثبتت إنتهازية بعض الدول العظمى حينما ضحت بحلفائها ونقضت معهم تعهداتها ونكلت بإلتزاماتها بصفقات سرية مشبوهة حصلت فيها على حصة أكبر من الغنائم من أجل ديمومة مصالحها القومية ودعم أجنداتها الإستراتيجية . ودهاليز التاريخ زاخرة بمأسي مروعة كان ضحيتها عشرات ومئات الالأف من أبناء مكونات عرقية وقومية وأقليات دينية وأثنية، دفعت فيها الثمن باهضاً نتيجة جريها وراء وعود مخادعة وثقتها المطلقة بضمانات مضلِلة ....
أما إذا كان الإستفتاء بالون إختبار لدراسة نتائجه السلبية والإيجابية وتقييم ردود أفعال الدول الإقليمية وبقية الدول الكبرى المؤثرة تمهيداً لخطوات لاحقة ، وحالياً ورقة ضغط على بغداد للحصول على مكاسب جديدة ، فللمسألة وجه أخر أكثر ضبابية... وكل ما أخشاه ومن كل قلبي لا أتمناه أن يعيد التاريخ  مرة ثانية أحدى حلقاته ويعرضها على المشاهدين في دور العرض العالمية ويترك الخيار للمشاهد لربط  أحداثها ..." وأضيف على تلك المداخلة ":
هنالك حقيقة راسخة لا يتناطح بها عنزان بأن بعض القادة يتبؤون مواقع قيادية ومكانة طيبة بين أبناء شعبهم ورثوها من نضالهم السابق أو من سيرة وتضحيات أسلافهم، ولكنهم  يفتقرون إلى رؤية ثاقبة لما يدور حولهم من أحداث، وتغيب عنهم الحنكة السياسية والحس المنطقي لما يجتاح العالم من متغيرات نتيجة إصابتهم بمرض تعظيم الذات والإرتكاز على الماضي العقيم، وتبنيهم طموحات غير واقعية في خضم صراعات دولية متفاقمة، فيحاولون الإلتصاق بكرسي الحكم المغري المثير، لأنهم يعشقون السلطة إلى درجة المقامرة بكل رصيدهم السياسي والتاريخي والإجتماعي للوصول إلى أهداف مسالكها محفوفة بالمخاطر والأفخاخ، معتمدين على وعود ضبابية، تتبدد حالما تشرق شمس المصالح القومية للقوى التي شيدت أسس النظام العالمي الجديد، ويبدأ موسم الحصاد الإستراتيجي، وتقييم محاصيل المندوبين الموقتين من الموالين وحتى من الرافضين الملثمين والمنشقين .
خلال العقود المنصرمة طفت على سطح خارطة الشرق الأوسط متغيرات ثقافية وعقائدية مربكة، وتزاحمت أمامنا أحداث سياسية متسارعة، منها خروج العراق منهكاً عسكرياً وإقتصادياً من حرب الخليج التي دامت ثمان سنوات دامية بعد أن وضعت تلك الحرب العبثية أوزارها كما كان مُخطط لها، وكان مثقلاً بالديون والإلتزامات ويئن من جروح سالت منها دماء غزيرة، فشرع صدام حسين بمعالجة إقتصاده المتدهور وإعادة بناء بلده المدمَر، ولكنه إصطدم بصخرة إنهيار أسعار النفط .
فتم إستثمار ظروفه الحرجة بعرض حلقة مكملة لسابقتها في المسلسل، بلقاء دبلوماسي ماكر إنسابت بين كلماته بعض الإغراءات، أعقبتها عملية إستفزاز لكرامته البدوية بتلميحات ساخرة، وإستدراجه للوقوع في مصيدة، ظن بأن فيها كنز ثمين يشبع به غروره المتفاقم ويحقق كل الطموحات التي كانت تراوده.
 فبلع الطُعم حين تخيل بأنه رأى ضوءً أخضراً من مركز قيادة العالم الحر، أو ربما تلقى إشارات خاطئة أو مشفرة مقصودة، وفشل في فك طلاسمها دون التفكير بالعواقب الوخيمة في حالة ظهورالإلتباس في باطنها، نتيجة عشقه لذاته وإصابته بداء عبادة شخصيته، وثقته المفرطة بما كان يمتلك في قبضته الفولاذية من إمكانيات متاحة، متجاهلاً تجارب سابقة بعدم تتطابق حسابات الحقل في كثير من الأحيان مع حصاد البيدر.
فإتخذ قرار الإنتحار العسكري بإحتلال القوات العراقية لدولة الكويت، معتبرها نزهة مسلية (للويلاد) ومعركة محسومة سلفاً، نتيجة إعتماده على ولاء وقدرات جيشه المتمرس وفيالق حرسه الجمهوري المرعبة وقواته المدرعة الضخمة وصواريخه البعيدة المدى وسلاحه الجوي الهائل وكافة صنوفه الأخرى .
وكانت بداية مأساة وطنية مروعة ودخول العراق في نفق مظلم موبوء لم يرى النور في نهايته لحد اليوم.     وفي الجانب الأخر وجدت بعض الدول الناقمة عليه والمتربصة به، فرصة ذهبية نادرة لإسقاط حكامه وإذلال شعبه وتدمير إقتصاده ونهب ثرواته، والثأر منه بسبب وقائع قديمة مؤسفة ومعارك تاريخية ماضية .
تعود بي الذاكرة إلى عام 1975، حين وقًع صدام حسين إتفاقية الجزائر مع شاه إيران الذي كان يدعم الراحل مصطفى البرزاني، والتي على أثرها تم وأد الحركة الكردية في الشمال ومغادرة قادتها أرض العراق . بعدها قرر المخرج الإستغناء عن خدمات الشاه وطرده من المسرح بسبب خروجه عن مضمون النص المكلف بإدائه، أعقبها بسنوات إنهاء حياة صدام حسين بطريقة دراماتيكية مهينة بسبب إعلانه العصيان ليكون عبرة لغيره من الحكام .
كما أن دخول وحدات من الجيش العراقي بعد الإستفتاء إلى كركوك دون ضجيج، وإنسحاب بشمركة الإتحاد  منها دون قتال بتنسيق غير مُعلن ، ربما كردة فعل لأحداث عام 1996 في أربيل، أضاف حبكة معقدة أخرى إلى الوضع السياسي المبهم الذي لا يخلو عادة من المفاجئات والحيرة والتناقضات....
وهكذا يعيد التاريخ بعض فصول مسرحياته أمام المشاهدين، ولكن بإختلاف الأوقات وإستيعاب قاعات العرض وعقدة سيناريو الأحداث، مع تغيير بعض أقنعة المؤلفين الكبار وجلباب المخرجين المخضرمين، وتبادل الأدوار بين عدد من الممثلين المحليين .
وما زالت الرؤية ضبابية والأمواج عاتية، ومسار سفينة الشرق ما برح مجهولاً لحين إصلاح الخلل الفني في بوصلتها . 
1/1/2018

13

أخي أستاذ نيسان سمو الهوزي المحترم
تحياتي الطيبة ....
ما دامت مزارع الأفكار المتطرفة الإرهابية منتشرة في بلدان عربية وإسلامية بشكل رسمي، وقانوني وبحماية أنظمتها ، تنتج وفرة من المحاصيل المسرطِنة لخلايا عقل الإنسان والمدمرة لصحتة ولكل ما هو خير لمستقبل البشرية ، وتصدره دون قيود إلى بلدان العالم المتحضرة وبحماية ديمقراطيتها وحريتها وغبائها الحضاري ، ليقتات عليها المتسولون والمتخلفون وأصحاب العقول المتصحرة الخاوية والغادرون وناكرو الجميل وبعض ساستها المخمورون وأحزابها المريضة المصابة بداء المساواة بين القاتل والضحية ، فستواصل وتزيد من إنتاجها المر العقيم ، ولكن حينما تُغلق بوابة جريان المياه إلى سواقيها ، سيصيبها الجفاف فتتساقط أوراقها لتبعثرها الرياح وتفنى في كل بقاع الأرض، ويتصلب ساقها وتتكسر أغصانها وتجف عروقها ، فتُقتلع وتُرمى في النار، فيتخلص العالم من شرور ثمارها السامة المهلكة ...
وتقبل تحياتي

14
الأخ عبد الأحد سليمان المحترم ....
تحياتي الطيبة لك ولكافة الإخوة المتحاورين ...
حاولت كثيراً وبذلت جهداً كبيراً منذ سنوات وكتبت عدة مقالات بهذا الشأن، في محاولة للوصول إلى جوهر المشكلة وعقدة الصراع المستفحل منذ عام 2003 ، والدائرحول تسميات شعبنا إستناداً إلى الحقب التاريخية التي مرَ بها ، بيد اني عجزت عن أدراك مكمن المشكلة، ووضع يدي على موطن الخلل وأبعاد الضير، لو قلت بأني أومن بأن قوميتي هي ( كلدانية أو أشورية أو سريانية ) ولكني بذات الوقت أحترم بقية هويات شعبنا الواحد وأعتز بكل التسميات الأخرى .
ما الإشكال الذي تحول إلى صراع معيب ومناكفات وإتهامات وتخوين وأحياناً شتائم مُخجلة ، حينما يذكر أحدنا عنوان هويته التي يحملها ويؤمن بها ؟ وما نوع الجريمة والتجاوز والذنب حينما يحمل ثلاثة أشقاء ثلاثة تسميات مختلفة في عنوانها ، وموحدة في جوهرها وأهدافها ، وكل منهم يعتز بإسمه ومقتنع بإختياره، ولكنه لا يهمش الأخر ولا يسلب حقوقه ولا يحاول إلغاء وجوده ولا تمزيق صفحة حضارته من سجلات التاريخ؟ أليس العكس هو الصحيح ؟ أليست قوة لنا جميعاً حين نتكاتف تحت سقف بيتنا المشترك الواسع ونعمل كرجل واحد لنيل حقوقنا الكاملة من ( الحاكم  المتسلط ) الذي ينظر إلينا بإستخفاف بسبب تشتتنا ومعاركنا الإنترنيتية ، ونحن مسيحيون تجمعنا مبادئ السيد المسيح خالق الكون ومخلص البشرية في التسامح والمحبة والتواضع ونكران الذات .
 لماذا يريد أحد الأشقاء الإستيلاء على كامل الميراث الحضاري والتاريخي والتراثي لجده ، ويحاول حرمان شقيقيه منه ؟ ولماذا نواصل سياسة " أنا أنا ، وأنت أنا ، ولا فرق بيننا ، ولكنك جزءٌ مني . أنت شقيقي ولكنك على أرض الواقع غير موجود لأن هويتك مزيفة ، وأنا مُخول بتمثيلك لأنك في الحقيقة وهم ووجودك خيال !!!!
لكل تسمية مصادرها التاريخية ومؤرخيها وإثباتاتها ووثائقها التي تنطلق منها وتستمد قوتها من صفحاتها، ولكن هل يظن أحدنا بنسبة جزء ضئيل من 1 %100، بأن بإمكانه إقناع الطرف الأخر ببراهينه وشواهده وكتاباته ومقالاته ومؤلفاته ووجهة نظره الثاقبة وبراعته و..... ؟ كلا وألف كلا ، وسنبقى لما تبقى من أعمارنا ونحن ندور في حلقة مفرغة، وسيرث أبناؤنا هذا الوضع المزري وربما عدد قليل من أحفادنا ، وبعدها سيكون كل شيء قد تلاشى وأمسى من ذكريات الماضي وكوابيس ليلة صيف عابرة لا تعنيهم بشيء وخاصة أجيال المهاجرين اللاحقة التي ستجرفها تيارات الحياة المعاصرة ....
نحن نحاول أن نطحن الهواء ونغير طبيعة الماء ، كفانا كبرياء ورفع هاماتنا إلى السماء، وتكرار هذا المسلسل الممل ، ونكف عن إجترار صراع  التسميات لإبراز عضلاتنا والإصرارعلى أننا على حق وصواب والباقين على خطأ وضلال ، ونحن جالسون خلف الشاشات الصغيرة نحتسي المشروبات ( الساخنة) ونبتسم في أعماقنا من شدة ذكائنا وعمق ثقافتنا ونحن ننشر مقالاتنا ونتحدى غيرنا ونتطفل على شأن لا يخصنا .
 لندع كل تربة ترتوي من مياه ينابيعها، وكل ساقية تنبت نوعية زرعها ، ونترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله.... ونتفق على إحترام خصوصية وقناعة وحرية الأخر فما يختاره من تسمية، ويضع في جيبه من هوية ، لنُظهر ثقافتنا المتحضرة وعقليتنا المتطورة ، ثم نضع يداً بيدٍ ونسير نحو هدف واحد لننقل إلى أبناؤنا وأحفادنا هذه الظاهرة الحضارية وهذه المبادئ الراقية التي تليق بنا كأحفاد شعب الحضارات والأمجاد ، أولائك الرجال والأجداد العظام الذين شرعوا أول القوانين للبشرية ووضعوا تلك المسلة الخالدة ، وصنعوا العجلة، وعلموا الإنسان كتابة الحرف وإبتكروا الأبجدية ، ونبغوا في علم الفلك، وقسموا الزمن إلى أصغر وحداته الحالية...وعذراً على الإطالة...
مع كل التقدير لكافة أبناء شعبنا مهما كانت تسمياتهم والإعتزار بكل من يؤمن بأنه كلداني أو سرياني أو أشوري...
وتقبل تحياتي

15
الأخت الدكتورة المتميزة منى ياقو المحترمة
تحية طيبة...
تحليل منطقي سليم ونقد موضوعي جرئ، والسؤال الذي يفرض نفسه ويتفاعل مع الواقع ومجريات الأحداث التاريخية الماضية هو: 
أين كانت هذه الوثيقة منذ عام 1991، حينما كان إقليم كردستان شبه دولة مستقلة ، وأضعف الإيمان منذ 2003، حتى وإن كانت اليوم متكاملة الجوانب ومثالية الجوهر وتلبي رغبات وطموحات أبناء شعبنا، وأين أمست الأحلام الوردية لمحافظة سهل نينوى وشعارات الحكم الذاتي ؟ ولماذا لم يُعلن الحد الادنى منها قبل مشروع الإستفتاء قبل سنوات؟ وما الأمر الذي إستجد وطفى على سطح الأحداث لتُكتب على عُجالة بدون ضمانات وتُنشر بالأمس بالذات مع ضجة إعلامية ؟ ولماذا صدرت هذه الوريقة في الوقت بدل الضائع ، ونتيجة المباراة المصيرية لم تُحسم بعد ، وقائد المباراة على وشك إطلاق صافرة نهاية الشوط الأول منها ؟ هل كانت لكسب تأييد المشاهدين وإرضاء المشككين بأداء بعض اللاعبين بسبب عدم إكتمال لياقتهم البدنية ومدة تدريبهم وعدم رضاهم عن نزاهة الحَكم كونه غير معتمد لدى الإتحاد الدولي ؟  أم أن خطة المدرب لم تكن مُطَمئِنة لأن أحد الخبراء المتخصصين بعث برسائل مشفرة ، تم حل رموزها خطاً..؟ عذراً لبعض التسميات المجازية ...
 لقد دفع شعبنا المسيحي منذ قرون وعقود تضحيات جسيمة نتيجة ثقته المطلقة بوعود زائفة وعهود مضلِلة أريقت فيها الدماء وزهقت ألاف الأرواح البريئة ، وهو يقف اليوم بقلق وتوجس أمام بقايا أطلال وطنه الجريح !!
وتقبلي فائق إحترامي

16
الأخ جان يلدا خوشابا المحترم
شلاما وإيقارا...
مع إحترامي لبعض السياسيين الذين يتسمون بكثير من المصداقية والوضوح في التعامل ويبتعدون عن الكيل بمكيالين أقول لغيرهم:
نتمنى أن تختفي من قاموسكم وسلوككم وتعاملكم مع أبناء شعبنا مصطلحات النفاق السياسي والتضليل الخطابي والوعود البراقة الخادعة، حيث " ترون القشة في أعين غيركم ولا ترون الخشبة في أعينكم ....
 وتقبل فائق تحياتي

17
الأخ إخيقر يوخنا المحترم
مع الأسف هنالك بعض الإخوة من أبناء شعبنا ما زالوا يؤمنون بأساليب تكميم الأفواه في المناقشات ورفض مبدأ حرية التعبير عن الأراء ، لأنهم ربما يعتقدون بأنهم إمتلكوا ناصية الثقافة والمعرفة، ولا يمكن أن يصلها غيرهم ، إلى درجة أنهم من شدة ثقتهم بمعلوماتهم السرية الخارقة يستخفون ويستهزئون بأراء غيرهم ، في الوقت الذي يعيش معظمهم في بلدان ديمقراطية متحضرة ، ولكنهم لم يهضموا روعة مبادئ إحترام حرية الإنسان في التعبير عن رأيه مهما كان، وتقبل وجهات نظر الأخرين برحابة صدر حتى لو تعارضت أو تقاطعت مع مفاهيمهم ومعتقداتهم ، يبدو أنهم لم يتابعوا الأخبار أو يشاهدوا قنوات فضائية يعبر فيها بعض القادة الكورد والمنظمات والأحزاب والشخصيات الأخرى عن وجهات نظر مطابقة لتلك التي ينتقدونها بإسلوب ساخر وغير مقبول ...
مع إحترمي لكافة الأراء المتباينة

18
الاخ الدكتور ليون برخو المحترم : هذه مداخلتي على مقالة الأخ إخيقر يوخنا قبل أيام وإرتأيت إعادتها مع  إضافات بسيطة كون الموضوعان يتناولان نفس المسألة ويتناقضان في الجوهر والطرح ، حيث أني أؤيدك بمعظم ما تفضلت به من أراء في تحليلك المنطقي:
سلامي لك ولكافة الإخوة المتحاورين ...
مع إحترامي لرأيك الخاص في مقالتك الموسومة، فإن لي ثمة وجهة نظر مغايرة لما تفضلت به " القائد الشجاع "، وفي مداخلتي هذه لا اوجه الإتهام لأحد ، بل اطرح رأي من قراءتي المتواضعة للأحداث التاريخية ..
صفات كل قائد سياسي  ناجح ورئيس دولة مخلص نزيه، يود الوصول بسفينة شعبه إلى شاطئ الامان والإستقرار والحياة المرفهة الواعدة ، لا ينبغي أن تُختزل فقط "بالشجاعة" لوحدها بعيداً عن المزايا القيادية الأخرى لأنها ليست منازلة بين رجلين ، وليست مقامرة عابرة يتحمل هو نتائجها لوحده ، بل مغامرة قد تفضي إلى كارثة مدمرة وكابوس مخيف لشعب وترسم صورة قاتمة لمستقبل أجياله اللاحقة ، كما حدث عقب إجتياح صدام حسين لدولة الكويت وحروب اخرى نشبت في العقود الاخيرة أسقطت زعماء، ما كنا نظن يوما بأنهم سيرحلون بذلك الإسلوب المرعب للفوضى الخلاقة وما عانى الشعب من مأساة!!!
لذا يجب أن يتسم رئيس الدولة والقائد الميداني والسياسي البارع بالحكمة والحنكة والرؤية الشمولية لمجمل جزئيات اللوحة السياسية أمامه ، ويمتلك نظرة ثاقبة للنتائج المترتبة على أي قرار خطير يتخذه ،  فيناقش مع كافة قادة شعبه بموضوعية رصينة وبتواضع  الكبار، وإعطاء حرية إبداء الرأي المخالف لخططه وإحترام مقترحات معارضيه فيما يتعلق بأمور كثيرة منها : تقييم متانة إقتصاده وتحمله الخسائر الباهضة الناجمة عن معركة قد تطول وقد تمتد إلى كافة مكونات الشعب ومفاصل الدولة ،  ثم يحلل بتمعن وتجرد مواقف المنظمات الدولية والقوى العظمى التي ترسم خارطة العالم اليوم ، إضافة إلى مراجعة مواقف الدول الإقليمية المحيطة به، وفي ذلك الظرف البالغ الدقة والحساسية، وبموازنة دقيقة وبذكاء يفرز خنادق من يؤيده من أجل دفعه إلى هوة يستحيل تسلق منحدراتها المسننة مرة ثانية ، وبين من يقف معه بصدق وأمانة ويؤيد موقفه .
 كما عليه أن يتحلى بنكران الذات وليس تضخيمها والواقعية وليس بالعناد، والتراجع إذا تبين له عدم التكافئ وعدم تأييد ومساندة قوى كبرى له عند بدء المعركة ، لضمان عدم توسعها وإنتشارها إلى مناطق أخرى تجلب الويلات إلى مناطق أخرى لتجنب مأسي غير منظورة وتضحيات كبيرة ...
 والأهم من كل ما ذُكر، على القائد المخضرم الحكيم ان يستنبط الدروس والعبر من مجريات التاريخ القديم والحديث التي أظهرت إنتهازية بعض الدول الكبرى باساليب التضحية بحلفائها ونقض تعهداتها والنكول بإلتزاماتها بصفقات مخجلة من أجل الحصول على حصة أكبر من الغنائم ومن أجل المحافظة على مصالحها القومية وديمومة أجنداتها الإستراتيجية . والتاريخ زاخر بقصص ومأسي كان ضحيتها عشرات ومئات الالأف من مكونات عرقية وقومية وأثنية وأقليات دينية، دفعت فيها الثمن باهضاً نتيجة جريها وراء وعود مخادعة وثقتها المطلقة بتطمينات مضلِلة . ... وأضيف : إذا كان الإستفتاء بالون إختبار لدراسة نتائجه السلبية والإيجابية وتقييم ردود أفعال الدول الإقليمية وبقية الدول الكبرى المؤثرة في رسم خارطة العالم تمهيداً لخطوات لاحقة ، وحالياً ورقة ضغط على بغداد للحصول على مكاسب جديدة ، فللمسألة وجه أخر أكثر ضبابية وتعقيداً في تناوله... 
وتقبل تحياتي وإحترامي

19
الأخ اخيقر يوخنا
لم أقرأ إجابة مقنعة على الفقرات التي طرحتها ...
تقبل تحياتي

20

الأخ أخيقر يوخنا المحترم ... سلامي لك ولكافة الإخوة المتحاورين.
مع إحترامي لرأيك الخاص في مقالتك الموسومة، فإن لي ثمة وجهة نظر مغايرة لما تفضلت به " القائد الشجاع "، وفي مداخلتي هذه لا اوجه الإتهام فيها لرئيس أو قائد أو زعيم ما ، بل اطرح رأي من قراءتي المتواضعة للأحداث التاريخية .
صفات كل قائد سياسي  ناجح ورئيس دولة مخلص نزيه، يود الوصول بسفينة شعبه إلى شاطئ الامان والإستقرار والحياة المرفهة الواعدة ، لا ينبغي أن تُختزل فقط "بالشجاعة" لوحدها بعيداً عن المزايا القيادية الأخرى لأنها ليست منازلة بين رجلين ، وليست مقامرة عابرة يتحمل هو نتائجها لوحده ، بل مغامرة قد تفضي إلى كارثة مدمرة وكابوس مخيف لشعب ، وترسم صورة قاتمة لمستقبل أجياله اللاحقة ، كما حدث عقب إجتياح صدام حسين لدولة الكويت وحروب اخرى نشبت في العقود الاخيرة.
لذا يجب أن يتسم رئيس الدولة والقائد الميداني والسياسي البارع بالحكمة والحنكة والرؤية الشمولية لمجمل جزئيات اللوحة السياسية أمامه ، ويمتلك نظرة ثاقبة للنتائج المترتبة على أي قرار خطير يتخذه ،  فيناقش مع كافة قادة شعبه بموضوعية رصينة وبتواضع  الكبار، وإعطاء حرية إبداء الرأي المخالف لخططه وإحترام مقترحات معارضيه فيما يتعلق بأمور كثيرة منها تقييم متانة إقتصاده وتحمله الخسائر الباهضة الناجمة عن معركة قد تطول وقد تمتد إلى مفاصل الدولة ،  ثم يحلل بتمعن وتجرد مواقف المنظمات الدولية والقوى العظمى التي ترسم خارطة العالم اليوم ، إضافة إلى مراجعة مواقف الدول الإقليمية المحيطة به، وفي ذلك الظرف البالغ الدقة والحساسية، وبموازنة دقيقة وبذكاء يفرز خنادق من يؤيده من أجل دفعه إلى هوة يستحيل تسلق منحدراتها المسننة مرة ثانية ، وبين من يقف معه بصدق وأمانة ويؤيد موقفه ، كما عليه أن يتحلى بنكران الذات وليس تضخيمها والواقعية وليس بالعناد، والتراجع إذا تبين له عدم التكافئ وعدم تأييد ومساندة قوى كبرى له عند بدء المعركة ، لضمان عدم توسعها وإنتشارها إلى مناطق أخرى لتجنب مأسي غير منظورة وتضحيات كبيرة .
 والأهم من كل ما ذُكر، على القائد المخضرم الحكيم ان يستنبط الدروس والعبر من مجريات التاريخ القديم والحديث التي أظهرت إنتهازية بعض الدول الكبرى باساليب التضحية بحلفائها ونقض تعهداتها والنكول بإلتزاماتها بصفقات مخجلة من أجل الفوز بحصة أكبر من الغنائم ومن أجل المحافظة على مصالحها القومية وديمومة أجنداتها الإستراتيجية . والتاريخ زاخر بقصص ومأسي كان ضحيتها عشرات ومئات الالأف من مكونات عرقية وقومية وأقليات دينية، دفعت فيها الثمن باهضاً نتيجة جريها وراء وعود مخادعة وثقتها المطلقة بتطمينات مضلِلة .
وتقبل فائق تحياتي وإحترامي

21
الأخ الأستاذ رعد الحافظ المحترم
تحليل تاريخي وإجتماعي وسياسي رصين ووصف نزيه يعبر عن شجاعة متميزة وأفكار نيرة راقية ، تفضح سلوك بعض الأنظمة المتخلفة ووسائل الإعلام المتطرفة في الكيل بمكيالين بعيداً عن الثقافة الإنسانية المتحضرة والتقييم الموضوعي لما يجري ، حينما تتلاعب بمشاعر البسطاء والمخدوعين من بعض الشعوب الذين أمسوا سلعاً تُباع وتُشترى في سوق المزايدات العلنية للطائفية ، كما أن مداخلة الاخ الكاتب ( مسيحي عراقي) سلطت أضواءً إضافية على القضية من جانب أخر لتكمل صورة الحدث..
مع فائق شكري تقديري

22
الأخ الكاتب سرسبيندار السندي المحترم
حينما يُظهر أحد المفكرين عكس ما يضمره وتنكشف حقيقته يُقال عنه: " سقط القناع عن الوجوه الغادرة وحقيقة الشيطان بانت سافرة ..." لقد تقيئ رجل الدين هذا ما بجوفه من حقد دفين وكراهية مقيتة على الديانة المسيحية والسيد المسيح حين نعته " بإبن زنى " وأن مريم الغذراء البتول هي زانية ... معتقد كان يؤمن به ولكنه كان يظهر عكس ذلك في تصريحاته وندواته وأفكاره، التي كان يضلل بها متابيعه بأنه علماني متحضر ورجل دين متحرر وإنسان مثقف... تصريح مؤسف وهروب غير موفق من المأزق الذي وضعه فيه السيد رشيد والزاوية التي عجز عن الإفلات منها إلأ بعبارة بذيئة غير أخلاقية خسر فيها كل محبيه ومناصريه من المسيحيين والمثقفين الأخريين
يبدو أن أياد جمال الدين نسي أو تناسى حتى ما جاء به القرآن  :                                                             " إن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته وروح منه ألقاها إلي مريم ..."
" يا مريم انا اصطفيناك وطهرناك وجعلناك فوق نساء العالمين "
" مريم بنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا فتمثل لها بشراً سويا" "
 " فلما وضعتها قالت ربَّي إني وضعتها انثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ".....
نصلي أن يشرق الرب بنوره في قلبه ليرشده إلى طريق الحق والحياة ....

23
الأخ قيصر السناطي المحترم
تحياتي الطيبة ....
" سقط القناع عن الوجوه الغادرة وحقيقة الشيطان بانت سافرة ..." لقد تقيئ رجل الدين المخادع هذا ما بجوفه من حقد دفين وكراهية مقيتة تجاه السيد المسيح سلطان الكون ومخلص البشرية وأمه البتول العذراء... كان قد خزنها في قلبه المليء بالضغينة على الديانة المسيحية بينما كان يضلل متابيعه بأنه علماني متحضر ورجل دين متحرر وإنسان مثقف ....
يبدو أن أياد جمال الدين نسي أو تناسى ما جاء به قرآنه من أيات بينما كان يشير إليه في حديثه بأنه المصدر الوحيد الذي يعترف به:    "  إن المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلي مريم وروح منه. "
" يا مريم انا اصطفيناك وطهرناك وجعلناك فوق نساء العالمين "
" مريم بنت عمران التي احصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا فتمثل لها بشراً سويا "
 " فلما وضعتها قالت ربَّي إني وضعتها انثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ".....                                                                       
 نلتمس الرب أن يشرق بنوره في قلبه ليعرف طريق الحق والحياة ...
تقبل تحياتي







24
الاخ ثائر حيدو المحترم ....
 تهنئة عطرة وأمنيات صادقة للدكتورة رينا ثائر حيدو بمناسبة تخرجها من الجامعة، راجياً لها تحقيق كل الأمنيات والطموحات وتبوء موقعاً وظيفياً مرموقاً في المجتمع يليق بشخصيتها....وتقبلوا تحياتي

25

اخي يوحنا بيداويد ... تقبل تحياتي
 لماذا الإستغراب من تصريح علاء الموسوي رئيس الوقف الشيعي الذي سربته بعض وسائل الإعلام المرئية بقصد أو بدونه...! بينما هنالك دون شك العشرات من التصريحات والدعوات والجلسات التي لا يتم نشرها وتبقى طي الكتمان وترسو في أعماق الذات لكثير من أمثاله ، ولكن واحدة  منها طفت على السطح ربما كبالون إختبار أو لهدف مرسوم أو توجيه خاص، لاننا نشاهد على شاشات قنوات فضائية متنوعة وجوه كالحة تلعن وتشتم المسيحيين وتحتقر معتقداتنا وتهين مقدساتنا، ويلعنون إيماننا ويطلقون علينا أقبح الألقاب ( أحفاد القردة والخنازير...)  ويتوعدوننا بالويل والثبور، ويدعون إلاههم لقطع نسلنا وإنزال الكوارث بنا ، ونشرالأوبئة بيننا و.... ولو دققنا في تلك الخطب لوجدنا فحواها نابع من أيات قرآنية مدنية تتضمن نفس المفاهيم وتهدف إلى ذات المسار .
ردود الأفعال كانت وفي هذا الظرف الدقيق مقنعة إلى حد ما... ولكن طريقة إزالة أثار تصريحاته الإستفزازية الطائفية المتخلفة بعد إعتذاره مجبراً ومكرهاً، كانت غير موضوعية، لأن المعتدي هو الذي يتوجب عليه زيارة أماكن المُعتدى عليه لتقديم إعتذاره إن كان حقاً نادماً على ما بدر منه ، وليس العكس ....
سلامي لك ولكافة الزملاء الأعزاء.....

26
رثاء
" يا مالك الدنيا الدنيَّةُ إنها شرك الردى ... دار متى ما أضحكت في يومها أبكت غدا... "
إلى الفقيد الراحل كريم قيّا أبو سلام ... الصديق والجار القديم وموضع الثقة والأمان...
تلقيت بكل حزن وأسف نبا رحيلك عن هذا العالم بعد معاناة طويلة مع مرض الشيخوخة اللعين، هذا الزائر الخبيث الذي يمر بنا في أواخر أيام الخريف ، فينهك قوانا ويشلُّ حركتنا ويقعدنا، ثم يشتت أذهاننا ويسرق إبتسامتنا ، ونحن من كنّا في عنفوان الشباب ننظر إليه ساخرين  ونقف أمامه متحدين .... 
عادت بي الذاكرة إلى تلك الأيام الخوالي التي قضيناها سوية في العيش كبيت واحد وجيران لسنوات طويلة في بغداد وكانت بضعة أمتار تفصل بين دارينا، فرسَّخنا بيننا العلاقات الصادقة والألفة ورفعنا بين عائلتينا الكلفة .  تذكرت تلك الأحاديث الممتعة التي كانت دوماً تدور بيننا، والقصص المسلية التي كنا نحكيها لبعضنا، والمواقف الطيبة التي كانت تجمعنا والأحداث المفرحة والمحزنة المشتركة التي كنا نقف فيها إلى جوار بعضنا. ولكن هذا هو مصير الإنسان وخاتمة الحياة التي نعيشها على هذه الأرض في هذا الزمان....
تغمدك الله برحمته الواسعة والهم إبنة عمنا كوكب وإبنتك ميسون وكافة الأهل الصبر والسلون ، وبارك الرب بحياة إبنك البارعادل الذي ضحى وصبر وتحمل وأدى واجبه الديني والدنيوي تجاهك على أكمل وجه.
صباح دمّان والعائلة




27
أستاذ صباح
بانــورامــا رائعــة الوصف لحياتنــــا علـــى هـــذه الأرض  أستاذي العزيز ، نعم كلنـــا مسافرون علــى هــذه الأرض ، بيتنــــا ومقرنــــا الدائــــم هــو فــي السمــــاء ، وطــوبى للمســــافــر الذي يتـــرك قطـــار الحيــــاة ويؤمـــن بـأنــه ســوف يكــون مــع المسيـــح للأبـــد ، ذلـــك يجعلـــه أن يتغلَّـــــــب علـى مشـــاكل الحيــــاة ....... ويجعلـــه محبـــاً لأخيــــه وغافـــراً لزلاتـــــه ...... لتبقـــــى أنظــــارنــا متجــهــــة نحـــــو الأبديـــــة .


تذكرة على إحدى عربات قطار الزمن السريع ...
بقلم : صباح دمّان
قطار الحياة الذي لا نهاية لخطوطه ومحطاته وهو يمضي بسرعة فائقة لا يمكن إيقافه أو تخفيف سرعته، يتكون من قاطرة هائلة تسافرعلى متنها مجموعات بشرية متباينة في الثقافة والإنتماء والسلوك والمبادئ والمعتقدات، وحتى في نظرتها إلى مجمل مفردات الحياة والعلاقات الإجتماعية والإنسانية، ولكنها مترابطة مع بعضها بخيوط غير مرئية، وتتحكم بها قوة خارقة يعجز الكثيرون عن إستيعاب عظمتها ومدى بُعد سلطانها وإدراك جوهرعطائها اللامتناهي .
 للقاطرة بوابة ضيقة واحدة في المقدمة مصمَمَة بنظام خارق مذهل لدخول المسافرين إليها، وأخرى في النهاية فسيحة لمغادرتهم بعد حين . بيد أن كل منهم يعجز عن معرفة مدة إنتهاء صلاحية تذكرته، وتخمين موعد ختام رحلته عند إيقاظه من قيلولته، وإبلاغه بأنه وصل إلى محطته الأخيرة وعليه ترك مقعده والخروج من عربته .......
يُحجز لكل قادم تذكرة بلا إستشارته، ويحشر في العربة دون إذنه، ويرغم على السفر بلا إرادته، وهو لا يعلم ماذا يجري حوله ولماذا سيخرج من شرنقته الأمنة...! وحينما يُخرج من عشه الجميل، يصرخ ويستغيث خشية من واقعه الجديد، ولكنه يواصل مشواره المثير في عالمه الثاني المريب.
 بمرور الأيام يتكامل كيانه وتنضج معرفته، فيبدأ بالبحث عن شريك له لكي يُسمح لهما بقطع عدد من التذاكر المشتركة بعد دفع أثمانها وحجز مقاعداً لضيوف لهم قادمون من منعطفات متتالية.
في كل محطة يتوقف فيها القطار يُقرع الناقوس وينطلق صوت المنادي ليعلن أسماء الذين تم إستدعاؤهم لترك مقاعدهم دون السماح لهم بالرفض أو الإعتراض، لأن عليهم فقط الطاعة والإمتثال، فيصعد غيرهم ويواصل قطار الزمن مساره.
مصمم وصانع ومالك قطار المعجزة يُسِره رؤية بعض المتابعين جالسين قرب النوافذ وهم يراقبون ظواهر الكون لإكتشاف أسرار الحياة، فيدونون ملاحظاتهم المثمرة ويترجمون أفكارهم المستنيرة إلى مفردات رقي ورفاه لهم ولغيرهم، وحتى للنائمين الذين لا توقظهم شمس الظهيرة، وبعض المتسربلين بينهم والمتسولين في أزقتهم والهاربين إليهم من قسوة طقوسهم ومن ظلم أهل بيتهم. فيترك اولائك المتفانون بصمات رائعة في سجل تذكرتهم وذكرى طيبة لكل مسافر قادم بعدهم.
في المقاعد الخلفية ملامح أناس بدائيون خرجوا من غابة نائية، داهموا إحدى العربات في غفوة من الزمن، تفاجئوا بضياء ساطع يلفح وجوههم، فهاجوا وماجوا وشرعوا يلوحون بأيديهم لحجبه ويطلقون صرخات لإبعاد مساره ، وحينما يئسوا، تمردوا وطغت غرائزهم على عقولهم، فأخذوا يرهبون غيرهم مؤمنين بأن أمراً صدر لهم بذلك لضمان صعودهم إلى عربة عجيبة قادمة، لا وصف جدير بها ولا مثيل لما فيها، من مغريات ومتع وملذات لا تخطر على بال ولا في الخيال، فيحطمون نوافذ القطار وهو يسير، ويقفزون منه وهم يصرخون مستبشرين بعد أن فقدوا بصرهم وبصيرتهم. فيتركون أماكنهم بحالة يرثى لها، حيث الفضلات بين ثناياها، ورائحة كريهة تفوح من جوانبها، فينالون سخط كل من مدَّ  يد العون لهم، وعلى الباقين أن يزيلوا مخلفاتهم، ويعيدوا السلام إلى قلوب المسافرين معهم والإستقرار الأمان إلى أجواء المحطات التي شيدوها في مخيلتهم ....
في زوايا المقاعد أصناف بشرية غريبة الأطوار، تعبث بكل ما حولها تلبية لرغباتها، تكرس أوقاتها لإشباع غرائزها المكبوتة، فتنغمس في الملذات بموجب أهوائها، وترتكب أفعالاً مشينة ترفضها مواثيق العربة، دون خجل من بشر أو وازع من ضمير أو خشية من رقيب، لا محرمات تقيدها ولا قيم إنسانية تكبح جماح ميولها.
قوم يحملون على أكتافهم هموم الدنيا ويحسبون لكل تفاهات الأمور ألف حساب، فتراهم منهمكين الليل والنهار في جمع قشور الحياة المتساقطة وأهمال ثمرتها الناضجة، يبخلون على حتى أعزائهم الإستمتاع بشيءٍ منها، وكأنهم باقون إلى أبد الدهر. مشاريعهم تكبر معهم وأحلامهم كل ليلة تتضخم، وغاب عن بالهم بأن المنادي قد يفاجئهم ويستدعيهم في أية لحظة وأية محطة، دون منحهم فرصة لتوديع أحبة أهملوهم أو مشاركتهم بقيراط مما ملكوه أو للندم على ما لم يفعلوه أو الإعتراف بإثم إقترفوه، فيلبون على عجل النداء، تاركين لمن بعدهم حيرة وحسرة بلا رجاء، أو خير ورفاه بلا شقاء.
كثيرون ينكرون أن للمركبة الهائلة ربان قدير يدير دفتها بحكمة، ويظنون بأنها تسير من ذاتها وصَنعت نفسَها بنفسِها، ويؤمنون بأنهم سيختفون حال خروجهم من بوابتها كفقاعات بعد إنطلاقها، وبأن هنالك ربما قطارات أخرى ومسافرون أخرون سيلتقون بنا يوماً في أيام قادمة ومحطات بعيدة. ولهؤلاء مسارات مختلفة:
1. غالبيتهم مسالمون طيبون يعملون بإخلاص ويخدمون بنزاهة ويقدمون للأخرين عصارة ذهنهم وإنجازاتهم إنطلاقاً من ثقافتهم ونظرتهم الإنساية لكل البشر، وقد لا يؤمنون بالفلسفة التي تقول بأن الضميرعند البعض هو تلك القوة الخفية التي تقود مركبتهم .
2. وأخرون يمضون معظم اوقاتهم في اللهو والمتعة والسهر مع المقربين منهم، فلا يبالون بما يجري حولهم وما تحمله الأيام في طياتها لهم، فيخلقون عالمهم الخاص ويعيشون يومهم دون تفكير بما يأتيه غدهم، ويسخرون من الذين يؤمنون بالأساطير والغيبيات حسب أرائهم .
فجأة ينطلق صوت صارخ ويتوقف القطار، فيُجمع كافة المسافرين مع السابقين في قبة كونية هائلة بشكلهم الأثيري لمشاهدة أحداث وصورٍعن رحلتهم، تغمر قلوب بعضهم بالبهجة والمسرات، وتملئ نفوس غيرهم بالحسرة والأهات، وأخرون بالندم على خرافات صدقوها وروايات حفظوها.                           
   مع أمنياتي الطيبة لكم بعمر مديد وعيش رغيد في سفرِ قطارالحياة الفريد .                   
                                    الجمعة : 6 / 1 / 2017


28
 وانت بألف خير وصحة دائمة ورفاه وأفضل حال... عزيزي أستاذ نيسان سمو الهوزي....     مع جزيل شكري لمرورك المشكور وإضافتك مشهداً أخر إلى المقالة من وجهة نظرك الشخصية التي أحترمها بكل تاكيد.... بيد اني أضيف : بأن القطار حتى لو إنقلب او إحترق أو إصطدم بصخرة وضعتها مجموعة مارقة على سكة الحياة ، سينجو بعض المسافرين من الكارثة بمعجزة أحياء، ويواصلون مشوارهم ويستمرون في تقديم عطائهم لبعضهم البعض وللناجين في العربات الاخرى... ويقدمون شكرهم لتلك اليد التي إمتدت إليهم وإنتشلتهم من أنياب الموت، مهما كان السبب ومهما أطلقنا على تلك اليد أو تلك القوة الغير منظورة من مسميات.... التي قد تكون كامنة في ضمير الإنسان....
مع فائق مودتي وتقديري وامنياتي الطيبة لك وللعائلة الكريمة .....وعذراً على التاخير في الرد بسبب بعض الإلتزامات..

29

أخي الدكتور صباح قيَّا المحترم
كما عودتنا في كافة مداخلاتك التي تضيف إلى الموضوع بغزارة ثقافتك وإسلوبك المتجدد لمسة فنان محترف يعزف لحناً عذباً في حفل بهيج ....
أبيات رائعة أوجزت فيها فلسفة الحياة على هذا الكوكب الجميل..... وأضيف:
الحياة حلم والموت يقظة ......... والإنسان بينهما في ترحال
يدور هائماً في واحة الزمان .......  غافل بانه زائل باي حال
ودمت أخي وعزيزي الدكتور صباح قيَّا...مع خالص تحياتي

30

أخي وصديقي العزيز الدكتور عبد الله رابي الموقر
كلماتك المعبرة وثنائك الرفيع للمقالة التي اوجزتُ فيها واقع الإنسان بكافة إنتماءاته ومعتقداته وثقافاته ونظرياته لحل طلاسم هذه الحياة الزائلة، هي  شهادة تقديرية أعتز بها كما أعتز بصداقتك وشخصيتك المتميزة.....
وأقول بأن إصرار بعض البشر على تحجيم عقولهم وحجب الثقافة عن أفق إدراكهم، جعلتهم ينظرون للأمور حولهم بمنظار أفقي ضيق، كالطير الذي يشاهد ما حوله بعينيه الجانبية، مما يؤدي إلى عدم إكتمال الرؤية أمامه من كافة جوانبها، وخلل في جمع أجزاء الصورة الشاملة ، فيسبب لذلك الإنسان قصر في الرؤية ويحدث فجوة كبيرة بينه وبين فلسفة الحياة الإيمانية ، فتتلاشى علاقته بتلك القوة الخارقة التي خلقت الحياة وأوجدت الكون ، وهي غير منظورة  عن طريق العيون بل في العقول الثاقبة ، تراقب مسيرة الإنسان وتنمي قدراته وتنظم كل ما حوله...
ولك مني كل مودة وتقدير وإحترام ....

31

الأخ العزيز والصديق الطيب فوزي دلي المحترم
قبل كل شيء أقدم لك جزيل شكري لمرورك الكريم وإطرائك على المقالة التي نشرتها  وعبرتُ فيها من وجهة نظري الخاصة في تفسير الحلم الذي سنستيقظ منه يوماً على هذه الارض ، ونحن نتصارع فيما بيننا ونقدح بعضنا ونغتب الاخرين ونكره أصدقاء لنا بمجرد نقدهم لبعض سلوكنا ...... وغاب عن بالنا الحكمة التي أفهم جزءها الأول بعدم الإساءة للغير والسير في طريق الضلال ، بل زرع الطيبة ونثر المحبة ونيل السمعة الطيبة : " إعمل لدنياك كأنك ستعيش أبد الدهر وإعمل لأخرتك وكأنك ستموت غداً "... مع أمنياتي لك بالصحة الدائمة وطول العمر..
وثانيا ما تفضلت به وأضفت من افكار، أتمنى للجميع أن يدركون فحواها ويقفون وقفة طويلة امامها ويتاملون جوهرها ويتعضون من مسيرة غيرهم في مجتمعاتنا ....
... ولك مني فائق المودة وجزيل المحبة...

32

الأخ العزيز والشماس الموقر بطرس ادم المحترم
أسعدني كثيراً مرورك الكريم وكلماتك الرقيقة... التي عبرت فيها عن وجهة نظرك حول المقالة التي نشرتها ... فإن دلَّ ذلك على مغزى ، فإنما يدل على  ثقافتك الغزيزة وإيمانك الراسخ ونظرتك الثاقبة لجوهر الحياة الموقتة التي نعيشها على هذا الكوكب والتي هي بمثابة خليط من أحداث ربما غير متجانسة في حلم جميل أو مريع، قد يقصر أو يطول ...
وتقبل خالص مودتي وتقديري أخي العزيز الطيب بطرس أدم.... أبو وميض



33
تذكرة على إحدى عربات قطار الزمن السريع ...
بقلم : صباح دمّان
قطار الحياة الذي لا نهاية لخطوطه ومحطاته وهو يمضي بسرعة فائقة لا يمكن إيقافه أو تخفيف سرعته، يتكون من قاطرة هائلة تسافرعلى متنها مجموعات بشرية متباينة في الثقافة والإنتماء والسلوك والمبادئ والمعتقدات، وحتى في نظرتها إلى مجمل مفردات الحياة والعلاقات الإجتماعية والإنسانية، ولكنها مترابطة مع بعضها بخيوط غير مرئية، وتتحكم بها قوة خارقة يعجز الكثيرون عن إستيعاب عظمتها ومدى بُعد سلطانها وإدراك جوهرعطائها اللامتناهي .
 للقاطرة بوابة ضيقة واحدة في المقدمة مصمَمَة بنظام خارق مذهل لدخول المسافرين إليها، وأخرى في النهاية فسيحة لمغادرتهم بعد حين . بيد أن كل منهم يعجز عن معرفة مدة إنتهاء صلاحية تذكرته، وتخمين موعد ختام رحلته عند إيقاظه من قيلولته، وإبلاغه بأنه وصل إلى محطته الأخيرة وعليه ترك مقعده والخروج من عربته .......
يُحجز لكل قادم تذكرة بلا إستشارته، ويحشر في العربة دون إذنه، ويرغم على السفر بلا إرادته، وهو لا يعلم ماذا يجري حوله ولماذا سيخرج من شرنقته الأمنة...! وحينما يُخرج من عشه الجميل، يصرخ ويستغيث خشسة من واقعه الجديد، ولكنه يواصل مشواره المثير في عالمه الثاني المريب.
 بمرور الأيام يتكامل كيانه وتنضج معرفته، فيبدأ بالبحث عن شريك له لكي يُسمح لهما بقطع عدد من التذاكر المشتركة بعد دفع أثمانها وحجز مقاعداً لضيوف لهم قادمون من منعطفات متتالية.
في كل محطة يتوقف فيها القطار يُقرع الناقوس وينطلق صوت المنادي ليعلن أسماء الذين تم إستدعاؤهم لترك مقاعدهم دون السماح لهم بالرفض أو الإعتراض، لأن عليهم فقط الطاعة والإمتثال، فيصعد غيرهم ويواصل قطار الزمن مساره.
مصمم وصانع ومالك قطار المعجزة يُسِره رؤية بعض المتابعين جالسين قرب النوافذ وهم يراقبون ظواهر الكون لإكتشاف أسرار الحياة، فيدونون ملاحظاتهم المثمرة ويترجمون أفكارهم المستنيرة إلى مفردات رقي ورفاه لهم ولغيرهم، وحتى للنائمين الذين لا توقظهم شمس الظهيرة، وبعض المتسربلين بينهم والمتسولين في أزقتهم والهاربين إليهم من قسوة طقوسهم ومن ظلم أهل بيتهم. فيترك اولائك المتفانون بصمات رائعة في سجل تذكرتهم وذكرى طيبة لكل مسافر قادم بعدهم.
في المقاعد الخلفية ملامح أناس بدائيون خرجوا من غابة نائية، داهموا إحدى العربات في غفوة من الزمن، تفاجئوا بضياء ساطع يلفح وجوههم، فهاجوا وماجوا وشرعوا يلوحون بأيديهم لحجبه ويطلقون صرخات لإبعاد مساره ، وحينما يئسوا، تمردوا وطغت غرائزهم على عقولهم، فأخذوا يرهبون غيرهم مؤمنين بأن أمراً صدر لهم بذلك لضمان صعودهم إلى عربة عجيبة قادمة، لا وصف جدير بها ولا مثيل لما فيها، من مغريات ومتع وملذات لا تخطر على بال ولا في الخيال، فيحطمون نوافذ القطار وهو يسير، ويقفزون منه وهم يصرخون مستبشرين بعد أن فقدوا بصرهم وبصيرتهم. فيتركون أماكنهم بحالة يرثى لها، حيث الفضلات بين ثناياها، ورائحة كريهة تفوح من جوانبها، فينالون سخط كل من مدَّ  يد العون لهم، وعلى الباقين أن يزيلوا مخلفاتهم، ويعيدوا السلام إلى قلوب المسافرين معهم والإستقرار الأمان إلى أجواء المحطات التي شيدوها في مخيلتهم ....
في زوايا المقاعد أصناف بشرية غريبة الأطوار، تعبث بكل ما حولها تلبية لرغباتها، تكرس أوقاتها لإشباع غرائزها المكبوتة، فتنغمس في الملذات بموجب أهوائها، وترتكب أفعالاً مشينة ترفضها مواثيق العربة، دون خجل من بشر أو وازع من ضمير أو خشية من رقيب، لا محرمات تقيدها ولا قيم إنسانية تكبح جماح ميولها.
قوم يحملون على أكتافهم هموم الدنيا ويحسبون لكل تفاهات الأمور ألف حساب، فتراهم منهمكين الليل والنهار في جمع قشور الحياة المتساقطة وأهمال ثمرتها الناضجة، يبخلون على حتى أعزائهم الإستمتاع بشيءٍ منها، وكأنهم باقون إلى أبد الدهر. مشاريعهم تكبر معهم وأحلامهم كل ليلة تتضخم، وغاب عن بالهم بأن المنادي قد يفاجئهم ويستدعيهم في أية لحظة وأية محطة، دون منحهم فرصة لتوديع أحبة أهملوهم أو مشاركتهم بقيراط مما ملكوه أو للندم على ما لم يفعلوه أو الإعتراف بإثم إقترفوه، فيلبون على عجل النداء، تاركين لمن بعدهم حيرة وحسرة بلا رجاء، أو خير ورفاه بلا شقاء.
كثيرون ينكرون أن للمركبة الهائلة ربان قدير يدير دفتها بحكمة، ويظنون بأنها تسير من ذاتها وصَنعت نفسَها بنفسِها، ويؤمنون بأنهم سيختفون حال خروجهم من بوابتها كفقاعات بعد إنطلاقها، وبأن هنالك ربما قطارات أخرى ومسافرون أخرون سيلتقون بنا يوماً في أيام قادمة ومحطات بعيدة. ولهؤلاء مسارات مختلفة:
1. غالبيتهم مسالمون طيبون يعملون بإخلاص ويخدمون بنزاهة ويقدمون للأخرين عصارة ذهنهم وإنجازاتهم إنطلاقاً من ثقافتهم ونظرتهم الإنساية لكل البشر، وقد لا يؤمنون بالفلسفة التي تقول بأن الضميرعند البعض هو تلك القوة الخفية التي تقود مركبتهم .
2. وأخرون يمضون معظم اوقاتهم في اللهو والمتعة والسهر مع المقربين منهم، فلا يبالون بما يجري حولهم وما تحمله الأيام في طياتها لهم، فيخلقون عالمهم الخاص ويعيشون يومهم دون تفكير بما يأتيه غدهم، ويسخرون من الذين يؤمنون بالأساطير والغيبيات حسب أرائهم .
فجأة ينطلق صوت صارخ ويتوقف القطار، فيُجمع كافة المسافرين مع السابقين في قبة كونية هائلة بشكلهم الأثيري لمشاهدة أحداث وصورٍعن رحلتهم، تغمر قلوب بعضهم بالبهجة والمسرات، وتملئ نفوس غيرهم بالحسرة والأهات، وأخرون بالندم على خرافات صدقوها وروايات حفظوها.                           
   مع أمنياتي الطيبة لكم بعمر مديد وعيش رغيد في سفرِ قطارالحياة الفريد .                   
                                    الجمعة : 6 / 1 / 2017

34
عزيزي سالم يوخنا
سلامي وتحياتي
شكرا لمرورك المشكور والتعبير عن وجهة نظرك التي تعبر عن الحقيقة المطلقة في جزئها الثاني  التي تذكر فيها أن حماية هذه المحافظة هي عملية مستحيلة ، أما في شطرها الاول نتمنى أن " تسحق رؤوسها وتدك أوكارها ".... ولكن من سيفعل ذلك يا أخي ... إن كان وجودها يخدم مكونات وأحزاب وحكومات إقليمية وغيرها ... إن رحلت داعش كما رحل بن لادن والزرقاوي ، فقبل دفنها سيظهر أبناؤها وورثتها مثل ( داحق وساحق وماحق ....) مسلسلات تلفزيونية ( اكشن)  إلى الساحة وربما سيكونون  أكثر شراسة  ودموية وإضطهاد  من أسلافهم ..... وهكذا تستمر حلقات ذلك المسلسل التاريخي الطويل الذي ربما نسينا بعض حلقاته المأساوية " من قتل وذبح وصلب وإغتصب .....؟    أتمنى أن يتحقق الحلم الجميل لبعض أشقائنا بولادة كيان للبلدات المسيحية في الشمال مهما كان نوعه وشكله ولونه .....
مع أمنياتي الطيبة

35

أخي إخيقر ... سلامي وتقديري 
شكراً لمرورك الكريم وأنا بدوري احترم وجهة نظرك ... ولكن
لنفرض جدلاً بأنه تم إستحداث محافظة سهل نينوى وليس محافظة مسيحية، لأن نسبة السكان المسيحيين أقل من الشبك واليزيدية والتركمان وغيرهم.... 1. اي هم الاكثرية ونحن الأقلية ..... 2. الخارطة الجغرافية لبلداتنا متداخة مع غيرها ولا يمكن فصلها فكيف ستحدد دون موجهات ونزاعات .... 3. اية قوات يمكنها إحاطة وحماية هذه المحافظة المتداخلة مع غيرها وإلى متى ؟ ومن سيضمن سلامة أهلها ومستقبل أبنائها وهي على مرمى مدفع هاون أو قناص؟ وهل سيوافق العرب والكورد على إستحداثها إن لم تكن تحت جناح أحدهما لأنها أرض يعتبروها مستقطعة من أراضيهم ، فإن أصبحت تابعة للكورد ستكون معادية للعرب وبعكسه في خضم الصراع على المناطق المتنازع عليها... 4. كيف سيكون موقف المسيحيين في الموصل وعنكاوا ودهوك وغيرها من المناطق التي يتواجد فيها المسيحيون وكيف سيعاملون؟ وتساؤلات كثيرة أخرى لا مجال لذكرها في هذه المداخلة ...
لست متشائما ولا متشائلاً ولكني أعبر عن وجهة نظري من تجارب التاريخ لأربعة عشر قرناً من الإضطهاد والتنكيل والقتل والمطاردة.....وهل الأفكار المتطرفة والظلامية في تراجع أم وثوب ... ؟ وقد أخذت تلك الأفكار ننتشر وتتفاقم وضرب الإرهاب قلب أوروبا وعواصمها وولايات أمريكية  .... فهل سيسمحوا لنا بالعيش جوارهم  بأمان وسلام بالرغم من إرادتهم ؟ نتذكر ما حدث في سنجار وماذا يجري في سوريا منذ قرابة الثلاث سنوات أين المسيحيون فيها ؟ ونتمعن بما حصل في أوروبا وأمريكا وسيحصل ؟     أتمنى أن أكون مخطئاً.
تقبل إمتناني ومودتي

36

أخي مايكل.... تحياتي الطيبة
تقول الحكمة بانه لولا فسحة الأمل في قلب الإنسان لأمست الحيام  جحيماً لا يُطاق ... ولكن هذا الامل قد يتضاءل ويذوي حينما يكتنفه الظلام من كل مكان ، وقد يتحقق بشكل غير متوقع يفاجئ حتى من كان يحلم به إذا توفرت الظروف الموضوعية لولادة مفاجئة وكان هنالك من نفخ الحياة فيها ... وبذات الوقت  لا يخفي عليك أخي أن الدول الكبرى ليست جمعيات خيرية تنثر الاموال وتوزع الصدقات ، بل لها ميزان الذهب تقيس به مصالحها ... فتضع تلك المكونان في كفة والأخرين في الكفة الأخرى وترى مركز الثقل ...  فإن وجدت بأن هذه المكونات تخدم مصالحها وتحقق أهدافها ولا يمكنها تحقيق ذلك من الغير بثمن أقل ... ستخلقها وتحميها وتدافع عنها، ولكن ماذا لدينا لنقدمه لها لا يمكنها الحصول عليه من شريك مهم وقوي أخر... بقناعتي حتى لو هُجر كل المسيحيين واليزيديين والشبك ، ماذا سيفعلون غير ضجيج وسائل الإعلام ... ؟ وها هم المسيحيون المهجرون في دول الجوار، ماذا فعلوا لهم ... ؟ الموضوع يتعلق بالمصالح الإقتصادية... السياسة الدولية أخذ وعطاء ... وتبادل منافع ... اظن أنك تشاركني الرأي ... ومثال شبيه لما ذكرته بلغتنا " لا يصلح العطار ما أفسده الدهر"
مع خالص سلامي وإعتزازي

37
الأفعى التي لدغت المسيحيين في الموصل عام 1959 ورقدت، ثم إستيقظت ولدغتهم مرة ثانية عام 2014،         هل ستُقلع أنيابها بعد تحرير المحافظة، أم ستنفخ سمومها وتجهزعلى بقاياهم ؟؟؟
بقلم : صباح دمّان
وقد أُعلنت بشارة إنطلاق عمليات تحرير مدينة الحدباء التاريخية والبلدات المتناثرة حولها، تعود بي الذاكرة إلى عقود خلت عندما إنبثقت ثورة  14 تموز عام 1958 بعد سقوط النظام الملكي، وحققت إنجازات كبيرة على الصعيد الزراعي والصناعي والتجاري والعمراني وفي كافة المجالات الأخرى، الأمر الذي أثار حفيظة بعض القوى المعادية لتطور وتقدم العراق، فبدأت ماكنة الإعلام المشبوهة بتهيئة الأجواء لإجهاض تلك الثورة الفتية.
وسنحت الفرصة حين إستغلت بعض التنظيمات القومية عقد مؤتمر لأنصار السلام في الموصل عام 1959، لإعلان التمرد على الحكومة المركزية في بغداد، بقيادة أمر موقع الموصل العقيد الشواف، بتشجيع وتمويل من بعض الحكومات العربية ودول غربية، فأخذت إذاعة محلية في المدينة تنشر البيانات العسكرية وتناشد بقية القوات المسلحة بالعصيان.
وبعد القضاء على تلك الحركة الإنقلابية، إنهارت الأوضاع الأمنية ووقعت أحداث دموية مؤسفة، إرتكبت خلالها جرائم بشعة لا تُقرها الشرائع السماوية ولا التقاليد الإجتماعية، وسرت شائعات بأن جماعات غوغائية وأخرى مشبوهة إخترقت الجموع الغاضبة المؤيدة للزعيم قاسم وقامت بتلك الأفعال التي إقشعرت لها الأبدان.
وحينما هدأت الأمور وعاد الإستقرار، دبَّ النشاط في تلك الأحزاب القومية من جديد، خاصة بعدما تغير المسار السياسي لقائد الثورة، فطفت على السطح مخلفات الماضي، وبدأت عملية إغتيالات واسعة في المدينة شملت القوى الوطنية المتهمة بالشيوعية والمسيحيين بشكل خاص، فقتل من قتل وهرب من الموت من هرب إلى بغداد ومدن أخرى، وكانت عائلتي من ضمن المهاجرين إلى العاصمة .
 ومن سخريات القدر أن أجهزة الشرطة في المدينة كانت تتعاون مع القتلة، فتكتب تقاريراً ساخرة عن جرائم الإغتيال تقول" ألقينا القبض على الجثة والقاتل مجهول الهوية . "
 وهكذا دفع المسيحيون الموصليون الثمن باهضاً لعمل لم يرتكبوه وجريمة لم يقترفوها، غير كونهم الحلقة الأضعف في مجتمع متدين، فيه المتسامح وفيه المتزمت الذي يحترم الأقوياء ويضطهد الضعفاء من الديانات الأخرى.
وفي بغداد كان الزعيم قاسم قد إتخذ إجراءات متسرعة بإبعاد الضباط المخلصين، وفسح المجال أمام بعض الشخصيات المناهضة له للتغلغل إلى مراكز حساسة، حين أظهروا ولائهم له وتأييدهم المخادع لسياسته، فرفعوا شعارات مضلِلة من أجل الإلتفاف عليه وتهيئة الظروف الملائمة لإسقاطه. وهو الأمر الذي مهَّد الطريق لتنفيذ حركة 1963 التي وجهت ضربة موجعه للقوى الوطنية ذهب ضحيتها المئات، ووضع الألاف في السجون والمعتقلات ودخل الشعب العراقي في نفق مظلم ، لم يرى النور بعده ليومنا هذا .
وبعد سقوط النظام السابق عام 2003 ، تكرر ذلك السيناريو في معظم أنحاء الوطن، ولكن بأساليب متباينة ومن قبل جماعات تكفيرية ملثمة وأخرى متطرفة تحمل أجندات طائفية، قامت بقتل وتهديد وإختطاف وتهجير المسيحيين وإغتصاب دورهم وممتلكاتهم، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع بأننا أصحاب الأرض الأصلاء ومكون مسالم لا ناقة لنا بما جرى من أحداث ولا جمل .
 مع إحترامي لأبناء أم الربيعين الكرام وعشائرها الأصلية وإستثنائي من جرفهم تيار داعش، فخانوا العهد وغدروا بجيرانهم وأصدقاء طفولتهم وشركاء وطنهم، يبدو أن زلزال سقوط  محافظة نينوى عام 2014، قد أيقظ تلك الأفعى الخبيثة من سباتها بعد 55 عاما، لتلدغ بحقد ما تبقى من المسيحيين الصابرين وبقية المكونات المغلوبة على أمرها في مدينتهم التاريخية وفي بلداتها العريقة، من الذين رفضوا مغادرة أرض أباءهم وأجدادهم  طيلة العقود الماضية .
 وفي خضم المشهد الأمني الغامض لعمليات التحرير والرؤيا الضبابية للمستقبل أمامنا، نخشى إستمرار ذلك الوحش الإسطوري بملاحقتنا وهو ما زال ينهش بكيان شعبنا منذ عقود وقرون، ونترقب بقلق بالغ ماذا سيحل ببلداتنا بعد عمليات تحرير نينوى في أجواء صراع قومي وطائفي وعرقي متجذر في الأرض، وإتفاق مكونات وأحزاب وتحالفات لتوزيع الأدوار وتقسيم الغنائم، إضافة إلى أطماع السلطان العثماني ومحاولته فرض إرادته وتحقيق أحلامه بمساندة عدد من الدول العربية وبعض الشخصيات العراقية المتنفذة، يرافق كل ذلك غموض الموقف الأمريكي . هذه التناقضات ربما ستفضي إلى مواجهات خطيرة خلال وبعد عملية التحرير ونشوب معارك جانبية لا سامح الله، تكون المكونات الصغيرة وقود نيرانها، فتضيِق الخناق على ما تبقى من المسيحيين القابعين على الحافات الأخيرة من وطنهم الشهيد، وقد تُعجِل في رحيلهم . وبذات الوقت أتمنى أن أكون مخطاً في تشاؤمي، فيتم تحرير مدينة الموصل وكافة بلداتها بسواعد القوات الأمنية دون خسائر بشرية ودمار الدور والبنية التحتية، فيعود كافة أبناء شعبنا الذين شردهم داعش إلى بيوتهم وأعمالهم ومزارعهم ليعيش الجميع بسلام وإستقرار وأمان.
 لقد دخل شعبنا منذ عقود مرحلة الإنقراض من وطنه، وفي دول الإغتراب فقدان هويته، وفي مجتمعاتها إضمحلال تراثه وتلاشي تقاليده وزوال لغته، والمهجرون عالقون في المخيمات يبكون دماً ويعيشون مهانة، بينما نحن ما زلنا في نقاش طوباوي ممل، وتراشق إعلامي مخجل على ((( التسمية ))) ، أدت بنا إلى التشرذم والتشتت والضياع، لأن البعض ما زال يؤمن بنظرية مبتكرة حديثاً تقول " بأننا أشقاء ولكن، إسمكم غير موجود في سجلات النفوس، ولا تملكون أرضاً في دوائر الطابو، لذا لستم شركاء لنا في إرثنا "، وفي الشعارات " أنتم موجودون معنا "، بينما الكل يؤمن بأننا شعب مسيحي واحد بكافة مسمياته الجميلة وجذوره التاريخية العريقة التي نعتز بها جميعاً، وما يفرقنا لا يصمد أمام المشتركات الكثيرة بيننا . " رحم الله إمرء عرف قدر نفسه "       
  17- 10-2016



38
حين يرفع المسؤولون أقنعتهم، ويميطون اللثام عن وجوههم...!
 
بقلم : صباح دمّان
إن ظاهرة الفساد في كافة مفاصل الدولة العراقية أمست حالة مرضية مستعصية، بحاجة إلى عملية جراحية دقيقة عاجلة لمعالجتها أو ربما عصا سحرية لأنقاذها، بعد أن أصبح الساسة المتنفذين يستخدمون أساليب مخجلة للبقاء في السلطة وفرض أرادتهم وتنفيذ أجنداتهم للهيمنة على مقدرات الوطن من أجل الإثراء الفاحش لهم ولأحزابهم عن طريق عقد الصفقات المشبوهة والمساومات المهينة على مستقبل الأجيال، حتى وصل الحال إلى سرقة بسمة الأطفال وقوت المعوزِين وحلم المشردين ورغيف المهجّرين، ودون إكتراث لمصير الوطن الذي يتجه نحو هاوية لا يمكنه تسلق منحدراتها الخطيرة ولا عودة الأمور إلى طبيعتها دون إراقة مزيداً من الدماء الغزيرة.
خلف المشهد المنفلت منذ سنين، يقبع ساسة ملثمون يعجز المراقب عن إدراك نواياهم ولا توقع خطواتهم اللاحقة، ولا تخمين إلى أي ميناء تتجه بوصلتهم، لأن كل حركاتهم السرية والعلنية يكتنفها الغموض وإزدواجية السلوك، فهم يضمرون شيئاً ويصرحون بعكسه ويفعلون ما يناقض النقيضين. إضافة إلى إستخدامهم أساليب النفاق السياسي والنكول بالعهود وتلفيق الأكاذيب وتشويه سمعة الفرقاء وحتى الحلفاء، من أجل البقاء في مواقعهم وزيادة تراكم ثرواتهم وإشباع غرائزهم المكبوتة، إضافة إلى إستخدام الأموال المنهوبة لشراء ذمم بعض الإعلاميين وضعفاء النفوس، وتكميم أفواه عدد من القضاة واللجان والمفتشين .
وعلى سطح الأحداث يطفو زعماء منقبون، بقصور خرافية كالسلاطين يعيشون، وبالترف المفرط ينعمون، بعضهم من العمولات الخيالية والعقود الوهمية يتضخمون وكأسماك القرش كل شيء أمامهم يلتهمون. يرافقهم مسؤولون فاشلون، ضمائرهم بجيوبهم يحفظون، مصائرهم بوليِ نعمتهم يربطون، وبالسحت الحرام يغرقون، ولكنهم أمام موجات البحرالعالية ينحنون وعند هبوب الرياح العاتية إلى السراديب يهرولون، والإنتظار في البقع الرمادية يفضلون لأنهم إلى الشجاعة يفتقرون ومن غضب الشارع يخشون.
 قادة يؤمنون بأن وطنهم هو حزبهم وشعبهم سجين داخل خيمتهم، بالترهيب والترغيب ينالون ثقة أتباعهم، وبالكَّرِ والفرِ يتعاملون حتى مع شركائهم، بينما بالمداهنة والخنوع يستميلون الأغراب إلى جانبهم. يرتدون أقنعة داكنة تخفي ملامح وجوههم يعجزون عن رفعها، لأنها تؤدي إلى كشف عوراتهم ونسف كل ما شيدوه في ماضيهم، وبمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على مستقبلهم، فيكون مصيرهم الضياع في أزقة الغربة أو القبوع في إحدى الزنزانات المنسية، وربما يرحلون بطريقة غامضة أو يلتف حول أعناقهم حبل المشنقة !!
في واجهة الصورة الضبابية أمامنا وزراء مخضرمون بكراسيهم يلتصقون، في أية حكومة على الحقائب الوزارية الدسمة بالتهديد يحصلون، وكأنها ملكاً لأجدادهم ولها شرعاً يرثون، وبعضهم بعد تهريب أموال طائلة في الخارج يقيمون . حولهم أعضاء من أحزابهم يتمركزون، عناوينهم يعبدون، لسادتهم يتبعون، وكلهم بالفساد متهمون، ولكن تمويهاً ثوب النزاهة والزُهد يرتدون وبالحرص على مصلحة الشعب يدَّعون، بالوطنية يزايدون وعَلَمَ العراق زوراً يرفعون. خلال الأزمات يعجز المراقب عن كشف أية هوية يحملون، ومع من يتعاونون وإلى أي أرض ينتمون، وفي حقيقة الأمر خلف أي ساتر يتخندقون. وأخرون بخيوط خفية يتحركون وأوامرهم من الكبار يتلقون ومحافظات العراق بالنسبة لهم كسلع يبيعون بها ويشترون.
وعلى خشبة المسرح اليوم برلمانيون زئبقيون، غِمار صراع مُعيب كل يوم يخوضون، بالدسائس يتعاملون وبالكذب يتفننون وفيما بينهم بالتُهم يتراشقون. في وسائل الإعلام كالفرسان يتبارزون وبكافة الشؤون حتى العسكرية منها بدلوهم يَدلون. تحت قبة البرلمان باللكمات يتناقشون وبين مقاعدهم بقناني المياه يتحاورون. في كل مرحلة مع زعيم في النهار يتفقون، بينما خلف الكواليس في الليل مع غيره ينسقون وفي الصباح مع غريمه يصطفون. إنهم كالحرباء في كافة الإتجاهات يتمددون ومع كل تيار شديد يسبحون، في كل إنتخابات جلودهم يبدلون وأمام بريق الدولار كلهم ينحنون .
ومعتصمون يعلنون بأنهم بالمحاصصة لا يؤمنون، ولكن بعضهم بالفوضى والتجاوز والطرق على المناضد عن رأيهم يعبرون وعلى مطالب غير واقعية يصرّون، إلى رؤية واضحة تجمعهم يفتقرون، وفيما بينهم على المبادئ يختلفون. في المحصلة النهائية لا يمكن تخمين من يُعارضون ومن يساندون وعن مصالح من يدافعون !!! قبل هذا وخلال ثمان سنوات كان هنالك ظلم وفساد وإحتكار للسطة وهم يعترفون، لم نشاهدهم ضد الباطل ينتفضون ولا على تقسيم الغنائم يعترضون، برئيس الوزراء يستهزئون ولا بالشلع والقلع للرئاسات الثلاثة ينادون، ولا ندري كيف بدلائهم سينتخبون والحكومة يديرون...! وأضداد الأمس على أي صفقة يوقعون وعلى أي حصان يراهنون ...! فهل من صحوة ضمير ينطلقون أم إلى مصالح أحزابهم وحماية رؤسائهم يهدفون..!
أما في الثقافة والأدب، فعجبي من كاتب محترم يظهر أمام القراء مقنعاً، فيرفع صوته ويهاجم كل من ينتقده ويعارضه في الرأي ويختلف معه في الإنتماء، كمحتفل يتجول في مهرجان تنكري مرتدياً قناعاً وجلباباً غريباً ليكسر حاجز الخجل والإحراج عند حديثه مع من حوله، أليس الأفضل أن يميط اللثام عن شخصه، ربما يكون أفضل مما نتخيله وأرفع من المستوى الذي رسمناه في مخيلتنا له..!
وفي مجتمعنا يقيم بيننا ممثلون بارعون بأدوارهم يتميزون، لا حاجة لهم لوضع أقنعة لأنها ظاهرة في سلوكهم وهم لا يعلمون، وكأن خفاشاً ليلياً إلتصق بوجوههم وهم غافلون، للملذات فقط يعيشون وبالمال دوماً يفكرون، وسباقاً مع الزمن وصراعاً مع الأخرين من أجله يواجهون . في كل مجلس بذاتهم يتباهون وبماضيهم يمجدون، بوجهك يبتسمون وبظهرك حينما تغادر يطعنون. عن زلة ليغتبُّوك يبحثون وبفعلهم يتفاخرون، بينما للوجهاء يمدحون ولهم يتوددون، ويظنون بأنهم هكذا يرتقون.
وأخيراً أنحني بإجلال أمام قامات شخصيات مع مفردات الحياة بعفوية يتصرفون وبنوايا صادقة مع الجميع يتعاملون، إحترامهم في كل نفس يغرسون والتواضع والمودة في كل مقام يظهرون، بالصراحة دوماً يتحدثون ومع أصحابهم للإساءة يتناسون، التجاوز بالتسامح يُغلِفون والرياء في السلوك لا يحبذون.                                                         أتمنى يا أحبتي كلنا هكذا ينبغي أن نكون ...
                                               الأثنين  16 - 5 - 2016

39

الأخ الأستاذ عبد الأحد سليمان المحترم:
تحياتي الخالصة...
مع إحترامي لقناعتك ووجهة نظرك ... برأي المتواضع أقول : لو تم إختيارعنواناً أخر للمقالة مثل " قداسة البابا يوافق على إحالة المطران سرهد جمو على التقاعد" او حتى " خبر هام  أو ......  " لكان وقعه أكثر هدوءً ومودة وإطمئنان..
للجميع من " بشرى سارة " المثير للتوقعات والذي فيه بعض التباين مع فحوى المقالة التي جاء في مقطع منها تعابير تضمنت كلمات طيبة وذوق وأخلاق " أنا لا أكتب اليوم للتشفّي لا سامح الله أو للشماتة بسيادة المطران سرهد جمو الذي أكنّ لدرجته كل الاحترام ........، لا يسعني الا ان أطلب لسيادته عمراً مديداً وأن أتقدّم اليه باعتذار ان كنت قد تجاوزت حدودي معه في رسائلي الموجّهة اليه بحسن نية " ... إضافة إلى حمل العنوان تأويلات متباينة وإثارة بعض التساؤلات عن تلك البشرى السارة التي حلّقت بنا بعيداً، والتي مضمونها يتلخص ب ( إحالة المطران سرهد جمو الذي خدم طويلاً في الأبرشية على التقاعد ) وهو يعبر عن ذات النتيجة ، في الوقت الذي يتلهف فيه المؤمنون إلى إنقشاع تلك الغمامة الداكنة من سماء مدينتنا بين البطريركية والأبرشية بمحبة ووئام وسلام لتستمر في خدماتها الكنسية ومهامها الإيمانية لجميع أبناء جاليتنا الطيبين.
 يُقال بان أحد الضباط دخل على نابليون (العدو اللدود لإنكلترا....) في خيمته ليلة معركة واترلو المصيرية الأخيرة ليتشاور معه في بعض الامور العاجلة ، فوجده يقرأ في كتاب " في الأدب الإنكليزي " ... مع تقديري لشخصك....

40

الأخ العزيز والصديق الطيب الأستاذ خوشابا سولاقا المحترم
سلامي وتحياتي الخالصة....
قبل كل شيء أقدم لك جزيل شكري لرقي إسلوبك وسمو أخلاقك في الحوار ...
وأعتذر لعودتي مرة ثانية إلى النقاش بالرغم من كوني نادراً ما  أخوض غمار المداخلات بسبب عنصر الوقت الذي قلما يسمح  لي بذلك وظروفي الخاصة، إضافة إلى أن بعض الإخوة لا يتسع صدرهم لقبول ثقافة الأخر وسماع النقد والرأي المخالف، فينفعلون ويوجهون التهم وكلمات غير لائقة بهم ، ولكن الحوار معك ممتع والنقاش يثري خزين المعلومات ...
1. أؤكد بأني من مؤيدي تغيير رئيس البرلمان لفشله في إحتواء المشكلة، كخطوة أولى وكما يقول المثل الشعبي " العافية درجات".... ولكن تغيير رئيس الوزراء والجمهورية في سلة واحدة  يُحدث فراغاً سياسياً كبيراً ويدخل العراق في فوضى عارمة قد تُستغل من قبل جهات معادية وتدخل الوطن في حرب أهلية تطيح بالأخضر واليابس...
2. ثانيا من سينتخبهما... ومتى ...وكيف... إذا كان هنالك مجلسا نواب كل منها يدعي بأنه الشرعي والنصاب في كليهما غير مكتمل والمحكمة الدستورية ملتزمة الصمت ؟ ومن سيكون بديلا للسلطة التنفيذية ومن سيدير البلد في تلك الفترة....؟ أليست الميليشيات بكل مسمياتها والمتعددة بهوياتها وإنتماءاتها والمرتبطة بأجندات خارجية هي التي ستفعل ذلك وتسيطر على الشارع نظراً لإنشغال الجيش في قتال داعش على الجبهات...؟
3. مع إحترامي للمعتصمين من النواب الوطنيين المخلصين ، ومن خلال متابعتي للأحداث، يمكن تشخيص من إندس بينهم من نواب متهمون بالفساد ولهم أجندات خاصة مرسومة وأخرون مرتبطون بشخصية سياسية حكمت ثمان سنوات فاسدة خاوية ودمرت فيها العراق، ولم يعلنوا إنسحابهم من ذلك الحزب لإثبات حسن نواياهم..ألم يعتصموا لركوب موجة غضب الشارع من أجل إستعادة مواقعهم والدفاع عن مكتسباتهم غير المشروعة وإنتزاع الحكم مرة ثانية وبتنسيق مع زعيمهم ، وبلا شك الكل يعرفهم (ويعرفهنّ ) من سيرتهم الذاتية وتصريحاتهم وأدوارهم المشبوهة في خراب البلد ...
4. في إتحاد القوى وقف أياد علاوي وحزبه مع المعتصمين والبقية مع سليم الجبوري ، هل كل جماعة علاوي نزيهيين ومُصلحين  والأخرون مفسدين وغير مخلصين..؟ ألم نشاهد كيف تصرفت بعض المعتصمات وماذا فعلنّ وبحضور رئيس الوزراء ؟ هل هكذا يكون الإعتصام والإعتراض في مجلس النواب ؟ صورة ضبابية إختلطت فيها الأصوات وإمتزجت الألوان وتداخل فيها الحق مع الباطل.....
5. كتبت مقالة حول هذه الأحداث سأنشرها غدا أو بعده والتي عبرت فيها عن رأي وقناعتي .
مع خالص مودتي ووافر شكري وإمتناني... والختام بالمحبة والسلام...

41

الأخ الفاضل والمثقف المتميز والكاتب المتزن خوشابا سولاقا المحترم
تحياتي الطيبة...
مع خالص إحترامي لرأيك ولتحليلك الدقيق وإستنتاجاتك لمسار المعتصمين وتقييمك لأهدافهم، بيد أن هنالك بعض التساؤلات تطفو على سطح الأحداث الساخنة على المسرح العراقي:
المعتصمون خليط من مجاميع غير متجانسة في الأهداف والرؤية لمستقبل العراق ، لا بل يصل الإختلاف بينهم إلى التناقض والتقاطع في كثير من القضايا، فكيف لو أزاحوا الرئاسات الثلاثة وأفرغوا الساحة من السلطة التنفيذية ونحن نواجه داعش... آلا يربك ذلك جبهات القتال ؟ من سيدير البلد وكيف سينتخبون بديلا عنهم... وهم مختلفون في المبادئ والأفكار وفي صراع مع غير المعتصمين الذين يمثلون أحزاب كبيرة... إضافة إلى أن البلد سيصبح فيه برلمانان ك ليبيا ونحن في حالة حرب وعلى شفى كارثة إقتصادية .... ؟ 
إضافة إلى أن هنالك معتصمات ومعتصمين تابعين لحزب حكم البلد ثمان سنوات عجاف وأدخله في نفق مظلم من الصعب الخروج منه دون تضحيات  كبيرة وإراقة دماء غزيرة ، ولكنهم لم يعلنوا إنسحابهم منه لإثبات حسن نواياهم وبعضهم أيضاً فاسدون ... إذا أين موقعهم من الإصلاح ؟
أعتقد أن هنالك شكوك حول وجود أهداف مشبوهة لبعض المعتصمين المتحمسين المعروفين بسسيرتهم( وليس جميعهم)  لعرقلة إجراءات كشف سرقات المفسدين ومحاكمتهم لو إستقرت الأوضاع نسبياً، سيما وأن رئيس الوزراء قد حصل على دعم دولي وعربي وإقليمي وأممي كبير ومساندة كبيرة من شريحة واسعة من الشارع لأنه حقق بعض الإنجازات على كافة الأصعدة وكان متوقعاً منه تقديم إستقالته من حزب الدعوة....
  مع خالص مودتي وتقديري لك ...
وإحترامي لبقية وجهات النظر....

42
 تحياتي إلى كافة الإخوة المتحاورين
مستجدات القرن الأخير وما فرضته من تغييرات وأفرزته من تطورات سياسية وإجتماعية وديموغرافية وإقتصادية ، تُحتم علينا التعاطي مع الواقع الجديد على الأرض والأحداث المتسارعة التي فرضت نفسها ورسمت مساراتها على خارطة العالم، بكل مرونة وإيجابية ، وليس بإستخدام منظار المستقبل إنطلاقاً من تجارب الماضي ولا التعامل مع ما يجري حولنا بصيغة التمنيات الخيالية ...سيما ونحن في مواقع هشة لا نُحسد عليها، وضمن دوائر مغلقة لا يمكن تشييد منزل صغير داخلها، ونعيش في خضم ظروف دولية وإقليمية لا يمكن الإعتماد على تعهداتها ونواياها ومصداقيتها ، وبين فكوك كماشات لدول تتصارع فيما بينها لخدمة مصالحها وتحقيق طموحاتها وأهدافها الإستراتيجية بغض النظرعن تضحيات ودماء الأخرين... مع خالص إحترامي لبقية الأراء...


43

السيد انطوان الصنا المحترم
تحياتي لك ولكافة الإخوة المتحاوريين...
لقد أسهب الأخ غالب صادق في مداخلته وأوفى في شرحه وأدلته ومصادره ، وكذاك مداخلة الأخوة  نامق جرجيس  وفارس ساكو وهرمز حنا المحترمين، ولكن لي مداخلة قصيرة بصيغة سؤال للأخ أنطوان:
إختلطت علينا الامور ولوسمحت أن تلقي بعض الضوء على هذا الاحجية وتحل لنا طلاسمها لكي ندرك معناها: تقول ..... الامة الأشورية من (الكلدان – السريان – الأشوريين وبعض الموارنة)  وتؤكد بأن الكلدان طائفة مسيحية..... ثم تذكر ( شعبنا الكلداني السرياني الأشوري)  ... فإن كان الكلدان طائفة مسيحية والأشوريين قومية ، كيف يمكن أن يوضع إسم طائفة مسيحية في شعار قومي مع الأشوريين وكذلك بالنسبة للسريان....؟؟؟؟ وما صلة الكلدان طائفياً بالكاثوليك ...
مع الشكر والتقدير

44
 
رثاء......
  الى الفقيد الراحل (عادل القس يونان ) جاري وصديقي القديم ، وزميلي في اللجنة الثقافية في نادي بابل الأصيل ، في زمن الخير وأيام الماضي الجميل : 
 بينما كنت أتابع ، أفراح شعوب هذا العالم العجيب ، وهي تحتفل بعيد القديس فالنتاين بفرح وترحيب، إنتابتني لحظات تأمل وصمت مريب ، وإحساس في أعماق نفسي كئيب . عادت بي الذاكرة إلى بغداد وبيتنا الحبيب ، الذي أمضينا فيه عيش رغيد ، مرت من أمامي ذكريات مطرزة على شغاف القلب بشكل رتيب ، وظهرت أمامي صور لمأسي شعبنا في الماضي البعيد والقريب كشريط سينمائي بلا رقيب .
 رأيت كيف كان سقوط النظام السابق على المسيحيين رهيب ، وبأحداثه كان علينا عصيب ، حين ظهرت بيننا ذئاب جائعة تعوي وتنقض علينا كصيد فريد ، وتنهش بأجسادنا المتعبة من قسوة الأقدار وظلم الغريب ، وكأننا فرائس في غابة أو في خَلقنا شيء مُعيب ، أو لأننا أصحاب الأرض ومَن إبتكر الحروفَ وقسم الزمنَ ووضع للبشرية الشرائع والقوانين ، لذا يجب أن تُحرق كنائسنا وتُغتصب دورنا ويُهجر من وطنه شعبنا ، وشمسنا عن العراق إلى الأبد يجب أن تغيب .
 فسمعتُ صوتاً حزيناً من أعماق التاريخ يستغيث ويناجي نفسه كالنحيب.... دون أن يجد مصغٍ له ولا مجيب...
فجأة توقف دوران الشريط الذي في طيات الذاكرة مصون، وما أثار في نفسي من شجون، حين مزق رنينَ الهاتف ما كان في كياني من سكون ، فأيقظني وهو يَقرعُ كناقوس الردى، معزوفة رثاء وأسى، وكان المنادي ينعى بصوت فيه شجى، ويروي بأسف ماذا جرى، ويعلن بأن عادل رحلَ عن هذه الدنيا ، وأمسى إسمه بين أصدقائه ذكرى، وفي بيته قصة تُحكى ......
إنها المنية التي إقتحمت داركم في يوم المُنى، كما يفعل السارق في ليل الدُجى، وتركت زوجة وأبناءً يذرفون عليك الدمعَ وفي قلوبهم حسره ... كيف حدث لك هذا.. ؟ وقبل أسابيع كنتَ واقفاً ها هنا ، ولحُبا (حبيب تومي) ... بكلمات حزينة تنعى... واليوم بغيابك قد أضفت إلى الجرح ... جُرحا...
ولكن... نم قرير العين لأنك ستبقى بيننا حيا ، وفي كل مناسبة تزورنا طيفا ، تشاركنا الحزنَ والفرحه....
لقد رحلت عن بيتك وأنت للقدر مستكين ، وأبناؤك ما زالوا على الدرب سائرين ، قبل أن تُكمل معهم مشوار العمرِ وهم أمنين ، فغادرتهم بلا توديع ودون تنهدات وأنين ، بعد أن رويت عطائك بعرق السنين ، لكي ترسم صورةَ  مشرقةَ  لحياتهم قبل أن تلحق بالراحلين، لهذا كنت تفتخر بالماضي وتنظر إليه بشوق وحنين....
هل تذكر... أيها الإنسان الرزين ... حين كان ولدينا عائد وسلوان في كلية بغداد مع زملائهم دارسين ...؟ وإتفقنا على إيصالهم إلى المدرسة بالتناوب ليكونوا معنا سالمين ، وقررنا بعدها تكليف سائقَ أجرةٍ لنقلهم لنكن أكثر مطمئنين ...؟
 وتَذْكر... حين أوقف الإرهابيون سيارتَهم في ذلك الصباح الحزين ، وهم إلى المدرسة ذاهبين ، وقتلوا ذلك السائق الأمين ، فإتصلتَ بي قلقاً وكأنك تخفي عني سرِ دفين ، فجئتُ إلى محلك في شارع الصناعة مسرعاً بعد حين ، فوجدتك من الهم مُقطَّب الوجه والجبين ...
هل نسيتَ كيف صعقنا ذلك الجُرم المشين ... ولم ندرِ ماذا كنا سنفعل ونحن من المجهول متوجسين ... فضاقت بنا الدنيا وكنا نتحدث مرتبكين . فقلتُ لك : ماذا سيكون الحل البديل ، وهل أمامنا غير درب الهجرةِ ونحن صاغرين ... والذي رسمه لنا بعض إخوتنا في الدين ... لترك بيوتنا التي شيدناها بعرق السنين... أم تريد أن نسهرَ كل ليلةِ لغدنا مترقبين .... ونضحي بأعزائنا أو بأحد البنين ... ؟
تأملتَ وجهي وقلت... يبدو أن كلامَكَ فيه إصرار ويقين ... ولكن كيف ... وكيف ... ! وإلى أين الرحيل... ونحن منهكين .... وحملنا ثقيل ... وقد أتعبنا المسير في مشواره الأخير... !         وفي خريف العمر يفرضون علينا هذا المصير... ؟
 لم ندرك خفايا حلقات الرهان ، وكيف ستدور بنا عجلة الزمان ، وفي أي محطة أو عند أي منعطف ستقف بنا عربةُ الأيام ....! وبأي بقعة سيكون لعيشنا مقام ...!  غاب عن بالِك بأن الردى ليس له في الوطن ولا في الغربة عهد  ولا  أمان ، بينما كنتَ تبحث للأبناء ما كان يراودك من أحلام ، لتحتفل معهم  في مراسيم الفصح وأعيادِ الميلادِ ، وأفراح العرس في قادم الأعوام ، ولكن عقارب الساعة توقفت والنهاية حلت، وتلاشى مِسكُ الختام ....!!!
نتضرع إلى الرب المنان ، أن يتغمدك بالرحمة والغفران ، لترقد في مثواك الأخيرعلى رجاء القيامة بسلام ، وينعم على الأهل والأبناء وأل ربي يونان والأصدقاء بالصبر والسلوان...                                    يا صديقي الراحل عادل فرج القس يونان...
                                                صباح دمّان
                                      الحفل التأبيني في سان دييكو
                                        الأربعاء 23/3/2016

45

بشارة مخضبة بدماء الشهداء 
 يجسدها اليوم مسيحيو الشرق لإيقاظ قادة الغرب من سباتهم العميق

بقلم : صباح دمّان
هبوب رياح عصر النهضة وتنامي المشاعر الوطنية والمطالبة بفصل الدين عن الدولة منذ القرن السادس عشر في أوروبا، تمخض عنها تغييرات إجتماعية وثقافية وفكرية جوهرية، وأفرزت إنماطاً حياتية مغايرة، نبذت التقاليد القديمة وصححت بعض الممارسات الخاطئة، كما أشعلت شرارة الثورة الصناعية التي كانت نقطة الإنطلاق نحو أفاق شاسعة لتحقيق طموحات لامتناهية لمستقبل الإنسان في إختراق بوابات العلم وإكتشاف كل ما هو مجهول، فرسمت ملامح جديدة لطبيعة الحياة البشرية، وبذات الوقت وضعت اللبنات الأولى للإمبراطورية العلمانية .
 تسارعت عجلة الإكتشافات والإبتكارات والإختراعات في كافة مفاصل المجتمع وتفاعلت مع الأحداث الجسيمة التي سبقتها في بوتقة واحدة، فكانت إحدى نتائجها العرضية ظهور نظريات مادية وإلحادية وثقافات فكرية وأيديلوجية متباينة، مهدت الطريق لمعظم دول أوروبا لإتخاذ منحاً علمانياً في مسارها، فإبتعدت كافة مؤسساتها عن إملاءات الكنيسة، وتضاءل تأثيرالمفاهيم المسيحية في كافة مناحي حياة المواطنين اليومية.
وخلال السنوات والعقود الأخيرة، ومن منطلق نظرتها الإنسانية وتعاملها النزيه ومشاعرها الإنسانية النبيلة مع كافة خلق الله بغض النظرعن الجنس واللون والثقافة والمعتقد والفكر والقومية والإنتماء، فقد سمحت الحكومات الغربية للمضطهدين والهاربين من جحيم أنظمتهم الدكتاتورية من الدول العربية والإسلامية بالهجرة إليها والتمتع بالعيش الكريم في بلدانها، فمنحتهم الحريات الشخصية والثقافية والدينية للتعبير عن أرائهم ومعتقداتهم وشعائرهم، وقدمت لهم العناية الصحية والرعاية الإجتماعية والمساعدات المادية ووفرت لهم ولأبنائهم فرص الدراسة والعمل والمساواة في الحقوق مع أصحاب الأرض، لا بل فضلوهم على مواطنيهم في كثير من الحالات كونهم مهاجرون مضطهدون .
ومع إحترامنا ومحبتنا لكافة المثفقين والمتنورين والمعتدلين والعلمانيين والملحدين والمواطنين البسطاء من إخوتنا المسلمين، نقول بأن حاملي الأفكار المتطرفة وعميان العقيدة، إستغلوا طبيعة تلك المجتمعات المتفتحة ومناخ الديمقراطية والحريات التي تنعموا بالخير والإستقرار والأمان تحت ظلالها، شرعوا بترويج أفكارهم المتطرفة بصورة علنية، ومحاولة فرض معتقداتهم على الذين إحتضنوهم حينما هربوا إليهم من غرف إنعاش بلدانهم وهم جياع حفاة عراة، وقدَّموا لهم على طبق من ذهب دون مقابل، كل ما حُرموا منه منذ ولادتهم، ومنحوهم كل ما إفتقدوه في أوطانهم ليشعروهم بأدميتهم ويوقظوهم من الكابوس الذي كان جاثماً على صدورهم كثلوج سيبيريا.
ولكن، بعدما إزداد عددهم وصَلُبُ عودهم تنكروا للمعروف وطعنوا اليد السخية التي إمتدت لمساعدتهم، فشرعوا بتأجيج مشاعر العداء لمضيفيهم وإستباحة حرمة البيت الذي آواهم، والعبث بأمنهم، وتدنيس مقدساتهم ورموزهم، وحرق أعلامهم، وبث الرعب بينهم، وإظهارالتحدي السافر لأنظمتهم وتقاليدهم الإجتماعية، وغلق شوارعهم وتعطيل أعمالهم لإقامة صلاتهم وهدر دماء من ينتقدهم. وتوَّجوا أفعالهم الشنيعة بالهجوم على مؤسسات إجتماعية وقتل مواطنين أبرياء، وإرتكاب جرائم إغتصاب للتعبيرعن عقدهم الإجتماعية المتجذرة في أعماقهم، وإطلاق تهديدات علنية سافرة لأسلمة أوروبا وإقامة دولة خرافتهم عليها وتطبيق شريعتهم فيها. وتجبروا في تحديهم حينما أقسموا على سحق روما  تحت أقدامهم وقطع رأس قداسة البابا في ساحة الفاتيكان وقتل جميع الكرادلة تنفيذاً لفتاوي شيوخهم الذين يقرعون طبول حرب غير معلنة، ويرسلون فرسانهم الملثمين بطرق ملتوية وبموجات متعاقبة تحت مسميات مضلِلة، بينما عقولهم مبرمجة وخناجرهم خلف ظهورهم جاهزة، يهددون ويتوعدون الشعوب الغربية لإركاعها أمام سنابك خيولهم في أيام يظنونها قادمة، حينما يصبحون الأكثرية ويتولون السلطة ويرتكبون جرائم بشعة، مثلما فعلت داعش ومشتقاتها بالمسيحيين والإيزيديين والصابئة وغيرهم ، وبحق كل من لا يطبق تعاليمهم ولا يعتنق عقيدتهم .
ما أشبه بعض غزوات الأمس بموجات هجرة اليوم، مع إختلاف الراية وتغيير إساليب القوم...!
يبدو أن ساسة الحكومات الغربية وأمريكا ما زالوا يتباهون بغبائهم الحضاري ونظرتهم الإنسانية الساذجة وديمقراطيتهم المنفلتة إلى كافة المهاجرين دون تمييز، وما إنفكت شركاتهم الإستغلالية منغمسة في مستنقع مصالحها الأسنة، وما برح رؤوساؤهم يهملون معالجة قصر نظرهم إلى حد إذلال أنفسهم أمام ملوك رمال الصحراء المتحركة، ودفاعهم عن أمن الأنظمة المستبدة، وترنحهم برائحة النفط المغرية، ثم تستُرهم على عورة عمر بن العاص الفاضحة، فأهملوا إعادة قراءة مشاهد مأسي الفتوحات الماضية ومعارك الشرق القديمة ومذابح العصرالأخيرة، لا بل صموا أذانهم عن سماع نواقيس الخطر وهي تُقرع بعنف لإيقاظهم من سباتهم العميق للنهوض قبل فوات الآوان والشروع بمكافحة الوباء الفايروسي الخطير الذي بدأ يتفشى بشكل مخيف في مجتمعاتهم كطاعون القرون الوسطى، والبدء بتلقيح شعوبهم ضده وإتخاذ إجراءات وقائية سريعة لوقف إنتشاره، من أجل الدفاع عن وجودهم وحضارتهم التي شيدوها بجهودهم وتضحياتهم ودمائهم، وحماية هوية وتقاليد وتراث أجيالهم القادمة من الإنقراض كما حدث في الشرق. 
فهل يمكننا القول بأن فتاوي السلفيين والوهابيين المتحدية المُذِلة، وجرائم الإرهابيين المفزعة، وصور قطع الرؤوس وتعليقها على أعمدة الساحات، وإغتصاب النساء وبيع السبايا في سوق النخاسة، وجلد الممتنعين عن الصلاة، وإرهاب المواطنين، كانت ضارة داعشية نافعة ؟ وأن الدماء البريئة  التي سالت على أرصفة مدن سوريا، وفي بغداد والموصل وبلدات سهل نينوى، بمثابة فاتورة مدفوعة الثمن بدماء الشهداء، وبشرى ثانية من رُسل الشرق إلى مسيحيي أوروبا وأمريكا لإنارة عقولهم وإعادة الإيمان إلى قلوبهم التي سادها الجفاف الروحي ؟
وهل ما حدث أخيراً بالأمس في بروكسل، هو بمثابة صفعة قوية لقادة أوروبا وأمريكا، لتعيد إليهم وعيهم، فيسترقون السمع لأنين ملك حليم راحل وهو يناجي نفسه ويستغيث في ضريحه، فينظرون بعيون ثاقبة إلى مشهد تسونامي مرعب متجه نحوهم سيبتلع الأخضر واليابس، فيشرعوا بإصلاح بوصلتهم العاطلة وتصحيح مسارها بتعديل بعض قوانينهم الجامدة وتشريع غيرها، لوقف الغزو المنظم الذي تخطط  له وتموله وتنفذه ممالك ما زالت متلحفة بعباءة سوداء داكنة، وأخرى بقايا لإمبراطوريات متغطرسة حالمة تحبو رويداً رويداً لإبتلاع من حولها ؟
إنهضوا أيها الأوربيون والأمريكيون قبل أن تقض مضاجعكم صليل سيوفهم، فتستفيقظوا من كابوسكم مذعورين يوماً على صدى "صيحاتهم" وضجيج دقات أوتاد خيامهم، وخناجرهم تحز رقابكم، حينها لا ينفع الندم ولا قضم أصابع اليد والقدم ...
يبدو أن إرادة الله قضت أن يكون مسيحيي الشرق في واجهة التصدي للغزوات المنظمة الجديدة ، لما يمتلكون من إيمان راسخ وروابط كنسية متينة وخبرة متراكمة ومناعة مكتسبة من معاناة طويلة، نتيجة الإضطهاد الذي مُورس ضدهم منذ عقود وقرون، فأمسوا يحملون ثقافة غزيرة لفضح ضلال الأجندات التكفيرية، عن طريق قنواتهم الفضائية المضحية، ومواقعهم الألكترونية المتطورة، ومؤسساتهم الناشئة وجمعياتهم المتزايدة، ونشاطاتهم الثقافية والإجتماعية الناهضة ومنشوراتهم وصحفهم وكتاباتهم وإتصالاتهم المؤثرة، تلك المهام التي أمست قدر يلاحقهم كظلهم أينما ذهبوا وحيثما حلوا، وهو بذات الوقت ما رُسم منذ عقود لمسارهم، وكيف ستكون خارطة الشرق بعد رحيلهم... !!
قال الشاعر معن بن أوس المزني:
فيا عجباً لمن ربيت طفلاً ... أُلقمُه بأطراف البنان  -   أعلمه الرماية كل يوم ... فلما إشتد ساعده رماني
أعلمه الفتوة كل وقت ... فلما طرً شاربه جفاني    -    وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني

الأربعاء    23 / 3 / 2016             

46
 لقد تداولت صفحات شبكة التواصل الإجتماعي خبر وصورة تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بصاحب هذه القصيدة الشاعر أحمد النعيمي بواسطة رافعة كما يجري في إيران ولا ندري صحة الخبر...مع فائق تحياتي وتقديري

47
طالبي السابق العزيز والإنسان المؤمن والمثقف الواعي الجديد....أثير شمعون
سلامي وتحياتي
" الشجرة الطيبة تُعرف من ثمارها " ... وأنت هو تلك الثمرة الطيبة المذاق من الشجرة الرائعة للوالد الشماس بطرس أدم أبو وميض الصديق الغالي والأخ الطيب الوقور...                                    إن كلماتك الإيمانية العميقة والعلمية الغزيرة وإسلوبك الرفيع في إثبات الروابط بينهما، أعادت إلى ذاكرتي صورة ذلك الطالب الوسيم ذو الوجه المشرق البشوش، وهو جالس في قاعة الصف السادس العلمي في إعدادية طارق بن زياد ... يتابع أستاذه وكله أذان صاغية وينظر إلى أستاذه بعيون ثاقبة متابعة... ويتوثب للإجابة على كل سؤال كلما سنحت له الفرصة لذلك...إني فخور بك وبأخلاقك الرفيعة وثقافتك الغزيرة....مع خالص محبتي ومودتي لك .... وتقديري لمرورك المشكور.

48
أخي الطيب وصديقي العزيز أدور عوديشو... المحترم
قبل كل شيء  أقدم بالغ إعتذاري وشديد أسفي لعدم الإجابة على مرورك الكريم في وقته، نتيجة إبتعادي عن المواقع الألكترونية لبعض الوقت بسبب إلتزامي وإنشغالي ببعض الأمور غير المتوقعة... وبذات الوقت أقر بأن كلماتك الفلسفية والإيمانية في أفقها الواسع زادت مقالتي مضموناً وألقتها جوهراً... كما يسعدني ويشرفني التواصل معك والإطلاع على أرائك التي هي دون شك ناضجة ونابعة من رؤيتك الشمولية الرائعة للمسيحية، ومثمرة لتواصلنا ..
مع خالص أمتتناني وإحترامي

49
The Big Bang
الأنفجار الكوني العظيم وتفجير سيارة مفخخة في شارع أمين
   
 
بقلم : صباح دمّان
طاقات الإنسان العقلية والذهنية المتفجرة في كافة مناحي الحياة المعاصرة، لا يمكن التكهن بأفاقها المستقبلية الشاسعة ومساراتها غير المرئية في العقود والقرون القادمة، حيث تدورعجلة الابتكارات العلمية والإختراعات التقنية المتصاعدة بشكل نعجز عن إستيعاب مديات حلقاتها المتولدة واللحاق بقفزاتها المتسارعة، نتيجة وجود خلايا كامنة وقوة خارقة غير منظورة في قدرات الإنسان الإبداعية التي تحتاج فقط الى حافز يثيرها وإرادة تستفزها مع قناعة وإيمان بتحقيق طموحات تعتبر اليوم من ضمن مسلسلات الخيال العلمي في إقتحام بوابات المستحيل ورؤية أحلام اليقظة.
إن قدرات العقل البشري لا حدود لها  مهما توغل الأ نسان في مجاهل الكون وإخترق غياهب المجهول وتبحَّر في العلوم، ولا بمقدوره حل رموز أحجية الحياة وإرتباطها مع قوى خفية بأواصر غير منظورة. فمقارنة بسيطة بين ما وصلت إليه التكنلوجيا الحديثة التي تخلق معجزات علمية كأساطير خيالية وخلال قرنين من الزمن فقط ، وما بين عظمة الخالق ونظام الكون الخارق، فهي لا تعادل ذرة رمل واحدة على شواطئ الكرة الأرضية .
تؤكد دراسة علمية بأن أضخم وأعقد الكومبيوترات في العالم لا تتجاوز قدرتها 05% من عبقرية العقل البشري والذي يتطور مع مرور الزمن وتتجدد خلاياه مع دورة الحياة ، فكيف لا يدرك البعض جبروت الله والأسرار التي وضعها في أصغر مخلوقاته، ولا تذهله مثلاً طبيعة الجنين منذ نشوءه في رحم أمه وتكوين جيناته وغرائزه وحامضه النووي وبصماته التي لا يتشابه بها إثنان من بين سبعة مليارات إنسان...! في الوقت الذي يؤمنون بموجب نظرية دارون بأن الطبيعة أوجدتهم وطورتهم وجعلتهم مخلوقات راقية بهذه المؤهلات والقدرات اللامحدودة، ومنحتهم هذا العقل الراقي الذي ما زال الغموض يكتنفه ويعجز العلم عن إدراك خفاياه وحل طلاسمه.
لقد كانت حكمة الرب وإرادته ليختبر بهما إيمان بني البشر بوجوده ومن أجل دعوتهم إلى مملكته، حينما تجسدت كلمته بينهم في مثل هذه الأيام قبل أكثر من ألفي عام، فأمسى كالهواء الذي نستنشقه، نلتمس عند الضيق رحمته، نسمع أحياناً صوته، خبِرنا من التاريخ حينما يغضب أفعاله ونشعر بوجوده بيننا، ولكننا لا نراه، أما محبته فهي جلية كالمحيط الذي تظهر أمامنا بدايته، ولكننا نعجز عن رؤية نهايته أو سبر أغواره .
لست بعالم فلك ولا بدارس لعلم الفضاء ولا متخصص في الرياضيات أو الفيزياء أو الأحياء ، ولكني مخلوق كسائر البشر وهبني الله عقلاً لأستخدمه وأميز فيه ما بين المعقول واللامعقول، والإيمان والإلحاد، وبين نظريات قديمة وبراهين حديثة، وما بين المنطق والحقائق والفرضيات والإستنتاجات.
يعتقد اللادينيون بموجب النظرية الكونية بأن الإنفجار الهائل الذي حدث قبل (13.8) مليار سنة ونتج عنه هذا الكون العجيب ، وقع من تلقاء نفسه وينكرون وقائع صارخة بأن عقلاً خارقاً وقوة جبارة كانت صانعته، وإلا كيف تكون نتائجه بهذا الشكل الرائع والترابط الدقيق الذي يفوق التصور والخيال في نظامه المعقد وحجمه اللامتناهي الذي تُقاس أبعاده بألاف وملايين السنين الضوئية ( سرعة الضوء هي 300000 كم في الثانية) الأمرالذي يعجز حتى العقل البشري المتطور عن إستيعاب شكله.
ماذا كان أصل هذا الكون العظيم الذي إنفجر وخلق ملايين المجرات وبلايين الكواكب والنجوم والأجرام السماوية ووضعها في هذا النظام الكوني المهول الذي يشبه إلى حد كبير ساعة يدوية سويسرية حديثة ؟
المعروف أن أي إنفجار مهما بلغ حجمه من الصغر يحدث خراباً غير منضبط وفوضى عشوائية لا يمكن تحديد شكلها أو تخيل صورة تقريبية للأضرارالتي تخلفها . فحينما يقوم إرهابي بتفجير سيارة مفخخة في أحد شوارع بغداد، هل يمكن لأعقد الكومبيوترات الحالية أن يتكهن بنتائج دقيقة ويرسم صورة مطابقة مسبقة أو خارطة لما سيحدث، لا مجال للخطأ في هندستها مطلقاً حتى لو كان 1%100 ؟
إنها أسرار ذلك الإنفجار الهائل الذي نتجت عنه هذه المجرات الإسطورية وبهذا التنسيق البديع والنظام المذهل ، خاصة حينما تتأمل السماء في ليلة مقمرة وأنت على سطح منزلك في قرية بعيدة عن أضواء وضجيج المدن المعاصرة، فتشعر وكأنك في مركبة فضائية ورحلة خيالية ملء الزمان، ترى من خلال زجاجها نور نجمة ولادة السيد المسيح وهي تضيء ممرات الكون المظلمة وعقول بني البشر المضلّلَة...
 وهذا يتماشى مع ما صرح به قداسة بابا الفاتيكان قبل مدة حين أعلن بأن نظرية الإنفجار الكوني لا تتعارض مع إيمان الكنيسة الكاثوليكية في الخليقة ووجود الإنسان على هذه الأرض.
 أتمنى لكم ولعوائلكم في كل عيد ميلاد مجيد قادم وسنة مباركة، كل الخير والأمان تحت خيمة سلطان الكون وملك السلام ...
(25-31) - 12 - 2015
 


50

الاخ الدكتور غازي رحو المحترم ...
تحياتي ...                                     
كما عودتنا على حضورك الدائم بين أبناء شعبنا في الأزمات والظروف القاسية التي يمرون بها ووقوفك إلى جانبهم في مأسيهم وظروفهم الصعبة وبذل جهودك المخلصة في مد يد العون لهم لتجاوز بعض معاناتهم ، كما تفعل اليوم في عمان مع المهاجرين وعوائلهم، ومواقفك الإنسانية والإجتماعية الاخرى التي لا حدود لها، فإن جهودك المشكورة الإخيرة ونشاطك المتميز في محاولة إلغاء القرار الجائر الصادر عن وزارة العدل العراقية الذي ينص على وجوب عودة المهاجرين المسيحيين إلى العراق عند رغبتهم بيع عقاراتهم، الامر الذي يفتح الباب على مصراعيه للإستحواذ على ممتلكات الكثيرين  منهم من غير القادرين على السفر أو ترك عوائلهم لظروفهم الصحية والإجتماعية والمعيشية والعائلية وخاصة كبار السن من الرجال والنساء وحتى الشباب... وهنا أتساءل:
1. لماذا شمل القرار المسيحيين فقط وإستثنى الإخوة  المسلمين والصابئة والإيزيدية وغيرهم ؟  كم عدد المسيحيين الذين  تم تزوير ممتلكاتهم..؟ ألم تحدث عمليات تزوير لعقارات واراضي الإخوة الصابئة والإيزيدية وحتى بعض المسلمين ؟ لماذا لم يشملهم القرار ؟ هل الدولة حريصة فقط على ممتلكات المسيحيين وغير مكترثة لعقارات المسلمين وبقية الأديان الأخرى ؟ ألم يجد السيد الوزير حلاً معقولاً أخر يحمي املاك كافة العراقيين من التزوير دون التمييز بينهم؟
2. هنالك نقطة جوهرية أخرى وهي إن عمليات التزوير تمت تحديداً في دوائر الطابو وبتواطئ بعض المزورين مع عدد من الموظفين المرتشين داخل الدائرة وليس خارجها ... وليس بالوكالات المرسلة من السفارات والقنصليات خارج العراق...
                                                          مع فائق التقدير

51
الأخ العزيز مؤيد هيلو المحترم
تحياتي الطيبة
نتمنى بإخلاص من صميم قلوبنا أن تكون هذه المبادرة والتي إنطلقت من مكالمة هاتفية، بداية النهاية للخلافات بين غبطة البطريرك مار ساكوالموقر وسيادة المطران سرهد جموالجزيل الإحترام  من أجل طي صفحة الماضي المؤلم والخلاف المخجل وبداية مرحلة جديدة من التعاون المشترك في حل كافة القضايا العالقة بين البطريركية والأبرشية أولاً ، ثم العمل المثمر لمد يد العون والإغاثة لأبناء شعبناالعالق في أزقة الهجرة بعد أن أوصدت بوجهه كافة أبواب  العيش الأمن  الرغيد والمستقبل المطمئن  في الوطن وأمسى ورقة للمزايدة والإستغلال في مخيمات الغربة وبضاعة على أرصفة موانئ الإحباط ......مع مودتي لك وإحترامي لكافة الأراء.......
صباح دمّان

52

الأخ  كوركيس أوراها منصورالمحترم
تحياتي الخالصة لك ولكافة المتحاوريين...
كانت مبادرة طيبة منك تستحق كل الثناء والتقدير، ويبدو أن توارد الخواطر جعلها متزامنة مع مكالمة غبطة البطريرك الموقر، ولكننا ننتظر خطوات متتمةلاحقة ونتائج إيجابية مثمرة لذلك اللقاء المرتقب لتكتمل الفرحة..... وأضيف بأن هنالك دولاً في تاريخنا المعاصر والقديم دخلت مع بعضها في حروب مدمرة لسنوات راح ضحيتها ملايين الأبرياء، فحال الخراب وتفاقمت المأسي ، ولكن في نهاية المطاف جلس الفرقاء أو حتى المنتصر والمهزوم على طاولة واحدة، فثبتوا السلام بين بلدانهم ووقعوا إتفاقيات تعاون مشترك لصالح شعوبهم ورسموا أفقاً واسعاً لعلاقاتهم، لا بل شكلوا تحالفات جديدة وخططوا لمستقبل أجيالهم القادمة... فكيف الحال حينما تكون القضية خلافاً ولا أقول صراعاً داخل أروقة كنيسة كلدانية كاثوليكية واحدة، وبين إثنين من رؤوسائها الموقرين اللذان يحملان رسالة السيد المسيح له المجد في نشر بشائر الخلاص للبشرية والدعوة لإستلهام تعاليمه الإنسانية في المحبة والمغفرة والتسامح والتضحية ، ويحرصون على مستقبل وديمومة شعبهم الجريح  في الوطن وسلامة وأمان وإستقرار المشردين من وطنهم وأرضهم .... ومهما كانت ستؤول إليه نتائج تلك الخلافات ، فهي دون شك كانت ستؤدي إلى خسارة كبيرة لشعبنا ولكنيستنا وخطر يداهم وحدتها وكيانها ومستقبلها. ولو لم تنطلق المبادرة من قبل غبطة البطريرك الموقر ساكو ولم يقابله سيادة المطران سرهد جمو الجزيل الإحترام بنفس الرغبة الاكيدة والمشاعر الصادقة ، لراودنا شعور بأن الأمر داخل كنيستنا أمسى مريباً والخلاف مفتعلاً والحال مخجلاً والهدف محيراً .
علماً بأني طرحت مبادرة قبل عدة أشهر تحمل نفس المضامين وبالتعاون مع بعض الشخصيات الأكاديمية المرموقة، ولكن مع كل الأسف تم رفضها من قبل الطرفان، وبدلاً من تأييدها وبلورتها من أجل إنجاحها من قبل مثقفينا وكتابنا الحريصين على توحيد كلمة كنيستنا وتقوية أواصر العلاقة بين قادتها ورأب الصدع داخل جدرانها ، شنَ بعض الإخوة هجوماً عليها وشككوا بنواياها ووجهت لي بعض الإنتقادات والإتهامات ظناً منهم بأني أدافع عن جهة وأقف ضد الأخرى لانهم نظروا إليها من منظار ضيق...
بارك الرب بجهودك أخي كوركيس منصور متمنياً أن يعطي اللقاء بينهما ثمراً طيباً نأكل منه جميعاً ليعيد الراحة إلى نفوسنا والصفاء إلى قلوبنا ويزيل الهم من صدورنا، ويضع السينهودس القادم وما يسبقه أو يليه نهاية لهذا المشهد المؤلم ، وتتوجه الكنيسة بكل إمكانياتها وطاقاتها لمساعدة أبناء شعبنا في محنتهم وطي صفحة وضعهم المبكي في المخيمات والقاعات والكرفانات....
مع خالص الود...
صباح دمّان

53
كيف نصون تراثنا ونحافظ على هويتنا ونحمي أجيالنا القادمة من الضياع  في المهجر

بقلم : صباح دمّان
في دول تتمتع شعوبها بأعلى درجات الحرية المطلقة والديمقراطية الناضجة في كافة مفاصل الحياة، لابد أن تفرز تلك المنطلقات الراقية جوانب سلبية وأمراض إجتماعية عرضية، وتعلق بقوامها أشنات تخدش جمالية شكلها وتشوه جوهر مبادئها، كون الإنسان بسلوكه الغريزي ميال لولوج كل مكمن غريب وخوض غمار كل ما هو مجهول .          ومن أبرز تلك السلبيات هي حالات التفكك الأسري نتيجة إرتفاع حالات إنفصال الوالدين عن بعضهما من ناحية، وغياب أو تقييد دورهما الريادي في حياة أبنائهم بسبب تمتعهم بإستقلالية تامة وخصوصية مصانة وحرية كاملة في التصرف يمنحها لهم القانون داخل البيت وخارجه، فتتوسع فسحة الإنحراف السلوكي عند المراهقين والشباب التي ترافقها أحياناً ظاهرة الإدمان على المخدرات وإرتياد كازينوهات القمار والإنغماس في ملذات الجنس. وقد تصاعدت وتيرة الإنحراف بصدور تشريعات خاصة تُبيح الإجهاض ومنح الحرية الجنسية وقوانين أخرى تتعارض مع القيم الإجتماعية والسماوية وكان أخرها موافقة المحكمة الدستورية العليا الامريكية على قانون الزواج المثلي .
وفي الجانب المشرق من هذه الحضارة، فأن المجتمعات والمؤسسات التربوية في الدول الغربية والولايات المتحدة قطعت أشواطاً بعيدة في تطوير القدرات الذاتية والذهنية للطلبة وتشجيع وإحتضان الموهوبين والمتفوقين بدءاً من رياض الأطفال وصعوداً إلى الكليات والجامعات والدراسات العليا في كافة النواحي العلمية والثقافية والفنية والرياضية وبأساليب متجددة مع توفير كافة المستلزمات الضرورية لينشأوا وسط بيئة صحية، وبنفس الوقت تعمل جاهدة لزرع بذور الثقة بالنفس والشجاعة الأدبية والصراحة المطلقة لدى الصغار والشباب للتعبيرعن أرائهم وقناعاتهم الشخصية بشكل طبيعي دون خوف من عقاب أو حرج من نقد من أجل تطوير مواهبهم وتنمية قابلياتهم لبناء قاعدة راسخة لمستقبل وطنهم.
ومن ناحية أخرى وضعوا أسس  ثابتة لمساواة المرأة مع الرجل، إضافة إلى قيام الدولة بتقديم المعونات المالية والضمان الصحي والخدمات الإجتماعية المتنوعة إلى المعوقين والمحتاجين والعاطلين وذوي الدخل المحدود، وتشجيع الكبار على إكمال دراساتهم في الكليات مع منحهم مخصصات مالية ومساعدات مغرية، ودعم مؤسسات إجتماعية لتأهيل البالغين لكسب خبرات وإختصاصات مهنية من أجل العمل في مجالات يختارونها.
كما أن المصداقية في التعامل وسلوكية التواضع والجرأة في النقد والإعتراف بإرتكاب الخطأ والإقرار بالفشل والحرص على المال العام والتنحي طوعية عن المنصب في تلك المجتمعات ، هي الخصال المميزة لمختلف شرائح المجتمع من قمة هرم السلطة إلى قاعدته، بعيداًعن المحاباة والنفاق في التعامل والمحسوبية البغيضة والعقلية القبلية والإزدواجية في السلوك والغطرسة الجوفاء وتضخيم الذات، هي صفات يتسم بها كثير من القادة وكبارالمسؤولين ورؤوساء الأحزاب في مجتمعاتنا الشرقية والعربية بشكل خاص، إضافة إلى التعلق بكرسي السلطة حتى لو أدى ذلك إلى دمار بلدانهم ومأسي لشعوبهم .
وإنطلاقاً من تقاليدنا وعاداتنا المتوارثة، ينبغي علينا أن نرسم مسار مميز لأجيالنا القادمة بجرأة وموضوعية ونميز بحكمة ما بين قشورالحضارة الغربية المتساقطة التي لا حياة فيها واللب الإنساني الحضاري في جوهرها، ونحاول إقتباس الصالح وننبذ الطالح غير المقبول من وجهة نظرنا لأنها بعيدة عن تقاليدنا، كالزواج المثلي وحالات الطلاق العشوائي ووباء تناول المخدرات والإدمان على إرتياد صالات القمار التي تقوِض الروابط الأسرية وتنخر بكيان العائلة، إضافة إلى بعض طرق التربية المتبعة التي تسمح للأبناء بعد سن الثامنة عشرة بالعيش في شقة منزوية تستفزهم إغراءات الحياة المعاصرة ويغريهم رفاق السوء، فتزداد أمامهم فرص الإنحراف والسير في متاهات المجتمع وأزقته المظلمة، فيقضون زهرة شبابهم في أحد السجون أو ضياع العمر كله.
ومن الطبيعي أن معظم أبناء جاليتنا من البالغين وكبار السن وخاصة الذين يصلون إلى دول المهجر وهم في خريف العمر أو قاب قوسين او أدنى منه، يمرون بمرحلة تحدي إجتماعي وعائلي وأخلاقي متشعب، ويواجهون صراعاً نفسياً مع الذات لأنهم في الواقع يحملون في أعماقهم تناقضات ما بين تقاليدهم المتوارثة عن الأباء والأجداد، وما إكتسبوه من مفاهيم ساذجة وعادات دخيلة من المجتعات التي نشاؤا فيها وما علق بهم في الوطن الأم من أدران ، تركت بصماتها الواضحة على سلوكيتهم وترسخت في اللاوعي من عقولهم، فامسى ذلك كله يتقاطع مع إلتزامات ومتطلبات المجتمع الجديد الذي آصبحوا جزءاً منه، فيصطدم بعضهم بجدارالواقع المرير، فيتخذون أفقاً خاص لحياتهم يلقي بظلاله على من حولهم، وأخرون يتأقلمون ويعيشون الحلم الذي كان يراودهم .
ولان دورة الحياة ماضية ولا يمكن عودة الزمن إلى الوراء ولا إرجاع القديم إلى قدمه، لذا يتوجب علينا إتخاذ منحاً وسطياً ذي طابع خاص في تربية أبنائنا، يجمع بين الحداثة والأصالة، ما بين ترك فسحة كافية لهم لبناء شخصياتهم بشكل طبيعي ينسجم مع التطورالثقافي والإجتماعي الجديد، لكي لا يظهروا متخلفين عن اقرانهم من الشرائح الأخرى، وبنفس الوقت العمل على تقوية الروابط الأسرية بشتى السبل ومختلف الوسائل ومحاولة تقريبهم من أروقة الكنيسة وتسجيلهم في منظمات إجتماعية وجمعيات ثقافية وأندية رياضية وشبابية لجاليتنا، ومحاولة مساعدتهم في إختيار أصدقائهم وتقديم الإرشادات والنصح إليهم كلما توفرت الفرصة عند ملاحظة تغيير في حياتهم وسلوكهم، وبشكل ودي بعيداً عن الأنتقاد والتوبيخ من أجل تجاوز بعض الأزمات النفسية الموقته، مع تذكيرهم بين الحين والاخر بماضينا وبأصالة عاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها عن أبائنا واجدادنا في بلداتنا العزيزة.
وحينما يكون الأباء قدوة حسنة ونموذجاً يُحتذى به من قبل الأبناء في جزئيات تصرفاتهم، يكون كلامهم أكثر إقناعاً ، فلا ينبغي أن نطلب منهم التخلي عن سلوك مُدان وفعل مخجل بينما نحن نمارسه في حياتنا اليومية أمامهم أو بعلمهم  " لا تنه عن خلق وتأتي بمثله، عار عليك إذا فعلت عظيم" ، لأن علم النفس يؤكد أن الطفل بعد ولادته شبيه بورقة بيضاء ناصعة يكتب عليها الوالدان وبقية الأبناء ومن حوله من تلاميذ وأصدقاء خلال تصرفاتهم وأحاديثهم أمامه، فتتجذر تلك التصرفات والأقوال في عقله الباطني وتبقى ملازمةً له طيلة حياته، لأن "التعلم في الصغر كالنقش على الحجر". أما موضوع ميراث لغتنا النفيس في المهجر وبوادر إضمحلالها في العقود القادمة فيحتاج إلى وقفة طويلة ومعالجة بالغة الدقة والتعقيد .
14 تموز 2015

54
الأخ الأستاذ غسان يونان المحترم
الإخوة الأفاضل...
أولاً : إن الذي يغفر للبشر ويسامح على ما إرتكبوهمن جرائم ضد غيرهم هو رب الكون وخالق الحياة ... ولا يمكن لإي إنسان مهما علا مركزه أن يمتلك صلاحية الغفران ومنح التبرئة لغيره، سيما إذا كان الأمر يتعلق بجرائم إرتكبت بحق أبناء شعبه.
ثانياً: إن تصريح غبطة البطريرك مار لويس ساكو يتناقض مع ما أكد عليه قداسة البابا قبل أشهر حول مسؤولية الأتراك الحاليين عن الجرائم التي إرتكبها أجدادهم العثمانيين، وإستنكرها بشدة ووصفها بالإبادة الجماعية.
ثالثاً: كذلك يتناقض ما أدلى به غبطته من كلام خطير، مع مواقف كثير من الدول الأوروبية التي أدانت تلك الجرائم ووصفتها أيضاً بالإبادة...
أليس الأجدر برؤوساء كنائسنا في هكذا مواقف محرجة حساسة، الإبتعاد عن تصريحات لها إنعكاسات تاريخية وإجتماعية وسياسية خطيرة نحاسب عليها يوماً  وتُثبَّت سلبية خطيرةعلينا حينما تعترف تركيا مستقبلاً بجريمتها  تحت ضغوطات دولية وسياسية وإقتصادية ، بينما يكون شعبنا المسيحي من الكلدان والسريان والأشوريين والأرمن قد تنازل عن الحقوق المشروعة لأجداده من ضحايا تلك المجازر البشعة ، فنكون قد ضحينا بدمائنا في الماضي وأضعنا الحاضر ووضعنا أنفسنا في قفص إتهام المستقبل....فخسرنا كل شيء...ألا ينبغي على قادتنا الموقرين أن التحلي بسياسة بعد النظر في هكذا مواقف...
مع فائق الإحترام لبقية الأراء.

55

تحية لك اخي العزيز زيد ميشو لدقة تحليلك لمسودة الرابطة وأضيف : إذا كان الربان والملاحين يغيِرون بوصلة سفينة النجاة عدة مرات وهي ما زالت راسية في الميناء ، كيف سيحددون مسارها وهي بين أمواج البحر المتلاطمة في ظلام الليل الدامس.. ؟ وماذا سيكون حال الذين على متنها وهم في عرض البحر.... لا يعرفون أين هم متجهون... ؟ وكيف سيمسي حال الذين ينتظرون السفينة في الجهة الأخرى بفارغ الصبر  على أمل إنتشالهم من وضعهم   ...... ؟ مع إحترامي لبقية الأراء.

56
الأخ  عبد الأحد سليمان المحترم...
  تحياتي الخالصة
تحليل واقعي وإستنتاج منطقي لمسودة النظام الداخلي مبني على إفرازات المرحلة السابقة ومعطيات العلاقة المستجدة بين شعبناالكلداني من ناحية وكنيستنا الموقرة من ناحية ثانية، وتلك مع بقية المكونات الأخرى...
وبذات الوقت لدي بعض الملاحظات على مسودة النظام الداخلي التي ظهرت غير موفقة في صياغتها وتحديد ملامحها حيث تبدو وكأنهاأحجية كلدانية بابلية قديمة لا يمكن حل طلاسمها لما تحتويه من تناقض واضح وخاصة ما ورد في المادة الأولى في بنودها مع بعضها ومع المادة الثانية بشكل تثير الإستغراب .....؟
1. في المادة الأولى : " ... كنيسة كلدانيّة كاثوليكيّة جامعة، شاهدة ومبشرة بفرح الانجيل لعالم اليوم، ولا تُقحم نفسَها بالانقياد الحصري وراء عملٍ قوميٍّ أو سياسيٍّ أو حزبيٍّ يُفقدها زخم هويتها الكنسيّة...
2. وفي المادة الثانية : " بإمكانها القيام بنشاط سياسي لخير الكلدان والخير العام، لكنها لن تتحول الى حزب سياسي ".... ثم " تعنى بالشؤون الاجتماعية والثقافية للكلدان والمسيحيين " هل هذه كلمات متقاطعة .....؟
. بصراحة لم أدرك هل هوية الرابطة هي: كنسية كلدانيّة كاثوليكيّة جامعة (  عملها داخل أروقة الكنيسة فقط) ... أم سياسية ( "بإمكانها القيام بنشاط سياسي ....") ... أم إجتماعية ثقافية ... أم منظمة خيرية غير ربحية ( "لا تتوخى الربح" ...تعمل لخير الكلدان والخير العام)... أم  رابطة تبشيرية ( "شاهدة ومبشرة بفرح الانجيل لعالم اليوم ") ... أم رابطة عالمية غامضة المعالم أم خليط من جميعها ؟؟؟؟ كما لم تسعفني ثقافتي المتواضعة من فهم معنى " ... شاهدة ومبشرة بفرح الانجيل لعالم اليوم"...... وهنالك حديث أخر حول بقية المواد....
مع تقديري لشخصك
وإحترامي لكافة الأراء والمداخلات الأخرى..
 

57
مقالة جديرة بالإهتمام والثناء إختار فيها الاخ ناصر عجمايا وقتاً مناسباً لنقل أخبار الأخ  الكاتب حبيب تومي وتقييم كاتب مبدع ترك بصماته الواضحة على صفحات معظم المواقع الألكترونية وخاصة تلك العائدة لابناء شعبنا وما يتميز به من إسلوب معتدل رصين في طرح أرائه والتعبير عن الأفكار التي يؤمن به ، وما يمتلك من  قلم هادئ  وثقافة نبيلة في مخاطبة زملائه وحتى من يختلف معهم في الإنتماء ووجهات النظر. نتمنى له الشفاء العاجل والعودة السريعة إلى سابق عهده لمواصلة عطائه.... تحياتي للاخ ناصر وكافةالقُرّاء

58
الأخ العزيز زيد ميشو...
مع إحترامي لمقترحك أتساءل..
هل تبدأ الرابطة المقترحة خطوتها الأولى بخلاف جديد حول العلم والنشيد الكلدانيين..... وهل فيهما خلل تقتضي الضرورة القصوى تبديلهما في البداية لنجاح مسيرة الرابطة ...؟ أم أن الرؤية المشتركة ووضوح النظام الداخلي وأهدافه وشروط الإنتساب هم صمام الأمان لوصوله إلى غايته المنشودة...؟أليس الأفضل أن يأتي التغيير بعد إنعقاد مؤتمره الأول إذا طُرح المقترح للمناقشة من قبل المؤتمرين ....؟ المثل الإنكليزي يقول:  Actions speak louder than words... وتقبل تحياتي

59

الأخ العزيز جاك الهوزي المحترم :
الإخوة المتحاورين المحترمين...
تحليل منطقي صائب ونظرة موضوعية منبثقة من تجارب شعبنا طيلة السنوات العجاف المنصرمة التي قوضت كياننا وفرقت شملنا وقزمتنا بأعين من حولنا..
لو إتعضت كافة أحزابنا السياسية ووعى كافة مثقفينا وكتابنا بحجم الكارثة المحدقة بنا نتيجة تعصبنا القومي وإصرار كل منا على أنه يمتلك ( وحده لا شريك له) الحقيقة المطلقة ودون سواه ، لما وصلت أوضاع شعبنا المأساوية إى ما وصلت إليه من تراجع في الحقوق وتشرذم في المواقع وضياع في المخيمات والكرافانات ومواجهة مستقبل مجهول قد يكون مساره طي صفحة وجودنا على أرض أبائنا وأجدادنا إلى الأبد...والغريب في الأمر أن معظمنا نعيش في مجتمعات ديمقراطية متقدمة ، منحت لنا أنظمتها الراقية حرية الإختيار في كافة جزيئيات العمل وفقرات الحياة، وتقف إلى جانب الفرد وتدافع عن خصوصياته وأفكاره وإيمانه بأي مبدأ أو معتقد أو حقوق .. ولكننا ما زلنا نرتدي جلباباً شرقياً نفرض ما نؤمن به على الأخرين " وهم صاغرون " .. لذا ما زلنا وسنبقى نراوح في المربع الاول الذي بدأنا منه لأننا متمسكين بنظرية " أنا وأنت أخوان من أب وأم واحدة ... ولكنك غير موجود .. كوني أنا أنا.. وأنت انا ... ولك مطلق الحرية لتفعل ما تشاء وتؤمن بما تريد ولكنك لست أنت ".
لنؤجل مرحلياً أو نترك خلف ظهورنا موقتاً موضوع التسمية ونعطي الحرية لكل من أبناء شعبنا ليختار ما يقتنع ويؤمن به اليوم كجزء من شعب واحد ونركز على توحيد جهودنا حول كيفية خروج شعبنا في الوطن من المأزق الخطير الذي يعيشه وإلى أن تنجلي الغيوم السوداء من سماء وطننا وتتضح ملامح المشهد السياسي والديموغرافي للمنطقة... ويكون بعدها لكل حادث حديث..
مع إحترامي لكافة الأراء...

60

 هذا التصرف رسالة مفادها:أن بقاءكم على أرضكم أيها المسيحيون قد إنتهت صلاحيته وأمسى وجودكم خارج الأسوار تحصيل حاصل ومرهون بخارطة الشرق الأوسط الجديد وسسياسة الصفقات الإستراتيجية المرسومة... أما المجاملات الرخيصة في الخطابات على أننا الأصلاء فهي ضحك على عقول البسطاء وبضاعة للإستهلاك المحلي والدولي والمزايدة لمن يشاء...العالم يحترم وينحني للأقوياء......مع إحترامي لكافة الأراء .

61
 
الأخ الفاضل فارس ساكو المحترم
تحياتي الخالصة
عذرا لتأخر ردي على كلماتك الطيبة لدواعي صحية ، وبنفس الوقت أود القول بأني لم ألمس قسوة في كلامك يستوجب تقديم الإعتذار أخي العزيز فارس ساكو... نلتمس الرب أن يشد من أزرنا جميعاً وكل الحريصين على وحدة كنيستنا لتثمر كافة الجهود في وضع نهاية سريعة لمعضلتها لتعود الحالة إلى طبيعتها وتمر من سمائنا هذه الغيمة القاتمة التي أثرت في نفسية كافة المؤمنين.
مع ودي وإحترامي

62
الأخ الفاضل فارس ساكو المحترم
تحيتي وسلامي
1. حين مراجعة الردود وجدت باني قد أجبت على ما تفضلت به في مداخلتك الأولى عند قيامي  بالرد على الأب توماس تمو حول تشبيه المبادرة بالصلح العشائري ، أما الجزء الأخر من المداخلة فأظن هي رسالة وجهتها للاخ جاك حول أمور تم التطرق إليها كثيراً وطالما كنا ننتظر الجواب على المبادرة فلم أرغب بإثارة مسائل ليست في آوانها وقد تؤثر في نتائج المبادرة.
2.وبذات الوقت أقدم لك شكري وإمتناني لإثنائك على المبادرة التي إنتظر الكثيرون ميلادها ولكنها بعد ذاك تخلى عنها أهلها فأصابها الجفاف ففاضت روحها ( وليس كما قال أخد الإخوة في مداخلته بأنها ولدت ميتة) وأود ان أؤكد لك أخي أستاذ فارس بأني حينما طرحت المبادرة كان هدفها الخروج من المأزق وجوهرها المصالحة وبدايتها بحسن النوايا ورغبة الطرفان في التوصل إلى حل متوازن يحاول كل منهما التقرب من الطرف الأخر بتقديم بعض التنازلات للوصول إلى خط التلاقي وإيجاد حلول وسطية من أجل التغلب على نقاط الخلاف لتجاوزها... وما شجعني كانت إشارات إيجابية من بعض الإخوة ... وكما قلت بأن عمل اللجنة تركز فقط على تحقيق التقارب ثم لقاء غبطة البطريرك وسيادة المطران... وبعده نكون قد حققنا خطوة كبيرة وينضم إليهما إثنين من رجال الكنسية الموقرين إتفقنا على إسميهما لإكمال المشوار في الإجتماعات لأننا لم نرغب بان يكون لنا دور في المفاوضات أو ونضع جدول الأعمال لأن القضية كنسية ولا يحق للمدنيين الولوج في مسالكها المعقدة بينما قادة الكنيسة أدرى بها. وعند عدم نشر الرسالة في الموقعين كانت إشارة لرفضها وعدم رغبة الطرفان اللقاء وكل منهما مع إحترامي لهما منطلقا من قناعاته وما يجول بخاطره وربما إنتظار يوم الحسم عند عقد السينهودس ، وهذا ما أعلنته البطريريكية الموقرة في بيانها.
3. وفي الجانب الأخر، حينما يقوم شخص بطرح مبادرة والقيام بالوساطة بين طرفين متنازعين ينبغي أن لا يكون الخصم والحكم في أن واحد بل يبقى ملتزما بجانب الحياد لكي لا يثير حفيظة أحدهما ولا يظهر بأنه يميل قليلا إلى جانب أحدهما حتى لو كان يؤيد أو يتعاطف معه في بعض المواقف والأراء وكما يقال عليه  مسك العصى من الوسط  لتجنب سقوطها قبل آوانها لحين مسك كل مفاوض من الطرف القريب منه ليحافظا على توازنها، ولكن بنفس الوقت لدي وجهة نظر خاصة وقناعة شخصية بأسباب الأزمة ووتيرة تصاعدها ومسارها  وكل أصدقائي ومعارفي على علم بذلك حين قراءة هذه الأسطر... ولكني إقتنعت بعد عدم الإستجابة لها ، بأنها أعمق مما تبدو للناظر بأنها خلافات عابرة طفت على سطح المياه الجارية .
ومرة ثانية أعتذر منك أخي أستاذ فارس لما سقط سهوا ،  وبنفس الوقت أؤكد لك بأني أحترم الإنسان بإسلوب متحضر مهما كانت وجهة نظره وقناعاته ومبادئه " وأطلق المجاملات " إنطلاقاً من إسلوبي في التعامل مع من حولي وخاصة لمن يستحقها وبنفس الوقت لا أتجاوز ولا أتطاول ولا أجرح مشاعر ولا أنتقص من مكانة من يختلف معي في الفكر والعمل. أرجو ان أكون قد وُفقت في توضيح  ما يتعلق بالمبادرة والتعبير عن جهة نظري حولها ...مع تقديري لشخصك أخي أستاذ فارس ساكو...

63
أعتتذر لعدم الرد على مداخلتك السابقة والجديدة أخي الأستاذ فارس ساكو وأقدم لك أسفي الشديد ولكني الان على وشك مغادرة الدار لبعض الإلتزامات ومنها حضور تعزيتين لصديق قديم المرحوم  كريم زيا في سان دييكو وشخص أخر توفي في القوش.. وحال عودتي سأكتب ردي على المداخلة السابقة والأخيرة..مع الشكر والإمتنان لتذكيري بهذا السهو...

64
وجدت في إحدى المداخلات عبارة " ملائكة الشيطان" فبحثت وإستفسرت عن هذا المصطلح فلم أجد له أثر في الكتاب المقدس ، فقلت لنفسي: إن كان للشيطان ملائكة فمن بقي مع الرب يسوع المسيح له المجد في الفردوس..؟

65
فاتني أن أعلق على مداخلتك الأخيرة أخي العزيز يوهانس  تأكيداً على ما ذكرته فأقول :
 لو تفضل المعترضون على هذه المبادرة من الإخوة والأصدقاء وأقنعونا  بالضرر الذي سيصيب كنيستننا المباركة بشكل خاص وبطريركيتنا وأبرشياتنا وأساقفتنا وشعبنا في الوطن وجاليتنا في المهجر بشكل عام ، لو تم إنهاء الخلاف والصلح بين غبطة البطريرك الموقر وسيادة المطران سرهد جمو المحترم بأية صيغة ... بقناعتهما وحكمتهما وتواضعهما ونظرتهما البعيدة للأخطار المحدقة بشعبنا المنسي في مخيماته والغارق في ومأساته  ....؟ أليس العكس هو الصحيح ؟ مع فائق الشكر

66
الاخ الفاضل ألبير عزمي .. حكمة رائعة
كان الفقيد الراحل الأب د. يوسف حبي مفكراً متفتحاً راقياً ومنتقداً جريئاً دفع حياته ثمناً لمواقفه وأفكاره وصراحته وإخلاصه لمبائه... رحمه الله.
أحياناً حينما نحطم قيود ذاتنا ونحررأنفسنا ... نضعها من جديد في سبات عميق نحلم فيه ان نستيقظ ... وقد تتفجر طاقاتنا وتشرق بنورها على كل من حولنا. مع الود والإحترام

67

الأخ الأستاذ الفاضل سمير المحترم
تحياتي ومودتي
أقدم لك الشكر والإمتنان لإسلوبك المتحضر في ردك على مداخلتي السابقة وأود توضيح ما  يلي: إن الإعتذار سمة مميزة لمستوى الإنسان الرفيع وسمو أخلاقه، وبذات الوقت لا أدعي بأنك أخطأت ، بل حصل إلتباس بالمعنى المقصود في العبارة المذكورة ... كما أؤيد مقترحك عندما قلت " و يزور سيادة المطران الجليل سرهد جزيل الاحترام أبناء شعبنا المنكوب في العراق " كما وعدنا " ويصلي معهم ولآجلهم ويقف على معاناتهم معاناة اخوته أعضاء السينهودس وأغلبيتهم في العراق لا يزالون موجودين و نحن سنستقبله بالحفاوة والتكريم من لحظة وصوله بغداد وحتى مغادرته بالسلامة ".......... بعد إنجاز التصالح الأخوي المبارك وزيارة غبطة البطريرك الموقر مار لويس ساكو لمدينة سان دييكو، ولأصبحت فرحة شاملة ويوم تاريخي مشهود لكل أبناء شعبنا لو قام غبطته الموقر وسيادة المطران سرهد جمو الجزيل الإحترام بالعودة سوية إلى العراق والقيام بزيارة  إلى أبناء شعبنا المهجرين ويلحق بهما بقية الأساقفة الاجلاء . أحلام رائعة لم تتحقق ولكن الامل يبقى أملاً كلما أشرقت شمس المحبة والتواضع والإيمان وإحتضنتنا بأشعتها الدافئة.
أما تحديد مكان اللقاء في بغداد أو عنكاوا أو مكان أخر فليس من صلاحيتي ومن غير المقبول أدبيا وأخلاقياً لأنه شأن داخلي لا يمكننا تجاوزه. كما أني لا أستسيغ كلمة  " سيد " في مخاطبة إخوتي وأصدقائي واحبتي وزملائي ومع ذلك مقبولة منك أخي أستاذ سميرعبد الأحد المحترم.

68

الأخ يوسف أبو يوسف المحترم :
تحيتي وسلامي
أشكرك لإعادتك نشر بيان البطريركية المنشور في موقعها دون تعليق وترك الموضوع ليأخذ طريقه بهدوء ربما إلى تقارب وجهات النظر ، والذي أعتبره متوازنا رصيناً يعبر عن وجهة نظرها فيما يخص الأحداث الجارية والواجب إحترامها وأعتقد بأنه يعبر عن وجهة نظرك الشخصية وهي حالة طبيعية... مع كل التقدير  والإحترام لشخصك الكريم  ...
وفقنا الرب جميعاً للعمل على وحدة كنيستنا ومستقبل شعبنا في الوطن.

69

الأ خ سام ديشو المحترم
تحياتي الطيبة
مع إحترامي وتقديري لإسلوبك الهادئ المتزن في طرح وجهة نظرك، أعتقد بان تناول المسألة من جديد بتفاصيلها وسرد احداثها مرة ثاني وقد كُتبت عنهاعشرات المقالات وجرت مئات المناوشات والتراشقات سوف لن تحل العقدة التي لا تبدو مستعصية... بيد ان جل هدف المقالة كان محاولة لحلحلتها وعلى أقل تقدير إرخاء خيوطها ( ووضع نهاية للأزمة الحادة كما تفضلت وأسميتها ) ليكمل المحاولات بعض المخلصين الخيريين لتعود كنيستنا راسخة شامخة برجالها قوية في مواجهة الصعاب والصراع المصيري من أجل البقاء في الوطن... وكما قلت:
 " إشعلنا شمعة صغيرة خير من بقائنا ساكنين نلعن الظلام " وإنتظرنا أن يشعل أخرى غيرنا .... ومن يحاول إطفاءها فله حق التصرف ، ولكنه يتحمل مسؤولية تاريخية وإجتماعية ودينية أمام شعبه. مع وافر شكري وإمتناني لشخصك.

70
الأخ سمير عبد الأحد المحترم
شكراً على إسلوبك في المخاطبة وطريقة مداخلتك ولكني اود القول بأنك لو دققت مليئاً في المقطع الاخير من المقالة ، لإستنتجت بأن المقصود من " لنستقبله بحفاوة بالغة تليق بمقامه الكبير بعد إذابة جليد الأزمة الذي تراكم على جسر العلاقة بينهما بقوة الإيمان ونورالصليب " هو بعد اللقاء المشترك بين غبطة البطريرك الموقر مار لويس ساكو وسيادة المطران سرهد جمو وحل كافة المسائل العالقة بينهما ونقاط الخلاف وعودة المياه الصافية إلى مجاريها السابقة بكل محبة وتواضع وإحترام، بعدها يقوم سيادة المطران بتوجيه دعوة إلى غبطتة لزيارة سان دييكو لنستقبله بحفاوة وتكريم ليطلع على شؤون رعيته في هذه المدينة وغيرها كما زار تورنتو في كندا خلال أزمة كنيستها... وكل ذلك يا أستاذ سمير... أيها المسيحي العراقي ، بعد إنهاء كافة المشاكل العالقة وليس قبلها... أليس هذا منطقياً ولصالح كنيستنا يا أخي أستاذ سمير وليس ( يا سيد)... لأن كلمة " سيد "، إن كانت تلك التي أطلقت على السيد المسيح ، فلا أستحقها لا انا ولا غيري من البشر ، اما إن كانت عراقية فانت حتماً تعرف معناها... مع وافر التقدير

71

أخي وعزيزي وزميلي السابق في اللجنة الثقافية لنادي بابل الكلداني في بغداد رعد دكالي المحترم..
تحيتي وسلامي...
خالص إمتناني لكلمات التهنئة الرقيقة التي أرسلتها متمنيا لك والعائلة  دوام الخير والتوفيق.. كما أثني على مشاعرك الطيبة وكتاباتك الهادفة التي تتفاعل مع كل الأمنيات الصادقة لكافة المخلصين من أبناء شعبنا لتبقى كنيستنا كما تفضلت موحدة شامخة راسخة  تستطيع النهوض بمهامها الجسيمة بكل تواضع ومحبة وإقتدار بعيداً عن الخلافات المحزنة والمواجهات المخجلة التي تنهكها وتفرق شمل أبنائها المؤمنين . مع ودي وإشتياقي لك ..

72

اخي فريد شكوانا المحترم
عند محاولة التعبير عن الرأي علينا التجرد من كل ما يربطنا بالحالة المطروحة للتقييم مهما  كانت العلاقة برموزها وصلاتنا بها ، والنظر إلى المشهد العام من كافة جوانبه وزواياه حتى الداكنة منها لنخرج بخلاصة موضوعية نضع فيها النقاط على الحروف بكل جرأة كما يفعل الغرب .. . ولا يكون هدفنا النقد من أجل النقد أو التقرب من هذا الطرف أو ذاك ، بل لتذليل العقبات امام الوصول إلى حلول مرضية لكافة الأطراف من أجل وحدة كنيستنا وتوحيد كافة الجهود لإنقاذ أبناء شعبنا في الوطن .. وفي هذا الوقت العصيب بالذات الذي يعيش فيه شعب الحضارات والأمجاد المضطهد المشرد في مخيمات وكرفانات وفي هذه الأجواء الشتائيةالقاسية... مع خالص الود والتقدير

73

الأخ عزمي ألبير المحترم
تحياتي الطيبة
شكراً لمداخلتك وإسلوبك الرزين الناضج ولكن لي تعليق حول ما ذكرته عن المبادرة ...
حينما تقول " ولدت ميتة " أي ما معناه انها جاءت بعد تصريحات البطريركية الموقرة من منطلق تسلسل الأحداث ، ولكنها في الواقع رأت النور قبل التصريح بيومين ، والعكس هو الصحيح... إضافة إلى انها وُلدت بصحة جيدة وبكل مقومات الحياة إستنادا إلى بعض المعطيات ،  بيد أنها لحسابات خاصة  تُركت وحيدة فماتت في العراء ، بينما كان ينتطرها كل حريص على وحدة كنيسته ومستقبل شعبه.
ثم تضيف أخي أستاذ عزمي ألبير وتقترح " ترك هذا الشأن للكنيسة "... ولكننا عند طرح المبادرة لم نكن نفكر أن نكون جزءاً من الحل والإتفاق كأي لجنة تحضيرية تنتهي مهامها حالما تعقد الجلسة الاول للمؤتمر وهذا ما أكدت عليه في المداخلات السابقة مرتين. وع وافر شكري وإمتناني.

74

الأخ عبد الأحد سليمان المحترم
تحياتي
قبل كل شيء أشكر لك مداخلتك وأحترم وجهة نظرك والتعبير عن رأيك مهما إختلفنا في تقييم ما حدث لأن ذلك يدل على نضوج الفكر وسعة الأفق . ولكني أظن بان ما تطرقت إليه كان إعادة  لما ذكره الأب الفاضل توماس تمو حين علق على المبادرة  قائلاً :
" الكنيسة  ليست قبائل وعشائر. الكنيسة مؤسسة لها نظمها وقوانينها ينبغي احترامها "
وأجبته :
مع إحترامي لرأيه فأقول  :على كل كاتب وإنسان مثقف أن يحترم أراء غيره مهما تقاطعت مع أفكاره ولا يسخر منها مهما كانت منزلته... وبالرغم من اني لست من مؤيدي الفصل العشائري وهو ليس من تقاليدنا وتراثنا وعادتنا ، ولكن له أحياناً مواقف إيجابية مشهودة لحل النزاعات  فيطفئ ناراً مشتعلة ويحجم المشاكل ويبعد شبح الإنشقاق والعداء والثأر الطويل والمواجهات ، قد تكون بجلسة واحدة يلتزم فيها الجميع دون تواقيع وتكون أفضل من اللجوء إلى قوانين الدولة واساليب الشرطة والمحاكم التي تتعقد المشكلة فيها وتطول وفي النهائية تخرج كل الأطراف المتنازعة فيها خاسرة ، وبالمحصلة  تكون الأضرار جسيمة حين لاينفع فيها الندم.
بينما كان بيان البطريركية حول المبادرة متزنا عبر وجهة نظره الخاصة وقناعته فيما يتعلق بالازمة الراهنة.... وبإسلوب رزين يُثنى عليه.. وقدم الشكر ...
  " اولا يود اعلام البطريركية ان يشكر الاستاذ صباح دمّانعلى مبادرته الطيبة وعلى محبته للكنيسة هو والاخرون الذين تتسم كتاباتهم بالموضوعية واللياقة..."
ثم ذكرت في نهاية مداخلتك :
" ومن الأفضل للجميع التوقّف عن متابعة الموضوع اعلاميا والابتعاد عن الكتابات الاستفزازية التي سوف لن تجلب الا المزيد من التصعيد غير الضروري"
في حين لم يك في كافة المداخلات والردود أية كتابات إستفزازية بل كانت جميعها إيجابية تنم عن الحرص على وحدة كنيستنا والرغبة في إنهاء الخلاف الموجود بين رؤوساها. وتقبل تحياتي مع شكري لمرورك وفي السلام ختام .

75
كل الإحترام والتقدير لشخصك الكريم أخي ناصر عجماياولمشاعرك المخلصة وأمنياتك لنجاح المبادرة ورؤيتك الواقعية لما يدور حولنا بالرغم من رؤية الدخان الغامق يتصاعد من مدخنةالبطريركية الموقرة ورفضها للمبادرة دون محاولة معرفة الأفكار التي تجول في أذهان الشخصيات التي تبنته .. ولكني واثق بأنها ليست نهاية المطاف ولا خاتمة الجهود... أنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يشاء...

76

عزيزي الدكتور صباح قيا المحترم: كانت لدينا قناعة ورغبة أكيدة بضرورة بذل المساعي الحميدة بين الجانبين ليلتقيا ويتوصلا إلى نتيجة مرضية تبعد شبح نهاية مؤلمة للكنيسة ومحزنة لشعبنا في هذا الصراع المخجل وإتساع رقعة المواجهة . سألني أحد الأصدقاء والإخوة الكتاب عن نسبة نجاح المبادرة ، فقلت له لو كنت متفائلاً جدا، لا تبلغ 50% وفي حالة فشلها وعدم قبولها لا نخسر شيئا ولا نتحمل مستقبلاً لومة لائم بأننا جميعاً بقينا متفرجين على نيران داخل بيتنا دون أن نحرك ساكن. ومع ذلك سوف لن يصيبنا التشاؤم ولن نتوقف نحن وغيرنا وسنواصل جهودنا وإشعال الشموع حتى لو أطفأها الأخرون ، وإن فشلت كافة الجهود فسيكون الفيصل في عقد السينهودس القادم  في العراق أو الفاتيكان الذي لا نتمناه كذلك ، بل من داخل أروقة البطريركية والأبرشية.. مع شكري وإحترامي .

77

الأخ فربد شكوانا المحترم: شكراً على مشاعرك الطيبة ونياتك الصادقة من أجل تأييد إيجاد حلول للخلاف بين البطريركية والأبرشية الموقرتان... وأضيف بان اللجنة كانت مؤلفة من الشخصيات الإجتماعية البارزة المذكورة في الرسالة... وانا كُلفت بكتابتها لأن هدفها واضح وفحواها متفق عليه ولم تكن حاجة لأن تُكتب بإسم كامل أعضاء اللجنة. كما أجبت على تساؤلات بعض الإخوة  بأن المبادرة قبل إنطلاقها ينبغي أن تلمس إشارات إيجابية من المعنيين، وعند عدم ثبوت ذالك فمعناه رفضها... أما موضوع إلقاء اللوم على جهة واحدة فليس منطقياً وهذا ما ثبت من المقالات على الإنترنيت والرسائل والبيانات والإتهامات والكلمات الجارحة الصادرة من هنا وهناك... لقد تم إطلاق سهاماً من الموقعين على بعضهما، فأصابت من أصابت وجرحت من جرحت...لذا كانت المبادرة بمثابة طلب وقف المجابهات لتضميد الجراح وإطمئنان النفوس وعودة الهدوء وبدء مفاوضات... ولكننا سوف لن نقطع الأمل وسنستمر في جهودنا ومعنا كل الخييرين والمخلصين من أبناء شعبنا ، وإلى ذلك الحين ستبقى نواقيس كنائسنا تقرع وصرخات أبناء شعبنا تلتمس.... مع التقدير

78

 أخي وصديقي العزيز فاروق  يوسف المحترم
تقديري وإمتناني لمداخلتك الموضوعية الصادقة وكلمات الإطراء للمبادرة التي هي واجباً يسيراً لما تقدمه لنا كنيستنا الموقرة طيلة حياتنا، كما أشاطرك الٍإستنتاج بأن التصريح لم يك من لدن ولا بمعرفة غبطة البطريرك الموقر لويس ساكو.مع فائق الشكر

79

أسعدتني مداخلتك عزيزي وطالبي الرائع المتفوق السابق أثير شمعون لمشاعرك الطيبة حول المبادرة وأمنياتك بإنهاء القطيعة والخلاف بين البطريركية والأبرشية وهذا يدل على إيمانك الرسخ وتعلقك بكنيستك ..
كما أثني على كلامك بأنه لا يوجد في المواجهة منتصر .. كما لا يوجد لا غالب ومغلوب مهما كانت النتائج عن السينهودس المبارك القادم في بغداد أو الفاتيكان ، بل ستكون الكنيسة هي الخاسرة لو بقي الخصام أو الفائزة لو تم إحتواؤه لأن الطرفان جسد واحد وبينهما إنجيل واحد ويتبعان ذات الصليب ولهما هدف واحد هو خدمة كنيستنا وأبناء شعبنا. أردنا طرح المبادرة علانية لأن الإتهامات كثرت والأقاويل زادت وتأزمت الأوضاع فأردنا من أبناء شعبنا إلتزام الهدوء والصبر وإبلاغهم بان هنالك جهود خيرة تبذل من قبل هذه الشخصيات وغداً غيرها لإنهاء الأزمة.. والرب يفعل ما يشاء...

80
 عزيزي الشاب العزيز المتحمس يوهانس:
كل أجراص كنائسنا تقرع وتستغيث وكل قلوبنا تنبض لهفة وكل نفوسنا ترقص طرباً وحباً وكل إلسنتنا تصرخ حباًوإشتياقاً لسماع خبر موافقة رؤوساء كنائسنا على الجلوس وإسدال الستار على هذا المشهد المحزن والخلاف المؤلم..مع شكري لماخلتك الطيبة وسلامي لشخصك..

81
 أخي الفاضل العزيز عبد الأحد قلو المحترم
سلامي ومحبتي
 لولا فسحة الامل في حياتنا لامسى الكون مظلماً بنظرنا ولما رأينا شيئاً جملاً حولنا نعيش لأجله كل عمرنا، وكما قلت تعقيباً على أحد الإخوة: أدينا واجباً أخلاقياً وكنسياً وإجتماعياً ودينياً ومن شرفني من الإخوة الأعزاء بالموافقة على الإنضمام إلى تلك اللجنة من الشخصيات الإجتماعية المرموقه والمعروفة بنزاهتها وإخلاصها لكنيستنا ومن وافق على عضوية الوفد لاحقاً ، للتعبير عن الرغبة الخالصة  والطموح الكبير لأبناء جاليتنا في بذل الجهود بين غبطة البطريرك مار لويس ساكو وسيادة المطران سرهد جمو الجزيل الإحترام لإنهاء الخصام والقطيعة دون أن يكون لدينا أغراض شخصية نهدف لنيلها ومنافع خاصة نبغي تحقيقها من وراء العملية.. ولو قُدر للمبادرة عدم تحقيق أهدافها اليوم فهي ليس خاتمة المطاف ولا نهاية العالم  ولا خراب الكنيسة لا سامح الله... وإنما كما يقول المثل الشعبي " العافية درجات ". وربما غيرنا ينجح في مساعيه أفضل منا. ولكن ألتمس بعض الإخوة من منطلق الحرص عدم النفخ في النار الهادئة إذا أردتم إطفاءها.

82

الأخ والأستاذ العزيز كوركيس اوراها منصور المحترم
تحياتي الخالصة
قبل كل شيء أقدم لك وافر الشكر والإمتنان على كلمات الثناء والترحيب بالمبادرة وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على حرصك على وحدة كنيستنا ومستقبل شعبنا الكلداني في الوطن والمهجر. وأود أن أتطرق إلى بعض النقاط التي تفضلت بها وتساءلت حولهاوهي:
1. لقد ناقشنا المبادرة أياماً طويلة وتبادلت الرسائل حول فحواها مع الشخصيات المرموقة المذكورة في المبادرة (الدكتور عبد الله رابي، الدكتور غازي رحو ، الدكتور نوري بركة ، والكاتب جاك يوسف الهوزي والأستاذ المهندس نامق كوركيس الموقرين أضفنا إسميهما بعد ذلك، مع بقاء الباب مفتوحا إضافة إلى ترشيح أثنين من رجال الكنيسة المحترمين) ، حتى ان احد أعضاء الوفد إستفسر عن سبب تاخير نشرها فقلت له ستظهر قريباً.
2. لقد أرسلت الرسالة في بداية الأمر قبل يوم إلى غبطة البطريرك شخصيا وإلى سيادة المطران سرهد جمو وإلى موقع البطريركية وكلدايا نت... وإنتظرت أكثر من يوم وأنا أترقب تصاعد الدخان الأبيض من موقعي البطريركية وكلدايا نت الذي يشير إلى قبولهما ولنبدأ تحركنا ، ولكن مع الأسف لم نوفق، مما حدا بي لإكمال المشوارعسى ولعلى يغير الرب بين ليلة وضحاها ما لم نتوقعه بعد الإتصالات وطرح الأراء ،  لذا إضطررت إلى نشرها بعد أن تاكدت من عدم نشرها متفائلاً بأننا أشعلنا شمعة في النفق المظلم بين الموقعين ومشيئة الرب والمخلصون والنيات الصادقة ومراجعة المواقف قد تنير بقية الدرب.
3.كان كل همنا الموافقة الاولية أو المبدأية على المبادرة وبعدها تتم مناقشة الأراء والمقترحات لرسم خطوط عريضة  للقاء ، يتم بعده تكملة المشوار بين غبطة البطريرك الموقر وسيادة المطران المحترم في تحديد الموعد وإختيار المكان وأعضاء الوفد( من داخل الكنيسة) ونقاط البحث.لقد طرقنا الباب وإستأذنا بالدخول وطال إنتظارنا، ولكن لم يتم فتح الباب لنا ولم نُستضاف. " لقد أشعلنا شمعة ولم  نقف ونلعن الظلام " وربما غيرنا سيشعل شموعاً أخرى.
مع فائق شكري وتقديري لمداخلتك.

83
 أخي الطيب ثائر حيدو وكافة الاعزاء
أدينا واجباً أخلاقياً وكنسياً وإجتماعياً ودينياً ومن شرفني من الإخوة الأعزاء بالموافقة على الإنضمام إلى تلك اللجنة من الشخصيات الإجتماعية المرموقه والمعروفة بنزاهتها وإخلاصها لكنيستنا ومن وافق على عضوية الوفد لاحقاً ، للتعبير عن الرغبة الخالصة  والطموح الكبير لأبناء جاليتنا في بذل الجهود بين غبطة البطريرك مار لويس ساكو وسيادة المطران سرهد جمو الجزيل الإحترام لإنهاء الخصام والقطيعة دون أن يكون لدينا أغراض شخصية نهدف لنيلها ومنافع خاصة نبغي تحقيقها من وراء العملية.. ولو قُدر للمبادرة عدم تحقيق أهدافها اليوم فهي ليس خاتمة المطاف ولا نهاية العالم  ولا خراب الكنيسة لا سامح الله... وإنما كما يقول المثل الشعبي " العافية درجات ". وربما غيرنا ينجح في مساعيه أفضل منا. ولكن ينبغي علي عدم النفخ في النار الهادئة إذا أردت إطفاءها.مع وافر الشكر والإحترام...

84
الأخ فارس ساكو المحترم.. تحيتي وسلامي
مع إحترامي لرأيه فأقول  :على كل كاتب وإنسان مثقف أن يحترم أراء غيره مهما تقاطعت مع أفكاره ولا يسخر منها مهما كانت منزلته... وبالرغم من اني لست من مؤيدي الفصل العشائري وهو ليس من تقاليدنا وتراثنا وعادتنا ، ولكن له أحياناً مواقف إيجابية مشهودة لحل النزاعات  فيطفئ ناراً مشتعلة ويحجم المشاكل ويبعد شبح الإنشقاق والعداء والثأر الطويل والمواجهات ، قد تكون بجلسة واحدة يلتزم فيها الجميع دون تواقيع وتكون أفضل من اللجوء إلى قوانين الدولة واساليب الشرطة والمحاكم التي تتعقد المشكلة وتطول وفي النهائية تخرج كل الأطراف المتنازعة فيها خاسرة ، وبالمحصلة  تكون الأضرار جسيمة حين لاينفع فيها الندم.

85
الاخ  ثائر العزيز حيدو المحترم
ولو أني إلتمست من إخوتي الكتاب ورجوتهم بعدم المداخلة وبفسح لها المجال لترى النور بجهود الخيرين والمخلصين قبل الإجهاض عليها بالمداخلات... ومع ذلك ساجيب على ما تفضلت به من نقاط كثيرة بعيدة عن جوهر الموضوع:
1. تقول في بداية مداخلتك " من وجهة نظري الشخصية وباعتقادي لا يوجد شخص في العالم لا يفرح لصرخة المصالحة  اذا تمت بين اي جهتين او شخصين يكون بينهما سوء تفاهم، خاصة عندما تكون تلك المصالحة بين مسؤولين كبار لهم رعايا ينتظمون تحت مسؤوليتهم " ما معناه بأننا جميعاً نفرح لصرخة المصالحة ، إذا لماذا لا ننتظر ونعطي الوقت الكافي لنرى رد فعل أصحاب الشأن ليقولوا كلمتهم قبل أن نطرح أرائنا نحن الرعية.
2. تقول في النقطة الثانية بأن المعارضين للمطران سرهد جمو يعتقدون بانه يريد الإنفصال عن البطريركية .. كيف نبني رأياً على فرضية " يعتقدون " وكيف تأكدت .. ؟ بينما تروج لفكرة الإبتعاد عن روما بقولك : الانفصال عن كنيسة الام والتبعية المباشرة مع روما "
3. أما موضوع الكهنة وعودتهم فهو بمثابة النفخ في النار من اجل إطفائها ، كما لم أتطرق إليه وتركت الامر كما ذكرت لأصحاب الشان .
4. تارة تقول عن جاليتنا في سان دييكو " هي ان الرعية نفسها منقسمة بين المؤيدة لتوجهات المطران سرهد " وتارة اخرى تقول " باعتقادي لا توجد مشكلة بين الشعب الكلداني هنا في سان دييغو وبين البطريركية في العراق ،الا لبعض المؤيدين لأسلوب المطران سرهد"... " ومن ذكر وجود مشكلة بين الشعب الكلداني هنا وما بين البطريركية ؟
5.  ذكرت عبارة " بذلك لا يحتاج المطران الى وفد المصالحة المقترح " ولكني أؤكد ومعي الإخوة  في الوفد المقترح الأفاضل على نقطة جوهرية ومهمة بأن لا غبطة البطريرك مار لويس ساكو الموقر ولا سيادة المطران سرهد جمو المحترم  طلبا منا أو بموافقتهما تم  تقديم المبادرة، بل كما ذكرت : طلب مني بعض المخلصين والحريصيين على وحدة ومستقبل كنيستنا كتابة المقالة ..
 6. في الوقت الذي ترفض المبادرة وتقول لا حاجة لها ،تقدم مقترحاً حين تقول " عندما نرى  مطران ابرشيتنا المطران سرهد ليقوم على راس وفد مكون من القسان المعروفة قصتهم للجميع بزيارة العراق والباطريركية وكذلك المنكوبين من اهلنا في خيمهم " كما منحت لنفسك أخي العزيز ثائر حيدو وانت أحد أبناء عمومتنا،  الحق بالتحدث كمخول بإسم الجالية ومخولاً عن غبطة البطريرك الموقر مار لويس ساكو  وعن شعبنا وتقول " وكذلك لا تحتاج الرعية الانتظار للقرار البابوي المنتظر والذي مهما ستكون نتائجه ستكون خسارة لابرشية سان دييغو ومؤمنوها ، كما وتستنتج ماذا ستكون القرارات وبانها ستكون خسارة حتى قبل صدورها..! " تفائلوا بالخير تجدوه "
في الوقت الذي ننتقد فكرة وهمية غير موجودة أصلاً في مفاهيم وعقلية وطموحات أي رجل دين كلداني كاثوليكي وهي الإنفصال عن البطريركية الموقرة أتمنى عدم طرح وترويج فكرة تبعيتنا لروما .. لأن العلاقة مع الفاتيكان ليست تبعية بقدر ما هي شراكة تاريخية وعلاقة صميمة جوهرية روحية وليست مظلة ولا سقيفة نستظل بها عند الحاجة.مع خالص تحياتي

86
من نواقيس كنائسنا نداء... ومن المؤمنين صرخة رجاء ...                                                             لتكن بداية عام 2015 بشرى مصالحة مخلصة بين غبطة البطريرك مار لويس ساكو الموقر                     وسيادة المطران سرهد جمو الجزيل الإحترام
 
صباح دمّان :

ليكن عام صفاء قلوب ومصافحة وعناق الشقيق الكبير مع شقيقه بروح التسامح والتواضع والإيمان لإزالة ما علق بكنيستنا من أدران الحياة المعاصرة وما أصاب شعبنا من إفرازات سياسة المصالح الإقليمية ، فنستلهم من ذكرى ولادة السيد المسيح الذي تجسد لخلاص البشرية جمعاء وأعطى درساً بليغاً في التضحية والمغفرة ونكران الذات سراجاً ينير دربنا ويطهٍر نفوسنا وينقٍي قلوبنا، سيما وأن المسألة تتعلق بمصير بقايا شعب متحضرعريق أوشك على الرحيل عن أخر بقعة من أرض أبائه أجداده  .
" أحبوا أعداءكم ، باركوا لاعنيكم ، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلُوا من أجل مضطهديكم والذين يسيؤون إليكم" ... كانت هذه الحِكم الربانية ترسم العلاقة ما بين المسيحيين وأعدائهم ، فكيف الحال إذا كانت بين رؤوسائنا الموقرين وداخل كنيسة مباركة شيدها مار بطرس الرسول على صخرة صلبة لا يمكن أن تزحزحها العواصف ولا تؤثر فيها تقلبات الأزمان... !
كلما تمعنت في جوهر الخلاف لم أجد أمامي باباً مغلقة بوجه مساعٍ أخوية نزيهة لحل الأزمة الراهنة التي تمر كغمامة صيف سوداء عابرة أثرت في نفسية وروابط أبناء شعبنا المسيحي في الوطن والمهجر بشكل عام وأبناء جاليتنا في سان دييكو بشكل خاص، لما لهذا الخلاف من تأثيرعلى إلتزاماتهم الدينية وحضور قداديسهم وإقامة مناسباتهم وحتى علاقاتهم مع بعضهم ومع كهنتهم، والذي أمسى ألماً موجعاً في قلوبهم خلال أحاديثهم وفي كافة لقاءاتهم .
لقد كان لبعض الأقلام التي تناولت الخلاف على صفحات  مواقع الإنترنيت ومعظمها من منطلق الحرص والإخلاص، دوراً سلبياً في تاجيج الأزمة وتفاقمها والتي بدت وكأنها وصلت إلى طريق مسدود... ولكنها لم تك كذلك في واقع الحال لأن مشيئة الرب لا تسمح لكنيسته أن تحيد عن مسارها أو تتسلل بين أروقتها أفات العصر وأمراض المجتمع ، سيما وقد مرت بها عبر التاريخ نكبات موجعة ومحن قاسية، بيد أنها تعافت ونهضت أشد تماسكاً وأرسخ إيماناً ...
ومن هذا المنطلق كُلفت بكتابة هذه الرسالة وطرح مبادرة تصالح مخلصة بين غبطة رئيس كنيستنا وبين راعي أبرشية مار بطرس الموقرين، اللذان كرّسا نفسيهما ليبشرا برسالة الرب ويخدما المؤمنين كل من موقعه، لتكتمل فرحة الميلاد في هذه الأيام المباركة ولتنصب وتتوحد بعدها كافة الجهود لمساعدة أبناء شعبنا المشردين من بلداتهم وبيوتهم من أجل تخفيف معاناتهم وإيجاد حلول لمأساتهم التي تُنذر بإنقراضنا من وطننا وطي صفحة تاريخنا وإلغاء هويتنا وإنهاء وجودنا، ما لم نتكاتف مع بعضنا وبكل مسمياتنا وبكافة طوائفنا لأن النار المشتعلة حولنا ستحرقنا جميعاً دون تمييز وتفريق بين من يؤمن بأنه كلداني أو سرياني أو أشوري لأننا جميعاً مستهدفون طالما علامة الصليب مطرزة على جباهنا ونسير على هدى الإنجيل المقدس ومبادئه الإنسانية العظيمة .
لذا أقترحت تأليف وفد مصغر لمساعي الخير من بعض الشخصيات الأكاديمية المثقفة الحريصة على وحدة وكيان كنيستنا من أجل إزاحة هذا المشهد المحزن الذي أخذ يتندر به الأصدقاء قبل الأعداء، للعمل على تقريب وجهات النظر وعقد لقاء أخوي بين غبطة البطريرك الموقر مار لويس ساكو الاول وسيادة المطران سرهد جمو المحترم ، وأن يتألف أعضاء الوفد من الدكتور عبد الله رابي لما يمتلك من خبرة متراكمة ومكانة مرموقة وموقع اكاديمي وكلمة مؤثرة مسموعة، والدكتور نوري بركة الشخصية الإجتماعية المثقفة المخلصة، ولما له من مكانة بارزة ونشاط مشهود وعلاقات وطيدة، والدكتور غازي رحو الأستاذ في جامعة عمان وأمين عام إتحاد الإحصائيين العرب التابع للجامعة العربية، إضافة إلى موقعه الاكاديمي الرفيع وتاريخ عائلته المشرف، والأستاذ الكاتب المتميز جاك يوسف الهوزي والشخصية الإجتماعية المثقفة المهندس نامق ناظم جرجيس ال خريفا، مع الترحيب بمشاركة كافة الجهود المؤمنة بوحدة الكنيسة وتسعى إلى عودة العلاقات الطبيعية بين الشقيقين، إضافة إلى إنتظار موافقة عدد من رجال الكنيسة الكرام .
كما أنحني وألتمس كافة إخوتي الكتاب الأفاضل وكل مثقف حريص على سمعة كنيستنا أن يُلزموا أقلامهم الصمت ويوقفوا الحملات الأنترنيتية والإنتقادات والتراشق على أي منبر حر وخاصة في موقع عنكاوا كوم ، وبذات الوقت أناشد مسؤولي كافة المواقع بعدم نشر أية مقالة تعكر صفو هذه الجهود الخيرة لفسح المجال أمام أصحاب الشأن في رئاسة  البطريركية والأبرشية ليقولوا كلمتهم ويسدلوا الستار على مشهد درامي محزن من حياتنا بعد فتح صفحة جديدة في علاقات رؤوسائنا في مناقشة قضاياهم داخل أروقة الكنسية بعيداً عن تدخل حتى المقربين ودون ضجيج الأخرين، وعلى الجانب الأخر يؤدي المؤمنون واجباتهم الدينية وينصرف المثقفون إلى إهتماماتهم الأدبية ويمارس القوميون نشاطاتهم اليومية ويواصل السياسيون مناظراتهم الساخنة...
وإني على ثقة تامة بأن الشعور بالمسؤولية التاريخية والدينية والإجتماعية لغبطة البطريرك الجليل مار لويس ساكو وهو رئيس كنيستنا وبمثابة أبانا جميعاً، وبنظرته الثاقبة لما يدور حولنا من أحداث خطيرة مبهمة، ستتفاعل مع حكمة وإيمان وحرص سيادة المطران مار سرهد جمو الجزيل الإحترام، فيزفا  لنا بشرى عظيمة تغمر قلوبنا وتسعد نفوسنا في هذه السنة المباركة بنشر المبادرة في موقعي البطريريكية وكلدايا نت في آن واحد حال إستلامها وقبل نشرها في بقية المواقع، وهي بداية طيبة لقبولهما هذه المساعي الخيرة، ثم الإلتقاء في موعد لاحق كشقيقين لتجاوز خلافتهما وتبديد همومهما ورسم خارطة طريق مع بقية الأساقفة الأجلاء لتوحيد الموقف من كافة القضايا المصيرية ومنها إيجاد حلول عاجلة لأبناء شعبنا المنسيين داخل خيامهم في هذا الظرف التاريخي الدقيق الذي نترقب مخاضه بخشية وقلق بالغ على مستقبلهم وهم يعيشون فاجعتهم المبكية بعيداً عن أطلال بلداتهم المهجورة وعلى ما تبقى من الحافات الأخيرة لوطنهم .
وسنكون في غاية السعادة لو أكمل سيدنا غبطة البطريرك الموقر فرحتنا وهو بمثابة أبانا جميعاً وشرَفنا بزيارة رسمية إلى سان دييكو بدعوة من سيادة الأسقف راعي الأبرشية الكلي الإحترام ، لنستقبله بحفاوة بالغة تليق بمقامه الكبير بعد إذابة جليد الأزمة الذي تراكم على جسر العلاقة بينهما بقوة الإيمان ونورالصليب، فيكون عام 2015 النجم المضئ الذي بزغ ليرشد الملوك والرعاة إلى المغارة المتواضعة ليسوع الطفل، ولينيراليوم دروب ويطمئن نفوس المؤمنين ويعيد المسرة إلى قلوب كافة أبناء شعبنا الطيبين  . 
والرب يسوع المسيح وكنيسته المقدسة من وراء القصد .
                                                        9 /1/ 2015
ملاحظة: أتفهم موقف موقعي البطريركية وأبرشية سان دييكو لعدم نشرهما هذه المبادرة


87

اخي دكتور صباح المحترم
بموجب فهمي للوضع المعقد الذي تمخضت عنه الازمة الراهنة بين البطريريكية والأبرشية، فأن قرار قداسة البابا برأي الخاص، سوف لن يكون حدياً ولا قاطعاً في الوقوف إلى جانب طرف ضد الطرف الاخر، بل سيكون توافقيا وسطياً معتدلاً لا يؤيد ولا يدين بشكل قطعي موقف أحد الطرفين إستناداً إلى الوضع العام لمسيحيي العراق اليوم والحالة المأساوية التي يعيشها أبناء شعبنا المسيحي في كردستان، وحكمته وبعد نظره في تجنب تداعيات قراره الحاسم على وحدة الكنيسة الكلدانية، إضافة إلى تفهم قداسته لحالة الكهنة المذكورين في هذا الوضع الدقيق.

88

أخي دكتور صباح قيَا المحترم
من وجهة نظري: قد يكون الصمت لدى البعض نتيجة فقدان الجرأة ونضوب الشجاعة على إبداء الرأي والبوح بمكنونات الذات لمحاباة المتكلم وعدم خسارة صداقته أو العلاقة به، وربما بسبب الخوف من ردة فعل لايمكنه مواجهتها أو خشية من لومة لائم عند بعض الوصوليين ، وقد يكون عند البعض الاخر الترفع والتسامي عن الدخول في نقاش عقيم وجدال بيزنطي لا نتيجة منه، لا بل يؤدي إلى الهبوط إلى مستوى لا يليق به وينال من سمعته وقيمته ، فالأجدر به إلتزام الصمت فهو أحياناً أبلغ وقعاً وأفصح رداً من كل الكلمات. ولكن في حالات الضرورة يعتبر الصمت مسك العصى من الوسط  أو موافقة ضمنية . مع تحياتي الخالصة وتقديري.

89

مودتي وإحترامي لشخصك الكريم اخي دكتور صباح قيّا لمرورك المشكور والنكهة العطرة التي أضفتها للمقال بكلماتك العذبةالتي تفوح منها ذكريات عطرة وأحاسيس وطنية متوقدة طغت عليها هموم الحياة المعاصرة في الغربة. مع فائق التقدير.

90

الاخ عبد الاحد سليمان المحترم: ردي على ما أضفته من معلومات تربوية رسمية :  بموجب نظام التعليم في العراق لا يوجد هناك وسيلة إتصال مباشرة او صيغة علاقة أو رابطة ما بين المدرس ومدير التربية إلا عن طريق المدير ويعتبر عكسه تخطي مرجع . لذا لا يمكن لمدرس التجاوز على مدير التربية  أو الوزير لعدم وجود علاقة مباشرة بينهما أو صلة رسمية إلا في حالة زيارة أي منهما لمدرسته. وقانونياً  فإن علاقة المدرس تتحدد بمديره بشكل رسمي من ناحية تأدية الواجب ، وبالطلاب من الناحية التربوية والعلمية والأخلاقية .  لذا فإن ما طرحته من تجاوز المدرس على مدير التربية والوزيرغير موفق في التشبيه وفقاً لقوانين وزارة التربية . كما أن الغاية من مداخلتي مثلما ذكرت في اخرى مع الأخ  يوحنا بيداويد وتأييد ما جاء في مقالة الدكتور صباح قيا والتأكيد على ما تفضل به لأن جُل غايتنا وهدفنا هي ردم الهوة وتقليص مساحة المواجهة وعدم تفاقم الخلاف إلى ما لا تُحمد عقباه وتكون كنيستنا وكافة أبرشياتنا والكهنة وأبناء شعبنا المسيحي في العراق والمهجر يدفعون الثمن غالياً من وحدة كنيستهم وفقدان الروابط المتينة بين رئاسة الكنيسة الموقرة وكافة أبنائها من الكهنة وأبرشياتها الاخرى، في الوقت الذي ينبغي أن تتظافر الجهود لمعالجة مأساة شعبنا من المهجرين والنازحين ونحن نشاهد أوضاعهم المبكية وكيف يعانون في هذه الظروف القاسية والشتاء طرق أبوابهم. وبنفس الوقت أؤكد أن يكون لغبطة البطريرك الجليل سلطة وهيبة في العراق وخارجه وإحترام وطاعة من قبلنا، ولكن لمعالجة مشكلة ما ينبغي إختيار الألية الملائمة والوقت المناسب وضمن أروقة الكنيسة وقنواتها الاصوليةالمتبعة تكون نتائجهما أنجع وأفضل، كإعطاء المريض جرعات من الدواء بشكل محدد وممتظم لان الزيادة تسبب مضاعفات جانبية خطيرة وتعطي نتائج عكسية، والسلام ختام من قبلي. مع التقدير.

91
خاطرة لمن لم يسرق الزمن بعد ... من عمره السنين ... عندما تدورالأيام وتعود الذكريات ويرسم الماضي صورة الحاضر...

بقلم : صباح دمّان
حينما وضعت صورتي على الفيس بوك وفتحت لي فيه رصيد، بدأت أتجول في رحابه الفسيح وأتصفح صورأقرباء وأحبة قدماء بعثرتنا أصابع الزمان بعد أن كنا نعيش بمودة وإنسجام، حاصرني الشوق بين جدرانه كسجين وتفجرت في عروقي ينابيع الحنين، فأخرجت ما لدي من صور قديمة من مخبئها الرصين، وقضيت ساعات دون أن يقاطعني رقيب وأنا أتمعن النظر إلى ملامح بعض الزملاء والأصدقاء لأستلهم شعاعاً يحملني كطير البر إلى سنين خلت، فعادت بي الذاكرة إلى عقود مضت، ومرت من أمامي بعض المناسبات واللقاءات والحكايات كسحابة صيف تمهلت أمامي، توقفت برهة ثم إختفت .
تيقنت بأن صورة لنا ما هي إلاَ ومضة في هذا الزمن الرخيم، كلما تأملناها ينساب منها الشجى وهو يداعب وجوهنا كرقة النسيم، ويغمرنا إشتياق دفين يُذكِرنا بلحظة لقاء العاشقين، فتعزف ذكريات الماضي في أعماقنا لحناً حزيناً كالأنين .
نعود لتلك الصور، نعاتبها ونطيل النظر إلى ملامحها كلما دارت بنا عجلة السنين وهي تطوي مراحل عمرنا المبين بكل ألوانه كنضوب العطر من ورد الياسمين.
نستفيق من حلمنا الجميل ونحن نسير في ممرات الخريف، نسمع همسا حينما تمر بنا شمس المغيب من إحدى نوافذ العمرالرتيب، يحكي لنا كيف تلاشت الأيام كلمح البصر وكيف خطف الدهرأعمارنا ونحن في النوم غارقين !
ننهض قلقين لنرى بأن الربيع الذي مرَ بنا لن يعود مهما فعلنا بكل يقين، نستعيد ذكرياتنا، نلتفت حولنا، نبحث عن حب الوالدينِ، حنان الشقيقة... وفاء الشقيق... كلهفة الفطيم حين يبحث عن حلمةِ ثدي أمه الرقيق، أو عن عزيز درب حمل همَّه العتيق ورحل إلى المجهول بلا رفيق ...
نناجي أنفسنا : هل كنا في حلم غارقين أم سرقتنا الأيام ونحن يقظين ...؟  لم نعد كالسابق نستأنس بالتجوال فرحين أو بحضور إحتفال مستمتعين، ولا التأمل في الشفق مبكرين، ولم يعد يغرينا التنزه في البساتين ونحن متلهفين لمداعبة زهور النرجس والرياحين. في الليالي نبقى ساهرين، فنشتاق لصوت موال حزين أو لطرق على النافذة من جار حميم. وعند الصباح نسترق السمع لقهقهات الأطفال يلعبون في الساحات فرحين ولصخب الجيران جالسين أمام الأبواب وهم يتبادلون الأخبار والأحاديث والبعض من همهم صامتين، وبين الفينة والاخرى نختلس النظرات لمداعبات العُشاق في الطرقات وهم يمشون متعانقين، ولكن...
 لا شيء باقي غير جمر تحت رماد، رؤوسنا يعلوها غبار وعلى وجهنا رسم الدهر تجاعيد السنين، وحوالينا تتساقط أوراق شاحبة صفراء بعضها تؤرقنا بينما نحن إلى نهاية الدرب سائرين. تتلاشى أمنيات وتتزاحم ذكريات في مشاهد الفصل الأخير، نسمع صوتاً حزيناً يقول " رحل ذلك الشاب الوسيم وترك بقاياه جالس في الظل يبحث عن نديم."  فيظهرأمامنا شريط سينمائي مثير، فننظر إليه كطفل سقط من يده القنديل: أفراح ومناسبات في البيت القديم، ومواقف مؤلمة في توديع ورحيل، وأحداث مؤسفة في الديار كناقوس يدعونا للصلاة ودقاته من أساها تمور، وأحبة مرَ بهم الردى وطيفه بيننا كل يوم يدور.
 نتذكر كيف كنا نتلهف للغد ونُسرع الخُطى دون تفكير، ونتمنى أن تمضي الشهور كالبرق وعلى جناحيها نطير. كنا نحلم بيوم ننهي فيه دراسة الإعدادية... نحصل على شهادة من الكلية... نتوظف في دائرة رسمية ... ثم نبحث عن فتاة جميلة ... من عائلة كريمة ... معلمة... موظفة في شركة حكومية ... نتزوج ... ننجب الأطفال ... نتلهف إلى يوم نجاحهم في الإبتدائية بلهفة شجية ... وبعدها بتفوق يحصلوا على شهادة جامعية ... يتوظفوا... يتزوجوا وينجبوا، ثم يتركوا أطفالهم في دارنا يوميا ...
وتدور عجلة الأيام... أبناؤنا وأحفادنا يكبرون بسرعة ويتقمصون الشخصية فنرى أنفسنا فيهم مثلما ننظر إلى مرآة عادية، فرحون حين نراهم نحو أهدافهم يهرولون بعد أن منحناهم كل ما كانوا يبتغون، ولم يعد لدينا من رحيق الدنيا ما نرتشف منه ونحن راحلون ... فيحملنا الشوق للماضي الجميل لنعانق من لم نفكر يوماً بأن يد المنون ستخطفه ونحن عنه ساهون. نعود مسرعين لمن ما زالوا منتظرين لنكمل معهم بقية السنين، ومع الاخرين نكمل المسير حين نودع أخاً، عزيزاً، وصديقاً... فنرمي على ثراهم وردة ونسير.
أحيانا تُراودنا في زحمة الحياة تأملات ... نتوقف ... نصمت... نستدير : فاتنا قبل أن نرحل شيئاً، حينما طرقنا باب هذه الدنيا ونحن عراةُ صارخين، كضيوفِ مستغربين وأهلنا بمقدمنا يقبلون بعضهم مستبشرين... وأسفاه ... نسينا أن نعيش... وأمضينا مقداراً من العمر في أمور تافهة، وعشق أفكار مُزيفة، والجري خلف أهداف مضللة، وشعور الخيبة من تضحيات ساخرة، وفي المعاناة سنوات مضنية وكأننا مبرمَجون، فتراودنا شكوك وتساؤلات:
 هل كنا في وعينا وفعلنا كل شيء بقناعة وسرور وأحياناً بعناد وغرور؟ أم كنا مُسيرين ودون مشيئتنا جرت الأمور، وكُتبَ قدرنا قبل أن نُخلق بعصور؟ ولكن الاملُ يبقى أملاً  كلما أشرقت الشمس وإحتضنتنا بأشعتها الدافئة ونحن نترقب مولداً جديداً في الأفق البعيد.
24 / 10 / 2014



92

أخي الكريم دكتور صباح: لنفترض جدلاً بأن الفراش في إحدى المدارس الإعدادية في العراق هرول إلى المدير وأخبره بوجود مشكلة في صف الأستاذ فلان .... . وعند إسراع المدير ودخوله إلى ذلك الصف، وجد الأستاذ مشتبك مع أحد الطلاب وسط الصف بشكل مُخجل وفي وضع حرج لا يليق به ولا يُحسد عليه ، وبقية الطلاب في هرج ومرج ، ماذا يستنتج المدير من ذلك المشهد... ومن يلوم من النظرة الأولى لعدم إستخدام الحكمة والحنكة المطلوبتان لتجنب ما ألت إليه الامور ... !  وكيف سيكون مركز ذلك الأستاذ حتى لو تم معاقبة ذلك الطالب أو فصله من قبل لجنة الإنضباط لعدد من الأيام أو إنعقد مجلس المدرسين وقرر فصله لما تبقى من السنة أو  طرده نهائياً ؟ أو تركه المدرسة من تلقاء نفسه دون عقوبة بعد الحادث وإنصرافه للعمل في مهنة ما، أو حتى إنتقاله إلى محافظة اخرى... ؟  ومن سيكون الخاسر ؟  الجميع :  الطالب بالدرجة الاولى... والأستاذ ثانيا لثلم هيبته ، وسمعة تلك المدرسة ومديرها ثالثاً وحتى مديرية التربية... مع إحترامي لبقية الاراء.. وتقبل تحياتي.

93
 اخي أستاذ كنعان شماس المحترم
تحياتي
مع إحترامي لوجهة نظرك التي تتناول الحقيقة من أحدى جوانبهاولكني أضيف: حينما يصبح عدد المسلمين أكثر من المسيحيين في أية دولة اوروبية، أليس من حقهم ديمقراطياً وبموجب الدستور إختيار من يمثلهم مهما كانت معتقدته وإيديولوجيته؟ وحينذاك يكونون الاكثرية في البرلمان ويمكنهم تغيير الدستور وكافة القوانين لصالحهم وفرض أفكارهم الظلامية وأجندتهم المتخلفة على الاخرين بقوة السيف والقانون.مع إعتزازي بمرورك المفيد.

94

الأخ يوحنا بيداوييد المحترم
تحياتي
رغم أني نادراً ما أدخل في غمار المداخلات على المقالات ولا أحبذ الأطالة في التعليق الذي يكون أحياناً أطول من المقالة الرئيسية مع إحترامي لرأي أصحابها، بيد أني سأشذ عن قاعدتي في هذا الأمر الحساس لتوضيح وجهة نظري الخاصة  كالاتي:
1. مبدأي هو ضد نشر الغسيل الداخلي على السطوح وخاصة الكنسية مهما كانت المبررات خاصة إذا كان هنالك بصيصاً من أمل ولو خافت لحل العقدة بين الأطراف المتخاصمة ووجود فرصة للنقاش في الأخذ والعطاء سيما لو كانا يتقلدان مسؤولية رسمية أو دينية أو ضمن شريحة مثقفة واعية تؤمن بقدرات الإنسان على تذليل الصعاب والمعضلات والوصول إلى قواسم مشتركة يُتفق عليها وخطوط عريضة يستمدون منها تقارب وجهات النظر.
2. لست في مداخلتي هذه أقدم نصيحة لغبطة البطريرك الجليل مار لويس ساكو العالم بخفايا الأمور وحاشا أن أفعل ذلك، ولكني أقول لو تفضل غبطته وأرسل رسالة كنسية سرية خاصة بإسلوب معتدل شفاف أو خاطب سيادة المطران سرهد جمو بأية وسيلة أخرى للوصول إلى حلول مرضية لكافة الأطراف ولا تلحق ضرراً لا بالكهنة ولا بالكنيسة ولا بأبنائهاولا تثير زوبعة في وسائل الإعلام ولما كان هنالك موجب للمواقف المتشنجة ولعادت المياه إلى مجاريها، وفي حالة فشل تلك المساعي كان من حق غبطته اللجوء إلى نشر بيان هادئ معتدل رزين لا يثير حفيظة أي من الكتاب أو الكهنة " الخارجين عن القانون  أو الجندي الهارب " وكافة المهتمين بهذا الشان والحريصين على وحدة وقوة كنيستنا . وكلنا نؤمن  بالمثل الشعبي " العافية درجات" حيث لا يمكن تصيعد وتيرة خطاب البطريريكة في إعادة المركزية القوية والهيبة لرئاسة الكنيسة بليلة وضحاها وفي ظروف دقيقة معقدة تحتاج إلى بعض الصبر والتاني والروية في معالجة تراكمات سابقة ومشاكل مستعصية بعض الشيء.
3. وهنا أتساءل: ماذا لو قرر هؤلاء الاباء الأفاضل الرضوخ لطلب غبطته وخلعوا لا سامح الله ملابس الكهنوت وإنصرفوا لحياتهم المدنية في مجتمعاتهم والإغراءات المشجعة كثيرة، أو رفضوا الإمتثال لطلب غبطته للعودة إلى العراق لأسباب عائلية وصحية وظروف خاصة خارجة عن إرادهم وبقوا في كنائسهم وأحرجوا سيادة المطران سرهد جمو، أو بقوا كهنة وإلتحقوا بالكنائس الإنجيلية وغيرها ، من ىسيكون الخاسر ... ؟  آلا يصيب الضرر البطريركية والمطرانية وكافة المؤمنين الذين يخدمهم هؤلاء الأباء والكهنة الأفاضل على حد سواء ، ومن الرابح غير كل من لا يريد الخير لكنيستنا .
4. نحن لا نبرر ولا نؤيد بعض السلوك المعارض لقوانين الكنيسة ولكن أحياناً للضرورة أحكام والحل لا يأتي بقرار حدي صارم وبتوقيت غير ملائم وفي ظرف مأساوي يعيشه أبناء شعبنا المهجرين وينتظرهم مستقبل مجهول ولا يعرفون أين سيكون إتجاه بوصلتهم وكل المسيحيين في الداخل والمهجر يترقبون ماذا سيحل بهم والشتاء القارص على الأبواب، وغبطته يحمل على عاتقه تلك المهمة التاريخية الجسيمة والمسؤولية الثقيلة التي ينهض بها ويتحمل وزرها الاكبر في تأمين وضع إنساني ومعيشي مناسب لهم، أليست هذه المعضلة جانبية قياساً بتلك الكارثة ليتفرغ لها غبطته؟   
5. كان يحدونا الأمل والتفاؤل بقيام غبطة البطريرك مار لويس ساكو الجزيل الإحترام بزيارة سان دييكو كما طرق سمعنا في حينه للإطلاع على أوضاع رعيته وعقد لقاءات مع أبنائه والإستماع إلى وجهات نظرهم في امور كثيرة تواجههم في المهجرإضافة إلى لقاء سيادة المطران سرهد جمو لتذليل كافة الإشكالات ولا نقول مشاكل، والتي طفت على السطح لإعادة اللحمة بينهما  وإسدال الستار على صفحة إستغلها البعض لتأجيج الخلافات وتوسيع رقعة التراشقات وتجنب الوصول إلى طريق مسدود حيث يكون المستفيد الوحيد في النهاية من يريد إضعاف كنيستنا الكاثوليكيةولا يحبذ بقاء الأواصر التاريخية المتينة بينها وبين الفاتيكان .
6. لذا نناشد غبطة البطريرك مار لويس ساكو أن ينظر إلى هؤلاء الكهنة والأباء بعين الأب الراعي لأبنائه وأن يفتح قنوات كنسية خاصة للإتصال بهم ومعالجة الموقف ووضع حلولاً معقولة ومقبولة لمشكلتهم مع أخذ بعين الإعتبار مسألة الوقت لتجنب الإنزلاق إلى منحدر يصعب تسلقه مرة ثانية وتكون كنيستنا الموقرة ومؤمنيها وحتى الفاتيكان هم الخاسرون .
ونحن على ثقة تامة بحكمة وحنكة غبطة مار لويس ساكو ونظرته الثاقبة للأمور وإدراكه الواضح لما يدور من أحداث خطيرة مبهمة حولنا، ومن منطلق شعوره بالمسؤولية الكنسية والإجتماعية والإنسانية تجاه شعبه الذي يأمل منه مراجعة النتائج الوخيمة المحتملة التي قد يتمخض عنها تطبيق هذا القرار، وليثبت موقفاً تاريخياً سيطرز على صفحات سجله في كنيستنا. مع فائق الإحترام لك ولكافة الإخوة المتحاوريين .

95
 الاخ Aslan المحترم
  تحياتي
برأي الخاص ان المسيحية لم ولن تصل إلى حالة الموت السريري لا قدر الله ، بل تمر بوقت عصيب وظروف قاهرة في بعض دول الشرق ولكنها تشرق بنورها في أماكن أخرى من هذا العالم  ومع ذلك فإن ثقتنا لا حدود لها بان الرب سوف لن يتخلى عن شعبه الذي فداه بحياته ودمه الطاهر. ولابد للظلام أن يتراجع امام قوةالخير والحق وقوة الإيمان. مع وافر الشكر لمرورك.

96
 الأخ sttouma المحترم
إن ماتفضلت به ذكره الأخ إخيقر يوخنا وليس الاخ خوشابا سولاقا وتلك وجهة نظره علينا إحترامها ، كما أني  مع وجهة نظرك وإيمانك المسيحي الراسخ بان السيد المسيح جاء للبشرية كلها على وجه البسيطة، كما أن ذهاب المسيحيين في ديترويت إلى الكنائس فهي حالة صحية عامة في كل بقعة يتواجد فيها أبناء شعبنا المسيحي بغض النظر عن هويته القومية وافكاره السياسية وعلاقته بالكهنة. تحياتي وشكري لمرورك.

97

أخي الكريم قشو إبراهيم نيورا
أقدم لك أسفي الشديد لعدم إمكانية التعليق على ما تفضلت به كوني لا أجيد قراءة لغتنا الجميلة لظروف مرت بمعظم أبناء شعبنا في العقود المظلمة السابقة. وبالرغم من عدم فهمي فحوى مرورك فإني أحترم وجهة نظرك مهما كانت وأعتذر لتحملك عناء الكتابة  . مع التقدير

98
أخي الفاضل أستاذ خوشابا سولاقا :
تحيتي وتقديري
لقد أصبت جوهر الحقيقة في تحليلك الصائب للمستقبل الكارثي للعالم المتحضر وما ستؤول إليه الأمور بعد عقود من الأن والغرب وأمريكا وأستراليا وغيرهم ما زالوا في سبات أهل الكهوف غير واعين أو مدركين لمخاطر موجات السونامي الجهادية التكفيرية المتشددةالقادمة التي ستطيح بكل ما شيدوه وما أنجزوه خلال القرون الماضية بدمائهم وعرقهم وتضحياتهم. وأؤيد نظرتك المتشائمة لصورة مستقبل البشرية وشعبنا المسيحي بشكل خاص، والتي طالما عبّرت عنها في مقالاتي السابقة ، وكما تفضلت كيف يمكننا ضمان إستمرار ذريتنا في عدم الإنصهار في مجتمعاتهم بعد عقود كمكعبات جليد تُرمى في وعاء ماء كبير. أما موضوع المواجهة فهو صعب المنال ويقترب من حافات المستحيل لأنه شبيه بطير قُصت جناحاه وأقتلع ريشه ثم نأتي ونطلب منه الطيران...! أما أمال العودة إلى الوطن فأمست كأحلام اليقظة أو كمسرحية شكسبير A midsummer night dream ،لأنه بموجب المرسوم هكذا يجب أن يكون .                       مع إمتناني  ومحبتي لمرورك المشكور

99
شلاما وإيقارا أخونه إخيقر يوخنا :
 حينما نتطرق إلى موضوع هام يتعلق بحياتنا ومستقبل ابنائنا علينا ان نسير وفق المنطق والواقع الذي نعيشه وما نشاهده من مأسي تعصف بنا ، وما يجري حولنا من تغييرات تحدث على أرض الواقع وما نتوقعه من خلال ما تبثه الوكالات المتخصصة وما يتضح من صور ترسمها للعالم القوى العالمية المتنفذة. اما ما تفضلت به من أحداث تاريخية فالرب وحده يعلم تواريخها وفك رموزها الزمنية وألغازهاالمبهمة. ولكننا نتحدث اليوم عما نشاهده ونعيشه. وهل نضمن بأن أبناءنا وأحفادهم سيحملون نفس المشاعر وينظرون إلى ما حولهم بنفس النظرة ويؤمنون بما نقدسه اليوم؟ مع تقديري لمرورك الكريم .مع فائق الشكر.

100
أين سيجد أحفادنا وذريتهم في أوروبا وأمريكا وطناً أخر يهاجرون إليه مستقبلاً ...؟                               
وهل سيبقى الماضي يطاردنا أينما حللنا ... ؟
   

بقلم : صباح دمّان

تمخضت الحرب العالمية الثانية عن نتائج إقتصادية معقدة وإجتماعية وخيمة ورسمت مستقبلا غامضاً لأوروبا من ناحية النمو السكاني بعد أن فقدت أكثر من (20 مليون) عسكري و(40 - 52 مليون) مدني، فسببت تلك الكارثة نقصاً هائلاً في نسبة الذكور في مجتمعاتها والعيش تحت وطأة كابوس إضمحلالها تدريجياً خلال بضعة عقود لو إستمر الحال على ما كان عليه في حالة التمسك بنفس التقاليد والإرث الإجتماعي.
ولتوضيح ذلك رسمت إحدى الوكالات الأمريكية المتخصصة في البحوث السكانية صورة ظلامية لما ستؤول إليه الحياة في الدول الأوروبية وأمريكا بعد منتصف القرن الحالي وكيف ستتغيرالخصائص السكانية فيها بعد أن يصبح المسلمون هم الاكثرية ويتسلموا السلطة ويفرضوا تعاليمهم المتشددة على الأقلية المسيحية.
وأشارت تلك الدراسات الإحصائية إلى أن الحد الادنى لنسبة زيادة السكان لأية دولة من أجل ديمومتها وتطورها، ينبغي أن لا تقل عن 2.11% ، فإذا كانت النسبة مثلاً 1.9%  فلا يمكنها الإستمرار في عطائها طويلاً مهما وصلت إلى مراحل متقدمة في التكنلوجيا والرقي . أما إذا تقلصت الزيادة إلى 1.3% فهذا معناه ضمور حضارتها وحتمية إنقراضها بمرور الزمن حتى لو كان إقتصادها متيناً ومزدهراً، ما لم يتم التغلب على تلك المعضلة عن طريق قبول المهاجرين.
وأضافت تلك المصادر بان الزيادة السكانية في الولايات المتحدة مثلاً لم تتجاوز 1.6/% ، ومع هجرة الأصول اللاتينية إليها أصبحت 2.11 % ، وهي نسبة الحد الادنى . بيد أن زيادة المسلمين فيها تصاعدت بطفرات متتالية حتى بلغت (8 ملايين) في عام 2008 بعد أن كانت (100 الف) في 1970 ، واليوم على وشك الإقتراب من (10 ملايين)، وخلال 30 سنة قادمة سيتضاعف العدد إلى (50 مليون). ومن أجل التهيئة للوضع الجديد، عقدت 24 منظمة إسلامية مؤتمراً في شيكاغو قبل 3 سنوات، تدارست فيه وسائل تغيير أمريكا من خلال الصحافة والأعلام والتعليم والإغراءات المادية ووسائل أخرى.
وفي كندا كان النمو ذاته 1.6%، ولكن ما بين عامي 2001 - 2006 إزداد عدد السكان بمقدار (1.6 مليون) نسمة بعد فتح أبواب الهجرة من كافة الدول، ولهذا وصل عدد المسلمين فيها إلى (2 مليون)،الأمر الذي سيخلق وضعاً مُربكاً سيلقي بظلاله القاتمة على طبيعة حياة الأجيال المسيحية القادمة فيها.
في أوروبا كانت الزيادة السكانية عام 2007 كالاتي : فرنسا 1.8% ، بينما نسبة المسلمين قفزت إلى 8.1% ، فأصبح عددهم (4 - 5 مليون) ، ويوجد فيها حالياً (2248) مسجد كانت معظمها كنائس و(200) أخرى في طورالتشييد وخاصة في الجنوب المواجه لدول شمال أفريقيا الذي أصبحت نسبة الأطفال المسلمين فيه ( 40% - 45%) من إجمالي الولادات. وهكذا ستتحول فرنسا نابليون بونبارت وجان جاك روسو وفولتير ومدام كوري وشارل ديغول إلى إمارة إسلامية عام 2053  كما يتوقع التقرير...!
وفي ألمانيا تقلصت نسبة الزيادة إلى 1.3% بعد أن فقدت (3.3 مليون) جندي وضابط و(3.8 مليون) مدني خلال الحرب العالمية الثانية، فخرجت الأمورعن السيطرة، وإضطرت إلى تناول ترياقاً غريباً لمعالجة ذلك الداء الفتّاك الذي نتج عنه أعراضاً جانبية خطيرة تمثلت بزيادة نسبة المسلمين فيها بشكل مثير للقلق بلغت قرابة (4 ملايين)، وتؤكد الدراسة بان العرق الجرماني الفائق الذكاء، شعب أنشتاين وكارل ماركس وبيهوفن ويوهان جوته، ستطبق عليه الشريعة الإسلامية بعد 36 سنة أي في عام 2050...!
ولم يك الحال في إنكلترا أفضل من غيرها حيث كانت النسبة 1.6% ، وبسبب تصاعد معدلات الهجرة الأسيوية إليها إرتفع عدد المسلمين خلال 30 سنة من (82000 الف) إلى ( 2.5 مليون)، ونتيجة لذلك ستتحول مملكة التاج البريطاني إلى ولاية إسلامية، وستختفي رموز شهيرة مثل متحف شمع مدام توسو واللوفر ودقات ساعة لندن ويتلاشى رواد هايد بارك ومسرح شكسبير ويُمزق تاريخ وطن تشرشل .
 أما إيطاليا فيبلغ عدد المسلمين فيها (500 الف)، وأمامها مزيداً من الوقت إلى أن تتحول وريثة الإمبراطورية الرومانية العظيمة إلى دولة للخلافة وتُطبق عليها الشريعة الإسلامية وتفرض الجزية على أحفاد قياصرة روما الشموخ والكبرياء ، وحتى على الفاتيكان .
وهولندا البالغ عدد سكانها (14.5) مليون، فيها (500) الف مسلم، وبموجب توقعات التقرير سيكون 50% من سكانها مسلمون بعد 15 عام، وسبق أن أرسل أحد المتطرفين المسلمين إشارة بهذا المعنى حين دعا ملكة هولندا لإعتناق الإسلام علانية وبشكل إستفزازي مفاجئ وتحدي سافر لمنزلتها الرسمية وإهانة لكافة المسؤولين والضيوف معها، وذلك عند حضورها حفلاً موسيقياً في إحدى القاعات، وشاهده العالم على الفضائيات بإستغراب.
أما بلجيكا البالغ سكانها 11 مليون بينهم 600 الف مسلم وفي العاصمة وصل عددهم إلى نصف السكان، وسيشكلون 50% من المواليد عام 2030، فإعترفت الحكومة بالدين الإسلامي بشكل رسمي وسمحت بتدريسه في المدارس. وحذت حذوها الحكومة السويدية التي فيها (400) الف مسلم من مجموع (11.5) مليون أي أكثر من 4%، وهكذا سيستأصل السيف الجهادي جائزة نوبل للسلام في عاصمة ألفريد نوبل.
والكارثة لم تستثني أية دولةً من الإتحاد الأوروبي: الزيادة في اليونان بلغت 1.3%، وإيطاليا 1.2% وإسبانيا 1.1%  والبقية بنسب متفاوته، أي ان معدل زيادة السكان في الإتحاد الأوروبي المكون من 31 دولة كان 1.38%، فوصلت درجة الخطورة إلى نهاية الخط الاحمر للإنقراض التدريجي لمسيحيي أوروبا.
وحينما إستحال العلاج الطبيعي بالإعتماد على الذات وإستمرار الظروف على ما كانت عليه، ووجدت أوروبا نفسها على شفى الفناء الذاتي البطئ، تم إدخالها إلى غرفة الإنعاش الفوري فشُخص الداء ووصف الدواء الوحيد المتخم بأعراض جانبية فتاكة تمخض عنها وجود ( 52 مليون) مسلم في أوروبا اليوم، وخلال 20 سنة قادمة، أي في عام 2034 ، سيتضاعف العدد إلى ( 104 مليون).
ومن أجل الدفاع عن وجود ومستقبل المسيحية في اوروبا وأمريكا أطلقت الكنيسة الكاثوليكية ومنظمات إجتماعية وجمعيات حقوقية وأحزاب سياسية نداء إستغاثة وقرعت نواقيس الخطر من أمواج سونامي تكفيرية قادمة. لذا ينبغي على المسؤولين وصناع القرار والمشرِعين في الدول الأوروبية والامريكية وأستراليا أن ينهضوا من رقادهم وينتفضوا للدفاع عن هويتهم وتقاليدهم وتراثهم ومستقبل أجيالهم والوجه المشرق لحضارتهم، والعمل على حماية منجزاتهم الإجتماعية والعلمية والتقنية وإكتشافاتهم لخدمة البشرية قبل فوات الأوان، وذلك بنشر التوعية الوطنية والدينية في وسائل الإعلام ومناهج كافة المراحل الدراسية، وبذل جهود إستثنائية لعملية تأقلم المهاجرين في المجتمع ودمجهم في كافة مفاصله، مع تطبيق عقوبات صارمة بحق الجهاديين والأصوليين، حارقي الإعلام وقاطعي الطرقات ومثيري الشغب، وتقييد حريتهم عند الترويج لأيدلوجيتهم المتطرفة والتصدي لمحاولاتهم الرامية إلى تمزيق نسيج العلاقات الراقية بين الشعوب، وغلق الثغرات في القوانين التي إستغلها الأصوليون في إغراء الشباب وتفخيخ عقول البسطاء، إضافة إلى تسهيل مهام الحملات التبشيرية ودعم جهود القنوات الفضائية المسيحية التي تصنع المعجزات في تغيير قناعات الملايين الذين يبحثون عن الحق والخلاص وإنارة عقولهم وإعادة الإطمئنان إلى نفوسهم المضطربة التي أصابها الجفاف الروحي. وبهذه البداية المتأخرة مع ومضات متفائلة تتجسد هنا وهناك، ربما ستُمكن الغرب من تجاوز عوامل تداعي دوله، ليواصل مسيرته الإنسانية بعد ان ينقلب السحر على الساحر.
 أما إذا إستمرالخلل السكاني الحالي، فيتوجب على أحفادنا وذريتهم نحن المسيحيون الشرقيون وربما الغربيون وبعدها إخوتنا المسلمون المثقفون والمنفتحون والمتنورون والمعتدلون والعلمانيون وحتى الملحدون وغير المسلمون، أن يُكيِفوا أنفسهم للعيش في بيئة متناقضة مع تلك التي ألفها وعاش تحت ظلالها الحضارية الزاهرة أسلافهم برفاهية وكرامة وحرية، ويتأقلموا مع مجتمع متخلف تحكمه عقول رملية متصحرة تحارب كل المذاهب والأديان الأخرى وتجلد كل من يخالفها الرأي وتهدر دم كل من يخرج عن طوعها، وتفرض إيديولوجية شمولية على سلوكية الأفراد وتعيدهم إلى عصور الكهوف المظلمة .
وبعكسه، سيكون أمام الأجيال القادمة مسار وحيد وهو البحث عن وطن أخر في أمريكا الجنوبية، أفريقيا، أوروبا الشرقية، دولة أسيوية بوذية أو هندوسية... ، القطب الشمالي أم على إحدى الجزر النائية لحين إستيطان الإنسان على سطح أحد الكواكب أو النجوم. وربما يقومون بهجرة معاكسة إلى بقعة ما في شمال العراق الذي قد تنقلب فيه الحياة بإرادة سماوية إلى واحة للإستقرار والأمان، ويعيد التاريخ نفسه .
وقد تكون هنالك رؤية مغايرة للقوى التي ترسم مستقبل العالم وتتحكم بمصيرالبشرية وتُخرج سيناريوهات سياسية مثيرة ذي حبكة غامضة وشُخوص مُلثَّمة وتخلق أحداثاً مبهمة يستحيل فك طلاسم مسارها وألغاز غاياتها، وهي واثقة بأن الأمور لن تخرج عن مسارها المفترض. وفي المأساة الأخيرة رمت عدة عصافير بحجر واحد، أحدها إفراغ العراق من المسيحيين والصابئة والإيزيديين لإمتصاص بعض أثار غزوات المتطرفين المنظمة التي تجتاح أوروبا وأمريكا، إضافة إلى أسباب أخرى لا تخطرعلى بال حتى دهاقنة السياسة.


101

 

إعلان صادرعن الجمعية الكلدانية الأمريكية لذوي المهن الصحية
بمباركة الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية وبجهود غبطة المطران فرنسيس راعي أبرشية مار توما الرسول في ميشيكن، قامت الجمعية الكلدانية الأمريكية لذوي المهن الصحية  (CAAHP)بتشكيل لجنة إغاثة طبية لحالات الطوارئ ( MERCI)،  بمتابعة الأوضاع الصحية للمسيحيين العراقيين، وهم السكان الأصليين لبلاد وادي الرافدين والذين أُجبرتهم مجاميع داعش الإرهابية على الفرار من منازلهم بعد أن خُيروا ما بين إعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو النزوح أو الموت. وعند رحيلهم سُلبت مقتنياتهم وأموالهم وحتى أدويتهم الشخصية، بينما (150000) الف غيرهم هربوا من بلداتهم المسيحية التاريخية في سهل نينوى خوفاً من السبي والقتل وإلاغتصاب.
وأفادت مصادرالأمم المتحدة بأن بعض العوائل التي بقيت تعرضت للاضطهاد وأُجبر حتى المرضى والمعوقين منهم على إعتناق الإسلام، أما الذين فروا من بلداتهم فهم يعيشون منذ أشهر أوضاعاَ مأساوية مزرية تُنذر بكارثة إنسانية خطيرة من النواحي الصحية والإجتماعية والمعيشية، سيما والشتاء على الأبواب وهم يقيمون مع أطفالهم وشيوخهم ومرضاهم في الكنائس والساحات والحدائق وهياكل البنايات والسيارات والشوارع وتحت الجسور وفي خيام دون مياه نظيفة أو غذاء كافي أو حد أدنى من وسائل الراحة .

إن مهمة هذه اللجنة هي توفير الخدمات والإمدادات الطبية الطارئة إلى المهاجرين لإنقاذهم من الجوع وشبح الموت وحمايتهم من الأمراض والأوبئة نتيجة سوء التغذية والبيئة غيرالصحية والقلق النفسي والخوف من المجهول .
إن هدفنا العاجل هو توفيرالإمدادات الطبية والأموال والاحتياجات الرئيسية للحياة لأولائك المشردين والمُهجّرين في أقرب وقت ممكن منها: منتجات النظافة الصحية والتعقيم ومستلزمات الإسعافات الأولية ومختلف الأدوية والوصفات العلاجية والمعدات الطبية للوحدات المتنقلة ووحدات التصوير الشعاعي .
إن منظمة  (CAAHP)تناشد المجتمع الدولي وكل من يؤمن بالحرية والعدالة والقيم الإنسانية أن يساهم في هذه الحملة الواسعة لأننا بحاجة ماسة إلى الإمدادات الطبية الأساسية والتبرعات النقدية التي يمكن إدخالها على برنامج اعتماد-A-اللاجئين، وهي منظمة غير ربحية معفاة من الضرائب،
501(c)3
أو على الإنترنت : http://www.helpiraq.org والنقرعلى التبرع لصندوق الإغاثة الطارئة للمسيحيين العراقيين أو عن طريق البريد: 
CAAHP:P.O.Box 323, Southfield MI 48037
أو على الإيميل: merciforiraq@gmail.com                                                                                        ولمزيد من المعلومات لا تترددوا بالاتصال بنا على الهاتف : 248-818-5504

شكرا مسبقاً لمساهمتكم الإنسانية والوطنية لأبناء شعبكم وهم في فاجعتهم وظروفهم القاسية
مع فائق التقدير

صباح دمّان: مخول بالترجمة والنشر

102
الاخ الفاضل كوركيس منصور المحترم: صدقني بأني لا أدافع لا عن الفرع ولا عن الأصل إلا بالحق وما أراه صائباً من وجهة نظري حتى لو أدار أي طرف مع جُل إحترامي وتقديري له وجهه عني ، لذا أقول وانا متابع لتطور العلاقات بين الطرفين بأن بداية الخلاف كان إطلاق بعض التصريحات الصحفية وخلال إجراء عدد من المقابلات التلفزيونية بأن الكلدان طائفة وليس قومية ، مما أثار حفيظة معظم المثقفين والكتاب الكلدان، وكرد فعل نشر بعضهم مقالات ترفض ذلك الرأي في موقع الفرع كما سميته وغيره، والمسؤول عن الفرع أبدى رأيه مع موضوع اخر كان مطروحاً، فكانت الصورة ضبابية حول ما نُشر وصُرح به عن الهوية والطائفة والقومية.  لذا لا نلقي اللوم فقط على الكتاب الكلدان حينما نشروا عدد من المقالات دفاعاً عن وجهات نظرهم وإنطلاقاً من قناعتهم ورؤيتهم للمشهد أمامهم، والتي كما أسلفت ربما لم يؤيدها كافة الأعضاء .أظن علينا اليوم النظر إلى الأمام من خلال الزجاجة الأمامية لمركبتناالمتعبةوليس من خلال المرآة الخلفية لنرى ما تخبأه لنا الأيام القادمة من مفاجئات وما ينتظر شعبنا لا قدر الله من مأسي أخرى وتضحيات، وخاصة أن بعض الامور أصلحت وأسدل عليها الستار وعفت عليها الأيام بعد تطور الأحداث الأخيرة، ولم نكن بحاجة لإعادة بلبلتها في هذا الظرف العصيب. مع فائق شكري وتقديري.

103

جوابي على النقد الموجه من الأخ كوركيس منصور إلى الكتاب الكلدان وفي موضوع الهجرة والكنيسة:
قبل كل شيء أبدأ حديثي بالتحية والسلام:
1. هنالك حقيقة ثابتة لا يختلف حولها إثنان بأن كافة الأحزاب السياسية وحتى الديمقراطية والدينية المعتدلة والمتطرفة تحتضن تيارات مختلفة في توجهاتها تصل إلى درجة التناقض حيث بينهم المتطرف والمتحمس والمعتدل ، لذا فهم يختلفون في وجهات النظر في كثير من القضايا حتى المصيرية والجوهرية منها.
2. ولا يخفى عليك أستاذ كوركيس منصور بأن الإتحاد هو منظمة ثقافية أدبية ، وكحالة صحية  يجمع نخبة من الكتاب الكلدان الذين يحمل بعضهم أفكاراً سياسية متباينة ولكن معظمهم مستقلين يجمعهم عنوان الإعتزاز بهويتهم والإعتداد بقوميتهم، فعندما ينشر أحدنا مقالة يتطرق فيها إلى حدث ما ، فهو يعبرعن وجهة نظره الخاصة قد لا يتفق معه على مضمونها كل أو كثير من الأعضاء ، ولكن لنا ثوابت لايجوز تجاوزها.
3. أما موضوع التشجيع على الهجرة أو العمل على بقاء أبناء شعبنا في بلداتهم، فهي مسؤولية شائكة لا يمكن لأي مسؤول كنسي أو سياسي أن يخوض غمارها بتقديم النصح والإرشاد لإختيار أحد المسارين، ولقد ذكرت ذلك في مقالتي الأخيرة المنشورة. ولكن أخي كوركيس هل توافق على ترك أبناء شعبنا الذين إتخذوا قراراً لارجعة فيه بالرحيل، ليكونوا فرائس للجوع والتشرد والأوبئة والإستغلال ومخاطر أخرى غير منظورة، أم أن يمد إليهم من يستطيع يد العون لإنتشالهم من أوضاعهم المأساوية؟
4. ألا تساورك شكوك بضألة أو إنعدام ثقافة الإعتراف بالخطأ أو الإعتذار عند الإساءة  لدى البعض منا من المتعصبين لأفكارنا والمتصلبين بمواقفنا حتى لو كنا نعتقد باننا إرتكبنا بعض الهفوات غير المقصودة لأن معظمنا ما زلنا نفتقد إلى الجرأة للتتطبع بهذه الثقافة الغربية الحضارية الإنسانية مهما طالت مدة تأقلمنا في مجتمعاتنا  الجديدة، ولأننا نعتقد دوماً بأننا على حق وصواب وكل الأخرين المختلفين معنا على وهم وضلال.
5. أما مسألة العلاقة بين رئاسة الكنيسة الموقرة وأبرشياتها في داخل الوطن وخارجه فينبغي أن تكون ضمن دائرة مغلقة يتم مناقشة خلافاتها داخل أروقة الكنيسة بشكل مباشر دون نشر أسرارها وغسيلها على صفحات وسائل الإعلام  لأنه كلما خرجت عن حدود تلك الدائرة توسعت الخلافات وتعقدت حلولها وتعمق البون بين أطرافها بتدخل الأخرين، لذا من الأفضل من وجهة نظري الخاصة ترك الامور لأهل مكة فهم أدرى بشعابها.
6. في كرازته الأخيرة يوم الأحد قال لي الشماس ...... الذي كان حاضراً القداس بأن سيادة المطران سرهد جمو تطرق إلى المساعي الحميدة لغبطة البطريرك مار لويس ساكو كرئيس للكنيسة والجهود المبذولة لحماية ومساعدة أبناء شعبنا من الوضع المزري الذي يعيشونه، أليس الأفضل تشجيع هذا المنحى والطلب من غبطته البطريرك مار لويس ساكو زيارة سان دييكو لإعادة العلاقات الطبيعية بينهما لصالح كنيستنا وفي هذا الظرف المعقد بالذات بدلاً من تأجيجها بمقالات مثيرة للجدل! 
مع إحترامي وتقديري لك ولكافة الإخوة المتحاورين.

104
دعوة متشنجة للهجرة من الوطن وأخرى نابعة من القلق على سلامة أبناء شعبنا
بقلم : صباح دمّان
بسبب الأحداث المأساوية المتسارعة التي عصفت بأبناء شعبنا والفاجعة الأخيرة التي حلت بهم، ترتفع بين الفينة والأخرى دعوات من رجال دين وساسة يحثونهم فيها " للرحيل فوراً لمن لديه جواز سفر، ولمن ليس لديه الحصول عليه بسرعة واللحاق بالأخرين مهما غلت التضحيات " دون شرح ألية واضحة للخطوات اللاحقة وتحديد خارطة طريق لضمان الوصول إلى الهدف المنشود، وكأن فرماناً على وشك الصدور ضد مسيحيي العراق كافة، وهذا ما قرأته على صفحة الفيس بوك لأحد الكهنة الأفاضل قبل مدة . 
وللتذكير بأني لست ضد هذا التوجه المشروع نتيجة لظروف قاهرة أو تلبية لطموحات خاصة أو بعد رسوخ قناعة لدى البعض بأن هنالك مخططاً مرسوماً لإفراغ العراق من مسيحييه، الأمر الذي يفرض عليهم الهجرة إن عاجلاً في هذا الظرف المعقد، أم أجلاً بطريقة ربما أبشع من سابقتها .
  وبلا شك أن بعض الدعوات نابعة من الحرص والقلق على سلامة أبناء شعبنا من مفاجئات المجهول في أية لحظة كما حصل في مدينة الموصل والبلدات التابعة لها قبل أشهر، بينما غيرها متشنجة لا تخلو من تخمينات وإستنتاجات لتعميم رؤية شخصية لأحداث قاتمة لا يمكن التكهن بحتمية وقوعها، وإهمال بعض الإشارات المتفائلة الصادرة من مراكز صنع القرارات العالمية بعد تحديث بعض المشاهد الدرامية المبهمة، وبنفس الوقت نتمنى أن تكون تلك الدعوة عفوية مخلصة ولا تلقي ظلالاً من الشكوك حول مساهمتها ومن غير قصد بتنفيذ مخطط إقتلاع ما تبقى من جذورنا التاريخية من تربة وطننا.
لذا ينبغي على كل مسؤول مع إحترامنا لمركزه وكل رجل دين مع تقديرنا لمنزلته ومقامه وفي هذا الظرف العصيب بالذات ومن منطلق مسؤولياته الوطنية والإنسانية أوالدينية والتاريخية، أن يتجنب تأجيج مشاعر القلق والهلع في نفوس الذين يقفون على أطراف أصابعهم بعد هروبهم المُبكي ومسارهم المضني ومعاناتهم الطويلة وهم لا يعرفون أين تتجه بوصلتهم نتيجة أوضاعهم النفسية المنهارة والمعيشية المنهَكة وحرب الشائعات تنهش بجسدهم المتعب بينما نواقيس الهجرة تقرع في أذانهم بعنف، فأمسى مصيرهم معلق بخيط هزيل تحركه أصابع خفية، أو كأوراق خريف متساقطة تعبث بها رياح مساومات رخيصة لقوى سياسية في دكاكين التجارة العالمية .
كذلك غير مقبول منا جميعاً أن نفرض أراءنا على كافة أبناء شعبنا في الوطن ونملي عليهم رؤيتنا الشخصية للمستقبل ونطالبهم بالبقاء في الوطن أو المغادرة حالاً دون ترك فسحة زمنية أمامهم لتقييم أوضاعهم بأنفسهم ورسم مستقبلهم، لأنه لو كانت لديهم الرغبة والقناعة والإمكانية المادية لما توانوا عن الرحيل قبل سنين وعقود وحتى في هذه الأيام، ولما إنتظروا مني ومن غيري النصيحة والمشورة، ولكن دون شك وجدوا أمامهم عوائق وكانت لديهم مبررات لبقائهم لحين نضوج الظروف المواتية التي يقررون فيها ما هوالأفضل لحياة أبنائهم .
دعوني أجيب على سؤال ربما يدور في أذهان بعض الإخوة لأقول... بأني رحلتُ عن وطني ليس إستجابة لطلب شقيقاتي وأشقائي الذين كانوا هاجروا إلى أمريكا منذ عدة عقود أو تلبية لنصيحة صديق، بل بعد حادث مؤسف قبل أيام من نهاية عام 2006 الدامي، حينما إستدعتني جارتنا عبيرالساكنة مقابل دارنا، وهي إبنة أحد الضباط المتقاعدين القدماء منذ السبعينات، بعد عودتها من العمل بعد الظهر وهي تبكي وتصرخ " أبويه "، وحينما هرعت ودخلت إلى بيتهم، شاهدت والدها الطاعن في السن مذبوحاً من رقبته ومرمياً على أرض الغرفة. بعدها واجهت موقفاً صعباً للتخلص من مأزق الشرطة التي وصلت للتحقيق، وتفاصيل كثيرة لا مجال لذكرها . وبعد مراجعة الوضع الجديد والمخاطر المحتملة التي كانت ستواجه أفراد عائلتي من كافة النواحي، إتخذنا بالإجماع قرارالهجرة، ثم ناقشنا كيفية معالجة بعض الامور خلال أيام وإستعدادنا للتأقلم لظروف العيش في محطات الغربة، وبعد إسبوع كنتُ قد تركت عائلتي في سوريا وعدت وحدي إلى بغداد لإكمال بعض الإجراءات الضرورية .
قبل كارثة سقوط الموصل المدوية على يد المجاميع الإرهابية وخلال إتصالاتي المتواصلة مع بعض الأصدقاء في بلدتنا العزيزة ألقوش، كان البعض يبادرني بالسؤال :" ما هو رأيك بالهجرة وهل تنصحنا بالمجئ إلى أمريكا أم لا ...؟ "  فكنت أقول بأنه سؤال محرج لا يمكنني تحمل مسؤولية أخلاقية عند الإجابة عليه فيما لو هبت الرياح بما لا تشتهي السفن، ولكني كنت أذكر لهم الجوانب الإيجابية الكثيرة والسلبية في أمريكا من وجهة نظري الخاصة لأن فقرة ما قد تكون برأي سلبية وبنظرهم إيجابية والعكس بالعكس، وتحديداً في المدينة التي أعيش فيها. وبعد إجرائهم مقارنة موضوعية في ميزان العقل بين الجانبين ومناقشة المسألة بشكل هادئ بعيداًعن الإنفعالات والعواطف، كان عليهم تحديد أفاق حياتهم المستقبلية بقناعة لتجنب إحتقان مشاعر الندم وجلد الذات عند مواجهة الصعاب في الغربة أو المخاطرعند بقائهم في الوطن، وتوجيه النقد اللاذع أو الدعاء يوماً على من شجعهم على أي منهما.
وأخيراً أتمنى لمن صمم على الهجرة الوصول الميمون إلى مرفئ أحلامه بسلام، وأطلب من الرب أن يحمي كل من عاد أو من قررالعودة إلى بيته وبلدته العزيزة بعد تحريرها ويمنحه الإطمئنان والعيش الرغيد والأمان .
                                                  16 / 9 /  2014

105
موقف مشرف وجهود مباركة تبذلها هيئة إذاعة صوت الكلدان في ديترويت
صباح دمّان

إتصل بي  أمس السبت الأخ فوزي دلي من ديترويت ليزف لي خبراً ساراً يعطي دلالات وبدايات وأمال ويُزيل شيئاً من الهَم وسط أمواج اليأس والأسى والإحباط التي تنتابنا هذه الأيام على أبناء شعبنا وهم يعيشون محنتهم ، بأن إذاعة صوت الكلدان في مشيكن وكادرها المتفاني المخلص : شوقي قونجا ، فوزي دلي ، ساهر يلدو وأخرون لا تخطرني أساؤهم، قدموا مبادرة رائدة فقاموا بحملة أولى  لجمع تبرعات لأشقائنا المطرودين من بيوتهم والمهجرين من ديارهم والمغتصبة ممتلكاتهم في مدننا وبلداتنا، والذين يفترشون الحدائق العامة والكنائس والعمارات الفارغة والطرقات وبينهم الأطفال والنساء وكبار السن في عنكاوا ودهوك ومدن أخرى، في ظروف معيشية بائسة ومبكية يندى لها جبين كل مخلص شريف حسرة وخجلاً ، أثمرت مبادرتهم عن جمع وخلال ثلاثة ساعات فقط مبلغاً قدره (150000) مائة وخمسون ألف دولار من أصحاب الغيرة والشهامة والضمير الحي من أبناء شعبنا المسيحي للوقوف معهم في معاناتهم المضنية والذين تجاهلتهم منظمات الأمم المتحدة الإنسانية وصمَّت أذانها الدول الكبرى عن سماع بكاء أطفالهم وأنين شيوخهم ومرضاهم في الليل طيلة المدة المنصرمة بعد أن إضطهدهم التاريخ وبعثرتهم الأجندات السياسية .

 لا يسع كل إنسان يحمل في أعماقه ذكريات طفولته في قريته ويحتفظ بمشاعر حب وعشق لبلدته ووفاء لتربة وطنه إلا أن يقدم وافر شكره وجزيل إمتنانه لهؤلاء الرجال الأصلاء الطيبين لما قاموا به من واجب إيماني ووطني وإنساني كمبادرة رائدة مع بقية جالياتنا في بقية أنحاء العالم.

وتحية إكبار لكل من مد يد العون لأبناء شعبه في مأساتهم الحالية ونكبتهم المروعة، وكما قيل في هكذا حالات " أكرموا عزيز قوم ذٌلَّ " ولكني أقول : أكرموا شريف قوم وأصيل وطن ظلمته الأقدار وغدر به الزمان وتقاذفته أيادي أراذل هذا الزمان من بني الإنسان .

وفي هذا الظرف لا ننسى معاناة وفاجعة إخوتنا في الوطن من أبناء المكونات المستضعفة الأخرى وخاصة الإيزيدين لما حل بهم من نكبات، قتل وتشريد وإنتهاك حرمات، إضافة إلى مأسي الشبك والتركمان . ليكون الله في عون الجميع وينظر إليهم بعين الرحمة لخلاصهم من الوضع المأساوي الذي يعيشونه .
                                                       17/8/2014

106
معضلة التنحي عن كرسي العرش وإنتظار الدخان الأسود أو الأبيض ...
بقلم : صباح دمّان
حينما تدلهم الخطوب ويقف الوطن على مفترق طرق في أن يكون أو لا يكون، تنجلي أصالة معدن القائد أو الرئيس وهو يرى أرضه تُستباح وشعبه يُقتل ووطنه يُمَزَق ويُباع في المزاد السري العالمي كقطع غيار لمن يشتري، فيستفز المشهد ضميره وغيرته ويوقظ وطنيته من سباتها العميق، فيتخذ قراره الأخلاقي الجرئ الذي يُطرَز في ذاكرة التاريخ، فيضحي ويتنازل عن منصبه لدرئ شر الفتنة التي لا تُبقي ولا تذر عن شعبه، ولكن هنالك من يضع مركزه فوق كل إعتبار فيلتحم بكرسي السلطة، وحوله عائلته الملكية ورفاقه وزملاؤه الذين يتقلدون مواقع بارزة فيدافعون عنه بكل الوسائل، وحينذاك يكون قد غامر بتاريخه السياسي وخسر رصيده الشعبي وفقد مصداقيته بين قومه وسبب كارثة لوطنه. 
في الجانب الاخر يعمل المسؤول الغربي على خدمة بلده أولاً على سلَم الدرجات العشرة، وبعدها تأتي مصلحته، ثم  الشريك والصديق، وأحيانا يضحي بهما إذا تقاطعت مع أمن وسلامة وطنه، وهذا ما جعل عجلة التطور والتقدم عندهم تتسارع بشكل إسطوري بينما الدول العربية وغيرها تسير في الإتجاه المعاكس، ولكن لا يُنكر وجود حالات إستثنائية، بينما في هذه الدول العكس هو الصحيح . 
في أمريكا والغرب وحتى في بعض دول الشرق مثل اليابان هنالك رؤوساء دول وحكومات ووزراء ومسؤولون كبار يقومون بتقديم إستقالاتهم من كافة مناصبهم الرسمية والحزبية والإنسحاب من الحياة السياسية ويعتذرون من شعبهم حينما يُتهمون بتقصير في أداء واجبهم أو التسبب بضرر يصيب مجتمعهم أو إقتصادهم بقصد أو بدونه، أو بمجرد كشف علاقتهم بصفقة تجارية ربما قانونية أو إمتلاك أسهم في شركة معينة أو بعد فضيحة أخلاقية حقيقية أو مدبرة أو سلوك إجتماعي غير مقبول كما حدث للرئيس الأمريكي السابق كلينتون ورئيس المخابرات (سي أي أي) والفرنسي ميتران ورئيس الوزراء الإيطالي والياباني والجيكي وغيرهم .
أعلنت وكالة أنباء إمباير أن الرئيس الأمريكي السابق بوش الإبن أوقفته سيارة شرطة في ولاية دالاس بسبب إنحراف سيارته إلى جهة اليمين دون إعطاء الإشارة الجانبية، وعند إكتشافهم بأنه يجادلهم بشكل غير طبيعي، راودتهم شكوك حول وضعه، وعند تفتيش سيارته وجدوا أونسة واحدة من الكوكايين في قفازه وهي كمية مسموح بها رسمياً، ومع ذلك تم إلقاء القبض عليه رغم محاولاته اليائسة للتأثيرعليهم بشتى الوسائل، وتم توقيفه لمدة 6 ساعات وأطلق سراحه بكفالة قدرها 5000 دولار. هل يحدث هذا عندنا مع سائق سكرتير أحد المسؤولين ؟
وفي العراق يلقى القبض على وزير مختلس لمئات ملايين الدولارات كرشاوي لصفقات تجارية لقوت الشعب وتثبت إدانته ويتم إحتجازه لمحاكمه، ولكن بقدرة قادر يخرج من السجن ويسافر إلى الخارج ومعه الاموال الطائلة المسروقة ... ! ووزراء يتقاضون عمولات خيالية لعقود مشبوهة وإستيراد أسلحة فاسدة وسرقات من الخزينة بأساليب ماكرة وإستلام ملايين الدولارات لتنفيذ مشاريع خدمية وهمية تبقى على الورق فوق الرفوف .
سُؤل سياسي ساخر عن الفرق بين الرئيس الغربي والعربي، فاجابهم بأنه نفس الفرق بين المرحاض الغربي والعربي ( مع الإعتذار للتشبيه)، حيث أن الأول لا يحتاج لتبديله غير بضعة دقائق ومفك لفتح برغيين، بينما العربي يحتاج إلى إستخدام درل همر لتكسير المرحاض وما تحته من إسمنت وأنابيب، وحوله من بلاطات وحتى قسم من واجهة الجدران فوقه وأحياناً الحمام بكامله، ثم يُجلب طاقم بديل ومختصون ومواد إنشائية ضرورية لصب قاعدة إسمنتية مناسبة لتثبيت الأنابيب والمرحاض الشرقي الجديد وبعدها البلاطات .
متى نطور أنفسنا ونغير منهجنا في الحياة ونشيد حماماتنا الغربِية في وطننا عندما نختار قادتنا على أساس الكفاءة والأخلاص والنزاهة من ذوي الخبرة والماضي المشهود والذين يناهضون سياسة الإلتصاق بهرم السلطة وبعيدين عن تضخيم الذات وإستغلال المنصب لتحقيق طموحات غير مشروعة، ويؤمنون بالديمقراطية وعدم تهميش الأخرين،.
متى نمارس ثقافة النقد الهادف البناء في معالجة مشاكلنا ونحترم حقوق وحرية وخصوصية من يعيش معنا، ونغرس روح المواطنة الحقيقية في نفوس أجيالنا لخلق حالة تفاعل بين مبادئنا وأفكارنا وإنتزاع تقديرالعالم لنا.
 والأهم متى يصل زعماؤنا إلى مرحلة تداول السلطة بسلوكية رفيعة وشفافية عالية والترجل عن قمة السلطة بطوعية وقناعة لنطوي إلى الأبد صفحات التمرد والإنقلاب وسفك الدماء ؟
                                               صباح دمّان- 8/8/2014

107
ظهور مأثرة تاريخية في الموصل
بقلم : صباح دمّان
حينما تعصف بشعبنا ظروف طارئة ونواجه مواقف مصيرية في حياتنا المعاصرة مرتبطة بسلسلة أحداث تاريخية دامية سابقة مرت بنا، تراودنا أفكار قاتمة وتلوح في الأفق تساؤلات حول معجزة بقاء المسيحيين على قيد الحياة ليومنا هذا بالرغم من المجازر التي إرتكبت بحقهم وحملات الأسلمة بالإكراه والتهجير والإضطهاد التي مُورست ضدهم والقوانين الظالمة التي طُبقت عليهم خلال العهود الماضية، فنحاول أن نبحث عن مصدر تلك القوة الكامنة في نفوس أسلافنا والتي جعلتهم يواصلون مسيرتهم ويتغلبون على تحديات انقراضهم رغم المأسي ونزيف الجراح ...!
بدأت أتصفح أحداث الماضي محاولاً إكتشاف سر ذلك الشعاع الذي يربطنا بهم ويجعلنا نكمل تلك المسيرة المضنية لنؤكد وجودنا ونفتخر برموزنا المقدسة ونذهب إلى كنائسنا ونقيم طقوسنا الدينية ونُديم لغتنا وتراثنا وتقاليدنا وعاداتنا، ولكني كنت أجد مسارات متعددة تُفضي إلى ذات الهدف.
فجأة تجلى الجواب في مسيحيي الموصل الذين أماطوا اللثام عنه حينما شاهدهم العالم كله يواجهون المخاطر بإرادة ثابتة وعزم لا يلين، منطلقين من إيمانهم الراسخ بعقيدتهم وعدالة قضيتهم، فضحَّوا بممتلكاتهم وجهد وعرق سنين أعمارهم ومقتنياتهم الشخصية ورغيف يومهم وحتى بأدوية كبارالسن منهم، من أجل أن يبقى المسيح ينير لهم دروب الخير والمحبة والسلام في حياتهم، رحلوا عن ديارهم وساروا على طريق الألام وهم يرددون: "ماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"، بينما يحاصرهم رجال قساة تخلواعن أدميتهم فإستوطنت فيهم أرواح شريرة. وهكذا ربحت تلك العوائل المسالمة الطيبة أنفسها وحياتها الأبدية وخسرت قشور هذا الدنيا .
كانت ملحمة إيمانية سيخلدها تاريخ شعبنا على صفحاته بأحرف من دماء شهدائه وأبنائه وهم مجردون من كل شيء بإستثناء سلاح الحق الذي جعلهم في مواجهة غير متكافئة مع عصابات مارقة إغتصبت مدينتهم وسلطت سيفها المخضب بالدماء على رقابهم، وهو ذات السيف الذي كان يطارد أباءهم وأجدادهم المسيحيين الأوائل لإقتلاع جوهر حياتهم وإطفاء سراج النورالذي كانوا يحملوه لخلاص البشرية .
ينبغي علينا أن نقف جميعاً أمام أؤلائك المهجَّرين البسطاء في حياتهم والكبار في أفعالهم، ونرفع قبعاتنا وننحني أمامهم إلى أقصى ما نستطيع، وننتظر أن يمدوا أياديهم ويسمحوا لنا بالوقوف وتقبيل جباههم .
ولكن ما يؤلمنا ويحز في نفوسنا هو الصمت المُحير الذي إتسم به موقف أبناء الحدباء النجباء، والمثقفين الأصلاء والضباط الأحرار وأصحاب النخوة والغيرة الموصلية، ووجوه مجتمعها العريق وأبناء العوائل المعروفة من : ال الياور والجادر والجومرد وريكان وأمين إغوان وتوحَّلة وكشمولة والصابونجي والجليلي والبكري والجلبي والعاني والعمري والمفتي وكثيرة غيرها، وعشائرها العربية المعروفة بالشهامة والرجولة... لما حل بمدينتهم وشركائهم في الوطن الذين تجمعهم صلات العيش المشترك ووشائج إجتماعية وروابط  تاريخية وجيرة مناطقية وعلاقات الأخوة والمصير الواحد، والذين شاركوهم في معاناتهم مع الغزاة الطامعين عبر العصور الماضية.                               
وقفنا بذهول ونحن نتابع أخبار تلك النكسة الوطنية والغزوة الهمجية لقلب العراق النابض، مدينة التأخي والثقافة والعلم ، من أجل تمزيق نسيجها الإجتماعي المميز ومكوناتها القومية والدينية والمذهبية المتجانسة، وتدمير تراثها ومعالمها الحضارية والإنسانية. وهالنا ونحن نشاهد مخلوقات جائعة تتجول بحُرية بحثاً عن فرائسها، تصدرأوامر وفتاوي مشينة وترتكب جرائم بشعة دون أن يثير كل ذلك غضبهم ويحرك مشاعرهم العراقية الأصيلة ويستفز غيرتهم وشهامتهم التي تُضرب بها الامثال .
كانت دهشتنا لا تُوصف ونحن نشاهد داعش تغتصب حرية الموصليين الشرفاء وتنتهك كرامتهم وتعيد دوران عجلة التطور في مدينتهم إلى الوراء، دون ردة فعل غاضبة، أو محاولة لوضع العصا في أركانها، وأضعف الإيمان محاولة تجفيف منابع دعمها وتنوير حواضنها حول المخاطر التي ستحل بهم، والأنكى من ذلك قيام البعض بدعم والدفاع عن أولائك الأغراب وشٌذاذ الأفاق الذين إستباحوا 45 أبرشية ودير وكنيسة تاريخية بعضها بعمر 1500 عام، وحطموا الصلبان وداسوا على المقدسات، ثم طردوا المسيحيين من منازلهم بعدما فرضوا عليهم شروط  ظالمة لإذلالهم وإهانة حضارتهم المتوغلة في أعماق التاريخ .
 وكيف سمحوا لهم بتدمير المواقع الحضارية والأثارالتاريخية وهدم الجوامع والحسينيات ومراقد وأضرحة الأنبياء وحتى تماثيل ونصب رموز وطنية وفنية وتراثية وإنسانية لمدينتهم، وإستهداف وقتل وتهجير بقية المكونات المسالمة ! وكيف وقفوا يشاهدون الأفغاني والشيشاني والباكستاني والعربي المتسربل وحتى الغربي المنحرف، وهو يقتل ويجلد وينحر رقاب ويقطع رؤوس أبناء وطنهم ويمثل بها، ثم يريد أن ينتزع شرف وكبرياء الموصليات العفيفات، وهم راضون أو صامتون..!
هل كان سببه الخشية من ذات المصير أم قطع صلة الرحم بالصديق والجار والقريب ؟ أم كانت حكمة التريث وإنتظار الفرصة المناسبة للإنقضاض عليهم في الوقت المناسب بعد إمتصاص الصدمة ...؟
ومهما حدث نحن على ثقة تامة بأن أبناء نينوى الأصلاء المعروفين بشجاعتهم وبطولاتهم وإعتدادهم بأنفسهم ، سوف يهشمون جدار الصمت المريب ويُطيحون بمخططات الغزاة وينتفضون قريباً لإسترداد حرية مدينتهم وكرامة عوائلهم ومكانة عشائرهم المرموقة، ويعيدون الوجه الحضاري المشرق لأم الربيعين التي إستباحها عميان عقيدة خرجوا من كهوف العصورالجاهلية المظلمة لتطبيق شريعتهم.
وأتمنى بإخلاص أن لا تترك هذه الكارثة أثارها السلبية الإجتماعية والثقافية والتنموية والمعيشية على مدينتنا العريقة بعد تحريرها من الأسر وعودة كافة المُهجَّرين إلى ديارهم ومنازلهم وأعمالهم، وعلى علاقاتها التاريخية مع بغداد، وأملي أن لا تستوطن ظلالها القاتمة طويلاً في نفوس أبنائها .                                               
                                                                 صباح دمّان : في 1/8/2014                                        من مواليد الموصل وضمن أول موجة هجرة جماعية عنها إلى بغداد بعد فشل حركة الشواف عام 1959.



108
اُّحجية سياسية بحاجة إلى مُتبصر لحل طلاسمها

بقلم : صباح دمّان
ذكرت في مقالتي السابقة التي كتبتها قبل سقوط الموصل ( هل نحن احفاد بابل وأشور..........) بأننا نقف هذه الأيام على اطراف أصابع المجهول وعلى الحافات الأخيرة من وطننا وقاب قوسين أو أدنى من كوارث أخرى، فإتهمني بعض الإخوة قبل مأساة تهجير المسيحيين من الموصل بأنني متشائم، فأجبتهم بتمنيات من كل قلبي أن أكون مخطأ، وفي أفضل الحالات متشائلاً، إنطلاقاً من فهمي المتواضع وربطي لسيناريوهات أحداث الماضي مع الحاضر لذات المؤلف الذي يكتب مسلسلات تُعرض في دول أخرى.
 وها هو الوحش المتطرف المنفلت الذي أطلقه المخرج في حلقته التي تُعرض يمد عنقه وينهش بجسد شعبنا المسيحي في محافظة نينوىِ، فيقتل ويجلد ويغتصب ويسلب، يحرم ويكفِر ويشَّرد، ويفرض معتقداته الظلامية وقوانينه البالية على كافة الأقليات المستضعفة الأخرى. إنها جريمة إبادة جماعية بحق شعب أصيل يعيش في دياره وعلى أرضه منذ ألاف السنين، فأمسى اليوم في طريقه للإنقراض.
إن ما يؤلمنا ويحز في نفوسنا أن نجد بعض شركائنا في الوطن عما فعلت داعش راضون، ورجال دين وساسة مقنعون، وكثيراً من الأصدقاء والجيران صامتون، وحلفاؤنا مترددون لا ندري بماذا يفكرون...! بينما اعضاء مجلس الامن يستنكرون ومعظم قادة العالم المتحضر يشجبون.
نينوى وطن الأباء وأرض الاجداد ومهد الحضارة الإنسانية وعمقها التاريخي، إغتصبتها مخلوقات همجية في سلوكها، متخلفة في تفكيرها ومرعبة في أفعالها، فصيلة من البشر في رؤوسها عقل متصحر وجهل متوارث تمخض عنهما جفاف روحي بحاجة إلى زخات مطر إلاهية لنفخ الحياة فيها من جديد، تقتل مواطنين مسالمين أبرياء لم يرتكبو ذنبا، ولم يؤذوا أحداً ولا تهمة ضدهم سوى كونهم مسيحيين أو من أقليات أخرى، فإهانوا كرامتهم وإنتهكوا حرمات منازلهم وإستباحوا مقدساتهم وحرقوا كنائسهم ودنسوا مقدساتهم وإغتصبوا ممتلكاتهم، ثم هجَّروهم من ديارهم في ليلة ظلماء وسلبوهم حتى من مقتنياتهم الشخصية بعد أن وضعوا خيارات أمامهم أحلاها سمٌ زُعاف :
1. الرحيل عن بيوتهم وأملاكهم وجيوبهم خاوية .
2. ترك ربهم وإنكار مسيحهم وإشهار إسلامهم مع عوائلهم .
3. أو مد رقابهم للسيف الذي كان منذ 1400 عام يطاردهم .
4. أو دفع جزية من أرزاقهم ولقمة عيشهم، والعالم يعيش في القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد، عصر منظمات حقوق الإنسان والطفولة والحيوان، وقوانين المساواة بين الرجل والمرأة، ومبادئ الديمقرطية وحرية التعبير، إضافة إلى التحدي التكنلوجي الهائل مع المستحيل في كافة مفاصل الحياة، والثورة التقنية الأسطورية، وإبتكارات وإختراعات علمية مذهلة، وبرامج غزو الفضاء وهبوط الإنسان على سطح القمر والسعي نحو الإستيطان عليه والوصول إلى المريخ، بينما ما زال مجموعة من البشر يعتبرون المرأة عورة خُلقت للنكاح، يشربون لعلاج أمراضهم من بول البعير، ويؤمنون بان قتل الأخرين هو الطريق إلى نيل الحوريات في عرش السماء... !
 يا لعدالة مبادئ دولة العراق الإسلامية السمحة، وإنسانية من يمولها وشهامة من يدعمها وحكمة من يشارك في جرائمها ! وهذه الشروط فرضوها على مَن.....؟ على ذرية أشور بانيبال ونبوخذنصر أعظم ملوك التاريخ، وأحفاد أول إمبراطوريتين عرفتهما البشرية: الأشورية الجبارة وداخل أسوار نينوى التي كانت عاصمتها وكبريائها، والبابلية الكلدانية بعظمتها وجنائنها المعلقة، وعلى أبناء أولائك العباقرة والمفكرين السريان الأراميين الأفذاذ الذين ساهموا في تشييد إرث الثقافة الإنسانية وتطورها. يا لسخرية الأقدار وغدر الأزمان..!
نقف احياناً حائرين أمام المشهد السياسي الذي يمر أمامنا والذي تبدو في واجهته قوى تبدو متجانسة متحالفة وتقف في خندق سياسي وعسكري وإعلامي واحد، وتصوب بنادقها على ذات الهدف، ولكنها في جوهرها متناقضة في المبادئ والأفكار والرؤيا والمنطلقات والاهداف والإستراتيجيات. فهل هو تكتيك مرحلي قد ينفجر بين ليلة وضحاها، أم تطبيق لنظرية عدو عدوي صديقي، أو صديق عدوي عدوي ؟
للولايات المتحدة إتفاقية تعاون إستراتيجي مع العراق وشيدت لها في بغداد أكبر سفارة في العالم وأرسلت أخيراً مئات الخبراء العسكريين إليها، وبنفس الوقت لها قواعد عسكرية وتحالف إستراتيجي وأمني أيضاً مع السعودية وتركيا وقطر، وهذه الدول تعمل لإسقاط النظام العراقي...! ومن ناحية ثانية الولايات المتحدة والسعودية والخليج يدعمون مصر التي تقف مع العراق...!
كان حزب البعث في العراق يحمي ويدافع عن المسيحيين في العراق طيلة عقود حكمه، وقد برز بينهم مسؤولون ونائب رئيس وزراء وشخصيات ساهمت في تأسيس وقيادة الحزب، ونفس قادة البعث في الموصل اليوم متحالفون مع داعش التي تقتل وتسبي وتطرد المسيحيين، تستولي على ممتلكاتهم وتهدم وتحرق كنائسهم... !
وبعد سقوط النظام السابق، هرب معظم القادة البعثيين إلى دمشق التي إحتضنتهم وفسحت لهم حرية العمل السياسي والعسكري ضد بغداد والقوات الامريكية، وأولائك القادة يحاربون هذه الأيام في الموصل وصلاح الدين وديالى مع داعش، نقيضتهم في كل شيء والعدو اللدود لنظام البعث السوري الذي يسطف اليوم على خط واحد مع الحكومة العراقية. ما هذه الألغاز... !
هل داعش ضد بعث سوريا ومع بعث العراق، وهل الغرب مع داعش في سوريا وضدهم في العراق، أم بالعكس...؟ وهل الولايات المتحدة مع تركيا والسعودية وقطر ومع داعش التي تؤيدها هذه الدول ؟ أم مع العراق ضد داعش ولكن مع تلك الدول؟ أم أنها مع الجميع على الطريقة الامريكية ؟ مواقف غامضة من أجل حلها نحتاج إلى " فتاح فال عراقي " من أيام زمان .
الأردن يدعي بانه ضد داعش والإرهاب ويقف مع العراق الذي يدعمه إقتصادياً وبإمدادات نفطية بأسعار مخفضة وبنى إقتصاده من خيراته، ولكنه يسمح بعقد مؤتمر في عمان " للمعارضة " ومن بينهم داعش التي تعمل لإسقاط التجربة الديمقراطية في العراق التي وضعت أسسها ورعتها الولايات المتحدة حليفة المملكة الأردنية التي تعتذرعن ذلك لاحقاً . ماذا يجري... ؟
هل هذه أحاجي وألغاز أم حروف متقاطعة تشابك بين خطوطها المقاتلون وتداخلت بين خنادقها الخيول بعد أن تنوعت أشكال اللثام الذي يضعه الأصدقاء والفرقاء على وجوههم وربما  بعض الحلفاء ؟
أم أصاب بعضنا عَمى الألوان وبتنا لا نفرق بين العَلم الأسود والأبيض وما بين اللون الأخضر والأصفر، فنسأل سياسي متحذلق أن يحل طلاسمها لنا في هذا الزمن الأغبر ؟ وهل هنالك مُستبصر أو عرَّاف أو مُنظِّر ينورنا لنستدل على دربنا وإلى أين يوجه بوصلته شعبنا ؟ أم ننتظر عشرات سنين قادمة لترفع وزارة الخارجية البريطانية اللثام عن أسرارها ؟
                                                   صباح دمّان ... في 24 / 7 / 2014

109
هل ينقطع الحبل السري مع الوطن بعد الهجرة ؟

بقلم : صباح دمّان:
لست ممن يدافعون عن ظاهرة الرحيل عن الوطن وجعل بلاد الغربة أرضاً بديلة له، ولكن مأساة الهجرة الطوعية والقسرية أو المبرمجة هي سلاح ذو حدين ومسألة معقدة شائكة لا يمكن المرور بازقتها المظلمة على عجل والخروج بقناعة منطقية عن دوافعها المتباينة ووضع حلولاً جذرية لها دون القيام بمراجعة شاملة لأوضاع البلد وإجراء تحليلات موضوعية وإستنتاجات منطقية لأفاق المستقبل، إضافة إلى أن لكل مهاجر قصته وظروفه الإجتماعية والعائلية التي كان يعيشها، وما يطرحهُ من مبررات مشروعة من وجهة نظره الخاصة بالرغم من أن التحديات الخانقة في المجتمعات الغربية تُفقد بعض المهاجرين الشباب توازنهم من ناحية سُبل العيش وتثير مخاوف كبار السن وتجعل تأقلمهم مع المجمتع الجديد بكل سلبياته وتناقضاته مع تقاليدهم وعادتهم في غاية الصعوبة، ويزداد قلقهم حينما يدركون بأن أبنائهم وأحفادهم سيفعلون غداً ما ينتقدونه ويستهجنونه ويسخرون منه اليوم .
وبنفس الوقت ليس من الإنصاف أن نتنكر للمساعدات والخدمات التي تُقدم للمهاجرين والتي إفتقدوها في بلادهم منذ عقود وقرون، لاسيما ما يتعلق بالإستقرار والأمان والمساواة والعدالة والحرية الشخصية والعناية الصحية خاصة بالمسنين، وتقديم المعونات المالية والإجتماعية وتوفير فرص العمل والإهتمام بمواهب الطلاب ورعاية الأطفال ودعم الدارسين في الكليات والجامعات وصون كرامة كافة المواطنين والعمل على رسم مستقبل واعد لأبنائهم وغيرها من أمور.
إن للهجرة من الوطن أسباب كثيرة أذكر بعضها من وجهة نظري الخاصة والتي خبِرَها معظم أبناء شعبنا:
 1. هنالك من هاجر نتيجة التوجس من الغد المجهول والقلق النفسي اليومي الذي أفرزه العنف المتصاعد والخشية من تفاقم موجات الإرهاب الأسود وإنفلات زمام الصراع الطائفي الذي برز جلياً على سطح الأحداث خاصة بعد سقوط النظام السابق وإستحالة التنبأ بما ستؤول إليه تراكمات الظروف المعقدة في العراق وإنعكاساتها على المسيحيين وباقي الأقليات .
 2. البعض قرروا مغادرة الوطن ليحموا عوائلهم من سيف الإضطهاد المسلط على رقابهم، وهرباً من المخاطر اليومية التي كانت تواجههم وللإبتعاد عن العيون التي ترصد حركاتهم في مدارسهم وأعمالهم وتنقلاتهم ومنهم بعض رجال الكنيسة ، وتفادياً لشبح الموت الذي كان يحوم حولهم في كل حين والمتمثل بالتفجيرات والإغتيالات والإستهداف المبرمج وتهديدات بالقتل أو الرحيل عن طريق رمي ظروف بريدية في مداخل الدور تحتوي على إطلاقات.
 3. منهم من نجا من الإختطاف بمعجزة بعد أن إشترى حياته بفدية باهضة، ففر من بيته مع عائلته تحت جنح الظلام تاركاً خلفه جهد العمر وشقاء السنين من أجل الوصول إلى مرفأ أمن يوفر حياة كريمة لعائلته ويضمن مستقبل واعد لأبنائه .
4. أخرون كانوا يملكون ثروة طائلة، وحينما قارنوا حياة ومستقبل أفراد عائلتهم بمالهم، أختاروا الأول لأنهم إقتنعوا بأن المال لا قيمة له لو فقدوا أحد أبنائهم بحادث مؤسف أو عند إبتزازهم والإنتقام منهم لأسباب متعددة، وحينذاك لا يفيد الندم ولا النواح على الأطلال .
5. ونتيجة للوضع المعيشي الصعب الذي كانت تعاني منه شريحة معينة من سكنة بغداد ومحافظات أخرى منذ عقود، مثل البطالة وقلة فرص العمل وشحة متطلبات الحياة وغياب وسائل الراحة ونقص الإحتياجات اليومية وخاصة في كثير من القرى والبلدات في شمال الوطن، إضافة إلى السعي نحو تحقيق الأحلام الوردية التي تثيرها الأخبار المغرية التي تصلهم من المهاجرين القدماء، لذا غلبتهم غريزة حب الحياة والسعي نحو العيش الرغيد على مشاعر التعلق بالوطن وهو حق إعتبروه مشروعاً ولسان حالهم يقول : " المال في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة "، وهنالك من يقول : الكرامة والحرية والامان في الغربة وطن، والخوف والتوجس والترقب في الوطن غربة .
6. أخرون برروا هجرتهم لضرورة لم شمل العائلة المبعثرة وحاجة الأبناء لبعضهم ولأبائهم، بينما غيرهم ساروا على خُطى أصدقائهم وأهلهم وأقاربهم وجيرانهم تماشياً مع مقولة " قفزعنزٌ فقفزتْ أعناز".
7. أما من اُطلق سراحهم من الأسر بعد سنوات طويلة مضنية من المعاملة القاسية والإهمال الصحي والحرب النفسية وغسل الأدمغة، فعادوا إلى الوطن بحالة نفسية مُتعبة، فوجدوا أنفسهم غرباء عن مجتمعهم متقوقعين داخل عائلاتهم، لا يمكنهم العمل أو الإنسجام مع من حولهم لان كل شيء قد تغير. وأحد أولائك الذين ظلمتهم الأقدار وصل إلى سان دييكو قبل مدة بساق واحدة بعد أن قضى 15 سنة في الأسر وبعدها معاناة مماثلة لمدة 7 سنوات أخرى مرت عليه دهراً على أرصفة الغربة ومحطات الأنتظار. هل من ينتقده لرحيله عن الوطن ...؟
8. وقد تكون الهجرة مخطط سياسي رسمته قوى خفية تمتلك قدرات مالية هائلة وماكنة إعلامية مؤثرة، تدير العملية بحنكة ودهاء وينفذ أوامرها قادة وساسة مرتبطين بخيوط عنكبوتية تحركهم أصابع محركي الدمى، غايتها إفراغ الشرق الأوسط من مسيحييه بعد إقتلاعهم من جذورهم وتهجيرهم ليذوبوا بعد عقود في المجتمعات التي سيعيشون فيها كمكعبات جليد تُرمى في وعاء كبير، وقد تكون العملية دفع فاتورة مستحقة لأحداث تاريخية قديمة.                       
 ومهما تكن الأسباب فأن هذه الظاهرة ليست عراقية محضة، وليست وليدة اليوم، بل هي موجات هجرة متواصلة من بلدان عربية وإسلامية وإسيوية مستقرة وحتى أوروبية شرقية، حيث الملايين مشتتين في أصقاع الدنيا بعد أن حمل كل مهاجرهمومه وقدره كحقيبة مسافر ورحل بصمت نحو أهداف رسمها في مخيلته لمستقبله.
وما زلنا نتذكر المشاهد المحزنة لكثير من الألمان الشرقيين وهم يجازفون بحياتهم ويتسلقون جدار برلين ليلاً وحتى في ضوء النهار للوصول إلى الجزء الغربي من نفس المدينة وفي ذات الوطن، من أجل تحقيق عيش أفضل ومستقبل واعد .
لذا، لا يمكن لأية سلطة أو قوة مهما حاولت، أن تقف بوجه موجات الهجرة إلا بعد زوال أو تلاشي الأسباب الموجبة التي أدت إلى تسارعها في السنوات الأخيرة، وربما بعد رسم صورة جديدة للوطن أو نهاية الحلقة الأخيرة من المسلسل التاريخي المعروض أو حدوث مفاجأة ليست بالحسبان، ليعود السلام والإستقرار والامان مرة ثانية إلى أرض الأباء والأجداد، فيكون حينذاك مراجعة ذاتية فيصبح لكل حادث حديث ولكل مقام مقال ولكل زمان رجال .
أما محاولات وقف الهجرة سواءاً كانت بمجرد توجيه إتهامات أو إنطلاقاً من مشاعر الحرص والتمنيات، تشبه تهديد والد لولده، بحرمانه من الميراث ونعته بالجحود وألقاب ليست من صفاته (الأب والكل يعلمْ ذلك) إذا غادر البيت دون إذنه، بدلاً من بذل المستحيل لتذليل العقبات التي دفعته لإتخاذ ذلك القرار ومحاولة إيجاد بعض الحلول البديلة والبحث عن السبل الكفيلة لبقائه في وطنه، فهي لا تجدي نفعاً ولا تلقى أذاناً صاغية طالما الأوضاع المأساوية على حالها، لا بل حينما تظهر في السماء غيوم مكفهرة سوداء مصحوبة برعد وعاصفة هوجاء وهو يسكن في بيت لا سقف له ولا فناء . 
في زمن النظام السابق كان يُحكم على الجندي العراقي بالإعدام بسبب هروبه من المعركة أو يُعاقب بالسجن أو بقطع أذانه لتخلفه عن أداء الخدمة العسكرية، ولكن تلك العقوبات لم تردع الأخرين ولم تعالج الخلل لأن العِلم الحديث يؤكد بأن لكل إنسان قدرات جسدية وروح معنوية محدودة لا يمكنه تجاوزها مهما حاول، لذا من غير المعقول أن نطلب منه أن يؤدي عملاً شاقاً خارج نطاق إمكانياته الذاتية وفوق طاقته . والقصص كانت تُروى عن بعض الجنود الذين دخلوا معارك شبه إنتحارية في الجبهة لسنوات دون أن تهتز روحهم القتالية وتهبط حالتهم النفسية وعادوا سالمين، وأخرون كانوا يرتجفون وهم في مواضعهم في الخطوط الخلفية لضعف بنيتهم الذاتية ورِقّة البيئة التي كانوا يعيشون فيها، وربما لقلة خبرتهم في الحياة .   
وفي الختام فإني على يقين لا تراوده شكوك، بان الحبل السري مع رحم الوطن لا يمكن أن تطاله أصابع الزمان مهما بعدت المسافات وتعاقبت الأجيال ودارت الأيام، لأن خارطة العراق وبلداتنا العزيزة مرسومة على شغاف قلوبنا، وذكريات الطفولة والشباب مطرزة في طيات ذاكرتنا، وعشقنا المتناهي للحديث عنها في أحاديثنا ولقاءاتنا ومناسباتنا وإحتفالاتنا ممزوج بالدماء التي تسري في عروقنا . " بالأمس كنا نعيش داخل أسوار الوطن، وفي المهجر أمسى الوطن يعيش في قلوبنا وخارطته نراها مرسومة على أرصفة غربتنا وجدران حياتنا ".
                                         صباح دمّان -  في  7/7/2014
                                                     

110
هل نحن أحفاد بابل وأشور نعيش في القرن الحادي والعشرين قبل الميلاد أم بعده؟

صباح دمّان :
( كتبتُ هذه المقالة قبل ليلة سقوط الموصل، فأجلتُ نشرها لحين إنقشاع غبارالمعركة ولكن يبدو أن إنتظاره سيطول.... )
 في بعض الدول النامية، حينما يكرس كل قائد حكيم ورئيس محنك أوسياسي مخضرم نفسه لخدمة شعبه في عصر تنظمه بروتوكولات أممية سرية، وتحركه أجندات خلق الإضطرابات والحروب الدائمة، وتتحكم به مخططات الدول الكبرى وشركاتها العملاقة لضمان مصالحها في المناطق الحساسة من العالم، وتمسك بخيوطه جدلية ربط سياسة الدول النفطية بعجلة إقتصادها ، ويختبر مبدأ مقايضة المبادئ والقيم بالصفقات التجارية، ويعاصر تطبيق نظرية لا حليف ثابت ولا عدو دائم، وفي الموازنة العامة بيع الأصدقاء وتبديل الرؤساء، أقول لابد وأن يدرك هذه الحقائق لكي تصبح المشاريع والطموحات التي في مخيلته واقعية وليست مستحيلة المنال لانها يجب أن تنطلق من إمكانياته الذاتية في الأخذ والعطاء وتتفاعل مع مستجدات المرحلة الراهنة وترضخ لما تفرزه معادلات وفاق القوى العظمى وما تفرضه قواعد لعبة الامم ونقلات بيادق الشطرنج العالمية على أرض الواقع.
 وعلى سطح الأحداث من وطننا وفي خضم إنهيار مؤسسات الدولة وتشرذم مكونات المجتمع في تخندق طائفي وإصطفاف مذهبي وتوافق إنتهازي، وتفشي فساد إداري ومالي نتيجة ظروف أمنية ورقابية منفلتة، يبرز قادة أحزاب ومسؤولون يعانون من حالة تضخيم الذات وإنعدام الرؤية لما يدور حولهم، يتبنون نظرية إفتراضية تلبي عطش غرائزهم المكبوتة وتتناغم مع طموحاتهم الشخصية، فيرسمون أهدافاً خيالية لا تستند إلى تحليلات واقعية لمخاض الولادة القيصرية المشوهة للأجندات الدينية المتطرفة ولا تأخذ بنظر الإعتبار مسار الأحداث المتسارعة المبهمة التي تعصف بدول المنطقة منذ سنوات والتي جعلتها تتخبط بفوضى عارمة لا يمكن التكهن بأبعادها الزمنية وتخمين نتائجها الكارثية على مستقبل الأقليات المسيحية المسالمة التي خذلتها الأجندات التوافقية الدولية فتركتها فريسة منهكة تحوم حولها كواسر بشرية جائعة تنقَض عليها في كل حين، لا بل يتجاهلون حقائق دامغة أثبتتها المذابح التي أُرتُكبت بحق شعبنا خلال العقود الماضية.
نحن الكلدان كرجال دين وأحزاب ومنظمات وشرائح متنوعة في المجتمع ومواطنون بسطاء، نفتخر برموزنا التاريخية وحضارتنا ونعتز بهويتنا وتراثنا وتقاليدنا ولغتنا، نبذل قصارى جهدنا للحفاظ عليها وديمومتها وإزدهارها بالرغم من إعترافنا بأن مشاعرنا القومية ما زالت في حالة التجذر والنمو ولم تصل بعد إلى مرحلة النضوج وجني الثمارلأن معظمنا مواطنون منفتحون في مجتمعاتنا وطنيون في مشاعرنا، منهمكون في أعمالنا مواظبون في دراساتنا، متعلقون بكنيستنا، وواقعيون في نظرتنا إلى تعقيدات السياسة الدولية وحركاتها الإخطبوطية في مفاصل الحياة الإقتصادية للشعوب .
طموحاتنا منطقية بقدر حجمنا وتتماشى مع إحداثيات البعد المنظور من مستقبلنا، نعمل بجد وبلا كلل حيثما كنا وأينما حللنا، نرى الحياة كما هي مثلما نرى أنفسنا في المرآة، وليس كما نتخيل أن تكون ولا كيفما تصورها لنا طموحات عقلنا الباطني لأننا لسنا مصابون بفقدان الذاكرة لننسى مأسي ومجازر الماضي، لذا فأحلام اليقظة نادراً ما تراود مثقفينا وتلاشت من مخيلة شيوخنا وعقلاؤنا حتى في إفضل العهود، أما قادة كنيستنا الأجلاء، فكانوا منذ تأسيس الدولة العراقية ومجئ العهد الملكي وخلال العقود التي سبقته وأعقبته، يتعاملون بحكمة وبنظرة ثاقبة لما كان يدور حولهم من أحداث وخاصة حينما كانت تبرز تيارات متطرفة في السلطة تستهدف وجودنا وهويتنا، لتجنب إنزلاق شعبنا إلى منحدر حاد خطِير يصعب عليه تسلقه مرة ثانية.
تعودنا أن نعيش الحاضر بينما نشخِص أبصارنا إلى الأمام من خلال الزجاجة الأماية لمركبتنا، وأن لا نركِز كثيراً على المرآة الخلفية للنظر إلى الوراء إلا حينما نريد أن نسترشد بأحداث الماضي لتحديد المستقبل، فلا نخدع أنفسنا بقدراتنا الوهمية لإستعادة مجد تليد طواه الدهر أو بأننا ما زلنا نعيش في عصر نبوخذنصر، ولا نسمح لمخيلتنا بأن تسرح بعيداً لنجد أنفسنا نتجول بين ينابيع مياه وحدائق الجنائن المعلقة، أو نُطلق دعابة ونحن سكارى بأن نغمض أعيننا ونتخيل باننا مُرتدين خوذنا وزيَّنا العسكري، رافعين رماحنا ونحن متجهون لتحرير أرضنا المغتصبة أو إستعادة مدننا المحتلة كما يحاول بعض الحالمون أن يوهموا أنفسهم بإمكانية إسترداد ما سُلب منا بسيف دون كيشوت أو بالإعتماد على منظمات مشبوهة أو بوعود دولية زائفة أو بإنتظار ظهور معجزة من السماء.
لو باغتتنا أحلام وردية عابرة بعد تناول وجبة عشاء دسمة في ليلة حافلة، فحينما نستيقظ ونرى واقعنا الأليم، يجب أن لا نلتحف الغطاء مرة ثانية ونغمض أعيننا لنعود إلى الفردوس الوهمي الذي كنا نعيش فيه... كفانا رقصاً كالطير حينما يرفرف بجناحيه وهو مذبوح من شدة الإلم . لا نريد أن نتنافخ جُزافاً بقوتنا وإمكانياتنا الذاتية ولا نزايد على بعضنا بينما حصان طروادة جاثم أمام أسوارنا المتصدعة، والمتسللون منه يقتحمون بلداتنا العريقة ويطرقون أبواب منازلنا بعد أن غادرها كثير من أبنائها وهجرها حراسها، وقادمٌ كان فيما مضى ضيف في ديارنا، بالأمس تسيَّد علينا وإغتصب أرضنا وشوَّه كنائسنا وأديرتنا وإستحوذ على أملاكنا وعرَّبَ هويتنا، فأصبحنا أقلية في وطننا، واليوم يتحين الفرص لسلب بقايا ديارنا، ومن ضحى رجالنا بمستقبلهم وجازفوا بمستقبل عوائلهم من أجل قضيته صار يتنكر لهويتنا ويستغل طيبتنا وما زال يحتفظ  بقُرانا وأراضينا، وشركاؤنا في الإيمان أداروا ظهورهم لنا وتركونا نواجه مصيرنا لوحدنا، والطامة الكبرى نحن نتخاصم فيما بيننا على ميراثنا التاريخي لإثبات من كان منا سليلاً حقيقياً لجدنا ومن وُلد من أمٍ مجهولة ثانية، ونتغافل ماذا تحمل الأيام القادمة في طياتها لنا!
إن جوهر تسامح ديانتنا جعلتنا نتلقى الصفعات ونحني ظهورنا فصعد عليها الغرباء وتسلقوا أكتافنا وقطعوا ثمار أشجارنا وأكلوا ونحن جائعون، ثم رمونا ومشوا على أجسادنا ونحن صامتون، وإغتصبوا أرضنا وإستباحوا مقدساتنا ونحن صاغرون .
قدرنا أن نعيش منذ ولادتنا في موطن اجدادنا تحت وطأة تقاليد صارمة فُرضت علينا وقوانين جائرة روضت حياتنا وثقافة إستعمرت عقولنا، وأن ندفع من دمائنا وأعمارنا فواتير صراع فكري وتناحر قومي وحقد طائفي وحروب عبثية لا ناقة كان لنا فيها ولا جمل.
 نفتخر بتاريخنا وحضارتنا وما إبتكرنا من علوم وما قدمنا للبشرية من منجزات، ولكن الماضي لا يغير واقعنا ولا بمقدوره حمايتنا، أما إثبات مَن أسقط مَن، ومن جاء قبل مَن قبل ألاف السنين، ومن أين هاجر شموئيل وما هو أصل هوية بلدة ميخائيل، لا يمنح لأحدنا مُلكاً ولا يعيد للاخر وطناً. من غير المعقول أن نكتب مقالات حماسية وندعو إلى إسترداد أرضنا وإعلان محافظتنا المفخخة متجاهلين المخاطر المحدقة بنا، ومن السذاجة أن نفكر بوضع شعبنا في قفص حديدي كبير لا بوابة له كما يطالب بعضنا، فيصبح أبناؤنا روبوتات للفناء الذاتي، ومن غير المنطق أن نحلم من جديد بتشييد دويلة بابلية، كلدانية، أو أشورية جديدة ذات أبعاد رباعية عاصمتها خرافة في مخيلتنا.
كشعب مسيحي ينبغي أن نستنبط العبر من الماضي لكي لا نغرق في بحر الخيال، ولا نتعلق بالأوهام ولا نثق تماماً بمواثيق مضلِلة من هذه الدولة المنافقة وضمانات من تلك المنظمة المُسيَّسة، ولا يجب أن تخدعنا كلمات من يستغل ضعفنا ويصادر إرادتنا ويدعي بأنه سيحقق طموحاتنا، ولا يجب أن نصدق كل ما تسمعه من مديح أذاننا وما تبصره من سراب عيوننا لأن هنالك من يجاملنا لخدمة مصالحه الأنية وتحقيق أجنداته المستقبلية بتقديم بعض الوعود والإغراءات، ولكننا على يقين بأنه حينما تحل الساعة سيفرض إرادته علينا فإما الرضوخ والتغيير وإما الرحيل .
كما لا يمكننا الوقوف بوجه الوحش المنفلت الذي ما زال يؤمن بان الأرض مسطحة، فيمد عنقه وينهش جسد ضحاياه في كل آن ومكان، وليس بمقدورنا إستمالة إحدى القوى العُظمى لحمايتنا لأننا لا نملك ورقة للمساومة مع عرابيها غير بقايا ميراثنا . إذاً كيف السبيل إلى تطبيق النظرية الثورية التي تقول بأن الحقوق تُنتزع ولا تُمنح ؟ وكيف ننتزعها ونحن في قارب صغير وسط بحرهائج والأمواج تتقاذفنا وأسماك القرش تحوم حولنا ومختلف البحارة على مراكبهم ينظرون إلينا بلا أبالية، بعضهم بشماتة وأخرون بإستخفاف؟ من كان منكم يظن بأن كلماتي متشائمة وهي نقيض الواقع ومجرد أوهام وأننا لا نقف جميعاً على أطراف أصابع المجهول، فليُصمت دقات نواقيس الخطر الأن، وينشر في ربوعنا الأمان ويقدم لشعبنا الضمان، ثم يرفع رايته بيننا وفوق دورنا وفي كل مكان.
ولكي نصون كرامتنا ونحافظ على وجودنا ونضمن ديمومة ما تبقى لنا في الوطن، يجب أن لا ننبش قبور أبائنا وأجدادنا في المقابرالجماعية لنتعرف على هوياتهم بعد فرز جماجمهم لنثبت من كان منهم أشورياً أو كلدانياً أو سريانياً او أرامياً أو ربما سورايا بعد عملية تجميل وإخراج، سميه ما شئت،  لندعهم يرقدون بسلام تحت أديم أرضنا الطيبة بعد أن أدَوا مهامهم التاريخية والإنسانية بشرف وكبرياء، ونبحث مصير بلداتنا الجاثمة على الحافات الاخيرة من وطننا، ونخصص جزءاً من وقتنا الصاخب لنشيِع بعض أحلامنا الجميلة إلى مقبرة الأحزان ونعود لنجلس سوية في خيمة العزاء نترقب ما تحمله في كفها لنا يد الأقدار!
بالرغم من أن البعض من أشقائنا إتخذوا مسارهم الوعر الذي تكتنفه المخاطر والأفخاخ للوصول إلى هدفهم قبل غيرهم والحصول على المنال بعد أن ظنوا بأن الدرب أمن والظلام زائل والفجر قادم، علينا أن نطلق صرخة تحذير من غارات محتملة علَهم يلتفتون ويعيدون تقييم الأحداث قبل فوات الآوان، لنجلس على كرسي الإعتراف ونناقش أفاق مستقبلنا المجهول بعد نزيف الهجرة ومسلسل التغيير الديموغرافي في بعض بلداتنا وكيف نحمي ما تبقى من أرضنا من الضياع، ونراقب عن كثب ما سيتمخض عنه الصراع الدامي في الوطن ودول الجوار وما سيخلفه إعصار التطرف والإرهاب في بقعة تشابكت فيها المصالح وتداخلت الخنادق وإمتزجت الألوان، وبعض أقطابها تقف على حافة الهاوية والأخرى دخلت نفق الحرب الأهلية لتدفع ثمن غبائها وعنادها من نزيف دماء مواطنيها وخراب بلدانها، لأننا ببساطة لا نريد التشبث بأمال زائفة أو التعجيل في الرحيل ولا الجري لتحقيق حلم المستحيل لأن إفراغ العراق والشرق الأوسط من مسيحييه مخطط قديم يجري تنفيذه منذ قرون على مراحل بأيدي مقاولون شرقيون ومن جنسيات متشابهة وبإشراف قوى خفية لا وجه ولا هوية ولاعنوان لها.
أذاً لا خيار أمامنا نحن الكلدانيون والسريان والأشوريون
غير الإعتراف بأن المهام التاريخية الجسيمة الملقاة على عاتقنا كرؤوساء كنائس وأحزاب ومثقفين ومهنيين وعلمانيين ومنظمات إذا أردنا أن يبقى شعبنا على قيد الحياة وتذكرنا الأجيال القادمة بفخر وكبرياء، هي أن نخمد جمرة الأحقاد المستعرة في قلوبنا ونتخلى عن أفكارالتعصب في أحاديثنا ومخاطباتنا ونقتلع سلوكية الإستعلاء والغطرسة الجوفاء من عقولنا ونلغي مُركَّب نقص عشق الكرسي الهزاز من أولوياتنا، فنرفع حالة منع التجوال بين مكونات شعبنا وتنظيماتنا ونزيل الجدران الخرسانية التي تعزل أحزابنا لإعادة الوئام بين أبناء بلداتنا، وبذلك نثبت أصالة هويتنا ومصداقية شعاراتنا ورقي ثقافتنا والأهم حقيقة مبادئ تواضع ومحبة وتسامح مسيحيتنا، ثم نجلس حول طاولة مستديرة في إحدى كنائسنا أو ما تبقى من خيامنا لنصالح الحاضر مع نفسه ومع الماضي، ونتدارس كيفية خروجنا من الشرنقة القومية التي وضعنا أنفسنا فيها، برسم خارطة طريق لأجيالنا القادمة وتثبيت أسس بنياننا الجديد القائم على الشراكة الحقيقية والتلاحم المصيري، ولكن قبل كل شيء ينبغي وضع نهاية للتراشقات وتوجيه الإتهامات وضجيج المماحكات السياسية التي أنهكتنا وقزمتنا بسبب إعتقاد البعض بانه يمتلك الحقيقة المطلقة والأدلة الساطعة وأنه على يقين وصواب وكل الأخرين على وهم وضلال .
ينبغي علينا جميعاً أن نعيد حساباتنا ونراجع مواقفنا ونعلن عن رفض الوصاية على بعضنا ونعترف بصراحة وجرأة بهوية وخصوصية كافة مكونات شعبنا مثلما يراها ويؤمن بها كل منا، وليس كما نرسمها له . لذا فإن كل ما نسعى لأجله نحن الكلدان هو إستمرار وجودنا والحفاظ على قوميتنا من الإنقراض إسوة بالشبك والأيزيدية والأرمن والصابئة المندائيين ولا نقول كالعرب والكورد والتركمان وباقي الأمم في أرجاء المعمورة وكسائر خلق الله على هذا الكوكب، ألا تظنون بانه مطلب متواضع نزيه كما هوعندكم مقدس عزيز؟
نحن نحترم حماسكم أيها الأشقاء وتنشرح قلوبنا حين تعتزون برموزكم وتُجلون تاريخكم، ونرفع قبعاتنا وننحني حينما ينجز أي مسؤول منكم عملاً يصب في مصلحة شعبنا المسيحي الواحد دون تمييز وتهميش، فلماذا تغضبون حينما نتمسك بهويتنا لحماية أنفسنا من الإنقراض وصون أجيالنا القادمة من الإنصهار؟ ولما تنفعلون حينما نطالب بمساواة كافة مكونات شعبنا في الحقوق والميراث ؟ فهل تريدوننا أن نمزق هويتنا ونتنكر لأجدادنا وننسى ماضينا، ونستبدل لغتنا ونغير حتى أسماءنا ؟
                                                         8/6/2014
تعليق مقتضب أضفته للمقالة بعد سقوط نينوى المدوي لأننا لم نتعض من أحداثها المأساوية لحد الأن، وأول أمس إقتربت النيران من بلداتنا المسيحية في الشمال بعد أحداث بغديدا العزيزة ونزوح مئات العوائل منها، ونترقب بقلق ماذا سيحدث من تطورات غداً، بينما ما زال بعضنا في خضم جدالات عقيمة "  أنتَ لست أنتَ وإنما أنا، أنت شقيقي ولكنك أنا ... "
وهذا الوضع يُذِكرنا بما جرى من نقاش طوباوي في القسطنطينية قبل سقوطها، حول جنس الملائكة إن كانوا ذكوراً أم إناثاً... في الوقت الذي كان الجيش العثماني يطرق أبوبها وعلى وشك إقتحامها وسبيِها. فسقطت... وإرتُكبت المذابح بحق سكانها ومُزقت هويتها ومُسحت معالمها وتحولت كل كنائسها إلى جوامع، وأمست تلك المدينة التاريخية العظيمة وشعبها في خبر كان، والعالم يسميها إسطنبول التركية اليوم
.
                                                          26/6/2014
                                                         


111
العراق ينزف دماً من شرايينه منذ سنين، وجرح الأمس أخطر بكثير ..
.

صباح دمّان

كانت بغداد الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي تزهو بحلتها الجميلة وشوارعها الشهيرة وأسواقها العامرة وأحيائها التراثية، وتطور مجتمعها وعراقة تقاليدها وأصالةعاداتها، ومتانة أواصر المحبة والإحترام بين عوائلها، وعبقرية علمائها وخبرة أطباءها ومهندسيها وأساتذتها، وكثرة خريجي جامعاتها وعلو سمعة دراساتها، ونبوغ شعراءها ومثقفيها ونحاتيها، وبروز رياضييها وصحفييها وفنانيها ومطربيها وممثليها، ومتعة محطة تلفزيونها الرائدة وإذاعتها وحتى خبرة حرفييها و......،
ويقال بأن حاكم الإمارات العربية المتحدة الشيخ الشهم المخلص لشعبه زايد بن سلطان ال نهيان رحمه الله ، أدرك هذه الحقائق في بداية تطور بلده. وقيل في أيامه حينما كان يضع حجر الأساس لمؤسسة أو ربما إفتتاح مشروع في الإمارات، ألقى كلمة قال فيها : " بإذن الله سأجعل من الإمارات بغداد ثانية " ، علماً بأن العراق كان في الستينات يقدم معونات إقتصادية وإجتماعية ومالية للإمارات العربية المتحدة في زمن الرئيس السايق عبد الرحمن عارف، وشيد أول جامعة في الإمارات عام 1977.
 فلنقارن اليوم ما جرى من تغييرات في البلدين منذ ذلك الحين ! يا لسخرية الزمان  وحصاد ما جنته أطماع وغطرسة الإنسان .
 أين أنت يا بغداد بين الأمس واليوم ؟ وكيف أمسى حالك يا عراق وأنت تئن من شدة ألامك وتنزف منذ عقود دماً من عروقك بسبب بصمات الأحداث المؤلمة على وجهك، وغرور وإستبداد وأطماع من تربع من الحكام على عرشك، وجحود بعض أبنائك الذين شربوا من مياهك وأكلوا زادك ومشوا على أرصفتك، وخيانة من وضعت بين أيديهم مصيرك ومنحتهم ثقتك..... ؟ فطعنوك بخنجر مسموم في ظهرك، وحينما سقطتِ ثملوا فرحاً ورقصوا طرباً على جراحك .
ومن كنت بنظرهم كأسد غاضب حين تزأر من عرينك، أخذوا يستغلون مرضك ويسخرون من مشهد معاناتك وأنت من ضحيت من أجلهم بأعزائك.
وبعض أبنائك اليوم يتقاسمون ميراثك ويهرِبون أموالك ويبذِرون خيراتك ويسرقون جهود عمرك ويمرغون في التراب سمعتك وكرامتك، فليكن الله في عونك ولنعلن الحداد إلى أن تستر عافيتك.

2014/6/12




112
هدف في الوقت بدل الضائع
تعليق كروي على مباراة سياسية
صباح دمّان
في مباراة الذهاب لتصفيات البطولة القومية لكرة القدم ضمن المجموعة الرابعة للمرحلة الاولى، دخل فريق"البرج" الذي يتألف معظم أعضاءه من لاعبين محترفين بعقود خاصة مغرية ويحملون هويات مختلفة، إلى أرض الملعب بإعتداد وإطمئنان بتحقيق فوز كبير على الفريق المنافس وبعدد كبير من الاهداف بعد ضجيج إعلامي مثير وحملات دعائية منظمة وتصريحات رنانة وإستخفاف بفريق "الأصالة" الفتي الذي ليس بين أعضائه غير لاعبيه المحليين من أبناء البلدات المسالمة المتجاورة، بقدراتهم الذاتية وإمكانياتهم المادية المتواضعة لعدم حصولهم على أية مساعدات خارجية أو دعم مالي أو حتى معنوي من الإتحاد المركزي أو الإقليمي أو اللجان الخاصة أو من أية منظمة وطنية عراقية أو دولية، إضافة إلى عدم توفر فرص أمامهم لخوض لقاءات ودية مع فرق أخرى لإكتساب الخبرة وصقل مواهبهم الفنية. 
وطات أقدام لاعبي فريق البرج أرض الملعب بكبرياء وغرور وثقة مطلقة بسحق فريق الخصم في بداية المباراة من منطلق الفارق الشاسع بين الفريقين من كافة النواحي فضلاً عن وجود نجوم محترفين بين صفوفه وإمتلاكه خبرة واسعة وتمتعه بفترة طويلة من والإعداد والتدريب وخوضه سلسلة من المباراة التجريبية المحلية والدولية مع منتخبات معروفة وإقامة معسكرات داخل وخارج الوطن بإشراف مدرب أجنبي وخبير مخضرم عمل مع فرق أخرى شهيرة، ويرافقه أفضل طاقم تدريبي فني ومالي وإعلامي وحتى إستشاري وأمني، وبدعم ومساندة هيئة إدارية مخولة بتوقيع عقود خاصة بمبالغ خيالية وصلاحيات لامحدودة لتقديم مكارم سخية ورواتب مغرية لكل منتسب للفريق كلاعب أساسي أو إحتياط  أو حتى مشجع بقلمه أو لسانه وحتى في قلبه وهو اضعف الإيمان، إضافة إلى مكافئات ومخصصات لكل من يقدم أية خدمة للفريق حتى لو كان في القطب الشمالي، إلى أن يتم تحقيق الفوز النهائي والحصول على كأس البطولة النهائية ويكون بعدها لكل حادث حديث.
ولكن منذ اللحظات الأولى للمباراة تفاجئ فريق البرج بالأداء الفني المتميز واللعب الرجولي غير المتوقع للفريق الناشئ بدفاعاته وخط وسطه وهجومه وبراعة حامي هدفه، الذين بدأوا الشوط الأول على أرض الملعب الجديد لأول مرة بمعنويات عالية وتصميم أكيد على تحقيق الفوز إن لم يك في تلك، ففي المحصلة النهائية لمراحل تصفيات البطولة.
وبمرور دقائق المباراة تبخرت أحلام فريق البرج وإنهارت معنوياته واصابه الإرتباك والإعياء حين بدأت مشاعرالإحباط تتغلغل إلى نفوس لاعبيه بعد فشلهم بإختراق دفاعات فريق الاصالة وصعوبة الوصول إلى منطقة جزائه حينما وجدوا أمامهم سداً منيعاً لا يمكن إختراقه، فشرعوا وبتوجيه من المدرب بتطبيق خطة دفاعية محكمة من منتصف ساحتهم، وإستخدام إسلوب الهجمات المرتدة والإعاقة وتشتيت الإنتباه ومصيدة الإنفصال، عفواً التسلل، وإضاعة الوقت بجدالات عقيمة مع مراقبي الخطوط، والإعتراض على توجيهات مدرب الأصالة للاعبيه، حصلوا بسببها على سخط الجمهور الواعي وبطاقة صفراء.
أمَسَ لاعبي فريق البرج طيلة ذلك الشوط في حالة تراجع مستمر إلى داخل ملعبهم لإبعاد الكرة عن مرماهم بضربات طائشة، وترقب فتح ثغرة في الدفاع أو إرتكاب خطأ فني لفريق الأصالة في مناولاته القصيرة داخل منطقة جزائهم، لقطع الكرة والإنقضاض على مرمى الأصالة بهجمة مرتدة مباغتة، وبنفس الوقت كانت تراودهم أمنية الخروج من المباراة بتعادل خجول.
في فترة الإستراحة أرسل رئيس الهيئة الإدارية لنادي البرج الذي وصل مقره تواً من خارج البلاد، أحد مساعديه للتفاوض مع بعض اللاعبين البارزين في فريق الأصالة للإنضمام إلى ناديه، فقدم لهم عرضاً مغرياً ووعدهم بمستقبل واعد وعيش رغيد عند توقيع العقد معه، ثم ذكّرهم بسياسة العقاب والثواب لسيده في حالة رفضهم. فكان الإختبارالعسير لمن يبيع ماض ومستقبل فريقه بدراهم فضة فيلبس جلباب غيره ويرفع راية ليست لفريقه.
 وفي الشوط الثاني وبالرغم من محاولات الدفاع المستميتة والجهود المضنية التي بذلها فريق البرج وتراجع الهجوم إلى داخل ساحتهم وتبديل اكثر من لاعب، فقد دخل مرماه الهدف الأول بعد مناولات جميلة وإختراق دفاعاتهم بسهولة وتسديد كرة قوية مفاجئة من خارج منطقة الجزاء، أعقب ذلك عدة فرص ضائعة لأهداف محققة. لجأ فريق البرج بعدها إلى الخشونة المتعمدة أحياناً وخطة تكديس كل اللأعبين أمام مرماهم، وقد إستنفذوا لياقتهم البدنية وفقدوا معنوياتهم وهم ينتظرون بلهفة صافرة الحكم الذي بدوره إنحاز إلى جانبهم لإنقاذهم من خسارة أكيدة والخروج بأقل عدد من الأهداف.
وفي الدقائق المتبقية من وقت المباراة وعن طريق كرة مقطوعة وهجمة يائسة غير متوقعة، إقتربت الكرة من منطقة جزاء فريق الأصالة فسدد كابتن فريق البرج وهو بوضعية قلقة وحالة نفسية مرتبكة كرة بطيئة نحو الهدف، وبدلاً من إبعادها عن مرماه بسهولة، إستهان بها أحد لاعبي خط دفاع الفريق الذي يتفاخر بإمتلاكه مهارة وخبرة في السياسة، عذراً لعبة كرة القدم، فإرتكب خطأً فنياً حينما أدخل الكرة في مرماه بدلاً من إبعادها وسط إستغراب بقية أعضاء الفريق وإستهجان مشجعي الفريق..
 وفي الوقت بدل الضائع وفي محاولة مشابهة ثانية تمكن دفاع الأصالة من إبعاد كرة مفاجئة في اللحظة الأخيرة، فتحولت بتعاون وإندفاع فريق الأصالة إلى هجمة مرتدة منظمة سريعة جاء منها الهدف الثاني، ولكن الحكم ألغى ذلك الهدف الصحيح عندما تحيز مراقب الخط من إقليم الشمال ورفع راية التسلل رغم إعتراض اللاعبين والجمهور، الامر الذي أدى إلى تصاعد أداء فريق الأصالة لإحراز الفوز، ولكن صافرة حكم المباراة أنقذت الموقف.
وفي مباراة الإياب التي أقيمت في 15/5/2013 خارج الوطن قبل أسابيع أثبتت الوقائع مصداقية وموضوعية التعليق السابق في تقييم إمكانية واداء الفريقين، حيث حقق فريق الأصالة نصراً متوقعاً على فريق البرج بهدف نظيف جميل لا غبارعليه بعدما سيطرعلى مجريات اللعب خلال شوطي المباراة بشهادة الجمهور والمتابعين وإعتراف كافة خبراء الكرة، الامر الذي سينعكس على مستقبل الفريقين في مراكز الدوري للتنافس على خوض مباراة ربع أو نصف النهائي.
إن تصفيات البطولة المستمرة لا تخلو عادةً من المفاجئات، لان تلك الكرة السحرية المثيرة لا ثقة بها قطعاً، ولا صديق لها دوماً، بل الغلبة لمن يروضها بمهارته قسراً، فيقتنص فرصة سانحة ليخترق دفاعات خصمه ويسجل في مرماه بذكاء هدفاً ، حتى حينما يكون الفريق خاسراً عليه أن ينظم ويرص صفوفه رصاً، ويحافظ على لياقته البدنية والذهنية عالياً، ويهاجم بكل لاعبيه دون أن ينال منه الإحباط وصراخ مشجعي الفريق الأخر مراراً، أما وجود حكم متحيز فلا يتكررغالباً، و( رُب رمية من غير رامٍ ) لا تحدث تكراراً، وينبوع الأموال المتدفقة سينضب يوماً، حينها سيبحث الطاقم التدريبي واللاعبون المحترفون عن فريق أخر للتعاقد معه جبراً، ويتحول المشجعون لنصرة من يمثلهم حقاً، بعيداً عن إغراءات الدولار الذي ظنوا بانه الأرفع في الحياة شأناً.
                                                                  9 / 6 / 2013

113
شتان ما بين رفض الشقيق وترحيب الغريب
صباح دمّان
حينما يروم حامل الكرين كارد الأمريكي الحصول على الجنسية الأمريكية بعد خمس سنوات من إقامته في الولايات المتحدة، ينبغي عليه إجتياز إختبار للمعلومات في مقابلة خاصة مع شخص مسؤول لتقييم تأهله ليصبح مواطناً أمريكياً. روى لي أحد الأصدقاء الذين إجتازوا تلك التجربة بنجاح قبل عدة سنوات، وهو يتذكر بإعجاب كيف ألقى عليهم ذلك المسؤول بعد ترديد القسم كلمة عميقة في معانيها، عبّرَ فيها عن القيم الأخلاقية والحضارية التي يحملها والسلوك الشفاف الذي يتميز به، والمشاعر الإنسانية الرفيعة التي يجب أن يظهرها الموظف الذي يكون في موقع المسؤولية حينما يتجرد من أدران التمييز الأعمى ومخلفات التعصب المقيت ورواسب الماضي البغيض، حين قال لهم باللغة الإنكليزية وما معناه: اليوم أصبح كل منكم مواطناً أمريكياً له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، ولكن حذاري أن تنسوا أصولكم التاريخية وإرثكم الحضاري، تمسكوا بتراثكم الثقافي وحافظوا على لغتكم العريقة وإفتحوا نوافذ جديدة في وطننا لتضيفوا رافداً جديداً لما نملك من تنوع متجانس وتنافس إيجابي في كافة أوجه الحياة، إنكم بذلك تساهمون في تشييد حصانة لأجيالنا وقوة لوطننا وإرتفاعاً لبنياننا ورونقاً لمكونات مجتمعنا. تفاعلوا مع مجتمعكم الجديد في الأخذ والعطاء لكل ما هو خير لمستقبل أجيالنا ومثمر لوطننا، وأضيفوا إلى نسيجه الإجتماعي المتنوع متانة ليتكامل بكم.
وبينما كان صديقي مسترسلاً في حديثة بعفوية وإبتسامة صادقة، لاحت أمامي صورة مناقضة قاتمة لما يحدث في الوطن وتذكرت بمرارة ماذا يفعل الأشقاء الذين يرفعون رايات مضلِلة بأننا شعب مسيحي واحد، يربطنا التاريخ المشترك منذ ألاف السنين والواقع المأساوي الحالي والمستقبل المجهول الذي ينتظرنا، ولكنهم وبكل أسف يصرِون على تهميش أشقائهم وإغتصاب حقوقهم وإنكار وجودهم وإقصاء ممثليهم عن الساحة السياسية حتى وصل الحال الى التحريض ضدهم ومحاربتهم بأرزاقهم لو تمسكوا بهويتهم وإفتخروا بقوميتهم، أو لم يصوتوا إلى مرشحيهم في الإنتخابات الماضية، بينما قدموا الإغراءات والمكافئات لمن أعلن الولاء لهم والخضوع لمطاليبهم. صدق طرفة بن العبد حين قال: " وظلم ذوي القُربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند."
هل أمست تسمية شعبنا بأية صيغة اليوم أهم من وحدته ومصيره ومستقبله؟ وماذا سنفقد لو توحدنا وقلنا نحن شعب واحد بثلاث مكونات تاريخية مطرزة بنسيج إجتماعي متجانس ( كلدانية وأشورية وسريانية) ككثير من شعوب الأرض المكونة من عدة قوميات، وتعيش بمحبة وتأخي وإنسجام ؟ وماذا يخفي الإصرار والإستقتال على أن الكلدانية طائفة مسيحية وليست قومية؟ ومن المستفيد من إستهداف قوميتنا وتمزيق صفحات تاريخنا؟ ولماذا يُحارب كل من يقول بأن هويته كلدانية وينعت بمصطلحات تافهة مثيرة للشفقة لمن يكررها: إنفصالي ، إنقسامي ،  منشق(عن من !) قومجي ( أليس الأشوريون بلا إستثناء قومجيون حتى النخاع !) ؟ لماذا لا يُطلق على شقيقنا السرياني ذات الصفة وهو يعلن عن هويته القومية السريانية ؟ ولماذا الكلدان من بين كافة القوميات العراقية محرومون من التمثيل في البرلمان العراقي والكردستاني وكافة مفاصل الدولة العراقية الاخرى؟ هل يدفع الكلدانيون اليوم فاتورة افعال اجدادهم؟
ثم، هل يُعقل ونحن في القرن الواحد والعشرين أن نبتكر قومية جديدة وأن يُجيب مسيحياً حينما يُسأل عن قوميته بانه لا يعرفها وسيكتشفها قريباً، أو بانه (كلداني سرياني أشوري)، خاصة حينما يكون أشورياً، دون أن يثيرالإستغراب والإنتقاد من أبناء قومه والغرباء على حدٍ سواء ؟ مثلما يُسأل عراقي عن قوميته فيجيب بانه ( عربي كردي تركماني ... )، وهل يمكنه أن يدون ذلك في حقل القومية في إستمارة الاحصاء في التعداد السكاني القادم دون تردد وحيرة وإرتباك، يرافقهم شعور بالنقص وتوبيخ للذات وعدم الوفاء للأجداد.
كم ضحينا بمناصب ومواقع وإستحقاقات برلمانية وإدارية ووظيفية وإجتماعية وثقافية وغيرها بعد سقوط النظام السابق من جراء هذا التشرذم الذي إحدى نتائجه تشتت مكونات شعبنا وتقوقع أحزابنا وإنغلاقها على ذاتها وتذبذب علاقاتها ما بين التحاور ظاهرياً وما بين الغطرسة والإنتهازية وتفضيل المصالح الشخصية في واقع الحال؟ كم قدمنا من خسائر في معاركنا على لون رايتنا، بينما أهملنا قضايانا المصيرية وتجاهلنا ما يجمعنا ويوحدنا وألغينا المساحات المشتركة الكثيرة بين مكونات شعبنا ؟ كم هي اعداد من المهاجرين من شعبنا نتيجة ضعفنا وإنشغالنا في صراعنا البيزنطي على أصل البيضة والدجاجة، في حين فشلنا في توفير الأمن والإستقرار لهم وتركناهم يواجهون مصيرهم لوحدهم؟ هل نسينا معنى حمرة الخجل حينما نخاطب من قبل البعض: "لنذهب ونتوحد ثم نعود للمطالبة بحقوقنا"؟ هل نحتاج وصفة طبية  لتناول جرعات من التواضع والتسامح والتضحية من أجل الأخرين وهي جوهر ديانتنا المسيحية؟ هل يتوجب علينا أخذ حقن من لقاح ضد التعصب والحقد والكراهية والطموحات غير المشروعة وتضخيم الذات؟
ومن الجانب الاخر أعود لأتسأل: أي دمج أو ربط أو توحيد بين مكونين أو حزبين أو شعبين تم بالإكراه وفرض الأمرالواقع كُتب له النجاح ؟ وأي وحدة بين دولتين دامت لعقود لا بل لسنين على مرالتاريخ دون إرادة شعبية وحسن نية وثقة مطلقة بالقيادة وقناعة بالإنتماء ومشاعر مشتركة بعدالة القضية، وبعد تهيئة الأرضية المناسبة لها والمناخ الصحي الذي يساعد على نضوجها وديمومتها؟ هل إستمرت الوحدة القسرية الهشة التي فرضتها بعض الزعامات العربية في الستينات والسبعينات بقرار سياسي على شعوبها التي كانت يوماً أمة ودولة واحدة تجمعها القومية واللغة والدين والأرض والتراث والتقاليد المتشابهة والماضي المشترك وخصائص إجتماعية أخرى، كالوحدة بين مصر وسورية (الجمهورية العربية المتحدة)، وبين العراق والاردن (الإتحاد العربي)، ثم بين مصر وسورية والعراق....؟ إضافة إلى مثيلاتها في أوربا خلال العصر القديم والحديث لصهر دول عديدة مع بعضها كانت تجمعها قواسم مشتركة كثيرة وتواجه تحديات مصيرية وتسعى نحو طموحات واعدة، كتب لها الفشل وتفككت لأنها فُرضت دون تخويل شعبي وفي ظروف إستثنائية غير طبيعية، وبُنيت لتحقيق أهداف مرحلية موقتة أو إجتياز أوضاع غير مستقرة، إضافة إلى إنتهاجها سياسة تفضيل مصالح طرف على حساب الطرف الأخر دون مراعاة لحقوق ووجهة نظرالشريك الشرعي المفترض، وفي ظل غياب الديمقراطية والحرية والعدالة بين كافة الأطراف.
ولتعجيل مسيرتنا والوصول إلى أهدافنا وفرض الأمر الواقع للإعتراف بهويتنا القومية، الذي سيساهم دون شك بتكافئ الفرص وتحقيق العدالة بين مكونات شعبنا المسيحي، عليكم أيها الكلدانيون أينما كنتم اليوم في ربوع الوطن الغالي أو في المهجر أم عالقين أمام أعتاب دوائر الهجرة في محطات الغربة، أن تظهروا مشاعركم النابعة من إيمانكم  في أي مجال تجدونه ممكناً وتوقظوا تلك الأحاسيس الدفينة في أعماقكم وتوقدوها في نفوس أبنائكم وأحفادكم، لتطرزوا بأناملكم في ذاكرتهم الحروف الجميلة لهويتنا الكلدانية، فتساهموا في رسم لوحة مشرقة لماضينا ورفع راية مميزة مع رايات بقية أشقائنا في حاضرنا وتشاركوا في بناء مستقبل أمن مستقر زاهر لشعبنا في الوطن .
وبنفس الوقت نحث أبناء شعبنا المسيحي بكافة مكوناته من السريان والأشوريين والكلدان وغيرهم بمطالبة قادة أحزابنا وكنائسنا بتجاوز عقدة التسمية التي تنخر بجسدنا كمرض عضَال، ومعالجة عقدة الأنا التي أمسىت تستعمر عقولنا، وإيقاف التراشق الإعلامي المخجل بيننا كشرط للدخول في مفاوضات بين القوى والأحزاب السياسية تمهيداً لتوقيع ميثاق شرف كخارطة طريق، يجري بعدها إنتخاب قيادة موحدة من بين اعضائها لتنسيق الجهود من أجل المطالبة بحقوقنا المهضومة، وتوفير الأمن والإستقرار وفرص العمل في أماكن تواجد أبناء شعبنا في قرانا وبلداتنا ومدننا في وطننا والذي سيساهم بتثليم أنياب الهجرة المنفلته التي تنهش بكياننا. هذه الطموحات المخلصة لو تحققت سوف تنعكس إيجابياتها أيضاً على ترابط أبناء شعبنا في كافة دول المهجر بعد أن عصفت بنا رياح التخندق وزُرعت بيننا جذور التفرقة حتى داخل أسوار أبناء البلدة الواحدة. وأخيراً أقول : ما ضاع حقٌ وراءه مُطالب، ومن جدَ وجد ومن سار على الدرب وصل.
                                                                                                           3 / 6 / 2013

114
حديث عن عرس كلداني في ديترويت
صباح دمّان
راهن الكثيرون على فشل المؤتمر الكلداني العام الذي إستضافه بكل مسؤولية وجدارة المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد في ديترويت قبل إنعقاده ، وأسهبوا في  تنبؤاتهم مستندين إلى جملة من معطيات المؤتمرات السابقة ناسين أو متناسين بان كل شيء في هذا العصر قابل للتغير ما دامت عجلة الزمن في حركة دائمة والحياة في تطور مستمر، إضافة إلى رغبتهم الجامحة النابعة من مشاعر الضغينة في اللاوعي من عقولهم التي توحي لهم بحتمية حصول ذلك. أقولها بكل صراحة وموضوعية ودون مجاملة للإخوة في المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد، بأن المؤتمر كان بحق عرساً كلدانياً من حيث التنظيم والفعاليات وتقديم الخدمات والسهرعلى راحة الضيوف منذ اللحظة الاولى لوصولنا وحتى ختام الجلسة الاخيرة وإعلان بيانه ومقرراته.
في الجلسة الإفتتاحية كانت المفاجئة لا توصف من حيث عدد ونوعية الضيوف المدعويين: سيادة المطران إبراهيم إبراهيم وسيادة المطران باوي سورو وممثل سيادة المطران سرهد جمو الاب نؤيل كوركيس، إضافة إلى حضور السيد باقر كشميري ممثل عن السيد السيستاني والسيد المنهل الصافي القنصل العراقي في ديترويت والسيد داسكو شيروان ممثل حكومة إقليم كردستان ومسؤولون أخرون من شخصيات أمريكية وكلدانية ومستقلة بارزة من أرض الوطن والولايات المتحدة واوربا واستراليا وكندا إضافة إلى عدد كبير من المثقفين والمفكرين والكتاب والمؤرخين وأبناء الجالية .
كلمة سيادة المطران إبراهيم إبراهيم كانت عميقة بمدلولاتها، أصيلة بمفهومها وثابتة في مبادئها حينما أسهب في ذكرحقائق وشواهد تاريخية من صفحات الماضي لا يتناطح بها عنزان على أصالة قوميتنا وتاريخ حضارتنا.
إعتلى بعده المنصة سيادة المطران مار باوي سورو الذي خاطب الحاضرين بصراحته المعهودة النابعة من إيمانه العميق برسالته الكنسية ومن نقاء وجدانه. وقف الحضور لتحيته وإظهار محبتهم لسيادته كما فعلوا مع سيادة المطران إبراهيم إبراهيم، وصفقوا له طويلاً وهو يحييهم بإبتسامة وتواضع وإحترام متبادل.
كانت تلك الكلمات وما تفضل به بقية الخطباء بمثابة المحفز الذي أطلق المشاعر الكامنة من ثنايا نفوس المؤتمرين وخاصة مسؤولي التنظيمات الكلدانية الأربعة ورفاقهم، لبذل أقصى الجهود من أجل ترجمتها إلى فعل مؤثر وقرار شجاع لنبذ الخلافات وقلع الترسبات الماضية وتوحيد الكلمة للخروج بخطاب سياسي موحد وبيان تاريخي معتدل ليكون اللبنة الأولى لإنطلاقة جديدة موحدة نحو مستقبل مشرق لشعبنا الكلداني بشكل خاص، وشعبنا المسيحي في الوطن والمهجر بشكل عام.
كانت جلسات المؤتمر مفعمة بالروح الأخوية والصراحة المتبادلة بين كافة المشاركين، سادتها أجواء من الموضوعية في المناقشات، وتبادل الأراء، وحرية طرح المقترحات وقبول الأخر بعيداً عن التعالي وحب الذات وتفضيل المصالح الخاصة على المصلحة القومية بطريقة لم يعهدها الكلدان في إجتماعاتهم السابقة، وبلا شك تخللتها أحياناً إختلافات في وجهات النظر فيما يتعلق ببعض القضايا المطروحة للنقاش وهي حالة صحية وظاهرة طبيعية. أما الجلسات المسائية فقد خُصصت للفعاليات الثقافية والفنية من إلقاء قصائد شعرية ونتاجات نثرية وعروض مسرحية جميلة بلغتنا الكلدانية.
لقد تميزت مبادرات رؤوساء الاحزاب الأربعة وكوادرهم المتقدمة بالجرأة والشفافية والصراحة ونكران الذات وإظهار المرونة السياسية، الامر الذي أدى بعد مداولات مستفيضة إلى إزالة جليد الخلافات المتراكمة، ثم توقيع وثيقة شرف كخطوة أولى لدخول الإنتخابات البرلمانية القادمة بقائمة واحدة وتوحيد تنظيماتها السياسية بعد بناء قاعدة خرسانية صلبة لتبني عليها هيكلها وتعيد معها الأمال لمستقبل شعبنا في حصوله على حقوقه القومية والدستورية إسوة بباقي القوميات الأخرى، وهذا الإنجاز الفريد سيغير موازين القوى ويغير نظرة أبناء شعبنا لأحزابه السياسية عند الإلتزام بها وتنفيذ أخر فقرة من فقراتها.
أما دور أعضاء المنبر فكان مؤثراً في النتائج الإيجابية المميزة التي حققها المؤتمر بدءاً من الدكتور نوري منصور بنشاطه الدؤوب وروحه الشبابية وطروحاته السلسة في إزالة العقبات التي طفت على السطح أحياناً وهي حالة طبيعية نتيجة الظروف العصيبة التي مرَ بها شعبنا، والأخ فوزي دلي في لجنة إدارة المؤتمر، مع رئيس اللجنة الدكتور عبد الله رابي والاخت سهى قوجا، بمداخلاته التوفيقية وتعليقاته المرحة التي أضفت على الجلسات نوعاً من الإنسجام والمحبة والإرتياح. أما الاخ قيس ساكو بهدوئه في طرح أفكاره وجرأته في التعبيرعن رأيه جعل بعض المواقف تبدو أكثر وضوحاً من اجل تذليلها والتغلب عليها، والاخ جمال قلابات بإسلوبه العلمي وتوضيحاته العملية في طرح أرائه، والأخ شوقي قونجا بتقديمه فقرات الأمسيات وإلقائه الشعر والنثر بلغتنا الجميلة وتعليقاته الظريفة بثت المتعة والألفة في نفوس الضيوف. كذلك بقية الإخوة : عادل بقال، ساهر يلدو، وأخرون لا تسعفني ذاكرتي لإضافة أسمائهم، الذين وضعوا أنفسهم مع سياراتهم في خدمة الضيوف ولبوا طلباتهم في تنقلاتهم بطيب خاطر وتواضع مشكور طيلة الأيام الخمسة التي نقشت صورة جميلة ستبقى عالقة في أذهاننا لحين موعد إقامة المؤتمر القادم الذي سيعقد بمشيئة الرب على أرض الوطن حينما نكون قد شهدنا نقلة نوعية في تحسين ظروف أبناء شعبنا المسيحي هناك . كما لا يسعنا إلا أن نذكر بكل فخر وإعتزاز دور الكتاب والمثقفين المستقلين ورؤوساء الجمعيات والمنظمات الكلدانية في انحاء العالم الذين كان لهم كلمة مسموعة لإنجاح المؤتمر والتوصل إلى إجماع عام في مقرراته.
ولا ننسى الدور الكبيرللإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان في إنضاج المؤتمر ببحوثه وإدارته ونشاطاته وطروحاته الوسطية من أجل التوصل إلى نتائج إيجابية للتغلب على بعض الخلافات التي واجهت المؤتمرين في بعض الجلسات، إضافة إلى عقده إجتماع خاص على هامش المؤتمر في اليوم الأخير حضره رئيس الإتحاد وأعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة وأعضاء الهيئة العامة كُرس لتقييم نتائج المؤتمر وتداول عدداً من القضايا التي تتعلق بتنظيم ونشاط الإتحاد وأحداث الساعة والظروف الدقيقة التي يمر بها شعبنا في الوطن .
وإلى الملتقى في المؤتمرات القادمة حينما تكون كافة التنظيمات الكلدانية قد إنصهرت في بوتقة واحدة، أو توحدت في جبهة رصينة مع كافة القوى والمنظمات والإتحادات الكلدانية الأخرى، وحينما نمد أيدينا نحن الكلدان والأشوريين والسريان وبقية الطوائف المسيحية إلى بعضنا البعض بإخلاص وصدق وإيمان للعمل كرجل واحد من أجل نيل حقوقنا القومية والدستورية، بعد أن نخرج من شرنقتنا البالية ونهبط من برجنا العاجي لننقي قلوبنا وننبذ خلافاتنا ونتخلى عن طموحاتنا غير المشروعة ونستبدل الشعارات الخيالية ببرامج واقعية مقبولة ، ثم نمهد الطريق لتوحيد كنائسنا تحت خيمة واحدة جامعة رسولية ليستظل بها شعبنا المسيحي بكافة مذاهبه وطوائفه ومسمياته، ولنستعيد من بعدها المكانة التي تليق بنا كشعب أصيل متحضر عريق علًم البشرية الحروف الأبجدية ووضع أولى القوانين وإبتكر العجلة وقسم الزمن، وفتح لها بوابة العلم والمعرفة وأنار أمامها دروب التطور والرقي التي تنعم الإنسانية بتناول ثمارها اليوم، وليثبت هذا الشعب بأن جذوره ما زالت متوغلة في أعماق سهول وجبال وطنه، وأن أمجاده ستبقى مطرَزة على صفحات تاريخه.
                                                               25 / 5 / 2013

115
أثرية قد تُغيرالنظرة اليهودية للمسيحية
عن أحدى وسائل النشر / صباح دمّان
قال باحث إسرائيلي ان لوحة حجرية يعتقد أنها تعود إلى القرن الأول قبل المسيح يمكن أن تعيد الرابط بين الديانتين المسيحية واليهودية ، إذ تكشف أن اليهود كانوا يؤمنون بمسيح منتظر يقوم من الموت بعد ثلاثة أيام على حد قوله . ويؤكد عالم الأثار الإسرائيلي " إسرائيل كنول " ، أن فك رموز النص العبري المكتوب على اللوحة يمكن أن " يقلب رأساً على عقب نظرتنا إلى شخصية يسوع المسيح التاريخية ".
وفي حديث مع وكالة فرانس بريس قال العالم الذي يدرّس العلوم المتعلقة بالعهد القديم في الجامعة العبرية بالقدس أن " هذا النص يمكن أن يشكل الحلقة الناقصة بين اليهودية والمسيحية إذ يظهر أن إيمان المسيحيين بقيامة السيد المسيح موجود أصلاً في التقليد اليهودي" .
اللوحة يملكها حالياً صاحب مجموعات أثرية في مدينة زيوريخ السويسرية. وقد ذكر لوكالة فرانس بريس أنه إشتراها في لندن من تاجر أثار أردني . ويعتقد أن مصدر اللوحة هو الضفة الغربية الأردنية من البحر الميت .  والنص العبري الذي يحمل أبعاداً رؤيوية تتعلق بنهاية العالم مكتوب على أنه " ظهور الملاك جبرائيل" بالحبر على الحجر ويتضمن 87 سطراً . وقد زالت بعض الأحرف تماماً بفعل مرور الزمن .
ويتمحور تحليل العالم كنول بشكل أساسي حول فك رموز السطر الثمانين في النص حيث توجد عبارة " في ثلاثة أيام" متبوعة بكلمة نصفها ممحي يعتقد العالم أنها تعني "يحيا ". وبحسب العالم، يعلن النص أن الملاك جبرائيل سيقيم " أمير الأمراء " من الموت بعد ثلاثة أيام ، علماً أن أمير الأمراء في التقليد اليهودي عبارة تدل على السيد المسيح . ونُشر وصف اللوحة إضافة إلى النص الموجود عليها في مجلة " كاتيدرا " الإسرائيلية المتخصصة في التاريخ وعلم الأثار في عام 2007.  
30/3/2013

117


بيان صادر عن
المنظمة العالمية للهجرة ومساعدة اللاجئين
حول رفع دعوة قضائية دولية
لإستعادة حقوق شعبنا المسيحي
لاكثر من خمسة عقود يعيش أبناء شعبنا الكلداني بشكل خاص والمسيحي بشكل عام، وهم السكان الأصليون لبلاد ما بين النهرين وضعاً مأساوياً قل مثيله، من حالات الإضطهاد والقتل والتشريد في المدن التي عاش فيها أباؤهم وأجدادهم، وتهديدهم لترك دورهم ومناطق سكناهم وتهجيرهم من أراضيهم وقراهم، وأخيراً عملية التغيير الديموغرافي المنظمة لما تبقى من بلداتهم المبعثرة على الحافات الأخيرة من وطنهم.
لقد حُرم هذا الشعب الذي وهب البشرية العلوم والمعرفة منذ فجر التاريخ وقدم لها القوانين لتنظم حياتها وإبتكر لها حروف الكتابة ، ووضع الأسس المتينة التي شيدت عليها الحضارة الحديثة بنيانها، وجٌرد من حقوقه الإجتماعية والدينية والإدارية والدستورية منذ عقود وقرون.
إن شعبنا الأصيل يعيش اليوم بين مطرقة الإرهاب والإضطهاد وعداء القوى الظلامية التي تستهدفه دون هوادة ، وما بين سندان الحكومات المتعاقبة  التي مارست وتمارس ضده سياسة التهميش والاقصاء والتهديد من أجل مصادرة كافة حقوقه وتشريده من وطنه للإستحواذ على بلداته وقصباته وأراضيه في صراع ديموغرافي وقومي ومذهبي مكشوف.
لقد إسبشرنا خيراً بعد سقوط النظام السابق وتطلعنا لإستنشاق نسيم الحرية وتذوق طعم الديمقراطية بعد سبات طويل، ولكن طموحاتنا المشروعة وأحلامنا الوردية تلاشت حينما بدأ التاريخ بمأسيه وصفحاته السوداء يعيد نفسه، لا بل تم إستخدام أساليب غادرة وسياسة ماكرة في تهديد وتهجير أبناء شعبنا ، وتفجير كنائسنا وإختطاف وقتل رجال ديننا المسالمين والتسترعلى الفاعلين بالإحتفاظ بمحاضر التحقيق من أجل المساومات السياسية.
إن إستهداف شعبنا هو حلقة من حلقات ذلك المخطط الظلامي القديم لتفريغ العراق من أبنائه الاصليين وإلغاء هويتهم وشطب إسمهم من سجلات التاريخ بطريقة مبرمجة ومنهجية وإرغامهم على ترك وطنهم وجعلهم يعيشون لاجئين في الشتات من أجل الاستحواذ على إستحقاقاتهم الدستورية وتوزيع ثروات وطنهم كغنائم بين الأحزاب الحاكمة. والأنكى من ذلك هو تحول من كانوا ضحايا في العهد السابق الى حكام مستبدين، يرفعون رايات الحرية والديمقراطية ظاهرياً، ولكنهم في واقع الحال يصادرون حقوق المكون المسيحي وهو الشعب الرافديني الأصيل، ويعملون على إقتلاع جذوره التاريخية العريقة بدءاً من البلدات والمدن الجنوبية وصعوداً إلى بغداد ثم مركز نينوى وأطرافها، وأخيراً إقليم المحافظات الشمالية ، متناسين وضاربين عرض الحائط القوانين الدولية ولوائح حقوق الإنسان العالمية والتي تساندها الدول المتقدمة التي تدافع عن حقوق الشعوب المضطهدة والأقليات العرقية التي تعيش تحت نير الأنظمة المستبدة .
ومن أجل إستعادة الحقوق المغتصبة لشعبنا الكلداني الأصيل بشكل خاص وشعبنا المسيحي بشكل عام، نعلن بأن المنظمة العالمية للهجرة ومساعدة اللاجئين العالمية قد رفعت دعوة  قضائية على الحكومة العراقية المركزية وحكومة أقليم كردستان، وقدمت الى الهيئات المتخصصة لدى الامم المتحدة وبعض المسؤولين في الحكومة الأمريكية والاتحاد الاوربي مستمسكات وأدلة وحقائق تاريخية لتوثيق وتثبيت هذه الحقوق الإنسانية والشروع بتنفيذ الاجراءات القانونية اللازمة لإستحصالها.
عليه نهيب بكافة أبناء شعبنا الكلداني في العراق وفي محطات الغربة ودول المهجر اللحاق بالركب والانضمام الى هذه الدعوة بملأ الأستمارة المرفقة وإعادتها إلينا بأقرب وقت ممكن .
عن اللجنة الإعلامية
 العنوان
Chaldeanrights@hotmail.com
موفق السناطي

118
حَذاري من غضب الحليم
صباح دمّان
هنالك شريحة من البشر تشمل نوعان من الرجال، يتصف الأول بروح إستعلائية متعصبة وحقد متأصل تجاه من لا يتفق مع أرائه ويتقاطع مع مبادئه، ويختزن في أعماقه رغبة جامحة لفرض أفكاره وأجندته على الأخرين بكل السبل المتاحة أمامه للوصول إلى غايته بغض النظرعن شرعيتها ومصداقيتها والتصدع التي تولده بين قومه، وأحياناً يميل إلى محاكاة مشاعره وعقله الباطن بأنه يسيرعلى درب الصواب وأن خصومه على وهم وضلال، فعليهم تصحيح مسارهم والجري وراءه على الطريق الذي رسمه كونه متعطش للقيادة والشهرة والمال.
ولتحقيق ما في مخيلته من أحلام، وفي أعماقه من طموحات فإنه يستخدم أساليب ماكرة لتبريرأفعاله ويرفع شعارات تناقض ما بداخله ويوحَى إليه أن الكل يصدقونه ولا يدري بأن لعبته أصبحت مكشوفة، وحالته على أرض الواقع كمن يبنى قصراً على رمال في صحراء نائية متوهماً بأنه يسكن في قصرعلى قمة رابية مرتفعة وكل من حوله أدنى منه مرتبة، وهم  سعداء بخدمته وفخورين بتقديم الطاعة والولاء لزعامته، أو يتخيل نفسه كقائد تاريخي أمام منصة خطابية والجماهير ملتفة حوله ترفع صوره وتهتف بإسمه، أو كرئيس دولة إختاره الشعب بإنتخابات ديمقراطية حرة، فيزاول حقه الدستوري في إصدار الأوامر والتعليمات ومكافئة المقربين منه.
هذا الصنف من الرجال مغترب عن ذاته متباهي بشخصيته، لا يحترم المقابل ولا يٌقًرب أحد منه إلا لخدمته، يضحي بأي زميل أو صديق ورفيق من أجل مصلحته حتى لو كان من أبناء عمومته، وكلما شعر بأن غريمه طيب القلب، متسامح مع هفواته، ولا يقابل إساءته بالمثل لأنه مؤمن بأقوال سيدنا يسوع المسيح " أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا من أجل الذين يسيؤون إليكم " يزداد تمادياً في كبريائه وتتصاعد نظرته المتغطرسة لخصومه فيتجاوزعلى صلاحيات أصحاب الشان ويحاول الإستحواذ على مواقعهم وإزاحتهم عن مراكزهم الرسمية أوالدينية التي ليست هبة لهم من أحد، ويتصرف بالنيابة عنهم في إتخاذ قرارات من صميم مسؤولياتهم، وبأساليب غير نزيهة ظناً منه أن تسامح ووسع صدرالمقابل نابع من قلة إيمانه بقضيته وعدم شرعية مواقفه وغياب المساندة الشعبية له.
 البعض يتناسى بأن سلطة غبطة الكاردنال عمانؤيل دلي الثالث، المسالم بشخصيته، المتواضع بمكانته، والحكيم بنظرته الثاقبة للظروف المحيطة بأبنائه والحريص دوماً على أمن وسلامة شعبه، هي التي تحدد مسؤولياته وتفرض عليه واجبات وإلتزامات أدبية ودينية وتاريخية وإجتماعية، لأن شعار هذا الشيخ الوقورالمؤمن بالوطنية والمثل الإنسانية هو: إزرع المحبة والتسامح والخير، تجني الود والسلام وتقديرالغير، كونه يحترم أي إنسان بغض النظرعن إنتمائه وجنسه ودينه ومذهبه وقوميته، وليس من منطلق الضعف وعدم إدراكه لمركزه ومستوى من حوله، إضافة إلى أن الأوضاع الإستثنائية المعقدة تفرض عليه إتباع دبلوماسية تختلف عن سياسة من سبقه من البطاركة الاجلاء كمثلث الرحمات مار بولص الثاني شيخو ومار يوسف عمانوئيل الثاني توما و..... ، في ظروف توفرت فيها سلطة وقانون وإستقرار أمني إلى حد كبير.
أما الصنف الثاني فيحمل نفس الصفات وبذهنه ذات الطموحات، غير انه يتميز بقليل من الواقعية والمراجعة الذاتية لمواقفه بين فترة وأخرى، والإستفادة من التجارب المبنية على التحليلات المنطقية حينما تستجد أمامه أحداث خطيرة وتواجه الأمة تحديات مصيرية في أن تكون أو لا تكون، مما يتطلب إتخاذ قرارات توافقية للوصول إلى برالأمان، فيتراجع عن بعض مواقفه المتزمتة ويحيد بمسيرته لينسجم مع من حوله في تحديد الهدف المشترك، فيستعيد مكانته بين أبناء شعبه ويذكره التاريخ بفخر ويطرز إسمه على صفحاته.
وما عسانا أن نقول للصنف الاول من الرجال في هذا الزمن الاغبر، زمن التزوير المباح والتباهي بالنفاق والكذب العلني دون وجل من عتاب أو خجل من عقاب، حين أتذكر كيف إنتشر في كافة أنحاء بغداد قبل سنوات خبر تزوير توقيع سيدنا البطريرك في أحدى الزوايا الحزبية المظلمة لاحد الأحزاب، لترشيح إحدى الشخصيات المسيحية من أجل تسنم حقيبة وزارية، وكيف تم كشف تلك اللعبة المخجلة من قبل رئاسة الوزراء، بيد أن سيدنا البطريرك ذو القلب الطيب، فضل عدم إثارة الموضوع والتكتم على الامر لتفادي فضيحة سياسية وأخلاقية كانت ستظل عالقة في ذاكرة تاريخنا، وإنعكاساتها السلبية تبقى تخدش سمعة شعبنا المسيحي طويلاً.
نحن نؤمن أن رسالة كنيستنا الكاثوليكية هي إشعال الشموع في دروب البشرية الوعرة وممرات الحياة المظلمة، وإنارة عقول الضالين ليروا مجد الله، وقد قًدمتْ تضحيات وأعطت شهداء وتحملت الإضطهاد والتنكيل والتخريب منذ قرون دون ضعف إرادة أو تراجع إيمان، وفي مسيرتها خلال العقود المنصرمة وبحكمة سياستها، أثبتت مكانتها وحافظت على كيانها وسلامة أبنائها بالرغم من خطورة بعض المنعطفات التاريخية التي إجتازتها. وقد كرّس سيدنا نفسه لهذه الخدمة على درب من سبقوه من البطاركة الأجلاء، يعاضده في مهامه غبطة المطران شليمون وردوني وبقية المطارنة الكرام والأباء الافاضل، ويشاركهم في حمل هذه الرسالة السماوية الجسيمة كافة رؤوساء ورجال الكنائس الموقرين لبقية الطوائف الاخرى.
لذا يجب أن لا يغيب عن أذهان بعض المغرورين والمخدوعين أن القائد الحكيم يبدو في معظم أوقاته هادئاً متواضعاً منشغلاً، ولكنه ينتفض ضد من يستفز كرامته ويتجاوز حدوده وعندما يجد الخطر يدنو من أبنائه ويهدد مستقبل شعبه.
                                                         26/1/2012

119
مفاهيم متناقضة لبعض قادة شعبنا 
في خضم تحديات مصيرية ومستقبل مجهول
أدلة وبراهين
صباح دمّان                                                                                      
لقد أثبتت أحداث السنوات الماضية بأن معظم الأحزاب الأشورية والشخصيات القيادية فيها، تمارس سياسة وتطبق مبادئ متناقضة في الجوهر والأهداف مع الشعارات التي ترفعها، كالسير في إتجاهين متعاكسين لا يمكن أن يلتقيا مهما إزدادت المخاطر التي تواجهنا وتصاعدت وتائر العنف ضد شعبنا، لان الغاية هي التمويه وإقناع البعض بأن التصورات التي في مخيلتهم حقائق، والأحلام الوردية التي تراود نفوسهم هي واقع منظور وصور جلية حية.
يتضمن المسار الرئيسي الأول، العمل بكافة الوسائل المتاحة وتسخير كافة الإمكانيات المادية والإعلامية لشطب التسمية الكلدانية من الخارطة الجغرافية العراقية ومحو الفكر القومي من ذاكرة شعبنا بأساليب التشكيك والتشويه مع فرض الحصار ثم الإغراء، وبالتزامن مع مخطط مبرمج ينفذ على كافة الأصعدة والقنوات مع ترك مساحة إفتراضية للمناورة وتبادل الأقنعة عند الضرورة من أجل ثبيت الهوية الأشورية لكافة مسيحي العراق تطبيقاً لنظامهم الداخلي وإستراتيجيتهم المرسومة.
 أما القطارالثاني الذي يدور في دائرة مغلقة من أجل التضليل وصرف الإنتباه عن المسار الحقيقي الأول والتغطية على مكامن الخطورة فيه، فهو يعتمد على المناورة والتكتيك المبرمج وطرح شعارات مرحلية للإستهلاك المحلي والتسويق الخارجي بالدعوة إلى توحيد مكونات شعبنا الواحد بشعارات برّاقة لغرض خلط الأوراق وإرباك الأفكار وإغواء البسطاء الطيبين من الكلدان وددغة المشاعر القومية الأصيلة لبعض المثقفين الحريصين على وحدة شعبنا ومصيره في الوطن والمهجر، لأن الإعلان عن الأهداف المرسومة ورسم المسار الحقيقي في الوقت الراهن لا يخدم مصالحهم الحالية وخططهم المستقبلية.
ولتوثيق ذلك أطرح أمام حضراتكم بعض البراهين والأدلة على سبيل المثال لا الحصر التي تثبت أن غالبية أشقاءنا الأشوريين لهم مبادئهم الثابتة وقناعاتهم الراسخة التي لا تتغير مهما تباينت الشعارات وإختلفت نماذج المشاريع التي يطرحونها من أجل تشويه هويتنا وإلتهام قوميتنا ودعم النظرية القائلة بأن كل المسيحيين في العراق وإيران وتركيا وغداً في الدول الأخرى هم جميعاً أشوريون وإن إختلفوا تطبيقاً للشعارالمستحدث " أمة أشورية واحدة ... ذات مذاهب متعددة."
1. بعد سقوط النظام السابق وعلى ما أتذكر في عام 2005 عندما كنت ضمن قيادة المجلس القومي الكلداني وكنت في لقاء مع بعض الإخوة في مقره في بغداد قبل مغادرتي إلى سوريا عام 2007 وإنسحابي من المجلس وهجر العمل السياسي نهائياً، حينما إتصل أحد رؤوساء الأحزاب الأشورية بالأخ فؤاد بوداغ الذي كان سكرتير المجلس حينذاك وأبدى رغبته بزيارة المجلس لأجراء مناقشات حول بعض المستجدات على الساحة القومية وخاصة موضوع الإنتخابات البرلمانية التي كانت على الأبواب، فتم إستقباله والترحيب به من قبل رئيس المجلس وكافة أعضاء القيادة. وقبل بدء المباحثات أردت سماع رأيه الصريح ووجهة نظر حزبه بهوية شعبنا فقلت له " لو سمحت ميوقرا: ما هو رأيك ورأي حزبكم الأشوري بالكلدان؟ فأجابني على الفور ودون تردد وتفكير أو إحترام لأعضاء قيادة المجلس الجالسين معه وكأن الموضوع حقيقة ثابتة لا مجال فيها للشك والجدال "طبيعي الكلدان مذهب"، فقلت له: حينما دخلت هذا المبنى، هل قرأت اللوحة على المبنى بأنها جمعية خيرية كلدانية أم أننا في كنيسة كاثوليكية، أو غير ذلك ؟ ثم كيف تجري حوار بين حزبكم السياسي وممثلي مذهب ديني؟ نظر إلى بضعة لحظات وحين أراد الإجابة، ولإنقاذ الموقف وعدم إحراج المقابل، تدخل الأخ فؤاد بوداغ وطلب منه طرح الأفكارالتي كان يحملها والمبادرة التي جاء من أجلها، لا بل الإستماع إلى حلقة معادة من مسلسل" يجب إلغاء قوميتكم لتوحيد شعبنا " بعبارة صريحة، كيف يضحك السياسي على الذقون.
2. اٌقيمت ندوة في النادي الأثوري في الكرادة الشرقية حضرها عدد كبير من الأشقاء الأشوريون والكلدان المؤمنين بالكلدوأشورية. وبعد إلقاء كلمات ومناقشات ومقترحات، صعد إلى المنصة أحد الإخوة الأشوريين وقال خلال حديثه بالأثورية وبالحرف الواحد دون إظهار أي إحترام للحاضرين: " أنّه كلباي(وليس كلدايي) بيي هديّه دأوديله اٌمثة"(هؤلاء الكلاب يريدون أن يصنعوا لهم أمةً الأن). وكادت الندوة أن تنقلب إلى حدث مخجل لولا تدخل بعض الطيبين والخيرين والإعتذار من قبل بعض الأخوة الأشوريين المثقفين، وكل من حضر تلك الندوة، ويقرأ هذه المقالة يشهد على صحة هذا الحادث. وهنا أتسأل إن كانت تلك الأفكار شخصية لفرد واحد بعيدة عن إستراتيجية ومبادئ معظم الأحزاب الأشورية أو وجهة نظر كافة الساسة الأشوريين؟ وإليكم الجواب:
3. في ندوة ديترويت وسان دييغو في الولايات المتحدة عام 2009 التي عقدها الأخ يونادم كنا رئيس اكبر الأحزاب الأشورية والتي حضرها عدد كبير من الكلدان والأشوريين، وبدلاً من الدعوة إلى لم الشمل وتوحيد الخطاب السياسي وإيجاد القواسم المشتركة التي تجمعنا لمعالجة واقع شعبنا المأساوي في الوطن وكيفية إيقاف نزيف الهجرة، تطبيقاً للشعارات التي تنادي بها حركة زوعا، كان همه الوحيد إثبات أن الكلدان مذهب وليس قومية كما قال زميله الأخر رئيس الحزب الأشوري قبل سنوات حين قال: "إجلبوا لي حجراً واحداً مكتوب عليها كلمة "كلدان" لكي أعترف بأن الكلدان قومية، وتناسى أن هذه الكلمة مذكورة عشرات المرات في الكتاب المقدس وكتب التاريخ وليست مكتوبة على حجر، وربما لم تسمح له ظروفه أن يطالع أمهات الكتب المذكورة فيها ولم يقرأ عن المؤرخيين الذين تناولوا أصول الأقوام في مؤلفاتهم. 
4. صرح الاخ يونادم كنا "ممثل المسيحيين في البرلمان" كما يدعي، قبل مدة عند إجابته على سؤال من مقدم برنامج على قناة البغدادية حين سأله عن الفرق بين الكلداني والأشوري، وكرر نفس الإجابة عندما سأله مرة ثانية عن الفرق بين الأثوري والأشوري وكاّن الجواب مبرمج: "كل أشوري يصير كاثوليكي تابع لروما يُسمى كلداني أوتوماتيكياً" (وليس يدوياً)، لم أستطع تخيل كيف! إنه تناقض مع الشعار الذي ترفعه منظمته زوعا، إضافة إلى إتهام الكلدان بتبعيتهم إلى دولة أخرى وإنكار وجودهم التاريخي والإستهزاء بحاضرهم والسخرية من هويتهم.
5. أما تصريحات وخطب المسؤولين الأشوريين وكبار رجال الدين وهم ينادون في كافة المناسبات بالشعب الأشوري وأن كافة المسيحيين من الكلدان والسريان وغيرهم هم جزء من الأمة الأشورية العظيمة بمناسبة وبدونها، فحدث ولا حرج. أين هذا الكلام من الشعارات المرفوعة التي لا أدري إن كانت تدعو إلى وحدة خطاب أم إنصهار شعب في البوتقة الأشورية؟ ولكن الويل لمن يتجرأ ويعبر عن رأيه ويسرد شواهد تاريخية ومصادر ليثبت عكس نظريتهم، أو يعاتب أو يناقش أو يعترض، فتقوم الدنيا ولا تقعد ويتلقى الكاتب سيلاً من الكلمات الرقيقة والمجاملات الأخوية والتهاني الحلوة إنطلاقاً من ثقافة إحترام الرأي الأخر..، لماذا يا (أشقائنا) كل شيئ حلال عليكم وحرام على الكلدان؟ وإلى متى نبقى نتصارع على التسمية وشعبنا على وشك الإنقراض من وطنه؟ كالجدال الذي كان يجري في القسطنطينية حول جنس الملائكة إن كان ذكوراً أم إناثاً ! في الوقت الذي كان الجيش العثماني يحاصر المدينة ويطرق الأسوار.. فسقطت المدينة وأصبحت إسطنبول.
 مرة تعلنون أن الكلدانية مذهب وإن قوميتنا أشورية، وتارة تدعون بأننا شعب "كلدو أشور"،أي شعار يربط مذهب ديني لطائفة مع قومية لنفس الشعب، وأخرى نحن شعب واحد بثلاثة تسميات، بمعنى حينما يُسأل الأشوري عن قوميته فيجيب بانه (كلداني سرياني أشوري!) أو(كلدو أشوري)، هل يُعقل هذا ؟
ثم تتحدثون ليل نهارعن الوحدة، وحدة مَن ... مع مَن ...؟ إن كنا كلنا أشوريين. وحدة الشعب الأشوري مع الأثوري؟ أم الشعب الأشوري مع الأمة الأشورية؟ أم توحيد المذهب الكلداني مع القومية الأشورية! أم عودة الأشوري الفرع الذي صار كاثوليكي تابع لروما فاصبح كلداني أوتوماتيكياُ إلى الاشوري الأصل؟ أم هي وحدة مع الذات أم مع شخصية إسطورية أم مع الخيال؟
( صدكوني يا إخوتنا حيرتونا، كل يوم تكولون علينا فد شي، مَدَ ندري، منو إحنا .. شنو .. شلون ! من يا فخذ ولدنا ومن يا عمام ؟ من يا أصل تكاثرنا... ويا ملّة...وعشنا  وي يا خوال ؟ مذهب إحنا  لو قومية وإعتنقنا المسيحية دين ؟ من شبه الجزيرة جايين  لو من حافات المياه  شاردين ؟)
لا ادري ما هو رأي المثقفين الكلدان الذين يؤمنون بالتسمية المركبة بهذه الكلمات المتقاطعة؟ وكيف يفسرون هذه الألغاز؟ بيد أننا نحترم قناعاتهم الفكرية وأراءهم الشخصية وحقهم الطبيعي في حرية الإختيار والإيمان بما يرونه صائباً، فهل ممكن معاملتنا بالمثل؟
نلتمس الرب أن يكون في عون شعبنا الذي أمسى سلماً يتسلق عليه بعض الساسة للجلوس على الكراسي العاجية لتحقيق الطموحات التي تراودهم ، في حين لم يبقى في جعبتنا من حديث لكتابنا المقدس، لذا نقتبس ونقول: أعدلوا قليلاً يا أشقاءنا الأعزاء ولا تفرقوا بيننا يا قادة شعبنا الكرام لتنالوا الأجر والثواب، وكونوا منصفين مع الصابرين لأننا أصبحنا كحال..                                                                   "وأيوب إذ نادى ربه إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين."         
                                                    12/1/2012
                       

120
رحلة إستيقاظ المشاعر القومية
خلال الأعوام الماضية
صباح دمّان
لايخفَى على كل مثقف ومتتبع لنشوء الحياة في أرجاء البستان، أن شجرة الكلدان التي كانت لعهود مضت مليئة بالثمر ووارفة الظلال، وهبت الخير والعلوم لبني الإنسان، ونشرت المعرفة في كل مكان، فكانت منهل الشرائع والتطور وأساس الرقي السائد في هذه الأيام.
 تحمّلت تلك الشجرة منذ قدم الأزمان أحقاد وهمجية بعض الأقوام، فإلتهم ثمارها الطيب أسراب الجراد القادم من تحت جنح الظلام. قٌطعت عن تلك الشجرة ينابيع المياه فأصابها العطش والجفاف، وعصفت بها رياح هوجاء فقدت خلالها نضارتها وكثيراً من أغصانها وأوراقها الخضراء ولكنها بقيت صامدة في العراء، فحاصرتها أدغال الغرباء وإلتفت حولها كثبان الصحراء الزاحفة من كافة الأرجاء.
لقد إقترب الفجر من البزوغ والشمس ثانية من لحظات الشروق بعد إنتظار طويل وليل بهيم حاملة معها أمال وتطلعات الكلدان ليشاركوا من جديد مع باقي مكونات شعبنا المسيحي الواحد  في موكب الحضارة الإنسانية من وطنهم، وحيثما حطوا رحالهم في دول المهجر وإستوطنوا، وأينما وجدوا فرصة سانحة وفي كل مدينة إستقروا، وبكل مهنة عملوا فيها وتفننوا، ليظهروا منها ذكائهم الموروث ويبدعوا، ونحو مستقبل واعدٍ لينطلقوا.
وبجهود الرجال الأوفياء وبنعمة من السماء بدأت تستعيد عافيتها لأنها ظلت تحمل في ثناياها الحب والوفاء وتختزن في عروقها ديمومة العطاء وفي جذورها أصالة البقاء، فإخضرت فروعها من جديد وتفتحت براعمها ولاحت زهور الربيع حول جنباتها فأينعت من كل الجهات، وقريباً سيكون موسم جني الثمار حين تمنح أبناءها ومن حولها الخير والإستقرار والإمان.
لقد غادرنا منذ  سنوات المواقع الخلفية بهمة وعزيمة الرجال، وسرنا بخطى ثابتة إلى الأمام بثقة عالية وإطمئنان بعد أن آن الأوان، حين خرجنا من شرنقة النسيان ومزقنا تلك الخيوط اللعينة التي حاولت الإلتفاف حول أعناقنا بإحكام، وأزلنا القذى الذي كان يحجب الرؤية الواضحة عن أعيننا لما كان يُحاك ضدنا في الخفاء من قبل الغرباء وبعض الأشقاء وخاصة بعد سقوط النظام وما تلاه من حلقات وأحداث هوجاء.
لقد كانت رحلة إستيقاظ من كوابيس الماضي وإزالة مخلفات الطغيان وبداية لنهضة قومية ثقافية شاملة تقف بوجه التحديات المصيرية وتتصدى للحملات الإعلامية المضلِلة والشعارات المزيفة التي بدأت تستفز منذ سنوات مشاعر الكلدان وتحاول إلغاء وجودهم وصهر قوميتهم لتشييد قاعدة عريضة لمراكزهم وإيجاد أرض صلبة تستند عليها كراسيهم المتارجحة ليبقوا جالسين عليها أطول فترة ممكنة لخدمة مصالحهم الشخصية وتحقيق طموحاتهم غير المشروعة.
 هذه الحقائق الراسخة لم ولن تتمكن كافة المحاولات اليائسة والظلال القاتمة من حجبها عن ذاكرة أبناء شعبنا لان الأمنيات تُرجمت إلى نشاطات وأفعال ونتائج ملموسة على كافة الأصعدة وأهمها تلك المشاعر الأصيلة التي أخذت تتدفق في قلوب وتنمو داخل نفوس وتتجذر في وجدان الكلدان الذين كان الكثير منهم لا يدركون إلى وقت قريب تاريخ قوميتهم ولا يعرفون حقيقة هويتهم ولا يعيرون أهمية لتضحيات أبائهم وموطن أجدادهم في بلاد ما بين النهرين، حيث كانوا يعتبرون الحديث عنها كأحلام ليلة صيف عابرة أو الجري نحو واحة سراب في صحراء قاحلة أو النفخ في جثة هامدة.
لقد إنطلقت الشرارة وإنتشرت حينما تصاعدت وتائر تأسيس الأحزاب السياسية والمراكز الثقافية والإتحادات الأدبية والجمعيات الإجتماعية والنوادي الرياضية الكلدانية في كافة المدن والدول التي يتواجد فيها أبناء جاليتنا الذين فرضوا وجودهم وإحتلوا مكانتهم المرموقة بإستحقاق من خلال نشاطاتهم الإنسانية المتميزة وإبداعاتهم المهنية وعملهم الدؤوب داخل المجتمعات التي تأقلموا فيها وتآلفوا مع أبنائها.
وعلى أرض الوطن فقد حققت منظمات شعبنا بعض الإنجازات على الصعيد القومي بإمكانياتها المادية الشحيحة ووسائلها الإعلامية المتواضعة وحركتها المُقيَدة رغم حلقات الحصار المفروضة عليها والعقبات التي وضٌعت في طريقها والأفخاخ التي نٌصبت لها، ولكن ما زال المشوار أمامها طويلاً لتحقيق الطموحات والوصول إلى برالأمان.
وكان تتويج تلك المنجزات بتأسيس الإتحاد العالمي للكتاب والادباء الكلدان الذي برز على الساحة القومية كضرورة تاريخية أملتها الظروف الإستثنائية التي مرت بنا، والأحداث المتزاحمة التي أثقلت كاهلنا والمخاطر الجسيمة التي أحدقت بمصير شعبنا. ومنذ ولادته فرض وجوده بإستحقاق وأخذ على عاتقه مسؤولية الدفاع عن هويتنا والتصدي للمخططات الرامية إلى تشويه تاريخنا والعبث بمقدراتنا. 
لقد تزامن ظهور الإتحاد مع تصاعد زخم الشعور بالمسؤولية وتدفق الأحاسيس القومية في كتابات ومواقف أشقائنا الكتاب الكلدان الأصلاء، الذين شمروا عن سواعدهم وإقتحموا بأقلامهم البتّارة ساحة المواجهة بهمة عالية ونكران الذات، فعبروا عما يجول بخواطرهم ويفرضه عليهم واجبهم القومي، فكان لذلك التلاحم العفوي الدورالكبير في إيقاف زخم تلك الحملات الظالمة التي إستهدفت وجودنا في مسارات متعددة، فتساقطت أقنعة حاملي رايتها وإنكشفت حقيقة نوايا الذين يؤججونها ويرسمون مساراتها. 
 ولإثبات أن عجلة التاريخ تسير لصالح قضيتنا العادلة على سبيل المثال لا الحصر، كان إفتتاح المركز الكلداني في شيكاغو، ونشاطات ومساهمات منظماتنا المدنية وتنظيمات شعبنا في الدول الأوروبية مثل السويد والدانمارك وفنلندا وهنكاريا وبقية الدول الأوربية وإحتفالات ومهرجانات مؤسساتنا الإجتماعية والثقافية والسياسية الكلدانية في إستراليا والفعاليات المتميزة لأبناء جاليتنا في الولايات الأمريكية، والمسرحيات الناجحة التي عُرضت في كاليفورنيا وديترويت بلغتنا الجميلة والعمل المتواصل في بقية الولايات والدول الأخرى، إضافة إلى الجهود المبذولة لبناء علاقات ثقافية وإجتماعية متوازنة بين تنظيمات ومؤسسات شعبنا والشخصيات والأحزاب والمنظمات المختلفة في الدول التي تتواجد فيها جالياتنا.
أما قمة الإنجازات الأخيرةً فكان إنعقاد المؤتمر الكلداني العام في سان دييكو في 30/3/2011 الذي حقق الحلم الذي كان يراودنا منذ سنوات، فكان حقاً بالرغم من بعض السلبيات التي رافقته، بمستوى الآمال التي عُقدت عليه والطموحات المشروعة لنتائجه والتي ظهرت جلياً بتأسيس المجلس الكلداني العالمي والذي إنبثق عنه المعهد الكلداني الأمريكي في أميركا وغداً في بقية الدول والقارات، واخيراً وليس اخراً عقد مؤتمر النهضة الكلدانية في السويد 15/10- 19/10- 2011، وما حققه من إنجازات كبيرة على الصعيد الإعلامي والسياسي والقومي لدى الحكومة السويدية وكافة المؤسسات الاخرى. 
حتى على المستوى الفني، فقد برز فنانون ومطربون وملحنون وشعراء كلدان أثبتوا وجودهم وإستحوذوا على إعجاب أبناء شعبنا بهم وإحترامه لهم، فاظهروا مزيداً من قدراتهم وإبداعاتهم الخلاقة في هذا المجال الذي كان حكراً على غيرهم فأخذوا ينشدون أغانيهم التراثية بلغتنا الكلدانية الجميلة بكلماتها المحببة وألحانها الرائعة التي يفوح منها الحنين إلى ذكريات الماضي وحكايات سنوات الطفولة وأيام الشباب، لتثير الشجون في النفوس وتمتزج مع الدماء في شرايين القلوب. لذا بدأت الدعوات تنهال عليهم لإحياء حفلات في كل مدينة ودولة ومكان تتواجد فيها جالياتنا، وأمست أسماؤهم على كل لسان مع من سبقوهم من الرواد: هيثم يوسف ويوسف عزيز وغيرهم، والجيل الجديد من رواد الفن الأصيل وسفراء شعبنا، رسل الألفة والمحبة والوئام، إنهم : جنان ساوا، ماجد ككا، مناضل تومكا، خيري بوداغ، عصام عربو، طلال كريش، رافي كمال، إيفيل دكالي، فريد هومي، وضاح، عدنان منصور، عميد أسمرو، عايد بوداغ، نسيم صاحب، رامي تومكا، باسل شامايا، لؤي حاني، ليث يوسف، نسيم صفار، لؤي يوسف، سلام ككا، سحرالسناطي ،مؤيد ، تغريد أسمرو، عصام ساوا، سوسن كيزي، وسام العراقي وأسامة زكريا. أعتذر لمن لم يُذكر لي إسمه، ومعذرة لطريقة ورود الأسماء لأنكم جميعاً مبدعين بنظر أبناء شعبنا.
أما كبوة فارس هنا أو تعثر إنطلاقة هناك فهي حالة طبيعية في كل مسيرة مضنية ولكل أمة مضطهدة تريد أن تنهض من جديد لتجمع شتاتها وتستعيد عافيتها.
وبمناسبة حلول أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة المباركة، وبالرغم من كل المعاناة والتضحيات ودماء الشهداء التي سالت على أرض الوطن، سيبقى نورالمسيح سراجاً ساطعاً ينير لنا طريق الخير والحق والحياة ليترسخ الإيمان في قلوبنا ونظل نتمنى السلام والرجاء الصالح لبني البشر من أعماقنا. وسنبقى نردد مع كل شمعة تُوقد لأعياد الميلاد بحنان وفي كل ترنيمة تُنشد من قبل أطفالنا في كنائسنا بمحبة ووئام، وعند شروق كل أشعة شمس تغمرنا بدفئها وعطائها كل صباح، ومع هطول كل قطرة مطر فوق ربوعنا وتساقط كل حبة ثلج في دروبنا، ومن خلال كل فرحة نعيشها ونحن نقيم إحتفالاتنا..... لنقول لشعبنا المسيحي الطيب في الديار وفي دول المهجر، ولرؤوساء ورجال كنائسنا ولأهلنا المبعثرين في أصقاع الدنيا ولمن حولنا : كل ميلاد جديد لطفل المغارة في نفوسنا، وأنتم وعوائلكم تنعمون بالصحة والإستقرار والأمان في بيوتكم والمحبة والإيمان في ثنايا قلوبكم، وليبارك الرب حياتكم.

                                                         25 / 12 / 2011


121
من المستفيد من حرائق كردستان ؟
صباح دمّان
أمست الأحداث المؤسفة التي إجتاحت كردستان وفاجئت الأعداء قبل الأصدقاء ، حديث الساعة في أوساط المجتمع المسيحي العراقي في الوطن وبين أبناء جالياتنا في كافة دول العالم وما تزال، لان الخبر أصابهم بالصدمة والذهول لما تناقلته وكالات الأنباء من صور لزحف مجموعات من (المؤمنين) دخلت أرض المعركة بعد مسيرة في وسط المدينة وهي تحمل أسلحتها وتطلق هتافاتها الحماسية للشروع بحملة إيمانية لتطهيرالأرض من "رجس المشركين الخارجين على القانون وتأديب بقايا الصليبيين" لانهم تمادوا في العيش بسلام وأمان وتجاوزوا على الاخرين حين نالوا بعض حقوقهم المشروعة على أرض وطنهم كباقي خلق الله ، بينما الشرع لا يسمح بذلك ولا يقبل الإجتهاد في هذا الموضوع لانهم أهل ذمة فقط عند الحاجة وفي أوقات الشدة ، فكان عليهم دفع الجزية وهم صاغرون وبطريقة مبتكرة ليصبحوا عبرة لغيرهم ولمن تسول له نفسه أن يحلم بمساواته مع الأعلى منزلة منه كما يجري في كثير من الدول العربية والإسلامية. لقد خرق النصارى والأيزيدية القوانين بتمتعهم بحقوقهم الإجتماعية وممارسة حريتهم الشخصية التي وهبها لهم الخالق ومنحتها لهم لوائح حقوق الإنسان ودستور إقليم كردستان لإعالة أطفالهم وصون شرف عائلاتهم وحماية بيوتهم.
لقد فرضت الأحداث التاريخية الماضية على الأقليات المسيحية في بعض بلدان الشرق، أن تبقى أسيرة مضطهدة في وطنها وتترعرع وسط مجتمعات غريبة في تقاليدها وفي بيئة ثقافية متصحرة تسودها مفاهيم بالية وممارسات جاهلية وتقودها جماعات تلبس جلباب التحضر ولكن عقولها منغلقة لانها تستعمل أساليب متناقضة مع شعاراتها وتنفذ أجندة في جوهرها مخالفة لشريعة الله وطبيعة الحياة وقوانين البشرية جمعاء .
 وبكل أسف مازالت تلك الأقليات منذ عقود وقرون سجينة في أقفاص تخشى قدوم السجان كل يوم، تعاني وهي صابرة ولكنها تكابر وتنتظر معجزة من السماء لتنقذها من الظلم والشقاء، لانها دوماً تُعاقب لجرم لم ترتكبه : بسبب مقالة تُنشرهنا، كتاب يصدرهناك، موقع يهاجم أسماء، فلم يعرض في مكان، أوعمل فردي قام به فلان، وأحياناً تُصبح وقود نيرانِ لتصفية حسابات تاريخية وطائفية أو صراع بين فرقاء حول شؤون داخلية وأجندات سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل . 
إن نقطة البداية وساعة الصفر لتفجيرالأوضاع في كردستان باغتت كل المراقبين ونُفذت لخلط أوراق اللعبة وتوزيع الأدوار من جديد على اللاعبين الإحتياط الذين يقفون في طابورالإنتظار منذ سنوات بينما أقرانهم حصلوا أخيراً على حصتهم ً من الكعكة وبدأوا ينظمون دوائرهم الجديدة ويتهيأون لمباشرة عملهم بعد أن إختزلوا الطريق وركبوا الموجة الشعبية ووقفوا أمام منصة الخطابة .
لا أبالغ إذا قلت أن معظم أبناء شعبنا صُدموا لما جرى وفي مناطق كانوا يعتبرونها الملاذ الامن الاخير لهم حينما تدلهم الخطوب وتُستباح حرماتهم ويُرفع السيف فوق أعناقهم، فشرعوا يتناقشون ويتسألون ويستنتجون كل من وجهة نظره الخاصة إستناداً إلى بعض الأخبار المتسربة من ساحة المواجهة وما طفى على السطح من مخلفات الماضي ومن معايشتهم الميدانية للإقليم، بينما فضل الاخرون الصمت لهول ما جرى وهم يشاهدون الصورالتي ظهرت أمامهم وكانها من إفغانستان أو نايجيريا أو من منطقة القبائل في باكستان، ولكن الجميع بإنتظار ما ستحمله في طياتها لهم الاخبار من مفاجئات أخرى ربما ليست في الحسبان، لإكتشاف إن كانت العملية تدخل ضمن المخطط المرسوم للمنطقة أم حدث إنفعالي عابر! نتمنى من أعماق قلوبنا أن لا تتكررالأحداث وأن يعود الأمن والإستقرارإلى كردستان، وأن لا تكون الأيام القادمة كالهدوء الذي يسبق العاصفة التي تهب على المنطقة من كل مكان .
لقد إستطاعت الخطب الإستفزازية التي أثارت الزوبعة وفي خضم الصراع الخفي على السلطة، أن تلقي بظلال الريبة والشك بقدرات حكومة الإقليم على حماية كافة مواطنيها لتهز الثقة التي منحوها لها، ولإظهارعجزها وتقصيرها في بسط الأمن والسلام على مدنها وبلداتها، وإن إنبوب الإختبار الذي أستخدمته هو مقدمة لعملية أكبر ومخطط أوسع إن لم تُلبي طلباتها ويُعترف بها كقوة موجودة على الأرض، أو ربما دقت صافرة الإنذار قبل وقوع الغارة الجوية لتعلن انها قادمة ويمكنها تحريك الشارع متى ما شاءت وأن الساحة السياسية ليست مُلكاً دائمياً لأحد، كما أثبتت فعلاً قدرتها على مفاجئة خصومها وإختراق كافة الإجراءات المتخذة وإحداث خلل أمني في الحياة الطبيعية المستقرة للإقليم والنيل من مكانته الدولية التي شيدها بدماء وتضحيات أبنائه خلال العقود الماضية، وإرسال إشارة واضحة بأنه لن يبقى واحة للحرية والديمقراطية والأمن والإستقرار دون أن يكون لها كلمة تُسمع وموقع يُحترم وقيادة يجب أن تُستشار ولا تهمش! 
البعض يظن أن تزامن هذه الأحداث التي فاجئت الجميع حين نُفذت بلا مقدمات أو حتى تلميحات تسربت من بعض المسؤولين أو وسائل الإعلام، مع ما يدور حولنا من تطورات لا يمكن التكهن بأبعادها لم يكن عفوياً، وأن الهدف أبعد بكثير من مهاجمة محلات بيع الخمور ومراكز مساج، بل انه مرتبط بتلك المتغيرات السياسية التي تجتاح المنطقة، حتى أن أحد المسؤولين الكبار في حكومة كردستان أعلن بان نفس الجماعات ستكررالعملية بعد صلاة الجمعة التي بعدها، دون تعليق أو تحذير بإتخاذ إجراءات صارمة لمنع تكرارها، مع تصاعد لغة تبادل الإتهامات والإستنكار والإدانة بين كافة الفرقاء .
 لذا فإن الواجب الملقى على عاتق كافة المسؤولين والاحزاب والمهتمين بأمن وسلامة شعبنا في الإقليم، البحث عن الحقيقة وسط ركام الأحداث وإجراء قراءة متأنية لأبعاد الوضع المحتقن لمعرفة إحتمالات المستقبل وتأثيراتها على مصير المسيحيين إذا تطورت الأمور لا سامح الله نحو الأسوأ، لان المحققين عند بداية بحثهم عن خيوط أية جريمة والملابسات التي رافقتها، يضعون أمامهم علامة إستفهام كبيرة بعد عبارة " من المستفيد ؟
ولكن بالرغم من كل الذي حدث وسيحدث، فإن ثقتنا مطلقة بالقيادة الحكيمة للإقليم، ولا يراودنا أدنى شك بأن طبيباً خبيراً متمرساً سيضع يده بمهارة ودراية على موطن الألم ليشخص الخلل في جسم المريض قبل إجراء العملية الجراحية لإستئصال الداء ثم وصف الدواء الشافي لمعاجة الجروح الناتجة عنها لمنع أية مضاعفات كي يتعافى بسرعة ويعود إلى وضعه الطبيعي ويخرج من الازمة الصحية أفضل مما كان .
وعلى الطبيب المعالج أن يراقب المريض خلال أيام نقاهته ليأخذ العبرة من أيام الأزمة ليمارس إرشادات الوقاية والحذر وتجنب الإنفعال، أما هو فعليه أن ينظر دوماً بثقة وإطمئنان إلى الأمام من خلال الواجهة الأمامية لعجلة القيادة وليس النظر من المرآة الداخلية إلى الوراء .
                                      12/12/2011

122
وأخيراً وصلت النيران إلى أبناء شعبنا في كردستان

صباح دمّان
لقد هزت الأحداث الاخيرة في إقليم كردستان وتحديداً في المناطق التي يتواجد فيها أبناء شعبنا المسيحي بكثافة : زاخو ، دهوك ، شيّوز ، سميل ، زاويتة والعمادية وبعدها السلمانية وغداً غيرها ، بعنف ركناً مهماً من أركان الديمقراطية التي وضع أسسها الإخوة الكورد بعرقهم ودمائهم وعشرات السنين من أعمارهم ، وكانت طعنة من الخلف للإستقرار والأمان وحقوق الإنسان التي بدأت تنموهناك وتعطي ثمارها منذ عقدين من الزمان .
إن تقديم أية وعود وتشكيل لجان بأمر من القيادة الكردية الواعية دون ترجمتها على أرض الواقع إلى أفعال وإجراءات ومحاسبة الفاعلين وتعويض المتضررين ، لا تلبي طموحات أبناء شعبنا والإخوة الأيزيديين ، ولا نبض الشارع الكردي الواعي ، ولا تمنع أحداث مماثلة مستقبلاً . وأن تقديم تبريرات غير موضوعية لا تنصب في صالح القيادة والحكومة من ناحية منحها الثقة من قبل  الشعب ، وسمعتها الدولية وعلاقاتها مع أوربا وامريكا ، خاصة والحديث يجري عن كون الإقليم اصبح ملاذاً أمناً للمهجّرين والمطَاردين والمضطهدين من بعض المحافظات ، وواحة للحرية للإطمئنان والأمان للمسيحيين وغيرهم ، لان ما حدث كان حركة تمرد منظمة ضد الأوضاع والدستور والقوانين والأنظمة السائدة.
لقد أظهرت تطورات الاحداث خللأ واضحاً في الحس الأمني في إفشال المخطط قبل تنفيذه أولاً ، وتقصيراً من كافة الأجهزة الأمنية ضمن واجباتها الميدانية في إستيعاب الحدث المؤسف والتصدي له منذ ساعة إنطلاقه مباشرة ثانياً ، إذا كان ما وقع حقاً مفاجئة لها ، لان الحقد الأعمى في أفعال المتشددين لم يكن وليد اللحظة التي إنطلقت فيها تلك المسيرات الغوغائية لترهيب المسيحيين المثقفين المتسامحين المخلصين والإعتداء الوحشي على مصادر أرزاقهم وحتى دورهم لغرض إجتثاثهم من أرضٍ عاش عليها أباؤهم وأجدادهم منذ قدم التاريخ ، بل كان مخططاً مرسوماً بدقة ، وكانت ساعة الصفر لحظة خروج المصلين من الجامع ، بدليل عدم التجاوزعلى أصحاب مهن مماثلة من غير المسيحيين والإخوة الأيزيدية . والسؤال المطروح الان : هل من أصابع خفية تقف خلف التمرد؟؟؟
ظاهرياً تبدو تلك العملية الإنتقامية أنها لقطع الأرزاق ، ولكن توقيتها ومدلولاتها تدل على أنها بداية لقطع الأعناق وإنذاراً خطيراً للمسيحيين للرحيل عن بلداتهم وترك مساكنهم ، لان الفرد بطبيعته يبحث عن رزقه ويستقرحيثما وجد الأمن والأمان، وحينما يفقدهما يضحي بكل شيئ في سبيل الحفاظ على عائلته ومستقبل أبنائه ، كما حدث لعشرات ومئات الألاف من المسيحيين الذين تركوا دورهم ومصادر عيشهم ورحلوا عن البصرة وبغداد والموصل وكركوك وغيرها ، واليوم يبدو أنهم يقفون على تلول الحافات الاخيرة من وطنهم (كما ذكرت سابقاً) ، وقد صدر بحقهم الفرمان الاخير بسرعة ربما فاجئ كل الساسة والمحللين.
 في مقالتي " تساؤلا ت مشروعة  حول إستحداث محافظة سهل نينوى " تطرقت إلى هذه الأحداث المتوقعة في الفقرة السابعة أدناه ، وإلى المخاطرالتي تواجه أبناء شعبنا مستقبلاً بعد إنسحاب القوات الأمريكية ، حيث ورد فيها :
" 7. في الوقت الذي لم تسطع كافة القوات الأمريكية والحرس الوطني والأجهزة الأمنية المركزية والمتعاونة معها في الحفاظ على أمن وسلامة المسيحيين والأقليات الأخرى في بغداد والموصل وغيرها لان يد الإرهاب والقوى المتطرفة ما زالت طويلة وتخترق بين الحين والأخر كافة الإجراءات الأمنية وتضرب بعنف مناطق تعتبرأمنة في بغداد وكافة المحافظات وحتى الشمالية أحياناً ومن ضمنها بعض بلداتنا كتللسقف وبرطلة ؟ من سيحمينا مستقبلاً في حالة بقاء المحافظة مرتبطة ببغداد والقوات الأمريكية على أبواب الرحيل عن العراق وقواتنا الإتحادية مخترقة وناقصة التدريب والتسليح ، والبلد يعيش في أجواء فوضى إقتصادية شاملة ، وفساد إداري ومالي مستفحل وحكومة محاصصة عاجزة ، وتكتلات سياسية متناحرة ، وأحزاب متمترسة في خنادقها تستفز وتوجه أصابع الإتهام لبعضها ، تخطط في الخفاء وتلتقي تحت قبة برلمان شبه مًعطل لتختلف على معظم المقترحات والأراء ، في الوقت الذي تنظم القوى المناهضة نفسها وتترصد لتنقّضُ كلما سنحت لها الفرصة. "
بيد أن المفاجات أتت قبل أوانها  في توقيت ومناطق لم يتوقعها حتى أشد المتشائمين لمستقبل شعبنا في دياره ، حيث مدت الجماعات الإسلامية المتطرفة أحد أذرعها ووجهت ضربة مؤلمة وما تزال تترصد للمزيد ، لتثبت مكانتها على الساحة السياسية ولتقول للجميع أن لها كلمة يجب أن تٌسمع ويمكنها أن تتحدى وفي ضوء النهار، ويمكنها أن تفرض أجندتها متى ما تريد دون خوف أو تحسب لردود أفعال من الحكومة وبقية الأحزاب الاخرى وكافة الاجهزة الامنية ، وحتى الشارع الكوردي والمنظمات الدولية ، وربما تكون قد تلقت الضوء الاخضر لإشعال فتيل فتنة طائفية!
السؤال الذي يفرض نفسة بقوة على الأوضاع الراهنة هو: هل ما حدث له علاقة بالربيع العربي الساخن المريب ؟ طالما أن الأحزاب السياسية الإسلامية المتطرفة بدات تتسلق هرم السلطة في كثير من الأقطار العربية بالإنتخابات بعد ركوب موجة الثورات الشعبية حين أحنى الشعب ظهره لها أو بطريقة فرض الأمر الواقع ، فبدأت تستولي على دفة الحكم لتقود سفن تلك الدول في بحر متلاطم نحو هدف مجهول ، سيما وأن إقليم كردستان ليس بعيداً عن ساحة الاحداث المتزاحمة المرشحة للتصعيد ، وعن قلب البركان الذي بدأ يقذف حممه على ما يجاوره من مدن أمنة وحقول خضراء وأناس مسالمين أبرياء وشعب مضطهد يئن تحت نير الظلم منذ زمان .
إن الكلدان على ثقة مطلقة بان هذه الحوادث المفتعلة المشبوهة سوف لن تمر على القيادة الكردية الحكيمة المتميزة بحنكتها السياسية ونظرتها الثاقبة للمستقبل والأحداث وتقييمها الموضوعي للمستجدات والحريصة على شعبنا المسيحي وبقية المكونات في تلك المدن والبلدات ، مر الكرام ولا تنتهي كزوبعة في فنجان ، بل ستُوضع تحت مجهر دقيق لإستخلاص النتائج والعبر وإستخدام العلاج المناسب لهذا الداء الخبيث قبل أن ينتشر ويستفحل في جسد الإقليم لا سامح الله .
وبنفس الوقت نأمل ونقترح إعادة  النظر بإزدواجية تعامل بعض المسؤولين في الإقليم والتي يمارسونها لتهميش وإقصاء الكلدان من الساحة السياسية في كافة مفاصل الحكومة والدولة ، ومنحهم حقوقهم المشروعة إسوة ببقية مكونات شعبنا المسيحي ، إستحقاقاً لدماء الكثير من المقاتلين الكلدان الذين وقفوا لسنوات إلى جانب إخوانهم الكورد في محنتهم وقدموا تضحيات جسيمة من أجل نيل الشعب الكوردي حقوقه المشروعة . وفي هذه اللحظات راودني صدى إهزوجة كان يرددها المتظاهرون في شوارع بغداد بحماس خلال الستينات من القرن الماضي ، وهي تقول : " السلم في كردستان يا شعب طفي النيران" ، كما نتمنى للقائد الحكيم الشجاع سيادة رئيس الإقليم مسعود البرزاني أن يحمل بيده قلماً ويطلق كلمة ، وهما أمضى من حمل السلاح . 
                                                                                 6/12/2011


123
المعهد الكلداني الأمريكي
صباح دمّان
بعد إختتام المؤتمر الكلداني العام الذي عُقد في سان دييكو / الكهون في 30/3/2011 ، والذي إنبثق عنه المجلس الكلداني العالمي ولجنة تنفيذية برئاسة الدكتور نوري بركة وأعضاء من أمريكا وكندا وأسترليا وأوربا إضافة إلى العراق ، بدأ ممثلو المجلس في غرب أمريكا وتحديداً في مدينة سان دييكو ، بإتصالات مكثفة لتأسيس المعهد الكلداني الأمريكي ، فتم مفاتحة عدد من المثقفين والشخصيات المهنية والإدارية الكلدانية وبعض الوجوه الإجتماعية البارزة في هذه المدينة ليكونوا أعضاء في مجلس إدارته .
وقد رحب كافة الإخوة  بهذا الوليد الجديد الذي وجدوا فيه ضرورة تاريخية أفرزتها الأوضاع الراهنة لتشييد مؤسسة كلدانية عالمية تسعى لإقامة جسور ثابتة مع بقية المنظمات المتواجدة في الولايات الأمريكية ودول العالم الأخرى للتعاون المشترك من أجل تحقيق أهداف قومية وإجتماعية وثقافية لصالح أبناء شعبنا في كل مكان . وتعهد الجميع بتوظيف إمكانياتهم وتسخير جهودهم لتنفيذ كافة المهام المناطة بهم كواجب قومي وأخلاقي ووطني ، وما زالت الإتصالات مستمرة لإنضمام شخصيات أخرى إليه .
  لقد وضع المعهد نصب أعينه النهوض بواقعنا المبعثر والعمل على تجذير المشاعر القومية في نفوس ابنائنا وفي وجدان الاجيال القادمة لمواجهة التحديات التي تقف في طريق تمتعنا بكامل حقوقنا القومية في الوطن إسوة ببقية المكونات الأخرى لشعبنا العراقي ، إضافة إلى مهام أساسية في البحث عن حلول مناسبة لكثير من المشاكل والمعوقات التي تواجه أبناء شعبنا بكافة شرائحه وفي مختلف مناحي حياتهم المهنية والمعيشية ، وبذل الجهود لمساعدة الشباب وخاصة القادمون الجدد الذين وصلوا إلى المدينة في أوضاع إقتصادية بالغة الدقيقة.
إن للمعهد إستراتيجية مرحلية متعددة الأهداف على المدى المنظور وأخرى للمراحل اللاحقة وبالتعاون مع بعض التنظيمات الثقافية والشبابية والإنسانية والكنسية المتواجدة في هذه المدينة ، من أجل تطويرنشاطاته وبدء حوارات إيجابية مثمرة مع كافة تنظيماتنا في المهجر والمتواجدة على أرض الوطن ، لجمع كلمتنا ونبذ ما يفرقنا وإعادة النظر بواقعنا لتصحيح مسيرتنا وتجاوزالمخاطرالتي تهدد وجودنا وتلقي ظلالاً قاتمة على مستقبل شعبنا المسيحي بشكل عام والكلدان بشكل خاص.
وجدير بالذكر أن باكورة نشاطاته الإجتماعية كانت الفعاليات الإجتماعية والفنية والترفيهية والرياضية المتنوعة التي تخللت المهرجان الكلداني السنوي الثاني الذي أقيم في الثالث والرابع من شهر أيلول الحالي 2011 في إحدى المناطق الجميلة من مدينة الكهون في كاليفورنيا .
ونود إطلاع ابناء شعبنا بأن المعهد سيصدر العدد الاول للصحيفة الناطقة بإسمه ( بيثا كلدايا ) خلال شهر كانون الأول (ديسمبر) الحالي قبل أعياد الميلاد المجيدة ، يحررها نخبة مثقفة من أبناء الجالية ، كما وضع المعهد ضمن أهدافه المنظورة تأسيس إذاعة يومية تبث برامج هادفة ونشاطات إجتماعية وثقافية باللغة الكلدانية والإنكليزية والعربية موجهة إلى جاليتنا في المدينة وكافة الولايات الامريكية والدول الأخرى لاحقاً ، إضافة إلى فعايات مختلفة سيُعلن عنها حين توفر الإمكانيات وتهيئة المستلزمات المطلوبة .
علماً بان الهيئة الإدارية للمعهد بدأت لقاءاتها المنتظمة بتاريخ 20 / 7 / 2011 في المقرالجديد وسط مدينة الكهون/ سان دييكو مع عدد من مختلف شرائح أبناء شعبنا في المدينة للإستئناس بأرائهم ومقترحاتهم لوضع خطة مدروسة لكيفية تنظيم فعالياته ومناقشة كيفية تقديم الخدمات لابناء جاليتنا الأعزاء .

                                                                   2 / 12 / 2011

124
لماذا الكلدان تحديداً دون سواهم !
صباح دمّان
 بعد نشر مقالتي الاخيرة راودتني أمنيات أن أقرأ لبعض كتابنا (الغيورين) الذين يتربصون لظهور تصريح أو إعلان عقد ندوى أو مؤتمرعام لمناقشة أوضاعنا الداخلية وترتيب بيتنا الكلداني كباقي مكونات شعبنا العراقي لشن هجوماً مضاداً عليه حتى قبل إنعقاده ومعرفة تفاصيله، أو نشر مقالة لكاتب تنبعث من ثناياها ذكريات تاريخية لينقضوا عليه بعدد من التهم المبتكرة ( إنفصالي إنشقاقي إنقسامي إنشطاري نهضوي قومجي......) وشتى انواع النقد الجارح والتعليق الساخر والإتهام الباطل ، فبحثت على الشبكة العنكبوتية عن تعليقات مقتضبة لهم أو مجرد سطور أو مجموعة كلمات تؤيد منحنا ولو حقاً من حقوقنا الدستورية المشروعة ، أو على أقل تقدير تناقش ما طرحته لإثبات نزاهة دعواتهم ومصداقية إدعاءاتهم وإلتزامهم بالشعار الذي ينادون به ، ولكن بكل أسف لم يسعفني حظي لأستمتع بقراءة أي من وجهات نظرهم.
وكنت أأمل من بعض الساسة الذين يتسنمون مناصب رفيعة ومسؤوليات في عدد من المواقع ويعلنون دوماً حرصهم على لم الشمل المبعثر (للسوراي) وتوحيد خطابنا السياسي ، أن يوجهوا عدداً من أقلامهم لمناقشة ولو إحدى الفقرات التي وردت في المقالة أو نشر توضيحات لإظهار حسن نواياهم أو حتى محاولة نفي التهم الموجهة لبعضهم، وأضعف الإيمان شرح وجهة نظرهم وتطييب خواطر وطمأنة المثقفين والقراء المهتمين بشؤوننا والبسطاء من أبناء شعبنا الذين يؤيدونهم في شعاراتهم من منطلق تجاوز الواقع المشتت المخجل الذي نعيشه ومعالجة نزيف الهجرة الذي يوهن جسدنا المتعب في الوطن .
فإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على غياب لغة التعامل الشفاف النزيه مع المستجدات التي تفرض نفسها على مجريات الاحداث على الساحة القومية ، ومحاولة القفز على الحقائق الموجودة على أرض الواقع ، لا بل الإصرار العلني على عدم التنازل عن المكتسبات والغنائم التي حصلوا عليها في غفلة من الزمن ، حينما إستغلوا حالة الفراغ السياسي في خضم الفوضى التي أعقبت سقوط النظام السابق ، وربما لانهم لا يملكون تفسيرات وقرائن وأدلة مقنعة للدفاع عن الأفكار والشعارات التي ينادون بها ، أو لكونهم سائرون على الدرب بكبرياء وتعالي وثقة مطلقة بالنفس ، ولا يعيرون أهمية للنقد الهادف المخلص البناء ويرفضون إسلوب الحوار الأخوي الصريح مع المكونات الأخرى لشعبنا لإعتقادهم أن الأرض التي يقفون عليها صلبة ، ولا يمكن لأحد منازلتهم ومقارعة من يؤازرههم .
كما أن تجاهل كافة الدعوات والمقترحات والنداءات يثبت صحة مواقف وتحليلات وإستنتاجات ما ينشره ويطالب به كتابنا الكلدان ، كما يؤكد أن الشعار الذي يرفعونه ، لا يعترفون به أنفسهم ، ولا يؤمنون بواقعيته وإنما يسخرونه  لإجتياز مرحلة مصيرية من تاريخهم ، لخداع البعض من أبناء شعبنا لبعض الوقت من أجل تحقيق مصالح شخصية وحزبية وتنفيذ أجندات سياسية مرسومة .
ومن هذا المنطلق تبرز حقيقة لا تقبل الشك والتأويل ، إن المعطيات والشواهد التي ظهرت على المسرح العراقي والأحداث الدراماتيكية المثيرة للجدل بعد عام 2003 ، تؤكد بأن هنالك قوى متنفذة خفية ، مصممة ليس فقط على تهميش وإلغاء دور الكلدان وإزالتهم من الخارطة السياسية للعراق ، لا بل تضييق الخناق عليهم لتهجيرهم وإقتلاع جذورهم التاريخية من أرض أبائهم وأجدادهم وتشتيتهم في أصقاع الدنيا لينصهروا في مجتمعاتهم الجديدة بتقادم الزمن كذوبان مكعبات جليدية صغيرة في وعاء ماء كبير ، وبعد مرورعقود وتعاقب أجيال ستضمحل وتُنسى كلمة إسمها قومية كلدانية في المهجر كما يتوقعون ، وتبقى الأشورية فقط الهوية لشعبنا المسيحي في الوطن طبقاً لتخطيطهم ونهجهم المتعصب وبموجب المعادلة غير المتوازنة التي يحاولون فرضها على المنطق العلمي بالقوة .
 وما جرى بعد سقوط النظام السابق من إستهداف الكلدان والكاثوليك تحديداً وخاصة في بغداد ونينوى وكركوك ، من تفجير لكنائسهم ومطاردتهم وتهجيرهم من دورهم وإختطاف وقتل أبنائهم ومحاربتهم في وسائل عيشهم وقطع أرزاقهم، إضافة إلى إستشهاد عدد من أساقفتهم وكهنتهم ، مخطط مبرمج لا يمكن سبر أغواره ولا إدراك أبعاده الأن إلا بعد فوات الأوان وحينما تُوضع اللمسات الأخيرة للحلقة الختامية قبل عرضها على المشاهدين ، ولكن كل المعطيات ومجريات الأحداث التي نشاهدها تمر من أمامنا ، وما يطفوعلى السطح من فقاعات نتيجة ما يدور في الاعماق ، يبرهن على صحة هذا الإستنتاج دون تحليل دقيق وبذل عناء التفكيرالطويل .
ووصولاً لهذا الهدف ، يبدو أن هنالك سيناريو أخر في إقليم كردستان تنفذه شخصيات مؤثرة يقضي بإبعاد الكلدان عن الساحة السياسية وعدم فسح المجال أمامهم لتسنم أية مناصب رسمية أو مواقع إدارية إلا بشروط معروفة إضافة إلى قطع المعونات المالية عن تنظيماتهم وشن حملة غير معلنة عليهم من كافة القواطع لتطويقهم وإرغامهم على الإستسلام ورفع الراية البيضاء فوق مقراتهم المحاصرة منذ سنوات للتخلي عن قوميتهم والإنصهار في بوتقة الأشوريين لكي تختلط عليهم الأمور وتتضبب صورة هويتهم بعد تداخل ألوانها مع غيرها فتفقد ملامحها وخصائصها وهو الأمر المطلوب ، فيصبح الكلداني ( إسمه بالحصاد وهو موقوف ومنجله مفقود)  فتُطوى صفحة تاريخه وتمزق بطاقته الشخصية ويصبح كالبدون . بيد أن الحسابات النظرية قد لا تتطابق في كثير من الأحيان مع ما موجود في البيدر، وما يُخطط  له في دهاليز الليل البهيم قد يمحوه شعاع الشمس الجميل .
ولكني أعود وأقول : أليس من الأفضل لكافة أبناء شعبنا أن نجتمع جميعاً كعائلة داخل خيمة واحدة ، تستند على ثلاثة أعمدة ثابتة تكون في الأرض راسخة ، لنناقش وضعنا بمحبة وصراحة متبادلة ، بدلاً من الإبحار في مراكب متلاصقة ، نحو مراسي متناحرة ، قد تعصف بنا خلالها رياح عاتية ، ونضل الطريق بسبب أمواج البحر العالية ، قبل أن نكمل رحلتنا إلى أهدافنا الواعدة ؟
                                              22/11/2011
   

125
نعم للتسمية المركبة لشعبنا
(الكلداني السرياني الأشوري)
صباح دمّان

عُقدت المؤتمرات وكثرت اللقاءات وتعددت الندوات وتراكمت المقالات منذ سنوات حول صيغة التسمية المركبة لمكونات شعبنا ما بين مدافع لهذه ومعارض لتلك دون التوصل إلى إتفاق يرضي كافة الأطراف بسبب غياب المصداقية ونكران الذات وتناقض الشعارات المعلنة لبعض الأحزاب مع أنظمتها الداخلية وما موجود في مخيلة رؤوساءها ، وكأن التسمية أمست في قمة المخاطرالتي تواجه أبناء شعبنا على أرض الوطن وتهدد وحدتهم ووجودهم ، أو كأن عنوان الكتاب أهم من محتواه ، ولكني سأكون من بين صفوف المؤيدين والمتحمسين لهذه التسمية المركبة إذا تمت دراسة المطاليب المشروعة التالية من قبل قادة شعبنا المسيحي الذين يدّعون بانهم يمثلوننا داخل الحكومة المركزية والإقليم وأمام المحافل الدولية وفي البرلمان ، وأقول لهم بكل قناعة وصدق:

1. نعم للتسمية المركبة اذا كانت تحفظ حقوق كافة مكونات شعبنا بشكل عادل وبلا تفرقة وتمييز ، ويعترف مبتكروها بتسميتنا القومية إلى جانب الأشورية تطبيقاً للشعار الذي يرفعونه ، ويقرون بحقوقنا المشروعة وببيان رسمي لا لبس فيه ، ويتخلون عن محاولات إلغاء وجودنا وإلقاء الظلال القاتمة على ماضينا والإستحواذ على حاضرنا وسلب مستقبلنا , ويطوون صفحة النظرية الكسيحة التي تنعت الكلدان بالطائفة الدينية حيث يتناقض هذا القول مع كتب التاريخ  أولاً ، والإنجيل المقدس ثانياً ، ومع شعارهم لمكونات شعبنا القومية ( الكلداني السرياني الأشوري) ثالثاً ، وكما ورد أخيراً في تصريح غريب للأخ سكرتيرالحركة الديمقراطية الأشورية السيد يونادم كنا على قناة البغدادية حين قال:" بأن كل أشوري يصير كاثوليكي تابع لروما ، يُسمى كلداني".

2. نعم للتسمية المركبة حينما لا تُطلق كلمة أشوري فقط  للإشارة إلى شعبنا المسيحي بكافة مكوناته ، وعندما لا تُعمم كلمة الأشورية على كافة القصبات والبلدات في المنطقة الشمالية ، الأمر الذي يثير الحساسية والفرقة والإنشقاق من جراء هذه النظرة التعصبية والإصرارعلى إنكار وجود الكلدان والسريان ، وبنفس الوقت يتناقض مع الشعار المرفوع (الكلداني السرياني الأشوري) ويبرهن انه للإستهلاك المحلي فقط ولخداع البسطاء من أبناء شعبنا .
 
3. نعم للتسمية المركبة إذا كان هدفها لم شملنا وتوحيد كلمتنا وحماية شعبنا وضمان مستقبله على أرضه وليس سلماً للصعود على أكتافه ووسيلة لتنفيذ اجندات سياسية مشبوهة وتحقيق مكاسب مادية وشخصية وحزبية على حساب الغالبية الكلدانية وطرح مشاريع وهمية بعيدة عن الواقع ومصلحة وسلامة شعبنا للوصول إلى أهداف مرسومة.

4. نعم للتسمية المركبة حينما لا يكون معيار توزيع المناصب وتقديم الخدمات والمساعدات وإجراء التعيينات لمن يعمل في صفوف حركة زوعا في بغداد أو لمن يؤيد منطلقاتها النظرية أو لمن يرفع شعارالمجلس الشعبي ويتنكر لهويته الكلدانية في كردستان ، بينما تُحجب عن كل مسيحي يعتز بتاريخه ويتمسك بقوميته .

5. نعم للتسمية المركبة حينما لا تُعلن حالة الطوارئ ويدخل البعض في إنذار (ج) عند نشر مقالة لكاتب يدافع عن  هويتة الكلدانية ، فيُنعت بمصطلحات عنصرية : مفرق للصفوف ، إنقسامي ، إنشطاري ، إنفصالي وإتهامات باطلة . وحينما يتم التخلي عن سياسة الكيل بمكيالين: رفع شعارات وحدة شعبنا في بعض وسائل الإعلام ومن خلال تصريحات وبيانات ومقالات ، بينما الدلائل الملموسة تُوشر تنامي حملة إعلامية منظمة ضد كل ما هو كلداني وإستخدام أساليب متباينة لتهميشه وتجنيد البعض لتنفيذ ذلك .

6. نعم للتسمية المركبة عندما يجد الكلداني نفسه مع شقيقه الأشوري في كفتي ميزان متساوٍية فيما يخص حصوله على الإستحقاقات الوظيفية وعلى نسبة من المساعدات المالية التي تُقدم من الحكومة المركزية أو الإقليم ومن بعض المؤسسات الدولية إلى كافة أبناء شعبنا المسيحي ، من أجل تحقيق العدالة بين الإثنين وفسح المجال أمام المنظمات الكلدانية أيضاً لإمتلاك فضائية ومقرات وصحف وعقد مؤتمرات وإرسال وفود إلى بعض الدول لشرح قضية شعبنا ولقاء جالياتنا كحال بقية المكونات الاخرى والأحزاب السياسية العراقية.

7. نعم للتسمية المركبة إذا كان هدفها حماية وخدمة كافة أبناء شعبنا المسيحي دون تفرقة وتمييز وتفضيل مكون على حساب الأخر ، وحينما يكون للكلداني دور مهم في عملية رسم مستقبل شعبنا ، وعندما تُلغى الوصاية والإملاءات المفروضة عليه والحديث بالنيابة عنه في البرلمان وأمام الحكومة المركزية والإقليم ويُرفع الحصارعن قادته ليشاركوا في العملية السياسية إسوة ببقية أطياف الشعب العراقي .

8. نعم للتسمية المركبة حينما تبتعد القناتان الفضائيتان أشور وعشتار عن الإنحياز إلى مكون واحد بكافة برامجهما ومساندة تنظيمات معينة فترفع شعاراتهم وأعلامهم في كافة المناسبات والإحتفالات ، وحين تلتزمان بالحيادية والموضوعية في طرحهما وتقفان على مسافة واحدة من كافة مكونات شعبنا المسيحي ، ولإثبات ذلك عليهما أن تسمحان لكافة ممثلي الكلدان والسريان التعبيرعن أفكارهم وقناعاتهم من خلالهما وتفتحان قنوات للحوار الحرالصريح لمناقشة القواسم المشتركة بيننا من اجل جمع الشمل وتوحيد الموقف .

9. نعم للتسمية المركبة حينما تغير الحركة الديمقراطية الأشورية تسميتها إلى التسمية المركبة التي ترفعها في بعض المناسبات الخاصة فقط حينما تخاطب الكلدان لكسب تأييدهم والإدعاء بأنها تعترف بهم ، بينما واقع الحال في نظامها الداخلي وأجندتها وإستراتيجيتها وعلى لسان قادتها وكما أسلفنا أعلاه تُظهرعكس ذلك ، وينطبق هذا القول أيضاً على قناة أشور. وفي الواقع ورغم بعض الخلافات الشكلية تلتقي الحركة في منهجها وأهدافها مع المجلس الشعبي في تهميش الكلدان وإلغاء هويتهم من الخارطة السياسية للعراق وشطبها من سجلات التاريخ .

10. نعم للتسمية المركبة حينما يصبح موقع عنكاوا (ومواقع أخرى) أكثر حيادية وموضوعية في تعامله مع بعض الكتّاب ويتجنب إسلوب الإنتقائية والإهتمام بنشرالمقالات التي تدافع عن بعض الأفكار والمبادئ التي يعمل وفق معاييرها ، بينما يهمل أحياناً أقلاماً غيرها لا تتفق مع طروحاته وترفض أن يسير شعبنا في طرقات وعرة إلى أهداف مجهولة .

11. وأخيراً أقول نعم لأية تسمية ترمز إلى تاريخنا وتنشرالعدالة بين مكونات شعبنا وتجمع شملنا المبعثر وتحقق طموحاتنا ، وألف نعم لهذه التسمية إذا إستطعنا بواسطتها تجاوزالمعوقات التي تعترض سبيل وحدتنا وتترجم الشعارات المرفوعة إلى عوامل مشتركة بيننا . ودعوة مخلصة لرؤوساء الأحزاب وكافة المسؤولين لوقفة قصيرة مع الذات لتقييم الأحداث الماضية وإجراء مراجعة موضوعية للأسباب التي تبعدنا عن بعضنا لنبذ الواقع المخجل الذي نعيشه وفتح صفحة جديدة من أجل ضمان إستقرار وأمن وسلامة شعبنا المسيحي الجريح في الوطن وتوحيد كلمته في دول المهجر.



126
تساؤلات مشروعة حول المطالبة بإستحداث محافظة سهل نينوى 
   
              
صباح دمّان
أنا مع مبدأ : الإختلاف في الرأي يجب أن لا يفسد في الود قضية ، لذا أطرح التساؤلات التالية على بساط البحث أمام أشقاءنا الساسة الذين يطالبون بإستحداث محافظة مسيحية ، علها تثير لديهم قدراً من المراجعة الذاتية الواقعية للمشروع وإستقراء تطورات المشهد العراقي بدقة ، للخروج بتقييم موضوعي واقعي وإستنتاجات منطقية مجردة بعيداً عن الإندفاع الحماسي والمصالح الشخصية ، وتجنب الإنجراف خلف الوعود المضللة لإستخلاص عِبر من أحداث الماضي المؤسفة ، ومحاولة التكهن بتاريخ نفاذ صلاحية الروابط بين الإقليم والمركز، ثم إلقاء نظرة ثاقبة من كافة الجوانب إلى اللوحة السياسية التي أمامنا لمشاهدة العلامات الصفراء والخضراء والحمراء لمستقبل المنطقة ، كما يخطط القائد العسكري قبل دخوله ساحة معركة حاسمة تقرر مصير جنوده وضباطه وخلاص شعبه ومستقبل وطنه حين يضع على الخارطة التي أمامه خطة تفصيلية دقيقة لعملياته ويضع على أرض الواقع مساحة مفترضة للحركة يستخدمها في أسوأ الإحتمالات وفي مخيلته بدائل لكافة التطورات .
إن الغرض من إثارة هذه التساؤلات ليس الإستمتاع بكلمة "لا" ، ولا النقد من أجل النقد ، ولا كلمة حق يُراد بها باطل ، بل من أجل الحفاظ على أمن وسلامة أبناء شعبنا في مساكنهم وبلداتهم ، والحرص على ديمومة بقاء وإستقرارالأجيال القادمة في وطن الأباء والاجداد في زمن المعايير المزدوجة في التعامل الدولي والمفاهيم المتناقضة في التطبيق ، عصر تناغم المصالح الإستراتيجية على حساب المبادئ وإبرام الصفقات التجارية في دكاكين السياسة المشبوهة وبنودها السرية ، ولكي يتحمل الأشقاء الذين يروجون لإقامة هذه المحافظة ، المسؤولية التاريخية والقومية والإنسانية والأخلاقية أمام شعبنا عن نتائج العملية الحسابية المعقدة التي يجرونها في ظروف صعبة غير مستقرة يمر بها العراق والتي تتزامن مع ما تتعرض له بعض الأنظمة العربية من هزات عنيفة قد يمتد فيها الربيع إلى وحشة الخريف وثلوج الشتاء وعواصف الصيف التي لا يمكن التكهن بمدى الرؤية فيها والتحكم بنتائجها وتأثيرها على مستقبل شعوب المنطقة عموماً وعلى المسيحيين في مجتمعاتها بشكل خاص ، سيما وأن التطرف الإسلامي المتصاعد يستهدفهم في كثير من الدول الشرق أوسطية ويحاول نشر جناحيه وظلاله القاتمة فوق تلك البقعة المضطربة من العالم ، ومن هذا المنطلق أطرح التساؤلات والأفكار التي تراودني بخصوص هذه القضية المصيرية التي تتعلق بوجود ومستقبل شعبنا في الوطن للمراجعة وليس للإجابة :
1. كيف ستُثَبت حدود محافظة سهل نينوى في الوقت الذي ما زال ملف الخلافات حول المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية والإقليم ساخناً ودون حل منذ سنوات ، لا بل مرشح للتصعيد والإنفجار في أي وقت حينما تفشل كافة المفاوضات والمساعي والحلول المقترحة ، سيما وأن أطراف هذا النزاع مرتبطة بعلاقات إقليمية ودولية متشابكة وتخضع لحسابات إستراتيجية تمس سيادة بعض دول المنطقة ، والدليل هو تحركات وتحشدات عسكرية داخل حدودنا الشمالية والشرقية والتي تتزامن مع تهديدات رسمية للقادة الكرد بإعلان إستقلال الإقليم ، وما سيتمخض عن هذه الخطوة من تداعيات محتملة تلوح بوادرها على خارطة المنطقة في خضم ضبابية الموقف الامريكي وغموض موقف المجتمع الدولي ؟ آلا تعتقدون بأن إقامة هذه المحافظة في الوقت الراهن سيزيد من خطورة الوضع ويضيف عقدة جديدة إلى بقية القضايا المستعصية بين بغداد وأربيل ويضع بلداتنا بين مطرقة كافة القوى المناهضة للمحافظة المسيحية وبين سندان الأحداث المتزاحمة في المحافظات الشمالية ، فتتكرر أمامنا أحدى صورالماضي التي ما زالت عالقة في ذاكرة شعبنا ؟
2. هل تم مناقشة أمراً في غاية الخطورة ماذا سيكون موقف محافظة الأقليات وحدودها محصورة داخل مثلث مشوه بين محافظات دهوك وأربيل ونينوى، في حالة إعلان إقليم كردستان إستقلاله بشكل مفاجئ وضم بعض المناطق المتنازع عليها إليه قسراً ، عند تصلب المواقف السياسية ووصول المفاوضات إلى طريق مغلق بكتل خرسانية ؟ وهذا إحتمال وارد سيما وأن رسائل التهديد تصدر من مراكز قيادية عليا ترفع الكارت الأحمر من وقت لأخر كلما إقترب الشوط الثاني من نهايته وإشتدت المنافسة لتسجيل هدف الفوز الذهبي .
3. حقيقة تاريخية تقول أن لعبة السياسة تتدخل فيها عوامل ومصالح إقتصادية وإستراتيجية وقومية مبنية على حسابات مستقبلية دقيقة ، برأيكم  لماذا يدعم إقليم كردستان إستحداث المحافظة المنشودة إدارياً وسياسياً ومادياً طالما سترتبط بالمركز؟ وهل بمقدورها أن تبقى كذلك وعلاقاتها الإجتماعية والثقافية والإقتصادية وحدودها ومصالحها متشابكة مع الإقليم وخاصة بعد أن يعلن إنفصاله عن العراق الفدرالي ؟ وهل تفكرون بإعلان المحافظة المسيحية إقليماً لإثبات حياديتها بين الطرفين ؟
4. هل يمكن للمحافظة أن تقاوم ضغوطات خارجية للإنضمام إلى الإقليم بعد إستقلاله في حالة نشوب لا سامح الله صراع ديموغرافي قومي طائفي غير واضح المعالم في هذه المنطقة الرخوة الفاصلة بين كافة الفرقاء من العرب ومن يقف معهم ، والأكراد ومن يؤيدهم والتركمان ومن يساندهم سيما ورائحة الذهب الأسود تنبعث من سهول وأطراف المحافظة الجديدة إضافة إلى بقية الموارد الطبيعية الأخرى؟ وهل يمكننا حينذاك ان نقف على الحياد ونحمي محافظتنا ببلداتها وقراها المتداخلة مع غيرها بإمكانياتنا المتواضعة دون مساعدات خارجية وخاصة عند تباين المواقف والأراء بين مكونات المسيحيين واليزيدية والشبك وغيرهم إلى مساند ومعارض ؟ هل يمكن تحديد الأطراف العراقية الأخرى والقوى الإقليمية والدولية التي تؤيدنا وتساندنا وتقف معنا بثبات في هذا المشروع ؟ وكيف ستكون الضمانات ؟
5. في حالة رفض محافظة نينوى إستحداث محافظة للأقليات مقتطعة من أراضيها وبلداتها ، إضافة إلى معارضة بعض الأحزاب والقوى المؤثرة في بغداد والمدعومة إقليمياً والتي لا تؤيد المشروع وتعتبره خطاً أحمراً ومخططاً  لتقسيم البلد ؟ ماذا ستكون خطوتكم اللاحقة وكيف ستواصلون سعيكم ؟ هل حصلتم على تأييد الكنيسة وكافة التنظيمات السياسية والمؤسسات الإجتماعية والثقافية الكلدانية في داخل الوطن وخارجه ؟
6. لو تم تمرير المشروع في البرلمان بطريقة أو بأخرى من منطلق تبادل المنافع وتقاسم المكاسب بين التكتلات والتحالفات الرئيسية (طبقاً لمبدأ هاي إلك وهاي إلي) وتم تشكيل المحافظة المذكورة ، ما هي مشاريعكم للراغبين بالإنتقال إليها ، إضافة إلى أعباء العاطلين والمهجرين الأخرين وعدم وجود مؤسسات تستوعب الوضع الجديد ؟ وما هي برامجكم لأبناء شعبنا في محافظة سهل نينوى لوقف نزيف الهجرة ؟ ولكون المشروع مطروح من قبلكم ، فلابد من وجود دراسة مستفيضة لديكم جاهزة للتنفيذ بعد الموافقات الرسمية والقانونية ، أي بلدة تعتقدون ستكون المركز ؟ وما هي برأيكم حدود المحافظة ؟ من أية رئة ستتنفس الهواء الخارجي ومن أي شباك ستطل على العالم في وضعها الجغرافي المعقد ؟ وهل سيناط واجب حمايتها بالمسيحيين والأقليات الأخرى فقط ؟ أم ستعتمدون على قوات نظامية وعناصر أمنية من الحكومة المركزية لحفظ الأمن والإستقرار فيها طالما المحافظة مرتبطة بها ؟ آلا يوّلد ذلك إحراجاً لكم وموقف غير ودي تجاه  إقليم كردستان ؟
7. في الوقت الذي لم تسطع كافة القوات الأمريكية والحرس الوطني والأجهزة الأمنية المركزية والمتعاونة معها في الحفاظ على أمن وسلامة المسيحيين والأقليات الأخرى في بغداد والموصل وغيرها لان يد الإرهاب والقوى المتطرفة ما زالت طويلة وتخترق بين الحين والأخر كافة الإجراءات الأمنية وتضرب بعنف مناطق تعتبرأمنة في بغداد وكافة المحافظات وحتى الشمالية أحياناً ومن ضمنها بعض بلداتنا كتللسقف وبرطلة ؟ من سيحمينا مستقبلاً في حالة بقاء المحافظة مرتبطة ببغداد والقوات الأمريكية على أبواب الرحيل عن العراق وقواتنا الإتحادية مخترقة وناقصة التدريب والتسليح ، والبلد يعيش في أجواء فوضى إقتصادية شاملة ، وفساد إداري ومالي مستفحل وحكومة محاصصة عاجزة ، وتكتلات سياسية متناحرة ، وأحزاب متمترسة في خنادقها تستفز وتوجه أصابع الإتهام لبعضها ، تخطط في الخفاء وتلتقي تحت قبة برلمان شبه مًعطل لتختلف على معظم المقترحات والأراء ، في الوقت الذي تنظم القوى المناهضة نفسها وتترصد لتنقّضُ كلما سنحت لها الفرصة .
8. فإذا كانت لدى الداعين للمشروع والقائمين على تنفيذه إجابات حقيقية مقنعة لكافة هذه التساؤلات المطروحة وغيرها ، ولديهم تصورات شاملة وضمانات أكيدة لكافة إحتمالات المستقبل لبقائها بعيدةً عن التجاذبات السياسية والصراعات المحلية والإقليمية ، ووضعوا خططاً لمواجهة أي خروقات امنية وحددوا موقفاً ثابتاً عند إشتداد المنافسة بين اللاعبين الكبار ، لكي لا تتكرر إحدى صور الماضي ويصبح شعبنا كبش فداء لتنفيذ أجندات الأخرين وتتحول هذه الواحة الوديعة المسالمة إلى ساحة صراع بين حلفاء اليوم وفرقاء الغد ، فإني أشد على أياديهم وأقول لهم بوركت جهودكم وتحية لمساعيكم وهنيئاً لأبناء شعبنا بمحافظة سهل الحرية والإستقرار والامان ، وواحة الخير والإطمئنان والمستقبل المنشود والسلام .
9. ولكن بكل حزن وأسف يشهد العالم دون مبالاة ويدون التاريخ على صفحاته منذ عقود وسنوات ، بأن بقايا السكان الأصليين لبلاد ما بين النهرين ( ميسَبتيميا ) الذين عَلّموا البشرية الحرف وقسّموا الزمن لهذا الكوكب ووضعوا اللبنات الأولى للمنجزات العلمية الحديثة التي ننعم بها في كافة مناحي حياتنا اليومية ووسائل عيشنا المتطورة ، ورسموا خارطة مستقبل الإنسان على الأرض ووضعوا بصماتهم في أعماق الفضاء ، أجبرت الظروف القاسية والاحداث المأساوية الكثيرين منهم أن يحملوا مصيرهم بيدهم كحقيبة مسافر ويرحلوا عن أرض أبائهم وأجدادهم إلى أصقاع الدنيا ، والباقون يقفون على تلول الحافات الأخيرة من وطنهم حائرين لا يعرفون ماذا يخبئ لهم القدر وتحمل في طياتها لهم الأيام ، متعبين ، منهوكي القوى من جراء المطاردة والقتل والتشريد ، بعد ان أخذ منهم السيف مأخذاً من المجازر التي أرتكبت بحقهم والنكبات التي تَعرّضوا لها منذ عهود وقرون ولحد اليوم حيث لم يبقى في القوس منزع .
                                                1 / 11 / 2011

127
                أنا هو القيامة والحق والحياة ، من أمن بي وإن مات فسيحيا
                                    
                                                  الى عائلة وأبناء وكافة ذوي الراحل حنا قلابات
                                                               أدام الله ذكراه في قلوبكم
أرجو قبول تعازينا القلبية ومشاركتنا لكم بمصابكم الأليم لرحيل المرحوم الشماس حنا قلابات من بينكم ومن هذه الحياة الزائلة الى مملكة السلام والخير والمحبة السماوية , تغمده ربنا يسوع المسيح بواسع رحمته في مثواه الأخير وأنعم عليه بنوره الدائم في ملكوته الأبدي مع الصالحين والمؤمنين وألهمكم الصبر والسلوان وأن تكون هذه الفاجعة في حياتكم القادمة خاتمة الأحزان .
 
                                                                  صباح دمًّان  
 

128
                                    أنا هو القيامة والحق والحياة ، من أمن بي وإن مات فسيحيا
   
                                         إلى الأخ أبلحد أفرام وعائلة الفقيد سالم أفرام ساوا

                                                       وإلى كافة أهله وذويه
 

 ببالغ الأسى وشديد الحزن تلقينا نبأ إنتقال شقيقكم المرحوم سالم ساوا عن هذا العالم الفاني الى مملكة الحياة الأبدية

  حيث المحبة والنعمة والسلام الدائم ،
نبتهل إلى ربنا يسوع المسيح سلطان الكون وملك الملوك أن يتغمد الفقيد بوافر

 رحمته ويسكنه في ملكوته السماوي
مع القديسيين والصالحين ويلهمكم جميعاً ديمومة الصبر وجميل السلوان .


 

                                                      صباح دمّان



129
رموز تاريخية ستبقى في ذاكرة شعبنا 
             
                         
صباح دمّان
           في تاريخ بعض الشعوب التي أنعم الله عليها بالإستقرار والتطور والامان برز في فترات من مسيرتها قادة وطنيون ، سياسيون مخلصون أو رجال دين إصلاحيون حقيقيون يؤمنون بقضية شعبهم ، ويكرسون سنوات حياتهم ويضحون براحتهم وطموحاتهم الشخصية من أجل تحقيق أماله وتطلعاته المشروعة ، فيتركون بصماتهم الواضحة على مجريات الأحداث في زمنهم وعلى الخارطة السياسية لبلدهم ومستقبل أمتهم ، لذلك يخلدهم تاريخ ذلك البلد ويطرز أسمائهم في قلوب أبنائه بأحرف من الفخر والمحبة والوفاء . وعلى سبيل المثال لا الحصر ، الشخصية التاريخية الفذة الراحل الأسقف مكاريوس الذي قاد نضال شعبه في قبرص في أحلك الظروف ووقف بقوة وشجاعة بوجه التحديات المصيرية التي عصفت بتلك الجزيرة الصغيرة التي تقاذفتها أمواج الصراعات القومية والدينية وأدت إلى تقسيمها في نهاية المطاف.
إن تاريخ شعبنا المسيحي القديم والحديث يزخر بمثل هؤلاء القادة الوطنيون والدينيون الذين يتوجب علينا تسديد جزءاً يسيراً من الدَين الذي لهم في أعناقنا لمواقفهم القومية ومبادئهم الإنسانية وتضحياتهم البطولية التي وصلت في كثير من حلقاتها إلى درجة الإستشهاد كمثلث الرحمة الشهيد المطران فرج رحوالذي قدّم حياته قرباناً لمواقفه الوطنية الثابتة والأباء رغيد كني وبولص إسكندر وأخيراً الشهيدان الأب ثائر والأب وسيم ومن كان معهما من شهداء الصليب، وما زالت مسيرة الإستشهاد مستمرة  .
 ومن هذا المنطلق أجد لزاماً على المؤرخين والكتّاب أن يتناولوا في مقالاتهم ودراساتهم السيرة الذاتية ومأثر رموز شعبنا من أجل إلقاء الضوء على تضحياتهم ومواقفهم التاريخية ودورهم المشرف في الدفاع عن أبنائهم في أيام الأزمات وسنوات الشدائد والمحن التي مرت بنا ردحاً من الزمن وما زالت ، ثم كشف نوازع وأهداف ومن يقف وراء مجاميع الضباع البشرية التي ما برحت تنهش بجسدنا المتعب منذ عقود وقرون ، وما زالت تطاردنا ونحن نهرب نحو الحافات الأخيرة من وطننا .
إن الأفكار القومية والتوحيدية التي يجاهر بها سيادة المطران سرهد جمو بجرأته المشهودة وثقافته النيرة وتقييمه لما يجري حوله بحكمته المعهودة ، ليست وليدة اليوم كما لم تأتي من فراغ ، بل من أحاسيس صادقة تسري كالدماء في عروقه ، ونابعة من إيمانه المطلق بقضيتنا العادلة وقناعتة الأكيدة بضرورة الوقوف إلى جانب شعبنا المضطهد الذي سُلبت إرادته وصودرت حقوقه المشروعة . إنه يحمل إلى جانب إلتزاماته القومية الجسيمة ، أعباء رسالته الدينية بطريقة إيمانية ناضجة مستوحاة من دروس وعبر الأحداث التاريخية الماضية ومستندة إلى مجمل التحديات المصيرية التي ألقت بظلالها القاتمة على مستقبل هويتنا، بحيث لا تسمح بشكوك المتربصين بإختراقها ولا بأساليب الناقدين للنيل منها لأنه طرق أبواباً كانت موصدة فأيقظ من كان قابعاً خلفها في سباته العميق منذ عهود وأحيا شعوراً مكبوتاً بين جدران الكنيسة كان في طريقه إلى الزوال والنسيان .
إنه شعلة متجانسة من المشاعر القومية والإنسانية والكنسية المتفتحة ، يعمل بصمت لرسم صورة واضحة المعالم لمستقبلنا وخارطة طريق لمسيرتنا ،  وبنفس الوقت يحمل في وجدانه هموم ومعاناة شعبه في أرض الوطن ويمد من أبرشيته بإستمرار يد العون إلى المهاجرين المحتاجين القادمين إلى سان دييغو ، ويشارك أبناء مدينته في جميع المناسبات والإحتفالات ويقدم المشورة والنصح في كافة أحاديثة ولقاءاته مع أبناءه ، إضافة إلى حضوره المؤثر الدائم في معظم المؤتمرات واللقاءات في بغداد وإقليم كردستان إلى جانب عمله المتواصل الدؤوب داخل أروقة كنيستنا لتوحيد الصفوف ولم شمل أبناء المسيح تحت سقف واحد .
 وكان أخرها ترأسه للتظاهرة الإحتجاجية الحاشدة في مدينة الكهون / سان دييغو إستنكاراً للمجزرة البشعة التي إرتكبتها مجموعة من الوحوش المفترسة في كنيسة سيدة النجاة في بغداد قبل أسابيع وإلقائه كلمة إرتجالية مثيرة ، سرد فيها بعض أحداث الماضي التي يعيد التاريخ كتابة بعض صفحاتها المأساوية من جديد . كانت كلماته صرخة مدوية لإيقاظ أمريكا من غفوتها، فتردد صداها في كل مكان ، وأطلق عبارات تستصرخ الضمير الإنساني وتطالب المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الأخلاقية وبذل كافة الجهود الممكنة لإنهاء معاناة شعبنا الذي يُذبح كهنته وأبناؤه الأبرياء كالنعاج فتسيل دماؤهم كقرابين داخل كنائسهم وأخرون مُهددون بالموت وهم في بيوتهم وعلى أرض وطنهم دون إكتراث أو وقفة جادة من قبل الدول الكبرى التي تعاملت مع هول الجريمة بإستنكار هزيل أو بيان مقتضب وكأن الأمر حدث يومي عابر .
 إن مار سرهد جمو من الرواد القلائل الذين ستذكرهم الأجيال القادمة بما قدمه من إنجازات بارزة على الصعيدين القومي المعروف والكنسي الذي أود التطرق قليلاُ إلى إحداها فقط :
بعد غياب طارئ عن حضور القداديس في كنيسة سانت بيتر في سان دييغو لبضعة أسابيع ، دخلت بعدها كالعادة إلى الكنيسة في صباح أحد أيام الأحاد الذي بعده . شعرت منذ الوهلة الأولى بإحساس غريب لم أألفه من قبل ، كما لم يتضح لي ماهيته في بداية الأمر . تلفتُ يميناً وشمالاً لأتبين ملامح اللغز الذي أثار الحيرة في نفسي . لفني صمت عجيب وهدوء غريب لم أعتاد عليهما وشعرت بأحاسيس متدفقة ورغبة جامحة للتأمل والبحث عن شيئ مألوف حولي ، ولكني سمعت همساً من أعماقي وناقوساً يقرع بين جنبات صدري يدعوني للصلاة . بعد حين أهدتني نظراتي إلى السر الذي كنت أبحث عنه ، أنها الصور اًلمقدسة الكثيرة التي كانت معلقة ومرسومة على الجدران والأعمدة ، وقد إختفت بهيئتها الطبيعية ولكنها تركت في مواقعها شعاعاً روحانياً متوهجاً في أركان الكنيسة ، كان ينير قلوب ونفوس المؤمنين الذين حضروا ذلك القداس .
إنها خطوة مباركة على الطريق الصحيح للتقرب أكثر من ربنا يسوع المسيح بقلوب خاشعة ونيات صادقة وإزالة بعض التقاليد التي علقت بكنائسنا المباركة خلال مسيرتها الطويلة وظروفها البالغة الدقة لفتح الابواب على مصراعيها من أجل لم الشتات المبعثر لشعبنا الجريح وتوحيد كيان وكلمة " كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية . "

130
متى سنرمي الحجارة من تحت لساننا ؟
 
صباح دمّان

          يُحكى أن قسيساً ورعاً كان يدير شؤون الكنيسة في إحدى البلدات في شمال وطننا العزيز ، وكان مخلصاً ومتفانياً في أداء واجباته الدينية وخدمة أبناء رعيته ومد يد العون لكل محتاج إنقطعت به سُبل العيش . ومن خلال مواعظه بعد قراءة الإنجيل ولقاءاته اليومية بأبناء البلدة كان يرشد وينصح بعض الضالين واللاهثين خلف ملذات وإغراءات الحياة المعاصرة من أجل تقويم سلوكهم وتنظيم علاقاتهم الإجتماعية مع الأخرين وإنارة الجانب المظلم  الذي إستوطن نفوسهم،ظناً منه أن الشر قد أغواهم وأن رسالته المسيحية تحتم عليه العمل على خلاصهم من حبائله.
بمرور الزمن كثرت همومه وتتغلغلت مشاعر اليأس في أعماقه ، وعلى أفكاره هيمن الخوف من المجهول والتوجس من المستقبل على مصير بلدته وكنيسته حينما أدرك أن الجهود التي بذلها مع بعض الأبناء ذهبت أدراج الرياح ولم تظهر بوادر إيجابية في سلوكهم اليومي، بل على العكس أمسى بعضهم أكثر تعلقاً بقشور الحضارة، فإستهانوا بكل القيم والأخلاق وتجاوزوا كافة التقاليد والأعراف ، الأمر الذي جعله في مواقف مثيرة ، يخلع ثوب الوقار خلال لحظات غضب عابرة ، ويخرج عن طبعه المألوف فيخاطبهم بكلمات قاسية وعبارات جارحة ، تتعارض مع طبيعة لغة الحوار الهادئ وثقافة التسامح والرعاية الأبوية التي يجب أن يتصف بها الكاهن حينما يكرّس حياته لخدمة رعيته .
 وكالعادة إنتشرت أخبار ذلك القسيس حتى طرقت سمع رئيس الكهنة الذي تقع تلك البلدة ضمن مسؤولياته ، وأراد التأكد بنفسه من صحة الخبر ، فقرر الذهاب إلى تلك البلدة في أحد أيام القيض الشديدة الحرارة دون إشعار مسبق . وعندما دخل إلى ساحة الكنيسة إستقبله القسيس بحرارة وترحاب ، ثم رافقه إلى غرفته الخاصة ليأخذ قسطاً من الراحة بعد رحلته الشاقة . وبعد تبادل أطراف الحديث في شؤون الكنيسة والرعية ، أخذ المطران يعاتبه وينتقده على أسلوبه  المرفوض دينياً وإجتماعياً في تعامله مع بعض أبناء البلدة ، كيف لا وهو واعظ الكنيسة والقدوة الذي يدعو المؤمنين لمقاومة دسائس إبليس وفتح قلوبهم لنور المسيح .
 أخذ رجل الدين يدافع عن نفسه قائلاً " إن كثيراً من أبنائنا يا سيدي المطران تناسوا أحاديث الإنجيل وتعاليم الأباء والأجداد ، فحادوا عن طريق الخير والصواب وإستمروا في ضلالهم ولهثهم وراء بريق المال ، ولم يجدِ نفعاً معهم العتاب الهادف والنصائح المخلصة التي باتت تستفز غرورهم وعنادهم ، وأخرون لم يتوقفوا عن إرتكاب ما يحلو لهم من حماقات وأفعال مخجلة لا تخطر على بال ، دون مراعاة لثوابت مجتمعهم وسمعة أبناء جلدتهم ومسؤوليات وجهاء بلدتهم . تلك النزوات جعلني يا سيدي أفقد أعصابي في لحظة غضب شيطانية ، وأرتكب أثماً أندم عليه ، فألتمسُ بعدها المغفرة من ربي وأصلي لكي يشد من أزري لتجاوز هذه المحنة التي تهز كياني . "
 ومن خلال الجدال الساخن حول الموضوع ، خطرت على بال ذلك المطران الجليل فكرة ذكية كعلاج وشفاء للقسيس من حالته الحرجة ومعاناته الروحانية ، فطلب منه بعد إكمال واجباته الدينية كل يوم وقبل خروجه من الكنيسة ، أن يضع حَجرة صغيرة (بْسقه) تحت لسانه ، لكي تذّكّره دوماً بتعهده وتصبح رقيبا عليه تمنعه من السقوط في أحضان الخطيئة حينما يواجه موقفاً مشابهاً يثيرأعصابه ويفقد السيطرة على لسانه .
 وبينما كانا يناقشان في جانب أخر من الحديث شؤون سكان البلدة وكيفية معالجة الأفة التي أفسدت بعض النفوس ، دخلت إمرأة نحيفة طاعنة في السن وإلتمست القسيس أن يذهب معها للصلاة على مريضة وحيدة لها مشرفة على الموت في دارها ، وإدعت بان صلاته وشفاعته قد تشفيها من علتها . كانت الزائرة بمثابة ملاك رحمة نزل من السماء لينقذ القسيس من المأزق الذي كان يحاول التخلص منه ، فوافق على الفور وإستأذن للمغادرة ، ولكن المطران وجد  أن من واجبه الديني أيضاً مرافقته إلى بيت المريضة .
إنطلق الثلاثة سوية ، وأخذت المرأة الكبيرة وكأنها في مقتبل عمرها ، تسير وتسير في دروب ملتوية وأزقة ضيقة والقسيس خلفها والمطران يتبعهما ، ثم أخذت تتسلق طريقاً ترابياً وتهبط أخراً وهما يجريان في أثرها ويلهثان حتى أخذ العرق يتصبب من كل بقعة من جسديهما بعد أن أضناهما المسير الطويل وأشعة الشمس الملتهبة .
 كان المطران احياناً يمسك بتلابيب القسيس ليمنع نفسه من السقوط وليساعده في إكمال المشوار ، حتى وصلت المرأة أخيراً إلى نهاية القرية ووقفت أمام دارها . دقائق مضت حتى تمكن رجلا الدين من اللحاق بها بعد مشقة  وجهد كبيرين حيث كانا يتوقفان للإستراحة كل بضعة خطوات وكاد يغمى عليهما عدة مرات من شدة الإعياء .
 وقف المطران والقسيس في باحة الدار الصغيرة بعض الوقت يلتقطا نفسيهما وهما في حالة يُرثى لها ، بينما وقفت المرأة العجوز تراقبهما عن كثب وتنتظر من القسيس إنجاز واجبه . بعد لحظات إتجهت إلى حجرة صغيرة ذات سقف واطئ ، تفصلها عن وسط الدار ستارة قديمة بالية , فكشفتها وقالت له "هنا ترقد المريضة يا سيدي" ، وأردفت قائلة " أبونا ، هل تستطيع أن تتلو صلاتك من هنا أم تقف بالقرب منها لتكون شفاعتك أكثر قبولاً ؟ "
تقدم القسيس يتبعه المطران وبلهفة أطلا بنظرهما إلى الداخل لمشاهدة المريضة . كانت دهشتهما لا توصف حينما وقع بصرهما على (( معزةٍ)) مريضة تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة ، مستلقية على فراش من القش وقد أغمضت عينيها وأحنت رأسها من شدة مرضها . ومن هول المفاجئة تراجع المطران والقسيس بسرعة إلى الخلف وأخذا ينظر أحدهما إلى الأخر وقد غمرتهما مشاعر من الذهول والغيض والإنفعال .
وبعد صمت مربك محير، قال القسيس وهو يتكلم بصعوبة بالغة " ألم أقل لك يا سيدي المطران أن بعض أبناء قومنا بتصرفاتهم المُعيبة وأفعالهم الغريبة يجعلونك أحياناً تفقد أعصابك وتتفوه بكلمات دون إرادتك ورغماً عنك، وما فعلته هذه المرأة اليوم هو غيث من فيض " فأومأ المطران برأسه بحسرة وأسف وهو لا يكاد يصدق حقيقة ما جرى ولا يدري ماذا يقول... وبعد تأمل للواقع ومحاكاة مع الضمير والوجدان نظر إلى القسيس الذي كان واقفاً أمامه كمتهم ينظرإلى القاضي الذي سيصدر عليه قرار الحكم ، وهمس بصوت خافت حزين " ستبقى هذه الحادثة في ذاكرتي طويلاً ، والان أقول لك بكل قناعة وإيمان : إرمي الحجارة من تحت لسانك وقل ما تشاء " 
                                                   10 / 10 / 2010


131
أعدِلوا بين الأشقاء (أكُس و باكُس و قرياقُس)
           
صباح دمّان
       
تراودني في كثير من الأحيان تساؤلات محيرة عن الأهداف التي تكمن ما وراء المقالات السياسية الظالمة والحملات الإعلامية المنظمة التي تستهدف الهوية الكلدانية والتي يتبناها نخبة من الأشقاء الكتاب يرتبطون بشكل أو بأخر بتنظيمات معروفة تحمل أجندات تبدو متباينة ولكنها تلتقي في هدف واحد وهو التصدي لكل تسمية كلدانية سواءاً كانت سياسية أو تاريخية أو ثقافية وحتى إجتماعية ، يعتبرونها تحدياً لمسيرتهم وإستفزازاً لقناعاتهم وللمبادئ التي يؤمنون بها .
وكما معروف لمتتبعي الأحداث ، أن بعض الأحزاب والتنظيمات الأشورية إستغلت الفراغ السياسي الذي طفى على السطح بعد سقوط النظام السابق فحاولت تثبيت أقدامها بين أوساط الكلدان بإظهار حرصها على وحدتنا القومية ومستقبل شعبنا عن طريق تقديم بعض الإغراءات الوظيفية والخدمات العامة مع رفع شعارات مضلِلة وإستخدام أساليب معروفة لترويجها ، بغية إستغلال القاعدة الواسعة للكلدان بأفكارهم المتميزة وثقافتهم الناضجة ومشاعرهم الإنسانية المتفتحة ، فأيدهم البعض وإنضم إليهم أخرون من منطلق حسن النية ووحدة المصير والشعور بالمسؤولية القومية . لذا إعتقدوا بأن الساحة أصبحت خالية أمامهم فإستهانوا بأصالة ومكانة أشقائهم وقللوا من إعتدادهم بانفسهم فأطلقوا بالون إختبار لتقييم مدى الإستجابة لمشاريعهم المستقبلية ، حيث إدّعوا في بداية تجاربهم أن الكلدانية مذهب وليس قومية ، متجاهلين حقيقة ثابتة بعدم وجود هذه التسمية ضمن المذاهب المسيحية الأربعة .
وحينما تعالت أصوات الكلدان الرافضة لتلك النظرية الكسيحة، وبدأت تطالب بحقوقها إسوة بالقوميات الأخرى، وإستجابة لضغوط وإعتراضات كثير من المنظمات والشخصيات والكتاب والمثقفين الكلدان ، قام دهاقنة السياسة بإبتكار تسمية مركبة غريبة ( كوكتيل ) وهي "الكلدو أشوري"، ثم أُضيف إليها كلمة "السرياني" بعدما إكتشفوا بان هذا المكون الرئيسي غاب عن مخيلتهم في خضم إحساسهم بنشوة الإنتصارالمخادع ، ولغرض كسب تأييد الأشقاء السريان للوقوف إلى جانبهم ، في الوقت الذي بقي نظامهم الداخلي على حالته وأجنداتهم الأشورية دون مراجعة .
وبعد رصد الأحداث المتزاحمة، أدركوا ان هذه المصطلحات لم تلقى قبولاً بين صفوف معظم الأوساط الثقافية والسياسية والشعبية كما توقعوا ، فجاءت الخطوة التي تلتها متزامنة مع تغيير موقع الاحداث ورمي الكرة في ملعب الكلدان وإنتظار ردود الأفعال ، فظهرت شعارات أخرى في إقليم كردستان تدعو إلى وحدة شعبنا ( الكلداني السرياني الأشوري) تبناها المجلس الشعبي بدعم من الأستاذ سركيس أغا جان الذي كنا نتوسم فيه طرح مبادرات مقبولة من قبل كافة الأطراف وتبني حلولاً توافقية لتهيئة الظروف الموضوعية والمناخ المناسب بين مكونات شعبنا لتوحيد الخطاب السياسي والخروج من عنق الزجاجة ودأب التصدع الذي سببته تلك الطروحات العقيمة ، ولكنه بدلاً من ذلك أستمر بتطبيق ذات النهج مستغلاً صلاحياته الواسعة ونفوذه الموثر في إقليم كردستان ، فواصل عملية تهميش أشقائه وأبناء قومه في كافة المجالات . وهكذا... إزدادت الفرقة وتعمقت الهوة وبات الحديث عن حصول إتفاق على تسمية موحدة لشعبنا في الندوات واللقاءات كحوارالطرشان لا بل نوع من الهذيان .
والأن إسمحوا لي أن أطرح رأي الخاص وأقّرب الصورة أكثر وأسرد المثال التالي :
نفترض أن لأب ثلاثة أبناء توائم من زوجتة الوحيدة وهم ( أكُس و باكُس و قرياقس ) أو ( دنحا و دنخا و دَنيّا )، لا يمكن التفريق بينهم نهائياً من حيث الشكل والبشرة ولون الشعر والأعين وقسمات الوجه والطول والبدانة ونبرة الصوت ومتشابهون بكافة الصفات الأخرى ولهم (إفتراض جدلي) نفس التقاليد والعادات والتصرفات بحيث يلتبس الأمرعلى جيرانهم وأصدقائهم وأقربائهم وحتى والديهم على تمييز أحدهم عن الأخر. فعندما يُسأل أكُس أو باكُس أو قرياقس عن إسمه ، فهل يُعقل أن يجيب بذكر إسمه وإسم شقيقيه ؟ وعندما يُكلف دنحا للقيام بعمل أو تنفيذ واجب أو أداء خدمة ، فهل من المفترض أن يؤديها دنخا أو دَنيّا بدلاً عنه ؟ ولماذا ؟ وإذا أدى دَنيّا عمله بإتقان ، فهل من العدالة ان يكافئ دنحا أو دنخا ؟ فإذا حدث ذلك ، كيف سيتم التفاهم والتعاون لإدارة شؤون البيت وتنظيم العلاقة مع الغير؟
 ونظراً لوجود أفكار وقدرات متشابهة وبعضها متباينة في شخصيات الأشقاء الثلاثة ، لإنفراد كل منهم بإسلوبه المميز في إنجاز المهام الملقاة على عاتقه ، فالواجب القومي يفرض على المسؤولين عدم إهمال أحدهم ومنح إمتيازات إستثنائية وصلاحيات غير محددة للأخرعلى حساب شقيقيه ، لان ذلك سينثر بذورالضغينة وعوامل الفتنة بين صفوفهم ويؤجج مشاعراً مستقرة في ترسبات الماضي .
لأي سبب تطالبونا دون قناعتنا وتصرون رغماً عن إرادتنا ، أن نمحي تاريخنا من ذاكرتنا ونلغي وجودنا ونمزق هويتنا ونلقي بقوميتنا خلف بوابة النسيان ، ثم نرضخ لما تبتغون ؟ أليس شرف لشعبنا أن نعتز ونفتخر بأننا أشقاء من منبع ورحم واحد ، أنهكتنا صراعات تاريخية متعاقبة ويجمعنا واقع مأساوي ماثل أمامنا ؟ ألآ يحتم علينا الواجب القومي أن نعمل سوية من اجل طموحاتنا المشروعة وأهدافنا المشتركة ؟
ما الضير أن يحتفظ  كل منا بإسمه الذي يعتز به ويكون لنا ممثلين ينسقون مواقفهم ويوحدون كلمتهم للحصول على أوسع المكاسب لأبناء شعبنا وأفضل الظروف الممكنة لسلامتهم وإستقرارهم على أرضهم، بدلاً من بذل المستحيل للإستحواذ على مقاعد البرلمان من أجل تنفيذ مخططات مرسومة ، والتراشق بالمقالات وتبادل الإتهامات ، وإظهارنا أمام بعض المسؤولين بمظهر المتعصبين الجهلاء ليقدموا لنا النصائح والإرشادات لإختيار تسمية موحدة ، لعدم إحراجهم وإرباكهم في التعامل معنا ؟
ترجلوا عن صهوة خيولكم أيها الأشقاء ، وإعترفوا بحقيقة ما يجري ، لنطوي صفحة الماضي المُخجِل، نجلس سوية نتحاور بنيات صادقة وقلوب مسيحية مؤمنة لتجاوز خلافاتنا ومعالجة مشاكلنا وتوحيد كلمتنا ، ثم وضع حلولأً ممكنة لمعاناة شعبنا الذي يحمل صليبه على درب الألام منذ قرون وعقود في كل بقعة من وطننا . بهذه الطريقة وليس بغيرها ، يمكننا أن نتبوء المكانة التي تليق بنا كشعب واحد بأسمائنا التي نعتز بها جميعاً سواءاً كانت(أكُس و باكُس و قرياقُس) أم (دنحا) و(دنخا) و(دَنيّا) والتي تشكل مثلث متساوي الأضلاع لا ينفصم ، كيفما وضعته يعطيك نفس الشكل ، لان العبرة بالعمل المخلص وليس برفع شعارات مضللِة تؤدي بنا إلى طريق اللاعودة .
علينا ان لا نتجادل كثيراً ونتجول في أروقة التاريخ طويلاً ونصرف كل طاقتنا لإثبات أن البيضة من الدجاجة وليس العكس ، ونتخلى عن إسلوب التعامل مع بعضنا بطريقة  " تريد أرنب أخذ أرنب ، وتريد غزال أخذ أرنب، ولك كامل حرية الإختيار، ولكن إذا رفضت، فأنت إنقسامي ،إنفصالي ، إنشطاري ،  مفرق لصفوفنا ، تعمل ضد وحدة شعبنا و.....  ، وأنت الذي وضعت نفسك في هذا المأزق "
إن تبني هذه المعايير المزدوجة وغير العادلة يعكس واقعاً هشاً معيباً يعيشه أبناؤنا في الوطن وفي المهجر، كما يرسخ حالة التشتت والتمزق التي تعصف بنا وتنهش بجسدنا المتعب الذي أضنته سنون التنكيل والتشريد والإضطهاد . علينا أن لا نتمسك بالقشور ونترك جوهر القضية التي يعتمد عليها مصير ومستقبل شعبنا المطارد في وطنه ، المشرَد من دياره ، غيرالأمن في بلداته ، المحاصر في بيته ، والحاضر الغائب في نظر من حوله . 
                                            20 / 9 / 2010 

                 

132
المهرجان السنوي الكلداني في سان دييغو

صباح دمّان 
بدأت إحتفالات شعبنا في مدينة سان دييغو في الأونة الأخيرة وفي المناسبات التاريخية والدينية تأخذ منحاً تنظيمياً مدروساً على كافة الأصعدة نتيجة الجهود المشتركة المبذولة من قبل بعض المنظمات الإجتماعية بمباركة الكنسية والتي تزامنت مع بلورة ونضوج الوعي القومي في نفوس الكثير من أبناء الجالية في المدينة ، الأمرالذي ظهر جلياً من خلال النقاشات التي تتواصل بين مختلف شرائح شعبنا وما نتج عنها من كشف لكثير من الحقائق التي حجبتها عنهم بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية المنحازة وزيف الشعارات التي ما برحت تنادي بها منذ سنوات ، فأخذ الكثيرون يعلنون عن هويتهم الحقيقية بصراحة وبلا تردد ويتحدثون بفخر عن تاريخهم وماضيهم . وفي الأونة الأخيرة بدأوا يجاهرون بتلك المشاعر ويعبرون عما يجول بخواطرهم من أحاسيس أصيلة مكبوته وبطريقة إعتبرها بعض المتشائمين قبل سنوات نوعاً من المزايدات والأوهام أو أمنيات صعبة التحقيق حتى في الأحلام ، الأمر الذي يبشر بنهضة قومية شاملة ستعطي ثمارها بمشيئة الله في المستقبل القريب .
 ومن هذا المنطلق وجد المهتمون بهذا الشأن أن من صميم مسؤولياتهم الإستمرار بنشر الوعي القومي بين أبناء شعبنا عن طريق إقامة المهرجانات والإحتفالات تخليداً لأحداث تاريخية سابقة أو مناسبات لها دلالات مرتبطة بماضينا أوعند إستذكار لمأساة أو تأبين لشهداء المذابح التي أُرتكبت بحق أبناء شعبنا كمجزرة قرية صوريا في 16/9/1969 التي تُعتبر ذكراها يوم الشهيد الكلداني .                       
وبالأمس القريب أُقيم في سان دييغو/ كاليفورنيا ، مهرجان أكيتو الذي نظمته لجنة مشتركة من مختلف شرائح المجتمع على حدائق لايك جيني وحقق نجاحاً كبيراً فيما يتعلق بعدد العوائل التي حضرت المهرجان أو الفعاليات التي قُدمت فيه ونالت إعجاب وإستحسان أبناء شعبنا .                                                                                    وفي الرابع والخامس من شهر أيلول/ سبتمبر الجاري كان المهرجان الكلداني السنوي الكبير الذي أقامته الجمعية الكلدانية الأمريكية على حدائق مدينة الكهون. بدأ الإحتفال بعزف النشيدين الوطنيين الأمريكي والكلداني وسط تصفيق وإستحسان جميع الحاضرين ، ثم ألقى السيدان رمزي مراد رئيس الجمعية والدكتور نوري بركة نائبه ورئيس اللجنة المشرفة على المهرجان ، كلمات ترحيبية أكدا فيها على مساهمة جاليتنا الفعالة في تطويرعجلة الإقتصاد في المدينة وعلى روح التعاون الموجودة بين الجالية الكلدانية والسلطات المحلية ، أعقبهما سيادة المطران مار سرهد جمو بكلمة توجيهية قيمة حول مضمون هذا الإحتفال وأهميتة من أجل ترسيخ علاقات التعاون والتنسيق بين أبنائنا وبين المسؤولين المحليين . جاءت بعدها كلمة عمدة مدينة الكهون الذي قدّم شكره للدعوة التي وٌجّهت إليه وأتاحت له فرصة حضور ذلك الإحتفال والإطلاع على فعاليات ونشاطات جاليتنا  . وكان دور السيد عزيز رزوقي نائب رئيس الجمعية متميزاً بلباقته وتعليقاته في تقديم فقرات المهرجان إضافة إلى الجهود الكبيرة التي بذلها بقية الإخوة الذين ساهموا في إعداد وتهيئة مستلزمات وإنجاح المهرجان . حضرالإحتفال سيادة المطران باوي سورو وكهنة كنائس الكهون والمناطق القريبة منها وعدد من الشخصيات الكلدانية والأمريكية منها السيناتور الأمريكي السابق لولاية كاليفورنيا السيد وديع ددا وجمع غفير من أبناء شعبنا . وقبل مغادرتهم مكان الإحتفال إفتتح الضيوف الكرام يتقدمهم سيادة المطران سرهد جمو المعرض الفني الذي أٌقيم على جناح خاص في إحدى القاعات حيث أظهرالجميع تقييمهم وتثمينهم لبعض الأعمال واللوحات المعروضة فيه.
أما في الجانب الترفيهي فقد شارك في الإحتفال عدد كبير من المطربين والفنانين بأغانيهم التراثية المميزة وألحانها وكلماتها العذبة وبلغتنا الجميلة تخللتها الدبكات والرقصات الشعبية التي إستمتع بها المشاركون وأبهجت الحاضرين الذين إزدحم بهم متنزه الإحتفال ،  وإستمر حتى الساعة الثامنة من مساء اليوم الأول والثاني .
لقد كان بحق عرساً كلدانياً رائعاً شهدته مدينة الكهون/ سان دييغو لأول مرة في تاريخها والذي نتمنى أن يبقى في ذاكرة من حضره أو من لم تسنح له الفرصة بذلك ، إلى يوم إجراء الإحصاء السكاني القادم لتثبيت كلمة عزيزة في حقل القومية . علماً بأن نسبة الجالية الكلدانية في هذه المدينة بلغت 25% من سكان المدينة حسب بعض الإحصاءات الرسمية الموثقة .


133
أنا هو القيامة والحق والحياة , فمن أمن بي وإن مات فسيحيا
الى كافة أبناء وعائلة وذوي الفقيد الراحل الدكتور حكمت حكيم
 طيب الله ذكراه
تلقينا ببالغ الأسى وعميق الحزن نبأ رحيل الدكتور حكمت حكيم عن هذا العالم الفاني الى الأخدار السماوية بعد مسيرة نضالية وأكاديمية وقومية مشرفة بذل فيها جهوداً كبيرة وحركة دؤوبة لتحقيق طموحاته والأحلام التي كانت تراوده لخير وإستقرار ومستقبل أبناء شعبه . لقد حمل المبادئ التي كان يؤمن بها وسار طيلة حياته نحو الأهداف التي سعى من أجلها بإخلاص وجدية وتفاني..... ولكن القدر كان له بالمرصاد  وأبى أن يكمل المشوار ، فحلت الساعة وفارقنا قبل أوانه  . نبتهل الى ربنا يسوع المسيح أن يتغمده بوافر رحمته في مثواه الأخير وينعم عليه بنوره الدائم في عليائه , ويلمهمكم جميعاً الصبر والسلوان لفقدانه وذكريات طيبة  في وجدان كافة أهله وأصدقائه وزملائه على مر الأيام وطول الزمان .
                                                  صباح دمَّان

134
                                                                                                                                   
من سيقف في قفص الإتهام ؟ 
                                                                                          صباح دمّان
            في منتصف السبعينات قرر مغادرة وطنه ليقوم بالتدريس في إحدى مدارس العاصمة الجزائرية ، وكما روى لي ، كان يلتقي عادة هناك مع الأساتذة العراقيين في إحدى المقاهي الخاصة بالجالية العربية في مركز المدينة وسط منطقة سياحية وتجارية جميلة مكتظة بالمارة وتدعى " اللوتس" ، وكان يرتاد المكان غالبية المدرسين والمعلمين العرب وخاصة المصريين والفلسطينيين إضافة الى العراقيين . كانت تدور أحياناً بين رواد المقهى نقاشات وأحاديث الساعة يتخللها في بعض الأوقات جدلاً سياسياً صاخباً حيث إعتاد كل أستاذ أن يطرح همومه ومعاناته للأخرين ويشكو غربته أو ينتقد حكومته أو حكومات الدول الأخرى عندما كانت الساحة الدولية في السبعينات ساخنة بالتحديات والأوضاع السياسية العربية حبلى بالأحداث اليومية والمفاجئات المرتقبة، خاصة حينما تصاعدت حدة المواجهة بين القيادتين العراقية والفلسطينية على كافة الأصعدة . كان من بين الرواد الدائميين للمقهى أحد الأساتذة العراقيين من المغضوب عليهم ، ويدعى " أبو علاء " الذي  كان هارباً من الوطن وعلى خلاف دائم وشجار مع موظفي الملحقية في كثير من الأمور ، وكان يجلس في كثير من الأوقات في المقهى مع العراقيين فيشهّر بالحكومة وينتقد سياستها ويهاجم المسؤولين في النظام السابق . في أحد الأيام بينما كان أبو علاء جالساً لوحده في أحد أطراف المقهى بجوارهم ، يحتسي قدحاً من الشاي وهو يتأمل تراكم رماد سكارته التي كادت تحرق أصابعه ، كان أحد الأساتذة الفلسطينيين يتحدث بالقرب منه مع أصدقائه بصوت عالٍ موجهاً إنتقادات لاذعة وشتائم وإتهامات خطيرة للقيادة العراقية . فجأة ووسط ذهول وإستغراب كافة الرواد، نهض أبوعلاء وتصدى للمتكلم وكاد يهاجمه وهو يحذره من تكرار ذلك أمامه . ثم إلتفت إلى العراقيين وأخذ يخاطبهم واحداً واحداً قائلاً " إن ذلك الكلام إهانة موجهة إليك... وإليك ... وإلى كل عراقي ، عند قيام أي عربي بشتم أو قذف أحد المسؤولين العراقيين أمامك في الغربة ، لأنه بشكل غير مباشر يهدف إلى إهانتك وطعن كرامتك وإستصغار شخصيتك ليوَّلد لديك حالة من الإحباط والإرتباك تؤدي إلى قطع صلة الرحم بشعبك وبجذورك التاريخية ." علما ً بأن أبا علاء بالرغم من رفض الملحقية العراقية تجديد جوازه أو تلبية طلباته عند مراجعاته الرسمية ، فإنه لم يتنكر لشعبه يوماً ، بل كان على العكس يتفاخر بإنتمائه ويتغنى بتاريخ بلاده ويعتز بقومه ، وكان دوماً يردد بحسرة وألم " بلادي وإن جارت علي عزيزة ، وأهلى وإن شحَّوا علي كرام . " .                    أتذكر ما حكى لي ذلك الأستاذ عن أبي علاء ، وأقارن بين مواقف ذلك الإنسان النبيل وهو في غربته القاسية وظروفه المعاشية الصعبة ، وبما يفعله اليوم بعض أشقائنا الذين تجري في عروقهم دماء كلدانية ، تذكرته  وأنا أطالع مع الأسف الشديد ، مقالات عدد منهم والذين أصبحوا ملكيين أكثر من الملك في هجومهم على كل من يفتخر بقوميته الكلدانية ويتمسك بكنيسته ، موجهين إلى رؤوسائنا الدينيين الأجلاء إتهامات مخجلة وإنتقادات ظالمة ومطاليب غير مشروعة ، وعلى مرئ ومسمع من الذين يبحثون عن خلافاتنا بقنديل في الظلام ، وبنفس الوقت يمتدحون كل من يتنكر لقوميته ويشكك بنزاهة مرجعيته الدينية ، حتى وصل الأمر الى قيام بعض رجال الدين من أبائنا المحترمين وغيرهم بمهاجمة كنيستهم على صفحات الإنترنيت بإدعاءات منقولة عن إجتهادات شخصية ومستوحاة من تحليلات وإفتراضات غير دقيقة في هذه الظروف المعقدة والأيام الحالكة الظلمة التي يمر بها شعبنا وبحجة وجود أخطاء في مسيرتها وتقاعس في معالجتها للأمور، وإظهار حرصهم الشديد ورغبتهم المخلصة لتقويمها وبمقالات نقدية غير مسبوقة وبالتزامن مع الحملات الإعلامية الحاقدة والمشاريع المشبوهة التي تستهدف القومية الكلدانية والكنيسة الكاثوليكية بالذات. ولو إفترضنا جدلاً وجود سلبيات في مسيرة الكنيسة أو تجاوز في إدارة أحد رجالها ، وهم بشر مثلنا وليسوا مُنزلين من السماء ، فهل تعالج يا أبائنا الكرام ويا أشقائنا بهذه الطريقة في وسائل الأعلام عن طريق التشهير بقادتها والتشكيك بنهجها والطعن برسالتها وأمام أعدائها الألداء المتربصين بها في هذه الأيام التي غدت فيها كنائسنا المضطَهدة في كل بقعة من وطننا وأكثر من أي وقت مضى ، أهدافاً مشروعة للتفجير ورُسِلها معرضين للإختطاف والقتل والتهجير ، وأمسى شعبنا المسالم ضحية لصراعات قومية وعرقية أو قطع شطرنج لأجندات سياسية لا ناقة لنا فيها ولا جمل ؟  ألا يوجد وسيلة أخرى وأماكن هادئة بعيدة عن الأضواء المعادية الكاشفة والصخب الإعلامي الموبوء لمناقشة مثل هذه الأمور الحساسة بتقديم مقترحات أوعقد لقاءات صريحة وإجتماعات هادفة ضمن أروقة الكنيسة المباركة ، إذا كان الهدف الحقيقي منها النقد المخلص البناء النابع من الشعور العالي بالمسؤولية تجاه كنيستنا ومصلحة أبنائها وليست لمقاصد مشبوهة أو دوافع سياسية مبطنة ؟ ثم أين كانت كل هذه الأراء والنصائح والإنتقادات وإظهار السلبيات حينما كانت أجراس الكنائس تقرع بعيداً عن الإهتمام القومي ؟ ولماذا بدأ الهجوم عليها حينما شعرت بالمخاطر التي تواجه شعبنا وإضطرت للتدخل وإتخاذ موقف ثابت شجاع لإيقاف عملية سلب هويتنا وتهميش قوميتنا ؟ وهل تتعارض مسيرتها مع تعاليم الرسل في الكتاب المقدس وجوهر الديانة المسيحية في الدفاع عن كيانها ومستقبل أبنائها ؟ هل وُجهت إنتقادات مماثلة بهذه الطريقة لرجال دين الكنائس الأخرى من قبل أبنائهم بسبب تمسكهم بقوميتهم أو عند وجود مأخذ عليهم؟                                                                                   يجب أن لا ننسى أيها الأشقاء مواقف كنيستنا المشرفة طيلة العقود المنصرمة في دفاعها عن شعبنا عند الشدائد والمحن وضمن المساحة التي سمحت لها ظروفها في حالات كثيرة وأماكن مختلفة كما حدث حينما تدخلت في الساعات الأخيرة وأنقذت بلدتنا العزيزة ألقوش من هجوم غادر مُبيت لقوى باغية كانت تحاصرها بعدما رفضت بإصرار وكبرياء تسليم إشقائنا الأشوريين الهاربين من مجازر سميل عام 1933 إلى القوات المعادية التي كانت تلاحقهم ، إضافة إلى دورها في تثبيت كثير من الحقوق الثقافية والإجتماعية والدينية وإلغاء قرارات مجحفة صدرت من بعض وزارات النظام السابق ، وحكمتها في التعامل مع الأحداث الطارئة وسياستها العقلانية في الحفاظ على أبنائها ورؤيتها الثاقبة للمستقبل .  لقد طفح الكيل يا أشقائنا وبلغ السيل الزبى . إن التاريخ سوف لن يسامح كل من حاول هدم ركائز كنيستنا في هذه الظروف البالغة الخطورة التي يمر بها شعبنا وفي هذه الأيام العصيبة التي يواجهها أبناء نينوى المسالمين الطيبين وهم يحملون صليبهم ويسيرون لوحدهم وسط أعداء كثر في طريق مجهول ، يُجلدون وينزفون دماً فوق أرض أبائهم ، وهم أبرياء من ذنب لم يقترفوه أو جنحة لم يرتكبوها .... ولن ينسى كل من تنكر لقوميته ووقف ضد مصالح أهله وقومه ، وكل من حاول سرقة حلم الأجداد وإغتيال أمنية الأبناء ومصادرة تاريخنا والتشكيك حتى بحضارتنا وهويتنا التي حافظنا عليها منذ ألاف السنين رغم المجازر الدامية والإضطهادات المتواصلة والحملات الظالمة التي طالت وجودنا وإستهدفت قوميتنا الى أن أشرقت علينا ، كما تصورنا ، أنها شمس الحرية لنعلن للعالم كله بفخر وإعتزاز بأن هويتنا كلدانية أصيلة المنبع كنقاوة هواء وعذوبة مياه ورسوخ جبال وخضرة سهول وعبق بساتين وطيبة نفوس أهالي : أم الشهداء صوريا وألقوش وتلكيف وكرمليس ومنكيش وتللسقف وبطناية وبيقوبة وعينكاوا وقرى ونواحي نينوى ودهوك وزاخو وعمادية وأنشكي وكافة البلدات الكلدانية المنتشرة على خارطة الوطن العزيز .                                                                ولكن كان الأشقاء هذه المرة لنا بالمرصاد ليحرمونا من فرحة إستعادة حقوقنا وتقرير مصيرنا وإختيار الطريق المشترك معهم بإرادتنا لنمضي معاً لتحقيق أمال وطموحات شعبنا المغلوب على أمره والذي يدفع بإستمرار ضريبة الإنتماء الديني والشعور القومي من دماء أبنائه وتضحياته وتهجيره القسري ، ففرضوا علينا حق الدفاع عن النفس في أن نكون أو لا نكون . لذا من حقنا أن نتسأل بكل موضوعية عن الطرف الذي يجب عليه الوقوف في قفص الإتهام في محكمة التاريخ يوماً بسبب التشرذم المخزي والإنقسام المخجل والواقع المشتت الذي يعيشه أبناء شعبنا في السنوات الأخيرة والذي أدى إلى ضياع حقوقنا وسلب أرضنا وتلاشي الفرص التاريخية التي كانت بحوزتنا أو على مرمى حجر منا ؟


135
 
   هل نتحاور كأشقاء أم نستمر في الصراع كغرماء ؟
 
        صباح دمّان  
       وأنا أتابع هذه الأيام تزاحم الأحداث السياسية على الساحة القومية في خضم الصراع المؤسف الدائر بين أحزاب وممثلي شعبنا المسيحي، والمحاولات المستميتة المبذولة من قبل البعض منذ سنوات لتهميش شريحة واسعة من أبناء هذا الشعب العريق بغية سلب كامل حقوقه الشرعية وإستحقاقاته الدستورية بكافة السبل وشتى الوسائل إضافة إلى تسخير إمكانيات مالية هائلة لإبعاده عن المسرح السياسي ثم الإستحواذ على مقدراته بحجة العمل على وحدة شعبنا ،  تعود بي الذاكرة إلى عقود مضت ، الى تلك الأعوام القلائل المليئة بالأحداث والتي حكم فيها العراق الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ، ذلك القائد النزيه ، والإنسان المتواضع الأمين المخلص لمبادئه الأصيلة التي حملها معه منذ إستلامه مقاليد الحكم وحتى الساعات الأخيرة من حياته . كان كتلة متجانسة من الوفاء والتسامح والعطاء المتدفق لسعادة ورفاهية أبناء العراق وفي شرايينه كانت تجري مشاعرالخير لوطنه ومصلحة شعبه ، ومع نبضات قلبه الكبيركانت تنساب ينابيع المحبة والخير للعراقيين كافة دون تمييز وتفضيل ، بينما كانت أفكاره مثقلة بمسؤوليات جسام وهموم ومعاناة المواطن العادي حيث كان يتابع كل صغيرة وكبيرة حتى وهوعلى سريره البسيط في غرفته داخل وزارة الدفاع . في مخيلة ذلك الزعيم الوطني الغيور تراكمت أحلام غير منظورة ضمن خارطة الوطن لإحداث نقلة نوعية كبيرة لتطور ورفاه المجتمع والإرتقاء بالعراق إقتصادياً وصناعياً وعلمياً وزراعياً وثقافياً الى مصاف الدول المتقدمة ، فأصدر الكثير من القوانين الإصلاحية والتشريعات الجريئة في فترة وجيزة ووضع خططاً لمشاريع إستراتيجية عملاقة لتنفيذ تلك الطموحات المشروعة التي لم تتح له الأحداث الدموية المتعاقبة التي واجهته والعراقيل التي وُضعت في طريقه من تنفيذ معظمها ، ولم يفسح أعدائه المجال لتلك الأمنيات أن ترى النور. كان يبدو لبعض الكبار كعزف منفرد نشاز ضمن سمفونية متناسقة جميلة تعزف ألحاناً كلاسيكية . لذا بدأت تُقرع نواقيس الخطر مُعلنة دخول زائرغير مُرحب به في المنطقة المحرمة وأُطلقت صافرات الإنذار وهي تُحذر من إختراق الخطوط الحمراء والأجواء الأمنة ، فصدرت التعليمات الى الَّذين تعهدوا بمهمة تقطيع تلك الأوتار الأصيلة وإسقاط ذلك الطيرالذي بدأ يغرد خارج السرب ، ليستمتع الحاضرون بمتابعة الحفل الموسيقي المُنَسَق البهيج . فإنطلقت أبواق الدعايات الأجيرة ودارت ماكنة الحملات الإعلامية المظلِلة التي شرعت بتنفيذ حلقات ذلك المسلسل الذي بدأ هجومه بالتشكيك بهويته الوطنية وأهدافه والطعن بتاريخ حياته ونزاهته والإستخفاف بسياسته وطموحاته . فأطلقواعليه شتى الإشاعات المغرضة والنعوت الوضيعة : " الإنفصالي ، المنشق ، قاسم العراق ، عدو الوحدة ، مفرق الصفوف ، وإنتقادات ظالمة وإتهامات باطلة ما أنزل الله بها من سلطان ، لانه لم ينفذ مطاليبهم ويعلن الوحدة الفورية مع " الشقيقة الكبرى مصر" في أوضاع إستثنائية وظروف غير مستقرة وقبل التأكد من أهدافها الحقيقية وحسن نوايا المطالبين بها ومصلحة الشعب فيها ، إضافة الى عدم ظهور أي تقبل في الشارع العراقي أو تجاوب لدى المواطن العادي لطريقة طرح تلك الأفكارالوحدوية وأساليب تطبيقها . ثم أثبتت التجارب والأيام بعدها بأن ذلك القائد كان على صواب في موقفه وحكيماً في قراراته ، وأنه كان ينظر الى المستقبل بمنظارأوسع من أصحاب المبادئ القومية المتصلبة ، دعاة الوحدة الفورية غير المتوازنة والمشيدة على أسس هشة . فقال عبارته الساخرة ": نحن نؤمن بأننا جزءاً من الأمة العربية ، ولكننا جزءُ من كل ولسنا جزءاً من جزءٍ". وتعاقبت بعدها أحداث فشل كل تجارب الوحدة وما أعقبها من ردود أفعال ومواقف سياسية سلبية على تلك الدعوات التي ما زالت أثارها ونتائجها باقية لحد اليوم لتثبت وضوح الرؤية لدى ذلك القائد الشجاع الذي لو... كُتِب له البقاء في الحكم لفترة طويلة كغيره ، لما عانى الشعب من المأسي والويلات والحروب ، ولما قُتل وشُرد وهُجّرالملايين ، ولما أُستُبيحت حدود العراق ونُهبت خيراته وحتى أثاره ، ولما أُغتُصبت أرضه ومياهه وسُرقت ثرواته وأُحرقت مؤسساته ، ولما إجتاحته موجات التطرف المذهبي والإصطفاف القومي ولما عُرض الوطن للمقايضة في دكاكين السياسة , ولكان موقعه في الصدارة بين الكبار لما يمتلكه من ثروات هائلة وموارد طبيعة غزيرة وسياحة متنوعة وذكاء موروث ، والعراقي بوضع أخر يُحسد عليه ويتمناه الغير.                                              وأنا أستعيد تلك الذكريات كفلم سينمائي وثائقي قديم ، تترأى لي صورة الزعيم المتفائلة بخطبه الإرتجالية وحركاته العفوية التي كانت توحي للمقابل بعمق تعلقه بشعبه ووفائه لمبادئه وتسامحه حتى مع أعدائه . لذا لا يمكن الظن أن قائداً بتلك الاخلاق الإنسانية الراقية كان مسؤولاً عن الدماء البريئة التي سالت في قصر الرحاب عام (1958) إنطلاقاً من مبادئه الرفيعة ومقولته الشهيرة التي كان يؤمن بها ورددها وهو على فراش المعالجة في المشفى بعد محاولة إغتياله في شارع الرشيد : (عفى الله عما سلف) ، ذلك المبدأ الرباني الذي إستخدمه أعداؤه في إعادة تنظيم صفوفهم ورفع شعارات مبطنة وإتباع أساليب خبيثة لتنفيذ مخططاتهم الماكرة لعزله عن المنظمات والقيادات المساندة له والمدافعة عنه بإستغلال طيبته وتسامحه. فتمكنوا أخيراً بقوة عسكرية محدودة وبضعة ضباط من الجيش بقيادة من تأمر عليه وعفى عنه، وبالخداع والتمويه من إختراق دفاعاته البشرية لذبح ثورة 14 تموز الفتية وإسقاط حكمه الوطني بأحداث مأساوية ستبقى في ذاكرة الشعب العراقي لعشرات لا بل لمئات السنين .                                                                                                            وما أشبه اليوم بالأمس ، يبدو أن البعض من أشقائنا الذين يعملون بدوام كامل وساعات إضافية بإصرار غريب وحماس منقطع النظير ، أخذوا يتصفحون أوراق تلك الفصول المطوية بألم ، من تاريخ العراق الحديث ، فإستنبطوا منها فقط تلك الإتهامات الجاهزة لينعتوا بها الكلداني بأنه "غير وحدوي ، منشق ، مُفرّق الصفوف وليس (أمثنايا) " . ولكن يبدوا أنهم  لم يكملو قراءة تلك الميلودراما التاريخية والتمعن بتفاصيل أحداثها ومتابعة النهاية المحزنة والمشهد المبكي الأخير ليقتبسوا العبر ويتعضوا من ذلك الدرس البليغ الذي دفع وما زال يدفع الشعب العراقي ثمنه باهضاً من دماء أبنائه وخيرات وطنه .                                                                                                                 ففي الوقت الذي نعلن فيه عن قناعتنا المطلقة بأن الأشوريين والكلدانيين والسريان هم أشقاء وبقايا شعوب تلك الإمبراطورات العظيمة التي تعاقبت في أزمنتها وإختلفت في تحالفاتها وإحتدمت مع بعضها في صراعات لقرون طويلة ، مما أدى الى سقوط الأولى على يد الثانية ، نؤكد بأننا اليوم شعبٌ واحدٌ يجمعه الواقع الحالي والرؤية المشتركة والمصير الواحد ، ولكن ليس مقبولاً من أجل تمرير تلك الأجندات السياسية وخدمة بعض المأرب الشخصية ، أن نكون جزءأً مهمشاً من جزءٍ دون إرادتنا ومصلحة شعبنا ونوقع على بياض في إختيار مستقبلنا ونساوم بحفنة دولارات من إجل إنكار قوميتنا .                                                                                                                  ومع إحترامي وتقديري لكافة ممثلي شعبنا ، فليسمحوا لي بطرح السؤال التالي على بساط النقاش المثمر والنقد البناء من أجل توضيح الموقف وتصحيح المسيرة : من خول أي من قادة شعبنا ليكون وصياً على شقيقه الكلداني في تقرير مصيره ورسم مستقبله دون إرادته ورغم أنف كافة أحزابه السياسية ومؤسساته الثقافية ومنظماته الإجتماعية ومراجعه الدينية ، ويفرض عليه بالإكراه تسمية فيها مخالِفة لرأيه ولكافة المواثيق والإتفاقيات الدولية التي تمنح الأقليات حق تقرير مصيرها وإختيار رموزها وممثليها بإرادتها دون تدخل أو فرض وصايا عليها من غيرأبنائها . تلك النصوص التي تؤكد أيضاً على حريتها بالتمسك بهويتها والإعتداد بقوميتها والمحافظة على خصوصيتها . إن إسلوب بعض المسؤولين من أبناء شعبنا والذين يرفعون شعار المصير المشترك وينادون بوحدتنا ويدعون الكلدان الى التكاتف والتعاون الأخوي ، يشبه مع إحترامي لهم ، إسلوب الذي يقول لشقيقه بسخرية وهو يحاول الإستيلاء على الميراث الكامل لوالديهما : نحن اليوم على أرض الواقع إثنان ، ولكن... أنا أنا... وأنت أنا ، ولا فرق بيننا لأنك أنا ، لك الحرية المطلقة وكل الحقوق في إختيار مستقبلك ، ولكن أنا سأقرر مصيرك بدلاً عنك لأن ماضيك في الحقيقة وهمُ وخيال وحاضرك بالنسبة لي محض سراب ، ولا وجود لك بغير تسميتي وخارج وصايتي . أي حكم عادل هذا وقضاء ؟ ومن أي شريعة أو سلطة وقوانين أُستُنبطت هذه الصلاحيات ؟                                                                                                              ومن أجل تثبيت الحقائق لابد هنا من تذكير بعض أشقائنا ، بأن الكلدان هم أول الداعين إلى توحيد كلمة شعبنا حتى النخاع ، ولكن وحدة لا تُبنى على إنكار تاريخ وحضارة وأمجاد شعبهم ولا تُشيّد على حساب تشتيتهم وسلب قوميتهم , بل يجب أن يسود بين الطرفين مبدأ المساواة في الحقوق والإعتراف بالأخر من قبل الذي بدأ الصعود الى القمة ومن المتسلق الجديد الذي يلحق به بهمة عالية ليدعمه ويؤازره وهو يتطلع الى المستقبل دون الإلتفات الى الماضي بكل سلبياته ومأسيه .                                                                               وبالرغم من كل ما حدث ويحدث أيها الأشقاء ، فليس أمامنا اليوم غيرالتلاحم المصيري لتوحيد موقفنا وتحديد مستقبلنا للخروج من عنق الزجاجة الذي يحتضر فيه شعبنا منذ سنين والوقوف بوجه زحف تلك القوى الظلامية التي تخطط منذ زمن لإستئصال ما تبقى من أبناء شعبنا الذين ما برحوا يتراجعون منذ قرون وعقود الى الحافات الاخيرة من وطنهم . وبعد صفاء القلوب وإستقرار النفوس ونكران الذات، ينبغي على كافة الأطراف الدخول في حوارهادئ مخلص بنّاء تحت خيمة واحدة أعمدتها ثابتة لا تهزها التقلبات السياسية المتوقعة ولا تنال منها عواصف الأحداث المفاجئة لرسم خطوط عريضة لجمع شملنا وتوحيد كلمتنا وإختيار بحرية أهدافنا ومستقبلنا لما فيه خير شعبنا ، وليس عن طريق إجراء مناورات في الخفاء للتأثيرعلى مجلس النواب في بغداد لإقصاء الكلدان من الدستور المركزي بعد نجاح عملية الإلتفاف عليهم في دستورإقليم كردستان ، ولا بإستمرار الحملات الإعلامية ضد كل من يرفع راية قوميته الكلدانية ويدافع عن كنيسته المضطهدة المحاصرة ومحاربة كل من يرفض السير في ركاب من يعتقد بأنه يمتلك المفاتيح  السحرية الى الفردوس الموعود . وأذّكر البعض بعبارة ناقدة لفيلسوف شهير حين قال :" من وضع المال تحت قدميه رفعه ، ومن  توُّجهُ  فوق رأسه خذله ".
.


136
الكلدان وموقفهم من وحدة شعبنا

  صباح دمّان                                                                              
تراودني في كثير من الأحيان تساؤلات عن المحرمات التي تحملها قوميتنا الكلدانية في طياتها دون سواها من القوميات الأخرى المتواجدة على الساحة في وطننا العزيز، وأحاول البحث دون جدوى ، عن خبايا من الظلال القاتمة في جوانبها الإنسانية المشرقة أو العثورعلى محاذير ناجمة عن إصطفافها بخصوصيتها المتفتحة الى جانب شقيقاتها وأخواتها ، تُبرر شن هذه الحملة الشعواء عليها وإقامة جدران الحصار الظالم حولها لحجب نورها الدافئ من منجاة المشاعر المكبوتة وملامسة الأحاسيس القومية الدفينة في نفوس أبناء شعبنا لتنطلق من سباتها الذي طال أمده وتتفاعل مع الأحداث المتزاحمة التي تعصف بشعبنا ، بينما تُقدم المنح والمساعدات بسخاء لهذا الطرف أو ذاك وتُصرف المكارم والتبرعات دون مراجعة أوحساب من أجل شراء المواقف وتجنيد الأقلام لإنكار وجودها وتوجيه التهم لحاملي رايتها الأصلاء ، إضافة الى عقد الندوات والإجتماعات هنا وهناك لتشويه معالمها وبذل المساعي المحمومة لتزييف سجلات التاريخ  في عصر التطلع الى الديمقراطية وسعي الشعوب الى نيل الحرية والإعتداد بالهوية القومية .          ولإنجاز تلك المخططات جرت محاولات يائسة للإلتفاف عليها وتشويه صورتها التراثية الأصيلة ، تارة ببترها وإلصاقها بمكون أخر بصورة عاجلة وبمادة رديئة الصنع ، سرعان ما تداعى الإبتكار وتفرق المصممون والمنفذون وحتى المتحمسون ، وتارة أخرى بإعلان مشاريع جذابة مغرية  في شعاراتها ، غير واقعية في مضمونها ، لا بل شبه مستحيلة التحقيق في الظروف الراهنة في خضم الصراع القومي والمذهبي المتفاقم والناجم عن بعض العقد المستعصية ، إضافة الى تداخل الخنادق المتنافسة معنا ومع بعضها .                                                 ولتهيئة مستلزمات رحلة المخاطر والمجازفات تلك ، تم تثبيت ثلاث سفن مختلفة الأوزان والأحجام لتسير بسرعة واحدة في بحرهادر، يقودها ربان واحد غايته تحقيق بعض المكتسبات الأنية على حساب الأكثرية الكلدانية . ولكن     حال أنطلاقها وخلافاً للمعطيات الظاهرية ، تصدع هيكلها لعدم تماسك وتناسق تصاميمها من أسسها عند تشييدها وإختفاء سلاسل فولاذية متينة تربطها مع بعضها وبنفس الوقت تتيح  لكل منها حرية المناورة عند إشتداد الأزمات ومجالاً للحركة لإتخاذ ما يلزم عند إرتفاع الموج وإشتداد العواصف . ألم يكن من الأفضل لإثباتً حسن النوايا والحرص على وحدتها وسلامة وصولها مجتمعة ، لو كان الإبحار مفروض علينا ، أن تُبحر السفن الثلاثة سوية مع ركابها وحمولاتها بموجب طاقتها ويقود كل منها بحنكة ودراية طاقمها المتمرس الذي يعرف كيف يدير دفة الأمور في الحالات الطارئة ، لكي ترسوا جميعها على برالأمان بخير وإستقرار ووئام ؟ وحينذاك يتوفر الوقت الكافي لكافة الأطراف لطرح المقترحات وتبادل الأراء بحرية وإخاء ودون إنفعال وإستعلاء لتنسيق الموقف وتوحيد الكلمة لضمان حقوق جميع المكونات دون تفضيل وتمييز، بدلاً من ظهور رجل المهمات الصعبة فجأة على مسرح الأحداث " لإفشال مؤامرة  الواوات  المفرقة لوحدتنا وأنقاذ شعبنا من الإنقسام ....! "  كما يزعمون .                                         لا يدرك المرء في خضم هذا الضجيج الإعلامي المتصاعد ضد الكلدان ، نوعية المعاييرالتي يستخدمها البعض لقياس مدى خسارة شعبنا أو كيفية قراءة وتقييم الأضرار التي ستصيبنا مستقبلاً لو ثبَّت الكلدان قوميتهم لوحدهم ، وحصلوا على كامل حقوقهم الدستورية والإدارية المشروعة في كافة الوزارات والمؤسسات والدوائر المهمة ، وحذا حذوهم الأشوريون والسريان أو بالعكس , ألم يكن بمقدورنا الحصول على ثلاثة إستحقاقات دستورية وثلاثة مطاليب مشروعة وممثلين وكوادر في كافة مفاصل الدولة (عوضاً عن تقديم مُركَّب مُنضغط واحد مربوط بخيوط عنكبوتية واهية) ، بعدها يُعقد مؤتمرعام لكافة القوى السياسية والمستقلة لتحديد أهدافنا المستقبلية وتثبيت رؤيتنا المشتركة التي تصب في مصلحة كل أبنائنا ، ثم يوقع ممثلو المكونات الثلاثة على صيغة توحيد أو تحالف إستراتيجي ويُنتخب بحرية وديمقراطية القائد الشرعي المؤهل لشعبنا أياً كان ، ليكون رمزنا وممثلنا في الوطن وفي كافة المحافل الدولية ، عوضاً عن سياسة تكفير كل من يدعى بأنه كلداني وإطلاق عليه  شتى النعوت والإتهامات ، حتى أن مرجعيتنا الدينية الوقورة الحريصة على رعيتها نالت نصيبها من الحملات الإعلامية الظالمة والتطاول المخجل على مكانة المطارنة الأجلاء عندما عبّروا عن رأيهم وقناعتهم بوجوب تثبيت قوميتنا في الدستور وكذلك كل من نطق لتلك التسمية بكلمة   " لا ". إن إستمرار تلك المحاولات المستميتة منذ سنوات لتقزيمنا أو إنصهارنا مع غيرنا في بوتقة واحدة قبل نضوج الوعي الثقافي والحس القومي لشعبنا وقبل توفر المناخ الطبيعي المناسب والعوامل الموضوعية المساعدة ، إضافة الى عدم  الإعتراف بنا أو أخذ أرائنا ، الأمر الذي أحدث الإرتباك والإنشقاق في صفوفنا ، أعطى المبررات لمجلس النواب العراقي لهضم  حقوقنا وتقليص إستحقاقاتنا الدستورية بينما كان بعض الساسة والكتاب الأشقاء منهمكين في الجدال البيزنطي القديم لإثبات بأن الدجاجة من البيضة وليس البيضة  من الدجاجة .                                    ومن هذا المنطلق وإستناداً الى الحقائق المذكورة فإننا نحملهم المسؤولية الكاملة لحالة التمزق والتشتت وإنعدام الوزن التي يعيشها شعبنا اليوم وضياع فرصة تاريخية نادرة من بين أيدينا لنيل كامل حقوقنا المشروعة في تلك الظروف الإستثنائية بعد سقوط النظام السابق بسبب تمسكهم ولحد اليوم كما قلنا ، بسياسة إلغاء وإقصاء الأخر للإستحواذ على مقدرات شعبنا بكافة السبل وشتى الوسائل الأمر الذي سبَّب إستمرار نزيف الجراح  من كيان شعبنا المُتعب الصبور وهو يحمل قدره بيده كحقيبة مسافر ويرتحل منذ عقود ودهور .                                                             يحز في أنفسنا نحن الكلدان أن نرى آحد أشقائنا المسؤولين يصرعلى إلغاء وجودنا ويحاصر كل تنظيماتنا ثم يحاول أن يتسلق سُلّم الشهرة وهرم الزعامة على أمجادنا وتاريخنا وحضارتنا ، بدلا من مد يد العون لنا ليجتمع شملنا وتتوحد كلمتنا فنمنحه ثقتنا وتأييدنا وندعمه بكل إمكانياتنا ، كما نجد غيره يجلس بغفلة من الزمن في برج من عاج فوق هاماتنا ليقرر مصيرنا ، مستغلاً ظروفنا الإجتماعية الطارئة وضعف إمكانياتنا المادية الموقتة لتحقيق طموحاته الشخصية .   لذا لا يختلف إثنان في الإستنتاج بأن الدوافع التي تكمن في جوهر مشاريع الأسماء المركبة هي محاولة خلط الأوراق أمام الناخب في عملية التعداد السكاني المقبل عند وضع علامة أمام حقل القوميات ليتسنى للبعض التمترس خلفها أو الجلوس بإطمئنان تحت ظلالها الوارفة ، وخشية من فرز الألوان المتداخلة مع بعضها عند خوض كل مكون العملية لوحده وظهور الحقائق عند إعلان  نتائج صناديق التعداد . حينها سينقشع الضباب وتتضح ملامح الصورة الجلية بأبعادها وتضاريسها ، فتتلاشى الطموحات غير المشروعة وتختفي الأحلام  الوردية . هل ممكن لإنسان ناضج ان يثبت أمام حقل القومية بأنه (كلداني سرياني أشوري) دون أن يثيرالإستغراب ؟ أو أن يجيب حينما يُسأل عن قوميته ، بأنه (كلدانيسريانيأشوري) دون ملاحظة إبتسامة ساخرة على وجه المقابل !                                            وفي الوقت الذي نزف فيه التهنئة الحارة الى القائمة الكردستانية الموحدة لفوزها في الإنتخابات الأخيرة والى سيادة رئيس حكومة إقليم كردستان كاك مسعود البرزاني المحترم بمناسبة إعادة إنتخابه رئيساً لإقليم كردستان العزيز ، ونبارك فيه فوز كافة الأخوة الأفاضل بمقاعد البرلمان في دورته الجديدة  ، نود التأكيد لشعبنا بأن  كبوة الفرسان في قائمة الكلدان الموحدة أمام القوائم الأخرى ، لم تكن مفاجئة لأحد بل متوقعة من الجميع  لعدم تكافئ الفرص المتاحة أمام الأطراف المتنافسة بعد ثبوت إستخدام المقابل سياسة الكيل بمكيالين وإمتلاكه لكافة وسائل الإعلام المؤثرة والإمكانيات المادية الهائلة لعقد الإتفاقيات وتقديم المغريات من أجل الحصول على التنازلات. وبالرغم من كل ما حدث ويحدث فسوف لن يكون هذا النزال هو نهاية المطاف بل ستعقبه جولات وجولات لأن المسيرة الكلدانية ستستمر ووتائرها ستتصاعد مهما إشتدت الضغوط وكثرت المقالات المتشنجة وتضاعفت الإغراءات التي لابد وأنها ستنضب يوماً ويختفي أبطالها من على خشبة المسرح . وإن غداً  لناظره قريب  .

137
أحلام البشرية  وأماْل العراقيين

         صباح دمَّان   
من ضمن المواضيع التي كنت أدَرٍسُها في منهج طلبة الصفوف السادسة العلمية والأدبية للغة الانكليزية في بداية الثمانينات كان موضوع مشوق بعنوان"المستقبلThe Future ". يعبر فيه الكاتب في الخمسينات من القرن الماضي عن توقعاته للتطور والرقي في العقود والقرون المقبلة , وكيف ستصبح حياة الإنسان اليومية مختلفة كلياً عما كانت تبدوعليه في حينه في كافة المجالات المتعلقة بوسائل الراحة وطرق السفر وأساليب العيش والمعالجة الطبية وغيرها , بعد تسخير الإنجازات العلمية لخدمته وضمان مستقبله وإكتشاف ما هو مجهول له على الارض وفي الفضاء . لقد أطلق العنان لخياله في وصف الكثير من الإبتكارات والإختراعات المتوقعة والتي أصبح البعض منها اليوم حقائق ملموسة يتعامل معها الإنسان بشكل إعتيادي وعلى وجه التحديد في الدول المتقدمة . ذكر الكاتب في مقالته بأن بيوت المستقبل سوف لا تحتوي على مطابخ  ولا أدواتها  لتهيئة وجبات الطعام لأن الإنسان سيتناول  بدلا منها أقراصاً pills) ) تحتوي على كافة الفيتامينات التي يحتاج اليها في يومه, فحينما يأذن موعد تلك الوجبات ويشعر بالجوع يقوم ببساطة بفتح باب ثلاجته أوصيدليته ليتناول من القناني والعلب الموجودة فيها أقرصاً تحتوي على بدائل الغذاء أو الطعام الذي يرغب بإختياره لتلك الوجبة لتجديد طاقته وتلبية ضروريات حياته ,  وهذا ما يفعله نسبياً اليوم رواد الفضاء حينما يسافرون ويبقون أسابيع وأشهر في مركباتهم وهذا ما سيكون علية الأمر بالتأكيد في المستقبل المنظور وغيرالمنظورعند بقائهم سنين وعشرات السنين في الفضاء لسبر أغوار الكون المرئي , ومحاولة الإستيطان في بعض الكواكب والأقمار والنجوم الملائمة للطبيعة البشرية بحثاَ عن طاقة جديدة وموارد طبيعية بعد نفاذ موجودات الأرض منها , ولغرض إنشاء قواعد أو مستوطنات ثابتة عليها لإجراء بحوث وتجارب ثم الإنطلاق بعدها في دروب الأكوان المجهولة بحثاَ عن عوالم أخرى وحيوات تفوقنا ذكاءً وتحضراَ  أو في بداية نشوئها وتطورها على بعض النجوم  في مجرتنا وربما في المستقبل البعيد في المجرات الخفية الأخرى بعد تحقيق قفزات علمية وتكنولوجية متقدمة جداَ لحل معضلات فيزيائية ورياضية وفلكية معقدة تمكن الإنسان من إدراك طبيعة الزمن وإجتياز حواجزه الغامضة للتوصل الى دمج عشرات السنين الأرضية في فترة وجيزة من عمره وتباطئ نمو خلاياه , وهو يتجول بمركبته العملاقة في الفضاء الشاسع بين النجوم  والأنظمة اْلشمسية الأخرى بطاقة غير تقليدية وبسرعة هائلة تفوق سرعة الضوء بمئات وألاف المرات. وقد ينجز العقل البشري طفرة إعجازيةً عند إكتشاف السبل لحل طلاسم  وتطبيق نظرية انشتاين النسبية المتعلقة بالفيزياء الكمية ومنحنيات المكان والزمان , المعجزة التي ستجعله قادراَ على الإنتقال الى المستقبل والسماح له بالعودة الى الماضي أو التجوال بين الكواكب والنجوم بتقنية تفكيك مكونات الأجسام ثم نقلها عبر الزمن على شكل موجة لتتجمع وتتداخل مرة ثانية بنظام إيجابي مبرمج بعد لحظات في مكان ما على خارطة هذا الكون اللامنتاهي الأبعاد أوعلى نجم في إحدى المجاميع الشمسية او المجرات المراد السفر أليها ; نظرياَ مثلما ينقل القمر الصناعي اليوم حدثاً الى أية بقعة على الكرة الأرضية أو في الفضاء وقت حدوثه أو إرسال صورة بالفاكس الى أية بلدة أو قرية نائية في العالم بلحظات. وعلى سبيل الدعابة أضيف : حينما سيتمتع أحد أحفاد أحفاد أبنائك أو فرد من سلالته بعطلة في كرتنا الأرضية أو مناسبة فضائية بعد بضعة قرون فسيتمكن من قضائها  في منتجع مع بعض أصدقائه القاطنين على أحد النجوم المتطورة في مجرتنا , وفي طريق العودة  يزور أخاه الذي هاجر الى كوكب أخر قبل أعوام وتزوج هناك من فتاة إلتقاها صدفة  في إحدى الرحلات داخل مكوك فضاء , ثم يبقى بضعة أيام في بيت أهل زوجته في المشتري وعلى عجلة يشرب قدحا من المنشطات داخل إحدى كازينوهات الاستراحة في المريخ قبل عودته إلى الأرض التي ستدعى الوطن الأم حيث لا يرغب بتركه لأسباب وظيفية أو ظروف خاصة والهجرة إلى نجم بعيد في مجرتنا فيه حياة مرفهة وحضارة راقية . أتظن أن مجئ ذلك اليوم سيبقى مجرد ضرب من وحي الخيال لو كتب الله لكرتنا الارضية الجميلة الصحة والسلامة والعمر المديد لمئات وألاف السنين التي تعتبر كما يظن بعض العلماء , فترة لا تذكر في سجلات نشوء الكون منذ الإنفجار العظيم ((The big bang ؟ ماذا كان المثقف سيقول قبل عدة قرون لو كتب أحدهم مقالة يتوقع فيها بعض الإنجازات التي أصبحت بالنسبة إلينا مجرد إنجازات علمية قديمة , بان الإنسان سيرسل أقماراَ صناعية تدور حول الكرة الأرضية وتنقل إلينا ما يجري في العالم لحظة بلحظة وتصور أدق التفاصيل لأحداث عابرة , وأن بشراً سيهبطون على سطح القمر ونشاهدهم يتجولون , يمرحون  ويَجْرون تجارب علمية لساعات ثم يجلبون معهم من هناك أحجاراَ ويعودون بمركبتهم الى وطنهم , وسفينة فضائية غير مأهولة تزور كوكب المريخ وتترك عربة هناك لتسير وتتجول على سطحه وترسل معلومات هامة لقاعدتها على الأرض لعدة سنوات, ومركبات تحوم حول كواكب أخرى وتبعث إلينا صوراً حية لما تشاهده على سطحها وغيرها تبقى في الفضاء لتلتقي مع سفينة أخرى ويتبادل الرواد الزيارات وتعود الى الأرض بعد أسابيع أو شهور ؟ وأن أحد الجراحين سيجري عملية جراحية لشخص ما في جنوب أفريقيا وهو جالس في لندن أو في واشنطن أو طوكيو ؟ وإختراعات عجيبة أخرى في كافة مناحي ومفاصل الحياة. هل كان سيصدق ذلك أم كان سيسخر من الكاتب ؟ والشعاع الذي يضئ الأمل في النفوس ويزيد من حتمية تلك التوقعات , أن وسائل الإعلام في شتى أنحاء العالم تنقل إلينا كل يوم اكتشافات علمية مذهلة وإبتكارات تقنية مدهشة لمعجزة العقل البشري الذي يمر بمرحلة تطور ذاتي ولم  يُستغل لحد اليوم إلاجزءٌ  ضئيلٌ  منه وثبت أن لا حدود لقدراته الخارقة وإبداعاته المتجددة التي ستنير ممرات الكون المظلمة أمام طموحات الإنسان وتفتح أمامه بوابات الفضاء الهائلة ليصبح عقله الجبار مركز إكتشافات ومحور إتصالات لتنظيم لقاءات كونية منظمة مع سكان العوالم الأخرى إن وجدت والتي تكون قيد شيدت حضارات راقية وسبقتنا بألاف أو ملايين السنين من التطور. إنه  في الحقيقة حلم جلي والثورة العلمية تؤكد أنه حلم حي لرحلة إستيقاظ دامت(500)مليون سنة كانت بمثابة سنوات لا بل أيام من معجزات الخالق . ومن ضمن ما احتواه موضوع "المستقبل" أيضاَ أن البيوت ستخلو من المكانس الكهربائية للتنظيف حيث ستُصَمم الدور بطريقة لا تلتقي الجدران والسقوف والأرضية بزوايا بل تكون محدبة على شكل أقواس وبمجرد الضغط على احد الأزرار تقوم أجهزة  خاصة مثبتة بأماكن معينة بامتصاص الأتربة والأوساخ بلحظات . أما التنقل داخل المدن فسوف لن تكون هناك مركبات وعجلات وسيارات وقطارات بل طرق متحركة منتشرة  في كافة إنحاء المدينة تقلك إلى غايتك بدقائق أو لحظات حالما تأخذ مقعدك وتضغط بإصبعك على لوحة فيها المكان الذي تقصد الذهاب اليه  , في حين أن السفر بين المدن والدول والقارات سيصبح بوسائط نقل خارقة مصممة بتقنية مختلفة وتسيربطاقة ذاتية متجددة لا يمكن التنبأ بها في الوقت الحاضر , إضافة الى إبتكارات متوقعة أخرى ذكرها الكاتب في مقالته . لقد شرع الإنسان بما لا يقبل الشك , برحلة المليون ميل نحو المستقبل بخطوات حثيثة لتحقيق أحلامه وطموحاته بعد تفجير ثورة علمية متدفقة في مسيرته وإحداث نقلة نوعية كبيرة في تفكيره لرسم صورة متفائلة لأهمية كرتنا الأرضية الجميلة المعلقة في حيز دقيق ضمن هذا الكون الهائل كذرة تراب في الفضاء , تلك الأمال التي يعتبرها الكثيرون اليوم نوعاَ من الخرافات أو خيالاَ علمياَ لا يمكن قبوله. بالتأكيد ستصبح الإمراض المستعصية الحالية جزءاً من الماضي ويعيش البشر حياة خالية من الهموم والمخاوف  بعيدة عن الإفتراضات والتوقعات وربما سيتم إبتكارعلاج لإطالة عمرالإنسان والتحكم بالشيخوخة والتقدم في السن بغية أبعاد فكرة الموت والقدر من ذاكرته لحين . ليس بعيداً اليوم الذي سيتمكن  فيه الإنسان من التحكم بمشاعره  وعقله الباطن ولا شعوره وحتى أحلامه وتمكنه من قراءة الأفكار وكشف أسرارالحياة لكافة الكائنات ومراحل تطورها منذ نشوء الكون , إضافة الى تسخير قوى الطبيعة وما موجود في باطن الأرض وأعماق البحار وما يحيط بعالمنا لخدمته . هل سيصدق القارئ أم يتخيل أو سيبتسم لو توقعت مجئ اليوم الذي يدخل فيه شخص إلى إحدى المستشفيات المتخصصة أو مراكزالعمليات الجراحية المتطورة  طالبا تبديل بعض أعضاء جسمه التي لا تروق  له أو أصابها عيب أو عجز بسيط لا يرغب به, بالطريقة  ذاتها التي يدخل أحدهم اليوم  إلى أحد المرائب طالبا تبديل إحدى قطع الغيارالعاطلة أو غير الصالحة  في مركبته بأخرى أفضل أو أحدث, فيخرج من المستشفى بعد ساعات أو أيام  بأنف أو ذقن  أو وجه أجمل , أو يدين, ذراعين أو ساقين جديدتين أو أي أعضاء أخرى بحاجة الى زرع أو تبديل. لقد شرع أطباء العمليات التجميلية فعلاَ  قبل أعوام بوضع اللبنات الأولى لتحقيق مثل هذه المنجزات الطبية الطموحة وبدأ الجراحون المتخصصون باستبدال وزراعة بعض الأعضاء الداخلية  التالفة  كالقلب والشرايين والكليتين وغيرها أوصيانتها  وتأهيلها , وتزويد المعوقين بأرجل أو يدين متحركتين ؟ كما ونجحوا باستنساخ الحيوان وقريبا الأجنة البشرية وتغييرالخارطة الوراثية  للإنسان والتحكم بالجينات . وقد يسعى الباحثون الى أخذ خلايا من رأس علماء وعباقرة وشخصيات تاريخية عظيمة كرست حياتها لخدمة البشرية من أجل إستنساخ نماذج شبيهة بها تساهم من جديد بحماية الإنسان من المخاطر التي تواجه إستمراريتة في الوجود وتطوره ليصبح عقله الجبار مركز إشعاع لحضارة كونية جديدة بعد إختراق الأسرارالتي تكتنف أجواء الملايين من النجوم المنتشرة حول كوكبنا وتحقيق حلم المستحيل .
أما نحن ... فما زلنا نحلم  بيوم  تختفي  فيه  المظاهر المسلحة والقتل والاختطاف من شوارعنا  لننعم  بالإطمئنان والراحة والأمان في بيوتنا ونعيد المحبة الى قلوبنا والصفاء إلى نفوسنا ... نطمح بالاستمتاع  بالطاقة  الكهربائية على مدار الساعة  لتعود الحياة الى كافة الأجهزة في دورنا لتعمل كسابق عهدها... نأمل أن تختفي الطوابير للحصول على الوقود          ( البنزين والنفط والغاز) والمواد الضرورية الأخرى لحياتنا من أحيائنا وشوارعنا ... نشعر بالحاجة الى الإستقرار وراحة البال في الليل والنهار وعند خروج الأبناء إلى مدارسهم والأباء الى أعمالهم ... نريد أن نستبدل أصوت الطلقات وأبواق التحذيرات بسماع موسيقى التراث والأغاني والمقامات والإستمتاع بالإحتفالات وحضورالمناسبات دون خوف من التفجيرات ... نود نسيان ظاهرة التزاحم لحجز مقاعد على الحافلات والطائرات للهجرة إلى دول المغريات والركض المضني في المحطات والمطارات وبيدنا الحقائب والجوازات أوالجلوس على أرصفة الغربة أمام بعض الدوائر لملء إستمارات والطرق على أبواب المفوضية العليا لاستجداء المقابلات والوقوف المخجل أمام الجمعيات لإلتماس المعونات ونحن الراحلون من أرض الكنوز والموارد والخيرات ومن إبتكر للبشرية الكتابة وصنع العجلة وقدم القوانين والمسلات وتفوق في علم الفلك فقسَّم السنة والأيام والساعات ومن بلادنا أشرقت شمس الحضارات... نحن نطمح ... نأمل...... نود أن نسترجع الأحلام...أن ننسى الأحزان... نريد أن نعيش بأمان... ونريد... ولكن من سيصغي الى هذا النداء ومن سيستجيب...؟ هل سيأتي اليوم الذي سنعود فيه الى الديار كعودة الطيور المهاجرة الى أوكارها عند إخضرار الأرض وتفتح الأزهار وقدوم الربيع وحلول السلام...؟
أيمكن أن تصبح أحلام البشرية حقيقة وتبقى أمال العراقيين حلما ؟                                                       2009/03/01
                   

138
شعبنا المسيحي ونزيف الجراح
    صباح دمّان                                                                                

  مرت عصور تلتها قرون وسنون ومعاناة شعبنا في بلاد وادي الرافدين تزداد قسوة وبؤساَ بسبب استمرار تعرضه إلى فصول مأساوية متتالية من حملات الإبادة والسبي والتشريد بغية مسح هويته القومية منذ سقوط  دولتة الكلدانيه في بابل عام (539ق.م) , وأصبحت تلك العمليات أكثر ضراوة وعنفاَ بعد إعتناق أجدادنا الديانة المسيحية منذ بواكير ظهورها في موطنهم الأصلي , فكان السيف يلاحقهم أينما رحلوا وحيثما حلوا . ففي كل حملة للغزاة كانت تسفك دماء المئات لا بل الألاف من أبناء شعبنا الذين كانوا يُسيَّرون كقطيع من الخراف الوديعة الى المجازر البشرية لتُذبح بوحشية وانتقام وبلا مقاومة واحتجاج . وفي أماكن أخرى من وطننا كانت تهاجمهم الوحوش الضارية لتفتك بهم مثلما تنقض الجوارح على الفرائس البريئة وهي تعيش بإطمئنان وسلام , فتهرب مذعورة وتتبعثر في كل الإتجاهات طلباً لملاذ أمن يبقيها لحين على قيد الحياة بعيدة عن سيوف المنتقمين وحراب السفاحين الذين لم يتوقفو يوماً عن مطاردتهم في كل مكان . وكان في مقدمة من ضحوا بأنفسهم وقدموا أرواحهم قرابين على مذابح الإستشهاد دفاعاً عن عقيدة الإيمان وقدسية الأرض , رجال الدين الاتقياء الذين كانوا يقيمون طقوسهم الدينية في كنائسهم في القرى والمدن والبلدات بعد انتشار المسيحية في طول بلاد ما بين النهرين وعرضها . ولم ينجو من شبح الموت الذي كان يلازمهم كظلهم حتى الرهبان في الاديرة البعيدة في الجبال والكهوف وبين ثنايا المرتفعات النائية , حيث كان الظلاميون أعداء النور والحق والحياة, يبحثون عنهم في تلك الأماكن للإجهازعليهم داخل صومعاتهم. . فكان رأس يوحنا المعمذان يحمل في طبق على مائدة  قصركل حاكم مستبد, وعلى رأس رمح كل قائد  فاسق, وفي بلاط كل ملك ظالم . لقد إمتلات البراري  والسهول والجبال من أقصى جنوب العراق الى شماله بأسماء مئات الشهداء والقديسين الأبرار وعشرات الكنائس التي ما زالت أثارها باقية لحد اليوم  شواهد تحكي للتاريخ والأجيال مدى الإضطهاد الذي أصابهم والمجازر المبكية التي إرتكبت بحق شعبنا المسيحي ورجاله المؤمنين منذ بداية إجتياح الغزاة لوطنهم , بالرغم من محاولات تشويه وتدمير الكثيرمن تلك الكنائس والأديرة والإستحواذ على معظمها بعد تغيير ملامحها. لقد خُيّرت أعداد كبيرة من أحفاد أقدم حضارة في التاريخ , ما بين ترك ديانتهم أو نحرهم وسبي نسائهم وبناتهم ومصادرة ممتلكاتهم , فانصهر الكثير منهم قسراً وظلماَ في المجتمع الغريب لكل محتل جديد للنجاة من الإبادة الجماعية وتخلصاَ من التطهيرالعرقي .   
لقد تعرض المسيحيون بكافة طوائفهم ومسمياتهم الى نكبات لا مثيل لها بسبب تمسكهم وإعتزازهم بلغتهم وتراثهم ومقدساتهم , ومنهم  نحن الكلدان الذين تحمل أجدادنا وأسلافنا التضحيات الجسام وقدموا أنهاراً من الدماء قرابين على مذابح الإستشهاد  نتيجة عدم رضوخهم لارادة الظلام والشر والإنتقام التي كانت بمثابة البيارق التي ترفرف في مقدمة تلك الحملات البربرية للفرس والعثمانيين وغيرهم والتي تعاقبت على إحتلال بلادنا في صراع على النفوذ والمكاسب وفرض تقاليدهم وأفكارهم المتخلفة على ابناء شعبنا بحد السيف وسنابك الخيل . وكانت تلك الهجمات تتصاعد كلما صمد أبطال ورجال دين ومفكري وقادة هذه الأُمة وتمسكوا بهويتهم القومية وطقوسهم الدينية وعشقوا أرضهم ووطنهم . لقد أثبتوا بما لا يقبل الشك أنهم مع إشقائهم الأشوريين والسريان من سلالة أولئك السكان الأصليين لأرض الرافدين التي أشرقت منها شمس الحضارة البشرية فكانوا أول من علم الإنسانية الحرف وسنوا لبني البشرالقوانين وقدموا لهذا الكوكب التقويم الزمني واخترعوا العجلة وبرزوا في علوم الفلك والهندسة والمعمار وغيرها كما شيدوا إحدى عجائب الدنيا السبعة وكان لهم  ملوك عظام إمتدت إمبراطوريتهم الى جهات الدنيا الأربعة . لقد قاسى شعبنا كثيراَ من إستبداد وإضطهاد الأقوام التي حكمت بلادنا وبمشاركة جماعات متطرفة حاقدة كانت تعيش معهم في الجوار في نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين , إضافة الى حملات التنكيل والتهجير التي مارستها بعض الفئات والتيارات المتشددة داخل السلطة وخارجها في العصرالحديث قبل وبعد تأسيس الحكم الملكي . وما جمرات الأحقاد التي إستعرت في أقضية ونواحي محافظة نينوى وغيرها من مدن الشمال رغم تبادل الأدوار وأدوات التنفيذ , وإلتهمت نيرانها الآلاف من أبناء شعبنا المسيحي  بمجازر وحشية قل نظيرها, إلا دليلا ساطعا على حقيقة  ذلك النهج المتواصل لإقتلاع جذوره الأصيلة المتغلغلة في أعماق تربته الخيرة وإزالة إسمه من سجلات التاريخ , ومرورا بالعهود الجمهورية المتتالية وأساليبها الانتهازية المبطنة  في إظهار المودة  والاحترام للمسيحين على الصعيد الرسمي وفي وسائل الإعلام , وسوء المعاملة والتفرقة والتهميش في الشؤون المدنية والداخلية إضافة الى حرمانهم من تسنم الوظائف الحكومية الحساسة في الدولة, خاصة  في عهد الرئيس المتعصب الجاهل عبد السلام عارف , وأعقبه النظام السابق في سياسة التعريب التي إنتهجها وحملات تشريد سكان عشرات البلدات والقرى المسيحية في الشمال والاستيلاء على ممتلكات غيرهم بحجج وذرائع واهية وأساليب مبتكرة , إضافة إلى تأميم المدارس وبعض المستشفيات الخاصة العائدة  لهم مع تبديل أسمائها والتي كانت تساهم مساهمة فعالة في خدمة البلد من النواحي الثقافية والتربوية والصحية حتى وصل الأمر إلى حد منعهم من إطلاق تسميات لها دلالات مسيحية على الأطفال حديثي الولادة ومهاجمة رموزهم الدينية المقدسة في إحدى الصحف , ناهيك عن بعض القوانين الجائرة التي شرعت في مختلف العهود لتنفيذ تلك المخططات القديمة الرامية الى إبتلاعهم كما تفعل الأسماك الكبيرة للصغيرة منها في البحار والأنهار. ونتسأل هنا : لماذا أُطلقت "الحملة الإيمانية "التي بدأت ولم تنتهي؟ ومن كان المستهدف من تطبيقها ؟ وماذا كانت أهدافها الحقيقية...؟  لقد أُعلنت ساعة الصفرحينما أدرك الكثيرون من أبناء شعبنا منذ عقود مضت ما كان يخطط  له ويجري تنفيذه ضدهم  دون أن تكون لديهم المقدرة أو الدعم من أية قوى داخلية أو خارجية لمجابهة ذلك التيارالمتشدد الأعمى الذي كان يضيق عليهم الخناق يوماً بعد يوم , فقُرعت نواقيس الخطرفي نفوسهم الحائرة ودوت صافرات الإنذارفي دورهم الغير أمنة, فبدأت موجات كبيرة منهم بالهجرة إلى الشتات نحو المجهول والسير على طريق اللاعودة في مسيرة مضنية ومعاناة طويلة الى أقاصي الدنيا, مغتربين عن ذاتهم وذويهم ومضحين بمراكزهم وممتلكاتهم , تاركين أرض الوطن من أجل الحفاظ على معتقداتهم الدينية وهويتهم القومية وحريتهم الشخصية  ولضمان مستقبل مشرق لأبنائهم في أي بلد يستقبلهم  ويوفر لهم الأمان والعيش بسلام . ومن مفارقات الأنظمة التي توالت على حكم العراق , أنها لم تكن تعتبرالمسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية أو نكرة مهمشين في المصائب والحروب التي عصفت بالبلاد, بل كانت تفرض عليهم المساواة مع الأخرين في التضحيات ودفع ضريبة الدماء للدفاع عن بلد سُلب منهم ولم يعد وطنهم , لا بل أصبحوا فيه "جالية " (كما كانوا يؤمنون ويصرح به بعض المسؤولين اليوم)حيث تم زجهم  في حروب مدمرة مع دول لا ناقة كان لهم  فيها ولاجمل.
*وبعد سقوط النظام , إستبشر أبناء شعبنا المسيحي أسوة ببقية الطوائف والشرائح  والمكونات الأخرى خيراً وأملا بحياة  أفضل ومستقبل زاهر لهم ولأبنائهم  لما كان يحمله  القادمون من الأحزاب السياسية والمنظمات والشخصيات المتنفذة من أحلام فردوسية وشعارات وردية  لكافة الإنتماءات الدينية والقوميات المتعددة لبناء وطن متطور مزدهر ترفرف  فوقه رايات الديمقراطية والحرية والعدالة ويكون جميع أبناء الشعب الواحد فيه سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات ويستعيد شعبنا المسيحي ما فقده ظلما وقسراً في العهود السابقة ولنفتخرجميعاً بهويتنا القومية ونبني من جديد مؤسساتنا الثقافية والإدارية والتربوية ويكون لنا رأي مقبول فيما يخص مستقبل شعبنا ودور فاعل في إعادة بناء الوطن العزيز بالتعاون مع كافة إخوتنا العراقيين دون إقصاء وتفرقة أوتمييز. ولكن فجأة أبى التاريخ إلا أن يعيد نفسه وبكل مأسيه وتحدياته , فتداخلت الألوان وتشابكت الخيوط , فتدهورت الأوضاع الأمنية وبدأت انعطافة خطيرة في المسيرة لتعيد منحاَ دموياً متعصباَ مكبوتاَ طغى على الاحداث المتسارعة بعد سقوط النظام والهدوء النسبي الذي لاح في الأفق قبل هبوب العاصفة الهوجاء, حين ظهرت مافيات منظمة ومجموعات سياسية متطرفة وتيارات دينية متخلفة تحمل ذاكرة مدججة بالثأر والحقد والكراهية في كافة المدن إستهدفت العقول والكفاءات والثقافة والجذورالتاريخية العراقية بشكل عام , ووجود  ومصادرعيش وتقاليد وحياة المسيحيين بشكل خاص عن طريق اختطافهم  وسلب أموالهم أو قتل بعضهم  وتهجيرغيرهم وتفجير كنائسهم , كالجرائم البشعة التي نفذت بحق عدد كبير من أبناء شعبنا ومنهم  الشهداء الأب الراحل رغيد ومعه الشمامسة الابرياء والعملية الإجرامية التي ارتكبت بحق شهيد الكلمة والموقف مثلث الرحمة المطران بولص فرج رحو وطعنه بخنجر مسموم وهو يحمل صليبه ويسير بين جموع الجهلة والقتلة والسفهاء بصبر وشجاعة وكبرياء مضحياً بدمه ثمناً لتمسكه بعقيدته ولشعار التسامح والمحبة والسلام الذي رفعه بين كافة الطوائف والقوميات والاديان ورفضه ترك أرض الأجداد والاباء , ومروراً بالتفجيرات الأجرامية في قضاء تلكيف وتللسقف وبقية الأقضية والنواحي المسيحية الأخرى, والمجازر التي تُرتكب اليوم ضد المسيحين في الموصل, ولا ندري لمن نوجه أصابع الاتهام فيها ؟ في الوقت الذي يعلم فيه الجميع بأننا شعب مثقف مخلص  أصيل , نتمنى الإزدهار والخير والأمان لكافة العراقيين , لا نحمل ضغينة او كرهاَ للأخرين , نصلي لأعدائنا ونصفح عن كل من أساء لنا, ليس لكوننا ضعفاء , بل لأننا نهتدي بتعاليم سيدنا المسيح له المجد ونسيرعلى طريق نشر المحبة والتسامح والوفاء  ولسنا طرفاً في الصراع الدائر بين الفرقاء الذين مازالت تربطنا ببعضهم علاقات تاريخية مميزة وكنا نأمل من بقية الوطنيين الأصلاء والمخلصين النجباء في السلطة وخارجها أن يقفوا معنا في هذه المحنة ليسددوا شيئاَ من الدين الذي لنا وللتاريخ في أعناقهم ......... ومع ذلك..... يستمر الهجوم المبرمج ضد أبناء شعبنا والذي بدأ من جنوب العراق منذ قرون وما زال , فيواصل المتطرفون والغرباء تطهي ما تبقى من جيوب المقاومة  (الصليبية ) المتمسكة بأرضها وكنائسها في بعض المدن وبلدات غير متألفة مبعثرة هنا وهناك .... وبلا مبالاة يشاهد العالم المتحضرومنظماته الإنسانية وغيرالإنسانية الحلقات الأخيرة لذلك المسلسل التاريخي الهمجي , مأسي بقايا شعب إحتضن (7000) سنة من الحضارة الإنسانية والذي أصبح اليوم كبش فداءِ لصراعات سياسية ودينية وطائفية وأجندات قومية واقليمية وإنطلاقاَ هذه المرة من شرارة مجلس النواب والرئاسة (الموقرين) والقاضي بإلغاء الفقرة (50) من الدستور وإعلان النصرالمؤزرعلى  (المعتدين) ... فيتواصل نزيف الجراح لشعبنا الصابر الصبور والمغلوب على أمره والذي بات وحيدا بلا سند أو دعم من حليف مخلص أو مسؤول غيور يقف الى جانبه ويدافع عنه, فتحرق دورالمسيحيين ويُقتل أبناؤهم الأبرياء فيسقطون صرعى على ما تبقى من أطلال حضاراتهم والحافات الأخيرة لوطنهم الشهيد . إن المجازر الأخيرة تعطي دليلا قاطعا لا يقبل الشك والتأويل على إستمرارية وإنتشار تلك الافكارالسوداوية المتطرفة والهادفة الى تهجير ما تبقى من المسيحيين من أحضان وطنهم وسلب هويتهم وتاريخهم وخلاصة جهود أبائهم وأسلافهم . لقد كان أمام أبناء شعبنا من الغيارى الطيبين  في البصرة والموصل و.. وبعض مناطق بغداد وخاصة الدورة وغيرها خيارات أحلاها سمٌ  زعاف : إما إشهار إسلامهم أومقايضة عزيزاتهم أوإختطافهم وأخذ جزية من أهلهم ثم قتلهم ورميهم في الطرقات, أوذبحهم ذبحاَ حلالاَ ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم . إتخذوا القرار المشرف الجريء  بترك  دورهم  وما كانوا يملكون والهروب في سواد  الليل إلى ملاذ موقت  في ذاك الحي البعيد أو تلك البلدة في الشمال أو طرق أبواب الإغتراب وفراق كل الأحبة والأعزاء والتضحية  بحقوق الابناء . يبدو أن قدرالمسيحين جعل من هاجس القلق الدائم والخوف من الحدث القادم والهروب المتواصل نحوعش أمن , جرباً أصاب أجسادهم لا يمكنهم التخلص منه إلا  بترك ارض الوطن والارتماء بين ذراعي الغربة اللعينة , فأصبحوا يعيشون  بين مطرقة الموت والتشريد والاختطاف  في وطنهم , وبين البحث عن الضياع والجري وراء السراب والتسكع على أرصفة المدن الغريبة في إنتظار بصيص نور في نفق معاناة المهاجرين وطرق أبواب المفوضية العليا لللاجئين. تشاهدهم يتزاحمون بالمناكب مع الأخرين أمام السفارات طلباً لإستمارات أو مقابلات مع مسؤولين من عدة جهات أو تقديم مستمسكات للحصول على شهادات والوقوف في طوابيرأمام الجمعيات لإستجداء الصدقات وإلتماس المساعدات من بعض المنظمات , إضافة إلى هموم المراجعات إلى دوائر الاقامة وإلتماس هذا الموظف الكريم أو ذاك الحاقد اللئيم . إنه موت بطئ لسجين موقوف على ذمة  التحقيق لا يعرف مصيره المجهول , وهل سيرى النورمن جديد أم لا؟ ما معنى غلق  كل أبواب الأمل والحياة  المستقرة  بوجههم  في مثل هذه الشدائد والمحن والملمات بدعوى عدم ترك أرض الأجداد والأباء ؟ نعم ... إني من الداعين لهذا الشعار بحماس , لأن شعار الرافدين هو إسمنا وعنواننا , موطن الأنبياء والعظماء...مهد الحضارات وأرض الخيرات... لنا في كل قرية وناحية ومدينة فيها شهداء ومراقد ومقدسات... وفي كل كنيسة وديرأمضينا ساعات سجود وصلوات ... وأمام كل ضريح إنهمرت دموع  وتدفقت حسرات ورفعت إبتهالات... ورسمنا في بيوتنا صور رائعة لإحتفالات وأقمنا أعياد ميلاد مباركة وأطلقنا أمنيات لمستقبل الشباب وشيدنا طموحات... وفي زوايا كل مدرسة وسوق وزقاق كان لنا قصص وروايات... وحكايات الأحباء في الليل مع الأباء والأُمهات... وأحاديث الطفولة والصبا وأحلى الذكريات, مطرزة في النفوس والوجدان لا تمحوها السنون والأيام على مرالزمان.... ولكن كيف......وكيف...؟؟ وهل لنا الأن غير ذلك خيار.....سوى الإنتظار الى أن يهدأ الإعصار... وبعد ذلك إتخاذ القرار؟ من سيوفر لنا اليوم وغداَ الأمان..... ويضمن لشبابنا الاستقرار عند العودة الى الديار...؟؟ وإلى متى ستزهق أرواح الأبرياء في غابة أصبحت فيها قوى الظلام  والانتقام تستبيح دماء الأوفياء والشرفاء ويستحوذ الغرباء على مصائر الأصلاء بلا رادع أو حساب من الأقوياء ........؟  صوت حزين ينبعث من أعماق الماضي , يكسر جدار الصمت المريب وينادي في كل بقعة من بلادي : من  لم  يقتبس من تراثنا وعلومنا  شيئاً ولم  ينبهر من تاريخنا وحضارتنا يوماً  فليطلق رصاصة الرحمة على أحفادي..... , ومن لم يستفد من عراق الرافدين دوماً ولم يعش في  ظلاله  أمنا ويأكل من خيراته  كثيراَ,  فليقذفه  بحجر...                                             
12/12/2008
 E-mail :sabah_daman76@yahoo.com
                                                                             

139
الى الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما المحترم                                                   
رسالة من مغترب عراقي الى الرئيس المقبل لأعظم دولة في العصر الحديث                                     

    رسالة  من  كل  مهاجر عراقي عالق في محطات الإنتظار على أرصفة الغربة وفي أزقة النسيان ودروب الترحال في المدن  الغريبة يطرق  بعنف بوابات دوائر الهجرة التي ربما طرق أباؤك إحداها يوماَ                                           
سيدي : العالم كله يترقب بلهفة  ويتطلع  بشوق الى اليوم الذي ستدخل فيه قبة البيت البيضاوي  لتبدأ من هناك  مسيرة الألف  ميل المضنية بخطوات ثابتة وعزيمة لا تلين  لتطبيق الإستراتيجية الجديدة التي وضعت  أسسها مع مستشاريك  لتحقيق الأهداف التي رسمتها لإجتياز الأزمة الخانقة  التي  تمر بها الولايات المتحدة . إن ملايين الموطنين في أمريكا وكافة  أنحاء العالم يحصون الأيام  لابل الدقائق والساعات لتًقرع أجراس التاريخ وتٌطلق كلمات الترحيب عند  تسنمك  منصب الرئاسة  والشروع  بإزالة  أثار السنوات العجاف الماضية  . لابد لك أن تطيل النظرالى وجه أمريكا  الصامت الحزين الماثل  أمامك  وتتأمل ملامحه  المتعبة لتشخص الداء وتصف  الدواء .  إن أنظار تلك  الملايين وغيرها  تتجه صوب  نقطة البداية ,تنتظر تنفيذ ما قطعت على نفسك من عهود لإنقاذ الإقتصاد الأمريكي من المأزق الذي يتخبط  فيه نتيجة السياسة الغير متوازنة للإدارة السابقة التي أثقلت كاهلها الأحداث المتزاحمة  في السنوات التي أدارت بها شؤون البلاد  وما ألت إليه الأوضاع الإقتصادية من تدهور وجمود. إضافة الى الشعارات التي رفعتها لنشر الامن والإستقرار والسلام في المناطق الساخنة في الشرق الأوسط والمناطق المضطربة في أسيا وأفريقيا ,رغم قناعة كل الناس البسطاء والمحللين السياسيين بأن إزدهار الأوضاع لايأتي بين  ليلة وضحاها ولا ينطلق من عصاَ سحرية ورثها الرئيس أوباما من  أصوله الافريقية . إن الشعب الأمريكي وشعوب أخرى يحدوها  الأمل  بانك ستبذل جهدك وتفعل ما بوسعك لتعيد الفرحة  الى قلوبهم والبسمة الى وجوههم والصفاء الى نفوسهم وعلى الأخص .... العراق الجريح وشعبنا المسيحي فيه الذي طالته  يد الإرهاب  الاسود والتطرف الحاقد  فتشرد مئات الألاف من أبنائه الى دول الجوار لا يعرفون مصيرهم   وأين  سينتهي بهم المطاف ,إنهم  ينتظرون  إلتفاتة  كريمة منك  لإنقاذهم من التشرد والضياع بفتح باب الهجرة أمامهم بشكل  أوسع  وتقليص السقف الزمني لسفرهم عند قبولهم .الكل  يتشوق الى  رؤية  صورة أخرى لأمريكا  ونسيان ما علق بها من أدران في خطة مكافحة  الإرهاب, لذا فمن اولويات الرئيس الشاب المنتخب هي رسم لوحة أخرى لامريكا في أذهان العالم  ليمحو من  ذاكرته الوجه الذي شوهته العمليات ( التجميلية ) الاخيرة حيث لم  يكن الجراح موفقاَ  في إستئصال  ذلك الترهل والبقع السوداء من بعض المناطق المحتقنة فيه بنجاح , فزادته تشوهاَ وعزلة وإنعكس ذلك على وضعه النفسي والصحي إضافة الى علاقاته بأصدقائه وحلفائه وأبنائه. إن المريض بحاجة الى انامل جراح شاب ماهر قدير ,يضع يده على موطن الخلل ويبدأ معالجته بإعطاءه جرعات من الدواءالشافي بدقة متناهية وتحفظ شديد لا تقبلان الخطاْ  والتكرار وإلا سيتعرض الى إنتكاسة ومضاعفات قد  تهز أركان الارض. ولكن بعد الإيمان  بالله  يعتقد الجميع بأن الرئيس القادم بريخا  أوباما هبة من السماء , تم إنتخابه  لينقذ أمته من الازمة الحالية ويأخذ  بيدها الى المكانة التي تليق بها بين دول العالم .مع أمنياتي لك بالتوفيق والنجاح وتحقيق الوعود في فترتك الرئاسية المقبلة سيادة الرئيس ....                                                                                                                                                   
صباح دمان
18/1/2009

صفحات: [1]