40
صناعة الألقاب..
نصير بويا
١٤ آذار ٢٠٢١
من المعروف لنا جميعا ان الألقاب التي أبدع فيها الانسان على مرالتأريخ والتي تأتي قبل الاسم أو بعده تطلق على أي شخص لتعظيمه وتكبيره وربما تأليهه و وصفه بهذا اللقب وفي كل مجالات الحياة ماهي الا مبالغة لفظية تعودوا عليها و بمرور الزمن أصبحت روتينية وهي أصلا غير مقبولة من عامة الشعب وغالبا ما تثير السخرية وعدم الرضا للناس العاديين والبسطاء ، عدا تلك الالقاب العلمية الصرفة التي يستحقها صاحبها بجدارة.
وللأسف الشديد فعالمنا اليوم حافل بصانعي الالقاب بمختلف درجاتها إما للروتين أو للتملق أو يمكن لسذاجة الشخص الذي يستعملها أو جائت مجبرة للبعض ،وكذلك أصبح البعض يتفنن بإلصاق صفة العظمة والالوهية بهؤلاء الأشخاص تملقا و تزلفا سواء يستحقونها أم لا ولكنها في المحصلة مفروضة علينا شئنا أم أبينا. وبالنتيجة فنحن بشر جميعا خلقنا لنكون سواسية في الحياة.
فهاك الكثير من الالقاب زائدة وليس لها أي معنى وأي سبب لتطلق على أي شخص كان.
والألقاب التي أنا بصددها هنا يمكن تقسيمها الى عدة فئات :
أولا : الالقاب المستعملة في الدولة لتصف رجال الدولة من المسؤولين
فخامة رئيس الجمهورية
جلالة الملك
دولة رئيس الوزراء
معالي الوزير
سمو الأمير
سمو الشيخ
الامبراطور و السلطان والشاه
الرئيس القائد حفظه الله و رعاه
ثانيا : الألقاب الدينية
وهنا لا أستثني أي دين فجميع الأديان في العالم تطلق القابا عجيبة غريبة على رجالها
وبعضها يجعلك تتصور بأن الشخص الذي يقدسونه قد وصل الى مرتبة ( ما قبل الله بقليل ) أو وكيل الله في الأرض ،والتقديس في اللغة معناه التبريك والتطهير والتعظيم والتأليه ومن هذه الألقاب :
آية الله
روح الله
سماحة السيد
فلان قدس الله سره
فلان دام ظله
فلان عليه السلام
المفدى
قداسة البابا
الحبر الأعظم
أبينا البطريرك
سيدنا المطران
مولانا المعظم
علماء الدين
رابوني أو حاخام
والكثير من الالقاب الاخرى والتي ليس لها أي داع غير تعظيم الشخص ونفخه والذي هو مثلنا ولا يختلف عنا بأي شيء.
ثالثا : الألقاب العلمية والمهنية
الالقاب العلمية والمهنية حقيقية يستحق صاحبها بأن يوصف بها وغالبا ما تكتب قبل الاسم
لوصف الشهادة العلمية التي نالها الشخص بجهوده و بكفائته و إجتاز مراحل دراسية و بحثية علمية نظرية وعملية واستحقها بجدارة من قبل جامعات و معاهد معترف بها عالميا..
( طبعا عدا شهادات سوق العوره و سوق مريدي وأخواتها هههههه ).
وهذه الألقاب هي :
الاستاذ البرفيسور ( درجة الاستاذية بعد الدكتوراه ) / يذكر الاختصاص
الاستاذ المساعد ( بعد الدكتوراه أو الماستر ) / يذكر الاختصاص
الدكتور ( الدكتوراه ) / يذكر الاختصاص
الماجستير ( الماستر ) / يذكر الاختصاص
الدكتور ( الطبيب )
المهندس والصيدلاني والمحاسب و الخ.. من الألقاب العلمية والمهنية
وسوف لانناقش في هذا المقال هذه الألقاب لأنها ألقاب مستحقة لأصحابها ولا غبار عليها ويلاحظ أن معظم الألقاب التي تسبغ على المهنيين هي ألقاب موحدة في كل الأنظمة العلمية الدولية.
الا تلك التي تمنحها جامعات و مؤسسات رخيصة وغير معترف بها، بمعنى ان الجهات التي تقوم بتوزيع هذه الألقاب كيفما اتفق وهي جهات ربحية و مشبوهة وغالباً هي في الدول العربية والآسيوية، وللأسف فإن معظمهما على الأقل هي مجرد دكاكين توزع الشهادات والألقاب لمن يدفع الثمن.
الالقاب العسكرية :
وهي ألقاب متداولة في كافة الجيوش و القطعات العسكرية وتختلف من دولة الى اخرى ولكن في المحصلة تتشابه مع بعضها بشكل عام من حيث الترتيب والصلاحيات كل حسب اختصاصه وموقعه
ومنها العريف ـ نائب ضابط ـ ملازم ـ نقيب ـ رائد ـ مقدم والى آخره من الرتب وسوف لا نناقش هذه الالقاب لانها واضحة جدا وهي مستحقة لأصحابها العسكريين و لا نريد الاطالة في مناقشتها (عدا تلك الرتب التي يحملها ناس جهلة و أميين والمعممين الفطاحل وضباط الدمج وقادة الميليشيات في عراقنا الجديد ).
لنرجع الى لب الموضوع و لنشرح عدد من الألقاب والتي نحن بصدد مناقشتها..
فخامة الرئيس : وهذه موجودة فقط لدى العرب ومن الأفضل إطلاق كلمة السيد الرئيس بلا فخامة ولا ضخامة ولا سخامة ولا بطيخ كما في الانكليزية فقط ( Mr. President ) .
جلالة الملك وسمو الأمير: الملوك و الامراء باعتقادي حلقة زائدة و وظيفة بلا معنى في المجتمع وقد ورثناها من العصور القديمة المتخلفة عندما كان الملك الكل بالكل هو وعائلته ولم يكن هناك أنظمة حكم ديمقراطية فكان هوالآمرالناهي وهوالمعظم والمبجل وكل شيء بامرته. وفي رأي المتواضع من المعيب أن تبقى هذه الوظيفة والعالم يمتلك أنظمة ديمقراطية و دساتيرلتنظيم وادارة الدولة وفي الحقيقة إن الملك ليس له أي دورلحكم الدولة وهو حلقة زائدة هو وعائلته الملكية ( فقط تقاليد سخيفة ومصاريف زائدة و بالمليارات )،وعادات و قيم قديمة عفا عليها الزمن ، علما إن عدد كبير من الدول الاووبية هي ملكية ( بريطانيا ، اسبانيا، السويد، الدانمارك، هولندا، النرويج، بلجيكا، لوكسمبورغ، إمارة موناكو، إمارة أندورا، ليختنشتاين ) وبالرغم من الأنظمة الديمقراطية المتطورة في هذه البلدان الا انها تتباها بملوكها الذين لا يحلون ولا يربطون وتضج الصحف يوميا بفضائحهم هم وعوائلهم فملك اسبانيا هرب قبل مدة من بلده لوجود شبهات فساد عليه وغادر اسبانيا ولم يعرف أحد وجهته الا بعد عدة أيام تبين أنه مقيم في أبو ظبي. وملك السويد مشهور بتحرشه الجنسي بالرغم من كبر سنه.
ملكة بريطانيا العظمى تملك المليارات هي وعائلتها ويعيشون في أرقى القصور وأحلى حياة وكأنها تعيش في الجنة . مجرد والدتها كانت ملكة فأصبحت جلالتها ملكة أيضا وعمرت بحيث أصبح عمرها ٩٤ سنة وكأنها شابة هي وزوجها صاحب المئة سنة ويتملق لها كل رؤساء العالم.
ماذا فعلت للبشرية وماذا أفادت العالم حتى يطلق عليها كلمة جلالة؟؟ علما ان مصاريف ملابسها الداخلية والتي تقدر بمئة ألف جنيه استرليني في السنة (حسب ما ذكرت إحدى الصحف ) تكفي ليعيش
منها عشرة عوائل فقيرة في السنة ناهيك عن المصاريف الاخرى لها ولأمرائها.
والأمر العجيب والمدهش ان البريطانيين ملتزمين بها و يقدسونها بالرغم من ان برطانيا تعتبر من اقدم الدول في التاريخ التي تطبق الديمقراطية بحذافيرها.
أما جلالات ملوك العرب و سمو الامراء فحدث ولا حرج ففضائحهم تزكم الانوف
ها هو جلالة ملك السعودية وسمو ولي عهده يقطعون مواطنهم بالمنشار في قنصليتهم ويخفون الاوصال المقطعة في المجاري وأصبحت مسرحيتهم هذه مثار سخرية العالم أجمع..
فعن أي جلالة وأي سمو نتكلم ؟؟ علما بأن هناك ما يقارب أربعة آلاف أمير في هذه العائلة المالكة المقدسة وجميعهم يكنون بهذ الوصف، وهنا لا يمكننا سرد ما يقوم به الامراء من تصرفات و مخازي و فضائح لأنه مئات الصفحات لا تكفي لهذه القصص.
أما ملك الاردن الراحل الحسين الذي كان ملكا لخمسين سنة فدوره كان معروفا في المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة وهو أحد أسباب خراب العراق بسبب علاقته بصدام حسين وتحريضه للحرب مع ايران وكان حلقة الوصل بين المخابرات الامريكية و صدام بحيث اعترفت المخابرت الامريكية بعد وفاته بأنه كان أحد عملاءها الرسميين و يتقاضى منها أموال طائلة.
والمواطن مجبور أن يصلي يوميا ركعة زائدة على نية جلالته كما قال لي أحد الاردنيين الممتعضين من الملك والملكية في عام ١٩٩١ عندا زرت الاردن في طريقي للخروج من العراق .
والان يكمل ابنه الملك عبدالله المشوار.
وهناك امثلة كثيرة اخرى ففي مملكة المغرب كان ولي العهد عمره عشر سنوات وأنا شاهدته في التلفاز ووزراء الحكومة بأكلمها مصطفة في المطار يستقبلونه ويقبلون يد سموه جميعا وينحنون لمقامه العظيم.. كما وان شعارمملكتهم هو ( الله - الملك ـ الوطن ) بمعنى الملك يأتي بعد الله مرتبة ، وهذه هي مهزلة المهازل.
واذا تكلمنا عن بقية جلالات الملوك و سمو الامراء العرب في الخليج فالمقال بألف صفحة لايكفي لذلك.
أما الالقاب المرادفة للملوك فلدينا الشاه مثل شاه في ايران
والامبراطور مثل امبراطوراليابان وبالرغم من اليابان من الدول المتطورة والديمقراطية ولديها نظام حكم يعتبر من أرقى الأنظمة الا انها لحد الآن ملتزمة بتقاليدها القديمة فتعظم امبراطورها وتقدسه.
أما السلطان فلم يبقى منه غير سلطان عمان وسلطان بروناي وهي من أغنى الدول في العالم بحيث أن السلطان حسن بلقية لديه أفخم قصرفي العالم يتكون من ٣٦٦ غرفة وعشرة حمامات سباحة ويقوم بخدمته ٥٠٠ شخص وسمعت شيئا لا أعرف مدى صحته وهوأنه يستعمل شدات من الدولارات بدل الفحم لحرقها في مدفأته الخاصة في غرفة نومه ( طبعا هذه نكتة ههههه).
ومن الالقاب المكروهة الاخرى دولة رئيس الوزراء وهنا كيف يمكن لشخص أن يختزل دولة ويسمي بها نفسه. فبربكم هل يستاهل المالكي و الخرف الجعفري و عادل زوية بأن يطلق عليهم اسم دولة رئيس الوزراء.
كذلك معالي الوزير فعراقنا اليوم هناك الكثيرمن الزعاطيط أصبحوا وزراء هل من العدل أن نطلق عليهم صفة معالي الوزير..
أما صدام حسين الرئيس القائد حفظه الله و رعاه والذي كان ينفرد بهذا الوصف، فنحن العراقيين شبعنا منها لمدة ثلاثون سنة حيث قام أزلام البعث الفاشي بتعظيم وتأليه هذا المخلوق الذي يعتبر من أعتى المجرمين في التأريخ وفي الأخير لم يحفظه الله ولم يرعاه وانما أهانه الله والشعب والعالم أجمع و تكفيه لقطة اخراجة من حفرته واذلاله و وضعه في القفص و محاكمته واعدامه أمام العالم أجمع وبعد مقتل أولاده المجرمين الذين عاثوا في الارض فسادا.
وهناك قائد جديد فلتة وزعطوط في العراق ينادونه أعوانه بسماحة السيد القائد وينفخ نفسه كثيرا ولا أحد يفهم تصرفاته الصبيانية والكل يخاف منه وله جمهور كبير من الناس البسطاء والسذج بحيث بإشارة منه يتجمع مليون شخص من أتباعه وهو يعين وزراء و رئيس الوزراء وهو شبه امي لم يجتاز الدراسة المتوسطة وهذه احدى المهازل في العراق الديمقراطي الجديد.
نأتي الآن لمناقشة الالقاب العجيبة لرجال الدين مع احترامنا فقط للمحترمين منهم والذين يتبنون منهجا و سلوكا انسانيا لتعاملهم اليومي مع الانسان بغض النظرعن دينهم ومعتقدهم ومذهبهم وطائفتهم وهم في الحقيقة قلة قليلة نسبة الى أعدادهم الكبيرة في العالم.
لنبدأ بقداسة البابا لكي لا أتهم بالتهجم على رجال الدين الغير مسيحيين.
أنا في رأي المتواضع لا يوجد انسان قديس وهو حي ( كائن من يكون ) ولكن يمكن إطلاق القدسية عليه بعد وفاته لأن الانسان يخلد فقط بعد موته حيث من الممكن أن يخطأ وهو حي فالعقل البشري قابل لكل شيء ولا يمكن أن نستبعد أي مخالفة أو جنحة أو جريمة لأي إنسان مهما كانت رتبته الدينية .لكن بعد الوفاة وبعد أن تقيم كل أعماله و أفعاله للانسانية في حياته من الممكن إضفاء القدسية على اسمه.
فتسمية البابا بقداسة البابا خطأ وهو على قيد الحياة ويكون الافضل تسميته السيد البابا.
وهكذا سيدنا المطران وسيدنا البطرك فأنا وأغلبية البشر لا نقبل بأن نكون عبيد لأي انسان مثلنا ولا يوجد أي فرق بيني و بينه كإنسان وممكن أنا أفضل منه في الكثير من الامور فلماذا أناديه بسيدنا فهوسيد نفسه ونحن أيضا سادة لأنفسا ولسنا عبيدا وهنا أيضا تكفي أن نطلق عليه كلمة السيد المطران والسيد البطرك والسيد القس.
فالسيد المسيح بكل عظمته كان الناس ومنهم تلامذته ينادونه بالسيد فقط أو رابوني أي معلمي وليس بكلمة سيدي ويجب أن يتعلم رجال الدين المسيحي منه هذا التواضع.
كلمة عالم الدين مضحكة جدا لأنه الدين ليس علم كالفيزياء و الكيمياء والطب لكي يسمى المجتهد والباحث في الدين بالعالم لأنه لا يخدم العلم وليس له أية علاقة في العلوم وإنما الشخص المتدين حسب قرائته و تفكيره ونوع دينه و مذهبه وطائفته هوغالبا ما يورثه من والده أو جده أو خلال تعمقه في الدين و الكتب الدينية يكسب خبرة في هذا الدين وتسميته برجل دين تكون أصح من عالم دين.
أما آية الله و روح الله فهذا اللقب العجيب يطلق على وكلاء الله في الارض وهم لا نعرف هل اختارهم الله بنفسه لأن يكونوا روحه و آياته أو هم بنفسهم من أرادوا تمثيل دور الله ؟؟ فاذا أنت روح الله يعني أنت الله بذاته ولا أحد يعرف كيف اختارهم الله لهذه المهمة. لا بل هناك تسمية آية الله العظمى يعني أقل من الله بشعراية صغيرة.
وهناك مرادفات لكل لقب مثلا دام ظله ولا نعرف ماذا يعني ظله لكي يديمه الله. أو قدس الله سره الشريف وأي سر هذا الذي يقدسه الله.
وفي رأي كلمة السيد الفلاني تكون أقرب الى الله وخاصة أصبح الناس يعون جيدا دورهؤلاء في السياسة والمجتمع وليس الدين فقط وهم سبب الكثير من المشاكل الطائفية والعنصرية وملالي وآيات الله في طهران وإعمالهم خير مثال على ذلك.
بالاضافة الى العشرات من الاحزاب والحركات والميليشيات التي اسسها هؤلاء وربطوها بأسم الله
وعملها هو القتل والخطف والعنف والدمار لا غير ومنها حزب الله , أنصارالله، جندالله، ربع الله،
والى آخره من المسميات السخيفة والتي لا تمت بصلة لله. وغالبا ما يكون أحد آيات الله أو رجل دين طائفي محركها الرئيسي.
من العجب ومن المحزن أن تبقى هذه الشعوب في هذا التخلف ونحن في القرن الواحد والعشرين والعالم يتطور تكنولوجيا ونحن نرجع الى الوراء بفضل هؤلاء الدجالين.
أما كلمة حاخام ترجع إلى الكلمة العبرية חכם أي ( حكيم ) وهو اللقب الذي أطلق على زعماء اليهود . واللقب الأكثر انتشارا لدى اليهود وباللغة العبرية فهو رب (רב) أو رابي (רבי)، ويعني بالعبرية القديمة "سيد" أو "معلم" وهذا في رأيي لقب مقبول.
نصير بويا
١٤ آذار ٢٠٢١