عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - فلاح علي

صفحات: [1]
1
قوى اليسار والديمقراطية  معنية بالأسهام في حل أزمة
 استفتاء كوردستان
فلاح علي
إنطلاقاً من دور قوى اليسار والديمقراطية ووزنها الجماهيري وتأثيرها  في البلد لا بد من ان تتحرك الآن للأسهام قدر الأمكان في حل أزمة استفتاء اقليم كوردستان بالعمل مع المسؤولين الحكوميين والمسؤولين في كوردستان ومن خلال الاعلام والجماهير , وتهدئة الامور وصولاً الى الحوار اللامشروط . تأريخياُ ومنذ تأسيس اليسار الى اليوم كانت قوى اليساروالديمقراطية في العراق مساندة وداعمة للشعب الكوردي ولحقوقة القومية والديمقراطية ولحق تقرير المصير . المئات من اليساريين تعرضوا للتعذيب والسجن بسبب مساندتهم للشعب الكوردي وعلى سبيل المثال  شعار السلم في كوردستان آنذاك بعد بدأ المعارك بين الجيش العراقي وقوات البيشمركًا في أواخر عام 1961خرجت تظاهرات في كثير من مناطق العراق في عام 1962  تطالب بالسلم في كوردستان بلا شك والديمقراطية للعراق ( المثال أعتقل آنذاك احد افراد عائلتي مع المئات من المتظاهرين والرافضين للحرب لمشاركتهم في التظاهرة وفي المعتقل ساومة الامن نوقف التعذيب ونطلق سراحك اذا سبيت الملا مصطفى البارزاني والاكراد فرفض الامتثال لرايهم ورفض سب الاكراد و الملا مصطفى فمورس التعذيب ضدة لمدة اسبوع يومياً وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين كونه شيوعي والمئات تعرضوا لهذا المصير التعذيب والسجن ) هذا احد مواقف اليسار العملية في دعم حقوق الاكراد والقوميات الاخرى . واستمر اليساريون يساندون الشعب الكوردي ودعمة لنيل حقوقه القومية سواء من خلال البرامج او البيانات أو المواقف العملية . وقوى اليسار والديمقراطية هي اول قوى في العراق أيدت ودعمت الحكم الذاتي عملياً في كوردستان في 11 آذار 1970 ثم طالب الحزب الشيوعي العراقي بالديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان. والتحق المئات من عضوات واعضاء وجماهير الحزب الشيوعي العراقي في قوات الانصار في جبال كوردستان  وحملوا السلاح في النضال ضد الدكتاتورية والخلاص منها واقامة نظام ديمقراطي ودفاعاً عن الحقوق القومية والادارية والثقافية لقوميات شعبنا . وأستشهد الكثير من الشيوعيات والشيوعيين في جبال وسهول ووديان كوردستان على هذا الطريق واشترك الشيوعيون في مفارز مشتركة مع قوات الييشمركًا بأستثناء مجزرة بشتاشان , فأن كل قوات البيشمركًا كانت تقدر شجاعة الانصار وتحترمهم وتثق بهم وبمواقفهم  , أما جماهير شعب كوردستان بكافة قومياته كانت تحب الانصار وتأتمن لهم وتثق بهم وكثير منهم ربطتهم روابط صداقية مع الانصار في المناطق التي يعمل فيها الانصار . وفي عام 1992 كانت قوى اليسار والديمقراطية من أوائل القوى المساندة والداعمة للفيدرالية .
بعد سقوط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب والاحتلال في عام 2003 :
ساهمت القوى الكوردية في ثلاث قضايا الاولى أبدلوا الفيدرالية الحقيقية بنظام المحاصصة الطائفية والاثنية وأصبح كل شيئ يدار وينفذ من خلال المحاصصة والمساومة , مع تثبيت في الدستور العراق فيدرالي . والقضية الثانية هي عدم تعزيز الديمقراطية في العراق وفي كوردستان والتجارب تؤكد على انه لايمكن بناء الفيدرالية بدون ديمقراطية ولا يمكن ضمان حقوق وحريات المواطن بدون ديمقراطية . والمحاصصة تؤدي في النهاية الى تدمير الفيدرالية وانهائها . والقضية الثالثة هي أضعاف قوى اليسار والديمقراطية وتهميشها ( الأمثلة كثرة منها  قانون الانتخابات ) يدرك التحالف الكوردستاني ان العراق بحاجة الى قانون انتخابات ديمقراطي والعراق يكون دائرة واحدة واختيار الطريقة النسبيىه طالبت قوى اليسار والديمقراطية بقانون انتخابات ديمقراطي في عام 2010  وان يكون العراق دائرة أنتخابية واحدة وظهرت قناعات لبعض قوى اليسار والديمقراطية ان التحالف الكوردستاني سيتمسك بموقفه الداعي الى ان يكون العراق دائرة انتخابية واحدة لكن حال لقاء السفير الامريكي بالسيد مسعود البارزاني فغير رأيه الاخير لأنه استلم وعود أمريكية , وآخر تجربة لأضعاف حق الناخب وسرقة صوته صوت التحالف الكوردستاني لها قبل حوالي ثلاث اشهر على قانون سانت ليغوا المعدل في البرلمان لأنتخابات مجالس المحافظات لصالح نسبة 1,9 وهم يدركون تماماً ان هذا القرار هو نسف للديمقراطية ولحق الناخب ومع ذلك المحاصصة تفرض عليهم المساومة ومع هذا بقيت قوى اليسار والديمقراطية هي القوى الرئيسية في البلاد الداعمة والساندة لحقوق الشعب الكوردي مع دعم حقوق القوميات الاخرى . ورغم كثير من القرارات اللاديمقراطية التي اتخذها التحالف الكوردستاني في البرلمان ارتباطاً بالمحاصصة .
مشكلة الاستفتاء في كوردستان في 25-9-2017 :
ان كل قوى اليسار والديمقراطية هي داعمة ومساندة لحق تقرير المصير للشعوب والقوميات . أما فيما يخص الاستفتاء في كوردستان طالبت نسبة كبيرة من احزاب قوى اليسار والديمقراطية في العراق بتأجيل الاستفتاء , وقدم الحزب الشيوعي العراقي مذكرة للرئاسات الخمسه في 20-9-2017 يطالب بحل القضية سلمياً سواء تم الاستفتاء او لم يتم وبيان جيد ويحمل رؤية صائبة في 30-9-2017 يطالب باللجوءالى الحوار اللامشروط موقعان باسم المكنب السياسي . أن الظروف الحالية غير مناسبة للأستفتاء للأسباب التالية من وجهة نظري :
1- لم تبنى دولة المؤسسات الديمقراطية ولم تبنى دولة المواطنة بعد ولم يتم الخلاص من نظام المحاصصة الطائفية والأثنية .
2- لم يتم الخلاص من داعش بعد ولم تحرر كل مناطق العراق المحتلة من قبل داعش الارهابية .
3- الازمة الاقتصادية الخانقة في العراق وفي كوردستان اضافة الى الازمة المالية اضافة الى الازمات السياسية .
4- لم تعزز الديمقراطية بعد لا في العراق ولا في كوردستان .
5- لم يعدل الدستور بالاتجاه الديمقراطي بعد .
6- الخلافات والتهميش داخل الصف الكوردستاني .
7- لم تحل أزمات المناطق المتنازع عليها بعد المتمثلة في المادة 140 .
8- الظرف الاقليمي والدولي غير مناسب للاستفتاء اضافة الى الظروف الداخلية .
9- لم تكن الحكومة الاتحادية موافقة على الاستفتاء فتم الاستفتاء من طرف واحد وفي أجواء غير ديمقراطية .
لقد حصل الاستفتاء رغم المحاذير الكثيرة الداخلية والخارجية ولكن هنالك تساؤلات .هل تتم معاقبة شعب على الاستفتاء ؟ هل يتم الاستقواء بقوى اقليمية على أبناء شعب كوردستان ؟ هل يتم اللجوء الى العقوبات والحرب ؟
التجارب تؤكد التالي : وبالذات بالنسبة للتجارب الديمقراطية يمكن احتواء هكذا أزمات لأنها أزمات داخلية يوجد لديها حل من خلال الدستور والحوار اللامشروط  على ان يكون الحوار وطني تشارك فيه مختلف القوى السياسية لأن الوطن ملك الجميع . أما بالنسبة للاستفتاء طالما يبدأ الحوار أوتاماتيكياً ان الاستفتاء سيؤجل خلال فترة الحوار التي ستستمر ربما اكثر من ثلاث سنوات سواء صدر بيان بالتأجيل او لم يصدر والحكومة العراقية تدرك ذلك تماماً . وخلال فترة التأجيل والحوار وتلبية الحقوق بلا شك ستتوفر قناعات بتمديد فترة الاستفتاء من جانب الاحزاب الكوردستانية لأنه لم يحصل باجواء ديمقراطية وفي ظل غياب الحقوق , وضع البلد الآن بحاجة الى التهدئة وعدم التصعيد من الطرفين والدخول في حوار لامشروط  بشكل رسمي وبعلم الشعب وهذا ما تفرضة مصلحة الوطن الآن .
ماهي سلبيات الاستفتاء :
اني أرى من وجهة نظري أن الأستفتاء حق طبيعي لشعب كوردستان , إلا أنه حصل في ظرف غير ملائم من هذا أرتبط بعدد من السلبيات منها :
1- ان قيادة كوردستان ضيعت عليها فرص نادرة أسهمت من أضعاف مواقعها ومن هذه الفرص هي مبادرة وضمانة الأمم المتحدة , ومبادراتي الحزب الشيوعي العراقي ومبادرة أياد علاوي ومبادرة أتحاد القوى .... الخ . وظهرت القيادة الكوردستانية في هذا العناد والتعنت انها في وضع فكري بائس .
2- تصاعد شدة الخطاب المعادي للشعب الكوردي وقياداته من قبل القوى الطائفية المتطرفة والشوفينيين .
3- حصل مد للقوى الطائفية المتطرفة , وظهروا وكأنهم وحدهم الوطنيون وهم الغلبة منهم فاسدون وسرقوا الوطن وجاء الأستفتاء لصالحهم ولصالح أجنداتهم .
4- بدأوا يضغطون على الحكومة ولجأت الحكومة الى تصعيد الموقف والتهديد بالقوة العسكرية والاستعانة بالدول الاقليمية ورفعت الحكومة من سقف شروطها على كوردستان .
5- أصبح الأستفتاء فرصة مؤاتية للقوى الطائفية المتطرفة للأستئثار في السلطة والنيل من بعض الأحزاب والقوى الكوردستانية .
ماهي مقومات حل أزمة الاستفتاء :
1- جميع الاطراف إن وضعت مصلحة الوطن أولاً في هذا الظرف والقضاء على داعش وحل الأزمات الأقتصادية والمالية والأجتماعية والسياسية والقانونية وضمان حق المواطنة فأن امكانيات حل أزمة الأستفتاء تكون متوفرة لدى الجميع .
2- لهذا فأن التهدئة والمرونة مطلوبتان في الوقت الحاضر والحوار اللامشروط  بعد تجميد الاستفتاء وحل الخلافات وفق الدستور والمناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 بما فيها آبار النفط والغاز , وتشريع القوانين الديمقراطية  وتعزيز الحريات الديمقراطية في العراق وكوردستان .
3-على التحالف الكوردستاني ان ينهي نظام المحاصصة الطائفية والاثنية .
4- وان يطالب التحالف الكوردستاني بقانون انتخابات ديمقراطي لأنتحابات البرلمان يكون فيه العراق دائرة انتخابية واحدة .
هذه الوجهة تؤكد صحتها في جميع البلدان من اجل تعزيز الديمقراطية وضمان حق المواطنة وتحقيق الحقوق القومية وهذا عادتاً مما يسهم في اضعاف القوى الطائفية المتطرفة ويعمل على تفكيكها لا سيما اذا حلت الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية والقانونية فتضعف والى الابد القوى الطائفية والقومية المتطرفة لصالح الشعب .
أين تكمن مبادرة قوى اليسار والديمقراطية :
رغم ان الحزب الشيوعي العراقي قدم مبادرتين جيدتين ناضجتين وهما مذكرة وبيان بالأمكان الأخذ بهما وقدمت قوى وطنية أخرى مبادرات, بما فيها الأمم المتحدة قدمة مبادرة . لكن الأزمة لاتزال خطيرة والمتطرفون لن يتراجعوا بسهولة , بالامكان تشكيل وفد مشترك من شخصيات قوى اليسار والديمقراطية , ينشط وفق علاقاته مع السلطة ومع الاقليم ويطرح مبادرة عملية ويدعوا للحوار ويدعمها أعلامياً وجماهيرياً ويعمل مع كل القوى الوطنية الاخرى لحل أزمة الاستفتاء سلمياً كما أن خطر الحرب قائم وهذا ليس في صالح الشعب والوطن .
وأرى أن إمكانيات حل أزمة الأستفتاء متوفرة داحلياً , أما اذا كانت الأحزاب الكوردستانية تثق بجماهير الشعب الكوردستاني يمكن لها ان تطرح الاستفتاء ثانية وفي اجواء الديمقراطية وبالاتفاق مع الحكومة الاتحادية والقوى الوطنية العراقية , ليعبر شعب كوردستان عن وجهته في اجواء ديمقراطية .
16-10-2017



2

الانقسامات الشكلية وتأبين الموت القادم


 مخطئ من يتصور ان هناك من يستطيع اصلاح الامور في العراق بسرعة ، ففي العهد الجديد اعتلت طبقة سياسية لاتملك من تجربة الحكم شيئ، لتغدو وتكون السلطة والقوة بيدها وظلت الصراعات تنخركيان الدولة بالكامل  ، وتشكلت الحكومات المتعاقبة من طبقة أحزاب في ادارة الحكم على اساس التحالف والمحاصصة الغير حكيمة والتي لا تعتمد على اسس واستراتيجيات بناء  فكانت التجاوزات التي تدعم ظاهرة الاستبداد وتصاعد قمع الحريات ومصادرة الرأي وما شابه ، وزادت من المساحات التي يتحرك فيها اللصوص بحرية داخل البلد، لانها لا تملك القاعدة الجماهيرية الحقيقية التي تستطيع الاعتماد عليها في كشف ومواجهة المجرمين وضعف العمل الاستخباري وعلى هذا الاساس تم الاستئثار بالسلطة والمحافظة على الادارات والمؤسسات لصالح تلك الاحزاب وزرعت حالة من التردد والخوف وعدم التصدي لأخطاء الحكومة ، و كتمان الحق ومراءاة  رجال السلطة ومجاراتهم فلهذا كلّما يقترب موعد الانتخابات العامة في العراق، تجد أن هذه الطبقة السياسية تبدأ جملة من المناورات والتكتيكات الكاذبة من أجل ممارسة خداع خفي أو مكشوف للجماهير، وتحاول، بوسائلها الخاصة للبقاء في سدّة الحكم، مهما كلّف الأمر ذلك ومنها الانقسامات الشكلية لذر الرماد في العيون وتأبين الموت القادم والتغطية على الفشل ، فلم تستطيع من تقديم اي مبادرة تنقذ البلد او يسعف العراق من جراحه وتقديم أية منجزاتٍ سياسية أو اقتصادية أو خدمية أو ثقافية اما الامنية فحدث بلا حرج رغم التحسن الجزئي ولانه مر بزمن طويل من الحروب والدماء والآثام والمآسي، وتأخر عن الركب الحضاري الذي يمارسه العالم وظل يراوح في مكانه من التخلف  وهو يعاني من هبوط المستوى السياسي  عند اكثر طبقاته بسبب الممارسات الظلمة وخاصىة في زمن البعث ، وقد انتهى نظام الحكم السابق منذ العام 2003 وعاش المواطن على امل ان يستجد ما يصلح خراب المجتمع والبيئة والعقلية المشوهة عند العظيم من فئاته وهو يردد ( رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه ) حيث تبدل الشعور عند الكثير منهم تجاه ذلك الى كابوس تجربة مريرة، تمنوا انهم لم يعيشوها، وماذاك إلا بسبب التفات أغلب ساسة البلد ورعاته الى مصالحهم الذاتية والفئوية  دون اصلاح الحال فقد دمرت المؤسسات الثقافية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية والسياسية  وقد استبدلت بالمكونات والطوائف، وسمح للمحاصصة أن تشرذم العراق، ولم ينبثق أي عقد اجتماعي بين المجتمع والدولة، وأوجدت طبقة سياسيّة جديدة ضيعت الطاقات واستبدلت الفكر بالمال والمصالح فزاد الفساد والسرقة والرشوة واللعب بالمال العام ، في ظل غياب القانون والنظام، واتزعت الحس الوطني وحولته الى الفئوية  .وانتجت  دولة فاشلة و مجتمع منشطر ومتشرذم ومنقسم على نفسه عرقياً وطائفياً وجهوياً مناطقيا، وضعف اكثر القيادات التي  اخذت تنظر وسمحت لمن هب ودب من الحكومات الطائفية والمتعطشة لدماء العراقيين  بالتلاعب والعبث والتدخل السافر في شؤون البلد واللجوء الى تلك الحكومات الاعداء والسقوط في احضانهم  ونسيان عبثهم الماضي وجرائمهم  الدموية بحق الشعب العراقي .. لذلك لابد من فضح هذه الظواهر والوقوف بوجهها من قبل اهل العلم ونعني بهم نخب المجتمع، وهذا أيضا دور كل انسان له القدرة على القيام بالحفاظ على الحقوق والواجبات التي تحفظ بدورها كرامة الانسان، وحرياته التي لا تضر بحريات الآخرين.
 للنخب دور مهم في ادارة كشف ومكافحة الفساد، وتصحيح الفشل الحكومي أيا كان حجمه او نوعه، بالاضافة الى أن المتنورين وأهل العلم والعارفين ببواطن الامور وظواهرها، لهم دورهم في تنوير الناس وتوجيههم نحو مساندة الحق ومقارعة الباطل، لأن هذا الطريق مع التضحيات والخسائر التي يتسبب بها لكنه بالنتيجة، هو طريق الخلاص من الظلم، وتصحيح عمل الحكومة والقضاء على رؤوس الفساد والإتيان بقيادة تدير البلاد وفق معايير العدالة والمساواة .و ليس هناك من يستطيع أن يقوم بهذا الدور على الوجه الأفضل، سوى النخب الحريصة التي تشعر بالمسؤولية و تقود المجتمع ( الدينية والسياسية والاجتماعية والمهنية )
 
هي المسؤولة عن ذلك بالدرجة الأولى، لكي تؤدي دورها الصحيح حيال تعنت السلطات وايغالها في سلب حقوق الناس مقابل الحفاظ على مصالحها، فإذا كان الفرد لا يعي حقه ولا يعرف كيف يسترده ويجهل الطرق التي تقوده الى ذلك، فمن واجب النخب القائدة أن تبيّن له تلك الطرق والسبل والوسائل التي تذهب به للحصول على الحقوق . وفي حال ترددها، او تهرّبها من اداء دورها الحاسم في هذا المجال علينا ان ننتظر كارثة كبرى تطيح بالمجتمع وسوف تصبح أكثر خطرا وتدميرا للدولة لا تقوم لها قيامة

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

3
رسالة الى السيد رئيس الوزراء العراقي المحترم
فلاح علي
السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي المحترم
تحية عراقية
في البدأ لا بد من الاشارة الى ظروف تسلمك لرئاسة الوزراء والتي رافقتها أولاً : اجواء من الرفض الواسع  للولاية الثالثة للسيد المالكي . وثانياً : تعرض العراق في ظل الولاية الثانية لظروف خطيرة حيث داعش قد استولت على الموصل ومدن اخرى وبات الخطر يهدد بغداد وكل العراق , وتفاقم ازمات البلد الحادة والمعقدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية والامنية .مع افلاس خزينة الدولة وانخفاض اسعار النفط ,وثالثاً :الصراع الطائفي السياسي كان على اشده وخطابه المليئ بالكراهية المقيته هو المهيمن على الشارع العراقي اضافة لمخاطر اخرى كانت تهدد الوطن. في ظل هذه الظروف الصعبة والخطيرة التي سادت آنذاك استلمت رئاسة الوزراء . أنهيت العام الاول في رئاستك لمجلس الوزراء من آب 2014 في مواجهة تنظيم داعش وهذه تحسب لك . الا انه لوحظ خلال العام الاول لم تبذل الكثير لتصحيح الاوضاع في العراق وحل الازمات وتوفير الخدمات ومحاربة الفساد ولكن ما أظهرته في الاعلام من اعتدال اسهم من تخفيف حدة الخطاب السياسي الطائفي , ورافق ذلك انفتاح في علاقات العراق في محيطة العربي والاقلميمي خفف من العزله و الشحن الطائفي في البلد .
الحراك الجماهيري الذي تصاعد في السنه الثانية من توليك لرئاسة الوزراء  قد أثر فيك وأرى من وجهة نظري انه قد حرك شيئ ما عندكم وربما اعطاك تصور ان هذه التظاهرات تمثل فرصة لم تتكرر لتساعدك في تصحيح الاوضاع وانقاذ البلد من محنته. لا سيما كان للجماهير موقف ايجابي منك ودعمتك بكل قوة حتى  قدمتك  كرجل للاصلاح و للتغيير القادم , ورافق هذا الدعم الجماهيري دعم المرجعية الدينية لكم . بدأت خطواتك الاولى بأجراءات سميت اصلاحات بألغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء وتغيير وزراء وتقليص الكابينة الوزارية بدمج وزارات , وقرارات اخرى لا تمس جوهر المحاصصة الطائفية ومحاربة الفساد . ودعمتك الجماهير بكل قوة لكن المفاجئ هو ان اصلاحاتك قد توقفت عند هذه الحدود .ولأسباب عدة منعتك من مواصلة عملية الاصلاح , ولكن لا احد يعرف هل اردت ان تنهي التظاهرات بهذه الاصلاحات الغير جوهرية ؟ موقف الحراك الجماهيري كان واضحاً حيث ردت عليك الجماهير بالمضي بالاصلاح ومحاربة الفساد وبعد ان توقفت عن اجراء الاصلاح والتغيير اعتبر الحراك الجماهيري خطواتك بأنها ترقيعية وتغض النظر عن عملية الاصلاح والتغيير .
السيد رئيس الوزراء المحترم
لم تؤثر فيك لا التظاهرات ولا موقف المرجعية الدينية :
رغم ارتفاع سقف التظاهرات واتساعها والدعم المقدم لك من الحراك الجماهيري ورغم دعم المرجعية الواضح لشعارات التظاهرات ولكم الا انك لم تذهب بأبعد من هذه الخطوات الترقيعية التي جرى الالتفاف عليها لاحقاً , وانك لم تمضي في عملية مكافحة الفساد وكشف المفسدين لأنك تعلم جيداً لن تستطيع القيام بذلك بسبب وجود مراكز القوى وانت محسوب على احد هذه المراكز ووجود الميليشيات وعصابات المافية والتي هي أذرع مسلحة لهذه المراكز ومرتبطة بأجندات اقليمية وانت تعرف ذلك جيداً , ان الدخول في صراع معها اما ان يؤدي الى عزلك عن الحكم او تصفيتك وهذا خوف وخلل ذاتي واضح فضلت فيه منصب رئيس الوزراء على الاصلاح والتغيير وعلى مصالح الشعب والوطن وأعطيت الاولوية للمصالح الذاتية الفئوية لكتل المحاصصة الطائفية والاثنية مع ابقاء حالة التوازن قائمة بين هذه الكتل المتحاصصة . ومع ذلك بقت البلاد تمزقها الازمات المعقدة حكومتك كانت عاجزة على حلها وعلى سبيل المثال الازمة الاقتصادية  حيث كبلتم البلد بديون اضافية بتوجهكم الى صندوق النقد الدولي واستلمتم القروض بشروط مع تصفيرالرصيد الاحتياطي النقدي للبلاد . واصبحت الحكومة عاجزة حتى على دفع الديون مع انخفاض اسعار النفط . وهذا مما زاد من معانات معيشة الناس فتصاعدت نقمتهم على احزاب الاسلام السياسي  وعلى كل اقطاب نظام المحاصصة الطائفية والاثنية التي فشلت في حكم البلاد .
السيد رئيس الوزراء المحترم :
هل تعلم ان السبب في عجزكم على حل ازمات البلد والتوقف عن مواصلة  الاصلاح والتغيير يكمن في انكم جزء من مطبخ المحاصصة الطائفية والاثنية المقيته وتحتل موقع عضو قيادي في حزب الدعوة الذي هو احد اقطاب المحاصصة الطائفية. والذي حكم العراق منذ قرابة الاثنا عشر عام امتداد لحكم السيدين الجعفري والمالكي وانتهائاً بشخصكم , ومع انك تعرف بشكل جيد ما هي الاسباب الحقيقية لفشل رؤساء الوزراء من الاسلام السياسي في نظام المحاصصة في حكم العراق لكنك لا تستطيع التعامل مع الاسباب لأنها تمس مصالح حزبك اولاً وتحالفاتة الطائفية لهذا تميزت بشكل اكثر ذكاء من الرؤساء السابقين لمجلس الوزراء من حزبك حيث مارست خطاب سياسي معتدل بعيد عن الطائفية  بهذا الشكل او ذاك وأجدت التعامل مع بعض النتائج من منطلق كسب ود الكتل الاخرى وتخفيف الضغط الاعلامي ولأعطاء صورة الاعتدال . وكانت تصب في صالحك واصبحت اكثر مقبولية من قبل الكتل المتحاصصة لسبب واضح انك كنت تحافظ على التوازن في نظام المحاصصة الطائفية من جانب ولم تغضب اي من هذه الكتل المتحاصصة من جانب آخر . لأنك كنت غير قادر على تغيير ما يسمى قواعد اللعبة او آليات اللعبة فأبقيت على جوهر نظام المحاصصة الطائفية والاثنية لأجل إبقاء حالة التوازن قائمة والحفاظ على مصالح المتحاصصون وهذا هو السر في توقف اجراءاتك الاصلاحية . وما يؤكد ذلك لوحظ ان سلوكك السياسي والممارسات العملية تحولت الى الضد من وجهة الاصلاح والتغيير لأنه في الممارسة كان همك الوحيدهو الابقاء على حالة التوازن مع ضمان مصالح هذه الكتل المتحاصصةلأن هذه المحاصصة هي التي فرزتك كرئيس لوزراء العراق .
السيد رئيس الوزراء المحترم
اين يكمن ترددك ؟ أرى انه يكمن في عدد من المؤشرات ومنها :
المؤشر الاول هو انك في الممارسة العملية تضع مصالح حزبك في المقدمة وهذا مثلب كبير عليك وعلى حزبك وعلى وطنيتك . وثانياً تتعامل بضعف مع رئيس حزبك في الوقت الذي انت تمثل فيه موقع رئاسة وزراء العراق . رئيس حزبك بعد عودته كنائب لرئيس الجمهورية بدأ يستعرض قوته اعلامياً من خلال التصريحات والمواقف والزيارات في الداخل والخارج وآخرها الزيارة الى روسيا . ويفاوض ويطرح وجهات نظره بمستقبل العراق السياسي , رغم انه بلا صلاحيات دستورية وكأنك خارج اللعبة وغير معني بالامر وهذا تهميش لك كرئيس للوزراء .لكنه في الواقع انت تعلم ان هذا يمثل استعراض لقوة حزبك لا سيما وان الانتخابات على الابواب في الوقت الذي تمثل فيه رئيس وزراء يتطلب منك المنصب مواقف مسؤولة وتضع مصالح الوطن والشعب فوق مصالح الحزب وتحالفة الطائفي . المؤشر الثالث : انك لا تمتلك الجرأة من المضي في طريق الاصلاح والتغيير حيث لن تتمكن الى اليوم من ايجاد حل لكثير من الملفات كملف الخدمات وملف تطوير اقتصاد الدولة بشقية الصناعي والزراعي وكذلك الملف الامني  وملف الفساد ..... الخ رغم امتلاكك للصلاحيات المثبتة في الدستور وبيدك قوة الدولة وهيبتها لكن غياب الجرأة والاقدام يؤكد انك جزأ من آليات حكم المحاصصة الطائفية والاثنية .صحيح ان محاربة داعش والارهاب هي قضية اولوية مركزية وتكللت الحرب على داعش بالنجاح في تحرير الموصل وعدد من مدن العراق وهذا النجاح يسجل لكم وللجيش العراقي الباسل والقوى الامنية والحشد الشعبي والبيشمركًا وكل التشكيلات العسكرية الاخرى , لكن مع هذه النجاحات العسكرية تبقى حاجة الشعب والوطن لأصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وثقافية وانهاء المحاصصة الطائفية وتعزيزمؤسسات الدولة الديمقراطية الاتحادية. المؤشر الرابع : بقية الجانب الامني منفلت في بغداد وعدد من المحافظات حيث الميليشيات المسلحة لديها اليد الطولى في الشارع واصبحت تشكل مصدر  قلق للمواطن حتى ان الاجهزة الامنية لا تستطيع الوقوف بوجهها والاغتيالات الاخيرة للكفاءات العلمية هو مؤشر كبير على هيمنة هذه القوى المنفلته ويتلمس المواطن هنالك تداخل بين الاجهزة الامنية وهذه الميليشيات . والمثال الحي هو بالعودة لحادثة اختطاف سبعة نشطاء شباب من الحراك الجماهيري صرح السيد قاسم الاعرجي وزير الداخلية حينها وقال ( انه تم اطلاق سراحهم بجهود شخصية من قبلي في تصريحة لقناة الشرقية ) . السؤال اين هو دور الدولة وهيبتها ؟ كيف يطلق سراحهم بجهود شخصية ؟اين دور القانون ودور القضاء؟ لماذا لم يكشف عن هوية الخاطفين واحالتهم للقضاء؟ , هذا يؤشر الى فشل في إدارة الملف الامني . والمؤشر الخامس : هو تراجعكم عن الالتزام بالحفاظ على الحقوق والحريات المثبته في الدستور فتغضون النظر عن هذه التجاوزات من جانب وتدفعون كحكومة بين الحين والآخر الى البرلمان لتشريع قوانين لا ديمقراطية من جانب آخر وعلى سبيل المثال انتهاك حقوق الاقليات الدينية وقانون الانتخابات اللاديمقراطي حيث يوم اول امس صوت البرلمان على قانون سانت ليغو في احتساب الاصوات وتوزيع المقاعد لتصبح 1-9لانتخابات مجالس المحافظات بدلاً من 1 وهذا يعد تكريس للهيمنة والدكتاتورية ومصادرة حقوق الاحزاب الصغيرة وحقوق المواطن وبقاء نظام المحاصصة جاثم على رقاب الشعب , رغم اعتراضك اعلامياً على التصويت على القانون في البرلمان , لكن الموقف المسؤول يتطلب منك ليس فقط التصريح لأجل التسويق الاعلامي وانما الطلب من برلماني حزبك لأعادة التصويت على القانون  وقانون حرية التظاهر الذي هو جوهره مصادرة حرية الراي والتظاهر وتكريس للدكتاتورية وبهذا اصبح مصير المواطن ومصير الحقوق والحريات في خطر . الحاجة للنجاح في مهمتك كرئيس لوزراء العراق هو ان تتحرر من اسرك من تطرف قوى في حزبك معادية للاصلاح والتغيير وتسهم في تفكيك التحالف الطائفي التحالف الوطني وتمضي في السير في عمليات الاصلاح والتغيير الديمقراطي , فستجد غالبية جماهير الشعب تدعمك . 
السيد رئيس الوزراء المحترم
حضرتكم تعلم جيداً ان هنالك مواصفات خاصة لرئيس الوزراء وهذه المواصفات هي التي تحدد شخصية رئيس الوزراء واصبحت معايير دولية متعارف عليها في كل الدول الاوربية وكذا الدول التي تحترم القانون ودستور بلدها . وقد تطورت هذه المواصفات بمرور الزمن ومنها على سبيل المثال : ان تتوفر في رئيس الوزراء اولا : الكفاءةالعلمية والمعرفية والادارية والقيادة والقدرة على اتخاذ القرار بعد الدراسة، وان يكون ذا شخصية قوية ومؤثرة ومهابة، وان يتميز بالأخلاق الكريمة والامانة والقدرة على اقناع نواب مجلس الشعب ببرنامجه وحاجة البرنامج لقوانين ذات محتوى ديمقراطي ويدفع باتجاه الاسراع بتشريع هذه القوانين المتعثرة ويلتزم في الممارسة بتطبيق الدستور والقانون .ومن البديهي ان يتضمن برنامجة المشاريع الاستراتيجية الكبرى وان يكون ملم بالتخطيط ورسم السياسات الاستراتيجية . وتحديد اهداف التطور الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي وتحقيق الرفاة والعدالة الاجتماعية. وايمانه بحقوق الانسان واطلاعه وقناعته بالمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان .  ..... الخ . 
لكن تجربة العراق تؤكد ان هنالك مواصفات اخرى لا بد ان يتسم بها رئيس وزراء العراق وبالذات في المرحلة ما بعد داعش ومنها :
1-ان يمتاز رئيس الوزراء بالجرأة في اتخاذ القرارات الصعبة التي تكون لصالح الشعب والوطن ولصالح التحولات الديمقراطية. و بالشجاعة والشجاعة هي التي تستند على قوة وهيبة الدولة والصلاحيات المثبتة في الدستور وعلى قوة القانون ودور القضاء واستقلاليتة . وهذا يتطلب البدأ بأيجاد حلول لعدد من الملفات التي وضعت على الرف .
2- المضي في طريق التطوير الدائم والسير على طريق الاصلاح والتغيير . بالنسبه لك الآن لا يعرف المواطن هل توقفت عن الاصلاح نتيجة تفكير خاطئ بان تصورك مبني على قاعدة ان الاحتجاجات ستنتهي طالما ستحل قضية الكهرباء مع بعض الترقيعات وجلب بعض الرؤوس الصغيرة الفاسدة للقضاء.
3- ان تكون لدى رئيس الوزراء قناعة بالثقافة الدستورية الديمقراطية من يريد ان يكون رئيساً للوزراء عليه الالمام بالثقافة الديمقراطية وتبنيها بقناعة ويؤمن في الممارسة بالنظام الديمقراطي وتطوره ويعطي اولوية لتعزيز المؤسسات الديمقراطية والمساهمة في سن قوانين ديمقراطية وتعديل الدستور بالاتجاه الديمقراطي وتحقيق المصالحة الوطنية . ان الالمام الجيد بالثقافة الديمقراطية تساعد رئيس الوزراء من ايجاد حلول ديمقراطية لكثير من القضايا التي تواجة المجتمع والوطن .                                 .                                                                                               
4- ان تكون لرئيس الوزراء رؤية استراتيجية مستقبلية ويعمل لمستقبل العراق الديمقراطي الفيدرالي .
مع التحيات والتقدير والاحترام .
2-8-2017 



4
اللينينية حاضرة في فكر وتنظيم واستراتيجيات الاحزاب الشيوعية
(3-3)
فلاح علي
من القضايا اللينينية التي أثرت المتغيرات على صعوبة تحقيقها في هذا الظرف ؟
في كتاب لينين الشهير الدولة والثورة تحدث فيه لينين عن تحريفات كاوتسكي وبليخانوف لآراء ماركس عن الدولة واكد لينين ان الدولة هي اداة الحكم الطبقي , اداة قمع طبقة لأخرى . واشار الى اسقاط او تحطيم تلك الدولة من قبل الثورة البروليتارية واقامة دولة البروليتاريا ذات المحتوى الديمقراطي واعتبرها ضرورة لتأمين الانتقال الى الاشتراكية واشار الى مؤسسات هذه الدولة وهي انتخاب مجالس من العمال والفلاحين والجنود والشغيلة اي ان هذه الدولة الجديدة تقام على اساس الانتخابات للمجالس وهنا يتجلى المحتوى الديمقراطي لنظام دكتاتورية البروليتاريا وسعة قاعدتة الاجتماعية واسس لينين الاممية الثالثة لتعزيز وتفعيل التضامن الاممي.
في هذه القضية الثورة الاشتراكية واقامة دكتاتورية البروليتاريا يلاحظ حصل التالي :
ارتباطاً بالأخطاء والتشويهات وما رافقها من اكراه واوامرية وبيروقراطية ومصادرة للديمقراطية .... الخ التي تعرضت لها التجربة في الاتحاد السوفياتي ما بعد لينين وكذا ما حصل في بلدان اوربا الشرقية من تشويه وتزوير لتطبيق التجربة قبل سقوط التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي . يلاحظ ظهرت الشيوعية الاوربية التي تخلت عن الثورة الاشتراكية , وقبل ذلك عول الشيوعيين البريطانيين على البرلمان لتحويلة لأداة ديمقراطية حقيقية للشعب بدل من الديمقراطية الراسمالية , و ظهر لاحقاً الطريق الخاص للثورة الاشتراكية على سبيل المثال يوغسلافيا ورومانيا والبانيا ان كان الطريق الخاص يحمل من المعطيات للسير به وفق ظروف البلد من جانب وارتباطاً باخطاء وتشويهات التجربة من جانب آخر .لكن ما لوحظ وما اكدته التجربة ان هذه الدول الثلاث رغم ان احزابها الشيوعية  كانت ماسكة بالسلطة لكن حصل فيها انحراف يميني فتبنت هذه الاحزاب النهج القومي وتخلت عن الاممية والتضامن الاممي انطلاقاً من اوضاعهم الاقتصادية علماً ان الانحراف هو اساسة فكري وانطلقوا من رؤية قاصرة ذات محتوى قومي اقتصادي فحواها لماذا عمالنا وفلاحينا ينتجون ويساعدون عمال وفلاحي بلدان اخرى . وحصل التغيير في الثورة الصينية لاحقاً وتبنت الصين ايضاً الطريق الخاص واقامت الاصلاحات على تجربتها وطبقت تجربة ( اشتراكية السوق ) وفتحت الابواب واسعة على طول البلاد وعرضها لنمو وتوسع الانتاج البضاعي الصغير وأقيمت ملايين المشاريع الصغيرة والنتيجة هو تحقيق وفرة في الانتاج ,فنشطت التجارة الداخلية والخارجية وتطور اقتصاد البلد اضافة للانتاج الكبير وصمدت تجربتهم الخاصة وللصين اليوم حضور دولي وتمتلك عناصر القوة الدولية ( الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والدبلوماسية والسياسية والاعلامية) . في حين نجد في التجربة السوفياتيىة كان لينين يؤكد على بقاء الانتاج البضاعي الصغير واعطائه حرية النمو والانتاج واكد انه لا يمكن تأميمه لأنه يمس مصالح ملايين الناس ويزول بالقناعة وبالانتاج الكبير. بينما ستالين اممه بقرار اداري في عام 1928 وحدثت على اثر ذلك نكبة اقتصادية وسياسية في البلد , نعم تجربة الصين بغض النظر عن تقييمها الآن الا انه ما اكدته التجربة هو انه لا يعود صمودها لبقاء وتشجيع الاستثمار في الانتاج البضاعي الصغيرفقط بلا شك هنالك الانتاج الكبير ومرتكزات اخرى مكنت التجربة من الصمود .
انهارت التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي وتغيرت الموازين في الوضع الدولي والاوضاع الداخلية لكل بلد وظهر نظام القطبية الواحد في عام 1991 والعولمة الراسمالية المتوحشة وهيمنتها على اقتصاديات البلدان , رغم انه في العقد الاخير حصلت تغيرات على نظام القطبية وظهرت بوادر الثنائية القطبية ولكن لا تزال الاحتكارات ومؤسسات العولمة الراسمالية هي المهيمنة على الاقتصاد العالمي . 
هنا تطرح بعض التساؤلات :
هل يحق لنا اليوم ان نطالب الحزب الشيوعي الامريكي بالقيام بالثورة الاشتراكية والسيطرة على البيت الابيض والبنتاغون وحل جهاز ال CIA وتأميم ثروات وممتلكات الاحتكارات والراسماليون الكبار واقامة دكتاتورية البروليتاريا والا نطلق عليهم جزافاً انهم طلقوا الماركسة و اللينينية ؟ ونفس السؤال  ينطبق على الاحزاب الشيوعية في بلدان اوربا الغربية وبلدان اخرى ومنها بلدان الشرق الاوسط ؟ الجواب اكيد لا لعدم نضوج العوامل والظروف الذاتية والموضوعية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية)  وتغيير الموازين اضافة الى المتغيرات الدولية .
اذن لماذا تطلق الاتهامات جزافاً على الحزب الشيوعي العراقي ؟ لا سيما وان المجتمع العراقي لم يكتمل فيه مجتمع مدني بعد لا بل وهنالك حاجات معيشية وخدمات ومتطلبات كثيرة يطالب بها الشعب اليوم . اضافة للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمخاطر المحدقة بالوطن وغيرها . اي ان هنالك مهام آنية ضرورية للشعب والوطن لم تنجز بعد هل من العدل والعقل والحكمة السياسية والفهم الصحيح للماركسية واللينينية ان تأتي جهه ما ( ليس لديها رؤيه واضحة وفهم للواقع وللمتغيرات ) وتوجه سهام الحقد الغير مبرر لتاريخ سياسي عمرة 83 عام لحزب عريق وتطالبة ان لم يرفع الحزب شعار دكتاتورية البروليتاريا فهذا الحزب قد تخلى عن الماركسية واللينينية . وهذا ما يؤكد بالمطلق على عدم فهم هذه الجهة او تلك للماركسية واللينينية والمتغيرات وتأثيرها .
هل يوجد حزب ماركسي في العالم اليوم  قادر على ان يغير استراتيجيتة في ظروف غيرملائمة وعوامل غير ناضجة ثم يضع الاستراتيجيات اولاً والتاكتيكات ومهام برنامج الحد الادنى ثانياً ؟ اكيد لا لأنه في الفكرالماركسي اللينيني وفي الممارسة النضالية العملية لا يمكن وضع الاستراتيجيات البعيدة المدى كبناء الاشتراكية وطبيعة نظامها محل المهام الآنية ذات الطبيعة الوطنية التحررية الديمقراطية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية .
الحزب الشيوعي العراقي ببراعة نادرة جداً استطاع ان يرسم خطة السياسي الصائب التي تؤكد الوقائع يوماً بعد آخر على صحته .
الرؤية اللينينية للسياسة الحزبية :
عرف لينين السياسة الحزبية بأنها علم وفن .
كعلم هو الدراسة والتحليل العلمي لواقع البلد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الطبقي والقومي والديني .
وكفن هو التقييم الدقيق لمزاج الجماهير . بمعنى آخر ماذا تريد الجماهير وما هي حاجاتها ومتطلباتها في هذا الظرف وما هي وجهة مزاجها, وعلى ضوء ذلك ترسم السياسة الحزبية . بلا شك تؤخذ الامكانيات والمتغيرات بنظر الاعتبار .
هذا هو سر صواب وصحة سياسة الحزب منذ تأسيسة الى هذا اليوم , لأنها تبنى على اساس الحاجات والمتطلبات المعيشية للجماهير وضمان مصالح الشعب والمصالح العليا للوطن .ان نضال الحزب الوطني التحرري الديمقراطي وما مثبت في برنامجه من مهام وصولاً الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية , نجد في فكر وسياسة الحزب وفي الممارسة ان هذه المهام تمثل الخط السياسي للحزب وهي مرتبطة ديالكتيكياً بالنضال من اجل تحقيق استراتيجية الحزب في الوصول الى العدالة الاجتماعية والمساوات وضمان الحقوق والحريات وانهاء استغلال انسان لأنسان وبناء الاشتراكية وتمسكة بمبدأ الاممية والتضامن الاممي . هذا بلا شك بغض النظر عن الاخطاء التاكتيكية التي حصلت وتحصل وهذه تقيم وتدقق وتصحح في التنظيم .
الحزب الشيوعي العراقي اميناً لهدفه النهائي الذي تأسس من اجله :
بالعودة الى وثيقة خيارنا الاشتراكي التي اقرها المؤتمر الوطني الثامن للحزب التي تؤكد على ان الحزب وهويتة الفكرية وبنائه التنظيمي ونهجة السياسي واستراتيجيتة وضعت الهدف النهائي لها هو بناء الاشتراكية ومما جاء في الوثيقة :
يواجه حزبنا جملة من قضايا فكرية عُقدية ، يتوجب الإستمرار في بحثها وتدقيقها وفق المستجدات الحياتية. وتتعلق هذه القضايا أساساً، بمبررات وجوده واستمراره حزباُ للنضال من أجل الإشتراكية. وقبل الاشارة الى تلك القضايا لابد من تأكيد ما  يلي حسب ما جاء في وثيقة خيارنا الاشتراكي :
أ. ليس هناك من نموذج للاشتراكية في العالم اليوم يمكن اعتباره وصفة جاهزة واتباعة " نصاً وروحاً ". ودون أن تعني هذه الملاحظة اهمال التجارب التاريخية، يتعين على كل حزب دراسة خصائص بلده بعمق، لكي يحدد أشكال وأساليب العمل لتحقيق أهدافه الآنية وبعيدة المدى.
ب. العودة الى الماركسية عند البحث الملموس في مشاكل الواقع الملموس واعتماد الجرأة والمبادرة في اختيار الاساليب والوسائل الملائمة لتحقيق الاهداف الاستراتيجية والتخلي عن اشكال العمل التي تجاوزها الزمن.
ج. تاكيد الوحدة الجدلية بين الاشتراكية والديمقراطية. فقد بين لينين " أن من يريد السير الى الاشتراكية بطريق آخر، خارج الديمقراطية السياسية، يصل حتماً الى استنتاجات خرقاء ورجعية، سواء بمعناها الاقتصادي أم بمعناها السياسي ". وبينت التجربة أن الاشتراكية مستحيلة من دون أوسع قدر من الديمقراطية،ومن حيوية الفكر والتمسك بالروح النقدية، ونبذ العفوية في العمل.
اما القضايا التي ينبغي الاستمرار في بحثها وتدقيقها فهي :
وهذا ما اكدت عليه وثيقة خيارنا الاشتراكي هي التالي :
 - مدى مشروعية الدعوة إلى نظام حكم ديمقراطي الى جانب الدعوة إلى تعزيز القطاع العام ، وجعله قطاعا رئيسياً في الإقتصاد الوطني.
ـ مدى إمكانية تحقيق الإشتراكية في بلد يتسم بضعف تطوره الرأسمالي.
ـ مدى إمكانية تحقيق الإشتراكية في بلد واحد في ظل العولمة الرأسمالية المهيمنة عالمياُ.
هذه بعض القضايا الفكرية التي ستبقى الأبواب مفتوحةً، دائماً، أمام مناقشتها ، حسب راي حزبنا ، الذي يمتلك تجربة غنية وتاريخاً حافلاً بالنضال السياسي الوطني الديمقراطي ذات المحتوى الاجتماعي , والنضال من اجل تحقيق هدف بناء الاشتراكية وهذه هي مهمة الحزب البعيدة المدى , الحزب لن يتخلى  يوماً ما عن الهدف النهائي الذي تأسس من اجله رغم ما حل وخيم على العالم من فترة مظلمة دهماء بعد انهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي بقى الحزب اميناً لمبادئة في الفكر والتنظيم والسياسة .
الاستنتاجات :
1- ما اكدته التجارب الثورية ان الماركسية واللينينية لا يمكن النظر اليهما كوصفة جاهزة وتعاليم نصية هذه رؤية جامدة لا تخلوا حتى من السطحية , كما لا يمكن تصورهما ليس لهما صلة بالواقع الحالي لعالمنا اليوم هذه رؤية ناقصة بحاجة الى قراءة ثانية للواقع وللنظرية . ما تؤكده احداث العالم اليوم على ضرورة واهمية الفكر الماركسي اللينيني لشعوب واوطان كوكبنا .
2- ارى من وجهة نظري ان واقع كل بلد في العالم اليوم يؤكد على صحة مواقف  الماركسية واللينينية من الدولة , وهذا ما يعني في الممارسة ان استراتيجيات الاحزاب الشيوعية تؤكد الحياة صحتها وصوابها حيث وضعت لها هدف نهائي  هو بناء الاشتراكية .
3- ان نظرية لينين في بناء الحزب أكدت التجربة ان هكذا حزب يمثل حاجة وضرورة لكل شعب للنضال من اجل انجاز مهام الحد الادنى والمهام الاستراتيجية .والتي اصبحت الديمقراطية ومبادئها معيارا أساسيا في حياته الداخلية.
4- ان احداث العالم اليوم تفرض الحاجة الملحة لتطوير الماركسية , بلا شك ان هذا التطوير المنتظرلا بد ان ينجز وحسب ما تؤكده التجربة على اساس اللينينية وعدم التخلي عنها , وهذا ما تفرضة متطلبات حركة الواقع ومتغيرات العصر والمنجزات العلمية ومهام النضال ومصالح الشعوب والاوطان والطبقة العاملة وشغيلة اليد والفكر وما يترتب عن ذلك من استحقاقات ديمقراطية في الفكر والسياسة والتنظيم , والتطوير هي ضرورة موضوعية , وهذا ما تؤكده تجارب الحياة التي تطرح دائماً الجديد
5- ان العولمة الرأسمالية المتوحشة ونتائجها المدمرة للشعوب والاوطان تفرض اليوم على عمال العالم واحزابها الشيوعية واليسارية والقوى المناهضة للعولمة اكثر من اي وقت مضى على تفعيل وتعزيز وتطوير الاممية والتضامن الاممي على صعيد النضال التحرري الوطني الديمقراطي والنضال ضد الاحتكارات والعولمة والحروب والفقر ومن اجل بناء الاشتراكية .
22-7-2017



5
اللينينية حاضرة في فكر وتنظيم واستراتيجيات الاحزاب الشيوعية
(2-3)
فلاح علي
هنالك قضية هامة جداً من مواقف لينين الفكرية المناهضة للامبريالية والشوفينية والتعصب متمثله في تاكيده على  حق تقرير المصير للشعوب وللاقليات القومية , واعتبره حق ديمقراطي يتطلب دعمه . وهذا يعد مرتكز فكري وسياسي للاحزاب الشيوعية واليسارية اليوم .
نظرية لينين في بناء الحزب :
لينين كرس جهده ووقته وخاض صراعات فكرية حادة من اجل بناء الحزب الثوري , الذي تمكن هذا الحزب من تهيأة وانضاج الظروف السياسية لتفجير وانجاح ثورة اكتوبرالاشتراكية في روسيا عام 1917    رغم ان الظروف او العوامل الاقتصادية كانت غير ناضجة في روسيا. واكدت التجارب انه بدون حزب ثوري قائم على مبادئ الديمقراطية لا يمكن انجاز المهام سواء كانت مهام الحد الادنى اوالمهام الاستراتيجية. كما اكدت التجارب اليوم  انه من يتخلى عن فكر ومبادئ لينين في بناء الحزب فهو يتخلى ليس فقط عن اللينينية وانما عن الماركسية ايضاً . ان هكذا حزب ثوري  تكمن مهمته ليس فقط لتحقيق النصر وانما لمواجهة المنعطفات الحادة كالهجمات في ظروف صعبة ومعقدة , ومن ما خطة لينين نظرياً عند وضعه للمبادئ التنظيمة والرؤية الفكرية لبناء الحزب , هو ان الحزب الثوري ان يمتلك الامكانية في الانتقال من شكل نضالي الى آخر بوقت سريع اضافة الى ربطة بين اشكال النضال على ان لا يؤثر هذا الانتقال على وحدته الفكرية والتنظيمية . وهذا ما اكدتة الممارسة العملية للحركة الثورية , كماحصل في روسيا وحزبها الشيوعي وعدة بلدان ومنها الحزب الشيوعي العراقي . والمثال الحي هو بعد الهجمة الدكتاتورية على الحزب وانسحابه من الجبهة الوطنية في عام 1978 ففي فترة قياسية قصيرة غير الحزب خطه السياسي وتبنى اسلوب الكفاح المسلح والتحق المئات من عضوات واعضاء الحزب والمئات من جماهيره وكانوا في عمر الزهور وحملوا السلاح وخاضوا النضال المسلح وكان نضالاً بطولياً وصعباً وشاقاً , ورغم هذا الانتقال السريع من شكل نضالي الى آخرحافظ  الحزب على وحدتة الفكرية والتنظيمية وخاض اكثر من اسلوب نضالي في آن واحد وذلك حسب ظروف المنطقة هذه هي من سمات الحزب الثوري القائم على مبادئ فكرية وتنظيمية ولديه هدف بناء الاشتراكية . ان الحزب منذ تأسيسة مثل مدرسة للنضال الوطني والديمقراطي في البلد ولكن تجربة الكفاح المسلح اعطتة خبرة وتجربة في النضال الثوري على صعيد المنطقة والعالم واصبح بحق مدرسة ثورية . وضع لينين مبادئ وقواعد تنظيمية للحزب قائمة على مبدأ رئيس هو المركزية الديمقراطية , ارى في الممارسة الواعية ليس هنالك ما يؤكد من وجود تعارض بين مبادئ لينين في بناء الحزب وتعزيزالديمقراطية الداخلية فهنالك ربط جدلي فيما بينهما. لا سيما ان الحزب الشيوعي هو حزب للطبقة العاملة وجماهير الشعب وشغيلة اليد والفكر يجمعهم هدف انهاء الاضطهاد والحرمان والظلم واستغلال انسان لأنسان .
هنا يطرح سؤال : هل ان مبدأ المركزية الديمقراطية يجعل الحزب اقل ديمقراطية ؟ التجربة تؤكد انه في الوعي الفكري والممارسة الديمقراطية فأن الحزب وفق هذا المبدأ اذا طبق بشكل سليم يكون اكثر ديمقراطية من اي حزب آخر . لا سيما وانه حزب الطبقة العاملة والشغيلة التي هي الاكثر ديمقراطية في اي مجتمع , كما انه لا يوجد في هذا الحزب تمايز بين القادة والاعضاء كما هو جاري في كل الاحزاب الاخرى بما فيها الاحزاب الاصلاحية . لا سيما ان سياسة الحزب يساهم في رسمها كل اعضاء الحزب وهي خاضعة للنقاش وللأختبار والتدقيق من خلال الممارسة والاعتراف بالخطأ وتصحيحة لاحقاً . وان القرارات تتخذ بالاغلبية .
الديمقراطية في التنظيم هي عامل محفز للوعي والابداع والنتاج والنشاط والتأثير والفعالية والحضور وتساعد على توظيف الامكانيات وزيادة القدرات وتعزز من دور التنظيم والحزب في التاثيرالسياسي والحضور الجماهيري . وارتباطاً بالفكر اللينيني الذي هو فكراً ديمقراطياً من هنا نجد ان الاحزاب الشيوعية في الممارسة هي احزاب تبنى وفق مبادئ ديمقراطية , وليس كما هي الاحزاب الشمولية والقومية.
بالعودة للنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي :
المادة رقم 1 والتي تتضمن المبادئ التنظيمية للحزب ونشاطة نجدها تكرس مبدأ الديمقراطية في حياة الحزب وبنائه والأرتقاء بدوره في تحقيق المهام الآنية والاستراتيجية : ومما جاء فيها (الحزب الشيوعي العراقي اتحاد طوعي لمواطنات ومواطنين يجمعهم الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين والجماهير الكادحة وعن الحقوق والمطالب الوطنية لسائر فئات الشعب، والكفاح من أجل تأمين التطور الديمقراطي الحر والمستقل للبلاد، ولتحقيق التحولات الاجتماعية وصولاً إلى بناء الاشتراكية فيها.تتجسد مبادئ تنظيم الحزب، وحياته الداخلية، وعمله القيادي، ونشاطه ككيان سياسي ديمقراطي موحد،) في : مثبت في هذه المادة 7 مبادئ والمبدأ رقم 6 حول الديمقراطية الداخلية يحوي على  8 فقرات تتوضح فيها معاني الديمقراطية الداخلية في الحزب ومنظماتة . صحيح لم تتم الاشارة لمبدأ المركزية الديمقراطية , لكن كل هذه الفقرات الواردة في المادة رقم 1 تمثل بمجموعها عناصر وقواعد عمل داخلية مشتقة من المبدأ اللينيني الاساسي هو مبدأ المركزية الديمقراطية , ولكن الغلبة  فيه هنا للديمقراطية الداخلية .
فيما يخص فكر الحزب وسياسته : 
جاء في مقدمة برنامج الحزب الذي اقره المؤتمر الوطني العاشر في الصفحة الاولى التالي :
(يسترشد الحزب في كفاحه وفي مجمل سياسته وتنظيمه ونشاطه، بالفكر الماركسي وبدروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة، ويسعى إلى تجسيد ذلك في ظروف العراق الملموسة بابداع، استناداً إلى دراسة عميقة لواقع مجتمعنا المعاصر وما يشهده من تطورات في الميادين كافة.كذلك يستوحي كل ما هو تقدمي في إرث حضارة وادي الرافدين، والحضارة العربية الإسلامية، وسائر الحضارات الإنسانية، ...... الخ ). يلاحظ هنا ان الاشارة الى دروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة هي تمثل امتداد لمرتكز فكري لينيني من ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وتجارب اوربا الشرقية وبلدان اخرى .الجانب الفكري للحزب هنا نراه يتمثل بالتجديد والانفتاح وهو امتداد لنهج الديمقراطية والتجديد الذي اقره المؤتمر الخامس , لا سيما انفتاحه على حضارات وتجارب الشعوب ذات المحتوى الثوري والانساني ومنها حضارة وادي الرافدين وسائر الحضارات الانسانية . حيث كما هو معروف ان العدالة الاجتماعية متجذرة في حضارة وادي الرافدين وفي الممارسة مثل ذلك غنى لفكر الحزب واعطاه زخماً وحضوراً وتأثيراً والتفاف جماهير شعبية واسعة من كافة الطبقات والفئات الاجتماعية حول الحزب وفكره وزاد من حضورة وتأثيرة السياسي , والمثال الحي الحزب كان اول من رفع شعار الدولة المدنية الديمقراطية , اليوم شعار الدولة المدنية الديمقراطية هو الاكثر شعبية في البلاد والغالبية من جماهير الشعب تطالب به مما دفع بعض القوى المعتدلة الى تبني الشعار نظراً لشعبيته . و انطلاقاً من ان الفكر الماركسي اللينيني الذي جوهرة ثوري انساني ينهي استغلال الانسان لأنسان ويسود فيه العدل والمساواة وهذا يحصل في ظل بناء الاشتراكية كهدف نهائي , في الممارسة نجد ان الحزب الشيوعي العراقي في الوقت الذي يناضل من اجل انجاز اهداف آنية سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وثقافية , وضع هدفه الاستراتيجي البعيد المدى في بناء الاشتراكية ووضع في خطه السياسي الترابط الديالكتيكي بين انجاز مهام الحد الادنى والمهام الاستراتيجية . من هذا تركز الاحزاب الشيوعية اليوم نضالاتها من اجل تحقيق المهام الآنية على صعيد وظروف وواقع كل بلد , وهذا يعد مرتكزاً لينينياً في الفكر والسياسة . ومما اشارت اليه وثيقة خيارنا الاشتراكي التي اقرها المؤتمر الوطني الثامن للحزب التالي : وقد توصل حزبنا إلى إن التجديد عملية " معقدة ومركبة وشاملة"، وليس قراراً فوقياً، أو أمراً حزبياً صادراً من هيئات الحزب القيادية، أو استجابة ظرفية لأوضاع طارئة، أو مسايرة لصرعة سياسية أو فكرية جديدة، أو إجراء عابرا لإصلاح جانب دون غيره. انه، بالأحرى، عملية موضوعية وحاجة أصيلة، وضرورة حتمية لبقاء الحزب (كقوة فكرية - سياسية وتنظيمية) بمستوى يبرر وجوده ودوره المنشود في التعبير عن مصالح الطبقة العاملة والفلاحين وجميع شغيلة اليد والفكر، (القريبة والبعيدة المدى،هنا المقصود بالمهام او الاهداف القريبة والبعيدة ) وتحقيق مطامح الشعب في الديمقراطية والسلام والتنمية والتقدم الاجتماعي.
أن التجديد بالنسبة الى حزبنا هو سمة لا تنفصل عن طبيعته وتكوينه، وعن هويته الفكرية ومنهجه الفلسفي. والحزب يفهم التجديد كعملية مستمرة ، غير منقطعة. وهذا المنطق يحكم حركة الحزب ( الذي هو كائن حي بتنظيمه، وآليات عمله، وعلاقاته ونشاطه)، فلكي يبقى فعالاً وحيوياً، لابد له أن يتطور ويتجدد باستمرار وإلا أصابه الجمود والتخلف.
يتبع
19-7-2017

 
 
 
 


6
اللينينية حاضرة في فكر وتنظيم واستراتيجيات الاحزاب الشيوعية
(1-2)
فلاح علي
ظهرت في الفترة الاخيرة بعض الكتابات تزعم ان الاحزاب الشيوعية ومنها الحزب الشيوعي العراقي طلق اللينينية , بدون تقديم اية معطيات , وكأن اللينينية مختزلة برفع شعار دكتاتورية البروليتاريا فقط . اني ارى ان دروس التجارب الثورية المستخلصة ومنها دراسة التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وبلدان اوربا الشرقية , والمواقف الفكرية للاحزاب الشيوعية وبنائها التنظيمي واستراتيجياتها , والقراءة الدقيقة لواقع كل بلد ووضع مهام نضالية تتناسب وظروف البلد , والتشخيص الدقيق لما يمر به العالم اليوم من احداث وتطورات . هذه وغيرها تؤكد على حقيقة ان اللينينية حاضرة اليوم في حياة ونشاط العديد من الاحزاب الشيوعية , وهي كانت ولا تزال نظرية علمية اسهمت بشكل كبير في تطوير الماركسية في القرن العشرين , وتأسست الاحزاب الشيوعية في العالم على اساس هذا الترابط والتواصل واصبحت كلا النظريتين يمثلان المرجع الفكري والتنظيمي والمرشد في العمل والنشاط. ان الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسة تبنى الماركسية اللينينية .ان الدفاع عن التاريخ السياسي للحزب الشيوعي العراقي ونضالة الوطني والاممي هو من وجهة نظري يعد دفاعاً عن الماركسية واللينينية ,  ان فكر لينين لا يزال حياً حاضراً وهذا هو اهم سمة من سمات اللينينية انها نظرية علمية جامعة لعلوم عدة ومرتكزه عليها .
ان الدفاع عن اللينينية اليوم ليس بأمر صعب :
ولكن هذا من وجهة نظري يتطلب اولاً الفصل بينها وبين الستالينية . اني ليس معادياً لستالين او معادياً للستالينية وانما منتقداً لنهج  ستالين , من خلال قراءتي لتأريخ الحزب الشيوعي الروسي والسوفيتيي لاحقاً وجدت ان ستالين ارتكب اخطاء من هنا يأتي النقد . في الوقت الذي كان لينين يطالب بالمزيد من الديمقراطية في التنظيم ومزيد من الديمقراطية في الدولة والمجتمع وهذا حسب راي لينين يعني مزيد من الاشتراكية , نجد ان الستالينية لجأت منذ عام 1927 الى الأوامرية والبيروقراطية في الدولة والمجتمع وفي حياة الحزب وصادرت الديمقراطية ورسخت الدكتاتورية البيروقراطية وشوهت مبدأ دكتاتورية البروليتاريا الذي هو الاكثر ديمقراطية . الستالينية حرفت الرؤية اللينينية لبناء الاشتراكية ولجأت ليس فقط الى الاوامر الادارية في المجال الاقتصادي وبناء الاشتراكية وانما الى استخدام اساليب العنف والاكراه في تطبيق نهجها المشوه للاشتراكية والديمقراطية . وعلى سبيل المثال ( بقرار اداري في عام 1928 امم ستالين الانتاج البضاعي الصغير ) في حين كان يؤكد لينين في سياسة النيب ان الانتاج البضاعي الصغير لا يمكن تأميمة لأنه يمس مصالح ملايين الناس وهو يزول لاحقاً بالقناعة وبالانتاج الكبير .النتيجة كانت ظهور مزيداً من البيروقراطية  والعنف والترهيب والاكراه وتغليب المركزية على الديمقراطية في حياة الحزب الداخلية واشاع عبادة الفرد . وهذه وغيرها من الاخطاء كانت هدية قدمها ستالين للقوى المعادية للاشتراكية حيث لعبت وسائل الاعلام وبالذات الامبريالية في تبشيع الاشتراكية ودكتاتورية البروليتاريا امام شعوب العالم اجمع وصورتها ثورة دموية واللينينية من هذه الممارسات براء . ( ملاحظة هذا لا ينفي دور ستالين والجيش الاحمر في الانتصار في الحرب العالمية الثانية ) لكن الستالينية شوهت الاشتراكية و شجعت على ظهور نماذج مشوهه او مزورة للاشتراكية في بعض بلدان اوربا الشرقية وهذا مما دفع الصين والبانيا ورومانيا ويوغسلافيا لاحقاً وغيرهما من البلدان الاوربية الى تبني الطريق الخاص لبناء الاشتراكية والذي يناسب ظروف كل بلد, وهذا لا ينفي دور خروتشوف اللاحق السلبي حيث ارتكب اخطاء كثيرة في بناء الاشتراكية ودوره السلبي ايضاً على الصعيد العالمي والاضرار التي لحقت بالاحزاب الشيوعية من سياسته ونهجة البعيد عن اللينينية , ثم جاءت مرحلة الركود في عهد بريجنيف وكانت لها اضرار كبيرة على الاقتصاد والعلم والمعرفة والتكنولوجيا والاعلام والسياسة والنتاج الفكري ..... الخ الى ان انتهت التجربة في مرحلة غورباتشوف . هنالك اليوم الكثير من المعطيات التي تؤكد ان العديد من الاحزاب الشيوعية لم تطلق اللينينية بعد كما ادعت بعض هذه الكتابات  .
من المعطيات التي تؤكد حضور اللينينية في حياة ونشاط الاحزاب الشيوعية :
بلا شك ان هذه المعطيات هي حقائق ملموسة لن تؤكد فقط على صحة الفكر اللينيني و حضورة اليوم في الممارسة في حياة ونشاط الاحزاب الشيوعية , وانما تبرهن على انه فكر ديمقراطي بحق , ولكن بلا شك خضع للتشويه . ومن هذه المعطيات هي نتاجات لينين الفكرية التي مثلت تطويراً للماركسية في مرحلة الامبريالية , والتي هي اليوم تعد مرتكزاً فكرياً وسياسياً وتنظيمياً لنشاط الاحزاب الشيوعية ونضالاتها وتحديد مهامها . رغم عدم الاشارة الى اللينينية في الانظمة الداخلية وبرامج الاحزاب الشيوعية , علماً اني مع عدم الاشارة لها نظراً للتغيرات التي حصلت في العالم وصعود قوى متطرفة من الاسلام السياسي وللتشوية الكبير الذي تعرضت له اللينينية ومبادئها هذا اولاً وثانياً نظراً للاخطاء الكبيرة في الممارسة لمبدأ دكتاتورية البروليتاريا .وثالثاً بسبب البيروقراطية وتدني الوعي الفكري لبعض القيادات في هذا الحزب ام ذاك ادى الى خلل كبير في تطبيق مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم فكانت الغلبة في ظروف ما وخاصة في ظروف العمل السري وغيرها للمركزية على حساب الديمقراطية الداخلية . ان الحزب الشيوعي العراقي درس تجربة بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي وتفككة ودرس تجارب بلدان اوربا الشرقية ( في وثيقة خيارنا الاشتراكي التي اقرها المؤتمر الوطني الثامن للحزب ) لم تخطأ الدراسة فكر لينين لا بل اكدت على ديمقراطيته واشارت الى الاخطاء في بناء التجربة للمراحل اللاحقة ما بعد لينين واستخلصت دروس منها, ولكن هنالك العديد من الاحزاب الشيوعية لم تتوقف بعد عند هذه التجربة ولم تنشر دروسها واستنتاجاتها .
من اهم نتاجات لينين الفكرية :
ان نتاجات لينين الفكرية الهامة التي تعد تطويراً للماركسية في مرحلة الامبرياية وردت في عشرات المؤلفات التي انتجها لينين ومن هذه المؤلفات على سبيل المثال هي :الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية , وكتاب تطور الراسمالية في روسيا وكتاب الراسمالية في الزراعة ونظرية لينين عن بناء الحزب ( كتاب مالعمل ) الذي يتضمن خطة لينين لتاسيس الحزب , وكراس عمل الحزب بين الجماهير وكراس عن التحررالوطني والاجتماعي وكراس في الاممية البروليتاريا وكتاب الدولة والثورة وكتاب المادية والمذهب النقدي التجريبي وكتاب خطوة الى الامام وخطوتان الى الوراء وكراس مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية ..... الخ . اضافة الى عشرات الكتب والكراريس والمقالات والرسائل .
لأجل عكس بعض الامثلة الملموسة كمعطيات والتي تؤكد على حضور اللينينية اليوم في حياة ونشاط الاحزاب الشيوعية لا بد من الاشارة لبعض من هذه المعطيات الواردة في الكثير من المؤلفات ومنها على سبيل المثال :
الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية : شرح فيه لينين (اسباب الحروب الامبريالية وتوقف عند الحرب العالمية الاولى . ووضع تعريفاً للامبريالية التي عبر عنها انها تمثل السيطرة والهيمنة للاحتكار وراس المال الاقتصادي , وانها تعمل على تقسيم العالم بين الاحتكارات الراسمالية واشار الى اهم خطر لها هو اندماج راس المال المصرفي بالراسمال الصناعي وينتج عن ذلك راس مال مالي حيث يحصل تركيز للانتاج وراس المال وتنشأ الاحتكارات للهيمنة على بلدان العالم وتقسيمه فيما بينها ) هذا مقتطف من الكتاب ووقائع احداث العالم اليوم تؤكد على صحة استنتاجات لينين عن الامبريالية , حيث نحن شهود  على ما حصل و يحصل في العالم في ظل العولمة الراسمالية المتوحشة وتوسيع وتمدد احتكاراتها وهيمنتها على الاقتصاد العالمي واستحواذها على ثروات الشعوب وجني مزيداً من الارباح , ( وانتجت لهذه البلدان الفقر والجوع والامية والامراض والارتهان لصندوق النقد الدولي ومؤسسات العولمة الاخرى ) , وخلقت الاحتكارات لها ركائز محلية بما فيها احزاب وشخصبات في الدولة والمجتمع تنتفع من العولمة وتخدم مصالح الاحتكارات الاقتصادية والسياسية في البلد والمنطقة , وهذا هو الحاصل اليوم من تحالفات بين  الامبريالية وقوى متنفذة في دول المنطقة من جانب ومع بعض احزاب الاسلام السياسي وغيرها كما حصل مع الاخوان المسلمين في مصر وغيرهم من البلدان, اذن الامبريالية الامريكية وسياساتها واحتكاراتها مهيمنة على بلدان عدة في العالم وعلى اقتصادياتها , وخطرها قائم بما فيها خطر الحروب وتوسع الناتو. لذا ان كتابات لينين عن الامبريالية تحظى اليوم بأهمية كبيرة واستثنائية اكثر من اي وقت مضى .
من هذا نرى اليوم الاحزاب الشيوعية واليسارية تقف في مقدمة القوى المناهضة للامبريالية و للعولمة الراسمالية المتوحشة ومعها راي عام عالمي واسع متمثل في القوى المناهضة للامبريالية والعولمة  .  هذا اولاً وثانياً ان الاحزاب الشيوعية  تعارض بقوة الحروب والاحتلال وانتهاك استقلال الدول والتدخل في شؤونها الداخلية التي تلجأ لها الامبريالية اليوم والتي تعتبر نهب الثروات والهيمنة على اقتصاديات العالم والتدخل في الشؤون الداخلية والحروب الاهلية والخارجية انها تمثل جزء من استمراردورة حياتها والتنفيس عن ازماتها , وثالثا : لا تزال الاحزاب الشيوعية وبالذات في منطقة الشرق الاوسط ومنها الحزب الشيوعي العراقي ترفع شعار يا عمال العالم اتحدو , ارتباطاً بالجوهر النضالي الطبقي لهذا الشعار ومهامة , الذي كتبه وتبناه ماركس وانجلس في البيان الشيوعي وهو في الواقع يمثل جوهر الاممية البروليتاريا بكل وضوح وشفافية ودقة , والذي رسخة لينين في الممارسة واعطاه بعداً نضالياً اوسع ذو محتوى ومضمون ديمقراطي تجسد بشعارالتضامن الاممي .الاحزاب الشيوعية في الممارسة هي تتمسك بهذا النهج اللينيني وحاجتها اليوم للتضامن الاممي كبيرة جداً اكثر من اي وقت مضى . وهنالك حقيقة ان نتاجات لينين الفكرية مرتبطة بالواقع  الذي تعيشة شعوب كوكبنا اليوم , بغض النظرعن زمان ومكان كتابتها . وما النضال من اجل ضمان الحقوق والحريات وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية  .... الخ على الصعيد الوطني والنضال والتضامن ضد الحروب والاحتلال والعولمة الراسمالية المتوحشة الا تجسيد لهذا الترابط في الفكر اللينيني الديمقراطي .التظاهرات التي جرت في القرن الواحد والعشرين في بلدان عدة في اوربا وبلدان اخرى هو في الممارسة تأكيد على ان الصراع ضد الامبريالية والعولمة  قائم وهذا مبدأ لينيني بلا شك ذو محتوى وطابع اممي .
يتبع
12-7-2017



7
نعم لمؤتمر بغداد ان تبنى مشروعاً وطنياً ديمقراطياً
فلاح علي
تناقلت وكالات الانباء انه سيعقد في منتصف تموز/2017 مؤتمر في بغداد يحضره احزاب من الاسلام السياسي ووجهاء وشخصيات المكون السني ومن بين الحضور عناصر معارضة للعملية السياسية . الا ان السيد سليم الجبوري رئيس البرلمان نفى ان يكون المؤتمر للمعارضة والاسماء التي تم الترويج لها عارية عن الصحة . النائب احمد الجبوري اعاد ما تحدث عنه السيد رئيس البرلمان واكد بان المؤتمر سينتج( تكتل سياسي انتخابي ولا يمثل اهل السنة) . يستنتج من التصريحين انه ليس هنالك من يحضر الى المؤتمر من هو مرتكب جرائم بحق الشعب ومن هو مطلوب للقضاء ان صحت تصريحاتهم .لا سيما ان العراق اليوم ما بعد داعش بحاجة الى مؤتمرات وطنية تعقد في عاصمته بغداد , تضع حداً وبشكل نهائي لا رجعه فيه لأنهاء المحاصصة الطائفية . وهذا ما تفرضة حاجات ومصالح الوطن والشعب في مرحلة ما بعد داعش .
اذن ما هو المطلوب من هكذا مؤتمر الذي تدور حوله شبهات طائفية :
ارى من وجهة نظري لكي يرسل المجتمعون رسالة اطمئنان لكل جماهير الشعب العراقي ان يضعوا في اولويات مؤتمرهم هو تخطأة نهج الطائفية السياسية التي انتجت نظام المحاصصة الطائفية والاثنية والذي حكم العراق طيلة 14 عام وكان سبباً لاستباحة عصابات داعش لمدن عراقية وسالت من جماهير هذه المدن انهاراً من الدماء الزكية وسبيت النساء الازيديات ونساء من مختلف القوميات والاديان ودمرت المدن وهجرت الآلاف من العوائل وسكنت في مخيمات النزوح في اوضاع اقتصادية وصحية وبيئية سيئة مع عدم توفر الخدمات , هذا وغيره من الازمات و المآسي التي حلت بالشعب والمخاطر التي تعرض لها الوطن كانت بسبب الطائفية السياسية ونظامها نظام المحاصصة . من هذا يفترض ان اي مشارك في المؤتمر سواء كان حزباً ام شخصية مستقلة لا بد من ان يتخذ موقف معارض للطائفية السياسية ونظامها . وهذه هي فرصة ذهبية لهذه القوى والشخصيات لتؤكد على وطنيتها ولتقترب نحو جماهير الشعب ولتضع حد لمآسي الشعب والمخاطر التي يتعرض لها الوطن . ارى ان المطلوب من هذه القوى والشخصيات التي تحضر المؤتمر العمل على تبني بعض من مطاليب الشعب التي رفعها الحراك الجماهيري وهي :
1- تبني مشروع انهاء الطائفية السياسية في البلد,والتخلي عن الخطاب السياسي الطائفي المتطرف  والدعوة الى اقامة تحالفات سياسية وطنية .
2- انهاء نظام المحاصصة الطائفية , والبدأ بتحقيق مصالحة وطنية حقيقية , والمطالية بمحاكمة كل من ارتكب جرائم بحق الشعب والوطن وتعاون مع الارهاب وكان سبباً بسقوط مدينة الموصل واحتلال مدن اخرى .
3- تبني خطط عملية فاعلة لمحاربة الفساد والمفسدين , وتوفير حاجات الناس من الخدمات وتحسين مستوى المعيشة وتطوير الاقتصاد وبناء البنى التحتية , وبلا شك تبني مشروع اعمار المدن التي دمرتها داعش وتطوير وتحسين الحياة الاجتماعية والثقافية للناس وانهاء حاضنات الارهاب في المدن والارياف .
4- انهاء مشاريع تقسيم البلد والحفاظ على الوحدة الوطنية , وبناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية  على ان تكون الخطوة الاولى في هذا الاتجاه هواصلاح القضاء الذي يمثل اهم مشروع وطني والذي طالب به الحراك الجماهيري . والمطالبة بحل مفوضية الانتخابات وتأسيس مفوضية مستقلة حقاً بعيداً عن المحاصصة , وتبني مشروع سن قانون ديمقراطي للأنتخابات البرلمانية يكون فيها العراق دائرة انتخابية واحدة واعتماد الطريقة النسبية , لكي يتمكن الشعب بحرية من انتخاب ممثلية المؤهليين على الصعيد الوطني بعيداً عن الطائفية وعن تأثير المال السياسي والتدخل والدعم الاقليمي الضار بالمصالح الوطنية . واكيد سيكون عنصر قوة للمؤتمرين ويزداد حضورهم  في المجتمع عندما يتوجهوا للشعب ببيان ختامي ويقولون فيه لقد أخطأنا في المرحلة الماضية ونعدكم بتصحيح الخطأ .
لا بد من التأكيد على ان هنالك حقيقة يعرفها الشعب :
وهي ان بعض من الرموز الكبيرة في حكومة المحاصصة الراعية للمؤتمر من ممثلي احزاب الاسلام السياسي وقوى قومية  وغيرها هم طرف اساسي في نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذي ارتكب اخطاء كبيرة بحق الشعب والوطن , لذا فهم طائفيون بامتياز وهم يتحملون مسؤولية الازمات والمآسي التي تعرض لها الشعب في ظل نظام المحاصصة وما ادى من احتلال داعش للمدن العراقية من هنا تأتي اهمية الاعتذار للشعب . وارى ان الخشية والمخاوف من هكذا مؤتمرهو في العمل على تسويقة اعلامياً على اساس انه مؤتمر وطني لغرض تمرير التحالف السياسي الذي ينتجه المؤتمر على اساس انه تحالف وطني بعيد عن الطائفية , لكن قد يتبين في الواقع ومن خلال الممارسة هو العمل على وضع مصلحة الطائفة اولآ ثم الوطن ثانياً وهذا سيدخل في اطار التسويق الاعلامي الذي ستكتشفة جماهير الشعب . آمل ان يكون المؤتمرون قد استفادوا من اخطائهم والتخلي حقاً في الممارسة عن الطائفية السياسية ويتبنوا فعلاً الديمقراطية وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية .
الديمقراطية هي الحل :
ما اكدته تجربة العراق المريرة طيلة 14 عام من حكم نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وهيمنة قوى الاسلام السياسي على السلطة والمجتمع , وما اجمعت عليه اليوم غالبية جماهير الشعب هو ان احزاب الاسلام السياسي قد فشلت في بناء الدولة وغاب الامن والامان والخدمات واستشرى الفساد وتناما الارهاب وزادت البطالة في المجتمع ولم تحقق نجاحات في المجال الاقتصادي والاجتماعي . لا بل ان احزاب الاسلام السياسي ورموزها هيمنوا على ثروات البلد وامتلكوا الارصدة في البنوك وفتحوا العشرات من القنوات التلفزيونية لتضليل الجماهير وتجهيلها ,  وفرخوا الميليشيات والجماعات المتطرفة , واستفردوا وهيمنوا وهمشوا الآخر وتركوا الشعب والبلد مغرقان في الازمة الاقتصادية والازمات الاخرى ( من هذا كان الحراك الجماهيري محقاً عندما رفع شعار باسم الدين باكًونة الحرامية ) . ان الحقائق تؤكد ان احزاب الاسلام السياسي قد فشلت في الحكم لأنها لم تمتلك  برنامج لبناء الدولة ولعدم وضوح شعاراتهم وتوجهاتهم وعدم كفائة ونزاهة ملاكاتهم في الدولة وعدم ايمانهم بالديمقراطية ووضعوا مصالحهم الفئوية الذاتية فوق مصالح الشعب والوطن وتبعيتهم لأجندات اقليمية . ان تجربة العراق المريرة تؤكد اليوم اكثر من اي وقت مضى  وبالذات ما بعد داعش على حقيقة ساطعة لا تقبل التأجيل وهي : آن الاوان ليؤمن الجميع بالديمقراطية والديمقراطية هي الحل . فهل سينبذ مؤتمر بغداد القادم الطائفية السياسية ويتبنى المشروع الوطني الديمقراطي ,؟ وهل ستؤمن احزاب الاسلام السياسي التي فشلت في حكم العراق وهي اليوم قد فقدت صوابها لأنسلاخ قطاعات واسعة من قواعدها في المدن وتخلت عنها وبدأت تتبنى الدولة المدنية الديمقراطية . هل ستؤمن احزاب الاسلام السياسي بالديمقراطية ما بعد داعش وتتخلى عن الطائفية والهيمنة والاستبداد؟   هنالك حقيقة لا يمكن انكارها وهي ان احزاب الاسلام السياسي حاربوا الديمقراطية والفكر الديمقراطي طيلة 14 عام من هيمنتهم على السلطة في حين انه بفضل الديمقراطية ( وما يسموه صناديق الاقتراع ) وصلوا الى السلطة , فهل سيتخلوا عن معاداة الديمقراطية والفكر الديمقراطي ؟ ويضعوا مصالح الشعب والوطن فوق مصالحهم الذاتية الفئوية .
29-6-2017



8
نعم لتفعيل حوار اليسار وتحقيق التنسيق ليلعب دوره في عملية التغيير
فلاح علي
رغم اهمية الحوار وحاجته وضرورته بين اطراف اليسار الذي ابتدأ بمبادرات , لأجل تحقيق هدف التنسيق الا انه واجهته صعوبات ومعوقات ومشاكل ذاتية أدت الى تراجع الحوار , ( وهذا ما عكسه السيد كامل عبد الرحيم في مقالته التي نشرت في الحوار المتمدن بتاريخ 8-6-2017 ) . في الوقت ذاته نجد ان تجارب الحياة أكدت على الحاجة الى التنسيق بين قوى اليسار والديمقراطية ارتباطاً باولويات مهامهم  ومواقفهم وطبيعة الظروف التي يمر بها البلد ...... الخ هذه وغيرها من العوامل والمهام تشكل وسائل ضغط فكري وسياسي وجماهيري لمواصلة الحوار للوصول الى هدف التنسيق والعمل المشترك وتشكيل قطب رابع يعيد التوازن في المجتمع ويلعب دوره في عملية التغييروبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية . لتحقيق هدف الحوار يقتضي ضرورة التمسك بأولويات مهام النضال في هذه المرحلة وتجاوز الثانويات والامور الذاتية والابتعاد عن تشكيل الاطر كمقدمة لمواصلة الحوار لأن الاطار ليس هدف بقدر ما انه وسيلة . واعتماد الجوهر الحقيقي لهدف الحوار هو التنسيق والفعل الميداني على الصعد السياسية والاعلامية والجماهيرية .
اين تكمن  مرتكزات قوة اليسار والتي تفرض ضرورة التنسيق فيما بينها:
1- في ساحات النضال الجماهيرية التي تتميز فيها قوى اليسار والديمقراطية والتي تضم جماهير شعبية واسعة  تمثل الطبقة العاملة وساحة النساء والطلبة والشبيبة والمثقفون والاعلاميون والكادحون وذوي المهن والفلاحون. ان النضال في هذه الساحات جوهره هو اجتماعي واقتصادي وحقوقي يمس مصالح هذه الجماهير وحاجاتها ومتطلباتها , هنا تكمن عناصر او مرتكزات قوة اليسار والقوى الديمقراطية حيث لا توجد قوى تنافسه في ساحات النضال هذه على الجبهتين الاجتماعية والاقتصادية , وهي الاكثر تأثيراً حيث يبرز هنا في هذين الجبهتين الصراع الطبقي الذي يمثل عنصر او عامل قوة ذات فعل جماهيري مؤثر في الاتجاهات التالية اولاً : تمكن قوى اليسار والديمقراطية من ان تمسك بزمام النضال الوطني الديمقراطي والاجتماعي .وثانياً : تساعدعلى اختراق الحصون والقواعد الشعبية للاسلام السياسي الطائفي بشقية . وثالثاً : يبرز تأثيره في النضال  من اجل الديمقراطية وضمان الحقوق والحريات ورابعاً :يخلق تراكمات ذات فعل جماهيري تهيئ لمستلزمات عملية التغيير السلمي .
2- من عناصر او مرتكزات القوة هي الوطنية الصادقة ووضع مصالح الشعب والوطن فوق اي اعتبار اي ان قوى اليسار والديمقراطية , دونوا هذه الحقيقة تأريخياً بحروف من ذهب تمثلت في هويتهم الوطنية وتضحياتهم الجسام على طريق التحرر السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومحاربتهم للظلم والطغيان والاستبداد والاستئثار ومصادرة الحقوق والحريات ومواقفهم الواضحة من الطائفية السياسية واعلاء مبدأ المواطنة وتعزيز النسيج الاجتماعي للمجتمع والحفاظ على الوحدة الوطنية , هذا يمثل رصيد وكنز لا يوازية رصيد آخر وهو راسمال لكل قوى اليسار والديمقراطية ويمثل عامل  اساسي مهم يفرض عليهم مواصلة الحوار لأجل التنسيق .
3- ان تبني المشروع الوطني الديمقراطي والنضال من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية , هذه الوجهة السياسية التي تبناها الحزب الشيوعي العراقي , انها تمثل قاسم مشترك لكل قوى اليسار والديمقراطية وظروف البلد وحاجات الشعب اليوم تؤكد صحة هذه الوجهة . لهذا يتملمس اليوم اي متابع ببروز ظاهرة جديدة  في المجتمع العراقي وهي تبني مشروع الدولة المدنية الديمقراطية جماهيرياً وهذا بلا شك ظهر بشكل اساسي في المدن تطالب الجماهير بالدولة المدنية الديمقراطية وانضمت قوى مدنية عديدة لتبني هذه الوجهة بما فيها قوى اسلامية معتدلة , ويبقى الحسم الجماهيري محكوم بنمو واتساع قوى اليسار والديمقراطية جماهيرياً , وهذا لن يتم الا من خلال التنسيق وتشكيل قطب رابع يساري ديمقراطي . 
4- اني ارى اليوم رغم ان البلد يمر على اعتاب منعطف تأريخي حاد لا يخلو من المخاطر , لكن في ظل هذا الظرف التاريخي الخطير نتلمس بروز ظاهرتان الظاهرة الاولى : هو فشل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية في بناء دولة المؤسسات الديمقراطية , حيث انتج نظام المحاصصة ازمات معقدة ومتشابكة يصعب حلها مع تنامي الفساد والارهاب والاستئثار والهيمنة والتهميش ومصادرة الحقوق والحريات . الظاهرة الثانية : هي الازمة الحادة التي تمر بها اليوم احزاب الاسلام السياسي الطائفية المتطرفة وحتى القومية وفشل مشروعهم . من هذا ارى ان الظروف قد نضجت اليوم اكثر من اي وقت مضى لتحقيق وحدة العمل والنشاط المشترك بين قوى اليسار والديمقراطية على صعيد العراق ككل , وبناء قطب رابع يساري ديمقراطي فاعل ومؤثر وله امتدادات جماهيرية ليسهم في عملية التغيير السلمي .
5- من هنا نجد ان اليسار يمتلك عناصر قوة غير موظفة , اضافة الى وجود قواسم مشتركة كثيرة على الصعيد الداخلي متمثلة في برنامج الحد الادنى اضافة الى مشتركات نضالية على الساحتيين العربية والعالمية, على سبيل المثال التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني من اجل التحرر واقامة دولتة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس وتواصلة مع نضالات الشعوب العربية من اجل الديمقراطية والنضال ضد العولمة الراسمالية المتوحشة ومعاداة الامبريالية والحروب وانتهاك سيادة الدول والحفاظ على السلم العالمي وهذه هي ميزة اليسار في الانفتاح والتفاعل ليس فقط مع جماهير الشعب وقواة في الداخل وانما الانفتاح والتضامن ايضاً على الحركات اليسارية والديمقراطية والاشتراكية والانسانية في المنطقة والعالم وهذا يمثل مصدر قوة لليسار .
اين تكمن عوامل او عناصر ضعف اليسارلاجل معالجتها :
ارى من وجهة نظري  ان من اهم عناصر ضعف اليسار هي التالي :
1- ان اليسار لم يتمكن من استعادة تأثيرة الجماهيري بعد فحضورة الجماهيري ضعيف اي قاعدته الجماهيرية لا تزال ضعيفة ويعيش العزلة الجماهيرية مع استثناء الحزب الشيوعي العراقي الذي لديه حضور جماهيري ولكنه متفاوت في هذه المنطقة عن تلك وهذه حقيقة ملموسة على ارض الواقع .
2- طغيان حالة التشرذم والانقسام والتباعد مع غياب الثقة ورمي الاتهامات جزافاً على داينمو وقاطرة اليسار الحزب الشيوعي العراقي والتشكيك بمواقفة وسياستة التي زكتها الحياة .
3- الخطاب السياسي لبعض قوى اليسار غير واضح اي يصعب فهمه من قبل جماهير الشعب في الظرف الحالي وهذه هي من اهم القضايا الفكرية والسياسية الجوهرية في العلاقة مع الجماهير على الصعيد الاعلامي وعلى الصعيد التاكتيكي ايضاً . لا يزال هذا الخلل الفكري غير مدروس من قبل بعض قوى اليسار وهذه تمثل ازمة فكرية وسياسية , ولم تتوقف هذه القوى الى الآن عند هذا الضعف الفكري لمعاجته . فيلاحظ خطابها اشبه بالخيال في ظل ظروف العراق حيث ان بعضها تردد مقولات ومفاهيم نظرية واستنساخ من تجارب عالمية سابقة لا تتماشى وحاجات الجماهير ومتطلباتها في هذا الظرف. وهذا ما يؤكد على قضيتان القضية الاولى : هي ان بعض هذه القوى لم تتمكن الى الآن من قراءة الواقع العراقي بشكل دقيق . والقضية الثانية: هي ان هذه القوى لم تتمكن الى الآن من فهم مزاج الجماهير وحاجاتها ومتطلباتها وتطلعاتها , في الوقت التي تريد الجماهير حقوق وخدمات ترفع هذه القوى شعارات تراها الجماهيرغير واقعية في هذه الظروف ( مثال شعار دكتاتورية البروليتاريا) هذا هو شعار الثورة الاشتراكية مرحلة البناء الاشتراكي هذا يدخل في حدود الهدف النهائي الاستراتيجي البعيد المدى وليس شعار مرحلة التحرر الوطني والاجتماعي والاقتصادي والتحولات الديمقراطية . هذه القضايا العقدية تمثل نقاط ضعف لبعض قوى اليسار, لأن اليسار عليه تهيئة مستلزمات فك عزلته الجماهيرية . اذن كيف يتم العمل على ذلك والجماهير لا تفهم الخطاب السياسي لبعض قوى اليسار؟ لا سيما وان الاعلام الجماهيري اليساري والديمقراطي ضعيف في العراق .
الاستنتاجات :
1- الشعب والوطن بحاجة اليوم لهذا القطب اليساري الديمقراطي اكثر من اي وقت مضى , وذلك لأن الفكر اليساري والديمقراطي منحاز لمصالح وتطلعات وطموحات جماهير الشعب ويلبي حاجاتها  الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية والحقوق والحريات وما يهدف اليه من تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية , هنا تكمن اهمية الفكر اليساري والديمقراطي للشعب والوطن , لهذا نجد ان مهام قوى اليسار والديمقراطية تؤكد على ضرورة مواصلةالحوار لتحقيق التنسيق والعمل المشترك .
2- ان اهم فعل على الارض اليوم في العراق هو الحراك الجماهيري الذي يفرض على كل قوى اليسار والديمقراطية والمدنية مسؤولية تأريخية تكمن في المشاركة والتنسيق الميداني بعيداً عن الأطر التنظيمية لكي تلعب دور في تطوير الحراك الجماهيري واتساعة وزيادة تأثيرة لأجل تحقيق التغيير وبناء العراق الديمقراطي الجديد . ان مهمة تطوير الحراك الجماهيري هي المحك العملي في الممارسة لمواقف قوى اليسار والديمقراطية والمدنية وهذا يمثل جوهر التوجهات الفكرية والسياسية لهذه القوى لأن النضال الجماهيري هو الطريق النضالي الشرعي والقانوني والسلمي نحو التغيير , وهذا يعد عملاً ثورياً  سجل بأمتيازكموقف تأريخي مشرف لجماهير الشعب وللحزب الشيوعي العراقي ولكل القوى والشخصيات التي شاركت في الحراك الجماهيري واعطته الديمومة والتواصل .
3- ان اهم عقبة اضرت بالشعب والوطن وبقوى اليسار والديمقراطية في العراق ظهرت بعد سقوط النظام الدكتاتوري نتيجة الحرب والغزو والاحتلال , وهي بروز التكتلات الطائفية لأحزاب الاسلام السياسي المدعومة والمتحالفة مع قوى اقليمية والتكتلات القومية وتقاسمت هذه التكتلات السلطة على اساس المحاصصة , وبهذا هيمن الاسلام السياسي على السلطة, وكون جدار عازل بين قوى اليسار والديمقراطية مع جماهير شعبهم في المدن والارياف من خلال سياساته واجراءاتة التعسفية وتضليلة للجماهير, واسهم في عزل اليسار عن ساحاتة الحقيقية وهي جماهير الشعب وفرض حصار اعلامي وجماهيري على قوى اليسار والديمقراطية ووظف الدين لأجنداتة الذاتية .
4- الحزب الشيوعي العراقي استطاع لحد ما اختراق هذا الحصار المفروض على اليسار وفكرهم , بالنضال الجماهيري المتمثل بالحراك الجماهيري , فهدم هذا الجدار ودفن معه كل شكل من اشكال الخوف والتردد واصاب كبد الحقيقة عندما شخص مرتكز ضعف هذا الجدار الهش الذي يكمن في قاعدتة الجماهيرية , فمن خلال الحراك الجماهيري ظهر شكل من اشكال التنسيق الميداني على الجبهتين الاجتماعية والاقتصادية مع قواعد تيار اسلامي معتدل لأن حاجات الجماهير الشعبية الاقتصادية والاجتماعية هي واحدة وهنا التقت القواعد الشعبية في الحراك الجماهيري , وهذا كان له اثر على قواعد اخرى من الاسلام السياسي .من هنا شكل هذا الانجاز الميداني حركة اهتزاز عنيفة في جدار قوى الاسلام السياسي المتطرف , فحصلت فجوة واسعة في هذا الجدار الهش , وتحررت جماهير الشعب وبالذات في المدن من هيمنة وسطوة الاسلام السياسي المتطرف, ومن خلال الحراك الجماهيري ازيل الحصار وهدمت الحدود بين فكر وسياسة قوى اليسار والديمقراطية وجماهير الشعب .
5- هنالك حقيقة لا تقبل التشكيك وهي ان الحزب الشيوعي العراقي مثل داينمو هذا الانجاز الكبيرومعه المثقفين والاعلاميين والعمال والطلبة والشبيبة واوساط واسعة من جماهير الشعب والكادحين والمعدمين في المدن والارياف والقوى المشاركة في الحراك الجماهيري . ان هذا النجاح الميداني التنسيقي على مستوى القواعد يؤكد ان الحزب الشيوعي العراقي ليس هو المشكلة ( كما طرح السيد كامل عبد الرحيم ) وانما الحزب في الممارسة العملية الميدانية مثل قاطرة اليسارهو الذي هدم هذا الجدار وانهى الحصارو العزلة الجماهيرية التي فرضت على فكر وسياسة ونشاط قوى اليسار والديمقراطية .
6- رغم ان التحالف السياسي والانتخابي غير مطروح مع التيار الديني المعتدل , ارى من وجهة نظري وهذا ما تؤكده التجارب ايضاً , ان لا يرتقي التنسيق الميداني على الجبهتين الاجتماعية والاقتصادية الى تحالف سياسي او انتخابي لأنه سيكون مضر على هوية اليسار وعلى توجهاته ومواقفة وتاكتيكاتة وقيمة التحررية الديمقراطية وغيرها من الاسباب ويبقى في حدود التنسيق الميداني في ساحات الاحتجاج لانه يمثل الدفاع عن  حاجات ومصالح جماهير الشعب.
7- الاستنتاج الاساسي هوعلى شكل سؤال ماذا يحتاج اليسار؟ ارى من وجهة نظري ان اليسار بحاجة  الى مواصلة الحوار ومزيداً من الحوار للوصول الى الهدف المنشود التنسيق والعمل المشترك بين قوى اليسار والديمقراطية وحتى المدنية . وحاجة بعض قوى اليسار الى قراءة دقيقة للواقع العراقي ليكون لها رؤية جديدة على ضوء الواقع , كما تحتاج قوى اليسار الى الخروج من حالة التشرذم والعزلة الجماهيرية وحاجتها الى فهم مزاج الجماهير,  والحاجة الى تشخيص اولويات النضال وتحديد المهام في هذه المرحلة والى اساليب جديدة للعمل مع الجماهير الحاجة الى تبني الواقعية العملية والمرونة والانفتاح والالتقاء على برنامج الحد الادنى .
8- اخيراً  يا رفاق في قوى اليسار صحيح ان قوى اليسار ضعيفة واحجامها قليلة في المجتمع لو استثنينا الحزب الشيوعي الذي لديه سياج جماهيري واسع ومتباين من منطقة الى اخرى, لكن الاحجام تتغير وتتوسع بالنضال الجماهيري, من هذا الظرف وحاجات الشعب تطالب قوى اليسار بالمزيد من التواضع والمزيد من المرونة والابتعاد عن المزايدات ان مهام قوى اليسار والديمقراطية والمخاطر المحدقة بالوطن  تتطلب مزيداً من الحوار وتنشيطة وتجاوز الصعوبات والمعوقيات والمشاكل الذاتية , والتخلي عن التشكيك والاتهام لقطب اليسار الحزب الشيوعي , وتجاوز حالات الاحباط واليأس والتحلي بالنفس الطويل في الحوار والتمسك بأولويات النضال , وهنا تكمن اهمية تفعيل لجنة المتابعة التي تشكلت بعد اللقاء الاول لقوى اليسار وارى ضرورة تعزيز هذه اللجنة نظراً لوجود جمهرة واسعة من اليسار في الداخل و الخارج وارى ان تعزز ايضاً بأحد رفاق الخارج واقترح ان ينضم اليها الرفيق رزكًار عقراوي ويحضر اجتماعاتها من خلال السكايب , حيث ان الرفيق رزكًار يقف على مسافة واحدة من الجميع ويدير اهم مؤسسة اعلامية وهي الحوار المتمدن اضافة لأعتبارات اخرى متوفرة لدى الرفيق رزكًار . اني ارى ان لقوى اليسار والديمقراطية امكانيات كبيرة لكنها غير موظفة ,  لا سيما وان جماهير الشعب لديها موقف ايجابي من برنامج الحد الادنى ومن فكر اليسار , فجماهير الشعب في المدن والارياف بحاجة الى اليسار والى نشطاء اليسار . وارى على اليسار ان يمتلك القدرة في تشخيص اخطائه التاكتيكية والفكرية ومواقفه السياسية وتدقيقها وتصحيحها واطلاق المبادرات الميدانية وصولاً للتنسيق وتفعيل النضالات الجماهيرية والاعلامية.
17-6-2017



9

اليسار بدأ خطوتة الصحيحة بالحوار نحو تحقيق هدف التنسيق
فلاح علي
طرحت في الفترة الاخيرة مبادرات ودعوات جادة وصادقة من نشطاء يساريين واحزاب وكتاب دعت و تدعوا الى العمل المشترك ولايجاد شكل من اشكال التعاون والتنسيق بين قوى اليسار العراقي, ان كل الدعوات والمبادرات والكتابات الداعية لوحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار هي بحق تعبر عن نضج فكري لأصحابها , وعن شعور عالي بالمسؤولية ازاء مصالح الشعب والوطن وما يتعرضى اليه من مخاطر . لا سيما ان اليسارالعراقي مر بأزمة سياسية وفكرية وتنظيمية وعزلة جماهيرية منذ هجمات الدكتاتورية المقبورة مروراً بأنهيار الاتحاد السوفياتي انتهائاً بنظام المحاصصة الطائفية والاثنية والتطرف لدى بعض مجاميع الاسلام السياسي , هذه الحقبة التأريخية الطويلة مع وجود حصار اعلامي وقلة امكانيات اليسار , كان لها دور سلبي كبير في عزلته وتهميشة واضعاف دوره وتأثيره وفعله في الشارع العراقي .ورغم ذلك نجد ان تجربة الحزب الشيوعي العراقي  قد مكنته من فك هذا الحصار لحد ما واختراق كل الحواجز الذي فرضت عليه . الحزب الشيوعي وظف امكانياتة الذاتية وانطلق بها نحو جماهير الشعب ليعيش مع واقعها, وتميزفي قرائته الدقيقة للواقع العراقي , كما ان تجربتة التاريخية وقدرتة للنضال في كل الظروف والخبر النضالية المتراكمة هذه وغيرها من العوامل الفكرية والسياسية والتنظيمية والعملية مكنتة من رسم سياسة صائبة في النضال الوطني والديمقراطي على ضوء برنامج الحد الادنى , ارتكزت هذه السياسة على استراتيجية النضال الجماهيري السلمي . وهذا ما تؤكده تجارب حركات اليسار في العالم ان النضال الجماهيري السلمي يمثل البيئة النضالية الثورية لقوى اليسار والديمقراطية والتي لا بديل عنها .
تجارب اليسار العالمي اكدت على بعض المرتكزات لأقامة إئتلاف لليسار :
لا يحصل التنسيق والعمل المشترك بين قوى اليسار في هذا البلد ام ذاك من فراغ وانما وفق ظروف ومستلزمات ومرتكزات من اهم هذه المرتكزات :
اولاً الحوار : الحوار ومزيداً من الحوار سواء كان الحوار بين اطراف قوى اليسارالتي تلتقي حول طاولة الحوار او من خلال الكتابات والتعبير عن وجهات النظر . (وما هو مفرح حقاً ان اللقاء التشاوري الاول المنعقد في بغداد اختار لجنة للمتابعة وهذا يعني استمرار للحوار من اجل التقارب في الرؤى والوصول الى شكل من اشكال التعاون والتنسيق والعمل المشترك ). رغم صعوبة المهمة وما يواجهها من عراقيل فكرية وسياسية وتراكمات وتفاوت الامكانيات والقدرات والاحجام ومع ذلك ان الحوار يمثل ضرورة نحو تحقيق هدف التنسيق انطلاقاً من الرؤية التالية : لقاء وحوار يخلق ثقة وتقارب وينهي حالة الافتراق والتشكيك ويحمل الامل والتفاؤل والتواصل ويساعد على وضع الرؤى السليمة نحو وحدة التنسيق والعمل المشترك وهذا يعبر عن نضج فكري , افضل من الافتراق والتشكيك والعزلة .
ثانياً : برنامج الحد الادنى : انه يمثل القاسم المشترك في المجال الفكري والسياسي والجماهيري والاعلامي على صعيد مهام اليسار , ويجسد حاجات الشعب والوطن على الجبهتين الاجتماعية والاقتصادية وعلى الجبهة السياسية يمثل المهام الوطنية والديمقراطية وفي مقدمتها انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية وتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي برنامج الحد الادنى تكمن مهام قوى اليسار والديمقراطية .بلا شك لقوى اليسار مهام استراتيجية وهي بناء الاشتراكية وشكل بنائها وطبيعة سلطتها , ما تؤكده تجارب اليسار العالمي والحركة الشيوعية منذ كومونة باريس الى ثورة اكتوبر والى تجربة الاتحاد السوفياتي وتفككة وفشل تجارب بلدان اوربا الشرقية , ان هنالك جملة من العوامل تقف ورائها , اشير هنا الى عامل واحد اساسي هو ( الديمقراطية ) لا يمكن نجاح اي تجربة او مشروع او اقامة واستمرار اي بناء سياسي بدون تعزيز الديمقراطية .
ملاحظة : اشرت هنا لهذين المرتكزيين (الحواروبرنامج الحد الادنى ) صحيح ان الحوار يأخذ ابعاد فكرية وسياسية لكنه ينطلق من الواقع وظروف البلد وازماته والمخاطر المحدقة بالشعب والوطن , وتوجد علاقة ديالكتيكية للحوار حول التنسيق مع مهام برنامج الحد الادنى . بعيدأ عن التمسك بالنظري الآيدلوجي ومحاولة تطبيقة على الواقع واستنساخ تجارب . التمسك بهذه الرؤية يمثل قراءة خاطئة  . كما تؤكد تجارب اليسار العالمي الناجحة  ان النضال الثوري ينطلق من الانتقال من برنامج الحد الادنى الى برنامج الحد الاعلى وليس العكس التشبث بالاستراتيجيات النظرية ومحاولة تطبيقها على الواقع هذا  يمثل الجمود الفكري وابتعاد عن الفكر الماركسي . الاستراتيجيات تبقى قائمة وهدف بعيد والاتفاق والتنسيق والتعاون يبدأ من المهام الوطنية الديمقراطية اي من برنامج الحد الادنى .
بلا شك هنالك مرتكزات اخرى لأنجاح الحوار واقامة شكل من اشكال التنسيق والعمل المشترك بين قوى اليسار كحرية الرأي والديمقراطية والاستقلالية السياسية والفكرية والتنظيمية ..... الخ الا اني اشرت لأهم مرتكزين وهما الحوار وبرنامج الحد الادنى . ( وهذين المرتكزيين اشار اليهما الرفيق رزكًار عقراوي في مبادرتة الناضجة والمنشورة في الحوار المتمدن ) .
هنا يطرح سؤال ماهي أهمية الحوار ؟
1- تكمن اهمية الحوار والنقاش في انه يحفز لظهور تقاربات فكرية وسياسية ويخلق مشتركات مع انسجام وتنسيق وتعاون في الممارسة وهذا يمثل نقلة نوعية في العلاقة . ويحفز لأطلاق مبادرات عملية ميدانية ذات فعل مع امكانيات تطويرها . 
2- مهام قوى اليسار الوطنية والديمقراطية بحاجة الى حوارونقاش قائم على الثقة بعيداً عن التشكيك ومبني على النقد الايجابي البناء بين من يساهم في النقاش او الحوار .
3- ان الحوار الفكري بين قوى اليسار وطرح وجهات النظر في وسائل الاعلام لا سيما اذا كان هنالك فعل ميداني تنسيقي وما ينشره الكتاب والنشطاء من نتاجات فكرية  بهذا الاتجاه , هذا يساعد على التأثير الايجابي بشكل غير مباشر بأتجاهيين الاتجاه الاول : هو لمخاطبة المثقفين والشيوعيين واليساريين الذين يقفون خارج التنظيم لا سيما ان بعضهم ينتظر التغيير في المواقف وفي مستوى الفعل فالحوار يمثل استجابة لما يفكرون فيه ويدفعهم بالتقرب والالتحام والعودة الى تنظيمات اليسار . والاتجاة الثاني : هو ان هنالك قطاعات جماهيرية شعبية واسعة من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية والكادحة تمثل حاضنة لليساروالحوار ما بين قوى اليسار يهمها وتهتم بمتابعتة لأنها تدرك تماماً ان وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية على الصعيد الوطني العراقي تمثل القاطرة الدافعة للنضال السياسي الجماهيري نحو تحقيق مطاليبها وضمان حقوقها وحرياتها .
4- من خلال الحوار تظهر المواقف و الطروحات الفكرية والسياسية الصائبة والمرنة والناضجة , بلا شك ان الحوار البناء الايجابي لا بد من ان يتبنى الموقف النقدي ولكن ان لا يكون هدفه النقد فقط  لا بد ان يكون النقد حاضراً ولكن من وجهة نظري وفق المعادلة الايجابية التالية ( تنسيق - نقد - تنسيق ) . تنسيق وتعاون وحضور وتأثير وفعل جماهيري افضل من الافتراق والتشكيك ورمي الاتهامات , ان استمرار حالة التباعد والتشكيك والعزلة هذا يمثل انعكاس لواقع غير سليم كما  يعبر عن بؤس وعقم  فكري.
5- ان شكل التنسيق والتعاون والعمل المشترك الذي سيتمخض عن جولات الحوارات والنقاشات , لا يعني وحدة فكرية وسياسية وتنظيمية ويبقى الصراع الفكري والسياسي قائم والصراع هنا يكون دوره من اجل تطوير التعاون والتنسيق والارتقاء بمستوى تحقيق المهام التي تجسد مصالح الشعب والوطن ولنسمي مشروع التعاون والتنسيق بين قوى اليسار بالأتلاف ( اي إئتلاف قوى اليسار ) على سبيل المثال .
25-5-2017



10
لماذ تم استهداف شبيبة الحراك الجماهيري
فلاح علي
ان القوى الطائفية المتطرفة المعادية للأصلاح والتغيير التي تمترست نحو هدف تطويق ومحاصرة الحراك الجماهيري لغرض اضعافه وانهائه تدرك تماماً ان الحركات الشبابية لعبت وتلعب  دوراً بارزاً  في اطلاق شرارة الاحتجاجات واستمرارها في عدد من البلدان , ومنها تونس ومصر الى ان حققت هذه الاحتجاجات هدفها في احداث التغيير في الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية . والتي مثل فيها الشباب الداينمو المحرك لها . اذن الاصلاح والتغيير يمثل هدف الحركات الاحتجاجية وهذا ما تؤكده تجارب شعوب عديدة من بلدان العالم لا سيما ان الفكر الماركسي ينظر الى الحركات الاحتجاجية بأنها فعل ونشاط وتحرك جماهيري , ومن اسباب هذا الحراك هو صراع بين جماهير الشعب وكادحية وبين القوى الطائفية المتطرفة المهيمنة على صنع القرار التي تسعى الى مصادرة  حقوق وحريات المواطنة مع غياب الخدمات والبطالة وتنامي الفساد, والآثار السلبية والمخاطر الناجمة من أزمات البلد السياسية والأقتصادية والأجتماعية والقانونية , هذه المخاطر يدفع ثمنها المواطن والوطن . وما تؤكده الماركسية ان محتوى اي صراع جماهيري هو صراع طبقي ويكون هدفه هو التغيير وهذا هو فعل ثوري بحق ان تواصل واتسع الحراك وتمكن من تحقيق هدفة التغيير . وهنا يكمن الفرق بين الحركات الاحتجاجية الداعية للتغيير والحركات الداعية للاصلاح التي تنطلق من فكر ليبرالي او رؤية محددة تركز على هدف محدد بعيد عن التغيير . 
من هنا يكمن الخوف من مشاركة الشبيبة في الحراك ؟  ما هي مميزات الشبيبة  :
1- الشبيبة في طبيعتها السيكولوجية منفتحة في علاقاتها وهذه الميزة تعطيها مقدرة كبيرة في العلاقات الاجتماعية والقدرة في التأثير والتعبئة الجماهيرية وتلعب هذا الدورالشبيبة المثقفة والمتعلمة نظراً لما تمتلكة من قدرة في مخاطبة الجماهير من مختلف الاعمار.
2- للشبيبة طموح  وتتقبل الجديد وتسعى الية .
3- تتسم الشبيبة بممارسة النقد والجرأة والشجاعة في التعبير عن الراي ولديها مقدرة في الاستجابة للمتغيرات .
4-تتميزالشبيبة بالحماس والاندفاع والوعي وهنا يكمن دورها كداينمو للسير في طريق النضال الجماهيري نحو التغيير ,هذه الطاقة التي تمتلكها الشبيبة هي احد عناصر القوة للحراك الجماهيري .
5-يتسم الشباب بالقدرة على التنظيم وبهذا تمتلك الشبيبة المنظمة امكانية للتحول الى رقم في المعادلة السياسية و قوة يصعب تجاوزها من اجل التغيير وبناء دولة المواطنة والمحافظة عليها .
من هنا نصل الى اسباب استهداف شبيبة الحراك الجماهيري :
1- بهذه السمات التي تتمتع بها الشبيبة التي تؤهلهم ليصبحوا قوة مؤثرة ضاغطة دافعة بالحراك الجماهيري نحو تحقيق هدفة , وما يؤكد صحة ذلك ان الشبيبة تتبنى رؤى استراتيجية لنشاطها لهذا ما تؤكدة تجارب الشعوب والواقع الحالي في العراق ان الشبيبة في نضالها في الحراك الجماهيري لاتكتفي برفع مطاليب اجتماعية واقتصادية وانما تربطها بمطاليب حقوقية وسياسية مثلاً ضمان حقوق الانسان وضمان الحقوق والحريات واصلاح القضاء وتعديل الدستور بأتجاه ديمقراطي ....... الخ . وهذه احد مكامن الخوف من الشبيبة عند مشاركتها في اي فعل جماهيري .
2- في الممارسة العملية للشبيبة تبرز لديها القدرات الكبيرة على التعبئة الجماهيرية في الشارع وحشد جماهير من مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية حول مطاليب وشعارات , كما ان مرونة وابداع الشبيبة تؤهلها الى ابتكار وسائل عدة لحشد الناس ومنها استخدام التكنولوجيا كوسيلة للتواصل الاجتماعي في المدن لأيصال رؤيتها للجماهير .
3- تدرك القوى الطائفية المتطرفة المعادية للاصلاح والتغيير ان مشاركة الشبيبة من طلبة الجامعات والمعاهد والاعداديات من كلا الجنسيين , ومنهم العاملون في القطاعات الاقتصادية وما تلعبة في هذا المجال الحيوي الشبيبة العمالية اضافة الى الشبيبة العاطلة عن العمل والكادحة وشبيبة الارياف في الحراك الجماهيري تعطي للحراك سمة الاستمرارية والامتداد والاتساع وزيادة فاعليته وضغطة الجماهيري, من هذا ان الطائفيون المتطرفون اعداء التغيير يدركون ان بمشاركة الشبيبة الواسعة في الحراك الجماهيري , فأن عملية التغيير ستكون هدف اساسي للحراك الجماهيري وهذا هو خط احمر لقوى المحاصصة الطائفية لأنه ينهي نظام المحاصصة وينسف مصالحهم الذاتية .
4- لهذا تعتقد القوى الطائفية المتطرفة المعادية للاصلاح والتغيير ان الايعاز الى ميليشياتها لتنفيذ عملية خطف الطلبة وتعذيبهم وتهديدهم واضعاف معنوياتهم  سيتمكنون من الحد من المشاركة الواسعة للشبيبة في الحراك الجماهيري ليس في بغداد فقط وانما في المحافظات التي فيها حراك جماهيري , وهذا شكل من اشكال الضغط لمحاصرة الحراك الجماهيري واضعافة وانهائه , لكن عملها المشين هذا انعكس ايجاباً للحراك الجماهيري وسيرتد سلباً عليها اعلامياً وجماهيرياً وسياسياً , حيث فشلت محاولتها البائسة وارتفعت روح التحدي لدى شبيبة الحراك الجماهيري من كلا الجنسيين .
5- هنالك من وجهة نظري سبب او هدف آخر من اختطاف الشبيبة يكمن في ان الحراك الجماهيري تشارك فيه قوى سياسية ويسارية كالحزب الشيوعي العراقي وقوى التيار الديمقراطي والقوى الناشطة في الحراك المدني وقوى اسلامية معتدلة , وان هذه القوى تتميزبالمقدرة في التعامل والتعاطي والعمل مع الشبيبة وتضم في صفوفها قطاعات واسعة من الشبيبة , لا سيما ان الحزب الشيوعي يدرك قبل غيرة قدرات الشباب وحيويتهم وفاعليتهم ودورهم وتأثيرهم في النضال الجماهيري و في الابداع والعطاء وفي عمليات بناء دولة المواطنة وفي رسم ملامح المستقبل المشرق للشعب والوطن فوضع استراتيجية في مؤتمرية التاسع والعاشر بتجديد عضوية الحزب بعناصر شابة في كل هيائته القيادية من اللجنة المركزية الى الخلية الحزبية , وهنا تكمن حيوية وفاعلية الحزب ليس  في الحراك الجماهيري فقط وانما في الحياة السياسية في البلد وفي وضع سياسة صائبة , وهذا ما يؤكد حقيقة ان اي حزب لا يضم في صفوفه شبيبة فانه يكون بلا تأثير وبلا مستقبل ويبتعد عن تحقيق اهدافة ,  لهذا وضع المؤتمرالعاشر للحزب (شعار التغيير.... دولة مدنية ديمقراطية اتحادية وعدالة اجتماعية) هذا الشعار لم يأتي من فراغ وانما تدعمه معطيات . وهذا هو مكمن الخوف من الشبيبة الواعية لأنها ستعطي حضوراً جماهيرياً فاعلاً للحزب ولقوى اليسار والتيار المدني الديمقراطي , وهذا ينعكس ايجاباً على فاعلية الحراك الجماهيري وزيادة ضغطة وتأثيرة . لهذا من وجهة نظري كان هذا احد الاسباب الغير مباشرة التي لجأ اليها الطائفيون المتطرفون من استهداف شبيبة الحراك الجماهيري , وبهذا فأن استهدافهم للشبيبة هواستهداف لكل القوى المدنية واليسارية والديمقراطية والاسلامية المعتدلة المشاركة في الحراك الجماهيري , لأنها تخشى وتتخوف من تغيير موازيين القوى في المجتمع .
معطيات واستنتاجات أفرزتها عملية اختطاف شبيبة الحراك الجماهيري :
1- ان سيناريوا الاختطاف واطلاق سراح الشبيبة المختطفة تحت ضغط جماهيري وتضامني يؤكد بما لا يقبل الشك ان الحكومة العراقية تعرف جيداً من هي الجهة المتورطة في عملية الخطف , وما يؤكد صحة ذلك ان عملية الاختطاف تمت في مركز العاصمة الذي يقع تحت حماية قوات امن بغداد , وان الخاطفين ليسو عصابات او مجاميع مافيا يستهدفون من عملية الخطف الاموال . وانما هم ميليشيات مسلحة نفذوا عملية الخطف في ظل تواجد الاجهزة الامنية والتي تعرفهم بشكل جيد لكنها لم تحرك ساكن .
2- وهذا ما يؤكد ان الحكومة لم تكن شريكة في عملية الخطف وانما متورطة غير قادرة على تنفيذ القانون وحفظ الامن . وارى ان عملية اطلاق سراح المخطوفين تمت بأتفاق سري غير مباشر بين الخاطفين والاجهزة الامنية . وهنا تثار تساؤلات منها هل الحكومة قادرة على حفظ الامن والامان ما بعد داعش ؟ هل تستطيع الحكومة حصر السلاح بيد الدولة وانهاء الميليشيات ؟ هل ستكون الحكومة قادرة على ضمان الحقوق والحريات الديمقراطية ؟ هل الحكومة قادرة على محاربة الفساد وتحقيق الاصلاح والتغيير ؟
3- بعد تحقيق الانتصارات على داعش ظهرت ملامج تمترس القوى الطائفية المتطرفة بشكل اكثر وضوح , وبدأت بتصعيد الصراع على الصعيد الاعلامي والجماهيري والسياسي وحتى في مجال التشريعات القانونية مثال المقاومة الجماهيرية الواسعة الرافضة لتشريع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي , وهذا سيضع حكومة المحاصصة الضعيفة أصلاً امام اختبار جديد , صحيح ان الحكومة تساير القوى المتطرفة من نظام المحاصصة, لكن ارادة الجماهير ستكون اقوى بالوعي وبالتنظيم وتجميع القوى وبتعاون وتنسيق ميداني بين القوى اليسارية والديمقراطية والقوى المدنية و الاسلامية المعتدلة في الحراك الجماهيري ستكون الغلبة فيها لأرادة الجماهير .
4- قوى المحاصصة الطائفية المتطرفة لا تستطيع مواجهة الحراك الجماهيري وشبيبته بشكل مباشر لأن موازين القوى تسير ليس في صالحها , وما تخشاه القوى المتطرفة هو ان قواعد من قوى المحاصصة الطائفية بدأت تتعاطف وتؤيد وجهة الحراك اضافة الى قوى معتدلة عديدة تدعم وجهة الحراك كما ان هنالك تيار اسلامي معتدل يشارك في الحراك الجماهيري , وبدأ يظهر التنسيق والتعاون على صعيد القواعد الجماهيرية المشاركة في الحراك الجماهيري , هذا يساعد على استقطاب قطاعات اوسع من طبقات وفئات المجتمع وقوى سياسية للمشاركة في الحراك الجماهيري و ديمومتة وزيادة ضغطة وتأثيرة ومقاومة توجهات القوى الطائفية المتطرفة لتطويق الحراك الجماهيري واضعافة وانهائه , انها تخشى من تغيير موازين القوى في المجتمع لصالح الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية , لا سيما ان الحراك الجماهيري حراك شعبي متنوع ويستقطب بشكل متواصل شبيبة وجماهير من كل  طبقات وفئات المجتمع العراقي  وقواه السياسية , كما ان الحراك الجماهيري كسر حاجز الخوف في المجتمع وحقق نجاحات على الصعيد الاعلامي والجماهيري والسياسي.
18-5-2017



11
مرتكزات ومصادر الارهاب في العراق وكيفية مواجهته
فلاح علي
ان المتابع لمجريات تطور الاحداث في العراق في السنوات الاخيرة يلاحظ  بروز عدد من الظواهر من ابرزها اولاً : ظاهرة الطائفية السياسية وهيمنة الفكر الطائفي المتطرف في الدولة والمجتمع وما نتج عن ذلك من سيادة سياسة الهيمنة والاستبداد والتهميش والالغاء ومصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية وغياب مبدأ المواطنة . ثانياً : ظاهرة تعقد الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والاضرار الناتجة عنها. وثالثاً : بروز ظاهرة الزعامات من هذه الطوائف والاثنيات واصبحوا الاكثر نفوذاً في الدولة والمجتمع وهالة الغطرسة تحيط بهم ويحتكرون صنع القرار ويدعون انهم يمتلكون الحقيقة هم بعينهم ويعبرون عنها ولا يعرف الشعب من خول هؤلاء دون غيرهم بامتلاك الحقيقة . بلا شك هنالك ظواهر عديدة في المشهد السياسي لكن بمجموعها اسهمت في تهيئة بيئة ملائمة لأنتشار الفساد واحتكار السلطة وما نتج ذلك من ممارسات ضارة ساعدت على تهيئة حاضنة اجتماعية للتطرف والارهاب  بكل انواعه وبالذات ارهاب داعش واخواتها مما ادى الى احتلال مدن وممارسة اعمال  ابادة وقتل واشاعة الرعب والخوف , ورغم انها على طريق الانهزام والاندحار التام لكن الارهاب في العراق اصبح بنية تكونت له بيئه ملائمة وحاضنة اجتماعية اوجدتها وغذتها مجموعة من المرتكزات وهذا حصل ويحصل في ظل غياب المجتمع المدني والقوانين الديمقراطية . 
اذن ما هي مرتكزات او عوامل نمو الارهاب بكل انواعه :
1- تنامي الفكر الطائفي المتطرف الذي يعرف على ارض الواقع بانه يشيع الكراهية والحقد والانتقام والتهميش والغاء الآخر داخل المجتمع ,بدل من التسامح والاعتدال والاعتراف بحقوق الآخرين واللجوء الى التعايش ويتسم هذا الفكربعدم فهم الواقع وعادتاً يلجئ الى القراءة المتطرفة ذات الاجندات المعادية لحقوق الانسان وحرياته . الفكر المتطرف يعتبر من اهم مرتكزات ومصادر نمو الارهاب لا سيما في ظروف غياب المؤسسات الديمقراطية .وعند افساح المجال له في امتلاك وسائل اعلام خاصة مع غياب رقابة الدولة لنشر فكره بوسائل اعلام جماهيرية وسيطرته على الخطب في الجوامع حيث انها منابر تساعد الفكر الاسلامي المتطرف في الانتشار في المجتمع . في حين نجد ان الاديان وتجارب الشعوب تؤكد على  ان المؤمن الحقيقي هو من يعمل على تخليص الناس من التطرف والارهاب والخوف ويعمل على اشاعة روح التسامح , هذا السلوك هو الذي يخلصنا من التطرف و الارهاب , ولا بد من انهاء مفاهيم التكفير وامثالها ان من يحاسب الناس هو خالقهم ولا وصاية لأحد على احد . ان نشر الثقافة الديمقراطية التي تشيع الثقة والطمأنينة والتسامح وتعزز السلم الاهلي في المجتمع وانهاء الهيمنة والتهميش والالغاء هو الرد الحقيقي لمواجهة الثقافة المتطرفة التي تنتج الارهاب.
2- غياب الدولة المدنية الديمقراطية : توصلت شعوب العالم الثالث ومنها شعبنا العراقي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى ضرورة اقامة مجتمع مدني ودولة وطنية ديمقراطية ونهضت حركات التحرر الوطني بهذه المهمة وظهر تضامن عالمي واسع مع حركات التحرر الوطني .فعلى صعيد العراق خاض الشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية والليبرالية نضال جماهيري سلمي واسع وقدم تضحيات جسام على طريق الخلاص من السيطرة الاستعمارية وبناء الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية , لكن انقلاب عام 1963 الفاشي المدعوم امريكياً أعاق بناء هذه الدولة المنشودة واشاع الانقلابيون الفاشيون العنف والارهاب والقتل في المجتمع ومصادرة الحقوق والحريات واغاء الآخر . وفتحوا ابواب العراق نحو افكار التطرف المعادية للديمقراطية ولرعاتهم من الدول الاستعمارية وانهى الانقلابيون التراكمات النضالية الجماهيرية لشعبنا العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية واليسارية من الوصول الى اهدافها في تحقيق المشروع الوطني الديمقراطي وضمن الانقلاب مصالح اعداء الوطن والقوى الامبريالية . ثم عاود الدكتاتور المقبور نهجه في نشر الفكر المتطرف السلفي الارهابي في اوائل تسعينات القرن الماضي حيث دعا لحملة ايمانية زائفة فتح من خلالها ابواب البلد على الفكر الوهابي المتطرف واوجد له مرتكزات في المجتمع , وكانت هذه نقطة الارتكاز الاساسية لفشل بناء مجتمع مدني و دولة وطنية ديمقراطية حديثة. واشيع الفساد وغابت التنمية وهيمن الاستبداد في الدولة والمجتمع وتم مصادرة الحقوق والحريات. هذه الاساليب مارسها الحكام منذ ذلك التاريخ والضحية دائماً الوطن وجماهير الشعب والفئات الفقيرة في المجتمع ,لا سيما في ظل الظروف التي تتفاقم فيها الازمات وانسداد افق التغيير تصبح هذه الامور عوامل مساعدة لنمو الافكار المتطرفة  وتصبح هذه الفئات الفقيرة والبلد فريسة لهذه الافكار المتطرفة بدلاً من ان يكون مكانها الطبيعي هو في التغيير .ان بناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية , تعتبر الاهم في انهاء التطرف والارهاب وانهاء كل مرتكزاته الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية التي ينمو فيها .
3- الغزو والاحتلال : سقط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب والتدخل الخارجي وهذا الخيارشكل عامل مساعد لنمو الارهاب والتطرف في العراق , الاحتلال اسس لبنية التبعية له ولسياساته كما اسس لبنية التدخلات والتبعية لدول اقليمية وفتحت ابواب العراق امام التدخلات الدولية والاجندات الاقليمية , وما رافق ذلك من غياب عمليات التنمية ونهب ثروات البلد واشاعة الفساد وغياب القوانين الديمقراطية التي تضمن الحقوق والحريات .الاحتلال فرض نوع من الحماية المفتعلة , لكن تم اثارة الصراعات الداخلية والحرب الاهلية وتمزيق النسيج الاجتماعي وغياب السلم الاجتماعي واشيع الانتقام والعنف والاستئثار والهيمنة والاستبداد والتهميش والغاء الآخروسيادة الخطاب السياسي الطائفي, ومع تنامي هذه الظواهر المدمرة في المشهد السياسي , نجد ان مصالح قوى الاحتلال والقوى الاقليمية التقت بنقطة واحدة وهي المحافظة على نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذي تم انتاجه من قبلهم . وعدم تغييره ولا بد من الاشارة هنا الى ان الهيمنة الامبريالية التي جاءت من خلال الحرب والغزو هي في ظل العولمة الراسمالية المتوحشة وما تحمله من فوضى خلاقة حيث الشعب والوطن دفعا ثمن هذه الفوضى واصبحا وقود لها .هذا العامل هيئ بيئة ملائمة وحاضنة اجتماعية لللأحساس بالمظلومية ولنمو التطرف الذى غذا الارهاب كما سمح هذا الوضع الى ربط الاقتصاد بالتبعية لاقتصاد العولمة وشركاتها الاحتكارية ولصندوق النقد الدولي , وهذا هو مايسمح للغرب وشركاته الاحتكارية والدول الاقليمية بالتدخل الدائم في شؤون البلد الداخلية.
4-المحاصصة الطائفية والاثنية :المحاصصة اوجدت سلطة طائفية مهيمنه استئثارية لا ديمقراطية انتجت ازمات معقدة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية وغابت التنمية وبقت الارياف متخلفة ان القوى التي سيطرت على السلطة ليس لديها مشروع ديمقراطي فوجد فراغ بينها وبين الجماهير الشعبية ولغياب مبدأ المواطنة والقوانين الديمقراطية ومحاربة الفكر الديمقراطي فقد ملئ الفراغ الفكر المتطرف والجماعات المتطرفة الارهابية . بل دفع هذا الوضع الناجم عن الاستئثار الطائفي الى توظيفة من قبل الاصوليين الاسلاميين والسلفيون والوهابيون وكل المتطرفون مستغلين بذلك في حملتهم الاعلامية من مفهوم ما يسموه بالمظلومية التي تتعرض لها الطوائف الاخرى مع فتح ابواب الدعم الاقليمي الخارجي  حيث وضعت اموال النفط السعودية والقطرية تحت تصرفهم فتم انتاج داعش واخواتها , واطلقوا مقولتهم في العراق وسورية من لم يعمل على رد الظلم فهو ظالم وخارج عن الدين الصحيح . بلا شك الحركات الاسلامية المتطرفة نمت وانتشرت تحت رعاية امريكية منذ تجربة افغانستان وظهور القاعدة الى داعش وجبهة النصره واخواتهما مع تقديم دعم لوجستي تركي واسرائيلي لهذه الحركات المتطرفة , وتبع هذه الخطوة حسب ما سمته الحركات المتطرفة برد الظلم واعلان الجهاد ومارسوا فيه القتل واراقة الدماء من خلال الذبح واحتلال مدن ويبقى مثل هؤلاء شواذ وارهابيون , لكن المطلوب من الطائفة التي تمثل الاكثرية ان تعمل على انهاء تحالفها الطائفي  وتفكيكة واقامة تحالفات وطنية وان تقف موقف المتسامح وتتبنا مبدأ المواطنة وضمان الحقوق والحريات الديمقراطية ورفض العنف والتهميش والالغاء والابتعاد عن الخطاب السياسي الطائفي  . ان قيادات او زعامات نظام المحاصصة اساءت الى الشعب والوطن ووضعتهما تحت وصاية التدخلات الدولية والاقليمية, ووقفت بالضد من بناء الدولة المدنية الديمقراطية , ووضعت مصالحها فوق مصالح الشعب والوطن .
الاستنتاجات :
1- لاجل مواجهة الارهاب وانهائه في المجتمع يشترط قراءة الواقع ومعرفة المرتكزات والعوامل التي استند ولا يزال يستند عليها الارهاب في تصاعده في المجتمع . وتفكيك هذه المرتكزات وتجفيف منابع او مصادر الارهاب على كافة الصعد و القضاء عليها , من خلال التشريعات القانونية الديمقراطية. واحداث التغيير بحزمة اجراءات سياسية واقتصادية واجتماعية ذات محتوى ديمقراطي .
2- ان كل من يعتقد ان نظام المحاصصة الطائفية والاثنية قادر على حل ازمات البلد فهو واهم . الواقع يؤكد انه لا مصلحة للجماهير الشعبية بنظام المحاصصة الطائفية الذي سبب هذه الازمات وهذه الانقسامات وعرض البلد والشعب لمخاطر . وان هذا النظام أدى الى زعزعة الاستقرار في البلد والمنطقة وشكل خطر على السلم الاجتماعي .وهيئ ارضية لنمو الفساد والارهاب .
3- المواجهة الجماهيرية السلمية لأنتزاع الحقوق والحريات من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية هي القوة الجماهيرية المعول عليها , اليوم العراق يشهد تنامي هذه القوة الجماهيرية المتمثلة بالحراك الجماهيري , اتساعه وزيادة فاعليته وضغطة واقامة تحالفات شعبية واسعة على صعيد القاعدة الجماهيرية وتحالف مدني ديمقراطي يساري هو القادر على احداث التغيير. لهذا نجد ان قوى المحاصصة الطائفية والاثنية تخشى من تواصل واتساع الحراك الجماهيري لأنه يشكل خطر على مصالحها .
4- في العراق توجد سلطة المحاصصة الطائفية والاثنية ولكن لا توجد دولة مستكملة مقوماتها او شروطها , صحيح توجد سلطات ثلاث ويمتلكون الصلاحيات والقوة , الا ان هذه القوة تقمع الافكار النيره والديمقراطية واليسارية وتنتهك الحقوق والحريات وتشجع على الولاءات و نمو الانتهازية في وسط المجتمع وذلك لغياب القوانين الديمقراطية والعدالة والمساواة, ان المهمة الاساسية هو في استكمال مهام بناء الدولة لأن الطريق نحو المجتمع المدني يمر عبربناء دولة مدنية ديمقراطية . السلطة تذهب وتتبدل بينما الدولة تبقى في مؤسساتها وادواتها وبقضائها المستقل الدولة المدنية الديمقراطية هي الضامن الوحيد لوجود المجتمع المدني . ولا يمكن الفصل بين هذين الاتجاهيين وهذا ما تؤكده التجربة التاريخية للشعوب ان انتصار المشروع الديمقراطي يتطلب السير باتجاه هذه الوجهة وتحقيق العدالة الاجتماعية .
25-4-2017

12
المخاطر ما بعد تحرير الموصل والدروس المستخلصة
فلاح علي
كل مواطن لدية رؤية بعيدة تنطلق من الحرص على مصالح الوطن ورسم مستقبل افضل للبلد والشعب يستطيع ان يشخص المخاطر والمخاوف من المرحلة القادمة ما بعد تحرير الموصل والمدن الاخرى . كما ان هنالك برامج لأحزاب ديمقراطية ويسارية ومنها الحزب الشيوعي العراقي , قد شخصت هذه المخاطر ووضعت حلول عملية واقعية لها لتجنب الشعب والوطن الازمات والمخاطر المدمرة . لكن قوى الاسلام السياسي ومعها القوى القومية المتحاصصة والمهيمنية على السلطة السياسية نجد ان مواقفها تحذيرية فقط  بمناسبة او دون مناسبة حذروا ويحذرون من مرحلة ما بعد داعش . لكن المواطن لم يعرف ماهو المقصود من هذه التحذيرات , اي لم يجري الافصاح عن هذه المخاوف والمخاطر ولم يوضحوا ما هي الدروس المستخلصة من تجربة حكمهم الذي دام قرابة ال 14 عام ومن حقبة داعش لأحتلالها لعدد من محافظات العراق التي دامت الى اكثر من سنتين , لا سيما ان بعضهم قال ان مرحلة ما بعد هزيمة داعش ستكون اكثر تعقيداً. لا يعرف المواطن هل هذه هي ثرثرة اعلامية تقف ورائها مصالح فئوية ذاتية , ام تسويق انتخابي . الى الآن  لم يقدموا شيئ ما يحملوه في جعبتهم سوى الخوف من القادم . ونحن نشهد اليوم قرب انتهاء مرحلة داعش في العراق حيث الجيش العراقي ومعهم قوات الشرطة الاتحادية وبمساعدة الحشد الشعبي والبيشمركًا اقتربوا من تحقيق التحرير الكامل للموصل  من عصابات داعش . و بعيداً عن التقديرات واعطاء تكهنات لمرحلة ما بعد داعش , الا انه يمكن القول ان المخاطر التي كانت موجودة ما قبل داعش لا تزال قائمة بدون حل ولم يتم الاخذ بدروس هذه التجربة المريرة اضافة الى تأثيرات مرحلة داعش المدمرة .
اذن ما هي  اهم هذه المخاطر والمخاوف :
1- اننا امام دولة لا يطبق فيها دستور وقوانين وضوابط ومعايير ديمقراطية , وتبنى فيها قوانين الهيمنة والاستبداد والتهميش والمحاصصة والغاء الآخر وحماية الفساد والمفسدين وغياب الامن والامان وانتهاك الحقوق والحريات. اليوم في العراق كل مواطن يتسائل هل توجد لدينا ديمقراطية نامية ام مشوهه ام فوضى ؟  ان الدولة الحديثة  لا بد من ان تقام على اساس قوانين وضوابط ديمقراطية وتمهد لقيام دولة المؤسسات الديمقراطية . هذه الدولة لا توجد في العراق رغم مضي  14 عام من حكم نظام المحاصصة الطائفية والاثنية اذن هذه من اهم المخاطر التي تجعل المواطن في خوف دائم هو غياب دولة المؤسسات الديمقراطية.
2- الخطر والخوف الآخر هو في وجود عدة جيوش في العراق اضافة للجيش العراقي وقوات الشرطة  . هنا يطرح سؤال :هل بمقدور حكومة المحاصصة حصر السلاح بيد الدولة فقط وحل التشكيلات العسكرية ( الميليشيات) ؟ الناس تتخوف من هذه الجيوش ما بعد داعش, وما يعزز مخاوف الناس هوان هذه الجيوش تملك الاسلحة الثقيلة ومدعومة من قبل قوى في السلطة وقوى اقليمية .
3- هنالك مخاوف اخرى منها على سبيل المثال : قوى طائفية ماسكة بالسلطة السياسية تجهد نفسها الآن لسن قانون للعشائر وهذا يمثل تراجعاً خطيراً عن بناء دولة المؤسسات الديمقراطية, وما يؤكد على مضي هذه الكتل المتحاصصة على تشريع قانون العشائر , هو اليوم عندما يتوجه اي مواطن للقضاء لحل مشكلة ما يطالبة القضاء بالذهاب بحلها عشائرياً اولاً ثم يبقى الحق العام يدفعه المذنب وكأن القضاء بهذه الممارسة لديه توجيه بالمضي بهذه الوجهه وان لم يشرع القانون بعد ,  وهذا ما يؤشر الى عدم استقلال القضاء و يعزز لدى المواطن القناعة بان حكومة المحاصصةهمها هو الامساك بالسلطة وتحقيق مصالحها الفئوية .
4- هنالك خطر التقسيم للبلد في حالة استمرار الفوضى مع استمرار التدخلات الاقليمية والدولية وعدم احداث تغيرات جوهرية في طبيعة نظام المحاصصة يبقى خطر التقسيم قائم . ان لم تتحقق مصالحة وطنية ومجتمعية حقيقية ويحرم الخطاب الطائفي وتحل المشاكل مع الاقليم وضمان حقوق القوميات والاديان وتعديل الدستور بالاتجاه الديمقراطي  وسن قانون انتخابي ديمقراطي عادل يكون العراق فيه دائرة انتخابية واحدة واعتماد الطريقة النسبية .
5- هنالك مخاوف من ظهور تنظيمات ارهابية اكثر شدة من داعش , اني ارى من وجهة نظري ان هذا احتمال ضعيف لا سيما ان العراق امتلك خبرة أمنية لمحاربة التنظيمات الارهابية مع جهد استخباراتي وقوات عسكرية وشرطة اكدت على قدراتها الكبيرة في دحر داعش . لكني هنا أوأكد ان الخوف هو من استمرار بقاء الحاضنات الاجتماعية للتطرف بدون تغيير مع وجود خلايا نائمة , ان تجفيف منابع الارهاب بأنهاء الحواضن الاجتماعية له وانهاء التهميش والالغاء وتوفير كافة الخدمات وتطوير هذه المناطق اقتصادياً وتحقيق التنمية المستدامة وحل مسألة البطالة بين الشباب واعتماد مبدأ المواطنة وانهاء    الطائفية السياسية وتحقيق الامن والامان, ومنع التدخلات الاقليمية في الشأن الداخلي هو الكفيل بعدم تواجد اي تنظيم ارهابي لاحقاً في العراق .
6- ما أكدتة تجربة اربعة عشر عاماً منذ سقوط النظام الدكتاتوري الى اليوم ان الخطر الاكبر على الوطن والشعب هو نظام المحاصصة الطائفية والاثنية , فأن استمرار نظام المحاصصة هو استمرار لكل الازمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والقانونية والثقافية وهذا يعني استمرار لمخاطر ومخاوف اكثر تعقيداً وخطورة , ما لم يحصل الاصلاح والتغيير الجوهري الحقيقي الذي ينقذ العراق من كل هذه المخاطر , وبناء دولة المؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية .
الاستنتاجات :
1- ان مستقبل العراق سيبقى في خطر ما لم تحصل تغيرات على طريق الاصلاح والتغييرالجوهري , وارتباطاً بالنجاحات الكبيرة التي حققهاالجيش العراقي وقوات الشرطة الاتحادية على طريق تحرير الموصل ومناطق اخرى من داعش ودحرها .ارى ان هذه النجاحات تحفز ذهنيات جميع القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية على رسم مستقبل افضل للعراق , ولكن العائق نحو مستقبل افضل هو نظام المحاصصة الطائفية والاثنية  . السؤال هنا : هل ستؤثر هذه النجاحات على ذهنية رئيس الوزراء كونه القائد العام للقوات المسلحة ولديه بصمة على هذه النجاحات هل سيلجأ رئيس الوزراء الى انهاء التحالفات الطائفية ويبدأها بالتحالف الوطني ارتباطاً بقرب الانتخابات البرلمانية ويفاجئ الجميع بأعلانة الترشيح للانتخابات بقائمة لا طائفية , هذا سيكون صاعقة مدوية في صفوف التحالف الوطني الطائفي بعد ان يطرح برنامجة ويبين اسباب فشلة وعجزة في تحقيق الاصلاح والتغيير رغم دعم الشعب والمرجعية الدينية له .
2- ان كل ازمات البلد هي نتاج حكم احزاب الاسلام السياسي وانها فشلت في بناء دولة المؤسسات الديمقراطية وأن مآسي الشعب ودمار الوطن هو من تنظيمات اسلامية ارهابية داعش واخواتها . اني ارى ان المرحلة القادمة قد بانت ملامحها هو افول نجم احزاب الاسلام السياسي وسنشهد تراجع حضورها ونفوذها وستكون النتيجة فقدانها للسلطة وتراجع الفكر المتطرف التكفيري , لا في العراق فحسب بل ان منطقة الشرق الاوسط ستشهد نهوض للقوى الداعية لأقامة دول مدنية ديمقراطية مقابل تضائل دور وتراجع قوى الاسلام السياسي .
3-  على اثر حسم معركة حلب في سورية بدعم عسكري وسياسي واعلامي روسي وتحريرها من داعش وجبهة النصرة وكل الجماعات المتطرفة , سجل هذا الحدث انتصاراً للجيش السوري  , وتغيراً في موازين القوى الاقلمية والدولية , وبهذا الحدث اسقط خيار الحرب والتدخل الخارجي لأسقاط النظام في سورية , وعزز خيار الحل السلمي للازمة السياسية السورية التي ستكون النتيجة دستور ديمقراطي واقامة نظام مدني ديمقراطي تعددي تداولي . ان هذا التحول القادم في سورية سيكون له تأثير ايجابي على خارطة التغييرات في موازين القوى في المنطقة والعالم والعراق جزء منها , وسينتصر اتجاه الحل السلمي للازمات السياسية على صعيد كل بلد وعلى الصعيد الاقليمي ايضاً واقامة تسويات . وهذا يهيئ ارضية لأقامة انظمة مدنية ديمقراطية فيها , بلا شك بعد دحر داعش وقوى التطرف والارهاب في سورية والعراق .
4- ان ظاهرة داعش تحصل للمرة الاولى في العالم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية  , وتتمثل ظاهرة داعش كونها منظمة ارهابية تمكنت من احتلال مدن في دول واقامة عليها دولة الخلافة الاسلامية وأعدت العدة للتوسع واحتلال اراضي دول اخرى وتطوع فيها ارهابيون من 82 دولة. وهذا يعد انتهاك لسيادة الدول , وهذه ظاهرة جديدة في السياسة والعلاقات الدولية حيث منظمة تهدد استقلال دول وتنتهك سيادتها في حين هنالك دول فاعلة في النظام الدولي وفي مجلس الامن كالولايات المتحدة الامريكية المعنية بمحاربة الارهاب وتحقيق السلم والامن الدوليين تراجعت في البداية عن اداء وظائفها الدولية , ان صعود ظاهرة داعش في العلاقات الدولية كان بسبب السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية وحلفائها . وبعد تغيير موازين القوى بوقوف روسيا والصين مع الحكومة السورية وتحقيق نجاحات كبيرة في تحرير المدن السورية من داعش والقوى المتطرفة , هذه التطورات دفعت الولايات المتحدة الامريكية لتشكيل تحالف لمحاربة داعش , من هنا نرى ان موازين القوى الدولية لها تأثير ايجابي في حل الازمات واحترام استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية والحفاظ على الامن والسلم ومحاربة الارهاب .
4-3-2017



13
البطولة سمة ملازمة للشهيد الشيوعي
فلاح علي
تحل اليوم 14-شباط 2017 الذكرى ال 68 ليوم الشهيد الشيوعي وبهذه المناسبة الخالدة لا بد من استذكار الشهداء الابطال الذين تنحني لهم الهامات احتراماً وتقديراً وفخراً واعتزازاً وتمجيداً . سأشير الى اهم سمة  نضالية وقيمة ثورية اتسم بها الشهيد الشيوعي ألا وهي البطولة . بالعودة الى ذاكرة التاريخ السياسي الحديث ارتباطاً بما شهدة العراق من احداث سياسية منذ ثلاثينات القرن الماضي تؤكد كل الوقائع ان البطولة في المجال السياسي اجترحها شهداء الحزب الشيوعي العراقي واصبحت مفهوماً شعبياً ملازماً لشهداء الحزب شهداء الشعب والوطن . وبغض النظر عن دلالة المفهوهم الا ان المعرفة والحقيقة يؤكدان ان البطولة هي الشجاعة الفائقة التي لا يتصف بها الاالاشداء و شهداء الحزب الشيوعي العراقي هم من هؤلاء الاشداء الذين رسخوا بطولة حقيقية على الواقع وفي كل ساحات النضال وفي كل العهود . ارتباطاً بذلك يمكن طرح سؤال هنا وهو : ما هي عناصر او مستلزمات هذه البطولة التي اتسم بها شهداء الحزب الشيوعي العراقي ؟ والجواب هو من وجهة نظري يكمن في اولاً :  رسوخ القناعات الفكرية ووضوحها بالنسبة للشهيد الشيوعي الذي واجة المواقف الصعبة , وذلك لان القناعات الفكرية شكلت و تشكل مصدر قوة للشيوعي بوصفها السلاح الفعال والتي تستمد قوتها من فكر الحزب , والقناعات الفكرية الراسخة تعزز الثقة العالية بالنفس وبالقدرات الذاتية وتحصن المناضل عند الشدائد والمنعطفات والصعوبات والمعارك, وتمدة بطاقة الصبر وتجعل الشدائد تصغر في عيني الشهيد البطل لأنه تبنى الافكار بقناعة وهذا ما يؤكد على عدالة قضيته . ولولا قناعات الرفاق الفكرية لما تطور الحزب وتواصل في الحيوية والنشاط ومواجهة المنعطفات ومقاومة كل الحملات البوليسية وهجماتها ومواجهة فاشية انقلاب شباط الاسود عام 1963 وهجمتهم الثانية في عام 1978. وبهذه القناعات الفكرية وبالمواقف البطولية لاعضاء وشهداء الحزب , تجذر فكر الحزب في المجتمع العراقي . ويمكن القول ان هذه المواقف البطولية أسهمت بدور كبير في ترسيخ بناء الحزب واتساعة وامتدادة على طول البلاد وعرضها وهي التي دفعت الحزب الى الامام . ثانياً :  الشجاعة يمكن القول انها جوهر ومحتوى البطولة لا توجد بطولة بدون شجاعة والشجاعة تمثل سلاح البطل وخزين حبه لفكرة وحزبة وشعبة ووطنة وهي تمثل مصدر قوة دافعة له في نضالة في مختلف سوح النضال والمواقف , و يمكن التأكيد هنا ولا ابالغ عندما اقول ان البطولة والشجاعة تجسدت بشكل جماعي لدى الانصار الشيوعيين بنات و ابناء حزب فهد وسلام عادل , بعضهم ترك مقاعد الدراسة ومواقع العمل وكل ملذات الحياة في الخارج وتوجهوا الى جبال كوردستان المغطاة في الثلوج في فصل الشتاء وسكنوا في الصقيع والكهوف التي لم تخط عليها قدم , وتحملوا أقصى الظروف وانجزوا  مهام في اوضاع صعبة جداً وبعضهم توجه للداخل ومنهم من استشهد ببطولة في الداخل وقاوموا هجمات وحملات عسكرية كبيرة خطط لها للقضاء على الانصار الا انها فشلت . بهذه المواقف البطولية التي جسدوها الانصار الشيوعيين خلال قرابة عقد من النضال المسلح أضافوا الى حزبهم قوة والى جماهيريتة جماهير جديدة في المناطق التي تواجدوا فيها وواجهوا بسلاحهم وببطولاتهم اعتى دكتاتورية عرفها تأريخ العراق الحديث شباب وشابات مناضلين ومناضلات وفي مختلف الاعمار أجترحوا مآثر من البطولة تعجز اقلام في وصفها واستشهد العديد من هؤلاء الابطال من الجنسيين في معارك شرسة وبصمود نادر دفاعاً عن حزبهم وعن مصالح شعبهم ووطنهم ومن اجل تحقيق اهداف الحزب وفي مقدمتها اسقاط النظام الدكتاتوري واقامة البديل الديمقراطي , والثوري البطل الذي حمل السلاح لم يمارس الاعمال الفردية والانتقام والثأر والاغتيال او التخريب   , انه كبير بعقلة وكبير بكبر المهام السياسية والفكرية والتنظيمية التي يناضل من اجل انجازها , فهو عاش ويعيش مع الجماهير الشعبية ودافع ويدافع عنها وعن مصالحها وحمايتها . العنصر الثالث الذي ترتكز علية البطولة : هي العزيمة والتحدي التي تمثل ارادة عالية وعنصر قوة لدى البطل وتمنحة الاصرار على الصمود ومواجهة التحديات وامتلاك العزة والكرامة ورفض الخنوع والذل. والعنصر الرابع : هي قوة الشخصية والثقة العالية بالنفس بعيداً عن الغرور والكبرياء والتعالي  والادعاء والكذب مع هيبة وحضوروتأثير بين ابناء المجتمع والاتسام بالواقعية والعملية بعيداً عن اوهام الخيال هذا ليس وصف ألجئ اليه وانما حقيقة ان شهداء الحزب اتسموا بذلك ونحن شهود في معرقة سمات العديد من الشهداء الابطال الذين عايشناهم عن قرب . اما العنصر الخامس : هو الشعور الانساني ان الشهيد الشيوعي البطل ليس هو قاسي القلب او عديم المشاعر انه طيب القلب ذو مشاعر انسانية تضامنية , ومن يتصور ان الشهيد الشيوعي البطل خالي من المشاعر الانسانية وانه لا يحب او لايحب الحياة فأنه مغرض ومعادي , ان الشهداء الابطال عرفوا بالوفاء والامانة والنقاء والتواضع والتضامن والحب والعطف ونكران الذات والصمود والتضحية ,ان بطولة الشيوعي هي حقيقية وليست صور خيالية لأنها مرتبطة بقيم فكرية واخلاقية , وترتقي البطولة عند الشيوعي بأرتباطها بالاهداف العظيمة التي يناضل من اجلها .وان البطولة عند الشيوعي لا يهدف منها تحقيق منفعة مادية او غاية خاصة او صيتاً او مجداً هي البطولة النادرة السامية التي يفرضها موقف او اي اختبار يواجهه الشيوعي وبطولة الشيوعي لا تموت بأستشهادة تبقى في الذاكرة مثلاً حياً ورمزاً نضالياً يحتذى به ويبقى خالداً على مر الزمن وهذه هي الحقيقة التي تتلمسها جماهير واسعة من الشعب العراقي بمعرفتها لبطولات فهد وسلام عادل والمئات من الشهيدات و الشهداء من قادة الحزب وكوادرة  واعضائه . الشهيد الشيوعي هو بطل حقيقي ذو فكرانساني وعلمي وسماة فكرية وعملية نادرة . ان الشهداء اليوم هم ضوء ينير الطريق وكل ظلمات الدروب , هؤلاء الابطال كبروا في عيون وقلوب الناس واصبحوا رموزاً كبيرة . ولعبوا أدواراً مؤثرة في حياتهم . ما تؤكده التجارب ان البطولة هي سمات وقيم و ممارسة عملية ومواقف وليست اختراع لأنها حقيقية سطرها اعضاء الحزب في مواقفهم الشجاعة عند الشدائد ومثلت رصيد نضالي ووطني على مر التأريخ بهذه البطولة الحقيقية واصل الحزب النضال والسير الى امام بثقة . الناس بحاجة الى ابطال يسيرون في مقدمتهم لتحقيق مصالحهم  ,الشعب العراقي لن ينسى الشهداء الابطال للحزب الشيوعي العراقي الذين سطروا أروع الصفحات في العطاء والتضحية من اجل مصالح الشعب والوطن . بهؤلاء الشهداء وبوطنيتهم الصادقة وتأريخهم النضالي المجيد ومواقفهم البطولية ظلت راية الشيوعية خفاقة في العراق , والحزب في كل يوم يغتني تجربة ويزداد حضوراً واتساعاً وينضم له جيل جديد من الشباب الواعد الذي يتربى في مدرسة الحزب على الوطنية الحقة وعلى الشجاعة في النضال ووضع مصالح الشعب والوطن فوق اي اعتبار .
المجد كل المجد لشهيدات وشهداء الحزب .
14-2-2017





14
الحزب الشيوعي ووحدة اليسار العراقي
(2-2)
فلاح علي
ملاحظة : من اجل ان لا تكون وحدة العمل لقوى اليسار والديمقراطية تمنيات ورغبات , فلا بد من التوقف عند واقع هذه القوى . في العراق اليوم توجد قوى لليسار والديمقراطية ورغم ضعف مواقعها الاجتماعية والجماهيرية  لكنها موجودة وهي عديدة لا سيما بالنسبة للقوى الديمقراطية , بعضها قائم والبعض الآخر تأسس حديثاً بحكم قانون الاحزاب . اما قوى اليسار فيوجد حضور للحزب الشيوعي كحزب ماركسي وبدأ يعيد مواقعة مع قواعدة الاجتماعية ويهيئ مستلزمات وامكانيات الفعل الميداني ليكون حزباً جماهيرياً , ويوجد تنظيمين يساريين الى ثلاث تنظيمات صغيرة في العاصمة بغداد وعدد محدود جداً من المحافظات وهي منعزلة عن الجماهير , وبغض النظر عن حجمها الجماهيري لأن الحجم يتغير وغير ثابت وذلك وفقاً للمنعطفات والمتغيرات قد يتسع بحكم المتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية . لكن الواقع يؤكد لا بد من التفاعل والتنسيق واقامة وحدة العمل بين قوى اليساررغم صغر حجمها .هنالك يسار عراقي واسع غير منظم ولم يساهم بعد في الفعل الجماهيري , وهنالك قواعد اجتماعية لليسار وجماهير شعبية واسعة طبيعتها مع اليسار لأنه يعبر عن مصالحها الاجتماعية والاقتصادية . الواقع يفرض على هذه القوى ان تكون لها ارادة وقناعة ومبادرة ووجهة عملية لأقامة وحدة العمل والنشاط. أشرت في الجزأ الاول من المقالة الى عدد من الاسئلة العملية والفكرية والسياسية التي لها علاقة بجوهر الموضوع . بلا شك الحاجة الى حوار واسع لأن وحدة العمل تتطلب الحوار والالتقاء على قواسم مشتركة . سأشيرهنا الى ثلاث اسئلة من هذه الاسئلة المطروحة وتبقى الحاجة الى الالتقاء والحوار وتحويله الى واقع .
السؤال الاول : اي وحدة عمل مطلوبة بين قوى اليسار والديمقراطية وماهي اطراف قوى اليسار والديمقراطية التي هي معنية في بناء وحدة العمل؟ للأجابة على هذا السؤال من وجهة نظري هي التالي: ان تجارب الشعوب تؤكد ان وحدة العمل المطلوبة هي وحدة النشاط الميداني الذي يوطد ويفعل العلاقة مع القواعد الاجتماعية لليسار ومع المحتشدات الجماهيرية , ويفعل النشاط الجماهيري السلمي ,بلا شك يرافقها خطاب سياسي موحد . ووحدة العمل هذه هي مهمة كبيرة حجمها بحجم المخاطر التي تهدد الوطن وحاجتها بقدر حاجات الشعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . اما القوى اليسارية والديمقراطية المعنية بهذه الوحدة . هي القوى التي تميزها انحيازاتها الاجتماعية والاقتصادية لحاجات ومصالح الشعب اضافة الى انحيازاتها السياسية . بلا شك ما تؤكدة التجارب ان وحدة العمل لا بد ان يكون لها فعل على الارض , وان تكون بعيدة عن الفئوية او الحلقية في علاقاتها وغير منعزلة عن الجماهير . وهذا يؤهلها لتكون قادرة على ايجاد استقطاب سياسي بين أطرافها لوجود مشتركات هذا أولاً وثانياً يمكنها من تحديد مهام عملية للنشاط الميداني وثالثاً تتوفر لها امكانيات على تعبأة الجماهير المتجهة اليوم في العراق نحو اليسار بسبب نظام المحاصصة وازماته ونتائجة وبسبب حاجاتها الاقتصادية والاجتماعية تزداد قناعاتها بقوى اليسار والديمقراطية . أذن القوى اليسارية والديمقراطية هي الناشطة من اجل احداث التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية, على انقاض نظام المحاصصة وانهاء كل اشكال الاستبداد والتطرف وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية . بلا شك انها تمثل مهام التحول الديمقراطي وتبقى هنالك مهام استراتيجية ومنها بناء الاشتراكية وهذه تحتاج الى تحالفات ووحدة عمل مع قوى تؤمن بهذه المهام الاستراتيجية وتبقى مهمه مستقبلية .
السؤال الثاني : ما هو الموقف من الاسلام السياسي  ؟
هذه موضوعة جوهرية واساسية وبلا شك انها قضية معقدة وهي تتطلب رؤية فكرية وسياسية  تنطلق من الواقع ومن المهام والنظر للمستقبل وتتطلب تاكتيكات عملية واقعية بعيدة عن الاستنساخ والتعميم . لكي يتمكن اليسار من العمل مع الجماهير بكل حرية وفق الدستوركحق للنشاط ومن اجل توسيع قاعدته الجماهيرية وتوطيد صلته مع قواعدة الاجتماعية ولأجل تغيير التوازن في المجتمع . من هذا نجدان العلاقة مع الاسلام السياسي تفرض تبني بعض الخطوات العملية وهذا ما تؤكدة عدد من تجارب الشعوب منها على سبيل المثال : لا بد من فرز قوى الاسلام السياسي أولاً اي عدم وضعهم جميعاً في لون واحد وفي سلة واحدة فمنهم من هو تكفيري يحمل فكر ظلامي وفاشي مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وأخواتها من الحركات الجهادية . ومنهم من هو متشدد ومتطرف وطائفي وقد يهيئ لبناء دولة دينية ولا يؤمن بالديمقراطية الحقة . ومنهم من هو معتدل يميل الى الاصلاح الجزئي وله توجه وطني لا سيما ان هنالك مجموعات و شخصيات من هذه المجموعة بدأت تؤمن بالديمقراطية وبالدولة المدنية . ان عملية الفرز هذه التي هي بديهية لأنها واقعية ويتلمسها كل مواطن وتكمن اهميتها في الممارسة السياسية  , من هنا يكون من غير الصحيح اطلاق مفهوم واحد على كل اطراف الاسلام السياسي , اي على سبيل المثال اطلاق مفهوم الفاشية الدينية على كل قوى الاسلام السياسي هنا يكمن الخطأ والتعميم يكون ضار على فعل وحضور قوى اليسار والديمقراطية .  وثانياً : ارتباطاً بمهام قوى اليسار والديمقراطية فما أكدتة التجارب العملية الناجحة بهذا الاتجاة هو من الخطأ استخدام الصراع الآيدلوجي مع الجميع في آن واحد ووضعه كمهمة اولى اساسية . التكفيريين والارهابيين الظلاميين والفاشيين هؤلاء موضوع آخر هو التصدي الوطني لهم ومحاربتهم بكل الوسائل. اما قوى الاسلام السياسي الاخرى وبالذات الماسكة للسلطة السياسية ومنهم المعتدل , ما تؤكدة التجارب أن الموقف العملي يتطلب الابتعاد عن الصراع المباشر الفلسفي وتبني التصدي والصراع السياسي لمواقفهم ونقدها بجرأة ووضوح وفضحها امام الشعب وامام قواعدها الاجتماعية التي اخضعتها للتضليل , لا سيما ان المواقف السياسية لقوى الاسلام السياسي لا تخلوا من الطائفية والرجعية ومعاداتها للديمقراطية الحقة وتجاوزها على الحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية وتبعيتهم للفكر النيوليبرالي حيث أصبحت قوى الاسلام السياسي الضامنه لمصالح النيوليبرالية والعولمة الراسمالية المتوحشة في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط . وثالثاً لا بد من الربط وعدم الانفصال بين الموقف السياسي المعارض والناقد لمواقف قوى الاسلام السياسي والحضور الفاعل مع الجماهير وتعبأتها في نضالات جماهيرية ضد الفساد ومن اجل تحقيق المطاليب الاجتماعية والاقتصادية  ولتحقيق الاصلاح والتغيير السياسي .رابعاً: ان العلاقة مع القواعد الاجتماعية والجماهير الشعبية هي التي توفر امكانيات لقوى اليسار والديمقراطية  في النضال الجماهيري بشكل يفوق امكانيات قوى الاسلام السياسي رغم امتلاكهم للسلطة والمال والاعلام  خامساً: هنالك نقاط ضعف كثيرة جداً في مواقف قوى الاسلام السياسي في حالة توظيفها بتاكتيكات صحيحة وشعارات سليمة واقعية بأمكانها ان توجة ضربات قوية للاسلام السياسي وتضعفة جماهيرياً ومنها :1- الاضطهاد الواقع على النساء من قبل قوى الاسلام السياسي والحرمان من الحقوق . 2- وكذاالهيمنة والاضطهاد والتجاوز على حقوق الاديان والقوميات الصغيرة من قبل قوى الاسلام السياسي .3- وانتهاك حقوق وحريات المواطنة اضافة للفساد وللحاجات الاجتماعية والاقتصادية للجماهير بهذا يستطيع اليسار ان يستعيد جماهيريتة .  سادساً : هنالك قضية هامة جداً في التاكتيك السياسي وهي أن اي تفكير بالتحالف مع الاسلام السياسي الذي يسمى المعتدل هو تفكير خاطئ وضار ويسهم في اضعاف ليس فقط قوى اليسار والديمقراطية وانما في اضعاف الحركة الجماهيرية وهذا سيكون لصالح قوى الاسلام السياسي . سابعاً : هنالك قضية عقدية بحاجة الى اتخاذ موقف عملي منها وهذا يكون لصالح قوى اليسار والديمقراطية وهي لا يزال الاسلام السياسي لديه قواعد ونفوذ جماهيري واسع وبالذات بين صفوف الفقراء والكادحين هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها لا سيما ان قوى الاسلام السياسي لها تأثير على هذه القواعد لأسباب عدة . وان لهذه القواعد حاجات اجتماعية واقتصادية لا تستطيع قوى الاسلام السياسي تحقيقها قوى الاسلام السياسي لا تحقق طموحات الجماهير بل ما يقدموه للجماهيرالخيانة لا غير لأنهم يضعون مصالحهم الذاتية فوق مصالح الجماهير , من هنا تكمن البراعة في وضع التاكتيك للتفاعل مع هذه القواعد والتنسيق الميداني معها حول قضايا مطلبية اجتماعية واقتصادية وسوف تتفاعل مع قوى اليساروالديمقراطية في هذا النضال المطلبي ودون التنسيق مع قيادات قوى الاسلام السياسي . من هنا تكمن اهمية زخم قوى اليسار والديمقراطية وحركات المجتمع المدني في التفاعل مع بعض القواعد الاجتماعية من الفقراء والكادحين المحسوبة على الاسلام السياسي والتأثير فيها من خلال تبني المطاليب الاجتماعية والاقتصادية ومن اجل الاصلاح والتغييير, وتجربة الحراك الجماهيري أكدت صحة هذا التوجة في العلاقة مع القواعد الاجتماعية بحاجة الى تطويرها وهذا يسهم في اضعاف الحضور الجماهيري لقوى الاسلام السياسي. ثامناً : ان التعامل مع الاسلام السياسي لا بد ان يكون على اساس طبقي ومواقف سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية مع فهم الرؤية التأريخية لنشأة تنظيماتهم . اي لا يمكن تجاهل هذه المواقف اضافة الى انهم وسط غير متجانس يحمل التناقضات الداخلية والتباينات والاختلاف في اتجاهات المصالح . ارى ان هذه القضايا وغيرها والقراءة الصحيحة للواقع تعطي لقوى اليسار والديمقراطية عناصر قوة في معرفة كيفية التعامل مع قوى الاسلام السياسي ومواجهة مخاطر مواقفها وسياساتها المعادية للديمقراطية والحقوق والحريات . اخيراً اكرر ان وضع كل قوى الاسلام السياسي في سلة واحدة ووصفهم جميعاً بالفاشية الدينية , بلا شك هذا الموقف يسهم في عرقلة ظهور قطب يساري ديمقراطي و سيمهد الطريق لعودة جماهيرية الاسلام السياسي  وهنا تكمن الخطورة بعودة جماهيريتهم واتساعها وتحولهم الى قوة ذات حضور جماهيري في البلد وبهذا يسهل عليهم ليس فقط الاستمرار في الاحتفاظ في السلطة وانما التفرد في بناء الدولة وفق مقاساتهم .
السؤال الثالث : كيف سيتم خرق الجدار الحديدي بين قوى اليسار وايجاد حالة من الاستقطاب فيما بينها لتوحيد صفوفها وتشكيل قطب يساري ديمقراطي  ؟ ان قوى اليسار والديمقراطية هي اليوم امام تحديات ومهام تأريخية كبيرة في ظل المتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية ومن هذه التحديات على سبيل المثال : 1- انهاء انحسارها وعزلتها الجماهيرية ولا بد ان يكون لها تأثيرودور وان تجد موقع مؤثر لها في الخارطة السياسية العراقية . 2- انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وتحقيق الاصلاح والتغيير حيث انه يمثل تحدي ومهمة كبيرة . وهذا يتطلب حضورها مع الجماهير الشعبية لأستنهاضها للتخلص من هيمنة قوى الاسلام السياسي . ان الطريق السليم لأنقاذ الجماهير من هيمنة قوى الاسلام السياسي ومن اجل تحقيق مطاليبها هو من خلال النضال الجماهيري السلمي ومن خلال الآليات الديمقراطية. 3- بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية وتحقيق العدالة الاجتماعية . وهذه المهمة تفرض على قوى اليسار والديمقراطية ان تطرح نفسها كطرف رئيسي في الصراع من اجل السلطة السياسية وذلك من خلال الانتخابات البرلمانية في ظل قانون انتخابات ديمقراطي يعتمد الطريقة النسبية والدائرة الواحدة . مع تهيأة مستلزمات هذا الصراع لتحقيق الهدف حيث اشرت الى بعض من هذه المستلزمات في المقالة . ان هذه المهام الكبيرة تؤكد الحاجة النضالية لوحدة عمل قوى اليسارفي الظرف الراهن لتكون مرتكز لقطب يساري ديمقراطي . 4- ان تحالف قوى اليسار والديمقراطية لا بد ان يطرح نفسه هو البديل على الصعيد الوطني وهو عابر للقوميات والاديان فهو يتسع لكل القوى التي توافق على برنامجة وهو منحاز لقضايا الجماهير في كل مناطق العراق . هذا يساعد على الاستقطاب بين قوى اليسار والديمقراطية واختراق هذا الجدار الحديدي الذي يعزل بعضها عن بعض .ومن خلال الفعل والعمل الميداني الجماهيري والاعلامي فأن وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية ان تحققت ستؤكد على مصداقيتها في تبني مطاليب الجماهير والتجارب تؤكد انه لا بد من تجاوز النخبوية والعزلة والانفتاح وتبني المبادرات الجماهيرية. مع ترسيخ الممارسة الديمقراطية واعتماد آليات العمل الديمقراطي بين اطرافها وقبول الآخر رغم الاختلاف في الرأي وذلك لأن العمل المشترك لا يلغي الخلافات لكنه يؤدي الى توحيد النضال المشترك حول قواسم مشتركة وفي مقدمتها المطالب الاقتصادية والاجتماعية للجماهير . بلا شك ما يسرع من التقارب بين قوى اليسار هو مقدرة اطرافها على قراءة الواقع ووضع التاكتيكات والشعارات الصحيحة الواقعية . ان هذه الممارسات العملية تساعد على اختراق الحواجز وايجاد الاستقطاب بين اطراف قوى اليسار والديمقراطية وهذا يمكنها من توطيد العلاقات والروابط مع الجماهيرمن اجل تعبأتها واستنهاضها لأنتزاع حقوقها الاجتماعية والاقتصادية ومن اجل تغيير التوازن واحداث الاصلاح والتغيير من خلال النضال الجماهيري السلمي .
12-1-2017



15
الحزب الشيوعي ووحدة اليسار العراقي
(1-2)
فلاح علي
تأريخياً مثل الحزب الشيوعي العراقي قاطرة اليسار ولعب ادواراً مهمة في تأريخ العراق السياسي . لكن بعد عدة هجمات بوليسية وفاشية منظمة على الحزب وانكسارات وتراجعات وانشقاقات وما رافقها من متغيرات اقليمية ودولية كان تأثيرها سلبياً آنذاك فتراجعت قوى اليسار في كل منطقة الشرق الاوسط . ومرت الاحزاب الشيوعية واليسارية بأزمة فتشضت وتشتتت قواها , واصبح اليسار غير قادر في اطار هذا التشضي على تجميع القوى واحداث انعطافات جماهيرية وتحقيق التغيير الداخلي في كل بلد ومنها العراق . الى ان جاء التغيير الخارجي من خلال الحرب والاحتلال . الوقائع اليوم على الارض تؤكد ان الدور المعول على هذا التيار اليساري الديمقراطي هو كبير جداً لا سيما عندما يعبئ قواه ويوسع قاعدة المشتركات بين اطراقة .الحوارات ضرورية من اجل أن تتوج بالوصول الى نتائج ملموسة تتيح بلورة وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية والخروج من أزمتها. لهذا منذ حوالي عقد من السنين اندلع نقاش داخل الحزب الشيوعي العراقي , ولا يزال هذا النقاش متواصل ويتمحور حول ضرورة وحدة العمل والنشاط لقوى اليسار والديمقراطية , انطلاقاً من دورها في المشهد السياسي العراقي المضطرب بأزماتة المعقدة والمتناقضة . بلا شك هنالك قوى محسوبة على اليسار والديمقراطية قد طرحت ايضاً دعوات للحوار لأجل التوصل الى مشتركات . مهما تنوعت الدعوات الا انها تؤكد الحاجة الموضوعية لوحدة عمل هذه القوى وتشكيل قطب يساري ديمقراطي فاعل ومؤثر .
من هنا جاءت مبادرة المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي :
عندما اطلق نداء موجة الى القوى والاحزاب والشخصيات المدنية والديمقراطية  ومما جاء فيه : التغيير المطلوب لن يتحقق إلا عبر بناء بديل، يكسر محاولات احتكار السلطة المستندة الى الهويات الفرعية وإعادة إنتاجها، ويؤسس لوعي اجتماعي جديد، وتوجه ثقافي يشكل نفيا لثقافة الاستبداد ولنزعات العودة الى الماضي المناهضة للحداثة والتنوير، ويرسي الاعتراف بالآخر واحترام التنوع. وليس افضل من البديل المدني الوطني الديمقراطي اداة لتحقيق ذلك، ولاعادة بناء الاقتصاد والمجتمع والدولة على اسس جديدة، تجعلها دولة مواطنين احرار وليس رعايا. وهذا يتطلب مواصلة ضغط الحراك الشعبي والجماهيري السلمي، والسعي الى تنويع اشكاله وادواته ووسائله، والارتقاء بادائه، وتنسيق اهدافه ومنطلقاته وبلورتها، وتأمين وضوحها، الى جانب توحيد قياداته، والتحسين المطرد لاداء تنسيقيات الحراك، والتنسيق في ما بينها على صعيد كل محافظة، وعلى مستوى بغداد والمحافظات الاخرى. الارتقاء بدور التيار الديمقراطي وقواه وشخصياته، وتوسيع وتطوير نشاطاته وعلاقاته باستمرار، واقامة الصلات ومد جسور التعاون والتنسيق مع مختلف القوى والاحزاب والهيئات والشخصيات المدنية والديمقراطية.ولن يتحقق ذلك من دون تقارب القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية وتفعيل دورها نحو تشكيل الكتلة الوطنية الحاملة لمشروع البديل الوطني الديمقراطي، والعاملة من اجل تغيير موازين القوى لصالح مشروعها.وتاسيسا على هذه القناعة الراسخة يمد حزبنا يده الى كافة الداعين الى قيام دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان، دولة المؤسسات والقانون، ويدعوهم الى البدء فورا باللقاء والتشاور، وتجاوز حالة الفرقة والتششت ولملمة الصفوف وصولا الى تحقيق الاصطفاف المدني الديمقراطي الواسع القادر على انجاز الاصلاح والتغيير.
المؤتمر الوطني العاشر
للحزب الشيوعي العراقي
3-1/ 12/ 2016
يستنتج من هذا النداء التالي :
1- انه مثل خطوة جريئة بعيدة عن التردد عندما قرر المؤتمر توجيه رسالة الى كل القوى والشخصيات والمنظمات الديمقراطية واليسارية هي معنية بهذه الرسالة وكأن المؤتمر العاشر للحزب يقول لنبادر ولنفتح الابواب الواسعة لجمع الصفوف ولنتحمل المسؤولية نحو التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية . 2- اني ارى من وجهة نظري على ضوء هذه الدعوة لا يوجد اي من قوى اليسار والديمقراطية يشكك في مصداقية مبادرة الحزب هذه الداعية الى وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية . 3- المتغير الجديد على الارض الذي يعجل من وحدة العمل والنشاط هو انطلاق الحراك الجماهيري في تموز 2015 الى اليوم . بتواصل الحراك الجماهيري تصاعدت معارك التغيير ومقاومة نظام المحاصصة الطائفية لغرض انهائه ومحاربة الخصخصة لثروات البلد والفساد ومن اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية , هذا المتغير  الجماهيري الكبير يفرض نفسة الآن ليكون لليسار والقوى الديمقراطية حضور في ساحات الاحتجاج والتغيير والانفتاح على بعضها من اجل الاستقطاب السياسي في وحدة عمل . 4- النداء لا يلغي الصعوبات والمعوقات التي تواجة وحدة قوى اليسار والديمقراطية الا ان فكرة تحالف اليسار هي قائمة و تمثل  مرتكزاً اساسياً لتحالف ديمقراطي واسع وهذه الفكرة هي حاضرة ومطروحة بقوة في صفوف الشيوعيين  خاصة في الظروف الحالية في ظل الاستقطاب الطائفي . 5- ان تحالف اليسار سيكون له تأثير ايجابي على القواعد الاجتماعية الطبيعية لليسار ويستنهضها ( الطبقة العاملة والكادحون والشباب والنساء والمثقفين والاعلاميين والمهنيين والفئات الوسطى والفلاحيين ) من هنا تبرز اهمية مرتكز تحالف قوى اليسار لأقامة بديل ديمقراطي مهم ومؤثر 6- ان نداء الحزب ليس فقط انه يؤكد على مصداقية وصحة توجهة لأقامة وحدة قوى اليسار والديمقراطية  وانما يؤكد على ديمقراطية الحزب الشيوعي في الفكر والممارسة لأن وحدة العمل  ليست هي فرضاً من الاعلى وانما هي ممارسة ديمقراطية تقتضي شروط يجب توفرها لأقامة تحالف عملي حقيقي من هذه الشروط   :
1-اعتراف كل اطراف اليسار بالتعددية داخل هذا التيار . 2- اي بوجود تنوع في المرجعيات الفكرية لليسار, وهذه هي الرؤية الديمقراطية السليمة الواقعية والتي ستعجل في وحدة العمل لليسار ليكون فاعل ومؤثر مع الاوضاع الجديدة في العراق والمتغيرات في المنطقة والعالم وهذا يتطلب قراءة معمقة لما جرى في المجتمع العراقي من متغيرات في بنيتة الطبقية واوضاعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كذلك في المنطقة والعالم .3- لكي يبلور تحالف اليسار والديمقراطية رؤية فكرية وسياسية ذات ابعاد وطنية ديمقراطية واستراتيجية . 4- فان وحدة العمل تشترط النشاط الميداني وتجنب الانتظارالى ما بعد ظهور صيغة جاهزة ومعدة مسبقاً .5 - اي لا بد من الانطلاق من اشكال تنسيق ميدانية حتى تنضج الظروف وتتهيئ مستلزمات لأقامة اطار تحالفي للعمل المشترك وهنا تكمن الممارسة الديمقراطية التي لا تشترط وصفة معدة مسبقاً وانما العمل وفق القواسم المشتركة ووفق الامكانيات لحين تهيئة مستلزمات وحدة العمل . 6- تفرض وحدة العمل والنشاط  التوجة نحو القواعد الاجتماعية لليسار والى المحتشدات الجماهيرية والسكنية والعمل معهم واستنهاضهم حول قضاياهم وحاجاتهم ومطاليبهم الاقتصادية والاجتماعية .
هنالك تساؤلات عديدة لها علاقة بوحدة العمل لقوى اليسار والديمقراطية  :
في البدأ لا يوجد من يشكك بضرورة وحاجة البلد لبناء بديل يساري ديمقراطي , والاهم هو الطريق السليم الذي ستسلكة قوى اليسار والديمقراطية للوصول لتحقيق هذا البديل الذي تريدة الجماهير كحاجة للتغيير وتكمن حاجتها الية في ظل المخاطر التي تواجة البلد والازمات المستعصية التي انتجها نظام المحاصصة الطائفية والاثنية والصراع الطائفي والفلتان الامني وتنامي الارهاب وسيطرة داعش على مدن والفقر والبطالة والفساد ومخاطر الخصخصة والسياسة النيوليبرالية وتفاقم الصراع الطبقي . ان غياب بناء بديل يساري ديمقراطي هذا يعني اعطاء فرصة اكبر للقوى الطائفية للتحكم بمصائر البلد لفترة زمنية اطول. من هنا تطرح اسئلة حول وحدة العمل منها على سبيل المثال : 1- اي وحدة عمل لقوى اليسار والديمقراطية بحاجة لها الشعب و ماهي اطراف قوى اليسار والديمقراطية التي هي معنية لبناء قطب بساري ديمقراطي . 2- ما هي وجهة نضال قوى اليساروالديمقراطية في ظل الظروف التي يمر بها العراق . 3- ما هو الموقف من الاسلام السياسي المهيمن على السلطة السياسية . وما هو الموقف من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . 4- كيف سيتم خرق هذا الجدار الحديدي بين قوى اليسار وايجاد حالة من الاستقطاب فيما بينها لتوحيد صفوفها .6- هل ان بديل قوى اليسار والديمقراطية قادر على ان يتحول الى قوة جماهيرية وتكون قادرة على تغيير التوازن واحداث التغيير.
(يتبع)
3-1-2017

 
 


16

هل ستنجح المصالحة الوطنية في ظل نظام
المحاصصة الطائفية
فلاح علي
المصالحة الوطنية نجحت في بلدان عدة منها جنوب افريقيا وكمبودياوالسلفادور وشيلي وراوندا والبيرو ويوغسلافيا والمغرب والجزائر وتونس وغيرهما من البلدان . اذن العراق ليس استثناء ممكن ان تنجح فيه المصالحة الوطنية , مع التأكيد على انه لا يمكن استنساخ التجارب لكل بلد خصوصيته. ورغم ان فكرة المصالحة الوطنية في العراق سبق وان طرحت وتم صرف ملايين الدولارات بطريقة مهرجانية اعلامية الا انها فشلت  . عاود التحالف الوطني حسب ما نقلته وسائل اعلام بأعداد ورقة سماها التسوية التأريخية وضمنها نقاط غير معلنة اعتبرها منطلقات لأجراء المصالحة الوطنية وعرضها على تحالف القوى عبر ممثل الامين العام للامم المتحدة , بلا شك تحالف القوى رفضها وبغض النظر عن مبرراتة , الا ان الوقائع على الارض تؤكد ان كلا التحالفيين الطائفيين يعملان على تجديد نظام المحاصصة الطائفية والاثنية لا سيما ما بعد داعش بطريقة تهدف الى تعزيز نفوذهما في مؤسسات السلطة السياسية وتقاسمها بطريقة تحاصصية وهذا ما يعرقل نجاح المصالحة الوطنية .لاجل تناول موضوعة المصالحة الوطنية في العراق لا بد في البدأ من طرح السؤاليين التاليين :
السؤال الاول : هل العراق بحاجة الى مصالحة وطنية والمصالحة مع من؟
السؤال الثاني : ما هي اسس وآليات واهداف المصالحة الوطنية ؟ .
ارى لو وجه السؤال الاول الى كل مواطن عراقي لكان جوابة نعم ان العراق بحاجة الى مصالحة بمعانيها السياسية والاجتماعية الوطنية .لأنقاذ الوطن وحل ازماتة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية .
اذن المصالحة مع من : الوقائع في العراق تؤكد انه ليست هنالك أزمة بين الملايين من جماهير الشعب بكافة قومياتة واديانة من كوردستان الى البصرة المكتوية من نار المحاصصة والمطالبة بالحقوق والحريات وبالتغيير والاصلاح اي ليست هنالك أزمة بين طبقات وفئات المجتمع العراقي على طول البلاد وعرضها . ولا توجد أزمة بين الاحزاب السياسية الجماهيرية الوطنية والديمقراطية واليسارية , ولا توجد أزمة بين الاديان والمذاهب والقوميات , ولا توجد ازمة بين علماء الاديان والمذاهب.وانما الازمات توجد في طبيعة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية .
اذن الازمة والخلاف يكمنان ما بين القواعد الجماهيرية المليونية للشعب ونظام المحاصصة الطائفية والاثنية الماسك بالسلطة السياسية بالقوة والاعلام والمال والدعم الاقليمي والدولي لاطرافة  .
اما أسس المصالحة الوطنية وآلياتها واهدافها :
ارى ان اول هذه الاسس للمصالحة الوطنيةهو اعتماد مبدأالمواطنة وانهاء الهويات الثانوية الاخرى . وثانياً ضمان حقوق وحريات المواطن بأعتماد مواثيق حقوق الانسان المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهذا مااكدتة التجارب التأريخية للشعوب التي نجحت فيها المصالحة الوطنية . وثالثاً تعديل الدستور بالاتجاه الديمقراطي , ورابعاً انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية .وخامساً : سن قانون ديمقراطي للأحزاب هذه هي من اهم اسس نجاح المصالحة الوطنية .
اماآليات المصالحة الوطنية : فهي مجموعة اجراءات عملية وقانونية مترابطة لا تغيب عن الجميع ومنها على سبيل المثال : 1-اعتماد اسلوب الحوارالوطني تشترك فيه كل القوى الوطنية بلا استثناء لأجل الوصول الى ميثاق وطني ديمقراطي يلزم الحكومة بتنفيذة. 2- لكي يسامح الشعب الذين ارتكبوا انتهاكات بحقة ولتعزيز الثقة لا بد من الاعتراف بالاخطاء المرتكبة ويكون الاعتراف بالخطأ علني وامام الشعب هناك تجارب تأريخية نجحت فيها المصالحة الوطنية حيث تم الاعتراف بالخطأ بشكل علني وامام الشعب , وهذا ما قام به رئيس جمهورية جنوب افريقيا دي كليرك بعد ان تمت مسائلته قدم اعتذارة العلني الى الشعب لما عاناة من مآسي في ظل حكمة كما قدم اعتذارة لعوائل الضحايا , كما تمت مسائلة العديد من المسؤولين .3 - لا بد من قضاء مستقل يأخذ على عاتقة محاسبة اصحاب الجرائم والفساد . والقضاء المستقل هو الذي يقرر العفو لمن يستحقة وحتى تعويض الضحايا ان كان هنالك تعويض و يكون من خلال لجان قضائية وليست سياسية .فهل سيعتذر المسؤوليين من نظام المحاصصةالطائفية والاثنية عن انتهاكاتهم واخطائهم علناً ؟
اما الهدف من المصالحة الوطنية : المصالحة الوطنية التي تقام على اسس ديمقراطية تهدف الى وضع مصالح المواطن في اول اولياتها, وكذا مصالح الوطن وانقاذه من المخاطر وانهاء الازمات المستعصية من خلال حلول ديمقراطية  , وانجاز عمليات الاصلاح والتغيير وانهاء التهميش والاقصاء وضمان الحقوق والحريات وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية الفيدرالية وتحقيق العدالة والمساواة وحكم القانون .
ملاحظة : رغم ان ورقة التسوية التاريخية الخاصة بالمصالحة لا تزال طي الكتمان ولم تعلن للشعب ولكن لا اعتقد انها تتضمن هذه الاسس و الآليات ولا تهدف لبناء الدولة المدنية الديمقراطية .
الاستنتاجات :
1- ارى ان المصالحة الوطنية الحقيقية في العراق تواجهها صعوبات كبيرة من هذه الصعوبات هي ان احزاب الاسلام السياسي هي استئثارية اقصائية غير ديمقراطية وهي متمسكة بنظام المحاصصة الطائفية والاثنية . والمشكلة تكمن في فكر هذه القوى انه فكر شمولي طائفي قائم على التطرف والهيمنة والاستبداد والاقصاء ومصادرة الحقوق والحريات ان سنحت لهم الظروف لن يترددوا في ذلك, فهل ستتبنى احزاب الاسلام السياسي الديمقراطية في الفكر والسلوك والممارسة لكي تسهم في انجاح المصالحة في العراق ؟ ثاني اهم الصعوبات التي تواجة المصالحة الوطنية هي دستورية , المصالحة الوطنية تتطلب دستور ديمقراطي فهل ستعدل بعض فقرات الدستور بالاتجاه الديمقراطي ؟ ثالثاً : تخشى احزاب الاسلام السياسي الحوار الوطني والعلني واشراك الاحزاب الوطنية والديمقراطية المهمشة والمواطنين وممثليهم في الحوار انها تريدحوار قائم على جلسات مغلقة مع اطراف المحاصصة ومع نخب لغرض ان تتمكن من عقدالصفقات والمساومات والاتفاقات والتنازلات المتبادلة وتعتقد بهذا النهج انها ستحقق المصالحة وتحل ازمات البلد .
2- في حين تؤكد تجارب الشعوب على حقيقة ان احد اسباب نجاح هذه المصالحات الوطنية هو انه تم اقامتها على اساس حوار وطني وليس طائفي , مع تشريعات قانونية ودستورية ذات طبيعة ديمقراطية , لهذا طرح الحزب الشيوعي العراقي اعتقد في عام 2008 رأية بالمصالحة الوطنية ., وما جاء فيه هو انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذي هو سبب أزمات البلد وهو اس البلاء التي أنتج المآسي والمخاطر التي مر بها الشعب والوطن ودعا الى عقد مؤتمر للحوار الوطني من اجل تقويم مسار العملية السياسية واصلاحها وقدم افكار عملية على طريق تحقيق المصالحة الوطنية , الا ان قوى الاسلام السياسي لن تستمع لهذا الرأي الوطني الديمقراطي , لأنه يتعارض ومصالحها الفئوية الذاتية .
3- ورقة التحالف الوطني حول التسوية التأريخية جاءت متأخرة جداً رغم انه لم يتم اعلانها للشعب بعد , لكن ارى من وجهة نظري لو كان اطلاق مبادرة المصالحة الوطنية جاء من قبل رئيس الوزراء او الرئاسات الثلاث لكان لها أثر ايجابي جماهيري شعبي واسع يخلق الامل ويسهم في تهيئة مستلزمات تحقيق المصالحة الوطنية . صحيح انهم من اركان نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الا انهم يمثلون مؤسسات الدولة لا سيما ان مؤسسات الدولة العسكرية والامنية والمتطوعون والبيشمركًا حققوا نجاحات بتحرير المدن والانتصار على داعش , ومع هذا تبقى المسؤولية الوطنية تضغط على الجميع للانفتاح ونبذ التطرف والهيمنة والاستبداد والاحتكار للقرار , وتؤكد التجارب التاريخية ان المصداقية لا تكمن فقط بمن هو يقدم المبادرة للمصالحة وانما المصداقية والعبرة هو من يبادر الى تغيير النهج والسلوك والممارسات والسياسات والمواقف وتصحيح الاخطاء والتخلي عن نهج الطائفية السياسية المعادية للديمقراطية  .
4-اخيراً ارى ان الشعب العراقي مهيئ اليوم اكثر من اي وقت مضى بمسألة المصالحة الوطنية وانجاحها , ويؤكد تأريخ العراق السياسي الحديث انه بمقدور الشعب العراقي ان يجترح مآثر عملية ملموسة لانجاح المصالحة الوطنية والحراك الجماهيري هو احد هذه المآثر الذي يؤكد اليوم للعالم اجمع انه لا توجد بين مواطني الشعب ازمة او صراع انه شعب متصالح متسامح يريد العيش الآمن المشترك وتحقيق الاصلاح والتغييروبناء دولة المواطنة ونظامها الديمقراطي الفيدرالي وتحقيق العدالة الاجتماعية . لكن المشكلة والازمة تكمن بين كتل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذين صادروا الديمقراطية وهمشوا القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية وجماهير الشعب . ان استمرار وديمومة هذا النظام يساعد على ديمومة المآسي والكوارث التي يتعرض لها الشعب والوطن. وبهذا ارى ان تغيير توازن القوى لصالح جماهير الشعب والقوى الوطنية والديمقراطية واليسارية عندها ستتحقق المصالحة الوطنية الحقيقية التي تضمن مصالح الشعب والوطن .
5-هنالك مجموعة تساؤلات  اضعها امام كتل المحاصصة الطائفية والاثنية وفي مقدمتهم التحالف الوطني منها : لأجل انجاح المصالحة الوطنية السياسية والمجتمعيةالحقيقية التي هي حاجة للشعب والوطن . هل بمقدوركم الاستجابة لأرادة الجماهير وتطلعاتها في تلبية مطاليب الحراك الجماهيري وفي مقدمتها انهاء الفساد واصلاح القضاء وتحقيق الاصلاح والتغيير؟  والغاء كل الهويات الثانوية وابراز الهوية الوطنية ,وانهاء الخطاب السياسي الطائفي وكل حواضن الارهاب والبدأ بعمليات التنمية وتطوير الارياف ؟ واقامة دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين وضمان حقوق الانسان والاديان والقوميات بما فيها الاقرار بحق تقرير المصير؟ هذه هي معاني وقيم المصالحة الوطنية الحقيقية الناجحة , وهي ليست شعارات ترفع للتسويق السياسي والاعلامي بقدر ما انها تعبر عن صدق وشعور عالي بالمسؤولية الوطنية وتضع مصالح وحقوق المواطن والوطن فوق اي اعتبار . والمصالحة الوطنية لا يخرج اي طرف منها خاسر وطرف رابح . وان كان هنالك خاسرون من المصالحة هم اعداء الوطن والشعب من ارهابيين وغيرهم والرابح فيها هو الوطن والشعب .
7-12-2016



17
اليسار ينمو ويتطور في ظل التوازنات الدولية
فلاح علي
التوازنات في العلاقات الدولية لها دور كبير في حفظ السلم والامن الدوليين , وبهذا تصبح التوازنات عامل مساعد في تهيئة البيئة الملائمة للاستقرار السياسي والامني والاقتصادي في جميع بلدان كوكبنا الارضي , ومن هنا يكون لها تأثير ايجابي كبير في الحفاظ على استقلال الدول الوطنية واقامة علاقات متكافئة معها وعدم انتهاك سيادتها والتدخل في شؤونها الداخلية , واثارة الصراعات الثانوية وخلق حروب داخلية فيها . التوازنات الدولية تساعد في الحفاظ على وحدة الدول وعدم تعريضها للتقسم , وتهيئ بيئة لعمليات التنمية الاقتصادية والتوازنات تلعب دور ايجابي في نمو الديمقراطية في البلدان الوطنية . وبهذا فأنها تهيئ البيئة الاجتماعية والسياسية في هذا البلد او ذاك لنمو ونهوض اليسار فيه .
اليوم العالم يعيش نظام التعددية القطبية الذي ابتدأت ملامح تكوينة منذ عام 2007, و اصبحت العلاقات الدولية قائمة على التوازن وتتسم بتقدم الدورالروسي والصيني بشكل اكثر تأثيراً في العلاقات الدولية  , بلا شك ان تقدم الدور الروسي في تشكيل نظام التوازن الدولي الجديد اصبح اليوم اكثر ثباتاً , ونحن شهود على ذلك ارتباطاً بما حققته روسيا من نجاحات في سياستها الخارجية وتأثيرها الدبلوماسي وتطورها العسكري والاقتصادي والتكنولوجي والاعلامي . ان هذا الدور الروسي الذي اوجد توازن دولي أثر بلا شك على الادارة الامريكية واستراتيجياتها وعجل في ايجاد توازنات في خططها وتوجهاتها وسلوكها وتفكيرها , ومنعها من التدخل المباشر في كثير من الازمات السياسية ومنها الازمة  في جورجيا والازمة في اوكرانيا والازمة السورية , ان التوازن سيكون له تأثير ايجابي في حفظ السلم والامن الدوليين .
ملاحظة : صحيح ان روسيا هي ليس الاتحاد السوفياتي كبلد اشتراكي , ولكن روسيا ستحافظ على التوازن الدولي , لا سيما بعد ان تفكك الاتحاد السوفياتي انهار التوازن في العلاقات الدولية فتفردت الولايات المتحدة الامريكية واصبحت زعيمة العالم بلا منافس , وقد اوجدت حروب داخلية وغزت دول واحتلتها وقسمت بلدان عديدة وتوسعت عسكرياً من خلال حلف الناتو وهيمنة احتكاراتها على اقتصاديات البلدان ونهبت ثرواتها وكبلتها بقروض صندوق النقد الدولي واضعفت دور الدولة واثارت الصراعات الطائفية والاثنية والثانوية , وغاب حكم القانون وغابت الحقوق والحريات وصودرت الديمقراطية , وهذا كان له انعكاسات سلبية على مجمل الاوضاع في العالم , ومنهاالاحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية وتعرضت للانقسامات والتشرذم والتراجع ومرت بأزمات على حساب هيمنة ونمو وتوسع قوى الاسلام السياسي المتطرف التي التقت مصالحة مع مصالح الولايات المتحدة الامريكية في التحالف معها , وحدث هذا الخراب والدمار في العالم بسبب غياب التوازن الدولي . وبما ان الموضوعة المطروحة هو نمو اليسار في ظل التوازنات الدولية ,التي افتقدها العالم بعد تفكك الاتحاد السوفياتي , نجد ان العالم اليوم بدأ يشهد نهوض لقوى اليسار في مناطق عديدة من كوكبنا في ظل التوازنات الدولية الجديدة .
اذن ما هي اهم الاستنتاجات لنمو اليسار في ظل التوازنات الدولية الجديدة :
1- بعد نهوض اليسار في اليونان وامريكا اللاتينية وبلدان اوربية ومنها اسبانيا وبوادر نهوض في اوربا الشرقية , وهذا ما تؤكدة على الارض الحقيقة التي ظهرت في الاسبوع الماضي من فوز لليسار في بلغاريا ومولدافيا . في بلغاريا فاز مرشح اليسار رومن راديف في انتخابات الرئاسة , الذي يميل الى اقامة علاقات متعددة ومتنوعة مع روسيا . تبع ذلك فوز مرشح اليسار ايغور دودين في انتخابات رئاسة جمهورية مولدافيا وكلاهما اشتراكيي التوجه .
2- جاء فوز اليسار في هذيين الجمهوريتين بعد 25 عام من تفكك الاتحاد السوفياتي . ليؤكد على حقيقة ان قوة ووزن وجماهيرية وفعل ودور قوى اليسار على الارض ونهوض قواعدها الاجتماعية والتفاف جماهير الشعب حولها , تظهر بشكل جلي واكثر وضوحاً وتأثيراً في ظل التوازنات الدولية . وبهذا انهزمت القوى الداخلية النيوليبرالية واليمينية المتطرفة الموالية لأمريكا وفشلت سياساتها واستراتيجيتها وتوجهاتها المدمرة في هذين البلدين , وبلدان العالم الاخرى ليس استثناء من نهوض اليسار فيها طالما ان التوازنات الدولية تهيئ بيئة ملائمة لنمو قوى اليسار والديمقراطية , وهذا يتطلب ان تهيئ هذه القوى الامكانيات الذاتية لنهوضها .
3- ان هذا الفوز يعطي من وجهة نظري استنتاج قريب الى الدقة ان هنالك بلدان اخرى لا سيما كانت من ضمن جموهريات الاتحاد السوفياتي او من من البلدان الاشتراكية الاوربية انها مرشحة للسير بهذا الاتجاه في الفترة اللاحقة ليس فقط كونها انها بحاجة الى روسيا اقتصادياً او انها مناطق نفوذ جيوسياسي لروسيا, وانما بسبب تأثير التوازنات الدولية التي ستهيئ بيئات داخلية لنمو قوى اليسار والديمقراطية المناهض للعولمة الراسمالية المتوحشة وفكرها النيوليبرالي وايضاً على صعيد كافة بلدان العالم .
4- ان نتائج الانتخابات اكدت على حقيقة زيف وفشل ما سمية حينة بالثورات البرتقالية او الملونة في اوربا الشرقية , وانما كانت هي احداث مفتعلة نتيجة تدخل خارجي امريكي وقدمت حينها الدعم الاعلامي والمالي واللوجستي لتمكين المواليين لها من الوصول للسلطة في هذه البلدان فهي كذبة ليست ثورات .
5- على صعيد اليسار في منطقة الشرق الاوسط وفي العراق بالذات , لا سيما والحقائق تؤكد انه بعد هيمنة امريكا على النظام الدولي العالمي وتزعمها لنظام القطب الواحد , حيث حولت البلدان المستقلة الى بلدان تابعة , وتحالفت مع الاسلام السياسي الموالي والمؤيد لأستراتيجيتها واحتضنتهم وقدمت الدعم  المالي والاعلامي واللوجستي لتمكين الموالين لها للوصول للسلطة , كما اثارت الفتن الداخلية , وهذا أثر بشكل سلبي على قوى اليسار والديمقراطية في هذه البلدان , فعرضها للتراجع والانقسام والتشرذم على حساب نمو قوى الاسلام السياسي المتطرف والتي تحالفت امريكا معه , ان للتوازن الدولي القائم اليوم سيكون له عامل مساعد في نهوض اليسار في منطقتنا ولكن تبقى التحولات الداخلية والامكانيات الذاتية تلعب دور حاسم في نهوض اليسار , واهم عامل داخلي مؤثر لنهوض اليسار في منطقتنا هو الاستقرار السياسي والاقتصادي وحل الازمات السياسية وتعزيز التوجه الديمقراطي في كل بلد  .
6- ان الوقائع على الارض تؤكد ان قوى اليسار والديمقراطية في العراق قطعت شوط كبير في استنهاض قواعدها الاجتماعية المتمثلة في الطبقة العاملة والكادحين والشباب والنساء والمهنيين والمثقفين والفلاحين ومعهم منظمات المجتمع المدني, وذلك من خلال الدفاع عن حقوقها وحرياتها ومطاليبها وحاجاتها من خلال خوض النضال الجماهيري السلمي وهذا ما حصل في العراق على الارض حيث بادرت منظمات وقواعد الحزب الشيوعي العراقي وقوى يسارية وديمقراطية ونقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني من البدأ بحراك جماهيري مستمر منذ تموز 2015 الى اليوم , وانضم اليه لا حقاً قواعد التيار الصدري وقوى اجتماعية اخرى اعطت زخماً جماهيرياً ضاغطاً للحراك الجماهيري والحقيقة الماثلة للعيان تؤكد التالي : انه كلما تقوض نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وكلما ضعف التدخل الاقليمي والدولي في الشأن الداخلي العراقي يساعد ذلك على تهيئة بيئة افضل لنمو ونهوض قوى اليسار والديمقراطية .
7- ارى من وجهة نظري ان الظروف في العراق وفي عدد من بلدان الشرق الاوسط ستكون مهيئة لنمو قوى اليسار والديمقراطية , لا سيما ان الشعب العراقي يدرك تماماً ان الوطنية الحقة يحمل رايتها قوى اليسار والديمقراطية وان هذه القوى بعيدة كل البعد عن المتاجرة السياسية بقضايا الشعب والوطن ,وانها تمتلك رؤية وبرنامج وطني ديمقراطي لحل أزمات البلد واقامة دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية هذا اولاً وثانياً في ظل التوازن الدولي سيمكن قوى اليسار والديمقراطية من تعبأة طاقاتها وامكانياتها واستنهاض قواها وتنظيم صفوفها لأحداث توازن داخلي .
8- لا سيما ان الغالبية من جماهير الشعب تيقنت تماماً ان القوى الطائفية من الاسلام السياسي هي غير قادرة على بناء قاعدتها الجماهيرية من خلال النضال السياسي السلمي الذي تمارسة قوى اليسار والديمقراطية وانما يعتمدون على دعم اقليمي ودولي وعلى تجهيل الناس والسيطرة عليهم , هذا اولاً وثانياً ان القوى الطائفية والمتطرفة من الاسلام السياسي متهمة بالفساد وهي وراء الازمات المعقدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرضت الوطن والشعب الى مخاطر . لهذا فان التوازن الدولي سيضعف من التدخلات الاقليمية والدولية الداعمة والمساندة لقوى الاسلام السياسي , وهذا سيضعف من هيمنتها وسيكون عامل مساعد لقوى اليسار والديمقراطية للنهوض لا سيما في ظل وجود دستور ديمقراطي وسيمكنها من اعادة التوازن الداخلي , وستفقد قوى الاسلام السياسي الكثير من قواعدها الاجتماعية لأنها ستلتقي مع قواعد قوى اليسار في النضال المشترك على الجبهة السياسية و الاقتصادية والاجتماعية.
9- لهذا من اجل احداث تغيرات في موازين القوى الداخلية , فأن قوى اليسار والديمقراطية معنية اليوم اكثر من اي وقت مضى لأطلاق مبادرات تقربها مع بعضها على الارض واقامة شكل من اشكال التنسيق فيما بينها حول قضايا وتوجهات مشتركة , ليس بالضرورة ان تكون الخطوة الاولى اقامة تحالف فيما بينها نظراً لوجود توجهات متباينة فيما بينها لتكن الخطوة الاولى تنسيق حول قضايا نضالية جماهيرية واعلامية مشتركة لتتطور لاحقاً الى وحدة العمل والنشاط المشترك عندما تتهيئ مستلزمات ذلك .لا سيما ان القواعد الاجتماعية لقوى اليسار هي في حالة من النهوض التدريجي , ارى ان المبادرات العملية الملموسة هي التي ستهيئ الارضية لوحدة العمل والنشاط المشترك .
10- اخيراً ان فوز اليميني المتطرف ترامب في رئاسة امريكا لا يؤثر على نمو اليسار في العالم و يبقى فوزه هو ظاهرة امريكية , وارى من وجهة نظري ان التوازن الدولي سيكون له دورمؤثرعلى الرئيس الامريكي المنتخب في تبني سياسة عقلانية بعيدة عن المغامرات وبعيدة عن انتهاك القانون الدولي كما يؤثر التوازن الدولي على توازن القوى الداخلية للادارة الامريكية  في تحديد وجهة السياسة الامريكية .في حالة انكفائة في سياسته الخارجية ولجوئة الى التنسيق والتعاون مع روسيا والتوجة نحو سياسة داخلية تراعي مصالح الفئات الوسطى والشغيلة والفقراء فستكون لليسار في امريكا حضوض كبيرة للنمو , حتى وان اسهمت سياساته في تشكيل قوة دفع لنمو العنصرية والتطرف اليميني فان ذلك بحد ذاته سيكون عامل محفز لليسار لتنظيم صفوفة وخوض النضال الجماهيري السلمي وهذا يعطية حيوية وحضور .
11- ان النضال الاممي يوفر امكانيات كبيرة لقوى السلام والديمقراطية للنمو والنهوض والتقدم وتحقيق نجاحات على صعيد كل بلد , لا سيما وان شعوب العالم عانت طيلة 25 عام بعد تفكك الاتحاد السوفياتي من هيمنة سياسة الولايات المتحدة الامريكية المعادية لمصالح الشعوب , وارى ان النضال الاممي له انصار كثر في مقدمتهم شعوب البلدان الراسمالية الاوربية ودول اتفاقية شنغهاي واتفاقية بريكس وكافة شعوب البلدان النامية في كافة القارات وقواها اليسارية والديمقراطية.
12- لهذا ان الاندماج في النضال الاممي المناهض للعولمة الراسمالية المتوحشة وشرورها وضد الحروب والارهاب ,يساعد شعوب البلدان النامية كافة في نضالها ضد الفقر والامية والقهر والهيمنة والاستبداد وانتهاك الحقوق والحريات الديمقراطية , وذلك لأن نضال قوى اليسار والديمقراطية هو ليس معركة داخلية محلية منعزلة وانما لها ابعاد دولية اممية لأنها تهم مصير البشرية لبناء عالم جديد خالي من الحروب والظلم والاستغلال , وهذه الوجهة الاممية في النضال تشكل مصدر قوة ودفع لنهوض ونمو قوى اليسار والديمقراطية على صعيد كل بلد .
23-11-2016



18
استراتيجية امريكا لمحاربة الارهاب لها مخاطر
على المنطقة والامن الدولي (2-2)
فلاح علي
الاستراتيجية الامريكية لمحاربة الارهاب اصطدمت في سورية بالموقف الروسي الجاد والعملي والحاسم في محاربةالارهاب وانهائه , والعارف بجوهر الاستراتيجية الامريكية التي اصبحت واضحة , لا سيما انها اتسمت بالتشدد بالاتجاة الذي يدعم ويحمي ويحتوي الارهاب في سورية وفي المناطق التي ترغب امريكا ان ينمو فيها وان يكون ذراعاً لها ومن خلالة تحقق بعض من اهدافها. هذا ساعد على تمكين روسيا من كشف جوهر اللعبة الامريكية من محاربة الارهاب . وبهذا انحشرت امريكا في زاوية ضيقة محرجة في سورية والمنطقة لن تمر فيها طيلة تأريخها الاجرامي الدموي التآمري ضد الشعوب والانظمة والمشبع بالغطرسة والهيمنة والعدوان والتفرد في العلاقات الدولية .
بعد تغيير الادارة الامريكية وفوز ترامب في منصب الرئاسة وارتباطاً بخطابة بعد الفوز بأنه سينسق مع جميع الامم من اجل حفظ السلام الدولي هنا يطرح سؤالين :
 السؤال الاول : هل ستنسق الادارة الامريكية الجديدة مع روسيا ودول اخرى من اجل التعاون المشترك على حل الازمة السياسية في سورية بشكل سلمي لا سيما وان معركة حلب على الابواب ؟
السؤال الثاني : هل سيحصل الطلاق ما بين الادارة الامريكية الجديدة والاسلام السياسي المتطرف بعد حقبة الزواج الكاثوليكي الطويل بينهما ؟
وهنا لا بد من تثبيت حقيقة وهي ان السياسة الخارجية الامريكية منذ الحرب العالمية الثانية الى اليوم لا يرسمها الرؤساء الامريكيون ووزراء خارجيتهم فقط . وانما يسهم في رسمها أولاًمراكز البحوث والدراسات اضافة الى الجامعات , وثانياً طغم مالية مهيمنة ومالكة للصناعات العسكرية والبنوك والاحتكارات العابرة للقارات وثالثاً تسهم ال CIA والبنتاغون والكونكًرس في تحديد توجهات ومسارات السياسة الخارجية وهي بلا شك تكون معبرة عن مصالح هذه الاطراف مجتمعة . بما يخدم سياسة العولمة المتوحشة وفكرها النيوليبرالي , لا سيما وان ترامب هو ممثل لهذا اليمين المتطرف الذي وصل الى الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية . فان مهمته هو تنفيذ السياسة من حيث الجوهر مع عمل بعض التغييرات والتقديم والتأخير في الاولويات والاهداف ارتباطاً بالمتغيرات في االموازين الدولية والاقليمية والتغيير في التوجهات في هذه المنطقة او تلك .
الدور الروسي في محاربة الارهاب في سورية :
1- منذ بدأ الازمة السياسية في سورية عملت روسيا بأتجاه ايجاد حل سلمي لها فأطلقت العديد من المبادرات وتعاونت مع الامم المتحدة في هذا الاتجاه, بما فيها في الجانب الانساني ادخال المواد الغذائية والطبية للمناطق المحاصرة وفتح ممرات آمنة واعلان الهدنة المؤقته في عدد من البلدات , وعقد مؤتمرات دولية بين العارضة والنظام وبالتنسيق مع امريكا, وتشجيع المصالحات الوطنية الداخلية , الا ان امريكا وحلفائها الدوليون والاقليميون جنحوا بأتجاه الحل العسكري .
2-ان الدور الروسي وضع حد للتدخل الخارجي العسكري واستخدام القوة لأسقاط النظام في سورية من قبل أمريكا والناتو ومحورهم الاقليمي.
3- ان القوة العسكرية الروسية في سورية المكونة من القاعدة العسكرية في طرطوس والغواصات وحاملات الطائرات في البحر البيض المتوسط  والجنود على الارض ومنظومة الصواريخ أس 300 وأس 400 والصواريخ المجنحة (كليبر)البالغة الدقة التي تطلق من البحروطائرات السوخوي والميغ وطائرات بدون طيار ... الخ ان هذه القوة العسكرية الجبارة والتي تقف خلفها قوة دبلوماسية مؤثرة على الصعيد الدولي وتأثيرها على قرارات مجلس الامن اضافة الى القوة الاقتصادية الداعمة للموقف الروسي ممثلة بدول اتفاقية بريكس . ان هذه القوة العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية هي التي مكنت الجيش السوري من تحقيق النجاحات  وتحرير المدن من ارهابيي داعش وجبهة النصرة والفصائل التابعة لهم . لا سيما ان بعض البلدات تم تحريرها من خلال المصالحات الوطنية الداخلية نظراً لتغيير موازين القوى لصالح الجيش السوري .
4- أفشل الدور الروسي التوجه التركي لأقامة منطقة آمنة لحظر الطيران في سورية . بعد ان دفع الامريكان وتركيا على تدفق اللاجأيين واصبحت اكبر هجرة دولية ما بعد الحرب العالمية الثانية ووظفها أوردكًان للضغط على الاتحاد الاوربي لتمرير أجنداته ومنها اقامة منطقة آمنة لمساعدته على توطين هؤلاء اللاجأيين في منطقة حدودية, فوضعت روسيا والحكومة السورية خط احمر لأقامة المنطقة الآمنة .
5- ان الدور الروسي حافظ على بقاء الدولة السورية وعلى وحدة وتماسك الجيش السوري ووحدة الوطن , وعلى الصعيد الدبلوماسي روسيا تؤكد على لسان رئيسها ووزير خارجيتها ومسؤوليها بخيار الحل السلمي للازمة السورية وتضع توجهات عملية في هذا الاتجاه من اجل انهاء معاناة الشعب السوري واقامة نظام ديمقراطي ودولة مدنية في سورية .
6- أن التغيير في موازين القوى في سورية على الارض اصبح ليس في صالح الولايات المتحدة الامريكية وتركيا ومحورهم . من هنا نجد ردود الافعال الامريكية وسر الهستيريا التي اصيبت فيها امريكا وحلفائها من هذا النجاح ولا سيما عند اقتراب معركة تحرير حلب الشرقية من ارهابيي جبهة النصرة , برز معها الى الواجهة التعنت الامريكي فتنكر وزير الخارجية لأتفاق وقف الهدنة في حلب الذي ابرم ما بين روسيا وامريكا في يوم 9-9-2016 برفض تطبيق بند فصل ارهابيي جبهة النصرة وداعش والفصائل التابعة لهم عن الفصائل المعتدلة . ثم عاد كيري وخرج بتصريح وهدد بوقف التعاون بين روسيا والولايات المتحدة في سورية  في حالة اذا لم تقدم روسيا وسورية الى وقف قصفهما على مدينة حلب . ( هذا ما نقلته وكالات الانباء في اوائل تشرين اول 2016 )  وارى ان السريكمن في ان امريكا تعتبر جبهة النصرة والمجموعات الارهابية التابعة لها المتواجدة في سورية وفي حلب الشرقية بالذات انها احد أذرعها الارهابية الواعدة لتنفيذ اجندتها وهي الامل بالنسبة لها لأسقاط النظام وللمناورة مع روسيا تلعب بها كورقة ضغط على روسيا لأستنزافها ثم مساومتها مع اوراق اخرى , هذه هي احد قواعد اللعبة الامريكية في محاربة الارهاب .
معركة حلب ونتائجها :
الازمة السياسية في سورية منذ بدايتها وقفت ورائها تداخلات اقليمية ودولية , لهذا طال امدها واصبحت اكثر تعقيداً وخاصة وبالذات اشتد هذا التعقيد والتداخل الدولي والاقليمي على جبهة معركة حلب المرتقبة لأهميتها ليس فقط على صعيد تغيير الموازيين وحسم الحرب في سورية وانما لها تأثيرايجابي على محاربة الارهاب في العراق والمنطقة وحل الازمات السياسية المستعصية سلمياً  , لهذا ان معركة حلب فيها تداخل اقليمي ودولي من ينتصر فيها سيغير المعادلات السياسية في المنطقة والعالم, من هنا تكمن خطورة معركة حلب. لا سيما ان امريكا ادركت تماماً ان عملية تحرير حلب اصبحت محسومة من قبل الجيش السوري والمدعوم من قبل روسيا . وعلى صعيد الفرز الاقليمي لوحظ ان مصر كقطب اقليمي بدأت تنسق مع الحكومة السورية لمحاربة الارهاب وقد تنظم الى محور سورية وروسيا مقابل ابتعادها عن محورامريكا والسعودية . معركة حلب باتت وشيكة الجميع يتهيئ لها , روسيا على الارض اتخذت اجراءات فعالة مناسبة باتجاه تحرير مدينة حلب حيث ارسلت مجموعة حاملة الطائرات الاميرال كوزنيتسوف الى البحر الابيض المتوسط لرفع قدرات القوات الروسية المتواجدة في سورسة , كما انضمت ثلاث غواصات مع حاملة الطائرات والمجهزة بصواريخ ( كاليبر) البالغة الدقة مع الطراد بطرس لتكون جزء من مجموعة القوات البحرية الروسية وسترسي قبالة السواحل السورية (هذا ما نقلته عدد من وكالات الانباء في نهاية تشرين اول وبداية تشرين الثاني 2016 ). لا سيما ان الادارة الامريكية كانت تهيئ وتعد العدة لأبقاء حلب وريفها تحت سيطرة ارهابيي جبهة النصرة وعملت على تأجيل الحوار حول مؤتمر جنيف والتنسيق والتعاون مع روسيا لهذا الغرض لأن النتائج من معركة حلب ستكون من غير صالحها وصالح معسكرها في المنطقة السعودية وقطر وتركيا واسرائيل الداعمة والمساندة للأرهابيين , من هذا ان ردود الافعال الامريكية ستحكمها تغيير الموازين على الارض في الوقت الذي تؤكد فيه روسيا انها عازمة على تحرير حلب ومحاربة الارهاب . وبدأت الآن روسيا ضبط ساعتها على ساعة الجيش السوري لتبدأ عملية تحرير حلب . وستكون منطلق لتغييير الموازين لصالح الحل السلمي للازمة السياسية في سورية .ويبقى الحل السلمي هو الخيار الذي يريده الشعب السوري لأنهاء نزيف الدم , فهل الادارة الامريكية وبالذات الجديدة هي قادرة ولديها الاستعداد للسير على طريق الحل السلمي ؟ وهل ستحصل مفاجئة تتجلى في حصول مصالحة وطنية في حلب نتيجة هذه القوة العسكرية الكبيرة على الارض التي تتهيئ لمعركة تحرير المدينة وبلا شك ان لها قوة ضغط كبيرة على المسلحين , او اذا أدركت امريكا خطورة معركة حلب هل ستكون هنالك مفاجئة وتعيد التنسيق مع روسيا لتمديد الهدنة لوقت قصير من اجل الطلب الى ذراعها الارهابي جبهة النصرة للانسحاب من حلب الشرقية بضمانات ومعها كل المسلحين قبل بدأ معركة التحرير وبهذا تحافظ امريكا على ماء وجهها لأنها لا تريد المواجهة المباشرة مع روسيا لخطورة ذلك على الامن و السلم في المنطقة والعالم .
الاستنتاجات : 
1- رغم ان روسيا ليس لها دور في محاربة الارهاب في العراق الدور لأمريكا والتحالف الدولي , الا انه تبقى الاستراتيجية الروسية تهدف للقضاء على الارهاب بكل انواعه واشكاله وفي كل مكان , والحفاظ على الوحدة الوطنية للبلدان وعدم تقسيمها , اما الاستراتيجية الامريكية فتقف ورائها اجندات واهداف وغايات واوراق تلعب بها الادارة الامريكية لغرض تمريرها وفرض سياستها وحضورها على دول المنطقة والتدخل في شؤونها وتقسيم البلدان ولتوظيفها ايضاً لأبراز قوتها في السياسة الدولية في محاصرة روسيا ومساومتها  في اوراق اخرى وفي مناطق جغرافية اخرى .
2- النجاحات التي حققها الجيش السوري نتيجة الدعم الروسي كان لها أثر ايجابي في حل ازمة الرئاسة في لبنان بعيداً عن الدور السعودي الذي ضعف حضوره وتأثيره , ان حسم معركة حلب ستدفع بأتجاه الحل السلمي واقامة نظام ديمقراطي في سورية ودولة مدنية , وهذا سيكون له تأثير ايجابي على الوضع في العراق ليس فقط بأتجاه محاربة الارهاب , وانما بالتأثيرعلى تغييرالموازين بأتجاه الدولة المدنية الديمقراطية في العراق وان الغالبية من ابناء الشعب العراقي نتيجة التغيير الذي سيحصل في سورية ستقتنع بأن نظام المحاصصة الطائفية والاثنية لا معنى لأستمرارة وبقائة .
3- كما ان حسم معركة حلب والسير بأتجاه الحل السلمي ستهيئ أرضية اقليمية ودولية لحل عدد من ازمات المنطقة بمساومات اقليمية وتأثير دولي ومن الازمات المرشحة للحل هو الازمة في اليمن والازمة في ليبيا وسيكون لعملية الحل السلمي في سورية تأثير ايجابي في تشكيل راي دولي  واقليمي ضاغط بأتجاه طرح مبادرات للحل السلمي لقضية الشعب الفلسطيني ونيل حقوقة المشروعة بالطرق السلمية .
4- بالنسبة الى تركيا رغم ان لها اطماع كبيرة في سورية ولها دور كبير جداً في دعم واسناد الارهابيين في سورية فهي أدركت تورطها في الازمة السورية من قبل امريكا والناتو ,  ورغم انها لا تزال تناور في منطقة الباب وفي شمال سورية الا انها تخشى النتائج في حالة تورطها بمعركة حلب وأدركت ان الباب وحلب خط أحمر روسي سوري , لهذا لجأت الى التعجل باستخدام تاكتيك التوجة نحو العراق لتعويض خسارتها في سورية وارسلت قوات الى بعشيقة والآن نقلتها الى سنجار ليكون لها دور في العراق وبالذات في الموصل عند التحرير وبعد التحرير وهذا التخبط التركي بسبب سياسة أوردكًان الخارجية التي ورطت الدولة التركية بأزمات خارجية وداخلية , لن يحقق اهدافة لأنه دور عدواني على دول الجوار .
5- العالم ينتظر الآلية التي ستعتمدها الادارة الامريكية الجديدة , هل ستتوصل الى حقيقة لا بديل عنها هو التنسيق والتعاون مع روسيا والصين وعقد اتفاقيات بأتجاه محاربة الارهاب واعتماد الحل السلمي للازمة السياسية في سورية ومناطق اخرى من العالم , رغم ان التوجهات الاستراتيجية للادارة الامريكية حول العديد من الملفات في العالم هي ليس في صالح الشعوب , ولكن هل سيكون هنالك توجه سياسي مختلف للادارة الجديدة بأنهاء الزواج الكاثوليكي مع الاسلام السياسي المتطرف ؟
6- ارى ان محاولات الادارة الامريكية لأستنزاف ومحاصرة روسيا في سورية ومناطق اخرى منها في اوربا  قد فشلت , فهل الادارة الامريكية الجديدة ستلجأ الى التنسيق والتعاون مع روسيا والصين وتنهي حالة التوتر والتصعيد ؟ , ام ستطلق شرارة المواجهة التي لن تكون في صالح الجميع , ارى ان معركة حلب ليست هي معركة الحسم في سورية فقط , بل ان المعركة ونتائجها لها ابعاد دولية واقليمية من ينتصر فيها سيغير وجه منطقة الشرق الاوسط ويؤثر على المعادلات السياسية في العلاقات الدولية .
14-11-2016



19
استراتيجية امريكا في محاربة الارهاب لها مخاطر
على المنطقة والامن الدولي (1)
فلاح علي
القراءة السياسية على ارض الواقع للاستراتيجية الامريكية لمحاربة التطرف والارهاب تؤشر الى حقيقة انها استراتيجية رمادية اي انها مزدوجة في التعامل مع الاسلام السياسي المتطرف ومع الحركات الارهابية وتؤكد التجربة التاريخية ان هذا الموقف الرمادي يهدف الى احتواء الارهابيين بدلاً من محاربتهم , كما انه يتجلى هذا الموقف ايضاً في انها اي امريكا تحارب الارهاب في العراق المتمثل بداعش وتدعمه وتساندة في سورية المتمثل بجبهة النصرة وكأنه توجد علاقة حب تأريخية بينهما جذورها تمتد الى نهاية السبعينات من القرن الماضي عندما دعمت ال CIA القاعدة في افغانستان لمواجهة التدخل السوفياتي آنذاك وهذا يؤشر الى ان الاهداف الامريكية واستراتيجيتها في منطقة الشرق الاوسط هي وراء علاقة الحب القائمة بينهما .
محاربة امريكا لداعش في العراق جاء متأخر والمعطيات تؤكد ذلك :
1- بعد سقوط مدينة الموصل في 10/ حزيران 2014 صرح الرئيس الامريكي ان فترة الحرب ضد داعش سوف تطول ثم عاد وقال قد تمتد الى ثلاث سنوات ( هذا ما نقلته وكالات الانباء) . وكرر هذا القول في لقائة مع السيد حيدر العبادي في واشنطن في اواخر/ نيسان2015  بان الحرب ستطول وكان متردد من مطاليب السيد رئيس الوزراء ومنها التسليح العسكري وهو ضرورة لخوض الجيش العراقي المعارك لتحرير المدن من داعش .موقف الرئيس الامريكي كان غامض من تسليح الجيش العراقي  علماً ان امريكا لم تسلم حينها طائرات  F16. رغم وجود عقد اتفاق مسبق للشراء مع وزارة الدفاع العراقية , وعلى أثر هذا الموقف تأخر تحرير مدن تكريت والفلوجة والرمادي وحتى الموصل لأن الجيش العراقي كان يحتاج الى غطاء جوي الذي يمتلكة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية .
هنا يطرح سؤال : هل يعقل ان حرب تقودها دولة عظمى مثل الولايات المتحدة ان يصمد امامها تنظيم ارهابي لا يملك السلاح المتطور والعتاد والطيران والجيش النظامي القادر على محاربة الجيش الامريكي وحلفائه لبضعة اسابيع اذا بدأت الحرب اذن ماهي المعطيات التي استند عليها الرئيس الامريكي ليقول انها حرب طويلة الامد؟
والسؤال الآخر : هل ان داعش يمتلك امكانيات قوة عظمى وبهذه الحالة ان الجيش الامريكي بحاجة لوقت ليستكمل استعداداته لمواجهة هذه القوة العظمى؟ ام ان امريكا لديها اهداف اخرى غير معلنه وهي بحاجة الى وقت لأنضاجها ؟
2- كان الرئيس الامريكي على علم ومن خلال رصد الطياريين والاقمار الاصطناعية الامريكية ان داعش وجبهة النصرة يهربان النفط من سورية الى تركيا , لزيادة مصادر تمويلهما ولبناء قوتهما العسكرية ولم تعطي القيادة العسكرية الامريكية الأوامر بقصف مئات الشاحنات التي يهرب بها النفط وفي نفس الوقت تدخل شاحنات من الحدود التركية محملة بالسلاح مع دخول مقاتلين, هذه حقيقة بات يعرفها الجميع وهذه المعطيات تؤكد على ازدواجية الاستراتيجيات الامريكية من محاربة الارهاب .
3- ولاحقاً سمحت الولايات المتحدة الامريكية لداعش لتهريب النفط من الموصل الى تركيا  عبر سورية حيث كانت الشاحنات تعبر الحدود السورية الى تركيا محملة بالنفط المهرب , ولم يتعرض لها طيران التحالف , وبهذا ساعدت الولايات المتحدة في عملية تهريب ثروات البلدين وفي المساهمة في تمويل داعش وجبهة النصرة وهذا شكل من اشكال الدعم الامريكي لهذه الحركات الارهابية .
4- ما قالة لافروف وزير الخارجية الروسي ( ان موسكو لم تعد مندهشة من رفض امريكا اعتبار تنظيم جبهة النصرة عدوا يجب استهدافة . وأكد الوزير ان طائرات التحالف الدولي لم تضرب جبهة النصرة أبداً خلال الغارات التي بدأتها عام 2013 وأكد ان محاولات الحفاظ على تنظيم النصرة كقوة لتكون الاكثر استعداداً للقتال , لأستخدامها لاحقاً لأسقاط حكومة بشار الاسد وهذا مثير للحزن . وأكد لافروف انه خلال مشاوراته مع نظيرة الامريكي جون كيري كان يلفت انتباهه الى ان التحالف الدولي يتمهل لدى ضرب مواقع تنظيم داعش .) (1)
سؤال : ماهو سر هذه المواقف الرمادية للولايات المتحدة من داعش وجبهة النصرة حيث اضطرت لاحقاً بعد علاقة الحب الطويلة معهما الى مقاتلة داعش في العراق وهي بنفس الوقت مستمرة لدعم جبهة النصرة في سورية ؟
أرى ان السر يكمن في قواعد اللعبة الامريكية :
وتؤكدة الحقائق التالية :
1- في العراق خطورة الموقف تجلى بعد سقوط مدينة الموصل وتقدم داعش الى الرمادي وتكريت ومدن اخرى ووصولها الى مشارف بغداد , لكن داعش حينها وقفت عند الحدود المرسومة لها . ارى من وجهة نظري انه كان بامكان داعش التقدم من تكريت الى سامراء لكنها لم تتقدم وبلا شك ستكون هنالك مقاومة قوية لها من قبل الجيش والشرطة في المنطقة وابناء المدينة وضواحيها , وقد يفشل تقدمها وتندحر . لكنها لم تحاول التقدم على سامراء . ارى من وجهة نظري ان السبب يكمن في قواعد اللعبة الامريكية. ( وذلك نظراً لوجود مراقد دينية في سامراء لها قدسية عند المسلمين والشيعة بالذات) هذا سيكون ليس في صالح امريكا اذا اصبحت هذه المراقد تحت سيطرة داعش اولاً وثانياً تخشى امريكا من  استفزاز ايران  وثالثاً ارى ان امريكا تهدف الى تواجد داعش في مناطق  جغرافية محددة رسمت لها قد تكون لها علاقة بانضاح مستلزمات تحقيق بعض اهدافها ومنها حالة التقسيم اللاحق للبلد الى دويلات ثلاث  الذي تخطط له امريكا من خلال اقامة اقاليم ( دويلات ) تقام على اساس طائفي واثني.
2- ان قواعد اللعبة تهدف الى توظيف داعش وجبهة النصرة وفرضهما كأذرع ارهابية لها وتستخدمهما كعامل مؤثرومتغير في معادلة اثارة النزعات الطائفية والاثنية ولأستمرارنزيف الدم واثارة الصراعات الثانوية ولتهيئة مستلزمات تحقيق اهدافها الاستراتيجية في اسقاط النظام في سورية وتهيئة ارضية لتقسيم البلدين ولغرض اقامة قواعدها العسكرية في المنطقة .من يستطيع ان ينفي ان داعش وجبهة النصرة لا تعرفان بقواعد اللعبة هذه ؟ لا سيما انهما يتحركان بأوامر خارجية وفق مبدأ تسليم واستلام للمدن .
3- من قواعد اللعبة الامريكية ومن خلال أدواتها الارهابية تهدف امريكا الى استنزاف روسيا في سورية واجبارها على اخراج جيشها من سورية وازالة قاعدتها من طرطوس ولأبعاد اسطولها من البحر الابيض المتوسط ولأضعاف دورها المؤثر في منطقة الشرق الاوسط والعالم  . 
4- ما يؤكد صحة ذلك هو ما نشرته وكالات الانباء في يوم 12/ تشرين الاول 2016 عن مصدر دبلوماسي عسكري في موسكو أن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفقتا على منح مسلحي تنظيم (داعش) الإرهابي إمكانية الخروج من مدينة الموصل العراقية قبل بداية عملية تحريرها والانسحاب الى سورية , وهذا ما اكدته هيلاري كلنتن في مناظرتها الثانية مع ترامب حيث قالت سنفتح لهم ممرات من الموصل للخروج الى سورية  . في حين المطلوب هو القضاء على داعش وليس نقلها من منطقة الى اخرى .
تجلى القرار الروسي الواضح والعلني بمواجهة قوات داعش المنسحبة من الموصل ومنعها من الدخول الى سورية من خلال قصفها بالطيران . اثار هذا الموقف الروسي الهستيريا لدى الولايات المتحدة الامريكية ووضعها في مأزق اقليمي ودولي .
هنا يطرح سؤال : هل ان داعش وجبهة النصرة يتحركان بأوامر من قبل ال CIA ؟ لا سيما ان المساعدات المالية التي قدمتها السعودية وقطر لهؤلاء الارهابيين والمساعدات اللوجستية التي قدمتها تركيا لهم , كما يعرف الجميع ان الدول الثلاث لم يجرأ اي منها لتقديم هذا الدعم لو لم يكن هنالك ضوء اخضر وموافقة امريكية . رغم ان امريكا تأخرت كثيراً في مساعدة الجيش العراقي بغطاء جوي لتحرير المدن العراقية المحتلة من قبل داعش , الا ان طائرتها وخبرائها يساهمون اليوم في عملية تحرير الموصل والقوة الاساسية في هذه المعركة الوطنية هو الجيش العراقي وقوات الشرطة  والبيشمركًا ومتطوعي الحشد الشعبي من ابناء مدينة الموصل وضواحيها ومدن اخرى . ان تحرير مدينة الموصل يعتبر انتصار كبير ضد الارهاب وهي فرحة كبيرة ينتظرها الشعب العراقي لكن امريكا تريد توظيف عملية تحرير الموصل لأهدافها في المنطقة والعالم ومنها دعم مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون لأنتخابات الرئاسة الامريكية .

ورغم ان امريكا تدرك تماماً ان الحل السياسي للازمة السياسية في سورية لا بديل عنه وهو  الذي ينهي العنف و يوقف نزيف الدم للشعب السوري الشقيق ويحافظ على وحدة الوطن ويهيئ لعملية تغيير ديمقراطي بيد الشعب السوري . ان هذا الحل السلمي السياسي تعتبرة امريكا هزيمة لها على الصعيد الاقليمي والدولي لأنه يضعف من وزنها الدولي السياسي والعسكري والدبلوماسي والاقتصادي في ظل التوازنات الدولية الجديدة  تعتقد ان هذا يركنها جانباً . الادارة الامريكية لا تزال تتصور انها القطب الاوحد في العالم ,اللعبة الامريكية باتت مكشوفة واصبحت الادارة الامريكية في وضع لا يحسد علية وهذا هو امتداد للتأريخ التئامري الدموي الذي دمر شعوب واوطان .
(يتبع)
1- انباء موسكو- تصريح لافروف في 21-10-2016 في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير خارجية غواتيمالا بموسكو .
5-11-2016



20
مشاريع الاسلام السياسي لن تحصد سوى الفشل
فلاح علي
هنالك مقولة دارجة في السياسة مفادها  لكي تكون قارئ سياسي جيد عليك ان تكون قارئ جيد في التاريخ  وهذه الحقيقة يؤكدها علم السياسة والواقع والتجارب التأريخية , حيث ان المعرفة بدراسة تأريخ الشعوب وتجاربها وحركاتها السياسية والثورية , تعطي قدرة على فهم المتغيرات ورؤية ومعرفة وتجربة ومعطيات غنية وتختصر المسافات والعمل للمستقبل بواقعية تصاعدية تفاؤلية وتجنب الانكسارات,ما اكدته تجربة حكم احزاب الاسلام السياسي في منطقة الشرق الاوسط , ان كل مشاريعها قد فشلت وتعرضت للعزلة المجتمعية والتراجع .  وتؤكد التجربة ان هنالك قوى اقليمية ودولية مكنتها من الوصول الى السلطة باسم الديمقراطية لكنها خذلت شعوبها وفشلت في بناء الاوطان وتطوير المجتمعات ففشلت كل مشاريعها وفقدت السلطة واصبحت في وضع من الانكسار والعزلة والتراجع لا يحسد علية . وعلى صعيد بلدنا العراق لو درسنا بتمعن طبيعة النظام السياسي فيه والدولة القائمة , وتوقفنا عند ظاهرة تخلف المجتمع وتمزيق النسيج الاجتماعي واضعاف للوحدة الوطنية والمآسي والحرمان الذي تعرض له الشعب وانتهاك الحقوق والحريات ...... الخ  . لوتصلنا الى استنتاج ان طبيعة النظام السياسي يتحمل المسؤولية الاولى  وبهذا لا بد من طرح السؤاليين التاليين :
السؤال الاول : ماهي الاسباب الجوهرية اوعوامل التراجع الخطيرة للمجتمع العراقي وتنامي وتعقد الازمات فيه في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والتعليمية والصحية والامنية والبيئية ؟ مع العلم ان ( الاسباب القانونية والتشريعية تحظى بأولوية في الظرف الراهن وهل هي حقاً لصالح المجتمع والوطن ام انها تخدم اجندات لتجار السياسة والمتحاصصون طائفياً) .
السؤال الثاني : ماهي اسباب هذا الانغلاق او الانسداد في الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والقانوني والامني وحتى البيئي ؟
اني ارى من وجهة نظري ان المنطلق الاساس في الاجابة على هذين السؤالين تكمن في تحديد طبيعة النظام السياسي القائم في البلد .بلا شك ان طبيعة النظام السياسي في بلدنا قائم على اساس المحاصصة الطائفية والاثنية ويتصدر هذه المحاصصة قوى الاسلام السياسي . هذا اولاُ وثانياً ان قوى الاسلام السياسي الحاكمة ليس لديها مشروع وطني .
اذن ان احد اهم اسباب فشل مشاريع الاسلام السياسي :
هو غياب المشروع الوطني وبالذات المشروع الوطني الديمقراطي حيث به تبنى الاوطان وتقام دولة العدل الدولة المدنية التي يشرع فيها دستور ديمقراطي وبه تتطور المجتمعات ويضمن حقوق المواطنة ومصالح الشعوب . ان كل احزاب الاسلام السياسي سواء في العراق او في المنطقة تناصب العداء للمشروع الوطني الديمقراطي  , لهذا نجد ان كل تجارب ومشاريع الاسلام السياسي في المنطقة قد فشلت والاسلام السياسي في العراق في طريقة الى الفشل .
اذن ما هو جوهر مشروع الاسلام السياسي في مجال التشريع وسن القوانين :
ان مشاريع احزاب الاسلام السياسي تتركز حول سن قوانين وتشريعات تغيب مبدأ المواطنة وتنتهك الحقوق والحريات وتنتهك حقوق المرأة هذا اولاً وثانياً تنتهك حقوق الاقليات الدينية والقومية وثالثاً انها تناصب العداء لدستور ديمقراطي وان ادعت اعلامياً بدستور ديمقراطي ولكن انها تريدة ذات طبيعة مزدوجة تفسر موادة بمايلبي مصالحها واجنداتها المدمرة للمجتمع والوطن .
وان كان من مثال بهذا الخصوص :
هوتشريع الجعفري للاحوال الشخصية الذي يبيح زواج القاصرات وقانون الهوية الوطنية الذي ثبتت فيه المادة 26 بأنتهاك حقوق المواطنين من الاديان الاخرى وغيرها من القوانين واخيراً وليس آخراً التشريع الاخير منع بيع وتداول المشروبات الكحولية ان هذه المشاريع وغيرها عارضها الشعب ولم تجني غير الفشل كما ستفشل المادة 14 الواردة في قانون واردات البلديات التي تمنع بيع وتداول المشروبات الكحولية لأنه كسابقاته من التشريعات المعادية لحقوق المواطن وحرياته الشخصية وحقوق الاقليات .
هنالك اسباب كثيرة ستعجل في نقضة وعدم تمريرة من هذه الاسباب :
1- انتهك الدستور وشرع بشكل مخالف للمادة الثانية من الدستور وبالذات الفقرة (ب لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية . والفقرة ج لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور .)
2- تم ادخال الفقرة الخاصة بمنع تداول وتناول المشروبات في الفقرة 14 لاحقاً اي بطريقة لا تخلوا من الاحتيال .
3- القرار يخلق اضرار اجتماعية واقتصادية للمجتمع والدولة على الصعيد الاجتماعي ستنشط تجارة المخدرات وتنتشر الجريمة كما سيروج بيع المشروبات بأسعار عالية في السوق السوداء , وعلى الصعيد الاقتصادي ستحرم خزينة الدولة من ايرادات الضرائب التي تفرض على بيع المشروبات الكحولية  وستحرم عوائل من العيش لأنها تفقد فرص ما تعتاش عليه وهذا اضرار بالصالح العام للمجتمع والدولة .
4- عارضة السيد رئيس الجمهورية وتهيئ برلمانيون للطعن فيه لدى المحكمة الاتحادية وهناك معارضة شعبية واسعة له اتخذت ابعاد جماهيرية واعلامية وسياسية  اضافة لوجود معارضة من شخصيات ملتزمة دينياً.
5- كما ان رئيس البرلمان الذي اسهم في تمرير اتخاذ القرار عاد وتراجع تحت هذا الضغط الواسع وقال انه لم يدرس من الجانب الاجتماعي والاقتصادي وسيتم الطعن فيه . لهذه الاسباب وغيرها سيتم نقض هذا التشريع وسيفشل وسيحصد مشرعوة الفشل والخيبة ولعنة الشعب لهم .
الاستنتاجات :
 يعد هذا التشريع بمنع المشروبات الكحولية سابقة تأريخية خطيرة لم تحصل في المجتمع العراقي منذ عدة قرون . وقد تم تمريرة في غفلة عن العديد من اعضاء البرلمان واللجنة القانونية ولأجل وضع حد لأنتهاك الحقوق والحريات وانتهاك الدستور والتحايل علية لا بد من المعاقبة القانونية لكل من شرع ومرر هذه الفقرة المثبتة في قانون واردات البلديات .
1-ان يسارع النواب الحريصون على الدستور من الاسهام في رفع الحصانه عن القاضي الذي شرع ومرر الفقرة في القانون ومن مكنة من تمرير هذا المشروع . واحالتهم للقضاء وتجريمهم لأنهم زوروا وانتهكوا الدستور . لا سيما انه بقرارهم هذا ساهموا بانفلات الامن والامان  واشاعوا الخوف في المجتمع واسهم قرارهم هذا بأرتكاب جريمة قتل يوم اول امس في البصرة في منطقة العشار حيث قتل رمياً بالرصاي مواطن صاحب محل بيع مشروبات كحولية . على الدولة ان تعوض عائلته مالياً وتعاقب الجناة بقسوة لأنها ستكرر هذه الجرائم في اماكن اخرى من قبل المافيات التي شرع القانون لصالحها .
2- انه قرار ملغوم ورائه مئارب أخرى وانه يمثل بالون اختبار في حالة نجاح تمريرة سيمررون قوانين أخرى جائرة ظالمة ذات اتجاهيين الاول تجاري نفعي يخدم مصالح فئوية والثاني ظلامي ينتهك ما تبقى من حقوق وحريات ويهيئ لبناء دولة اسلامية وكلا الاتجاهيين مدمران للمجتمع والوطن .
3- ان قيادات احزاب الاسلام السياسي وحاشيتهم في العراق لا هم رجال دين ولا هم رجال سياسة انهم بحق في حالة تحجر فكري وضعف معرفي وضعف في الكفائة السياسية والعملية ولديهم قراءة خاطئة في كيفيةالتعاطي مع الواقع العراقي .بلا شك انهم تجار سياسة واصحاب مصالح ذاتية فئوية واصحاب اجندات اقليمية ضارة بمصالح الوطن والشعب , هم يتقاتلون من اجل السلطة باسم الديمقراطية ويفصلون القوانين واللوائح والتشريعات حسب مقاساتهم لديمومة استبداهم وهيمنتهم واستئثارهم .
4- ان احزاب الاسلام السياسي غالبيتها من كلا الطائفتين تشكل بيئة ملائمة وحاضنة ومفرخة للأرهاب بكافة انواعه , لأن فكرها متحجر متطرف وخطابها طائفي مفرق ممزق للنسيج الاجتماعي ومدمر للوحدة الوطنية .
5- ان علماء الدين والمرجعيات الدينية جميعها معنية اليوم قبل الغد لطرح مبادرات لأصلاح الفكر الديني وجعله فكر ديني منفتح يتقبل الآخر يؤمن بالحقوق والحريات , ومبادئ الدين الاسلامي قائمة على العدل والتسامح والوقوف مع الحقوق والحريات لكن الفكر الديني المتطرف الذي يتمثل في فكر الاسلام السياسي هو من اساء الى الدين قبل ان يسيئ للمجتمع والوطن والدولة والدستور .
6- لمبدأ المواطنة حقوق ذات ابعاد قانونية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية وبيئية , الاسلام السياسي ينتهك هذه الحقوق والحريات  بما فيها الحريات الشخصية ان مبدأ المواطنة لا يستقيم الا بالدولة المدنية الديمقراطية التي فيها يصبح جميع المواطنين دون تمييز لا سيما المرأة  التي تحصل على حقوقها كاملة اسوتاً بالرجل والمشاركة في اتخاذ القرارات الجماعية من منطلق ان الشعب يكون مصدر السلطات وليس كتلتين طائفيتين وكتلة قومية هم مصدر السلطات ويحتكرون القرار بالمحاصصة وتلغى وتهمش بقية التيارات السياسية والكيانات القومية والدينية ومنظمات المجتمع المدني .
7-  ما اكدتة تجربة العراق منذ 2003 الى اليوم ان الاقليات الدينية هي اكثر وطنية ولديها طموح وطني لبناء دولة المواطنة وهذه السمة الوطنية و الانسانية والقانونية العادلة والرفيعة مفقودة لدى احزاب الاسلام السياسي من هذا ان جميع الاقليات ومعهم الغالبية من ابناء الشعب العراقي هم مع الدولة المدنية الديمقراطية ويرفضون ويقاومون  حلول ومشاريع الاسلام السياسي .
 8- احزاب الاسلام السياسي تخلق مؤسسات خاصة بها وتوجد تداخل بين هذه المؤسسات ومؤسسات الدولة والمجتمع المثال هو الميليشيات المسلحة والمافيات تستخدمها كأذرع مساندة وداعمة لنشاطها اللاديمقراطي لتمرير مشاريعها باستخدام القوة لتهديد كل كيان وطني ديمقراطي او اقلية دينية او اثنية وهم بهذا يسهمون في انفلات التنافس السياسي السلمي وابعاده عن الضوابط الوطنية ومبادئ الديمقراطية والدستور
9- لهذا ما اكدته تجربة المنطقة و العراق ان من مخاطر مشاريع احزاب الاسلام السياسي انهم عملوا على عدم استقلالية الدولة كمؤسسة وطنية اي انها من خلال قانون الانتخابات اللاديمقراطي بعد ان قسموا العراق الى دوائر بدلاً من الدائرة الواحدة والطريقة النسبية وسرقوا اصوات الكتل الصغيرة وهيمنوا على الدولة والبرلمان وحولوا الدولة الى كيان تابع لهم وهذا مخالف ليس فقط للديمقراطية ومصلحة الوطن والشعب وانما مخالف للدين  .
10- شعبنا ووطننا بحاجة الى علاقة جدلية وطنية ديمقراطية تضمن هذه العلاقة التعايش والتواصل الطبيعي القانوني بين المواطن والدولة والوطن . وتكون قائمة على اساس مشروع وطني ودستور ديمقراطي لا لنظام المحاصصة الطائفية ومشاريعة وحكمة الذي مزق النسيج الاجتماعي واضعف الوحدة الوطنية وعرض الوطن للتقسيم وللمشاريع والاجندات الاقليمية والدولية .
30-10-2016



21
رسالة ثانية للسيد مقتدى الصدر
فلاح علي
السيد مقتدى الصدر المحترم
تحية عراقية
سبق وان اطلقتم في اوائل ايلول 2016 تصريحات اعلامية تضمنت مطالبتكم بقانون جديد للانتخابات وتغيير مفوضية الانتخابات وتحالف عابر للطوائف . ان هذا التصريح  كان له أثر ايجابي على الصعيد الاعلامي والجماهيري ومثل موقف سياسي واضح واستطيع القول ان هذا التصريح اربك قيادات التحالف الوطني رغم انك لم تحدد فيه اي قانون انتخابي تدعوا اليه هل هو قانون ديمقراطي عادل ويكون فيه العراق دائرة انتخابية واحدة وهذا هو اهم ركيزة قانونية لضمان الوحدة الوطنية وانهاء المحاصصة الطائفية ويعد خطوة هامة على طريق الاصلاح والتغيير وانهاء التسلط والهيمنة والاستبداد والتهميش والغاء الآخر. ان الدعوة لهكذا قانون انتخابي يجسد في الممارسة حقاً موقفاً وطنياً .ام تدعوا الى قانون انتخابي يخدم وجهة هيمنة كتل المحاصصة الطائفية على مجالس المحافظات والبرلمان والامساك بالسلطة ثانية وابقاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . حيث تدرس الآن كتل المحاصصة نظم انتخابية مثل ( دهونت وسانت ليغو) لتعديلهما وذلك لضمان اغلبية مريحة  في انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان من خلال تغيير نظام احتساب الاصوات بمعادلة جديدة اكثر تعقيداً لأبعاد المنافسين المحتملين من الاحزاب الصغيرة والشخصيات المستقلة واعطاء اصواتهم للكتل الفائزة .
رغم عدم وضوح موقفكم عن اي قانون انتخابي تدعون اليه . ولكن بعد هذه التصريحات الاعلامية حصلت المفاجئة المتوقعة من قبلكم وغيرتم موقفكم وطرحتم ورقة تتضمن عدة مطاليب للعودة للتحالف الوطني . تفاوض ممثليكم مع التحالف الوطني وانتهى التفاوض بالاتفاق والقبول في بعض المطاليب وتعديل اخرى وعاد ممثلكم الى الاجتماع الاول للتحالف يعني عودتكم للتحالف الوطني وبهذا نقضتم تصريحكم بالدعوة لتحالف عابر للطوائف وهذا مأخذ كبيرعليكم وعلى مواقفكم.
السيد مقتدى الصدر
انت تعلم جيداً ان التحالف الوطني هو تحالف مصالح وهومشروع سلطة وهو تحالف طائفي انتخابي هدفة ديمومة الامساك بالسلطة . وتعلم جيداً ان التحالف الوطني ساهم في انتاج سلطة فاسدة . من هذا شاركت انت شخصياً مع قاعدة التيار الصدري في الحراك الجماهيري المتواصل منذ تموز 2015 الذي تشارك فيه جماهير واسعة من الشعب في مقدمتهم التيار المدني. يطالب الحراك بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات والمضي في الاصلاح والتغيير وانهاء نظام المحاصصة . من هذا ان عودتكم للتحالف الوطني مثل موقفاً رمادياً غير واضح . وعلى ضوء تصريحاتكم اعلاه وموقفكم من الاصلاح والتغيير يتطلبان انتقال التيار الصدري الى موقع المعارضة السلمية وليس العودة للتحالف الطائفي التحالف الوطني . ان غالبية الشعب العراقي تيقنت اليوم اكثر من اي وقت مضى ان التحالف الوطني فقد قدرته ومصداقيته في بناء دولة تضمن حقوق وحريات مواطنيها وشكل حاضنة للتطرف الفكري والشحن الطائفي وكان سبباً في اضعاف الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي دع عنك فشلة في حل ازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وهذه الاضرار التي حصلت في الوطن والمآسي التي حلت في الشعب يتحملها التحالف الوطني والتحالفات الطائفية والقومية الاخرى . دع عنك اصبح التحالف في حالة تنافر بين اطرافه وعاجزاً عن طرح اي مشروع وطني وفرص التحالف الوطني انتهت او اصبحت محدودة جداً في انقاذ الوطن من ازماته مهما جاءوا برؤساء وزراء او ما يسمى حكومة التكنوقراط . وكل ازمة داخلية تواجههم يتوجهوا الى المرجعية الدينية او يطلبوا وساطة ايرانية لغرض دعمهم والابقاء على التحالف الطائفي متماسك على حساب مآساة الشعب وتمزيق الوطن . فعودتك للتحالف الوطني من خلال المساومة التي تمت على ضوء ورقة التفاوض التي قدمتها يؤكد انك غير قادر على الاستمرار بعملية الاصلاح والتغيير والخروج من عبائة الطائفية سيئة الصيت المعادية لمصالح الوطن والوطنية والشعب .
السيد مقتدى الصدر
 ان عودتك للتحالف الوطني أعطت فرصة كبيرة جداً لجبهة القوى المعادية للاصلاح والتغيير من تنظيم صفوفها وبدأ عملية الهجوم على النجاحات التي حققتها جماهير الشعب بحراكهم الجماهيري , وما يؤكد صحة ذلك هو قرار المحكمة الاتحادية العليا يوم اول امس بعودة نواب رئيس الجمهورية ثانية . مواقفكم الرمادية المزدوجة والمتغيرة وجهت ضربة للنجاحات الكبيرة التي حققها الحراك الجماهيري والذي اصبح قوة ضاغطة من اجل محاربة الفساد وتحقيق الاصلاح والتغيير وانهاء نظام المحاصصة .
السيد مقتدى الصدر
اسمح لي ان اوجه لك الاسئلة التالية :
بعودتك للتحالف الوطني يثار التساؤول التالي : هل ان مشاركتكم في الاحتجاجات كان هدفها هو المساومة من اجل الحصول على مزيد من المكاسب والمزايا الخاصة بك وبالتياربالضد من مصالح جماهير الشعب والوطن؟
السؤال الثاني انت طالبت في تصريحك الاول بتحالف عابر للطوائف ثم عدت للتحالف الوطني اذن ما هي هوية التحالف الوطني الذي عدت الية ؟
لا سيما ان جماهير الشعب تدرك ان للتحالف الوطني هوية طائفية . وكما تعلم ان للتحالف الوطني جملة من الانتهاكات والسلبيات منها على سبيل المثال :
1- ان التحالف الوطني متهمة بعض رموزه بالفساد لهيمنته على السلطة .
2- يمارس الاستئثار والاستبداد والابتزاز ويعمل لتلبية مصالح فئوية بعيدة عن مصالح الوطن .
3- ان اطراف التحالف الوطني عدا التيار الصدري جميعها ضد الحراك الجماهيري وضد التغيير والاصلاح وباسم محاربة الارهاب التحالف يحارب الحراك الجماهيري .
4- التحالف الوطني اغرق البلد بأزمات معقدة عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وثقافية .
5- التحالفات الطائفية هي تمثل الحلقات الاخطر على الوحدة الوطنية العراقية وعلى النسيج الاجتماعي للشعب العراقي. وبلا شك ان الغالبية من جماهير الشعب تدرك تماماً انه لا يمكن عودة الامن والاستقرار الى البلد وضمان استقلالة وخروجة من عبائة الدول الاقليمية وتدخلها في شؤونة الداخلية وصيانة وحدته الوطنية وتحقيق العيش الكريم للشعب الابانهاء التحالفات الطائفية التي ستنهي نظام المحاصصة سيئ الصيت الذي انتم طرفاً اساسياً فيه .
اذن السؤال : لماذا أوعزت لوفدكم المفاوض بالعودة للتحالف الوطني ؟ ارجوا الاجابة .
السيد مقتدى الصدر
في يوم 10 تشرين اول 2016   نشرت وسائل اعلام تصريحات جديدة لك :
دعوتم فيها الى تظاهرات وصفتها بالعارمة ضد قرار المحكمة الاتحادية العليا ببطلان الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية واشرت الى الفساد وتأخير اختيار وزراء اكفاء ومستقليين لوزارتي الدفاع والداخلية . واعلنت عن تعرقل المفاوضات مع التحالف الوطني واكدت على وجود توجهات لأبقاء مفوضية الانتخابات وقانونها المجحف . ودعوة لتظاهرة شعبية عارمة وفي ختام تصريحك اعلنت عن تأجيل المفاوضات مع التحالف الوطني بعد ان شكرت لجنة التفاوض على ماقامت به . ودعوت لأعتصام مفتوح اذا لم تقم الحكومة بخطوات جادة وختمت تصريحك بعبارة سنتشرف بأراقة الدم الطاهر على دكة الاصلاح .
السيد مقتدى الصدر المحترم
ارى من وجهة نظري ان تصريحاتك الاخيرة هذه  تؤكد على التالي :
1- دعوتكم لتظاهرات شعبية وصفتها بالعارمة ضد قرار المحكمة الاتحادية بعودة نواب رئيس الجمهورية . هو ايجابي موقف يسجل لكم , ولكن اسمح لي ان اقول لك ان عودتك للتحالف هي التي مهدت الطريق لهذا القرار .
2- لتكن دعوتك التي وردت في تصريحك الجديد اعلاه الداعي الى تعليق او تأجيل المفاوضات مع التحالف الوطني . هو خطوة هامة سيذكرها لك التاريخ في حالة الحاقها بخطوة عملية سريعة وحازمة بأعلان الخروج من التحالف الوطني . وهذه هي اعظم هدية تقدمها للشعب العراقي وللوحدة الوطنية وللوطنية الحقة بمناسبة  ذكرى ثورة الحسين (ع) سيد الاصلاح والمصلحين كما ذكرت في تصريحك لا سيما وانت اعلنت انك سائر على خط الامام الحسين (ع) . وفاءً للحسين ونهجة الاصلاحي تدعوك الكلمة الصادقة التي نطقتها في وسائل الاعلام الى التحلي بالحكمة والجرأة والشجاعة والوطنية الصادقة بأعلانك الخروج النهائي من التحالف الوطني التحالف الطائفي .
3- ما ورد في نهاية تصريحك الجديد اعلاه ( اذا لم تقم الحكومة بخطوات جادة لتعيين وزراء مختصين ومستقلين للوزارات الامنية فعلى الشعب الاستعداد لأعتصام ثان مفتوح ........ وسنبقى سائرين على خط الامام الحسين (ع) وسنتشرف بأراقة الدم الطاهر على دكة الاصلاح ) .
السيد مقتدى الصدر
اسمح لي ان اقول لك ان هذا المقطع من التصريح انه عاطفي وغير مدروس ويضعف من دور وفاعلية الحراك الجماهيري ويعطي مبرر لجبهة القوى المعارضة للاصلاح بالتوحد ومعاودة الهجوم على الحراك الجماهيري للأسباب التالية :
1- ان مطاليب الحراك الجماهيري معلنة لجماهير الشعب وهي تمثل برنامج للتغيير والاصلاح فهي لا تخضع للتجزأة والمساومة والمزابدة وبهذا لا يمكن حصرها بفقرة واحدة هي عودة نواب رئيس الجمهورية وتعيين وزراء امنين مستقلين فلتكن دعوتك للتظاهر هو من اجل تحقيق مطاليب الحراك الجماهيري .
2- دعوة الشعب للاستعداد لأعتصام ثان مفتوح . هذا التصريح لم تكن موفق فيه لأن الاعتصام هو مرحلة نهائية متطورة للحركات الاحتجاجية تسهم عوامل ذاتية وموضوعية في انضاج الاعتصام ولم يؤدي الاعتصام دوره وهدفه واستمراريته بقرار فردي او انه يأتي بناء على رغبة فرد او مجموعة الاعتصام حالة متقدمة ينتقل اليها الاحتجاج الجماهيري وتبقى القرارات الفردية هي ضارة ومؤذية للنشاط الجماهيري السلمي .
3- ثم يختتم التصريح بعبارة وسنتشرف بأراقة الدم الطاهر على دكة الاصلاح . اسمح لي ان اقول لك ان تصريحك هذا هو لعب بالنار وهو يهدف بدون ان تعلم وبدون قصد منك الى اضعاف وتدمير الحراك الجماهيري السلمي وتصريحك هذا يعطي مبرر للحكومة للتراجع عن الاصلاح ولجبهة القوى المعادية للاصلاح ببدأ هجومها على الحراك الجماهيري كما ان تصريحك هذا يحفز القوى الاقليمية ويبرر تدخلها بالشأن العراقي كونها هي اصلاً ضد الحراك الجماهيري عليك بسحب هذا التصريح الغير مدروس لأنك تعطي صورة غير صحيحة عن الحراك الجماهيري السلمي وتسهم بدون ان تعلم على تهيئة مستلزمات موت الحراك الجماهيري قبل تحقيق هدفة بمحاصرته والهجوم عليه من قبل هذه القوى .
السيد مقتدى الصدر
اذا كنت حقاً مع الاصلاح والتغيير وانهاء الفساد ونظام المحاصصة وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية دولة العدل والديمقراطية وتضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية , فأترك الحراك الجماهيري لقياداته الميدانية ولنشطائه من كلا الجنسيين للمضي في وجهتهم السلمية لأجل تحقيق اهدافهم التصريحات النارية الهوائية والاوامر الفردية هي تضعف الحراك الجماهيري , ليكن دورك داعم لمشروع الحراك الجماهيري وكن ناشطاً من اجل كسب التضامن مع الحراك الجماهيري وتقديم الدعم والاسناد له .وليكن نشاطك وصلاتك مع المرجعيات الدينية ومن خلال خطبك هي بهذا الاتجاه , لأن الحراك الجماهيري وقياداته الميدانية ونشطائه هم مع الواقع واكتسبوا خبرة كبيرة وافضل من غيرهم من تحديد وجهة الحراك هم بحاجة فقط الى دعم وتضامن واسناد .
والسلام عليكم .
12-10-2016



22
الموضوعات السياسية المقدمة للمؤتمر العاشر
التحالفات السياسية
(2)
فلاح علي
ما هي المشتركات الاستراتيجية التي تجمع ما بين قوى اليسار والديمقراطية :
ان كان تحالف العمال والفلاحين ومعهم كل الكادحين هو تحالف استراتيجي لكن ما تؤكدة التجارب التأريخية ان تحالفات قوى اليسار والديمقراطية هي تحالفات استراتيجية , وبالعودة الى الموضوعات السياسية المقدمة للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي نجدها تشير الى ذلك الفقرة رقم ( 314 ..... التوصل بصورة جماعية، وعبر حوارات جادة وصريحة ومنفتحة ومبدئية، ذات طابع فكري وسياسي، إلى رسم التوجهات الاستراتيجية والتكتيكية الكفيلة بالارتقاء بوحدة عمل القوى اليسارية والديمقراطية، وتوسيع دائرة ائتلافاتها، لخلق موازين قوى مؤاتية لنضالها ولتحقيق مشروعها ... الخ) . اذن هنالك مشتركات في الاهداف والتوجهات ليس فقط التاكتيكية وانما الاستراتيجية وهي كثيرة ومنها على سبيل المثال : 1- انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . 2- اقامة دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية وبناء مؤسساتها وقوانينها الديمقراطية . واستقلال القضاء بعد اصلاحه 3- تحقيق العدالة الاجتماعية 4- القضاء على الفقر والامية والمرض والبطالة 5-تحقيق التنمية المستدامة الديمقراطية والحفاظ على ثروات البلد وعدم اخضاعها للخصخصة 6- ضمان حقوق الانسان وحرية الرأي والمعتقد وحقوق المرأة وضمان حقوق القوميات وتحقيق السلم الاهلي وتعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الفيدرالية لكوردستان وفصل الدين عن الدولة . 7- لمواجهة مهام المرحلة ما بعد داعش ...... الخ .
اذن تكمن أهمية التحالفات  في التالي :
ان للتحالفات اهمية تتجلى في الحصول على تأثير ودور ونفوذ سياسي وحضور جماهيري لقوى اليسار والديمقراطية اكبر من تأثير وحضور الحزب بمفردة , كما ان التحالف يساعد على توحيد القوى والامكانيات الذاتية والجماهيرية والاعلامية وحتى المالية وما ينتج عنها على صعيد الفعل من تأثيرات ايجابية. كما انها تهيئ أرضية ومستلزمات افضل للدعاية الانتخابية ومن جمع اصوات أكثر لا سيما في التحالفات التاكتيكية الانتخابية , وهذا يساعد في الوصول الى مركز صنع القرار وفي القدرة على تحقيق الاهداف والتوجهات التي تمثل برنامج الحد الادنى . ان ظروف العراق اليوم وما يمر به الشعب العراقي والوطن من مخاطر يفرضان وحدة العمل والنشاط المشترك لكل قوى اليسار والديمقراطية واقامة تحالفاتهما . وكقاعدة عامة ارى من وجهة نظري ان محاكمة اي تحالف سياسي يكمن في طبيعة قواه السياسية ودور وفاعلية قواعدة الحزبية والجماهيريةهذا اولاً وثانياً في برنامجة المعلن في وسائل الاعلام وثالثاً ما حققة التحالف من نجاحات . ورابعاً دور التحالف في نهوض وتطور الحركة الجماهيرية .
استنتاجات ودروس من تجربة التحالفات :
1- ان الحزب الشيوعي العراقي ليس خارج المجتمع او خارج الطبقات , بل انه يعيش وسط المجتمع وتحيط به طبقات وفئات اجتماعية واحزاب وقوى رغم انها تحمل تناقضات ولها مصالح وغايات متعددة ولكن ما أكدته تجربة تأريخ العراق السياسي ان الحزب دخل في عدد من التحالفات خلال حقب تأريخية منها تحالف جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 وجبهة عام 1973 وتحالفات في عقد الثمانينات والتسعينات منها جود وجوقد وجك وغيرهما كما حصلت تحالفات انتخابية ما بعد عام 2003 اني هنا ليس بصدد تقييم هذه التجارب فقد قيمها الحزب لا سيما تحالف عام 1973 حيث درسها وقيمها المؤتمر الرابع للحزب وابدت منظمات الحزب ورفاقة لا سيما منظمات الانصار الشيوعية ملاحظات جدية على وثيقة التقييم وتم الخروج بدروس  .
2- أرى من وجهة نظري ان جوهر القضية يكمن في النجاح في تحديد خطة التحالفات التاكتيكية والاستراتيجية وشروطهما وأهدافهما ومع من يتم التحالف هذا اولاً وثانياً ان يكون للتحالف لا سيما الاستراتيجي من ضمن احد اهدافة الآنية هو تحقيق وحدة الطبقة العاملة العراقية والصعود بوعيها وبمزاجها في خوض النضال الجماهيري بكل ثقلها ورابعاً ان هذه الوجهة العملية ان تحققت ستسهم بشكل فاعل في انخراط فئات اجتماعية ناشطة ومؤثرة في المجتمع هم الطلبة والشبيبة من كلا الجنسيين والمثقفون والكادحين والفلاحين وسائر فئات المجتمع الاخرى وهذا يهدف الى النهوض بالحركة الجماهيرية وتطورها .
3- يلا شك هنالك مشتركات من دروس التحالف السياسية للحزب رغم تباعد المراحل التاريخية , الا انها تحمل سمة مشتركة ان اهمال هذه الدروس ستكون له نتائج سلبية ضارة على صعيد مستقبل الحزب وتأثيره السياسي والجماهيري وبالتالي تأثيره على النهوض الجماهيري وعلى صعيد التوازنات وتغييرها في المجتمع وتحقيق الاهداف .... الخ ومن هذه الدروس على سبيل المثال هو انه في تحالف عام 1973 جمد او اهمل او ابتعد او تخلى الحزب عن النضال الجماهيري السلمي كأسلوب نضالي في الضغط السياسي لأسباب غير مبررة ونتج عن ذلك اضرار كثيرة . بعد عام 2003 تجنب الحزب بهذا القدر او ذاك اسلوب النضال الجماهيري السلمي , لعوامل وظروف موضوعية وذاتية بعضها مبررة رغم ان الحزب لم يخطأ هذا الاسلوب النضالي الا انه لن يمارسة آنذاك لأسباب عدة .
4- لكن لاحقاً تحققت نجاحات على هذا الطريق بعد ان أدرك الحزب اهمية تفعيل هذا الاسلوب النضالي وتمكن من تهيئة بعض مستلزمات خوض النضال الجماهيري السلمي مع جماهير الشعب وطبقته العامله وكادحية وفلاحية وفئاتة الاجتماعية المتمثلة في منظمات المجتمع المدني وتبني مطاليبها والدفاع عنها .
5- حصلت الانعطافة التاريخية في موقف الحزب وساهم رفاقه وبعض منظماتة في الاحتجاجات والمطاليب العمالية وتوجت في المساهمه الفعلية في احتجاجات شباط 2011 والى اليوم حيث النضال الجماهيري السلمي هو السمة المشرقة لجماهير الشعب بكافة طبقاتة وفئاتة الاجتماعية وقواة الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية المشاركة فيه , بلا شك ان الشيوعيين هم طرف ناشط في هذا الحراك الجماهيري , هذا هو المدخل النضالي الطبيعي لتغيير الموازين وتغيير الاصطفافات  .
6- ان هذا الفعل الجماهيري على الارض يؤكد ان هنالك قطاعات واسعة من جماهير الشعب وكادحية ومعهم الشيوعيين وقوى اليسار والديمقراطية وحتى بعض الليبراليين , قد تخلوا عن حالة التردد والانتظار والترقب والخوف والخشية من خوض النضال الجماهيري , ارى من وجهة نظري انه هذا هو احد الدروس البليغة بالنسبة للشيوعيين الذي يمثل بوصلة للنضال لتحقيق الاهداف والمهمات وحاجات ومتطلبات الشعب . كما يؤكد ان الشيوعيين يسيرون في الاتجاه السليم مع جماهير الشعب وقواة الوطنية والديمقراطية واليسارية , لأنقاذ الشعب والوطن من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ومن مخاطرة وأزماتة المتنوعة الكثيرة .
7- اذن هذا يؤكد ان المدخل الماركسي الفكري المجرب الذي يمثل سلاح فعال مؤثر ومغير لموازين القوى إبتدأ بتحريك وتفعيل اسلوب النضال الجماهيري السلمي , ويستكمل الاسترشاد بالفكر الماركسي في الفعل على الارض هو في الوصول الى قاطرة الحراك والنضال الجماهيري المتمثل بالطبقة العاملة العراقية  واعطائها اهتمام اكبر  حيث انها الطبقة الوحيدة التي تستطيع استقطاب اوسع طبقات وفئات المجتمع حولها وبالذات الطلبة والشبيبة من كلا الجنسيين , وانها تعطي زخم وطني شعبي ضاغط ومؤثر ومسرع في عملية الاصلاح والتغيير , كما انها الطبقة الوحيدة التي لا توجد بينها تناقض في المصالح . رغم انها منقسمه حسب الوعي والتطور المهني والعملي وحسب الدين والمذهب والقومية . ان كان هذا الانقسام طبيعياً في ظروف العراق الا ان مصالحها هي واحدة بغض النظر عن هذا الانقسام من هنا تكمن الاهمية الكبرى في تحقيق وحدة الطبقة العاملة العراقية , وعلى صعيد تأريخ العراق السياسي الوطني وظروف العراق السياسية اليوم تؤكد المعطيات على الارض ان صمام الامان لوحدة الطبقة العاملة وللوحدة الوطنية العراقية هو الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية .
8- اني ارى من وجهة نظري هذا هو المدخل الوطني و الماركسي لنهوض الحركة الجماهيرية وتطورها و لأحداث عملية الاصلاح والتغيير وأرى ايضاً أن اي تفكير بعقد تحالفات سياسية ذات طبيعة تاكتيكية كأن تكون انتخابية مع اي قوى من قوى الاسلام السياسي , انما هي ضرب من الخيال والدوران في حلقة مفرغة ومضيعة للوقت وتكون خطوة ضارة على الصعيد السياسي والجماهيري والاعلامي ويكون لها تأثير سلبي على القواعد الحزبية وعلى مزاج و نهوض الحركة الجماهيرية وعلى تحقيق الاهداف والتوجهات , هنالك نتائج سلبية كثيرة لا اريد الدخول في تفاصيل .
9- اما الاسباب الجوهرية التي تؤكد على خطأ وضرر التحالف السياسي الانتخابي مع اي قوى من قوى الاسلام السياسي اوجزها من وجهة نظري بالتالي : 1- لا يوجد في العراق الآن اي قوى من قوى الاسلام السياسي تؤمن فكرياً وسياسياً بالديمقراطية عدا هنالك شخصيات اسلامية محدودة وهذه حسمت موقفها من مسألة الديمقراطية . 2- اذن ليس هنالك مشتركاً سياسياً وفكرياً للوصول الى برنامج انتخابي يحقق الاهداف والتوجهات . 3- اما التفكير بالحصول على عدد من المقاعد الانتخابية من خلال التحالف مع الاسلاميين فهذا يمثل ركض وراء السراب . 4- ان قوى الاسلام السياسي لديها أجندات وتوجهات ذات طبيعة آيدلوجيه رغم انها لم تعلن عنها بشكل مباشرورسمي ولكن تهيئ لها منها فرض الهيمنة والاستبداد واسلمة الدولة والمجتمع . 5- ان كل قوى الاسلام السياسي لها ارتباطات اقليمية وهنا يتجلى احد مكامن الخطرعلى الوحدة الوطنية وعلى المؤسسات والقوانين الديمقراطية . 6- كل قوى الاسلام السياسي هي مع العولمة الراسمالية وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة الامريكية وتلبي مصالحها ومصالح الدول الامبريالية الاخرى في العراق والمنطقة فهي مع خصخصة ثروات البلد. 7- لغياب قانون ديمقراطي للانتخابات ولدور المال السياسي ولأمتلاك هذه القوى للأعلام الجماهيري وبما ان جميع هذه القوى مهيمنة على السلطة السياسية وشكلت نظام المحاصصة الطائفية ولوجود تحالفات طائفية فيما بينها, فأن اي تحالف سياسي معها يكون ضار ويدخل في اطار التبعية . 8- اضافة الى ان قوى وشخصيات نظام المحاصصة الطائفية متهمه جميعها بالفساد , وان كان بعضها يحارب الفساد اعلامياً فقط ليس الا ولكن جميعها تضع خط احمر على نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . لهذه الاسباب وغيرها فأن اي تفكير بالتحالف السياسي الانتخابي مع اي من قوى الاسلام السياسي هو ضار بالحزب وبدوره وحضوره السياسي والجماهيري ويضعه في اطار التبعية لقوى طائفية  .
10- لكن بنفس الوقت نجد هنالك حقيقة على الارض وهذا ما تؤكدة تجربة العراق اليوم هو ضرورة التمييز ما بين ثلاث تحالفات اولاً التحالف الاستراتيجي وهذا ما تم الاشارة له وأكدته الموضوعات السياسية وثانياً التحالفات السياسية التاكتيكية كالتحالفات الانتخابية وهذا ما تم الاشارة له , وثالثاً هنالك تحالفات على الجبهة الاجتماعية والاقتصادية .
11- ان تجربة الحراك الجماهيري اليوم تؤكد على اهمية النضال المشترك في ميدان جبهة النضال الاقتصادي والاجتماعي مع قواعد بعض قوى الاسلام السياسي المعتدل والتي غالبيتها من الكادحين والفقراء والمتضررة من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ,ان النضال على هذه الجبهة يوحد ملايين الناس من مختلف طبقات وفئات المجتمع العراقي لأنه يهم مصالحهم وعيشهم الكريم وضمان حقوقهم و أمنهم واستقرارهم وتوفير الخدمات لهم ومحاربة الفساد وصولاً للاصلاح والتغيير . ان جبهة النضال الاجتماعي والاقتصادي التي يكون محورها الطبقة العاملة العراقية هي التي توحد القواعد الشعبية بغض النظر عن الدين والطائفة والقومية في نضال جماهيري وطني , والتي تتجلى اليوم بقدر من الملموسية على الارض في الحراك الجماهيري . حيث انتج هذا الحراك قدر كبير من النجاح بلا شك يتعزز ويتطور بشعارات موحدة ومطالب محددة واقعية وبالتنسيق المشترك بين اللجان والتنسيقيات الفاعلة في هذا الحراك بدون فرض او هيمنة من تنسيقية على اخرى ,بجبهة النضال الاجتماعي والاقتصادي تلتحم القواعد الشعبية والطبقات والفئات الاجتماعية من هنا تتغيرالموازين في المجتمع وبالتالي لها تأثير ايجابي في تغيير الاصطفافات الطائفية بتغيير الوعي الجمعي المجتمعي بنمو الفكر الوطني الديمقراطي وهنا تتهيئ أرضية لتحالفات جديدة اوسع تعمل على انهاء نظام المحاصصة وبناء دولة المواطنة دولة المؤسسات الديمقراطية .
12- اخيراً ان من ضمن الدروس التي اكدتها تجربة الحزب الشيوعي العراقي ان اي تحالف يستبعد فيه مشاركة القواعد الحزبية يكون تحالف ركيك وهش وغير فاعل , ان اشراك قواعد الحزب في النقاش حول طبيعة التحالف ومع من يتم التحالف هي قضية فكرية وسياسية في غاية الاهمية تكمن في توفير قناعات لرفيقات ورفاق الحزب بهذه التحالفات وهذه الخطوة تسهم في تحصين اعضاء الحزب ونشطائه وكوادرة من اي تأثيرات اخرى كما تحصنهم من الركض وراء شعارات جذابة وهذا يجنبهم من الوقوع في شرك الشعارات ذات الطبيعة اليسارية المتطرفة او اليمينية , كما ان اشراك القاعدة الحزبية في رسم وجهة التحالف يؤهل القاعدة الحزبية لتكون عامل قوة للتحالف على الصعيد الجماهيري والتعريف به وببرنامجة وقواه وتسهم في اعطائة زخماً جماهيرياً .
29-8-2016

23
الموضوعات السياسية المقدمة للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي
التحالفات السياسية
(1)
فلاح علي

جاء في الموضوعات السياسية المقدمة للمؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي موضوعة التحالفات السياسية ووحدة العمل والنشاط المشترك وردت تحت عنوان : تحديات ومهمات أمام القوى اليسارية والديمقراطية . وتضمن هذا العنوان عدد من الفقرات (إبتدأت بالفقرة رقم 314 وانتهت في الفقرة 327 ) .
ان مضمون هذه الفقرات يمثل بحق انتقالة فكرية سليمة وصائبة وواضحة في رؤية الحزب للتحالفات ووحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية , انطلاقاً من ظروف البلد والمنطقة ومهام الحزب وأهداف قوى اليسار والديمقراطية , فعلى سبيل المثال مما جاء في الفقرة  رقم .
314- وعلى خلفية هذه الاحداث والتطورات، تواجه قوى اليسار والتقدم والديمقراطية في المنطقة مهمة تعزيز مساهمتها في معركة التغيير السياسي الديمقراطي في العالم العربي، وإعلاء شأن قيم الاستنارة والعقلانية والديمقراطية والحوار في المجتمع، ولمواجهة هذه التحديات والنهوض بالمهام التاريخية، يتوجب التوصل بصورة جماعية، وعبر حوارات جادة وصريحة ومنفتحة ومبدئية، ذات طابع فكري وسياسي، إلى رسم التوجهات الاستراتيجية والتكتيكية الكفيلة بالارتقاء بوحدة عمل القوى اليسارية والديمقراطية، وتوسيع دائرة ائتلافاتها، لخلق موازين قوى مؤاتية لنضالها ولتحقيق مشروعها. وما أكدت عليه الفقرة رقم 317- وارتباطًاً بهذه التحديات، يتعين على القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والشيوعية، العمل الدؤوب على مواصلة الحوار واللقاءات على مختلف المستويات، وتوحيد نضالاتها على أساس برنامج محفز للنضال الجماهيري المثابر، تتجسد مفرداته في .......... الخ .
ان هذه الوجهة تؤكد مرة أخرى على الاصالة الفكرية للحزب في تجسيدة للفكر الماركسي في الممارسة كمرشد للعمل , كما تؤكد على قراءتة الدقيقة لواقع العراق وظروف المنطقة والحاجة الى وحدة عمل قوى اليساروالديمقراطية ,  وذلك ارتباطاً بالتحديات والتطلعات التي تواجة شعوب المنطقة وقوى اليسار والديمقراطية .
كما ان وجهة الحزب هذه على الصعيد العملي تؤكدها تجربته التأريخية وتجربة الحركة الشيوعية واليسارية في العالم اجمع انه لا يوجد في تأريخ الحركة الثورية العالمية اي حزب شيوعي لم يفكر في التحالفات وفي وحدة العمل والنشاط مع القوى اليسارية والاشتراكية والديمقراطية . رغم ان موضوعة التحالفات شكلت احد العقد او المعضلات الكبرى في تأريخ الصراع الفكري والسياسي داخل الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه الى اليوم وكذا تجارب أخرى في الحركة الشيوعية واليسارية العالمية .
من احد الاسباب الاساسية في هذاالصراع الفكري والسياسي :
هو تقديم التنازلات والمساومات مما نتج عن هذا الصراع خطان تحريفيان الاول : خط يساري يرفض كل تحالف ما دام هذا التحالف يقدم تنازلات ومساومات , كما يرفض بهذا الشكل او ذاك وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية . والثاني : خط يميني لم يتردد بتقديم جملة من التنازلات بما فيها المبدأية ويصعب عليه ايضاً من الجانب الفكري تحديد اومعرفة مدى او طبيعة التنازلات والمساومات المطلوب تقديمها , كما يصعب علية فهم اهداف التحالف التاكتيكي وشروطة ومداه ومع من يتم التحالف. ان هذا الخط اليميني  يبقى همه هو التحالف والحفاظ عليه حتى وان كان ضعيفاً فوقياً هشاً بلا قاعدة جماهيرية او ضاراً او بعيداً عن تحقيق الاهداف الآنية التي تمثل الحد الادنى من المهام, كما ان هكذا تحالف يفرض تهيئة ظروف في التخلي عن الهوية الفكرية والطبقية والاهداف والشعارات ولم يكترث او يفكر هذا الخط اليميني في الاقدام على فرط عقد التحالف حتى وان تحول الحزب الى التبعية على الصعيد الاعلامي والجماهيري .
اذن ماهوالمرتكز الفكري والسياسي والعملي للتحالفات :
على صعيد تجارب الحركة الشيوعية والثورية واليسارية في العالم , أكدت هذه التجارب بمجموعها على أهمية التحالفات التاكتيكية هذا أولاً وثانياً على ووحدة العمل والنشاط المشترك مع قوى اليسار والديمقراطية التي تمثل تحالف استراتيجي . وثالثاً أكدت هذه التجارب على ان هنالك مرتكزاً مشتركاً فكرياً وسياسياً وعملياً والمرتكز هو موقف لينين الذي مثل على الصعيد الفكري والسياسي والعملي مرجعية في مجال التحالفات . لينين وضع التحالفات في اطارها المبدئي وحولها الى واقع في مجال التاكتيك والاستراتيجيا . وهذه هي ترجمة حقيقية للماركسية في الممارسة العملية , وهذا ما يؤكد ان الماركسي لا بد من ان يستفاد وبحذر من اي تصدع او خلاف او صراع ما بين المصالح الطبقية والسياسية والفئوية في جبهة القوى المعادية , والعمل على توسيع جبهة تحالفاته . هذا من جانب ومن جانب آخر ما تؤكده تجربة الحركة الثورية ايضاً ان الكفائة والقدرة السياسية تكمن ايضاً في كسب حليف جماهيري حتى وأن كان مؤقتاً او متذبذباً .
الاستنتاج العملي لتجربة لينين وموقفة من التحالفات :
 في كراس مرض اليسارية الطفولي  انتقد لينين الوجهة اليسارية المتطرفة التي ترفض التحالفات بدعوى انها تقدم تنازلات او مساومات. كما انتقد الوجهة اليمينية التي تصر على عقد التحالفات حتى وان كانت تجعل حزب الطبقة العاملة يكون ذيلاً اوتابعاً للبرجوازية . وأكد لينين ان النضال السياسي والعمل الثوري يتطلب عقد جملة من التحالفات او الاتفاقات , كما أكد لينين في مجال التحالفات انه لا يمكن تقديم تنازلات فكرية , وأكد على مواجهة كل من يقدم تنازلات فكرية , التي تعني في الجانب العملي والتطبيقي ان الحزب يتخلى عن هويتة الطبقية والفكرية , واكد على ان التحالف هو طوعي اختياري يحافظ على الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي لكل الاطراف المتحالفة , مع حق الاحتفاظ بنقد الاطراف المتحالفة , على ان يكون التحالف في صالح قضية الطبقة العاملة اي في صالح التحولات الديمقراطية والهدف الاستراتيجي .
وبالعودة الى الموضوعات السياسية نجد ان الفقرات التالية تؤكد صحة ودقة الرؤية الفكرية والسياسية للحزب في مجال التحالفات ذات التوجه الاستراتيجي وهي : الفقرة رقم 326- السعي الدؤوب الى تحقيق الوحدة الوطنية، الديمقراطية، ووحدة قوى اليسار - الممثلة لمصالح اغلبية جماهير الشعب والمدافعة عن حقوق الكادحين - لاستقطاب القوى الحية، واستثمار طاقات الشباب المهدورة وتوظيفها في الإتجاه السليم، وتفعيل قدرات الغالبية العظمى من النساء، المعطلة والمهمشة حالياً . وما تؤكده الفقرة رقم 327- العمل المتواصل على إشراك أوسع الجماهيرفي تقرير مصائرها والدفاع عن مطالبها وضمان مصالحها وانتزاع حقوقها، عبر النضال الواعي والمثابر والمنظم، وعلى أساس برنامج واضح الاهداف، واستراتيجية علمية متوازنة ملموسة وواقعية .
(يتبع )
25-8-2016





24
مخاطر نظام المحاصصة على الوحدة الوطنية
(2)
فلاح علي
ثالثاً : المرتكزات الثقافية والفكرية :
ان نظام المحاصصة قائم على مرتكزات ثقافية وفكرية حاول فرضهما على المجتمع والدولة من خلال وسائل الاعلام المملوكة لهذه الكتلة او تلك ومن خلال تقاسمة وهيمنته على السلطة السياسية .  ان تجربة العراق أكدت ان الثقافة الطائفية والاثنية المتعصبةغذت و تغذي أولوية الانتماء الى الطائفة وزعمائها والمذهب والقومية على الوطن . ان الثقافة الطائفية والاثنية المتعصبة حولت العلاقة الوطيدة بين الوطن والدولة الى علاقة بين الطائفة والقومية والدولة  . أي ان هذه الثقافة اللاوطنية غيبت الوطن والشعب والمواطن . ان هذه الثقافة الطائفية وهذه الرؤية اسهمتا في تفكيك الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي ,وهمشت المواطن وحولته الى احد رعايا الطائفة والمذهب والقومية وغيبت الهوية الوطنية وحلت محلها الهويات الطائفية والمذهبية والعشائرية والقبلية . ان هذا الخلل الفكري الذي يحملة المشروع الثقافي الطائفي يشكل تناقض في المشروع ويضعه في خانة اللاوطنية , لهذا كان هذا التناقض يعتبر من احد الاسباب الاساسية لدفع هذه الكتلة الطائفية او تلك الى الاستقواء بالعامل الاقليمي والدولي لمواجهة ما تسمية بالخصم الداخلي . وهذا ما اكدتة تجربة نظام المحاصصة وهذا هو في الواقع ترابط للمصالح الفئوية الذاتية بين الكتل المتحاصصة والاستراتيجية الامريكية ومصالح الدول الاقليمية , فالكتل المتحاصصة تستعين بالعامل الاقليمي والدولي لمساعدتها في الاحتفاظ بالسلطة السياسية . ان هذه الوجهة التي مثلها الفكر الطائفي في العراق هي ليس نظرية وانما هي من الواقع وجسدها نظام المحاصصة في الممارسة والسلوك وفي خطابة السياسي . ان زعماء الطائفية السياسية يعتقدون انه من خلال تعبئة ابناء الطائفة حولهم سيكسبون ولائهم ودعمهم وتبعيتهم لهؤلاء الزعماء الطائفيون وبالتالي يضمنون ابدية بقائهم وهيمنتهم على السلطة السياسية كما يعتقدون . لهذا ما يشهده المواطن اليوم في العراق من مقاومة شرسة من قبل هؤلاء الزعماء للأصلاح والتغيير الديمقراطي ولجوئهم الى المناورات المكشوفة والضغط لأضعاف وانهاء الحراك الجماهيري السلمي , ما هو الا دليل على تمسكهم بالسلطة ومعارضتهم للاصلاح والتغيير تحت ذريعة ان التغيير يهدد وحدة الكيان ما يقصدونه بالكيان هو الطائفة ويعرضة للتفكك , ولكن ما اكدته التجربة ان نظام المحاصصة والفكر السياسي الطائفي فككوا الوطن وقسموه الى ثلاث كيانات وهمشوا الكيانات الاخرى اي قوميات شعبنا الاخرى كما همشوا كل التيارات السياسية والفكرية. وعرضوا الوطن للتقسيم .في حين ان كل تجارب شعوب العالم أكدت ان تغيير النظام السياسي الى نظام ديمقراطي قائم على المؤسسات الديمقراطية وليس المحاصصة هو لصالح الوطن والشعب ويضعهما على  طريق التطور والازدهار ويهيئ لبناء دولة ديمقراطية فيدرالية حديثة. ان الفكر الطائفي همش دور المواطن وفكك الوحدة الوطنية ومزق النسيج الاجتماعي للشعب , وناصب الديمقراطية وفكرها العداء .
رابعاً : المرتكزات الاعلامية :
بعد سقوط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب والاحتلال واقامة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ,  تم فتح ابواب التمويل المالي الامريكي والاقليمي على مصراعيها لتأسيس قنوات تلفزيونية بحجة حرية الاعلام . بهذا تم وضع مرتكزات للاعلام الطائفي والنيوليبرالي في العراق واصبح عدد القنوات الفضائية الطائفية كثير جداً حتى اشخاص امتلكوا قنواة تلفزيونية بتمويل اقليمي, وتم اصدارصحف ومجلات بالعشرات ودفعت مبالغ مالية شهرية عالية لأستقطاب الاعلاميين , والتحق بهذا الاعلام الدخيل على الاعلام العراقي الوطني والديمقراطي ,اعلاميون كثر تحت ضغط ظروف المعيشة الصعبة , وتم اختراق الاعلام العراقي من جهات دولية واقليمية ومتطرفين وبعثيين وفي ظل غياب قوانين وتعليمات تنظم العملية الاعلامية وضعف رقابة البرلمان , تعرض العراق لقصف صاروخي عشوائي من الجو والبحر والبر بصواريخ حاملة لرؤس تفكيك وتدميرالوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي وبث الكراهيه والشحن الطائفي والتحريض على العنف واثارة الصراعات الطائفية والاثنية والحزبية السياسية  .  ما نشاهده اليوم من صورة للاعلام الطائفي في العراق  , انها بحق مؤلمة وقف ويقف حولها اجندات و ممارسات مبرمجة لصالح الطائفية والشحن الطائفي والتعصب القومي , وتكريس الهويات الثانوية الطائفية والمذهبية والاثنية والعشائرية على حساب الهوية الوطنية واثارة الصراعات , لهذا ما اكدته تجربة العراق ان الاعلام الطائفي ليس في صالح الوطن والشعب . لذلك التقت المصالح الفئوية الذاتية لزعماء الكتل المتحاصصة مع الاستراتيجية الامريكية والاقليمية في الساحة العراقية وفي منطقة الشرق الاوسط . لا سيما ان امريكا تعمل وفق مبدأ فرق اقتصد . ان احد اجندات الولايات المتحدة الامريكية  في الساحة العراقية , هي في اشاعة الفوضى الاعلامية ونشر الفكر النيوليبرالي وفكر وثقافة الطائفية من خلال الاعلام لغرض تنفيذ أجندتها. ان جوهر المشكلة في الاعلام الطائفي هو نظام المحاصصة الطائفية لأن المشكلة هي ليس في الاعلام فقط وانما المشكلة هي سياسية لهذا تسمى بالطائقية السياسية وتقف ورائها مصالح فئوية ذاتية لزعماء الكتل الطائفية وليست المشكلة دينية او مذهبية او أثنية . وهذا يعني على الواقع ان نظام المحاصصة يتبنى الطائفية السياسية .
خامساً : هنالك مرتكزات في المؤسسة العسكرية والامنية :
نظام المحاصصة أخضع المؤسسة العسكرية والامنية  الى المحاصصة واصبحت هذه المؤسسة حكراً لمحاصصاتهم  , وتم تقسيم  الوظائف من الوزير الى المراتب العليا فيما بينهم والصراع حولها . ان كتل المحاصصة الطائفية تناست ان الجيش العراقي هو يمثل مؤسسة وطنية انه جيش وطني , ان الشعور الوطني والوطنية الحقة والحرص على الوحدة الوطنية تستلزم عدم اخضاع الجيش والداخلية والاجهزة الاستخباراتية والامنية للمحاصصة , وان تؤسس هذه المؤسسة العسكرية على اساس الكفائة والوطنية والاخلاص للوطن من هذا كان الصراع بين الكتل الطائفية على أشده على من يحصل وزارة الدفاع او الداخلية , وكانت هذه الاجهزة هي الاكثر عرضة للاختراقات , مع تنامي الارهاب والفساد وغياب الامن والامان وانتشار الميليشيات والمافيات واحتلال داعش لمدن . فغاب الامن والاستقرار في البلد وهذه احد مخاطر نظام المحاصصة . هذه المقالة لا تتطلب الدخول في تفاصيل ومعطيات يعرفها الشعب , وانما لتبيان مرتكزات ومخاطر نظام المحاصصة  على الوحدة الوطنية .
ما يمكن الخروج به من استنتاجات على ضوء التجربة العراقية :
1- ما أكدته تجربة العراق ان المشكلة والازمات لا تكمن في الدين والمذهب والقومية وانما المشكلة تكمن في جوهر نظام المحاصصة الطائفية والاثنية اي المشكلة سياسية ترتبط بالمصالح الذاتية لزعماء الكتل واجنداتهم وصراعاتهم على الهيمنة والاستحواذ وهذا ما انتجته الطائفية السياسية التي يتبناها نظام المحاصصة .
2- ان نظام المحاصصة له مرتكزات في الدولة والمجتمع , وهو سبب كل أزمات البلد  وانتشار الفساد والفوضى والارهاب وغياب الامن والامان .... الخ لكن المشكلة الاخطر هو ان نظام المحاصصة أصبح مرتكز لتقسيم العراق .
3- أرى ان انهاء نظام المحاصصة الطائفية دفعة واحدة عملية صعبة جداً ومستحيلة , رغم تصاعد ضغط الحراك الجماهيري , ما يمكن ملاحظته ان مقاومة كتل نظام المحاصصة ومناوراتها لا زالت شرسة وقوية ومدعومة اقليمياً ودولياً . من هنا ان حاجة النضال الجماهيري السلمي تتطلب تحديد أولويات التصدي لنظام المحاصصة الطائفية في مقدمتها الضغط بكل الوسائل السلمية على البرلمان لوضع  تشريعات قانونية ذات طبيعة ديمقراطية . والتشرعات هي سياسية وقضائية وثقافية و اعلامية وتعليمية وتربوية واقتصادية واجتماعية وخاصة ضمان حقوق الانسان وتعزيز مبدأ المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية اي ان تحديد الاولويات ليس على اساس مراحل متباعدة وانما على دفعات زمنية مترايطة .
4- ارى ان هنالك مدخل مهم جداً لأجل التسريع في الاصلاح والتغييرالديمقراطي يكمن في العمل على تغيير التوازن في المجتمع , وهذه مهمه صعبة جداً لأن الكتل المتحاصصة متمترسة في تحالفات طائفية ان هذه التحالفات تمثل مصدر قوتها وهيمنتها في الدولة والمجتمع . وهذه المهمه تحتاج لأمكانيات كبيرة على صعيد قوى لتهيئة مستلزمات منها اعلام جماهيري واسع وزيادة وزن لاعبيين في العملية السياسية من قوى ديمقراطية ويسارية واتحادات عمالية ومهنية وتشكيل قطب ديمقراطي يساري عابر للطوائف والقوميات سيكون عامل هام ومؤثر في تهيئة مستلزمات تغيير التوازن في المجتمع والتأثير الايجابي على القاعدة الاجتماعية لكتل المحاصصة .
5- ان الطبقة العاملة وحركتها النقابية هي القوة المدنية الفاعلة في المجتمع في حالة دخولها الكامل في الحراك الجماهيري مع شبيبة الحراك الجماهيري , ستكون خطوة متقدمة على صعيد تغيير توازن القوى الطبقية والسياسية في المجتمع ,  لصالح الشعب والوحدة الوطنية على حساب الطائفية السياسية , لا سيما ان الطبقة العاملة بحكم دورها في عملية الانتاج والخدمات وتسيير مرافق الدولة الاخرى ومؤسساتها وبحكم تنظيمها فأنها بمقدورها التأثير الايجابي على كل الكادحين والمهمشين في المجتمع ومعهم فقراء الارياف وفئات اخرى وكسبهم وجرهم الى الانضمام معها في الحراك الجماهيري لأنها تعبر عن مصالحهم , وبهذا يحدث تغيير التوازن وتهيئ مستلزمات الاصلاح والتغيير الحقيقي .
6- ان السلاح الفكري المجرب لمواجهة الطائفية السياسية هوالثقافة الوطنية وفكرها الديمقراطي البعيدعن الجمود , وهو السلاح الفكري الفعال والقادر على تبيان مخاطر واضرار نظام المحاصصة وهو الضامن للوحدة الوطنية والمعبر عن حاجات و تطلعات ومصالح الشعب والوطن , وهو يمثل عامل تعبئة لكل طبقات وفئات المجتمع العراقي , من هذا تلعب الثقافة الوطنية وفكرها الديمقراطي على انحصار القاعدة الاجتماعية للكتل الطائفية والقومية المتعصبة وتضعف التحالفات الطائفية , مع تواصل النضال الجماهيري السلمي والاعلامي الضاغط بهذا النضال الجماهيري الحامل للمشروع الديمقراطي ستنهض جماهير الشعب للاسراع باحداث الاصلاح والتغيير وانهاء الفساد وبناء دولة المواطنة ونظامها الديمقراطي الفيدرالي الموحد .
7- ما أكدته تجربة العراق ان الثقافة الوطنية الديمقراطية هي حاجة فكرية للشعب وهي تمثل حقيقة الشعب العراقي بكافة قومياتة واديانة , وان الاعلام الوطني ذات التوجه الديمقراطي هو يمثل صوت الشعب العراقي بكافة طبقاتة وفئاتة الاجتماعية وكادحية بوجه الاعلام والثقافة الطائفية الخطيرة على الوحدة الوطنية .
18-6-2016




25

المقدمة :
خاض الشعب العراقي بكافة قومياتة وأديانة وقواه السياسية الوطنية والديمقراطية نضال طويل ضد الهيمنة الاستعمارية وقدم تضحيات جسام من اجل التحررالوطني والاستقلال وبناء وطن حر مستقل ودولة مؤسسات ديمقراطية اتحادية  .كان هذا النضال الجماهيري تحت راية الوحدة الوطنية , وجسد هذا النضال الوطني وحدة الشعب العراقي بكافة قومياته واديانه ومنظماته المهنية واحزابه, وتشكلت تحالفات سياسية وطنية عابرة للطوائف والقوميات آنذاك بين الشيوعيين والوطنيين والديمقراطيين والتف حولهم الشعب لخوض النضال الوطني التحرري . ولا يزال شعار ( على صخرة الاتحاد العربي الكردي تتحطم مؤامرات الاستعمار والرجعية ) راسخاً في ذاكرة الشعب ويؤكد على واقعيته وضرورته الوطنية انه شعاريجسد الوحدة الوطنية لا طائفي ولاقومي , وكانت التظاهرات والهبات الجماهيرية تنطلق في آن واحد من كوردستان الى البصرة وترفع شعارات موحدة وهتافات موحدة ومطاليب موحدة لهذا كانت القوى الوطنية والديمقراطية في نضالها الوطني تستمد قوتها من قوة الشعب .
ما الذي حصل بعد ذلك ؟ النظام الدكتاتوري الفاشي المقبور استخدم القمع والبطش والقتل والابادة لتحطيم وتدمير وانهاء الروح النضالية الوطنية والاممية التي يتميز بها الشعب العراقي  .
 لكن بعد سقوط النظام الدكتاتوري المقبور من خلال الحرب والاحتلال بوغت الشعب العراقي بتشكيل نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والاثنية , فحول نظام المحاصصة الوطن الى اتحاد للمصالح الفئوية الطائفية والاثنية تقوده زعامات أكدت تجربة ال 13 عام الماضية, انها وضعت مصالحها فوق مصالح الشعب والوطن . وان هذه الزعامات متحدة على تقاسم الثروة الوطنية والامتيازات وفي اشاعة الفساد بكل مؤسسات الدولة ومتحدة ومتضامنة في معاداة الديمقراطية وعدم بناء دولة المواطنة ومتحدة في حرمان الشعب من العيش الكريم . وهذا ما اكدته التجربة ان زعامات نظام المحاصصة  لا تربطهم اي رابطة بتأريخ العراق السياسي وامجاد ونضالات وتضحيات وانتصارات وانجازات الشعب العراقي , من هذا نرى اليوم ان الزعماء المتحاصصون لا يستمدون قوتهم من قوة الشعب , وانما يستمدونها من مسايرتهم للمشاريع الاقليمية والدولية , وان صلتهم بالوطن ووحدته ما هو الا شعار مصطنع وانها تؤدي دور اعلامي بأدعائها بالحرص على مصالح الشعب والوطن ليس الا , لكنها في الواقع تعمل لأجندات سياسية لا تلتقي ومصالح الوطن والشعب . وما اكدته التجربة في ظل نظام المحاصصة الطائفية , هو غياب الموقف الوطني الموحد في أجندات الزعامات المتحاصصة وحتى يمكن القول انه استحالة التصدي لأي عدوان خارجي في ظل نظام المحاصصة ومن الامثله على صحة ذلك :
1- تقدم الجيش التركي في أواخر عام 2015  لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني في العمق العراقي واحتل بعشيقة ولم يكن هنالك فعل ضد هذا العدوان التركي , وهذاخير دليل على غياب الموقف الوطني الموحد , حيث في ظل هذا التطور انقسمت زعامات الكتل المتحاصصة حول الموقف الوطني المطلوب اتخاذه لمواجهة الاختراق العسكري التركي الخطير الذي هدد السيادة الوطنية واخترق حدود الوطن , والى اليوم لا يوجد موقف وطني موحد لمواجهة هذا العدوان.
2-عندما دخلت عصابات داعش من سورية واحتلت مدينة الموصل لم يجري التصدي لها ودحرها في حينها , لغياب الموقف الوطني الموحد لدى المتحاصصون وزحفت الى مدن اخرى واحتلتها . عجزت كل الكتل المتحاصصة  في حينها من مواجهة هذه العصابة بداية دخولها للموصل ودحرها .وهذا يعود الى الانقسام والصراع وعدم الانسجام في المواقف الوطنية , انهم متفقون فقط على المصالح والامتيازات وتقاسمها , حيث لم تتمكن القوى السياسية الحاكمة من الاتفاق على القيام بخطوة عملية تجاه تلك الاختراقات للوطن وسيادته , حتى ان تأجيل تحرير مدن رئيسية مثل الموصل لها علاقة بانقسام الموقف الداخلي والاقليمي والدولي . وأكدت التجربة ان هذه الارتباطات الاقليمية والدولية لها الغلبة على الحالة الوطنية . اذن المحاصصة الطائفية والاثنية تشكل تهديد للوحدة الوطنية و تشكل مخاطر على مصالح الوطن والشعب المحاصصة نهج مقيت يحرض على العنف والكراهيه ومعادي للثقافة الوطنية والديمقراطية والتسامح , ان التصدي للمحاصصة الطائفية والاثنية بموقف وطني شعبي موحدهو مسؤولية ومهمه وطنية واخلاقية .
ما هي مرتكزات نظام المحاصصة الطائفية والاثنية :
لنظام المحاصصة مرتكزات سياسية وقانونية واقتصادية واجتماعية وفكرية .
أولاً :المرتكزات السياسية والقانونية :
تأسس النظام السياسي بعد عام 2003 , على اساس المحاصصة الطائفية والاثنية وانسحبت آثاره على كافة مناحي الحياة في البلاد ابتداءً من ادارة الدولة وتشكيلة البرلمان وهيئة الرئاسة وتقاسم السلطات على اساس المحاصصة والوزارات والمدراء العامون والسفراء والهيئات التي تسمى مستقلة .... الخ . وهذا انعكس على كافة مرافق الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية وحتى الخدمات الصحية والمتضرر من هذا النظام هو البلد بأزماته المعقدة وايضاً جماهير الشعب والكادحين والفقراء منهم .ويجدد هذا النظام  نفسه في انتخابات برلمانية كل اربعة سنوات من خلال وسائل ومرتكزات سياسية وقانونية لا ديمقراطية تم تشريعها لديمومة نظام المحاصصة تتمثل في :
1- قانون انتخابات لا ديمقراطي قسم العراق الى دوائر انتخابية بدلاً من دائرة وطنية واحدة , وتم سرقة اصوات الديمقراطيين والكتل الصغيرة  ولعدم اعتماد الطريقة النسبية ايضاً .
2- عدم وجود قانون للاحزاب .
3- في ظل مفوضية للانتخابات غير مستقلة تم تأسيسها على اساس المحاصصة لتخدم مصلحة وديمومة  الكتل المتحاصصة .
4- توظيف الدين في السياسة لتضليل جماهير الشعب .
5- دخول المال السياسي مع تدخلات اقليمية كبيرة تؤثر على مسار الانتخابات لصالح هذا الطرف او ذاك
6- عدم حيادية اعلام الدولة وتوظيف بعض مؤسسات الدولة وتسخيرها لخدمة قوائم معينة اثناء الحملات الانتخابية .
اذن البلد يدار بعقلية المحاصصة الطائفية والاثنية , لذلك نجد ان جميع الوظائف العليا والامتيازات هي حكراً على هذه الكتل المتحاصصة , وهم يعلمون ان الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لو طبقت في العراق لخسروا كل امتيازاتهم وغنائمهم لهذا لن يتنازلوا عن نظام المحاصصة بسهولة . من هذا اكدت التجربة ان نظام المحاصصة يمثل الظلم والطغيان والجور وانتهاك الحقوق والحريات وعدم المساواة وتفشي الفساد . لو كان العراق دولة مواطنة ودولة مؤسسات ديمقراطية لحكم العراق العدل والقانون وتوزع الثروة على المواطنين حسب العمل والكفائه والاختصاص ويؤسس نظام الضمان الاجتماعي والصحي وتتحقق الحياة الحرة الكريمة للشعب بدون تهميش ومصادرة للحقوق والحريات.
ثانياً :المرتكزات الاقتصادية والاجتماعية :
1- في الجانب الاقتصادي تم توظيف واردات النفط لصالح الكتل المتحاصصة وضمان منافعها وامتيازاتها حيث لعبت واردات النفط  دور كبير في تعزيز هيمنة الكتل المتنفذة وامساكها للسلطة السياسية ولفرض دورها وتأثيرها في الدولة والمجتمع . وما اكدته تجربة نظام المحاصصة ان العلاقة طردية بينها وبين واردات النفط . كل زيادة في اسعار النفط ينتج عنها تضخم حجم القوى المتحاصصة في المجتمع وهيمنة اكثرعلى الدولة وبالذات قوى الاسلام السياسي . وكلما إنخفضت أسعار النفط كلما تقلص حجم احزاب الاسلام السياسي في المجتمع وتراخت قبضتهم وهيمنتهم على السلطة وهذا ما يشهده العراق اليوم  من هذا نجد ان هنالك ترابط في المصالح بين المتحاصصون والعولمة الرأسمالية ودولها الامبريالية والدول الاقليمية وخضوع زعامات الكتل المتحاصصةللتوظيف السياسي لهذه الدول من هنا يأتي دعم واسناد هذه الدول لنظام المحاصصة لتمكينهم من مقاومة الحراك الجماهيري وسرقة ومصادرة ثمار الحرك الجماهيري . ومع ذلك ما اكدته تجارب الشعوب ان نظام المحاصصة القائم على المصالح لا يستطيع هزيمة جماهير الشعب المنتفضة والمطالبة بحقوقها المشروعة .
2- اذن ان زعماء المحاصصة في العراق إمتلكوا الثروة وكونوا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية تحالف طبقي لأصحاب الثروة وسياسي طائفي واثني, وتحولت هذه التحالفات الى احتكارات محلية تستأثر بالثروة والدخل وتتقاسمها عبر رموزها السياسية والجهات المتنفذه المرتبطة بها . وما اكدته التجربة ان زعماء الكتل والمتنفذون في هذه التحالفات الطبقية والطائفية يريدون ان تكون نشاطاتهم الاقتصادية هي بديل عن التنمية المستدامة وهذا هو مصدر قوة لبسط هيمنتهم . وما أكدته التجربة ايضاً ان المحاصصة الطائفية تقف دون تنامي دور القطاع العام للأقتصاد الوطني وتطويره ومصالحها الطبقية تضغط للسير في طريق الخصخصة .
9-6-2016
(يتبع)

26
الرفيق العزيز ناصر عجمايا
تحية طيبة
شكراً لمرورك على المقالة وشكراً لتعليقك ما ذكرته بخصوص الموقف الامريكي في النقطة رقم 1- ما اقصده ان الادارة الامريكية لا تشجع على تقسيم الاقليم الى ادارتين اي لا تريد تقسيم الكيان الواحد الى اكثر من كيان واني سميتها كانتونات او اجزاء اضافة الى انها تخشى ان تكون ادارة السليمانية تصبح في حضن ايران اما النقطة رقم 2- ان مصالح الادارة الامريكية واستراتيجيتها في منطقة الشرق الاوسط تسعى لاقامة انظمة سيسياسية على اساس كيانات كما هو في العراق سنه وشيعة واكراد على اساس هؤلاء يمثلون الشعب العراقي وهمشوا واقصوا قوميات شعبنا الاخرى وتياراته السياسية لاجل ان يكون لها حضور دائم وتأثير على سياسة هذا البلد او ذاك ولتعلن للعالم انها اقامة الديمقراطية لهذا الشعب او ذاك اعتقد قد وضحت الموضوع وبمعنى آخر انها لا تريد تقسيم الطائفة او القومية الى جزأين او ثلاث هي تريد نظام محاصصة مكون من طوائف وقوميات شكراً لك ثانية مع التحيات

27
الاخ العزي Adnan Adam
تحية طيبة
نعم ان اي تحليل ان تكون له ابعاد سياسية وفكرية وتنظيمية وحتى اعلامية ... الخ اني أشرت في المقالة ان الاتفاق له ابعاد ايجابية تكمن في الحل الدستوري القانوني الديمقراطي للآزمة في كوردستان وله جانب سلبي يكمن في الخشية من ان يوظفه ذوي المصالح الذاتية من توظيفة لكسر ارادات واللجوء الى التصعيد الاعلامي ووفي حالة عدم التوصل الى اتفاق سيتم تقسيم الاقليم الى ادارتين وهذا ضار بمصالح الشعب الكوردي ومصالح الشعب والبلد في العراق شكراً لتعليقك مع التحيات

28
الاتفاق السياسي بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير الى أين
فلاح علي
سلطت العديد من وكالات الانباء الاضواء على الاتفاق السياسي الاخير بين الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير وظهرت العديد من التكهنات , وتابع الرأي العام العراقي والمهتمين بالشأن السياسي هذا الاتفاق ونتائجة على الارض  بلا شك ان الاتفاق له إتجاهيين .
الاتجاه الاول هو تنظيمي : وقد يكون الاتفاق خطوة أولى لأعادة توحيد التنظيمين وهذا شأن داخلي .
اما الاتجاه الثاني هو بعده السياسي : أرى ان هذا الاتفاق ان توصل الى رسم خارطة طريق جديدة لحل الازمة السياسية في كوردستان العراق بالطرق السلمية الدستورية وبعيداً عن الصراع والتصعيد الاعلامي والخطاب المتشنج , وإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية في كوردستان ومنها البرلمان الذي هو مكسب لشعب كوردستان العراق الذي قدم التضحيات الجسام على طريق بناء كوردستان - العراق ديمقراطية فيدرالية بدون هيمنة وتفرد واستبداد وتهميش واقصاء الآخر , وبمشاركة الشعب والقوى السياسية في كوردستان ببناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد . ان كانت وجهة الاتفاق التي ستمثله خارطة الطريق الجديدة بهذا الاتجاه فأنها ستكون خطوة تأريخية هامه في حل الازمة السياسية في كوردستان وتسهم في حل أزمات العراق . ولكن الخشية والخوف من ان توظف بعض القوى المتنفذة في التنظيميين هذا الاتفاق السياسي لخدمة مصالح فئوية وذاتية واستخدامة لكسر إرادات وبالتالي الاضرار بمصالح الشعب الكوردي والدخول في صراعات ضارة لا يريدها اي مخلص لكوردستان والعراق .
المؤشرات لمسار الاتفاق في الجانب السياسي :
بحكم متابعتي لأخبار كوردستان أتلمس ان هنالك  وجهة ايجابية للتحرك المشترك ما بعد الاتفاق , رغم عدم وضوح الهدف النهائي , وهذا ما تؤكدة الاخبار المنشورة في الاعلام وآراء المحلليين والمطلعيين على حيثيات المسار أن الوجهة المعلنة للتحرك السياسي في كوردستان ما بعد الاتفاق هي التالي :
1- بدأ في الاسبوع الماضي عقد لقاءات من قبل وفد مشترك من الحركتيين مع الاحزاب الاسلامية في السليمانية التي لها نفوذ في برلمان اقليم كوردستان, وقد تعقد لقاءات مع الاحزاب الاخرى , وهذه ضرورية لأن كل القوى السياسية في كوردستان سواء كانت في البرلمان او خارج البرلمان هي لها جماهير وقدمت تضحيات وهي معنية بمصير اقليم كوردستان – العراق . ووجهة هذه اللقاءات هو تبني الدعوة لعقد جلسة للبرلمان وحل الخلافات دستورياً مع تبني وجهة تحويل النظام في الاقليم الى برلماني بدلاً من رئاسي .
2- تشير التوقعات بعد الانتهاء من توحيد المواقف في السليمانية مع الاحزاب الاسلامية وغيرها من التي لها نفوذ في البرلمان سيرسلوا وفد الى أربيل للقاء مع قيادة الديمقراطي الكوردستاني لغرض حل الخلافات بالطرق الدستورية القانونية والسلمية وما يؤكده المحللون السياسيون انهم قد يلجؤون حتى الى الحلول التوافقية .
3- وفي حالة عدم الوصول الى اتفاق  يتوقع بعض المحللين انهم وضعوا لهم وجهة هو انفصال الأقليم الى إدارتين , هذا اذا إفترضنا ان الاحزاب الاخرى اتفقت معهم على فصل الاقليم الى ادارتين وهذه قضية صعبة ومعقدة تدخل فيها عوامل عديدة  داخلية مواقف القوى السياسية سواء كانت في البرلمان او خارج البرلمان ومصالح الشعب الكوردي ومستقبل الاقليم وعوامل اقليمية ودولية المقصود هنا بالدولية هو الموقف الامريكي .
الموقف الامريكي :
1- أرى ان الادارة الامريكية لا تشجع على تقسيم الاقليم الى ادارتين لأن تقسيم الكيان القومي الى كانتونات او اجزاء لا يخدم استراتيجية السياسة الامريكية ومصالحها في العراق والمنطقة هذا أولاً وثانياً  ان الادارة الامريكية تخشى ان يكون الكانتون الثاني في حضن دولة اقليمية ايران مثلاً .
2- ما أكدته تجربة العراق وليبيا وسوريا والسودان ... الخ ان السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط  تهدف الى اقامة أنظمة سياسية قائمة على اساس المحاصصة الطائفية والمذهبية والاثنية في هذا البلد او ذاك ليكون لها حضور دائم في منطقة الشرق الاوسط بحكم وجود الفوضى في هذه البلدان وذلك  بسبب طبيعة النظم التي تقيمها التي تنتج أزمات ومن اجل ايضاً ان يكون لها  تأثير على سياسة البلدان .
3- ان السياسة الامريكية على الارض الآن انها تسير ضمن هذه الوجهة لغرض فرض ما تسميه بالامر الواقع ولتقول للعام ولشعبها هذه هي طبيعة مكونات البلدان ولأجل اعطاء الحقوق للمكونات لا يوجد غير هذه السياسة انها لا تريد دول ديمقراطية مستقلة في بلدان الشرق الاوسط , وهذا مرتبط بمصالحها واستراتيجياتها . حيث نجد ان الادارة الامريكية أجلت عملية تحرير الموصل وأعطت أولوية لتحرير الرقة السورية ودعمت وحدات الشعب الكوردي لأقامة ما تسميه بالفيدرالية في شمال سورية للشعب الكوردي . ورغم انها في العراق قدمت عرض للبيشمركًا بملايين الدولارات لتقديمة مساعدة على شكل اسلحة . في نفس الوقت قدمت عرض للوحدات العسكرية المسيحية في سهل نينوى بملايين الدولارات ايضاً وتقديمها على شكل اسلحة , رغم ان المطران ساكو رفض هذه المساعدات وطلب تقديمها للحكومة العراقية , وكذا رفضتها قوى مسيحية اخرى وطالبت بتقديمها للحكومة , وقد تكون قدمت عرض للوحدات الازيدية . انها تهدف لأقامة ادارة مستقبلية جغرافية في سهل نينوى لكيانات قومية , ان السياسة الامريكية تحكمها مصالح ووجهة استراتيجية في منطقة الشرق الاوسط وأكدت التجربة ان هذه الوجهة الامريكية هي ضارة بمصالح شعوب المنطقة .
الاستنتاجات :
1-ان الاستنتاج الاساسي يكمن في الاجابة على السؤال التالي : هل ان الاتفاق السياسي بين الحزبيين سيلعب دور ايجابي في حل الازمة السياسية في كوردستان العراق بشكل دستوري وديمقراطي ويسهم في تعزيز وتطوير العلاقة مع المركز ويسعى بفاعلية الى انهاء نظام المحاصصة وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد قائم على المؤسسات الديمقراطية ودستور ديمقراطي؟ 
2- ان تجارب الشعوب في بناء أنظمة فيدرالية أكدت انه لا يمكن بناء النظام الفيدرالي من خلال المحاصصة ومن خلال الحرب واستخدام القوة , وانما تبنى الانظمة الفيدرالية من خلال المؤسسات الديقراطية والقوانين والدساتير الديمقراطية .
3- يمكن تشبيه تجربة العراق مع الفيدرالية مثل شخص يبني بيت على رمال متحركة , بدون اساس الاساس هي الديمقراطية كنظام ومؤسسات , لكن تجربة العراق إقيمت على اساس المحاصصة , وبهذا نجد أزماتها كثيرة ومستعصية ومعقدة لغياب المؤسسات الديمقراطية . بالنظام الديمقراطي ستكون حقوق القوميات بما فيها الفيدرالية  وحق تقرير المصيرهي احد الثمار الطبيعية والقانونية للنظام الديمقراطي . اما التهديد باللجوءالى استفتاء في ظروف غير طبيعية بالاقليم وفي المركز وتوظيفة للتصعيد القومي والهروب من الازمات والصراعات الداخلية ما هو الا اضرار في الظرف الراهن بمصالح الشعب الكوردي بشكل خاص ومصالح الشعب والوطن بشكل عام في ظل نظام المحاصصة وأزماتها وغياب الديمقراطية ونظامها السياسي وفي ظل هيمنة مصالح اقليمية ودولية وتدخلها في الشأن الداخلي وفي ظل وجود الفساد و الارهاب واحتلال داعش لمدن وبلدات عراقية .
29-5-2016









29
السيد albert masho
تحية طيبة
شكراً على مرورك على الرسالة وشكراً لتعليقك ان السيد مقتدى هو امام اختبار حقيقي لأنه اعلن في خطابة الاخير انه سينحاز الى جانب الشعب وطالب بحكومة تكنوقراط واعلن معارضته للطائفية وقبل ذلك طلب من تيارة المشاركة في الحراك الجماهيري فأعطى زخم وقوة للحراك الجماهيري رغم انه اعتكف شهرين لكن هذا محك تأريخي اما ان يؤكد وطنيته بمواصلته مع الحراك الجماهيري لتحقيق المطاليب شرط ان يبتعد عن قيادة الحراك الجماهيري واما ينقض ما وعد به وبهذا يحكم عليه الشعب بعدم المصداقية فهو الآن امام اختبار وحتى وان سافر الى ايران التي سبق وان قدمت دعم له لكن هذا محك آخر ايضاً لأجل ان يبرر وطنيته ان يقاوم الضغوك الخارجية ويعتمد على الشعب مع التحيات والتقدير
 

30
رسالة الى السيد مقتدى الصدر
فلاح علي
السيد مقتدى الصدر المحترم
تحية عراقية
لا يخفى عليكم ولاعلى أي مواطن عراقي ان الطائفية السياسية في العراق ليس لها جذور اجتماعية لكن نظام المحاصصة الطائفية والاثنية فرض على الشعب العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري المقبور عام 2003 من خلال الحرب والاحتلال . في الوقت الذي كانت فيه مصالح الشعب والوطن يقتضيان الحاجة الى الديمقراطية وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية . وكان للعامل الدولي والاقليمي دور حاسم في التأسيس لنظام المحاصصة , ولكن مكنه من ذلك على الصعيد الداخلي الزعماء المتحاصصون الذين وضعوا مصالحهم الذاتية والفئوية فوق مصالح الشعب والوطن . وكما يعلم كل الشعب العراقي ان حضرتكم كان من الاقطاب المؤسسة للتحالف الوطني الذي يعد اكبر تحالف طائفي في العراق أضر بمصالح الشعب والوطن . وحصل تياركم على مواقع في الدولة والبرلمان في ظل انتخابات غير ديمقراطية وقانون للانتخابات غيرعادل يخدم مصالح الكتل المتحاصصة , وفي ظل مفوضية للأنتخابات مسيسة وغير مستقلة وغياب اشراف دولي مع توظيف الدين في السياسة ودعم مالي حتى كان من خارج الحدود , بهذه الوسائل اللاديمقراطية تمكن المتحاصصون من الهيمنة والاستحواذ على السلطة السياسية والاحتفاظ بنظام المحاصصة الطائفية والاثنية .
السيد مقتدى الصدر المحترم
ان موقفكم الاخير بالانحياز الى جانب الشعب استقبلة الرأي العام العراقي بتقدير واعتزاز وفخر وخلق اجواء من الامل والتفائل لدى غالبية طبقات وفئات المجتمع العراقي والفقراء والكادحون منهم . وهذا مؤشر على وطنيتكم ونبذكم للطائفية وحبكم لشعبكم وللخير والعدل والمساواة وكرهكم للظلم والطغيان والاستبداد والتهميش وانتهاك الحقوق والحريات , ان هذا الموقف الوطني سجل لكم ولتأريخ عائلتكم المشرف الذي مثله والدكم الشهيد محمد صادق الصدروالشهيد محمد باقر الصدر من مواقف وطنية صادقة بوقوفهم ضد الظلم والاستبداد وضحوا بحياتهم من اجل الشعب .
السيد مقتدى الصدر المحترم :
انكم خير العارفين بالشأن العراقي وارتباطاً بموضوع الحراك الجماهيري كما تعلمون انه بدأ في شباط / 2011 لكن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي قمعه بالقوة وهذا معروف لديكم , ثم  بدأ ثانية في أواخر تموز من عام 2015 وشمل أغلب محافظات العراق المستقرة , وشكل حركة جماهيرية واسعة ضاغطة وفاعلة ومؤثرة نواتها القوى المدنية الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية وناشطون سياسيون واعلاميون ومثقفون وطلبة وشبية وانضم اليها فئات واسعة من المجتمع العراقي نساء وفلاحون وفقراء وكادحون وموظفون صغار . وتمكن الحراك الجماهيري من ان يفتح فجوة في جدار المحاصصة الطائفية والاثنية الا انه لم ينهيها لعدم توفر المستلزمات لذلك بعد . ولا يزال نظام المحاصصة والمعارضون للاصلاح والتغيير ومعهم دول اقليمية ودولية تمسك بزمام الامور وتناور للحفاط على نظام المحاصصة الطائفية والاثنية واستمرار ديمومتة وتسعى لأضعاف الحراك الجماهيري وانهائه. لهذا رغم موقف المرجعية الدينية وموقفكم المشهود وضغط الحراك الجماهيري الا اننا نشهد الآن ان نظام المحاصصة الطائفية والاثنية يعيد انتاج نفسه ويقف بقوة دون اجراء اصلاحات وتغيرات جذرية في طبيعة نظام المحاصصة . رغم تقديمة بعض التنازلات واطلاقة للوعود بالاصلاح والتغيير , فأنه لا يتردد من انتزاع ما قام به ويتوقف عن وعودة ومحاولاتة للأصلاح والتغييرالتي يطلقها .  لا سيمااذا ضعف او تراجع الضغط الجماهيري , لأن كتل المحاصصة الطائفية كل ما تخشاه هو استمرار الضغط الجماهيري السلمي وتواصلة واتساعة .
السيد مقتدى الصدر المحترم
من هذه الوقائع والمعطيات التي لا تزال أحداثها راسخة في ذاكرتكم , ففي الوقت الذي يكن لكم الشعب العراقي كل تقدير واحترام لدوركم المشرف في دفع قاعدة التيار الصدري الشعبية الواسعة من الاشتراك في الحراك الجماهيري في الفترة الاخيرة والذي اسهم في زيادة فاعلية ودور وتأثير وحجم واتساع وضغط الحراك الجماهيري وزيادة قوته الجماهيرية بمشاركة قواعد التيار الصدري فيه وهذا يسجل لكم ولتأريخكم الوطني.
لكن اسمح لي سماحة السيد مقتدى المحترم : ان اقول لكم أن دوركم المشرف هذا رغم انه يعد تطويراً للحراك الجماهيري , ولكن لو اقتصر فقط على دعوتكم لقواعد التيار من المشاركة في الحراك الجماهيري . وتترك الحراك الجماهيري وقياداته الميدانية يصنعون مبادراتهم بأنفسهم من اجل تحقيق المطاليب العادلة. وعدم دخولكم المباشر في قيادة الحراك الجماهيري , ان قيادتكم المباشرة أضعف دور القيادات الميدانية للحراك الجماهيري المتمثلة من تنسيقيات الحراك الجماهيري وقيادات التيار الصدري الميدانية . وبهذا تحول الحراك الجماهيري الى الانتظار والترقب لما يصدر منكم الى ان تم اقتحام المنطقة الخضراء والدخول الى البرلمان وما حصل من ردود حولها , هذا مما زاد الامر تعقيداً باتهام الحراك الجماهيري بالفوضى والحراك الجماهيري بعيد عن الفوضى تماماً وظهرت اصوات لمعاقبة من اقتحم المنطقة الخضراء , وهنالك دعوات صادرة من قوى لو سمحت لها الظروف لأستخدمت القوة لقمع الحراك الجماهيري , وكما تعلم بوجود مصالح وصراع ارادات تمارسها الكتل المتحاصصة في داخل البرلمان وخارجة . بتدخلكم المباشر في قيادة الحراك الجماهيري أعطيت فرصة وحجة للجماعات المعارضة للاصلاح والتغيير في هذه الكتل للهجوم على الحراك الجماهيري واتهامهم لك شخصياً بأنك بدأت تمارس صراع إرادات بأستخدام وتوظيف الحراك الجماهيري من قبلك لكسر اراداتهم , اضافة الى ذلك ان تدخلك المباشر في قيادة الحراك الجماهيري كان ليس في صالح الحراك الجماهيري هذا أولاً وثانياً ان اقتحام المنطقة الخضراء والدخول الى البرلمان لم تحقق اي هدف من اهداف الحراك الجماهيري بقدر ما عقد الموقف وهذا كان اضعاف للحراك الجماهيري لأن وجهة الحراك الجماهيري ليس الهدف منها اقتحام المنطقة الخضراء والدخول الى البرلمان بقدر ما ان وجهة الحراك وهدفة هو تحقيق المطاليب وتحقيق الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد واصلاح القضاء وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة وانهاء نظام المحاصصة من خلال قوة ضغط وزخم واتساع الحراك الجماهيري , ان خطوة اقتحام البرلمان الغير مدروسة أضعفت وجهة الحراك الجماهيري .
السيد مقتدى الصدر المحترم
ان مصلحة الشعب والوطن تفرض على كل وطني تبني الطرق القانونية والجماهيرية السلمية في تحقيق الاصلاح والتغيير . ما ينتظرة الشعب منكم لأجل الخروج من هذه الازمة السياسية وانهاء نظام المحاصصة و تهيئة مستلزمات بناء دولة المواطنة الدولة المدنية والديمقراطية هو :
1- دعم الحراك الجماهيري السلمي وعدم التدخل في قيادته لا سيما كما تعلم ان الحراك الجماهيري له قيادات ميدانية من تنسيقيات الحراك الجماهيري والتيار الصدري في بغداد والمحافظات , وهذه القيادات اكتسبت الخبرة والتجربة ولديها برنامج ووجهة سلمية لكن الحراك بحاجة الى دعم بالوقوف مع مطاليبة من قبلكم ومن قبل المرجعية الدينية .
2- كرس زعماء الكتل المتحاصصة كل امكانياتهم وبدعم اقليمي ودولي , لأقامة تحالفات اجتماعية وسياسية طائفية وقومية اجتماعية وسياسية . للتأكيد منهم على ان هذه التحالفات تمثل واقع حال للشعب العراقي وانها متجذرة في المجتمع العراقي , وهمشوا والغوا التيارات السياسية والفكرية وقوميات واديان شعبنا الاخرى هنا تكمن احد الجرائم الكبرى بحق الشعب والوطن التي ارتكبها المذنبون المتحاصصون وشرعوا لديمومة نظامهم قوانين لا ديمقراطية . وبهذاأصبح زعماء الكتل المتحاصصة يشكلون طغمة سياسية فاسدة في البلد , وضعوا مصالحهم الذاتية الفئوية والحزبية فوق مصالح الوطن وأدخلوا البلد في أزمات وكأنها مستعصية عن الحل .
3- من هنا ينتظر الشعب من حضرتكم خطوة أخرى جريئة وصادقة وعملية ووطنية  ,  وهي اعلانكم العلني والعملي بالخروج من التحالف الوطني لأنه اكبر تحالف طائفي , ويعتبر احد مرتكزات نظام المحاصصة الطائفية . و كما يعلم حضرتكم ان الطائفية هي معادية للدين وللوحدة الوطنية ولمصالح الشعب من هنا ينتظر الشعب قراركم الجريئ بالخروج من التحالف الطائفي .
4- ان تفكيك التحالفات الطائفية والاثنية تعتبر من اهم الاولويات لأنهاء مرتكزات نظام المحاصصة لأجل التهيئ لأنهاء نظام المحاصصة بآليات سلمية قانونية ديمقراطية . ويأتي في مقدمتها تبني آلية تغيير قانون الانتخابات يكون العراق فيه دائرة انتخابية واحدة بدلاً من الدوائر الانتخابية , هو الاكثر فاعلية في تفكيك واضعاف الظاهرة الطائفية واضعاف مرتكزاتها وانهاء نظام المحاصصة ,   بهذه الآلية القانونية الديمقراطية  تتفكك سلسلة حلقات ومرتكزات نظام المحاصصة الطائفية . ان تبني حضرتكم لهذا المطلب الذي يخدم مصالح الشعب والوطن ويدعوا له ديننا الحنيف لأنه قانون عادل , هو من وجهة نظري يمثل الموقف الوطني الذي ينتظره الشعب منكم تبنية وطلبكم من خلال كتلة الاحرار في البرلمان السعي مع برلمانيين وطنيين من اجل تشريع هذا القانون الانتخابي العادل .
السيد مقتدى الصدر المحترم :
ان حضترتكم يدرك تماماً ان المتحاصصون أسهموا في تضخيم التوظيف السياسي لظاهرة الطائفية , وكما تعلم ان الذي دفع ويدفع ثمن التوظيف السياسي للطائفية أولاً واخيراً هو الشعب والوطن وان هذا التوظيف يتعارض والموقف الوطني ومبادئ الاسلام , ما نتج عن هذا التوظيف السياسي للطائفية تراجعاً في انهاء الفقر والجوع والمرض والامية وتنامي البطالة والتهميش الاجتماعي وغياب الخدمات وانتهاك الحقوق والحريات وتنامي الظلم والاستبداد والفساد ورغم هذا الغبن الكبير الذي تعرض له الشعب , فرض هذا التوظيف السياسي على شعبنا بتكريس التبعية للكتل الطائفية والاثنية واخضاعهم للأنتماءات الضيقة الثانوية وهي ما دون الوطنية . كما نتج عن هذا التوظيف السياسي للطائفية تراجعاً عن بناء دولة المؤسسات الديمقراطية وانتج قضاء مسيس وازمات مستعصية عن الحل وميليشيات وارهاب وضعف للوحدة الوطنية والسلم الاهلي واحتلال مدن من قبل داعش وتدخلات اقليمية وفوضى وفلتان أمني . هذه هي مخاطر المحاصصة الطائفية كما تعرفها جيداً. وان هؤلاء زعماء المحاصصة الطائفية الذين مارسوا التوظيف السياسي طائفياً هم نفسهم من وظف الدين في السياسة . الشعب العراقي والحراك الجماهيري ينتظر منكم موقفاً معنوياً داعماً له لمواصلة وديمومة وزيادة حجم وتأثير ضغطة الجماهيري السلمي من اجل تحقيق مطاليبة في محاربة الفساد والمضي في طريق الاصلاح والتغيير الديمقراطي السلمي .
أرجوا لكم وافر الصحة والسلامة والعمر المديد والعطاء الدائم للشعب والوطن . 
والسلام عليكم
11-5-2016







31
السيد Adnan Adam
تحية طيبة
شكراً لك لمرورك على المقالة وأن وجهة نظري واضحة في المقالة اني لا أدعوا الى تعطيل البرلمان واسقاط الحكومة وليس هما الحل لأزمة البلاد رأيي واضح هو انهاء المحاصصة الطائفية والاثنية واصلاح القضاء وماربة الفساد وبناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية هذه الوجهة هي التي تنقذ البلد من أزماته وأشرت انه ما جرى في مجلس النواب هو صراع ارادات وهنالك نواب معتصمون هم كانوا ولا زالوا عرابيي الطائفية في العراق وبعضهم يريد ان يركب الموجه وليس الهدف هو الاصلاح والتغيير شكراً لك مع التحيات

32
أزمة البرلمان تمثل صراع ارادات والتفاف
على اهداف الحراك الجماهيري
فلاح علي
ما حصل في مجلس النواب في الايام 12 و13و14 نيسان 2016 من احتجاج الى اعتصام الى التصويت على اقالة هيئة الرئاسة شكلت هذه الممارسة المفاجئة تعقيداً جديداً للازمة السياسية في البلد , وأضافت أزمة الى أزمات البلد المعقدة المستعصية على الحل . صورت بعض وسائل الاعلام هذا الحدث بأنه يمثل انتفاضة النواب وانه ثورة بيضاء للنواب . ولكن واقع ما يجري خلف الكواليس لا يؤكد ذلك . حيث ما يتلمسه المواطن هو الصراع على المصالح الفئوية وعلى تقاسم المنافع والاستحواذ على المواقع هو السمة المشتركة لكل الكتل السياسية المهيمنة على البرلمان . ولكن ما اصبح أكثر وضوحاًهو بروز ظاهرة صراع الارادات بين قادة الكتل السياسية , و حتى بين اطراف اقطاب التحالف الواحد وتلمس الناس صراع الارادات هذا بشكل واضح ومعلن للملئ  .
ما هو معروف ان  موقف البرلمان كان سلبي من الحراك الجماهيري :
الكتل البرلمانية تدرك تماماً ان تطور الحراك الجماهيري ليس في صالحهم  , وكانت وجهة هذه الكتل في الغالب هو اجهاض الحراك الجماهيري , وكان لقوى اقليمية ودولية مثل ايران والسعودية وامريكا لها ايضاً دور كبير في اجهاض وانهاء الحراك الجماهيري . ورغم التراجع في زخم المشتركين في الحركة الاحتجاجية الا ان مقومات استمرارها وديمومتها لا تزال قائمة وان الشيوعيين وحلفائهم في التيار المدني الديمقراطي والنشطاء في الحراك الجماهيري ومنظمات المجتمع المدني كان موقفهم واضح وصريح هو الاستمرار بالتظاهرات السلمية وتهيئة مستلزمات اتساعها لتشمل قطاعات اوسع من المجتمع والعمل على امتداها الى الاقضية والنواحي . كان ولا يزال الحراك الجماهيري يؤرق الكتل السياسية المتحاصصة .
التطور الذي حصل في الحراك الحماهيري :
التطور الاول : هو اضرابات الطلبة في عدد من جامعات وكليات العراق ان انضمام فئات واسعة من الطلبة الى الحراك الجماهيري أعطى له زخم كبير كما اعطى له الفاعلية والحيوية والاندفاع وقوة التأثير والتفاف فئات اوسع من قبل قطاعات الشعب حول الحراك الجماهيري , وهذا ما أربك الكتل البرلمانية .
التطور الثاني : هو دخول التيار الصدري بقوة الى الحراك الجماهيري رغم ان التيار اعطى زخم جديد وفاعل للحراك والتزم التيار بالشعارات الوطنية وبوجهة الحراك , اضافة الى انه هنالك حقيقة لا يمكن تجاوزها وهي ان قواعد التيار الصدري هم من الفقراء والكادحين والموظفين الصغار ان مصالحهم تلتقي مع اهداف الحراك الجماهيري , والخلاصة ان اشتراك التيار في الحراك هو جانب قوة للحراك وزاده زخماً وتوسعاً .
لكن المتغير المفاجئ الثالث الذي حصل : هو المهلة التي حددها السيد مقتدى الصدر وتنتهي في يوم 28-3-2016 لتشكيل حكومة تكنوقراط وشكل لجنة لهذا الغرض ودعوته للاعتصام امام المنطقة الخضراء , ثم توجه السيد مقتدى واعتصم في المنطقة الخضراء لعدة ايام . هنا تلمس الشعب بشكل واضح صراع الارادات فيما بين الكتل وتجلى ذلك في :
1- شعر نوري المالكي ان مجيئ مقتدى الصدر الى المنطقة الخضراء هو لأستهدافة , لهذا ادان المالكي اعتصام الصدر واعتبره غير قانوني وتشير المعطيات ان المالكي عزز من حمايته وحماية بيته ومكتبة .
2- الصدر ارسل رسائل لنوري المالكي فحواها ان مصيرك بات بيدي وانا الذي أقرره . كما ارسل رسائل لرئيس الوزراء و لقادة الكتل الاخرى فهموا فحواها .
3- التهديد الذي وجهه السيد مقتدى الصدر للبرلمانيين بأن يكون له حساب آخر معهم اذا لم يصوتوا على حكومة التكنوقراط , هذه الرسالة شعر من خلالها العديد من البرلمانيين بانها تمثل رسالة تهديد لهم .
في هذه الاجواء بدأ احتجاج ثم اعتصام النواب والقرار الذي اتخذوة بأقالة هيئة رئاسة البرلمان :
كل المعطيات تؤكد ان ما حصل هو صراع ارادات بين الكتل السياسية في مجلس النواب ورغم وجود رغبات صادقة لدى عدد من النواب بالتحرر من كتلهم والاصطفاف مع الشعب وانهاء المحاصصة الطائفية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية , ورغم ان  ممثلي التيار الصدري قاطعوا الجلسات , وانضموا الى النواب المعتصمين . ولكن ما تلمسه الشعب هو حصول التفاف من قبل نواب دولة القانون التي يقودها نوري المالكي وهي المعادية للديمقراطية , و انضم ممثليها مع النواب في الاحتجاج الى الأعتصام والى اتخاذ قرار بأقالة رئاسة البرلمان , كما انضم نواب كتل أخرى . الحراك الجماهيري و معه قطاعات واسعة من الشعب تدرك تماماً ان  بعض نواب دولة القانون وهنالك نواب آخرون يعرفهم الشعب لم يكن هدفهم الاصلاح و محاربة الفساد وانهاء المحاصصة الطائفية والاثنية ولا الى انهاء الميليشيات ولم تكن لديهم قناعة ببناء الدولة المدنية الديمقراطية وانما :
1- لركوب موجة الاصلاح والتغيير والالتفاف على اهداف الحراك الجماهيري .
2- يعتقدون ان الاعتصام يوفر لهم ظروف افضل ويعطي لهم رصيد شعبي بانهم قادوا الاصلاح من داخل قبة البرلمان  وهذا ما يعتقدوه انه يقربهم من الحراك الجماهيري.
3- وايضاً من أ جل ان يكون لهم دور في رسم التشكيلة الوزارية والهيئات الاخرى  و الى تحسين دورهم التفاوضي والمؤثر الجديد  وعودة رؤساء كتلهم مثل كتلة نوري المالكي بقوة الى المشهد السياسي  .
4- ان دولة القانون هي عرابة للمحاصصة الطائفية والاثنية والشعب يدرك ذلك , وكثير من نوابها ونواب كتل اخرى  يعرفهم الشعب هم وراء الخطاب الطائفي المتشدد وموقفهم الشوفيني المعلن من الاكراد . لكن نراهم اليوم هم يقودون الاعتصام في البرلمان ويطالبون بالاصلاح والتغيير .
الاستنتاجات :
1- ان الاصلاح والتغيير لا يتم بهذه الطريقة لا سيما وان الدافع لبعض البرلمانيين المعتصميين اجندات  وهم قبل غيرهم يدركون ان الاصلاح والتغيير يتم من خلال تشريعات وقوانين ومن خلال تبني اهداف الحراك الجماهيري . ارى ان ما قام به نواب دولة القانون والبعض من المعتصميين من تصعيد هو الخوف من تصاعد ضغط الحراك الجماهيري , ولركوب موجة الاصلاح والتغيير وانهم استغلوا النيه الصادقة لبعض النواب وانضموا اليهم للالتفاف على اهداف الحراك الجماهيري , ولتحقيق وجهتهم باسم نواب العراق.
2- اني أرى من الناحية العملية حتى السيد مقتدى الصدر ليس جاد بأنهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ,  قبل اعتصامه في المنطقة الخضراء القى كلمة في ساحة التحرير مع المعتصمين, ثم بعدها اطلق ( شعارشلع قلع ) ولكن لم يقصد شلع وقلع نظام المحاصصة كان ما يقصده هو شلع وقلع اشخاص وكان يؤكد على حكومة التكنوقراط فقط  . هنالك سؤال يطرح هل ان حكومة التكنوقراط تنهي نظام المحاصصة الطائفية والاثنية في العراق ؟ .
3- من هذا لم يكن للسيد مقتدى الصدر برنامج للاصلاح والتغيير كان لديه صراع مع قوى اخرى . لو كان جاد حقاً في انهاء المحاصصة الطائفية لطالب بتشريع قانون انتخابي جديد لمجلس النواب يكون فيه العراق دائرة انتخابية واحدة . هذا هو الذي ينهي المحاصصة تشريع قوانين ديمقراطية . ولو كان جاد حقاً بأنهاء نظام المحاصصة لأعلن من المنطقة الخضراء خروجه من التحالف الوطني الذي يمثل اكبر تحالف طائفي في البلد وهذا التحالف هو المؤسس لنظام المحاصصة الطائفية والاثنية , لو اعلن ذلك لأسهم حقاً بتفكيك مرتكزات نظام المحاصصة لا سيما وان تياره لديه حوالي 40 نائب في البرلمان و بأمكانه ان يدعوا لتحالفات وطنية عابرة للطوائف . ان الذي كان يمتلك برنامج الأصلاح والتغيير هو الحراك الجماهيري , لديه برنامج واضح للاصلاح والتغيير ومطروح للشعب وجسدته بعض الشعارات التي رفعها الحراك الجماهيري.
4- أرى من وجهة نظري ان بعض من قيادة الحراك الجماهيري او بعض تنسيقيات الحراك الجماهيري في بغداد ارتكبت خطأ كبير فقدت فيه زمام المبادرة , الخطأ هو انها ربطت وجهة الحراك  وأهدافة برغبة السيد مقتدى بالتوجه معه للمنطقة الخضراء , وبهذا تم اسر الحراك الجماهيري في بغداد وفقد المبادرة  في تلك الفترة, لأن الحراك الجماهيري لا يتحول من حالة التظاهر السلمي الى حالة الاعتصام برغبات شخصية هنالك مستلزمات موضوعية وذاتية لا بد منها هذه الرغبات الشخصية لها نتائج سلبية احدها يؤدي الى اضعاف او موت الحركة الجماهيرية الاندفاعة كانت عاطفية ومغامرة غير محسوبة بأندفاع كل الحراك الجماهيري في بغداد وراء اجندات ورغبات السيد مقتدى . اني ليس ضد الاعتصام ولكن ما يفرض التحول الى ظاهرة الاعتصام هو توفير مستلزمات الاعتصام و تهيئة ظروفة وواحدة منها تصاعد مزاج الجماهير ووجود برنامج موحد وقيادة ميدانية مشتركة  ووجهة مشتركة... الخ وليس رغبة من احد.
اذن السؤال هو ماذا حقق السيد مقتدى للحراك الجماهيري من هدف في اعتصامه في المنطقة الخضراء ؟
5- هل ستنتهي أزمة البرلمان بلقاء بين السيد مقتدى الصدر والسيد نوري المالكي او من يمثله من خلال طرف ثالث لاسيما وان هنالك اخبار تؤكد وجود السيد مقتدى في لبنان بدعوة من السيد حسن نصر الله . وهنالك اخبار بوجود المالكي وبعض الاخبار تشير بوجود ممثل عنه لعقد صفقة بينهما بوساطة السيد حسن نصر الله وتشير بعض الاخبار بوحود ممثل علي السيستاني في لبنان . ما ذا سيقول اصحاب الثورة البيضاء من البرلمانيين للشعب بعد اتفاق مقتدى ونوري المالكي او مع ممثل المالكي وقد ينضم اياد علاوي الى الاتفاق معهم على وجهة يتفقوا عليها . ما ذا سيقول البرلمانيون اصحاب الثورة البيضاء لشعبهم المنتفض منذ أواخر تموز 2015 الى اليوم عندما يأتيهم الامر بانهاء الاعتصام في البرلمان ؟ أو ما ذا سيقولوا لشعبهم اذا وقفت المرجعية الدينية في النجف مع المحكمة الاتحادية في دعم الشرعية الدستورية في التغيير والاصلاح ؟
6- ان ظروف البلد الخطيرة لا تسمح بأنشطار البرلمان الى قسميين وتوقف التشريعات وتشل الحكومة ويعطل العمل بالدستور . في حالة عدم التوصل الى حلول عقلانية والاتفاق على انهاء المحاصصة , ارى ان الطرف الآخر سيتوجه الى المحكمة الاتحادية وستقول رأيها المحكمة الاتحادية  .
7- ان الطرف الفاعل باتجاه مواصلة الاصلاح والتغيير وانهاء نظام المحاصصة ومحاربة الفساد واصلاح القضاء واقامة دولة المواطنة هو الحراك الجماهيري واستمرار ضغطة الجماهيري السلمي وتواصلة واتساعة ليشمل كل محافظات العراق والاقضية والنواحي .
15-4-2016



33

الفاعل الاجتماعي والسياسي الجديد في العراق
فلاح علي
ظهرفاعل اجتماعي سياسي جماهيري جديد في العراق واصبح له حضور مؤثر في المجتمع وبات من الصعب اخراجة من المعادلة , ألا وهو الحراك الجماهيري المتمثل في الاحتجاجات الجماهيرية الذي يضم فئات وطبقات من مجتمعنا العراقي ومنظمات المجتمع المدني واعلاميون ومثقفون وناشطون سياسيون وشباب من كلا الجنسيين وتيارات فكرية وسياسية منها التيار المدني الديمقراطي . هذا الفاعل الجماهيري الجديد يؤكد يوماً بعد آخر انه يهيئ بشكل ذاتي مستلزمات ديمومتة وتواصله واتساع حركته الاحتجاجية في العراق في المدن والارياف . ان الفاعل الجديد ذو التوجه الجماهيري الضاغط  يمتلك عناصر القوة الجماهيرية ويتحلى بسمات الديمومة والنمو وتؤكد التجربة انه لن تمنعة او تكسرعزيمته اي قوة  , ولا تضعفة او تحبطة حالة الخذلان التي واجهته بها الحكومة بعجزها عن مواصلة الاصلاح .ان الفاعل  الجماهيي الجديد تحركة عوامل موضوعية ويسانده ويدعمه الرأي العام العراقي والاعلام وينشط سلمياً وفق الدستور الذي  يعطي له الحق في النشاط السلمي .
الفاعل الاجتماعي السياسي الجديد سيغير التوازن ويصعب اخراجة من المعادلة :
هذا ما اصبح يدركه الجميع ان الفاعل الجماهيري الجديد تحول الى حركة جماهيرية , ونظم نشطائه من عشرة محافظات اجتماعات لهم في البصرة في الايام 22و 23 /1/ 2016 ووضع وجهة له لمواصلة الاحتجاجات وزيادة زخمها وضغطها وتأثيرها,وشكلوا تجمع جماهيري باسم التجمع الشعبي للاصلاح والتغيير . وهذا ما يؤشر ان الحراك الجماهيري ظهرت منه قيادات ميدانية وسيكون اكثر تنظيماً ويمتلك رؤية ووجهة للتحرك , وهذا ما يؤهله لأمتلاك مقومات النمو والتوسع والتواصل والضغط والتأثر الجماهيري , اضافة الى عدالة مطاليبة التي ايدها ودعمها غالبية المجتمع العراقي , لا سيما ان  المجتمع العراقي تعرض الى الغبن والتهميش والاستبعاد وغياب الخدمات وفقدان الامن والامان وتنامي الارهاب والفساد ومصادرة الحقوق والحريات بسبب الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية التي انتجها نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . اضافة الى تأييد المرجعية للمطاليب وللاصلاح والتغيير . ان الفاعل السياسي الجديدفي حالة استكمال مستلزمات تفعيلة فانه ستتسع حركته ويزداد ضغطة وتأثيرة الجماهيري الدائم على سياسات الحكومة . وسيعيد التوازن في الدولة والمجتمع بأتجاه مصالح الشعب والوطن . ان الطابع الشعبي للحركة الاحتجاجية يمثل سر قوتها اي دخول الشارع العراقي طرفاً قوياً في معادلة الصراع , كون الشارع ميدان ومنطلق للحركات الاحتجاجية , وبمشاركة الريف في الحركة الاحتجاجية سيكتمل طابعها الشعبي الذي يمتلك قوة الصمود والضغط والتأثيير.
هل ستتطورالحركات الاحتجاجية من المطلبية الاقتصادية الى مطاليب سياسية :
ان الحركات الاحتجاجية بتحركها المطلبي الحالي الاقتصادي الاجتماعي عكست سمة متطورة للوعي السياسي للمجتمع العراقي , بطرح مطاليب واقعية عادلة حضيت بتأييد شعبي واسع من المجتمع ,كما ان الحركات الاحتجاجية اكدت انها حركات وطنية عابرة للطوائف والقوميات  . وانه حراك سلمي يطالب بحقوق المواطن وحاجات الوطن . ورغم ان مطاليب الحراك اقتصادية الا ان بعضها يحمل سمات سياسية فرضتها ظروف العراق الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية والامنية السيئة والتي أثرت على حياة المواطنين وخلقت صعوبات امام سبل العيش الآمن الكريم , الا انه يلاحظ ان هذه المطاليب قد أزعجت الحكومة وبعض قادة الكتل المتحاصصة طائفياً , وبدأت تضغط على الحراك الجماهيري لأضعافه وانهائه حتى بدون تلبية مطاليبة التي هي تمثل مطاليب غالبية المجتمع العراقي . كان رد الحراك الجماهيري على هذه القوى المنتفعة من المحاصصة هو في استمرار الاحتجاجات وتواصلها , وهنا تكمن جسارة وشجاعة الحراك الجماهيري ونشطائه واصرارهم على مواصلة الاحتجاجات . لا سيما وان نشطاء الحراك الجماهيري عقدوا اجتماعات لهم في البصرة وشكلوا تجمع شعبي للاصلاح والتغيير رغم انه لم يكن تجمع سياسي لكنه تبنى وجهات برنامجية ارى ان بعضها ذات وجهة سياسية تكمن في الغاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وسن قانون لتجريم الطائفية ومحاربة الخطاب المتطرف وتشكيل حكومة مصغرة من التكنوقراط ... الخ . وهنا سيمتلك الحراك الجماهيري امكانيات جماهيرية اوسع واعمق في المجتمع العراقي ليصبح فاعل هام في البلاد يتبنى وجهة اقتصادية اجتماعية سياسية ثقافية للاصلاح والتغيير . وهذا ما ستفرضة الظروف الموضوعية التي يمر بها البلد والتي ستكون لصالح الحراك الجماهيري وهذا ان تحقق  فأنه يمثل تطور في حركة ونشاط الحراك الجماهيري  .
الاستنتاجات :
1- ما اكدته تجارب العديد من البلدان ومنها التجربة التونسية والمصرية ان الاحتجاجات تبدأ عادتاً بمطاليب ذات طبيعة اقتصادية اجتماعية وفي حالة عدم تلبيتها اواستخدام العنف لأنهائها , اكدت هذه التجارب على عدم استسلامها للماطلة والعنف , وانمايزداد ضغطها ويتسع حجمها وتتضح رؤيتها لهذا تلجأ الى الضغط الاوسع ذات الطبيعة السياسية الجماهيرية والاعلامية الى ان حققت اهدافها . كما اكدت التجارب ان الراي العام في المجتمع وقف ويقف مع حركاته الاحتجاجية الجماهيرية لأن مطاليبها عادلة . هل العراق استثناء ام سيحصل هذا التطور في الحركات الاحتجاجية في العراق في حالة عدم تلبية مطاليبها ويتحول الى هبه شعبية سلمية من اجل تلبية المطاليب وتحقيق الاصلاح والتغيير؟
2- الحراك الجماهيري لا يهدف الى اسقاط الحكومة بقدر ما انه يريد التعاون مع الحكومة من اجل مواصلة الاصلاح واحداث التغيير, ولكن يلاحظ ان هنالك هجوم عنيف من قبل القوى الطائفية المعادية للاصلاح والتغيير, تلجأ الى الضغط والمناورة والافتراء والتشوية وحتى التلويح باستخدام العنف من اجل انهاء الحراك الجماهيري , وعلى القوى المعادية للاصلاح والتغيير ان تجيب على سؤال لماذا حصل هذا الحراك الجماهيري ؟
3- الحكومة العراقية تدرك تماماً ان الحراك الجماهيري حمل هموم الشعب وحاجاته وبلورها بمطاليب عادلة الحكمة والموقف الوطني يفرضان على الحكومة العراقية ان ترد الجميل للحركات الاحتجاجية وتلبي مطاليبها التي تمثل مطاليب غالبية الشعب العراقي وان تمد جسور العلاقة معها .
4-ارى ان المرجعية الدينية المتمثلة بالسيد علي السيستاني سيكون دعمها اكبر من السابق للحراك الجماهيري , وستكون اكثر قرباً وتواصلاً مع الشعب وحركاته الاحتجاجية , لاسيما ان رئيس الوزراء خذل المرجعية الدينية وفوت فرصة دعم المرجعية والشعب له هذا اولاً وثانياً ادراك المرجعية ان نظام المحاصصة الطائفية نظام غير صالح لشعبنا المتعدد القوميات والاديان  والافكار والتيارات السياسية . لا سيما ان نظام المحاصصة الطائفية وافق على فتح مكتب في النجف لممثل على خامنئي ولي الفقية , وهذه خطوة غير موفقة من نظام المحاصصة الطائفية , لأنها تدرك ان الشعب العراقي  يعرف جيداً ان مرجعية السيد السيستاني ليس مع ولاية الفقية , وقد يلجأ المكتب الى العمل على اضعاف دور المرجعية , ويحتمل ان يقوم بمهام عديدة منها ذات طبيعة فكرية آيدلوجية هو التبشير لولاية الفقيه في العراق وهذا ما يرفضة الشعب وترفضة مرجعية السيد علي السيستاني وما يرفضة الدستور العراقي , وثالثاً لأجل ان تقوم المرجعية بدورها تجاه الشعب وما يتطلبه منها من محاربة الفساد والارهاب ونقص الخدمات وغياب العدل والتجاوز على الحقوق والحريات , من هنا ارى سيكون دور المرجعية اكبر في الضغط على رئيس الوزراء لمواصلة الاصلاح والتغيير .
5- ان نجاح الحركات الاحتجاجية المدعومة من الشعب والمرجعية في مواصلة ضغطها الجماهيري السلمي على الحكومة لتلبية المطاليب العادلة ستسحب البساط من القوى الطائفية المتشددة المعادية للاصلاح والتغيير وتضعفها لا سيما بعد اصلاح القضاء , والبلد بحاجة الى هذه الخطوة الوطنية  , وهذه خطوة هامة لأنهاء نظام المحاصصة الطائفية .
6- ارى ان الحراك الجماهيري لا يهدف الى اضعاف الحكومة او الاضرار بالدولة كما تدعي بعض القوى الطائفية المعادية للحركات الاحتجاجية وللاصلاح والتغيير , وانما يعمل على التعاون مع الحكومة من اجل انهاء ازمات البلد , والقضاء على الفساد والارهاب وانهاء التطرف والفوضى وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاهلي وتحقيق العدالة الاجتماعية وبناء دولة المواطنه الدولة المدنية الديمقراطية . وهذا هو لصالح الوطن وبأنهاء نظام المحاصصة الطائفية سيضع حداً للتدخلات الاقليمية في الشأن الداخلي العراقي ,وسيكون بمقدورالعراق الديمقراطي تغيير معادلة التوازن الاستراتيجي في منطقة الشرق الاوسط لصالح شعوبها واوطانها نظراً للدورالذي سيلعبه العراق الديمقراطي في الحفاظ على الامن والسلام في المنطقة .
7- رغم صعوبة مهمة انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية في العراق , الا انه يلاحظ وما تؤكده المعطيات في العراق اليوم بعد ان بدأ الحراك الجماهيري بأحتجاجاته فان تعاطف الناس مع نظام المحاصصة الطائفية والاثنية بدأ يقل ويتلاشا . وهذا هو مفتاح الحل لكل أزمات البلد الذي يكمن في تواصل الحركات الاحتجاجية السلمية وتطويرها واتساعها وزيادة حجمها وتنامي فاعلية  ضغطها وتأثيرها على سياسات الحكومة , والا سيبقى نظام المحاصصة معمر في البلاد ويحل الخراب والدمار لا بديل الا بمواصلة الحركات الاحتجاجية السلمية وتحقيق المطاليب ومواصلة  الاصلاح والتغيير .
25-1-2016



34
رسالة موسكو البالستية محتواها خلاصة لدروس تجربتين
فلاح علي
1- التجربةالأفغانية :

بعد دخول القوات السوفياتية الى افغانستان في كانون اول / من العام 1979 , ارعب هذ الحدث امريكا والسعودية, لأن تواجد القوات السوفياتية في افغانستان هذا يعني ان المحيط الهندي والخليج العربي اصبحا تحت سيطرة القوات السوفياتية , لا سيما اصبح لهذه القوات الامكانية في التحكم بخطوط ناقلات النفط المتجهة للغرب, اضافة الى تأثيرها على منطقة الشرق الاوسط وحضورها فيه . أثر هذا التطور قررت الأدارة الامريكية برئاسة جيمي كارتر زيادة التسليح الذي كانت تقدمه للجماعات المتطرفة لأسقاط النظام اليساري في افغانستان ,مع ضخ الاموال واطلاق الفتاوي وتعبأة مقاتليين من عدة بلدان لمقاتلة الجيش السوفياتي في افغانستان . إنسحب الجيش السوفياتي من إفغانستان في نهاية عام 1988 واكتمل الانسحاب في شباط من عام 1989 , الا ان كل شعوب العالم أدركت تماماً ان الولايات المتحدة الأمريكية لم تترك الشعب الافغاني لأن يختار بأرادته نظامة السياسي الوطني ,فواصلت دعمها للقاعدة والمتطرفين الاسلامين في إفغانستان حتى بعد انسحاب القوات السوفياتية, لا بل قامت بتشكيل قوى متطرفة جديدة ومدتهم بمختلف انواع الدعم . ((أوعزت امريكا للحكومة العسكرية في باكستان لتأسيس حركة طالبان, وبهذا شارك الاميركان في تأسيس حركة طالبان بصورة خاصة ))((1)) . وحينها وصف الرئيس الأمريكي جيمي كارترهؤلاء ( بالمناضلين من اجل الحرية ) وكان الهدف من تشكيل ودعم هؤلاء المتطرفون هو لاسقاط نظام نجيب الله , وهذا ما تم بدعم مباشرسعودي قطري باكستاني وبشكل غير مباشر من دعم أميركي وقد إسقط النظام السياسي الوطني في إفغانستان وإعدم نجيب الله , في ظل تراجع مواقف موسكو لأسباب وعوامل وظروف عدة .
2- التجربة السورية :
المشترك والمختلف في التجربتين  :

1- اللعبة الأفغانية تكررت في سوريا اللاعب الرئيسي فيهما امريكا وحلفائها الرسميون وهم عدد من الدول وغير الرسميون وهم الجماعات المتطرفة التي سمتهم امريكا بالمجاهدين او بالمناضلين من اجل الحرية . وهؤلاء جميعاً اصبحوا حلفاء امريكا اينما تحل جيوش امريكا يحلوا معها وينفذوا اجنداتها ومصالحها بالنيابة .
2-دعم ( المعارضة المعتدلة ) في سورية وهذا هو برنامج او خطة امريكية لتقديم المساعدة للمعارضة المعتدلة والهدف هو اسقاط نظام بشار الاسد , في عام 2012 بدأت امريكا بتنفيذ خطتها بتدريب المعارضة المعتدلة السورية في الاردن , وسماهم الاعلام الامريكي ( ثوار من اجل حرية الشعب السوري ) وزودتهم بالسلاح والعتاد والمال ودعمتهم اعلامياً وسياسياً . الا ان هذه المجموعات بعد انتهاء فترة التدريب انتقلوا الى صف داعش المتطرفة الارهابية , وكان هذا دعم غير مباشر امريكي لتقوية داعش التي اسهمت هي وحلفائها السعودية وقطر وتركيا في تأسيسها , وهنا تكررت اللعبة الافغانية في سورية في صناعة ودعم القوى المتطرفة  .
3- كان المشترك في التجربتين هو تنفيذالاجندات الامريكية على ايدي حلفائها المتطرفين وعلى حساب مصالح الاوطان والشعوب , وكما سمحت امريكا الى تحويل افغانستان الى معسكر لتدريب جيوش من المتطرفين وفدوا اليها من بلدان عربية واسلامية , واطلقت الفتاوي حينها زوراً من بعض رجالات الاسلام السياسي المحسوبين على السعودية وقطركفتوى يوسف القرضاوي الشهيرة ( الجهاد في افغانستان هو فرض عين على كل مسلم) . وأسست مدارس رسمية وغير رسمية في افغانستان وباكستان تقدم الدروس وفق مناهج التطرف وتم تخريج آلاف من المتطرفون الأرهابيون , وبعضهم يتم تصديرهم الى المكان الذي تحتاجهم فيه الاجندات الامريكية . فمناهج التطرف سمحت لهؤلاء المتطرفون الى قطع رؤوس بعض الجنود الأسرى الروس ورمي هذه الرؤوس في الشوارع ليلعب بها الاطفال ككرة قدم , وتعليق اجسادهم على اعمدة وسلخ جلودهم . هذه هي فصول من المناهج التي اسهمت امريكا والسعودية في ترسيخها في عقول ما تم تسميته بالمجاهدين او المناضلين من اجل الحرية  .
4- هذه اللعبة الامريكية تكررت في سورية حيث تحولت سوريا الى معسكر لتدريب آلاف الارهابيين الذين دخلوا اليها من عدة بلدان عبر تركيا وبعلم حكوماتهم , وتم ارسال آلاف منهم الى العراق واعادة البعض منهم الى بلدانهم ليقوموا باعمال ارهابية فيها . وتعلم هؤلاء الوحوش في معسكرات تدريبهم على فنون الاجرام والقتل والاعمال البشعة , من قتل الاسرى واكل اكبادهم وحرقهم وهم احياء وقتل الاطفال ودفن بعضهم احياء مع عوائلهم كما حصل مع الأيزيدية  في العراق  .
5- ما هو مشترك في التجربتين بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية هو ضمان مصالحها في منطقة الشرق الاوسط وتعزيز تواجدها الدائم الاستراتيجي في هذه المنطقة .
6- لكن ما هو مختلف في الازمة السورية هو ان موسكو قرأت بشكل جيد التطورات الخطيرة للأزمة  , فأتخذت قرارها في 30-9-2015 ببدأ عاصفة السوخوي , التي أوقعت خسائر فادحة في صفوف ومواقع الارهابيين الذين يحاربون بالوكالة عن الولايات المتحدة الامريكية وحكومة أوردكًان والسعودية وقطر. لا سيما ان امريكا تدعي انها تدعم المقاتلين المعتدليين , ولكن على الارض أدركت موسكو ان ورقة دعم المقاتلين المعتدلين هي لتغطية دورهم الرئيسي في دعم داعش وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية والقاعدة وجيش الفتح والاخوان المسلمون .... الخ . ان عاصفة السوخوي أربكت هذه الدول وشلت قدراتها وعطلت خططها واستراتيجيتها واحرجتها امام شعوبها وامام الراي العام العالمي .
الرسالة البالستية الجديدة لموسكو :
1- بعد اسقاط تركيا لطائرة السوخوي الروسية في كمين جوي معد له مسبقاً من قبل حكومة أوردكًان وبعلم امريكا , والهدف هو لغرض اختبارومعرفة رد الفعل الروسي  لأجل فرض أجندات على روسيا والحد من اندفاعها في سورية . لكن الرد الروسي جاء بشكل عنيف وحاسم وسريع ومباغت , وكان صاعقة مدوية في المنطقة والعالم , حيث أدخلت روسيا الى سورية صواريخ SS400  كما أدخلت طراد موسكووما يحمله من قوة صاروخية تدميرية اضافة الى ان موسكو نصبت عليه ايضاً صواريخ SS400 . علماً ان هذا الطراد تخشاه كل حاملات الطائرات ويطلق عليه العسكريون الغربيون لقب ( صياد حاملات الطائرات) .
2- بهذا الرد السريع الصاعق على سقوط طائرة السوخوي تغيرت موازين القوى في منطقة الشرق الاوسط لصالح الدور الروسي , وانتهى خيار امريكا وتركيا لأسقاط النظام عسكرياً , واربك الرد وعطل خطط وتوجهات واجندات اخرى بما فيها مشروع الشرق الاوسط الجديد .هذا التحول في موازين القوى بلا شك انه لصالح شعوب المنطقة ودولها وسيساعد على دحر داعش وستتحرر المدن في سورية والعراق من سيطرتها , ويحتمل ان تعزز روسيا دورها اكثر بأدخال تكنولوجيا عسكرية اكثر تطوراً , لتشل قدرة هذه الدول وتضع حداً لها في صناعة قوى متطرفة جديدة او استخدام القوة العسكرية ضد بلدان اخرى .
3- ارى من وجهة نظري ان الرد الروسي الحاسم منذ بدأ عاصفة السوخوي الى اسقاط طائرة السوخوي , كان يحمل رسالة بالستية موجهة الى امريكا وتركيا و الى دول اخرى تقول فيها ان ( اللعبة قد انتهت ). أي اللعبة التي بدأتموها في افغانستان في عام 1979 , قد انتهت اليوم في سورية , وان موسكو في زمن غورباتشوف ويلتسن ليس هي نفسها في زمن بوتين , ( بلا شك مع الفارق في طبيعة النظام السياسي في زمن غورباتشوف كان نظام اشتراكي ) ولكن في تلك المرحلة كانت موسكو تتراجع لظهور بوادر نظام دولي جديد ( نظام القطب الواحد) . اليوم موسكو تهيئ منذ عقد من السنين لظهور نظام دولي جديد آخر هو ( نظام التعددية القطبية) الذي سيفرض التوازنات الدولية في العالم , وستتوقف لاحقاً كل الحروب واعمال العدوان . كما حصل ذلك في اوربا عندما ظهر نظام دولي جديد وظهرت توازنات اوربية جديدة ,ما نتج عنها آنذاك توقيع اتفاقية فينا في عام 1815 وعاشت اوربا والعالم بسلام لمدة حوالي مئة عام .
4- ارى ان الرسالة البالستية الروسية تهدف الى اعلام كل الاطراف بالاقرار بأن النظام الدولي الحالي هو نظام التعددية القطبية  .وان هذا النظام الدولي الجديد لم تصنعة الازمة السورية , وانما فرض حضورة منذ حوالي عقد من السنين , حيث تجلت ملامحة منذ عام 2007 عندما قررت امريكا نصب الدرع الصاروخي في بولونيا فكان رد روسيا بأكتشاف صاروخ بالستي يخترق الدرع الصاروخي , فما كان امام امريكا الا تأجيل نصب الدرع الصاروخي . ثم جاءت الحرب مع  جورجيا في عام 2008 , فكان الرد الروسي العسكري حاسم وسريع وتم استقلال جمهوريتي اوسيتا وافغاسيا وهذا مما أذهل الناتو , ثم حصلت الازمة في اوكارانيا وحسمت لصالح روسيا واستقلال القرم كان درس بليغ لأمريكا ودول العالم . بهذا ارى ان الرسالة البالستية التي اوصلتها موسكو في سورية على اسقاط طائرة السوخوي , كأنها تقول فيها هذه هي ليس الرسالة البالستية الاخيرة , وستتبعها رسائل أكثر خطورة , لا سيما ان الرسالة وضعت  خطوط حمراء روسية .
5- هكذا فهمت تركيا وامريكا الرسالة الروسية , فتراجعت تركيا وهي في حالة رعب , بعد ان حولت صواريخ س س 400 الاجواء السورية الى منطقة آمنة , وارى من وجهة نظري ان تركيا ستغيير من استراتيجيتها في دعم داعش والجماعات المتطرفة ولكن على مراحل , كما ان الرسالة البالستية الروسية رفعت الورقة الحمراء امام رحيل الرئيس السوري بشار الاسد , وأكدت ان الشعب هو الذي يقرر والاولوية لمكافحة الارهاب , بهذا التغيير في موازين القوى جاءت تصريحات كيري في يوم 4-12-2015 وهو يؤكد انه يمكن للمعارضة ان تتوحد لمحاربة داعش في ظل وجود الرئيس الاسد وبالامكان اجراء حوار بين المعارضة والنظام وكأنها تريد ان تقوم بدور وسيط  وأدركت ان الاولوية هي لمحاربة داعش كما سبقتها فرنسا في هذه الوجهة .
6- الرد الروسي السريع اكد خلافاً لما يقال ان روسيا قد علقت في المستنقع السوري , ارى ان روسيا لم تغرق في المستنقع السوري انها تدعوا الى الحل السلمي للأزمة السورية , وترفض ان تتفرد اي من الدول بقرار الحرب , وتريد ان تعهد ذلك الى مجلس الامن والقانون الدولي هو الذي يتخذ قرار الحرب والسلم . لكن كما يلاحظ منذ بدأ الازمة الى الآن ان امريكا وحلفائها ولا سيما تركيا والسعودية هم الغارقون في المستنقع السوري , لأن هذه الدول وبالذات امريكا كررت اخطائها في افغانستان , بأعتمادها على الارهابيين لأسقاط النظام في سورية , وتمارس اللعبة المزدوجة تدعوا الى محاربة الارهاب من جهة , وتدعم وتمول ارهابيين من جهة اخرى .
7- ان استخدام العنف و الحرب في الازمة السورية ودخول قوى متطرفة ارهابية فيها , هو ليس من اجل ان تتحقق الديمقراطية في سورية كما يروج له الاعلام الامريكي وحلفائها , وانما هي حرب بالوكالة لتنفيذ أجندات امريكية واقليمية , ولولا عاصفة السوخوي فأن امارة لداعش ستقام في سورية . ان الشعب السوري وقواه الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية تتطلع الى الخلاص من داعش والارهاب والتطرف وحل الازمة السياسية سلمياً , واقامةالنظام الديمقراطي وانهاء الدكتاتورية فيها سلمياً وبناء سورية حرة متطورة وعودتها كدولة ديمقراطية اقليمية فاعلة .
9-12-2015
1- يفجيني بريماكًوف-حقول ألغام السياسة - تعريب عبد الله حسن - دار الفكر دمشق – السنة 2001 ص- 77 .



35
أزمة العولمة وفكرها النيوليبرالي
(3-3)
فلاح علي
مجالات العمل الجماعي الدولي لمواجهة مخاطر العولمة :
العمل الجماعي الدولي يتمثل في منظمة الامم المتحدة ومنظماتها ومؤسساتها وفي مجلس الامن وفقاً لميثاق الامم المتحدة . إلا انه في ظل هيمنة نظام القطب الواحد تم أسر هذه المؤسسات الدولية  , وضعف دورها لمعالجة المشاكل ومواجهة الاحداث سواء كانت سياسية او اقتصادية او عسكرية او كوارث انسانية وهيمن عليها اجندات القطب الواحد . التوازن في العلاقات الدولية في ظل التعددية القطبية التي استكملت كل مقومات ظهورها اليوم , ستفتح آفاق واسعة ورحبة امام كل دول العالم من خلال المؤسسات الدولية للتنسيق والتعاون والعمل الجماعي الدولي المشترك بما فيها البلدان النامية التي همشها وانتهك حقوقها نظام القطب الواحد . هنالك مجالات عديدة لتفعيل العمل الجماعي الدولي فيها لأجل مواجهة المشاكل والاخطار منها :
1-البيئةهنالك مشاكل عالمية متعلقة بالتغييرالمناخي على سبيل المثالً ارتفاع درجات حرارة الارض وثقب الأوزون نتيجة استخدام المواد الكيمياوية والمشاكل المتعلقة بالبحار والمحيطات فيما يخص الثروات فيها  ..... الخ هذه أهملت في ظل نظام القطب الواحد وان كانت هنالك اتفاقيات دولية فلم تلتزم الولايات المتحدة بها مثل اتفاقية كيوتو , ان هذه المشاكل الدولية لا يمكن مواجهتها الا بموقف دولي موحد وباتفاقات ومعاهدات تخضع للرقابة والمتابعة الدولية . 
2- المشاكل الصحية وهي تحديات عالمية كانتقال امراض لا توقفها الحدود ,ان التحديات الصحية لا يمكن مواجهتها الا بعمل جماعي موحد , وانهاء احتكار الادوية ,حيث في ظل الاحتكار لهذه الادوية أرتفعت اسعارها عالياً جداً في البلدان النامية مثل أدوية مرض الأيدز وغيرها وافريفيا مثالاً .
3- النظام الراسمالي وعولمتة المتوحشة سببت مشاكل اقتصادية وتجارية ومالية عالمية أدت الى عدم الاستقرار الاقتصادي وكان تأثيرها سيئاً على البلدان النامية وشعوبها واسهمت بعدم تطوير اقتصاديات البلدان النامية واشاعة الفقر فيها , ان العمل الجماعي الدولي المشترك يسهم في الوصول لعقد اتفاقات اقتصادية وتجارية اكثر عدلاً للبلدان النامية واصلاح النظام المالي .
4- المساعدات الانسانية الدولية في الكوارث , التي غالباً ما تتعرض لها البلدان النامية , وما يتسبب عنها من نزوح جماعي كظاهرة الهجرة الحاصلة للسوريين والعراقيين وكثير من بلدان الشرق الاوسط وافريقيا اليوم حيث لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية . هذه الكوارث الانسانية لا يمكن معالجتها الا بمواقف دولية تضامنية انسانية .
5- محاربة الارهاب طالما ان الارهاب اصبح في ظل العولمة ظاهرة دولية , فأن مخاطرة لا تتوقف عند حدودالدول التي مسك داعش الارض فيها لفترة مؤقته وعلى سبيل المثال في سورية والعراق . وانما مخاطرة تشمل كل دول المنطقة والعالم . وما حصل في فرنسا من احداث مأسوية مؤلمة من قبل هؤلاء الوحوش الارهابيون هو مثال , الارهاب لا يمكن مواجهته والقضاء عليه الا بموقف دولي موحد  .
6-في ظل تفعيل العمل الجماعي الدولي ستتهيئ ارضية صالحة للالتزام بالاتفاقات الدولية الخاصة باسلحة الدمار الشامل او الالغام ..... الخ . لا سيما ان العمل الجماعي الدولي قد حقق انجاز كبير في نجاحه بحل أزمة البرنامج النووي الايراني , هذه خطوة جيدة بأتجاه تطبيق الاتفاقيات الدولية لا سيما الخاصة بالاسلحة المحرمة دولياً والتزام الدول الموقعة على هذه الاتفاقيات في تننفيذ التزاماتها, العمل الجماعي الدولي له تأثير ايجابي في خلق الاستقرار السياسي والامني الدولي و مواجهة وحل كل المشاكل والمعوقات والازمات التي تتعرض لها دول وشعوب العالم  .
لمواجهة تأثيرات العولمة الضارة في البلدان النامية العراق مثالاً :
البلدان النامية وشعوبها هي الاكثر ضرراً من التأثيرات السلبية للعولمة الراسمالية والاقل قدرة عن غيرها من البلدان الصناعة في مواجهة مخاطر العولمة , بسبب تخلفها الاقتصادي واعتمادها على قروض صندوق النقد الدولي , بأشتراطاته الغير عادلة زاد من أمد تخلفها وتعمق أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وانتج لهذه البلدان حكومات ضعيفة تأتمر بقرارات مراكز العولمة واحتكاراتها , من هنا يبرز دور الشعوب وقواها السياسية وطبقتها العاملة وكافة فئات المجتمع في النضال الجماهيري لمواجهة هذه المخاطر وانقاذ البلدان النامية من خلال الاصلاح والتغيير , وارتباطاً بالاحداث في العراق لا تزال هذه المهمه كبيرة وصعبة جداً تواجه الشعب وقواه السياسية , وهي بحاجة الى مستلزمات قوية وضاغطة لأنجاز هذا التحول ومنها الحاجة الى رؤية فكرية صائبة للتعبأة الواسعة في الارياف والمدن . اني ارى ان المتانة الفكرية الوطنية التي يرتكز عليها برنامج الحزب الشيوعي العراقي , تشكل عناصر قوة لتعزيز النسيج الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد اوسع فئات المجتمع وطبقاته , لأنها تعبر عن مصالح الشعب والوطن , من هذا ان البرنامج يمثل مدخل اساس لحل ازمات البلد . وارتباطاً بالنضال الجماهيري وتوجهات الحكومات الوطنية في البلدان النامية لحل معضلاتها , لا بد من التوقف والاستفادة من تجاربها السابقة وابرزها هو تحديد وجهة او مهام التحولات :
1- التجربة اكدت منذ تأسيس الدولة العراقية الى اليوم , انه لا يمكن بناء دولة حديثة وتحقيق التطور الاقتصادي والاستقرار السياسي والامني وحل ازمات البلد , الا من خلال الترابط بين سلسلة المهام , والعلاج الذي يحل مشكلة هذه المهام الصعبة يكمن في تبني برنامج وطني ديمقراطي , بحاجة له الوطن والشعب اليوم اكثر من اي وقت مضى ,أرى انه بهذه الرؤية تتخلص هذه البلدان وشعوبها من المشاكل والمخاطر والازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية , وعلى اساس الترابط بين سلسلة المهام ذات الطابع الوطني والديمقراطي والاجتماعي .
2- الحراك الجماهيري بما رفعة من مطاليب وشعارات والتفاف اوسع فئات الشعب حولها , أكدت اولاً على صحة وواقعية هذه المطاليب والشعارات. وثانياً اكدت على الترابط بين المهام من هنا تبرز اهمية الشعارات في رسم اتجاه التغيير ومن هذه المطاليب والشعارات :
1- من مطاليب الحراك الجماهيري محاربة الفساد ومحاكمة المفسدين ومحاربة الارهاب, وتوفير الخدمات ومنها الكهرباء , وتوفير فرص عمل للعاطلين . ومن الشعارات التي رفعت انهاء المحاصصة الطائفية والقومية , وبناء الدولة المدنية الديمقراطية , ذات سلطة قضائية مستقلة من خلال استقلال القضاء . وتعديل بعض فقرات الدستور بالاتجاه الديمقراطي ...... الخ. والمضي في عمليات الاصلاح .
2-هذه هي ابرز الشعارات والمطاليب التي رفعت . من هذا يؤكد الحراك الجماهيري في فعلة المدوي هذا انه مع حكومة كفوئه وفعالة تمضي في طريق الاصلاح والتغييرالسياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني , تضمن الحقوق والحريات وتحسن الحياة المعيشية للشعب , وتطور الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل , وتضمن الاستقرار السياسي والامني, وتعزز الوحدة الوطنية , وبناءالدولة المدنية الديمقراطية , وتحقق العدالة الاجتماعية .
3- ان توجهات الحراك الجماهيري هي حاجة وطنية ذات محتوى ديمقراطي ,  ترفض اي فكر  متطرف او طائفي وانها تدعو الى اشاعة الديمقراطية في الدولة والمجتمع واقامة وتعزيز المؤسسات الوطنية الديمقراطية والمستقلةالعادلة , والبدأ بعمليات اعمار البلد وبالتنمية المستدامة التي ينتظرها الشعب والاقتصاد الوطني بفارغ الصبر .
سؤال أين تكمن اهمية الترابط بين الديمقراطية ونجاح التنمية المستدامة التي ينتظرها الشعب والبلد منذ عام 2003 الى الآن ؟ اني ارى من وجهة نظري ان الاجابة على هذا السؤال تكمن في :
1- ان الديمقراطية تخلق مناخ سياسي واقتصادي جيد في البلد يكون هذا المناخ لصالح الشعب والاقتصاد الوطني , حيث انه يساعد على تعزيز النمو الاقتصادي أولا . وثانياً ان النمو الاقتصادي يساعد على محاربة الفقر , وتوفير فرص عمل للخريجيين من الشباب والشغيلة .
2- اهمية الترابط بين الديمقراطية والتنمية ليس فقط ان الديمقراطية  تخلص البلد من أزماته وتضمن نجاح عمليات التنمية المنتظرة . و انما الديمقراطية تفك اسر التنمية من هيمنة  كتل متحاصصة طائفياً وقومياً , التي هيمنت على صنع القرار لوحدها ووظفت عمليات التنمية لخدمة سياساتها وتوجهاتها ومصالحها الذاتية . واختزلت التنمية بأتفاقات تجارية مع بعض الدول واغراق السوق في بضائع وسلع لا يستطيع الفقراء شرائها بينما يحصل عليها الاغنياء بسهولة ووظفتها لأجندتها , وحولتها الى صخب اعلامي , واهملت تطوير فروع الاقتصاد الوطني .
3-التنمية في ظل الديمقراطية لا تقتصر على استيراد مواد غذائية من دول الجوار وطرحها للاسواق باسعارعالية , وانما تعالج اهمال بناء البنى التحتية الاقتصادية في المدن والارياف وتوقف عمليات اضعاف القطاع العام وخصخصته, و تمنع فتح ابواب الاستثمار المنفلت من قبل الشركات الاحتكارية على القطاعات والثروات الاستراتيجية في البلد .انها تطلق طاقات الشعب وتفسح المجال امامه اوسع لمشاركته في صنع القرار وتحديد مستقبل البلد عبر ممثلية في الاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب وممثلية في البرلمان .
4- التنمية المستدامة في ترابطها مع الديمقراطية , تؤدي الى انهاء التهميش الاجتماعي الذي عانا منه المجتمع العراقي طويلاً , وهذه خطوة متقدمة باتجاه انهاء الظلم الذي فرض على الشعب العراقي لأن جوهر التنمية الاقتصادية في ظل الديمقراطية يكمن ايضاً في تحويل المجتمع وتغييرة وتطويرة . وفي خلق المرتكزات الاساسية المتينة لأقامة العدالة الاجتماعية . فالتنمية في ظل الديمقراطية وترابطهما معاً تعني : تحسين حياة الفقراء وانهاء البطالة والفقر و تحسين معيشة الشعب وتحقيق الرفاة واقامة فرص النجاح امام كل مواطن في الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية ......الخ وضمان حقوقة وحرياتة . وتنمية الاقتصاد الوطني وتطويره , وابعاده عن الاقتصاد الريعي ,  والتنمية تعني اقامة الاستقرار الاقتصادي في البلد , ويتطور معها المجتمع والثقافة والفن ويتحقق التقدم والازدهار .
5- بهكذا تنمية ديمقراطية لها ابعاد اقتصادية اجتماعية انسانية وسياسية تفرض بان يبرز دور الدولة الديمقراطية الكفوئة في اداء وظائفها وفي ادارة القطاعات الاقتصادية للبلد , ويبرز دورها الفاعل في ادارة النظام المصرفي ونظام الضرائب وفي اداء وظائفها بكفائة , وبهذا يمكن الدولة من تجنب قروض صندوق النقد الدولي واشتراطاته , كما يبرز دور القطاع الخاص الوطني المختلط في بناء الاقتصاد ,  هنا تكمن اهمية العلاقة بين الديمقراطية والتنمية والترابط بين مهام النضال ومواجهة مخاطر العولمة والتي عبرت عن بعض جوانبها مطاليب وشعارات الحراك الجماهيري , وهذا لن يأتي بالتمني الا بالنضال المتواصل والواسع والمستمرللحراك الجماهيري لمواصلة ضغطة لكي تتحقق هذه المطاليب والشعارات , لكي تنهي حاضنة العولمة الراسمالية في العراق المتمثلة بنظام المحاصصة الطائفية والاثنية .
الدروس والاستنتاجات :
1- ان مخاطر العولمة الراسمالية تبرز بشكل اكثر وضوحاً في المجال الاقتصادي والمالي مما هي عليه في المجالات الاخرى في تأثيرها السلبي على البلدان النامية وشعوبها . حيث تركز العولمة اهتمامها على غزو الاسواق والسيطرة على ثروات الشعوب , بدون استخدام قوات عسكرية , وهذا يعود لأنتصار راس المال وعولمته في ظل العولمة الراسمالية, وعلى اثر ذلك زاد الخطر الضارلتأثير الاحتكارات الدولية العابرة للقارات على اقتصاديات البلدان النامية .
2- ومن مخاطر العولمة الراسمالية انها أدت الى انهيار التوازنات الدولية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاعلامية والثقافية والعسكرية , وهذا ما اكدته التجربة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وسيادة   نظام القطب الواحد . حتى مركز القرار في مجالات الخصخة والاستثمار والصحة والتعليم وحماية البيئة كأنه انتقل الى مراكز العولمة وشركاتها الاحتكارية وضعف دور الدولة في البلدان النامية . كما ان مخاطر العولمة وفكرها النيوليبرالي لم ينحصر فقط على دول وشعوب البلدان النامية , بل شمل شعوب البلدان الراسمالية ايضاً . حيث الفكر النيوليبرالي دمر كل المنجزات الاجتماعية والاقتصادية والصحية التي حققتها نضالات تلك الشعوب والطبقة العاملة والتي قدمت تضحيات كبيرة لتحقيقها في فترة الحرب الباردة .
3- ان التضامن الاممي  للاحزاب الشيوعية واليسارية والتنسيق والتعاون والتضامن والعمل المشترك مع الاتحادات العمالية والنقابات والاحزاب الاشتراكية الديمقراطية والانسانية وكل المنظمات والتجمعات المعارضة للعولمة الراسمالية, وتشكيل جبهة عالمية واسعة للضغط لأنسنة العولمة الراسمالية , تحظى بأهمية كبيرة في هذه المرحلة .
4- ان التحولات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل بلد تتم على مراحل , لاسيما بعد التطورات الدولية التي ظهرت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار تجربته الاشتراكية , وبروز نظام القطب الواحد . من هنا تكمن الاهمية في الترابط بين سلسلة المهام الوطنية والديمقراطية وصولاً الى التحولات الجذرية .
5- ارى ان مقاومة ومحاربة الظلم والتهميش والاقصاء في كل بلد وضمان الحقوق والحريات , جوهره فكر ديمقراطي وانساني , ولهذا الفعل النضالي تأثير اممي, بغض النظر عن الحدود الجغرافية لذلك المكان الذي طبق فيه . وهذا ما يؤكد صحة مواقف الاحزاب الشيوعية في التضامن الاممي ضد الاستتغلال الراسمالي وضد الاستعمار وضد الحروب والغزو والاحتلال وضد الصهيونية والعنصرية , ومن اجل ضمان الامن والسلام الدوليين ومن اجل التحرر السياسي والاقتصادي والديمقراطية .
5- ان عولمة الافكار الديمقراطية والمجتمع المدني هي التي تغير انماط التفكير , وتهيئ ارضية للضغط لتغيير ذهنية المسؤولون على مستوى البلد , وضغط الراي العام العالمي بالتنسيق مع العمل الدولي المشترك , سيكون له نتائج ايجابية باتجاه اصلاح مؤسسات العولمة الراسمالية وانسنتها والضغط بأتجاه الغاء ديون البلدان النامية , بهذا التحرك الدولي ستدرك البلدان الغنية انه بدون الغاء هذه الديون لا يمكن للبلدان النامية ان تتطور .
6- تجربة الحراك الجماهيري المتنامي اليوم في العراق , اكدت على درس هام جداً , هو توحيد فئات المجتمع العراقي وطبقته العاملة والشغيلة في النضال على الجبهتين الاقتصادية والاجتماعية , وهذا هو  نجاح هام حققة الحراك الجماهيري بحاجة له الوطن اليوم , ويتجلى هذا النجاح بشكله النضالي الوطني , الذي برز فيه بوضوح الصراع الطبقي , وهذا هو الدافع الاساسي في التفاف فئات وطبقات الشعب العراقي مع الحراك الجماهيري وشعاراته واستمرار تواصله وديمومته, واختفت في الحراك الجماهيري الخطابات الطائفية البغيضة الممزقة للصفوف , وتعززت الوحدة الوطنية , بهذا السلاح تحول الحراك الجماهيري الى حركة اصلاح وتغيير وطني سياسي واقتصادي واجتماعي وقانوني . وهذا ما تخشاه القوى الطائفية والقومية المتضرره من عمليات الاصلاح , الذي جاء بضغط الحراك الجماهيري وتخشى هذه القوى من ان يتحول الحراك الجماهيري الى حركة وطنية ثورية , وهذا ما تخشاه ايضاً القوى الاقليمية  ومراكز العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي , لأنه تتضرر مصالحهم , ان الحراك الجماهيري القائم على اساس طبقي يتحول الى اداة فعالة لتوحيد كل شرائح المجتمع وفئاته وطبقته العامله في النضال المشترك , وبهذا تنشأ قوة جماهيرية جبارة تمثل الراي العام في البلد تقاوم الهيمنة والاستبداد والتهميش والظلم والفساد والارهاب وتنهي المحاصصةالطائفية وفكرها والتطرف والفكر الظلامي وتحارب الشوفينية والتعصب القومي والفكر الواحد الذي يلغي الآخر, وضد العنصرية وضد الاستغلال وانتهاك الحقوق والحريات وضد نهب الثروات , وضد التدخل بالشؤون الداخلية للبلد من قبل الدول الاقليمية والدولية  . هكذا حركة جماهيرية وطنية التي يمثلها الحراك الجماهيري تبحث دائماً عن تحقيق تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية وقانونية وثقافية , وتقام فيه المؤسسات الديمقراطية, وتبني وطناً حراً متطوراً بعيداً عن التدخلات الخارجية و تأثيرات العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي وحفيدته المحاصصة الطائفية والاثنية .
23-11-2015



36
أزمة العولمة وفكرها النيوليبرالي
(2-3)
فلاح علي
ان العولمة الرأسمالية كونها ظاهرة عالمية شديدة الاتساع والانتشار والتأثير، ولا يقتصر أثرها السلبي فقط على المجال الاقتصادى والمالى، وإنما تمتد تجلياتها الضارة ايضاً إلى كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والامنية في العالم, وسببت عدم استقرار سياسي واقتصادي وامني وأوجدت مشاكل ومخاطر على البلدان النامية وشعوبها .
اذن هنا يطرح سؤال : ماهي القوى التي بأمكانها مواجهة الآثار المدمرة للعولمة الراسمالية المتوحشة ومقاومتها والعمل على انسنتها وكيف يتم ذلك اوما هي الطرق والوسائل والآليات لتحقيق هذا الهدف ؟ ان الأجابة على هذا السؤال أرى من وجهة نظري ان هنالك ثلاث قوى مؤثرة وفاعلة في العالم بمقدورها مواجهة المشاكل والمخاطر التي تواجه العالم والحد من التأثيرات المدمرة لأضرار العولمة . وهذه القوى بحكم ما تمتلكة من امكانيات وقدرات بمقدورها التأثير على الصعيد الدولي لمواجهة المشاكل الدولية والعمل على انسنة العولمة , على ان توظف الامكانيات التي تمتلكها هذه القوى وتسخيرها لمواجهة العولمة من خلال التنسيق والعمل المشترك من هي هذه القوى :
القوةالاولى :الراي العام العالمي الذي يمثل قوة كبيرة فاعلة ومؤثرة على كوكبنا , ويشكل قوة ضغط معولمة بأمكانها التأثير على السياسات وتغييرها وتغيير مسار الاحداث والتوجهات . وأكدت احتجاجات سياتل لمواجهة توجهات منظمة التجارة العالمية في تحرير تجارة البلدان النامية , على الدور الكبير المؤثر للراي العام العالمي وفاعليته في تحديد الأولويات على الصعيد الدولي لصالح البلدان النامية ولصالح حياة الشعوب وانهاء الفقر وتحسين معيشتها  . ان المقاومة للعولمة الراسمالية من قبل ملايين البشر المنضوية في جماعات سميت بالجماعات المناهضة للعولمة والذين تضرروا منها والتي ضمت احزاب يسارية ونقابات عمالية ومهنية مختلفة وأنصار البيئة والسلام والعنصر المحرك لها هم الشبيبة من كلا الجنسيين . بما ان العولمة يقف ورائها تكتل راس المال واحتكارات ودول راسمالية , فلا بد من ان تواجهها عولمة مقاومة ونضال يمثلها تضامن الراي العام العالمي الذي له فعل تغييري في مسار الاحداث وتحديد الاولويات .
 اما على الصعيد الداخلي على مستوى كل بلد : ان منظمات المجتمع المدني في ذلك البلد وما تضمه من احزاب واتحادات ونقابات عمالية ومهنية ومنظمات شبابية من كلا الجنسيين ومثقفون واعلاميون بمقدورهم من خلال التنسيق المشترك في تعبأة اوسع فئات الشعب . وان كان من مثال بهذا الخصوص هو الحراك الجماهيري الجاري اليوم في العراق  اكد على قدرة الراي العام في هذا البلد العراق على تأثيرة في توجهات سياسة الحكومة وصنع الفعل والتغيير . بضغطة الجماهيري على الحكومة اجبرها على تبني سياسة الاصلاح , وبغض النظر ان الحكومة تنجح او تفشل في تحقيق الاصلاح ولكن الحقيقة الواقعية اكدت ان الحراك الجماهيري الذي مثله الراي العام العراقي هو الذي ضغط على الحكومة ووجه سياستها نحو الاصلاح ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات واصلاح القضاء , ان الاسراع في عمليات الاصلاح تتوقف على اتساع الحراك الجماهيري وزيادة فاعليتة وضغطة.
القوة الثانية : هو الاعلام ووسائل الاتصال الحديثة انها تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً على الساحة الدولية وفي تعبأة الراي العام العالمي والمحلي , هنا المقصود بالاعلام الذي تمتلكة القوى والمنظمات المناضلة ضد العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي . من خلال الحقائق التي يطرحها الاعلام على الراي العام بوضوح وشفافية انه يسرع في تعبأة الملايين ويمكن من تشكيل قوة ضغط عالمية لمواجهة العولمة الراسمالية واضرار فكرها النيوليبرالي واضرارالفكر المتطرف والطائفي  , ان لوسائل الاتصال الحديثة التكنولوجية تأثيرها الأيجابي في النضال ضد العولمة الراسمالية ان تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات سهلت على الملايين من البشر ومنظماتها في تشكيل شبكة تواصل عالمية وزادت من فاعليتهم في التأثير وصنع الفعل المحلي والدولي .
القوة الثالثة : المؤثرة على الصعيد الدولي هو التعددية القطبية : ان الحديث حول ضرورة واهمية التعددية القطبية في العلاقات الدولية هو واسع وشامل لا يمكن تغطيته في هذه المقالة , لا سيما عند التوقف في تناول المخاطر والمآسي والمشاكل والصعوبات والازمات التي تعرضت لها بلدان العالم وبالذات النامية وشعوبها في ظل هيمنة نظام القطب الواحد , وما تعرضت له من حروب خارجية وحروب اهلية وانتهاك سيادات وطنية وتدخلات خارجية ونهب ثروات وارهاب وهيمنة الاحتكارات الدولية وما نتج عنها من استغلال لدول وثرواتها وتنامي الفقر والفكر المتطرف وخلق ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية  ...... الخ . ان كوكبنا وشعوبه بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى نظام التعددية القطبية في العلاقات الدولية ان اهمية التعددية القطبية تكمن في اعادة التوازن الدولي , ان التوازن الدولي يساعد على ضمان ايجاد استقرار سياسي وأمني في العالم  , وان للأستقرار السياسي والامني تأثير في خلق استقرار اقتصادي عالمي , ان التعددية القطبية تفرض على الدول احترام المواثيق والمعاهدات الدولية وتضمن اقامة علاقات متكافئة ما بين الدول واحترام استقلالها وسيادتها وعدم التدخل المنفرد في شؤونها الداخلية  , وللتعددية القطبية دور هام وحاسم في التأثير على مسار عمل المنظمات الدولية وعلى آلية عملها كمنظمة الامم المتحدة ومجلس الامن على سبيل المثال وعلى تفعيل دورها والالتزام بمواثيقها ومبادئها ومنظماتها التابعة وقوانينها والتأثير فيها ايجاباً لتكون اكثر عدلاً وانسانية فيما يخص التعامل مع البلدان .
اما الشطر الثاني من السؤال كيف او ما هي الطرق والوسائل لتحقيق الهدف : ارى من وجهة نظري ان المدخل لهذا الجواب يكمن في ان التعددية القطبية ستخلق آفاق رحبة وواسعة للعمل الجماعي الدولي المشترك على صعيد بلدان العالم , وبلا شك لها تأثير ايجابي على صعيد تحرك وتضامن الراي العام الدولي . ان التعددية القطبية التي ظهرت اليوم ويتلمسها العالم اجمع كقوة  سياسية ودبلوماسية واقتصادية ومالية وتكنولوجية وعسكرية واعلامية فاعلة انها قد أثرت على تطورات مسار الاحداث في العالم .وان التعددية القطلية اعطت وستعطي قوة دفع لكثير من البلدان النامية في انتهاج سياسة مستقلة تحررية لأن مصالح بلدان الدول النامية وشعوبها تتعارض مع العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي ونظام القطب الواحد , لا سيما ان بلدان العالم الثالث من خلال هذه الحقبة التاريخية المآسوبة من هيمنة نظام القطب الواحد , بدأت تدرك اهمية التعددية القطبية في حفظ الامن والاستقرار والسلام وضمان سيادة واستقلال البلدان وتطورها الاقتصادي المستقل . لاسيما ان وجهة القوة الثانية التي ظهرت اليوم في نظام التعددية القطبية ومثلتها روسيا وستلتحق بها الصين لاحقاً هو معارضتها للعولمة الراسمالية , ورؤيتها الاقتصادية والمالية وحتى العسكرية والامنية وان كان من مثال حي بهذا الصدد هو : عند بروز روسيا كقطب دولي, ظهر معها قوة اقتصادية عملاقة دولية تمثلت في تأسيس معاهدة اتفاقية (بريكس) المكونة من خمسة دول وهي ( البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا ). ان هذه القوة ماضية لمواجهة العولمة الراسمالية والتقليل من تأثيراتها السلبية على الصعيد العالمي . فنرى ان وجهة هذه الدول في المجال الاقتصادي مثلاًهو العمل على اصلاح النظام الاقتصادي والمالي الدولي ليكون اكثر عدلاً ويحقق اقامة علاقات اقتصادية وتجارية متكافئه بين بلدان العالم. هذه هي خطوة فاعلة ومؤثرة لمواجهة تأثيرات العولمة السلبية . العولمة اليوم يواجهها تحدي واسع من قبل مليارات من البشر في العالم اجمع اضافة الى دول ,من هنا تأتي اهمية العمل الجماعي الدولي لمواجهة خطر العولمة الراسمالية وانسنتها .
اين تكمن اهمية العمل الجماعي الدولي :
ان بتحول الراسمالية الى الامبريالية قد أدت في عصرنا الحالي إلى تأسيس اتحادات احتكارية للشركات العابرة للقارات والتي تحتل المواقع الحساسة والحاسمة في الحياة الاقتصادية لكل دول العالم وليست فقط دول الرأسمال . وبما ان العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي يعبران عن مصالح الراسماليين والاحتكارات ودولها التي هي بعدد اصابع اليد. والمتضرر منها كافة بلدان العالم وشعوبها .ان مسار الاحداث يؤكد ان دول العالم النامي وبلدان اتفاقية بريكس وغيرهامن بلدان العالم وشعوبها, تدرك تماماً ان المدخل الوحيد لفرض الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني ولمواجهة الازمات الدولية يكمن في العمل الجماعي الدولي المشترك من خلال المؤسسات الدولية والمؤسسسات الدستورية الديمقراطية على صعيد كل بلد . من هنا تبرز اهمية العمل الجماعي الدولي لمواجهة تأثيرات العولمة الراسمالية من خلال المؤسسات الدولية , حيث تصبح وجهة المؤسسات هي ايجاد حل جماعي دولي للمشاكل الدولية انطلاقاً من ان المشاكل هي مشتركة تهم كل دول وشعوب العالم , كما انه من خلال المؤسسات تتوفر امكانية دولية على تهيأة مناخ للتعاون الدولي لتعديل بعض قواعد عمل مؤسسات العولمة واصلاحها . وتتوفر امكانية اكبر امام دول العالم في الضغط على تبني انظمة عالمية عادلة وانسانية . والعالم في ظل التعددية القطبية تفتح امامه آفاق واسعة للتنسيق والتعاون الدولي , هذا المناخ يمكن المؤسسات الدولية من فك اسرها من هيمنة نظام القطب الواحد الذي حكم العالم من تسعينات القرن الماضي .والمثال الحي كما نراه اليوم هو عمل مجلس الامن الدولي , حيث انتهى التفرد في اتخاذ القرار داخل المجلس , وحل محله التنسيق والتشاور في حل كثير من المشاكل الدولية ومنها على سبيل المثال حل ازمة المشروع النووي الايراني وبعض الازمات السياسية في اوربا الشرقية والازمة السورية حيث بالتنسيق والتعاون بين اعضاء مجلس الامن أوقف التدخل العسكري الخارجي من قبل قوات الناتو في سورية . وهذا بخلاف ما حصل في ظل نظام القطب الواحد حيث تم غزو العراق واحتلاله بدون قرار من مجلس الامن ان التعددية القطبية تمثل عنصر ضابط للأستقرار الاقليمي والدولي .
(يتبع)
13-11-2015



37
أزمة العولمة وفكرها النيوليبرالي
(1-2)
فلاح علي
بعد التطورات العاصفة التي حصلت في الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن الماضي ومنذ انهيار تجربته في بناءالاشتراكية وتجربة بعض بلدان اوربا الشرقية , انطلقت ماكنة وسائل الاعلام الراسمالية حينها , لتبشر العالم بنهاية التأريخ وان الرأسمالية هي التي ستكون خالدة بأنتصارها في المنافسه مع الاشتراكية , وان طريق العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي اصبح سالكاً وسيلتحق بهذا الركب بلدان كوكبنا اجمع , وان ظاهرة العولمة ستحكم العالم بأسره بقوانينها الاقتصادية وفكرها النيوليبرالي , وادعت ماكنة الاعلام الراسمالية ان العولمة الراسمالية ستنهي الفقر والجوع في العالم وستطور اقتصاديات البلدان النامية وتحقق التنمية المستدامة وستخلق الرفاة والوفرة في الانتاج وستحافظ على الاستقرار الاقتصادي والسياسي والامني في العالم , وان اقتصاد السوق هو الطريق لرفاة الشعوب وتطور البلدان .... الخ .  بعد هذه الحقبة التاريخية من هيمنة العولمة الراسمالية على الاقتصاد العالمي . يطرح سؤال مشروع  : هل أوفت العولمة بوعودها  وما هو حالها اليوم ؟
حال العولمة الراسمالية اليوم ونحن في القرن ال 21 :
تؤكد كل المعطيات المنظوره والملموسه على كوكبنا منذ ظهور العولمة الراسمالية في نهاية القرن ال 20 الى الآن,ان العولمة الراسمالية وفكرها النيوليبرالي يمران في أزمة , وما تؤكده ايضاًهذه الحقبة التاريخية الثقيله باحداثها والمآسوية في افعالها ( السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والامنية ..... الخ). ان العولمة الراسمالية اصبحت عاملاً معرقلاً لتطور البلدان النامية وليس بمقدورها ان تقضي على الفقر في العالم ولا تحقق العدالة لافي العلاقات الدولية ولا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ولا التطور الاقتصادي للبلدان النامية , ان القضاء على الفقر وتحقيق العدالة وضمان تطور وازدهار البلدان يكمن في الاشتراكية وفكرها الماركسي , وان العولمة الراسمالية الآن امام مفترق طرق وان وضعها اليوم هو سيئ لأنها تواجه الفشل والعزلة والمعارضة الواسعة من قبل المليارات من البشر لوجهتها الاقتصادية الراسمالية الغير عادلة المتوحشة وذلك لمعطيات واسباب كثيرة منها التالي :
1-في ظل العولمة لم تحصل البلدان النامية على حصة عادلة من المنافع , وهذا ما يشهده العالم اليوم وما  تؤكدة معطيات المناطق الاشد فقرا في العالم في افريقيا مثلاً قد تفاقم وضعها سوءً . حيث تناما الفقر والجهل والمرض واصبحت هذه البلدان تحت خط مستوى الفقر , وبلا بنية اقتصادية تحتية وتعيش على الكفاف مع ارتفاع ديونها الخارجية وزيادة التفاوت الاجتماعي في مستوى الدخل, من هنا تأتي معارضة شعوب البلدان النامية بشكل خاص وشعوب العالم للعولمة الراسمالية , وانها اي العولمة بآليات عملها ونظام مؤسساتها وبتوجهاتها الاقتصادية الاستغلالية , وبفقدان الملايين لوظائفهم وبشكل خاص الشغيلة, فهي بدلاً من ان تخفف من الفقر قامت بعولمة الفقر .
2- ان العولمة لم تنهي ازمات الراسمالية وبهذا فأن العولمة هي عاجزة عن ضمان استقرار الاقتصاد العالمي , واحد اسباب عجزها هو ارتكازها على اقتصاد السوق , الذي يتسم بعدم الاستقرار , واضعفت دور الدولة , الدولة هي التي تضمن اعادة الاستقرار واستمراره .
3- تعمل مؤسسات العولمة الثلاث صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية تبعاً لمصالح الدول الراسمالية وشركاتها الاحتكارية وللولايات المتحدة الامريكية بالذات التي تتمتع بحق الفيتو في صندوق النقد الدولي ولم تراعا مصالح البلدان النامية , والامثلة الحيه على ذلك كثيرة ومنها على سبيل المثال :
أ- صندوق النقد الدولي يمنح القروض للدول النامية بأشتراطات  , يشترط الخصخصة المنفلته واضعاف وظيفة الدولة في مجال دعم الاسعار وفي مجال الخدمات وفي مجال الادارة للقطاعات الاقتصادية .
ب- صندوق النقد الدولي يمارس تطبيق رؤية فكرية واحدة لا بديل عنها هو التعصب المطلق لأقتصاد السوق وهذه الرؤية لأقتصاد السوق هي تمثل الفكر النيوليبرالي الذي ظلل وخدع المليارات من البشر , وقد لمست غالبية البلدان النامية مساوئ اقتصاد السوق , ولم تتطور اقتصاديات البلدان من خلال هذا النمط الاقتصادي , الصين كانت استثناء لأنها طورت اقتصاد السوق بطريقتها بدون الاعتماد على وصفات صندوق النقد الدولي واوجدت الاقتصاد الاشتراكي للسوق , واليابان وكوريا الجنوبية لهما وضعهما الخاص والتعامل الخاص معهما من قبل الولايات المتحدة الامريكية . اقتصاد السوق والخصخصة المنفلته فشلا في العديد من بلدان امريكا اللاتينية وبعض بلدان آسيا وفي افريقيا , في روسيا فشل اقتصاد السوق والخصخصة , بعدما وضع  صندوق النقد الدولي خطة بتحويل الاقتصاد الاشتراكي لأقتصاد السوق وتم منح القروض لروسيا في فترة بلتسن لتطبيق وصفة الصندوق العلاج بالصدمة الا انها فشلت كما اشاعت العولمة الفساد في عمل المؤسسات الاقتصادية وفي نشاطها الاقتصادي.
ج- قروض الصندوق والبنك الدولي تحمل وجهه سياسية اي لها هدف سياسي , حيث قدم الصندوق والبنك الدولي قروض لدعم حكام دول في العديد من البلدان النامية لهدف استمرار بقائهم في الحكم لأنهم حلفاء الولايات المتحدة الامريكية ولم يكن الهدف من هذه القروض هو لتطوير اقتصاديات البلدان وتنميتها ومكافحة الفقر فيها .هذه القروض منحت لحكام لضمان استمرار تحالفهم مع الغرب والولايات المتحدة الامريكية , واطلق عليها بعض الاقتصاديين تسمية قروض الحرب الباردة كثير من الحكام في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا وآسيا ومناطق اخرى من العالم النامي حصلو على هذه القروض  لضمان ولائهم للولايات المتحدة الامريكية .
د- منظمة التجارة العالمية تفرض على البلدان النامية تحرير تجارتها ورفع القيود الكًمركًية وفتح حدودها امام تجارة البلدان الصناعية , في نفس الوقت نرى ان الدول الصناعية تغلق حدودها امام تجارة البلدان النامية , هذا يؤكد ان مؤسسات العولمة هي تعمل لصالح الدول الراسمالية واسواقها المالية وشركاتها الاحتكارية العابرة للقارات , لا لصالح البلدان النامية وفقرائها .
4- من هذه التسلكات وآليات عمل مؤسسات العولمة وغيرها فان المليارات من الناس من شعوب العالم الثالث تشكك في مصداقية مؤسسات العولمة في تحسين احوالهم .
5- كما ان منظمة التجارة العالمية فشلت في اقامة تجارة عادله في العالم وان الصندوق والبنك الدولي قد فشلا في انهاء الفقروفي تحقيق الاستقرار الاقتصادي , وفشلا في تطوير اقتصاديات البلدان , وهذا يعكس فشل العولمة في اقامة نظام اقتصادي ومالي دولي عادل .
6- في ظل العولمة ضعفت الهويات الوطنية وظهرت في البلدان النامية الهويات الثانوية والطائفية وضعف النسيج الاجتماعي في هذه البلدان وظهرت الصراعات والحروب الاهلية , ونمى التطرف والارهاب واخذ طابع اقليمي ودولي , وبدأ يهدد امن هذه البلدان واستقرارها كما هو عليه ظاهرة القاعدة وداعش .... الخ وهناك كثير من هذه الحركات المتطرفة في بلدان عدة في اسيا وافريقيا تنسق مع بعضها وتتخذ اسماء متعدده ولها تمويل ودعم اعلامي ولوجستي حصل كل ذلك في ظل أزمة العولمة وفكرها النيوليبرالي .
7- حتى مسألة الديمقراطية وحقوق الانسان التي بشر بها الفكر النيوليبرالي باقامتها بهذه البلدان , نرى على ارض الواقع انه لم يؤسس لأقامة ديمقراطية حقيقية لصالح شعوب هذه البلدان , وانما اوجد محاصصات فئوية وطائفية وتوافقات لا ديمقراطية مشوهه انتهكت الديمقراطية وحقوق الانسان , وفي دول اخرى دعم وساند الفكر النيوليبرالي بعض حركات الاسلام السياسي كما في تونس ومصروالمغرب ... الخ لهذا ما اكدته التجربة ان حالة الديمقراطية مع العولمة وفكرها النيوليبرالي هي نتاج ديمقراطية مشوهه وناقصة لم تؤسس لدول ديمقراطية ولا يوجد دور للمواطن فيها مع انتهاك دائم للحقوق والحريات والقرار بيد كتل واشخاص والشعب مغيب والمجتمعات لم تتطور. حيث كل ما عملته دول العولمة هو استبدال الدكتاتوريات ووضع محلها نخب او كتل وتكونت دكتاتوريات النخب او الكتل ,وترتبط هذه الدكتاتوريات الجديدة المصطنعة بدكتاتورية النخب المالية والاقتصادية الدولية .حيث يمارسون الارغام والضغط والاشتراطات وهذا هو جوهر المشكلة في ديمقراطية العولمة وفكرها , حيث تفرض على هذه النخب المنتفعة بان تتخلى الدولة النامية التي يحكموها عن جزء من سيادتها , وان تخصخص الثروات بشكل منفلت وتقيم اقتصاد السوق وتتخلى الدولة عن بعض من وظائفها . اضافة الى ذلك ان الاسواق والمضاربون الدوليون والاحتكارات الدولية والحكام الراسماليون وفكرهم النيوليبرالي هم الذين يفرضون على البلدان النامية ما يجب ان تفعله وما يجب ان لا تفعله .
8- ان العولمة الراسمالية لها تأثيرات سيئة على البيئة . كما ان التجارب باستخدام مواد كيمياوية وانتهاك اتفاقات دولية بهذا الخصوص, تؤثرسلباً على البيئة وعلى ارتفاع درجة حرارة التربة , اضافة الى تلوث مياة البحار والمحيطات وغيرها من المشاكل البيئية .
نحو عولمة ذات وجه انساني :
العولمة الراسمالية اصبحت في نظر المليارات من الناس انها غير ناجحة ,  ولها نتائج سيئه بالنسبه لفقراء العالم حيث زادت حالهم تفاقما وباتت حياتهم اقل امان من ذي قبل ولم تتطور بلدانهم النامية اقتصادياً واجتماعياً مع دوام الازمات السياسية , وسيئه بالنسبه الى البيئة وفي ظل العولمة غاب الاستقرار الاقتصادي العالمي , وانتهكت سيادات البلدان وغيبت هوياتها الوطنية ...... الخ .المستفاد من العولمة دول محدودة ونخب فئوية وسياسية محدودة في هذا البلد او ذاك . اليوم حال العولمة الراسمالية سيئ لأنها اصبحت تمثل استعباداً واستغلالاً للدول النامية وشعوبها. فيكون من الطبيعي ان يعاديها المتضررون فالمعارضة للعولمة الراسمالية تتسع يوماً بعد آخر من هنا تأتي اهمية النضال على الصعيد العالمي السلمي لأنسنة العولمة لأنها ظاهرة موضوعية عالمية , لهذا يفترض ان تعم ايجابياتها شعوب العالم اجمع, وازالة الاثر السيئ الجشع الظالم المستبد منها كما هو عليه الآن , لتكون وجهتها انسانية .
ان هدف النضال من اجل انسنة العولمة يتجلى في :
انهاء الفقروايجاد نظام اقتصادي ومالي وتجاري دولي عادل . والغاء ديون البلدان النامية او تخفيفها هو مطلب عادل تطالب به البلدان النامية وهو مدخل لتطوير اقتصادياتها . والضغط من اجل اجراء الاصلاحات على مؤسسات العولمة , ورفع الاشتراطات والاملاءات عن البلدان النامية وعدم اجبارها على تحرير تجارتها , او الغاء التعريفات الكًمركًية , الدول الصناعية مطالبة برفع حواجزها التجارية . وضمان حماية البلدان النامية من جشع الاحتكارات الدولية ومن المضاربين الدوليين . والجانب الاهم هو دمقرطة الحياة السياسية , وعولمة الافكارذات المحتوى الديمقراطي الاجتماعي , وعولمة المجتمع المدني  واستقلال القضاء في كل بلد . ان العدالة الاقتصادية العالمية تفرض على الدول الصناعية ان تقيم علاقات متكافئة مع البلدان النامية ,ان البلدان النامية وشعوبها هي اكبر الخاسرين من العولمة بشكل خاص وسكان العالم بحاجة الى انسنة العولمة .
( يتبع) 
7-11-2015



38
نفاق اليسار النيوليبرالي
(3-3)
فلاح علي
لابديل عن دور الدولة والقطاع العام :
في ظروف كظروف العراق وغيره من البلدان النامية لا يمكن الاعتماد على القطاع الخاص لوحدة للقيام بعمليات التنمية , ان الاعتماد على القطاع الخاص ليس فقط سيكون الفشل المحتوم الذي ينتظره وانما , سينتج ازمات اقتصادية واجتماعية جديدة ويعمق ازمات البلد الموجودة اصلاً .  اذا اريد للبلد الخروج من ازماته الاقتصادية والاجتماعية لا بد من ان يكون للدولة دور في قيادة عمليات التنمية . حتى في الدول الراسمالية اكدت ازماتها على فشل اقتصاد السوق المعولم نيوليبرالياً وهيمنة لدورالشركات في ادارة الاقتصاد وذلك لأن الدولة النيوليبرالية تعجز عن وضع قوانيين مقيدة , لهذا ينتج النظام الراسمالي واقتصاد السوق ازمات اقتصادية واجتماعية تضعف استقرار البلد . الماركسية تنتقد هذا النوع من العولمة
لهذا لجأت الدول الراسمالية في ازماتها الاقتصادية لمعاجة آثار الأزمات : الى تطبيق نظرية ( جون مينارد كينز) وهو عالم اقتصادي انكًليزي وتركز نظريته على الاقتصاد المختلط اي على دور القطاعين العام والخاص , نظريته ليس مع اقتصاد السوق الا اذا تدخلت فيه الدولة . ويرفض سيطرة القطاع الخاص على اقتصاد السوق . نظريته الاقتصادية الكنزية عالجت آثار الازمة العامة للراسمالية في عام 1932 واستطاع ان يساعد البلدان من الخروج من الكساد الكبير الذي حصل آنذاك . نظريته قائمة على ان يكون للدولة دور في ادارة اقتصاد البلد , لهذا لجأت الى نظريته الولايات المتحدة الامريكية في ازمة عام 1987 و2007 . ففي ازمة عام 2007 قامت الدول الراسمالية بدور مباشر للمساعدة على التخفيف من آثار الأزمة . ومالاحظة العالم ان الاقتصاديات والشركات الاحتكارية التي انهارت في ازمة 2007 قامت الحكومات الراسمالية بتعويضها من اجل اعادة نشاطها الاقتصادي . الشيوعييون واليسار الماركسي لن يقدسو دور الدولة وملكيتها للمشاريع الاقتصادية ولكن تجارب بلدان العالم بما فيها البلدان النامية تؤكد انه لن تكون هنالك تنمية ونمو اقتصادي وتطور ومعالجة البطالة والفقر والتسريحات من الوظائف في ظل الخصخصة والقطاع الخاص ان لم يكن هنالك دور للدولة والقطاع العام. نفس السؤال ينطرح بصيغة اخرى لماذا يقدس اليسار النيوليبرالي القطاع الخاص وعمليات الخصخصة المنفلته؟ . طالما  ان الاسواق المحلية قي البلدان النامية لا تؤمن الحاجات الضرورية الاساسية للناس .
وهنالك مثال آخر يؤكد على دور القطاع الحكومي في البلدان الراسمالية : (( المصارف في الولايات المتحدة الامريكية لا تمول العائلات ذوي الدخل المحدود بالقروض لغرض الاسكان فقامت الحكومة الامريكية بتأسيس الجمعية الوطنية الفيدرالية للأسكان لقاء معدلات معقوله من الفائدة , اما في البلدان النامية فهذه المشاكل اسوء بكثير , ان الغاء المؤسسات الحكومية قد يخلق فراغاً عظيماً , وحتى لو دخل القطاع الخاص الحلبه في آخر الامر , فستكون قد ترتبت على هذا القرارآلام رهيبة )) ((1))
اخيراً اتوقف عند الطرح التالي الذي يمثله اليسار النيوليبرالي :
 وقد أصدم القارئ إن قلت بأن الحركات الماركسية المتشدّدة والطبقة العاملة التقليدية في الغرب باتت قوة رجعية معادية لقيم اليسار.
فهي تتّخذ مواقف تكاد تكون متطابقة مع مواقف اليمين المتطرف. ولهذا فليس غريبا أن نجد أن جزءا كبيرا من القاعدة الإجتماعية لحركات اليمين المتطرف تتكون من العمال. إنهم / ضد فتح الحدود القومية لأن هذا يهدد بأن يأخذ المهاجرون وظائفهم لأنهم يقبلون بأجور أقل .

ارى من وجهة نظري ان هذا الطرح النيوليبرالي غير واقعي ولا يصمد امام النقد للاسباب التالية :
1-فيما يخص فتح الحدود وغلقها ليس له علاقة بموقف الطبقة العاملة في البلدان الراسمالية هذه هي سياسة العولمة الراسمالية المتوحشة مثال : الغرب طالب بحرية التجارة للمنتجات التي يصدرها , ولكنه في الوقت نفسه استمر في حماية قطاعاته التي كان يمكن ان تهددها المنافسه من منتوجات البلدان النامية والمثال الملموس هو تجلرته مع الصين . وذاكرتنا لا تزال حيه حيث احتجاجات ومظاهرات سياتل التي اشترك فيها اليسار والطبقة العامله ما هي الا دليل على ذلك, وهي تفند طروحات اليسار النيوليبرالي. لأن حرية التجارة لم تحقق منافع للبلدان الاقل نمو . وتشترط منظمة التجارة العالمية على البلدان النامية فتح حدودها بتحرير التجارة وتخفيض الرسوم الكًمركًية في حين الدول الراسمالية غير معنية بذلك . وهذا ما يمارسه صندوق النقد الدولي من تشديد الضغوط على البلدان النامية لتحرير تجارتها وفتح حدودها مقابل تقديم المساعدة . الصين صمدت عشرون سنه امام ضغوطات منظمة التجارة العالميةولكن ليس كل البلدان مثل الصين . الصين التي حققت اكبر نمو في الاقتصاد لم تسمع الى اي من التوصيفات والوصفات والتعليمات الغربية .
2- ان الطبقة العامله والماركسية لم تكن في يوم من الايام رجعية , وان الزعم بثورية النظام الراسمالي هذا ادعاء غير واقعي وغير معلل علمياً وواقعياً في ظل مرحلة الامبريالية . صحيح في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة وفي اجواء المنافسه مع الاتحاد السوفياتي , بالاضافة الى نضالات الطبقة العامله في البلدان الراسمالية , لجأت العديد من البلدان الراسمالية الى اقامة انظمة اجتماعية كنظام الضمان الاجتماعي والضمان الصحي وضمان السكن . وكانت هذه الانظمة الاجتماعية تقدمية وفيها شيئ من العدالة الاجتماعية كما هو في السويد والنرويج والدانمارك ....... الخ .
3- ولكن بعد ان هيمنت الولايات المتحدة على النظام الدولي الجديد بظهور نظام القطب الواحد , بدأت هجمتها الشرسه , في العالم ومنها على حقوق الطبقة العامله في البلدان الراسمالية وما حققته من انجازات كالنظام الاجتماعي فتقلصت الكثير من الانجازات التي حققتها الطبقة العاملة .
4- ان كانت الراسمالية تقدمية في عصرها الاول الا ان مواقف الامبريالية الآن مما يجري في العالم ماهي الا مواقف رجعية . من منا ينسى دور المخابرات المركزية الامريكية في افغانستان في نهاية سبعينات القرن الماضي , عندما احتضنت ودعمت ومولت مالياً ولوجستياً جماعة القاعدة وزعيمهم اسامه ابن لا دن بالتعاون مع رجعيي النظام السعودي آنذاك . الذي حصل في افغانستان بعد سقوط النظام اليساري لنجيب الله بعد انسحاب القوات السوفيتية , وما حصل قبله وبعده وما يحصل الآن , ما هو الا نتيجة للدور الرجعي للسياسة الامريكية وتعاونها مع الاصولية الاسلامية . وهذا التعاون اصبح مصدر تهديد لكل دول المنطقة وعدم استقرارها . المخابرات المركزية الامريكية لم تدعم فقط القاعدة وانما ساهمت بتطوير انتاج الهيروين بفتح معامل على حدود افغانستان مع باكستان وساهمت في تجارته , اين هي الثورية هنا للنظام الراسمالي ؟ واي بلد نامي طورته الراسمالية لتصبح ثورية ؟
5- وما يجري الآن في سورية والعراق من ظهور حركات اجرامية متطرفة من داعش وجبهة النصره وغيرهم , ان العوامل والظروف التي انتجت القاعدة هي نفسها التي انتجت الآن هذه الحركات المتطرفه , دعمت ومولت بضوء اخضر من المخابرات المركزية الامريكية . ان الامبريالية الآن توظف هذه الجماعلت المتطرفة لأرهاب العمال وافزاعهم في بلدانها , فمنذ سقوط الاتحاد السوفياتي والى الآن تمارس الراسمالية واجهزتها الاعلامية  ضغوط على العمال لأذعانهم لنظامها ولقوانينها الرجعية. لا اعرف اين رجعية الحركات الماركسية واين رجعية الطبقة العامله في الدول الغربية هنا , هذا مجرد اتهام وغض الطرق عن دور الغول المتوحش في مرحلة الامبريالية , وعن ما تقوم به عولمتها من خلق ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية في بلدانها وفي بلدان اخرى .
الاستنتاجات :
1- اعتقد ليس هنالك غرابة في ظل عولمة الراسمالية المتوحشة , وفي ظل فوضى وانفلات الاوضاع الداخلية للبلدان نتيجة هيجان الحركات الاصولية المتطرفة  المدعومة امبريالياً ورجعياً اقليمياً ومحلياً من ان يطل علينا بين الحين والآخر كاتب او باحث او مثقف او مفكر ويدعو الى انهاء اليسار الماركسي , ولم يقل لنا كيف سينهي اليسار الماركسي ؟  وهل اليسار النيوليبرالي هو البديل عن اليسار الماركسي ؟ في حالة اذا تمكن طرف ما من انهائه , ارى ان هكذا تحليل يرتكز على اوهام وقراءة مغلوطة وغير واقعية لواقع المجتمع العراقي او المجتمعات الاخرى .
2- ان واقع تطورات الاحداث في العالم تؤكد ان الاحزاب الشيوعية وقوى اليسار هي اليوم في نهوض ونمو وتوسع وحضور جماهيري ولها فاعلية سياسية واعلامية وجماهيرية في بلدانها وهذا مؤشر على حيويتها .
3- الشيوعيين العرب واليساريين الذين تحولوا الى الفكر النيوليبرالي بخجل بعد انهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي , ارى انهم الآن لم يحسنوا بعد اختيار الوقت المناسب للاعلان عن نيوليبراليتهم وانخراطهم في مشروع العولمة , في الوقت الذي تمر فيه الراسمالية بأزمات مالية عالمية وان فكرها النيوليبرالي قد تخلخل ولا يصمد امام النقد .
4- ارى من وجهة نظري انه لا قيمة لأي من يدعي اليسار عندما يضع له مهمه محاربة الاحزاب الشيوعية او اطلاق دعوات لأنهاء اليسار الماركسي , لأن هذه الممارسة هي حالة مرضية تتنافى ومبدأ الديمقراطية والتنوع الفكري والسياسي الذي يؤمن بهما اي يساري .
5- الفكر اليساري النيوليبرالي بهذا الطرح الغير واقعي يؤكد انه ليس بمقدوره فهم ومعرفة ما يحصل في العالم وبالذات العالم الراسمالي لكي يطرح مشروعه الواقعي في التغيير وحسب ظروف بلده اذن كيف يكون مشروعه للتغير واقعي ومقبول اذا لم تكن لديه رؤية فكرية واضحه عما يجري. وانما ايضاً ان اليسار النيوليبرالي فكره غير متماسك وغير متبلور تسود فيه التشاؤمية والضبابية والعتمه وعدم الوضوح وهو بنفس الوقت يقدس الخصخة والقطاع الخاص ويعادي دور الدولة في عمليات التنمية كما يرفض اي دور للقطاع العام .
6- ان الفكر الماركسي هو مرشد لعمل اليسار الماركسي في فهم طبيعة المتغيرات على صعيد كل بلد او في العالم  . والفكر الماركسي فكر ديمقراطي يؤمن بالتعددية والتنوع الفكري والسياسي . ويؤمن بدور الجماهير في عملية التغيير التاريخي انطلاقاً من ان الجماهير هي التي تصنع التاريخ . وهي التي تغيير سلمياً .
7- ارى ان اليسار النيوليبرالي بهذا الطرح النيوليبرالي لا يعدوا عن كونه ورقة احتياط مضمونه يدخل في رصيد العولمة المتوحشة  , تلعب بورقة اليسار النيوليبرالي وتوظفه في الوقت المناسب بالنسبه لها , عندما تريد اظهار شعاراتها البراقة ولتظليل الراي العام المحلي والعالمي انها تقدمية وثورية ومع حق الشعوب , في الديمقراطية الزائفه لكن ماركتها امريكية الصنع .  وتلعب هذه الورقة الخسرانه بوجه قوى اليسار الحقيقي عندما تشعر ان هذا اليسار هو في نهوض جماهيري وسياسي .
8- في الوقت الذي التقت فيه السلفية الاسلامية الجديدة مع النيوليبرالية في التوجهات الاقتصادية للنيوليبرالية فيما يخص الخصخصة واقتصاد السوق وانهاء دور الدولة في الاقتصاد وتقديم التسهيلات للشركات الاحتكارية العابرة للقارات , نجد ان اليسار النيوليبرالي يقف مع هذا التوجه الاقتصادي .
9- اليسار الذي ينضوي تحت عباءة النيوليبرالية ولم ينتقد عولمتها المتوحشه , ليس هذا يساراً جديراً بهذا الاسم , واليسار الذي يصمت على انتهاكات الامبريالية للسيادة الوطنية ودعوتها لتقسيم البلدان وانتهاك حق الشعوب ودعمها للكيان الصهيوني المحتل هذا ليس يساراً ولا يحمل قيم اليسار . واليسار الذي يدعو الى انهاء اليسار الماركسي هذا ليس يساراً حقيقياً وانما مصطنع لأجندات .
10- اليسار النيوليبرالي لا توجد لديه حدود فكرية بينه وبين اعداء الماركسية , كما انه بمطالبته بانهاء اليسار الماركسي اكد اليسار النيوليبرالي على رجعيته .
11- ان اليسار في العراق بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى على بناء قطب ثالث فيه وعلى مستوى كل العراق ويكون عابر للقوميات, تلتقي فيه كل قوى اليسار والديمقراطية على اساس برنامج عمل فيما بينهما ويجري تنسيق النشاطات من خلال لجنة تنسيق مع احتفاظ كل طرف باستقلاله السياسي والفكري والتنظيمي . لأهمية هذا القطب اليساري لأعادة التوازن في المجتمع ولأحداث عملية التغيير الديمقراطي .
11-10-2015
1- جوزيف إستيفليتز – حامل جائزة نوبل في الاقتصاد – من مؤلفه خيبات العولمة .



39
نفاق اليسار النيوليبرالي
(2-3)
فلاح علي
ما هي المنطلقات الفكرية لليسار النيوليبرالي ؟
ارى من وجهة نظري لا سيما بعد اطلاعي على طروحاته توصلت الى استنتاج ان اليسار النيوليبرالي غير متماسك فكرياً  , وانه في حالة من الفوضى والفلتان الفكري , ولا ارى انه يحمل قيم يسارية قائمة على اساس فكر يساري , وما يعلنه من تبنيه لهذه القيم اليسارية يبقى في اطار الادعاء وما هي الا ازدواجية حاله حال الاسلام السياسي , يدعي في الاعلام انه يؤمن بالديمقراطية ولكن باللمارسة يمارس الالغاء والاقصاء والتهميش والتزوير ...... الخ . وهذا هو حال اليسار النيوليبرالي : حيث يعلن بصريح العبارة الى انهاء اليسار الماركسي . لكنه بنفس الوقت يؤكد التالي : على اليسار أن يتراجع عن خجله ويعلن أن الرأسمالية ونظام الإقتصاد الحر تلعب دورا ثوريا أين هي قيم اليسار هنا ؟
هنالك سؤال محير ان كان اليسار النيوليبرالي حقاً يحمل فكراً يسارياً اذن لماذا يدعو الى انهاء اليسار الماركسي ؟ ولم يقل لنا كيف ان الراسمالية والاقتصاد الحر تلعب دوراً ثورياً في المرحلة الحالية.
من وجهة نظري ارى ان اليسار النيوليبرالي يستتج من طروحاته ان منطلقاته الفكرية قائمة على التالي :  انه يستمد منطلقاته الفكرية من قيم النيوليبرالية ومن تقديسه للقطاع الخاص والخصخصة ومن قناعته بأن الراسمالية ثورية وتناسى ان ثوريتها كانت في مراحلها الاولى في فترة الاقطاع وبداية الثورة الصناعية . هي الآن تحولت الى الامبريالية . ارى انه لو كان ماركس حياً لتوصل الى نفس استنتاج لينين ان الراسمالية دخلت مرحلة الامبريالية وفقدت ثوريتها . سؤال : اين تكمن ثوريتها في مرحلة الامبريالية ؟ من هذا ارى ان فكر اليسار النيوليبرالي فضفاض يتسم بالضبابية بلا ملامح وغير واضح التوجهات والمنطلقات غير متبلور ويمر بحالة من الفوضى والفلتان غير متماسك فكرياً فهو من جانب يدعو الى انهاء اليسار الماركسي ومن جانب آخر يتعصب للقطاع الخاص والاقتصاد الحرويدعو الى الحد من دور الدولة وانهاء القطاع العام . الكل تدرك ان تقلبات الاسواق هي سمة ملازمة للراسمالية الحالية , وما ينتج من هذه التقلبات هو البطالة وفقدان الضمان , الملاييين في العالم تفقد وظائفها ,وتنتج مشاكل اجتماعية واقتصادية ويزداد الفقر لأزدياد الفوارق في الدخل . اذن لماذا اليسار النيوليبرالي يدعو الى التوجه للقطاع الخاص والاقتصاد الحر ويدعوا لحرق المراحل ويريد ان يفرض انهاء اليسار الماركسي ويفرض ثورية الراسمالية في مرحلة الامبريالية . ولماذا يطالب البلدان النامية بالتوجه لأقتصاد السوق اذا اقتصاد السوق في ازمات مستمرة واوجد تفاوت ما بين الاغنياء والفقراء في البلدان الراسمالية , وما اكده بهذا الخصوص عالم الاقتصاد جوزيف إ. ستيفليتز ذكر التالي : ( النمو في امريكا في الثمانينات كان عالي والاقتصاد في اوج توسعه لكن الدخل الحقيقي للأشخاص الأكثر حرماناً قد تدنى ) هنا يطرح سؤال ان انهاء القطاع العام وانهاء دور الدولة اذا لم تصلح للعمل في الدول الصناعية فلماذا يرى اليسار النيوليبرالي انها تصلح للعمل بالبلدان النامية ؟ .
توحي طروحات اليسار النيوليبرالي الغربي انها ليس فقط لا تزال في مرحلة الفوضى والتخبط والضبابية اوانها تحمل قيم مزدوجه بعيدة عن قيم اليسارفي الممارسه مثل انه لا يؤمن بالديمقراطية والتعددية عندما يدعو الى ( انهاء اليسارالماركسي وان فكرة الحزب السياسي قد ماتت لم تعد قادرة على خدمة قيم اليسار ..... الخ ) وانما انها اي طروحات اليسار النيوليبرالي , ليس لها ارض صالحة سواء في العراق او بلدان الشرق الاوسط . لأنه في الممارسة تخدم توجهات الاحتكارات الدولية من جانب ومن جانب آخر تخدم او تمثل وجهة نظر الاصولية السلفية في توجهاتها الاقتصادية كما انه يريد ان يكون هو البديل عن اليسار الماركسي ,وهذا ما تقبل به الاصولية الاسلامية . ويتصور بطرحه الخيالي هذا و بضربة واحدة ينهي نظرية ومنهج علمي وفكر وتأريخ ونضال واهداف وبرامج وملايين في العالم منخرطة بقناعه بهذا الفكر وبهذه الاحزاب السياسية الشيوعية واليسارية, التي العديد منها الآن لها مواقع في برلمانات بلدانها وتعمل لبناء اوطانها واقتصادياتها وتطورها . اليسار النيوليبرالي بطرحه هذا انه يمارس الاقصاء ويريد تفصيل التنظيم السياسي واقتصاد البلدان حسب مقاساته ووصفاته النيوليبرالية , بحجة الحفاظ على قيم اليسار وايجاد يسار جديد ترضى علية الاحتكارات والسلفية الاسلامية هذا هو النفاق وهذه هي الازدواجيه التي يحملهما اليسار النيوليبرالي .
اليسار الماركسي يسار جماهيري :
ومتجذر في المجتمع وله تاريخ وطني حافل على صعيد كل بلد وفي العراق ارتبط تاريخ العراق الحديث بتاريخ نضال اليسار الماركسي المتمثل آنذاك بالحزب الشيوعي العراقي , كما ان ظروف البلد الموضوعية والذاتية تؤكد حاجة الشعب العراقي الى اليسار الماركسي لارتفاع حدة الصراع الطبقي فيه وهذا نفس الشيئ ينطبق على شعوب الشرق الاوسط والعالم وحاجتها الى يسار ماركسي . لم يحدد اليسار النيوليبرالي كيف بمقدوره انهاء اليسار الماركسي الجماهيري المتجذر في المجتمع ؟ لاسيما ان اليسار النيوليبرالي ليس هو تيار او اطار تنسيقي او تنظيمي قائم كل المعطيات تؤكد على ارض الواقع الفعلي انه غير موجود . هو مجرد اشخاص او افراد منتشرين في بلدان اللجوء يحملون مستوى ثقافي معين وخبرة محدودة نتيجة نشاطهم في الحزب الشيوعي في فترات محددة . وهذه هي احلام نرجسية يتخيل حامليها بانهم بمقدورهم ان يكونوا بديلاً عن اليسار الماركسي . ولا نعرف كيف سينهواليسار الماركسي ؟ هل انه لديهم فانوس سحري او يعتمدون على قوة الاحتكارات الاقتصادية وضغوطها السياسية , ام يستعينون ب البنتاغون او ال CIA ام بحلف الناتو ؟ام بسلاح الامبريالية القديم .
ما هو سلاح الامبريالية القديم :
البالي الذي انهزم امام صمود اليسار الماركسي , حيث اكتشفته عبقرية الامبريالية بعد الحرب العالمية الثانية وخلال الحرب الباردة , بعد ان اقامت تحالفات مع الاصولية الاسلامية المتطرفة المتمثلة بالسلفية الجديدة لمواجهة المد اليساري في بلدان العالم النامي , ومدتها بالدعم المالي واللوجستي . حيث في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي كان هنالك مد يساري جماهيري قوي جداً في العديد من البلدان منها العراق والسودان ومصر واليمن واثيوبيا واندونيسيا وبنكًلاديش وامريكا اللاتينية وحتى الصومال . فصدمت الامبريالية من هذا المد اليساري خارج الكتلة الشرقية آنذاك , فبدأت بتدبير انقلابات عسكرية في العديد من البلدان وتقيم انظمة دكتاتورية فيها , بالاعتماد على الاصولية السلفية واعداء اليسار الماركسي , فبدأت تنفيذ مشروعها هذا في البلدان التي فيها يسار ماركسي جماهيري قوي ومؤثر وقاب قوسيين من الوصول الى السلطة . فبدأت هجومها في العراق في عام 1963 بالاعتماد على السلفية الاسلامية وفاشيي حزب البعث وكل اعداء اليسار الماركسي وقتلت آلاف الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين , الا انه بحملتها هذه فشلت في انهاء اليسار الماركسي في العراق . وكررت التجربة في اندونيسيا حيث كان الحزب الشيوعي الاندونيسي اكبر حزب في المنطقة فلم تتحمل ال CIA هذا الزخم الشيوعي في هذا البلد الذي يهدد مصالحها في المحيط الهادي . فدبرت انقلاب عسكري وبالتعاون مع السلفية الاسلامية المتمثلة في حزب صرخات الاسلامي . وقتلت آلاف الشيوعيين وعوائلهم الا ان اليسار بقى قوياً في اندونيسيا . وفي شيلي نظموا انقلاب عسكري ودعمو الفاشي بينوشيت وقتلوا الآلاف من الشيوعيين واليساريين وفي باكستان وبنكًلاديش كررو التجربة في السبعينات من القرن الماضي بالاعتماد على الجماعات الاسلامية واغتالو آلاف الشيوعيين واليساريين وفي امريكا اللاتينية والسودان وغيرها من البلدان . هذا هو سلاح الامبريالية القديم اعتمدت عليه لترابط مصالحها الاقتصادية مع السلفية الاسلامية الجديدة ولتقارب سياساتهم الاستراتيجية في المصالح السياسية والاقتصادية , كما هو تحالفها مع القاعدة ودعمها لأسامة بن لادن والضوء الاخضر الذي اعطته للسعودية وقطر وتركيا في دعم داعش .
الا اني ارى من وجهة نظري ان اليسار النيوليبرالي لا يلجأ لهذا الطريق لأنه ليس لديه قواعد واطر في هذه البلدان , ومع هذا لم يعلمنا كيف سينهي اليسار الماركسي وبأي طريقة ؟ انه في حلم رومانسي وفي نوم هادئ . العامل الحاسم في الموضوع يكمن في : ان اليسار النيوليبرالي ليس لديه رؤية دقيقة عن واقع المجتمع العراقي وواقع شعوب البلدان النامية وبالذات في منطقة الشرق الاوسط , حيث تمر هذه البلدان بأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وفقر وجوع وهيمنه امريكية وقواعد عسكرية وشركات احتكارية ونهب ثروات وارهاب واسلام سياسي متطرف  ... الخ هذا اولاً وثانياً ان حاجات الشعب العراقي وشعوب المنطقة ليس بمقدورمشروع اليسار النيوليبرالي حلها او ايجاد حل للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , هذا ان كان لديه مشروع وثالثاً من هذا كله ان الظروف الموضوعية في العراق غير ملائمه لنشأة مثل هكذا يسار نيوليبرالي . ارى ان على اليسار النيوليبرالي ان يكون واقعياً وديمقراطياً حقاً ويفيق من حلمه ويخلص نفسه من الاعشاب والاشواك اولاً ليكون مقبولاً وليوفرتربه صالحه له , لأنه ليس بمقدوره ان يناطح اشجار النخيل في العراق ذات الجذور الممتدة عميقاً في الترية العراقية . ليس بمقدوره ان ينهي الفكر الماركسي الذي احتضنه الشعب ومده بخيرة بناته وابنائه .
 من هذا ان دعوة انهاء اليسار الماركسي ليست جديدة :

تعرضت الماركسية واليسار الماركسي الى اشرس حملة ارهابية بوليسية وآخرها في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وبالذات في فرنسا وايطاليا والمانيا بعد سقوط جدار برلين في عام 1989 قاد الحملة النيوليبرالية الجديدة واعداء الماركسية , ولكنهم فشلو اذ سرعان ما تلاشت هذه الحمله الشرسه بعد الازمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الامريكية في عام 2007 , حيث كانت اكبر ازمة مالية شهدتها الولايات المتحدة الامريكية ,  وفي هذه الفترة بالذات حصل اهتمام كبير بكتابات ماركس في اوربا وسجلت كتبه اعلى مبيعات في المانيا , واكدت احداث العالم مدى اهمية الماركسية في عصرنا ارتباطاً بازمة الراسمالية الراهنة , وهذا اكد من جديد على حاجة كوكبنا للماركسية ولقدرتها  ليس فقط في تفسير تناقضات الراسمالية في القرن التاسع عشر , وانما قدرتها على تفسير التناقضات التي يشهدها عصرنا الحالي ونقدها وايجاد حلول لها  . ان كل المؤشرات تؤكد اليوم ان الحملة على الماركسية وصلت نهايتها . من هذا لا يمكن لأي انسان وبالذات من لديه فكر يساري حقيقي ان يصدق اليوم ما قاله المنظر النيوليبرالي فرانسيس فوكوياما في مقالته في عام 1989 بنهاية التاريخ وان النيوليبرالية قد وطدت اقدامها للأبد وان التاريخ وصل نهايته , واعاد ذلك في كتابه الذي صدر في عام 1992 . الماركسية ليس فقط هي منهج علمي ودليل او مرشد عمل وانما هي كانت ولا زالت تحتفظ بقوة الهام لفهم طبيعة الراسمالية ومشاكلها وبالتالي نقدها وتحليل اشكالها وتطوراتها وكيفية مواجهة مخاطرها .
(يتبع)
8-10-2015   
1- جوزيف إستيفليتز -  مؤلف كتاب خيبات العولمة - حامل جائزة نوبل بالاقتصاد وكان مستشار اقتصادي للرئيس الامريكي كلينتون ثم اصبح كبير مستشاري صندوق النقد الدولي .



40

نفاق اليسارالنيوليبرالي
(1-2)
فلاح علي
في البدأ لا بد من طرح السؤال التالي : هل يبقى شيئ من القيم اليسارية الحقيقية اذا تحول حاملها الى ليبرالياً لا سيما اذا توغل اكثر في تبني الفكر النيوليبرالي وبدأ بالتنظير له ؟ وهل يحق لهذا اليساري الذي تبنى الفكر النيوليبرالي ان يحسب نفسه على اليسار  ؟
صحيح ان هنالك قيم انسانية مشتركة تشترك فيها شعوب العالم , لكن قيم اليسار لها ابعاد فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وذات طبيعة ديمقراطية اجتماعية انسانية لا تقبل الازدواجية ,ارى من وجهة نظري وبصريح  العبارة ان الازدواجية في حمل القيم ما هو الا انتهازية ونفاق .
من هذا نجد ان الخطاب السياسي لليسار النيوليبرالي هو خطاب مزدوج لا يخلوا من النفاق حاله حال الخطاب السياسي للاسلام السياسي . وتجسد ذلك بشكل عملي بعد فشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي فكان هنالك استسلام من قبل بعض اليساريين وكأنهم بدأوا يكتشفون بان الراسمالية هي نهاية التاريخ وهي القدر المحتوم للبشرية , وانتهت الماركسية واصبحت رجعية من وجهة نظرهم وانتهى دور الاحزاب الشيوعية والاحزاب اليسارية الحقيقية. وان الليبرالية الجديدة وفكرها هي سمة العصر حسب تصورهم , ولا بد من الخصخصة ووجود قطاع خاص وانتهى دور القطاع العام وعلى الدول النامية تحرير التجارة وفتح حدودها ورفع التعريفة الكًمركًية ..... اله والسيادة اصبحت للفكر النيوليبرالي والتنظيم السياسي اصبح غير مقبول ولم تعد امريكا رجعية بل هي ام التقدمية بنظرهم . لكنه بنفس الوقت نجد ان البعض من المستسلمين يدعوا الى يسار جديد لكن من وجهة نظرهم ان يتخلى هذا اليسار عن الاحزاب الشيوعية والفكر الماركسي . وهنا يصعب الفرز في هذا الطرح بين من هو يدعي اليسار ويريد يسار جديد وبين من هو معادي للماركسية وللأحزاب الشيوعية واليسارية الحقيقية . وبنفس الوقت لا تعرف توجهات هذا اليسار الجديد وخططه وبرامجه واهدافة وفكره وسياسته , ولا يعرف منه على صعيد الممارسة غير العداء للماركسية والاحزاب الشيوعية ولليسار الحقيقي . ولكنهم نجدهم من جانب آخر يدعون انهم حاملي قيم اليسار , الا انهم في الممارسة يروجون للنيوليبرالية ولفكرها ولشركاتها الاحتكارية المتعددة الجنسية العابرة للقارات , في الوقت نفسه ان كل شعوب العالم قد تضررت من جشع هذه الشركات ومن النيوليبرالية ولهذه الشعوب تأريخ طويل مؤلم محمل بالمظالم , من الاستغلال ونهب الثروات ومن الفقر والفاقة والجوع والبطالة التي انتجتها للشعوب وزادت الهوه بين البلدان الراسمالية والبلدان النامية , وبين الاغنياء والفقراء بين ابناء الشعب الواحد في البلدان النامية .
هنا يطرح سؤال اذا كان الخطاب السياسي لليسار النيوليبرالي في الممارسة العملية هو يسهم في نشر الفكر النيوليبرالي وتعزيز مواقع الراسمالية وشركاتها الاحتكارية في البلدان النامية والترويج للعولمة المتوحشة وللولايات المتحدة الامريكية بانها القوة العظمى في العالم وبدونها سوف نموت جوعاً ولن نتطور كبلدان نامية ؟ اذن اين هي مهمات ما يسموه زوراً باليسار الجديد واين هي قيمه وتوجهاته وما هو فكره ليكون بديل عن اليسار الماركسي وينعتوه بتهم غير لا ئقة , هنا من وجهة نظري يكمن النفاق في الخطاب السياسي الذي يمارسه بما يسمى باليسار الجديد لكنه في الواقع انه يساراً نيوليبرالياً .
هنالك حقيقة لا بد من الاعتراف بها :
بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991 وانهيار التجربة الاشتراكية فيه , اصبح هذا الحدث في حينه بمثابة زلزال مدوي هز العالم . فأهتزت معه القناعات الفكرية وأول ما تأثر بهذا الحدث هي الاحزاب الشيوعية واليسار الحقيقي الذي يتبنى الماركسية . فحصل الانهيار والتراجع في هذا الوسط اليساري  وبرزت ظاهرتان من وجهة نظري .
الظاهرة الاولى : من هول الصدمه توقف النتاج الفكري للاحزاب الشيوعية والماركسية وبهذا ضعفت مواجهة هذا المنعطف فحصلت ازمه وانحصار وعزلة . ولكن الملاحظ ان هذه الظاهرة كانت مؤقته حيث صمدت الكثير من الاحزاب الشيوعية والعمالية الاشتراكية واستطاعت تجاوز هذه الصدمة , وبدأت بعمليات التجديد الداخلي في الفكر والسياسة والتنظيم .
الظاهرة الثانية : هو ظاهرة التحول الفكري والسياسي حيث بعض الاحزاب غيرت اسمائها وفي اطار هذه الظاهرة بعض اعضاء الاحزاب في المشرق العربي تحول الى الاسلمة  , والبعض الآخر تحول الى الليبرالية الفضفاضة , التي ترفض التنظيم والفكر وتنكرت للماركسيه . والبعض تبنى الفكر النيوليبرالي وهذا النوع من التحول شمل اعداد من اليسار ليس في الشرق الاوسط وانما في بلدان عدة في العالم ومنها فرنسا على سبيل المثال رغم ان اليسار النيوليبرالي ظهر في اوربا قبل سقوط التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي .
الانهيار في منطقة الشرق الاوسط رافقة وجود انظمة معادية لليساروالديمقراطية :
شهدت منظقة الشرق الاوسط في نهاية الستينات والسبعينات من القرن الماضي وبداية الثمانينات ظهور انظمة دكتاتورية كالعراق وليبيا وتركيا وسورية ومصر والجزائر والمغرب , كما رافق ذلك صعود مد الاصولية الاسلامية المتمثلة بالسلفية الجديدة وظهور القاعدة والافغان العرب . بدعم وتمويل من النظاميين القطري والسعودي حيث دعموا حركات الاخوان المسلمين وكل الحركات الاصولية المتطرفة. ثم ظهور الثورة الاسلامية في ايران عام 1979 . هذه التطورات كانت قبل سقوط الاتحاد السوفياتي , رافق ذلك هجمة نيوليبرالية رجعية شرسه في هذه الفترة اي في نهاية السبعينات وعقد الثمانينات من القرن الماضي التي تعمقت وتوسعت وازدادت شراسه في التسعينات بعد سقوط الاتحاد السوفياتي , والاكثر خطورة في هذه الهجمة النيوليبرالية هو تحالفها مع السلفية الجديدة ومع بعض الانظمة الدكتاتورية كالنظام الدكتاتوري في العراق ودول الخليج الراعية للسلفية الجديدة . وشنت حينها اشرس حملة بوليسية ذات طبيعة فاشية ضد الحزب الشيوعي العراقي والشخصيات اليساريةوالقوى الديمقراطية, وتعمقت الهجمة الشرسه في بلدان عدة في العالم عندما اصبحت الولايات المتحدة الامريكية القطب الاوحد . هنا بدأ التحول من قبل ما يسمى باليساريين وتبنوا الفكر النيوليبرالي . مع ملاحظة ان الليبرالية المحلية الكلاسيكية هي اكثرواقعية من النيوليبرالية . وبدأ الفرزاكثر وضوحاً في صفوف الانتهازيين من اليساريين وبدون خجل في تبنيهم للفكر النيوليبرالي وذلك بعد عام 2003 عند احتلال امريكا للعراق واسقاط النظام الدكتاتوري بالقوة العسكرية . وبدأت تمارس الحرب النفسية من خلال الاعلام مع تقديم الامتيازات والاغراءات لأستقطاب الانتهازيين من المعوقيين فكرياً من اليسار الى فكرها النيوليبرالي .
انهيار التجربة الاشتراكية ليس له صلة او علاقة بانهيار او اي اخفاق للماركسية :
كثير من الاحزاب الشيوعية واليسار الحقيقي سواء في العالم ام في منطقة الشرق الاوسط ومنها الحزب الشيوعي العراقي لم ترى في انهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي انه يمثل انهياراً او فشلاً او اخفاقاً للماركسية .بقدر ماهو فشل تجربة والاشتراكية تبنى حسب ظروف كل بلد فالتجربة الصينية على سبيل المثال تختلف عن تجربة الاتحاد السوفياتي . وبدون الدخول في تفاصيل سقوط التجربة وانهيار الانحاد السوفياتي وتفككه . التجارب العملية للحركة الثورية اكدت ان الماركسية كنظرية هي قابلة للتجديد داخلياً لأنها نظرية تؤمن بالنقد  , و لها منهج علمي في تحليل وتفسير التاريخ والمجتمعات وتشكيلاتها بما فيها التشكيلة الراسمالية . وهي منفتحه ولها علاقة او ترابط بالعلوم كافة , صحيح ان الراسمالية تغيرت عما هي عليه في زمن ماركس وتحولت الى مرحلة الامبريالية , وما تمتلكة من شراسة ووحشية بلا حدود , الا ان الماركسية بقدرتها على التجديد فهي تصلح وتواكب تطورات عصرنا الحالي . وهي نظرية ثورية لا تقتصر فقط على تفسير الظواهر والعالم وانما تعمل على تغييره بطريقة سلمية . فهي تؤمن بالدايلكتيك و مع التقدم ولن تكون رجعية  . 
هنا يطرح سؤال :
هل ان الفكر الذي يحرر الانسان من الاستغلال ويضمن حق تقرير المصير للشعوب ويناضل من اجل الديمقراطية والعدالة والمساوات ويحافظ على ثروات البلدان ويبني الاوطان ويقيم العدالة الاجتماعية هو فكر رجعي .ام الفكر النيوليبرالي الذي يدعو الى تحرير التجارة وفتح الحدود وازالة القيود الكًمركًية امام السلع والبضائع الراسمالية وفتح ابواب الوطن امام قاطراته المتمثله بالشركات الاحتكارية المتعددة الجنسية وتقديم تسهيلات لأستثمار ثروات البلد وخصختها لتكسب هذه الشركات الربح الاكبر وتشيع الفساد و لا تسمح للاقتصاد الوطني ان ينمو وان ينافسها فهي تعيق النمو والتطور الوطني . هذه هي الوحشية في الجشع  هل نسمي الفكر الذي يمارس الجشع والاستغلال بالتقدمي؟
 (يتبع )
4-10-2015



41
السلفية الجديدة والنيوليبرالية وجهان لعملة واحدة
(4-4)
فلاح علي
لا بد من الاقرار بحقيقة التحالف الغير معلن فيما بين السلفية الجديدة والنيوليبرالية , وذلك لوجود ترابط فيما بينهما في المصالح الاقتصادية والتوجهات السياسية الاستراتيجية . ان الفكر النيوليبرالي الذي يمثل نظرية العولمة المتوحشة والتي تمثلها مصالح الشركات الاحتكارية العابرة للقارات . دائماً يبحث عن حلفاء بوجود مشتركات مترابطة فيما بينهما في هذا البلد او ذاك,  واذا اخذنا العراق مثالاً نجد ان الخطورة من ذلك الترابط تكمن من الخشية من تصفية القطاع العام وخصخصة ثروات الوطن وربط الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الراسمالي وازماته وتأثيراته الخطيرة على الفئات الفقيرة من شعبنا وعلى اقتصادنا الوطني , لان وحدة المصالح هذه تتيح لهم صلاحية فتح ابواب الوطن امام الاحتكارات الراسمالية ومنحهم حرية التوسع في استغلال وخصخصة الثروات الوطنية ومنها النفط والغاز والمعادن والكهرباء. كما ان وحدة المصالح هذه تضمن لكلا الطرفين في التعاون المشترك على صعيد المصالح والسياسات الاستراتيجية . حيث تدعم النيوليبرالية السلفية الجديدة في هذا البلد او ذاك من اجل الوصول الى السلطة او مساعدتها على استمرارهيمنتها على السلطة مقابلان تضمن للنيوليبرالية مصالحها   الاستراتيجية في البلد والمنطقة .  وهذا ما حصل في العديد من بلدان الشرق الاوسط من هذا انهما وجهان لعملة واحدة. على الصعيد الفكري يلتتقيان في منظومة فكرية تكمن في تشويه الديمقراطية الحقيقية امام الشعب والمضايقة على الحقوق والحريات والغاء دور المواطن ومحاصرة وتهميش وعزل الاحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية,وتزوير تاريخها النضالي والاسائه الى الفكر الماركسي . وبنفس التوجه تهدف الى : الضغط الاعلامي والفكري والنفسي للتأثير السلبي على عموم الشعب وبشكل خاص على المثقفين والشباب في تضليليهم لأجل تبني توجهاتها الفكرية و السياسة النيوليبرالية الداعية الى لبرلة الحياة السياسية والتنظيمية ومن خلال العمل على :
-  العمل على عزل الاحزاب الشيوعية عن الجماهير .
- الترويج لفكرها النيوليبرالي وبشعارات براقة تستهوي الشباب , ولكن بنفس الوقت ان جوهرالفكر النيوليبرالي و معه السلفي  يكمن على الصعيد الفكري في  العداء للفكر الماركسي والى اي يسار جديد يتبنى الفكر الماركسي . 
وبالعودة الى كاتب المقاله ( السلفية الشيوعية ضد ارادة التغيير والاحتجاج )
لاحظوا ماذا خرج به هذا النيوليبرالي في مقالته :
(ان من يصنع التغيير سيكون لليسار الجديد واليسار الالكتروني والليبراليين والمتنورين منعامة الشعب )
دون معرفة ورط حاله بالدعاية للفكرالنيوليبرالي وللترويج لوصفته المعادية للاحزاب الشيوعية و لليسارالحقيقي الماركسي . لم يقل لنا في مقالته ما هو المقصود باليسارالجديد ؟ وما هو فكر اليسار الجديد وما هي توجهاته واهدافة لكي يصنع التغيير ؟ ,  علماً ان كل حزب ماركسي وكل يسار حقيقي يدعو الى التجديد في الفكر والسياسة والتنظيم , ولم يذكر في مقالته اي يسار الكتروني واي ليبرالية يصنعان التغيير ايها  المغفل الجديد ؟ .  سؤال لكاتب المقاله ممكن ان توضح لنا ما هو المقصود باليسار الالكتروني وكيف يستطيع هذا اليساران يغير ؟ في عصر المعرفة والتطور العلمي والتكنولوجي بلا شك توظف الاحزاب الشيوعية وقوى اليسار والديمقراطية التكنولوجيا للاعلام الجماهيري والتواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك والسكايب والتيوتر.... الخ ويعرف الجميع انه يوجد اعلام الكتروني وتوجد مواقع الكترونية يسارية وديمقراطية . وضح لنا كيف لهذا اليسار الالكتروني ان يغير ويكون بديل عن الجماهير وعن التنظيم ؟ ان كاتب المقاله يحمل في جعبته وصفة الفكر النيوليبرالي التي تهدف الى محاصرة الحزب الشيوعي وقوى اليسار وعزلها عن الجماهير . في الجزء الثاني من المقاله اكدت لك انك ليس فقط لم تفهم فكر الحزب وتاريخه وسياسته ولم تفهم السلفية والنيوليبرالية وانما لا تفهم حتى الحراك الجماهيري . وها انت الآن تبرهن على ذلك . انت لا تدرك الى الآن ان الحراك الجماهيري انطلق في بدايته مطالباً بالكهرباء لعدم توفرها في العراق ومحاربة الفساد ..... الخ  , سؤال هنا يطرح نفسه  اذا كهرباء ما موجوده كيف لجماهير شعبنا ان تطلع على هذا اليسار الالكتروني وتتبناه لكي يستطيع ان يغيرهذا اولاً ؟ وثانياً ان غالبية الارياف في العراق لا توجد فيها كهرباء اذن كيف بهم ان يطلعوا على هذا اليسار الالكتروني ؟ وثالثاً ان غالبية ابناء الشعب العراقي هم من الفئات الفقيرة والكادحة ويكدحون طول النهار من اجل توفير العيش لعوائلهم هل تعتقد ان لديهم الوقت الكافي للاطلاع على اليسار الالكتروني او ان لديهم المال الكافي لشراء الاجهزة الالكترونية هذا مع افتراض توفر الكهرباء ؟
هذا هو هدف الفكر النيوليبرالي بعزل الاحزاب الشيوعية وقوى اليسار فكرياً وسياسياً وتنظيمياً عن الجماهير لكي لا تكون احزاب جماهيرية مؤثرة وتصنع التغيير , ولغرض تحويلها الى احزاب نخبه كما هي فكرة اليسار الالكتروني . لكي ينفردوا بالجماهير ويؤثروا فيها وينشرو فكرهم بينها ويبسطوا هيمنتهم على الدولة والمجتمع .  قل لنا كيف يصنع التغيير بدون الجماهير وبدون نضالها السياسي الجماهيري وبحراكها السلمي الضاغط المؤثر وبدون الفكر والتنظيم  لتحقيق مطالب الجماهير واحداث  التغيير ؟ وها انك قد اكدت طوعاً من خلال مقالتك انك مضللآ بفكر النيوليبرالية  وتقف في صف واحد مع السلفية الجديدة والنيوليبرالية المتحالفتان. حتى اليسار الجديد تردد كلماته لكنك لم تفهم محتواه وتوجهاته واهدافه الحقيقية ان الاحزاب الشيوعية واليسارية مع الجديد دائماً في الفكر والسياسة والتنظيم ولكن الجديد هو بالارتكاز الى الماركسية وفكرها وتطويره حسب ظروف كل بلد . لا بالانعزال والعمل الفردي الالكتروني النخبوي .
الشيوعييون يواصلون نضالهم لبناء عراق جديد :
رغم كل ما واجهه الحزب من حملات بوليسية شرسة في ظل الانظمة الدكتاتورية ورغم عمليات التصفيات الجسدية والسجون والمعتقلات , ورغم الحرب النفسية الاعلامية وما رافقها من تزوير لتاريخة النضالي ولفكره وسياسيته ومواقفة ..... الخ . التي مارسها كل اعداء قوى اليسار والديمقراطية ومنهم السلفيون الجدد والليبراليون الجدد , ورغم ماكنتهم الاعلامية الضخمة وما تنفقه عليها من مليارات الدولارات ورغم تضليلها وتجنيدها للكثير من المغفلين واعادة صناعتهم ثانية لمحاربة الحزب الشيوعي وكل قوى اليسار والديمقراطية , الا ان الحزب الشيوعي لا يزال هو الاقرب الى الجماهير من هذه القوى المتحالفة والتي تربطها مصالح  اقتصادية وسياسية استراتيجية مشتركة .
كيف تجذر فكر الحزب في المجتمع وتناما حضوره لكي يمضي في نضاله:
هنالك عناصر وقيم وعوامل وظروف موضوعبة وذاتية شكلت وتشكل مصدر قوة مادية للحزب و مكنته من الصمود بوجه كل الهجمات والمنعطفات الحادة التي مر بها خلال تاريخة النضالي , وبها استطاع النهوض ومواصلة النضال, اشير هنا الى بعض منها :
- فهم الواقع الذي يعيشة الشعب العراقي وظروف بيئته , حيث اوجدهذا الفهم لواقع الشعب العراقي وبيئته اواصر للعلاقة والترابط بين فكر الحزب وسياسته وجماهيرالشعب العراقي , و نظراً للتفاوت الطبقي الحاد في العراق و تصاعد حدة الصراع الطبقي فيه ظهرت الحاجة الموضوعية لوجود حزب شيوعي جماهيري قوي مؤثر سياسياً وجماهيرياً وفكرياً , رغم وجود العديد من الثغرات والصعوبات والمعوقات .
- ان فكر الحزب يتسم بعراقته وتوجهاته الوطنية الديمقراطية ودفاعه عن مصالح الشعب والوطن وضمان الحقوق والحريات والعيش الكريم وبناء دولة المواطنة . وبانهاء الاستغلال وتحقيق العدالة الاجتماعبة . وبثقافته الديمقراطية ذات المحتوى الاجتماعي وبعلميته المتمثلة بالماركسية وبمعرفته الدقيقة بظروف الواقع العراقي السياسية والاقتصادية والقومية والدينية وصحة طروحاته ومواقفه .
- جسد الشيوعيين في سلوكهم وممارساتهم القيم الاخلاقية والانسانية الثورية للفكرالماركسي واليساري والانساني, ان هذه القيم لا تزال محفورة في ذاكرة الشعب عن الشيوعيين العراقيين وحزبهم.واصبحت ارثاً للشيوعيين منها النزاهه والصدق والاستقامة والاخلاص وحب الانسان والوطن والعدالة والمساواة ونكران الذات والتضحية والعطاء الدائم والدفاع عن مصالح الجماهيرالكادحه والشجاعة والمثابرة والاقدام والوفاء لفكرهم ولألتزاماتهم ....الخ , لهذا اصبح مناضلي الحزب رمزاَ يقتدى به في اوساطهم لان الممارسة العملية لهذه القيم اكدت على  قوة المثل التي تميز بها مناضلي الحزب في فترات تاريخة  النضالي والى اليوم .
- بهذه السمات التي تميز بها الشيوعيين بتحليهم بمنظومة القيم النضالية والانسانية , وبفكرهم الديمقراطي وبهدفهم الاستراتيجي ذات التوجه الاشتراكي وانهاء الاستغلال وبالتنظيم والمعرفة , وبمواقفهم الوطنية وتاريخهم النضالي المشرف . بهذا وغيره امتلك و يمتلك الشيوعيين قوة مادية ورصيد جماهيري وسياسي وفكري واجتماعي , ان هذه القوة المادية  تشكل اليوم امضى سلاح فكري , لمواجهة مخاطر السلفية الجديدة والنيوليبرالية واعداء اليسار والديمقراطية , وتمكن منظمات الحزب من المضي بثبات في النضال للدفاع عن مصالح الشعب والوطن .
- على الارض اليوم في العراق تنشط منظمات الحزب المتجذرة في بيئتها الجغرافية في المدن والارياف,  وان هنالك جماهير غفيرة على طول البلاد وعرضها تحتضن فكر الحزب وتدافع عنه . والحزب ينمو وينهض ويتقدم على ارض الواقع طالما ان جماهير الشعب تلتف حول الحزب وتحترم تاريخ هذا الحزب وسياسته الصائبه ومواقفه وتوجهاته الوطنية الديمقراطية . ان احفاد فهد وسلام عادل ينشطون ويتكاثرون ويسيرون واثقي الخطى مع جماهير شعبهم الى الامام نحو مستقبل افضل و لعراق جديد مدني ديمقراطي فيدرالي , بمؤسساته الديمقراطية وبقضائه المستقل وبقوانينه الديمقراطية بلا محاصصة طائفية واثنية وبلا فقر وجوع ومرض وبلا بطاله واستبداد وهيمنه واستئثار وقمع وارهاب يكون فيه دور للمواطن في صنع القرار وبناء الوطن الحر الذي يسود فيه الامن والاستقرار والسلم الاهلي والتقدم والازدهار .
27-9-2015


42
السلفية الجديدة والنيوليبرالية وجهان لعملة واحدة
(3-4)
فلاح علي
3- تزوير تاريخ الشعوب والاحزاب  الشيوعية هو القاسم المشترك بين السلفية الجديدة والنيوليبرالية :
وهذه هي علامة مميزة لفكرهم وممارساتهم وان عنصر التزوير يعتبر مكمل للعناصر الاخرى وهي التشكيك وتشويه الحقائق والغاء الآخر وتهميشه وابعاده وحتى اغتياله , ومخاطر هذه القوى على الفكر اليساري والديمقراطي وعلى مصالح الشعوب والاوطان تكمن في انها تمتلك القوة الاعلامية والقوة الاقتصادية وقوة السلطة وترابط المصالح فيما بينهم . ويلاحظ انه تطوع للعمل معهم كل من هو طفيلي  لا يفهم ولا يفقه لا بالتاريخ ولا بالفكر ولا بالسياسة ولا بالثقافة لا يعرف الا الاسائة وكيل الاتهامات .
وبالعودة الى مقالة  المغفل حيث يذكر فيها :
(اقول لهؤلاء الشيوعيين انهم يطبقون الطرق التي اتبعتها الفرق الاسماعيلية كالقرامطة في مواجهة العباسيين , اي الباطنية , تقديم برامج علنية لعموم الناس , لكنهم يملكون برنامجهم السري والذي لايعرفه الا الله والراسخون في العلم ). بعد ان قارن عن جهل وعدم معرفة في مقالته بين السلفية الاسلامية والشيوعيين , يعود في مقطع آخر ويشبه الشيوعيين بالقرامطة باتباع نفس الطرق , هذا هو التزوير وتشويه الحقائق والاتهام نجده متجسد في سلوك وفكر كاتب المقاله . هل تعرف ياوليد ان القرامطة هم يمثلون فقراء الارياف آنذاك وهم اول مجموعة تعلن عن برنامج زراعي حيث طالبوا بتوزيع الاراضي على الفقراء , ووصفهم المفكر الشهيد حسين مروة مع غيرهم من الحركات الاسلامية بانهم يمثلون اليسار في الاسلام وهم معدمين . السؤال هو : ما علاقة الشيوعيين بالقرامطة وما هي الطرق التي اتبعها القرامطه لكي يطبقها الشيوعيين  وقل لي ما هو البرنامج السري للقرامطة ؟  انت لا تعي حركتهم وهدفهم ثم تاتي وتقول برنامجهم السري لا يعرفه الا الله والراسخون في العلم . ما هذه العبقرية التي تملكها ياوليد . هذا هو التشكيك وتيقن ايها النيوليبرالي الفكر والسلوك يا مزور الحقائق ان الحزب الشيوعي العراقي ليس لديه برنامج سري . لديه برنامج وطني ديمقراطي اقره مؤتمره التاسع ومعلن للشعب . وتيقن ياوليد ان الشعب العراقي وكل قواه السياسية تدرك تماماً ان الحزب الشيوعي العراقي يؤمن بعلنية الفكر والسياسة الا انت لاتعرف شيئ وعدائك ليس فقط للحزب الشيوعي وانما لكل قوى اليسار والديمقراطية .
من يزور التاريخ :
ان اعداء الشعوب واعداء النضال التحرري الوطني واعداء اليسار والديمقراطية من السلفيون والاستعماريون والفاشيون والنازيون والصهاينة والنيوليبرالية هم من يزور تاريخ الشعوب وتاريخ نضال الشيوعيين وقوى اليساروالديمقراطية وقوى التحرر الوطني . ان هؤلاء جميعاً مزوري التاريخ ان اول ما يخشوه هؤلاء من الشعوب وقواها اليسارية والديمقراطية هو خوفهم من الفكر ومن الثقافة ومن حضارة ذلك البلد .هناك امثله كثيرة في التاريخ القديم والحديث تؤكد صحة ذلك . من غزو اسكندر المقدوني لبلدان الشرق الاوسط الى غزو المغول الى بغداد عاصمة السلام اول ما قام به هؤلاء الغزات مجتمعون هو حرق الكتب في البلدان والمدن التي دخلوها , ثم مارسو القتل الجماعي . هذه هي الاعمال السوداء التي قام بها الاستعماريون للقضاء على حضارة الشعوب ولمسح ذاكرتها لما تملكه من نضال وطني مشرق . وفي العصر الحديث ما قام به الصهاينه من تزوير كل شيئ يتعلق بتاريخ الشعب الفلسطيني وممتلكاته وثقافته وحضارته واحتلوا فلسطين ومارسوا اعمال بربرية بحق الشعب الفلسطيني واللبناني وقتلوا وسجنوا واسروا خيرة شباب وشابات هذيين الشعبيين . الا دليل على خمجية الفكر الصهيوني وتزويره لتاريخ الشعوب . وهتلرمثال آخر في عصرنا الحديث يتذكره الجميع الان كيف انه شوه تاريخ الشعب الالماني والشعوب التي احتلها ونسب كل ما هو مشرق في تاريخ الشعب الالماني نسبه له ولحزبه . وكل ماهو مشين في التاريخ نسبه لأعداءة . وفي التاريخ الحديث في العراق الكل تتذكر كانت اولى خطوات انقلاب عام 1963الاسود هو قتل وسجن الشيوعيين واليساريين والوطنيين الديمقراطيين و تشويه تاريخ الشعب العراقي وتاريخ نضال الحزب الشيوعي العراقي , وكل ماهو مشين في تاريخ الانقلابيين وحزبهم المدعوم من السلفية الجديدة والنيوليبرالية نسبوه للشعب العراقي ولغيرهم  من الاحزاب, وكل ما هو مشرق في تاريخ الشعب العراقي وقواه اليسارية والديمقراطية نسبوه لهم , هذا هو التزوير ياوليد . الا ان الفاشيون الجدد ومعهم السلفيون واعداء الشعب وقوى اليسار والديمقراطية , فشلوا فشلاً ذريعاً رغم انهم اضروا كثيراً , وفي فترة حكمهم الثانية عاودوا ليجربوا حضهم في التزوير والاسائه للحزب الشيوعي العراقي , وبطلب من الدكتاتور المقبور صدام في نهاية السبعينات . قام الامن العام بمحاولة تزوير تاريخ الحزب واصدر كتاب باسم مستعار سمير عبد الكريم , اضافة الى ما كتبته جريدة الراصد من سلسلة مقالات باسم مستعار لغرض تشويه تاريخ نضال الحزب وتشويه فكره وسياسته وكان هدفهم هو اضعاف مواقع الحزب الجماهيرية من خلال الاعلام بممارسة الحرب النفسيه وطبقوا فكرة هتلر في تزوير التاريخ الا انهم فشلوا ايضاً رغم امتلاكهم للسلطة والاعلام والقوة .
التزوير الجديد لتاريخ الحزب الشيوعي العراقي :
عندما دخلت جيوش الاحتلال الامريكي الى العراق في عام 2003 , كان موقف الحزب واضحاً ضد الاحتلال , ان الفكر النيوليبرالي والسلفية الجديدة .يدركان تماماً ان الحزب لديه تاريخ وطني مشرق متجذر في ذاكرة الشعب , كما  انهم مقتنعون انه في ظل ضمان الحقوق والحريات وفي ظل المؤسسات والقوانيين الديمقراطية , سيكون هنالك  دوراً للمواطن وحضوراً جماهيرياً واسعاً للحزب ولكل قوى اليسار والديمقراطية , ويدركون ايضاً ان الشيوعيين وقوى اليسار والديمقراطية وكل الوطنيين العراقيين يمثلون بيئة الشعب العراقي فبدأت هذه القوى مجتمعه في ممارسة سياسة التهميش وفرض الحصار الأعلامي على الحزب وعلى كل القوى اليسارية والديمقراطية . ومن اجل تحقيق المصالح الذاتية والاستراتيجية لهذه القوى مجتمعة وبتفاعل العامل الاقليمي معها , ومن اجل عرقلة بناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية انتجوا للشعب نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وفرضوا سياسة التهميش والابعاد والهيمنة والاستبداد وعرقلوا تشريع اي قانون ديمقراطي في البلد .
 والخطوة الثانية التي قامت فيها امريكا هي باشاعة فكرها النيوليبرالي في العراق لأستقطاب مثقفين وكتاب الى هذا الفكر . وبهذا فأن النيوليبرالية والسلفية اعادت نفس التجربة التي قام بها الاستعماريون وهتلر والبعثيون بتزوير التاريخ وتصفيراومسح الذاكرة الوطنية للشعب العراقي . وبماكنتهم الاعلاميه الضخمة وبقوتهم الاقتصادية وبالتعاون والتنسيق مع اطراف في نظام المحاصصة الطائفية المتمثل في السلفية الجديدة, تبرع بسذاجه لخدمة الفكر النيوليبرالي في العراق بعض السذج من يدعي الثقافة . فكان للحزب الشيوعي العراقي النصيب الاكبر من التشويه والتزوير لتاريخه النضالي وتصوير الحزب بانه بلا حضور جماهيري في العراق وان الحزب في العراق ليس له وجود وما هو موجود لا يشكل شيئ ولا يستطيع ان يؤثرسياسياً وجماهيرياً . ان الهدف الاعلامي للحملة ضد الحزب وتزوير تاريخه النضالي هو لأبعاد الجماهير عن الحزب وفرض حصار اعلامي وجماهيري وسياسي على الحزب . لأنهم يدركون جيداً ان فكر الحزب متجذر في المجتمع العراقي , وان كل الصفحات المشرقة والمضيئة في التاريخ النضالي الوطني التحرري للشعب العراقي في العصر الحديث يدركون ان للشيوعيين واليساريين والديمقراطيين والوطنيين لهم دور ومشاركة فيها , وهذه يعتبروها نقطة قوة تحسب للشيوعيين , وهذه هي احد اسباب تصاعد حدة الهجوم الاعلامي وتصاعد التزوير والتلفيق والاتهام بحق الشيوعيين العراقيين .
- من هذا ما يطرحه الفكر النيوليبرالي على المدى الاستراتيجي هو ان الاحزاب الشيوعية اصبحت قديمة لأنها لينينه وستالينيه والمطلوب ادخال التغيير عليها  ويقصدون يالتغيير هو الاسائه للماركسية و افراغها من محتواها الثوري وتحميلها اخطاء مزعومة كاذبه ومساواتها بالراسمالية ولغرض مسايرتها مع القيم النيوليبرالية التي تطرح شعارات كاذبه مثل الديمقراطية الليبرالية وحقوق الانسان , لكن في الحقيقة ان هذه الشعارات هي بعيدة الحقيقة انها تلتقي مع وجهة نظر الفكر النيوليبرالي الذي يمثل فكر الامبريالية وعولمتها المتوحشة .
لاحظوا السلفي المنشأ والنيوليبرالي الفكر ماذا يقول في مقالته :
(اثبتت الايام ان الاحزاب اللينينية – الستالينية غير قادرة على اصلاح نفسها وقد تجاوزها الواقع. على الشيوعين انفسهم تغيير انفسهم قبل انتقادهم للاخرين . ليس للشيوعيين اليوم دوراً مهماً في المجتمع)
هذه هي وصفة الفكر النيوليبرالي في محاربة الاحزاب الشيوعية يرددها جاهل تطوع لمحاربة وتشويه وتقديم الاسائه لفكر الحزب وتاريخه ونضاله ولسياسته وهو لا يفقه اي شيئ ولا يفهم ان فكر الحزب هو فكر ماركسي تبنى نهج الديمقراطية والتجديد في مؤتمره الخامس . وها هو المغفل يكشف عن نفسه بعد ان ضلل الآخرين انه يساري جديد ولكن في حقيقته انه يحمل فكر وسلوك السلفية الجديدة والنيوليبرالية . وانه تطوع عن جهل لمحاربة الشيوعيين وقوى اليسار والديمقراطية بحجة انه يساري جديد .
(يتبع )
25-9-2015


43
السلفية الجديدة والنيوليبرالية وجهان لعملة واحدة
(2-3)
فلاح علي
ما اكدته تجارب الشعوب في العديد من البلدان ان هنالك مشتركات او قواسم التقاء في الرؤى والمصالح والتوجهات والاجندات والاهداف ما بين السلفية الجديدة والنيوليبرالية . وان كل منهما يخدم مصالح الآخر على المدى الاستراتيجي وهذا ما اكدته احداث الشرق الاوسط , اذن ليس هنالك غرابة من ان توجد بينهما مشتركات على الصعيد الاعلامي ايضاً , وما تزوير تأريخ الشعوب وكذا تزوير تاريخ نضال الاحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية . و ممارسة وسائل غير نزيهه في الحرب النفسية كتشويه الحقائق والتلفيق والاتهام لهذا الحزب الشيوعي في هذا البلد ام ذاك , بهدف الاسائه والتضليل وقتل الامل, الا دليل على وجود واحدة من هذه المشتركات على الصعيد الاعلامي . ونتيجة الماكنة الاعلامية الضخمة التي تسيطر عليهما هاتين القوتيين المدعمة بمليارات الدولاارات يجند تحت ضغط وتضليل وتأثيرهذا الاعلام بعض البسطاء الذين يدعون انهم مثقفون ويندفع بعضهم بجهل وبعدم مسؤولية ليجرب حضه في الاسائه والتشهير بالحزب الشيوعي .
ماهي اهم المشتركات السيئة في فكر وسلوك السلفية والنيوليبرالية :
بلا شك المشتركات كثيرة ولكني سأشير الى بعض منها على ضوء عنوان مقالة المغفل وليد السلفية الشيوعية ضد ارادة التغيير والاحتجاج :
1-النفسية الشكاكة الاتهامية وتشويه الحقيقة هي علامة بارزة مشتركة في فكر وسلوك السلفيين الجدد   لاحظ ياوليد من كلامك ادناه ليس فقط انك شوهت الحقائق ولكن نسبت كل ما هو باطل وضار للشيوعيين زوراً وبهتاناً وظهرت في مقالتك محامياً فاشلاً للفكر النيوليبرالي  .
- في مقالتك تتهم الشيوعيين وتقول ( لايؤمن السلفيون الشيوعيون بالقيم والاخلاق الليبرالية الفردية ولا بالحرية الشخصية ولا بثقافة حقوق الانسان رغم تظاهرهم بعكس ذلك ..... الخ انهم اصنام متحركة ) . اوجه لك هنا عدد من الاسئله السؤال الاول : انت كأنسان لك كرامة وقيمه انسانية وقد تكون لك رساله في المجتمع هل تقبل ان يقال عليك انك صنم متحرك بشكل آلي ؟ اذن كيف تتهم بشر لديهم عقول متنوره وعلم ومعرفة وفكر ويهدفون لبناء اوطانهم وتطويرها واقامة نظم ديمقراطية فيها ويناضلون لأسعاد شعوبهم تطلق عليهم هذه الوصف. لاحظ كيف انك تكتب بدون معرفه وبدون وعي وبفكر متحجر يا ايها الصنم الذي لا يعي ولا يدرك معاني القيم الانسانية التي يحملها الفكر الشيوعي .
السؤال الثاني : هل تعلم ان غالبية شعوب العالم تتذكر اليوم انجازات الشيوعية وما حققته للبشرية ولكوكبنا من تطور علمي ومعرفة ؟ وعلى سبيل المثال  لقد ارسلو اول محطة للقمر للأبحاث العلمية في عام 1957 وبعد اربعة سنوات من البحوث العلمية ارسلو اول انسان للقمر في عام 1961 وقدمت هذه الرحلات انجازات علمية للبشرية وللعالم اجمع ووظفوا العلم لخدمة الانسان ومستقبله وتطوره وكافحوالفقر والجهل وقدمت الشيوعية لشعوب عديدة ملايين الاطنان من محصول الحنطة مجاناً وساندوا نضال الشعوب من اجل تحررها ونيل استقلالها وفي زمن الشيوعية تحررت واستقلت غالبية بلدان العالم وانتهى زمن الاستعمار وتراجع دور السياسة الامبريالية في العالم وظهر زمن الثوار والنضال التحرري وشعوبنا العربية تشهد على ذلك والى الآن يتذكر الشعب المصري وقفة الشيوعية معهم في دحر العدوان الثلاثي في عام 1956 لكنك تشوه حقائق التاريخ  ايها الصنم السلفي .
السؤال الثالث : هل تعرف شيئ عن الحزب الشيوعي العراقي وتاريخه النضالي وسياسته وفكره ومواقفه وانجازاته المتنوعة ودوره السياسي والجماهيري بالتاكيد لا تعرف ؟  سأذكر لك واحداً من هذه الانجازات الفكرية للحزب : هل تعلم ان الحزب الشيوعي العراقي هو اول حزب في العراق يقر حق تقرير المصير للشعب الكوردي مع ضمان الحقوق الثقافية والادارية للاقليات القومية الاخرى ؟ وكان هذا في اول برنامج للحزب في عام 1945 حتى قبل ان تتأسس الاحزاب الكوردية القومية ؟
السؤال الرابع : اذن كيف بحزب يقر ويدعم نضال حق شعب من اجل تقرير مصيره . وتتهمه زوراً في مقالتك البائسه بانه لا يعترف بحقوق الانسان ولا بالحرية الشخصية . في الجزء الاول من المقاله أرفقت نقاط في برنامج الحزب في باب ( بناء الدولة والنظام السياسي ) اعيد نقل في هذا الجزء فقط الفقره رقم (4 - توطيد واستكمال البناء الديمقراطي وترسيخه بما يضمن إقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية، والفصل بين السلطات، وتأمين استقلال القضاء، وتفعيل مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين أمام القانون وضمان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم العامة والخاصة، كما جاءت في الدستور ولائحة حقوق الإنسان الدولية.) لاحظت كيف انك تمارس تشويه الحقائق ولا تتسم بالمصداقية وهذا يعود لجهلك بسياسة الحزب وفكره هل تأكدت الآن ان الحزب يناضل من اجل ضمان الحقوق والحريات العامه والخاصة اي الشخصبة وحقوق الانسان .
السؤال الخامس : هل تعتقد ان الفكر السلفي والنيوليبرالي الذي دافعت عنه في مقالتك يضمن حقوق الانسان والحريات الشخصية ؟ هل تعرف ان اجهزة المراقبة والتصوير والتنصت لقد انتشرت في الدول الغربية وبالذات اصبحت بشكل واسع في بريطانيا وامريكا ؟ ليس فقط على موظفي الدوله والمؤسسات والشركات وانما المراقبة على الناس وهم في بيوتهم اين هي الحريات الشخصية في هذه الدول وتتهم الشيوعيين بمصادرتها مواطن في بيته بلا حرية هل تعرف ما هو حجم الخطوره على المواطن لا سيما اذا تم تسريب كاسيتات التنصت والصور لجهات اخرى وقد تتلاعب بها . السؤال هنا ياوليد قل لي اين هو الحق الطبيعي للانسان في ان تكون له خصوصيته الخاصه في حياته وشؤونه الشخصيه في الوقت الذي توجه له اجهزة التصوير والتنصت وهو لا يعلم .هذا هو التسلط والقهر ومصادرة الحريات الشخصية وحقوق الانسان يكمن في الفكر النيوليبرالي والفكر السلفي الذي يكفرويقتل الانسان مجرد ان يكون معارضاً لهذا الفكر.
- ثم تذكر في مقالتك ان(اغلبية الاحزاب الشيوعية في العراق حداثية في الشكل والمظهر سلفية في الجوهر تلبس ماسكات واقنعة الديمقراطية والتعددية والحداثة لكنها تتحالف مع اكثر السلفيات الدينية  بانواعها وجوه متعدده لجوهر واحد ) . لا اعرف ماذا تقصد بالشكل والمظهر . الحزب ما فيه شكل ومظهر الحزب هو بناء تنظيمي محتواه فكروسياسة وتنظيم قائم على مبادئ ديمقراطية وتاكتيك واستراتيج وتوجهات وبرنامج وتوجد وحدة وترابط وانسجام بينهما  بين الفكر والتنظيم وبين الفكر والسياسة , هذا يؤكد انك لا تعرف ماذا تكتب لابل وتمارس التشويه والتزوير وقل لي من هي هذه السلفيات الدينية وبانواعها التي تحالف معها الحزب في الوقت الذي دفع فيه الحزب رفاقه واصدقائه من الشباب لمقاتلة السلفية الجديدة المتمثله بداعش وشكلت مفارز في الموصل والقوش لهذا الغرض .
ومع هذا سأبين لك ادناه التعارض فيما تقول ببين الشكل والمظهر وعدم المصداقية في الفكر الليبرالي الذي تدافع عنه . الامريكان عندما اعلنوا الحرب على العراق كان شعارهم ( الديمقراطية وحقوق الانسان ) اعلنوا هذا الشعار امام الراي العام العالمي لتضليله ولتضليل الشعب العراقي نظراً لجاذبية الشعار . ولكن بعد احتلالهم للعراق ظهر انه شعار تسويقي فقط لا ديمقراطية حقيقية ولا حقوق انسان وانما محاصصة طائفية واثنية  وفساد وبطالة وارهاب وغياب الخدمات ومصادرة الحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية . وهل تعلم ان الحزب في بيانه المعارض للحرب في عام 2002 ذكر فيه ان الحرب لا تأتي بالنظام الديمقراطي الذي يريده الشعب .
2- ممارسة اساليب الافتراء والاسائه واشاعة اجواء عدم الثقة :
تقول في مقالتك : (هنالك محاولات مشبوهة تقوم بها بعض احزاب الاسلام السياسي , والبعض الاخر من اصحاب الفكر الشمولي من قوميين واحزاب شيوعية , بداوا يطرحون اطروحة ضرورة تشكيل حزب سياسي لقيادة التظاهرات وفق برنامج سياسي .) بلا شك لاحظ القراء هذا الطرح في مقالتك المشبع في الجهل ولا ينم عن وجود اي معرفة لك ليس فقط عن الحزب وتاريخة ونضاله وسياسته واهدافه , وانما عدم معرفة بالحراك الجماهيري المتواصل في العراق اليوم . بهذه البساطة من الطرح تصور للقراء العارفين بكل شيئ ان الحزب الشيوعي يريد ان يشكل حزب مع هذه القوى التي ذكرتها . من اي كوكب جأت الينا ياوليد . اليوم في كل العراق الحراك الجماهيري والشعب العراقي يعرف ان هنالك لجان تنسيقية لقيادة التظاهرات تتفق على الشعارات والمطالب وترفعها وتحافظ على الوجهه السلمية للتظاهرات وتتألف هذه اللجان التنسيقية من منظمات المجتمع المدني والعنصر القيادي للتظاهرات هم الشبيبة .وآلاف الشيوعيين وكل قوى اليسار والديمقراطية وفئات واسعة من الشعب , بما فيهم مثقفون ومستقلون واعلاميون منخرطون في التظاهرات اعطوا لها الديمومة والتواصل وزيادة حجم ضغطها على الحكومة . وهذا لا يعني ان التظاهرات خالية من قوى اخرى متنوعه وقد ترفع شعاراتها الخاصه بها .  قل لي ياوليد هل توجد تجربة حصلت في اي بلد من بلدان العالم قام فيها الشيوعيون بتشكيل حزب مع اسلاميين وقوميين في ذلك البلد وحلوا حزبهم ؟ الحزب يؤمن بدور الجماهير في عملية التغيير والجماهير هي التي تصنع التاريخ وهي التي تصنع قياداتها الميدانية المجربة التي تثق بها لا ان تفرض عليها قيادات من الاعلى. فما هذه البساطة في الطرح ياوليد هل يعقل ان الشيوعيين يشكلون حزباً آخر غير حزبهم لقيادة التظاهرات كم انت مغفل ياوليد .
- ثم تذكر في مقالتك (هنالك تناقض في المواقف بين الشيوعيين في الداخل والخارج نجد هنالك موقفين متعارضين , احدهما يطالب باسقاط الدستور والبرلمان والعملية السياسية , وهم باغلبيتهم من الشيوعيين في الخارج . والاخرون , وهم الشيوعيون في الداخل , يؤيدون اصلاحات حيدر العبادي ويصل الامر لدى بعضهم الى تقديس حيدر العبادي , كمصلح سياسي واجتماعي نظيرا لنيلسون مانديلا , او مارتن لوثر في حركة الاصلاح البروتستانتي .)
- انك لا تعرف جيداً ان الشيوعيين موحدين في الفكر والسياسة والتنظيم , من هذا ان الشيوعيين رفعوا شعارات موحدة في الداخل والخارج . وهي الشعارات التي اعلنتها اللجان التنسيقية للتظاهرات وضمنتها في مطالب . وبصدد جهلك بموقف الشيوعيين من الدستور ان الشيوعيين العراقيين ليس مع اسقاط الدستور كما عبرت عنه انت والصحيح تغيير الدستور الشيوعييون ليس مع تغيير الدستور وانما مع تعديل بعض فقرات الدستور بالاتجاه الديمقراطي وازالة التفسيرات المزدوجه التي تعول عليها القوى الطائفية لأستمرار ديمومة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . والشيوعيون لا يريدون اسقاط البرلمان كما عبرت عنه والمقصود به حل البرلمان الشيوعيون ليس مع حل البرلمان واسقاط العملية السياسية ,الشيوعييون مع اصلاح العملية السياسية بالاتجاه الديمقراطي ومع تشريع قانون ديمقراطي للأنتخالات البرلمانية يكون فيه العراق دائرة انتخابية واحدة , وبهذاالقانون الديمقراطي ستقوض احد الاسس القانونية اللاديمقراطيةالتي يرتكز عليها نظام المحاصصة الطائفية. ما هو البديل القادم اذا حل البرلمان واسقطت العملية السياسية ؟ ما رفع من شعارات بصدد حل البرلمان وتغيير الدستور ليس للشيوعيين صله بها  كفا افتراء وتلفيق واسائه وعدم مسؤولية .
- بلي الشيوعييون في الداخل والخارج ايدوا اصلاحات رئيس الوزراء كما ايدها ودعمها الحراك الجماهيري ودعمتها المرجعية الدينية , وطالبوه بتنفيذ الاصلاحات وتواصلها من اجل التغيير وتلبية مطالب الحراك الجماهيري . اما تأتي علينا بمقالتك المليئة بالافتراء والتشويه وتزوير الحقائق وتقول ( ويصل الامر لدى بعضهم بتقديس حيدر العبادي ) هل تعرف ياوليد هذه هي الصنمية التي تعيشها انت اليوم ؟ ونحن في القرن ال21 نجدها متجسده فيك بالفكر والسلوك والممارسة . الحراك الجماهيري وجماهير الشعب تعرف جيداً ان الشيوعيين انتقدوا تباطئ رئيس الوزراء في تنفيذ الاصلاحات وحذروه من النتائج السلبية لهذا التباطئ اين هو التقديس .
(يتبع)
20-9-2015



44


السلفية الجديدة والنيوليبرالية وجهان لعملة واحدة
(1-2)
فلاح علي
نشر السيد وليد يوسف عطو في موقع الحوار المتمدن بتاريخ  14-9-2015  مقالة بعنوان السلفية الشيوعيىة ضد ارادة التغيير والاصلاح . المقالة كانت  مليئة بالاساءات والافتراءات للشيوعيين العراقيين وحزبهم ومارس فيها اسلوب الاتهام والتشكيك بدون ان يقدم الادلة والمعطيات والبراهين وكانت  تفتقر للمصداقية ولم يمارس فيها مبدأ النقد البناء .ويعرف السيد وليد وغيرة ان ما يميز الحزب الشيوعي العراقي عن غيره من الاحزاب هو تقبله للنقد الايجابي البناء الذي يشخص الثغرات والنواقص والخلل في الأداء او الآليات او في العقد الاساسية لسياسته الحزبية لغرض معالجتها .   
السيد وليد يتهم الشيوعية بالسلفية وقبل ان احاوره على مقالته المليئه بالجهل والمغالطات اوجه له السؤال التالي : كما يعلم وليد ان امريكا ضربت اليابان في 6-8-1945 بالقنبلة الذرية في مدينتي هيروشيما وناكازاكي وسببت في موت آلاف الناس وتدمير المدينتين وحضارتهما وكل شيئ على الارض . مكتشف  القنبلة الذرية حينها النيوليبرالي العالم اوينهايمر احتفل حينها وافتخر بنتائج بحوثة العلمية بينما آلاف البشر قتلت .
السؤال هنا : لو كانت الشيوعية التي سميتها زوراً بالسلفية هي التي قصفت هيروشيما وناكازاكي بالسلاح النووي ماذا ستقول انت عليهم . هل تعلم ياوليد ان شعوب العالم اليوم غالبيتها تدافع عن الشيوعيين ومنها الشعب العراقي لسبب قد تجهله انت . لأن الشعوب لن تؤمن ولن تعترف بأي فكر او اي مناضل اذا لم يكن هو وفكره مخلصاً للانسان وللوطن ومدافعاً وملبياً حقوق شعبه وحرياتة وحاجاته وتطلعاته ويعمل خيراً للأنسانية وللسلم العالمي ومحاربة الفقرومن اجل ان يكون العلم لخدمة تطور الانسانية والبلدان لا لقتل الناس واحتلال البلدان ونهب ثرواتها واثارة الصراعات والحروب الداخلية وصناعة الارهاب والتطرف وتقسيم الدول كما تقوم به الآن النيوليبرالية والسلفية بانواعها .
السيد وليد في مقالته ظهر انه ليس فقط  لا يجيد قراءة الواقع الذي يمر به الشعب العراقي اليوم  او انه لا يفهم تاريخ نضال الحزب وسياسته وفكره, وانما لا يفهم حتى السلفية ومعانيها وفكرها وتوجهاتها وما تهدف اليه من تدمير للأنسان وحضارته وقتلهما واستعباد المرأه واشاعة الفكر الظلامي المتحجر ومحاربة العلم والحضارة وتكريس القتل والاستعباد والاذلال كما تقوم به القاعدة وجبهة النصره وداعش ومن لف لفهم الآن في سورية والعراق وليبيا ومصر وهم يمثلون السلفية الجديدة الذين تم صناعتهم بدعم وموافقة امريكيا واسرائيل ومعهم مخابرات دول شرق اوسطية . ان الفكر النيوليبرالي الذي تمثله عولمة الولايات المتحدة الامريكية واحتكاراتها العابرة للقارات من اجل سلب ثروات الشعوب ومن اجل التوسع والهيمنة والاستبداد هو الذي يقف وراء هذه الصناعة السلفية الجديدة . كما السيد وليد  لا يدرك ان السلفية لا تقال على الشيوعيين الذين يؤمنون بالدايلكتيك ولديهم فكر علمي  يتنافى والسلفية واهدافهم تعبر عن مصالح الشعب والوطن ولهم فكر ديمقراطي , حيث احتضن الشعب هذا الفكر والتف حوله ومد الحزب بخيرة بناته وابنائه .اي عقل هذا في القرن ال 21 وفي عصر المعرفة وثورة المعلومات والتطور العلمي والتكنولوجي يخرج علينا بسذاجه وخواء فكري وعدم معرفة و يقارن بين الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين من جانب والسلفيين من جانب آخر . سأشير هنا لموجز عن الفكر السلفي وفكر الحزب الشيوعي وسياسته كأحد اطراف قوى اليسار والديمقراطية في العراق واترك للقراء الذين غالبيتهم ليس فقط يدركون ذلك ولكنهم ايقنوا فداحةالجهل وبؤس الخواء الفكري وسطحية التحليل  تكمن في محتويات  المقارنه .
السلفية الاسلامية وانواعها :
اي مواطن من ابناء شعبنا يدرك جيداً ان السلفية الاسلامية هي امتداد لفكر ظلامي وان الاسس الفكرية التي  نشأت عليها , هو وقف عملية التطور وقتل الحضارة وسيادة فكرها الظلامي المتحجر وقتل كل معارض لتوجهاتها . ان ابرز مفكري سلفية الماضي القديم هو شخص اسمه  عبد القاهر البغدادي  ظهر في القرن الرابع الهجري ,ثم تبعه ابن تيميه وبعده محمد بن عبد الوهاب ثم عدد من مجلس الافتاء في السعودية . والسلفيون يلغون الاديان الاخرى ولا يترددون من اجبار المسيحيين على الاسلام وهم ينشرون التفرقة بين ابناء الدين الواحد كالدين الاسلامي مثلاً . هم طائفيون بأمتياز وتكفيريون ان هدفهم هو حرمان الانسان من ابسط حقوقه واستعباد المرأة وتحطيم كل ما ابدعه الانسان , ان داعش هي امتداد لهذا الفكر الظلامي السلفي فقتل على أيديهم الأيزيديين والمسيحيين والاكراد والعرب والتركمان والارمن هم ظلاميون سابقاً وحالياً وبغض النظر عن دينهم سابقاً قتلوا المتنوريين والمثقفين والمفكرين والشعراء وكل معارض لهم منذ الدولة العباسية والى الآن . وانهم غير قادرين على مواجهة التحديات التي تواجه الشعوب في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيىة والعلمية والثقافية وهم لا يؤمنون بالجماهير وحكم الشعب السلفية بانواعها تبحث عن ذاتها ليس على ارض الواقع لأنها لاتستطيع مواجهة الواقع وتحدياته وليس لديها حلول للمشاكل التي تواجه البلدان والشعوب . هي متحجرة فكرياً ولا تعيش زمانها ولا تتفاعل معه  وهي ضد الحضارة والتقدم وضد الانسانية جمعاء.
وللطريفة ياوليد : ان الولايات المتحدة الامريكية المؤسسة والداعمة للسلفية الجديدة داعش أعطت كنية مؤسسها الاول في الماضي المسمى عبد القاهر البغدادي الى كنية مؤسس السلفية الجديدة في العراق ابو بكر وسمته بكنية البغدادي . الآن هنالك تيار سلفي يعمل ويدعو الى معايشة فكره مع الواقع لكي يكون حضور لفكرهم بين المسلمين ظهر هذا التيار في مصر باسم حزب النور وفي تونس وغيره من البلدان .
اما السلفية اليهودية يا وليد :
التي اعتمدت هذه السلفية المتطرفة على نصوص في التوراة والانجيل ومنها يمنع على اليهودي المتدين تقديم مساعدة لأي انسان يحتاج الى مساعده اذا لم يكن يهودياً وعلى سبيل المثال اذا كان مسيحي او مسلم على وشك الموت او الغرق لا يجوز تقديم مساعده له . كما يقومون بالاستيلاء على اراضي الشعب الفلسطيني ولا يترددون من قتل اصحابها المقاومون لعمليات مصادرة الاراضي وبستعمرون شعوب واوطان . وهم قتلوا آلاف الفلسطينيين , هل تعلم ان كل السلفيون اليهود في امريكا واوربا وفي كل مكان فرحوا وايدوا وساندوا كل عدوان تشنه اسرائيل على الشعب الفلسطسني واللبناني وآخرها عدوانها على غزة . ويعمل السلفيون والصهاينه على محاربة النضال التحرري للشعب الفلسطيني .
السيد وليد :
رغم ان غالبية القراء هي مطلعة على برنامج الحزب الذي يمثل الخط السياسي للحزب ولكني اطلعك على احد ابوابه لتفهم سياسة ومواقف الحزب ولتدرك ان مقارنتك بين السلفية والشيوعيين هي جهل وسذاجه في التفكير والكتابة .
في المرحلة الراهنة، ينصب نضال حزبنا على تحقيق المهمات والأهداف الآتية:
في بناء الدولة والنظام السياسي
في هذا المجال يناضل حزبنا من أجل:
1 . ضمان الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية في البلاد، وبناء مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية، على أسس ديمقراطية وفقاً لقواعد المواطنة والكفاءة والمهنية والنزاهة، بعيداً عن المحاصصات ونزعة التحزب الضيق، وأن يكون السلاح بيد الدولة حصراً.
2 . العمل على التخلص من تركة الاحتلال بجوانبها المختلفة، وإخراج العراق من الفصل السابع، واستعادة كامل السيادة.
3 . تصفية تركة النظام الدكتاتوري ومعالجة التشوهات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية
والنفسية وغيرها، التي أفرزتها سياساته وحروبه الداخلية والخارجية، ورعاية ضحاياه وأسرهم، وإعادة تأهيل معوقي الحروب والأسرى والمهجرين.
4 . توطيد واستكمال البناء الديمقراطي وترسيخه بما يضمن إقامة دولة القانون والمؤسسات الدستورية، والفصل بين السلطات، وتأمين استقلال القضاء، وتفعيل مبدأ المواطنة ومساواة المواطنين أمام القانون وضمان تمتعهم بحقوقهم وحرياتهم العامة والخاصة، كما جاءت في الدستور ولائحة حقوق الإنسان الدولية.
5 . تصفية مظاهر التمييز والنزعات الشوفينية والتعصب القومي والديني والمذهبي، التي افرزها النظام الدكتاتوري وحروبه، وفاقمتها سياسة الاحتلال وقوى الإرهاب والسياسات الخاطئة التي مارستها القوى المتنفذة في إعادة بناء مؤسسات الدولة.
6 . نبذ نهج المحاصصات والتوظيف السياسي للدين، وإنهاء مظاهر الاستقطاب الطائفي، وتكريس الوحدة الوطنية.
7 . توفير مستلزمات عودة المهجَرين والمهاجرين وإعادة حقوقهم وممتلكاتهم، ومواصلة الكشف عن مصير المفقودين والمختطفين ورعاية عوائلهم.
8 . دعم مؤسستي الشهداء والسجناء السياسيين وتطوير ادائهما والعمل من أجل شمول ضحايا انقلاب البعث 1963 من الشهداء والسجناء أسوة بضحايا البعث الآخرين.
9 . احترام الشعائر الدينية ودور العبادة للأديان والطوائف كافة.
10 . السعي لتعديل الدستور باتجاه تعزيز مضامينه وجوانبه المدنية الديمقراطية.

هل تتفق معي ان الكاتب الجاد اول ما يتسم به هو التحلي بالقيم الاخلاقية ومنها المصداقية والانسانية وتجنب الاتهام والتشكيك والاسائه وان يلجأ الى النقد الشفاف القائم على قيم معرفية ويكون بناء لا هدام . وهل تتفق معي بأنه من يعادي الحزب الشيوعي هو بلا شك ليس مع صف قوى اليسار والديمقراطية , وان كنت تدعي اليسار والديمقراطية فكن شجاعاً واعتذرللشيوعيين وجماهيرهم ولكل قوى اليسار والديمقراطية والوطنية والمستقلون والليبراليون الذين يكنون للحزب الشيوعي وفكره كل تقدير واحترام ويقدرون دوره .
( يتبع )
16-9-2015



45

اين تكمن عناصر قوة الحراك الجماهيري
وماهي سماته
فلاح علي
بغض النظر عن الشكوك والاتهامات التي يثيرها مناوئوا الحراك الجماهيري والمعارضون لعمليات الاصلاح والتغيير  , والذين يرون في الحراك الجماهيري انه يمثل تهديداً لمصالحهم الذاتية في العراق   ان حالة الترقب والخوف والفزع التي يعيشها اعداء الحراك الجماهيري اليوم تكمن من خشيتهم من ان تسجيب الحكومة لضغط الحراك الجماهيري وتواصل عمليات الاصلاح والتغييروتجذيرها في الدولة والمجتمع . وبالتالي ليس فقط انهم سيفقدوا المصالح الذاتية والامتيازات وانما ستتم احالتهم الى القضاء بعد اصلاحه وبالذات المفسدون منهم . كما ان معارضي الحراك الجماهيري في داخل الوطن وخارجه من بعض الدول الاقليمية وصلوا الى قناعة ان الحراك الجماهيري تقف ورائه قوى فاعلة وستغير موازين القوى في المجتمع و ستسحب البساط من تحت اقدام حيتان المحاصصة الطائفية والاثنية ومن ادوار وتأثيرات وتدخلات الاجندات الاقليمية في العراق . ويرون ان الحراك الجماهيري الذي التف حوله الشعب يعبر عن فاعلية وتأثير هذه القوى التي ستعيد التوازن السياسي في العراق لصالح الشعب .
اين تكمن عناصر قوة الحراك الجماهيري :
1- تكمن عناصرقوة الحراك الجماهيري في طبيعة القوى المشاركة فيه , وهذه القوى المشاركة هي منظمات المجتمع المدني وتضم الاحزاب السياسية الوطنية والديمقراطية واليسارية والنقابات والاتحادات العمالية والمهنية واتحادات الطلبة والشبيبة والنساء والنوادي الرياضية والاجتماعية والمؤسسات الثقافية والاكاديمية وتجمعات شبابية جديدة فاعله في المجتمع  .
2- ان سر قوة هذه المنظمات اليوم في العراق يكمن في انها اقامت لجان تنسيقية فيما بينها , وبلا شك ان قيادة الحراك الجماهيري يتصدرها الشباب , وان منظمات المجتمع المدني لعبت دوراً محركاً وشكلت عاملاً مساعداً لأستمرارية الحراك الجماهيري وزيادة زخمة وضغطة في الشارع , , هذه هي القوة الفاعله في المجتمع العراقي اليوم التي تمثل مصالح الشعب والوطن والتي يمثلها الحراك الجماهيري .
3- ان الشعب العراقي دعم وساند الحراك الجماهيري وساهم فيه  , بعد ان فقد الثقه بأحزاب سلطة المحاصصة الطائفية والاثنية التي سببت الأحباط واليأس في نفوس الشعب وانتجت الاستبداد والطغيان واستشراء الفساد وغياب الخدمات وفقدان الامن والامان ومصادرة الحقوق والحريات ..... الخ  فالتف الشعب حول تنسيقيات هذه المنظمات و هذا ما يعبر عنه الحراك الجماهيري في وطنيته وشعبيته , وبهذا تمرد الشعب سلمياً على نظام المحاصصة الطائفية والاثنية .
4- لهذا اصبح الحراك الجماهيري اليوم يمثل قوة شعبية وطنية لأنه يهدف الى تغيير اوضاع الشعب المتردية والارتقاء بمستواه المعيشي , اي ان الحراك الجماهيري يهدف الى تحقيق الصالح العام وليس الكسب الذاتي الخاص الذي اعتادت عليه كتل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية .
5- من هنا تأتي احقية المطالب التي رفعها الحراك الجماهيري وهي مطالب عادلة لأنها تمثل مصالح الشعب والوطن وهنا تكمن قوة الحراك الجماهيري وشرعيته بالتحدث باسم الشعب .
6- تتمثل قوة الحراك الجماهيري ايضاً في موقف المرجعية الدينية المتمثل بموقف السيد علي السيتاني الداعم لمطاليب الشعب والمطالب بالاصلاح والتغيير .
هذه هي من وجهة نظري عناصر قوة الحراك الجماهيري الذي ستعطيه الديمومة والتأثير الضاغط في احداث التغيير والاصلاح وتلبية المطالب . ان الحراك الجماهيري لا يضعف الدولة ولا يهدف الى اسقاط الحكومة او حل البرلمان ولا يتعارض مع الدستور . بل يدعم الأتجاه العام في الدستوروفي توجهات الحكومة الحالية في محاربة الاستبداد والفساد والتطرف والطائفية والتوجه نحو الديمقراطية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية .
ماهي سمات الحراك الجماهيري :
1- يتسم الحراك الجماهيري بطابعه المؤسساتي اي بمشاركة منظمات المجتمع المدني فيه وبلجانها التنسيقية الذي ستعطي للحراك الجماهيري صفة اللاعفوية وان بدأ الحراك عفوياً ولكن سرعان ما كسبه وسيكسبه بوقت سريع صفة حسن التنظيم مع الحفاظ على سلمية الحراك الجماهيري وتواصله وامتداده وزيادة ضغطة وتأثيرة والتفاف الشعب حول مطاليبة واهدافة .
2- ان السمة الغالبة للحراك الجماهيري هي صفة الواقعية لأنه بلا شك يمثل مصالح كل الشعب , والواقعية تكمن في مطاليبة العادلة والدقة في اختيار الشعارات والتوقيت الدقيق لها , رغم انه رفعت فيه بعض الشعارات التعجيزية . ولكن الاتجاه العام للحراك الجماهيري كان ولا يزال يمثل بيئة الشعب العراقي الداعية الى العدل وضمان الحقوق والحريات والرافضة للمحاصصة الطائفية . حيث أذاق الشعب الأمريين من نظام المحاصصة الطائفية .
3- ان اهم صفة للحراك الجماهيري تجسدت في ديناميكيته وقوته وتأثيره الضاغط وسلميته وحرصه على ممتلكات الدولة كما انه اسهم في تقوية السلم الاهلي في المجتمع وعززالوحدة الوطنية التي اضعفها نظام المحاصصة , ونشر الوعي والثقافة الوطنية وبرز دور المواطن الذي غيبه نظام المحاصصة واكد على احترام آدميته وضمان حقوقه والأرتقاء بمستواه المعيشي الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي والثقافي وضمان العيش الكريم .
4- ما يميز الحراك الجماهيري هو انه جسد في الممارسة انه حراك وطني , وعدم  انجراره وراء طائفية احزاب الاسلام السياسي لأنه يحارب الفكر الطائفي كما يحارب الارهاب والاستبداد والفساد .
4- ان اهم سمة للحراك الجماهيري هو امتلاكه للوعي سواء بتنسيقياته الفاعله و قيادته المتمثلة بالتجمعات الشبابية , وبالحشود الجماهيرية المشاركة فيه وبهذا ان الحراك الجماهيري في العراق اليوم يمتلك اهم سلاح عابر للطوائف والقوميات هو سلاح الوعي والمعرفة .الذي يحدد بوصلة اتجاه الحراك اي هدف الحراك الجماهيري والتي بانت ملامحة في احداث التغيير والاصلاح ومكافحة الفساد واصلاح القضاء وانهاء نظام المحاصصة الطائفية والأثنية و بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية .
5- اهم سمة للحراك الجماهيري هو انه في الوقت الذي يمارس الضغوط على الحكومة لأحداث الاصلاح والتغيير الا انه لا يهدف الى اضعاف الدولة كما يدعي اعداء الحراك الجماهيري ويتهمونه بالتطرف هم المتطرفون لأنهم يريدون دولة استبدادية  , فالحراك يعزز دور الدولة ولا يضعفها , وان ممارسته للضغط هو لتلبية مطالب الشعب اولاً والى المشاركة في اتخاذ القرار لصالح الشعب ثانياً والى انهاء المحاصصة و تحقيق مبادئ الديمقراطية في الحكم ثالثاً .
من هم اعداء الحراك الجماهيري والمناوئيين للأصلاح :
على الصعيد الداخلي ان بعض قوى المحاصصة الطائفية ,  ادركت تماماً ان ديناميكية واتساع الحراك الجماهيري بدأت تقذفها بعيداً عن هيمنتها على السلطة وتضعها في تعارض مع مصالح الشعب وهذه هي الحقيقة  , لهذا ان قوى المحاصصة الطائفية التي ستضرر مصالحها الذاتية من الاصلاح والتغيير تسعى هي اليوم باللجوء الى المناورة والالتفاف على الحراك الجماهيري واستخدام كل الطرق والوسائل من اجل ان تنجح في اجهاض الحراك الجماهيري وانهائه , ولأعادة انتاج نظام المحاصصة الطائفية والاثنية من جديد وتوحي للشعب انه صناعه محسنه جديدة لأخماد هبته الجماهيرية . لتبسط نفوذها على السلطة السياسية وفرض استبدادها وهيمنتها على الشعب ولاجل استمرارها في ممارسة الفساد المالي والاداري . كما ان هنالك قوى بلا شك تسعى لحرف الحراك الجماهيري عن وجهته الصحيحه ولديها اهداف واحندات تتعارض مع مصالح الشعب وهم البعثيون واعداء الديمقراطية .
اما على الصعيد الخارجي فأن بعض الدول الأقليمية لا تريد للحراك الجماهيري ان يحقق اهدافه لأنها حريصة على بقاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية الذي يعطي لها الفرصة الكبيرة في التواجد والتدخل في الشأن العراق وان نظام المحاصصة يخدم اجنداتها في العراق , وما تحركات المندوب السامي قاسم سليماني الا مؤشر واضح على الخوف من تقويض نظام المحاصصة الطائفية , كذلك التحرك القطري والسعودي والتركي حيث تلتقي اجنداتهم ومصالحهم مع نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وارى من وجهة نظري ان الولايات المتحدة الامريكية ايضاً مصالحها تكمن بعدم تواصل عمليات التغيير والاصلاح وتجذيرها في الدولة والمجتمع بالشكل الذي ينهي نظام المحاصصة الطائفية والاثنية .

الأستنتاجات :
1- اكد الحراك الجماهيري ان السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي امامه فرصة كبيرة جداً للمضي في طريق الأصلاح والتغيير. وذلك كونه يحظى بدعم قوتيين القوة الأولى هي قوة الشعب المتمثله بالحراك  الجماهيري وهذا تفويض شعبي بيد السيد رئيس الوزراء . والقوة الثانية هي موقف المرجعية الحكيمة المتمثله بالسيد علي السيستاني الداعم لعملية الاصلاح ولمطالب الحراك الجماهيري . وهذه الميزة التي يتمتع بها السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي لم يتمتع فيها اي رئيس وزراء سابق في العراق . فقط الزعيم عبد الكريم قاسم حيث كانت قوة الشعب مع الزعيم عبد الكريم قاسم , بمساندة الشعب له تمكن من سن وتشريع قوانين جريئة وشجاعة لصالح الشعب والوطن , الا ان القوة الثانية وهي موقف المرجعية آنذاك لم تكن مع الزعيم عبد الكريم قاسم في المضي بالتغيير والأصلاح , وهذا مما دفع اعداء الجمهورية للأنقضاض عليها وحصلت الردة السوداء في 8/ شباط 1963 .
2- ان الحراك الجماهيري أكد على حقيقة لا غبار عليها وباتت أمراً واقعاً في العراق اليوم وهي تنامي ظهور قوة فاعلة في المجتمع العراقي يحسب لها حساب غيرت وستغير بشكل جذري ميزان القوى لصالح الشعب . وهذه القوة الجديدة رغم انها كانت موجودة لكن بظهور تنسيقيات المجتمع المدني ومعها التجمعات الشبابية ونخبة واسعة من المثقفين والاعلاميين وشرائح اجتماعية واسعة ..... الخ , تبلورت ملامح هذه القوة التغييرية التي التف حولها الشعب , انها اليوم تشكل داينمو الاصلاح والتغيير وستقف بوجه كل المحاولات البائسة والسيناريوهات التي ترسم خلف الكواليس من اجل شق الحراك الجماهيري واضعافة وانهائه لاحقاً .
3- بديمومة عمل تنسيقيات المجتمع المدني سيجبر الحكومة عاجلاً ام آجلاً ليس فقط على تلبية مطالب الشعب فحسب وانما سيفرض على الحكومة ومن خلال الآليات الديمقراطية المثبته في الدستور بالاسترشاد بآراء مؤسسات المجتمع المدني وهذا ما تلجأ اليه الدول الديمقراطية , في التشاور و اشراك تنسيقيات المجتمع المدني في مشاركة الحكومة في اداء الوظائف السياسية والثقافية والاجتماعية  . 
4- ان استمرار وديمومة عمل تنسيقيات منظمات المجتمع المدني مع التجمعات الشبابية  , ستؤهلها اليوم ومستقبلاً بأنها ستكون القوة الفاعلة في المجتمع وفق الدستور وستكون صمام الامان لضمان حقوق وحريات المواطن ومصالح الشعب والوطن ولمستقبل العراق الديمقراطي الفيدرالي ما بعد داعش . لأن هذه القوة الفاعلة انها ليست طائغية انها لديها مشروع وطني ديمقراطي, ولن تحمل السلاح خارج القانون انها اكدت على تجسيدها للوحدة الوطنية وحامله لسلاح هوسلاح الوعي والمعرفة الفاعل والمؤثر في عملية التغير والاصلاح السياسي , ونشر الثقافة الوطنية  وضمان حقوق وحريات المواطن وبناء الدولة المدنية الديمقراطية لعراق فيدرالي موحد وضمان تقدم وازدهار البلد .
12-9-2015


46
تصريحات أودييرنو وخطط التقسيم رد عليها الشعب العراقي
في انتفاضته السلمية

فلاح علي
المسؤول العسكري الأمريكي الجنرال ريموند أودييرنو الذي يشغل منصب رئيس أركان الجيش الأمريكي والمنتهية ولايته أدلى بتصريح في مؤتمر صحفي في البنتاغون في يوم 12-8- 2015. وحسب ما نقلته بعض وكالات الأنباء وأشارت الى مقتطفات من تصريحة , ومن ضمن ما أشار اليه ان تحقيق المصالحة بين مكونات الشعب العراقي تزداد صعوبة ومعتبراً ان تقسيم العراق قد يكون الحل الوحيد لتسوية النزاع فيه . واستبعد أودييرنو عودة العراق مستقبلاً الى ما كان عليه في السابق . وحول الأستراتيجية الأمريكية لقتال داعش في العراق , قال أودييرنو اذا لم يحرز الجيش الأمريكي التقدم خلال الأشهر القادمة علينا النظر تماماً في نشر بعض القوات مع الجيش العراقي ثم لنرى ما اذا حصل تغيير ام لا . ما هو مهم في التوقف عنده في هذا المؤتمر الصحفي وفي هذا الظرف بالذات هو موقفة من تقسيم العراق , لا سيما ان هكذا تصريح حول التقسيم لم يكن المرة الأولى التي يصرح فيها قائد عسكري او مسؤول سياسي أمريكي سبقة تصريحات لقادة في البنتاغون وقادة سياسيون في الكونكًرس وعلى راسهم نائب الرئيس الأمريكي بايدن .
تصريحات أودييرنو تمثل الوجهة الأمريكية ولا تحتاج الى جهد في تفسيرها :
 او كما يقال لا تحتاج الى قراءة فيما بين السطور , ان هذه التصريحات هي تعبير واضح عن وجهة النظر الأمريكية اي انها تمثل الوصفة الأمريكية , ان هذه الوصفة  تعتمد على التقسيم لأي بلد حتى وأن كان مستقراً لأنه من وجهة نظر امريكا ان تقسيم البلدان يخدم مصالحها الأستراتيجية . وما نظرية الفوضى الخلاقة التي تبنتها الأستراتيجية الأمريكية الا تأكيد على حقيقة الموقف الأمريكي , في انتهاك استقلال البلدان والتدخل في شؤونها الداخلية وتفتيت البلد الواحد الى عدة دويلات , وذلك من خلال التنسيق والتعاون مع سياسيين محليين ترتبط مصالحهم بالولايات المتحدة الأمريكية . لهذا انطلاقاً من مصالحها كانت الولايات المتحدة تسعى لتهيئة مستلزمات تطبيق هذه الوصفة في عدة بلدان وفي مقدمتها بلدان الشرق الأوسط كالعراق وسورية وتتبعهما بلدان اخرى , و تنظرالأستراتيجية الأمريكية لتقسيم البلدان على انه السبيل لهيمنتها في المنطقة وتسوقة على انه الحل الواقعي والوحيد , وما يشجع امريكا للمضي في مشروع التقسيم هذا هو نظام المحاصصة الطائفية والأثنية الذي أضعف الوحدة الوطنية وغيب  المشروع الوطني الديمقراطي .
لماذا جاءت التصريحات الآن في ظل تصاعد الأحتجاجات الشعبية :
الغريب في هذه التصريحات انها جاءت بعد يوم واحد من اقرار البرلمان العراقي لحزمة الأجراءات الأصلاحية التي أعلنها رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي ,. وذلك استجابة لضغط الشارع العراقي حيث خرجت جماهير الشعب وفي مقدمتهم الشباب والنساء في موجات من الأحتجاجات الشعبية العارمة التي لم يشهدها العراق من قبل ضد الفساد والفاسدين في أجهزة الدولة وغياب الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء ومن اجل توفير فرص العمل , ان موجة الأحتجاجات الشعبية الواسعة شكلت ربيعاً كفاحياً للشعب العراقي  فرفعت الجماهير الغاضبة من سقف مطاليبها داعية الى العدالة واصلاح القضاء وبناء الدولة المدنية . فجاءت حزمة الأصلاحات التي اعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي استجابة لمطالب الجماهير , ان ما أربك الدبلوماسية الأمريكية هو ان احد هذه القرارات او الأجراءات الأصلاحية الذي فهمته واشنطن على انه رساله ضد ارادتها وضد أجندتها والقرار او الفقرة في حزمة الأصلاحات هو كان التالي  :
الغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء , لا سيما وان هذه المناصب تشكل اهم مرتكزات نظام المحاصصة الطائفية والأثنية الذي تكون بعد احتلال العراق في عام 2003 وبرعاية ومساندة امريكا. ان هذه الخطوة من وجهة نظري شكلت مرتكزاً فكرياً وسياسياً فرضه الشارع العراقي لانهاء نموذج نظام المحاصصة الطائفية والأثنية  , ان هذا التحول في طبيعة الأصلاحات قد فاجئت الولايات المتحدة الأمريكية . ان التجربة العراقية أكدت ان الشعب العراقي لديه قناعات ومعطيات دقيقة بان نظام المحاصصة الطائفية يشكل مصدرخطير لأضعاف الوحدة الوطنية , ويسهم في خلق بيئة ملائمة لضخ الشحن الطائفي الى الشارع ويعمل على اثارة النعرات والعداوات الطائفية بين ابناء الشعب , وفي تفكيك النسيج الأجتماعي للمجتمع العراقي , ويشجع على تكوين ميليشيات من قبل دول اقليمية , و بهذا شاع ويشاع التطرف والأرهاب وفقد الأمن والأستقرار وسادت الفوضى ويوصل واوصل البلد الى حرب أهلية, بهذا يصبح التقسيم أمراً واقعاً ومفروضاً لا رجعة فيه , هنا تتحقق غايات واجندات الولايات المتحدة الأمريكية , من هنا جاءت تصريحات أودييرنو التي تمثل صيحات استغاثة , لأن الحراك الجماهيري الواسع الذي فاجئ الولايات المتحدة الأمريكية منعها من تحقيق هدفها وهو التقسيم . لو نفترض أن تصريحات أودييرنو قد حسبت على مواقف البنتاغون على ضوء تطورات الأحداث في العراق , الا ان الدبلوماسية الأمريكية قد تفاجئت من هذه التطورات , وبما انها استفادت من أخطائها في تونس ومصروعدد من البلدان , ومن اجل ان لا تخسر مصالحها في العراق فسارعت وزارة الخارجية الأمريكية الى الترحيب بحزمة الأصلاحات التي أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي لكي تظهر امام الرأي العام العالمي انها مع حق الشعوب في نضالها من اجل الديمقراطية وضمان حقوقها هذا اولاً وثانياً من اجل ان تعطي لنفسها الوقت لأحتواء هذه الأصلاحات والحد من تجذيرها بالأتجاه الذي يضرب مصالحها ويضعف من دورها في العراق . وثالثاً بهذا الموقف الدبلوماسي المؤيد للأصلاحات كان بمثابة رسالة الى رئيس الوزراء العراقي والى الشعب العراقي وكأنها تريد التأكيد فيها  ان تصريحات أودييرنو هي شخصية ولا تمثل موقف الحكومة الأمريكية . لا سيما ان السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي في تصريح له وصف تصريحات أودييرنو حول تقسيم العراق , بأنها غير مسؤولة وتعبر عن جهل بالواقع العراقي .
عراق اليوم ومستقبلاً لن يعود الى ما كان عليه في السابق :
أودييرنو في تصريحة استبعدعودة العراق مستقبلاً الى ما كان عليه في السابق , وكأنه خبير في الشأن العراقي لهذا هو أعطى وصفته العلاجية وهي التقسيم ,  بهذا التصريح ظهر ان جنرالات البنتاغون المسؤولون عن الخطط والأستراتيجيات العسكرية يرون بعين واحدة وغير قادرين على قراءة الواقع العراقي , حيث الحراك الجماهيري الواسع بدأ يعبر عن نفسه ويفرض ارادته في عملية التغيير السياسي في العراق بأتجاه الأصلاح وبناء الدولة المدنية .  أن الحراك الجماهيري الواسع في العراق الآن سيفرض تغيير المشهد السياسي بأتجاه مسارآخر مختلف عن رؤية البنتاغون والأستراتيجيات الأمريكية , لا سيما اذا طبقت بنجاح اصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي , فأن المسار البديل لنظام المحاصصة الطائفية والأثنية سيكون مسار جديد يكون فيه للمواطن وللقوى المدنية صوتاً مسموعاً ودوراً فاعلاً بأتجاه بناء الدولة المدنية الديمقراطية . بتجذير الأصلاحات تحت ضغط الجماهير المنتفضة سلمياً سينفض العراق كاهله عن نظام المحاصصة وتبعاته وتبعات الأحتلال الأمريكي الذي أراد للعراق التقسيم ليكون تجربة اختبار لتقسيم سورية وبقية البلدان العربية الأخرى , نعم يا أودييرنو ها هو الشعب العراقي سيقول لك ولقادة البنتاغون ولبايدن ان العراق مستقبلاً لن يعود الى ما كان عليه في فترة الأحتلال الأمريكي وفي فترة نظام المحاصصة , سيكون عراق بلا محاصصات طائفية سيفرض الشعب العراقي دولته المدنية وبقوانينها الديمقراطية وسيبقى العراق وطناً حراً موحداً فيدرالياً . هذه هي رسالة الحراك الجماهيري والتي وجهة فيها الرد الحقيقي والعملي لتصريحات أودييرنو وجنرالات البنتاغون وصقور الأدارة الأمريكية .
التغيرات الداخلية و الدولية وتأثيرهاعلى تطورات الأحداث في العراق :
اذا كانت التجربة التأريحية للشعوب تؤكد على حتمية انتفاضة الشعب العراقي ضد نظام المحاصصة الطائفية وفساده وغياب الخدمات وفرص العمل وغياب الأمن والأستقرار ....... الخ بلا شك لا بد من ظهور او وجود تأثيرات ومتغيرات داخلية وخارجية قد عجلت من انتفاضة الشعب العراقي السلمية . اني هنا في هذا الموضوع لا أتوقف عند المتغيرات او المؤثرات او العوامل الداخلية  رغم اهميتها الحاسمة في انتفاضة الشعب العراقي السلمية  لكنها معروفة للجماهير المنتفضة وللمتابعين ولأبناء الشعب واشار اليها العديد من الكتاب . ولكن بودي الأشارة هنا الى العوامل الدولية ويأتي في مقدمتها تغيير موازين القوى الدولية . كلنا نعلم ان تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة النظام الدولي قرابة العقديين الماضيين بعد تفكك وانهيار الأتحاد السوفياتي وهيمنتها في صنع القرارالدولي بدون العودة الى مجلس الأمن , واستخدامها للقوة العسكرية في العلاقات الدولية , بهذا المناخ الدولي شنت الولايات المتحدة الأمريكية  الحرب على العراق,أنتجت لنا الحرب نظام المحاصصة الطائفية والأثنية , ان نظام المحاصصة هو الأبن المدلل الكسيح لتلك الحقبة حقبة نظام القطب الواحد التي كانت فيها الولايات المتحدة الأمريكية تمثل قطباً أوحد في النظام الدولي العالمي . إلا ان العالم شهد منذ عام 2007  ظهور تغييرات في ميزان القوى الدولية , وهذه التغييرات أشرت الى ظهور قطب دولي جديد يعادي الحروب ويحافظ على الأمن والسلام الدوليين ويرفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان ويحافظ على استقلالها الوطني ويؤكد على حق الشعوب في تحديد طبيعة نظامها السياسي , ويؤكد على التكافئ في العلاقات الدولية .... الخ . ان هذه التغيرات فرضت حالة التوازن في العلاقات الدولية , فتراجعت الهيمنة الأمريكية وسياسة التفرد واستخدام القوة في العلاقات الدولية , وهذا التراجع الأمريكي كان نتيجة ضغط التوازن الدولي , الذي كان له تأثير دولي وأقليمي كبير ومنه على سبيل المثال فرض الحل السلمي في الأزمة السورية , وشكلت المبادرة الروسية التي أطلقت في الأسابيع الماضية على تهيئة بيئة اقليمية جديدة لمحاربة الأرهاب , اي نتيجة هذه المبادرة قد يظهر تحالف اقليمي جديد لمحاربة الأرهاب . وهذا أن حصل سيؤكد على خروج هذه الدول عن الخطط الأمريكية ,أن الدور الروسي بدأ يؤثر بأتجاه تبني الخيارالسلمي لحل الصراعات الأقليمية والداخلية . أن هذه التغيرات بظهور التعددية القطبية قد أثرت ايجاباً على تطورات الأحداث في المنطقة وعلى صعيد كل بلد وكانت عاملاً مساعداً ومحركاً للحراك الجماهيري في العراق المطالب بالتغيير السلمي للعملية السياسية واصلاحها بأنهاء المحاصصة والقضاء على كل نتائج نظامها من فساد وغياب الخدمات ونهب ثروات البلد وصراع طائفي .... الخ , والبديل حسب مطالب المنتفضيين هو بناء دولة المواطنة ونظامها الديمقراطي . كما ان هذه المتغيرات في موازين القوى الدولية, ستشل قدرة الولايات المتحدة الأمريكية في تنفيذ خططها القائمة على التدخل في شؤون البلدان الداخلية واستخدام القوة في العلاقات الدولية والتوسع وشن الحروب والأحتلال وتقسيم البلدان .ان تجذير الأصلاحات تحت ضغط الحراك الجماهيري ستضع حداً ايضاً  للتدخلات الأقليمية في الشأن العراقي , لا سيما وان ملامح هذا التوجة برزت بأقصاء نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء  , ان هذا التغيير رغم أهميته في اضعاف نظام المحاصصة , لكنه في نفس الوقت يتضمن او يحمل رسالة الى بعض الدول الأقليمية التي تتدخل بالشأن العراقي الداخلي مثل ايران والسعودية وتركيا , وما دفاع ايران عن المالكي الذي يمثل رجلها القوي في العراق الا مؤشر على ذلك , ان الأصلاحات تعد خطوة أولى لأضعاف النفوذ الأيراني والسعودي والتركي  في العراق  ويطمح الشعب الى انهاء تدخلهم في الشأن الداخلي العراقي .
تصريحات أوديرنوا والحرب على داعش :
 وارتباطاً بموضوع الحرب على داعش لا أبالغ اذا قلت ان غالبية الشعب العراقي على قناعة بأن الولايات المتحدة الأمريكية غير جادة بالقضاء على داعش لأن لديها أجندات أخرى في العراق والمنطقة , وبالعودة الى تصريحات أودييرنو فيما يخص موضوع تقسيم العراق والحرب على داعش , يفهم منها انه وجه رسالة في تصريحة فحواها ان الولايات المتحدة الأمريكية كأنها شاركت في الحرب على داعش خارج سياق الوحدة الوطنية العراقية  وهذا هو احد اسباب اطالة امد الحرب الأمريكية على داعش وفق استراتيجيتها. رافق عدم جدية الولايات المتحدة في محاربة داعش , فشل لحكومة المالكي من وقف تمدد داعش و توسع سيطرت التنظيم الأرهابي على عدد من مدن العراق , وكذلك ظهر عجز في بداية تولي السيد العبادي رئاسة الوزراء , حيث كان أسير للقرار الأمريكي لا سيما وان امريكا امتنعت عن تزويد العراق بطائرات واسلحة متطورة رغم العقود المبرمة معها , ولم يتخذ السيد العبادي الموقف الشجاع لعقد صفقات التسليح مع روسيا الا في وقت متأخر بعد ان تمدد داعش  . وبالعودة الى التغيرات في موازين القوى الدولية وفي ظل تواصل الضغط الجماهيري للمضي بالأصلاح نحو التجذير, ستتوفر امكانيات كبيرة لدى الحكومة والشعب للقضاء على داعش ودحرها في العراق من خلال انهاء حاضنتها الأجتماعية وتبني الحلول الوطنية لأزمات ومعضلات نظام المحاصصة الطائفية والأثنية .
21-8-2015




47
15-7-2015
السياسة الخارجية لحكومةأوردكًان من الفشل
الى الأضرار بمصالح تركيا
فلاح علي
المعروف عن تركيا منذ حكم مصطفى  كمال أتاتورك انها دولة علمانية ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الغرب , وانها دولة قومية تلعب دوراً اقليمياً محورياً في منطقة الشرق الأوسط . إلا انه بعد مجيئ حزب العدالة والتنمية الى الحكم  في عام 2002 , وضع هذا الحزب مهمة له على الصعيد الأقليمي بتسويق فكره  ذو الجذورالاسلامية وسياسته ونموذجة في الحكم  . فسعى الى ايجاد نوع من التناسق بين تراث الأمبراطورية العثمانية والتراث الأسلامي لتطبيقةعلى الصعيد الأقليمي في سياستة الخارجية , مع عدم تجرأه الى الأعلان عن الدعوة لأقامة امبراطورية عثمانية جديدة في المنطقة . و ظاهرياً ابقى على علمانية الدولة ولكن خطط لأرساء نموذج من الدولة العلمانية الديمقراطية التي تتعايش مع الاسلام , لذلك اعتمد هذا النموذج في سياسته الخارجية على استراتيجية مد الجسور بين البلدان الأسلامية والعربية لكسب رضاها لغرض تسويق النموذج التركي والقبول بدوره المحوري كقطب اقليمي , في هذا النموذج ركزت حكومة أوردكًان في سياستها الخارجية ,في الأعتماد على مصادر قوتها الناعمة من خلال تعزيز نفوذها السياسي والأقتصادي والدبلوماسي والثقافي , في علاقاتها الخارجية وبالذات مع الدول سواء كانت عربية او اسلامية والتي كانت تابعة للأمبراطورية العثمانية وفي المناطق الأخرى ارتباطاً بمصالح تركيا . مع الأهتمام بتعزيز علاقاتها مع الغرب , ان هذه الأستراتيجية لسياسة تركيا في محيطها الأقليمي تهدف الى تعزيز دورها المحوري والى تعزيز مكاسبها الأقتصادية والتجارية وهذا أسهم في تنمية اقتصادها وزيادة قدراتها التصديرية , في السنين الأولى لقيادة الدولة من حزب العدالة والتنمية تضاعف حجم التبادل التجاري مع عدد من دول المنطقة . ولكن حقيقة السياسة الخارجية التركية بدأت تتكشف يوماً بعد آخر كلما مر الوقت كلما زاد الأمر صعوبة في اقناع الراي العام الداخلي والأقليمي والعالمي بأن تركيا هي دولة علمانية ديمقراطية كما يدعي حزب العدالة والتنمية, فعلى صعيد السياسة الداخلية تنكرت حكومة رجب طيب أوردكًان لوعودها الأنتخابية فمارست التمييز بين المواطنيين وسياسة التهميش وعدم التكافئ في الحقوق بين مواطني الشعب التركي  ,  وعدم الأعتراف بحقوق الشعب الكوردي وتنامى الفساد في مؤسسات الدولة ....الخ . واول ما شعر بذلك هم اصدقاء تركيا وتيقنوا أن حكومة حزب العدالة والتنمية هي غير قادرة على بناء تركيا كدولة وطنية علمانية ديمقراطية . وظهر هذا المؤشر في اول اجتماع لرئيس الحكومة رجب طيب أوردكًان مع رئاسة الاتحاد الاوربي الذي عقد في بروكسل في عام 2004., فمن اجل انضمام تركيا للاتحاد الاوربي وضعت رئاسة الاتحاد ثلاث شروط  امام رجب طيب أوردكًان خلال المفاوضات لأنضمام تركيا للاتحاد الاوربي
الشرط الاول : الاعتراف بجمهورية قبرص
الشرط الثاني : اعطاء الحقوق القومية للشعب الكوردي
الشرط الثالث : تطبيق معايير حقوق الانسان بين مواطني تركيا
خلال المفاوضات أبدى رجب طيب اوردكًان مرونه مع الشرط الثالث ورفض الشرطين الأول والثاني من حيث الجوهر , وحاول ان يؤكد انه تفهم الشرط الثاني ولكن أكدت التجربة ان تفهمه كان من منطلق شوفيني فأختزل الحقوق القومية بالحقوق الثقافية فقط  وذلك بقدرما ابدى الأكراد الولاء للدولة وبهذا يمكن تحقيق حقوقهم الثقافية في اطار الهوية الأسلامية  من وجهة نظر حزب العدالة والتنمية ,اي احتوائهم في اطار الحقوق الثقافية فقط . وعدم الأعتراف لهم  بالفيدرالية او إدارة مناطقهم بشكل ذاتي وعدم الأعتراف بحق تقرير المصير
 الاتحاد الاوربي بعد اللقاء مع أوردكًان جدد رفضة لعدم قبول تركيا كدولة عضو في الاتحاد , مع اعطاء وقت لتركيا لتنفيذ هذه الشروط , الا ان حكومة أوردكُان لم تنفذ هذه الشروط , ولم تقبل تركيا كعضو في الأتحاد الا انه لاحقاً تدخل الرئيس الأمريكي آنذاك بوش الأبن واستغل نفوذه على دول الاتحاد وتوصل الى صيغة التعامل الخاص مع تركيا في التبادل التجاري والتعاون الأقتصادي رغم انها لم تقبل كعضو في الاتحاد
اما من ناحية التطبيقات العملية للسياسة الخارجية
وبخاصة السياسة الاقليمية تظاهرت تركيا في السنوات الأولى من حكم حزب العدالة والتنمية انها جادة للقيام بالوساطة بين سورية واسرائيل وبالذات في الفترة في 2007 و2008 . الا انه توقف هذا الدور . ثم حصل لاحقاً الأجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة في عام 2008 , قامت تركيا بمسرحية دعم القضية الفلسطسنسة وصعدت من نقدها للحكومة الأسرائيلية في المحافل الدولية ,  وسيرت تركيا باخرة لشواطئ غزة للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحصلت لها ازمة سياسية مع حكومة اسرائيل , الا ان تركيا سرعان ما تراجعت تحت الضغط الامريكي والاسرائبلي لا سيما وأن لتركيا اتفاقات سرية أمنية مع اسرائيل وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية . وظهر ادعاء تركيا لدعم القضية الفلسطسنسة مجرد مسرحيىة لتسويق نموذجها ولكسب تعاطف الدول الاسلامية والعربية وشعوبها وللقبول بتركيا كطرف اقليمي محوري , ثم تبع ذلك تغيير واضح في سياستها الاقليمية  ,  فتمادت في تدخلاتها في الشؤون الداخلية  لعدد من دول المنطقة ومنها مصر وسورية والعراق وليبيا . فدعمت حكومة الاخوان المسلمين في مصر ووقفت ضد التغيير الداخلي لحكومة الاخوان رغم نزول غالبية الشعب المصري في الشارع يطالب باسقاط حكومة الأخوان . وبعد عملية التغيير في مصراتخذت موقف معارض لحكومة السيسي . اما في سورية ففتحت حدودها لدخول المتطرفيين الاجانب الى داخل الاراضي السورية وسمحت بدخول السلاح والعتاد والمساعدات المالية لهم , وفاقم تدخلها من خطورة الاوضاع في سورية وفي تعقيد ازمتها السياسية . وتبنت سياسة اسقاط النطام  بالقوة العسكرية وهذا تطور خطير في السياسة الخارجية لتركيا , وخلال فترة قصيرة اصبحت المناطق الشمالية لسورية المتاخمة للحدود التركية تقريباً بالكامل تحت سيطرة المتطرفيين الاسلاميين مثل داعش وجبهة النصرة اما الجيش الحر فتراجع دوره وزاد عدد اللاجئيين السوريين الى تركيا الى ما يقارب المليون لاجئ يعيشون في ظروف صعبة وغامضة . كل المعطيات والتطورات تؤكد ان الساسة الخارجية لتركيا قد انحدرت الى دور مشعلة لنيران الحروب الأهلية ومعرضة السلم الأهلي في عدد من البلدان الى الخطر . وبدأ رجب طيب اوردكًان يشخصن الامور مع بعض رؤساء دول المنطقة مثل الرئيس السوري وحاول رجب طيب اوردكًان ان يوظف السياسة الخارجية لخدمة اهداف وأجندات ومشاريع  بعضها أمريكية وبعضها اقليمية كأجندات السعودية وقطر , ومنها ايضاً لغايات انتخابية لصالح حزبه . لهذا ان هكذا سياسة خارجية قائمة على خرق القانون الدولي و عدم احترام علاقات حسن الجوار , لقد انعكست سلباً ليس فقط على مخططيها وانما أثرت على مكانة وعلى الدور الاقليمي للدولة التركية, فبدلاً من ان تصبح تركيا قوة اقليمية فاعلة تحافظ على التوازن الأقليمي وتلعب دور ايجابي في استقرار الأمن والسلم في المنطقة , تحولت الى دولة راعية للارهاب وتستهدف زعزعت امن واستقرار دول المنطقة
وبالعودة الى ملف الازمة السياسية السورية
عندما بدأت الأزمة السياسية في سورية في آذار / 2011 كان امام تركيا خيار واحد  يفترض ان تؤدية من وجهة نظري وهو يستند الى القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار, وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وهذه هي من مرتكزات الدبلوماسية الحيادية الناجحة هو في ان تقف تركيا الموقف المحايد وعدم التدخل في الشأن الداخلي السوري ولتترك الحراك الجماهيري السلمي الواسع .ينمو ويتسع ويفعل فعله في التغيير الداخلي السلمي الديمقراطي, وبأمكانها ان تقوم بدور وساطة كراعية لمفاوضات بين المعارضة السلمية والنظام , الا ان الدبلوماسية التركية تبنت خيار آخر يتعارض مع القانون الدولي ومع دورها الأقليمي المطلوب حيث تبنت خيار يخدم أجندات الولايات المتحدة الأمريكية والسعودسة وقطر واسرائيل
والخيارالذي تبنته تركيا : هو دعم القوى المتطرفة والتدخل العسكري و فتح حدودها لدخول الأرهابيين والسلاح والعتاد والتعويل على تدخل الناتو عسكرياً حيث تركياعضو في الناتو . وكانت النتيجة تعقيد حل الازمة السياسية واطالة امدها وطال معها الدمار وتفاقمت مآسي الشعب السوري وزاد عدد اللاجئين هذه هي سياسة حكومة رجب طيب أوردكًان أزاءالأزمة في سورية
سورية لن تقف مكتوفة الايدي أزاء تدخلات السياسة الخارجية لحكومة أوردكًان
 رغم الظروف الصعبة التي مرت بها سوريا  الا انها لم تقف مكتوفة الأيدي خلال التدخل التركي المباشر في الأزمة السياسية  التي مر بها الشعب والدولة السورية . فقد وطدت  سورية مواقعها الأستراتيجية أولاً في البحر الأبيض المتوسط المحايد لتركيا وهذا ما تفاجئت به تركيا حيث حصلت سورية على دعم عسكري مباشر من روسيا وايران  , وعززت روسيا اسطولها الحربي في البحر المتوسط وزودته بحاملات طائرات وغواصات وشكلت له قيادة مستقلة عن اسطول البحرالأسود وكانت النتيجة تغيير موازين القوى لصالح سوريا في البحر الأبيض المتوسط. وهذا مما أدى الى تراجع مكانة تركيا في المنطقة ولم تتمكن حينها من الحصول على دعم من حلفائها الغربيين , كما ان السياسة الخارجية التركية تعرضت لأنتكاسة كانت لها نتائج سلبية على دور المحور التركي في المنطقة . حيث تراجع الدور التركي  امام المحور الذي تشكل خلال الازمة السياسية في سورية وهو المحور الأيراني السوري وحزب الله اللبناني وهذا المحور مدعوم من قبل روسيا والصين حتى المحور الذي تتزعمه السعودية الذي تنسق معه تركيا لمواجهة النظام في سورية من خلال دعم داعش والقوى المتطرفة الأخرى لأسقاط النظام عسكرياً  , والذي
يضم دول خليجية  بالاضافة الى الاردن قد فاجئ تركيا عندما اتخذ هذا المحور  بأستثناء قطرالموقف الداعم لأسقاط نظام الاخوان بزعامة محمد مرسي , وتمر اليوم تركيا ودبلوماسيتها بعزلة اقليمية واغلقت ابواب المنطقة بوجهها , في حين حافظت الدبلوماسية السورية  على التزامها بالقانون الدولي  وظهرت اكثر انفتاحاً وقبولاً  , وما يؤكد صحة ذلك هو ان الراي العام العالمي غير نظرته تجاه الصراع المحتدم الآن في سورية وينظر اليه  على انه صراع  بين قوى ارهابية متطرفة من جانب والدولة السورية من جانب آخر . كما ان القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية في سورية بدأت أكثر فاعلية في عملية التغيير الداخلي الديمقراطي السلمي وهذا يتجلى من خلال دورها في التأثير على الراي العام الداخلي وفي مشاركتها في المؤتمرات الدولية ومنها مؤتمر موسكو وجنيف والقاهره لأيجاد حل سلمي للأزمة السياسية في سورية وأكدت سنوات الأزمة في سورية ان هذه المعارضة السلمية  الديمقراطية اليسارية والليبرالية , يرى فيها الشعب السوري , انها تمثل مصالحه في الحل وفي التغيير الديمقراطي السلمي .  ان هذه التطورات ساهمت في تعزيزالجبهة الداخلية بوجه قوى التطرف والارهاب الذي تمارسة داعش وجبهة النصرة والجبهة الأسلامية والقوى المتطرفة الأخرى
بعض الأستنتاجات التي أفرزها واقع فشل السياسة الخارجية التركية
1- داخلياً لقد عاقب الشعب التركي حكومة رجب طيب أوردكًان من خلال صناديق الأقتراح ومنية حزب العدالة والتنمية بهزيمة كبيرة في تأريخه السياسي منذ عام 2002 والى الآن وأظهرت نتائج الأنتخابات ان حزب العدالة والتنمية ليس بمقدوره تشكيل حكومة لوحدة وحصلت  ثلاث قوى كبيرة على مواقع في البرلمان  , ستلعب دور في تغيير الخارطة السياسية لتركيا
2- تمر اليوم تركيا بأزمة سياسية منذ ظهور نتائج الأنتخابات البرلمانية الى الآن , وامام حزب العدالة والتنمية خياريين اما تشكيل حكومة إئتلافية او اجراء انتخابات جديدة بعد مرور 45 يوم حسب الدستور التركي وفي حالة عدم تشكيل حكومة إئتلافية فأن الأنتخابات تصبح قضية دستورية وكلا الخياريين سيضعفان من هيمنة حزب العدالة والتنمية على السلطة السياسية , حيث وضعت المعارضة عدد من الشروط لتشكيل حكومة إئتلافية منها تغيير السياسة الخارجية وجعلها اكثر اعتدالاً وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول , واخضاع الأجهزة الأمنية والأستخباراتية لرقابة ومتابعة البرلمان ضبط الحدود ومراقبتها ,البدأ بمفاوضات لحل القضية الكوردية سلمياً .... الخ . والحكومة الأئتلافية  بلا شك ستحد من دكتاتورية أوردكُان وحزبه , وهذا ما لا يرتضية أوردكًان وتشير التقديرات انه يعمل على عرقلة تشكيل حكومة إئتلافية ويخطط لأجراء انتخابات مبكرة , ولكن هل ستفاجئة الأنتخابات ثانية وتخرجع حزبه من رئاسة الحكومة ؟ 
3- اصبح بحكم المستحيل قبول تركيا عضو في الاتحاد الأوربي بعدما تيقنت دول الاتحاد دعم الحكومة التركية للقوى الارهابية واصبحت اراضيها ممراً لعبور الارهابيين والسلاح والعتاد الى سورية وبعضهم  يصل الى العراق وهذا الرفض الاوربي ناتج عن سياسة حزب العدالة والتنمية التي اضرت بمصالح الشعب التركي , اضافة الى تضرر الدولة التركية بتراجع اتفاقياتها الأقتصادية وتبادلها التجاري مع عدد من دول المنطقة
4- ان تدخل تركيا في الشأن الداخلي السوري وانتهاك استقلالها الوطني , والسماح بعبور الأرهابيين والسلاح والعتاد الى الأراضي السورية وزعزعة الأمن والأستقرار فيها من خلال ادامة الصراعات المسلحة واستمرار تدفق نزيف الدم وديمومة الحرب فيها , ان هذا الموقف المعلن في سياسة تركيا الخارجية انه لا يصب في مصلحة تركيا الوطنية وشعبها , ان سياسة تركيا الخارجية تجاه سورية تسببت وعن قصد في تغذية التوترات والصراعات الطائفية في تركيا الأمر الذي له انعكاساته السلبية على الشعب التركي بشكل خاص وعلى الوضع الأقليمي بشكل عام , اضافة الى استقبال تركيا لأعداد كبيرة من النازحيين السوريين وقد يخرج هذا العدد الكبير عن السيطرة
5- ان ما تخشاه تركيا من سورية هو انه الى الآن تحتفظ سورية بعدد من الأوراق ومنها ورقة دعم حزب العمال الكوردستاني وبأمكان سورية ان تمارس الضغط على تركيا من خلال هذه الورقة وتخلق أزمة سياسية داخلية لحزب العدالة والتنمية وتقوض نفوذه في الداخل إلا ان سورية الى الآن لم تمارس هذه الورقة
6- اقليمياً تركيا تمر اليوم بعزلة على صعيد علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع العديد من دول المنطقة وتحولت من دولة محورية قومية اقليمية تلعب
دور ايجابي في التوازنات الاقليمية وتحافظ على امن واستقرار المنطقة الى دولة راعية للأرهاب
7- ان تحييد  تركيا من التدخل في الازمة السورية ستكون له نتائج سريعة على صعيد تجفيف منابع الأرهاب ودحره , وسيعجل من الحل السلمي للأزمة السياسية في سورية وستكون له نتائج ايجابية على صعيد دحر الأرهاب في العراق وتحرير جميع مدن العراق وسيادة الأمن والأستقرار في البلد .
8- ان منطقة الشرق الأوسط بحاجة اليوم الى اقامة توازن اقليمي جديد لا يقام على اساس المذهبية وينبذ الطائفية ويحافظ على امن واستقرار المنطقة ولا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول , ويتخذ موقف من المشاريع الأمبريالية واستراتيجياتها المعادية لمصالح شعوب المنطقة , ويحترم حق شعوب المنطقة في العيش بأمن وسلام وحرية وديمقراطية والحفاط على الوحدة الوطنية الداخلية لكل بلد من بلدان المنطقة واحترام استقلال الدول . أرى من وجهة نظري ان مصر مرشحة لأن تلعب هذا الدور المحوري وسورية بعد حل الأزمة السياسية فيها والعراق في ظل نظامة الديمقراطي الفيدرالي الموحد بعد انهاء نظام المحاصصة وبناء دولة المواطنة والمؤسسات الديمقراطية , وهناك ثلاث دول مرشحة في هذا النظام الأقليمي وهي ايران وتركيا والسعودية بعد ان ترسم لها سياسة خارجية مستقلة محايده وتبتعد عن التدخل في شؤون البلدان الداخلية وتحترم ارادة شعوب المنطقة في تقرير مصائرها وتحديد طبيعة نظمها السياسية
12-7-2015

48
الشيوعييون والعمل الجماهيري
(3-3)

فلاح علي
استكمالاً لما جاء في الحلقة الثانية  والتي نشرت بتاريخ 11-6-2014 , وتوقف نشرهذه الحلقة الثالثة والاخيرة في حينها بسبب سقوط مدينة الموصل , والآن اعتقد جاء الوقت لنشرها وارتباطاً بالعوامل الذاتية , والتي اشرت فيها في الجزء الثاني من المقالة عن دور الحزب السياسي في ميدان العمل الجماهيري .  يكون من المفيد هنا طرح السؤال التالي :  لماذا أولى الشيوعييون العراقييون اهمية استثنائية في نضالهم للعمل الجماهيري منذ تاسيس حزبهم والى الآن . ارى ان الاجابة على هذا السؤال لا بد من ان ترتكز على المعطيات التالية :
 اولآ : ارى ان إيلاء اهمية لتفعيل العمل الجماهيري من قبل الشيوعيين يأتي ليس فقط انطلاقاً من موقف فكري وسياسي واضح ومعلن  , وانما ايضاً  لأن ميدان النشاط الجماهيري  يمثل ويجسد ارقى اشكال النضال الانساني الشرعي والسلمي لكونه مرتبط بحاجات الناس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبمطاليبها وحقوقها وحرياتها وتحقيق العيش الكريم لها .                ثانياً : ان ميدان العمل الجماهيري يضم طبقات وفئات اجتماعية واسعة ومتنوعة في المجتمع , تشمل غالبية الشعب , فأن الدفاع عن مصالحها وتغيير واقعها نحو حياة افضل , يجسد في الممارسة العملية جوهر وهدف نضال الشيوعيين 
 ثالثاً : ان النضال السياسي والمطلبي الاقتصادي والاجتماعي الجماهيري , هو أدات نضالية وطنية فعاله , لتعزيز الوحدة الوطنية , وانهاء الهويات الثانوية الطارئة على المجتمع . كما ان النضال الجماهيري يعزز من النسيج الاجتماعي ويوطد السلم الاهلي, ويسهم في اضعاف الاصطفافات الطائفية وينهي اي مبرر للشحن الطائفي . ويعيد التوازن في المجتمع على اساس مبدأ المواطنة .                                                                                                                                             رابعاً : ان النضال الجماهيري السلمي  يرتبط بالممارسة العملية بسياسة الحزب , وما مثبت في برنامجه من قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية ...... الخ  التي تعبرعن مصالح الشعب والوطن وهي في اولويات اهداف الحزب الآنية ونضاله
 لهذا يحرص الشيوعييون على تطوير آليات النضال على ميدان الجبهة الاجتماعية , وتفعيل العمل الجماهيري , وادخال عنصر التنظيم والوعي فيه , ونشر فكرالحزب الانساني الاشتراكي بين اوسع قطاعات الشعب . وما اكده تأريخ نضال الحزب في هذا الميدان , هو ان للشيوعيين مفهوم واضح للعمل الجماهيري ,ولديهم خطط تنظيمية على صعيد كل منظمة حزبية تتضمن المجالات والقطاعات الجماهيرية المتنوعة التي ينشطون معها مع وجود مهام سياسية وتنظيمية يجري تطويرها وتجديدها حسب ظروف البلد وأزماته لغرض انجازها تضع مصالح الجماهير والوطن فوق اي اعتبار . كما تتضمن الخطط التنظيمية لميدان العمل الجماهيري تقييم النشاطات واستخلاص الدروس منها وتقييم الاعضاء وادائهم والناشطين فيها . وما اكدته التجربة ان هذا الشكل النضالي يعتبر من اعقد النشاطات  واصعبها لأنه له علاقة غير مباشرة بالعديد من العوامل والمؤثرات ( اي العوامل الموضوعية والذاتية ) اضافة الى  ان الجماهير تضم فئات وطبقات اجتماعية واسعة  فهي في الغالب توجد فيما بينها تباينات في المواقف والمصالح  وتباين ايضاً في درجة الوعي والتماسك والتضامن .  كما ان هنالك قوى من الاسلام السياسي لها مصالح فئوية ذاتية مصالحها لا تلتقي مع مصالح الجماهير , لكنها نجدها تتصارع مع القوى الحقيقية المدافعة على مصالح الجماهير , وذلك لأجل سيطرتها على مفاصل العمل الجماهيري رغم انها لا تؤمن بالعمل الجماهيري ولكن توظفه لأغراض سياسية ولغرض حرف وجهة العمل الجماهيري بالاتجاهات التي تخدم مصالحها وتوجهاتها. ( على سبيل المثال التدخل المباشر بانتخابات الاتحاد العام لعمال العراق الاخيرة , ونفس هذه القوى هي من جمدت اموال الاتحاد العام لنقابات العمال منذ عذة سنوات ) لهذا نجد ان ميدان النضال الجماهيري صعب ومعقد , فأن استنهاضه وتفعيلة هي مهمة كل قوى اليسار والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والمثقفون                                                 ملاحظة : في الحلقة الاولى من المقالة تم الاشارة لبعض العوامل الموضوعية . وعلى صعيد الشأن السياسي العراقي  ,ومن خلال المعاينة الواقعية والتاريخية على الارض ارتباطاً بالمواقف العملية من تجذير العمل الجماهيري في المجتمع نجد ان  الحزب الشيوعي العراقي هو الاكثر تجربة وقدرة من غيره من الاحزاب في هذا الميدان   . رغم التراجع الذي حصل في هذا النشاط في فترات تاريخية لأسباب معروفة . واذا كان من مثال حي  بهذا الخصوص يتطلب ذكره في المرحلة الحالية لدور الشيوعيين في ميدان العمل الجماهيري يمكن ذكر الأمثلة التالية
1-منذ حوالي شهريين والى الآن تتواصل في بغداد وبعض محافظات الوسط والجنوب تحركات جماهيرية عمالية واسعة من منتسبي وزارة الصناعة المشموليين بالتمويل الذاتي احتجاجاً على مصادرة حقوقهم من قبل وزارة الصناعة . في هذا الحراك الجماهيري لوحظ ان كل منظمات الحزب واعلامه , اعطوا أولويه لهذا الحراك الجماهيري المتعلق بقطاعات عمالية . فما افرح الجماهير المحتجة على انتهاك حقوقها ومعهم قطاعات واسعة من الشعب عندما أيقنوا ان الشيوعيين و قوى ديمقراطية ويسارية واتحاد نقابات العمال ومنظمات مجتمع مدني معهم  في نضالهم هذا وان العمال والموظفيين الشيوعيين مشاركيين نشطيين في هذا التحرك الجماهيري , وقد اسهموا في بلورة  مطاليب  المحتجيين وقدموها للبرلمان ولمجلس الوزراء لرفع الحيف عن المحتجيين العامليين في وزارة الصناعة , وتعهد الشيوعييون واتحاد نقابات العمال بمتابعة مطاليبهم والعمل على تحقيقها , بلا شك سبق هذا التحرك الجماهيري بفترة غير قليله احتجاجت لعمال النسيج , كماسبق ذلك بسنوات احتجاجات جماهيرية على قلة الخدمات منها نقص الكهرباءوحول الدعوات لألغاء البطاقة التموينية ....... الخ من التحركات الجماهيري التي جرت وتجري اليوم في البلاد . نجد ان الشيوعيين وجماهيرهم وبعض قوى اليسار والديمقراطية لهم دور كبير في المساهمه فيها وتوجيهها الوجهه الصحيحة هذه الممارسة العملية المنطلقة من موقف فكري وسياسي , اسهمت في استعادة وتعزيز ثقة الجماهير  بالشيوعيين 
2-كما شهدت البلاد خلال النصف الثاني من عام 2014 احداث خطيرة منها سقوط مدينة الموصل في يوم 10-6- 2014 وتقدم التنظيم الارهابي داعش على عدد من المحافظات وقام باحتلالها واستباحتها ونزح آلاف الكورد و المسيحيين والازيديين والتركمان والشبك والعرب من المناطق التي احتلها تنظيم داعش , ومرت البلاد بكارثة وطنية كبرى نتيجة هذا الانهيار المفاجئ  والهزيمة غير المبرره امام تنظيم ارهابي بسبب سوء الادارة وغياب الكفائة وتفشي الفساد الذي انتجه نظام المحاصصة الطائفية , هنا اني اتحدث على صعيد امكانيات احزاب خارج السلطة كالحزب الشيوعي العراقي ودورها في هذه الاحداث الخطيرة على الوطن والشعب, حيث نهض الشيوعييون بدورهم الوطني المشهود له وقاموا باعمال جماهيرية كبيرة وجبارة , الا انها لم تبرز بسبب الحصار الاعلامي المفروض على الحزب . والمعروف عن الشيوعيين انهم قدموا تضحيات جسام من اجل مصالح الشعب والوطن , ولكني اشير الى هذه الامثله ارتباطاً بعنوان المقاله الشيوعييون والعمل الجماهيري أنطلاقاً من اهمية تفعيل العمل الجماهيري كسلاح فعال بيد الجماهير لتحقيق مطاليبها وضمان حقوقها وهو سلاح سلمي شرعي دستوري وطني . لنرى بعض من هذه الاعمال الجماهيرية التي قام بها الحزب خلال هذه الفترة من هجوم داعش الخطيرة على مصالح الشعب والوطن
اولاً : طلب الحزب من رفاقة واصدقائه في المناطق التي سيطرت عليها داعش لحمل السلاح لحماية الجماهير والنازحين من بطش داعش ولمقاتلتلها  , فتشكلت في دشت الموصل في المناطق الازيدية والمسيحيةعدد من المجاميع الصغيرة ليسهل تنقلها وقامت بهذه المهام , كما تشكلت في مجمعي بحزاني وبعشيقة مفرزة عسكرية
ثانياً :قامت منظمة الحزب في القوش بمهمة شاقة يفتخر بها كل عراقي حيث أخذت على عاتقها حماية الناحية من السقوط بيد داعش بعد انسحاب فصائل البيشمركًا الاخرى منها , وحافظت على ممتلكات اهل المدينة التي انسحبت العديد من العوائل منها , وهذا مما شجع الكثير من الجماهير من ابناء القوش الذين لم يغادروا المدينة , ومن القرى القريبة من القوش مثل بوزان وبدرية وبعض القرى الازيدية والمسيحية القريبة الى القوش . من رفع معنوياتهم وانضمام الشباب منهم في مجاميع مع الشيوعيين  لحماية الناحية من السقوط والدفاع عن قراها التي لم تصلها داعش . وهذا الموقف المشهود به للشيوعيين , رغم انه الملاحظ كان تحرك عسكري الا انه ذات محتوى سياسي فكري اجتماعي  متعلق بمصالح الناس والوطن . انها وقفة عملية شجاعة تجسد مواقفهم الوطنية المشرقة الاصيلة , كما عززت من ثقة الناس بهم واينما كانوا في المناطق التي تعرضت لهجوم او خطر داعش , واول الناس التي عادت الى قراها والتي تركتها بسبب خطر داعش هو في مدينة القوش والقرى القريبة منها لقناعتهم وثقتهم بشباب الحزب الشيوعي التي حملت السلاح ودافعت عن المدينة وعن ممتلكاتهم ووفرت الامن والامان لهم , بلا شك الجهد العسكري اللاحق لقوات البيشمركًا اسهم ايضاً في رفع المعنويات
ثالثاً : شكلت العديد من منظمات الحزب مجاميع من الرفاق واناطت لهم مهمة زيارة تجمعات النازحين وتقديم المساعدات العينية لهم . واطلق الحزب حملة لجمع التبرعات للنازحين من خلال منظمة الانصار الشيوعيين وتم جمع مبالغ طائلة من رفاقة واصدقائة وقامت فرق شبابية من الانصار الشيوعيين بتقديم هذه المساعدات المالية للنازحين واعتقد تركزت في مناطق الموصل ودهوك . كما تم تقديم الادوية والعلاجات الطبية للنازحيين من خلال زيارات المستوصف الجوال للحزب , هذا اضافة الى الدور الكبير الذي قام به الحزب الشيوعي الكوردستاني ومنظماته في المجال العسكري وفي مجال  التعبأة السياسية والفكرية ضد خطر داعش ومواجهتها , وفي مجال الزيارات للمناطق المحاصرة ولمخيمات اللجوء من ابناء شعبنا الذين تركوا مناطقهم بسبب خطر داعش واحتلالها من قبلهم وتقديم المساعدات لهم
رابعاً : هنالك اعداد كبيرة  من رفاق الحزب واصدقائه من الشباب  تطوعوا في الحشد الشعبي الوطني  لمقاتلة داعش
ملاحظة : قد يفهم مما ذكر على صعيد مواجهة داعش ليس له علاقة بالنشاط  الجماهيري الميداني ولكن من حيث الواقع انه نشاط سياسي ذات محتوى فكري واجتماعي جماهيري اتخذ هذا النشاط السياسي شكل نضالي عسكري مسلح لمواجهة خطر يواجه الشعب والوطن وهو في محتواه جماهيري اضافة الى جهد الاجهزة العسكرية والامنية وقوات البيشمركًا والحشد الشعبي
2- مزاج الجماهير :
يعتبر مزاج الجماهيرمن العوامل الذاتية التي تلعب دوراً ايجابياً في المشاركة الواسعة والفعالة  لقطاعات واسعة من الشعب في النشاطات والمعارك الجماهيرية . ان تصاعد المزاج الجماهيري في المشاركة الفعلية يعتبرمؤشر لفاعلية وتأثير مجمل العوامل الذاتية  . ويلاحظ ان هبوط او تصاعد المزاج الجماهيري يخضع لعدد من العوامل والمؤثرات الموضوعية ايضاً ,التي بدورها تفرض تغيرات و تقلبات سريعة ومتتالية على مزاج الجماهير من  خلال تغيير الظروف والحالات  , وارتباطاً بالعوامل الذاتية نجد ان التأثير السياسي والجماهيري للحزب وكل القوى والمنظمات التي تتبنى قضايا الجماهير , والتاكتيكات الصحيحة والمناسبة في الوقت المناسب تلعب دوراً فاعلاً في التاثير على تنامي المزاج الجماهيري
3- القيادات الميدانية
ان اهم حلقة في ميدان العمل الجماهيري والتي تدخل ضمن العوامل الذاتية هم النشطاء في هذا الميدان الحيوي الهام وما يطلق عليهم بالقيادات الميدانية فهذه القيادات تتحمل اصعب واعقد مهمة نضالية لأنها تعمل في اصعب واعقد اشكال النشاط, و يمكن تشبيه هذا النشاط بالحروب السياسية والطبقية في ظرف او مرحلة تأريخية ما . لذا فأن هؤلاء النشطاء لا بد ان يكونوا متسلحين بالعديد من المستلزمات ,وما يطلق عليها بالسمات او المميزات 
اذن من اهم سمات هذه القيادات
أولاً : هو ان تشعر الجماهير ان هذه القيادات التي تعيش معها هي قياداتها  الصادقة المعروفه من قبلها المدافعة عن مصالحها وحقوقها وحاجاتها وحرياتها , وان هؤلاء النشطاء لا بد من ان يكونوا قادرين على فهم مشاكل الجماهير . لغرض بلورتها الى فعل مطلبي
ثانياً : ان هؤلاء النشطاء التي تتطلب المهمه الصعبة المناطة بهم  ان يكونوا قبل غيرهم يعرفون الحقيقة ويعرفون سبب الفساد والخراب واضطهاد الجماهير واستغلالها وحرمانها من حقوقها وحرياتها لذا هم من ينقل الحقيقة للجماهير وطرحها بلغة سياسية سهله تفهمها الجماهير
ثالثاً : ان كان فن الخطابة كسلاح ضروري يكون من المفيد ان يمتلكه الناشط في ميدان العمل الجماهيري فلا بد ان يرافق ذلك وجود امكانيات ثقافية وفكرية لأن مثل هؤلاء النشطاء هم من يقودون الجماهير نحو التغيير الديمقراطي وتحقيق العيش الكريم والحياة الحرة بلا شك لا بد وان يتمتعوا بمعنويات عالية ويمتلكوا المبادرة وان تكون لهم ثقة بالتغيير وبالمستقبل  . وواثقون بقدراتهم ومهمتهم الصعبه وبهذا فأن مثل هؤلاء النشطاء التي ستثق بهم الجماهير بلا شك انهم لا يعرفوا الانكسار والاحباط او لا يهزهم مهرج  او جاهل او انتهازي مصلحي 
رابعاً : ان هؤلاء النشطاء الصادقون لا بد من ان يتمتعوا بالاخلاق العالية ويكون من المفيد لو تمكنوا من فهم واجادة ممارسة الحرب النفسية ارتباطاً بتعقد المهمة النضالية وشراسة القوى المعادية لمصالح الجماهير
  خامساً : بحكم مهمتهم الصعبة فلا بد ان يكونوا موضوعيين في تقييم الامور وفي طرح الحقائق وبعيديين عن الافتراء ويلجؤا الى تحكيم العقل والحكمة دائماً . وان كانت البراعة في فن التحريض مطلوبه فان سرعة البديهية لا بد ان تكون مرافقة في سلوكهم بالشكل الذي تمكنهم من القدرة على تعرية الفساد  وتعبأة الناس وفي الاجابه السريعة على التساؤلات .
اخيراً ان هكذا قيادات ميدانية ومحرضون سياسيون ليس فقط انهم يزرعون الامل بين الجماهير وانما يحصدون نتائج عملهم في اختصار المسافات على الجماهير في تحقيق مطاليبها والمساهمه من خلال الفعل الجماهيري في احداث التوازن في المجتمع واحداث التغيير الديمقراطي لصالح الشعب
الاستنتاجات :
اولاً : ارتباطاً بالعامل الذاتي ومع افتراض ان الحزب هو احد العوامل الذاتية في تفعيل ميدان الجبهة الاجتماعية واستنهاض النشاطات الجماهيرية ,لهذا تقع على عاتق الحزب في هذه الحالة مهمه صعبه : تكمن في ضخ قيادات ميدانية شابه للعمل في هذا الحقل الجماهيري الهام . وبهذا الصدد ما اكدته تجربة الحزب الشيوعي العراقي انه كلما ارتفعت عضوية الحزب من الجيل الثالث جيل الشباب كلما زاد تاثير الحزب السياسي والاجتماعي والثقافي والجماهيري في البلاد ويتسع نفوذه وقاعدته اي ارى ان العلاقة طردية بين الجيل الثالث وزيادته ونمو النشاطات واتساعها , كما  ان الجيل الثالث يقصر المسافات ما بين وضع الخطط والبرامج وتنفيذها من خلال تحويلها الى واقع ملموس في  الممارسة وبهذا فان الجيل الثالث يوفر امكانيات ليس فقط في تنفيذ البرامج والدفاع عن مطاليب الجماهير وتحقيقها وانما في المساهمة في احداث التغيير المطلوب
ثانياً : وبهذا الصدد عن دور العامل الذاتي ارى ان اهم سمة او مؤشر لفاعلية وحيوية الحزب وتأثيره في الحياة السياسية والاجتماعية الجماهيرية في البلاد تكمن ليس فقط في صنع قيادات ميدانية جماهيرية شابه وتفعيل النشاط الجماهيري , وانما في النتاج الفكري لأن النتاج الفكري هو اهم وظيفة للحزب وفي ضخ هذا النتاج الفكري الاشتراكي الانساني الديمقراطي  والقدرة في ايصاله للجماهير لفهمه ولمعرفة طبيعة المرحلة وتعقيداتها .                                                                  ثالثاً : ارى ان الظرف السياسي الذي تمر به البلد الآن رغم خطورته من حيث ازماته وفي هجوم داعش , الا انه يهيئ أرضية ملائمه لأستنهاض النضال الجماهيري , حيث يلاحظ يتبلور الآن وعي لدى غالبية قطاعات المجتمع يتجسد في التالي : في اقتناع الغالبية من الناس بخطرالاصطفافات الطائفية والشحن الطائفي , وقد ادركت هذه الغالبية من الناس ان الطائفية السياسية وقواها السياسية هي وراء أزمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية واسباب غياب الخدمات وغياب الحقوق . وان خلافاتهم وتصارعهم على المصالح الذاتية اسهمت في تهيئة الأرضية لسقوط الموصل بيد داعش وتقدمها لمدن اخرى اضافة لأسباب اخرى  .  كما يلاحظ  ان القوى المتشددة لحد التطرف من الاسلام السياسي والمعادية للديمقراطية , والتي كانت قابضة بيد من حديد على السلطة السياسية بفعل قانون انتخابات لا ديمقراطي .  والتي اسهمت عن قصد في عرقلة نمو النشاطات الجماهيري هي الآن في وضع لا يحسد عليه , ان هذا الوضع الجديد يشكل اليوم عامل مساعد على طريق تفعيل النشاطات الجماهيرية  . وبكل ثقة يحق لي القول ان الحزب الشيوعي العراقي لديه امكانيات تؤهله لأن يلعب مع القوى الاخرى دور فاعل في ميدان جبهة النضال الاجتماعي والسياسي الجماهيري
رابعاً : كما تؤكده الحقائق التاريخية ايضاً  ان من اهم المهام لتهيئة مستلزمات تفعيل العمل الجماهيري , هو التنسيق  والتعاون والعمل المشترك على صعيد الجبهة الاجتماعية بين الحزب الشيوعي العراقي وكل قوى اليسار والديمقراطية في البلاد ومعهم منظمات المجتمع المدني واتحاد نقابات العمال  .                                                                                            خامساً : بلا شك ان تفعيل ميدان النشاطات الجماهيرية يحتاج الى وسائل اعلام جماهيرية والى امكانيات مالية والى تطوير آليات العمل , وتطوير التاكتيكات بما فيها التحالفات وتوسعها باتجاه قوى اليسار والديمقراطية 
  26-1-2015 
                                                                                                             


49
استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار
والبحث عن المصالح
(4-4)
فلاح علي
4- من ناحية تقديم الدعم للمعارضة المعتدلة :

ورد في الاستراتيجية الامريكية فقرة تشير الى تقديم المساعدات والدعم للمعارضة المعتدلة للنظام في سورية , وبهذا الخصوص تم الاتفاق في مؤتمر جدة لدول التحالف بتدريب ما يقارب 4 الى 5 ألف مقاتل في السعودية ويتوقع ان يرتفع العدد الى 10 الف مقاتل ورصد لهم الكونغرس الامريكي 500 مليون دولار . ونقلت وكالات انباء ان تركيا تريد تدريب 2 ألف مقاتل على اراضيها او في المنطقة الآمنة التي تطالب بأقامتها . ان كل من يطلع على هذه الفقرة الواردة في الاستراتيجية الامريكية, والاجراءات والآليات العملية المعلنه من قبل دول التحالف لتنفيذها تثار لديه عدد من التساؤلات منها :
1-الا يعتبر هذا العمل ارهاباً دولياً لا سيما و ان هذه الدول تساهم في خرق القانون الدولي فتقوم بتدريب وتسليح وتأهيل وتقديم الدعم العسكري واللوجستي والمالي والاعلامي لمجاميع معارضة وتزجهم للداخل السوري لأسقاط النظام لدولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الامم المتحدة ؟
2- هل ان محاربة داعش تمر من خلال اسقاط النظام في سورية  ؟
3- ماهي معايير المعارضة المعتدلة المدعومة من دول والمضمونة الولاء لها ؟
4-من يضمن ان المقاتلين الذين سيتم تدريبهم لم يكون من بينهم من جبهة النصرة اوالجبهة الاسلامية او من داعش ؟
5- هل ان الولايات المتحدة وحلفائها الاقليمييون يفكرون في انتاج ماركة جديدة من داعش اكثر اجراماً وفتكاً وتدميراً وارهاباً من داعش الحالية لتسويق اجندتهم الاخرى الغير معلنه  لأن داعش الحالية انكشفت مهمتها وان دورها على وشك الانتهاء؟
6- هل ان النظام في سورية هو اكثر خطراً على مصالحهم ومصالح شعوب منطقة الشرق الاوسط من داعش ومن مخططات اسرائيل العدوانية ؟
هذه تساؤلات مشروعة وهناك العديد من التساؤلات التي تؤشر الى عدم وضوح في اهداف الاستراتيجية الامريكية .
هل ستقلب المعارضة المعتدلة الطاولة بوجة امريكا وحلفائها من صانعي داعش؟
1- بسبب العنف المسلح وبفعل التدخل الخارجي الاقليمي والدولي في الشأن الداخلي تعرضت سورية تقريباً للدمار الشامل ولا توجد بنى تحتية في كافة المجالات  , وتعرض الشعب السوري الى مآسي يصعب وصفها من ( ضحايا وشهداء وفقدان اهل وابناء وجرحى وسجون ومعتقلات وتعذيب ومرض وجوع وحرمان وتهجير ولجوء في مخيمات دول الجوار ... الخ ) ورافق ذلك مزايدات ومتاجرة وابتزاز بقضايا الشعب السوري من قبل هذه الدول التي لها مصالح واجندات اقليمية ودولية والتي أوصلت الازمة السورية الى طريق مسدود  بفعل مصالحها واجنداتها .
2- في ظل هذا الدمار الذي تعرضت له سورية وفداحة مآسي الشعب السوري وفي ظل استمرار التدخل الاقليمي والدولي وصراع المصالح الاقليمية والدولية , وفي ظل هيمنة وبسط نفوذ الاسلام السياسي المتطرف كجبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجند الاسلام وداعش وتمددها في سورية والعراق . انطلاقاً من ذلك ان مصالح سورية وشعبها تفرض في هذا الظرف الخطير على المعارضة المعتدلة المسلحة ان تتخذ موقفاً يسجل لها تأريخياً لتغيير التوازن الداخلي في سورية لصالح الشعب وتقلب الطاولة بوجه امريكا وحلفائها الاقليميون ولتجنب سورية وشعبها من شرورهم وشرور ادواتهم المحلية ارهابيو داعش وأخواتها .
اذن ما هو المطلوب من القوى المسلحة المعتدلة اتخاذه :
انطلاقا مما ذكر اعلاه ارى المطلوب من المعارضة المسلحة ان تحكم عقلها الوطني في اطلاق مبادرة وطنية سياسية تتبنى فيها موقفاً يكمن في الاعلان على تبني الحل السلمي للأزمة السياسية و استعدادها للحوار مع النظام السوري باشراف الامم المتحدة . ارى ان هذه المبادرة ان اطلقت من قبل القوى المسلحة المعتدلة في هذا الظرف الخطير بالذات ستفرض على النظام القبول بها وستدفعه للموافقة على اعلان هدنة ووقف العمليات العسكرية فيما بينهما . واعلان موافقته على الحوار لا سيما وان الحرب انهكت النظام وأنتجت مآسي للشعب ودمار للوطن وستشجع اطراف دولية واقليمية محايدة للعمل على انجاح الحوار السلمي من خلال الامم المتحدة . اضافة الى ذلك ان خطوة المعارضة المعتدلة المسلحة للحوار سوف يدعمها ويساندها الشعب السوري بكافة قواه الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية والمستقلة وكافة طبقاتة وفئاتة الاجتماعية, وارى انه مجرد الاعلان عن المبادرة سيظهر ظرف جديد داخلي سوري على الارض يرتكز لقاعدة جماهيرية شعبية واسعة ويحمل ديناميكيات الضغط والتأثير على الحكومة لاجبارها على  نبذ العنف والدفع باتجاه  تهيئة مستلزمات انجاح الحوار الداخلي من اجل ايجاد حل سلمي للازمة السياسية واجراء التغيير الديمقراطي الذي يناضل من اجله الشعب السوري . وبلا شك  يوجد في صفوف المعارضة المسلحة منها من بينهم من يفكر بالحوار . ان تبني اسلوب الحوار والحل السلمي الداخلي سوف يسجله التاريخ موقفاً وطنياً بامتياز للمعارضة المسلحة المعتدلة في هذا الظرف بالذات, لتبنيها الآليات النضالية السلمية الوطنية المشروعة قانونيا .
القضاء على داعش لا يتحقق بالأستراتيجية الامريكية وتحالفها الحالي فقط :
يلاحظ على الارض رغم مرور اكثر من شهريين على بدأ تنفيذ الاستراتيجية الامريكية لمواجهة داعش من خلال القصف الجوي في سورية والعراق الا ان داعش  لاتزال تسيطرعلى العديد من المدن وتشكل خطر على مدن اخرى ومستمرة في هجماتها في مناطق عدة وعلى سبيل المثال على كوبوني ومحافظة الرمادي رغم دحرها وانكسارها في جرف الصخر وزمار وربيعة وسلمان بيك ... الخ . وبالعودة للمرحلة الاولى لمحاربة القاعدة في افغانستان وضعت امريكا استراتيجية لمحاربة الارهاب بعد احداث 11/ ايلول 2001  حيث رافقتها حملات واسعة ومتنوعة عسكرية وسياسية واعلامية ودبلوماسية  ومالية .....الخ . ولكن في النتيجة اكتفت الاستراتيجية لاحقاً بملاحق وقتل اسامة ابن لادن وكأنه هذا هو هدف الاستراتيجية بأغتيال الرئيس لهذا التنظيم . اما التنظيم الارهابي المسمى القاعدة فقد تكاثر وتوسع وها هي بنات القاعدة المجموعات الارهابية داعش واخواتها ينتشرن بشكل غريب في منطقة الشرق الاوسط ومناطق اخرى . وارتباطاً بالاستراتيجية الحالية لمحاربة داعش اعلنت امريكا ان محاربتها تستغرق عدة سنوات وهذا مؤشرعلى ان الاستراتيجية الامريكية لمحاربة الارهاب تعتمد على اسلوب او آلية الاستنزاف الطويل المدى , وهذا من اهم ثغرات الاستراتيجية لأنها ليس لديها هدف بالقضاء على داعش وهنا يكمن عقم الاستراتيجية .
الاستنتاجات :
1-لايمكن القضاء على داعش بالوسائل العسكرية فقط  , فلا بد من العمل على القضاء على آيدلوجيتها وتجفيف المنابع الفكرية لها وانهاء الدعم المالي والامدادات الاخرى , ويلاحظ هذا التوجه غير وارد في الاستراتيجية الامريكية الى الآن الا اذا حصل تعديل لاحق على الاستراتيجية وتطويرها باتجاه امتلاكها لكل مستلزمات المعركة ضد داعش والقضاء عليها  .
2- لمحاربة داعش وكل الحركات الارهابية لا بد من تشكيل تحالف دولي حقيقي , تكون فيه شراكة ما بين الامم المتحدة المتمثله في مجلس الامن والمجتمع الدولي وشعوب البلدان وحكوماتها التي تتعرض للارهاب , وعلى ضوء ذلك لا بد من وضع استراتيجية ذات طبيعة كونية تتوفر فيها كل الوسائل و المستلزمات المادية لمحاربة الارهاب , وترتكز على استمرار الصراع مع القوى الارهابية بكل الوسائل لأجل القضاء عليها , وان لايتم تقييد الاستراتيجية في بلد واحد او بلديين كالعراق وسورية اي ان تكون ذات طبيعة كونية على الصعيد العالمي فهي تهم مصالح كل الدول وكل شعوب العالم .
2- لا بد من حل ازمات كل بلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية .
3- لا يمكن القضاء على الارهاب الا باجراء اصلاحات ديمقراطية واعتماد مبدأ المواطنة والقيام بمصالحات وطنية داخلية وتوطيد الجبهات الداخلية للبلدان وتعزيز الوحدة الوطنية وانهاء المنابع الفكرية والمالية والحاضنات الاجتماعية للتنظيمات الارهابية , بانهاء الطائفية السياسية وخطابها السياسي المدمر للنسيح الاجتماعي وللوحدة الوطنية ,  وانهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية في العراق .
4- كما يتطلب القضاء على ظاهرة داعش وكل القوى الارهابية المتطرفة هو بالاعتماد على القوى الداخلية الوطنية المتمثله في القوات المسلحة والاجهزة الامنية ومتطوعي الشعب ودعم هذا الجهد الوطني القادر على دحر داعش . مع تواصل الدعم الدولي المتمثل بالمساعدات الاستخباراتية والقصف الجوي والاستشارة والتدريب والتسليح .
5-  وما تؤكده تجارب الشعوب في محاربة الارهاب انه يشترط في هذا الجهد الوطني هو تخليصة من رؤيتيين الاولى هو عدم التفكير باستخدام قوات برية اجنبية لأنها تساعد على نمو التطرف ولا تقضي على الارهاب اضافة الى انها تعد انتهاك للسيادة الوطنية. والثانية هو تخليص هذا الجهد الوطني من  تواجد الميليشيات معه لأن الميليشيات هي اصلاً خارج القانون , وانها تنشأ وتنمو في الفوضى والتطرف وغياب القانون فهي بنفس الوقت تثير الشحن الطائفي , وبهذا فهي لا تساعد على القضاء على الارهاب وان اسهمت بتحرير قضاء او ناحية فأنها غير قادرة على انهاء ظاهرة التطرف والارهاب .و من اجل تعزيز السلم الاهلي ينتظر الشعب من الحكومة الجديدة اتخاذ قرارعاجل بحل جميع الميليشيات وايجاد فرص عمل لمنتسبيها . واعادة هيكلة القوات العسكرية على اسس الكفائة والمهنية والوطنية .
6- اعلان الولايات المتحدة الامريكية ان محاربة داعش تستغرق فترة زمنية طويلة , هذا هو احد المواقف الغير واضحة في الاستراتيجية الامريكية ويثير الكثير من التكهنات المشروعة منها  : هل ان امريكا من استراتيجيتها هذه تهدف الى استنزاف داعش ام استنزاف النظام في سورية ؟ تمهيداً لأضعافة وبالتالي يسهل اسقاطة من وجهة النظر الامريكية وحلفائها الاقليميون ارتباطاً بفقرة تقديم الدعم للمعارضة المسلحة المعتدله . ام انها تهدف على المدى البعيد لتهيئة مستلزمات وضع خارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط , من خلال تفردها بمحاربة داعش والحركات الارهابية الاخرى ومسكها بهذه الورقة لتنفيذ اجنداتها ومصالحها ومصالح حلفائها ومنهم اسرائيل وعلى حساب مصالح الشعوب والاوطان . ومع هذا تبقى الاجندات الامريكية غير سهلة التحقيق في منطقة الشرق الاوسط ومناطق اخرى من العالم بسبب التوازنات الدولية والاقليمية الجديدة .
4-11-2014



50

استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار
والبحث عن المصالح
(3-4)
فلاح علي
الدور السعودي والقطري :
منذ عدة عقود والى الآن لم تخرج السعودية وقطركدول ممولة وداعمة لحركات التطرف الاسلامي عن الخط العام للسياسة الامريكية ووضعت هاتين الدولتيين موارد الشعبيين السعودي والقطري وامكانياتهما كدولتيين ونفوذهما السياسي والاقتصادي والديني وموقعهما الجغرافي في المنطقة في خدمة مصالح امريكا واستراتيجياتها  . وهما الحليفان الثابتان للولايات المتحدة , من هذا يستنتج ان الدعم  الذي تقدمه هذه الدول ومعهما تركيا لقوى التطرف الاسلامي  كجبهة النصرة والجبهة الاسلامية  , انه ليس مخفي على الولايات المتحدة الامريكية , فهو اما بضوء اخضر منها او انها تغض الطرف عن ادوارهما في دعم القوى المتطرفة ومنها داعش . ان هاتيين الدولتيين كان لهما دور مباشر في التدخل في الازمة السياسية في سورية وتعقيدها هذا اولاً وثانياً دخلا في صراع اقليمي مع ايران لأضعاف دورها ونفوذها في عدد من الدول. اسهم هذا الصراع الاقليمي في تعقيد الاوضاع الداخلية لهذه الدول ارى ان هدف هذين الدولتين في التدخل في الازمة السورية وفي الشؤون الداخلية لعدد من الدول يكمن في :
1-لوعدنا قليلاً لبضع سنوات الى فترة الربيع العربي  حيث لمست جميع شعوب الشرق الاوسط  وطبقاتها وشرائحها الاجتماعية وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية واللليبرالية كيف ان هاتين الدولتيين قد تواطئت ومعهما تركيا في تقديم الدعم المباشر لحركات الاخوان المسلمين وكل المجموعات الاسلامية المتطرفة حتى ما يسمى الجهادية منها لغرض عرفته شعوب المنطقة وهو قطف ثمار ثورات الربيع العربي وتخريبها وتغيير اهدافها في التغيير الديمقراطي خوفاً من اقتراب هذه الثورات من حدودهما والتأثير على اوضاعهما الداخلية . وهذا بلا شك بتنسيق مع الولايات المتحدة الامريكية حيث تحالفت هي الاخرى مع حركات الاخوان المسلمين خلال حقبة الربيع العربي لضمان سلامة مصالحها في المنطقة .
2- ثم كان لهم دور آخر وهو بعد ان بدأ الحراك الجماهيري الشعبي في سورية الذي كان يهدف الى التغيير الديمقراطي السلمي , اصبح لهذه الدول ومعهما تركيا هدف مشترك هو تغيير مسار الحراك الشعبي في سورية بأتجاه العنف واستخدام السلاح فجاء تدخلهما في سورية الواضح منذ بدأ الثورة السلمية فيها الى الآن واصبح لهم هدف مشترك وهو تدمير الدولة في سورية واسقاط النظام فيها من خلال القوة العسكرية او التدخل العسكري وكأن النظام في سورية اكثر خطورة على مصالحهما ومصالح الشعوب العربية من نظام الاحتلال الاسرائيلي او من خطر داعش , لا سيما وان قادة هاتيين الدولتيين ومعهما تركيا يدركان تماماً ان تغيير الحراك الجماهيري الشعبي السلمي في سورية الى مسار العنف والسلاح والتدخل العسكري هولايخدم مصالح الشعب السوري وسورية كوطن وشعوب المنطقة وانما يخدم مصالح اسرائيل والولايات المتحدة وينتج مجموعات من الاسلام السياسي متطرفة وارهابية  .
3- لا يقتصر تحالفهما على أسقاط النظام في سورية بالعنف والقوة العسكرية و انما امتد وتوسع ايضاً لأضعاف النفوذ الايراني في لبنان وسورية والعراق وفي الخليج . ودخلا في صراع اقليمي مع ايران ارى ان هذا الصراع يأتي ايضاً من منطلق قناعاتهما ان لأيران استراتيجية التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة عربية او غير عربية في المنطقة. لهذا فهما في المقابل خاضا صراعاً طائفياً حاداً مع ايران من خلال أدوات محلية , وهذا الصراع الاقليمي الطائفي كون حاضنات اجتماعية للتطرف والارهاب . بهذا الصراع تم تغذية الارهاب بالمال والسلاح والاعلام والدعم اللوجستي واسهم هذا الصراع الاقليمي في انتاج داعش واخواتها . ولكن الغريب في الامر ان هذه الدول في الاستراتيجية الامريكية الحالية اصبحا من ضمن دول التحالف لمحاربة القوى الارهابية  . ارى من وجهة نظري ان انضمام هاتين الدولتيين للتحالف ومعهما تركيا لمواجهة داعش هو مرده احد الاحتمالات : اما بضغط امريكي هذا اولاً او بعد اعلان داعش دولة الخلافة الاسلامية هذا ثانياً, وبهذا ادرك حكام السعودية وقطر ان امامهم خطر داهم , ان يختاروا واحداً من اثنين اما مبايعة الخليفة ابو بكر البغدادي او ان نيران داعش ستوجه نحوهم لأن داعش ليس لها حليف من هذا جاء انضمامهم شكلياً للتحالف ودورهم محدود وثانوي , او انضمامهم جاء بسبب ان لديهم حسابات واجندات ومصالح ويبحثون عن ادوار في المنطقة لاحقاً من خلال الاستفادة من تجارة محاربة داعش هذا ثالثاً .
الدور الامريكي :
1-شعوب العالم وقواها السياسية تدرك تماماً ان الولايات المتحدة الامريكية غير جادة بالقضاء على الارهاب وتجفيف منابعة الفكرية والمالية ... الخ وانما هي تقوم بدور المسك بورقة محاربة الارهاب لتمرير مصالحها .وهذا ما أكدته التجربة التاريخية مع القاعدة فلو عدنا قليلاً الى الوراء في فترة الحرب الباردة الوقائع اكدت ان الاستراتيجية الامريكية لمحاربة الاتحاد السوفياتي دفعها لتبني خطط عملية لصناعة مجموعات متطرفة لمحاربة السوفيات في هذا البلد او ذاك ومنها افغانستان , فأسهمت امريكا  لتحقيق هذا الهدف في صناعة القاعدة في افغانستان لمحاربة القوات السوفياتية في افغانستان بعد اجتياحه من قبل هذه القوات , وهكذا تكونت الشراكة بين الولايات المتحدة والمجاميع المتطرفة / القاعدة ومعهما بعض الحلفاء آنذاك مثل السعودية وقطر وغيرهما من البلدان الذين اسهموا في تصدير الارهابيين وفكرهم وتقديم الدعم المالي لهم . لهذا منذ احداث 11/ ايلول 2001 الى الآن يشهد العالم على فشل الاستراتيجيات الامريكية في محاربة الارهاب , ان هذه الاستراتيجيات تضعف القوى الارهابية ولكن لم تقضي عليها وذلك ارتباطاً بحسابات امريكية .
2- على ضوء الازمة السياسية في سورية تؤكد الوقائع ان لأمريكا دور غير مباشر في دعم التطرف , وفي صناعة داعش . وان كان من مثال ملموس على ذلك هو التالي : في عام 2012  تم فتح معسكرات لتدريب المعارضيين السوريين في الاردن من قبل القوات الامريكية وتم تدريبهم تدريباً خاصاً مهنياً متطوراً على ايدي خبراء امريكان , وتم تجهيزهم باحدث الاسلحة واشارت تقارير اعلامية ان غالبية هؤلاء الذين تم تدريبهم قد انضموا الى داعش لاحقاً وتركوا الجيش الحر .
3- وبالنسبه لمصادر تمويل داعش يلاحظ على المواقف الامريكية منذ  ان سيطرت داعش على مدينة الرقة الى اليوم , لم تتخذ الولايات المتحدة الامريكية اي اجراء قانوني سواء ضد تحويلات وارصدة اموال داعش او تجفيف مصادر تمويلها , والسبب في عدم اتخاذ اجراء للحد من وصول الاموال الى داعش يعود من وجهة نظري الى ان هذه الاموال لا تمس المصالح الامريكية , وانما تخدم مصالحها في منطقة الشرق الاوسط لاسيما وان امريكا كانت مع التغيير العسكري للنظام في سورية لهذا كانت تغض النظر عن تحويلات الاموال للقوى المتطرفة المسلحة ومنها داعش . رغم ان هذه الاموال تستخدم لتجنيد متطوعيين من اوربا مع داعش .
4- داعش تقاتل بأسلحة امريكية متطوره حصلت عليها بعد ارسالها عبر تركيا للجيش الحر , وحصلت داعش على الاسلحة الامريكية من الجيش العراقي عند سيطرتها على مدينة الموصل ومناطق اخرى من العراق . وتذكر بعض التقارير ان داعش تمتلك تكنولوجيا امريكية للاتصالات والتشويش على اتصالات جيوش تحاربها كالجيش العراقي . كما ان امريكا لم تفي بوعودها مع العراق حيث لم تسلم للحكومة العراقية طائرات F16 حسب العقد المبرم مع الحكومة .
5- لقد خلقت حروب امريكا في العراق وافغانستان ويوغسلافيا وليبيا والصومال, اضافة الى ازمات الشرق الاوسط المستعصية التي لأمريكا طرف فيها مثل دعم الاحتلال الاسرائيلي وعدم الحل السلمي لللقضية الفلسطينية واعطاء الحقوق للشعب الفلسطيني في اقامة دولته الوطنية والملف النووي الايراني والازمة السياسية في سورية والعراق وهزيمة الاخوان المسلمين في مصر وتونس..... الخ انتجت هذه المواقف جميعهاعالم اقل استقراراً , وسيطر وتوسع فيه الارهابيون الاسلاميون على مناطق واسعة من الشرق الاوسط وتمتد الى شمال افريقيا وصولاً الى الباكستان وحدود روسيا والصين .
6- وارتباطاً بأحتلال العراق أيقن شعبنا تماماً ان المستفيد من الاحتلال الامريكي للعراق هي قوى الاسلام السياسي  حيث هيمنت قواها على السلطة, وبفعل نظام المحاصصة والصراع الحاد على المصالح الفئوية انتج لنا صراع طائفي وتمت المضايقة على الحريات وتهميش الديمقراطية وسيادة الخطاب السياسي الطائفي ..... الخ .هذا ساعد على تشكيل حواضن اجتماعية للتطرف الديني والطائفي , بهذه الحواضن تمددت داعش من سوريه الى العراق وسيطرت على الموصل ومناطق اخرى في العراق .
7- ومع تمدد داعش الآن كل المعطيات تؤكد ان الولايات المتحدة الامريكية تأخذ بنظر الاعتبار موقف تركيا المهادن لداعش  , ان الولايات المتحدة تدرك تماماً ان ارهابيي داعش لا يزالون يعبرون من الحدود التركية  وان هنالك تنسيق بين داعش والحكومة التركية, وان تركيا مستفادة من داعش , ليس فقط لهدف الاطاحة بالنظام في سورية واستمرار تمددها في العراق , وانما لتقوية مركزها ونفوذها الاقليمي تحسباً لأي تغيير في خارطة الشرق الاوسط , ولأضعاف اكراد سورية  والعراق , وهذا  يساعدها  على اضعاف  نفوذ حزب العمال التركي , من هذا اكدت التجربة التاريخية لمواجهة الارهاب ان الاستراتيجيات الامريكية لا تقضي على الارهاب وان الاستراتيجية الحالية هي من وجهة نظري عقيمة في محاربة الارهاب ايضاً وفيها اجندات وحسابات امريكية لخدمة مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط ومناطق اخرى  .
(يتبع)
28-10-2014


51
استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار
والبحث عن المصالح
(2-3)
فلاح علي
3- من ناحية تناقض الادوار :
المعطيات تؤكد ان داعش ليس لها عمق استراتيجي لا في سورية ولا في العراق, العمق الاستراتيجي هو للشعوب وقواها الوطنية والديمقراطية واليسارية , اما داعش فأن امكانياتها وقدراتها محدودة تنحصر في مجاميع من الارهابيين المجرميين . اذن السؤال هو من أين جاءت لها هذه القوة والقدرة على التمدد والتوسع والاستيلاء على مدن ؟ الواقع يؤكد ان قوتها تكمن في بعدها الاقليمي والدولي والدعم المتنوع الذي تحصل عليه من هذه الدول الاقليمية . لهذا رغم القصف الجوي ان داعش تتمدد في العراق وفي سورية . ان الغموض في اهداف الاستراتيجية والتناقض في أدوار بعض دول التحالف يشكلان قيود عملية واقعية تحد من امكانية فاعلية ونجاح الاستراتيجية , فليس غريباً عندما صرح الرئيس اوباما ومسؤوليين امريكيين ان الحرب على داعش مفتوحة ومطولة , وبالعودة الى تناقض الادوار ان شعوب منطقة الشرق الاوسط تدرك تماماُ ان بعض دول التحالف كان لها ادوار خلال الازمة السورية , في دعم القوى المتطرفة بما فيها داعش بكل الوسائل من الدعم المالي واللوجستي  وتسهيل مرور الأرهابيين وكأن هذه الدول كان لها وظيفة دعم الحركات المتطرفة, فهي ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر بصناعة ظاهرة داعش وبلا شك قد نسقت معها . ان الادوار التي قامت بها بعض دول التحالف في دعم الحركات المتطرفة ومنها داعش  يضعها في خانة الاتهام في دعم الارهاب . اذن كيف يتوقع منها الآن القيام بدور مصطنع في محاربة داعش ؟ فما هي الادوار المعلنه لبعض الدول  في دعم الحركات المتطرفة ومنها داعش :
دور تركيا في دعم داعش والتنسيق معها :
تركيا خلال فترة الازمة السورية ومن خلال دورها في دعم التطرف لأسقاط النظام في سورية بالوسائل العسكرية فرض عليها هذا الدور في ان تكون القاعدة اللوجستية المضمونة للحركات المتطرفة مثل جبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجند الاسلام وداعش , حيث في تركيا يتجمع مرتزقة ومجرمي هذه الحركات الارهابية المتطرفة القادمون من الخليج و المغرب العربي واوربا ومنها يدخل هؤلاء المجرمون الى سورية وتؤكد تقارير نقلتها وكالات انباء دخل من الحدود التركية الى سورية عشرات الآلاف من المتطوعيين في حركات الاجرام الارهابية ومنها داعش , ومن تركيا ايضاً تدخل الاسلحة والمعدات والمساعدات المالية القادمة من قطر والسعودية عبر تركيا , ان اللوجستية التركية هي الاساس في نمو قوة الحركات الارهابية ومنها داعش  في سورية وتمددها الى العراق . حتى ان هذا الدعم اللوجستي والتنسيق ما بين تركيا والارهابيين اصبح علنياً  .
 اطرح سؤال مشروع بصدد التنسيق ما بين داعش وتركيا : الكل يعلم ان داعش دمرت الآثار والاضرحة في سورية في المناطق التي سيطرت عليها بحجة انها مخالفة للشريعة الاسلامية ومنها ضريح عمار ابن ياسر في مدينة الرقة . اذن السؤال هو التالي : لماذا أبقت داعش على ضريح سليمان شاه ولم تدمره ؟ الموجود في ريف الرقة بأتجاه حلب ويقال انه جد مؤسس الدولة العثمانية . هل يعقل ان هذا الضريح لوحده لا يخالف الشريعة الاسلامية والاضرحة الاخرى والآثار تخالف الشريعة من رؤية داعش ؟ الجواب اليقين ان ابقاء الضريح هو نتيجة اتفاق وتنسيق ما بين داعش والحكومة التركية , ويقال ان هنالك حراس اتراك على الضريح في المنطقة التي تسيطر عليها داعش . اذن كيف تسمح داعش لهؤلاء الجنود في البقاء في منطقة تسيطر عليها ؟ هذه هي احد تجليات التنسيق ما بين داعش والحكومة التركية . وتناقلت وكالات الانباء اخبار عن ان جرحى داعش يعالجون في المستشفيات التركية مثلما يتعالج جرحى جبهة النصرة في المستشفيات الاسرائيلية . كما تؤكد وكالات الانباء ان النفط السوري تصدره داعش الى تركيا وتشترية تركيا من داعش باسعار بخيسه وبهذا ان تركيا تسهم في تمويل داعش . حتى نفط الموصل الذي سيطرت عليه داعش يباع في تركيا . وعندما سقطت الموصل على يد داعش لم يصدر اي بيان ادانة واستنكار من تركيا , لا بل عقدت تركيا صفقة مع داعش لأطلاق سراح 49 من رعاياها تم احتجازهم من قبل داعش في القنصلية التركية في الموصل . كما نقلت وكالات الانباء تصريحات لمسؤوليين اكراد عراقيين رفضت تركيا تقديم الدعم العسكري بناء على طلب حكومة اقليم كوردستان لمواجهة داعش . كما رفضت تركيا في البداية الانضمام للتحالف الدولي الرفض كان في مؤتمر جده ولكن نقلت وكالات الانباء انها وافقت لاحقاً في اجتماع الناتو المنعقد في مقاطعة ويلز في4 و5 ايلول 2014  كونها عضو في الناتو ومورس بلا شك ضغط عليها ,وحتى عندما وافقت على دخول التحالف يبدو انه موقف تاكتيكي يشوبه الغموض وعدم الوضوح , بسبب انها تهدف الى ابتزاز التحالف الدولي انها تطالب بمنطقة آمنه على حدودها ولم تكن مندفعة لمحاربة داعش . وتؤكد كثير من التقارير التي تنقلها وكالات انباء انه الى الآن لا تزال تركيا فاتحة حدودها لعبور داعش ومقاتليها الى الاراضي السورية مع استمرارتدفق المساعدات لهم بما فيها الللوجستية والمالية.
حسابات غير واضحة الاهداف لتركيا ولا تخلو من الخطورة  :
ان تركيا رغم عدم الوضوح في دورها ما بين داعم لداعش وكونها مطالبة بدخول التحالف ضدها نجدها ان لها حسابات تريد فرضها في دخولها للتحالف فهي عملت وتعمل على :
1-اسقاط النظام في سورية بالقوة العسكرية , وكأن النظام السوري يهدد مصالح الامن القومي التركي اكثر من جبهة النصرة وداعش والجبهة الاسلامية التابعة للسعودية . رغم ان تصريحات اوباما الاخيرة انه مع الحل السلمي للازمة السورية , وهذا التصريح هو احد المؤشرات العديدة التي تشير الى تراجع واشنطن عن اسقاط النظام السوري بالقوة العسكرية ودعوتها لأقامة حل سلمي للازمة السورية ومعها حلفائها الغربيون , لكن تركيا رغم تمدد داعش في العراق وسورية وبدأ معركة كوبوني يلاحظ انها  لاتزال تعطي أولوية لأسقاط النظام السوري على حساب تمدد داعش وعدم مساعدة أهالي بلدة كوبوني والمقاتلين الاكراد لغرض تمكينهم من الصمود  لدحر هجوم داعش .
2- لا يفهم مطلب تركيا الغامض في هذا الظرف بأقامة منطقة آمنة على حدودها وكأنها وضعته شرط لدخول التحالف . لماذا تطالب تركيا في هذا الظرف بأقامة منطقة آمنه على حدودها مع سورية ؟ او ما هي حسابات تركيا من اقامة المنطقة الآمنة ؟ بلا شك في حسابات تركيا اهداف استراتيجية من المنطقة الآمنه رغم ان تركيا تدرك تماماً ان هكذا منطقة آمنه لا يمكن اقامتها الا بقرار من مجلس الامن , لأنها تتعارض وميثاق الامم المتحدة . ولا اعرف هل ان تركيا تريد فرض المنطقة الآمنة بالقوة رغم معارضة روسيا والصين كأعضاء في مجلس الامن اضافة الى معارضة ايران وسورية ؟ ارى في ظل توازن القوى لم يكن بمقدور امريكا وحلف الناتو اقامة هذه المنطقة الآمنة بدون قرار من مجلس الامن . هل ان مطالبة تركيا بالمنطقة الآمنة هو ابتزاز سياسي لتحقيق اجندات واهداف لا تخلو من الخطورة على سيادة واستقلال سورية ؟ هل ان تركيا تهدف من المنطقة الآمنه لغرض اقامة معسكرات فيها لتدريب ما يسمى القوى المعتدلة المعادية للنظام السوري ؟ ام انها تهدف الى اعادة توطين ما يقارب من مليون لاجئ سوري في هذه المنطقة ؟ ام لغرض السيطرة على المناطق الكوردية السورية المحاذية لحدودها لأنها تخشى منهم كقوة مسلحة وتخشى من تنسيقهم مع حزب العمال التركي ؟ وتبقى وجهة تركيا للمطالبة بالمنطقة الآمنه لا تلتقي وصدق التوجه مع استراتيجية محاربة داعش .
3- في هذا الظرف الخطير لتمدد داعش في العراق وسورية وبدأ هجوم داعش في منطقة كوبوني لأستباحتها اتخذ البرلمان التركي قرار خطير بالموافقة على مذكرة الحكومة التركية بالسماح لها بأعطاء أوامر للجيش بشن عمليات عسكرية في سورية والعراق . هنا يطرح سؤال ماهي حسابات تركيا من هذا القرار الغير واضح الاهداف ؟ انه قرارغامض ويزيد من خطورة الاوضاع المعقدة في منطقة الشرق الاوسط . والشيئ الغريب في القرار موافقة البرلمان السماح لقوات اجنبية بالتواجد على الاراضي التركية المقصود هنا بالقوات الامريكية او قوات الناتو . هنالك عدد من الدول نددت بالقرار ورفضته منها ايران وسورية والعراق ونددت به روسيا وهناك دول اخرى لا توافق عليه. هنا  تثار بعض التساؤولات ما هو هدف تركيا من دخول قواتها للأراضي العراقية ؟ هل هو لملاحقة مقاتلي حزب العمال التركي داخل الاراضي العراقية فيما اذا فشلت الهدنه الهشه فيما بينهما لا سيما بعد الأنذار الذي اعطاه عبد الله اوجلان بأنهاء هدنة السلام فيما بينهما اذا سقطت كوبوني ؟ ام ان لتركيا اطماع قديمة بمدينتي الموصل وحلب وهذا احتمال صعب جداً تحقيقة ؟ ام انها ترغب في ان تكون القوة الاقليمية المحورية في منطقة الشرق الاوسط من خلال توظيف ورقة داعش؟ او تعتقد انها ستظهر خارطة جديدة لمنطقة  الشرق الاوسط تكون هي المركز الاقليمي في المنطقة؟ وهذا ايضاً احتمال صعب . وارتباطاً بخشيتها من تحرك حزب العمال التركي يلاحظ ان تركيا حسب ما نقلته وكالات الانباء غير راضية على تسليح امريكا ودول غربية لقوات البيشمركًا العراقية , خشيتها من ذلك هو الخوف من انتقال بعض الاسلحة الى حزب العمال التركي لا سيما اذا فشلت هدنة السلام فيما بينهما , واذا حصل تنسيق وتعاون بين بين حزب العمال التركي و التحالف الديمقراطي لأكراد سورية بعد دحرهم لهجوم داعش وهم قوة كبيرة ومسلحة على حدودها . فهي بلا شك لا تسمح بأن تكون هنالك قوى محلية مسلحة كأكراد سورية واكراد تركيا  قد تعتبره  ذلك خطراً على امنها القومي اكثر من خطر داعش . القرار غامض واهدافه غير واضحة لا سيما ان الظرف الذي تمر به المنطقة خطير جداً .
( يتبع )
17-10-2014   






52
استراتيجية امريكا لمواجهة داعش ما بين غموض الاهداف والادوار
والبحث عن المصالح
(1-2)
فلاح علي
لمواجهة خطر داعش ومشروعها الارهابي الاجرامي الذي يحمل الموت للجميع , والمعادي للاديان والقوميات وللتيارات الفكرية والسياسية ولكل الحضارات وللعلم والمعرفة والثقافة والحقوق والحريات والقيم الانسانية وكل ما هو يتعارض مع آيدلوجيتها الاجرامية , رحب شعبنا العراقي بأي دعم اممي نزيه لتمكينه من مواجهة خطر داعش ولمساعدة وانقاذ المتضررين من اجرامها . جاءت الاستراتيجية الامريكية التي اعلنها الرئيس الامريكي باراك اوباما في 11/ ايلول 2014 لمواجهة الارهاب , وصورها الاعلام انها تصب في هذا الاتجاه وفي الظرف الذي يحتاجة شعبنا لمواجهة ارهاب داعش , وشكلت الولايات المتحدة تحالف دولي من اجل تنفيذ الاستراتيجية لمواجهة داعش . اني هنا لا أقلل من الاستراتيجية ومن دورالتحالف الدولي لمواجهة داعش. ولكن على ضوء قراءتي المعمقة والدقيقة للاستراتيجية المعلنة أثارت لديه العديد من التساؤلات لا سيما بعد معرفة طبيعة التحالف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة , و ما نشاهده  الآن من تطبيقات عملية لها المتمثل بالقصف الجوي , من هذا الاختبار العملي والقراءة المعمقة ذات الرؤية البعيدة للاستراتيجية , يكون بمقدوركل كاتب وباحث وخبير استراتيجي وناشط سياسي بأن يخرج باستنتاجات عن الاستراتيجية الامريكية وعن طبيعة التحالف الذي تشكل لتنفيذها . من وجهة نظري ان دراستي للاستراتيجية ولمعاينتها على الارض ومن طبيعة تحالفاتها أوصلتني الى الاستنتاجات التالية : 
1-وجدت فيها من حيث طبيعة التحالف الدولي والاقليمي لمواجهة الارهاب المتمثل بداعش وجبهة النصرة هنالك تناقض في الادوار حيث بعض دول التحالف اسهمت بشكل مباشر وغير مباشر في دعم جبهة النصرة والتطرف وداعش وظهورها كقوة في المنطقة , وهذه الدول هي نفسها الآن دخلت في تحالف لمحاربة داعش .
2- هنالك عدم وضوح في الاهداف البعيدة لهذه الاستراتيجية , وعدم الوضوح يكمن من خلال رصد سلوك الولايات المتحدة وحلفائها الاقلميين طيلة سنوات الازمة في سورية , ودورهم في تعميق الازمة ونمو الحركات المتطرفة مثل جبهة النصرة والجبهة الاسلامية وجند الاسلام وداعش .
3- وارتباطاً بطبيعة التحالف الدولي نجد ان الولايات المتحدة الامريكية استبعدت دول مهمه في ضمها للتحالف لمحاربة الارهاب ومن هذه الدول هي روسيا والصين وايران وسورية . لهذا جاءت الاستراتيجية محملة بالاجندات الامريكية في المنطقة والمسك بملفاتها , لذا ارى ان القراءة الدقيقة المعمقة للاستراتيجية تؤشر الى ان الولايات المتحدة تهدف من استراتيجيتها هذه الى الاستثمار السياسي لظاهرة داعش  .
4- مضت عدت اسابيع من الاختبارات العملية على الارض للأستراتيجية الامريكية من خلال القصف الجوي لمواقع داعش في العراق وسورية بأستثناء منطقة اربيل , يشاهد العالم اجمع رغم استمرار القصف الجوي الا انه لا يؤثر على تمدد داعش وانتشارها ما بين سورية والعراق حيث تزداد المساحات التي سيطرعليها التنظيم في العراق وهجومها على محافظة الرمادي الآن لغرض السيطرة عليها , وقد يكون توجهها القادم نحو بغداد من خلال عامرية الفوجة وجرف الصخر , فيما اذا تمكنت من السيطرة على الرمادي وهذا احتمال , وعلى الغالب سيكون صعب بالنسبه لداعش وسيتم دحرها في مدينة الرمادي وتطهيرها من هذه العصابات المجرمة , لكن الملاحظ ان داعش الآن في ظل القصف الجوي تتمدد وتهدد مدن في العراق . وعلى الساحة السورية حيث انها تواصل هجومها على مدينة كوبوني الكوردية المحاذية للحدود التركية , والغريب في الامر ان امدادات  داعش في منطقة كوبوني من الارهابيين والدبابات والآليات والمدافع لم تتوقف وصلت اليها من مناطق في سورية مثل الرقة وحلب وغيرهما الى بلدة كوبوني تحت مرأى الاقمار الصناعية لأمريكا ودول التحالف , والاكثر غرابة ان تركيا هي احد دول التحالف وحسب ما نقلت وكالات انباء منعت وصول امدادات عسكرية للمقاتلين الاكراد ربما كانت قادمة من ايران او كوردستان العراق او حزب العمال التركي .
تساؤلات تفرض نفسها على مصداقية الاستراتيجية في محاربة داعش:
هنالك العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام تحوم حول مصداقية الاستراتيجية الامريكية , هل هي حقاً بهذه الاجندة وبهذا التحالف تهدف الى القضاء على داعش وانهائها ام تحجيمها فقط؟ اني ارى ان كل من يقرأ هذه الاستراتيجية بعمق وتمعن , وكل من تابع ادوار دول التحالف الحالي خلال  الازمة السورية تثار لديه عدد من الاسئلة حولها ومن هذه الاسئلة من وجهة نظري هي :
1-من الناحية التاريخية :
ان داعش قد استباحت مدينة الرقة السورية قبل حوالي ثلاث سنوات وقطعت رؤوس مواطنيين علناً في احد ساحات الرقة بالجملة وجلدت البعض امام حشود الجماهير  , وفرضت قوانينها اللاانسانية لقمع وارهاب النساء والشباب ليس فقط في الرقة ولكن في المناطق الاخرى التي سيطرت عليها في ارياف ادلب وحلب والحسكة .... الخ . نجد ان امريكا كانت خلال هذه الفترة الطويلة  تتفرج على جرائم داعش , ولم تحرك ساكناً ولم تصدر بيان ادانة لا هي ولا حلفائها تركيا والسعودية وقطر . ثم بعد ذلك استولت داعش على مدينة الموصل في يوم 10-6- 2014 وتمددت باتجاه تكريت وكركوك والرمادي وديالى وشهد العالم ماقامت به من جرائم بشعة بحق المسيحيين والازيدية والتركمات والاكراد والشبك والعرب في دشت الموصل وسنجار وفي آمرلي والمناطق الاخرى, لم تتحرك امريكا ضد داعش وحلفائها وكانوا متفرجيين وبعضهم لم يصدر بيان ادانة لداعش أوتضامن مع الشعب العراقي .
اذن متى تحركت امريكا ضد داعش ؟
المتابع السياسي يعرف جيداً ان امريكا تحركت عندما حصل حدثيين وهما :
1-الحدث الاول : عندما تقدمت داعش باتجاه اربيل ووصلت مسافة حوالي 30 كم , من وجهة نظري ارى ان الشعب الكوردي والبيشمركًا الابطال قادران على دحر داعش , وبلا شك بالوحدة الوطنية الصلدة وبمشاركة الجيش العراقي والتضامن الاممي النزية .  لكن ارى ان الذي حرك امريكا بشكل سريع ضد داعش هو مصالحها وليس الخوف على الشعب الكوردي من ارهاب واجرام داعش وخطرها على شعوب المنطقة  حيث لأمريكا استثمارات في حقول نفط كوردستان وتوجد شركات نفط امريكية وغربية اضافة الى المئات من رعاياها العامليين في الشركات او في مجالات اخرى ولديها قنصلية اضافة الى رعايا دول غربية اخرى . فهي تحركت للدفاع عن مصالحها ومصالح حلفائها .
2- الحدث الثاني : هو قيام داعش في سورية بقطع رؤوس رهينتيين امريكيتيين ,  هذا الحدث فرض على امريكا التحرك السريع لحماية رعاياها . وأخذت بهذا التحرك ردود الفعل الداخلية لشعبها والخارجية بحكم كونها دولة عظمى لا بد من فرض هيبتها وقوتها .اذن لماذا لم تتحرك امريكا ضد داعش عندما كانت ولا تزال تقطع الرؤوس علناً في احد ساحات الرقة ؟ اليست هذه الجرائم لا تشكل خطر على مصالح امريكا ؟ والتي هي المتاجر الاول في العالم بحقوق الانسان والديمقراطية ومحاربة الارهاب , لماذا لم تصدر حتى بيان ادانة ضدها ؟ونفس الشيئ بالنسبه لبريطانيا تحركت بعد قطع راس مواطن بريطاني رغم موقف البرلمان البريطاني الرافض للاشتراك في الحرب في سورية .
2- من الناحية الجيوسياسية :
لا يخفى على احد بوجود صراع جيوسياسي في منطقة الشرق الاوسط بين اطراف دولية هي روسيا والصين من جانب وبعض الدول وامريكا وبعض دول الناتو من جانب آخر . وما بين دول اقليمية ايران والسعودية وقطر وتركيا وبعض دول المنطقة , وما الازمة السورية واللبنانية والعراقية الا هو تجسيد عملي لهذا الصراع . من هذا نرى ان الاستراتيجية الامريكية لمحاربة داعش استثنت من دخول التحالف عدد من الدول منها روسيا والصين على سبيل المثال وايران وسورية , وهذه الدول هي المعنية بمحاربة الارهاب وهي ايضاً متضرره منه . وهذا الاستبعاد ما يؤكده الواقع من وجهة نظري ان الولايات المتحدة الامريكية وكأنها تريد محاسبة هذه الدول وانها ربطت بين ملف مكافحة الارهاب وملفات اخرى منها ملف الازمة الاوكرانية والازمة السورية وهذا هو احد الاسباب الاساسية لأستبعاد روسيا والصين . وبالنسبه لأيران ان امريكا تعتبر ايران طرف في صراع اقليمي اضافة الى مشروعها النووي . وان استبعاد سورية وهي طرف اساسي في التنسيق معها لمحاربة الارهاب هو الخشية من ان هذا التنسيق يقوي النظام ويحصل على الشرعية من وجهة نظر امريكا وبعض دول التحالف . من هنا تثار علامات استفهام حول الاستراتيجية وواحدة من علامات الاستفهام ان الولايات المتحدة الامريكية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة تحظى باولوية فهي بهذه الاستراتيجية تهدف الى توظيف محاربة داعش سياسياً لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة .
هنا  تثار تساؤلات اخرى مشروعه :
التساؤل الاول : هل ان امريكا باسبعادها لروسيا والصين في التحالف لمحاربة داعش قد ادركت تماماً ان التعددية القطبية هي قائمة الآن فعلاً في العلاقات الدولية وفي توازن القوى ؟ وبهذا فهي تستبق الامور لتقاسم مناطق النفوذ لتكون منطقة الشرق الاوسط الساخنه هي من مناطق نفوذها .
التساؤل الثاني : هل ان امريكا من خلال توظيفها لظاهرة داعش قد بدأت تشعر ان الظروف مؤاتية للبدأ بأقامة مشروع الشرق الاوسط الجديد ؟ اني ارى ان الفوضى العارمة الآن في منطقة الشرق الاوسط وتعقد ازماته السياسية لا يعفي امريكا وحلفائها من وجود دورلهم فيها , بسبب مصالحها وصراعهما الجيوسياسي مع قوى دولية واقليمية اخرى  .هذه مجرد تساؤلات بحاجة الى دراسة وتبقى تساؤلات مشروعة طالما ان الاهداف النهائية للاستراتيجية الامريكية لمحاربة داعش غير واضحة او غير معلنة .
(يتبع)
14-10-2014



53
من صنع ظاهرة داعش ودولتها المزعومة
فلاح علي
لم تكن داعش هي الظاهرة الوحيدة التي تمثل التطرف الاسلامي في العراق, حيث سبقها على الساحة العراقية ولا تزال حركات اسلامية عديدة متطرفة تحمل فكر ظلامي تكفيري. وارتباطاً بظاهرة داعش فانها لم تأتي من فراغ , ان كانت تعمل منذ عام 2004 ضمن مجاميع ارهابية صغيرة , وانضمت الى القاعدة وكانت بأمرة ابو مصعب الزرقاوي وحمزة المصري وغيرهم من عتات التكفير والارهاب , وخلفهم ابو بكر البغدادي بعد ان اطلق سراحة من السجن , لاحقاً بدأنا نسمع في اواخر عام 2012 واوائل عام 2013 بظاهرة داعش وتبين انه تنظيم ارهابي دولي . هنا يطرح سؤال :من صنع ظاهرة داعش ودولتها الاسلامية المزعومة التي اعلنت عنها في غزوتها الاولى على مدينة الموصل ؟ ان الاجابة على هذا السؤال من وجهة نظري تكمن في الوصول الى معرفة العوامل والاسباب التي اسهمت في تكوين بيئة ملائمة لنمو ظاهرة التطرف وانتاج تنظيمات اسلامية متطرفة وظاهرة داعش مثالاً .
من الاسباب والعوامل التي ساعدت على صناعة ظاهرة داعش هي :
أ-عوامل واسباب دولية :

1-التدخلات العسكرية والحروب التي اقامتها الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو, في عدد من البلدان مثل افغانستان  والصومال والعراق وليبيا ... الخ , كان لها تأثير في بروز ظاهرة التطرف في تنظيمات الاسلام السياسي , لا سيما وان هذه الحروب لم تحقق اهدافها وشعاراتها , حيث ادعت امريكا في وسائل الاعلام في حربها على العراق انها :(ستحقق الديمقراطية وتضمن حقوق الانسان ) ولكن في الواقع العملي اكدت تجربة العراق وتجربة شعوب هذه البلدان ان ما انتجته هذه التدخلات العسكرية والحروب . هو الفوضى وغياب وضعف دور الدولة ومؤسساتها وتنامي الفكر المعادي للديمقراطية وحقوق الانسان ونمو التطرف والارهاب بكل اشكاله .
ملاحظة هامة : في هذا الصدد لا بد من الاشارة الى الموقف الوطني التاريخي المبكرالذي أعلنه الحزب الشيوعي العراقي للشعب وللعالم في بيانه المترجم الى عدة لغات في عام 2002: الذي اكد فيه ( ان الحرب والتدخل الخارجي لا تأتي بالنظام الديمقراطي الذي يريده الشعب ) . لهذا كان موقف الحزب الشيوعي صائباً انطلق من المصالح العليا للشعب والوطن عندما رفع شعاره في البيان ( لا للحرب لا للدكتاتورية) .  وها هي تجربة العراق تؤكد صحة فشل التدخلات الخارجية والحروب . وبالعودة للعامل الخارجي الدولي : لقدأيقنت شعوب الشرق الاوسط والعالم ان حروب الولايات المتحدة الامريكية قد فشلت في تحقيق اهدافها , وهذا ماجنته الولايات المتحدة على نفسها لا حقاً , اذ أن هذا الفشل في تحقيق الاهداف المعلنة شكل اخفاق للدبلوماسية الامريكية ,لا سيما وان هذا الاخفاق ترافق مع ظهور متغيرات في الساحة الدولية , منها بروز روسيا كقطب دولي ومواصلة الصين تطورها الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري لغرض اقامة عالم جديد متعددد الاقطاب . وتم اقامة اتفاقيات تعاون اقتصادية وعسكرية مع عدد من البلدان وتجمعات اقتصادية مثل بريكس ومنظمة شنغهاي ... الخ لمواجهة مخاطر نظام العولمة الامريكية. في ظل هذه المتغيرات الدولية وفشل حروبها الخارجية من تحقيق الاهداف المعلنه مُنيت الولايات المتحدة بتراجعات وفشل في عدد من الملفات في صراعها مع روسيا منها على سبيل المثال :منعها من نصب الدرع الصاروخي في بولونيا ونصب الرادار في جيكيا , وتمكنت روسيا من وقف تمدد الناتو شرقاً , ومن تحقيق نجاح في الحرب في جورجيا لأضعاف التواجد والنفوذ الامريكي فيها واستقلال اوسيتا وافخازيا , ازاء هذا التراجع , فقدت الدبلوماسية الامريكية قدرتها على صياغة التاكتيكات والاستراتيجيات السليمة  . ومن تجليات ذلك :
 انها تخلت في بداية احداث الربيع العربي عن دعم حلفائها حسني مبارك في مصر وحكام تونس . واقامت تحالفات مع حركات الاخوان المسلمين في هذيين البلدين لغرض تطبيق النموذج التركي في الحكم , وقدمت الدعم لهم ومكنتهم من الوصول للسلطة . ولكن بعد فشل هذه الحركات الاسلامية في حكم تونس ومصر , دخلت الدبلوماسية الامريكية في فوضى رافقها ضعف مواقعها في منطقة الشرق الاوسط الذي ملئته روسيا والصين ودول اوربية اخرى . لا سيما بعد نجاح روسيا والصين ومن خلال مجلس الامن من منع امريكا والناتو من التدخل العسكري في سورية ,  واستقلال القرم وانضمامها الى روسيا بعد ازمة اوكرانيا .. الخ . وبما ان الولايات المتحدة الامريكية دولة امبريالية لها مصالح استراتيجية , فمصالحها تدفعها الى ممارسة التاكتيكات القصيرة الامد لخلط الاوراق وارباك الوضع السياسي والأمني في منطقة ما ,اي ان هذه التاكتيكات تخلق فوضى هذه الفوضى في منظور المصالح الامريكية تساعدها من العودة ثانية الى المنطقة والتأثير فيها بقوة , رغم انها تدرك ان هذه الفوضى المصطنعة تساعد على ظهور ونمو وتكاثر الجماعات المتطرفة مثل داعش وبالعودة الى التاريخ نجد ان ظروف ومسببات انتاج ظاهرة داعش من قبل الجانب الامريكي لا تختلف عن ظروف وعوامل انتاج ظاهرة القاعدة في افغانستان في بداية ثمانينات القرن الماضي لمواجهة الاتحاد السوفياتي في افغانستان , من مؤشرات ذلك : بعضها يمكن ملاحظته عند رصده اعلامياً بصدد ظاهرة داعش ودولتها المزعومة يلاحظ هنالك تهويل اعلامي امريكي غربي اقليمي من ظاهرة داعش ودولتها المزعومة الهدف من هذا التهويل هو لاثارة الخوف والذعر لدى الشعب العراقي وشعوب المنطقة من ظاهرة داعش وغزواتها لغرض الاحتماء بامريكا لحمايتهم من داعش. كما يلاحظ ان الولايات المتحدة سكتت عن كل الجرائم التي قامت بها عصابات داعش في سورية وعن جرائمها في غزوتها الاولى لمدينة الموصل وتأسيس دولتها المزعومة فيها , هذا الصمت الامريكي والغربي والاقليمي شجع داعش على توسعها وتمددها لمناطق اخرى من العراق , وعلى تنفيذ اجندتها وجرائمها في تهجير وطرد السكان الاصليين لمدينة الموصل من الكلدان والسريان والآشوريين , وقد تهجر ابناء الاديان والقوميات الاخرى من المدينة  , وستفرض قوانين لا انسانية انطلاقاً من فكرها التكفيري الظلامي , مع الاشارة انه صدر قبل يوميين قرار من مجلس الامن في يوم 31-7-2014 اعتبر داعش انها تمثل اكبر تهديد على بلاد الرافدين . في ظل هذه الفوضى التي صنعتها الدبلوماسية الامريكية في منطقتنا ومناطق عديدة من العالم , نجدها انها تدعي بأنها الدولة القادرة على محاربة الارهاب . في حين أكدت التجربة انه حتى الارهاب , توظفة امريكا لخدمة مصالحها الاستراتيجية ومصالح حلفائها فهي تحاربه وفق طريقتها تقدم له تنازلات ومساومات وتجد له حلول في مناطق بالشكل الذي يناسبها وتمنعه وتحاربه في مناطق اخرى دون ان تقدم له  تنازلات , لهذا نجدها اليوم انها تدعم ارهاب حليفتها اسرائل على غزة حيث تقتل يومياً الطائرات الاسرائبيلية مئات الفلسطينيين من اطفال ونساء وشيوخ وتحرق الطائرات بيوت الشعب الفلسطيني , في حين نجد الكونكًرس الامريكي قد اتخذ قرار لدعم اسرائيل باكثر من 150 مليون دولار لتعويض خزينها العسكري , كما انها صامته على اقامة داعش دولتها المزعومة وارهابها في سورية والعراق .
2- التدخلات الاقليمية :
اضافة للعامل الدولي فان ما يجري في العراق هو انعكاس لصراع اقليمي  , وهذا الصراع كما اختير له بان يكون على الارض العراقية فهو موجود ايضاَ على الارض السورية واللبنانية وفي اليمن ومناطق اخرى , بلا شك هنالك حقيقة يعرفها الجميع ان ايران حصلت على تمدد وتوسع في النفوذ في العراق وسورية ولبنان بعد الاحتلال الامريكي في عام 2003 . السعودية في الوقت الذي تخشى فيه من هذا التوسع والتمدد الايراني , لانها تعتبره  احد  التحديات الجيوسياسية العديدة التي تواجهها  . من هنا ان السعودية تفكر اولاً لحماية امنها من التحديات التي تجري في المنطقة وثانياً في ان يكون لها دور اقليمي وهذا الدور الاقليمي لن يتححق من منظورها الا بعد وقف التمدد والتوسع الايراني . وما تؤكده المعطيات ان ما تقوم به السعودية من اجل الحد من النفوذ الايراني وايقاف تمدده وتوسعه , هو ما تقوم به الآن من اعمال تأخذ طابع مواجهه غير مباشرة مع ايران في مناطق نفوذها وبأدوات محلية . من هذا ان مصلحة السعودية في صراعها هذا تكمن في تحويل الصراع السياسي في العراق الى صراع طائفي ورغم ان هذا الصراع الطائفي يخدم مصالح واجندة طهران ايضاً . وفي نفس الوقت استخدمته السعودية في سورية ولبنان . ان كلا النظاميين مقتنعان ان الصراع والفرز الطبقي في العراق لا يخدم مصالحهما واجندتهما , وانما يخدم مصالح الشعب العراقي وقوى اليسار والديمقراطية. لهذا نجدهم في صراعهم على النفوذ لجأوا الى اثارة الصراع الطائفي في العراق . رغم ان ايران تتعرض الى ضغوطات من خلال ملفات عديدة منها : برنامجها النووي ومن خلال الحصار الاقتصادي الذي كان مفروض عليها , وفي تورطها في الصراع في لبنان وسورية وافغانستان والعراق وغيرها من الضغوطات الكثيرة . المعطيات تؤكد ان السعودية ستستمر في تأجيج الصراع والشحن الطائفي وفي دعم كل التنظيمات المسلحة المتطرفة من الطائفة الاخرى ومنها ظاهرة داعش , لكي تحقق اجندتها في صراعها الاقليمي مع ايران على حساب امن الشعب العراقي والسوري واللبناني وعلى حساب مصالح الشعوب وامن بلدان المنطقة . لهدف اضعاف النفوذ الايراني, ومع قناعة السعودية ان هذا التوجه يكلفها اعباء مالية كبيرة, لكنها تمكنت من تمديد وتوسيع حدود دولة داعش المزعومة وبضوء اخضر امريكي  بعد ان كانت في مدينة الرقة السورية واوصلتها الى حدود ايران من جهة ديالى . يترافق ذلك مع طموحات تركيا في التناغم والتعاون مع السعودية في تقديم الدعم اللوجستي للحركات المتطرفة وحسب طلب السعودية وقطر, للحد من النفوذ الايراني الذي يلامس حدود تركيا . كما ان للاتراك اجندات اخرى هو للوصول الى تحقيق مشروعهم ودورهم الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط الجديد, بانهم  قوة اقليمية قادرة على ان تأخذ دور المركز الاقليمي في منطقة الشرق الاوسط . كما ان اراضيهم اصبحت  ممراً لتسويق النفط  والغاز الى اوربا  , فأنهم يهدفون ايضاً الى تحقيق هدف استراتيجي آخر من هذا الحضور وهذه القوة وهذا الدور فأنهم يريدون ان يكونوا عضواً في الاتحاد الاوربي . لا سيما ان الحكومة التركية من خلال حزبها حزب العدالة والتنمية تسعى لتقديمة بانه يقدم النموذج الحضاري للاسلام المعتدل الذي يؤمن بالديمقراطية. ولكن في الواقع فشل هذا النموذج في تقديم هذه الصورة . بلا شك ان من مصلحة اسرائيل كعامل اقليمي تكمن في وجود وتنامي هذه الفوضى في ضمن حدودها وفي المنطقة , وان اسرائيل في الواقع تسهم في نشر هذه الفوضى وفي خلق وتنامي الصراعات الطائفية والمذهبية والدينية والقومية , مع استمرار غياب الموقف العربي الموحد وذلك لخدمة اجندتها وهي تدرك تماماً ان هذه الفوضى تفسح لها المجال اكثر في ادامة احتلالها للاراضي الفلسطينية والعربية , ويعزز رفضها لأعطاء حقوق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة أو الدولة الموحدة مع رفض حق العودة . ان فوضى التدخلات الخارجية والاقليمية في الشأن الداخلي العراقي هي من الاسباب التي ساعدت على ظهور الجماعات المتطرفة مثل القاعدة وجبهة النصرة وداعش وحصولهما على دعم مالي ولوجستي  .
ب- عوامل داخلية :
1-نظام المحاصصة الطائفية والأثنية :
لا بد من التذكير هنا باستنتاج الحزب الشيوعي العراقي التي اكدت التجربة صحته وخزنته ذاكرة الشعب العراقي ويتجلى الاستنتاج الذي اكده الحزب ( ان نظام المحاصصة الطائفية والاثنية هو سبب في كل الأزمات السياسية في البلد) هذا درس عملي استراتيجي لما انتجه فكر الحزب . ان نظام المحاصصة الطائفية الذي انتجه لنا الاحتلال الامريكي , انه قائم على نهج طائفي ولا يخلوا من الشوفينية والتعصب القومي . فأن طبيعة هذا النظام الطائفي  شكلت عامل معوق لتطور العملية السياسية وتراجعها وأدخل البلد في نفق الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وما اكدته التجربة التالي :
أ-ان نظام المحاصصة لم يؤسس لبناء الدولة المدنية الديمقراطية , وهنا تكمن احد اهم مخاطرنظام المحاصصة الطائفية والاثنية على مصالح الشعب ومستقبل الوطن . فتم بناء مؤسسات الدولة على اساس المحاصصة , التي استشرى فيها الفساد المالي والاداري وعدم الكفائة , وتم بناء الجيش والامن على اساس طائفي بعيداً عن المهنية والكفائة والمصلحة الوطنية . وظهور الميليشيات , وبروز الخطاب السياسي الطائفي وما رافقة من شحن طائفي . ساهم في تفكك النسيج الاجتماعي واضعاف الوحدة الوطنية وتم عمداً تشويه واضعاف الديمقراطية ومبادئها .
ب- في ظل نظام المحاصصة الطائفية والأثنية برزت هويات ثانوية وجرى اضعاف الهوية الوطنية وعدم اعتماد مبدأ المواطنة, وتم ممارسة الاستبداد والهيمنة والغاء الآخر من قبل الكتل الكبيرة , وما نتج عنها من تضييق على الحقوق والحريات وعدم المساواة بين المواطنيين مع غياب الخدمات وعدم وجود قوانيين للضمان الاجتماعي والصحي واتساع ظاهرة البطالة ساعد ذلك على اتساع ظاهرة التهميش في المجتمع العراقي وبالذات بين الشباب .
ج- في ظل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية اصبح العراق ساحة مفتوحة للتدخلات الدولية والاقليمية والانحياز العلني لأقطاب المحاصصة لهذا الطرف الاقليمي او ذاك , هذا التدخل الاقليمي اثر سلباً على امن الوطن والمواطن مع تنامي ظاهرة التطرف والارهاب وفقد الامن والامان والاستقرار .ان طبيعة نظام المحاصصة يحمل خميرة للأستبداد والشمولية والغاء الآخر والتضييق على الحقوق والحريات وتهميش الديمقراطية , وهذا  يضر بمصالح الشعب ومستقبل الوطن ويساعد على نمو واتساع التنظيمات الاسلامية المتطرفة مثل داعش ونمو الارهاب .
2- المنظومة الفكرية للتنظبمات الاسلامية وبالذات المتطرفة  منها : 
تتمثل المنظومة الفكرية لاحزاب الاسلام السياسي في الغاء الآخر ومصادرة الحقوق والحريات وهذه سمة مميزة للفكر الشمولي الاستبدادي الاقصائي , كما ان هذه المنظومة الفكرية تؤمن بممارسة الخطاب السياسي الطائفي , وتؤكد على ابراز نقاط الخلاف والحضور الدائم للتاريخ الدموي القديم , لتغذية الحقد والكراهية ضد الآخر . ومن هنا نجد ان هذه المنظومة الفكرية تهيئ بيئة لنمو ثقافة التطرف الفكري والوصاية على عقول الآخرين , والأدعاء بامتلاك الحقيقة ومن لم يتفق معهم فهو باطل . هذه هي من سمات الفكر المتطرف , وقطعاً ان هذا الفكر المتطرف يلجأ الى التكفير والارهاب كآليات يؤمن بها لتحقيق توجهاتة الظلامية . لهذا فأن من اهم التحديات التي تواجه الشعب العراقي وقواه الوطنية واليسارية والديمقراطية والليبرالية ,ومستقبل البلد والعملية السياسية, هو التشدد والتطرف الفكري والديني .لأن المتطرفون ليس فقط انهم لا يؤمنون بالديمقراطية والحقوق والحريات والراي الآخر او انهم اقصائيون وانماهم لا يترددوا من ارتكاب ابشع الجرائم بحق الناس باسم الدين . هذه البيئة المتطرفة في الفكر الديني هي التي اسهمت في انتاج داعش واخواتها المتطرفات , اضافة الى الدعم الاقليمي والدولي .
الأستنتاجات :
1-ان داعش تؤمن بالغزوات والتوسع ولا تؤمن بالحدود , كما ان منظومتها الفكرية لا تؤمن بحقوق الانسان وحرياتة وحقوق الاديان والقوميات , ولا تؤمن بالفيدرالية وبحق تقرير المصير للشعب الكوردي  من هنا يكمن الخطر في التباطئ في تحرير الموصل والمناطق التي احتلتها داعش , والخطر لن يكمن في تهديدها لمحافظات العراق ومنها العاصمة بغداد , وانما الخطر سيواجه كوردستان وحكومة الاقليم , ان لم توجه لهم ضربة سريعة بالتنسيق مع البيشمركًا والقوات المسلحة ورؤساء العشائر والحراك الشعبي لطردهم من الموصل , فانهم في حالة توطيد اقدامهم فسيمارسون غزواتهم لأختراق كوردستان , لا سيما انهم بدأوا بامتلاك القوة الاقتصادية من خلال السيطرة على نفط الموصل وبيعه في السوق السوداء باسعار بخيسه وبعضه يهرب من خلال تجار ويسوق عبر تركيا , اضافة للدعم المالي الذي يقدم  لهم من دول اقليمية , كما انهم بدأوا بتكوين قوة عسكرية والحصول على الاسلحة , حيث في خطبة الخلافة دعا الارهابي ابو بكر البغدادي كل ارهابيي العالم للاقامة وممارسة الارهاب من ارض الموصل , كما انهم بدأو بالزام واجبار الشباب في التطوع الى داعش وتم تخريج دورة عسكرية اولى منهم . من هنا تكمن اهمية الوحدة الوطنية , والاتحاد الفيدرالي لعراق ديمقراطي موحد مستقبلي لمواجهة خطر داعش وكل اشكال التطرف والارهاب , لا سيما وان سمة العصر الآن هي اقامة اتحادات فيما بين الدول كالاتحاد الاوربي , والاتحاد الفيدرالي فيما بين الكيانات القومية في الدولة الواحدة ذات النظام الاتحادي الديمقراطي .
2- ما تؤكده المعطيات على الارض ان هنالك تناقض وعدم حسم في الموقف الاقليمي والامريكي من قضية دولة الخلافة الاسلامية المزعومة , فبين سكوت امريكي خليجي  وتناقض المواقف التركية وفشل دبلوماسيتها , ان هذه المعطيات تدفع باتجاه الخشية من ان هذه الاطراف الاقليمية والدولية  انها ترغب  في اطالة أمد الازمة العراقية , كما كان لهم دور في اطالة الازمة السورية  , ان هذا الاحتمال مرتبط باجندة الولايات المتحدة ان كانت انها تهدف الى تعريض العراق والمنطقة  لمزيد من الفوضى ثم بعد ذلك تخضعها لصفقة تسوية مع اطراف دولية مثل روسيا واطراف اقليمية مثل السعودية وايران وقطر وتركيا , لا سيما ان روسيا والصين ومعهما غالبية دول العالم موقفهم ضد دولة الخلافة الاسلامية وضد الفوضى الامريكية في المنطقة . من هذا ان مصالح الوطن تدفع باتجاه الاعتماد على العامل الداخلي العراقي  , حيث يصبح قوة حاسمة في الصراع مع داعش ودولتها المزعومة وكل اشكال التطرف والارهاب , عند وضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الذاتية , وتتجلى قوة العامل الداخلي بالموقف الوطني الموحد وبأختيار رئيس وزراء معتدل منفتح على كل قوى واطياف الشعب العراقي يؤمن بالديمقراطية , على ان يتخذ اجراءات سريعة سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية تسهم في تعزيز الوحدة الوطنية , وتساعد على عزل داعش عن محيطها الاجتماعي الواسع وتقليص حلفائها , ليسهل طردها من الموصل ومناطق العراق الاخرى , وتخليص الشعب والمنطقة من شرورها وارهابها وجرائمها وفكرها الظلامي التكفيري ومعها كل قوى الارهاب .
3-ان الانتصارالحقيقي للشعب العراقي بعد انهاء ظاهرة داعش ودولتها المزعومة وتطهير الموصل ومحافظات العراق الاخرى من شرورها وارهابها وجرائمها , يكمن في خلاص العراق من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية المدمر للوحدة الوطنية , وبناء الدولة المدنية الديمقراطية , ونظامها الديمقراطي الاتحادي , واعتماد مبدأ المواطنة وضمان العيش الكريم لكل ابناء الشعب العراقي . ولتكن هذه الدورة البرلمانية قادرة في ان تأخذ على عاتقها القيام بتشريعات قانونية ذات طبيعة ديمقراطية وفق الدستور تنهي والى الابد نظام المحاصصة , وتضمن استقلال القضاء , واستقلال مفوضية الانتخابات وتشرع قانون للاحزاب وقانون انتخابات ديمقراطي يكون العراق فيه دائرة انتخابية واحدة , ان نظام الدائرة الانتخابية الواحدة ينهي التحالفات الطائفية ويخلص الشعب من شحنها الطائفي وبهذا يتعزز النسيج الاجتماعي العراقي , ويساعد على اقامة تحالفات سياسية وطنية وديمقراطية , وان نظام الدائرة الانتخابية الواحدة هو الاكثر عدالة ويضمن الحق الانتخابي والمساوات بين جميع القوائم المتنافسه , ويساعد على بروز كفاءات وطنية على مستوى البلد كممثلي للشعب في البرلمان . ويحافظ على الوحدة الوطنية والسلم الاهلي وينهي الطائفية السياسية . 
3-8-2014




54
نظام المحاصصة مدمر للوطن ومنتج للاسلام السياسي الامريكي
فلاح علي
في البدأ لا بد من الاجابة على السؤال التالي من هو الاسلام السياسي الامريكي ومن يصنعة ؟ ان المقصود بالاسلام السياسي الامريكي هو كل التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تخدم المصالح الامريكية في العراق والمنطقة , والذي تمثلة الآن على ارض الواقع داعش وأخواتها من كل جماعات الاسلام السياسي المتطرف وبغض النظر عن طائفتها , وحتى التنظيمات التي تطلق عليها صفة الاعتدال ,من الاسلام السياسي عندما تلتقي مصالحها مع مصالح الولايات المتحدة الامريكية , او مع مصالح الاسلام السياسي الاقليمي مثل ( السعودية وقطر وتركيا وايران ) نجد عندها ان هذه التنظييات تففقد صفة الاعتدال , لأنها تبدأ بتنفيذ أجندات مقايل الحصول على  دعم خارجي متواصل لأجل الوثوب الى السلطة والتمسك , كما حصل مع حركة الاخوان المسلمين في مصر وتونس وتركيا وسورية ... الخ .
السؤال الثاني من صنع داعش في منطقة الشرق الاوسط وبالذات في العراق وسورية ؟ الاجابة على هذا السؤال من وجهة نظري , وما تؤكده المعطيات على الارض ان مصالح الولايات المتحدة الامريكية في العراق والمنطقة هي التي فرضت عليها صناعة سلاح فكري متطرف اسمه داعش . كيف تم ذلك بلا شك من خلال أدوات عربية وشرق اوسطية . من هذه الادوات العربية والشرق اوسطية التي أسهمت بشكل مباشر بصناعة داعش ؟ ما تؤكده الوقائع التأريخية ان هذه الادوات تكمن في : دور كل من السعودية وقطر وتركيا حيث أوكل لهذه الدول الثلاث دور مباشر في تقديم الدعم المالي والدعم اللوجستي من التسليح والتدريب والنقل والدعم الاعلامي .... الخ. وهذه الدول ما كان بمقدورها ان تخطوا هذه الخطوة لولا الضوء الاخضر القادم من الولايات المتحدة الامريكية . فللولايات المتحدة الامريكية دور غير مباشر في صناعة داعش . والمشكلة تكمن في ان الدبلوماسية الامريكية هي أصبحت دائمة الارتباك والتخبط وان امريكا تعتقد الى الآن ان الاسلام السياسي من خلال تقديم الدعم له والتحالف معه انه سيخدم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة , ولم تستفاد الولايات المتحدة الامريكية من تجاربها الفاشله في دعمها وتحالفاتها مع الاسلام السياسي , سواء لجماعات الاخوان المسلمين او لتنظيم القاعدة الارهابي  . حيث لعبت الولايات المتحدة دوراً كبيراً في عام 1980 بصناعة  تنظيم القاعدة وقدمت الدعم اللوجستي للتنظيم في افغانستان وزودته بالمال والسلاح , وساعدها نفس ادواتها المعروفة  تأريخياً في المنطقة السعودية وقطر وعدد من البلدان العربية والاقليمية  . يلاحظ بعد تغيير الموازين في الوضع الدولي والاقليمي , اصبحت الدبلوماسية الامريكية اكثر ارتباكاً , لهذا فأنها لا تزال تعتقد انها تستفاد من  صناعتها لحركات الاسلام السياسي والتحالف معها . لتعزيز نفوذها في هذه المنطقة او تلك وخدمة مصالحها . أما على الصعيد الداخلي بما يتعلق بصناعة داعش في العراق , فنجد ان نظام المحاصصة الطائفية والقومية لعب دورغير مباشر في مساعدة تنظيم داعش وكل التنظيمات المتطرفة على النمو والتوسع والانتشار ..
كيف أسهم الطائفيون في المساعدة على نمو التطرف والارهاب في العراق :
الطائفيون من خلال طبيعة نظام المحاصصة  ,وما أكدته تجربة العراق طيلة عقد من السنيين ,ان نظام المحاصصة الطائفية والقومية ليس فقط انه كان ولا يزال سبب في كل أزمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية, وانما ما أكدته التجربة ايضاً ان طبيعة هكذا نظام يهيئ الارضية الفكرية والسياسية والاجتماعية لنمو التطرف الفكري في العراق . وبهذا فأن طبيعة نظام المحاصصة أصبح عامل من العوامل الداخلية التي توفر ارضية مناسبة لنمو و انتشار الجماعات المتطرفة من الاسلام السياسي من كلا الطائفتيين  مثل داعش وأخواتها . فهو يعتبر عامل مساعد , ليس فقط في صناعة التنظيمات المتطرفة وانما في نموها وانتشارها وتمددها . ان أزمات نظام المحاصصة الطائفية الضارة والمدمرة لمصالح الوطن هي كثيرة , وان الكتابة عنها تسع لعشرات الصفحات ولا يمكن ان تغطيها هذه المقالة , وهي ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية وثقافية . ولكن في هذه المقالة أتوقف في ذكر مثاليين من المظاهر الضارة بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي العراقي:
المثال الاول : يتعلق بالاعلام وبالخطاب السياسي : حيث يلاحظ خطاب كتل الاسلام السياسي المتحاصصة في العراق قائم على الشحن والتعبئة والتخندق والعداء الطائفي , وهذا يمكن ملاحظته في كل القنوات التلفزيونية لكتل الاسلام السياسي من كلا الطائفتيين , والطائفيون بهذا الخطاب البعيد عن مصالح الوطن , أضروا كثيراً بالنسبج الاجتماعي العراقي وبالوحدة الوطنية , وأشاعوا الثقافة الطائفية في المجتمع.
والمثال الثاني : يكمن في سوء ادارة ملفات الازمات السياسية , سواء من قبل البرلمان او من قبل السلطة التنفيذية , وسوء الادارة هذا دفعهم للتجاوز على الدستور والمضايقة على الحقوق والحريات . والمثال على ذلك حيث جاء في المادة (38) من الباب الثاني في الدستور الآتي :
تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب :
اولاً : حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ..
ثالثاً : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي , وتنظم بقانون .
وعندما بدأت التجمعات الجماهيرية الواسعة في مدينة الرمادي و كانت في بدايتها سلمية تطالب بحقوقها . لكن الذي حصل ان السلطة التنفيذية لم تستمع اليهم  , ورغم مرور عدة أشهر واصلت التجمعات الجماهيرية في الرمادي بالمحافظة على سلميتها , إلا ان السلطة لم تستمع الى مطاليبهم ووضعت هذا التحرك الجماهيري في خانة المؤامرة الخارجية . الى ان تهيئت فرصة لتدخل القاعدة وداعش في التجمعات الجماهيرية , ورفعوا شعاراتهم عنوة في التظاهرات لتوظيف التظاهرات لصالحها , عندها تعاملت السلطة التنفيذية مع التظاهرات بطريقة تتعارض مع الدستور . فأقدمت السلطة التنفيذية على زج الجيش لمواجهة المتطرفون من القاعدة وداعش , وعندما ارسلت الوحدات العسكرية الى الرمادي , لمحاربة القاعدة وداعش . حينها اطلق السيد رئيس الوزراء شعارات طائفية أججت المشاعر لدى المعتصميين ولدى اهل الانبار حيث ما قاله بما معناه : ( ان المعركة هي بين اتباع الامام الحسين واتباع يزيد ). هذا الموقف الطائفي يؤكد على سوء ادارة الأزمة . ما علاقة يزيد بحقوق متظاهرين والتاريخ الاسلامي يؤكد ان الامام الحسين عندما ثار لم تكن ثورته بسبب طائفة او مذهب . وانما ثار من اجل العدل واحقاق الحق ونصرة المظلومين واصلاح الانحراف في تطبيق مبادئ الاسلام . والمتظاهرون خرجوا للتظاهر لأن لديهم  حقوق مشروعة يطالبون فيها , والدستور يحميهم ويلبي حقوقهم . وبهذا التصعيد بدأت المواجهات العسكرية في الرمادي والفلوجة واستغلتها داعش والقاعدة في توسيع حاضنتهما الاجتماعية وايجاد حلفاء لهما, وصورت داعش والقاعدة ومعهم بقايا البعث لأهل الرمادي والمناطق المجاورة ان هذا الصراع هو صراع طائفي , لغرض تعبأة اكبر عدد من اهل الرمادي والفلوجه للقتال معهم .والغريب ان بعض رؤساء العشائر الذين حاربوا القاعدة وطردوها من مناطقهم واصبحوا قادة للصحوات بعضهم انضم مع الارهابيين لمقاتلة الجيش , وهذا سببه سوء في ادارة الازمات السياسية من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية. ولو عدنا قليلاً الى الوراء وبالتحديد عندما بدأت الوقفات الجماهيرية في ساحة التحرير في بغداد في يوم 25-2-2011 , لم يكن موجود مع المتظاهرين أحد من داعش , الا انه لاحظ جميع العراقيين كيف ان السلطة التنفيذية ومعها بعض من برلمانيها استخدمت القوة لفك وانهاء التجمعات الجناهيرية السلمية وقامت بالاعتقالات والاعتداء على المتظاهرين واخذ تعهدات من البعض , وهذا خلاف لما جاء في المادة (38) من الدستور. لنعود الى عنوان الموضوع وتمدد داعش وسيطرتها بساعات على مدينة الموصل .
من هم حلفاء داعش وكيف تمت السيطرة على الموصل بساعات :
ان حلفاء داعش الذين هم بحق اعداء للوطن والشعب وحسب ما تؤكده الوقائع انهم يتمثلون في جماعة النقشبندية وبقايا البعث بما فيهم عسكريون سابقون وهيئة علماء المسلمين / جماعة حارث الضاري , ولديهم تشكيلات عسكرية باسم كتائب الحسين ,  والجيش الاسلامي , وتنظيم القاعدة وبعض رؤساء عشائر تم تضليلهم وتعبأتهم طائفياً , وهؤلاء رؤساء العشائر الذين تم توريطهم , سيكتشفون عاجلاً ام آجلاً ما خبأ لهم من عمل معادي لمصالح الوطن . وسوف يتراجعوا ويندموا لفعلهم الشنيع هذا وسيعلنون ثانية حربهم على داعش . ان سقوط مدينة الموصل بساعات محدودة ليس هو بسبب كثرة أعداد مقاتلي داعش او نتيجة ضخامة امكانياتهم العسكرية . صحيح انهم اقاموا تحالف واسع , لكن بلا شك على الصعيد العسكري حصل انسحاب للقادة العسكريين وهذا غير مبرر , ان التحقيق معهم سيكشف الخبايا والخيانات , وعلى الصعيد السياسي نظام المحاصصة الطائفية يتحمل المسؤولية في سقوط الموصل ومدن أخرى.
الاستنتاجات :
1-ان سقوط مدينة الموصل بساعات وسقوط مدن اخرى له وقفة و تقييم ودروس من الناحية العسكرية والوطنية , لمعرفة الخبايا والخيانات العسكرية . ولكن المهم ايضاً استيعاب الدرس في الجانب السياسي , والتي تكمن في طبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصة والمغذي للنعرات والممارسات الطائفية الضارة بالوحدة الوطنية والمشجع للارهاب, ويمارس التهميش والاقصاء .وأن هذا النظام الطائفي جعل الهوية الوطنية والوحدة الوطنية معلولتان ومشلولتان . و بهذا أضر بالثوابت الوطنية , وبرز وشجع الهويات الثانوية الضارة والصراع الطائفي وثقافته المدمرة لمصالح الوطن .
2- لهذا ان التغيير المطلوب الذي ينتظره الشعب هو التغيير في بنية النظام السياسي , لأنه لا معنى لأي عملية سياسية , ان لم تكن قادرة على ضمان الوحدة الوطنية وصيانة مصالح الوطن والشعب , لهذا ان التغيير يكمن في انهاء نظام المحاصصة الطائفية , واشراك كل التيارات السياسية  والديمقراطية والفكرية في العملية السياسية وعدم تهميشها , وتعزيز الديمقراطية في الدولة والمجتمع , وعدم اعتماد الحلول الامنية والعسكرية فقط وانما استخدام الوسائل السياسية السلمية الديمقراطية الدستورية  في حل الازمات .
3- يتحمل البرلمان الجديد مسؤولية وطنية كبرى في وضع حد في هذه الدورة لنظام المحاصصة الطائفية , المهمة الوطنية الاولى تبرز في اعادة بناء مؤسسات الدولة على اسس وطنية ديمقراطية , وان تكون هذه المؤسسات ضامنة لحقوق وحريات المواطنين , بعيداً عن الانتماء الطائفي او القومي او الحزبي .
4- ان داعش هويته عابرة للحدود والقارات , فهذا يتطلب تعاون اقليمي دولي لمواجهة تطرف وارهاب داعش وايقاف تمدده والقضاء عليه ..
5- بلا شك بتظافر الجهد الوطني ,  وتعزيز الوحدة الوطنية ,ودعم قواتنا العسكرية سيتم تحرير المحافظات العراقية من داعش , ولكن الخشية هو من ان يكون القادم أسوء في حالة بقاء نظام المحاصصة الطائفية والقومية , لأن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية , تفرض عليها تنفيذ نظرية الفوضى الخلاقة , وتفكيك العراق ودول المنطقة عندما تسنح لها الفرصة . ومشروع بايدن هو جاهز وطرح على الكتل منذ سنوات وهذا المشروع  يدخل ضمن هذه الاستراتيجية الامريكية , الخشية على مصالح الوطن والشعب ببقاء نظام المحاصصة , لأن هذه الكتل تعميها مصالحها , فقد تدفعها مصالحها اللاوطنية الفئوية الذاتية بالقبول بمشروع بايدن لتقسيم العراق , بذرائع وحجج . رغم ان مشروع بايدن يواجهة ضغط شعبي جماهيري واسع وسيفشله , لكن البديل لحل أزمات الوطن وضمان مصالحة ومصالح الشعب وانهاء الارهاب هو يكمن في انهاء نظام المحاصصة الطائفية والقومية , وتشكيل حكومة انقاذ وطني , تلبي مطالب الجماهير وتضمن حقوقها وحرياتها , وتنهي داعش وارهابها وكل ارهاب آخر وتهيئ لبناء دولة المواطنة ومؤسساتها وقوانينها الديمقراطية ..
14-6-2014

55
الشيوعييون والعمل الجماهيري
(1)
فلاح علي
ما أكدته تجارب الشعوب وتأريخها الحديث بشكل عام وتجربة الشعب العراقي بشكل خاص , ان الشيوعيين ليست لديهم فقط رغبة أو وجهة اومهمة موسمية للعمل والعلاقة مع الجماهير , وانما يمتلكون القناعة الثابتة المترسخة في الممارسة العملية في سلوك وثقافة وتربية ووجدان وضمير كل عضو منهم في الحزب . وان هذه القناعة منبثقة من رؤيتهم الفكرية والسياسية والتنظيمية التي تؤكد على أهمية وأولوية الدفاع عن مصالح الجماهير وتبني مطاليبها وتغيير واقعها الى حياة أفضل نحو التقدم والازدهار وتحقيق العدالة الاجتماعية . و مما جاء في برنامج الحزب الذي أقره المؤتمر التاسع للحزب , في الصفحة الاولى في المقدمة التالي : (تأسس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار 1934 نتيجة لتطور نضال الشعب العراقي وحركته الوطنية والديمقراطية. إنه حزب الطبقة العاملة والفلاحين والمثقفين وسائر بنات وأبناء شعبنا من شغيلة اليد والفكر، فهو حزب يضع مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، ويكافح لتحقيق استقلال البلاد وسيادتها الوطنية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية ومن اجل التقدم الاجتماعي والاشتراكية، ويناهض استغلال الانسان لأخيه الانسان وكل أشكال الكبت والعسف والقهر، ويكافح لتحريره منها بصورها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة، ولإطلاق طاقاته الخلاقة وقدراته الكامنة المبدعة.) من هذا الموقف الفكري والسياسي في رؤية الحزب لعملية التغيير وضمان مصالح الشعب والوطن , نسج الشيوعييون علاقة متميزة مع جماهير الشعب وعاشوا معها في اعمق اعماقها في المدن والارياف . وخاضوا معها النضال السياسي ذات الطابع الجماهيري , وذلك انطلاقاً من ان الجماهير هي صاحبة المصلحة في التغيير وهي أدات التغيير , كما ان الجماهير شكلت وتشكل روافد مهمه للنشاط السياسي , وبناءً على هذه الرؤية في الترابط بين النضال السياسي وضمان مصالح الجماهير وتحقيق مطاليبها وضمان حقوقها , نشط رفاق الحزب في مجالات مختلفة للعمل الجماهيري وانخرطً  مئات الشيوعيين في كل مدن العراق في النشاط في هذا الميدان , بعضهم ساهم في تأسيس منظمات جماهيرية , مثل نقابات العمال واتحادات الطلبة والشبيبة ورابطة المرأة واتحاد الجمعيات الفلاحية في الارياف واسسوا فرق رياضية , وشاركت معهم الجماهير من فئات وطبقات اجتماعية في تشييد كيان هذه المنظمات الجماهيرية وإضطلعت بدورها في المجتمع واسهمت في النشاط السياسي الجماهيري , كما ان هناك المئات من الشيوعيين أصبحوا اعضاء في منظمات جماهيرية اخرى ونشطوا فيها مثل نقابات المعلميين والحقوقيين والفنانيين والمثقفين والمهندسيين واصحاب المهن الحرة ..... الخ . وناضل الشيوعييون في هذا الحقل الجماهيري الهام وقدموا تضحيات جسام من اجل تحقيق مطاليب هذه الفئات والطبقات الاجتماعية وضمان حقوقها وحرياتها وتضمينها في قوانين وتشريعات .
وأكد برنامج الحزب الذي أقره المؤتمر التاسع على الحقيقة التالية : (وينحاز الحزب الشيوعي العراقي إلى عالم العمل وقيمه، وإلى العاملين بسواعدهم وأفكارهم. وهو يرى أن الدفاع عن مصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تعرّضاً للتهميش والاضطهاد والاستغلال، هو الطريق المفضي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية.) ان العمل الجماهيري قد احتل موقعاً اساسياً في نشاط الشيوعيين ولم يثبت  فقط في برامج وخطط الحزب, وانما تجسد في الممارسة العملية في نضاله اليومي وذلك انطلاقاً من فكر واهداف الشيوعيين في تحقيق مصالح الجماهير ولتطوير نضالها وزيادة وعيها ولأنتزاع حقوقها المدنية والمهنية الاقتصادية والاجتماعية المشروعة . يدرك الشيوعيين ان النضال الجماهيري له مفهوم واسع كما انه يكتسي بعدا سياسيا, فهو موجه أساسا ضد استغلال الجماهير ومصادرة حقوقها وحرياتها وعدم تلبية مطاليبها لتحسين اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية وحل مشكلة البطالة وتوفير الخدمات والضمان الاجتماعي والحياة الكريمة ... الخ , من هذا كانت الانظمة الدكتاتورية تشدد على مصادرة الحقوق والحريات بما فيها حرية التظاهر , وتمارس سياسة الاضطهاد والتنكيل وملاحقة الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين لأنها تدرك بشكل جيد ان الحزب هوراس حربة النضال الجماهيري وهو بوصلة نضالها والداينمو المحرك لهذا النشاط, وكماانها تدرك ان الحزب يسعى ويعمل على توجيه هذا النضال الجماهيري المطلبي لتحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في اتجاه التغيير الديمقراطي  , ان الانظمة الدكتاتورية والاستبدادية والطائفية والقومية اللاديمقراطية تفهم تماماً ان الحزب  قادر على  فك شفرة اللغز الذي تخشاه هذه الانظمة بما فيها نظام المحاصصة الطائفية والقومية من الحراك الجماهيري , واللغز يكمن في التناقض بين مصالح الجماهير ومصالح النظام او الكتل المسيطرة على السلطة السياسية , هذا من جانب ومن جانب آخر نجد ان الانظمة الاستبدادية اللاديمقراطية  تسعى الى ديمومة تضليل الجماهير وتجهيلها للسيطرة عليها وقيادتها , لأنها تخشى من التغيير الديمقراطي . لهذا مرالنشاط الجماهيري بأزمات طالت مدتها خلال فترة النظام الدكتاتوري المقبور لأسباب يعرفها الجميع وبعد السقوط في عام 2003 واجهه الشيوعييون واليساريون والديمقراطيون والمنظمات الجماهيرية صعوبات كبيرة وتعثروا في اطلاق مبادرات الجماهير في النشاط السياسي الجماهيري , بعد ان حققوا نجاحات في مراحل سابقة لاقت تأيداً جماهيرياً ووطنياً واسعاً ,وعلى سبيل المثال للتأكيد على مضايقة نظام المحاصصة الطائفية للمنظمات الجماهيرية. أصدر رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري القرار رقم 8750 بمصادرة اموال الاتحاد العام لنقابات العمال , كما لم يلغي نظام المحاصصة الطائفية والقومية قرارات الدكتاتور صدام حسين المعادية للطبقة العاملة ومصالحها ومنها القرار رقم 150 لسنة 1987 , وقانون التنظيم النقابي للعمل رقم 52 لسنة 1987 ولحد هذه اللحظة يناضل اتحاد نقابات العمال لألغاء هذا القرار المجحف والمعادي لمصالح الطبقة العاملة, وهناك مضايقات كثيرة يعرفها الجميع, ان اسباب تعثر النضال الجماهيري كثيرة منها ما هو معروف هي موضوعية ومنها ما هو ذاتي  . والظروف الموضوعية هي كثيرة وضاغطة ولها فعلها القوي والتأثير المباشر على الناس وعلى نفسياتهم أول هذه الظروف الموضوعية هو نظام المحاصصة الطائفية والقومية , هذا النظام الطائفي اللاديمقراطي هو الاكثر ضغطاً ومضابقة على القوى اليسارية والديمقراطية وعلى المنظمات لجماهيرية , وهو سبب في كل أزمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والثقافية , وهو الذي أضعف النسيج الاجتماعي واشعل الحرب الاهلية في اعوام 2006 الى 2007 , وثانيهما الارهاب الذي يعتبر عامل ضاغط على نمو النشاط الجماهيري , وثالثهما المضايقة على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور , ورابعهما للصراع الاقليمي على الساحة العراقية له دور سلبي في نمو النشاط الجماهيري , حيث ان هذا الصراع الاقليمي شجع وغذى ثقافة الشحن والصراع الطائفي . لا أريد الأطالة في موضوع العوامل الموضوعية التي يعرفها الجميع فالكل يعلم بطبيعة الظرف الذي تناضل فيه قوى اليسار والديمقراطية والمنظمات الجماهيرية , ويعي مدى الصعوبات ومدى خطورتها , وهناك عوامل ذاتيه التي بأستطاعت المعنيين في العمل الجماهيري التحكم فيها  والتخلص من ثغراتها وايجاد حلول لها  ومع وجود هذه العوامل الموضوعية الضاغطة الا ان الحركة الجماهيرية الشعبية العراقية استطاعت ان تكسر هذا الحصار المفروض عليها طيلة عقد من السنيين وبالتحديد استطاعت الحركة الجماهيرية الشعبية في يوم 25-2-2011 من كسر حصار ومضايقات نظام  المحاصصة الطائفية والقومية عليها . أنقل في هذه المقالة ما جاء في التقرير السياسي المقدم الى المؤتمر الوطني التاسع للحزب حول النضال الجماهيري المطلبي الشعبي الذي تجلى في الحركات الاحتجاجية الشعبية الواسعة  حيث جاء في التقرير السياسي التالي :
الحركة الاحتجاجية وانتهاك الحريات الدستورية :
(تواصلت في انحاء البلاد الاعتصامات والتظاهرات والفعاليات الاحتجاجية والمطلبية باشكال وصيغ مختلفة. ولم يأت ذلك بمعزل عن اللوحة السياسية المعقدة في بلادنا، والازمة البنيوية وحالة الاستعصاء القائمة ، وعجز الكتل المتنفذة عن التوصل الى توافقات على حلول ومخارج لها. كما لا يمكن فصله عن المعاناة المتواصلة - المعيشية والخدمية والحياتية للمواطنين، منذ نيسان 2003. تضاف إلى ذلك مساعي التضييق على الحريات العامة وثلم هامش الديمقراطية، وتكريس المحاصصة المقيتة ، و تكميم الأفواه، في مخالفة صريحة وواضحة للدستور الذي باتت مواده، هي الاخرى، عرضة لتفسيرات الكتل على وفق هواها ومقاساتها,الى جانب تردي الاوضاع الامنية.ان حق المواطن في التظاهر وإبداء الرأي والتعبير عن المواقف، حق دستوري يفترض ان تهيأ كافة مستلزمات تطبيقه، وان توفر الحكومة وأجهزتها الحماية الكافية لمن يمارسه من المواطنين.) كما جاء في التقرير العبارة التالية : ( الا ان سلوك الحكومة واجهزتها وتعاملها مع الحركات الاحتجاجية، شكلا انتهاكا للحق الدستوري في حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، ومحاولة لقمع ممارسة المواطنين هذا الحق، بعد ان تيقنوا ان الهم الاول والاخير للكتل الحاكمة المتنفذة هو الحفاظ على مصالحها، والصراع على السلطة، وتقاسم المغانم في ما بينها، من دون اكتراث بالمواطن الذي يئن تحت وطأة ظروف قاسية، في بلد تزيد موازنته السنوية على 100 ترليون دينارعراقي.) ويختتم التقرير السياسي المقدم الى المؤتمر بالعبارة التالية تحت باب الحركة الاحتجاجية : (ومن جديد نؤكد موقفنا المعروف، ونسجل انحيازنا الى الناس في تطلعاتهم ومطالبهم المشروعة، والتزامنا حقهم في التعبير ، وادانتنا أي اجراء يهدف الى التضييق على الحريات وسلب الناس حقوقها. ومن اجل ذلك نرى ضروريا ان يشرّع قانون ينظم حق التظاهر والتعبير عن الرأي بصورة ديمقراطية، ويحفظ حق الناس الدستوري، ويمنع التجاوز عليه ومصادرته من جانب السلطات التنفيذية تحت اية ذريعة . قانون يسهل التمتع بهذا الحق، وليس تكبيله بقيود جديدة .)  من وجهة نظري ما ورد في التقرير السياسي ليس مجرد موقف سياسي وفكري وانما هو ايضاً أرث الشيوعيين المتجدد في تفعيل وتوجيه العمل الجماهيري وتوطيد العلاقة مع فئات الشعب وطبقته العاملة من اجل الدفاع عن مطاليبها وحاجاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ذات الطابع الديمقراطي ,وتفعيل دورها لتحقيق هذه المطاليب و خوض النضال الجماهيري معها . وهذا ما تؤكده مهام الحزب الآنية والقادمة المثبته في التقرير السياسي الذي أقره المؤتمر الوطني التاسع وما جاء في الفقرة الثالثه من المهام هو التالي :
3- الانطلاق من حقيقة ان لا فاعلية لتوجهاتنا، إن لم نحولها الى نشاط جماهيري واسع، ذي شعارات ومطالب واضحة وملموسة. وهذا يتطلب تنويع انشطتنا وفعالياتنا، والانخراط في التحركات الجماهيرية، وتوسيع علاقاتنا في مواقعها: في الاحياء السكنية والمعامل والمزارع والمدارس والجامعات والمقاهي والنوادي وغيرها، في النقابات والاتحادات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، في المدن والارياف وفي كل مكان. وهذا يستلزم ضمنا استنهاض الحركة النقابية والمهنية الديمقراطية، واضفاء زخم جديد على نشاط المنظمات الطلابية والشبابية والنسائية .
( يتبع  )
3-6-2014




56
وطنُ حرُ وشعبُ سعيد
فلاح علي
مقدمة
كلمات اربعة تم صياغتهما بطريقة لا تخلو من العبقرية الفكرية, و تم ربطهما مع بعضهما بطريقة ديالكتيكية , ان هذه الكلمات اصبح لها وقع وتأثير وجاذبية  وانتشرت في اوساط الشعب العراقي , ان كان هذا يعود لشعبية الحزب الشيوعي العراقي  , ولكن ارى ايضاً ان الكلمات الاربعة لها  وقع موسيقي وتأثير في المشاعر الوجدانية .  لهذا رددها وحفظها وتغنا بها الاطفال والشباب والكبار من بنات وابناء الشعب العراقي . رغم عدم المعرفة بمعانيها ومضامينها ومحتواها . لكن من انتمى لاحقاً للحزب واطلع على سياسته وبرامجه ونهل من فكره الماركسي.عندها بدأ يدرك المعنى الواسع لهذا الشعار ويفهم معانيه ومدلولاته وتوجهاتة ومضامينه الفكرية الماركسية والسياسية والوطنية والاقتصادية والثقافية والقانونية والحقوقية والانسانية .
انه شعار الحزب الشيوعي العراقي الذي تميز بشعبيته الواسعة وانتشاره بين اوساط الشعب العراقي , وانه بحق بمعانية ومحتواه وتوجهاته اعتبر الدرس الاول في التربية الوطنية ..
ما هو فهم العلاقة بين الشيوعيين والوطن :
الشيوعيين العراقيين نسجوا علاقة  خاصة مع الوطن , علاقة حب واخلاص للوطن ومصالحة العليا , لكنها لا تقوم هذه العلاقة على الرومانسية , او على الجانب او العنصر الوجداني   . وانما على الترابط  بين فكر الحزب وسياسته وبين مصالح الوطن وحاجات الشعب وتطلعاته . وما يؤكد على صدق هذه العلاقة والولاء والانتماء الوطني للشيوعيين العراقيين مقولة الرفيق الخالد فهد (كنت وطنياً قبل ان اكون شيوعياً , وعندما اصبحت شيوعياً شعرت بمسؤلية اكبر تجاه الوطن) .
 وأكد تاريخ العراق الحديث مقولة الرفيق الخالد فهد ,وصدق ونقاء هذه العلاقة وكأن الوطن يعيش في وجدان الشيوعيين وفي حياتهم اليومية وفي فكرهم وسياستهم وبرامجهم وتطلعاتهم ومشاريعهم وتوجهاتهم وهمومهم واهدافهم .  من هذا ينظر الشيوعييون العراقييون للوطن ليس انه الانتماء لمساحة جغرافية محددة فحسب وانما يرافقة انتماء حضاري وتاريخي وثقافي وسياسي ووجداني وترابط عضوي ومشاركة في بنائة وتحررة وتطوره ...الخ . ان الشعار جسد فكر الحزب الماركسي وطبقة على ارض الواقع بشكل مبدع وخلاق وما يؤكد صحة ذلك هو ان مضمون الشعار, يجسد المصالح العليا للوطن والمصالح الجذرية للشعب . وهذا ليس اعلاناً اعلامياً دعائياً للحزب الشيوعي العراقي ونهجه الديمقراطي ذات المحتوى الاجتماعي . وانما لما يحمله الشعار من مضامين فكرية وسياسية واقتصادية ..... الخ .
فكر الحزب ألهم اعضائه وجماهيره المعاني السامية لحب الوطن والشعور العالي بالمسؤولية ازاء مصالحه والتضحية من اجل الوطن والشعب , واكد تاريخ الشيوعيين العراقيين على نقاء وصدق انتمائهم للوطن , وشعورهم العالي لمتطلباته الوطنية وفق  ظروفها ومرحلتها واحداثه ومتغيراتها , واخلاصهم لوحدته الوطنية واستقراره , وقوته واستقلاله السياسي والاقتصادي وتحرره وتطوره وسيادة الامن والامان و السلم الاهلي فيه . وضمان الحقوق والحريات , والمساواة بين المواطنين وتحقيق العيش الكريم للشعب , وقدم الشيوعييون العراقييون على طريق تحرر الوطن وسعادة الشعب تضحيات جسام طيلة الثمانية عقود الماضية .
الشطر الاول من الشعار وطنُ حًر:
هو الوطن المستقل والكامل السيادة و المتحرر من كل اشكال السيطرة الاستعمارية والتبعيةالخارجية سواء كانت السياسية او الدبلوماسية او العسكرية او الاقتصادية اوالقانونية او الثقافية ....الخ والمتحرر من كل اشكال الهيمنة والاستبداد والاستغلال والقمع الداخلي بكل اشكاله , ومن حيث التطبيق العملي يؤكد  محتوى الشعار ان الوطن الحر لن يتحقق الا في ظل سيادة الديمقراطية الحقيقية في الوطن .  من هذا نرى ان الشعارمن حيث المحتوى , يؤكد على ديمومة النضال من اجل سيادة الديمقراطية , وارتباطاً بموضوعة الديمقراطية , فان هنالك عنصريين مهميين يدخلان ضمن محتوى الشعار لأجل تحويلة الى واقع على الارض , رغم ان الشعار لم يشر اليهما وهما :
اولآ مبدأ المواطنة :
من محتوى الشعار ومعانية ومضامينة الفكرية الديمقراطية الاجتماعية ( التي تمثل مصالح الشعب والوطن الآنية والمصالح الجذرية البعيدة المدى) نجد ان الشعار ينظر للمواطنة من رؤية ديمقراطية ويرى في المواطنة انها ليست فقط مجرد الاقامة في هذه البقعة او حمل الوثائق الرسمية التي تثبت الانتماء لهذا الوطن فحسب , ولكن على ارض الواقع تعني  ضمان كافة الحقوق والحريات للمواطنة وفي المشاركة في بناء الوطن وادارته كان ولا يزال مبدأ المواطنة في العراق مهمش . ويؤكد الشعار انه لا يمكن للوطن ان يكون حراً مكتملاً , ان لم يتحرر مبدأ المواطنة من الاستغلال والهيمنة والتهميش والاقصاء والالغاء ومصادرة الحقوق والحريات. وتضمن حقوق المواطنة وحرياتها في الوطن الحر بالديمقراطية ومؤسساتها وقوانينها . وهذه الرؤية تتطابق مع ما تؤكد علية العلوم الاجتماعية ذات المحتوى الديمقراطي حيث تعرف ( المواطنة هي العضوية الكاملة في المجتمع , بما يترتب عليها من حقوق وواجبات وحريات ) . وهذا ما معناه ان كافة المواطنيين هم متساوون ولا يوجد تمييز فيما بينهم على اساس الدين او القومية او العرق او الجنس او اللون او الانتماء الفكري والسياسي او المستوى الاقتصادي . من هذا ارى من وجهة نظري ان الشعار برؤيته لمبدأ المواطنة انه يستند على مجموعة من القيم الديمقراطية . هي قيمة المساواة وقيمة الحرية وقيمة الحقوق وقيمة المشاركة والمسؤولية الجماعية لبناء الوطن وادارته  .بهذه الرؤية نرى ان الشعار يؤكد على ان هذه القيم اليمقراطية لا بد ان يتم ضمانها بسن قانون ديمقراطي  , لضمان هذه القيم اولاًولتنظيم العلاقة في المجتمع ثانياً . في القانون الديمقراطي مثلاً نرى ان الحرية انها ليست فوضوية وانما هي واعية مسؤولة مصانة بقانون , وانها حرية ذات محتوى ديمقراطي بنائه , لذا فان الحرية هنا تؤمن بالتعددية الراقية الديمقراطية . التي تشكل صمام امان واستقرار المجتمعات المتحضرة يرافقها مقاييس التعايش السلمي بين افراد المجتمع وتضمن الوحدة الوطنية وتحتضن كل قومياتة واديانة واحزابة وتياراتة السياسية والفكرية . كما تضمن تطور الوطن وتقدمه و ضمان الامن والاستقرار والعيش الكريم للشعب وتلبية حاجاته ومتطلباتة .
ثانياً مبدأ الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها :
في الوقت الذي يؤكد فيه ضمناً الشعار على مبدأ المواطنة , نجد انه من حيث الجوهر تضمن الشعار ايضاً الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها , لأنه من حيث الواقع ان الوطن الحر وسعادة الشعب لن تأتي من خيال او فراغ , وانما من مبدأ آخر هو الدولة وطبيعة النظام السياسي فيها , هنا يكمن الربط الدايلكتيكي بين قسمي الشعار ( وطن حرً وشعبً سعيد) . فأي دولة يريدها الحزب من شعاره هذا انها بلا شك دولة المواطنة اي دولة الشعب , الدولة المدنية الديمقراطية وطبيعة النظام السياسي فيها ديمقراطي تعددي تداولي تسود فيه المؤسسات الديمقراطية , ففي الوقت الذي ينظر فيه الشعار الى مبدأ المواطنة وما يتضمنه من حقوق وحريات وواجبات ومشاركة في بناء الوطن وشعور عالي بالمسؤولية ازاء مصالح الوطن والشعب , فما يراه الشعار في المبدأ الثاني ان طبيعة النظام السياسي الديمقراطي , لا بد ان  يكون مكمل وليس معارض او متصادم مع مبدأ المواطنة , مع وجود علاقة بين المواطنة والدولة , وتنظم العلاقة او الترابط بقانون ديمقراطي, حيث تقوم الدولة متمثلة بالحكومة المنتخبة ,في توفير الخدمات والامن والأستقرار والسكن والمواصلات واعمار البلد وتطوير اقتصاده وحماية ثرواته وضمان الحقوق  والحريات والحماية القانونية للمواطنيين والتعامل على قدم المساواة, وهنا تكمن العلاقة المترابطة المادية بين طبيعة النظام السياسي الديمقراطي ومبدأ المواطنة وتلبية حاجات الوطن والشعب ..
و النظام السياسي الديمقراطي يقبل  بالمسائلة القانونية لمسؤولي الدولة او مسؤولي النظام السياسي , لأن القاعدة القانونية الديمقراطية , تضمن المحاسبة على قدم المساواة دون اي تمييز بين فرد وآخر ومواطن ومسؤول في الدولة . على ان تتم العملية وفق مقاييس وطنية بعيدة عن الاستقطابات الذاتية والطائفية والحزبية , فهذه المعاييرلا تصمد امام معايير الديمقراطية الحقيقية  , مع اشتراط استقلال القضاء .
الشطر الثاني من الشعار شعبً سعيد :
أكدت تجربة الحزب وتاريخ العراق السياسي الحديث ان من صاغ  الشعار من مؤسسي وقادة الحزب الأوائل انهم ليسوا مجرد سياسيون او قادة حزبيون ابطال ووطنيون وانقياء في اخلاصهم لوطنهم وشعبهم , وانما هم قادة من طراز خاص, لا بل يحق لي القول انهم عباقرة و تكمن عبقريتهم من وجهة نظري في فهمهم للفكر الماركس وتطبيقة على واقع العراق , ونجد ترجمة هذا التطبيق المبدع ليست فقط في سياسة الحزب  وبرنامجة وانما موجودة في شعارة ( وطنُ حُر وشعبُ سعيد ) فالسعادة هنا ما يقصدها الشعار ليست ذاتية على مستوى الافراد او مجموعات بشرية وانما على مستوى الشعب , اي السعادة هنا المصاغة في الشعار تكمن في ازالة كل شكل من اشكال الاستغلال سواء كان السياسي او القانوني او الاقتصادي او الاجتماعي او الحقوقي او الثقافي .... الخ . اي بمعنى آخر نجد ان السعادة ماتعنية في الشعار هو تحقيق المصالح الجذرية  للشعب, والمصالح الجذرية تعني هنا في الظرف او في المرحلة الراهنة هو سيادة الديمقراطية ذات المحتوى الاجتماعي في الحياة السياسية وفي مؤسسسات الدولة وفي التشريعات القانونية والاقتصادية والحقوقية وصولاً الى تحقيق التقدم والرفاه والازدهار وتحقيق المساواة ,  وفي المرحلة اللاحقة او في المدى البعيد هو تحقيق الهدف النهائي بناء الاشتراكية , هنا تكمن السعادة في الشعار بتحقيق المصالح الجذرية للشعب ..
8-4-2014
 

57
الرد الروسي في أزمة اوكرنيا يعيد سيناريو الازمة مع جورجيا
فلاح علي
ان الأزمة الاوكرانية أعادت الى الاذهان مجدداً الحرب التي حصلت في جورجيا وما نتج عنها من تداعيات داخلية في جورجيا وصراع اقليمي مع روسيا ومن تداعيات دولية , ففي الوقت الذي لم تتمكن فيه الولايات المتحدة والغرب من نجدة حليفهما ساكاشفيلي رئيس جمهورجية جورجيا من مأزق تورطة في الحرب في اقليمي اوسيتا وافخازيا , وكان الهدف من توريط جورجيا في الحرب هو لضمها لحلف الناتو لمحاصرة روسيا من جهة القوقاز الجنوبية . وان كانت الازمة الجورجية  مفتعله و امتداد لأزمة  نصب قواعد الدرع الصاروخي في بولونيا وجمهورية التشيك , حيث منذ احداث الدرع الصاروخي في 2007 الى الآن , مرت العلاقات بين روسيا وامريكا  بمحطات وتقلبات وتحولات وانتقلت من التنافس الجيوسياسي الى الصراع الجيوسياسي الشديد في العديد من المناطق وفي القضايا الخلافية, رغم ان العلاقة ما بين روسيا وامريكا قائمة على التعاون او الشراكة في قضايا معينة مثل محاربة الارهاب والمخدرات والحد من انتشار الاسلحة النووية , وايجاد حل سلمي للصراع الفسطيني الاسرائيلي وكذلك للملف النووي الايراني والأزمة في سورية .... الخ . لكن هذا لا يلغي الصراع الجيوسياسي بينهما , فالأزمة الاوكرانية لن تكون هي الازمة الاخيرة في تصعيد الصراع في العلاقة بين روسيا وامريكا  .
اسباب الرد الروسي في اوكرانيا هي مشابهه لأسباب الرد السريع في جورجيا :
الرد الروسي السريع والذي فاجئ الحكومة الجورجية والادارة الامريكية وحلف الناتو , لم يكن بسبب ان جورجيا ومنطقة بحر قزوين غنية بالنفط والغاز والمعادن فقط , أو كرد على استقلال كوسوفو عن صربية الذي كانت تعارضة روسيا لأنها كانت ضد الحرب في يوغسلافيا الا انها لم تستطع ايقافها بسبب اوضاعها الاقتصادية آنذاك في عام 1999 خلال عهد يلتسن . لم يكن الرد لهذه الاسباب فقط  وانما جاء الرد الروسي لأسباب اخرى رغم ما تضمنه الرد حينها من توجيه رسالة روسية لأمريكا والغرب وعدد من الدول الاقليمية ومن بينها أوكرانيا ومن هذه الاسباب :
1-ان روسيا تعارض توسع الناتو , وتعارض انضمام دول بجوارها الاقليمي من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق لحلف الناتو .
2-ان روسيا تعارض نشر قواعد لحلف الناتو او قواعد عسكرية امريكية على اراضي الدول القريبة على حدودها , فقد هددت روسيا بولونيا في عام 2007 بضربها باسلحة نووية اذا وافقت على نصب الدرع الصاروخي على اراضيها .
3-ان روسيا ترفض تواجد اساطيل الناتو, او اية قاعدة أخرى للحلف في البحر الاسود . فكان الرد الروسي في جورجيا آنذاك هو رسالة تهديد لدول اوربا الشرقية سابقاً التي تريد منح قواعد للدرع الصاروخي فوق أراضيها , هذا أولاً وثانياً ان روسيا تعارض دخول اوكرانيا لحلف الناتو . وتعتبر ان دخول اوكرانيا لحلف الناتو انها خطوة خطيرة تسهم في تطويق ومحاصرة وعزل روسيا عن محيطها الاوراسي وتهدد امنها القومي , وحرمانها من موقع جيوسياسي هام جداً من تواجد اسطول البحرالاسود الروسي في اوكرانيا . لهذا فان سيناريو الرد الروسي في اوكرانيا  يتكرر وكان مفاجئاً لأمريكا والغرب وللنظام اليميني المتطرف الجديد في اوكرانيا .
ما أهمية اوكرانيا بالنسبة لروسيا :
ان اوكرانيا تتمتع بموقع جيوسياسي هام بالنسبه لروسيا كما هو موقع جورجيا , وبلا شك ان اوكرانيا اكثر اهمية , وذلك لوجود حدود مشتركة فيما بينهما , وهذا يعني انها اكثر قرباً الى موسكو من حيث الموقع الجغرافي . اضافة الى ان المناطق الشرقية والجنوبية تقطنها غالبية روسية .  والاكثر اهمية هو تواجد الاسطول الروسي الحربي في البحر الاسود في شبه جزيرة القرم . وفق اتفاقيات تنتهي في عام 2017 الا انه بعد انتخابات عام 2010 في اوكرانيا تم تمديد الاتفاقية لعام 2042 . كما ان السياسة الخارجية الروسية , ترتكز بالاساس من الانطلاق من محيط روسيا الاقليمي ( اوراسيا) , وهي مجموعة دول من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق , وتعتبر اوكرانيا من اهم الدول الاوراسية , من حيث الموقع والاهمية وما تملكة من مصادر وكبر المساحة , ففي ظل السياسة الخارجية الروسية ومصالح امنها القومي يكون من المستحيل ان توافق روسيا على ضم اوكرانيا لحلف الناتو او اقامة قواعد عسكرية للحلف على اراضيها رغم استقلال اوكرانيا , لهذا جاء الرد الروسي سريعاً.
ماهي اوجه التشابه والاختلاف في نتائج الرد الروسي في الأزمتيين :
عندما بدأت جورجيا هجومها العسكري في 7-8-2008 على اقليمي أوسيتا وأفخازيا , كان الرد الروسي سريع ومذهل بالنسبه لجورجيا ولأمريكا والغرب حيث في 8-8-2008 قامت القوات الروسية بالتوغل في الاراضي الجورجية لحماية المواطنيين الروس القاطنيين في اقليمي افخازيا وأوسيتا , وعلى اثر ذلك أعلنت الأدارتيين في الاقليميين استقلالهما عن جورجيا واعترفت روسيا باستقلال الاقليمين. ودعمت إستقلالهما وأقامت علاقات دبلوماسية مع الجمهوريتيين , ووقعت معهما اتفاقات للتعاون والصداقه , وسمحت الاتفاقيات بينهما بأقامة قواعد عسكرية روسية على اراضي الجمهوريتيين . ان كان الرد الروسي في جورجيا يمثل رسالة لأمريكا والغرب واوكرانيا ودول اخرى , فجاء الرد الروسي في أزمة اوكرانيا وكأنه يمثل اكثر من رسالة تحذيرية , وكأنها رسالة بالستية أصابت هدفها . فالازمة الاوكرانية وما نتج عنها من تداعيات على الصعيد الداخلي , من سيطرت المتطرفيين على الحكومة والبرلمان , قابلة رد من جانب سكان شبه جزيرة القرم بالقيام باستفتاء على مصير الجزيرة في يوم 16-3-2014 وكانت نتيجية الاستفتاء هو انضمام  شبه جزيرة القرم الى روسيا , وانفصالها عن اوكرانيا , واعتراف روسيا بها , وبدأت روسيا بأتخاذ اجراءات قانونية لضمها الى روسيا , وهذا يعني استحالة عودة شبه جزيرة القرم الى اوكرانيا , وكما في ازمة جورجيا ظهرت ازمة في العلاقة بين روسيا وامريكا وبعض دول الاتحاد الاوربي , ظهرت نفس الازمة في العلاقة في الازمة الاوكرانية , ولكن بشكل اكثر حده , وأكدت الازمتيين على ان النتائج كانت واحدة , رغم ان روسيا لم تخوض الحرب في اوكرانيا كما في جورجيا . في الازمتيين لجأت الولايات المتحدة وبعض دول الغرب الى توجيه رسائل اعلامية الى روسيا , وتهديد بالمقاطعة والحصار الاقتصادي والتجاري لروسيا لكن على ارض الواقع , في الازمة الجورجية كان الاتحاد الاوربي منقسم بعضه ضد العقوبات وقاد ساركوزي وساطة ونجحت , اما في الازمة الاوكرانية وان اتخذت عقوبات لكنها لا تزال اشبه بالتحذيرية وغير مؤثرة على الاقتصاد الروسي لدرجة كبيرة , او لموقع روسيا كقطب دولي , ومع هذا يلاحظ العالم ان روسيا ماضيه في اجراءاتها القانونية لضم شبه جزيرة القرم , والغاء الاتفاقيات السابقة مع اوكرانيا خاصة فيما يخص تواجد اسطول البحر الاسود, ومع هذا تهدد روسيا بضم شرق وجنوب اوكرانيا كورقة تلعب فيها للضغط في تسوية الازمة وفق شروط موسكو .
ما هي عناصرالقوة والضعف لدى روسيا وامريكا والغرب في ازمة اوكرانيا :
ان المعطيات على الارض تؤكد ان امريكا ومعها الغرب لا يملكون اوراق رابحة يساومون عليها في اوكرانيا او للضغط على روسيا لأجبارها على التخلي عن شبه جزيرة القرم . وعلى العكس نجد ان روسيا لديها عناصر قوة تمكنها من ان تكون اكثر تأثيراً وحسماً للامور في اوكرانيا من امريكا والغرب , وبهذا فان روسيا قادرة على المناورة اكثرمن امريكا بحكم ما تملكة من اوراق رابحة في المنطقة الاوراسية وفي اوكرانيا بالذات . ان عناصر القوة والنفوذ الروسي تكمن في مجموعة من العوامل والاسباب منها :
1-عوامل اقتصادية :روسيا قدمت مساعدات مالية بقيمة مليار دولار, شهرياُ ماقدمته ما بين 80 الى 90 مليون دولارلأوكرانيا ليس بمقدور امريكا في ظل ازمتها الاقتصادية والغرب متمثلاً بالاتحاد الاوربي  توفير هذه المبالغ . كما ان الصناعات والاقتصاد الاوكراني يعتمد على النفط والغاز الروسي وان روسيا تقدم هذه المواد لاوكرانيا باسعار مخفضة جداً . اضافة الى ان هناك تبادل تجاري واقتصادي  لبضائع اخرى فيما بينهما ,فروسيا من الجانب الاقتصادي هي اكثر تأهيلاً لأن الاقتصاد الروسي في نهوض ومتنوع ومتطور . كما ان روسيا نظراً لنهوضها الاقتصادي ((اشترت سندات استثمار من الخزانة الامريكية بقيمة 100 مليار دولار في العام الماضي , وبهذا فان روسيا  قد تضطرلسحب سندات الاستثمار من الخزانه الامريكية وقد تشجع الدول التي تربطها علاقات واتفاقات معها مثل الصين مثلاً على تفريغ سندات الخزانه الامريكية وتفريغ الدولار . وهذا سيؤدي الى انهيار النظام المالي في الولايات المتحدة الامريكية )),(1)  كما ان العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها امريكا وبعض دول الاتحاد الاوربي ضد روسيا هي غير مؤثرة بفاعلية على روسيا . وتؤكد المعطيات على الارض ان معظم العقوبات ضد روسيا ستعاني منها الولايات المتحدة نفسها ودول الاتحاد التي تشاركها في العقوبات. 
2- من الجانب العسكري :ان وجود اسطول البحر الاسود في اوكرانيا وانتقال قطعات منه الى البحر الابيض المتوسط ,ولقرب اوكرانيا الى روسيا فان القدرات العسكرية الروسية في البحر الاسود هي افضل من القدرات العسكرية الامريكية وحلف الناتو , وبهذا تستطيع القوات الروسية التحرك السريع وبفترة قياسية وبدون تكاليف مالية عالية من تحقيق اهدافها , وامريكا والغرب تواجهما صعوبات كثيرة منها عدم وجود قواعد وسفن لهما في البحر الاسود اضافة الى الاعباء المالية الكبيرة وبعد المسافة, ورغم ان امريكا لديها تنافس او صراع مصالح شديد مع روسيا لكنها لا تريد المواجهه المباشرة معها لانه ستكون هناك كوارث لكلا البلدين وبلدان المنطقة بحكم ما يملكاه من اسلحة نووية. لا سيما وان امريكا تعرضت الى خسائر بشرية والى اعباء مالية كبيرة والى فشل في سياستها الخارجية بسبب انها دخلت في حرب في افعانستان وفي العراق وفي ليبيا ومعها حلفائها الغرب فهم غير قادرون على القيام بمغامرة جديدة مع دولة عظمى , ولديها قدرات عسكرية واقتصادية وحلفاء واتفاقيات مع عدد من الدول التي تملك امكانيات عسكرية واقتصادية مثل دول اتفاقية شنغهاي واتفاقية  BRIKSبريكس .
3- من الناحية القانونية  : ان روسيا تملك مبررات قانونية للتدخل  ولحماية ومساعدة سكان القرم ذات الاصول الروسية ,بالاستقلال والانضمام الى روسيا ولديها ايضاً في المناطق الشرقية والجنوبية من اوكرانيا مواطنيين روس قاطنيين في اوكرانيا , اذا طلبوا الحماية من روسيا ضد اعتداءات او هجمات المتطرفيين الاوكرانيين , فان روسيا لا تتردد في التدخل لحمايتهم عسكرياً , هذه الورقة في القانون الدولي تعتبر الى جانب روسيا ,ان الولايات المتحدة الامريكية وبعض دول الغرب لا يمتلكون هذه الورقة.اضافة الى انه هنالك العديد من مصادر القوة تمتلكها روسيا في المنطقة الاوراسية .
الاستنتاجات :
1-ان الرد الروسي في الحرب في جورجيا وفي ازمة اوكرانيا اكد على ان روسيا قادرة على اتخاذ خطوات عملية ولم تكتفي بالتصريحات فقط . كما ان روسيا في كلا الازمتيين اكدت على اثبات القدرة القتالية العالية لقواتها المسلحة . كما اكدت روسيا من خلال  قدرتها على الرد السريع على اثبات ليس فقط على ان لها دور فاعل في منطقة القوقاز وفي اوراسيا . وهي المسؤولة على الحفاظ على الامن والاستقرار في هاتيين المنطقتيين, وانماايضاً على انها دولة قطبية لا تسمح بتفرد قطب بتقرير مصير دول اوفي والهيمنة في العلاقات الدولية وهذا ما تجلى بشكل اكثر وضوحاً في الازمة الاوكرانية . 
2- الوقائع على الارض تؤكد ان روسيا تنظر الآن للسياسة الخارجية الامريكية بانها تشكل مصدر خطرعلى المصالح الروسية . لهذا كان الرد الروسي سريع في بعض الازمات , وهو تصعيد للتنافس والصراع مع الولايات المتحدة كرد لأستفزازاتها لروسيا .لكن الواقع على الارض يؤكد ان هذا التصعيد لا يشكل بالضرورة العودة الى اجواءالحرب الباردة والى سباق التسلح بين موسكو وواشنطن , وكما يبدوا هو عودة بطيئة ومتدرجة لأستعادة بعض مناطق النفوذ التي فقدتها روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في مرحلة يلتسن .ولتغيير قواعد التعامل مع امريكا , لأن روسيا سعت لأستعادة التوازن الدولي , ولها دور فاعل في السياسة الدولية وهي الآن دولة قطبية وتسعى لأقامة نظام دولي متعدد الاقطاب .
3- أما على صعيد قدرة امريكا والغرب على عزل روسيا، او فرض حرب اقتصادية تجارية على روسيا, فهذا حسب الخبراء لا يعدو كونه كلاماً للاستهلاك، لأن أميركا اليوم بحاجة ماسة للحفاظ على استثماراتها في روسيا ويصعب تعويضها في بلد آخر في العالم، اضافة الى ان روسيا لديها سندات في الخزينة الأميركية تصل الى اكثر من 150مليار دولار حسب وكالة انباء نوفوستي . بإمكانها إذا عرضت بيع هذه السندات في السوق أن تدفع النظام المالي الأميركي إلى الانهيار وإلى نهاية سيطرة أميركا على النظام المالي الدولي، اضافة الى ذلك فأن الاتحاد الاوربي غير موحد وغير جاد باتخاذ قرارات الحصار الاقتصادي والمقاطعة ضد روسيا , لأن يعض الدول في الاتحاد هي تعتمد صناعاتها على النفط والغاز الروسي بنسبة 40 وبالذات المانيا وفرنسا وبريطانيا . فان هذه الدول وغيرها من دول الاتحاد تحتاج الى العلاقات التجارية مع روسيا لاستيراد الغاز الروسي ومصادر الطاقة وكذلك تحتاج الى السوق الروسية لتصدير منتجاتها .
4- أن المعطيات تؤكد ان امريكا والغرب ليس بمقدورهم القيام بمغامرة كمواجهة  عسكرية مع روسيا , ان رجحان الكفة في الازمة الاوكرانية  لصالح روسيا على كل المستويات , وارى من وجهة نظري انه ستفرض روسيا على امريكا والغرب تسوية في اوكرانيا كأن تبقى اوكرانيا حيادية وتجري انتخابات حرة وديمقراطية فيها , وقد يحصل فيها حلفاء روسيا على تمثيل فاعل في البرلمان. كما فرضت ذلك عند تسوية الازمة في جورجيا , وسترضخ امريكا والغرب لشروط موسكو في تسوية الازمة بعدم انضمام اوكرانيا لحلف الناتو وعدم اقامة اي قاعدة على اراضيها او في مياهها.كما ان لروسيا اوراق اخرى تلعب فيها في حالة رفض امريكا والغرب والمتطرفون اليمينيون القبول بشروط روسيا , فقد تلجأ لحماية مواطنيها من استفزازات المتطرفون اليمينيون بالسيطرة على المناطق الشرقية والجنوبية , وبهذا ستكون في موقع اقوى بفرض شروطها عند تفاوضها مع الغرب حول ازمة اوكرانيا .
5- الولايات المتحدة الامريكية والغرب , ضنوا انهم انتصروا في اوكرانيا , بعد ان تواصلت الاحتجاجات , لا سيما بعد ان وقع الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيش مع المعارضة في 21 شباط / 2014  اتفاق بوساطة اوربية وامريكية وموافقته على معظم مطاليب المعارضة , بما فيها اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة , الا ان المعارضة رفعت من سقف مطاليبها , بلا شك بدعم امريكي واوربي , وحذرت روسيا من ذلك التصعيد , الا ان قادة الغرب تجاهلوا التحذيرات الروسية , الى ان استولت المعارضة على السلطة . هنا ارى انه تصورت امريكا والغرب انهم كسبوا المعركة واصبحت اوكرانيا بين ايديهم , الا ان الرد الروسي في الشوط الثاني من المعركة , كان مفاجئاً لهم ومذهلاً , رغم انه كان التغيير سلمي , بسيطرة سكان مدينة القرم على المواقع الحساسة في المدينة واقاموا باستفتاء في يوم 16-3-2014 وكانت النتيجة الانضمام الى روسيا , فكانت نتائج المعركة في اوكرانيا في شوطها الثاني  خسارة كبيرة لأمريكا وممكن تسميتها خسارة استراتيجية وفشل للسياسة الخارجية الامريكية , وهذا ما يؤكد ان الامريكان وحلفائهم في حلف الناتو ,  لا يجيدوا قراءة التحذيرات الروسية , وليس لديهم دراية بخطط روسيا المدروسة التي وصلت اليهم في رسالة اولى رداً على نصب الدرع الصاروخي , وفي رسالة ثانية في ازمة جورجيا , وفي رسالة ثالثة في ازمة سوريا حيث فرضت روسيا تبني خيار الحل السلمي للازمة السورية, وهذه هي الرسالة الرابعة في ازمة اوكرانيا وكانت بحق رسالة روسية بالستية اصابت هدفها .
9- ما اكدته الازمة الاوكرانية وازمة جورجيا وازمة سوريا وغيرها ان الولايات المتحدة الامريكية هي صانعة للازمات في العالم , ليست فقط الازمات المالية وانما الازمات السياسية , وتسخين العلاقات الدولية , والتدخل في شؤون الدول , يقابلها فشل استراتيجي في سياستها الخارجية .
30-3-2014
1- جريدة الاهرام في 18-3-2014





58
تعثر مفاوضات جنيف 2 لا يعني فشل الحل السياسي
(2-2)
فلاح علي
ماهي عناصر القوة التي توقع كل طرف  انه يمتلكها خلال توجهة  الى مفاوضات جنيف2 :
1-توجه وفد الأئتلاف الى مؤتمر جنيف 2 وهو يعتبر نفسه ممثلاً للحراك الجماهيري الشعبي السلمي الذي انطلق في مدن سورية منذ 3 سنوات والذي شكل هذا الحراك الجماهيري الواسع بداية لثورة الشعب السوري , المتعطش للحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة  . وان بعض اعضاء الوفد ذهب اكثر من ذلك وكأنهم حصلوا على تفويض من الشعب , لتمثيله في هذه المفاوضات وتحقيق طموحاته في حل الازمة السورية وفق رؤية الأئتلاف .
2- يرى الأئتلاف ان لدية قوات على الارض متمثلة بالجيش الحر , ويسيطر على بعض الارياف في حلب وحمص وادلب ودرعا وبعض ارياف دمشق ...... الخ .
3- يعتقد وفد الأئتلاف انه يحظى بدعم اقليمي ودولي , وان هذه الدول تمده بالمال والسلاح والدعم اللوجستي بما فيها التدخل المباشر ان تطلب الامر .
ولكن ما لمسه المراقب على وفد الأئتلاف , بوجود انفصال بين رؤية الأئتلاف للحل وبين تمثيله لمصالح الشعب السوري المتمثله بخيار الحل السلمي , وبهذا ظهر وفد الأئتلاف , كأنه فاقد للقرار السياسي المستقل , وهذه تعتبر من وجهة نظري احد المؤشرات الاساسية , لعدم امتلاكة لعناصر القوة الذاتية في هذه المفاوضات . وانطلق في وجهة نظري هذه من المعطيات التالية :
1-توجه وفد الأتلاف الوطني الى مؤتمر جنيف 2 وهو غير موحد الصفوف حيث وفده المفاوض لا يمثل كل المعارضة السورية وبالذات منها القوى الوطنية الديمقراطية واليسارية والليبرالية والتي تناضل لحل الازمة السورية بالوسائل السلمية , ما اكدته تجارب الشعوب ان الحل السياسي السلمي يحتاج الى معارضة سياسية سلمية , تؤمن بالحوار والحل السلمي , وتمثل كل قوى الشعب ومنظماته السياسية وفئاته الاجتماعية الواسعه وبأمتلاكها للقرار السياسي ولديها برنامج وطني ديمقراطي , بهذا يمكن القول انها يمكن ان تمثل  المصالح الحقيقية للشعب والوطن .
 2- ظهر وفد الاتلاف انه ليس فقط لا يمثل كل المعارضة السياسية ,وانما لا يمثل كل الحراك الجماهيري الشعبي السلمي الذي انطلق قبل 3 سنوات هذا أولاً وثانياً بضعف تمثيله هذا اكد وفد الأئتلاف انه توجهه الى مفاوضات جنيف وهو بلا برنامج سياسي وطني ديمقراطي , وما يؤكد ذلك انه اختزل وثيقة جنيف 1 بجملة واحدة وهي مناقشة تشكيل الحكومة الانتقالية او الهيئة الانتقالية .
3-  بهذا ظهر وفد الأئتلاف وكأنه يتبنى أجندات اقليمية ودولية , وانه مع استمرار تدويل الازمة السورية واطالة امدها , وهذا ما تريده هذه الاجندات الاقليمية والدولية . وما يؤكد ذلك هو سرعان ما سربت الادارة الامريكية معلومات انها ستزود المعارضة بالسلاح وسيتم فتح جبهة درعا , لوحظ على وفد الأتلاف المعارض القبول والارتياح في هذا التدخل الخارجي . وتبين للوفد انه بهذا التصريح الاعلامي الامريكي انه سيفوز بالامساك بدمشق وسيتسلم القصر الجمهوري عاجلاً ام آجلاً من الدعم السعودي والامريكي, فركض وفد الأتلاف وراء الوهم والسراب وبالذات رئيسه حيث بشر حاملي السلاح وقادة الجبهات والمجلس العسكري الحر انه سيصل اليهم السلاح المتطورقريباً . هل يعقل بالحصول على السلاح المتطوروفتح جبهة درعا هما كافيان للضغط على النظام واستسلامه وفرض شروط الأئتلاف عليه  بهذا الخيارفقط تحل الازمة السورية؟
4- كان الأئتلاف في تصريحاته الاعلامية ينفي وجود قوى متطرفة , وهي بنفس الوقت تنمو وتتكاثر بشكل سريع , ثم اعترف لا حقاً ان نسبتها قليله لا تصل الى 5% . وهي اليوم تمثل تشكيلات عسكرية كبيرة وتنظيمات متطرفة ومتنوعه ليس فقط داعش وانما جبهة النصره , والجبهة الاسلامية واسماء اخرى . ولكن نجد اليوم ان الجيش الحر يقاتل بعض القوى الاسلامية المتطرفة مثل داعش واجبر الجيش الحر داعش اخيراً من الانسحاب من منطقة اعزاز وبعض قرى ريف حلب , وهذا النجاح من وجهة نظري يحسب للجيش الحر وليس للأئتلاف , ما ذا يقول الأئتلاف للشعب السوري وهو الى الآن لم يفرز هدفه وتوجهاته عن هدف وتوجهات هذه القوى المتطرفة ؟ هل تسمح هذه القوى المتطرفة للأئتلاف بالأيفاء بمصداقية الشعار الذي يرفعه في بناء سورية الديمقراطية ؟ علماً ان هذه القوى المتطرفة هي مع الحل العسكري للازمة السورية وهي تريد دولة دينية .
 أما وفد النظام فتوجه الى جنيف 2 وهو يعتقد  انه على حق لأنه يدافع عن سيادة البلد واستقلاله , ويعتقد ان وفد الأتلاف متورط باجندات اقليمية ودولية مع وجود قوى اسلامية متطرفة ارهابية يقاتلها الجيش السوري , وان لديه تحالفات اقليمية كما لوفد الأئتلاف تحالفات اقليمية ودولية , كما انه يعتقد ايضاً انه يمتلك عناصر القوة والحسم على الارض . وتتمثل عناصر القوة هذه هو انه  قبل وخلال مفاوضات جنيف 2 حصلت تطورات داخلية هامة حسبت نجاحات للجيش وللنظام السوري . من هذه التطورات حصل حدثيين بارزيين هما :
الحدث الاول : نظراً للوساطات التي قام بها وجهاء الاحياء في دمشق وبعض البلدات والقرى في ريف دمشق التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة . نجحت هذه الوساطات في دمشق وريفها من ايجاد تسويات ومصالحات وطنية بين الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة . بدأت في حي برزة البلد ثم بلدة قدسيا ومعضمية الشام وانتقلت الى ريفها في قرية ببيلا واخيراً وليس آخراً ما حصل في مخيم اليرموك . هذه المناطق شهدت معارك بين الجيش ومقاتلي المعارضة ,استمر القتال فترة طويلة , وحصل حصار على المواطنيين المتواجدين في هذه الاحياء , وسقط ضحايا وابرياء وشهداء وأنتج هذا الوضع مآسي انسانية ودمار ,لكن الوساطات نجحت في تحقيق المصالحة الوطنية , حيث يقوم المسلحون بضمانات بتسليم انفسهم مع اسلحتهم , وتسوى اوضاعهم القانونية والحقوقية, ويتم ضمان حقوقهم وحريتهم , ويتم اعفائهم من العقوبة والمسائله ويخرج المقاتليين الاجانب من المنطقة , بعدها تدخل المساعدات الانسانية وتعاد العوائل المهجرة ويبدأ العمل بفتح الطرقات واصلاح البنية التحتية التي دمرتها الحرب . ومن أجل السيطرة على الوضع الامني حسب ما نشرته وكالات الانباء شكلت نقاط مشتركة من الجيش والعناصر المسلحة التي سلمت نفسها , وقد نشرت وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي مثل اليوتوب عشرات الصور التي يظهر فيها مقاتلوا المعارضة وعناصر من الجيش يتبادلون الحديث وتظهر على وجوههم الفرحة الممزوجة بمشاعر وعلامات الاسف والندم على الاقتتال الذي حصل , وما نتج عنه من دمار ومآسي وعلى  استمرارنزيف الدم  بين ابناء الشعب السوري . بعد النجاح الذي حصل في مخيم اليرموك من خروج المقاتليين نتيجة لجان الوساطة والمصالحة التي شكلها ابناء مخيم اليرموك , وعادة الحياة الطبيعية الى المخيم , وتم ادخال المساعدات الانسانية وعودة العوائل المهجرة وشكلت لجان مشتركة لحفظ الامن . هذه التجارب بلا شك ستشجع مجاميع مسلحة في مناطق اخرى للانضمام الى هذه المصالحات مع الحكومة, وقد تكون الحجر الاسود هي مرشحة لحصول مصالحات فيها لقربها من مخيم اليرموك ومناطق اخرى , وقد تتكرر في محافظات اخرى . نجاح وساطات المصالحة ساعدت على اعادة الترابط الاجتماعي بين مواطني هذه المناطق , كما انها اصبحت مناطق آمنه ومكنت الجيش من افراغ احياء في دمشق وقرى في ريفها من المسلحين , وهذا يؤكد من وجهة نظري ان معركة دمشق الكبرى التي كانت تهيئ لها السعودية تضائل اليوم احتمال وقوعها .
الحدث الثاني : خلال مفاوضات جنيف بدأت معركة القلمون , ولمعركة القلمون اهمية استراتيجية وذلك ارتباطاً بموقعها الجغراقي فهي سلسلة جبلية تمتد الى الحدود اللبنانية من جهة قرية عرسال ومنطقة بعلبك وهذه السلسلة الجبلية التي يسيطر عليها المسلحون تترتبط بدمشق,  كما ان القلمون تربط ما بين دمشق وحمص بخط سريع. وحسب ما نقلت وكالات الانباء في العملية العسكرية التي بدأها الجيش السوري في منطقة القلمون تمكن من استعادة قرية جراجير وقرية السحل وكذلك سيطر الجيش على التلال المتاخمة للحدود اللبنانية من جهة عرسال .وتشير الوكالات ان الجيش يسعى بشكل تدريجي للسيطرة على التلال المحيطة ببلدة يبرود في القلمون , لأجل محاصرتها وبالتالي السيطرة عليها. وتعتبر بلدة يبرود من اهم بلدات وقرى القلمون , لقربها من الحدود اللبنانية ولعورة المنطقة ولكثرة المسلحيين فيها . وتؤكد وكالات الانباء ان يبرود فيها ورش كثيرة للسيارات المفخخة التي تدخل الى لبنان من جهة عرسال . ومن خلال يبرود يتدفق المقاتلون والسلاح والمال والسيارات المفخخة الى دمشق .
ماذا تعني معركة يبرود  او ما هي اهميتها الاستراتيجية :
ارتباطاً بموقعها الجغرافي من حدود لبنان , ونظراً للدعم السعودي الكبير للمقاتليين في منطقة يبرود , ولأشتراك حزب الله في هذه المعركة  , فان معركة  يبرود تعتبر نقطة تحول هام في مسار الاحداث , في حالة السيطرة على بلدة يبرود من قبل الجيش السوري , ( سواء بتسليم المسلحين انفسهم او بدخولها بالقوة) . فهذا التطور يسمح للجيش السوري بالسيطرة التامة على طريق دمشق – حمص السريع, وقطع تدفق السلاح والمسلحيين والمال الى الداخل السوري , وانهاء وصول السيارات المفخخة والانتحاريين الى لبنان وسوريا من تلك المنطقة. فأنها ستقلب كل موازين القوى في الحرب لصالح الجيش السوري ,  وأرى  انه بأشتراك حزب الله في هذه المعركة وبوجود دعم سعودي مباشر للمقاتليين الاسلاميين فيها , وهذا ما تؤكده بعض وكالات الانباء حيث المملكة العربية السعودية سلحت ومولت المقاتليين في يبرود , ارتباطاً بذلك فأن معركة يبرود ستكون لها ابعاد اقليمية  , السعودية من وجهة نظري لا تقبل بسقوط بلدة يبرود لان ميزان القوى سيميل لصالح حزب الله ارتباطاً بمحاذاتها لبلدة عرسال الذي يوجد نفوذ لتيار 14 آذار فيها . في حالة سقوطها يعني انتهاء النفوذ السعودي في هذه المنطقة وفي منطقة عرسال اللبنانية . وسقوط عرسال تعني للحكومة السورية الكثير منها هو انتهاء اي تهديد عسكري للعاصمة دمشق  , وبالتالي تنحصر المعارك في درعا اذا فتحت جبهة فيها وفي حلب التي ستميل موازيين القوى لصالح الجيش السوري في معركة حلب , بعد حسم معركة القلمون , والسيطرة على حمص .
الاستنتاجات :
1-  ان حسم معركة يبرود والسيطرة على سلسلة جبال القلمون من قبل الجيش السوري ,  ارى ان هذا التطور سيشكل ورقة ضغط على بعض الادوار الاقليمية وبالذات السعودية وتركيا , وستجبرها اكثر من اي وقت مضى على عقد صفقة فيما بينها لتسوية الازمة السورية , التسوية ستكون بالاساس ما بين المملكة السعودية وايران وتركيا وقد تشترك قطر فيها . وذلك لأن نتائج معركة يبرود ستغيير موازين القوى الاقليمية في المنطقة .مع افتراض ان السعودية لن تتمكن من تحقيق نجاحات على جبهة درعا , او لم تتمكن من فتحها , ويبدوا ان المملكة العربية السعودية تدرك تماماً ان حسم معركة يبرود في القلمون ستكون لصالح الجيش السوري , لهذا انها انتبهت بشكل متأخر لفشلها في التدخل في الشأن الداخلي السوري , فأضطرت في الاسبوع الماضي حسب ما نقلت وكالات الانباء من سحب ملف الازمة السورية من المتطرف بندر بن سلطان , السؤال هوهل ستسلم السعودية الملف الى شخصية معتدلة يؤمن بالحل السلمي للازمة السورية . السؤال الآخر هو بأنتصار الجيش السوري في بلدة يبرود والسيطرة على سلسلة جبال القلمون هل تقبل امريكا بالامر الواقع الجديد ؟  وهل ستوافق على التسوية السلمية وتفرض على حلفائها القبول بها ؟
2- ان كان تدخل امريكا والغرب في اوكرانيا وايضاً في فنزويلآ يأتي رداً على الدور الروسي في سورية ولتوجيه ضربة الى روسيا ومحاصرتها وتقويض نفوذها , لا سيما وان امريكا فقدت صوابها و اصابها الوهن من دور اسطول البحرالاسود الروسي , حيث بدأ يجوب معظم بحار العالم , واستقرت منه وحدات عسكرية مع سفن حربية وغواصات وحاملات طائرات في البحرالابيض المتوسط , لوجود قاعدة طرطوس في سورية , وشكلت له قيادة مستقلة عن قيادة الاسطول الاسود, لا سيما وان قاعدة الاسطول الروسي في اوكرانيا تقع في منطقة القرم . من يتابع الدور الروسي الجديد في محيطة الاقليمي وفي العالم , يستنتج من ذلك على ضوء التدخل الامريكي في اوكرانيا وقد يتطور الامر في فنزويلا ان روسيا ستكون اكثر تشدداً في موقفها من الازمة السورية وفرض الحل السلمي لها هذا اولاً وثانياً ان روسيا قادرة على حماية مصالحها و اسطولها في اوكرانيا ولديها اتفاقيات دولية موقعة مع الحكومة الاوكرانية يسمح فيها ببقاء الاسطول الروسي في موانئ اوكرانيا في منطقة القرم لغاية عام 2027 . ثم مددت الاتفاقية في عام 2010 باتفاقية جديدة نصت على ان يبقى الاسطول الروسي في موانئ اوكرانيا لغاية عام 2042 ( نقلاً عن وكالة انياء نوفستي أواخرعام 2010 ) وثالثاً ان روسيا لا تسمح بتمدد الناتو قرب حدودها من خلال تدخل امريكا و الغرب في اوكرانيا . ورابعاً ان امريكا لم تعد زعيمة العالم كما كانت في العقد الماضي وليس بمقدورها الضغط على الاتحاد الاوربي لمعاقبة روسيا لتدخلها العسكري في اوكرانيا وبالذات في شبه جزيرة القرم القسم الشرقي من اوكرانيا , لسبب اقتصادي ان اوربا تعتمد صناعاتها على النفط والغاز الروسي , اي اجراء روسي لأيقاف ضخ النفط والغاز الى اوربا , فستتوقف كافة معاملها وقطاراتها ووسائل النقل فيها , وستشل الحياة الاقتصادية فيها وتتحول معاملها الى خردة لا قيمة لها بدون الغاز والنفط الروسي الذي يشغلها . ومع هذا ان هذا التدخل الامريكي في التطور الحاصل في اوكرانيا ستكون له تبعات وتغيرات سياسية ودبلوماسية اقليمية ودولية .
3- اكدت الازمة السورية التي طال امدها عن 3 سنوات , ان القوى النيوليبرالية في الادارة الامريكية وفي الكونكًرس ايضاً , وبعض الدول الغربية , ومعهم حلفائهم الاقليميين , وادواتهم المحلية في المعارضة السورية , والقوى المتطرفة في النظام السوري وحزب البعث الحاكم وتجار الحروب , هذه القوى مجتمعة هي التي حرفت وسرقت وشوهت هدف الحراك الجماهيري الشعبي والذي شكل شرارة الثورة والتغيير المنشود . كان الشعار الذي رفعه الحراك الجماهيري الشعبي الواسع الذي انطلق في كل مدن سورية هو  المطالبة المشروعة بالحريات الديمقراطية والحقوق ومحاربة الاستبداد والفساد , وكان الحراك سلمياً , وممكن ان يستمر الحراك الجماهيري سلمياً لولا تدخل هذه القوى المتطرفة الداخلية والخارجية , ودفعته نحو التطرف وحولته الى صراع مسلح , وسرع من هذا التحول هو استخدام العنف من قبل القوى المتطرفة في النظام وحزب البعث الحاكم . ثم دخل بعد ذلك على خط الثورة القوى الاسلامية المتطرفة الارهابية ,بدعم سعودي قطري تركي ومباركة امريكية , وهي التي لا يجمعها جامع مع الثورة ومصالح الشعب والوطن .
4- لم يعد خافياً على احد ان الازمة السورية تمر في منعطف خطير جداً , وذلك في ظل الرهان على الحل العسكري وفي ظل التدخلات الخارجية والحصار الاقتصادي على عدد من القرى والبلدات , فأن الشعب السوري ليس فقط يعاني من خطر الارهاب والمجاميع المتطرفة , وغياب الامن والامان . وانما يعاني ايضاً من تدهور على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والمعيشية والانسانية حيث المجاعة والموت والمآسات والدمار, بلا شك ان النظام السوري يتحمل مسؤولية , والقوى المسلحة المتطرفة والارهابية وحلفائهم الاقليميين والدوليين الذين يتاجرون بمآسات الشعب السوري هي الاخرى تتحمل المسؤولية , وارى من وجهة نظري ان المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان ان تحمل كل هذه الاطراف المسؤولية , عن الكارثة الانسانية والمجاعة والمرض والقتل والدمار والهجرة المليونية في الداخل والخارج التي يتعرض لها الشعب السوري , نتيجة التدخل الخارجي وتفضيل الخيار العسكري لحل الازمة السورية .
5- في ظل تدويل الازمة السورية واستمرار التدخل الخارجي فيها وفي ظل تبني خيار الحل العسكري , ولا سيما بعد حسم معركة يبرود , وتعويل الأئتلاف على فتح جبهة درعا . ارى ان الأئتلاف الوطني سيفقد بالكامل استقلالية قراره السياسي , وسوف يعجز عن تحقيق عدد من القضايا الهامه ومنها : 
1- سوف لن يتمكن الأتلاف من توحيد كل المعارضة الوطنية وبالذات مد جسور التواصل والتنسيق المشترك مع القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية في الداخل التي تتبنى خيار الحل السلمي وانهاء التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري . 2 - ان الأتلاف بفقدانه لأستقلالية القرار السياسي سوف لن يستطيع الاحتفاظ بقاعدته الجماهيرية , وسيفقد حتماً الدعم الجماهيري الشعبي له وسيكون بلا حاضنه اجتماعية , وسيتحول الدعم الجماهيري بالكامل لقوى الداخل المطالبة بالحل السلمي للأزمة السورية . ان لم يسارع الأتلاف الى تصحيح اخطائه وتوجهاته ويحافظ على استقلاله السياسي ويتبنى الخيار السلمي لحل الازمة السورية .3-  ان الأتلاف بتمسكه باستراتيجية التحالف مع السعودية والولايات المتحدة الامريكية , والسير وفق أجندتهما , سيسهم في التفريط بمصالح الشعب السوري , لأن موازين القوى لاتسمح لهذه القوى ولا للأئتلاف بتحقيق انتصار عسكري على النظام او دفعه للاستسلام وفرض شروطة عليه .
6-  ان الحل السلمي هو حاجة وضرورة ينتظرها الشعب السوري , بتحقيقة سينتهي تطرف واستبداد النظام السوري والى الابد , بعد ان حكم البلاد اربعة عقود بالقوة وفرض استبدادة على الشعب , فلا يمكن ان يستمر في حكم البلاد بهذه الطريقة وبمفرده  , وسيجبر على اجراء تحولات ديمقراطية بعد تحقيق الحل السلمي , في الحل السلمي سيكون مستقبل النظام في سورية ديمقراطياً تعددياً, بلا عنف ولا ارهاب ولا اقصاء ولا استبداد , كما ان القوى الاسلامية المتطرفة سيتم محاصرتها في الحل السلمي وعزلها وستصبح بلا حاضنة اجتماعية وستهزم هي وفكرها واجندتها .
7- هناك شخصيات وطنية وديمقراطية وليبرالية في الأتلاف الوطني ,لها تأريخ سياسي نضالي معروف على الساحة السورية مثل الاستاذ ميشيل كيلو رئيس الملتقى الديمقراطي وبرهان غليون وجورج صبرا والمالح وغيرهم ,وهناك بلا شك شخصيات وطنية عسكرية ايضاً في الجيش الحر وشخصيات نسائية في الاتلاف, كيف تقبل هذه الشخصيات ان يترأسها شخص يحمل رؤية وتوجهات واجندة سعودية واقليمية ومدعوم امريكياً وغربياً , وهو من دعاة التدخل العسكري الخارجي , من هذا ارى من وجهة نظري ان التاريخ النضالي لهذه الشخصيات لا يسمح لها بالمضي الى مالا نهاية مع المشروع السعودي -  الامريكي , وهو مشروع تدميري  ليس في صالح الشعب السوري ولا يؤسس لسورية ذات المستقبل الديمقراطي  . ان هذه الشخصيات مطالبة قبل غيرها  بالعمل على خلق اصطفافات جديدة في صفوف المعارضة وبمد جسور العلاقة والتعاون والتنسيق مع القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية في الداخل التي تناضل من اجل الحل السلمي للازمة السورية , والعمل معاً على عودة  شرارة ثورة الشعب السوري الى حاضنتها الاولى وهي الحراك الجماهيري الشعبي السلمي , وبالاعتماد على الشعب السوري , وبالارادة الوطنية , والبرنامج السياسي الديمقراطي ,وبالحوار السوري السوري , يتم التوصل الى الحل السلمي للأزمة السياسية واحداث التغيير الديمقراطي . فهل ستتمكن هذه الشخصيات الوطنية والديمقراطية في الأئتلاف وفي الجيش الحر, من تغيير تركيبة الوفد المفاوض في جنيف 3 بأشراك ممثليين من القوى الديمقراطية واليسارية بوفد مفاوض مشترك ؟ وسيكون لهذه القوى الديمقراطية واليسارية دور كبير في انجاح المفاوضات مع وفد النظام لأنها تؤمن بالحوار والحل السياسي للأزمة السورية والتغيير الديمقراطي السلمي . ارى من وجهة نظري ان تغيير تركيبة الوفد المفاوض في جنيف 3 باشراك ممثلي القوى الديمقراطية واليسارية فيه ليس فقط ان هذه الخطوة ستساعد على نجاح المفاوضات , وانما سيقف الشعب السوري مع الوفد المفاوض لأنه يمثل مصالحة في الحل السلمي . وهذه الخطوة ستهيئ الارضية لأقامة اصطفاف معارض جديد طبيعته ديمقراطية , وسيحضى بالدعم ليس فقط من الشعب السوري , وانما من كل الشعوب العربية وقواها الوطنية الديمقراطية واليسارية والليبرالية والاسلامية المعتدلة,  التي تريد مستقبل سورية ديمقراطي تعددي تداولي وتدعوا للحل السلمي للأزمة السورية .وبلا شك ستكون معه كل شعوب ودول العالم , بما فيها روسيا والصين , لأن الاصطفاف الوطني الديمقراطي السلمي يشكل النضال المشروع لكل شعب بما فيها الشعب السوري , في تقرير مصيره وبناء مستقبله الديمقراطي .
1-3-2014



59
تعثر مفاوضات جنيف 2 لا يعني فشل الحل السياسي
(1-2)
فلاح علي
في البدأ لا بد من تبيان حقيقة ان مؤتمر جنيف 2 فرض على جميع الاطراف ,وذلك نتيجة لتوازنات وتوافقات دولية أفرزها الواقع الموضوعي الذي يمر فيه الوضع الدولي والاقليمي في هذه المرحلة . من هذا فأن مؤتمر جنيف شكل انعطافة هامة في المواقف الدولية والاقليمية والمحلية في تبني الخيار السلمي بدلاً من الخيار العسكري لحل الازمة السورية وتحت رعاية الامم المتحدة بلا شك ان روسيا وامريكا هما راعيتان للمؤتمر.ان مؤتمر جنيف على ضوء هذه التوازنات الدولية واحتضان الامم المتحدة له , شكل آلية ومدخل للحل السياسي للازمة السورية من خلال المفاوضات , وذلك بعد فشل الخيار العسكري لحل الازمة السورية من كلا الطرفين من طرف النظام الذي وافق على حضور مؤتمر جنيف وتخلى عن خيار الحسم العسكري لأنه غير ممكن , ومن طرف المعارضة التي تخلت عن الخيار العسكري ومعها الولايات المتحدة الامريكية التي تراجعت عن التدخل العسكري لاسقاط النظام لعدم جدواه ولعدم توفر الامكانية له لا محلياً ولا إقليمياً ولا دولياً .
مالذي يمكن ملاحظته على مؤتمر جنيف 2 وماأنتجه للشعب السوري :
1-ارى من وجهة نظري ان ما اكده مؤتمر جنيف 2انه لا تزال مصلحة الشعب السوري ومستقبل سورية الديمقراطية مرتبطان بالحل السلمي وبمواصلة مفاوضات جنيف . وان مؤتمر جنيف يشكل ارضية صالحة للحل السياسي للازمة السورية .وأكد مؤتمر جنيف الحاجة الى النفس الطويل والمرونه في المفاوضات , وان الحل السلمي للازمة السياسية التي طال أمدها 3 سنوات لا يمكن حسمه او تحقيقه في جولتين او ثلاث جولات من المفاوضات  , والحاجة اكثر لبناء جسور الثقة والقيام بمبادرات من كلا الطرفيين المعارضة وبالذات النظام والقوى الدولية والاقليمية لتهيئة مستلزمات الحل السلمي العديدة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والانسانية والامنية ووقف العنف والارهاب وانهاء التدخل الخارجي في الشأن الداخلي السوري...... الخ .
2- ما اكده مؤتمر جنيف 2 ان كلا الوفديين المعارضة والنظام لم يتخليا بعد عن رؤية وعقلية الحل العسكري  والتهديد به رغم عدم جدواه للشعب السوري, وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال التصريحات , التي يستنتج منها ان خيار الحلول العسكرية كأنه هو الارجح في عقول المتفاوضيين وحتى بعض الراعيين للمؤتمر مثل الولايات المتحدة الامريكية.
3- ان كلا الوفدين إختزلا وثيقة جنيف واحد بأحد خياريين لكل منهما , وفد النظام اصرعلى مناقشة (مكافحة الارهاب اولاً ) ووفد المعارضة تمسك بخيار ( مناقشة الهيئة الانتقالية او المرحلة الانتقالية ) . وظهر ان الطرفان بتمسكهم بهذا الطرح انهما قد اكدا للعالم اجمع على أ- انهم منذ بداية المفاوضات وكأنهم  يعملون على عرقلة مؤتمر جنيف 2  وبالتالي فانهم بهذه العقلية  وكأنهم يهيئون الى قتل الحل السلمي الذي ينتظره الشعب السوري في الداخل والمهجر في الخارج . وب- انهم بهذا الطرح قد ركنوا جانباًمصالح الشعب السوري المتمثله في حقوقه وحرياته الديمقراطية وحاجاته السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية ... الخ وج- اكد المتفاوضون على ان هنالك مصالح فئوية ذاتية وشخصية يُبحث عنها ويتطلب انتزاعها من هذا المؤتمر.وبهذه الرؤية وهذاالطرح  من كلا الطرفيين ارى انه لا المعارضة كانت مؤهلة لتمثيل مصالح الشعب السورية ولا وفد النظام . اضافة الى وجود تدخلات خارجية أثرت سلباً على سير المفاوضات .
مالذي حصل بعد هذا الموقف المرتبك واللامسؤول من كلا الوفدين :
الذي حصل ان وفد النظام أدرك خطأه ولعب لعبه ذكية فيها براعة وحنكة سياسية ودبلوماسية , ( ولا يعرف الشعب السوري هل هي من نتاج عقل الوفد ام بنصيحة من روسيا لكنها سجلت نجاح للوفد ) . حيث وافق وفد الحكومة السورية على مناقشة وثيقة جنيف واحد بند بند , وبهذا فأن وفد الحكومة قد سحب البساط من وفد المعارضة الذي تفاجئ بهذا الطرح وكأنه لم يتوقعه وكانت ضربة معلم من قبل وفد الحكومة عندما وافق على جدول العمل بهذه الصورة. لانه ما جاء في وثيقة جنيف واحد هو مصطلح  (وقف العنف) بلا شك من كلا الطرفيين , وقف العنف يعتبر احد الادوات لبناء جسور الثقة و لفتح الطريق امام الحل السياسي , والارهاب يدخل في هذا الاطار . وتشير وثيقة جنيف في هذا الجانب بما معناه ان هنالك مع وقف العنف مجموعة اجراءات مترابطة ومنها وقف التدخل الخارجي , يرافقها اطلاق العملية السياسية من جانب النظام بتشكيل حكومة انتقالية تضم جميع اطراف المعارضة السياسية والاحزاب والفئات الاجتماعية للقيام بمجموعة من الخطوات والتحولات الديمقراطية .كأطلاق سراح السجناء والمخطوفيين , والتعويضات , واطلاق الحريات الديمقراطية , واعادة صياغة الدستور , وتحديد مواعيد الانتخابات البرلمانية والرئاسية ... الخ .
4- ما يمكن ملاحظته على وفد الأتلاف من وجهة نظري , هو انه في التصريحات الاعلامية ظهر انه يمثل مصالح الشعب السوري , لكن في الممارسة وقف ضد مصالح الشعب السوري , وارى ان السبب يعود الى : 1- انه لم يمثل كل المعارضة السياسية والمستقلون والفئات الاجتماعية والسياسية وبالذات المعارضة الديمقراطية في الداخل الرافضة للحل العسكري  . 2- أثناء المفاوضات صرح بعض اعضاء الوفد انه سنحصل على اسلحة متطورة , وهذا يترجم ان وفد المعارضة غير جاد في الحل السلمي وقد يعتبره تاكتيك للكسب الاعلامي والسياسي . 3- لم يرفض وفد المعارضة التدخل الخارجي لا بل يعول عليه. 4- بعض اعضاء الوفد ومنهم الرئيس متورطون بأجندة اقليمية ودولية ويحصلون على الدعم منها, ان هكذا أجندة خارجية تعمل على وئد الحل السياسي السلمي وبلا شك انها تقف ضد مصالح الشعب السوري . 5- صحيح ان النظام في سورية مارس اقسى حالات العنف خلال الازمة السورية مثال من التعذيب ضد السجناء واستخدام البراميل المفخخة التي تنزل من الجو التي لا تميز بين المواطنيين والمقاتليين, لكن وفد المعارضة لم يعترف بوجود ارهاب من طرف المعارضة وبالذات المتطرفة منها مثل النصرة وداعش ولواء الاسىىلام السعودي او الجبهة الاسلامية ... الخ . ولم يدين الارهاب فقط حمله على النظام , وهذا الموقف من وجهة نظري وضع وفد المعارضة في أزمة أخلاقية وسياسية واعلامية وحتى مستقبلية , لانه وضع نفسه بنفس خانة القوى المتطرفة الارهابية مثل داعش والنصرة ولم يميز بين هدفه لمستقبل سورية وبين هدف هذه القوى التي تريد دولة دينية متطرفة واعادة الظلام الى سورية وقتل الحياة والحقوق والحريات فيها .بهذا ارى ان وفد الأئتلاف انهزم في الجولة الاولى والثانية من جنيف 2 . 
اسئلة الى وفد الأتلاف المعارض : هل سيستفاد وفد الأتلاف من هذه الاخطاء ومعالجتها في الجولة الاولى القادمة من جنيف 3 ؟. ويوسع تمثيله بحضور ممثلي المعارضة الديمقراطية واليسارية الحقيقية واليبراليون والمستقلون في الداخل الرافضة للحل العسكري والتي تناضل من اجل تحقيق مصالح الشعب السوري واحداث التغيير الديمقراطي الجذري لبناء سورية الجديدة الديمقراطية التعددية التداولية . وهل ان مصلحة الشعب السوري ومستقبل سورية مرتبط فقط بتشكيل الهيئة الانتقالية ؟ وهل ان تشكيل الهيئة الانتقالية هو يمثل كل الحل السياسي للازمة السورية ؟ وهل مؤتمر جنيف 2هدفه فقط اقامة هيئة انتقالية ؟
مالذي يمكن ملاحظته على الدور الامريكي خلال مفاوضات جنيف 2  :
الدورالامريكي ليس فقط كان معرقل لانجاح المفاوضات ,وانما مارس الوفد الامريكي في مؤتمر جنيف والادارة الامريكية اثناء المفاوضات سلوك سياسي ودبلوماسي غريب غير مشجع على مواصلة المفاوضات . حيث اعلنت الادارة الامريكية مجموعة من الاجراءات والتصريحات التي اسهمت في تسخين الاجواء بين الوفدين المتفاوضيين  , وبهذا التصرف او السلوك الغير مقبول سياسياً ودبلوماسياً ارادت امريكا من وجهة نظري ان تؤكد للعالم ان الحل السلمي للازمة السورية وصل الى طريق مسدود ,لكنه في الواقع ان الحل السياسي السلمي لم يصل الى طريق مسدود , بقدر ما تأكد للرأي العام العالمي بهذه التصريحات والاجراءات الامريكية ان هنالك احباط امريكي بارز, تجسد في سلوكها و دبلوماسيتها وسياستها الخارجية التي اصابها الوهن . وسأذكر بعض الامثلة عن السلوك السياسي الغريب من خلال الاجراءات والتصريحات التي اطلقتها الولايات المتحدة الامريكية خلال المفاوضات بين الوفدين وهي التالي :
1-اثناء المفاوضات صرح وزير الخارجية الامريكية جون كيري ان الرئيس الامريكي أوباما اخبره في البحث عن خيارات جديدة تجاه الازمة السورية . من منطلق ان المفاوضات فشلت في تشكيل هيئة الحكم الانتقالي .
2-خلال المفاوضات زار امريكا الرئيس الفرنسي اولاند , وبعد انتهاء الزيارة في مؤتمر صحفي جمع الرئيسيين , صرح اوباما الى احتمال اعادة النظر بسياسته تجاه سورية , وهذا التصريح يؤكد ان الخيار العسكري لا يزال مطروح .
3-كما صرح وزير الخارجية الامريكية ان الرئيس أوباما قلق لتدهور الوضع الانساني في سورية , واشار انهم سيقدمون الى مجلس الامن مشروع قرار انساني يسمح بفتح ممرات للجانب الانساني , بلا شك رؤية امريكا ان القرار سيكون تحت الفصل السابع . وستؤيده بريطانيا وفرنسا في مجلس الامن . لهذا صرح لا فروف ان روسيا ستتخذ الفيتو في مجلس الامن , لانه طالما يكون تحت الفصل السابع , فانه سيكون مبرر لاستخدام التدخل العسكري الخارجي تحت غطاء الشرعية الدولية كما حصل في العراق وفي ليبيا . وبهذا ارى من وجهة نظري ان امريكا بدأت من جديد بسياسة ارهاب الشعب السوري . ومع هذا في ظل الرفض الروسي والصيني المحتمل للقرار , من منطلق الخشية من تسييس الجانب الانساني وبالرغم من أهمية الجانب الانساني, تشير وكالات الانباء ان حصلت تعديلات على مشروع القرار لا تتضمن استخدام عقوبات او وضعه تحت الفصل السابع وتم تعديله على ضوء مشروع القرار الذي تقدمت به روسيا وتم دمجه بقرار واحد مع مكافحة الارهاب , لأن روسيا والصين يريدان ا ن يكون القرار غير مسيس وحيادي ومتوازن , وسيصوت على القرار في مجلس الامن وننتظر الموقف الروسي والصيني بالنقض او القبول على ضوء محتوى القرار .
4- نقلت وكالات انباء انه اثناء المفاوضات اتخذ الكونكًرس الامريكي قرارسري بتزويد المعارضة بالسلاح .
5-كما نقلت وكالات الانباء اثناء المفاوضات ان امريكا دعت الى عقد مؤتمر استخباراتي لعدد من الدول منها 8 دول عربية  لمناقشة امداد المعارضة بالسلاح , كما تؤكد الاخبار ان الولايات المتحدة الامريكية وبدعم سعودي تضغط على الاردن لفتح جبهة درعا , الواقعة في الجهة الجنوبية من دمشق , لتشكيل ضغط على الجيش السوري واحراز تقدم و اختراقات فيها لقربها من دمشق بعد ان دربت مقاتليين في الاردن ومدتهم في السلاح ولفك الحصار عن القلمون وحمص وحلب  .
تساؤلات :
اذا كانت امريكا العضو في مجلس الامن والدولة الراعية لمؤتمر جنيف مع روسيا , اذن لماذا مارست سياسة تصعيدية انتقائية غير حيادية خلال مؤتمر جنيف 2 وبدأت تلوح باستخدام القوة العسكرية وتعد العدة لفتح جبهة درعا القريبة ب90 كم من دمشق وبدعم سعودي ؟. هل هو احباط امريكي سعودي ؟ام انها والسعودية قد فقدوا صوابهما بعد ان بدأت معركة القلمون المحاذية لحدود لبنان ؟ في حالة حسمها ستتغير موازين القوى بالكامل لصالح الجيش السوري وذلك ارتباطاً بالاهمية الاستراتيجية لبلدة يبرود التي تدور المعارك حولها الآن الواقعة في القلمون على حدود بلدة عرسال البنانية , يبدوا ان معركة يبرود في القلمون لها ابعاد اقليمية  وللسعودية دور في المنطقة ارتباطاً بنفوذها ودورها في لبنان, ففي حالة حسمها سينتهي النفوذ السعودي في المنطقة وبالذات منطقة عرسال وقد يكون لصالح حزب الله ,. ام ان التصعيد الامريكي والتهديد بالخيار العسكري والتهيئ لفتح جبهة درعا هو لخلق واقع جديد على الارض قبل عقد الجولة الاولى من مؤتمر جنيف 3 ؟ ام ان امريكا تهدف من هذا التصعيد العسكري هو لعقد صفقة مع روسيا تتضمن تسوية الازمة السورية مقابل تسوية في اوكرانيا مثلاً او في مكان آخر؟ وأعتقد هذا ما سترفضه روسيا لأنها تريد الحل السلمي بأن يكون سورياً بلا صفقات خارجية اضافة الى انها دولة راعية للمفاوضات وان روسيا لا تفرط بأمنها القومي  اذا كان الامر متعلق بأوكرانيا او في اوربا. سننتظر ما ستبينه الاسابيع القادمة لأن تداعيات الاحداث سريعة جداً معركة القلمون بدأت وهنالك استعدادات لفتح جبهة درعا بدعم امريكي غربي سعودي . التساؤول هل يوافق الاردن على فتح حدودة لبدأ الهجوم على دمشق من جهة درعا ؟ وأخيراً تشير المعلومات انه تم توحيد 49 فصبل مسلح  لزجهم في معركة درعا وان السلاح سوف يصل اليهم السؤال هنا كيف تستطيع امريكا والائتلاف المعارض في ظل هذا التوحيد للفصائل من منع وصول السلاح للقوى المتطرفة الارهابية ؟  (يتبع )
21-2-2014


60
اليسار العراقي
وآفاق وحدة العمل والنشاط المشترك

فلاح علي
المقدمة :
في هذه المقالة لن اتوقف فيها بالبحث عن أزمة اليسار واسبابها , ولكن ما هو مهم في هذا الموضوع هوالبحث عن نقاط التقاء بين اطراف جسد اليسار العراقي , بكل قواه وشخصياته اليسارية والديمقراطية , وبهذا التوجه وكمقدمة للبحث يمكن طرح السؤال التالي : ما هي آفاق وحدة العمل والنشاط المشترك بين قوى اليسار والديمقراطية في العراق ؟ للاجابة على السؤال ارى من وجهة نظري انه لا بد من الانطلاق من الحقائق التالية التي يؤكدها الواقع العراقي اولها  : ان وجود اليسار في العراق هو ضرورة موضوعية وحاجة وطنية وسياسية لا بديل عنها , والحقيقة الثانية هي حاجة المجتمع العراقي لقوى اليسار والديمقراطية , والحقيقة الثالثة هناك معطيات على الارض تؤكد بمجموعها عن ظهور بوادر ومؤشرات لنهضة جديدة لقوى اليسار , والحقيقة الرابعة ان المشروع  الوطني اليساري الديمقراطي له افق مستقبلي في العراق . اني هنا لا اطلق احكام حتمية بقدر ما هي رؤية واقعية للوضع السياسي في العراق , والتي تؤكد من دون تردد ان حاجة الوطن والشعب لليسار هي حقيقة لا بديل عنها , لهذا ان كل من يقرأ الوضع السياسي في البلاد قراءة دقيقة يخرج بالاستنتاج التالي : ان آفاق العمل اليساري او التنسيق والعمل المشترك لقوى اليسار بلا شك والديمقراطية , هي متوفرة اليوم في العراق وهي حاجة نضالية  . وان الظروف التي بها البلد وازمته السياسية المستعصية تؤكد ان المرحلة هي بحاجة للنضال الديمقراطي لتحقيق اهداف الشعب وبناء الدولة المدنية الديمقراطية – دولة المواطنة . وان القوى الطائفية والقومية اللاديمقراطية التي قادت البلد قد فشلت جميعها  في تحقيق هذا الهدف,وهي غير مؤهله بلا شك لقيادة النضال الديمقراطي , الذي يرسي العراق وشعبه بكافة قومياتة واديانة على شاطئ الامن والامان والسلم الاهلي والديمقراطية .
اذن السؤال المطروح هنا من سيقود النضال الديمقراطي في البلد ؟ بلا شك ان قوى اليسار والديمقراطية هي المؤهلة في هذه المرحلة لقيادة هذا النضال الديمقراطي والحراك الجماهيري الواسع .
سؤال ما هو المطلوب من قوى اليسار والديمقراطية في هذه المرحلة بالذات : ارى من وجهة نظري ان هذه القوى بحاجة الى رؤية عملية استراتيجية تضمن لها قيادة النضال الجماهيري الديمقراطي وارى ان هذه الرؤية تكمن في تبني استراتيجية سياسية تبدأ باقامة تحالف سياسي- اجتماعي فيما بينها أي اقامة وحدة العمل والتنسيق والنشاط المشترك من خلال صياغة برنامج يتفق عليه الجميع  , وبهذا فأنها تسهم جميعها في بناء الاداة السياسية لخوض هذا النضال الجماهيري الديمقراطي .
اذن ماهي الآلية التي يبدأ فيها اليسار خطواته العملية نحو وحدة العمل المشترك : ارى ان الخطوة الاولى العملية المجربة والصحيحة والمطلوب اعتمادهاهي : تنظيم جلسات علنية للحوار اليساري , قد تطرح أكثر من ورقة  للحوار وتتضمن نقاط قد تكون فكرية وبرنامجية او رؤية حول قضايا متنوعة..... الخ لكن الحوارهو السبيل الوحيد للوصول الى نتائج عملية . ان الازمة التي يمر بها البلد الآن تفرض علينا كقوى وشخصيات يسارية وديمقراطية بفتح نقاش جدي وهادئ حول عدد من القضايا التي تواجه البلد وازمته السياسية و وتوحيد او تقارب توجهات ومهام قوى اليسار والديمقراطية وفقاً لحاجات الشعب والوطن من مطاليب الى قوانيين وتشريعات ...... الخ . ليس بالضرورة في الجلسة الاولى او الثانية ان يتم الاتفاق على عدد من القضايا المطروحة للحوار وانما المهم هو ان يستمع كل طرف للطرف الآخر ويعرف وجهة نظره . بلا شك ان الحوار واستماع كل طرف للآخريساعد على التقارب وعلى الفهم المشترك للأشكاليات والمعوقات وهذا يمكن من الابتعاد عن المزايدات او الاتهامات , التي ضيعت على  قوى اليسار والديمقراطية الكثير من الوقت والطاقات والجهود والامكانيات . وهذه الخطوة هي تقرب ميدانياً بين هذه القوى وتزيل الالتباسات المتراكمة وهي بلا شك تسهم في المساعدة على استنهاض قوى اليسار والديمقراطية . لأنه لسبب بسيط ان طبيعة النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والقومية مارس ويمارس المزيد من التهميش على قوى اليسار والديمقراطية , فأن توسيع دائرة الحوار العلني بين قوى اليسار العراقي تكون فرصة اعلامية وجماهيرية لأضعاف خطوات محاصرة اليسار وتهميشة . وارتباطاً بتأريخ الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية ومواقفهم الوطنية , فأن ما يميز مجتمعنا العراقي هو انه يضم بين صفوفه امتدادات لليسار تضم كتل بشرية كبيرة اكثر بكثير من المنخرطيين في صفوف اليسارالآن . ان الحوار العلني ينعش ويخلق الامل لدى امتدادات اليسار المتجذرة في المجتمع ويدفعها للحركة والفعل والانخراط ثانية في النضال الوطني الديمقراطي, ان اقامة جلسات للحوار تشكل خطوة عملية متطورة بلا شك في حالة نجاحها ستلحقها خطوات عملية ميدانية اخرى وهذا يخلق الامل ويحفز الطاقات وبالذات طاقات الشباب والشابات ويعزز الامكانيات ويساعد على  نهوض اليسار العراقي واستعادة مكانته الطبيعية في المجتمع وتطوره .
قد يطرح سؤال هنا من سيقوم بالمبادرة للدعوة لجلسات الحوار بين اطراف قوى اليسار ؟ أرى من وجهة نظري انها ليست عملية بروتوكولية لغرض تسجيل سبق اعلامي لهذا الطرف ام ذاك , فطالما انها حاجة نضالية  تخدم مصالح الشعب والوطن في هذه المرحلة , و بما ان القناعة في الحوار يؤشر الى حضور النضج الفكري ذوالرؤية الاستراتيجية الذي يؤهل لقيادة النضال الجماهيري الديمقراطي لأقامة الدولة المدنية الديمقراطية , فليس المهم من يوجه الدعوة , او ان تأتي المبادرة متأخرة من هذا الطرف او ذاك المهم هو توفير قناعات فكرية للحوار المشترك والوصول الى النتائج الايجابية التي سيتمخض عنها الحوار . وطالما هنالك لجان للعلاقات الوطنية لقوى اليسار سواء في الداخل او في الخارج , فممكن احد الاطرف  يأخذ على عاتقة طرح المبادرة للحوار ويوجه دعوات للجان العلاقات الوطنية لهذه القوى .
الاستنتاجات :
1-اذا كانت وحدة العمل والنشاط والتنسيق المشترك لقوى اليسار والديمقراطية العراقية هي حاجة نضالية وحاجة الشعب والوطن والنضال الجماهيري الديمقراطي لها . اذن هنا يطرح سؤال ما هي العوائق امام توحيد اليسار العراقي ؟ لا اجزم اني استطيع الاجابة على هذا السؤال او قادر على الالمام بكل جوانبه لكن يبقى هذا السؤال مطروح على قوى اليسار وتنظيماته وشخصياته  للعمل على تهيئة مستلزمات تساعد على تجاوز المعوقات الذاتية وتهيئة اجواءالحوار الجاد العلني ان تم فعلاً فلا بد من ان ينشر  في وسائل الاعلام لأهميته وضرورته الاعلامية والجماهيرية.
2-ارى ان في هذه المرحلة التي يمر بها البلد , تؤكد بما لايقبل الشك حاجة قوى اليسار والديمقراطية الى النتاج الفكري والمعرفي , نظراً لأهمية هذيين الحقليين في العمل السياسي  والثقافي, وهذا يساعد ايضاً على رصد المتغيرات السريعة واتجاه حركتها وتحديد موقف منها في الوقت المناسب حتى لا يتأخر اليسار عن مواكبة الاحداث . وارتباطاً ايضاً بالازمة السياسية التي يمر بها البلد التي ادخله فيها نظام المحاصصة الطائفية والقومية , ولما يتعرض له البلد من مخاطر منها على سبيل المثال الصراع الطائفي  وتنامي الارهاب والتطرف . هذا من جانب ومن جانب آخر ان قوى اليسار والديمقراطية بحاجة الى ادوات نضالية ذات رؤية استراتيجية , لمواجهة خطر الاسلام السياسي المتطرف وتوجهاته الفكرية ولمواجهة الفكر النيوليبرالي وتأثيره على الشباب وعلى مثقفي قوى اليسار والديمقراطية . ويبقى من وجهة نظري الهدف البعيد من النتاج الفكري هو لتنمية ثقافة اليسار في المجتمع التي هي جزء لا يتجزأ من الثقافة الوطنية الديمقراطية , التي اكدت التجربة على ان تنميتها في المجتمع هي حاجة يومية لا تقبل التأجيل .
3- ان الاشتراك في الانتخابات البرلمانية القادمه له دلالات ومعاني كثيرة بالنسبه لقوى اليسار والديمقراطية , وسواء نزل البعض من قوى اليسار في قائمة مع التيار الديمقراطي والبعض الآخر لم ينزل في قائمة لخوض الانتخابات , فهذا لا يعيق ولا يؤجل اطلاقاً من المشاركة في قضيتيين متواصلتيين  القضية الاولى وهي المشاركة في الانتخابات والتصويت للقوى الديمقراطية لأنه من الناحية الفكرية والعملية ان المعركة الانتخابية لا يوجد حياد فيها فهي معركة كل قوى اليسار والديمقراطية. وهذا مما يدعوا الجميع الى التسامي على الذات . والثانية ان لا نؤجل الحوار بين قوى اليسار والوصول الى نتائج ايجابية لصنع التحالف الاستراتيجي لهذه القوى لأن مهام اليسار هي متجددة و استراتيجية لا تتوقف عند الانتخابات فقط .
4- ارى من وجهة نظري ان لليسار وبالذات الحزب الشيوعي العراقي دروس كثيرة يستلهم منها نضاله الديمقراطي , وان طبيعة المرحلة التي يمر بها البلد تفرض على كل قوى اليسار والديمقراطية ان ترفع من سقف مهامها وتحدياتها , لذا فهي اليوم امام اول تحدي وهو عليها  ان تصنع فعلها , من خلال مجموعة من الخطوات والنجاحات العملية . ان كانت الانتخابات البرلمانية التحدي الاول  , فأن الحوار فيما بين اطرافها بغض النظر عن حجم هذا الطرف ام ذاك وانجاحة واقامة تحالف استراتيجي فيما بينها قائم على وحدة العمل والنشاط المشترك , وليس على اساس الوحدة الفكرية والتنظيمية , وان يكون هذا التحالف ميدانه الحركة الاحتجاجية الجماهيرية والنقابات والاتحادات العمالية والمهنية والشبابية والطلابية والحركة النسائية في الارياف والمدن , هذه الخطوة تعطي الديناميكة لقوى اليسار في المجتمع , وتضع حداً لتهميش اليسار من قبل القوى الطائفية والقومية اللاديمقراطية التي حولت البلد ومؤسساته وثرواته الى محاصصة .
5- كما اكدت تجربة العراق والحركة الثورية العالمية انه ليست هنالك يسار قومي ويسار اممي  , طالما ان قيم اليسارانسانية  عادلة , فهي غيرقابلة للتجزأة او الفصل او المساومة على اساس قومي او ديني او طائفي , انها نتاج الفكر وحاجات الشعوب وتطورها, على سبيل المثال كالنضال من اجل العدالة الاجتماعية , والديمقراطية والحرية , والدولة المدنية الديمقراطية ومؤسساتها الديمقراطية , وحقوق الانسان وحقوق المرأة وشغيلة اليد والفكر والتحرر والتطور الاقتصادي ومحاربة الاحتكارات والعولمة المتوحشة والاستغلال .... الخ. فأن وحدة العمل والنشاط المشترك هي تشمل كل قوى اليسار والديمقراطية في العراق من كوردستان الى الجنوب , لانه لا يمكن لأي يساري ان يقبل بتهميش اليسار او تجزأته على اساس قومي مفتعل تابع مع احترام وتقدير الخصوصية القومية لأن الفكر اليساري والنضال الديمقراطي لا يتوقف عند الحدود القومية ولا يتجزأ .انها تعبرعن حاجات وهموم الشعب وتضمن مصالح الوطن فلا بد من وجهة نظري ان يكون تحالف استراتيجي واحد لليسار عابر للقوميات والاديان , فهل ستقترب ساعة الحوار لنفك أسرنا من هيمنة وتهميس القوى الطائفية والقومية اللاديمقراطية التي افسدت الحياة السياسية في المجتمع ولم تتمكن من بناء الدولة المدنية الديمقراطية الى الآن ؟
31-1-2014




61
عشرة ايام هزت العالم وغيرتهُ وعشر سنوات
هزت العراق ولم تؤسس لدولة
فلاح علي

المقدمة
لست ُبصدد المقارنة بين حدثين او تجربتيين حيث لا يوجد أوجه للتشابه او للمقارنة فيما بينهما , وانما اخترت عنوان الموضوع اعلاه , هو لغرض التذكير بالتجارب التاريخية لشعوب كوكبنا , التي برهنت على ان طبيعة النظام السياسي في هذا البلد او ذاك , يلعب دوراً اساسياً في تحديد اتجاه او مسار التحولات , اما ان تحدث انعطافة نحو التغيير بأتجاه يخدم مصالح الشعب والوطن , اوان تكون طبيعة النظام السياسي سبباً اساسياً في خلق الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعدم استقرار البلد .  لهذا وأرتباطاً بموضوعة البحث أخترت العنوان أعلاه , عشرة ايام هزة الامبراطورية الروسية وصنعت اعظم ثورة في التأريخ , وبنت دولة اول تجربة اشتراكية , والتي أصبحت دولة عظمى قطبية غيرت مسار العالم طيلة ال 70 عام ,  حيث وحدت هذه الدولة  قرابة ال 200 قومية تعايشوا في سلم أهلي مع تعدد الاديان وأقامت اتحاد فيدرالي من 15 جمهورية وهي أول دولة ارسلت انسان للأكتشافات العلمية الى سطح القمر . وناصرت شعوب كوكبنا اجمع بكافة قاراته وقدمت لهذه الشعوب الدعم الاقتصادي والعلمي والثقافي والسياسي والدبلوماسي والعسكري , لا تزال شعوب الارض تتذكر دور هذه التجربة بأعتزاز , وحافظت على السلم العالمي . لست بصدد الحديث عن ثورة اكتوبر - الاشتراكية /1917  وتقييمها وما قدمته وضمنته لشعوبها من حقوق وانجازات ولشعوب العالم ولكن الموضوعة التي بصدد الكتابه حولها دفعتني لذكر مثال من التاريخ ,  رغم ان عشرة ايام لا تحسب في المقياس الزمني كحقبة او مرحلة لكنها غيرت روسيا والعالم اجمع . وبالعودة الى تجربة العراق نجد ان طبيعة النظام السياسي الذي يحكم البلد قائم على المحاصصة الطائفية والقومية , وكأنه فرض على العراق ان يحكم بهذه الطريقة التي لا يستصيغها الشعب . وهي فترة غير قليلة طويلة تمثل مرحلة او حقبة تأريخية . ان مرحلة عشرة سنوات من حكم المحاصصة الطائفية قد هزت العراق ودمرتهُ  بمجموعة من الزلازل المآسوية المتواصلة , والتي لا تنتهي  من زلازل الازمات السياسية الخطيرة الى زلازل الازمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والى الفلتان الامني وتنامي ظاهرة  الفساد والارهاب . لهذا نجد ان نظام المحاصصة الطائفية ليس فقط فشل في إعادة بناء الدولة العراقية بعد الأحتلال الأمريكي في عام 2003   , وانما قد عرض مصالح الشعب والوطن للخطر  , اني لست بصدد الحديث عن نتائج حكم نظام المحاصصة الطائفية والقومية  , حيث النتائج يعرفها الشعب وقد تضرر منها المواطن من الطفل الرضيع الى الشيخ المسن . ولكن في هذه الموضوعه اطرح رؤية ووجهات نظر, تؤكدها تجارب تاريخية , ووقائع ومعطيات على ارض الواقع,  تؤكد هذه الرؤية ان العراق المتعدد القوميات والاديان والتيارات الفكرية والسياسية , لايمكن ان يحكم بعد اليوم بطريقة المحاصصة الطائفية والأنثية
رؤية ووجهات نظر :
1- ان الاحزاب والكتل الطائفية المكونة لنظام المحاصصة الطائفية والقومية , بطبيعتها الطائفية ومن خلال بنيتها الفكرية , اكدت تجربة عشرة سنوات انها تمارس خطاب سياسي تضليلي مزدوج  , فهي من جانب تعلن  في الاعلام التزامها بالديمقراطية وبناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية , ومن جانب آخر ومن خلال الممارسة فهي تعيق عملية بناء الدولة المدنية الديمقراطية  . كما أكدت طبيعة نظام المحاصصة الطائفية , ان القاسم المشترك فيما بين اطرافة او مكوناتة هو المساومة وتلبية المصالح الفئوية  لكل طرف . والبعض من هذه الكتل وبالذات الاسلام السياسي منها , يريد بناء دولة دينية مع اسلمة المجتمع  وهذا بالضد من ارادة الشعب وما نص عليه الدستور  ,  رغم انها لم تتمكن بعد من الاعلان بصراحة عن أجندتها . لكنها تدرك تماماً ان الظروف الداخلية لم تنضج بعد لصالحها .ان هذه القوى من الاسلام السياسي تستخدم في الممارسة آليات الديمقراطية لأضعاف الديمقراطية ,ولبسط النفوذ والهيمنة والاستئثار , ولوقف تطور العملية السياسية باتجاه الاصلاح والتغيير الديمقراطي. ان تجربة عشرة سنوات اكدت ان احزاب الاسلام السياسي ,  ليست فقط متباينة من حيث النضج السياسي , وانما بمجموعها لا تملك الفهم  والقناعة بآليات الديمقراطية والرؤية لبناء دولة المواطنة او الدولة المدنية الديمقراطية او الدولة العصرية الحديثة , وهذه التنظيمات والكتل من الاسلام السياسي والقوميون اللاديمقراطيون , من خلال التجربة أكدوا للشعب انهم  يفتقدون للرؤية الفكريةالاستراتيجية لبناء الدولة الديمقراطية, لهذا فانه ليس من المستغرب ان نجد نظام المحاصصة الطائفية والقومية قد حول نسبة كبيرة من جماهير الشعب العراقي الى دائرة الفقر والبؤس والحرمان والامية والجهل والعوز والبؤس والبطالة مع ضعف الخدمات وغياب الضمان الصحي والاجتماعي والسكن والفلتان الامني والمضايقة على الحقوق والحريات...الخ
2- أرى من وجهة نظري ان قوى الاسلام السياسي تريد دولتها الخاصة بها ,وهي تقف في الواقع ضد عودة الدولة للشعب بأعتباره مصدر السلطات , الشعب وقواه السياسية ومنظماته الاجتماعية والنقابية والمهنية والمدنية المؤمنة بالمصالح العليا للشعب والوطن, دون غيرهما هم القادرون على بناء دولة الشعب الديمقراطية .  وارى من وجهة نظري ان كتل وقوى المحاصصة الطائفية قد قلبت المعادلة الوطنية من دعوة الى الدولة  الديمقراطية , فحولوها الى دولة للدعوة ولقوى الاسلام السياسي الاخرى , واخراجوالشعب والمواطن والقوى السياسية الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية من  محاصصتهم هذه التي يسمونها في اعلامهم شراكة وطنية لكنها في الواقع انها شراكة المتحاصصون وهذا هو اول نسف لمبدأ الدولة وهو الشراكة فيما بينها وبين المجتمع والتأكيد على المواطنة
3- ان الشعب العراقي المتنوع  والمتعدد القوميات والديانات والاحزاب والتيارات الفكرية والسياسية ,اكبر من ان تصادرة مجموعة او حزب اسلامي طائفي او فئة ما او قومية ما. الشعب العراقي يريد دولته تبنى على اساس المواطنة التي تكفل كافة حرياته وحقوقه المنصوص عليها في الدستور, ودون تمييز بين مواطن وآخر ودين وآخر وقومية واخرى, وان تكون حقوق الاقلية مصانة قبل حقوق الاكثرية , وهذا يتطلب التخلي عن المواقف البراغماتية من الديمقراطية حيث لا يمكن جمع الديمقراطية وسلوك وممارسات احزاب الاسلام السياسي التي يغلب عليها الاستئثار والغاء الآخر لا يمكن جمعهم في سلة واحدة, فهذا الفكر اللاديمقراطي وهذه السلوك والممارسات , لا تبني دولة المؤسسات والقوانيين الديمقراطية
4-   يعرف الشعب العراقي ان قوى الاسلام السياسي  لجأت منذ عشرة سنوات والى الآن , بأستقوائها على الشعب من خلال اعتمادها على الميليشيات وبعضها على الدعم الخارجي, وهذا التوجه ورائه أجندات غير معلنه وهي من حيث الجوهر معادية لمصالح الشعب والوطن . ان تجارب الشعوب تؤكد ان الميليشيات او المجاميع المسلحة غير النظامية لا تضمن الامن والامان , بل تساهم في الفلتان الامني وتنامي التطرف والارهاب هذا اولاً وثانياً ان هذه الميليشيات والاجندات الخارجية لا تساعد على بناء الدولة المدنية الديمقراطية . وما تؤكده هذه التجارب ومنها التجربة العراقية من خلال حكم نظام المحاصصة الطائفية , ان الوجود الشرعي للمجاميع غير النظامية المسلحة هو في الواقع يؤكد على غياب دور الدولة وضعفها وضعف مؤسساتها الرسمية , وهذا شجع ويشجع على سيادة قيم غير قانونية او عدم احترام القانون العام في البلد وتآكل هيبة الدولة , و ان الدولة ستبقى لفترة أخرى او مرحلة اخرى هشة رخوة متآكله . والتجارب تؤكد ان من ابرز ملامح الدولة الهشة كما يحصل الآن في العراق هو انها تصدر القوانين و لا تطبقها , لا بل وتخضعها للمحاصصة والمساومة والمناورة واخضاع والغاء الآخر والهيمنة والاستئثار. كما يشيع في الدولة الهشة الفساد وتسود فيها فوضى الارادات الفئوية ويتنامى التطرف والارهاب . ان احزاب الاسلام السياسي بتأسيسها او تبنيها للميليشيات هي تدرك تماماً  قبل غيرها هو انه من خلال الميليشيات انها تريد ان تفرض ارادتها وسطوتها على الشارع . لكنها كونها ليس لديها رؤية ديمقراطية استراتيجية لبناء الدولة , ولأفتقارها للنضج الفكري الديمقراطي , فهي بهذا لن تدرك خطر الميليشيات على مستقبل الدولة والمجتمع وعلى مصالح الوطن وامن الشعب. ما اكدته تجارب الشعوب ان الميليشيات , تتحول لاحقاً بفعل عوامل ومصالح وارادات داخلية وخارجية الى فاعل رئيسي  والى خصم اساس للدولة , لانها تتحول الى مافيات ومجاميع من العصابات المأجورة
5-   ان احزاب وقوى الاسلام السياسي ومعهم القوميون اللاديمقراطيون , قد اكدت بما لا يدع مجالاً للشك انها فاقدة للبرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وان فرضت عليها الانتخابات طرح برامج فهي لم تتمكن الى الآن من طرح برامج واقعية صادقة , تنقذ البلد من أزماته وتجلب الخير والرفاة للشعب . حيث ما تطرحه من برامج ارى انه يدخل في اطار تضليل المواطن وتوظيف آليات الديمقراطية للاحتفاظ بالسلطة ليس الا . حيث ما تطرحه يكتنفه الغموض وتحيط به الشكوك حول مصداقيتها في تنفيذه . كما يلاحظ على برامجها التي طرحتها في الانتخابات البرلمانية السابقة وفي انتخابات مجالس المحافظات لا توجد فيها اجابات على قضايا عديدة تواجه حل الأزمات المعقدة  وبالذات الازمة السياسية, وما يواجهه العراق اليوم كشعب ووطن مثل الحرية وفصل الدين عن السياسة وحقوق المرأة ,  وتحقيق العيش الكريم للشعب اي كيف تضمن حقوق المواطن , وشكل الدولة وبنائها وموضوع الديمقراطية والتطور الاقتصادي ..... الخ . وما يمكن قوله هنا انها حاولت وتحاول التكييف مع الديمقراطية ومبادئها وآلياتها لغرض الوصول الى السلطة لتنفيذ أجندتها . بعد وصولها  الى السلطة من خلال آليات الديمقراطية تجربة مصر وتونس والعراق , قد أكدت لشعوب العالم اجمع ان قوى الاسلام السياسي تعيق عن عمد بناء الدولة المدنية الديمقراطية ,  ولم تتمكن بعد الى الآن من التخلص من نزعة الاستبداد والاستئثار والهيمنة والغاء الآخر
 6-   لهذا لم يقدم  الاسلام السياسي في اي من الدول التي حكمها نموذج جيد في الحكم وفي بناء الدولة الديمقراطية. وهو الى الآن  يمرفي حالة من فشل الى فشل ومن  فوضى الى فوضى . وهواليوم اكثر فشلاً في ادارة الدولة , و اشد انقساماً وعداءً وصراعاً طائفياً فيما بين اطرافة وهذا الصراع هو مدمراً للاوطتن ويجلب المآسي للشعوب, وما يحصل اليوم في منطقة الشرق الاوسط من صراعات طائفية سواء على الصعيد الداخلي او الاقليمي هو تأكيد لذلك ولا يمكن ان ينكره احد . ارى من وجهة نظري ان هذا يعود لعدم قناعة او فهم الفكر الديمقراطي لدى جميع اطراف وحركات الاسلام السياسي سواء كانت في السلطة بعد او في المعارضة , فهي اليوم تمر في أزمة حادة وخانقة  , وبازمتهم الحادة والمعقدة هذه وضعتهم في وضع لا يحسد عليه  , فقد أدخلتهم مرحلة الفشل والازمة هذه الى التراجع والعزلة الجماهيرية , ارى ان أزمتهم هذه ليس فقط  انهم يصعب عليهم الخروج  منها.لا بل أدخلتهم في عدد من البلدان الى موسم الشتاء القطبي الثلجي المظلم. ويواجههم الآن خطر مميت وهو تجفيف لمنابعهم الخارجية الداعمة والراعية والممولة لهم .وارى  من وجهة نظري ان نظام التعددية القطبية القادم بقوة , ليس انه سيفرض التوازن فقط في العلاقات الدولية التي ستكون بلا شك لصالح السلم العالمي ,  والتكافئ في العلاقات الدولية ,مع احترام استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها ...... الخ . لكن ارى من وجهة نظري ان هذه البيئة الدولية الجديدة ستكون لصالح شعوب وبلدان كوكبنا , وستؤثر ايجاباً على صعيد كل بلد . وستخلق اجواء في غير صالح قوى الهيمنة والتفرد والتوسع وبسط النفوذ والشمولية والاستبداد والتطرف والارهاب . فهل سيستفاد الاسلام السياسي , وبالذات العراقي من فشل سياساتة ومن هذه الهزائم المتتالية والمتواصلة وان يعيد النظر في فكره الشمولي والغاء الآخر؟
7- احزاب الاسلام السياسي وظفت الدين في السياسة ,لخدمة مصالحها الفئوية واجنداتها التي هي من حيث الواقع بعيدة عن الدين الاسلامي ومبادئة وقيمه , ان احزاب الاسلام السياسي جميعها جلبت وستجلب الاسائة والضرر للدين .لأن ما يهمها هو تنفيذ أجندتها البعيدة عن مبادئ الدين الاسلامي وتلبية مصالحها الفئوية التي لا يرضى بها دين الله لأنها بالضد من حاجات ومتطلبات غالبية الشعب
 هنا أطرح  بعض التساؤلات وهي : لماذا تلجأ جميع حركات الاسلام السياسي الى توظيف الدين في السياسة ؟ أو لماذا تتمترس احزاب الاسلام السياسي بالدين الاسلامي وتعتبره كملاذ آمن وضامن لها لتنفيذ أجندتها؟ وهل ان احزاب الاسلام السياسي تمتلك سمات اوميزات سياسية وفكرية وقدرات خاصة دون غيرها من القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية تستقطب فيها الجماهير؟ و هل انها لوحدها تستطيع دون غيرها التأثير في المجتمع ؟ للاجابة ارى  من وجهة نظري وبشكل مختصر , انها توظف الدين في السياسة لأنها تدرك بشكل جيد ان الدين الاسلامي هو احد العوامل الاساسية المؤثرة في المجتمعات الاسلامية , لأنه يدخل في تربيتها وثقافتها ويشكل وعي جمعي لهذه المجتمعات المؤمنة بالدين ومبادئة وقيمة . إذن بهذا الاختصار فهي أي احزاب الاسلام السياسي توظف الدين لتحقيق مصالح فئوية سياسية , فنرى قوى الاسلام السياسي المتطرف منها تفسر الآيات القرآنية لما يخدم أجندتها , فهي ليس فقط تلغي وتهمش الآخر وانما تكفره وتقتل النفس البريئة باسم الدين , وما العمليات التفجيرية الارهابية وقتل النفس البريئة الا تأكيد على ذلك . أما بقية قوى الاسلام السياسي التي تدعي الاعتدال والتي تعتقد ان الديمقراطية هي صناديق اقتراع ليس الا, فأنها توظف الدين في السياسة لغرض التأثير في الجمهور المتدين وخداعه لغرض الوصول الى السلطة من خلال صنادبيق الاقتراع ,والتفرد بها لا حقاً باسم الديمقراطية . لهذا أرى من وجهة نظري بهذا الموقف المخادع تعتقد ان لديها قدرة فائقة دون غيرها في التأثير في المجتمع فحركات الاسلام السياسي تستغل الدين وظاهرة التدين في المجتمعات  لتحقيق مكاسب سياسية لها , وهذا ما انتبهت له المرجعية الدينية الحكيمة في النجف الاشرف وشخصت ناطق بأسمها وهو السيد مهدي الكربلائي لغرض التمييز بين مواقف الدين القائمة على التسامح والعدل واحقاق الحق والوقوف ضد الظلم والظالمين ,ومواقف وتوجهات احزاب الاسلام السياسي  , التي توظف الدين في السياسة لخدمة مصالحها الذاتية الفئوية, ولتحقيق اهداف واجندات سياسية ,  و ارى من وجهة نظري ان موقف المرجعية الحكيمة في النجف الاشرف من تشخيص ناطق باسمها هو صائب وصحيح , والهدف منه هو تبصير المواطن , والحفاظ على قيم الدين من اساءات قوى الاسلام السياسي .  لأن الفساد والاستئثار والغاء الآخر واشاعة البؤس والحرمان في المجتمع وتجهيله وحرمانه من الخدمات ومصادرة حقوق الاقلية والمضايقة على الحريات والاستبداد والاقصاء والهيمنة والعنف والاكراه وتكفير الآخر وقتل النفس البريئة , الذي تمارسة غالبية احزاب الاسلام السياسي وبالذات المتطرفة منها هو ليس متأصل في الاسلام كدين وانما في فكر وسياسة وتوجهات وفي سلوك وممارسات احزاب الاسلام السياسي .  أي ان هناك فرق كبير بين الاسلام كدين والاسلام السياسي , الدين قائم على فقه وقيم ومبادئ وشرائع سماوية والاسلام ليس مصدر للتطرف . وبين الاسلام السياسي وفكره الذي يحمل أجندات سياسية , هذه الاجندات هي المنبع والمصدر لكل تطرف في فكر الاسلام السياسي . مع الاشارة لوجود اسلام سياسي معتدل , يقف ضد التكفير والقتل , الا ان الاسلام السياسي المعتدل يقف  في الممارسة ضد مبادئ الدين , التي تؤكد على العدل والتسامح وضمان الحقوق  والغاء الاستغلال وعدم تهميش المواطن وضد البؤس والحرمان وضد الفاقة والعوز والمرض والبطالة والفساد ... الخ الذي أشاعته احزاب الاسلام السياسي في البلدان التي حكمتها ومنها تجربة حكم المحاصصة في العراق
 
الاستنتاجات
1- خلال قرب موعد الانتخابات ستحاول قوى الاسلام السياسي التي إغتصبت الدولة العراقية من اللجوء الى المناورة وذلك من خلال الحملات الانتخابية  . سيقوم هذا التنظيم او ذاك بمناورة تاكتيكية ميكافيلية الى تجديد خطابهه السياسي وسيكون من وجهة نظري ذات اتجاهيين الاول هو دفاعي سينئى هذا الطرف او ذاك المكون لنظام المحاصصة الطائفية والقومية عن نفسه بما تعرض له الشعب من ضرر واهمال وعدم ضمان الحقوق والحريات , اي سينئى عن كل ما هو مشين , وتسبب في ضرر واسائة  للشعب ومكوناتة القومية وللوطن , وسيحمله على الآخرين . والثاني سيلجأ هذا التنظيم  او الطرف من احزاب الاسلام السياسي ,الى التزلف وكسب ود الجماهير الغاضبة والمتضررة من حكم المحاصصة الطائفية والقومية , وستدعي انها لاتتحمل مسؤولية عدم تلبية المطاليب المشروعة للجماهير ,وهي لا تتحمل مسؤولية الفساد والفلتان الامني وغياب الخدمات والبطالة  وتنامي الارهاب .... الخ ,  اي انها ستسعى الى التقرب الى الجماهير الشعبية لاستمالتها وخداعها ثانية لكسب اصواتها وكذا التقرب من فئات الشعب لتضليلها ثانية للفوز بالانتخابات والعودة ثانية لنظام المحاصصة الطائفية والقومية
2- طبيعة قوى الاسلام السياسي بكل تلاوينها واضحة للمواطن العراقي , لم تحسم موقفها بعد في تبنيها للفكر الديمقراطي الحقيقي , كما انها ليست لديها رؤية واضحة لمفهوم وطبيعة الدولة الديمقراطية , وتبقى مسألة الايمان بالديمقراطية الحقيقية ,هي من اهم التحديات التي تواجه احزاب وحركات الاسلام السياسي , اضافة الى التحدي الآخر هو الايمان بدولة المواطنة و تخليها عن فكرة الدولة الدينية ,ودمج الدين بالدولة وأسلمة المجتمع , و هذه من اهم التحديات التي تواجه حركات الاسلام السياسي , اضافة الى الملفات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والقانونية ذات الطبيعة الديمقراطية
 3-  ان تجارب الشعوب السائرة في طريق الديمقراطية اكدت انه كلما كان الصراع او المنافسه على برامج سياسية لا على الاعتماد على الدين , او الاستقواء بالسلطة , او بالدعم الخارجي ,أو بالميليشيات المسلحة , والتخلي عن الفكرالشمولي الاقصائي  وعدم الغاء او تهميش الآخر وضمان حقوق الاقلية ..... الخ, كلما ساعد ذلك على خلق بيئة سياسية مناسبة تمكن آليات الديمقراطية على توطيد اركانها في المجتمع وتساعد على بناء دولة المؤسسات الديمقراطية .
4-ان قوة الدولة يكمن ليس في امتلاكها للاجهزة الامنية القمعية البوليسية والعسكرية وشاهدنا كيف تساقطت هذه الانظمة التي تقود دول بوليسية امام الاحتجاجات الجماهيرية السلمية . وانما القوة الحقيقية هي بمدى انسجام ارادة الدولة مع ارادة مجتمعها . من خلال بناء مؤسسات الشعب الديمقراطية, وان تقوم الدولة بأداء وظائفها في  حماية المواطن وتقديم الخدمات وتوفير الضمان  الصحي والاجتماعي والتعليمي ,وتحقيق العيش الكريم له والحفاظ على السيادة الوطنية واستقلال البلد ورفض التدخلات الخارجية الدولية والاقليمية في شؤونه الداخلية والحفاظ على الوحدة الوطنية لمكونات الشعب ... الخ . الا انه ما يلاحظ طيلة تجربة حكم عشرة سنوات هو هناك ليس فقط عجز لدى الدولة من القيام بوظائفها وانما يتلمس المواطن من  وجود حالة تناقض واغتراب بين ارادة حكم المحاصصة الطائفية وغالبية المجتمع العراقي . لا بل غيبت الدولة والمواطن معاً ,وغاب التفاعل والانسجام فيما بينهما 
5- التاريخ سيذكر سياسة ومواقف الحزب الشيوعي العراقي بحروف من ذهب,  لست في هذه الموضوعة الحديث عن مواقف الحزب الشيوعي التي أكدت الحياة صحتها في كثير من الاحداث التي مر بها البلد , كالموقف الوطني من الحرب العراقية الايرانية حيث دعا حينهاالى الوقف الفوري للحرب , لقد تميزت مواقف الحزب عن سائر القوى الوطنية والاسلامية الاخرى حيث انه اول حزب معارض وقف مع الشعب ضد الحصار الاقتصادي وطالب برفع الحصار عن الشعب العراقي , وقبل احتلال العراق وفي عام 2002 وقف الحزب ضد الحرب ورفع شعاره الشهير لا للحرب لا للدكتاتورية , واكد في بياناته ومواقفه ان الحرب لن تأتي بالديمقراطية التي يريدها الشعب . لست بصدد الحديث عن مواقف الحزب الوطنية , التي اكدت الحياة صحتها, وانما ارتباطاً بالموضوع  فقد اشار المؤتمر التاسع للحزب , الى ان أزمات البلد المستعصية والمعقدة سببها يكمن في طبيعة نظام المحاصصة
6- هناك تحديات تواجه قوى اليساروالديمقراطية والليبرالية وحتى منظمات المجتمع المدني وهي , ليست فقط وحدة العمل والتنسيق والنشاط المشترك وانما , تقوية النسيج الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية لمكونات الشعب العراقي , وكسر اليأس لدى الجماهير الشعبية الذي ساهمت قوى الاسلام السياسي في اشاعته في المجتمع نتيجة فشل سياساتهم .  حيث لجأت هذه القوى الى تجيش الجماهير بأسم الدين ولكن في النتيجة أغرقت الشعب في سلسلة من الازمات المتواصلة . والتحدي الآخر هو تشكيل قوة ضغط في الشارع العراقي ومن اهم التحديات التي تواجه هذه القوى هو تحقيق نسبة نجاح في الانتخابات البرلمانية وهذا مما يساعدها على انجاز التحدي الاهم وهي اعادة بناء الدولة العراقية , وذلك ببناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة المواطنة والقانون الديمقراطي . ارى ان العراق الديمقراطي سينهض من جديد 
10-12-2013


62
الدور الروسي في اقامة التوازنات الاقليمية الجديدة
 

فلاح علي
على ضوء المتابعة لتطورات الاوضاع في المنطقة ومعاينة  وقراءة ما جري فيها على الارض وما حصل  وسيحصل من تطورات دولية  واقليمية لها علاقة بالشأن السياسي في المنطقة. ارى من وجهة نظري انه يمكن الخروج باستنتاج هو ان هناك معطيات ووقاع على الارض تؤكد ان هناك ملامح لخارطة جديدة  في التوازنات الاقليمية في منطقة الشرق الاوسط  . ستكون مفاجئة للبعض من الدول , الخارطة الجديدة  يحق لي ان اسميها بظهور نظام اقليمي آخر جديد . , أنه ليس سيناريوا او تكهنات  اطرحها وانما هي  رؤية ووجهة نظر وسيكون  هذا النظام الاقليمي الجديد بلا شك لصالح شعوب المنطقة ودولها رغم انه سيتراجع دور بعض الدول المهيمنة في النظام الاقليمي الحالي الآن, وسيظهر دور لدول اخرى, اني ساطرح قراءتي لتطورات الاحداث مستنداً بذلك على معطيات وحقائق على الارض, قد ينتقدني البعض على وجهة نظري هذه
انطلاقاً من قرائته ومن مواقفه وانحيازة لهذا الطرف ام ذاك, ولكن الوقائع تؤكد ان النظام الاقليمي الجديد يلوح في الافق وبانت ملامحه
قبل الحديث عن النظام الاقليمي المرتقب والدور الروسي في اقامته لنرى ماذا حققه النظام الاقليمي الحالي: النظام الاقليمي الحالي الذي لعبت فيه قطر دوراً محورياً رغم صغر حجمها ولعدم امتلاكها لمقومات وعناصر الدولة المحورية الاقليمية, وكذا تركيا والسعوديه ومصر في زمن حسني مبارك , كان لهم دور في النظام الاقليمي الحالي اضافة الى ايران  كان للنظام الاقليمي الحالي دور سلبي على الدول العربية وعلى شعوبها حيث ساهم هذا النظام بهذا الشكل او ذاك في
1- انتهاك السيادة الوطنية لعدد من البلدان  من خلال التدخل في شؤونها الداخلية واعطاء الضوء الاخضرللولايات المتحدة الامريكية وبعض دول الناتو في انتهاك الاستقلال الوطني لهذه البلدان والتدخل العسكري المباشر وغير المباشر فيها
2-ساعد هذا النظام الاقليمي ليس فقط في الصراع فيما بين اطرافه في التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية وانما ساهم بشكل مباشر في تنامي الاستقطابات والصراعات الطائفية في بلدان المنطقة
3-في ظل النظام الاقليمي  الحالي حصل تنامي للمجموعات الاسلامية المتطرفة والارهابية والتكفيرية منها وتنامي دور الميليشيات المسلحة وهذا ساعد على اضمحلال دور الدوله وتراجعها في اداء وظائفها في عدد من البلدان
4- ساعد النظام الاقليمي الحالي على ضعف دور الجامعه العربية وانحيازها لطرف دون آخر وشراء مواقفها السياسية من قبل اطراف معينه لصالح تمرير مواقفها السياسية . بعض الاطراف مثل قطر والسعودية ساهمتا في اخلال التوازن الاقليمي لصالح اطراف مما اضر بمصالح البلدان المنضوية فيها وبمصالح شعوبها العربية
5- بسبب النظام الاقليمي الحالي اصبحت منطقة الشرق الاوسط وبلدانها خاضعة للهيمنه الامريكية  وتم اقامة القواعد العسكرية  الامريكية والاطلسية فيها , وواصل حكام المنطقة استجداء استمرار بقائهم في الحكم من دعم الادارة الامريكية لهم . ففي ظل ضعف حكامها وتبعيتهم للولايات المتحدة الامريكية سنحت لها الفرصة للتوسع والهيمنه والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك استقلالها الوطني
ان الوضع الدولي الجديد وتطوراته وتأثيره ايجاباً في تبني الحل السلمي للازمة السياسية السورية , وفر وسيوفر مستلزمات وحقائق على الارض ستفرض واقع جديد وهو اقامة توازنات اقليمية جديدة  ستسهم في تغيير النظام الاقليمي الحالي الضار بمصالح شعوب المنطقة وتطور بلدانها
الاساس لنشوء وتكوين النظام الاقليمي الجديد: هوالدور الروسي  في الساحة الدولية بعد ان رسمت روسيا   سياستها الخارجية الجديدة منذ عام 2004 القائمة على اساس التطور والانفتاح في العلاقات الدولية وانهاء نظام القطب الواحد واقامة عالم جديد قائم على التعددية القطبية  , يحترم فيه استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واللجوء الى الميثاق الدولي واعطاء دور للامم المتحدة ومجلس الامن في حل النزاعات الدولية والتكافئ في العلاقات فيما بين الدول وانهاء الهيمنة والتوسع من طرف القطب الواحد فمنذ عام 2004 الى نهاية عام 2011 تمكنت روسيا من تهيئة مستلزمات داخلية واقليمية ودولية لتصبح دولة قطبية .كتبت عدد من المقالات  طرحت فيها معطيات وحقائق تؤكد ان روسيا اصبحت دولة قطبية وان نظام القطب  الواحد قد انتهى بلارجعة وبدون الحاجة الى بيان من الامين العام للامم المتحدة او من مجلس الامن , يؤكدان ويعترفان فيه ان
روسيا اصبحت دولة قطبية وان العالم في طريقة الى التعددية القطبية حيث ستلحق بهما الصين ثم الاتحاد الاوربي اذا تخلص  من الهيمنه الامريكيه وحافظ على استقلاله في سياسته الخارجية وتطوره الاقتصادي  هذا من وجهة نظري .ان الاحداث والتطورات التي حصلت في العالم والمنطقة اكدت للجميع تنامي الدور الروسي السياسي والدبلوماسي في تلك الاحداث وبتنامي الدور الروسي وظهوره كقطب دولي عادت الشرعية الدولية من جديد في العلاقات الدولية  الى  الامم المتحدة ومجلس الامن وانتهى دور الهيمنة والتفرد والتوسع والزعامة الذي لعبته الولايات المتحدة الامريكية منذ سقوط الاتحاد السوفياتي والذي استمرحوالي ثلاث عقود.
 الازمة السورية ومنع التدخل العسكري الامريكي الاطلسي فيها هو واقع موضوعي جديد في السياسة الدولية يقر به الجميع ويعترف ان للدور الروسي اثر كبير في منع التدخل العسكري لا بل عملت روسيا بدبلوماسيتها وتأثيرها الدولي على فرض الحل السلمي للازمة السورية هذه وقائع على الارض لا يمكن تجاوزها , اني هنا لا اخوض في تفاصيل الدور الروسي في حل الازمة السورية سلمياً ومنع التدخل العسكري فيها رغم اني كتبت عدد من المقالات بهذا الموضوع وكنت اؤكد فيها ان روسيا لا تسمح باي تدخل عسكري في حين كان يراهن عدد من الكتاب والمحلليين بسقوط نظام الحكم في سورية باسابيع وبعضهم يذهب اكثر من ذلك ويتوقع ويؤكد ان التدخل العسكري على الابواب وسقوط النظام سيتم بايام  رغم اني ليس مدافعاً عن النظام السوري بقدر ما اني ضد التدخل العسكري ومع الحل السلمي للازمة السياسية في سورية ومنحاز الى اقامة نظام ديمقراطي تعددي في سورية يضع البلد على طريق التطور الديمقراطي و ينهي فيه حكم الحزب الواحد والفرد الواحد واقامة دولة
المؤسسات الديمقراطية . من هذا انطلاقاً من الدورالروسي الجديد في السياسة الخارجية الدولية والاقليمية فان روسيا ستكون طرف اساس في تشكيل الخارطة الجديدة في المنطقة واقامة توازنات اقليمية جديدة , تتمثل في نشوء او تاسيس نظام اقليمي جديد رغم انها سوف لن تكون عضواً فيه والذي بلا شك سيولد من نهاية حل الازمة السياسية سلمياً في سورية
ماهي محاور النظام الاقليمي الجديد : او بالاحرى من من الدول التي سيتكون منها النظام الاقليمي الجديد , من وجهة نظري وحسب قرائتي لتطورات الاحداث السياسية في المنطقة . ارى ان النظام الاقليمي المرتقب سيتكون من الدول الاساسية التالية وهي مصر وسورية والسعودية وايران وتركيا .هذه الدول ستكون اعمدة للنظام الاقليمي الجديد وستكون روسيا  اللاعب الاساس في اقامة هذا النظام الاقليمي الجديد لدورها المؤثر الدولي والاقليمي ولقرب حدودها من المنطقة ولاسباب جيوسياسية اخرى . رغم ان وجهة نظري تكمن في اصلاح الجامعة العربية ارتباطاً بالتطورات الجديدة في العالم والمنطقة لتكون المؤسسة الاقليمية الضامنة لمصالح الشعوب العربية ومنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاعضاء فيها والحفاظ على استقلالها السياسي وضمان السلم الاهلي الداخلي للشعوب العربية وتوفير الامن والاستقرار الداخلي والتنمية الاقتصادية ... الخ واقامة السوق العربية المشتركة
من الملاحظات التي يمكن تثبيتها في هذا الموضوع الهام هي
1- ان سوريا كدولة بعد المبادرة الروسية بتدمير السلاح الكيمياوي عادة كشريك مع روسيا والولايات المتحدة الامريكية في انهاء هذا الملف واصبحت هنالك مصالح مابين سورية والمجتمع الدولي في انهاء هذا الملف الكيمياوي , ساتحدث لا حقاً عن  هذا الموضوع .
2- تركيا رغم انها ستكون جزء من هذا النظام الاقليمي الجديد الا انها سيتراجع دورها وستكون هي اضعف حلقاته ارتباطاً بتورطها وتدخلها المباشر في الازمة السياسية السورية ولعبت تركيا دوراً في تنامي الجماعات الاسلامية المتطرفة هذا اولاً وثانياً بتنامي الدور الكوردي في داخل الاراضي التركية حيث هناك ما يقارب 16 مليون كردي يطالبون بحقوقهم اضافة لتنامي الدور الكوردي في المناطق السورية التي تقع على حدود تركيا وما تحصل عليه من دعم من حكومة الاقليم في كوردستان العراق وثالثاً فشل سياسة حزب التنمية والعدالة وزعيمة رجب طيب اوردكًان في اقامة نموذج مقبول لدولة اسلامية وفشل نماذجة في عددد من الدول كحكم الاخوان المسلمين في مصر وتونس وبلدان اخرى
3- سيشهد النظام الاقليمي الجديد تراجع الدور السعودي ايضاً وذلك لفشل السياسة الخارجية السعودية وتورطها في كثير من ازمات المنطقة ولكنها ستكون جزء من هذا النظام بحكم دورها في لبنان حيث كل من يتابع الشأن السياسي اللبناني يصل الى قناعة ان السعودية تشكل طرف اساسي في الشأن السياسي اللبناني اضافة الى تحالفها مع الولايات المتحدة الامريكية وكونها اغنى واكبر دولة خليجية , كما سيشهد النظام الاقليمي المرتقب تراجع دور قطر لحساب دور السعودية
4- العراق رغم انه بلد نفطي ويتمتع بموقع جغرافي مهم ويمتلك كثافة سكانية الا انه سوف لن يكون له اي دور في النظام الاقليمي الجديد بحكم غياب دولة المؤسسات فيه وتحكمه قوى طائفية متصارعة تمتلك ميليشيات مسلحة مما اسهمت هذه القوى في اضعاف دور الدولة ولاسباب عديده اعتقد سيكون دور العراق هامشي , واذا افترضنا تمكنه من ايقاف وانهاء التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية
5- مصر مرشحة ان تكون الطرف العربي الاقوى في هذا النظام الاقليمي الجديد ولكن عليها ان تخرج من عبائة السعودية هذا اولاً لان السعودية بتأييدها للتحولات الجديدة في مصر ليس كرهاً بالاخوان المسلمين  وحباً بالنظام الديمقراطي وانما هي نكاية بالموقف القطري وثانياً تواجه مصر الآن قوى منظمة هي جماعة الاخوان المسلمين يشعرون انهم فقدوا الشرعية بانقلاب عسكري وقد يتحولوا لاستخدام العنف وقد تدخل البلاد في حرب اهليه في حالة حل هذه المسألة سلمياً واجراء انتخابات ديمقراطية يشترك فيها الجميع وبغض النظر عن المساعدات الاقتصادية الامريكية ستكون مصر من الدول القوية في هذا
النظام الاقليمي الجديد
6-ايران ذات السياسة الخارجية الاصلاحية المنفتحة المعتدلة والبعيدة عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة بلا شك ستكون طرف في هذا النظام الاقليمي الجديد
7- اما بالنسبه الى سورية كدولة ستكون طرف اساسي فاعل ومؤثر في النظام الاقليمي الجديد وسيكون لهذا النظام الجديد دور
مؤثر وايجابي في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني سلمياً
قد يطرح سؤال كيف ستكون سورية طرف اساسي في النظام الاقليمي الجديد وهي تمر في ازمة سياسية مستعصية؟ اني هنا في هذه الموضوعة اضع وجهة النظر التالية
1- اني ارى ان النظام السوري نظام الحزب الواحد والفرد الواحد قد سقط وانتهى منذ ان بدأت الازمة السياسية في سورية النضال السلمي للقوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية  واليسارية في سورية ومعها فئات واسعة من الشعب السوري فرضت على قمة هرم النظام السوري اجراء اصلاحات سياسية عديدة منها اعادة صياغة دستور جديد للبلد , لكن استمرار الاعمال العسكرية والعنف المسلح  والتدخلات الاقليمية والدولية الخارجية هي عامل معرقل في تأخير ظهور نظام ديمقراطي جديد
2-الدولة السورية حافظت على بقائها وعدم انهيارها وهي اليوم متماسكة وقوية والفضل يعود من وجهة نظري الى وحدة الجيش السوري هذه الوحدة هي الضمانه الداخلية الاساسية لفرض الحل السلمي للازمة السياسية في سورية وهي الضمانة لعودة سورية الرسمية وكدولة ديمقراطية من جديد لتصبح قوة اقليمية لا يمكن تجاوزها وسيكون لها دور ايجابي قادم
3- ان نجاح المبادرة الروسية غير موازين القوى الدولية والاقليمية والداخلية المشتركة في الصراع الدائر في سورية الآن واصبح الاتجاه الاقوى هو لصالح الحل السلمي, رغم ان السبيل لذلك هو مؤتمر جنيف 2 ومع هذا امام الحل السلمي صعوبات ناجمة من تعقيدات الازمة السورية والتدخلات الاقليمية والدولية فيها ومع هذا ان الحل السلمي للازمة السياسية في سورية سينتصر واني اتوقع  لم نحصد ثماره النهائية في جنيف 2 وقد تمتد الى جنيف 4 او 5 او 6 وان حصل ذلك ارى ان الفترة الزمنية ستكون قصيرة ما بين مؤتمر وآخر ارتباطاً بتغيير موازين القوى الدولية والداخلية لصالح الحل السلمي
4- بانتصار الحل السلمي ستندحر المجموعات الاسلامية المتطرفة  في سورية مثل جبهة النصرة وداعش وغيرها من المجاميع المتطرفة وسيلجأ العديد من افراد هذه المجموعات الى بلدان الجوار وسيكون اكثر البلدان تضرراً من هذه المجاميع هما العراق ولبنان ارتباطاً بتنامي الصراع الطائفي في هذيين البلدين وضعف دور الدولة فيهما, ورغم اني مع الحل السلمي للازمة السياسية في سورية , الا انه من يتابع تطورات الاحداث في الازمة السياسية في سورية يرى ان الجيش السوري حقق نجاحات  على الارض وهناك مؤشرات لبدأ معركة القلمون والسيطره عليها من قبل الجيش السوري قبل حلول موسم الشتاء حيث ان منطقة القلمون هي سلسلة جبلية تقع على حدود لبنان وهي منطقة استراتيجية هامه
5- ارى من وجهة نظري ان بدأت فعلاً معركة القلمون وان تمكن الجيش السوري من حسمها لصالحه ستكون نتائج المعركة حافزا قوياً للنظام للتعجيل ببدأ معركة ريف حلب الكبرى لأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للنظام وذلك لاسباب عدة واحدة منها كون المنطقة تقع على الحدود التركية
6- ان تمكن الجيش السوري من حسم هذيين المعركتيين ستجني حكومات قطر والسعودية وتركيا فشل سياستهما الخارجيه وتورطهما في الصراع الدامي في سورية الذي دخل عامه الثالث وهذا الفشل في سياستهما الخارجية سيكون له نتائج سلبيه على اوضاعهما الداخليه لا سيما تركيا انها ستشهد انتخابات برلمانية قريباً اني بهذا الطرح لا ابرر التدخل الايراني وتدخل حزب الله في الصراع في الازمة السورية حيث انه من وجهة نظري تدخل ضار بمصالح الشعب السوري  وشعوب المنطقة في المدى الاستراتيجي
7- ارى من وجهة نظري ان هناك مستجدات الان في سورية لصالح القوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية واليسارية بسبب مواقفها الصحيحة في تبني الحل السلمي للازمة السياسية والوقوف ضد التدخل العسكري منذ بداية الازمة الى الآن هذا الموقف السليم سيساعد هذه القوى  للنهوض والتوسع الجماهيري والحضور السياسي الفاعل المؤثر وذلك عند تغيير موازيين القوى لصالح الحل السلمي , وستستجد تراكمات متنوعه سياسية وجماهيرية واعلامية لصالح هذه القوى وستمكنها من فرض دورها في المعادلة الجديدة في اقامة نظام ديمقراطي تعددي تداولي في سورية, واعتقد بهذا ستندحر المجموعات الارهابية في سورية  , وسيتراجع دور الاسلام السياسي وبالذات القوى المتطرفة في سورية وعدد من دول المنطقة , اني بهذا الطرح لا اقلل من دور المصالح الدولية والاقليمية في حل الازمة السورية حيث ان التوافق الروسي الامريكي سيكون هو الحاسم في حلها سلمياً , وهذا التوافق الروسي الامريكي  وتطوره على الارض ارى انه سيكون له تأثير على الدول الاقليمية الراعية والممولة والداعمة للمعارضة المسلحة  والتي سيكون لها دور ايضاً  اذا اقتنعت بالحل السلمي في التاثير على المعارضة المسلحة , والمساهمة في انجاح مؤتمر جنيف 2 وان طال الى جنيف 4 او5 او6 لكن لا خيار لحل الازمة السورية الا من خلال الحل السلمي
28-10-2013


63
فتاوي القتل والتكفير ينتجها اصحاب الضمائر الميتة
(2)
فلاح علي
استكمل في هذا الجزء من المقالة طرح القرائيين والادله من كتاب الله وكلام رسوله الكريم التي تؤكد ان فتاوي القتل والتكفير هي ليس انها شخصية وسياسية فقط , كما اشرت في الجزء الاول من المقالة وانما ستؤكد ايضاً انها نتاج توظيف الدين في السياسة وهي خارجة عن حدود الله جل جلالة وان الله يتبرأ من فتاوي القتل والتكفير. 
الله ورسوله يتبرؤون من فتاوي القتل والتكفير :
 قال الله في كتابه الكريم مخاطباَ الرسول محمد (ص)(( فذكر أنما أنت مذكر , لست عليهم بمسيطر)) (من سورة الغاشية في الآية 22 ) وقال الله تعالى في كتابه الكريم(( تواصوا بالحق وتواصلوا بالصبر )) ( سورة العصر في الآية 3) هذه الآيات من كتاب الله تؤكد لنا أن القرآن هو كتاب هداية وموعظة ينبذ التطرف ولا يثير البغض والكراهية والتكفير والقتل والهيمنة والتسلط , ومع الأعتدال . وفي كتاب الله آيات تحمي الحريات الفردية ومن ذلك حرية الرأي والمعتقد والتعبير والتعليم التي عبر عنها القرآن الكريم في قوله عز وجل : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ... )) ( سورة النحل – الآية 125 ) وقد عبر الحديث الشريف للرسول (ص ) ((أkفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)).ومن الآيات التي تؤكد على حماية حرية العقيدة بقوله تعالى : (( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) ( سورة البقرة – الآية 256 ) وقوله تعالى (( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) ( من سورة الكهف الآية 29) وكذلك قوله عز وجل: (( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا , أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) ( سورة يونس الآية 99)هذه الآيات في كتاب الله  تطالب بالانفتاح والابتعاد عن التطرف وقبول الآخر وإطلاق الحرية الأنسانية واعتبارالعقل هو الحكم والمعيار في منظومة الأفعال الأنسانية , وليس الاتهام والتجني .
من هذا نجد ان فتاوي القتل والتكفير تعد تجرؤ على حدود الله ورسوله :
من قول الله في كتابه الكريم  من ما ذكر من آيات قرآنية اعلاه واقوال الرسول الكريم (ص) يتبين للجميع ان اصحاب الفتاوي التي تحلل قتل النفس البريئة التي حرم الله قتلها الا بالحق هم ليسوا فاقدي عقل وضمير, وانما ايضاً هم غير متخصصين بأمور الفتوى والدين , والحقيقة تقول ان الله ورسوله لا يؤمنون بهكذا فتاوي تدعوا الى القتل والتكفير فهي في الدين والشرع حرام . كتاب الله يدعوا الى اشاعة ثقافة قبول الآخروالانفتاح والتقوى , وبهذا فان الشعوب في البلدان الاسلامية تجد ان في فتاوي التكفيريين دعوة لأشاعة ثقافة الكراهية ضد الآخر والبغض والكفر والقتل وبهذا فانهم ليسوا فقط قد خرجوا عن حدود الله وانماأعلنوا الحرب على جميع الناس باسم الدين .
السيد مرتضى القزويني :
في رسالتي الاولى لم اتهمك انك من اصحاب الضمائر الميتة , وفي هذه الرسالة الثانية لم اتهمك انك من التكفيريين , ولكني اقول لك ان فتواك بهدر دم الشيوعيين تعد تعدي على حدود الله الذي حرم قتل النفس البشرية , حتى وان اختلفت معكَ في الدين او في الراي او لم تكن مؤمنة, فحرمة النفس البشرية عند الله أعظم من حرمة الكعبة . اني اجد انك مارست استعمال خاطئ للدين في غير موضعه , لهذا فأن فتواك  تسيئ للدين . لأنها تعد دعوة للتحريض على القتل وفتح ابواب اشاعة الفوضى في البلد ودعوة علنية لسفك الدماء , وبهذا أتتفق معي انك وفق كتاب الله جل جلالة تعتبر مسبب في القتل من خلال التحريض , أتقبل على نفسك ان تتحمل الأثم والعقاب في الدنيا والآخرة . وقد أكدت بفتواك هذه للمسلمين جميعاً ولجمهور المتدينيين وللشعب العراقي إنك غير متخصص بأمور الدين لأنك خلطت الدين بالسياسة وفتواك هي سياسية تخدم أهداف ومصالح دنيوية أنانية وهي لا تحمل وجهة حق .
خلط الدين في السياسة :
وفق كتاب الله نرى ان الفتاوي التي تدعوا الى القتل والتكفير انها تؤكد على حقيقة واحدة لا تقبل الشك ان ورائها دوافع وغايات لااساس لها بالدين , وانما لها دوافع وغايات سياسية ومصالح ذاتية . وبهذا فان دعاة فتاوي القتل والتكفير هم يوظفوا الدين بالسياسة وهذه أداة سيئة من أدوات الصراع السياسي والاعلامي . وان مثل هذه الفتاوي المتسيسة و المتشددة عادتاً تصدر من المدعيين بالدين وبالتدين وليس لهم تخصص في اطلاق الفتاوي . الا انهم في الواقع بفتاويهم هذه انهم غير مؤهليين للحديث باسم الدين والشريعة. ان التهاون أزاء هكذا فتاوي والتي تنطلق من القنوات الفضائية الدينية , يعد أمر غير مقبول لأنها مخالفة للدستور الباب الثاني الحقوق والحريات , وبهذا فأن لها اضرار على عملية التحول الديمقراطي في البلاد , كما ان لها اضرار سلبية على المجتمع وتفكيك الوحدة الوطنية , دع عن ذلك انها مخالفة لدين الله واقوال رسوله لأنها تصور الدين الاسلامي بأنه دين دموي لا يتقبل المعارضة والراي الآخر وهذا خلاف لقيم الدين وثوابته ومبادئه المعروفة بالتسامح والاعتدال والعدل والمساواة والوقوف ضد الظلم والظالميين ومناصرة الحق وان البشرية تدرك جيداً ان هذه القيم وهذه المبادء في الاسلام هي تحمل اسس للتعددية والتنوع و للحرية بما فيها حرية الراي والمعتقد والديمقراطية ايضاَ . لو كان اصحاب رسول الله ( الخلفاء الراشدون ) (عليهم السلام) احياء الى الآن  لما تجرأ اي منهم على اطلاق هكذا فتوى باطلة مخالفة للدين والشرع وذلك لعظم المسؤولية امام الله . لهذا ان اللسان الذي يطلق فتاوي القتل والتكفير وفق كتاب الله هو لسان سياسي مأجوروليس لسان رجل دين وهي يقيناً نتاج توظيف الدين بالسياسة فهي فتوى سياسية بأمتياز.
فتاوي القتل والتكفير تمثل فكراً تكفيرياً :
السيد مرتضى القزويني :

إنك تدرك جيداً ويدرك ويعرف جميع المسلمين وغير المسلمين ان الدعوة الى القتل انها تحمل فكراً تكفيرياً . والفكر التكفيري في الاسلام هو مخالف لدين الله لأنه فكر متطرف يفرق ولا يجمع , وان اصحاب الفكر التكفيري يعتبرون تبني اي راي او فكر أو اي خلاف في الراي هو خروج عن الدين وهوكفر ورايهم وحدهم هو الصحيح يمثل الايمان والحق والراي الآخر المخالف حسب تصورهم هو يمثل الكفر والباطل, لهذ اوجب حل دمه وهذا خلاف للدين والشريعة , السؤال هنا ان دين الله يحرم قتل النفس البريئة اذن لماذا يحلل التكفيريين قتل الانسان ؟ لا اعرف ما هو جوابك على السؤال لكني أرى من وجهة نظري ان الاجابة على هذا السؤال هي واحده من أمريين. الأول بلا شك انهم وظفوا الدين في السياسية , والثاني اعتقد قد يكون انهم مصابون بلوثة عقلية او مرضاً نفسياً نتيجة  فكرهم المشوه وتحريفهم للدين , او خلل في تربيتهم قد تكون غير سليمة أو رافقهم في حياتهم الكبت والحرمان و بلا شك انهم فاقدين للعلم والمعرفة ولقيم الدين . اني لا اتهمك انك واحداً من هؤلاء التكفيرين ولكنك تدرك جيداً قبل غيرك انه  في الشريعة والدين عادتاً يوجد الضديين كأن يكون احدهما صائب , ولا يوجد فيهما حق وباطل وكفر وايمان وقاتل ومقتول , وان الأديان السماوية أكدت ان هذا الخلاف هو دليل تنوع وهذا ما أكدته الحياة ايضاَ ,وعادتاً هذا التنوع يؤدي الى انتاج الاسلوب السلمي والحوار في التعاطي مع القضايا المطروحة كأن تكون خلاف في الراي او المعتقد لا ان يستخدم العنف والقتل والتكفير واثارة الفتنه الداخلية باسم الدين , وبهذا فان التكفيريين يقسمون الناس الى قسمين الذي يخالفهم في الراي هو كافر يتطلب اقامة الحد عليه , والذي معهم في الراي هو المسلم , كما اكدت التجربة التاريخية للشعوب وبالذات العربية والاسلامية ان التكفيريين عادتاً يكونوا مسيسيين ويوظفون الدين في السياسة ومجيريين او مأجورين لمجاميع وكتل واحزاب متطرفة . فتاويهم التكفيرية هي لخدمة مصالح الاحزاب المتطرفة ولاستمراربقائها في الحكم فترة اطول ولاضعاف الآخر ليس لانه خرج عن الدين , لالأنه معارض سياسي لهم , هؤلاء التكفيريون هم مبتكري تحويل الصراع في المجتمعات من صراع سياسي الى صراع ديني فهم في الحقيقة يحرفون دين الله . فهم بتفسيراتهم و اعمالهم المتطرفة يسعون بذلك لغايات ومصالح تقف بالضد مما ذكره الله في كتابه الكريم , لهذا تطاردهم اللعنة في الدنيا وينتظرهم عقاب الآخرة .
السيد مرتضى القزويني :
اني لن أتهمك انك واحداً من هؤلاء التكفيريين , او تطمح الى الشهرة الاعلامية حتى وان كان بشكل باطل ولكني اقول لك ان فتواك وفق كتاب الله جل جلالة هي باطلة وشخصية , وان الايمان والتقوى والحق والحكمة والتدين يفرضان عليك سحبها والاعتراف بالخطأ فضيلة , لأن هذه الفتوى وفتاوي التكفيريين تعد خزين استراتيجي فكري لقوى التطرف والارهاب وهي ليس فقط خارجة عن حدود الله وانما يعاقب عليها الدستور العراقي . لأن قتل اي انسان بدون حق محرم ومجرم في الاسلام والقانون .
الأستنتاجات :
1-الاسلام سمح بحق الدفاع عن النفس والدين والوطن والفكر والمعتقد والعرض والمال , وأن هذه الفتوى تعد دعوة للتحريض على القتل واشاعة الفوضى وجريمة تستوجب المسائلة ووضع  صاحبها تحت طائلة القانون , لهذا فأن الناس الذين وقع عليهم الأذى يحق لهم الدفاع الشرعي والقانوني عن انفسهم . من هذا اني انضم الى الراي الذي يقول على قوى التيار الديمقراطي في الخارج , ان تقدم شكوى الى احدى المحاكم الدولية او الانتربول , رغم ان الفتوى لا شرعية ولا قانونية الا ان حياة الآلاف من العراقيين في الخارج اصبحت في خطر وبالذات عند زيارتهم الى الوطن . وكما هو سائد في العرف ان المتهم بريئ حتى تثبت ادانته . كيف اذن بشخص يصدر حكم بالموت بالضد من الدستور العراقي , الذي كفل وضمن حرية الرأي والمعتقد .
2- الفتوى تعد دعوة الى مصادرة حق الناس في الحياة , فهذا لم يقبل به اي رجل دين او اي مواطن او اي قانون , في  الوقت الذي يوجد في البلاد دستور صوت عليه الشعب مع وجودالسلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية )اذن كيف يتجرأ شخص غير مختص في الفتوى يحلل وفق هواه ومصالحة أو مصالح المجموعة لهذا فأن الحكومة العراقية وفق الدستور ,معنية قبل غيرها في تطبيق القانون والدستور العراقي وحماية المواطنيين من اي خطر او أذى , ان هكذا فتوى تصادرحق الناس في الحياة , تطلق من قناة تلفزيونية هي ليس فقط رسالة لنشر ثقافة العنف والارهاب , وانما لمصادرة صلاحيات السلطات الثلاث المثبته في الدستور , في الوقت الذي يعرف جميع العراقيين ان الدستور ضمن حرية الناس ومعتقداتهم وانتماءاتهم والحفاظ على حياتهم . لهذا فأن هكذا فتاوي تنطبق عليها المادة 4 ارهاب , ومن واجب الحكومة العراقية القاء القبض على صاحبها واحالته للقضاء لينال جزائة . لأن الدين لله وليس لأشخاص والوطن للجميع ولا يحق لأحد مصادرته عن الآخرين ومصادرة حياتهم , والدستور العراقي يؤكد ان الحكم للقضاء وليس لأشخاص . لهذا في حالة تركه وشأنه بدون محاكمة وبدون ان يأخذ جزائة  يضع الحكومة في خانة الاتهام بأنها معنية او متورطة في اشاعة الفوضى والانفلات في المجتمع , ومتهاونه في التجاوز على القانون والدستور الذي صادق عليه الشعب .
3- في العراق الآن العشرات من القنواة الفضائية التابعة لأحزاب الاسلام السياسي , استمعت لها جميعاً وجدت هذه القنواة تدعوا الى  الترويج للشد والتخندق الطائفي وهذا يساعد على نشر الكراهيه بين ابناء المجتمع العراقي وتهدد الوحدة الوطنية العراقية وذلك بنشرها لثقافة الشحن والحقدالطائفي , والاسلام بريئ من ذلك. من هذا ارتباطاً بالفتوى ايضاً ارى ان الحكومة ووزارة الاوقاف معنيان في متابعة توجهات هذه القنواة , الضارة بعملية التحول الديمقراطي في البلاد . لذلك اني احمل الحكومة العراقية مسؤولية السماح للقنواة التلفزيونية الدينية بنشر ثقافة الكراهية والعنف والقتل والتكفير , ولا علاج لهذا سوى تفعيل قوة القانون وعودة هيبة القضاء والحكومة .
4- وارتباطاً بموضوع الاعلام ارى ان الازمة السياسية الخطيرة التي يمر بها البلد , تؤكد ان الدولة معنية بوضع استراتيجية لنشر الفكر المعتدل المتسامح ونشر ثقافة الديمقراطية, وعدم السماح للترويج للفكر الطائفي ولأصحاب الفتاوي المحرضة , وعدم تزييف وعي الناس والهائهم بقضايا فرعية وثانوية , وان يقوم الاعلام بدوره الاساسي المتمثل بخدمة العملية السياسية والتحول الديمقراطي في البلاد وبالارتفاء بوعي فئات واسعة من الشعب في المجال الثقافي والسياسي وحتى الديني بنشر ثقافة الاعتدال والتسامح التي يدعوا لها دين الله, ولكن يجد المواطن الآن ان الدولة مقصرة في مجال الاعلام حيث تحول الاعلام وبالذات الاعلام الخاص الى اداة للصراع السياسي وساهم في نشر ثقافة الحقد والكراهية وثقافة الطائفية , من هذا ضرورة اصدار تشريعات قانونية توضع عقوبات رادعة تجرم اي شكل من اشكال التطرف اوالدعوة لنشر الحقد والكراهية والقتل والتكفير في الخطاب الاعلامي الحكومي او الخاص.
5- الوطن للجميع  وهذا ما اقره الدين والدستور ,وليس في وسع احد ان يقول للآخر اخرج وابحث لك عن وطن بديل , لهذا ان الشعب بحاجة الى ثقافة التعايش السلمي والحوار وحل الخلافات عبر الآليات الديمقراطية .
3-9-2013 .
 
 


64
فتاوي القتل والتكفير ينتجها اصحاب الضمائر الميتة
(1)
فلاح علي
الى مرتضى القزويني : مقالتي هذه تتضمن حواراً وتحليلاً نقدياً لفتواكم التي اطلقتها من قناة الانوار وحللت فيها هدر دم الشيوعيين , في الوقت الذي يعرف فيه الشعب العراقي ان الشيوعيين يشكلون كنوز العراق العلمية والمعرفية والفكرية والثقافية وطاقات وكفاءات في كافة الاختصاصات وهم ليسوا مجموعه او افراد لكي تتخلص منهم . انهم كتل بشرية من العمال والفلاحيين والطلبه والشباب من كلا الجنسيين وكادحين ونساء ومهنيين ومنهم ابطال الرياضة مثلوا بلدهم لسنوات عدة في الالعاب الرياضية الدولية واساتذه ومعلمون واطباء وصيادله ومحامون ومهندسون ... الخ اي انهم جزء لا ينفصل من الشعب العراقي بكافة قومياته واديانه وطبقاته وفئاته الاجتماعية , وهم يشكلون الضمانه للوحدة الوطنية العراقية التي اضعفتها المحاصصة الطائفية والقومية . لهذا ارجوا ان يتسع صدرك للنقد وسأؤكد لك وللقراء ان فتواك باطله وأعتقد بعودتك ثانيه الى كتاب الله جل جلال وكلام رسوله الكريم , ستتفق معي في الراي ان فتواك باطله وان الاعتراف بالخطأ فضيلة .
بعد التحية :
كما تعلم ويعلم به الملايين من البشر المتواجدين على كوكبنا ومن مختلف الاديان والأجناس, بان الاسلام كفل حق الدفاع عن النفس وعن الوطن والدين والفكر والمعتقد والعرض والمال . من هذا يحق لي ولغيري في الدفاع عن الدين وعن النفس وعن الفكر الذي آمنت فيه وعن الحزب الذي انتميت اليه , ولكن دفاعي هوسلمي حواري بالكلمة من خلال المقاله وبالوسائل الشرعية والقانونية , وهذا حق كفله لي الدين والقانون . من هذا سأبدأ دفاعي من خلال هذه المقالة . اني لا استغرب من الفتوى التي اطلقتها من خلال قناة الانوار في هذا الظرف بالذات , وانك تعلم جيداً انه سبق وان ظهرت فتاوي في مصر وتونس تحلل فيها قتل اليساريين والديمقراطيين اطلقها اشخاص يدعون انهم رجال دين ورجال علم لكنهم في الواقع هم اشباه ,قاموا بأرتداء عباءة الدين وسمحوا لانفسهم ان يتحدثوا بأمور لا تعنيهم وهي الحديث باسم الدين . اي يحللون ما حرم به الله وكتابه الكريم ورسوله (ص) .باشاعة روح الحقد والكراهية والتفرقه والتكفير والقتل , وازهاق الروح التي حرم الله قتلها الا بالحق , والاغرب من ذلك هناك اعلام وفضائيات ومواقع الكترونية وصحف بعلم الحكومات تروج لفتاويهم هذه المعادية لدين الله . وأنت وجميع الشعوب العربية يعلمون جيداً ان فتاوي القتل التي ظهرت في مصر وتونس , هي نتيجة لفشل تجربة حكم الاخوان المسلمين في مصر التي اسقطها الشعب المصري وفشل مشروعهم الاسلامي في ادارة شؤون الدولة . كما ادرك حزب النهضة الحاكم في تونس ان تجربتة في الطريق الى السقوط والزوال , لهذا اطلقوا فتواهم وحللوا فيها قتل اليساريين والديمقراطيين والوطنيين فقتل  شكري بالعيد ومحمد الابراهيمي في تونس . من هذا يستنتج المواطن العربي ان هذا الفشل لحكم الاسلام السياسي في مصر وتونس , هو وراء ظهور الفتاوي في هذيين البلديين , وسقوط تجربتهم يعتبر ناقوص خطر لكل احزاب الاسلام السياسي التي وظفت الدين بالسياسة , سواء كانت في العراق او اليمن او الاردن اوسورية اواي بلد عربي آخر . من هذا ألا تتفق معي ان الفتاوي التي ظهرت في تونس ومصر بما فيها فتواك هي فتاوي سياسية وليس لها علاقة في الدين . وما يؤكد ذلك ان حزب الأخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس , عملى على تأسيس مرجعية دينية ترتبط بهما وتؤمن لهما الفتوى من اجل استمرار بقائهما في الحكم . لهذا اسمح لي ان اقول لك ان فتواك شخصية وليس لها علاقة بالدين لأنها لا تمتلك اي اساس شرعي وهي بمحتواها تعتبر فتوى سياسية .
مرجع ديني كبير يحرم الفتوى ضد الشيوعيين :
السيد مرتضى القزويني : سواء كنت تعلم ام لا تعلمُ لكن غالبية الشعب العراقي يدرك ويعلم تماماً ان اعدام قادة الحزب الشيوعي العراقي الرفاق يوسف سلمان (فهد) وزكي بسيم وحسين الشبيبي في عام 1949 تم بقرار من السلطات البريطانية وبتنفيذ من حكومة العهد الملكي الموالية لها , وذلك لخوفهم من تنامي جماهيرية ونفوذالحزب الشيوعي العراقي في المجتمع العراقي . وقد ارعبتهم وثبة كانون في عام 1948 حيث انتفض كل الشعب من كوردستان الى البصرة بقيادة الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين من اجل تحرر البلاد ونيل الاستقلال . فمن اجل مصالح الشعب والوطن ضحى قادة الحزب بحياتهم ووسمت الوطنية الصادقة آنذاك بالشيوعيين الى يومنا هذا .  ضنت السلطات البريطانية وحكام العهد الملكي ان بأعدام قادة الحزب سيقضوا على الحزب الشيوعي العراقي . مالذي حصل بعد ذلك بعد ثلاث سنوات من ذلك التاريخ اي في عام 1952 عاد نشاط الحزب الشيوعي بقوة وفاعلية وبتأثير كبيرعلى الشارع العراقي , وتحرك الشعب من جديد في انتفاضه جديده سمية وثبه تشرين عام 1952 ,  وحصل مد شيوعي في العراق آنذاك واصبح للحزب نفوذ جماهيري واسع ودور مؤثر وفاعل في الاحداث السياسية في البلاد .هذا مما أذهل السلطات البريطانية وحكومة العهد الملكي , فتفتقت عقولهم بفكرة وهي توظيف الدين لمحاربة الحزب الشيوعي العراقي , وعزموا على تنفيذ هذه الفكرة . فتوجه القنصل البريطاني من بغداد الى كربلاء وذلك في أواخر تشرين الثاني من عام 1953 . لغرض الحصول على فتوى من المرجعية تحلل قتل الشيوعيين .وقد إلتقى المرجع الديني آنذاك آية الله السيد الشيرازي في كربلاء وكان سماحته وكيل الأمام  مقيم في كربلاء حينها وقد طرح عليه القنصل البريطاني التالي:((يوجد عدو مشترك لنا ولكم ويتطلب إتخاذ موقف للخلاص من هذا العدو فرد عليه وكيل الأمام إذا كنت تقصد الشيوعيين فأنهم ليسوا بأعداء لنا وإنهم وطنيون يجاهدون من أجل تحرر وطنهم)) (1) . فقد تفاجئ القنصل البريطاني من هذا القول الذي نزل كالصاعقة علية والقول بحد ذاته كان فتوى تعبر عن الحقيقة الساطعة ان الشيوعيين ليسوا باعداء الدين وانهم وطنيون يجاهدون من اجل مصلحة وطنهم  .لكن الاعلام آنذاك لم يبرز هذه الفتوى العادلة الصادقة الصادرة من مرجع ديني كبير في العراق والمنطقة والعالم الاسلامي .وان هذه الفتوى عبرت عن الحقيقة الساطعة التي لا تقبل التشكيك قالها مرجع ديني كبير مؤكداً اولاَ على وطنية الشيوعيين وثانياَ رفض سماحته إشهار سلاح التكفير ضد مواطنيين عراقيين , وثالثاً سماحته وكيل الامام كان أميناً على دين الله الحنيف , ورابعاً انه رفض توظيف الدين في السياسة . وهذا كان درساَ بليغاَ لكل من يريد توظيبف الدين في السياسة لتحقيق مآربه ومصالحة . من هذا ان الدين لا يمكن أن يكون سلاح بيد أشخاص يستخدم لتسخين المناخات ولنمو قوى التكفير والغلو والتطرف والأرهاب وتصفية حسابات وإشاعة ثقافة الكراهية والقتل والتكفير , وقد عبر وكيل الأمام بشكل صادق عن أمانته على دين الله وبمحافظته الأمينة على روح الدين فجنب شعبه من شرور فتنه أرادوا توريط الدين بها آنذاك.وعبر ليس فقط على حرصه على ابناء شعبه و انما اكد على وطنيته وعن شعوره الوطني وعن فهمه الصحيح لجوهر الدين وهذه هي الحكمة والعقل والرؤية السديدة لرجل الدين الذي يرفض توظيف الدين في السياسة , لكن تمكن لاحقاً اعداء الوطن والشعب وبدعم من شركات النفط والاستخبارات البريطانية وال CIA بعد انقلاب شباط الاسود في عام 1963  من الحصول على فتوى وكانت مخالفة للدين او تم تحريفها آنذاك , ضناَ منهم من خلال توظيف الدين في هجومهم الفاشي من القضاء على الحزب الشيوعي العراقي وكل قوى التقدم والحرية والديمقراطية , لكن الشيوعيين لن ترعبهم او تخيفهم هذه الفتوى وهذه الحملة الفاشية ضدهم , فصمدوا صمود الابطال وقدموا تضحيات جسام لكنهم حافظوا على حزبهم , ووقف الشعب معهم  وتحولت الارياف الى قلاع حصينة للشيوعيين , في الوقت الذي توقع فيه اعداء الشعب ان الارياف هي اول من تقف ضد الشيوعيين وذلك صناً منهم سهولة تمرير الفتاوي على الفلاحيين . رغم ان الرجعيون والمتشددون من دعاة الدين ساهموا بنشر ثقافة التجهيل في الارياف لغرض التاثير عليهم , الا ان الفلاحيين لم يكترثوا لفتاوي مسيسه واحتضنوا الشيوعيين وذلك لقناعتهم بنضال الشيوعيين ومواقفهم العادله من قضاياهم المصيرية وهي الارض والملكية الكبيرة وتطوير الزراعة والريف وتحسين مستواهم المعيشي وتوفير الخدمات والتعليم والضمان الصحي لهم  .فأندحرت الفتوى وانتصر الشيوعييون بصمودهم وبالتفاف اوسع جماهير الشعب حولهم .
اما اصحاب الضمائر الميته من دعاة القتل والتكفير :
وذوي العقول السطحية فهم لا يؤمنون بمفهوم المواطن والوطنية بوصفها منظومة حقوقية واخلاقية وقانونية  تؤسس للحقوق والواجبات وتحافظ على الوحدة الوطنية وتماسك النسيج الاجتماعي للمجتمع وتجنبه فتن الحرب الاهلية .  فهم يطلقون الفتاوي لتكفير وقتل النفس البريئة التي حرم الله قتلها الا بالحق وبلا شك ان اصحاب هذه الضمائر الميته التي تنشر الفتنه والكراهية والموت في المجتمع , هم غير قادرين على توحيد ابناء الوطن حول قيم قانونية وحقوقية كالحريات : مثل حرحرية المعتقد والتفكير والتعبير بلا تخوين ولا تكفير , ومن المؤكد ان مهمتهم هو انتاج ثقافة العنف والكراهية والقتل والتكفير وقاموا بتحريف دين الله واقوال رسوله الكريم.
السيد مرتضى القزويني :
بلا شك اني لن أتهمك شخصياً بأنك من اصحاب الضمائر الميته , لكني اسألك ما هو رايك بفتوى آية الله الشيرازي الذي حرم فيها هدر دم الشيوعيين وكان حينها المرجع الديني الأعلى في العراق والعالم الاسلامي وانت تعرفه جيداً وتعرف مقامه الديني الكبير. كما اني اوجه لك سؤال ثاني هل ان المرجع الديني الأعلى آية الله الشيرازي على خطأ في فتواه وأنت على صح ؟ارجوا الاجابه على السؤالين . ومع هذا أحيلك ثانية الى عالم ديني آخر كبير ومعروف على صعيد العالم العربي والاسلامي هو الامام محمد عبدة . يؤكد الامام محمد عبده الذي اصبح الأكثر شهرة في مصر والعالم العربي والأسلامي , وقد خلف تراثاَ فكرياَ عظيماَ , وله أثراَ حاسماَ في تحولات مصر والعالم العربي , من مجتمع التقليد إلى الحداثة والنهضة والتنوير . يؤكد الأمام (أن سلطة الأسلام هي سلطة الموعظة الحسنة والدعوة للخير) (2)ويؤكد.(الأمام على إلغاء التكفير تماماَ وليس البعد عنه على حد تعبير الأمام )(3). من هذا اسمح لي ان اقول لك اين انت من هذا الفهم الصحيح لدين الله  ومن هذا الموقف العادل الذي ثبته رجال دين عظام امثال آية الله الشيرازي ومحمد عبدة . في الوقت الذي لم يكن آنذاك في مصر والعراق دستور يضمن الحقوق والحريات وحرية الراي والمعتقد , لكن رجل الدين العادل هو الذي يقف مع شعبه للدفاع عن ضمان هذه الحقوق . (يتبع )
30-8-2012 .
1-حنا بطاطو . المؤلفات الجزء الثاني – يتضمن وثائق عن الحالة السياسية في العراق .
2- محمد عبدة . الأعمال الكاملة . ج 3 – ص- 308 .
3- عبد الرزاق عيد . محمد عبدة امام الحداثة والدستور . الطبعة الاولى – بيروت – السنه. 2006 ص- 270 .



65
تحالفات التيار الديمقراطي الى أين
فلاح علي
عند الاعلان عن البدأ لتأسيس التيار الديمقراطي العراقي قبل اكثر من اربعة سنوات , سرعان ما تضافرت حينها جهود احزاب ومنظمات وأعضائها وشخصيات وجماهير واسعة , وعقدت مؤتمرات لها في داخل الوطن وشكلت فروع  للتيارفي محافظات العراق عدا كردستان .اضافة الى ان فروعة تشكلت في غالبية بلدان العالم . وانطلاقاً من فهم جماهير وفئات واسعة من الشعب العراقي لفكر وسياسة وتصورات التيار وتوجهاته واهدافه,تولدت آنذاك قناعات ومؤشرات ومعطيات تؤكد ان التيار الديمقراطي سيكون قطب سياسي واجتماعي ثالث في البلد .فرغم الاختلافات الفكرية والسياسية و اختلاف التوجهات الاقتصادية والاجتماعية , الا ان قوى التياروشخصياته اتفقت على برنامج نضالي خطوطة العامة هي :  النضال السياسي السلمي الجماهيري لتفكيك وانهاء المحاصصة الطائفية والقومية , اي تغيير نظامها السياسي القائم على المحاصصة الطائفية والاثنية وبناء نظام ديمقراطي حقيقي يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية مع ضمان الحقوق والحريات ... الخ  وعلى المستوى الاقتصادي والاجتماعي هو تطوير الاقتصاد الوطني والتخلص من الاقتصاد الريعي , وانهاء التبعية الاقتصادية للرأسمالة المتوحشة ولصندوق النقد الدولي , ومن اجل توفير العيش الكريم للشعب ومساواته في العمل والتعليم والصحة والسكن وتوفير الخدمات وهذا يتم من خلال سن قوانيين للضمان الاجتماعي والصحي . وتطوير الريف مع ضمان حقوق المرأة , ويهدف التيار الى تحقيق العدالة الاجتماعية ... الخ من هذا تأتي اهمية تأسيس التيار الديمقراطي بالنسبة لفئات واسعة من الشعب العراقي .كما وضع التيار آليات ديمقراطية للعلاقة بين اطرافة ولنشاطة السياسي الجماهيري وحدد خطابة السياسي , بعد ان وضع توجهاته ومهامه واهدافه .
بناء التحالفات لتحقيق الاهداف :
ان تحقيق الاهداف او البرنامج السياسي يتطلب من التيار الديمقراطي , اختيار وتحديد نوعية وطبيعة تحالفاته السياسية والاجتماعية , وبلا شك على ان تكون هذه القوى الديمقراطية واليسارية النواة والمحرك لهذه التحالفات . ويهدف التيار من هذه التحالفات الى تجميع القوى ليصبح التيار قوة شعبية جماهيرية من خلال تفاعله مع الحركات الاجتماعية والعمالية والنسائية والنقابات المهنية والثقافية والطلابية والشبابية في الريف والمدينة والحركة الفلاحية .... الخ . وبهذا يكون للقوى الديمقراطية تأثير سياسي وفعل تغيير وقوة ضغط جماهيرية, على ان تكون قوة الضغط الجماهيري هذه قادره ايضاَ على ايصال ممثلي التيار  الى قبة البرلمان . كما هو معلوم ان التحالفات تقام على ضوء دراسة وتحليل واقع المجتمع وحاجاته  والمرحلة التاريخية التي يمر فيها الشعب العراقي ومهام المرحلة , مع تقييم للقوى السياسية وطبيعتها ورؤيتها وبرنامجها السياسي التي ترغب في التحالف مع التيار او الانضمام اليه . فالتحالفات كانت حاضرة في تصور وفكر وسياسة قوى التيار الديمقراطي الاساسية وبالذات الحزب الشيوعي العراقي ,وقد تكون التحالفات مرحلية كالمشاركة في تحالف لخوض الانتخابات البرلمانية او انتخابات مجالس المحافظات ,او آنية كالقيام باضراب او تظاهرة او اعتصام من اجل مطاليب... الخ. وهنالك تحالفات استراتيجية بعضها ذات طبيعة طبقية كتحاف العمال والفلاحين مثلاَ ومعهم كل شغيلة اليد  والفكر , اضافة الى التحالفات ما بين القوى السياسية , وعادتاَ تكون هكذا تحالفات هي الاقوى والأمتن والأكثر ديمومة وقوة وصلابة لتحقيق مهام النضال الوطني التحرري والديمقراطي ليس بصدد الحديث عنها في هذه الموضوعة . التيار الديمقراطي من اسمه يفترض ان يضم القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية وحتى الليبرالية وشخصيات اسلامية او قومية ومستقلة تؤمن بالديمقراطية وتنشط ايضاً لمكافحة التطرف والثقافة الظلامية في المجتمع وتناضل من اجل الحداثة والتقدم والحرية والديمقراطية ...الخ .
مع من تحالف التيار الديمقراطي :
في انتخابات مجالس المحافظات تحالف التيار الديمقراطي في عدد من محافظات العراق  مع الصرخيين وهم تنظيم ديني حالهم حال احزاب الاسلام السياسي , وقد سميا بالصرخيين نسبة الى آية الله السيد الحسن الصرخي مؤسس هذا التنظيم الديني . انهم يتبعون ولاية الفقية او المرشد, ويسعون لبناء الدولة الدينية ,ولديهم خطاب متشدد ومتزمت من بناء الدولة الدينية . وبهذا فأنهم قطعاَ لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالدولة المدنية الديمقراطية . في الوقت الذي نجد فيه ان احزاب دينية فشلت في قيادة الدولة في بلدانها , اضافة الى ما اكدته تجارب الشعوب هو انه لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل ان هنالك حزب ديني قد تبنى الديمقراطية كفكر وسلوك وممارسة وادارة دولة ومجتمع ,  قد تظهر مجاميع او شخصيات من الاسلام السياسي هي الاكثر وعياَ وتفهماَ لحاجات الشعب والوطن ,في هذا البلد او ذاك او مجموعة من البلدان تؤمن بالديمقراطية وتخرج من احزابها الدينية الاسلامية التي تنبذ الديمقراطية وتنضم الى القوى الديمقراطية في هذا البلد او ذاك . ان عملية الحراك هذه متواصلة في المجتمعات ولكن بشكل نسبي مرتبطة بعوامل عدة , اما كتنظيم  او حزب من احزاب الاسلام السياسي يتبنى الديمقراطية فجأة قيادة وقاعدة فهذا من المستحيل ووهم تقع ووقعت فيه قوى التيار الديمقراطي عندما فكرت في خطوة التحالف او عولت عليها .اذن هنا يطرح سؤال :كيف تحالف التيار الديمقراطي مع  الصرخيين كتنظيم ديني في عدد من محافظات العراق ؟ بلا شك ليس لديه جواب على هذا السؤال , التوضيح والاجابة متروكة للتيار الديمقراطي او لفروعة في المحافظات التي تحالفت مع الصرخيين وعلى اي برنامج سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي تحالفت. ولا بد من الاشارة هنا اني قد تلمست لدى بعض قواعد التيار الديمقراطي والناس المستقلون ممن التقيتهم في داخل الوطن وفي عدد من المحافظات وخارجة او الذين تخابرت معهم ,  ان هنالك رفض وعدم قبول لهذا التحالف  , وكانت وجهات النظر متطابقة وتؤكد على ان هذا التحالف الذي تم في انتخابات مجالس المحافظات كان له اضرار على الحضور الجماهيري وعلى سياسة ومواقف وتوجهات وشفافية عمل ونشاط التيار الديمقراطي حاضراَ ومستقبلاَ . وبهذا فأن التحالف الانتخابي  كان خطأ استراتيجي وليس تاكتيكي , ممكن ان يكون هناك اتفاق مؤقت معهم على مسيرة جماهيرية او اعتصام وتبني مطاليب اي اتفاق ذات طبيعة اجتماعية اقتصادية , او اي نشاط ذات طبيعة سياسية يحمل شعارات ومطاليب محددة ,اما التحالف السياسي الانتخابي فهو خطأ وذلك لأختلاف الاهداف والفكر والرؤى والمواقف والتوجهات ولعدم قناعتهم بالديمقراطية .
لنرى بعض من مواقف الصرخيين ورؤيتهم حول بناء الدولة :
حصلت على كراس (صادر من المركز الاعلامي لمكتب المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني ( دام ظله) هذه العبارة مثبته على الكراس ) ولا يوجد للكراس سنة اصدار وعنوان الكراس هو : (الحركة الاصلاحية بين الايثار والانتهازية – الصدران والخميني والنظرة الشمولية والكراس يتضمن جواب آية الله الصرخي الحسني على هذيين السؤاليين انقل منه ادناه بعض ما جاء في الكراس من اجوبة :
1-فيما يخص بناء الدولة يؤكد آية الله الحسني الصرخي على دولة العدل الالهي . وذلك من خلال حديثة عن الطواغيت عبر التاريخ الى الآن فيقول ( حتى طواغيت هذه الأمة وعلماء النفاق يبقى المكر والنفاق والانتهازية فيها حتى ظهور المعصوم عليه السلام وتحقيق دولة العدل الالهي المباركة .) (1) .
2- يؤكد آية الله الصرخي على ولاية الفقيه في الحكم . من خلال حديثة عن نوعين او صنفين من الولاية ( الولاية الحسبية المالية ويعتبرها مهادنة ومنعزلة ومتقوقعة وولاية عامة وولاية فقية ويعتبرها نافعة ومصلحة ومتفاعلة مع المجتمع) (2) .
الاستنتاجات على ضوء جواب آية الله الحسني الصرخي وما جاء في الكراس  وموضوع البحث:
لقد قرأت الكراس ثلاث مرات ومن خلال النقطتين السابقتين من قول آية الله الصرخي باعتباره مؤسس الحركة الصرخية وهي تنظيم ديني وعلى ضوء ايضاَ قرائتي للكراس وموضع البحث هذا التحالفات توصلت الى الاستنتاجات التالية :
1-ارى من وجهة نظري ان دولة العدل الالهي لا تبنى او تقام في الارض , وهذا ما تؤكده الكتب السماوية وتجارب الشعوب والعلوم والقوانيين الانسانية, واذكر اني سمعت ذات يوم قول للسيد الشهيد آية الله محمد باقر الصدروكان جواب على سؤال وجهه له . السؤال : سيدنا ما هو رايك في الشيوعيين ؟ اجاب السيد آية الله محمد باقر الصدر بالنص التالي : ان الشيوعيين يريدون بناء الجنة في الارض ونحن نقول لهم الجنة في السماء . هذا كان نص جواب آية الله الشهيد محمد باقر الصدر . وبهذا الجواب اكد انه عالم دين عادل وغير ظالم ومنصف قال الحقيقة الصادقة عن نضال الشيوعيين العراقيين . واكد ان الجنة  هي في السماء وهي تمثل دولة العدل الالهيه . اما جنة الارض فهي دولة العدالة الاجتماعية التي يناضل من اجلها الشيوعييون واليساريون وكل قوى التيار الديمقراطي وليس الصرخيين واحزاب الاسلام السياسي .
2- دعوة الصرخيين الى ولاية الفقيه او ولاية المرشد , نرى ان هذا النهج او التوجه يؤكد انهم ليسوا مع بناء دولة المواطنة وانهم غير ديمقراطيون  , وليسوا مع فصل الدين عن الدولة .
3- من خلال قرائتي للكراس تيقنت ان الصرخيين هم طائفيون حالهم حال احزاب الاسلام السياسي الاخرى .
4- من يقرأ الكراس يتيقن ان آية الله الحسني الصرخي انه في صراع مع الحوزة وهويطمح اليها , وهذا حق له وليس لي شأن به من هذا انه رجل دين محترم . اذن لماذا يؤسس حزب سياسي ؟.  في حديثه عن الحوزة صنفها(الى حوزة ساكنة وحوزة ناطقة او ما يسمى بالحوزة الصادقة والحوزة الانتهازية الكاذبة او ما يسمى بالحوزة الكلاسيكية والحوزة الحركية المتفاعلة الفاعلة اوما يسمى بالحوزة الحسبية حوزة ولاية المالية وحوزة الولاية العامة وغيرها من تسميات .) (3) .
5- الصرخيين مع الحجاب المتشدد للمرأة وبهذا فأن موقفهم من حقوق المرأة انه ناقص.
6- بما ان الانتخابات البرلمانية تفصلنا عنها فترة زمنية قصيرة حوالي سبعة شهور ارى من وجهة نظري ان امام التيار الديمقراطي مجال واسع لدراسة وتقييم هذا الخطأ ذات الطبيعة الاستراتيجية الذي وقع فيه , واعادة النظر في التحالفات وطبيعتها .الساحة العراقية مليئة بالقوى التي نلتقي واياها على ارضية سياسية وبرنامج انتخابي , رغم انها قوى صغيرة لكنها ناشطة في المجتمع وتوجهاتها وبرنامجها قريب من قوى التيار الديمقراطي كالقوى اليسارية والوطنية والليبرالية وشخصيات وطنية لها حضور اجتماعي , وارتباطاً بموضوعة الأنتخابات فلا بد من مبادرات وانفتاح لتجميع هذه القوى في وحدة عمل ونشاط مشترك. وهذه مهمة كل القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية وليس مهمه حزب دون آخر .
7- فرغم وجود اختلافات آيدلوجية وسياسية فيما بين هذه القوى , الا انه توجد امكانية لاتفاق القوى اليسارية والديمقراطية على برنامج الحد الادنى , وان تعذر ذلك فيكون العمل باتجاهيين . الاتجاه الاول هو التيار الديمقراطي وانفتاحه على القوى والشخصيات الوطنية والليبرالية اضافة للقوى الديمقراطية . والاتجاه الثاني هو التنسيق والعمل المشترك مع القوى اليسارية تمهيداً لتوحيد الاتجاهيين لخوض الانتخابات البرلمانية .
8- ارى من وجهة نظري ان هناك بعض من القوى بحاجة الى ثورة الوعي ومنها قوى يسارية وديمقراطية, ان دراسة الواقع وظروف البلد ومخاطر المرحلة ,ومعرفة ما ينتظره الشعب والوطن منها من رسم توجهات وانجازمهام وتلبية حاجات , هذه من مهام ومستلزمات خوض النضال السياسي الجماهيري , من هذا يفرض ويتطلب من هذه القوى اعادة النظر في تفكيرها وتوجهاتها .ونرى ان بعض هذه القوى يتبنى الماركسية في رسم سياسته وتوجهاته البرنامجية والفكرية , وكما هو معلوم ان الماركسية تتبنى الموقف الطبقي والاممي والديمقراطي وتؤكدعلى التعدد والتنوع والانفتاح . الا اننا نجد ان هذا الحزب او التنظيم  في هذه القومية او تلك من الناحية العملية منعزل عن الشأن العراقي وكأنه لا يهمه انتصار او فشل بناء الديمقراطية في العراق , بقدر ما يهمه الشأن القومي . مع  تبني سياسة قومية منعزلة منغلقة تابعة  .( ملاحظة اني هنا اتحدث عن الموقف السياسي لحزب ماركسي ولاامس المشاعر القومية والانتماء القومي ) . و بنفس الوقت نرى ان هناك قوى يسارية تتبى سياسة ومواقف متطرفة وتتمسك بكل ما هو نظري  في الماركسية وكأنها تريد اعادة استنساخ تجارب سابقة . المرحلة التي يمر بها البلد تطالب هذا التنظيم او ذاك باعادة النظرفي مواقفه المتطرفه من المشاركة في العملية السياسية, والنضال السلمي من اجل انتصار الديمقراطية , واتخاذ موقف ايجابي من مسألة وحدة العمل والنشاط المشترك للقوى اليسارية والديمقراطية , وبدراسته للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقومي وتطوراته ومعرفة حاجاته في هذه المرحله . بهذا ستعيد هذه القوى النظر بمواقفها ,عند ذاك ستجد نفسها في مواقعها الطبيعية في ساحة النضال السياسي الجماهيري على طول البلاد وعرضها , وفي وحدة العمل والنشاط المشترك مع القوى اليسارية والديمقراطية من اجل انتصار الديمقراطية في العراق .
9- تعلمنا تجارب التاريخ انه لا يوجد الى الآن تنظيم او حزب ديني من احزاب الاسلام السياسي قيادة وقاعدة قد تحول الى تبني الديمقراطية كفكر وسياسة وبرنامج وسلوك وممارسة وتوجه وادارة نظام حكم . هناك شخصيات وافراد  في هذا البلد او ذاك ,تمكنوا بوعيهم من نبذ احزاب الاسلام السياسي والتحول الى الديمقراطية . هذه التجربة تؤكدعلى الخطأ الفادح في تاكتيك التيار الديمقراطي في التحالف مع الصرخيين
10-ان وحدة العمل والنشاط المشترك ما بين القوى الوطنية الديمقراطية واليسارية والليبرالية وشخصياتها المستقلة والاجتماعية  في هذه المرحلة, ستفعل النضال السياسي الجماهيري وتوسع قاعدة تفاعلها مع نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني والاتحادات  المهنية والطلابية والشبابية والمنظمات النسائية في الريف والمدينة , وبهذا ستكون هذه القوى قادرة على شل يد السلطة في حالة قمعها لاي تظاهرة مطلبية جماهيرية سلمية, وستكون المبادرة في الشارع بيد هذه القوى .
4-8-2013 .
1-آية الله الحسني الصرخي . الحركة الاصلاحية بين الايثار والانتهازية – الصدران والخميني والنظرة الشمولية . المركز الاعلامي لمكتب المرجع الديني الاعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني . ص 15 .
2- آية الله الحسني الصرخي . مصدر سبق ذكره . ص – 10 .
3- آية الله الحسني الصرخي . مصدر سبق ذكره . ص- 5 .








66
حل الازمة السياسية في سورية على ضوء نتائج
لقاء بوتين واوباما
فلاح علي
لقاء الرئيس الروسي بوتين ورئيس الولايات المتحدة الامريكية  اوباما في يوم 17-6-2013 في ايرلندا الشمالية على اثر اجتماع القمة ال 39 لمجموعة ال 8 لم يكن لقاءَ عابراَ او بروتوكولياَ او اعتيادياَ كعقد اتفاق تعاوني او تبادل تجاري واقتصادي او تعزيز العلاقة بين الدولتيين فقط , كما يحصل بين رؤساء الدول الاخرى , اللقاء والتحضير له واهميته ونتائجه وما تؤكده التطورات والاحداث الدولية وما يجري في منطقة الشرق الاوسط , والنتائج التي خرج بها فيما يخص الازمة السورية , يؤكد ان روسيا عادت بقوة كقطب دولي وان نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية انتهى وبلا عودة ثانية . لهذا كان اللقاء  بين رئيسي دولتيين قطبيتين في العالم , والراي العام الدولي كان ينتظر ما يخرج به هذا اللقاء من توافق لحل الازمة السياسية في سورية سلمياَ . كما ان هذا اللقاء سيكون تقليداَ سياسياَ ودبلوماسياَ دورياَ او سنوياَ في العلاقة بين القطبيين الدوليين , على غرارماكان يحصل سابقاَ بين رئيسي القطبيين الدوليين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الامريكية ( مع التأكيد ان عودة روسيا كقطب دولي لا يعني عودة سياسة الاتحاد السوفياتي الداخلية والخارجية) . ان اللقاء جرى التحضير له على مستوى عالي بين مسؤولي الدولتيين وقبل عدة اشهر من تاريخ عقده .
التهيئة والتحضير المسبق للقاء واعداد جدول عمله :
قبل اللقاء تم تبادل الرسائل بين الرئيسين حملها مسؤولين من الدولتين على مستوى عالي , وزيارات وفود للتهيئة للقاء وتحديد فترته ووقته ونقاط البحث. (( في اوائل ابريل 2013 زار موسكو مساعد الرئيس الامريكي للأمن القومي توماس دونيلون وكان حاملاَ رسالة من اوباما الى بوتين , واشار ان الرسالة تتضمن اقتراحات بشأن تطوير العلاقات الامريكية الروسية التجارية والاقتصادية , وتتناول ملف التعاون العسكري الفني والدفاعات الصاروخية والاسلحة النووية , ويذكر ان الولايات المتحدة الامريكية استأنفت التعاون الامني مع روسيا وبالاخص في مكافحة الارهاب الدولي على اثر تفجيري بوسطن . وفي يوم 23-5-2013 زار رئيس مجلس الامن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف الولايات المتحدة وسلم الرئيس الامريكي رسالة جوابية من بوتين . وقال سيرغي ريباكوف نائب وزير الخارجية الروسي لا اود ان اقول ان هذه الرسالة هي رد بالمعنى المباشر للكلمة على رسالة اوباما خاصة وان الحوار قائم بيننا باستمرار , لكن لدينا اسئلة طرحها الرئيس الروسي في رسالته الى اوباما , بتفصيل ووضوح ودقة , وهي تمثل رؤيتنا للأهداف والمؤشرات حول العلاقات الثنائية والدولية , وليس رداً على اي اقتراحات امريكية , واشار ان الرسالة شاملة لقضايا العلاقات الثنائبة والدولية . واكد انه ليس سراً انها تتضمن عنصراَ يتعلق بالشؤون العسكرية – السياسية والرقابة على التسلح بما فيها قضايا الدفاع المضاد للصواريخ )) (1) . يلاحظ من التصريحيين لمسؤولي الدولتين اعلاه , ان هناك تأكيدات ان اللقاء بين رئيسي الدولتين تضمن بحث وتشاور وتبادل الراي حول قضابا دولية واقليمية اضافة للازمة السورية , وتناول ايضاَ قضايا التسلح العسكري ونصب الدرع الصاروخي . كما يجدر الاشارة هنا انه سبق هذه الرسائل اتصال تلفوني بين رئيسي الدولتين وتم تكليف وزيري الخارجيتين لتكثيف اللقاءات بينهما لعقد لقاء دولي حول الازمة السورية وحلها سلمياَ وإلزام المعارضة والنظام على الجلوس على طاولة مفاوضات سلام . دام اللقاء بين الرئيسيين ساعة واحدة حسب ما نشرته عدد من وكالات الانباء , ((واضافة للقضايا التي تم بحثها والتي اعدت نقاطها مسبقاَ بين مسؤوليين من الدولتين . فأن هناك ثلاث وثائق لم يكشف عن مضمونها كانت معدة للتوقيع من قبل الرئيسيين بعد انتهاء المحادثات فيما بينهما ))(2) .
الخلاصة والاستنتاجات :
يلاحظ من خلال الاعداد المسبق والمتقن والدقيق للقاء والنتائج التي خرج بها , حيث حسمت قضايا عديدة فيه منها الاتفاق على حل الازمة السياسية في سورية سلمياَ . وهناك قضايا دولية واقليمية ومنها منطقة الشرق الاوسط والعلاقة بين الدولتيين والمشاكل الموجودة بينهما في اوربا على سبيل المثال الدرع الصاروخي وايقاف تمدد حلف الناتو شرقاً ... الخ . هذه القضايا الهامه في هكذا مباحثات تخضع للسرية ولا تعلن في وسائل الاعلام , وما عكسته وسائل الاعلام من اللقاء ما هو الا اشبه ببلاغ سمح الطرفيين بتسريبه لوسائل الاعلام ,والهام والحساس من القضايا العالقة بقية في طي الكتمان . اني ارى من وجهة نظري ان اللقاء وضع خطوط عامة لخارطة طريق لحل الازمة السياسية في سورية سلمياَ اضافة الى التعاون والتوافق والتنسيق والتشاور في قضايا منطقة الشرق الاوسط والاحداث الاقليمية والدولية. وعلى ضوء ما حصل من تطورات واحداث ما بعد اللقاء بين بوتين واوباما اضع عدد من الاستنتاجات التي تعبر عن وجهة نظري وهي :
1-ان استأناف الولايات المتحدة الامريكية للتعاون الامني مع روسيا في مكافحة الارهاب الدولي على أثر تفجيري بوسطن . ارى من وجهة نظري ان هذا التعاون في مجال مكافحة الارهاب يعد حدث تأريخي وتطور هام جداَ , في العلاقات الدولية والعلاقة بين الدولتين , وهذا التعاون هو لصالح كل دول العالم وبالذات النامية والدول العربية التي كانت تنتظره منذ عام 1991 اي منذ سقوط الاتحاد السوفياتي , وبعودة روسيا كقطب دولي فرضت على الولايات المتحدة الامريكية في هذا العام 2013 هذا التعاون في مجال مكافحة الارهاب , ان هذا التطور في العلاقة بين الدولتين في هذا المجال , سينعكس ايجاباً على كافة دول منطقة الشرق الاوسط ومنها العراق وسورية التي نما في كل هذه الدول الارهاب والتطرف بشكل لم يسبق له مثيل , وبات يهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية  كما عرض مصالح الدول الوطنية  للخطر والانهيار وللتدخلات الخارجية والاقليمية وتهديد وانتهاك السيادة الوطنية. والجميع يعرف ان التطرف والقوى المتطرفة اوجدتها وصنعتها ورعتها وساعدتدها بالسلاح والمال والاعلام الولايات المتحدة الامريكية خلال فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي الى وقت قريب وساعدت على انتشارها ونموها في مناطق عديدة من العالم وبالذات في دولنا العربية. الآن الوضع الدولي تغييرواصبحت الشعوب تدرك تماماَ السياسة المزدوجة للولايات المتحدة في هذا المجال وعلاقاتها مع القوى المتطرفة , لهذا ارى ان هذا التعاون سيكون في صالح الشعوب ومنها شعوبنا العربية للمعطيات التالية :
-لروسيا تجربة كبيرة في مكافحة المتطرفيين من الاسلام السياسي في اماكن عديدة مثل الشيشان وعدة جمهوريات روسية وافغانستان ...الخ, في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة الامريكية تدعم هؤلاء المتطرفون الذين يقتلون البشر باسم الله تدعمهم سواء كانوا في الشيشان او العراق او مصر او تونس او سورية .... الخ .
- الولاياتت المتحدة الامريكية وادارتها دفعتها مصالحها للتخلي عن حلفائها لصالح الاسلام السياسي مثال كما حصل في تونس ومصر حيث تخلت عن حسني مبارك مقابل دعمها لجماعة الاخوان المسلمين . في حين لن تتخلى روسيا عن حلفائها من الدول المستقلة مثال فروسيا لن تفرط بالدولة السورية وشعبها مقابل اسقاط النظام بالقوة العسكرية وتسليم سورية لجبهة النصرة , التي هي الآن الاكثر تنظيماَ والاقوى تسليحاَ من فصائل المعارضة الاخرى المنضوية في الجيش الحر .
- كانت الولايات المتحدة الامريكية تمد اسامة بن لادن وتنظيم القاعدة بالسلاح والمال وتصف هؤلاء الارهابيون بانهم مقاتلون من اجل الحرية والديمقراطية , والآن الولايات المتحدة الامريكية تواجه تلك الحالة التي تتكرر ثانية في سورية . والسؤال هو هل بمقدورها الآن تضليل الرأي العام العالمي ثانية بتسويقها لجبهة النصرة واعتبارهم مقاتلون ومجاهدون من اجل الحرية والديمقراطية ؟. لا اعتقد بمقدور الولايات المتحدة  دعمهم اوتزويدهم بالسلاح او تسويقهم ثانية . لا سيما وان تجربتها القريبة في ليبيا ماثلة للعيان, فبعد ان دعمت المتطرفون الاسلاميون بالسلاح احتلوا سفارتها وقتلوا سفيرها في ليبيا , وفي مصر وتونس وتركيا بعد ان دعمت التنظيمات الاسلامية فيها تضررت الشعوب من هذه التنظيمات وتضررت مصالح الولايات المتحدة الامريكية وتيقنت امريكا من فشل سياستها الخارجية في دعمها للحركات الراديكالية الاسلامية , وكرهت شعوب المنطقة هذه السياسة الامريكية , بما فيها الشعب العراقي حيث صنعت امريكا لنا نظام المحاصصة الطائفية والاثنية , الذي كان ولا يزال بيئة ملائمة للازمات السياسية ولنمو الارهاب  والتطرف وغياب السلم الاهلي نتيجة التوتر والشحن والشد والصراع الطائفي.
- من هذا اني ارى ان راي بوتين والدولة الروسية على حق بمعارضتهم تزويد جبهة النصره وغيرها بالسلاح لألا يذهب السلاح والرصاص الى أيدي الاسلاميون المتطرفون اعداء الشعب السوري وأعداء الحرية والديمقراطية , فهم لا يكتفون بقتل الآخرين بل يمثلون بهم ويفتحون أجسادهم ويأكلون أكبادهم امام الكاميرات .لهذا ارى من وجهة نظري ان الاستنتاج الذي يمكن الوصول اليه على ضوء التعاون الروسي الامريكي الاخير في مجال مكافحة الارهاب , ان روسيا ستجبر أمريكا على التخلي عن دعم الحركات الاسلامية المتطرفة سواء في سورية او مصر او تونس او العراق او الصومال او السودان اواي مكان آخر من العالم .
2- من اهم نتائج اللقاء فيما يخص حل الازمة السياسية في سورية , هو اتفاق بوتين مع اوباما على الحل السلمي للازمة السياسية في سورية , ورفض الحل العسكري , ورفض بوتين اقامة منطقة حظر جوي في روسيا , حتى امريكا غير راغبة في اقامة منطقة حظر جوي على الاجواء السورية , لان اقامته أصعب بكثير عما كان عليه في عام 1991 الذي اقيم في منطقة كوردستان وسمية بالمنطقة الآمنه  , وايضاً اقامته في سورية اصعب مما اقيم في ليبيا , والاهم بالنسبه للولايات المتحدة الامريكية طالما روسيا رافضة فأنه سيفشل هذا اولاَ وثانياَ ان الرفض الروسي يدفع امريكا للتفكير بمصالحها التي لا تلتقي مع الرفض الروسي . اما مسألة استخدام السلاح الكيمياوي , فتركت معلقة ومتروكة الى لجان التحقيق الدولية المحايدة رغم ان لكل طرف معطيات تدلل على من استخدم السلاح الكيمياوي. وهناك مسألة اخرى في المحادثات التي جرت بين الرئيسين فيما يخص الازمة السورية هي الرفض الروسي لرحيل الرئييس السوري بشار الاسد من خلال الضغط الخارجي عليه , وهذا ما صرح به مستشار الرئيس الامريكي للأمن القومي بن رودس للصحفيين , لهذا اني اعتقد ان روسيا مع بقاء بشار الاسد الى حين الانتخابات التي ستجري في عام 2014 من منطلق ان الشعب هو الذي يقرر مصيره .
3- ما بعد اللقاء بين الرئيس الروسي بوتين والرئيس الامريكي اوباما وقع تطور هام في الجبهة الاقليمية الثانية الداعية الى اسقاط النظام من خلال التدخل العسكري والحرب فحصل تفكك في هذه الجبهة من خلال تنفيذ سيناريولأزاحة حمد بن جاسم أمير دولة قطر , وتم اخراج هذا السيناريو بطريقة تحفظ له ولرئيس وزرائه جاسم بن حمد حفظ ماء الوجه بتنازله العلني امام شاشات التلفزيون عن العرش لولده تميم , علماَ ان الولايات المتحدة والسعودية كان لديهم علم بهذا السيناريو , وأتوقع في الاشهر القادمة ستكون هناك سياسة خارجية اكثر اعتدالاَ لدولة قطرعلى ضوء مجيئ قيادة جديدة لها . اضافة الى تظاهرات التقسيم في تركيا والتي اشتركت فيها احزاب وفئات واسعة من الشعب التركي وفي كافة المدن التركية ضد حكومة اوردكَان ورفع المتظاهرون شعار ( ارحل يا أوردكَان), والمؤشرات تؤكد ان التظاهرات هي بروفه من قبل فئات واسعة من الشعب لجولة ثانية ضد حكم الاسلام السياسي , هذه التطورات أضعفت الجبهة الاقليمية الثانية الداعية للحل العسكري .
4- تمكن الشعب المصري من اسقاط حكم الاخوان المسلمين في مصر , الذين سرقوا ثمار ثورة الشعب المصري في 2011 ضد نظام حسني مبارك بدعم واسناد امريكي لهم , الآن الولايات المتحدة الامريكية وقفت عاجزة عن انقاذ حكم الاخوان المسلمين في مصر , علماَ ان الموقف الروسي الاخير اربك الدبلوماسية الامريكية بمساندته لثورة الشعب المصري في 30/ حزيران 2013 واعلنت روسيا عن دعمها للحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة عدلي منصور ,ان فشل تجربة حكم الاخوان المسلمين في مصر سيكون لها نتائج سلبية على كل الحركات الاسلامية اللاديمقراطية في البلدان العربية , كما ان فشل تجربة الاخوان المسلمين اكدت على فشل السياسة الخارجية الامريكية , فلجأت امريكا لحفظ ماء وجهها الى ارسال مساعد وزير الخارجية الامريكية  وليم بيرز  لزيارة مصر وهذا يؤكد ثانية على ازدواجية السياسة الامريكية , وفشلت محاولاته للمصالحة مع الاخوان ولمس موقف وطني موحد يؤكد ان المصالحة لن تتم قبل محاكمة رموز الاخوان المسلمين , وارتباطاَ بازدواجية السياسة الامريكية وخوفاَ من الموقف الروسي صرح بان المساعدات المالية والعسكرية ستستمر الى مصر , وبهذا تخلى الامريكان عن حلفائهم الاخوان المسلمين , كما تخلوا سابقاً عن حليفهم حسني مبارك لصالح الاخوان وسيتخلوا عن حلفائهم الاسلاميون في تونس نتيجة ثورة الشعب التونسي الثانية التي تهيئ لها حركة تمرد في تونس , وسيتخلوا عن حلفائهم الاسلاميون في المغرب حيث ستظهر حركة تمرد في 17-8-2013 كما نشرت بعض الوكالات , وسيتخلوا عن حلفائهم في بلدان عربية اخرى , ومن اهم التطورات التي حصلت ايضاَ هو انهزام وانهاء المجموعة الاسلامية المتطرفة في لبنان التي يقودها احمد الاسير . مع اني أؤكد هنا ان تدخل حزب الله في الصراع الدائر في سورية , كان قرار خاطئ ومضر ليس فقط على صعيد الازمة السورية وانما على صعيد المنطقة لانه اعطى للصراع السياسي ابعاد طائفية .
5- حل القيادة القطرية لحزب البعث في سورية وانتخاب قيادة شابة جديدة , انه حدث هام وارى من وجهة نظري انه جاء بمشورة من روسيا , وذلك على ضوء السيطرة على القصير وارتباطاَ بالتقدم الذي يحققه الجيش السوري في اطراف دمشق وفي حمص , ان المجيئ بقيادة قطرية جديدة ارى ذلك من وجهة نظري انه يسهل على النظام السوري , التهيئ لاحداث تغيير وزاري جديد يشرك فيه معارضون من الداخل ومستقلون في الحكومة الجديدة ليظهر النظام امام الراي العام العربي والدولي انه يقوم بعملية التغيير الديمقراطي من الداخل , بلا شك ان تمت اراها غير مكتمله لانه هناك اطراف من فئات الشعب السوري هم لاجئون في دول الجوار وبعضهم يحمل السلاح مع القوى المعارضة التي تدعوا للحل العسكري , فلا بد من ان يقوم النظام السوري بخطوات سياسية منها اطلاق سراح السجناء السياسيين والعفوا عن الهاربين والمعارضين ورفع كل العقوبات عنهم وان يقدم النظام تنازلات للمعارضة في مؤتمر جنيف 2 ليسهم في انجاح الحل السلمي للازمة السياسية في سورية وليحافظ على الوحدة الوطنية وعلى الدولة السورية , وهذا قد يشجع المعارضة لرمي السلاح وتبني اسلوب النضال السلمي لعملية التغيير الديمقراطي من الداخل .
6- اني ارى من وجهة نظري ان النظام السوري قد تمكن من اختراق جبهة النصرة ليس كأفراد وانما كقيادات فيها لا سيما وان اعداد منهم عبروا من سورية الى العراق في عام 2003 واستمر تدفقهم عبر سورية الى العراق لعدة سنوات , كما ان بعضهم كان في السجون السورية لهذا ان النظام يعرف كثير من قياداتهم السورية بشكل دقيق ويعرف سكنهم وعوائلهم . وارى من وجهة نظري ان اختراق جبهة النصرة تمكن النظام من معرفة خططهم وتحركاتهم وتسليحهم وتواجدهم ... الخ . كما ان الاعمال الاجرامية المدانة التي تقوم بها جبهة النصرة هي ايضاَ تخدم النظام من الجانب الاعلامي والسياسي . وليس مستبعداَ من ان النظام قد تمكن من اختراق الجيش الحر ايضاَ كمجاميع منه وليس بالضرورة ان تكون قيادات متقدمة في الجيش الحر .
7- اني ارى ان نتائج اللقاء بين الرئيسيين بوتين واوباما , وضعت اللبنة الاولى لأنهاء او اسقاط مشروع الشرق الاوسط الكبير او ما يسمى مشروع الشرق الاوسط الجديد لاسيما ان روسيا والصين ضد هذا المشروع . كما ان التعاون فيما بين الدولتيين على مكافحة الارهاب والتطرف فأن اللقاء اسهم في وضع الخطوط العريضة لأسقاط مشروع حكم الخلافة الاسلامية او ما يسموه المتطرفون بحكم الله في الارض , اضافة الى ان الشعب المصري اسقط هذا الحكم وسيسقط في بلدان اخرى , نتائج اللقاء اكد ت على خيارات الشعوب في العيش المشترك واحترام التنوع والتعدد الفكري والقومي والديني في كل شعب وصيانة الحقوق والحريات وسن دساتير ديمقراطية , وبهذا فأن روسيا تمكنت من شَل يَد الولايات المتحدة الامريكية في دعم المتطرفيين واضعفت قدرتها على ايصالهم للحكم ثانية .
8- اني ارى على ضوء نتائج اللقاء وما حصل من تطورات في مصر بفشل حكم الاخوان المسلمين وما سيحصل لاحقاَ في تونس والمغرب , فأن مسار الاحداث يؤكد انها في صالح الشعوب ولصالح قواها الوطنية والليبرالية والديمقراطية واليسارية , والحاجة الى وحدة العمل المشترك والتنسيق والتعاون بين هذه القوى في كافة البلدان العربية ومنها العراق .
9-  اني سوف لن اتناول في هذه المقالة تأثير ونتائج اللقاء على العلاقات الدولية , ولكن أشير فقط الى فيما يخص نصب الدرع الصاروخي في بولونيا وجيكيا سبق وان جمدته الولايات المتحدة الامريكية في زيارة اوباما الى موسكو في 4-7-2008 , اعتقد لسببين الاول حاجة الولايات المتحدة الامريكية للاجواء الروسية لنقل المعدات والمساعدات والتجهيزات لقواتها في افغانستان ونقل الجنود المجازين وغيرها والثاني هو انه في عام 2007 تمكنت روسيا من اكتشاف صاروخ قادر على اختراق الدرع الصاروخي في بولونيا , وقررت روسيا نصب هذا الصاروخ في منطقة كالينكًراد المواجه لبولونيا , كما ان روسيا قد انذرت بولونيا وجيكيا بتعرضهم لهجمات روسية في حالة نصب الدرع الصاروخي على اراضيهم , لهذا ارى من وجهة نظري انه في هذا اللقاء قد ابلغ اوباما بوتين اما بتمديد فترة تأجيل نصب الدرع الصاروخي او الغائة  تماماَ لا سيما وانهم قد وقعوا على ثلاث وثائق سرية , وهذا ما ستكشفه الايام القادمة من تنسيق وتشاور وتعاون في ملفات ساخنة .
18-7-2013
1-انباء موسكو في 17/حزيران2013 .
2- يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي – تصريح لوكالات الانباء .انباء موسكو 19-6-2013 .
 
 


67
العدوان الاسرائيلي وآليات تغييرقواعد اللعبة
 في الازمة السياسيةالسورية
فلاح علي
العدوان العسكري الاسرائيلي السافرالذي وقع في يوم الاحد الموافق 5-5-2013  على سورية,واختيارة لاهداف محددة في العاصمة دمشق , انه يعد عمل من اعمال الارهاب الدولي والقرصنة المنفلتةالخطيرة في ظل تعقيدات الازمة السورية والاوضاع في المنطقة . وانه اعتداء على دولة عربية عضو في الامم المتحدة . وبلا شك ارى من وجهة نظري ان العدوان الاسرائيلي المدان دولياً ما كاد ان يقع لولا وجود ضوء اخضر من الولايات المتحدة الامريكية وبعلمها وموافقتها . العدوان الاسرائيلي  يمثل خرقاً لميثاق الامم المتحدة , وشكل سابقة خطيرة في العلاقات الدولية , وله تداعيات سلبية , منها قد يدفع الى انجرار اطراف اقليمية ودولية الى الدخول في صراع مفتوح يعرض سورية والمنطقة الى مخاطر كبيرة ,بسبب ردود الافعال . وللوقوف على طبيعة الحدث وتداعياته وخطورته فلا بد من طرح عدد من الاسئلة  :
السؤال الاول : هل ان سورية تهدد الامن الاسرائيلي ؟
السؤال الثاني : هل ان العدوان الاسرائيلي سيغير آليات قواعد اللعبة في الصراع الداخلي والاقليمي والدولي حول الازمة السورية؟
السؤال الثالث : هل ان العدوان سيغير موازين القوى بين المعارضة المسلحة (الجيش الحر) والنظام  ؟
السؤال الرابع : هل ان العدوان يشكل خياراً عسكرياً وسيناريو جديد على غرار سيناريو التدخل العسكري في العراق وافغانستان وليبيا ؟ ام لاجل معرفة ردود الفعل للنظام وحلفائة من جانب ايران وحزب الله وجس نبضهم  ؟
السؤال الخامس : هل ارادت امريكا من هذا العدوان الضغط على روسيا والصين لتغيير مواقفهما من الازمة السورية ؟
السؤال السا دس : هل ان اسرائيل معنية بتغيير قواعد اللعبة وموازين القوى في الازمة السورية؟
ام انها دون غيرها معنية بالسيطرة على مخزون الاسلحة الكيمياوية لسورية؟
السؤال السابع : ماذا بعد الضربة العسكرية او العدوان الاسرائيلي ؟
والسؤال الثامن : هل وضعت الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل في حساباتها رد الفعل السوري وتداعياته على المنطقة واحتمال ان تنجر اليه اطراف اقليمية ؟
ارى من وجهة نظري ان العدوان الاسرائيلي يتحمل الكثير من الاسئلة والآراء ووجهات النظر والاستنتاجات والاحتمالات . بلا شك بعد معرفة الابعاد النهائية للعدوان , لا سيما وان بعض اهدافة المباشرة ذات الطبيعة العسكرية هي واضحة .
الموقف الامريكي :
في تصريح للرئيس الامريكي باراك اوباما في البيت الابيض قبل العدوان الاسرائيلي باسبوع اكد انه يملك مؤشرات تفيد بان سلاحاً كيمياوياً استخدم ضد السكان في سورية , استناداً الى معلومات استخباراتية , واشار ان جميع خيارات الرد مفتوحة , مع انه اكد لا يمتلك معطيات عن الجهة التي استخدمت السلاح الكيمياوي .
هنا يطرح سؤال : هل ان امريكا قلقة على امن اسرائيل لامتلاك سورية للسلاح الكيمياوي , ام هي بداية سيناريو لتكرار ما حصل في العراق ؟ رغم ان امريكا تعلم تماماً ان اسرائيل تمتلك سلاح نووي ورفضت التوقيع على اتفاقية انتشار الاسلحة النووية .
هل ان امريكا اعطت دور لاسرائيل بتغيير قواعد اللعبة في الازمة السورية وبالتالي تغيير موازين القوى  الداخلية والاقليمية والدولية ومنها التأثير على الموقف الثابت من طرف روسيا والصين من حل الازمة في سورية سلمياً . ارى من وجهة نظري ان كان لدى امريكا حسابات بان سورية سوف لن ترد على العدوان الاسرائيلي بسبب وضعها الداخلي ,لكن الحسابات على الارض تختلف تماماً . لاسيما ان المادة 51 من الميثاق الدولي للامم المتحدة اعطت الحق لاي دولة للدفاع عن نفسها على اي عدوان تتعرض اليه لحين تقديم شكوى لمجلس الامن , وانتظار موقف مجلس الامن من العدوان الذي تعرضت الية الدولة المعنية , او التي وقع عليها العدوان . فيحتمل في حالة تكرار العدوان ان ترد سورية بضربة مماثلة رغم تعقيدات الازمة السياسية في سورية . وهذا بلا شك ما تخشاه الولايات المتحدة الامريكية  , وتكمن الخشية بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ,من دخول اطراف اقليمية في الصراع العسكري ومنها ايران , لا سيما وان لايران اوراق عديدة تلعب بها , وارى من وجهة نظري ان من هذه الاوراق التي تخشاها الولايات المتحدة الامريكية هي :
الاوراق التي تلعب بها ايران :
1- قد تفتح ايران النار على قوات الناتو في افغانستان من خلال عقد صفقات عسكرية مع حركة طالبان بتزويدها باسلحة متطورة , كالتي عقدتها معها في نهاية عام 2007 ,الا ان الموقف الروسي في حينها هو الذي انقذ الولايات المتحدة الامريكية وقوات الناتو من المأزق والحصار العسكري الذي تعرضت له قوات الناتو في افغانستان  , حيث بعد فوز باراك اوباما قام في يوم 4-7-2008 بزيارة الى روسيا , وعقد اتفاقية مع الرئيس الروسي مدفيديف ,تقضي بعبور 4500 طلعة جوية سنوياً عبر الاجواء الروسية لطائرات الولايات المتحدة الامريكية الى افغانستان , تحمل المساعدات والتجهيزات الغذائية والطبية والاسلحة ونقل الجنود الى افغانستان عبر روسيا لتكون جسر جوي دائم لفك الحصار مقابل , توقف العمل باقامة الدرع الصاروخي في بولونيا .
2- لدى ايران امكانيات لاشعال الاوضاع في العراق وفي لبنان من خلال حزب الله ,بالطريقة التي تربك الاوضاع فيهما , او تدفع بحزب الله  الى ضرب مواقع اسرائيلية بصواريخ متوسطة المدى توقع اضرار في الطرف الاسرائيلي وتربك اوضاعهم الداخلية, كما لدى ايران امكانيات وتأثير كبير بالضغط على حركة حماس لفتح جبهة ضد القوات الاسرائيلية , من خلال اطلاق صواريخها على تل ابيب .
3- ارى من وجهة نظري ان هناك امكانيات لدى ايران بجر الولايات المتحدة الامريكية بحرب محدودة في منطقة الخليج العربي وهذا ما تخشاه دول الخليج , قد توجه ايران ضربات صاروخية وبحرية وجوية ضد القواعد العسكرية الامريكية المتواجدة في منطقة الخليج .
4- او قد تلجأ ايران الى اغلاق مضيق هرمز , وتدرك امريكا الاضرار الاقتصادية التي تنتج عن هذا العمل لها ولدول المنطقة ولدول اخرى .
5- المفاعل النووي الايراني من اهم الاوراق التي تلعب بها ايران , قد تلجأ الى خطوة عملية تفاجئ فيها الولايات المتحدة الامريكية ودول الترويكا بشأن مشروعها النووي .
ان المواقف الامريكية تجاه الازمة السورية قلقة ومرتبكة , فمن جانب انها توقع على مؤتمر جنيف كوثيقة دولية للحل السلمي للازمة السورية , لكنها في الممارسة على الارض تعطي الضوء الاخضر لتزويد الجيش الحر بالسلاح من قبل دول اخرى . والآن على اثر اللقاء الذي تم مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري ووزير الخارجية الروسي لافروف في 7-5-2013  ,اتفق الطرفان على عقد مؤتمر دولي في نهاية آيار/ 2013 لحل الازمة سلمياً في سورية . وهذا تطور مهم ينتظره الشعب السوري بفارغ الصبر لوقف نزيف الدم في سورية , وتنتظره كل القوى السياسية العربية والدولية وشعوب المنطقة , التي وقفت وتقف مع الشعب السوري لمساعدته وتتضامن معه في حل الازمة السياسية سلمياً , وتحقيق التغيير الديمقراطي السلمي الذي يشارك فيه الشعب السوري داخلياً وقواه المعارضة الوطنية والديمقراطية . ان موافقة امريكا على عقد المؤتمر الدولي حول الازمة السورية يثير عدد من الاسئلة ومنها هل توصلت الولايات المتحدة الى قناعات باستحالة الحل العسكري الذي يزيد الازمة السورية تعقيداً ويفتح الباب امام التدخلات الاقليمية والدولية فيها ؟ وهل ان الولايات المتحدة الامريكية فعلاً جادة بخيار الحل السلمي وقد تخلت عن خيار الحل العسكري؟ ارى من وجهة نظري ان مصداقية الموقف الامريكي من الحل السلمي ستبقى على المحك العملي في الممارسة , وهل ستقوم بالضغط على المعارضة لدفعها لحضورها المؤتمر وقبول الحل السلمي واقناعها بالتخلي عن خيار الحل العسكري ؟ وهل ستسهم امريكا فعلاً بانجاح المؤتمر بالضغط على تركيا وقطر والسعودية بايقاف تدخلاتهما بالازمة السورية ؟ بلا شك ان هذه الدول الثلاث سيتم دعوتها لحضور المؤتمر ولكن هل ستوجه دعوة لايران لحضور المؤتمر من منطلق ان لها دور في الاوضاع في سورية كما لقطر والسعودية وتركيا ؟ وهل سيحضر المؤتمر فصائل عسكرية من الجيش الحر اضافة الى الاتلاف الوطني للمعارضة وهل ستحضر المؤتمر قوى معارضة ديمقراطية تؤمن بالحل السلمي للازمة في سورية . هناك كثير من التساؤلات هي في ذهن المواطن السوري الذي ينتظر المؤتمر الدولي ويتطلع الى نجاحة وحل الازمة سلمياً, كما انه ينتظر مصداقية الموقف الامريكي من تبنيه خيار الحل السلمي .
موقف النظام السوري :
ان الحكومة السورية لم ترد عسكرياً على العدوان الاسرائيلي الذي استهدف بعض المواقع العسكرية في دمشق حسب ما نقلته وكالات الانباء , لكنه من خلال البيان الحكومي الذي قرأ من قبل وزير الاعلام السوري , ارى من وجهة نظري ان البيان اشار الى اربعة قضايا جوهرية لا بد من التوقف عندها وهي :
اولاً : الرد العسكري استبعد البيان الرد العسكري المباشر وترك الباب مفتوح لخيارات الرد في حالة تكرار العدوان .
ثانياً : وظف البيان ثلاث قضايا  في صراع النظام الداخلي مع المعارضة وفي معركته التي يراها مستقبلية مع اسرائيل . وهذه القضايا  من خلال النظر الى محتوى البيان , يفهم منه ان هذه التوظيفات لحدث العدوان الاسرائيلي , كأنها اصبحت سلاح بيد الحكومة السورية وهي التوظيف الاعلامي والسياسي والدبلوماسي للعدوان الاسرائيلي . حيث اكد البيان  في الجانب الاعلامي والسياسي على الترابط الوثيق في الوسائل والاهداف والتوجهات بين الفكر التكفيري وعصابات الارهاب الذي تمثله ( جبهة النصرة) حيث انها تمثل فكر وسلوك القاعدة في سورية من جانب وبين الصهيونية من جانب آخر , وهذا الترابط تجسد في الواقع من خلال العدوان الاسرائيلي , وبهذا استطاعت الحكومة السورية ان تعبأ اعلامياً وسياسياً فئات من الشعب السوري في معركته مع المعارضة المسلحة , كما انه من الجانب الدبلوماسي يعد العدوان انتهاك للسيادة الوطنية وعدوان على دولة عضو في مجلس الامن , وكانت هناك ادانه من شعوب وقوى سياسية عربية ودول للعدوان الاسرائيلي.
اذا كان العدوان الاسرائيل من ضمن ما يستهدفه هو جس نبض الحكومة السورية لمعرفة حجم ردها العسكري وهذا ينطبق ايضاً على حلفائها , ارى من وجهة نظري ان الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل سيرتكبان حماقة , ان تكرر العدوان ثانية لان النيران ستشتعل عليهما من مناطق عدة  حسب ما نقلته وكالات الانباء عن تصريحات لقوى ودول منها ايران وحزب الله, وبالعودة للوضع العسكري في سورية , فان العدوان الاسرائيلي لم يغيير موازين القوى لدرجة حسم المعركة ميدانياً من قبل الجيش الحر , حيث لا تزال تمتلك الحكومة السورية ترسانة من الاسلحة مع منظومات سلاح جوي متطور , كما انه ستصل اليها اسلحة متطورة من روسيا من الصواريخ والمضادات الجوية اكثر تطوراً حسب صفقة سلاح عقدت بينهما قبل اشهر . ارى ان الولايات المتحدة الامريكية ستلجأ  الى الطلب من اسرائيل لضبط النفس لحين انعقاد المؤتمر الدولي حول الازمة السورية وانتظار نجاح المؤتمر وخيار الحل السلمي , اما في حالة فشل المؤتمر, او استجدت صعوبات تحول دون عقده في الموعد المحدد فسيبقى الباب مفتوح امام احتمالات عديدة وخطيرة على الشعب السوري والمنطقة ,والخشية من اطالة امد الازمة السورية , من خلال التدخلات الاقليمية والدولية فيها , وينظر كل دعاة الحل السلمي للازمة السورية بقلق من تردد وازدواجية المواقف الامريكية  والخشية ان تلجأ الولايات المتحدة لخيارات اخرى  في حالة فشل المؤتمر الدولي او تأجيل موعد عقده ومنها على سبيل المثال تسليح الجيش الحر باسلحة متطورة  , وبهذا فأنها ستلحق ضرراً كبيراً بالشعب السوري واستمرار نزيف الدم  , واطالة امد الازمة في سورية , الشعب السوري قدم تضحيات كبيرة جداً فهو بحاجة للتضامن معه من خلال انجاح خيار الحل السلمي للازمة السياسية باجبار المعارضة وممثلي النظام على الدخول في حوار برعاية دولية لتبني خيار الحل السياسي وتحقيق التغيير الديمقراطي السلمي .
الموقف الروسي :
روسيا  ومعها الصين يقفان ضد اي اعتداء على السيادة الوطنية لاي دولة عضو في الامم المتحدة وموقفها ثابت منذ بدأ الازمة السياسية في سورية , هو انهما ضد الخيار العسكري لحل الازمة في سورية , وطلبا من اطراف النزاع للدخول في حوار لحل الازمة سلمياً هذا الموقف جنب سورية , من التعرض لاي تدخل عسكري خارجي ,على غرار ما جرى في العراق وافغانستان , وهذا ما يمكن تلمسه على الارض و شاركا في عقد مؤتمر جنيف في 30-6-2012 حول الازمة في سورية وتبنا المؤتمر خيار الحل السلمي , واستقبلت روسيا وفود من المعارضة السورية . واللقاء الاخير بين وزير خارجية امريكا جون كيري مع الوزيرالروسي لا فروف , ما هو الا جهد وتأثير سياسي ودبلوماسي روسي على طريق حل الازمة السياسية في سورية سلمياً من خلال الحوار , وتوصل وزيري خارجية الدولتين الى راي مشترك بعقد مؤتمر دولي حول الازمة السورية يعقد في نهاية آيار 2013  ,  كما ان اللقاء الذي تم بين الرئيس الروسي بوتين ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون الذي عقد في مدينة سورجي الروسية في يوم 10-5-2013 بحثا الازمة السورية وكيفية ايجاد آليات لخيار الحل السلمي لها  والحفاظ على سورية كدولة مع ضمان وحدة اراضيها,وايد كاميرون المبادرة التي اعلنها وزيري خارجية روسيا وامريكا بعقد مؤتمر دولي حول الازمة السورية وحلها سلمياً . اضافة للقاء المرتقب بين بوتين والرئيس الامريكي اوباما , سيركز على البحث في وسائل سلمية لحل الازمة السياسية في سورية . في الوقت الذي كانت فيه الدبلوماسية الروسية نشطة وفاعلة ومؤثرة في السياسة الدولية والاقليمية في تبني خيار الحل السلمي  , الا ان روسيا بقيت حاضرة بكل امكانياتها بما فيها حضورها العسكري في منطقة البحر الابيض المتوسط , لاجل فرض خيار الحل السلمي للازمة السورية والضغط لتجنب خيار التدخل العسكري الخارجي. ان روسيا من خلال تكثيف حضورها العسكري في المنطقة ,عملت على توجيه رسائل الى الولايات المتحدة الامريكية وكل دول العالم بانها قادرة على حماية امن المنطقة والعالم ومن هذه الرسائل فيما يخص الازمة السورية هي :
1- في 19/ كانون الثاني 2013 اجرت القوات العسكرية الروسية مناورات بحرية في البحر الاسود والبحر الابيض المتوسط الاولى من نوعها منذ عدت عقود . شارك فيها اكثر من 20 سفينة حربية و3 غواصات تعمل احداهما بالطاقة النووية , وعدد من طائرات سلاح الجو البعيد المدى , ووحدات من مشاة البحرية , وقوات العمليات الخاصة . اثبتت المناورات على قدرة الاسطول الحربي الروسي على القيام بمهام في البحار البعيدة . (1) .
2- في اوائل شهر آذار 2013 , ظهرت سفن حربية روسية في ميناء بيروت , ونقلت وكالات الانباء في حينها بما فيها قناة العربية , ان الوحدات البحرية الروسية سوف تنتقل من قاعدة طرطوس الى  ميناء بيروت  . الا ان قائد القوات البحرية قد صرح في حينها  وقال ان القاعدة العسكرية في طرطوس ستبقى , وان روسيا عقدت اتفاقية مع الحكومة اللبنانية , تقضي بارساء سفن حربية روسية في ميناء بيروت , ارى ان هذا التواجد العسكري الروسي في ميناء بيروت ان تواصل فله ابعاد استراتيجية على مجمل المنطقة والتاثير الروسي فيها .
3- اعلن وزير الدفاع الروسي ( سيرغي شويغو) , ان قطع بحرية عسكرية روسية جديدة ستدخل الى البحر الابيض المتوسط في منتصف آيار 2013 . كما انه اكد على مسألتين لهما دلالات كبيرة على الصعيد الاقليمي والدولي وتأثيرهما في السياسة الدولية الاولى هو تشكيل قيادة عمليات عسكرية للاسطول البحري الروسي في البحر الابيض المتوسط  .والثانية هي تقرر ان يكون تواجد مستمر لعدد من القطع الحربية الروسية في البحر الابيض المتوسط , وذلك لحماية مصالح روسيا . (2) . ارى من وجهة نظري ان هذا الاجراء له ابعاد جيوسياسية , ليس في اظهار القوة العسكرية الروسية , والدور الروسي الجديد في التاثير في الاحداث الدولية , وانما يؤكد على قدرة القوات الروسية على العمل في المناطق البعيدة , وان لروسيا قدرات وامكانيات لحماية الامن والسلام في المنطقة والعالم , وهي رسالة جديدة لروسيا تؤكد على انه لا بديل الا بالحل السلمي للازمة السورية ولكل ازمات المنطقة , واستحالة اي تدخل خارجي عسكري فيها الا من خلال المرور من بوابة مجلس الامن الدولي .
12-5-2013 .
1- بيان وزارة الدفاع الروسية في 1-2-2013 – وكالة انباء نوفوستي .
2- وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في 8-5-2013 – انباء موسكو.



68
رؤية حول النتائج التي حصل عليها التيار الديمقراطي
في انتخابات مجالس المحافظات
فلاح علي
في البدأ لا بد من تثبيت ملاحظة ان مقالتي هذه  ان لا يفهم منها انها تدخل ضمن عملية تقييم لنتائج الانتخابات , بقدر ما هي رؤية تعكس في محتواها ملاحظات وانطباعات وتقديرات تعبر عن وجهة نظري  . فرغم ان الانتخابات جرت في ظل تفاقم الازمة السياسية في البلاد وما رافقها من مخاطر ومن تصعيد اعلامي و سيادة ثقافة الشد والتوتر والشحن والتعبأة الطائفية , وحتى التدخلات الاقليمية . وبهذا ففي ظل هذه الاجواء ان الحملات الانتخابية غاب او ابتعد عنها التنافس الانتخابي الديمقراطي القائم على اساس البرامج السياسية والخطط , وحل محلها وسائل وآليات لا ديمقراطية استخدمت في الحملات الانتخابية ومنها على سبيل المثال , المال السياسي والشحن الطائفي والتأثير العشائري واستغلال مؤسسات الدولة والمواقع والصلاحيات فيها والوعود والهدايا التي قدمت لاستقطاب الناخبين  كانت هذه الوسائل هي السائدة في الحملات الانتخابية وبالذات من قبل الكتل الكبيرة وكتل الاسلام السياسي. الا ان التيارالديمقراطي تمكن من حصد عدد من المقاعد وعددها ما بين 11 الى 12 مقعد في 12 محافظة التي جرت فيها الانتخابات . وهذا يعد نجاح للتيار الديمقراطي قياساً لانتخابات الدورة الماضية , لا سيما وانها كانت الانتخابات الاولى للتيار. ولأجل تسليط الضوء على نتائج هذه الانتخابات , فلا بد من معاينة ومعرفة اولاً القوة التصويتية للتيار الديمقراطي او الرصيد الجماهيري لهذا التيار , وذلك من خلال نظره سريعه على الجدول التالي المنشور في موقع الطريق وموقع الناس .
اصوات التيار الديمقراطي
عدد المقاعد  الاصوات    المحافظة
1            17359     بغداد
0            5247       النجف
1            8435       القادسية
 0            560         صلاح الدين
 1            7630       واسط
 2            14121     ديالى     
2            15680     المثنى
1             15886     البصرة
1            16851     ذي قار
 2            21515     بابل                                     
1            7622       كربلاء
0             2565       ميسان
12         133471    المجموع
يلاحظ ان هذه القوة التصويتية سواء على صعيد كل محافظة او المجموع النهائي لعدد المحافظات التي جرت فيها الانتخابات , انها من وجهة نظري متراجعة عما هو علية في انتخابات عام 2005 لا سيما في بغداد  وواسط والبصرة وذي قار وميسان , ولم يكن آنذاك في تلك الفترة قد تأسس التيار الديمقراطي , من هذا فلا بد من ان تكون النقطة الثانية والاساسية هي في البحث عن الاسباب التي ادت الى انخفاض نسب التصويت للتيار الديمقراطي . ان كان العزوف عن المشاركة في الانتخابات هو سبب جوهري واساسي في انخفاض نسب التصويت وبالتالي في انخفاض عدد اصوات التيار الديمقراطي , نتيجة الوضع الامني او الياس الذي اصاب المواطن من عجز الحكومة وكتلها في مجالس المحافظات من توفير الخدمات وتهيئة فرص متكافئة للعمل او عدم القضاء على الارهاب والفساد والتمييز بين المواطنيين على اساس الانتماء السياسي..... الخ من الاسباب . الا انه لا بد من وجهة نظري من البحث عن الاسباب الاخرى , رغم اني لا ادخل هنا في عملية تقييم للانتخابات , بقدر ما هي وقفة مستقبلية لا سيما وان الانتخابات  البرلمانية على الابواب وستكون في عام 2014 , وهي هامة جداً للشعب ولقوى التيار الديمقراطي في ظل توالي الازمات السياسية المستعصية والخطيرة التي يمر بها البلد . صحيح في هذه الانتخابات تراجعت مواقع دولة القانون والتيار الصدري والاصلاح وهذا درس بليغ لهم , الا انه تصاعدت نسبة المجلس الاسلامي ( قائمة المواطن ) , لاسباب ليس بصدد ذكرها , الا انه ستعود التحالفات فيما بينهم من جديد لغرض المحاصصة ولأحكام قبضتهم على مجالس المحافظات , ويلاحظ تصاعد في نسب صعود كتل صغيرة اخرى ’ اضافة الى مستقليين ولكن ما يهمنا هنا هو التيار الديمقراطي .
ما هي اسباب تدني اصوات التيار الديمقراطي  :
ان البحث عن الاسباب هو قضية هامة ومشروعة تطرح سواء من قبل سياسيين او مختصيين اومن قبل مواطنيين حريصيين على التيار الديمقراطي وعلى تطوره ومستقبلة الانتخابي  , ويرتكز السؤال على مبرر موضوعي هو ان الاصوات التي حصل عليها التيار الديمقراطي لا تتناسب وحجمه الجماهيري على صعيد كل محافظة , ان كان العزوف عن الانتخابات هو احد الاسباب الموضوعية , لكن الضرورات النضالية والانتخابية تتطلب عدم  التعكز على العزوف و ان لا نعتبره السبب الجوهري , لانه هناك كتل اخرى تضررت من عزوف الناخبيين ايضاً ,فلا بد من البحث والدراسة لمعرفة الاسباب الاخرى و النواقص والثغرات والاستفادة منها في الانتخابات البرلمانية القادمة , من وجهة نظري ارى ان هناك مجموعة من المعوقات او الثغرات والنواقص العملية الميدانية بحاجة الى ان يقف عندها التيار الديمقراطي لتذليلها او لتقليل تأثيرها السلبي ومنها :
1- نوعية المرشح وخصالة وتميزة في وسطه الاجتماعي : ان الترشيح الى الانتخابات من وجهة نظري بالنسبة للكتل الصغيرة وبالذات بالنسبة للتيارالديمقراطي الذي يعاني من  الحصار الاعلامي ونقص في الامكانيات مع التهميش السياسي الذي فرض عليه من قبل الكتل الطائفية والقومية, فلا بد من ان تخضع عملية الترشيح لشروط وضوابط تراعا فيها مصلحة التيار الديمقراطي في هذه المنطقة او تلك . لان الانتخابات بحاجة الى قوة تصويتية جماهيرية , ان كان المرشح معروف في وسطة الاجتماعي وله حضور جماهيري ويتميز بخصال وصفات تؤهله لجمع اصوات واستقطاب نسبة جيدة من اصوات الناخبين في المنطقة المذكورة لا سيما اذا كان لدية مبادرات , هذا يساعد القائمة او الكيان على تعويض النقص في الامكانيات الموضوعية . بلا شك هناك رغبات ذاتية جامحة تتواجد لدى الشخص تدفعه الى الترشيح للانتخابات . ولكن مصالح القائمة او الكيان او التيار الديمقراطي ومستقبله وتأثيره الجماهيري ومن اجل الفوز في الانتخابات هي فوق الرغبات الذاتية للاشخاص او الاعضاء . هنا يأتي دور مركزة المعاييروالضوابط  والشروط والسمات والصفات الجوهرية التي  يتطلب مراعاتها عند الموافقة على اختيار المرشح  , وواحدة منها الحضور الجماهيري للشخص او العضو المرشح الذي يتم تبنيه كمرشح عن القائمة لكي يكون بحق جدير بتمثيل التيار او القائمة المعنية . لان الرغبة الذاتية ليس لها قيمة على الواقع  , لا سيما وان الانتخابات هي جماهيرية , ولمنافسة كتل كبيرة بيدها الاعلام والمال السياسي وقوة القرار السياسي . اني هنا اتكلم بشكل عام ولن احدد مرشح بعينه , لو عدنا قليلاً الى الوراء ونصل الى انتخابات البرلمان لعام 2010 نجد ان مرشح قائمة اتحاد الشعب في بغداد الرفيق ابو داود لوحدة جمع 22 الف صوت , وفي الجدول اعلاه نجد ان مجموعة احزاب وقوى قد جمعت في الانتخابات الحالية لمجالس المحافظات بمجموعها 17359 صوت ونفس الشيئ ينطبق على المحافظات الاخرى ذات النسب المنخفضة او التي حصلت على مقعد واحد. هنا يطرح سؤال هل العزوف عن الانتخابات لوحده هو السبب الذي تضرر منه التيار الديمقراطي ؟ لا سيما وان هناك كتل وقوائم اخرى قد تضررت من عزوف الناس عن الذهاب الى التصويت ومع هذا حصل بعضها على نسب عالية .
2- الامكانيات المالية : تعتبر من المستلزمات الاساسية للحملة الانتخابية وبالذات في ظل غياب قانون الاحزاب الذي يحدد سقف متقارب للصرف على الحملات الانتخابية , مع مساهمة الدولة بنسب مالية للمرشحين لتغطية الحملات وهذه يحددها القانون المنتظر تشريعة . في الحملات الانتخابية لمجالس المحافظات الحالية نجد هناك كتل واشخاص صرفت مليارات الدنانير العراقية على حملاتها الانتخابية , في الوقت نفسه نجد هناك اشخاص مرشحون ضمن التيار الديمقراطي لم يتمكنوا من صرف بضعة ملايين من الدنانير العراقية , لا بل صرفوا على حملاتهم الانتخابية من رواتبهم المحدودة لهذا كانت حملاتهم الانتخابية ضعيفة , وهناك بلا شك وجوه جماهيرية بامكانها الفوز في الانتخابات في هذه المنطقة او تلك لو تمكنت من ترشيح نفسها لكن الذي منعها هو وضعها الاقتصادي الذي يحول دون تغطية الحملة الانتخابية.
3- الاعلام : رغم ان الاعلام يرتبط بشكل او بآخر بالامكانيات المالية , لا سيما وان التيار الديمقراطي دون غيره لا يمتلك وسيلة اعلام جماهيرية التلفاز كما تملكة غالبية الكتل الكبيرة , وهذا امر معروف ظل الحصار الاعلامي  الجماهيري ( التلفاز) مفروض على مرشحي التيار الديمقراطي كما في الانتخابات التي سبقتها . لكن هناك نشاطات اعلامية تحتاج الى مبالغ محدودة ومنها على سبيل المثال عمل صور للمرشح لغرض توزيعها او لسقها على الجدران او عمل اعلانات للبرنامج الانتخابي او اعلانات في التلفزيون ,حتى هذا الجانب الاعلامي البسيط  ظل يعاني منه غالبية مرشحي التيار الديمقراطي بسبب شحة امكانياتهم المالية . وقد تكون اللقاءات بالناس لا تكلف كثيراً كعقد الندوات او زيارة الناس في الارياف  وعقد ندوات فيها او زيارة الاحياء في المدن والتجمعات السكانية فيها , هذه قد لا تحتاج الى اموال كثيرة , ولكن مع هذا كانت هذه النشاطات محدودة جداً وضعيفة وهذا قصور سجله مرشحي التيار على انفسهم . عدا المبادرة من هذا المرشح او ذاك من قوى التيار الديمقراطي , ولم تكن وجهه محددة من التيار وفق برنامج او خطة انتخابية , عدا ما تم انجازة بعقد ندوات في قاعات مغلقة والحضورعادتاً يكون من منتسبي هذه التيارات او من جماهيرها  وهكذا ندوات عادتاً جرت في مراكز مدن او اقضية ولم تصل الى عمق الارياف , ومع هذا يلاحظ ان التحرك الاعلامي الجماهيري كان فردي على مستوى القوائم المنضوية في التيار او على مستوى اشخاص ولم يكن على مستوى التحالف الديمقراطي الذي نزل في قوائم موحدة على مستوى بغداد والمحافظات.
4- من اهم الثغرات في الحملة الانتخابية لقوى التيار الديمقراطي اراه من وجهة نظري هو انعدام او ضعف التواصل مع الارياف والعشائر, وكأن التيار قد اعتبر مواقف الارياف والعشائر محسوم مسبقاً لصالح مرشحي احزاب الاسلام السياسي , وهذا عجز ووهم وقصور وقع فيه التيار الديمقراطي طوعاً وليس مجبراً واهمال سياسي واعلامي . وتركز النشاط على المراكز لهذا كانت القوة التصويتية للتيار الديمقراطي هي في مركز بغداد ومراكز المدن , اما الارياف فلم يكن فيها نشاط ملموس او لم يتواصل نشطاء ومرشحي التيار الديمقراطي معها , وبهذا ساهم التيار الديمقراطي في الحصار المفروض عليه وكأنه تخلى عن هذه الاصوات المليونية التي اعطت اصواتها لقوى ومرشحي احزاب الاسلام السياسي ومرشحي رؤساء العشائر والقوائم الاخرى,لا لشيئ وانما لعجز نشطائة من التواصل مع الارياف , فحسمت الارياف والعشائر موقفها مع قوى الاسلام السياسي , اضافة للامكانيات المالية التي تتمتع بها قوى الاسلام السياسي وسيطرتهم على صنع القرار ساعد على انحياز الارياف والعشائر لقوى الاسلام السياسي والقوائم الاخرى في الانتخابات لها.
5- العنصر النسائي كان توظيفه ضعيفاً من قبل قوى التيار الديمقراطي , في الوقت الذي نجد نسبته عالية في المجتمع تصل الى 50 % , لم يتمكن التيار الديمقراطي من الوصول الى هذه القوة التصويتية التي تغيير الموازيين , فخضعت هذه القوة التصويتية لسيطرة وهيمنة قوى الاسلام السياسي . وليس لديه معطيات دقيقة عن الشباب ولكن مالاحظته ان النشطاء الشباب في الحملات الانتخابية وجدته لدى قائمة المواطن فاعل وله حضوراكثر من القوائم الاخرى بما فيها التيار الديمقراطي الذي لديه حضور في مجال الشباب لكن لم يوظف هذا الحقل الهام في الحملات الانتخابية .
6- هناك اخطاء تاكتيكية وقع فيها التيار الديمقراطي في عدد من المحافظات وصل عددها الى خمسة محافظات او اكثر , وهذه الاخطاء التاكتيكية انها غير عادية وتحمل في داخلها مخاطر ان لم تكن مباشرة ولكنها لها اضرار على مستقبل التيار الديمقراطي في هذه المنطقة او تلك , لا سيما وان التيار في طور النشوء والتكوين , وستؤثرعليه سلباً كان يفترض من قيادات التيار تجنب هكذا اخطاء ومنها على سبيل المثال تحالف التيار الديمقراطي في هذه المحافظات مع جماعة الصرخي او ما يسمى بالصرخيين , مع الاسف استمعت بألم لمن يبرر هذا التحالف ويدافع عنه ويعتبره تحالف ايجابي لخدمة المواطن  , وتخلى عن التباين في البرامج والتوجهات والمواقف السياسية والفكرية والرصيد النضالي , وكأن الصرخيين قد تبنوا الديمقراطية بكل معانيها وقيمها السياسية والفكرية والقانونية والثقافية , في الوقت نفسه وجدت هناك غالبية من هم يعنيهم مستقبل التيارالديمقراطي هم ليسوا مع هذا التحالف , وهناك نساء عبرن بصراحة عن موقفهن الرافض للتحالف مع الصرخيين , حيث اكدن ان الصرخيين لديهم موقف من المرأة ومن حقوقها , كما انهم اي الصرخيين مع الحجاب المتطرف للمرأة. ارى من وجهة نظري ان قوى التيار الديمقراطي التي اتخذت قرار التحالف مع الصرخيين في هذه المحافظات , انها واهمه ولم تقرأ الواقع بشكل علمي وصحيح , وأخطأت التقدير كانت تتوقع ان للصرخيين مواقع جماهيرية تؤهلهم للفوز, وارى ان هذه التحالفات لا تخلوا من رغبات ذاتيه ورائها منافع شخصية لم تؤخذ مصالح التيار الديمقراطي بنظر الاعتبار .
7- ولم تكتفي بعض فروع التيار الديمقراطي في هذه المحافظات بخطأ التحالف مع الصرخيين وانما البعض منها , اعطى قيادة التحالف للصرخيين ووضع نفسه في المرتبه الثانية , وكأن القضية شخصيه وصاحبنا كريم وتخلى عن موقعه واهداه للصرخيين كثمن للتحالف,ما هذه العبقرية الفكرية والسياسية التي يمتلكها مثل هؤلاء الديمقراطيون , انها بحق اراها من وجهة نظري سذاجه وعدم كفائة فكرية وسياسية وعملية وجهل في قراءة الواقع والرؤية للمستقبل , وبهذا لم يدرك صاحب هذا القرار ان القضية تخص مستقبل التيار وحضورة الجماهيري وتأثيره السياسي والثقافي والفكري في هذه المنطقة او تلك , انها لم تعد اخطاء عمل او اخطاء تاكتيكية عابرة فحسب , رغم انه قد تكون هناك آراء مجتمعه تقف وراء هذا التحالف وتم وفق تقديراتهم وقراءتهم , لكنها تبقى اخطاء غيرعادية وتحمل في طياتها نتائج سلبية ذات طبيعة مستقبلية ,ليس بصدد الحديث عنها , ان تسليم قيادة التحالف في بعض المناطق للصرخيين , ما هو الا انتحار سياسي , ومن وقف ورائة انه بحق بحاجة الى اعادة تربية فكرية وسياسية , لانه ظهر انه ليس فقط يعيش الخواء الفكري وانما عدم الكفائة السياسية ولاتنطبق عليه اي من سمات القائد السياسي الميداني , هناك تقديرات بأن يذهب المقعد الواحد في بعض المحافظات التي حصل عليه التيار بعد ظهور النتائج النهائية من قبل المفوضية الى كوتا النساء وهذا شيئ مفرح في حالة عدم تمكن احد من مرشحي التيار الحصول عليه , ولكن الخشية من ان يكون هذا المقعد الذي تم الحصول عليه في بعض المحافظات ان يذهب لرئيس التحالف الصرخي في بعض المحافظات الذي حمل الرقم او التسلسل 1 واحد.
8- بعض قوى التيار الديمقراطي قدمت اكثر من مرشح عن قائمتها , ولكن في الممارسة العملية اثناء الحملات الانتخابية وضع التنظيم السياسي لهذه القائمة او تلك ثقلة على مرشح واحد ,دون غيره واعتبره مرشح القائمة ودعمه مالياً واعلامياً وتنظيمياً , ولم يحصل المرشحون الآخرون وهم من نفس القائمة على فرص متكافئة للدعم وتحركوا بجهودهم الشخصية , ولكن في النتيجة النهائية توزعت الاصوات بين المرشحيين ولم يحصل اي منهم على النسبه المطلوبه التي تؤهله للفوز , وكانت خسارة للتيار او للتنظيم المعني المنضوي ضمن التيار .
الاستنتاجات :
اشرت في مقالتي الى بعض الملاحظات والتي تحمل في محتواها بعض النواقص والثغرات التي كان بالامكان ملاحظتها في الحملة الانتخابية وقد يكون بعضها يتكرر في كل انتخابات لانها ذات طبيعة موضوعية وهي نقص في الامكانيات مثلاً, ولكن المقالة اشرت الى بعض الثغرات العملية التي وقعت في هذه المنطقة او تلك التي ادت الى الوقوع باخطاء ذات طبيعة فكرية وسياسية كما ادت الى التفريط بالقوى والامكانيات وكأنها اسهمت في تشتيت القوى وفي وضع حواجز بينها وبين الجمهور .ولكن المهم في الموضوع هو الوصول الى رؤية مستقبلية  , تكمن الرؤية المستقبلية باني من خلال المقالة استخلصت استنتاجيين فيما يخص الحملات الانتخابية القادمة للتيار الديمقراطي وضعتهما على صيغة سؤاليين :
السؤال الاول :
هل ان نسب التصويت حسب الجدول اعلاه والذي يشمل بغداد والمحافظات تمكن التيار الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية القادمة من الحصول على مقعد او عدد من المقاعد في البرلمان ؟ لا سيما وان الانتخابات البرلمانية تقام على اساس الدوائر الانتخابية والقاسم الانتخابي لا يقل عن 25الى 30 الف صوت ,بلا شك مع الاخذ بالحسبان هناك متغيرات كثيرة ستؤثر على تغيير خارطة الانتخابات وعلى نوعية القوائم والمرشحيين , وهذه المتغيرات وارده وتؤخذ في الحسبان ولكن بالعودة الى السؤال من خلال النظر للجدول اعلاه ,يلاحظ هناك صعوبه في الوصول الى العتبة الانتخابية في كل المحافظات , ولم تتمكن جميعها من تصعيد مرشح لها الى البرلمان ولكن ومن خلال المعطيات التي يمكن ملاحظتها على الجدول نجد ان محافظة بابل مرشحة وقادرة على ايصال مرشح للتيار الى البرلمان وكذا الى حد ما محافظة بغداد والناصرية والسماوة والبصرة وديالى , وهذا لا يمكن تحقيقة من خلال زيادة نسب التصويت للتيار الا بالاستفادة من النواقص والثغرات وبذل جهود ونشاط متفاني ومتواصل ذات طابع اجتماعي و جماهيري من الآن لحين الانتخابات .
السؤال الثاني :
هل الواقع العراقي او البيئة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقومية والدينية مهيئة لعمل ونشاط  التيارالديمقراطي ليكون قادر على استقطاب اوسع جماهير الشعب او ان يكون هو البديل المرتقب لهذه التحالفات الطائفية ؟ ان الجواب على هذا السؤال لا بد من معرفته من الوضع الحالي الذي تمر به البلاد , الازمة السياسية الخطيرة والتي سببهاالمحاصصة الطائفية والاثنية وطبيعة التحالفات الطائفية , وما نتج عنها من تهيئة فرص للتدخلات الاقليمية وتنامي الصراعات الطائفية ونقص الخدمات وتنامي الارهاب والفساد والبطالة ...... الخ هذه المشكلات وغيرها تدفع بجماهير الشعب بالتطلع لقوى سياسية اخرى لتخلصها من الاوضاع الخطيرة التي وصلت اليها البلاد في ظل التحالفات الطائفية ومحاصصاتها . والقوى المرشحة بلا شك هي قوى التيار الديمقراطي , هي البديل للخلاص من كل الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وهي التي تنهي ثقافة الصراعات الطائفية والتدخلات الخارجية وتحافظ على وحدة الوطن والهوية الوطنية وتقيم دولة المواطنة .  الواقع العراقي اليوم اكثر من اي وقت مضى مهيئ لاحتضان قوى التيار الديمقراطي ومشاريعها وخططها وفكرها , لكن تبقى الحاجة الى آليات جديدة تساعد في الوصول الى اعمق اعماق الجماهير والتواصل والتعايش معها , وفهم حاجاتها ومشاكلها وتبنيها , والى وحدة في العمل والتنسيق والنشاط والتحرك بين كل قوى اليسار والديمقراطية والليبرالية والشخصيات والوجوه الاجتماعية في المدن والارياف .
1-5-2013


69
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
فلاح علي
اذا كانت التحالفات السياسية وسيلة نضالية مشروعة , تلجأ اليها الاحزاب والتنظيمات السياسية كتاكتيكات مرحلية تستخدمها في النضال الوطني والديمقراطي تطول او تقصر فترة التحالف , لكنه يشترط في التحالفات بان تقام على اسس وطنية وان تحقق اهداف آنيه يحددها برنامج التحالف وقد تكون انتخابية او اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية ذات طبيعة وطنية ديمقراطية لصالح الشعب والوطن قد يعجز تنظيم سياسي لوحدة تحقيقها ,لكن نرى ان التحالفات على ارض الواقع العراقي والتي اقامتها بعض التنظيمات والاحزاب السياسية بعد سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003 وسمتها كتل وخاضت الانتخابات البرلمانية بهذه التحالفات . يلاحظ على هذه التحالفات انها اقيمت على اسس طائفية وأثنية , ومارست اساليب لاديمقراطية في حملاتها الانتخابية مثل الحشد الطائفي والقومي والخطاب الديني, مع استخدام المال السياسي وتمكنت من الحصول على مواقع مهمه في البرلمان وفي الدولة , لكن الواقع العراقي من خلال عشرسنوات مضت  والى الآن ,اكد  ان هذه التحالفات بدأت تشكل عبأ ثقيل على الشعب ولها مخاطر على الوحدة الوطنية العراقية واصبحت سبب اساس في خلق وتفاقم الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع عدم الاستقرار السياسي في البلاد .
المخاطر تكمن في طبيعة هذه التحالفات ومحتواها :
ان الازمات السياسية التي مر بها البلد وآخرها الازمة الخطيرة والمعقدة الحالية والتي بلا شك لن تكون آخر الازمات السياسية , سببها جميعاً ازمة نظام المحاصصة الطائفية والاثنية التي اوجدته طبيعة ومحتوى هذه التحالفات الحالية القائمة على الطائفية والاثنية. ويلاحظ المواطن العراقي من خلال الخطاب السياسي لهذه التحالفات كأنه يسهم في خلق بيئة لتغذية حالات الاقصاء والتخويف والتشكيك مع الشحن الطائفي والقومي,وغيرها من اسلحة ,يستخدمها خطابها السياسي الذي تكمن منابعة في الخطاب الديني او القومي المتشدد , وكأن هذا الخطاب يعيد الى الاذهان التثقيف بثقافة الطائفية والشوفينية , صحيح ان التراث والتاريخ الماضي فيه قساوة ومشكلات ومليئ بالكراهيه والأحقاد حتى بين المذاهب لكن الشعب العراقي غير معني بالماضي بقدر ما يفكر في الحاضر وبناء المستقبل والعيش بسلام ووئام وألفة وتعاون وتآخي وحرية وديمقراطية وفيدرالية, الشعب غير معني بالخلافات الطائفية الماضية , . وما يلاحظ على هذه التحالفات ايضاً , انها تهيئ بيئة عملية لتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي وتهدد الوحدة الوطنية , من هذا ارى من وجهة نظري ان العلاقة تكاد تكون طردية بين طبيعة التحالفات الحالية ومرض الطائفية وحتى الشوفينية وضيق الافق القومي. اي كلما ظهرت الخلافات بين الكتل كلما تصاعدت معها الأثارة والشد والشحن والتوتر والعنف الطائفي لا بل ويجد الارهاب في ذلك فرصة وبيئة ملائمة لتحركة .  وتوصل المواطن العراقي الى قناعة ان حالات الصراع والتصعيد والتوتر بين هذه الكتل المتحالفة كأنه هناك قرار سياسي للتصعيد , حيث تلجأ هذه الكتل الى تصعيدالصراع ارتباطاً بمصالحها كما هو عليه الآن  , وعندما تجد ان هذا التصعيد هو ليس في صالحها تلجأ الى التخفيف من الشحن الطائفي والشوفيني وتضع حداً له وتتفق فيما بينها على القضايا المختلف عليها وتجد علاقة توافقية في المصالح فيما بينها. لكن المتضرر من هذا التصعيد هو الشعب العراقي وفئاته الفقيرة . لذلك اجد ان التطرف والتوتر والعنف الطائفي  وحتى الشوفينية والتعصب القومي كأنها محكومة بقرار سياسي اكثر مما هي خلاف مذهبي او قومي بين ابناء الشعب العراقي .من هذا ارى من وجهة نظري ان التحالفات الحالية للكتل المتنفذه في الدولة والبرلمان تحالفات طائفية واثنية تساعد على تغذية روح الانقسام في المجتمع العراقي, كما ان هذه التحالفات ان لم يعاد النظر فيها ستكون احد اسباب دوام الازمة السياسية واستعصائها على الحل وستصبح هذه التحالفات خطراً على الوحدة الوطنية العراقية . فالمصلحة الوطنية العليا للبلد تستوجب اعادة النظر في هذه التحالفات في الفترة القادمة وبناء تحالفات جديدة على اساس اصطفافات وطنية وديمقراطية لا طائفية او أثنية . ان استخراج العبر والدروس من الماضي امر مهم بالنسبه لمن يقود العملية السياسية .
لماذا المطالبة بحل وانهاء التحالفات الطائفية والاثنية :
الواقع العراقي منذ عام 2003 الى الآن وما مر به من ازمات سياسية واقتصادية واجتماعية حادة ومستعصية على الحل, وعنف وغياب الامن والاستقرار وتنامي الارهاب وغياب الهوية الوطنية وتغييب المواطنة وانتهاك للحقوق والحريات وتهديد السلم الاهلي والوحدة الوطنية ونقص الخدمات وغيرها من المشكلات سببها من وجهة نظري , يكمن في طبيعة التحالفات الحالية التي انتجت لنا نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والاثنية , لذا ارى من وجهة نظري هنالك مجموعة من الاسباب الموجبه والتي تفرضها المصالح الوطنية العليا للشعب والوطن تدعوا الى حل هذه التحالفات واقامة تحالفات ذات طبيعة وطنية وديمقراطية عابرة للطوائف والقوميات , كالتيار الديمقراطي وغيره الذي بدأ يجد له مواقع قوية في المجتمع وسأذكر بعض هذه الاسباب وهي :
1-ان هذه التحالفات جميعها بما فيها التحالف القومي الكردستاني انطلاقاً من مصالحها الذاتية عملت وتعمل على تهميش والغاء التنوع في الساحة السياسية العراقية . كما هو معروف المجتمع العراقي يمتازبتنوعه القومي والديني والمذهبي والفكري والثقافي وبتعدد تياراته السياسية . وأمر غريب نجد في ظل هذه التحالفات المهيمنة على القرار السياسي ,ان نهج او سياسة الغاء التنوع وتهميش اواضعاف الآخر لايقتصر فقط على وسائل اعلام وثقافة هذه الكتل وانما انتقل نهجها اللاديمقراطي الى الممارسة العملية . حيث اقتضت مصالحها تغيير قانون الانتخابات البرلمانية لعام 2010 بالغاء نظام الدائرة الواحدة وتحويل انتخابات البرلمان الى دوائر , وكأن انتخابات البرلمان هي انتخابات مجالس المحافظات وليس انها انتخابات وطنية تمثل برلمان الشعب العراقي بنظر هذه الكتل , واستولت على الاصوات الزائدة وتقاسمتها بدلاً من اعطائها للخاسر الاكبر وهي في الواقع اصوات للقوائم الصغيرة التي غبنها قانون الانتخابات المعدل اللاديمقراطي , لتؤكد هذه الكتل بهذا ان المجتمع العراقي يتكون من احزاب الاسلام السياسي السنه والشيعة ومن الاكراد , اما القوميات والاديان الاخرى اعطوا لهم نظام الكوتا. وبهذا استولت هذه الكتل على عرش العراق بدون وجهة حق , في ظل قانون انتخابات لاديمقراطي وفي ظل غياب قانون للاحزاب .
2- الاستبداد السياسي والارهاب الفكري .ان هذه الكتل جميعها والتي تمكنت من خلال هذه التحالفات من الهيمنة على البرلمان وتقاسم السلطة التنفيذية وقيادة البلد , ارى من وجهة نظري انها مارست الاستبداد السياسي والارهاب الفكري وكأن الاستبداد والارهاب الفكري سمة مميزة لهذه التحالفات . مع انتهاك الحقوق والحريات , وغيبت مفهوم المواطنة والهوية الوطنية , والغاء الآخر والاقصاء والتمييز بين المواطنيين على اساس انتماءاتهم السياسية والفكرية والطائفية والقومية , وكأن الدولة ومؤسساتها والوطن لهم وحدهم دون غيرهم, هذه كانت من نتائج حكم هذه التحالفات طيلة عشرة سنوات , ان من مساوئ الاستبداد السياسي والارهاب الفكري انهما لا يلتقيان مع اجواء الحرية والديمقراطية والانفتاح , ولا يسمحان بالمشاركة الشعبية والجماهيرية السياسية الواسعة في صنع القرار , ولا يعترفان في الواقع بالتعددية  والتنوع وحتى بالتداول السلمي للسلطة وهما كفيلان بدوام ثقافة الطائفية والشوفينية حيث لهما مخاطركبيرة على مصالح الشعب والوطن .
3- من هذا يلاحظ المواطن ان ثقافة الكراهيه والتحريض والتشنج والتعصب والتطرف كأنها هي الثقافة السائدة في وسائل اعلام وفي خطاب هذه الكتل , مع تراجع ثقافة الديمقراطية والتنوع والتسامح والتعايش والتعاون والتآخي والتضامن . اي تراجع في القيم النبيلة وكأنه حل محلها مساوئ قيم دخيلة على ثقافة الشعب العراقي وهي تنامي التشدد والغلو والتعصب والطائفية والتطرف بما فيه التطرف الديني والقومي والكراهية والارهاب باسم الدين .
هنا يطرح سؤال : ان كان التطرف والارهاب هو حقاً باسم الدين كما نسمعه في وسائل الاعلام من خطب طائفية ,فمن أين جاء هذا الفهم الخاطئ للدين ؟ وقد يطرح السؤال بصيغة اخرى لماذا يدعوا الدين الى الاعتدال والوسطية ؟ وهذا ما تعلمناه عند دراستنا للدين في المدارس حيث يدعوا الى الاعتدال والوسطية ,واحقاق الحق ونصرة المظلوم , ويحمل قيم العدل والمساواة , ويدعوا الى السلم والسلام والتسامح والآخاء والتعاون والمحبة والاخلاق النبيلة . ويؤمن بالتنوع والتعدد كما تقول الآية الكريمة ( لا اكراه في الدين) (1).  .هنا من وجهة نظري يدخل عنصران اساسيان وهما القانون ( الدستور) وعنصر ديني واخلاقي يتمثل في المؤسسات وعلماء الدين من اجل حماية الشعب من تجار الدين . ومن حق المواطن ان يعرف  لماذا هذا الاجتهاد الخاطئ او الفهم الخاطئ للدين ؟ وكيف يمكن تعرية تجار الدين و اصحاب الفهم الخاطئ او الاجتهاد الخاطئ للدين والتخلص منهم ؟
4- طبيعة التحالفات الطائفية والأثنيةهيأت بيئة ملائمة للتدخلات الخارجية والاقليمية في الشأن الداخلي العراقي , وبدأ المواطن العراقي يلاحظ ان الصراعات بين الكتل لها امتدادات اقليمية , وهذا ما يمكن ملاحظته في الازمة السياسية الحالية بشكل اكثر وضوح . وكأن العراق تحول الى ساحة للصراع الاقليمي , حيث تحرص هذه الدول الاقليمية جميعها على تأمين مصالحها في تهيأة بيئة الانقسام في المجتمع مع الدفع بطرق متعدده ومتنوعة للتصعيد الاعلامي بين القوى المتصارعة على الشحن والتعبأة الطائفية والاثنية . مع رواج فتاوي التكفير وبيانات التشكيك والتجريح وخطب التحريض هذا ما تريده وتحرص عليه الدول الاقليمية جميعها , ويحصل ذلك علناً في العراق بسبب طبيعة التحالفات الطائفية والاثنية .
5- مع عجز هذه التحالفات عن حل مشكلة النقص في الخدمات وحل مشكلة البطالة بين الشباب الخريجيين وعجزها في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق التطور التكنولوجي وعجزها في ضمان الحقوق والحريات التي نص عليها الباب الثاني من الدستور ,وغيرها من الاسباب الاخرى بما فيها ضعف قدرة هذه التحالفات على حل الازمات السياسية المستعصية والمعقدة , وهذه تجعل مصالح الشعب والوطن في خطر .
الاستنتاجات :
من خلال تجربة عشر سنوات من سيطرة هذه التحالفات الطائفية والقومية بطريقة المحاصصة على قيادة البلاد , وما مر به العراق من احداث دموية وصراعات ومظالم وانتهاك للحقوق والحريات وغياب دور المواطنة ... الخ, ارى هناك عدد من الدروس والنتائج والاستنتاجات التي يمكن الوقوف عندها لأجل  مواصلة السير في بناء الدولة المدنية الديمقراطية , وتحقيق العدالة الاجتماعية , ومن هذه الاستنتاجات من وجهة نظري هي :
1- النخب الحاكمة مطالبة باعادة النظر في نمط تفكيرها , من خلال اشاعة ثقافة الديمقراطية , ونبذ ثقافة الطائفية والشوفينية وضيق الافق القومي ,وعقلية الاستحواذ او العقلية الاحادية والوصاية والغاء او تهميش الآخر , والادعاء بامتلاك الحقيقة المطلقة , وكأن طرف لوحده ينفرد بها دون غيره , وهي مطالبة بتحديث عقليات منتسبيها من هم منتجين للخطاب السياسي مع اعطاء اهمية لضمان الحقوق والحريات .
2- تقييم الذات لاجل المراجعة واكتشاف الاخطاء والثغرات والنواقص , ويمكن تسمية ذلك في ممارسة ( النقد الذاتي) الذي عادتاَ ما يمارسه الشيوعييون في نشاطهم ونضالهم اليومي , لان نقد الذات بالنسبة للاشخاص اللاديمقراطيين عادتاً تكون بالنسبه لهم من الامور الصعبة والحساسة وانها بلا شك تحتاج لثقافة ديمقراطية والى جرأة وشجاعة . ما يلاحظة المواطن العراقي في هذه الايام في وسائل الاعلام ان كل طرف يمارس النقد ضد الطرف الآخر ويصل الامر لحد التشهير به , وكأنه يقوم بعمل بطولي , في حين نجد ان قادة هذه التحالفات يتجنبون نقد ذواتهم ويتجنبون مراجعة اخطائهم وممارساتهم وسلوكهم وحتى ثقافتهم ويعتبرون ذلك خط احمر , لايمكن تجاوزه ويصل بهم الامر الى حد تجريم النقد ويعتبرونه تشهير .
3- ان يكون هناك نهج و جرأة في اقامة وتواصل الحوارات الوطنية فيما بين الاطراف السياسة كافة, ولم يقتصر الحوار على القضايا المتنازع عليها فقط بين الكتل المتحالفة , وانما يأخذ الحوار ابعاد سياسية واقتصادية وفكرية وقانونية, وان يكون ذلك سمة مميزة وتقليد نضالي لكل الاطراف والاحزاب والتنظيمات ويحظى بأهمية كبيرة عندما يأخذ طابع اعلامي اي يأخذ صفته الجماهيرية وليس اقتصاره على غرف مغلقة .
4- الابتعاد عن الخطاب السياسي المتشدد ,الذي يثير التوتر مع تجنب ظاهرة ازدواجية الخطاب السياسي في وسائل الاعلام , وعدم احضار التراث الماضي الذي فيه قساوة واحقاد وعند طرحه في الحاضر يكلف الكثير من الوقت والجهد والثمن ولن يكون له مردود ايجابي للشعب والوطن .الشعب لا يريد التفكير بالماضي واعادته ,الشعب يتطلع الى ان يعيش الحاضر بامن وسلام واستقرار وتآخي وحرية وديمقراطية مع بناء المستقبل وتحقيق التقدم والازدهار .
5- التشدد والتطرف موجود لدى جميع هذه الكتل المتحالفة والمتحاصصة , وليس لدى جهة دون غيرها , وعادتاً تكون الجهات المتطرفة والمتشددة في الكتلة الواحدة تشكل عوامل ضغط واحراج على الجهات المعتدلة في نفس الكتلة , وكأنها تطرح نفسها كسور الصين او السور الحصين للدفاع عن الكتلة وفكرها القائم على الدين او القومية وبهذا فانها تطرح نفسها المدافع عن العقيدة والحامي لها . وهذه بلا شك تعطي المبررات والذرائع للعناصر المتطرفة في الكتلة الاخرى , والمتضرر الوحيد من هذا النهج المتطرف الشعب والوطن لان مصالح هذه الجهات المتطرفة تدعوا الى دوام الفعل ورد الفعل .
6- كما يلاحظ المواطن ان نهج التطرف داخل هذه الكتل المتحالفة والمتحاصصة وبالذات طغيانه في هذه الازمة السياسية الخطيرة التي تمر بها البلاد الآن ادى الى ظهورواحياء لتيارات سلفية متشددة وانتشارها في العراق , ويلاحظ ان هذه التيارات تركز على قضايا الخلافات ليس السياسية فقط وانما التراثية بين المذاهب وتضخيمها , وتنشرطروحات الغلو والكراهية مع المبالغة في الخلافات , وهذا مما اربك ويربك الساحة . وهذا مما يتطلب من الحكومة والبرلمان الارتقاء بمستوى المسؤولية وتجميد خلافاتهما لأن الازمة السياسية الحالية مخاطرها كبيرة , والعمل معاً على دعم التوجهات المعتدلة والعقلانية ونشر ثقافة الديمقراطية والتسامح والانفتاح والاعتدال والتقارب وكبح جماح التطرف بالحوار الفكري ومعرفة اسباب المشكلة وحلها جذرياً . وضمان حقوق المواطنة وتقديم التنازلات المطلوبة ومحاربة ثقافة التحريض والكراهية والتكفير , وتقديم المبادرات السياسية المستندة الى الدستور والتي تنمي الديمقراطية في المجتمع والدولة , من خلال تشريع قوانينها وتعزيز الوحدة الوطنية .
7- غياب وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية , ما اكدته التجربة ان المجتمع العراقي بحاجة للدورالجماهيري الفاعل لهذه القوى  , لهذا ارى من وجهة نظري اننا كقوى يسارية وديمقراطية نتحدث عن وحدة العمل  والنشاط  في الاعلام ونقترب من بعضنا في الحديث الا اننا لا نقترب من الفعل , الواقع العراقي الحالي يدعوا هذه القوى بان لا تبقى ظاهرة صوتية فقط تكثر من الكلام عن وحدة العمل والنشاط المشترك , لكنها بعيده عن الفعل والانجاز اي بعيداً عن تحقيق وحدة العمل على ارض الواقع نتيجة اسباب عدة ,الحاجة لوضع آليات عملية لأقامة وحدة العمل والنشاط المشترك اي وضع خارطة طريق لهذا الفعل العملي , وهي عبارة عن خطوات وبرامج تنفيذية تنتج عن الحوارات واللقاءات فيما بين هذه الاطراف . عدا ما انجز على طريق تأسيس التيار الديمقراطي الذي امامه كثير من المهام والعمل الجماهيري ليتحول الى ظاهرة جماهيرية مؤثرة , حيث لا تزال هناك قوى يسارية متباعده مع بعضها ولم يكن فيما بينها تنسيق وعمل مشترك , او لم تنظم الى التيار الديمقراطي بعد ,. اقامة وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية تحظى بأولوية في الظرف الراهن وهي بحاجة الى حوار ولقاءات عاجلة بين الاطراف جميعاً وترجمة نتائج الحوار الى خطوات عملية للتنفيذ .واقع البلد بحاجة الى تحالف يساري ديمقراطي ليبرالي واسع , وان اقامة النظام الديمقراطي الفيدرالي يتطلب انخراط قوى اليسار والديمقراطية في كردستان العراق مع قوى اليسار والديمقراطية في العمق العراقي ,لأن هذه القوى هي الضامنه لهذا النظام المنشود الذي ضحى الآلاف من المناضليين من كافة قوميات الشعب العراقي من اجله . وحانت الساعة لتفك هذه القوى أسرها وتكون صادقة مع فكرها وتتحرر من تخندقها القومي .
8- الوعي الشعبي يعتبر من عناصر القوة الكامنة في المجتمع العراقي , لا يزال غير مستخدم في النضال بعد لكنه في حالة توظيفه , ستكون له قوة محركة فاعلة ويعول عليه كثيراً في عملية التغيير الديمقراطي, حيث وعي الشعب الآن في تغيير وتطور عما هو عليه في عام 2003 الى 2010  , وما الحراك الجماهيري في التظاهرات والاضرابات ومنها الاضرابات العمالية المتواصلة والمهن الاخرى في دوائر الدولة المتواصلة الآن في الجنوب عمال النفط ومنتسبي وزارة التجارة ومناطق اخرى من العراق .ماهي الا مؤشر لتنامي الوعي الفكري والسياسي والاقتصادي لدى فئات واسعة من جماهير الشعب وبالذات الفقيرة منها , كما ان هناك كتل بشريه كبيرة كانت صامته , الواقع العراقي يؤشر ان كتل الجليد قد ذابت امام هذه الكتل واوساط واسعه منها بدأت تنخرط في النشاط السياسي والمطلبي والاجتماعي الجماهيري. هذا الواقع الجديد سيشكل عوامل ضغط على هذه الكتل لانهاء تحالفاتها الطائفية والاثنية , وفي حالة اصرار هذه الكتل على تحالفاتها ارتباطاً بمصالحها اولاً وبأجندات اقليمية ثانياً فأنها ستضعف تدريجياً وستفقد من مواقعها في البرلمان والدولة والمجتمع , الشعب دائماً مع الوحدة الوطنية ومع التحالفات الوطنية ذات المحتوى الديمقراطي العابرة للطوائف والقوميات والتي تشكل الجسد العراقي .
9- ارى من وجهة نظري ان العلاقة تكاد تكون عضوية بين طبيعة النظام السياسي القائم في كل بلد وطبيعة التحالفات التي اقامت هذاالنظام السياسي , الدستورالعراقي يؤكد على ان نظام الحكم ديمقراطي اتحادي فيدرالي . في حين نجد في الواقع العملي ان طبيعة التحالفات هي طائفية أثنية  أكدت تجربة عشر سنوات ان هذه التحالفات تراجعت في ضمان الحقوق والحريات الديمقراطية , وهي عاجزة على سن قوانين ذات طبيعة ديمقراطية , والعلاقة فيما بينها ادارة الدولة على اساس المحاصصة , وبهذا فان هذه التحالفات غير قادرة على اقامة نظام عادل يساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات على اختلاف انتمائاتهم السياسية والفكرية والقومية والدينية . ما اكدته تجربة العراق وتجارب الشعوب الأخرى التي انتجت للبشرية فكر انساني . ان النظام الديمقراطي العادل التعددي التداولي الفيدرالي , يقام ويحافظ عليه ويتطور من خلال قيادته من التحالفات الوطنية الديمقراطية واليسارية والليبرالية, ويتراجع وينتكس ويدخل في ازمات سياسية واقتصادية حادة وتتعرض مصالح الشعب والوطن للخطر , عندما يقاد من قبل تحالفات ذات طبيعة طائفية واثنية .
19-4-2013   
 
1- سورة البقرة رقم الآية 256 الجزء الثالث من القرآن .


70

خيار الحل السلمي للأزمة السورية لا يلبي
مصالح امريكا وبعض دول الناتو

فلاح علي
ان كان النظام السوري يتحمل مسؤولية تعقيد الأزمة السياسية في سورية , لعدم تجاوبه مع مطاليب المتظاهرين سلمياً , منذ بداية انطلاق التظاهرات السلمية في 15-3-2011 ., ولعدم قيامة بمبادرات سياسية ملموسة تساعد على حل الازمة السياسية سلمياً  , ولجوئه لخيار الحسم العسكري .الا ان  الاحداث الدامية في سورية منذ سنتين الى الآن اكدت ان المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية ومن السائرين في فلكها من دول الناتو وبعض دول المنطقة تقف وراء اطالة امد الازمة السياسية في سورية , وتعيق حلها سلمياً . وهذه الدول مجتمعه مع النظام يتحملون مسؤولية ما آلت اليه معانات ومآسي الشعب السوري , ومعهما يقف ايضاً التدخل الايراني وحزب الله في دعم النظام , فأن هذه الجهات مجتمعه هي السبب في اطالة امد الازمة السياسية في سورية.
الهدف من اطالة امد الأزمة بالنسبة للولايات المتحدة وبعض دول الناتو :
ارى من وجهة نظري ان هدف الولايات المتحدة وبعض دول الناتو من اطالة امد الازمة السورية , هو مصالحها الاستراتيجية في المنطقة , لهذا كانت تهيئ الاجواء الدولية والاقليمية والعربية لتدخل عسكري , وذلك عبر مساومات مع روسيا والصين لأستصدار قرار من مجلس الامن على غرار ما حصل في ليبيا , ولكن الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو تيقنوا تماماً انه بات من المستحيل الحصول على قرار من مجلس الامن , وذلك بسبب الموقف الروسي والصيني ان وافقت هاتين الدولتين في مجلس الامن على التدخل العسكري في ليبيا , فأن سورية بالنسبة لروسيا والصين هي غير ليبيا , حيث تشكل سورية عمق استراتيجي في منطقة الشرق الاوسط بالنسبة للتواجد الروسي والمصالح الصينية , لا سيما وان منطقة الشرق الاوسط هي قريبة من حدود هاتين الدولتين , وما تشكله من خطورة عليهما في حالة اخلال التوازن وفي ظل وجود اسلحة نووية فيها . وتدرك الولايات المتحدة وحلف الناتو ان الاوضاع الدولية قد تغيرت عما هي عليه منذ عام 1998 و1999 عندما قصفت الولايات المتحدة بغداد ويوغسلافيا من صواريخ بعيدة المدى عبر المحيطات وبدون قرار من مجلس الامن , او عندما احتلت العراق في عام 2003 بدون العودة ثانية الى مجلس الامن لاستصدار قرار دولي  , التغيير في الوضع الدولي باتجاه التعددية القطبية , اضعف التفرد الامريكي في السياسية الدولية عما كان عليه قبل عقد من السنين , حتى شعاراتها التسويقية التي جاءت بها لاحتلال العراق باتت لا تستهوي الشعوب مثل الدفاع عن حقوق الانسان او من اجل الحرية والديمقراطية , لان الحقوق والحرية والديمقراطية لا تأتي من خلال الحرب والتدخل العسكري وتجربة العراق ماثلة للعيان . لهذا يشهد العالم اليوم ازمة الدبلوماسية الامريكية تجاه الاوضاع في سورية ومنطقة الشرق الاوسط .
ازمة الدبلوماسية الامريكية تكمن في المواقف السياسية المزدوجة :
تحت ضفط الدبلوماسية الروسية من جانب , وضغط الراي العام الدولي , ومن تجربة العراق  وبطلب من المبعوث الدولي كوفي انان , استجابت الولايات المتحدة لحضور مؤتمر جنيف الخاص بمجموعة العمل الدولية حول الوضع في سورية , وعقد المؤتمر في 30-6-2012  وحضرته الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى دول عربية ومثل الولايات المتحدة في الاجتماع السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية , خرج المؤتمر ببيان نشرته وكالات الانباء والتلفزة وعدد من الصحف والمواقع العربية وتضمن البيان نقاط سته اعلنها المبعوث الدولي السابق كوفي انان اكد على الضغط على جميع الاطراف لتطبيق البنود السته بما في ذلك وقف عسكرة الأزمة – والتاكيد على الحل بطريقة سياسية وعبر المفاوضات فقط – وتشكيل حكومة انتقالية من قبل السوريين انفسهم ومن الممكن ان يشارك فيها اعضاء من الحكومة السورية , متطرقاً الى احتمال اجراء تعديل على الدستور , واجراء انتخابات حرة ونزيهة . ومن صيغة البيان الذي نشر في 1-7 و2-7 -2012 لا توجد اشارة فيه الى سيناريوهات ليبية او تطبيق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة . واكد البيان على العمل العاجل لانهاء العنف وانتهاكات حقوق الانسان . واكد البيان ان النزاع في سورية ينتهي فقط عندما يطمئن كل الاطراف بوجود طريقة سلمية نحو مستقبل مشترك للجميع في سورية . واكد البيان ان الشعب السوري هو الذي سيحدد مستقبل بلاده , وعلى كل المجموعات والشرائج في المجتمع ان تتمكن من المشاركة في عملية حوار وطني شامل . هذه هي فقرات مؤتمر جنيف حسب مانشرته وكالات الانباء وصحف . وحسب القانون الدولي ان اتفاقية جنيف اصبحت وثيقه دولية اعتمدتها منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن , وان الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن قد وقعت على الوثيقه , وهذا يعني هناك ضمانات قانونية واجرائية وامكانيات وجهود دولية لتطبيق الاتفاقية . الا ان الولايات المتحدة الامريكية بسبب مصالحها في المنطقة ونتيجة ضغط بعض حلفائها من الدول العربية والاقليمية الرافضة لاتفاقية جنيف كقطر مثلاً , لجأت الولايات المتحدة الى التعامل بازدواجية مع قرارات مؤتمر جنيف , فهي من جانب في اللقاءات الثنائية مع الجانب الروسي تؤكد التزامها بمقررات مؤتمر جنيف , ومن جانب آخر تعطي الضوء الاخضر لتدخل قطر والسعودية وتركيا في الازمة السورية , وجاء اخيراً التصريح الغريب للرئيس الامريكي باراك اوباما عند زيارته لمنطقة الشرق الاوسط عندما قال ان امريكا لا تعارض اذا اقدمت اي دولة اوربية بتزويد المعارضة السورية بالسلاح , هذا مؤشر على ازمة الدبلوماسية الامريكية وازدواجية مواقفها السياسية , وفسر هذا التصريح بانه ضوء اخضر وموافقة ضمنية من امريكا لتزويد المعارضة بالسلاح من قبل اي دولة عضو في الناتو , وهذا الموقف يتعارض مع مقررات مؤتمر جنيف . ((اعقبه تصريح القائد الاعلى لحلف شمال الاطلسي الاميرال جيمس ستافريدس بقوله عن نية بعض دول الحلف القيام بشكل منفرد بعمل عسكري مستبعداً تدخل الحلف الا تحت مظلة قرار دولي كما حدث في ليبيا . وقال ان مسألة رفع حظر السلاح عن سورية لا تعني الاطلسي . )) (1)  وهو يدرك قبل غيره انه بات من الصعب على الحلف في الظروف الدولية الحالية استحصال قرار من مجلس الامن فيما يخص التدخل في سورية . ولكن يُطرح سؤال هنا هل هذا التصريح يدخل في اطارلعبة او عملية توزيع الادوار ؟, وبالذات فيما يخص قيام بعض الدول بعمل عسكري بشكل منفرد , او رفع الحظر عن توريد السلاح .
الاتحاد الاوربي لا يوافق على تزويد المعارضة بالسلاح :
في اجتماع دول الاتحاد الاوربي في العاصمة الايرلندية دبلن وبحضور وزراء خارجية دول الاتحاد الذي ابتدأ يومي 22و23-3-2013 , اخفق الاجتماع في التوصل الى اتفاق لتزويد المعارضة السورية بالسلاح بعد ان نافشوا طلب تقدمت به كل من فرنسا وبريطانيا .(2)  , كما ان موقف فرنسا وبريطانيا تعرض الى انتقادات من قبل رئيس البرلمان الاوربي ( مارتن شولتز) . (( وقال شولتز الألماني الاشتراكي الديمقراطي في مقابلة مع التلفزيون الألماني "ان24"، الجمعة: "اتمنى ألا نرتكب الخطأ نفسه الذي نراه في معظم الأحيان داخل الاتحاد الأوروبي، أي دول تتحدث بشكل فردي قبل الآخرين". وأضاف: "يجب أن نناقش بهدوء لنعرف ما إذا كان رفع الحظر يمكن أن يحقق هدف إقامة حكومة ديمقراطية بدلا من الأسد". وتابع أن "الأمر يتطلب دراسة معمقة"، معتبرا أن المستشارة الألمانية انغيلا "ميركل ليست مخطئة بشأن هذه المسألة. ذلك أن إرسال شحنات أسلحة إلى المعارضة سيؤدي إلى إرسال شحنات أسلحة أخرى إلى نظام الأسد من قبل بلدان اخرىأ".)) (3) . وذكرت وكالة رويترز أن كاترين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الاوربي تشكك في مدى تأثير مثل هذه الخطوة على المحاولات الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية هناك، كما أنها أبلغت قادة الاتحاد الأوروبي في قمة الجمعة، بضرورة التفكير بحرص شديد في تداعيات رفع حظر السلاح. ((وأضافت آشتون من بروكسل إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي التشاور مع الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي، ورئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض معاذ الخطيب، بشأن مدى تأثير رفع الحظر على جهودهما الرامية لبدء المحادثات لإنهاء الأزمة السورية".)) (4) .
استنتاجات اضعها امام الشعب السوري وقواه الوطنية والديمقراطية المعارضة وشخصياته المستقلة والاجتماعية :
1-ارى ان وثيقة مؤتمر جنيف تعد اهم وثيقة دولية صدرت الى الآن فيما يخص الازمة السورية , رغم عدم موافقة المعارضة والجيش الحر عليها , اضافة الى عدم موافقة النظام على بعض فقراتها , الا ان اهميتها تكمن في ايقاف نزيف الدم السوري , وتؤكد على الحل السلمي للازمة السياسية في سورية . وان توفرت النوايا الصادقة من الاطراف الدولية في تنفيذها , فانها تضمن مصالح الشعب والوطن في سورية لكن هناك اطراف دولية واقليمية وقوى متشدده داخل المعارضة تعول على الحسم العسكري وترى هذه القوى مجتمعة ان هذه الوثيقة الدولية لا تخدم مصالحها وتوجهاتها الاستراتيجية .
2- ارى انه لا يزال الوقت ملائم لتنفيذ اتفاقية جنيف , وذلك من خلال الضغط على القوى المتشددة وعلى النظام لقبول الاتفاقية والبدأ بالحوار وصولاً للحل السلمي, اضافة للضغط الدولي على الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا التي وقعت على الاتفاقية والعمل على تنفيذها .
3- تزويد المعارضة في السلاح من قبل بريطانيا وفرنسا والدعم اللوجستي والفني اضافة الى الدعم الاستخباراتي من قبل ال CIA سوف يعقد الازمة , وسوف تستمر مآسات الشعب السوري فترة اطول وسيزداد الدمار والقتل والتهجير, كما ان تزويد المعارضة بالسلاح , هذا يعني ان هذه الدول الاعضاء في مجلس الامن قد فرضت على المعارضة اختيار طريق الحل العسكري , الذي لن يأتي بالديمقراطية ولن  يضمن مصالح الشعب والوطن في سورية .
4- تصريحات الرئيس الفرنسي هولاند في الاسبوع الماضي حول تزويد المعارضة في السلاح , وحسب ما نشرته وكالات الانباء اذ قال(ولأننا تلقينا هذه (الضمانات) فإننا نستطيع تصور رفع الحظر. يقصد بالضمانات عدم وصول الاسلحة للقوى المتطرفة في المعارضة السورية وتابع أن المعارضة ستتلقى أيضا دعما فنيا إذا تم إرسال أسلحة لها. وكان كيري وزير الخارجية الامريكي قال في وقت سابق ((إن " الولايات المتحدة بدأت في الأشهر الأخيرة تثق بالآلية المستخدمة لإيصال الأسلحة إلى المعارضة وأنها الآن تصل إلى الجهات الصحيحة"، مضيفا أنه أجرى "محادثات مع دول في المنطقة بشأن أنواع الأسلحة التي ترسل إلى قوى المعارضة السورية، وكيفية ضمان وصولها إلى القوى المعتدلة".)) (5) . اني ارى ان هذين التصريحيين ليس انهما لا يخليان من السذاجة السياسية فقط وانما , هما تبريران غير واقعيان ولا يأخذان بنظر الاعتبار مصالح الشعب السوري والهدف هو لسد الطريق امام الحوار والحل السلمي , هذا اولاً وثانياً ان التصريحيين لا يكترثان لنزيف الدم الجاري في سورية ولمعانات الشعب السوري ومآسية والدمارالمتواصل , بقدر ما يعنيهما مصالحهما الاستراتيجية في سورية والمنطقة , لهذا ستبقى دبلوماسيتهما وسياستهما الخارجية في ازمة مستمرة . واقع الحياة يؤكد انه لا توجد الى الآن اي آلية او اية ضمانات او كونترول دولي يضمن عدم وصول الاسلحة لعناصر متطرفة , طالما يصل عن طريق دول وشركات مع وجود المال السياسي والتداخل ما بين التشكيلات العسكرية فانه لا توجد اي ضمانه لعدم تسريب السلاح  الى القوى المتطرفة وهم يدركون ذلك قبل غيرهم . ان السلاح سيصل الى هذه القوى المتطرفة وستسهم  هذه الدول في توطيد مواقع القوى المتطرفة في سورية , وبلا شك سيمتد خطر هذه القوى المتطرفة الى عدد من دول المنطقة .
5- اني مع ايقاف امدادات السلاح الى الاطراف المتنازعة سواء الى المعارضة او الى النظام السوري من طرف ايران وروسيا , رغم وجود اتفاقات دولية بين سورية كنظام وروسيا لامدادها بالسلاح , ولكن ايقاف امداد النظام بالسلاح في الظرف الحالي , هو ضرورة ليساعد كورقة ضغط على النظام من جانب والمعارضة من جانب آخر للقبول بالحوار والحل السلمي وايقاف الدمارونزيف الدم في سورية . مع التأكيد على ملاحظة انه في القانون الدولي لا يسمح بارسال الأسلحة إلى الجهات او المنظمات غير الحكومية. وبالتالي فإن تزويد المعارضة بالاسلحة يعني خرقا للقانون الدولي.
6- ماكنة الاعلام لعدد من الدول الاعضاء في الناتو ولبعض الدول العربية والاقليمية, بدأت تصور الاوضاع في سورية بانها حرب طائفية , وهم بهذا ليس فقط يقدمون اسائة للشعب السوري , وانما يهيئون لسرقة وقطف ثمار ثورة الشعب السوري وتضحياته الجسام , من اجل التغيير وتوظيفها لخدمة مشروعهم الاجرامي في منطقة الشرق الاوسط ويصورون ان كل ما يجري فيها هو حرب طائفية , وينكرون طبيعة تركيبة الشعوب المتعددة القوميات والاديات والاتجاهات السياسية المتنوعة فيها, ويلغون طبيعة الصراع بانه صراع سياسي بين الشعوب والنظم الدكتاتورية من اجل الحقوق والحريات والديمقراطية , الا انه أخذ جانب عنفي في بعض البلدان مثل سورية .
7- اتفاقية جنيف اكدت على تشكيل حكومة من المعارضة ومن القوى الاجتماعية والسياسية داخل البلد ومن النظام , لادارة شؤون الدولة خلال المرحلة الانتقالية وتهيئ للانتخابات وتعدل الدستور والقوانيين وذلك لارساء اسس النظام الديمقراطي في سورية , الا ان الضغط الامريكي وبعض دول الناتو على المعارضة دفعها للاجتماع في الاسبوع الماضي لأنتخاب رئيس للحكومة وتم انتخاب السيد غسان هيتو رئيساً للحكومة المؤقته , واول تصريح اطلقه السيد غسان هيتو حسب ما نشرته وكالات الانباء حيث قال في تصريحه ( لاحوار مع النظام ) . ارى من وجهة نظري ان تشكيل الحكومة الانتقالية بهذه الطريقة هي ليس كما جاء في اتفاقية جنيف الداعية الى تشكيل حكومة تمثل الشعب السوري معارضة الداخل والخارج وبمشاركة شخصيات مستقلة وعناصر من داخل النظام الحالي , انطلاقاً من ان سورية كوطن هي ملك لجميع السوريين وليس لمجموعات بعينها , كما ان تشكيل الحكومة بهذه الطريقة وتصريحات رئيسها المنتخب اكدت على نسف مبادرة السيد معاذ الخطيف باجراء حوار مع النظام , كما انها ليس فقط غلقت الطريق امام الحوار وانما وضعت عراقيل جديدة وغير مبرره امام طريق الحل السلمي للازمة السورية .
25-3-2012

1-وكالة انباء نوفوستي في 20-3-2013 .
2- وكالات الانباء 23-3-2013 .
3-انباء موسكو 23-3-2013 .
4- وكالة انباء نوفوستي17-3-2013 .
5- جون كيري- مصدر سبق ذكره – في 15-3-2013 .



71
ليسَ بالسلاح وحدة تنتصرثورات الشعوب
فلاح علي
اتناول في هذه المقالة الازمة السورية والتي دخلت في مسارات خطيرة وكان للتدخل الخارجي دور سلبي في اطالة امدها ,وفي تعقيدها وتفاقم خطورتها وما نتج وسينتج عنها من نتائج كارثية  على سورية وشعبها وعلى المنطقة . فقتل فيها الآلاف رجالآ ونساءً وشيوخاَ وشباباَ واطفالاَ ابرياء , ودمرت مدن  , كما دمرت البنى التحتية للبلد وتقدر خسائر البنى التحتية بأكثر من 200 مئتي مليار دولار , وهجراكثر من مليون مواطن وشلت الحياة الاقتصادية فيها . وانتشر العوز والفقر والمجاعة ونقص الغذاء والدواء و لوقود , اضافة الى فقدان الامن والامان وسيادة الفوضى والعنف وغياب القانون , ومع هذا لم يتمكن اي من الطرفيين الحكومة والمعارضة من تحقيق حسم عسكري , وتؤكد المعطيات ان الازمة ستطول وتدمير المدن سيتواصل وزهق الارواح وسفك الدماء سيزداد , اذا لم يلجأ الطرفان الى حل سلمي من خلال الحوار وبضمانات دولية اضافة الى عربية من خلال الجامعة العربية . لا سيما وقد ظهرت مؤشرات داخلية ودولية محفزة ومشجعة وستعمل على تهيئة اجواء الحوار .
من المؤشرات التي ظهرت والتي تشجع على الحوار وايجاد حل سلمي :
هناك مؤشرات جديدة بدأت تطرأ على الازمة السورية وتتبلور في ظهور مواقف لصالح ايجاد حل سلمي من خلال الحوار,  على الصعيد الدولي ما يلمسه العالم الآن  من تنامي جهود التنسيق المشتركة بين وزير الخارجية الروسي لافروف ووزير الخارجية الامريكي جون كيري واجتماعهم الاخير في المانيا لبحث القضية السورية وخروجهم بوجهة مشتركة لتعزيز خطوات الحل السلمي , ماهو الا تأكيد على اتفاق في تنسيق المواقف وانهاء العنف , كما انه تأكيد على قناعة امريكا بوجهة النظر الروسية في الحل السلمي وهذا مما عزز ووسع دائرة التعاون والتفاهم بين روسيا وامريكا على طريق خل الأزمة السورية .  اضافة الى  الموقف الصيني الداعم للحل السلمي , نجد ان الموقف الفرنسي طرأ عليه تغيير فالرئيس الفرنسي هولاند موقفة الاخير هو تأكيده على وجود امكانية للحوار لايجاد تسوية سلمية للازمة السورية . كما ان الاتحاد الاوربي ومعهم الولايات المتحدة الامريكية مواقفهم ليس مع تسليح المعارضة السورية والجيش الحر بالاسلحة المتطورة والنوعية , طالما انه تتوفر امكانية للحوار وايجاد حل سلمي للازمة في سورية , اضافة الى خوفهم من ذهاب السلاح الى يد القوى المتطرفة . كما ان موقف النظام السوري بدأ تطرأ عليه تغيرات باتجاه تبني فكرة الحوار والحل السلمي فزيارة وزير الخارجية وليد المعلم الى روسيا وتأكيده استعداد سوريا للحوار مع المعارضة حتى المسلحة منها , كما لم يجري التمسك بالشرط  الذي اعلنته سوريا قبل اكثر من شهر على ان يكون الحوار في سورية , حيث اعلن السيد علي حيدر وزير شؤون المصالحة الوطنية , انه لامانع من اجراء الحوار خارج سوريا .وهذا موقف جديد للحكومة السورية . وعلى صعيد المعارضة السورية جاءت مبادرة السيد احمد معاذ الخطيب باجراء حوار مع النظام لتؤكد على قناعة المعارضة بواقعية  الحوار وايجاد مخرج سلمي للازمة , كما ان هناك معلومات تناقلتها وكالات الانباء تؤكد على انه هناك زيارة مرتقبة لرئيس الأتلاف الوطني السيد احمد معاذ الخطيب الى روسيا . والمؤشر الآخر هو تمديد فترة المبعوث الدولي الاخضر الابراهيمي وتعهد دولي بأنجاح مهمته ,  و الجانب المهم هو انه ظهرت الآن اجواء دولية جديدة لانجاح الحوار حيث بدأت الولايات المتحدة الامريكية تقترب مع الموقف الروسي من تنفيذ انفاقية جنيف حول الوضع في سورية وهذا مؤشر على التقارب الروسي الامريكي من اجل ايجاد حل للازمة السورية سلمياَ , ومن خلال الحوار بين المعارضة والنظام وبرعاية دولية .
الدور الروسي المؤثر في تهيئة اجواء الحل السلمي للأزمة السورية :
كان موقف روسيا منذ بدأ الازمة السياسية في سورية هو مع ايجاد حل سلمي لها , وكونها قطب دولي فضغطت ومعها الصين من خلال العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الامريكية او مع دول الاتحاد الاوربي ومن خلال مجلس الامن من اجل توفير قناعات للحل السلمي ومعارضتها للحل العسكري  وقد حققت روسيا اختراقات كبيرة على طريق ايجاد حل سلمي للأزمة في سورية , وبدأ يحظى هذا الاختراق الروسي لاحقاَ بتفهم امريكي واوربي وعربي من خلال الجامعة العربية  وبدعم صيني, فبعد ان منعت روسيا اي تدخل مباشر عسكري خارجي , هيئت لأرضية  جديدة  من اجل وقف العنف , والضعط على النظام لأجل تبنيه فكرة الحوار والحل السلمي . وترى روسيا بالحوار وحده يقرر فيه السوريون مستقبلهم ومستقبل بلدهم من دون تدخل خارجي , فمن هذه المؤشرات اعلاه ومن خلال المعطيات على الارض يلاحظ ان الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي ومعهما الجامعة العربية , بدأت هذه الدول والمنظمات تقتنع بالدور المحوري والاساسي لروسيا الذي تلعبه في حل الازمة السورية سلمياَ , وان روسيا كطرف دولي سيكون بمقدورها توفير ضمانات للحل السلمي مع الاطراف الدولية الاخرى . وما زيارات وفود من المعارضة الى روسيا والزيارة المرتقبة للسيد احمد معاذ الخطيب رئيس الاتلاف الوطني الا تأكيد على ان المعارضة السورية ليس بمقدورها ان تتجاوز الموقف الروسي مهما كانت تحمله من مواقف على روسيا , وان اي حوار للحل السلمي لا بد من ان يتم التعامل معه بواقعية مع المواقف الروسية  , وبدأ الموقف الروسي يأخذ ابعاد من الضغط السياسي والدبلوماسي على الولايات المتحدة الامريكية وبقية الاطراف الدولية والاقليمية , من اجل العمل على جمع المعارضة والنظام على طاولة الحوار , وما المكالمة التلفونية الأخيرة بين بوتين وباراك اوباما الا تأكيد على انه بدأ يظهر تنسيق مشترك بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية حول ايجاد حل سلمي للازمة في سورية (( أفادت الدائرة الصحفية في الكرملين في بيان لها يوم 1-3-2013 حول المكالمة التلفونية بين بوتين وأوباما انه جرى التأكيد من خلال المكالمة على اهمية التفاعل بين روسيا والولايات المتحدة من اجل ضمان الاستقرار في العالم , وجاء في البيان في هذا الصدد ان الرئيسيين اتفقا على التعامل بشكل وثيق بشأن المواضيع الدولية الساخنة المتعلقة بسوريا والتسوية الشرق اوسطية وايران وكوريا الشمالية والمخططات في مجال الدفاع المضاد للصواريخ , وفيما يتعلق بالأزمة السورية اتفق الرئيسان بوتين وباراك أوباما على تكليف وزيري خارجية بلديهما لافروف وجون كيري بمواصلة الأتصالات المكثفة الرامية الى وضع مبادرات جديدة تهدف الى ايجاد تسوية سياسية للأزمة السورية , وشدد بوتين خلال المكالمة على ضرورة وقف الأعمال القتالية في هذا البلد بأسرع ما يمكن .)) (1) . من هذا يلاحظ ان المواقف الروسية بشأن الأزمة في سورية ومع ثقل روسيا الدولي , بدأت تجني ثمارها وتمكنت من اقناع الدول الكبرى على تبني خيار الحل السلمي في سورية من خلال الحوار , بلا شك هناك ضوابط لدى المعارضة السورية قد تحمل اسس او رؤية للحوار ستطرحها المعارضة على وزارة الخارجية الروسية , من خلال زيارةالسيد احمد معاذ الخطيب الى موسكو لا سيما ان السيد احمد معاذ الخطيب اشار الى تجاوزات قامت بها  بعض اطراف المعارضة في المناطق التي تسيطر عليها وهذا مؤشر مهم على واقعية وجدية المبادرة التي طرحعها السيد الخطيب وقناعته للوصول الى حل سلمي للازمة السورية من خلال الحوار بين المعارضة والنظام , ان القناعة بالحوار بلا شك سيقرب وجهات النظر بين كل قوى المعارضة بما فيها المعارضة السلمية في الداخل التي كانت منذ بدأ الأزمة تدعوا الى الحوار والى ايجاد حل سلمي لها وهذا مما يعطي زخم شعبي كبير للحوار الداخلي مع دعم دولي له .
ما هي اهمية الحوار وتبني الحل السلمي للأزمة في سورية :
من وجهة نظري ارى ان كل الوطنيين السوريين والديمقراطيين واليساريين والليبراليين والمعتدلين في سورية ومعهم غالبية الشعب السوري بكافة فئاته وطبقاته الاجتماعية واديانه وقومياته هم مع ايجاد حل سلمي للآزمة من خلال الحوار , وأرى أيضاً ان كل الوطنيين والديمقراطيين واليساريين والليبراليين والمعتدلين في العراق وفي كافة البلدان العربية , يتضامنون مع الشعب السوري الشقيق في محنته ويدعمون تبني اسلوب الحوار وايجاد حل سلمي للأزمة السورية , وأجد ان هذا الموقف الصحيح ينطلق من المبررات والمعطيات التالية :
1-الحوار الداخلي بين المعارضة والنظام , يضع حداَ لتدخل الدول الاقليمية التي كان لها دور سلبي في اطالة أمد مآساة الشعب السوري .
2- الحوار والحل السلمي يمنع تدخلات الدول الكبرى التي لها مصلحة في اطالة امد الأزمة السياسية , والتي كانت تهيئ الأجواء لتدخل عسكري ارتباطاً بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة .
3- فالحوار هو يفوت الفرصة على دعاة التدخل الخارجي بما فيه التدخل العسكري , الذي يحمل  مخاطر خطيرة جداً على سورية والمنطقة  , ان التدخل الخارجي العسكري يؤدي الى انهيار الدولة السورية , كما يعرض سورية للتقسيم ويعمق الانقسامات في المجتمع , وبقود البلد الى الفوضى والى المحاصصات والصراعات الطائفية ,ولم يأتي بالنظام الديمقراطي الذي يريده الشعب وقواه الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية وتجربة العراق مثال على ذلك , اي ان الحوار يجنب سورية التدخل الخارجي رغم ان التدخل العسكري الخارجي افشلته روسيا والصين .
4- الحوار والحل السلمي يجنب سورية من خطرالمشاريع المدمرة لتجار الحروب واصحاب الآيدلوجيات المتطرفة الداعيين الى اقامة الخلافة الاسلامية في سورية .
5- الحوار والحل السلمي يفسح المجال لتبني الخيار الوطني في حل الازمة في سورية بعيداً عن الأملائات الخارجية , وأرى من خلال الحوار فقط والحل السلمي سيتطلع الشعب السوري لنظام وطني ديمقراطي تعددي تداولي يضمن  الحقوق والحريات ويعجل في بناء الوطن وتطوره وازدهاره ويصون استقلاله الوطني .
6- الحل السلمي يساعد على مشاركة غالبية ابناء الشعب في عملية التغيير الوطني الديمقراطي , فهذا الزخم الكبير الذي يشارك فيه الشعب , يساعد على تفويت الفرصة على المتطرفيين من الحركات الاسلامية واصحاب المصالح الخاصة والاجندات الخارجية من سرقة ثمارثورة الشعب السوري وتضحياته الجسام من اجل احداث التغيير الديمقراطي .
7- في الحوار والحل السلمي وحدة توقف العمليات العسكرية , وقصف المدن والاحياء ويوضع حد لأنهاء القتل وسفك ارواح المدنيين الأبرياء  , وفي الحل السلمي تزول الميليشيات والعصابات المسلحة , وتكون السلطة للشعب ويوقف الدمارفي سورية وتتم عملية إعادة بناء الوطن .
المعوقات والصعوبات التي تواجه الحوار والحل السلمي :
1-النظام في سورية رغم موافقته على الحوار من اجل ايجاد حل سلمي للازمة في البلاد , الا انه لم يقدم الى الآن أي مبادراة تؤكد على حسن نيته , لاجل ان  يشيع اجواء من الثقة ويهيئ ارضية لانجاح الحوار , كأن يوقف القصف الجوي للمدن والقرى مثلاً , او ان يسحب آلياته وقواته الى اطراف المدن , او ان يطلق سراح السجناء والمعارضيين السياسيين , ويسمح بدخول المواد الطبية والغذائية والوقود لى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة والجيش الحر .
2- لجوء النظام والمعارضة المسلحة المتمثلة بالجيش الحر في الايام الماضية , الى تصعيد للعمليات العسكرية  , لفرض واقع جديد وهذا يسهم في عرقلة جهود الحوار اضافة الى ما يترتب عليه من دمار وازهاق لارواح المئات من الارواح سواء من الطرفيين او من المواطنيين الابرياء .
3- صحيح ان المعارضة والجيش الحر حققوا نجاحات على الارض , في دمشق وحلب وادلب والرقة والحسكة ودرعا على سبيل المثال ولكن هذه النجاحات او الانتصارات لا تغيير من ميزان القوى العسكري لصالحها بالكامل , لايزال النظام يحتفظ بقوته العسكرية , الا ان هذه النجاحات قد تشجع او تدفع بعض من وحدات الجيش الحر او قادته , من طرح شروط تعجيزية للحوار , قد تسهم في عرقلة جهود الحوار ونفس الشيئ بالنسبة للنظام ان حقق نجاحات على الارض , فالتصعيد للعمليات العسكرية هو ليس في صالح الحوار الوطني .
4- التدخلات الخارجية للدول الاقليمية وبالذات قطر والسعودية وتركيا وايران و معها حزب الله, لعبت دور سلبي في اطالة امد الحرب , فهي بدلاً من ان تقوم بوساطة لحل الازمة سلمياَ , أو بدلاً من ان تدعم الشعب السوري والمناطق المتضررة من الحرب , بالغذاء والدواء والوقود وتوفير بعض مستلزمات العيش المفقودة, قامت بامداد المعارضة  بالمال والسلاح والدعم الاعلامي والسياسي , اضافة الى الدعم الايراني للنظام , فهذه الدول جميعاً تدخلاتها تسهم في عرقلة اجواء الحوار والحل السلمي .
5- المواقف المتشددة واللاديمقراطية للنظام في بداية بدأ الازمة في سورية , اسهمت في تعقيد الامور وفي اطالة امد الحرب , لا بل تعويلة على الحسم العسكري كان سبب في ضياع الجهود السلمية طيلة السنتيين الماضيتيين اضافة الى حصول المزيد من الدمار وقتل الارواح , فمن اجل انهاء الازمة على النظام ان يبادر لأحداث تغيرات وتحولات ذات طبيعة ديمقراطية لكي يعطي دفع  ايجابي لعملية الحوار.
6- المواقف الغير واضحة والغامضة للولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي منذ بداية الازمة الى وقت قريب كانت سبب في عرقلة جهود الحوار وايجاد حل سلمي للازمة .
7- المتطرفون ان كانوا اصحاب آيدلوجيات او مشاريع ومصالح واجندات خارجية وسواء كانوا في صفوف الجيش الحر او في اطراف من الحكومة هؤلاء مصالحهم تلتقي مع عرقلة وافشال الحوار .
الا انه رغم المعوقات الكثيرة التي تعرقل الحوار ورغم الصعوبات امام ايجاد حل سلمي للأزمة في سورية الا ان المسار الدولي بدأ يضغط ويهيئ الاجواء للبدأ بالحوار وصولاً الى ايجاد حل سلمي للأزمة, واذا بررت الحكومة مصداقيتها ومن خلال القيام بخطوات عملية تشجع على الحوار , فلم يكون امام المعارضة من وجهة نظري خيار آخر الا بخوض تجربة الحوار في ظل هذه الاجواء الجديدة مع وجود ضمانات دولية . واكدت كثير من التجارب التأريخية انه ليس بالسلاح وحدة تنتصر ارادات وثورات الشعوب , ان الوصول الى حل داخلي وطني ديمقراطي للازمة , بوقف القتال والدمار وينهي مآسات الشعب السوري ويهيئ لاقامة نظام ديمقراطي تعددي تداولي  , هذا يعد انتصار للوطن ومستقبله وانتصار للشعب السوري الذي وقف طيلة العقود الماضية مع القضايا العربية وناصر الشعوب العربية , فهو يستحق كل التضامن معه  من اجل حل الازمة السياسية سلمياَ .
3-3-2013
 
1-انباء موسكو في 1-3-2013 .
 
 

72
خريف الاسلام السياسي قادم وفرص
المناورة اصبحت محدودة
فلاح علي
لابد من الاشارة في البدأ ان تونس هي البلد العربي الاول الذي بدأت فيه احداث الربيع العربي وانتصر فيه الشعب على دكتاتورية زين العابدين بن علي , بعد تقديم تضحيات جسام على طريق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية. الذي حصل ان الاسلام السياسي المتمثل بحزب النهضة قطف ثمار ثورة الشعب التونسي رغم مشاركة حزبيين آخريين في الحكم  , وفي مصر ايضاً هيمنت جماعة الاخوان المسلمين على البرلمان ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية . ويعود ذلك لاسباب ومنها على سبيل المثال لما تملكه هذه الاحزاب من امكانيات مالية وظفتها بشكل جيد في حملاتها الانتخابية مع سيطرة على الاعلام وممارسة الخطاب الديني ودعم خارجي , ولتشتت القوى الديمقراطية واليسارية والوطنية وقلة امكانياتها المالية والمادية والاعلامية وغيرها من الاسباب . ولكن ما نشهده الآن هوظهور ملامح ومعطيات تؤكد ان خريف الاسلام السياسي سيبدأ من تونس ايضاَ مروراَ بمصر وبقية البلدان .
مالذي حصل بعد ان سيطر الاسلام السياسي على السلطة :
بدأت قوى الاسلام السياسي بأرتكاب اخطاء وتجاوزات وانتهاكات للحقوق والحريات اضافة الى العمل ليل نهار مع رصد الاموال لتسويق فكرها وآيدلوجيتها الاستبدادية والعمل على سيادتها في المجتمع والدولة من ثم التوجه الى تحويل الدولة من مؤسسة وطنية تعبر عن مصالح الوطن والشعب بكافة قومياته واديانه وفئاته الاجتماعية واحزابه الوطنية , الى تابع للقوى المهيمنة كما وظفت هذه القوى  الدولة في الصراعات الطائفية ومع الخصوم والمعارضيين . ولهذا فأن الاسلام السياسي لا يبني دولة وطنية ديمقراطية محايدة لا بل يسهم في الاستئثار والغاء الآخر والاقصاء , وهذا ما يحصل في العراق ايضاً من قبل قوى الاسلام السياسي , وتسعى هذه القوى في هذه البلدان ( تونس والجزائر والعراق مثالاً)  وغيرها من البلدان ومن خلال البرلمان والدولة بالعمل على سن قوانيين لصالحها ولصالح ديمومة بقائها في الحكم ولتهيئة الاجواء من خلال القوانيين لأسلمة الدولة والمجتمع .
ما هي النتائج التي حققها الاسلام السياسي للشعوب التي تحكمها :
ارى من وجهة نظري ان من سوء حظ الشعوب العربية التي ناضلت وقدمت تضحيات جسام ضد الانظمة الدكتاتورية واسقطتها من خلال انتفاضات الربيع العربي هو تسلل الاسلام السياسي الى السيطرة على الدولة وقطف ثمار الربيع العربي , ان قوى الاسلام السياسي مصالحها لا تلتقي مع تنفيذ او تلبية اهداف انتفاضات الربيع العربي , كما ان قوى الاسلام السياسي مصالحها وآيدلوجيتها لا تسمح  لها بأقامة نظام سياسي ديمقراطي جديد وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية , وهي ايضاً اي احزاب الاسلام السياسي ليس لديها برامج اقتصادية لغرض تحقيق عملية تنمية اجتماعية واقتصادية في المجتمع , وبحكم آيدلوجيتها الاستبدادية فهي معادية للثقافة وللفكر الآخر, ان آيدلوجية الاسلام السياسي تفرض على الشعوب الدخول في انفاق مظلمة من خلال اثارة الصراعات السياسية والطائفية والتشجيع على ممارسة العنف  كما هو الحال في تونس ومصر وغيرهما من البلدان , كما ان الاسلام السياسي يعمل على تشويه طبيعة واقع كل شعب , ومن خلال توجهاتها وخطابها السياسي المتشنج فهي تلغي القوميات الصغيرة في المجتمع وتلغي او تسعى الى تحجيم التيارات السياسية والفكرية في المجتمع وحتى الاديان الاخرى وعلى سبيل المثال في العراق يوجد تنوع قومي وديني وسياسي وفكري الا ان الاسلام السياسي ومعهم القوميون اللاديمقراطيون في خطابهم السياسي يكذبون على انفسهم اولاً لان طبيعتهم الفكرية هي مصادرة الحقوق والحريات فيدعون زوراً خلاف الواقع , فيكررون في الاعلام وفي وثائقهم ان الشعب العراقي يتكون من السنه والشيعة والاكراد فهذا الطرح في الواقع هو الغاء للآخر ولتهيئة الارضية لواقع جديد في العراق هو ترسيخ المحاصصة الطائفية والأثنية فيما بينهم .  اضافةالى انها اي احزاب الاسلام السياسي ليس لديها برامج سياسية واقتصادية , فهي تكون سبب في الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذا البلد او ذاك . وقد عجز الاسلام السياسي على توفير الخدمات وحل مسألة البطالة ولم يتمكن من انهاء الفقر لا بل عمق الفقر في البلدان التي حكمها واشيع الفساد المالي والاداري ولم يتمكن من انهاء الارهاب وتوفير الامن والاستقرار وغير قادر على تطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية واقامة المشاريع الكبرى في الصناعة والزراعة  .
ان الاسلام السياسي يعتقد خطئاً ان الشعوب العربية بحاجة الى فكرهم وآيدلوجيتهم او الى خطابهم السياسي المليئ بالشعارات والوعيد وبتجاهل الحقوق والحريات , وان الاسلام السياسي الى الآن رغم فشلة في بناء الدول الوطنية الديمقراطية وعدم قدرته على توفير العيش الكريم للشعوب التي يحكمها, ومع هذا فهو يجهل فهم طبيعة الشعوب, وكأن الشعوب بحاجة الى آيدلوجية وخطاب وشعارات الاسلام السياسي لاجل ان تعيش بدلاً من حاجتها الى الكهرباء والغذاء وطرق المواصلات والعمل والامن والاستقرار والتنمية والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والقوانيين التي تضمن دولة المواطنة ... الخ . ما اكدته تجربة تونس ومصر والعراق ان قوى الاسلام السياسي الحاكمة اليوم , لم تستفد من الدروس والاخطاء والانتهاكات والتجاوزات التي افرزتها تجارب الانظمة الدكتاتورية , وما عانته الشعوب من سيطرة انظمة الاستبداد والدكتاتورية في الحكم فترة طويلة .
الاستنتاجات من تجربة حكم الاسلام السياسي رغم قصر فترتها:
لا اريد الخوض في طبيعة الاوضاع السياسية في عدد من البلدان التي يحكمها او يهيمن فيها قوى الاسلام السياسي في تونس او مصر او العراق وغيرها من البلدان , الاوضاع السياسية في هذه البلدان معروفة للجميع ولكن اشير هنا الى استنتاجات توصلت اليها من خلال متابعتي اليومية لتطورات الاحداث وازماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية والمدنية .... الخ ومن هذه الاستنتاجات ارى من وجهة نظري التالي :
1-ان قوى الاسلام السياسي الحاكمة جميعها دخلت في ازمات سياسية وفكرية وتنظيمية داخلية فيما بينها هذا اولاً وثانياً داخل كل فصيل منها وثالثاً فيما بينها وبين المجتمع , حيث اكدت عجزها وفشلها في ادارة الحكم وفي تلبية حاجات الشعوب .وعجزها في حل الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والقانونية في كل بلد.
2- اي ان الشعوب اختبرت هذه القوى رغم قصر فترة حكمها , ففقدت الثقة فيها وبدأت هذه القوى تخسر من شعبيتها ومن رصيدها في المجتمع , وهي تواجه الآن اصطفافات من قوى واحزاب وفئات اجتماعية معارضة لها , وتؤكد التجربة العملية الآن في هذه البلدان وغيرها ان هناك قوى وشرائح شعبية كانت قريبة الى قوى الاسلام السياسي او متحالفة معها او محسوبة عليها قد انسحبت منها وبعضها انتقل الى صفوف المعارضة .
3- قوى الاسلام السياسي الحاكمة هي الآن في تراجع وانعزال وايام صحوتهم كما قيل انتهت , رغم انهم لا يزالون يحضون بدعم اقليمي اعلامي وسياسي ومالي ولوجستي من الدول الاقليمية قطر والسعودية وتركيا وايران اضافة الى تأييد الولايات المتحدة الامريكية لهم لانهم يضمنوا مصالحها الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط ,ولكن شعبيتهم في تناقص وسواء كانوا احزاب ام كتل فأن الاصطفافات والانقسامات ستتزايد في صفوفهم بسبب فشلهم في ادارة الحكم ومساهمتهم في تفاقم ازمات الشعوب  وتفاقم ازماتهم الداخلية.
4- ان فشلهم في ادارة الدولة لن يعود الى قصر فترة حكمهم , وانما يعود الى غياب البرامج والى آيدلوجيتهم وفكرهم الاستبدادي الشمولي الاقصائي التآمري , فهم جاؤوا الى السلطة من خلال آليات الديمقراطية وصناديق الاقتراع الا انهم ينقلبون لاحقاً عليها ويتمسكون بالسلطة ويمارسون الاستبداد والاقصاء ويصادرون الحقوق والحريات .
5- التجربة أكدت ان آيدلوجيتهم في طريقها الى التفسخ  والتحلل والانعزال او الانكفاء  ثم الانهيار, كما تفسخت آيدلوجية الاحزاب القومية المتطرفة وانهارت في النهاية ومنها آيدلوجية دكتاتوري الحكم السابق في العراق , وتجارب تأريخ الشعوب تؤكد على صحة هذا الاستنتاج . هنا قد يطرح سؤال ان هذا الطرح يحمل رؤية متفائلة وها هي الحركات الاسلامية بعضها حاكمة وبعضها متطرفة منتشرة وعلى سبيل المثال افغانستان وباكستان والصومال وعدد من البلدان العربية وانتشار الارهاب والعمليات الانتحارية يؤكد على ذلك؟ انه بحق هذا السؤال يحتاج الى جواب اكثر من مقالة , ولكن اوجز بعض من الجواب بالكلمات التالية : سياسة الولايات المتحدة الامريكية لعبت دور كبير في انتشار الحركات الاسلامية المتطرفة , وبضوء اخضر من امريكا فتحت خزائن الدول التالية لدعم هذه الحركات مالياَ وهي قطر والسعودية بالاساس وتركيا , اضافة للدعم الايراني لحركات الاسلام السياسي  , لكن هذا الدعم وهذا الدور الامريكي والاقليمي سيضعف ويتراجع من خلال ضغط التوازن الدولي بين الاقطاب الدولية  . تعتاش هذه الحركات على الجهل والتخلف والفقر وما الجمعيات الخيرية التي تقيمها هذه الحركات الا تأكيد على ذلك , غياب الديمقراطية لعقود في البلدان العربية , تشتت القوى الديمقراطية واليسارية  والليبرالية والوطنية وغياب وحدة العمل المشترك فيما بينها وهناك اسباب وعوامل اخرى .
6 - صحيح ان انتفاضات الربيع العربي لم تحقق اهدافها بعد , ولكن الربيع العربي لن ينتهي فهو يمثل  عملية معقدة تتشابك فيها عوامل وتتداخل فيها مصالح دولية واقليمية تؤثر على المسار والتحرك اضافة الى عوامل داخلية , فمن وجهة نظري ان الربيع العربي هو في تواصل واستمرارية ولكن ببطأ وان الحراك الجماهيري في تصاعد والحراك يعبر عن عملية الصراع بين قوى الشعب الطامحة الى الحرية والديمقراطية وبناء الدول على اسس دساتير ديمقراطية وتقدم الاوطان , والعمل بالقوانيين وليس بفتاوي وتوجهات مرشد الحركة الاسلامية في هذا البلد اوذاك .وضمان العيش الكريم للشعوب , وبين قوى آيدلوجية معادية لهذه الوجهة ومدعومة اقليمياَ ودولياَ وما يحدث في تونس ومصر الآن هو مثال حي على ان الحراك الجماهيري في تصاعد من اجل تحقيق اهداف الربيع العربي ونجد ان الاسلام السياسي الحاكم في هذيين البلديين وعدد من البلدان يعيش العزلة  والتراجع وتفاقم ازماته وازمات المجتمعات .
7- تتهيئ الآن ارضية لتوسع النشاط الجماهيري والاعلامي والسياسي والاجتماعي لكل القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية والليبرالية في كافة البلدان العربية, وبمقدور هذه القوى ان تلعب دوراَ مؤثراً بأتجاهات التغيير الديمقراطي والتأثير على بعض قواعد قوى الاسلام السياسي المعتدل, اذا ما تمكنت من انهاء تشتتها , واقامة وحدة النشاط والتنسيق المشترك فيما بينها , وعلى صعيد العراق ضرورة ان تتجاوز بعض قوى اليسار والديمقراطية في كردستان العراق ,الخصوصية المفتعلة كونها قوى من قومية ثانية وفرضت على نفسها العزلة السياسية , بسبب نهجها القومي وضيق افق فكرها وتبعيتها للاحزاب القومية في كردستان العراق , عليها ان تفك اسرها وتقيم وحدة العمل والنشاط المشترك مع القوى اليسارية والديمقراطية العراقية , لان بناء االدولة الديمقراطية هو الاهم على صعيد العراق وهي الضامنة للحقوق والحريات والفيدرالية والديمقراطية اما المحاصصة الطائفية والاثنية فهي الضامن لمصالح قوى الاسلام السياسي وحلفائهم  , والمتضرر من هذه المحاصصة الوطن والشعب العراقي بكافة قومياتة واديانة وفئاته الاجتماعية وقواه الوطنية والليبرالية والديمقراطية واليسارية .
24-2-2012
 
 


73
التواجد العسكري الروسي في البحر المتوسط
وأبعاده الاستراتيجية
فلاح علي
كثفت روسيا من ارسال قطع بحرية من السفن والغواصات وحاملات الطائرات وآلاف الجنود والاسلحة المتطورة التابعة لاسطول البحرالاسود الى البحر الابيض المتوسط وفي منطقة الشرق الاوسط , والتي تعتبرمن المناطق الساختة في العالم والمهمة لكل الاطراف الدولية , وروسيا واحدة من هذه الاطراف الدولية , ورغم تأثيرها السياسي والدبلوماسي لكنها تدرك ان هذا التأثير يكون له فعل في ظل تواجدها العسكري في ميدان الصراعات الاقليمية لاجل اعادة التوازن في العلاقات الدولية .
اسباب التواجد العسكري الروسي الكثيف في البحر الابيض المتوسط :
انطلاقاَ من متابعتي لتأريخ العلاقات الدولية منذ الحرب العالمية الاولى والثانية وما قبلهما وما بعدهما وعند التوقف في قرائة احداث الحرب العالمية الثانية , ونتائجها والتطورات في العلاقات الدولية التي تلتها ارى ان هناك اسباب فعلية وحقيقية فرضت على روسيا لتكثيف تواجدها العسكري في البحر الابيض المتوسط ومن هذه الاسباب من وجهة نظري هي :
1-اسباب تأريخية :
تكمن هذه الاسباب في ان روسيا في القرن الواحد والعشرين وضعت لها سياسية خارجية قائمة على ثوابت استراتيجية اجدها بعيدة بعض الشيئ عن البراغماتية الشائعة في العلاقات ما بين الدول , وهذه الثوابت الاستراتيجية مرتبطة ومتفاعلة مع الدور الروسي الجديد لتغيير التوازن في العلاقات الدولية , و ارى ان روسيا قد راعت في ثوابتها الاستراتيجية لسياستها الخارجية التجربة التاريخية للاتحاد السوفياتي في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية وما بعدها , وذلك ارتباطاَ بالدور الروسي الجديد و بحفظ مصالح روسيا الاقليمية والدولية ,اي بمعنى ان الاسباب التاريخية اصبحت جزء من العناصر الاساسية في مكونات السياسة الخارجية لروسيا . وبدون الخوض في التفاصيل وبأيجاز اشير الى تجربة الاتحاد السوفياتي قبل الحرب العالمية الثانية وبالذات في نهاية العشرينات من القرن التاسع عشر وحتى سقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينات القرن  , نجد ان الاتحاد السوفياتي قد تم محاصرته بطوق من الدول بعضها اصبحت اطلسية بعد تاسيس حلف الناتو والبعض الآخر كانت حليفة او متعاونة مع حلف الاطلسي وهي في الغالب انظمة مستبدة دكتاتورية عسكرية وبعضها انظمة ملكية او جمهورية وامتد هذا الطوق من المانيا وفرنسا غرباَ الى  الصين قبل الاستقلال شرقاَ وصولاَ الى الشرق الاوسط  ومنطقة الخليج , وبدول مثل تركيا وايران وباكستان والعراق وبعض من دول المنطقة ودول الخليج , وامتد الى شمال افريقيا التي تقع بعض دوله على البحر الابيض المتوسط اضافة الى البحر الاحمر , عدا ذلك هناك قاعدة بحرية واحدة انشأت في الستينات في مصر وتم اغلاقها في بداية السبعينات .بهذا الحصار البحري الشاسع استطاع حلف شمال الاطلسي فرض عزلة بحرية دولية على الاتحاد السوفياتي لتقليص او اضعاف دوره في الساحة الدولية وتاثيره السياسي والدبلوماسي والعسكري والاقتصادي والتجاري . هذا هو من وجهة نظري الدرس التاريخي الذي استوعبته روسيا الجديدة في القرن الواحد والعشرين .
2- اسباب جيوسياسية :
الموقع الجغرافي لروسيا بحكم قربها من الحدود التركية , مكنها من ان تكون في موقع طريقة قصير الى البحر الابيض المتوسط , وتنظر روسيا الى تركيا انها دولة عضو في حلف الناتو منذ نهاية الحرب العالمية الثانية , وهذا مافسرته روسيا ووضعته في عين الاعتبار في سياستها الخارجية الجديدة , مسألة حصارها البحري وتوسع الناتو , فوجدت في حالة عدم معالجة ذلك على الارض فأن التهديد الاستراتيجي والحصار الذي فرض على الاتحاد السوفياتي سيتواصل عليها بطرق حديثة وتكنولوجيا جديدة  , لهذا  فان هذه الاسباب الجيوسياسية , مكنت روسيا من ايجاد ثقل عسكري لها في البحر الابيض المتوسط وبالذات في شرق البحر الابيض المتوسط , وهذه من وجهة نظري هو توجه او خطة عسكرية استراتيجية لروسيا  لاختراق الحصار في حالة فرضة عليها  هذا اولاَ وثانياَ على المدى البعيد هذا الاختراق يمكن روسيا من افشال اي محاولة تشكل خطرعسكري عليها من طرف الناتو عبر تركيا من خلال البحر الابيض المتوسط  والموقع الهام الذي حصلت عليه روسيا في شرق البحر الابيض المتوسط هو (القاعدة البحرية  العسكرية في مدينة طرطوس السورية) . هذه القاعدة التي تشكل مصدر قلق للاطلسي ولبعض دول المنطقة ,حيث ليس لانها فرضت تواجد عسكري ضخم لروسيا في البحر الابيض المتوسط وانما سيمكنها من اختراق تركيا نظراَ لقرب مضيق البوسفور من القاعدة العسكرية في طرطوس في حالة تحول السواحل التركية الى مرتكز لمحاصرة او مهاجمة روسيا من قبل الناتو  .
3- الدور الروسي الجديد في السياسة الدولية :
السياسية الخارجية الجديدة المعلنة لروسيا , انها قائمة على رؤية جديدة لعالم جديد , لا مكان فيه للقطبية الاحادية وانما عالم قائم على التعددية القطبية في العلاقات الدولية , هذه الرؤية السياسية الجدية ليس هي تمنيات ورغبات من دولة تريد ان تصبح قطبية , وانما هي خطط ومتغيرات على ارض الواقع وتطور في الجانب الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي والسياسي والدبلوماسي والاعلامي . هذا الدور الجديد يتطلب من روسيا ان يكون لها حضور جديد في مناطق عدة من العالم , لضمان التوازن على الارض ومن هذه المناطق هي منطقة الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط التي هي من المناطق الساخنة في العالم وتعد من اهم  المصالح الحيوية لروسيا وبقية المتنافسيين الغربيين .
أهمية القاعدة العسكرية في طرطوس لروسيا :
تعتبر القاعدة العسكرية البحرية في طرطوس من اهم القواعد العسكرية ذات  اهمية استراتيجية  لروسيا في العالم , فهي تشكل تواجد دائم للاسطول الروسي في البحر الابيض المتوسط , وما لهذا التواجد من تأثير وخلق حالة توازن في اهم منطقة حيوية في العالم . يذكر ان لروسيا قاعدتين بحريتين خارج حدودها الاولى في اوكرانيا على البحر الاسود حيث يتواجد اسطول البحرالاسود هناك والثانية في طرطوس , تولي روسيا اهمية للحفاظ على القاعدة العسكرية في طرطوس حيث تجوب في البحر الابيض المتوسط قطع حربية من اسطول البحر الاسود , وللقاعدة موقع استراتيجي في المنطقة لقربها من مضيق البوسفور ومن ثم جبل طارق وهذا الموقع يمكن روسيا من وصول قطعها البحرية الى المحيط الاطلسي . اضافة الى ان القاعدة تسمح بتواجد عسكري روسي , لا سيما ان للولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو تواجد ضخم في البحر الابيض المتوسط وفي البحر الاحمر , مع قواعد عسكرية منتشرة في السعودية وفي قطر ومنطقة الخليج , من هنا تأتي اهمية القاعدة العسكرية في طرطوس لروسيا في ظل المتغيرات الجيوسياسية الحاصلة في مناطق عديدة من العالم وارتباطاَ بالدورالروسي الجديد في الساحة الدولية   وهذه المتغيرات الجديدة فرضت على روسيا تواجد قطع من اسطولها في البحر الابيض المتوسط , والذي تمتد دائرة عملياته لحدود دول عديدة تقع في آسيا وافريقيا واوربا .
هل تتخلى روسيا عن القاعدة البحرية في طرطوس :
ارتباطاَ بالمتغيرات في المنطقة و في العلاقات الدولية وبمصالح روسيا الاستراتيجية , وخضوع المنطقة لتنافس قوى عديدة , ارى من وجهة نظري ان روسيا سوف لن تتخلى بسهولة عن احتفاظها بالقاعدة العسكرية في طرطوس . هنا يطرح سؤال في حالة تغيير النظام الحالي كيف بمقدور روسيا الاحتفاظ بالقاعدة العسكرية ؟ وهذا الاحتمال ارى ان روسيا قد وضعته في حساباتها وتقديراتها , ومع هذا نلاحظ ان لروسيا سياسة واضحة هو تبني الحل السلمي للوضع في سورية من اجل احلال بديل ديمقراطي فيها , وتعارض اي تدخل عسكري خارجي ارتباطاَ بتجربة العراق , من هذا فهي تراهن على عدم انهيار الدولة السورية حتى في حالة تغيير النظام  , وعلى الصعيد الدولي تحتفظ روسيا باوراق عديدة تلعب بها من اجل الاحتفاظ بالقاعدة , كما لديها اتفاقات مع الدولة السورية , في ظل التطورات وتوازن القوى في المنطقة فأي بديل في حالة توازن القوى الدولية عليه ان يحترم الاتفاقات والمعاهدات التي ابرمتها الدولة مع الدول الاخرى , ومع هذا لا يستبعد في حالة اخلال التوازن العسكري الداخلي ان تضطر روسيا الى افراغ قاعدتها العسكرية وتبقى على سفنها في البحر الابيض المتوسط وهنا ستواجهها صعوبات في الخدمات والصيانة والتزود بالوقود ..... الخ لقطعها البحرية .
 وعلى صعيد الموقف الروسي هناك مؤشرات عديدة تؤكد رغبة موسكو في الاحتفاظ بالقاعدة العسكرية في طرطوس , منها تصريح قائد القوات البحرية الروسية الأميرال فكتور تشيركوف لوكالة انباء نوفوستي ,( حيث قال في تصريحة ان هذه القاعدة ضرورية لنا وأشار الى ان هذه القاعدة ستواصل عملها ) (1). وبغض النظر عن التصريحات واهميتها ارى من وجهة نظري ان الشيئ الحاسم والذي يعتبر عنصر اساسي في المتغيرات هو الواقع على الارض , وحسب ما تنقله وكالات الانباء هو التواجد الفعلي الكثيف للقطع الحربية من الاسطول الاسود المتواجدة الآن في البحر الابيض المتوسط قرب السواحل السورية من سفن وغواصات وحاملات طائرات وآلاف الجنود , هذا التواجد البحري يوضح ما تريده روسيا , وهي من وجهة نظري اقوى من اي تصريح , انها مؤشر على رغبة روسيا في الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في طرطوس , وفي ظل المتغيرات الحالية تعتبر عنصر توازن في الوقت الذي تتواجد حشود الاساطيل الامريكية قرب السواحل التركية , كما انه يؤكد على رغبة روسيا في  الحل السلمي للازمة السورية, ولا اعتقد ان روسيا مستعدة لخسارة هذه القاعدة في ظل تنافسها مع الولايات المتحدة حيث خسارتها للقاعدة ستشكل نقطة ضعف كبيرة لها يؤثر على تواجدها في المنطقة وفي البحر الابيض المتوسط. في ختام هذه المقالة اخرج باستنتاج واحد اجده من وجهة نظري وبغض النظر عن طبيعة الصراع في المنطقة , ارى انه في حال انتصار السياسة الخارجية الجديدة لروسيا فأنها ستسهم في انبثاق عالم جديد , قائم على التعددية القطبية وانهاء نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية .
16-10-2012
(1) وكالة انباء نوفوستي – في 25-6- 2012 .
 

74
رسائل من روسيا الى عواصم العالم
تحمل مضامين
فلاح علي
بعد عقدين من الهيمنة الامريكية على العالم نتيجة انهيار الاتحاد السوفياتي وظهور النظام الدولي الجديد نظام القطب الواحد , هاهي روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي تعود ثانية الى الساحة الدولية , بعد ان تمكنت من اخضاع ميزان القوى بينها وبين منافسيها لصالحها , وذلك وفقاَ لعناصر قوة امتلكتها موسكو ومن هذه العناصرتطورها الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والعسكري , وتمكنت من ارسال عدد من الرسائل سأشير في هذه المقالة الى ثلاث رسائل فقط ,واحدة منها  كانت رسالة باليستية أدت الى ارباك عدد من العواصم الغربية ومعها عواصم في منطقة الشرق الاوسط , والرسالة الثانية تؤكد فيها موسكو انها وضعت خطط لأنتاج سلاح (غيرقاتل) للبشر والرسالة الثالثة تشير الى ان روسيا سيكون لها حضور وسيطرة على سطح القمر وجاءت هذه الرسائل بلا شك نتيجة لنجاحها في مجال الأختراعات والأكتشافات العلمية والتقنية والتي اعلنت عنها موسكو في الثلاث اشهر الاخيرة , ومن هذه الاختراعات على سبيل المثال:
الاختراع الجديد لصاروح باليستي عابر للقارات :
تمكنت القوات الروسية من اجراء تجربة اطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات (توبول M) وهذا ما ذكره المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية , العقيد فلاديميركوفال , وقال ان القوات الصاروخية الاستراتيجية الروسية قامت في يوم 7-6-2012 بتجربة ناجحة لصاروخ توبول الباليستي العابر للقارات , وذكر المتحدث ان الصاروخ اطلق من ميدان التجارب ( كابوستين يار) في مقاطعة استرخان بجنوب روسيا واصاب هدفه الواقع بميدان ( ساري شاغان ) في كازاخستان .ما يميز هذا الصاروخ الجديد هو التكنولوجيا الجديدة التي وضعت له ويزن الصاروخ 47,1 طن عند اطلاقة , واكد المتحدث ان مهام تجربة الاطلاق تم تنفيذها بالكامل , وتمكنت القوات الصاروخية بفضلها من الحصول على مختلف المعطيات التي تستخدم في المستقبل لتطوير وسائل فعالة لاختراق الدفاع المضاد للصواريخ (1)  بلا شك الصاروخ يحمل رؤوس نووية ونتيجة سرعته العالية يجعله غير مرئي على الرادار .
ردود فعل نجاح التجربة في منطقة الشرق الاوسط :
شوهد في شبه جزيرة سيناء ليلة 7-6-2012 في السماء جسم مضيئ , سبب حالة فزع لدى سكان شبه الجزيرة , وان مشاهدة الجسم المضيئ في تلك الليلة شوهد ايضاَ في تركيا وأذربيجان واسرائيل والاردن ولبنان وبلدان اخرى في المنطقة , وقال رئيس رابطة علماء الفلك الاسرائيلية يحال بات إيل لموقع صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية ان الجسم الطائر المجهول هو على الارجح اختبار لصاروخ باليستي وأضاف من المرجح اما انه خرج عن نطاق السيطرة او جزء من بقاياة و بقايا وقودة  (2) . 
صناعة انواع من الاسلحة غير مسبوقة في التاريخ :
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تخصيص 20,7 تريليون روبل لبرنامج تحديث أسلحة الجيش الروسي في فترة ما قبل عام 2020 وحددت المبالغ ( للقوات البرية والمظلات والبحرية والقوات الصاروخية ) , وهناك مبلغ قدره 4,1 تريليون روبل أحيط بالسرية الشديدة , الا ان بوتين قال سنصنع أسلحة جديدة غير مسبوقة تعتمد على مبادئ فيزيائية جديدة , وقد أعلن وزير الدفاع الروسي أناتولي سيريديوكوف في نهاية آذار 2012 , ان روسيا ستضع خطة لصناعة سلاح ( غير قاتل ) قائلاَ انه سلاح شعاعي وجيني ونفسي (3) . بلا شك السلاح الجديد له تأثير على الجهاز الوراثي وان تحقق انتاج هذا السلاح سيكون له تطور مذهل في تأريخ البشرية لأنه سلاح لا يقتل بشر وارى بأن نطلق عليه من الآن مصطلح ( السلاح الانساني) سننتظر النتائج الايجابية ان كانت لهذا السلاح طالما انه غير قاتل وننتظر راي الخبراء والمختصون فيه .
مواصلة العمل لتصنيع محركاَ نووياَ للوصول الى كواكب بعيدة :
أعلن مدير وكالة الفضاء الروسية ( روسكوسموس) فلاديمير بوبوفكين ان روسيا تواصل العمل في تصنيع محرك نووي لمركبة المستقبل الفضائية , مشيراَ الى ان روسيا تبقى هي الدولة الرائدة في هذا المجال بفضل ما تم إنجازه في الحقبة السوفيتية .ويتوقع ان تنتهي روسيا من صنع نموذج تجريبي في عام 2017 , ان صناعة المحرك النووي لمركبة المستقبل الفضائية يساعد في الوصول الى كواكب بعيدة مثل المريخ , وايصال ما يلزم لأنشاء قواعد في القمر . (4) .
ماذا تحمله رسائل روسيا من مضامين الى عواصم العالم :
أرى من وجهة نظري ان هذا التطور العلمي والتكنولوجي يعتبر في ميدان العلاقات الدولية توجه جديد في السياسة الخارجية , في حالة استخدامة للأغراض العسكرية , وهذا هو الواقع الجديد لروسيا حيث ارسلت عدة رسائل تحمل مضامين سياسية ودبلوماسية وعسكرية , لا سيما انها صادرة من دولة وضعت لها خطط وسياسة خارجية جديدة وتوجهات عملية من أجل انهاء نظام القطبية الواحد وعودة التعددية القطبية في العلاقات الدولية , من هذا كانت قرائتي لمضامين الرسائل التالي :
1- الرسائل تؤشربشكل لا يقبل الشك ان ميزان القوى العالمية قد تغير لصالح روسيا , وهذا ما يؤكد على ارض الواقع ان روسيا هي الآن تعتبر قطباَ دولياَ ولا تنتظر قرار دولي بهذا الخصوص .
2- كما تؤكد هذه الرسائل ان العالم سيشهد اعادة التوازن في العلاقات الدولية وان نظام التعددية القطبية سيحل محل نظام القطب الواحد , وهو الذي سيضمن السلم العالمي واستقلال البلدان وانهاء العدوان والغزو والاحتلال  .
3- تؤكد هذه الرسائل ان روسيا سيكون لها دور في حفظ الاستقرار في العالم , وانها سوف لن تقبل بعد اليوم اي تحرك عسكري من طرف الناتو باسم الشرعية الدولية ,كما حصل في  العدوان على يوغسلافيا واحتلال العراق, الا بقرار دولي من مجلس الامن .
4- الرسائل تؤكد ان روسيا ستحقق نجاحات في سياستها الخارجية الجديدة من اجل اقامة عالم متعدد الاقطاب , مستندة في ذلك على ثوابتها الاستراتيجية المرتكزة على عناصرالقوة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والتقنية والسياسية والدبلوماسية والاعلامية  التي امتلكتها روسيا.
5- الرسائل ستؤكد من خلال معاينة واقع المتغيرات الجديدة في العلاقات الدولية القائمة الآن , الى توجه جديد للدول نحو موسكو والانفتاح عليها ’ مع تزايدالطلب العالمي على الدور الروسي في المساهمة في حفظ الاستقرار الدولي والاقليمي , وستلجأ غالبية الدول الى الانفتاح على روسيا , وعقد اتفاقيات معها وتنمية وتطوير التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري والتقني وشراء الاسلحة  ... الخ .
6- ستنعكس نتائج هذا التغيير الدولي في توازن القوى ايجابياَ على صعيد تعزيز دور الدول الوطنية المستقلة في العلاقات الدولية , وعلى الاوضاع الداخلية لهذه البلدان حيث ستظهر اصطفافات سياسية جديدة داخل كل بلد من هذه البلدان , قائمة على التنوع والتعدد الفكري والسياسي والديني والاثني, وستتفكك الاصطفافات الطائفية والمذهبية والاثنية ,وستزول معها الانتماءات الثانوية التي اوجدتها امريكا في داخل كل بلد من هذه البلدان خلال تفردها بقيادة العالم , والتي ادت الى العداء بين قوميات البلد الواحد وبين اديانه واضطهاد الراي الآخر وساهمت هذه الاصطفافات في غياب السلم الاهلي في هذا البلد او ذاك والذي كان للسياسة الامريكية دور فيه , اضافة الى تنامي الفقر والتهميش الاجتماعي والجهل والمرض والتخلف الاقتصادي والعلمي وسيادة الهيمنة والاستبداد .
7- على صعيد منطقة الشرق الاوسط تحمل هذه الرسائل مضامين الى عواصم المنطقة جميعاَ , تؤكد فيها ان روسيا اصبحت شريك دولي , في ضمان الامن والاستقرار في المنطقة والمساهمة في حل أزماتها وصراعاتها بما فيها حل القضية الفلسطينية وحل مشكلة البرنامج النووي الايراني , وعقد اتفاقيات حول نزع الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل فيها, واحترام استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية او فرض ارادات خارجية عليها .
4-10-2012
(1) وكالة انباء نوفوستي - في 8-6-2012 .
(2) جريدة الشرق- القاهرة – تلفزيون روسيا تودي في 8-6-2012 .
(3) وكالة انباء نوفوستي في 4-7-2012 .
(4) وكالة انباء نوفوستي - في 17-7-2012 .
 
 
 

75
خليفة العراق الجديد هل سيتمكن من تحقيق توجهاته
في بناء الدولة الدينية
فلاح علي
اخترت في مقدمة عنوان المقالة مفهوم خليفة بدلاَ مما هو مستخدم في القاموس السياسي مفهوم دكتاتور لسبب بسيط  ليس كل دكتاتور يؤسس لدولة دينية اما الخليفة فيعتبر نفسه مكلف لتهيئة بيئة ملائمة لتاسيس دولة دينية . الانتخابات البرلمانية لعام 2010 بتشابك عوامل داخلية وخارجية ساعدت على ظهور تشكيلة في الحكم غريبة عن طبيعة النظم السياسية في العالم , وبالعودة الى الحملة الانتخابية البرلمانية لعام 2010 صرح السيد رئيس دولة القانون امام تجمع لرؤساء عشائر وقوات اسناد عندما قال باللهجة الشعبية ( اكو واحد يكَدر ياخذه من عدنا خاطر انسلمه يقصد السلطة ). بهذا التصريح كان يرغب في تحقيق حلمه بأن يكون خليفة للعراق يحكمه الى الابد باسم الديمقراطية في القرن الواحد والعشرين ولكن بعقلية قديمة وبالضد من الدستور الذي صادق عليه الشعب .
عملية اغلاق النوادي الاجتماعية والثقافية ليس هي الصولة الاخيرة :
وانما ستلحقها صولات اخرى لخليفة العراق الجديد ستستهدف كل ما هو ذو محتوى ديمقراطي مثبت في فقرات الدستور العراقي وبالذات ماتبقى من الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور وستكون جولاته في الاقساط وعلى مراحل , وقد اختبره شعبنا ان صولاته هذه عادتاَ ما ينفذها في الازمات السياسية لان الازمات بالنسبه له ولكل معادي للديمقراطية هي البيئة الملائمة لتحقيق مآربهم وتوجهاتهم واحلامهم هذه هي حقيقة وطبيعة المؤدلجون من احزاب الاسلام السياسي انهم يعملون في الظلام ولا يترددوا من استخدام كل الوسائل القذرة لمصادرة الحقوق وقمع الآخر انهم استبداديون شموليون . ان حملة اغلاق النوادي الاجتماعية والثقافية بدأت ضمن سلسلة حملات مخطط لها قبل اربعة سنوات , لنستذكر بعض من هذه الحملات او الممارسات منع مهرجان للموسيقى في مدينة بابل ثم قرار آخر وزاري لم ينفذ بسبب الاحتجاجات الواسعة الهادف الى اغلاق قسم المسرح والموسيقى في معهد الفنون الجميلة وقرارات وزارية اخرى بصدد عزل الطالبات عن الطلبة الا انهم لن يتمكنوا من تنفيذها بعد ثم الهجمة الظلامية على مؤسسة الثقافة والادب في العراق اتحاد الادباء بحجة وجود مشروبات روحية والصولات ضد الثقافة والأرث الوطني الحضاري تطول الى ان وصلت الى منع دخول السافرات في مدينة الكاظمية ,وكأنه مثبت نص في الدستور العراقي وهو الحريص على تطبيقه ثم وصلت الى اغلاق النوادي الاجتماعية والثقافية ومحاربة الناس بأرزاقها ومعيشتها وكذا محاربة أرث وتقاليد شعبنا وثقافته الاجتماعية ومداهمة اتحاد الادباء ثانية . يتوهم كل من يتوقع في ظل حكم خليفة العراق الجديد ستتوقف الغزوات الظلامية على الفن والموسيقى والسينما والأرث الوطني المنفتح والمتنوع بتنوع قوميات واديان شعبنا العراقي , خليفة العراق الجديد ومعه احزاب الاسلام السياسي المؤدلجة يريدون لوناَ واحداَ للعراق هو اللون الاسود , بلا موسيقى بلا غناء بلا مسرح بلا فن بلا مشروبات بلا تنوع ثقافي وفكري ومصادرة كل الحقوق والحريات وتهميش الآخر والعمل على زوالة وتكريس الفكر الواحد الشمولي الاستبدادي وصولاَ الى اسلمة القوانيين والمجتمع .
ما هي اسباب ظهور خليفة مستبد في العراق يحكم باسم الدستور :
بدون الدخول في تفاصيل الوضع السياسي في العراقي وازماته الخطيرة الذي يعتبر خليفة العراق الجديد سبباَ او طرفاَ فيها . فلا بد هنا من ذكر بعض اسباب ظهور خليفة مستبد في العراق .
1- الاسباب الخارجية معروفة لكل مواطن عراقي هو الدور الامريكي والايراني حيث التقت مصالحهم في العراق على هذا الاختيار لخليفة العراق .
2- اما الاسباب الداخلية فهي كثيرة ودخلت فيها مصالح ذاتية ومحاصصات ومساومات على حساب  مصالح الشعب والوطن وبالضد من بناء ديمقراطية حقيقية في البلاد , وعلى ضوء هذه العوامل الداخلية المتشابكة مجتمعة تأسس نظام المحاصصة الطائفية والقومية وانتج خليفة جديد فتضرر الشعب والوطن من نظام المحاصصة , كما تضرر بعض المتحاصصون في الحكم قبل غيرهم وهم يتجرعون الآن كأس سم محاصصتهم الدنيئة والمخزية .
امثلة على تآمر المتحاصصون على الديمقراطية :
1- التحالف الكردستاني يتحمل المسؤولية الاولى لتأسيس نظام المحاصصة الطائفية والقومية في العراق وما آلت اليه الاوضاع من مخاطر أضرت بمصالح الشعب والوطن ومصادرة الدستور, وبهذا فأن التحالف الكردستاني لن يستفد من تجارب الشعب الكردي عندما فشلت انتفاضته في عام 1975 , ان قادة التحالف الكردستاني في ممارساتهم هذه يؤكدون للشعب العراقي انهم في غيبوبة فكرية كأنهم في نوم دائم او انقطاع متواصل عن الواقع و عن حاجات الشعب وتطلعاته منذ عام 2003 الى الآن , انهم لا زالوا يعيشون في وهم بانهم سوف يحققون الفيدرالية لكردستان من خلال المحاصصة وليس من خلال بناء النظام الديمقراطي التعددي التداولي في العراق .
2- من الممارسات العملية التي قام بها التحالف الكردستاني في تآمره على الديمقراطية , لا بد من الاشارة الى مساومته التي قدمها للطائفيون من الاسلام السياسي بموافقته على تغيير قانون الانتخابات البرلمانية لعام 2010 , وبهذا التغيير سمح المتحاصصون لانفسهم باسم الديمقراطية على سرقة صوت المواطن العراقي , حيث بلغت عدد الاصوات التي تم مصادرتها حوالي مليون ونصف المليون صوت قرابة 40 مقعد برلماني وهي جميعها ملك للديمقراطيين والليبرالبيين والمستقليين . وبهذا فأن التحالف الكردستاني مشارك فاعل على خنق وقتل الديمقراطية في مهدها , واعادوا تكرار خطأهم ثانية بموافقتهم على قانون انتخابات المحافظات , هذه الممارسات المعادية للديمقراطية مهما كانت مبرراتها هي في العلم السياسي معادية لحقوق المواطنة ومصادرة الحقوق والحريات والغاء الآخر , وتؤسس للاستبداد , يتطلب ليس فقط نقدها وانما خوض الصراع الفكري والاعلامي ضدها .
3- السيد رئيس الجمهورية يتحمل المسؤلية ايضاَ في تنامي استبداد خليفة العراق , حيث تجاوز على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور مرات عدة ولم يكن لرئيس الجمهورية دور للحد من تجاوزات خليفة على الدستورلا سيما يعتبر رئيس الجمهورية الحارس على الدستور .
4- البرلمان وتشكيلته وصراعات الكتل الذاتية ابعدتهم عن دورهم الرقابي مع عدم جديتهم في متابعتهم للتجاوزات التي قامت بها الحكومة على الحقوق والحريات وايقافها , وبهذا فأن البرلمان قد تخلى عن دوره الرقابي في حماية الدستور واطلق العنان لخليفة العراق .
5- وظف خليفة العراق الدولة ومؤسساتها واعلامها وامكانياتها لخدمة توجهاته , وساعده في ذلك الصلاحيات المثبته في الدستور ومع الثغرات الموجودة في الدستور وعدم تحديد مدة زمنية لولايته , وتفسيرات طاقمة الاستشاري لبعض مواد الدستور لصالحه ساعد ذلك على تعزيز فرديته وتسلطة .
6- ضعف القطب الثالث قوى اليسار والديمقراطية وغياب التنسيق المشترك وعدم دخولهم بقائمة موحدة وخسارتهم للأ نتخابات البرلمانية لعام 2010 للأسباب المعروفة كما ان هناك قوى وشخصيات محسوبة على التيار الديمقراطي لم يكن لديها رؤية فكرية بعيدة المدى ( استراتيجية ) لطبيعة احزاب الاسلام السياسي . حيث ظللت هذه القوى والشخصيات اعضائها وجماهيرها , انه بالامكان اقامة تحالف عابر للطوائف مع دولة القانون او بقية احزاب الاسلام السياسي  وصوروا احزاب الاسلام السياسي القاطرة التي يمكن من خلالها الوصول الى بناء الديمقراطية في العراق, ولم تدرك هذه القوى والشخصيات ان هناك زوايا حادة عديدة تتقاطع مع فكر الاسلام السياسي ويصعب تسويتها معهم , فركضوا وراء السراب وضللوا انفسهم واعضائهم وجماهيرهم واضروا بالتيار الديمقراطي وساهموا بتسويق شخصيات الاسلام السياسي .
هل يتمكن الاسلام السياسي وخليفة العراق من بناء الدولة الدينية :
تؤكد تجارب الشعوب ان الاسلام السياسي غير قادر على بناء الدولة المدنية الديمقراطية , في البلدان التي حكمها ,لأن منظومته الفكرية لا تسمح بضمان الحقوق والحريات , وليس لديه حلول للأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وبهذا فأن الازمات ومنها الاقتصادية والاجتماعية والفقر والتهميش وغياب الامن والاستقرار وعدم توفير الخدمات هي سمة مميزة للاسلام السياسي عندما يستلم السلطة السياسية . ولكن الحياة وتطوراتها وطبيعة المجتمعات وتنامي متطلباتها تؤكد ان الاسلام السياسي وان مسك بالسلطة لظروف وعوامل خارجية وداخلية لكنه لا مستقبل له سيفقدها , لأن مصالح الشعب والوطن لا يضمنها الاسلام السياسي والمجتمعات بحاجة الى الديمقراطية والتعددية والتنوع الفكري والثقافي وضمان الحقوق والحريات وفكر الاسلام السياسي لا يلبي حاجات المجتمعات هذه , فلن يتمكن الاسلام السياسي من بناء الدولة الدينية , ولكن ليس بمعزل عن عوامل ومتغيرات اقليمية ودولية والاهم هو تغيير التوازن الداخلي لصالح جبهة القوى الديمقراطية واليسارية والليبراليون والمستقلون , لكي تصبح النضالات الجماهيرية فاعلة ومؤثرة .
13-9-2012
 


76
وحدة العمل والنشاط المشترك
لقوى اليساروالديمقراطية ضرورة نضالية يومية

فلاح علي
في النظر لليسار العراقي تأريخياَ وحاضراَ نجده في حركة جماهيرية متباينة السعة والتأثيرذات مضامين تنظيمية وسياسية وفكرية وثقافية ناشطة في المجتمع العراقي . ان اليسار العراقي في ظروف متباينة والى الآن شكل تياراَ مجتمعياَ يحسب له حساب , يحمل مشروعاَ ديمقراطياَ للتغيير يتلائم مع حاضر ومستقبل العراق وشعبة , وأكدت تجربة العراق ان موضوع التغيير الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية وتطور المجتمع والبلد سيكون ضرباَ من الخيال بدون دور فاعل وحاسم لقوى اليسار والديمقراطية . كما ان هناك قضايا جوهرية أنتجها اليسار العراقي واصبحت جزء من حياة الناس وحفظت في ذاكرتهم , حيث تمكن من ترسيخ قيم نضالية مفعمة بالحيوية والمبادئ الصادقة وبالروح الجماعية ,جسد فيها التضحية ونكران الذات والفداء من اجل المبادئ ومن اجل مصالح الشعب الوطنية وتطلعاته الديمقراطية , اي ان اليسار العراقي ثبت قيم الوطنية الصادقة في المجتمع العراقي , وهذا رأسمال وطني نضالي ذات محتوى ديمقراطي لا يمتلكه الكثير من هم في هرم السلطة الآن, ان كان اليسار العراقي في القرن الماضي تمثل في الحزب الشيوعي العراقي , لكنه اليوم هو واسع بتمثيلة المجتمعي وليس بحجم تنظيماته , اني هنا لا اريد استذكار اسماء لقوى يسارية  بقدر ما هو اهم الوصول لوسائل وآليات عمل ونشاط مشترك تمكن من استعادة الحضور المجتمعي الواسع لهذا التيار اليساري الديمقراطي .
سؤال لا بد من طرحة : هل ان البحث والدراسة في كيفية تسريع وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار في الوقت الحالي تشكل قضية ثانوية تستوجب عدم الخوض في دراستها ومعرفة الصعوبات والمعوقات التي تحول دون ظهور هذا التيار كقطب فاعل في المجتمع ؟ من وجهة نظري ارى ان الموضوع مهم وحيوي للعراق والمنطقة والعالم , ولا بد من دراسة وتقييم وتشخيص الصعوبات والمعوقات التي تحول دون تحقيق هذا المشروع الديمقراطي الهام , والعمل على تهيئة مستلزمات انجازة على صعيد كل بلد اولاَ وما اكدته تجربة العراق وتجارب شعوب المنطقة هو انه لا يمكن للديمقراطية ان تنتصر بدون وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية وتأثيرها ودورها في عملية التغيير الديمقراطي عدا ذلك سيقع اليساري في وهم وفي اغتراب عن الواقع وفقدان بوصلة النضال .
قد يطرح البعض تساؤل في نظرته الى اليسار كونه يتمثل الآن في بضع تنظيمات محدودة الحضور والتأثير في المجتمع ؟  من وجهة نظري حتى وان امتلك المتسائل معطيات لطرحه هذا . أعتقد انها ستكون رؤية آنية محدودة , بعيدة عن القراءة الصحيحة للواقع العراقي ومتغيراته المستمرة والدائمة وحاجات الشعب والوطن , والتطلعات المشروعة نحو حياة حرة كريمة تسود فيها الحقوق والحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية , كما انه لا يمكن الفصل بين مصالح الشعب والوطن والمشروع النضالي الديمقراطي الذي يضمن مستقبلاَ مشرقاَ للمجتمع وللوطن , وتزداد قناعات الشعب بهذا المشروع بنمو الوعي اليومي وتراكمه , اضافة الى انه هناك حقيقة لا يمكن انكارها وهي ان اليسار هو حركة وتيار مجتمعي يصعب اختزالة ببضع تنظيمات ويحمل مفهوماَ واسعاَ .
الحاجة الى  اجراء تقييم و دراسة نقدية :
لتشخيص اسباب تراجع اليسار مع معرفة المعوقات والصعوبات اضافة الى تحديد نقاط التقاء قواه , فلا بد من دراسة نقدية , تقوم بها مجمل حركات اليسار العراقي ان تجربة اليسار في الساحة العراقية غنية جداَ منذ تأسيس الحزب الشيوعي العراقي الى الآن رغم الانتكاسات التي مر بها ,ورغم تراجع دور اليسار وبالذات بعد عام 2003 , الا انه منذ عام 2011 برزت مؤشرات ومعطيات عديدة تشبر الى ان المجتمع العراقي هو أحوج من اي وقت مضى لليسار ولحضورة الفاعل في الاحداث السياسية ولدوره الجماهيري ولمشروعة السياسي والفكري الديمقراطي , واكدت الازمة السياسية الخطيرة التي يمر بها العراق ان المجتمع والبلاد لا يمكن انقاذهما من المخاطر ولا يمكن تطويرهما بدون المشروع السياسي الديمقراطي الذي يحمله اليسار العراقي . ان هذه المعطيات بدأت تفرض نفسها على الساحة العراقية . كما تفرض على قوى اليسار والقوى الديمقراطية الحقيقية القيام بمبادرات عملية ميدانية ملموسة لتقريب نقاط الالتقاء بعد دراسة المعوقات التي تحول دون تحقيق وحدة العمل والنشاط المشترك وفتح حوارجاد ومسؤول لتهيئة مستلزمات وحدة العمل  , وهذا من وجهة نظري يشترط من قوى وشخصيات اليسار والقوى الديمقراطية الحقيقية , دراسة الواقع العراقي بدقة , ومعرفة مزاج الجماهير,والتحلي بالواقعية والموضوعية والعقلانية والجرأة والشجاعة وملامسة واقع الحياة اليومية للناس وحاجاتها وتطلعاتها وتحديد المهام الآنية الملحة . جماهير الشعب تثق بالمطلق ان قوى اليسار تحمل برامج ومبادئ صادقة ولكن الاختلاف والتباين هو في الرؤى والتاكتيكات والشعارات وفي ملامسة الواقع وحاجاته , للتأكيد على صحة ما اقول لنأخذ مثال في اختلاف الرؤى ولنشيرللحزب الشيوعي العراقي كأحد اطراف اليسار العراقي , فرغم انه يوجه له نقد فيما يخص دخولة في العملية السياسية وفي اعلامه و خطابه السياسي وتاكتيكاته , لكن نجد ان الوضوح الذي يميز سياسته ومواقفه ومعالجاته ومن معرفتة الدقيقة لواقع حياة الناس وتطور الاحداث وحاجات الشعب والوطن , مكنته من امتلاك رؤية تمتازبمعرفة حاجات الجماهير وتطور مزاجها , والتحلي بالواقعية والعقلانية وملامسة الواقع , وهذه ساعدت على اتساع قاعدة حضوره وتأثيرة في المجتمع , من هذا ارى من وجهة نظري , ان المدخل لوحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية هو في توحيد الرؤى والمواقف العملية هذا اولاَ وثانياَ تحديد القواسم المشتركة بين قوى اليسار على ضوء دراسة الواقع العراقي الآني وحاجاتة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
من العناصر الضرورية المشتركة لتحقيق وحدة العمل والنشاط المشترك هي :
1- الازمة السياسية الخطيرة التي يمر بها البلد بسبب نظام المحاصصة الطائفية والقومية .
2- الانفلات الامني وغياب الخدمات وانتشار الفساد وتنامي ظاهرة البطالة وبالذات بين صفوف الشباب .
3- التجاوزعلى الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور .
4- غياب مبدأ المواطنة وظهور هويات ثانوية على حساب الهوية الوطنية , والتجاوزات على الدستور وغياب مبدأ الفصل ما بين السلطات .
5-اقامة النظام السياسي الديمقراطي , الذي يبني الدولة المدنية الديمقراطية والذي يحقق العدالة الاجتماعية
6- ميادين النضال اليومي هي قواسم مشتركة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية المطلبية والحقوقية والمهنية والثقافية  بما فيها حقوق المرأة .
7- العمل المشترك لممارسة الضغط الجماهيري والاعلامي مع استخدام الوسائل القانونية المتاحة , لأجل اصدار قانون جديد للانتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات , يزيل الغبن عن القوى الصغيرة ويضع حداَ لتهميش القوى الديمقراطية واليسارية والليبرالية وينهي عملية سرقة اصوات الناخبيين , والعمل على اصدار قانون ذات محتوى ديمقراطي للاحزاب .
8- وهناك عوامل اقليمية ودولية تضغط بأتجاه التسريع لاقامة وحدة العمل والنشاط المشترك بين قوى اليسار لمواجهة التأثيرات التدميرية لهذه العوامل الخارجية , ومنها السياسة النيوليبرالية للولايات المتحدة الامريكية التي تنتهجها في ظل نظام العولمة الامريكية . ولمواجهة اضرارها التدميرية في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ... الخ .
9- الربيع العربي الذي عم المنطقة وما يحملة من تجارب غنية جماهيرية ثره هزت كيانات الانظمة الدكتاتورية واسقطتها , وعمليات الالتفاف التي تعرض لها الربيع العربي , بسرقة الجهد والطاقات والتضحيات الجسام للشبيبة التي فجرت هذا الربيع العربي , وسرقة هذا الجهد تم من قبل قوى الاسلام السياسي وبتمويل قطري سعودي وبمباركة ومساومة امريكية , فهذه التجربة تشكل عامل مهم للتعجيل بوحدة قوى اليسار ولمواجهة مد تطرف الاسلام السياسي .
من وجهة نظري أرى ان هذه النقاط تشكل قواسم مشتركة , رغم هناك بلا شك  نقاط وقواسم اخرى عديدة  لكنها بلا شك تشكل نقاط التقاء لفتح حوار حولها والاتفاق على رؤية مشتركة , وهذا يتطلب تجاوز كثير من حالات الخلاف والمواقف المسبقة مع تبني الموضوعية في الرؤية للامور . ومع هذا ان الازمة السياسية وظروف البلاد ومعانات الشعب تفرض على قوى اليسار والديمقراطية , بغض النظر عن موقعها الجغرافي وانتمائها القومي سواء في مناطق الاقليم او في مناطق اخرى من البلاد, لا بد من ان تعبئ طاقاتها وتوحد جهودها للقيام بمبادرات ميدانية ذات قدرات ديناميكية مؤثرة على الصعيد الجماهيري والسياسي والاعلامي .
ما لعلاقة بين وحدة عمل قوى اليسار والتيار الديمقراطي :
في النظر الى مهام قوى اليسار الآنية ومهام قوى التيار الديمقراطي نجد ان مهام كلا الطرفيين هي غير متناقضة وهي حاجات مجتمعية ونضالية يكمل احدهما الآخر في تحقيق هذه المهام الضرورية . من هذا ان وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار لا تتناقض مع مشروع بناء التيار الديمقراطي في العراق الذي تطمح قوى اليسار في ان يصبح التيار الديمقراطي له وزن شعبي وتأثير جماهيري كبير . كما ان هناك حقيقة في المجتمع العراقي ان قوى التيار الديمقراطي تأريخياَ وحاضراَ ومستقبلاَ هي قوى حليفة لليسار العراقي . مع وجود حاضنة كبيرة لهذه القوى في المجتمع هي نقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني وكادحي الشعب وفئاته الاخرى , من هنا على قوى التيار الديمقراطي ان تزيل الالتباس في موضوعة التحالفات الانتخابية وان تكون مواقفها الفكرية واضحة بعيدة عن التوافق الآني مع اطراف المحاصصة الطائفية والقومية الذين هم لوحدهم يتحملون الازمة السياسية الخطيرة التي تمر بها البلاد , كما ان هناك قوى متغيرة المواقف في اللحظات الحرجة يبدوا وكأنها أسيرة لقوى كبيرة على قوى التيار تشخيص هذه القوى مسبقاَ وتحديد طريقة التعامل معها .
الخلاصة والاستنتاج :
1- في هذه المقالة اني لا ادعوا الى الوحدة الفكرية والتنظيمية والسياسية لقوى اليسار لأن مستلزماتها غير جاهزة في الوقت الحاضر .
2- ولا أشترط ان يكون هناك تنسيق واحد يسري على التيار الديمقراطي وقوى اليسار في آن واحد , وهذا ممكن تحويلة الى واقع بعد انجاز مرحلة التنسيق الاولى وترسيخ وحدة العمل والممارسة العملية , كما انه يحتاج الى حوار صعب مع بعض قوى اليسار وشخصياته لأختلاف الرؤى والتوجهات .
3- ان الخيار الامثل لوحدة العمل والنشاط المشترك هو يتمثل بتبني الصيغة التنسيقية العملية بين اطراف قوى اليسار وهي الاسهل للتطبيق , ويكون التنسيق العملي على سبيل المثال على القواسم المشتركة في النشاطات الجماهيرية المشتركة التي تحمل شعارات موحدة وفي قضايا العمل النقابي والمطلبي والخدمي وحتى الثقافي والمطالبة بالحقوق والحريات والدفاع عن مبدأ المواطنة والمساواة, والدفاع عن الوحدة الوطنية وانهاء نظام المحاصصة الطائفية والقومية وتبني حقوق الانسان .... الخ .
4- ارى ان المشروع ذات البعد الاستراتيجي المنتظر في المرحلة التالية هو بناء قطب يساري ديمقراطي لأنجاز المهام الديمقراطي التي ينتظر الشعب تحقيقها , بعد ان يتمكن هذا القطب من الاشتراك في الانتخابات البرلمانية القادمة بقائمة موحدة وتحقيق نجاحات متميزة .
5-8-2012
 

77
صور مُشرقة من المؤتمر التاسع
للحزب الشيوعي العراقي

(2)
فلاح علي
الصورة الثانية
تركيبة المؤتمر :
حضر الى قاعة المؤتمر مندوبات ومندوبي المنظمات الحزبية التي تتمثل في عضويتها اعضاء من مختلف قوميات وأديان شعبنا العراقي , ومن مختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية وبالذات الطبقة العاملة العراقية , كانت هذه تركيبة المؤتمر التي شكلت بحق اللوحة الجميلة النادرة المثال على ارض الواقع لحقيقة طبيعة بناء الحزب الشيوعي العراقي . وجسدت هذه التركيبة في قاعة المؤتمر الخريطة الطبيعية للعراق وشعبة المتميز بالتنوع القومي والديني وبتعدد فئاتة وطبقاتة الاجتماعية . وكانت احد عناصر هذه التركيبة الجميلة المتعددة الالوان هو ذلك الحضورالمتميز لتلك البراعم المندفعة الواعدة في ربيعها الشيوعي المتمثلة في عنصر الشباب من كلا الجنسيين . أن تركيبة المؤتمر بهذه الصورة الحقيقية لواقع الشعب العراقي , تؤكد ان حزب فهد وسلام عادل هو حقاَ حزباَ للشعب العراقي وليس حزباَ لطائفة او قومية او طبقة اوفئة اجتماعية , وبهذا فأن واقع تمثيل المندوبات والمندوبيين في المؤتمر أكد ان الحزب لا يماثلة اي حزب او كتلة كبيرة في العراق , وهذا يؤكد على حقيقة ان الحزب الشيوعي العراقي يمثل بحق جسد العراق أطرافة تمتد من زاخو الى البصرة وعلى طول البلاد وعرضها . ان هذه التركيبة الوطنية للمؤتمرالعابرة للطوائف والقوميات والاديان , تؤكد ايضاَ ان الحزب الشيوعي العراقي هو صمام الامان للوحدة الوطنية العراقية والضامن لمصالح الشعب والوطن , ولا بد من تبيان حقيقة ان هذه التركيبة الوطنية للمؤتمر مثلت العقل الجماعي للحزب . وهي التي رسمت سياسته الوطنية الديمقراطية الصائبة وحددت توجهاتة وأقرت وثائقة, ارى ان الاستنتاج الذي يمكن استخلاصة من هذه التركيبة النادرة المثال في العمل الحزبي والسياسي في العراق ان الحزب الشيوعي العراقي هو حزباَ للعراق وشعبة , وانه يمتلك الخزين الوطني لتأريخ ونضالات وتطلعات الشعب العراقي , ولديه عناصر قوة تتمثل في تمثيلة وتبنية لمصالح الشعب والوطن ولوحدته الوطنية , وهذه توفرامكانيات وقدرات للحزب  في خوض النشاطات الجماهيرية وتفعيل الحراك الجماهيري وفي التأثير السياسي في البلد , وأن التطبيقات العملية لنتائج المؤتمر ستؤكد صحة ذلك .
الصورة الثالثة
الحوارات وووجهات النظر وآليات حسمها :
المؤتمر التاسع للحزب لم يكن مؤتمراَ شكلياَ وانما كان مؤتمراَ نوعياَ تميزت فيه المشاركة الواسعة الفاعلة في اعمال المؤتمر وفي حواراته  من قبل ( العقل الجماعي في الحزب ) المتمثل في مندوبات ومندوبي المؤتمر , وأكد المؤتمر بحق ان السياسة الحزبية رسمت بطريقة ديمقراطية , والدور الحاسم في رسمها ووضع التوجهات والخطط والبرامج والآليات يعود الى القاعدة الحزبية وممثليها في المؤتمر وتجلى ذلك في :
1-ماميزالطروحات والحوارات النوعية بين الرفيقات والرفاق على وثائق المؤتمر , هي انها تحمل رؤى ووجهات نظر وتصورات منظمات الحزب ( في داخل الوطن وخارجة) التي تهدف الى تطوير عمل الحزب وتنامي دورة وحضورة وتأثيره السياسي , وما تم تبنيه منها في المؤتمر اصبح بحق يُشكل تجديداَ لفكر الحزب ولسياسته ونشاطة التنظيمي ولآليات عمله .
2- تمثلت هذه الحوارات في العديد من القضايا الجوهرية , منها الازمة السياسية الخطيرة في البلاد وتبني الآليات الديمقراطية لحلها, وحاجات الشعب اليومية , وغياب الخدمات وبناء الاقتصاد الوطني وتطوير الصناعة والزراعة والتخلص من الاقتصاد الريعي والحفاظ على الثروات الوطنية  , والتغيير الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية , اضافة الى جوانب الحقوق والحريات وقضايا اجتماعية وثقافية , والوضع العربي والدولي وازمة الراسمالية والحركة الشيوعية وحركة قوى اليسار وتناميها في العالم..... الخ هذا  بعض ماعكسته وثيقتي التقرير السياسي والبرنامج . كما ركزت الحوارات على وثيقة النظام الداخلي و السياسة الحزبية الداخلية منها مبادئ وقواعد بناء الحزب , وسيادة الديمقراطية في الحياة الحزبية وتطوير التنظيم وتوسيع قاعدته الجماهيرية والبحث عن آليات عمل جديدة, وتطوير العمل القيادي والميداني .
3- الحوارات والآراء والملاحظات التي طرحت على الوثائق , وما تضمنته الوثائق من قضايا جوهرية ورؤى وطنية ديمقراطية نابعة من الحاجات اليومية لواقع الشعب والوطن . أكدت على حصول تطور فكري في الحزب وهذا مؤشر لواقع التجديد في السياسة والفكر والتنظيم  .وان تنمية هذا التطور الفكري من وجهة نظري سيؤدي الى خلق مرتكزات صلبة ثابته لنهوض الحزب وتفعيل دوره وتأثيره في الحياة السياسية ,وهذا يرتكز ايضاَ على التطبيقات الميدانية العملية لنتائج المؤتمر وما يفرزه النشاط اليومي لمنظمات الحزب وقيادته من تراكم في المبادرة والابداع في مجمل النشاطات العملية .
4- أكدت هذه الحوارات على تطور في آليات أدارة الصراع الفكري .
5- لاسيما ان هذا الصراع او الخلاف في وجهات النظر حُسم بطريقة ديمقراطية , حيث طرحت في تقارير الورش الخمسة عدد من النقاط والقضايا المختلف عليها , وفسح المجال لرفيق او رفيقه من المندوبيين للحديث الى جانب الرأي او المقترح او الفكرة ورفيق آخر يتحدث ضد , وبعد ذلك خضع للتصويت بطريقة ديمقراطية , والرأي او المقترح او الفكرة التي حصلت على الاغلبية تم اعتمادها في المؤتمر , هذه كانت بحق ترجمة عملية للديمقراطية الحزبية .
6- كان لهذه الآلية الديمقراطية في ادارة الحوارات بين الرفيقات والرفاق دوراَ مهماَ في نجاح اعمال المؤتمر , كما انها من وجهة نظري كان لها أثر ايجابي في تنمية وعي المندوبين الجدد الى المؤتمر وبالذات الشباب منهم من كلا الجنسيين . وعلى سبيل المثال شهدت قاعة المؤتمر حوارات غنية جداَ من حيث مضمونها ومحتواها السياسي والفكري في عدد من القضايا منها شعار المؤتمر , وكوتا الشباب والنساء , ولجنة التنظيم والرقابة المركزية , وعدد الدورات في قيادة الحزب , والوحدة العربية او الاتحاد العربي , وحول الفيدرالية والادارة اللامركزية للمحافظات , وحول التطور الاقتصادي والقطاع العام ..... الخ , شارك الرفاق والرفيقات مندوبي المؤتمر في هذه الحوارات ,وبعضها شارك فيها عضويين من المكتب السياسي أحدهما يتحدث مع والآخر ضد , عكست هذه الحوارات ليس فقط على تطور فكري وانما على ترسيخ الديمقراطية في الحياة الداخلية للحزب .
7- الوقت الأكبر لهذه الحوارات كان للرفيقات والرفاق المندوبين سواء في قاعة المؤتمراو في الورش ايضاَ , اما  سكرتير الحزب او اي رفيق من قيادته لم يعطى لهم وقتاَ اضافياَ أو متميزاَ عن المندوبات والمندوبيين , اي لم يأخذوا من وقت المؤتمروحصلت حالات كانت ضرورية خلال ايام المؤتمر حيث طلبت هيئة رئاسة المؤتمر من سكرتير الحزب و بعض الرفاق مسؤولي الورش وبعض الاختصاصات بتقديم توضيح موجز لدقائق محدودة .
الصورة الرابعة
الثغرات والمعوقات والبحث عن سبل تطوير عمل الحزب :
من ضمن ما تضمنته مسودات الوثائق الخمسة المقدمة الى المؤتمرمن قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وعربية ودولية ..... الخ . لكن الوثائق تضمنت أيضاَ فضايا جوهرية وهي الوقوف أمام المعوقات والثغرات والصعوبات الذاتية والموضوعية التي لا تزال تشكل عائق امام تطور تنظيم الحزب وتنامي نشاطاتة ,وسبل معالجتها من اجل توسيع قاعدته الجماهيرية وتعزيز دورة في الحياة السياسية . وهذا هو الطبيعي في مؤتمرات الحزب الشيوعي العراقي هو البحث في الصعوبات والمعوقات ووضع حلول عملية لها , وهذا ما تضمنه التقرير الانجازي في الوقوف امام الثغرات الذاتية . اضافة لما تضمنته الوثائق من مقترحات وحلول .طُرحت في المؤتمرأفكار وتصورات ورؤى اضافية بروح نقدية من قبل المندوبات والمندبويين ,وهذا ساعد على خروج المؤتمر بمجموعة من الاستنتاجات مع العمل على تهيئة مستلزمات تطبيقها ومنها على سبيل المثال :
1- تفعيل النشاطات الجماهيرية , وتوسيع مشاركة الناس في هذه النشاطات السياسية الجماهيرية سواء كانت مطلبية اقتصادية وتوفير الخدمات وقضايا سياسية ومنها الحقوق والحريات واصلاح العملية السياسية ديمقراطياَ .
3- تطوير اعلام الحزب وأهمية وضع سياسة اعلامية تتلائم مع توجهات الحزب وحاجات تطور نضاله وتنوع مهامه , مع تشخيص الثغرات والصعوبات و جرى التأكيد على تطوير الخطاب السياسي للحزب مع وضوحة ورصد مزاج الجماهير .
4- تناول المؤتمر الوضع الفكري ووضعت رؤى وخطوات لتطوير الجانب الفكري  في الحزب .
5- تم تناول الوضع التنظيمي ووضعت تصورات ورؤى في السياسة التنظيمية .
6- وضع المؤتمرتصورات لآليات عمل جديدة لتطوير نشاط الحزب مع اطلاق المبادرات وتعميم التجارب الناجحة , وما تؤكدة التجربة العملية ان الاحزاب الشيوعية بحكم ما لديها من مهام  متنوعة ذات ابعاد وطنية وديمقراطية واستراتيجية فأنها بحاجة دائمة الى ملامسة واقع الحياة اليومية للشعب وللحياة السياسية في البلاد والمنطقة والعالم وتطور حاجاتها , فأن هذه الاحزاب أكثر من غيرها تبحث في الواقع الداخلي والخارجي ليمكنها من تطوير سياساتها وفكرها مع تبني توجهات من الواقع ومتغيراته واكتشاف  آليات عمل ذات قدرات ديناميكية تسهم في تطويرعمل الحزب ونشاطة وتأثيره الجاهيري والسياسي والفكري في البلد .
6- أكد المؤتمرون على تبني تاكتيكات مرنة ومتجددة ومتطورة , تنطلق من حاجات الواقع السياسي ومن مصالح الشعب والوطن والحزب .
7- فيما يخص التحالفات لم يطرح في المؤتمر الا تحالف واحد ديمقراطي هو التيار الديمقراطي , والتوجه الجاد لتطويرة وتفعيل دوره وتأثيرة وزيادة حجم المشاركة الشعبية فيه , ليكون قادر على خوض الانتخابات البرلمانية القادمة .
8- طرحت رؤى وأفكار حول وحدة العمل المشترك مع قوى اليسار , وحصلت نقاشات حولها وجرى التأكيد على اهمية النشاط الميداني المشترك لقوى اليسار والديمقراطية , و توقف التقرير السياسي عند هذه الوجهة , وأهتم البرنامج الفكري المركزي الذي أعد بعد المؤتمر بهذه الموضوعة وطالب باعداد دراسات حول امكانية اقامة وحدة لليسار في اطر محلية او جهوية او عالمية , ووضع تصورات مع طرح تساؤلات هل يمكن صياغة استراتيجية بهذا الخصوص ؟, ماهي معوقات انبثاق هذا البديل وما هي امكانياته ؟ ان هذه الوجهة تؤكد بحق ان هنالك تطور فكري ونظري يؤكد على قناعة الحزب بتعدد قوى اليسار ومنابرها الاعلامية والفكرية والسياسية والتنظيمية .
9- ما ميز المؤتمر ايضاَ هو ذلك الحماس والحرص والاندفاع الواعي من قبل المندوبات والمندوبيين على تطور الحزب ونشاطة وتفعيل دوره , وهذا يؤكد على وجود تحدي واصرار شيوعي على تطبيق توجهات ونتائج المؤتمرعلى ارض الواقع .
10- أخيراَ ان الحقيقة هي ناطقة دائماَ وان الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال , وهي ان رسم سياسة الحزب الشيوعي العراقي ووضع تاكتيكاته , لا تخضع او تقرر على ضوء تصريح لرفيق قيادي في الحزب او رأي هيئة قيادية  , التجربة العملية تؤكد منذ المؤتمر الخامس والى الآن , ان الحزب الشيوعي العراقي دون غيره من الاحزاب العراقية يتميزعنها بأن الدور الحاسم في آلية عمله يعود للقاعدة الحزبية المتمثلة في منظمات الحزب المنتشره في مساحة جغرافية واسعة في داخل الوطن وخارجة , والتي تمثل العقل الجماعي للحزب , هي التي ترسم السياسة وهي التي توافق على  تبني التحالفات . ان هذه الحقيقة الساطعة والصورة الديمقراطية المُشرقة تجلت في المؤتمر التاسع  , وستبقى آلية ديمقراطية مستمرة كما هي عليه والى المؤتمر العاشر للحزب .
20-7-2012
 
 


78
صورمُشرقة من المؤتمر التاسع
للحزب الشيوعي العراقي

(1)
فلاح علي
الصورة الاولى :
العلاقة بين رفيقات ورفاق الداخل والخارج  :
يتميز الحزب الشيوعي العراقي عن غيرة من الاحزاب بسعة الرقعة الجغرافية لتنظيماته الحزبية  خارج الوطن, حيث تمتد تنظيماته في غالبية بلدان العالم , وهذه الميزة أصبحت عنصر من عناصر القوة التي يمتلكها الحزب , والتي تساعدة على انجاز مهامة , ويتجلى عنصر القوة الرافدة للحزب من المهام التي تقوم بها هذه المنظمات وهي :
1- العلاقات الواسعة لهذه المنظمات مع الاحزاب الشيوعية واليسارية والاشتراكية الديمقراطية ومنظمات حقوق الانسان اضافة الى البرلمانات وغيرها من المؤسسات في البلدان التي تعمل فيها , ساعدت هذه العلاقة منظمات الحزب في امتلاك امكانيات وقدرة في اداء النشاطات في مساحة واسعة من بلدان العالم والتحرك في اتجاهات عديدة منها تفعيل التضامن الاممي مع الشعب العراقي منذ فترة النضال ضد الدكتاتورية الى الآن , والتضامن مع الحزب وقوى اليسار والديمقراطية في العراق ودعم واسناد نضالها من اجل اقامة النظام الديمقراطي  وتعزيز مؤسساته الديمقراطية .
2- تقدم منظمات الخارج الدعم المالي للحزب , من خلال حملات جمع التبرعات من اصدقاء وجماهير الحزب ومن دفع بدلات الاشتراك .
3- النشاط الاعلامي الواضح والمتميز الذي تقوم به هذه المنظمات .
4- النشاطات السياسية والجماهيرية والثقافية والاجتماعية في داخل كل بلد , حيث توجد جاليات كبيرة في عدد غير قليل من البلدان التي تعمل فيها هذه المنظمات , اضافة الى علاقة هذه المنظمات مع القوى السياسية العراقية ومع المنظمات والجمعيات والنوادي الاجتماعية, هذه النشاطات خلقت امكانيات تراكمية أكدت على حيوية هذه المنظمات في خارج الوطن .
5- دعم نضال الحزب في الداخل , وهذا الدعم تجلى في صور عملية كثيرة وملموسة .
هذه المهام وغيرها التي تقوم بها منظمات الخارج وسعة انتشارها في غالبية بلدان العالم , تؤشر ليس فقط الى ان الحزب يمتلك العديد من عناصر القوة , وانما يؤشر ايضاَ الى تأثيره السياسي وامتداده الى مساحات و في مناطق واسعة اينما توجد جماهير وجاليات عراقية , من هذا فأن هذه المنظمات في خارج الوطن تشكل روافد للحزب تصب في نهرة العظيم وهذه هي طبيعة شكل تنظيم الحزب.
حال سقوط النظام الدكتاتوري توجه الكثير من رفيقات ورفاق الحزب الى داخل الوطن وساهموا بأعادة تنظيمات الحزب , واستشهد عدد غير قليل من هؤلاء الرفاق والاسماء كثيرة , بعض من هؤلاء الرفيقات والرفاق استقروا في الوطن , والبعض الآخر عاد الى الخارج ارتباطاَ بألتزامات عائلية والتزامات عمل , لكن الكثير منهم لم يقطع زياراته وتواجده لفترات محددة في الوطن .
مالذي حصل بعد عام 2005 وبداية عام 2006 واستمر لفترة طويلة :
اشيع مفهوم رفاق الداخل والخارج ( بعكس المفهوم الذي كان مستخدماَ وهو تنظيمات الداخل والخارج) في داخل كيان الحزب الشيوعي العراقي , كما ظهر مفهوم مثقفي الداخل والخارج ( اني لا اتناول في هذه المقالة موضوع مثقفي الداخل والخارج ولكن اشرت له اشارة رغم ان له امتدادات ابعد يمتد الى فترة وجود النظام الدكتاتوري) .ولكن ما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على العلاقة بين تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي , وعلى آليات العمل . في النظر للموضوع من زاوية التسمية تنظيمات الداخل والخارج فأنها حالة طبيعية لوجود منظمات تعمل في منطقتيين جغرافيتيين مختلفتين , ولكن منذ عام 2006 بعد تدهور الوضع الامني في العراق وغياب السلم الاهلي , توقف عدد غير قليل من رفيقات و رفاق الخارج بالتوجه للوطن وحتى اصدقاء وجماهير الحزب وقوى يسارية وديمقراطية , ارتباطاَ بحالة الفلتان الامني , هذا الوضع الامني أضعف التفاعل والعلاقات الميدانية بين رفاق الداخل والخارج , ولكن في الوقت الذي بقيت مهام منظمات الخارج تتطور بأتجاه دعم الداخل , ورغم ذلك تسربت الى خارج الوطن اشاعات سلبية ومنها على سبيل المثال ان رفاق الخارج لم يقدموا شيئ ملموس للحزب لانهم خارج الوطن , هنا بدأ يتسائل الكثير من الرفيقات ورفاق الخارج وبالذات الانصار منهم الذين تركوا الخارج وعادوا وحملوا السلاح في ظروف النضال المسلح ضد الدكتاتورية وبعضهم توجه الى عمق الوطن للعمل السري لاعادة بناء تنظيمات الحزب واستشهد المئات من هؤلاء الابطال , هذا ولد شعور لدى عدد غير قليل من الرفيقات والرفاق في الخارج انهم منسيون وان نضالهم همش وهمش دورهم , وكأنه طويت صفحة تأريخهم المجيد المشرق في صفوف الحزب الشيوعي العراقي , كما وصل لرفاق الخارج تسريبات ان رفاق الداخل يصيبهم الاستفزاز وعدم الارتياح والهلع من وصول عدد من رفيقات ورفاق الخارج للمساهمة في نشاطات حزبية في الداخل خلال فترة تواجدهم ,  كما برر هؤلاء الرفاق السبب هو ان رفاق الداخل يخشون المنافسة على مواقعهم , البعض طرح هذا الرأي في كونفرنسات خارج الوطن, رغم اني لا اتفق مع هذا الرأي لسببين الأول هو ان رفاق الخارج يذهبوا للمعايشة لبضعة أشهر, والسبب الثاني هو ان المنافسة على المواقع الحزبية تخضع لآليات ديمقراطية , ( الا في حالات نادرة يكون فيها تنسيب مؤقت).
أين يكمن الخلل :
ان الحالة التي تم الاشارة اليها في وجود شائبة في العلاقة لم يجري الاهتمام بها ولم تدرس حزبياَ لاجل تأكيد عدم صحتها ولمعالجة اسباب انتشارها , ووضع آليات عمل جديدة ورؤية جديدة تقلل من تأثير وانتشار الحالة ولم يجري تناولها من الجانب الفكري وتقليل آثارها السلبية والتثقيف بميزة الحزب الشيوعي العراقي بأمتلاكة تنظيمات في مناطق جغرافية متنوعة وواسعة الانتشار , كما ان شكل تنظيم الخارج السابق لم يتمكن من معالجة انتشار هذه الحالة بين رفيقات ورفاق منظمات الخارج .
لكن الصورة الحقيقية الجميلة المشرقة المستقبلية ظهرت في المؤتمر التاسع :
اجاب المؤتمر بالملموس على هذا الاشكال الذي كان شائعاَ وحسمة, حيث للمرة الاولى بعد عدة سنوات التحم هذا العدد الكبير من رفيقات ورفاق منظمات الداخل والخارج , في فعالية حزبية هامة ستكون لها نتائج مستقبلية, وإني في الطريق الى شقلاوة كان في ذهني مهمة أخرى وهي رصد ومعاينة هذه الحالة والبحث والتدقيق العملي على ارض الواقع في حيثياتها واسبابها , الخطوة الاولى التي وضعتها هي الرصد والمعاينة فقط حول العلاقة والدراسة حول اسبابها سيكون لاحقاَ ان وجدت على ارض الواقع .كان اليوم الاول الذي سبق المؤتمر يوم توافد المندوبين من الداخل والخارج , في الساعات الاولى من الوصول , كانت جميلة رائعة لا تنسى وهي اللقاء بالرفيقات والرفاق , تعرفت على رفاق منظمة البصرة ثم العمارة والحلة وكربلاء والمثنى والموصل وكركوك ومندوبي الحزب الشيوعي الكردستاني وغالبية المحافظات , كان اسقبالاَ ولقائاَ حاراَ نادراَ حميمياَ صادقا ولم يكن بروتوكولياَ ,َ وحصلت عدة لقاءات و جلسات عفوية اجتماعية بين مندوبي ومندوبات منظمات الخارج والداخل هذه الجلسات واللقاءات والحوارات والمواقف في المؤتمر كانت بحق قد جسدت حقيقة واقع العلاقة العضوية التي لاتنفصم . وهذا ما عبرعنه رفاق الداخل من حب واعتزاز لرفاقهم في الخارج لما قدموه من نضال وتضحيات خلال فترة النضال ضد الدكتاتورية وسقوط العديد من الشهداء في فترة الكفاح المسلح الذي كان لرفاق الخارج دور اساسي فيها منذ الايام الاولى لانبثاقها الى نهايتها , واستذكر عدد من رفاق الداخل رفاقهم الذين قدموا من الخارج واستشهدوا في ظروف العمل السري , بحق ان التجربة المشرقة لقوات الانصار كانت هي احد المرتكزات الاساسية للتلاحم الوثيق والفاعل بين رفاق الداخل والخارج , كما اشار رفاق الداخل الى الدور البارز الذي تقوم به تنظيمات الخارج من حملات تضامنية سياسية واعلامية واممية مع شعبنا والقوى الديمقراطية واليسارية في الداخل ولما تقدمة هذه المنظمات من دعم ملموس للحزب . وكانت هناك العديد من الاسئلة من قبل رفاق الخارج لامست واقع نضال رفاق الداخل استفسروا عن ظروف عملهم والصعوبات والمعوقات التي تواجههم في ظل الاوضاع الغير طبيعية وقلة الامكانيات مع الانفلات الامني, وكانت اجاباتهم مفرحة بحق حيث في ظل هذه الظروف , ان تنظيماتهم في توسع وان نشاطاتهم المتنوعة في تنامي , وان بعض تجاربهم الناجحة في مناطقهم أوجدت لهم مرتكزات صلبة لتطور تنظيماتهم ونشاطاتهم , عايشت حقيقة العلاقة بالملموس خلال أيام أعمال المؤتمر الوطني التاسع  , وتجلت هذه الحقيقة في اليوم الثالث لاعمال المؤتمر في نقطة جدول العمل ( انتخاب اللجنة المركزية ) . حيث رشح عدد من رفيقات ورفاق الخارج الى عضوية اللجنة المركزية وفازوا في الجولة الاولى من الانتخابات , بعضهم يمتلك قدرات تنظيمية وفكرية وتجربة , والبعض الآخر رشح لاول مرة وفاز , كل رفيقة ورفيق وقف امام المندوبين للتعريف عن نفسه وعن تأريخة السياسي والمحطات النضالية التي مر فيها خلال حياته الحزبية , كل مندوبات و مندوبي المؤتمر كانوا يستمعوا بأنصات ويركزوا بدقة للتعرف عن قرب عن كل رفيقة ورفيق رشح لعضوية اللجنة المركزية , هناك بضعة كلمات قالها بعض الرفيقات والرفاق رغم انهم رشحوا للمرة الاولى , كان لهذه الكلمات صدى وتأثير ووقع في قاعة المؤتمر وهي بالنص ( لقد لبيت نداء الحزب في عام ........ وإلتحقت في قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي) . هذه الكلمات المعدودة شكلت بحق رصيد ورأسمال نضالي ثابت للرفيق او الرفيقة في قاعة المؤتمر, وكأن الكلمات تقول هذه هي هويتي النضالية لتشرفي بحمل عضوية الحزب , كماأكدت على العطاء الملموس لهذا الرفيق أو الرفيقة وعظم نكران ذاتهم وتضحياتهم من اجل الحزب والشعب والوطن , وبهذا أكدت العملية الانتخابية على تطور في الوعي الانتخابي , وعدم التمييز بين رفاق تنظيمات الداخل والخارج , اني أشرت لهذا المثال رغم خصوصيته لأعكس الصورة الحقيقية الجميلة من الواقع الملموس , وخرجت بأستنتاج ( ان العلاقة لا يشوبها شائبة ) . وبعد المؤتمر إلتقيت بعدد من الرفاق في الداخل , أكدوا بالملموس عدم وجود شائبة في العلاقة , ويكنون كل التقدير لرفاق الخارج  ,وللرفيقات والرفاق الانصار الذين سطروا ملاحم تأريخية خالدة .
الأستنتاجات :
المؤتمرالوطني التاسع كان ناجحاَ ونتائجة ستنعكس لاحقاَ ايجاباَ على تطورعمل الحزب  , ووضع المؤتمر حلول لبعض الاشكالات وأجاب على عدد من التساؤلات المطروحة , ومنها إشكال العلاقة وان ما دار في المؤتمر أكد عدم وجود اخلال أو شائبة في العلاقة , وبلا شك ان الوضع الفكري وتطويرة على صعيد العضو او المنظمة له أثر كبير وعظيم في ذلك , وآليات العمل والاستراتيجية الواضحة في الجانب التنظيمي لها أثر كبير في هذا التفاعل وفي توظيف الطاقات والامكانيات , لغرض تطوير مجمل مفاصل العمل , وان الحزب بخير ولديه رفيقات ورفاق يقتحمون الصعاب ويذللونها ويطوعونها ويوظفونها لخدمة نضالهم , ان هذا الجهد المتفاني الملموس لرفيقات ورفاق الحزب في داخل الوطن وخارجة سيسهم في استعادة الدور السياسي التأريخي للحزب وتأثيرة .
( يتبع)
5-7-2012
 
 


79
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(11)
فلاح علي
غالبية الانصار الذين تسربوا من المعسكر راودهم شعور يوحي بأنهم امتلكوا شيئ كانوا قد فقدوه منذ سنتان حال دخولهم الى ايران كلاجئين مؤقتين الا وهو الحرية , ومع هذا الشعور هناك احساس آخر مر به كل نصير خرج من المعسكر . يتمثل في قناعته انه مهما ستكون الصعوبات القادمة فأن حريتنا سنحافظ عليها ولا توجد قوة تستطيع انتزاع الحرية منا , هذا هو الوعي بضرورة الحرية للانسان والشعوب , ومع هذا فان للحرية ثمن لهذا فكر نزلاء السجون من المناضلين في تحطيم اسوار السجن وحصلت حالات عديدة فردية وجماعية للهروب من السجن  , وانتفاضات الشعوب التي تستهدف واستهدفت اسقاط الانظمة الدكتاتورية رافقها تقديم التضحيات الجسام من اجل نيل حريتها ويبقى الاهم هو الحفاظ على الحرية ,  فكان تسربنا من المعسكر هي خطوة جريئة لنيل حريتنا .
فترة البقاء في طهران :
حال وصولنا الى طهران والالتقاء بالرفيقين ابو هندرين وابو رياض  , ذهبنا الى مطعم لتناول وجبة الغذاء , ودار حديث حول المرحلة القادمة وشعرت ان الرفيقين قد راودهم شعور بالفرح والاعتزاز بأنه تم انجاز المهمة بنجاح ,رغم صعوباتها والمخاطر المترتبه عليها في حالة فشلها . وشعرنا جميعاَ بالاعتزاز بقدرات الرفاق وتظافر جهودهم في انجاح المهمة , حال الانتهاء من وجبة الغذاء وتناول الشاي  خاطبني الرفيق ابو هندرين قائلاَ رفيق هناك عدد من الرفاق بحاجة الى صلة مؤقته وسيكونوا معك , لغاية انجاز مهمة خروجهم , بعدها توجهت للسكن في احد احياء  طهران وفي غرفة حصل عليها الرفيق ابو رياض , وذهبت والرفيق ابو رياض الى المنطقة ووصلنا الى الشارع الذي تقع فيه الغرفة وبعد ان طرق الباب سمعنا صوت امرأة كبيرة في السن تتحدث بلهجة ايرانية وطلبت منا الدخول وحال دخولنا اشارت الينا بالذهاب نحو السطح , وكانت تقع الغرفة في الطابق الثاني , لا يوجد في الغرفة فراش ولا بطانيات ولا اي شيئ فقط زولية قديمة خفيفة وصغيرة وشولة لعمل الشاي , وسلمتني العجوزه مفتاح الباب الرئيس وخرجنا وبعد فترة من التجوال في المنطقة افترقنا وعدت الى الغرفة , وكانت هناك مشكلة النوم حيث لا مخدة ولافراش ولا غطاء , وكنت حينها احمل في حقيبتي البشتين واصبح بديل عن المخدة , ولا توجد ملحفة او بطانية , في اليوم التالي خرجت لموعد مع الرفيق ابو هندرين وبتنسيق مسبق اتصلت بعدد من الرفاق منهم الرفيق ابو علي من تنظيم السليمانية الذي بقية في معسكر كرج ورفاق يسكنون في منطقة اسمها طاووس والرفيق هندرين بيرس كان يسكن مع اقاربه بجانب ساحة انقلاب في وسط طهران  في اللقاء الاول مع الرفيق ابو علي وكان قد مضى اربعة ايام على خروجنا من المعسكر , اكد انه بعد خروجنا حصل استنفارمن قبل الادارة ورأت الادارة في عملية خروجكم انها تعد خروج منظم و قررت معرفة خيوط هذه العملية , في اليوم الثاني من خروجكم ذهب المحقق قاسمي مع مجموعة من حراس المعسكر وبرفقة عراقيين داخل المعسكر للتعرف  لغرض التعرف على بعضكم وبقوا عدة ساعات في ساحةآزادي لعله يتعرفوا على واحد منكم , وذهب كل محقق مع حرس وبصحبة بعض العراقيين الى عدد من كَراجات السيارات المتوجهه للمدن للتعرف عليكم , واصبحت عملية خروجكم هي حديث المعسكر , وغالبية العراقيين تفاجئوا بطريقة خروجكم , وطلب الحذر واليقضة والانتباه واخذ ذلك بالحسبان , كانت لقائاتي بالرفيق ابو علي اسبوعية وكذا مع بقية الرفاق , كانت فترة بقائي بالغرفة صعبه , حيث اذا عملت شاي تقول لي العجوزة لقد خلصت النفط , اضطررت ان اشتري لها تنكة نفط و عندها توقفت من متابعتي لعمل الشاي , يوجد حمام في الطابق الاول ولكن صعب استعارة الحمام , وعليه ان اجد حمام في المنطقة لغرض الاستحمام , واستعنت بالرفيق ابو رياض وكان يعرف بمكان الحمام وتمكنت بعدها من الاستحمام.
اللقاء المفاجئ بالرفيق ابو آمال :
كنت قد علمت مسبقاَ ان الرفيق ابو آمال لم يغادر طهران بعد ان غادر جميع الرفاق منها , حيث تمكن الرفيق ابو آمال من اختيار شريكة حياته , فأقدم على خطوبة  فتاة من عائلة عراقية محترمة لها مكانتها الاجتماعية ومعروفة في العراق , وقد هُجرت الى ايران وبهذا تمكن الرفيق ابو آمال من الفوز بالحصول على شريكة حياته . كنت اتجول في المنطقة واذا بالرفيق ابو آمال يتجول فيها ايضاَ , وبعد فراق طويل تعانقنا بحرارة الانصار وجلسنا في المقى نستعيد ذكريات زيوه والخوي واستذكرنا الرفاق والايام الصعبه التي عشناها , وتحدثنا عن عملية الخروج من كرج  وكان على علم بكثير من التفاصيل, وقال انه  سمع من الرفاق اني اسكن في هذه المنطقة وهو يعرف الغرفة اعتقد كان يسكن فيها , قدمت له التهاني بمناسبة الخطوبة وعبرت له عن فرحي الكبير, وكان يتهيئ لتوفير مستلزمات الزواج , كان لقاءَ نادراَ في تلك الظروف حيث تحدثنا لاكثر من ساعتين , وكان يؤكد على الانتباه والحذر وتعانقنا ثانية وافترقنا .
محاولة إلقاء القبض :
اعتقد في الاسبوع الثالث من تواجدي في طهران وفي احد الايام عصراً كنت في لقاء مع الرفيق ابو علي القادم من كرج , وكان تحذير الرفيق في هذه المرة غير طبيعي , حيث اكد عن عملية البحث قد توسعت , ولجأت الادارة الى تشكيل مجاميع من بعض العراقيين المقيمين في المعسكر , وترسل معهم افراد من حرس المعسكر , لغرض توسيع مناطق البحث حيث تخصص لهم اماكن ويذهبوا للتجوال فيها , وطمأنت الرفيق ان غالبية الرفاق قد خرجت من طهران . وبعد انتهاء اللقاء ودعت الرفيق وكان لديه موعد مع الرفيقين ابو هندرين وابو رياض في بارك مقابل جامعة طهران , كنت قد ترددت على هذا البارك الجميل عدة مرات , وكانت للبارك اربعة بيبان الباب الرئيسية تقابل جامعة طهران وثلاث بيبان تطل على شوارع فرعية , في البارك التقيت بالرفيقين وجلسنا على مصطبة لبعض الوقت , بعدها نهضنا لغرض التجوال , وكان بجنبنا داخل البارك محل صغير لبيع الصحف والمشروبات الغازية والسيكَاير توقف الرفيق ابو هندرين لشراء شيئ ما , وفي هذه اللحظة نظرت الى الباب الفرعية المقابلة لنا واذا بدخول ثلاث اشخاص في الوسط كان شخص مدني وبجانبية رجليين طويلي القامة وملتحيين وبملابس عسكرية , فتذكرت حينها تحذيرات الرفيق ابو علي , وعلى الفور قلت للرفيقين سأترككم ولا تتبعوني وعليه ان انتبه لهؤلاء الثلاثة , وكانت المسافة حوالي 100 متر , وعليه السير بأتجاههم حوالي 8 امتار لكي اتمكن من الانعطاف نحو اليمين للتوجه نحو الباب الخلفية , واصبحنا وجهاَ لوجه وكانت المسافة بيننا حوالي 40 متر وشخصت الذي كان في الوسط وهو النقيب خالد الذي حكم عليه بالجلد في معسكر كرج , يبدوا تم جلبه بالقوة لانه يعرفنا وكنا قد تحاورنا معه  في حينها لم اشاهد حركة منه انه أشر لهم عليه , لا أعرف هل تحدث بلسانه فقط لااعرف بالضبط , في هذه اللحظة استدرت نحو الباب الخلفية , وحال خروجي وبألتفاته سريعة شاهدتهم اصبحوا قريبين من الباب التي خرجت منها, وتمكنت بفترة قصيرة جداَ وبحركة سريعة اشبه بالركض من الاختفاء عن انظارهم , ويصعب عليهم اللحاق بيه الا اذا كانت معهم سياره وبهذا يتطلب منهم العودة للسيارة لملاحقتي  , وبسرعة وصلت الى شارع الجمهورية الذي يبعد عن البارك مسافة غير قليلة ومن هناك أخذت تاكسي الى الغرفة . في اليوم الثاني زارني الرفيق ابو رياض الى الغرفة قبل خروجي منها , وذهبنا في سفرة في بعض مناطق طهران الجميلة وقضينا نهاراَ كاملاَ وفي لقاء آخر مع الرفاق اقترح عليه السكن مع عائلة الرفيق ابو كمال , وذهبت بصحبة الرفيق ابو كمال للسكن مع عائلته , في بيت شقيقته وزوجها واولادهم , وحال دخولي مع الرفيق ابو كمال الى البيت شعرت كأني مع عائلتي , حيث عاملوني واحداَ منهم وكانت عائلة كريمة ومحترمة , سأبقى اكن لهم كل التقدير والاحترام على حسن تعاملهم وكرم ضيافتهم ورقي اخلاقهم  وقضيت معهم فترة ما بين اسبوع الى عشرة ايام , في مساء احد الايام طلب الرفيق ابو كمال ان نقوم بزيارة لاحد  معارفه  وصدفه كان موجود الرفيق ابو كاوا , وكانت سهره جميلة حيث قدم لنا صاحب الدار زهير العصير الابيض ونسينا همومنا حينها وخضنا حوارات متنوعه  وبقينا الى وقت متأخر من الليل وبتنا في بيت زهير في ذلك اليوم.
مغادرة طهران :
في هذه الفترة توفرت امكانية لمغادرة طهران  , وجاء دورنا لمغادرتها , وتهيئ الرفيقين ابو هندرين وابو رياض لمغادرتها ايضاَ بعد انهاء بعض الالتزامات, وجاء ايضاَ دور الرفيق ابو كمال لمغادرة طهران  , بلغت بمغادرة طهران وان يكون معي ثلاث رفاق آخرين وحدد لي اليوم والوقت والمكان لغرض الالتقاء باحد رفاق منظمة طهران , كان موعد اللقاء عصراَ , وفي ذلك اليوم صادف عاشوراء في ايران , وحسبت حساب للازدحام وخرجت قبل ساعتين ونصف من الموعد , وحاولت الحصول على تاكسي لم اتمكن حيث كان الشارع الرئيس مقطوع بسبب طول موكب العزاء وكثرة الازدحام , ووقفت على الرصيف انتظر مرور نهاية الموكب فلاحظت ليس له نهاية , وتنقلت الى عدة اماكن لعبور الشارع لم اتمكن وعليه الانتظار اكثر من ثلاث ساعات لينتهي موكب العزاء , وبهذا  سوف لن اتمكن من الوصول الى الموعد , ولكن بعد مرور ساعة ونصف حصلت على منفذ بسعة نصف متر , ما بين موكبين , وليس امامي الا المغامرة وعبور الشارع , وبسرعة خاطفة عبرت الشارع وحصلت على تاكسي ووصلت الى الموعد متأخر بخمسة دقائق وتجمع الرفاق الآخرين وذهبنا مع الرفيق القادم من منظمة طهران . بعد هذا اللقاء خرجنا من ايران وخلال ساعات محدودة وصلنا الى احدى الدول الاشتراكية سابقاَ , وكان شيئ لا يصدق في تلك الظروف الصعبة , تيقنا جميعاَ حينها ان للحزب الشيوعي العراقي امكانيات كبيرة جداَ , وهذه الامكانيات التي يتمتع بها الحزب في طريقة الخروج كأنها تضاهي امكانيات دولة .
ملاحظات  :
1- في سلسلة الحلقات هذه أشرت الى ظروف حياتنا الصعبه في ايران منذ دخولها بعد عمليات الانفال في عام 1988الى خروجنا منها , كما أشرت الى طريقة الخروج والتسرب من المعسكر , اما المرحلة الثانية الخروج من ايران الى احد الدول الاشتراكية, فأعتذر عن الحديث عنها لاني لم اكن مشارك فيها بشكل مباشر واساسي لذلك لا يحق لي الحديث عنها .
2- اعتذر لرفاقي الانصار وكل من تابع قراءة الحلقات هذه لاختزال الموضوع حيث هناك امكانية لان يمتد الى عدد أكثر من هذه الحلقات ال11 , لاسيما هناك مفارقات جميله وبعض الخصوصيات لم اشر اليها , فقررت اختزال الحلقات لألا تتحول الى رواية رغم اني لا اجيد كتابة الرواية .
الاستنتاجات :
1- في الغالب ان كثير من الناس لا تستطيع تقدير امكانيات الآخرين وقدرات تحملهم , وعادتاَ تبرز القدرات والامكانيات في المنعطفات والظروف الصعبة , وهذا ما جسده في الواقع نصيرات وانصار الحزب الشيوعي العراقي في تحملهم لاقسى الظروف سواء في كوردستان او في ايران , وبقوا في هذه الظروف القاهرة موحدين متماسكين اقوياء , ويتمتعون بقدرات كبيرة لمواجهة الصعاب مشدودين الى الحزب وفكره وثقتهم كبيره بالمستقبل , اعتقد ان ذلك كان سر صمودهم وبروز امكانياتهم في الظروف الصعبة وتجاوزوهم كل الصعوبات والمعوقات .وبلا شك ان صمود الاطفال في تلك الظروف هو امتداد لتربية وصمود الآباء , حيث كان كَلي مراني مقر الفوج الاول يضم اعداد كبيرة من الاطفال حيث اصبحوا بحق رمزاَ للبطولة في تحدي الصعاب وتقديم التضحيات حيث اعدم بعضهم من قبل النظام الدكتاتوري المقبور , ورافقنا الى ايران ثلاثة من الاطفال الذي صمدوا في تلك الظروف وهما ( الاسميين المستعاريين مشمش وسمسم ونداوي ) .
2- في ايران تعرفنا بشكل دقيق عن الامكانيات الكبيرة التي يتمتع بها الحزب ,ويمكن القول ان كل القوى العراقية التي كانت في ايران رغم الدعم الايراني لها آنذاك , وجدنا ان امكانياتها في العمل في الظروف الصعبة والقدرة على التحرك فيها لا تضاهي امكانيات الحزب الشيوعي العراقي .
3-الواقع العراقي اليوم يؤكد هذه الحقيقة , نرى رغم التهميش المتعمد الذي تعرض له الحزب من قبل كتل المحاصصة الطائفية والاثنية , ورغم الاستهداف الذي يتعرض له الحزب الآن من قبل سلطة نظام المحاصصة , الا ان الواقع العراقي يؤكد ان للحزب امكانيات كبيرة , تفوق امكانيات هذه القوى في التأثير في الشارع رغم وجود ها  في السلطة وامتلاكها للقوة العسكرية والمالية والاعلامية وهذا ما تدركه سلطة المحاصصة وكتلها .
4- قوة الحزب تكمن في خزينه الجماهيري , حيث لديه نفوذ جماهيري يصعب ان يظاهيه فيها اي من هذه الكتل المتنفذه المستقوية بالسلطة وامتلاكها لها , في المجتمع العراقي توجد الآن كتل بشرية كبيرة جداَ تمثل شرائح واسعة من طبقات وفئات المجتمع العراقي يصورها البعض انها في موقع المتفرج , ولكن في الحقيقة ان هذه الكتل البشرية التي تخشاها كتل المحاصصة الطائفية والاثنية هي رصيد مستقبلي للحزب , تنتظر هذه الكتل البشرية ان تسنح الفرصة المناسبة لها لتلتف حول الحزب .
5- ويمكن للحزب ان يسرع في التفاف هذه الكتل حوله , اذا تمكن في مؤتمره التاسع القادم , من وضع تاكتيكات جديدة , تتلائم والتطورات والتعقيدات الحالية في البلاد , واذا تمكن ايضاَ من صياغة خطاب سياسي جديد يتلائم والتحديات التي تواجهه وظروف الازمة في البلاد وتعقيداتها وتداخلاتها , وهناك مستلزمات اخرى يتطلب تظافر الجهود لتهيئتها منها تطوير التنظيم وامتلاك الاعلام الجماهيري , مع تبني سياسة اعلامية جديدة والتخلي عن الرتابه والميكانيكية في العمل الاعلامي , وهذه بمجموعها ستكون من عناصر القوة الاضافية للحزب التي تساعده على خوض النضالات الجماهيرية على جبهه اساسية ومهمه هي جبهة النضالات الاجتماعية والمطلبية , ليتهيئ بعدها لخوض المعركة الاهم  على جبهة جبهة النضالات السياسية وحتى الفكرية. ويكون من الهام جداَ في هذا الصراع القادم هو العمل على توسيع دائرة قوى التيار الديمقراطي , لانضمام كل قوى اليسار العراقي اليه مع منظمات المجتمع المدني ونقابات العمال , لحسم المعركة السياسة في الانتخابات القادمة , ان اعداء الشيوعية واعداء اليسار والديمقراطية , نقاط ضعفهم كثيرة منها ضعف قاعدتهم الاجتماعية , وهذا هو سر تخوفهم من الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية , وبوحدة العمل المشترك وتنسيق النشاطات بين هذه القوى سيتم تقويض القوى الظلامية والقوى المعادية لليسار والديمقراطية في السلطة والمجتمع من خلال كسب الصراع السلمي لصالحها .
2-5-2012 



80
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(10)
فلاح علي
بعد انتهاء الاجتماع الذي نوقشت فيه الوجهه الاولى للخطة والتي لم تحظى بأجماع من قبل الرفاق لعدم وضوحها وما تضمنته من نواقص وثغرات , عدنا الى المعسكر في اليوم التالي , وظل الموضوع في طي الكتمان وفي سرية تامة وكانت امورنا في المعسكر تسير بشكل طبيعي , والعلاقة مع الرفاق في طهران متواصلة , وعلمنا لاحقاَ انه تم اعلام الرفاق في قيادة الحزب من خلال مكتب الشام من قبل الرفيق ابو هندرين لوضعهم في الصورة والوصول الى راي نهائي .
الاجتماع الذي وضعت فيه الخطة :
بعد حوالي اسبوعيين من انتهاء الاجتماع تمت الدعوة لعقد اجتماع آخر , وفي هذا الاجتماع علمنا انه تم تعديل الوجهه الاولى , وتبني وجهه جديدة بأخراج جميع الرفاق . وبهذا فأن الاجتماع امام مهمة صعبة تتطلب وضع خطة لتسريب الرفاق من المعسكر , وتم مناقشة الموضوع من جوانب عدة وطرحت مجموعة افكار وخطوات عملية , ولكن الصيغة النهائية للخطة يتطلب موافقة منظمة طهران عليها لانه هناك التزامات لاستكمال تنفيذ الخطة يقوم بها رفاق منظمة طهران .
وتم الوصول الى الوجهه التالية :
الخطة تتضمن مرحلتين المرحلة الاولى تسريب الرفاق من المعسكر والمرحلة الثانية تبدأ من استلام الرفاق في طهران واخفائهم ومن ثم اخراجهم من ايران , ساتناول بالتفصيل المرحلة الاولى وما تضمنته من توجهات واجراءات تم وضعها لغرض تنفيذها شكلت بمجموعها خطة التسرب من المعسكر والتوحهات التنفيذية التي تم الاتفاق عليها هي : .
1- الحاجة الى مركزية للتنفيذ , وبهذا تم التوصل الى رأي بحل التنظيم , ويبلغ جميع الرفاق بأن تكون صلتهم مع رفيق واحد , تتم استلام التوجيهات منه , واي تبليع او توجيه لم يصدر من الرفيق المعني وبشكل مباشر لم يؤخذ به , واتخذ قرار في الاجتماع بأن يكون الرفيق المعني بالامر والذي ستكون الصلة المباشرة لجميع الرفاق به هو الرفيق كاتب هذه الاسطر , وينفذ هذا القرار لاحقاَ بعد ان يتم الاتفاق على الخطة مع منظمة طهران .
2- تتطلب الخطة التزام وضبط عالي  , مع الكتمان الشديد والدقة في التوجيه والالتزام بالموعد الذي يحدد للرفيق المعني بالخروج من المعسكر , مع الالتزام بالوقت الذي يحدد له للتواجد في مكان ما في طهران بعد الخروج من المعسكر وييبلغ به قبل خروجه من المعسكر , وان لايعرف الرفيق من هو الذي سيخرج معه , فقط رفيق واحد يعرف الاسماء التي ستخرج معهفي المجموعة , وان لايقوم الرفيق باعلام اي صديق او رفيق بانه سيخرج غداَ من المعسكر , لان اي تراخي في التنفيذ قد يؤدي الى كشف الموضوع امام ادارة المعسكر وبالتالي ستفرض علينا اجراءات شديدة منها ايقاف اعطاء الاجازات للخروج من المعسكر , او يفتح تحقيق في الموضوع .
3- تم تشخيص الرفاق الذين سيخرجون كوجبه اولى , وتم تثبيت اسمائهم وعددهم حوالي 15 الى 20 رفيق ما بين كادر حزبي ورفيق مريض , وفتح نقاش كيف يتم خروجهم على شكل دفعات ام دفعة واحدة وكيف تتم عملية الخروج , ربما بالصدفه يخرج رفيق معهم آخر ويعرف وجهتهم او ينكشف له الامر , وبعد حوار تم التوصل الى راي بان يتم تقديم اجازة لهم ويحدد في الاجازة يوم التمتع بها ويعتبر ذلك اليوم هو يوم تنفيذ الخطة , ويحدد وقت محدد للتنفيذ , يسمح بتسريب الرفاق على دفعات كأن تكون كل يوم دفعة او دفعتين , ويتم تشخيص اسمائهم من داخل المعسكر من قبل كاتب هذه الاسطر ويعلم الرفاق في طهران باسمائهم ووقت خروجهم ووصولهم الى طهران , ويحدد لهم مكان ووقت للتواجد فيه لغرض استلامهم .
4- يبقى رفيقين في المعسكر بعد خروج آخر دفعه , ينتظران بعض الوقت بعد خروج الدفعة الاخيرة , لاجل ان يعطوا انطباع انهم متواجدون ويتم تفقد القاعة قد يكون رفيق نسى شيئ معين رسالة و شيئ آخر يتم تلفه فوراَ , وشخص الرفيقان اللذان سيخرجان آخر الرفاق هما الرفيق ابو كمال وكاتب هذه الاسطر .
هذه كانت خطوط اولية للخطة على ان تطرح على رفاق طهران لاعطاء رايهم فيها مع الاستماع الى ملاحظاتهم وهذه المهمة يقوم بها الرفيق ابو هندرين , وتم الاتفاق بعقد لقاءات أخرى لاستكمال الخطة , والاتفاق على يوم لتنفيذها , انتهى الاجتماع وعدنا في اليوم التالي الى المعسكر .
الهزة الارضية في ايران :
في تلك الفترة صادف بدأ مباراة كأس العالم لكرة القدم , وانشغل الجميع في مشاهدة المبارات والتمتع فيها مع حماس وتشجيع ونقاشات وتعليقات وكان جميع الرفاق مشدودون لمشاهدة مباراة كأس العالم من خلال الجلوس امام شاشة تلفزيون النادي في المعسكر , ووصل الى النهائي فريقين هما الفريق الالماني والفريق الفرنسي , وفي مساء يوم المبارات النهائية لكأس العالم , تجمع غالبية المتواجدين في المعسكر امام شاشة التلفزيون لمشاهدة المبارات النهائية بين الفريقيين , وكانت مثيرة والكل مشدودين لمتابعتها واعتقد في بداية الشوط الثاني حصلت هزة عنيفة حيث شعرنا بتحرك الارض التي نجلس عليها , فأصطدم الجميع مع بعضهم وحصلت فوضى  , وعلى الفور خرجنا الى الساحة لمعرفة ماذا حدث وبعدها بدقائق خرج الجميع , وفي الساحة شعرنا ايضاَ بأهتزازات في الارض , كان عدد من الرفاق قد عاد متعباَ من طهران وتوجه للقاعة لغرض النوم , المفاجئة نزول هؤلاء الرفاق حفاة من القاعة واتذكر رفيقين من هؤلاء الرفاق , وهم الرفيق المرحوم ابو سناء والرفيق عمار , وقد سال الرفيق ابو سناء ماذا حصل لانه شعر باهتزاز عنيف في القاعة , اما الرفيق عمار الذي كان آنذاك صغير في العمر , فتفاجئنا جميعاَ وعرفنا انه نزل وهو نائم , وذهب معه احد الرفاق لاصطحابة الى القاعة واعتقد ذهب معه الرفيق حيدرابو حيدراو الرفيق نضال  ولكن ظلت القضية محيرة بالنسبة لنا الى الآن كيف استطاع الرفيق عمار وهو نائم ان ينزل من الطابق الثالث الى الساحة بدون ان يسقط من الدرج , ولم نصل الى راي علمي حينها وحولنا الامر الى الاطباء المختصون في علم النفس لتفسير هذه الحالة . وكانت الهزة الارضية عنيفة جداَ رغم انه يبعد مكان حدوثها عن طهران بحوالي 200 كم   , وتعرضت ايران الى كارقة وطنية وتهدمت المدينة التي وقعت فيها الهزة الارضية, مع خسائر في الارواح , واستقبلت الحكومة الايرانية مساعدات اممية من بلدان عدة ومن الامم المتحدة , واستمرت آثار الهزة في المعسكرلاربعة ايام متتالية حيث في كل يوم في المساء نشعر بها مع حركة قوية لشبابيك القاعة والارضية وننهض من النوم وبعد اليوم الرابع انتهت الاهتزازات الارضية .
اللقاءات التي سبقت تنفيذ الخطة :
حصلت على ما اتذكر ثلاث لقاءات متقاربه ارتباطاً بقرب تنفيذ الخطة , رغم انه تمت الموافقة على خطوطها العامة , مع بعض التعديلات وطرحت ملاحظات رفاق منظمة طهران للاخذذ بها وفي اللقاءالثالث تقرر البدأ بتنفيذ الخطة .
خطوات التنفيذ :
1- في الجانب التنظيمي للخطة قام كل رفيق بتبليغ رفاقه المرتبطون به , بان صلتهم ستكون مع كاتب هذه الاسطر , عندها ادرك الرفاق ان يوم تحررهم اصبح قريباَ , وتهيئوا نفسياَ لتلك اللحظة , معنا رفاق انصار ليسوا اعضاء في صفوف الحزب ولديهم صلات مع رفاق وهم عددهم قليل جداَ , ولكن ما لوحظ على الجميع هوالتمتع بالمعنويات العالية والضبط العالي والوحدة والحرص والكتمان مع عدم معرفتهم بالتفاصيل كيف ومتى يبلغون .
2- الخطوة الثانية تم تثبيت اسماء حوالي 15 الى 20 رفيق واعتقد كانوا 15 رفيق كوجبه اولى , وتم تقديم طلب لهم للادارة من قبل الرفيق ابو كمال بالحصول على اجازة لمدة عشرة ايام لزيارة بعض الاماكن المقدسة في قم وغيرها والبعض الآخر لزيارة معارفة في مدن , بعد حوالي ثلاث الى اربعة ايام او خمسة ايام تمت الموافقة على الاجازة , وتم تبليغ الرفاق بالخروج , واعطى لهم موعد ومكان في طهران وتم استلامهم وعلى الفور تم نقلهم الى بيوت خارج طهران .
3- بهذا دخلنا في عملية صعبة وتحتاج الى دقة وكتمان وحسن اختيار الوجبات واوقات خروجها , وعلينا انجاز الوجهه باقل من عشرة ايام لان هناك كونترول من الادارة يأتي الى القاعة بين الحين والآخر للتدقيق لا سيما اذا كانت هناك اجازات , وهذا ماتطلب اخراج كل يوم وجبه الى وجبتين من الرفاق لألا يجذب الانتباه , وبعد هذه الوجبه الكبيرة التي خرجت كنت احدد كل وجبه تخرج من المعسكر ب 3 الى5 رفاق بالاتفاق مع الرفاق في طهران , والتبليغ يتم مساءَ بعد تناول العشاء يبلغ كل رفيق على حدة , واخترت في البداية انشط الرفاق واكثرهم ضبطاَ وكتماناَ  ويتم تحديد للرفيق ساعة الخروج ووقت التواجد في مكان ما في طهران , يتجمعوا الرفاق في الوقت والزمان المحددين لهم في طهران , واذا صادف ان تخرج في ذلك اليوم وجبتين , يكون بين وجبه واخرى كحد ادنى ساعة . كنت احياناَ ابقى الى الساعة الثالثه صباحاَ  انتظر مجيئ بعض الرفاق الانصار الغير حزبيين من التجوال في الساحة لغرض النوم, لكي ابلغهم بالخروج صباحاَ مبكراَ ورغم انه يتفاجئ لكنه يفرح للخبر ويكون اكثر التزام وحرص على انجاح المهمة  وبعد 7 الى 8 ايام وفي صباح اليوم الاخير للتنفيذ بقى عددنا 10 رفاق فقط , وكنت في المساء قد بلغت مجموعتين الاولى تخرج في الساعة الثامنه صباحاَ والثانية تخرج بعدها بحوالي 45 دقيقه  وحال خروج الوجبه الاخيرة بقينا رفيقين فقط الرفيق ابو كمال وكاتب هذه الاسطر , وكان الرفيق ابو كمال ينتظر قرار للخروج واكدت له سننتظر نصف ساعه اخرى لكي نعطي انطباع باننا موجودون , وبعدها تهيئنا للخروج وغلقنا باب القاعه لكي نؤكد للآخرين بوجود رفاق في القاعة للتمويه وخرجنا من المعسكر كآخر رفيقين , واخذنا تاكسي الى كرج ومن ثم الى طهران للقاء بالرفاق .
(يتبع)
30-4-2012
 

81
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(9)
فلاح علي
سفرعدد من الرفاق الى سورية :
لا بد من الاشارة لموضوع اعتقال الرفيق اسكندر انه حال حصول اول وجبه من الرفاق على اجازات في معسكر كرج وسفرهم الى طهران , والتقائهم بالرفاق في طهران أعلموهم بخبر اطلاق سراح الرفيق اسكندر وانه بخير , وقد فرحنا حينها بسماعنا لخبر اطلاق سراحة . في هذه الفترة توفرت فرصة جيدة للرفاق بمتابعة معاملات سفرهم , كما انجز بعض الرفاق الذين بقوا في طهران معاملات سفرهم ايضاَ , وبدأ عدد من الرفاق في التهيئ للسفر , ومنهم من داخل معسكر كرج الرفيق ابو سعد اعلام والرفيق ابو طالب والرفيق ابو حسن حبيب البي والرفيق يوسف ابو الفوز والرفيق ابو واثق , ومن طهران سافر معهم رفاق ايضاَ . كان سفر الرفيق ابو واثق مفاجئ لغالبية الرفاق , حيث كان يرى عدد من الرفاق بضرورة بقائه  وعدم سفره , ارتباطاَ بكونه كان مكشوف يوفر تغطية وحماية للرفاق , اضافة الى انه يمتلك خبرة , ويسهم في قيادة العمل في المعسكر لا سيما وان الوضع في المعسكر يحتاج لعدد من الرفاق المكشوفين ومن لديهم خبرة وتجربة وقوة تحمل الضغوطات لغرض تمشية امور الرفاق الآخرين .
طريقة ايصال البريد الحزبي :
عندما تم نقلنا الى كرج توفرت امكانية أفضل في الحركة , وتوفرت فرصة افضل للرفاق للاتصال التلفوني مع مكتب الحزب في سورية , وكان يقوم بهذه المهمه في الغالب الرفيق ابو رياض , وهذه الصلة سهلت تذليل  كثير من الصعوبات , وأوجدت صيغة للتنسيق مع منظممة طهران من خلال الرفيق (ابو هندرين) , وساعدت عملية التنسيق لاحقاَ على تسريب الرفاق من المعسكر . بالنسبة لطريقة ايصال البريد الى سورية , صادف ان كنت في طهران , وعلمت انه بعد غد سوف يسافر ثلاث رفاق الى سورية , في المساء كنت في الفندق الذي يقع في شارع لازارمع الرفيق ابو رياض وكانت هناك رسالة يتطلب ايصالها بطريقة غير مكشوفة , وبدأ الرفيق ابو رياض يهيئ بعض مستلزمات اخفاء الرسالة وبعد استكمال عملية اخفاء الرسالة رأيتها بحق  كانت بطريقة مذهله ويصعب كشفها , وكان الرفيق  يجيد اساليب العمل السري حيث عمل فترة في ظروف صعبه جداَ في ظل النظام الدكتاتوري  واستشهد احد أشقائه في ظروف العمل السري آنذاك, وأكد الرفيق انه استخدم هذه الطريقة عدة مرات ويصعب كشفها وفي اليوم الآخر سافر الرفاق ووصلوا بسلام الى سورية.
الاجتماع الحزبي في طهران :
تم عقد اجتماع حزبي في احد فنادق طهران الواقع بالقرب من شارع ناصر خسرو, وحضر الاجتماع اعتقد سبعة رفاق , من طهران حضر الرفيق ابو هندرين والرفيق ابو رياض , وبقية الرفاق من داخل المعسكر , وكانت النقطة الرئيسية هي ترتيب وضعنا في داخل المعسكر , وان يكون هناك مكتب يدير العمل ورفيق يحسم الامور في المعسكر , واقترح ترشيح رفاق بالنسبه لي رشحت الرفيق ابو ماجد كونه لديه تجربة ويتمتع بالصبر وقدرة على تحمل الصعاب ولديه نفس طويل وأعطيت صوتي له بعد ان اصبح الرفيق احد المرشحين , ولكن المفاجئة انه وقع الاختيار على رفيقين هما الرفيق ابو كمال وكاتب هذه الاسطر , وعلى ان يقوم كاتب هذه الاسطر بحسم الامور داخل المعسكر بعد التشاور مع الرفاق المعنيين داخل المعسكر وأخذ رايهم , كما تم اختيار الرفيق ابو زياد بأن يكون مسؤول عن المالية داخل المعسكر , كما تداولنا بأمور عدة منها هو متابعة موضوع خروج الرفاق من المعسكر حيث تناقص عددهم بعد سفر عدد من الرفاق واصبح العدد ما بين 52 رفيق الى 55 رفيق , اضافة الى انه وصل الى المعسكر الرفيقين ابو كاوا والرفيق ابوعلي / سليمانية حيث وصل من معسكر الخوي ولم يكن معنا في نفس القاعة بالنسبه للرفيق ابو كاوا بعد انتهاء التحقيق معه استقر في طهران حيث بعض من عائلته ومعارفه هناك . بالنسبه لي أدركت ان امامي وبقية الرفاق مهمه صعبة جداَ , تحتاج الى تظافر جهود لمواجهة ضغوطات الادارة , لا سيما كان من بقيا من الرفاق العشرة المكشوفين في المعسكر اعتقد فقط الرفيقين هما ابو كمال وكاتب هذه الاسطر , وبهذا ستكون المهمه امامنا غير سهلة , ويتطلب اتخاذ اجراءات من الصيانة ,  فأقترحت ان يستمر قرار عدم دخول النشرات الحزبية الى المعسكر وهذا القرار اتخذ حال حصولنا على الاجازات لطبيعة القاعات المكشوفه في المعسكر , كما اقترحت على الرفيق مسؤول المالية بألغاء تقديم طلب مكتوب من الرفيق لغرض الحصول على مساعدة مالية للعلاج , ارتباطاَ بعدم جدوى جمع أوراق غير ضرورية , ربما تثير تساؤل الادارة في حالة كشفها , وتمت الموافقة على المقترح من قبل الرفيق مسؤول المالية , وبهذا اصبح حق لكل رفيق يريد ان يذهب للعلاج فقط ان يبلغ شفهياَ ويستلم فوراَ دفعه اولى للعلاج وقدرها 200 تومان , واستمرت حياتنا في المعسكر طبيعية مع سفرنا المستمر الى طهران ومدينة كرج .
شهر رمضان في معسكر كرج :
تفاجئنا في احد الايام انه سيكون يوم غد هو اول ايام رمضان , وفي المساء تم تبليغ العراقيين المتواجدين في المعسكر, ان يوم غد سوف لن يفتح المطعم في وجبتي الصباح والظهر فقط في المساء , وكل من هو غير صائم عليه النهوض في الساعه الثالثه صباحاَ لاستلام وجبة الفطور ووجبة غداء الظهر والتدخين ممنوع في النهار. بالنسبه لنا لم نكن مهيئين لذلك وكانت لدى الرفاق وجبة فطور , ولم ننهض في الساعة الثالثة صباحاَ . كانت تواجهنا مشكلة التدخين , ولم يصمد المدخنون لفترة طويلة في النهار , بالنسبه لنا كنا ندخن في القاعة رغم ان ذلك ممنوع , ولكن ما ساعدنا على ذلك هو وجودنا لوحدنا في القاعة , وهيئنا وضعنا خلال شهر رمضان وفي الساحة او عند خروجنا من المعسكر كنا نحترم الطقوس السارية في هذا الشهر . في احد الايام شاهدت شاب كنت قد تعرفت عليه وهو مدرس فيزياء , كان في وضع يجذب الانتباه كان وجهه مصفراَ ويسير لوحدة في الساحة  ويتحدث مع نفسه وكان متعب , واستوقفته وسألته عن وضعه , فقال منذ ثلاث ايام لم اتمكن من النهوض في الساعة الثالثة للحصول على الفطور والغداء ولم أدخن وليس معي فلوس لتدبيراموري . فتأثرت لذلك وعلى الفور قلت له تعال معي لأعمل لك وجبة أكل وتدخن في القاعه , قال أخاف من الجلد أخشى ان يجلدوني فقلت له لا تخاف وتعال معي , وذهبنا الى القاعة وعملت له وجبه سريعة بيض مقلي , وشربنا الشاي وبدأنا ندخن وبعد ذلك شعرت انه قد هدئ واستعاد شيئ من قوته ومن تركيزة , وقال لي عندما وصلتم الى المعسكر حذرونا من اللقاء بكم والحديث معكم كونكم شيوعيين وخوفونا من الشيوعيين , وكان يتسائل لماذا خوفونا بعدم الاختلاط معكم والتعرف عليكم , وبخجل قال هناك صديق لي منذ اربعة ايام هو على هذه الحالة ولم يدخن وهو نائم ينتظر المساء ليس لديه طاقة بأن يتمشى , فعملت له وجبة اكل يأخذها لصديقة وأعطيته عدد من باكيتات سيكَاير بهمن له ولصديقه مع مبلغ بسيط من المال , وقد تفاجئ ولم يصدق وأكدت عليه اي شيئ يحتاج يأتي الى قاعتنا , وبدأ يتردد وضحك عندما قلت له هل لا تزال تخاف من حكم الجلد عليك قال اذا اكون معكم لا اخاف . وهناك عدد من الرفاق ايضاَ شاهدوا عدد من العراقيين بهذه الوضعية واصطحبوهم معهم الى القاعة وعملوا لهم الطعام والشاي , وعبرو عن معاناتهم وكانوا يشعروا بالاطمئنان والهدوء ويعودوا الى وضعهم الطبيعي عندما يكونوا معنا .
الخطة الاولى لتسريب عدد من الرفاق من المعسكر :
في اجتماع عقد في احد فنادق طهران , طرح الرفيق ابو هندرين , وجهه لتسريب عدد من الرفاق وليس جميعهم , وهذه الوجهه هي قد طرحت على الرفيق من قبل منظمة طهران والعدد المطلوب تسريبه مابين 25 الى 30 رفيق ويبقى حوالي25 رفيق ويكون معهم رفيقان لادارة امورهم , وطلب مناقشة الوجهه , طرحت آراء وتساؤلات بعض التساؤلات لا توجد اجابه عليها وهي متعلقة بقرار من قيادة الحزب , وشعرت ان الرفيق ابو هندرين غير مقتنع بالوجهه لكنه طرحها للمناقشة رغم نواقصها وغموضها وعدم وضوحها . وبعد المناقشه اقترح الرفيق على رفيقين ان يبقوا مع الرفاق ال 25 , علماَ ان الرفاق الذين يتم تسريبهم هم من الرفاق الكوادر والرفاق المرضى ويصل عددهم مابين 25 الى 30 رفيق .وسأل الرفيق الرفيقين عن رايهم , وكان جواب الرفيقين الرفض وعدم الاقتناع بالوجهه لانها بالنسبه لهم كانت الوجهه غامضة واني حينها قدرت موقفهم الواضح والصريح . وعلى الفور طرح اسماء رفيقين آخرين وشخص اسم كاتب هذه الاسطر والرفيق ابو زياد . ووجه لي سؤال هل لديك رأي او وجهة نظر بذلك , وانه  يعرف مسبقاَ انه تم تشخيصي في الخوي بأن اكون آخر رفيق يخرج من ايران , فكان جوابي اني لا امانع ولكن الوجهه بحاجة الى ضوح اكثر , مثلاَ هل يستمر البقاء في المعسكرام نختفي بأماكن اخرى لا سيما اذا علمت الادارة ان 25 الى 30 من نزلاء المعسكر قد تسربوا وهم شيوعييون فبهذا يتم التحقيق معنا . هذه تحتاج الى دراسة بدقة , كما انه في حالة الاختفاء او عدمها يتطلب توفير ثلاث قضايا وطلب توضيح القضايا الثلاث وذكرت اولاَ ان تكون لنا صلة مع منظمة طهران للحزب بعد تسرب الرفاق  , وثاياَ ان نزود بهويات او وثائق نتنقل بها واذا تطلب الامر نعود بها الى راجان وثالثاَ ان يكون بحوزتنا مبلغ من المال لتدبير امورنا , والرفيق ابو زياد ايضاَ وافق ولكنه غير مقتنع ولديه تساؤلات طرحها في الاجتماع بسبب ان الخطة كانت غير واضحة , بالنسبه لي كنت مدرك ان بقائنا لا يعني ان الحزب يريد التضحية بنا او يقدمنا كبش فداء , ولكن الوضع الذي نحن فيه في المعسكر خاصة  بعد تسرب مجموعة من الرفاق سنكون في وضع اكثر صعوبة وفيه شيئ من الخطر, ورغم ان الموضوع مرتبط بأمكانيات منظمة طهران ولكن افترضت ان هذه الوجهه هي بعلم الحزب لتسريب قسم ويتبعهم القسم الآخر , او قد تكون وراء الوجهه حاجة الحزب الى رفاق للعودة الى الجبل ثانية  , انتهى الاجتماع وبعد انتهاء الاجتماع سألني الرفيق ابو زياد وقال ان الوجهه غير واضحة وقدم تساؤلات منها الى متى نبقى في طهران وما هو بعد بقائنا وكانت تساؤلات مشروعة اتفقت مع بعض تساؤلات الرفيق , فأكدت له انها مجرد وجهه وهي قابلة للتغير لا سيما ان الرفيق ابو هندرين كان عندما طرح الوجهه للتنفيذ لم يكن مقتنع بها وكان يتطلب منه أخذ آراء الرفاق , وتحدث الرفيق ابو زياد مع الرفيق ابو هندرين لاحقاَ , لاسيما وان غالبية الرفاق لم تقتنع بالوجهه , وتم ابلاغ الرفاق في مكتب الشام بوجهات نظرنا , بأن هذه الخطة سيكون فيها مخاطر على الرفاق الباقيين , وعلمنا لاحقاَ ان قيادة الحزب قد ألغت هذه الخطة وأوصت بالعمل على تهيئة مستلزمات اخراج جميع الرفاق من خلال وضع خطة ثانية .
( يتبع)
29-4-2012


82
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(8)
فلاح علي
الانتقال الى معسكر كرج :
في أوائل او منتصف كانون الثاني من عام 1990 وصلنا صباحاَ الى معسكر كرج في باصيين كبيرين بعد رحلة طويلة من معسكر الخوي , يقع معسكر كرح جنوب طهران بمسافة 20 كم , وبهذا انتقلنا من حدود الاتحاد السوفياتي السابق الى حدود طهران . في هذا المعسكر نفذنا خطة تم وضعها بدقة في احد فنادق طهران,وبهذا كسرنا الاسواروتسربنا من المعسكر بنجاح وحطمنا القيود التي فرضت علينا وحصلنا على حريتنا , سأشير الى تفاصيل الخطة في الحلقة القادمة او التي تليها . المعسكر يسع حوالي 300 لاجئ عراقي ويصل العدد الى 400 لاجئ احياناَ , وهوعلى شكل قسم داخلي كبير مؤلف من ثلاث بنايات كل بناية تتكون من ثلاث طوابق , وكل طابق يحوي على قاعتين كبيرتين , وكل قاعة تتسع الى حوالي 50 شخص وفي القاعات أسره مكونه من طابقين , وفيه مطعم يقدم ثلاث وجبات اكل ونفس المطعم يتحول الى نادي او كَازينوا مابين الوجبات وفيه تلفزيون وحمام وساحتين لكرة القدم , ومساحة كبيرة ما بين البنايات للتجوال مغطاة بالاسمنت , وفيه مكاتب للادارة وغرف للتحقيق وللحرس ومحاط بجدار من الطابوق وبأرتفاع عالي , ويوجد حرس في اطراف المعسكر موزعين الى اربعة نقاط يقفون على ابراج عالية مع بروجكترات لانارة المنطقة .
حياتنا في داخل المعسكر :
حال وصولنا صباحاَ شاهدنا حشد من العراقيين في داخل المعسكر متجمعيين لمشاهدتنا ونحن متوجهين لاحد القاعات التي خصصت لنا , وكان بعضهم ينظر الينا بحيرة واستغراب والبعض الآخر ينظر بريبة , في القاعة وضعنا كل سريرين يقابل بعضهما وبمسافة اكثر بقليل من المتر تفصلهما , ووضعنا بطانية بينهما لتغطي الفتحة بين السريرين واصبحت غرفه صغيرة , لم تسع القاعة جميع الرفاق وانتقل عدد من الرفاق الى قاعة في الطابق الاول مع عراقيين مقيمين فيها , بعد ان سافر عدد من الرفيقات والرفاق وبقاء عدد من الرفاق في طهران , تناقص عددنا في معسكر كرج واصبح مابين 57 الى 60 رفيق . كما ان الرفيق ابو هندرين وعائلته والرفيق ابو رياض بقيا في طهران لتنظيم الصلة مع الحزب وليقودوا العمل من خارج المعسكر , ومن المترجمين بقيه معنا اعتقد فقط الرفيق ابو كمال لان الرفيقين آزاد وابو قحطان بقيا في طهران , في اليوم الثاني من وصولنا ابلغونا بأجراء اداري عدم منح الاجازات الينا الا بعد ان يوافق محقق المعسكر بمنح الاجازات , بقينا اسبوعيين ننتظر , وكنا نتناول وجبات الاكل في المعسكر , ولكن غالبية الرفاق لم يرتضوا لهذه الطريقة حيث يتم الوقوف في طابور يصل طوله الى حوالي 40 متر ويحمل الشخص ماعون , ويعطى له رز وفوقه مرق , ولكن بمرور الايام كان هناك تعامل غير عادل مع المتواجدين في المعسكر , حيث اذا اصبح الشخص محسوب على احزاب الاسلام السياسي , يملئ ماعونه بالخضروات واللحوم , واذا لا مثلنا على سبيل المثال يعطى له فقط السوب فوق الرز وربما قطعة صغيرة من الباذنجان , فتوصل غالبية الرفاق الى راي حال حصولنا على الاجازات سوف لن نأخذ وجبات الاكل من المطعم , وكنا نقضي وقتنا في ساحة كرة القدم ومشاهدة التلفزيون والتجوال داخل المعسكر , وكنا نفرض حضورنا في المعسكر على الجميع بوحدتنا وتضامننا وعلاقاتنا الطيبة ومزاحنا ومرحنا فهذا جذب انتباه العراقيين المتواجدين في المعسكر واقيمت علاقات طيبة مع عدد منهم , وأعلمونا انه قد تم تبليغهم قبل وصولنا الى المعسكر بفترة قصيرة انه سيصل شيوعييون الى المعسكر وضرورة الحذر منهم وعدم الاختلاط معهم .
التحقيق والحصول على اجازات :
بعد اسبوعيين بدأ التحقيق الثاني معنا , وشاهدنا محقق واحد قيل انه كان ضابط في جهاز السافاك اسمه قاسمي ومعه مترجمان عراقيان احدهما كردي اسمه شمال وآخرعربي اسمه صلاح ,وهما من احزاب الاسلام السياسي العراقية , حقق عدد من الرفاق وبدأو في الحصول على اجازات وكان التحقيق هو لاعادة الاسئلة التي طرحت عليهم في التحقيق الاول ليعرفوا هل هناك تطابق في الافادات , وبدأ الرفاق في الخروج من المعسكر وبعضهم يذهب الى مدينة كرج التي يبعد عنها المعسكر حوالي 3كم , مع توفر وسائل النقل اليها ,  والبعض الآخر يذهب الى طهران في الصباح ويعود في المساء , بالنسبه لي تم التحقيق معي على ثلاث جلسات ولم يكتفوا بمرة واحدة , في كل مرة يوجه لي المحقق بعض الاسئلة من التحقيق الاول في الخوي ويطابق قولي مع ما مثبت في الافادة واحياناَ يثير اسئلة استفزازية , وفي المرة الثالثة انتهت جميع الاسئلة , فسألته هل استطيع الحصول على اجازة بعد ان تم اعادة التحقيق الذي انجز في الخوي , قال بلي ستحصل على الاجازات ولكن لديه سؤال تفضل , كيف استطعت حفظ كل هذه الاجوبه , لم احفظها لاني كنت اجاوب عن حقيقة تمثل جزء من حياتي  منذ الطفولة الى الآن وما قلته هو صحيح وراسخ في الذاكرة , انتهى التحقيق بعد ان كان المحقق يبحث عن ثغرة ما غير متطابقة مع التحقيق الاولي ليضغط من خلالها , حصلت على الاجازات وبدأت في النزول الى مدينة كرج والسفر الى طهران والتجوال فيها والتعرف على معالمها وحدائقها وشوارعها الجميلة وخاصة شارع ولي عصر , ودخلت الى غالبيةالسينمات فيها , المساعدات المالية من الحزب متواصلة حيث نستلم في الشهر 1500 تومان من الحزب , وتركنا مطعم المعسكر ومنيتهم علينا , فقط نجلس فيه لتناول الشاي والحديث واذا احتجنا خبز او سكر ممكن ان نأخذ من المطعم , وبدأنا نعمل اكل في القاعة في حالة عدم سفرنا الى طهران او كرج .
افشال ندوة سياسية كانت تستهدفنا :
في هذه الفترة من وصولنا الى المعسكر , وفي احد الايام بعد تناول وجبة الغذاء في المطعم خرجنا مجموعة من الرفاق للتجوال في ساحة المعسكر , وحال خروجنا سمعنا اصوات كأنها هتافات مظاهرة  والاصوات تأتي من جهة الباب الرئيسية للمعسكر , وفي لحظات واذا بوصول المظاهرة  , شاهدت رجلاَ بعمر الاربعينات آنذاك ويبدو بمظهر وصحة جيدة وواضع على راسه عمامة بيضاء ويرتدي جبه وعبائة يسير في المقدمة وحوله حوالي 30 شاب عراقي بعضهم يحمل كلا شنكوف والبعض الآخر يحمل مسدسات والبعض الآخر بدون سلاح , وكانوا يهتفوا بصوت عالي مع دبكة على الارض ويرددوا الهتاف التالي (شيخ المولى أهلاَ بيك كل القوات إتحييك ) , وطلبوا منا العودة الى القاعة فسألتهم ولماذا نعود للقاعة قالوا للاستماع لندوة سياسية ندعوكم لحضورها , وقيل حينها ان شيخ المولى هو قائد قوات بدر آنذاك , وذكرني البعض لاحقاَ انه اصبح عضو البرلمان العراقي في عام 2005 ويقال هو الآن رئيس مؤسسة الحج والعمرة , فعدنا الى القاعة وكان عدد من الرفاق في القاعة وعلى الفور قسم من الحماية كانوا قد رتبوا القاعة  .
بدأ الندوة السياسية :
ابتدأت الندوة السياسية بالعبارات التالية ( بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ من شر الشيطان الرجيم , اللهم انصرالاسلام والمسلمين , وأهزم أعدائهم من الكفار وواصل حديثه على هذا الوزن وأبعد عنهم خطر الاشراروالماركسية والماركسيين , وكأنه يعرف نحن ماركسيين ولهذا جاء مع مفرزة مسلحة كأنه يريد ان يلقننا درساَ او شيئ آخر وهيئ لذلك هذه الخطبة , حيث لم نكن نعرف ما هو هدفه منها, وبدأ هجوم عنيف على الماركسية وانها ستسقط .... الخ ) وهذه كانت اعتقد في السبعة دقائق الاولى من الندوة السياسية , وكانت مفاجئة لنا ,ونظرت الى الرفيق ابو واثق وكان يجلس على يساري , بادر الرفيق بسؤال ما هو رأيك , فكان جوابي رفيق افضل لنا ان نخرج , طلب الرفيق اخذ رأي الرفيق ابو ما جد الذي كان يجلس على يميني , فسألته عن رأيه فكان راي الرفيق الخروج من الندوة , كان حينها الرفيق ابو واثق هو الذي يحسم الامور في المعسكر بعد التشاور مع الرفاق , فخرجنا على الفور. وشاهدنا الرفاق نحن واقفون نتهيئ الى الخروج ونهضوا معنا , وحصل ارباك في القاعة مع تحريك للكراسي حيث خلقت اصوات في القاعة , فصدم الشيخ من هذا الموقف المفاجئ , لانه يعتقد اننا لا نستطيع مقاطعة جلسته وعمت الفوضى في القاعة , وكان عددنا حينها حوالي 35 رفيق لان بقية الرفاق سافروا منذ الصباح الى طهران , فخرج بعض من حماية الشيخ ورائنا وحاولوا منعنا من الخروج ولم يتمكنوا وفي خارج قاعة النادي حاولوا اقناعنا بالعودة فرفضنا , واصروا على عودتنا , فجاوبتهم التالي بلي نعود الى القاعة اذا اعتذر الشيخ عن كلامه فقالوا لماذا يعتذر لانه اساء الى ماركس والماركسيين ونحن ماركسيون فهو بدلاَ من ان يحاور اختار اسلوب الهجوم لهذا خرجنا , واكدوا انه ما يقصدكم وانتم وطنيون وفشلت كل محاولاتهم بعودتنا ثانية وبهذا فشلت الوجهه التي جاء بها الشيخ .
شاهدنا تنفيذ لحكم قضائي يستهدف تعذيب انسان علناَ :
في احد الايام عصراَ كنا جالسين في النادي , وسمعنا صوت من احد الحضور قال انه ستتم بعد قليل عملية جلد لاحد عناصر النظام العراقي واستغربنا من ذلك , وبدأوا يجمعون العراقيين في الساحة وخرجنا الى الساحة , وشاهدنا تجمع كبير حضره كل من هو متواجد في المعسكر في حينها , وشاهدنا في الفسحة التي امام الحمام وهو مكان مرتفع قليلاَ حيث حوالي اربعة درجات ومنه يتم الدخول للحمام , في هذه المنطقة شاهدت سرير من الحديد ومشبك قد تم وضعه في المنطقة , وبعد دقائق حضر حوالي  7 اشخاص احدهم طويل وضخم وكأنه مصارع ويرتدي بنطرون وفانيله سوداء وبيدة اليمنى آلة التعذيب , وهي عبارة عن مجموعة من الوايرات او الصوندات الرفيعة متجمعه مع بعضها ومربوطة بطريقة في  خشبه ناعمة للمسك ومعهم شخص يرتدي بجامه , والشخص هو يسكن في القاعه التي يسكنها عدد من رفاقنا , وأعلمونا قبل اسبوع انه تم اعتقاله لانه في جلسه مسائية تهجم على النظام الاسلامي في ايران , ورفع عنه تقرير واعتقل , واسمه خالد وهو نقيب في الجيش العراقي , تم اسره في شط العراق بالقرب من الحدود الايرانية في فترة الحرب العراقية الايرانية . كان في زورق مع بعض الجنود وتم أسره , طلبوا منه ان يخلع قميص البجامة والفانيله الداخلية وتم ربطه وهو نائم على السرير الحديدي وبدون فراش , وظهره مكشوف وربطت يداه ورجليه في السرير , هذه كانت مفاجئة بالنسبة لنا نشاهدها لاول مرة , وكأننا نشاهد فلم , وكان بجانبهم شخص قصير القامة ملتحي وبيده فايل يبدو انه قاضي , فتح الفايل وبدأ يقرأ قرار الحكم الصادر من المحكمة بجلد المتهم خالد لا اتذكر ب75 او 80 جلدة , فصعقنا من هذا القرار لا سيما قرأنا عن عملية الجلد في كتب التأريخ , وعرفنا ان عملية الجلد هي نوع من العقوية الجماعية للحضور والمشاهدين , وان هدفها هو خلق حالة ردع جماعي وتهيئ وضع نفسي يشكل وازع او رادع لدى المشاهدين يؤدي الى الخوف والرهبه والطاعة لمن يمتلك القرار والحكم , والا لماذا يجلد امامنا في المعسكر ولم يجلد في مكان معزول , فسألت احد العراقيين الذين بجانبي وكان خائف جداَ , هل هذه المرة الاولى التي يحصل فيها الجلد بهذا المعسكر , فكان مرتبك وقال هذه اول مره يحصل فيها , وفي هذه الاثناء بدأت الجلدة الاولى بضربة عنيفه جداَ من الشخص العملاق الضخم الذي يعذب خالد , وتصاعد مع الضربة صراخ عالي من خالد دوى في كافة ارجاء المعسكر يؤكد على ألمه  من الضربة  (وتذكرت في حينها صمود رفاقنا في التعذيب وكثير منهم لم ينطق بكلمة آخ ) وقلت في نفسي هذه طريقة لا انسانية وان استمرار وقوفنا يعني نحن نساهم في زيادة تعذيب الضحية , لا سيما وهناك شخص آخر اعتقد يساعد الجلاد يقف بجانبه ويشبهه في الجسم والمظهر , وفي هذه الاثناء وصل عدد الضربات الى اربعة او خمسة ضربات, فصحت بصوت سمعه من هم حولي وقلت ياجماعة حرام ان نستمرفي مشاهدة هذاالتعذيب . فأنسحبت وكان اول المنسحبين رفاقنا وكان عددهم قليل لان الغالبية كانت في طهران , وانسحب معنا عدد آخر , وشاهد القاضي والجلاد والادارة والحرس انسحابنا , وخلق نوع من الارباك وبهذا خفت حماسة المعذب في الجلد وارتخيت يدية , وبقى عدد قليل يشاهد المنظر البشع , ولكن ما علمناه لاحقاَ من بعض الذين بقوا وهم بلا شك من يخاف من غضب الادارة عليهم او محسوبين عليهم , قالوا لنا حال انسحابكم انتهى حماس الشخص المكلف بالجلد وبدأت الجلدات خفيفة وغير مؤثرة كثيراَ لكنه كان مشهد بشع , وانهم كانوا يهدفوا بهذه الطريقة خلق واعز من الخوف والرهبه الجماعية لدى الحضور.
(يتبع)
28-4-2012

83
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(7)
فلاح علي
انجاز معاملات سفر عدد من الرفيقات والرفاق
في هذه الفترة تمكن عدد من الرفاق وعوائلهم من انجاز معاملات سفرهم , وبعد ذلك تمكن بعضهم من الحصول على فيزة الدخول الى سورية , وتم توديعهم وسافروا على شكل وجبات الى طهران لحجز بطاقات السفر الى سورية , وقد تمكنت جميع العوائل من السفروبقيت عائلة الرفيق ابو هندرين باعتباره مكلف بمهمة حزبية , وتبعها سفر عدد من الرفاق الى سورية اتذكر منهم الرفيق ابو رضية , وفي نفس الفترة اختارعدد من الرفاق البقاء في طهران ليتمكنوا من انجاز معاملات سفرهم ولم يعودوا ثانية الى معسكر الخوي , اتذكر منهم الرفاق ابو عجو وابو عليوي وابو حاتم وابو آمال وابو بشار وفراس وهوبي وابو ليث .
اعتقال الرفيق اسكندر :
في اوائل او منتصف كانون اول 1989 عصراَ كنا نشاهد في الساحة مباراة لكرة القدم بين فريقنا وفريق العوائل وحال عودتنا الى مكان السكن سمعنا بخبر اعتقال الرفيق اسكندر حيث شاهده عدد من الرفاق ذهب بصحبة اثنين من حرس المعسكر واعتقد كانوا بملابس مدنية واكد الرفاق انهم لم يتوقعوا ان ذهابه معهم هي عملية اعتقال . في ليلة ذلك اليوم عقد اجتماع حضره حوالي 20 رفيق وقاده الرفيق ابو هندرين وتم الاستماع الى شهادات بعض الرفاق الذين شاهدوا عملية اعتقاله , اكدوا انه كان لوحدة في المنطقة ما بين البلوك الذي بجانبنا ومكتب الادارة , وشاهدوا من مسافة حوالي 40 متر اثنان يتحدثون معه وذهب معهم الى الادارة ,وحملوا الرفيق اسكندر مسؤولية عدم اعلام الرفاق في تلك اللحظة , وبعد الاستماع الى رواية الرفاق طرح جميع الرفاق وجهات نظرهم في كيفية التحرك لغرض اطلاق سراحة لاسيما وقد توصل الجميع الى قناعة طالما ان عملية اعتقالة قد تجاوزت الخمسة ساعات فبلا شك انه قد تم نقله الى مكان آخر . واجمع غالبية المجتمعون على راي بأن يتابع الموضوع يوم غد مع الادارة وتسلم لهم مذكرة احتجاج وتطالب باطلاق سراحة ونسخة منها ترسل لاحزاب جك ولرئيس الجمهورية هاشمي رفسنجاني حيث كان رئيساَ آنذاك ولرؤساء عدد من الدول العربية الذين تربطهم علاقات جيدة مع الحكومة الايرانية واعتقد نسخة منها للامين العام للامم المتحدة انتهى الاجتماع , في صباح اليوم التالي انجزت كتابة المذكرة , وذهب وفد لتسليمها للادارة واعتقد كان الوفد مؤلف فقط من الرفيق ابو واثق والرفيق كاتب هذه الاسطر كما اعتقد كان المترجم الرفيق ابو كمال , وتم الحديث مع الادارة عن اسباب الاعتقال وسألنا الى اي مكان تم نقله وقدمنا عدد من الاسئلة لم يعطى لنا جواب , وأكدت الادارة عدم علمها بالموضوع وقرار الاعتقال هو من جهات عليا وطمئنتنا بانه سيطلق سراحة وهذا مجرد اجراء , وتم تسليمهم المذكرة وطلبنا منهم ارسال هذه المذكرة الى الجهة المعنية بالامر ونحن سنرسل النسخ الى الجهات المذكورة فيها.
اسباب اعتقال الرفيق اسكندر :
الرفيق اسكندر هو من مدينة البصرة , وتوفى في هولندا بعمر مبكر عن مرض عضال , ويجيد التكلم باللغة الفارسية وان جزء من عائلته قد سكن في ايران واعتقد قد ذهب لزيارة اقاربه عندما كنا في زيوة , وبعد انتقالنا الى الخوي وانتهاء عملية التحقيق حصل على اجازة وسافر لزيارة خالته شقيقة والدته و كانت تسكن مع عائلتها اعتقد في مدينة اصفهان في مدينة اصفهان , وقيل ان احداَ من ابناء او بنات خالته قد اعلم الاجهزة الامنية في المدينة عن الزيارة التي قام بها ابن خالتهم لهم لخوفهم من الاجهزة الامنية , ولألا تكتشف الزيارة لاحقاَ التي قام بها اسكندر لهم وتحاسبهم لعدم الابلاغ عنها , وبلا شك ان الرفيق اسكندر اعلمهم انه يسكن الآن في الخوي , وبهذا توصلت الاجهزة الامنية الى مكان تواجده لغرض اعتقالة وكانت هذه الاجهزة لديها شكوك وتقديرات انه قد يعمل سراَ مع حزب تودة او بعض الاحزاب الاخرى فأصدرت امر باعتقالة  وان عملية اعتقالة لم تكن علنية وانما بطريقة سرية من قبل الادارة وأوهموه للذهاب معهم في موضوع ما  لااعرف كيف وافق على الذهاب معهم دون اعلام الرفاق .
اللقاء الاخير مع الادارة :
بعد حوالي عشرة ايام الى اسبوعيين سمعنا خبر انه سيتم نقلنا الى معسكر آخر , ولكن طيلة هذه الفترة كناقلقين على مصير الرفيق اسكندر ونتحاور عن الاجراء الآخر الذي يمكن من خلالة الضغط على الادارة لغرض اطلاق سراحة ,في عصر احد الايام شاهد عدد من الرفاق المسؤول عن المعسكر وعن عدد من المعسكرات الاخرى , والذي يحمل رتبة عسكرية كبيرة واسمه زينل قد دخل الى المعسكر , واقتنعوا ان هذه فرصة مناسبة للقاء به ومعرفة مصير الرفيق اسكندر , فذكر عدد من الرفاق ضرورة ان يتم اللقاء به من قبلنا , وأعلمتهم انه بحاجة الى وفد والى قرار حزبي , وبحرارة الانصار المعروفة وبسرعة حركتهم التي يتميزون بها اعلموا الرفيق ابو هندرين في الموضوع وعلى الفورحضر الرفيق  الى البناية , وسلمني نسخة من المذكرة , وقال رفيق تذهب حالاَ للقاء بالمسؤول وتستفسر منه عن الرفيق وتحملهم مسؤولية الاعتقال اللاقانوني وتسلمه هذه المذكرة , قلت بلي أذهب حالاَ ولكن يفضل ان نذهب كوفد ولكن لم يكن الرفيق ابو واثق موجود حينها او اي من الرفاق المكشوفين, وللخشية من المغادرة السريعة للمسؤول ذهبت بصحبة الرفيق ابو قحطان كمترجم , حيث كان واقفاَ معنا وكان الرفيق قلق جداَ على الرفيق اسكندر ومتحمس لمعرفة اخبارة والاطمئنان على وضعة , فذهبنا للقاء بالمسؤول القادم من خارج المعسكر وحاولوا منعنا من اللقاء به , وبعد ان علمنا انه لا يزال في المعسكر , ذكرنا لهم اننا سنقف بجانب الباب الرئيسي للمعسكر وسنلتقي به عند خروجه , فأوصلوا له الخبر وخرج الينا واستقبلنا وقال سنتحدث هنا ما ذا تريدون ؟ فقلت له كيف تعتقلون احد رفاقنا بطريقة غريبة ولا قانونية وبدون ان تعلمونا بالموضوع , قال مجرد استفسار لانه هناك التباس في الاسماء , وذكرت له هذا الالتباس هو من  مهمة المحقق الذي انجز التحقيق معه وليس مهمة الاجهزة الامنية لانه هو لاجئ مؤقت يخضع لقوانين اللجوء , قال هذا مجرد اجراء روتيني وقريب جداَ سيكون معكم , فقلت له نحن لا يمكن ان ننتظر طويلا َ مضى على اعتقاله حوالي عشرة ايام ولم نعرف عنه شيئ , وهذا الامر مقلق لنا فتفضل هذه مذكرة تعبر عن رأينا نرجوا تسليمها للجهات المسؤولة ,ونؤكد فيها عدم قانونية اعتقاله ونطالب باطلاق سراحة , استلم المذكرة وقال هل وصلت نسخ من المذكرة  الى هذه الجهات نعم الى الآن وصلت الى جك والى بعض الرؤساء العرب , وسنوصلها الى السيدهاشمي رفسنجاني رئيس الجمهورية والى الامين العام للامم المتحدة , قال كنت اتمنى لو لم ارسلتم هذه المذكرات وارجوا عدم ارسال بقية النسخ من المذكرة , واني اتفهم وضعكم تماماَ واني معكم سأطالب بأطلاق سراحة , ولكن اقول لكم شغله اتخذ قرار بنقلكم في الاسبوع القادم الى معسكر كرج القريب من طهران ليساعدكم في متابعة الحصول على موافقات السفر , وأوعدكم واني مسؤول عن كلامي ان رفيقكم اسكندر سيطلق سراحة خلال الاسبوعيين القادمين , فكان الجواب ولماذا اسبوعيين نحن نريد ان يذهب معنا الى كرج , فقال هذه مجرد اجراءات طيب الاجراءات في مثل هكذا قضية واضحة لا تحتاج الى اكثر من يوميين , علل ذلك التأخير لوجود روتين في دوائرهم , وتم التأكيد له نحن نطلب زيارة الرفيق اسكندر في السجن لكي نطمأن عليه  , أؤكد لكم انه في وضع جيد ولم يمس بأي شيئ ولا يحتاج شيئ مجرد بقائه كأجراء مؤقت , وأوعدكم سأنظم لقاء لكم معه اذا تأخر نقلكم في الاسبوع القادم , وفي حالة نقلكم أطمأنوا انه سيطلق سراحة في الاسبوع الذي يلية وسيلتحق بكم في كرج, كنا نشعر انه صاحب قرار وكان مرن معنا , ولكن بالنسبه لهم تولدت لديهم على الرفيق شكوك بانه محسوب او يعمل مع حزب تودة او مجاهدي خلق او اي حزب معارض , في الوقت الذي هو ليس لديه علاقة مع هذه الاطراف وهو رفيق في انصار الحزب الشيوعي العراقي . انتهى اللقاء وعدنا للرفاق وعكسنا لهم الموقف , وكان الجميع يترقب اطلاق سراح الرفيق حسب الوعود التي قدمت ,واتفق غالبية الرفاق على الاستجابة لنقلنا الى معسكر كرج , حيث ستتوفرامكانية افضل لمتابعة موضوع الرفيق اسكندر لا سيما وان كرج قريبة من طهران , كما ستسهل عملية متابعة انجاز معاملات سفر الرفاق .
(يتبع)
26-4-2012
 


84
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(6)
فلاح علي
بدأت الامور في المعسكر تسير بشكل طبيعي , وتمكن عدد من الرفاق السفر الى طهران لمتابعة انجاز معاملات سفرهم وعند عودتهم من طهران , يكون في انتظارهم غالبية الرفاق حيث يستقبلونهم بشوق حارويتحدثوا للرفاق عن سفرتهم والمفارقات التي صادفتهم , كما يتحدثوا عن الروتين في وزارة كشور وصعوبة انجاز المعاملة , حيث تحتاج الى وقت مع متابعة متواصلة .
سفر الرفاق في مهمه حزبية :
علمنا ان الرفاق القياديين في المعسكر سيقوموا بسفرة مفاجئة الى طهران لمهمه حزبية, وتم تبليغ الرفيقين ابو سعد اعلام وكاتب هذه الاسطر بمسؤولية ادارة العمل في المعسكر ومتابعة امور الرفاق وحل بعض الاشكالات مع ادارة المعسكر ان حصلت , خلال سفر الرفاق الذي استمر حوالي اسبوع الى عشرة ايام , كانت الامور جيدة في المعسكر ولم يحصل اي اشكال وسارت على ما يرام , وكانت الاجازات مستمره مع متابعة من الرفيقين ابو كمال وآزاد بالتناوب لانجاز بعض امور الرفاق مع الادارة . وبعد عودة الرفاق علمنا ان المهمه التي سافر الرفاق من اجلها هو عقد اجتماع مع الرفيق كريم احمد خلال مروره السريع بأيران ,وانه تبلورت وجهه  في قيادة الحزب لاخراجنا من ايران وان اللقاء طرحت فيه افكار ووجهات نظر حول هذه الوجهه , وفي اليوم الثاني من وصول الرفاق الى المعسكر ابلغني الرفيق ابو هندرين في لقاء تم بيننا ان هناك وجهه لاخراج الرفاق ولكن لم تكتمل بعد , لهذا ستكون آخر رفيق يخرج من ايران فما هو رأيك , ذكرت له ان كان بقائي يساعد على خروج جميع الانصار فأني لا امانع , ولكن الامور بحاجة الى توضيح أكثر ودراسة دقيقة , اكد الرفيق ان الوجهه لم تكتنل بعد مجرد افكار وستطلع عليها لاحقاَ وسيكون لديك علم بها , ولكن الحاجة الى ان يبقى رفيقين في الاخير فجرى اختيارك وسيتم تشخيص رفيق آخر معك , في هذه الفترة انتهى التحقيق مع جميع الرفاق الانصار, وقيل لنا حينها ان احد الرفاق استرسل في الحديث مع المحقق واجاب على بعض اسئلته , هذا ما سمعته ولكن لم يتم تداوله بين الرفاق , ولكن الرفيق بقى محط اعتزاز وتقدير وكان بوضع طبيعي متماسك وقوي وثقته بالحزب والرفاق عالية .  وبانتهاء التحقيق اصبح جميع الرفاق يتمتعون باجازات للسفرالى طهران لمتابعة معاملة السفراوبأمكانهم زيارة مدينة قم او اي مدينة اخرى .
الزيارة المفاجئة للادارة الى داخل مكان سكننا :
اي زيارة مفاجئة من قبل ادارة المعسكر بالنسبه لنا نحسب لها حساب , مهما يكون وقتها صباحاَ او مساءَ حيث نخشى ان تكون متزامنه مع فترة وصول البريد الحزبي وقرائته في الغرف من قبل الرفاق حينها , اضافة الى ذلك هناك مجاميع تلعب الشطرنج , وهذا لا يروق للادارة لان لعبة الشطرنج غير محببه عندهم , اضافة الى وجود مجاميع في دورات لتعليم بعض اللغات الاوربية  . في صباح احد الايام كانت ثلاث مجاميع من الرفاق تلعب الشطرنج في الممر المقابل للباب الرئيسية  , وكانت مجموعة الوسط فيها مبارات حامية بين الرفيق المرحوم ملازم فائز والرفيق ابو حازم / اداري الفوج الاول وكنت من ضمن المشاهدين للمباراة , واذا بدخول اربعة اشخاص الى داخل البناية بشكل مفاجئ , وهذا ما تطلب الامر الحديث معهم ومحاولة تأخيرهم او منعهم من زيارة الغرف , ومن الصعب اخفاء الشطرنج في تلك اللحظة حيث اصبح الشطرنج مكشوف امامهم  , وأشار عليه بعض الرفاق وعلى الفور توجهت اليهم لاستقبالهم وكان يتقدمهم الشخص الذي كان حاضراَ في اللقاء الثاني والذي اكد لنا انه سيجري التحقيق معنا خلال اسبوع وكان اسمه زينل وكان يحمل رتبه عسكرية وبملابس مدنية وهوالمتابع او المسؤول المشرف على عدد من المعسكرات . فصافحتهم جميعاَ وبأبتسامة وجهت كلامي بشكل مباشر الى المسؤول زينل وقلت له نحن نرحب بزيارتكم لكنها كانت مفاجئة بدون علم مسبق , ومع هذا شاهدتم لعبة الشطرنج التي هي رياضة لتنشيط الدماغ وهواية تمارس في كافة دول العالم , واعتقد كان معه احد المحققين قام بدور الترجمه او رفيق آخر لا اتذكر بالضبط , وتسائل هل تقضون وقتكم في لعبة الشطرنج؟ لا لعبة الشطرنج بين الحين والآخر وفي فترة الصباح فقط ونقضي وقتنا في الرياضة واستعارة الكتب من المكتبه ومشاهدة التلفزيون والنزول الى الخوي , فقال طيب لوضعكم الخاص ارجوا منكم ان لا تلعبوا الشطرنج خارج البناية , فأكدت له لم يحصل ذلك ونحن نحترم القوانين والطقوس , قال بلي لم تأتي شكوى عليكم , وكان مرن جداَ ويبتسم ويوحي انه يقدر ظروفنا وخرج على الفور ولم يزور الغرف وودع الرفاق بتحية بيده .
اللقاء مع الادارة :
جرى لقاء ثالث مع الادارة من خلال وفد من قبل الرفاق ,  حيث لم اكن عضواَ فيه واعتقد كان برئاسة الرفيق ابو واثق وعضوية الرفيق فراس ولا اتذكر هل كان معهم رفيق ثالث ام لوحدهم مع احد الرفاق المترجمين اعتقد كانت هناك مشكله بين العوائل والادارة وطلب اخذ راينا فيها حسب رغبة العوائل . بعد هذا اللقاء صادف فجأة ان حرس المعسكربدأ يتشدد على الرفاق خاصة الذين يأتون من الاجازة وتمارس عليهم بعض المضايقات مع طرح اسئله عليهم هذا حصل مع مجموعه من الرفاق , فتبلغت بالذهاب مع وفد مؤلف من نفس الرفاق ابو واثق والرفيق فراس وكان المترجم اعتقد الرفيق آزاد , كانت خشيتنا من مضايقة الرفاق عند دخولهم في ان لايكتشفوا في يوم ما بوجود نشرات حزبية داخلة الى المعسكر , وكان هدفنا هو تقديم شكوى على الحرس على المضايقة التي حصلت لبعض الرفاق , وكأننا لا نعلم ان ذلك بتوجيه من الادارة ,وبينا لهم ان الحرس حاول الاعتداء على احد الرفاق ونخشى ان تتطور الحالة لان الاعتداء مرفوض طالما اننا ملتزمون بالقانون , وقدمت الادارة شكوى ان البعض منكم يتمشى في وقت متأخر من الليل بجانب السياج وهذا يربك الحرس , واكدنا لهم ان التجوال في الليل ليس ممنوع في المعسكر , اكدوا ذلك ولكن ان لا يكون بجانب سياج المعسكر , وتم تسوية الموضوع بانه يكون التجوال الليلي في داخل المعسكر ولم نصل الى السياج ووعدوا بأن لا تحصل بعد ذلك اي مضايقة على الرفاق اثناء خروجهم ودخولهم الى المعسكر .
الندوات السياسية :
أبلغني الرفيق ابو هندرين بانه ستكون هناك ندوات سياسية يدعى اليها رفاق فقط , وفرحت لهذا النشاط ولكن المفاجئة الغير متوقعه هي ان أقوم بمهمه القاء المحاضرات ( وهي ندوات سياسية وليس فكرية تتناول الوضع السياسي في العراق والحديث عن سياسة ومواقف الحزب ) . فأكدت له ان امكانياتك تؤهلك في هذا الجانب بالحديث عن الوضع السياسي لا سيما وان الرفيق هو دكتور في القانون الدولي , اضافة الى انه هناك رفاق افضل مني لهذه المهمة , حاول اقناعي بطريقة هو اني مكشوف وفي حالة حصول اي طارئ كأن تدخل الادارة الى الغرفة فتتحدث انت معهم لاعطاء صورة اخرى عن اللقاء . من هذا قبلت بصعوبه ولكن اكدت له انه تنقصني المصادر , فصادف دخول نشره حزبية صادرة عن اجتماع ل.م ومثل هذه النشرات لم يطلع عليها جميع الرفاق في الخوي آنذاك الا عدد محدود جداَ , فسلمني النشرة الداخلية للاعتماد عليها كمصدر, وتحاورنا اكثر من ساعه عن الوضع السياسي وكنا نتمشى بجانب السياج , وان هذا الحوار هو للمساعدة على ترتيب الافكار , وحدد وقت اعتقد بعد اربعة ايام تبدأ اول ندوة سياسية , وقرأت النشره الداخلية بأمعان حيث كانت تتكون من 12 الى 16 ورقة , وتتضمن معطيات جيدة عن الوضع السياسي , وتتحدث عن ازمة النظام وان هذه الازمة ستدفعة لمزيد من المغامرت الخارجية لتصريف ازماته الداخلية وتتحدث النشرة عن مواقف الحزب , ولكن ما جلب انتباهي هناك رأي في النشرة لم اقتنع به فهمته كأنه يحمل روحية التحالف التي كانت في عام 1973 , بعد قراءة النشرة الدقيقة لمرتين رتبت محاور المداخلة ووضعت لها ابواب وعناوين واغنيت محاورها من خلال متابعتي للاخبار  وقبل بدأ اول ندوة بيوم سألت الرفيق عن الراي في النشرة واكدت له اني غير مقتنع به فكيف اتبناه واطرحه , قال هذا راي وتقدير لرفيق او اكثر ولكن هو مجرد راي مثبت يحمل وجهة نظرهم وليس قرار متخذ ولا يوجد ضير من طرحة والاشارة له .
الندوة الاولى :
حضرها حوالي 15 رفيق , وقدمت المداخلة خلال وقت ما بين 50 الى 60 دقيقة بشكل متواصل , وخلال تقديمي للمداخلة شعرت انها غير مبوبة بشكل جيد , وطرحت الفكرة او الرأي الذي كان موجود في النشرة الداخلية والذي لم اكن متفق معه , ولم اذكر للرفاق ان الفكرة موجودة في النشرة الداخلية , فأمتعض غالبية الرفاق من الفكرة وعبروا عن عدم ارتياح, وعلى الفور وجه لي الرفيق الدكتور ابو بدر السؤال التالي : هل هذا راي الحزب , فكان جوابي لا رفيق هذا ليس راي الحزب وانما وجهة نظر اطرحها , وبعد الاجابة على الاسئلة المطروحة والاستماع الى مداخلات الرفاق , انتهت الندوة ولكن الآراء والاسئلة ساعدتني كثيراَ على اعادة تبويب جديدة للمحاضرة , وفي صباح اليوم التالي , جلست مع الرفيق ابو طالب , واستفدت من آرائه ووجهات نظره وقمنا سويتاَ بأعادة ترتيب المحاضرة , وفي المساء بدأت الندوة الثانية وحضرها حوالي 15 رفيق , وكانت طريقة الطرح وترتيب الافكار افضل مما كان عليه في المحاضرة الاولى , وكانت الندوة الثانية افضل بكثير من الندوة الاولى , وطرحت الكثير من الافكار وتخللتها مداخلات جيدة وتواصلت الندوات السياسية أعتقد لخمسة ايام متتالية .
( يتبع)
24-4-2012


85
ذكرى مرور 22 عام على كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا

(5)
فلاح علي
العلاقة مع ادارة المعسكر بقيت متواصلة من خلال استمرار ذهاب الرفيقيين ابو كمال وآزاد بين الحين والآخرللادارة لمتابعة بعض الامور  وبدون الحاجة الى تشكيل وفد , بالنسبة لنا كانت المهمه التي نسعى الى انجازها هي الاسراع في عملية التحقيق لنتمكن بعهدها من الحصول على اجازات والتي تساعد الاجازات على ديمومة التواصل مع الحزب وانجاز معاملة السفر . وقد تجاوز اسبوعان على اللقاء الاول او اكثر بقليل ولم يبدأ التحقيق معنا , فقرر الرفاق ارسال وفد لاجراء لقاء مع الادارة والمطالبة بالاسراع بعملية التحقيق .
اللقاء الثاني مع ادارة المعسكر :
توجه الوفد للقاء مع الادارة وكان مؤلف من رئيس واعضاء الوفد الاول وكان مترجم الوفد الرفيق ابو كمال وتركز اللقاء على نقطة اساسية وهي الاسراع بالتحقيق لان اي تأخير في التحقيق يزيد من فترة بقائنا في المعسكر والذي هو في الواقع كان سجن بمعنى الكلمة . كان حاضراَ في اللقاء شخص يبدوا اعلى رتبة من رئيس ادارة المعسكر , وبعد ان تحدث رئيس الوفد الرفيق ابو واثق عن اسلوب المماطلة في اجراء التحقيق من قبل الادارة , وتسائل هل هناك دوافع لتأخير اجراء التحقيق معنا , وفسح الرفيق المجال لنا في الحديث , وأكدنا لهم منذ تواجدنا في زيوه والى الآن لم نحصل بعد على حقوقنا كلاجئين مؤقتين  وبنفس الوقت لا نعتقد انه يوجد مبرر لاستمرار بقائنا في هذا المعسكر وتأخير التحقيق معنا , بعدها تحدث الشخص القادم من خارج المعسكر وهو كان مدني , وكان حديثه يوحي بأنه متفهم لوضعنا وكان مرن جداَ وهادئ , وأكد في حديثه ان اجراءات التحقيق قد استكملت وسيبدأ معكم في التحقيق في الاسبوع القادم , ووجه له سؤال من قبل الرفيق فراس واذا لم يبدأ التحقيق في الاسبوع القادم , أكد انه يتحمل مسؤولية كلامه هذا وأشارثانية أؤكد لكم سيبدأ التحقيق في الاسبوع القادم وانتهى اللقاء , وأبلغنا الرفاق بذلك وتهيئ الجميع للتحقيق وسجلوا ملاحظات عن وضعهم تكون كأفادة يقدموها في التحقيق  وعليهم حفظها.
بدأ عملية التحقيق :
بعد مضي حوالي ثمانية ايام من اللقاء بدأت عملية التحقيق , والمحققون كان عددهم اثنان يجيدوا كتابة وتكلم اللغة العربية , وكل محقق ينظم فايل لاحد الرفاق ويوجه له اسئلة ويدون اجاباته , وكانت تستغرق عملية التحقيق ما بين ساعتين الى اربعة ساعات , عدا بعض الرفاق اللذين ذكروا انهم اعضاء في الحزب الشيوعي استغرق التحقيق معهم فترة أطول , قسم المحققون الاسئلة على اربعة محاور , بغض الاسئلة  لا يستغرق وقت ينجز في دقائق مثل محور يتناول الاسم والولادة والسكن والاخوة والاخوات , ومحور الدراسة والعمل واسئلة عن العمل , وبلا شك من يقول اني خدمت في الجيش تزداد الاسئله ولكن الرفاق لم يذكروا انهم خدموا في الجيش , ومحور عن الحياة الاجتماعية , والمحور الاخير هو الحياة السياسية , ولكن من يقول اني غير منتمي للحزب الشيوعي العراقي , ينتهي هذا المحور بشكل سريع , فقط تركز اسئله عن الانصار , وحد علمي جميع الرفاق لم يعطوا تفصيلات عن الانصار , بقدر ما هي اجوبه شكلية القاطع كم فوج والفوج كم سرية لم يعطوا امور خاصه . وعندما جاء دوري للتحقيق أنهيت الاجابه على المحاور الثلاث بحوالي ساعه ونصف وصلنا الى المحور الاخير وهو المحور السياسي ( الحياة السياسية للشخص) . وكان اول سؤال وجهه المحقق لي هل انت سياسي نعم لأي حزب تنتمي الى الحزب الشيوعي العراقي , فتفاجئ وأخذ يتمعن في وجهي وقال هل أنت متأكد من ذلك نعم متأكد اني عضو في الحزب الشيوعي العراقي , وكان السؤال الثاني متى إنتميت الى الحزب , الرد لن أجاوب على هذا السؤال , فشمر القلم على الميز وبحركة توحي هو صاحب القرار وقال لماذا لم تجاوب , قلت لك اني عضو في الحزب وانتهى الامر بالامكان ان تسألني عن سياسة ومواقف الحزب اما إمور خاصة فلا اجاوب عليها , وهذا حق لي مثبت في المواثيق الدولية لحقوق الانسان , كان رده عنيف ان لم تجاوب فسوف يتوقف التحقيق معك واذا اقتضى الامر يتم ارسالك الى سجن ايفين ,فكان الجواب لم اعمل جريمة تستوجب ذلك , واصل حديثه اعطني اي تأريخ , لم اعطيك اي تأريخ حتى لوكان كاذباَ , قال سننتقل لسؤال آخر ونعود لهذا السؤال تفضل , السؤال كيف اصبحت شيوعياَ ؟ الجواب البيئة التي نشأت فيها كونت لديه وعي وآمنت بالفكر الشيوعي, اذن لنعود الى السؤال السابق متى انتميت للحزب الجواب في اليوم  والساعه التي ولدت فيها في تلك اللحظة انتميت لفكر الحزب , صار عصبي وقال أخرج وسوف لن نحقق معك , وكنا نتوقع هذه الضغوطات وخرجت بكل هدوء . بعد الخروج من التحقيق شاهدت الرفيق ابو عليوي ومعه عددد من الرفاق , سألني عن التحقيق وذكرت لهم طبيعة التحقيق والاسئلة السياسية التي وجهت وجوابي , الرفيق ابو عليوي كعادته الذي يعرف عنه بالمزاح , لكن يعرف عنه ايضاَ بالتحدي والشموخ والقدرة على الصمود وبالسخرية من الصعاب قال ( خوات ال .... الخ تعذيب صدام ما تمكن منا لن يتمكن احد من النيل منا واضعافنا ) , وتحول اللقاء الى مزاح ونسينا التحقيق وصادف ان الصور التي اخذناها عند مصور المعسكر لغرض تسليمها الى المحقق , قد حصل عليها الرفيق ابو سعد اعلام والصور تثير الضحك حيث شعر الرفاق غير مرتب وملابسهم ايضاَ .... الخ وضحكنا على الصور ويبدوا ان الرفيق ابو سعد قد اقام علاقه مع المصور وتمكن من الحصول منه على الصور .
الدعم المقدم من الحزب زاد من فرحة الرفاق :
ذكرت اعلاه ان الرفاق الذين لم يذكروا انهم شيوعييون لم يستغرق معهم التحقيق أكثر من ثلاث ساعات لكل واحد , وبهذا بعد اسبوعيين الى ثلاث اسابيع من التحقيق يحق للشخص الحصول على اجازة للنزول للخوي , في هذه الفترة اتخذ الرفاق قرار بتقديم دعم مالي لكل رفيق في الحالات التالية :
1- مبلغ من المال لشراء ملابس وبعض المستلزمات الضرورية .
منذ دخولنا الى ايران في 15-10-1988 ولغاية بدأ التحقيق ما بين منتصف نيسان واوائل آيار 1989 غالبية الرفاق هم يرتدون الشروال فقط وليس لديهم بنطرون او قميص , فطرح استبيان على عدد من الرفاق وكان على الشكل التالي ما هو المبلغ المطلوب تقديمه لكل رفيق لشراء الملابس . بعض الرفاق حدد مبلغ 1500 تومان يكفي للملابس الضرورية والبعض الآخر حدد 2000 تومان والبعض الثالث حدد 2500 تومان بالنسبه لي كان رأي مع ال 2500 تومان , ولا حقاَ أختير الرقم الاخير و سلم لكل رفيق مبلغ قدره 2500 تومان .
2- يدفع مبلغ لكل رفيق كدفعه اولى قدره 200 تومان لمراجعة الدكتور بعد ان يقدم الرفيق طلب , لكن غالبية الرفاق راجعوا دكتور الاسنان .
3- يقدم مبلغ من المال لكل رفيق ينجز معاملة سفره ويرغب في التوجه الى سوريا .
4- يقدم مبلغ من المال قدره 5000 تومان لحالات كأن تكون خطوبه مثلاَ وحصلت 2 الى 3 حالات .
الحصول على الاجازات :
عدد غير قليل من الرفاق وعوائلهم الذين انهوا التحقيق حصلوا على اجازات للذهاب الى قضاء الخوي صباحاَ والعودة مساءَ , وهذه كانت نقله نوعيه آنذاك في حياة الانصار في المعسكر , وبعض الرفاق الذين كانوا يعودوا الى المعسكريرتدون ملابسهم الجديدة حال شرائها من المحل , وبهذا للوهله الاولى كأننا لا نعرفهم من قبل وهم قادمين من اجازاتهم كانوا يرتدون القميص والبنطرون ويتغير شكلهم  , حيث منذ سنوات لم يرتدوا القميص والبطرون .
دخول النشرات الحزبية الى المعسكر :
بدأ البريد الحزبي يصل الى المعسكر , ساهم عدد من الرفاق في ادخال البريد الحزبي , لكن اكثر الرفاق اسهاماَ في ذلك هو الرفيق سفين , ونظم الرفاق عملية قراءة البريد بطريقه سريعة , حيث يقسم البريد الى قسمين , قسم يذهب الى ال6 او ال8 غرف الاولى والقسم الآخر يذهب الى الغرف ال6 او ال8 الخلفيه , وشخص لكل غرفتين رفيق يستلم البريد الغير مقروء ويسلم البريد المقروء , بعض البريد يقرأ من قبل احد الرفاق على الرفاق المتواجدين في الغرفة وتنجز قرائته بسرعه وحدد الرفاق وقت بأنجاز قراءة البريد كحد اقصى يومان بعدها يحرق كما يطلع عليه الرفاق وعوائلهم  المتواجدين خارج البلوك. وبعد دخول البريد بدأنا نتواصل مع اخبار الحزب ونطلع على الاوضاع السياسية في البلاد , كما واصل الحزب متابعته لوضعنا وظروفنا وكان يضع اطراف جك في الصورة عن وضعنا .
العودة الى التحقيق :
بعد حوالي شهر ارسل عليه المحقق , وذهبت في اليوم التالي في الساعه المحدده وحال وصولي سألته ماذا تريد بدون ان اسلم عليه لكي أوحي له ان ضغوطاته لن تجدي نفعاَ معنا ,فرد قائلاَ لماذا لم تسلم , فذكرت انك  في اللقاء الاخيرصادرت حقوقي المنصوص عليها في الميثاق الدولي لحقوق الانسان وبقوانيين اللجوء , عندما مارست الضغط والتهديد وأخرجتني من التحقيق , فطلب الجلوس وجلست , وقال لنتجاوز السؤال السابق ,وأكدت له اني جاوبت وليس لديه جواب آخر , فرد قائلاَ طيب فقط اريد منك توضيح انك ذكرت في اليوم الذي ولدت فيه اصبحت شيوعياَ وضح لي ذلك كيف , بلي اصبحت شيوعياَ في تلك اللحظة حال رضاعتي لحليب والدتي  , قال كيف ,  الجواب لأن هذه كانت لحظة التربية لي التي حصلت عليها من عائلتي , والتي كانت عائلة فقيرة تعاني الظلم والحرمان , وقبل دخولي المدرسة فهمت بالفطرة ومن خلال البيئة التي عشت فيها معنى الصراع الطبقي وعندها اصبحت شيوعياَ بالفطرة . ضحك ولاول مره اشاهده يضحك وكأنه غير مقتنع بروايتي . سؤال آخر تفضل ماهي المهام التي كلفت بها في الحزب , لم اكلف بأي مهمه , قال هل يعقل ذلك منذ يوم ولادتك انت شيوعي والى هذه اللحظة ولم تأخذ مسؤولية في الحزب , لا لم تعطى لي اي مسؤولية , وحتى عندما كنت مدنياَ قبل التحاقك في الانصار , لم تكن لدية اي مهمه او مسؤولية سواء عندما كنت مدنياَ او عندما التحقت بالانصار  , اذن كيف تعطى المهام في حزبكم وكيف يصبح العضو مسؤلا , الجواب لا اعرف ذلك . وسأل اسئلة سياسية عديدة منها موقف الحزب من الحرب العراقية الايرانية وجاوبت عليها بكل وضوح .
انتهى التحقيق وبعد اسبوعيين حصلت على الاجازة ونزلت الى الخوي برفقة عدد من الرفاق واشترينا ملابس , وبقينا نتردد على الخوي ونتجول فيها ونجلس في مطاعمها ومقاهيها .
وصول رفاق جدد الى المعسكر :
لقد وصل عدد من الرفاق الجدد بعضهم كان في الاحتجاز منهم الرفيق عباس رش والرفيق ابو جمال وسكنوا معنا في نفس البلوك , والرفيق المرحوم المناضل ملا حسن اصبح لا حقاَ عضو مكتب سياسي للحزب الشيوعي الكردستاني , والرفيق ابو حاتم كاتب وقاص والرفيق ابو علي عضو محلية في التنظيم المحلي في السليمانية , هؤلاء الرفاق تم وضعهم في البلوك الثاني ولم نلتقي بهم في البداية بشكل مباشر وعلني لظروفهم الخاصة , كان الرفيق ابو حاتم يقفز من السياج الداخلي ويلتقي بالرفاق , كما كان يوجد في البلوك الثاني رفيقين كانا في الانصار هما الرفيق سامي حركات سمعت انه استشهد في الداخل ورفيق آخر قيل اسمه أمين شاهدتهم فترة محدودة ولم التقي بهم ثم غادروا المعسكر .
( يتبع)
22-4-2012


86
ذكرى مرور 22 عام على  كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَارا
(4)
فلاح علي
تشكيل اول وفد للتفاوض مع ادارة السجن :
كانت هناك حاجة للقاء بأدارة المعسكر لمعرفة اسباب ودوافع هذه الاجراءات التي إتخذتها ادارة المعسكر والتي شكلت حينها مضايقات أثرت سلباَ على أوضاع المتواجدين في المعسكر ,بعد ان درس الرفاق الموضوع , قرروا تشكيل وفد للقاء والتفاوض مع ادارة السجن , لأنتزاع بعض من حقوقنا , لا سيما نحن لم نكن أسرى ولكننا دخلنا ايران بأرادتنا كلاجئين مؤقتيين وهذا ما تقره المواثيق الدولية بأن لنا حقوق .
وتم تشكيل الوفد المفاوض من الرفاق التالية اسمائهم :
الرفيق ابو واثق رئيساَ للوفد , والرفيق فراس عضو في الوفد , وكاتب هذه الاسطر عضو في الوفد والرفيق آزاد مترجم للوفد , وقبل الذهاب للقاء مع الادارة عقد لقاء قصير تم فيه التباحث حول اللقاء واضافة مطاليب جديده وهي :
اضافة للمطلبين اللذان قدمهما وجهاء العوائل من أهل القرى المتواجدين في المعسكر والمطلبين هما .
1- السماح بدخول المواد الغذائية ( الخضروات ) .
2- واعادة منح الاجازات لغرض النزول الى قضاء الخوي .
تم اضافة مطلبين جديدين من قبلنا وهما التالي :
3- نحن مع التعداد الليلي ولكن نطالب بعدم إغلاق باب البلوك وان تبقى مفتوحة دائماَ .
4- الاسراع بأجراء التحقيق معنا . وبهذا حمل الوفد أربعة مطاليب .
لقاء الوفد مع إدارة المعسكر :
كانت الادارة لديها علم بالوفد حيث تم تبليغها قبل يوم اللقاء لأخذ موعد معهم , وسمح لنا الحرس بالدخول الى مجمع الادارة  وفي احد الغرف كان جالساَ مسؤول المعسكر بملابس مدنية , وبجانبه شخصيين مدنيين ايضاَ وهم في الاصل ضباط , استقبلونا وتم تقديم الشاي لنا وبعدها سألونا عن سبب اللقاء:
تحدث الرفيق ابو واثق وعرف بالوفد , وقدم مداخلة قصيرة عن نضال الانصار الشيوعيين ضد الدكتاتورية , واشار في حديثة لم نكن نفكر في يوم ما بالانسحاب والمجيئ الى ايران الا بعد ان استخدم ضدنا السلاح الكيمياوي أضطررنا الى الانسحاب , وقد اخترنا بأرادتنا بأن تكون محطتنا الاولى بعد الانسحاب هي ايران ومنها نتوجه للخارج  , وأشار الرفيق اننا لسنا بأسرى حرب وانما لاجئين مؤقتين فلدينا حقوق لم نحصل عليها وهذا هو الهدف من زيارتنا . وفسح المجال لي وللرفيق فراس للحديث , تحدثت عن قساوة الظروف التي مررنا بها في زيوة , واشرت عند مجيئنا الى هذا المعسكر كان هناك توقع بتحسن الظروف , لوجود ادارة في المعسكر ترصد النوافص والحاجات وتسعى الى تذليلها ,ولكن ما نلاحظة ان ادارة المعسكر تعمل بالضد من مواثيق اللجوء الدولية التي تضمن فيها حقوق اللاجئ ومنها حق العيش بأمان وحق التنقل وحرية الحركة , من هذا جأنا للقاء بكم لهذا الغرض , فطرحت المطلبين الاول والثاني وطرح الرفيق فراس المطلبين الثالث والرابع مع تقديمة لمداخلة قصيرة , عن غياب كثير من الخدمات والضروريات في المعسكر وسيادة الروتين في التعامل . وبهذا طرحنا مطاليبنا الاربعة بكل وضوح لا تقبل التأويل والتأجيل وحتى المماطلة وحملناهم مسؤولية التجاوز على حقوق اللاجأيين وقد تفاجئوا من هذا الطرح وهذه الثقة العالية , لاسيما انهم كانوا يستقبلون طيلة هذه الفترة عراقيين أفراداَ غير موحدين فتعودوا على إضعاف اللاجئ العراقي , وحددنا لهم وقت لتلبية مطاليبنا حيث ذكرنا لهم خلال الاسبوع القادم سنكون هنا للقاء بكم في حالة عدم تلبية هذه الحقوق , وبعد ان قدمنا مطاليبنا , بكل برودة أعصاب تحدث الرفيق ابو واثق وختم اللقاء قائلاَ صحيح نحن خلف الاسلاك , ولكن هناك حركات ومنظمات واحزاب ودول تعرف نحن هنا وهم يتضامنون معنا اذا طلبنا منهم ذلك .
كان تقديري حينها عندما كنا جالسين معهم , ان ادارة السجن لم تكن تتوقع ان تسمع منا هكذا طرح , ويبدوا بالنسبه لها كانت هذه المرة الاولى التي تتفاجئ فيها , حيث كانت تدرك تماماَ ان نزلاء السجن يجب ان يكونوا مطيعيين للادارة وعليهم الموافقه على كل شيئ والخنوع لها , اما الطرح بهذه الطريقه فكان غريب لها وأخذته على محمل الجد لانها تعرف ان عددنا هو كثير ونحن موحدين ومتضامنيين وتدرك تماماَ ان العوائل ستقف معنا .
فتحدث رئيس أدارة السجن قائلاَ :
سندرس مطاليبكم وأوعدكم خيراَ بأننا سنعمل بعد اعلام الجهات العليا على تنفيذ بعض مطاليبكم  :
1- سنعمل على عدم إغلاق باب البلوك .
2- سنفسح المجال لدخول المواد الغذائية ( الخضروات )خلال الايام القريبة القادمة .
3- اما التحقيق فسنبذل جهود لتقريب موعد التحقيق معكم وبأسرع وقت .
4- اما الاجازات فسنفتحها ثانية لكل من أنهى التحقيق , لانه هذا قانون بالنسبه لنا , لا يمكن ان نعطي الاجازة الا بعد انهاء التحقيق وبالنسبه لكم حال انتهاء التحقيق سوف تعطى لكم الاجازات .
خرجنا من اللقاء وكان بأنتظارنا بعض من اهل القرى من العوائل ورفاقنا , وعكسنا لهم ما دار في اللقاء , وعاد القرويون الى عوائلهم فرحين لما ذكرناه لهم , وأعتقد بعد مرور اربعة او خمسة ايام طلبت إدارة السجن من العوائل مراجعة الادارة للحصول على اجازات للنزول لقضاء الخوي , مع السماح  لجلب الخضروات من قضاء الخوي , وعمت الفرحه داخل المعسكر وزاد من احترامنا وتقديرنا من قبل العوائل ومن قبل العراقيين العزابية الساكنين في البلوك الثاني الذي يقع بجانب بلوكنا , وفعلاَ قام اصحاب بيع الخضروات بعرض الخضروات التي جلبوها بعد نزولهم الى قضاء الخوي  , وكانوا فرحين جداَ  وعندما اشترينا منهم الخضروات رفضوا أخذ مبالغ , الا ان جميع الرفاق أصروا وبصعوبه معهم واقنعوهم بضرورة استلام مبالع الخضروات واستلموها فعلاَ , وفي اليوم التالي ابلغتنا ادارة السجن بأنهم سوف لن يغلقوا علينا الباب وهذا ما تم فعلاَ وكذلك لم يغلقوها على البلوك الذي بجانبنا . هذا كان الاختبار الاول والنجاح الاول للوفد ولتاكتيك كشف عشرة شيوعيين من الانصار .
الاجتماع الحزبي الاول في الخوي :
بعد ان ان حققت الادارة مطاليبنا بفترة حوالي اسبوع , تم التبليغ لعقد لقاء موسع للرفاق , وبلغنا باليوم والوقت , حيث كان الوقت ليلاَ بعد العشاء في احد غرف العوائل من الرفاق , وكان الدخول الى الغرفة انفراداَ او كل اثنين من الرفاق , وبعد ان اكتمل عدد الحضورمن الرفاق أعتقد كان عددهم حوالي 20 رفيق , كانت النقطة الاولى حامية في النقاشات وهي الوضع السياسي بعد مداخلة قدمها الرفيق ابو هندرين , وتم دراسة وضعنا في المعسكر , وطرحت مجموعة من الافكار منها موقف ادارة المعسكر اللاحق ومسألة مواصلة الضغط على الادارة للتعجيل في التحقيق والتي كانت هي قضية اساسية بالنسبه لنا لنتمكن بعدها من الحصول على اجازة والسفر لاحقاَ , كانت معنويات الرفاق عالية جداَ , وخرجنا ايضاَ على دفعات بعد انتهاء الاجتماع في قت متأخر من الليل .
الاحتفال بمناسبة الذكرى ال55 لتأسيس الحزب :
غالبية الرفاق استعادوا في يوم 30-3-1989 ذكريات الاحتفال في هذه المناسبة العزيزة عندما كانوا احرار في كوردستان , واليوم هذه المجموعة من الشيوعيين خلف اسلاك السجن , والجميع مقتنعون ان هذا لا يمنع من استذكار المناسبة بأي طريقة كانت , وبغض النظرعن الزمان والمكان فأن ارادة الشيوعيين القوية هي سلاحهم الفاعل في المنعطفات الحادة وفي الظروف الصعبة . وكما كنا في الجبل ان رفاق الاعلام يهيئون برنامج الاحتفال بذكرى تاسيس الحزب , ايضاَ في الخوي بهذه المناسبة لعب رفاق الاعلام دوراَ متميزاَ في تنظيم الاحتفال . في صباح 31/ آذار الربيعي الجميل المشمس في الخوي , تبادلنا التهاني في الغرفة , وبعد تناول الفطور قام الرفيق ابو طالب الذي كان مسؤول اعلام الفوج الاول بوضع الراديوا الصغير في شباك الغرفة , ورفع صوت الراديوا عالياَ حيث كانت حلقة من برنامج غنائي وموسيقي منوع  , وحال سماع الغرف الاخرى صوت الاغاني من غرفتنا , بعض الغرف فتحت الراديو عالياَ ايضاَ , وتجمع عدد من الرفاق امام الغرف وبدأت التهاني الحارة بالمناسبة بين الرفاق , وكان الجميع فرحيين وتزاورالرفاق مع بعضهم في الغرف لتبادل التهاني , ووصل الى البلوك عدد من رفاق العوائل , وغالبية الرفاق جلسوا في الساحة وتم تبادل الذكريات , وتجمع عددد من الرفاق خارج البلوك , كان يومياَ غير عادي ومليئ بالحيوية , حتى في ذلك اليوم لم يلعب اي من الرفاق الشطرنج في الفترة الصباحية .كان رفاق الاعلام قد رتبوا جلسة مسائية للاحتفال, ولكن قبل المساء كنا مجموعة من الانصار نشاهد مبارات لكرة القدم في الساحة حيث اقيمت عدد من المبارات , وكان الوقت عصراَ , وسمعنا صوت الطبل ( الدمبركة) مع تصفيق من خلفنا , واذا بمجموعة من الرفاق تصفق وفي المقدمة ثلاث رفاق في الوسط كان الرفيق ابو حسن حبيب البي يؤدي رقصات وكأنه في عرض بالية , وبجانبه الرفيق اسكندر حيث يضرب على الطبل ( الدمبركة) ومعهم أعتقد الرفيق نضال وكان اعتقد بيده دف , وكان حقاَ منظر جميل وعمت الفرحة الجميع , واذا بالمفاجئة الثانية , حيث حمل رفيقين على اكتافهم الرفيق حيدر ابو حيدر وبصوته الجميل كان يردد بستات شعبية ويردد بعده الرفاق بصوت عالي , والتحم غالبية الرفاق في هذا التجمع الجميل , في المنطقة المكشوفة ما بين الحمام وساحة كرة القدم , وادى عدد من الرفاق دبكات , وعرف كثير من اهل القرى والعراقيين الذين يسكنون البلوك الذي بجنبنا ان هذا الاحتفال المفاجئ هو بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي , وبعد ان حل المساء عاد الجميع الى غرفهم , حيث الرفاق الخفر كانوا قد أعدوا وجبات طعام سريعة , وبعد تناول العشاء , مد الرفاق بطانياتهم في الساحة الخلفية من البناية المقابلة لغرف الرفاق (ابو عليوي وابو عجو وابو حاتم وآرام وشيروان وفاخر وابو رضية وابو ماجد وفياض وغرفتنا التي كان يسكن فيها ابو طالب وابو عسكر وثائر وهندرين اعلام ومنذر وغرفة الرفيق ابو آمال واسكندر ونضال وابو سلام ( عقيل) وثائر العامل وحضر جميع الرفاق حتى من هم خارج بنايتنا , وبدأ الحفل بكلمات قصيرة ومقاطع اشعار من رفاق الاعلام , وغنى عدد من الرفاق اتذكر منهم الرفيق ابو بسام , وغنى الرفيق ابو آمال قصيدة شعرية لاحمد فؤاد نجم مع رقصات جميلة للرفيق ابو زياد, وكان للصفكَة البصراوية حضور حيث أداها بشكل جميل الرفاق ( وهم الرفيق الرائع والمحبوب والوديع المرحوم الرفيق ابو سناء حيث توفى في السويد والرفيق ابو طالب والرفيق ابو فاتن والرفيق المرحوم الرائع المحبوب اسكندر الذي توفى بعمر مبكر في هولندا ) وهذه الصفكَة الجميلة  لا يجيدها اي رفيق , وكان لصوت الغناء مع الضرب على الدمبركة والدف والتصفيق في ليل ذلك اليوم , له أثر في سماع صوت صدى الاحتفال في المعسكر, فزارنا حوالي 30 عراقي من البلوك الذي بجانبنا وعدد غير قليل من شباب القرية وعرفوا في المناسبة واستمتعوا بالحفل واستمر الحفل الى وقت متأخر من الليل . وبعد هذا الاحتفال الجميل بمناسبة الذكرى ال55 لتأسيس الحزب حصلت فرحة أخرى في الخوي حيث رزق الرفيق ابو سيف والرفيقة هدى بمولودهم البكر يسار .
( يتبع)
19-4-2012
 
 

87
ذكرى مرور 22 عام على  كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَار
(3)
فلاح علي
الوصول الى معسكر الخوي :
وصلنا الى المعسكر بعد الساعه 11 ليلاَ وكان ذلك في نهاية كانون الثاني او اوائل شهر شباط 1989 , خصصوا لنا بلوك نظيف وجيد , وكان يسع ما بين 6 الى 8 غرف في المقدمه , وفي الجهه الثانية من نفس المدخل ملاصقه لها 6 الى 8 غرف , ويوجد ممر واحد يؤدي الى الجهة الثانية , وامام كل مجموعة من الغرف ساحة مبلطة بالاسمنت . وتوزع الرفاق كل ستة رفاق في غرفه , اما العوائل فتم توزيعهم على غرف مخصصة للعوائل كل غرفتين كبيرتين ملاصقة لبعضهما وكأنها بيوت صغيرة تسكن فيهما عائلتين  وكان السكن افضل بكثير من السكن في زيوه .
في صباح اليوم الثاني بعد تناول الفطور , خرجنا من بلوك السكن , واذا بتجمع كبير من العوائل الكردية المتواجده في المعسكر كان في استقبالنا , ونسبه غير قليلة منهم نعرفهم جيداَ , عملنا في مناطقهم ( القرى والقصبات التابعه لمحافظة دهوك ولأقضيتها ونواحيها) وسبق وان إستضافونا في بيوتهم , وكان لقائنا حاراَ معهم , وكان من ضمن القادمين للسلام علينا , رفيقنا الجندي المجهول المتفاني والمعطاء عبد الرحمن بيرموس , كان يسكن في قرية بيرموس القريبه من القوش والواقعه في نهاية دشت القايدية , وكان بجانب القرية جبل على سفحهه (كهفيين كبيرين ) هذين الكهفيين كانا مقر لسريتنا , بقى الرفيق عبد الرحمن يسكن في القرية لوحدة بعد ان تعرضت للقصف بالطيران وهجرها أهلها , وبقى معنا كأنه واحد من أعضاء السرية ويتم تكليفه من قبل الرفاق بمهام خاصة غير عسكرية , وعادتاَ نلتقي معه كل يوم في القرية حيث الرفاق الخفر يعملون الخبز ويطبخون , ونلتقي احياناَ في ثلاث وجبات أكل في مطبخ السرية الذي تم بنائه ما بين سفح الجبل والقرية . عانقنا الرفيق عبد الرحمن بحراره والدموع في عينيه وكأنه استذكر ايامه عندما كان في الجبل و ذكرياته وحريته في القرية وانه كان قوياَ حراَالآن وهو يخضع لقيود روتينية ادارية ممله . كان ذلك اليوم بالنسبه لنا جديداَ وكنا نشعر بالغبطه والفرح في داخلنا مع قوة وتماسك , لانه اينما نذهب نجد جماهير تحتضننا , وهي ايضاَ بوجودنا معها تشعر بالقوة وعدم الضعف . كان مقابل باب البلوك مجموعه من المواطنيين الاكراد العراقيين يبيعون الخضروات ليعتاشوا عليها , وبعد هذا اللقاء الجميل بالقرويين , توزع بعضنا على شكل مجموعات وقمنا بجوله للاطلاع على المعسكروالتعرف ما في داخله وحوله .
كان المعسكر يقع في منطقة نائية جداَ , بالقرب من حدود الاتحاد السوفياتي السابق , اعتقد جمهورية أذربيجان , وتحيط به سلاسل جبلية ومعزول تماماَ ولا توجد حوله قرى او سكن او بناية, ويبعد عن قضاء الخوي حوالي 40 دقيقه . محاط المعسكر باسلاك عالية , مع حراسات عسكرية من جميع جهات المعسكر  المكان المخصص للحراسة يقع في ابراج عالية يشرفون الحرس من خلاله على المنطقه وبجانب كل نقطة حراسة بروجكترات تضيئ المنطقه لمسافه واسعه , ويحوي المعسكر على ساحة كبيرة لكرة القدم , وعلى حمام , وعلى مكتبه  وقاعه اشبه بكَازينو فيها تلفزيون فقط القناة الايرانية , ويحوي على بنايات كثيره للعوائل ومكاتب للادارة  وقسم للحراسات ومخازن للمواد الغذائية , وفرن لصنع الخبز , مع وجود بلوك ثاني ملاصق الى بلوكنا يسكن فيه أيضاَ عراقيين  .
تم نقلنا الى هذا المعسكر لغرض اجراء التحقيق معنا , ولكن ما لفت انتباهنا , في تمام الساعه السابعه مساءَ تم ادخالنا الى داخل البناية البلوك وتم قراءة اسمائنا لتسجيل الحضور والغياب وبعد التأكد من الحضور قام الحرس بأغلاق الباب من الخارج , وشعرنا اننا في سجن وهذه هي الحقيقة كان سجن ولا نعرف متى ستنتهي مدة محكوميتنا فيه , لكن انتزعنا لاحقاَ بعض الحقوق من خلال خوضنا لصراع مع ادارة السجن , وهذا ما سأوضحه لاحقاَ في الحلقة القادمة, تكررت عملية اجراء التعداد في الايام التالية واغلاق باب البناية الرئيسية وهذا مما لانقبل عليه .
حياة الانصار في المعسكر منذ الايام الاولى تميزت بالحيوية وتنوع النشاطات  :
بعد ان رتب الانصار امورهم اليومية من خلال التنظيم الاداري في الغرف ووجود خفارات يومية في كل غرفة , وبدأو بتنظيم وقتهم واستغلال الفراغ  وممارسة بعض النشاطات والهوايات, , وبطبيعة الانصار المعروفة بعيشهم المشترك , وإلفتهم ومحبتهم وبعلاقات التضامن الرفاقية القوية , ساعد ذلك على تخلصهم  من حالة الرتابه التي كانت سائده بينهم في قرية زيوة وتجلت حياتهم اليومية في هذا ( السجن الجديد) بتنوع النشاطات والاهتمامات وبالحيوية والنشاط والتنظيم واستغلال الوقت .
من ابرز ملامح حياة الانصار في هذا السجن هي :
1- تم تشكيل فرق رياضية لكرة القدم , هذا مما دفع الشباب من ابناء العوائل في تشكيل فرق ايضاَ , واصبح مساء كل يوم ممتع حيث تبدأ المبارات والتدريبات ويحضر المشجعون , ثم تم تشكيل منتخب للانصار , واقيمت دوره رياضية وتطور الامر وشارك فريق ايراني من خارج المعسكر بالدورة الرياضية التي اقامها مسؤولي الفريق الرياضي بالتعاون مع فرق الشباب من العوائل  .
2- شكلت صفوف لتعليم اللغة الروسية والالمانية والانكليزية وعدد قليل جداَ بدأ يدرس اللغه الفرنسيه , أبرز معلمي اللغة الروسية الرفيق ابو عمران خريج جامعة لينين كَراد , وأبرز معلمي اللغة الالمانية الرفيق ابو ماجد لاسلكي خريج المانيا والانكَليزية الرفيق حسين مدرس كان في العراق, والفرنسية لا يوجد فيها معلم ولكن حصل عدد من الرفاق على كراس لتعليم اللغة وبدأو بدراسته ومنهم الرفيقين ابو طالب وابو حازم اداري الفوج الاول , بالنسبه لي دخلت في دورتين لتعليم اللغه الروسية والالمانية .
3- بدأت زيارة المكتبه ووجدنا كتب باللغه العربية منها نهج البلاغه , وبدأنا في الاستعارة وقراءة الكتب , أتذكر بعض الرفاق أنهوا قراءة الجزء العشرين لنهج البلاغة , ومنهم الرفيق ابو فاتن , بالنسبه لي أنهيت قراءة الجزء رقم 12 .
4- البعض يعطي من وقته لمشاهدة التلفزيون , في القاعة الكبيرة , وهي على شكل مضيف الجلوس على الارض , واحياناَ يكون تجمعنا كبير لانه بين الفترة والاخرى ينقلون مباراة لكرة القدم ونتجمع فيها .
5- تمت ممارسة لعبة الشطرنج على مجال واسع داخل المعسكر رغم عدم موافقة الايرانيين , وكانت هناك مبارات ومنافسات بين لاعبي الشطرنج , وكان عدد من الرفاق يلعب الشطرنج بشكل جيد , ومنهم الرفيق المرحوم ملازم فائز وابو رائد ومنذر وعمودي كان لاعب جيد وابو حازم اداري, وآزاد وابو فاتن وهوبي وابو حسن ياسرعرفات وعدد غير قليل من الرفاق وكاتب هذه الاسطر , وتحصل منافسات حادة بينهم , ويشاهد المبارات جمهور من الرفاق , واجمل المبارات عندما يكون فيها المنافس الرفيق ملازم فائز , حيث احياناَ يمارس طرق لا يكتشفها أحد بسهولة , ويمارس ذلك للمزاح عندما لا يكون موجود حكم وجمهور كثير , حيث كنت ألعب معه تقريباَ كل يوم , وبطريقه سريعه وخاطفة يرجع القلعة الميته او الحصان او الفيل الميت الى الرقعه , وعندما يتم اكتشاف ذلك يقول زين نعيد الداس من جديد .
6- كان عدد من الرفاق ينهض بوقت مبكر لممارسة الرياضية الصباحيه الركض حول السياج .
من الاجراءات التنظيمية التي اتخذت لخوض مرحلة التحقيق :
بعد ذلك برز دور التنظيم  لمواجهة الصعوبات والتطورات اللاحقه , فكانت هيئة قيادية موجودة في المعسكر يقودها الرفيق ابو هندرين , عملت على تنظيم  وتعزيز الصلات التنظيمية بشكل اوضح مما كان عليه في زيوه ,وإتخذت الهيئة القيادية قرار بكشف 10 انصار بأن يقولوا في التحقيق نحن اعضاء في الحزب الشيوعي العراقي , والاسباب التي دفعت بالرفاق لأتخاذ هذه الخطوة التاكتيكية هي للتغطية على بقية الرفاق لانه من غير المعقول هذا العدد من الرفيقات والرفاق في المعسكر ولا يوجد فيه شيوعيون , ولضبط الامور وحصرها ولعدم كشف قضايا في التحقيق , ولغرض متابعة انجاز امورنا مع الادارة في حالة المطالبة بشيئ او حصول اشكال يتطلب ان يكون هناك وفد يفاوض , ولحماية بقية الرفاق من ممارسة الضغط عليهم في التحقيق .
الشيوعييون العشرة الذين تم كشفهم هم :
الرفيق ابو واثق والرفيق ابو عليوي والرفيق ابو كمال والرفيق آزاد والرفيق المرحوم فراس حيث توفى قبل فترة في السويد والرفيق ابو رضية وكاتب هذه الاسطر ولم اتذكر اسماء الرفاق الثلاثه الآخرين , حيث تم تبليغنا بالقرار ,هذه المجموعه العشرة ان يتحمل كل واحد فيهم مسؤولية موقفه في التحقيق , وعليه ان يصمد ويقاوم الضغوطات , مع عدم كشف الاسرار وان لا يعطي نقطة ضعف ينفذ منها المحقق الذي هو رجل مخابرات في الاصل , وتم أخذ آرائنا ومدى استعداد كل رفيق لتحمل هذه المهمه التي لا تخلوا من الصعوبات , ووافق الجميع واقتنعوا ان الكشف هو مهمه تقتضيها مصلحة غالبية الرفيقات والرفاق لذلك لم يتردد احد بالموافقة .
المجموعة الثانية من الرفاق وهي كبيرة ومعهم العوائل , تقول نحن اعضاء في الانصار ولكن نحن غير شيوعيين التحقنا بالانصار لغرض التخلص من الضغوطات الامنية علينا حيث يلاحقوننا في عملنا ويطلبوا منا ان نكون بعثيين ونحن نكره الانتساب لحزب البعث ولا نريد ان نكون اعضاء في صفوف حزب البعث , ثم يحيكوا لهم رواية كأفادة يقدموها وكأجوبه على اسئلة المحقق , وان لا يذكر الانصار نحن خدمنا في الجيش , حتى لا يضغط عليهم بطلب معلومات عسكرية .
المجموعه الثالثة من الانصار تقول تم طلب مواليدنا للالتحاق بالخدمة العسكرية اوكأحتياط الا اننا نرفض الحرب لهذا قررنا عدم الالتحاق بالخدمة العسكرية , وفسحت لنا الفرصة للتوجه الى كردستان من خلال اصدقاء للتخلص من القاء القبض علينا وزجنا في جبهة الحرب , وكنا نفكر بالخروج الى ايران , وأوصلنا اصدقاء ومعارف الى الجبل , والتقينا بمفارز الانصار وأخذونا الى مقراتهم وبقينا معهم .
اول مواجهه مباشرة بين الشيوعيين وادارة السجن :
صادف ان اتخذت ادارة السجن قرار بعدم دخول المواد الغذائية ( الخضروات ) الى داخل السجن العسكري , وهذا القرار تضرر به طرفين الطرف الاول العوائل حيث فقدوا ارزاقهم , والطرف الثاني الانصار وكل من هو في داخل السجن حيث فقد حاجته من المواد الغذائية , صحيح ان ادارة السجن توزع بين فترة واخرى ( السكر والشاي والزيت والصابون والرز والفاصوليا اليابسة والملح ) وتبيع سيكَاير بهمن بسعر مخفض . ولكن هذه المواد بدون خضروات لا تسد الحاجة .
مالذي حصل :
مجموعة من الرجال من هم متواجدين داخل المعسكر من العوائل , قاموا بزيارتنا الى البلوك , لانهم بلا شك أختبروا مواقف الشيوعيين في الظروف الصعبه , والتقى بهم الرفيق ابو واثق في غرفته التي كان يسكن معه فيها الرفاق : ابو رياض وابو ماجد وابو سعد اعلام وابو كمال وآزاد , وكان اللقاء اعتقد بحضور هؤلاء الرفاق مع الوفد القادم الذي يمثل وجوه من العوائل .
وعلمت من الرفاق ان الوفد قال لرفاقنا , نحن نعتمد عليكم في تحقيق مطاليبنا لانكم لديكم القدرة في المواجه ولديكم الامكانية في التعبير عن مطاليبنا بصدق ونحن اختبرناكم في ظروف صعبه ونثق بكم وانتم تثقون بنا , ونرجوا منكم التحرك مع الادارة لتحقيق مطاليبنا , ونحن ندعم موقفكم بقوة في حالة عدم موافقة الادارة اواذا قامت بمضايقتكم , نعبئ العوائل للوقوف معكم ونشكل ضغط على الادارة التي هي تخشى هذا الضغط .
مطاليب العوائل كانت التالي :
1- افساح المجال لدخول المواد الغذائية .
2- اعادة فتح اعطاء الاجازات لغرض النزول الى قضاء الخوي .
وكانت هذه في الحقيقه هي حاجتنا ومطاليبنا ايضاَ , وقدم رفاقنا شكرهم للوفد على هذه الثقه وهذا الاحترام الذي يكنوه للشيوعيين ووعدوهم بالتحرك وقالوا لهم سوف تسمعون نتائج تحركنا .
(يتبع)
16-4-2012
 


88
ذكرى مرور 22 عام على  كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَار
(2)
فلاح علي
وفق مواثيق الامم المتحدة والميثاق الدولي لحقوق الانسان , يحق لنا التمتع بحقوق تتضمنها هذه المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان ,هذا ما فكرنا به عندما اتخذنا قرارنا بعدم البقاء في تركيا خشية من تسليمنا للعراق لوجود اتفاقيات أمنية بين الدولتين في فترة النظام الدكتاتوري المقبور, فأخترنا بأرادتنا مواصلة السير نحو الحدود الايرانية ودخولهاكلاجئين مؤقتين , لكن طيلة فترة بقائنا في منطقة زيوة لن نتمتع  خلالها بأي شيئ من هذه الحقوق , كانت فترة قاسية بمعنى الكلمة , ليس من السهل ان يصمد امام هذه القساوة في العيش اي انسان عادي عندما يكون لوحده او مع مجموعه قليله وذلك لغياب الحقوق , ولكن ما ساعدنا على تحمل هذه القساوة هو ارادتنا وصبرنا ووحدتنا وتضامننا وبتنظيمنا وبقناعاتنا  تمكنا من دحر كل الصعوبات .
سقوط الخيم :
بعد انتقال العوائل الى مجمع بقى في الخيم فقط الرفاق بالنسبه لخيمتنا بعد ان بقينا رفيقين جائنا رفيق هو الرفيق ابو سامان للسكن معنا ,  اتفقنا ان نجلب طابوق من الحمام الذي تم تهديمه لنصفه في الخيمه , ليساعدنا في التدفئة ويخلصنا من الحصو الذي ترك آلام في اجسامنا , وانهينا العمل خلال يوميين ووضعنا خشبه كسند في وسط الخيمه لألا تسقط من الثلج , واصبحت خيمتنا دافئه نوعما وجاهزة لمقاومة سقوط الثلوج , وزارنا عدد من الرفاق وحيا جهودنا للاستعداد لمواجهة سقوط الثلوج , وبعد ثلاثة ايام من انتهاء العمل , وكان الوقت عصراَ وكان ذلك اليوم مشمس ودافئ جداَ , و قبل غروب الشمس كنا واقفين مجموعه من الرفاق في الشمس بجانب سياج بنايه مقابلة للخيم بمسافة حوالي 20 متر , اتذكر منهم الرفاق ( ابو بسام بطبعه الرفيق يحب المزحه والنكته والرفيق الشاعر ابو طالب , وابو فاتن وبسام وكريم وكاتب هذه الاسطر والرفيق ابو سامان و ابو رشا ) . جميع الرفاق يحبون المزاح مع الرفيق ابو سامان , انه رفيق طيب وخلوق ومتواضع ويحب ان يساعد الآخرين ويقدم لهم خدمات , ومع هذا هناك عدد من الرفاق لحب مزاحهم مع الرفيق ابو سامان فللطرافه ينسبون اليه صفه انه يحمل شؤوم , حيث كل حادثه  كانت تحصل في مقر القاطع مثلاَ قصف او هجوم اوطيران او اي حادث آخر يحملون الرفيق ابو سامان مسؤولية ذلك العمل للمزح والطرافه معه ويعتبروه مركز للشؤوم , وانتقلت هذه المزحه من قبل الرفاق مع الرفيق الى ايران .
ونحن واقفون في الشمس , قال الرفيق ابو سامان ( الله اشلون جو مشمس اليوم) , فرد عليه ابو بسام على الفور ( احتركَنا والله الله اليستر اشراح ايصير اليوم ) , فرد ابو طالب في مزاحه المعهود والمعروف (ابو سامان كم مره عندما كنا في مقر القاطع قلنا لك روح سلم خاطر اسقطنا النظام , ليش هي هاي عيشه نحن عايشين فيها) . وبعد ان انهينا وقت ممتع من المزاح والضحك , حل الظلام وتوجهنا الى خيمنا وبعد ان تناولنا العشاء وشرب الشاي وتوجهنا الى النوم , سمعت طرق بخشبه على خيمتنا مع صوت عالي , كانت الساعه الثانية والنصف ليلاَ , فتحت باب الخيمه وخرجت واذا بالرفيق عمار , يقول اخرجوا وا زيحوا الثلج عن خيمتكم لا تسقط  , وعلى الفور خرج الرفاق من الخيمه وازحنا الثلج وكانت غالبية الرفاق تزيح الثلوج من الخيم وشاهدت بعض الخيم منحنيه جانباَ .
عدنا الى الخيمه لغرض النوم ثانية في الساعه الرابعه ليلاَ , سمعت صوت الرفيق ( ابو عليوي) ينادي باسمي خرجت شاهدته حامل بطانياته وقال سقطت علينا الخيمه , فحملت معه البطانيات , وفرشت له بجانب الرفيق ابو سامان , سألني منو هذا النايم فقلت له الرفيق ابو سامان ( فرد قائلاَ لا هذا اخت ال .... الخ ما نام ابصفه ايروح يحركَني ) ففرشت له بجانبي , وفي الصباح كان اول الزائرين الى خيمتنا الرفيق ابو طالب وقال بصوت عالي قبل ان يقول صباح الخير مخاطباَ الرفيق ابو سامان( اخت ال .... الخ كم مره عندما كنا بالجبل نقول لك روح سلم خاطر اسقط النظام ماتقبل لا حكَنا الى ايران تحركَنا ) . وكان الرفيق ابو سامان متعود على هذا الكلام ويرد على اقوال الرفاق بابتسامه .
خرجنا لمشاهدة الخيم ولمعرفة وضع الرفاق كانت الخيم تكاد ان تكون جميعها في انحناء مائل الى الارض والبعض الآخر قد سقطت لانها لم تصمد امام الثلوج , فقط خيمتنا كانت مائله قليلاَ , رغم هذا الوضع المحزن لكنه كان مضحك بالنسبه للرفاق , حيث المزاح والنكات والضحك تعالى ومع مزاح الرفيقين ابو عجو وابو حاتم حيث بعض الرفاق لا يستطيعون الخروج بسهوله من باب الخيمه , وتجمع الرفاق في الثلج , وكأنهم في موقف تحدي لأنهم حرموا من الحقوق كونهم لاجئين مؤقتين , الا ان جميع الرفاق كانوا متماسكين ومتضامنيين وأقوياء , ولا يفضل احد نفسه على الآخر , وبلا شك ان قوتهم هي من قوة فكرهم الذي يمنحهم القوة والارادة وقدرة التحمل في الظروف الصعبة , كان تحرك الرفاق سريع جداَ ( حيث تمكن الرفيقين ابو كمال وآزاد من الحصول على قاعتين للرفاق  .
الانتقال من الخيم :
قبل حلول المساء انتقل الرفاق الى مكانيين .
المكان الاول : هو بناية تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني حيث كان يشغلها كمقر له , وكان يتضمن قاعة جيدة مع غرفه صغيره , وكنت ضمن الرفاق الذين تم تشخيصهم للانتقال لهذا المكان , في الغرفه الصغيرة سكن الرفاق  التالية اسمائهم  : الرفيق ابو عليوي والرفيق ابو بشار والرفيق ابو جاسم و اعتقد رابعهم كان الرفيق سفين معهم .
اما القاعه فسكن فيها 14 رفيق وهم : الرفيق المرحوم ملازم فائز والرفيق ابو عجو والرفيق ابو طالب  والرفيق ابو حاتم والرفيق ابو حسن حبيب البي والرفيق ابو سلام والرفيق ابو عسكر والرفيق ثائر والرفيق هندرين اعلام والرفيق ماجد شقيق الرفيق الشهيد ابو رؤوف والرفيق منذر والرفيق ابو سامان والرفيق كريم وكاتب هذه الاسطر . وكان مكاننا يبعد عن البلوك الآخر كما يبعد عن مركز قرية زيوه حوالي 2 كم .
البلوك الآخر الذي انتقل له غالبية الرفاق هو بلوك مهجور وغير صالح للسكن طوله حوالي اكثر من 30 متر سقفه عالي جداَ به اوساخ ارضه رطبه يتسع حوالي 12 الى 14 غرفه بلا ابواب بارد جدا رطب , قام كل ستة رفاق بتنظيف غرفه ووضع بطانيه بدلاَ من الباب .
في اليوم الثاني توجهنا لزيارة رفاقنا في البلوك الآخر للاطمئنان على احوالهم , كان سكنهم حقاَ غير لا ئق وغير صحي ومكان رطب وبارد جداَ, لقد تأثرنا كثيراَ لوضع سكن رفاقنا .
حياتنا استمرت رتيبه , ولكن بها شيئ من تنظيم لامورنا اليوميه , حيث في قاعتنا التي عددها 14 رفيق انقسمنا الى 2 او 3 مجاميع لعمل الاكل وشراء المواد , ومن كل مجموعه يخصص يوم لرفيق يكون خفر  واصلنا لقائاتنا اليومية في مقهى رمضان , ونتزاور فيما بيننا حيث اصبحنا ثلاث مجاميع . مع مجموعة العوائل في سنتر القرية ومعهم عدد من الرفاق .
الانصار ينتصروا لاهل القرية في البانزين خانه :
حاجتنا الى البانزين خانه في فصل الشتاء لا بديل عنها , للحصول على النفط الابيض لصوبات علاء الدين التي وضعنا لها استخدامين , استخدام الطبخ واستخدام التدفئة لطول الليل الى الصباح , وصادف جاء برد قاسي جداَ , ويذهب سكنة القرية من العوائل من الصباح الباكر الى المساء يقفون في طوابير للحصول على النفط بعض العوائل تأتي بعدة جلكانات لغرض سد حاجاتها لانها عوائل كبيره , ونحن الانصار ايضاَ نأتي للوقوف في السره للحصول على النفط . بالنسبه لنا نتعاون في الوقوف في الطابور الطويل ولشدة البرد يقف كل رفيق من كل مجموعه لمدة ساعه مثلاَ ويأتي آخر يحل محله , وكنا نلتقي في الكازينوا لانها قريبه على البانزين خانه لغرض التناوب , مر اسبوع الثلج يتساقط بغزاره والبرد قاسي والشخص الذي يعمل في البانزين خانه ( اسمه رمضان ) عراقي عضوقيادي في تنظيم زيوه للديمقراطي الكردستاني وعضو في لجنة البلدية للقرية ( الكوميته), لاحظناه فجأة يتوقف عن التوزيع ويذهب  , وتبقى العوائل والاطفال ونحن واقفين في البرد  بالنسبه لنا انتهت آخر قطره من النفط , واستمر الحال خمسة ايام متتالية نقف وقوف طويل ولم نحصل على نفط .
قررنا نحن عدد من الرفاق ان لا نذهب للاستراحه , واتفقنا فيما بينننا ان نمنعه من ترك البانزين خانه , حيث يوقف التوزيع لمدة اكثر من ساعتين والناس تقف في طوابير على الثلوج , ووقفنا نحن مجموعه في احد ابواب البانزين خانه  وكنا ثلاث رفاق , الرفيق ابو طالب والرفيق هندرين اعلام وكاتب هذه الاسطر  وهناك مجاميع من الرفاق يقفون في طابور طويل مع الناس .
فجأة وبكل برود وتعالي على الناس وعلى واجبه غلق مفتاح صوندة النفط , وقرر ترك البانزين خانه , ومر من جانبنا لغرض الخروج . فمنعناه من المغادره , وتفاجئ من هذا الموقف وحاول بكل الطرق الافلات لكنه يأس ولن يتمكن من الافلات واستسلم وشعر بالاحراج امام الواقفين من اهل القرية من العوائل الذين يخشوه ويخشون قسوته عليهم , وشاهدوا كيف اجبرناه وهو يعود ثانية ذليل, فقال اتركوني وسأعطي لكم النفط اول الناس , فقلنا له لا نحن لا نريد ان نحصل على نفط اول الناس , استمر في التوزيع في السره الى ان يأتي لنا الدور , وبعد حوال ساعه من التوزيع المتواصل جاء لنا الدور , ولم يغادر البانزين خانه الا بعد ان حصل الجميع على النفط الابيض , يبدوا كان يبيع النفط في الاسود ويحصل على مبالغ .
الناس فرحت لانها حصلت على النفط في ذلك اليوم البارد و تشكرونا كثيراَ , وتناقل الخبر بين عوائل اهل زيوه من الاكراد العراقيين , ورفع شكوى علينا الى قيادة الديمقراطي الكردستاني في راجان , الا ان رفاقنا تدخلوا وأوضحوا لهم القصه , وبهذا إنتهت أزمة النفط في فصل الشتاء في زيوه .
الاجتماع الاول :
في هذه الفترة كانت قد شكلت هيئة للتنظيم , وارتبط جميع الرفاق بصلات فرديه , واشيع خبر نقلنا قريباَ الى معسكر الخوي لغرض بدأ التحقيق معنا , فتم التبليغ لحضور لقاء موسع حضره حوالي 15 الى 17 رفيق كنت من ضمن المدعويين للقاء , اللقاء كان في بلوك العوائل في غرفة الرفيق ابو هندرين , حيث كان يسكن هناك ايضاَ الرفاق الذين حضروا اللقاء منهم الرفيق ابو واثق وابو ماجد وابو رياض وابو سعد وابو كمال , كما حضر الرفاق ابو طالب وسفين واعتقد الرفيق ابو نسرين ورفاق آخرين . تم تناول الوضع السياسي من قبل الرفيق ابو هندرين , ثم طرحت موضوعة اخبار النقل لنا الى معسكر لغرض التحقيق , والتهيئ لألا يكون النقل مفاجئ , وكيفية مواجهة المرحلة القادمه مرحلة التحقيق وضغوطات لجان التحقيق وهل ان كل الرفاق سيقولون في التحقيق نحن فقط ملتحقون ضمن قوات انصار الحزب الشيوعي العراقي , طرحت افكار كثيره ودام الاجتماع لوقت متأخر من الليل , ووصلنا الى مكان سكننا بصعوبه لوجود الظلام ولصعوبة السير على الثلج المتجمد .
ابتكار الرفيق ابو رائد :
الرفيق ابو رائد ابتكر مشروب من الدبس المتوفر كثيراَ في قرية زيوه وكان يصنعه بطريقه سريه في الغرفه التي يسكنها لانه لا يريد ان يجلب ضرر للرفاق وكان معه عدد من الرفاق في الغرفه  ابو فاتن وبسام واعتقد الرفيقين ابو بسام والرفيق سالم لاسلكي وكانوا يسكنوا في البلوك القريب منا , في احد الايام مساءَ زرتهم , وصدفه جلست بجانب التنكات المهيئة للتصنيع والمغطاة في البطانية , وسمعت اصوات كأنها تنفس , ولم اسئل وخرجت وبعد حوالي اسبوعين عدت ثانية لزيارتهم في المساء , وكانت امامهم كؤوس فيها عصير وقدموا لي كأس , واكتشفت الامر وتصاعد الضحك عالياَ , وقالوا في زيارتك الاولى كنا نعمل عملية تنفيس للتنكات المصنعه , لكن الآن المشروب جاهز وكانت جلسه جميله , وقال الرفيق ابو رائد يارفيق اشلون انقاوم البرد بهذه البطانيات والارض الرطبه بهذا العصير نطوي الليل وبرده وننسى المتاعب والصعوبات , وفعلاَ كنا في تلك الليله لم نشعر فيها في البرد .
مرض  الرفاق :
في البلوك الكبير فجئة مرض عدد من الرفاق , واستمر المرض عدة اسابيع وكأنه تيفوئيد وكانت هناك خشية من المرض وانتشاره , لكن دكتور القرية رفيقنا النصير , اكتشف السبب , حيث طلب تحليل المي الذي نستخدمه حيث حفرت آبار في المنطقة لعدم توفر الماء الصالح للشرب في المنطقة التي انتقلنا اليها , وبعد التحليل لعينات من المي أكتشف انه ملوث , بسبب ان آبار المياه قريبه على السكن , وهناك بعض من المجاري تسرب من المياه الوسخه الى آبار المياه, بالنسبه لبلوكنا اقترح الرفيق ابو حسن حبيب البي منذ وقت مبكر بأن نقوم بجلب المياه للشرب وللطعام من بئر بعيد عن القرية , وكان يبعد مسافة حوالي كم واحد حيث حوال ثلاث آبار يستخدمها اهل القرية .
في أواخر كانون الثاني او الاسبوع الاول من شهر شباط عام 1989 , تم تبليغنا بأن نجهز حالنا وسيتم نقلنا صباح يوم غد الى معسكر الخوي , القريب من حدود الاتحاد السوفياتي السابق ,  والهدف من النقل هو لغرض اجراء التحقيق معنا لغرض ان يكون لدينا فايل ونستطيع لاحقاَ انجاز معاملة الخروج من ايران . حضرت الباصات الكبيره في صباح اليوم التالي , وصعدنا في الباصات جميع الرفاق وعوائلهم والطفلة نداوي بنت الرفيق ابو هندرين وام هندرين ,والطفلين مشمش وسمسم الذين يحملون اسماء مستعاره وهم اولاد الرفيقين الرائعين ابو علي وام علي واحتشد عدد غير قليل من العوائل جميعهم من الكورد العراقيين لتوديعنا وقال بعضهم جئنا لنودع أولادنا وكانوا يعتزون بنا كثيراَ .
( يتبع)
14-4-2012

89
ذكرى مرور 22 عام على  كسر الانصار الشيوعيين للحصار
الايراني بعد اختراقهم لحصار جبل كَار

(1)
فلاح علي
بعد سلسلة الحلقات السبعه التي دونتها عن حصار الانصار الشيوعيين العراقيين في جبل كَار وصمودهم في مواجهة الآلة العسكرية للنظام الدكتاتوري خلال وقوعهم في الحصار العسكري في 30-8-1988 في جبل كَارا والذي دام شهراَ كاملاَ. و تمكنهم من اختراق الحصار وكسره , وبعد مسيرة شاقه استمرت 15 يوم سيراَ على الاقدام , إبتدأت من يوم تحطيم الحصار واختراقه في 30-9-1988 حيث تم اجتياز الحدود العراقية التركية , ومن ثم اختراق الحدود التركية متوجهين الى ايران اضطرارياَ , ودخلناها بأرادتنا من خلال منطقة راجان , حال دخولنا الى ايران دخلنا في حصار جديد ولكن كان اختياري اضطراري دام الحصار الايراني  قرابه السنتان , تنقلنا خلالها بين ثلاث معسكرات تقع في ثلاث مدن ايرانية . وتعرض الانصار لظروف صعبه جداَ خلال الفترة التي كانت مليئة بالاحداث التي لا تزال في ذاكرة كل من عاش هذه التجربه , وكثير من هذه الاحداث التي سأتناولها لم تكن شخصية , وانما تجلت فيها حياة الانصار في هذه الظروف القاسية , وبرزت فيها امكانياتهم وقدراتهم المتنوعه في المعايشة مع الصعوبات والعمل على تذليلها مع استغلال الوقت وتنظيم امورهم بشكل جيد, اسهم في تعزيز التضامن بين الانصار في تلك الظروف الصعبه , وحافظ على ابقاء جذوة التحدي والجرأة والاقدام وحتى على الروح الاقتحامية التي تجلت في حياة الانصار في كردستان , والتي كانت هذه السمه صفه بارزه في حياة الانصار وبقية حية في ايران مع علاقات المحبه الرفاقية والتعاون والتضامن والوقفه الجماعية التي اعطتهم قوة في مواجهة الصعاب في ايران  .
في هذه الحلقة والحلقات القادمة سأتناول المحطات الصعبه التي مر بها الانصار في ايران بعد خروجهم من حصار جبل كَار وسأشير الى الطريقة التي ظلت لغزاَ الى الآن , لدى الجهات المعنية في ادارة المعسكرات الايرانية وهي كيف ان الانصار الشيوعيين تسربوا من المعسكر في وضح النهار , وحصلوا على حريتهم وان طريقة الخروج من المعسكر تجلت فيها روح الجرأة والاقدام , حيث خطط لها بشكل دقيق , رغم بساطة خطواتها وبعد تنفيذها بنجاح وخروج الانصار الشيوعيين من المعسكر الذي كانت تطوقه حراسات عسكرية ايرانية من اربعة جهات , بعدها استنفرت ادارة المعسكر وطاقمها الامني للبحث عن الانصار في طهران ومدن اخرى ولم تتمكن من العثور عليهم . العملية انتشرت اخبارها بين العراقيين في كل المعسكرات الايرانية واصبحت حديث العراقيين في ايران , يتناقلون اخبار قصة تسرب الشيوعيين من المعسكر ويتحدثون عن قدراتهم , كما وصلت اخبارها الى سورية والى العراق كما علمنا بذلك لاحقاَ .
سأشير الى خطة التسرب من المعسكر في الحلقة الاخيرة من هذه المذكرات او قبل الاخيرة حيث بدأ التخطيط لها ما بين اواسط ونهاية نيسان 1990 وبدأت خطوات تنفيذها في آيار من عام 1990 .
الوصول الى راجان ومن ثم الى زيوه :
أشرت في الحلقه السابعه من ذكريات الحصار في جبل كَارا , اننا وصلنا الى قرية راجان عصر يوم 15-10-1988 , وراجان قرية ايرانية  تقع على الحدود الايرانية التركية , تابعه الى محافظة أرومية , في القرية مقر للحزب الديمقراطي الكردستاني , وفيها بيوت لرفاق مع وجود القيادي السابق فيها ( حنا القس) ابو حكمت حيث كان عضو ل.م حينها كان يتواحد في مقر الديمقراطي الكردستاني . بعد استراحه قصيره في مقر الديمقراطي الكردستاني , تم نقلنا بسيارات الى قرية زيوه , لعدم وجود مكان للمبيت يسع الى 32 شخص حيث كان عدد مفرزتنا التي دخلت الى راجان , بقيه في المقر حوالي ثمانية رفاق .
وصلنا الى قرية زيوه ليلاَ وقرية زيوه تقع على الحدود العراقية الايرانية , وتبعد عن محافظة ارومية 60 كم وحيث تقع في حوض منخفض وحولها سلاسل جبليه  , غالبية ساكنيها اكراد عراقيين نازحين من كردستان العراق , عند وصولنا الى القرية وقفت السيارات التي تقلنا امام مجموعه كبيره من الخيام  . وحال نزولنا من السيارات خرج من الخيام رفاقنا ورفيقاتنا الانصار لاستقبالنا وكان لقاءَ حاراَ , وتوزعنا على الفور على الخيم بعضها خيم للرفاق والبعض الآخر خيم للعوائل اتذكر اني والرفيق كريم ذهبنا مع الرفيق ابو نصار وام نصار لنسكن في خيمتهم وكان معهم الرفيق ابو قحطان وبعد ثلاث ايام جاء الى الخيمه معنا الرفيق ابو سلام , وأتذكر ايضاَ ان الرفيق ابو فاتن والرفيق بسام ذهبوا مع عائلة الرفيقين ابو الطيب وبهار, جميع  الرفاق توزعوا على خيم العوائل وخيم الرفاق . كان عدد النصيرات والانصار كثيراَ تجاوز ال 120 نصير ونصيره من كانوا في الخيم آنذاك , بعضهم من قاطع اربيل ومن قاطع بهدينان و صلوا قبلنا من خلال تركيا.
فترة بقائنا في الخيم كانت قاسية :
ظروف سكننا في زيوة , كانت خالية من ابسط مستلزمات الحياة الانسانية , اضافة الى ان المكان الذي خصصه الايرانييون ليكون مكان للخيبم , كان في منطقة منخفضة , ومعرضة لرياح متقلبه في الصيف والشتاء حيث تكون بارده جداَ في الشتاء , والخيم لا تقي من البرد ولعدم توفر العدد الكافي من البطانيات , حيث مجموعتنا لم تحصل على بطانيات من الحكومة الايرانية , وانما كرم الرفاق وتضحيتهم , اعطوا لكل منا بطانيتين قديمتين , واحده نفترش فيها الارض الرطبه والثانية كغطاء لا يقي من البرد , واستخدم بعضنا البشتين كمخده , بالنسبه لي لم اذق طعم النوم قرابة الشهر , كان مكاني بجانب باب الخيمه وصدفه المنطقه فيها حصو رطب جداَ , وبطانية واحده  لا تساعد الجسم على مقاومة قساوة البرد وضغط الحصو على العظام , ونسبه كبيره من الرفاق هم على هذه الحال , وبعد مرور شهر اشترى لنا الحزب بطانيات من النوع الجيد والراقي , عندها شعرت بطعم النوم في الليل , في كل خيمه كانت صوبه قديمه واحدة علاء الدين تستخدم للطبخ وللتدفئه , نظمنا امورنا في الخيم , في كل يوم تكون خفاره على رفيق في كل خيمه يعمل الفطور ويجهز الغداء والعشاء , والمهمه الاساسيه لخفر اليوم الثاني الذي عليه عدم نسيانها , هو ان يملئ تنكه من الماء ويضعها فوق الصوبه في الليل لكي نتمكن في صباح اليوم الثاني من غسل وجوهنا وعمل الشاي لانه عندما ننهض في كل صباح نجد كل شيئ مجمد , في احد الايام شاهدت الرفيق ابو آمال في خيمته يحاول كسر بيضة ولم يتمكن من كسرها كأنها صخره صلبه جداَ . بدأ الحزب يدفع لنا مصرف يومي كل يوم 50 تومان ( نأكل فيها ونجلس في المقهى وبعضنا يدخن سيكَاير بهمن ) .
السيد مسعود البارزاني يزور المخيم :
في عصر احد الايام من شهر تشرين الثاني 1988 كنا واقفين بجانب الخيم من طرف الرصيف على الشارع العام , واذا بالسيد مسعود البارزاني , نشاهده يسير بجانب المخيم ومعه مجموعه من المرافقين والحماية , وتوجه نحونا ورفع يده يسلم علينا وردينا له السلام , الا انه يبدوا كان على موعد لم يتوقف ولم يسألنا وأعتقد انه كان يعرف ان الشيوعيين في هذه الخيم . لكن الشيئ الملفت الذي حصل بعد يومين من الزيارة كان الاهتمام غير الطبيعي من قبل لجنة البلديه في القرية , حيث ارسلوا لنا بطلب لاستلام بطانيات , حيث لم نكن نصدق ذلك وذهبت مع الرفاق وسلموا لكل واحد منا بطانيتين جديدتين , وكان ذلك مكسب في حينها .
في قرية زيوه يوجد حمام نذهب للاستحمام في الاسبوع مرتين , الا انه اغلق الحمام لا حقاَ , اضطررنا ان نذهب الى محافظة ارومية في الاسبوع مره لغرض الاستحمام ونأكل ( الجلو كباب ) . ويوجد في القرية سوق صغير نشتري منه حاجاتنا من الخضروات وغيرها , وتوجد مقهى صغيره من الطين صاحبها اسمه رمضان كردي عراقي طيب , نتجمع فيها صباح ومساء لاحتساء الجاي العراقي ونقضي بعض من وقتنا فيها ونتحاور في الشأن السياسي وتطورات الاحداث في المنطقة والعالم , ونعيد فيها ذكرياتنا , وتتخلل بعض الجلسات مزاح بين الرفاق مثلاَ الرفيق ابو سعد اعلام وذكرياته مع الرفيق عمودي , وذكريات الرفيق ابو نسرين ومزاحه مع الرفيق ابو سامان , وذكريات رفاق الفوج الاول ومزاحهم مع بعضهم مثلاَ ذكريات الرفاق ابو طالب وابو بسام ويوسف ابو الفوز عن تقديرات الرفيق جمال مام احمد ... الخ , ونصغي للرفيق ابو حسن حبيب البي واحلامه الليليه, حيث ان احلامه يرتبها ويصيغها من نسج الخيال , واحده من احلامه ان الرفاق السوفيت آنذاك ارسلوا طائرة الى طهران مخصصه لنا لأخراجنا من ايران الى موسكو , و ارسلوا لنا سيارات لنقلنا الى المطار ويصف لنا كيف كان يصعد سلم الطائرة , المقهى اصبحت مقر لنا , وتوجد ناحيه اسمها ناحية دزه تبعد عن قرية زيوه ليس كثير حوالي 10 كم , نذهب اليها احياناَ ونجلس في مقاهيها ومطاعمها , وتوجد مستوصف في القريه الدكتور كان نصير في الفوج الاول التحق فتره قليله من الاكراد الازيديين , كان يستقبلنا بحراره عند ذهابنا للمستوصف , ويتحدث معنا بشوق رغم كثرة المراجعين , كان يعطي لنا من وقته , وتوجد في القريه بانزين خانه نشتري منها النفط الابيض للطبخ  (سأعود لا حقاَ لتبيان حادثه وقعت لنا في البانزين خانا ) .
في هذه الفترة عاد بعض الرفاق الى كردستان العراق ثانيه الى منطقة ديلي كو حيث توجد مقرات الحزب هناك ومن الرفاق الذين عادوا , اتذكر منهم ابو احرار وابو بافل وابو سلوان وسمير الساعدي والرفيق المرحوم ابوحسان ثابت حبيب العاني حيث كان معنى فترة قصيره جداَ في زيوه , كما عاد الرفاق مام احمد وابو فلمير وعابد وجمال .
طرح على عدد من الرفاق العودة الى ديلي كو, كما طرح عليه الموضوع , وبعد ان درست الفكرة توصلت الى قناعه ان الحزب لا يحتاج الى مقاتلين , ارتباطاَ بحالة الانسحاب , وكانت العودة تعني ان هناك امكانيات للحزب لتسريب الرفاق الى الخارج من طرق خاصه , ففضلت البقاء مع الرفاق لنواجه نفس المصير .
انتقال العوائل الى مجمع :
حيث بدأ نزول الامطار وكان فصل شتاء قاسي , اصبح البقاء في الخيم امر صعب وتحولت المنطقة الى وحل من الطين يصعب علينا الحركة فيها , اصبحت هناك ضرورة لنقل العوائل من الخيم الى مكان آخر , كانت هناك دائرة للبلديه في القرية , والرفاق الذين كانوا يجيدون اللغه الفارسيه هم اربعة رفاق فقط وهم  ابو كمال وآزاد وابو قحطان واسكندر . ورغم انه لم يكن في البداية تنظيم الا ان قيادة الحزب شخصت الرفيق ابو هندرين كمسؤول عن الرفاق , واختار الرفيق ابو هندرين الرفيقين ( ابو كمال وآزاد ) ليقوموا بمهمة الاتصال بالبلديه والطلب منهم بتوفير اماكن لنا .
تمكن الرفيقين من الحصول على بنايه على شكل بلوك طويل من الطابوق طوله حوالي  30 متر ارتفاعه عالي جداَ سقفه مقوس , وتوجد في داخله قواطع من الطابوق , ومن يشاهدها كأنها غرف  ارتفاعها عالي جداَ , وبلا بيبان , بعض الرفاق عملوا بيبان من صناديق الشاي اتذكر منهم الرفيق ابو رياض . انتقل اليها العوائل وانتقل معهم عدد من الرفاق .  في ذاكرتي حوالي 12 عائله من الرفاق والرفيقات , بالامكان ذكر اسمائهم لكن تحتاج الى تدقيق خشية من  ان تكون هناك عوائل اخرى أنسى ذكر اسمائها .
( يتبع)
11-4-2012
ملاحظة :
ارجوا من الرفاق الانصار الذين كانوا معنا , الكتابه عن هذه التجربه واغنائها , انها كانت تجربه قاسيه تجلت فيها معاني جميله للانصار , لا سيما علمت ان الرفيق ابو سعد اعلام قد بدأ بكتابة مذكراته هو من ضمن من عاش هذه التجربه والرفيق ابو طالب لديه بعض الكتابات والذكريات عن هذه التجربه والرفيق ابو فاتن والرفيق يوسف ابو الفوز وهناك رفاق انصار ونصيرات كثر من لديهم ذكريات عن هذه التجربه اهمية التجربه تكمن انه حصار ثاني وقع فيه الانصار بعد حصارهم في جبل كَارا .
تصحيح رقم : ذكرت في الحلقه السادسه من حصار جبل كَارا المنشوره في 4-10-2010 , استلمت مبلغ من المال كما استلم عدد من الانصار وهي اموال الحزب تم توزيعها على الرفاق كئمانه , المبلغ الذي استلمته كان 3 ثلاثة آلاف دينار من الرفيق ابو سلوان , وجميع الرفاق سلموا الامانات عندما دخلنا الى راجان في ايران .
 
 


90
اقتحام مقر طريق الشعب يُعد
هجوم على الحريات وعلى الدستور
فلاح علي
جريدة طريق الشعب هي من الصحف الاولى في العراق التي تحظى باهمية كبيرة من قبل جماهير الشعب بكافة فئاته وكادحيه ومثقفيه ومن قبل الاحزاب الوطنية العراقية واليسارية والديمقراطية , نظراَ لما تحمله من كلمة ورؤية وطنية صادقة وتبنيها لقضايا الشعب والوطن منذ صدورها في العهد الملكي الى هذا اليوم ولخطها السياسي الوطني الديمقراطي المعروف, ولدفاعها عن حقوق القوميات وعن مصالح العمال والفلاحين والكادحين والنساء والطلبة والشباب وشغيلة اليد والفكر, وكونها الاطول عمراَ على صعيد الصحافة الصادرة الآن في الساحة العراقية , وانها لسان حال حزب الوطنية الصادقة الحزب الشيوعي العراقي , فالمكانة والاهمية الكبيرة التي تحظى بها جريدة طريق الشعب ليس فقط على صعيد العراق وانما على صعيد منطقة الشرق الاوسط والعالم , ارتباطاَ بالدور الوطني السياسي التاريخي والريادي للحزب الشيوعي العراقي ونضاله الطويل وتضحياته الجسام من اجل مصالح الشعب والوطن والذي ترك بصماته الواضحة في التاريخ الحديث للشعب العراقي ونضالاته المجيدة .
ماهي اسباب الاعتداء على مقر طريق الشعب :
بغض النظر عن الوجهه التي جاءت بها القوة العسكرية الكبيرة التابعة للشرطة الاتحادية مساء 27-3-2012 حسب ما جاء في ايضاح الحزب الشيوعي العراقي ( وطلبت الصعود الى سطح البناية للافادة منها في مراقبة المنطقة في اطار الاجراءات الامنية المتخذه بمناسبة انعقاد القمة العربية وقدمت حماية المقر التسهيلات للقوة الامنية ...... ولكن سرعان ما تبين هدف القوة كان مغايراَ )
هذا ما تؤكده الحقائق والمعطيات ان الهدف كان مغايراَ للوجه التي جاءت من اجلها . الهدف واضح ومخطط له في غرف الاجهزة الامنية وحاصل على موافقات جهات عليا في الحكومة هو اقتحام مقر جريدة طريق الشعب . رغم ان الحكومة تدرك تماماَ ان الحزب الشيوعي العراقي هو فوق الشبهات وهو مع العملية السياسية ولكن يسعى لاصلاحها سلمياَ وهذا حق دستوري وقانوي , وتدرك الحكومة ان الحزب مع انعقاد مؤتمر القمة وموقفه واضح واعلن عنه سكرتير الحزب حميد مجيد موسى في مقابلة مع قناة العربية يوم 25 او 26-3- 2012 , اضافة الى ذلك ان شارع ابو نواس فيه كثير من البنايات العالية ممكن الاستعانه بها لمراقبة المنطقة . فلماذا الوجهه هي مقر جريدة طريق الشعب؟
الجواب واضح وصريح ,السبب هو الحقد على الحزب الشيوعي العراقي وعلى موقفه الشجاع في  دعم الحركات الاحتجاجية ومساهمته النشطه فيها ودعوته الصريحة والعلنية الى استمرارتواصل الحركات الاحتجاجية وتوسيعها. فلم يكن هدفهم لمراقبة المنطقة هذا مبرر الهدف الاساسي هو معد مسبقاَ اقتحام جريدة طريق الشعب وهذه ليس المره الاولى بعد ان رفض الحزب الشيوعي دعوة رئيس الوزراء بعدم المشاركة في احتجاجات شباط 2011 أمر باقتحام مقر الحزب الشيوعي بالاندلس بحجة تجاوز . تعتقد الحكومة بعملها هذا انها تعاقب الحزب الشيوعي العراقي لوقوفه مع جماهير الشعب ضد الفساد وضد البطالة وانعدام الخدمات وانتهاك الحقوق والحريات ودعوته لاصلاح العملية السياسية ونقده لاداء الحكومة المتدني والتي سجلت عدم كفائة في الكثير من الملفات , لكنها لم تدرك انها تعاقب نفسها وتؤكد على وقوفها ضد حرية الراي والتعبير , وتضعها في موضع الاتهام بانتهاك الدستور .
اقتحام مقر الجريدة يعد انتهاك للدستور :
الحكومة بأقتحامها لمقر جريدة طريق الشعب اكدت بما لا يقبل الشك انها انتهكت الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور ونشير هنا على سبيل المثال :
المادة 37 من الباب الثاني من الدستور تؤكد على :
أ- حرية الانسان وكرامته مصونة .
ب- لا يجوز توقيف احد او التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي .
والمادة 17 من الباب الثاني الفقرة الثانية تؤكد على :
ثانياَ : حرمة المساكن مصونة ولا يجوز دخولها او تفتيشها او التعرض اليها الا بقرار قضائي ووفقاَ للقانون ( والمقرات في العراق تعتبر حق من الخصوصيات الشخصية وانها تعتبر سكن للعاملين فيها وهذا ما يعرفه الجميع حتى القضاء يعرف ذلك ) .
المادة 38 تكفل الدولة بما لايخل بالنظام العام والآداب :
اولاَ : حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل .
ثانياَ: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشر .
ثالثاَ : حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون .
وتؤكد المادة 46 من الباب الثاني في الدستور :
لا يكون تقييد ممارسة اي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون او بناء عليه , على ان لايمس ذلك التحديد والتقييد الحق او الحرية .
ما تؤكده الحقائق على الارض ان اقتحام مقر جريدة طريق الشعب يؤكد ان الحكومة قد انتهكت المواد 17 و 37 و38 من الدستور وبدون قرار قضائي وبدون قانون .
ماذا يعني هذا الانتهاك للدستور وماهي المؤشرات على اقتحام طريق الشعب :
1- ان هذا الانتهاك للدستور باقتحام مقر جريدة طريق الشعب , وقبل ذلك صدر الكتاب 3061 من جهاز المخابرات الى قيادة عمليات بغداد بمتابعة نشاط اعضاء الحزب الشيوعي العراقي يؤشر الى ان هناك وجهه للاجهزة الامنية رسمت لها من قبل وزير الداخلية والقائد العام للقوات المسلحة بالضد من الدستور , ويؤشر ايضاَ الى ضعف الدور الرقابي للبرلمان , ما يؤكد صحة ذلك نرى ان هذه الاجهزة الامنية تتحرك وتعمل بغير ما هو مثبت في مواد الدستور .
2- المادة 84 من الباب الثالث من الدستور تؤكد على :
اولاَ : ينظم بقانون , عمل الاجهزة الامنية , وجهاز المخابرات الوطني , وتحدد واجباتها وصلاحياتها , وتعمل وفقاَ لمبادئ حقوق الانسان , وتخضع لرقابة مجلس النواب .
3- اذن من هنا نتسائل اعتقال 12 مناضل بدون قرار قضائي هل يعتبر هذا الاجراء دستوري وقانوني وفق المادة اعلاه؟, واخذ تعهد منهم وهم معصوبي العيون الا يعتبر ذلك انتهاك لحقوق الانسان وتجاوز وانتهاك للدستور وبخلاف المادة اعلاه؟
4- جلب كلاب بوليسية وتفتيش غرفة سكرتير الحزب , على اي مادة قانونية استند عليها مسؤول الشرطة الاتحادية في عمله المشين هذا ؟
5- ان اقتحام مقر جريدة طريق الشعب يؤشر على ان الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور هي في خطر وهناك تجاوزات عليها من قبل السلطة التنفيذية .
6- ان اقتحام مقر جريدة طريق الشعب يؤشر على ان هناك حقد اعمى على الرأي الآخر ومصادرة لحرية الراي والمعتقد ولحرية الصحافة والاعلام .
7- ان اقتحام مقر جريدة طريق الشعب , يؤشر على ان الدستور برمته سيكون في المستقبل في خطر ومعرض للانتهاك في اي لحظة من قبل السلطة التنفيذية , ويؤشر على نموظاهرة التفرد والهيمنة وتهميش الآخر وانتهاك للديمقراطية ومبادئها المنصوص عليها في الدستور .
8- انتهاك مقر جريدة طريق الشعب يؤكد على ضعف الدور الرقابي للبرلمان , ويؤكد على ان البرلمان مهمش من قبل السلطة التنفيذية .
9- هنا توجه ثلاث اسئلة للبرلمان , السؤال الاول ما هي المعايير الوطنية التي اعتمدتم عليها في اختيار مسؤولي الاجهزة الامنية ؟ لا سيما وان الدستور في مادته ال80 من الباب الثالث منحكم صلاحيات اختيار مسؤولي الاجهزة الامنية او رؤساء الاجهزة الامنية حيث جاء في المادة 80 التالي :
خامساَ : التوصية من قبل مجلس الوزراء الى مجلس النواب , بالموافقة على تعيين وكلاء الوزارات والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة, ورئيس اركان الجيش ومعاونية , ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق , ورئيس جهاز المخابرات الوطني , ورؤساء الاجهزة الامنية .
10- اذن من الناحية العملية والقانونية وفق المادة الدستورية اعلاه , ان للبرلمان صلاحيات في اختيار رؤساء الاجهزة الامنية والمخابراتية , ومراقبة ادائهم لمهامهم وفق الدستور .
السؤال الثاني : هل ما قامت به الاجهزة الامنية في اقتحام مقر طريق الشعب هو قانوني ووفق الدستور؟
الشعب ينتظر رايكم والا سيفقد الثقة  بكم في حمايته من بطش السلطة وارهابها وتجاوزها على الدستور .
السؤال الثالث : في الدول الديمقراطية الحقوق والحريات مصانة ويضمنها الدستور وتحت متابعة ورقابة برلماناتها , واي اعتداء على الحقوق والحريات , يتم معاقبة الجهة المعتدية ويعفى المعتدي من اي مهام واذا كان وزير او رئيس وزراء  تجاوز على حقوق المواطن وحرياته تسحب الثقه منه في البرلمان . نحن بلد يقال عنه ديمقراطي ولدينا دستور يضمن الحقوق والحريات ولدينا برلمان يراقب ويتابع اداء السلطة التنفيذية واجهزتها بما فيها الاجهزة الامنية , السؤال هو من اجل حماية المواطن والدستور وضمان الحقوق والحريات هل يلجأ البرلمان لمحاسبة مسؤولي الاجهزة الامنية ويسحب الثقه منهم ومن مسؤوليهم في السلطة التنفيذية , البرلمان امام اختبار جديد والشعب سينتظر موقف البرلمان وهل سيقوم بمهامه على الوجه الاكمل باجراء تحقيق بالموضوع ومحاسبة المسؤوليين من اجل حماية الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور .
اخيراَ كل المعطيات تؤكد ان السلطة التنفيذية واجهزتها الامنية قد انتهكت الدستور بأقتحامها لمقر جريدة طريق الشعب , وأرادت بعملها هذا ان تجس النبض ولمعرفة ردود الافعال والاستفادة منها في اعمالها العدوانية القادمة على الحقوق والحريات , فحتى لو اعتذرت الاجهزة الامنية تحريرياَ للحزب الشيوعي العراقي ونشر اعتذارها في وسائل الاعلام , فهذا لا يكفي لانه تجاوزت على القانون والدستور , فمحاسبة هذه الاجهزة على عملهم المشين هذا يعد ضرورة وطنية , وذلك لضمان امن وحقوق المواطن وحرياته حاضراَ ومستقبلاَ .
29-3-2012
 
 

91
نوروز عيد الحرية والتضامن والنضال وذكريات
الانصار الشيوعيين
فلاح علي
عيد نوروزفي 21/ آذار له تسميات عديدة نظراَ لاهميته ومعانية الانسانية والثقافية التحررية , فيطلق عليه عيد الربيع والجمال والتجديد والحرية والتآخي والتضامن والنضال من اجل نيل الحقوق , و رغم تسمياته ومعانية العديدة , الا ان له هدف واحد هو القضاء على الظلم والاضطهاد والاستغلال ونيل الحقوق انه العيداَ القومي للشعب الكردي البطل المكافح ضد الظلم والاضطهاد , والذي قدم آلاف الشهداء من اجل التحرر والانعتاق لحياة افضل , ويبقى عيد نوروز مقترن بأسطورة العامل كاوا الحداد الذي استطاع ان يقود جيش المضطهدين والمظلومين نحو قصر(الطاغية الضحاك) ويحطم نظام هذاالطاغية ويسقطه .
آذار شهر الربيع لكنه شهراَ خالداَ وعظيماَ :
شهرآذار شهراَ مميزاَ في تأريخ العراق الحديث عرف بجماله وزخم احداثه , وما يحمله من مناسبات خالدة وتضحيات وبطولات وتجديد وتضامن ووحدة وطنية  ,  احداث شهر آذار تبدأ من بطولة العامل كاوا الحداد الى نضالات الشعب الكردي في الثلاثينات بقيادة محمود البارزني الى الدور الريادي والبطولي للقاضي محمد في مهاباد والى الدور البارز للملا مصطفى البارزاني , والى بيان 11/ آذار , الذي انتزعه الشعب الكردي بنضالاته وتضحياته كحق له بالاعتراف بحقوقه القومية والى يوم  8/ آذار يوم المرأة العالمي , والى يوم 31/ آذاريوم تاسيس الحزب الشيوعي العراقي حزب النضال الوطني والديمقراطية والتحرر , وفي شهر آذار عام 1991 انتفض الشعب العراقي من كردستان الى البصرة انتفضت 14 محافظة بوجه الدكتاتورية المقبورة وتحررت كردستان من حكمها , ومنذ ان كنا صغار ندرك ما يحصل حولنا من احداث في شهر آذار بالذات من كل عام , حيث تستنفر الاجهزة الامنية في المدن والاقضية والنواحي , لمتابعة نشاط الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين في هذا الشهر, الذي تتفتح فيه البراعم الشيوعية , فتكون مهمة الاجهزة الامنية هو رصد وملاحقة هذا العنفوان المتجدد للشيوعيين.
 ويبدوا الى الآن لا تزال تستنفر الاجهزة الامنية اجهزتها لمتابعة نشاط الحزب الشيوعي العراقي وكتاب جهاز المخابرات رقم 3061 في 20-2-2012 ما هو الا دليل على ان هذه الاجهزة الامنية والاستخباراتيه لا تزال تعمل بنفس العقلية القديمة , وفي هذا الشهركانت ايضاَ تستنفر هذه القوى الامنية والعسكرية كما تصدر أوامر الانذار (ج) في الوحدات العسكرية والاستخباراتيه والوحدات الخاصة , لمتابعة تحركات البيشمركَا الابطال في كردستان وهم يخوضون الكفاح المسلح .  انه بحق يعتبر شهرآذار ليس فقط انه شهر الربيع وانما من حيث احداثه يعتبر الشهر الخالد العظيم , وفي شهر آذار وقعت احداث مؤلمة ايضاَ وهي احداث حلبجة المدينة الشهيدة التي تم قصفها بالسلاح الكيمياوي في 16/ آذار 1988 .
الانصار الشيوعيين وعيد نوروز :
 في شهر الربيع تتغير الطبيعة في كردستان ,حيث تذوب الثلوج التي غطت الجبال الشماء في فصل الشتاء , وتتفتح الزهور التي تغطي سفوح الجبال بألوانها المتنوعه وتشكل لوحة جميلة جداَ يصعب وصفها , وتصبح الجبال أليفه تزهوا بالحياة وحركة القرويين , وحتى بحركة  الطيور المهاجره المتنوعه   كما تظهر طيور كردستان وتكثر سواقي المياه وتخرج حتى الحيوانات الجبلية من كهوفها لترى جمال الطبيعة وجمال الحياة في هذا الشهر  .
وفي ظل هذه الطبيعة الخلابه في شهر آذار في كردستان ,يبدأ اهل القرى نشاطاتهم , ويكونوا اكثر بهجتاَ وفرحاَ وكأن هناك مناسبات عظيمة تنتظرهم وما يزيد من فرحهم ليس فقط جمال الطبيعة وانما مشاركة الانصار الشيوعيين معهم في اعيادهم وافراحهم ومناسباتهم والدفاع عن قراهم وممتلكاتهم , ففي ذكرى عيد نوروز في هذا اليوم العظيم كانت مفارز الانصار الشيوعيين ومفارز بيشمركَة القوى الكردية تحتفل مع اهل القرى , حيث يضع الانصار حراسات نهارية في قمم الجبال مع اسلحة  (العفاروف والبي كي سي , وال آربي جي) وينزل باقي اعضاء المفرزة الى السفوح حيث  تحتضنم الطبيعة ومع اعداد كبيرة من الناس القرويين يأتون من عدد من القرى المتجاوره وتشعل النيران وتعقد حلقات للرقص وتنشد الاغاني الفلكلورية ويشارك فيها الانصار  وتستمر حتى وقت غروب الشمس .
ماهي معاني ودلالات احتفالات الانصار بعيد نوروز :
كما هو معلوم ان عيد نوروز هو عيداً قومياَ  متجذراَ في ثقافة الشعب الكردي واسطورته العامل البطل كاوا الحداد الا انه يجسد ثورة ضد الظلم والاضطهاد وكفاح من اجل الحرية والتحرر ونيل الحقوق , والانصار الشيوعيين هم حملة راية الكفاح الصعب كفاح نكران الذات والتضحية والفداء آنذاك , ناضلوا من اجل القضاء على الظلم والاضطهاد وانتصار الحرية والديمقراطية وضمان الحقوق القومية لشعبنا الكردي وقوميات شعبنا المتآخية ومن اجل حياة افضل للشعب . فهنا تكمن معاني الاحتفال والتي تمتزج بجمال طبيعة كردستان ومع جماهير القرى الكردستانية .و كل من شاهد احتفالات الانصار الشيوعيين مع اهل قرى كردستان العراق في يوم نوروز , يصل الى قناعة ان هذا اليوم هو حقاَ يوماَ للتضامن ما بين قوميات شعبنا المتآخية ,حيث ما يميز جمال مفارز الانصار الشيوعيين هو تشكيلتها الزاهية كتشكيلة زهور الربيع في سفوح كردستان حيث تضم مفارز الانصار , مقاتلين اكراد وعرب وتركمان وكلدان وآشوريين وأزيدية وصابئة  انه تنوع قومي في مفرزه انصارية واحدة , وكنت اقول ان مكونات الشعب العراقي تتمثل في هذه المفرزة الانصارية . وكم كان القرويون يشعرون بالفرح والاعتزاز بمشاركة الانصار الشيوعيين معهم احتفالاتهم بنوروز , حيث يزداد فرحهم اكثر عندما يتوجه الانصار معهم في المساء الى احد القرى بصحبة اهلها واذا كانت مفرزة كبيرة تتوزع على اكثر من قرية . وما يميز اهل القرى الكردية هو الكرم وحب الضيف والالفة والانفتاح , في المساء يتحدث اهل القرية لضيوفهم الانصار عن ما يعرفوه عن هذا اليوم العظيم عيد نوروز  , ولكن حقد الدكتاتورية الاعمى على الشعب الكردي وحقدها على الانصار الشيوعيين اقدمت في عام 1987 على حرق مئات القرى في المناطق التي تنشط فيها المفارز. واني اتحدث هنا عن مفارز الفوج الاول لقوات انصار الحزب الشيوعي العراقي , الذي مقره في كَلي مراني خلف قضاء سرسنك وبالقرب من ناحية سوارا توكا , ومناطق عمله واسعه تمتد من قضاء عقرة الى دهوك وزاويته وناحية اتروش وقضاء الشيخان وناحيتي القوش وباعذرا ودشت الموصل . ومن معانيه ايضاَ ان الاحتفال بهذا العيد انه يعني الرؤية نحو افقاَ جديداَ للتغيير والتجديد والانعتاق نحو حياة افضل , فهو يحمل ايضاَ معاني الفرح والمحبة والبهجة والخير والتفائل والتضامن والكفاح والوحدة والتآخي ,ولا تغيب احتفالات هذا اليوم عن ذاكرة الانصار الشيوعيين .
تمنيات بمناسبة اعياد نوروز :
فأعياد نوروز حقاَ كما عشناها كانت ولا تزال يوماَ للفرح والجمال والتفائل وبنفس الوقت كانت يوماَ مميزاَ للتلاحم الكفاحي بين العرب والاكراد وكافة قوميات شعبنا المتآخية . فليكن نوروز في هذه الايام  منطلقاَ للعمل الجاد لتشكيل قطب ديمقراطي لكل قوى اليسار والديمقراطية وكل من يعز عليه انتصار الديمقراطية من كردستان الى البصرة يكون عابر للقوميات والطوائف والاديان في عراقنا الحبيب , ان شعبنا العراقي بحاجة لهذا القطب الديمقراطي ودوره السياسي الفاعل , والقادر على انقاذ البلد من ازمات نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . فليكن نوروز في هذا العام ان يشكل بداية لتفكير جديد بالنسبه للتحالف الكردستاني في نبذ نهج المحاصصة الطائفية والتعصب القومي , والتوجه لتعزيز الديمقراطية في العراق والعمل على تهيئة مستلزمات بناء دولة المواطنة , من خلال العمل على ضمان الحقوق والحريات الديمقراطية , وسن قوانين ديمقراطية للانتخابات البرلمانية وانتخابات المحافظات وقانون للاحزاب و قانون يحرم كل شكل من اشكال الميليشيات ويحرم الفكر الظلامي ويحرم كل اشكال القمع وانتهاكات حقوق الانسان ونبذ التعصب والقمع ومصادرة الحقوق والحريات.
سيبقى عيد نوروز و شهر آذار رمزاَ دائماَ للربيع والفرح والنضال والتضامن والتآخي والتجديد والانعتاق نحو التغيير , وستبقى احتفالات نوروز خالدة في ذاكرة الانصار الشيوعيين العراقيين .
فألف تحية لذكرى عيد نوروز والف تحية لاعياد آذار ولذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي والف تحية للشعب الكردي البطل والف تحية لقوميات شعبنا العراقي المتآخية .
والف تحية لكل المناضلين في كل بقاع العالم من اجل انتصار نضالاتهم لصنع غد مشرق للبشرية بلا حروب ولا فقر واستغلال ولا مرض ولا ارهاب وبلا اسلحة كيمياوية وجرثومية ونووية .
فالف تحية للنصيرات والانصار الشيوعيين العراقيين في ذكرى عيد نوروز .
والف تحية لقوى اليسار والديمقراطية التي تناضل من اجل بناء دولة المواطنة وضمان الحقوق والحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية .
18-3-2012
 

92
في العراق السلطة تقود هجوم على الديمقراطية باسم الديمقراطة
والبرلمان يتفرج
فلاح علي
يمرالعراق بأزمة سياسية خطيرة ومفتوحة على عدة احتمالات في ظل صراع الكتل السياسية ووجود تدخلات اقليمية في الشأن الداخلي  , في هذه الاجواء الخطيرة نرى هناك مؤسسات أمنية تابعه للسلطة اعطت لنفسها مهام تتعارض مع الدستور العراقي وبالذات المادة (38) . وبدأت تعمل في الخفاء وفي الظلام , لمتابعة نشاط المساهم في صياغة الدستور ألا وهوالحزب الشيوعي العراقي . لماذا يخشى هذا الجهاز النشاط السلمي الذي ضمنه الدستور لكل مواطن؟ , ان عميد الحركة الوطنية العراقية الحزب الشيوعي العراقي  والمدافع عن مصالح الشعب والوطن , والذي لم يتردد لحظة واحدة طيلة نضال 78 عاماَ من مواصلة الكفاح في اصعب الظروف واعقدها وقدم التضحيات الجسام من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية , دولة المواطنة والقانون والرفاة الاجتماعي ونظامها الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي  هو قبل غيره يحرص على الدستور والقانون , فبأي حق قانوني او دستوري يتحرك جهاز المخابرات في هذه المهمه السيئة الصيت .
كتاب جهاز المخابرات يشكل في الواقع ارهاب فكري منظم :
نظام المحاصصة الطائفية والقومية , بدلآ من ان يحل ازمات البلد ويعزز الثقافة الديمقراطية في مؤسسات الدولة والمجتمع , نراه يفا جئ شعبنا من خلال احد مؤسساتهه الامنية الاستخباراتية  , بأطلاق العنان لها بمتابعة نشاط الحزب الشيوعي العراقي . انها بحق تعد سابقة خطيرة وليس فقط انها فضيحة سياسية تهز عروش ان حصلت في البلدان الديمقراطية او السائرة في طريق الديمقراطية , وانما جريمة سياسية ارهابية فكرية تمارس ضد حقوق الانسان وحرياته التي كفلها الدستور , فأنها ارهاب منظم تقوم به الدولة و لا يقل شأناَ عن الارهاب الذي تقوم به جماعات متطرفه .
لا بد من طرح سؤالين هنا
السؤال الاول : لماذا تحصل هذه الفضيحة  في ظل وجود الدستور وفي ظل وجود برلمان منتخب ؟
السؤال الثاني : من هي الجهه التي أوعزت لجهاز المخابرات تعميم هذه الوريقة التي تعد أمر تنفيذي من جهاز بوليسي ؟
محتوى كتاب جهاز المخابرات المنتهك للدستور :
الكتاب المرقم 3061 في 20-2-2012 , ( سري وشخصي من جهاز المخابرات العراقي مرسل الى قيادة عمليات بغداد ) . ينوي بعض اعضاء الحزب الشيوعي العراقي تنظيم تظاهرة يوم 25 شباط في محافظة بغداد – ساحة التحرير احياء للذكرى الثانية لأنطلاق التظاهرات , يطالبون فيها توفير فرص عمل وانهاء الخلافات السياسية لذا اقتضى الأمر متابعة تحركات الحزب المذكور اعلاه كلاَ ضمن قاطع المسؤولية واعلامنا بتحركات اعضاءه واسمائهم لغرض متابعتهم من قبل الجهات المعنية كما يرجى اتخاذ ما يلزم بصدد المعلومات آنفاَ من اجراءات امنية مشددة وتوفير تدابير الحيطة والحذر وفق القانون .
الملاحظات والانطباعات التي يمكن تثبيتها على الكتاب :
1- كل من يطلع على الكتاب السيئ يلاحظ عليه انه يحمل ثقافة الدكتاتورية المقبورة . كما انه صيغ بطريقه مرتبكة اضافة الى انه يتضمن الكثير من الغباء السياسي والفكري والمعرفي .
2- ان هذا الغباء يؤشر الى ان الجهه التي صاغت عبارات الكتاب وضعت لنفسها مهمه تتعارض مع الدستور ومع فقرات الباب الثاني من الدستور المادة (38) , كما ان الكتاب يؤكد الى ان الجهه التي اصدرته انها بهذا العمل تمارس ارهاب فكري يتعارض مع حقوق المواطن المثبته في الدستور هذا اولاَ وثانياَ ان هذه المؤسسة الامنية الاستخباراتية والجهه التي تقودها وضعت لها مهمة بالضد من الدستور وهي : محاربة الديمقراطية والديمقراطيين باسم الديمقراطية . وثالثاَ ان الكتاب ومضمونه يؤشر الى ان هذه الجهه هي مشبعه بالجهل بطبيعة الحزب الشيوعي العراقي وتجذر جماهيريته وطبيعة مهامه ودوره وحضوره وتأثيره السياسي ماضياَ وحاضراَ , لا تعرف ان هذا الحزب لا يتردد لحظة واحده في الدفاع عن مصالح جماهير الشعب وتبني مطاليبها وتلبية حاجاتها والدفاع عن حقوقها وحرياتها , وببرنامج الحزب الشيوعي الوطني الديمقراطي تتعزز الوحدة الوطنية ويبنى وطناَ حراَ مستقلاَ ونظاماَ ديمقراطياَ تعددياَ تداولياَ اتحادياَ .
3- يؤشر الكتاب الى ان من يقف ورائه لم يستوعب بعد  دروس انتفاضات الربيع العربي , وان واحده من هذه الدروس التي يعرفها الجميع وهي ان انتفاضات الربيع العربي قد كسرت حاجز الخوف لدى الجماهير في كل البلدان العربية والعراق هو احد هذه البلدان .
فهل تعتقد الجهه التي أصدرت الكتاب انها ستخيف اعضاء الحزب الشيوعي العراقي ؟ وهل انها بكتابها السيئ هذا تستطيع منع الجماهير من التظاهر والمطالبه بحقوقها ؟
4- كل من اطلع وسيطلع على الكتاب يستنتج ان الجهه التي تقف وراءه , قد استنسخت  تجربة الدكتاتورية المقبوره في جرائمها السياسية في مصادرة الحقوق والحريات وفي محاربة حزب الوطنية العراقية الحزب الشيوعي العراقي ومعه كل القوى الديمقراطية واليسارية .
5- لاحظوا الجهل والحقد السياسي كما جاء في مقدمة الكتاب الى ( ينوي بعض اعضاء الحزب الشيوعي العراقي تنظيم تظاهرة ) . هذا هو نفس الجهل ونفس الحقد والعداء الذي يتمتع وتمتع به كل رجالات الامن والاجهزة الامنية منذ حكم نوري السعيد الى هذه اللحظة . اذا خرجت مظاهرة في موسكو آنذاك يقولون الحزب الشيوعي العراقي وراء تنظيم هذه المظاهرة , اي كانوا لا يترددوا في اطلاق اي تهمه وتبني اي ذريعه لمحاربة نشاط الحزب والحد من تأثيره السياسي .
6- لاحظوا كيف ان حقدهم على عميد المدرسة الوطنية العراقية الحزب الشيوعي العراقي  لقد أعمى نظرهم من رؤية وقائع الاحداث التي تؤكدها ساحة التحرير في بغداد : ان ساحة التحرير منذ مظاهرات يوم 25/شباط 2011 الى اليوم اصبحت ساحة التظاهرات الجماهيرية والذي شاركت وتشارك فيها ليس (فقط بعض اعضاء الحزب الشيوعي ) وانما الحزب الشيوعي وكل قوى اليسار وقوى التيار الديمقراطي  والنقابات والمنظمات المهنية ومنظمات المجتمع المدني . ما ينظم التظاهرة قوى عديده وتشارك فيها جماهير واسعه وليس بضعة اعضاء , هذا هو الحقد الاسود الذي يجري انتاجه الآن في بعض المؤسسات التابعة للسلطة وفي الظلام لمحاربة الديمقراطية والديمقراطيين .
7- لا حظوا ضحالة الثقافة الوطنية التي يحملها كل من ساهم بكتابة هذا الأمر المخابراتي اوالتوجيه البوليسي الذي لا يزال يمارس نشاطه ضمن ثقافة لا وطنية ولا ديمقراطية (يطالبون فيها توفير فرص عمل وانهاء الخلافات السياسية لذا اقتضى الأمر متابعة تحركات الحزب المذكور) . 
8- يختتم الامر البوليسي فقراته بعبارة ( وتوفير تدابير الحيطة والحذر وفق القانون ) , هذه العبارة بحق تمثل نفس الكليشة التي كانت تستخدمها الاجهزة الامنية للدكتاتورية المقبوره .
هنا ارى انه يحق لجماهير الشعب ان توجه سؤال للبرلمان العراقي : أي قانون هذا يعمل به جهاز المخابرات ؟ لان هكذا قانون يحارب الفكر الديمقراطي محرم في الدستور العراقي . أذن من اين جاءت المخابرات بقانونها هذا , وكما هو معروف تنتج القوانين في البرلمان هذا اولاَ وثانياَ ان كانت بعض الوزارات والمؤسسات يحق لها اصدار قوانين فرعيه وليس اساسيه , يشترط بأن تكون هذه القوانيين الفرعية ان لا تتعارض مع القانون الاساسي في البلد وهو الدستور الذي صادق عليه الشعب . البرلمان مطالب بالاجابه على هذا السؤال , وهذا يؤشر ان هناك قصور في متابعة القوانين وقصور في الدور الرقابي وهي من مهام البرلمان وفق المادة (61) من الدستور .
من هي الجهات التي تتحمل مسؤولية هذا الخرق الدستوري :
1- الجهه العليا المسؤولة عن جهاز المخابرات .
2- الحكومة والسيد رئيس الحكومة يتحملون مسؤولية هذا الكتاب , لانها هي اعلى سلطة تنفيذية في البلد وهي مسؤولة عن جهاز المخابرات اضافه الى ان صلاحياتها هي محدده في  العمل وفق الدستور .
3- الكتل السياسية المهيمنة على السلطة بمحاصصاتها أضعفت مهمة البرلمان .
4-  السيد رئيس الجمهورية يتحمل مسؤولية امام الشعب و البرلمان لانه حارس على الدستور .
ثلاث اسئله الى جهاز المخابرات :
من خلال محتوى كتابكم الخالي من الحس الوطني والمشبع بالجهل وبثقافة الدكتاتورية . هل ان المهمه الموكله لكم هو استمرار الخلافات السياسية وتركها بلا حل ؟ وهل مهمتكم هي متابعة كل من يطالب بحق المواطن بالعمل والعيش الكريم ؟ وهل انكم غير معنيين بمتابعة الارهابيين واعداء الوطن ؟
ان كتابكم هذا لم يعد فضيحة سياسية فحسب وانما هو ارهاب منظم  يمارس بحق المواطن بالضد من الدستور وهذا الارهاب هو لا قانوني .
ان تنظيم التظاهرات السلمية حق مشروع كفله الدستور , لان التظاهرات في بلدان العالم  تعد التعبير الأبرز لوجود الديمقراطية من عدمها . ان تظاهرات الجماهير وانتقادهم للحكومة وضغطهم عليها دليل على ان البلد سائر في طريق الديمقراطية .
وفي النظام الديمقراطي تكون مهمة جهاز المخابرات هي حماية امن الوطن والمواطنيين والحفاظ على النظام الديمقراطي ,وصيانته ومتابعة الارهابيين والمجرمين واعداء الوطن والمفسدين والمرتشيين , والسهر على حماية حقوق الانسان في البلد .
ماذا تعني متابعة الديمقراطيين ومنظمي التظاهرات :
تعني في الواقع ان الشعب لا يعيش في ظل نظام ديمقراطي حقيقي , وان هناك مؤسسات خفيه لهذا النظام تنمو في الظلام وفي ظل تصاعد الازمات السياسية , ويهدف النظام من تحريك هذه المؤسسات الامنية في الازمات هو لفرض صوت السلطة في البلد ليكون اعلى الاصوات والارادات , وهي القوة السائده  وعلى الآخرين الامر والطاعة . من هنا يأتي دور البرلمان في صيانة الحقوق والحريات التي كفلها الدستور ويراقب اداء الحكومة.ان متابعة اداء الحكومة من قبل البرلمان يساعد على معرفة ليس فقط اداء الحكومة وانما معرفة العقلية التي تسيير بها الحكومة شؤون الوطن والمواطنين هذا أولاَ وثانياَ للوصول الى معطيات هل ان الحكومة تحافظ على الحقوق والحريات وتصونها وثالثاَ هل تؤمن بوجود معارضة سلميه لها وبهذا هل تؤمن الحكومة بحق الاختلاف والتظاهر السلمي ضدها ونقدها في الاعلام  . ام ان الحكومة ترغب في الهيمنة والاستئثار وبسط النفوذ والتسلط وتهميش الآخرين والتمييز بين المواطنيين ولا تكترث للديمقراطية ولا تصونها . وتمنع او تضايق او تخلق حواجز امام حق التظاهر وتتهم المتظاهرون بانهم بعثيون , او يتلقون تعليمات من الخارج او يريدون اسقاط الحكومة . من هذا يتسائل الشعب من يصون ويحافظ على الدستور اذا كانت الحكومة ومؤسساتها الامنية تنتهكه .
الحكومة المنتخبه بطريقة ديمقراطية لا تخاف من المظاهرات التي تنظمها المعارضة :
طا لما يوجد في البلد دستور يضمن الحقوق والحريات يعني البلد سائر في طريق الديمقراطية , وفق الدستور العراقي جماهير الشعب وقواه الوطنية والديمقراطية واليسارية لها الحق في التظاهر , وغير مطلوب منها دستورياَ بأن تكون نشاطاتها السلمية ومنها تظاهراتها يجب ان تعجب الحكومة وترضى عليها وان لا تسبب ازعاج لنرجسية الحكومة . وان لا تنتقدها في وسائل الاعلام وان لاتعبأ الجماهير عليها وان لا تدعوا الى المطالبة بالحقوق , نجد على العكس من ذلك في الدول الديمقراطية او السائرة في طريق الديمقراطية , ان الحكومة لا تخشى من التظاهرات والمتظاهرين كما لا يوجد خوف على المتظاهرين لوجود دستور يحميهم والعراق مثالاَ  , وان التظاهر السلمي  ليس منحه تتبرع بها الحكومة على المعارضة وقت ما تشاء وتسحبها منها في الوقت الذي تشاء , انه حق يمارس من قبل المعارضة من غير شروط وتعليمات وضوابط من الحكومة , لان حق التظاهر والاضراب والنقد مكفول دستورياَ , وهو يدخل في اطار تقويم اداء الحكومة والمؤسسات .
هل يتحرك البرلمان ليضع حداَ لعودة الاستبداد والقمع ؟ وهل يتحرك البرلمان بدعوى الى المحكمة الاتحادية لهذا الانتهاك الدستوري ؟ لتصدر قرارها وفق صلاحياتها التي حددتها المادة (93) من الدستور لمواجهة هذا الانتهاك الدستوري ومحاسبة من قام به .
5-3-2012

93
رؤية حول الموضوعات السياسية المقدمة
الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي

(4)
فلاح علي
حول السياسة الاقتصادية والاجتماعية :
تم تناول الوضع الاقتصادي والاجتماعي في العراق بعدد غير قليل من الفقرات إبتداءَ من الفقرة 59 الى الفقرة 118 , وسلطت الاضواء فيها على السمات الاقتصادية والاجتماعية ووضعت مجموعة من العناوين منها الثروة النفطية والكهرباء والمياه والقطاع الصناعي والزراعي والسياسة المالية , وتحدثت عن الاوضاع الاجتماعية ارتفاع معدلات البطالة والتضخم وخفض الاجور والفقر واشارت الى الاستثمار الاجنبي وتحدثت عن التجارة الداخلية والخارجية ووضعت عدد من الحلول والتوجهات لغرض النهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد .  
ما اكدته النقاط في مجال السياسة الاقتصادية والاجتماعية على :
1- نقد للسياسة الاقتصادية للدولة واكدت انها غائبة فيها الرؤى الاستراتيجية , مع غياب السياسة الموحدة في المجالات المالية والتنمية وغيرها وغياب دور الدولة في الميدان الاقتصادي .
2- تضمنت النقاط المشار اليها الى احصائيات وارقام ونسب , اعطت مصداقية ووضوح وواقعية وقوة للرؤيا التي قدمتها الوثيقة في مجال السياسة الاقتصادية والاجتماعية  .
الملاحظة التي اقدمها هي :
- هو ما ورد من عبارة في نهاية الفقرة 65 :( اننا لا نعارض الاستثمار الاجنبي بالمطلق . بل نشدد على ان تكون القرارات بشأنه منطلقة من رؤية استراتيجية واضحة المعالم ..... وعلى ان يكون الاستثمار الاجنبي عاملاَ مساعداَ لتنمية الاقتصاد وليس عنصراَ محدداَ لاتجاهات تطورة )
الراي الذي يمكن تثبيته على هذه الفقرة هو :
1- ما ورد في عبارة عدم معارضة  الاستثمار الاجنبي بالمطلق انها عبارة عامة بحاجة الى تدقيق  , رغم انها اشارت الى ان القرارات ان تكون منطلقة من رؤية استراتيجية واضحة المعالم .
2- عبارة ان يكون الاستثمار الاجنبي عاملاَ مساعداَ لتنمية الاقتصاد وليس عنصراَ محدداَ لاتجاهات تطورة . اعتقد ان العبارة من الجانب الاقتصادي بحاجة الى تدقيق ايضاَ , في حالة الاعتماد على الاستثمار كأساس للتنمية , فأنه في التطبيق والنتائج يوجد ترابط بين طبيعة الاستثمارواتجاهات التطور الاقتصادي , من هذا لا يمكن فصل الاستثمار ونوعه وطبيعته والجهه التي تقوم فيه والفرع الاقتصادي الذي يتم فيه من اتجاه التطور الاقتصادي لا سيما اذا كانت رؤية التطور مرسومة مسبقاَ .
3- ارى ان السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تضمنتها الوثيقة , بحاجة الى تثبيت فقرة اخرى وهو الموقف من خصخصة بعض القطاعات الهامة والاستراتيجية والتي تعتبر ملكية عامة اي ملكية الشعب ولا يحق للسلطة التلاعب فيها وفق تصوراتها وخططها الاقتصادية , ومن هذه القطاعات هي التي حددها الحزب سابقاَ  وعلى سبيل المثال, الثروات النفطية والطبيعية , والمياه والكهرباء وسكك الحديد ... الخ .
استنهاض التيار الديمقراطي :
تشير الوثيقة الى نقاط هامة تحت هذا العنوان من الفقرة 165 الى 174 وبعضها يتضمن رؤى جديدة  :
الفقرة 171 ورد فيها : ( ان الظرف الحالي يتطلب من القوى الديمقراطية , وكذلك اليسارية التي لها مشاريع سياسية واقتصادية أكثر جذرية  ..... وأن تتوجة لمواصلة الجهود الحثيثة الرامية الى تجميع قواها ورص صفوفها , بهدف استنهاض التيار الديمقراطي .... الخ )
8- الفقرة 173 هامة جداَ وتعبر عن رؤية فكرية جديدة بمضامين ديمقراطية حيث تشير الفقرة الى : ( اما بالنسبة للقوى والتنظيمات اليسارية ذات المشاريع الاكثر جذرية , فلا شيئ يمنع التقاءها وتعاونها وايجاد صيغ للتنسيق , من دون وضع ذلك في تعارض مع بناء وحدة القوى الديمقراطية , وتفعيل الدور السياسي للتيار الديمقراطي . ولا يدعي الحزب الشيوعي العراقي احتكاره لتمثيل اليسار او الفكر الماركسي ,وهو يحترم التنوع والاختلاف في الاجتهاد داخل اليسار ....... لكي تتوفر قاعدة سليمة للحوار والبحث في صيغ التعاون والتنسيق والارتقاء بها ) .
ما تضمنته الفقرتين 171 و173 من محتوى يؤكد على :
1- ان هذه الرؤية الجديدة تؤكد على التطور في مواقف وسياسة الحزب الشيوعي العراقي , بدعوته الصادقة المنطلقة من قناعات فكرية للقوى اليسارية ذات المشاريع الاكثر جذرية للعمل والتنسيق المشترك مع قوى التيار الديمقراطي .
2- كما انه يؤكد بهذه الرؤية على تطبيقه المبدع لفكره الماركسي الذي يدعوا الى اهمية الترابط  والتواصل بين المهام الوطنية الديمقراطية والمهام الجذرية اي المهام الاستراتيجية .
3- وبنفس الوقت يؤكد استعداده في الفقرة 173 للتنسيق والعمل المشترك مع القوى اليسارية , والهام جداَ في هذه الفقرة ما ورد فيها من عبارة ( ولا يدعي الحزب الشيوعي العراقي احتكاره لتمثيل اليسار او الفكر الماركسي ..... الخ ). هذه بحق تمثل رؤية فكرية جديدة تم انتاجها بمضامين ديمقراطية , لانها ترفض الادعاء والهيمنة والاستئثار والتهميش لاي تنظيم او حركة يسارية او ماركسية كما انها تؤكد على التنوع الفكري في حركة اليسار وتحترم هذا التنوع والاختلاف والاجتهاد فهي رؤية ديمقراطية تكتسي بأهمية إنطلاقاَ من ظروف بلدنا.
مهام الحزب في الفترة القادمة :
الفقرة 175 تضمنت ستة نقاط هامة عبرت عن مهام الحزب في المرحلة القادمة .والمهام هي تطوير التنظيم وتطوير الجانب الفكري والعمل الجماهيري والتيار الديمقراطي , وتطوير الاعلام والدفاع عن الحقوق السياسية والمدنية والحريات التي يكفلها الدستور والتصدي لانتهاكات حقوق الانسان .
الملاحظ على المهام :
1- انها ربطت بين السياسة والتنظيم , لانه بعد رسم السياسة يأتي دور التنظيم , الوثيقه تدعوا الى تطوير التنظيم ليكون فاعل مؤثر مبادر متفاعل مع الجماهير يتفهم حاجاتها ويتسم بالمهارة في التعامل معها , ولهذا فان الوثيقه تشير الى الترابط بين السياسة والتنظيم , وتؤكد انه بعد رسم السياسة يأتي دور التنظيم لتطبيق السياسة وانجاز المهام .
2- ان التنظيم المتطور هو الذي يمكن السياسة من التطبيق او التنفيذ , لا سيما عندما تكون السياسات مستندة الى رؤية صحيحة , وصحة الرؤية هي من وجهة نظري عندما تكون منطلقة من القراءة الصحيحة للواقع الحالي الملموص الذي يمر به البلد والمجتمع . اي السياسة عندما تكون منطلقة من الواقع فأنها تتضمن رؤية متطوره إضافة الى واقعيتها , وبهذا تساعد منظمات واعضاء الحزب من فهمها والابداع في تطبيقها .
رأي حول الفقرة 5 من المهام التي تشير الى :
5- المزيد من الاهتمام بالاعلام كي ينهض بدوره في التعريف بسياسة الحزب وايصالها لاوسع الجماهير.
الملاحظات على الفقرة :
1- لم تشرالوثيقه الى الطريقة التي سيتم من خلالها الاهتمام بالاعلام لكي ينهض بدوره ؟. ما اكدته تجارب الحزب طيلة الظروف التي مربها انه لايمكن النهوض بأي مفصل من مفاصل نشاط الحزب الا بأشراك القاعدة الحزبية , وبما ان الاعلام مفصل هام في عمل الحزب في الظرف الراهن . فان الحاجة الى الوضوح والشفافية لا بديل عنها في تشخيص الخلل لاجل ان يسهم الجميع في معالجته بعد تحديد اسبابه لغرض وضع حلول جماعية  .
2- لكي تكون الوقفة جادة لمعالجة الخلل في الاعلام وتطويره , هو ضرورة طرح ورقة خاصة بالاعلام لغرض الحوار العلني حولها ويشارك فيها اعضاء الحزب واعلاميين ديمقراطيين وكل من يعز عليه تطوراعلام الحزب , وتكون هذه الورقة من ضمن وثائق المؤتمر الوطني التاسع لكي يتم اغناء مضامينها بعد المشاركة الجماعية في صياغتها ديمقراطياَ ومن ثم اقرارها  .
3- ارى ان تضاف الى المهام مهمة النضال لتغيير قانون الانتخابات البرلمانية لعام 2010 وقانون انتخابات المحافظات , رغم انه مثبت في الفقرة رقم 156  من الوثيقة ولكن تثبيته كمهمة يعطى اولوية في تسليط الاضواء عليه في الاعلام وفي النشاطات الجماهيرية والسياسية.
حول الازمة المالية العالمية :
تناولت الفقرات من 193 الى 214 الازمة المالية والاقتصادية العالمية بالدراسة المعمقة لطبيعة النظام الراسمالي وتعاظم دور الراسمال وتوقفت بمعطيات عن اسباب الازمة المالية الاقتصادية واشارت الى ملامحها , والمحاولات التي قامت بها الراسمالية لايقاف الازمة ومنها بعض المعالجات واستخلصت الوثيقة استنتاجات هامة جداَ ذات رؤية فكرية وسياسية واقتصادية  ومنها:
1- من الاستنتاجات الهامه الذي تضمنته الفقرة 206 : ( ان الاستنتاج الاهم الذي يمكن التوصل اليه بهذا الشأن هو ان العالم لن يعود الى ما كان عليه قبل انفجار الازمة , فهي ستفرض على الراسمالية طي صفحة الليبرالية الجديدة ووضع ضوابط جديدة تحول دون تكرار انفجار أزمات مشابهة , وبذلك تكون الازمة قد اعلنت نهاية أطروحات ( نهاية التاريخ ) ( وأبدية النظام الراسمالي) ..... الخ .
2- كما استنتجت الوثيقة في الفقرة 209 الى ان هذه اللوحة تؤدي الى خلق امكانيات واسعة لتطوير الحركات الاحتجاجية وإكسابها محتوى مناهضاَ للراسمالية . وتوحيدها في تيار منسجم معادي للامبريالية ويحمل في الوقت نفسه مشروعاَ سياسياَ واقتصادياَ تقدمياَ .
3- والفقرة 210 وضعت رؤية حول مهمات النضال ضد الامبريالية .... وتختتم الفقرة براي ان النضال ضد الامبريالية لا بد وان يقترن وبصورة متلازمة بالنضال من اجل الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية .
4- والفقرة رقم 214 كانت واضحة وصريحة حيث أكدت ان الازمة قد اعلنت عن فشل النموذج الليبرالي الجديد للرأسمالية , وتختتم الفقرة بالتوقع بظهور توازنات جديدة وهذا ما يفتح بالتالي فرصاَ جديدة ويوفر امكانيات للتغيير وبناء عالم افضل .
مايلاحظ على الفقرات الواردة تحت هذا العنوان :
1- اجد ان الوثيقة في هذا الباب تؤشر الى ملامح تطور فكري , حيث قدمت رؤية جديدة للنضال ضد المشروع الامبريالي بطبيعته الاقتصادية والسياسية والفكرية وهذه الرؤية هي ليس فقط موقف فكري , وانما  في الواقع هو رسم ملامح طريق جديد لمواجهة المشروع الامبريالي .
2- الوثيقة تتحدث عن ملموسيات ومعطيات تشكل منطلقات اساسية فكرية اقتصادية سياسية اجتماعية ارتكزت عليها الوثيقه لتؤكد هناك تغيير في الوضع الدولي بسبب الازمة المالية العالمية , وتتحدث عن مشروع لوحدة النضال لمواجهة المشروع الامبريالي , وتحدد قواة السياسية والاجتماعية وتؤكد على الجوانب الفكرية لوحدة النضال ضد الامبرياية .
3- الوثيقة تتحدث عن امكانية ظهورعالم متعدد الاقطاب الاقتصادية .
الرؤية التي اقدمها هنا :
- من وجهة نظري ان العالم قد تغيير , الواقع الآن في الساحة الدولية في عام 2012 يختلف عليه عما هو كان عليه في عام 1991 فترة انهيار الاتحاد السوفياتي والدول الاشتراكية .
- ان النظام الدولي نظام القطب الواحد في طريقه الى الزوال وبلا رجعة .
- وان نظام التعددية القطبية قد ظهرت ملامحة منذ عام 2007 , وان قوى قطبية ( تمتلك مقومات القوة الدبلوماسية و الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والاعلامية ) قد ظهرت الآن على الساحة الدولية ولديها سياسة خارجية مستقلة تعمل لاعادة التوازن الدولي في العلاقات الدولية , ومن هذه القوى هو روسيا والصين , وان اليابان والاتحاد الاوربي والهند يسيران في هذا الطريق .
- وما يؤكد صحة ما اذكره هو ما نراه على الارض , من انتهاء التفرد الامريكي في صنع القرار الدولي , والمثال على ذلك في نهاية تسعينات القرن الماضي , شنت الولايات المتحدة الحرب على يوغسلافيا بدون قرار دولي وعملت على تقسيم يوغسلافيا واستقلال كوسوفا , وشنت الحرب على العراق في عام 2003 بدون الرجوع الى مجلس الامن ثانية .
- الآن ليس بمقدور امريكا وحلفائها تجاوز الدور الروسي والصيني في مجلس الامن , فروسيا اليوم لم تعد تسمح للولايات المتحدة بتقرير مصير العالم حسب مقاساتها .
- كانت الامبريالية في ازماتها الاقتصادية السابقة تلجأ لاسلوب الحرب لتصريف ازمتها الداخلية , الآن بسبب ظهور اقطاب دولية جديدة فلم يكن بمقدور الامبريالية الامريكية من وجهة نظري اللجوء الى الحرب من دون المرور بمجلس الامن . وهذا ما تؤكده الاحداث والوقائع بعد الازمة الحالية التي ابتدأت في عام 2008 .
- اعتقد الآن ليس بمقدور الولايات المتحدة الامريكية الاستمرار باستراتيجية التوسع وبسط النفوذ وخلق الذرائع من اجل الضغط المتنوع وبالذات العسكري لتحقيق مصالحها في هذه المنطقة او تلك اعتقد انها الآن دخلت في مرحلة انحصار .
- ارى بان تشير الوثيقة الى حقيقة واضحة على الارض وهي رغم ان الادارة الامريكية لا تزال لم تجري تغييراَ على استراتيجيتها , فان الحقائق تؤكد انها اجرت تغييرات على تاكتيكاتها في مجال القوى التي تتحالف معها , فأدخلت قوى جديدة الى خط التحالفات معها وهي قوى الاسلام السياسي بما يسمى بالمعتدل في العراق بعد احتلاله في عام 2003 وفي تركيا وبلدان عربية واسلامية عدة , آخرها هو التغيير الواضح في تاكتيكها على اثر انتفاضة الشعب التونسي والمصري , فاقامة تحالف مع الاخوان المسلمين في تونس ومصروالمغرب والاردن , اعتقد هذه التاكتيكات الجديدة من التحالفات الجديدة هي تخدم الاستراتيجية الامريكية اكثر مما تخدم عملية التحرر الاقتصادي والسياسي وبناء النظم الديمقراطية في هذا البلد او ذاك انطلاقاَ من ضعف قدرتها في التحرك العسكري المنفرد من خارج قبة مجلس الامن.
- ما هو هام هو تأكيد الوثيقة على فشل المشروع الامريكي بجوانبه الاقتصادية النيوليبرالية والسياسية الاستراتيجية . وهذا ما سيكون له انعكاسات على صعيد العالم وصعيد منطقتنا وعلى صعيد كل بلد , لهذا خرجت الوثيقه بوجود آفاق للنضال الاممي ضد السياسة والمشاريع الامبريالية .
- وهذا الاستنتاج يفتح آفاق على صعيد العراق لتوحيد اوسع فئات المجتمع والطبقة العاملة وقوى التيار الديمقراطي في جبهة ديمقراطية واسعة , لمواجهة وافشال المشاريع الاقتصادية الداعية الى الخصخصة لليبراليين الجدد في نظام المحاصصة الطائفية والقومية , ومن وجهة نظري ان هذا التغيير في الوضع الدولي سيضع حداَ للاصطفافات الطائفية والقومية في المستقبل المنظور على صعيد كل بلد ومنها العراق  وستظهر اصطفافات سياسية جديدة ذات طبيعة وطنية وديمقراطية- اجتماعية .
موقفنا من قضية الشعب الفلسطيني العادلة :
حدد الحزب الشيوعي العراقي موقفه من قضية الشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة , وما تضمنته الوثيقه تحت هذا العنوان من رؤية سياسية صائبة تضامنية جاءت في الفقرات من 189 الى 192 .
وما اكدته الوثيقه في الفقرة 190 التالي :
(ان تجربة السنوات الماضية قد برهنت على خطل المراهنة على الموقف الامريكي ...... ان فكرة التخلص من ثنائية المفاوضات برعاية امريكية منحازة , والتوجه الى عقد مؤتمر دولي جديد ترعاه الامم المتحدة ويتوج باعلان دولة فلسطين , هي مخرج واقعي من المأزق الراهن الذي يوفر مكاسب جديدة لاسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ) .
- الوثيقه تؤكد ان الحزب الشيوعي العراقي في الوقت الذي يخوض نضاله الوطني والديمقراطي في الساحة العراقية , فأنه يربط نضاله هذا بنضاله على الساحة العربية وتضامنه مع الشعوب العربية وشعوب العالم , من اجل عالم بلاحروب ولا احتلال ولا فقر ومرض وامية عالم تسود فيه قيم السلام والتحرر الاقتصادي والسياسي والحرية والديمقراطية وحقوق الانسان .
تحديات تواجه قوى اليسار :
كان هذا العنوان خاتمة الوثيقة والذي يتكون من النقاط 215 الى 217 .
- تطرح الوثيقه في هذه النقاط رؤية جديدة تؤشر حول مهام اليسار ووسائل واتجاهات نضاله وتركز على التضامن الاممي , وكأن الوثيقه تقول ان النضال ضد الامبريالية ومشاريعها بحاجة الى تضامن اممي جديد تسود فيه التعددية والتنوع في الرؤية والاستقلالية في رسم السياسة ووضع التوجهات والى وحدة النضال الاممي الطوعي القائم على توجهات ذات محتوى ديمقراطي وافق اشتراكي .
- مع ان الوثيقة تركز على دور قوى اليسار في منطقتنا العربية , وتدعوها للتنسيق والعمل المشترك لخوض النضال بوسائل مشروعة ووفق برنامج يحقق التغييرالديمقراطي , ويعزز التضامن ضد الامبريالية وهجوم العولمة الراسمالية في منطقتنا .
- والهام جداَ في هذه النقاط هو ان مهام قوى اليسار تم ربطها بشكل ديالكتيكي  , وتأكيدها على العمل النضالي المشترك بين قوى اليسار, على صعيد كل بلد وعلى الصعيد الاقليمي والاممي وتعزيز التضامن بين قواه , وتؤشر الوثيقة على ملامح النهوض في الوضع الفكري في الحزب , وانه في الطريق الصحيح لاستعادة الدور التاريخي والمسك بزمام المبادرة لاجل صنع مستقبل افضل للشعب والوطن .
26-2-2012  
 
 

94
رؤية حول الموضوعات السياسية المقدمة
الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي

(3)
فلاح علي
إستنتاجات هامة في الوثيقة :
تتضمن الوثيقة إستنتاجات هامة منها ذات طبيعة فكرية سأشير الى بعضها لأهميتها كما سأطرح رأيي أو وجهات نظري على بعضها :
1- خرجت الوثيقة في الفقرة رقم (3) باستنتاج هام تؤكد فيه على العلاقة بين المهام الوطنية بالمهام الديمقراطية والمهام السياسية مع المهام الاقتصادية و الاجتماعية وعلى الترابط الدايلكتيكي مع بعضهما .  لذا أرى في هذه الرؤية هي قراءة صحيحة من قبل الحزب للواقع العراقي  من منظور فكره الماركسي, ورغم ان الحزب قد ثبتها في وثائق سابقة , ولكن الاشارة لها في هذه الوثيقة ارى من وجهة نظري للتأكيد بأنها تمثل اهم ركائز ومنطلقات الخط السياسي للحزب كما انها تعد مهام نضالية للشيوعيين العراقيين . ففي الوقت الذي تطالب بتعزيز استقلال البلاد وبناء الدولة على اسس دستورية ديمقراطية , فانها تدعوا لبناء الاقتصاد الوطني مع حسن استغلال الثروات الطبيعية , مع التوزيع العادل للثروة الوطنية والقضاء على الفقر وتوفير الخدمات ونظام الضمان الاجتماعي والصحي وتحقيق العدالة الاجتماعية .وسن قوانين ذات طبيعة ديمقراطية وضمان الحقوق والحريات الديمقراطية وبناء دولة المواطنة .
بهذه الرؤية ارى من وجهة نظري ان الوثيقة تدعوا الى الاصلاح الجذري في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية هذا اولاَ وكأن الوثيقه تقول ان السياسات الاقتصادية لنظام المحاصصة لاتبني اقتصاداَ وطنياَ متطوراَ ولا تحقق العدالة الاجتماعية , وثبتت الوثيقة فقرات عدة للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتدعو الى تحقيق التنمية المستدامة , ووضعت عدة عناوين فرعية منها التفاوت في توزيع الثروة ومكافحة الفقر وعنوان الطريق الى التنمية المستدامة وتضمنت عدد من الفقرات والتوجهات ..... الخ . 
كما انها تدعوا الى الاصلاح السياسي الجذري : ووضعت عدة توجهات تحت عناوين سواء في مجال اصلاح الجهاز الاداري والخلاص من المحاصصة ونظامها مع اسس بناء الدولة المدنية الديمقراطية , مع عدد من التوجهات لحل الازمة السياسية جذرياَ , بعد ان اشارت الى عقد المؤتمر الوطني واهميته , أكدت الوثيقه ان الحل الجذري للأزمة الخطيرة في البلاد هو في الدعوة الى اجراء انتخابات برلمانية مبكرة وفق المادة 64 من الدستور وهذا ما أشارت اليه الفقرة رقم (151) , وتضمنت الوثيقه عدد من التوجهات في مجال الاصلاح السياسي الجذري .
2- تناولت الوثيقة الحركة الاحتجاجية في البلاد التي ابتدأت في 25/ شباط 2011 وانتهاك الحريات الدستورية, وضمنتها رؤى وتوجهات بفقرات عدة من ( 134 الى 141) , ومن خلال قراءتي ارى انها تدعوا لمواصلة الضغط الجماهيري الواسع السلمي وفق الدستور لانه الوسيلة الناجعة لمواجهة هذه الكتل المتخندقه طائفياَ وقومياَ والتي لا تكترث للشعب وتلبية حاجاته وضمان حقوقه وحرياته وتشير الوثيقة الى ان الحركات الاحتجاجية مرشحة للتواصل .
3- فيما يخص الاوضاع في كردستان  تضمنت الوثيقه رؤية الحزب الشيوعي الكردستاني حول الاوضاع في كردستان وبناء الدولة الفيدرالية .  والهام جداَ من وجهة نظري هوما ورد في نص الفقرة (122) وفي نهايتها ورد التالي :
(ومن الضروري أن نؤكد ارتباط الفدرالية بالديمقراطية، وعدم إمكان الفصل بينهما. كما لا يمكن الحديث عن بناء ديمقراطي لعراق جديد , لا يضع في الاعتبار مسألة الفيدرالية , ومن هذا المنطلق نوجه ندائنا الى كافة القوى الديمقراطية في الاقليم وعموم العراق , للعمل المشترك من أجل بناء التيار الديمقراطي الفاعل والمؤثر في الساحة السياسية ) إنتهت الفقرة .
الرأي الذي أثبته هنا :
ان كان هذا حقاَ هو رأي الحزب الشيوعي الكردستاني , فيعد ذلك تطوراَ فكرياَ هاماَ يؤكد فيه الرفاق انهم بحق امميون ماركسيون انهم اصلاء امناء اوفياء لفكرهم الماركسي ولتربيتهم الشيوعية , وادعوا الى التضامن الواسع مع الحزب الشيوعي الكردستاني لانه عاود السير على طريق النضال الصحيح الاممي والطبقي وانه بهذا يؤكد انه يسترشد حقاَ بالفكر الماركسي , وانه بدأ بمراجعة لسياسته ومواقفه لغرض الوقوف امام اخطائه الفكرية والسياسية وتصويبها . وان صح ذلك فانه خطى الخطوة الاساسية لوضع الحزب على طريق النهوض من جديد بعد ان تعرض لكبوة عابرة هذا أولاَ .
وثانياَ : ارى ان هذا الموقف الفكري المتطور الناضج انه ينتظر خطوات عملية لترجمتة الى فعل ملموس ومن ضمن الخطوات العملية التي يتطلب اتخاذها ,ومن وجهة نظري هو الخروج من كتلة التحالف الكردستاني ( القومية والتي تمتاز بهيمنة الفكر القومي البعيد عن المضامين الديمقراطية والذي شكل اضرار حتى للفيدرالية في كوردستان لان الكتلة القومية عولت على تحقيق الفيدرالية من خلال نظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي يعيق بناء الديمقراطية ومؤسساتها ونظامها في العراق , وان كتلة التحالف الكردستاني وقفت مع الطائفيون ومن خلال تنسيق مشترك بينهما من اجل تشويه واضعاف الديمقراطية والديمقراطيين في العراق ) . والخطوة الاخرى هو التي تليها هو التوجه نحو العمل المشترك مع التيار الديمقراطي لأجل ان يكون له حضور فاعل في عموم العراق وكردستان .
4- والتطور الهام الثاني في مواقف الحزب الشيوعي الكردستاني هو ما جاء في نص الفقرة (130) وكما جاء فيها : (وفي مقابل هذا الخطاب انطلق خطاب حشك من تفادي النظر الى مسألة التغيير الاجتماعي عبر ثنائية السلطة والمعارضة، وتسطيح وتبسيط الصراعات على أساس شعبوي أو فق استنساخ التجارب وفي ختام الفقرة تؤكد الفقرة على مشروع حشك للتغيير الاجتماعي , المبني على اساس الديمقراطية والتمدن والتقدم الاجتماعي وعدم تسويغ العنف لفرض المشاريع السياسية) .
الرأي الذي أثبته هنا : هو الاستنتاج الهام الذي توصل اليه حشك , حسب فهمي له وكما جاء في الفقرة 130 هو التالي : (انطلق خطاب حشك من تفادي النظر الى مسألة التغيير الاجتماعي عبر ثنائية السلطة والمعارضة) .
إني أعتبر هذا الموقف الفكري أو الرؤية الجديدة انه تطور جوهري وهام , وهذا ما تؤكده ظروف بلادنا في ظل غياب الديمقراطية هو ضرورة (التخلي عن وهم الجمع بين ثنائية المعارضة والمشاركة في السلطة انه خطأ فادح  تداركه الآن حشك) .
هنا يطرح سؤالين مشروعيين : هل سيسحب الحزب الشيوعي الكردستاني وزيره من الوزارة لكي ينتقل للمعارضة ؟ ام يتمسك بوزيرة ويبقى بالسلطة ويتخلى عن المعارضة ؟ وبهذا فانه يتخلى عن برامجه ومواقفه الفكرية المتطورة الجديدة وعن النضال الجماهيري ويكون جزء من السلطة تابع لها؟ وعندها يؤكد في الممارسة انه قد تخلى عن التغيير الاجتماعي ولا أعتقد ذلك , ولكن ننتظرمن حشك كيف يحل هذه المعادلة ذات الرؤية الفكرية المتطورة ؟
5- الفقرة (133) تتضمن (12) نقطة عبرت عنها الوثيقه بأنها خطوط عامة لنضال الحزب الشيوعي الكردستاني ومن يقرأها يفهمها على انها توجهات او مهام سياسية للحزب ومن وجهة نظري ارى ان هذه الفقرات تعبر عن رؤية واضحة وسليمة وموقف متطور لبناء الديمقراطية في كردستان وانهاء الفساد وترسيخ حكم القانون رغم انها لم تشر الى التنظيم ودوره , ولكن لدية ملاحظتين على هذه الفقرة :
ورد في النقطة الرابعة من الفقرة (133) التي تؤكد على : ـ (الحفاظ على وحدة القوى السياسية الكردستانية، ووحدة القرار على أساس ضمان مشاركة فاعلة لجميع الأطراف في صياغة القرار، والاعتماد على ارادة الجماهير في الدفاع عن المكتسبات، وتوسيع نطاق الحريات العامة في مجال الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي مجال حقوق القوميات ومكونات شعب الاقليم).
الملاحظة الاولى على النقطة الرابعة : أرى ان النقطة غير واضحة انها تميل الى الانشائية اكثر مما هي رؤية فكرية سياسية وذلك من خلال تدقيق هذه النقطة : نرى ان القوى الكردستانية هي واسعة من اليسار الى اليمين المتطرف وفيها قوى الاسلام السياسي . السؤال هو انه كيف تتحقق وحدة القوى السياسية كما جاء في الفقرة في ظل هذا الطيف الفكري والسياسي الواسع للقوى الكردستانية ؟ وعلى اي برنامج تتحقق هذه الوحدة ؟ أعتقد ان اليمين المتطرف ومنهم قوى الاسلام السياسي لا يلتقي مع اليساريين والديمقراطيين في كثير من القضايا ومنها في مجال الحقوق والحريات كما جاء في الفقرة لان الاسلام السياسي لديه تحفظات على كثير من الحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية . والا كيف يفهم حشك وحدة القوى السياسية الكردستانية ؟
الملاحظة الثانية: لا اريد القول ان هذه النقطة جاءت متعارضة مع الفقرة رقم (122) أعلاه . لا وانما رغم ان الحزب الشيوعي هو كردستاني ولكن هذه الفقرة الرابعة تؤكد ان حشك وقع في خطأ ذو طبيعه فكرية واعتقد يمكن تلافيه بعد اعادة القراءة والتدقيق.
الرؤية التي اقدمها حول هذه النقطة الرابعة : طالما ان حشك هو حزب ماركسي يناضل من اجل بناء النظام الديمقراطي الفيدرالي في العراق , أرى ضرورة تصحيح  الخلل الفكري في الفقرة فبدلاَ من عبارة الحفاظ على وحدة القوى السياسية الكردستانية , الفضفاضة والتي بلا ضفاف فكرية . ان تحل محلها وحدة القوى السياسية اليسارية والديمقراطية في كردستان وعموم العراق , هذا الموقف السليم  ينتضره الآن كل اليساريون وقوى التيار الديمقراطي سواء في كردستان او العراق من الحزب الشيوعي الكردستاني .
(يتبع)
22-2-2012

95
رؤية حول الموضوعات السياسية المقدمة
الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي
(2)
فلاح علي
وثيقة الموضوعات السياسية :
لكي أركز في البحث حول هذه الموضوعة الاساسية , لا بد من تناول أولاَ ماتضمنته الوثيقه بجانبيها الذي يفترض ان يكونا متلازمين مترابطين وهما شكل الوثيقة ومضمونها لأنهما يشكلان ركنان اساسيان للوثيقة , ثم تاتي ملاحظاتي او الرؤية التي أقدمها عليها ثانياَ . وكرؤية أولية عامة حول المضمون بشكل عام ارى من وجهة نظري ,ان الوثيقة تضمنت شيئاَ جوهرياَ جديداَ من حيث الرؤية والتحليل والاستنتاج السياسي  , مع الوضوح في المضامين وتقديم حلول وبدائل عملية لحل أزمات البلد . وبهذا فأن الحزب الشيوعي العراقي كأنه يقول في هذه الوثيقه ان حزب فهد وسلام عادل بدأ يستعيد دوره في الحياة السياسية , وان لديه ادوات معرفية للقراءة والتحليل والاستنتاج مع حضور فاعل في المجتمع وبهذا كأنه بدأ بخطوات تؤهله للمسك بزمام المبادرة , فما تضمنتهه الوثيقه من حيث المضمون يؤشر ان هنالك  تطور في مواقف وسياسة الحزب . وأعتقد ان هذه الرؤية الجديدة نابعة من القراءة الدقيقة والصحيحة للواقع ومن شحذ الفكر الماركسي وتطبيقه على الواقع . ومن وجهة نظري أرى ان هذه الرؤية الجديدة هي الاكثر فاعلية والتي سيكون لها أثر كبير في ان يحتل الحزب مكانته التاريخية في الحياة السياسية . ولن تتوقف الوثيقه عند هذه الحدود ومن خلال قراءتي ارى ان الوثيقه تحمل خطاب سياسي جديد رغم واقعيته ومرونته لكنه يحمل مقومات الفعل والتأثير , المقصود بالفعل والتأثير هو ابعاده الجماهيرية ومضامينه السياسيه المحمله بحاجات الجماهيرومطاليبها وحقوقها وحرياتها وأمن المواطن والوطن, مع سماته حيث يتسم بالوضوح والجرئة والنقد وتسليط الاضواء على أس الأزمة السياسية وكذا يشير الى اسباب الازمات الاقتصادية والاجتماعية وما نتج عنها من حيف كبير لحق بالشعب ومخاطر تهدد الوطن .  وكأن هذه المضامين تقول لاعضاء الحزب وجماهيره ولجماهير شعبنا , آن الأوان الى الفعل الجماهيري , آن الأوان للنضال المشروع السلمي وفق الدستور والممارسة الديمقراطية  , لاجل انقاذ الشعب والوطن من الازمات التي صنعها نظام المحاصصة الطائفية والقومية ولنصنع جميعاَ دولة المواطنة .
والجديد الآخر في مضمون الوثيقة ان الحزب الشيوعي العراقي بؤكد في هذه الوثيقة على العلاقة الديالكتيكية بين الرؤية السياسية الجديدة وبين الخطاب السياسي الجديد والذي لا يمكن الفصل بينهما في التطبيق . وهذا مؤشر جديد ان الحزب الشيوعي العراقي في الطريق لاستعادة دوره التاريخي والالتحام ثانية مع جذوره الاجتماعية مع جماهير الشعب ليواصل النضال معها لتحقيق طموحاتها وترسيخ الديمقراطية في المجتمع والدولة .
اطرح سؤال مشروع هنا : من سيكون القادر على حمل هذا الخطاب السياسي الجديد للحزب؟
بلا شك الحامل له هو عضو الحزب الفاعل الناشط في وسطه الاجتماعي هذا أولاَ وثانياَ اعلام الحزب الذي يفترض ان يكون جماهيري ومتطور وفعال وديناميكي ويتميز بسعة التأثير .
وثيقة الموضوعات السياسية أتناولها من حيث الشكل :
تتكون الوثيقة من 33 عنوان فرعي اضافة للعنوان الرئيسي , وتحتوي على 217 فقرة , متنوعة ومتداخلة في موضوعات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وخدمية وحلول واستنتاجات داخلية اضافة الى تناولها للازمة السياسية وحلولها والوضع في كردستان والنظام الفيدرالي والاقاليم ومهام الحزب وحول الحركة الاحتجاجية واستنهاض التيار الديمقراطي . اضافة الى ما تضمنته من استعراض شيق للتطورات الحاصلة في المنطقة العربية وتركيزها على انتفاضات الربيع العربي وكذا القضية الفلسطينية , وخاتمة الوثيقة تضمنت موضوعتين هامتين هما تطورات الوضع الدولي في ظل نظام القطب الواحد وتوقفت عند الازمة العامة المالية والاقتصادية التي تواجة الراسمالية الآن , واشارت الى تأثر البلدان النامية في هذه الآزمة وخرجت باستنتاج هام هو فشل السياسة النيوليبرالية وثبتت الوثيقة استنتاج هام ايضاَ حول الرؤية للوضع الدولي في ظهور نظام متعدد الاقطاب. واشارت الوثيقة الى مهام الحركة الشيوعية وحركة اليسار العالمي واليسار في المنطقة العربية ووضعت رؤية لنضال الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين في المنطقة العربية .
من الملاحظات التي يمكن تثبيتها على شكل الوثيقه هي :
1- عدد الفقرات او النقاط التي تضمنتها الوثيقه هي 217 فقرة , لوحظ ان كثير من هذه الفقرات تعرضت للاسهاب في الشرح رغم كثرة عدد الفقرات .
2- يلاحظ هناك كثير من الفقرات يوجد فيما بينها تداخل وتكرار من خلال الاستعرض المكرر للشرح ,  وكمثال على ذلك هو تحت (عنوان السيادة الوطنية) ثبتت فقرات من رقم 20 الى 29 تتحدث عن انسحاب القوات مع الحديث عن الوضع الامني وبناء المؤسسات الامنية .... الخ . ثم بعدها تنتقل الوثيقه الى عنوان جديد تحت اسم (الملف الامني وتطوراته) تضمنت فقرات عددها من 30 الى 37 تتناول بالشرح الملف الامني وتحريم تشكيل الميليشيات .... الخ وهذا يؤكد على ان هناك تكرار وتداخل فيما بين الفقرات .
3- اعطيه للوثيقه عنوان رئيسي الموضوعات السياسية , لكنها تتناول بمساحة كبيرة الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والخدمات ..... الخ , وهذا التداخل من وجهة نظري اجده غير مبرر لسبب بسيط هو انه هناك وثيقه مطروحة على المؤتمر تتناول هذه القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية وغيرها وهي وثيقة البرنامج . من هذا اجد هناك تداخل بين وثيقة الموضوعات السياسية وما تضمنته من حقول مختلفه مع وثيقة البرنامج .
4- وثيقه بهذا الحجم حيث تحتوي على 53 ورقه , تعتبر انها مصدر للبحث وللمعلومات ممكن ان تعتمد عليها مراكز البحث والمؤسسات البحثية والجامعات , لكن ارى ان الهدف الاساسي لها هو قراءتها وفهمها من قبل اعضاء الحزب واصدقائة ومن قبل الجماهيرليستوعبوا مضامينها . ولكنها بهذا الحجم الكبير يصعب قراءتها من قبل جمهره واسعه من يعنيهم الامر .
5- من هذا اقدم مقترح هو فصل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية عن الموضوعات السياسية رغم الترابط فيما بينهما وأهمية الفصل تكمن من وجهة نظري في :
- للتعريف وللتمييز بين سياسة الحزب اي خطه السياسي العام , وبين سياسته الاقتصادية والاجتماعية .
- ان الفصل في هذه الوثيقه يساعد الاعضاء الجدد والكادحين منهم لقلة وقتهم المخصص للقراءه يساعدهم على فهم الموضوعات السياسية ويسهل عليهم مناقشتها وابداء الملاحظات بصددها و تبنيها بعد المؤتمر والعمل بمضامينها .
- الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرهما اما ان تضاف الى البرنامج او تكون وثيقه خاصه بهذه المواضيع .
6- ارى ان الشكل الحالي للوثيقه بحاجة الى اعادة النظر فيه على ضوء الملاحظات اعلاه وذلك لأهمية الترابط بين الشكل والمضمون , فأن الشكل الحالي للوثيقه اذا لم تتم اعادة النظر فيه واختزاله فانه سيضعف مضمون الوثيقة .
ملاحظة / سأتناول في الحلقة القادمة عدد من الفقرات التي تشكل جزء اساسي من مضمون الوثيقه اضافة الى ذلك سأشير الى عدد من الاستنتاجات الهامة .
(يتبع)
19-2-2012
 

96
رؤية حول الموضوعات السياسية المقدمة
الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي

(1)
فلاح علي
يسعى الشيوعيون العراقيون لأستعادة الدور التاريخي لحزبهم في الحياة السياسية في البلاد ,وبلا شك ان الشيوعيين يدركون جيداَ ان المدخل لأعادة الدور التاريخي للحزب , يبدأ من خلال التمسك بالخيط الاساسي وهو بناء التنظيم وتطويره وتوسعه ونمو جماهيريته وزيادة فاعليته ليكون اطاراَ صلباَ ولاعباَ اساسياَ في المجتمع , ومن ضمن مسعى الشيوعيين العراقيين على هذا الطريق هو استعداداتهم لعقد المؤتمر الوطني التاسع لحزبهم ,الذي يعد حدث هام لمواصلة العمل لتهيئة مستلزمات نهوض الحزب في المجال التنظيمي والفكري والجماهيري والاعلامي لكي يلعب دوره السياسي المطلوب . ويعرف الجميع ان دور الحزب الشيوعي العراقي قد تراجع في العقد الاخير بسبب ظروف وعوامل  منها موضوعية وذاتية .
لا بد من طرح سؤالين هنا الاول : هل الحزب الشيوعي العراقي قد انقطع عن الواقع ؟
السؤال الثاني :هل للحزب الشيوعي العراقي مرجعية فكرية ؟ للاجابه على هذين السؤالين فان الحقائق التاريخية تؤكد ان الحزب لم ينقطع عن الواقع , كما ان للحزب مرجعية فكرية هي الفكر الماركسي والتراث الاشتراكي . ومن هاتين الحقيقتين نجد ان ما يميز الحزب هو اولاَ التصاقه ومعرفته بالواقع العراقي وثانياَ تمسكه بالماركسية , ومن وجهة نظري ارى ان هاتين الحقيقتين يعدان من الاسباب الرئيسية لقوة الحزب , وما يؤكد صحة ذلك هو قدرته على تجديد فكره وتنظيمة وسياسته في كل منعطف وكل تطور يحصل على الصعيد الداخلي والعالمي  . والمؤشر الثاني هو صواب رؤيته في تفسيرة للواقع وعلى ضوء تفسيره الصحيح للواقع يضع مهامه وتوجهاته ويرسم سياسته , فالحزب ليس لديه خلل في رؤيتهه للواقع من هنا تأتي صحة توجهاته من خلال شحذ فكره المستند للماركسية في تطبيقها على الواقع وهذا يعد من اهم مرتكزات قدرة الحزب على التجديد والتطور .
هل الشيوعيون العراقيون قادرون على استعادة دورهم التاريخي :
كل من يقرأ الواقع العراقي الآن يخرج باستنتاج ان الشيوعيين العراقيين قادرين على اعادة دورهم التاريخي بعد ان انجزوا المهمة الاساسية هي اعادة بناء حزبهم وهم في الطريق الى تطويره ليكون بحق ليس فقط معترف به من قبل الجماهير ولكنه سيكون حزب الجماهير الشعبية . لانه ببساطة الدور التاريخي لاي حزب شيوعي يعني في الواقع اعتراف الجماهير بهذا الحزب , انه يشكل قوة في المجتمع هذا اولاَ وثانياَ ان هذه القوة تمثلهم , بهذا يسترجع الحزب الشيوعي دوره التاريخي . رغم صعوبة هذه المهمة ولكنها من وجهة نظري تحتاج الى عمل مضني كبيرومتواصل في تهيئة مستلزمات نهوضه , وهذا يساعد على حسم قضيتين اساسيتين الاولى هو هذا الاستعداد للنهوض يساعد على جذب اوسع فئات المجتمع الفاعله نحو الشيوعيين والقضية الثانية تمكن الشيوعيين من خوض الصراع الضاري الشرس الوحشي المعادي  للديمقراطية والذي أخذ بعد اعلامي واسع والذي  تقوم به كتل كبيرة في السلطة . من هذا ان الحياة تؤكد ان كل صراع هو بحاجة الى تهيئة مستلزمات لخلق تكافئ لاجل خوض معركة الصراع السلمية . وهذه تمكن الحزب وتساعده وتسهل عليه العودة للجماهير لاستعادة دوره التاريخي . كما ان للحزب الشيوعي العراقي تجربة غنية لا يضاهيه احد عليها وهي تشكل أرث مجيد للحزب الشيوعي العراقي يعتز به كل وطني اصيل . كما ان الخطاب السياسي الجديد للحزب الذي تم تبنيه منذ انتخابات عام 2010 الى الآن ليس فقط انه يتسم بالوضوح والجرأة والمرونه وممارسة النقد لا بل انه يتسم بالديناميكية , وهذا يساعد ويسهل على الجماهير تفهم مواقف وتوجهات هذا الحزب ويحفزهم على الالتحام به من اجل تحقيق اهدافهم من خلال النضال الجماهيري المطلبي والسياسي السلمي .
اين تكمن اهمية استعادة الدور التاريخي للحزب :
تكمن في قدرة الحزب من السير في طريقه بثقة راسخة نحو انجاز مهامه , مع قدرته في مواجهة المفاجئات والانعطافات في الوضع السياسي , لسبب بسيط ان استعادة الدور التاريخي السياسي يعني امتلاك عناصر القوة الجماهيرية التي تؤهله ليحتل موقعاَ مهماَ في الحياة السياسية للبلاد والتأثير فيها واهم ميزة سيتمتع بها الحزب عند البدأ بأستعادة دوره التاريخي , هي قدرته على خوض النضال على واحدة من اهم الجبهات وأصعبها والتي تفتح للحزب علاقات اوسع مع الجماهير وهي الجبهة الاجتماعية . التي ترتبط بحياة الناس والدفاع عن حقوق وحاجات جماهير الشعب , وسيمكنه هذا النضال من خوض نضالات جماهيرية سلمية لتحقيق مطاليب الناس ,ومن تحريك نقابات العمال حول مطاليبها , ان القدرة على خوض هذا الصراع سيخرج الحزب منها منتصراَ وحوله اوسع فئات المجتمع ومنظماته المهنية والاجتماعية , وبعد خوض النضال في هذه الجبهة تزداد فاعليته بزيادة امكانياتهه وقدراته والتي تساعده على ان يصبح اطاراَ قوياَ قادراَ على خوض النضال على الجبهة الثانية الاكثر صعوبة وهي الجبهة السياسية ليسهم كأحد اللاعبيين الاساسيين في عملية التغييربعد ان تتوفر لديه امكانيات وقدرة جماهيرية وتحالف واسع شعبي مع قوى اليسار والديمقراطية في تشكيل قطب ديمقراطي يكون له فعل ومبادرة نحو عملية التغيير الديمقراطي  .
التهيء لعقد المؤتمرالتاسع هو التوجه لاستعادة  الدورالتاريخي للحزب :
هذا ما تؤكده التجربة فالمؤتمر يعد خطوة هامة على طريق نهوض الحزب واستعادة دوره التاريخي في الحياة السياسية , ان استعادة الدور التاريخي منوط بالاعضاء من القاعدة الى القيادة . فعضو الحزب بفاعليته ومبادراته وقدراته المتنوعة ومعارفه التي يوظفها لحزبه ونشاطه المتنوع والمتفاني هذا اولاَ وثانياَ من جهد قيادته المتنوع والمحرك والموجه لكل مجالات العمل في الجوانب التنظيمية والفكرية والسياسية والجماهيرية والاعلامية . مع اعدادها للوثائق والمهام وطرحها للنقاش ليسهم الاعضاء وجمهور واصدقاء الحزب وكل من يهمه مستقبل الحزب الشيوعي العراقي في اغنائها وتدقيقها لاجل اعادة صياغتها من هذا فالمؤتمر يعتبر نقله نوعية هامة في حياة الحزب . والذي ستلتحم فيه آراء وافكار ووجهات نظر آلاف الشيوعيين العراقيين التي سيعبر عنها من يمثلهم في المؤتمر ليصيغوا من خلالها مهامهم و توجهاتم و يرسموا ويصوبوا سياستهم وتاكتيكاتهم . فبعد ان طرح الحزب وثيقتي البرنامج والنظام الداخلي للنقاش كما طرح آلية العمل التنظيمي مع وجود الورقة الفكرية وقد طرح اخيراَ وثيقة الموضوعات السياسية . فالمؤتمر سيقر برنامج عمل الحزب للفترة القادمة وعادتاَ سيكون برنامج مصاغ وفق رؤية ومعرفة وفهم الواقع العراقي وستحدد فيه المهام الوطنية الديمقراطية الاجتماعية والتي لا يمكن الفصل بينهما مع المهام الاقتصادية وغيرها من المهام, مع اقرار النظام الداخلي الذي يحدد فيه سياسة الحزب التنظيمية ومبادئ بناء الحزب وقواعد عمله واشاعة الديمقراطية في حياته الداخلية مع تحديد المرجعية الفكرية للحزب وتحديد هويته الطبقية , وصياغة الخط السياسي للحزب ووضع تاكتيكاته  فوثيقة الموضوعات السياسية التي تعد تقريراَ سياسياَ واسعاَ وشاملاَ هي الاخرى طرحت للنقاش وهذه ممارسة ديمقراطية لرسم خط سياسي ديمقراطي منفتح مرن , يتلائم مع الواقع ويتفاعل معه لاجل تغييره وفق رؤية سليمة تلبي مصالح الشعب والوطن لاجل مستقبل زاهر .
بعد ان درست وثيقة الموضوعات السياسية رأيت بلا شك ان وراء صياغتها عقول تمتلك معارف ورؤية واسعه وكأنها تعيش في كل لحظة في مدن العراق واريافه رغم الملاحظات عليها .ما قدمته الوثيقة من معطيات واحصائيات والتي صيغت بجهد جماعي تؤكد على حقيقه لا تقبل الجدل ان رأسمال الحزب الشيوعي العراقي هو مواقفه الوطنية النادرة واخلاصه للشعب والوطن . فهذا الراسمال يؤهله بان يكون قادر على ان يصبح أقوى من اي كتله تمتلك اكثر من نصف مواقع في البرلمان من حيث تاثيره في الشارع . رغم وجود حقيقه أخرى في البلد وهي نمو ظاهرة الاسلام السياسي وهذه الظاهرة قد تدفع بالبعض الى اليأس والأحباط ويستسلم ويحزم أمتعته , لكن من يعرف طبيعة المجتمع العراقي عن قرب ولديه رؤية مستقبلية ,يدرك تماماَ ان ظاهرة الاسلام السياسي هي غير اصيلة في مجتمعنا ,وانها مرتبطة بعوامل متغيرة وغير ثابته اقليمية وداخلية . الآن في العراق على ضوء ازمات البلد المتتالية من يجهد نفسه وبدون تطير ويتابع ما يعانيه شعبنا بفئاته المتنوعه عمال وفلاحين وكادحين وشغيلة الفكر وفئات واسعه من بؤس وحرمان وتهميش , واتساع ظاهرة البطالة وفقر وانعدام شبه تام للخدمات وانعدام السكن الصحي لملايين من الناس  , وهناك آلاف العوائل تعيش في بيوت من الصفيح مع جهل وتهميش ومرض وحرمان من ابسط مقومات العيش الكريم , واتساع ظاهرة النساء الارامل واليتامى وغياب الضمان الاجتماعي والصحي , عدا الخراب الاقتصادي وخراب البلد وغياب الامن وانتشار الفساد . هذا ما خلفه حكم الاسلام السياسي ونظام المحاصصة الطائفية والقومية سيجد ان الواقع بالعكس سيجد ان العراق بحاجة الى الحزب الشيوعي العراقي المتجدد تنظيمياَ وفكرياَ وسياسياَ ولقوى اليسار والديمقراطية . لان هذا الحزب وهذه القوى لا تمارس التصريحات الخطابية الكاذبه ولا الدعاية الانتخابية الزائفة ,  لديها برامج واقعية وتمتلك الفعل لا القول والقدرة لتحقيق العدالة الاجتماعية , ومن وجهة نظري ارى ان فئات اجتماعية واسعة من شعبنا ستدرك عاجلاَ ام آجلاَ سواء بالوعي او بالفطرة ان الحزب الشيوعي العراقي المتجدد هو المعبر عن مصالحها تاريخياَ  . وبالعودة لوثيقة الموضوعات السياسية التي اشارت بمعطيات حول اوضاع العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 2003 الى الآن كما اشارت الى الوضع العربي والدولي ووضعت رؤية للخلاص من أزمات البلد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي اخطرها الازمة الحالية وهذه الرؤية هي ديمقراطية دستورية تضع العراق على طريق بناء دولة المواطنة .
( يتبع)
16-2-2012
 
 

97
تمنيات الشيوعيين وقوى اليسار والديمقراطية
للشعب والوطن في كل عام جديد
فلاح علي
في كل عام جديد عادتاَ يتبادل فيه الاصدقاء كلمات المودة والتهاني مع تطلعهم الى تحقيق التمنيات للشعب العراقي بالعيش في أمن واستقرار وحياة حرة كريمة , والتمتع بالحقوق  والحريات والديمقراطية والسلام وان تتحقق العدالة الاجتماعية مع تمنيات للوطن بالاستقلال التام والتقدم والازدهار وان يكونا بخير في ظل نظام ديمقراطي تعددي تداولي فيدرالي . ,هذا على صعيد التمني الشخصي أما على الصعيد السياسي هوكيفية الربط بين التمنيات والفعل على الارض .المناضلون من اجل تحقيق هذه  التمنيات لقد جسدوها في طموحات وأقروها في برامج احزابهم , وحولوها الى قيم نضالية ذات فعل جماهيري لتحقيقها ولتلبية طموحات الشعب وتطلعاته وبناء الوطن . ونسجوا لهم علاقات متميزة مع المجتمع لتهيئة مستلزمات الفعل الجماهيري وإرتباطاَ بالواقع العراقي فهناك حقيقة غائبة عن ذهن الكثير من السياسيين , وهي تكمن في العلاقة العضوية الجدلية المصيرية بين الشعب والوطن والحزب الشيوعي العراقي ومعه قوى اليسار والديمقراطية  . جوهر ومحتوى العلاقة هو تعايش وتفاعل قائم على قناعات راسخة بهذه القيم وشكل العلاقة طردية وهذا ما يؤكدها تأريخ العراق الحديث .هو انه كلما ينهض الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية ويتسع تأثيرهما في الحياة السياسية كلما تتسع معها الحريات السياسية ويحصل الشعب فيها على مكاسب , وتسن قوانين ذات وجهه تقدمية تخدم مصالح العمال والكادحين والفلاحين وفئات الشعب الاخرى وتتحقق تحولات إقتصادية واجتماعية وقانونية . وإن كان من مثال حي هو إن أعظم الانجازات تحققت للشعب والوطن في ظل نهوض الحزب الشيوعي العراقي في الفترة ما بين عام 1958 الى عام 1961 وكذا في فترة نضال الحزب العلني وضغطه وتأثيره في الشارع التي تزداد نضجاَ وتأثيراَ واتساعاَ مع الجماهير .
مثال آخر من التاريخ يؤكد على سر العلاقة :
في شتاء عام 1979 عقد الدكتاتور المقبور صدام حسين مؤتمر صحفي ونقل المؤتمر من خلال التلفاز وكنت حينها في العراق وقد شاهدت المؤتمر الصحفي , كان هناك سؤال من صحفية المانية سألت الدكتاتور السؤال التالي : ما هو مستقبل الاقتصاد العراقي بعد هجومكم وملاحقتكم للحزب الشيوعي العراقي؟ استقبل الدكتاتور السؤال بغباء وأطلق قهقهته المعروفة وأجاب ( ليش يابه شنو علاقة الاقتصاد بضرب الحزب الشيوعي العراقي ) . بلا شك انه لم يفهم السؤال ولم يستوعبه ,كانت تقصد به الصحفية الالمانية كيف ستكون التوجهات الاقتصادية القادمة أي وجهة السياسة الاقتصادية للحكومة وسياساتها العامة بعد تبني الدولة نهج العداء للحزب الشيوعي وللديمقراطية , وما حصل فعلاَ في العراق آنذاك  يؤكد ان للحزب الشيوعي العراقي دور مؤثر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلاد وعلى تقدم الوطن وازدهاره ويكون الدور اكثر فاعلية بلا شك عندما يساهم في صنع القرار السياسي لانه يضع المصالح العليا للشعب والوطن فوق اي اعتبار . ما يمر به العراق اليوم من ازمات خطيرة تؤكد وكأن التاريخ يعيد نفسه بسبب طبيعة التحالفات وغياب الديمقراطية .
الوضع الخطير الذي يمربه البلد مرتبط بطبيعة التحالفات :
يمر العراق اليوم بواحدة من المحن السياسية الخطيرة التي هيمنت على الوطن المحكوم برؤية ونهج وعلة خبيثه قاتله وهي علة المحاصصة الطائفية والقومية ( التي تشكلت كنتيجة للاصطفافات الطائفية المدمرة ) التي قيدت البلد بسلسله من الازمات المتعددة والمتواصلة , وذات الدورة القصيرة والتي هي بلا شك أقصر من دورة أزمات الراسمالية , لكنها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة مدمرة على مصالح الشعب والوطن ويصعب الخروج منها , والمحاصصة الطائفية إختزلت الشعب بطائفتين وحولته الى رعاية طائفيون لا مواطنيين وأسهمت في دوام أزمة السياسة واستمرار دورة العنف في البلاد.
مبادرة الحزب الشيوعي العراقي :
قبل نهاية العام الماضي 2011 أطلق الحزب الشيوعي العراقي مبادرته الوطنية ودعا فيها الى إجراء حوار وطني شامل وعقد مؤتمر تشارك فيه كل القوى السياسية سواء المتمثله في البرلمان والحكومة او غير المتمثله , لتقريب وجهات النظر ولحل الازمة السياسية في البلد التي تضرر منها المواطن والوطن , وطالب الحزب الشيوعي ان يتبنى الجميع الخيار الديمقراطي لحل الازمة السياسية وذلك من خلال الاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة تقام على اساس تعديل قانون الانتخابات حسب قرار المحكمة الاتحادية وان يكون العراق دائرة انتخابية واحده وهذا هو احد معايير الديمقراطية التي تتطلبها مصلحة البلد وتشكيل الهيئة المستقلة الجديدة للانتخابات , وسن قانون للاحزاب , وشكل الحزب الشيوعي العراقي وفود وإلتقت بالسيد رئيس البرلمان والسيد رئيس الجمهورية , والسادة نواب رئيس الجمهورية ,والسيد رئيس المجلس الاسلامي الاعلى وكتل واحزاب وشخصيات سياسية . وتفهم واقتنع الجميع بهدف ومنطلقات الحزب الشيوعي العراقي من هذه المبادرة. رغم ان غالبية الكتل والاطراف لديهم وجهه ايجابية من الحوار او ان لديهم مبادرات إلا أن السيد رئيس الجمهورية قد تبنى المبادرة ودعا الى عقد مؤتمر وطني .
الحزب الشيوعي العراقي ما كان بأمكانة ان يطلق هذه المبادرة ويعبئ الراي العام العراقي ويخلق راي عام رسمي وشعبي ضاغط لتبني المبادرة . لولا حضوره وتأثيره الفاعل في الحياة السياسية في البلاد , صحيح ليس لديه مقعد في البرلمان وليس له منصب وزاري , ولكن قوة الحزب الشيوعي العراقي تكمن في حضوره وتأثيره في الشارع العراقي , وفي تلاحمه مع الشعب وتفاعله مع حاجاته ومشاكله وهمومة وتطلعاتة وتبنيه لقيم النضال من اجل اسعاد الشعب وتقدم الوطن , والحقيقة الاخرى التي لا يدركها كثير من السياسيين حالهم حال الدكتاتور صدام حسين وهي ان مواقف وسياسة وبرامج وتوجهات ونضال واهداف الحزب الشيوعي العراقي تلتقي مع المصالح العليا للشعب والوطن . من هنا تأتي قوة تأثير الحزب الشيوعي العراقي  . وبلا شك التأثير ايضاَ لقوى اليسار والديمقراطية التي عقدت مؤتمرها الثاني الذي سيكون لها حضور فاعل في البلاد بعد ان تم تأسيس قطب ثالث ديمقراطي ومن المؤمل ان تنضم له بقية قوى اليسار والديمقراطية ليزداد التيار قوتاَ وتأثيراَ .
تفكيك الاصطفات الطائفية ضرورة وطنية ديمقراطية لا تقبل التأجيل :
ان احد اهم اسباب الازمة السياسية الخطيرة في البلاد هي ناتجة عن طبيعة الاصطفافات والتحالفات الطائفية القائمة في العراق والتي تكونت منها حكومة المحاصصة الطائفية والقومية أكدت تجربة تسعة سنوات ان هذه الاصطفافات لا تبني دولة المواطنة . وان استمرار هذه الاصطفافات سيشكل خطر على الوحدة الوطنية وعلى مستقبل الوطن . أن جوهر ومحتوى هذه الاصطفافات الضارة يكمن ليس فقط في المحاصصة على بسط الهيمنة على السلطة السياسية والغاء الآخر ومعادات الديمقراطية وانما ما هو اخطر وهو الاحتشاد المذهبي والطائفي وأعطوا لهذا الاحتشاد بعد سياسي . هذا هو جوهر كتلة التحالف الوطني بمجموعها وكتلة القائمة العراقية والتحالف الكردستاني هو احتشاد قومي لا يحمل اي ملامح ديمقراطية . كل تكتل من هذه الاصطفافات له رؤية حول شكل الدولة بعيده كل البعد عن الدولة المدنية الديمقراطية . وان الشعب بدأ يتوجس من هذه الاصطفافات واستمرارها . لان التجربه العراقية أكدت ان اي خلاف او صراع سياسي يحصل بين هذه الكتل تسعى الى تشبييهه على انه صراع مذهبي طائفي والمذاهب والطوائف منهم براء .هنا تكمن خطورة الاصطفافات الطائفية للكتل السياسية التي تقود السلطة في البلاد . وأن هذه الاصطفافات الطائفية والقومية أقحمت العراق في تجاذبات إقليمية خطيرة تتدخل في الشأن العراقي .
من وجهة نظري أرى  ان الوطنية الصادقة والحرص على بناء الدولة المدنية الديمقراطية يتطلبان تصعيد الضغط الجماهيري والاعلامي والسياسي لقبر هذه الاصطفافات الطائفية التي أنهكت الشعب وساهمت في ديمومة العنف والارهاب , وغاب الامن والاستقرار وغابت الخدمات وحقوق وحريات المواطن . ان هذه الكتل من منطلق الحفاظ على مصالحها أولاَ تبحث لنفسها عن سبل لأجراء تسوية مؤقتة فيما بينها , وتتجنب الحلول الجذرية الديمقراطية للازمة السياسية الذين هم سببها . مصلحة الشعب تدعوا الى  كل من لديه ضمير حي من داخل هذه الكتل ومن لديه حس وطني صادق ان يعلن التخلي والانسحاب من هذه الاصطفافات ويعلن الانتماء الى الوطن والعمل على خلق اصطفافات جديدة ذات طبيعة سياسية وطنية بمحتوى ديمقراطي .
أين يكمن خطرالاصطفافات الطائفية الحالية :
خطرالاصطفافات الطائفية والقومية انها أنتجت للشعب حكومة محاصصة طائفية وقومية بأمتياز ليس لها علاقة بأي قانون  , اما الدستور في هكذا حكومة يستغل ويخضع للاجتهادات ,إنها تعد في القوانين الدولية من أسوء أنواع النظم السياسية في العالم  . صحيح يوجد برلمان الا ان قرارات البرلمان محكومة بالتوافق  وأن هذا النوع من النظم السياسية القائم على المحاصصة ليس لانه لا ديمقراطي فحسب وانما هو منتج دائم للأزمات الخطيرة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والقانونية وإن هذه الازمات لاتنتهي وتزداد خطورتها على المواطن وعلى مستقبل الوطن .
1- أن نظام حكم الاصطفافات الطائفية اصبح يعمل بهويات ثانوية بعيدة عن الهوية الوطنية وهذا ما يعرض الوحدة الوطنية للخطر , وشاع الفساد المالي والاداري في اجهزة الدولة , اكدت التجربة ان احزاب وتكتلات الاصطفافات الطائفية بقيادتها للسلطة السياسية تمكنت من صنع البؤس والفاقه والحرمان والجهل واتساع البطالة وبالذات بين الشباب والتهميش لأوسع فئات المجتمع العراقي وصنعت الثروة لها وللمنتفعين منها  .
2- ان كتل الاصطفافات الطائفية لا تؤمن ببرامج ومشاريع وخطط وطنية لبناء دولة مدنية ديمقراطية , هذه بالنسبه لهم مجرد شعارات يرفعونها في الحملات الانتخابية فقط لا غير , أما في الواقع فجميعهم بلا إستثناء لديهم خطط ومشاريع واجندات ينوون تنفيذها في المجتمع , رسمت من وحي افكارهم المتحجرة ورغباتهم المتعصبة , يقف ورائها تأثير اقليمي ايضاَ واهداف ذات صبغة تدميرية بحق الفكر الديمقراطي والتنوع الفكري والاثني للشعب العراقي مع معادات الثقافة والفن والابداع في المجتمع فهم يعملون لذاتهم ولمشروعهم التدميري وليس للصالح العام .
3- الحرية والديمقراطية في العراق تتعرضان دائماَ للخطر وللاستغلال والاحتيال والتلاعب من قبل اعدائها ومنهم كتل الاصطفافات الطائفية , فهم رفعوا شعار الحرية والديمقراطية كتكتيك لتحقيق غاياتهم من خلال آليات الديمقراطية ( الانتخابات ). وما يؤكد صحة ذلك هو إن اصطفافات المحاصصة الطائفية والقومية شرعوا قوانين حسب رغباتهم الذاتية , وواحد من قوانينهم المعادية للديمقراطية هو التعديل الاخير لقانون الانتخابات البرلمانية في 7-3-2010 الذي تحاصصو على تشريعه لاجل اقتسام السلطة والغاء الآخر وإلغاء التنوع الفكري والسياسي في المجتمع العراقي ومنع ممثلي التنوع السياسي والفكري  ( من شيوعيين ويساريين وديمقراطيين وليبراليين ومستقليين من الوصول للبرلمان ) ولاجل تفصيل مستقبل العراق وشعبه وثرواته حسب مقاساتهم , وبهذا أرادوا ان يختزلواالشعب العراقي الى طائفتي الشيعة والسنه والاكراد , وما اكدته التجربه انهم اليوم يحصدون فشلهم ويؤكدون على هشاشة وطنيتهم وعلى بؤس فكرهم ودنائة نفوسهم وذاتية خططهم ومشاريعهم المعادية للديمقراطية , وهم جميعاَ اليوم امام الشعب يتجرعون كأس السم الذي أرادوا ان يسقوه للآخرين .
4- كل شيئ اخضعوه للمحاصصة الطائفية والقومية , عرضوا القضاء للمحاصصة وأضعفوا استقلاليته وجعلوه هيكلاَ واسماَ فقط ويتحدثوا باسم القضاء في الاعلام, وإحتفظوا لأنفسهم بالملفات الأمنية وملفات الجرائم  التي إرتكبت بحق الشعب , ويساومون بعضهم على البعض الآخر عليها لغرض فرض إرادتهم , الهيئات المستقله جميعها عرضوها للمحاصصة جيش الوطن عرضوه للمحاصصة الأمن والشرطة عرضوها للمحاصصة لن يبقوا شيئاَ بدون محاصصة وميليشياتهم هي تحت رعايتهم .
5- لهذا ان كتل المحاصصة الطائفية والقومية هي اليوم في أضعف حال أمام الشعب العراقي .  وهذا من وجهة نظري لانهم اصبحوا يشكلون عبئاَ ثقيلاَ على بناء الدولة المدنية الديمقراطية هذا اولاَ . وثانياَ  متهمون جميعاَ بمسؤليتهم عن تدهورالوضع السياسي الخطير في البلاد . وثالثاَ ان نهج المحاصصة الطائفية والقومية وما اكدته التجربة انه فشل في إدارة الدولة . ورابعاَ انهم فقدوا المصداقية والنزاهه والشفافية امام الشعب .
6- ما أكدته التجربه ان حكومة المحاصصة الطائفية تخشى اليوم من الحراك الشعبي الجماهيري الضاغط عليها , فهي تخشى وتحسب حساب لتنامي واتساع الاحتجاجات الجماهيرية التي انطلقت في يوم 25/ شباط 2011 , وساهمت فيها جماهير الشعب المكتوية من نار سلطة المحاصصة الطائفية والقومية. ما تريدة الغالبية من ابناء الشعب العراقي هو دولة مدنية ديمقراطية وليس دولة المحاصصة الطائفية والقومية المزيفة بكلمات براقة مخادعة وشعارات كاذبة  .
تحسباَ وتخوفاَ من تصاعد الاحتجاجات الجماهيرية بدأوا يعودوا للعقل والحكمة وينصاعوا للضغط  الجماهيري والسياسي عليهم فاجمعوا على بدأ الحوار وعقد المؤتمر الوطني من وجهة نظري هذا ضروري ومهم ولكنه يدخل في باب الحلول المؤقته التي تهدئ وتجمد الصراع المدمر فيما بينهم لفترة مؤقته , ويبقى الحل الجذري للازمة السياسية هو البديل في تبني الخيار الديمقراطي . والسؤال هنا هل يتبنى المؤتمرالوطني القادم الخيار الديمقراطي بالاتفاق على اجراء انتخابات مبكرة ونزيهه ويشارك فيها مراقبون دوليون ومن الجامعة العربية مع تعديل قانون الانتخابات وتشكيل الهيئة المستقله للانتخابات وسن قانون للاحزاب وتفكيك التحالفات الطائفية والقومية ؟
10-1-2012
 

98
بيان إدانة واستنكار للأعمال الأرهابية  التي تزامنت مع
  الازمة  السياسية الخطيرة في البلاد 
في الوقت الذي كان يتطلع فيه ابناء شعبنا في الظروف الجديدة بعد انسحاب القوات الامريكية , الى مزيد من التفاهم والتعاون بين القوى السياسية العراقية المهيمنة على السلطة السياسية وانفتاحها على كل قوى الشعب . وطي صفحة الخلافات فيما بينها مهما كان نوعها وشكلها وشدتها وتعقيداتها , وبالترفع فوق الخلافات والمصالح الذاتية من اجل ضمان مصالح الشعب والوطن . وذلك لأن المرحله الجديدة ما بعد الانسحاب الامريكي يفترض ان تكون مرحلة بناء الدولة المدنية الحديثة والحفاظ على الامن والاستقرار , والمضي بعمليات التنمية واعمار البلد وتحسين اوضاع الشعب الاقتصادية والتخفيف من معاناته وتوفير الخدمات وحل مشكلة البطالة وايجاد فرص عمل للشباب وضمان الحقوق والحريات وتعزيز استقلال الوطن وتقدمه وازدهاره ومنع التدخلات الاقليمية والدولية في شؤونه الداخلية . لكنه وبشكل مفاجئ تفجرت الصراعات بين الكتل المهيمنة على السلطة بسرعة غير متوقعة واتخذت منحى خطير , اتهام نائب رئيس الجمهورية ومن خلال وسائل الاعلام في الارهاب وصدور مذكرة القاء القبض عليه قابلها موقف الكتلة العراقية بتعليق عضويتها في حضور اجتماعات البرلمان ومجلس الوزراء . اعقبها قرار رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بأقالة نائبه السيد صالح المطلك على خلفية تصريحات أدلى بها لوكالة (السي إن إن) وصف فيها رئيس الوزراء (بدكتاتور أسوء من صدام حسين) . في هذه الازمة السياسية وأجواء التوتر بين قطبي السلطة السياسية  , وقعت أعمال ارهابية في يوم الخميس الموافق 22-12-2011 في بغداد قدرت ب 15 تفجير ,استشهد جراء هذه الاعمال الاجرامية اكثر من 70 مواطن بريئ واكثر من 200 جريح .
إننا في الوقت الذي نحمل فيه مسؤولية تدهور الوضع السياسي والامني في البلاد بشكل مباشر لكتل المحاصصة المهيمنة على السلطة السياسية والتي تتصارع فيما بينها من منطلقات ذاتية وحزبية بعيدة عن المصالح العليا للشعب والوطن . ونؤكد ان صراعاتهم هذه جرت البلد الى منزلق خطير مفتوح على عدة احتمالات .الازمة السياسية والتفجيرات التي حصلت في يوم 22 -12-2011 اكدتا على غياب الثقة بين أطراف المحاصصة الطائفية والقومية , وعدم استقلال القضاء حيث تم استخدام الملفات الامنية لوجهات سياسية ( مساومة وابتزاز او اسقاط سياسي ) , وعلى ضعف دور الاجهزة الامنية والعسكرية وتدني كفائتها وامكانياتها في القضاء على الارهاب و عدم قدرتها على ضمان الامن والاستقرار في البلد , وطغيان المصالح الذاتية والفئوية والحزبية وتغييب مصالح الشعب والوطن . وما اكدته الازمة ايضاَ ان هذه الكتل المتحاصصة عازمة على ديمومة عدم الاستقرار وعلى ديمومة العنف والدوران في حلقه مفرغه وحرمان المواطن من الحقوق والحريات والخدمات وهي غير قادرة على الخروج من هذا المأزق الذي سيهدد امن المواطن ومستقبل الوطن  .
إننا في الوقت الذي نؤكد ان البلد بحاجة الى تطبيق المبادرة الوطنية التي اطلقتها عدد من الاحزاب اضافة للسيد رئيس الجمهورية بالدعوة لعقد مؤتمر وطني تشارك فيه جميع القوى السياسية المشاركة في البرلمان والحكومة وغير المشاركة , والخروج بآليات تعتمد على المصلحة الوطنية وترسيخ الديمقراطية  واحترام الدستور والقانون واستقلال القضاء . ويبقى الحل الجذري للازمة السياسية هو ان تتفق جميع الاطراف على الدعوة لأجراء إنتخابات برلمانية مبكرة , وان تجري الانتخابات على اساس تعديل قانون الانتخابات لعام 2010 الذي حول اصوات القوائم التي لم تصل الى القاسم الانتخابي الى القوائم الكبيرة وعلى ان يكون العراق دائرة انتخابية واحدة . وهذا ما يضمن حق المواطن , ويؤسس لبناء الدولة المدنية الديمقراطية . ويضمن عدم عودة المحاصصة ثانية .
ندين الاعمال الارهابية الجبانة المروعة التي وقعت في يوم 22-12-2011 والتي استهدفت اهلنا وابناء شعبنا في بغداد , ونستنكرها بشدة من خطط لها ونفذها انهم مجرمون وقتله أوباش لا يمتون للانسانية بشيئ . ونطالب بالاسراع بالكشف عن مرتكبيها واحالتهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل على جريمتهم  .
نقدم التعازي الصادقة لعوائل وذوي الشهداء ونرجوا لهم الصبر والسلوان ونطالب الحكومة برعاية عوائلهم وتعويضهم ونرجوا للجرحى الشفاء العاجل .
الموت لقتلة ابناء شعبنا  .
الحكومة  تتحمل المسؤولة امام الشعب والبرلمان وتعمل تحت رقابتهما لتؤكد قدرتها وكفائتها على حسن إداء وظائف ومهام الدولة ومنها مهمة فرض سيادة الأمن والأمان في ربوع وطننا وضمان الحقوق والحريات وتوفير الخدمات وحل مشكلة البطالة وتوفير فرص العيش الكريم لشعبنا والسير في عمليات التنمية والأعمار هذه من المعايير التي يتم الحكم من خلالها على كفائة الحكومة, ولنعمل جميعاَ على تعزيز الوحدة الوطنية,ولينعم شعبنا بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في ظل دولة مدنية ديمقراطية .
اللجنة التحضيرية للتيار الديمقراطي
في النرويج
24-12-2011 





99
العملية السياسية في العراق الى أين

فلاح علي
صباح الاحد الموافق 18-12-2011 كان يوماَ متميزاَ استيقض فيه الشعب العراقي على سماعه أنباء مغادرة آخر بقايا القوات الامريكية للاراضي العراقية بشكل نهائي  , بعد تسعة أعوام من الاحتلال والفوضى والاضطراب فعم الفرح والابتهاج  كل مدن العراق, وفي الوقت الذي كان يتطلع ابناء شعبنا في الظروف الجديدة بعد الانسحاب , الى مزيد من التفاهم والتعاون بين القوى السياسية العراقية المهيمنة على السلطة السياسية وانفتاحها على كل القوى الوطنية والديمقراطية من اجل العمل على بناء العراق الديمقراطي الجديد  . لكنه وبشكل مفاجئ وغير متوقع فقد تبددت كل الآمال حيث سرعان ما اصاب ابناء شعبنا الاحباط واليأس وتعرضوا لصدمة قوية لم يكن يتوقعونها وذلك نتيجة تفجرالصراعات بين الكتل المهيمنة على السلطة بهذه السرعة واتخاذها منحى خطير و اصابهم الخوف من قادم الايام , لان شعبنا يدرك تماماَ ان نتائج هذا الصراع  ستنعكس سلباَ على امن المواطن و مستقبل الوطن .
القرارات الارتجالية التي اتخذت زادت من خطورة تفجر الخلافات :
القرارات التي اتخذها رئيس الوزراء والتي اعلن عنها من خلال وسائل الاعلام كانت غير متوقعه ونزلت كالصاعقة وشكلت صدمة كبيرة لابناء شعبنا مما قابلها قرارات واجراءات مقابلة كرد فعل من القائمة العراقية , وهذا ما فاجئ جميع العراقيين ودفعهم للتساؤل ما هي الاسباب التي دفعت برئيس الوزراء لتفجير الصراع بهذه السرعة ؟
1- القاء القبض على بعض من حماية نائب رئيس الجمهورية , وبث اعترافاتهم من خلال وسائل الاعلام  اعقبه مؤتمر صحفي لوزارة الداخلية اعلن فيه صدور مذكرة من الهيئة القضائية بالقاءالقبض على  طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية .
- رد القائمة العراقية بتعليق حضورها اجتماعات مجلس النواب , ثم تعليق حضور وزرائها في اجتماعات مجلس الوزراء .
- طلب من رئيس الوزراء الى البرلمان بحجب الثقه عن نائبه صالح المطلك , على ضوء تصريحات أدلى بها لشبكة ( CNN ) واصفاَ المالكي بأنه دكتاتور أسوء من صدام حسين .
ان هذه  القرارات والاجراءات رغم انها قد فاجئت العراقيين , لكنها فجرت الصراع بين طرفي النزاع واتخذ ابعاد ليس على صعيد تبادل الاتهامات على وسائل الاعلام فحسب وانما اتخذ ابعاد خطيرة ستعرض البلد الى منزلق خطير. ما اكدته هذه الازمة على أولاَ تغييب العقل والحكمة , وثانياَ انهم قد ادخلوا الملف الامني في صراعهم السياسي من اجل الاستحواذ والتفرد والهيمنة , رغم ان الصراع السياسي وارد ارتباطاَ بالمصالح والتوجهات , لكن عندما يدخل فيه الملف الامني كوسيلة للصراع يتحول الى اسقاط سياسي هذا اولاَ وثانياَ يتخذ الصراع منحى عنفي بدلاَ من المنحى الطبيعي السلمي , بهذا يكون المتضرر منه الشعب والوطن .
ماهي دلالات ادخال الملف الامني في الصراع السياسي  :
ان السلطة التنفيذية والبرلمان وحتى القضاء يتحملون مسؤولية , في ابقاء الملف الامني يستخدم كوسيلة ضغط سياسي من قبل الطرف القوي في الصراع السياسي  وما يؤكد صحة ذلك هو :
1-استخدام الملف الامني في الصراع السياسي مع التيار الصدري في قضية مقتل عبد المجيد الخوئي ويستخدم الآن مع القائمة العراقية من اجل المساومات السياسية وليس من اجل تطبيق القانون  , اين كانت هذه الملفات طيلة هذه السنيين؟ لماذا يتم فتحها الآن و بعد يوم من انسحاب القوات الامريكية ؟ ومن المسؤول عن تأجيل تقديم هكذا ملفات خطيرة الى القضاء؟ .
2- ما هو مصير الملفات الاخرى , ملفات اغتيال السياسيين العراقيين , ملفات الارهاب الاخرى وملفات الفساد وملفات انتهاكات حقوق الانسان متى يتم النظر فيها . هل ينتظر اظهار بعضخها في صراع سياسي مع طرف آخر ؟ ما هو دور القضاء لماذا لم تعلن تلك الجرائم في وقتها ولماذا توظف في الصراع السياسي ؟ ما يؤكده العرف القانوني انه من يعرف بالجريمة التي يتضمنها الملف الامني وسكت عن كشفها طيلة هذه السنين ولم يعلم القضاء في حينها أنه بلا شك يعتبر له ضلع فيها اي مشارك في الجريمة .
3- هذا ان دل على شيئ وانما يدل على غياب القانون وغياب الدور الرقابي من قبل مجلس النواب على الملف الامني ويؤكد على عدم استقلال القضاء . وهذا مما يدفع المتصارعون على السلطة والنفوذ في استخدام الملف الامني في صراعهم لاسقاط الطرف المقابل .
4- بالعودة الى الاعمال الاجرامية التي وقعت في يوم الخميس الموافق 22-12-2011 في بغداد حيث استشهد جراء هذه الاعمال الاجرامية اكثر من 70 مواطن بريئ واكثر من 200 جريح . ما هو سبب توقيت هذه العمليات الاجرامية في وقت تفجر الازمة الخطيرة , وما هي الاطراف المستفادة من هذه التفجيرات, ومن يقف ورائها . ان كانت الاطراف المتصارعه هي ليس طرف في هذه التفجيرات . اذاَ يبرز هنا قصور في دور الاجهزة الامنية والعسكرية في ضبطها للملف الامني وضعف قدرتها في حفظ الامن والاستقرار و وعدم تمكنها من القضاء على الارهاب ؟ وبهذا على القضاء ان يقول كلمته حول عجز الاجهزة الامنية والعسكرية وعدم كفائتها في ضبط الامن وحماية المواطن هذا اولاَ وثانياَ ان كان الملف الامني هو ملف سياسي , فلا يجوز توظيف الملف الامني لاسباب سياسية سواء اسقاط سياسي او مساومات سياسية او احتكار الملف الامني من جهه سياسية بعينها .   
من يتحمل المسؤولية في تفجير الازمة السياسية في البلاد :
كتل المحاصصة الطائفية والقومية تتحمل بالكامل المسؤولية المباشرة امام الشعب وامام القانون على دورهم المباشر في تدهور الوضع السياسي والامني في البلاد , وبصراعاتهم هذه جروا البلد الى منزلق خطير مفتوح على عدة احتمالات . والا ما ذا يفسر سكوت كتلة التحالف الوطني عن كثير من الانتهاكات للاتفاقيات التي وقعت عليها وآخرها اتفاقية اربيل :
- لم يجري الالتزام باتفاقية اربيل حول تشكيل مجلس السياسات للامن الوطني .
- رغم  مرور سنه على تشكيل الحكومة , الا ان وزارة الدفاع والداخلية بقت بيد رئيس الوزراء وكالة الى وقت قريب حيث عين وزير للدفاع وكالة .
- فشل كل الاجتماعات المشتركة التي تمت وتعرضت علاقات التحالف الوطني مع الكتل الاخرى الى شد وجذب وتصعيد بسبب الاختلاف في المواقف وتباين الرؤى على ملفات عديدة .
هذا يفسر امران لا ثالث لهما :
- اما ان يكون رئيس الوزراء قد استفرد بالتحالف الوطني الذي رشحه لرئاسة الوزراء وتمكن من تهميش التحالف بسبب المواقف الذاتية لبعض اطرافه وبالتالي ضعف قدرتهم وهم مجتمعون في التأثير على تفرد رئيس الوزراء .
- اوانهم متفقون معه ويدعمون كل خطواته ويعود ذلك لتدخل عوامل اقليمية . وفي كلا الحالتين فان التحالف الوطني يتحمل المسؤولية الاولى لتدهور الاوضاع في البلاد الآن ويتحمل مسؤولية التفجيرات الاخيرة التي سببها عجز الاجهزة الامنية , كما تتحمل الاطراف الاخرى المسؤولية الكامله لما آلت اليه الاوضاع في البلاد .
الخلاصة والاستنتاجات :
على ضوء الاحداث التي شهدها العراق منذ انسحاب القوات الامريكية الى الآن تؤكد نتائجها على الاستنتاجات التالية :
1- ان المرحله الجديدة ما بعد الانسحاب الامريكي  , يفترض ان تكون مرحلة بناء الدولة المدنية الحديثة والحفاظ على الامن والاستقرار , والمضي بعمليات التنمية واعمار البلد وتحسين اوضاع الشعب الاقتصادية والتخفيف من معاناته وتوفير الخدمات وضمان الحقوق والحريات .
2- هذا ما كان ينتظره الشعب  وهذا ما تفرضه ايضاَ تحديات المرحلة ما بعد الانسحاب الامريكي . وهو طي صفحة الخلافات بين الكتل المتصارعه مهما كان نوعها وشكلها وشدتها وتعقيداتها , وبالترفع فوق الخلافات والمصالح الذاتية من اجل ضمان مصالح الشعب والوطن ,والتوجه نحو التعاون فيما بينها والتوافق والتقارب والانفتاح على كل قوى الشعب من اجل تجاوز التحديات وتهيئة مستلزمات تطوير العملية السياسية وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية .
3- لكن ما اكدته الاحداث الاخيرة هو غياب الثقه بين الاطراف التي هيمنت على السلطة السياسية وغياب العقل والحكمة وطغيان المصالح الذاتية والهيمنة والتفرد وتغييب مصالح الشعب والوطن .
4- الاحداث الاخيره دفع وسيدفع ثمنها المواطن , لان هذه الكتل المتحاصصة عازمة على ديمومة عدم الاستقرار وعلى ديمومة العنف والدوران في حلقه مفرغه وتجويع الشعب وحرمانه من الحقوق والحريات والخدمات وهي غير قادرة على الخروج من هذا المأزق الذي سيهدد امن المواطن ومستقبل الوطن  .
5- ما اكدته الازمة الخطيرة الحالية  التي يمر فيها البلد صحة رأي الحزب الشيوعي العراقي , حيث في اول اجتماع للجنة المركزية بعد سقوط النظام الدكتاتوري والذي عقد في تموز 2003 اكد بلاغ الاجتماع , ان الصراع الحالي بين القوى السياسية يتمحور حول شكل الدولة ومحتواها , وهذا ما اكدته تجربة حكم المحاصصة الطائفية والقومية منذ تسعة سنوات والى الآن لم يحسم هذا الصراع حول الخلاف على شكل الدولة ومحتواها . وهذا هو احد اسرار تفجر الصراع الحالي الخطير بين هذه الكتل كل منهما يريد الهيمنة والتفرد وبسط النفوذ لكي يؤسس لمشروعه في شكل الدولة بخلاف الدستور , وهذا هو صراع مصالح وصراع اردات مع تدخل اقليمي في الازمة الراهنة .
6- اكدت الازمة الخطيرة انه ليس هناك  حل لها رغم الدعوات الوطنية المخلصة والصادقة بالدعوة الى الحوارالوطني او عقد مؤتمر وطني لكافة القوى من هم في السلطة وخارجها لان البلد يتعرض لازمة رغم انها مبادرة وطنية , ولكنها لا تحمل الحل الجذري لمشكلة الوضع السياسي في العراق , ويبقى الحل العملي لها في الاطار السلمي الديمقراطي ,ووفق الدستور ويكمن الحل في الدعوة الى اجراء انتخابات مبكرة لمجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة على ضوء نتائج الانتخابات الجديدة , وذلك لتخليص شعبنا ووطننا من خطر المحاصصة الطائفية والقومية الخطيرة على مستقبل الوطن والمواطن .
7- خلال التهيئة للدعوة لأنتخابات مبكرة ان يقوم مجلس النواب بتعديل قانون الانتخابات , وضمان عدم ذهاب اصوات القوائم التي لم تحصل على القاسم الانتخابي الى الكتل الكبيرة الفائزة وان يكون العراق دائرة انتخابية واحدة وذلك لضمان سيادة الديمقراطية ولعدم عودة المحاصصة المقيته الى الواجهه ثانية .
8- هناك مهمة وطنية هامة وضرورية ولا بد من ايجاد حلول عمليه وسريعه لها لا سيما بعد ان تفجرت الازمة وتدهورت الاوضاع ومن اجل السيطرة عليها فالمهمة العاجلة تكمن في ان تبادر الحكومة وبدعم قانوني من البرلمان ان كان الاجراء يحتاج الى قانون وهو اصدار قرار بحل جميع الميليشيات وسحب السلاح منها لا سيما بعد ان انسحبت القوات الامريكية في يوم 18-12-2011 . فهذا الاجراء تتطلبه مصلحة الوطن والشعب ولضمان الامن والاستقرار وللحفاظ على ضمان الحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية ومن اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية يتطلب التعجيل باصدار قرار يحل بموجبه جميع الميليشيات بلا استثناء لفرض القانون والنظام وضمان امن المواطن وتحقيق الامن والاستقرار .
24-12-2011
 

100
التدخل الخارجي هل قّطف ثمار الربيع العربي

فلاح علي
ان وقائع احداث الربيع العربي التي بدأت باحتجاجات جماهيرية سلمية وتطورت الى انتفاضات وثورات عربية التي ادى بعضها الى اسقاط حكامها الدكتاتورييين , ما تؤكده هذه الاحداث انها لم تنطلق من فراغ وانما هي نتيجة نضوج عوامل داخلية , تبلورت في حمل مطاليب اجتماعية اقتصادية ثم تحولت الى سياسية , وما تؤكده احداث الربيع العربي ايضاَ انها أن كانت عفوية في بداياتها الا ان العوامل الذاتية والموضوعية للتغيير تراكمت منذ عقود في كل بلد . وما اكدته ايضاَ انها تهدف الى احداث التغيير الديمقراطي , الا انها بنفس الوقت تعرضت الى تدخل خارجي بعضه مباشر كتدخل عسكري من قبل امريكا والناتو كما هو الحال في ليبيا وبعضه تدخل غير مباشر .
اسباب تدخل القوى الاقليمية والدولية في ثورات الربيع العربي :
ان الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية التي تضررت منها الشعوب العربية  . والتي خضعت لهيمنتها وتهميشها ولاستعمارها واستغلال ثرواتها لعقود , كما ان نفس هذه الدول قامت بصنع وتنصيب حكام دكتاتوريين للشعوب العربية , وقدمت لهم الدعم والاسناد لديمومة حكمهم لفترة اطول لكي يضمنوا لهذه الدول مصالحها الاستراتيجية . ولكن حال انتصار الشعب التونسي في اسقاط نظام زين العابدين بن علي لاحظ الجميع الارباك الذي اصاب الدبلوماسية الامريكية حينها نتيجة هذا التغيير, وفجئتاَ غيرت امريكا مواقفها وتوجهاتها وتحولت من داعمة ومساندة لنظام مبارك الى مطالبته بالتنحي , وظهرت كأنها هي المناصرة للشعب المصري وللشعوب العربية الاخرى , من وجهة نظري ان هذا التحول المفاجئ ورائه سبب اساسي وهو : يكمن في ان الولايات المتحدة الامريكية قد ادركت تماماَ انها ستكون الخاسر الاول من ثورات الربيع العربي , فقد استفادت من نتائج ما حصل في تونس وأرادت أن تستبق نتائج الاحداث في مصر الدولة العربية الكبرى حيث ان اي تغيير فيها سيؤثر على البلدان الاخرى ارتباطاَ بحجمها وكثافة سكانها  , ولكي يكون لها دور في رسم سياسة وتوجهات النظام القادم , ومن اجل ضمان مصالحها لهذا وضعت توجهات جديدة في سياستها في المنطقة هدف هذه التوجهات هو قطف ثمار الربيع العربي وهذا هو السر وراء تدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في ثورات الربيع العربي للحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة ومن هذا عملت الولايات المتحدة على :
1- لأجل ان تقطف ثمار الربيع العربي فعليها العمل على تغيير دفة التغيير في كل بلد عربي لصالح بعض الاطراف وليس سراَ الاطراف هي قوى الاسلام السياسي والعسكر. لانها تدرك تماماَ ان تحول موازيين التغيير باتجاه ما يريده الشعب من تغيير ديمقراطي . الذي تعمل من اجله قوى اليسار والديمقراطية و منظمات وتجمعات الشباب ونقابات العمال ومنظمات المجتمع المدني والفئات الواسعة في كل بلد , بهذا سيكون التغيير ليس في صالح الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها.
2- رغم ان قوى الاسلام السياسي لم تكن هي القوى الاساسية المشاركة في الاحتجاجات الجماهيرية  حيث كانت في البداية مواقفها انتهازية قائمة على الانتظار والترقب ومعرفة تطورات الاحداث  . الا ان الولايات المتحدة الامريكية أقامت صلات خفيه مع هذه القوى بوساطة اقليمية ( تركية -خليجية ) وتم الاتفاق على مساومات فيما بينهما لتقاسم سرقة ثمارالربيع العربي  .
3- الولايات المتحدة الامريكية في الوقت الذي بدأت التنسيق مع الاسلاميين , حافظت على صلتها مع العسكر في هذا البلد او ذاك,لأجل ان تقيم تحالف مقدس بين قوى الاسلام السياسي والعسكر على غرار التحالف الذي صنعته في تركيا , واعادة صناعته في مصر وفي ليبيا وستصنعه ربما في اليمن وفي بلدان اخرى .
طبيعة الربيع العربي واهدافه :
البلدان التي ابتدأ فيها الربيع العربي وكان اولها تونس ثم انتقل الى مصر وبلدان عربية اخرى كانت طبيعته كما شاهده الجميع على واقع الارض .هوحركات جماهيرية سلمية لها مطاليب اقتصادية واجتماعية و سياسية , تتمثل في محاربة البطالة وتوفير العمل وضد ارتفاع الاسعار والقضاء على الفقر وتوفير العدالة والعيش الكريم للشعب وانهاء الاستبداد والظلم والتفرد في الحكم مع ضمان الحقوق والحريات والتحول الديمقراطي . هذه كانت ملامح الربيع العربي , وأكدت الشعوب لحكامها في ربيعها العربي ان هذا التحول او الصراع لا يمكن ان يحل الا من خلال التحرك الجماهيري الواسع السلمي , ومن خلال الوسائل السياسية الديمقراطية .
التدخل الخارجي وفاعليته وتأثيراته في تحديد طبيعة التغيير :
ان كان التدخل الخارجي من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لاسباب انسانية لوقف انتهاكات حقوق الانسان ووقف الاعتقالات والتعذيب والقتل في هذا البلد او ذاك  , ومن اجل التضامن معها ودعم الشعوب في نضالها العادل من اجل الحرية وحق التظاهر في الضغط السلمي على الحكومات الاستبدادية من اجل احداث التغيير الديمقراطي من الداخل هذا أمر مطلوب واعتقد ترحب به الشعوب وقواها السياسية .
هنا يطرح سؤال من يرسم طبيعة التغيير في كل بلد حصل وسيحصل فيه الربيع العربي ؟ أليس هي الشعوب التي ضحت خلال عقود كثيرة وناضلت ونزفت دماَ , وانتفضت اليوم من اجل دحر الظلم والاستبداد والقضاء على الفقر والجوع والحرمان واقامة الدولة المدنية الديمقراطية .يقيناَ ان ربيع الشعوب العربية وطبيعته وملامحة وتوجهاته الديمقراطية ,لا تلتقي مع مصالح الولايات المتحدة الامريكية ولا مع مصالح تركيا والسعودية وقطر وايران لأن هذه الدول تخشى من وصول الربيع العربي اليها .من هنا جاءت سلبية التدخل الخارجي في احداث الربيع العربي في هذا البلد او ذاك . فبدلاَ من دعم خيارات الشعوب , بدأت هذه القوى الدولية والاقليمية تبحث ليس فقط عن حليف مشترك لها لغرض تقديم الدعم له, وانما لجأت الى استخدام خيارات اخرى كالتدخل العسكري وبذرائع مختلفه , كما تدخلت قوات درع الجزيرة في احداث البحرين , وتدخل الناتو في ليبيا من وجهة نظري ان التدخل الخارجي بهذه الطريقه يستهدف قطف ثمار الربيع العربي لصالح الدول التي تسهم في التدخل الخارجي وحلفائهم في الداخل وليس لصالح الجماهير المنتفضة في هذا البلد او ذاك .
الخلاصة والاستنتاجات :
1- ان الربيع العربي ليس هو سيناريوهات وخطط أعدت مسبقاَ خلف الكواليس انه ثورات حقيقية , إلا ان هذه الثورات من وجهة نظري لم تظهر نتائجها بعد رغم سقوط بعض الانظمة , بعض الثورات تدخل فيها العامل الخارجي بشكل مباشر واثر على مسارها لكي يضمن مصالحة وقدم الدعم لقوى بعينها لتمكينها من اجل ان تكون في واجهة التغيير, بعض الدول الاقليمية فتحت خزائنها لدعم القوى الداخلية الحليفه لها وهي قوى الاسلام السياسي مالياَ مع الدعم الاعلامي والسياسي واللوجستي وهناك طرف اقليمي آخر هو ايران حيث تدخلت هذه الدولة لدعم القوى الشيعية من الاسلام السياسي في هذا البلد او ذاك. ومع هذا لا تزال قوى الشعب تضغط  من خلال الشارع في هذا البلد او ذاك ليكون التغيير جذري وليس فوقي .
2- تجربة التدخلات الامريكية في احداث الربيع العربي , اسقطت الورقة التي لعبت بها امريكا وبررت تدخلها في شؤون البلدان , من خلال رفعها شعار ( الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان) وان كان من مثال يتطلب ذكره عن بطلان هذا الشعار هو من ليبيا ومصر , في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي , سمع الجميع تصريحات رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي السيد مصطفى عبد الجليل، التي أعلن فيها أن ليبيا ستعيش وفق الشريعة الإسلامية، وسيلغى أي قانون يتعارض معها. هذا ما يؤكد ان هناك قوانيين سيتم صياغتها وفق هدى الشريعة الاسلامية , واول ما اعلن عنه عبد الجليل هو الغاء الفقرة في الدستور التي تمنع تعدد الزوجات , لم نسمع هناك رد امريكي على هذا التصريح الذي يعد انتهاك لحقوق المرأة , اضافة الى ما سيصدر من تشريعات تؤثر على الحقوق والحريات وتزيد من المحرمات والكبت ومنها محاربة الثقافة والفن والموسيقى والابداع كما يقوم به الاسلاميون والسلفيون بالذات في مصر ومن تحريم للمشروبات الكحولية في بلدان عدة ومحاربة معيشة ملايين العوائل التي تعتاش على قطاع السياحة وغيرة   ولم نسمع رد فعل امريكي لهذه المواقف المعادية لحقوق الانسان والديمقراطية .
3- ما هو مؤسف حقاَ نرى ان بعض القوى التي حالفها الحظ بان تشترك مع الجماهير في ربيعها العربي فبدلاَ من ان تناضل مع جماهيرها من اجل إحداث التغيير من الداخل , نراها تدعوا علناَ الى الحصار الاقتصادي على شعوبها وتطالب بتدخل امريكا والناتو لاسقاط نظامها الاستبدادي , اذاَ كيف تبني هذه القوى وطناَ ذات سيادة وهي تدعوا لتدخل الناتو؟ كيف تتطلع الى التحرر السياسي والاقتصادي وهي تدعوا قوات الناتو الى اوطانها؟ . كيف تبني الديمقراطية وتضمن الحقوق والحريات لجماهير الشعب والناتو له حليف استراتيجي في كل بلد وهم العسكر وقوى الاسلام السياسي؟ . لا سيما وان تجارب المنطقة اكدت ان هذين القوتين ( الاسلام السياسي والعسكر) هما من أشد اعداء الديمقراطية وحقوق الانسان , واذا تسنح لهم الفرصة فهم ابرع من غيرهم في سرقة حقوق وحريات الشعوب . ما تؤكده التجربه انه من يركض وراء امريكا لتخليصه من نظامها لكي يعيش بحرية وديمقراطية , حاله سيكون حال من يركض وراء السراب  .
4- من تجربة الشعب العراقي بعد ان قدم تضحيات جسام من اجل اسقاط النظام الدكتاتوري واقامة النظام الديمقراطي التعددي التداولي , وبناء الدولة المدنية الديمقراطية المعاصرة . نجد ان امريكا وحلفائها قطفوا ثمار ربيع الشعب العراقي , حيث باحتلالهم للعراق صنعوا لشعبنا سلطة غريبة في تاريخ الشعوب اسمها سلطة المحاصصة الطائفية ( مكونة من قوى الاسلام السياسي والقوميون المتحالفون معهم )  قامت هذه القوى المتحاصصة المدعومة من امريكا وتركيا وايران والسعودية  , بخنق الديمقراطية في مهدها , وذلك عندما اتفقت كتل المحاصصة على تغيير قانون الانتخابات البرلمانية لعام 2010 , بالغاء نظام الدائرة الواحدة وبسرق الاصوات التي لم تصل الى مستوى القاسم الانتخابي , والغريب في الامر ان هذا القراراتخذ بمباركة امريكية وايرانية ايضاَ وهذا ما يؤكد ان شعار امريكا حول الديمقراطية وحقوق الانسان هو زائف وتضليلي ووهم وسراب , ما يهمها  ضمان مصالحها اولاَ وقبل كل شيئ .
5- الربيع العربي لا يمكن الحكم عليه بالانتهاء او انه لم يحقق اهدافه , من خلال النظر فقط لمشهد وصول الاسلاميين الى السلطة بعد الانتخابات التي حصلت في عدد من البلدان العربية وآخرها مصر  رغم ان هذا يؤكد ويؤشر ان هناك صعوبات كبيرة ستواجه قوى اليسار والديمقراطية في البلدان التي سيطر فيها الاسلامييون على البرلمان والسلطة السياسية .
6- تؤكد التجربة انه عند سقوط الطغاة عادتاَ، لا تسقط معهم الوسائل التي استخدموها في الحفاظ على السلطة، فهذه الوسائل ان لم تسقط فستنتج استبداد جديد , وهذا الاستبداد الجديد ما يخشى منه هو في حالة هيمنة وسيطرة الفكر الاسلامي وبالذات السلفي الفائز في الانتخابات , ان لم يتم الحفاظ على الديمقراطية وصيانتها بقوانين وتشريعات , فسينقلب عليها الاسلاميون التي اوصلتهم الى الحكم .
7- ما اكدته التجربة ان حكم قوى الاسلام السياسي يحمل معه نقاط ضعف عديدة منها : ان هذه القوى تتنصل عن الحقوق والحريات وتصادرها اذا سنحت لها الفرصه , وهذا مما يجعل الفجوة كبيرة بين قوى الاسلام السياسي المهيمنة على السلطة وبين فئات واسعه من الشعب  , و ان هذه القوى بطبيعتها انها تنتج الفقر والبؤس والحرمان والجهل والتهميش الاجتماعي وتكرس الاستغلال وعدم المساواة  ,  لان توجهاتها الاقتصادية هو مع السياسة النيوليبرالية في الاقتصاد فتشيع الخصخصصة في الاقتصاد لصالح الفئات الطفيلية والبيروقراطية وتخضع الاقتصاد لاشتراطات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية . كما ان الاسلام السياسي هو الحليف الوفي لامريكا والدول الاقليمية التي قدمت له الدعم المالي والمساعدات المباشرة وغير المباشرة , فهو دون غيرة من يلتزم بوفائه لهذه الدول التي مكنته وقدمت له الدعم المالي واشكال الدعم الاخرى .  لهذا سيكون التوجه الاقتصادي محسوم باتجاه نيوليبرالي في البلد ولا يخضع للنقاش بعد سقوط النظام مقابل تمكينهم من الفوز في الانتخابات .   كما ان قوى الاسلام السياسي غير متجانسه وغير موحدة في الفكر والمذهب والرؤى وهذا مما يجعل الصراع بينهم يخضع للتفجير في اي لحظة ,ومن نقاط ضعفها ايضاَ ليس لديها برامج كما انها تحصل على المال السياسي والدعم من دول اقليمية مما يضعها في اطار التبعية , لا سيما وان الدول الاقليمية  ( تركيا وايران والسعودية وبعض دول الخليج ) لديها مصالح وعادتاَ يلعبون بالورقة الطائفية , وهذا ما يضعف التوجهات الوطنية لدى قوى الاسلام السياسي , فرغم فوزهم في الانتخابات الا ان نقاط ضعفهم كثيرة .
8- ان قوة وفاعلية ودور قوى اليسار والديمقراطية هي قائمة في الشارع وتتجدد يومياَ , وتكمن قوة اليسار في جوهر فكره الذي يعبر عن اهم حقوق الانسان وتطلعاته وهي : توفير الخدمات والقضاء على الفقر والبطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين المواطنين وضمان الحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية اضافة الى التوجهات الوطنية والديمقراطية. وهذه بمجموعها تشكل قيم تتطلع اليها كافة فئات المجتمع وبما ان هذه القيم غير قادر على تحقيقها الاسلام السياسي المتحالف مع العسكر, فان هذه القيم والمفاهيم تعتبر من عناصر قوة اليسار لانها حقوق طبيعية للشعب وتشكل اهم حاجاته وتطلعاته وبها يتم بناء الاوطان . من هذا فأن طاقات الجماهير في الشارع كبيرة ولديها الامكانية والقوة الدائمة ليس فقط لمقاومة بلطجية الخارج وبلطجية الداخل، لاوانما لمواصلة ضغطها الجماهيري لتحقيق هذه القيم باعتبارها حق من حقوقها وما اكدته التجربة ان الصراع حول هذه القيم هو الحاسم لانه يشكل ارادة الشعوب, وهذه تعد من اهم عناصر قوة اليسار الحامل لهذه القيم في فكره ويناضل من اجلها . 
15-12-2011

101
نظام التعددية القطبية القادم تتطلع اليه دول وشعوب العالم
(13)
فلاح علي
يشهد العالم الآن ظهور ملامح لأقامة نظام دولي جديد تكون فيه نهاية والى الابد لنظام الأحادية القطبية الذي هيمنت فيه على العالم لمدة عقدين الولايات المتحدة الامريكية وسيطرت فيها على صنع القرار الدولي  أن روسيا بدأت تفرض واقع جديد في العلاقات الدولية , بأتجاه اقامة نظام التعددية القطبية , وهناك قوى دولية أخرى صاعدة كالصين والهند واليابان إضافة للأتحاد الأوربي وهذه القوى ستفرض إرادتها في المشاركة في صنع القرار الدولي وتعمل باتجاه اقامة نظام التعددية القطبية  . وعلى ضوء الحلقات ال 12 السابقة التي نشرت والتي تناولت الفترة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي الى ظهور روسيا كقطب دولي في الساحة الدولية , لابد من تثبيت بعض الخلاصات والرؤى .
روسيا إمتلكت مقومات القوة التي أهلتها لتكون قطب فاعل في السياسة الدولية :
هناك عوامل داخلية تلعب دوراَ في السياسة الخارجية لكل دولة من دول العالم , ويتحدد هذا الدور السياسي أو السلوك الخارجي , على ضوء ما تمتلكة الدولة من استقرار سياسي , ومؤسسات ديمقراطية ممثلة للشعب وقانون ديمقراطي , وخصائص وإمكانيات وموارد وقدرات عسكرية واقتصادية وتكنولوجية واعلامية التي تعد من اهم مصادر القوة الداخلية للدولة, فروسيا هي احدى الدول التي تمتلك هذه المقومات الداخلية فبالأضافة لموقعها الجغرافي ولأمتلاكها للثروات الطبيعية ولسعة مساحتها وكثافة سكانها فهي تمتلك مقومات دولة قوية ومنها على سبيل المثال :
1-أن التقدم الذي حققته روسيا في الأستقرار السياسي الداخلي وفي تطورها الأقتصادي ,  يعود لنهج الأبتعاد عن اشتراطات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ويؤكد ذلك على أهمية تحكم الدولة بالأقتصاد والأنتاج والتوزيع بما فيها توزيع الثروة .هذا كان منطلقاَ للتطور والنجاح الذي حققته في السياسة الخارجية وإعادة دورها على الساحة الدولية .
2- في القرن ال21 سقطت كل الاوراق التي كانت تستخدمها الولايات المتحدة الامريكية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين في عزل موسكو دولياَ وبالذات عزلها عن اوربا , العالم اليوم يشهد عودة وصعود روسيا وتأثيرها القوي من جديد على الساحة العالمية  , وارتباطاَ بامتلاكها للثروات وبقدراتها الاقتصادية نجد ان حاجة العالم اليوم وبالذات اوربا الى روسيا اكثر من اي وقت مضى , وان كان من مثال بهذا الصدد هو الطلب العالمي على النفط والغاز الروسي  .(( أن 60% من حاجة اوربا للغاز هو قادم من روسيا وتستطيع موسكو أن أرادت أن تمنعه عن أي دولة فتهز إقتصادها بعنف وتمتلك روسيا أكبر إحتياطي للغاز في العالم)) ([1]) . كما ان اوربا تعتمد على النفط الروسي ايضاَ , وروسيا تمتلك موارد طبيعية أخرى  فتعد روسيا من أكبر الدول الغنية بالثروات الطبيعية , فحاجة اقتصاديات العالم الى روسيا اليوم هي كبيرة .
3- العالم اليوم أكثر انفتاحاَ على روسيا من اي وقت مضى , فعلى صعيد العلاقات التجارية , ((إزداد حجم التجارة الخارجية لروسيا في عام 2007 بنسبة 24% وبلغ 580 مليار دولار , وعادل قسط الصادرات في التجارة الخارجية 60% والأستيراد 40%))([2] ). فروسيا دولة قد تجاوزت أزماتها وزادت من إنتاجها في كافة المجالات .
4-من ضمن التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية الروسية بعد فترة حكم يلتسن,تؤكد أن روسيا لايمكنها ان تستعيد مكانتها كقوة كبرى والحفاظ على استقلالية قرارها الداخلي والخارجي طالما ظلت معتمدة على ما تتلقاه من مساعدات خارجية, وبأمكانها الأعتماد على مواردها الذاتية . (( لهذا توقفت الحكومة الروسية تماماَ عن طلب أي مساعدات من الولايات المتحدة وباقي دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى وبالفعل تحسن أداء الأقتصاد الروسي كثيراَ منذ عام 2000 بل إنه حقق نمواَ 6.9% خلال الفترة إلى آب 2003 وأعلنت روسيا بألتزاماتها في سداد الدين الخارجي المستحق عليها عن عام 2002 والذي قدرب17.3 مليار دولار, كما أعلنت روسيا إلغاء 35 مليار دولار من الديون المستحقة على الدول الأفريقية , وقد كان لهذا تأثيره المباشر في قبول العضوية الكاملة لروسيا في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى لتتحول بذلك إلى مجموعة الثمانية في يونيو 2002 ))([3] ).  وبهذا نستنتج أن المتغيرات الأقتصادية التي حصلت في روسيا نتيجة تطورها الأقتصادي وإرتفاع معدلات النمو بعد فترة حكم الرئيس الأسبق يلتسن كانت من أحد العوامل التي ساعدت لعودة روسيا لدورها في السياسة الخارجية .
5- وتكمن قوة روسيا في إمتلاكها للتكنولوجيا العسكرية المتطورة وللسلاح النووي ومخزونها من هذا السلاح كبيرجداَ حيث انها قد ورثت القوة العسكرية والنووية للاتحاد السوفياتي .وهي تواصل تطوير التكنولوجيا العسكرية من خلال تخصيص مزيد من النفقات العسكرية وتضع الخطط للمحافظة على تفوقها النووي (( أعلن الرئيس الروسي مدفيديف  في إجتماع هيئة وزارة الدفاع أن عملية إعادة تسليح الجيش والأسطول الروسيين على نطاق واسع ستبدأ في عام 2011 , وأعلن خططاَ لبناء نظام ردع نووي فعال بحلول عام 2020 , وكذلك نظام للدفاع الفضائي , وكشف وزير الدفاع الروسي أن الترسانة النووية الروسية ستمتلك قريباَ صواريخ بعيدة المدى لا يمكن لأي نظام دفاعي في العالم التصدي لها الآن , وحتى في المستقبل المرئي))([4] ) بلا شك  ان تحديث القوة العسكرية الروسية , وما وصلت له روسيا من تطور في مجال التكنولوجيا العسكرية سيثير إهتمام ليس فقط الولايات المتحدة الأمريكية , وانما دول عديدة هي بحاجة للمساعدات العسكرية الروسية . لا سيما وان منظومة الصواريخ الروسية من طراز S-300 أرض جو و S-400هي الأكثر قوة والأكثر فعالية من منظومة صواريخ باتريوت الأمريكية الصنع ,(( وتحقق قوات الدفاع الجوي – الفضائي التي تم انشائها في عام 2001 مهامها بواسطة صواريخ مضادة من طراز400 S في هذه المرحلة. وسيتم تسليحها بصواريخ متطورة من طرازS500 في المرحلة القادمة. ويستطيع صاروخ 500 S ضرب الأهداف الأسرع من الصوت في الفضاء القريب من على بعد 600 كيلومتر.  وتم تحديث طائرة سوخوي 30 المقاتلة الى سو-35 أس وقال عسكريون روس إن الاختبارات أظهرت ان كفائتها تفوق مثيلاتها الأجنبية رافال ويوروفايتر 2000 وأف-15 وأف-16 وأف-18وميراج 2000، وتستطيع مقارعةأف-22,وأف-35 .يُذكر أن مقاتلة سو-35 أس تستطيع اكتشاف الأهداف الجوية المطلوب ضربها من على بعد يزيد عن 400 كيلومتر.))[5]  وتحتل روسيا الآن المرتبة الثانية عالمياَ بعد الولايات المتحدة الأمريكية في تصدير التكنولوجيا العسكرية .
6- أن روسيا هي دولة رائدة في مجال الفضاء وإطلاق المركبات و الأجهزة الفضائية ولديها تقنيات حديثة ومنظومات متطورة قادرة على إختراق أفضل درع صاروخية .أن التطور التكنولوجي هومن احد عناصر القوة التي تمتلكها روسيا , وبدأت روسيا تضع خطط وترصد الاموال لتطوير تكنولوجيا المستقبل والتي يطلق عليها ( النانو)  وأن هذه التكنولوجيا تحظى بطلب متزايد في الصناعة والطب وقطاع النقل والمواصلات وكذلك في مجال الطيران والفضاء والأتصالات . وبهذه الخطط الأستراتيجية بدأت روسيا بدعم وتطوير أحدث الأختراعات . كما أن روسيا بدأت تضع الخطط لتنشيط التطور في مجال الأستكشاف وإرسال بعثات إستكشاف لهذا الغرض .
7- ويأتي النجاح الذي حققته روسيا في عام 2008 في عملية الاقتحام العلمي لقعر المتجمد الشمالي وتثبيت العلم الروسي في باطن ارض قعر القطب المتجمد الشمالي , انه يعد تطوراَ كبيراَ في مجال الاستكشاف , وبما تمتلكة روسيا من تقنية علمية, وبعد أن أعلنت موسكو عن نجاح حملتها العلمية في المتجمد الشمالي حتى هبت الولايات المتحدة وبلدان أخرى بألاعلان عن حقها في تقاسم الثروات من النفط والغاز وثروات أخرى , وعلى ضوء هذا النجاح أعلنت دولة النرويج عن استعدادها لترسيم الحدود الشمالية مع روسيا , ورغم الضغوطات الكبيرة التي تعرضت لها النرويج من الولايات المتحدة ومن عدد من دول الناتو لمنعها من توقيع الاتفاقية , ألا ان دولة النرويج لم تستجب لهذه الضعوطات , واكدت اننا دولة نرسم سياستنا بأرادتنا وبشكل مستقل وبدون تدخلات خارجية .
8- روسيا دولة متطورة في مجال امتلاك تكنولوجيات الطاقة الذرية, وقد أنشأت محطات ذرية في مختلف دول العالم ومنها على سبيل المثال الصين والهند  وايران وتركيا وفي امريكا اللاتينية ودول عدة , وتتمتع بطلب متزابد في السوق العالمية في هذا المجال . (( فقد عهد الرئيس الأسبق بوتين للنائب الأول لرئيس الوزراء سيرغي ايفانوف بالأشراف على مجال تطوير التكنولوجيا وفي تصريح لأيفانوف عقب إجتماع عقده بتأريخ 20-4-2007 قال أن لروسيا طموحات كبيره في قطاع الطاقة الذرية وروسيا تخطط لزيادة بناء المحطات الكهروذرية في البلاد وفي الخارج وأشار أن روسيا ستواصل الأحتفاظ بحصتها التي تبلغ 40% من السوق العالمية لتصنيع أجهزة الطرد المركزي اللازمة لتخصيب اليورانيوم وأشار أن الدولة ستولي اهتماماَ خاصاَ بتطوير المحطات الكهروذرية العائمة وتصنيع كاسحات الجليد الذرية والتقنيات العسكرية النووية .))[6] .
الخلاصة والاستنتاجات :
1- روسيا بعد ان استكملت مقومات حضورها كقطب دولي فاعل وقوي ومؤثر في السياسة الدولية , الذي يؤهلها لاعادة التوازن في العلاقات الدولية , يستنتج من ذلك ان هذه العودة القوية لروسيا ستحمل معها عودة الأستقرار إلى العالم أن شعوب العالم التي تضررت من السياسات الأمريكية تستقبل اليوم بتفائل عودة روسيا كقطب ثاني على الساحة الدولية , وتتجه أنظار العالم نحوها لأنها البلد الذي يتميز بقوة جيوسياسة كبيرة , وينظر لها إنها القوة التي تمتلك مصداقية  . كما ينظر لها بأنها القوة التي تستطيع أن تحد من التفرد الأمريكي في الهيمنة وصنع القرارات الدولية .
2- بعودة روسيا كقطب دولي سيعود معها دور الامم المتحدة وميثاقها الدولي في حفظ السلم والامن الدوليين وسيعود معها دور البلدان النامية في السياسة الدولية , بما يخلق التكافؤ في العلاقات الدولية بين دول العالم إنطلاقاَ من مبدأ سيادة الدول , فروسيا تريد ان يكون النظام الدولي معني بكل دول العالم ومصالحها وبالأمن والسلم الدوليين وليس بمصالح الدول الخمسة فقط الدائمة العضوية .
3- أكدت تجربة وحقبة العلاقات الدولية خلال العقدين الماضية , أن نظام القطب الواحد هو حالة طارئة فرضت نفسها على العلاقات الدولية , كنتيجة للتداعيات التي شهدها الأتحاد السوفياتي ودول أوربا الشرقية آنذاك بعد إنتهاء الحرب الباردة وان طبيعة النظام الدولي لعالم اليوم هو ان يكون متعدد الاقطاب.
4- أن العالم واجهتة مخاطركبيرة من جراء تفرد سياسة القطب الواحد, فلم يقتنع الرأي العام العالمي  بعد اليوم أن هناك مبرر لكي تنفرد دولة في الهيمنة على العالم والتحكم بمصائره ومصائر شعوبه , مهما إمتلكت من القوة العسكرية والسياسية والأقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية ومهما كانت آيدلوجيتها.
5-ان حقبة العقدين الماضية التي مر بها العالم في ظل نظام القطب الواحد . أكدت على عدم عدالة نظام القطب الواحد , ما مر به العالم من احداث ليس فقط  انه حدث إخلال في التوازن الدولي, مع استخدام القوة في العلاقات الدولية .وإضعاف دور الأمم المتحدة كمنظمة دولية , واضعاف الشرعية الدولية وتلاشى دور الدول النامية في هذا النظام والتدخل في شؤونها الداخلية , وانتهاك سياداتها الوطنية وتعرضها للحروب الاهلية والارهاب والاحتلال . وانما ان خطورة هذا النظام الدولي انه مشوب بالغموض والمفاجئات في الأحداث وأن هذا بحد ذاته يؤشر إلى عدم الأستقرار في مناطق عديدة من العالم  بحكم استراتيجية الولايات المتحدة وأهدافهاالبعيدة المدى .
6- وبهذا ففي ظل نظام القطب الواحد إتسعت مظاهر الفجوة بين إقتصاديات البلدان النامية واقتصاديات الولايات المتحدة وحلفائها الغربيون وشركاتها الاحتكارية الدولية . وما نمو البطالة والفقر وإتساع دائرة المهمشين على الصعيد العالمي وعلى صعيد كل بلد سوى بعض مظاهر هذه الفجوة وهذا التناقض بين إقتصاديات بلدان العالم الرأسمالي ودول العالم الثالث .
7-أكدت التجربة ان السياسة النيوليبرالية للولايات المتحدة الامريكية وتوجهاتها الاقتصادية في ظل ( العولمة الرأسمالية) إنها خالية من المضامين الأجتماعية و لها تأثيرات سلبية في البلدان النامية وما أنتجته هو (عولمة الفقر) في العالم وبالذات في البلدان النامية مع المزيد من التهميش لهذه الدول على صعيد السياسة الدولية , وعلى الصعيد الداخلي لكل دولة تعمق السياسة النيوليبرالية التمايزات بين الفئات الأجتماعية في البلد الواحد .
8- وأكدت تجربة العقدين الماضية أن الولايات المتحدة الأميركية إن تمكنت من فرض حالة الأستقرار في هذه المنطقة أو تلك فأنه إستقرار نسبي يخضع للمتغيرات والمفاجئات الغير متوقعة للأحداث والمواقف السياسية للدول وحتى في التحالفات وما يعزز هذا الرأي هو نضال الشعوب المعادي للهيمنة الامريكية   .
9-أن الأزمة المالية العالمية قد أضعفت الدور الأمريكي على الصعيد الدولي وتتحمل هي مسؤولية هذه الأزمة وهذا ساعد ويساعد روسيا على تجميع الدول المعارضة للعولمة الرأسمالية المتوحشة , من أجل إحداث تغيرات في النظاميين الأقتصادي والمالي وهذا ما قامت به من تشكيل مجموعة بريكس BRICS المؤلفة من دول عملاقة في امتلاكها للثروات وفي القوة الأقتصادية وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا . كما شكلت تحالف شنغهاي وكذا اقامة تحالف مع ثلاث دول هي روسيا والصين والهند , اضافة الى تعاونها مع دول الكومنولث المستقلة . وهذا مما سيهيئ الأرضية لروسيا في العمل بأتجاه العالمية وإضعاف العولمة الأمريكية التي إعتبرتها أمريكا نهجها لسيطرتها على العالم , وستوفر روسيا فرص كبيرة امام البلدان النامية لبدأ عمليات التنمية ومشاركتها في مساعدة هذه الدول .
10-التدخل الدولي مهم وضروري في حالات إنسانية لكن تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية بأسم الشرعية الدولية , يعد انتهاك لسيادة الدول وحصل بالضد من ارادة شعوبها وكل التدخلات الامريكية أسهمت في تفاقم الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلدان التي تدخلت في شؤونها , وهي باسم الشرعية الدولية بسطت نفوذها وضمنت مصالحها الاستراتيجية .
11- المفاهيم والشعارات الامريكية التي تبرر بها تدخلها في الشؤون الداخلية للبلدان , من هذه المفاهيم او الشعارات الديمقراطية وحقوق الأنسان . اكدت تجارب البلدان التي دخلتها جيوش القوات الامريكية وحلف الناتو ومنها العراق , ان هذه الشعارات الامريكية هي مجرد شعارات تسويقية جذابة وتستهوي المضللين السياسين الذين يعولون على المشروع الأمريكي , فأنها من حيث الواقع مضللة ولا تحقق الديمقراطية التي تريدها الشعوب ولا تضمن حقوق الانسان .
12- مصالح الولايات المتحدة الامريكية تلتقي مع تنامي نفوذ الاسلام السياسي في هذا البلد او ذاك , وما اكدته التجربة ان سياسة الولايات المتحدة الامريكية في ظل نظام القطب الواحد  , انها كانت عامل مساعد قوي لنمو القوى المتطرفة من الاسلام السياسي في هذا البلد او ذاك .
13- بحكم الامكانيات الكبيرة الموارد الطبيعية والقدرات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية التي تمتلكها روسيا , تبرز الآن احتمالات كبيرة بأن تتجه روسيا لتطوير تعاونها مع دول الاتحاد السوفياتي السابق , لتحوله الى تحالف او اتحاد أوراسي ذات ابعاد استراتيجية , لا سيما اذا انضمت له اوكرانيا سيكون لهذا التحالف او الاتحاد محورية في السياسة الدولية .
14- بعد ان منعت باكستان من وصول الامدادات والمساعدات الامريكية لقواتها في افغانستان , بقى هناك منفذ واحد لوصول المساعدات والامدادات الامريكية لقواتها في افغانستان والمنفذ هو الاجواء الروسية , بوجود اتفاق بين البلدين وقع في عام 2009 عند زيارة اوباما الى روسيا , وبهذا ستكون امريكا تحت رحمة روسيا في افغانستان , وهناك ثمن على امريكا ان تقدمه لروسيا أزاء هذه التسهيلات الروسية .
15- ستظهر في الفترة القادمة امكانيات كبيرة للتفاعل والتعاون ما بين روسيا كقطب دولي جديد وما بين الاتحاد الاوربي وهذا ما تفرضة مصالح شعوب اوربا اليوم هو التفارب والتعاون مع روسيا . وسواء ظهر محور اوربي – روسي او لم يظهر, فان اوربا هي اليوم بحاجة الى التعددية القطبية , وسيكون الاتحاد الاوربي اضافة الى الصين والهند واليابان المؤهلة كاقطاب دولية جديدة مع روسيا العائدة بقوة كقطب دولي , سيكون لهذه الاقطاب او القوى وبالذات روسيا دور وتأثير فاعل وذات ابعاد دولية لتخليص العالم من الوحل الذي وقع فيه في ظل نظام القطب الواحد .
5-12-2011 .
 
____________________________________________________
[1] - د. عبد الجليل المرهون .نذر الحرب الباردة وأسئلة القوة والضعف بين الروس والأمريكان . موقع الجزيرة نت في 29-8-2008 .
[2] - وكالة أنباء نوفوستي .  ليوم 3-4-2008 .
[3] - د. نورهان الشيخ . هل تتجه روسيا لأستعادة دورها العالمي . جريدة الأهرام المصرية . ملف الأهرام الأستراتيجي . في 1-1-2001 . ص-2 .   
[4] - اللواء . د علي محمد رجب . تحديث القوة العسكرية الروسية . مجلة العسكرية . تصدرها كلية الملك خالد . في المملكة العربية السعودية . العدد 97 . التأريخ – 1-6-2009 . ص-2 .
[5] - وكالة انباء نوفوستي . في 2-12-2011 .
[6] - وكالة أنباء نوفوستي . في 20-4-2007 .

102
روسيا هيأت مستلزمات انهيار نظام القطب الواحد
في العلاقات الدولية
(12)
فلاح علي
النجاحات التي حققتها الدبلوماسية الروسية خلال السنوات الاخيرة تعد نتيجة للمتغيرات والتوجهات الجديدة في سياستها الخارجية ومؤشر على صحتها وأهميتها . لا سيما وانها استندت على رفضها لهيمنة نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية. فأكدت على نهج الانفتاح في السياسة الخارجية مع بلدان اوربا الغربية وبلدان العالم الاخرى وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية معها . مما ساعد ذلك على فك العزلة الدولية عن روسيا التي عرف عنها من ضعف وتراجع بعد عام 1991  .التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية الروسية اكدت ايضاَ على عدم موافقتها على الكثيرمن الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت في فترة ضعفها خلال حكم يلتسن . وجاءت هذه المتغيرات الجديدة في السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية نتيجة للأستقرار السياسي و لأمتلاكها لمقومات القوة الداخلية التي مكنتها من ان تمتلك مستلزمات الدولة القطبية .
اهم النجاحات التي حققتها السياسة الخارجية لروسيا باتجاه عودة التعددية القطبية :
1- حرصت روسيا على تعزيز حضورها وترسيخ وجودها ومكانتها الاقليمية والعالمية , فقد توجهت الدبلوماسية الروسية إلى إقامة تحالفات دولية وإقليمية جديدة من خلال التوجة للدول المرشحة لكي تكون قوى عظمى على الساحة الدولية , مثل الصين والهند والبرازيل مع تعزيز تواجدها في أمريكا اللاتينية وكذلك في المنطقة العربية . وتطويرعلاقتها مع دول الأتحاد الأوربي وفي محيطها الاقليمي وعززت علاقاتها الأقتصادية والتجارية والسياسية مع هذه الأطراف جميعاَ . وساعدها هذا الانفتاح في السياسة الخارجية على حضورها الفاعل في الساحة الدولية ومكنها من مواجهة التفرد الامريكي . 
2- تمكنت روسيا من صياغة سياسة خارجية متقدمة مع الهند عبر توقيع إتفاقية استراتيجية في مجال التكنولوجيا المتطورة لا سيما النووية منها الأمر الذي أدى إلى تقارب واضح واستراتيجي بين البلدين , وقد حسنت روسيا علاقاتها وتعاونها مع الصين .
3- دعوتها لأقامة نظام دولي جديد قائم على التعددية القطبية , واتخذت خطوات عملية بهذا الاتجاه وذلك لخلق واقع جديد في العلاقات الدولية  , حيث تمكنت روسيا من تشكيل قطب واعد جديد في السياسة الدولية من أربعة بلدان كبرى , تمتلك هذه البلدان قوة إقتصادية ناهضة في العالم ستكون لها كلمتها في السياسة الدولية خلال السنين القادمة وعرف هذا القطب الواعد بتجمع بريك BRIC حيث يمثل الاحرف الأولى للبلدان وهي البرازيل وروسيا والهند والصين . واول قمة لرؤساء البلدان الاربعة عقدت في روسيا حسب ما نشرته بعض وكالات الانباء آنذاك وذلك في منتصف حزيران عام 2009 ومن الأهداف التي حددتها القمة هو ادخال اصلاح على النظامين الاقتصادي والنقدي العالمي .
4- لاحقاَ توسع هذا الاتفاق اوالتحالف وانضمت الية جنوب افريقيا واصبح مكون من خمسة دول  ويعرف باسم BRICS .وما يمييز هذه البلدان إنها دول كبيرة من حيث سعة المساحة وعدد السكان والناتج القومي وإرتفاع معدلات النمو السنوية , فهذه الدول ستكون جديرة بتكريس واقع جديد في النظام الدولي العالمي سيؤدي إلى كسر التفرد في صنع القرار الدولي وبوسائل غير عسكرية وسيكون هذا التجمع هو القوة الأقتصادية الأولى في العالم وسيلعب دوراَ مؤثراَ في السياسة الدولية والمشاركة في صنع القرار الدولي .
5- على اثر تحسن العلاقات بين روسيا والصين , تم اقامة اتفاق جديد بينهما وسمية باسم  ( معاهدة شنغهاي للتعاون) وذلك في العام 2001 بين روسيا والصين وانضمت الية أربع جمهوريات سوفياتية سابقة في آسيا الوسطى هي كازاخستان وأوزبكستان وطاجكستان وقيرغيزيا .(( وفي قمة شنغهاي للعام 2005 إتخذ قرار بطرد القواعد الأميركية من وسط آسيا , وكان العام 2005 قد شهد في شهر أغسطس  مناورات عسكرية مشتركة بين روسيا والصين الاولى في تأريخهما وكان حدثاَ مثيراَ للدهشة والأهتمام البالغ لأنه لم يسبق لهاتين الدولتين الكبيرتين أن أجريا أية نشاطات عسكرية مشتركة في الفترة السابقة بسبب العديد من الخلافات بينهما .))([1]) .
6- نجحت الدبلوماسية الروسية من اقامة تحالف او تفاهم مشترك بين الدول الثلاث وهي روسيا والهند والصين  . وهذا مما اثار مخاوف الولايات المتحدة الامريكية من تحولة الى  تحالف استراتيجي لا سيما وأن الدول الثلاث لديها موقف من النظام الدولي الجديد , الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وتدعو هذه الدول إلى عالم متعدد الأقطاب . ((ففي عام 2005 قد تحقق لقاء بين وزراء خارجية الدول الثلاث في موسكو  وقد أكد اللقاء على شحن التحالف الثلاثي بنبض جديد ليس موجهاَ ضد أحد وأن القاسم المشترك بينهما هو مواقفهما المتقاربة تجاة بنية النظام العالمي الجديد وتوسيع دور المجتمع الدولي وبشكل خاص محورية دور الأمم المتحدة في مواجهة تحديات العصر.))([2])  . ان هذا التحالف يعد حدثاَ بالغ الأهمية  في السياسة الدولية,وله تأثير سواء على الولايات المتحدة الأمريكية أو اليابان أرتباطاَ بالخلاف الروسي الياباني على جزر كوريل , من وجهة نظري في حالة توقيع معاهدة اتفاق استراتيجي بين الدول الثلاث سيكون لهذا التحالف او الاتفاق ثقل نوعي دولي في مواجهة التفرد الأمريكي . لا سيما ما يجمع الدول الثلاث هو تأييدهم لنظام عالمي متعدد الاقطاب  في السياسة الدولية . ورغم الخلافات بين الصين والهند على مناطق النفوذ في مناطق عدة ومنها الصراع حول التبت , ولكن يوجد بينهما مصالح ايضاَ وتعاون اقنصادي .
7- عملت روسيا على تعميق التوجه الاورو آسيوي في سياستها الخارجية في اطار محيطها الاقليمي والذي يتمثل في دول الاتحاد السوفياتي السابق دول الكومنولث المستقلة , والتي تعتبر روسيا هذه الدول تمثل خط دفاعها الاول, لا سيما وان روسيا تعمل بكل الطرق على ابقاء هذه الدول خارج حلف الناتو . كما أن هذه الدول أصبحت ساحة مفتوحة للمنافسة الدولية بحكم ما تملكة من موارد الطاقة . مما جعل هذه المنطقة ذات أهمية استراتيجية وروسيا بدأت في تهيئة إمكانياتها لهذه المنافسة الدولية وفي إملاء الفراغ وتعزيز روابطها مع دول الكومنولث المستقلة . وعقدت اتفاقيات اقتصادية وتجارية معها ومعاهدات استراتيجية ومن هذه المعاهدات هي معاهدة الامن الجماعي التي تربط روسيا مع بعض هذه الدول . وتعارض روسيا ايضاَ دخول دول البلطيق في حلف الناتو وهي لاتفيا وإستونيا وليتوانيا , هذا التوجه في سياستها الخارجية مكنها من تعزيز تواجدها في محيطها الاقليمي  .
الدبلوماسية الروسية انتقلت الى الهجوم والمواجهة المباشرة في عام 2007 :
شهدت المحافل الدولية ووسائل الاعلام والراي العام العالمي , تصعيداَ في لهجة الخطاب والهجوم الدبلوماسي من جانب روسيا في علاقاتها مع الولايات المتحدة,  من أجل ممارسةالضغوط عليها. بأتجاه  حملها على حل القضايا الخلافية بين الدولتين , واصبح عام 2007 نقطة تحول رئيسية في مسار العلاقات الامريكية الروسية ما بعد مرحلة الحرب الباردة وإنهيار الأتحاد السوفياتي , فقد شهد عام 2007 انتقال الصراع الى شكل مباشر واتخاذه ابعاد عملية على الارض ارتباطاَ بقرب نصب الدرع الصاروخي في بولونيا ونصب شبكة الرادار في جمهورية التشيك . ان روسيا تدرك تماماَ ان هكذا تصعيد خطير لا يمكن ايقافة من خلال التصريحات الكلامية الاعلامية وانما من خلال الرد العملي الملوس على الارض فأتخذ الرد الروسي العملي اشكال عدة ومنها :
1- ظهر خطاب جديد لروسيا ذات محتوى هجومي مباشر على الصعيد البلوماسي  , الهجوم الدبلوماسي الروسي المباشر بدأه الرئيس الروسي الاسبق بوتين . (( ففي الخطاب الذي ألقاه أمام مؤتمر الأمن الذي عقد في ميونخ في فبراير 2007 شن هجوماَ حاداَ على السياسة الأمريكية وإتهمها بجر العالم إلى مزيد من الفوضى وعدم الأستقرار, وحملها المسؤولية عن تفجير الأزمات الأقليمية وأكد أن سياسة القطب الواحد أثبتت عجزها وفشلها وخطرها على العالم ))([3] ).
2- في نفس العام 2007 أجرت دول معاهدة شنغهاي مناورات عسكرية ضخمة الاولى من نوعها اقيمت المناورات على الاراضي الروسية (( المناورات العسكرية بدأت في مطلع صيف عام 2007 وطلبت الولايات المتحدة حضورها كمراقب ورفض طلبها بينما حضرها مراقبون من الهند وإيران .))([4]) . المناورات قد اثارت قلق ومخاوف الولايات المتحدة الامريكية .  و بلا شك ان الولايات المتحدة الامريكية تخشى من ان تتحول معاهدة شنغهاي الى اتفاق او حلف أمني- عسكري قد يكون موازي لحلف شمال الأطلسي . رغم أن الصين لن تقف في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياَ , وانها متوجهه نحوسياسة الصعود الأقتصادي , لكن امريكا تدرك تماماَ ان التطور العسكري والتكنولوجي لأي بلد اساسه هو التطور الاقتصادي .
3-وشهد نفس العام 2007 اتخاذ روسيا مجموعة من الأجراءات العملية .(( فقد قررت القيادة الروسية بتأريخ 17-8-2007 السماح للطيران الأستراتيجي الروسي من نوع (تو160) معاودة نشاطة والقيام بدوريات خارج الأجواء الروسية بعد فترة توقف دامت خمسة عشر عاماَ حتى أن طائرتان روسيتان قد أقتربتا ليلة 25-12-2007 من الأجواء الدانماركية بشكل غير مسبوق . ثم اقدمت موسكو على خطوة عملية اخرى إبتداءَ من 13-12-2007 من جانب واحد على تعليق العمل بمعاهدة الأسلحة التقليدية في أوربا بينها وبين الناتووقد صرح الرئيس الروسي بوتين أن المعاهدة فقدت مغزاها بعد إختفاء حلف وارسو))([5] ) . ان هذه الأجرائات لها دلالات  وابعاد استراتيجية ليس فقط لممارسة الضغوط على الولايات المتحدة لوقف مشروعها نصب الدرع الصاروخي , وانما تؤكد على الدور الروسي الاستراتيجي المستقبلي في الساحة الدولية في اعادة التوازن في العلاقات الدولية .
4- التحدي القائم بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا حول نصب الدرع الصاروخي يوحي بوجود خطط للمواجهة ولبسط النفوذ من خلال انتصار احد الطرفين في هذا الصراع. لهذا يعتبر نصب الدرع الصاروخي من أعقد المشاكل بين الدولتين لانه انتقل الى خطوات عملية نحو الفعل  على الارض .
5- رغم ان مسألة نصب الدرع الصاروخي قد أوجل التفاوض حولها خلال زيارة الرئيس الامريكي اوباما الى موسكو في 6-7-2009 . وهذا جاء نتيجة الأجراء الروسي في اكتشاف صاروخ جديد  يخترق الدرع الصاروخي ,  لكن يلاحظ الراي العام العالمي ان مشكلة نصب الدرع الصاروخي عادة من جديد , وأدت الى زيادة التوتر في العلاقة بين البلدين , ورغم ما تشير اليه بعض التقارير من ان الولايات المتحدة تخطط لنشر الدرع الصاروخي على سفن تجوب البحار , ان صح ذلك فهذا يعني تحول الدرع الصاروخي من الثابت على الارض الى متحرك وهنا تزداد خطورته على روسيا . وسواء تم نصبه على الارض او حمله على سفن فأنه يبقى من أعقد القضايا وأخطرها في العلاقة بين الدولتين ولها أثر على سباق التسلح .
5-جاءالردالعسكري الروسي السريع على جورجيا في أوائل آب 2008 مفاجئاَ وأعطى مؤشراَ آخر أن روسيا الآن ليس هي عما كانت علية في عام 1991 . ((وتجلى الموقف الروسي القوي في رفض الوساطة التي تقدمت بها الولايات المتحدة لحل الاشكال بين الدولتين ,يذكر أن القوات الروسية عندما تدخلت لأعادة الوضع عما كان عليه في أوسيتا الجنوبية وجدت خبير أمريكي يقوم بتدريب وقيادة مجموعات من القوات الخاصة))([6] ) . الرد العسكري الروسي السريع والمفاجئ القوي أكد أن منطقة القوقاز منطقة استراتيجية ولروسيا مصالح حيويه فيها , وبهذا أجبرت روسيا كل القوى العالمية على الأعتراف لها بدورها في منطقة القوقاز,من هنا تأتي فاعلية الدور الروسي للمواجهه مع السياسة الأمريكية في مناطق محددة من العالم , ورغم ان هذا التصعيد الروسي الجديد من وجهة نظري لن يكون بالضرورة العودة إلى أجواء الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن , ولكنه صراع على مواقع النفوذ التي فقدتها روسيا بعد سقوط الأتحاد السوفياتي , كما انه صراع لاعادةالتوازن الدولي في قيادة النظام الدولي باتجاه التعددية القطبية . ان النجاحات التي حققتها روسيا في دبلوماسيتها وإنفتاحهاعلى دول العالم يؤشر أن لروسيا دوراَ مستقبلياَ صاعداَ كقطب رئيسي ولاعباَ أساسياَ ( أورو- آسيوي ) بعد ان هيأت كافة مقومات هذه القوة  الجديدة من تطورها الأقتصادي وإستقرارها السياسي مع تنامي قدراتها العسكرية وما تمتلكة من قدرات نووية وتقنية تكنولوجية وموارد طبيعية ومساحة واسعة وكثافة سكانية وكونها عضو دائم في مجلس الامن , هذا أهلها الآن لتكون دولة عظمى وأحد الاقطاب في الساحة الدولية الموازية للقطب الامريكي , والتي ستفرض واقع جديد في العلاقات الدولية لصالح التعددية القطبية .
(يتبع)
25-11-2011 .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


________________________________________


________________________________________


________________________________________
[1] - ليونيد إلكسندروفتش . واشنطن تخشى تحالف العمالة الثلاثة . جريدة البيان الاماراتية . التاريخ 14-12-2007 . ص-2 .
[2] - د. أيمن خيري .جريدة الرياض . مقالة بعنوان  لقاء الترويكا الروسيةالهندية الصينية في مواجهة اليابان . المملكة العربية السعودية . في 9-6-2005 .ص-2 .
[3] - د. وحيد عبد المجيد . موسكو – واشنطن  عام ساخن وربما حاسم . جريدة الأتحاد 24-يناير 2008 . ص-1 .
[4] - ليونيد إلكسندروفتش . سبق ذكره . ص-4 .
[5] - سليم الزريعي . روسيا والناتو وسياسة عض الاصابع . جريدة قاسيون في 18-12-2008  . ص- 5  .
[6] - عبد القدوس الخاشب. صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعية – اليمن . العدد 1408 . في 14-8-2008 .ص-2 .




103
روسيا فرضت واقع جديد في العلاقات الدولية
لصالح التعددية القطبية
(11)
فلاح علي
ان المتغيرات والتحولات الجديدة في السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية بدأت تفرض حضورها ومواقفها ورؤيتها كدولة قطبية, وتعزز من دورها وتأثيرهاعلى تطورات الاحداث الاقليمية والدولية  , ان المواقف والتوجهات الجديدة للسياسة الخارجية الروسية تهدف الى وضع حد للقطبية الاحادية في العلاقات الدولية اي رفضها لهيمنة القطب الواحد  . لقد اشرت في الحلقة الماضية الى اهم قضايا الصراع على صعيد السياسة الخارجية بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والتي حسمتها روسيا لصالحها , وفي هذه الحلقة سأواصل ذكر بعض قضايا الخلاف او الصراع بين الدولتين .ولا يخفي على احد ان الخلاف والصراع او التنافس بين الدولتين هو جيوسياسي , شهد و قد يشهد العالم صراع او توتر بين الدولتين في مكان ما او في قضية ما , وفي مكان آخر ربما يظهر تفاهماَ متجاوزين بذلك الصراع او الخلاف لكن التنافس او الصراع الجيوسياسي سيبقى قائماَ بين البلدين , وسنشهد تصاعداَ في قضايا جديدة للصراع وسيظهر تأثير وملامح الصراع على العلاقات الدولية باتجاه عودة التعددية القطبية وهذا ما سنشهده , سأستكمل هنا بعض قضايا التنافس والصراع القائمة بين الدولتين والتي تشكل اهم ملامح التعددية القطبية في العلاقات الدولية .
4- البرنامج النووي الأيراني :
يعتبر التعاون النووي الروسي الأيراني من أهم مشاكل الصراع بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية, فنجد أن روسيا لاتدعم السياسة الأمريكية التي تقوم على فرض عقوبات إقتصادية جديدة على إيران وعزلها سياسياَ, وهذا مما يبقي الخلافات بين الدولتين حول الملف النووي الأيراني قائمة .أصبح البرنامج النووي الأيراني يطرح في الأجتماعات واللقاءات الرسمية وغير الرسمية لقادة الدولتين الروسية والامريكية ,وذلك نظراَ للمخاوف الأمريكية من سعي طهران إلى إمتلاك سلاح عسكري نووي  , يهدد أمن منطقة الشرق الأوسط والعالم , كما يهدد اسرائيل ويغير التوازن . لهذا تضغط امريكا على روسيا من جانب وتسعى لمساومتا في ملفات اخرى من جانب آخر , لأجل ان توقف روسيا تزويد طهران بالتكنولوجيا النووية , ولكن روسيا مستمرة في الدعم الذي تقدمه لأيران في مجال التكنولوجيا وفق اتفاقيات موقعه بين الدولتين . وإلى جانب التعاون في مجال الطاقة النووية وقع الطرفان على عقود للتسليح إضافة إلى التعاون في مجال الطاقة ( النفط والغاز) فالدوافع الروسية للتعاون مع إيران في مجال الطاقة النووية وغيرها هي دوافع إقتصادية للحصول على العملة الصعبة إضافة للتعاون التجاري كما أن التعاون الروسي مع إيران يحقق لروسيا مناطق نفوذ واسعة , وبما ان لامريكا مصالح في المنطقة وبالذات في بحر قزوين , ولعزمها على منع طهران من امتلاك السلاح النووي فهذا مما يبقي الصراع قائماَ بين الدولتين حول الملف النووي الايراني .
5- الشرق الأوسط :
إن الأرتفاع الأخير في أسعار البترول إنعكس بالأيجاب على الأقتصاد الروسي , ولهذا بدأ ت روسيا تستعيد دورها في المناطق التي تراجع عنها هذا الدورومنها منطقة الشرق الأوسط , وبسبب الحرب الامريكية على العراق وتحريكها لجيوش الناتو في اسقاط الانظمة باسم الشرعية الدولية واحتلالها , والممارسات الأسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وعدوانها على لبنان , والدعم الأمريكي الواضح لأسرائيل  فقد أصبحت المنطقة تعاني من عدم الأستقرارنتيجة سياسة الولايات المتحدة القائمة على استخدام القوة في العلاقات الدولية ولأنحيازها لأسرائيل . لقد ساعد ذلك على زيادة ردود الفعل الشعبية ضد السياسة الأمريكية في المنطقة وساهم في تعزيز الحضور الروسي فيها . وتدعوا روسيا إلى حل النزاع الأسرائيلي الفلسطيني بالطرق السلمية وإلى مشاركة كل الأطراف في عملية السلام وشاركت روسيا كعضو في اللجنة الرباعية لحل النزاع في الشرق الأوسط ووقفت ضد نصب الجدار العازل , إضافة إلى إدانتها للمارسات الأسرائيلية , وهذا عزز من الدور الروسي في المنطقة . وتطور إلى عقد إتفاقيات عسكرية وإقتصادية مع عدد من البلدان العربية  , فأن لقاءات القمة وعقد الأتفاقيات والمعاهدات ستكون أساساَ جيداَ لعلاقات نوعية جديدة بين روسيا والبلدان العربية . كما نلاحظ ان روسيا تعارض اقامة مشروع الشرق الاوسط الكبير او ما يسمى بالجديد الذي يعطي فيه دور لأسرائيل في هذا المشروع فهو لا يخلو من التوجهات العسكرية وفي إقامة القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة , والذي ستكون فيه اي  في مشروع الشرق الاوسط الكبير – او الجديد دول متاخمة لحدود روسيا والصين وهذا يعني في الواقع العملي محاصرة الدولتين بالقواعد العسكرية , وهذا هو جزء من الأستراتيجية الأمريكية في مجال الهيمنة الكاملة وهذا ما ترفضة روسيا ويبقى مشروع الشرق الاوسط يحمل قضايا إشكال وصراع قائم بين الدولتين ,وما موقف روسيا الاخير في مجلس الامن باتخاذ قرار الفيتو ضد فرض عقوبات على سورية الا تأكيد على حيوية هذا الدور في السياسة الخارجية وعلى التاثير المباشر على الاحداث في الشرق الاوسط والعالم .
6- الصراع على مناطق النفوذ في امريكا اللاتينية :
أصبحت أمريكا اللاتينية أحد مناطق الصراع والخلافات بين الدولتين , بعد ان استعادة روسيا دورها وحضورها في السياسة الدولية , والصراع  على النفوذ في هذه المنطقة الحيوية في تصاعد بين الدولتين كما هو في المناطق الأخرى في الشرق الأوسط والقوقاز وفي أوربا والقارة الأفريقية وغيرها من مناطق العالم . وما يؤشر للحضور الروسي القوي في هذه المنطقة التي يطلق عليها البعض ( بالبارك الامريكي) لقربها من الولايات المتحدة الامريكية , هو زيارة الرئيس الروسي مدفيديف للمنطقة وحضورة للمناورات العسكرية البحرية المشتركة في البحر الكاريبي (( في منتصف نوفمبر 2008 زار الرئيس الروسي مدفيديف البيرو ثم البرازيل وفنزويلا وافتتح المناورات البحرية المشتركة فيها ثم قام بزيارة الى كوبا خلال جولته في المنطقة , وقد تدهورت العلاقات كثيراَ خلال فترة يلتسن وقد قدمت موسكو مؤخراَ قرض لكوبا قدره 20 مليون دولار لأستخدامه في مجالات البترول والمناجم والنقل ))([1] ) . ان الزيارة والمناورات العسكرية بمشاركة الطائرات والسفن البحرية الروسية , تعد مؤشراَعلى الحضور والنفوذ الروسي في أمريكا اللاتينية , و تعكس رغبة هذه الدول في التخلص من التبعية والأرتهان للولايات المتحدة الأمريكية  كما تؤكد على إلتقاء توجهات هذه الدول مع روسيا نحو عالم متعدد الأقطاب .
7- المشاكل والخلافات حول القوقاز :
هناك صراع بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا حول مناطق النفوذ في منطقة القوقاز  , وذلك بسبب الموارد النفطية في بحر قزوين ,كما وإنها تعتبر مناطق عبور لخط أنابيب بحر قزوين , وبسبب معارضة روسيا إنتماء هذه الدول لحلف الناتو وإقامة قواعد عسكرية للحلف على أراضيها .فروسيا بلا شك ترفض التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة . تعتبر موسكو ان جورجيا هي الطرف الذي يسهل هذا الحضور العسكري, كما وتعتبر جورجيا أن روسيا تعيق استعادة سيطرتها على أبخازيا وأوسيتا الجنوبية ,أن الغرب يقف مع جورجيا في هذا الأدعاء  وبسبب  إصرار جورجيا على منع استقلال أوسيتا الجنوبية وضمها إلى جورجيا بالقوة العسكرية . فقد تحول الصراع الاقليمي إلى صراع بين روسيا والولايات المتحدة وأصبحت العلاقات بين موسكو وواشنطن في وضع صعب بسبب الصراع حول القوقاز .
الحرب الأخيرة بين روسيا وجورجيا ونتائجها :
بعد ان بدأت جورجيا هجومها على أوسيتا الجنوبية في 7-8-2008 , من وجهة نظري لم يكن في بال جورجيا بان يكون الرد العسكري الروسي سريعاَ ومفاجئاَ , وذلك بسبب قناعة جورجيا للدعم الامريكي لها وان لاتترك وحيدة امام القوة العسكرية الروسية  , ففي يوم 8-آب 2008 دخلت القوات الروسية الى داخل حدود جورجيا وكادت ان تصل القوات الروسية الى العاصمة تبليسي , ولم يكن هناك رد امريكي مباشر سوى تصريحات وادانة والتلويح بعقوبات اقتصادية ضد روسيا , الا انه فشلت كل التحركات الامريكية لعزل روسيا ومعاقبتها اقتصادياَ, وحلت المسألة لاحقاَ وان كان مؤقتاَ بوساطة الاتحاد الاوربي . ان الرد السريع للجيش الروسي أثار إنتباه الرأي العام العالمي وأثيرت معها الكثير من التساؤلات حول الدور الاقليمي والدولي لروسيا وأصبح واضحاَ منذ اللحظة الأولى للحرب , إنها لم تقتصر على طابع محلي او اقليمي أو إنها نزاع بين دولتين . وإنما إتخذت أبعاد دولية إرتباطاَ بموقف الولايات المتحدة والغرب الداعم لحكومة سكاتشفيلي آنذاك في جورجيا . وقد اقدمت روسيا على خطوة دبلوماسية وهوالاعتراف باستقلال ابخازيا واوسيتيا الجنوبية , وجاء هذا الاعتراف رداَ على اعتراف الولايات المتحدة باستقلال كوسوفو الذي عارضته روسيا آنذاك . ووقعت روسيا مع جمهوريتي ابخازيا واوسيتا اتفاقيات وحسب ما اشارت وكالات الانباء في حينها بما فيها اتفاقيات لاقامة قواعد عسكرية روسية على اراضي الجمهوريتين وهذا مما يعزز من التواجد الروسي في منطقة القوقاز. يلاحظ من الرد العسكري السريع ان روسيا  وجهت رسالة واضحة الى دول المنطقة بما فيها اوكرانيا مفادها بعدم موافقة موسكو على انضمامها لحلف الناتو , كما اكد ت الرسالة على ضوء الرد العسكري الروسي أن منطقة القوقاز تشكل منطقة استراتيجية لروسيا ولها مصالح حيويه فيها , وبهذا أجبرت روسيا كل القوى العالمية على الأعتراف لها بدورها في منطقة القوقاز . علماَ أن روسيا ترفض اقامة قواعدالحلف في هذه المنطقة , وتعارض تواجد اساطيل الناتو في البحر الأسود , لا سيما وان اسطولها البحري يتواجد في هذه المنطقة وفرضت روسيا على اوكرانيا تجديد اتفاقية بقاء الاسطول الروسي في البحر الاسود لعام 2027 . لهذا ستبقى المنطقة خاضعه لصراع مصالح دولية  ومنها روسيا والولايات المتحدة الامريكية .
(يتبع)
17-11-2011   

104
هل قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ضَلت طريقها
(2-2)

فلاح علي
استكمالاَ لما ذكرته في الجزء الاول من المقالة من ملاحظات انتقادية على قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ودورها في تراجع دور الحزب في كردستان وتبعيته للقوى الكردية المتنفذه . . فلا بد من مواصلة طرح  بقية الملاحظات ووجهات النظر . ويكون من المفيد هنا طرح السؤاليين التاليين :
السؤال الاول لماذا وقعت قيادة الحزب في هذه التبعية المطلقه للقوى الكردية المهيمنة في كردستان ؟ والسؤال الثاني ما هي انعكاسات هذه التبعية على الحزب وبنائه التنظيمي والفكري وتطوره ودوره وحضوره وتاثيره الجماهيري والسياسي ومستقبله؟
هذين السؤالين من وجهة نظري هما جوهريان واساسيان وشكلا ركناَ مهماَ واساسياَ في الهدف من كتابة مقالتي التي هي بجزأيين , وأعتقد ان دور وحضور وفاعلية ونهوض ومستقبل الحزب الشيوعي الكردستاني مرتبط بتحديد الموقف الفكري والسياسي من هذه المسألة اي التبعية التي وقعت فيها قيادة الحزب وكيفية التخلص منها , واعتقد ان اي خلل ممكن معالجته اذا توفرت الارادة الشيوعية للتوقف عند اهم الثغرات وتشخيص الخلل في السياية والفكر والتنظيم والاداء وهذا يتطلب اعادة الدراسة لواقع كردستان و العراق من خلال التحليل العلمي ووضع سياسة صحيحة على ضوء الواقع الراهن وبعد تشخيص اسباب الخلل ومعالجته ووضع الحلول وعلى كافة الصعد الفكرية والسياسية والتنظيمية والاعلام والعمل الجماهيري .
أرى ان الخلل الفكري يشكل احد اهم اسباب التبعية :
من وجهة نظري ارى ان احد اهم الاسباب الرئيسية لهذه التبعية هو الخلل في الجانب الفكري وبما ان جميع الاحزاب الشيوعية في العالم , بنيت تنظيمها ورسمت سياساتها ووضعت توجهاتها وتاكتيكاتها من خلال الاسترشاد بالماركسية والفكر الاشتراكي الذي سميه آنذاك بالنظرية الماركسية اللينينية .فلا بد هنا من التوقف عند ظاهرتين فكريتين يشكلان جوهر هذا الخلل الفكري حيث مرت به غالبية الاحزاب الشيوعية واصبح احد اهم جوانب الازمة التي مر بها هذا الحزب او ذاك والظاهرتان هما .
الانتهازية والتحريفية : لا يختلف اثنان ان المنشأ والتكوين لهذين الظاهرتين هما التاثير البرجوازي والبرجوازية الصغيره ودورها في قيادة التنظيم الشيوعي حيث انها حامله لهما , وعند النظر الى هاتين الظاهرتين من الناحية الطبقية والرؤية السياسية نجدهما يمثلان  شكل من اشكال آيدلوجية البرجوازية , وهنا يكمن الخطر حيث ما اكدته التجربة ان هذه الفئات البرجوازية من حيث واقعها الاجتماعي انها تتصف بالازدواجية وحتى التناقض في الرؤية والتبني والطرح والتوجهات , اذاّ كيف بها وهي تقود الحزب. لا اريد الاسترسال بقضايا نظرية والحديث عن الانتهازية والتحريفية اليمينية واليسارية لان المقاله لا تتحمل ذلك .
 ولكن بالعودة قليلاَ الى التاريخ اثناء المد الذي شهدته الحركة الشيوعية في العالم , نجد ان هناك العديد من الحركات والتنظيمات ذات الاصول البرجوازية الصغيرة وذات التوجهات القومية واشخاص ومجموعات تبنوا الفكر الماركسي اللينيني آنذاك , ولكن من وجهة نظري رغم ان هذه الحركات والاشخاص من هذه الاصول الذين تبنوا الفكر الماركسي فهم من الناحية العملية والفكرية لم يتخلصوا  بعد من  تطلعاتهم ورؤيتهم البرجوازية ومن معتقداتهم القومية , ولكن نتيجة تأثير المد الشيوعي في العالم يبدوا انهم حاولوا التقرب والتوفيق والملائمه والمعايشه بين معتقداتهم القومية وتطلعاتهم وتوجهاتهم البرجوازية وبين تبنيهم للماركسية  . وما هذه الارتدادات في الحركات والاشخاص التي حصلت الا تأكيد لذلك . ما يهمنا على صعيد كردستان العراق كلنا نتذكر توجهات الكومله التي انبثق منها الاتحاد الوطني الكردستاني ادعت انها حركة ماركسية كما ادعى الاتحاد الوطني الكردستاني انه يتبنى الماركسية ولكن هل حقاَ في الواقع انهما حركات او تنظيمات ماركسية , وكثير من ناضل في صفوف الحزب الشيوعي العراقي سابقاَ  ولا حقاَ في صفوف الحزب الشيوعي الكردستاني انتهى به الامر قومياَ متخندقاَ منغلقاَ منحازاَ للفكر القومي ومتطرف سواء كان من القومية العربية او القومية الكردية او القوميات الاخرى .
من اخطر ملامح الانتهازية والتحريفية :
ما اكدته تجارب الحركة الشيوعية في منطقتنا العربية وفي العراق , ان من اهم الملامح الملموسه للانتهازية والتحريفية واخطرها هو الرهان على الاحزاب والحركات القومية في تحقيق اهداف الشعب , كما تلجأ الانتهازية والتحريفية الى المبالغة بدور هذه الحركات والاحزاب القومية , ومن الملامح ايضاَ هو فك الارتباط بين الفكر والسياسة الحزبية من جانب والممارسة العملية من جانب آخر, وتجليات ذلك في الممارسة حيث يتغلب السلوك والرؤية القومية للظواهر والاحداث السياسية ويرى وينظر الانتهازيون والتحريفيون الى جميع الاشياء والظواهر المتنوعة المتواجدة على كوكبنا او المتواجدة على صعيد البلد الواحد ينظرون لها من  منطار قومي وبهذا فانهم بفقدون بوصلة النضال , وغالباَ ماتنتهي بهم هذه الرؤية الى التعصب القومي وبهذا فان الانتهازية والتحريفية هي سبب الخلل وسبب الازمة التي يمر فيها الحزب  واخطر ملامح هذه الانتهازية والتحريفية هو في تأثيرها على التنظيم وتسعى لاضعاف قواعده التنظيمية وتحويل التنظيم من تنظيم ثوري جماهيري له مهام واهداف الى تنظيم عادي يساير ويهادن الاقطاب الكبرى  وتعمل على ادخال اللبرلة الى صفوف التنظيم , كما ان الانتهازيين والتحريفيين من ملامحهم او سماتهم الاساسية هو انهم نفعيون ذاتيون شرهون نحو مصالحهم الذاتية . وان ما اكدته التجربة الثورية ان احد اهم مخاطر الانتهازيين والتحريفيين على الصعيد التنظيمي هو انهم لا يعترفون بانتهازيتهم ويتبنون نفس الوجهه او الشعارات التي يضعها او يصوغها المناضلون الحقيقيون , لاجل ان يصونوا انتهازيتهم وتحريفيتهم من الكشف لأنهم يخشون المواجهه مع المناضلين الحقيقين وان لا يتعرفوا على حقيقتهم ففي المممارسة العملية يكرسون سعيهم الجاد الى حرف التنظيم عن مبادئه وتوجهاته ومساره ومهامة واهدافة  وهذا من اهم مخاطر الانتهازية والتحريفية , لانهم يقودون الحزب باتجاه الذيلية والتبعية للقوى القومية وهذا هو ما حاصل في الحزب الشيوعي الكردستاني . و كمثال للتبعية والتحرك من خلال الرؤية للمصالح الآنية النفعية الذاتية لا بد من طرح السؤال التالي الذي يتداوله غالبية اعضاء الحزب الشيوعي الكردستاني في الخارج وبلا شك في الداخل ايضاَ وهو : هل ان من مهام واهداف الحزب الشيوعي الكردستاني النضال من اجل الحصول على موقع الناطق الرسمي للحكومة فقط والتخلي عن المواقف السياسية والطبقية في الدفاع عن مصالح الجماهير وبالذات الكادحين منهم . هكذا مواقف تتحمل مسؤوليتها قيادة الحزب لأنها تجلب الضرر للحزب وتؤثر على حضوره وتاثيره التنظيمي والجماهيري والسياسي .
تحالفات الحزب الشيوعي الكردستاني :
ان القراءة الصحيحة لبرنامج الحزب الشيوعي الكردستاني وانطلاقاَ من سياسته التي حدد فيها مهامه الآنية نجد ان تحالفه النضالي الطبيعي والصحيح , يفترض ان يكون مع قوى التيار الديمقراطي في العراق وكوردستان . اذاَ هنا يطرح سؤال ماهي طبيعة تحالفات قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني  ؟ من وجهة نظري ارى ان تحالفاتها هي بعيده عن المبدأية ولم تستند الى رؤية سليمة والى تاكتيكات صحيحة , تتميزتحالفاتها بالنفعية الضيقة وبالتبعية المطلقه للتحالف الكردستاني وهذا ما تؤكده وقائع الاحداث على الساحة الكردستانية لهذا ارى ان تحالفات قيادة حشك الآن تتجسد فيها الانتهازية السياسية وتحكمها حسابات المصالح الآنية النفعية المجردة والخالية من اي مبدأ سياسي او فكري .
ان كانت تحالفات قيادة حشك مبدأية لأتخذت موقف من التحالف الكردستاني لتصويته في البرلمان لتغيير قانون الانتخابات الذي كان الهدف من تغيير القانون هو لأضعاف وتهميش الحزب الشيوعي العراقي وقوى التيار الديمقراطي في العراق ولهيمنة المتحاصصون الطائفيون الاسلاميون والقوميون اللاديمقراطيون على البرلمان .
استنتاجات :
1-  ارى انه كلما ابتعدت قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني عن المشاركة في الشأن السياسي العراقي كبعد نضالي للحزب , وعن العلاقة والعمل المشترك مع قوى التيار الديمقراطي , وكلما ابتعدت عن وحدة العمل والنشاط المشترك مع الحزب الشيوعي العراقي , وايضاَ كلما ابتعدت قيادة الحزب عن المنطلقات الفكرية للماركسية وعن المواقف الطبقية والاممية . هذا يساعد على ان يصبح وضع الحزب في خطر حيث بهذا تسهم قيادته طوعاَ لتعريض الحزب لعدة احتمالات , واحده منها ابتلاعه أو اغتياله السهل وفي وضح النهار من قبل الاحزاب القومية الكبرى وهستيريا التعصب القومي .
2- ما يعرفه الجميع ان الماركسية والفكر الاشتراكي يمتلكان مخزون هائل من المعارف الفكرية والعلوم والحقائق والمبادئ , لكن تجربة  قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني منذ عام 2005 الى الآن اكدت انها لم تمتلك اي شيئ من هذا المخزون لمواجهة ضغط التعصب القومي , وكأنها فقدت كل شيئ من هذا الرصيد المعرفي و الفكري المخزون , حالها حال من يدخل النهر دون معرفة السباحة او كحال الطفل الذي يفقد مفاتيح خزانته في المدرسة ويقف عاجزاَ امام هجوم معلمه عليه .
3- ما اكدته التجربة ان الانتهازيون والتحريفيون يتهربون او لا يظهرون جوهر الخلاف المبدأي معهم , كما انهم يصورواالخلافات المبدأية بانها مواقف وقضايا شخصية أوثانوية تستهدفهم وبهذا لا يمكن التوقف عندها , ومع هذا انهم يخشون النقد عند مواجهتم باخطائهم وثغراتهم وانهم يلجئون للتبرير والهروب الى الامام خشية مواجهة الحقيقة.
4- تؤكد تطورات الاحداث في العراق وكردستان , بان هناك حاجة نضالية تضغط على قيادة حشك لأعادة دراسة التطورات في العراق وواقع كردستان , واعادة قراءة وتدقيق برنامج وسياسة الحزب ومهامه الآنية الديمقراطية ومواقفه وتاكتيكاته وانفتاحه على قوى اليسار والديمقراطية ذات البعد العراقي لأجل تصحيح مسار طريقها , وانقاذ الحزب من عزلته وازمته وضعفه واعادة الحيوية لدوره ونشاطه وحضوره وتأثيره  الجماهيري والسياسي والثقافي بين جماهير كردستان العراق , وهذا يساعد على انتشال الحزب من وحل السياسة ذات الرؤية القومية الخالية من المضمون الديمقراطي ومن التبعية العمياء للقوى الكردية المهيمنه في كردستان .
5- الخطوة الشجاعه والجريئة الهامة التي يتطلب من قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني اتخاذها من وجهة نظري هو تخليص الحزب من التحالف الذيلي الانتهازي النفعي وذلك بالخروج من التحالف الكردستاني في اقرب وقت .
6- لاسيما وانه لا يوجد مراقب او متابع سياسي لم يفهم طبيعة القوى الكردية الكبرى وتحالفاتها في كردستان , حيث تميزت تحالفات هذه القوى بطبيعتها المتقلبة والمتناقضة منذ عقدين والى الآن , من التحالف مع ايران وتركيا والنظام الدكتاتوري المقبور, الى التحالف الطائفي القومي النفعي المعادي للديمقراطية ,حيث اسهم مهندسوا السياسة الامريكية والايرانية بعد سقوط النظام الدكتاتوري من تشييد صرح هذا التحالف الذي يقف عائق ويحول دون بناء الدولة المدنية الديمقراطية في العراق ولا يضمن اوغير قادرعلى ان يصون الحريات والحقوق بما فيها الحقوق القومية لقوميات شعبنا العراقي . ,كما ان هذا التحاف القائم على المحاصصة الطائفية والقومية لا يشكل ضمانه للفيدرالية لكردستان العراق  , لان هذه المحاصصة الطائفية والقومية  جوهرها او مضمونها معادي للديمقراطية .
هنا يحق لي ان اطرح سؤال : هل ان قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني هي جزء من هذا التحالف الطائفي القومي ؟ باعتبارها تشكل جزء ثانوي ذيلي من مكون للتحالف الكردستاني . ان صح ذلك فانها تتحمل مسؤولية تأريخية في جر الحزب لهذا المستنقع  الذي اضربالحزب حاضراَ ومسقبلاَ .
7- ما اكدته التجربه العالمية خلال العقدين الماضيتين ان هستيريا التعصب القومي والحركات القومية ذات الطبيعه الانفصالية والمنغلقةالتي انتشرت في بلدان العالم , هي نتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي وفشل التجربه الاشتراكية وانتصار الراسمالية في صراعها مع الاشتراكية وظهور نظام القطب الواحد في العلاقات الدولية الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية , فان تفكيك الكيانات واعادة بنائها وفق نظرية الفوضى الخلاقة هو احد العناصر الاساسية في سياسة و استراتيجية الولايات المتحدة الامريكية , ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية هي وراء ظهور هستيريا التعصب القومي المغلف بالجهل والذي لا يحمل اي مضمون ديمقراطي لانه يخدم مصالحها الاستراتيجية .
8- من وجهة نظري ارى ان عمر النظام الدولي نظام القطب الواحد هو قصير , وان اقطاب دولية بانت آفاقها ومنها روسيا وسنشهد تأثيرها في اعادة التوازن في العلاقات الدولية وستظهر التوازنات الاجتماعية والسياسية على صعيد كل بلد ومنها العراق , ارى ان الحزب الشيوعي الكردستان عليه ان يأخذ ذلك في الحسبان عند رسم سياسته ومواقفه ويعيد النظر بتحالفاته وعلاقاته مع قوى التيارالديمقراطي في العراق ويهيئ تنظيماته فكرياَ وسياسياَ لانعطافات قادمه على صعيد العراق وكردستان يكون له فعل ودور فيها .
9- اخيراَ اكرر طرح السؤال للحوار كيف تتجاوز قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني المأزق الراهن الذي اوقعت فيه الحزب؟ اوهل يتمكن مناضلي الحزب وكوادره وقاعدته من فك اسرالحزب من تأثير القوى القومية ويتخلص من تبعيته ويصبح حقاً حراَ في رسم سياسته واختيار تحالفاته طوعاَ وبمبدأية مع الحفاظ على استقلاله السياسي والفكري والتنظيمي وتنامي دوره وحضوره وتأثيره الجماهيري والسياسي والثقافي ؟ أخيراَ يكون من المفيد بان تلجأ قيادة حشك الى ممارسة ديمقراطية وتبادر بالرد على ملاحظاتي وتفتح حوار علني حول القضايا التي جاءت في هاتين المقالتين وأعتقد الجميع ينتظر ذلك .
11-11-2011 .

105
هل قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني ضَلت طريقها
(1-2)
فلاح علي
المقالة تتضمن آراء وملاحظات ذات طبيعة انتقادية لقيادة الحزب الشيوعي الكردستاني وذلك من منطلق الحرص على الحزب وعلى حضوره و تطوره . ان رؤيتي ووجهات نظري لم تكن وليدة الساعه وانما هي حصيلة متابعتي لسياسة ومواقف حشك منذ عام 2005 والى الآن , وما شغلني وربما شغل الآخرين كثيراَ هو الموقف الغير مفهوم لقيادة حشك من عدم انضمامهم للعمل مع قوى التيار الديمقراطي . لا سيما وان هذا التيار المناضل الحامل للمشروع الوطني الديمقراطي في حالة التحام كل قواه سيكون بمقدوره  اعادة التوازن في المجتمع لصالح قوى اليسار والديمقراطية . وبما ان الحزب الشيوعي الكردستاني هو حزب يساري ديمقراطي مكانه النضالي الطبيعي هو ان يكون ضمن هذا التيار و العمل المشترك الميداني معه وعلى كافة الصعد .
لذلك لا بد من طرح السؤال التالي على قيادة حشك :
ماهي  الاسباب التي ارتكزتم عليها واعتبرتموها كمبررات حالت دون مشاركتكم في الانضمام و العمل المشترك مع قوى التيار الديمقراطي ؟ من وجهة نظري ارى ان حشك مطالب بالاجابه الواضحة والصريحة على السؤال وتقديم معطياته التي شكلت اسباب لعدم مشاركته .
ملاحظات تتضمن وقائع وحقائق لا بد من ذكر بعض منها :
1- الحزب الشيوعي العراقي رغم انه ليس حزباَ قومياَ حزب لكل العراقيين بكافة قومياتهم , الا انه منذ السنوات الاولى لتأسيسه في عام 1934 كانت له نظره متميزه وثاقبه في القضية القومية , ووضع في برنامجه رؤية وتوجهات وحلول حول الحقوق القومية لكافة قوميات شعبنا العراقي وثبت تصوره المرتكز لفكره الماركسي حول كيفية حل القضية القومية في العراق , واكدت تجارب ال 77 عام المنصرمه صحة مواقف الحزب الشيوعي العراقي من الحقوق المشروعة للشعب الكردي ولكافة قوميات شعبنا العراقي . ان المواقف التاريخية الصائبة للحزب الشيوعي العراقي في مجال القضية القومية والتي طور مواقفه منها خلال مراحل نضاله , كان لها اثر كبير في التاثير على الاحزاب القومية آنذاك وساعدها ومكنها من عدم الغرق في اوحال التعصب القومي , وان كان من مثال على ذلك هو ما ذكره جلال الطالباني من تصريح له نشر في حينه في مجلة الثقافة الجديدة العدد 87 ( بما معناه اننا تمكنا من رسم سياستنا بالاعتماد  على سياسة ومواقف الحزب الشيوعي العراقي في مجال القضايا القومية) .
2- ما حققه الحزب الشيوعي العراقي من انجاز نضالي تاريخي في بناء صرح لتنظيم شيوعي كبير في كردستان العراق , رغم قيادة الحزب كانت متواجدة في بغداد وفي ظروف عمل سري الا ان  الحزب استطاع جذب اعداد كبيرة من فئات شعبنا الكردي الى السياسة والى التنظيم الحزبي ونشر على نطاق واسع الفكر والثقافة التقدمية في كردستان , واصبح آنذاك تنظيمه ذو جذور وابعاد جماهيرية وذلك من خلال منظماته الناشطة في محافظات كردستان , والتي كان اعضائها وكوادرها يتقدمون الصفوف الاولى في الدفاع عن مطاليب الجماهير في المدن والقصبات الكردستانية . يستنتج من ذلك ان السياسات الصائبه والنجاح الذي يحققه اي حزب في نضاله على صعيد بلده لا يشترط من ان يكون الحزب حزباَ قومياَ يعمل في حدود بيئته المغلقه , بقدر ما هي قدرة الحزب على قراءة الواقع وتثبيت المهام الوطنية والديمقراطية .
3- اكد الحزب الشيوعي العراقي منذ تاسيسه على  قضية هامه وهي المضمون الديمقراطي للقومية , ان هذه الرؤية هي من وجهة نظري تشكل معادلة فكرية وعلمية طرحها الحزب , واكد فيها على الترابط بين الديمقراطية والقومية , وهذا يؤكد على فهم الحزب الصحيح للماركسية واسترشاده بها في تحليل الواقع السياسي والاجتماعي والقومي للبلد . فما اكدته التجربة القومية الكردية في العراق منذ عقود والى اليوم , صحة مواقف الحزب الشيوعي العراقي انه من دون ديمقراطية لايمكن ان يكون هناك حل للقضايا القومية وضمان الحقوق .
4- ما طرحه الحزب الشيوعي العراقي واكدته تجربة العراق وكردستان , ان ظهور الدكتاتوريات والاستبداد والهيمنة والتسلط وظهور النزعات الشوفينية او التعصب القومي او ضيق الافق القومي  , او ظهور الانتهازية والانحراف والتشويهات في الرؤى , ما هو الا نتيجة غياب الديمقراطية في الدولة والمجتمع والاحزاب .
5- عمل الحزب الشيوعي العراقي على محاربة التطرف بكل اشكاله بما فيها التطرف او التعصب القومي  ويرى الحزب ان التعصب القومي هو عدو داخلي للقضية القومية  وان المدافعيين الحقيقيين عن الحقوق القومية هم الغير متعصبين وبالذات المناضلون من اجل انتصار الديمقراطية وقيمها ومبادئها في المجتمع  وان كان هناك من مثال حي لا بد من ذكر سياسة الحزب الشيوعي العراقي ومواقفه في مجال القضية القومية , وبكون من المفيد ايضاَ التاكيد على التجليات العملية للتجربة المشرقة لنضال الحزب الشيوعي العراقي وهي تجربة الكفاح المسلح في كردستان العراق , حيث شارك فيها اعضاء الحزب من كلا الجنسين واصدقائه ومن كافة قوميات واديان  شعبنا العراقي ومن كافة مناطق العراق , انخرطوا  جميعاَ في النضال المسلح تحت شعار ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان الشعار الذي رفعه الحزب آنذاك ولاحقاَ في عام 1992 تبنى الفيدرالية لكردستان ) في الوقت الذي كان هناك قوميون اكراد وضعوا ايديهم بايدي النظام الدكتاتوري , ووقفوا ضد تطلعات شعبهم الكردي في التحرر القومي ونيل الحقوق القومية , وكانت مواقفهم انتهازية نفعية اضرت بنضال شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية .
ملاحظات على بعض مواقف وتوجهات الحزب الشيوعي الكردستاني :
1- المتتبع لتاكتيكات وتوجهات ومواقف الحزب الشيوعي الكردستاني منذ دخوله في التحالف الكردستاني في عام 2005 الى الآن , لا يمكنه الا ان يقتنع بهيمنة الفكر القومي السائد في رؤية الحزب وتوجهاته , في الوقت الذي يعلن الحزب الشيوعي الكردستاني في وثائقه انه يسترشد بالماركسية في عمله ونشاطة ,  حيث ان الماركسية  تؤكد على رؤيتها في العمل والنشاط وفي رسم السياسة ليس على اساس القومية وانما على اساس قراءة الواقع السياسي والاجتماعي والقومي للبلد او المنطقة الجغرافية , وبهذا تكون الدراسة في رسم السياسة تقام على اساس المواقف الطبقية والوطنية ذات التوجهات والمهام الديمقراطية وكذا على اساس المواقف الاممية , لا سيما وان بلدنا متعدد القوميات , وليس فيه قومية سائدة وحتى في كردستان فهذه النظرة الماركسية من الناحية العملية غير موجودة في رؤية وتوجهات و مواقف قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني .
2- لا يمكن لاي شيوعي او يساري او ديمقراطي ان يفهم الاسباب والمبررات والظروف التي دفعت قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني على الغوص في وحل القومية , مع الاسف لقد شاهدها الجميع انها قد غرقت فعلاَ في هذا الوحل , ان قيادة حشك لا تعترف انها لا تجيد السباحة في المنعطفات الحادة . في الوقت الذي ظهرت من الاحزاب القومية في كردستان العراق قوى شكلت حركات جماهيرية من مختلف الفئات وبالذات الشبيبة منها تدعوا الى نبذ التوجهات والمصالح الفئويةالقومية والذاتية الضيقه والالتحام مع الحركة اليسارية والديمقراطية في العمق العراقي .ان هذه الحركة في تصاعد وتوسع جماهيري وهذا حقاَ مفرح لكل يساري وديمقراطي . فلماذا تخلفت قيادة حشك عن فهم الواقع ومتغيراته ؟
3- لا اريد ان اتعكز على الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني , بدخولها  في التحالف الكردستاني في الانتخابات البرلمانية في عام 2010 في قائمة واحدة , حيث لم تحصد من هذا الموقف الذيلي الا الخسائر وعلى كافة الصعد لا بل وقد اسهمت من خلال هذا الخطأ التاريخي من اضعاف الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية في العراق , لا اريد الخوض في هذا الموقف الانتهازي الذي لم يجني منه الحزب الشيوعي الكردستاني الا الخيبة والهزيمة كما انه يؤشر الى البساطة والتواضع في قراءة الواقع العراقي والكردستاني والى الوقوع في اسر القومية .
4- ان هذا الانغلاق القومي والقراءة الخاطئة لواقع كردستان والعراق, اكدت فيها قيادة حشك انها قد غابت عنها مسألة بديهية في السياسة وهي الترابط الدايلكتيكي بين قطبي المعادلة ( بين الديمقراطية والقومية) فبرزت القومية على الديمقراطية في وضع السياسة والتوجهات وفي الممارسة وبهذا فهي اكدت انها لم تسترشد فعلاَ بالماركسية .
5- جراء هذه السياسة المجردة من الادوات العلمية في التحليل والاستنتاج , اسهمت قيادة حشك طوعاَ في تهيئة مستلزمات اضعاف الحزب الشيوعي الكردستاني وتعرضة الى انتكاسه , حيث ضعف حضوره واستقطابه الجماهيري وبالتالي ضعف تاثيره السياسي , وكانه اصبح في عزله وتهميش وانكفاء وعلى كافة الصعد .
6- يحق لي هنا ان اطرح سؤال على قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني . هل ان الحزب خالي الآن من المبدعين ومن منتجي الفكر والثقافة ؟ لان الحياة اكدت ان اي حزب تسود فيه البساطة في الرؤية والتحليل ويبني مواقفه على عدم قراءة الواقع وفهمه يكون الحزب ضعيف التاثير في بيئته ويبقى رهينة للآخرين وتسود فيه حالةالانتظار والترقب وفقدان المبادرة والفعل , وينشغل في معاينة مواقف القوى الكبرى في المنطقة ومسايرتها   
7- ما يلمسه اي متابع سياسي لواقع  حركة ونشاط الحزب في كردستان العراق يجد مع الاسف ان هناك كثير من المواقف يحسمها الحزب الشيوعي الكردستاني لصالح التبعية المطلقة للتحالف الكردستاني .
8- وهذا يؤكد ان حشك لم يتمكن الى الآن من فهم الواقع الاجتماعي والطبقي لكردستان العراق , اذا ما تجاوزنا عدم  ادراكه لمهامه على صعيد العراق نتيجة ابتعاده عن الشأن العراقي , نجده ايضاَ تراجع في مواقفه وعلاقاته وتفاعله مع واقع الصراع على الصعيد العالمي الجاري اليوم على كوكبنا , وانعكاسات هذا الصراع وتأثير السياسة النيوليبرالية على المنطقة وعلى العراق وكردستان .
9- اما على صعيد النضال الجماهيري وتبني مواقف الدفاع عن مطالب الجماهير وحقوقها , نجده لم ياخذ دوره الحقيقي بعد . وان كان من مثال على ذلك هو اثناء انطلاق الحركات الاحتجاجية في كردستان العراق في ربيع 2011 , كان موقف حشك يشوبه التردد فهو ليس فقط انه لم يشارك فيها لا وانما اتخذ موقف سلبي منها , ولكن سرعان ما تدارك الحزب هذا الخطأ لجأ الى طريق سهل وهو اصدار بيان وضمنه نقاط سماها برنامج لحل الازمة وهو يدرك قبل غيره ان البيانات مضمونها اعلامي اكثر مما تحمله من فعل جماهيري , ما اكدته التجارب وآخرها تجربة الحزب الشيوعي العراقي وموقفه الصحيح من اشتراكه في الحركات الاحتجاجية التي انطلقت في 25/ شباط 2011 , ان هذه المشاركة الفاعله المباشره الميدانية ذات الطابع الجماهيري قد انعشت الحزب وزادت من حضوره وتأثيره الجماهيري والسياسي في البلد .
10- المتابع السياسي يلاحظ اهمال حشك لاي نشاط ثقافي او فكري , لا بل وعدم اشتراكه في هكذا نشاطات على صعيد العراق وهو يدرك قبل غيره ان تراث الشعب الكردي وثقافته هي جزء من تراث وثقافة الشعب العراقي وحضارته . هنا يطرح سؤال لقيادة حشك كيف ينهض الحزب اذا لم يهتم بالثقافة والتراث والفن ويشارك مع فئات المجتمع في هكذا نشاطات التي لها جذور في اعماق المجتمع , وهو يدرك ان المتطرفون الاسلاميون يسعون لمحاربتها ؟
11- هل ان قيادة الحزب الشيوعي الكردستاني قادره على نقد نفسها وتصحيح مسار طريقا , لكي تخلع عنها رداء القومية الذي اضر بالحزب وحضوره في كردستان حاضراَ ومستقبلاَ ؟ من وجهة نظري اعتقد انها قادره على نقد نفسها وتصحيح اخطائها بلا شك اذا تخلى البعض منها عن المواقف الانتهازية ذات الطابع النفعي  , لا سيما ما تؤكده تجربة كردستان اليوم ان قوى وفئات كردية قد خلعت هذا الرداء البالي الذي لا يستر احد وتبنوا طريق النضال الجماهيري مع الانفتاح السياسي و الفكري على العمق العراقي ساعدهم ذلك على الرؤية الابعد وادركوا طريق النضال الديمقراطي من اجل بناء عراق ديمقراطي يكون الضمانة الاكيدة لشعب كردستان العراق في التحرر والتطور وفي ضمان الفيدرالية  .
12- رغم الملاحظات التي ذكرتها اعلاه , الا انه لا يمكن نكران دورالحزب الشيوعي الكردستاني ونضاله في كردستان العراق , لكن عند مقارنة هذا الدور مع فترة ما قبل سقوط النظام الدكتاتوري نجد ان الحزب الشيوعي الكردستاني كان له حضور جماهيري فاعل ونفوذ سياسي وثقافي ودور مؤثر في الوضع السياسي في كردستان , واعتقد هذا ما يعرفه الجميع اذاَ لماذا تراجع دوره واصبح هامشياَ  .
( يتبع)
6-11-2011

106
روسيا تعمل على عودة التعددية القطبية
في العلاقات الدولية
 (10)
فلاح علي
لقد ذكرت في الحلقتيين الماضيتيين بان روسيا أصبحت قطباَ دولياَ جديداَ وستعيد التوازن في العلاقات الدولية . وبينت ان ظهورها كقطب دولي لا يحتاج الى اعلان او قرار من الامم المتحدة او مجلس الامن , او ان يقوم الرئيس الروسي مدفيديف بالقاء خطاب يقول فيه ان دولته اصبحت قطباَ ثانياَ . وانما ما يؤكد ذلك هو من خلال معاينة دورها وتاثيرها اليوم  في السياسة الدولية, والمواقف العملية التي إتخذتها في القضايا الخلافية بينها وبين الولايات المتحدة , وبعضها حسم لصالحها, وذلك نظراَ لما تمتلكه من مقومات تؤهلها لأعادة التوازن , وسأوضح بعض من القضايا والمواقف التي دار صراع حولها وحسمت لصالح روسيا , كماسأقدم معطيات تؤكد على ان روسيا هي اليوم دولة قطبية  ستكون قادرة على اعادة  التوازن في العلاقات الدولية  .
التحولات في السياسة الخارجية الروسية :
طرأت تغييرات وتحولات في السياسة الخارجية للدولة الروسية , فقد تبنت روسيا توجهاَ جديداَ في سياستها الخارجية يستند على رفضها لهيمنة القطب الواحد , مع تبني نهج الأنفتاح في السياسة الخارجية مع بلدان أوربا الغربية وبلدان العالم الأخرى وتعزيز العلاقات الأقتصادية والسياسية معها للعمل باتجاه  بناء عالم متعدد الأقطاب . وإتخذت إجراءات لأثبات دورها الجديد في الموقف من قضايا عدة والتي  كانت محط صراع بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية حيث كانت روسيا غير قادره على خوض هذا الصراع بعد انهيار الاتحاد السوفياتي , ولكن روسيا بعد مضي عقدين حسمت كثير من قضابا الصراع لصالحها ومن هذه القضايا التي دخلت في صراع فيها مع الولايات المتحدة :
1- الرد الروسي على العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها امريكا بعد احتلال العراق في عام 2003 :
بعد شن الحرب على العراق واحتلاله في عام 2003 قررت امريكا معاقبة روسيا اقتصادياَ جراء موقفها المعارض للحرب , روسيا كان لديها عقود نفطية في العراق بقيمة 40 مليار دولار , حيث كانت شركاتها تقوم بأستكشاف وانتاج النفط في جنوب العراق وبالذات في حقل الرميله النفطي . أمريكا أتخذت قرارها بألغاء هذه العقود مع روسيا كأجراء عقابي لها لموقفها من الحرب كذلك عاقبت فرنسا ايضاَ . وبما ان روسيا دولة غنية بمواردها النفطية وبأمتلاكها للتكنولوجيا  , وفي تلك الفترة بدت أكثر استقلالية وأكثر قدرة وتأثير مع تنامي قدراتها الاقتصادية والعسكرية . فجاء الرد الروسي سريعاَ جداَ ومفاجئاَ للادارة الامريكية , ففي خطوة حاسمة وكأنها تؤشر بعودة اجواء الحرب الباردة بين الدولتيين . (( فقد تم إعتقال المليالدير الروسي خدروفسكي في 25/ تشرين أول 2003 بتهمة التهرب من دفع الضرائب و أممت الدولة مجموعته النفطية العملاقة يوكوس وجرى إعتقالة بعد لقاء سري بين خدروفسكي ونائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني في 14 يوليو 2003 وبدأ خدروفسكي بعد لقائه بديك تشيني محادثات مع شركات
( ExxonMobil )  و(chevronTexaco)  حول توليهم موقع القيادة في يوكوس والمشاركة في مستوى ما بين 25% و40% من الأسهم بهدف إعطاء خدروفسكي حق الحصانة الفعلية ضد إمكانية تدخل حكومة بوتين نتيجة ارتباط يوكوس بالأحتكارات النفطية الأمريكية العملاقة وبالتالي بواشنطن))([1] ). ان هذا الاجراء الروسي من وجهة نظري ليس هو يهدف لوضع حد  لأقوى رجال الأعمال وأصحاب الشركات الذين أصبحوا أدوات بيد واشنطن للتأثير على سياسة روسيا وإضعافها داخلياَ وخارجياَ فحسب , وانما يهدف لتوجيه رسالة للولايات المتحدة الامريكية بان روسيا قادرة على الرد وعلى مواجهة اي تحديات , لا سيما وان دقة المعلومات التي جمعتها الحكوممة الروسية  عن خدروفسكي ولقاءاته في الخارج , ارادت روسيا ان تقول ان جهازها الاستخباراتي قادر على رصد وكشف اي عمل مضاد للدولة . ان العملية ذات الطابع الاستخباراتي التي تمت عند اعتقال خدروفسكي وما تبعها من تأميم لشركاته , وتأسيس شركة تابعة للدولة باسم (غاز بروم ) , هذا يؤكد على قدرة الحكومة الروسية في رسم سياستها , وانها قادرة على مواجه التحديات الكبيرة التي تخطط لها واشنطن من أجل محاصرتها وإضعافها معتمدة في ذلك على مواردها في مجال الطاقة وعلى إستقرارها السياسي وتطورها الأقتصادي والعسكري والتكنولوجي لا سيما وان الولايات المتحدة الامريكية بدأت تدرك من الصعب عليها تجاهل الدور الروسي في القضايا الاقليمية والدولية  .
2- توسع حلف الناتو :
لم تكن الحكومة الروسية في فترة الرئيس يلتسن قادرة على العمل لوقف توسع الناتو, بسبب حاجتها للمساعدات الاقتصادية من الولايات المتحدة الامريكية ولارتهانها لصندوق النقد الدولي وللأزمة الاقتصادية التي مرت فيها . فقد تنازلت طوعاَ عن نفوذها في محيطها الاقليمي والدولي وقد وافقت على توسع الناتو. لقد امتد توسع الناتو لجمهوريات كانت محسوبة سابقاَ على الأتحاد السوفياتي والمتاخمة لحدود روسيا كأستونيا ولاتفيا وأصبحت جمهورية جورجيا مرشحة لعضوية الناتو. ان روسيا تدرك ان توسع الناتو شرقاَ هو يستهدفها وانها ستكون هدفاَ في هذا التوسع .بدأت روسيا في عهد بوتين وبالذات في المرحله الثانية من تسلمه السلطة , بمقاومة الأستراتيجية الأمريكية في توسع الناتو وبدأت تتحرك من الدفاع البسيط إلى الهجوم لضمان مواقف جيوسياسية أكثر حيوية معتمدة في ذلك على تنامي قوتها الأقتصادية  والعسكرية والتكنولوجية وإمتلاكها لمصادر الطاقة . عملت روسيا على بقاء دول الكومنولث المستقلة بعيدة عن نفوذ الناتو ونفوذ السياسة الأمريكية ,وعززت روابطها مع هذه الدول ووقعت معها اتفاقيات تعاون اقتصادي وأوصلت لها الغاز الروسي , وعملت على التأثير عليها لمنعها من الدخول في الناتو والوقوف بوجه توسع الحلف . كما تعارض روسيا دخول دول البلطيق في الحلف وهي لاتفيا وإستونيا وليتوانيا كما تعلن موسكو أن من حقها التدخل في دول البلطيق لوجود أقليات روسية في هذه المنطقة .فأن هذا التحرك الروسي في محيطها الاقليمي , يؤشر ان روسيا في صراع ومنافسه مع الولايات المتحدة , كما ان روسيا مارست وتمارس مختلف اشكال الضغط عليها لمنعها من توسع الناتو شرقاَ . كما تدرك روسيا أهمية نفط منطقة قزوين ,ولهذا تعتبرتوسع الناتو أحد البؤر الخطيرة التي توتر الصراع بين الناتو وروسيا , وما اكدته احداث الحرب في جورجيا حيث شنت القوات الروسية حرب خاطفة وسريعه وحاسمه في يوم 8/ آب 2008 رداَ على احتلال القوات الجورجية لاوسيتا الجنوبية في 7/آب 2008 الحرب الخاطفة التي شنتها القوات الروسية , كان لها نتائج كبيرة على صعيد المنطقة لصالح روسيا ووجهت روسيا من خلال هذه الحرب الخاطفه رسائل الى دول عدة منها اوكرانيا التي لديها خطط بالانضمام الى الناتو , اكدت نتائج الحرب ان روسيا قادرة على وقف زحف الناتو باتجاه الشرق  .
3- نصب الدرع الصاروخي الامريكي :
الدرع الصاروخي الأمريكي التي قررت الولايات المتحدة اقامته في بولندا وجمهورية التشيك , اثار مخاوف روسيا , وخصوصاَ بعد توسع حلف الناتو إلى الحدود الروسية بدخول العديد من الدول الشرقية إلى العضوية في حلف الناتو. وتعتبر روسيا ان نصب الدرع الصاروخي يستهدفها . وتفند الادعاءات الامريكية التي تقول ان نصب الدرع الصاروخي هو لمواجهة الصورايخ الايرانية . وترى روسيا أن ايران لا تملك التقنية الصاروخية التي تستطيع من خلالها ضرب الدول الأوربية كما تدعي الولايات المتحدة , نصب الدرع الصاروخي يعد احد المشاكل القائمة بين البلدين الآن و صعدت روسيا من ضغوطها على امريكا لمنعها من نصب الدرع الصاروخي , فلم تكترث امريكا لهذه الضغوط السياسية الى ان وصل الامر الى التصعيد العسكري وبالذات في عام 2007 , حيث إنتقلت الولايات المتحدة من المجال النظري إلى المجال العملي وقامت بخطوات تحضيرية ,  إعتبرت روسيا ان الاجراء الامريكي العملي هو تصعيد للازمة السياسية القائمة بين البلدين حول نصب الدرع الصاروخي . (( وقد حذرت وزارة الخارجية الروسية في 3 تشرين أول 2007 بأن روسيا ستتخذ الأجراءات الضرورية إذا نشرت بولونيا منظومة الدرع الصاروخي الأمريكي الجديدة ))([2] ) ان التحذير الروسي يعد تحدي لمواجهة الخطط الامريكية وإنتقل هذا التحذير إلى خطوات عملية بأتجاه الفعل لمواجهة نصب الدرع الصاروخي (( حيث قامت القوات الروسية في 25-12-2007  بأجراء اختبار ناجح على صاروخ باليستي مدمر جديد أطلق من غواصة نووية( بأسم ستينيفيا) وهو الصاروخ التي أكدت المصادر العسكرية الروسية انه قادر على اختراق الدرع الصاروخي الأمريكي , كما أجرت روسيا اختبارات ناجحة على الأنظمة الصاروخية القادرة على اختراق وتجاوز جميع المنظومات الدفاعية المضادة للصواريخ , ومن المتوقع نصب الأنظمة الروسية في منطقة عسكرية في شمال القوقاز في كالينينجراد التي ستغطي تلك الأنظمة  مناطق جميع جنوب القوقاز وبولندا لمواجهة الدرع الصاروخية الأمريكية والتي من المتوقع أن يبدأ تشغيلها في عام 2012 ))([3] )  ان هذه الخطوات العملية التي اتخذتها روسيا , بلا شك تؤكد على تطور قدراتها التكنولوجية والعسكرية وتؤكد انها عائدة بحيوية وقوة لفرض دورها وووجودها وارادتها في محيطها الاقليمي والدولي بعد فترة تراجع خلال حكم يلتسن بعدإنهيار الأتحاد السوفياتي .ان الموقف الروسي القوي اجبر الادارة الامريكية للتفاوض مع روسيا حول نصب الدرع الصاروخي , فبعد تسلم الرئيس الامريكي اوباما مهامه كرئيس للدولة الامريكية قام بزيارة الى روسيا  في 6-7-2009 , واجرى مفاوضات مع الرئيس الروسي مدفيديف في قضايا اقليمية ودولية عدة منها نصب الدرع الصاروخي , ومن خلال ما ذكرته وكالات الانباء ان الادارة الامريكية تعهدت بتأجيل نصب الدرع الصاروخي والتفاوض حوله لاحقاَ . وهذا مؤشر يؤكد على ان روسيا قادرة على إستعادة دورها في السياسة الدولية والتأثير فيها , وبما تمتلكة من قدرات عسكرية ونووية وتكنولوجية وموارد طبيعية وقوة اقتصادية ,  ان هذه الامكانيات مكنت روسيا لتكون أحد الأقطاب في الساحة الدولية الموازية للقطب الأمريكي , وانها قادرة على اعادة التوازن في العلاقات الدولية باتجاه بناء نظام دولي متعدد الاقطاب .
( يتبع)
1-11-2011 .

107
هل يوجد خطر يبرر استمرار بقاء حلف الناتو
فلاح علي
يتذكر كل من قرأ او اطلع على تاريخ اوربا القديم منذ قرون يجد فيه ان كثير من الاحلاف العسكرية قد اقيمت فيما بين الدول , لكن هذه الاحلاف سرعان ما زالت بزوال المبررات او الاسباب , وحتى في تاريخ اوربا الحديث قبل الحربين الاولى والثانية واثنائهما وبعدهما , قد اقيمت احلاف و تم حلهما بزوال الاسباب . الا حلف الناتو بدلاً من اللجوء الى حله بعد ان أزيلت كل المبررات امام بقائه , الا انه نجد ان الولايات المتحدة الامريكية أعطت لهذا الحلف مهام جديدة واهداف جديدة واستراتيجية  جديدة هجومية . في الوقت الذي تاسس حلف شمال الاطلسي الناتو في 4/ نيسان 1949 في فترة الحرب الباردة , ان الولايات المتحدة الامريكية كانت تبرر تاسيس الناتو لغرض دعم وحماية اوربا الغربية ونظامها الراسمالي من الخطر الشيوعي , ومن التحديات العسكرية والأمنية التي تشكلها القوة العسكرية السوفيتية لأوربا الغربية من خلال تواجد القوات السوفياتية في المانيا وفي وسط أوربا . ولأجل تسليط الضوء على انتفاء اي مبرر لاستمرار بقاء هذا الحلف ,لا بد من اشارة موجزة لحلف وارسولغرض المقارنه والتعرف على بعض اهدافه حيث لا تتضمن التدخل في شؤون الدول واحتلالها ولا تشكل خطراَ على اوربا ولا تهدد الاستقرار الدولي , و كان حلف وارسو يحافظ على السلم والامن الدوليين .
اهداف وتوجهات حلف وارسو :
تأسس حلف وارسو في 14-5- 1955  بعد تاسيس حلف الناتو ويرى كثير من الباحثين وفقهاء القانون ان هذا الحلف مغاير من حيث الاهداف والتوجهات عن حلف الناتو وحتى عن بقية الاحلاف الغربية . ((إنه حلف مفتوح لكافة الدول الأوربية مهما يكن لونها السياسي أو مذهبها الاقتصادي أو نظامها الاجتماعي . وإنه حلف يتماشى مع مبادئ الامم المتحدة وأهدافها . وإنه معاهدة مؤقتة تنتهي بمجرد قيام أي معاهدة جماعية تشترك فيها الدول الاوربية كافة لضمان الامن والسلام . رابعاَ يحق لالمانيا الشرقية أن تنسحب من الحلف بمجرد أن يتم توحيدها مع المانيا الغربية ولها بعد ذلك أن تنضم للحلف أو لاتنضم . وقد إرجئ اشتراك قوات المانيا الديمقراطية في الحلف إلى أن إنعقد المجلس السياسي الاستشاري للحلف في دورته الأولى فيما بين 27 و28 يناير 1956 بمدينة براغ ووافق على انضمام الفرق الالمانية إلى الحلف .))([1])  . كان لحلف وارسو تاثير على نهوض حركات التحرر الوطني , وحصلت ثورات في عدد من الدول واعلنت استقلالها من الهيمنة الاستعمارية . وهذا يعني إنحسار النفوذ الغربي في عدد من القارات مثل آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية . و قد حصل في تلك الفترة تنامي قوى اليسار والأحزاب الشيوعية سواء في أوربا الغربية مثل فرنسا وإ يطاليا أو بلدان إخرى في العالم منها البلدان العربية . وكان لحلف وارسو مواقف هامة لشعوب منطقة الشرق الاوسط بعد أن أنشئ حلف بغداد . و لا بد من تثبيت الموقف التاريخي ففي عام 1956 ظهرت أزمة قناة السويس والعدوان الثلاثي على جمهورية مصر وكان موقف الاتحاد السوفياتي الشهير ومعه حلف وارسو آنذاك الذي أنهى العدوان الثلاثي .
اما  اهداف وتوجهات حلف الناتو :
يرى كثير من الباحثين و المختصين في العلاقات الدولية ان من الاهداف الرئيسية لحلف الناتو في فترة الحرب الباردة هو حصار واحتواء الاتحاد السوفياتي وتقويض النظام الاشتراكي وعزل الاتحاد السوفياتي واوربا الشرقية حتى تنهار التجربة الاشتراكية وان اهدافه المعلنه تؤكد ذلك .(( إن الهدف الأساسي لنشوء الحلف هو هدف أمني يغلب عليه الطابع العسكري ومضمونة ردع الخطر الشيوعي وإحتواءه . وينظر الأميركيون إلى الاتحاد السوفياتي على إنه خطر عالمي وليس أوربياَ , وعقبة أمام مساعيهم لبناء نظام سياسي إقتصادي للعالم الحر يتولون فيه مركز القيادة))([2]) . ويعرف الجميع ان الولايات المتحدة قامت بخطوة عملية وهي توسيع الحلف بضم دولتين اليه عام 1952 وهما تركيا واليونان , لمحاصرة الاتحاد السوفياتي ولقربهما من بلغاريا . وما اكدته احداث العالم في فترة الحرب الباردة ان امريكا وحلف الناتو , كان لهم دور كبير في الانقلابات العسكرية على الانظمة الوطنية والديمقراطية في عدد من البلدان واقامة انظمة دكتاتورية ذات طابع فاشي فيها مثل العراق في شباط عام 1963 وفي اندونيسيا في عام 1965 وفي شيلي , وعدد من البلدان في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية .
ما يهمنا في هذا البحث هو حلف الناتو بعد انتهاء الحرب الباردة :
ما شهده العالم من احداث بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة ,رغم انتهاء الاسباب والمبررات لبقاء حلف الناتو ,  الا ان الولايات المتحدة الامريكية في ظل هيمنتها على نظام القطب الواحد لجأت لاحياء الحلف من جديد  , فبعد أن كان منظمة إقليمية تسمى (حلف شمال الأطلسي ) أنشئ آنذاك لغرض حماية أوربا الغربية ضد ما يسمى بالتهديد السوفياتي حسب ما تبرر ذلك الولايات المتحدة , لكن نجد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي توسيع الحلف وإمتد نحو الشرق وانضمت دول جديده اليه بما فيها دول كانت جزء من دولة الاتحاد السوفياتي او من ضمن البلدان الاشتراكية آنذاك , وبعد ان كانت استراتيجيته الحلف دفاعية لضمان التوازن الدولي ولمواجهة الخطر الشيوعي كما تدعي امريكا, ولكن بعد زوال الخطر الشيوعي مباشرة ,حولت امريكا استراتيجية الحلف من استراتيجية دفاعية الى استراتيجية ردع وهجوم محدود . وتحول الحلف إلى قوة عسكرية سياسية عالمية وأعطت للحلف مهام جديدة . تسمح لامريكا بالتحكم في العلاقات الدولية فارضة من خلال الناتو سياستها وشروطها ومصالحها وتوجهاتها وآلياتها في السياسة الدولية (( فعلى أثر إجتماع قمة المجلس الأطلسي في روما في تشرين الثاني / 1991 صدر إعلان روما الذي كان عنوانه حول السلام والتعاون وعكس هذا التصور الأستراتيجي الجديد وهو هدف الولايات المتحدة الأميركية بتحويل منظمة حلف شمال الأطلسي إلى منظمة سياسية عسكرية ذات فائدة على الرغم من إختفاء التهديد الشيوعي ,من أجل تحقيق الأمن الشامل القادر على إتخاذ قرارات وحيدة لتنفيذ عمليات عسكرية إذا كان ضرورياَ مع غياب حتى أي تفويض من منظمة الأمم المتحدة وموافقة مجلس الأمن ))( [3] ) وهذا ما يؤكد ان النظام الدولي الجديد الذي بدأ بعد إنتهاء الحرب الباردة هو في الواقع هيمنةأمنية للولايات المتحدة الأميركية على العالم من خلال حلف الناتو . إذ كان من باب أولى هو تفعيل وتطوير منظمة الأمم المتحدة وتمكينها من أن تلعب دورها في العلاقات الدولية وتطوير ميثاقها الدولي بما يخدم مصلحة السلم العالمي ومصالح الشعوب  . بأعتبارها المنظمة القانونية الدولية الوحيدة المسؤولة عن حماية الأمن والأستقرار في العالم , بدلاَ من اعطاء مهام واهداف جديدة لحلف الناتو .
هنا يثار سؤال بعد زوال كل المبررات لبقاء حلف الناتو اذاّ لماذا عملت الولايات المتحدة الامريكية الى تعظيم دور الناتو بعد انتهاء الحرب الباردة ؟
ان الولايات المتحدة وجدت مبررات جديدة منها خطرالارهاب الدولي كما تدعي , ووجود دول الشر التي تمتلك اسلحة نووية ...الخ . لكن ما تؤكده الاحداث على ضوء مهام الحلف الجديدة التي نفذها في مناطق عديده من العالم من حرب الخليج الثانية في عام 1991 , و احداث البوسنه والهرسك وكوسوفو في عام 1998 تحت مبررات انسانية وقام بقصف يوغسلافيا . وقصفه لبغداد بصواريخ بعيدة المدى في يوم 17-12-1998 ,وتدخله في الصومال والسودان , وبعد احداث 11/ سبتمبر احتل افغانساتن واحتلال العراق في عام 2003 واليوم ساهم باسقاط نظام الدكتاتورالقذافي في ليبيا وتحركة باسم الشرعية الدولية. ان هذه الاحداث وغيرها اعتقد انها تؤكد ان الهدف من تحرك الناتوهو من اجل ضمان مصالح امريكا ومصالح حلفائها ولانعاش الاقتصاد الامريكي من خلال سيطرتها على ثروات الشعوب وبالذات الثروات النفطية والتحكم بها من قبل احتكاراتها الراسمالية ولفرض سيطرتها على التجارة العالمية  , ولديمومة استمرار هيمنتها على العالم كقطب اوحد .ومن اجل إدامة حالة عدم التوازن الدولي وذلك من خلال العمل على منع أي قطب دولي قد يظهر كقوة منافسة لها ولسياستها .
الخلاصة والاستنتاجات :
1- ان حلف الناتو في ظل نظام القطب الواحد وارتباطاَ باستراتيجيته الجديدة , اصبح الحلف من وجهة نظري احد اهم المخاطر الدولية التي تهدد السلم والامن الدوليين , ويعرض مصالح وثروات الشعوب للخطر , ويهدد استقلال الدول وانتهاك سيادتها , (( فقد صرح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون في 30-5-1991 برفض التقيد بأية حدود جغرافية فيما يتصل بأمكانية تدخل الحلف لمواجهة ما يعتبره تهديدا َلأمن عضو من أعضائه الأمر الذي يجعل العالم كله مجالاَ مفتوحاَ لتدخل الحلف العسكري )) ([4] ) يلاحظ على ضوء هذا التوجه الذي تضمنه تصريح الرئيس الامريكي الاسبق , يفهم من التصريح من وجهة نظري اعطاء حق للحلف في إقتحام أي بلد لا يعجب الأدارة الأمريكية وحلف الناتو واسقاط نظامه السياسي واحتلاله .
2- بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء الحرب الباردة , قد انتهت كل مبررات بقاء حلف الناتو  . لانه في العرف الدولي ان الاحلاف العسكرية ترتبط بالحروب والصراع الدولي وسباق التسلح وتوازنات القوى الدولية والأقليمية . الوضع الدولي اليوم ليس بحاجة الى احلاف عسكرية بقدر حاجته للشرعية الدولية واعطاء دور للامم المتحدة واصلاحها وتطبيق ميثاقها الدولي .
3- ان اسقاط الانظمة الدكتاتورية الاستبدادية وتطبيق الديمقراطية ونشر مبادئها واحترام حقوق الانسان وضمان الحريات السياسية وتحقيق الاستقرار الداخلي للدول وضمان سيادتها الوطنية يتم من خلال عوامل داخلية لكل بلد , ما اكدته تجارب عدة ومنها تجربة العراق وليبيا اليوم ان هذا لايتحقق من خلال سياسة الناتو في القصف الجوي والاحتلال .
4- ان الاحداث التي شهدها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي , والتي تدخل فيها عسكرياَ حلف الناتو انها بمجموعها ساهمت في عدم الاستقرار الداخلي للدول, كما انها ساهمت في تحطيم الاستقرار الدولي , و بهذا ارى ان حلف الناتو في ظل نظام القطب الواحد قد اصبح الوصي الاوحد على العالم كما قام بأسر المنظمة الدولية ومصادرة ميثاقها .
5- اكدت تجارب البلدان التي دخلتها جيوض الناتو واحتلتها , انها اصبحت من اكثر البلدان التي فقد فيها الامن والاستقرار , كما اثيرت فيها الحروب الاهلية في هذه البلدان وتضاعف تنامي قوى الاسلام السياسي والمتطرفه منها في هذه البلدان وتنامت قوى الارهاب , وجرى التجاوز على الحقوق والحريات , وظهرت دعوات علنية من المتطرفين الاسلاميين لتطبيق نظام الشريعه الاسلامية , وهذه البلدان اصبحت  اكثرانتهاكاَ لحقوق الانسان وانتهكت فيها حقوق المواطنه وحقوق المرأة , وغاب فيها القانون , وانتشر فيها الفساد وتم خصخصة ثرواتها والمؤسسات الخدمية والانتاجية التي تمتلكها الدولة , واكدت هذه التجارب ان الناتو يحسم الصراع في هذه البلدان لصالح قوى الاسلام السياسي والمتطرفون منهم للمصالح المشتركة بين الطرفين , وساهم دور الناتو والتدخل الاقليمي الخارجي من اضعاف دور وتأثير قوى اليسار والديمقراطية في البلدان التي دخلتها جيوش الناتو والتدخلات الاقليمية . كما يلاحظ ان القوى التي يسلمها الناتو السلطة في بلدانها لا تريد لقوات الناتو ان تخرج من البلد بوقت سريع , وتطالب ببقائه كما حصل في ليبيا مؤخراَ وفي العراق تطلب الكتل المهيمنه على السلطة بابقاء رمزي بحجة قوات تدريب . 
6-  ارى ان حلف الناتو بهذه السياسة سيكون بلا مستقبل بعيد , ارتباطاَ بمهامه العدوانية في اسقاط الانظمة وفي استغلال ثروات الشعوب وفي التوسع والهيمنة وضمان مصالح امريكا والدول الغربية واحتكاراتها , كما ان الخسائر الاقتصادية التي تتعرض لها بلدان الناتو هي كبيرة جراء ارسال جيوشها الى خارج حدودها مثال بريطانيا عندما ساهمت باحتلال العراق تعرضت لخسائر اقتصادية , وهذا سيكون احد العوامل المؤثره على سمعة الدولة ومكانة الحزب الذي يقود السلطة وعلى بقائه في الحكم في الدوره الانتخابية القادمة .
7- كما ان جنوح فرنسا نحو الاستقلالية في سياستها في الحلف ولجوئها مع المانيا في تشكيل قوات غرب اوربا قد يدفع دول اخرى مثل بريطانيا او اسبانيا او غيرهما نحو الاستقلالية والانضمام الى قوات غرب اوربا , ارى انها لوتحققت ستكون خطوة للخروج من الناتو ارتباطاَ بالتكاليف الاقتصادية للحلف ولضعف دور الحكومة امام الراي العام الداخلي والخارجي من ارسال جيوض البلد لمهمات غزو واحتلال . كما ان اوربا بدت تميل اكثر من السابق الى التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري مع روسيا , وان اوربا تعتمد على النفط الروسي وعلى الغاز الروسي وتصل اعتمادها على الغاز بنسبة 60% لا سيما في فترة الشتاء فاوربا مدركة انه لا يوجد خطر خارجي يهددها وهذا ما يؤثر على مستقبل الناتو . وهذا من وجهة نظري سيدفع اكثر باتجاه ظهور سياسات  ورؤى واستراتيجيات متباينة داخل حلف الناتو بلا شك ستؤثر على مشاريع الحلف المستقبلبة وحتى على وحدة الحلف. لا سيما وان اوربا في القرن ال 21 اصبحت ليس بحاجة الى حلف عسكري مع الجانب الثاني من الاطلسي . ارتباطاَ باعلان الوحدة الالمانية , واحياء مشروع الوحدة الاوربية من خلال توقيع معاهدة ماسترخيت في عام 1992 .
8- بلا شك ان توسع عضوية الحلف سيؤثر على آلية عمل الحلف وستخلق مشاكل للحلف , كما ان هناك دول  اعضاء في الحلف تعتمد على المساعدات المالية والاقتصادية من الولايات المتحدة , وهذا سيضيف أعباء مالية وإقتصادية وعسكرية كبيرة على الولايات المتحدة الأميركية وعلى الدول الاخرى الأعضاء في الحلف.لا سيما وان الولايات المتحدة الامريكية لا تزال تعيش آثار الازمة الاقتصادية لعام 2008 . وسيبقى مستقبل حلف الناتو استمراره او زواله على المدى البعيد مرهون بعوامل اخرى منها التطورات على الساحه الدولية أو الداخلية على مستوى الدول الأعضاء وظهور اقطاب و تكتلات اخرى . رغم ان العالم اليوم لا يحتاج الى استمرار بقاء احلاف عسكرية .
28-10-2011 .
 
 

108
روسيا قطب دولي جديد ستضع  نهاية والى الابد
لنظام القطب الواحد
(9)
فلاح علي
بعد تفكك الأتحادالسوفياتي وانهيارالتجربة الأشتراكية ظهرت روسيا بوصفها الوريث الشرعي له من الناحية القانونية , وحصلت روسيا على مقعد الأتحاد السوفياتي السابق في مجلس الأمن ,وذلك لأنها كبرى الجمهوريات المستقلة من حيث المساحة والسكان والناتج القومي والقوة العسكرية . ان روسيا رغم ما تملكه من عناصر القوة في العلاقات الدولية , الا انها كانت تعيش حالة الفوضى السياسة والازمة الاقتصادية , مع ضعف دورها على صعيد السياسة الخارجية , وبسبب حاجتها لمساعدات إقتصادية فقد إستجاب الرئيس الروسي يلتسن في عام 1991 لشروط الولايات المتحدة الامريكية والمؤسسات المالية الدولية مقابل الحصول على المساعدات الاقتصادية. وبدأ بتطبيق برنامج الخصخصة في عام  1992 . أن إندفاعات الرئيس يلتسن نحو الولايات المتحدة الأمريكية ,هو من أحد الأسباب الرئيسية وراء المشاكل التي واجهتها روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار التجربة الاشتراكية .
الأقتصاد الروسي بعد تفكك الأتحاد السوفياتي وبرنامج الخصخصة :
كان توجه الرئيس يلتسن وطاقمه في إدارة الدولة هو السير بالأقتصاد الروسي نحو الرأسمالية و يبدو يلتسن وطاقمه اعتقدوا آنذاك ان هذا النهج يحقق الأستقرارالأقتصادي . ((فقد أوكل يلتسن إلى إيجور جيداررئاسة الوزراء وخولة مسؤولية تنفيذ برنامج الأصلاح الأقتصادي مع الشخصية الثانية أناتولي تشوبايس وبدأ هذان الشخصان من 1992 – 1994 بتطبيق نظريات اقتصادية في روسيا مفادها أن إطلاق الأسعار سيؤدي تلقائياَ إلى تنظيم الأقتصاد وانتعاشه من دون تدخل الدولة وأن الرأسمالية هي الخيارالوحيد المنقذ لروسيا))([1] ). فقامت الحكومة الروسية بعدد من الاجراءات الاقتصادية لتطبيق برنامج الخصخصة ومن هذه الاجراءات ((- تحرير التجارة داخل الأقتصاد بأزالة نظام تسعير السلع - خفض الأنفاق الحكومي بصورة شديدة - خصخصة مؤسسات الدولة - الأنضمام إلى المؤسسات المالية والأقتصادية الدولية من أجل الحصول على المساعدات اللازمة لنجاح عملية التحول , وقدانضمت روسيا إلى صندوق النقد الدولي في حزيران / 1992 بعد تبنيها الفعلي لأقتصاد السوق.([2])  ان هذا التحول في السياسة من نهج التخطيط الاقتصادي الاشتراكي والملكية العامة لوسائل الانتاج الى سياسة الخصخصة وتبني الاقتصاد الراسمالي . هو من احد اهم الاسباب لتدهور الاقتصاد الروسي ودخوله في مرحلة الازمة الاقتصادية آنذاك . ان هذا التدهور الاقتصادي جعل روسيا  في وضع المستجدي من الولايات المتحدة , ان أمريكا لديها أدوات عديدة للضغط على روسيا كي تذعن لارادتها و أهمها الأداة الأقتصادية . حيث تم ربط المساعدات الاقتصادية بتطبيق برنامج الخصخصة . هنا تثار تساؤلات عديدة منها لماذا تم بيع مؤسسات الدولة الأنتاجية والخدمية ؟ من هو المستفيد الحقيقي من تنفيذ برنامج الخصخصة ؟ تبين لاحقاَ ان ملكية مؤسسات الدولة تم بيعها إلى القطاع الخاص الرأسمالي والى البيرقراطيون والطفيليون والمافيا والشركات الأجنبية بأسعار زهيده ومن الأمثلة على تنفيذ برنامج الخصخصة في روسيا , ((إذ تم بيع 500 مؤسسة حكومية كبيرة بسعر 7,2 مليار دولار في حين قدرت قيمتها الفعلية ب220 مليار دولار , وهناك تقديرات تقول أن قيمتها 900 مليار دولار وتم بيع مصنع ليختشوف والذي يعتبر من أكبر المصانع في موسكو بسعر 44 مليون دولار , في حين قدرت قيمته الحقيقية بأكثر من مليار دولار , وفي صناعة الألمنيوم اشترى مواطن اسرائيلي 26% من اسهم مصنع الالمنيوم واشترى آخر 48% من مصنع المنيوم آخر , وتم بيع مصنع أورال ماش من أكبر المصانع في الأتحاد السوفياتي بسعر 3,27 مليون دولار وتم بيع مجمع الحديد والصلب في مدينة تشيلابينسك لقاء 3,73 مليون دولار ومصنع للجرارات في نفس المدينة تم بيعه بمبلغ 2,2 مليون دولار وهي مبالغ تقل كثيراَ عن قيمتها الحقيقية))([3] ).  ومن خلال الاطلاع على هذه الامثلة يستنتج المراقب والمتابع السياسي انها عملية سرقة منظمة لقطاع الدولة ولثروة شعوب الاتحاد السوفياتي , أكثر مما هي تطبيق لبرنامج الخصخصة . بلا شك أن بيع مؤسسات الدولةالتي لها جدوى إقتصادية في اي بلد كان يؤدي إلى تراجع و إضعاف دور الدولة السياسي والأقتصادي والأجتماعي بشكل كبير ويكون المتضرر هو الشعب والمستفيد فئة صغيرة من الرأسماليين والبيروقراطيين والطفيليين , وهذا ما تؤكده التجربة الروسية كونها شكلت تجربة عالمية فريده في عمليات الخصخصة , حيث تخلت الدولة عن بعض وظائفها منها الاقتصادية والاجتماعية وعلى صعيد الوظيفة السياسية للدولة تؤكد التجربة ان تراجع اوضعف دور الدولة على صعيد الداخل , بلا شك سيتراجع دورها على صعيد السياسة الخارجية في محيطها الاقليمي والدولي .
السياسة الخارجية لروسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي :
ان الدور الروسي على صعيد السياسة الدولية في بداية حكم يلتسن قد تراجع وإنكفئ وقد بدى للكثير أن الدولة الروسية اصبحت تابعة أو ملحقة بالسياسة الأمريكية وما يعزز ذلك ( توسع الاطلسي) (NATO). يؤكد كثير من الباحثين ان يلتسن وطاقمة القيادي يعتقدون أن موالاتهم لأمريكا والغرب هو السبيل الأمثل لتخليص روسيا من الفوضى السياسية والأقتصادية والأجتماعية وذلك من خلال حصولهم على القروض والمساعدات الأقتصادية , ان نهج الولاء والتبعية للولايات المتحدة الامريكية والاستجابه لضغوطها الاقتصادية والدبلوماسية ما اكدته التجربه الروسية ان هذا النهج هو وراء تراجع الدور الروسي على الصعيدين الدولي والأقليمي  . (( وأول تطبيق لهذا التوجه هو زيارة يلتسن للولايات المتحدة الأمريكية في فبراير سنة 1992 التي أسفرت عن وثيقة التعاون الأمريكي- الروسي التي وقعها في كامب ديفيد مع جورج بوش الأب , وقد أتت الوثيقة على اسس التحالف بين الدولتين . تطبيقاَ لهذا التوجه سعت روسيا إلى طمأنة الغرب إلى نواياها خلال سياسة تقديم التنازلات المنفردة , لقد فشلت هذه السياسة في تحقيق أهدافها لأن الغرب سعى بكل جهده لأضعاف روسيا ونهب ثرواتها , وقد قدر الدارسون إنه خلال تلك الحقبة تم نهب 350 بليون دولار من ثروات الشعب الروسي من خلال المافيات الروسية الغربية))([4] ). وهذا مايؤكد أن روسيا بقيادة يلتسن في تلك الحقبة قد قبلت بالتفرد والزعامة للدورالأمريكي في العلاقات الدولية ويرى كثير من الباحثين ان تبني السياسة النيوليبرالية هي وراء تراجع الدور الروسي في السياسية الخارجية وتقديم تنازلات من طرف واحد.
روسيا في زمن بوتين :
تسلم بوتين السلطة في انتخابات عام 2000 ففي هذه الفترة كانت روسيا في حالة فوضى وأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وتراجع على صعيد السياسة الخارجية وضعف التأثير في الاحداث الدولية . في الوقت الذي أصبحت فيه الولايات المتحدة الأمريكية القطب الاوحد المهيمن على السياسة الدولية دون منافس ,أعلن بوتين عقب تولية السلطة . ((أن روسيا لا يمكنها استعادة مكانتها كقوة كبرى والحفاظ على استقلالية قرارها الداخلي والخارجي طالما ظلت معتمدة على ما تتلقاه من مساعدات خارجية, وبأمكانها الأعتماد على مواردها الذاتية وان تتوقف تماماَ عن طلب أي مساعدات من الولايات المتحدة وباقي دول مجموعة السبع الصناعية الكبرى وبالفعل تحسن أداء الأقتصاد الروسي كثيراَ منذ عام 2000 بل إنه حقق نمواَ 6.9% خلال الفترة إلى آب 2003 وأعلنت روسيا بألتزاماتها في دفع الدين الخارجي المستحق عليها عن عام 2002 والذي يقدر ب17.3 مليار دولار, كما أعلنت روسيا إلغاء 35 مليار دولار من الديون المستحقة على الدول الأفريقية , وقد كان لهذا تأثيره المباشر في قبول العضوية الكاملة لروسيا في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى لتتحول بذلك إلى مجموعة الثمانية في يونيو 2002 ))([5] ). ان الاجراءات الداخلية على صعيد الاقتصاد ومحاربة الفساد وادارة الدولةالتي اتخذتها الحكومة الروسية في زمن بوتين أدت الى انتعاش الاقتصاد الروسي , وانهاء الفوضى السياسية والاقتصادية . بلا شك كان لهذا التطور الاقتصادي والاستقرار السياسي , أكبر الأثر لعودة روسيا لتلعب دورها المؤثر في العلاقات الدولية ومن الطبيعي عندما يمتلك اي بلد قوة اقتصادية هذا يمكن الدولة من تحديد أولوياتها في السياسة الخارجية , بلا شك ان التطور الاقتصادي ساعد روسيا  من إستعادة دورها في السياسة الدولية وأصبحت أكثر استقلالية . ((وقدم بوتين عدة مبادئ جديدة لسياسة روسيا الخارجية تدور حول تطوير دور روسيا في عالم متعدد الأقطاب لا يخضع لهيمنة قوة عظمى واحدة , مع العمل على استعادة دور روسيا في آسيا والشرق الأوسط وعدم السماح للغرب بتهميش الدور الروسي في العلاقات الدولية , وقد أضاف بوتين ثلاث عناصر جديدة لمبدأ السياسة الخارجية الروسية أولها أنه إذا استمر توسع حلف الأطلنطي شرقاَ فروسيا ستسعى إلى دعم الترابط بين دول الأتحاد السوفياتي السابق لحماية منطقة دفاعها الأول وثانيها أن روسيا تعارض نظام القطبية الأحادية ولكنها ستعمل مع الولايات المتحدة في عدة قضايا مثل الحد من التسلح وحقوق الأنسان وغيرها, وأخيراَ فأن روسيا ستعمل على دعم بيئتها الأمنية في الشرق عن طريق تقوية علاقاتها مع الصين والهند واليابان))([6] ) ويلاحظ ان هذا التوجه  لروسيا في زمن بوتين انها أعطت مؤشرات بأنها تمتلك قدرات وامكانيات لتكون قطب دولي قادم , وانها قادرة على الوقوف بوجه استراتيجية التفرد في العلاقات الدولية التي تؤدي إلى الأخلال في التوازن مع التأكيد على دور الأمم المتحدة (( وقد أكد بوتين أن استخدام وسائل القوة بتجاوز الآلية الشرعية الدولية الراهنة سيؤدي إلى تخريب أسس القانون الدولي والنظام وينبغي أن تبقى الأمم المتحدة المركز الرئيسي لتنظيم العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين وستبقى روسيا الأتحادية تقاوم بحزم المحاولات الهادفة لتقليل دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن في الشؤون الدولية))([7] ). ان روسيا هي اليوم ظهرت كقطب دولي جديد مؤثر وقادر على اعادة التوازن في العلاقات الدولية حيث تمتلك القوة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية والاعلامية والدبلوماسية مع استقرار سياسي , هذا ما سأتحدث عنه في الحلقة القادمة .
يتبع
24-10-2011
 

109
العالم يشهد ظهور نظام التعددية القطبية
في العلاقات الدولية
(8)
فلاح علي
ارتباطاَ بالاحداث والمتغيرات التي شهدها العالم بعد إنتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 وهيمنة وتفرد سياسة القطب الواحد . التي ادت الى ظهور بيئة جديدة في العلاقات الدولية هذه البيئة الجديدة الخالية من التوازن , خلقت مستلزمات التوتروعدم الأستقرار وسيادة منطق القوة في العلاقات الدولية , والتوسع العسكري وبسط النفوذ وإنتشار الحروب والاحتلال والصراعات الأهلية والفقر , وتعرضت شعوب ودول لمخاطر كبيرة ,  وهذا ما دفع و أثار وشجع دول على العمل لاقامة نظام دولي متعدد الأقطاب متنوع النظم , يعيد التوازن في الوضع الدولي ولايسمح فيه للتفردالأمريكي كقطب أوحد لقيادة العالم . الذي عرض السلام والامن الدوليين الى الخطر وافرغ الميثاق الدولي من محتواه وتم اسر الامم المتحده وجهازها التنفيذي مجلس الامن , ان الراي العام العالمي لم يقتنع بعد هذا اليوم ان هناك مبرر لكي تنفرد دولة في الهيمنة على العالم والتحكم بمصائره ومصائر شعوبه,  وهذا ما يؤكد ان سياسة القطب الواحد التي مر بها العالم في ظل النظام الدولي الجديد , هي حالة طارئة فرضت نفسها على العلاقات الدولية , نتيجة للتداعيات التي شهدها الأتحاد السوفياتي ودول أوربا الشرقية آنذاك بعد إنتهاء الحرب الباردة  .
العالم يتطلع الى التعددية القطبية لتغيير التوازن الدولي :
يلاحظ ان العالم تتكون فيه الآن ملامح نشوء محاور (اقطاب جديدة) ,  حيث سنشهد اكتمال ظهور هذه المحاور ( اقطاب تمتلك القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والدبلوماسية والاعلامية ) وستكون هذه القوة المتعددة الاقطاب ,هي التي تستطيع أن تحد من التفرد الأمريكي في الهيمنة وصنع القرارات الدولية . وستضع نهاية وبلا عودة لنظام الأحادية القطبية الذي هيمنت فيه امريكا على العالم لفترة عقدين. رغم اننا نلاحظ جميعاَ ان امريكا تريد إطالة أمد القطبية الأحادية إلى أطول فترة ممكنة مستفيدة من الوضع الدولي القائم وموازين القوى الدولية التي تعمل على أن تميل لصالحها لفترة اطول , لكن العالم يتجه الآن بمسارات ووتائر متسارعة بعيداَ عن رغبة وتأثير واعاقة الولايات المتحدة الامريكية لها , وبما ان طبيعة العلاقات الدولية لعالم اليوم هي تخضع للصراع والمنافسة ليس من اجل الدفاع عن المصالح القومية للدول فحسب . وانما من اجل المنافسة الاقتصادية والنفوذ والتأثير في السياسة الدولية ولأعادة التوازن الدولي , وهذه من ابرز الملاح في العلاقات الدولية التي يشهدها العالم اليوم , من صراع علني واضح وملموس بين الدول الكبرى على القطبية الاقليمية والدولية .
ان العالم اليوم في عام2011 ليس كما هو كان عليه في عام 1991 بعد انتهاء الحرب البارده وانهيار الاتحاد السوفياتي حيث ساد آنذاك الاحباط واليأس والتراجع والانكسار ليس في صفوف الاحزاب الشيوعية فحسب وانما لدى شعوب العالم ودولها .ولكن خلال العقدين الماضية تمكنت دول عديدة من بناء اقتصادياتها وتطوير قدراتها العسكرية وامتلكت العلم والمعارف التكنولوجية , واصبح لها دور في الاحداث والسياسة الدولية , كما ان احداث عالم اليوم تؤكد ان امريكا في عام 2011 تختلف عما هي عليه امريكا في عام 2003 عندما احتلت العراق بدون قرار من مجلس الامن . حيث تراجعت اليوم قوتها الاقتصادية بعد الازمة المالية التي مرت بها في عام 2008 ولا يزال الاقتصاد الامريكي يعيش تداعيات الازمة الاقتصادية الى هذا اليوم , مما اثر ذلك على قدرة امريكا في الهيمنة والتفرد في السياسة الدولية  وظهرت معوقات دولية امام جبروت القوة الامريكية لها اثرفي الحد من تفردها .(( فقدإنحسرت الهيمنة الامريكية عالمياَ وأصبح واضحاَ أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتحرك في كثير- إن لم يكن في غالبية- في الملفات في العالم دون دعم قوى أخرى وموافقتها .فلا يمكن مثلاَ التحرك بشأن إيران أو سوريا أو كوريا الشمالية أو حتى السودان دون تجاوب دول أخرى مثل روسيا والصين ودول الاتحاد الاوربي , فمن دون موافقة هذه الدول على العقوبات الاقتصادية والسياسية فلا توجد فعالية لأتخاذ هذه الأجراءات من قبل الولايات المتحدة وحدها وبرغم إنه من المتوقع أن تبقى الولايات المتحدة اللاعب الرئيسي الخارجي في كثير من مناطق العالم وقضاياه , فأنه يتوقع أن دولاَ مثل روسيا والصين والهند ستقوم بدور أكبر بما هو علية الامر اليوم))([1] ) ان العالم يشهد اليوم ظهور محاور واقطاب دولية , تمكنت هذه المحاورمن امتلاك التكنولوجيا الحديثة والقدرات الاقتصادية والعلمية والمعلوماتية والعسكرية والسياسية واستطاعت ان تضع سياسات خارجية مستقلة منفتحة في علاقاتها مع دول العالم ومحيطها الاقليمي , ومتنافسة مع الولايات المتحدة الامريكية , في اقامة العلاقات الاقتصادية والتجارية المتكافئة وبعضها تم تاسيس تحالفات اقتصادية فيما بينها مع التنسيق السياسي, ( كروسيا والصين والهند مثالاَ ) وهذه خطوة متقدمه تهدف بلا شك الى تغيير موازين القوى ومنع التفرد الأمريكي كقطب أوحد لقيادة العالم  .
من هي القوى الدولية الجديدة التي ستغيير الموازين في العلاقات الدولية :
القوى الدولية المؤهله بلعب دور القطبية في العلاقات الدولية والتي امتلكت عناصر القوة وبالذات القوة الاقتصادية والعسكرية , هي روسيا والصين والهند واليابان رغم أن اليابان تمتلك قوة إقتصادية وتكنولوجية أكثر مما هي عسكرية. إضافة للأتحاد الأوربي وهذه القوى ستفرض إرادتها في المشاركة في صنع القرار الدولي ووضع حد للقطبية الأحادية .
ان الأتحاد الأوربي برز كقوة إقتصادية كبرى وله تأثير سياسي وقد يبرز كقوة عسكرية كبرى لا سيما وإنه يسعى لتطوير جناحه العسكري المتمثل في إتحاد غرب أوربا . كما نلاحظ أن مشروعه في التوسع نحو الشرق يجري بسهولة من مشروع توسع الناتو .قد يؤدي هذا في المستقبل إلى تعزيز النزعه الأستقلالية لدى فرنسا عن حلف الناتو وقد تظهر إحتمالات تعزيز هذه النزعة الأستقلالية لدى المانيا  وقد تظهر لدى دول أخرى مثل بريطانيا حيث إنها الحليف القوي لأمريكا التي واجهت إنتقادات شديدة على الصعيدالداخلي والخارجي لتورطها في الحرب على العراق ولتبعيتها للولايات المتحدة الاميركية . لا سيما وإنها أيضاَ تضررت إقتصادياَ بسبب تحميلها بعض تكاليف حروب الناتو . وهذا قد يكون سبب يدفعها في المستقبل لتبني سياسة مستقلة وبأتجاه التوافق مع المواقف الأوربية والتعاون والتنسيق معها فيما يخص السياسة الدولية . رغم ان العلاقات الأوربية الأمريكية لها تأثير على الخارطة الدولية , ولكن يلاحظ انه ظهرت بوادر خلاف بينهما في عدد من القضايا الدولية ومنها الموقف الأوربي المنقسم من إحتلال العراق في عام 2003 وبالذات الموقف الفرنسي والالماني الرافض للحرب . وهذا يؤثر على وحدة الناتو في المستقبل لا سيما وقد ظهرت الخلافات في الرؤى الأستراتيجية بين الطرفين . و أن المخاوف الأمريكية تكمن في إنها تخشى من تنامي النزعه الأستقلالية لأوربا بالشكل الذي يؤدي لأضعاف حلف الناتو وظهور أوربا قوية قد لا تلتقي مع الأهداف الأمريكية , وتتحول إلى قطباَ منافساَ لها . وأن الاتحاد الاوربي إذا إستكمل بناء مقوماته سيكون في المستقبل أحد الأقطاب الدولية  . اضافة الى الصين وبروزها كقوة نظراَ لنموها الاقتصادي وتنامي قدراتها التكنولوجية والعسكرية وتأثيرها في ساحة الاحداث الاقليمية و الدولية . من وجهة نظري أرى ان روسيا هي الآن في وضع افضل من غيرها من الاقطاب الدولية الاخرى , واعتقد انها الآن اصبحت قطباَ دولياَ جديداَ مؤثراَ وستعيد التوازن في العلاقات الدولية . كما ارى ان ظهورها كقطب دولي هذا لا يحتاج الى اعلان او قرار من الامم المتحدة ورئيسها , او ان يقوم الرئيس الروسي مدفيديف بالقاء خطاب يقول فيه ان دولته اصبحت قطباَ ثانياَ . وانما ما يؤكد ذلك هو من خلال معاينة دورها وتاثيرها  في السياسة الدولية. هناك خطوات عملية اتخذتها روسيا وعلى سبيل المثال , موقفها من رفض نصب الدرع الصاروخي في بولونيا , ففي عام 2007 صنعت صاروخ يخترق الدرع الصاروخي وهذا ما اجبر الولايات المتحدة الامريكية على التفاوض مع روسيا حول نصب الدرع الصاروخي وذلك اثناء زيارة باراك اوباما الى روسيا في 4-7-2009 واتفقوا حسب ما ذكرت وكالات الانباء على تأجيل نصب الدرع الصاروخي في بولونيا , ولكن هناك مؤشرات تؤكد انه  حصل اتفاق لعدم نصبه في بولونيا . وهذا يدلل على أن روسيا ماضية في تطوير قدراتها العسكرية وحتى النووية التقليدية, معارضة روسيا لتوسع الناتو شرقاَ , وترفض انضمام جورجيا واوكرانيا وجمهوريات سوفياتية سابقه للحلف , هذا مؤشر آخر على عودة روسيا بقوة في العلاقات الدولية . كما ان روسيا قد تمكنت وبشكل سريع وخاطف من حسم المعركة مع جورجيا واعترافها باستقلال افخازيا واوسيتا رداَ على اعتراف امريكا بكوسوفو , ولم تتمكن امريكا من التدخل المباشر وحتى غير المباشر في المعركة الحربية التي وقعت بين روسيا وحليفتها جورجيا . رفض روسيا المطالب الأمريكية لفرض عقوبات إضافية على طهران , وقرار الفيتو الروسي الصيني الاخير في مجلس الامن حول الاحداث في سورية . ارى ان روسيا باتخاذها هذا القرار انها قد وجهت رسالة الى بقية الاعضاء في مجلس الامن انها عازمة على تغيير الخارطة السياسية في العلاقات الدولية لاجل اعادة التوازن وايجاد نظام دولي متعدد الاقطاب .  هذا الحضور الجديد لروسيا والدور المؤثر الذي تمارسه  في السياسة الخارجية , رافقه تطور في القدرات العسكرية المتنوعة اضافة الى تنامي قدراتها الاقتصادية والعلمية والتكنولجية وموقعها الجغرافي وسعة مساحتها وكثافة سكانها وهذه خصائص ومقومات بمجموعها تشكل عناصر القوة التي يفترض ان تمتلكها الدولة القطبية , وروسيا هي قادمة كقطب دولي جديد هذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة .
( يتبع)
18-10-2011

110
النظام الدولي الجديد في ظل العولمة الامريكية
آراء واستنتاجات ذات ابعاد مستقبلية
(7)

فلاح علي
عصفت في العالم خلال العقدين الماضيين احداث خطيرة هددت السلم العالمي منها احداث يوغسلافيا ودول البلقان وحرب الخليج الثانية والحرب في إفغانستان وإحتلال العراق والعدوان الأسرائيلي على لبنان وغزة وغيرها من مناطق العالم , واصبح السلم و الامن الدوليين في ظل الاحادية القطبية اكثر خطورة . وعلى ضوء الحلقات السته التي قدمتها والتي تمحورت حول احداث آب في ذكراها ال20 في الاتحاد السوفياتي وتداعياتها الداخلية والدولية , وتناولت فيها اهم نتائج انعكاسات انهيار الاتحاد السوفياتي على الوضع الدولي والعلاقات الدولية . في هذه الحلقة سأتناول النظام الدولي الجديد من منطلق رؤية مستقبلية وذلك على ضوءما تم ذكره في الحلقات الماضية من هيمنة القطب الواحد واثبت ادناه ماتوصلت اليه من استنتاجات حول مستقبل النظام الدولي من خلال دراستي للعلاقات الدولية في ظل العولمة الامريكية .
آراء واستنتاجات في الوضع الدولي :
1- في ظل نظام القطب الواحد الذي سادت فيه اجواء التوتر في العالم مع تنامي التدخلات الخارجية في شؤون الدول الداخلية وسيادة منطق القوة في العلاقات الدولية , والتوسع العسكري وبسط النفوذ وانتشار الحروب والصراهات الاهلية وتنامي الارهاب , وعودة سباق التسلح العسكري من جديد ,وانتشار الاسلحة النووية , وفي ظل التطور التكنولوجي المتسارع , فأن عالم اليوم بحاجة الى تطبيق مقاصد الامم المتحدة وفي مقدمتها حفظ الامن والسلام الدوليين .
2- ان خطورة الوضع الدولي وتداعياته على المستويات الاقليمية ,يؤكد صحة راي الاحزاب الشيوعية وكل قوى اليسار والديمقراطية والمنظمات المدافعه عن حقوق الانسان في العالم والحركات المناهضة للعولمة الامريكية وكذا آراء كثير من الباحثين والاكاديميين , وكذا مواقف كثير من الدول التي تضررت بانتهاء نظام الثنائية القطبية , حيث برهنت آراء هذه القوى على حاجة العالم إلى منظمة دولية تصنع السلام وتقيم نظام دولي عادل , وليس من خيار للحفاظ على السلم العالمي  , الا بعد ان تكون الامم المتحدة ومجلس الامن يشكلان في الواقع رمزاَ للشرعية الدولية , وان لاتمارس دولة بعينها امريكا او حلف الناتوالتفرد واستخدام القوة في العلاقات الدولية وباسم الشرعية الدولية .
3- هنا يطرح سؤال كيف يتم عودة الشرعية الدولية الى الامم المتحدة ومجلس الامن بعد ان اسرتهما امريكا خلال العقديين الماضيين ؟
يرى الكثير من الاحزاب والحركات والدول والباحثين والسياسيين أن ذلك يتوقف على إصلاح المنظمة الدولية واصلاح نظامها وميثاقها الدولي الذي صيغ في اجواء الحرب الباردة .
4- ان الولايات المتحدة الامريكية وظفت الميثاق الدولي لصالح سياستها الخارجية في التوسع العسكري وبسط الهيمنه والنفوذ وخلق الذرائع للتدخل في شؤون الدول الداخلية , واثارة الازمات والحروب والاحتلالات العسكرية للبلدان ومنها احتلال افغانستان والعراق , وبهذا العمل من وجهة نظري ان امريكا وحلف الناتو قد اصدروا بيان للعالم بانهم قد استولوا على الحكم في الامم المتحدة , الواقع العملي لاحداث العالم يؤكد على عودة الحرب الباردة من جديد , وما يؤكد صحة هذا الاستنتاج , ان الاتفاقات الدولية حول منع انتشار الاسلحة النووية تطبقها امريكا بمعايير مزدوجه حيث لحد هذا اليوم ترفض اسرائيل التوقيع على اتفاقية منع انتشار الاسلحة النووية , مع تنامي الانفاق المالي للاغراض العسكرية في الميزانية السنوية للولايات المتحدة الامريكية وعدد من الدول . وبالعودة الى الميثاق الدولي فامريكا الى الآن لم تتمكن من التوصل مع اعضاء مجلس الامن الى وضع تعريف عن مفهوم (الأرهاب الدولي) أو مفهوم ( العدوان) وحتى مفهوم ( الدفاع عن النفس وفق المادة 51 من الميثاق الدولي) . لا تزال هذه الرؤية الدولية المشتركه غائبه في الميثاق الدولي , وهذا مؤشر لاستمرار ثقافة الحرب الباردة وعودة اجوائها وبيئتها .
5- مصالح شعوب العالم اليوم تتطلب الاسراع باصلاح منظمة الامم المتحدة وميثاقها الدولي , وان المشاركة في الاصلاح هو مسؤولية كل دول العالم  وشعوبها وحركاتها السياسية من اجل ضمان حفظ الامن والسلام الدوليين وبناء علاقات سياسية واقتصادية متكافئة بين الدول , فان الميثاق الدولي ان لايكون ملبيا او متماشياَ مع مصالح الدول الخمسة المنتصرة بالحرب العالمية الثانية فقط  .
6- من وجهة نظري اجد ان من ابرز الثغرات في ميثاق الامم المتحدة , والتي من خلالها تم التدخل في شؤون الدول الداخلية وحصل اخلال بمبدأ السيادة الوطنية  هو ما جاء ( في الفصل السادس والسابع من الميثاق من بنود ) .حيث أن الميثاق أعطى مجلس الأمن  (الأعضاء الدائمين)  صلاحية إتخاذ إجراءات عقابية إقتصادية وسياسية وعسكرية ,إذا ما رأى أن وضعية ما تشكل تهديداً للسلام والأمن الدوليين . ولكن في ظل الأحادية القطبية في النظام الدولي الجديد . فقد صادرت الولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو هذه الشرعية الدولية , وهذا تم نتيجة إنهيار التوازن الأستراتيجي الدولي وغياب الأقطاب الأخرى. فباسم الشرعية الدولية مثلاَ ( تم احتلال افغانستان والعراق ) . وبهذا قد صادرت حق الشعوب ونضال أحزابها الوطنية  في تقرير مصائرها الداخلية و تغيير أنظمتها الدكتاتورية الأستبدادية داخلياَ من خلال الخيار الوطني ,  وأن إستمرار الحصار 12 عام على الشعب العراقي كان برغبه امريكية لمعاقية الشعب بدلاَ من معافبة النظام . وحتى بقية قرارات مجلس الامن حول العراق تعاملت معها الولايات المتحدة الامريكية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية على سبيل المثال ( قرار مجلس الأمن رقم 688) الخاص بحماية حقوق الأنسان في العراق تعاملت معه الولايات المتحدة بأنتقائية وبما يخدم وجهتها السياسية فهي كانت لا تريد التغيير الداخلي في العراق لأن التغيير الداخلي لا ينسجم ومصالحها في المنطقة , فقد أسهمت في عرقلة وإعاقة نمو عوامل التغيير الداخلي لأجل أن تهيئ ظروف ومستلزمات دولية وإقليمية وداخلية لتنجز تدخلها العسكري بما يتناسب ومصالحها وهذا ما حصل .
7- من ملامح النظام الدولي الجديد انه مشوب بالغموض والمفاجئات والتطورات في الأحداث بحكم استراتيجية الولايات المتحدة وأهدافهاالبعيدة المدى و هيمنة احتكاراتها الكبرى على اقتصاديات العالم ودخولها في صراع تجاري واقتصادي وتكنولوجي مع الشركات الدولية الاخرى بما فيها الشركات الاحتكارية العائدة لحلفائها الاوربيين ,واصبح الصراع على المصالح هو السمه المميزة للنظام الدولي الجديد , وهذا بحد ذاته يشكل عامل عدم الاستقرار الدولي والاقليمي وهذا مايشجع على ظهور تحالفات دولية واقليمية جديدة .
8- ما اكدته احداث العالم خلال العقدين الماضية ان الولايات المتحدة الأميركية إن تمكنت من فرض حالة الأستقرار في هذه المنطقة أو تلك فأنه إستقرار نسبي يخضع للمتغيرات والمفاجئات الغير متوقعة للأحداث والمواقف السياسية للدول وحتى في التحالفات وما يعزز هذا الرأي هو نضال الشعوب المعادي للهيمنة الامريكية .
9- ورغم أن التدخل الدولي مهم وضروري في حالات إنسانية لكن تدخلات الولايات المتحدة الأمريكية بأسم الشرعية الدولية , من منطلق حماية حقوق الانسان وتطبيق الديمقراطية , في الواقع ان الولايات المتحدة الامريكية تستخدم هذه المفاهيم كذرائع وشعارات تسويقية مضللة لتبرير تدخلاتها في شؤون الدول وهذا ما اكدته تجربة العراق .
10- العالم اليوم بحاجة للنضال السلمي ضد سياسة العولمة اللنيوليبرالية والتي فرضتها أمريكا قسراَ على الشعوب والدول ,أول من تضررت هي البلدان النامية نتيجة غياب التوازن الدولي بأنهيار الأتحاد السوفياتي وتركت بدون حماية سياسية ودبلوماسية وعسكرية ومساعدات إقتصادية نزيهه واصبحت هذه البلدان فريسه للهيمنة والقوة الأمريكية .
11- اكدت التجربه ان السياسات والتوجهات الاقتصادية لليبرالية الجديدة في ظل ( العولمة الرأسمالية) إنها خالية من المضامين الأجتماعية و لها تأثيرات سلبية وما أنتجته هو (عولمة الفقر) في العالم وبالذات في البلدان النامية ,مع المزيد من التهميش لهذه الدول على صعيد السياسة الدولية .
12- ما اكده الحزب الشيوعي العراقي وعدد من الاحزاب الشيوعية واليسارية في العالم انه من ضمن أدوات النضال السلمي ضد سياسة العولمة الأمريكية هو عولمة النضال وانسنته على الصعيد العالمي ضد السياسات النيوليبرالية . وبناء تحالفات يسارية ديمقراطية على صعيد كل بلد وتبني برنامج وطني ديمقراطي وخوض النضال الجماهيري في كل بلد للمطالبة بأجراءات داخلية إقتصادية وسياسية وقانونية ذات طبيعة ديمقراطية مع التعاون والتضامن والعمل المشترك بين الاحزاب الشيوعية واليسارية والديمقراطية في المنطقة والعالم , والتعاون بين هذه الحركات والشعوب للحد من تأثيرات العولمة الأمريكية .
مستقبل العلاقات الدولية :
احداث العقدين الماضيتيين التي تعرض لها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي , كانت ثقيله جداَ على الشعوب وكان لها نتائج مآسوية ومدمرة , مع نهب الثروات وانتشار الفقر والمجاعه والامراض والجهل والحروب الاهلية والارهاب وفقدان الامن والاستقرار ...الخ . ان احداث العقدين الماضيتيين دفعت الراي العام العالمي ليقول كلمته اليوم , وما تؤكده وقائع الاحداث هو الرفض لنظام القطب الواحد , فليس هناك مبرر لكي تنفرد دولة في الهيمنة على العالم والتحكم بمصائره ومصائر شعوبه مهما إمتلكت من القوة العسكرية والسياسية والأقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية ومهما كانت آيدلوجيتها . ومن خلال احداث العقديين التي شهدها العالم , فان النظام الدولي نظام الهيمنة الامريكية غير مقبول دولياَ , وبهذا فانه حالة طارئة مر بها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي , وهذه المره الاولى التي يشهد فيها العالم نظام القطبية الاحادية , وهناك كثير من الدلائل والمؤشرات التي تؤكد ان عالم الغد سيكون عالم متعدد الاقطاب وهذا ما سأتناوله في الحلقة القادمة .
وبما ان الاتحاد السوفياتي قد انهاربدون حرب فان نظام القطب الواحد سينهارحتماَ وبدون حرب ايضاَ , وسيشهد العالم من جديد نظام التعددية القطبية وسيعود معهاالتوازن الدولي , أن مستقبل العلاقات الدولية المعاصرة لعالم تحكمة علاقات التعاون الدولي والتكافئ  بعيداَ عن الهيمنة والتفرد والصراعات والحروب والفقر وإحترام استقلال الدول وصيانة ثرواتها ستصنعه الشعوب من جديد .
( يتبع)
11-10-2011 .

111
احداث آب في ذكراها ال 20 في الاتحاد السوفياتي
وتداعياتها الداخلية والدولية
(6)
فلاح علي
سأتناول في هذه الحلقة مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي هو احد التداعيات الدولية لانهيار الاتحاد السوفياتي . انه مشرع توسعي وهيمنة امريكية على المنطقة لغرض التحكم بمصائرها ولفتح أسواقها أمام شركاتها وشركات الدول الأطلسية وإعادة ترتيب خارطتها وفق نظرية ( الفوضى البنائه). بلا شك ان حرب الخليج الثانية وفرت فرصة ذهبيه للولايات المتحدة الامريكية في تواجد قواتها وقوات حلف الناتو وأساطيلهم في منطقة الخليج العربي . مع تفكك وإنهيار الأتحاد السوفياتي,حيث مكنت تلك التطورات الولايات المتحدة الأمريكية من فرض هيمنتها على العالم في ظل نظام القطب الواحد وبهذا تأثرت السياسة الدولية بالوجهه الأمريكية وكانت هذه بداية لتنفيذ مشاريعها التوسعية في العالم ومنها مشروع الشرق الاوسط الكبير .
الشرق الاوسط الكبير مشروع توسعي امريكي :
ان مشروع الشرق الأوسط الكبير بلا شك يجري تصميمه بمواصفات أمريكية وإسرائيلية وقد يفرض على المنطقة خاصة بعد إحتلال افغانسان و العراق, وهذا يتوقف على طبيعة المتغيرات في المنطقة والعالم .باحتلال هذين البلدين مع تواجدها العسكري الكثيف ووحدات من قوات الناتو في المنطقة , والهيمنة على السياسة الدولية يساعدها هذا على اعادة صياغة ترتيب خارطة المنطقة إنطلاقاَ من المتغيرات الجديدة  وتغيير موازين القوى بما يخدم المصالح الأمريكية والاطلسية والصهيونية في المنطقة  (( أن الواقع القائم بأبعاده العربية والأقليمية والدولية ربما يشكل حالياَ فرصة ملائمة لرسم الخريطة الجديدة والأسوأ من خريطة سايكس – بيكو . وأن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن حل أزماتها الأقتصادية ونجاحها في أمركة العالم وصراعها الأقتصادي مع أوربا واليابان , يتطلب إقامة النظام الأقليمي الجديد امتداداً لمصالحها وضماناَ لمخططاتها والسيطرة المطلقة على النفط ومنابعه وممراته وأسواقه وأسعاره لأعادة النمو والتطور للأقتصاد الأمريكي ))( [1] ).. ويبدوا وعلى ضوء ما تقدم أن مشروع الشرق الأوسط الكبير ربما إقترب أكثر لتحويله من إمكانية إلى واقع من خلال تهيأة الظروف العربية والأقليمية والدولية له . لا سيما وأن الانظمة الحاكمة في المنطقة العربية تنظر للولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو بالحاكم المطلق الصلاحيات السياسية والعسكرية والأقتصادية والدبلوماسية والقانونية , والقادر على حل الأزمات بدل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن . لهذا ليس مستغرباَ عندما نجد هذه النخب الحاكمة  في بلدانها تتسابق على إداء أعمال أو أدوار إنفرادية تضر بالمصالح المشتركة للنظام العربي فنجدها تتسابق لفتح وبسط أراضيها ومياهها الأقليمية لخدمة الأغراض العسكرية للقوات الأمريكية وحلف الناتو اوان بعض الحركات السياسية ترهن بلدها للولايات المتحدة الامريكية مقابل تمكينها من الوصول الى السلطة.وتتزاحم بعض الأنظمة في إقامة علاقات منفردة مع إسرائيل هذا مؤشر لضعف النظام العربي وضعف دور الجامعة العربية إن السلام العادل مطلوب بين العرب وإسرائيل وهو البديل عن دق طبول الحرب . ولكن ليس بهذه الطريقه وإنما من خلال وحدة الموقف العربي وتقوية المؤسسات الأقليمية مثل إقامة السوق العربية المشتركة وإحياء جامعة الدول العربية ومؤسساتها , بدون موقف عربي موحد وضاغط لايمكن تحقيق السلام العادل في المنطقة وإنسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ولكن ما يتأكد الآن أن السياسة الأمريكية تؤثر في عرقلة أي توجه للبلدان العربية لتطوير مؤسساتهم الأمنية والأقتصادية وتحقيق التعاون المشترك هذا إضافة للخلافات والصراعات السياسية العربية العربية  التي تضعف أي تعاون وتنسيق مشترك. بأنتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي ترك تأثيراَ كبيراَ في الشرق الأوسط ويظهر ذلك جلياَ على المستوى الأستراتيجي فأختل التوازن بعد حرب الخليج الثانية في المنطقة .(( إنعكس هذا التحول الأساسي للبيئه العسكرية في شرعية وجود عسكري أمريكي دائم في منطقة الخليج وما صاحبه من تأكيد لنفوذ الولايات المتحدة الأمريكية الأقتصادي والسياسي وإنزال المصالح السوفياتية (ومن ثم الروسية) إلى مرتبة أدنى والأنقسامات العميقة وسط الدول العربية)) ([2] ). ويلاحظ من خلال النظر لهذه الخارطة الجديدة  في ظل الهيمنة الامريكية التي تسعى للأحتفاظ بالتفوق الاستراتيجي ليس فقط في المنطقة وانما على الصعيد العالمي . (( وكما صرح وزير الدفاع الأمريكي وليم كوهين في تقريره الذي قدمه إلى الرئيس والكونغرس في عام1997 نحن لا نريد الصراع نداَ لند , بل نريد امتلاك إمكانيات تضمن لنا التفوق الحاسم . إننا نعيش عصر الأمكانات الأستراتيجية .. وبدون مثل هذا التفوق ستكون قدرتنا على تحقيق السيادة العالميةموضع شك ))([3] ) . في النظرلهذا التصريح نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها الخارجية لقد أعطت أولوية للقوة في تنفيذ مشاريعها التوسعية في العالم ومنها مشروع الشرق الأوسط الكبير ,الذي هو مشروع توسعي وهيمنة أطلسية على المنطقة بلا شك لأهمية المنطقة . ويبدو ان الولايات المتحدة الأمريكية ماضية في تنفيذ مشروعها الشرق الأوسط الكبير وبخطوات سياسية وإقتصادية بعد أن مارست القوة العسكرية في إفغانستان والعراق واحتلاهما وتدعم إسرائيل في عدوانيتها وحملاتها العسكرية على الشعب اللبناني والفلسطيني . وقد ظهر في الفترة الأخيره مصطلح (( الشرق الأوسط الجديد وهو سليل لمجموعة من المصطلحات الأخرى مثل النظام العالمي الجديد والشرق الأوسط الكبير , بعد الهجوم الأسرائيلي على لبنان في الحرب الأخيره أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية أن الشرق الأوسط الجديد سيولد من رحم هذه الحرب ))([4]) .وبهذا التصريح يمكن القول أن الأستراتيجية الأمريكية هو التواطؤ مع إسرائيل وتقديم كل أشكال الدعم لها وتمكينها من فرض قوتها وهيمنتها في المنطقة . ودعمتها في مجلس الامن ضد اتخاذ قرارالفيتوا لمعاقبتها في عدوانها على لبنان في 12/ تموز 2006 وعدوانها الأخير على غزة في 27-12-2008 وهو تأكيد على أن نظام العولمة ما هو إلا تجسيد للهيمنة الأمريكية وإضعاف للأمم المتحدة ومواثيقها وقراراتها واضعاف لجهازها التنفيذي مجلس الامن .ماذا يفهم من الضغط الامريكي الاخير على مجلس الامن لعدم الاعتراف بقبول دولة فلسطين عضو في الجمعية العامة والتهديد باتخاذ قرار الفيتو على الطلب الذي قدمه اخيراَ رئيس دولة فلسطين محمود عباس للأمين العام للأمم المتحدة لقبول دولة فلسطين كعضو في الجمعية العامة .
أهمية منطقة الشرق الاوسط :
أهمية المنطقة تكمن من انها أغنى المناطق في العالم بالنفط والمعادن وكما انها منطقة حيوية وتعد مصدراَ للطاقة  وتحتل موقع جيوسياسي مهم في العالم , حيث تتمتع منطقة الشرق الاوسط  بمركز استراتيجي هام بين القارات الثلاث أوربا وآسيا وأفريقيا لهذا تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لفرض تواجدها في المنطقة وإعادة ترتيب الخارطة السياسية لها.  ((  منطقة الشرق الاوسط تشمل بلدان شبه الجزيرة العربية والعراق وإيران وافغانستان وعرفتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 1989 بأنها المنطقة الممتدة من ليبيا غرباَ إلى إيران شرقاَ ومن سورية شمالاَ إلى اليمن جنوبا , ولم تستقر بعد البلدان التي يشملها الشرق الأوسط إذ يعمل الاستراتيجيون الغربيون على توسيعه ليضم البلدان العربية بأستثناء (السودان والصومال) ويشمل الباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى , وبدأ مصطلح الشرق الأدنى بالأختفاء تدريجياَ لصالح مصطلح الشرق الأوسط الكبير )) ([5]) . كما أن للمنطقة قيمة إستراتيجية كبيره وتتمثل القيمة الأستراتيجية لهذه المنطقة في إنها (( تطل على حدود الصين وتتم هذه الأطلالة من خلال كازخستان وقرغيزيا وطاجكستان وأفغانستان من خلال( ممر واكان) ناهيك بمنطقة كشمير وتطل أيضاَ على روسيا من خلال كازاخستان وجورجيا وأذربيجان وتطل على حلف الأطلسي من خلال النافذة التركية وقربها من التوسع الجديد لحلف الأطلسي وهي منطقة البلقان ))( [6] ) . و على ضوء ذلك فأن منطقة الشرق الأوسط إضافة لموقعها الجغرافي فأن لها أهميتها الأقتصادية لما تحوية من الأحتياطي البترولي العالمي , مع وجود شبكة كبيرة من انابيب النفط والغاز التي تصل الى اوربا وحتى الصين . إضافة للكثافة السكانية فالمنطقة ساخنه وخاضعه لصراع ليس فقط بين دول المنطقة وإنما بين مصالح دولية ومصالح إقليمية , ومن وجهة نظري ان هناك معوقات دولية تعيق الولايات المتحدة من تنفيذ مشروعها الشرق الاوسط الكبير او الشرق الاوسط الجديد . ومن هذه المعوقات الدولية هي بلا شك الدولتان روسيا والصين لا تسمح للولايات المتحدة بهذا التفرد والتوسع وقد يدفع الدولتان إلى التقارب بينهما لمواجهة التواجد الأمريكي في المنطقة . حيث ان امن الدولتين ومصالحهما لا يسمحان بأن يتم تطويقهما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو. فمنطقة الشرق الاوسط هي عرضة لمخاطر كبيرة جداَ ,إرتباطاَ بالملف النووي الأيراني وعدم حل الصراع بين اسرائيل ودولة فلسطين , اضافة للصراع الهندي الباكستاني . وسيكون الوضع أكثر خطورة في حالة عدم التوصل إلى حل للملف النووي الأيراني .
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي اصبح الشرق الاوسط من اخطر المناطق في العالم :
ان وقائع الاحداث في منطقة الشرق الاوسط تؤكد انه في ظل نظام القطب الواحد وهيمنة العولمة الأمريكية فأن المنطقة أصبحت من أخطر المناطق في العالم . لان السياسة الخارجية للولايات المتحدة الامريكية القائمة على التوسع والهيمنة واستخدام القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية في العلاقات الدولية جعلت المنطقة غير مستقره مع سيادة الفوضى وتنامي الارهاب وعصابات المافيا والجريمة وغياب الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة والخاصة في بلدان المنطقة . ومن اخطرملامحها هو السباق نحو التسلح و كأنه هناك استعدادات للحرب في المنطقة .وهذا هو من تجليات الأستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية وتوسع نفوذها  .إضافة إلى تواجدالأسلحة الفتاكة المتطورة التي بحوزة هذه القوات وتحالفها مع قاعدتها في المنطقة دولة إسرائيل العدوانية التوسعية التي تمتلك سلاحاَ نووياَ , ويرى عدد من الباحثين أن الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن وضعت لها قدم في بعض دول الخليج والعراق وإفغانستان فهي تخطط لوضع القدم الأخرى في إيران لتكمل سيطرتها على الشرق الأوسط وتعيد تقسيمة ووضع خارطته الجديده . ان منطقة الشرق الاوسط كانت منطقة نفوذ للاتحاد السوفياتي وهذا ساعد على استقرار المنطقة وبناء انظمتها الوطنية وصيانة استقلالها الوطني و ضمان عدم التدخل في شؤونها الداخلية , وكثير من البلدان أممت ثرواتها الطبيعية كالنفط وتحررت سياسياَ واقتصادياَ وازدهر اقتصادها الوطني وباشرت بعمليات التنمية والاعمار . بغياب التوازن الدولي بعد الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي . وظهور النظام الدولي الجديد الذي تميز بالتفرد والهيمنة الامريكية , واصبحت السياسة الامريكية القائمة على اساس القوة تشكل مصدر للتوتر وعدم الاستقرار . فاصبحت منطقة الشرق الاوسط في ظل السياسة الامريكية من اكثرالمناطق في العالم خطورة لا سيما أن المنطقة محاطة بدول نووية (( تركز أكبر عدد من الدول النووية في العالم حول الأقليم إذ يوجد في هذه المنطقة خمس دول نووية هي روسيا والصين والهند وباكستان وإسرائيل فأذا أضفنا إليها الوجود الأطلسي في تركيا والقوات الأمريكية في الخليج وأفغانستان فأن ذلك يعني أن المنطقة تضم كل القوى النووية حتى لوكان السلاح النووي لبعضها ليس منصوباَ في أراضي المنطقة )) ([7] ). هذا عدا سعي إيران لأمتلاكها السلاح  النووي , فقد تلجأ إلى تجميد إتفاقها مع دول الترويكا وتتحدى المجتمع الدولي وتمضي قدماَ في مشروعها النووي من أجل أن تصنع الأسلحة النووية اذا تيقنت ان الظروف الاقليمية والدولية تسير في صالحها .أن هذه الخطوة ستعرض المنطقة إلى مخاطرجسيمة , وقد تدفع دول أخرى في المنطقة للتفكير بأمتلاك أسلحة نووية وأعتقد من هذه الدول المرشحة هي مصر والسعودية وتركيا اذا ماكانت سوريا تفكر بذلك ايضاَ .
تركيا مرشحة لان تلعب دور المركز الاقليمي في المنطقة :
بعد ان كانت اسرائيل تسعى من خلال الدعم الامريكي لها بان تكون المركز الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط , ولكن من وجهة نظري ان الولايات المتحدة الامريكية ما تفكر فيه هو مصالحها الاستراتيجية في المنطقة فانها متيقنه ان اسرائيل غير مقبوله عربياَ من قبل دول المنطقة ,ولاستمرار الصراع العربي الاسرائيلي والفلسطيني الاسرائيلي بدون حل . فلجأت تهيئ تركيا للعب هذا الدور لانها مقبوله عربياَ واسلامياَ ولتلازم حدودها الطويلة مع ايران وكونها عضو في حلف الناتو والدور الذي تضطلع به تركيا الآن بعد الاحداث والاحتجاجات الجماهيرية التي وقعت في تونس ومصر وليبيا وغيرها من البلدان , ما هو الا ضوء اخضر من الادارة الامريكية لاعطاء دور اقليمي كبير لتركيا في المنطقة , وما هو واضح للعيان ان الولايات المتحدة الامريكية اعلنت اكثر من مره استعدادها للتعاون مع الاسلام السياسي المعتدل وان تركيا تمثل ذلك , والحركات الاسلامية المعتدله في المنطقة لتركيا دور في تنميتها وتمكينها , وتبقى المصالح الاقتصادية هي الاساس حيث انها مترابطة بين الاحتكارات الامريكية والدولية والاسلام السياسي وهذا ما يقرب امريكا من هذه الحركات و التنسيق والتعاون بينهما في المنطقة .
الاستنتاجات التي يمكن الخروج بها على ضوء احداث الشرق الاوسط :
1- الحاجة إلى العودة للأمم المتحدة وميثاقها الدولي في تنظيم العلاقات الدولية بما يضمن الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وإنهاء الأساليب العنفية في السياسة الدولية التي سادت في ظل العولمة الليبرالية لأن سياسة العولمة الليبرالية لم تستطيع أن تجعل العالم المعاصر ومنطقة الشرق الاوسط أكثر أمناَ وإستقراراَ وسلام وعدل وتنمية وتبادل إقتصادي يضمن مصالح الشعوب وينهي التبعية .
2-على الدول العربية والاحزاب والحركات السياسية المهيمنه على الحياة السياسية في هذه البلدان بدلاَ من ان تتوجه للولايات المتحدة الامريكية لحل مشاكلها الداخلية او لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني عليها توحد جهودها للتنسيق مع الأتحاد الأوربي وروسيا والصين وبقية دول العالم  والدخول في حوار معها للمبادره بحل المشكلات المستعصية في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم وفق القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة .
3- شعوب منطقة الشرق الاوسط وكل شعوب العالم اليوم هي بحاجة للنضال السلمي ضد سياسة العولمة الليبرالية الجديدة والتي تفرضها أمريكا قسراَ على الشعوب والدول , والتي أدت إلى غياب التوازن الدولي وإلى التوتر في العلاقات الدولية وبلا شك أن أول من تضررت وأدركت بخطورة غياب هذا التوازن هي البلدان العربية والبلدان النامية بعد إنهيار الأتحاد السوفياتي وتركت هذه البلدان بدون حماية سياسية ودبلوماسية وعسكرية ومساعدات إقتصادية نزيهه وتركت كفريسه للهيمنة والقوة الأمريكية .
4- ان مصالح دول الشرق الاوسط وشعوبها تتطلب العمل المشترك مع شعوب العالم ودولها الساعية لكبح جماح الولايات المتحدة الامريكية الماضية بمشروعها لتقسيم العالم وفق مقاساتها والعمل على وقف توسع الناتو وافراغ المنطقة من القواعد الامريكية ومن الاسلحة النووية , وحل الصراع مع اسرائيل بطرق سلمية واقامة الدولة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس من خلال الامم المتحدة ومجلس الامن والميثاق الدولي.
5- الدول العربية معنية قبل غيرها بالعمل المشترك واحياء السوق العربية المشتركة , وايجاد نظام للتبادل الأقتصادي القائم على التكافئ و المصالح المشتركة بينها وبين دول المنطقة ودول العالم الاخرى وتوحيد الجهود لوقف النشاط المنفلت للأحتكارات والشركات الرأسمالية العابره للقارات في المنطقة .
6- وتبقى المشكلات قائمة وبدون حلول جذرية , اذا لم يتم التغيير الديمقراطي في كل بلدان المنطقة وتقام انظمة ديمقراطية تضمن حقوق الانسان وحقوق المواطنة وتصون الحريات , وتحقق الامن والاستقرار والرفاه لشعوبها وتحقق الاستقلال التام لبلدانها وتنتهج سياسة خارجية وطنية وتقيم علاقات التكافئ الدولي في العلاقات الدولية وتحل كل مشكلات المنطقة من خلال الامم المتحدة وميثاقها الدولي .
يتبع
5-10-2011 .
 

112
احداث آب في ذكراها ال20 في الاتحاد السوفياتي
وتداعياتها الداخلية والدولية
(5)
فلاح علي
الولايات المتحدة الامريكية في ظل النظام الدولي الجديد أعطت أولوية في سياستها الخارجية للقوة في تنفيذ مشاريعها التوسعية في العالم ومنها اسقاط الانظمة من خلال اعمال عسكرية وفق استراتيجية جديدة وقد دشنت ذلك في إفغانستان والعراق . وهذه السياسة هي من وجهة نظري تعني فرض مرجعية جديدة في العلاقات الدولية في ظل العولمة الرأسمالية وأداتها العسكرية حلف شمال الأطلسي , ولنتوقف عند تجليات هذه السياسة في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط .
احتلال العراق من اهم التداعيات الدولية لانهيار الاتحاد السوفياتي :
في سابقة دولية خطيرة وفي أجواء داخلية وإقليمية ودولية مختل فيها التوازن لصالح الولايات المتحدة الأميركية فقد أدارت الولايات المتحدة الأمريكية الأزمة مع العراق بالتخبط والأضطراب والتفرد في إتخاذ القرارات . فبعد أن كانت تبرر الضربات الجوية والحصار المفروض على الشعب بذريعة فرض إحترام الشرعية الدولية التي جسدتها قرارات مجلس الأمن ,وفيما يتعلق منها بالقضاء على أسلحة الدمار الشامل وتارة أخرى إنها تصنف عدد من الدول بأنها تشكل ( محور الشر) . وهي بذلك تسعى إلى البحث عن تجاوب عربي وأقليمي ودولي لتمرير سياستها . وفي ظلل هذا الوضع الدولي المضطرب وغير المستقروغياب التوازن, لقد تفردت وبدون العودة ثانية إلى مجلس الأمن لوجود معارضة من روسيا والصين وحتى دول في حلف الناتو مثل فرنسا وألمانيا .وأقامت تحالف مصغر مع بريطانيا وإشراك رمزي من بعض الدول وشنت الحرب على العراق في 20-3-2003 وأسقطت النظام في 9-4-2003 وإحتلت البلد . إن إسقاط نظام دكتاتوري يمارس البطش والعنف ضد الشعب هو شأن داخلي يضطلع به الشعب والجيش , أما شن الحرب وغزو البلد وإحتلاله بأسم الشرعية الدولية فهو يعتبرعدوان على قواعد القانون الدولي وضد ميثاق الأمم المتحدة (لأن الولايات المتحدة لم ترجع إلى مجلس الأمن ثانية عندما إتخذت قرارها بالحرب).  وبعملها هذا إنها أي الولايات المتحدة قد تحولت إلى الحاكم والمرجعية على العالم وجعلت مجلس الأمن والأمم المتحدة تأتي بالدرجة الثانية . وهي بهذا العمل ليس فقط قد همشت مجلس الأمن ومعظم القوى الدولية والتأثير على أدوارها في السياسة الدولية وإنما قد وجهت رسالة إلى القوى الصاعدة وكل دول العالم , أن قراراتها الأستراتيجية لا يمكن إلا أن تنفذ . ((فالحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأميركية ضد دول عديده هي خطوة تنبثق منطقياَ من القرارات التي إتخذها حلف الناتو في دورته التي عقدها في واشنطن عام 1999 . إذ بدأ في أعقاب ذلك تحطيم النظام الدولي الذي قام في أعقاب مؤتمر يالطا , والأخلال بكامل توازن القوى الذي نشأ في العالم بعد الحرب , وهذا يعني إلغاء الدور القيادي الذي تضطلع به منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بصفتهما الجهتين الضامنتين لهذا النظام )) ([1]) .
بعد سقوط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب حلت الفوضى محل الديمقراطية الموعودة :
صحيح أن النظام  قد إنهار وسقط وتحرر الشعب العراقي من قمعه وظلمة وبطشه وحروبه .لكن تطور الأحداث في العراق تؤكد أنه منذ ذلك التأريخ احتلال العراق في 9-4-2003 الى هذه اللحظة عام 2011 والشعب العراقي يعيش حالة مخاض عسيرة ويمر في ظروف وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية غاية في التعقيد والخطورة والتي هي بلا شك ناتجة عن خيار الحرب والتدخل العسكري والأحتلال وإستحقاقاته . من خلال النظر إلى الأستراتيجية الأمريكية الجديدة وبالمعاينة إلى واقع الأحداث في العراق نجد ان ما يحصل في العراق هوتطبيق عملي لنظرية (الفوضى الخلاقه ) التي اوجدتها السياسة النيوليبرالية . صحيح أن النظام قد تغير بأعتباره هدف رئيسي للهجوم العسكري الذي قامت به الولايات المتحدة الأمريكية , ولكن الذي تم بالفعل هو تحطيم وهدم الدولة العراقية وحل الجيش , والفراغ الذي حصل يؤكد ذلك ولم يملؤه سوى الفوضى . ان قوى الأحتلال العسكري وقوى الأرهاب و المحاصصة الطائفية والقومية والتدخلات الأقليمية هي وراء هذه الفوضى . وان الديمقراطية الامريكية الموعودة والتي طبلت لها القوى المستفيدة من الحرب , وهي قوى المحاصصة الطائفية والقومية ماهي الا سراب وشعارات تسويقية وتضليل اعلامي .
بالنظر للواقع العراقي يمكن معاينة ومعرفة نتائج الاحتلال :
شكل الاحتلال مخاطر جسيمة للشعب والوطن : منها هيئ الاحتلال بيئه للارهاب وساعد على نمو الجماعات المتطرفة المسلحة وغذى العنف الطائفي والديني . وزاد من التدخل الاقليمي المفرط في شؤون البلد الداخلية بما يخدم مصالح الدول الاقليمية بحجة حماية أمن حدودها.والتدخل في شؤون البلد الداخلية يعد تقييداَ لحريته وإعتداء على سيادته واستقلاله .ومن نتائج الاحتلال ايضاَ هوسيادة ظاهرة الميليشيات وعصابات المافية والسطو والاغتيال والتصفيات الجسدية وتهريب الاسلحة والمخدرات وعدم سيطرة الدولة على الحدود . وبروز ظاهرة الهجرة والنزوح واللجوء إلى دول أخرى . مع ضعف واضح في اداء الحكومات المتعاقية في ضعف توفير الخدمات لأبناء الشعب وغياب فرص العمل وزيادة الحرمان وغياب العدالة في توزيع الدخل وضعف عمليات التنمية والأعماروفقدان الامن والاستقرار مع ضعف الحكومة في فرض سلطة القانون . وانتج لنا الاحتلال حكومات قائمة على المحاصصة الطائفية والقومية ليس فقط إنها خلقت صعوبات بل ان هذه المحاصصة وضعت عراقيل قوية أمام بناء الدولة العراقية الجديدة الدولة الديمقراطية العصرية .وانهمكت هذه القوى في الصراع على السلطة و الموارد والمصالح الذاتية . مما ادى الى إستشراء الفساد وغياب الأستثمار, مع تدميرالبنية التحتية لدرجة وصول البلد لحالة الانهيار الاقتصادي واستمرار الازمة السياسية بدون حل  دستوري وقانوني .  وهذا سبب يجعل البلاد معرضة لدورات العنف وعدم الأستقرار . وان قوى المحاصصة الطائفية والقومية بسبب صراعاتهاعلى السلطة السياسية ومصالحها الفئوية , قد همشت الدستور وصادرت الحقوق والحريات الديمقراطية مع غياب حقوق الانسان ,وكأن البديل عن النظام الدكتاتوري هو إعادة توزيع للسلطات بين الطوائف .
من المسؤول عن احتلال العراق :
اولا:النظام الدكتاتوري بأسم السيادة الوطنية فقد حكم العراق لعقود طويلة بالحديد والنار ,وإرتكب مجازربحق الشعب وإنتهاكات لحقوق الأنسان من إضطهاد لحقوق القوميات الأثنية والاحزاب السياسية . الى الحروب مع دول الجوار ومنها احتلال دولة الكويت وما نتج عن هذه المغامرة  من ضحايا بشرية وعقوبات فرضت على البلد منها حصار اقتصادي لمدة 12 عام , علماَ ان النظام الدكتاتوري لم يكن نظاماَ شرعياَ فقد جاء الى السلطة بوسائل غير شرعية من خلال انقلاب عسكري . وبدعم وتشجيع في حالات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في فترة الحرب الباردة ,فقد مارس النظام الدكتاتوري سياسة القوة والعنف والقسوة بحق المعارضين والخصوم السياسيين وصادر الحريات والحقوق وحول البلد الى سجن كبير ومارس عمليات الابادة الجماعية . النظام من خلال قمعه لشعبه وسياسته الخارجية العدوانية وسلوكة الاستفزازي في التعامل مع بعض الأزمات التي خضعت للتدويل , والتي على ضوئها صدرت قرارات بأسم الشرعية الدولية ,هذا السلوك هيئ أرضية لعزلته الدولية و فسح المجال للتدخل في شؤون البلد الداخلية , فكان احتلال البلد هو نتيجة لسياسات النظام الخاطئة وسلوكه الاستفزازي المدان .
ثانياَ: الاحزاب السياسية ( قوى المحاصصة الطائفية والقومية) التي تقود البلد الآن هي تتحمل مسؤولية الاحتلال ايضاَ . في فترة النضال ضد الدكتاتورية برز اتجاهان الاتجاه الاول كان يقوده الحزب الشيوعي العراقي حيث كان يدعوا الى ان عملية التغيير ان تتم من الداخل من خلال تحالف واسع لتعبأة الشعب واشراك القوات المسلحة في عملية التغيير. مع الحصول على دعم وتضامن دولي سياسي واعلامي من المجتمع الدولي والتوجه للامم المتحدة لمطالبتها برفع الحصار عن الشعب العراقي وحماية حقوق الانسان بوسائل غير عسكرية .الاتجاه الثاني الذي ضم كل قوى المحاصصة الطائفية والقومية حيث ان هذه القوى في الغالب هي مع خيار التدخل العسكري الخارجي . فبدلاَ من ان تتوجه هذه القوى ذات الخطاب السياسي المزدوج الى الامم المتحدة ومجلس الامن فقد اختارت التوجه الى الولايات المتحدة الامريكية وطالبوها بالتحرك العسكري لاسقاط النظام وبعضهم قدم معلومات استخباراتية للولايات المتحدة واعتبروها انها زعيمة العالم وانها الحاكم المطلق الصلاحيات في العالم , والقادر على حل الازمات الداخلية بدلاَ من الامم المتحدة ومجلس الامن . وقبل غزو العراق خولت الولايات المتحدة الامريكية نفسها الحق في سن قانون بما يسمى ( قانون تحرير العراق ) . الحزب الشيوعي العراقي أدان هذا القرار بأعتباره  مصادرة لحق الشعب ونضال احزابة الوطنية في تقرير مصائربلدهم الداخلية وتغيير النظام الدكتاتوري الاستبدادي داخلياَ من خلال الخيار الوطني الديمقراطي . الا ان قوى المحاصصة الطائفية والقومية زمرت وطبلت لهذا القرار وكان هذا هو بداية ارتهانها للمشروع الامريكي . ان هذه القوى هي حقاَ تشكل قوى الاحتلال الامريكي في العراق فخدعت نفسها وخدعت جماهيرها بترويجها للمشروع الامريكي بأنه يحقق الديمقراطية ويضمن حقوق الانسان والحريات العامة في العراق . ولكن الواقع اكد انها شعارات تضليلية وما عرفه الشعب من هذه القوى هو صراعها على مصالحها الذاتية وكل ممارساتها هي انتهاك للحقوق والحريات وبناء سلطة محاصصات وطوائف بدلاَ من بناء دولة مدنية ديمقراطية .في حين نرى ان الاستنتاج الذي خرج به الاتجاه الاول الذي مثله الحزب الشيوعي العراقي حيث اعلن قبل الاحتلال بان التدخل العسكري الخارجي سوف لن يجلب الديمقراطية التي يريدها الشعب ووقف مع هذا الراي كافة قوى اليسار والديمقراطية واكدت تجربة العراق صحة هذا الراي .
ثالثاَ : في ظل الأحادية القطبية في النظام الدولي الجديد . مارست الولايات المتحدة الأميركية دورزعيمة العالم من خلال إحتكارها للقوة العسكرية والأقتصادية والتكنولوجية والأعلامية والدبلوماسية , وإستخدامها لهذه القوة في العلاقات الدولية . نتيجة إنهيار التوازن الأستراتيجي في غياب الأقطاب الأخرى والتحرك بأسم القانون الدولي . أن الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها الخارجية لقد أعطت أولوية للقوة في تنفيذ مشاريعها التوسعية في العالم واحتلال دول وخلق ذرائع لأعمالها العدوانية .
احد اهم اخطر نتائج الاحتلال هو خصخصة الامن :
في ظل النظام الدولي الجديد نظام العولمة الامريكية كل شيئ يخضع لعمليات الخصخصة بما فيها المجال الامني وخصخصة امن المواطن . وتجسد ذلك في الواقع العراقي بعد الاحتلال حيث ظهرت شركات الحماية الامنية , بعد ان انتشرت في البدأ في القارة الافريقية . ان شركات الأمن الخاصة تلعب دوراَمهماَ في تنفيذ السياسات الجيوسياسية لدولة الاحتلال او الدول المالكة لهذه الشركات المتعددة الجنسية الاسباب عديدة ومنها على سبيل المثال . عند حل الجيش كما حصل في العراق قامت هذه الشركات الامنية بحماية ودعم قادة الكتل التي افترست الدولة العراقية بعد الاحتلال وبلا شك امريكا كانت ولا تزال تعول على هذه الكتل لاجل دعمها واسنادها وحمايتها لضمان مصالحها في العراق والمنطقة . وهناك اسباب اخرى منها هو من خلال هذه الشركات الامنية تضمن دولة الاحتلال والدول المالكة للشركات في التدخل في شؤون البلد والاستمرارفي بيع السلاح من خلال عقود للتدريب والتسليح , وما يهم هذه الشركات هو ان يبقى البلد غير مستقر وان الامن منفلت فيه لتمارس هي دورها . واهم شركات الامن المنتشره في العالم اضافة للشركات الامريكية فهناك شركات امن بريطانية وفرنسية واسرائيلية ومن جنوب افريقيا. في العراق بعد الأحتلال في عام 2003 دخلت هذه الشركات في عقود في بغداد من أجل الحماية . ومنها شركة (Black Water) وأن هذه الشركات لاتحترم حقوق الأنسان ولا القانون الدولي ((حيث قام بعض أفراد هذه الشركة في يوم 17-9-2007 على إطلاق النار على مواطنين في ساحة النسور ببغداد وقتلت 17 مواطن وأصيب 30 بجراح))([2]). ومن وجهة نظري يمكن القول أن شركة ( بلاك ووتر) انها تعد أحد أدوات الجبيش الامريكي وال CIA وحلف الناتوفي العراق , لهذا لها وضع خاص لأن أفرادها أشبه مالديهم حصانة وعدم المثول أمام القضاء العراقي , وقد أحيل 5 من عناصر الشركة للمحاكمة في الولايات المتحدة . والأخطر من ذلك فأن تواجد هذه الشركات وتحركها بحرية يعد إنتهاكاُ لمبدأ سيادة الدولة العراقية وهذا بلا شك بموافقة كتل المحاصصة الطائفية والقومية . كما أن خصخصة الأمن بهذه الطريقة يكون عاملاُلأثارة الصراعات الداخلية في ظل غياب الاستقرار وغياب القانون . والاخطر من ذلك بوجود هذه الشركات الامنية قد أسست هذه الكتل ميليشيات مسلحة لها مع عجز الحكومة على حل هذه الميليشيات الى الآن بسبب المحاصصات الطائفية وهذا اخطر ما يواجة امن المواطن العراقي وضمان حقوقة وحرياته التي ضمنها الدستور . أن شركات الأمن قد ظهرت في هذه البيئة الجديدة للنظام الدولي الذي يسود فيه نظام القطب الواحد والعولمة الامريكية واحتكاراتها الاقتصادية المتعددة الجنسية العابرة للقارات .
( يتبع)
25-9-2011

113
أحداث آب في ذكراها ال20 في الاتحاد السوفياتي
وتداعياتها الداخلية والدولية
(4)
فلاح علي
رافق إنهيار الاتحاد السوفياتي جملة من التطورات والمتغيرات السياسيةوالاقتصاديةوالاجتماعية والفكرية والمعلوماتية والتكنولوجية والاعلامية والدبلوماسية ,التي أنهت بالنتيجة مرحلة الثنائية القطبية , وظهور ما يسمى بالنظام الدولي الجديد الذي فسح المجال لتفرد الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها على صعيد السياسة والأمن الدوليين وعلى أثر ذلك طرأت تغيرات عميقة على العلاقات الدولية منذ عام 1991 تأثرت فيها كل شعوب العالم .ان هذا التحول في العلاقات الدولية مثل بداية لجوهر النظام الدولي الذي تحررت فيه الرأسمالية من كل أسوار التوسع على كوكبنا والهيمنة والتفرد وتشكيل قطب احادي .
هيمنة القطب الواحد ومظاهرة :
إن النظام الدولي الجديد الذي عرفه العالم بعد إنتهاء الحرب الباردة تميزبتفرد الولايات المتحدة الامريكية في قيادة العالم وهيمنتهاعلى السياسةالدولية, وهذا يعود لأمتلاكها للقوة العسكرية والأقتصادية والمعلوماتية والتكنولوجيا والدبلوماسية والاعلامية , وأصبحت هناك هوه كبيرة بينها التي تمتلك هذه القوة و بين من لايملكها . وما نتج عنها من هيمنة وتهميش لكل دول العالم بما فيها المنظمات الدولية كالأمم المتحدة و جهازها التنفيذي مجلس الامن  حيث أصبحا غير قادرين على أخذ زمام المبادرة , وحصل إلتفاف على الشرعية الدولية وضرب المواثيق والأتفاقات التي ناضلت شعوب العالم من أجلها. إن الولايات المتحدة الامريكية لقد إنطلقت من وجهة نظري من رؤية في سياستها الخارجية على العالم أن يطيع أوامرها وتوجهاتها وإلا.وبدأت بفرض إرادتها بما يتفق ومصالحها القومية مستخدمة بذلك القوة العسكرية والأقتصادية والضغوط الدبلوماسية وتطورها العلمي والتكنولوجي . وظهرت بيئة جديدة خطيرة في السياسة الدولية تأثر فيها كوكبنا نتيجة هيمنة القطب الواحد ومن ابرز مظاهر هذه الهيمنة الامريكية : تفجرأزمات إقليمية في مناطق عديدة من العالم  مع تدخلات في شؤون الدول وغزو واحتلال وتفكيك بعض الكيانات وإعادة ترتيبها بما يخدم سياسة الولايات المتحدة وإنتهاك لسيادة الدول وبالذات النامية منها وهيمنة سياسة القوة في العلاقات الدولية , وبهذا تم إنهيارمبدأ السيادة الوطنية للدول وهذا المناخ الدولي الجديد قدهيئ الأرضية لعدم الأستقرار في الوضع الدولي وتوتر في العلاقات الدولية , وظهور الحروب والارهاب الدولي .وقد أشرت الى هذه المظاهر في الحلقة الثالثة والتي تعد من ابرز مظاهر النظام الدولي الجديد وسوف أتوقف بالشرح عند أهم مظهر اقتصادي للنظام الدولي الجديد وهو إشتداد التفاوت بين الدول الغنية والدول الفقيرة وتنامي ظاهرة الفقر والجوع في البلدان النامية .
النظام الدولي الجديد هيمنة راسمالية على العالم وتحطيم لعلاقات التكافئ الدولي:
أن حقبة العشرين عاماَ التي نعيشها الآن على انهيار الاتحاد السوفياتي أكدت احداثها ان الفراغ السياسي والعسكري والآيدلوجي والأقتصادي والاعلامي والدبلوماسي , الذي تركة انهيار الأتحاد السوفياتي والذي أدى إلى حدوث تحولات جديدة في العلاقات الدولية فسح المجال فيها للولايات المتحدة الامريكية وحلف الناتو للتحكم بمصائرشعوب العالم , في إطار ظاهرة العولمة الامريكية الراهنة التي جعلت من كوكبنا خاضعاً لأرادة وقوة الأقتصاد ورأس المال والقوة العسكرية التي تفردت بها أمريكا وحلف الناتو . (( أن العولمة ليس هي تقارب ووحدة إنها في الحقيقة تبذر بذور الشقاق والتناحر ولا سيما في الأقتصاد والسياسة قبل أي شيئ فهي ليست وحدة عضوية للعالم , بل هي وحدة فظة ميكانيكية ولذا فأن الأمبريالية لا تجد وسيلة للحفاظ على هذه الوحدة سوى الغلو أكثر فأكثر في إستخدام العنف , وهكذا فأن العنف والحروب ينبثقان من الطبيعة الداخلية للعولمة)) ( [1] ) .  و بهذا فمن وجهة نظري لا بد من الوصول الى الاستنتاج الهام الذي تؤكده وقائع احداث العالم هو أن السياسة الأمريكية في ظل العولمة لا تستطيع أن تخلق عالم موحد يسودة الامن والسلام تحت مظلة قانون دولي عادل ويخلق تكافئ في العلاقات فيما بين الدول, كما ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة ليس هي فقط قائمة على الهيمنة والتوسع واخضاع العالم لها من خلال القوة , وانما وهذا الاهم هولاستغلال ثروات شعوب العالم من خلال احتكاراتهاالتي تمتلك القوة الاقتصادية والقرار السياسي وبذلك فهي تتحكم بالاقتصاد العالمي فتشكل مع احتكارات البلدان الراسمالية الاخرى الاساس الاقتصادي للنظام الراسمالي . فأن هذه الاحتكارات هي القوة الدافعة لقطار العولمة المتوحشة السائر بأتجاه التوسع والهيمنة على اقتصاديات بلدان العالم وبالذات البلدان النامية .
تنامي ظاهرة الفقر والجوع ونهب ثروات الشعوب في ظل النظام الدولي الجديد:
ان الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات التي تقودها الاحتكارات الامريكية والتي تمتلك السلطة الاقتصادية فيها , من خلال امتلاكها للقوة الاقتصادية والتكنولوجية مكنتها ليس فقط في السيطرة على التجارة العالمية وانما من السيطرة في مجال إستخراج المواد الأولية من البلدان الفقيرة, والتي تشمل النفط والغازوالحديد والنحاس ....الخ من المعادن وهذا مكنها من سيطرتها على الثروات الطبيعية للدول الفقيرة وزيادة ربحية الشركات الاحتكارية وتراكم رأسمالها على حساب الدول النامية المالكة للثروات الطبيعية مما أدى الى حصول تفاوت في الثروة . فتحولت الدول النامية الى سوق تجاري لهذه الشركات وبنفس الوقت مصدرة لثرواتها بأسعار رخيصة جداَ,وبهذا اصبحت البلدان النامية تابع إقتصادي وسياسي. ففي ظل النظام الدولي الجديد نجدالسياسة الخارجية التي تنتهجها الولايات المتحدة الاميركية في ظل العولمة تعد من وجهة نظري تهديداَ لمصالح شعوب العالم أجمع وبالذات البلدان النامية(( لأن العولمة المعاصرة هي أعلى مراحل الامبريالية التي مازالت تحمل للشعوب الخوف والحرمان والحرب وتدشن العولمة مرحلة جديدة في مضمار إعادة تقسيم العالم , وتؤذن بتفاقم جميع المشكلات والتناقضات , والعولمة هي عملية تطوير اقتصاد عالمي متكامل لا يشكل اقتصاد كل بلد على حدة سوى حلقة واحدة من الكل العالمي الموحد وتقترن بمزيد من تفاقم التناقضات الملازمة لها , فقد تفاقمت التناقضات ذات الطابع الاقتصادي – الاجتماعي بشدة وتتمثل هذه التناقضات من حيث مستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي بين البلدان المتطورة والبلدان النامية , وبين الشمال الغني والجنوب الفقير)) ([2])  . فأن هذه البلدان تتأثر بالأزمات الأقتصادية التي يمر بها الاقتصاد الرأسمالي وآخرها الازمة المالية التي تعرض لها الاقتصاد الاميركي في عام 2008والتي لاتزال مستمرة الى الآن (( وذلك للتشابك للعلاقات الاقتصادية والمالية عالمياَ نتيجة عولمة الحياة الاقتصادية بطبيعتها الرأسمالية فتتحول الازمة الوطنية في البلد الرأسمالي والتي تفجرت أخيراَ في الولايات المتحدة إلى (أزمة عالمية) تجتاح مختلف البلدان , وبدون إصلاح جذري للازمة المالية مبني على التعددية القطبية في شتى المجالات , في ظل طابع عولمة أكثر عدالة من الطابع الوحشي التمييزي القائم للعولمة الاميركية فأن العالم سيبقى ضحية معاناة من الازمات الدورية المختلفة))([3] )
ففي ظل العولمة الرأسمالية ظهرت مؤسسات لها آليات تتحكم بأقتصاديات العالم وتفرض نمط معين من الأقتصاد على بلدان العالم وتخضع مساعداتها للبلدان الفقيرة  بأشتراطات ومن هذه المؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة الدولية. ومن إشتراطاتها فرض السياسات الأقتصادية على هذه الدول وفق شروط آليات العولمة . وقد نجحت هذه الشروط في تصفية دور الدولة الأنتاجي والخدماتي الذي كانت تقوم به منذ استقلال هذه البلدان في بدايةالقرن الماضي في توفير الخدمات والحاجات لشعوبها ودعم المواد الغذائية .... الخ . فتعمقت الفوارق ليس فقط بين الدول وإنما في داخل المجتمع الواحد , وزاد الجهل والفقر المدقع بصورة غير مسبوقه في الدول النامية . وبدأت مآسات هذه البلدان في ظل النظام العالمي الجديد الذي ينهب ثروات الشعوب ولم يساعدها على التنمية والبناء إلا بأشتراطات وإلايتركها وشأنها ليس في حالة الفقر فحسب وإنما المجاعة التي تهدد حياة ملايين الناس . ومن الامثله على ذلك فعلى صعيد أفريقيا تحول وضعها إلى خطير للغاية (( يبلغ عدد ضحايا الأيدزوالجفاف والقحط أكثر من 13 مليون نسمة .وهناك أكثر من 16 مليون شخص لا يجدون الغذاء الكافي , ومنهم ثمانية ملايين نسمة يعيشون في القرن الأفريقي وذلك بسبب إستمرار الحروب , ووصلت الديون الخارجية لأفريقيا إلى نحو350 بليون دولارعام 2000 ,وتسببت الصراعات والحروب الأهلية في أفريقيا بسقوط نحو أربعة ملايين قتيل))([4]) .
كما أن هناك دول آسيوية مثل باكستان وافغانستان بسبب الفقر والجهل تحولا إلى موطن للأرهاب وإلى زراعة المخدرات حيث تعتبر ((افغانستان أول دولة منتجة للأفيون في العالم الذي يتم تحويلة في المعامل الواقعة على الحدود بين افغانستان وباكستان التي كانت تسيطر عليها حركة طالبان بأعتبارة تجارة رابحة تقدربنحو ملياري دولار سنوياً وتأتي نسبة 95% من المخدرات الواردة إلى أوربا الغربية بما فيها الهيرويين الذي قد يكون المخدر الأكثر فتكاً بالأرواح من منطقة ما يسمى بالهلال الذهبي ( في افغانستان والمناطق المحيطة بها ) وكانت حركة طالبان تذعن لأنتاج الأفيون وتصديرة إلى الخارج وتستفيد من أموال المخدرات لتعزيز ترسانتها الحربية ويعيش على زراعة الخشخاش قرابة 3,3 مليون افغاني وتعتقد منظمة الأمم المتحدة أن مكافحة زراعة الخشخاش والمخدرات عامة , هي أسهل في ظل نظام ديمقراطي , فقد أخذت عملية استئصال زراعة الخشخاش في تايلاند 12 عاماً وفي باكستان 14 عاماً .))([5])  . وهذا مثال صارخ لغياب دور الدولة وغياب عمليات التنمية وهو يعد ايضاَ من افرازات الفقر والجهل والبطالة وغياب الأستقرار والسلم الأهلي حيث كثرت في هذه البلدان الصراعات فيلجأ مافيات وتجار الحروب لتمويل عمليات زراعة المخدرات والمتاجرة بها .
اما دول مريكا اللاتينية فهي تعاني من مشكلة المديونية الهائلة (( ووفقاً لأرقام البنك الدولي فأن مديونيةهذه الدول تتجاوز 800 مليار دولاروهي توازي ثلث مديونية دول الجنوب وهذا يعود إلى خدمة ديونها التي ارتفعت من حوالي 24% من حجم صادراتها إلى ما يقرب من 40% وأن هذا الرقم هو يشكل نسبة عالية لا يتحملها الأقتصاد وهذه هي أحد أسباب التعثر الأقتصادي هناك والتي أدت إلى تباطئ النمو ففي الفترة من 1999- 2000 كان متوسط معدل النمو 1,6%في حين لم يكن هناك نموسنة 2001 )) ([6]) . وهذا بلا شك يعكس ارتفاع معدلات البطالة في هذه البلدان وانتشار الفقر نتيجة التفاوت في توزيع الثروة . (( ففي الوقت الذي تصل نسبة الفقراء في البرازيل وشيلي إلى 22% فأنها تتجاوز هذا الرقم بدرجة كبيرة في الأرجنتين وذلك ناجم عن العجز عن توليد معدل مرتفع من النمو في مجتمعات تتسم بدرجة عالية من التفاوت في توزيع الدخول والثروات الذي يعد الأسوأ بين دول العالم كلها ))( [7] ). رغم أن هذه الدول تمتلك إمكانيات التقدم الأقتصادي مثل البرازيل والأرجنتين لكنها تعاني مشكلات اقتصادية واجتماعية بسبب المديونية العالية والتبعية الأقتصادية .
يشكل الفقر والمجاعة أخطار حقيقية وجدية على مستوى كل بلد وهناك بلدان يعيش نصف سكانها تحت خط الفقر العالمي . وهذا يعتبر من أهم التحديات التي تواجه العالم في القرن الواحد والعشرين . بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفي ظل النظام الدولي الجديد الواقع تحت الهيمنة الامريكية وعولمتها المتوحشة , ولا سيما قد ضعف دور الامم المتحدة في ظل هذا النظام الدولي الجديد .   
واقع البلدان النامية قبل ظهور النظام الدولي الجديد :
على أثر ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى في عام 1917وتأثيراتها الدولية وما رافق ذلك من إنقسام العالم إلى قطبيين وما عرف بالثنائية القطبية ,كان هناك توازن ووجدت إسس للصراع وظهرت الدول الوطنية المستقله والتي تحررت سياسياً من السيطرة الأستعمارية وأخذت تتوجه لبناء إقتصادها الوطني القائم على التنمية والاعمار , وبدأ عدد من هذه البلدان المستقلة بعمليات تأميم ثرواتها الوطنية كالنفط والمعادن الاخرى , وانتاجها وطنياً بعقود تراعى فيها المصلحة الوطنية . وشرعت العديد من الدول قوانين للأصلاح الزراعي وقوانين للعمل ووضعت خطط خمسية لبناء إقتصادها وإضافة لتحررها السياسي , الذي ساعد على تعاظم دور هذه الدول النامية في السياسية الدولية الى ما بعد الحرب العالمية الثانية , إستطاعت أن تتحرر إقتصادياً لحد ما , وكان هناك دور للأمم المتحدة ومنظماتها الدولية في تقديم المساعدات الغير مشروطة للشعوب سواء في الكوارث الطبيعية وغيرها وساعد في ذلك أيضاً المساعدات التي قدمها الأتحاد السوفياتي لدول في آسيا وأفريقيا وأمريكا الللاتينية حيث ساهم في فك إرتباط هذه الدول سواء سياسياً أو إقتصادياً مع الدول الرأسمالية وبتأثير هذه العوامل وظهورحلف وارسو لقد توقف تأثير وتوسع الدول الرأسمالية , مع ضعف هيمنتها في السياسة الدولية وعلى إقتصاديات البلدان النامية . لكن البعض من هذه الدول بحكم تبعية حكوماتها للسياسة الامريكية في فترة الحرب الباردة ناصبت العداء للاتحاد السوفياتي ووقفت في الصراع الدولي إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي ودعمتهما لأجل انهاء نظام القطبية الثنائية وذلك بتأثير من الولايات المتحدة الامريكية وقمعت هذه الدول الاحزاب الشيوعية والقوى اليسارية والديمقراطية في بلدانها ,وبذلك وقفت بالضد من التطور المستقل لبلدانها ومصالح شعوبها المتطلعة للحرية والديمقراطية والتحرروالتقدم الاقتصادي والاجتماعي , فكانت هذه البلدان هي اول الخاسرين بأنهيار الاتحاد السوفياتي ,بعد ان أسهمت في صنع النظام الدولي الجديد الذي أسر الامم المتحدة وحول العلاقات الدولية بعيداَ عن قواعد القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة . ففي النظام الدولي الجديد ليس فقط تراجع دور الدول النامية ومنظمتها الدولية مجموعة عدم الأنحياز في السياسة الدولية بعد ان كان لها دور مؤثر في نظام القطبية الثنائية من خلال عضويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة وموقفها الدولي المتميز. وانما تم شطبها و اسقاطها من حسابات التوازن الدولي بالكامل .لابل واخضاعها للمزيد من التهميش والاقصاء والابتزاز وزيادة أزماتها الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماهية . وتعرضها للاحتلال وانتهاك السيادة الوطنية وللحروب الاهلية . وللمزيد من الفقر والجهل والامراض والمجاعة وفتح ابواب الهجرة والتفكك وتعميق الصراعات السياسية والطائفية والاثنية في داخل مجتمعاتها .
(يتبع)

114
أحداث آب في ذكراها ال20 في الاتحاد السوفياتي
وتداعياتها الداخلية والدولية
(3)

فلاح علي
فشل انقلاب 19/ آب عام 1991 في الاتحاد السوفياتي نتج عنه تداعيات داخلية منها انهيارالتجربة الاشتراكية وانهيارالاتحاد السوفياتي وتفككه, ولكن هذه التداعيات على الصعيد الدولي كان لها نتائج خطيرة جداَ على الأمن الدولي وعلى أمن ومصالح شعوب العالم اجمع ومنها الشعب العراقي . فظهر نظام دولي جديد هونظام القطبية الواحدة,وعلى قمة النظام الدولي الولايات المتحدة الأمريكية , التي فرضت  إرادتها وهيمنتها وتوسعها على العالم بأستخدام القوة في العلاقات الدولية .
 
إنعكاسات إنهيار الأتحاد السوفياتي على  شعوب العالم وعلى العلاقات الدولية :
لا بد لنا أن نعترف بخسارة شعوب العالم الكبيرة ومنها شعبنا العراقي وشعوب منطقة الشرق الاوسط بأنهيار الإتحاد السوفياتي وبأنتهاء نظام القطبية الثنائية فقد غاب التوازن الدولي وخسر العالم قطباَ كان يحدث قدراَ من التوازن في العلاقات الدولية , فأوربا هي الأخرى خسرت لأن أوربا في الأستراتيجيات العالمية كانت أكثرقوة بوجود الأتحاد السوفياتي لأنها هي الآن تابع للولايات المتحدة الأميركية. لهذا فبأنهيارالأتحاد السوفياتي لقد إختل النظام الدولي لصالح الولايات المتحدة الأميركية وقد أدركت أوربا هذا الأمر ورغم أن بعض الدول الأوربية  تتعاطف مع القضايا العربية لكنها لن تتمكن من اتخاذ موقف يتعارض مع المواقف الامريكية مثلاَ فرنسا التي تعاطفت مع الشعب الفلسطيني ضد بناء الجدار العازل من قبل اسرائيل , الا انه بعد طرح القرارعلى مجلس الامن لم تتخذ فرنسا قراراَ يعارض القرار الامريكي حول بناء الجدار العازل , في الوقت الذي كان يضع الاتحاد السوفياتي حداَ للتدخلات الامريكية والغربية في شؤون الدول . فعلى سبيل المثال الانذار الذي قدمه الاتحاد السوفياتي خلال العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956.  وكاد الانكليز والفرنسيين والاسرائليين من بلوغ أهدافهم لولا التدخل السوفياتي النشيط ,الذي أنهى العدوان الثلاثي فوجه انذاراَ إلى كل من فرنسا وبريطانيا واسرائيل في (( 5 تشرين الثاني 1956 في الساعة 23 والدقيقة 30 ولمح إلى إمكان استعمال أسلحة التدمير الحديثة وخاصة القذائف الموجهة ضد البلدان الثلاثة ثم اقترح الاتحاد السوفياتي قراراَ في مجلس الامن إلى مساعدة ضحية العدوان ولكن الولايات المتحدة صوتت ضد تقديم المساعده ))([1]) الانذار السوفياتي على الفور انهى العدوان الثلاثي وتم سحب قوات العدوان من الاراضس المصرية استجابه للانذارالسوفياتي . وبانهيارالاتحاد السوفياتي فقد برزت مشكلات كونية يستحيل معالجتها إلا على أساس كوني , مثل أسلحة الدمار الشامل ونزعها ,ومشكلات البيئه والهجرة والإيدز والفقر والمجاعه والمخدرات  . كما ظهرت مشكلات داخلية في المجتمعات وهي الصراعات الأثنية والدينية وتنامي ظاهرة التطرف أو ما عرف بالأرهاب والتدخل في شؤون الدول الداخلية والحروب والاحتلال وانتهاك السيادات الوطنية واستخدام القوة في العلاقات الدولية فهذه المشكلات وغيرها اصبحت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي يستحيل على كل دولة أن تحلها بشكل منفرد أو أن تتحصن ضدها من هيمنة القوة الامريكية .
 
العالم أصبح اكثر خطوره بعد انهيار الاتحاد السوفياتي :

مشاكل العالم التي كانت قائمة في ظل الثنائية القطبية لم يتم حلها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي , وانما ازدادات تعقيداَ وخطورتاَ واتساعاَ وظهرت مشاكل جديدة وهذاما يؤكد على ان العالم تعرض ويتعرض لمخاطر كبيرة تهدد الامن والسلم الدوليين وذلك بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي وإنتهاء النظام الثنائي القطبيه لنأخذ مثال انتشار الاسلحة المحرمة دولياَ , فلم يتمكن مجلس الامن الى الآن أو لم يتم التوصل بعد إلى وضع معايير دولية محددة وملزمة ومقبولة من الجميع للحد من إنتشار الاىسلحة المحرمة دولياَ . إن كان سباق التسلح في العالم كان محصوراَ بين المعسكريين في ظل نظام الثنائية القطبية , لكن بانتهاء الحرب الباردة وظهور النظام الدولي الجديد , فقد دخلت دولاَ عديدة مسرح سباق التسلح النووي ومنها اسرائيل وكوريا وباكستان والهند ولاحقاَ ايران ....الخ . كما أن بعض الدول الفقيرة والنامية قد توجهت نحو التسلح الكيمياوي والبايولوجي مع أن هذه الدول قد وقعت على حظر التجارب وإنتشار الأسلحة النووية إلا إنها تمتنع على التوقيع على إتفاقية حظر إنتاج الأسلحة الكيمياوية , علماَ أن إسرائيل هي من الدول التي ترفض الى الآن الإنضمام إلى إتفاقية حظر إنتشار الأسلحة النووية . لهذا فدول العالم أجمع تمر اليوم بحالة أشبه إلى حالة الحرب الباردة بعد ان كان سباق التسلح محصوراَ بين المعسكريين.وسباق التسلح الجديد هو نتيجة لاسباب منها سياسة الولايات المتحدة الخارجية وزيادة إنفاقها العسكري وتصدير شركاتها للأسلحة إلى بلدان عدة ونتيجة تفكك الأتحاد السوفياتي وتعرض خبرائه في مجال الأسلحة للأبتزاز المالي سواء من الدول أو بعض الشركات .
كما ان الازمات الاقليمية والتي لها ابعاد دولية والتي كانت قائمة في ظل الثنائية القطبية لن تنتفي على أثر غياب الأتحاد السوفياتي عن المسرح السياسي الدولي . فقد أكدت حقائق السياسة الدولية أن هذه الأزمات أصبحت أكثر إنتشاراً في ظل النظام الدولي الجديد وقد إجتاحت مناطق عديدة في العالم . كما انه لا تزال الأزمة بين الكوريتين لم تحل بعد وكلاهما مسلحان تسليحياً تدميرياً هجومياً . والصراع التركي اليوناني حول قبرص لم يحل بعد بشكل نهائي ولا تزال المشكلة التايوانية تؤثر في دول منطقة شمال شرق آسيا , والنزاع المزمن بين الهند وباكستان حول كشمير لم يحل بعد ويتفاقم , والشيئ نفسه ينطبق على النزاع الذي لانهاية له بين اسرائيل التي لا تزال تحتل أراضي عربية والفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم الوطنية المستقله وعاصمتها القدس , لا بل حتى الحروب الاهلية قد انتشرت في بلدان عدة بغياب الاتحاد السوفياتي واصبح العالم اكثر خطورة عما كان عليه خلال الثنائية القطبية .
 
العلاقات الدولية في ظل النظام الدولي الجديد :

التحول الذي حصل في العلاقات الدولية بعد إنهيار الأتحاد السوفياتي , قد ادى الى تحرر السياسة الخارجية للولايات المتحدة من كل قيود التوسع اللامحدود . وقد مكنها من إحتكار اتخاذ القراروالهيمنة والتوسع باسم الشرعية الدولية ,وذلك لامتلاكهاالقوة الأقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية والأعلامية وتطويرها لأنتاج النظم المعرفية والفلسفية والأتصالات , التي عززت قيادتها للنظام العالمي الجديد . وقد مكنها إمتلاكها لهذه القوة في تفردها لقيادة العالم في ظل مناخ منهزم ومنكسر بعد إنهيار الأتحاد السوفياتي .
إن النظام الدولي الجديد الذي عرفه العالم بعد إنتهاء الحرب الباردة تميز بتركيز شديد للقوة لدى قطب واحد وأصبحت هوه كبيرة بين من يملك هذه القوة ومن لايملكها . وما نتج عنها من هيمنة وتهميش للأطراف الأخرى بما فيها الأمم المتحدة والتي أصبحت غير قادرة على أخذ زمام المبادرة , وحصل إلتفاف على الشرعية الدولية وضرب المواثيق والأتفاقات التي ناضلت شعوب العالم من أجلها أكثر من نصف قرن . إن الدولة العظمى المهيمنة على النظام الدولي الجديد في عصر عولمتها المتوحشه القائمة على السياسة النيوليبرالية الجديدة , إنطلقت في سياستها الخارجية من رؤية على العالم أن يطيع الولايات المتحدة الأميركية وبدأت بفرض إرادتها بما يتفق ومصالحها القومية مستخدمة بذلك القوة العسكرية والأقتصادية وتطورها التكنولوجي . وقد إبتدعت حرباً جديدة مخيفة ومدمرة ( حرباً بلا خسائر بشرية ) في صفوفها وهي حرب الطائرات والقصف الجوي من مسافات بعيدة التي تدمركل شيئ مستهدف على الأرض . ان هذه السياسة أدت الى التوتر في العلاقات الدولية وتفجرت أزمات إقليمية وتدخلات في شؤون الدول وتفكيك بعض الكيانات وإعادة ترتيبها بما يخدم سياسة الولايات المتحدة وإنتهاك لسيادة الدول وبالذات النامية وهيمنة سياسة القوة في العلاقات الدولية .
 
الولايات المتحدة الامريكية والشرعية الدولية :

الولايات المتحدة من خلال هيمنتها على المنظمة العالمية ( الامم المتحدة) استخدمت اساليب الاغراء ومنح الامتيازات مع ممارسة الضغوطات الاقتصادية والدبلوماسية بهدف استحصال قرار من مجلس الأمن لتتحرك بأسم (مجلس الامن) بهدف الحفاظ على السلم الدولي ولكن شعوب العام تدرك تماماَ أن مجلس الأمن بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي تحول إلى أداة طيعة بيد الولايات المتحدة الأمريكية في تصفية حساباتها وإ فتعال وإدارة الأزمات الدولية بما يتلائم مع مصالحها ويعزز هيمنتها وزعامتها لهذا فهي توظف الشرعية الدولية وأصبح حلف الناتو ينفذ قرارات المنظمة الدولية للامم المتحدة مثال كما في قضية يوغسلافيا السابقة . (( قام حلف شمال الأطلسي في 24/ مارس 1999 بقصف يوغسلافيا السابقة وصربيا لأجبار يوغسلافيا التوقيع على إتفاقية لحل مشكلة إقليم كوسوفو ))([2] )  واحتلال افغانستان والعراق والقصف الجوي على الدول المستهدفه ..... الخ ويساعدها في ذلك الفصل السادس والسابع من الميثاق الدولي .إذاَ العلاقات الدولية في ظل نظام القطبية الواحدة قد تميزت بتركيزالقرار والقوة في قطب واحد  والألتفاف على الشرعية الدولية وتهميش دور الأمم المتحدة والمواثيق الدولية  .
 
في ظل النظام الدولي الجديد حل الناتو محل الشرعية الدولية :

إن النظام الدولي الجديد الذي بدأ بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وإنتهاء الحرب الباردة هو في الواقع هيمنة كونية أمنية للولايات المتحدة الأميركية .مورست فيه دبلوماسية القصف الجوي والحظر والحصار الأقتصادي والتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان والاحتلال والتوسع وفرض الهيمنة . فأعطت الولايات المتحدة الامريكية الدورالطليعي للناتو في بناء هذا الأمن الامريكي . ومن اجل اعطاء الناتو هذه المهمه فقد حولته إلى قوة سياسية وعسكرية كبرى متحكمة في مجريات العلاقات الدولية فارضة من خلاله سياستها وشروطها وآلياتها في السياسة الدولية في ظل نظام العولمة الامريكية . وإن هذه المهام لحلف الناتو وتحويلة إلى قوة سياسية وعسكرية كبرى في العلاقات الدولية . إنما يكشف عن زيف نظرية النظام الدولي الجديد . لأن التذرع بالشرعية الدولية وإحترام حقوق الأنسان ونشر مبادئ الديمقراطية وضمان الأمن والأستقرار لا تأتي من خلال خلف عسكري والتي إنتهت مبررات وجوده بعد زوال خطر الأتحاد السوفياتي والبلدان الأشتراكية . وأن المهام التي أوكلتها للناتوبإتجاه فرض وصاية الحلف ليس فقط على القارة الأوربية وإنما على مناطق أبعد من الكرة الأرضية وبالذات الجنوب المتمرد على سياستها من خلال إنتشار توسع الحلف وشمولة دول أخرى وبالذات دول أوربا الشرقية وجمهوريات سوفياتية سابقة  وما شجع على هذا التوسع لحلف الناتو هو التحولات السياسية والجيواستراتيجية التي شهدها النظام الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ,فوضعت استراتيجيتها العسكرية الجديدة على ضوء هذه المتغيرات.
وإن الولايات المتحدة الأميركية في أعمالها التي تنفذها على ضوء استراتيجيتها الجديدة , التي كانت قائمه على ( الحرب الوقائية) وحولتهاالى ( الحرب الهجومية) . انها في تحركها العسكري تضع اسباب ومبررات وأيضاَ تعلن انها تتحرك باسم الشرعية الدولية وهناك أحداث كثيرة قد نفذتها الولايات المتحدة الامريكية ومنها على سبيل المثال غزو العراق وإحتلاله . ولكن حقيقة تحرك الجيوش الامريكية وحلف الناتو يرتكز على أهداف أخرى غير معلنه لا تخفى على المتابع السياسي ومنها  أهداف إقتصادية وأهداف جيواستراتيجية  وذلك من أجل وضع يدها على حقول النفط وخاصة في منطقة الخليج و الدول المنتجة للنفط وإستغلالها من قبل شركاتها ((وليس مستغرباَ أن يكون بين أعوام 1953 و2004 كان لكل وزراء الخارجية الامريكيين علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالشركات البترولية الكبرى وليس مستغرباَ على ضوء ذلك أن يكون الرهان على البترول حاسماَ في عملية اتخاذ القرار الاميركي))([3])  ان الولايات المتحدة الأمريكية في توسعها لحلف الناتو وشمول عضويته لدول في أوربا الشرقية و تدخلاتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط وتواجدها في منطقة الخليج هو لهدف تأمين المصالح الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية وليس بهدف الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الانسان كما تدعي لأنه لحد الآن لا يوجد بلد ديمقراطي في المنطقة بما فيها البلدان التي إحتلتها مثل العراق و كثير من الدول الموالية لها أو حتى التي احتلتها حديثاَ هي تنتهك حقوق الأنسان وهي لم تتدخل لوقف هذه الأنتهاكات كما لا تزال تمارس إسرائيل الحليف القوي والاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية إنتهاكات لحقوق الإنسان في فلسطين ولبنان بدعم واسناد من قبل الولايات المتحدة الامريكية .
 
في ظل نظام العولمة الامريكية غاب الاستقرار الدولي من كوكبنا :

النظام العالمي الجديد الأحادي القطبية المحكوم بالسياسة النيوليبرالية الجديدة للنظام الرأسمالي في طوره  العولمة الأمريكية . شهد العالم في ظله تغيرات في موازين القوى لصالح المشروع الأمريكي في الهيمنة والتوسع . فعند إنتهاء حرب الخليج الثانية أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش بداية عهد جديد في الفكر الأستراتيجي الأمريكي ((ففي خطاب له أمام طلبة الأكاديمية العسكرية في  (بنسلفانيا) عام 1992 قال فيه  لقد حان الوقت لتقول أمريكا للعالم أن عهداَ جديداَ قد بدأ , عهد ستصنعه الولايات المتحدة الأمريكية بمبادئها الليبرالية , إنه نظام جديد تأخذ فيه الولايات المتحدة الأمريكية على عاتقها مسؤوليات جسيمة ولكنها قادرة على تحملها لأننا شعب خلقنا لتحمل المسؤوليات الدولية ))([4]). و من خلال تصريح الرئيس الأمريكي بوش الذي أعلنه بعد تفكك وإنهيار الأتحاد السوفياتي يتضح منه إنه أراد أن يؤكد أن أمريكا قد أصبحت  القوة الأولى في العالم وعلى رأس إدارته , وبهذا أرى مايقصده الرئيس بوش في خطابه ليؤكد أن أمريكا أصبحت قادره على قيادة وإدارة التحولات في العالم بعد إنهيار الأتحاد السوفياتي , وبأمكانها أن تفرض على دول العالم سياستها . فكل الاحداث التي وقعت ما بعد الحرب الباردة قد ساهمت في عدم الأستقرار في مناطق عديدة من العالم . ان الاستراتيجية العسكرية الجديدة بعد ان اصبحت هجومية فوضعت في أولوياتهااسقاط الأنظمة من خلال عمل عسكري بعد ان تجد مبررات لتحركها العسكري وقد دشنت ذلك في إفغانستان وأسقطت نظام طالبان ووجدت مواقع لها في إفعانستان . وهذا مما دفع روسيا والصين وإيران من إتخاذ إجراءات تحسباً لتواجد قوات أمريكية متطورة تسليحاً وتدريباً بالقرب من حدودهما وهذا يزيد من حالة عدم الأستقرار في الوضع الدولي . وفي سابقة دولية خطيرة وفي أجواء إقليمية ودولية مختل فيها التوازن لصالح الولايات المتحدة الأميركية فقد أدارت الولايات المتحدة الأمريكية الأزمة مع العراق بالتخبط والأضطراب والتفرد في إتخاذ القرار . فبعد أن كانت تبرر الضربات الجوية والحصار المفروض على الشعب بذريعة فرض إحترام الشرعية الدولية التي جسدتها قرارات مجلس الأمن . وفي ظلل هذا الوضع الدولي المضطرب وغير المستقر وغياب التوازن لقد تفردت بدون العودة ثانية إلى مجلس الأمن لوجود معارضة من روسيا والصين وحتى دول في حلف الناتو فرنسا وألمانيا وأقامت تحالف مصغر مع بريطانيا وإشراك رمزي من بعض الدول وشنت الحرب على العراق وإحتلت البلد . إن إسقاط نظام يمارس البطش والعنف ضد الشعب هو شأن داخلي يضطلع به الشعب والجيش . أما شن عدوان خارجي وغزو البلد وإحتلاله بأسم الشرعية الدولية فهو يعتبر عدوان على قواعد القانون الدولي وضد ميثاق الأمم المتحدة (لأن الولايات المتحدة لم ترجع إلى مجلس الأمن ثانية عندما إتخذت قرارها بالحرب).  وبعملها هذا إنها أي الولايات المتحدة قد تحولت إلى الحاكم والمرجعية على العالم وجعلت مجلس الأمن والأمم المتحدة تأتي بالدرجة الثانية . وهي بهذا العمل ليس فقط قد همشت مجلس الأمن ومعظم القوى الدولية وإنما قد وجهت رسالة إلى القوى الصاعدة وكل دول العالم أن قراراتها الأستراتيجية لا يمكن إلا أن تنفذ . وبهذه السياسة قد هيئت بيئة لعدم الأستقرار الدولي في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط .  وأوجدت مبررات للعودة لسباق التسلح  أن هذا السلوك في العلاقات الدولية يفسح المجال أمام بعض القوى الدولية والأقليمية للتدخل في العديد من المناطق الملتهبه, كما هو التدخل الايراني والخليجي والتركي في الشؤون الداخلية لبلدنا العراق والتأثير فيه داخلياَ بما يخدم مصالحها بحجة حماية أمن حدودها.والتدخل في شؤون الدول يعد تقييداَ لحريتها وإعتداء على سيادتها واستقلالها , وتشكل التدخلات الخارجية مخاطر للبلد والعراق مثالاَ ومن هذه المخاطر ان التدخلات الدولية والاقليمية هيئت بيئه لنمو الجماعات المتطرفة المسلحة والعنف الطائفي والديني والتصفيات الجسدية وعدم القدرة على ضبط الحدود وتهريب الأسلحة والمخدرات وبروز ظاهرة الهجرة والنزوح واللجوء إلى دول أخرى . وهذه كلها تسهم واسهمت في ضعف توفير الخدمات لأبناء الشعب وقلة فرص العمل وزيادة الحرمان وعدم العدالة في توزيع الدخل والتباطئ في عمليات التنمية والأعمار وقد تؤدي إلى الأنهيار الأقتصادي . والصراع على السلطة وإستشراء الفساد وغياب الامن والامان والأستثمار وتدمير البنية التحتية , وضعف الحكومة التي تشكلت بفعل عوامل اقليمية ودولية والتي قامت على اساس المحاصصة الطائفية والقومية في ظل قانون انتخابات لا ديمقراطي , ان ضعف الحكومة ادى الى ضعف فرض سلطة القانون وهذا مما يجعل البلد معرض لدورات العنف وعدم الأستقرار وتعقد الوضع السياسي وبروز الازمات المستعصية الحل . فالاحتلال الامريكي اسهم بعدم الاستقرار في العراق والمنطقة .ان الولايات المتحدة الامريكية بررت احتلالها بالبحث عن اسلحة الدمار الشامل وبالدفاع عن حقوق الأنسان والنهوض بالديمقراطية . في الوقت الذي أكدت فيه تجارب الشعوب أن الديمقراطية وحقوق الانسان لا تأتي من خلال القوة العسكرية من الخارج, وهذا هو العراق مثال على ذلك.
ان النظام الدولي الجديد لم يكن هو البديل الأفضل لنظام الثنائي القطبيه الذي فرض حالة التوازن الدولي وبغيابه سيطر منطق القوة في العلاقات الدولية وغطرسة القطب الواحد على العالم وأسر الامم المتحدة والتعامل مع ميثاقها الدولي بشكل مزدوج .
( يتبع)
3-9-2011 .
 

115
أحداث آب في ذكراها ال 20 في الاتحاد السوفياتي
وتداعياتها الداخلية والدولية
(2)
فلاح علي
الانقلاب الذي وقع في 19/آب اذا كان يهدف الى منع توقيع الاتفاقية الاتحادية الجديدة , لكنه استخدم كذريعة من قبل دعاة الاستقلال واصبح عامل مسرع لتفكك الاتحاد السوفياتي . فقد دار صراع حول شكل الاتفاقية الجديدة قبل الانقلاب , وبعد الانقلاب وضعت بنود لاتفاقية جديدة من قبل غورباتشوف رغم وجود معارضة لها, لكن دعاة الاستقلال التام رفضوا التوقيع عليها , لوجود نصوص فيها تؤكد على وجود الاتحاد أي الاتحاد السوفياتي ,كان الرجل المعرقل والممانع على بقاء الاتحاد السوفياتي هو رئيس جمهورية روسيا الاتحادية يلتسن . حيث لديه فكرة او خطة لاتفاقية ثانية يدعوا فيها الى الاستقلال التام عن الاتحاد السوفياتي يشاطره في الراي رئيس جمهوربة اوكرانيا , رغم ان الفكرة لم تكن واضحة وغير ناضجة قانونياَ وغير مقبولة لكنها مدعومة خارجياَ من الولايات المتحدة الامريكية , وقد أثارت المشاعر القومية وانتصرت في النهاية في ظروف غامضة وتفكك الاتحاد السوفياتي .
 
الخطوات العملية لتفكك الاتحاد السوفياتي :
في 2/ ايلول/1991افتتح مجلس السوفيات الاعلى للجمهوريات السوفياتتية جلسة طارئة , ما حصل في هذه الجلسة اجتمع ميخائبل غوراتشوف ورؤساء عشرة جمهوريات سوفياتية واقترحوا الخطوات التالية :
- يشكل مجلس الجمهوريات يكون بديل عن مؤسسات السلطة السوفياتية الذي يضم القيادات العليا في مؤسسات الجمهوريات , ويكون هذا المجلس الاطار القيادي الاعلى لاتحاد الجمهوريات التي ستوقع الاتفاقية الاتحادية الجديدة .
- واقترحوا تشكيل لجنة تعاون اقتصادي بين الجمهوريات , كبديل عن الحكومة السوفياتية . كما اقترحوا ابرام اتفاقية عسكرية للدفاع المشترك بهذا يعتقدون الحفاظ على المؤسسة العسكرية السوفياتية والتي تشكل الجيش الموحد للجمهوريات .
غالبية اعضاء مجلس السوفيات الاعلى للجمهوريات الذين كانوا حاضرين في هذا الاجتماع , لم بستوعبوا هذا الطرح المفاجئ بالنسبه لهم ( الذي قدمه نور سلطان نزربايف الرئيس الكازاخي) واشار بناء على اتفاق مسبق مع غورباتشوف الذي كان يتراس الاجتماع . ودار جدل وصراع حاد في الجلسة على أثر ذلك اعلن غورباتشوف عن استراحة لعدة ساعات وبعد الاستراحة عاد الجميع الى الاجتماع , ووجه البعض من اعضاء المجلس الاتهامات المباشرة لغورباتشوف ومن معه من مؤيدي الاتفاقية بالخيانة , الامر الذي أغضب غورباتشوف ومن معه من مؤيدي الاتفاقية وهدد اعضاء مجلس السوفيات بطردهم اذا لم يحافظوا على الهدوء وينهوا عملهم بالحسنى ودون اية اشكالات.
- في الخامس من ايلول/1991 انهى المجلس اعمال جلساته الطارئة بموافقته على كل الوثائق التي قدمها الرئيس غورباتشوف والتي تتضمن تفاصيل الاتفاقية الاتحادية الجديدة ونصها الذي يجب توقيعه , والتوقيع النهائي للاتفاقية يتم بعد عرضها على البرلمانات المحلية للجمهوريات لتوافق عليها او تجري تعديلات على نصوصها وبعد موافقة البرلمانات يضع الرؤساء توقيعهم عليها لتصبح مرجعاَ دستورياَ اعلى لتنظيم علاقاتهم  ([1])
هذه الاتفاقية يبدوا كانت احد الخطوات العملية الاولى والقانونية التي شكلت اللبنة الاساسية لانهيار الاتحاد السوفياتي الدولة العظمى , حيث كان مضمون هذه الاتفاقية يتضمن الاقرارباستقلال الجمهوريات السوفياتية من جانب , والغاء مجلس السوفييت الاعلى من جانب آخر , رغم وجود نصوص فيها على بقاء الاتحاد بين الجمهوريات .
- قرارغوراتشوف باستقلال جمهوريات البلطيق يعد الخطوة الثانية لتفكك الاتحاد السوفياتي :
ان اول قرار اتخذه مجلس السوفيات الاعلى بعد هذا الاجتماع مباشرة هو الاعتراف بجمهوريات البلطيق.
 
فماهي حقيقة هذا القرار الذي جاء بتدخل وضغط امريكي:
عقب فشل محاولة الانقلاب أعلنت واشنطن لأول مرة بأكبر قدر من الصراحة تأييدها لانفصال جمهوريات البلطيق تمهيداَ لاعلان تأييدها لانفصال بقية الجمهوريات السوفياتية. جاء الاعلان على لسان الرئيس بوش يوم  22 / آب 1991  ولم تمضٍ عدة ايام حتى أعلن غورباتشوف لأول مره موافقته على انفصال جمهوريات البلطيق , ولم يكن من المصادفة عقب فشل محاولة الانقلاب أن يربط وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر بين إستقلال دول البلطيق وبين تقديم مزيد من المساعدات للإتحاد السوفياتي))( [2] ) .
الولايات المتحدة الاميركية بعد انتصارارادتها في حرب الخليج الثانية , أخذت بممارسة سياسة الضغوطات على دول العالم وبالذات الاتحاد السوفياتي , بما فيها الضغوطات الاقتصادية , واستخدامها كسلاح في التدخل في شؤون الدول لتنفيذ سياستها النيوليبرالية الجديدة على دول العالم وعلى سبيل المثال ماحصل في روسيا .فبعد أن مكنت يلتسن باعتباره رئيس اكبر جمهورية سوفياتية من تمرير إنقلابه فقد دعمته وشجعته ليس فقط على المضي في مشروع تفكك الاتحاد السوفياتي , وانما دعمته في إتخاذ قرارات تخدم سياستها  في مجالات الخصخصة الاقتصادية  .
- مع وجود غورباتشوف كرئيس للاتحاد السوفياتي , لكن الولايات المتحدة الامريكية كانت تجري اتصالات مباشرة مع يلتسن حول بعض امور السياسة والاحداث الدولية  وتتجاهل وجود غورباتشوف كرئيس لدولة للاتحاد السوفياتي العضو في مجلس الامن , وتشجع بقية رؤساء الدول الغربية على ذلك فقد كتب جورج بوش رسالة الى غورباتشوف جاء فيها (عزيزي ميخائيل أريدك ان تعلم انني اتصلت هاتفياَ بيلتسن يوم 25/ سبتمبر لأطمئن عنه واسأل عن صحته ... وفي سياق الحديث أشار يلتسن الى علاقته الجيدة معكم )([3]) .
- توجه يلتسن الى البرلمان الروسي وبموافقة الحكومة الروسية التي ترأسها في تلك الفترة في الحصول على صلاحيات واسعة تسمح له بأيقاف وإلغاء اي قرار صادر عن القيادة الاتحادية التي كان يترأسها غورباتشوف في حال تعارض هذا القرار مع الدستور والقانون الروسيين ’ وهذا ما اعطى ليلتسن صلاحيات قانونية واسعة تسمح له بالمضي في مشروعة باستقلال روسيا , ومع مرور الوقت اصبحت القيادة الاتحادية مجرد شكل , في حين كان الرئيس الروسي يلتسن يتصرف ما يراه مناسب لتنفيذ مشروعه في تفكك الاتحاد السوفياتي واستقلال روسيا .
- في 25/ نوفمبر / 1991 دعا غورباتشوف لاجتماع لمجلس الجمهوريات , أراد غورباتشوف بهذا الاجتماع توقيع الاتفاقية الاتحادية بشكل نهائي لغرض عرضها على برلمان الجمهوريات التي يجب ان تصوت اما بقبولها او اجراء تعديلات عليها . في هذا الاجتماع يلتسن رفض التوقيع على الاتفاقية وقال اذا لم تغيير الصيغه المثبته في الاتفاقية ( جمهورية فيدرالية وتحل محلها كونفدرالية جمهوريات) فان البرلمان الروسي لن يوقع عليها .([4])
- ما اراده يلتسن من تلك الممانعه ليصبح وحده رئيس في موسكو ومقره في الكرملين الذي انتقل الى طابقه ال14 بعد فشل المحاولة الاتقلابية وبقى غورباتشوف في الطابق الاول وان لا ينافسه احد على هذا الموقع وعلى الكرملين فبرأي يلتسن ان الكرملين لم يعد يتسع الا لرئيس واحد , وبدأ يتمرد على قرارات السلطة السوفياتية الاتحادية , وشعر انه حصل على استقلال وهذا الشعور راود عدد من رؤساء الجمهوريات بسبب الموقف المتمرد لرئيس اكبر جمهورية سوفياتية وهي روسيا  .
- (في 1/ ديسمبر / 1991 جرى استفتاء شعبي في اوكرانيا , فأيد 90% من المشاركين في الاستفتاء موافقتهم على اعلان استقلال اوكرانيا , وهذا ما يريده يلتسن فسارع على الفور بالاعتراف باستقلال اوكرانيا بصفته رئيس روسيا , وبقراره المتفرد هذا كأنه يقول لا وجود للاتحاد السوفياتي بعد اليوم ولا توجد ضرورة بعد اليوم لوجود غورباتشوف بالكرملين , واتصل غورباتشوف تلفونياَ بيلتسن ليبحث معه ما استجد في لقاء الا ان يلتسن كان ثملآ ولم يوافق على عقد لقاء) .([5] ) .
من نقاط ضعف غورباتشوف انه كان يبحث عن مكان له في هذا الاتحاد الجديد , ولم يتصرف كونه رئيس للاتحاد السوفياتي ولديه صلاحيات منحها له الدستور للحفاظ على هذا الاتحاد . وقد ظهرت في هذه الفترة النزاعات القومية في ( كارباخ) بين الارمن والاذربيجانيين , وفي ( ابخازيا) بين الجورجيين الابخاز والروس وتدخل روسيا في هذا النزاع , وفي ( ملدافيا)  بين الملدفان والروس في منطقة  (بريدنيستر) , وفي الشيشان بين الشيشانيين والجيش الروسي , اي في هذه الفترة تصاعد المزاج القومي , مع تصاعد التدخل الامريكي للاسراع بتفكك الاتحاد السوفياتي , مع عجز غورباتشوف على ادارة الازمة
-الاتفاقية الجديدة برفض يلتسن التوقيع عليها وبعد استقلال اوكرانيا اصبحت حبر على ورق . اخبريلتسن غورباتشوف بانه سيتوجه الى جمهورية بيلاروسيا للقاء الرئيس البيلا روسي ( شوشكيفيتش) وقد يتحدث مع الرئيس الاوكراني ( كرافتشكوف) ليسمع وجهة نظرهما بمستقبل الاتحاد السوفياتي .
- عقد لقاء في بيلاروسيا  في مساء 7/ ديسمبر / 1991 بين الرؤساء الثلاث البيلا روسي والروسي والاوكراني, اقترح يلتسن في اللقاء ان يكون فريق عمل من المختصين بقوم باعداد ورقة تتضمن مقترحات لتشكيل اتحاد يتناسب مع متطلبات الجمييع , وافق الحضور على المقترح , وتكون فريق العمل الذي ترأسه وزراء الخارجية للدول الثلاث . وفي اجتماع وزراء الخارجية طرح سؤال حرج في الاجتماع , كيف ستوقع ثلاث جمهوريات سوفيتية اتحادية , اتفاقية جديدة بدون مشاركة الجمهوريات الاخرى .
- وزير الخارجية الاوكرانية جاوب على هذا التساؤل فكان جوابه ( الاتحاد السوفياتي قد تأسس في عام 1921 بعد ان وقعت اربعة جمهوريات مستقله ( روسيا, أوكرانيا , بيلاروسيا , وزانفقار ) وبما ان الجمهورية الرابعة التي تضم الاتحاد الفيدرالي ما وراء القفقاز قد ألغيت . والآن لدينا ثلاث فقط من هذه الجمهوريات التي أسست الاتحاد السوفياتي , والتي مازال كل منهما يمتلك الحق في تقرير مصير الاتحاد. المجتمعون أعجبهم الاسلوب والافكار التي  طرحها ( شاخراي) وزير الخارجية الاوكراني .
- وفي صباح يوم 8/ ديسمبر / 1991  حصل الرؤساء الثلاث على نسخ من مشروع الاتفاقية التي اعدها وزراء الخارجية أعجب جميعهم بها , والتي حملت اسم ( صداقة الدول المستقلة) وأكثر ما أعجب الرؤساء هو كلمة ( المستقلة) . وبهذا وقع الرؤساء الثلاث على الاتفاقية , وبتوقيعهم هذا كان توقيع على إنهيار الاتحاد السوفياتي .
- وزير الخارجية الروسي ( كوزبريف ) الذي كان حاضراَ في الاجتماع يقول بعد ان وقعت الاتفاقية فتحت زجاجات الشمبانيا .
 
دور الولايات المتحدة في توقيع اتفاقية تفكك الاتحاد السوفياتي :
عندما سأل ( كوزبريف) عن اتصالاتهم بالرئيس الامريكي بوش اثناء مفاوضات الرؤساء الثلاث حول اتفاقية تفكك الاتحاد السوفياتي , اجاب في الواقع قمنا بأبلاغ جورج بوش بما توصلنا اليه بعد ان أنهينا عملنا , وأنا الذي قدمت نصيحة بأن نضع بوش في صورة الوضع المستجد , وأكدنا له ان الزر النووي تحت السيطرة , ويشير ( كوزبريف) في حديثة لقد إنزعج غورباتشوف لأننا لم نتصل به أولاَ قبل إتصالنا مع بوش . علماَ ان يلتسن اتصل هاتفياَ مع وزير الدفاع السوفياتي ووزير الداخلية السوفياتي لان هؤلاء يشكلون مركز قوة يهددون كل ما تم الاتفاق علية وأغراهم ومنحهم امتيازات في الاتحاد الجديد قبل الاتصال ايضاَ بغورباتشوف ([6]) .
الواقع يؤكد انهم سواء اتصلوا بغورباتشوف أو لم يتصلوا , فأن الرؤساء الثلاث بتوقيعهم الاتفاقية في يوم 8/ ديسمبر 1991 وبالتنسيق مع جورج بوش الرئيس الامريكي قد اعلنوا عن تفكك الدولة العظمى وجاء هذا التوقيع ليحدد تأريخ انهيار الاتحاد السوفياتي .
هنا يطرح سؤال لماذا اتصلوا بالرئيس الامريكي بوش ولم يتمكنوا من الاتصال بالرئيس السوفياتي آنذاك غورباتشوف ؟ ما اكد عليه غورباتشوف ان الاتفاقية وقعت من خلف ظهر مجالس السوفيات للجمهوريات ولام يلتسن على المكالمات الكثيرة التي اجراها مع بوش خلال يوم واحد . علماَ ان يلتسن بعد الاتفاقية قد ألغى القوانين السوفياتية ضمن حدود روسيا الاتحادية وهذا ممازاد من التوتر في البلاد حسب ما عبر عنه غورباتشوف .
- وفي يوم 18/ ديسمبر وافق مجلس السوفييت لجمهورية روسيا الاتحادية على الاتفاقية بغالبية الاصوات كما ايد برلمان جمهورية اوكرانيا وجمهورية بلا روسيا نص الاتفاقية , وبهذا أزالت هذه الجمهوريات الثلاث دولة الاتحاد السوفياتي من الوجود واسقطوها  .
- غورباتشوف لم يقدم استقالته احتجاجاَ على الخطوات العملية الجارية بتنسيق مع الخارج لتفكك الاتحاد السوفياتي , وبنفس الوقت لم يستخدم صلاحياته التي منحها له الدستور , وهذه هي من نقاط ضعف غورباتشوف ومع هذا كان ينتظر نتائج اجتماع مقرر عقده في 21/ ديسمبر في مدينة الماتا عاصمة كازاخستان , يحضره رؤساء الجمهوريات السوفياتية وحضرة يلتسن , وعقد الاجتماع وفي اول يوم الاجتماع ,أعلن قادة إحدى عشرة جمهورية عن إلغاء الاتحاد السوفياتي وقيام ( صداقة الجمهوريات المستقلة) , حيث إنضمت اليه جميع الجمهوريات عدا جورجيا وجمهوريات البلطيق الثلاث التي حصلت على استقلال . وأعد الرؤساء المجتمعون رسالة الى غورباتشوف يبلغونه قرارهم بألغاء الاتحاد السوفياتي , وكل مؤسسات السلطة السوفياتية بما فيها الرئيس وطاقمه الاداري والتنفيذي . وفي مؤتمر صحفي قال يلتسن سنحدد للرئيس غورباتشوف راتب تقاعدي مع فيلا في القرية الحكومية مع حرس مع سيارة ( تشابكا) التي يستخدمها القادة السوفييت ومن بعدهم الروس الا انه لاحقاَ صودرت السيارة وخفض عدد الحرس وألغية الحصانه الدبلوماسية عنه وتم مصادرة الفيلا وكان ذلك  بقرار من يلتسن ..
في حين نجد ان يلتسن ابقى كل هذه الامتيازات له عندما استقال في عام 1999 , في يوم 23/ ديسمبر/ 1991 عقد اللقاء الاخير بين غورباتشوف ويلتسن ودام عشرة ساعات , وفي اليوم الثاني ودع غورباتشوف طاقمه الاداري . وفي الخامس والعشرين من ديسمبر وبالتحديد في ليلة عيد الميلاد أعلن غورباتشوف عن استقالته كرئيس سوفياتي بسبب هذه المستجدات وفي مساء ذلك اليوم وقع غورباتشوف أمراَ بتسليم مهام القائد العام للجيش والقوات المسلحة للرئيس يلتسن كما سلم ( الحقيبة النووية) لوزير الدفاع الجنرال( شابوشنيكوف) . ([7]) .
 بعد سقوط الاتحاد السوفياتي  كدولة عظمى وانهياره وتفككه لعدة جمهوريات مستقلة ,بهذا قد سقطت كل الحواجز أمام العولمة الرأسمالية المتوحشة وأصبحت ثروات الشعوب في يد الشركات المتعددة الجنسية وأصبح الاستقلال السياسي للدول معرض للتدخل والانتهاك وربطت إقتصاديات بلدان العالم بالإقتصاد الرأسمالي العالمي وأصبحت القرارات الدولية بيد دولة القطب الواحد, وهكذا قد شهد العالم مرحلة جديدة بظهور نظام القطبية الواحدة .
23-8-2011 .
( يتبع)

 
 
 
 
 
 


________________________________________


________________________________________


________________________________________
[1] - ليونيد ميلتشين . تاريخ روسيا الحديثة من يلتسن الى غورباتشوف . ترجمة واعداد طه ولي . منشورات دار علاء الدين . سورية – دمشق . الطبعة الاولى . السنه- 20001 . ص- 32 .
[2] - د. محمد علي القوزي .  العلاقات الدولية في التاريخ الحديث والمعاصر . الطبعة الاولى . بيروت- لبنان السنه 2002 . ص- 308-309  .
[3] - ليونيد ميلتشين . مصدر سبق ذكره. ص- 38 .
[4] - ليونيد ميلتشين . مصدر سابق . ص- 41 .
[5] - ليونيد ميلتشين . مصدر سابق . ص- 42 .
[6] - ليونيد مليتشين . مصدر سبق ذكره . ص- 47 .
[7] - ليونيد مليتشين . مصدر سبق ذكره . ص- 53 وص-54  .





116
احداث آب في ذكراها ال20في الاتحاد السوفياتي
وتداعياتها الداخلية والدولية
(1)

 
فلاح علي
كان صباح التاسع عشر من آب عام 1991 حدثاَ درامياَ تاريخياَ لا يزال عالقاَ في ذاكرة الملايين من شعوب الاتحاد السوفياتي وشعوب العالم , حيث يعيش العالم الآن تداعياته ونتائجه الغير متوقعه والتي كانت خسارة فادحة لشعوب كوكبنا , كما ان الملايين لم تدرك حقيقة ما حصل في ذلك اليوم . هل هو انقلاب فاشل ؟ ام مؤامرة تم الاعداد والتنسيق لها مع غورباتشوف لتكون ذريعة للتخلص من بعض القيادات العسكرية والحزبية التي تعارض البريسترويكا ؟ لا سيما وان غورباتشوف في هذا الوقت قد غادر الى البحر الاسود لاخذ قسطاَ من الراحة في الفيلا الرئاسية في منطقة فورسفو . وان غورباتشوف كان يواجه ضعوطات كبيرة من قبل بعض قادة الجمهوريات منهم الروسي يلتسن والاوكراني (ليونيد كرافتشوك) والكازاخستاني نور سلطان نزريايف , مطالبن باتفاقية اتحادية جديدة تحل محل الاتفاقية التي وقعت في عام 1920 التي اسست الاتحاد السوفياتي , على ان تحصل الجمهوريات في الاتفاقية على استقلال تام لها مع حق التمثيل المستقل في منظمة الامم المتحدة , وتعقد بينهم اتفاقية اقتصادية وعسكرية ويقود الاتحاد الجديد غورباتشوف ويشكل مجلس لهذا الاتحاد الجديد من رؤساء الجمهوريات . لا سيما وان غورباتشوف قبل سفرة الى الاستراحة في منتجع فورسوفو , كان قد انهى اجتماع  صعب مع الرؤساء يلتسن ونور سلطان نزريايف ناقشا الاتفاقية الجديدة , واقترحوا في الاجتماع ان يكون غورباتشوف رئيس الاتحاد واتفقا على احالة وزير الدفاع( يازوف) على التقاعد .
يذكرأن ( بليخانوف) مدير الفرع التاسع ل ( الكي . جي . بي) المسؤول عن امن الرئيس والمباني الرئاسية , قد اعد المكتب الذي جرى فيه اللقاء في الكرملين ووضع في هذا المكتب جهاز تنصت وسجل الحديث كله ونقله لا حقاَ للشخصيات القيادية التي ساهمت في الانقلاب لغرض ان يعرفوا ما دار في الاجتماع , واكد يلتسن لا حقاَ انه قد سمع الحديث الذي دار في ذلك الاجتماع على شريط مسجل)([1])
 
وقائع الاحداث التي استمرت ثلاث ايام في الدولة العظمى :
توقفت محطات التلفزة في بث برامجها الاعتيادية , في صبيحة يوم 19-8-1991 وعرض عوضاَ عنها موسيقى كلاسيكية , بعد ظهر ذلك اليوم التاريخي اعلن ( ينايف) نائب الرئيس غورباتشوف في بيان أتلاه من محطات التلفزة , وذكر فيه أن ميخائيل غورباتشوف غير قادر على القيام بمهامة الرئاسية لأسباب صحية ولهذا تعلن في البلاد حالة الطوارئ بناء على قرار ( لجنة الدولة لحالة الطوارئ) التي يترأسها ينايف وتضم وزيري الدفاع والخارجية ورئيس الحكومة السوفياتية  ( فالنتين بافلوف), وعدد آخر من القادة السوفيات الحكوميين والعسكريين والحزبيين .  ([2])  وذكر حينها ان غورباتشوف محاصراَ في فيلته في ( فورسفو) وقد قطعت عنه الاتصالات ومنع من المغادرة او استقبال الضيوف , وبدأ هذا الحصار بعد ان عقد قادة الانقلاب اجتماعاَ مع غورباتشوف مساء 18-8-2011 بهدف اقناعة للانضمام الى لجنة الطوارئ الا انهم فشلوا في إقناعه .([3]) .
 
هنا تثار تساؤلات :
ان الوقائع المثبته في هذا المصدر التي اشار لها مؤلفه الكاتب والمؤرخ الروسي ليونيد ميلتشين ذو الخبرة الواسعة في الوقائع التاريخية والمعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية للاتحاد السوفياتي وروسيا رغم ان الوقائع المذكوره عن احداث آب 19991 تشكل علامات استفهام في تاريخ الاتحاد السوفياتي الا انها في نفس الوقت من وجهة نظري تثير عدد من التساؤلات ومنها :
1- أن غورباتشوف بعد رفضة طلب قادة الانقلاب بالانضمام الى لجنة الطوارئ في الاجتماع الذي عقد معه مساء 18/ آب / 1991 . لماذا لم يستخدم صلاحياته المثبته في الدستور بصفته الرئيس الشرعي للاتحاد السوفياتي في التحرك السريع لمنع هؤلاء القادة من تنفيذ مخططهم وبذلك يوقف انهيار الاتحاد السوفياتي والحفاظ على نظامة الاشتراكي ؟
2- هل ان غورباتشوف قد نسق مسبقاَ مع الانقلابيين بهدف توظيف الانقلاب كذريعة للتخلص من المعارضيين له ؟
3- تبين ان قادة الانقلاب كل ما قاموا به اصدار بيان فقط وانزال بعض الدبابات في الشوارع وتركوا يلتسن وانصارة طلقاء لماذا لم يعتقل يلتسن؟
4- لماذا تباطئ قادة الانقلاب في اتخاذ اجراءات سريعة ومتواصلة لاستكمال انقلابهم ؟
5- هل ان قطع الاتصالات و الحصارالذي فرضة قادة الانقلاب على غورباتشوف هو مناورة  ؟
6- حسب ما جاء في الكتاب ان المؤلف اشار الى حقيقة وهي انه في يوم 18/ آب 1991 كان يلتسن في ضيافة ( نزربايف) الرئيس الكازاخستاني , وقد انهى زيارته في سهول كازخستان حيث يقع المنزل الكازاخي التقليدي وهو عبارة عن خيمة كبيرة اما دائرية او سداسية الشكل تسمى ال ( اليورت) حيث تناولا وجبة الغذاء مع حضور فنانيين وضيوف وعازفين على آلات موسيقية فولوكلورية , وقام يلتسن حينها بالعزف باستخدام الملاعق بعدها سبح في نهر جاري بالقرب من المنزل مياهه شديدة البرودة , ويشير المؤلف ان يلتسن كان مقرراَ له العودة الى موسكو في الساعة الرابعة مساء 18/ آب , الا ان عودته قد أوجلت بضع ساعات . ونقل المؤلف قول عن ( سوخانوف) القيادي المقرب من الرئيس الروسي يلتسن ( بان تاجيل العودة قد انقذ يلتسن من موت لا مفر منه , اذ ان طائرة يلتسن كانت قد أسقطت لو انها طارت باتجاه موسكو في موعدها الرابعة بعد الظهر .) .
هنا يطرح سؤال : لماذا لم يسقط القادة الانقلابيون طائرة يلتسن عندما اتجهت نحو موسكو بعد انهاء سفرته الى كازاخستان بعد تأجيلها بضع ساعات ؟
 
اجراءات القادة الانقلابيين كانت بطيئة رغم تأييد الجيش لهم:
ان اجراءات لجنة الطواري كانت بطيئة جداَ ولم تتعدى حدود اصدار بيان وعدوا فيه باعتقال يلتسن والحفاظ على النظام والهدوء في دول الاتحاد . أن هكذا اجراءات بحاجة الى خطوات عملية متواصلة وسريعه لانجاح التحرك , فلم يتم اعتقال يلتسن والاسماء الاخرى المرافقة ليلتسن ولم يعاد النظام والهدوء وبقى هذا البيان حبر على ورق ولم تقم اي من مؤسسات السلطة بالانصياع لهذه الاوامر والقرارات . اي ان لجنة الطوارئ فقدت قدرتها على المناورة والمبادرة مع بطئ وضعف اجراءاتها العملية , بالمقارنة مع اسلوب يلتسن , الذي تميز في سرعة حركته وتنوع مناوراته . يشير مؤلف الكتاب نقلاَ عن مراقبيين تابعوا التطورات في حينها ان سبب فشل لجنة الطوارئ يعود الى ضعف الثقة بالنفس التي شكلت اقوى سلاح , وهذا انعكس سلباَ على كل مخططات لجنة الطوارئ , وكأنهم بدوا غير واثقين من صحة ما يفعلون , ويشير مؤلف الكتاب لعل سبب عدم ثقة اعضاء لجنة الطوارئ بانفسهم وبما اقدموا عليه هو مخاوفهم من ان يسبب تحركهم في اندلاع حرب اهلية سيصعب السيطرة عليها وقد تدمر كل ما يدعون انهم يريدون الحفاظ علية , اذاَ ان الحرب الاهلية كانت تعني بالنسبة لهم سقوط الاتحاد السوفياتي في هاوية دموية قد تكون الاولى في هذا الحجم المدمرفي التاريخ .
ان بطأ اجراءات لجنة الطوارئ  مع ارتباك اعضاء اللجنة سببت انزعاج عدد من جنرالات الجيش وتريثهم في اتخاذ قرارات حاسمة , وعلى سبيل المثال كما اوردة مؤلف الكتاب من كيف العاصمة الاوكرانية ارسل الجنرال ( فارينيكوف) برقية جاء فيها ( إن انظار الشعب وكل المحاربين متجهه نحو موسكو تراقب باهتمام ما يجري هناك . نرجوكم أشد الرجاء أن تقوموا وبأسرع ما يمكن بالقضاء على المغامرين ( يلتسن واتباعه) ولا بد من تشديد الحصار على مقر الحكومة الروسية ( البيت الابيض) وقطع المياه والكهرباء وكل انواع الاتصالات عنه ) .
وفي ال20/ من آب أرسل الجنرال ( ماكلشوف) برقيه من الأورال جاء فيها ( القوات العسكرية في مديرية (الفولغا أورال) تنظر بقلق الى تريث لجنة الطوارئ في اتخاذها القرارات الحاسمة الحاذقة لأيقاف يلتسن وأتباعه إذ ان التريث في ظل أوضاع كهذه أشبه بالموت ) . كما ارسل الجنرال ( بوريس بيانكوف) برقية تأييد للجنة الطوارئ في اليوم الاول للانقلاب , أكد فيها دعم قواته للجنة , وعبر عن انزعاجه حيال تقاعس أعضاء اللجنة في اتخاذ القرارات . ويؤكد مؤلف الكتاب الا ان البرقيات الشبيهة بهذه لم تأتِ من جنرالات الجيش فقط , وانما أتت من عدد كبير من عاملين في مختلف أجهزة السلطة والمؤسسات الشعبية.
هنا يطرح سؤال : لماذا لم يسيطر القادة الانقلابيون على البرلمان ؟ حيث نشروا دباباتهم حوله الا انهم لم يفرضوا اي طوق أمني عليه , وظلت ابواب البرلمان مفتوحه يسمح بالدخول والخروج للجميع , لا سيما وانه اصبح لاحقاَ مركز عمليات ليلتسن وجماعته للهجوم وأخذ المبادرة .
 
عودة يلتسن الى موسكو من سفرته الى كازخستان :
في وقت متأخر من مساء 18/ آب اتجهت طائرة يلتسن نحو موسكو , وعند وصوله الى مطار موسكو توجهه الى منزله في ( أرخانفلسك) القريه الحكومية المغلقة في ضواحي موسكو , حيث يقع منزلة الذي قدمته له الحكومة , بعد ان انتخب رئيساَ لمجلس السوفيات الاعلى لجمهورية روسيا الاتحادية . ويسكن في هذه القرية ( الكساندركورجاكوف) مرافق يلتسن الشخصي الخاص , حيث قام باستدعاء كل عناصر الحرس الرئاسي الى هناك , وكل عناصر هذا الجهاز كانوا من التابعين سابقاَ للفرع التاسع لجهاز ( الكي . جي . بي) وهم من الاشداء والمتدربين تدريب جيد , ومع هذا لم يكن في حوزتهم في تلك الليلة حسب ما يؤكد مؤلف الكتاب سوى ستون مسدساَ وما يقارب المائة رشاش . لهذا استخدم (كورجاكوف) علاقاته الشخصية في وزارتي الداخلية والدفاع للحصول على مزيد من السلاح . يلتسن من منزلة ومع جماعته من شخصيات قيادية في الدولة وبرلمانية بدأوا بالتفكير بوضع خطط لتحركهم لمواجهة اجراءات وتحركات لجنة الطوارئ . وقرر يلتسن الاتصال ب ( غراتشوف) ليطلب منه المساعدة , وهو جنرال في احد الوحدات العسكرية في موسكو . ومن خلال الحديث بينهما في التلفون أكد له ( الجنرال غراتشوف)  سأرسل إليكم وحدة الاستطلاع الخاصة التابعة لنا . فشكره يلتسن وأخذ يردد ان ( غراتشوف واحد منا) ([4])  وألتحق بيلتسن عدد آخر من المسؤولين برلمانيين وحكوميين ومنهم وزراء ومحافظ لينينغراد ( أناتولي سابشاك) الذي كان في موسكو عندما وقعت الاحداث ومدير محطة الأذاعة والتلفزيون الروسيتين  (سرغيه شاخراي) . ووضعوا خطوات لتحركهم . وأول خطوة تم صياغة ( بيان موجه الى المواطنين الروس والسوفيات يناشد المواطنيين ان يظهروا أعلى درجات المسؤولية كمواطنيين وأن لا يساهموا في الانقلاب ودعوا الى بدأ عصيان شعبي في البلاد ) . والخطوة الثانية قرروا الذهاب الى موسكو ليخوضوا المعركة وجهاَ لوجه . كان اول المتوجهين الى موسكو هو ( سيلايف) رئيس الحكومة الروسية ولغرض استطلاع اوضاع الطريق من أرخانفلسك الى موسكو . وفي موسكو حينها عندما وصل الى البيت الابيض ( مبنى البرلمان) إتصل بهم وأكد لهم ( أن كل شيئ على ما يرام) توجه الى موسكو في يوم 19/آب .
 
أخطاء قادة الانقلاب وتباطئهم كانت سبب فشلهم في إعتقال يلتسن ومجموعته :
يقول الجنرال مايور ( فيكتور كارابوخين) الذي كان بطل الاتحاد السوفياتي وقائد وحدة ألفا القوة الضاربة التابعة لجهاز الاستخبارات في ( الكي . جي . بي) في الساعة الرابعة من صباح 19/8 إستدعاني مدير الكي جي بي . وطلب مني التوجه الى بيت يلتسن مع أفراد الوحدة لتأمين الحماية ( لأنه سيعقد اجتماع بين يلتسن وبين القيادة العسكرية للبلاد - الاتحاد السوفياتي ) فاتجهت مع رجالي الى المنطقة المذكورة وقمنا بتشكيل عدة أحزمة أمنية واحطنا بمنزل يلتسن من كل الجهات , كما نشرنا نقاط المراقبة والحواجز الطيارة المخفية على الطريق من كل الاتجاهات , وفي الساعة السادسة صباحاَ علمت من جهاز الراديو عن إعلان حالة الطوارئ في البلاد , واعتقدت ان الامور تجري بعلم الرئيس غورباتشوف .... بعد ذلك وصلتني برقية من قيادة جهاز المخابرات تأمرني بأعتقال يلتسن ونقله الى واحدة من شققنا السرية الخاصة في منطقة زافيدوفا . حينها بديت غيرراغب في تنفيذ هذه المهمة فقمت بارسال تقارير للقيادة اعلمهم فيها اننا نستعد لتنفيذ الاوامر , ولكن كنت متذرعاَ ان التأخير سببه بعض التعقيدات في الموقف , حيث توجد صعوبات تمنعنا من اعتقال يلتسن بهذه السرعة . وبررت موقفي قائلاَ أن التسرع قد يسبب سقوط ضحايا من الابرياء . وفي الواقع كنت على علم مطلق بكل خطوات يلتسن , وكنا قادرين على اعتقالة في أية لحظة وبدون أي ضجيج .
هنا يطرح سؤال : ما هي اسباب عدم اعتقال يلتسن ؟ بلا شك ان ضابط إستخبارات بهذا المستوى وفي هذا الجهاز وخصوصاَ وحدة ألفا لا يوجد في مفهومة ( لم أكن راغباَ في تنفيذ هذه المهمة) ومهما كانت الصغوبات . وهذا هو من وجهة نظري ضعف خطط وتاكتيكات لجنة الطوارئ مع عدم تعاملهم بوضوح مع القيادات العسكرية التي اعتمدوا عليها في تنفيذ تحركهم .
 
تحرك موكب يلتسن الى موسكو في وسط الحصار العسكري المفروض عليه :
عند وصول مكالمة ( سيلايف) بدأ موكب يلتسن في التحرك نحو موسكو , إقترح مرافقي يلتسن أن يتنكر بزي صياد سمك ويقطع الجزء المهجور من الطرق الفرعية وصولاَ الى الرئيسية على متن زورق صغير عبر النهر , حيث ستنتظره السيارات على الضفة الاخرى خوفاَ من إعتراضهم في هذه الطرق وتحسباَ لأي طارئ . إلا أن يلتسن رفض هذه الفكرة وقال قررنا التوجه الى موسكو على شكل قافلة واحدة تتقدمها سيارة شرطة المرور , وخلفها سيارة يلتسن المثبت عليها العلم الرئاسي الروسي واتفقنا بأن تسير القافلة بأقصى سرعة ممكنة . كي نصل الى البيت الابيض وبدون محطات غير مرغوب فيها على الطريق  وبهذا قرر يلتسن السير في قافلة واحدة , وكان قد انتشر في هذه المنطقة أفراد الوحدة الخاصة ألفا وكان عليهم اعتقال يلتسن إلا إنهم لم يفعلو ([5]) . رغم أن الدبابات كانت حول البرلمان ووجود وحدة من رجال القوات الجوية الخاصة ( الكوماندوس) إلا أن يلتسن قد دخل البرلمان وبدون اي اعتراض من هذه الوحدات وحول البرلمان الى غرفة عمليات وقاعدة للهجوم على لجنة الطوارئ .
هنا يطرح سؤال : بعد كل هذا الحصار العسكري حول البيت الابيض , إذاَ لماذا سمح القادة الانقلابيون ليلتسن لدخول مبنى البرلمان ؟ ولماذا لم يقتحم البرلمان ؟
 
يلتسن يبدأ هجومة من خلال إمتلاك زمام المبادرة :
إتخذ يلتسن مبنى البرلمان كقاعدة للهجوم على لجنة الطوارئ ,وقد صاغ وفريقة بعض القرارات مع وضع خطط  في أرخانفلسك للهجوم والمناورة ولتشكيل مقاومة ضد لجنة الطوارئ  وطور بعض هذه الخطط في مبنى البرلمان على ضوء المتغيرات على الارض. فأرسل ( أليك ببوف) نائب رئيس وزراء روسيا مع عشرين وزيراَ الى مدينة سفير دلوفسك وتمكنوا من الوصول وإختاروا ملجأ سري محصن ومجهز بمختلف وسائل الاتصال الحديثة , وكلفوا بمهمة القيام بأعمال الحكومة الروسية إذا ما إعتقل رئيس الحكومة ومن معه من الوزراء في موسكو . وسافر وزير الخارجية الروسي ( أندريه كوزبريف) الى فرنسا ليحصل على دعم الغرب ليلتسن . وعاد ( أناتولي سابشاك) محافظ لينينغراد الى مدينته , لأقناع قائد القوات العسكرية هناك الجنرال ( سامسونف) لعدم دخول المدينة في حالة حدوث طارئ .
أما يلتسن : فقد إتخذ قراره التاريخي في مبنى البرلمان بأن يبادر هجومة فخرج برفقة حرسة الشخصي ( كوجاكوف) وعدد من مرافقيه وبعض القيادات الى ساحة البيت الابيض وتوجه نحو دبابة معادية كانت جزء من الطوق المفروض حول البيت الابيض , ووقف على ظهر الدبابة وقرأ البيان الذي كتب نصه مسبقاَ في أرخانفلسك وكان يتضمن البيان ثلاث نقاط إعتبار لجنة الطوارئ غير قانونية وأن تحركها هو محاولة انقلابية ضد السلطة الشرعية , وإعتبار كل القرارات الصادرة عن لجنة الطوارئ لاغية وغير سارية على جمهورية روسيا , وأن اي قيادي أو مسؤول يلتزم بقرارات اللجنة المذكورة يقع تحت طائلة المسؤولية القانونية . وهكذا بدأت مقاومة يلتسن من البرلمان مع تواصل بياناته التي صدرت لاحقاَ والتي خرجت من مبنى السلطة التشريعية . هذا الموقف أثر على موقف الجمهوريات حيث إتصف موقفها في البداية بالحياد ولم يعلن اي منهم عن موقف مؤيد أو معاد لأي من الطرفين . كما ان المؤسسة العسكرية أصابها الارتباك وإحتارت في إختيارها للجهة التي يجب الانصياع لأوامرها . وبهذا تمكن يلتسن من تضييق الخناق على أعضاء لجنة الطوارئ , في هذه الاثناء إلتحمت الجماعات المدنية المؤيدة ليلتسن بالقوات العسكرية المتواجدة حول البيت الابيض لغرض شل حركتها والتي كانت تنتظر الاوامر لأقتحامة . أحس يلتسن بالقوة فقرر أن يتابع حملته في إصدار البيانات من موقع مبنى الشرعية الدستورية البيت الابيض , وفي بيان آخر إعتبر عمل أعضاء لجنة الطوارئ جريمة بحق الدولة والشعب بمخالفتهم للفقرة 62 من قانون الاتحاد السوفياتي والفقرات ( 64 و69 و70 و71) من القانون الجنائي لجمهورية روسيا الاتحادية , وكل الفقرات الاساسية من القوانين الجنائية لاتحاد الجمهوريات السوفياتية , وإعتبر قادة الانقلاب قد خانوا الشعب والوطن الام والدستور , وطالب البيان ضمناَ كل مؤسسات الدولة بان لهم الحق في إعتقال أعضاء لجنة الطوارئ , وتتالت سلسلة البيانات التي أصدرها يلتسن من مبنى البرلمان , الذي أصبح مقراَ له للهجوم ومقاومة لجنة الطوارئ وافشال تحركاتها .
وفي اليوم الثاني للانقلاب في 20/ آب أصدر يلتسن بيان تضمن سلسلة قرارات ومنح نفسه صلاحيات أوسع , هنا بلا شك  كانت هذه الصلاحيات بلا شرعية لانها لم تخضع للتصويت من قبل البرلمان ومن هذه الصلاحيات :
- نصب نفسه القائد العام للجيش والقوات المسلحة المتواجدة في حدود جمهورية روسيا الاتحادية , إعتباراَ من الساعه ( الخامسه مساءَ) من يوم 20/ آب 1991 .وأمر كافة المؤسسات الدستورية والحكومية أن تعود الى عملها الطبيعي .
- كل وحدات الجيش والكي . جي . بي المتواجدة في حدود روسيا أن تبقى في وحداتها , ولا يحق لها القيام بأي عمل دون حصولها على أوامر مباشرة مني شخصياَ .
- نظراَ لمشاركة وزير الدفاع السوفياتي ( ديمتري يازوف) في الانقلاب , فأن كل الأوامر والقرارات الصادرة عنه إعتباراَ من 18/ آب تعتبر ملغية , كما يمنع تنفيذ أوامر ( يازوف ) و ( كريوتشكوف) الصادرة عنهما بعد التأريخ المذكور أعلاه .
- على قائد قوات موسكو العسكرية الجنرال (بلوكفنيك كالينين) سحب قواته من العاصمة موسكو وإعادتها الى مواقعها الدائمة . .... ألخ حيث تضمن البيان مجموعة من القرارات . وبهذا البيان أصبحت الامور شبه واضحة حيث تمكن يلتسن من فرض السيطرة على الاوضاع في البلاد , كما تمكن يلتسن من توظيف المشاعر القومية الروسية المتأججة وتلاعب بها بذكاء . إلا أن لجنة الطوارئ واصلت عملها ولكن تحولت الى مقاومة ليلتسن بدلاَ من الهجوم عليه ووعدت بأعتقاله وعودة النظام والهدوء للبلاد .
صباح ال 21 من آب عاد الرئيس السوفياتي غورباتشوف الى موسكو بطلب من برلمان روسيا برفقة أحد معاونية الكساندر روتسكي على متن طائرة , ليحضر جلسة البرلمان الذي دعاه لحضور الجلسه التي عقدت في يوم 22/ آب .
هنا يطرح سؤال : بيان لجنة الطوارئ أكد عزل غورباتشوف وانه الآن محاصر وقطعت عنه كافة الاتصالات , فكيف تم الاتصال به وتمكن من المجيئ الى البرلمان إذا كان محاصر فعلاَ ؟ أعلن غورباتشوف في البرلمان عن إنتصار يلتسن على آخر رموز السلطة السوفياتية , حيث قال صباح هذا اليوم أرسل لي بوريس يلتسن ملفاَ يحتوي على عدد من الأوامر والقرارات التي إتخذتموها مساء أمس وأطلعت عليها , وأن كل ما قمتم به ومعكم الرئيس الروسي يلتسن من قرارات كانت تحت ضغط الظروف وهي قانونية وفي يوم 24/ آب 1991 أعلن غورباتشوف عن تنحيه الطوعي من منصب الامين العام للحزب الشيوعي السوفياتي وطالب أعضاء اللجنة المركزية للحزب بأن يسيروا على خطاه , أما يلتسن فوقع  من داخل البرلمان قرار توقيف نشاط الحزب الشيوعي الروسي , بلا شك بدون ان يأخذ قرار من البرلمان الذي كان مجتمعاَ . وإستدرك غورباتشوف قائلاَ لم يشارك الحزب الشيوعي الروسي في المؤامرة , وأقولها لكم بكل وضوح إلغاء الحزب الشيوعي الروسي سيكون خطئاَ فادحاَ , ورد يلتسن القرار قد وقع وإننا لا نتحدث عن إلغاء الحزب وانما عن وقف نشاطه الى ان تتمكن النيابة العامة من تحديد مدى مساهمته في الانقلاب , وواصل يلتسن حديثه و إضافة الى ذلك ان الحزب الشيوعي الروسي لم يسجل رسمياَ في وزارة العدل حتى الآن .([6]) .
بغض النظر عن مهزلة الحوار بين شخص منتصر وهويلتسن وشخص ضعيف منهزم مثل غورباتشوف الذي أصبح الرجل الثاني في البلاد بعد أحداث 18/ آب 1991 , فأن النيابة العامة أقرت لاحقاَ بشرعية عمل ونشاط الحزب الشيوعي الروسي وعدم تورطه بأي أعمال مخالفة للدستوروالقانون , وأن قرار يلتسن بحل الحزب الشيوعي لايخفي من وجهة نظري الأنتقام والحقد والثأر الذي يحمله يلتسن ضد الحزب الشيوعي الذي كان عضواَ فيه واصبح سكرتير تنظيم مدينة موسكو الى أنه طرد من اللجنة المركزية في 3-12-1987 .
هنا يطرح سؤال : هل ان يلتسن كان يحصل على دعم خارجي وبالذات من الولايات المتحدة الامريكية في تحركة ؟ كل المعطيات التأريخية تؤكد ان يلتسن كان يحظى بهذا الدعم , الذي تكشف لاحقاَ بعد احداث 18/ آب 1991 .
( يتبع)
ملاحظة / سأتناول في الحلقات القادمة تداعيات 18/ آب داخلياَ ودلياَ وأثرها السلبي على شعوب العالم واحزابها الشيوعية واليسارية بتفكك وانهيار الاتحاد السوفياتي وظهور النظام الدولي الجديد ومظاهره المتعدده ومنها عولمة الفقر وانتشار المجاعة وبالذات في البلدان النامية .
9-8-2011 .
 


________________________________________


________________________________________
[1] - ليونيد مليتشين- تاريخ روسيا الحديثة من يلتسن الى بونين – نرجمة واعداد طه والي – منشورات دار علاء الدين – الطبعة الاولى– سورية – دمشق – السنة 2001 . ص- 12 .
[2] - ليونيد مليتشين . نفس المصدر السابق . ص- 9 .
[3] - ليونيد مليتشين . نفس المصدر السابق . ص-12 .
[4] -  ملاحظة : ماجاء من نصوص واقوال واسماء استناداَ لما ورد في المصدر السابق – ص- 14 و15 .
[5] - ليونيد مليتشين . نفس المصدر السابق – ص . 18 .
[6] -  ليونيد مليتشين .مصدر سبق ذكره . ص- 29 .


117
قوى التيار الديمقراطي في العراق ودروس
الاحتجاجات الجماهيرية

فلاح علي
ان طبيعة الوضع السياسي في العراق وتعقيداته وإنفتاحة على عدة احتمالات وما يتضمنه من مخاطر على مستقبل الوطن ومصالح الشعب , يدفع أكثر من اي وقت مضى بقوى التيار الديمقراطي وشخصياته الناشطة الى اطلاق المبادرات العملية والحوار والبحث الجاد في الاسراع على الاتفاق على برنامج الحد الادنى وآليات عمل مشتركة تساعد على الاعلان المبكر عن انبثاق القطب الثالث في العراق ( التيار الديمقراطي) الذي يضم في صفوفة طاقات وقدرات نضالية كبيرة وبعض مكوناته ذات حضور جماهيري اي لها تواجد على ارض الواقع في طول البلاد وعرضها ,الواقع العراقي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني , يفرض على كل قوى اليسار والديمقراطية التحلي بالمرونة العالية والنظر بواقعية لخطورة الوضع السياسي في العراق والتوجه الجاد للاسراع عن اعلان تأسيس القطب الديمقراطي الثالث  وفي هذه الفترة بالذات وقبل نهاية عام  2011موعد انسحاب القوات الامريكية ليكون لهذا التيار حضور مؤسساتي للمساهمة النشسطة في رسم مستقبل العراق نظراَ لخطورة المرحلة , رغم ان بعض قوى التيار قطعت شوط كبير على هذا الطريق , ولكن يتطلب الاسراع في الانفتاح على جميع قوى التيار الديمقراطي وشخصياته ومع منظمات المجتمع المدني واطلاق مبادرات عملية للتسريع بولادة هذا القطب المرتقب  , انه سيتمكن من اعادة التوازن في المجتمع العراقي لصالح جماهير الشعب والفكر الديمقراطي , وسيشكل خطوة متقدمة على طريق البناء الصلب للاطار الديمقراطي المتمرس تأريخياَ والحامل للواء الوطنية الصادقة والمعبر عن مصالح الشعب وانتصار الديمقراطية الحقة , لانه سيضم القوى والشخصيات الحية الفاعلة المخلصة في المجتمع العراقي والقادرة على الالتحام الواسع مع جماهير الشعب وخوض النضالات الجماهيرية وجرالكتل الشعبية الكبيرة المحايدة اليها من اجل احداث التغيير في التوازن الاجتماعي والضغط الجماهيري الكبير والمتواصل على الحكومة المتحاصصة طائفياَ وقومياَ لتلبية مطاليب فئات الشعب واصلاح العملية السياسية نحو التغيير الديمقراطي.
المهمة الاساسية لقوى التيار الديمقراطي :
 
هي مهمة وطنية عاجلة ذات طابع ديمقراطي اجتماعي لاتقبل التاجيل وقضية اساسية تفرضها ظروف البلاد المعقدة وحاجة جماهير الشعب لها ألا وهي (بناءالتحالف الديمقراطي)المنشود لقوى التيار الديمقراطي المؤلفة من ( الحزب الشيوعي العراقي  والحزب الشيوعي الكردستاني وكل قوى وتنظيمات وحركات اليسار العراقي والقوى الديمقراطية وشخصيات يسارية وديمقراطية واسلامية وليبرالية مستقلة مع منظمات المجتمع المدني) .
 
الظروف الموضوعية ناضجة لأنبثاق هذا التحالف الديمقراطي :
1- لخطورة الوضع السياسي وفقدان الثقة بين قوى المحاصصة الطائفية والقومية , ولتزايد التدخلات الخارجية الاقليمية والدولية في رسم مستقبل العراق مع جود الميليشيات المسلحة وتنامي حضورها في الاشهر الاخيرة , وغياب دولة القانون الديمقراطي والتفرد في السلطة وغياب الاستقرار الامني مع تنامي الفساد ولوجود ظواهر التهميش في المجتمع والفقر والحرمان مع غياب الخدمات وعدم توفر العيش الكريم لابناء الشعب الواقع العراقي يؤكد الحاجة الى قطب  ديمقراطي ثالث في البلاد.
2- أن إنبثاق هذا التيار الديمقراطي يصب في صالح معركة الشعب مع نخب المحاصصة الطائفية والقومية والتي بدأتها الحركات الاحتجاجية الجماهيرية في العاصمة بغداد ومحافظات العراق , ان فئات الشعب وحركاته الاحتجاجية بحاجة الى دور فاعل ونشيط لقوى التيار الديمقراطي , لديمومة هذا الشكل النضالي  السلمي واتساعة وتواصلة وزيادة زخمة الجماهيري من اجل الضغط على سلطة المحاصصة الطائفية والقومية لتلبية مطاليب جماهير الشعب وضمان الحقوق والحريات وقبر المحاصصة الطائفية  .
3- رغم عفوية الاحتجاجات الجماهيرية ألا انها لا تخلوا من عنصر الوعي وان الجماهير بدأت تخرج من سباتها وترددها , ولا يخفي على احد انه كلما يتطور الوعي لدى الجماهير تتطور معه المطاليب والحاجات , أي لاتقتصر المطالبة على توفير المأكل والسكن والخدمات ورفع الاجور وحل مشكلة البطالة وانما ترتقع هذه الحاجات الى ضمان الحقوق والحريات وضمان حق المواطنة .من هنا تكمن أهمية انبثاق التيار الديمقراطي لحاجة الجماهير لتنامي قوى التيار في المجتمع تأخذ بيدها نحو التغيير السياسي الديمقراطي في البلاد.
4- انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البرلمانية القادمة ستكون من اشرس المعارك السياسية بين القوى المتصارعة , هذين المعركتيين الهامتيين بحاجة لقطب ديمقراطي يشارك بقوة في المعركة الانتخابية القادمة ليدخل مجالس المحافظات والبرلمان ويساهم في سن القوانين والتشريعات الديمقراطية  ويساهم في بناء الدولة وادارتها .
5- لقوى التيار الديمقراطي تنظيمات سياسية واجتماعية تعمل على الارض اضافة لوجود نقابات العمال ومنظمات الطلبة والشبيبة والحركة النسائية الصاعدة وبقية منظمات المجتمع المدني , هذا واقع موضوعي قائم على الارض يؤكد على الطابع الاجتماعي الديمقراطي وحضوره على الارض لقوى التيار الديمقراطي . اضافة الى ان كل قوى اليسار والديمقراطية تمتلك قاعدة واسعة في الخارج وفي كل دول العالم تقريباَ وانبثقت لجان تنسيق لقوى التيار الديمقراطي في عدة بلدان وبلا شك ستنبثق في بلدان أخرى , وهناك شخصيات مرموقة سياسية وعلمية اكاديمية وثقافية وفنية وجمهرة من الكتاب البارزين , حيث العديد منهم قدموا موضوعات قيمة نشرت في مواقع الانترنيت حول اهمية انبثاق التيار الديمقراطي آخرها ما دار من حوار قيم على موقع الحوار المتمدن , اضافة الى احتواء الخارج على نخبة من العاملين في مجال الابداع الادبي والفني والفكري , اي هناك زخم مؤثر وفاعل ومهم لقوى التيار الديمقراطي في الخارج تفتقر لهذا الحضور المؤثر قوى المحاصصة الطائفية وهذا الزخم لقوى التيار الديمقراطي في الخارج هو بلا شك رافد كبير مهم وعامل دفع واسناد لقاعدة التيار في الداخل وهذا ما يساعد على الاسراع بانبثاق التحالف الديمقراطي .
6- كتل المحاصصة من الاسلام السياسي والقومييون اللاديمقراطيون , بمجموعهم يشكلون الضمانة الاساسية لمصالح الدول الاقليمية في البلاد ومصالح الراسمال العالمي وقطبة الولايات المتحدة الامريكية الخوف يكمن هنا على ثروات العراق الوطنية ( النفط والغاز والمعادن) من خصخصتها من قبل هذه الكتل الضامنة للمصالح الاقليمية والرأسمالية في العراق , حيث يشهد العراق عمليات خصخصة منفلته للقطاع العام مع تردي وتراجع قطاعي الصناعة والزراعة مع غياب عمليات التنمية والاعمار مع تصحر الاراضي وعجز حكومة المحاصصة على ضمان حصة العراق المائية من دول الجوار وفق القانون الدولي , هذه عوامل هامة جداَ تؤكد على حاجة البلاد والدولة العراقية للبرنامج الاقتصادي لقوى التيار الديمقراطي من هنا تكمن اهمية انبثاقة كقطب ثالث وحضوره المستقيلي في الدولة والبرلمان  في  تشريع القوانيين وفي التنمية والاعمار والبناء وادارة الدولة .
 
الحركات الاحتجاجية الجماهيرية هي حتمية ولم تنطلق من فراغ :    
أن الحركات الجماهيرية الاحتجاجية في العراق رغم تأثرها بنتائج الحركات الاحتجاجية التي حصلت وانتصرت في عدة بلدان عربية ورغم عفويتها لكنها في الواقع هي نتاج لعوامل وظروف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وأمنية داخلية مرتبطة من وجهة نظري باربعة عوامل الاول طريقة اسقاط النظام الدكتاتوري حيث تمت من خلال الغزو العسكري وما نتج عنها من احتلال وتدخلات خارجية دولية واقليمية وحل الدولة والجيش وفقدان السيادة الوطنية والعامل الثاني طبيعة النظام السياسي القائم في العراق الآن على المحاصصة الطائفية والقومية المدعوم بقوة الشراكة في المصالح والمساومات ما بين الولايات المتحدة الامريكية وايران . والعامل الثالث فشل هذه التشكيلة في الحكم التي تدعي انها حكومة شراكة وطنية ولكنها حكومة محاصصة بامتياز فشلت في توفير الخدمات وتلبية حاجات الشعب وحل مسألة البطالة والسكن والفقر والحرمان والتهميش الاجتماعي وعجزها عن سن قوانين للضمان الاجتماعي والصحي ومحاربة الفساد  وحل الميليشيات لا بل في ظل حكومة المحاصصة هذه تنامى كل ماهو سلبي في المجتمع مع غياب عمليات التنمية والاعمار, وظهور شعور لدى ابناء الشعب لغياب الامن الكامل والعيش الكريم وتعقد العملية السياسية واستعصاء اصلاحها مع الخوف على مستقبل الوطن من التقسيم . والعامل الرابع هو التجاوز على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور الذي صوت عليه الشعب , والتجاوز تم من قبل السلطة التنفيذية وبعض مجالس المحافظات هذه من وجهة نظري تشكل العوامل الموضوعية والضرورات الحتمية وراء الاحتجاجات الجماهيرية في العراق , فهي لم تنطلق من فراغ ولم تكن من صنيعة البعثيين كما صرح بذلك رئيس الوزراء او توظيف سياسي داخلي او خارجي , الاحتجاجات الجماهيرية صنعتها جماهير الشعب المكتوية من نار سلطة المحاصصة الطائفية والقومية . ما تريدة الغالبية من ابناء الشعب العراقي هو دولة مدنية ديمقراطية وليس دولة المحاصصة الطائفية والقومية المزيفة بكلمات براقة مخادعة وشعارات كاذبة حيث مضت ثمانية سنوات والكتل المتحاصصة تتتصارع على السلطة وعلى منافعها ومصالحها الذاتية وجماهير الشعب ليس فقط انها تعاني من ضغط الحاجات الضرورية للحياة الكريمة لا بل تعاني من غياب القانون وغياب ضمان حقوق وكرامة الانسان . الجماعات المتحاصصة من الاسلام السياسي والقومييون اللاديمقراطيون  رغم انها تجمع قبلي لأسر وعشائر مع وجود على راس هذه التجمعات اسماء ورموز مدعومة أقليمياَ ودولياَ وكونت لديها ميليشيات وتدعي هذه التجمعات الطائفية انها احزاب , ألا ان هذه النخب سيطرت على الدولة باسم الديمقراطية وهيمنت على صنع القرار السياسي , فصنعت لها الرخاء والسلطة والمال ونتجة للشعب البؤس و العوز والحرمان وديمومة الجهل والتخلف وغياب القانون .
فعوامل التحركات الجماهيرية هي موجودة وقائمة ومستمرة في الواقع العراقي وهذا ما تخشاه السلطة وتحسب له حساب ولجأت وتلجأ الى المناورات والتضليل واستخدام العنف وزج منتسبيها داخل هذه الاحتجاجات لحرفها عن هدفها وهذا ما حصل في الواقع , وتعمل السلطة بكل الوسائل من اجل انهاء الاحتجاجات وتمييع مطاليبها الاساسية في اصلاح الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وانهاء المحاصصة الطائفية والقومية المقيته وبناء الدولة المدنية الديمقراطية .
 
الخلاصة والاستنتاجات :
1- من وجهة نظري إن اي تأخير في أنبثاق التيار الديمقراطي وبنائة لجبهة اجتماعية ضاغطة مع منظمات المجتمع المدني سيؤدي الى خياريين الاول تراجع في الحركات الاحتجاجية الجماهيرية وانسحابها الى موقف دفاعي بعيداَ عن الضغط وبعيداَ عن المطاليب السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وهذا بلا شك يصب في صالح القوى الطائفية والقومية المهيمنة على السلطة السياسية وستندقع بقوة نحو الهجوم على المكاسب وعلى الحقوق والحريات المثبته في الباب الثاني من الدستور , والخيار الثاني هو تدخل قوى متنفذة  سعياَ منها لتوظيف الاحتجاجات لصالحها هو احتمال وارد ,لكن يبقى الاضعف من وجهة نظري لان اعداد غير قليلة من المحتجيين ومن الشبيبة تمتلك وعياَ يساعدها بان تكون بعيدة عن اي مؤثر .
2- الحاجة في ان تتفق قوى التيار الديمقراطي على برنامج الحد الادنى على ان يكون مختصر جداَ وواضح ومفهوم لجماهير الشعب وان يكون خالي من المفاهيم الكلاسيكة وذات الطابع النظري وان ينطلق البرنامج من الواقع العراقي وحاجات الشعب الآنية ومستلزمات بناء الدولة المدنيةالديمقراطية ويكون من المفيد تجنب التطرف في الشعارات مثل شعار المطالبة  (بالعدالة والمساواة) هذا الشعار ليس وقته الآن سوف لن يجد له صدى والتفاف وتأييد جماهيري , سيكون من المفيد في هذا الصدد رفع شعار (العدالة الاجتماعية) حيث له صدى وبعد جماهيري عميق حيث الظلم والفقر والحرمان والتهميش سائد ويشمل فئات واسعة في المدن والارياف مع سوء توزيع الثروة .
3- ما ينتظره الشعب من التحالف الديمقراطي بأن يراه ممثلاَ للوحدة الوطنية , أي ان يضم في صفوفة احزاب وشخصيات ومنظمات سواء سياسية او منظمات المجتمع المدني من كافة قوميات الشعب العراقي ومن كافة أديانة هذه هي قوة التحالف الديمقراطي لا بد ان تمثل كل الجسد العراقي , من هذا الامل في ان تفاتح كل القوى اليسارية والديمقراطية ومن كافة قوميات شعبنا العراقي وفي مقدمتهم القوى الديمقراطية الناشطة في كوردستان العراق , ولا بد للحزب الشيوعي الكوردستاني في هذه المرة وهذه المرحلة بالذات ان يعيد النظر في مواقفة التي أكدت التجربة خطئها ,عليه ان ينزع ثوب القومية المنغلقة الدخيلة عليه التي أضرت به وبحضوره الجماهيري في كوردستان وبسياسته ومواقفة , بدخولة في تحالف قومي منغلق ,  كما اضر هذا النهج القومي بالتيار الديمقراطي و بالحزب الشيوعي العراقي وبالقضايا الوطنية والطبقية وقضية الديمقراطية في العراق , وعليه تقييم التجربة ونقد الاخطاء والعودة للمنابع الفكرية للماركسية المنفتحة ذات الطابع الطبقي والديمقراطي و الأممي ,وان ينخرط في النضال مع القوى الديمقراطية ذات البعد العراقي لخوض النضال من أجل أنتصار الديمقراطية في العراق . والتخلص من القيادات القومية الانتهازية والنفعية في صفوفة والتي فقدت سماتها النضالية الاممية منذ سنوات وتوقفت عن النتاج الفكري والنضال الجماهيري .
4- من وجهة نظري ضرورة الاستفادة من تجربة مدنيون , لقد بذلت جهود كبيرة سياسية وفكرية وتنظيمية وجماهيرية من قبل اطرافها مع مبادرات ذات طابع عملي من اجل ان يرى هذا التحالف النور , ألا انه في منتصف الطريق تراجعت بعض أطرافها عن مواقفها ذات الطابع الديمقراطي وإنضوت في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 تحت خيمة أعداء الديمقراطية من أطراف الاسلام السياسي , ولم نسمع من هذه القوى الديمقراطية المبررات المقنعة عن تراجعها عن مواقفها الفكرية والسياسية ذات الطابع الديمقراطي وعن برنامج وتوجهات مدنيون ربما حتى لم تتمكن من إقناع قواعدها عن سبب تراجعها , هذا الخلل الفكري والسياسي له نتائج سلبية منها الاضرار بوحدة النضال الجماهيري الديمقراطي , كذلك هناك شخصيات تدعي الديمقراطية مارست نفس الخطأ , من وجهة نظري لصالح هذه الاطراف سواء احزاب ام شخصيات أن تقيم تجربتها وتشخص أخطائها وتنتقد نفسها لكي تعيد ثقة قاعدتها والاطراف السياسية بها ثانية وتنطلق بقوة لبناء عراق ديمقراطي حقيقي وبرؤية جديدة وبهمة واصرار وبنفس طويل وبلحمة متينة مع قوى التيار الديمقراطي وجماهير الشعب .
5- لا يختلف عليه إثنان أن التحالف الديمقراطي سيواجه مقاومة شرسة من قبل القوى الطائفية والقومية اللاديمقراطية لان جماهير الشعب في الارياف والمدن ومن كافة قوميات وأديان شعبنا العراقي وبالذات الفقيرة منها وهي الغالبية في المجتمع ستجد مكانها الطبيعي في هذا التحالف والالتفاف حولة لانها تدرك انه يعبر عن مصالحها وهذا لا ترتضيه هذه القوى الطائفية والقومية المدعومة اقليمياَ ودولياَ والمهيمنه على السلطة من خلال انتخابات مزوره وقانون انتخابات لا ديمقراطي ضمن لهم سرقة اصوات الناخبين , لا سيما وان نظام المحاصصة الطائفية والقومية قد فشل في العراق , من هنا تأتي مقاومة القوى المتطرفة لعرقلة نمو هذا التحالف وتطورة وقد تلجأ الى وسائل غير ديمقراطية وتستخدم الاغراء ومنح الامتيازات أو التجاوز على الحريات  وهذه سمتها من أجل عرقلة نمو وتطور هذا التحالف المنشود , كما ان العامل الاقليمي المتمثل بالسعودية وايران وتركيا وبعض دول الخليج والدولي المتمثل بالرأسمالية وقطبها الولايات المتحدة الآمريكية , فلا يتوقع أحد بأن هذه القوى ستتخلى عن دعم حلفائها الطائفيون والقومييون لانهم يضمنون مصالحها ومصالح الرأسمال العالمي في العراق , فهنا على قوى التيار الديمقراطي التفكير الواقعي مع استخدام الذكاء السياسي والمرونه وتوظيف الطاقات والامكانيات والالتحام مع جماهير الشعب لامتلاك عناصر القوة للضغط الجماهيري .
6- من ضمن عناصر القوة المؤثرة والتي ذات فعل جماهيري هو على التحالف الديمقراطي المنتظر انبثاقة ان يعمل على امتلاك أحد عناصر القوة وهو ( الاعلام الجماهيري) القناة التلفزيونية مع خطاب اعلامي مرن وواضح وناقد لكل ما هو سلبي هذا سلاح لا بديل عنه صحيح ان إجادة فن استخدام النضالات والاحتجاجات الجماهيرية وديمومتها هذا عنصر قوة وأداة ضغط لكن القناة التلفزيونية لديها وظائف عديدة لا مجال لذكرها الآن ولا بد من امتلاكها .
7- التيار الديمقراطي سيكون له برنامج ديمقراطي وتصورات عن الوضع السياسي مع شعارات يطرحها من وجهة نظري ان لايكون ذلك ثابت لفترة زمنية قد تصل الى عام , هذا أولاَ وثانياَ أن لايكتفي التيار الديمقراطي بنشر هذا البرنامج وهذه التصورات والشعارات , بل ان الواقع الاجتماعي العراقي وطبيعة العملية السياسية ونظامها القائم على المحاصصة والتغيير المستمر في مزاج الجماهير مع العوامل الاقليمية والدولية يتطلب شمول البرنامج والتصورات والشعارات بنقاش واسع وبشكل دوري و اخضاعهما للنقد وتصحيحهما واعادة صياغتهما على ضوء المتعيرات في الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ومتطلبات النضال الجماهيري .
8- الانتباه لمناورات الحكومة وكتلها الطائفية والقومية , خشية من التفافها على الحركات الاحتجاجية لذلك في حالة توسع الاحتجاجات ستلجأ الحكومة الى حصر المطاليب بقضية الخدمات وستناور من اجل تمييع وتضييع المطاليب الاساسية للجماهيير لتغيير الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد واصلاح العملية السياسية بأ نهاء المحاصصة الطائفية والقومية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية في العراق .
31-7-2011   

118
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو
المؤتمر التاسع لحزبهم
(8)

فلاح علي
سأتناول في هذه الحلقة مفصل هام جداَ لا بديل عنه في اي نشاط حزبي وسياسي , ولا يمكن ان يكون هناك معنى للتنظيم بدونه ألا وهو العمل الفكري الذي له دور بالغ الاهمية في الحياة التنظيمية وتطورها ومن خلاله تتطور نشاطات الحزب المتنوعة ويتحسن الاداء لاعضائه وكوادره وقياداته , ورغم انه سلاح النضال لمواجهة الصعاب الا انه بنفس الوقت يشكل خزين للمعرفة والرؤى السليمة , ويوفر قدرات لقراءة الواقع وتحديد مساراته ويمكن من رسم السياسات ووضع التاكتيكات وتطويرها وفق الحاجات النضالية وحاجات المجتمع ويطور التنظيم ويساعد على استشراق المستقبل , من هنا تبرز الاهمية الاستثنائية لتطوير العمل الفكري وتهيئة مستلزمات نهوضه .

تاريخياَ للحزب الشيوعي دور في تنمية الوعي و نشرالثقافة التقدمية في المجتمع :

شغلت وتشغل المسالة الفكرية طيلة نضال الحزب الشيوعي العراقي الذي امتدت مسيرته ال77 عام ,  اهمية استثنائية في نشاط الحزب سواء على صعيد التنظيم او على صعيد المجتمع ونشر الفكر الاشتراكي والثقافة التقدمية وتنمية الوعي , انطلاقاَ من ان العمل الفكري له اهمية كبرى ليس فقط في النشاط السياسي وقراءة الواقع ووضع البرامج والتاكتيكات وانما له اثر هام على نهوض الحزب وتطورة وعلى اداء المهام .ان كانت البدايات الاولى في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي تعود الى الرواد الماركسين الاوائل كحسين جميل وحسين الرحال ونوري روفائيل والخالد فهد وزكي خيري ويوسف متي وبطرس جبرائيل وعاصم فليح وغيرهم في نشر الفكرالاشتراكي بين اوساط الطبقة العاملة وفي المجتمع وشكلت في حينها حلقات التثقيف بالماركسية , ولكن بعد تاسيس الحزب في عام 1934 قام الحزب  بدور تنويري كبير جداَ ومبرمج وواسع الانتشار والنشاط في صفوف الطبقة العاملة والكادحين وفي صفوف الطلبة وبقية فئات المجتمع , في نشر الفكر الاشتراكي ومبادئة والثقافة الوطنية التقدمية ودافع عن المثل والقيم الوطنية والانسانية واصبح الاعضاء والكوادر رمزاَ يقتدى بهم في المجتمع وكان ذلك رصيداَ كبيراَ للحزب في انتشار فكرة وتوسيع تنظيماته , واستطيع القول ان الحزب خلق تراكم فكري لدى اعضائه وكوادره وقياداته, فقد كثر ونشر العديد من الكراريس ووضع برامج تثقيفية للاعضاء وحول السجون الى صفوف حزبية للتثقيف , واستغل العديد من الجمعيات الثقافية العلنية والمنتديات والتجمعات والمنابر العلنية , واصدر مجلة ثقافية فكرية الثقافة الجديدة في اوائل الخمسينات من القرن الماضي , ومن خلال علاقاته الاممية المعروفة دخل المئات من مناضليه واعضائة في المدارس الحزبية والجامعات وظهرت كوادر ميدانية وسياسية وتنظيمية متسلحة بالفكر والثقافة والعلوم والمعارف وبمختلف الاختصاصات العلمية , وفتح الحزب صفوف حزبية للارتقاء بالمستوى الفكري لاعضائه في مقراته في السبعينات  , كما فتح صفوف حزبية في مقراته العسكرية خلال فترة الكفاح المسلح ,كما اولى الحزب اهمية استثنائبة للثقافة ونشر المؤلفات في الادب العالمي وغيرها من المؤلفات واهتم الحزب بالشعر والفن والمسرح والسينما فكان لهذ ه النشاطات الثقافية والفنية لها اثر في تنمية الوعي الاجتماعي وفي نشر الثقافة والتراث التقدمي . ( هنا ليس بصدد الحديث تاريخياَ عن دور الشيوعيين في نشر الوعي والثقافة التقدمية , وانما ارتايته كمدخل موجز عن العمل الفكري والثقافي واهميته ) .

لجان العمل الفكري :

لاهمية الوحدة الفكرية والتنظيمية في حياةالحزب الداخلية وفي وحدة العمل والنشاط على اساس الماركسية تحتل مسالة الثقافة التنظيمية والعمل الفكري مهمه اولية واساسية في التنظيم , فانشئ الحزب لجنة مركزية للعمل الفكري , مرتبطة بها لجان فكرية في المنظمات ومع مختلف الهيئات الحزبية , تهتم لجنة العمل الفكري برفد وتزويد الكوادر والاعضاء بالمواد الفكرية وبتجارب عالمية وتمدهم بالمعلومات وتسهم في اعدادهم وتوجيههم للارتقاء بالمستوى الفكري  ,لكي يكونوا قادرين على اداء العمل السياسي  واداء المهام بفاعلية واقتحام الصعاب والصمود في الظروف الصعبة والمنعطفات الحادة , كما ان العمل الفكري يخلق سمات عملية وسماة قيادية تنظيمية وسماة سياسية لعضو الحزب ويمكنه من تحليل الاحداث واستخلاص النتائج ويوفر القدرة في العمل في بيئات صعبة وبتطور الفكر يتطور التنظيم , ورغم وجود وحدة بينهما الا انهما في الممارسة يكونان في علاقة طردية , كلما يتطور الفكر يتطور معه التنظيم وبقية النشاطات وفي الوقت الذي يتراجع النشاط الفكري اوينعدم النتاج الفكري يؤثر سلباَ على التنظيم وتحصل فجوة وتراجع بينهما تكون لها نتائج سلبية وتبرز هذه النتائج والاضرار السلبية بشكل خاص في المنعطفات الحادة مثل :
1- عندما يتعرض الحزب الى هجمة بوليسية وملاحقات واعتقالات في ظروف العمل السري .
2- عندما تتعرض التجربة النضالية او الخط السياسي في مرحلة نضالية ما الى انتكاسة .
3- عند ما يتغيير شكل النضال او يتغيير الخط السياسي .
4- عندما تضعف علاقات الحزب الاممية او تتراجع .
5- في ظروف الازمات السياسية المعقدة والمفاجئة مع وجود تدخلات خارجية اقليمية ودولية في الازمة السياسية مع الاخذ بنظر الاعتبار طبيعة العامل الخارجي .
6- ارتداد في سياسة حزب حليف , او تمكن فكر معادي للديمقراطية من ممارسة الاستبداد وتنامي الفكر الظلامي في مؤسسات الدولة والاعلام .
7- او بروز توجه انتهازي يميني او يساري متطرف في الحزب في ظرف نضالي غير طبيعي .
كثير من الاحزاب الشيوعية والحركات الثورية مرت بهذه التجارب وحصل في داخل هذه الاحزاب اخلال بالوحدة الفكرية والتنظيمية ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي تعرض الى الانشقاق العمودي والافقي في 17-9-1967 . وان كان السبب الاساسي هو الوضع الفكري لدى قيادة الحزب آنذاك , ومع هذا كانت هناك اسباب وتراكمات منها نهج خط آب عام 1964 اليميني الذي ادى الى وجود اخلال في الوحدة التنظيمية  حيث ان القاعدة الحزبية كانت لا تستطيع ان تفهم التوجهات الجديدة للقيادة الحزبية , كما ان القيادة الحزبية كانت غير قادرة على تقديم اجوبه صحيحة معللة علمياَ على تساؤلات القاعدة آنذاك , وعادتاَ تكون المخاطر والاضرار اشد على الحزب في حالة سيادة المركزية المطلقة وغياب الديمقراطية الداخلية .
- وهذه المخاطر العملية تبرز عادتاَ عند تراجع الوضع الفكري , فتلجأ بعض القيادات الانتهازية الى تبني سياسات بعيدة عن الواقع تنطلق من النظري اكثر مما هي تنبع من حاجات الواقع , مع استنساخ تجارب لم تنضج ظروفها بعد كما حصل في عام 1967 بتطبيق التجربة الجيفارية في اهوار العراق التي لم تنضج ظروف او مستلزمات ممارستها آنذاك .

ملاحظات على لجان العمل الفكري خلال مراحل نضال الحزب :

1- في الغالب كانت لجان العمل الفكري المركزية قليلة العدد لا يتجاوز اعضائها اصابع اليد الواحدة ومع هذا كان لهم مهام عدة وليس مهمة واحدة .
2- اتسم عملها بالرتابه والنمطية في التفكير , وورطت نفسها والحزب بصناعات فكرية لم يحسم نجاحها على الصعيدالدولي مثلاَ تبني نتائج المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي وما تمخض عن ذلك من اضرار لاحقاَ بظهور خط آب اليميني في عام 1964 , وتبع ذلك استنساخ نهج اوطريق التوجه اللاراسمالي في السبعينات من القرن الماضي .
3- ويبقى عدد اعضاء لجنة العمل الفكري غير مهم وقد يخضع للزيادة او النقصان وفقاَ للظرف , ولكن المهم في لجنة العمل الفكري هو التخصص و تنظيم النتاج الفكري والمعرفي في الحزب , هذا اولاَ وثانياَ أن يكون من مهامها تحريض الاعضاء على اثارة تساؤلات حول قضايا متنوعة تواجه مهام الحزب وظروفة النضالية وآليات عمله , وثالثاَ تبقى لجنة العمل الفكري معنية في البحث عن اجابات على التساؤلات والافكاروان تكون معلله علمياَ وفق الماركسية ولها صلة بالواقع , وهذا النشاط الفكري يسهم في بلورة اساليب وادوات وافكار متطابقة مع الواقع لتشيكل تجربة غنية ذات بعد واقعي وتاريخي يؤخذ بها لاستشراق المستقبل , ورابعاَ استخلاص النتائج بعد كل ممارسة مهمة على صعيد الحزب , وخامساَ تبقى مهمة تحليل الظواهر والحالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمشاكل القومية والتوجهات والافكار المطروحة على الساحة وحتى المتطرفة منها عملية مستمرة , وعادتاَ يكون التحليل وفق النظرية الماركسية ومهامها والهدف منه هو لاحداث تغيير في الواقع من خلال ابتكار وسائل وتاكتيكات وتجميع القوى وفق برنامج متفق عليه لاحداث التغيير , ولكن مع الاسف مر الحزب بمراحل من العقم الفكري بسبب رتابة و نمطية عمل لجان العمل الفكري وتمسكها بالاستنساخ وغياب التجديد في ظل غياب الديمقراطية فلحقت اضرار كبيرة في الحزب خلال مراحل نضاله .
4- رغم ان النتاج الفكري هو احد الوظائف لللايدلوجيا , ويفترض في الظروف الطبيعية ان يحصل نهوض فكري يمتاز بالتصاعد والتواصل والنمو ليكون النتاج والعطاء الفكري اكثر غني , الا انه في ظروف نضال الحزب اخذ مسارات متعددة ومر بمنعطفات وانحصار ادى الى العقم الفكري في مراحل نضالية مر بها الحزب , وكانت هناك مؤثرات سلبية منها داخلية وطبيعة النضال والامكانيات المحدودة والوضع السياسي وتأثيرات خارجية ايضاَ .
5- عدم الاستفادة من وسائل الاتصال الحديثة و ظل العمل الفكري حبيس الهيئات ولم ياخذ صفة جماهيرية مفتوحة ليكون اكثر فائدة وتأثيراَ واوسع  امتداداَ ومشاركة .

العمل الفكري بعد المؤتمر الخامس للحزب :

من خلال الوقائع والمعطيات في سياسة الحزب ونهجه تلمس الجميع حصول تطور فكري في الحزب بعد المؤتمر الخامس في عام 1993 , تجلى التطور في التوجهات الفكرية الجديدة وفي الرؤية الصحيحة للواقع العراقي آنذاك , فبعد انهيار التجربة الاشتراكية وبروز عالم القطب الواحد وهيمنة السياسة النيوليبرالية الجديدة المرتبطة بسياسة الاحتكارات الكبرى والتي طرحت نفسها كقاطرات للتغيير الجديد باتجاه فرض العولمة الراسمالية المتوحشة وما تعنية من هيمنة وتوسع وبسط النفوذ واستغلال الثروات وعولمة الفقر واثارة المشاكل الاجتماعية الداخلية للبلدان والتدخلات الخارجية وفرض سياسة القوة في العلاقات الدولية , في هذه الاجواء التي تميزت بتراجع الفكر الاشتراكي والحركة الشيوعية العالمية وقوى اليساروالديمقراطية امام المارد المتوحش راس المال وسياسته النيوليبرالية الجديدة المدعومة بالقوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية والاعلامية في هذه الاجواء وفي هذا الظرف الذي تميز بالخطورة والتعقيد والتراجع .
أنتج الحزب الشيوعي العراقي نتاجاَ فكرياَ جديداَ هو نهج الديمقراطية والتجديد الذي اصبح عامل قوة للحزب في الظرف الجديد واشيعت الديمقراطية في الحياة الداخلية , وانفتح فكر الحزب على الافكار الاشتراكية والديمقراطية والانسانية في العالم وابتعد عن التحجر والتقوقع والانعزال وتميزت سياسته بالمرونة والانفتاح والعقلانية وتجميع القوى لتحقيق الاهداف النضالية في الظرف الجديد وطرح مبادرات عديدة كماطرح مشروعه الوطني الديمقراطي للتغيير التي اكدت الحياة صحته وحاجة الوطن والشعب لهذا المشروع منذ ذلك التاريخ الى الآن . وهذا اهم انجاز فكري لان من المهام الاساسية للعمل الفكري  هو ان يكون رافعاَ ودافعاَ ومحفزاَ للنضال الوطني الديمقراطي الاجتماعي وللنضال الحزبي وتطويرة وتمكينة من تحقيق مهماته في اصعب الظروف واعقدها.
ومن وجهة نظري جاء النتاج الفكري المتميز بعد المؤتمر الخامس كنتيجة للعناء والجهد الذي بذل في دراسة المتغيرات الدولية والمتغيرات في الواقع العراقي هذا اولاَ وثانياَ لنبذ الاستنساخ والانفتاح على كل التجارب و الافكار الاشتراكية واليسارية والديمقراطية والانسانية وثالثاَ لهجر التقوقع والجمود والنمطية في العمل والرتابه والابتعاد عن الانغلاق السياسي والفكري ورابعاَ للابتعاد عن المركزية المطلقة وهجر البيروقراطية وتبني الديمقراطية  .
وبعد هذا التاريخ وجدت لجان الاختصاص لتمارس مهامها ونشاطاتها ومنها مختصة العمل الفكري .

الخلاصة والاستنتاجات :
1- ان كانت هناك محطات مر بها الحزب وأصيب خلالها بالعقم الفكري اي بغياب النتاج الفكري خلال مراحل نضاله منها في الاربعينات في فترة حميد عثمان وفي بداية الخمسينات الى الكونفرنس الثاني في عام 1956 حيث حصل تحسن في الوضع الفكري في فترة الشهيد سلام عادل , وعاد الخلل الفكري ثانية في اوائل ومنتصف الستينات ومنتصف السبعينات وتبقى من المحطات القريبة التي انفقد فيها النتاج الفكري هي الفترة المممتدة من سقوط النظام في عام 2003 الى عام 2007 الى حين عقد المؤتمر الثامن في آيار 2007 حيث انجزت ورقة العمل الفكري وظهر التقرير السياسي الذي اتسم في ابوابه بالوضوح والمعطيات والآفاق بعد هذا التاريخ بدأ يظهر تحسن نسبي في العمل والنشاط الفكري .
2- أكدت التجارب التاريخية للحزب والحركة الشيوعية العالمية , انه ما يرافق مراحل العقم الفكري كثير من السلبيات منها هو في انخفاض المستوى الفكري لدى اعداد من الاعضاء مع بساطة في التحليل وتنامي حالة الاحباط والياس والقنوط والتردد لدى عدد من اعضاء الحزب وينعكس ذلك  سلباَعلى مستوى الاداء وتردي وتراجع في النشاطات ويتراجع التنظيم وتتدنى درجة الضبط الحزبي الواعي ويحصل انحصار جماهيري مع ارباك في الرؤى وصعوبة قراءة الواقع وعادتاَ يترافق ذلك مع غياب المبادرة ,منها المبادرات السياسية والجماهيرية و المرور بفترة من الترقب والانتظار وغياب المرونة في التنظيم اي ضعف في سرعة تجاوبة وملائمته وتفاعلة مع المتغيرات والتاثير فيها , مع غياب الديمقراطية احياناَ في الحياة الحزبية الداخلية.
3- بعد عام 2007وبعد المؤتمر الثامن للحزب سار العمل الفكري خطوات حثيثة الى الامام وتوفرت امكانيات لنهوضه وجرى تحسن في نهاية عام 2008 والاعوام 2009 و2010  و2011, وبما ان العمل الفكري بحاجة الى جهد متواصل كما ان الفكر ليس له حدود نظراَ لارتباطة بقضايا اساسية منها هو حاجة ظروف النضال للفكر والمعرفة والتجديد هذا اولاَ وثانياَ ان ( عقل الانسان )  دائم التفكير والعطاء فتبرزالحاجة هنا الى توحيد الجهود من خلال العمل المبرمج للتعامل السليم مع الطاقات والكفاءات والقدرات لدى اعضاء الحزب واصدقائه ومؤازرية وحسن استثمارها لكي يتواصل النتاج والعطاء ويزداد غنى , وثالثاَ في عصر ثورة المعلومات ووسائل الاتصال والتطور التكنولوجي الحاجة الى ان يواكب العمل الفكري هذه التطورات ليبقى الحزب دائماَ قوة مؤثرة وديناميكية في المجتمع , فالموضوع لا يتعلق بعدد اعضاء مختصة العمل الفكري ويبقى المهم بالنسبة للحزب هو في تنظيم وبرمجة عملية النتاج المعرفي والفكري داخل الحزب واشاعة الديمقراطية الداخلية والحوار الفكري وهذه تسهم في تنمية وعي الاعضاء .
4- في ظل عالم القطب الواحد وهيمنة العولمة المتوحشة  مع التقدم العلمي والتقني تفرض هذه المتغيرات على مختصة العمل الفكري وعلى الحزب بان يكتسي العمل الفكري والثقافي طابعاَ جماهيرياَ وعدم حصرة في التثقيف في الهيئات فقط  .
5- وفي هذا الظرف بالذات تؤكد الحاجة الى الاسراع بانجازمركز للبحوث والدراسات الذي طال انتظاره ان كانت القناة التلفزيونية تكلف مبالغ مالية عالية , فان مركز للبحوث والدراسات لا يحتاج لتكلفة عالية جداَ كما هي علية في القناة التلفزيونية .
6- الظرف الحالي الذي يمر به العالم ومنطقتنا العربية يتطلب توحيد الجهود والامكانيات على صعيد الاحزاب الشيوعية واليسارية في المنطقة العربية او منطقة الشرق الاوسط , وايجاد مشاريع مشتركة وبهذا تكثف الجهود ويختصر الوقت وتوظف الامكانيات وتنخفض الاعباء المالية التي يفترض ان يقوم بها كل حزب على انفراد , وهذا ينطبق على العديد من المشاريع منها مثلاَ مدرسة حزبية مشتركة لتعليم الماركسية او انشاء وسيلة اتصال جماهيرية كقناة تلفزيونية او اقامة مركز للبحوث والدراسات بشكل مشترك .....الخ .
7- في ظل تعقد العملية السياسية وبروز قوى الاسلام السياسي ومنها قوى متطرفة , تبرز الحاجة الى وضوح في الخطاب السياسي عند مخاطبة جماهير الشعب والراي العام العراقي وان يتميز الخطاب السياسي مع وضوحه برؤية انتقادية لكل سلبيات العملية السياسية وتنطلق هذه الرؤية من الواقع مع تبني حلول عملية نابعة من حاجات الشعب والوطن .
8- احتضان كتابات الاعضاء والاصدقاء والمثقفين , ونشرها في صحافة الحزب لا سيما هناك كثير من الكتابات تحمل طبيعة البحث وهذا النوع من الكتابات يتضمن روؤئ وافكار ان اكدت الحياة والممارسة صحتها فانها تدخل في اطار النتاج الفكري , الا انه مع الاسف ان مختصة الاعلام وضعت خطوط حمر على كل كتابه تحمل روؤية نقدية او تتعارض مع توجهات المختصة , فالحقت مختصة الاعلام ضرراَ بالحزب وصحافته وتجاوزت حتى على النظام الداخلي المادة 3 حقوق العضو في الجزء الاول من الفقرة رقم 3 والتي تشير الى ( ينشر وجهات نظره في القضايا الفكرية والسياسية في المنابر الاعلامية للحزب) واصبحت مختصة الاعلام في هذا الجانب تلعب دوراَ سلبياَ وعزلت صحافة الحزب عن كثير من الاقلام المتنوعة ذات النتاجات الغنية والحاجة لها ضرورية في هذا الظرف , هنا يطرح سؤال لماذا تمارس مختصة الاعلام هذه التسلكات ؟
9- في هذا الظرف بالذات تبرز اهمية انبثاق جبهة واسعة لقوى اليسار والديمقراطية اي التعجيل بانبثاق جبهة التيار الديمقراطي , ان الوضع السياسي المعقد في العراق بحاجة الى قطب ثالث يدخل في ميدان المنافسه السياسية المشروعة لتغيير الموازين في المجتمع , وليؤكد هذا التحالف المرتقب لشعبنا انه قادر على دحرالطائفية السياسية ويجسد الوحدة الوطنية لشعبنا , وبه سيؤمن استقلال الوطن واستقلال القرار الوطني  لانه هناك من يدعوا الى سحب القوات في موعدها والى استقلال الوطن , لكنه لايدعو الى ضمان استقلال القرار الوطني ومنع التدخلات الخارجية , مع التاكيد لشعبنا بانه لن تكون هناك اي تنمية اقتصادية سليمة ولم يحصل اي تقدم بدون الدور الفاعل لهذا التحالف المرتقب , ولن تكون هناك ضمانة حقيقية للحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور , دون ان تكون هناك قاعدة اجتماعية واسعة ضاغطة ذات تاثير جماهيري فعال موازي للتحالف الطائفي الماسك بالسلطة السياسية وهذا التوان لن يتحقق الا بالدور الفاعل  لتنسيق عمل قوى التيار الديمقراطي وتحالفه مع منظمات المجتمع المدني , لانه بانبثاق قطب ديمقراطي ثالث رغم انه حاجة سياسية وحاجة المجتمع لهذا القطب , الا ان انبثاقة سيكون له تأثير ايجابي على اصطفاف القوى وعلى مزاج الجماهير وعلى تنامي الوعي وتجذره في المجتمع .
10- من الصعب تمكين شعبنا ووطننا من الصمود بوجه العولمة الراسمالية المتوحشة وسياساتها النيوليبرالية الجديدة وقاطرتها الدافعة العابرة للقارات وهي تحالف شركات القوى الاحتكارية  الا بنهوض قوى اليسار والديمقراطية , وانبثاق تحالفهم المنتظر وعلى ان يتمكن لاحقاَ من المساهمة في صنع القرار الوطني هذا اولاَ. وثانياَ بخوض النضال الجماهيري والسياسي والفكري بين جماهير شعبنا , وان يتجلى النضال الفكري بطابع جماهيري (من هنا تبرز  اهمية الوحدة الدايلكيكية بين الاعلام والعمل الفكري) وان العمل الفكري والاعلامي من وجهة نظري على ان يكون باربعة اتجاهات الاول هو تعريف جماهير شعبنا باضرار العولمة الراسمالية المتوحشة على مصالحهم ومصالح الوطن , والاتجاه الثاني تسليط الاضواء على التحالف غير المعلن في المصالح بين التحالف الطائفي الذي يقود السلطة مع السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي تمثل نظرية العولمة وتجسدها الشركات الاحتكارية , وهذا التحالف قائم على وحدة المصالح التي تتجسد في تصفية القطاع العام وخصخصة ثروات الوطن وربط الاقتصاد العراقي   بالاقتصاد الراسمالي وازماته وتأثيراته الخطيرة على الفئات الفقيرة من شعبنا وعلى اقتصادنا الوطني , لان وحدة المصالح هذه تبيح لهم صلاحية فتح ابواب الوطن امام الاحتكارات الراسمالية ومنحهم حرية التوسع في استغلال وخصخصة الثروات الوطنية ومنها النفط والغاز والمعادن .
والاتجاه الثالث هو تحصين المثقفين الشباب من التأثيرات السلبية  لتوجهات السياسة النيوليبرالية الداعية الى لبرلة الحياة الثقافية والتنظيمية وتبرز هنا  المهمة الاساسية للعمل الفكري في تحصين المناضلين من تاثيرات العولمة . و تبني  شعارعولمة النضال على الصعيد الدولي وانسنة العولمة ,  علماَ ان الحزب الشيوعي العراقي اطلق هذا الشعار بعد المؤتمر الخامس  . والاتجاه الرابع نشر الفكر والثقافة الوطنية الديمقراطية ومواجهة الفكر الاسلامي التكفيري المتطرف والمتحجر والحد من انتشارة في المجتمع والدولة و التثقيف ضد ثقافة التعصب والانغلاق .
11- من الفئات الهامة التي يتطلب ان يبرمج ويوجه العمل الفكري نحوها هم الشباب وطرح حاجاتهم ومعالجتها من خلال فتح حوار مباشر معهم يخلق تفاهم وتواصل من خلال وسائل اتصال جماهيرية , وايجاد حلول لمشاكلهم وبنفس الوقت احياء المؤسسات الفنية والثقافية ذات القاعدة الجماهيرية مع دور للسينما والمسرح .
12- نشر القيم الاخلاقية والانسانية المرتبطة بالفكر اليساري والشيوعي وهذه القيم لا تزال محفورة في التجارب التاريخية للحركة الثورية العالمية وفي التاريخ النضالي للحزب الشيوعي العراقي والتي جسدها مناضلي الحزب الشيوعي العراقي في السلوك والممارسة ,منها النزاهه والصدق والاستقامة ونكران الذات والعطاء الدائم والدفاع عن مصالح الجماهير والشجاعة والاقدام والمثابرة....الخ , حتى اصبحوا رمزاَ يقتدى به في اوساطهم لانه لهذه القيم قوة تاثير في المجتمع وتخلق قوة المثل الذي تميز به مناضلي الحزب في فترات تاريخية . ان التمسك بمنظومة القيم الرفيعة والاخلاق الثورية الانسانية ونشر المعرفة , والرد على حملات التشكيك بفكر الحزب وسياسته القائمان على العلم والديمقراطية وتلبية مصالح الشعب والوطن  مهمتان ذات اهمية ومترابطتان.
13- ان عملية التجديد مطلوبة وهامة ان كانت الاهداف والتوجهات ثابته في كل الظروف والازمان لكن السياسة والفكر والتنظيم والوسائل والاساليب والتاكتيكات بحاجة الى تجديد , واهم وظيفة تنتظر الحزب في الجانب الفكري هي في تنمية التفكير الاستراتيجي لدى اعضاء الحزب من خلال الاهتمام في  القدرات والمهارات الذهنية والفكرية التي تمتاز بالممارسة والتصرفات والرؤية الاستراتيجية , هذه القدرات ستكون صمام امان للسير بالاتجاه الصحيح ودخول جميع المنعطفات بدون ان يحصل اخلال بالوحدة الفكرية والتنظيمية لانها هي القادرة على صياغة الاستراتيجيا في البيئات المتقلبة الغير ثابته ومراقبة التنفيذ , وهناك خصائص ذات اهمية يمتلكها اصحاب التفكير الاستراتيجي منها القدرة على التحليل والاستنتاج , وعلى تفسير الظواهر والاحداث وتقديم اجوبة صحيحة مع امتلاكها للبصيرة النافذه والقدرة على استثمار الامكانيات والطاقات المحدودة وتوظيفها وهناك مهارات لا تقل اهمية ومنها المرونة في التعامل والبراعة في الحوار والقدرة على التفاعل الاجتماعي والسياسي والتعامل مع المتغيرات مع امتلاك معارف علمية وقدرة على الابتكاروالتجديد بعد معرفة الحاجات على ضوءقراءة الواقع ومعرفة حاجات النضال , فهذه من المهام الاستراتيجية في العمل الفكري التي يتطلب ان يهتم بها الحزب .  
14- ان الوضع الفكري هو احد الموضوعات الهامة التي تشغل الحزب , لهذا فانه يشكل احد القضايا العقدية التي ستحظى بالاهتمام من قبل مندوبي المؤتمر التاسع للحزب  , ومع التحسن المتصاعد للوضع الفكري داخل الحزب الشيوعي العراقي , الا ان الظرف الحالي الذي يمر به البلد يفرض على الحزب مهام استثنائية , اني على ثقة ان المؤتمر التاسع سيكون قادر على تشخيص مكامن الخلل واستخلاص الدروس ,ووضع الحلول العملية للنهوض الفكري وتبني وسائل وآليات عمل تؤهل الحزب ليلعب دوره على الساحة الوطنية ليتمكن من ان ينجز بفاعلية المهام الحزبية والمهام ذات الطبيعة الاجتماعية والديمقراطية ولكي ياخذ دورة التاريخي في المجتمع في تغيير حاضرة بما يخدم مصالح الشعب والوطن وبناء الدولة المدنية الديمقراطية .  
2-5-2011



119
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو
المؤتمر التاسع لحزبهم
(7)

فلاح علي
احد اوجه النشاط الحيوي الهام  في نضال الحزب الشيوعي العراقي , يتجلى بما هو مرتبط بتاكتيكاته الآنية ذات العلاقة الجدلية بخطه السياسي  , ويعبر عن هذه التاكتيكات الآنية بالتحالفات السياسية التي  اقامها ويقيمها الحزب خلال مراحل نضاله  , ان الحزب الشيوعي العراقي تميز عن غيرة من الاحزاب  بامتلاكه خبرة غنية جداَ في مجال التحالفات السياسية الذي ساهم بانشائها , انطلاقاَ من ان التحالفات تشكل سمة اساسية من سمات النشاط السياسي والجماهيري والاجتماعي للحزب , وانطلاقاَ من أهمية التحالفات  ارتباطاَ بما تمليه ظروف النضال سواء كانت في العمل السري أوالعلني ومهامها وظروف البلد وطبيعة الصراع الجاري والتوجهات المستقبلية الاساسية التي يفترض ان تسير عليها القوى المعنية بالتحالف وتنوعه  ارتباطاَ مع مسار حركة التطور , من هذا لا بد من المرور من بوابة التجربة التاريخية الغنية للحزب الشيوعي في مجال التحالفات , رغم ان الشيوعيين العراقيين قد قيموا كل تجربة من هذه التجارب ولكن الاشارة لها تفيد في اغناء هذه الموضوعة .

تحالفات الحزب الشيوعي العراقي :
ان التحالفات التي اقامها الحزب الشيوعي العراقي لم تكن برغبه منه ,وانما كانت حاجة سياسية تمليها متطلبات النضال وحاجة الشعب والبلد  سواء كانت في ظروف العمل السري او العلني ولا بد من الاشارة هنا الى اهم تحالفات الحزب التاريخية :
1- تحالف جبهة الاتحاد الوطني في عام 1957 .
2- تحالف عام 1973 واستمر لعام 1978 .
3- تحالف جوقد في نهاية عام 1980 .
4- تحالف جود في منتصف الثمانينات خلال مرحلة الكفاح المسلح .
5- التحالف مع المؤتمر الوطني بعد مؤتمر صلاح الدين في عام 1992 ولم يدم طويلاَ واستمر لاشهر معدودة خرج الحزب من التحالف لاسباب طرحت في حينها منها مصادر التمويل , وتمت عملية الخروج من هذا التحالف بطريقة مدروسه وبممارسة ديمقراطية ساهم في اتخاذ قرار الانسحاب جميع المنظمات الحزبية آنذاك .
وقد تميز الحزب طيلة تاريخه السياسي بعلاقات ثنائية متميزة مع بعض الاحزاب منها الحزب الديمقراطي الكردستاني  على سبيل المثال والحركة الاشتراكية العربية التي وقع معها وثيقة عمل قي 30-10-  1968 كما كانت للحزب علاقات نضالية لم تاخذ صفة التحالف في فترة النضال ضد الدكتاتورية مع بعض احزاب الاسلام السياسي و بعض القوى الوطنية والديمقراطية , وتشكلت لجان تنسيق لقوى التيار الديمقراطي في بعض الدول منها لندن ولجان تنسيق مع كل القوى الوطنية في غالبية بلدان العالم .
في كل هذه التحالفات حافظ الحزب على استقلاله السياسي والتنظيمي والآيدلوجي , وقد كان له دور فاعل في هذه التحالفات عدا تحالف عام 1973 الذي رافقه الكثير من الثغرات والسلبيات ارتباطاَ بكونه كان تحالف مع حزب يقود السلطة ويريد ان يفرض هيمنته على الحياة السياسية وعلى المجتمع , كما ان هذا التحالف لعبت فيه عوامل خارجيه كانت تضغط باتجاه تسريع هذا التحالف , ومن هذه العوامل الخارجية هي ضغط الاتحاد السوفياتي آنذاك , ارتباطاَ بعملية الصراع على الساحة الدولية بين القطبيين , وبهذا رغم ان ل.م كانت منقسمه في الراي البعض مع التحالف والآخر ضده كما ان غالبية الكوادر والمنظمات الحزبية لم تحسم امرها من التحالف , فمن وجهة نظري ان التحالف فقد صفته الطوعية التي هي عنصر مهم في اقامة التحالف و بهذا فقد عناصر القوة ومنها ليس كل جسد الحزب كان مع هذا التحالف . عدا ذلك كان الحزب له دور فاعل ومؤثر في كل التحالفات التي ساهم في انبثاقها , من مرحلة النضال ضد اسقاط النظام الملكي الى مرحلة النضال ضد النظام الدكتاتوري .

تحالفات الحزب الشيوعي بعد عام 2003 :
رغم ان الحزب الشيوعي مارس نضاله العلني , ووضع توجهاته السياسية للسير بالعملية السياسية الى الامام لبناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية , وكان يحرص على تشكيل حكومة الشراكة الوطنية التي تضم كل القوى الوطنية والديمقراطية والقومية والاسلامية التي اشتركت في النضال ضد الدكتاتورية , الا ان القوى القومية والاسلامية قد حسمت وضعها وبفعل عوامل ضغط خارجية فاعلة ومؤثرة في الشان الداخلي العراقي دفعتهم للتعجيل بتقاسم السلطة ومن خلال تحالف فيما بينهم , واطلق عدد من المسؤولين ومنهم رئيس الجمهورية آنذاك السيد جلال الطلباني تصريحات تتعارض مع فكر حزبه النضالي التحرري الديمقراطي ويبدوا ان هذه التصريحات اما فرضت عليه أو هو يعي معناها وبهذا فهي تنطلق من رؤية ميكافيلية وذات طبيعة نفعية , حيث كانت التصريحات تشير الى ان الشعب العراقي يتكون ( من السنه والشيعه والاكراد ) ويفهم من هذه التصريحات في الممارسة العمليةان قيادة الدولة يجب ان يقودها تحالف ينبثق من هذه التشكيلة هذا اولاَ وثانياَ رغم ان التصريحات كانت ذات طبيعة اقصائية غير واقعية وغير ديمقراطية لانها أقصت حقيقة الشعب العراقي انه مكون من قوميات هذا اولاَ ومن تيارات سياسية  ثانياَ  وليس تخندقات طائفية وقومية ,  فان تصريحات السيد جلال كانت ناقوص خطر على مستقبل العملية السياسية وتطورها بالاتجاه الديمقراطي .
لهذه الاسباب وغيرها اقيم تحالف لقيادة السلطة وتقاسمها مع هذه القوى وتم استبعاد طرف اساسي له دور في رسم مستقبل العراق السياسي , الا وهو الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية والليبرالية , وتم تهميش هذه القوى ومحاصرتها . قيادة الحزب الشيوعي في الفترة من عام 2003 الى عام 2005 , كانت تدرك تماماَ ما يدور من احداث في البلاد وما يطرح من سيناريوهات وتدرك ايضاَ ان هذه التحالفات ذات طبيعة مصلحية ذاتية , ان قيادة الحزب مارست العمل والتحرك وادارة الصراع بطريقة النفس الطويل والحوار والاقناع بان العملية السياسية لا يمكن لها النجاح اذا بقيت محصورة بطريقة المحاصصة وفق تحالف طائفي قومي الذي هو يشكل اصلاَ مقتل للعملية السياسية . ان هذا النفس النضالي والعقلاني هو مطلوب ارتباطاَ بالظروف التي مر بها البلد آنذاك , ولكن ظل غير فاعل وغير مؤثر بسبب فقدانه لعناصر الضغط الجماهيري من القاعدة وضعف دور اعلام الحزب الشيوعي آنذاك مع تدهور الوضع الامني وكان العامل الدولي والاقليمي يصب باتجاه تعقيد الوضع السياسي والتخندق الطائفي والقومي , ورافق ذلك انتظاروترقب لدى قيادة الحزب الشيوعي العراقي مصحوب بحالة من التردد, وما نتج عنها من ارباك في التاكتيكات وفي الفعل والتاثير وفقدان المبادرة , ارتباطاَ بشدة التعقيد للوضع السياسي واتساع التدخلات الخارجية ,مع فرض حالة من الحصار الاعلامي والتهميش السياسي من قبل هذه الكتل على الحزب لمحاصرته وتضييق حركته السياسية والجماهيرية واستمر الحال الى مؤتمر دوكان في 18-11-2004 حيث حسمت الامور بظهور التحالفات الطائفية مع ظهور التحالف الكردستاني . بعد هذا التاريخ تيقنت قيادة الحزب مسار العملية السياسية وطبيعة التحالفات التي انتجتها المرحلة . فتحركت قيادة الحزب برؤية سليمة مع كفائة في الاداء رغم قلة الامكانيات آنذاك وأنتجت تحالفات جديدة ذات طبيعة وطنية ولمهام انتخابية ومن هذه التحالفات هي :
1- تحالف مع القائمة العراقية : لخوض الانتخابات البرلمانية لعام 2005 في قائمة واحدة , بغض النظر عن سلبيات التحالف الا انه كان له نتائج ايجابية ومنها هو ان قيادة الحزب تمكنت من كسر الحصار الذي فرض على الحزب من قبل حلفاء الامس , كما ان هذا النشاط السياسي سجل براعة في الاداء لدى قيادة الحزب في ذلك الظرف وتمكن الحزب من خوض الانتخابات مع قوى وشخصيات قومية ووطنية , والجانب الاهم والضروري الذي لجأت له قيادة الحزب في هذا التحالف الانتخابي هو انها أشركت القاعدة الحزبية في المشاركة باتخاذ قرار التحالف وكانت ممارسة ديمقراطية داخلية , أعطت قوة ودفع لقيادة الحزب في السير بهذا التحالف , ألا انه كما هو معروف انسحب الحزب من هذا التحالف لا سباب منها التفرد بقيادة التحالف وغياب المشاركة الجماعية والممارسة الديمقراطية فيه  .
2- تحالف مدنيون : انبثق في عام 2009 على ضوء انتخابات مجالس المحافظات واشترك فيه قوى وشخصيات وطنية وديمقراطية , رغم انه كان تحالف انتخابي ومهما يكن حجم القوى المشاركة فيه , الا انه كان تحالف وطني ديمقراطي عابر للطوائف والقوميات , وكان بالامكان ان يتواصل لانه كان يشكل بديل عن التخندق الطائفي والقومي , الا ان قوى التخندق الطائفي لا تريد لهذا التحالف ان يتجذر في المجتمع هذا اولاَ وثانياَ كان هذا التحالف بحاجة الى ( المال والاعلام الجماهيري والوقت ) هذه العناصر الثلاث لها تأثير في استمرار التحالف وفي قدرته على تطوير اساليبة واداء اطرافه وبالتالي ظهور نتائج تأثيره , الا ان هذا التحالف انفرط قبل الانتخابات البرلمانية لعام 2010 .
3- في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 . طرح على الحزب الشيوعي من قبل قائمة دولة القانون والتحالف الوطني انشاء تحالف انتخابي إلا ان الحزب الشيوعي العراقي رفض هذا العرض  .
هنا يطرح سؤال : هل ان رفض الحزب لهذا التحالف كان على صح ؟ او بمعنى آخر لماذا رفض الحزب الشيوعي هذا العرض للتحالف الانتخابي ؟
ان الاجابة على السؤال تتطلب معرفة مكونات التكتل الذي طلب التحالف هذا أولاَ وثانياَ ما هي مهام التحالف اي توجهاته وبرنامجه هل هي ذات طبيعة او توجهات ديمقراطية , ما هي ارتباطات هذا التحالف وبالذات الخارجية منها , هل ان هذا التحالف حقاَ يريد بناء الدولة المدنية الديمقراطية هل ان توجهات هذا التحالف منسجمة مع توجهات وسياسة الحزب ذات المهام الآنية .
من وجهة نظري أن رفض التحالف كان قراراَ صحيحاَ وصائباَ , اعطى قرار الرفض قوة اضافية للحزب الشيوعي وتجلت مصداقيته وانسجامه مع الواقع العراقي , وقدرته في رؤيته السليمة لتطور العملية السياسية بالاتجاه الديمقراطي .
وكل مواطن يمتلك رؤية لطبيعة هذين التكتلين يدرك تماماَ , انهما ما يهدفان اليه من توجههما للحزب الشيوعي لطلب التحالف هو التالي :
1- ان هذين التكتلين هما كانا بحاجة الى الشرعية الوطنية لهذا توجها للحزب الشيوعي العراقي .
2- لكي يتخلص التكتلين من حيث الشكل وليس من حيث المضمون من طبيعتهما الطائفية .
3- يدركان تماماَ ان اي تحالف لايبنى على اساس وطني ديمقراطي , يبقى تحالفاَ غير مقبولاَ على الصعيد الوطني والشعبي .
4- ويدركان تماماَ ان اي تحالف طائفي او قومي سيكون عمره قصير لانه لا يحمل رؤية مستقبلية ولا يلبي حاجات الوطن والشعب , لانه يدور في خندق الاصطفافات الطائفية والقومية وليس في مسار التحولات الديمقراطية .
قيادة الحزب الشيوعي في هذه المرحلة تميزت في قدرتها على الرؤية البعيدة وهذا الموقف سجل حقاَ كفائة في الاداء , وحضية قرار الرفض بدعم القواعد الحزبية والاصدقاء وجماهير واسعة اضافة الى دعم كل قوى اليسار والتيار الديمقراطي .
4- التهيئ لتشكيل تحالف يضم قوى التيار الديمقراطي : تتواصل جهود الحزب وقوى وشخصيات ديمقراطية لتشكيل تحالف بينهما ذات طبيعة اجتماعية ديمقراطية , ولا تزال الجهود متواصلة لتهيئة مستلزمات عقد المؤتمر الاول للتحالف الذي ستنبثق عنه قيادة للتنسيق بين هذه القوى المتحالفة , ان الظرف الذي تمر به البلاد وحاجة الشعب تفرض انبثاق هكذا نوع من التحالفات البعيدة عن التخندقات الطائفية والقومية , والتي اكدت تجربة العراق على حقيقة ان العملية السياسية لا يمكن اصلاحها بدون الدور السياسي الفاعل لقوى التيار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني , وبانبثاق هذا التحالف سيظهر في البلاد قطب ثالث قادر على استقطاب اوسع فئات المجتمع حوله التي تنتظرانبثاق هذا التحالف .

مميزات هذا التحالف الديمقراطي المرتقب:
1- انه سيبنى على اساس وطني بعيداَ عن الطائفية والانغلاق القومي .
2- انه سيتكون من قوى وشخصيات ديمقراطية يوجد انسجام في التوجهات السياسية فيما بينها ولا تحمل هذه القوى التي ستنخرط في هذا التحالف حساسيات سابقة او تجارب تاريخية ذات طبيعة سلبية فيما بينها.
3- ان هذه القوى لا تلغي احدها الآخر اي لا توجد منافسه بين اطرافها .
4- تحمل هذه القوى توجهات ومهام ذات طبيعة ديمقراطية , كما انها تحمل رؤية مستقبلية وهذه ستكون اهم عناصر قوة التحالف ونجاحة .
5- ان هذا التحالف في حالة انبثاقة ستكون له اوسع قاعدة اجتماعية في البلاد , بسبب انه سيكون الاقرب من غيره الى منظمات المجتمع المدني ونقابات العمال هذا اولاَ وثانياَ سيكون هذا التحالف هو الاقرب الى جماهير الشعب في المدن والارياف والتي ستلتف حولة وثالثاَ هناك كتل بشرية مستقله ومتردده ستدعم هذا التحالف لانه عابر للطوائف والقوميات ويحمل أفقاَ مستقبلياَ.
6- سيكون هذا التحالف نواة صلبه لاستقطاب بقية قوى اليسار التي ستفرض عليها المتغيرات الجديدة في حركة الجماهير بان تكون اكثر واقعية وستجد هناك قواسم ومشتركات ذات طبيعه اجتماعية ووطنية وديمقراطية مع هذا التحالف .
7- ان الحزب الشيوعي العراقي وهو يبذل جهد ونشاط متواصل لتهيئة مستلزمات انبثاق هذا التحالف  انه يسير بخطى واثقة وموظفاَ تجاربه السابقة الغنية من اجل انجاز هذا التحالف الذي يشكل حاجة سياسية للبلد , كما ان القاعدة الحزبية الواسعة واصدقاء وجماهير الحزب معه في هذا الجهد وكل قوى التيار الديمقراطي تساهم في هذا النشاط السياسي الهام وتهيئ مستلزماته, وتدرك اهمية انبثاق هذا التحالف المرتقب في هذا الظرف المعقد .

بعض الدروس المستخلصة :

1-ان كل تجارب الحزب الشيوعي العراقي في مجال التحالفات , كانت قائمة على اساس تعاليم مهندس التحالفات السياسية الثوري والعبقري لينين وهي الاحتفاظ بالاستقلال السياسي والتنظيمي والآيدلوجي للحزب .
2- ان التحالفات كانت لا تتعدى برنامج الحد الادنى التاكتيكي للحزب , ولم يدخل الحزب في اي تحالف او تسوية او تنازل في المسألة الآيدلوجية .
3- ما يؤكده لينين ان التحالفات تبنى على اساس طوعي وان تكون هناك تنازلات مشتركة عدا الجانب الآيدلوجي , وكل اطراف التحالف ان تكون لهم حقوق متساوية والخروج منها يتم بشكل طوعي , هذا ما عمل به الحزب الشيوعي العراقي في كل تحالفاته .
4- عدا تحالف عام 1973 , حيث هناك قوة خارجية تمثلت في الاتحاد السوفياتي آنذاك كان لها دور في الضغط على قيادة الحزب من اجل التحالف , كما انه جرى لاحقاَ الاخلال بميثاق التحالف من قبل الطرف الذي يقود السلطة آنذاك وعندما اراد الحزب الخروج بشكل طوعي من التحالف كلفه ذلك خسائر كبيرة .
5- التحالفات التي تسهم فيها القاعدة الحزبية في ابداء الراي والمشاركة في صنعها رغم انها تعبر عن ممارسة ديمقراطية داخلية لكنها في نفس الوقت تمكن قيادة الحزب من امتلاك عناصر القوة والتاثير .
6- التحالفات التي تحمل امكانيات النجاح والتطور هي التي تتم في اطار مناخات سياسية متقاربة بين القوى السياسية المؤتلفه , كما انها تتطلب ارضية رحبه منفتحة قائمة على التنوع وذات رؤية ومهام ديمقراطية مستقبلية تخدم مصالح الشعب والوطن رغم انه يفترض في التحالفات ان لا تتضمن اهداف استراتيجية .
7- التحالفات الناجحة هي التي تمضي قدماَ وتكون قادرة على التغلب على جميع الصعاب وتسهم في تغيير الواقع باتجاه الديمقراطية , وان يؤكد هذا النوع من التحالفات للشعب ان الطائفية بكل انواعها السياسية والمذهبية هي تشكل عامل مدمر لمستقبل الوطن , وان تحقيق الاستقرار الامني والقضاء على الارهاب وتحقيق العيش الكريم للشعب لا يتحقق ذلك الا بالقضاء على آفة الطائفية .
8- مستقبل الوطن وتقدمه وتحقيق طموحات الشعب وبناء النظام الديمقراطي الفيدرالي يتطلب النضال المتواصل من اجل الضغط لتشريع قانون للاحزاب يمنع فيه حرية العمل للحزب الطائفي كما يمنع كل تحالف طائفي ويضع حداَ للتمويل الخارجي ويضمن حيادية اعلام الدولة .
(يتبع)
20-4-2011


120
سحب القوات في موعدها واصلاح العملية
  السياسية مهمتان وطنيتان لا تتجزئان

فلاح علي
الاتفاقية الامنية بين الحكومتين العراقية والامريكية التي تم التوقيع عليها في اواخر عام 2008 والتي تنتهي في اواخر عام 2011 ,  اثارت في الاوساط السياسية جدل حاد بين مؤيد لسحب القوات وبين من يرغب في تمديد بقاء القوات . اثير هذا الجدل الحاد على ضوء زيارة وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس الاخيرة الى العراق , وقد صرح  جيتس ان بلاده لا ترفض بقاء جزء من قواتها ولكن الامر يتعلق بموقف الحكومة العراقية وعليها اتخاذ قرار في هذا الشأن اي الطلب ببقاء جزء من القوات .
 
ما هي دلالات تصريحات روبرت جيتس :

رغم ان الرئيس الامريكي اوباما قد اكد بعد تسلمه مهامه كرئيس للولايات المتحدة انه ملتزم بسحب القوات الامريكية من العراق في نهاية عام2011 , هنا يطرح سؤال اذاَ لماذا جاءت تصريحات جيتس بالضد من توجهات الرئيس الامريكي التي كانت احد وعوودة الانتخابية التي اوصلته الى رئاسة امريكا؟هل ان تصريحات جيتس تعبر عن وجهة نظره فقط ؟ علماَ انه عنصر مهم في طاقم الادارة الامريكية .
من وجهة نظري ان تصريحات جيتس تؤكد على التالي :
1- طالما ان وزير الدفاع روبرت جيتس جزء هام من الادارة الامريكية , فهذا يؤكد هناك  تغيير في المواقف الامريكية من مسألة الانسحاب الكامل للقوات , ولكن الادارة الامريكية لا تطرح ذلك بشكل مباشر, ومن خلال تصريحات جيتس , نتلمس الى وجود حقيقة غير معلنه تؤكد على انها ستدخل في مفاوضات مع الحكومة العراقية والكتل السياسية للوصول الى اتفاق مرضي بينهما وتريد ان يكون استمرار بقاء القوات بطلب من الحكومة كورقة تلعب بها امام الراي العام العالمي وامام شعبها .
2- ما يحدد المواقف الامريكية هو مصالحها بالدرجه الاساسية في العراق والمنطقة , وفي العلاقات الدولية تؤكد الاحداث التاريخية انه  ليس هناك وعود واتفاقيات ثابته وانما هناك مصالح ثابته.
3- ويبدو ان الحكومة الامريكية تيقنت تماماَ , ان انسحابها وعدم تمديد بقاء القوات انه سيترك فراغاَ في العراق وهذا الفراغ من وجهة النظر الامريكية انه يخدم مصالح ايران ويعزز تواجدها , لا سيما ان الولايات المتحدة الامريكية تدرك تماماَ ان القوات العسكرية العراقية لا تزال بحاجة الى دعم واسناد , لانها غير قادرة بالكامل على حماية الحدود او حماية الاجواء  .
4- ربما ادركت امريكا انها قدمت خسائر كبيرة في العراق  في الارواح وفي الجانب الاقتصادي, لقاء  المكتسب الذي حققته من تواجدها في العراق وفرض ارادتها , وتصريحات جيتس قد تؤشر الى ان امريكا لا تريد التفريط بهذا المكتسب الذي حققته .
هنا يطرح سؤال هل ان الولايات المتحدة قادرة على اقناع الحكومة العراقية والكتل السياسية للوصول الى اتفاقات مرضية بينهما لبقاء بعض القوات بصفة مدربين للقوات العراقية مثلا ؟
 
الوضع في العراق غير مستقر ومعقد يصعب معه اتخاذ قرارمشترك  :

ما يسمى بحكومة الشراكة الوطنية هي تمر الآن في ازمة سياسية حيث اتفاق اربيل بين القائمة العراقية ودولة القانون برعاية السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان لم يطبق بعد بسبب الخلافات حول صلاحيات المجلس السياسي للامن الوطني الذي من المؤمل ان يراسه السيد اياد علاوي , هذه الخلافات انعكست على عدم الاتفاق على مرشحي الوزارات الامنية حتى بين كتل التحالف الوطني , وانسحب الخلاف الى البرلمان ايضاَ بعدم اتفاق عدد من الكتل على الموافقة على نواب رئيس الجمهورية وهناك كثير من الخلافات ,والتي سببها الصراع على مواقع السلطة والنفوذ وهذه هي حصيلة طبيعية لسياسة المحاصصة . مع تفشي الفساد الاداري والمالي وغياب او نقص الخدمات واتساع ظاهرة البطالة , وغياب كثير من القوانين التي تمس حياة المواطنيين مثل غياب الضمان الصحي ونظام الرعاية الاجتماعية , فهذه الاشكالات التي انتجها نظام المحاصصة دفع البلد بان يمر بازمات عدة اضافة للازمة السياسية هناك ازمة اقتصادية واجتماعية , مع وجود التدخلات الخارجية وارتهان بعض الكتل لهذه التدخلات , فمع تعقد اللوحة السياسية هناك تعقيد في الوضع الامني وعدم استقراره بشكل تام , مع ضعف الاجهزة الامنية وعدم امتلاكها للتكنولوجيا والخبرات في محاربة الارهاب , اضافة الى عدم جاهزية الجيش العراقي بعد لحماية الحدود وضبطها والدفاع عن الوطن وحدوده واجوائه ومياهه , وعدم امتلاكه للتكنولوجيا العسكرية هذه مؤشرات تؤكد ان الوضع في البلاد بحاجة الى مزيد من الاستقرار واللحمة الوطنية وانجاز المصالحة وفرض سلطة القانون واصلاح العملية السياسية , في هذه الاجواء وبسبب الخلافات حول تمديد بقاء القوات ظهرت تصريحات نارية هجومية منها تصريحات التيار الصدري الذي هو مشارك بدور كبير في العملية السياسية.
 
ماهي دلالات تصريحات التيار الصدري :

على ضوء تصريحات جيتس وبمناسبة الذكرى الثامنه لغزو العراق جاءت تصريحات السيد مقتدى الصدر برفع تجميد جيش المهدي اذا لم تنسحب القوات الامريكية في موعدها المحدد نهاية عام 2011 , كما اكد السيد مقتدى على حق تصعيد المقاومة السلمية من خلال الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات . وهذه التصريحات في الادب السياسي يفهم منها انها تهديد باستخدام القوة .
هنا يطرح سؤال ماذا سيحصل في البلاد وفي العملية السياسية لو ان التهديد قد نفذ فعلاَ ؟ لاسيما وان البلاد تشهد اوضاع صعبة ومعقدة على الصعيد السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي وخاصتاَ الى الآن لم تحسم مسالة تعيين الوزراء الامنيين . وعلى ضوء المشهد العراقي المعقد  ستكون العملية السياسية والبلاد مفتوحة على العديد من الاحتمالات :
1-  يحتمل تعرض التحالف الوطني الى الانهيار وبهذا قد يؤثر على طبيعة التنسيق المشترك داخل الحكومة واستمرارها .
2- قد ينعكس سلباَ على العملية السياسية وتراجعها الى نقطة الصفر .
3- يدفع باتجاه الى ان تلجأ مجاميع اخرى لعودة ميليشياتها وهذا قد يؤدي الى عودة العنف الطائفي في البلاد .
4- ربما يسهم الى توتير الاجواء مع حكومة الاقليم لان التحالف الكوردستاني مع تمديد بقاء القوات الامريكية وهذا ما صرح به السيد فؤاد معصوم .
5- قد يؤدي الى عودة الخطاب السياسي الحاد المتشنج الهجومي . لاسيما وان القاعدة والقوى الارهابية تتربص الفرص لانها تنمو في اجواء عدم الاستقرار الامني .
 
الخلاصة والاستنتاجات :

1- ان سحب القوات في موعدها المحدد وتحقيق الاستقلال التام هو ضرورة وطنية , لكن مصالح الشعب والوطن يتطلبان في الظرف الراهن التمسك بالخيار السلمي والمواثيق الدولية للضغط على الولايات المتحدة لتطبيق الاتفاقية وسحب قواتها في الموعد المحدد بالطرق السلمية وذلك بسبب هشاشة الوضع الامني وتعقد الازمة السياسية التي تمر بها البلاد الآن .
2- مستقبل البلاد سيكون في خطر , اذا لم تضع الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية مصالح الوطن والشعب ضمن اولوياتهم  , ومن اولويات المصالح الوطنية هو البدأ بخطوات جاده لاصلاح العملية السياسية وتخليصها من المحاصصة  , التي اكدت التجربه انها خطر على مصالح الوطن كخطر الاحتلال والارهاب , لانها من حيث الجوهر انها خنقت الديمقراطية وشوهتها وعرقلة بناء الدولة المدنية الديمقراطية دولة المواطنة  .
3- ان المقاومة ضد الاحتلال حق ضمنه القانون الدولي ومواثيق الامم المتحدة للشعوب في التحرر وتقرير المصير , ولكن عندما تتهيئ المستلزمات القانونية والسياسية لهذه المقاومة وبالذات  السلمية منها  باستخدام الحق القانوني الدولي والتظاهر والاحتجاح والاعتصام وهذه المستلزمات لم تتهيئ طالما ان الشعب لم يحصل بعد الى الآن على حقوقه وحرياته التي كفلها الدستور والتي صادرتها الكتل المهيمنة جميعها على السلطة السياسية ولم يجري اصلاح العملية السياسية بعد بالاتجاه الديمقراطي والتخلص من المحاصصة وأضرارها على الشعب والوطن .
4- حتى لو تم تمديد بقاء القوات الامريكية لثلاث سنوات اخرى , سيبقى الوضع الامني هشاَ وستبقى ازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية متواصلة ومستمرة وتبقى الوحدة الوطنية مهددة اذا بقيت المحاصصة  .
5- بدون اصلاح العملية السياسية وضمان حقوق الشعب واقامة نظام ديمقراطي حقيقي , ستبقى الولايات المتحدة الامريكية تفرض ارادتها بكافة السبل لتضمن مصالحها ,ولديها مبررات قوية منها  لايزال خطر القاعدة و الارهاب قائم ولا يزال الوضع الامني صعب وغير مستقر ولا يزال الجيش العراقي غير قادر على التعامل على بسط الامن والدفاع عن الارض ازاء اي تدخل خارجي انها تجد مبررات عديدة .
6- الاحتجاجات والتظاهرات السلمية الحضارية التي بدأها شعبنا في 25/ شباط 2011 في حالة تواصلها وادخال عنصر التنظيم فيها وعدم حرفها عن اهدافها وتصاعد سلم تاكتيكاتها مع الحفاظ على وحدة الشعب وايجاد قيادة مشتركة ميدانية, ستكون هي القوة الوحيدة في البلادالتي تتمتع بالشرعية السياسية والقانونية لانها تعبر عن ارادة الشعب , وهي المؤهلة والقادرة  للربط  بين المهمتين الوطنيتين اللذان لا يقبلان التجزئة وهما الضغط لاحداث التغيير بالاتجاه الديمقراطي للعملية السياسية , وتحقيق استقلال الوطن وضمان الوحدة الوطنية للشعب وتحقيق طموحاته في الحياة الحرة الكريمة ودحر الطائفية والطائفيون .
16-4-2011

121
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو
المؤتمر التاسع لحزبهم
(6)

فلاح علي
استكمالاَ لموضوعة العمل مع الجماهير التي تضمنتها الحلقه رقم 5 سأتناول في هذه الحلقة اعلام الحزب الشيوعي العراقي لاهمية موضوعة الاعلام الجماهيري . وقبل الحديث عن الاعلام الحالي للحزب الشيوعي لا بد من الاشارة بشكل سريع لبذه تاريخية ومختصره عن اعلام الحزب في ظروف العمل السري وتأثيره الجماهيري الذي برع فيه الحزب ومناضليه .
 
اعلام الحزب الشيوعي العراقي منذ التاسيس لغاية عام 1958 :
لا نستطيع الحديث عن امتلاك الحزب لوسائل اعلام جماهيرية في تلك الفترة , ارتباطاَ بغياب وسائل الاتصال الحديثة و لظروف العمل السري وقلة الامكانيات الماليه وغيرها وملاحقات مناضلي الحزب وزج النشطاء في السجون والمعتقلات وسياسة الاحكام العرفيه التي كانت مفروضه على البلاد آنذاك .
ولكن ما ميز نضال الحزب الشيوعي العراقي في تلك الفتره هو في قدرته الفائقه في التاثير الاجتماعي في اوساط جماهير الشعب رغم عدم امتلاك الحزب لاعلام جماهيري آنذاك .
كان اعلام الحزب في تلك الفترة يتكون من :
1- الجريدة والتي تصدر بشكل سري وباعداد قليله ويقوم مناضلي الحزب آنذاك باستنساخ بعض مواضيعها باليد وتوزيعها سراَ .
2- بيانات الحزب . كان لها وقع كالصاعقه على النظام يخشاها النظام ويخشى قوة فعلها وتأثيرها الجماهيري آنذاك لانه كان لها تأثير ايجابي على وعي ومزاج الجماهير في تحريكها نحو همومها وحاجاتها ومتطلباتها ونحو هموم الوطن .
3- المظاهرات التي يتبناها الحزب كان لها اثر في التاثير الاجتماعي من خلال شعاراتها التي تتبنى مواقف وطنية سياسية ومطاليب اقتصادية .
4- اضافة الى اضرابات العمال وانتفاضات الفلاحين رغم محدوديتها , ونشاطات المنظمات المدنية والتي حدثت خلال سنوات المد الجماهيري لكنها كان لها الاثر الكبير في التاثير الاجتماعي وتنامي الحراك الجماهيري .
 
ماهو سر نجاح الحزب في التاثير الاجتماعي آنذاك :
رغم ظروف العمل السري وعدم امتلاك الحزب للاعلام الجماهيري إلا ان الحزب الشيوعي العراقي تميز عن غيره من الاحزاب في قدرته الفائقه في التاثير الاجتماعي آنذاك .هذا يعود لعدة اسباب ومن وجهة نظري وعلى ضوء متابعتي لتاريخ الحزب الشيوعي العراقي أعتقد ان احد الاسباب الهامه في هذا النجاح يعود الى :
1- ان السياسة الاعلامية كانت منسجمه مع السياسة الحزبية اضافة الى نجاح السياسة التنظيمية واستقرار التنظيم وتوسعه رغم ظروف العمل السري . وقد اولى مؤسسي الحزب وقادته اهمية استثنائيه للعمل الجماهيري , وساهموا بجهد كبير في تنشأة شخصيات مناضله متميزة في وسطها ومؤثره في النشاط الجماهيري .
2-هذا النجاح المتميز للحزب الشيوعي العراقي , كأنه يوحي لنا الآن بان هناك عقل عبقري كان وراء هذا النجاح , ويشير الى وجود خطط وان كانت بسيطة لكنها خطط مرسومة بدقه , يحق لي ان اسميها استراتيجيه  ,  أكدت الحياة صحتها كما ان العلم وتطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديث اكدت صحتها , ومن خلال متابعتي لسيرة الحياة الشخصية للوجوه الجماهيرية في الحزب ولفعل الحزب الجماهيري آنذاك  يؤكد ان هناك سر علمي لم يستطع ان يجيده الا العباقره في علم الاجتماع .  وقد تميز الحزب الشيوعي العراقي في الابداع والبراعه في هذا الميدان في علم الاجتماع والتأثير الاجتماعي , وهو بحق معادله علميه تحتاج الى طرفين , الطرف الاول هو ( الانسان الكائن الاجتماعي المناضل الحامل للفكر الذي يدعو للتغيير) والطرف الثاني هو ( المجتمع – المدرسه –  المصنع - المحله – القريه – المدينه ...الخ) .
فكان الحزب يدفع بمناضليه الى التفاعل مع المجتمع والتاثير فيه ويُنشأ كوادر متميزة في هذا الميدان هذا هو سر نجاح الحزب الشيوعي العراقي في تميزه بالتاثير الاجتماعي , حيث اكد علم الاجتماع الحديث ان التاثير الاجتماعي هو احد وسائل الاتصال الجماهيري وهو بحق اعلام جماهيري متنقل يحمل رسائل متنوعه للبث يديرها اعضاء الحزب الذين تميزوا بحضورهم وتاثيرهم الجماهيري واجادتهم لفن الدعاية والتحريض والتوعية .
 
اذاَ جوهر ومحتوى اعلام الحزب كان يعتمد اساساَ على الاتصال الجماهيري :
لانه يشكل نتيجه للتفاعل الحي بين العضو المناضل ووسطه الاجتماعي , وهو بنفس الوقت يعد ضرورة للحياة الشخصيه الانسانية كحاجة وسمة الانسان في التفاعل الاجتماعي ولحياة النضال وديمومته وتواصله واندفاعه وتوسعه وتجذره . رغم ان الاتصال الجماهيري يعد عملية اعلاميه وقد تستخدم الدعاية والتحريض بنجاح فائق في هذا التفاعل الجماهيري  الذي تميز به الحزب الشيوعي العراقي في فترة النضال السري وبفضل هذه الوسيله تحول الحزب الى قوة جماهيريه يحسب لها حساب.كان العضو يعيش في اعمق اعماق الجماهير ويعرف حاجاتها ومشاكلها ويتبنى مطاليبها اضافة الى انه يتابع مزاج الجماهير وهذا له اثر في دور الحزب ونهوضه وتوسع جماهيريته وتحديد طبيعة الشعارات التي يرفعها .
 
اعلام الحزب الشيوعي العراقي بعد عام 1963 :
لقد نجح الحزب في استخدام وسيلة اتصال جماهيرية فاعله ومؤثره وتبعث برسائل يوميه الى الشعب العراقي ولكن في هذه المره كانت تصل الرسائل لجماهير الشعب بشكل سريع ومباشر وذلك تمثل في نجاح الحزب من فتخ ( اذاعة صوت الشعب العراقي) . اعتقد كانت تبث من براغ  , وكان لها تاثير كبير في التفاعل مع قاعدة الحزب وجماهير الشعب , وكانت منسجمه مع مهام الحزب وتسهم في نشر الخبر والتحليل وتوضيح المواقف , وكانت هذه الاذاعة تعد وسيلة تثقيف مباشرة وتعبويه. مع بقاء البيان السري والجريده والنشاط الاجتماعي والسياسي لاعضاء الحزب ودورهم في التاثير الاجتماعي , إضافة الى ذلك كان لدور التضامن الاممي مع الحزب آنذاك له قوة اعلامية وفعل جماهيري يصب في صالح الحزب ومناضليه .
 
اعلام الحزب الشيوعي العراقي في الفترة من 1973 الى 1978 :
في هذه الفتره لم يكن لاعلام الحزب مضمون تاثيري على الجماهير , وابتعد عن ممارسة النقد لممارسات السلطة  (عدا ممارسه واحده مشهود لها هو بلاغ اجتماع ل.م في 10-3-1978 كان يحمل محتوى نقدياَ وتعرض الحزب وقادته آنذاك ورفاقه لمضايقات وطلب من الحزب سحب البلاغ ) , عدا هذا كان اعلام الحزب آنذاك باهت وبلا روح واحياناَ له اثر سلبي على مناضلي الحزب الذين تعرضوا للمضايقات والسجن والتعذيب آنذاك , كما انه ابتعد كلياَ عن الدعاية والتحريض , ويحق لي القول في الاعلام في تلك الفترة , بانه انفصل عن السياسة التنظيمية وكان له دور سلبي على اعضاء الحزب وجماهيره ولم يكن يتسم بالوضوح والمصارحة وتحول الى اعلام نخبه و ليس اعلام حزب يمتلك استراتيجية واضحة على كافة الصعد ومؤثرة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية .
 
اعلام الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1979 الى عام 2003 :
مع ظروف العمل السري في ظل النظام الدكتاتوري المقبور , لكن البيانات والجريدة كانت تصل للداخل بشكل سري , وسيلة الاتصال الجماهيري بين عضو الحزب والمجتمع ضعفت بسبب الظروف آنذاك والعمل السري والاتصال الخيطي . ولكن الحزب ابدع في ايجاد وسائل اتصال جماهيرية وهي :
1- اذاعة صوت الشعب العراقي التي تبث من كردستان العراق ويصل بثها اليومي الى بغداد ومناطق العراق الاخرى .
2- شكل الحزب مكاتب اعلامية في القواطع والافواج والسرايا , وبرزت كفاءات اعلامية متميزة نتيجة نشاطها في المكاتب الاعلامية , رغم ان بعض هذه الكفاءات قد رحلت والبعض الآخر لا تزال حيه وتميزت هذه الكفاءات رغم انها تعمل في الاعلام الا انها في نفس الوقت تمارس مهام عسكرية وتخوض اسلوب الكفاح المسلح في اصعب ظروفه .
3- لنشاط المكاتب الاعلامية كان له اثر في تننشأة جيل جديد من الاعلاميين ,فكان كل قاطع وكل فوج وكل سرية تصدر ( مجله شهريه) ذات طابع ثقافي وتعكس نشاطات السريه وفعالياتها وفيها اخبار العالم واخبار العلم وفيها التسليه فكانت بحق مجلة متنوعه , وكانت توزع على انصار السريه لقرائتها ثم ترسل للفوج ولا حقاَ للقاطع .  وكانت السرايا تقوم بنشاطات سياسية وجماهيرية ذات طابع اعلامي في القصبات والتجمعات التي تتواجد فيها اضافة الى نشاطاتها العسكرية .
4- مع صدور رسالة العراق في الخارج , واستمرار صدور الثقافة الجديدة رغم ان محتواها فكري .
الا ان اعلام الحزب في تلك الفترة تميز بانسجامه مع سياسة الحزب ومهماته وتوجهاته , ولمس الجميع آنذاك بحق انه كان اعلاماَ فعالاَ ومؤثراَ ومنفتحاَ رغم ظروف العمل السري وانه جسد بحق اعلام حزب وليس اعلام نخبه .
 
اعلام الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 2003 الى عام 2010 :
رغم ثورة المعلومات والتطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة ورغم أهمية الاعلام لنضال الحزب في الظروف الجديدة , وحاجة الحزب له في الوصول الى الجماهير والتاثير فيها , وفي نشر سياسته ومواقفه وابداء وجهات نظرة في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية , ورغم انه سلاح فعال والذي اعتبر في عصر التكنولوجيا بانه احد عناصر القوة التي تمتلكها الدول والاحزاب , الا اننا نجد ان الحزب الشيوعي العراقي لم يطور اعلامه في هذه الفترة , وبهذا فقد اهم عناصر القوة في عصر المعلومات التي تتطلب حضوراَ اعلامياَ جماهيرياَ فاعلاَ , ولا بد من الاشارة هنا ان الحزب الشيوعي العراقي الوحيد من بين كل القوى السياسية في العراق يتميز بانه يمتلك قدرات وكفائات اعلاميه متميزة على صعيد العراق سواء من اعضائه واصدقائه او مؤازريه لا يمتلكها اي حزب في العراق , لكننا نجد ان اعلام الحزب في هذه المرحله ليس انه لا يواكب الاحداث والتاثير فيها فحسب وانما تحول الى اعلام ضعيف بلا تاثيرجماهيري محدود بلا فعل , لا ينسجم مع المهام التي تواجه الحزب اعلام باهت , عدا انه صدرت من قيادة الحزب مقالات في الجريدة تشير الى معانات الجماهير وحاجاتها وعالجت العديد من القضايا الامنية و الاقتصادية والسياسية  وحاجات الشعب والوطن وتحمل رؤية نقديه,عدا ذلك ظل الاعلام بلا فعل منغلق منعزل غير منفتح  يتعكز على جهد اعضاء الحزب ومنظماته ومع ذلك يتعامل مع هذا الجهد بانتقائية ومزاجيه ,لا بل وساهم بفرض الحصار الاعلامي على الحزب والمفروض عليه أصلاَ من القوى والجهات التي لا تريد للحزب ان يكون له تاثير في البلاد .
 
وللتدليل على ذلك يمكن تثبيت الملاحظات التالية التي تعبر عن وجهة نظري :
1- غياب واضح للسياسة الاعلامية , وكأن الاعلام اصبح في فراق مع الخط السياسي ومع التنظيم ومع مهام الحزب واهدافه النضاليه ودوره السياسي والجماهيري المطلوب , وهذا خلل أو خطأ كبيروقع فيه من يقود الاعلام آنذاك , ومن نتائج هذا الخلل ظهرت اشكالات في مواكبة تطورات الاحداث وصعوبة تغطيتها وتخلف ظهور الموقف الواضحه , وغياب الوضوح والشفافيه احياناَ مع غياب النقد المباشر لكل ما هو سلبي في ظواهر وأزمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية, عزلة وانكفاء وتحوله لاعلام نخبه وليس لاعلام حزب جماهيري معروف على صعيد العراق والمنطقة له اهداف وتوجهات واضحه .
2- ظهور اشكالات في الكفائه وفي الاداء مع اشكالات في الخطاب السياسي وما يحمله من ثغرات لا يلبي حاجة المنظمات الحزبية والجماهير .
3- تعامل اعلام الحزب بطريقة ميكانيكية كلاسيكية مع البديهيه في الاعلام  , وهي ان الاعلام مرتبط في السياسة ولهذا وفق هذه البديهيه الاعلام يتحمل قدر من الالتزام في الخط السياسي وفي فكر ونهج الحزب  ولكن تناسى طاقم الاعلام الذي أختير بعضهم بطريقه غير ديمقراطية ان فكر الحزب منفتح ديمقراطي قابل للابداع والتطوير ومواكبة الاحداث والتأثير فيها , وتناسى طاقم الاعلام حاجة الشعب لخط ونهج الحزب اليساري الديمقراطي الذي يحمل مشروع التغيير الديمقراطي . ان التعامل الميكانيكي مع هذه البديهيه في العلاقه بين الاعلام والسياسة والتنظيم سببه ضعف المستوى الفكري لبعض طاقم الاعلام , وبهذا اسهم طاقم الاعلام في عزل الحزب عن خيرة الاعلاميين والكتاب اليساريين والديمقراطيين وحتى الشيوعيون منهم , اذاَ كيف يؤثر جماهيرياَ وهو منغلق على نفسه وكأنه اعلام حيادي لا يمثل الحزب  , بانعزاله وتقوقعه وانغلاقه  وعدم انفتاحه وضع فيتو على سبيل المثال في مجال النشر, بعدم نشر كتابات في موقع الحزب الطريق وفي الجريدة لانها تحمل في محتواها هذه النتاجات نقداَ والنقد وفق رؤية طاقم الاعلام مرفوض , ولكن نجده وفق الماركسية يعتبر عامل اساسي في التطور والتغيير والتاثير , رغم ان الكتابات تخص آراء الكتاب وليس موقف الموقع , الا ان محرري موقع الطريق والجريدة تعاملوا بطريقة غير مقبولة وكأن الموقع ملكهم الخاص وبطريقه تعبر عن مستوى فكري لا يتناسب وفكر الحزب وبهذا أسهم الاعلام في عزل الحزب مع ضعفه في المجالات الاخرى ذات الطابع الجماهيري , وبهذا حول الطاقم الاعلامي اعلام الحزب في هذا المجال الى اعلام نخبه , في الوقت الذي كان فيه الحزب في حاجه ماسه لاعلام جماهيري ينسجم مع خطه التنظيمي ومهامه وأهدافه وتوجهاته السياسية والحزبية . وفي  مجال الاعلام الالكتروني نرى هناك مواقع يقودها عدد محدود جداَ من الاعلاميين كالحوار المتمدن وموقع الناس وينابيع العراق , الا انها في تطور مستمر وتقدمت  كثيراَ على موقع الحزب , الذي بدأ يتحسن ببطأ بعد عام 2010 .
4- حتى في حملات الدعاية الانتخابية في انتخابات المحافظات والبرلمان , الجهد الاكبر في الشارع هو لاعضاء الحزب واصدقائه , في حين الاعلام كان يسير خلف الاعضاء وجهد الاصدقاء , مع الغياب الفعلي للدور المتميز في ابتكار آليات وووسائل وطرائق واساليب جديدة ينفذ منها الاعلام الى الجمهور , رغم توفر وسائل الاتصال الحديثة لكن الاعلام  ظل ساكناَ .
5- اسهم الاعلام في حرمان الحزب من المبادرة الجماهيرية في تلك الفترة .
6- مع قلة الامكانيات المالية للحزب برزت ظاهره سلبية في الاعلام ان كانت مبرره اقتصادياَ , لكنها كألتزام فكري وسياسي وحزبي غير مبرره , وهي هناك بعض الاعلاميين قد يكون بعضهم ملتزم حزبياَ لكنه يعمل مع أجهزة اعلاميه أخرى ومنها قوى الاسلام السياسي , قلت ان كانت هذه الظاهره مبرره اقتصادياَ او مألوفه اجتماعياَ , الا انه من الناحية العمليه تكون غير منسجمه بين الالتزام السياسي والفكري وكيفية التوفيق مع فكر وسياسة ذلك الجهاز الاعلامي لا سيما اذا لم يكن جهاز يساري او ديمقراطي أو توجه البعض لمن يدفع أكثر , مع احتفاظ الحزب بنوعيه جيده من اعلاميه الناكرين لذاتهم المتطوعين للعمل في اصعب الظروف وقدره على التحدي والابداع وبذل كل شيئ من اجل اعلاء اعلام الحزب , ولكن يبقى اعلام الحزب بحاجة الى نوعيه تحمل مواصفات الشهيد عبد الجبار وهبي ابو سعيد وابو كَاطع والعشرات غيرهم من خيرة اعلامي العراق .
 
اعلام الحزب بعد منتصف عام 2010 الى الآن اوائل عام 2011 :
حصل تغيير ملموس , بدأ يتلمسه الجميع ولكن من وجهة نظري يكمن التغيير في :
1-انه حصل تغيير في الخطاب السياسي , وهذا يعود الى موقف الحزب السياسي وليس الى الاعلام  فهذا التغيير في الموقف السياسي بدأ يؤثر بشكل ايجابي على الاعلام ويسهم في دفع الاعلام ليحتل موقعه المطلوب .
2- واعتقد ان هذا التغيير الملموس في الاعلام  الذي جاء متأخراَ ,يعود الى دور قيادة الحزب الشيوعي العراقي لقناعتها بضرورة تخليص الاعلام من النخبوية ووضعه تحت رقابتها , ولادراكها لحاجة الحزب لسياسة اعلامية تتناسب وسياسة الحزب والمهام والتوجهات والاهداف النضالية وان يكون في مستوى الحراك والنهوض الجماهيري .
 
الخلاصة والاستنتاجات :
1- في الوقت الذي اصبح فيه الاعلام عنصر من عناصر القوة الدولية والمحلية و ساهم في اسقاط انظمة نرى اعلام الحزب شكل عبئ ثقيل كبل نهوض الحزب وتأثيره جماهيرياَ لا بل وساهم في الحصار الاعلامي المفروض على الحزب  .
2- ورد في النظام الداخلي للحزب المادة (18) اللجنة المركزية مهامها وصلاحياتها الفقرة رقم (5- تؤكد الفقره  اللجنة المركزيه تحدد سياسة الحزب الاعلامية , وتشخص هيئات تحرير صحافة الحزب المركزية  وتشرف على نشاطها وهي مسؤولة عنها ).
اذاّ لماذا حصل هذا التراجع في اعلام الحزب في الفترة من 2003 الى اوائل عام 2010 ؟ ومن يتحمل مسؤولية ضعف الاداء والفاعليه والتاثير الجماهيري والانغلاق وعدم الانفتاح للاعلام الذي عزل الحزب عن محيطه وعن اصدقائه ووقاعدته الحزبية وعن المجتمع هذا سؤال مطروح على المؤتمر التاسع للحزب .
3- يدرك الشيوعيون واصدقائهم وجماهير الحزب ان الوضع المالي للحزب هو سبب يحول دون امتلاك الحزب لقناة تلفزيونيه ولكن سمع الجميع انه قدم عدد من الاصدقاء واعضاء الحزب افكار ومشاريع تساعد الحزب على امتلاك وسيلة اعلام جماهيرية , بدون تحميل الحزب أعباء مالية كبيرة ولكن الى الآن بلا نتائج ملموسه , ولم يعرف الجميع ما هي الاسباب الاخرى التي تحول دون امتلاك قناة تلفزيونية عدا الاسباب المالية المطروحة .
4- اعلام الحزب الشيوعي العراقي بحاجه الى سياسة اعلامية تتسم بالوضوح والانفتاح على قوى اليسار والديمقراطية وتسهم بفاعليه في تنمية الفكر الديمقراطي في المجتمع وفي التأثير الثقافي الاجتماعي والجماهيري  من هنا الحاجه لعقد كونفرنس للاعلام قبل عقد المؤتمر التاسع يدعى له اعلاميون حزبيون وغير حزبيون ديمقراطيون ومستقلون ويساريون حريصون على اعلام الحزب وتطوره ليكون ممارسة ديمقراطية يسهم في رسم سياسة اعلامية للحزب في ظل المتغيرات الجديدة في البلاد والمنطقه وفي ظل تصاعد النهوض الجماهيري .
5- لا بديل عن رقابة اللجنة المركزية لاعلام الحزب ومتابعته والسهر على تخليصه من الثغرات في الكفائه والاداء ولا بديل عن الديمقراطية لتطوير اعلام الحزب وتخليصه من الرتابه والتقوقع والانعزال وضعف الاداء والفاعلية والتاثير والانسجام مع اهداف الحزب ومهامه وتوجهاته .
6- رغم ان الاعلام يحتاج الى المهنية والكفائه , الا انه له علاقه بالابداع الفكري لانه مرتبط ومتفاعل مع الفكر والاهداف والمهام ومع السياسة الحزبية , فهو فن له علاقه بالسياسه والتنظيم كما له علاقه بمزاج الجماهير وتصاعده , فهو من وجهة نظري أعتبره عمل فكري بأمتياز وسلاح فعال في النضال الجماهيري السياسي والفكري .
7- طالما ان الاعلام في جوهره وادائه هو عمل فكري , يكون من المفيد هنا هو دمج مختصة الاعلام للحزب الشيوعي العراقي بمختصة العمل الفكري , وتسمى مختصة الاعلام والعمل الفكري ويقاد العمل من قبل مختصة العمل الفكري للضعف الفكري الواضح لبعض منهم في مختصة الاعلام مع تجنب الرتابه في العمل والصيغ الكلاسيكية والاستفادة من وسائل الاتصال الحديثه .
8- في فترة الثورة الصناعية قال العبقري والثوري الاممي لينين مقولة ( اعطني خبزاَ ومسرحاَ أعطيك شعباَ مثقفاَ ) وفي ظل ثورة المعلومات والتطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثه يجوز تحريف قول الثوري لينين بمقوله ثانيه وهي ( اعطني خبزاَ واعلاماَ جماهيرياَ اعطيك شعباَ مثقفاَ ) .
9- الشيوعيون العراقيون بما يمتلكوه من كفاءات اعلامية وثقافية وسياسية وفكرية وفعل جماهيري وإراده وتصميم وقدره كبيره في مواجهة كل التحديات ودحرها ورؤية مستقبليه وقدره على التطوير , لا أعتقد هناك مستحيل امامهم يحول دون امتلاكهم أعلاماَ ديناميكياَ وجماهيرياَ مؤثراَ .
سأ تناول في الحلقة القادمة التحالفات والعمل الفكري .
10-4-2011
( يتبع)


122
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو
المؤتمر التاسع لحزبهم
(5)

فلاح علي
اذ سيحمل مندوبي المنظمات وثائق سفر النضال المجيد لحزبهم لمناقشتها في المؤتمر , وهم على يقين  بانهم سيصوغون توجهاتهم بجهد فكري جماعي ,لاستخلاص الدروس والنتائج وما هو مفيد لنضالهم ارتباطاَ بما يمر به بلدنا من ظروف مع تصاعد الحراك الجماهيري المتنامي الذي يطالب باصلاح العملية السياسية بالاتجاه الديمقراطي وانهاء المحاصصة وضمان الحقوق والحريات والحياة الحرة الكريمة لشعبنا فانهم على ثقه سينتجون آليات وخطط وتوجهات وبرامج وتاكتيكات سياسية تتلائم وحاجة الشعب والوطن وظروف النضال الحاليه ,لتمكين حزبهم ليكون الاكثرفاعليه وحضوراَ مؤثراَ جماهيرياَ وسياسياَ واعلامياَ وتنظيمياَ يسير بخطى ثابته صوب المستقبل الزاهر للشعب والوطن .
في هذه الحلقة ساتناول موضوعه هامة تعد من اهم عناصر قوة الحزب وفاعليته وهي :
 
العمل الجماهيري :

في البدأ لا بد من الاشارة لحقيقة ساطعة هو ان الحركة الجماهيرية الآن سواء في منطقة الشرق الاوسط او غيرها من المناطق, في حراك ونهوض واندفاعات كبيرة وتحقق نجاحات متواصلة على طريق الاصلاح والتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني والدستوري في البلدان التي حصل فيها هذا النهوض الجماهيري كتونس ومصر واسقطت الدكتاتوريات في بلدانها او التي تخوضه بضراوة الآن في عدد من البلدان ولكن ما يهمنا في هذه الدراسة هو الحركة الجماهيرية في العراق وحراكها .
هنا يطرح سؤال : هل ان هذا الحراك الجماهيري الذي يقوده شابات وشباب العراق ومن خلال وسائل التاثير الحديثة الفيس بوك وتيوتر وبحضورهم الميداني الفعلي وهم من كافة فئات المجتمع طلبه وعمال ومهنيون ونساء وعاطلون عن العمل وموظفون وكادحون وسيشارك به الفلاحون من الارياف لاحقاَ , قد سبق نهوض الاحزاب ومنها الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية؟
من وجهة نظري هذا صحيح ان الحركة الجماهيرية سبقت الاحزاب في النهوض ولكن مالعمل ؟
وبما لا يختلف عليه اثنان ان هذه الاحزاب معنيه في دعم هذا الحراك الجماهيري والانخراط الفعلي في هذه الاحتجاجات السلمية التي هي نتيجة لهذا الحراك الجماهيري الذي يعود لاسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية يفرضها الواقع العراقي , من اجل تلبية حاجات الشعب وضمان حقوقه وحرياته .
ولكن من خلال متابعتي لتصريحات وبيانات وكتابات قوى اليسار والديمقراطية وجدت هناك رأيان او وجهتين مختلفين .
الراي او التوجه الاول : الذي يقول ان الاحزاب الشيوعية هي احزاب كلاسيكية ومنها الحزب الشيوعي العراقي وهي غير قادرة على التعامل مع هذا النهوض الجماهيري وبهذا ومن خلال رؤيتهم كأنها تقول ان هذه الاحزاب انتهى دورها و علينا اللحاق بالجماهير وحركاتها الاحتجاجية .
اني اعتقد ان هذه الرؤية , تحمل كثير من التبسيط وتتسم بالعفوية اي بالسير خلف الجماهير .
الراي او التوجه الثاني : أعتقد يتبناه الحزب الشيوعي العراقي وبعض من قوى اليسار والديمقراطية التي شاركت فعلياَ في هذه الاحتجاجات . يدعوا هذا الراي القوى لفهم طبيعة الواقع الفعلي السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد وبالتالي فهم عناصر هذا النهوض الجماهيري , وبهذا تطالب هذه الاحزاب نفسها وبالذات الحزب الشيوعي العراقي بالارتقاء بالمستوى الفكري لكادره واعضائه ودوره لكي يتمكن تنظيمياَ وسياسياَ وجماهيرياَ واعلامياَ من استعادة دوره التاريخي كقوة طليعية ليس فقط في فهم هذا الحراك الجماهيري واسبابه وانما لتخليصه من العفوية , والسير به نحو الامام وذلك بوضع مهام متصاعدة لهذه الحركة وصياغة شعاراتها وتبني مطاليبها وأعطائها ديمومة التواصل والسير بها لتحقيق الاهداف التي انطلقت من اجلها هذه الاحتجاجات واحداث التغيير الديمقراطي في العملية السياسية من خلال الضغط الجماهيري المتواصل والمتصاعد .
 
وهذا ما يميز الحزب الشيوعي العراقي عن باقي القوى : باسترشاده بالماركسية التي حددت نضال الاحزاب الشيوعية بثلاث اشكال من النضال الاقتصادي- والسياسي – والنظري الآيدلوجي الفكري . ان هذه الاشكال النضالية مترابطة مع بعضها ويدرك الحزب الشيوعي العراقي ان تاكتيكات النضال هي متصاعدة مع المهام لهذا يدرك الحزب ان الحراك الجماهيري بحاجة الى مهام ورسم سياسة وتوجهات لاجل تواصله نحو أهدافه ,وبهذا ان يكون النضال الفكري حاضراَ قوياَ ومؤثراَ وان لايستثنى او ان لا يوضع في آخرسلم المهام , وهذا هو دور التنظيم في تحويل النظرية او الافكار الى حضور فاعل اي  بتحويلها الى قوة مادية تتبناها الجماهير , وتدخل هنا الدعاية والتحريض والشعارات ورسم الخطط والتوجهات لابعاد الحركة الجماهيرية عن عفويتها وتوجيهها نحو الاهداف المطلوبه .
 
المرحلة الحالية التي يمر فيها الحزب الشيوعي العراقي  :

من وجهة نظري أسميها مرحلة النضال العلني المعارض والتي بدأت ملامحها تتضح اكثر منذ 25/ شباط 2011 ان مرحلة النضال الجديدة هذه تحتاج الى جهد استثنائي على كافة الصعد لاجل تهيأة مستلزمات خوض هذ الشكل النضالي , وقبل إبداء وجهة نظري عن هذا الشكل النضالي الجديد لا بد من التوقف وباختصار شديد عن النضال الجماهيري للحزب الشيوعي العراقي منذ تاسيسه الى الآن .
1- في مرحلة النضال السري لغاية ثورة تموز 1958 :
رغم ظروف العمل السري وزج خيرة مناضلية في السجون ورغم التعذيب والاعدامات والتضحيات , الا ان الحزب الشيوعي تميز عن غيره من الاحزاب العراقية القائمة آنذاك بقدرة كبيرة جداَ في التاثير الاجتماعي والجماهيري في المجتمع , وقاد الوثبات وثبة كانون 1948 ووثبة تشرين 1952 وانتفاضات الفلاحين واضرابات العمال مثل اضراب كاورباغي واضراب عمال البصرة في عام 1953 وبغداد مع تصاعد النضالات الطلابية في المعاهد والجامعات وكان للحزب الشيوعي دور مؤثر في حياة البلاد السياسية والتفت حولة اوسع طبقات وفئات المجتمع العراقي .
هنا يطرح سؤال : كيف تمكن الحزب وهو في ظروف النضال السري من لعب دور مؤثر في حياة البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية رغم انه لم يكن لديه آنذاك قدرات مالية كبيرة واعلام جماهيري ويعمل في ظروف عمل سري وعدد من قيادته وكوادره واعضائه في السجون ...الخ؟
من وجهة نظري الجواب على هذا السؤال, لا اعتقد اني امتلك الجواب الدقيق جداَ , ولكني توصلت وبحكم متابعتي لتاريخ الحزب الشيوعي ونضاله الوطني الى بعض التوجهات والآليات التي انتهجها الحزب الشيوعي العراقي آنذاك وكان لها الاثر في هذا التاثير الاجتماعي والسياسي والثقافي للحزب ومنها :
1- كان الحزب الشيوعي العراقي يؤكد على فاعلية العضو الحزبي , ويؤكد في تربيته لهم على شيئيين الاول حضورة في المجتمع  والثاني ان يمتاز هذا الحضور بعلاقة متميزة ومؤثرة في المجتمع .
2- كان يعد كوادرميدانية عملية متميزة بحضورها في المحتشدات الجماهيرية ,في النقايات وفي المنظمات المهنية , مثل التجمعات العمالية – النقابات وفي منظمات المرأة- رابطة المرأة وفي منظمات الطلبه والشباب وفي اوساط المثقفين وفي الارياف وبين الموظفين والكادحين .
3- كان يؤكد على النوعية في الكادر الحزبي , ويؤكد على ان يعيش هذا الكادر في اعمق اعماق الجماهير اي ان يشاركهم همومهم ومشاكلهم واحزانهم وافراحهم وفي مناسباتهم , اي كان يؤكد على ان يجيد هذا الكادر النوعي حسن العلاقة مع الجماهير ومساعدتها . مع الدقة في اختيار الكادر وكان يؤكد على السمات العمليه استقامته ونزاهته وصدقه وسلوكه ونشاطه هذا بصدد العلاقة مع الجماهير اضافه الى سماته على الصعيد التنظيمي والسياسي والفكري رغم الصعوبات آنذاك في الجانب الفكري بحكم خوض النضال السري . وكان يرفع من وعي وثقافة كادره ويؤكد على المامه بحاجات الجماهير ويخلق لديه الاستعداد والمقدره على تبنيها والدفاع عنها مع قدرة على التضحية ونكران الذات .
4- السياسة الوطنية التحررية للحزب الشيوعي العراقي , خلقت رصيداَ وكنزاَ على الصعيد الوطني للحزب كان له الاثر في التفاف الجماهير حوله .
5- كان الحزب الشيوعي العراقي حاضراَ في كل مناسبات الشعب وفي محتشداتها , سواء كانت هذه المناسبات اجتماعية او دينية او وطنية .
6- كان الحزب الشيوعي حاضراَ مع الفلاحين في تجمعاتهم او ما تسمى في الارياف ( النخوات ) في مواسم كري الانهر والزراعة والحصاد ..... الخ , كما كان حاضراَ في المعاهد والجامعات وكل المحتشدات الجماهيرية .
7- وهناك عامل خارجي كان له دور ايجابي هو انتصارات الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية آنذاك كان عامل مساعد ايجابي , الا ان سياسة الحزب الوطنية المنبثقه من الواقع العراقي وخطه السياسي ونوعية كادره كان لها الدور الحاسم في جماهيريته وفي حضورة المتميز في العمل الجماهيري .
2- مرحلة ما بعد ثورة تموز 1958 الى عام 1962 :
رغم انها كانت مرحلة النضال شبه العلني , في هذه المرحلة كان الحزب قد برع في النشاط السياسي الجماهيري وتكدست لديه تجربه على كافة الصعد , فكان حقاَ له دور مؤثر والتفت حوله جماهير الشعب ويكفي هنا الاشارة لمثل واحد هو في مسيرة آيار 1959 حسب ما تؤكد الوثائق التاريخية ان الحزب تمكن من تحريك مليون مواطن في هذه المسيرة , وقد شكل بحق قوة جماهيرية ذات تاثير فاعل في البلاد .
اني هنا ليس بصدد دراسة تاريخية لكي اشير بتفصيل لكل مراحل نضال الحزب وعلاقته مع الجماهير ولكن كان هذا الاستعراض الموجز للوصول الى اهمية موضوعة العمل مع الجماهير .
3- ان كانت الفترة من عام 1973 الى عام 1979 : قد سجلت مؤاخذه على قيادة الحزب بأهمالها للنشاط الجماهيري السياسي , وهذا ما ورد في وثيقة التقييم التي قدمت في المؤتمر الرابع للحزب , وما تبع هذه الفترة من النضال المسلح والعمل الجماهيري السياسي في قرى وقصبات وبعض مدن كوردستان , لا تسع هذه الموضوعه في الكتابه عنها .
4- فان الفترة من سقوط النظام من عام 2003 الى اوائل عام 2009 :
رغم علنية نضال الحزب الا انها قد شهدت انحسار النضال الجماهيري للحزب , وان كانت هناك بعض من الاسباب المبررة وهي تدهور الوضع الامني وتنامي الارهاب والتفجيرات اضافة الى عوامل اخرى بعضها ذاتيه وبعضها موضوعية , ولكن السياسه الحزبية للاحزاب الماركسيه لا تقبل التبرير بالتخلي لفتره طويله عن النضال الجماهيري .
 
5- المرحلة الحالية  :

من وجهة نظري اعتبرها انتقاله نوعيه وشكلاَ نضالياَ جديداَ لم يألفه الحزب الشيوعي العراقي من قبل وابتدأت هذه الانتقاله بشكل ملموس منذ أواخر عام 2010 الى 2011 .
انها بحق تعد صفحة مشرقة جديدة لنضال الحزب الشيوعي العراقي الوطني . لقد سميت هذه المرحلة بمرحلة النضال العلني المعارض السلمي لكل ما هو سلبي وضار في العملية السياسية واصلاحها باتجاه ديمقراطي ولكل ما هو يقف ضد مطاليب الجماهير و انتهاك حقوقها وحرياتها وحرمانها في حقها بالحياة الحرة الكريمة وانحاز فعلياَ وبلا تردد مع حق الشعب في مقاومة الظلم والاستغلال والهيمنة والاستبداد والفساد والمحاصصه الطائفية والقومية وغياب الضمان الصحي والاجتماعي وانتهاك حقوق الانسان ومن اجل ضمان الحقوق والحريات وهذا ماعرفه الشعب بالحزب الشيوعي العراقي منذ تاسيسه .
الموقف الشجاع لقيادة الحزب برفض طلب رئيس الوزراء نوري المالكي بعدم المشاركة في مسيرة 25/ شباط 2011 , يؤكد على مصداقية هذا الحزب وعلى الحقائق التالية :
1- رفض طلب رئيس الوزراء  يعد اعلان بيان للشعب العراقي , بان الحزب الشيوعي العراقي سيكون احد القوى الفاعله سياسياَ وجماهيرياَ القادره على تبني اسلوب النضال الجماهيري المعارض السلمي من داخل العملية السياسية باتجاه اصلاحها.
2- رفض طلب رئيس الوزراء يؤكد استقلالية الموقف السياسي للحزب الشيوعي العراقي .
3- رفض الطلب يؤكد الاصالة الوطنية للحزب الشيوعي العراقي  وشعوره العميق والمسؤول في الوقوف مع جماهير الشعب في حقها في التظاهر السلمي وفي تجسيده لوحدة الشعب الوطنيه .
4- ان رفض الطلب يؤكد ان الحزب الشيوعي العراقي , قد اتخذ القرار الصائب وأكد على اصالته الفكرية الماركسية بتبنيه سياسة خوض  النضالات الجماهيرية , التي هي السلاح المجرب في النضال من اجل الغد المشرق للشعب والوطن وما يفرضه الواقع العراقي الآن .
5- لقد اكد الحزب بهذا الرفض انه بحق يعد حزب المستقبل للعراق وشعبه .
6- قرار الحزب ساهم بكسر حاجز الخوف والتردد , الذي فرضته الكتل المتحاصصه ومليشياتها على جماهير شعبنا طيلة الثمان سنوات الماضية .
ان هذا الشكل النضالي الجديد للحزب هو يعد مرحلة نضالية جديدة لم يمر بها الحزب من قبل , حيث النضال العلني المعارض السلمي من داخل العملية السياسية .
رغم ان جماهير الشعب وكل قوى اليسار والديمقراطية , ظلت تتابع وتراقب مواقف الحزب وكانت تتمنى لو ان الحزب اختار هذا الشكل النضالي قبل هذا التاريخ , ولكن رغم انه جاء متأخراَ فان تجربة تاريخ العراق الحديث تؤكد ان الحزب الشيوعي العراقي يمتلك خبرات نضالية متكدسة غنية جداَ ويعد مدرسة في النضال الجماهيري , وهذا ماتدركه كل القوى وتخشاه لانه يساهم في تنامي الوعي الاجتماعي وتنامي الحراك الجماهيري باتجاه  ممارسة الضغط الاجتماعي من خلال النضالات الجماهيرية .
وان هذا الشكل النضالي يكون مؤثراَ وسلاحاَ فعالاَ لا بديل عنه عندما تستكمل تهيئة مستلزماته لاجل تواصله والسير به لتحقيق اهدافه , ومن هذه المستلزمات ادخال عنصر التنظيم في الاحتجاجات والتخلص من عفوية الحركة الجماهيرية الصاعدة , والضخ بكوادر ميدانية متسلحة بالوعي والفكر , لان نمو الحركة الجماهيرية يتطلب من الشيوعيين والقوى الفاعلة وعياَ فكرياَ قادر اَ على فهم الحراك الاجتماعي وقواه وتوجيه مساره وبهذا يكون الحزب والقوى المشاركة في النضالات الجماهيرية قادرة على وضع مهام متتالبة لهذا النهوض الجماهيري والعمل على امتداده ليشمل كل البلاد في العاصمة والمدن والارياف والحفاظ على زخم النهوض وتصاعده واستمراره وتحقيقه للنجاحات و بهذا تصل الحركة الجماهيرية لتحقيق اهدافها .
ومن المستلزمات الاخرى لنمو زخم النهوض الجماهيري وتصاعد الاحتجاجات وتواصلها وتجذرها هو التحالفات الديمقراطية  والتاكتيكات  حسب الاولويات والاعلام الجماهيري .
سأتناول في الحلقة القادمة اعلام الحزب الشيوعي العراقي .
4-4-2011
( يتبع)





123
رسالة الى حزب الدعوة

فلاح علي
في هذه الرسالة المفتوحة اتوجه من خلالها الى العناصر الوطنية من قيادة واعضاء حزب الدعوة ,التي تؤمن بالقيم الديمقراطية وحقوق الانسان , ان حزب الدعوة منذ تاسيسه هو حزب ديني من حيث الفكر والتنظيم والتكوين والنشأة والتوجهات هذا ما عرفه الراي العام العراقي ووظف الدين في السياسة , ومع هذا عرف بنضاله ضد الدكتاتورية لكنه ظل حزباَ دينياَ لا يؤمن بالديمقراطية , وفجأة وبعد الاحتلال وسقوط النظام الدكتاتوري المقبورفي عام 2003 خرج الحزب الى المسرح السياسي بثوب جديد ووجه آخر ورؤية اخرى واعلن امام الراي العام العراقي والدولي انه يؤمن بالنظام الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي , ثم لاحقاَ رفع شعار دولة القانون , وصدق الطيبون وذوي النوايا الحسنه والبسطاء هذه الدعوة الجديدة وهذا التوجه الجديد ,  ولكن حال امساكه للسلطه واصبح قطباَ رئيسياَ في قيادتها تخلى عن وعوده وشعاراته الجديدة وبهذا فقد ركنيين اساسيين لوجوده التي ظهر فيها في مرحلتين مختلفتين .
 
الركن الاول الذي فقده حزب الدعوة :
هو التنكر للمبادئ الدينية التي تأسس عليها  فعندما وصل الى السلطة   , اصبح الموقع فيها  هو الدين وهو المبادئ , وتوجهتم ومعكم حلفائكم , نحو مطامحكم ومصالحكم الفئوية والذاتية اللادينية , وتنكرتم لوطنكم وللهوية الوطنية وخرجتم على الشعب العراقي بهويات ثانوية أظرت بوحدة الشعب ومصالح الوطن , وأشعتم الفساد الاداري والمالي في اجهزة الدولة , وبفظلكم إنعدمت الخدمات وتجذر الجهل في المجتمع وشاع الفقر والجوع واتسعت ظاهرة البطالة ووصلت الى اكثر من 40% في صفوف الشباب والخريجيين  فأنتم بحق أصبحتم صانعي للبؤس والمآساة وللفقر والجهل والتخلف وأهديتم صناعتكم هذه للشعب المظلوم  وصنعتم لنفسكم الثروة التي لا تعد ولا تحصى وبدأتم تهيئون لصنع الاستبداد والتوسع والهيمنه والغاء الآخر وبدون وجهة حق في ذلك , هذا ما اكدته التجربه العراقية وتجارب الشعوب الاخرى ايضاَ التي حكمها الاسلام السياسي , وجوهر هذه التجربة اكدت ان احزاب الاسلام السياسي عندما تستلم السلطة السياسية تصبح بلا أخلاق وبلا قيم دينية التي تدعوا للعدل والمساواة ونصرة المظلوم واللوقوف ضد الظلم والاستبداد وتتحول في السلطة الى قوى شموليه مستبده وانتم منهم , مع ممارسة النفاق السياسي والخداع وتظليل الجماهير وتجهيلها وحرمانها من حقوقهاوحرياتها , وترسيخ نهج كل ما هو معادي لطموحات وتطلعات الشعب والوطن . وما لمسه الشعب من وجودكم في السلطة هو ممارستكم للطغيان والقهر والاستبداد والتجاوز على الدستور والمضايقة على الحقوق والحريات .
 
الركن الثاني الذي  فقده حزب الدعوة :
هو شعاره الجديد الزائف حول بناء الديمقراطية علماَ ان هذا الشعار رفعه بعد عام 2003 نتيجة متغيرات  يعرفها الجميع ومنها الاحتلال الامريكي ولتوضيح ذلك :
اطرح السؤال التالي هل ان حزب الدعوة يؤمن حقاَ بالديمقراطية ؟
من وجهة نظري ان المعطيات تؤكد ان حزب الدعوة واحزاب الاسلام السياسي , قد تعاملت مع الديمقراطية برؤية ميكافيلية , وحولت الديمقراطية الى وسيلة لتحقيق اهدافها ومصالحها ومراميها , اي بمعنى آخر تم رفع شعار الديمقراطية كتاكتيك زائف , لانه لا يستطيعون الوصول للسلطه في هذه المتغيرات الجديدة الا من خلال آليات الديمقراطية , و ما ادركه شعبنا في التطبيق حال استلام السلطة تم ممارسة ديمقراطية مشوهه حُولت الى لون واحد تلغي الآخر وتصادر الحقوق والحريات , و تحمل  ماركة احزاب الاسلام السياسي ,والتي لا تلبي لطموحات وتطلعات الشعب في الحرية والديمقراطية , وافرغت الديمقراطية الحقة من محتواها و حرفتها وشوهتها وخنقتها وقتلتها في مهدها ,  لقد وجدتم في آليات الديمقراطية افضل وسيله لكم للوثوب الى السلطة وفرض الهيمنة , اني أستثني من هذا الاعضاء والكوادر من حزبكم القله التي تؤمن بالديمقراطية والذين سيفيقون لاحقاَ , والاعضاء والكوادرالتي خرجت من الحزب وعلى سبيل المثال منهم الشخصية الوطنية الديمقراطية الاستاذ ( ضياء الشكرجي ) . ان تجربتكم اكدت على تشويهكم للديمقراطية وتحطيم كل معانبها ومبادئها . وبهذا كأنكم تقولون للشعب اننا تربينا و نشئنا وخرجنا من رحم توجهات تنبذ الحرية وتعادي الديمقراطية في الليل والنهار وفي السر والعلن, ونتعامل معها بشكل مزدوج نرفع لوائها فقط في وسائل الاعلام ونكون ناطقين باسمها  . ولكننا في الواقع اشخاص لم يعرف عنا الا عدائنا الدفين للحرية ولكل مبادئ الديمقراطية من عدالة ومساواة وحريات شخصية وفكر وتعبير وحرية الراي والاعلام وحقوق انسان .
 
هل ان حزب الدعوة قادر على بناء دولة القانون ؟
ان شعار دولة القانون اكدت التجربه انه رفع للاعلام والتسويق فقط وليس للتطبيق, ومصدر هذا الشعار ليس من صنع فكركم وقد استنسختموه من فكر انساني آخر , وان أحد الاقطاب الدولية التي تقدم مساعدات انسانية ضمن سياسته الخارجية هو الاتحاد الاوربي , كان قد اطلق على برنامج لمساعدة العراق في عام 2004 باسم (( مهمة دولة القانون او جولست ليكس من اجل العراق وذلك  لفرض الاستقرار ولغرض تدريب 700 من قضاة العراق ومحاميين ورجال شرطة والعاملين في السجون لبناء دولة القانون )) (1)  . ولكن السؤال هو هل طبق حزب الدعوة شعارة بناء دولة القانون ؟   وقد يثار سؤال آخراي دولة قانون يريدها حزب الدعوة ؟. لانه هناك قانون ثيوقراطي وقانون دكتاتوري وقانون ديمقراطي الذي يريده الشعب , ولكن العقل والحكمه يقولان الفساد لا يلتقي مع دولة القانون وغياب الخدمات لا تلتقي مع دولة القانون وتفشي ظاهرة البطالة ومنع تعيين الشباب الخرجين دون ان يجلبوا اوراق تزكيه من حزب الدعوة او غيره من احزاب الاسلام السياسي او عليه ان يدفع رشوة هذا لا يلتقي مع دولة القانون , وعندما يخرج المواطن للتظاهر بحقوقه يطلق عليه الرصاص الحي  , ووصل عدد الشهداء في مسيرة 25/ شباط 2011  الى 14 شهيد في كل انحاء البلاد حسب ما نقلته وكالات الانباء , لا نعرف اي دولة قانون ينادي بها حزب الدعوة . وبهذا حولتم الحكومة الى اداة قمع وقرصنه , بمهاجمتكم لمرصد الحريات الصحفية وتحريك مفرزتين تطلبان من الحزب الشيوعي اخلاء مقريه , و احزاب السلطة هم اكثر الاحزاب تجاوزاَ على املاك الدوله وحولتموها الى مقرات وسكن هذا لا يلتقي مع دولة القانون.
الشعب يطالبكم باصلاح العملية السياسية باتجاه ديمقراطي , الشعب يريد دولة القانون الدولة المدنية الديمقراطية لانه من اهم مبادئ الديمقراطية هي احترام حقوق الانسان المفقودة في نظام المحاصصة الطائفية والقومية , الشعب يريد الديمقراطية التي تعطي قيمة  للمواطنة وتحرم خداع الجماهير وتضليلها واستغلالها الديمقراطية التي تدافع عن كرامته وحقوقه في الحياة الحرة الكريمة الاكثر امن وسلام ورفاه وعدلا وحرية وتسامح وضمان حقوق كافة الاديان والمعتقدات الفكرية والسياسية وكافة القوميات, التي تعرضت للمضايقات والاضطهاد والاستغلال في حكومة المحاصصة الطائفية والقومية .
ان الاحتجاجات الجماهيرية الكبرى التي تشهدها العاصمة بغداد ومدن العراق الاخرى , ما هي الا حقيقة تؤكد على فشلكم وحلفائكم فشلاَ ذريعاَ في ادارة الدولة وفي توفير الخدمات وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للشعب , و ابتعدتم كثيراَ عن  بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تطالب بها جماهير الشعب والتي تعد  تعبير عملي عن اي نظام ديمقراطي  .
انكم وكل حلفائكم تمرون الآن في مأزق خطير فقدتم جميعاَ مصداقيتكم امام الشعب , رغم المناورات التي تقومون فيها لتحسين صورتكم وحلفائكم , الا انكم عجزتم امام تلبية احتجاجت الشعب وعدم قدرتكم على تحقيق مطاليبة العادلة . وانتم تدركون تماماَ ان اسباب التظاهرات وتواصلها لا تزال قائمة ومنها غياب الخدمات والفقر والبطالة والفساد وانتهاك الحقوق والحريات والتجاوز على الدستور وعدم اصلاح العملية السياسية وقد تعاملتم مع حق شعبنا في التظاهر بهلع وخوف ومارستم العنف وتجلت فيكم ممارسات الدكتاتورية المقبورة وبدأ الشعب لا يميز بين ممارساتكم وممارساتها , هل ستكونون الوريث الشرعي لها وتستنسخون قوانينها , ان التجربه تؤكد انكم غير قادرون في السباحة ضد التيار ضد تلبيه حاجات الشعب وضمان حقوقه وحرياته , لسبب بسيط انكم فشلتم في تقديم النموذج الجيد لبناء الدولة المدنية الديمقراطية وفي احترام الدستور , كما ان تنظيمكم سيفقد صفته النضاليه بهذه الممارسات , وصفوفكم ملئى في النفعيين والانتهازيين والوصوليين والطباليين , وسيكون حزبكم من الاحزاب التي لا مستقبل لها وحجمكم في المجتمع مرهون بوجودكم على راس الحكومة ,حال فقدانه سيترشق حزبكم وسينسحب المنتفعون منكم كما وستحدث اصطفافات جديده في صفوفكم يصعب عليكم احتوائها , لان المرحله التي تمر بها  الشعوب العربية ومنها شعبنا العراقي هي مرحلة انتصار القيم والمبادئ الديمقراطية و اعلاء حقوق الانسان .فهل ستكونون واقعيون وتعيدون النظر بمواقفكم و بشعاراتكم التي ظللتم بها البسطاء والطيبون وذوي النوايا الحسنه ؟   لامستقبل لمن لا يجدد فكره وتوجهاته ولمن لا ينبذ ممارساته الخاطئه والمضره بمصالح الشعب والوطن .
مع التحيات .
12-3-2011
1- المصدر موقع وزارة الخارجية الالمانية .
 
 
 

124
التغيير الديمقراطي مسار الاتجاه الحالي

في الشرق الاوسط
(2-2)
فلاح علي

عام 2011 سيكون عام الاصلاح والتغيير الديمقراطي في منطقة الشرق الاوسط , لا يوجد استثناء في اي دولة من دول المنطقة بما فيها ايران والعراق , ان التحول الديمقراطي هو صيرورة وهو سمة وهو مسار الاحتجاجات الجماهيرية في المنطقة, تفرضة عوامل داخلية في كل بلد من بلدان المنطقة , وهي المحركة وهي الدافعة للتغيير , مع تأثير نموذج الديمقراطية في العالم وتاثير النجاحات التي حققتها الشعوب ومنها الشعب التونسي والمصري والليبي يواصل نضاله في عملية التغيير .

أشير هنا الى عملية التغيير القادمة في اهم مدن الشرق الاوسط الاخرى وهي ايران والعراق .

 

 التغييرالديمقراطي قادم في العراق وهو ضرورة لا تقبل التاجيل :

1- ميزانية العراق تجاوزت ال 80 مليار دولار , وتعد من اكبر واضخم الميزانيات في دول المنطقة , ولكن نجد نسببة البطالة حوالي 40% وانعدام الخدمات وافراغ البطاقة التموينية من محتواها من مواد اساسية , وانتشار الفقر والجوع والجهل وعدم الاهتمام بعوائل الشهداء والايتام والارامل ومصادرة حقوقهم .... الخ أن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية ومصادرة الحقوق والحريات هي عوامل تدفع الشعب للمطالبة بحقوقها وحرياتها .

2- طبيعة النظام السياسي قائم على المحاصصة الطائفية والقومية , التي هي الحاضنة الاساسية لكل مآسي شعبنا ولكل ازماته السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية , ما تؤكده تجارب الشعوب وما يؤكده العلم والواقع و كل من يمتلك عقل نير , انه لا يمكن تحقيق مطاليب الشعب و القيام باي اصلاح اقتصادي واجتماعي , الا بعد ان يحدث الاصلاح السياسي من خلال التغيير الديمقراطي , بقبر نظام المحاصصة الطائفية والقومية وتبني الديمقراطية الحقة في الحكم .

3- كل المؤشرات تؤكد ان هذه الكتل التي التقت مصالحها الذاتية الفئوية الضيقة بنظام المحاصصة الطائفية والقومية , هي غير قادرة على التغيير الديمقراطي , وستقاتل بضراوة ضد عملية التغيير الديمقراطي وتدافع عن نظامها نظام المحاصصة الطائفية والقومية الذي هو سبب الفساد والحرمان والمعانات التي يعيشها شعبنا الآن , وهو سبب في التجاوز على الحقوق والحريات والانتهاكات التي تعرض ابناء القوميات والاديان الاخرى في العراق .

4- الحكومة والكتل السياسية , هم الآن جميعاَ في مأزق تاريخي وتنتظرهم اياماَ صعبه ان لم يقدموا مبادرات سياسية ,يلبوا فوراَ مطاليب الشعب , سيواجههم مصير مخجل جميعاَ لهذا انهم فقدوا صوابهم , تصريحاتهم صبيانية غير ناضجة سياسياَ تعزف على قوانة مشروخة , تدخلات خارجية والفاشلون في الانتخابات  وهم وصلوا الى السلطة من خلال التدخلات الخارجية , وبنفس الوقت كأن الفاشلون في الانتخابات لا يوجد لهم رصيد جماهيري وانهم غير عراقيين لا يحق لهم المطالبة بالحقوق والحريات هذا قصر نظر وهلع وخوف من الديمقراطية ومن التحركات الجماهيرية , او ان المتظاهرون بعثيون وهم الذين ارجعوا البعثيون لمواقعهم العسكرية والمدنية ,وبعض البعثيين انتموا لاحزاب الاسلام السياسي ويوجد قانون المسائلة ومع هذا الدستور يضمن حق التظاهر السلمي لجميع العراقيين . والا ماذا نفهم من ترويع المتظاهرين بدلاَ من الوقوف معهم وتلبية مطاليبهم , والحديث عن افشال العملية السياسية  العملية السياسية افشلها قادة المحاصصة الطائفية والقومية , وتحولت الى عملية سياسية تعني بشؤون الكتل المتحاصصة وتلبية مصالحها وتقاسمها للسلطة السياسية . اما الشعب يريد عملية سياسية ديمقراطية يشارك فيها في الحكم ويتمتع بالحقوق والحريات مع ضمان حق المواطنة , الشعب يريد عملية سياسية ذات محتوى ديمقراطي حقيقي من هذا يطالب الشعب بالتغيير الديمقراطي .

5- المظاهرات التي يشهدها العراق الآن هي الاولى من نوعها منذ عام 1959 الى الآن , حيث انها تمتاز بالسعة والامتداد فشملت تقريباَ كل محافظات العراق وبالتنوع حيث لم تكن حزبية او مجيرة لجهة ضمت كل قوميات واديان شعبنا العراقي , وضمت كل فئات الشعب , الشباب والنساء والموظفون والمهندسون والحقوقيون والاطباء والعمال والفلاحون والكسبة والكادحون , انها مظاهرة الشعب العراقي بكل قومياته واطيافة تدعوا لتلبية مطاليبها وحاجاتها الفورية , وتطالب بالاصلاح الديمقراطي الذي يلبي طموحات الشعب ويضمن حقوقه وحرياته ويوفر الامن والاستقرار والسلام والوحدة الوطنية والمحبة والتآخي والحرية والديمقراطية وبناء الوطن الحرالمستقل المزدهرَ .

6- الاصلاح او التغيير الديمقراطي لا يتم الا بالتغيير السياسي  , الذي يبدأ بتنفيذ المادة 64 من الدستور وهذا يتوقف على تفهم مطاليب الشعب من قبل الحكومة والبرلمان وهو محك حقيقي لاعضاء البرلمان .

المادة (64) :

اولاَ:- يُحل مجلس النواب , بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائة , بناءَ على طلبٍ من ثلث اعضائه , او طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية , ولا يجوز حل المجلس في اثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء .

ثانياَ:- يدعو رئيس الجمهورية , عند حل مجلس النواب , الى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة اقصاها ستون يوماَ من تاريخ الحل , ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاَ , ويواصل تصريف الامور اليومية .

مع تعديل قانون الانتخابات وسن قانون جديد يعتمد نظام العراق دائرة واحدة  ( لان في الانتخابات البرلمانية يكون البرلماني المنتخب هو ممثلاَ للشعب على الصعيد الوطني وليس على الصعيد المناطقي حاله حال ممثل مجلس المحافظة ) وتعديل فقرات الدستور بالاتجاه الديمقراطي .

وحل مجالس المحافظات والاقضية والنواحي وتجميد عمل المحافظين لحين تنظيم انتخابات جديدة قبل نهاية عام 2011  .

 

ايران على طريق التغيير:

ايران هي اليوم اكثر من اي وقت مضى مهيئة للاصلاح والتغيير السياسي في طبيعة الحكم , ان كانت ايران لديها مشاكل دولية واقليمية بسبب برنامجها النووي وسياستها في تصدير الثورة الاسلامية وتدخلها في الشان الداخلي للبلدان والعزلة التي تمر بها لكن عوامل التغيير الداخلي هي ناضجة .

سوف اتوقف عند العامل الداخلي لانه هو الحاسم في عملية الصراع بين الشعب والحكم ارتباطاَ بالاحتجاجات الجارية في ايران .

 

ملامح الاحتجاجات الايرانية في عام 2011 تختلف عن احتجاجات عام 2009 :

تتسم احتجاجات عام 2011 بملامح وسمات وعناصر تختلف عن تلك الاحتجاجات التي بدأت في عام 2009 ومن هذه الملامح :

1- إحتجاجات عام 2009 كانت بسبب الاختلاف حول نتائج الانتخابات , وكانت تؤكد على تزوير الانتخابات لصالح احمدي نجاة  .

2- أما الاحتجاجات الحالية فأنها تستهدف تغيير النظام ,والاطاحة بالنموذج الايراني في الحكم , وهذا ما رصده كل مراقب سياسي من خلال مشاهدته التلفاز للشعارات التي رفعها المتظاهرون في الاسبوع الماضي ومنها شعار ( اليوم بن علي ...... وغداَ سيد علي )المقصود السيد المرشد خامنئي , ويعتقد المتظاهرون ان تغيير النظام اصبح امراَ واقعاَ وممكناَ .

3- وهذا ما يؤكد ان شباب ايران وجماهير الشعب الايراني يحتذون بالنموذج التونسي والمصري .

4- رغم سعة حجم مظاهرات عام 2009 وتنوع حجم المشاركة فيها , ولكن المؤشرات تؤكد ان دائرة الاحتجاجات لعام 2011 ستكون اوسع مما هي علية في عام 2009 .

5- مظاهرات عام 2009  لم تشمل كل مناطق ايران لانها اقتصرت على مناصري ومؤيدي مير حسين موسوي ومهدي كروبي وبعض المعارضين للنظام , الآن التوقعات تشيرمن خلال رصد الشارع الايراني ان المعارضة توسعت وهناك تنسيق ما فيما بينها هذا اولاَ وثانياَ انها نجحت في تعبأة اوساط مهمه مؤثرة في الشارع الايراني وثالثاَ تشير التوقعات ان التظاهرات ستشمل اغلب مدن ايران المهمة اضافة للعاصمة طهران ورابعاَ ان هذا يعكس اتساع حجم المشاركة الجماهيرية في الاحتجاجات في الشارع الايراني عما هو علية في عام 2009 .

6- ايران دولة كبيرة ومهمة ولها مركز اقليمي في منطقة الشرق الاوسط , ان اي تغيير فيها باتجاه الديمقراطية سوف يعصف بكل الاستبداديين والمعاديين للديمقراطية في المنطقة , وبلا شك التجربة المصرية ستترك آثارها الايجابية على كل المنطقة .

26-2-2011

 


125
التغيير الديمقراطي مسار الاتجاه الحالي
في الشرق الاوسط
(1)

فلاح علي
أن التطورات والتحولات السياسية التي حصلت في تونس ومصر , على ضوءالتظاهرات والاعتصامات الجماهيرية الواسعة ,التي قادها الشباب وبمشاركة كافة الفئات الاجتماعية والطبقة العاملة في البلدين , وادت الى انتصارالشعبيين التونسي والمصري على انظمتهما الدكتاتورية واسقاطهما بالاحتجاجات السلمية وصنعهما للتغيير الديمقراطي في البلدين , اصبح هذا النموذج مثالاَ يقتدى به وامتد تأثيره الى بلدان اخرى في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا ,والتي تشهد ساحاتها الاحتجاجات الجماهيرية السلمية  ومنها العراق, هدف هذه الاحتجاجت الجماهيرية ذات المشاركة الواسعة هو لتغيير الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالاتجاه الديمقراطي وبالطرق السلمية .
 
ملامح التغييرات الحالية في منطقة الشرق الاوسط :
من خلال متابعة الاحداث و نتائجها ورصد مسارالتطورات والتحولات التي حصلت في تونس ومصر والتي ادت بانتصار الشعبيين باحداث التغيير الديمقراطي في بلديهما , ظهرت حقائق ساطعة في هاتين الساحتين أشرت الى ملامح اساسية التي توسمت بها المتغيرات , والتي ستحمل نفس سماتها التطورات القادمة والتي تشهدها غالبية بلدان المنطقة ومن هذه الملامح التي تم رصدها واشرتها الاحداث هي :
1- ان الاوضاع المتردية الاقتصادية والاجتماعية وانعدام الخدمات واستشراء ظاهرة الفساد الاداري والمالي واتساع ظاهرة البطالة والفقر والجوع والجهل التي عانا منها هذين الشعبيين , سببه هو الانظمة السياسية وقوانينها اللاديمقراطية ومصادرتها لحقوق المواطنيين وحرياتهم . لهذا كان هدف المتظاهرون في هذين البلدين هو احداث التغيير الديمقراطي في النظام السياسي وبطريقة سلمية , وهذا الملمح الذي سيشكل هدف التحركات الجماهيرية في كل دول المنطقة .
2- أن التطرف والمتطرفون من احزاب الاسلام السياسي وكل دعاة التطرف لقد انهزموا وهزم معهم مشروعهم السياسي في هذين البلدين .
3- أكدت احداث تونس ومصر بانه لاتوجد هناك جاذبية لافكار التطرف الديني بين الشباب , ما اكدته الاحداث ان الشباب يتطلعون لنظام سياسي يضمن لهم الحقوق والحريات ويشيع الديمقراطية .
4- وحتى الاخوان المسلمين في تونس ومصر لم يرفعوا شعارات دينية , رغم انهما يوظفان الدين في السياسية ولكن حجم التحركات الجماهيرية كان باتجاه تحسين الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمطالبة بالحقوق والحريات .
5- احداث تونس ومصر اكدت على ضعف حجج وذرائع كل المتطرفين وفي مقدمتهم القاعدة واحزاب الاسلام السياسي , بان هناك تعارض بين الديمقراطية والدين .
6- مصر كان يقال عنها انها قلعة حصينة للقاعدة وللاخوان المسلمين , ولكن تظاهرات ميدان التحرير باسلوبها السلمي وبشعاراتها الواضحة ( ارحل ارحل الشعب يريد اسقاط النظام .... الخ) اكدت تلك الاحتجاجات والتظاهرات في تونس وفي ميدان التحرير , انها بعيدة كل البعد عن آيدلوجية القاعدة والمتطرفون من الاسلام السياسي , الرافضين للديمقراطية والعلمانية , كما اكدت التظاهرات على طابعها السلمي وهذا يتعارض مع آيدلوجية القاعدة والمتطرفون الذين يدعوون للعنف والجهاد .
7- اكدت الاحداث ان كل المتطرفين من احزاب الاسلام السياسي ,الذين عزفوا ويعزفون على وتر الدين  بما فيهم الماسكين بالسلطة السياسية , تنتظرهم اياماَ عصيبة لان مسار الاتجاه العام هو باتجاه التغيير الديمقراطي , وان اي رسالة سيرسلها المتطرفون والطائفيون لاحتواء تحركات الجماهير من خلال المناورات السياسية ستكون رسالة جوفاء لانه لايمكن الثقة بوعودهم .
8- ها هم الاخوان المسلمون في مصر وتونس ادركوا الدرس البليغ , بتلاشي جاذبيتهم وفشل مشروعهم وضعف مقاومتهم لتطلعات الشباب وفئات الشعب نحو التغيير الديمقراطي واطلاق الحريات , فقد قرروا في نهاية الاسبوع الماضي  تأسيس حزب سياسي باسم ( الحرية والعدالة ) في مصر واعلنوا انه سوف لن يكون حزباَ طائفياَ وابدوااستعدادهم لقبول الدولة المدنية , وهم يعكفون الآن لتغيير برنامجهم واعلنوا عدم اعتراضهم على ترشيح مسيحي لرئاسة الجمهورية اذا فاز في الانتخابات رغم انهم لا يزالوا يعارضون تولي امراة منصب رئاسة الجمهورية , والمتوقع بان يكون حزبهم على غرار حزب ( العدالة والتنمية التركي) .
9- التغيرات التي حصلت في تونس ومصر جاءت مخيبة لآمال ايران ونظامها الاسلامي , لا بل اسهمت هذه الاحداث في اضعاف الدور الايراني في المنطقة , وآخر ضربة وجهتها جماعة الاخوان المسلمين في مصر لايران عندما اعلن في الاسبوع الماضي ناطق باسم الجماعة برفضهم ( للنموذج الايراني) في مصر واكد ان الجماعة تؤمن بالدولة المدنية التي سيكون فيها الشعب مصدر السلطات .
10- رغم لا تزال هناك شكوك حول مناورات الاخوان المسلمين في مصر ولا تزال هناك مخاوف حول حقيقة توجهاتهم , الا انهم امام ضغط الشارع المصري ارادوا الحصول على موطئ قدم فبدأوا باعادة النظر بسياستهم وتوجهاتهم وبرنامجهم وتنظيمهم , وحتى صلتهم بيوسف القرضاوي التي كانت زيارته الاخيرة الى مصر وصلاته في ساحة الميدان شكلت عبئ كبير عليهم واحرجتهم , من وجهة نظري التطورات اللاحقة ستدفع بهم لقطع صلتهم بالقرضاوي ليؤكدوا مصداقيتهم في تبنيهم للدولة المدنية التي يعارضها القرضاوي .
11- ما اكدته تجربة الشعبيين التونسي والمصري هو ان رياح الحرية والتغيير الديمقراطي السلمي وصلت الى غالبية دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا , وما تشهده المنطقة من احداث وتحولات متسارعة واتساع الاحتجاجات الجماهيرية في الجزائر وليبيا وايران والبحرين والاردن والكويت والعراق وستشمل السودان ايضاَ ... الخ , ما هي الا دليل على تأثير التطورات التي حصلت في تونس ومصر على دول المنطقة .
12- ان النموذجين التونسي والمصري رغم انهما اسقطى انظمتهما التي هي سبب في معاناة الشعبيين , فان من ضمن مزايا هاتين الانتفاضتين السلميتين هو انهما كشفا عن حجم الفساد المالي الممنهج في النظامين وكشف ارصدتهما في البنوك الدولية التي تقدر بمليارات الدولارات مالية حسني مبارك كحد ادنى 40 مليار دولار , وهذه احد العوامل الدافعة لحركة الجماهير في بلدان اخرى  من اجل كشف  المفسدين وانقاذ الوطن وثرواته من هؤلاء ومحاكمتهم علناَ .
13- اكدت تجربة تونس ومصر ان النظاميين الجديدين اللذان يديران المرحلة الانتقالية ويوهيئان لاجراء انتخابات برلمانية نزيهة باشراف دولي سيكونان مسؤلان امام شعبيهما وسيتعاملان بشفافية وعقلانية .
14- ان النظاميين سيسيران في ركب الانظمة الديمقراطية , والتي ستضمن الحريات والحقوق بما فيها حقوق الانسان وبشكل خاص حقوق المراة , وان النظام الديمقراطي القادم في مصر سيحدث تحولاَ جوهرياَ في منطقة الشرق الاوسط .
15- الخاسر الاكبر من التحولات في تونس ومصر هم الدكتاتوريون والفاسدون والارهابيون والقاعدة والمتطرفون من الاسلام السياسي بمختلف تلاوينهم وعلى صعيد الدول الخاسر الاول هو النظام الايراني لانه كان يعول على حركة تغيير دينية في مصر .
16- من وجهة نظري ان النظام المصري الجديد سوف لن يلغي معاهدة السلام مع اسرائيل , ولكنه سيحترم نفسه ولا يذهب بعيداَ في العلاقة مع اسرائيل كما فعل نظام حسني مبارك الذي أغلق الحدود اثناء حصار غزة ومنع وصول المساعدات الانسانية , سيلعب النظام المصري الجديد دور أقل تبعية لاسرائل وامريكا واكثر ايجابية في مواقفة من اجل حل القضية الفاسطينية واقامة السلام العادل في منطقة الشرق الاوسط , وسيؤثر ايجاباَ على الاوضاع الداخلية لدول المنطقة , والمثال القريب هو قيام الحكومة الانتقالية في مصر بارسال المواد الطبية والغذائبة الى المنتفضين في ليبيا من خلال منطقة السلوم الحدودية ونفس الشيئ قدم النظام الجديد في تونس المساعدات الانسانية للشعب الليبي المنتفض .
23-2-2011
( يتبع)

126
تظاهرات 25 شباط هل ستحقق التغيير الديمقراطي في العراق


فلاح علي
دعت مواقع الكترونيةعديدة وموقع الفيس بوك وتوتير العاطلين عن العمل والمثقفين والمسحوقين وخريجي الجامعات الى الخروج في تظاهرات سمتها عارمة في يوم الجمعة 25 شباط الحالي في ساحة التحرير . بوركت هذه السواعد وهذه العقول وهذه الروح التواقة للتغيير التي ينتظر الشعب مبادراتها , لينطلق معها في تظاهرات سلمية يكفلها الدستور لانها تعد تعبيراَ عن الراي . ان الواقع العراقي يؤكد ان رياح التغيير التي هبت في تونس ومصر هي قادمة للعراق لا محالة ,  لان الشعب العراقي يتطلع الى التغيير الديمقراطي ومظاهرة يوم 25 شباط في ساحة التحرير ستستكمل وجهة  التظاهرات الاحتجاجية التي بدات في العام الماضي من اجل توفير الخدمات ومنها الكهرباء , وستعطي زخماَ واندفاعاَ ونمواَ متصاعداَ للمظاهرات المطلبية التي بدات هذا العام ولا تزال بعضها مستمره لهذه اللحظة  كما حصل في قضاء الحمزة والحسينية في بغداد والبصرة وتظاهرات واحتجاجات العمال في عدد من المنشئات التابعة لمؤسسات الدولة والمتواصلة الى الآن وفي محافظة بابل , فمظاهرات 25 شباط ستكون اعلاناَ لشعبنا العراقي في طول البلاد وعرضها وفي كافة مدن العراق والاقضية والنواحي للتظاهر السلمي بجموع مليونية تدعوا الى  حفر قبر المحاصصة الطائفية والقومية والى التغيير الديمقراطي .
 
تساؤلات ووجهات نظر مشروعة لا بد منها :
1- هل فكر اصحاب الدعوة للتظاهر بتشكيل قيادة ميدانية للتظاهرات لكي تكون منظمة , ان كانوا هم النواة فلا بد من توسيع هذه النواة لتشمل قيادات ميدانية من الشابات والشباب ومشاركة شباب من احزاب ومنظمات مجتمع مدني ونقابات عمالية لتقود التظاهرات وتعطي لها الديمومة والتواصل .
2- هل وضعوا اهدافاَ وتوجهات وخطط لهذه التظاهرات . لانه اي تظاهرة بدون قيادة وخطط  وتوجهات مرسومة متصاعدة لايمكن ان تحقق اهدافها في التغيير الديمقراطي .
3- جوهر ومحتوى اي تظاهرة هي تحديد اهدافها وما يميز الاهداف هي اولاَ التنوع والتعدد في مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية ثانياَالتواصل والتصاعد اي بالوصول الى الهدف الاستراتيجي للتظاهرات وهو التغيير الجذري .
4- اهمية الشعارات التي تنطلق من الحاجات الضرورية اليومية هي تعطي دفعاَ لتوسيع المشاركة الشعبية في التظاهرات وتواصلها , اي بمشاركة اوسع فئات الشعب في التظاهرات من هذا ما يدفع الناس الى المشاركة الواسعة هو الضرورات والحاجات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية , لذا ضرورة اشراك الاسلاميين المتنوريين الناقمين المؤمنيين بالديمقراطية والتغيير .
5-التواصل والتصاعد من الادنى الى الاعلى في سقف المطالب اهميته تكمن في خلق الارباك في (صفوف قادة المحاصصة الطائفية والقومية التي هي سبب ازمات البلد) وايجاد تراكمات نوعية في التحرك الجماهيري السلمي من اجل توجيه لكمات لكتل المحاصصة الطائفية والقومية تجبرهم على البدأ بالتغييرلانعاش الديمقراطية ( التي اغتصبوها وشوههوها واصابوها بالأعياء) وبهذا التواصل والتصاعد تصل التظاهرات الى تحقيق اهدافها المرسومة .
6- الانتباه لتحركات القاعدة والارهابيون والصداميون واجندتهم ومنع تدخلات دول الجوار لتمريراجندتها.
 
التغيير هو الهدف النهائي للتظاهرات التي سنشهد تصاعدها في العراق :
المقصود بالتغيير هو تغيير اوضاع الشعب الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية وتلبية حاجاته الضرورية وحاجات بناته وابنائه الشباب , وهذا التغيير لا يمكن تحقيقة  الا بتغييرطبيعة النظام السياسي وتركيبته القائمة على المحاصصة الطائفية والقومية المقيته ,من هنا يكمن جوهر التغييرالسياسي المطلوب والذي سيكون بالاتجاه الديمقراطي ذات المحتوى الاجتماعي , عند هذا يمكن القول ان الحقوق الاقتصادية وحق العمل والسكن وحق التعليم وحق الحياة والعيش الكريم والحقوق المدنية والحقوق السياسية الحريات الشخصية وحرية الراي والمعتقد ....الخ سيضمنها التغيير الديمقراطي الحقيقي المنشود , من هذا تكمن اهمية تواصل التظاهرات والسير بها في طول البلاد وعرضها وصولاَ لتحقيق اهدافها الاستراتيجية المرسومة .
                 
أهمية الاهداف الآنية للتظاهرات والتي سيحمل الشعب شعاراتها :
1- ان المطالبة بالحاجات الاساسية وتوفير الخدمات بما فيها الكهرباء وتحسين البطاقة التموينية وضمان الامن والامان وحل الميليشيات والقضاء على الارهاب بكل انواعه بما فيها الارهاب الثقافي والفكري .
2- وتحسين اوضاع المعيشية ورفع الاجور وضمان الحقوق الاقتصادية والقضاء على البطالة ومحاربة الفساد الاداري والمالي .
3- وضمان الحريات الشخصية .
4- ضمان حياة كريمة للشعب وضمان حقوق الانسان بما فيها حقوق المرأة التي همشتها المحاصصة الطائفية والقومية وتلبية حاجات الشباب والطلبة وضمان التعليم المجاني في كل المراحل الدراسية وتقديم المنح المالية لطلبة الجامعات .
هذه الاهداف الآنية وغيرها من وجهة نظري تضمن وحدة الشعب بكافة قومياته واديانة واتجاهاته السياسية من قوى اليسار والديمقراطية والوطنية وشحصيات ووجوه ديمقراطية وثقافية واجتماعية ومنظماته المهنية والعمالية وفلاحية وكادحية , التي تضمن هذه الوحدة المشاركة العملية الواسعة في التظاهرات الجماهيرية وتواصلها .
 
أهمية الاهداف الاستراتيجية للتظاهرات وشعاراتها :
هناك حقيقة يعرفها شعبنا ان هذه الكتل التي جذرت المحاصصة الطائفية والقومية وحولتها الى عرف طائفي و قانون سياسي , ستلجئ ومن خلال الاعلام لايهام المتطاهرين بان الحكومة ستحقق مطاليبهم وذلك للمناورة وكسب الوقت لاضعاف عزيمة المتظاهرين, ولكن مطاليب الشعب لا تتوقف عند الحقوق الاقتصادية والحاجات وتوفير الخدمات , وانما تمتد الى الوضع السياسي وضمان الحقوق والحريات واستقرار البلد وتطوره وهذا لا يتم الا بانهاء المحاصصة الطائفية والقومية وتبني الديمقراطية الحقة في بناء مؤسسات الدولة ( اي بالتغيير الديمقراطي) وبما ان هذه الكتل المهيمنة على السلطة السياسية هي غير مؤهلة للسير بالتغيير الديمقراطي الذي هو خيار الشعب وبديل مطلوب لحل الازمات السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية  , من هذا أن التظاهرات التي سيشهدها العراق نمواَ وتوسعاَ وتصاعداَ متواصلاَ ستكون قادرة على فرض التغيير السياسي بالاتجاه الديمقراطي وفك اسر الديمقراطية التي شوهتها هذه الكتل الطائفية والقومية وهذا هو الهدف الاستراتيحي للتظاهرات والتي تتجسد شعارات هذا الهدف في :
1- اعادة الحياة للديمقراطية المشلولة في العراق وتحريرها من اسر ذوي المصالح الذاتية الانانية وذلك بالدعوة الى رفع شعار سياسي يكون الهدف النهائي للتظاهرات بعد ان تحقق اهدافها الادنى هو ( الدعوة لاجراء انتخابات مبكرة قبل نهاية عام 2011 ) . ان اجراء انتخابات مبكرة على قاعدة قانون انتخابي ديمقراطي واشراف دولي مع تحييد الدولة واعلامها ومؤسساتها بعدم الانحياز او توظيفها لاي طرف ومنع التدخلات الخارجية وتدفق المال السياسي , ومنع التزوير وتغيير الهيئة المستقلة للانتخابات التي اكدت التجربة انها هيأة غير كفوئة ومنع توظيف الدين في الحملات الانتخابية . بهذا يعاد التوازن السياسي في العراق وتوضع ارضية سليمة لبناء نظام ديمقراطي تعددي تداولي قائم على مؤسسات ديمقراطية , ينهي  نظام المحاصصة الطائفية والقومية السيئ الصيت الغريب على شعبنا وثقافته وتاريخة واصالته الوطنية , ويتحرر المواطن من هذا الظلم الذي اصابه ويضمن الحقوق والحريات التي كفلها الباب الثاني من الدستور , وبالتغيير الديمقراطي يتحرر الشعب والوطن والدولة من هيمنة كتل الاسلام السياسي والقوميون اللاديمقراطيون الذين يهيئون لبناء حكم تسلطي شمولي قائم على المحاصصة الدنيئة وأغرقوا البلد في ازمات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية وتربوية وسياسية ,الشعب يتطلع للتغيير الديمقراطي المنشود , فهل تتمكن التظاهرات القادمة من تحقيق هذا الهدف الهام الذي لا يقبل التاجيل .
2- من هذا اهمية الشعار الآخر في التظاهرات هو تغيير قانون الانتخابات الحالي الذي فصلته الكتل المهيمنة على السلطة السياسية حسب مقاساتها , والتي جاء بها قانونها اللاديمقراطي  الى الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في آذار 2010 , وقد صيغ هذا القانون بالتنسيق مع الرؤية الامريكية والايرانية , ان المطالبة  بصياغة قانون ديمقراطي للانتخابات يتبني نظام الدائرة الواحدة والقائمة النسبية هذه هي الخطوة الاولى التي تمد اوكسجين الحياة للديمقراطية المشلولة وتنعشها .
هنا يطرح تساؤل هل يجوز في الديمقراطية ان تقوم الاغلبية باسكات الاقلية ومصادرة حقها ؟ الجواب يحتاج لشرح طويل ولكن مبادئ الديمقراطية لا تسمح بذلك . في حين نرى في العراق ان كتل الاسلام السياسي والقوميون المتطرقون سرقوا 1,400,000صوت انتخابي اي ما يعادل 40 مقعد برلماني سرقوها باسم الديمقراطية التي شوهوها .
ويمكن ان يكون السؤال بمعنى آخر هل تستطيع الاغلبية ان تشرع قانون فيه ظلم وتحيز والغاء حق الاقلية؟ الجواب لا مبادئ الديمقراطية تضمن حقوق الاقلية . ولكن في العراق حصل وتمت مصادرة  لحقوق الاقلية والغائها وسرقت اصواتها , من قبل توافق مصالح كتل الاسلام السياسي والقوميون اللاديمقراطيون .
3- اكدت تجربة العراق ان هذه الكتل غير قادرة من الناحية السياسية والعملية على بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي بدأ يتطلع لها غالبية ابناء الشعب بما فيهم الاسلاميون المتنورون , فان هذه الكتل عن عمد خرقت الدستور والقانون في مجال الحقوق والحريات , بسبب عقليتهم المتزمته المتحجرة غير المتطورة ثقافياَ وفكرياَ وحتى انسانياَ وانشدادها للماضي وعدم مواكبتها مع تطورات العصر ومتطلباته , وسكتت على الهجوم المخطط على اتحاد ادباء العراق , وعلى الحقوق والحريات الشخصية , فهذا لم يعد فقط اعتداء على الدستور وانما تعدي فاضح لحقوق الانسان , لهذه الاسباب التي جاءت في المقالة وغيرها تكمن اهمية التغيير الديمقراطي الذي يعول الشعب على تحقيقة من خلال التظاهرات المليونية لفرض التغيير بالطرق السلمية .
9-2-2011

127
الشيوعييون العراقييون في الطريق نحو المؤتمر
التاسع لحزبهم
(4)

فلاح علي
تناولت في الجزأ الثالث مبدأ المركزية الديمقراطية في بناء الحزب واهميته , ولابد من الاشارة هنا ان المبدأ اصبح ضحية لممارسات خاطئة في فترات سابقة من نضال الحزب , أدت هذه الممارسات الى غياب الديمقراطية الداخلية واضرت بالحزب وتركت انطباعات ومواقف لدى عدد غير قليل من اعضاء الحزب التي تضررت من غياب الديمقراطية الداخلية , ولاحقاَ تبلوروعي فكري متميز لدى القاعدة الحزبية يضغط باتجاه تعزيزالديمقراطية الداخلية  , والذي انتصر لهذه القاعدة الواسعة المؤتمر الخامس للحزب الذي اصبح مؤتمر الديمقراطية والتجديد , ومع هذا هناك انطباع لدى عدد من الاعضاء والاصدقاء يعتقد ان سبب غياب الديمقراطية في تلك الفترة السابقة يعود لسيادة مبدأ المركزية الديمقراطية فهم يلومون المبدأ لانه يحمل وجهان رغم وجود ربط ديالكتيكي وتوازن بينهما  , واني في الوقت الذي ادعوا لتعميق الديمقراطية الداخلية التي انتصرت في المؤتمر الخامس , ولكني مع ما اكدته التجربة التاريخية هو انه لا يمكن للديمقراطية ان تنمو وتتطور بدون المركزية وان وجهة نظري هذه هي تؤكد , ان اي دعوة لتعميق الديمقراطية هي من الناحية التطبيقية العملية والفكرية هي دعوة للعودة لمبدأ المركزية الديمقراطية .
والديمقراطية الداخلية هي ليست شعاراَ او مفهوماَ او مقولة نظرية , وانما هي القاعدة الصلبة التي يبنى الحزب عليها وهي مصدر هام لتطور الحزب  والتي لا يمكن فصلها عن مبدأ المركزية الديمقراطية, واشبهها برافد هام يرفد نهرالحزب بالمياه الجديدة المتدفقة ,وما اريد تأكيده هنا ان غياب الديمقراطية او الاخلال بها ليس له علاقة بمبدأ المركزية الديمقراطية وانما الخلل هو في التطبيق الخاطئ لهذا المبدأ الماركسي في التنظيم , ومن وجهة نظري هناك اسباب لظروف وعوامل أضرت بمبدأ المركزية الديمقراطية .
 
أهم الاسباب التي أضرت بمبدأ المركزية الديمقراطية :
1- النشأة الاولى للحزب الشيوعي العراقي , حيث نشأ الحزب في ظروف العمل السري وغياب الحريات الديمقراطية في البلد , فكان لهذه الظروف أثر كبير على الحزب وعلى نمو الديمقراطية الداخلية . و ما هو معروف عن هذه المرحلة هو :
ا- انعدام او تباعد مؤتمرات وكونفرنسات الحزب , حيث عقد المؤتمر الاول في عام 1945 بينما عقد المؤتمر الثاني في عام 1970 .
ب- غياب مبدأ الانتخاب في الهيئات واصطفافات الكوادر كانت تقام على معايير هي وليدة ظرفها .
2- الوضع السياسي في البلد حيث سادت انظمة بوليسية ودكتاتورية قمعية فرضت على الشيوعيين دوام العمل السري وفي احيان عدة تنظيمات خيطية , فهذا الشكل التنظيمي والظرف السياسي اضعف الديمقراطية الداخلية على حساب المركزية , وان كانت هناك هيئات حزبية ولكن يطفي عليها صفة العمل السري والحيطة والحذر يغلب على الشفافية .
3- في هذه الظروف كانت القيادات تحتكر كل شيئ في التنظيم , وهي التي تضع الافكار وتصوغ الخط السياسي وتضع التاكتيكات , وفي احيان عدة تفرض اجتهاداتها على الحزب وتلزمة بالموافقة عليها , في ظل غياب راي القاعدة الحزبية الواسعة , اي بمعنى آخر تغليب المركزية على الديمقراطية الداخلية .
4- السجون والعمل السري كان له الاثر السلبي على التطور الفكري للحزب وقياداته , ففي مثل هذه الظروف برزت قيادات هي بحاجة الى مستوى فكري جيد لم تحصل علية في السجون وفي ظروف العمل السري, وبهذا فهي لم تكن تمتلك أدوات المعرفة في التحليل والاستنتاج , واكدت التجربة ان الوضع الفكري يرتبط بعلاقة طردية مع التنظيم ونمو وتطور الديمقراطية الداخلية , فكلما تطور الوعي الفكري للكادر كلما لعب دوراَ ايجابياَ في تطور التنظيم وتطور الحياة الديمقراطية الداخلية , وكلما كان وضعه الفكري متدني فيكون دوره ليس بالمستوى المطلوب في التنظيم ويكون احياناَ سلبي او ضعيف غير قادر على تطوير التنظيم  وتطوير الممارسة الديمقراطية الداخلية .
5- فايروس البيروقراطية الذي اصيبت به بعض قيادات وكوادر الاحزاب الشيوعية ومنها الحزب الشيوعي العراقي , وبهذا الفايروس تصدعت العلاقة الجدلية بين القيادات والقواعد التي تضمنها الديمقراطية الداخلية , فحل نفور بين بعض القيادات البيروقراطية والقواعد , فكانت لها نتائج سلبية في الممارسة فضعفت الديمقراطية الداخلية , فضعف في الحزب السلاح الفكري الهام الذي هو نتاج الثقافة الديمقراطية والذي اضعفتها البيروقراطية وبهذا ضعفت قدرة القاعدة لاستخدام هذا السلاح الفكري , في حسن ادارة الصراع الفكري , فظهرت تسلكات تنظيمية أضرت بمبدأ المركزية الديمقراطية هذا اولاَ وثانياَ اضرت بالعلاقة الجدلية بين التنظيم والمجتمع فحصلت العزلة والخمول والموسمية والكسل والمزاجية والفردية ..... الخ وكان المتضرر من ذلك هو الحزب .
6- بعد عام 1991 بعد فشل التجربة الاشتراكية , وبروز ظاهرة العولمة ونظام القطب الواحد حصل انحصار لليسار العالمي وبرزت على المسرح السياسي افكار النيوليبرالية الجديدة , فالكثير من القيادات والكوادر والاعضاء للاحزاب الشيوعية اصابها اليأس والاحباط نتيجة زلزال الانهيار للتجربة الاشتراكية الذي حصل فأصيبت بأهتزازات فكرية وبعمى الالوان , واخذت تصب جام غضبها على مبادئ الفكر الماركسي ومنها مبدأ المركزية الديمقراطية وكانه هو السبب في هذا الانهيار , فتأثرت باليبرالية الجديدة وبدأت تدعوا الى التخلي عن مبادئ التنظيم بحجة الانفتاح على الجماهير في كل بلد , وان كانت دعوات الانفتاح صادقة لكنها دعوات خالية من سلاح الفكر ومبادئ التنظيم فتحولت الى دعوة للبرلة التنظيم بحجة غياب الديمقراطية وطغيان المركزية .
7- اشير هنا الى مثال من الواقع السياسي العراقي , كلنا نعرف ان كل شعوب العالم تتتطلع الى الديمقراطية , التي لا بديل عنها لحياة الشعوب وضمان حقوقها وامنها وتطورها وما انتفاضة تونس ومصر وهناك بلدان عربية في الطريق الا تأكيداَ لظهور الصحوة الديمقراطية التي ستنتصر في بلداننا العربية ( ملاحظة ما يؤكده خامنئي انها صحوة اسلامية هذا طرح خيالي وغير واقعي والحقائق على الارض تفند هذا الطرح ) , الا انه نجد في العراق بسبب سياسة المحاصصة الطائفية والقومية , لقد تم الاسائة لمبدأ الديمقراطية التي يتطلع اليها شعبنا ,الطائفيون والقوميون المتطرفون واصحاب المصالح الخاصة أسائوا وشوهوا مبدأ الديمقراطية في العراق , كما اساء البيروقراطيون والعديمي الوعي الفكري لمبدأ المركزية الديمقراطية في الحزب في مراحل سابقة من نضاله اضافة للعوامل الاخرى التي اشرت الى بعضها . المبدأ هو الذي يعطي للديمقراطية الداخلية الفرصة للنمو والتطور وبنفس الوقت الديمقراطية هي التي تحد من المركزية وهما المركزية والديمقراطية يشكلان مبدأ تنظيمي يعد الضمانه لتطور الفكر والتنظيم ونهوضه وتاهيله ليلعب دوره في الحياة السياسية . كما الجسد لا يستطيع اداء مهمه بدون الراس فان الديمقراطية لايمكن ان تنمو وتتطور بدون المركز , من هذا تبرز اهمية السياسة التنظيمية .
 
اهمية السياسة التنظيمية في حياة الحزب :
ما يميز السياسة التنظيمية هي وضوحها لجميع الاعضاء وليس انها تخضع لاجتهادات القيادات والكوادرفقط , ويطلق عليها الاستراتيجية التنظيمية , وهي توفر بيئة ديمقراطية ومناخ يشجع على تطور الفكر والثقافة التنظيمية وعلى العمل والتفكير الحر في اطار تنوع الافكار ووحدة العمل , وتشيع اجواء الثقة بالاعضاء واحترامهم وتوطيد العلاقات الانسانية التضامنية فيما بينهم , فهي حاجة تنظيمية لا غنى عنها وتبرز اهميتها في :
1- بالرغم من ان السياسة التنظيمية تحدد مبادئ وقواعدالعمل , الا انها بنفس الوقت تتضمن خطط واهداف ومهمات , وهذه الاهداف والمهمات تلتقي مع النهج الفكري والخط السياسي في وحدة مترابطة , وبهذا فهي سياسة مخططة تضع حداَ للانتقائية والتجريبية , سواء في الممارسات التنظيمية اوفي السلوكيات والمفاهيم والافكار وفي التاكتيكات , وهي ضمانة لصلابة التنظيم وتطوره وتصونه من الافكار الضارة لا سيما ذات الطبيعة الليبرالية التي سادت في عصر العولمة الليبرالية , التي وصل بعض منها الينا وهناك عدد غير قليل منا غير محصن بما فيه الكفاية , فالانتقائية تساعد على نقل بعض من الافكار والمفاهيم والسلوكيات الى داخل التنظيم . من الامثلة الحية هي المرونة المطلقة في التعامل مع القواعد التنظيمية ينتج عنها الرغبوية في العمل والمزاجية والانتقائية ...الخ, وهناك مثال فكري وسياسي آخر طرح في اوساط الشيوعيين وهو ( لنحول حزبنا الى حزب انتخابي ) مع ثبات حسن النية لهذا الطرح لكن دون ان يدرك اصحاب هذا الطرح هو كل حزب وتنظيم عندما يمتلك خط سياسي ورؤية فكرية وسياسة تنظيمية صحيحة مع فهم الارضية التي يقف عليها الحزب او الواقع الذي يعمل فيه , انها ستكون كفيلة لتهيئته ليكون حزب انتخابي  , لكن نجد هناك دعوات للقيام بتراجعات فكرية وسياسية وتنظيمية  من اجل فتح الابواب واسعة لمفهوم اللبرلة بدواعي ان يكون حزب انتخابي .
2- بغياب السياسة التنظيمية تتهيء بيئة لنمو التقوقع والتحجر والجمود والانعزال ويفقد الحزب والتنظيم القدرة على مواكبة التطورات والتغيرات ويبتعد عن التجديد ,وبهذا يتحول التنظيم الى مؤسسة بيروقراطية بليدة غير قابلة للتطور واستيعاب المتغيرات وهذا ينطبق على الجانب الفكري ايضاَ وهنا يسود الركود ويتضائل الانتاج الفكري وتنعدم المبادرة والابداع والقدرة على التغيير والتطور من هذا اهمية السياسة التنظيمية في الحزب الشيوعي التي تلتقي في وحدة وترابط مع الجانب الفكري والسياسي .
3- السياسة التنظيمية هي التي تضع حدود بوجه السلوكيات الغريبة وتمنع إذابة المبادئ التنظيمية والفكرية والسياسية وهذا هو ما يميز بين الحزب الشيوعي والتنظيمات والحركات السياسية الاخرى .
4- السياسة التنظيمية تنتج ثقافة تنظيمية وهي التي  تعتبر القوة الدافعة باتجاه النمو والتوسع  وتسهم في وضع مستلزمات التطور التنظيمي في صفوف الحزب الشيوعي العراقي الذي لن يزداد قوة وتماسكاَ وتوسعاَ جماهيرياَ الا من خلالها, ولا يمكن الحديث عن نهوض وتطور في الجانب الفكري والسياسي والاعلامي والجماهيري بمعزل عن النهوض والتطور في التنظيم .
5- حتى الخطط والبرامج والمهام الحزبية مهما كانت طموحة , فانها تبقى حبر على ورق ان لم تكن هناك سياسة تنظيمية تسهم في تربية واعداد الكوادر الحزبية وخلق اصطفافات نوعية في مجال الكادر على صعيد البناء التنظيمي والفكري والسياسي والثقافي والاعداد الميداني .
6- السياسة التنظيمية ترفع من قدرة التنظيم وتأثيرة في المجتمع وتجعلة قادر على مواكبة الاحداث والتاثير فيها ويكون منتج للنشاط والابداع وينبذ الكسل والتراخي والفردية .
7- السياسة التنظيمية تضع استراتيجية لتحديد الموارد التي يحتاجها الحزب لنشاطاته وديمومتها وتساهم في تنمية الكفائة من اجل الاستخدام السليم لهذه الموارد وحسابها وتوظيفها مع الامكانيات المتاحة في كافة مجالات العمل .
8- السياسة التنظيمية تهيئ التنظيم والاعضاء في الاستجابة للتحديات ومواجهة المنعطفات الحادة في الوضع السياسي وتساعد في تذليل الصعوبات وتوفر افضل البدائل ووسائل التاثير والتواصل مع الجماهير وتنمي قدرة الاعضاء والكوادر على التفكير الاستراتيجي الخلاق .
9- تخلق امكانيات وقدرات لدى الاعضاء في امتلاك الرؤية التحليلية الاستنتاجية ذات البعد المستقبلي والتنبؤ بالمتغيرات للواقع والاستجابة السريعة له من قبل كافة المنظمات كما انها تساعد على التفاعل مع الجديد الايجابي والتاثير فيه .
10- تضمن السياسة التنظيمية علاقة وترابط بين النظام الداخلي وتطوير الديمقراطية الداخلية , كما ان الديمقراطية السياسية في اي بلد لا يمكن ان تؤسس لنظام ديمقراطي وتشييد مؤسساته الديمقراطية الا من خلال تشريع قانوني ( الدستور ذات الطبيعة الديمقراطي) اي بوجد ترابط وعلاقة بين الدستور والنظام الديمقراطي في البلد , ان اي اخلال بالدستور يؤثر على الاضرار بالديمقراطية الدستور هو الضامن للديمقراطية , من هذا تاتي اهمية النظام الداخلي الذي يقره المؤتمر ودوره في ضمان تعزيز الديمقراطية واعتبارة مرشد عمل لابديل عنه في تطور الحزب التنظيمي والفكري والسياسي والجماهيري ومفاصل العمل الاخرى .
 
اسم الحزب الشيوعي العراقي :
اني مع بقاء اسم الحزب الشيوعي العراقي للاسباب التالية :
1- اهداف الحزب الشيوعي العراقي غيرمحدودة وغير متقطعة تمتاز بالتواصل وبالسعة والدقة والتنوع والبعد المستقبلي والتجذر فهي مترابطة من مهام وطنية الى ديمقراطية ذات محتوى اجتماعي الى اهداف استراتيجية بناء الاشتراكية وتحقيق العدالة الاجتماعية في العراق .
2- وبما ان التنظيم هو علم لهذا ان الترابط والتلازم يبقى متواصل بين اسم الحزب واهدافة الاستراتيجية .
3- انه يعتبر مدرسة للنضال الوطني تخرج منها خيرة بناة وابناء العراق , فهو معلم وطني عراقي لا بديل عنه ولا غنى عنه في العراق .
4- تربى في صفوفة اجيال من المناضلين الناكرين لذاتهم من اجل مصالح الشعب والوطن والسبب يعود لفكر الحزب واهدافة السامية النبيلة الذي ربى مناضله على طريق التضحية فهذه الروح النضالية التي تربت على فكر الحزب واهدافة النبيلة دفعت بالألاف من مناضلي الحزب بالتضحية بحياتهم من اجل فكر الحزب وتحقيق طموحات الشعب وبناء الوطن الحرالسعيد ,التي هي من مهام واهداف الحزب , فهذا الوعي وهذاالسلوك الانساني النادر المثال نشأ ونمى وترعرع في صفوف الحزب الشيوعي العراقي واصبح تراث ثوري وطني عراقي اصيل فليس هذا موقف عاطفي بقدر ماهو سلوك ووعي ثوري ونفسي ارتبط باسم الحزب الشيوعي العراقي .
5- الشعب العراقي اختبر الحزب الشيوعي العراقي وميزة عن باقي الاحزاب والكتل والتنظيمات, فالظرف الذي يمر بهما الشعب والوطن الآن يؤكد الحاجة لهذا الحزب , حزب الشيوعيين العراقيين قوياَ معافى ضرورة تقتضيها المرحلة لقيادة نضال الشعب العراقي لتحقيق اهدافة وطموحاته وتطلعاته في الحرية والديمقراطية والحفاظ على حقوقه وضمان العيش الكريم له ,وبناء الوطن وتقدمه في كافة المجالات وازدهاره .
6- قوى الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون واعداء الشعب والوطن يناصبون الحزب الشيوعي العراقي العداء ولكن تجربة العراق اكدت ان هؤلاء المنتفخون من الدعم الخارجي والذين ادخلوا البلاد في عتمة دهماء , هم ليسوا فقط اعداء للحزب الشيوعي والشيوعية , وانما هم اعداء للديمقراطية الحقة ذات المحتوى الاجتماعي التي يتبناها الحزب الشيوعي العراقي , فان اي تغيير على اسم الحزب هي هدية مجانية تقدم لاعداء الشيوعية والديمقراطية في العراق , وتجريدالشعب من سلاحة المجرب في النضال من اجل تحقيق اهدافة وطموحاته .
7-2-2011
ملاحظة : ان سبب توسعي في الكتابة عن مبدأ المركزية الديمقراطية , كما جاء أيضاَ في الجزء الرابع يعود لملاحظات عدد من الاصدقاء , بعضها كانت  مع وجهة نظري  وبعضها تحمل ملاحظات ذات محتوى انتقادي لما جاء في الجزء الثالث , لهذا توسعت في الجزء الرابع للحديث عن مبدأ المركزية الديمقراطية لأبرهن للاصدقاءان الخلل في غياب الديمقراطية ليس له علاقة بالمبدأ الماركسي التنظيمي  المركزية الديمقراطية .
(يتبع)


128
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو المؤتمر
التاسع لحزبهم
(3)
فلاح علي
تناولت في الجزأ الثاني واحدة من المهمات المطروحة امام المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي وتحدثت عن مهمة آلية العلاقة بين الحزبيين واستكمل هنا بقية المهام .
2- التنظيم واستنهاضة وتطويرة والدور الذي ينتظرة :
ان التنظيم هومهمة فكرية وسياسية بالدرجة الاولى , استنهاضة وتطويره يؤثر بدوره على تطوير مفاصل العمل الاخرى , بما ان له مبادئ وقواعد عمل وخطط كما انه يرتبط باهداف استراتيجية لهذا فالبنية التنظيمية للحزب الشيوعي العراقي تختلف عن البنية التنظيمية للاحزاب الليبرالية او القومية حاله حال الاحزاب الشيوعية الاخرى في العالم . وطالما توجد لدى الحزب الشيوعي اهداف استراتيجية فلا بد من وجود استراتيجية في التنظيم , وذلك لتجنب الرغبوية والمزاجية والفردية على صعيد ( العضو او الكادر) و الانتقائية سواء في تبني مفاهيم غريبة في التنظيم  والفكراو في السلوك والممارسة .
من هذا ساتناول السياسة التنظيمية والتي هي حاجة لا بديل عنها  وسأبدأ بمبادئ بناء الحزب .
 
النظام الداخلي ومبدأ المركزية الديمقراطية المفقود :

لقد الغيه مبدأ المركزية الديمقراطية كمبدأ تنظيمي لبناء الحزب وتنظيم نشاطاته في المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي , ولكن يلاحظ ابقاء على بعض من محتوى هذا المبدأ مع عدم الاشارة اليه وثبت بما يخص الجانب الديمقراطي منه . اطرح سؤال هنا كيف يتم تطوير الديمقراطية الداخلية في الحزب بدون جانب الوحدة مع المركزية اولاَ وبغياب الضبط الحزبي الواعي ثانياَ؟ ( حيث الانضباط الحزبي لم يشر له النظام الداخلي الذي اقره المؤتمر الثامن للحزب ) .
اطرح وجهة نظري وهي : بالتمسك بهذا المبدأ التنظيمي لبناء الحزب وان العودة لمبدأ المركزية الديمقراطية في المؤتمر التاسع للحزب وتثبيته في النظام الداخلي هو عودة للماركسة وللتراث الاشتراكي وهو مهمة وحاجة تنظيميةلا تقبل المماطلة والتاجيل لتفعيل الحزب وتنظيم نشاطاته ودوره في الحياة السياسية بالارتكاز الى المنطلقات التالية :
1- ورد في مقدمة النظام الداخلي في الصفحة رقم 3 ما يلي : (يسترشد الحزب الشيوعي العراقي في سياسته وتنظيمه ونشاطة الفكري بالماركسة والتراث الاشتراكي ساعياَ لتطبيق ذلك بصورة مبدعة في ظروف العراق الملموسة ..... الخ ) .
2- ما ورد في مقدمة النظام الداخلي هو تشخيص دقيق في تحديد المرتكزات او المنطلقات السياسية والتنظيمية والفكرية وسماها النظام الداخلي بالماركسة اولاَ والتراث الاشتراكي ثانياَ .
3- لكن نلاحظ في النظام الداخلي الذي أقره المؤتمر الثامن للحزب (في صفحة رقم 5 وفي المادة رقم (1) مبادئ بناء الحزب ونشاطة ) تخلي واضح عن مبدأ التنظيم الماركسي وهو مبدأ المركزية الديمقراطية بدون مقدمات او اسباب واردة في النظام الداخلي .
4- ما يؤكد على ان ( مبدأ المركزية الديمقراطية) هو مبدأ ماركسي اولاَ ثم اصبح لينيني ثانياَ واصبح من   ضمن التراث الاشتراكي ثالثاَ لاحقاَ . عندما أسس ماركس وانجلز عصبة الشيوعيين وضعوا مبادئ تنظيمية لها واول مبدأ تنظيمي وضعوه هو ( مبدأ المركزية الديمقراطية ) ثم وضعوا هذا المبدأ التنظيمي عندما اسسوا الاممية الاولى , وهذا ما تؤكدة الوثائق الماركسة من البيان الشيوعي ووثائق الاممية الاولى
5- السبب الذي دفع ماركس وانجلز لاكتشاف وصياغة هذا المبدأ التنظيمي . حسب ما اكدته الوثائق الماركسية هو حاجة الحركة العمالية آنذاك الى توحيد قواها في النضال ضد الرأسمالية ولتأمين قوة وصلابة للطبقة العاملة العالمية وتنظيمها السياسي اذاّ ان مبدأ المركزية الديمقراطية هو مبدأ ماركسي .
6- يؤكد النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي أعلاه ( الاسترشاد بالماركسة والتراث الاشتراكي ) وبما ان لينين وتراثة الثوري اصبح تراث اشتراكي وهذا لا خلاف عليه . إذاَ لنعود للتراث الاشتراكي في مجال التنظيم وهو مبدأ المركزية الديمقراطية .
7- لينين رجل ثوري وديمقراطي في آن واحد حتى اعدائه يعترفون بديمقراطيته , كتاباته وممارساته تؤكد ذلك لكن ستالين شوهة تراثة . اعتمد لينين مبدأ المركزية الديمقراطية وهو مبدأ ماركسي ( النشأة والاصل والماركة ) وطوره لينين وفقاَ لظروف روسيا والدور الذي دخلت فيه الرأسمالية , وما يؤكده تاريخ الحزب الشيوعي الروسي هو ان الكونفرنس الاول للبلاشفة الذي عقد في عام 1905 قد أقر هذا المبدأ واعتمده كمبدأ تنظيمي حزب العمال والحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي ثم الحزب الشيوعي منذ زمن لينين . ومنذ ذلك الحين اعتمدته الاحزاب الشيوعية واليسارية والعمالية والاشتراكية في العالم كمبدأ تنظيمي في بناء احزابها وتوجيه نشاطاتها .
سؤال : إذا كان الحزب الشيوعي العراقي حسب ما مثبت في النظام الداخلي اعلاه يسترشد بالماركسية والتراث الاشتراكي إذاَ لماذا تخلى عن مبدأ المركزية الديمقراطية  وبالذات في المؤتمر الثامن ؟
دعوة : من وجهة نظري أدعوا كافة مندوبي المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي بالتصويت لعودة مبدأ المركزية الديمقراطية الى النظام الداخلي كمبدأ تنظيمي, كونه مبدأ ماركسي اولاَ ومن التراث الاشتراكي ثانياَ والحزب الشيوعي يسترشد بهما . فلماذا يجري التخلي عن هذا المبدأ في بناء الحزب .
 
نهج الديمقراطية والتجديد ومبدأ المركزية الديمقراطية :
عرف المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي العراقي في عام 1993 بانه وضع نهج الديمقراطية والتجديد , تجديد السياسة والفكر والتنظيم مع تعزيز وتعميق الديمقراطية الداخلية . الا انه ما يلاحظ على المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي العراقي التالي :
1- عقد المؤتمر بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وفشل التجربة الاشتراكية في بلدان اوربا الشرقية .
2- في تلك الفترة تعرضت الحركة الشيوعية العالمية وقوى اليسار والاشتراكية واحزابها الى أزمات وانحصار جماهيري وحصار عالمي بانتصارالرأسمالية في الحرب الباردة وظهور القطب الواحد وهيمنة النيوليبرالية الجديدة في السياسة الدولية في ظل العولمة الاميركية وفرضت توسعها وهيمنتها على العالم , في تلك الفترة غيرت احزاب شيوعية من اسمائها ومن مبادئها التنظيمية .
3- في ظل الازمة آنذاك ابقى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي العراقي على اسمه وعلى مبادئة التنظيمية واولها مبدأ المركزية الديمقراطية , رغم انه اقرنهج الديمقراطية والتجديد وفق الماركسية والتراث الاشتراكي وهذا ما تؤكدة التجربة والممارسة ان مبدأ المركزية الديمقراطية هو مبدأ ديمقراطي .
4- مالذي تغير في الوضع الدولي الآن وحتى في الواقع العراقي لكي يتخلى الحزب الشيوعي العراقي عن مبدأ المركزية الديمقراطية في المؤتمر الثامن الذي عقد في الفترة من 10-13 آيار 2007 .
 
أهمية مبدأ المركزية الديمقراطية تكمن في :
1- مبدأ المركزية الديمقراطية هو مبدأ ديمقراطي لانه يشكل وحدة وترابط عضوي لجانبين الديمقراطية والمركزية ويوجد ربط ديمقراطي ديالكتيكي بينهما , فهو مبدأ تنظيمي وفكري وسياسي لبناء الحزب ولا يمكن الحديث عن الوحدة الفكرية والسياسية والتنظيمية في الحزب بغياب هذا المبدأ الذي يضمن وحدة الارادة والعمل في الحزب .
2- من الناحية التاريخية والعملية اكدت التجارب انه لا يمكن بناء ديمقراطية داخلية سليمة وصحيحة في اي حزب وتعزيز قدرته وتطوره في الجانب الفكري والسياسي والتنظيمي بدون مركز يرعاها ويسهر عليها ويراقبها عن بعد وعن كثب , بمعنى آخر لا توجد ديمقراطية سليمة بدون مركزية .
3- من هذا فان الديمقراطية لا تتعارض مع المركزية , ولا يمكن الحديث عن تطور الديمقراطية في اي حزب او منظمة بدون وجود انضباط حزبي ( الذي تخلى عنه المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي ولحق ذلك ضرراَ بتنظيمات الحزب) . من وجهة نظري ان وجود انضباط حزبي واعي وتدعيمه يسهم بتطوير الديمقراطية الداخلية أولاَ ويزيد من فاعلية وقدرة وتاثير الحزب في الحياة السياسية ثانياَ ويسهم بتنشأة كوادر مبادرة ونوعية وجماهيرية في محيطها ثالثاَ . ورابعاَأكدت تجارب التراث الاشتراكي وهذا ما اشار له لينين في مبادئ بناء الحزب ان الانضباط الحزبي الواعي بلا شك يضمن ( وحدة العمل وحرية الراي والنقد) .
4- تعرضت الاحزاب الشيوعية الى أمراض منها مرض البيروقراطية لا تزال فايروساته موجوده لدى نفر قليل من الشيوعيين , كما تعرضت الحركة الشيوعية واليسارية في العالم الى انتكاسات وأزمات بعد فشل التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي وظهور العولمة وقوى النيوليبرالية الجديدة , فظهر طرح جديد لدى عدد من قياداة وكوادر الاحزاب الشيوعية وبالذات في تسعينات القرن الماضي , وهو كان طرح مفاجئ وغريب وكأنه اكتشفوا شيئاَ جديداَ في تطوير الماركسية وبالتالي تطوير احزابهم وهذا الطرح الغريب آنذاك هو باكتشافهم المفاجئ بان ( المركزية تتعارض مع الديمقراطية) , ولكن اكدت التجربه ان هذا الاكتشاف الجديد ما هو في الواقع العملي الا التخلي عن الماركسية فليس فقط في النتيجة ان هذه الاحزاب قد غيرت اسمائها , وانما تبنت الليبرالية في التنظيم وفي الفكر والسياسية , وبالتالي انعزلت عن واقعها الاجتماعي وعن جمهورها وعن اعضائها وفقدت قدرتها في التاثير وعلى مواكبة الاحداث والتغيرات في بلدانها وتحجرت وتقولبت.
5- الا انه ما ميز الحزب الشيوعي العراقي , في ظل أزمة الحركة الشيوعية واليسارية وظل هجمة العولمة الرأسمالية والنظام الاحادي القطبية الذي ساد في العلاقات الدولية , لقد تمسك الحزب الشيوعي العراقي بمبدأ المركزية الديمقراطية لغاية المؤتمر الثامن, انطلاقاَ من كونه مبدأ ماركسي ولا يمكن الحديث عن تطور الحزب ونهوضة بمعزل عن مبدأ المركزية الديمقراطية , وها هي أمريكا اللاتينية والاحزاب الشيوعية واليسارية في اوربا تنهض من جديد في ظل العولمة الاميركية وسيادة نظام القطب الواحد ولا يوجد مؤشر ان هذه الاحزاب قد تخلت عن مبدأ المركزية الديمقراطية . من هذا حاجة الحزب الشيوعي العراقي في الظرف الراهن للعودة الى مبدأ المركزية الديمقراطية .
6- لا يمكن الحديث عن نهوض فكري وسياسي وتطور في التنظيم وفي مفاصل العمل الاخرى بدون او بمعزل عن تبني مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم .
7- ان مبدأ المركزية الديمقراطية في الممارسة هو باعث للهمة والاندفاع والمثابرة فهو مصدر قوة للحزب وهو سلاح لا غنى عنه بوجه اعداء الحزب من مختلف الالوان والاطياف وفي هذا الظرف بالذات حيث يتربص الطائفيون من الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون بالحزب لاضعاف دوره الفكري والسياسي والجماهيري والاعلامي فهم يعملون جاهدين لاضعاف الحزب من خلال نقدهم للحزب وتبنية المبادئ الماركسية يتوهمون بذلك انه سيتخلى عن سلاحه وقوته الفكرية والتنظيمية المجربة والتي تؤكد الماركسية ان هذه القوة تتضاعف من خلال التنظيم لان التنظيم يضاعف القوى لا سيما اذا بنية على اسس ماركسية , علماَ ان مبدأ المركزية الديمقراطية هو ليس جامد ومتحجر وانما هو يشكل في الواقع رؤية متكاملة فكرية وسياسية وتنظيمية , وان هذا المبدأ يمكن الحزب من تأهيل أعضائة في لعب دور مؤثر وفاعل ويمكنهم من اتخاذ القرارات الصحيحة وان المبدأ يشجع على تطوير المبادرة , وبما ان التطور لا يحدث بشكل تلقائي فان هذا المبدأ يضمن التطور والتفاعل والتواصل بين القيادة والقاعدة وبهذا فان المبدأ يرفع من قدرات وامكانيات الحزب من القاعدة الى القيادة في الاستجابة والتفاعل والحركة مع تطورات الاحداث السياسية . كما انه مبدأ يمنح الحزب ومنظماته القدرة على انجاز المهام وتجاوز الصعاب خلال مراحل نضاله ويعطيه القدره على التطور , من هذا تكمن اهمية العودة لمبدأ المركزية الديمقراطية في بناء الحزب .
8-ان مبدأ المركزية الديمقراطية يحمي منظمات الحزب من الكسل والكسالى والاهمال والتراخي والفردية والرغبوية والمزاجية في العمل , ويزيد من قدرة المنظمات في التفاعل مع الجماهير , ويزيد من المبادرة ويساعد على تحويل الخطط  والبرامج الى واقع على الارض .
 
مساوئ التخلي عن مبدأ المركزية الديمقراطية :
قبل الحديث عن المساوئ او الاضرار الناجمة عن الابتعاد عن مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم لا بد هنا من ان اطرح .
سؤال مهم : وهو من هم أعداء مبدأ المركزية الديمقراطية في التنظيم ؟
الجواب : من وجهة نظري اذا استثنينا ذوي النيات الحسنه والبسطاء ذوي الوعي الفكري المحدود الذين ينادون بالتخلي عن المبدأ من منطلق حسن النيه يتصورون انه يطور الحزب ويزيد من جماهيريته . فأن أعداء مبدأ المركزية الديمقراطية وما تؤكده التجربه هم المتطرفون اليساريون المغامرون والذاتيون والرغبويون ( الذين يعملون ويشاركون في الفعاليات حسب الرغبه)  وكاسري القرارات الحزبية والكسالى والخاملون والشللية والثرثارون واللاابالية التنابلة والنرجسيون والليبراليون والانتهازيون والفرديون اللاديمقراطيون , أن هؤلاء جميعاَ من وجهة نظري لديهم او يجمعهم قاسم مشترك هو نزوعهم نحو اللامركزية في التنظيم ( لبرلة التنظيم) , إذ انها بالنسبه لهم تحررهم من الالتزام وتعطي لهم حرية التحرك وفق رغباتهم وامزجتهم ويوظفونها لخدمة مصالحهم  لانها تحررهم من الالتزام التنظيمي يواصلون عضويتهم بالاسم هم اعضاء ولكنهم في الواقع يعملون وفق الرغبه والمزاج , لسبب بسيط ان في غياب مبدأ المركزية الديمقراطية هو غياب للانضباط الحزبي , ويضعف معهما النقد والنقد الذاتي .
لهذا فان مساوئ وأضرار التخلي عن مبدأ المركزية الديمقراطية من وجهة نظري هي :
1- يفقد الحزب والتنظيم وحدة الارادة والعمل , ويفقد معها قوته التنظيمية وقدرته في التاثير في الاحداث ولعب دور مؤثر في الحياة السياسية ويفقد القدرة على المبادرة والمناورة .
2- لا يمكن الحديث عن تعزيز وتطوير الديمقراطية الداخلية بدون وسيلة تضمن تنفيذ قرارات الاغلبية وهذه الوسيلة المجربه هي المركزية من هذا لا يمكن فصل احدهما عن الآخر اطلق على المبدأ قديماَ بانه يمثل ( وجهان لعملة واحدة) . لان المركزية هنا ذات محتوى ديمقراطي  .
3- تبقى الخطط الحزبية والبرامج حبر على ورق في ظل غياب مبدأ المركزية الديمقراطية والذي يغيب معه الانضباط الحزبي , وتغيب المبدأية وتنعدم الامكانية لممارسة النقد والنقد الذاتي وتشخصن الامور ويتراجع العمل والنشاط وتسود الارتياحات الشخصية فيتحول التنظيم الى بيئة لنموذوي الاتجاهات الفردية  و كاسري القرارات الحزبية .
4- تؤكد التجربة ان غياب مبدأ المركزية الديمقراطية يؤدي الى نموبيئة تشجع على عدم تطوير الديمقراطية الداخلية في التنظيم بشكل طبيعي, وبهذا يفقد التنظيم لقواعد العمل وتضيع المهام  .
5- تؤكد التجربة بغياب مبدأ المركزية الديمقراطية , تهبط قدرة التنظيم في الجانب الفكري وكأنه يحصل انفصام بين الوعي والتنظيم وتحل السطحية في التحليل والاستنتاج وبالتالي يفقد التنظيم المبادرة وتضعف  قدرته على النشاط  ويضعف الاداء في مفاصل العمل الاخرى .
25-1-2011
(يتبع)

 

129
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو المؤتمر
التاسع لحزبهم
(2-3)

فلاح علي
في ظل الاوضاع الغير طبيعية التي مر بها الشعب العراقي بعد سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003 واحتلال العراق وفوضى التدخلات الخارجية , تميز المشهد السياسي العراقي بثلاث اتجاهات .
 
الاتجاه الاول : هو اتجاه تدميري مكون من القوى الظلامية والتكفيرية من جماعات القاعدة والمتطرفون ومعهم من بقايا النظام الدكتاتوري الصداميون وتوجهاتهم واجندتهم واهدافهم واضحة يعرفها الجميع .
 
الاتجاه الثاني : احزاب وقوى اسلامية وقومية كانت تتشدق في فترة النضال ضد الدكتاتورية بالديمقراطية وبناء العراق الديمقراطي , ولكن بعد عام 2003 والى الآن اكدت هذه التجربة ان هذه القوى هي غير مهيئة فكرياَوسياسياَ وتنظيمياَ لبناء الديمقراطية , كما ان سلوكها وممارساتها وعلاقاتها  تؤكد انهاتحمل منطلقات الاستبداد والهيمنة . فبدلاَ من اشاعة اجواء الثقة واطلاق طاقات الشعب وتهيئة مستلزمات بناء العراق الديمقراطي , راحت تتكتل على اساس طائفي وقومي , وبدأت تعمل لذاتها ولديمومة سيطرتها وهيمنتها على السلطة , فأوجدت ديمقراطية خاصة بها , ومن سوء حظ شعبنا ان الديمقراطية الخاصة بالكتل هذه , لها آذان صاغية في عواصم مهيمنه في صنع القرار العراقي وهي ( واشنطن وطهران والرياض وانقره ) . نتج عنها عملية سياسية ناقصة مثقلة في الازمات والصراعات والتعقيدات وديمقراطية مشوهه وحكومة ضعيفة الاداء لكنها تلبي المصالح الذاتية لهذه الكتل , وترك الشعب يعيش الفاقة والحرمان مع غياب الخدمات وعدم ضمان حق العمل والسكن والامن والتعليم والثقافة مع خطر مصادرة الحريات العامة والشخصية , وفي ظل هذه الديمقراطية الخاصة هناك قلق على الاقتصاد والثروات الوطنية ومستقبل تطور النظام السياسي.
 
الاتجاه الثالث : رغم انه غير موحد في البرامج والرؤى والتوجهات والمنطلقات مع محدودية بعض اطرافة وضعف تأثيرها لكنها في المجموع تشكل تيار ثالث في البلد , وهي الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكوردستاني , وحركات يسارية وتنظيمات ديمقراطية وقوى ليبرالية , ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات مثقفة ديمقراطية . هذا الاتجاه أكدت تجربة العراق هو المؤهل والقادر على اخراج البلد من ازماته وبناء العراق الجديد على اساس قانون ديمقراطي , يضمن العدل والمساواة والحقوق والحريات ويشيد دولة المواطنة ونظامها الديمقراطي التعددي التداولي لعراق فيدرالي الموحد . لكن هذا التيار لا يزال يعاني من صعوبات ومن حصار وتهميش , رغم ان الشعب والوطن الآن بحاجة ليظهر هذا الاتجاه في تيار ديمقراطي موحد يشكل قطب ثالث في البلاد يسهم في صنع مستقبل العراق .
 
الحزب الشيوعي العراقي يمتلك مقومات التوسع والنهوض :
رغم نتيجة الانتخابات التي حصل عليها وهذه النتيجة تعود لاسباب عدة يعرفها الجميع ,الا انه على الصعيد المستقبلي اكثر حضوراَ وقوة من هذه الكتل التي هيمنت على عرش العراق , ليس لانه مسلح بفكر علمي وبسياسة صحيحة تنطلق من دراسته للواقع العراقي المعاش ( الملموس) فقط أو لانه يمثل مصالح الطبقة العاملة وكادحي العراق وفئاته الفقيرة والضامن لمستقبل الوطن أو لتاريخةالنضالي الوطني المشرف , وانما أيضاَ ما يميزة على جميع هذه الكتل انه يمتلك خصائص تشكل ثوابت تتسم بالمصداقة وتعد رصيداَ قوياَ وقاعدة انطلاق صلبة وعنصر قوة تفتقد لها كتل مهيمنة .
 
الثوابت التي تميز بهاالحزب الشيوعي العراقي :
هي  كثيرة ولكن اكتفي بالنقاط التالية :
1- مصادر تمويله ذاتية من ( رفاقة ومؤيديه ) , فهو لم يستلم المال من جهات عربية واقليمية او دولية وهذه الميزة تعد رصيد قوة له على الصعيد المستقبلي بين جماهير الشعب العراقي .
2- لايحمل اجندات خارجية , أجندات الحزب الشيوعي العراقي هي مصالح الشعب بكافة فئاته وكادحية ومصالح الوطن ولا يساوم عليهما .
3- يمثل الجسد العراقي حزب لا طائفي ولا قومي ويحارب الشوفينية وضيق الافق القومي ويتبنى حقوق القوميات ويحترم الاديان فهو حزب لكل العراقيين ويمثل الوحدة الوطنية العراقية .
4- وقف ضد الحرب والغزو واحتلال العراق , ومنذ الساعات الاولى لاحتلال العراق طالب بوحدة قوى الشعب لتحقيق الاستقلال التام للوطن وانهاء الاحتلال بالطرق السلمية .
 
ما يلاحظ على تاكتيكات الحزب الشيوعي خلال الفترة من عام 2003 :
1- رغم صواب خطه السياسي وبرنامجه الديمقراطي الذي يعد كنزاَ للعراق وشعبه , ورغم ان تاكتيكات الحزب الشيوعي العراقي , انطلقت من الحرص على تطور العملية السياسية , ووضع مصالح الشعب والوطن فوق اي اعتبار , وبهذاانفتح على جميع القوى التي ارتبط معها في فترة النضال ضد الدكتاتورية وكان يسعى الى اقامة تحالف وطني واسع لهذه القوى والمشاركة في بناء الوطن , إلا أن المواطن العراقي لمس في فترات منذ عام 2005 الى عام 2007 ونسبه من قاعدة الحزب أن هذه التاكتيكات اتسمت بالترقب والانتظار وكأنها فقدت المبادرة .
2-خطابه السياسي الاعلامي لم يرتقي الى مستوى خطه السياسي , اتسم بالتأرجح , وتجنب في اعلامة النقد سواء الغير المباشر او المباشر , للكتل السياسية ولممارساتها السلبية ولضعف الاداء الحكومي .... ألخ . ان كانت هناك مبررات لهذا الخلل تتفهمها نسبة من قاعدة وكوادر الحزب الا انه في النتيجة أضر بالحزب ودوره وتأثيره وحضوره الجماهيري . ولكن ما يحسب لقيادة الحزب الشيوعي العراقي هو انه منذ نهاية عام 2008 أقدمت على تصحيح هذا الخلل ومنذ ذلك التأريخ تميز خطاب الحزب بالوضوح واحتوى في مضمونه النقد الصريح للتسلكات الخاطئة سواء من الحكومة ونقد ضعف ادائها وتقصيرها في مجالات عدة ,او من الكتل المهيمنة على العملية السياسية ونقد سلبياتها ومنطلقاتها الذاتية .
3- بحكم الاصطفافات الطائفية والقومية واستقطاباتها وهيمنتها على المشهد السياسي ,فلم يتمكن من اقامة قطب ثالث فاعل ومؤثر وهذا يعود ايضاَ لضعف التيار الديمقراطي آنذاك .
4- لاسباب عدة منها الجانب الامني تأخرالحزب الشيوعي العراقي من ممارسة النضالات الجماهيرية التظاهرات الاحتجاجية المطلبية , ومع ممارسته لبعض النشاطات الجماهيرية المتميزة منها مسيرات الاول من آيار في كل عام تشارك فيها قيادة الحزب وكوادره واعضائة مع الطبقة العاملة العراقية في عيدها الاممي , وبعض المناسبات الوطنية مثل ثورة تموز وغيرها ومناسبات حزبية مثل تاسيس الحزب او يوم الشهيد الشيوعي وغيرها, إلا إن النضالات الجماهيرية لم تكن حاضره  لغاية عام 2008 الا ان التغيير حصل لاحقاَ منذ نهاية عام 2008 حيث عاد الحزب الشيوعي ثانية لتقاليده المجربة وتاكتيكه السليم في  التهيئ  والبدأ بمممارسة النضالات الجماهيرية المطلبية والاحتجاجية السلمية لتلبية حاجات الناس وفق القانون  .
                           
المهام المطروحة امام المؤتمر الوطني التاسع للحزب :
رغم ان الحزب عقد كونفرنسه الوطني السادس ومؤتمره الوطني الثامن بعد سقوط الدكتاتورية , إلا ان المؤتمر الوطني التاسع الذي يهيئ له الآن الحزب الشيوعي العراقي يحظى بأهمية استثنائية ارتباطاَ باوضاع البلد وازماته السياسية , ومن منطلق الحرص على حاجات الشعب ومتطلباته الاساسية وتحقيق العيش الكريم له , ولضمان الحقوق والحريات التي اقرها الميثاق الدولي لحقوق الانسان والدستور العراقي ولعجز الكتل في التأسيس لديمقراطية حقه في العراق , ولحاجة الشعب والوطن لدور فاعل ومؤثر للحزب الشيوعي العراقي من هنا تأتي اهمية المؤتمر التاسع .
 
بلا شك كل مؤتمر للحزب يناقش ويقر القضايا التالية :
- مناقشة واقرار النظام الداخلي والبرنامج .
- مناقشة واقرار الخط السياسي للحزب على ضوء التقرير السياسي الذي يطرح في المؤتمر .
- اضافة لدراسة التقرير المالي .
- انتخاب قيادة الحزب بالترشيح الفردي العلني والانتخاب السري .
من هذا هناك مهام للحزب في الفترة ما بين مؤتمرين , تثبت في وثائق المؤتمر وتتابع تنفيذها ( ل.م) بعضها يدخل في اطار التاكتيك بلا شك , وهذه تخضع للتطوير وفقاَ لتطور الاداء وللوضع السياسي والمد الجماهيري , لهذا اطرح وجهة نظري في المهام التالية :
1- آلية العلاقة بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الكوردستاني .
آلية العلاقة مثبته في النظام الداخلي في المادة رقم 14 , أقرها المؤتمر الثامن للحزب وهي صحيحة وسليمة ولكنها تخضع للتطوير أيضاَ كحاجة حزبية تخدم نضال الحزبان في الظرف الراهن , وبما ان الحزب الشيوعي الكوردستاني ضرورة فرضها تطور الوضع في كوردستان ونظامه الفيدرالي . لكن يلاحظ من خلال الممارسة تراجع دور قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني في العملية الديمقراطية في العراق وتخندقها في اطار قومي ويتجلى هذا التراجع في :
إذا قارنا دور منظمة إقليم كوردستان سابقاَ ودور الحزب الشيوعي الكوردستاني لغاية عام 2003 ودور الحزب الشيوعي الكوردستاني بعد عام 2003 نجد :
1- كان دور منظمة اقليم كوردستان ودور الحزب الشيوعي الكوردستاني قبل عام 2003 يشكلان مصدر نهوض وتطور دائم للحزب , حيث إتسمت قيادتهما بالبعد العراقي وتمسكهما بالمبدأ الاممي وثباتهما في المواقف الفكرية والطبقية وفي النضال ضد الانظمة الدكتاتورية ومن أجل الديمقراطية في العراق , فكان بعد كل ضربة بوليسية يتعرض لها الحزب تلعب قيادة وكوادر منظمة الاقليم والحزب الشيوعي الكوردستاني دوراَ يتسم بالشجاعة الشيوعية النادرة المثال من أجل إعادة بناء تنظيمات الحزب في مناطق العراق الاخرى , وكان هذا مصدر قوة للحزب .
2- بعد عام 2003 وبالذات بعد تشكيل التحالف الكوردستاني , يتلمس الجميع وكأنه حصلت إرتدادات سياسية وفكرية في قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني , فأرتدت ثوب القومية وتخلت عن النهج الطبقي والاممي والنضال المشترك لتحقيق الاهداف المشتركة والتي عبرت الفقرة رقم 1 من المادة 14 في النظام الداخلي عن مضمونها .
3- غياب وحدة العمل والنشاط المشترك على الصعيد السياسي والجماهيري بين الحزبين , عدا بعض المبادرات المحدودة ومنها في خارج العراق وفي عدد قليل من البلدان .
4- ما تفاجئت به قاعدة الشيوعيون العراقيون وجماهير شعبنا , هو الخطأ القاتل الكبير الذي وقعت به  قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني , في الانتخابات البرلمانية بدخولها بقائمة مشتركة مع التحالف الكوردستاني  ولم تحصد منها إلا الخسارة لها وللحزب الشيوعي العراقي وللتيار الديمقراطي في العراق , هذا الخطأ والممارسة الغير موفقة والمضرة وقفت بالضد منها جمهرة من قواعد وكوادر الحزب الشيوعي الكوردستاني ونسبه كبيره منهم في خارج الوطن . من وجهة نظري أن هذا الخطأ القاتل يعود لاسباب فكرية وسياسية وقد يشوبها بعض المنطلقات الذاتية . لان المواقف الفكرية للماركسية لا تتجزأ كما أن المواقف الطبقية لا تتجزأ على اساس قومي, والموقف السياسي من الديمقراطية ومن وحدة عمل التيار الديمقراطي وبناء الديمقراطية في العراق لا يتجزأ ايضاَ .
5- بالعودة إلى خطأ تاكتيك قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 , حصل الحزب الشيوعي الكوردستاني على 22 ألف صوت في الانتخابات , لم يحصل فيها على مقعد برلماني في الوقت الذي حصل فؤاد معصوم على 4500 ألف صوت حصل على مقعد برلماني كمقعد تعويضي , لم أقرأ بيان احتجاج من قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني لهذا الغبن المتعمد الذي مارسته ضده قيادة التحالف الكوردستاني والذي هو عضو مشارك في الحملة الانتخابية لهذا التحالف. ومع هذا سكتت عن حقها , ربما اكتفت بمطالبات خجولة من خلال العلاقات , ومع هذا لم تطالب بحقها في أن يكون لها عضو واحد ضمن وفد التحالف الكوردستاني المفاوض مع الحكومة العراقية والكتل السياسية .
6- الوقائع تؤكد لو كان الحزب الشيوعي الكوردستاني ضمن قائمة اتحاد الشعب , لضمن مع الحزب الشيوعي العراقي كحد أدنى مقعدين في البرلمان من مناطق كوردستان والموصل .
 
المقترحات :
1- ان تثبت في النظام الداخلي للحزب الشيوعي الكوردستاني والنظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي فقرة تنص على ( وحدة العمل والنشاط المشترك بين الحزبيين ) .
2- ان تثبت في النظاميين الداخليين وحدة المنطلقات الفكرية التي تحددها الماركسية , مع وحدة الخط السياسي والوثائق البرنامجية لبناء العراق الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي .
3- تثبت فقرة في النظاميين الداخليين للحزبيين , تعقد اجتماعات دورية كل أربعة اشهر بين المكتبين السياسين أولاَ وبين لجنتي لتم ثانياَ .
4- لضرورات التنسيق المشترك التي تقتضيها حاجة الحزبان تشكل مختصات عمل مشتركة سواء تكون وقتيه حسب المهمه أو دائمة في بعض مناطق العراق وفي الخارج أيضاَ وحسب الضرورة والحاجة .
17-1-2011 .
( يتبع)


130
الشيوعيون العراقيون في الطريق نحو المؤتمر
التاسع لحزبهم
(1-2)
فلاح علي
كثير من الحركات السياسية نشأت في فترات تاريخية وناضلت ونمت الا انها اضمحلت وماتت في النهاية دون ان تحقق اهدافها , الا الحزب الشيوعي العراقي ولد لينمو ويتطور لأجل ان يغير الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلد  ويحقق طموحات الشعب, هذا هو الهدف من ولادة الحزب الشيوعي العراقي , يناضل من اجل تحقيق المهام الوطنية والديمقراطية وصولاَ للاهداف الاستراتيحية , ولكن قد يرى البعض ان الحزب الشيوعي العراقي ضعف دوره الآن وبات غير قادر على تحقيق اهدافه من خلال ما يلاحظة على تشكيلة الخارطة السياسية للكتل المهيمنة على السلطة السياسية , الواقع العراقي الملموس يؤكد ان المستقبل هو للحزب الشيوعي العراقي ولقوى اليسار والديمقراطية , كما ان الظروف والعوامل الخارجية والداخلية التي كونت هذه الخارطة السياسية بعد انتخابات عام 2010 هي ليس ثابته وهذا ما تؤكده الماركسية ويؤكده العلم وتؤكده التجارب الحيه للشعوب لان الحراك الاجتماعي يمتاز بالحركة والتغيير وليس بالثبات ارتباطاَ بعوامل عدة وبتغير الوعي الاجتماعي ايضاَ .
 
الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1979 الى عام 2003 :
كان يتصدر الصفوف الاولى في النضال ضد الدكتاتورية , وخاض مختلف اشكال النضال وهذا ما ميزة على كافة الفصائل الوطنية والاسلامية في حقبة الصراع ضد الدكتاتورية , فكان الاكثر فاعلية وحضوراَ وتأثيراَ فقد تميز نضال الحزب الشيوعي العراقي آنذاك في :
1- النضال العسكري ضد الدكتاتورية من خلال تشكيلات قوات الانصار الشيوعية , حيث انخرط فيها المئات من الشابات والشباب من اعضاء الحزب , ولاحقاَ انضوى فيها شباب متطوعون من جماهير الحزب وابناء القرى والقصبات والاقضية والنواحي التي نشطت فيها قوات الانصار . حيث ان هذا الشكل النضالي ضد الدكتاتورية  الذي تميز به الحزب الشيوعي العراقي, عدا التحالف الكوردستاني لم تخوض غماره الكتل الاخرى التي هيمنت على عرش العراق الآن بعد سقوط الدكتاتورية في عام 2003 .
2- النضال السري في العمق العراقي في بغداد ومدن وارياف العراق ,امتاز بها الحزب الشيوعي العراقي , حيث ربط بين الكفاح المسلح والنضال السري لاجل اعادة بناء التنظيم وتهيئة مستلزمات النهوض الجماهيري وتعريق الكفاح المسلح .
3- التضامن الاممي مع الشعب العراقي , حيث تميز الحزب الشيوعي العراقي من بين جميع الاحزاب العراقية آنذاك , بتعبئة وتحريك الرأي العام العالمي من خلال علاقاته الاممية للتضامن مع الشعب العراقي على الصعيد السياسي والاعلامي .
4- خلال فترة النضال ضد الدكتاتورية عقد الحزب الشيوعي العراقي اربعة مؤتمرات على ارض الوطن وهي المؤتمر الرابع والخامس والسادس والسابع , جدد فيها فكرة وتنظيمة وخطة السياسي كما جدد قيادته وعقد ايضاَ الكونفرنس الرابع والخامس .
5- على الصعيد التنظيمي , تعرض الحزب الشيوعي الى هجمات بوليسية شرسة ومتتالية من قبل الدكتاتورية , زجه خلالها بخيرة كوادره واعضائة في السجون والمئات منهم تعرض للتصفيات الجسدية , وخلال فترة الكفاح المسلح استشهد المئات من كادراته وكوادرة واعضائة , وبهذا فان الحزب الشيوعي العراقي مع شعبنا قدم تضحيات جسام في فترة النضال ضد الدكتاتورية .
6- طيلة سنوات النضال ضد الدكتاتورية كان القسم الاكبر من قيادة الحزب الشيوعي العراقي متواجدة في ارض الوطن .
 
الحزب الشيوعي العراقي منذ عام 2003 الى عام 2011 :
1- بعد سقوط الدكتاتورية توجهت قيادة الحزب الشيوعي من كوردستان العراق وتواجدت في بغداد , ووصلت قيادات وكوادر من سورية وبلدان اخرى . رغم انه الى الآن لن يتمكن الكثير من اعضائة وكوادرة المجربة المتواجدة في الخارج من العودة الى الوطن لاسباب عدة منها الجانب الامني .
2- كانت المهمة الاولى هي اعادة بناء تنظيمات الحزب الشيوعي في بغداد والمحافظات , والوقوف مع الشعب في محنته وفي تلبية حاجاته والمشاركة في بناء الوطن بعد خراب الدكتاتورية , والمساهمة في اقامة العراق الديمقراطي وتهيئة مستلزمات انهاء الاحتلال بالطرق السلمية .
3- رغم ان الحزب الشيوعي نجح في مهمة اعادة بناء تنظيماته , الا انه قدم خلال الفترة اكثر من 120 شهيد من كوادرة حيث تعرضوا لعمليات إغتيالات من قبل القوى الارهابية والقوى المعادية للديمقراطية .
4- بعودة الحزب الشيوعي للنضال العلني , كان له دور كبير في تشكيل النقابات والاتحادات العمالية واعيد تشكيل الاتحاد العام لنقابات العمال , كما تشكلت الاتحادات الطلابية في المحافظات واعيد تاسيس الاتحاد العام لطلبة العراق وكذا اتحاد الشبيبة الديمقراطي العراقي , وتأسس الاتحاد العام لرابطة المرأة العراقية وفروعها في مدن العراق , وتاسس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية  من خلال الانتخابات ونشط الشيوعيون في الكثير من النقابات ومنظمات المجتمع المدني.
5- وقام بفعاليات متميزة ولكن بحكم الانفلات الامني لن يتمكن الحزب الشيوعي من خوض النضالات الجماهيرية ,إلا انه لن يتوقف لحظة واحدة في الدفاع عن مطاليب الشعب وكادحية , وتوفير المواد الغذائية واستمرار البطاقة التموينية وتحسينها وتوفير الخدمات وفرص العمل والسكن والامن والاستقرار
6- للحزب الشيوعي العراقي دور وتأثير في الحياة السياسية والاجتماعية, رغم انه لم يصل بعد الى مرحلة المد الجماهيري , وهذا يعود لجملة من الاسباب الموضوعية والذاتية .
 
المعوقات والصعوبات التي واجهت الحزب الشيوعي خلال الفترة :

1- رغم ان الحزب الشيوعي العراقي هو الآن من افضل الاحزاب تنظيماَ على الساحة العراقية , بما فيها المهيمنة على السلطة السياسية , وان كان التنظيم يعتبر عنصر قوة , بلا شك فالحزب الشيوعي العراقي يمتلكها , لكنه يعاني من عدم امتلاك عناصر القوة الاخرى المؤثرة والفاعلة والتي لا بديل عنها وهي على سبيل المثال ( الاعلام الجماهيري- القناة التلفزيونية والمال) .
2- اعاد الحزب الشيوعي العراقي استكمال بناء تنظيماته بدءَ من اعضاء قدماء بعضهم كان مقطوع فكرياَ وسياسياَ عن التنظيم طيلة فترة الدكتاتورية , وهذا له أثر على ضعف تطور التنظيم في السنتين الاولى من اعادة البناء ,الا انه حصلت الانتماءات الجديدة من العناصر الشابة من بنات وابناء الشعب العراقي , فأعطت لهذه التنظيمات الحيوية والنشاط والحضور والتأثير, ومع هذا الحضور الفاعل يحتاج الى الكثير من الجهد والعطاء والمثابرة على كافة الصعد .
3- طريقة سقوط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب واحتلال العراق , كان لها أثر سلبي في اضعاف دور الحزب الشيوعي وقوى التيار الديمقراطي وخلق صعوبات امام تطور العملية السياسية .
4- التدخلات الاقليمية في دعم قوى لم يكن لها دور في فترة النضال ضد الدكتاتورية , قيادات بعض هذه القوى كانت في فترة راحة واستجمام في عواصم اوربية وعربية واقليمية , عادت بدعم اقليمي وعربي ووضع تحت تصرفها الاعلام وخزائن من الاموال مع الدعم اللوجستي , وتم تمكينهم من الوصول الى السلطة ووظفوها لبناء قوتهم وفرض حضورهم  , وبعضهم كون ميليشيات مسلحة لبسط الهيمنة والنفوذ .
5- تنامي قوى التطرف والارهاب خلال السنوات الاولى من سقوط الدكتاتورية , مع وجود الصراعات الطائفية والمحاصصة , وضعف الاجهزة الامنية في مواجهة قوى التطرف والارهاب , سبب ذلك في خلق حالة من الاحباط واليأس لدى فئات واسعة من جماهير شعبنا واتخذت الغالبية موقفاَ متفرجاَ بسبب هذه الاوضاع التي كانت سائدة آنذاك , وظفت هذه الاوضاع الغير طبيعية التي مر بها الشعب العراقي باتجاه خدمة المصالح الذاتية الطائفية والقومية .
5- خلال فترة الانتخابات البرلمانية الاولى والثانية , تشكلت التحالفات الطائفية والقومية , ونشأت بيئة سياسية غير سليمة في ظل هذا الاحتقان الطائفي والقومي , وتعمقت ازمات البلد وتم تأجيج النعرات والاحتقانات الطائفية والقومية , نتج عنها هيمنة قوى الاسلام السياسي والقوى القومية على الخريطة السياسية والمشهد العراقي .
6- رغم ان الحزب الشيوعي العراقي تاريخياَ تبنى الحقوق القومية لمكونات شعبنا العراقي ,فكان ولا يزال مدافع صلب عنها من اجل نيل حقوقها , ومناصراَ ومسانداَ لنضال الشعب الكوردي , وقدم التضحيات الجسام ودعم حقه في تقرير مصيرة واتحادة الاختياري وهو اول حزب عراقي رفع شعار الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الى كوردستان وفي عام 1992 كان من اوائل الاحزاب التي تبنت شعار الديمقراطية للعراق و الفيدرالية الى كوردستان , الا انه مع الاسف ان النهج القومي المتطرف للتحالف الكوردستاني وتخلية عن بناء الديمقراطية الحقة في العراق واستسلامه لنهج المحاصصة الطائفية والقومية , اسهم هذا النهج ليس فقط في اضعاف الحزب الشيوعي العراقي وانما في اضعاف كل قوى التيار الديمقراطي , ووضع أسفين امام تطور الديمقراطية في العراق.
14-1-2011
( يتبع)
 



131
المتعصبون وخططهم لتدمير الثقافة والمجتمع

فلاح علي

المتعصبون فكرياَ سواء كانواافراد ام جماعات يتخيلون انهم يمتلكون الحقيقة والراي الصحيح , وما عداهم من الآخرين على خطأ , فهم لا يؤمنوا بالديمقراطية كفكر وسلوك ويتجنبوا الحوار , لانهم لا يمتلكوا قوة البرهان و يمارسوا الاستبداد , ولاجل تمرير مشروعهم  ومن المحسوبين على الاسلام السياسي يوحوا هؤلاء المتعصبون للجمهور بان رأيهم يستند الى القدسية , وبهذا فهم يحاكوا الموروث المقدس لدى الجماهير للتأثير فيهم وتعبأتهم في مشروعهم  .
 
المتعصبون يستخدمون العنف لفرض آرائهم وافكارهم على المجتمع :
المتعصبون يسعون دائماَ لمهاجمة افكار الآخرين ويستخدمون عملية الهدم لتدمير الفكر الآخر , فهم غير واقعيون اولاَ وثانياَ ينسبون كل ما هو مشرق في ثقافة وفكر الآخرين ونضالاتهم ضد الدكتاتورية و الظلم والاستبداد ومن اجل خير الشعب والوطن و الحداثة والتنويروالديمقراطية ينسبوه لهم , وكل ما هو زائف ومشين في تأريخهم ينسبوه للآخرين لغرض هدم فكرهم ومشروعهم التنويري الحداثي الديمقراطي , وثالثاَ انهم مصابون بالجمود الفكري , فهم منغلقون منعزلون فكرياَ وان حججهم دائماَ هشة وضعيفة , و بهذا لا يستطيعوا مقاومة الفكر التنويري والحداثة والثقافة والفكر الديمقراطية , فيلجئون لممارسة العنف بكل انواعه بما فيها تطويع ومخالفة القانون لفرض ارادتهم ومحاربة الآخر .
 
الوسائل التي يلجئون لها لممارسة العنف :
1- من خلال فرض فكرهم على المجتمع بكافة الوسائل المتاحة لهم , وبهذا يعملوا على جعل فكرهم مهيمن ومسيطر في المجتمع , ويهددوا الآخرين بانهم قادرون على تحريك الشارع ضدهم من منطلق انهم يمتلكون سلطة قوية شرعية شعبية مطلقة .
2- يستخدموا المقدس في غير محلة , بالتعاون والتنسيق مع بعض رجال الدين المتعصبين فكرياَ , لانهم يدركون تماماَ ان المجتمع يحترم رجال الدين ولهم مكانتهم الخاصة في المجتمع , ولهم قدسية ومن خلال التقليد ايضاَ والتبعية المطلقة لدى المقلدين وبهذا يلجؤوا الى رجال الدين المتعصبين لتحريكهم لمواجهة الفكر الآخر , كما حصل في الاعتداء اللاقانوني على صرح الثقافة العراقية ( الاتحاد العام لكتاب وادباء العراق ) من قبل مجلس محافظة بغداد , ولاعطاء غطاء ديني لاعتدائهم هذا نسقوا مع رجل الدين ( آية الله محمد اليعقوبي ) واصدر بيانه الهجومي ضد مثقفي العراق , رغم انها غلطة كبيرة ارتكبها السيد آية الله محمد اليعقوبي , إلا انه من وجهة نظري ان الرجل قد زج في معركة لا يعرف اولياتها ودوافعها فقد ورط من قبل المتعصبين في هذا العدوان المخطط على الثقافة والمثقفون  . واخيراَ زيارة وزير التعليم العالي ( لآية اللة النجفي) للارتكاز على المقدس لغرض اخذ اجراء قانوني للفصل بين الجنسيين في صفوف الدراسة والمعرفة في الجامعات العراقية .
3- استخدام القانون كوسيلة للعنف ومصادرة الحريات , مثلما استخدمه مجلس محافظة بابل بالغاء مهرجان الموسيقى , ومجلس محافظة البصرة بالغاء السيرك ومجلس محافظة بغداد بالهجوم العسكري على اتحاد الادباء واغلاق النادي الاجتماعي , وما نشرته وسائل الاعلام من قرار وزارة التربية باغلاق التدريس في مادتي المسرح والموسيقى في معهد الفنون الجميلة وازالة التماثيل من مدخل بناية المعهد . فهم يتشبثوا بكل الوسائل لمحاصرة ومحاربة الفكر الآخر .
 
المتعصبون دائماَ  غير واقعيون ويعملون وفق رغباتهم :
اكدت تجربة العراق ان المتعصبون  من احزاب الاسلام السياسي اولاَ ومن بعض القوميون المتطرفون ثانياَ هم لا يتعاملوا مع الواقع العراقي المتعدد القوميات والاديان والثقافات والحضارات والافكار والاتجاهات الفكرية , بل يتعاملوا وفق رغباتهم , وهذا منطق  في التفكيرخطير وخطير جداَ, وهو نهج تدميري يقود الى تراجع المجتمع ويؤدي الى تخلفة ومصادرة الحقوق والحريات والغاء الآخر . لان هذا النوع من التفكير المرتكز على  الرغبات انه لا يمثل مشروعاَ ديمقراطياَ ولا يمتلك افقاَ مستقبلياَ , أي بمعنى آخر لا يعبر عن الحرص على الثقافة الديمقراطية ولا يستند على ممارسة ديمقراطية , وبنفس الوقت لا يعبر عن مصالح المجتمع والوطن وتطورهما للاسباب التالية :
1- ان مشاريعهم وخططهم الذين ينوون تنفيذها في المجتمع , هي رسمت من وحي افكارهم ورغباتهم المتعصبة , وبهذا فان الحياة اكدت وتؤكد دائماَ ان هكذا رغبات هي قائمة على تلبية مصالح ومطامح  ذاتية انانية واهداف فئوية ذات صبغة تدميرية بحق الفكر الديمقراطي والتنوع الفكري والاثني والمعرفة  والفن والابداع في المجتمع فهم يعملون لذاتهم وليس للصالح العام .
2- ان تجربة العراق اكدت ان هؤلاء المتعصبون اصحاب الراي القائم على الرغبة الذاتية أو (الفكر الرغباتي) من الاسلام السياسي والقوميون المتعصبون المهيمنون على العملية السياسية , شرعوا قوانين حسب رغباتهم الذاتية , وواحد من قوانينهم الذاتية الذي شرع حسب الرغية والمصلحة هو التعديل الاخير لقانون الانتخابات البرلمانية في 7-3-2010 لاجل الغاء الآخر ( ولكن من هوالآخر هنا هو الفكر اليساري والديمقراطي وحتى الليبرالي والمستقل ومنع ممثليهم من الوصول للبرلمان ) لاجل هيمنتهم على عرش العراق وتفصيل مستقبل العراق وشعبه وثرواته حسب مقاساتهم .
3- ما اكدته تجربة العراق ان الفكر الرغباتي منبعه الفكر المتشدد الديني الطائفي والقومي المتطرف , الذي لا يتردد باستخدام كل الوسائل لمصادرة حق الآخر , ومن الوسائل التي لجؤوا اليها في الانتخابات مثلاَ , حيث ما رسوا التضليل الاعلامي لسيادة فكرهم في الشارع وارغام الجماهير وبكافة الوسائل التي يعرفها الجميع لتبني وجهة نظرهم والتصويت لهم , اي انهم يمارسون الخداع الجماعي بوسائل عدة ويعتبرونه سلاح بايديهم لمواجهة الآخر  , ما اكدته تجربة العراق ان المتعصبون ليس لديهم ثقافة وسلوك ديمقراطي .
ملاحظة : ان المقالة لم تشر الى الارهابيون والتكفيريون واعمالهم الارهابية , ولكن تناولت موضوعة المتعصبون الذي يتمبز بهم المشهد السياسي العراقي .
 
الخلاصة والاستنتاج :
1- المتعصبون جميعاَ يعادون الثقافة والفنون فهم جهله اولاَ واستبدايون ثانياَ ويشكلون آفة فكرية في المجتمع مدمرة ثالثاَ , ورابعاَ هم احد اسباب ازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وذلك عندما يكونوا في مركز صنع القرار السياسي .
2- المتعصبون يعملون بنفس طويل ويعولون على الاستسلام لمشاريعهم الذاتية وبالذات عندما يربطون مشاريعهم بالمقدس لتضليل المجتمع , فهنا يكون اول المستسلمون هم الفئات الاقل تعلماَ وثقافة والاقل وعياَ فكرياَ وحتى الضعفاء نفسياَ واللاهثون وراء الذات .
3- اخطر حالات الاستسلام هو عندما يستسلم المثقفون والفئات الواعية في المجتمع لخطط المتعصبين , وهذا هو اخطر حالات الاستسلام , لانه يعجز عن مواجهة المتعصبون ويساعدهم في تنفيذ مشروعهم التدميري اللاديمقراطي .
4- أكدت تجارب التاريخ القديم والحديث , وان كان من مثال هنا ( هو هتلر وحزبه وموسوليني وحكم الدكتاتورية في العراق ) . ان هؤلاء اعداء الثقافة الديمقراطية هم كانوا متعصبون فكرياَ واستبداديون هذا اولاَ وثانياَ ان افكارهم كانت خاطئة , دمرت الثقافة والشعوب والاوطان . وما رسوا دورهم التدميري بحكم تضليلهم اعلامياَ للمجتمعات وتوظيفهم لمشاعر الناس البسطاء , واستخدموا العنف لتركيع المجتمع لخططهم ومشاريعهم الذاتية الانانية .
5- تجربة العراق تؤكد الحذر من المتعصبين الجدد وتصحيح اخطائهم وهي لا تزال في المهد ومقاومة مشاريعهم المعادية للديمقراطية وللثقافة والفن والحريات والحقوق وعدم الاستسلام لهم والا يفرضوا سيطرتهم على المجتمع ويغيروا القوانين لصالح اهدافهم التدميرية الذاتية .
6- اكدت تجربة العراق ان المتعصبين يهدفون الى تشويه ثقافتنا الوطنية , لتحل محلها ثقافة الجهل والطاعة لفكرهم , فهم يسعون لالغاء الحوار واستخدام اساليب الخوف والترغيب والترهيب ومحاربة النقد والاحتجاج وذلك لفرض حالة الاستسلام الطوعية لمشاريعهم .
7- اكدت تجربة العراق ان المتعصبين ليس فقط معادين للثقافة وانما هم يناصبون الديمقراطية و الفكر الديمقراطي واليساري العداء لهذا عند افتعالهم للازمة وشن الهجوم العسكري والاعلامي على اتحاد الادباء , بشكل أوبآخر وجههوا حقدهم الاعلامي ضد الحزب الشيوعي العراقي لماذا ؟
8- لانهم يدركون تماماَ ان الشيوعيين وكل اليساريين والديمقراطيين هم حملة المشروع الثقافي هذا اولاَ وثانياَان الحزب الشيوعي العراقي بالذات هو حاضنة للثقافة الوطنية الديمقراطية . وثالثاَ ليسهل هجومهم على الثقافة والفن فلا بد من الاسائة للحزب الشيوعي العراقي , معتمدين بذلك على ارث تكفيري مشين لا يحترمه شعبنا ولا يقره الدستور العراقي وهذا الفكرالمشين المعادي للديمقراطية وحقوق الانسان والحريات هو من جلب المآسي والدمار والحروب لشعبنا منذ عام 1963 في شباط الاسود الى الآن, فان هؤلاء المتعصبون يريدون اعادة عجلة التاريخ الى الوراء لانهم يحملون فكراَ تدميرياَ هداماَ معادي لمصالح الشعب والوطن . ورابعاَ انهم يهدفون من ربط هجمتهم السوداء بالمقدس لغرض اضعاف دور الشيوعيين في مقاومة مشروعهم , لانهم يدركون تماماَ ان الشيوعيين في العراق هم قوة منظمة عابرة للقوميات والاديان وحزبهم حزب وطني ديمقراطي قادر على تعبأة الراي العام الداخلي والخارجي لافشال مشروعهم , ولكنهم ما لايدركوه تماماَ انهم لن يتعضوا بعد من تجارب سوداء سابقة اسقطها الشعب واسقط رموزها هذا اولاَ وثانياَ ان الهجوم على الحزب الشيوعي العراقي هو هجوم على كل ما هو ديمقراطي من تنظيم وفكر وثقافة وحقوق وحريات وبهذا سيكونوا في مأزق وهم لا يدركون .
9- ان المتعصبين في كل زمان ومكان , لايدركوا الواقع الاجتماعي فهم غير واقعيون , وهذه هي نقاط ضعفهم تحركهم رغباتهم ويغوصوا في حلم عميق , وكانهم امتلكوا اجنحة وطاروا  واصبحوا فوق الجميع  ولكن سرعان ما يتهاوا ويتساقطون , فهم في وهم دائماَ لهذا لم يستفادوا من تجارب سابقة في محاربة الثقافة والفن والديمقراطية والفكر الديمقراطي .
10- ان المتعصبين  يعملون على خلق حالة الفرقة وشق الصفوف ورصد الاموال لاضعاف جبهة التيار الديمقراطي .
11- يخضعون كل شيئ للمحاصصة ويتصورون انهم سيربطون هجومهم على الثقافة وعلى الفكر الديمقراطي وعلى الحزب الشيوعي العراقي , بالمحاصصة الطائفية والقومية , وان سكتت بعض القيادات المتطرفة في التحالف الكوردستاني وفي القائمة العراقية من منطلقات ذاتية , فهذا لا يعني انهم كسبوا تاييد  الكتلتين لهم في هجومهم هذا , ان قواعد هذه الكتل وبعض قياداتها التي تؤمن بالديمقراطية وجماهير الشعب ستقول كلمتها وتعلن موقفها من الهجوم على الثقافة والفن والفكر الديمقراطي .
12- الحكومة العراقية أولاَ ومجلس النواب ثانياَ والمحكمة الاتحادية ثالثاَ , يتحملون المسؤولية التاريخية لهذا الهجوم الاسود من قبل المتعصبين فكرياَ على الثقافة والفن والموسيقى و على الحريات الشخصية وعلى الفكر الديمقراطي , وبما انهم المسؤولين عن حماية الدستور وصون الحقوق الحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور فهم الآن امام الشعب في اختبار ليؤكدوا مصداقيتهم في حماية الدستور .
13- الواقع العراقي الآن وازمات البلد تؤكد ان التحضيرات الجارية لتشكيل تيار ديمقراطي واسع في البلاد عابر للقوميات والاديان هي صحيحة والحاجة الى الاسراع بتشكيل القطب الديمقراطي المرتقب .
14- ضرورة ان يمتلك التيار الديمقراطي احد عناصر القوة , وهذا حق مكفول له ضمنه الدستور وهو امتلاك اعلام جماهيري فعال ومؤثر وذلك بتاسيس قناة تلفزيونية تدافع عن الفكر الديمقراطي على طول البلاد وعرضها وتسهم في التوعية والتربية والتعليم وتحتضن الثقافة والفن والموسيقى والغناء , وتساعد في نشر الثقافة الديمقراطية , وتدافع عن حاجات الشعب وتطلعاته , وتكون احد ادوات التغيير في المجتمع من خلال خلق راي عام ضاغط لمواجهة المتعصبون والمتطرفون والاستبداديون والارهابيون وثقافتهم الاحادية المنغلقة التي تلغي الآخر .
4-1-2011

132
الديمقراطيون وسعيهم لامتلاك الفضائية

فلاح علي

شهدت تكنولوجيا الاعلام تطوراَ كبيراَ, في ظل ثورة المعلومات والاتصالات التي ميزت كوكبنا في القرن الواحد والعشرين , وبدأت القوى الدولية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الامريكية , برصد الاموال لغرض البحث العلمي وتطوير تكنولوجيا الاعلام , ارتباطاَ باهدافها واستراتيجيتها واجنداتها في السياسة الدولية وفي التأثير على الدول والشعوب  , واصبح الاعلام في ظل هذا التطورعنصر من عناصر القوة والتاثير وفرض الهيمنة  (كالقوة العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية ) . فالاعلام اصبح عنصر قوة ليس فقط على صعيد العلاقات الدولية , وانما على الصعيد الداخلي بالنسبة للاحزاب والقوى المحلية , البعض اشخاص واحزاب حصل على الاموال بدعم خارجي كاحزاب الاسلام السياسي وحتى بعض القوى القومية , وتمكنت من امتلاك بعض عناصر القوة الاعلام الجماهيري القناة التلفزيونية, وذلك لضخ ولانتاج أفكار وآيدلوجيا الهيمنة والتأثير على افراد المجتمع وعلى المحيط الاقليمي. وتخلفت قوى اليسار والديمقراطية والتقدم عن امتلاك هذا الاعلام الجماهيري , واصبحت عاجزة حتى في الدفاع عن نفسها , ومحاصرة من القوى النيوليبرالية الجديدة على الصعيد العالمي ومن قوى الاسلام السياسي على الصعيد الاقليمي و المحلي .
 
مبادرة الحوار المتمدن في اطلاق فضائية تعد نقلة نوعية في التفكير :

في هذا الظرف بالذات الذي فرض فيه حصاراَ اعلامياَ على قوى اليسار والديمقراطية , سواء على الصعيد العالمي او على الصعيد الاقليمي و المحلي . حيث رصدت اموالاَ خيالية لصناعة اعلام  جماهيري احادي التوجه ,  فانشأت هذه القوى  محطات تلفزيونية , لغرض فرض هيمنة اعلامية , لانتاج وبث فكرها لجمهور عريض واسع لتؤثر فيه واخضاعه لارادتها , من خلال بث ثقافة التطرف الديني والقومي والغاء الآخر والاسائة للفكر العلماني الديمقراطي , وترسيخ الجهل وبث الاشاعات لخلق الاحباط واليأس وتبسيط وعي المواطن اضافة لاثارة التوتر والعدوانية وحتى الاضطراب النفسي والقلق والشكوك لدى المشاهد ولاغلاق المنافذ الجماهيرية امام الفكر الديمقراطي , وساهمت في انتزاع الامل والتفاؤل من جمهور واسع من خلال برامج معدة لهذا الغرض بهدف الاستحواذ على عقول الناس ومشاعرها لتهيئة الاجواء لسيادة فكرها المؤدلج المعادي للديمقراطية .
من هذا جاءت مبادرة الحوار المتمدن لتعطي دفعاَ للتيار اليساري الديمقراطي قوى وشخصيات  ديمقراطية ومثقفة , لتعيد النظر في  تفكيرها ومواقفها من الفضائية ولتقف وقفه جادة في دراسة هذا المشروع الاعلامي الجماهيري الذي هو حاجة لا غنى عنها . رغم ان هناك بعض الاحزاب الشيوعية تعمل جاهدة منذ سنوات لتاسيس فضائية , لكنه يواجهها ضغط العامل المالي وضخامته لهذا المشروع الهام , ان مبادرة الحوار المتمدن هي موجهة لجميع القوى والشخصيات لاعادة التفكير بمشروع الفضائية ووضعه على اولويات الدراسة ثانية لانه سيكون مشروعاَ جماعياَ . لهذا ان كل قوى اليسار والديمقراطية  ومنظمات المجتمع المدني وحقوق الانسان وجمهرة كبيرة من المثقفين والشخصيات الديمقراطية في البلدان العربية معنية بدراسة هذه المبادرة والعمل على تهيئة بيئة ومناخ يؤهلها من التأسيس والنشأة والنمو والتطور والعطاء والتأثير الثقافي والمعرفي والفني والتربوي ونشر الفكر الديمقراطي .
لا بد هنا من الاجابة على اسئلة الحوار المتمدن الخاصة باطلاق الفضائية .
1- اسباب عدم وجود فضائية الى الآن ؟
أرى ان الجواب على هذا السؤال هو يرتبط ببعد تأريخي هذا أولاَ , حيث ان بلدان الشرق الاوسط منذ تأسيسها الى الآن تقريباَ في غالبها حكمتها أنظمة دكتاتورية استبدادية قمعية مدعومة من الولايات المتحدة وحلف الناتو . ليس فقط إنها حاربت الديمقراطية واليسار والديمقراطيون , ولكنها صادرت حقوق المواطنيين وحرياتهم السياسية والمدنية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والحريات الشخصية إلى هذا التأريخ , وثانياَ تأريخياَ  الاحزاب الشيوعية واليسارية  كانت تعمل بشكل سري لعقود من السنين فقياداتها وكوادرها تعرضت للسجون والتصفيات واستشهد الكثير من هذه القيادات وبعضها تمكن من اختيار المنفى القسري وعاش ظروف اقتصادية صعبة كما ان الثقافة و المثقفون كانوا محاربون في بلدانهم . وثالثاَ في هذه الاجواء التي كانت سائدة لايوجد آنذاك شبر واحد في الوطن العربي يسمح باقامة مثل هذه المحطة لانه كانت الاجواء السياسية تتركزفي محاربة ومحاصرة قوى اليسار والديمقراطية وقمع نشاطاتهم ومنعهم من ممارسة حرية الاعلام . ورابعاَ أضافة لهذه العوامل الموضوعية , هناك اسباب وعوامل ذاتية , منها ضعف الامكانيات المالية لهذه القوى , وعدم وجود تمويل خارجي لها اي انعدام مصادر التمويل الخارجية منذ ذلك التأريخ الى هذه اللحظة , وهذا بخلاف قوى الاسلام السياسي وبعض القوى القومية , حيث ان مصادر التمويل الخارجي مفتوحة لها منذ تأسيسها الى هذه اللحظة . وخامساَ الحملات البوليسية القمعية التي تعرضت لها قوى اليسار والديمقراطية جعلتها جميعاَ أن تضع في أولى مهامها هو ( مهمة اعادة التنظيم ) وتكتفي في مجال الاعلام بالجريدة السرية والبيانات , حتى التظاهرات والتجمعات كوسائل للاتصال الجماهيري كانت ممنوعة , وتميز الحزب الشيوعي العراقي بفضل التضامن الاممي آنذاك بتأسيس ( راديوا باسم صوت الشعب العراقي في الستينات من القرن الماضي واعتقد حزب تودة ايضاَ ) وعاد ثانية راديوا صوت الشعب العراقي البث من كوردستان العراق في ثمانينات القرن الماضي, وسادساَ أعتقد هناك حالة من التردد لدى قيادات قوى اليسار والديمقراطية من الاقدام على هذه الخطوة في الظرف الراهن ارتباطاَ بحسابات عدة منها هيمنة قوى الاسلام السياسي , وحالة التردد ان كانت مشروعة في تفكير البعض ولكن طول فترة التردد تفقد زمام المبادرة , ان تضامن حاملي الفكر اليساري الديمقراطي احزاب وشخصيات واتفاقهم على رؤية لهذا المشروع سيعطي لهم امكانيات كبيرة في تهيئة بيئة التاسيس والنمو والتطور ,ان مصالح الشعوب والاوطان ومستقبل قوى اليسار والديمقراطية ونشر وتجذرالفكر و الثقافة الديمقراطية والمعرفة يتطلب الآن التفكير الجاد للمساهمة الجماعية بولادة هذا المشروع , التنويري الحداثي الديمقراطي الذي لابديل عنه , وبنفس الوقت ان امتلاك الاعلام الجماهيري يمثل عنصر قوة وردع سلمي لا بد منها في الظرف الراهن .
 
2- مدى أهمية وضرورة الفضائية المقترحة :

1- ان الفضائية  في المرحلة الحالية تعد من اهم وسائل الاعلام الجماهيرية تأثيراَ في المجتمع وجمهورها كبير وكبير جداَ يعيش في الارياف والمدن , الفضائية تدخل في كل بيت وفي الشارع مع الجمهور من خلال تواجدة في ( المقاهي والكَازينوهات والمطاعم والفنادق وحتى وسائط النقل) الفضائية هي الوسيلة الفعالة والمهمة في مخاطبة الناس من هنا تأتي اهميتها .
2- لذلك تعتبرالفضائية اهم وسيلة اعلامية تسهم في الوصول الى الهدف وهو تغيير المجتمع , لان الافكار والتوجهات تكون مؤثرة وفعالة ارتباطاَ بطريقة نقلها وعرضها هذا أولاَ وثانياَ بسرعة حركتها اي سرعة انتشارها . وهذه هي معادلة أكدها العلم والمعرفة وتجارب الحياة . وهناك ربط ديالكتيكي بينهما كلما كان نقل الافكار والمعلومات اسرع واوسع كلما كان التأثير والانتشار أكثر , وبديهياَ نقل رسالة من خلال البريد العادي اوالراديو وحتى الكومبيوتر ليس بنفس السرعة والسعة والتاثير التي تنتقل به نفس الرسالة من خلال القناة التلفزيونية , ليس ذلك فقط وانما ستكون الرسالة بالصوت والصورة الملونة وبهذا يكون التأثير على المشاهدين وسعتهم أكثر .
3- من هذا أن الفضائية هي من أهم الوسائل التي تعمل بشكل مؤثر في  محاربة التخلف والجهل , انهاتخلق الوعي من خلال نشر الثقافة والمعرفة والتعليم وحتى التربية وتنمي قيم اخلاقية واجتماعية وانسانية من خلال المصداقية في صنع وضخ النتاج الفكري والمعرفي والثقافي والتربوي للجماهير .
4- فهي بهذا تدفع المواطن المتفرج والمتردد والحيادي والمحبط والمتشائم , للتفكير بما يدور حولة في المجتمع , لانها تجلب إلى انتباهة قضاياه وحاجاته ومتطلباته ( السياسية والاقتصادية وحقوقة المدنية والاجتماعيةوالثقافية والتعليمية وحرياته الشخصية ) التي اقرتها المواثيق والاتفاقات الدولية ومبادئ حقوق الانسان , ومن خلال الفضائية الديمقراطية يدرك المواطن سبب تخلف مجتمعه وسبب الازمات التي يمر بها البلد و بهذا تتكون له رؤية واضحة للمشاركة في التغيير  , وتخلق لدى المواطن شعور الامل والثقة والتفائل الذي سرقه منه الخطاب الاسلامي المتطرف وتعيد له عناصر القوة والارادة بالنزول الى الملعب والمشاركة في الصراع من اجل تحقيق حقوقة وحرياته  .
5- بلا شك كلما تكون البرامج تلبي حاجات ومتطلبات المشاهدين , كلما زاد التصاق الناس بها,  وتصبح القناة بحق تعبر عن اهداف وتطلعات المجتمع نحو الحداثة والتغيير وتتناما القيم الثقافية والحضارية والانسانية في المجتمع وتسود ثقافة حقوق الانسان والديمقراطية .
6- واهمية الفضائية تكمن ايضاَ في نقد الفكر المتطرف ومحاربة الارهاب , وبهذا فهي ما يميزها عن كل القنواة التلفزيونية الحالية التي تنقل احداث الخبر فقط كالعمليات الارهابية مثلاَ , بينما قناة الديمقراطيين , تعطي ثقافة للجمهور لتحليل عوامل الارهاب وجذوره الفكرية واسبابه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبهذا تخلق ثقافة جماهيرية لمحاربة الارهاب وتجفيف منابعه وتعطي رؤية للمواطن ومقدرة على تحليل الاحداث والوصول الى استنتاجات , وكما ان برامجها ستسهم في خلق اللحمة الاجتماعية والحفاظ على الوحدة الوطنية وادامة السلم الاهلي والمساعدة في فرض الامن والامان في البلد .
7- فهي ستكون من اهم الوسائل الفعالة في التفاعل مع الثقافات الانسانية الاخرى للشعوب وتجاربها , وتسهم في محاربة الاستبداد والدكتاتورية و الشوفينية والعنصرية , وستكون منبر اعلامي لكل الشعوب العربية المتطلعة للغيش الكريم وضمان الحقوق والحريات والديمقراطية والسلام والتقدم .
8- كما انها ستكون ضرورية في جوانب اخرى هي الادب والرياضة والمعرفة وتثقيفية وترفيهية ايضاَ في مجال الفن  من خلال عرض الافلام والمسلسلات الهادفة , وفي مجال الغناء والموسيقى  فهي ستكون مسلية وسيكون لها دور في تنشأة الجيل الجديد من خلال اعداد برامج للاطفال, و سيكون لها تأثير حتى نفسي على عقول واعصاب ونفوس الناس وستسهم في تخفيف التوتر والقلق والاضطراب والعدوانية والعزلة الاجتماعية والانغلاق , التي سببها و خلقها لهم اعلام الاسلام السياسي .
 
3- توجهات الفضائية المقترحة هل تكون بخط سياسي واحد أم متعدد الاتجاهات وهل يصلح الخط السياسي العلماني المنفتح للحوار المتمدن ؟ من وجهة نظري ارى ان الاجابة على السؤال الثاني اعلاه هي نفسها تنطبق على توجهات الفضائية المقترحة . و ارى ان تكون توجهاتها ديمقراطية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية وفي مجال الاعلام , واشاعة ثقافة حقوق الانسان , وهي بلا شك تعبر عن الخط السياسي العلماني المنفتح , مع تجنب طرح افكار يسارية ذات توجهات استراتيجية بعيدة , والابتعاد عن الخطاب السياسي اليساري المتطرف , والتاكيد على المهام الديمقراطية وبهذا فانها ستخلق لها جمهوراَ ليس فقط ثابتاَ وانما متنامياَ في السعة والحضور .
 
4- فيما يخص سياستها تجاه الانظمة العربية وقوى التعصب والتطرف . أرى ان تكون القناة بعيدة عن التدخل في شؤون الانظمة وبهذا فان مهمتها هي نشر الثقافة والفكر الديمقراطي والانساني , وتحارب رواسب التخلف في المجتمعات , وتقدم للمشاهد معطيات عن اضرار الاستبداد والدكتاتورية و التطرف الديني والقومي والطائفي والاضطهاد الجنسي , وتؤكد على الحقوق والحريات , وتنتقد الفكر الظلامي المتطرف ولا تتدخل بشكل مباشر في شؤون الدول والحكومات لتجنب الهجوم عليها وبنفس الوقت لتجنب اقامة جبهه ضدها قد تتكون هذه الجبهة من الحكومات ومن قوى التطرف الديني والقومي.
 
5- كيفية إدامتها بأمكانيات محدودة ؟
6- التمويل من ؟ كيف ؟ والاهم كيفية أدامة ذلك .

بلا شك ان اهم عامل لانجاح وديمومة تواصل الفضائية هي الجانب المالي ومصادر التمويل النزيهه , واني اقدم مقترح هنا هو : ان يكون من ضمن مصادر التمويل الثابته للفضائية هو طرح  المشاركة (بأسهم استثمارية) ويحدد سعر السهم أي مبلغ السهم بالدولار وأن لايكون سعر السهم مرتفع وذلك لتشجيع  المشاركة وتنامي سعة المساهمين . ويتكون لهامجلس ادارة عضويته من احزاب وشخصيات من أكبر الاسهم ويكونوا مختصين في الجانب الفني والاعلامي ووضع البرامج والادارة وكفوئيين , وتنظم عقود لتضمن لصاحب السهم مبالغة . وقد يكون مصدر آخر للتمويل هو بمساعد ة الاتحاد الاوربي في تقديم مساعدة مالية  لبرامج تنمية الديمقراطية , والفضائية المقترحة تسهم في تنمية الثقافة الديمقراطية لكن في حالة الموافقة للتوجه للاتحاد الاوربي , يكون هنا بشرط ان لا تكون هذه المساعدة بشروط او قيود تفقد القناة استقلاليتها الاعلامية وتوجهاتها .
 
7- من أين تبث في ضوء قوانين الاعلام وسطوة الانظمة العربية في تقييدها محلياَ وعالمياَ ؟ وهذا عائق موضوعي آخر لا يقل شأنأ عن المصادر المالية وهو عامل معرقل ومؤجل لفكرة الفضائية . ولكن اقترح هنا مفاتحة حكومة اقليم كوردستان العراق , رغم انه توجد عراقيل ولكن بنفس الوقت توجد امكانيات في الحوار مع حكومة الاقليم والتوصل معهم لاتفاق , لا سيما يوجد تفهم و انفتاح نسبي لدى حكومة الاقليم , كماان الفكر الديمقراطي واليساري هو الآن في تنامي في كوردستان العراق , وتوجد تجربة في هذا المجال عندما غلقت الامارات قناة الفيحاء توصلت ادارة القناة للاتفاق مع حكومة الاقليم , وباشرت  بثها  من ارض كوردستان العراق .
 
8-هل يمكن البدأ بها على ضوء امكانيات محددة وبالعمل التطوعي وكيف ؟
9- من يدعمها ؟ وهل يمكن ان تكون داعماَ لها بأي شكل من الاشكال ؟
10- هل ان التلفزيون يبث عبر الانترنيت يمكن ان يكون مرحلة لذاتها أولية للفضائية المقترحة؟

بلا شك في البدأ ستكون الامكانيات محدودة ولا خيار عن العمل التطوعي ولكن لفترة قد تكون سنة او اكثر ارتباطاَ بنجاحها وتنامي شعبيتها , ستدخل بعد ذلك الدعاية والاعلانات وتصبح كمورد مالي لها , الذي يدعمها في الاساس هو الجمهرة الواسعة من الاحزاب والشخصيات والمنظمات التي ستساهم فيها كيف ؟ من خلال المساهمة في المال هذا اولاَ وثانياَ مدها بالفنيين والاعلاميين وحتى المراسليين ,وبلا شك سأشارك في دعمها . ممكن في البدأ أن يكون التلفزيون عبر الانترنيت كمرحلة أولية , ولكن مايلاحظ على البث التلفزيوني عبر الانترنيت هو غير واسع الانتشار لايغطي الارياف ولا المدن مع قلة عدد المشاهدين فيه فتأثيرة سيكون محدود ومقتصر على من يمتلك الانترنيت فقط .
 
مبادرة الحوار المتمدن كأنها تقول اعطني اعلاماَ جماهيرياأعطيك شعباَ مثقفاَ :

هذا هو محتوى وجوهرمبادرة الحوار المتمدن , اذاَ كيف نصنع هذا الاعلام الجماهيري كيف تتحول المبادرة الى واقع , لكي نحقق الهدف في تغيير توازن القوى في المجتمعات باتجاه تنامي الفكر الديمقراطي  . ارى ان الديمقراطيون اليوم اكثر من اي وقت مضى بحاجة ماسة للوسط الناقل للفكر الديمقراطي الا وهي الفضائية لدورها في نشروبناء الثقافة والمعرفة  والفن والتربية, والفكر والسياسة والتوجهات بدون وسائل نقل سريعة وجماهيرية سيبقى تأثيرها محدود وغير مؤثر , والخشية من ان يلجأ الديمقراطيون للدفاع , والاخطر هو الخوف من التراجع بسبب عوامل عدة . لهذا تعتبر مبادرة الحوار المتمدن نداء ودعوة لكل قوى اليسار والديمقراطية ولكل ناشطي ومؤيدي الثقافة والفكر الديمقراطي وحقوق الانسان , ليتفقوا على خطوات عملية تتضمن مشتركات وقواسم تلتقي على ضوئها هذه القوى للبدأ بمشروع الفضائية , وكلما كانت ذات وجهة ديمقراطية كلما جمعت حولها اوسع القوى والشخصيات للمساهمة في تمويل المشروع وفي مده بالفنيين والاعلاميين والخبرات وديمومته لانه حاجة لاغنى عنها , وبذلك حقاَ ستكون أداة تغيير فعالة تستقطب جمهرة واسعة ومتنامية من المشاهدين .
18-12-2010
 

133
هل تمكن النسر الايراني من نتف ريش النسر الامريكي
في العراق

فلاح علي
أنطلق في النظر لمجمل الاوضاع في العراق الى ابعد من عملية تشكيل الحكومة , التي خضعت لصراع قوى دولية وأقليمية منها محور أمريكا وايران – وتركيا والسعودية وسورية . وبعد هذا الصراع والمناورات والجدل الطويل تم الاتفاق على محاصصة طائفية وقومية لتشكيل الحكومة . رغم انها لم ترى النور بعد إلا أنها نتاج توافقات هذه القوى , مع وجود خصوصية للدور الايراني في هندسة وصنع الشكل والمحتوى, هذا ما نقلته وكالات الانباء ومحللون سياسيون استراتيجيون قريبين من مراكز صنع القرار , أي جاء شكل الحكومة الحالي إنتصار للارادة الايرانية , وهذا مايثير تساؤلات ومخاوف على مستقبل الديمقراطية والعملية السياسية في العراق .
 
ومن هذه التساؤلات المشروعة :
1- امريكا لديها قوات في العراق وايران لاتملك قوات عسكرية في العراق وصراع القوى في العراق محسوم للولايات المتحدة الامريكية ,إذاّ لماذا خضعت الولايات المتحدة للارادة الايرانية في مسألة تشكيل الحكومة الحالية ؟
2- وبنفس الوقت لدى أمريكا قوات في الخليج ولديها مصالح استراتيجية وحلفاء ثابتون هم دول الخليج العربي ,إذاَ هل التوافق الايراني - الامريكي حول تشكيل الحكومة في العراق  له ابعاد خليجية أيضاَ ,من خلال خلق بيئة جديدة في العراق والمنطقة يكون فيها دور لايران في أمن الخليج وفي الامن الاقليمي ؟
3- لا سيما وأن هناك متغير آخر قادم عند سحب القوات الامريكية من العراق في نهاية عام 2011 وبهذا سيكون ميزان القوى لصالح ايران , هل هذا مؤشر على استجابة الولايات المتحدة لبعض الاوراق التفاوضية الايرانية حول مشروعها النووي ؟ هذا مجرد افتراض بناءَ على مؤشرات , ان صح ذلك فهذا يؤكد على ان النسر الامريكي نتف ريشه و إنهزم في العراق في صراعة مع النسر الايراني .
4- هل ان امريكا بصنعها هذه البيئة الجديدة , إنها تهدف من وراء  ذلك لجعلها ذريعه لأبقاء جزء من قواتها في العراق ؟ بحجة تغيير موازين القوى لصالح ايران الذي يشكل خطر على مصالحها في المنطقة  و تسوقه بان هذاالخطر يهدد مستقبل النظام السياسي في العراق .
5- لماذا الآن إزداد وتناما الدور الايراني في العراق وفي منطقة الخليج والشرق الاوسط ,  وفاق عما هوكان علية أبان حكم الشاه الذي كان متحالفاَ آنذاك مع الولايات المتحدة الامريكية ؟
بلا شك أن هذه البيئة الجديدة التي أوجدتها أمريكا في العراق والمنطقة تتحمل الكثير من التساؤلات , هذا أولاَ وثانياَ يتطلب التوقف عند اسبابها وثالثاَ تأثيراتها أي نتائجها على العراق والمنطقة . وقبل هذا لا بد من الاجابة على السؤال التالي :
 
هل أن أمريكا في عملية تشكيل الحكومة  إنهزمت أمام الارادة الايرانية ؟
من وجهة نظري أرى أن النسر الايراني لن يتمكن الى الآن من هزيمة النسر الامريكي في العراق  , وأن الدورالامريكي كان مؤثر واضح وموازي للدور الايراني في إخراج وهندسة هيكل وطبيعة وشكل ومحتوى الحكومة الحالية . وذلك من خلال فرضه ( لمجلس السياسات الوطنية العليا) . وهي بهذا تدحض كل الادعاءات التي اطلقتها القائمة العراقية وبعض الاوساط وعدد من المحليين , بأن أمريكا تخلت عن حلفائها في العراق المقصود بحلفائها ( اياد علاوي والقائمة العراقية) وخذلتهم وسلمت العراق لايران .  صحيح كان لايران دور واضح في تشكيل الحكومة لكن من وجهة نظري أن أمريكا قد إنتصرت لحلفائها في العراق بفرض هذه التشكيلة التي خلقت توازن لصالحهم . وأرى أن الولايات المتحدة الامريكية لديها معطيات وحقائق أن أي حكومة ترأسها القائمة العراقية فأنها ستهزم , لان إيران ترفضها وقادرة على خلق أجواء غير مستقرة في العراق , تؤدي بالنتيجة إلى الفشل والاطاحة بأي حكومة تشكلها القائمة العراقية سواء رئسها أياد علاوي أو غيره . وبهذا فأن الولايات المتحدة أزاء مصالحها في المنطقة لاتراهن على دور أياد علاوي وقائمته , وارتباطاَ أيضاَ بسحب قواتها في عام 2011 , فان القائمة العراقية غير قادرة على خلق الاستقرار في العراق في ظل الدور الايراني . فجاء الانتصار الامريكي للقائمة العراقية بخلق توازن في تشكيل الحكومة العراقية بتشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا هذا أولاَ وثانياَ ضمان عدد مناسب من المقاعد الوزارية في التشكيلة الحالية للقائمة العراقية . وبهذا تمكنت أمريكا ايضاَ من إعطاء دور للتحالف الكوردستاني في تشكيل الحكومة , وتكلل الدورالكوردستاني بنجاح مبادرة السيد مسعود البارزاني رغم موقفهم بعدم التنازل عن رئاسة الجمهورية . وبهذا أكدت أمريكا لحلفائها في العراق والمنطقة أن النسر الامريكي تراجع وقدم تنازلات ولكن لم ينهزم ولم ينتف ريشة بعد من قبل النسر الايراني .
 
تشكيل الحكومة دخل ضمن الورقة التفاوضية في الحوار الامريكي الايراني :
إذا كان الحوار الامريكي الايراني حول البرنامج النووي الايراني قد إنحصر في إطار اللجنة السداسية , لكن تميزت العلاقات الامريكية الايرانية آنذاك بالتوتر, وبفوز أوباما في رئاسة جديدة للولايات المتحدة الامريكية , أطلق مبادرة حسن النوايا مع ايران وبهذا أراد تحقيق نجاح في خلق الثقة بين الدولتين , فوجهة رسالة سلام لايران وذلك في 20-3-2008 ,من خلال دعوة الحكومة والشعب الايراني إلى إنهاء عقود من العداء والدخول في حوار . هذه الرسالة تؤشر إلى ظهور استراتيجية جديدة للولايات المتحدة الامريكية فيها متغير في العلاقة مع ايران . فقد جاء التفاهم الامريكي الايراني حول العراق هو إمتداد للغة الحوار التي أطلقها الرئيس الامريكي أوباما .
هنا يطرح سؤال : إذا أمريكا استجابت للورقة الايرانية في تشكيل الحكومة العراقية فهل ستستجيب لاوراقها الاخرى من أجل إيقاف برنامجها النووي من خلال الحوار؟
هناك أوراق عديدة تلعب بها ايران : وبما ان مصالح ايران الاقليمية والدولية تتطلب في كل جولة مفاوضات ان تطرح شروط جديدة واوراق جديدة مع نفس تفاوضي اطول .
من  وجهة نظري هناك اوراق ضاغطة معلنه وغير معلنه تحتفظ بها طهران منها .
1- شكل الحكم في العراق وليس فقط تشكيل الحكومة .
2- ورقة حماس وحزب اللة ودورهما في الخارطة الجديدة في المنطقة .
3- الدور الايراني في الامن الاقليمي الخليجي .
4- الدور الايراني في خارطة الشرق الاوسط الجديد .
5- دورها في افغانستان .
6- هناك اوراق تلعبها تتعلق بدورها  بمناطق النفوذ في افريقيا واماكن أخرى في العالم .
7- قد تطمح بدور في السياسة الدولية كما تطمح لهذا الدور الهند واليابان .
8- إمتيازات إقتصادية وتجارية وتكنولوجية وعلمية .
السؤال هو : هل تستجيب وتلبي الولايات المتحدة الامريكية لكل الاوراق والشروط الايرانية التي تطرحها طهران لاجل ايقاف تخصيب اليورانيوم ؟ رغم أن هناك كثير من الامتيازات التي ستقدمها الولايات المتحدة الامريكية كسلة الحوافز لتشجيعها على إيقاف برنامجها النووي , ولكن ما يهم الشعب العراقي هو الدور الايراني في العراق هل ستستجيب له امريكا ام تحدده بشروط ؟
 
الدور الايراني في العراق ومستقبل النظام الديمقراطي فيه :
كما هو معروف في علم العلاقات الدولية , أن السياسة الدولية تحكمها مصالح هذا أولاَ وثانياَ هذه العلاقات الدولية تتعرض لمتغيرات سريعة ومفاجئة أي إنه لاتمتاز بالثبات وثالثاَ تتصف العلاقات الدولية بالتعقيد وبالتشابك ويصاحبها انعطافات وتغيرات مفاجئة مع انها متنوعة تأخذ مجالات متعدددة .ايران لن تتوقف لحظة واحدة لتأمين مصالحها في العراق , وإمتلاك عناصر القوة فيه وتغيير موازين القوى لصالحها , دون الانتظار لاقامة تفاهمات مع الولايات المتحدة كما حصل في مسألة تشكيل الحكومة , ولكن ايران تدرك ان ضمان مصالحها في العراق على الصعيد الاستراتيجي ,لا يمكن ان تتحقق إلا بصفقة مع الولايات المتحدة الامريكية .
1- أكدت تجربة العراق ان ايران هي احد اللاعبيين الاساسيين في العراق , ولكن ما يقلق شعبنا , هو الترتيبات ما بعد تشكيل الحكومة اي هل سيكون لها دور في رسم مستقبل العراق السياسي والاقتصادي وتحديد طبيعة نظامة السياسي .
2- ما تعرضت له الحريات الشخصية في العراق من اعتداء وتجاوز وانتهاك , رغم ان الدستور كفلها وضمنها , ولكن يلاحظ ان حركة التجاوز على الحقوق والحريات هي في تصاعد متواصل , ابتدأت بمجلس محافظة بابل بالغاء مهرجان الموسيقى , وانتقلت الى البصرة بمنع مجلسها عرض سيرك وانتقلت الى بغداد باغلاق مجلسها ومحافظها النادي الاجتماعي للاتحاد العام للادباء والكتاب , ثم انتقلت إلى وزارة التربية باصدار الوزارة قرار في 7-12-2010 حسب ما نقلته وكالات الانباء بايقاف الدراسة بمادتي المسرح والموسيقى في معهد الفنون الجميلة وازالة التماثيل الفنية الابداعية من مدخل المعهد .
3- هذه الاجراءات التصاعدية تعيد الى الذاكرة تجربة الاسلام السياسي في الحكم في بلدان عدة , تؤكد التجربة انها خطوات مدروسة, تهدف الى تقويض النظام الديمقراطي في العراق على المدى القادم , ولكن السؤال هو هل تتمكن ايران من خلال ادواتها باقامة نظام ديني في العراق ؟ ان واقع العراق يختلف عن اي بلد آخر ولا يمكن اقامة نظام ديني في هذا البلد المتعدد القوميات والاديان والافكار والمعتقدات . ومع هذا لاتوجد تجربة لحكم ديني قبلها وإرتضاها اي شعب من هذه الشعوب التي خضعت لسيطرة الاسلام السياسي في الحكم. بلا شك ان القوى المعادية للديمقراطية كانت غير موفقة عندما اختارت هذه الفترة للبدأ بهجومها على الحريات الشخصية, وشجعها لكشف نواياها المعادية للديمقراطية بوجود متغيرات داخلية واقليمية ودولية تصورت خطئاَ أنها ضمنتها لصالحها , ومع هذا صحيح انها تستهدف جس نبض القوى والجماهير المعارضة لهذه الاجراءات , ولمعرفة ردود أفعالها على الصعيد الداخلي الرد الشعبي والعالمي والاعلامي , لتقرر بعدها ان تتواصل في انتهاكاتها للحقوق والحريات أم تتوقف لفترة من الزمن لغرض المناورة واللجوء الى آليات جديدة في مصادرة الحقوق والحريات , لكنها كانت غير موفقة لانها لاتستطيع ان تضع نفسها فوق الدستور الذي صوت عليه الشعب . لكنها معركة مصيرية بدأت ملامحها واختار اعداء الديمقراطية زمان ومكان خوضها .
ومع هذه التداعيات الواقع العراقي يؤكد انه لا تزال هناك امكانيات  بيد قوى الشعب تمكنها من وقف هذه الانتهاكات , لوجود عناصر قوة ليس بمقدور قوى الردة من إمتلاكها والسيطرة عليها .
 
عناصر القوة التي يمتلكها الشعب وقواه الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني :

1- عناصر القوة القانونية وهو الدستور العراقي , حيث خصص الباب الثاني للحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية وهناك فقرات قانونية تضمن وتكفل هذه الحقوق والحريات .
2- وجود قضاء عراقي مستقل , حيث جاء في المادة (19) في الباب الثاني من الدستور ( القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون ) .
3- المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان التي وقع عليها العراق , ومنها اتفاقيات عام  1966التي ضمنتها الامم المتحدة الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والقسم الآخر خاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية .
4- الامم المتحدة حيث هي الراعية لبناء العملية السياسية في العراق .
5- توجد ارادة لدى القوى الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني ومثقفي الشعب , للقيام بالنشاطات الجماهيرية السلمية , وتشكيل قوة ضغط جماهيرية على الحكومة والبرلمان ودفعهم للانتصار للدستور ومن خلال القانون بالتوجه للمحكمة الاتحادية لمقاضاة المتجاوزين على الدستور.
4- ان جماهير الشعب هي مصدر وينبوع وروافد لهذه القوة المتنامية .
5- الجهات التي صادرت الحريات الشخصية , هي غير قادرة في الدفاع عن قراراتها امام القانون لانها إنتهكت الدستور الذي هو القانون الاساسي في البلد .
6- هناك سلطات سيادية في البلد , وهي رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية والبرلمان والقضاء , هذه السلطات مسؤولة امام الشعب على حماية الحريات التي كفلها الدستور , إذا كانت هذه القوى ومعها العامل الاقليمي تراهن على تحييد رئيس الجمهورية , علماَ إنه سبق ان وقف مع الطائفيين في تغيير قانون الانتخابات وساهم بانتاج قانون لاديمقراطي , فان هذه الانتهاكات هي اختبار جديد لرئيس الجمهورية ليؤكد للشعب مصداقيته في الدفاع عن الحقوق والحريات وتطبيق الدستور وبناء النظام الديمقراطي . وقد تراهن هذه القوى على تحييد رئيس الوزراء ايضاَ بسبب عدم تشكيل الحكومة بعد , فانها لاتستطيع ان توقف تحرك البرلمان لغرض حماية الدستور , وفي نفس الوقت انها غير قادرة على الصمود امام القضاء  فالمحكمة الاتحادية هي الجهة القانونية في البلد القادرة على حماية الدستور .
كما ان الولايات المتحدة الامريكية هي معنية بهذا الاختبار الجديد امام شعبها وامام الامم المتحدة والراي العام العالمي , حيث انها رفعت شعارات الديمقراطية وحقوق الانسان , رغم ان الواقع العراقي أكد إنها شعارات تسويقية , وان شعبنا لا يثق بالولايات المتحدة لبناء نظام ديمقراطي في العراق , ومع هذا في حالة سكوت الولايات المتحدة الامريكية على انتهاك الحريات , فأن هذا يعني ان الولايات المتحدة الامريكية قد ساومت على العراق وشعبه ومستقبل نظامة السياسي الديمقراطي , وتبقى الثقة بالشعب كبيرة وفي القضاء العراقي , وبقدرة قوى التيار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني على وضع حد لهذه الانتهاكات للحريات الشخصية التي كفلها وضمنها الدستور .
11-12-2010

134
مستقبل الديمقراطية في العراق في ظل سيادة
التطرف الديني والقومي والطائفية والارهاب
(2-2)


فلاح علي
اشرت في الجزء الاول ان الاسلام السياسي بلامستقبل , بعد ان توالت الهزائم للحركات المتطرفة منه  فان الحركات الاسلامية التي تدعي الاعتدال , وان كان بعضها يمسك في السلطة او له مقاعد في البرلمانات , فأن هذا مرتبط بعوامل خاضعة للمتغيرات  , ورغم أن منظروهم يلقون الخطب النارية ان سفينتهم قد تجاوزت امواج البحار ورست بشكل دائم في شاطئ الامان . ولنتفق ان هذا واقع , ولكنه واقع قلق غير مستقر , لان العوامل الخارجية التي دفعت بهم لهذه المواقع هي متغيرة وغير ثابته , كما ان كثير من الحركات الاسلامية التي تدعي الاعتدال لا تزال تؤمن بتوظيف الدين في السياسة , وتعمل من اجل تهيئة مستلزمات الدولة الدينية , ولم تتبنى الديمقراطية كفكر وسلوك وممارسة ولا تزال تعارض العلمانية والدولة المدنية الديمقراطية . وان تجربة حركة طالبان وتجربة ايران والحركات الاسلامية في باكستان ومصر وغيرهم تؤكد صحة ذلك على الصعيد العالمي , اما تجربة العراق فنحن نشهد أزمة فكر وبرامج ورؤى وتخبطات الاسلام السياسي , وبدأ يفقد مواقعة تدريجياَ في المجتمع التي هي اصلاَ ان هذه المواقع بلا جذور في المجتمع العراقي , وأدركت فئات كبيرة من الشعب ان الاسلام السياسي مهمته رفع شعارات ووعود زائفة فقط , ولكن في الواقع أن جماهير الشعب حصدت البؤس واليأس والتهميش والحرمان من ابسط الخدمات واكدت تجربة العراق أن الاسلام السياسي هو أحد اسباب ازمات البلد . كما إنه يجنح الى العنف والطغيان والاستبداد والغاء الآخر . اي انهم في الممارسة هناك كثير من المشتركات بينهم وبين الاسلام السياسي المتطرف الذي نبذة العالم اجمع . كما نبذ وحارب الحركات المتطرفة والتي لن تتقبلها الشعوب اطلاقاَ كالفاشية الالمانية والايطالية والاشتراكية القومية كحزب البعث في العراق , لانها لم تحل التناقض الداخلي بينها وبين الشعب بشكل سلمي لانها لا تؤمن بالديمقراطية فازيحت بالقوة الخارجية , لا يزال التناقض قائم بين مصالح الشعب وبين المصالح الذاتية للاسلام السياسي الذي يدعي الاعتدال والقوميون المتطرفون, لهذا انهم بلا مستقبل اذا لم يحلوا هذا التناقض بشكل ديمقراطي .
 
تجربة العراق اكدت على الحقائق التالية :
في البدأ كمدخل للموضوع اطرح السؤال التالي هل يوجد نظام ديمقراطي في العراق الآن ؟ من وجهة نظري اقول (لا) لا يوجد نظام ديمقراطي قائم على قانون ديمقراطي ومؤسسات دستورية تمثل الشعب في العراق الآن . وأرى أن طبيعة النظام في العراق هي تحمل ملامح النظام الشمولي الاستبدادي , الذي لا يقاد من قبل دكتاتور فرد فهو ليس نظام بوليسي وانما يقاد من كتل قومية وكتل الاسلام السياسي , مع وجود هامش من الحريات السياسية والاعلامية, هذه الكتل المتربعة على حكم العراق لا تؤمن بالديمقراطية , وقد يجادل البعض بانه حصلت انتخابات ديمقراطية في العراق , ان الانتخابات لوحدها هي غير كافية للحكم على طبيعة نظام , اذا لم يتبنا الفكر الديمقراطي  كفلسفة في بناء مؤسسات الدولة , وفي السلوك والممارسة وفي التعامل واحترام الحريات والحقوق وعدم مصادرتها بقانون تتوافق عليه مصالح هذه الكتل , ما يحكم العراق الآن فكر شمولي ولكن باسم الديمقراطية وصناديق الاقتراع .
اكدت ديمقراطية الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون في العراق على الحقائق التالية :
1- استبداد الاغلبية اي طغيان الاغلبية على الاقلية ومصادرة حقوقها وسرقة اصوات ناخبيها من الشعب , وهذا الطغيان جاء بتوافق مصالح هذه الكتل بالغاء قانون الانتخابات والاتيان بقانون ظالم غير عادل يضمن لهم عرش العراق وامتلاكه والتلاعب بمصائر الشعب ومقدرات الوطن وثرواته , فالديمقراطية العراقية صيغت بتوافق مصالح دولية الولايات المتحدة الاميركية واقليمية ايران والسعودية وتركيا مع مصالح هذه الكتل , فهي لم تكن ديمقراطية داخلية يصنعها الشعب وقواه الوطنية , وانما صنعت بايدي هذه الارادات وبصناديق اقتراع واستمارات مصنعة في هذه البلدان ودعم ومالي سياسي واعلامي ولوجستي ليضمن حضور هذه الكتل متفردة في البرلمان .
2- لن يتمتع المواطن العراقي في ظل ديمقراطية استبداد الاغلبية على كامل الحقوق والحريات الفردية , والتي تدخل في اطار الحريات الشخصية وهي حريات جوهرية لكل مواطن , وهذه الحقوق والحريات اكد عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان ومواثيق الامم المتحدة الخاصة بحقوق الانسان , وحتى مواد في الدستور العراقي اشارت لها ومن هذه الحريات الشخصبة هي :
-حق الامن والامان :
السؤال هنا هل يشعر المواطن العراقي بالامن والامان في ظل ديمقراطية استبداد الكتل الطائفية والقومية؟ الجواب بكل تأكيد لا . فلا يزال الارهاب مصدر تهديد يومي لأمن المواطنيين ويستهدف  الاطفال والنساء والشيوخ والابرياء من المدنيين . ولا يزال كاتم الصوت يتجول بحرية في بغداد , ولا تزال الميليشيات محمية بارادة هذه الكتل .ولا تزال انتهاكات حقوق الانسان هي السائدة في العراق , اعتيالات وتهديد وابتزاز , ومن طرف الدولة فانها غير قادرة على توفير الامن والامان , وعن اعتقالها للمتهمين واعتقالهم فان سجنهم يستمر سنوات بدون محاكمات .
- وهذا يؤكد ان كرامة الانسان غير محترمة في ظل هيمنة هذه الكتل , طالما غيب الامن والامان وشاع الاغتيال والارهاب بما فيه الارهاب الفكري , فغابت كرامة الانسان كحق طبيعي وقانوني ودستوري يلزم الحكومة في تامين مستلزمات حماية كرامة الانسان .
- حتى حرية السكن والتنقل انتهكت واصبحت غير مصانة بسبب غياب الامن والاستقرار , وهناك الآلاف من العراقيين لا يمتلكون سكن , وبعضهم يعيش في ظروف غير صحية تحت جدران الصفيح أو الخيم .
- حرية العمل وما يطلق عليها بالفكر السياسي بالحريات الاقتصادية . المواطن العراقي فقد حق العمل الذي ضمنت حقة كل المواثيق الدولية واصبح من واجبات الحكومة تجاه مواطنيها , وما اتساع نسبة البطالة بين الخريجين والشباب العاطلين عن العمل في الريف والمدينة , الا مؤشر على انتهاك هذا الحق من قبل حكومة الكتل الاستبدادية هذه , وأُخضٍع هذا الحق الطبيعي للمواطن العراقي للمحاصصة الطائفية والقومية , وكل احزاب الاسلام السياسي لا تعين في وزاراتها الا بورقة من حزب اسلامي ونفس الشيئ بالنسبة للاحزاب القومية , وهم بهذا قد استنسخوا ممارسات الدكتاتورية المقيته وهي سياسة التبعيث وحلت محلها سياسة الاسلمة والتحزب القومي , حتى بعض وكلاء الوزراء اصبحوا مجرد ديكور لا يستطيوا ان يحركو ساكناَ في وزارتهم ان لم يكن من حزب الوزير , فقد سحب الوزير كل صلاحيات التعينات منهم واحتكر التعيين لحزبه فقط او من خلال الرشوة والواسطة , وهذه الممارسة تعد انتهاك لكرامة وحق الانسان في العيش الكريم .
- حتى حق التعليم منتهك في العراق ولا يحتاج هذا الى تاكيد  يعرفة الطفل ويعرفه الشيخ . وهذه امثلة حيه من الواقع العراقي تؤكد ان كثير من الحقوق والحريات الفردية منتهكة الآن في العراق , فهذه وحدها تعد انتهاك لخصائص النظام الديمقراطي من هذا فان النظام الديمقراطي غير قائم في العراق.
3- العنف اصبح ديمقراطياَ في عراق المحاصصة الطائفية والقومية . والامثلة كثيرة كثيرة منها ظاهرة اغتيالات المثقفين والاعلاميين وموظفي الدولة وشخيصات علمية واكاديمية واطياء وقوضاة وشخصيات سياسية وطنية , تشكل لجان تحقيق ولن تعلن نتائجها والناس تعرف مرتكب الجريمة يتجول حراَ طليقاَ في شوارع بغداد , محمي بارادة ديمقراطية المحاصصة الطائفية والقومية . قرارات بعض مجالس المحافظات وآخرها قرار مجلس محافظة بابل بتحريم مهرجان الموسيقى هذا في الواقع هو عنف وارهاب موجه ضد الحريات الشخصية ولكن قننه الطائفيون بقانون وسمية صلاحيات مجالس المحافظات , هذا انتهاك للحقوق والحريات  ومحاربة للثقافة والفن والموسيقى فهذا عنف و إرهاب مقنن بقانون .
4- الديمقراطية في ظل هيمنة هذه الكتل تراجعت وأصبحت في وضع الدفاع عن النفس , لانهم لايؤمنون بالديمقراطية هذا أولاَ وثانياَ إنها مخترقة من اعداء الديمقراطية الحقة ومن قوى خارجية ,واخرجت عن هدفها النبيل , خذوا انتخابات البرلمان الاول والحالي كانت انتخابات فاسدة اخترقها المال السياسي والدعم الخارجي والتزوير والرشاوي وابتزاز المواطنين لهذا فهي محاصصة كتل وليس ديمقراطية شعب .
5-الفساد الاداري والمالي والابتزاز السياسي إخترق مؤسسات الدولة ويعد مصدر خطر على الديمقراطية   
6- تجاوز الكتل السياسية على الدستور ووضعوا مصالحهم فوق القانون الاساسي في البلد ,هذه الممارسة جذرتها هذه الكتل في الممارسة وأصبحت المحاصصة فوق الدستور , وهذه التسلكات خلقت لدى المواطن شعور بعدم الاستقرار لان رؤساء الكتل اكدوا في الممارسة انهم فوق الدستور . وهذه سابقة خطيرة في العملية السياسية وهي اخضاع الدستور لمصالح طائفية وقومية وصراعات ذاتية وهذا يعد خرق وتحايل على الديمقراطية من خلال التجاوز على الدستور .
7- تجذرالمحاصصة الطائفية والقومية واتساعها , قوض فرص بناء مؤسسات ديمقراطية ودولة المواطنة وضمان الحقوق والحريات ,  وبهذا غيبت مصالح الشعب والوطن على حساب مصالح هذه الكتل .
بعدعرض بعض من المخاطر التي تواجة الديمقراطية في العراق . أطرح سؤال هل بالامكان تجاوز هذه المخاطر ؟ وسؤال آخر هل أن هذه الكتل المتصارعة على الحكم وتقاسمه قادرة على بناء الديمقراطية في العراق ؟
من وجهة نظري العلة في هذه الكتل فهي غير مؤهلة لبناء الديمقراطية الدستورية الحقة في العراق والمخاطر على مستقبل الديمقراطية ستبقى قائمة , إذا لم تتخلى هذه الكتل عن مصالحها الذاتية , وإذا لم تؤمن بالديمقراطية و بالتداول السلمي للسلطة , وإذا لم تحترم الدستور فان الشعب سوف لن ينعم بنظام ديمقراطي حقيقي وستبقى المخاطر قائمة .
 
مالعمل أو ما هو البديل :
اذا كانت الديمقراطية هي الحل وهي وصفة العلاج وهذا ما تؤكدة  تجارب شعوب العالم , ولكن بنفس الوقت نرى ان الديمقراطية في العراق قد اسيئ استخدامها وأصبحت الضحية والمخترقة في ظل محاصصة هذه الكتل , وعرضوها لمخاطر محدقة منذ نشئتها , أي في الممارسة يعملون على قلع جذورها من العراق وتشويهها بدلاَ من قلع جذور الارهاب وانهائة . إذاَ مالعمل وما هو البديل بعد أن خلقت هذه الكتل أزمات متجذرة في البلد وأوجدت في صراعاتها مناخاَ من اليأس والاحباط إستغلة ليس فقط الارهابيون وإنما أعداء الديمقراطية وأصحاب المصالح الخاصة  لترتيب اوضاعهم واعادة هجومهم على ما تبقا من بعض الخطوات الايجابية على طريق الديمقراطية؟
الحل هو في المضي باتجاه العمل مع جماهير الشعب وتشكيل جبهة واسعة من منظمات المجتمع المدني وشخصيات ديمقراطية وأكاديمية وإجتماعية وقوى اليسار والديمقراطية , تعيد الأمل والتفاؤل لجماهير الشعب وتقود النضالات المطلبية للجماهير من خلال البرنامج الوطني الديمقراطي الذي يتضمن المهمات الآنية والقواسم المشتركة . وما نسمعة من خلال وسائل الاعلام بتوجه هذه القوى لعقد مؤتمر لها بأسم قوى التيار الديمقراطي في العراق في شهر كانون اول 2010 , هي الخطوة المطلوبة والمبادرة الجريئة والتي لا بد منها والتي انتظرها الشعب منذ عدة سنوات .
 
مهمات هذا التيار الذي هو اصبح تشكيله حاجة وضرورة اجتماعية وسياسية وثقافية :

المهمات التي طرحتها لجنة التنسيق لغرض الحوار والاغناء التي تتضمن مهمات وطنية واجتماعية وثقافية وسياسية ومطاليب جماهير الشعب , هي ضرورة ملحة والحاجة إلى تحويلها في النضال الجماهيري المطلبي السلمي الى واقع , فهذه هي الخطوة العملية لأنبثاق قطب ديمقراطي من خلال تشكيل جبهة ثالثة من الديمقراطيين في العراق عابرة للطوائف والقوميات والاديان جبهة شعبية واسعة تعمل من أجل إنتصار الديمقراطية في العراق , ووضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية الذاتية .
فمن وجهة نظري أرى من المفيد بأن تكون من ضمن آليات أو استراتيجية العمل هو :
1- هي مهمة تقليص عدد المتفرجين في المعركة المصيرية من أجل الديمقراطية , بتهيئة مستلزمات العمل بأن ينزل الجميع إلى ساحة الصراع اقصد هنا الجميع , كل مواطن له مصلحة في الديمقراطية أو كل حزب أو تنظيم يؤمن بالديمقراطية لينضم لهذه الجبهة الواسعة من قوى اليسار والديمقراطة ومنظمات المجتمع المدني الذي سيتوج نشاطها في كانون اول 2010 بعقد المؤتمر الثاني لهذه الجبهة الواسعة .
2- ان المهمة الصعبة في تحويل المتفرجين الى مشاركين فاعلين في المعركة من اجل الديمقراطية والعدالة والحرية وضمان الحقوق والتسامح وانهاء المحاصصة الطائفية , تعتبر من المهام الصعبة لهذه الجبهة التي ينتظرها الشعب وهناك صعوبات كبيرة ومضنية , لهذا فالتواصل والابتعاد عن الموسمية والحشد الجماهيري التعبوي والاعلامي والنضال الفكري هي عوامل دافعة للمضي في هذا الطريق .
3- أن الارهابيين ومن الاسلام السياسي والقوميين المتطرفين وأعداء الديمقراطية , أوجدوا لهم في المجتمع العراقي بيئة واسعة يصوروها في وسائل الاعلام بأنه هذا عمقهم ونفوذهم والتأيد الشعبي لهم  , إنها بحق كتل بشرية بعضها متفرجة وصامته, والبعض الآخر إذعنت للضغط والتهديد والتخويف والاغراء والحاجة الاقتصادية .
4- أن هذه البيئة التي أوجدها المتطرفون وأعداء الديمقراطية في المجتمع العراقي , أكدت التجربةعلى إنها بيئة تسهل وتساعد على تمرير أجندة المتطرفون وأعداء الديمقراطية , لانهم حولوها عن عمد إلى منشطة وداعمة لآيدلوجيات وأجندات الارهاب والعنف وإلغاء الآخر و محاصرة الديمقراطية وإعاقة نهوضها والاضرار بمصالح الشعب والوطن .
5- أن أعداء الديمقراطية والمتطرفون والارهابيون من مختلف الالوان يدركون تماماَ , وهذا ما أكدته ليس فقط تجارب الشعوب وإنما تجربة العراق ونضال قواه الوطنية والديمقراطية , إنه كلما تستنهض قوى اليساروالديمقراطية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني , كلما يعاد التوازن في المجتمع وتنشأ البيئات الاجتماعية القادرة على توظيف الغضب الشعبي بأتجاه النضال المطلبي والوطني التحرري والديمقراطي , وهذا ما يخشاه كل المتطرفون وأعداء الديمقراطية في العراق .
6- لهذا فأن أحد المهمام الاساسية لهذه الجبهة العريضة التي ستنبثق في كانون اول 2010 , ستكون  التوجة لهذه البيئة التي يوظفها ويستغلها المتطرفون وأعداء الديمقراطية , والذين حولوها ويعملون على إعتبارها مصدراَ وخزيناَ داعماَ للتطرف والارهاب والتخندق القومي والطائفية ومعاداة الديمقراطية , وفي الواقع أن عناصرهذه البيئة هم في الغالب مصالحهم لا يمكن تحقيقها إلا من قبل قوى اليسار والديمقراطية التي تعمل لتشكيل هذه الجيهة العريضة المنتظرة , فهم في الواقع جماهير فقيرة محرومة مهمشة , ليسوا مع التطرف والطائفية ومعاداة الديمقراطية وهم ليسوا متطرفون , وانما قوى التطرف والطائفية والارهاب , فرضت عليهم الخضوع لاراداتها وأجندتها . فهم ليسوا مناوئين للفكر الديمقراطي وهم مهيئون الآن أكثر من أي وقت مضى للعمل مع قوى اليسار والديمقراطية , إذا تمكنت الجبهة الواسعة لقوى الشعب من وضع آلية او استراتيجية عمل مع هذه البيئة التي يسبح فيها الآن المتطرفون من الاسلام السياسي والقوميون , وستكون مصدر نهوض وإعادة توازن اجتماعي وسياسي وثقافي في المجتمع وستكون مع التغيير الديمقراطي الذي ينشد له قوى التيار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني .
 
الخلاصة والاستنتاجات :
1- الاسلام في القرن ال21 ليس بحاجة إلى العنف واستخدام القوة ضد الآخرين لغرض نشر الدعوة , لانه في الجوهر يحمل قيم ومبادئ سماوية تدعوا للعدالة والمساواة والتسامح , كما أن الاسلام هوعلاقة خاصة بين الخالق والشخص بدون الحاجة لطرف ثالث . من هذا العدل الألهي يدعوا إلى تحرير الدين من تجار السياسة الذين اسائوا للدين وربطوة  بالارهاب والتطرف  تبعاَ لمصالحهم وسياساتهم وأجندتهم الذاتية.
2- الديمقراطية بحاجة إلى نضال وليس أقوال وتفرج وحياد , الواقع العراقي الآن يؤكد بما لا يقبل الشك على المعادلة التالية أن مصالح الشعب والوطن هي الآن مع الديمقراطية وأن مصالح الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون مع تقويض الديمقراطية , فمن وجهة نظري هذا هو التناقض الاساسي الآن في العملية السياسية فهو صراع ومعركة محتدمة , مصالح الشعب تتطلب التهيئ الفكري والاعلامي والسياسي وتهيئة مستلزمات النضال الجماهيري لهذه المعركة من اجل الديمقراطية , وإلا فسيبقا الشعب العراقي رهينة لزمر الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون , الذين يدعون انهم يدافعون عن مصالح الشعب ويتحدثون بأسمة .
3- الديمقراطية بأنتصارها ليس فقط إنها ستهزم دعاة الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون الذين أسائوا لهاوقوضوها بحكم مصالحهم الشخصية وصراعهم على الحكم وإعتدائهم على الدستور, وانما ستتحقق وحدة وطنية حقيقية توجه ضربة وقائية للمتطرفين ومشاريعهم , وستكون قادرة دون غيرها لبناء عراق ديمقراطي تعددي تداولي فيدرالي بأرادة الديمقراطيين الحقيقيين وبجبهة الشعب الواسعة .
4- يتوهم من يعتقد ان قوى الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون إنهم قادرون على تخليص شعبنا من الارهاب , لسبب بسيط انهم يمارسون الارهاب الفكري والثقافي هذا أولاَ , وثانياَ في مواجهتم للارهاب الانتحاري والسيارات المفخخة التي تستهدف المواطنين الابرياء , فانهم من حيث الجوهر يعالجون أعراض الارهاب  ونتائجة , وبهذا فأنهم مهما إدعوا ورفعوا نبراتهم الاعلامية ضد الارهاب والارهابيين لن يتمكنوا من القضاء علية لانهم لا يستهدفون جذورة . بأنتصار الديمقراطية عندها وليس عند سواها سيتمكن شعبنا من القضاء على الارهاب بالكامل وبكل أنواعة وأدواته ووسائله , لسبب بسيط هو أن الديمقراطية ستجفف منابع الارهاب ( البيئة التي يعيش فيها متطفلاَ ). وبهذا سيتمكن شعبنا من إجتثاث كل أنواع الارهاب بقلع جذورة الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية , وسيقتلع مع الجذور جذوع الارهاب وسيقانة وأغصانة . هذه هي العدالة التي يريدها الشعب وهذا هو حكم الشعب وهذا هو القرار العادل ضد الارهاب , بالمؤسسات الديمقراطية والفكر الديمقراطي سيتحقق الامن والاستقرار والسلم الاهلي ويعيش شعبنا بكرامة ويضمن حقوقة وحرياته الشخصية والعامة .
5- النظام السياسي في العراق هو نتاج القوة والتدخلات الخارجية  التي فرضت هذه الهيمنة  وهذه التشكيلة في الحكم, وان هذه الكتل تحافظ على هيمنتها في ظل دوام نظام الفوضى وسيادة الازمات والمحاصصات الطائفية والقومية ,التي تضمن استمرار استخدام القوة والتدخلات الخارجية , لكي تستمر هيمنتهم على الدولة والمجتمع . وهذه هي ملامح النظام السياسي في العراق , وتجلى استخدام القوة والطغيان ليس فقط بتغيير قانون الانتخابات الذي قوض الديمقراطية وحاربها وألغى التنوع الفكري والسياسي في البرلمان وصادر حقوق اصوات الشعب الداعمة لقوى اليسار والديمقراطية والليبراليين والشخصيات المتنورة والمستقلة , وانما هذه القوة والهيمنة والطغيان قد تجاوزت على الدستور وانتهكته وخلقت أجواء عدم القفة وعدم الاستقرار وخيبت آمال جماهير الشعب .
6- ليس فقط الديمقراطية تتعرض لمخاطر في العراق , وإنما نظام الفيدرالية أيضاَ لانهم أخضعوة للمصالح والمساومات الطائفية والقومية على حساب تغييب الديمقراطية , ونظام الفيدرالية هو بالاساس يحمل ويبنى على اساس المبادئ الديمقراطية وليس على اساس تلبية مصالح القوميين المتطرفين , الذين ساهموا في وئد الديمقراطية في العراق وأضعفوا قوى اليسار والديمقراطية , ويعملون على بناء النظام السياسي على اساس محاصصة ومساومة المصالح الطائفية والقومية , لهذا ليس الديمقراطية هي في خطر وإنما نظام الفيدرالية هو الآخر في خطر , تجربة العراق أكدت لايمكن تحقيق الفيدرالية لكوردستان إلا من خلال الديمقراطية ونظامها الديمقراطي , فالقوى الكوردستانية أمام أختبار تأريخي آخر في إعادة النظر بمواقفها من نبذ المحاصصة والمساومة على الديمقراطية والديمقراطيين .
7- من هذا فأن الحرص على بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي , يتطلب من قوى اليسار والديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني في كوردستان العراق نبذ التخندق القومي الضار بمصالح الشعب الكوردي , وذلك بالانضمام للجبهة الواسعة التي ستنبثق في كانون اول/ 2010 , بتحقيق وحدة العمل والنشاط المشترك وبناء قطب ديمقراطي في العراق عابر للقوميات والطوائف والاديان لاجل بناء العراق الجديد ونظامه الديمقراطي الفيدرالي الموحد .
29-11-2010
 

135
التطرف الديني والقومي والطائفية والارهاب
ومستقبل الديمقراطية في العراق
(1-2)

فلاح علي
في السلوك والممارسة العملية تقف خلف هذه المفاهيم احزاب وتنظيمات وكيانات سياسية مختلفة من الاسلام السياسي والقوميون تحمل رؤى وتوجهات متباينة , يجمعها الازدواجية السياسية فهي تدعي في وسائل الاعلام انها مع الديمقراطية وهي تتبنى مصالح الشعب وان الخلاف فيما بينها حول البرامج . ولكن في الواقع إنها تتصارع فيما بينها على السلطة والحكم والمصالح وتوظف الدين والقومية كأدوات سياسية لتحقيق اهدافها ,  تخضع هذه القوى لعوامل ضاغطة داخلية وخارجية . وما يلاحظ على هذه الكيانات  انها  تعمل بأجندة خارجية , وتمارس الاضطهاد والعنف والطغيان وتعمل على كبح حرية الفكر وتتجاوز على الحقوق والحريات الشخصية والعامة وتلغي او تهمش الآخر وفي الممارسة لا تؤمن بالديمقراطية , و لكن اخطر هذه الكيانات هو الاسلام السياسي المتطرف الذي يمارس الارهاب . وهناك اسباب كثيرة وراء هذا التطرف منها هو في البيئة التي يعمل فيها , وفي منظومتها الفكرية , وفي ظروف نشاتها وتأسيسها والاهداف التي رسمت لها ودور العامل الخارجي والمال السياسي , وهذه الحركات المتطرفة منتشرة في غالبية البلدان العربية والاسلامية وباسماء مختلفة .

لنأخذ  تنظيم القاعدة كمثال واحد من هذه الحركات ورموزها  :
هوحركة سياسية اسلامية متطرفة ورئيسها اسامة بن لادن مسلم متطرف , ويرفع شعار شن حرب مقدسة ضد ( الكفار) وبهذا فهو اوجد تفسيراَ خاصاً للدين  يعطي الشرعية له ولأفعالة ولمصالح حركتة والاهداف التي يبتغيها , فهو بهذا وظف الدين لاهداف سياسية و لمصالح  خاصة وحلل شرعية استخدام العنف ضد ما سماهم الكفار حسب توصيفاته هو . واستخدم التبسيط الساذج لتفسير الآيات القرآنية واعطى تسمية لأرهابه بالحرب المقدسة  .
فهذه الحركة السياسية تستخدم العنف ضد المدنيين وضد البنى التحتية وضد مؤسسات الدول , والهدف الذي يبتغوه من استخدام العنف , هو لبث الرعب والخوف بين المدنيين ليس في الحاضر فقط وانما بهدف ارهابهم لجعلهم خائفين من المستقبل لاجل السيطرة على المجتمع وتمرير مشروعهم الظلامي .
اكدت تجربة العراق ان الحركات السياسية المتطرفة والتي تمارس العنف السياسي , يوحدها الارهاب كعمل وممارسة تلجأ اليه لتحقيق اهدافها , وكفكر وآيدلوجية شمولية متطرفة تسعى لفرضها في المجتمع بالقوة , والادوات التي استخدمت لهذا الارهاب هي كثيرة من التهديد والتخويف والابتزاز والممنوعات والمستحب وغير المستحب , الى الاختطاف والمساومة والاغتيال واستخدام العبوات الناسفة والتفجير والقتل الجماعي من خلال الاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة .

دوافع التطرف والارهاب دائماَ غير نبيلة وغير صادقة :

ما يطرحة المتطرفون من حجج و دوافع لعملهم الارهابي هذا هو إعلانهم انهم يهدفون لطرد الاحتلال من العراق وافغانستان ويطرحون موضوع تحرير فلسطين .... ألخ مع دعمي لنضال الشعب الفلسطيني في نضالة لاقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف . ولكن ما يهمنا هنا هو الارهاب في العراق . ويعتبروة كوسيلة وهدف لتحرير الوطن من الاحتلال , ولكن هذا الهدف لا يبرر اعمالهم الارهابية ضد المدنيين ,هنا تطرح تساؤلات . التسائل الاول هو هل انعدمت كل وسائل النضال السلمي ضد الاحتلال لاجل ان تمارسوا العنف والارهاب ؟ والتسائل الثاني لماذا هذه الاعمال الارهابية  تستهدف  مواطني البلد من الاطفال والنساء والشيوخ و الابرياء ؟ والتسائل الثالث كان العراق في اوائل القرن العشرين محتل من قبل بريطانيا , ثم حصل على استقلال شكلي وبقية تحت الانتداب البريطاني , وكان الحاكم المطلق في العراق هو المندوب السامي البريطاني ثم السفارة البريطانية التسائل هنا لماذا القوى الوطنية والديمقراطية أو ما يسمى بحركة التحرر الوطني آنذاك لم تمارس في نضالها ضد الاحتلال العنف ضد المواطنيين الابرياء؟ اليس هذا مثالاَ حياَ بالتأكيد ليس له جواب من قبل المتطرفين . والجواب كان الفكر الديمقراطي له حضور فاعل في الوضع السياسي من خلال دور الحزب الشيوعي العراقي والقوى الوطنية الديمقراطية آنذاك , فكان لحركة التحرر الوطني آنذاك مهام وطنية سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ذات محتوى  تحرري وطني ديمقراطي , لهذا كان النضال سلمياَ و اكتست الحركة آنذاك صفة شعبية , فالتف الشعب بفائته وطبقاته وقومياته واديانه المتنوعة مع القوى الوطنية ومهامها النضالية آنذاك , بلا شك عدا فئة قليلة منتفعة مرتبطة بمصالح المحتل آنذاك . لهذا نجد ان النضال التحرري  الذي خاضة الشعب في فترة الاحتلال الاول كان ليس فقط لم يمارس العنف والارهاب وانما كان ذا محتوى اجتماعي وطني ديمقراطي من هذه الامثلة ان التطرف الديني والقومي , لا يهدف الى تحرير الوطن من الاحتلال بقدر ما ان له اجندة واهداف جوهرها هو فرض فكراحادي على المجتمع والغاء الآخر وفرض اراداتهم ومسك السلطة والحكم وتحقيق المصالح الفئوية وسن قوانين تتعارض مع حقوق الانسان والديمقراطية وفرض نظام شمولي متطرف وارجاع عجلة التقدم الى الوراء .
ان المتطرفين ينطلقون في اعمالهم الارهابية من التفسير الخاطئ للدين فهم يوظفون الدين لهذه الاعمال ولكن السؤال الذي اطرحة هنا هو التالي :

هل ترتكز السياسة على الدين ؟:
الاسلام السياسي المعتدل و المتشدد والمتطرف يجيب بنعم السياسة ترتكز على الدين لان لديهم جميعاَ مشروعاَ ظلامياَ للهيمنة الاجتماعية والحكم , يلغي الآخر ويقف ضد الحقوق المدنية والحريات ولا يقبل بالتنوع والديمقراطية . ولكن التجارب الانسانية لشعوب العالم  اكدت على الحقيقة التي لا يستوعبها الاسلام السياسي المعتدل والمتشدد والمتطرف , وبرهنت هذه التجربة أن السياسة لا ترتكز على الدين , لو كانت حقاَ كما يدعي اسلامنا السياسي , فسوف لن يكون هناك سلم اهلي دائم في المجتمع , لان الاسلام السياسي اربك المجتمع العراقي , وخلق اوضاع ورؤى زاد من بؤس الناس ومعاناتهم واشاع اليأس والاحباط وخطف الامل والتفائل, وزاد من تعقيد الناس واختلافهم على الفهم المشترك للقيم الدينية الجوهرية , حيث لا توجد رؤى مشتركة حولها , وما نمو الصراعات الطائفية بشكل غير مسبوق إلا مؤشر واقعي على هذا الخلل الكبير المتعمد الذي يمارسة الاسلام السياسي بتوظيف الدين في السياسة , والطائفية واحدة من الازمات في المجتمع العراقي وهناك ازمات كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية بنيوية سببها هذا الجهل المتعمد بالاسائة للدين وربطة في السياسة . لو عدنا لتجارب الشعوب ومنها الشعوب الاوربية , حيث كان الرهبان والقساوسة يعطون لمتبعيهم تفسيرات متباينة عن الدين فظهر الانقسام الديني في المجتمع الاوربي , وفقد السلم والامن وظهرت الحروب الاهلية بين ابناء البلد الواحد والدين الواحد , ومنها حرب ال30 عام بين اتباع الكنيسة البروتستانتيه والكنيسة الكاثوليكية , وما نتج عن هذه الحروب من خسائر بشرية حيث كانت المجموعات المسيحية المتخاصمة يذبح بعضها البعض الآخر دون رحمة وشفقة , وماحصل عندنا في العراق هو تكرار لهذه التجربة.  ومن هذا الصراع الدامي في اوربا , وتحت ضغط الحاجة الى السلم الاهلي في المجتمع المدني انتصر العقل الانساني , فتم فصل الدولة عن الكنيسة , وظهرت الدول المدنية الديمقراطية العلمانية في اوربا كنتيجة لما مرت بها المجتمعات من استغلال وتخلف وتوظيف للدين وما نتج عنها من صراعات اجتماعية وسياسية . وهذه تجربة حيه امام الشعوب الاسلامية ومنها شعبنا العراقي الذي لا يمكن ان ينعم بالامن والاستقرار والسلم الاهلي وضمان الحريات بما فيها الحريات المدنية وتحقيق الديمقراطية الحقة وتطور البلد وازدهاره في ظل سيادة الاسلام السياسي , ان كان هذا واقع فمصالح الشعب والاديان السماوية في العراق هي اهم من المصالح الذاتية والاهداف الغير معلنة لتنظيمات الاسلام السياسي , حاجة الشعب والوطن والاديان تتطلب عدم توظيف الدين في السياسة والفصل بينهما من اجل تحرير دين الله والانسان من اصحاب المصالح ورافعي الشعارات السياسية باسم الدين .

لماذا اصبح الاسلام السياسي بلا مستقبل :
وجهة نظري هذه ليس لها علاقة بالافكار , فالافكار لا تموت عندما تكون صحيحة وتعبر عن مصالح الشعب وتحمل مشروعاَ ديمقراطياَ انسانياَ للتغير, نحو الرقي والتطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع وتقف ضد الاضطهاد والاستغلال وانتهاك الحقوق والحريات , وهذا يشكل لهذه الافكار عناصر قوة داخلية , فهكذا نوع من الافكار لاتموت حتى وان سقطت تجربتها او مرت بأنتكاسات, والامثلة كثيرة ومنها سقوط التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي والبلدان الاشتراكية , لكن الفكرالاشتراكي لا يزال حياَ يحمل أفق مستقبلي تتتطلع اليه شعوب كوكبنا , وان سقوط التجربة الاشتراكية جاء نتيجة تناقضات داخلية , رغم ان هذه التناقضات كثيرة لكن أبرزها هو الخلل في الممارسات الديمقراطية , وحصل التناقض الداخلي وإعترفت الاحزاب الشيوعية الحاكمة بهذا الخلل , وسلمت السلطة للشعب بدون إراقة قطرة دم , لهذا فهي تحمل آفاق المستقبل , لانها حلت التنافض بشكل سلمي وعاد الحزب الشيوعي الروسي إلى البرلمان بقوة ونفس الشيئ بالنسبة للبلدان الاشتراكية السابقة , وبقدر تعلق الامر بالاسلام السياسي فانه اولاَ غير جذاب من قبل جماهير الشعب او من قبل الشعوب الاخرى , وثانياَ فرض  نفسه بالقوة على المجتمع فتم ازاحته بالقوة الخارجية  وها هي تجربة افغانستان , فاسقطت دولة طالبان من خلال القوة العسكرية الخارجية , وليس فقط المتطرفون الاسلاميون سقطوا بالقوة الخارجية , وانما كل الافكار المتطرفة في العالم سقطت بالقوة العسكرية , مثال الفكر الفاشي في المانيا وايطاليا سقط بالقوة العسكرية الخارجية في الحرب العالمية الثانية لانه ليس لديه قوة داخلية تساندة , والفكر القومي المتطرف وما يسمي نفسه بالاشتراكية العربية كحزب البعث في العراق سقط بالقوة الخارجية لانه فقد عوامل القوة الداخلية والاسناد الشعبي والجماهيري , وهذه التجارب في العالم والعراق تؤكد ان الفكر المتطرف دائماَ لايمتلك القوة الداخلية فيزاح بسهولة بعوامل خارجية لا يصمد امامها , وانه في الممارسة يلجأ الى العنف ومصادرة الحريات وانتهاك الحقوق ويقف بوجه التسامح الديني ويعادي الديمقراطية فهذه الحركات المتطرفة بلا مستقبل . لهذا فان هذا المصير المجهول للفكر المتطرف هو الآن مطروح كتجربة غنية للدراسة من خلال احزاب الاسلام السياسي حتى المعتدل منها باعادة النظر في منظومتها الفكرية والسياسية وموقفها من الديمقراطية , ومن التنوع الفكري والديني والقومي وموقفها من الحقوق والحرياته الشحصية والعامة , , ومن فصل الدين عن الدولة واقامة الدولة الديمقراطية . لهذا الاسلام السياسي اليوم في العراق امام مفترق طرق . الشارع العراقي ضاق ذرعاَ باحزاب الاسلام السياسي , فهناك عوامل كثيره منها الحراك الاجتماعي ستكون عوامل ضاغطة على هذه الحركات لا سيما وان هذه الحركات لا تستهوي الناس , فرضت نفسها بالقوة من الخارج , هذه الحركات سيكون حالها حال الحركات المتطرفة بلا مستقبل , لان شعبنا لايريد ان يكرر دكتاتورية صدام بفكر شمولي آخر ودكتاتورية ثانية خانقة لحريات الناس , لا سيما ان هذه الحركات بمجموعها تمارس ارهاب من نوع آخر وهو الارهاب الفكري والثقافي والتضييق على الحريات ومحاربة السينما والغناء والموسيقى وفي الممارسة انها ضد الديمقراطية وتعمل جاهدة لالغاء الآخر , ومن خلال قوانين تشرعها , وعلى سبيل المثال إلتقى الاسلام السياسي مع القوميين في قضية واحدة وهي التطرف , بدوافع خارجية ومصالح فئوية  ضيقة اتفقوا على تغيير قانون الانتخابات , وسن قانون لاديمقراطي يلغي حقوق الآخرين ويلغي التنوع الفكري والسياسي في البرلمان , وهذه ممارسة لاديمقراطية تحمل في الواقع سمة ارهابية مقننة بقانون يشرعوه وفق مصالحهم واهدافهم الغير معلنة , لهذا بعد ان ضعفت ما يسمى تنظيمات القاعدة المتطرفة في العراق , ان هذه الحركات الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون هم امام انعطافات داخلية قادمة متسارعة وحادة في صفوفهم , نتيجة التناقض بين مصالح هذه الكتل ومصالح الشعب , لهذا ستنشئ من داخل هذه الكتل مجاميع واطراف سيتسع حضورها من قاعدة هذه التنظيمات باتجاه بروزشخصيات و تنظيمات جديدة اكثر اعتدالاَ وايماناَ بالديمقراطية وبناء الدولة المدنية الحديثة التي تضمن الحقوق والحريات . ( يتبع )
23-11-2010 .

136
طريق الشعب ليوم 28-10-2010 تحدثت
بلسان حال الشعب وبرؤية ذات معاني ودلالات مستقبلية

فلاح علي

افتتاحية طريق الشعب ليوم 28-10-2010 التي كرست لما نشره موقع ويكيليكس سيلاَ من الوثائق السرية للقوات الاميركية , أن الافتتاحية تحمل رؤيا جديدة في الخطاب السياسي , كما إنها أعادت قول الحقيقة المغيبة , وتضمنت دروس وتجارب ومعاني ودلالات ذات رؤى وأبعاد مستقبلية لمنطقة الشرق الاوسط والعالم . وجاء في مقدمة الافتتاحية العبارات ذات المعاني التالية :
( ليس خافياَ على احد اننا في الحزب الشيوعي العراقي عارضنا ونعارض الحروب وندعوا للسلام دائماَ. وقد وقفنا بثبات قبل نيسان 2003 وخلالة , ضد الحرب على العراق واعتمادها وسيلة لفرض التغيير. واوضحنا تكراراَ انها مثل كل حرب تجلب المآسي والفضائع , وان جراحها لا تندمل سريعاَ , مثلما اكدنا أن الحرب- أي حرب, لا تأتي بالديمقراطية , ولا بالامان والاستقرار.)
 
الرؤية الاولى : رغم إنها تشير إلى موقف الحزب الشيوعي الرافض للحرب على العراق قبل نيسان 2003 , وإن خيار الحرب يجلب المآسي والفضائع للشعب والوطن , لكنها تؤكد رفض استخدامها واعتمادها كوسيلة لفرض تغيير الانظمة , وهذا هو الدرس والدلالة ذات المعاني المستقبلية لنضال الشعوب وقواها السياسية في نضالها ضد الانظمة الدكتاتورية , برفض سياسة الخيارات الاميركية بالتدخل بالشؤون الداخلية وتغيير الانظمة من خلال استخدام اسلوب الحرب .
الرؤية الثانية : التي أكدها الحزب الشيوعي العراقي . أن الحرب لا تأتي بالبديل الديمقراطي الذي يريده الشعب ولا بالامن والاستقرار ولا تضمن حقوق الانسان .
وهذين الدرسييين والدلالتين اللتان تؤكدهما تجربة العراق منذ عام 2003 إلى الآن , كان قد ثبتهما الحزب الشيوعي العراقي في بيانة التاريخي حسب ما اتذكر في شباط 2002 . عندما رفع شعارة الشهير ( لا للحرب لا للدكتاتورية ) وأكد في البيان ان الحرب لا تأتي بالنظام الديمقراطي الذي يريده الشعب وان  التغيير الداخلي هو البديل لخيار الحرب .
أن القراءة الدقيقة للافتتاحية تؤكد على الحقائق التالية :
-مواقف الحزب الشيوعي العراقي قبل و منذ التغيير في عام 2003 , تؤكد على ضمان حماية المدنيين من ابناء شعبنا وصيانة ارواحهم وممتلكاتهم . والتاكيد على مراعاة المبادئ والمثل ذات الصلة بأحترام الانسان وحقوقة .
- التحذير من استخدام أية اساليب غير قانونية تنتهك حقوق المعتقلين المدنيين .
- إدانة الجرائم التي قام بها الارهابيون والمأجورين والميليشيات والطائفيون وأزلام النظام المباد وعصابات الجريمة والشركات الامنية , وما إرتكبوة من أعمال قذرة ووحشية , ومن مصادرة الحق المقدس في الحياة وإزهاق الارواح البريئة  ومحاكمتهم وفق القانون العراقي.
- تؤكد الافتتاحية على إدانة الحرب بقوة كوسيلة لحسم الصراع .
- مطالبة الحكومة بفتح تحقيق , ووضع من يثبت ضلوعة في الانتهاكات أمام المسؤولية والعدالة والمسائلة القانونية .
- إتخاذ المزيد من الاجراءات التي تحول دون وقوع مزيد من الانتهاكات لحقوق الانسان العراقي .
- وإشاعة الثقافة البديلة ثقافة رفض العنف والتضييق على الحريات العامة أومصادرتها , والعمل على إشاعة أجواء الطمأنينة والاستقرار .
بوركتم أيها الشيوعييون العراقييون يامفخرة العراق وشعبة, ويا بُناة الوطن, ويا أيها المناضلون من اجل الديمقراطية والسلام والحرية . فقد اكدت الحياة صحة رؤايكم وسياستكم الصائبة وانكم بحق  تحملون هم الوطن وهم المواطن , وتمثلون بوصلة النضال الوطني التحرري الديمقراطي , والواضعين مصالح الشعب والوطن فوق أي إعتبار .
فهاهي تمضي سبعة سنوات بالكمال والتمام على الخيار العسكري , ولم يتحقق في العراق الشعار الذي رفعته أمريكا وحلفائها ( الديمقراطية وحقوق الانسان) . أكدت تجربة العراق إنه شعار تسويقي الهدف منه تحقيق المصالح الامريكية وليس مصالح الشعب العراقي .
فقد أنتجت لنا أمريكا وحلفائها منهم من مؤيدي ورافعي  شعار ( تحرير العراق ) أنتجوا لنا ديمقراطية مشوهة متخلفة بائسة طائفية تلبي مصالح فئوية ضيقة ولا تلبي مصالح الشعب العراقي , وانتهكوا حقوق الانسان وحرياته, وفتحوا على العراق ابواب الارهاب والتدخلات الخارجية .   
 
ما هي الاهداف الحقيقية التي تحرك الجيوش الاميركية :

شعبنا إختبر السياسة الاميركية منذ القرن الماضي وعرف جيداَ أهداف حروبها في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا ومناطق عديدة من العالم , لكن الكتل السياسية هي التي إنخدعت وخدعت الشعب معها وظُللت بالشعارات البراقة ( تحرير العراق والديمقراطية وحقوق الانسان) .
أن حقائق التاريخ تؤكد أن الاهداف الحقيقية لحركة الجيوش الاميركية ,وتوسعها في العالم واحتلال العراق هي في مضمونها أهداف ومصالح سياسية واقتصادية وعسكرية ولا شيئ غير ذلك ولا يوجد في قاموس الولايات المتحدة الاميركية نشر ( الديمقراطية وحقوق الانسان والحرية ) في البلدان النامية . ولو عدنا قليلاَ إلى السياسة الاميركية ودورها في العلاقات الدولية ستتضح امامنا كثير من الحقائق :
1- عملت الولايات المتحدة على الاطاحة بانظمة شرعية من خلال إنقلابات عسكرية في عديد من البلدان وعلى سبيل المثال في شيلي في عام 1973 . وصادرت الديمقراطية ومبادئها, وفرضت على الشعوب أنظمة دكتاتورية عسكرية تبطش بشعوبها , واطلقت يدها في إنتهاك حقوق الانسان لانها تتعاون معها وتخدم مصالحها .
2- لقد خرقت الولايات المتحدة مبدأ السيادة الوطنية وحقوق الانسان والقانون الدولي , خارج أراضيها كما حصل في  بنما وهايتي وغواتيمالا ونيكاراغوا وبلدان غرب افريقيا وغيرها , ودعمها اللامحدود لاسرائيل ونشاط مخابراتها ال CIA في العديد من البلدان  في الستينات والسبعينات من القرن الماضي , وعملت على ضرب القوى والحركات الديمقراطية والمساعدة في اقامة انظمة عسكرية دكتاتورية تقمع شعوبها كما حصل في أندونيسيا عام 1965والعراق في عام 1963.
3- سياسة الهيمنة والتوسع وبسط النفوذ والسيطرة على منابع النفط في البلدان النامية هي من أهم الاهداف التي تحرك الولايات المتحدة جيوشها لتلبية مصالحها .
4- الزعامة والتفرد في السياسة الدولية وقيادة العالم , هي من أهم الاهداف التي تدفعها لتحرك جيوشها في المناطق التي تقتضيها هذه المصالح , مع انتهاج دبلوماسية القصف الجوي كما حصل في يوغسلافيا في عام 1998 والتدخل العسكري في عام 1999 , وقصف بغداد في 17-12-1998  والسودان بصواريخ كروز في أعقاب تفجير السفارتين الامريكيتين في كينيا وتنزانيا, واحتلال العراق بدون استحصال قرار ثاني من مجلس الامن والتوسع شرقاَ في اوربا, وتدخلها في النزاع الجورجي الروسي في عام 2008 على أثر احداث افخازيا واوسيتا , فتفجرت ازمة بين روسيا والاتحاد الاوربي من جانب ومع امريكا وحلف الناتو من جانب آخر , واثارت مسألة الدرع الصاروخي في بولونيا وخلقت ازمة بين روسيا وبولونيا وحلف الناتو ,وهيمنتها على مجلس الامن وتحركت منفردة باسم الشرعية الدولية .
5- وظفت الحرب على الارهاب لتحقيق مصالحها و وانفتحت امام جيوشها العديد من مناطق العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط ومنطقة الخليج  الغنية بالنفط, بحجة محاربة الارهاب .
 
ماذا أنتجت لنا الديمقراطية الاميركية :

شعبنا يريد الديمقراطية والحرية والعدل وقانون يضمن حقوق الانسان ,ولكن هذا لا يمكن تحقيقة من خلال الوصفة الاميركية, التي اضعفت الوحدة الوطنية ومزقت النسيج الاجتماعي , وأنتجت لنا أزمات بنيوية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية .
1- أنتجت لنا محاصصة طائفية وقومية , تحت عنوان الديمقراطية التوافقية , التي ليس لها اساس قانوني ودستوري , ما يحكمها هو صراع الكتل وصراع المصالح , وسمحت لهذه الكتل أن تكون فوق الدستور والقوانيين, وفتح الباب أمام العامل الخارجي لحسم صراعات داخلية , وهذه الصناعة الاميركية للديمقراطية تضر بمصالح الشعب والوطن .
2- إستوردت لنا الديمقراطية الاميركية شركة الحماية المسماة ( Blak Water) . والمعروف عن هذه الشركة إنها لا تحترم حقوق الانسان , ولا القانون الدولي , كما حصل في جريمة ساحة النسور بقتل 17 مواطن على أيدي بعض أفراد الشركة في يوم 17-9-2007 وجرح 30 مواطن .( هذا ما نقلته وكالات الانباء في حينه) أن خصخصة الامن بهذه الطريقة اصبح عاملاَ لعدم الاستقراروإثارة الصراعات الداخلية , كما أن وجود هذه الشركات يعد إنتهاك لمبدأ السيادة الوطنية .
3- بضغط من الديمقراطية الاميركية على الكتل المستفادة من هذه الديمقراطية , تم تغيير قانون الانتخابات بتشريع قانون لا ديمقراطي يسرق علناَ أصوات الناخبين وينتهك حق الاقلية , وسمح لبعض الدول الاقليمية في إدارة الانتخابات من خلال تغذيتها بالمال السياسي والاعلام والدعم المتنوع . لان المصالح الاميركية ومصالح الكتل وبعض الدول الاقليمية إقتضت تغيير قانون الانتخابات وتزييفها لصالحهم .
4- انتجت لنا الديمقراطية الاميركية ميليشيات مدعومة بعلم الاميركان من دول اقليمية , وبهذا شجعت السياسة الاميركية في العراق على نمو القوى المتطرفة والارهاب بمختلف أنواعه , وتنامت معها تجارة المخدرات وعصابات الجريمة , وظلاميوا القاعدة وبقايا البعث , مع تنامي الصراعات المضرة بالسلم الاهلي و بالوحدة الوطنية
5- أعطت الديمقراطية الاميركية الضوء الاخضر , لقوى الاسلام السياسي في محاربة المويسقى والفن والمسرح والغناء والثقافة الديمقراطية .
 
تجربة العراق أكدت على الحقائق التالية :

1- فشل السياسات الاميركية باسقاط الانظمة من خلال الحرب , وأن هذه التجربة لم تكن نموذجاَ يقتدى به في بلدان أخرى .
2- لا يمكن بناء دولة المؤسسات الديمقراطية وتشريع قانون ديمقراطي , يحقق العدل والمساواة و يضمن حقوق المرأة وضمان حق المواطنة من خلال الحرب والتدخلات الخارجية .
3- أكدت تجربة العراق زيف بعض السياسيين الذين توجهوا للولايات المتحدة لطلب المساعدة والحماية من النظام الدكتاتوري , والضغط لاصدار قانون ما يسمى تحرير العراق , بدلاَ من التوجة للمجتمع الدولي وميثاق الامم المتحدة في الحالات الانسانية .
4- فشل السياسيين العراقيين الذين عولوا على المشروع الاميركي , في تحقيق الديمقراطية وحقوق الانسان , وأكدت التجربة أن هذه المفاهيم ماهي إلا  شعارات زائفة توظفها الولايات المتحدة في توسعها العسكري واحتلالها لبعض البلدان .
5- أكدت تجربة العراق أن الولايات المتحدة تفرض على حلفائها المحليين الماسكين بالسلطة السياسية  على السير معها في سياسة الخصخصة , وتبني السياسة الاقتصادية النيوليبرالية , الخالية من المضامين الاجتماعية , والتي لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد العراقي , وعلى إضعاف دور الدولة , وخلق التمايزات الاجتماعية في البلد , وهذا مما يوسع جمهرة المهمشين إجتماعياَ وزيادة نسبة البطالة مع زيادة نسبة الفقر بين فئات المجتمع .
6- أكدت تجربة العراق , أن المستفيد من عملية التغيير العسكري إقليمياَ ايران وداخلياَ الكتل المهيمنة من الاسلام السياسي والمتنفذون من القوميون , والخاسران هوالشعب أولاَ والوطن ثانياَ حيث إحتل وانتهكت السيادة الوطنية , وفتحت الابواب أمام التدخلات الخارجية , وتهددت الوحدة الوطنية , وظهرت هويات ثانوية بدلاَ من الهوية الوطنية .
7- ليس دفاعاَ أو مجاملة لكنها الحقيقة التي سيكتبها التاريخ بحروف من ذهب , وهي أن تجربة العراق أكدت صحة سياسات ومواقف الحزب الشيوعي العراقي , من عملية التغيير أولاَ ومن العملية السياسية وتطويرها باتجاه الديمقراطية ثانياَ , وبحل معضلات وازمات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية ثالثاَ , وطريقة بناء الاجهزة العسكرية والامنية ومكافحة الارهاب رابعاَ.
8- التجربة تؤكد الآن حاجة المجتمع العراقي لوحدة عمل ونشاط قوى اليسار والديمقراطية , وتنامي دور نقابات العمال ,وتوسع نشاطات منظمات المجتمع المدني ودورها  الجماهيري الضاغط باتجاه سن قوانين وتشريعات الدولة المدنية الديمقراطية .
30-10-2010 

137
الى اليسار يابنات وأبناء العراق
فلاح علي
إن إختيار طريق اليسار وتبني توجهاته وبرنامجة الديمقراطي من قبل المجتمع العراقي, ليس هي دعوة أطلقها من خلال عنوان المقالة أو رغبة أو أمنية , أو لغة تعبيرية وصفيةأو نفس تفاؤلي , وإنما هي حقيقة تنطلق من الواقع العراقي . أن الشعب العراقي ما يميزة تاريخياَ إنه ذو مزاج و نزعة يسارية منذ قرون . وإن بدأنا بتاريخة الحديث في القرن العشرين , فها هي أمامنا صور وملاحم من الواقع سجلت لشعبنا من ثورة العشرين التحررية ضد الاستعمار البريطاني , إلى إنتعاش الثقافة التنويرية في نهاية العشرينات , وإلى تنامي الفكر اليساري في صفوف  شعبنا , حيث تأسس الحزب الشيوعي العراقي في الثلاثينات من القرن الماضي , وإنضوى في صفوفه خيرة بنات وأبناء هذا الشعب المعطاء . والى وثبة كانون وإضراب عمال كاورباغي في الاربعينات وإلى وثبة تشرين والاضرابات العمالية والطلابية والانتفاضات الفلاحية في الخمسينات وتوجت هذه الاحداث التي صنعها شعبنا بقيادة اليسار بثورة 14 تموز المجيدة التحررية. من هذا العرض الموجز يتلمس الجميع أن جذور اليسار العراقي عميقة ومتجذرة , في أرض العراق  وإحتضن الشعب الفكر اليساري التنويري الديمقراطي ذو القيم الانسانية العدل والمساواة .
 
أسباب توقف السير نحو اليسارفي المجتمع العراقي :

1- إن كان سقوط الاتحاد السوفياتي هو أحد العوامل الخارجية في التأثير على إضعاف اليسار العراقي.
2- فأن الواقع يقول عكس ذلك حيث في ظل وجود الاتحاد السوفياتي , فأن الولايات المتحدة الاميركية قد حولت العراق ومنطقة الشرق الاوسط ساحة صراع مع الاتحاد السوفياتي أبان فترة الحرب الباردة .
3- ومارست هجوماَ إعلامياَ ودعائياَ ونفسياَ لم يسبق له مثيل ضد الشيوعية والحزب الشيوعي العراقي وخلقت أدوات ونخب ترتبط بها ومدتهم بمختلف أشكال الدعم ومكنتهم من أن يكونوا ذراعها الايمن في المجتمع العراقي .
4- استمر هذا العامل الخارجي في دعم القوى المعادية لليسار والديمقراطية منذ العهد الملكي , إلى مساهمتهم المباشرة في دعم البعث وكل القوى المعادية لثورة تموز وأوصلتهم في إنقلاب دموي إلى السلطة في عام 1963 . وما شهده هذا العام الاسود من قتل وسفك للدماء بحق الشيوعيين والديمقراطيين لم يشهده أي بلد في منطقة الشرق الاوسط .وإستنسخوا جرائمهم بحق الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين ثانية في عام 1978 ومارسوا أبشع أساليب العداء للفكر اليساري وكانت التصفيات الجسدية على نطاق واسع , لاجل أن يكملوا مخططهم الموكل لهم المعادي للفكر التقدمي واليساري الذي بدؤوه في عام 1963 .
5- أن معاداة قطب اليسار العراقي ( الحزب الشيوعي العراقي) والقوى الديمقراطية , لم يقتصر على الدعاية والحرب النفسية والملاحقات والسجون فقط, وإنما مورس القتل والتصفيات الجسدية . وهذه طريقة وحشية بربرية في محاربة الفكراليسار العراقي الديمقراطي , تم تنفيذها في العراق وبأدوات معادية لمصالح الشعب والوطن وبدعم أميركي بأمتياز .
6- بعد هذا التاريخ الاسود في معاداة اليسار والديمقراطية ,وبعد أن دخلت الرأسمالية في مرحلة العولمة تطورت معها اساليب معاداة الفكر اليساري ولكن بوسائل أخرى جديدة . وهي من خلال هيمنة القطب الواحد وتمركز عناصر القوة لدية , ومنح امتيازات خاصة لكل يساري وكل ديمقراطي وكل مثقف عندما ينتقل من الالتزام الفكري إلى عالمهم عالم الليبرالية وفكرها , ما نشهده هذه السنوات من لهاث عديد من المثقفين والمبتعدين عن اليسار بالرهان والتوجة نحو الليبرالية هو سمة مميزة لعصر العولمة .
7- كم هم بسطاء هؤلاء المنخدعون بمشروع الليبرالية الجديدة , رغم تنظيراتهم الكثيرة في كتاباتهم و مقالاتهم حيث ينطلقون في حجتهم من أن عصر الآيدلوجيا قد إنتهى . وهذه واحدة من التبسيطات الذين إنخدعوا فيها , والحقيقة التي لا يرونها أن عصرنا الحالي هو عصر الآيدلوجيا , حيث العولمة هي آيدلوجيا النيو ليبرالية الجديدة بكل مظاهرها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والمعلوماتية.
8- إعطونا مثال واحد عن حركة سياسية في العراق والعالم نشأت وتنشأ بدون آيدلوجيا , هذا عكس العلم والواقع كل الحركات السياسية سواء القومية أو الاسلام السياسي أو اليسار والديمقراطية أو الليبرالية وغيرها هي قائمة على الآيدلوجيا , فلماذا يحارب اليسار الحقيقي بحجة أنه يحمل آيدلوجيا ؟
9- أن آيدلوجية العولمة تهدف وتعمل على إضعاف اليسار الماركسي أولاَ . ومن تجليات ذلك إشاعة اللبرلة وخداع المثقفين والمحبطين من هم كانوا في صف اليسار  ,  وترسم لهم مهمةالدوران حول  المطالبات والتمنيات الذاتية , مع تحسين صورة الليبرالية الجديدة وتبنيها في الفكر والسلوك والممارسة , وتبعدهم عن وظيفتهم الاساسية هي التغيير والانتاج الفكري والمعرفي . وتضغط بوسائل عدة على المناضلين اليساريين بالابتعاد عن الالتزام وإشاعة روح الاحباط واليأس والقنوط في صفوفهم , وترسخ لديهم روحية عدم الجدوى من النضال , لان المشروع الاشتراكي قد فشل في الاتحاد السوفياتي وبعض الدول , أي إنها تحولهم إلى أدوات لتسويق مشروعها الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي والاعلامي.
10- هناك أسباب وعوامل أخرى عديده لم أتطرق لها بما فيها أخطاء اليسار وتأخر تجديد أساليب ووسائل نضاله وخطابه السياسي , وهذا متروك لآليات التغيير الداخلية وقراءة الواقع من قبل اليسار .
 
ما ذا حصل في العراق بعد اضعاف اليسار :

اسمحوا لي أن أطرح المثال التالي : في أحد ايام شتاء عام 1979 كنت أشاهد  التلفاز في العراق , وكان في حينها مؤتمر صحفي للدكتاتور صدام حسين .وسمعت سؤال من صحفية المانية هذا نص سؤالها وهي تخاطب الدكتاتور لسانها قال ( سيادة الرئيس ما ذا تتوقع بأن يكون مستقبل الاقتصاد العراقي بعد ضرب الحزب الشيوعي العراقي ) . ( فكان جواب الدكتاتور التالي : بعد قهقهه عالية اطلقها وقال ليش شنو ا علاقة ضرب الحزب الشيوعي العراقي بالاقتصاد العراقي ) . بلا شك لا يخفا عليكم المغزى من سؤال الصحفية الالمانية إنها تتحدث عن نهج ورؤية وبرنامج الدكتاتورية في مجال السياسة الاقتصادية بأي اتجاه ستسير بعد الهجوم على الحزب الشيوعي العراقي . إلا أن الدكتاتور لم يفهم مغزى السؤال .
من هنا تأتي أهمية اليسار وتأثيره على مجمل السياسات العامة في البلد , وعلى دور الشعب ونهوضة في رسم مستقبله .
طرحت هذا المثال ليكون مدخل يعكس أهمية اليسار وحاجة مجتمعنا العراقي له ولبرامجه الديمقراطية لكي يعيش حياته الطبيعية .
1- بعد أن فشلت الافكار القومية في بناء الوطن والحفاظ على استقلالة , وساهمت سياساتها الهوجاء من جلب المآسي للشعب و مصادرة حق المواطنة , ليس فقط بمنعه من مزاولة العمل السياسي وإلغاء حرية الرأي, وإنما حرمت حق الحياة الطبيعية لكل انسان , وعملت على عرقلة وتطور المجتمع , وخلقت الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعمقتها بحروبها وبعدائها للديمقراطية ..... إلخ .
2- ما يعيشة الشعب العراقي اليوم من أزمات بنيوية متنوعة بعد العملية القيصرية لتغيير الدكتاتورية وحكمها الاستبدادي من خلال الحرب , هي صورة ثانية من صور الاستبداد وتغييب الفكر والتجاوز على حقوق المواطنيين واشاعة التجهيل والتهميش الاجتماعي ..... إلخ .
3-هذا يوصلنا الى حقيقة لا يمكن غفلانها والى استنتاج علمي نابع من الواقع العراقي, هو أن الاستبداد واحد مهما صبغ نفسه ولون صورته سواء من رافعي شعارات القوميين المتطرفين كالبعثيين مثلاَأومن هيمن على العراق بعد عملية سقوط الدكتاتورية كالاسلام السياسي , وأن هذه التنظيمات هي في الواقع معادية للديمقراطية الحقة,هذا أولاَ وثانياَ الواقع العراقي يدلل ويؤكد أن كل القوميين المتطرفين والاسلام السياسي هم يناصبون اليسار العداء الشديد , لأنهم يدركون تماماَ أن برامج اليسار هي البديل المقبول والمطلوب في المجتمع العراقي .
4- بعد أن عاش شعبنا حقبة ال35 عام وشاهد العالم صورة البعث والقوميون المتطرفون وحكمهم في العراق , يعيش شعبنا الآن تحت ظل سيادة حكم الاسلام السياسي وبعض القوميين المعادين للديمقراطية الحقة وتجليات حكمهم واضحة لايمكن تغطيتها بغربال .
5- قرر الاسلام السياسي والقوميون المعادين للديمقراطية بأمتياز , على إدخال الشعب العراقي في ( نار جهنم ) وذلك بحرمانة من كافة الخدمات وحق العيش الكريم إضافة إلى رؤيتهم المعادية للتطور والديمقراطية , وخالفوا بذلك تعاليم الله ومبادئ الدين الاسلامي الحنيف الذي يدعوا إلى العدل والمساواة والتسامح والوقوف مع الحق ونصرة المظلوم ,المظلوم هنا الشعب العراقي بكافة قومياته وأديانة المتآخية  والظالم هو الاسلام السياسي والقوميون المعادون للديمقراطية , مزيفي الانتخابات وسارقي أصوات الشعب والمتصارعون على السلطة , والخارقين والمتجاوزين على الدستور وبنوده وغير المؤتمنون على ثروات الوطن ومستقبلة.
6- أن الشعب العراقي يعيش الآن , وضعاَ صعباَ ومعقداَ وخطيراَ إضافة لذلك حرمانة من أبسط مقومات الحياة الانسانية , والعالم كله يشاهد الصورة التي يعيشها الشعب العراقي اليوم ومن مشاهد هذه الصورة هو : الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية البنيوية التي هي بلا حلول الى الآن ومن تجلياتها : الصراع على السلطة وفتح أبواب الوطن مشرعة للتدخلات الخارجية وترك الشعب يركض وراء حاجاته ومتطلباته ويأن من جراحة . دوي الانفجارات وإنتشار ظاهرة الاغتيالات بمسدسات كاتمة الصوت , وتغذية العداء الطائفي , وعودة الارهابيين والظلاميين في بعض مناطق العراق وعاد معها البعث بقوة .  وإنتشار الخوف والفزع  وتفشي ظاهرة الفساد الاداري والمالي , وإشاعة سياسة التجهيل والتغييب ومحاربة الثقافة والفن والموسيقى والغناء . وإشاعة الفقر , وغياب الخدمات وواحدة من هذه الخدمات التي تدخل في حياة الانسان بشكل مباشر وتطور المجتمع والوطن هي انعدام الكهرباء . وانتشار ظاهرة الهجرة عن الوطن وظاهرة البطالة بين الخريجين وبالذات في صفوف الشباب واحتكار الوظائف والتعيينات على منتسبي هذه القوى المتنفذه . وهم بهذا أكدوا للشعب العراقي بشكل قاطع إنهم  يستنسخون ممارسات الدكتاتورية مثل سياسة تبعيث المجتمع ولكن هنا أسلمة المجتمع بالضغط على حاجاته .
7- إن حكم الاسلام السياسي ومعهم القوميون اللاديمقراطيون رسخوا بأمتياز في المجتمع العراقي خيبة الامل وأشاعو الخوف والاحباط والجهل والمرض في المجتمع , هذه هي إنجازاتهم المشينة . والاكثر من ذلك هم ما ضون في  تطبيق برامجهم التدميرية الخطيرة للانسان العراقي , وهي برمجة ذهنية المواطن العراقي بالمستحب واللامستحب , وإشاعة الاوهام  وتجذير الجهل في المجتمع والولاء للهويات الثانوية .
8- وكأن الاسلام السياسي بهذا قد أصدر بيانة التاريخي للشعب بأن مفاتيج الجنة بأيدينا فأتبوعنا يا أيها العراقيون لتكون الجنة تحت أقدامكم , كما فعلت الكنيسة في العصور الوسطى عندما استغلت الشعوب الاوربية واضطهدتهم وجهلتهم وباعت لهم صكوك الغفران . ولكن في الواقع ادخلوا شعوب الارض إلى نار جهنم بالضد من إرادة الخالق وها هو الاسلام السياسي والقوميون اللاديمقراطيون يمارسون سياسة تضليل وتجهيل واستغلال الانسان العراقي لكي يتمكنوا من البقاء أطول فترة في الحكم وفي الهيمنة والاستحواذ وبسط النفوذ والغاء الآخر , وبهذه الطريقة سيطر الاسلام السياسي على الدولة والمجتمع وبالذات الاحياء الفقيرة من مدن العراق ولكن الواقع العراقي يؤكد انها ستكون سيطرة مؤقته .
8- لا يمتلك الاسلام السياسي ومعهم القوميون اللاديمقراطيون برامج فيها حلولاَ جذرية للمشكلات البنيوية التي أنشؤوها في المجتمع . ومع هذا أنهم يعملون على اضعاف دور الدولة  والقطاع العام في الانتاج وفي توفير الخدمات وفي تقليص الدعم الحكومي للخدمات والمواد الاساسية , لصالح فقراء وكادحي شعبنا إنهم مع سياسة الخصخصة ومع الاستثمار المنفلت . فالخوف من هؤلاء ليس فقط إنهم حرموا ويحرمون الشعب من الخدمات ويعيقوا تطور المجتمع وانما الخوف على ثروات البلد , هم الرصيد والحليف القوي للرأسمالية المتوحشة وسياساتها في العراق . أن الاسلام السياسي أينما كان سواء في العراق أو طهران أومصر أو لبنان أو إفغانستان أو اليمن هومع دوام استغلال وحرمان واضطهاد الانسان , اقتصادياَ وسياسياَ وفكرياَ وثقافياَ وروحياَ ومعرفياَ . هذه بعض من تجليات ونتائج ضعف اليسار العراقي , من هذا حاجة شعبنا لاهمية عودة اليسار بقوة وتأثيره على مجريات الاحداث وتطورها لصالح الشعب والوطن .
 
الخلاصة والاستنتاجات :

1- أن المجتمع العراقي تاريخياَ ذو مزاج يساري وشكل ويشكل حاضنة طبيعية لقوى اليسار والديمقراطية في العراق , وأن العلاقة طردية بين اليسار والمجتمع العراقي كلما يقوى اليسار كلما كان للشعب العراقي حضور ودور فاعل في رسم مستقبلة السياسي , وكلما ضعف اليسار يضعف دور الشعب ويتراجع وينفسح المجال للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي وهذا هو احد التجليات المشهد العراقي .
2- القوانين والتشريعات ذات المحتوى الديمقراطي والتي تضمن حق المواطنة بما فيها حقوق المرأة تنتزع بنضال اليسار, وبنمو وتطور دور منظمات المجتمع المدني بما فيها نقابات العمال ومنظمات الطلبة والشباب والمرأة ومنظمات الفلاحين وكل منظمات المجتمع المدني .
3- أن كل أزمات البلد البنيوية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية , لا يمكن حلها اطلاقاَ , إلا من خلال البرامج الديمقراطية لقوى اليسار والديمقراطية , لان هذه القوى هي من تضع مصالح الشعب والوطن فوق أي إعتبار .
4- أن احزاب الاسلام السياسي ليس هي البديل الذي يعول عليه الشعب , لانها مع الخصخصة وهي الحليف القوي للعولمة المتوحشة , وبنفس الوقت لاتؤمن بالديمقراطية الحقة , وتلغي الآخر وهي مع الاستغلال والتخلف والجهل والحرمان .
5- إن تضخم الاسلام السياسي وهيمنته في العراق هو يعود للدعم المالي والاعلامي واللوجستي الذي يصل إليهم من خارج الحدود , مع وجود عوامل داخلية وخارجية تساعد على نموهم , مع إنهم يحاولوا أن يجذروا في المجتمع عوامل ومستلزمات ديمومتهم ومنها سن قوانين .
6- أن الاسلام السياسي متطفل ومستغل الدين في نموه وتوسعه هذا والدين منهم براء, فالحياة تؤكد أن العراقيين سيشهدون ضعف دورالاسلام السياسي في الفترة القادمة , لان الاسلام السياسي خذلهم واستغلهم وخلق لهم الازمات والاحزان والحرمان من ابسط مستلزمات الحياة . ولكن هناك حقيقة جلية ضرورة عدم اهمالها والتعامل الايجابي معها هو ظهور حركات من داخل الاسلام السياسي تؤمن بالديمقراطية وبالدولة المدنية ضرورة ديمومة الصلة مع هذه الحركات رغم صغرها .
7- أكد تاريخ العراق الحديث وتجارب العالم القديم والحديث أن بلداَ لا يوجد فيه حضور فاعل لقوى اليسار والديمقراطية , أن هذا البلد لا توجد فيه حياة كريمة لشعبه, لانه محكوم بقوى الاستبداد والظلام وبلد بلا قوانين ومؤسسات ديمقراطية حقيقية .
8- حاجة المجتمع العراقي لقوى اليسار والديمقراطية كحاجته للهواء والغذاء , لان هذه القوى هي التي تخلق ديمومة الرفاة والتقدم والعيش الكريم للشعب , لانها تناضل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية واشاعة الديمقراطية في الدولة والمجتمع , وهي دون غيرها من يشيد دولة العدل والقانون الديمقراطي الدولة المدنية الضامنه للحقوق والحريات .
9- الشعب العراقي يعشق اليسار , وكان العراق من حدود كوردستان إلى بطاح البصرة يموج باليسار , وكلما يخفت اليسار خلال الهجمات البربرية والتصفيات الجسدية التي تعرض لها منذ عام 1934 والتي أشدها هجمة بربريه كانت في شباط الاسود 1963 وفي عام 1978 إلى 2003 , كان يعود اليسار بقوة مثل عودة الربيع الذي تزهر فيه البراعم الشيوعية الجديدة ويقدح دوره في المجتمع من جديد , لانه ولد ولادة طبيعية في احضان الشعب , واختبره الشعب هو دون غيره من يحقق العدالة والمساواة والديمقراطية والوحدة الوطنية والسلم الاهلي والحرية والعيش الكريم , لانه ناضل ويناضل ضد أي شكل من أشكال الاستغلال والاضطهاد .
10- تفعيل وحدة العمل والنشاط المشترك لقوى اليسار والديمقراطية , هي ضرورة ملحة تفرض نفسها بشكل يومي لاتقبل التأجيل , وبهذا فهي واحدة من العوامل الهامة التي تسهم في تفعيل دور العامل الذاتي  لكي تتمكن قوى اليسار والديمقراطية , من لعب الدور الفاعل والمؤثر في الاحداث الجارية ورسم المستقبل السياسي للبلاد , والشعب العراقي عندما يتحرر من قيوده سيكون مع اليسار , وهذه هي الحالة الطبيعية في العراق وهي من خصال الشعب العراقي الذي تميزة عن شعوب المنطقة , بعشقه لليسار وبمزاجه اليساري , ولكن تبقى الحاجة لتهيئة العامل الذاتي ودراسة الواقع والصبر والوقت والوعي .
11- أن اسنهاض اليسار العراقي وقوى التيار الديمقراطي وعودة دورهم الفاعل بقوة في التاثير في الاحداث السياسية , هو العامل الحاسم في تغيير موازين القوى , وبهذا سيكون الحراك الاجتماعي بأتجاه اليسار وهذا ما تؤكده الماركسية وسيكون شعبنا قادراَ على كسرالحصارالذي فرضة الظلاميون وقوى الاسلام السياسي والقوميون اللاديمقرطيون عليه , وسينفتح الافق المغلق أمام شعبنا باتجاه التغيير وتبني برامج قوى اليسار والديمقراطية والسير نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدل والمساواة .
18-10-2010

138
الدستور والمحكمة الاتحادية يمتلكان
 الحل لأزمة تشكيل الحكومة
فلاح علي
حسب ما جاء في الباب الاول من الدستور العراقي المادة (13) أولاَ : يعد هذا الدستور القانون الاسمى والاعلى في العراق , ويكون ملزماَ في أنحائه كافة وبدون إستثناء . من المادة أعلاه الحل لازمة تشكيل الحكومة يكمن في الدستور العراقي فهو القانون الاسمى والاعلى والملزم التطبيق في العراق وهو الحل وهو الحكم . وهناك عدد من المواد في الدستور واضحة وصريحة وتؤكد ذلك :

المادة 45 : يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري ,خلال خمسة عشر يوماَ من تأريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة , وتعقد الجلسة برئاسة أكبر الاعضاء سناَ لأنتخاب رئيس المجلس ونائبية , ولا يجوز التمديد لأكثر من المادة المذكورة آنفاَ .
المادة صريحة وواضحة ولا يجوز التمديد لأكثر من المادة المذكورة آنفاَ . عقدت الجلسة وتم التمديد بخلاف المادة آنفاَ ولم ينتخب رئيس البرلمان ونائبية . هذه مخالفة دستورية لا تقبل التأويل .

المادة 55 : ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساَ ونائباَ أول ونائباَ ثانياَ بالاغلبيةالمطلقة لعدد أعضاء المجلس بالانتخاب السري المباشر. من هي الجهة المعنية في تطبيق هذه المادة غير المحكمة الاتحادية العليا ؟

المادة 70 :
أولاَ : ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساَ للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه .
ثانياَ : إذا لم يحصل أي من المرشحين على الاغلبية المطلوبة يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على أعلى الاصوات ويعلن رئيساَ من يحصل على أكثرية الاصوات في الاقتراع الثاني .
والمادة 76 : واضحة بتكليف رئيس الجمهورية  مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداَ بتشكيل مجلس الوزراء وتوجد تفصيلات واضحة في هذه المادة ( من أولاَ إلى خامساَ) .

الحكم في تطبيق هذه المواد هو المحكمة الاتحادية العليا :
من مهام المحكمة الاتحادية العليا حسب ما جاء في المواد التالية من الدستور :
المادة 93 :
أولاَ : الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة .
ثانياَ : تفسير نصوص الدستور .
ثالثاَ : الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات , والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء , وذوي الشأن من الافراد وغيرهم , حق الطعن المباشر لدى المحكمة .
المادة 94 :
قرارات المحكمة الاتحادية العليا باته وملزمة للسلطات كافة .
من المواد أعلاه فأن الحل لازمة تشكيل الحكومة يكمن في الدستور والمحكمة الاتحادية العليا التي منحها الدستور حق البت في هذه المواد فهي الحكم وتمتلك مفتاح الحل لازمة تشكيل الحكومة وهي الضامنة لتطبيق مواد الدستور .
السؤال المطروح : لماذا لم تتحرك المحكمة الاتحادية العليا لتبادر لتطبيق مواد الدستور ؟ لا سيما وأن المحكمة الاتحادية العليا تدرك تماماَ أن رئيس الجمهورية طرف في هذه الازمة إضافة إلى رئيس الوزراء ورئيس البرلمان المؤقت أكبر الاعضاء سناَ إضافة لقادة الكتل الفائزة . فهل يطول سكوت المحكمة الاتحادية طويلاَ ؟ المحكمة الاتحادية العليا بمقدورها أن تطمأن الشعب العراقي بأن لديهم دستور هو القانون الاسمى والاعلى في البلد وهي المؤسسة الوحيدة القادرة على تطبيقه , أعتقد لا توجد قوة في العراق وفق الدستور تستطيع أن تمنع القضاء من التحرك لحل الازمة السياسية وإيجاد مخرج لها هذا إذا طبق الدستور وإمتنعت القوى المتنفذه من التدخل في شؤون القضاء .
علماَ إنه لا توجد مادة في الدستور تمنح رؤساء الكتل الفائزة حق خلق أزمة سياسية وتعريض مصالح الشعب والوطن إلى الخطر من خلال طول فترة صراعهم هذا لا بد من أن يخضعوا جميعاَ لحكم القانون ورقابة القضاء إنهم عرضوا الوطن إلى مخاطر كبيرة .

مالذي حصل لحد الآن من أزمة الصراع بين الكتل السياسية :
1- أدت إلى حالة الجمود السياسي بعد فشل محاولات التوافق بين الكتل والازمة هي أخطر تهديد يواجهه العراق .
2- كما أن هذه الازمة أدت إلى حالة الفراغ الدستوري وترتب عليها تقييد صلاحيات الحكومة بعد إنتهاء الفترة القانونية لممارسة صلاحياتها وبعد أن شككت الكتل السياسية بكثير من القرارات التي إتخذتها الحكومة وتم تحويلها إلى حكومة تصريف أعمال .
3- تدهور الوضع الامني في ظل هذا الفراغ وهذه الازمة السياسية . فالقاعدة بدأت تحركاتها مجدداَ بعد فترة طويلة من التراجع وهي محاولة منها لاستغلال هذا الفراغ وما عملية يوم الثلاثاء الموافق 17-8-2010 بتجنيد إنتحاريين فجروا نفسيهما أمام تجمع من المواطنين المتطوعين المحتشدين أمام مبنى وزارة الدفاع القديمة وإستشهد جراء هذا العمل الارهابي 61 مواطن وأكثر من مئة جريح , ما هوإلا مؤشر كبير على أن القاعدة بدأت في إستغلال هذا الفراغ السياسي والدستوري والامني .
4- وهذا يعطي مؤشر أن القاعدة بدأت تتحرك هذا أولاَ وثانياَ أن عملياتها الارهابية لم تأتي من فراغ فبالاضافة لهذا الجمود والاحتقان السياسي في البلد أن هناك مساعدات مالية كبيرة وقد تكون لوجستية أيضاَ بدأت تحصل عليها القاعدة من دول الجوار .
5- أعتقد ستوجه القاعدة تحركها نحو الصحوات لا سيما إذا بقيت هذه الاخيرة بدون مساعدات مالية من الامريكان وبدون رعاية وإهتمام وتوفير العمل لها من قبل الحكومة فستكون عرضة لضغط القاعدة عليها
6- أزمة تشكيل الحكومة كان لها تأثير سلبي واضح على توفير الخدمات ومنها الكهرباء والماء الصالح للشرب إضافة إلى تأثيرها السلبي على الاوضاع الاقتصادية في البلاد وتوقف تنفيذ كثير من خطط التنمية  وتنامي ظاهرة البطالة خاصة بين الشباب والخريجين وتراجع الاهتمام بالتعليم والصحة والثقافة والسكن .
7- الازمة السياسية فسحت المجال للدول الاقليمية والدولية متمثلة في الولايات المتحدة الاميركية بالتدخل أكثر في الشأن العراقي وفي تعقيد الازمة السياسية بين الاطراف .
إن إستمرار هذه الازمة والصراع بين الكتل على السلطة السياسية سيعرض البلاد والشعب لمخاطر صعبة أن تحرك المحكمة الاتحادية العليا يساعد في السيطرة على هذه الازمة ووضع حد لها .

العراق يعيش مرحلة حرجة وعلى درجة كبيرة من التعقيد :
هذه المرحلة التي يمر بها البلد لا تخلوا من الخطورة والتعقيد بسبب إستمرار أزمة تشكيل الحكومة  وجمود العملية السياسية ومن المؤشرات على خطورة المرحلة التي يمربها العراق هي :
1- الارهابيون يحاولون إثبات وجودهم وفرض حضورهم من خلال إستغلال الازمة وسوء العلاقة بين الكتل الفائزة والاحتقان السياسي فيما بينها فنجد أن الارهابيون قاموا بتصعيد أعمالهم الارهابية خلال الاسابيع الماضية وإلى الآن لم تتوقف أعمالهم الارهابية وشملت عناصر الشرطة والاجهزة الامنية والعسكرية إضافة إلى إستهداف المواطنيين الابرياء .
2- أن كل ساعة تمر من دون أن يتم التوصل إلى حل نهائي للازمة السياسية بالمطلق إن هذه الساعة ستصب في صالح القوى الارهابية التي تمرست على العمل في الفراغ السياسي والامني وتتحرك بسرعة لاستغلال الاوضاع المضطربة .
3- في الوقت الذي تتصاعد فيه الاعمال الارهابية نجد أن الكتل السياسية تتباعد أكثر فيما بينها وتتعثر المفاوضات على تشكيل الحكومة والمؤشر على ذلك , بعد أن إنتعشت الآمال بين القائمة العراقية ودولة القانون في التوصل إلى حل لازمة تشكيل الحكومة نرى فجأة توقف هذه المفاوضات .
4- القوى الارهابية تدرك تماماَ أن البيئة المثالية لتصاعد عملياتها هي البيئة التي تطفي عليها الخلافات بين الكتل السياسية , فأن هذه الازمة السياسية وهذا الاحتقان بين الكتل هي البيئة المثالية لتصاعد أعمال العنف والعمل الارهابي . والارهابيون يجيدون إستغلال هذه البيئة تماماَ لاشعال وتيرة العنف الطائفي . ومن المؤسف حقاَ أن القائمة العراقية قد علقت مفاوضاتها مع دولة القانون على هذا الاساس الطائفي وذلك إحتجاجاَ على تسمية رئيس دولة القانون السيد نوري المالكي حسب ما تدعي القائمة العراقية بأنها(قائمة سنية) وهذا يؤكد على دخول البعد الطائفي في أزمة تشكيل الحكومة , وهذا تطور خطير قادة الكتل يعرضون الوطن للمخاطر وبنفس الوقت يقدمون فرصة لقوى الارهاب لتفجير العنف الطائفي .
5- أن إستمرار الفراغ الامني والاحتقان السياسي يعني إستمرار تنامي خطر الارهاب والتدخلات الخارجية لا سيما وأن القوى الارهابية تعمل بوتائر متصاعدة لاعطاء إنطباع بأنها كانت عامل رئيس وسبب أساسي لانسحاب القوات الاميركية وإنهاء مهامها القتالية وذلك لايهام الشارع العراقي متجنبه الحديث عن بنود المعاهدة الامنية ومراحل تنفيذها لاجل تمرير أهدافهم الشريرة .
6- وكأنها تريد أن تعطي إنطباع بأنها من القوى المؤثرة والتي ستساهم في رسم مستقبل العراق بعد الانسحاب الاميركي لهذا فهي تصعد من عملياتها الارهابية .
7- إن إستمرار الصراع الذاتي بين كتل الاسلام السياسي والقوى القومية فأنها بمجموعها تساهم في تسهيل عملية إختطاف العراق من قبل قوى التطرف والارهاب .

الخلاصة والاستنتاج :
1- أن الكتل الفائزة والتي أفرزتها إنتخابات مارس 2010بقانونها الانتخابي اللاديمقراطي إنها قادت وتقود العراق بعيداَ عن مسارات الاستقرار السياسي والتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
2- أن هذه الكتل ليس فقط إنها بمجموعها تعرض العملية السياسية للخطر وإنما تعرض العراق شعباَ وأرضاَ لمستنقع خطر العنف والتطرف والطائفية وسيادة قوى الارهاب والعودة إلى نقطة الصفر وإنها بصراعها على السلطة تفسح المجال لقوى الارهاب في فرض قانون الغاب وتهديد أمن الوطن والمواطن .
3- أن هذه القوى بمجموعها لاتبني دولة عراقية وإنما تخلق سلطات طائفية وكتل طفيلية هامشية في المجتمع تتصارع على السلطة .
4- أن هذه الكتل وضعت نفسها فوق الدستور وأكدت بالممارسة إنه لايوجد تداول سلمي ولا توجد دولة المؤسسات الديمقراطية وإنما المهم أنانيتها ومصالحها الذاتية التي في نظرها هي فوق مصالح الشعب والوطن مصالح الشعب والوطن تذكرها هذه الكتل للتسويق الاعلامي لاغير .
5- هناك خيار وطني لحل أزمة تشكيل الحكومة بأن تبادر المحكمة الاتحادية العليا وفق الصلاحيات المحددة لها في الدستور بأنهاء حالة الجلسة المفتوحة للبرلمان يحدد موعد لها قريب وفق الدستور وينتخب البرلمان بأسرع وقت في إجتماع له رئيس ونائبين ورئيس للجمهورية , الحل الوطني هو الكفيل برسم مستقبل العراق على أسس وطنية بعيداَ عن أي نزعات طائفية وذاتية وهو البديل لمواجهة الارهاب .
6- في حالة تعذر ذلك فالوطن أغلى وأسمى من الذاتيون الذين يبيعونه في سوق النخاسة , مصالح الوطن والشعب فوق الجميع وتفرض على المحكمة الاتحادية العليا الدعوة لاجراء إنتخابات جديدة للبرلمان وإلغاء نتائج الانتخابات الحالية وأن تكون الانتخابات بعيداَ عن سطوة المفوضية العليا التي فشلت في إدارة إنتخابات الخارج ومارست أخطاء كبيرة أضرت بالعملية السياسية.
7- ولكن التوقعات صعب أن تبادر المحكمة الاتحادية العليا لاجراء إنتخابات جديدة لاسباب عدة ليس بصدد طرحها المؤشرات لا يوجد أفق لاقتراب إيجاد حل للأزمة وهذا ما تدركه الكتل جميعها لانها أدوات لقوى خارجية أرى أن الانسحاب الاميركي يحتاج لوجود حكومة للاتفاق على ترتيبات ما بعد الانسحاب , فأن الولايات المتحدة الاميركية ستمارس في الفترة القادمة دور آخر في حل الازمة ليس فقط طرح أفكار ولعب دور الوسيط وإنما ستمارس ضغوط قوية على الكتل لألزامها على التوافق و صحيح أن الولايات المتحدة بضغوطها ستحل الازمة ولكنها ستنتج لنا حكومة طائفية ضعيفة بلا كفاءات .
19-8-2010

 


139
الاسلام السياسي لايبني الوطن ولا يؤسس
لدولة ديمقراطية
فلاح علي
كل إنسان واعي بمقدوره التفريق بين الدين كرسالة وقيم سماوية ومبادئ وإيمان وعلاقة بين الخالق والانسان كشأن فردي خاص وحرية المعتقد وبين الاسلام السياسي الذي يوظف الدين لاهداف سياسية لا تمت بصلة لصفة الوطنية والمواطنة وبناء الوطن , بقدر ما تعمل قوى الاسلام السياسي لبناء سلطة إستبدادية وأسلمة المجتمع والقوانين وخلق مجتمعات منغلقة متعصبة ينهكها الجهل والمرض والفقر والعوزوالتهميش الاجتماعي وارهاب وصراع طائفي وغياب الحريات والحقوق بغياب القانون الديمقراطي وتبعية دائمة للدول الاقليمية .

الاسلام السياسي روض أمريكياَ :
تعاملت الولايات المتحدة الاميركية مع الحركات الاسلامية في مناطق عديدة من العالم وبالذات في منطقة الشرق الاوسط تعامل إيجابي من منطلق ترويض هذه الحركات بأيجاد صلة تفاهم معها على بعض القضايا , فأوجدتها أحياناَ أو ساعدت على وجودها وتأسيسها كما في إفغانستان والشيشان ودعمتها وساندتها في بلدان عدة كما في العراق ومصر والاردن والسعودية ... إلخ وهدف الولايات المتحدة هو من أجل المناورة بهذه الحركات كورقة بيدها هذا أولاَ وثانياَ لتصبح إحتياطي لها لتمرير مصالحها وتنفيذ مخططاتها . وبنفس الوقت قد قمعتها في مناطق أخرى وهذا ما إستوجب الامر كما في إفغانستان بعد أن ساهمت في تأسيسها في هذا البلد وذلك بعد أحداث 11/ سبتمبر 2001 .  وفي الصومال ومناطق أخرى . أن هيمنة الولايات المتحدة الاميركية على هذه الحركات قد حولتها لادوات بيدها تراعي فيها مصالح الولايات المتحدة الاميركية . وفي فترة العولمة الاميركية التي إقتضت مصالحها رفع شعار ( الديمقراطية وحقوق الانسان ) التي هي مبادئ إنسانية وحق طبيعي تناضل الشعوب من أجله ولكن الولايات المتحدة الاميركية تصر على تسويقها بنفسها للمتاجره بها هذا أولاَ وثانياَ تريد تطبيقها وفق الرؤية الاميركية وبأدوات لا تؤمن بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان كممارسة ونهج .

أمريكا مدركة بديمقراطيتها هذه  التي ستؤسلم المجتمعات والقوانين:
فهم الاسلام السياسي اللعبه الاميركية وأن أطراف منه آمنت بالديمقراطية إعلامياَ فقط وبهذا فأنها مارست سياسة نفعية بهدف التعايش مع السياسة الاميركية لتحقيق منافع على الارض وبعقلية تآمرية لجأت إلى صناديق الاقتراع كآلية من آليات الديمقراطية لاجل توظيفها للامساك بالسلطة السياسية والتوجه لاسلمة المجتمع والقوانين بدلاَ من سن قوانين ديمقراطية وبناء دولة عصرية حديثة قائمة على المؤسسات الديمقراطية وهذا ما يحصل في العراق الآن الصراع على السلطة السياسية بين الاطراف الاسلامية والقومية التي حصلت على الدعم الاميركي . أن قوى الاسلام السياسي والقوى القومية وراعيتهم الولايات المتحدة الاميركية يساعدها في ذلك قوى إقلميه لا يهم هذه القوى جميعاَ الوضع المآسوي الذي يمر به الشعب العراقي بسبب المأزق الاميركي في العراق بأختياره لاحزاب الاسلام السياسي وبعض القوى القومية لبناء ديمقراطية زائفة , وأيقن الشعب العراقي والشعوب التي حكمتها أحزاب الاسلام السياسي أن شعار الديمقراطية وحقوق الانسان الذي تنادي به الولايات المتحدة وتريد تطبيقه من خلال حركات الاسلام السياسي وبعض الحركات القومية ما هو إلا وهم وسراب ومع هذا لا تزال تراهن الولايات المتحدة على هذه الحركات الاسلامية وتضلل الرأي العام في العراق وفي العالم . من خلال ماكنتها الاعلامية الضخمة وإمكانياتها وترسانتها العسكرية أحياناَ بأنها على طريق بناء الديمقراطية في هذه البلدان وبأدواتها اللاديمقراطية  , ومن الناحية العملية فشلت في تطبيقها وظل الشعار تسويقي لاغير لكن  الشعب العراقي وقواه الديمقراطية الحقة يناضلان لفرض ديمقراطية حقيقية ذات محتوى إجتماعي وتسن فيها قوانين ديمقراطية وتداول سلمي للسلطة ومؤسسات ديمقراطية حقة . وسيقول الشعب كلمته النهائية بالديمقراطية ( المحجبه الاستبدادية) ذات البعد الطائفي التي تريد فرضها أميركا وأحزاب الاسلام السياسي والقوميون المتطرفون .

السمات المشتركة لاحزاب الاسلام السياسي :
أن أحزاب الاسلام السياسي لا يهمها الوطن بقدر ما يهمها توظيف الدين في السياسة وتضليل الناس وتجهيلها للسير ورائها في (مشروعها نحوالعالمية الاسلامية) أو ما يطلق عليه نحو الامة الاسلامية لا يعرف أين تمتد حدودها الجغرافية هذه هي حقيقة الاسلام السياسي وبهذا فأن كل حركات الاسلام السياسي في العالم تشترك بصفات وسمات تكاد أن تكون واحدة بغض النظر عن اللغه وعن الزمان والمكان ومن هذه السمات :
1- إزدواجية الخطاب السياسي , ويلاحظ في هذا الجانب قضيتان مهمتان الاولى تصريحات إعلامية تتناقض مع الممارسة العملية والقضية الثانية إختلاف المواقف وتعارضها بين بعض أحزاب الاسلام السياسي في المواقف والقضايا السياسية والاجتماعية .
2- إستعمال القوة والعنف أحياناَ مع الارهاب الفكري لتمرير مخططاتهم وتحقيق مصالحهم الفئوية الذاتية الضيقه فهم من القوى الانانية الذاتية في المجتمع , يشاركهم في هذه الصفة القوميون المتطرفون .
3- لا تدقق في العناصر المنظوية في صفوفها فنجد عناصرها خليط غير متجانس يفتقد إلى الرؤية المشتركة والثقافة والتعليم وبهذا فأن هذه التنظيمات في كل بلدان العالم هي أكثر من غيرها عرضة للاندساس من قبل شبكات إقليمية ودولية .
4- ليس لها برامج سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية , وأن كان للبعض من أطرافها برامج فما هي إلا خطابات وبيانات فضفاضة لا تتطرق إلى خطط وبرامج إقتصادية أو تتناول الحريات العامة والشخصية ونشر الثقافة الديمقراطية في المجتمع ومجمل هذه الحركات تحارب الثقافة والفن والموسيقى , وليس لديهم خطط لتوزيع الدخل والثروة و خطط لمحاربة الفقر والجهل وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وضمان حقوق الانسان..... إلخ .
5- هناك صفتان أخريتان تشترك بها كل الحركات الاسلامية الاولى هي المهادنة أي أقصد هنا الموقف من السياسة الاميركية مثال حركة القاعدة ساهمت في تأسيسها ودعمها وتمويلها وتسليحها الولايات المتحدة الاميركية وإرتبط مسؤولها إبن لادن في ال CIA . القاعدة في  أحداث 11/ أيلول بطريقة إنتقامية و همجيه لتأريخها المشين المرتبط بالسياسة والمواقف الاميركية المأجورة قامت بعمل إرهابي مدان دولياَ وبعد هذا العمل الارهابي شنت عليها الولايات المتحدة الحرب وسمتها بالقوى الارهابية , الحركات الاسلامية في الشيشان هادنت الولايات المتحدة وحصلت على دعم متنوع منها حركات إسلامية في أندونيسيا حصلت على دعم من الولايات المتحدة بعد أن هادنتها وحركات إسلامية أخرى في مصر والسعودية والاردن وفي العراق الآن . والصفة الاخرى أن هذه الحركات لا تتردد من التحالف مع الانظمة الدكتاتورية المعادية لمصالح شعوبها إذا ما إقتضت مصالحها الضيقة ذلك وخاصة لمواجهة المد اليساري الديمقراطي في البلد المعني أو لمصالح أخرى ذات طابع دولي وإقليمي .
6- ومع هذا تشترك الحركات الاسلامية بصفة إختلاف الرؤى والمواقف والانقسامات الداخلية وهذا يعود للجهات التي تقف وراء هذه الحركات والتي تقدم لها الدعم والمساعدة .
7- تشترك أحزاب الاسلام السياسي بصفة واحدة مشتركة لها جميعاَ وهي (أسلمة المجتمعات والقوانين) ونتيجة لسياستها البراغماتية النفعية في التعايش مع السياسة الاميركية فكثير من هذه الحركات تمثل أدوات وقوى إحتياط ملبية للمصالح الاميركية فتمكنت بهذه السياسة من الوصول إلى السلطة وبدأت بالقدر الذي تسمح فيه الديمقراطية الاميركية في سن قوانين لاسلمة المجتمع , وبهذا ففي ظل العولمة الاميركية أصبحت أسلمة المجتمعات في البلدان العربية والشرق أوسطية تتم من خلال تشريع قوانين الاغلبية الاسلامية في البرلمان وليس من خلال إستخدام القوة والعنف . 

الاسباب المساعدة لتنامي الاسلام السياسي :
هناك أسباب دولية وأقليمية ساعدت وتساعد في ذلك كثير منها مطروق ومعروف للقارئ وللواعين من أبناء الشعب ولكن سأركز على بعض الاسباب والعوامل الداخلية :
1- النظام التعليمي بشكل عام عامل مساعد لنمو الاسلام السياسي أن نشر الاساطير الخرافية وحجب الطالب عن التفكير والبحث العلمي ومصادرة حقه في نقد المناهج التعليمية وهذه بدورها تشجع على تنامي التلقين لدى الطلبة وتنحصر المعرفة وينعدم الابداع في مختلف المراحل الدراسية .
2- الفقر والعوز والبطالة تنتج فئات إجتماعية واسعه مهمشة وهذه الفئات سهل إصطيادها وبالذات الشباب من قبل أحزاب وحركات الاسلام السياسي .
3- تنامي القدرات الاعلامية لاحزاب الاسلام السياسي فأصبحت تحت تصرفهم ماكنة إعلامية ضخمة فشهد العراق ودول أخرى عشرات القنواة التلفزيونية الدينية ولا يعرف مصدر تمويلها تتطفل على البيوت وتبث الخرافات لاجل أن يستوطن الجهل في عقول الناس وبالذات الشباب منهم ومن يشاهدها يتيقن أن هناك خطط وبرامج متنوعة وهذه واحدة منها لغرض تدين المجتمع , وكأن المجتمع قد نسى دينه والقيم السماوية السمحاء فجاءت هذه القنوات لتساعد في تذكير الناس على دينهم ولكن الحقيقة أن هذه القنواة تنشروتبث كل ما له علاقه بالجهل والتخلف والحقد والكراهية وحتى النفور الطائفي .
4- وجود الميليشيات وبأسماء محسنه ولكن هدفها واحد وغياب القانون وإنحسار الحريات وتكثير فرق وجماعات للتبشير الديني وكأن هؤلاء الدعاة وغيرهم قد وضعت تحت تصرفهم إمكانيات دولة يظهرون أمام الناس كقوة ضغط ملزمة الطاعة وتنفيذ تعليماتهم وهذا يحدث في ظل غياب القانون وكأنه لاتوجد دولة تضمن وتصون حقوق المواطنة .
5- محاربة الفن والموسيقى والسينما والمسرح وإن وجدت نشاطات فهي في حدود العواصم لحد ما توظفها أحزاب الاسلام السياسي للدعاية الاعلامية أو تفرضها إرادة و قوة المثقفون وضغطهم في العواصم فقط أما في المدن والارياف فهي معدومة أو محدودة النشاط ومهمشه ومحاربة وتخضع لضغوطات .
6- تراجع وإنحصار قوى اليسار والديمقراطية في غالبية البلدان العربية والشرق أوسطية .
7- الاعلام الاميركي قد نفخ كثيراَ في حركات الاسلام السياسي , وعن قصد أظهرها هي القوى الوحيدة لمقاومة الغطرسة والعدوان الاسرائيلي والمشاريع الاميركية في المنطقة ولم يكشف العلاقات الخارجية لهذه الحركات وإرتباطاتها كما إنه لم يكشف عن طبيعتها الطائفية المدمرة للسلم الاهلي والوحدة الوطنية للبلدان وهذا يعود لعدة أسباب واحدة منها أن كل حركات الاسلام السياسي تشكل رصيد إحتياطي للمصالح الاميركية في المنطقة والعالم توظفها متى ما تشاء .
8- بلا شك هناك أسباب أخرى كثيرة منها ظهور النظام الدولي الجديد و إنهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي وفشل الاحزاب القومية ودور إيران وغياب الديمقراطية الحقيقية في كثير من البلدان العربية والشرق أوسطية وعدد من العوامل ولكن في غالبيتها واضحة ومعروفة لذلك لم أتطرق لها .

ما العمل لمواجهة المتطرفيين والتكفيريين :

1- العمل مع الديمقراطيين الاسلاميين إن وجدوا والحركات المعتدله والتي تؤمن بالديمقراطية وإيجاد أرضية مشتركة للصراع الفكري معهم والبدأ بنقد الخطاب السياسي المتطرف , والخوض في نقاشات وتكثير البحوث والدراسات حول قضايا سياسية مثلاَ علاقة الدين بالدولة , وأن القوانين الوضعيه لا توجد العدل والمساواة إلا إذا كانت ديمقراطية وحول دور المرأة في المجتمع ومساواتها في العمل والحقوق مع الرجل . والموقف من الديمقراطية ... إلخ أعتقد أن هذه الحوارات والبحوث والدراسات من شأنها أن تساعد على التقارب بين اليساريين والديمقراطيين و الشخصيات الاسلامية التي تؤمن بالديمقراطية والحركات المعتدلة في مجالات متنوعه منها إجتماعية وحتى سياسية .
2- لقد أظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة عدة حقائق ومعطيات قد تيقنتها أوساط غير قليلة من جماهير الشعب ومن هذه الحقائق والمعطيات هي أولاَ أن هذه القوى التي فازت في الانتخابات بمجموعها غير قادره على بناء دولة عراقية حديثة عصرية ذات نظام ديمقراطي يتم فيه التداول السلمي للسلطة وبنفس الوقت إنها غير قادرة على تلبية حاجات ومتطلبات الشعب وتأمين مصالح الوطن بقدر ماهي قوى تعمل لمصالحها الذاتية وهمها السلطة السياسية , إضافة لانها غير مؤتمن لها على مصالح الشعب وضمان حرياته وحقوقة وهناك مؤشرات عديدة واحدة منها سرقة أصوات الناخبين بتعديلها لقانون الانتخابات وسنها لقانون إنتخابي لا ديمقراطي يضمن هيمنتها على السلطة فهي بمجموعها قوى إستبدادية والحقيقة الاخرى أن هذه القوى إنها فاقده لجماهيرية متجذرة في المجتمع العراقي وما حصلت عليه من أصوات هو بسبب وجودها في السلطة والدعم الاقليمي المالي والاعلامي لها وقانون الانتخابات الجائر وعمليات التزوير وما يؤكد ذلك أن هذه القوى بدأت الآن تفقد جماهيريتها بسبب تأخير تشكيل الحكومة وفهمت غالبية الجماهير إنها قوى سلطة وهيمنة وإستبداد والسبب الآخر عجزها عن توفير الخدمات وحل مشكلة البطالة وفشلها في محاربة الفساد والقضاء التام على الارهاب ....إلخ .
3- وعلى ضوء ما ذكر في الفقرة رقم 2 فأن كل المواثيق والشرائع الدولية و مواثيق حقوق الانسان والشرائع السماوية تؤكد على حق الشعب والحركات الشعبية في أولاَ النقد العلني لهذه القوى بمجموعها وثانياَ في اللجوء إلى حق النضال الجماهيري الواسع للضغط على هذه القوى المهيمنه من أجل إنتزاع حقوقها وتقليل من شرر مصالحها الانانية الذاتية  المضعفه لعوامل بناء الديمقراطية الحقة دع عن ذلك إنها قوى لا ديمقراطية لقد هيمنة على السلطة بوسائل غير ديمقراطية وحولت الصراع الوطني والطبقي وصراع البرامج السياسية إلى صراع أديان ومذاهب وطوائف وهويات ثانوية وهذا يؤدي إلى تنامي دور القوى المتطرفة في المجتمع ويعرض وحدة الوطن ومصالح الشعب للخطر .
4- أن جماهير الشعب تواجه الآن أوضاع صعبه بعد أن خذلتها هذه القوى المهيمنه وقامت بسرقة أصواتها فمن الفقر والبطالة إلى غياب وتدهور الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وغياب الخدمات الاساسية كالكهرباء وضعف البطاقة التموينية .... إلخ أن جماهير الشعب مهيئة الآن للنضالات الاحتجاجية الجماهيرية وتؤكد كثير من المعطيات على ظهور مشاعر الاستعداد لدى الناس لتنظيم أنفسهم في تجمعات بعيدة عن أحزاب السلطة وإستعدادهم للدفاع عن حقوقهم وحاجاتهم وإنتزاعها .
5- أن هذا التطور في مزاج الناس وما أكدته مظاهرات الكهرباء يدفع بأتجاهين من وجهة نظري الاتجاه الاول يدفع بقوى اليسار والديمقراطية لمحاسبة الذات من أجل التنسيق وتوحيد نشاطاتها والتوجه لجماهير الشعب ومساعدته على صياغة المطاليب والمهام وبلورة أشكال تنظيمية مرنة تساعد الشعب في المضي بنضالاته الاحتجاجية وتواصلها والاتجاه الثاني أن كل هذه القوى التي فازت في الانتخابات البرلمانية بعد عجزها عن تشكيل الحكومة وفشلها في حل أزمات البلد إنها بمجموعها معرضة لانشقاقات وإنقسامات وسسيظهر فرز جديد وإصطفافات جديدة , على قوى اليسار والديمقراطية أن تكون مهيئة لهذه الاصطفافات الجديدة بأنغماسها أكثر وسط الجماهير الشعبية ليكون الفرز الجديد لصالح الديمقراطية ومصالح جماهير الشعب رغم صعوبة  تحديد إتجاهات و ملامح هذا الفرز والاصطفافات القادمة والتي لابد منها لتخليص الشعب والوطن من شرور القوى المهيمنة  .
6- أن المزاج الجماهيري الآن يدفع كل قوى اليسار والديمقراطية إلى التوجه إلى مهمة تصعيد النضالات المطلبية والاحتجاجية لجماهير الشعب وتفعيل دور النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني .
7- جماهير الشعب تنتظر بروز قطب يساري ديمقراطي قوي فاعل ومؤثر يعمل وفق برنامج الحد الادنى مع إمتلاك وسيلة إعلامية جماهيرية ( قناة تلفزيونية ) لابديل عنها في التأثير الجماهيري . أن نهوض قوى اليسار والديمقراطية سيكون عامل دفع قوي وفاعل لتجديد طاقات الشعب وتوحيدها للضغط على البرلمان والحكومة القادمة لحل أزمات البلد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسن قوانين ديمقراطية تؤسس لبناء دولة عصرية حديثة وتضع العراق على طريق التقدم والازدهار . 
8-8-2010
 

140
التحالف الكوردستاني ساهم بفاعلية في إضعاف
التيار الديمقراطي في العراق
فلاح علي
تأريخياَ تعمقت روابطن نضالية تضامنية وطيدة وعلاقات تحالفية وتنسيق وعمل مشترك بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الكوردستاني وعمدت هذه العلاقة في ظروف النضال الصعبة وتجذرت في مرحلةالتحررالوطني من السيطرة الاستعمارية البريطانية وفي فترة النضال ضد الانظمة الدكتاتورية وكانت لهذه العلاقة النضالية المتميزة بين الحزبين قد أعطت بعد عراقي وأممي لدعم حق نضال الشعب الكوردي في نيل حقوقة القومية , وخاض الحزبان أساليب نضال متنوعة ومشتركة ومع بقيةالقوى الوطنية الاخرى على الساحتبن الكوردستانية والعراقية من أجل الديمقراطية ونيل الحقوق القومية للشعب الكوردي .

دورالحزب الشيوعي العراقي في دعم نضال الشعب الكوردي في العراق :

الحزب الشيوعي العراقي أول حزب سياسي في العراق يتبنى حقوق القوميات المكونة لشعبنا العراقي ومنها الشعب الكوردي وهذا نابع من موقف ومن سياسة وفكر وأممية الحزب الشيوعي العراقي , وكان مؤسس الحزب الشيوعي العراقي الخالد فهد قد جسد هذه المواقف والسياسات في خطوات عملية , منها ثبت حقوق الشعب الكوردي في برنامج الحزب الشيوعي العراقي , وأسس الفرع الكوردي لتنظيم الحزب الشيوعي العراقي في كوردستان وخاض نضالات جماهيرية في الاربعينات من القرن الماضي في مدن السليمانية وأربيل وكركوك من أجل الدفاع عن حقوق جماهير هذه المدن وتبنى مطاليب الفلاحين والعمال والكادحين ودافع عنها وتبنى الحقوق القومية للشعب الكوردي , وحارب الشوفينية وضيق الافق القومي وهيئ الرأي العام العراقي لدعم نضال الشعب الكوردي , نشرت الثقافة الجديدة لاحقاَ مذكرة الخالد فهد موجهه للحكومة آنذاك والرأي العام العراقي والعربي والعالمي ومن ضمن ما جاء فيها تدعوهم للوقوف مع الشعب الكوردي وتبني حقوقة القومية , وشعار الحزب الشيوعي في تلك الفترة ( على صخرة الاتحاد العربي الكوردي تتحطم كل مؤامرات الاستعمار والرجعية) لا يزال يحتفظ بأهميته وضرورته .
وفي عام 1957 عندما تشكلت جبهة الاتحاد الوطني رفض البعثيون وحزب الاستقلال والوطني وغيرهم إنضمام الحزب الديمقراطي الكوردستاني لجبهة الاتحاد الوطني إلا أن الحزب الشيوعي أكد على ضرورة وجود الحزب الديمقراطي الكوردستاني في جبهة الاتحاد وأقام تحالف ثنائي معه .
مواقف الحزب الشيوعي العراقي من الحرب في كوردستان في عام 1960 -1961 لا تزال صفحة مشرقة مجيدة للشيوعيين العراقيين ودخل في تلك الفترة المئات من الشيوعيين للسجون والمعتقلات بسبب المظاهرات التي شاركوا فيها والتي تطالب  ( بالسلم في كوردستان وتدعوا لحق الشعب الكوردي في نيل حقوقة القومية) وفي عام 1963 شارك الحزب الشيوعي في الثورة الكوردية وشكل قوات الانصار الشيوعية وخاض معارك بطولية للدفاع عن الشعب الكوردي وحقوقة القومية , ومن المعارك التي خاضها الانصار الشيوعيون آنذاك على سبيل المثال معارك جبل هندرين لا تزال حيه عبقة يتذكرها من عاشها ومن سمع عنها من أبناء شعبنا الكوردي .
وبعد جفوة عام 1973 العابرة عادت وتعمقت الروابط النضالية الكفاحية ففي أواخر عام 1979 خاضى الحزبان الكفاح المسلح ومعهم قوى كوردية جديدة على الساحة ( مثل الاتحاد الوطني الكوردستاني والاشتراكي وباسوك وغيرهم ) وتشكلت آنذاك تحالفات ( جوقد وجود) .
وفي تلك الفترة إنخرط في الكفاح المسلح ضمن قوات الانصار الشيوعية المئات من الاعضاء شابات وشباب الحزب الشيوعي العراقي والكثير من أصدقاء الحزب , ومن مختلف القوميات والاديان ومن كافة محافظات العراق , وبوجود هؤلاء الانصار في كوردستان أعطت للحركة المسلحة الكوردية بعداَ عراقياَ , وشهدت جبال كوردستان ووديانها وسهولها معارك بطولية خالدة خاضها الانصار الشيوعيين دفاعاَ عن كوردستان العراق وعن قراها وجماهيرها ودفاعاَ عن حقوق الشعب الكوردي العادلة ومن أجل الديمقراطية للعراق . والمئات من الشيوعيين إستشهدوا وضحوا بحياتهم وروة دمائهم الزكية أرض كوردستان الطاهرة لا تزال قبورهم في قرى وسفوح وديان وسهول  كوردستان شواهد على تضحياتهم لن ولن ينسى الشعب الكوردي مواقف الانصار الشيوعيين وبطولاتهم وتضحياتهم .
شعارات الحزب الشيوعي التي صاغها خلال مراحل النضال والمتعلقة بالقضية القومية للشعب الكوردي قد تطورت تبعاَ لتطور المرحلة من الحكم الذاتي لكوردستان إلى الحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان إلى شعار الديمقراطية للعراق والفيدرالية لكوردستان .
كان الحزب الشيوعي العراقي يحرص على تهيأة الرأي العام العالمي للتضامن مع قضية الشعب الكوردي العادلة ففي تلك المحافل والمؤتمرات الاممية كان الشيوعيين العراقيين يبرزون نضال الشعب الكوردي العادل من أجل نيل حقوقه القومية ويدعون للتضامن معه ومع قواه الوطنية وتمكن الحزب الشيوعي العراقي من إضفاء بعداَ إممياَ للتضامن مع الشعب الكوردي وقضيته العادلة .
إني ليس هنا بصدد إستعراض مواقف ونضالات ودور الشيوعيين العراقيين من دعم وتبني والتضامن والتضحية من أجل حقوق الشعب الكوردي العادلة فهذه المواقف النضالية هي صفحات مشرقة ومجيدة للشيوعيين العراقين ودورهم في صنع تأريخ العراق السياسي الحديث فهي في ذاكرة الوطنيين والمناضلين وذاكرة الشعبين الكوردي والعراقي . ليس بصدد شرح التأريخ النضالي الطويل الحافل بالعطاء والتضحيات للشيوعيين العراقيين من أجل دعم نضال الشعب الكوردي وتبني حقوقة القومية العادلة ولكن ما أود طرحة هنا هو تقديم حالة نقدية لبعض مواقف  التحالف الكوردستاني بعد عام 2003 .

التحالف الكوردستاني قوض دور قوى اليسار والديمقراطية :
بعدسقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003 من خلال الحرب وإحتلال العراق ظهرت إستقطابات في المشهد العراقي غريبة على الشعب العراقي , فبدلاَ من أن تكون هذه الاستقطابات بأتجاه  تحالفات تيارات  سياسية أختير لها بأن تكون إستقطابات طائفية وقومية , وتجلت بشكل أكثر في تقاسم المناصب والصراع على السلطة وتقسيم الغنائم .
تعمقت هذه الاستقطابات قبل وبعد عام 2005 عندما تم التهيئ لاجراء الانتخابات البرلمانية آنذاك , فبدلاَ من تشكيل كتلة واحدة للاحزاب الوطنية والديمقراطية العراقية الممثلة لقوميات شعبنا المتآخية لخوض الانتخابات من أجل  بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد , نرى أن القوى الكوردية إنساقت وراءالمخطط الاميركي- الايراني , هو أن الشعب العراقي يتكون من السنة والشيعة والاكراد وبهذا بدأت الاستقطابات الطائفية والقومية وتشكلت الكتل الانتخابية على هذا الاساس وظهر التحالف الكوردستاني .
نتيجة إنتخابات عام 2005 وضعت اللبنة الاساسية للمحاصصة الطائفية والقومية في إدارة السلطة السياسية وفي تقاسم المناصب السيادية . رغم إنها سميت بالديمقراطية التوافقية ولكن من الناحية العملية إنها كانت محاصصة طائفية قومية بين الكتل الفائزة.
نتج عنها إختلال في الرؤية السياسية و الفكرية من قبل التحالف الكوردستاني , فهذا الاختلال تجسد في تقديم الرؤية القومية والمحاصصة الطائفية القومية على الرؤية الديمقراطية لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي .لقدتوهم قادة التحالف الكوردستاني بأن بناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد يتم من خلال نهج المحاصصة بين الكتل الفائزة في الانتخابات .
ما أكدته تجربة السبع سنوات الماضية أن التحالف الكوردستاني كان طرف أساسي في الازمة السياسية وتعقيداتها التي مر و يمر بها البلد بسبب تمسكه بنهج المحاصصة الطائفية .

ما يؤكد تخلي التحالف الكوردستاني عن النهج الديمقراطي أذكر بعض الامثلة:
إن كان نهج المحاصصة الطائفية والقومية هو أحد المعطيات الاساسية التي تميزبهاالتحالف الكوردستاني رغم إدراكهم لخطورة هذا النهج  الذي ساهم في تعقيد أزمات البلد ومنها الازمة السياسية وعامل إضعاف للقوى الوطنية والديمقراطية و بنفس الوقت عرقل تطور العملية السياسية و لكنهم لم يتخلوا عنه وتأكد خلال السبع سنوات أن هذا النهج  خدم و يخدم مصالح فئوية ذاتية بدلاَ من تلبية مصالح الشعب ومستقبل الوطن وتطور العملية السياسية .
و حتى التطبيقات العملية للديمقراطية الحقة وقوانينها إخضعت للمحاصصة الطائفية والقومية والمساومات وإن كان من مثال أذكره هنا هو إقرار قانون الانتخابات البرلمانية , الذي أدخلوه في صفقة ذاتية بعيدة عن مصالح الشعب الكوردي و مصالح الشعب العراقي والتوجه الديمقراطي لبناء البلد , عندما صوتوا لهذه الصفقة لقانون الانتخابات اللاديمقراطي بتحويل العراق إلى دوائر وأن تكون المقاعد التعويضة للكتل الفائزة , هذا الموقف الذاتي البعيد عن  تعميق الديمقراطية وترسيخها جاء ليس في صالح قوى اليسار والديمقراطية في العراق والعملية السياسية وتطورها ولبناء المؤسسات الديمقراطية في العراق . وبهذا أعتقد أن التحالف الكوردستاني قبل غيره يفترض قد أدرك أن نهج المحاصصة الطائفية والقومية لايؤسس لنظام ديمقراطي فيدرالي في العراق . فهل يتخلى التحالف الكوردستاني عن هذا النهج ويتبنى النهج الديمقراطي ؟
وافقت قيادة التحالف الكوردستاني على أخذ المقعد التعويضي من الحزب الشيوعي الكوردستاني الذي حصل على 22 ألف صوت في الانتخابات البرلمانية الاخيرة وتم إعطائة للقيادي في الاتحاد الوطني  الذي حصل على 4000 صوت أو أكثر بقليل . إذا كان الحزب الشيوعي الكوردستاني هو ضمن التحالف الكوردستاني ودخل الانتخابات كعضو في كتلة التحالف , وساهم بقوة في الدعاية الانتخابية للتحاف الكوردستاني وصوت أعضائه وأصدقائه وجماهيره للتحالف الكوردستاني . فلماذا عند توزيع المقاعد يعامل كطرف آخر أو كتلة أخرى وكأنه ليس مكون من مكونات التحالف الكوردستاني ؟ هل هذه ممارسة ديمقراطية؟ من يقف وراء هذه العملية ؟ ألا تعني أن هذه اللعبة إنها تعبر عن لغة القوة والهيمنة والاستئثار إضافة لكونها ممارسة غير ديمقراطية وتصرف غير واضح ؟

التحالف الكوردستاني أمام إختبار جديد :

القرار العادل الاخير الذي إتخذته المحكمة الدستورية في يوم 14-6-2010 الذي يستند للدستور و القاضي بعدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في إنتخابات مجلس النواب , وإعتبار النص الوارد في الفقرة ( رابعاَ) من المادة (3) من قانون تعديل قانون الانتخابات الرقم 26 لسنة 2009 نصاَ غير دستوري وبالتالي يعتبر باطلاَ , وتشير المحكمة الدستورية في حكمها إلى عدم جواز سن قانون يتعارض مع الدستور , وإستناداَ إلى أحكام المادتين (20) و(38/أولاَ) من الدستور قضت بعدم دستورية الفقرة آنفة الذكر (1)
الشعب العراقي بكافة قومياته ومعه كل قوى التيار الديمقراطي ينتظرون الآن الموقف الواضح من التحالف الكوردستاني ليؤكدعلى صدقيته في تبني النهج الديمقراطي , بأن يتخذ قراره الحاسم في إحقاق الحق وإرجاعة لاصحابه وفق الدستور , وذلك بأن ينتصر لقرار المحكمة الدستورية , ويقف مع كل قوى التيار الديمقراطي في المطالبة بتنفيذ قرار المحكمة الدستورية على إبطال نتائج التوزيع الغير عادلة والغير دستورية للمقاعد الشاغرة على القوائم الفائزة وإعادة توزيعها على القوائم والمرشحين الذين سلبت منهم ,تلك هي الترجمة العملية الجديدة لموقف التحالف الكوردستاني , هل يترجم موقفه العملي المنتظر لانتصارة للقانون والدستور والديمقراطية ويطالب الكتل الاخرى بتنفيذ قرار المحكمة الدستورية في هذه الدورة الانتخابية .
في الايام القادمة سيتعرف الشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية على موقف التحالف الكوردستاني من هذه القضية . فهل سينجح التحالف الكوردستاني في هذا الاختبار الجديد وينتصر للديمقراطية ؟
(1) المصدر . موقع الطريق الالكتروني التابع للحزب الشيوعي العراقي .
26-6-2010

141
التحالف الوطني الهش وأزمة تشكيل الحكومة

فلاح علي
بعد إعلان كتلة الاتلاف الوطني التي يقودها السيد عمار الحكيم ودولة القانون التي يقودها السيد نوري المالكي على إندماجهما تحت إسم التحالف الوطني من أجل المشاركة في البرلمان في كتلة واحدة وتشكيل الحكومة, في الوقت الذي يحق فيه لجميع الكتل بأقامة تحالفات فيما بينهما لتشكيل الحكومة. ولكن خروج التحالف الوطني بطريقة إندماج بين كتلتين بعد الانتخابات أمر يحتاج إلى دراسة وتسليط الاضواء على هذا التحالف الجديد .

ماهي مدلولات هذا التحالف الوطني الجديد :

حيث عبر عنه السيد أياد علاوي بأنه تحالف طائفي وذهب أكثر من ذلك عندما صرح عقب تشكيل هذا التحالف بأنه يمثل تهديداَ إيرانياَ للعراق عبر محاولة التدخل في تشكيل الحكومة هذا ما أعلنه السيد أياد علاوي  ونقلت وكالات الانباء تصريحة ولكن الواقع الفعلي  إرتباطاَ بما تمر به البلاد من أزمة تشكيل الحكومة الآن قد أكد :
1- الواقع يشير أن هذا التحالف قد خلق أزمة دستورية في البلاد وتحديداَ بصدد تفسير المادة 76 من الدستور العراقي التي تحدد من له حق في تشكيل الحكومة . وهذه أزمة دستورية أوجدها التحالف الجديد في البلد .
2- أن الواقع يؤكد أن التحالف الوطني الجديد لا يجد حلول للعقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة لا بل يفاقم ويعقد هذه العقبات والصعوبات , كما إنه لايعطي إنطباع جيد وتفائل للناخب العراقي بمستقبل العملية السياسية وجوهرها بناء الدولة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة السياسية .
3- لا سيما وأن القائمة العراقية تعتبر نفسها هي الكتله الفائزة في الانتخابات والتي يحق لها تشكيل الحكومة وفق إستحقاقها الانتخابي , فأنها أي القائمة العراقية تنظر لهذا التحالف على إنه يسرق حقها في تشكيل الحكومة وأن هذا التحالف يلتف على إرادة الناخب العراقي .
4- لهذا ترى القائمة العراقية أن التحالف الوطني قد عقد الازمة السياسية في البلاد وستترك الابواب مفتوحة على تطورات لا يحمد عقباها .
5- على الصعيد الاقليمي والدولي توجد ردود فعل متباينه من التحالف الوطني الجديد , ولكن يتضح أن ردود الفعل الاميركية قد يقرأ منها إنها متحفظة على ظهور كتلة التحالف الوطني ويبدوا إنها قد رأت في هذا التحالف إنه سيأخر تشكيل الحكومة لفترة طويلة  نظراَ لتعثر المفاوضات بسبب  إنبثاق هذا التحالف هذا أولاَ وما يسببه من إحراج لها إنها تهيئ لسحب قواتها من المدن في شهر آب القادم ومن ناحية ثانية أن هذا التحالف يثير مخاوفها من إستبعاد بعض القوى الفائزة في الانتخابات مثل القائمة العراقية ومن ناحية ثالثة أن هذا التحالف كما هو معروف هو بمباركة الحكومة الايرانية , وهذا ما تنظر له الولايات المتحدة الاميركية إنه يسهم في زيادة النفوذ الايراني في العراق في حال تمكن هذا التحالف الذي يملك 159مقعد من تشكيل الحكومة بتحالفة مع كتلة أخرى . ومن منظور المصالح الدولية والاقليمية فهذا يثير قلق الولايات المتحدة الاميركية على مصالحها بعد الانسحاب .
6- من هذا قررت الولايات المتحدة الاميركية التدخل في تشكيل الحكومة العراقية وأرسلت إلى بغداد يوم أول أمس مساعد وزير الخارجية ( جيفري فيلتمان ) إضافة  لجهود المبعوث البريطاني كريستيان تيرنر والاممي إد ميلكرت ولا سيما لقاءات المبعوث الاميركي مع المسؤوليين العراقيين لتقريب وجهات النظر بين الكتل المتصارعة على منصب رئيس الوزراء ويبدوا أن الولايات المتحدة تريد حلول توافقية وتطرح حكومة الشراكة الوطنية .

العقبات التي تعرقل إنبثاق حكومة الشراكة الوطنية ومنها :
1- فشل اللقاء بين رئيس كتلة دولة القانون السيد نوري المالكي والسيد أياد علاوي رئيس القائمة العراقية ومن تجليات فشل هذا اللقاء هو تصاعد الخلافات بين الكتلتين حيث بدأ كل طرف يتمسك بحقه في تشكيل الحكومة وتصاعدت معها حدة التصريحات الاعلامية .
2- التحالف الوطني الجديد يمر بأزمة حادة حول إختيار رئيس الوزراء , دولة القانون تصر على مرشحها السيد نوري المالكي مقابل رفض التيار الصدري إضافة إلى إنه مطروح ثلاث مرشحين ولم يحسم الاتلاف مرشحة لمنصب رئيس الوزراء وهذه أزمة يمر بها التحالف الوطني مما يجعله تحالف هش لا يصمد أمام الضغوط الاميركية والاقليمية .
3- إثيرت أزمة دستورية وأزمة جديدة للتحالف الوطني هذا اليوم 18-6 حيث ردت المحكمة الدستورية للطلب الذي تقدم به التحالف الوطني لتسجيله كأكبر كتلة برلمانية هذا ما نقلته وكالات الانباء وحولت المحكمة الدستورية الطلب إلى مفوضية الانتخابات للبت بتسجيلة , وكما هو معروف أن مفوضية الانتخابات قد فتحت الباب أمام تسجيل الكتل والكيانات والتحالفات قبل بدأ الانتخابات في 7 مارس وإنتهت الفترة القانونية قبل بدأ الانتخابات , وبهذا أصبح تسجيل التحالف الوطني في مفوضية الانتخابات أمر مستحيل . وبهذا ستزداد أزمة التحالف الوطني ويزداد معها أزمة تشكيل الحكومة .
4- الكتل الفائزة لن تتوصل بعد إلى إجماع حول المناصب الرئيسية الثلاث رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية حيث لم تعلن القائمة العراقية إلى الآن عن موقفها من إعادة إنتخاب مرشح التحالف الكوردستاني السيد جلال الطالباني لدورة ثانية وكذلك لم يتوصلوا إلى إجماع على منصب رئيس البرلمان

الخلاصة والاستنتاجات :
1- أن أزمة تشكيل الحكومة سوف تستمر عدة أشهر وسيظهر فراغ سياسي , وبهذا فأن الازمة الحالية حول تشكيل الحكومة قد تصل لازمة مستعصية الحل , وبهذا فأن الازمة ستشكل خطر على حاضر العراق ومستقبله وعلى مجمل العملية السياسية وطبيعة العلاقة بين القوى الوطنية .
2- مخاطر أزمة تأخير تشكيل الحكومة ستكون مصدر للفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار ليس فقط على الصعيد السياسي بين الكتل الفائزة وإنما تؤثر عواقبها على الجانب الاجتماعي والاثني والمذهبي .
3- وبذلك سيكون ليس غريباَ أو مستبعداَ تصاعد موجات العمليات الارهابية والعنف السياسي في ظل أجواء عدم القدرة على تشكيل الحكومة .
4- أن تأخير تشكيل الحكومة سيخلق فراغ دستوري لا يحل إلا بواحد من الخيارين أما إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة أو إختيار مرشح تسوية من خارج الكتل الفائزة .
5- أن حاجات الشعب وطموحاته والمصالح العليا للوطن تفرض البحث عن حل وطني , لانه لايزال الحل الوطني غائب وهو حل شامل ليس فقط لتشكيل الحكومة وإنما لكل أزمات البلد , ولا بد من أن تشترك كل القوى السياسية في هذا الحل الوطني حتى التي لم تفز في الانتخابات وليكن مرشح التسويه من القوى الديمقراطية التي هي القادرة على إخراج البلد من أزمته الحالية وأزماته المستعصية الاخرى وهي القادرة على تشكيل حكومة مشاركة ووحدة وطنية لا سيما أن القوى الطائفية والقومية  أغرقت البلاد بأزمات منذ 7 سنوات إلى الآن وتركت الشعب فريسة للارهاب والمرض والبطالة والجوع والتشرد والامية وفقط ضمنت مصالحها الذاتية .
18-6-2010 

142
القيادات الميدانية وقيمتها في الحزب اليساري الديمقراطي


فلاح علي
أنطلق من هذه المقالة لأجل تسليط الاضواء على القيادات الميدانية ودورها في النفوذ الجماهيري والتأثير السياسي للحزب اليساري الديمقراطي في المجتمع , وإنها أي القيادات الميدانية واحدة من العوامل الذاتية التي تسهم في إستمرار أزمة اليسار أو نهوضة , فأن فتح باب الحوار حول هذه الموضوعة إنطلاقاَ من المهامات والاهداف التي يناضل من أجلها اليسار الديمقراطي في المجتمع العراقي تكون واحدة من أهم العقد التنظيمية التي تحظى بأولوية في البحث والدراسة المكثفة والدقيقة العملية للوصول لاستنتاجات تخدم اليسار الديمقراطي بكل قواه . لانه لا يمكن الحديث عن إنجاز خطط وبرامج وتوجهات بدون آهلية وقدرة هذه القيادات ولا يمكن الحديث عن فهم الواقع الاجتماعي والعلاقة مع الجماهير وتوسيع التنظيمات وفهم حاجات الجماهير وبلورتها في مطاليب وقيادة النضالات الجماهيرية بدون فاعلية ومبادرة هذه القيادات , ولا يمكن الحديث عن وضوح الخط السياسي والفكري ووضع التاكتيكات السليمة في المنعطفات الحادة بدون نضوج وتطور وإنفتاح وديناميكية هذه القيادات , ولا يمكن الحديث عن كسر حالات الاحباط واليأس وتبيان الآفاق المستقبلية المشرقة لمستقبل اليسار بدون إستيعاب فكر الحزب من قبل هذه القيادات ولا يمكن تحقيق نجاحات بدون فاعلية ونشاط وتأثير وتفاني هذه القيادات الميدانية .

من هو القائد الميداني ومن هي القيادة :
أن الاعضاء في صفوف الحزب يفترض هم ليسوا أرقام مجردة وإنما مناضلون إنتموا إلى الحزب بعد أن إستوعبوا فكرالحزب وسياسته ومواقفة وتأريخة ومهامة وأهدافة وإستوعبوا حاجات الجماهير وطموحاتها وأتقنوا حسن العلاقة الصادقة معها , فالعضو المتميز من هؤلاء الاعضاء الناشطون بغض النظر عن موقعة في السلم التنظيمي للحزب يؤشر علية الواقع وتؤكده الممارسة إنه قائد ميداني في محيط عمله لما يجسده من عنفوان النشاط وما يحمله من فكرالحزب وسياسته وهذه هي واحدة من قيم القائد الميداني في  مدى ترجمته لسياسة الحزب وفكره في نشاطات ملموسة وسلوك ونموذج يحتذى به في المجتمع, وبما يملكة من جرأة وشجاعة وإرادة صلبة وطاقات وإمكانيات متنوعة والممارسات العملية هي الاختبار الحقيقي لاي قائد ميداني الذي لا يعرف اليأس و الموسمية في النضال ( والأنا ذات النزعة البورجوازية) ولا التعالي على رفاقة وعلى الجماهير متواضع ودائم البذل والعطاء . ديمقراطي في السلوك والممارسة ولا تطنفئ عنده جذوة الحماس ولا يعرف التردد في النضال .
من هي القيادة : من البديهي إنه لايمكن الحديث عن حزب بدون قيادة فالقيادة شرط أساسي وأولي في تاسيس أي حزب أو تنظيم وقيادة الاحزاب والتنظيمات تمنح لتنظيماتها القوة والمقدرة عندما تكون قوية ومقتدرة وتسبب لها أحياناَ الاحراجات والضعف حين تكون القيادة متخاذلة وضعيفة . والقيادات هي التي ترفع من ثقة الجماهير بالحزب . وفن القيادة هي مؤهلات يمتلكها المتميزون الذين يوطدوا التنظيم ويفعلوا دوره ويطوروا العمل والنشاط ويبعدوا الفوضى عن الحزب والتنظيم من خلال مبادراتهم ومن خلال الخطط الاستراتيجية التي ترسم في المجالات السياسية والفكرية والتنظيمية والقيادة يفترض أن لايصيبها العجز والوهن والارباك والجزع والتعالي ومرض البيروقراية وهي دائماَ لا بد أن تكون في مستوى المسؤليات الملقاة على عاتقها بحكم موقعها لان موقع القيادة ليس واجهه إجتماعية أو منصباَ وظيفياَ إنما هو مسؤولية نضالية .
جواباَ على سؤالي من هي القيادة . في هذه المقالة لا أعني بالقيادة المكتب السياسي وسكرتير الحزب واللجنة المركزية فقط وإنما أعني كل القيادات الحزبية وعلى كافة المستويات سواء التي إنتخبت في مؤتمرات الحزب أو في كونفرنسات المنظمات المحلية والاساسية واللجان وسواء كانت هذه المنظمات في الداخل أم في الخارج هذا ما أعنية بالقيادات الميدانية , أن دور اي حزب في الحياة السياسية وفي المجتمع يتوقف على نوعية هذه القيادة الميدانية .
أن قوة الحزب هي مقدارما يضخه إلى المجتمع من قياديين ناجحين تتقبلهم الجماهير وهذا مؤشر كبير لقدرات الحزب وحين يعجز أي حزب بالاتيان بقادة ناجحين فهذا مؤشر على ضعف وعقم الحزب .

بعض الامراض الخطيرة التي تضعف الحزب وتعرقل نهوضه :
1-تسلل الانتهازيين إلى صفوف الحزب وقياداته إنها كارثة ووباء قاتل وظاهرة غير طبيعية يمكن القول إنها ظاهرة سوداء في حياة أي حزب لا سيما الحزب اليساري , الانتهازيون والنفعيون يتركون آثاراَ مربكة للحزب وهم لا يهمهم إذا تقدم الحزب أم تراجع بقدر ما يهمهم وضعهم الخاص تقدموا أم تراجعوا . والانتهازية تشوه نضال الحزب وتخلق له المتاعب من خلال خلق أوضاع غير طبيعية في التنظيم لان النضال والانتهازية يصعب جمعهما فالنضال نكران ذات والانتهازية مصلحة وأنانية وفردية , من هذا فأن الانتهازيون يضعفون نضال الحزب ويضعفون علاقته بالجماهير ولا تتجلى فيهم صفات النضال لانهم مترددون ومصلحيون ويتركون الحزب مبكراَ عندما تنفقد المزايا والمصالح الذاتية أو عندما تحصل نكسه سياسية للحزب , والانتهازي أول من يهاجم عندما يضعف الحزب , لانه لا يرمي سلاحه الكاسد بسهولة لقد شهد الحزب الشيوعي العراقي هذا النوع من الانتهازيين خلال مراحل تأريخه بعضهم تساقط كأوراق الخريف في المواقف الصعبه والبعض الآخر غادر النضال في وقت مبكر  ( مع الاشارة هناك البعض من غادروا صفوف الحزب لاسباب ) , ولكن ما أعنيه هنا بالانتهازي . ويبقى حب الشعب والوطن والايمان بمستقبل مشرق لليسار وإنتصاره والانحياز للعدالة الاجتماعية والاشتراكية هي التي تدفع باليساري الديمقراطي الحقيقي بتجديد نضاله والعودة لصفوف حزبه لان أمثال هؤلاء إنهم أصحاب ضمائر حية  .
هنا أطرح سؤال هل أن الانتهازي يعتبر كسباَ للحزب أم ضعفا له ؟
2- القيادات عادتاَ تخطأ لانها أنشط الاعضاء وهذا أمر وارد في الممارسة ولكن الغير وارد هو السكوت عن الخطأ وعدم معالجته والاكتفاء بتبرير الخطأ أو التقصير .
3- غياب العمل الجماعي وسيادة الفردية في التنظيم هذا يعني إضغاف لدور المؤسسات الحزبية وسيادة الدكتاتورية الحزبية ومصادرة الديمقراطية وهذا يؤشر إلى عجز الحزب عن إداء دوره لانه في هذه الحالة بؤكد وجود أزمة تنظيمية خانقه تشده إلى الخلف .
4- في الازمات أوالمنعطفات السياسية الحادة التي يمر بها البلد والحزب تتطلب السرعة في تغيير التاكتيكات والمواقف السياسية , وهذا يشترط بأن يكون القائد الميداني مستوعباَ لفكر الحزب بشكل واضح وخطه السياسي لكي يتمكن من تجسد أفكار الحزب وسياسته في مواقف عملية ملموسه وعكس هذا تصبح القيادة الميدانية عاجزة عن تلبية متطلبات الحزب .

الخلاصة والاستنتاجات :
1-القيادات الميدانية هي القادرة على إستنهاض الحزب وتوطيد مواقعه في المجتمع وتفعيل دوره السياسي وتأثيره في صنع الاحداث , فأن المدخل لاستنهاض الحزب وتوسيع قاعدته التنظيمية وتوطيد علاقاته مع أوسع الجماهير الشعبية يتم من خلال إستنهاض القيادات الميدانية وتفعيل دورعضو الحزب .
2- بلاشك أن القيادات العليا لوحدها لا تستطيع تحقيق اي نصر للحزب لانها لا تستطيع القيام بأصعب المهام مالم ترتكز على القاعدة الحزبية المتينة الواسعة وهذا هو المدخل السليم لتحريك كل جسد الحزب لا أجزاءَ منه .ولتحقيق ذلك في حياة الاحزاب لابد من أن تكون القيادة العليا في الحزب موجوده ومتواصلة مع بقية القيادات الميدانية وكوادرالحزب وقاعدته لأجل أن تبقى جذوة النضال متقدة في نفوس كل الاعضاء ويتضاعف نشاطهم حين يتلمسون أن قيادتهم تمارس النشاط معهم مثال قريب إلى الاذهان مسيرة الاول من آيار في بغداد بمناسبة يوم العمال العالمي ظهور سكرتير الحزب الشيوعي العراقي مع بعض من قيادية في المسيرة لها دلالات كبيرة على نفوس أعضاء الحزب سواء في بغداد أو محافظات البلد الاخرى هذه ممارسات نضالية تحسب لقيادة الحزب الشيوعي وستكون لها تراكمات قادمة ولكن الحاجة إلى تطويرها في نشاطات قادمة ذات طابع جماهيري سيكون لها تأثير أكبر وأعمق في صفوف أعضاء الحزب والجماهير في آن واحد .
3- أهم شرط في القيادات الميدانية الناجحة أن تكون جماهيرية وتعيش مع الجماهير في أعمق أعماقها وتكسب ثقتها وتمتاز بنضج وعيها وعطائها وسمو أخلاقها وحين تفقد صفاتها الثورية تتلاشى مكانتها بين أعضاء الحزب وبين الجماهير وتلجأ إلى العزلة والتعالي وتصبح عالة على الحزب . 
4-أكثرما يضفي على القائد الميداني قوة وتأثيرهو عندما يمتاز بقوة المبادرة والشجاعة والاقدام والوضوح والتعامل بشفافية وصراحة وهذا مؤشر على قوة الشخصية ولابد أن يكون ذو ذهن وقاد قادر على التركيزوقادرعلى الاستذكار والقادرعلى تقديم الجواب الصحيح على الآراء في المواقف المختلفة  وهذا بخلاف القائد الميداني الذي يمتاز بكثرة النسيان والغفلة وضعف التركيز فيصبح في أقصى حالات الضعف وتجعل الاعضاء  متذمرون وكذاالجمهور الذين من حوله  فيفقد قدرته في التأثيرلان القيادي الذي لم يأخذ صفة القدوة يضعف موقعه أمام رفاقة وبين صفوف الجماهير ويصبح إنتقاده أمراَ طبيعياَ حتى من قبل الجمهور وهذا يؤثر سلباَ على الحزب .
5- لابد من وضع القيادي المناسب في المكان المناسب وأن أي خلل في ذلك يجرد الحزب من دوره في النشاط المطلوب ويتراجع العمل والنشاط  وتتخلخل العلاقات وتضعف الثقة لاسيما عندما تكون بقية الكوادر أو الاعضاء أكثر كفائة من هذا القيادي في الحقل الذي ينشطون فيه .
6- القائد الميداني يكون ضرراَ على الحزب إذا لم يملك فن الاصغاء وعدم إجادة الحوار وضعف قدرته في توفيرالقناعات وعدم تقديم الاجابات الصحيحة وإذا أصابه الجزع وذاق ذرعاَ من النقد وعدم قدرته في تلقي الملاحظات القادمة من القواعد وعدم التفاعل معها لان رأي القواعد  يعبر عن رأي أعضاء التنظيم ورأي الجماهير وملاحظاتها . حيوية الحزب وتأثيره في صنع الاحداث عندما تنتفض وتنتصر هذه القيادات الميدانية على نفسها لصالح الحزب بالوعي والتواضع والانفتاح على القواعد وخلق الثقة والتفاعل معها وتوطيد علاقاتها مع الجماهير وأن تتحرر من كل أمراض وترسبات المجتمع وعقده  وبهذا تكون لها المقدرة على تطوير أساليب نضالها .
7- المجتمع العراقي اليوم أكثر من أي وقت مضى بحاجة إلى فكر وتنظيمات اليسار الديمقراطي العراقي من هذا فأن هذه الاحزاب أمامها مسؤوليات كبرى فلا بد من إستنهاض قواها الذاتية والمدخل لذلك هو تنشأة وضخ المزيد من القيادات الميدانية لتلتحم مع جماهير الشعب . للحزب الشيوعي العراقي تجربة غنية ونادرة في قدرته على التنشأة العملية لقيادات ميدانية ثورية صادقة لن تثنيها عن أهداف النضال أي مصلحة ذاتية أو أي إرهاب للسلطات خلال مراحل النضال التي مروا بها فجبلوا على نكران الذات وتجاوزوا بنضالاتهم ضراوة الحكام وإرهابهم وشراستهم وسخروا من كل وسائلهم وتحدوهم بكبرياء مؤكدين أن الايمان بفكر الحزب أقوى من الجبروت والطغيان وأقوى من الملاحقات والاختفاء ومن السجون والتعذيب وأقوى من الموت إني على ثقة إنه كان إختيار الاعضاء يخضع للمزيد من الأناة , لهذا كان القادة الميدانيون في صفوف الحزب الشيوعي العراقي  متميزون في صلابتهم وفي جماهيريتهم و رغم قلتهم بسبب ظروف النضال السرية فأنهم قادرون على تحريك جماهير واسعه وتعبأتها في نضالات جماهيرية وصلت لحد الانتفاضات وفي مدن بعضها تسيطرعليها قوى رجعية وبعضها دينية , لابد من إعادة دراسة هذه التجربة ولا بد من أن تكون أيامنا هذه أكثر أناة من أيام خلت في كسب الاعضاء الجدد وإختيار النوعية للقيادات الميدانية ديمقراطياَ .
8- هناك درس لابد من أخذه بنظر الاعتبار وهو أن اليساري الديمقراطي الحقيقي لا يدخل في صراع مع اليساري الديمقراطي في تنظيم آخر إنطلاقاَ من المهام المشتركة والقائد الميداني اليساري الديمقراطي هو من يفتش عن قواسم مشتركة للعمل والتنسيق المشترك الميداني لحزبه مع القوى اليسارية الديمقراطية الاخرى المتواجدة في الساحة .
9- هذه مساهمة تصب في إتجاه هدف نضالي وهو إستنهاض قوى اليسار الديمقراطي ولكن يلاحظ أن هذه المساهمة إتخذت أبعاد تنظيمية من منطلق التوقف عند بعض العوامل الذاتية فجرى تناول موضوعة القيادات الميدانية لانها بنوعيتها وفاعليتها ووعيها وعلاقاتها مع الجماهير تكون عاملاَ مهماَ لاستنهاض الحزب ودوره في الحياة السياسية لاسيما وتنتظر اليسار الديمقراطي مهام كثيرة واحدة منها على سبيل المثال قرب الانتخابات البلدية في المدن والاقضية والنواحي .
11-6-2010 .



143
هل سنشهد نهوضاَ جديداَ لليسار الديمقراطي العراقي
(2-2)
فلاح علي
تناول الجزء الاول الأزمة التي يمر بها اليسار الديمقراطي العراقي وطبيعتها وأسبابها وإرتباطها بأزمة اليسار العالمية والتأثيرات المتبادله ثم خلص الجزء الاول إلى بعض الاستنتاجات بوجود مؤشرات نهوض لليسار العالمي , مع تثبيت معطيات أن المجتمع العراقي هو الآن بحاجة إلى اليسار الديمقراطي وفكره وبرنامجه أي وجود أرضية ومستلزمات وعوامل مهيئة لأحداث نهوض في اليسار الديمقراطي العراقي . وهذا لايلغي من البحث في الاسباب الذاتية للأزمة . فالحاجة الآن إلى مبادرة لتشخيص الأزمة الذاتية لليسار الديمقراطي . إنطلاقاَ من أن الاعتراف بأزمة اليسار هو بداية التفكير في إستنهاضه واعادة دوره الفاعل في الحياة السياسية مع التأكيد أن اليسار كحاجة وكضرورة إجتماعية وسياسية وثقافية لا يمكن للمجتمع أن يتطور بدون حضور ودور اليسار الديمقراطي . المراجعة الذاتية  لا بد منها تساعد في إمساك اليسار بعناصر القوة والتجذر والتوسع في المجتمع . وأعتقد أن المراجعة الذاتية تكون شاملة منها ما  مرتبط بالممارسة التطبيقية والوصول إلى وضع آليات عمل والاتفاق عليها , مع تدقيق المنطلقات الأساسية  في الجوانب الفكرية والسياسية والتنظيمية . الجزء الثاني من المقالة يسلط الضوء على الازمة الذاتية لليسار الديمقراطي مع تقديم رؤية قد تكون واحدة من الرؤى التي قد تسهم في المشاركة في تشخيص بعض المعالجات وهذه الرؤية هي عبارة عن الآليات المقترحة .

ومن هذه الآليات المقترحة التي تساعد على النهوض :

1- توجد أزمة في العلاقة مع أوسع الجماهير الحاجة إلى دراسة سبب ذلك و العمل على تجاوز أزمة العلاقة مع الجماهير . وتشخيص الآليات التي يجب إتباعها للوصول إلى كسب ثقة الجماهير . أن أهمية العلاقة هي نابعة من طبيعة اليسار الديمقراطي الذي يضع في أولوياته الاهتمام بأوضاع الجماهير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية , التي تزداد تدنياَ وسوءاَ يوماَ بعد آخر في ظل المحاصصة الطائفية والقومية البطالة في إرتفاع ومستوى معيشة الجماهير في تدني وغياب الخدمات بما فيها الاساسية لمعيشة الناس , والازمات في المجتمع تزداد تعقيداَ وعمقاَ . مع أن طبيعة اليسار يراهن على الطبقة العاملة والجماهير الشعبية  لتحقيق المهام والبرنامج والاهداف الآنية والمستقبلية ؟ إذاَ دراسة أزمة العلاقة مع الجماهير هي مدخل أساسي لاستنهاض اليسار الديمقراطي . الحاجة إلى الاجابة على سؤال هل أن التيار اليساري الديمقراطي قد عجز عن متابعة القضايا المطلبية للجماهير وهمومها ومعاناتها ؟
2- وجود أزمة القيادات الميدانية الجماهيرية في الشارع العراقي . هذا أهم خلل يواجه اليسار الديمقراطي أن عدم معالجة هذه الازمة يسهم في تراكم أزمات أخرى وأولها أزمة الوعي الفكري , وأزمة القيادات التنظيمية وأزمة وصول الفكر للناس وأزمة قيادة الناس والتأثير فيها وأزمة فهم مزاج الجماهير وأزمة فهم الواقع الاجتماعي الذي يقف على أرضيته اليسار الديمقراطي وبالتاي يؤثر سلباَ في العلاقة مع الجماهير وقيادة نضالاتها المطلبية  .ما  يمكن الاشارة له بأسى وحزن أن الغالبية من الجماهير أوجدت لها ملجئ في أحزاب الاسلام السياسي  رغم أن الجماهير مزاجها يساري قد يكون الانضواء يعود لاسباب واحدة منها بضغط الحاجة الاقتصادية .
3- الحل بيد قوى اليسار والديمقراطية وذلك إنطلاقاَ من المهام الاساسية لهذه القوى التي لا بد من تهيئة مستلزمات إنجازها ويأتي في المقدمه منها الالتقاء في خطوات عملية وهي التنسيق بين أحزاب اليسار الديمقراطي في النشاط الميداني وفي العمل على توحيد المواقف السياسية تجاه مختلف القضايا الوطنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية وهذه تساعد على وضوح الرؤية ومد جسور العلاقة مع الجماهير , كما أن العمل الميداني المشترك ينمي ويخلق قيادات ميدانية جماهيرية , كما لا بد من التنسيق بين هذه القوى في القضايا السياسية القومية والاقليمية والعالمية , و هذه مستلزمات تسهم في إنطلاق اليسار كما إنه يظهر أمام الجماهير إنه موحد وغير ممزق .
4- أن يتكلل التنسيق بين قوى اليسار والديمقراطية بالانتقال إلى الممارسة الميدانية وليس النظرية فقط وذلك بتشكيل قيادة مشتركة لهذه القوى اليسارية والديمقراطية .لقيادة العمل السياسي والميداني والتنسيق في مختلف المجالات وتكون مقدمه لتشكيل قطب أو جبهه وطنية أو تيار فاعل في النضال من أجل إنجاز المهام التي يتفق عليها ومن أجل تثبيت الديمقراطية الحقة في المجتمع وبناء الدولة .
5- مع إنه يوجد لكل حزب يساري وديمقراطي هيئات إعلامية , ولكن التأكيد على أهمية تشكيل قيادة إعلامية مشتركة لليسار الديمقراطي ( تضم خيرة الكفاءات الاعلامية لهذه القوى مع المستقلين تنظيمياَ المحسوبين على اليسار الديمقراطي) . الحاجة إلى عقد مؤتمرإعلامي لكل الاعلاميين اليساريين الديمقراطين مع مشاركة بعض المواقع في المؤتمر منها موقع الحوار المتمدن وموقع الناس وموقع ينابيع العراق وموقع عراق الغد وغيرها الحاجة إلى أن يمتلك اليسار الديمقراطي أحد عناصر القوة هو الاعلام وتكون القيادة الاعلامية ديمقراطية منتخبة مفتوحة الرؤى والتصورات ذات الطابع الديمقراطي تشارك في وضع الخطاب الاعلامي والسياسي وتوفر قناعات لبرنامج اليسار الديمقراطي ورؤاه لمختلف القضايا التي تواجه الشعب والوطن ولا بد من تظافر الجهود لامتلاك اليسار الديمقراطي لمنبر إعلامي جماهيري وهو القناة التلفزيونية مع صحيفة يومية مشتركة .
6- فحص العلاقة مع النقابات العمالية والمنظمات المهنية والحقوقية والثقافية والنسائية والشبابية والفلاحية من منطلق أن فاعلية العلاقة مع هذه المنظمات هو تأكيد على فاعلية اليسار الديمقراطي وإنطلاقاَ من التجربه التأريخية أن هذه المنظمات والجمعيات هي ديمقراطية الوجهه و هي تأريخياَ تشكل ساحة عمل أساسية لليسار الديمقراطي كما أن العلاقة الوطيدة  مع هذه المنظمات تؤكد على فاعلية علاقة اليسار مع الواقع الاجتماعي بكل تجلياته . مع إنشاء لجان لمتابعة ما يرتكب بحق الجماهير من قبل الحكومة والكتل الطائفية والقومية اللاديمقراطية .
7-هناك ساحات تأريخية لنضال اليسار الديمقراطي العراقي وبالذات الماركسي ( الحزب الشيوعي العراقي مثالاَ) وهو المتميز فيها عن كافة القوى الاخرى منها ساحةالصراع الطبقي أن الخطط الميدانية لوحدة نشاط اليسار الديمقراطي بتصعيد هذا الصراع سيكون اليسار في الامد المنظور هو الاقدر على قيادة نضال الجماهير الشعبية والطبقة العاملة وبالتالي سيكون هو الاقدر على كسر الحصارالطائفي الذي فرضة الاسلام السياسي والقوميون اللاديمقراطيون على المجتمع العراقي . كما أن الساحة الثقافية والفنية والساحة النسائية والشبابية وساحة التحرر الوطني والاجتماعي هي ميادين عمل أساسية لليسار الديمقراطي ولا يوجد من ينافس اليسار الديمقراطي في ميادين النضال هذه إذا تمكن من إستخلاص الدروس من أخطائه وإنتكاساته من خلال المراجعة الفكرية والسياسية والتنظيمية وبناء وحدة العمل المشترك بهذا يتمكن من تهيئة ظروف ذاتية أكثر ملائمة لانطلاق اليسار الديمقراطي بقوة مع توسع حضوره في المجتمع .
8- العلاقة مع أحزاب الاسلام السياسي لا بد أن تخضع للدراسة والمراجعه والتدقيق مع إنها علاقة سياسية إلا إنها يشوبها التعقيد في الواقع العملي إرتباطاَ أيضاَ بدرجة تطرف أدلجة هذا الطرف الاسلامي أم ذاك , وإرتباطاَ بموقف أطراف الاسلام السياسي من الديمقراطية. مع تشخيص هل هي علاقة تناقض ذات طبيعة تنافسية بأختلاف المواقف والرؤى والتوجهات والبرامج , أم علاقة صراع وهل هو صراع ذات طبيعة تناحرية مع دراسة علاقة أحزاب الاسلام السياسي بالديمقراطية هل هي تؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة حقاَ, مع الاقرار بوجود شخصيات ونواتاة إسلامية إصلاحية تؤمن بالديمقراطية ضرورة إحتضانها والتعامل الايجابي معها . أن كل تجارب أحزاب الاسلام السياسي ذات الادلجة المتطرفة لا تؤمن في الديمقراطية بقدر ما توظفها لتحقيق أهدافها المتمثلة في الامساك بالسلطة وتسخيرها من أجل أسلمة القوانين وإشاعة آيدلوجيتها في المجتمع لاجل مصالحها . ومن الطبيعي أن نستنتج إنه يوجد صراع بين اليسار الديمقراطي وأحزاب الاسلام السياسي , وهنا ضرورة التمييز بين درجات التطرف الآيدلوجي والتعامل معها  . لا بد من العمل على توعية الناس بأن الحركات المؤدلجة المتطرفة التي لاتفرق بين الدين ومقاصدها الفئوية الظارة بالمجتمع والوطن والتي تسعى لبث الافكار الظلامية والجهل في المجتمع لتتمكن من السيطرة عليه و قيادته , مع أن الصراع السياسي مع هذه القوى يتطلب نقدها ونقد توجهاتها وشعاراتها ومواقفها مع دراسة الواقع الاجتماعي الذي يتجذر فيه الاسلام السياسي المتطرف والمهمه هي تثقيف الجماهيربالفرق بين الدين الاسلامي المتسامح الذي يدعو للعدل والمساواة والوقوف ضد الظلم والاستبداد وإحقاق الحق وهذه الآيدلوجية التي توظف الدين لخدمة مصالح الفئات التي تقف ورائها .وأن لا نخشى من تبيان للناس أن أحزاب الاسلام السياسي ترتزق من تلك الادلجة وتوحي للناس إنها تمثل الدين الاسلامي الحنيف والدين براء منها ومن آيدلوجيتها وأعمالها وممارساتها التي تسعى لتضليل الجماهير وهذا هو دور آيدلوجيتها .
9- العمل على دراسة العلاقة مع الواقع الاجتماعي في فهمه ورؤيته من خلال التحليل العلمي ووضع التصورات للعمل فيه من أجل التغيير .
10- نظراَ لعمق الاستبداد وتجذره في الواقع العراقي في السلوك والممارسة يحتاج من اليسار الديمقراطي خوض نضال صعب على كافة المستويات الآيدلوجية والتنظيمية والسياسية والثقافية والاجتماعية لخلخلة مواقع الاستبداد وخلق تيار واعي في صفوف الجماهير .
11- اليسار الديمقراطي خيار واقعي للمجتمع العراقي لانه يحقق العدالة الاجتماعية , من هذا أن التحدي الاكبر أمام اليسار الديمقراطي هو أن يضع مهمه أساسية أمامه هو أن يكون له دور في قيادة الدولة من خلال الآليات الديمقراطية فأن دخول اليسار الديمقراطي الانتخابات في قائمة واحدة هذا تفرضة طبيعة مهام اليسار الديمقراطي هذا أولاَ وثانياَ خوض الانتخابات في قائمة واحدة هي خطوة متقدمة وتشكل  محك حقيقي لمصداقية العلاقة والتنسيق بين أطراف اليسار الديمقراطي في الاتفاق على الوصول للاهداف الانية المشتركة لا سيما وأن القواسم المشتركة كثيرة .
12- يبقى جواب على سؤال سبب إخفاق قائمة اتحاد الشعب في الانتخابات البرلمانية في آذار 2010  بعدم الوصول إلى البرلمان هو يعتبر إخفاق لكل قوى اليسار والديمقراطية العراقية السؤال ليس نتاج اللحظة الراهنة وإنما هو مستقبلي وليس هو خاص بقائمة اتحاد الشعب , وإنما من مهام اليسار الديمقراطي إستخلاص الدروس ( صحيح أن الحزب الشيوعي العراقي خرج ببعض الدروس والاستنتاجات على ضوء التقييم ) ولكن هذا لا يكفي لان الانتخابات هي الامتحان الصعب لكل اليسار الديمقراطي . الحاجة النضالية ماسة للجلوس والتحاور بين أطراف اليسار الديمقراطي والخروج بنتائج مشتركة  لتكون جواب لسؤال سبب الاخفاق في الانتخابات وأن يكون موقف مسؤول لا شخصي لان العلاقة النضالية بين أطراف اليسار الديمقراطي لا تسمح لاحد إصدار أحكام والتجاوز والتعدي على أي طرف في اليسار الديمقراطي والدراسة هي ليس لتبرير الاخفاق وإنما للخروج بنتائج ملموسه للاستفاده منها مستقبلاَ , وسؤال سبب الاخفاق ممكن طرحه أيضاَ على الجماهير وخاصة جماهير اليسار الديمقراطي للخروج بمعطيات ملموسه , تساهم في معرفة سبل إستنهاض اليسار الديمقراطي وهي محاولة أو خطوة على طريق النهوض .
13- دعوة الحزب الشيوعي العراقي لقوى في التيار الديمقراطي لحضور الاجتماع الذي عقد في يوم السبت الموافق 8-5-2010 , إنها مبادرة تستحق التقدير وتسجل للحزب الشيوعي وللقوى التي لبت الدعوة , ولكن لتطوير هذا العمل يحتاج إلى خطوات عملية منها أولاَ عدم الاكتفاء بالاجتماع والخروج ببيان . فلا بد من ضرورة الوصول لبرنامج عمل ولخطوات برنامجية عملية ميدانية بين الاطراف المجتمعه للوصول لوحدة النشاط المشترك الميداني الجماهيري والتخلص من حالة التشتت وثانياَ توسيع هذا اللقاء ودعوة كل الاطراف المحسوبة على اليسار الديمقراطي , ثالثاَ من نقاط ضعف اليسار الديمقراطي هي العمل في الساحات المحلية والاقليم والساحة القومية فلا بد من أن يكون العراق من كوردستان إلى الجنوب هي ساحة عمل واحدة لليسار الديمقراطي ولا بد من أن يشارك فيه التيار الديمقراطي الكوردي بكافة الاحزاب والتنظيمات ونفس الشيئ بالنسبة لقوميات شعبنا الاخرى وهذا هو محك حقيقي لقوى اليسار الديمقراطي الانعزال والانطواء القومي والانضواء تحت الخيمات القومية وخيمات الاسلام السياسي هذا يتعارض وطبيعة ومهام اليسار الديمقراطي وهذا توجه ضار بمجمل التيار اليساري الديمقراطي الحقيقي يتطلب العمل بالتخلي عن هذه التوجهات الانتهازية التي تقف ورائها مصالح وقتية ذاتية وأن تنخرط كل أطراف اليسار الديمقراطي في ساحة النضال الحقيقية لليسار الديمقراطي وأن يساهم الجميع في توحيد صفوف هذا التيار اليساري الديمقراطي وإستنهاضه .
14- عدم الالتقاء والاتفاق على قواسم مشتركة بين قوى اليسار الديمقراطي في البلد الواحد هذا يشكل خللآ كبيراَ يضعف من قدرة هذه القوى في التأثير السياسي ومن توجهها نحو الجماهير , كما إنه من الناحية العلمية لا توجد مبررات لتشتت اليسار الديمقراطي وعدم توحده . لانه لا يوجد صراع تناحري بين قوى التيار اليساري الديمقراطي لانهم أولاَ يمثلون مصالح الطبقة العاملة وجماهير الشعب وثانياَ توجد قواسم مشتركة في برامجهم وفي مهامهم الوطنية والديمقراطية إضافة لوجود بعض المواقف المشتركة في القضايا الاممية .
15- الحاجة إلى منهجية العمل ووضع ورقة برنامجية تتضمن القواسم المشتركة لقوى التيار اليساري الديمقراطي للتوجه للعمل الميداني وتجاوز حالة ضعف الاستقطاب الشعبي والتخلص من العجز الذاتي الذي يكون أحياناَ غير ملموس , لا بد من وحدة العمل والنشاط المشترك لاجل تفعيل الدور المطلوب لليسار الديمقراطي في المشاركة في النشاطات الاقتصادية الاجتماعية والسياسية والثقافية والجماهيرية والنقابية والتعاطي مع القضايا التي تخص معيشة المواطنيين وكسر الحصار الاعلامي المفروض على اليسار الديمقراطي وبالتالي بناء قطب يساري ديمقراطي يعيد التوازن في المجتمع ويساهم بفاعلية في رسم مستقبل العراق , بتقديم البديل الديمقراطي القادر على تأمين الخروج من الازمة السياسية التي يعيشها البلد وإستقطاب الجماهير نحو هذا البديل المرتقي .
16- العمل على كسر حالة إرتهان الجماهير والوطن لارادة أحزاب الاسلام السياسسي وهذه مهمه صعبه ولكن لابد منها . أحزاب الاسلام السياسي والقوميون الذين تخلوا عن النهج الديمقراطي تحالفوا على مشروع سلطة وليس مشروع دولة مدنية ديمقراطية علمانية , إنهم يتمتعون بثقافة السلطة والصراع عليها  لا يوجد لديهم هم الوطن وهم المواطن , الثقافة الوطنية لا توجد في قاموسهم إلا بالكلام فقط  , اليسار الديمقراطي الذي يحمل هم الوطن وهم المواطن لانه يحمل الثقافة الوطنية والمشروع الوطني الديمقراطي بوحدته سيغير الموازين داخل المجتمع لصالح المشروع الوطني الديمقراطي .
الحاجة إلى أن يسهم الجميع من هم محسوبين على اليسار الديمقراطي أشخاص وتنظيمات في حوار جاد  ومسؤول لوضع حلول عملية لاستنهاض اليسار الديمقراطي ولتحقيق وحدة العمل المشترك لحاجة المجتمع العراقي له وللفكر اليساري الديمقراطي .
28-5-2010 .



144
سنشهد نهوضاَ جديداَ لليسار الديمقراطي العراقي
( 1-2)
فلاح علي
بدءَ لا بد من طرح سؤال ليكون مدخلاَ لمناقشة موضوعة قوى اليساروالديمقراطية في العراق والسؤال هو هل أن التيار اليساري الديمقراطي قد فشل في تحقيق أهدافه ومهامه أم إنه يمر بأزمة ؟ إذا عدنا للواقع العراقي الاقتصادي والاجتماعي والطبقي والثقافي والديني والقومي والسياسي منذ ثلاثينات القرن الماضي إلى الآن نجده كان ولا يزال مهيئ لتقبل وجود اليسار ولنأخذ الحزب الشيوعي العراقي مثالاَ كان له حضور قوي وفاعل في الوسط السياسي العراقي وعرف عنه بأمتلاكه للارادة الصلبة والقوية في الدفاع عن مصالح الجماهير الشعبية ومصالح الطبقة العاملة هذا أولاَ وثانياَ نضاله المشهود له ضد الانظمة الدكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق وخاض مختلف أشكال النضال من أجل تحقيق مستقبل مشرق للانسان العراقي مستقبل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية  . والواقع العراقي يؤكد إنه لا تزال مهام  وبرنامج وأهداف اليسارليس فقط مقبوله وإنما ملحة وتعتبرضروة وحاجة آنية .كما أن الظروف التي تمر بها البلاد و جماهير الشعب الآن تفرض المراهنة على دور اليسار في رسم مستقبل البلاد ,إذاَ نخلص من ذلك أن اليسار الديمقراطي لن يفشل ولكنه يمر بأ زمة .

ماهي أزمة اليسار وماهي مظاهرها وأسبابها ؟
لا بد من تحديد طبيعة الازمة التي يمر بها اليسار وهل هي أزمة آيدلوجية أم أزمة تنظيمية أم أزمة سياسية ؟ أم إن جميعها تشكل أزمات قائمة تواجه اليسار العراقي وهل هي أزمات مؤقته أم دائمه؟ وهل هي بمعزل عن الازمة العالمية لليسار وبمعزل عن الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمر بها البلاد الآن ؟ بسبب طريقة سقوط النظام الدكتاتوري ووجود الاحتلال والتدخلات الخارجية والمحاصصات الطائفية والقومية ....إلخ إذاَ لا بد من البحث عن الازمة و أسبابها منها البحث في الجانب الذاتي في داخل اليسار. وكما يحدد الدكتور سبب المرض لكي يتمكن من تحديد العلاج فعلينا تحديد طبيعة الازمة وهذا يساهم في تحديد ما يجب عمله لتجاوز تلك الازمة .
لننطلق في البحث في الجانب الذاتي ونفترض أن حقيقة الازمة في اليسار نفسه . فهنا ممكن طرح عدة تساؤلات منها هل أن اليسار لا يمتلك وضوح فكري وسياسي ؟ وهل يعاني من ضعف النمو في التنظيم وضعف القدرة في تنظيم الجماهير نتيجة لوجود أزمة تنظيمية ؟  وهل يوجد خلل في العلاقة مع الجماهير؟ هل الخلل في آليات العمل أم في البرامج ؟ هل الخلل في الاعلام ؟ أم أن الخلل في عضو اليساروفي إندفاعاته وفي مستواه الفكري ؟ .... إلخ . ممكن تسليط بعض الضوء على سمات ومواصفات المنتمين إلى صفوف اليسارالديمقراطي .  ويطرح سؤال هل إنهم على مستوى جيد من الاعداد الفكري والسياسي ؟ بلا شك يستلزم العمل في صفوف اليسارالديمقراطي بشكل خاص أن يتمتعوا بالتكوين أو الوعي الفكري والسياسي المتين وعلى الصعيد الشخصي أن تتمثل فيه قوة المثل في المجالات الاجتماعية والسياسية والفكرية والتنظيمية والاخلاقية والمعرفية , لانه يمثل مشروع التغيير في المجتمع . فأن التكوين الفكري والسياسي يمكنه من تحديد المهام وتشخيص الاولويات والسير بأندفاعات ثابته لتوطيد مواقع التنظيم وتمكنه من إقامة أفضل الصلات مع الجماهير وتؤهله لامتلاك قدرات في أن يكون قائداَ تنظيمياَ وسياسياَ ومثقفاَ ونقابياَ ناجحاَ وتبعده عن التذبذب والانتهازية والازدواجية . وما يميز اليساري الحقيقي هو حقاَ ديمقراطي حقيقي في السلوك والممارسة والثقافة والاداء وليس في الكلام فقط .
بلا شك أن الممارسة والعمل هي المحك . ما أقصده بالازدواجيه هل لليسار آيدلوجيه واحدة أم عدة آيدلوجيات ؟ إني أقصد في هذه النقطة اليسار الشيوعي الذي مرجعيته الفكرية الماركسية والاشتراكية العلمية فهي آيدلوجية واحدة. فعضو اليسار الحقيقي هو أن تكون له قناعة بهذه الآيدلوجية وقدره على تطبيقها على أرض الواقع وفي ممارساته وحياته الشخصية والاجتماعية والحزبية أشرت إلى ذلك من منطلق التمييز بين اليساري الحقيقي ومن يدعي اليسار .  ما هو مهم الناشط السياسي في صفوف اليسار الحقيقي هل هو حقاَ يمتلك التكوين الفكري الماركسي؟ هل هو يؤمن بالماركسية حقاَ لان القناعة و الوضوح الفكري هو الذي يكسب الانسان صفة اليساري الحقيقي . كل المعطيات والمؤشرات والاحداث التي يمر بها العالم اليوم تؤكد أن أزمة اليسار هي ليس في النظرية ( الآيدلوجيه) أو الفكر وإنما الازمة هو في عدم الوضوح في تبني الفكر لان الوضوح الايدلوجي يجسد أهم عناصر قوة التنظيم والالتزام بمبادئه ويخلق الوضوح في المواقف السياسية سواء ما يخص القضايا الوطنية والقومية والدولية . فعدم الوضوح الفكري تجعل الفرد في إزدواجيه في ممارساته وفي نضاله  وحتى في علاقاته الاجتماعية وفي مواقفه كما تجعله راغباَ في التنظيم ولكن ضعيف الالتزام أو يتهرب من الالتزام , يتكلم عن التغيير ولكن لا يسعى إليه يمارس النقد بحق الآخرين وبنفس الوقت يبتعد عن النقد الذاتي ولا يستقبل بروحيه طيبه النقد الذي يوجه إليه  وبدلاَ من أن يربط الحزب بالجماهير ينعزل هو عن العلاقة معها , يؤمن بالمركزية الديمقراطية لكنه يدعوا إلى تخفيف تطبيق القواعد التنظيمية . ويسعى إلى لبرلة التنظيم وفرض رغباته الشخصيه التي تعني تجاوز الصيغة التنظيمية , ويكون قبل غيره معرض لحالات الاحباط واليأس والعزوف ويتسم بالمزاجية . يتحدث بالماركسية ولكن بالممارسة نجده مثالي . يدعي الديمقراطية ولكنه في السلوك والاداء نجده فردي  بيروقراطي لا ديمقراطي . وفي المواقف السياسية ينقصه الوضوح نجده يخشى إثارة حفيظة أطراف أو مجاميع تربطه صله غير مبدأيه معهم . أشرت لذلك على سبيل المثال و ليس لديه معطيات عن تنظيم اليسار الآن ولكن إنها حالات مرضية مر بها اليسار في فترات سابقه .
إذاَ العامل الحاسم في التنظيم هو الوضوح الفكري الذي يسهم في نهوض التظيم وينتج عنه وضوح في السياسة وهذا شرط أساسي لتجاوز أزمة اليسار وعزلته ولمواجهة كل المخططات التي تستهدف عزل اليسار عن الجماهير وفرض الحصارعليه .
لقد أشرت إلى هذه النقاط إنطلاقاَ من الفرضية أعلاه بأن الازمة هي في داخل اليسار فهنا يأتي دورالتنظيم اليساري الديمقراطي والقيادات العليا والمحلية في التدقيق والتمحيص والمتابعه والرصد ووضع الخطط وتهيأة المستلزمات لتجاوز الاخفاقات التي يجري الاجماع على تشخيصها , سواء في المجال الفكري أو السياسي أو التنظيمي أو الاعلامي أو الجماهيري .....إلخ .
 يميل كثير من الباحثين والمتابعين إلى إعطاء بعد عالمي للازمة فالتحولات التي شهدها العالم في نهاية القرن العشرين  بعد إنتهاء الحرب الباردة وما نتج عنها من إنهيار التجربة الاشتراكية وتفكك الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين وظهورالقطب الواحد في السياسة الدولية ووقوع أحداث 11/ سبتمبر ونمو الحركات الدينية المتطرفة وتوسع الناتو شرقاَ وإقامة قواعد عسكرية للناتو في مناطق عديدة من العالم وهيمنة الارادة الاميركية على صنع الاحداث والتحرك والتدخل بأسم الشرعية الدولية .فهذه الاسباب وغيرها أدت إلى حصول إنحصار وتراجع لليسار العالمي مع إنه لم يفشل ولكن مر بأزمة .
ونستنتج من ذلك أن نهوض اليسار أو تعرضة لكبوات أو أزمة فهذا يؤكد أن ذلك مرتبط بالبعد العالمي السياسي والاقتصادي . كما أن الرأسمالية في ظل العولمة الاميركية التي تضررت منها بلدان العالم وحصلت عولمة للفقر وللجوع والمرض ومشاكل دينية وأثنية وطائفيه وإجتماعية هي أيضاَ أي الرأسمالية في ظل العولمة الاميركية تتعرض إلى أزمات بسبب السياسات الاقتصادية والمالية والتفرد في صنع القرار الدولي .

الآن الاسباب تغيرت ونحن أمام منعطف واليسار العالمي في حالة نهوض :
1- أن الولايات المتحدة الاميركية الآن لم تعد القطب الاوحد في العالم فقد برزت روسيا والصين كقوة إقليمية وتطورهما الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري والسياسي والدبلوماسي والاعلامي الكبير وبروز الاتحاد الاوربي وحتى الهند واليابان في طريقهما للنهوض الاقتصادي والتكنولوجي . أن يروز هذه الاقطاب الاقليمية المهمه في صنع القرار الدولي أصبح الآن ليس بمقدور الولايات المتحدة الاميركية لوحدها القدره على صنع القرار الدولي كما كان عليه بعد إنتهاء الحرب الباردة . لنأخذ مثال في أحداث يوغسلافيا في عام 1998 تحركت قوات الناتو بقرار أميركي بأسم الشرعية الدولية ومارست قصفها الجوي على يوغسلافيا بالضد من إرادة المجتمع الدولي . وفي عام 2003 إحتلت العراق بدون العودة لاستحصال قرار ثاني من مجلس الامن مع معارضة روسيا والمانيا وفرنسا ورغم أن المانيا وفرنسا هما عضو في حلف الناتو إلا إنهما لم يساهما من خلال الناتو في إحتلال العراق .
الآن الوضع الدولي قد تغير ليس بمقدور الولايات المتحدة القيام بعمل ما بمفردها أو من خلال الناتو أو فرض قرار داخل مجلس الامن دون موافقة روسيا والصين وبمشاركة دول الاتحاد الاوربي , لنأخذ مثلاَ البرنامج النووي الايراني والازمة مع إيران بسبب برنامجها النووي ليس بمقدور الولايات المتحدة عمل شيئ بمفردها دون موافقة روسيا والصين والاتحاد الاوربي نفس الشيئ بالنسبه للقضية الفلسطينية أصبح لهذه الاقطاب دور في مواجهة الشراكة الاميركية الاسرائلية فلم تتمكن أميركا بعد الآن من أن تواصل إنحيازها المطلق لاسرائيل نفس الشيئ فيما يخص الموقف من كوريا الشمالية وغيرها من الاحداث والاشكالات في مناطق مختلفة من العالم .
2- تيارات الاسلام السياسي بشكل عام والمتطرفة والسلفية منها بشكل خاص هي تمر الآن في أزمة . أن صعود التيارات الدينية في نهاية السبعينات هو ليس فقط نتيجة ظهور الجمهورية الاسلامية في إيران وإنما أيضاَ بسبب إخفاق وتراجع قوى اليسار والديمقراطية على الصعيد العالمي وعلى صعيد كل بلد .
بوادر أزمة الاسلام السياسي هي النموذج السيئ الذي قدمته لتجربتها في الحكم وما تركته من آثار سلبيه على الشعوب التي حكمتها مثل طالبان والصومال والسودان وفشلهما , ونلاحظ الآن في تجربة حماس في غزة أن الامارة الحماسية هي في حالة عزلة وتواجه الاندثار ولم تقدم شيئ يذكر لاهل غزة ولفلسطين .  والاهم من ذلك أن الازمة السياسية في إيران هي لا تزال في بداية الطريق , مثلما كان للتجربة الاسلامية في إيران في عام 1979 تأثير في إعطاء مد وقوة نمو لتيارات الاسلام السياسي . فأن الازمة الحالية هي لا تزال مستمره وفي دور النمو والتفاقم عندما تتعمق وتصبح ليس سياسية فقط وتشمل الاقتصاد والمجتمع والثقافة مع العزلة الدولية بسبب برنامجها النووي , فأن تعمق هذه الازمة سيؤدي إلى تأزم مشروع الاسلام السياسي العالمي وتراجعه . كما أن فشل الاسلام السياسي في حكم العراق ودوره السلبي في محاربة الثقافة الديمقراطية في المجتمع وفقدانه للمصداقية في تحقيق العيش لشعبنا وتحقيق طموحاته في حياة آمنه كريمة وشرعنته للمحاصصة الطائفية وتهديده للوحدة الوطنية ومتاجرته بمعاناة الشعب , فتجربة العراق تؤكد على فشل مشروع الاسلام السياسي وقبلها فشل المشروع القومي , فالمد الاسلامي في العراق وفي بلدان أخرى سيشهد إنحصاراَ وتراجعاَ كبيراَ .
3- أكدت تجربة العراق كذبة بناء الديمقراطية وحقوق الانسان التي روجت لها الدعاية الاميركية عند تهيئتها لغزو العراق الذي ( شخص هذه الكذبه منذ لحظاتها الاولى هو اليسار العراقي) وبعد مرور 7 سنوات من الاحتلال أكد الواقع فشل المشروع الاميركي للتغيير وفشل الدعاية الاميركية . إن ما تحقق هو فقط الحكم بأسم الديمقراطية ولكن في الواقع سلطة المحاصصات الطائفية والقومية والتدخلات الخارجية والصراعات الاجتماعية والمذهبيه وما أنتجته إنتخابات عام 2010 والازمة المستمرة لتشكيل الحكومة ورفض التداول السلمي للحكم يؤكد ذلك ,المستفيد من المشروع الاميركي أحزاب الاسلام السياسي بالدرجة الاولى والقوميون اللاديمقراطيون والمتضرر غالبية فئات وطبقات شعبنا بكافة قومياته وأديانه وكذلك البلد قد تضرر من هذا المشروع والخوف الآن على وحدة الوطن ومستقبله ومستقبل العملية السياسية التي بدأت بالمحاصصة الطائفية والقومية وإنتهت بأزمتها وعدم ديمقراطيتها .
4- الصعود المتواصل لليسار في أميركا اللاتينية وفي أوربا والنجاحات التي تحققت لمرشحي اليسار من خلال صناديق الاقتراع هذا مؤشر يلمسه كل متابع للشأن العالمي .
5- تصاعد النضالات العمالية في كل بلدان العالم ومنها البلدان العربية على سبيل المثال مصر والاردن والجزائر والمغرب وتونس ولبنان والعراق , حيث نشهد الآن ليس فقط تأسيس نقابات وإتحادات عمالية وإنما نشهد بوادر نهوض أعظم موجه للمطاليب والحاجات والنضالات العمالية لم نشهدها منذ حوالي أكثر من ربع قرن .
6- والملفت للنظر أن هذه النضالات العمالية الناشطون الاساسيون فيها هم قوى اليسار والديمقراطية وتيارات أحزاب الاسلام السياسي هي غائبه عن هذا النشاط وعن ساحة نضالات الطبقه العامله , وليس لهذا الحد فحسب وإنما أطراف منها التي تقود السلطه في العراق عملت وتعمل على المضايقه والتدخل في شؤون نقابات العمال والحد من إستقلاليه النقابات والاتحادات العمالية , ولكنها ستفشل لانه لا توجد قوة بمقدورها الوقوف في وجه وحدة الطبقة العامله ونهوضها ومواصلة نضالاتها المشروعة .
هذه المساهمه هي متابعتي المحدودة لتطور حركة اليسار و النضالات العمالية ومن وجهة نظري أرى في الافق القريب ظهور بوادر إنعطافه عالمية لحركة اليسار والديمقراطية ولكن ملامح هذا التطور والانعطاف بأتجاه قوى اليسار والديمقراطية المرتقب يلاحظ إنه بطيئ وتدريجي هذا أولاَ وثانياَ بحكم الحصار الاعلامي المفروض على اليسار يجعل الكثير يتصور أن اليسار غائب وليس له حضور ودور وبالتالي لن يتمكن من رصد هذا التطور التدريجي .
ولكن ممكن أن أطرح سؤال هنا هل أن هذا النهوض سيتم في كل البلدان كتحصيل حاصل عن أزمة الرأسمالية وأزمة الاسلام السياسي؟ الجواب بالتأكيد توجد أرضيه لنشاط اليسار وتوجد بوادر ومؤشرات لنهوضه ولكن ذلك يحتاج لنضال صبور وعلى كافة الصعد والعمل على تهيأة مستلزمات النهوض في كل بلد بالشكل الذي يكون اليسار قادر . وإن ضاعت فرص كثيرة أمام اليسار فعلى قوى اليسار والديمقراطية أن تكون قادرة لاستغلال الفرصة القادمة وعدم إضاعتها .
وهذا من وجهة نظري يتطللب التهيئ من قبل قوى اليسار الديمقراطي ووضع آليات عمل عصرية حديثة الاكثر ديمقراطية لكي يتمكن اليسار من إستقبال المنعطفات القادمة التي تؤشر لمرحلة النهوض وليكون حقاَ قادر على قيادة نضالات الجماهير من أجل بناء دولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية . ( يتبع الجزء الآخر الآليات المقترحه )
22-5-2010 .   

145
دعوة لتشكيل عصبة الديمقراطيين العراقيين
فلاح علي
نشرت هذه الدعوة ضمن مقال ( الدكتاتوريون الجدد أدخلوا البلاد في مأزق خطير) نشر المقال في موقع الحوار المتمدن بتأريخ 30-4-2010  وكذلك نشر في موقع الناس وينابيع العراق وعراق الغد ومواقع أخرى , وأعيد نشرها في مقال منفرد . الدعوة لفكرة تشكيل العصبة هي لايجاد شكل مناسب لتجميع الديمقراطيين وأنصار الديمقراطية بعيداَ عن الاطر التنظيمية الهيكلية . وأن تشكيل العصبة لن تكون بديلاَ عن الاحزاب اليسارية والديمقراطية التي تأسست لحاجات و لضرورات وطنية وطبقية وتأريخية وساهمت هذه الاحزاب في نضالها الطويل في صنع تأريخ العراق السياسي منذ تأسيس الدولة العراقية إلى الآن ولها مهام وطنية وديمقراطية بعضها آنية ومستقبلية الشعب والوطن بحاجة لها كالحزب الشيوعي العراقي مثالاَ .
ولكن الفكرة هي لتجميع الديمقراطيون والناشطون من أنصار الديمقراطية في حاضنة واحدة وتبقى آلية تأسيس وعمل العصبة والاهداف والمهام تخضع للحوار وبصدد عضويتها أقترح أن تضم في صفوفها كل من هو حريص على الديمقراطية ومناصراَ لها سواء ناشطون من أعضاء أحزاب يسارية وديمقراطية ومستقلون واسلاميون يؤمنون بالديمقراطية وقوميون وليبراليون ويساريون لا حزبيون وكل من هو  وطني ومستقل يؤمن بالديمقراطية ومن كافة قوميات واديان شعبنا العراقي . وأن العصبة المقترحة هو تجمع يلتقي فيه هؤلاء الناشطون للعمل من أجل إنتصار الديمقراطية في العراق وليكن حاضنه أو مؤسسة لانصار الديمقراطية يطلق عليها إسم ( عصبة الديمقراطيين العراقيين ) .
بعض الاسباب الموجبه للدعوة لاقامة هذا التجمع هي :
1- البلد بحاجة إلى وحدة عمل ونشاط الديمقراطيين كما أن وحدة العمل والنشاط يفعلان من دورهذه القوى الحية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
2- أن التجربة أكدت أن أحزاب الاسلام السياسي ومعهما القوميون المتطرفون يعملون لمصالحهم الشخصية والفئوية البعيدة عن المصالح العليا للوطن ومصالح الشعب . فهؤلاء شجعوا وساعدوا على ظهورهويات مضرة بالوحدة الوطنية وبمستقبل البلاد مثل الهويات القبلية والعشائرية والهويات الدينية المذهبية الطائفية ودفعت بالناس للتشبث بهذه الانتماءات والهويات وهذه نزعة خطيرة تضعف الوحدة الوطنية وتعرض السلم الاهلي إلى مخاطر .
3- في ظل الادارة السيئة للحكم منذ 7 سنوات إلى الآن ضعف الشعور الوطني في المجتمع وضعفت الهوية الوطنية وتراجعت أمام الهويات التي أنتجها الطائفيون والقوميون المتطرفون .
4- الحقيقة المرة التي لا يمكن تجاوزها أن حكم المحاصصة الطائفية والقومية منذ 7 سنوات إلى الآن لن يتمكن من بناء الدولة العراقية الحديثة القائمة على القانون والمؤسسات الديمقراطية , وكل ما أنتجته هذه المحاصصة هي سلطة الطوائف والقوميات وتعزيز هيمنتهم وسيطرتهم على السلطة وهم بهذا النهج اللاديمقراطي يعرضون مصلحة الوطن ومستقبله إلى مخاطر قد تؤدي إلى تقسيم البلد إلى دويلات بدلاَ من بناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد .
5- دفعوا بالثقافة والفنون والسينما والمسرح والغناء والموسيقى والحضارة ومؤسسات المجتمع المدني والعلم والقانون والديمقراطية إلى الخلف وحلت محلها أحلامهم المريضة . في حين نجد أن الامر معكوس في كل الدول الحديثة ينطلقون من قاعدة إذا إنهارت الحضارة وتراجعت الثقافة والعلم تنهار الدولة .
6- لم يحققوا شيئ لصالح الشعب وتلبية حاجاته المتنوعة ولم يطوروا المجتمع و التجارة والاقتصاد والتعليم والخدمات بقدر ما طوروا ولبوا طموحاتهم الشخصية ومصالحهم الانانية الضيقة .
7- ممكن أن تكون العصبة لوبي قوي ضاغط في المجال الاعلامي والسياسي والمطلبي تعمل مع منظمات المجتمع المدني وتناضل من خلال الضغط الجماهيري من أجل سن قوانين ذات محتوى ديمقراطي .
8- قد تكون العصبة عامل مساعد يسهم في توحيد عمل ونشاط كل قوى اليسار والديمقراطية لتشكيل قطب يساري ديمقراطي فاعل في العراق ويخلصة من حالة الفرقة والتشتت .
9- المنافسة بين القوى السياسية في العراق هي بعيدة عن الآليات الديمقراطية , وما يتلمسه المواطن العراقي هو صراع لاديمقراطي بين كتل تشكل أباطرة السلطة والقوة والمدعومة مالياَ من دول أقليمية إصطفوا طائفياَ وقومياَ وفرضوا حصاراَ إعلامياَ وقانونياَ على كل قوى اليسار والديمقراطية لاضعافها وتهميش دورها في الحياة السياسية .
10- أن جيش أنصار الديمقراطية هو كبير وكبير جداَ ومتنوع ويمتلك ناصية العلم والثقافة والمعرفة والفن والابداع والانتاج المادي والروحي , إلا إنه ما يغلب علية هو التشتت وهذه حالة خطيرة في هذا الظرف الصعب الذي تمر فيه البلاد وفي الصراعات المصيرية أن أخطر الحالات هي حالات التشتت التي تقود إلى اليأس والاحباط والعزلة والانكفاء والهوان , ومن المؤكد أن هؤلاء الديمقراطيون هم  يلتقون في قضية واحدة هي مستقبل الديمقراطية ودورهم في رسم مستقبل العراق وإنهم بمجموعهم يحملون الهوية الوطنية فنقاط إلتقائهم وتوحيد نشاطاتهم هي كبيرة وكبيرة جداَ , لهذا جاءت الدعوة لتشكيل عصبة الديمقراطيين العراقيين .
11- البعثيون سيتوحدون وأحزاب الاسلام السياسي ستتوحد خلال أيام معدوة وستظهر إصطفافات طائفية والقوميون قد حسموا أمرهم وتوحدوا . السؤال الذي يطرح هنا متى تتوحد قوى التيار الديمقراطي ؟ من سيملئ الفراغ بعد إنسحاب قوات الاحتلال لا سيما وأن القوى الطائفية والقومية لا يوجد في مشروعها بناء دولة مدنية ديمقراطية عصرية حديثة ؟
الدعوة هي مطروحة للنقاش لبلورة رؤية ومهام وطريقة إلتقاء وآلية عمل وتمويل ذاتي ..... إلخ وإذا أجمع 10 أشخاص على شخص أو شخصين أو ثلاثة من الوجوه والشخصيات الديمقراطية المعروفة على صعيد العراق ليكونوا مركز للتنسيق ولبدأ العمل بتشكيل العصبة وإذا تعذر ذلك أقترح من خلال موقع الحوار المتمدن وموقع الناس وينابيع العراق أو عراق الغد إذا وافقوا أو بعضهم ليكونوا عامل مساعد ومركز تواصل للاتصالات وتبادل المعلومات بين الداخل والخارج وبشكل مؤقت .
وفي حالة تعذر ذلك فأن القاسم المشترك هو التضامن بين كل الديمقراطيين و قوى اليسار والديمقراطية التي تتعرض لحصارولتهميش متعمد لاضعاف دورها  فأن المهمة لانصار الديمقراطية من وجهة نظري هي تمكين قوى اليسار والديمقراطية من توحيد طاقاتها و نشاطاتها ووحدة عملها من أجل تكوين تيار يساري ديمقراطي يكون قطباَ فاعلاَ مؤثراَ في الاحداث السياسية  له حضور جماهيري يسهم في الصراع الدائر لرسم مستقبل العراق .
4-5-2010


146
الدكتاتوريون الجدد أدخلوا البلاد في مأزق خطير

فلاح علي
يحق لكل متابع للشأن العراقي وتطوراته وتعقيداته وما نتج عنه من مأزق خطير عرض البلاد للخطر بأن يطلق على قادة الكتل الكبيرة المتضخمة والمنتفخة من المال السياسي بالدكتاتوريون الجدد . إن هؤلاء الدكتاتوريون نجدهم طيلة فترة حكمهم في السنوات ال 7 المنصرمة يتشدقون بالديمقراطية لفظاَ وشعاراَ أمام وسائل الاعلام فقط , لكنهم في الواقع هم أول من صادر الديمقراطية وقتلها في المهد , من خلال محاصصاتهم الطائفية والقومية وقسموا السلطة فيما بينهم بما يلبي هيمنتهم وتفردهم وإستئثارهم وبما يلبي مصالحهم ومصالح كتلهم وما يؤكد ذلك قبل الانتخابات البرلمانية إلتقت مصالحهم  واتفقوا في ساعات على إنتاج قانون إنتخابات لا ديمقراطي يكرس المحاصصة الطائفية والقومية  والهيمنة على السلطة. كما أن مصالحهم قد إلتقت على عدم تشريع قانون للاحزاب ,وفي قواميسهم وبرامجهم لا نجد فيها توجه لبناء دولة ديمقراطية بقدر ما هو توجه لبناء قوتهم وبسط هيمنتهم على السلطة السياسية ليس إلا , الغريب نجدهم الآن يتحدثون بأسم الشعب وهم أول من نسى هموم الشعب وحاجاته .

الدكتاتوريون في الازمات لا يواجهون بعضهم :

وهذا العرف ليس فقط سائد على صعيد قادة الدول عندما تحصل أزمات سياسية على الصعيد الاقليمي أو الدولي الذي أكدته الاحداث التأريخية التي مر بها العالم وبالذات في فترة الثنائية القطبية وأن إنعدام مؤتمرات القمم بين قادة الدول تكون أحياناَ سبباَ في الازمات الدولية التي وقعت وسرعان ما يحصل إتصال تلفوني أو لقاء بينهما تنفرج الازمة . أن قادة الكتل العراقية يسيرون على نهج القادة الدكتاتوريون وأن حصلت لقاءات بينهما فأنها بروتوكولية لن ترتقي إلى مستوى الحوار , فأنهم في الازمات لا يواجهون بعضهم بعضاَ وإنما يلجؤون لتوجيه خطابات نارية إلى الشعب من خلال وسائل الاعلام , وهذه هي سمة الدكتاتوريون المتمسكون في السلطة والمتباكون كذباَ على مصالح الشعب , لاحظوا تصريحاتهم وخطبهم وبياناتهم إنها تغذي روح الحقد و العداء في الشارع العراقي وتزيد من الاحتقان السياسي وتساهم في خلق الازمات والتعقيدات وتزرع الخوف لدى الناس من الخطر القادم وتغذي شعور الاحباط واليأس وتعطي متنفس للظلاميين الجهاديين لاعادة تنظيماتهم ومواقع نفوذهم وقوتهم ليعاودوا أعمالهم الارهابية .  أن الشعب رغم الارهاب قد ذهب للانتخابات وصوته لها , من أجل أن يلتقي الفائزون في أسرع وقت لتشكيل الحكومة إلا أن الفائزون الطائفيون والقوميون قد ظللوا الشعب وسرقوا أصوات الناخبين بقانونهم الانتخابي اللاديمقراطي , الذي أغلق أبواب البرلمان بوجه الديمقراطيين , وتوجهوا لدول الجوار لتبارك لهم طبخاتهم المضرة ببناء الدولة الديمقراطية . وما تؤكدة الازمة الخطيرة التي يمر بها البلد الآن هو أن المصالح الشخصية الذاتية لقادة الكتل هي الفيصل في التعقيد أو في التهدئة وليس مصالح الشعب والوطن

البلاد في خطر والازمة بحاجة إلى مبادرات وطنية
:
رئيس الجمهورية ومجلس الرئاسة ورئاسة الوزراء  أمام إمتحان تأريخي  في هذا الظرف الخطير الذي تمر به البلاد لن يتردد الشعب في تحميلهما مسؤولية ما تؤول إليها الاوضاع من تدهور وعدم إنفراج في الازمة  . بحكم مواقعهم الرئاسية والمهام المكلفين بها وفق الدستور العراقي تفرض عليهم الآن لعب دور مسؤول لتجاوز الازمة السياسية الخطيرة وذلك من خلال إطلاق مبادرات خلاقة لانقاذ البلد وحماية الشعب من مخاطر محدقة . السادة الرؤساء ومعهم هيئة رئاسة البرلمان السابق كانوا بمجموعهم يشكلون سبباَ أساسياَ لكل أزمات البلاد طيلة الاربع سنوات الماضية ,عليهم التحرك السريع لتهدئة الامور وحل الازمة السياسية  قبل فوات الاوان والمدخل لذلك :
- تجميد قرارات هيئة المسائلة والعدالة وقرارات الهيئة التميزية القضائية بأيقاف إجتثاث 52 نائب منتخب إنها قرارات سياسية أكثر منها قانونية . وأن هذه القرارات تتعارض مع برنامج الحكومة الذي أقره البرلمان بأطلاق مبادرة المصالحة الوطنية وصرف عليها ملايين الدولارات على المؤتمرات والدعاية الاعلامية وفي حالة البقاء على قرارات هيئة المسائلة فهذا يعني ليس فقط التراجع عن مشروع المصالحة الوطنية وإنما يعني أن الهيئات الثلاث هي ستكون سبب مباشر في تفجير الازمة الحالية ولن يعذرهم أحد .
- تقديم كل التسهيلات للمفوضية المستقلة للانتخابات لتمكينها من تنفيذ قرار الهيئة التميزية القضائية بأنجاز العد والفرز اليدوي بأسرع وقت .
- وضع مصلحة الشعب والوطن فوق مصالحكم الشخصية ومصالح كتلكم الطائفية والقومية وأن تحل الاشكالات وفق الدستور العراقي والحفاظ على أمن واستقرار البلد لا وفق تلبية رغباتكم ورغبات إرادات خارجية حيث كنتم عرابيين لهذه الاجندات وفتحتم أبواب البلاد على مصراعيها أمام التدخلات الخارجية التي لا تريد الخير للبلاد و للعملية الديمقراطي , فهل تستطيعون غلق باب التدخلات الخارجية بتشكيل الحكومة وفق الاستحقاق الانتخابي والدستوري ؟ وهل ستشكل الحكومة في أسرع وقت بعد الانتهاء من العد والفرز اليدوي ومصادقة المحكمة الدستورية ؟ نعم تستطيعون ذلك إذا كنتم صادقون في وضع مصالح الشعب والوطن فوق مصالحكم الشخصية ومصالح كتلكم  .
- في حالة تعذر تشكيل الحكومة لشهرين قادمة فلا بد من مخرج  قانوني لحل الازمة . أن حل الازمة السياسية هو بأيديكم  ياسادة  وأن تعذر عليكم ذلك فسيكون الخيار الاصعب الذي ستتخذوه بدعوة البرلمان السابق للاجتماع لمناقشة الدعوة لانتخابات برلمانية جديدة تحت إدارة مباشرة من قبل الامم المتحدة وتعديل قانون الانتخابات بأعتبار العراق دائرة واحدة وتشكيل حكومة تصريف أعمال لحين الانتهاء من الانتخابات. لا سيما وأن الارهابيون الظلاميون من تنظيم القاعدة ودولة العراق الاسلامية ..... إلخ يسعون إلى تعزيز مواقعهم وإعادة تنظيماتهم بعد الضربات القوية التي وجهت لهم بمقتل زعيمي تنظيمهم فأنهم يستغلون الازمات السياسية في البلد وينفذون من خلالها لتنفيذ أعمالهم الارهابية فأن أمن ومستقبل البلاد الآن في خطر .


دعوة مخلصة لكل الخيرين الحريصين على مستقبل الديمقراطية في العراق :
في العمل على تشكيل عصبة الديمقراطيين العراقيين :

العصبة لن تكون بديلاَ عن الاحزاب اليسارية والديمقراطية التي تأسست لحاجة و لضرورات وطنية وطبقية وتأريخية وساهمت هذه الاحزاب في نضالها الطويل في صنع تأريخ العراق السياسي منذ تأسيس الدولة العراقية إلى الآن ولها مهام وطنية وديمقراطية بعضها آنية ومستقبلية الشعب والوطن بحاجة لها كالحزب الشيوعي العراقي .
ولكن الفكرة وآلية تأسيس العصبة والاهداف هي تخضع للحوار وأن تضم في صفوفها كل من هو حريص على الديمقراطية في العراق سواء ناشطون من أعضاء أحزاب يسارية وديمقراطية ومستقلون وحتى اسلاميون يؤمنون بالديمقراطية وقوميون وليبراليون وكل من هو  وطني ديمقراطي ومستقل ومن كل قوميات واديان شعبنا العراقي . وهي ليس تنظيم سياسي بقدر ماهو تجمع يلتقي فيه هؤلاء الناشطون من أجل إنتصار الديمقراطية في العراق وليكن هذا التجمع حاضنه أو مؤسسة لانصار الديمقراطية في العراق يطلق عليها إسم ( عصبة الديمقراطيين العراقيين ) .
بعض الاسباب الموجبه للدعوة لاقامة هذا التجمع هي :
1- لتوحيد كل أنصار الديمقراطية ليكون لهم تأثير فاعل في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية .
2- أحزاب الاسلام السياسي ومعهما القوميون المتطرفون شجعوا وساعدوا على ظهور هويات مضرة بالوحدة الوطنية وبمستقبل البلاد مثل الهويات القبلية والعشائرية والهويات الدينية المذهبية الطائفية ودفعت  بالناس للتشبث بهذه الانتماءات والهويات وهذه نزعة خطيرة تساعد على النزاعات الاهلية والاثنية وتضعف الوحدة الوطنية وتعرض السلم الاهلي إلى مخاطر .
3- في ظل الادارة السيئة للحكم منذ 7 سنوات إلى الآن ضعف الشعور الوطني في المجتمع وضعفت الهوية الوطنية وتراجعت أمام الهويات التي أنتجها الطائفيون والقوميون المتطرفون .
4- الحقيقة المرة التي لا يمكن تجاوزها أن حكم المحاصصة الطائفية والقومية منذ 7 سنوات إلى الآن لن يتمكن من بناء الدولة العراقية الحديثة القائمة على القانون والمؤسسات الديمقراطية , وكل ما أنتجته هذه المحاصصة هي سلطة الطوائف والقوميات وتعزيز هيمنتهم وسيطرتهم على السلطة وهم بهذا النهج اللاديمقراطي يعرضون مصلحة الوطن ومستقبله إلى مخاطر قد تؤدي إلى تقسيم البلد إلى دويلات بدلاَ من بناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد .
5- دفعوا بالثقافة والفنون والسينما والمسرح والغناء والموسيقى والحضارة ومؤسسات المجتمع المدني والعلم والقانون والديمقراطية إلى الخلف وحلت محلها أحلامهم المريضة . في حين نجد أن الامر معكوس في كل الدول الحديثة ينطلقون من قاعدة إذا إنهارت الحضارة وتراجعت الثقافة والعلم تنهار الدولة .
6- لم يحققوا شيئ لصالح الشعب وتلبية حاجاته المتنوعة ولم يطوروا المجتمع و التجارة والاقتصاد بقدر ما طوروا ولبوا طموحاتهم الشخصية ومصالحهم الانانية الضيقة .
7- ممكن أن تكون العصبة لوبي قوي ضاغط على الصعيد الجماهيري والاعلامي والسياسي يعمل مع منظمات المجتمع المدني ويناضل من خلال الضغط من أجل سن قوانين ذات محتوى ديمقراطي .
8- قد تكون العصبة عامل مساعد يعمل على توحيد عمل ونشاط كل قوى اليسار والديمقراطية لتشكيل قطب يساري ديمقراطي فاعل في العراق .
9- الدعوة هي مطروحة للنقاش لبلورة رؤية ومهام وطريقة إلتقاء وآلية عمل وتمويل ذاتي ..... إلخ وإذا أجمع 10 أشخاص على شخص أو شخصين أو ثلاثة من الوجوه والشخصيات الديمقراطية المعروفة على صعيد العراق ليكونوا مركز لبلورة رؤية وأفكار عملية لاجل بدأ العمل بتشكيل العصبة فهذا يسهل العمل وإذا تعذر ذلك أقترح من خلال موقع الحوار المتمدن وموقع الناس وينابيع العراق أو عراق الغد إذا وافقوا أو بعضهم ليكونوا عامل مساعد ومركز تواصل للاتصالات وتبادل المعلومات بين الداخل والخارج وبشكل مؤقت .
29-4-2010
 

147
مشاهد ومعطيات عن الفوضى التي سادت
في مركز يوتوبورغ الانتخابي
 
فلاح علي
المركز الانتخابي رقم 2 في منطقة Angered senter الواقع في مدينة يوتوبرغ السويدية شهد حالات من الفوضى وعدم التنظيم يصعب وصفها , وقد تركت ألم وحسرة وأسى وغضب وإحتجاج في نفوس آلاف العراقيين الذين إسطفوا لساعات طويلة في البرد القارص واقفون على الثلوج , و مع مئات الاطفال الرضع وكبار السن والحوامل والمعوقين وبعضهم جاء من مسافات بعيدة من النرويج وقطع مئات الكيلوا مترات ولكن جميعهم فوجئوا بما لا يتوقعوه من سوء تنظيم العملية الانتخابية في المركز .

ما حصل فعلاَ يؤكد عدم استعداد المفوضية للعملية الانتخابية :
أن النواقص والثغرات التي حصلت في إنتخابات عام 2005 في عدد من الدول منها عدم صلاحية بعض المراكز لتكون مركز إنتخابي لصغرها وعدم التنظيم وقلة عدد الموظفين وقلة المراكز الانتخابية لا يتناسب وزخم الناخبين وغيرها من المشاكل ولكن ما يؤكد عدم معرفة المفوضية لظروف الخارج وإصرارها على إصدار التعليمات والاوامر التي لا تناسب واقع كل دولة , دفعها ليس فقط لعدم معالجة أخطاء ومشاكل إنتخابات 2005 وإنما الوقوع في أخطاء جديدة كبيرة ومضرة على كافة الصعد ومنها الاضرار والمتاعب التي تحملها الناخب العراقي إضافة إلى حرمان الآلاف من التصويت .
وكوني قد صوتت في هذا المركز بعد وقوف متواصل دام خمسة ساعات إضافة إلى كوني ليس من هذه المنطقة وصلت لها مع المئات من الناخبين بعد أن قطعت السيارات مئات الكيلوا مترات وبوقت قدره 4,30 ساعة في الطريق كنا نتوقع أن عملية التصويت لا تتجاوز الساعتين على إعتبار تم الاستفادة من أخطاء ومشاكل إنتخابات عام 2005 ولكن ما شاهدناه على أرض الواقع يدمي القلب , ليس فقط أن المفوضية العليا غير مستعدة لنجاح إنتخابات الخارج وإنما أسهمت في إرباكها وعدم تنظيمها لعدم فتحها مراكز كافية إضافة إلى أنه يبدواأن بعض مدراء مكاتب ومراكز الانتخابات لا يمتلكون الآهلية وسببوا حالة الفوضى وعدم النظام  ومن المشاهد التي تدلل على ذلك هي :
1- أغلق المركز لمدة ساعتين من الساعة 1,15 ظهراَ إلى الساعة 3,15 ظهراَ مما أدى إلى تزاحم الناس على بوابة المركز التي لا تسع لدخول إثنان مع بعضهم ولا تعرف الناس سبب الاغلاق .
2- سبق ذلك دخول أعداد غير قليلة من خلال علاقات بدون الوقوف في النظام مما سبب حالة من الاستياء وعدم الرضا .
3- فتحت بوابة سراَ غير نظامية فدخلت أعداد غير قليلة وهذا كان على حساب الناس الذين إلتزموا في النظام والتي زادت أعدادهم مما سبب الارباك والاستياء والتدافع على بوابة المركز .
4- عدم وجود ممرات وحواجزأو موانع أو أشرطة تلزم الناس بالمرور من خلالها على شكل نظامي وسير متسلسل يمنع التزاحم هذا مما سبب حالة فوضى عارمة أدت إلى إشكالات .
5- حصلت توترات ومشادات بين بعض الاطراف كادت أن تتطور إلى نتائج لا تحمد عقباها .
6- إنسحاب أعداد غير قليلة من الناس من عملية التصويت وهي مستائة ومصدومة من ما شاهدته و تحملته من متاعب الوقوف الطويل على الثلوج وفي البرد , ولكن كانت إدارة المركز لا تكترث لمتاعب الناس ولا تحترم مشاعرهم ولم تطمأنهم رغم بعضهم جاء من النرويج وقطع مئات الكيلوا مترات لكنهم لن يتمكنوا من التصويت وعادوا وهم لم يصوتوا .
7- من الملاحظات الاخرى أن إدارة المركز لم تكترث لخرق تعليمات المفوضية فيما يخص الصمت الاعلامي حيث صور ثلاث قادة كتل هي حاضرة في بوابة هذا المركز وهم بحتلون مواقع مهمة في الدولة وهذا يعد خرق إنتخابي بعلم مدير المركز ولم يتخذ الاجراء المناسب لتنفيذ التعليمات التي حددتها المفوضية بصدد هذا الخرق الانتخابي .
8- المركز يقع في منطقة نائية حيث عانت الناس من عدم توفر بعض الخدمات حول المركز مثل المرافق والماء والاستراحة وهذا مما زاد من المتاعب التي سببتها إدارة المركز بهؤلاء الآلاف .
9- ومع هذا كله هناك موظفون وموظفات في داخل المركز يستحقون كل تقدير لحسن استقبالهم للمواطنين في داخل المركز والاهتمام بهم .

الاستنتاجات :
1- أن مكتب المفوضية المسؤول عن الانتخابات في السويد لم يستفد من أخطاء الانتخابات الماضية إضافة إلى إنه أوقع نفسه في أخطاء ومشاكل جديدة لم يحسب لها حساب جيد وهي تعتبر من البديهيات في العمل ولكن تم إغفالها لسبب غير معروف مما سبب من ظهور هذه المشاكل.
2- أن إدارة هذا المركز هي غير مؤهلة أصلاَ لادارة العملية الانتخابية فكانت في حالة من الفوضى والارتباك وغياب النظام وغياب المبادرة للمعالجة السريعة للاشكالات .
3- من يتحمل مسؤولية عودة أعداد غير قليلة من الناس وهي لم تتمكن من الادلاء بصوتها .
5- أن إدارة المركز التي أكدتها الوقائع على الارض إنها لم ترتب أوضاعها أو تنسق بشكل جيد مع السلطات السويدية من أجل تنظيم عملية الانتخاب ومنها توفير النظام والادارة الحسنة للعملية الانتخابية و وقوف الناس وفق نظام يضمن إنسيابية مستمرة في السير بأنتظام وتسهيل عملية التصويت وعدم إجهادهم بالوقوف إلى أكثر من ستة ساعات في البرد .
6- أين هي التخصيصات المالية للمركز , لا توجد خدمات حول المركز ولا موظفون بالقدر المطلوب لتثبيت البيانات أو لتنظيم السير ولا حواجز تساعد في إنتظام وقوف الناس وكانت الفوضى والارباك سائدة إضافة إلى ذلك هو عدم حصول الناس على أجوبة عن سبب غلق المركز لمدة ساعتين .
7- المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تتحمل مسؤولية ذلك لانها سكتت عن الخرق الذي قام به مدير المفوضية في السويد بأغلاق مركز مدينة Strøm stad السويدية والتي تعتبر حدودية بين النرويج والسويد .

التساؤلات :
1- لاحظ الناس بعد وصول أعداد من الشرطة السويدية في الساعة الرابعة مساءَ لقد بدأت العملية الانتخابية تتجه نحو الانتظام وبوصول هذه الاعداد خرج أحد مسؤولي المركز ليطمأن الناس لماذا لم يعالج الخلل قبل هذا الوقت ويخرج للناس المسؤول ليطمأن الناس ؟ كما يثار سؤال هنا لماذا لم ينسق مكتب المفوضية مع الجهات السويدية لتنظيم العملية الانتخابية في المركز ؟ ولماذا خلقت إدارة المركز هذه المتاعب للناس وسببت في إنسحاب أعداد كبيره منهم وحرمانهم من المشاركة في الانتخابات ؟
2- لاحظ جميع الذين أدلوا بأصواتهم أن إدارة المركز لم توزع للناخبين مع الاستمارة قائمة بأسماء المرشحين وهذا بخلاف ما هو مثبت في تعليمات المفوضية وكان هناك عدد من كبار السن لا يتذكر ما هو رقم الشخص الذي يريد أن يصوت له .
3- لوحظ هناك تصرف أثار كثير من التساؤلات وهو الرقم الذي يحصل علية الناخب في السجل يتم تسجيلة في الظرف الكبير الذي توضع فيه الاستمارة , وبهذا عند التدقيق تكون الاستمارة مكشوفة و معروف من الناخب الذي ملئها ولمن صوت وذلك من خلال الرقم المثبت على الظرف الذي يحمل رقم تسلسل الناخب في السجل إضافة إلى إنه تكون كل البيانات التي ثبتها الناخب معروفة للمدققين و بهذه الطريقة  فأن التصويت هو علني وليس سري وهذا مخالف للقوانين والتعليمات الدولية . وعند السؤال من الموظف عن سبب تسجيل الرقم على الظرف قال هذه هي التعليمات هذا غموض وخلل وخرق كبير هل للمفوضية جواب مقنع على هذا الاجراء أو التصرف الذي يتنافى مع المعايير الدولية .
7-3-2010 .


148
من يصوت إلى أياد علاوي سوف يصوت للدكتاتورية المقيته
فلاح علي
كل من إستمع للمقابلة التلفزيونية إلى أياد علاوي في حملته للدعايةالانتخابية هذا اليوم الخميس 4-3-2010 سيشعر بالندم والأسى لهذا المستوى الفكري والثقافي الذي يتمتع به أياد علاوي . إن هذا الخطاب المتدني الرخيص الذي إستخدمه أياد علاوي اليوم سيدفع الآلاف من العراقيين في الداخل والخارج بأعادة النظر بموقفهم من أياد علاوي وسوف لن يصوت له الآلاف من العراقيين إنه يمارس خطاباَ إعلامياَ متخشباَ رديئاَ يحمل الخوف والخشية من الدكتاتورية وماضيها الثقيل وخطابه خالي من الامل واستشراق المستقبل وبعيداَ عن بناء العراق الديمقراطي .

الخطاب الاعلامي الذي يمارسه أيادعلاوي يحمل ثقافة الدكتاتورية وماضيها الاسود :
في مقابلة إعلامية مع قناة الشرقية لهذا اليوم 4-3-2010 وجهه المذيع سؤال إلى اياد علاوي وهو بالشكل التالي في فترة حكمك قد ضربت الفلوجة والنجف .
فأجاب أياد علاوي لا أنا لم أضرب الفلوجه والنجف وإنما ضربت القاعدة في الفلوجة والذين إحتلوا المكان المقدس لكل المسلمين في النجف يقصد صحن الامام علي من قبل جيش المهدي وهذا كان بطلب من أهل الفلوجه والنجف . لم يكتفي أياد علاوي بهذه الاجابة وتواصل في استرساله قائلاَ ( أن الفلوجه والنجف كانتا حصناَ لنا في فترة الصراع مع الشيوعيين ) . كل من استمع لهذا التصريح الاعلامي اليوم يخرج بالاستنتاجات التالية :
1- أن أياد علاوي بتصريحه هذا لم يتنكر لماضية الاسود المعادي للديمقراطية والافكار الانسانية بل ويتمسك بهذا الماضي المشين الذي تنكر له أبطاله السابقون. هنا يطرح سؤال كيف نتوقع من هكذا انسان مغلف وغير واقعي أن يسهم في بناء دولة المؤسسات الديمقراطية  خطابه هذا يحمل ثقافة معادية للديمقراطية نابعة من الفكر الفاشي للدكتاتورية المقبورة .
2- بتصريحاته هذه هو ليس فقط يخاطب بقايا الصداميين للتصويت له لا وإنما يخاطب كل اصحاب الافكار الظلامية بما فيها جماعة القاعدة للالتفاف حولة إنه منافق في وضح النهار .
3- كل من سمع تصريحات أياد علاوي يتيقن تماماَ أن الشيوعيين العراقيين هم قوة كبيرة في البلاد الآن وهو يخشى أن تصوت الناس لهم ولقائمتهم اتحاد الشعب رقم 363 . إذاَ فلماذا هذا التصريح الآن وقبل الانتخابات ب3 أيام .
أن أياد علاوي قد تيقنت منه الناس  من خلال هذا التصريح إنه لا يمتلك فكر إنساني ولا برنامج ديمقراطي إنه يمتلك قوة الماكنة الاعلامية والمال السياسي الوارد إليه من خارج الحدود ومع إمتلاكه للماكنة الاعلامية فهولا يجيد استخدامها بخطاب سياسي يطمأن الناخب . أن ثقافة وخطاب أياد علاوي هي من ثقافة ورحم النظام الدكتاتوري المقبور فهي تحمل الرياح الصفراء لتلبد سماء العراق بالويلات والكوارث من جديد إنه يحمل الماضي القديم بكل مساوئه.
4- في المقابلة ظهر أياد علاوي مرتبك وغير واثق من نفسه ومن قدراته فهو يخشى جيش المهدي وبنفس الوقت يخشى أهل الفلوجة وبدلاَ من أن يكون شجاعاَ في الدفاع عن مواقفة فهو يمارس أقسى حالات الانتهازية المكشوفه ويسيئ لأخلص أبناء العراق هم الشيوعيين العراقيين أستشف من هذا التصريح أن جماهير الشعب تثق بالشيوعيين وقائمتهم اتحاد الشعب رقم 363 . وإلا ما هوسبب إساءات وإفتراءات أياد علاوي على الشيوعيين في هذه الايام بالذات .

من يحب العراق أن لاينتخب أياد علاوي :
وفي مقابلة ثانية مع بطل الشاشة الفاشل أياد علاوي مع قناة البغدادية مساء هذا اليوم 4-3-2010 .
وضمن برنامج مادة إعلانية قال أياد علاوي من خلال قناة البغدادية ( إعتقلت في فترة النظام الشيوعي عندما كان عمري 14 سنة وكنت أوزع بيانات ضد الشيوعية في تلك الفترة) .
لنسأل مؤرخي التأريخ ورجالات وسياسات العصر هل كان في العراق نظام شيوعي . أي مثقف وسياسي هذا لايميز بين مصطلحات النظام والحكومة والدولة . وفي هذه المصطلحات الثلاث يجيبنا تأريخ العراق الحديث إنه لم يكن للشيوعيين العراقيين دور لا بالحكومة ولا بالدولة كيف إذن يكون لهم دور في النظام هذا هو قدر العراق أياد علاوي الذي لا تربطة أي رابطة لابالعلم ولا بالاقتصاد ولا بالثقافة ولا بالوطنية ولا بالديمقراطية الحقه يطرح نفسه رئيس وزراء العراق القادم .
إن أياد علاوي بهذا التصريح قد فقد كثير من مناصريه لانه فضح نفسه وظهر إنه ليس فقط بلا مستوى فكري وثقافي لائق وإنما لا يفقه شيئ بتأريخ العراق الحديث ولا بأبجديات علم السياسة .
نسى أياد علاوي الفترة التي كان فيها عمره 14 سنة وإعتقل كان آنذاك في عام 1961 وغالبية العراقيين تعرف جيداَ أن سجون العراق في تلك الفترة كانت مملوئة بالشيوعيين والديمقراطيين العراقيين وهناك الآلاف من هم كانوا يوزعون منشورات تطالب بالسلم في كوردستان العراق وتطالب بحقوق العمال والفلاحين وبالحريات الديمقراطية .
إن أياد علاوي رجل متخلف بائس لا يستحق الذكر وأسفي على الناس المخدوعين بالدعاية الانتخابية أن أياد علاوي سوف لايقدم للعراق الخير والمحبة وإنه غير قادر على فرض الامن والاستقرار وتوفير الخدمات وهو والديمقراطية لا يلتقبان لا بالفكر ولا بالسلوك فهو غير مؤهل لبناء عراق ديمقراطي .
لا حظوا في دعايته الانتخابية هو يريد عراق قوي ماذا يقصد بالقوي وما هو مفهوم القوي إنه بهذا الغموض لا يستحق أن يصوت له أحد من العراقيين إنه  لا يفهم العراق القوي بأن يكون نظامه ديمقراطي المواطن لا يعرف ما هو مصطلح العراق القوي عند أياد علاوي الغامض بكل شيئ البعيد عن الثقافة وعن هموم الشعب .
وأدعوا كل من يحب العراق وشعبه وكل من يريد الخير للوطن وتقدمة وإزدهاره ولكل من يريد نظام ديمقراطي حقيقي أن لا ينتخب هذا الرجل المظلل أياد علاوي .

بالصوت العالي وبالثقة العالية بالنفس :
أدعوا كل بنات وأبناء شعب العراق العظيم إلى إنتخاب قائمة اتحاد الشعب رقم 363 .
قائمة العمال والفلاحين والكادحين قائمة كل الوطنيين العراقيين قائمة الخير والمحبة والسلام والحرية والديمقراطية .
إن قائمة اتحاد الشعب هي القائمة الوحيدة التي تحمل الوفاء للشعب والوطن . فهي الاقدر على توفير الخدمات وحل مشكلة البطالة وضمان العيش الكريم للشعب .
إن قائمة اتحاد الشعب هي من تصون ثروات الوطن للاجيال القادمة وهي من يبني الوطن ويطوره .
إن قائمة اتحاد الشعب هي من تبني دولة القانون العادل الذي يضمن حقوق المواطنيين وحرياتهم .
إن قائمة تحاد الشعب تضمن الديمقراطية الحقيقية وحرية الرأي والمعتقد واحترام الاديان وممارسة الطقوس الدينية .
قائمة اتحاد الشعب هي الاقدر على بناء دولة المؤسسات الديمقراطية .
4-3-2010 .

149
 
قائمة اتحاد الشعب  أقوى من الحصار
الاعلامي ومن المال السياسي
فلاح علي
من يتابع محطات التلفزة الواسعة الانتشار في العراق العربية التي بدأت بالتعريف بالمرشحين قبل بدأ الحملة الانتخابية والبغدادية والشرقية وحتى العراقية حيث بدأت هذه المحطات في برامجها الانتخابية بعد يوم 12-2-2010 من بدأ الحملة الانتخابية . ما يلاحظة المتابع للبرامج المخصصة للحملة الانتخابية لهذه المحطات انها رغم مرور11 يوم على بدأ الحملة الانتخابية فأنها لم تستضيف إلا ما ندر من مرشحي قائمة اتحاد الشعب وغالبية الذين يتم استضافتهم  من الكتل الكبيرة إضافة لظهورهم في محطاتهم الخاصة وبعضهم يظهر بأكثر من محطة . إضافة لاعلاناتهم الدعائية في المحطات الفضائية التي يدفغ عليها آلاف الدولارات .
هناك كثير من التساؤلات تطرح من قبل الناخب العراقي ومنها السبب من تسليط الاضواء على مجموعة من المرشحين يتم انتقائهم مسبقاَ من قبل هذه القنوات ويحجب آخرون عن المناظرات التلفزيونية ؟ ومن التساؤلات هي كثرة الاعلانات الانتخابية لبعض القوائم وفي أكثر من محطة والتي تكلف آلاف الدولارات من أين تحصل هذه الكتل على المال لتمويل حملاتها الانتخابية .
بما أن المناظرات التلفزيونية تدخل في اطار الدعاية الانتخابية , والدعاية في جوهرها هي عملية اقناع منظمة للناخب وهي سلاح فاعل تدخل فيه الوسائل النفسية ولها تأثير كبير على عقل المتلقي وقد استخدمت الدعاية ( الحرب النفسية) كسلاح في الحروب العسكرية لغرض اضعاف والتأثير على معنويات الخصم . إذاَ يبرز سؤال هنا هل تخشى وسائل الاعلام من مرشحي قائمة اتحاد الشعب في التأثير على عقل وفكر الناخب ؟

في الحملات الانتخابية يبرز دور الاعلام والمال:
أن أهمية الاعلام كبيرة وكبيرة جداَ لا سيما في عصر تطور التكنولوجيا ويلعب الاعلام حيزاَ مهماَ في حياة المجتمعات , وما يهمنا في الحملات الدعائية فأن الاعلام وسيلة مهمة في الدعاية الانتخابية ويعرف الاعلام المرشحون وقوائمهم وبرامجهم وآرائهم ومواقفهم على الشعب ويتعرف الشعب من خلال وسائل الاعلام عليهم .فالاعلام هو أداة للسياسة وللتأثير على عقول الناس وللتغيير. فأنه أداة من يحسن استخدامها يؤثر على سلوك وحياة الشعب كما تؤثر الاسلحة فمن يمتلك الاعلام في زمننا الحاضر فأنه قد ملك القوة لان الاعلام هو أحد عناصر القوة بالنسبة للدول وللتنظيمات والمؤسسات . ومن يمتلك الاعلام هو يمتلك المال وهذه معادلة صعبة تحتاج إلى التوقف والتمعن . ويلاحظ من خلال الحملات الانتخابية أن كل الكتل والقوائم التي تحتل الصدارة في الاعلام تقف ورائها أجندات أقليمية وعربية ودولية وتسهم في تمويل حملاتها الاعلامية .
لهذا يلاحظ أن المخلصين لشعوبهم وأوطانهم يعانون من صعوبة في أمرين الامر الاول هو عدم  امتلاك وسائل الاعلام الجماهيرية بسبب الامكانيات المالية والامر الثاني إن هذه القوى قد فرض عليها الحصار الاعلامي من قبل وسائل الاعلام سواء كانت الحكومية أو الاهلية الخاصة والممولة . وهذا ليس ناتج عن الخلل في هذه القوى وإنما الخلل بهذه المنابر الاعلامية ذات التأثير الجماهيري , لأنها في الغالب تقوم بدور غير نزيه وإنها بالمطلق منحازة إلى الممول الاساس سواء كانت دول أم شركات أم أشخاص وتخضع لشروط ومعايير هذه الجهات الممولة , فهذه المؤسسات يخطأ من يقول إنها نزيهة وتحرص على المجتمع وتمثله وغير منحازة وفي الحملات الانتخابية إنها غير حيادية تسعى لتسويق المرشحين الذين يلتقون مع توجهاتها وتحاصر المرشحين والمنافسين الجيدين وبالذات المرشحين الديمقراطيين .

قائمة اتحاد الشعب ومرشحيها لم تأخذ حقها في وسائل الاعلام الجماهيرية بعد :

رغم أن الاعلام وحدة غير قادر على صنع القاعدة الجماهيرية لهذا المرشح أو ذاك ولهذه القائمة أم تلك ولكن له دور مؤثر في الحملات الدعائية ويلاحظ أن قائمة اتحاد الشعب هي الاقل حظاَ في الولوج لهذا الاعلام الجماهيري التلفاز وهذا يعود لعدم نزاهة وحيادية وسائل الاعلام وتبعيتها لمؤسسات بعضها يحمل أجندات خارجية وبعضها تابع للسلطة والبعض الآخر يحمل توجهات بعيدة عن مصالح الشعب وتطلعاته وبناء مستقبلة المشرق ولعدم تطابق أهداف قائمة اتحاد الشعب مع أجندات هذه القنوات الاعلامية وهذه أحد الاسباب التي تنطلق منها وسائل الاعلام من التضييق على عدم إظهار القائمة ومرشحيها .
قائمة إتحاد الشعب تخترق كل الحواجز والحصارات :
رغم الحصار الاعلامي إلا أن قائمة اتحاد الشعب تمتلك رصيد جماهيري كبير بعضة منظم لدية الارادة والعزم والتحدي وله القدرة للعمل في وسط الجماهير وفي أصعب الظروف وأقساها . وهذا هو سلاح تفتقر له غالبية الكتل والقوائم لاتحاد الشعب فرق ناشطة تلتقي مع القاعدة الشعبية في الارياف والمدن إذا تحركت وفق خطط مدروسة ومتواصلة ستكون هذه الفرق وسائل اعلام متجولة . فقائمة اتحاد الشعب بهذه الحالة هي الاقوى على مواجهة الحصار الاعلامي وهي الاقوى من المال السياسي الممول لاجندات خاصة إن السلاح الذي تمتلكة قائمة اتحاد الشعب ومناصريها إنه الفكر النير الذي حررالاوطان والشعوب ومكن المناضلين من الصمود في السجون والمعتقلات ومواصلة العمل السري الذي كان كشف منشور يكلف حياة مناضل ومكن شابات وشباب الحزب ومناضلية من العيش في أصعب الظروف في جبال كوردستان عندما حملوا السلاح لمقارعة الدكتاتورية لعقد ونيف من السنين . لا توجد كتلة ولا قائمة تحمل هذا الكنز الثمين إنه فكر الحزب القادرعلى بناء العراق الجديد عراق ديمقراطي موحد تسود فيه العدالة والمساواة وحكم القانون والامن والاستقرار والحرية . ومن هذاالفكر النير وضعت قائمة اتحاد الشعب بكل مكوناتها الديمقراطية برنامجها الديمقراطي الانتخابي وبه تعاهد الشعب على بناء دولة المواطنة والتي يضمن فيها الحقوق والحريات وحكم القانون . ويضمن فيها تحرر الوطن وتحقيق إستقلاله الناجز وتطورة وتضمن العيش الكريم للشعب .
ليس بصدد الحديث عن برنامج القائمة ولكن بصدد الاشارة لقائمة اتحاد الشعب فأنها في ظروف المنافسة الديمقراطية هي الاقوى لانها تمتلك قنوات إعلامية متنقلة بين أوساط الشعب في المدن والارياف من خلال مئات الفرق والمجاميع الشابة التي تطوف في كل مدن العراق متحدية الصعاب وتمكنت من أن تتألق وتلتحم مع جماهير الشعب وهي تروج لبرنامج الخير والعمل والتنمية والاعمار والضمان الصحي والاجتماعي والسلم الاهلي والوحدة الوطنية والمحبة والحرية والديمقراطية والامن والاستقرار فقائمة اتحاد الشعب إنها بحق تحمل وسام النضال لمقارعة الظلم والاستغلال والطغيان والتفاني من أجل مصالح الشعب والوطن والقائمة مع الفعل وليس القول إنها من القوائم المتألقة ماضياَ وحاضراَ ومستقبلاَ فهي ومرشحيها تحلق في سماء العراق كحمامات السلام أقوى من الحصار الاعلامي ومن المال السياسي يراها الجميع وسيصوت لها الكثير .  
23-2-2010  

  


150
رسالة إلى كل اليساريين والديمقراطييين
وإلى كل الخيريين من أبناء الشعب
فلاح علي
وإلى كل من ينتمي للشعب بكادحية وعمالة وفلاحية وإلى كل العاطلين عن العمل والمحرومين والمهمشين وإلى كل نساء العراق المضطهدات والمحرومات وإلى طلبة العراق و كل مثقفي بلادي ومناضليها من الوطنيين اليساريين والديمقراطيين , لنوحد الصفوف في المعركة الانتخابية ولنرفع عالياَ ممثلي الشعب من الديمقراطيين مرشحي قائمة إتحاد الشعب إلى قبة البرلمان .

لاجل ترسيخ حكم الشعب وبناء عراق ديمقراطي بلا محاصصة طائفية:
لقد تعرض العراق وشعبه في ظل حكم المحاصصة الطائفية والقومية لازمات سياسية مستعصية تناما فيها خطر الارهاب وعدم الاستقرار السياسي والامني وتزايدت التدخلات الخارجية , كما تعرض البلد لعمليات نهب منظم وكأن عصابات المافيا واللصوص هم في توالد وإستنساخ وإنشطار وتكاثرمستمر في ظل حكم المحاصصة والذين بدأوا أبطالها يتقاسمون الوطن كأنها كعكة فيما بينهم كما لوأن الوطن جزء من أملاكهم التي أورثها لهم آبائهم وأجدادهم .
والفساد أصبح ضارباَ في كل مفاصل السلطة والبلاد من جراء تحالفهم المشؤوم هذا , وزير التجارة سرق وهرب في وضح النهار وزير الثقافة قاتل وهارب , وكيل وزير الثقافة كامل شياع سقط شهيداَ من أجل الثقافة والمثقفين وقتلته تعرفهم الحكومة جيداَ لكنهم يتمتعون بحصانتها ورعايتها وذلك من أجل الحفاظ على محاصصتهم المشؤومة سيئة الصيت . وهناك أمثلة كثيرة على السرقة وسوء الادارة والفساد التعيين بكذا مبلغ القبول في بعض المؤسسات بكذا مبلغ إنجاز المعاملات حسب نوعها بكذا مبلغ , وتزايد ظاهرة التهميش الاجتماعي بين فئات الشعب , وشاع البؤس واليأس والاحباط وإنتعشت تجارة المخدرات , وخراب البلاد ومآساة الشعب في تواصل في ظل حكم حفنة من أبطال المحاصصة الذين تتضخم ثرواتهم على حساب الشعب وبؤسة وعلى حساب الوطن وتطوره, حتى قطاع الصحة عجز عن توفير الخدمات الصحية للفقراء وعامة الشعب , لكن خيمة الطبيب الجوال هي الاوسع إنتشاراَ من وزارة الصحة ومؤسساتها في تقديم الخدمات الصحية المجانية لأبناء شعبنا في الاحياء الفقيرة والتي يقف وراء هذه الخيمة الطبية الشعبية قائمة إتحاد الشعب .
في الدساتيرالديمقراطية المكتوبة وفي التشرعات أن الشعب صاحب السلطات , أما في العراق فالشعب مغيب ليس فقط عن الحكم والرقابة وإنما مغيب في كل شيئ ويعيش البؤس والحرمان السواد الاعظم من الشعب بلا حقوق وبلا خدمات , الطائفيون والطفيليون والقوميون اللاديمقراطيون إستبداديوا العراق الجدد هم من يحكم العراق ويملكه هؤلاء الحفنة من الطائفيون والقوميون  , فسادهم يزكم النفوس وثرواتهم تتضخم وتقاسمهم للبلد يتزايد وخططهم لبناء الدولة العراقية تتباعد همهم مصالحهم وبسط النفوذ والهيمنة وديمومتهاعلى السلطة والمجتمع والتأسيس لدولة الطوائف .

هكذا ولدت المحاصصة الطائفية والقومية :
ومن خلال طبخة أميركية وإيرانية وعززتها إنتخابات عام 2005 وفي ظل ظروف غير طبيعية وسيادة الارادات الخارجية وعدم الاستقرار وفي ظل غياب الوعي وتظليل الشعب تمكنوا من فرض هيمنتهم على البرلمان والسلطة في تلك الانتخابات . هذه الحفنه من الساسة الغارقين في أوهامهم والباحثين وراء مصالحهم الفئوية الانانية الضيقة نجدهم يفتعلون الازمات السياسية ولكنهم في جلسة فيما بينهم لعدة ساعات يهندسون ويتفقون على قوانين وتشريعات تكرس هيمنتهم لفترة قادمة وتضمن مصالحهم والامثلة كثيرة لكن أحلام الملايين من فقراء وكادحي وعمال وفلاحي ونساء وطلبة ومثقفي بلادي لا تمر لحظة واحدة في ذهن هذه الحفنة من الديناصورات التي تهيمن على البرلمان وتحكم العراق .

كيف يمكن مواجهة هؤلاء وتقويض نفوذهم  :
وهناك أسئلة أخرى كيف يمكن أن يصبح العراق بيد فقرائة وكادحية ومثقفية ؟ كيف نبني وطناَ بلا لصوص وقتلة وإرهابيين؟ كيف نقضي على المحاصصة الطائفية والقومية ؟ كيف نبني بلداَ ديمقراطياَ ؟
كوني ديمقراطي ليس لدية أوهام في قدرة الشعب على التغيير ولكن كيف يتم ذلك إذا كانت قطاعات واسعة من الشعب مغيبة ويمارس ضدها القمع الفكري والحرمان بمختلف أشكالة لديمومة تجهيلها وتغييبها الدائم .
الاجابة بسيطة أن أحد أدوات التغيير هي في يد الناخب العراقي وفي يدنا وهي تكمن في التهيئ لخوض المعركة الانتخابية لمجلس النواب في 7-3-2010 الكل يرى الفرصة آتية الطائفيون والقوميون اللاديمقراطيون يعملون على تهيئة مستلزمات خوضها والاستعداد لها من أجل تعزيز حكمهم وتقاسم الوطن وثرواته ثانية وبناء دولة الطوائف , وهناك من يخوضها لاجندة إقليمية , ومن يخوضها من هم من الوطنيين والمستقلين والديمقراطيين . ما يهمنا نحن الوطنيون الديمقراطيون واليساريون هو أن ننظر إلى معركة الانتخابات البرلمانية هي فرصة للعمل والنشاط والمثابرة ولمواصلة النضال الجماهيري وتعبأة وإستنهاض القوى ورص الصفوف . من أجل التهيئ لخوض المعركة الانتخابية من أجل التغيير من هذه الرؤية وهذا المنطلق يتم التعامل مع المعركة الانتخابية والحصول على المقاعد البرلمانية كمهمة نضالية في هذه المرحلة التأريخية من هذا نحن نؤمن أن التغيير يأتي من الالتحام بالجماهير من الشارع وخوض النضالات الجماهيرية والدفاع عن حقوقها وتعبئتها بشكل واعي ومن خلال التوسع في النشاطات الجماهيرية في المدن والارياف , كالندوات والفعاليات والمظاهرات والمهرجانات المتنوعة والانغماس مع الجماهير لخوض المعركة الانتخابية.وتوظيف وقيادة المعركة الانتخابية للوصول إلى قبة البرلمان والتي ستكون المقاعد البرلمانية هي أدوات للتغيير وبناء عراق ديمقراطي جديد ويكون فيه التغيير لصالح الكادحين والعمال وعامة الشعب والوطن .
أن المعركة الانتخابية هي فرصة لتعزيز وحدة عمل وخطاب ونشاط الوطنيين اليساريين والديمقراطيين بين صفوف الشعب في هذه المعركة , ومعهم كل الخيرين الساعين لبناء عراق ديمقراطي , لنرفع الصوت عالياَ لا لسياسات الطائفيين والقوميين اللاديمقراطيين التي أضرت بمصالح الشعب والوطن لننتقدهم ونفضح أعمالهم المضرة بمصالح الشعب والوطن ولنرفع مرشحي قائمة التغيير الديمقراطي قائمة إتحاد الشعب وبرنامجها وتمكينها من النجاح  والوصول إلى قبة البرلمان  .

معاَ لنوحد الصفوف من أجل التغييرالديمقراطي :
أن الطائفيون وكل الاستبداديون سوف يلجؤون لطرق غير شرعية في حملتهم الانتخابية وسيمارسون الضغط والابتزاز لشراء صوت الناخب , وما توزيع 50 دولار للمعوزين في أرياف العمارة إلامؤشر لعدم ديمقراطيتهم وعجزهم للوصول للناخبين بالطرق الديمقراطية وكسبهم . الطائفيون والاستبداديون سوف يقاتلون بشراسة وبدعم مالي وإعلامي عربي وأقليمي من أجل الهيمنة ثانية على البرلمان , لكن التوقعات تؤكد أن جميعهم ستنخفض نسبتهم في البرلمان القادم , ولكن ما يهمنا نسبة ممثلي الشعب الحقيقيين في البرلمان القادم من أجل أن يسهموا بشكل فاعل في بناء العراق الجديد . وليضربوا مثلاَ في صياغة القوانين لصالح فقراء العراق وكادحية ولصالح حقوق المرأة ولضمان حق المواطنة ولصالح بناء دولة المؤسسات الديمقراطية لادولة الطوائف المتمثلة بسلطة المحاصصة الطائفية والقومية أن الطريق إلى مستقبل العراق المشرق يمر من خلال التصويت لقائمة إتحاد الشعب. ولكن ستكون المعركة الانتخابية بلا شك غير متكافئة .
من أجل التهيئ والاستعداد لكسب المعركة الانتخابية علينا أن نحولها إلى فرصة تأريخية لكل من حب العراق وشعبه ولكل من ناضل وضحى في مقارعة الدكتاتورية ولكل من يؤمن ويدافع عن حقوق القوميات ولكل من يريد عراقاَ ديمقراطياَ لامكان فيه لحكم الطائفين ولا شبر فيه محتل ولكل من يريد أن يرى العراق مستقلاَ يتمتع بكامل السيادة ولكل من يريد للفقراء والكادحين والعمال والفلاحين حضوراَ في صنع القرار ويضمن العيش الكريم لشعب العراق ولكل من يريد ثروات البلد ملكاَ للشعب وبأيادي أمينة بعيدة عن تأثير الشركات الاحتكارية وعمليات الخصخصة لكل من يريد عراق بلا فساد , ولكل من يريد العدل والمساواة , ولكل من يدافع عن حقوق الانسان ولكل من يريد الخير والوئام والمحبة أن تسود في المجتمع ولكل من يناهض الظلم والاستغلال ولكل من يريد أن ينعم البلد بالحرية والسلام والامن والاستقرار والديمقراطية .
لكل هؤلاء جميعاَ ولكل نساء وطلاب ومثقفي بلادي وفي هذه اللحظات الحاسمة التي ستبدأ فيها المعركة الانتخابية لنكون معاَ جموعاَ جماهيرية في الداخل والخارج نخوض هذه المعركة بكل ثقة وأمل لنتمكن من رفع وغرس ممثلينا ممثلي قائمة إتحاد الشعب في البرلمان القادم ولنعيد العراق للشعب لفقرائة وكادحية وعمالة وفلاحية ومثقفية لا ليكون ملكاَ يتم إقتسامه بين سلطة المحاصصة الطائفية والقومية التي تستمد قوتها من خارج الحدود .
10-2-2010



151
المذكرة الثانية
السيد رئيس البرلمان العراقي والسادة أعضاء هيئة الرئاسة المحترمون
السيد رئيس المفوضية والسادة أمناء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المحترمون
تحية وتقدير
المعروض لسيادتكم / معالجة الغبن الذي لحق لمواطني الخارج في المشاركة بالانتخابات البرلمانية القادمة .
لقد شخصت المفوضية العليا للانتخابات 16 دولة فقط تجرى فيها الانتخابات البرلمانية القادمة في آذار/2010 وقررت فتح 300 محطة إنتخابية في هذه الدول حسب ما نشرته وسائل الاعلام . المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد إختارت نفس الدول التي أجريت فيها إنتخابات عام 2005 ورفضت توسيعها في حينها , الآن المفوضية تمارس نفس النهج السابق الذي يفتقد للواقعية وللمعطيات الجديدة والمتغيرات التي حصلت في أعداد هجرة العراقيين ووصلوا إلى دول عديدة وليس فقط ال16 دولة .
النرويج من الدول التي إستثنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فتح فيها مركز إنتخابي سواء في الانتخابات السابقة أو الانتخابات الحالية , مع زيادة أعداد العراقيين فيها الذي تجاوز الحد القانوني لفتح مركز إنتخابي الذي حددة التشريع الاول لقانون الانتخابات من قبل البرلمان ب20 ألف العدد الآن حسب إحصائيات الدولة النرويجية يصل إلى 30 ألف .
نرجوا من رئاسة البرلمان ومن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات , دراسة ظاهرة حرمان دول من فتح مراكز إنتخابية فيها بالرغم من وجود كثافة سكانية عراقية فيها ومنها دولة النرويج . علماَ إننا أحزاب لجنة تنسيق القوى الوطنية العراقية قد رفعنا لكم مذكرة في 12-10-2010 نطالب فيها بوضع آليات جديدة لشمول عراقي الخارج بممارسة حقهم الانتخابي بفتح مراكز إنتخابية في دول أو إعادة توزيع المحطات الانتخابية حسب التوسع الجغرافي لتواجد العراقيين في الخارج ولم نحصل على جواب إلى هذه اللحظة .
لا نخفي عليكم تساؤلنا المشروع وهو ما هو سبب عدم الاجابة على مذكرتنا؟ في الوقت نفسه قد ضمن الدستور حقنا الانتخابي ولكن الالية التي حددت فيها المفوضية المستقلة للانتخابات تشخيص 16 دولة كانت غير عادلة وبعيدة عن الدراسة المبنية على معطيات على أرض الواقع .
السادة المحترمون :
في مذكرتنا هذه نقدم لكم مقترحين نرجوا دراستهما لاسيما لايزال هناك متسع من الوقت آملين الاخذ والعمل بواحد من هذين المقترحين ويحذونا أمل كبير في التجاوب مع مذكرتنا هذه وثقتنا كبيرة بحرصكم على تطبيق الدستور الذي ضمن الحق الانتخابي لكل العراقيين أينما كانوا في داخل الوطن أو خارجية وذلك من خلال وضع آليات مرنة على ضوء الواقع تسهل وتضمن ممارسة الحق الانتخابي ومقترحينا هما :
1- نقل أحد المراكز أو ( المحطات الانتخابية) من السويد إلى النرويج . فهذا الاجراء لا يكلف الدولة العراقية مبالغ مالية إرتباطاَ بأن التخصيصات المالية قد رصدت مسبقاَ لهذه المحطات التي عددها 300 محطة موزعة على 16 دولة مع عدم وجود ممانعة من دولتي النرويج والسويد .
هذا المقترح يسهل مشاركة العراقيين المتواجدين في النرويج في الانتخابات ويذلل عراقيل كبيرة وجدية تعيق من مشاركتهم . ونضع أمامكم المعطيات التالية والتي تعتبر من ضمن الصعوبات التي تواجه مشاركة العراقيين في النرويج في الانتخابات في حالة عدم فتح مركز إنتخابي فيها :
أقرب مدينة سويدية إلى النرويج هي يوتوبورك والتي تبعد عن أوسلو 4,30 ساعة وهناك مدن في النرويج توجد فيها كثافة سكانية تبعد عن أوسلو 7-9 ساعات ومدن أخرى في الشمال تبعد عن أوسلو قرابة 46 ساعة , كيف يكون بمقدور هؤلاء العراقيين لاسيما إذا كانوا من كبار السن السفر إلى مدينة يوتوبورك للتصويت من هذا جاء مقترحنا أعلاه والذي هو مقترح واقعي وعملي وغير مكلف وسهل التطبيق .
2- في حالة عدم الاخذ بالمقترح أعلاه فنرجوا المساهمة في عملية تسهيل نقل العراقيين المتواجدين في النرويج إلى يوتوبورك للتصويت وذلك من خلال توفير وسائط نقل إليهم بالتعاون مع الحكومة النرويجية وتخصيص مبالغ مالية للنقل , إرتباطاَ ببعد المسافة وتكاليف النقل العالية جداَ . وبهذا تسهمون بأسم الدولة العراقية بضمان حق مشاركة عراقيي الخارج في الانتخابات, ونعتقد أن الاخذ بأحد هذين المقترحين يساعد في تجاوز الخطأ الذي وقعت فيه المفوضية بأختيار 16 دولة فقط الذي سينتج في حالة عدم معالجة  الثغرات في التطبيق إلى عزوف كبير في مشاركة عراقي الخارج في الانتخابات البرلمانية , وهذا العزوف هو ليس رغبه من الجالية العراقية في مقاطعة الانتخابات وإنما بسبب العراقيل والصعوبات والموانع التي وضعت أمامها والتي يمكن معالجتها .
أملنا كبير بكم في تحقيق أحد مقترحينا المثبته في مذكرتنا والتي ستسهم في تذليل الصعوبات والعراقيل أمام ممارسة حقنا الانتخابي الذي ضمنه الدستور العراقي .
مع فائق التقدير والاحترام .
نسخة منه / إلى السيد آد ميلكيرت الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق .
أحزاب لجنة تنسيق القوى الوطنية العراقية في النرويج .
1- محلية الحزب الديمقراطي الكوردسالني في النرويج
2- الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج
3- المجلس الاعلى الاسلامي في النرويج
4- منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني في النرويج
5- الاتحاد الاسلامي الكوردستاني في النرويج
6- تنظيم الاتحاد الوطني الكوردستاني في النرويج
7- التيار الصدري في النرويج
8- الحزب الليبرالي العراقي في النرويج
9- تنظيم أحرار العراق في النرويج
10- منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النرويج
30-1-2010 .




152
خطر الارهاب يتجدد في العراق
في ظل غياب استراتيجية وطنية لمواجهته
فلاح علي
إن العمليات الارهابية في العراق قد تختفي لبعض الوقت لكنها لن تزول , و توفرت قناعة لدى المواطنيين العراقيين بأن خطرها سيظل قائماَ . وما يلاحظ من التفجيرات الاخيرة التي وقعت يوم 25-1-2010 في عدد من الفنادق الكبرى في بغداد وفي اليوم التالي في 26-1-2010 من تدميرلمديرية الادلة الجنائية , وراح ضحية هذه الاعمال الاجرامية عشرات المواطنين شهداء , إضافة إلى الجرحى والحالات الخطرة والاضرار التي لحقت بالممتلكات . ما يؤكد إن لدى الارهابيين خطط وأوقات يختارونها لتنفيذ عملياتهم النوعية الارهابية صحيح أن الارهابيين قد تلقوا ضربات قوية من قبل الاجهزة الامنية , ولكن يبدوا أن لديهم خطط واستراتيجية وإمكانيات وتاكتيكات . وإلا ما ذا يفسر أن العمليات الارهابية تتوقف فترة ثم تعاود ضرباتها الاجرامية بحق أبناء شعبنا وتختار في هذه الاعمال المكان والزمان التي يراهما الارهابيين مناسبين لهما ؟

الارهابيون يجددون اساليبهم ويطورون خططهم وتاكتيكاتهم والاجهزة الامنية والاستخباراتية في تراجع مستمر :
أن الاعمال الارهابية الاخيرة تؤكد أن القوى الارهابية في العراق مازالت قادرة على التحرك والمباغته وحتى على تجنيد المزيد في صفوفها , وهذه الاعمال الاخيرة تؤشر أن خطر الارهاب سيظل قائماَ ويشكل تهديداَ حقيقياَ للشعب والوطن ولتطور العملية السياسية . وسائل الاعلام الحكومية تصور للشعب إنه قد تم إستتباب الامن والاستقرار في البلد , في حين يفاجئ الشعب بتنفيذ سلسلة من العمليات الارهابية من قبل الارهابيون التي تهدر دماء عشرات بل مئات من أرواح الابرياء . بغض النظر عن التسميات التي تقف وراء هذه الاعمال الارهابية الجبانة ( سواء كان إرهابيون على صلة بتنظيمات القاعدة أو بقايا صداميون ...... إلخ) السؤال الملح الذي يطرحة المواطن العراقي هو ماذا عملت الحكومة العراقية والاجهزة الامنية والعسكرية من خطط واستراتيجيات وتوفير مستلزمات متنوعة لانهاء الارهاب في العراق؟ صحيح أن للارهاب إمتدادات إقليمية ودولية وله شبكة إتصالات واسعة وتحت تصرفهم إمكانيات كبيرة ويوجد تمدد في تنظيماتهم داخلياَ وخارجياَ إن كانوا من القاعدة , لكن يفترض أن تكون قدرات الدولة عالية وخططها إستباقية وأجهزتها الامنية والاستخباراتية والعسكرية قادرة على كشف العمليات الارهابية قبل تنفيذها , المؤسف في نفس الوقت يكتشف المواطن أن هذه العمليات قد سلطت الضوء على عدم قدرة الاجهزة الامنية وتراجع كفائتها وتخلفها عن تجديد خططها وتعزيز إمكانياتها لتنتقل من الدفاع إلى الهجوم والمباغته , و ما يعزز ذلك هو ما نراه على أرض الواقع أن العمليات الارهابية قدنفذت في مواقع مختارة في بغداد وهذه الاجهزة الامنية والعسكرية في حالة تامة من الاسترخاء . كما أن هذه العمليات قد سلطت الضوء على الاجهزة الاستخباراتية أين هي والبلد يحترق هل هي أيضاَ في حالة إسترخاء مثل زميلاتها في الاجهزة الامنية أم في إجازة أم في ظل عدم الكفاءة والامكانية أم في ظل غياب التنسيق بين هذه الاجهزة , أم سيطرة الميليشيات والمحاصصة الطائفية والقومية على هذه الاجهزة . أين هي قيادة قوات بغداد وتصريحاتهم الاعلامية التي ملؤوا الدنيا صراخاَ وهم يتوعدون الارهابيين في حين يمر الارهاب من جانبهم وهم لا يحركوا ساكناَ هذه التساؤلات وغيرها في حاجة إلى أجوبة من الحكومة العراقية , وهل يقبل الشعب  التبريرات الغير مقنعة عن العجز المتجذر في هذه الاجهزة هذه المرة ؟

غياب الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الارهاب والقضاء علية :
هناك تشابك غريب  ومعقد بين عدة عوامل داخلية وتدخلات خارجية الكتل المهيمنة على السلطة تفهم هذه العوامل التي يلتقي فيها العنف والتطرف السياسي والاستبداد الحكومي والتدخل الاقليمي مع المصالح الفئوية الضيقة , في ظل غياب المصداقية وعدم الثقة بين هذه الكتل التي تدير العملية السياسية في البلد والتي وصلت إلى البرلمان في غفلة من التأريخ , أن تجربة أربعة سنوات أكدت إنها لاتعبر إلاعن مصالحها الذاتية فنتيجة أنانيتها وصراعها على المصالح والهيمنة والاستئثار في صنع القرار , فقد تركت الشعب يعاني من أبسط مستلزمات الحياة , لا بل تركته بلا حماية وكأنه ينزف حتى الموت وصراعاتها الذاتية قد دفعت البلد نحو الهاوية , إذاَ كيف تبنى الاستراتيجية الوطنية لمواجهة الارهاب في ظل سيادة هكذا كتل أنانية لا يهمها سوى تأمين مصالحها الذاتية؟ وبعد كل تفجير وفي كل مرة تظهر على شاشات التلفاز تلك الوجوه المنبوذه والتي مقتها الشعب لكثرة كذبها وهرجها لتعطينا تفسيراَ مقيتاَ وهزيلاَ للفشل الذريع الذي تعانية والتي هي نفسها دفعت بالبلاد نحو الهاوية , ونتيجة عجزها نما الارهاب وتطور وكأنه قد تجذر في العراق في ظل عدم كفاءة الاجهزة وهيمنة الكتل ذات المصالح الذاتية الانانية على البرلمان , وحرمت الشعب من أبسط الخدمات وخضعت كل القوانين التي تخدم مصالحة والتي تطور البلاد للمساومة والابتزاز .

المحاصصة الطائفية والقومية هي سبب مآساة الشعب وفي ظلها نمى الارهاب وتطورت أساليبة :

أن مصالح الولايات المتحدة الاميركية ومصالح النظام في إيران إلتقيتا في العراق وكلاهما إتفقوا على إنتاج صناعة مقيته في ظلها تحول العراق إلى بلد المآسي والحرمان وسالت فيه أنهاراَ من الدماء بسبب هذه الصناعة الاميركية الايرانية وهي ( المحاصصة الطائفية والقومية ) لبناء دولة الطوائف ولأقتسام السلطة والمناصب في الدولة , إيران وأميركا يدركان تماماَ أن هذه الوصفة السياسية اللذان قاما بتصنيعها وتسويقها للعراق إنها لاتبني دولة ديمقراطية , في حين الادوات المنفذه لها من هذه الكتل كانت تضن أن المحاصصة هي العلاج المطلوب بعد سقوط حكم الدكتاتورية والقمع ولكن في الواقع كانت المحاصصة تلبي مصالحها الانانية وهي سبب في عدم الاستقرار السياسي في العراق لا بل صناعتهم هذه أسهمت في إضعاف الوحدة الوطنية للشعب العراقي . المثال على ذلك ما كرسه الطائفيون بقانون بتنظيم الامور الخاصة في كل طائفة من الطوائف أو المذاهب كما هو الحال في قضايا الاحوال الشخصية بناءَ على تقسيم المجتمع وحسب الاديان والمذاهب وكذلك المثال الآخر هو تقسيم ديوان وقف الدولة للمسلمين إلى قسميين كل قسم تشكلة طائفة , وهناك أدلة عديدة على أن الطائفيون وصناعتهم المستوردة من خارج الحدود المحاصصة الطائفية والقومية هي لا تبني دولة عصرية حديثة وإنما تبني دولة الطوائف وهم بمحاصصتهم الطائفيه والقومية يشكلون أحد مصادر عدم الاستقرار السياسي والامني في العراق وهم حاضنة لتوالد وتكاثر الاستبداد والتطرف كما إنهم عامل مساعد لنمو العنف في المجتمع . خذوا المثال الآخر المحاصصة الطائفية والقومية أعطت لنفسها الحق بأن تكون فوق القانون والدستور , عندما منحت نفسها ( حق النقض الفيتو) برفض أي قرار أو قانون إذا شعرت إنه لا يلبي مصالحها الذاتية وتدخل في مساومات ومقايضات من أجل إخضاع التشريع لمصالحها لكي تمرره وكثير من القوانين مرت في البرلمان بطريقة الصفقات التجارية الانانية بين هذه الكتل المقيته . والتي فرطت بمصالح الشعب والوطن وتركت مداخل الحدود مفتوحة بوجة الارهاب والارهابيين القادمين من الخارج مع وجود حاضنات ومستلزمات له في الداخل . أي دولة عصرية هذه تتقاسم فيها المواقع السيادية على أساس طائفي وقومي خذوا رئيس الجمهورية نوابه من طائفتين خذوا رئيس الوزراء ونوابه من نفس المحاصصة ورئيس البرلمان ونوابه من نفس الصناعة الاميركية الايرانية المحاصصة الطائفية والقومية التي إبتلى بها العراق وشعبه , وهذه تنسحب على مفاصل الدولة الاخرى أن هؤلاء الاشخاص يشغلون هذه المناصب والمواقع لا لكونهم عراقيون من خلال هويتهم الوطنية بالمعنى الوطني للكلمة وإنما بكونهم ممثلون لطوائفهم وقومياتهم أي ممثلون لمصالح ضيقة بعيدة عن تمثيل المصالح الوطنية للعراق والمجتمع , وما تقاسم المواقع في الدولة والصراع على الهيمنة على السلطة وفرض الاستبداد بأسم القانون وسيادة العنف والتطرف في المجتمع والفساد في مؤسسات الدولة وغياب الرؤى الوطنية لبناء الدولة العراقية الحديثة والتطبيق المشوة والمسيئ للديمقراطية وغياب الخدمات وتفشي البطالة وغياب التنمية وسيادة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والامني إنما هو نتاج لسياسة المحاصصة الطائفية والقومية . وقد أضاعت هذه الكتل فرص النهوض بالاقتصاد العراقي وبناء الدولة العصرية الحديثة وتطوير التجربة الديمقراطية , وهم دخلوا التأريخ من أوسع أبوابه لأنهم أبطال عملية تحويل العراق إلى المرحلة البدائية .  
في ظل هذه الظروف وفي ظل تنامي وتوسع الهجمات الارهابية يحتاج العراق إلى إ قصاء ودفن نهج المحاصصة الطائفية والقومية وإلى تعزيز الوحدة الوطنية وإنجاز الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتحقيق المصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة الوطنية وبناء الدولة على أسس علمانية وإحلال الوطنية والمواطنة بدلاَ من الانتماء الطائفي والقومي وبناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الحقة بدلاَ من المحاصصة الطائفية والقومية سيئة الصيت التي أضرت بمصالح الشعب والوطن .
26-1-2010



153
المصالحة الوطنية والاصلاح السياسي
وجهان لعملة واحدة
فلاح علي
لقد تعثرت المصالحة الوطنية في العراق وتعثر معها حل أزمات البلد رغم ظاهرياَ أن بعض الكتل توحي للمواطنين إنه ليس هنالك رابط بين مسألتي المصالحة والاستقرار الامني والسياسي , لكن الواقع يؤكد أن الاسباب هي واحدة لهذه العلاقة , ويمكن تأشيرها أن المصالحة لم تنجز وحاولت بعض الكتل أن توحي للمواطن أن مسألة المصالحة هي شيئ من الخيال وأرسلت إشارات للشعب نحن ليس بحاجة لها وذلك بما تطرحة من تساؤل في وسائل الاعلام ( مصالحة مع من ) وبهذا قد أسهمت في إفشال مشروع المصالحة الوطنية وخولت نفسها هي ممثلة لكل الشعب وهي صاحبة الحق , ولكن الواقع يؤشر أن هذه الكتل هي بعيدة كل البعد في الواقع العملي عن تمثيل المصالح العليا للوطن وهي لا تفهم معنى المصالحة الوطنية .

المصالحة الوطنية ما تعنية سياسياَ :
وعلى وجه الدقة هو ( الاصلاح السياسي) الذي تقوم به الكتل المستلمة للسلطة السياسية في البلد المعني ويرافق ذلك إصلاح إقتصادي وإجتماعي لغرض إخراج البلد من أزماته المتنوعة , بهذه الرؤية الوطنية البعيدة عن المصالح الفؤية يتم التغلب على الصراعات الذاتية بين الكتل ويفسح المجال ومن خلال قوانين ديمقراطية لكل القوى الوطنية بما فيها المعارضة سلمياَ للنظام السياسي لتسهم في بناء الوطن وإنهاء أزماته المستعصية وفي مقدمتها ( الازمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية)ويكون لكل جماهير الشعب حضور ودور في عملية البناء والتغيير بعيداَ عن التهميش والاقصاء والاستحواذ والهيمنة والاستئثار في السلطة وهذا ما ميز المشهد السياسي العراقي منذ الانتخابات البرلمانية الماضية وإلى يومنا هذا . والسبب هو تغليب المصالح الذاتية لهذه الكتل على المصالح العليا للشعب والوطن هذا أولاَ وثانياَ عدم فهم جوهر المصالحة الوطنية وما تعنية في الممارسة بالاصلاح السياسي , وثالثاَ تبعيتها لقوى إقليمية وتنفيذها لأجندة هذه القوى الاقليمية , ورابعاَ لعدم ديمقراطية هذه الكتل المهيمنة على السلطة , كما يلاحظ أن العلاقة فيما بين هذه الكتل مشوبة بعدم الانسجام والتوتر في الغالب وهذا ما إنعكس سلباَ على الدولة والمجتمع .

كتل المحاصصة الطائفية والقومية تجر البلاد إلى طريق مجهول :
في تقاسمها وإدارتها للسلطة السياسية منذ أربعة السنوات الماضية ( من إنتخابات عام2005 ) وإلى الآن ما لمسه الشعب من سلطة هذه الكتل هو عدم وجود رؤية فيما بينها في إدارة العملية السياسية فكثير من القوانين قد عطلت لغياب المصلحة الوطنية في قاموس هذه الكتل وطغت مصالحها الفئوية الذاتية فغاب التنسيق السياسي وغاب الحوار الوطني وحلت سياسة المساومات والصفقات المتبادلة في الغرف المغلقة والمثال الحي هو تعطيل قانون الموازنة المالية لعام 2010 وتم ربطة للمساومة مع قانون السلوك الانتخابي على سبيل المثال والخاسر هنا ليس هذه الكتل ( وإنما الدولة والشعب ) إضافة إلى تعطيل قوانين عديدة لصالح العملية السياسية ومنها قانون الاحزاب وقانون الانتخابات .... إلخ وفي أحيان لجأت هذه الكتل لوسائل الاعلام في  تصريحات لوي الاذرع , وإلى هذه اللحظة أكدت هذه الكتل بمجموعها ليس لديها استراتيجية لعلاقة دائمة التفاعل . وما عملت عليه هذه الكتل هو التخندق في مواقعها وبناء قواها الذاتيه لتحقيق هيمنة أكبر على السلطة السياسية وغاب عن قاموس هذه الكتل بناء دولة مدنية عصرية حديثة تضمن حقوق المواطن ويسود فيها العدل والقانون , وكمثال هو الازمة الاخيرة لقرارات هيئة المسائلة والعدالة التي تهيمن عليها كتلة من هذه الكتل وما إتخذته من قرارات أحرجت الكتل الاخرى وعقدت المشهد السياسي الذي يقترب من مرحلة حاسمة وهامة هي الانتخابات البرلمانية القادمة . والمؤشر الآخر أن ما يخشاه الشعب من هذه الكتل المهيمنة على السلطة بمجموعها (إنها لا تمتلك برامج سياسية لحل مشكلات البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية .... إلخ) ما تمتلكة في الواقع هو تصريحات إعلامية ووعود كاذبة ليس إلا , ولا توجد لديهم أجوبه أو حلول لواحدة من أهم المشاكل وهي ( تفشي ظاهرة البطالة وغياب أو إنعدام الخدمات ) . وما يؤشر على هذه الكتل هو غياب الارادة الوطنية في تجاوز الوقوع في صراعات وحل الازمات السياسية , وبهذا فهي تفسح المجال للتدخلات الخارجية في شؤون البلد الداخلية وزيارة بايدن نائب الرئيس الاميركي في الاسبوع القادم إلى العراق ما يؤشر على ذلك , ونفس الشيئ في زيارة عادل عبد المهدي لطهران التي هي تعد زيارة سرية رغم إنها أعلنت في وسائل الاعلام ولكن سريتها هي لم يعلن برنامج الزيارة للشعب .

كتل المحاصصة الطائفية والقومية ستخسر الاغلبية في الانتخابات القادمة :
للتدليل على صحة هذا الرأي لا بد من التأكيد على تجربة الانتخابات البرلمانية لاقليم كوردستان- العراق التي جرت في 25-7-2009 , رغم أن القائمة الكوردستانية قد إحتلت الموقع الاول ولكن ما حصلت علية هو 57,3% أي نحو 55 مقعداَ وبالمقارنة مع إنتخابات عام 2005 فقد خسر التحالف الكوردستاني قرابة ال20 مقعداَ , رغم ما أفرزته الانتخابات عن فوز السيد مسعود البارزاني لرئاسة الاقليم حيث حصل قرابة ال70% وأصبح أول رئيس منتخب ديمقراطياَ في تأريخ كوردستان- العراق , ولكن ما أشرت عليه الانتخابات البرلمانية هو خسارة التحالف الكوردستاني للاغلبية البرلمانية المطلقة ويعود ذلك لعدت أسباب منها حسب ما إتفق عليها كثير من المحللين والمراقبين : إلى تفشي ظاهرة الفساد في الادارة وغياب الرقابة الشعبية والتمييز بين المواطنيين في الحصول على الوظائف حيث منتسبي الحزبيين لهم الاولوية على باقي المواطنيين في التوظيف , وما ظهر من شكاوي المواطنيين في المظاهرات الكبيرة في السليمانية في أعوام 2007 إلى 2009 من تردي الخدمات وغياب الحقوق ..... إلخ ويعود ذلك للاداء الضعيف لادارة الاتحاد الوطني الكوردستاني , لهذا كان جلال الطالباني وحزبه هما أكبر الخاسرين في هذه الانتخابات ولولا دخول الحزبان الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني بقائمة واحدة ووجود إتفاقية بينهما لتقاسم السلطة لكان تمثيل الاتحاد الوطني الكوردستاني في البرلمان أقل الاحزاب .

الدروس التي نستخلصها من هذه الانتخابات :
أن فرص السيد جلال الطالباني ضعفت وتلاشت في تمديد رئاسته لجمهورية العراق لمدة ثانية وعليه الاهتمام بترميم بيته الداخلي أي ترتيب أوضاع حزبه . وأن نفس مظاهرسوء الادارة والتمييز في التوظيف وإنتشار البطالة والجهل والمرض وعدم توفير الخدمات والسكن وإهمال الثقافة والتعليم والصحة وقطاع الصناعة و الريف وتخلف قطاع الزراعة وتصحر التربة .... إلخ هو ما ميز حكم الطائفيون في المناطق العربية فينتظرهم عقاب الشعب وهو نفس المصير الذي لاقاه حزب جلال الطالباني , وسيكون مصيراَ قاسياَ يفقدهم الاغلبية البرلمانية , وستهتز مواقعهم بشدة في الدولة والمجتمع , وهذا يتوقف على مسألتين الاولى في حالة إجراء الانتخابات بأجواء ديمقراطية بدون تزوير وضغط على الناخبين وإغرائهم بأستخدام المال السياسي الوارد من خارج الحدود أوتهديدهم بأ ستخدام الميليشيات السرية في إرهاب الناخبين والمعارضين ...... إلخ والمسألة الاخرى هو الاداء القوي للقوى المعارضة للمحاصصة الطائفية والقومية والتي تريد بناء عراقاَ ديمقراطياَ حقيقياَ في التوجه لكسب الناخبين خلال الحملة الانتخابية . في ظروف العراق الحالية وفي الحالة الطبيعية من المؤكد ستخسر الكتل الطائفية والقومية الاغلبية البرلمانية وهذا لصالح الدولة والشعب وستنتج عن خسارتهم برلماناَ قوياَ في هذه المرة وسيكون البلد بلا أزمات سياسية عنيفة , لا سيما أن التدخلات الاقليمية قد أضعفتهم و أحرجت كتل طائفية أمام الشعب ومنها التدخل السعودي والتركي وإحتلال بئر الفكة النفطي من قبل القوات الايرانية .
21-1-2010


154
مذكرة
السادة رئيس وأعضاء رئاسة مجلس النواب العراقي المحترمون
السيد جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق المحترم
السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي المحترم
السادة رئيس وأ مناء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المحترمون
تحية وتقدير
المعروض لسيادتكم/ الغبن الذي لحق بمشاركة عراقيي الخارج بالانتخابات البرلمانية القادمة .
لا يخفى على سيادتكم أن الدستور العراقي قد كفل ضمان حق مشاركة كل العراقيين في الانتخابات البرلمانية , وما أكد على ذلك أيضاَ التشريع الصادر من مجلس النواب في 9-12-2009 على تعديل قانون الانتخابات رقم 16 لعام 2005 حيث ورد في الفقرة الثانية من المادة الاولى من القانون ( يصوت العراقيون أينما كانوا لقوائم محافظاتهم أو لمرشحيهم ويشمل الخارج والداخل ) . وجاء هذا التشريع وفقاَ للدستور العراقي الذي كفل الحق الانتخابي لكل المواطنيين العراقيين أينما كانوا .
لكن مع الاسف لم نجد الدستور والقانون حاضران في قرار المفوضية الاخير الذي نشرته وكالات الانباء في 7-1-2010 حيث إختزلت مشاركة عراقيي الخارج في 16 دولة فقط .
لقد فوجئت الجالية العراقية المقيمة في دولة النرويج بهذا القرار الذي جاء مجحفاَ بحقها ومخالفاَ لنصوص الدستور والقانون .
علماَ أن الشروط القانونية متوفرة لفتح مركز إنتخابي في النرويج وهي :
1-لقد وافقت دولة النرويج على فتح مركز إنتخابي على أراضيها وذلك في منتصف كانون أول عام 2009 وقام السيد القائم بالاعمال العراقي بأرسال موافقة دولة النرويج إلى وزارة الخارجية العراقية , التي بدورها أرسلت الموافقة إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات .
( علماَ أن السيد فرج الحيدري رئيس المفوضية قد صرح في 5-1-2010 بأنهم إستلموا موافقات 7 دول فقط وإستثنى دولة النرويج , وهذا التصريح قد زاد من قلق الجالية لعلمها بموافقة دولة النرويج) .
2- التعديل الاول لقانون الانتخابات ورد في أحد فقراته الدولة التي يتواجد فيها 20 ألف مواطن عراقي يفتح فيها مركز إنتخابي . ووفقاَ للمعلومات النرويجية أن تواجد العراقيين في النرويج قد فاق هذا الرقم وتجاوز ال25 ألف مواطن يحق لهم التصويت .
3- الحق الانتخابي كفلة الدستور العراقي وكذلك تشريع مجلس النواب في 9-12-2009 لتعديل قانون رقم 16 لعام 2005 . هذه كلها شروط قانونية  متوفرة تكفل ضمان حقنا الانتخابي .
أن المفوضية المستقلة للانتخابات هي هيئة تنفيذية وليس تشريعية .
الجالية العراقية في النرويج تتسائل . هل أن إختصاصات المفوضية في التطبيق تكون معارضة لفقرات الدستور والقانون ( التشريع البرلماني) أم إنها تعمل وفق ذلك ؟
وقانون الانتخابات واضح وقد ورد في الفقرة الخامسة من المادة الرابعة نص يشير ( للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات صلاحية وضع التعليمات الخاصة بتصويت الخارج ) .
هذا النص لا يسمح ولا يجيز للمفوضية مصادرة الحق الانتخابي لبعض مواطني الخارج وإنما يخولها بوضع تعليمات وآليات إجراء الانتخابات في الخارج .
أن عدم شمول المواطنين العراقيين المقيمين في النرويج لممارسة حقهم الانتخابي هو غير قانوني أولاَ وثانياَ  يؤشر للمواطنيين أن المفوضية المستقلة للانتخابات قد منحت نفسها حق التشريع بوضع شروط ونصوص , لابعرفها مجلس النواب ولا رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ولا حتى المواطنون . وهذه الشروط والنصوص الغير معلنة في الممارسة تعتبر تعديلاَ على القانون وهذا لايجوز إلا بقانون . وهذا يشكل مصادرة لحقوق المواطنين في ممارسة حقهم الانتخابي الذي ضمنه الدستور والقانون .
السادة المحترمون :
نرجوا وبجهودكم بالعمل مع المفوضبة المستقلة للانتخابات الرجوع عن قرارها الذي لاينسجم مع الدستور والقانون ولا يزال هناك متسع من الوقت بالعمل على :
1- شمول دولة النرويج بفتح مراكز إنتخابية فيها لضمان الحق الانتخابي للجالية العراقية الكبيرة في هذه الدولة أملنا كبير بكم لضمان مشاركة واسعة في الانتخابات .
2- وضع آليات جديدة مرنه من قبل المفوضية المستقلة للانتخابات تضمن مشاركة كل عراقي الخارج في العملية الانتخابية , وذلك من خلال التوزيع العادل للمراكز الانتخابية على الدول التي توجد فيها جاليات عراقية . بهذه الطريقة يضمن الحق الانتخابي الدستوري والقانوني للمواطنين في الخارج في ممارسة حقهم الانتخابي , وبعكس هذا سيكون هناك عزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية , ويكون السبب في هذه الحالة هو الخلل في تطبيق القانون ( التشريع الصادر من البرلمان ) . وتتحمل المفوضية المستقلة للانتخابات مسؤولية حرمان جاليات عراقية في دول من المشاركة في الانتخابات , ونرجوا من رئاسة مجلس النواب متابعة تطبيق قانون الانتخابات وحق مشاركة مواطني الخارج ومنهم المقيمون في دولة النرويج .
آملين الاستجابة السريعة لمطلبنا العادل في ممارسة حقنا الانتخابي الذي ضمنه الدستور والقانون .
مع فائق التقدير والاحترام .

نسخة منه /
إلى السيد ستافان دي مستورا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق المحترم نرجوا الاطلاع والمساعدة في ضمان مشاركة عراقيي الخارج في الانتخابات البرلمانية القادمة ومنهم المقيمون في النرويج .

أحزاب لجنة تنسيق القوى الوطنية العراقية في النرويج .
1- محلية الحزب الديمقراطي الكوردستاني في النرويج .
2- الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج .
3- المجلس الاعلى الاسلامي في النرويج .
4- منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني في النرويج .
5- التيار الصدري في النرويج .
6- الاتحاد الاسلامي الكوردستاني في النرويج .
7- تنظيم الاتحاد الوطني الكوردستاني في النرويج .
8- تنظيم أحرار العراق في النرويج .
9- الحزب الليبرالي العراقي في النرويج .
10- منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النرويج .
12-1-2010 .

155
تنظيم القاعدة صناعة أميركية – عربية
تم إنتاجها في فترة الحرب الباردة
فلاح علي
أن فترة الحرب الباردة قد إستخدمت فيها كل انواع القوة الاستراتيجية التي تمتلكها الكتلتان ماعدا القوة العسكرية بقصد أن يهزم أحد الطرفين الطرف الآخر. وقد لجأت الولايات المتحدة إلى تكوين الاحلاف العسكرية , وإقامة إنقلابات عسكرية ودعم أنظمة دكتاتورية تحكم بالحديد والنار وساعدتها على تحويل بلدانها إلى سجون كبيرة ومصادرة الحريات الديمقراطية والامثلة عديدة منها ( في أندونيسا والعراق في عام 1963 وتركيا واليونان والتدخل في الكونغو وفي بلدان أميركا اللاتينية والانقلاب في شيلي .....إلخ) الهدف هو لمحاصرة الاتحاد السوفياتي آنذاك وعزلة وتطويقة وسادت خلال مراحل الحرب الباردة حالة توتر في العلاقات بين الكتلتين وقد إمتدت إلى صراعات في مناطق واسعة من العالم الامر الذي أدى إلى سباق التسلح وظهور بؤر توتر . المقالة لا تركز على الخوض في مراحل الحرب الباردة وإنعكاساتها على العلاقة بين المعسكرين وعلى العلاقات الدولية وإنما ما تتضمنه المقالة هو لمعرفة الظروف التي نشأت فيها القاعدة .

هل كان خطأ الاتحاد السوفياتي هو السبب وراء صناعة القاعدة :
بعد أن طوق الاتحاد السوفياتي بدول الناتو , فقام بأجراء عسكري ليوجه فيه رسالة لدول الناتو , فأرتكب خطأ يكمن في تدخلة في إفغانستان عام 1979 , كان هذا الحدث هو تطور سلبي وحاسم في العلاقة بين القطبين وترك إنعكاسات على الوضع الدولي . فقد وظفت الولايات المتحدة هذا التدخل لعزل الاتحاد السوفياتي دولياَ , كما أن الادارة الاميركية في زمن الرئيس كارتر اتخذت عدة إجراءات من الضغط الدبلوماسي والاقتصادي  والسياسي على الاتحاد السوفياتي وإلى خطوات عسكرية لزيادة قدراتها العسكرية والتكنولوجية وفتحت بذلك باباَ جديدة لسباق التسلح , إضافة إلى أن التدخل في إفغانستان ساهم في إستنزاف الاقتصاد السوفياتي . و من الاجراءات التي إتخذتها إدارة كارترهي إيقاف العمل بأتفاقية سالت 2 وزيادة الانفاق العسكري , وإيقاف شحنات الحبوب إلى الاتحاد السوفياتي وقد باشرت وكالة المخابرات المركزية الاميركية ال CIA بتشكيل تنظيم القاعدة . (( من خلال دعم جماعات المتشددين الاسلاميين والسماح لأبن لادن أن يفتح في الاراضي الاميركية مكتبي تجنيد لرفد صفوف المتشددين المعارضين بالرجال وساهمت وكالة المخابرات المركزية الاميركية في تأسيس المنظمة الارهابية الدولية (القاعدة)  بهدف إستخدامها ضد الاتحاد السوفياتي .وحسب معطيات فأن إسامة بن لادن الذي كان يتعاون مع الاميركيين بشكل وثيق طرح عليهم فكرة تقديم صواريخ ستينجر .وكما إعترف زبغنيو برجنسكي مساعد الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي سابقاَ في أحدى مقابلاته الصحفية فأن واشنطن قامت بتزويد المجاهدين الذين حاربوا النظام في كابل بالسلاح حتى قبل إرسال القوات السوفياتية إلى إفغانستان وحسب أقوال بريجنسكي فأن الولايات المتحدة أرادت أن تجعل إفغانستان فيتنام ثانية . لكن في هذه المرة ليس بالنسبة للولايات المتحدة بل بالنسبة إلى الاتحاد السوفياتي))[1]  . ثم ساهمت عدة بلدان عربية في دعم ما يسمى المجاهدين الافغان بالمال والرجال المتطرفون إن لم يكن رسمياَ فأن الحكومات العربية على علم بذهاب بعض من رعاياها إلى إفغانستان في ظل فتاوي المتطرفين فتوى القرضاوي في حينها ( الجهاد في إفغانستان هو فرض على المسلم) . وفتحت أبواب الدعم اللامحدود المالي, والعسكري , والسياسي , والاعلامي بهدف إيقاع أكبرالخسائر بالقوات السوفياتية وإستنزافها . هذه الظروف هي التي ساعدت على تكوين تنظيم القاعدة من خلال دعم دولي من الولايات المتحدة وحلف الناتو ودعم بعض البلدان العربية . وليس مخفياَ على أحد أن أول البلدان التي تضررت بسقوط الاتحاد السوفياتي هي البلدان العربية والتي ساهمت في إسقاطة .
الولايات المتحدة هي التي أسست نظام طالبان في إفغانستان :
كما هو واضح للجميع أن الولايات المتحدة الاميركية في فترة الحرب الباردة لجأت لكل الوسائل بما فيها الغير شرعية لمحاربة الاتحاد السوفياتي ومحاصرته وإضعافة , ومن هذه الوسائل هي المساهمة في تأسيس ودعم تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة  من مختلف الاديان في كل القارات , وساهمت في دعم زراعة وتصدير المخدرات في إفغانستان . ليس هنا بصدد المقارنة بين سياسة الاتحاد السوفياتي في فترة الحرب الباردة التي ركزت على دعم حركات التحرر الوطني والبلدان العربية التي تضررت من حرب 5 حزيران عام 1967 وإحتلال إسرائيل للاراضي العربية بدعم مباشر من قبل الولايات المتحدة الاميركية , فقد عوض الاتحاد السوفياتي 80% من الخسائر العسكرية التي تعرضت لها مصر بما فيها القوة الجوية ونفس الشيئ قدمت مساعدات للجمهورية العربية السورية هذا مجرد مثال واحد يستحق الذكر , ولكن ما أريد التأكيد علية في هذه المقالة أن الاتحاد السوفياتي في فترة الحرب الباردة عمل ( بأيادي بيضاء) فلم يلجأ إلى دعم القاعدة ولا للتعاون مع المتطرفين سواء كانو إسلاميين أم غيرهم لأدراكة مدى خطورة هذه السياسة وهذا ما يسجل للاتحاد السوفياتي حيث دعم حركات التحرر الوطني ونضال الشعوب من أجل الحصول على إستقلالها الوطني وتحررها الاقتصادي والسياسي .
 فبعد إنسحاب الجيش السوفياتي من إفغانستان في عام 1985 لم تترك الولايات المتحدة الشعب الافغاني لاختيار نظامه السياسي الوطني , فعملت على دعم القاعدة والمتطرفين الاسلامين في إفغانستان , وذلك من خلال الايعاز للحكومة العسكرية في باكستان لتأسيس حركة طالبان (( وقد شارك الاميركان في تأسيس طالبان في الفترة الاولى بصورة خاصة ))[2] . لا يخفى على أحد أن السبب في دعم حركة طالبان هو لاسقاط نظام نجيب الله , وهذا ما تم بدعم مباشر لوجستي باكستاني وبشكل غير مباشر من دعم أميركي وقد إسقط النظام السياسي الوطني في إفغانستان وإعدم نجيب الله .

وما ذا بعد :
لقد تحولت إفغانستان بفضل الولايات المتحدة الاميركية ووكالة ال CIA إلى مكان لتدريب الجماعات الارهابية التي وصلها المتطوعون الارهابيون من مختلف دول العالم وكان في أولهم المتطوعون العرب بعلم حكوماتهم المدعومة أمريكياَ , وفتحت على الارهابيون أبواب الدعم المالي والاعلامي والعسكري والسياسي وقد نمى تنظيم القاعدة بفضل ومباركة ال CIA وقد مدت أذرعها إلى كثير من البلدان وحتى إلى قارات أخرى , وما نشاهده من صور للتطرف الآن هو أحد نتائج الدعم الاميركي للتطرف في فترة الحرب الباردة من أجل إضعاف ومحاصرة وخلق مشاكل للاتحاد السوفياتي , وبأنهيار الاتحاد السوفياتي لقد خسر العالم ( قطب دولي معارض للحروب والارهاب والاحتلال وإنتهاك إستقلال الدول ومحاربته للفقر والجهل والتوحش ونهب ثروات الشعوب والمناصر للسلم والديمقراطية والتحرر والتنمية المستدامة في العالم وكان أول الخاسرين هي الشعوب العربية ) . إليس أدل على ذلك من إستمرار الصراع العربي الاسرائيلي وإستمرار إحتلال أراضي عربية ومصادرة حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية وعاصمتها القدس الشريف يحصل ذلك بدعم أميركي في وضح النهار. مع تنامي العنف والتدخل في شؤون الدول الداخلية وإنهيار مبدأ السيادة الوطنية وإحتلال الدول وتنامي تجارة المخدرات والامراض والفقر والهجرة في أغلب بلدان العالم , هذه هي أحد تجليات سقوط الاتحاد السوفياتي كقطب دولي وهيمنة نظام القطب الواحد  .
لكن المفاجئات التي حصلت أن (البهائم من المتطرفون وتنظيم القاعدة) التي ربتهم وسمنتهم الولايات المتحدة الاميركية لغرض إضعاف وإرباك الاتحاد السوفياتي قد تنكروا لجميلها وأصبحت هدف لهم ولعملياتهم الانتحارية وما حصل من مآساة في 11/ سبتمبر 2001 لقد نفذها إبنهم البار إسامة بن لادن ورجالة من قطاع الطرق دعاة القتل والارهاب . ثم أصبح هدفهم الثاني الشعب العراقي وتفجير غلمان التطرف والجهل أنفسهم وسط التجمعات السكانية من أبناء شعبنا .

الاجراءات العسكرية لوحدها لاتقضي على التطرف :
صحيح أن الاعمال الارهابية التي قام بها المتطرفون هي تعطي مبرر للولايات المتحدة الاميركية وحلف الناتو بالقيام بحملات عسكرية والتدخل في شؤون الدول وتساعدهم على التوسع وبسط الفوذ , وكأن أحدهما يكمل الآخر في سيادة الفوضى وعدم الاستقرار في مناطق عديدة من العالم , ولكن ما يتطلب طرحه هنا أن تنظيم القاعدة والتطرف لا يضمحل ويتلاشى بالوسائل العسكرية والامنية لوحدها .

من أسباب التطرف :
من أسباب إنتشار ظاهرة التطرف هو غياب الديمقراطية الحقيقية في أغلب البلدان النامية ومنها بلدان الشرق الاوسط وغياب التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياة الكريمة في غالبية هذه البلدان . وإنتشار ظاهرة الطائفية والصراعات الداخلية وغياب البرامج الديمقراطية وغياب الحوارات الفكرية وتراجع الوعي الثقافي وإنتشار الجهل والفقر في هذه البلدان التي هي لا تزال بيئة ملائمة لنمو التطرف .
وبنفس الوقت أن من أسباب التطرف هو إستمرارالاستبداد السياسي والهيمنة على السلطة بكل الوسائل بما فيها الوسائل القانونية وإلغاء الآخر وعدم حل المشكلات السياسيةالاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاثنية بشكل جذري وتراجع الخدمات الصحية والتعلمية ...... إلخ .
ومن أسباب نمو التطرف هو سياسة الولايات المتحدة الاميركية القائمة على إستخدام القوة في العلاقات الدولية وعدم المساهمة بدور إيجابي في حل مشاكل منطقة الشرق الاوسط ومنها حل القضية الفلسطينية , وحتى البلدان التي إحتلتها في المنطقة , لاتسعى لأقامة عمليات تنمية فيها والمساعدة في بناء الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات الديمقراطية , وثبت إنها أي الولايات المتحدة تتاجر بشعارها التسويقي الزائف الذي رفعته في فترة الحرب الباردة وهو ( الديمقراطية وحقوق الانسان) ثبت أن الولايات المتحدة هي لا تريد إقامة أنظمة ديمقراطية حقيقية ذات مضامين إجتماعية في البلدان التي تحتلها , خذوا الديمقراطية العراقية بنتها على أساس المحاصصة الطائفية والقومية والمتاريس والخنادق للكتل الطائفية لانها تلتقي ومصالحها , وما قانون الانتخابات الاخير إلا مؤشر صارخ للدور الاميركي في عرقلة بناء ديمقراطي حقيقي قائم على التنوع ودولة المؤسسات الديمقراطية .
أن الولايات المتحدة الاميركية لا تؤسس لدول ديمقراطية بقدر ما إنها تقدم الدعم لحماية الانظمة التي تسير في فلكها , والاموال الطائلة التي خصصتها الولايات المتحدة للعراق وإفغانستان هي لا تصب بأتجاه بناء القاعدة التحتية للاقتصاد أو للتنمية أو بناء مؤسسات ديمقراطية , بقدر ما تنفقها للمجالات العسكرية بحجة توفير الامن والاستقرار والشعب في إفغانستان وحتى في العراق وغيرهما من البلدان يعاني من عدم توفر الماء الصالح للشرب والخدمات والمدارس والعيش الكريم .

الحل لاجتثاث التطرف وتجفيف منابع الارهاب  هو في البديل الديمقراطي:
هو في توفير بديلاَ للناس عن القاعدة والتطرف في حالة عدم توفر البديل فأن الناس ستتجة للتطرف , وهذا البديل لا يأتي من خلال المساعدات العسكرية الخارجية التي يدعوا لها دعاة المشروع الاميركي والطائفي لانهما كلاهما وجهان لعملة واحدة . وإنما يأتي من خلال المشروع الوطني الديمقراطي الذي تبناه الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية في حين نرى القوى المهيمنة تغض النظر عن هذا المشروع لانه يؤسس لديمقراطية حقيقية ويشيد دولة العدل والقانون ويضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية الذاتية التي هي الشغل الشاغل للقوى الطائفية والقومية , أن المشروع الوطني الديمقراطي يضع حلولاَ للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية , وينهي الفقروالجهل والتخلف ويخرج البلد من عنق الزجاجة ويضعه على طريق التقدم والازدهار ويهيئ لبناء الدولة العراقية الحديثة القائمة على المؤسسات الديمقراطية ويجفف منابع التطرف والارهاب وإلى الابد.
12-1-2010 .

 

156

مناورات إيران  حول برنامجها النووي بدأت تتضائل


فلاح علي

أن منطقة الشرق الاوسط أصبحت من أخطر المناطق في العالم إرتباطاَ بالملف النووي الأيراني .وسيزداد الوضع أكثر خطورة في حالة عدم التوصل إلى حل سياسي دبلوماسي سلمي لملف إيران النووي وما ينتج عنه من تعقيدات و ردود الفعل الأمريكية والايرانية .لقد إزدادت التوقعات لدى الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية على أن إيران توشك على أن تمتلك قدرات تؤهلها لتصنع أسلحة نووية . لذلك تبذل الوكالة الدولية للطاقة الذرية ودول الترويكا الأوربية منذ فترة غير قليلة جهود دبلوماسية لوضع حد للطموحات الأيرانية (( فعقدت عدة إتفاقيات بين الوكالة والحكومة الأيرانية منها  إتفاق 21/ تشرين أول 2003 وعدت إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتضمن البيان من جانب دول (الترويكا) الأوربية بالتعاون مع إيران على : توطيد الأمن والأستقرار في المنطقة بما في ذلك إقامة منطقة خالية من أسلحة التدمير الشامل في الشرق الأوسط وفقاَ لأهداف الأمم المتحدة وقد إنهار هذا الأتفاق كما إنهارت إتفاقية باريس في 15/ تشرين الثاني/2004 وتهدف الأتفاقيات لتعليق أنشطة إيران النووية لتفادي إحالتها إلى مجلس الأمن)) [1] .


إيران تخشى المواجهة مع مجلس الامن :
خشية إيران من مواجهة مجلس الامن كبيرة  لأن التحدي إلأيراني إلى مجلس الأمن سيشكل خطورة عليها في إتخاذ قرارات حاسمة يعرضها لعزلة سياسية ودبلوماسية  وقد قامت فعلآ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن في 8/ آذار/2006 وتبعاَ لهذا السيناريو فأن إيران ستواجه ضغوطاَ دبلوماسية تدعوها للتفاوض بنية حسنة حول قبولها بقيود تفرض على برنامجها النووي مقابل مجموعة منوعة من الحوافز وأن هي رفضت فقد ينشأ تحالف دولي داخل مجلس الأمن مصمم على إتخاذ إجراء ما يحول دون إمتلاك إيران قدرات تتيح لها إنتاج أسلحة نووية . رغم أن إيران واجهت ثلاث قرارات من مجلس الامن تتضمن عقوبات إقتصادية ومنع تصدير مواد ومعدات لها إلا أن القرار الحاسم لم يصدر بعد من مجلس الامن الذي سيكون أشد وطأة عليها وسيعرضها للعزلة ولمواجهة خيارات صعبة أفضلهما مراَ . وأضم رأي للآراء التي تقول أن إيران قد لا تكون راغبة في المخاطرة بخوض مواجهة مع مجلس الأمن وقد تلجأ إيران من أجل تقديم تعهد بتضييق نطاق برنامجها النووي

إيران لا تجيد إستغلال الفرص الدبلوماسية وتوظيفها لصالح الشعب الايراني:
لا تزال سلة المزايا الاقتصادية بيد إيران وستحصل عليها في حالة التوصل إلى إتفاق بينها ودول الترويكا الاوربية والضمانات التي ستقدمها لتشجيع إيران على توقيع إتفاقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لايقاف برنامجها للاغراض العسكرية وستكون أفضل من المزايا التي قدمت لكوريا الشمالية إرتباطاَ بخطورة الوضع في الشرق الاوسط . إلا أن إيران لا تزال تعول على الموقف الروسي وحتى الصيني وتناقض المواقف داخل مجلس الامن وإختلاف المصالح بينهما . كما تعول على تطورات إقليمية ودولية وداخلية تكون في صالحها . أي إذا ما أعتقدت أن الظروف الداخلية في بلدها وظروف المنطقة في صالحها , فقد تلجأ إلى تجميد إتفاقها مع دول الترويكا وتتحدى المجتمع الدولي وتمضي قدماَ في مشروعها النووي من أجل أن تصنع الأسلحة النووية . وأعتقد أن هذه الخطوة ستعرض الشعب الايراني و المنطقة إلى مخاطر خطيره لا تحمد عقباها . إضافة إلى إنها  تدفع دول أخرى في المنطقة للتفكير بأمتلاك أسلحة نووية ومن هذه الدول المرشحة هي مصر والسعودية وتركيا وسورية . 
صحيح أن روسيا تعارض فرض المزيد من العقوبات على طهران فضلاَ عن الدعم الذي تقدمة لها في مجال التكنولوجيا , وتعهدت روسيا بأنشاء عدد من المفاعلات النووية لأيران وعلى ضوء مفاوضات وإتفاقات بينهما . وإلى جانب التعاون في مجال الطاقة النووية وقع الطرفان على عقود للتسليح إضافة إلى التعاون في مجال الطاقة ( النفط والغاز) فالدوافع الروسية للتعاون مع إيران في مجال الطاقة النووية وغيره هي دوافع إقتصادية للحصول على العملة الصعبة إضافة للتعاون التجاري كما أن التعاون الروسي مع إيران يحقق لروسيا مناطق نفوذ واسعة ويعتبر التعاون النووي الروسي الأيراني من أهم مشاكل الصراع بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. فنجد أن روسيا لاتدعم السياسة الأمريكية التي تقوم على فرض عقوبات إقتصادية جديدة على إيران وعزلها سياسياَ وتبقى الخلافات بين الدولتين حول الملف النووي الأيراني قائمة .
لكن مالاتدركة إيران أن لروسيا مصالحها القومية في مناطق أخرى منها في محيطها الاقليمي ضمن رابطة الدول المستقلة وخشيتها من توسع الناتو شرقاَ وإنضمام أوكرانيا للحلف ونصب الدرع الصاروخي الاميركي إضافة إلى الصراع مع الولايات المتحدة في بحر قزوين وبحر الشمال وفي المحيط الهادي والمحيط الهندي والصراع في أمريكا اللاتينية وأفريقيا والوضع في الشيشان إضافة إلى الوضع في الشرق الاوسط , فرغم الصراع والمنافسة توجد شراكة بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا  وإلتزامات دولية بينهما منها منع إنتشار أسلحة الدمار الشامل والاسلحة النووية ومحارية الارهاب كما أن لروسيا والصين مصالح في مناطق أوسع في العالم , إضافة إلى أن روسيا بدأت في الانفتاح والعمل في الساحة العالمية لأجل التأثير في السياسة الدولية , كونها قطب دولي صاعد فهي معنية بالانفتاح على كل دول العالم فالتوقعات أن روسيا والصين  سيضغطان على إيران للتوصل إلى إتفاق مع دول الترويكا ومن المتوقع أن تقوم الصين بدور وساطة إرتباطاَ لنجاحها في الوساطة التي قامت بها مع كوريا الشمالية بصدد برنامجها النووي .

مصالح دول الشرق الاوسط بحاجة إلى إفراغ المنطقة من الاسلحة النووية :
تلتقي مصالح الدول والشعوب في منطقة الشرق الاوسط بأن تكون المنطقة خالية من الاسلحة النووية أن مصالح المنطقة تكمن في تبني عدد من المشاريع الأمنية , كتأسيس منطقة خالية من الأسلحة النووية أو أخرى خالية من أسلحة التدمير الشامل في الشرق الأوسط ,  إن رفعت إيران هذا الشعار مقابل تخليها عن برنامجها النووي للاغراض العسكرية , ستحظى إيران بمؤازرة كل الدول العربية وغيرها من دول المنطقة ودول العالم . وستلعب إيران بهذه الخطوة دوراَ إيجابياَ في محيطها الاقليمي وفي سياستها الخارجية , وستكون عامل مساعد في تشديد الضغوط الدولية على إسرائيل كي تتخلى عن برنامجها للأسلحة النووية , هل تفكر إيران بذلك ؟ وهل أن الادارة الاميركية الجديدة برئاسة باراك أوباما ستنتهج سياسة معتدلة مع إيران دون الدخول في مواجهة مباشرة معها في هذا الجانب لدفعها للتخلي عن برنامجها النووي مقابل إقامة منطقة خالية من الاسلحة النووية تخدم شعوب ومصالح دول المنطقة؟ . أوتبني خيارات أخرى منها رفع حظر الأسلحة الذي يفرضه الغرب على إيران , أو منحها ضمانات أمنية عملية وإيجابية ضد الهجمات النووية أو التهديد بها , إضافة للمزايا الاقتصادية المطروحة عليها .

السياسة الاميركية عامل حاسم في إنقاذ منطقة الشرق الاوسط من المخاطر :
أن الأستراتيجية الأمريكية القائمة على التوسع والهيمنة وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول هي التي تسهم في زيادة خطورة الوضع في الشرق الأوسط وهي عامل محفز لزيادة التسلح , هذا ما سارت علية إدارة الرئيس الاسبق بوش على مدى ال8 سنوات الماضية , لكن الادارة الجديدة برئاسة باراك أوباما  وعدت من خلال خطاب القسم بأنتهاج سياسة جديدة تقوم على الاعتدال واللجوء إلى الطرق الدبلوماسية في حل المشاكل بين الدول , وبأمكان الولايات المتحدة الاميركية أن تلعب دوراَ في تخفيف حدة الصراعات في منطقة الشرق الاوسط وسحب البساط من تحت أقدام طهران وأحراجها أمام المجتمع الدولي فيما يخص ملفها النووي وسحب الحجج التي تنطلق منها طهران للسير في مشروعها النووي للاغراض العسكرية .
مشاكل الشرق الاوسط التي تتعكز عليها إيران :
هناك مجموعة من المشاكل في منطقة الشرق الاوسط بحاجة إلى حل جذري لتخليص المنطقة من خطر الحروب وإنتشار الاسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل أهم هذه المشاكل :
1- الصراع العربي- الفلسطيني - الاسرائيلي .
2- الوضع في إفغانستان .
3- الاوضاع في العراق .
4- القواعد الاميركية في منطقة الخليج  ومنابع النفط .
5- البرنامج النووي الايراني والاسرائيلي .
إرتباطاَ بالأوضاع في العراق وإفغانستان والصراع العربي- الفلسطيني – الأسرائيلي  . أن الأدارة الأمريكية الجديدة بأمكانها أن تلعب دوراَ في تخفيف حدة الصراعات والمواجهات في الشرق الأوسط من خلال إيجاد سلام في المنطقة  وإقامة الدولة الفلسطينية وإنسحاب إسرائيل من بعض المناطق العربية منها منطقة الجولان السورية المحتلة هذا سيساهم في خلق أجواء ثقه ويسحب الورقة التي بيد إيران في التدخل بالشأن اللبناني والفلسطيني من خلال تقديم دعمها لحزب الله في لبنان وحركة حماس وحتى تأثيرها على سورية سيضعف . كما أن الأنسحاب الأمريكي من العراق على ضوء الأتفاقية العراقية الأمريكية التي وقعت أخيراَ وكذا إنسحاب جيوشها من إفغانستان هذا سيخفف من المخاوف الأيرانية وكذا تخفيف تواجد قواعدها في منطقة الخليج, هذه عوامل مساعدة وإيجابية تساعد في التوصل إلى إتفاقات حول تجميد الأنشطة النووية الأيرانية , وهي بمجموعها أوراق تلعب بها إيران .

أميركا تمارس كافة وسائل الضغط ومناورات إيران تتضائل وتواجهها العزلة  الدولية:
أن الولايات المتحدة الاميركية رغم تبنيها الاسلوب الدبلوماسي لحل هذه المشكلة ومن خلال وساطة دول الترويكا الاوربية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلا إنها تمارس ضغوط على إيران لتخليها عن مشروعها النووي , وتعمل أيضاَ من خلال مجلس الأمن لفرض عقوبات على طهران , وتمارس الضغوطات على روسيا لوقف تعاونها مع إيران في مجال نقل التكنولوجيا للاغراض النووية والعمل على تحييد روسيا من دعمها لايران في مجلس الامن, وبنفس الوقت تلوح الولايات المتحدة  بالخيار العسكري بين الحين والآخر وعلى سبيل المثال (( فقد صرح نائب الرئيس الاميركي بايدن خلال زيارته للعراق في 4 تموز / يوليو 2009  بقوله : من حق تل أبيب إتخاذ الاجراء الذي تراه مناسباَ في التعامل مع إيران))([2] )  أعتقد أن هذا التصريح يدخل في إطار الضغوط على إيران , ومن الصعب في هذا الظرف القيام بعمل عسكري ضد إيران بسبب مشروعها النووي . وأن حل الصراع العربي الأسرائيلي بشكل سلمي وإقامة سلام عادل في المنطقة , هذا سيخلق أجواء ضغط عربية وأقليمية ودولية في الدخول في مفاوضات جادة حول نزع الأسلحة على المستوى الأقليمي , وسيشكل ورقة ضغط على إسرائيل لدفعها للتخلي عن رادعها النووي .
في حين نجد أن إيران في هذا المنعطف الصعب لا تجيد غير التصريحات الاستفزازية التي تعكس سلوك الضعيف المنعزل الذي لا يجيد إستخدام المناورة السياسية والدبلوماسية . وعلى سبيل المثال فقد صرح السيد متكي وزير خارجية طهران في يوم 2-1-2010 وقال في تصريح وكأنه تهديد أووعيد حيث قال  (إيران تمهل الدول الكبرى مدة شهر لمبادلة اليورانيوم بالوقود النووي في حالة عدم التوصل إلى إتفاق خلال شهر مع الغرب فأن إيران ستقوم بأنتاج الوقود النووي منفردة وطالب الدول الكبرى بالموافقة على شرطها ) . أن هذا التصريح يدخل في إطار الجزع والاستفزاز والتصعيد للازمة. ومن البديهي أن أميركا ومجلس الامن سيرفضون هذا الشرط . وبعد هذا ما ذا سيعمل متكي . هناك شروط للوكالة الدولية للطاقة الذرية هي واحدة تطبق على كل البلدان التي تسعى لامتلاك برنامج نووي للاغراض العسكرية , كما أن هناك دول وسيطة بين طهران ووكالة الطاقة الذرية هي دول الترويكا الاوربية , حل الملف النووي الايراني يمر عبر هذا الطريق . وهذا مؤشر على أن إيران تواجه ظروف دولية ليس في صالحها للاستمرار في مشروعها النووي إضافة إلى إنها تمر بأزمة سياسية داخلية حادة ومعقدة وخطيرة , هذه تؤثرعلى سياستها الخارجية وعلاقاتها في محيطها الاقليمي والدولي . أن إيران التي ترفض التوقيع على إتفاقية منع إنتشار الاسلحة النووية , فهي الآن في مأزق عندما تتحدى المجتمع الدولي , لأنها لم تأخذ بنظر الاعتبار الاتفاقات الدولية بهذا الخصوص أي معاهدة منع إنتشار الاسلحة النووية , وإلتزام الولايات المتحدة الاميركية ومجلس الامن في تنفيذ هذه الاتفاقيات الدولية .
3-1-2010



157
مهام قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن

ودورها في بناء العراق الجديد

 

فلاح علي

أن الخارطة التي وضعت لرسم مستقبل العراق بعد إحتلاله لقد بدأت ملامحها في الايام الاولى من الاحتلال في الوقت الذي كان الشعب يعاني ظلم الدكتاتورية , ووضعت آليات لتنفيذ هذه الخارطة في ظل الصراعات وإختلاف الرؤى وسيادة الفوضى وتنوع منشئ هذه الآليات , فأنعدمت الرؤيا لدى الكثيرين  وأوكلت مهمة تنفيذ السناريوهات لأبطال  (المحاصصة الطائفية والقومية) . وقد أسهمت هذه القوى في إطالة معاناة الشعب وتعقد الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد . وعمقوا كوارثه وعرضوا الوطن للمخاطر والحق يقال أن الحزب الشيوعي العراقي , منذ الايام الاولى للاحتلال قد شخص مخاطر المرحلة ووضع رؤى وتصورات  للخروج من خطورة المرحلة وإنقاذ الشعب والوطن وقيادة البلد إلى  برالامان وفرض حالة الامن والاستقرار ووضع الخارطة الوطنية لبناء الدولة الحديثة ونظامها الديمقراطي الفيدرالي , لكن إرادة الاحتلال ومصالح الدول الاقليمية وذاتية وأنانية القوى الطائفية والقومية هي الاقوى .

 

مالذي حصل :

الذي حصل هو أن كل قوى الاسلام السياسي والقوميون الذين ملؤوا الدنيا صخباَ إنهم ديمقراطيون ولكنهم في الواقع كانوا ولا يزالون  يهرولون بأتجاه المشروع الاميركي- الايراني التركي وحتى السعودي . ومعهم الانتهازيون والوصوليون والنفعيون كل هؤلاء تبنو شعار هتلر الذي رفعه في عام 1939 عندما طالب بميناء( دانتزيخ ) الواقع في بولونيا . وقد إحتلت قواته الاراضي البولونية وسيطر على الميناء بالقوة في 1-9-1939 . والشعار هو ( مدفع جاهز للاطلاق أقوى من ألف وثيقة حق) إنها استراتيجية تهدف إلى ( بسط النفوذ والهيمنة والتفرد والاستئثاروإستخدام القوة في الامساك بالامتيازات والسلطة) . أن أبطال المحاصصة الطائفية والقومية تبنوا هذا الشعار من حيث المحتوى دون أن يعلموا بخطورته ولكن هدفهم كان ولا يزال الأنقضاض على السلطة وفرض إستبدادهم الجديد على الشعب من خلال تقاسم المواقع فيما بينهم وكأن العراق وشعبه مُلك لهم ولعوائلهم وتنظيماتهم وحاشيتهم , الذي وقف مع حق الشعب والوطن هو طرف واحد سيأتي يوم يعرف كل الشعب هذا الطرف الوطني الاصيل ,  ( إنه الحزب الشيوعي العراقي ومعه الديمقراطيون الحقيقيون) . فقد وقف الحزب ضد التفرد و الاحتكام للقوة في الصراع من أجل السلطة , وطرح تفضيل مصالح الشعب والوطن من خلال الحوار والحكمة وترجيح العقل . أي كان الشيوعيون والديمقراطيون ولا يزالون مع ( وثيقة الحق) حق الشعب في الامن والاستقرار والحرية والديمقراطية والسلام والعيش الكريم , وحق الجميع في الشراكة في هذا الوطن المتنوع الاديان والقوميات والافكار والثقافات . وإستغلت قوى الظلام صراع الكتل الكبيرة على المنافع وصعدت من عملياتها الارهابية منذ ذلك التأريخ وإلى الآن . وتؤكد التجارب أنه كلما يتم الابتعاد عن الديمقراطية كلما يتصاعد العنف والارهاب والعملية هنا طردية . وزاد من تدخل دول المنطقة في الشأن الداخلي العراقي , ومن أهم ملامحة هوعدم إستقرار الوضع الامني في العراق .

 

ملامح يعرفها الجميع لا بد من تأ شيرها :

أن هذه القوى غير قادرة على بناء النظام الديمقراطي في العراق , ليس لأنها قوى طائفية وقومية وغير ديمقراطية فحسب وإنما هي تحمل رؤى إستبدادية إقصائية متأصلة في الظروف التأريخية لنشأتها هذا أولاَ وثانياَ إنها مرتهنة لقوى إقليمية لا تفهم هذه القوى الاقليمية من الديمقراطية وحقوق الانسان سوى اللفظ فقط لاغير . وثالثاَ أن هذه القوى الطائفية والقومية مع المشروع الاميركي في العراق والمنطقة وتنظر هذه القوى للولايات المتحدة الاميركية إنها الحاكم المطلق الصلاحيات العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية والاعلامية ويعتبرونها بديلاَ عن مجلس الامن . ورابعاَ وهو الاهم إنهم يريدون تطبيق تجربة الحكم في الولايات المتحدة الاميركية ويعتبرونها دولة ديمقراطية ولكن من حيث الجوهر أن الولايات المتحدة الاميركية دولة غير ديمقراطية لأنها عملت على إضعاف التنوع الفكري والسياسي في المجتمع الاميركي وأجبرت الشعب على التصويت لواحد من الحزبيين ( الجمهوري والديمقراطي) أي ديمقراطية هذه في دولة عظمى لا يوجد فيها إلا حزبين قادران على خوض الانتخابات , وهذا هو ضعف جوهري داخلي في نظام الحكم الاميركي, أن قاطرة النظام الاميركي ومصدر قوته ليس الشعب وإنما الشركات الاحتكارية الكبرى . أن الطائفيون والقوميون أدوات تنفيذ للمشروع الاميركي الايراني في العراق والمنطقة , إنهم ممتثلون للقرار الاميركي والمثال لهذا الامتثال هو ( قانون الانتخابات الاخير وفي مادته الاولى والثالثة ) يعمل على إضعاف التنوع الفكري والسياسي في المحتمع , ويرسم ملامح ظهور قوى إستبدادية جديدة . وهذا يشكل إرتداد على الديمقراطية وبناء النظام الديمقراطي التعددي . ( في كل الدول الديمقراطية النظام الانتخابي يشرع على مبدأ البلد دائرة واحدة وإعتماد النسبية ) إلا في الدول التي تدعي الديمقراطية وهي من حيث الجوهر إستبدادية ( ومنهما أمريكا القائمة على إحتكار الشركات الكبرى والعراق القائم على إحتكار كتل المحاصصة الطائفية والقومية الكبرى) . أن قانون الانتخابات غير ديمقراطي ويصادر حق التنظيمات السياسية في مصادرة أصواتها . عدا ذلك ( لاحظوا مبدأ الكوتا السيئ الصيت يعطي للآزيدية مقعد واحد وللصابئة مقعد واحد وللكلدان والاشوريين والسريان 5 مقاعد ) . هذا ظلم فاحش ومصادرة للحقوق القومية ( بأمكان الازيدية بدون كوتا أن يحصلوا على ثلاث مقاعد ونفس الشيئ للصابئة المندائيين وحتى المسيح بأمكانهم بدون كوتا أن يحصلوا على أكثر من9 مقاعد ظالمة ) وهذا ليس مثلب فقط وإنما هو الانقضاض على الديمقراطية بأسم القانون وتهيأة مستلزمات ظهور أقطاب شمولية إستبدادية معادية للحرية والديمقراطية والتنوع في المجتمع وبالتالي إستمرار لمآسي الشعب من خلال مزيداَ من الخصخصة ونهب ثروات البلد وإضعاف دور الدولة في الاقتصاد والخدمات والخضوع لآليات العولمة صندوق النقد الدولي والبنك والدولي ومنظمة التجارة العالمية وما ينتج عن ذلك مزيداَ من التهميش الاجتماعي ومزيداَ من الفقر والبطالة وإرتفاع الاسعار , هذه القوى الطائفية والقومية عراقية في الاسم وأمريكية في الجوهر .

 

أن القوى الطائفية والقومية هي بلا جذور جماهيرية :

إن هذه القوى في كل يوم يمر تنعزل فيه أكثر فأكثر عن الجماهير الشعبية لأنها تتحمل المسؤلية الاولى عن تردي أوضاع الجماهير كون هذه القوى ممسكة في السلطة ومنذ سبعة سنوات وإلى اليوم فأن البطالة في صفوف الشباب هي في تزايد مستمر , مع تردي الاوضاع الاجتماعية ( الفقر الحرمان غياب أو ضعف الخدمات , الكهرباء الصحة السكن والتعليم وحتى النقل ..... إلخ) . فقدان الثقة بهذه الاحزاب من قبل الشعب هي في تزايد مستمر مصحوبة بفقدان الامل في التعويل على هذه الاحزاب من أجل التغييير , وأن هذه الاحزاب وممثليها في البرلمان هي لا تمثل الشعب لهذا هي في عزلة وفي وضع لا يحسد علية . ومن نقاط ضعفها إنها بلا برامج سياسية وإنها ترفع شعارات تسويقية إنتخابية فقط , وإنها أدوات لدول أقليمية . قد يطرح سؤال كيف هي في عزلة وقد فازت في إنتخابات مجالس المحافظات والآن هي شكلت تحالفات من أجل الفوز في الانتخابات البرلمانية؟ الجواب لايحتاج إلى مختبرات تحليلية المعطيات التي تؤكد عزلتهم يعرفوها هم ويعرفها الواعون من أبناء شعبنا وواحدة من هذه المعطيات هو الدعم والاسناد الاقليمي لهذه القوى , كما أن هناك فئات إجتماعية واسعة في الريف العراقي , نتيجة الفقروالعوز والحرمان بسبب التصحر والجفاف وإنحسار الاراضي الزراعية والبطالة وإنتشار الامية والجهل تتطفل قوى الاسلام السياسي على هذه الفئات وتخدعها وتوظفها كأحتياطي لها , ولكن الحياة وتجارب الشعوب تؤكد أنه كلما إرتفع الوعي الجمعي في المجتمع كلما إنحسر نفوذ قوى الاسلام السياسي والعملية طردية . كما يدرك شعبنا أن هذه القوى والدول الداعمة لها يتحملان مسؤولية تردي الوضع الامني لأنهم فسحوا المجال لتدخلات هذه الدول في الشؤون الداخلية للبلد , وهذا ساعد على إختراق الحدود وعدم السيطرة عليها وتسلل الارهابيين , وإبتعادهم عن الاساليب الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية في بناء مؤسسات الدولة وحل الازمات .

 

مهام قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن :

1- أن الخطوة العملية الاولى الآنية والملحة الآن لهذه القوى هو إقامة وحدة عمل وتعاون مشترك فيما بينها , والمدخل لذلك هو التهيئ لعقد إجتماع لهذه القوى الآن ويعقد أثناء الحملة الانتخابية , وتجري له تغطية إعلامية واسعة , وتصدر القوى المجتمعة بيان يدعوا الشعب للتصويت لقوائم القوى اليسارية والديمقراطية وإذا كانت فقط إتحاد الشعب التي ستخوض الانتخابات عن هذه القوى فالدعوة تكون التصويت لاتحاد الشعب مع تعبأة كل طاقات وإمكانيات هذه القوى لخوض الحملة الانتخابية , من أجل توسيع وتجذير قوى اليسار والديمقراطية في المجتمع العراقي وأن يكون لهذا التيار ممثلين في البرلمان , وهذا يؤشر إلى جماهيرية قوى اليسار والديمقراطية في المجتمع .

2- أن تحقيق التقدم على طريق بناء نظام ديمقراطي تعددي تداولي , في أبعاده السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية والثقافية يتطلب في المرحلة الراهنة , العمل الدؤوب من أجل تغيير موازين القوى في المجتمع لصالح جماهير الشعب وقوى اليسار والديمقراطية . وهذه هي من أهم المهام الآنية لقوى اليسار والديمقراطية .

أن تغيير موازين القوى في المجتمع هي جوهر نضال قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن وهذا يتطلب تهيئة مستلزمات وإنجاز عدد من المهام :

- مهمة تطوير دور المؤسسات المستقلة للطبقة العاملة ( النقابات العمالية وإتحادها العام ) وبقية مؤسسات كادحي شعبنا وفلاحية والفئات الاجتماعية الاخرى ومنظماتها المهنية . وهذه تتطلب العمل المثابر وسط هذه المحتشدات , وإبداع أشكال جديدة للتنظيم تساعد على التوسع والتمركز بين هذه الحركة الواسعة وإيجاد أشكال للعمل المشترك بينها وتعميق التضامن , وبذل جهود على الصعيد التنظيمي و الفكري والاعلامي والاجتماعي  .

- ثم تبدأ بعد هذه الخطوة التي تحتاج لجهود ميدانية مضنية المهمة الثانية هي تنظيم وتفعيل الاعمال الاحتجاجية الجماهيرية السلمية , وتنبثق من هذا العمل الاحتجاجي وحدة المطاليب والتوجه ووحدة القيادة الميدانية ونبذ التقسيم والتخندق والعزلة وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني وبعد إنجاز هذه المهمة يجري سد الطريق على الدولة والوقوف بوجه تدخلاتها لشق الحركة الجماهيرية الموحدة الصاعدة .

- ويرافق ذلك نشاط إعلامي وتثقيفي جماهيري في المدن والارياف وأحياء الثقافة الوطنية ونشرها وتنشيط حركة المسارح والفن والشعر والادب .والضغط على الدولة والمؤسسات الاخرى لدعم هذه النشاطات ونشر ثقافة حقوق الانسان وحقوق المرأة .

3- أي أن المهمة الاهم في الظرف الراهن لهذه القوى هو الارتقاء بعملها لتشكيل قطب يساري ديمقراطي  لأنه لا يمكن بناء نظام ديمقراطي حقيقي بدون قطب يساري ديمقراطي ضاغط ومؤثر وفاعل في المجتمع  تبقى كل المهام  تمنيات وطموح إذا لم تتقوى مواقع قوى اليسار والديمقراطية في المجتمع , وأحد الوسائل في هذا الطريق هو وحدتها و تشكيل قطب يساري ديمقراطي , يقام وفق آليات نضالية وبرنامج سياسي يتفق علية على أن يمتلك هذا القطب إعلاماَ جماهيرياَ فعالاَ( التلفاز والوسائل الاخرى) .

4- وتبقى الحيوية والابداع في العمل والنشاط الميداني وليس في التنظير , ولكن الافكار مطلوبة وضرورية في هذا الظرف السياسي المعقد الذي بدأت فيه القوى الاقليمية منذ عدة سنوات بتشكيل أقطاب طائفية وبعضها قومية في العراق , أي أن هناك عقل سياسي إقليمي يخطط ويدعم هذه القوى .فلماذا قوى اليسار والديمقراطي إلى الآن لم تشكل قطباَ لها؟ مع الاشارة لجهود الحزب الشيوعي العراقي في هذا المجال ولكن بعض القوى التي إدعت الديمقراطية هي من حيث المنشأ ( برجوازية غير ديمقراطية) . فأظلت الطريق , وفضلت ذاتياتها على مصالح التيار الديمقراطي ومصالح الديمقراطية الحقيقية وركعت لوعود الاسلام السياسي (الذي لايفهم من الديمقراطية وحقوق الانسان إلا الاسم لا غير) وعلاوة على ذلك قد أنهت نفسها بنفسها , وهي بأنتظار المحاسبة القاسية للذات قبل محاسبة منتسبيها وجماهيرها لهالأنها خدعت نفسها وأعضائها وجماهيرها وأظلت الطريق من منطلق ذاتي .

أن تشكيل قطب يساري ديمقراطي حقيقي سيسهم في نهوض الحركة الجماهيرية ويعمق الفرز في المجتمع بأتجاه الفكر اليساري والديمقراطي ويساعد على بروز اصطفافات جديدة داخل القوى الاخرى , ويكون الضمانة الاساسية لبناء العراق الجديد القائم على التنوع وتشييد نظامه الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي .

25-12-2009 . 

158
هل ينقض مجلس الرئاسة المادتين
أولاَ وثالثاَ من قانون الانتخابات
فلاح علي
صادق مجلس النواب  في يوم 8-11-2009 على قانون الانتخابات بعد أن إنتظره الشعب طويلاَ ولكن ما جاء فيه مفاجئاَ للتوقعات وذلك في المادتين أولاَ حيث قلص نسبة مشاركة المهجرين والمهاجرين في الخارج والمقاعد التعويضية من 15% إلى 5% . أي أصبح من 45 مقعد إلى حوالي 15 مقعد . والمادة الثالثة حيث فرضت منح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة الكبيرة . هذا يعني مصادر الحق الانتخابي لشريحة كبيرة من الشعب وهو إستنساخ لقانون إنتخابات مجالس المحافظات التي صادرت أصوات مليونين وربع المليون ناخب وإستحوذت عليها الكتل الكبيرة وقد يكون العدد أكثر في إنتخابات مجلس النواب القادمة قد يصل إلى 3 مليون ناخب ستصادر أصواتهم إضافة للغبن الذي لحق بالاقليات والمهجرين والمهاجرين .

فهل سينقض مجلس الرئاسة المادتين :
أن مجلس الرئاسة على قناعة تامة بأن المادتين أولاَ وثالثاَ تتعارضان مع مبدأ الديمقراطية ومع الدستور العراقي وتشير المادة 14 من الدستور أن العراقيين متساويين أمام القانون وأن الدستور العراقي يضمن حق الاقلية فأن المادتين يعدان سابقة خطيرة ولا يؤسسان لدولة المؤسسات ودولة القانون , وهذا ما يدركه تماماَ السادة أعضاء مجلس الرئاسة الذين في رقابهم مسؤولية إنجاح العملية الديمقراطية في البلد . ولكن التوقعات بأن آراء السادة أعضاء مجلس الرئاسة ستكون متباينة إرتباطاَ بمصالح كتلهم ولكن يبقى الحاسم هو مسؤوليتهم الوطنية أمام الشعب وأمام الدستور ولكن البعض منهم سوف لايستجيب إلا لرأي كتلته والتقديرات هي :
بالنسبة للسيد عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية:
سوف لا ينقض المادتين أولاَ وثالثاَ من القانون لأنه من تلك الكتلة الطائفية التي إستحوذت على أصوات الناخبين في إنتخابات مجالس المحافظات ولم يعترض على كتلته ولا على قانون إنتخابات مجالس المحافظات الغير عادل , ولكتلته فضل عليه في وضعه في مجلس الرئاسة من خلال المحاصصة الطائفيه سيقف إلى جانب كتلته في عمليات سرقة أصوات الناخبين , إنه مع الاستبداد والهيمنة على السلطة من قبل ممثلي الطوائف ومع والتحايل على القانون والدستور , لان الديمقراطية والعدل مجرد شعار بالنسبه له ليس إلا وهو ليس مع حق المواطنة هو يعمل على بناء الدولة الدينية فهو ليس مع الدولة الديمقراطية الحديثة , فهو المعبر الحقيقي عن مصالح كتلته الطائفيه ولا يعمل لمصالح الشعب بشيئ سوى بالشعارات الكاذبه الفارغه ليس إلا .

بالنسبة للسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية :
لم يتأثر بالطائفية بشكل كبير وهو مع مبادئ الاسلام الحنيف التي تؤكد أولاَ على مبدأ العدل والمساواة وثانياَ إحقاق الحقوق ومقاومة الظلم , كما إنه على الصعيد الشخصي والسياسي يؤمن ( بدولة المواطنة ويؤمن بالقانون وهو حارس أمين على الدستور ويؤمن بالمجتمع المدني وحقوق الاقليات ) هذا ما أعلنه في برنامج قائمته التي سيخوض فيها الانتخابات . وهو يدرك تماماَ قبل غيره أن المادة أولاَ وثالثاَ ليس فقط إنهما يتعارضان مع مبدأ الديمقراطية والدستور وإنما يتعارضان مع مبادئ الاسلام , فهناك أمل كبير من قبل مواطني الخارج الذين تجاوز عددهم على 4 مليون عراقي وناخبي الداخل الذين ستنتهك حقوقهم في المادتين أولاَ وثالثاَ , بأن السيد طارق الهاشمي سيكون مع شعبه ومع الحق والدستور والديمقراطية وسيتخذ قراره الوطني الحاسم في نقض المادتين وإعادتهما للبرلمان لتعديلهما خلال فترة محددة بما يتناسب ومبادئ الديمقراطية وحق المواطنة .

بالنسبة للسيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية :
إنه رجل قانون هذا أولاَ وثانياَ إنه يمثل كتلة وطنية ( التحالف الكوردستاني) معروفة بنضالها ضد الدكتاتورية وكونها ناضلت مع قوى شعبنا من أجل الديمقراطية للعراق والفيدرالية لكوردستان وقدمت آلاف الشهداء على هذا الطريق , وهي الداعية لبناء دولة عصرية حديثة قائمة على المؤسسات الديمقراطية والقانون والعدل , إضافة إلى مسؤولية السيد جلال الطالباني الشخصية أمام الشعب بأنه الحارس على الدستور وعلى إنجاح العملية الديمقراطية في البلاد , فيعتقد الكثير من هذا المنطلق أن السيد الرئيس جلال الطالباني سينقض المادة أولاَ وثالثاَ في قانون الانتخابات , وهذا ما تفرض عليه مسؤوليته الوطنية والتأريخية أمام الشعب , أما في حالة عدم نقضه للمادتين فهذا يعني إنه قد خضعهما للمساومة مع الكتل الكبيره ليضمن عودته ثانية لرئاسة الجمهورية وأن كان على حساب الديمقراطية ومصالح الشعب هذا أولاَ وثانياَ سيعرض حزبه وكتلته ( التحالف الكوردستاني) لمأزق وطني وتأريخي كبير في هذه المرحلة وستضعف مصداقيتهم أمام الشعب في بناء دولة القانون ومؤسساتها الديمقراطية الحقة , أن السيد جلال الطالباني أمام إختبار وإمتحان وطني في هذا الظرف الصعب والمعقد , فأما أن يدخل التأريخ من بابه الواسعه كرجل قانون وديمقراطي ومع العدل والمساواة بنقضه للمادتين المذكورتين أولاَ وثالثاَ وبهذا سيخفف عن ذنوبه السابقه . وإما إنه سيكشف عن حقيقته كعراب للمساومات الطائفية والقومية , وهذا لا يليق به وبحزبه وكتلته الوطنية , فالشعب بأنتظار الحسم من مجلس الرئاسة ليعود الحق لأصحابه الحقيقيين وهم أبناء الشعب ومسؤولية مجلس الرئاسة هو حماية الديمقراطية والدستور من قوى الاستبداد الجديدة ممثلي الطوائف في البرلمان . لأن همهمهم السلطة وليس بناء دولة وإن بمحاصصاتهم تجاوزوا على الخيار الوطني الديمقراطي بأن يكون العراق دائرة إنتخابية واحدة وهي الحل لكل المشاكل التي إفتعلوها أثناء صياغة القانون وكبلوا القانون بالمادة أولاَ وثالثاَ التي تصادر حق المواطن وتضمن هيمنتهم على السلطة بأسم الديمقراطية . للشعب ثقة ببعض أعضاء مجلس الرئاسة لأعادة الحق لأصحابه الحقيقيين بنقض المادتين أولاَ وثالثاَ من القانون .
10-11-2009 .



159
تزدهر الافكار السياسية في أوقات الأزمات
فلاح علي
هكذا تقول الحكمة اليونانية القديمة وكلما اشتدت الأزمة كلما زادت الافكار ازدهاراَ , فمن الطبيعي أن تثير الأزمات التفكير فيها وكيفية التغلب عليها , وبالتالي تكون مصدر الهام للمفكرين فيها , حيث يحتدم الجدل والنقاشات وتطرح الافكار وتتبلور اتجاهات الرأي المختلفة ولكن في النهاية يتم الخروج من الأزمة بحلول وتقول الحكمة اليونانية القديمة (( وهذه حقيقة صالحة للتعميم على مر العصور))([1]). ووفقاَ لهذه الحكمة التي تؤكد على حتمية الخروج من الازمة بحلول , فهذا يفترض أن الصراع السياسي يضع في أولى مهامه مصالح المجموع أي مصالح الشعب هذا أولاَ وثانياَ أن يتم تحكيم العقل والحكمة وليس تحكيم القوة والأرادات الذاتية وثالثاَ يتطلب الحفاظ على ما هو مشترك بينهم ولخير الصالح العام أي الحفاظ على الديمقراطية وقوانينهاوبهذا تصح الحكمة اليونانية تزدهر الافكار السياسية في أوقات الأزمات لأنه ينتصر الفكر والعقل والحكمة والصالح العام فيها .

أين نحن في أزماتنا السياسية في العراق من ذلك :
إذا كانت هذه حقيقة صالحة للتعميم في كل العصور أين نحن من ذلك . ولماذا تزدهر وتنتصر الارادات والمصالح الذاتية في أزماتنا ولا تزدهر الأفكار فيها وتغيب مصالح الشعب؟
أعتقد السؤال مفتوح ومطروح على الجميع لغرض المساهمة في توسيع الرؤية وانضاج النقاش .
1- ومن وجهة نظري أرى أن الديمقراطية ليست فقط تشكيل أحزاب وخوض الانتخابات ففي تجربتنا العراقية يوجد برلمان وتوجد إنتخابات وتوجد تنظيمات واحزاب سياسية ( بلا قانون للاحزاب) ولكن الحقيقة لا توجد  ( ديمقراطية) مثلما حصل في أماكن أخرى كأفغانستان مثلاَ في ظل طالبان توجد مساجد وتوجد شريعة ولكن لا يوجد إسلام .
2- أن قربت الصورة أكثر عندنا يوجد غياب للفكر وتغييب للمعرفة وللمثقف ولرجالات الفكر والعلماء والاكاديميين وغياب للمصلحة العامة وتغييب للشعب وحضور للقوة والمصالح الفئوية الذاتية على حساب مصالح الشعب . وهذا يعود أصلاَ للطبخة الايرانية الاميركية التي قسمة عن عمد ومن منطلق مصالحهما القومية كدولتين قسمة الشعب العراقي إلى ( سنة وشيعة وأكراد)  وغيبت الاديان والقوميات الاخرى والتيارات الفكرية الوطنية  وأقامة حكم المحاصصة الطائفية والقومية تحت الشعار الهش التوافق . هذا هو أحد أسباب تعقد أزماتنا التي يغيب فيها الفكر وتنتصر فيها الارادة والقوة وهنا يلعب العامل الخارجي دوراَ فيها .
3- مثل هؤلاء الطائفيون والقوميون عادتاَ يكونوا بعيدين عن الفكر  لسبب بسيط أن الفكر ينطلق من الواقع ويتم تطويره وتأسيسه على قواعد ترتقي به نحو الافضل ويتلمسه ويعايشه الشعب في برامج وخطط واستراتيجية ولا يوجد من حزب سياسي في العراق غير الحزب الشيوعي العراقي الذي يمتلك هذه الخاصية النادرة وهذا يعود لعلمية وواقعية ووطنية الحزب الشيوعي وهذا ما يفتخر به كل وطني وديمقراطي عراقي الذي آمن بهذه الخاصية النادرة وبدأ يطبقها . وإذا كان لهؤلاء الطائفيون والقوميون فكراَ نيراَ لأنطبقت عليهم الحكمة اليونانية القديمة ولعاش الشعب في ظل الامن والاستقرار والازدهار والحرية والعدالة .
4-  فكر الحزب الشيوعي العراقي يتطور بناءَ على متغيرات الواقع العراقي وعلى حاجات ومزاج الشعب وبرامجه تؤكد ذلك على الصعيد الوطني . وما أن مرت الحركة الشيوعية في أزمة بعد عام 1991 نجده هو أول حزب شيوعي في المنطقة درس الازمة وشخص أسبابها وخرج برؤية جديدة سمية ( بنهج الديمقراطية والتجديد في عام 1993 ) للحزب فكر ومبادئ وليس مصالح ومنطلقات ذاتية ففي الحزب الشيوعي تزدهر الافكار والثقافة والمعرفة ويسعى لتجسيدها في المجتمع وهذا ما يؤكد أهمية وحدة قوى اليسار والديمقراطية لأجل تنمية وتجذير الثقافة الديمقراطية في المجتمع .
5- أن الطائفيون والقوميون إن كان لديهم فكراَ فهو قائم على الفرضيات والعصبيات والاملاءات الخارجية أو سجين أو أسير للارادات والقوة الخارجية إنه فكراَ مشلولاَ وغامضاَ يطرح الشعارات ويتنصل عنها ويلتف عليها ويقيدها , ويخوض معارك ليس في صالح الشعب وإنما لتلبية رغبات وقوى خارجية ومعاركة ذاتية فئوية غير واضحة , وإنه يسعى دائماَ لتضليل الديمقراطية ويحرفها من أن تكون ديمقراطية حقة ويضعها دائماَ في إطار المحاصصة الطائفية والقومية . ويبقى نضال الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين الحقيقيين من أجل ديمقراطية فعلية شاملة لا يغيب فيها الشعب ديمقراطية عناصرها الحرية والمساواة في الحقوق والعدالة ولها مؤسساتها الديمقراطية هو نضال مشروع وهو نضال سياسي وثقافي واقتصادي واجتماعي وأخلاقي واستنهاض قوة المجتمع المدني ودوره الذي يفرض على الطائفيون والقوميون دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية .
6- وإذا إحتكمنا إلى الاسلام وقد جعل الاسلام مبدأ الشورى كمبدأ من مبادئ الديمقراطية ونص على مبدأ الشورى في القرآن الكريم بما لايقبل التأويل ففي سورة الشورى وقد جاء فيها (( وأمرهم شورى بينهم ))  أمرهم المقصود بها الامور ذات الطابع العام , أما بينهم فتشير إلى المجتمع عامة . أي بمعنى أن مبدأ الشورى لا يقتصر على الافراد في علاقاتهم وإنما يسري مبدأ الشورى على إشراك الشعب في كافة أوجه الحياة السياسية وكافة الامور ذات الطابع العام . والشورى تعني المشاركة الشعبية والرقابة الشعبية وقد طور المبدأ لا حقاَ في بيعة الخلفاء الراشدين . أما عندنا فنجد أن أحزاب الاسلام السياسي قد رفعته كشعار فقط وفي الواقع فقد قوضت مضمونه لأنها تخشى رأي الشعب فيها , إنها كتل طائفية إرتدت رداء الاسلام شكلاَ فقط أما مضموناَ فأنها في واد والاسلام في واد . مصالحها الفئوية الذاتية أولاَ والصالح العام ثانياَ إضافة إلى إنها تعمل لأجندات وإملاءات خارجية . قوتها بغياب القانون ودولة المؤسسات والدعم الخارجي لها عدا ذلك إنها طارئه على الشعب والاسلام . فهؤلاء ليس لديهم فكر يزدهر إنهم أصحاب سلطة وإستبداديون قيادات ورجالات الاسلام تخضع للقانون كما هو في سيرة الرسول الاعظم والخلفاء الراشدين والصالحين أما جماعات الاسلام السياسي فنجدها لاتخضع للقانون ولا لأرادة الشعب فهم فرطوا بكل حقوق الشعب وحتى حرموه من الخدمات ,وتحركهم مصالحهم الفئوية والاجندات الخارجية .
7- إضافة إلى أن قيادات الاسلام السياسي يغلب عليها التحجر الفكري والانغلاق الثقافي وقلة معارفها عن العالم والتحولات الكبيرة التي تحصل فيه فهي نصية في كل شيئ في السياسة والثقافة وحتى في الدين لهذا يغلب عليها محدودية الفكر والمعرفة وتعمل بأجندة وليس ببرامج .ويغلب عليهم حالة سيئة هي الاقصائية النابذه لكل ما هو جميل أنتجه تطور الفكر الديني و الانساني في العالم والمغيبة للعقل والحكمة والمعرفة والتكنولوجيا والثقافة , رغم إنهم في القرن الواحد والعشرين لا يستطيعون العيش من دونها , لكن نزعاتهم العصبية ومصالحهم الانانية الضيقة وحبهم للسلطة هو وراء إستبدادهم وضحالتهم الفكرية والمعرفية .
8- أن أحزاب الاسلام السياسي في العراق إن سارت على درب التنوير الذي سارت عليه الامم المتقدمة وآمنت بالديمقراطية والتنوع الثقافي والفكري وتخلت عن أجندتها الخارجية وإن آمنت حقاَ لا قولاَ بدولة المؤسسات ودولة القانون وسيادة حكم الشعب وبهذا فأنهم قد إبتعدوا خطوة عن الهيمنة والاستبداد يمكن في هذه الحالة يكون لهم دور إيجابي في إخراج البلد من أزماته المتنوعه وتخلق أرضية لأزدهار الافكار . وبهذا أعتقد ستتوفر لهم فرصه ليلعبوا دور إيجابي في تقويض التطرف في المجتمع وعزل المتطرفين , لأن المتطرفين الارهابيين من الاسلام السياسي قد شوهوا الاسلام وربطوا بين مفهوم الجهاد في الاسلام والعمليات الانتحارية التي تنفذ في العراق هذه الايام . الجهاد يعتمد على قوة الدعوة وغياب روح الانتقام في مفهوم الجهاد تغيب الوحشية في القتل و رفض تعميم القتل للناس الذي يعارضه وينهى عنه الاسلام . من هذا فأن العمليات الانتحارية  لاتنبع من الادب الاسلامي , وأن هدفهم ليس تحرير العراق من الاحتلال كما يدعون وإنما التدمير للبلد والشعب وهذا بعيد عن الاسلام والقيم الاخلاقية . فهل سيسهم دعاة الاسلام السياسي في العراق من خلال سلوكهم وممارساتهم العملية في تخليص شعبنا وبلدنا من التطرف ومن الارهابيين وعملياتهم الانتحارية ؟ وهل ستتخلى أحزاب الاسلام السياسي والقوى القومية عن محاصصاتهما الطائفية والقومية ويتخلوا عن نهج الهيمنة والتخندق والاستحواذ ويؤمنوا بالديمقراطية للعراق وبناء دولة العدل والقانون؟
2-11-2009


160
أيام العراق الدامية
وغياب الاستراتيجية الوطنية
فلاح علي
كل دول العالم تضع في أولى مهامها تحقيق الامن والاستقرار في بلدانها وتوفير الخدمات لمواطنيها والسهر على حمايتهم ورعايتهم ومساواتهم في الحقوق والواجبات . إلا حكومتنا لحد الآن هي غير قادرة على توفير الامن والاستقرار لمواطنيها .
أن تفجيرات الاحد الدامي هي كارثة وطنية ضحيتها تعدى ال 150 شهيد وأكثر من 500 جريح إنها كارثة كبرى هل تشفي جروح العوائل كلمات التعزية والمواساة والرجاء من الباري عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان والتمنيات للجرحى بالشفاء العاجل وينسى الموضوع أن شعبنا الجريح قدم الكثير من التضحيات في ظل النظام الدكتاتوري المقبور وفي ظل عهد المحاصصة الطائفية المكروه على الصعيد الشعبي . من يتحمل مسؤولية هذه المآساة الكبرى؟ هل هو الحل ترحيل المسؤولية على الآخرين وإتهام القاعدة وبقايا البعث ؟ المطلوب من الحكومة العراقية ووزارتي الداخلية والدفاع والامن الوطني كشف مرتكبي الجريمة ومن يقف ورائهم وكشف كل ما هو مستور أمام الشعب خلال أيام معدودة ليؤكدوا وطنيتهم وحرصهم على أمن الشعب الذي منحهم ثقته وإلا سيقول الشعب كلمته بهم وهي إنهم غير أهل للامانة وللمسؤولية .
 
تصريحات المسؤلين العراقيين لا تشفي الجرح :
1- السيد جواد البولاني وزير الداخلية في مؤتمره الصحفي ليوم 26-10 أشار لقد ألقينا القبض على 76 و4 هاربين وهم أفراد الخلية المسؤولة عن التفجيرات . وإتهم القاعدة وبقايا البعث وراء هذه التفجيرات .
2- السيد نوري المالكي في خطاب له ليوم 26-10 يؤكد أن أحداث الاحد الدامي هي ورائها نفس الجهة التي نفذت سيناريو الاربعاء الدامي وأيضاَ يتهم القاعدة وبقايا البعث .
3- السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية صرح في يوم 26-10 هم نفس المجموعة التي فجرت يوم الاربعاء ونفس الآلية ونفس الطريقة ونفس الاسلوب ونفس المجموعة .
السؤال الذي يطرح في الشارع هل أن القاعدة وبقايا البعث هم في حالة إنشطار متزايد ؟ هل تنزل لهم هذه المساعدات وهذا الدعم اللوجستي والاستخباراتي من السماء؟ أين هو جهازكم الامني والاستخباراتي وأجهزة الدولة الامنية الاخرى ياسادة .
3- سمعنا من التلفاز إنه قد تم إلقاء القبض على بعض منفذي يوم الاربعاء الدامي هذا منذ شهرين . السؤال ألم يعترف هؤلاء على اسلوب تنفيذهم وآلية عملهم ومن يساعدهم لكي تتخذ الاجهزة الامنية إجراءاتها لمنع تكرار الحادث الاجرامي ثانية ؟ . وإلى الآن لايعرف الشعب عن هؤلاء المجرمون هل تم إحالتهم للقضاء هل إتخذ قرار قضائي بحقهم ؟ وما هي الجهة التي تقف ورائهم و ما هم المتورطون الآخرون ومن هم المقصرون من المسؤولين وكأن القضية أسدل عليها الستار .
 
غياب استراتيجية وطنية هي من أهم  عوامل ضعف الدولة العراقية :
1- لا يمكن أن تكون هناك استراتيجية وطنية في المجال ( الامني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي ..... إلخ ) في ظل المحاصصة الطائفية والقومية وستبقى الدولة ضعيفة والبلد غارق في أزماته السياسية في ظل محاصصتكم الطائفية والقومية ياسادة ياكرام . ما ذا قدمتم للشعب طيلة السنوات السته الماضية سوى الشعارات والكلمات الرنانه .
2- أين هي دولة القانون ومجلس الوزراء الموقر قد أصدر في هذا الشهر قراره الغير عادل رقم 39 / لعام 2009 القاضي بتوزيع أراضي لرئيس الوزراء ونوابه والوزراء والمدراء العامون متجاوزاَ على أراضي الدولة والتي هي ملك للبلديات ومنتقات على ضفاف نهر دجلة تيمناَ بالدكتاتور ونائبه عزت الدوري عندما إستولو على الاراضي الواقعه على ضفاف نهر دجلة . وتجاهلت دولة القانون بقرارها الغير عادل آلاف العوائل التي تعيش في كربلاء والنجف وأرياف بابل ومحافظات أخرى تعيش عوائل كاملة في الخيام وفي غرف من الصفيح غير لائقه لعيش الانسان وهناك عوائل تعيش أيضاَ في الخيام وعلى حدود الاردن وتقتات على المساعدات . لن ينسى الشعب أي وزير أو مدير عام عندما يرفض قطعة الارض والتي هي رشوة غير قانونية .
3- أين هي المهنية في تشكيل الاجهزة الامنية وفي زمان رئيس الوزراء الجعفري ووزير داخليته بيان الجبر لا يعين أي شرطي إلا بعد أن يدفع 400 دولار للمسؤلين في الشرطة هذا حديث الشارع العراقي في عام 2005 وكنت موجوداَ آنذاك في العراق ويتداول الناس ذلك علناَ. هذه أكبر خدمة قدمة للحركات الارهابية لزج المئات من عناصرها لأختراق الاجهزة الامنية طالما لا توجد هناك صعوبات بالنسبة لتمويلها المالي دع عنكم الاختراقات الامنية التي حصلت أيضاَ في زمان البطل أياد علاوي وقرار دمج الميليشيات الجاهلة في الاجهزة الامنية وإعطائها رتب عالية .
4- الامن هو علم وهو حس وطني أين أنتم من ذلك ؟ كيف تخلقون الحس الوطني وهناك مئات لا بل آلاف من عوائل الشهداء لم تحصل على حقوقها بعد لم تنصفوا عوائل الشهداء بعد . حتى المفصولين السياسيين هؤلاء الابطال الذين قارعوا الدكتاتورية وبعضهم صمد في السجون تعاملتوا في تمايز معهم أين هي المساواة يادولة القانون كيف تخلقون الحس الوطني وآلاف العوائل بدون سكن وكل شعب العراق بلا خدمات تأتي إليه بالقطارة . أين هي المهنية والوطنية والآهلية في تشكيل الاجزة الامنية ؟ دع عن ذلك العراق بلد نفطي بلد غني لماذا لم تستوردوا طيلة هذه السنوات الاجهزة الحديثة التي تكشف السيارات المفخخة من مسافة تتجاوز ال500 متر كأجهزة ( سونار) الحديثة مثلاَ ؟ أو تشكلوا أجهزة أمنية بلا محاصصة طائفية وقومية .
5- المحاصصة الطائفية والقومية هي سبب أساسي لغياب استراتيجية وطنية , فخطاباتكم وشعاراتكم هي كلمات في شبك , إذا لم يعاد النظر في منظومتكم الفكرية القائمة على الولاءات والتخندق الطائفي والجمود الفكري والخوف من الرأي الآخر ومن المساواة والديمقراطية الحقة .
6- كل العراقيين يعرفون اللعبة جيداَ . أن إيران مسكة بالورقة العراقية للمساومة عليها مع الاميركان وتدخلت دول عربية وأقليمية أخرى في القضية العراقية كالسعودية وتركيا وغيرهما خوفاَ على مصالحهما من تنامي النفوذ الايراني في العراق وأصبحت لهذه الدول أجندة في العراق ولها أدوات من ضمن أدواتها أحزاب ومسؤلين يتصارعون في مجلس النواب وهذه المنافذ الحدودية هي بوابة لدخول الارهابين والمتفجرات والاموال والخطط الارهابية إضافة لما يسمى بالجمعيات الخيرية وغيرها التي تشكلها هذه الدول وتسخرها لخططها في التدخل بالشأن العراقي . بهذا الخليط الذاتي الاناني الفئوي غيب وأبعد الوطنيون الحقيقيون المؤهلون لأدارة مرافق الدولة وبعض مؤسساتها وضاعت الرؤيا والخطط الاستراتيجية لبناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية .
7- الصراعات الداخلية بين الطائفين والقومين ستضيع الوطن وسيصبح فريسه للارهاب والدول الاقليمية والضحية هو الشعب صراعاتكم الانانية هي أحد أسباب تنامي الارهاب والاختراقات الامنية ألا يخجل النواب الطائفيون والقوميون من أنفسهم وهم عن عمد أجلوا قانون الاحزاب وفشلوا في عرقلة إصدار قانون الانتخابات هذا سبب لتنامي الارهاب في العراق وسبب غير مباشر لماحصل في يوم الاحد الدامي إنهم يخشون نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة ويخشون سن قانون للاحزاب الذي يلزمهم بكشف مصادر تمويلهم وبهذه الصراعات فقد المواطن الامن والاستقرار .
8- الاحتلال ودوره السلبي في عدم الاستقرار وفي ظله تتنامى الصراعات الطائفية والقومية وتغيب الاستراتيجية الوطنية للخروج بالبلد من عنق الزجاجة .
9- المهزلة التي لا يوجد لها حل لقد صرح من خلال التلفاز عدد من البرلمانيين وبعضهم أعضاء في لجنة الامن والدفاع وبعضهم ذكر توجد إختراقات في الاجهزة الامنية ونحن شخصنا منذ فترة إنه ستحصل حوادث إرهابية . لقد شخصتم منذ فترة . إذاّ بهذا أدنتم أنفسكم فيحق لكل مواطن أن يسألكم ماذا عملتم وإتخذتم من إجراءات لمنع حدوث هذه الاعمال الارهابية يا أعضاء لجنة الامن والدفاع في البرلمان؟ من يستجوبكم غير الشعب والذي سيعاقبكم في الانتخابات القادمة .
 
الخلاصة والاستنتاج :
1-  التفجيرات تقف ورائها مؤسسات ضخمة وليس مجرد مجاميع إرهابية الشعب يطالب الاجهزة الامنية ولجنة الامن والدفاع في البرلمان بالكشف عن هذه الجهات والمؤسسات ولن تستطيع محاصصتكم الطائفية والقومية أن تخفي الحقائق عن الشعب بعد تفجير الاحد الدامي .
2- هناك عقل إستخباراتي كبير وراء الاهداف المنتقات في تفجير يوم الاحد الدامي , وهي رسالة مكشوفة تقول بهذه التفجيرات لا توجد منطقة في بغداد محصنة أمام أرهابينا فأين مؤسساتنا الامنية من ذلك .
3- للتخفيف من جراح الشعب إعتبار ضحايا التفجيرات شهداء وضمان حياة عوائلهم وتخيص لهم دخل شهري وسكن لا ئق من الدولة وإرسال الجرحى الذين حالاتهم خطرة إلى الخارج للعلاج .
4- محاسبة المسؤلين الامنين والمؤسف ولا واحد منهم قدم استقالته لأنه يعرف القانون ضايع في ظل المحاصصة القومية والطائفية .
5- أن يأخذ القضاء  دوره المستقل  بدون تأثير محاصصتكم علية وتشكيل محاكم فورية وعلنية للارهابين والذين يقفون ورائهم وإعلان الاحكام بشكل سريع , أن هناك كثير من الجرائم الارهابية لا يعرف الشعب رأي القضاء فيها وبالامس القريب جرت التغطية على الحراس الامنين لنائب رئيس الجمهورية الذين سرقوا بنك الزوية ألا يخجل النائب من هذا العمل إنه لا يقل عن الارهاب خطورتاَ ولكن محاصصتكم الطائفية والقومية هي علاج لخجل المسؤلين ووباء وكارثة ألمت بالشعب والوطن . محاصصتكم الطائفية والقومية هي الارهاب الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي والتعليمي بعينه والذي فرضتموه على الشعب منذ ستة سنوات إلى الآن .
6- يعرف الشعب جيداَ أن ضمن ما تستهدفه تفجيرات الاحد الدامي هو إفشال العملية السياسية . ولكن السؤال المطروح ماذا عمل الطائفيون والقوميون لانجاح العملية السياسية ؟ والسؤال الآخر هل يفهمون ما هي مستلزمات إنجاح العملية السياسية ؟ والتي يقف في مقدمتها إنهاء محاصصتهم الطائفية والقوميةالتي ريحتها أزكمة إنوف العراقيين , وضمان أمن المواطنين وحقوقهم وحرياتهم ومساواتهم وتوفير الخدمات لهم وإنهاء البطالة وتوفير السكن الللائق والعيش الكريم وتهيأة مستلزمات دولة المؤسسات الديمقراطية وقانونها الديمقراطي .
26-10-2009 .

161
نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة
لماذا يخشاهما الطائفيون والقوميون
فلاح علي
إن كانت الديمقراطية تعني ممارسة السلطة من قبل الشعب من هذا فأنها تمثل الديمقراطية الحقة التي يسعى إليها شعبنا, فهي بهذا المعنى ترتكز على عنصرين اساسيين الحرية والمساواة . ولا يمكن للديمقراطية أن تضحي بهذين العنصرين , حيث أن مبدأ المساواة هو الركيزة الاساسية للحريات وللديمقراطية لهذا تسن الدول الديمقراطية قوانين لضمان الحرية وتحقيق المساواة ولكن في الواقع العملي نجد ذلك صعب التطبيق , كما هو في الديمقراطية العراقية ( المحجبة ) القائمة على المحاصصة الطائفية واجندة دول الجوار والمعطيات كثيرة لهذا التمايز . إن ذهبنا أبعد من ذلك نجد أن القوى الوحيدة في كوكبنا التي طبقت مبدأ المساواة في العصر الحديث بشكل سليم هم ( الماركسيون) لأنهم أعطوا للديمقراطية مضامين اجتماعية واقتصادية وبهذا تحقق مبدأ المساواة . وهذا لا يعني إنها تضحي بمبدأ الحرية , لأن الديمقراطية ذات المضمون الاجتماعي تؤكد أن الحرية الحقيقية لا يمكن الوصول إليها إلا بعد تحقيق المساواة الاقتصادية والاجتماعية . وإن كنا نحتاج إلى وقت طويل إلى ذلك ولكن ما يهمنا هو عدم إزدواجية القوانين التي تضمن الحريات والمساواة هذا أولاَ وثانياَ ضمان حق الشعب في ممارسة السلطة , وبهذا يمكن القول أن الشعب قد إختار ممثلية الحقيقيين في انتخابات مجلس النواب بالانتخاب الحرالواعي بدون ضغط وتدخلات واكراه . وهذا يتم من خلال الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة .

لماذا الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة :
1- أي مجلس نواب في كل دول العالم هو يمثل الشعب والنائب منتخب من قبل الشعب ( كل الشعب ) ولهذا يحق للنائب أن يمثل الشعب وأن يدافع عن مصالح الشعب لأنه موكل من قبل الشعب . إذاَ هو إنتخاب مجلس النواب وليس إنتخاب مجلس محافظة , فتسعى الدول الديمقراطية لكي يكون تمثيلاَ حقيقياَ للمثلي الشعب في مجلس النواب بأعتماد نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة أما في حالة إنتخاب مجالس ولايات أو محافظات فمن الطبيعي اللجوء في هذه الحالة لنظام تعدد الدوائر ولكن مع هذا تكون القوائم مفتوحة ويستثنى من ذلك الديمقراطية العراقية التي أبت على نفسها أن تكون قائمة على المحاصصة الطائفية والقومية , حتى في سن أي قانون يشرعونه على أساس المحاصصة .
2- في الانظمة البرلمانية المعاصرة كالنظام البرلماني في بريطانيا وغيرها من الدول التي تطبق النظام البرلماني وضعت نظم نيابية يكون فيها الشعب حاضراَ ويلعب دوراَ كبيراَ في التأثير على النواب , من خلال مبدأ توقيع جزاء بحق النواب عند إجراء إنتخابات جديدة . وهذه ضغوط أدبية ومعنوية على النواب تجعلهم يحترون إرادة ناخبيهم ويدافعون عن مصالحهم , وهكذا فأن التهديد بعدم إنتخابه ثانية بعد إنتهاء مدة ولايته هذه تعطي قوة للناخبين في إختيار ممثليهم الحقيقيين . وهذا من وجهة نظري أحد الاسباب التي تدفع بالطائفيون والقوميون من التخوف من نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة .
3- الانتخابات البرلمانية هي تمثيل سياسي وطني يشارك فيه الشعب لاختيار ممثلية السياسيين , الذين يضمنون له الحريات السياسية والحريات الفردية ويسنون له قوانين تضمن حق المواطنة والمساواة من خلال التشريعات , لهذا تحرص الدول الحديثة بأن تكون مجالس النواب هي مجالس سياسية وطنية يختارها الشعب من خلال نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة . فهل برلماننا هو خارج القاعدة القانونية يغيب فيه الشعب وتهيمن فيه الارادات الطائفية والنخبوية والمناطقية والعشائرية , لانهم يدركون جيداَ أن في نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة سوف يعاقبهم الشعب ولن يعيد إنتخابهم ثانية لأنهم جاءوا إلى مجلس النواب في الانتخابات الماضية بظروف غير طبيعية وفي غفلة من الشعب .
4- عندما يكون تمثيل حقيقي للشعب في مجلس النواب من خلال الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة بهذا ستكون الحكومة المقبلة حكومة غير قائمة على المحاصصة الطائفية والقومية .
5- بنظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة وإعتمادهما في إنتخابات البرلمان القادم سيكون ممثلي الشعب في البرلمان الجديد لديهم القوة والقرار الوطني في الحد من نظام المحاصصة الطائفية وينهي وإلى الابد لبننة العراق التي عمل ويعمل من أجلها أسياد المحاصصة الطائفية والقومية أصحاب المصالح النخبوية الذاتية والانانية .
6- المؤسف أن الكتل الطائفية والقومية لقد إفتعلت قضية كركوك وزجتها في قانون الانتخابات لغرض عرقلة إصدار قانون جديد للأنتخابات ويريدوة قانون على أساس المحاصصة للحفاظ على مصالحهم والمفتاح لضمان مصالحهم في البرلمان القادم هو إتفاقهم على عدم إعتماد الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة .
7- السبب الاساسي أن غالبية النواب ما يميزهم مع الاسف هو جهلهم السياسي لهذا نجدهم مشدودون إلى كتلهم الطائفية والقومية لأنها فضلت عليهم وأتت بهم للبرلمان , وإلا لو كانوا حقاَ يمثلون الشعب لوقفوا إلى جانب ما يريده الشعب لا كما تريده كتلهم الطائفية والقومية , لكنهم يستغلون إنشغال الشعب بهمومة اليومية ويوهمونه من خلال تصريحاتهم الاعلامية المنافقة  , لو كانوا حقاَ ممثلي الشعب لأنتفضوا على كتلهم التي أغرقت البلاد في الازمات السياسية نتيجة الصراعات الذاتية فيما بينها , إلا أن نواب هذه الكتل الغير كفوءة إنهم في الواقع أدوات شطرنج بيد كتلهم التي تسعى لتغييب الشعب وتتاجر بأسمه لهذا إنهم يخشون نظام الدائرة الواحدة والقائمة المفتوحة .
8- إنهم يستنجدون بالشعب مرة كل أربعة سنوات ليوم واحد فقط لغرض الانتخابات لاغير ليحصلوا على الشرعية ولكن في الواقع العملي ( 4 سنوات مضروبة في 365 يوم = 1460 يوم ففي يوم الانتخابات الشعب حاضرا)  فهم ليس فقط قد غيبوا الشعب وإنما حرموه من الخدمات والحقوق , أعطوني عاقل واحد في الكون يقتنع بمبرر واحد من العجز الذي وقعت فيه حكومة المحاصصة الطائفية في عدم تلبية الخدمات لمواطنيها وبالذات ( خدمات الماء والكهرباء والخدمات الصحية والتعليمية ) البطالة بين صفوف الخريجين لا يوجد حل لها إلى الآن في حين التعينات مفتوحة لمنتسبي أحزاب الاسلام السياسي والقوى القومية دع عنك الحاجات الاخرى عدم توفر سكن لا ئق للفئات المحرومة واهمال الريف والزراعة ....إلخ
9- الارادات التي تحول دون اصدار قانون الانتخابات وقانون الاحزاب وقوانين أخرى يقف ورائها صراع القوى الطائفية فيما بينها هذا أولاَ وثانياَ وجود أجندة عربية وأقليمية متصارعة في مجلس النواب .

الخلاصة والاستنتاج :
1- لا يوجد أمل في أن يتبنى مجلس النواب نظام الدائرة الواحدة أما القائمة المفتوحة فهناك صراع حاد حولها ففي حالة تبني نظام الدوائر والقائمة المغلقة . ما أتمناه من الشعب العراقي أن لايصوت للكتل الطائفية والقومية المهيمنة الآن في مجلس النواب وليعطي صوته للقوائم الاخرى الغير طائفية وفي مقدمتها اليساريون والديمقراطيون وليعاقب هذه الكتل التي تفضل مصالحها على مصالح الشعب .
2- أن أحزاب الاسلام السياسي وبالذات المتشددة  غير قادره على ضمان الحريات للشعب رغم تثبيتها في الدستور ومنها الحريات الشخصية وما شاهدناه من على شاشات التلفزيون حول هجوم بعض أقطاب هذه الكتل على الحريات الشخصية هو مؤشر ملموس لا يمكن الركون لهؤلاء في تشريع القوانين لصالح الشعب  فهم ضد الحرية والمساواة رغم تثبيتهما في الدستور ولكن الظروف الآن لا تسمح لهم لتنفيذ مآربهم .
3- حتى  دولة القانون هم غير قادرون على التأسيس لها وما رفعته بعض قوى الاسلام السياسي من شعار دولة القانون هو للدعاية الانتخابية ليس إلا , إن نجحوا في رفعه في إنتخابات مجالس المحافظات فالشعب قد تيقن إنهم لا علاقة لهم بدولة القانون .
4- يفترض بعد سقوط النظام الدكتاتوري أن يؤسس لدولة قانون لكن القوى الطائفية كانت تؤسس لدولة دينية إلى أن توصلوا بمباركة الاميركان والايرانيين للمحاصصة الطائفية والقومية والآن نحن في السنة السادسة بعد السقوط ولا يزال الشعب يسمع بالقانون ولم يعايشه رغم وجود دستور لأن دولة المحاصصة الطائفية والقومية تضع الفرد فوق القانون .
5- ما يميز الدولة العراقية الآن هي أقرب إلى دولة القبيلة والعشيرة والمحاصصة منها إلى دولة المؤسسات وهي أقرب إلى دولة الاشخاص منها إلى دولة الدستور , وحتى على الصعيد الاداري والقضائي هي أقرب إلى دولة الولاء الشخصي منها إلى الموضوعية القانونية .
6- الدولة الديمقراطية المعاصرة هي دولة  مدنية وأن سلطة الدولة فيها هي سلطة زمنية علمانية , وهذا يعد شرطاَ ضرورياَ لتوفير الحرية للمواطنين والقانون يضع حدوداَ على نشاط الدولة تجاه مواطنيها ورعايتهم وضمان حقوقهم ومساواتهم والزام الحكومة لتقديم مختلف الخدمات لمواطنيها وتحقيق الامن والاستقرار والتقدم . أين هو إئتلاف دولة القانون من هذا إلا يعني إنهم من هواة رفع الشعارات لتضليل الناخبين ليس إلا .
7- أن مسألة الحرية والديمقراطية وتأسيس لمجتمع مدني هي من أسس بناء دولة القانون , ولم تعد مسألة الديمقراطية هي للشعارات والمزايدة الاعلامية أو ترفاَ فكرياَ يهم المثقفين فقط أو إنها سلعة نستوردها من الخارج إنها ضرورة حيوية لا بديل عنها لأخراج البلاد من أزمتها التي عاشتها طيلة الستة سنوات من صراع المحاصصة الطائفية والقومية , هي السبيل لشرعية أي سلطة ومصداقيتها وهي السبيل لأستعادة العراقيين لكرامتهم وعزتهم بعد أن فقدوها في ظل الدكتاتورية وما لحقها من محاصصة طائفية وقومية .
21-10-2009 .

 




162
رؤية حول وحدة عمل الشيوعيين العراقيين
فلاح علي
وحدة العمل هي أحد عناصر القوة الضامنة للنهوض والتقدم  أن المرحلة الحالية التي يمر بها العراق تؤشر إلى أهمية استنهاض قوى الشيوعيين العراقيين وكل قوى اليسار والديمقراطية , وتشكيل قطب يساري فاعل ومؤثر لأنقاذ الوطن والشعب من تجار السياسة , حتى الدول في ظل العولمة وهيمنة القطب الاوحد قد إنتبهت لهذه الموضوعة الهامة , وبدأت في العمل لاقامة تكتلات أو تحالفات أوإتحادات اقليمية ودولية والامثله عديده وأشير هنا إلى اتفاقية شنغهاي التي تضم ستة دول روسيا والصين وأربعة جمهوريات من آسيا الوسطى واتفاقية (BRIC ) الموقعه من قبل أربعة دول وترمز لأحرفها الاولى  وهي (البرازيل وروسيا والهند والصين) الهدف منها ايجاد تكتل إقتصادي لمواجهة العولمة الاميركية و لاصلاح النظام المالي العالمي وهو بنفس الوقت تكتل سياسي لمواجهة الاستراتيجية الاميركية في ظل العولمة . والمثال الاوربي الآخر هو الاتحاد الاوربي . بعد أن بدأ في عام 1957 ب ستة دول هو الآن أصبح عدد العضوية فيه 27 دولة , وبرز في ظل العولمة كقوة إقتصادية كبرى ويلعب دوراَ مؤثراَ في السياسة الدولية , والآن الولايات المتحدة الاميركية تخشى ظهور الاتحاد الاوربي كقطب منافس لها وتخشى من تنامي النزعه الاستقلالية لدول الاتحاد وهذا ما يضعف من تماسك حلف الناتو . فبعد أن وضعت فرنسا والمانيا تركات وخلافات الحرب العالمية الثانية جانباَ وبعد أن توحدت المانيا , عملوا على وضع استراتيجية لتوحيد اوربا لتسهم اوربا في الحفاظ على السلم والامن الدوليين وفي تطور بلدانهم والمساهمة في عمليات التنمية في العالم . هناك امثله عديده على أن الدول تحولت باتجاه الاتحادات والتحالفات لمواجهة التحولات العاصفة والسريعه والمفاجئه على الصعيد الدولي ولمواجهة هيمنة القطب الواحد في النظام الدولي الجديد.
من هذه المقدمة أن بلدنا العراق في ظل الوضع السياسي المعقد ووجود اقطاب طائفية مدعومة اقليميا َومن اجل ضمان العيش الكريم للشعب واقامة دولة العدل والقانون ونظامها الديمقراطي التعددي الفيدرالي , لا بد من تظافر كل الجهود لانجاح إقامة قطب يساري ديمقراطي في العراق من خلال وحدة العمل على أساس البرنامج الوطني الديمقراطي .

لابد من إعادة التفكير :
الحزب الشيوعي العراقي  طيلة عدة عقود كان يمتلك عناصر القوة في المجتمع ( النفوذ الجماهيري الكبير وبالذات في صفوف الطبقة العاملة العراقية ,والامكانيات الاعلامية والثقافية ...... إلخ ) . وإن كانت هناك مجموعة عوامل ساعدت في هذا الحضور الجماهيري للحزب الشيوعي العراقي . ولكن واحدة من هذه العوامل هي ( وحدة العمل الفكرية والسياسية والتنظيمية) . هذه هي أحد مصادر القوة الذاتية التي يتميز بها الحزب الشيوعي العراقي . فأطلق عليه في فترات ماضية بأنه يمتلك قوة جماهيرية قادرة على التغير لا بد من الانطلاق من هذه المسألة عند التفكير بدور الحزب ونفوذه وتأثيره في الساحة السياسية.

فالسؤال هنا كيف نقيم وحدة العمل للشيوعيين العراقيين ؟ لنضمن دقة وصحة تطبيق ( وحدة العمل الفكرية والتنظيمية والسياسية) .وحل هذه القضية يسرع من تشكيل قطب يساري ديمقراطي في العراق تكون وحدة العمل للشيوعيين العراقيين ( قلب هذا القطب) .
المعروف عن الحزب الشيوعي العراقي إنه يشكل حزباَ لكل العراقيين ولكل قوميات الشعب العراقي وهذه الخاصية التي يتفرد بها الحزب الشيوعي العراقي تشكل مصدر ثاني من مصادر قوة الحزب الشيوعي العراقي والتي تفتقر إليها كل الاحزاب العراقية .

مالذي حصل :
بعد تفكك الاتحاد السوفياتي عقب إنتهاء الحرب الباردة طغى على الساحة الدولية النزعه القومية والتي ساهمت استراتيجية الولايات المتحدة في تأجيجها ورفعت زوراَ شعارات براقة ( الديمقراطية وحقوق القوميات وحقوق الانسان ) إنها شعارات تسويقية تهدف منها إلى استغلال المشاعر القومية لتعمل على تفكك الدول الكبيرة وهذا يسهل عليها زعامتها لقيادة العالم متفردة لاطول فترة . فساعد هذا التوجه الاميركي على تنامي الحركات القومية على كوكبنا وشملت كل البلدان وإمتدت في كل بلد حتى وصلت للاحزاب الاممية أي الاحزاب الشيوعية وتشكلت احزاب شيوعية على اساس قومي . ( وليس على اساس طبقي واممي ) . ليس بصدد العودة إلى الماضي أو الخوض في التفاصيل . ما يهمنا هنا الحزب الشيوعي العراقي .
في عام 1993 صادق المؤتمر الخامس للحزب على تشكيل الحزب الشيوعي الكردستاني . وبارك الشيوعيين العراقيين هذه الخطوة انطلاقاَ من ظروف كوردستان الجديدة . والذي هو اصبح واقع وهو امتداد لما حصل لتفكك بلدان كبرى والذي يقف وراءه هجوم قوى النيوليبرالية الجديدة التي تجلت شراستها ووحشيتها في ظل العولمة الاميركية .
وكان التوجه العام لدى الشيوعيين العراقيين . بأن الحزب الشيوعي الكوردستاني سيمتلك مقومات الحزب الجماهيري في كوردستان . ونفس الشيئ بالنسبه لمنظمة ( كلدوا آشور) للقوميتين الكلدانية والآشورية . وكنت واحداَ من الذين يعولون على دور الحزب الشيوعي الكوردستاني المرتقب .

ما هي حصيلة عمل الحزب الشيوعي الكردستاني :
منذ عام 1992 – 1993 إلى الآن تؤكد المعطيات أن الحزب الشيوعي الكوردستاني كلما إبتعد عن مبدأ الاممية والنضال من أجل الديمقراطية في العراق كلما تتزايد عوامل انحساره وانعزالة وبالتالي وقوعه في أسر القومية وهذه عملية طردية , وبالتالي تضعف قدرات وامكانيات الحزب من مواجهة ضغوط القوى القومية المتنفذه في كوردستان ,اضافة إلى تخليه عن النضال الطبقي واضعاف دوره في خوض النضال الجماهيري ووقوعه في دهاليز الفكر القومي .  يحق لي أن أطرح السؤال التالي : لماذا يجهد الحزب الشيوعي الكردستاني نفسه في العمل على دخول الانتخابات البرلمانية في العراق مع قائمة التحالف الكردستاني كما حصل في الانتخابات الماضية ؟ إن كانت هذه براكَماتية في العمل السياسي . فللبراكَماتية حدود وتوازن وإلا تصبح عملية تجارية مكشوفه هدفها الربح الوقتي على حساب الاهداف التي تأسس من أجلها الحزب وعلى حساب مستقبل الحزب ودوره الجماهيري وتأثيره في الاحداث .

الخيارات العملية البديلة المقترحة :
1- أن ظروف عام 2009 تختلف عن ظروف عام 1993 . واصبح واضحاَ لكل انسان على كوكبنا أن الولايات المتحدة الاميركية وهيمنتها على النظام الدولي قد خلقت بؤر للتوترات الداخلية وحدثت مشاكل داخلية أثنية ودينية وطائفية في بلدان عدة في أفريقيا وآسيا وغيرهما . وحصلت اصطفافات قومية ارتكزت عليها الولايات المتحدة لتنفيذ استراتيجيتها القائمة على التوسع وبسط النفوذ . انعكس هذا الوضع على كثير من الحركات الماركسية وتأثرت بتلك الاجواء التي سادت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي , وتقوقعت في إطارها القومي وابتعدت عن المبدأ الاممي والنضال من أجل الديمقراطية على صعيد البلد الواحد .
2- الآن في 2009 قد استجد ظرف دولي جديد بعد الازمة المالية العالمية وانهيار اقتصاديات بلدان رأسمالية بما فيها الولايات المتحدة وإنعكس ذلك سلباَ على الاقتصاد العالمي , وهناك بوادر لظهور أقطاب دولية جديدة , وهناك مؤشرات عديدة لتراجع دور الهيمنة الاميركية في التحكم بمصائر العالم . وبدأ يتصاعد دور أحزاب اليسار . وما أفزع الاميركان أن نهوض قوى اليسار بدأ من البلدان المجاوره لاميركا أو بما يسمى ( الحديقة الاميركية) وهي دول أميركا اللاتينية . وإمتد إلى أوربا وقارات العالم المعموره . وهناك بوادر ومؤشرات انتعاش اليسار في منطقة الشرق الاوسط ومنها بلدنا العراق .
3- الحاجة الآن لتهيأة الامكانيات الذاتية لقوى اليسار والديمقراطية للأستعداد للمنعطافات الجماهيرية القادمة , إذا لم تهيئ مستلزمات إمكانياتها الذاتية فأنها ستكون غير مؤهله لأستغلال المتغيرات وإحتضانها ولعب دورها المطلوب .
4- أعتقد المطلوب من الحزب الشيوعي الكوردستاني أن يغير من تاكتيكاته ويفك أسره من قيود القوى القومية التي أسهمت وعن عمد في اضعاف الحزب طيلة العقد والنصف الماضية .
5- أن يقترب أكثر في وحدة العمل مع الحزب الشيوعي العراقي , على صعيد الداخل والخارج لأن الاهداف مشتركة . وواحدة من هذه الاهداف هي انتصار الديمقراطية في العراق وتطوير عمل الحزبيين وتوسيع نفوذهما الجماهيري ودورهما في العملية السياسية .
6- التجليات العملية لذلك أن يتخذ الحزب الشيوعي الكوردستاني قراره الجريئ والعاجل والتأريخي بالدخول بقائمة انتخابية لمجلس النواب القادم مع الحزب الشيوعي العراقي والقوى الديمقراطية الاخرى التي تشترك مع الحزب .
7- بوحدة العمل المشتركة العملية الملموسه والميدانية للحزبيين سيتمكنان من تجميع قواهما للعب دور أكثر فاعلية في الساحة السياسية , وهذا سيسهل المهمة لأقامة قطب يساري ديمقراطي وبهذا ستتعزز مواقع الحزب الشيوعي الكوردستاني في كوردستان ومواقع قوى اليسار والديمقراطية في كل العراق .
10- فهل سيشهد مؤتمر القوى الديمقراطية الذي سيعقد في بغداد في يوم 16-10-2009 حضور الحزب الشيوعي الكوردستاني وتوقيعه على البيان وانضمامه للقائمة الانتخابية .
11- الفيدرالية لكوردستان ستكون سراب وحبر على ورق إذا لم تنتصر الديمقراطية في العراق ويقام نظام ديمقراطي حقيقي .
12- أن تقوية مواقع ودور الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية في العراق هو الضمانة الحقيقية للفيدرالية لكوردستان وضمان الحقوق القومية لقوميات شعبنا الاخرى .
13-وأقترح أن تبادر منظمات الخارج لكلا الحزبيين لتحقيق وحدة عمل فعلية وليس لفظية شعاراتية , وأستطيع القول أن تحققت هذه الخطوة ستتوفر امكانيات كبيرة للمنظمات لتشكل رافداَ قوياَ لا ينضب لتعزيز مواقع قوى اليسار والديمقراطية في الداخل وعلى كافة الصعد .
14- أعتقد أن قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني تدرك ذلك تماماَ وستكون من وجهة نظري كل منظمات الحزب الشيوعي الكوردستاني في الداخل والخارج مع قيادتها داعمة لقرارها الجريئ الذي ينتظره كل شيوعيي العراق .
15- المستقبل لقوى اليسار والديمقراطية في العراق وأجزم أن الشارع العراقي من جنوب العراق إلى كوردستان يمتاز بمزاج يساري وأن حالة التطرف والظلامية هي زائلة وهناك كتل جاهيرية كبيرة لا زالت تعيش آثار الدكتاتورية وعسف القوى الطائفية وخوفها من المتغيرات المفاجئة نتيجة تدخلات دول الجوار في الشأن العراقي ودعمها المكشوف لاحزاب الاسلام السياسي بشقيه . الذي يغير الموازين هو إستنهاض القدرات الذاتية لقوى اليسار والديمقراطية وواحدة من هذه القدرات الذاتية هي وحدة العمل الميداني وتشكيل قطب يساري ديمقراطي سيكون قاطرة التغيير الحقيقية , لبناء عراق جديد ديمقراطي تعددي فيدرالي يضمن حقوق المواطنيين والقوميات .
14-10-2009


163
ملاحظات إنتقادية على تصريحات  كريم أحمد
لصحيفة هاولاتي
فلاح علي
تصريحات كريم أحمد السكرتير السابق للحزب الشيوعي الكوردستاني ,لصحيفة هاولاتي والتي إطلعت عليها في موقع الحوار المتمدن العدد 2752 في 28-8-2009 . وعلى ضوء القراءة السريعة للمقابلة توفرت لديه ملاحظات إنتقادية . ولا بد من التأكيد إنه إرتباطاَ بقدرات وإمكانيات كريم أحمد الفكرية أرجح أن هناك خطأ حصل أثناء الترجمه  أدعو الأستاذ كريم أحمد لتدقيق تصريحاته في النص العربي وتبيان رأيه وذلك للأمانة ولأطلاع القراء على اللبس الغير واضح للتصريحات .
أما بصدد ملاحظاتي الأنتقادية فهي :
1- جذب إنتباهي عنوان المقابلة الآتي :
((مسؤلوا الحزب الشيوعي أيضا" أصبحوا كالآخرين فاسدين وصاروا أفندية ومصابون بالكسل))، لا أعرف ما ذا يقصد هنا بالفساد هل لاتوجد محاكم في كوردستان تكشف الفاسدين ؟ هل كوردستان بدون قانون ؟ وكأن هناك سبق صحفي سجله مترجم المقاله ووضعه عنواناَ لها . بلا شك يقصد كريم أحمد (بالفساد) هو مطالبة الحزب الشيوعي الكوردستاني لحقوق رفاقه في ( مسألة التقاعد وتخصيص أراضي للسكن ) وهل المطالبة بهذه الحقوق هو فساد . ألا نسيت إن هذا هو شرط لمواصلة الحياة وهو حق طبيعي وديني وقانوني , وإذا حصلت القيادة على هذه الحقوق هل هذا كفر ويعتبر فساد . ممكن أن يعتبر فساد في حالة واحدة ( إذا حصلت قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني لوحدها على هذه الحقوق المشروعة وغضت الطرف عن المطالبة بحقوق رفاقها وعوائل الشهداء ) . عدا ذلك القراء تدرك من أين يأتي الفساد لقيادة الحزب الشيوعي الكوردستان ولديهم وزير واحد ( للمواصلات ) وليس ( للتجارة أو المالية أو النفط) . أما مصابون بالكسل فهذا وارد وقد يتفق معك الكثير .
2- وفي إجابته على السؤال الأول للصحيفة (هاولآتي: وفق تجربتكم الطويلة في التاريخ السياسي لكردستان والعراق، كيف ترون أنتخابات أقليم كردستان الأخيرة؟)
أجاب كريم أحمد . ((من الضروري التعامل الأيجابي مع الآخر وقبول الآخر والتعايش المشترك.أرى أن الكثيرين لم يفهموا بعد طبيعة المرحلة التي نمر بها، مرحلة الحفاظ على الأنجازات وتكريسها، لذا على جميع القوى دعم ذلك في هذه المرحلة، لأنه حتى هذه اللحظة لم تحل قضيتنا الكردية، رغم قبولهم الفيدرالية، لكن حتى الآن لم تحدد حدود كردستان وهذا من الضروري أن يتم، فالكثير من المناطق لاسيما كركوك مازالت خارج حدود كردستان. لدينا هدفان، الأول ترسيخ الأنجازات المتحققة، والحفاظ على الديمقراطية في كردستان، والثاني وضع نهاية لمسألة الحدود وتحديد حدود كردستان. هذه المهمتان بحاجة الى توحيد القوى الكردستانية التي في السلطة والمعارضة لها أيضا". بخلاف ذلك سنفقد ما تحقق وسنخسر جميعا".... إلخ )) .

 هل يعقل سياسي مخضرم مثل كريم أحمد يوجز مهام المرحلة بنقطتين فقط ترسيخ الأنجازات وتحدبد حدود كوردستان . كيف عزل الوضع في كوردستان عن إستقرار الوضع الأمني وترسيخ الديمقراطية في العراق , كريم أحمد الذي كان يعطي دروساَ للأحزاب الكوردية القومية ( أن الفيدرالية في كوردستان لا تتحقق بمعزل عن الديمقراطية في العراق) وقد ساهم في قيادة الكفاح المسلح في كوردستان بعد عام 1979 تحت شعار ( الديمقراطية للعراق والفيدرالية لكوردستان ) إذاَ يا أبا سليم الأنجازات لن تترسخ في كوردستان إذا لم تنتهي المحاصصة الطائفية والقومية المقيته ويقام نظام ديمقراطي حقيقي . ألا نسيت ما نقله المرحوم زكي خيري ونشر في مجلة الثقافة الجديدة قول عن السيد مسعود البارزاني ( وقال ما نصه لقد باعونا ببرميل نفط ) هذا كان التصريح بعد توقيع إتفاقية الجزائر في عام 1975 والمقصود هنا إيران والأمريكان يا أبا سليم (النظام الديمقراطي الحقيقي في العراق هو الضمانة الحقيقية للفيدرالية في كوردستان العراق ) لما ذا بهذا الجواب قد أوقعت حالك في مستنقع القومية الضيقة .كل الشيوعيين العراقيين ومعهم كل القوى الديمقراطية هم مع الفيدرالية لكوردستان ولكن يدركون تماماَ أن الضمانة الحقيقية للفيدرالية لكوردستان ( هو الدستور الديمقراطي) الذي يرسي دولة القانون ونظامها الديمقراطي لا المحاصصة الطائفية التي تحول الصراعات الثانوية إلى صراعات أساسية من أجل مصالح فئوية ذاتية مقيته وتفرط بمصالح الشعب والوطن .
هاولآتي: هل ترى أن الحزب الشيوعي سيعيد النظر بنفسه
كريم أحمد: أذا لم يفعل ذلك فأنه سيتضرر، أنه لامفر من أن يعيد النظر بنفسه، أذا لم يفعل ذلك فأن الغير راضون سيؤسسون حزبا" شيوعيا" آخرا".
هاولآتي:
لماذا سيادتكم وعزيز محمد لا تعالجون هذه الأزمة في الحزب الشيوعي، هل أنتم بعيدون عن هذا الحزب، أم إنهم لا يصغون إليكم؟
كريم أحمد : نحن لسنا ببعيدين , أنا لدية دائماَ القول لكنهم لا يصغون إلينا لأنه لم تعد لدينا سلطة ( حزبية)


3- كريم أحمد ذات التأريخ الطويل والخبره الكبيرة , وكأنه في تصريحه هذا يحاول إقناع نفسه وإقناع القراء البسطاء , وهو المدرك تماماَ أن سياسة الأحزاب الشيوعيه لا تصاغ بهذه الرؤية التبسيطية التي يفكر فيها , وهو الذي يدرك جيداَ أن كل عضو له الحق في إبداء رأية ورأية مسموع سواء كانت لديه سلطة حزبيه ويسهم في رسم السياسة الحزبية أم لم تكن . تصل آراء الأعضاء من خلال الأجتماعات  وعبر هيئات وإلا كيف كان كريم أحمد يرسم سياسة الحزب عندما كان في قيادته ألم تكن لديه صوره لما تطرحه القواعد سواء بالقرى أم في المدن .
4- ويشير في إجابته الغير راضون سيؤسسون حزباَ شيوعياَ آخر . يلاحظ أن الجواب كأنه قيل من قبل عضو بسيط وهو الذي يدرك تماماَ أن الأحزاب لا تؤسس وفق إطلاق تصريحات لا مسؤولة ورغبات وتمنيات وأمزجه أو لمنطلقات ذاتية ليس هكذا تعالج الثغرات الفكرية والتنظيمية وكأنه يشير هناك شيئ قد يحصل وإلا ما ذا يفسر ذلك .وهل أن ما يفكر فيه كريم أحمد هو يصب في تقوية مواقع قوى اليسار والديمقراطية في كوردستان .
هاولآتي: هل تعتقد بأن الحزب الشيوعي العراقي سيواجه على شاكلة الحزب الشيوعي الكردستاني  الهزيمة في أنتخابات البرلمان العراقي المقبلة؟
   كريم أحمد: أعتقد أنهم أيضا" سيواجهون ذلك، الحزب الشيوعي العراقي أيضا" يعاني من الأنعزال. سكرتير الحزب يكرس معظم أوقاته للبرلمان، لأنه عضو فيه، ويهمل الحزب، لم يكن ينبغي عليه أن يكون عضو في البرلمان، لأنه ضروري لمعالجة النواقص (في العمل الحزبي).

5- إني أسأل الأستاذ كريم أحمد هل كل حزب سياسي عندما يخسر الأنتخابات عليه أن يفتح جبهه للمعركة بين أعضائه وأن تكون هنالك قطيعة ؟ إذاَ أنت بهذا الطرح كيف قدت الحزب الشيوعي الكوردستاني وأمضيت قرابة ال40 عاماَ في قيادة الحزب الشيوعي العراقي . أتفق معك بأن الأحزاب الشيوعية أن لاتنعزل عن الجماهير وأن تدرس بشكل متواصل هذه المسألة الحيوية وتشخص نقاط الخلل وتضع المعالجات . ولكن من جوابك لاحظت إنك تستهين ( بالعمل في البرلمان) وكأنه مهمة ثانوية يرشح لها أي عضو . صحيح أن سكرتير الحزب الشيوعي العراقي قد رشحه الحزب لخوض الأنتخابات والعمل في البرلمان وصحيح أن العمل في البرلمان هي مهمة غير قليلة وتحتاج إلى وقت وجهد . ولكن في المحصلة لها نتائج إيجابية لعمل الحزب حيث إنه الواجهه العلنية للعمل مع الشعب وبهذا فأن العضو البرلماني يكون وجهاَ لوجه مع الشعب وحاجاته , ويسهم في وضع القوانين والتشريعات التي تلبي حاجات ومصالح الشعب وتضع القواعد  القانونية لبناء الدولة وكيفية التصرف بالموارد وثروات الوطن  .... إلخ إلا نسيت أن جميع سكرتاري الأحزاب بما فيها الشيوعية في كل كوكبنا الأرضي ترشح للأنتخابات في بلدانها التي تتوفر فيها مثل هذه الفرصة . ونسيت أن في الأحزاب قيادة جماعية وهناك تخصص وتوزيع للمهام . رغم أن ملاحظتك قد يكون فيها شيئ من الصح إنه توجد آراء تقول أن سكرتير الحزب أن لا يرشح للبرلمان .ولكن لا أعتقد أن تجد أحد يتفق معك أن سكرتير الحزب كونه عضو في البرلمان ( يهمل الحزب) . أعتقد فيها تجني في ظروف كظروف العراق لم يشهد البلد إنتخابات منذ أكثر من نصف قرن . وخلال فترة طويلة من حملات التصفيات الجسدية والملاحقة وحملات الدعاية والأفتراء على الشيوعيين . أعتقد أن قيادة الحزب كانت على حق عندما رشحت السكرتير لخوض الأنتخابات البرلمانية في تلك الفترة   فأن وجوده في البرلمان قد أضاف رصيداَ سياسياَ وجماهيرياَ للحزب من خلال دوره في البرلمان وعرف من سمع صوته من جماهير الشعب في التلفاز إنه وطنياَ أصيلاَ همه مصالح الشعب والوطن ولم تكن له منطلقات فئوية ذاتية يفكر في العراق ومستقبله وبالشعب وتلبية حاجاته ويمتلك رؤية وبرنامج وحلولاَ أكدت التجربه صحتهما  إلا يعتبر ذلك رصيداَ للحزب .

هاولآتي: ما هو رأيك بصدد المسائل الداخلية داخل الأتحاد، وخاصة بين جلال الطالباني ونوشيروان مصطفى؟
كريم أحمد: أنا لا أريد التدخل في الشؤن الداخلية للأتحاد، لكن مام جلال قائد سياسي كبير، شجاع وناضج

6- يا أبا سليم بجوابك هذا قد نسفت كل الحجج التي تعتقد إنها صحيحة لتدين فيها قيادة حزبك ولا أعتقد بعد هذا الجواب الذي جاء عرضياّ بأن يتفق معك إنساناَ واحداَ عاقلاَ بهذا الرأي إلا إذا كان له مصلحة بأن يلتقي مع جوابك .
ليس بصدد العوده إلى الماضي ولكن هكذا تعلمنا كل ظاهره أو كائن له تأريخ ماضي وحاضر ومستقبل.
من هذا المنطلق أسئلك :
- أي نضج يمتلكه هذا الذي أسرك ووضعك في السجن . وأنت المناضل الكبير والمنار الهادي لحركة التحرر الوطني الكوردي وبوصلة النضال لهؤلاء القوميون الأكراد , وكنت أطولهم عمراَ في النضال من أجل الفيدرالية لكوردستان والديمقراطية للعراق والمناضل المعروف ضد الدكتاتورية .
- أي سياسي هذا الذي تعاون مع الدكتاتور ونصب الكمائن لخيرة مناضلي شعب كوردستان والعراق وقتل بدون وجهة حق 62 شاب وشابة من شيوعي العراق وكوردستان لقد نذروا حياتهم للدفاع عن الشعب الكوردي ومن أجل الديمقراطية للعراق ولا يزال دم هؤلاء الشهداء في رقبته ورقبة قائد الجناح الثاني نونشيروان , والذين قبضوا من الدكتاتور جائزة عملهم الخسيس والجبان وفعلتهم الشنيعة هذه .
- أي كبرٌ في العقل هذا الذي قتل أبناء شعبه الكوردي وخاض معارك داخلية , ثم طلب العون الخارجي من الجاره المؤمنه  ليتمكن على أبناء شعبه ولا يزال لهذه اللحظه يسدد الدين المستحق عليه وأصبح رهينه لأملاءات خارجية .
أي مناضل هذا تمتدحه يا أبا سليم إنه (ميكافيلي مقيت) , مقته أعضاء حزبه وسموه الرجل الميكافيلي هل أصبحت مداحاَ يا أبا سليم؟
ملاحظة /
لاأريد في هذا الرد أن أصادر حق أعضاء الحزب الشيوعي الكوردستاني في تقييم نتائج الأنتخابات وتشخيص الثغرات والنواقص والسلبيات ونقدها وإستخلاص الدروس منها , وقد أقف مع بعض وجهات النظر لدى أعضاء الحزب الشيوعي الكوردستاني والذين يحملون رؤية نقدية ولكن بنفس الوقت حريصين على تمتين وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية والسياسية و إني معهم في الرأي في أن تتفاعل قيادة الحزب الشيوعي الكوردستاني مع مناضليها وكوادرها وقواعدها وأن تستمع إلى آرائهم وتجيب على ملاحظاتهم وأفكارهم وإستفساراتهم وعدم إهمالها , وأن تضع توجهات ورؤية ومهام وسياسة جديده على ضوء نتائج الأنتخابات بعد دراستها . ولكن ملاحظاتي السريعه هي تنصب على أجوبة وتصريحات كريم أحمد رغم بعض أجوبته تحمل شيئ من الصح ولكنها في الغالب تحمل التناقض وبعيدة عن المعقول وإنها لاتصمد أمام النقد ولكن أرجوا بأن يكون الخطأ والتناقض في الترجمة .
28-8-2009 .

164
معارك الحملات الأنتخابية للبرلمان القادم
ودور قوى اليسار والديمقراطية فيها
فلاح علي
الحملات الدعائية للأنتخابات البرلمانية القادمة بما فيها من مؤتمرات وإجتماعات ولقاءات ونشاطات جماهيرية وإصدار بيانات وشعارات وبوسترات وطرح برامج وحملات توعيه واسعه والقيام بفعاليات جماهيرية متنوعة . إنها ستكون معارك سياسية قاسية وشرسة . ومع إنه كل قائمة أوكتلة سيكون لها غرفة عمليات لأدارة حملتها الأنتخابية . ولكن تبقى الأمكانيات متباينة من جانب ( ما متوفر لهامن أموال وإمتلاكها لوسائل الأعلام ) من هذا من المتوقع بأن تلجأ بعض الكتل بأستخدام وسائل قذرة يتم فيها التلاعب بمشاعر وأحاسيس الشعب وخداعه, والتوقعات بأن الفرص في المنافسة الأنتخابية ستكون غير متكافئة وغير عادلة لسبب بسيط هو غياب القانون .  ولكن ما يميز القوائم والكتل عن بعضها هو في استراتيجية كل طرف  , فأطراف استراتيجيتهم في الحملة الأنتخابية هو الصراع على كرسي الحكم وتلبية مصالحهم الذاتية وقد إختبرهم الشعب وأطراف استراتيجيتهم هو مصلحة الوطن .وهم الأكثر جماهيرية ولكن في ظل غياب القانون الأنتخابي , ستستخدم الكتل التي مقتها الشعب كل الوسائل الغير قانونية من أجل تحقيق مواقع في البرلمان للأعوام الأربعة القادمة .
 
مالعمل بالنسبة لقوى اليسار والديمقراطية :
قوى اليسار والديمقراطية هي قوى واسعة ومتنوعة وبمجموعها تشكل التيار الديمقراطي في العراق , ما يميز هذا التيار لدية رصيد جماهيري كبير وواسع , ويشكل طرف قوي في المعادلة السياسية , ولدية خبرات وتجارب نضالية غنية  لا يمتلكها أي طرف آخر, ويستطيع أن يحقق نجاحات كبيرة في الأنتخابات البرلمانية القادمة , ولكن لبعض أطرافه ثغرات ونواقص ورؤى ومواقف بعضها ذاتية أسهمت بمجموعها في إضعاف قوى اليسار والديمقراطية ويمكن أن أشير لبعض هذه الثغرات والتي يمكن معالجتها :
1- بعض شخصيات وقوى اليسار لا تجيد استخدام التاكتيك السليم في الظرف الملائم لأسباب عدة . ليس المطلوب في هذه المقالة ذكرها . ولكن بصدد الحملات الأنتخابية نجد أن شخصيات يسارية وقوى وأطراف منها  أسهمت في إضعاف مواقع اليسار العراقي في الأنتخابات البرلمانية الماضية من خلال تشتيت بعض أصوات الناخبين للتدليل على ذلك أذكر المثال التالي ( شخصية يسارية كان محسوب على الحزب الشيوعي العراقي ومن منطلقات غير مفهومة وغير واضحة , وبحكم إمكانياته المالية الكبيرة شكل قائمة بأسم على ما أتذكر (وطني) ودخل الأنتخابات وهو يعرف مسبقاَ لا يستطيع الحصول على مقعد برلماني واحد , بلا شك هذه الممارسة أضعفت مواقع اليسار ومركزه الحزب الشيوعي العراقي وقد أسهمت في تشتيت الأمكانيات والطاقات والأصوات الأنتخابية ) . وهناك بعض القوى اليسارية لم تدخل الأنتخابات وبنفس الوقت لم يصوت أعضائها ومؤيدوها لقائمة ( إتحاد الشعب) آنذاك. هذا خلل فكري وسياسي اليساري الحقيقي لا يرتضي بأضعاف مواقع اليسارفهل يتم تجاوز هذا الخلل في الأنتخابات البرلمانية القادمة . ومن المناسب في هذه المقالة أن أشير إلى تجربة روسيا التي هي أكثر دولة فيها أحزاب وجماعات يسارية مستقلة عن الحزب الشيوعي الروسي ((  لكن في الأنتخابات وبالذات الرئاسية تتحد كل أحزاب وقوى اليسار في سياسة إنتخابية واحدة وتدعم مرشح الحزب الشيوعي الروسي ))([1] ) .مع شعارات وخطاب إعلامي موحد هذا هو التاكتيك السليم والذي يعكس النضج السياسي والفكري لتقويةمواقع اليسارفي الحملات الأنتخابية ,  فأن تقوية مواقع اليسار والديمقراطية في الأنتخابات البرلمانية القادمة في العراق يتطلب خطوات عملية ملموسة , تبدأ بتجميع الطاقات والأمكانيات والتي ترتكز على قاعدة جماهيرية واسعة ووفق برنامج إنتخابي مفتوح لكل القوى اليسارية والديمقراطية .
 
خيارات الحزب الشيوعي العراقي :
1- أن لا يرتكن الحزب الشيوعي العراقي إلى الأنتظاروالترقب مع أن التريث والصبر مطلوبان ولكن أن يمسك بزمام المبادره ويقود حملة واسعه لمفاتحة كل قوى اليسار والتيار الديمقراطي مع أن هناك طيف واسع لقوى وكيانات محسوبة على التيار الديمقراطي (كل القوائم والكتل المسيحية من الكلدان والآشوريين والسريان , الكورد الفيلية , الصابئة المندائيين, الأزيدية , الشبك, قوى من التركمان ,كل قوى اليسار والديمقراطية في إقليم كوردستان العراق ) أن يتوجه إليها الحزب الشيوعي العراقي لتشكيل تحالف واسع القاسم المشترك هو مصالح الوطن وضمان حقوق هذه الكيانات والقوميات  , التي لا يضمنها غير قوى اليسار والديمقراطية وكما أن مصالح هذه الكيانات تقتضي التحالف مع قوى اليسار والديمقراطية ,وأن ما يسمى بنظام الكوتا للأقليات حسب ما يطلق عليها هو خطة من الطائفيون والقوميون لأبعاد هذه القوميات والكيانات عن بيئتها وتيارها الديمقراطي .
2- أن وحدة قوى اليسار والديمقراطية مهمة ملحة في حالة تحقيقها ستضيف  لهذا التيار النقي والأصيل عناصر جديدة تسهم في تنمية وتوسع قواعدة الجماهيرية , وسيغير موازين القوى في المجتمع والدولة وأن تحققت الوحدة الأنتخابية لهذا التيار الواسع فسيحقق نجاحات كبيره في الأنتخابات البرلمانية.
3-في حالة تعذر إقامة تحالف ديمقراطي واسع , سيكون الخيار الوحيد والأمثل هو أن يخوض الحزب الشيوعي العراقي الأنتخابات بقائمة لوحدة وبأسم الحزب , وأن يرشح فيها رموز ذات سمات جماهيرية , وللحزب الشيوعي العراقي طاقات وإمكانيات كبيرة ومتنوعه لم يتم توظيفها بشكل جيد في الأنتخابات السابقة ولديه خبره متكدسه ورصيد جماهيري وسياسة وطنية مشهوداَ لها وهو يمثل جسد العراق , ويمثل العقلانية والموضوعية والوطنية الأصيلة .والضامن للحقوق والحريات والقانون والديمقراطية فهو يمتلك سمات الحزب الأنتخابي والتي ستتجذر هذه السمات بالممارسة العملية وبالمبادرة الجريئة كما إنه ستتوفرللحزب أمامه إمكانيات كبيره لتعبئة طاقاته وإمكانياته التنظيمية والجماهيرية.
2- أن تعقد العملية السياسية والحالة الغير طبيعية التي يمر بها الوطن , يتطلب العمل بعقلية استراتيجية علمية وليس بعقلية استراتيجية تقليدية عفا عليها الزمن , الحملات الأنتخابية تتطلب استخدام خطوات ذكية جداَ من أجل أن تكون المنافس الأفضل والأقوى , فليس من المعقول أن تلجأ إلى التبسيط في الدعاية الأنتخابية مثلآ كأن تقول إنتخبني فأنا الأفضل, وإنما التفكير بالعمل والسلوك إنه كذلك . والشجاعة في طرح القضايا المستعصية وبروزالشيوعيين والتيارالديمقراطي ومرشحيهم كرمز للمسير ليس لا وهم حقاَ رمزاَ لوحدة العراق وتقدمه ورمزاَ لحماية المواطنين والوطن ورمزاَ لأنقاذ الشعب من الخوف والرعب الذي أدخله الطائفيون إلى نفوسهم وهم حقاَ رمزاَ للقضاء على الجريمة والمجرمون من خلال تطبيق القانون وهم رمزاَ لتطور الأقتصاد وإيجاد فرص عمل وتوفير الخدمات و رمزاَ لضمان الحقوق والحريات . وهم رمزاَلحامية القانون والحريات والديمقراطية .
3- من نقاط ضعف قوى اليسار والديمقراطية في الحملات الأنتخابية هو ضعف إمكانياتهم في الجانب الأعلامي وهذا خلل واضح , , والخلل الآخر هو النقص في الأمكانيات المالية , لأنه لا توجد دولة أقليمية تدعم قوى اليسار والديمقراطية كما هو حاصل مع بقية الكتل وهذا من وجهة نظري هو يشكل أحد عناصر القوة لقوى اليسار والديمقراطية بأعتمادها على قوى شعبها وليس على قوى خارجية وهذه شهادة على هويتها الوطنية الأصيلة .
4- وبنفس الوقت لقوى اليسار والديمقراطية إمكانيات كبيرة لم تستخدمها بعد في حملاتها الأنتخابية وهي وسائل جماهيرية فعالة لا تملكها الكتل المهيمنة على السلطة , فلقوى اليسار والديمقراطية أفضل المغنين والفنانين ومئات الفرق الفنية التي بمقدورها إقامة أضخم وأوسع التجمعات الجماهيرية لدعم قائمتهم الأنتخابية ويمكن أن تكون تحت شعارمثلاَ ( صوت أو تخسر الوطن) أو ( صوت وإلا تخسر مستقبلك) . وهناك طاقات أخرى تملكها قوى اليسار والديمقراطية وهي الشعر والمسرح والرسوم الكاريكاتيرية والبوسترات .... إلخ وهي وسائل فعالة لم توظفها قوى اليسار والديمقراطية في حملاتها الأنتخابية الماضية بشكل جيد .
5- لهذا أن الحملات الأنتخابية وبعد الدروس المستخلصة , المعول بأن لاتكون حملات تقليدية كسابقتها أن تمتاز بالحيوية وسعتها الجماهيريه وأن لا تقتصر لجان الحملات الأنتخابية على أعضاء الأحزاب فقط لا بل وتطعيمها بالأصدقاء والمستقلون من الشبيبه والنساء والفنانون والشعراء والخطباء , لأن مواصفات أعضاء اللجان الأنتخابية لا تقل أهمية عن مواصفات المرشح , بأمكانياتها تستطيع التلاعب بمهارة على مزاج وإحساس الجماهير الذي تستقطبه والذي يبدأ يكبر يوماَ بعد آخر بالتأييد لهذه القائمة . وأن يجري التوجه للكتل الشعبية المستقلة والتي يقدر عددها أكثر من ثلث الناخبين لأنه من يربح أصوات هذا الوسط سوف يربح الأنتخابات . والمهم في الحملات الأنتخابية أيضاَ هو تعبأة مواقع قوى اليسار وبالأساس في صفوف الطبقة العاملة وأن قوتها هي أقوى من قوة المال السياسي المستورد من الخارج .
 
الكتل المهيمنة على السلطة تمر في أسوء حالات الضعف والتراجع :
ستكون هذه الكتل هي الأضعف في حملاتها الأنتخابية لسبب بسيط لأنها فقدت مصداقيتها ولم تفي بوعودها للجماهير التي صوتت لها . وهذه مسألة هامة في علم السياسة هو أن أخطر شيئ على الكتل والقوائم عند نجاحها في الأنتخابات هو إنه عندما لاتتمكن من تنفيذ وعودها وهذا ما يؤكد للشعب أن هذه الكتل ليس لديهم أهداف وبرامج ومشاريع واضحة . فهي تمر الآن في  أ زمة وفي أسوء حالات الضعف والتراجع وأن معطيات الوضع السياسي في العراق تؤكد ذلك :
1-عرضوا البلاد إلى عدد من الكوارث السياسية خلال فترة حكمهم وأوصلو الناس إلى الخوف والرعب   وكما هو معروف إنه لا يوجد لدى الدولة العصرية أي هدف أسمى وأهم من حماية حياة مواطنيها , ولكن في الواقع نجد أن دولة المحاصصة الطائفية قد تقاعست في حماية مواطنيها وهناك كثير من الجرائم لم تتمكن من الوصول إلى مرتكبيها بعد وهي غير قادرة على حماية القانون والديمقراطية والحريات .
2- أصبح التحالف الطائفي والقومي المهيمن على الدولة الآن هو معادي لرغبات ومصالح الجماهير هكذا بدت الصورة في الشارع العراقي بحكم كثير من الأزمات التي عجز التحالف المهيمن على البلاد من حلها والتي تمس الحياة اليومية للناس . عدم توفر الخدمات بأنواعها , البطالة وإتساعها , نقص الوقود والطاقة ,الأمن , والفساد المالي والأداري , الحقوق والحريات وعدم ضمانها .... إلخ وهناك كثير من الملفات العالقة ولم يتم حلها بسبب عدم التوصل إلى محاصصة حولها يقبلها أطراف التحالف الطائفي .
3- مايميز التكتل المهيمن على الدولة إنهم يرتكنوا لدول إقليمية وعربية ويحصلوا منها على الدعم والمساعدات المالية الكبيرة ويستقووا بها على شعبهم ويضللوا بها الناس البسطاء , الذين إعتادوا أن يكونوا ضحية للطرف القوي . وهذا ليس بهدف التشهير وإنما هو تقييم لواقع الأنتخابات الماضية في العراق والرشاوي التي قدمت للمواطنين , لأنهم إستخدموا أموال غير قانونية لتحقيق هدفهم . وعندما فازوا بدأو يتحدثون بصوت عالي عن الأنتخابات بأنها ديمقراطية , في الوقت الذي لايحكمها قانون بدليل إنهم إستخدموا أموال سوداء لا يعرف مصدرها ويمكن إعتبارها إما هبه من دول الجوار أو أموال حكومية سرقت .
4- الكتل المهيمنة هي الآن ترمم وضعها وتحاول أن تخلع ثوبها القديم لترتدي ثوب جديد , ولكنه يحمل نفس ماركة الصنع القديمة طائفية بأمتياز ولكن بشكل محسن ., فوضعها الآن على درجة عالية من التعقيد  فهي التي قاومت تشريع قانون للأحزاب وتأخير إصدار قانون إنتخابي جديد الذي سمح لكل مرشح أو قائمة استخدام مبلغ محدود في الحملة الأنتخابية الدافع الرئيس , لتوظيف الثغرات في القانون القديم لصالحهم وللحصول على الدعم المالي الخارجي ثانية لسبب بسيط أن التأريخ لن يحاسبهم على ما فعلوه في المره الأولى وسيفعلوها في الأنتخابات البرلمانية القادمة هذه القوى التي سئمها الشعب إذا خسرت الأنتخابات سوف تخسر كل شيئ لأنها تخسر السلطة والمنافع الذاتية .لهذا فأنها ستستخدم كل ماهو غير قانوني في حملتها الأنتخابية وستوظف الدولة وإمكانياتها لحملتها الأنتخابية , وكذلك توظف وسائل الأعلام والتي هي شكلاَ من أشكال السلطة التي تحول الظالم مظلوماَ والمظلوم ظالماَ .
فقوى اليسار والديمقراطية ستكون هي الأقوى في معركة الحملات الأنتخابية للبرلمان القادم إذا وحدت قواها وطاقاتها وإمكانياتها في كتلة واحدة  وكونت أوسع قاعدة جماهيرية .
10-8-2009 .
 

165
ثورة 14 تموز/ 1958 وأحداثها التأريخية
فلاح علي
أن الأحتفاء بثورة 14 تموز 1958 يكتسي بأهمية وطنية كبيرة في الظرف الراهن , لسبب يميزها  إنها ثورة عراقية وطنية أحدثت تحولات جذرية عميقة في المجتمع والدولة ولتأثيراتها الأقليمية والدولية كما إنها ثورة ذات طابع شعبي , إنتصرت عندما إقتحمت الجماهير والقوات الوطنية ساحة الحرية والديمقراطية وبهذا فأنها عبرت عن مطامح وتطلعات الملايين من أبناء الشعب العراقي , ولا تستطيع أي جهه عراقية أن تتنكر للثورة ولدورها ولمبادئها الوطنية السياسية والأقتصادية والأجتماعية والتعليمية والثقافية وفي مجال الخدمات . وإنها تجسد الحقيقة المطلقة للنضال الجماهيري طيلة العقود التي إمتدت من ثورة العشرين إلى ثورة تموز, فأن الأحتفال بها هو إحتفال بالنضال الوطني لشعبنا  وأحزابة السياسية التي قدمت التضحيات الجسام من أجل تحرر الوطن ونيل إستقلاله التام وأن بلدنا بحاجة اليوم لمبادئها الوطنية التي تعبر عن الأرادة الشعبية التي إنتزعت حريتها وتحررها من السيطرة الأستعمارية وشيدت آنذاك وطناَ حراَ ذات سيادة كاملة وكرامة ووحدة وطنية راسخة لشعبنا دون تمايز قومي أوطائفي مقيت .

تأثير الثورة على الصعيد الوطني :
كان للثورة تأثير على مسيرة التأريخ المعاصر لشعبنا , فأحدثت تحولات جذرية عميقة في الدولة والمجتمع , فحصلت بجدارة على لقب الثورة العراقية الحقيقية الأصيلة , فهي من حيث الجوهر أحدثت تغيرات على مصالح الطبقات والفئات الأجتماعية المختلفة للمجتمع , من المنطلقات السياسية والأقتصادية والأجتماعية من جهه ولتأثيرها على النظام السياسي من الجهه الأخرى . فأن التغيرات الجذرية التي قامت بها ثورة تموز لا يمكن لأي منصف أن يغض الطرف عنها أو يتناساها فهي حقيقة ساطعة إلى اليوم راسخة في ذاكرة شعبنا العراقي . حررت العملة العراقية من الكتلة الأسترلينية وألغت النظام الأقطاعي وقوانينه وحررت الملايين من الفلاحين الفقراء من إستغلال الأقطاعيين لهم , وذلك بأصدار قانون رقم 30 لسنة 1958 للأصلاح الزراعي , وقد أصدرت الثورة قانون رقم 80 وقد حررت بموجبه 99.5% من الثروة النفطية العراقية من سيطرة الشركات النفطية الأحتكارية , وقد تطورت وإزدهرة الصناعة الوطنية , وقد بنت الثورة مئات الأحياء السكنية ووزعتها على الفقراء من أبناء شعبنا في كل محافظات العراق ( ومدينة الثورة هي معلم وشاهد على هذا الأنجاز الكبير لثورة 14 تموزالخالدة) , وبعد أسابيع قليلة من عمرها تم سن الدستور المؤقت للبلاد بهدف إقامة سلطة القانون وإشاعة الديمقراطية في الحياة السياسية , وأكد الدستورعلى شراكة  العرب والأكراد في هذا الوطن كما تهيأت الظروف لأجازة أحزاب سياسية ومنظمات إجتماعية ومهنية تمارس النشاط العلني مثل نقابات العمال والأتحادات الفلاحية ورابطة المرأة العراقية وبقية التنظيمات النسائية وإتحاد الطلبة العام وإتحاد الشبيبة الديمقراطي ونقابات مهنية للمعلمين والمهندسين والحقوقيين والأطباء ....إلخ.وقد صدر قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الذي ضمن حقوق المرأة , إنها ثورة أصيلة تحررية لقد دخلت التأريخ فهي ليست ظاهرة سطحية أو إنقلاباَ عسكرياَ مجرد إنه غير الحكم من الملكي إلى الجمهوري إنها قد حققت الأنجازات السياسية والأقتصادية والأجتماعية وقد حررت منتجي الشعب ( العمال والفلاحين ) من الأستغلال. وقد إمتد تأثير ثورة تموز على الساحتين العربية والدولية وأضعفت التواجد العسكري الأستعماري في الشرق الأوسط  .

تأثيرات ثورة 14 تموز على الوضع الأقليمي والدولي :
كان لثورة تموز تأثير على محيطها الأقليمي والدولي فقد إتخذت الحكومة مجموعة من الأجراءات في مجال السياسة الخارجية تركت آثاراَ على الأوضاع الأقليمية والدولية , وكان طابع التوجهات الجديدة للجمهورية الفتية هي مساندة ودعم حركات التحرر العربية والوطنية وساهمت في تقويض النفوذ الأستعماري في المنطقة وقد كانت هذه التوجهات الجديدة سريعة جداَ وأحدثت صدمة وردود فعل لدى الدوائر الغربية . فقد إنسحب العراق رسمياَ من حلف بغداد . وقد حررت هذه الخطوة العراق من فلك الأحلاف العسكرية الأستعمارية , وبنفس الوقت قوضت التواجد الأجنبي وأصبح الجيش العراقي حراَ لا يتحرك بأوامر الأنكليز والأمريكان ليتحول إلى أداة لضرب الشعوب العربية . وقد أقامت الثورة في أيامها الأولى علاقات دبلوماسية مع الأتحاد السوفياتي ومجموعة من بلدان أوربا الشرقية آنذاك وعقدت معها إتفاقيات إقتصادية وتجارية وثقافية , وساندت الثورة نضال الشعوب العربية الواقعة تحت الهيمنة الأستعمارية والأحتلال وقدمت المساعدة والأسناد للشعب الجزائري والشعب الفلسطيني وشعب ظفار  وتبنت الثورة سياسة عدم الأنحياز وألغت جميع الأتفاقيات المعقودة بين بريطانيا وأمريكا التي هي مخلة أصلاَ بالسيادة والأستقلال الوطني , إنها قد غيرت موازين القوى في المنطقة لصالح قوى التحرر والديمقراطية وقد وجهت الثورة ضربة قوية إلى الوجود الأستعماري في العراق , والذي كان يشكل العراق حلقة هامة من الناحية الأستراتيجية والأقتصادية والجغرافية . وبهذا قد تزعزت مواقع الأمبريالية في المنطقة . وقد إستعدت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لبدء التدخل العسكري لأسقاط الجمهورية العراقية الفتية . إلا أن هذا التحرك العسكري قد إصطدم بالمواقف الصلبة للأتحاد السوفياتي آنذاك ووجهه إنذاره الشهير يحذرهم من التدخل , مما إضطر الأمريكان والأنكليز إلى سحب قواتهم من لبنان والأردن. ولقد خسرت الشعوب العربية وكل حركات التحرر الوطني والعالم دولة الأتحاد السوفياتي بتفكه وإنهيار تجربته الذي كان مسانداَ وداعماَ لنضال الشعوب ومحافظاَ على السلم والأمن الدوليين . وأن التآمر لم يتوقف لأجهاض الثورة من قبل القوى الداخلية والخارجية المرتبطة بالدوائر الأمبريالية , وأن الذين أسقطوا الثورة في 8 شباط 1963 الأسود , هم نفسهم الذين سلموا العراق هدية للمحتل الأمريكي وإذ يحتفل شعبنا هذه الأيام بأنسحاب القوات الأمريكية من المدن , فأن ذكرى ثورة تموز ستحل على شعبنا وسيكون لها هذا العام وقع خاص , وأن تنكر لها البعض فأن جماهير الشعب تتذكر إنجازاتها الثورية وستبقى وفيه لها وتحتفل بذكراها .

الأستنتاجات :
1- أن شعبنا اليوم بحاجة للمبادئ الوطنية لثورة 14/ تموز ,  وأهدافها السياسية وإلاقتصادية وإلاجتماعية والثقافية والتعليمية وفي مجال السياسة الخارجية فكان للثورة محتوى تحرري ديمقراطي ,وما يعيشه شعبنا هذه الأيام من حرمان من أبسط الخدمات وعدم توفير فرص العمل ومن التفاوت في توزيع الثروة فأن شعبنا بحاجة لمواصلة السير لأستكمال مسيرة ثورة تموز ونهجها الوطني.
2- الحياة السياسية الآن تواجه صعوبات وعراقيل وتعقيدات مضره بالوطن والعملية السياسية ومن معالمها المحاصصة الطائفية والقومية المقيته , ولكن ثورة تموز قد أنعشت الحياة السياسية وضمنت حرية العمل الحزبي والنقابي في سنتها الأولى وشرعت قوانين لذلك بما فيها حقوق المرأة , وهيأت مناخ سياسي للحياة الديمقراطية وإجراء إنتخابات للمنظمات المهنية نزيهه وبعيدة عن التزوير وجسدت الثورة الوحدة الوطنية ولم تكن في فترتها طائفية مقيته معرقلة ومدمرة لنهوض البلد ولوحدة الشعب . فالدستور المؤقت الذي شرع بعد الثورة بأسابيع نص على مساواة العراقيين في الحقوق وأعلن عن ضمان الحقوق القومية للشعب الكوردي في إطار الجمهورية العراقية .
3- يواجه شعبنا الآن خطرإستبداد احزاب الاسلام السياسي, من خلال تعاملهم المزدوج وإلتفافهم على  القوانين وتطويعها لخدمة أهدافهم البعيدة المتمثلة بالأنقضاض على السلطة بأسم القانون وفرض دكتاتوريتهم بأسم الديمقراطية , وما نلاحظه الآن من دور سلبي في عرقلة سن قانون الأحزاب وقانون الأنتخابات وإصرارهم الغير معقول والذي لا يخدم المصلحة الوطنية بتمسكهم بموقفهم بأن لا يكون العراق دائرة إنتخابية واحدة في إنتخابات البرلمان القادمة هذا ما يؤكد إنهم يهيئون المستلزمات القانونية للتفرد بالسلطة وفرض دكتاتوريتهم بأسم القانون والديمقراطية التي شوهوها وهي منهم براء, وهم سبب في كل الأزمات السياسية والأقتصادية والأجتماعية,كماعملوا بكل طاقتهم على تراجع الفن والسينما والمسرح والموسيقى ,أن شعبنا يدرك جيداَ أن  ثورة تموز في أيامها الأولى قد دعمت الثقافة والفن والموسيقى والسينما وقد تجسد الوعي والثقافة بعمق في المجتمع وأنصفت ثقافة وأدب وفن قوميات شعبنا المتآخية . أن الأحتفال في ثورة تموز لهذا العام هو مناسبة لتفعيل النشاطات الجماهيرية ونشر الثقافة الوطنية الديمقراطية والعمل من أجل المواطن والوطن.
4- في ثورة تموز أصبح البلد ذات سيادة كاملة ولعب دوراَ مؤثراَ في محيطة الأقليمي والدولي لصالح حركات التحرر الوطني وقوى السلام والديمقراطية في العالم .وعلى الصعيد الداخلي, ضمنت الثورة  الحقوق الكاملة للمواطن ودون تميز  كما كان قبل الثورة ودعمت ذلك بقوانين وقضاء عادل , فرسخت ثورة تموز الوطنية الحقة وتماسك النسيج الأجتماعي وتعمق مفهوم حب الوطن , وتجسد الأستعداد من قبل المواطنين للتضحية في سبيل مصالح الشعب و الصالح العام وخصوصاَ فيما يخص أمن الوطن وسلامته , إن مجتمعنا في هذه الأيام بحاجة ماسة لهذه الروحية وهذه المشاعرالوطنية , التي أضعفتها قوى الأسلام السياسي الظلامي المتطرف وحولتهم إلى صواريخ وقنابل موقوته ضد شعبهم ووطنهم . وأحزاب الأسلام السياسي المهيمنة الآن على السلطة تعمل على تبسيط وعي المواطن لغرض قيادته لتكريس وخدمة مصالحها الأنانية الضيقة ولتحقيق أهدافها في الهيمنة والتفرد من خلال إمساكها بالسلطة .
5- لقد سعت الثورة في أيامها الأولى لتأسيس لنظام مدني ذات قانون ديمقراطي , وأحييت ودعمت وساندت منظمات المجتمع المدني , وقد أنهت السلطة الأجتماعية للشيوخ والأقطاع وقد تغير نمط حياة الفلاحين نتيجة لتوزيع الملكية من ناحية ولألغاء الأنظمة القبلية من ناحية أخرى وسن قانون الأحوال الشخصية لحماية حقوق المرأة . فأن الثورة إرتباطاَ بما حققته من تحولات جذرية في كافة الميادين في المجتمع والدولة بقيت تأثيراتها حتى اليوم رغم كل الحملات الأعلامية الظالمة ضدها ورغم كل تحركات وتآمر القوى المضادة لها.
6- أن  ثورة 14 تموز 1958 هي حصيلة النضال المشترك لكافة أبناء الشعب العراقي وأحزابة السياسية الناشطة آنذاك وهي التي استطاعت تحقيق الأستقلال السياسي والأقتصادي وتحرر الوطن وتوطيد الوحدة الوطنية لشعبنا وتحقيق الحرية والأمن وضمان حق المواطنة .
7- ما ميز أحداث ثورة تموز هو شعبيتها والدعم الجماهيري اللامحدود لها منذ الساعات الأولى لنجاحها إلى اللحظة التأريخية  في الدفاع عنها في يوم 8 شبط 1963 الأسود , وهذا ما أغاض ويغيض القوى المعادية لها حتى هذا التأريخ, وليس خافياَ على أحد إرتبط ذلك النشاط والتحرك الجماهيري الواسع لدعم الثورة والدفاع عن الجمهورية بالدور السياسي والنفوذ الكبير في الأوساط الشعبية للحزب الشيوعي العراقي .
8- أن كل المتغيرات الجذرية التي أحدثتها الثورة خلال العامين الأولى من عمرها إنها تعد مأثرة عظمى لشعبنا العراقي وأحزابه السياسية آنذاك وللثورة وقادتها وعلى رأسهم الشهيد عبد الكريم قاسم , إنها حققت الحرية والديمقراطية والتحرر من التبعية الأجنبية وتحرير مصادر ثروتنا المسروقة من قبل الشركات الأحتكارية وغيرها من المنجزات والتي كان لها أن يتحقق الكثير لولا تحرك أعداء الشعب والوطن لأسقاطها .
4-7-2009


166
قوى اليسار والديمقراطية وحاجتها لجماعات الضغط لأهميتها
في التأثير على الرأي العام العراقي
فلاح علي
جماعات الضغط هي ظاهرة إجتماعية وسياسية وتعد مؤشراّ حضارياَ وبحاجة لها كل المجتمعات وهي تتكون من مجاميع نشطة من الأشخاص تجمعهم رؤية وتوجة ومصلحة مشتركة , تقوم بنشاطات تهدف منها في التأثير بأتجاهين الأول هو الرأي العام لأستنهاضة لتشكيل قوة ضغط سياسية منه لغرض تحقيق الأتجاه الثاني هو في التأثير على السلطة السياسية وتغير سياستها وتوجهاتها لما يخدم مصلحة الرأي العام
فالرأي العام قوة كبيرة فاعلة ومؤثرة ولا يستهان بها في كل نظام سياسي , لهذا أن كثير من الأنظمة السياسية في العالم تسعى جاهدة للتعرف على إتجاهات الرأي العام في بلدانها وتراقب تحولاته وهذا ما تأخذه بنظر الأعتبار عندما تضع سياساتها وخططها وتوجهاتها وتتخذ قراراتها .
تعمل جماعات الضغط مع الرأي العام في التأثير فيه  من خلال إحداث تغيرات في الوعي الجمعي والذي تنطلق بنشاطها من حاجات الرأي العام الأساسية ومصالحة في الجوانب ( الأجتماعية والأقتصادية والثقافية والسياسية والحقوق المدنية والقانونية والحريات ..... إلخ) . إن هذا الدور الذي تقوم به جماعات الضغط في تعبأة الرأي العام هو لغرض التأثير على السلطة السياسية وإنصياعها للرأي العام لهذا فأن جماعات الضغط لها خاصية متميزة هي بدلاَ من التوجه للحكومة بشكل مباشر فهي تتوجه للرأي العام لتشكل منه قوة ضغط كبيرة وفاعلة . وهي تعمل بأتجاهات متنوعة في البلدان الصناعية والمتطورة وقد يطلق عليها ب ( اللوبي ) ولكن ما يهمنا هنا هي ظروف بلدنا وأهمية تفعيل دور جماعات الضغط في التحرك على الرأي العام العراقي .

قوى اليسار والديمقراطية بحاجة لمبادرات عملية تهدف إلى تنمية دور جماعات الضغط :
بلا شك أن قوى اليسار والديمقراطية بنشاطها المتنوع تؤدي دور جماعات الضغط , وكذلك منظمات المجتمع المدني النقابات العمالية والمنظمات الأخرى وحتى الكتل البرلمانية ولكن بما أن التأريخ والمنجزات الكبيرة تصنعهما الجماهير . فأن هذه الأحزاب تؤمن في مشاركة الجماهيرفي صنع القرار السياسي وهذا أمر لم يعد أحد التقليل من شأنه . وما تؤكده الوقائع أن في ظروف العراق الحالية , أن لقوى اليسار والديمقراطية رصيد جماهيري كبير لم يتم توظيفه بعد أو لم يتم الوصول لعمق هذا البنك الجماهيري الكبير , لأسباب كثيرة وما يمكن تأشيره هنا ضعف إمكانيات قوى اليسار والديمقراطية في وسائل الأعلام والأتصال الجماهيري , رغم تطور تكنولجيا المعلومات التي أسقطت كل أشكال الأنغلاق والأبتعاد عن الجماهير , إضافة إلى غياب أشكال التنسيق والعمل المشترك بين قوى اليسار والديمقراطية وهذا الخلل هو من أحد أسباب الأنعزال عن الجماهير , صانعة الأحداث والأنجازات والأنتصارات العظيمة . ففي ظروف كظروف العراق الحالية  أن التنسيق المشترك في دعم وتطوير إمكانيات ونشاط منظمات المجتمع المدني وتنمية وتطوير وتشكيل جماعات الضغط المتنوعه هو المدخل السليم للوصول للرأي العام العراقي ( في الأرياف والمدن) والتأثير عليه وتفعيل دوره ونشاطه وفق القانون في الضغط على الكتل الطائفية المهيمنة على السلطة السياسية . فالرأي العام قوة تأثيرية خاصة في ظل ردائة مستويات المعيشة وإنعدام الأستقرار والخدمات وتدهور الأوضاع الأقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية للجماهير .

المبررات التي تدفع بقوى اليسار والديمقراطية إلى التوجه لتشكيل وتفعيل دور جماعات الضغط :
1-
أن الحياة السياسية في البلاد لا تزال مقيدة برغبات نخبوية وصراع مصالح وإستئثار وهيمنة وتدخلات إقليمية وغياب القانون , وهذا ما يجعل الواقع متلبداَبالغيوم ومتغير بالوقت نفسه , وما يمكن تأشيره هنا أن المراقب السياسي يجد أن حالة التباعد  والفجوة كبيرة بين السلطة والنخب السياسية المهيمنة عليها وبين قطاعات واسعة وكبيرة من جماهير الشعب . وبنفس الوقت نرى المؤشر الآخر هو فقدان الثقة من قبل الرأي العام بهذه الكتل . كما أن الضغط الآيدلوجي الشمولي من قبل أحزاب الأسلام السياسي المهيمنة على السلطة في التضييق على الحريات الشخصية هو في وتيرة متصاعدة وهستيرية تكمن ورائها مخاوف من فقدان أحزاب الأسلام السياسي لكتلها الجماهيرية . وبنفس الوقت نجد أن جماعات الضغط في العراق هي حديثة النشأة والتكوين ولم تتبلور وجهتها وفاعليتها بعد كما أن ما يؤشر تطورات الوضع الأجتماعي والسياسي في البلاد أن  جماهير الشعب قد سأمت من أحزاب الأسلام السياسي لأنها لاتلبي طموحاتها وهي تتطلع إلى القوى الديمقراطية لتلتف حولها إلا إنه ما يمكن ملاحظته و تثبيته أن  قوى اليسار والديمقراطية أولاَ إن إمكانياتها محدودة ونشاطاتها الجماهيرية غير واسعة وثانياَ إنها غير موحدة وثالثاَ ليس بمقدورها أن تفرض هيمنتها بعد على الشارع وتؤثر على الرأي العام لظروف وعوامل عديدة , من هذا يتطلب منها مبادرات ومن هذه المبادرات , هي التوجه لتشكيل جماعات الضغط وتمكينها لتلعب دورها الفاعل في ظروف العراق الحالية جنباَ إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني .
2- أوضاع المجتمع المتدهورة في إنعدام الخدمات الصحية والتعليمية والمعيشية والأقتصادية وأزمات السكن وتفشي ظاهرة البطالة بين الخريجين وظاهرة الفساد الأداري والمالي .... إلخ . هذا مؤشر كبير لضرورة وجود جماعات الضغط للعمل مع الرأي العام العراقي لتعبأته من أجل أن يلعب دورة في التأثير على توجهات السلطة وخططها .
3- الصراع بين الكتل الطائفية والقومية المهيمنة على السلطة , رغم أن الصراع هو حالة طبيعية حتى في ظل الديمقراطية ولكنه يبقى صراع تنافسي . ولكن في ظروف العراق الحالية وفي ظل الصراع على المصالح الفئوية يتجه أحياناَ الصراع بين هذه الكتل نحو المنحى العدائي . وما يتلمسه المواطن أو أي مراقب للأحداث في العراق هو : غياب الأستقرار , وسيادة التطرف وتحجيم العقلانية وغياب الحوار والمرونة وسيادة روح الأستئثار والهيمنة . فالرأي العام هو المتضرر من صراع المصالح الفئوية  فالمهمة التي تحظى بأولوية في الظرف الراهن هو العمل مع الرأي العام وتعبأته للضغط على المتحكمين في السلطة السياسية الذين يضعون مصالحهم الشخصية والفئوية فوق المصلحة العامة .
4- أن أحزاب الأسلام السياسي تعيش أزمة سياسية وهذا ما يلاحظ من التخبط في سياساتها وتوجهاتها  ومن خضع لضغطها نتيجة حاجة أو خوف , قد فقد ثقته بها الآن ولم يحصل منها غير الوعود الكاذبه , ومن يمتلك رؤيا بعيدة يرى في الأفق البعيد ملامح إنكفائها وتحجيمها وأفول نجمها الباهت , وستتحرر الكتل الجماهيرية المغرر بها من هيمنتها وسطوتها , فهي الآن تحفر قبرها بيدها . وما يلاحظ على أحزاب الأسلام السياسي في العراق , أن مصادر قوتها هي خارجية ( من الدعم  الخارجي الأقليمي) فهي تفتقر لمصادر القوة الداخلية لأن تطلعات الجماهير لا تلتقي مع توجهات أحزاب الأسلام السياسي الطائفي المنغلق المتحجر الفكر والممارسة . ومن الحقائق التي لابد من تأشيرها في هذا المجال أن الوعي الجماهيري هو ليس من العوامل الثابته إنه متغير , وبما أن أحزاب الأسلام السياسي جذورها سطحية في المجتمع فكلما تطور الوعي الجماهيري يؤدي إلى موت هذه الجذور السطحية التي تعيش بشكل مؤقت في الظروف الغير طبيعية . والظروف الطبيعية هي الديمقراطية وسيادة القانون والذي تخشى منها أحزاب الأسلام السياسي . ومع هذا فأن تحجيمها وأفول نجمها لايتم بطريقة ميكانيكية ذاتية تلقائية وإنما من خلال تنامي وعي الجماهير فهي تخشى نمو الوعي الجماهيري من هنا مهمة جماعات الضغط في العمل مع الرأي العام العراقي .
5- أن نماذج أحزاب الأسلام السياسي وتجاربة في كل البلدان قد عجزت عن بناء دولة العدل و القانون وتحقيق الرفاة الأجتماعي وضمان حق المواطنة .  وإذا كانت تركيا مثال فالفضل يعود لجماعات الضغط العسكرية التي تضغط لتحافظ على علمانية الدولة وقد أثرت  حتى على حزب العدالة والتنمية الأسلامي الحاكم ليكون أكثر إعتدالاَ .وعلى صعيد العراق فالديمقراطية الناشئة تواجهها مخاطر كبيرة نتيجة المحاصصة الطائفية والقومية التي مضى عليها 6 أعوام ويخشى الشعب أن تتجذر هذه الحالة . من هنا أهمية جماعات الضغط لأستنهاض الرأي العام للوقوف ضد المحاصصة الطائفية والقومية المقيته .
6- ومع هذا أن أحزاب الأسلام السياسي عملت وتسعى بكل السبل لتكون لها جماعات ضغط عنيفة تريدها أن تكون أقوى من القانون , لأنها توظف الدين لأهدافها الأنانية ( فكونت جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإن كان بشكل غير معلن وتمتلك المال السياسي  والأعلام  والقوة لأنهامدعومة من قبل أحزاب السلطة السياسية .... إلخ ) وإنها تمارس الأكراه وتصادر الحريات العامة والشخصية وتروج للشمولية وتلغي الآخر . لأنها تهدف لأخضاع الناس لأرادتها وتأسرهم لغرض فرض هيمنتها على الشارع العراقي وبالتالي تريد أن تفرض مشروعها بالقوة ولكن بأسم الديمقراطية الذي شوهتها هذه الكتل وخضعتها لمصالحها وحجبتها وقننتها . نجدها في وسائل الأعلام تتحدث عن الديمقراطية بكلمات جميلة ولكن في الممارسة إنها تشوة الديمقراطية وهي تسعى لأسلمة القوانيين بدون وجهة حق وهي شمولية في الفكر والممارسة والسلوك , لهذا إنها  لا تمتلك برامج سياسية وليس لديها رؤية فكرية لبناء الدولة الديمقراطية . فهي طرف أساسي في الأزمات التي يعيشها الشعب . وليس لديها أي حلول عملية .  ستجد هذه الأحزاب الطائفية أن الشعب سيتخلى عنها ولا يمد لها يد المساعدة لمساعدتها للخروج من أزماتها . والمؤشر الذي يرصده كل مراقب للأحداث في العراق الآن أن الكتل الشعبية الجماهيرية بدأ ينمو شعور في وسطها بعدم الثقة بهذه الكتل المهيمنة على السلطة السياسية  . من هنا أهمية تفعيل جماعات الضغط للعمل مع الرأي العام لتضغط وفق القانون من أجل ضمان توطيد أسس بناء دولة العدل والقانون .
7- لهذه الأسباب وغيرها فأن مصالح وتطلعات الشعب وضمان وحدته الوطنية وبناء الوطن وإستقراره وتطوره يدعوان إلى الحاجة لقانون ديمقراطي وهذا ليس بالمستحيل إذا ماتمكنت قوى اليسار والديمقراطية من صياغة تاكتيكات صائبه ورفع شعارات واقعية تنطلق من حاجات الجماهير وتعبأتها وتحويلها إلى قوة سياسية ضاربة , لاتصمد أمامها المحاصصة الطائفية والقومية فتتراجع أمام  ضغوطها وهذا يحتاج لعمل صبور ومتفاني ونفس طويل والمدخل لذلك هو تفعيل نشاطات جماعات الضغط ومنظمات المجتمع المدني .
8- إن جماعات الضغط في العراق رغم إنها لاتزال في بدايات التكوين , ولكنها ظاهرة حضارية تؤشر  إلى نهوض في الوعي السياسي , وإنها تمتلك قوة ضغط جماهيرية كبيرة يخشاها أصحاب السلطة إذا ما جرى الأهتمام بها وتفعيل دورها . وأذكرعلى سبيل المثال نشاطها وتأثيرها المتميز  في إلغاء قرار مجلس الحكم رقم 137 المنتهك لحقوق المرأة والذي شرع من أحد أقطاب الأسلام السياسي وأن هذا المثال يؤشر على قدرة هذه المنظمات في الضغط على مراكز القرار وفي أن تكون رقيباَ حتى على مجلس النواب من أجل الحفاظ على الديمقراطية التي تتعرض لفوضى السلبيات  والأزمات من قبل الكتل الطائفية ( ملاحظة لا بد من التأكيد أن قوى التطرف والأرهاب وبقايا النظام المقبور والتدخلات الأقليمية لها دور في عدم إستقرار الوضع السياسي وفي إستمرار عمليات التخريب) لكن المحاصصة الطائفية هي سبب في عرقلة المصالحة الوطنية وفي عدم حل أزمات البلد  وهي تعرقل إقامة دولة القانون .
9- لجماعات الضغط قوة تأثيرية هائلة في وقت الأنتخابات , لا سيما وأن الحملات الأنتخابية التي تمارسها أحزاب الأسلام السياسي هي بعيدة عن الممارسة الديمقراطية ( حيث تلجأ لأسالليب مفهومة لدى الشعب هي الأغراء والرشوة والتهديد وإستخدام الخطاب الديني المقدس في الحملة الأنتخابية وممارسة التضليل والخداع ويلجأ بعضها لأستخدام إعلام الدولة ومؤسساتها للحملة الأنتخابية ..... إلخ ) فأن جماعات الضغط تعمل مع الرأي العام لتحصينة ضد هذه الممارسات وتحريرة من الخوف وبنفس الوقت تفضح من يقف وراء هذه الممارسات .ويكون بمقدورها التأثير الأيجابي على المتطرفون والتقليل من تأثيرهم السلبي في المجتمع . ومن أجل الديمقراطية الحقة وضمان مصالح الشعب والوطن بدلاَ من المصالح  الفئوية والشخصية الذاتية والأنانية   لا بد وأن تكون أحد مهام جماعات الضغط الآن هو العمل مع الرأي العام العراقي من أجل الضغط على الكتل المهيمنة على السلطة للعمل بنظام الدائرة الواحدة في الأنتخابات البرلمانية القادمة .
10- هناك فرص كبيرة أمام جماعات الضغط للعمل في مجال كشف الفساد المالي والأداري والدفاع عن حقوق الأنسان وعن حقوق الطفل وحقوق المرأة وفي المجال الأقتصادي والأعلامي والسياسي وفي الريف أيضاَ . فقوى اليسار والديمقراطية أعتقد أن من أولويات نشاطها هو تنسيق عملها المشترك لتدعيم وتفعيل دور جماعات الضغط وتطوير نشاطها وتنوعة . وأن تقف في جبهه واحدة مع منظمات المجتمع المدني وأن تعمل جماعات الضغط وفق الدستور العراقي وأن تبتعد عن التمويل الخارجي حتى لا تكون أدات لجهات خارجية وأن تكون معروفة وغير وهمية وأن تضم المتطوعون النشطاء من كلا الجنسين لتكون قوى كامنة كبيرة في المجتمع وتشكل أحد القوى الداخلية كما هي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تعمل مع الرأي العام  ليصبح قوة تأثيرية كبيرة غير محدودة ضاغطة وتقوم بدور الرقابة أيضاَ شريطة أن يكون نشاطها سلمي ووفق القانون .
4-6-2009
 

 

167
الأديان تلتقي مع الماركسية وكل الأفكار الأنسانية
والتقدمية على الأرض
فلاح علي
لقد اشار إلى ذلك الكثير من الباحثين والعلماء والكتاب سواء في أوربا أو في بلدان العالم الثالث ومنها العراق منذ قرون وإلى الآن . ولم يكن ذلك طرحاَ نظرياَ وإنما تجلى في حقائق من تأريخ الشعوب وأكدت  تلك الحقائق و المعطيات على أن الفكر الماركسي وكل فكر إنساني يلتقي من حيث الجوهر مع قيم الأديان السماوية التي تدعوا جميعها للسلام والتسامح والتعاون والمحبة والعدل والمساواة وقبول الآخر  والبحث عن العلم والمعرفة والجدل إنها صفات مشتركة و نقاط إلتقاء  , وبهذا إلتقت الأديان مع هذه الأفكار الأنسانية على الأرض , والتي تؤكد أيضاَ على الأقرار بمواطنية الفرد وليس بمذهبيته واحترام حقوق الأنسان في حرية التفكير الديني أو العلماني .
من التجربة العراقية :
حدث ذلك في العراق في نهاية العشرينات كان عالم الدين العلامة محمد مرزا إبن محمد رضا الشيرازي . كان يسكن في مدينة كربلاء . وقد ألقى آنذاك العديد من المحاضرات على حشود من الناس في جوامعها وشوارعها (حول العلاقة الدنيوية بين الأسلام والبلشفية(1)وكان يبرهن ويؤكد في معطيات أن الأسلام والبلشفية يلتقيان على الأرض) وفي بغداد في مدينة الكاظم  كان  محمد مهدي الصدر يلقي المحاضرت ضمن هذه الوجهه . ومن الحجج التي كانا يطرحانها في محاضراتهما هو إنهما يلتقيان ( من أجل الأنسان في عيشه الكريم ومحاربة الفقر والجهل والمرض وفي إحقاق الحق والوقوف ضد الظلم والظالمين وانصار المظلومين والوقوف بوجه الباطل واحقاق الحقوق ومن أجل العدل والمساواة ومحاربة الأستغلال ومن أجل العلم والمعرفة والتعاون والمحبة والسلام والتسامح وحرية الرأي ) وكانت هذه المحاضرات قد أقلقت القنصل البريطاني في العراق , وما كان منه إلا أن طلب من الملك فيصل الأول بترحيلهما إلى ايران وفعل ذلك الملك وأبعدهما إلى إيران وحسب ما يؤكد حنا بطاطو واصلا نفس الوجهه في القاء المحاضرات في جوامع ايران  وما يؤكده حنا بطاطو أن محمد أقام صلة مع لينين من خلال وسيط إيراني واستلم رسالة من لينين معنونه إلى والده مهدي الصدر, يؤكد فيها استعداد الحكومة البلشفية لتحرير العراق من السيطرة الأستعمارية (2) .

حول الفتوى :
بعد ثلاث سنوات من إعدام مؤسس الحزب الشيوعي العراقي الخالد فهد ورفيقيه أعضاء المكتب السياسي حازم وصارم , وبعد وثبة تشرين عام 1952 . حصل مد شيوعي في العراق , وأصبح للحزب الشيوعي العراقي نفوذ جماهيري واسع , ودور مؤثر وفاعل في الأحداث السياسية آنذاك , وأصبح بمقدوره أن يحرك الشارع العراقي في طول البلاد وعرضها , فأقلق ذلك الحكومة الملكية وحماتها البريطانيون آنذاك  ( فقد فكر الأثنان معاَ الحكومة والسفارة البريطانية في بغداد للتخلص من الحزب الشيوعي العراقي من خلال طرف ثالث وهو المرجعية الدينية بالحصول على فتوى منها ) فقد توجه إلى كربلاء القنصل البريطاني في بغداد وذلك في أواخر تشرين الثاني من عام 1953 . وقد إلتقى بآية الله السيد الشيرازي في كربلاء وكان آنذاك سماحته وكيل الأمام وقد طرح عليه  التالي:(يوجد عدو مشترك لنا ولكم ويتطلب إتخاذ موقف للخلاص من هذا العدو فرد عليه وكيل الأمام إذا كنت تقصد الشيوعيين فأنهم ليسو بأعداء لنا و إنهم وطنيون يجاهدون من أجل تحرر وطنهم) (3) . هذا الموقف التأريخي من رجل دين كبير قد أكد إنه قد أحب شعبه وأحس بآلامه وتطلعاته وإنه قد رفض إشهار سلاح التكفير ضد مواطنيين عراقيين , وبنفس الوقت قد وجهه سهماَ للمحتل عندما رماه بوطنية الشيوعيين وأعطاه درساَ بليغاَ بأن الدين لا يمكن أن يكون سلاح بيد أشخاص يستخدم لتسخين المناخات ولنمو قوى التكفير والغلو والتطرف والأرهاب وتصفية حسابات وإشاعة ثقافة الكراهية , وقد عبر وكيل الأمام بشكل صادق عن أمانته على دين الله وعبر عن فهمه الصحيح لجوهر الدين وهذه هي الحكمة والعقل المستنبر والشعور الوطني حيث إستطاع وكيل الأمام أن يحافظ على روح الدين ويجنب شعبه من فتنه أرادوا توريط الدين بها آنذاك.
وقبل هذا التأريخ كان الأمام محمد عبدة بين مجموعة النهضويين الذين عرفهم القرن التاسع عشر فقد ولد في1849 وتوفى عام 1905 . كان يؤكد على مفهوم المواطنة والوطنية , بوصفها منظومة حقوقية تؤسس للحقوق والواجبات , وتوحد الوطن حول الرأي العام المؤسس على الحريات : حريات التفكير والتعبير بلا تخوين ولا تكفير , أي ماعبر عنه الأمام محمد عبدة في قولة : لا وطن بدون حرية , ولا وطنية مع الأستبداد (4)  . ويؤكد الأمام محمد عبدة الذي أصبح الأكثر شهرة في مصر والعالم العربي والأسلامي , وقد خلف تراثاَ فكرياَ عظيماَ , وله أثراَ حاسماَ في تحولات مصر والعالم العربي , من مجتمع التقليد إلى الحداثة والنهضة والتنوير . يؤكد الأمام (أن سلطة الأسلام هي سلطة الموعظة الحسنة والدعوة للخير)  ويؤكد أيضاَ ( إنه يرفض إتهام الأسلام هو ضد هذا المنجز المدني الذي حصل في أوربا والمقصود فصل الدين عن الدولة ويؤكد إنه من أعمال التمدن الحديث الفصل بين السلطة الدينية والسلطة المدنية )5 .(وأكد الأمام على إلغاء التكفير تماماَ وليس البعد عنه على حد تعبير الأمام ) 6 .

من القرآن الكريم :  
قال الله جل جلاله في كتابه الكريم مخاطباَ الرسول محمد عليه السلام : (( فذكر أنما أنت مذكر , لست عليهم بمسيطر)) (من سورة الغاشية في الآية 22 ) وقال الله  تعالى في كتابه الكريم(( تواصوا بالحق وتواصلوا بالصبر )) ( سورة العصر في الآية 3)  من هذه الآيات من كتاب الله تؤكد لنا حقيقة أن القرآن هو كتاب هداية وموعظة ينبذ التطرف ولا يثير البغض والكراهية والتكفير والهيمنة والتسلط , ومع الأعتدال ومن الأدلة على التوسط والأعتدال قوله تعالى: (( وكذلك جعلناكم أمة وسطاَ لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداَ ) )( سورة البقرة الآية 143 ) وهناك آيات قرآنية تحمي الحريات الفردية ومن ذلك حرية الرأي والتعبير والتعليم التي عبر عنها القرآن الكريم في قوله عز وجل : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ... )) ( سورة النحل – الآية 125 )  وقد عبر الحديث الشريف للرسول (عليه الصلاة والسلام ) ((أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)).ومن الآيات التي تؤكد على حماية حرية العقيدة بقوله تعالى : (( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) ( سورة البقرة – الآية 256 )  وهناك آيات أخرى تؤكد على حرية العقيدة من ذلك قوله تعالى (( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر))  وكذلك قوله عز وجل: (( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا , أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) 
هذه الآيات في كتاب الله عز وجل . يتبلور فيها فكر منفتح يؤدي إلى قبول الآخر وإطلاق الحرية الأنسانية واعتبار أن العقل هو الحكم والمعيار في منظومة الأفعال الأنسانية من حيث القبيح والحسن ومحاربة التطرف .

التطرف أضر بالدين :
المتطرفون وذوي المصالح لبسوا لباس الدين ووظفوه لخدمة أهدافهم الأنانية وبأسمه بأسم الحق فرضوا سيطرتهم وهيمنتهم على الناس بدون وجهة حق , وبدلاَ من أن يشيعوا ثقافة قبول الآخر والأنفتاح والتقوى  فقد صادروا الحريات الأنسانية وكل ما هو حسن , وأشاعوا ثقافة الكراهية ضد الآخر والبغض والتكفير وأعلنوا الحرب على الجميع بأسم الدين.
حصل هذا منذ الستينات من القرن الماضي بعد أن تأسست أحزاب الأسلام السياسي وقد تاجرت لعقود بأسم الدين , وإرتكبت مجازر بحق شعوبها ,وحاربت المنجزات التي حققتها الشعوب وأسهمت بأسقاط أنظمتها الوطنية . وبعضها في البلدان التي حكمت فيها الأنظمة الدكتاتورية والشمولية والقومية الأستبدادية قد تحالف مع تلك الأنظمة . وبعضها تحالف مع ال CIA,  كما حصل في أندونيسيا في عام 1965 وتم إسقاط حكومة سوكارنو وإبادة الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين في أندونيسيا وقبلها في العراق في إنقلاب شباط عام 1963 .وبد أ يتشكل اسلام اصولي جهادي مغلق مع خطاب متطرف متوازي مع الخطاب القومي المتطرف أيضاَ على سبيل المثال رفع القوميون شعارهم  الجامد في الستينات وهو ( من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر ) وكأنهم  يوحدوا العرب بهذا الشعار المتحجر . وشعار( بالروح بالدم المقيت) وبالنسبه لشعار السيادة الذين ملئوا الدنيا صخباَ به فقد فرطوا بها وقادوا البلدان إلى الأحتلال بالمقابل رفع دعاة أحزاب الأسلام السياسي آنذاك شعار تكفير الآخر وتطبيق الشريعه الأسلامية والأسلام هو الحل كما حصل في السودان والصومال وإفغانستان وغيرهما .
وهكذا قد استفاقت شعوبنا العربية على السجون والتعذيب وإنتزاع البراءات ومصادرة الحريات والتكفيروالقتل والمقابر الجماعية والحروب وتدمير الأوطان والأحتلال والأرهاب وتجارة المخدرات ,منذ الستينات من القرن الماضي وإلى الحاضر وأطل علينا لاحقاَ من عتمة فكرهم وظلاميته ذالك النموذج الجاهل المسمى الجهادي المقاوم الأنتحاري وبه فرضوا على الشعب ( الأنتحار الجماعي) . قتل النفس البريئه , فقد نمى الغلو والتطرف والأرهاب , وإلغاء الآخر هذا التشويه والمتاجره بأسم الأسلام من قبل كل جماعات الأسلام السياسي ,  والأسلام منهم براء هو الذي يتقدم واجهة المشهد اليوم في العديد من البلدان مع إشاعة ثقافة الكراهية وإلغاء الآخر . وإستغلال الدين للسيطرة والهيمنه على الخلق لتمرير أهدافهم الأنانية المقيته . 
 
في أوربا لقد انتصر الدين فيها وتحرر من الخصخصة :
بعد أن تحرر الدين من سيطرة الكنيسة التي كانت بأسمه تبني سلطتها وتصعد من بطشها وتمد نفوذها وتوسع ممتلكاتها على حساب الفلاحين الفقراء , وتسرق أتعابهم وتزيد ثروتها مقابل بيعهم ( صكوك الغفران ) مستغله جهلهم وبساطتهم .وقد بنيت حكمها الأستبدادي المطلق لقرون , من خلال خصخصتها للدين وأصبح الأشخاص يتحدثون ويقررون بأسمه , ولكن بعد أن ساد القانون في اوربا الذي تأسس على العقد الأجتماعي . لقد انتصر الله ودينة في الغرب , بفك أسر الدين وتخليصه من الخصخصه من خلال  فصل الدين عن السياسة وإنقاذ القيم المقدسة السامية من شؤون المبتذل اليومي , بوضعهم دستور ديمقراطي وقد عاد العنفوان للدين وتحول من حب لرائحة الشواء والقتل والقرابين وسرقة أتعاب الآخرين وحقوقهم والتجويع والجهل والمرض والحروب الأهلية والدماء وإلغاء الآخر والحكم الأستبدادي المطلق في زمن سلطة الكنيسة , إلى محبه وسلام وأمان وتسامح وقبول الآخر ,  والديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والفكر , وسعادة الأنسان وحق المواطنه وإلى البحث والأكتشاف والأبداع والعلم والمعرفة والجمال والموسيقى والفن والغناء وديننا الأسلامي والمسلمين ليس ببعيدين عن ذلك .
22-4-2009
   
1- البلشفية : مصطلح روسي المقصود به الأغلبية بقيادة لينين في الحزب الشيوعي الروسي وقد فجرو ثورة اكتوبر في عام 1917 .
2- حنا بطاطو حول الوضع السياسي في العراق المؤلفات الجزء الثاني .
3-  حنا بطاطو . مصدر سابق .
4- عبد الرزاق عيد – محمد عبده .إمام الحداثة والدستور .الطبعة الأولى بيروت. السنة 2006 ص- 402 .
5- محمد عبده – الأعمال الكاملة . ج3 ص – 308 .
6-عبد الرزاق عيد . مصدر سابق . ص- 270 .


168
كيف إحتفل الأنصار الشيوعيين بذكرى تأسيس حزبهم
الفوج الأول مثالاَ
فلاح علي
الأنصار هم أعضاء الحزب الشيوعي العراقي الذين لبوا نداء الحزب وإنخرطوا في النضال الصعب المتفاني وساهموا في بناء  نواة هذه القوات (في أواخر عام 1979 والتي هي إمتداد لتشكيلات عام 1961)  . ما ميز هذه النواتات هو إنها تشكلت في ظل التنظيم الحزبي السياسي الذي يتجلى فيه الألتزام الواعي العالي والصمود والمثابرة والقناعات الفكرية والسياسية , لهذا لقد عملت هذه التشكيلات من خلال التخطيط المركزي . وهذه هي عناصر قوة تنظيم قوات الأنصار الشيوعية , والتي واجهت فيها التفوق المادي والعسكري والتكنولوجي والأعلامي والحرب النفسية للدكتاتورية المقبورة وكانت المرحلة الأولى صعبة لأنها تتطلب بناء التشكيلات وتهيأة المستلزمات وحساب الأحتمالات والتوقعات والتي هي كثيرة . وبما أن طبيعة نضال قوات الأنصار هي مرتبطة بهدف سياسي , فقد إتسم نشاط هذه القوات بالفعالية العالية  في العمل العسكري . ( والسياسي في وسط الجماهير جماهير القرى القريبة من قواعد الأنصار في البدأ) . وقد إمتلكت هذه القوات مقومات الصمود وتجاوزت الصعوبات الكبيرة في المرحلى الأولى . وقد إنتقلت إلى مرحلة أخرى وهي تنمية التأييد الشعبي والعمل النوعي بلا خسائر قدر المستطاع . فتوسع نشاطها السياسي والجماهيري في التجمعات السكانية الكبيرة وفي الأقضية والنواحي والمدن التي هي من ضمن نشاط هذه القوات . فنتيجة هذا النشاط فقد حصل زيادة في التشكيلات المسلحة وحصلت الألتحاقات الواسعة من القصبات والمدن القريبة , وتحولت الجماهير إلى حاضنة طبيعية لهذه القوات . وأكدت الأحداث إن هذه القوات قد إنتقلت إلى مرحلة أخرى هي مرحلة التأهيل والتأثير حيث توفر العدد الكافي وشكلت القواطع والأفواج والسرايا وبرزت قيادات أنصارية مجربة يعتمد عليها وأصبحت هذه القوات قادرة على مبادلة العدو بالضربات . ( ملاحظة كان بمقدورها أن تنتقل إلى مراحل متقدمة ولكن هناك عوامل كثيرة حالت دون ذلك لا يمكن للمقالة هذه أن تتطرق لها ) . وما ميز نشاط قوات الأنصار هو عملها مع الجماهير ( وليس كما يتصور البعض إنها مجرد مجاميع منعزلة تختبأ في الجبال ) . فكانت هناك معايشة وتفاعل يومي مع الجماهير  , وقد أدركت الجماهير حاجتها لهذه القوات بعد أن جربتها كيف إنها كانت في المقدمة في الدفاع عن قراها وممتلكاتها وحياتها , فتكون تلاحم مصيري نادر المثال بين جماهير القرى والقصبات وقوات الأنصار .وأدركت الجماهير التي عملت معها قوات الأنصار إن هذه القوات هي حقاَ قادرة في الدفاع عنها ليس بالقول وإنما بالفعل .

إحتفالات ذكرى تأسيس الحزب تميزت بطابعها الجماهيري :
أن طبيعة النشاط السياسي لهذه القوات وفاعليتها العسكرية وتلاحمها مع هذه الجماهير , دفع تلك الجماهيرإلى الأدراك والقتاعة  بحسهم وذكائهم الفطري إلى التيقن أن هذه القوات هي جزء منهم وهي التي يعتمد عليها لضمان حياتههم وممتلكاتهم , وكما تيقنوا أيضاَ أن هذه القوات تتجنب الأندفاع والتهور وتمتلك ميزات المفاجأة والسرعة والحسم , وإنهم أصحاب مثل وقيم إنسانية نادرة لأنهم أصحاب فكرومبادئ وهدف سساسي وبنفس الوقت إنهم متطوعون ويناضلون في ظل نكران الذات والقناعة التامة  فكانت السرايا تضع برامج للأحتفال بهذه الذكرى وكان الأحتفال يتميز بالحضور الجماهيري .  من القرى في المنطقة التي يكون فيها الأحتفال . ففي عام 1984 ونحن نقترب من الذكرى الخمسين لتأسيس الحزب ناقشت اللجنة الحزبية للسرية ومكتبها الحزبي والعسكري وضع برنامج إحتفال لهذه السنة ولكن صادف أن وصل بريد من قيادة الفوج بأن تكون السرية بالقرب من مقر الفوج في هذه المناسبة لأنه سيكون إحتفال مركزي للفوج. وكنا في الأيام الثلاث التي سبقت 31-3 -1984 في القرى القريبة من الفوج ( في قرية شكوفتا وكاني مازي وميزا ) . وفي صبيحة 31/ آذار الربيعي وما أجملة وبالذات في كوردستان وزهورها المنتشره على سفوح جبالها ووديانها كنا متواجدون في قرية كاني ماسي قال لنا أهلها بعد الفطور الصباحي سنتوجه للمقر لنحضر الأحتفال لذكرى تأسيس الحزب ومع علمنا المسبق بالأحتفال الكبير الذي سيقام في مقر الفوج . وبعد أن تناولنا الفطور معهم توجهنا إلى الطريق الذي يربط قرية كاني مازي وميزا حيث على جانبه الأيمن ريبوار ( نهر) ومنه يتجه الطريق إلى قرية جامايكا و بجانبها قرية صوصيا التي تقع على سفح جبل كًارا ومنها يتم التوجه لقمة الجبل والنزول إلى ( كًلي مراني ) المتميز بكثرة أشجار الجوز حيث مقر الفوج الأول هناك . وكانت هناك مقهى في الشارع بجانب النهر فأخترنا الجلوس في المقهى لتناول شرب الشاي والسيكارا وما أجمل تلك الجلسة مع الناس حيث كان في بداية الصباح وبعد مضي حوالي الساعة شاهدنا مجاميع من أهل القرى تتجه بأتجاه المقر ومع مرور الوقت يزداد أعداد هذه المجاميع وهم يقطعون المسافة سيراَ من قراهم بأتجاه المقر ويبذلوا جهد إضافي لصعود الجبل ثم نزوله لكي يصلو لمقر الفوج ونشاهد البهجة على وجوههم , وخرجنا من الكًازينو وإنتشرنا حول الشارع وكنا نراقب منظر هذه المجاميع الكبيرة من الناس وهي تصعد جبل كَارا وهي تسير في وسط مساحات واسعة جداَ من زهور الربيع الطبيعية التي تزهر في هذا الشهر . وشعرناأن الجماهير إزدادت فرحاَ وإبتهاجاَ عندما كان يستقبلهم الرفاق بأطلاقات نارية إحتفائاَ بوصولهم  وكانت تطلق الطلقات من الرفاق الذين في موقع الأسناد ومعهم سلاح الدوشكا ( رشاش 14,5 ) الموجود كأسناد لحماية المقر . ويبدوا أن عدد من الرفاق داهمهم شعور الشوق الحار للتوجة للمقر وحضور الأحتفال وتم الحديث مع الرفيق آمر السرية وهو ( الرفيق هوار من قضاء عقرة علماَ أن الرفيق هوار قد إستشهد لاحقاَ في أيلول عام 1988 بأحداث الأنفال ) الذي  كان يمتلك حق الفيتو في إتخاذ القرار . وبموافقة مكتب السرية ومستشارها آنذاك الرفيق (حيدر) وافق الرفيق هوار بالتوجه للمقر بعد منتصف النهار ( في هذا الوقت تكون إمكانيات تحركات العدو ضعيفة لأن الوقت ليس في صالحة ) . وقد توجهت إلى المقر من الجانب الثاني بالقرب من ( ناحية سوارا توكا ) جماهير من قرى سوارا وإسبندارا ومن قرية براش وقرى أخرى  وبعد أن تناولنا وجبة الغذاء الشهيرة والمعروفة للأنصار وهي ( جاي أوخبز ) بعدها أعطى الرفيق هوار أوامره بالتوجه للمقر كان السير الطبيعي يتطلب حوالي ساعه وربع لكن الأنصار ضربوا رقم قياسي حيث تم الوصول للمقر في حوالي 40 دقيقة . وعند وصولنا للمقر كان الحفل قد إبتدأ وقد شاهدنا تلك الجماهير الغفيرة وكأن المقر قد تحول لمدينة صغيرة مع حركة الرفاق والرفيقات وكان الحفل قد إبتدأ بكلمة من عريف الحفل الرفيق  (أمين) آمر فصيل المقر والذي إستشهد لاحقاً وهو خريج كلية العلوم من ناحية باعذرا وكان صوته الجهوري وهندامه الأنيق قد جلب إنتباه جميع الحضور . وبعد أن قرأت كلمة الحزب من قبل الرفيق أبو زكي ( خيري القاضي) المستشار السياسي للفوج الذي إستشهد لاحقاً . وبعدها قرأت كلمة الفوج من قبل الرفيق أبو نصير آمر الفوج الذي إستشهد لا حقاَ في عام 1993 . وقد شاركت بعض من  الجماهير رفاق الحزب في الحفل الفني في الغناء وكونوا حلقات واسعه من الدبكات وهم في حالة من الفرح والأبتهاج والأنسجام وكانت ساعات جميلة حيث تحول كلي مراني إلى مدينة مكتضة بالسكان . هذا هو الحفل الجماهيري المركزي لمقر الفوج الأول في الذكرى ال 50 لتأسيس الحزب التي سارت الجماهير ساعات طويلة  لأجل الوصول للمقر لمشاركة الرفاق إحتفالهم هذه اللوحة الجميلة لن تغيب من الذاكرة, وهي تؤكد حقيقة ( أن حزب فهد وسلام عادل) حزب يمتلك مقومات النهوض بعد كل كبوه يمر فيها . مكتب إعلام الفوج كان متميزاَ في تهيأة برنامج الحفل  (الذي كان يتكون المكتب آنذاك من الرفيقين الرفيق الشاعر ( أبو طالب ) والرفيق الشاعر (أبو رعد ) . وبعد إنتهاء الحفل وتوديع تلك الحشود الكبيرة من الجماهير واصل الأنصار إحتفالهم بالمناسبة .

إحتفالات السرايا لها طعم خاص :
تقيم السرايا في مناسبة ذكرى تأسيس الحزب مجموعة من النشاطات المتنوعة والمتميزة بعد أن يتم توزيع الرفاق إلى مجاميع صغيرة تقوم كل مجموعة بنشاط ما وعادتاَ تكون هذه النشاطات في داخل المدن الذي تستطيع السرية الوصول إليها.  بعد إنتهاء النشاطات وهذا حسب ظروف كل سرية وخطورة المنطقة التي تتواجد فيها يتكلل الأحتفال بالمناسبة بحفل تقيمة السرية في المنطقة التي تتواجد فيها وتدعوا لها جماهير من القرى القريبة من مكان الأحتفال , ويكون الأحتفال على شكل ندوة سياسية يتحدث فيها أحد الرفاق الذين يجيدون اللغة الكوردية يتحدث عن سياسة الحزب ومواقفة ويرافقها كلمات وشعر وغناء ودبكات تشارك فيها الجماهير مع رفاق السرية ويعد البرنامج عادتاَ من قبل مكتب إعلام السرية . وعندما يقام الأحتفال عادتاَ تقوم السرية بعمل وجبة غذاء وتدعوا إليها أهل القرية التي تستعير منها أدوات الطبخ . وتلجأ السرية في العادة وحسب ظروفها في عمل إحتفال بمناسبة عيد نوروز أيضاَ .
في عام 1985 و1986 قمنا بمجموعة نشاطات بمناسبة الذكرى بعضها ذات طابع عسكري . النشاطات السياسية في المدن هي توزيع بيانات الحزب ونصب لافتات كبيرة تحيي الذكرى  وتعلق في المدن . في إحتفال عام 1987 كنا في منطقة دشت الموصل وكانت السرية نشطة ويراقب تحركاتها مفارز خاصة من قبل النظام , وبنفس الوقت كانت السرية تنصب كمائن لهذه المفارز . قررت السرية أن تكون الأحتفالات بهذه المناسبة قبل يوم 31-3 يوم التأسيس . ففي يوم 26-3-1987 تحركت مجاميع لدخول مدن القوش وقضاء الشيخان وناحية باعذرا وكانت مجموعتنا هي التوجه لناحية باعذرا مجموعة توزع بيانات ومجموعة تنصب لافتات وكانت من ضمن الوجهه هو نصب لافته مقابل مركز الشرطة وقد توجهت إلى مركز الشرطة مع الرفيق سلام وهو رفيق شجاع ويعرف المنطقة جيدا  وهو من منطقة باعذرا , وكانت المنطقة التي توجهنا لها بها إضائه عالية بسبب وجود المركز وكان الحرس يقف على سطح المركز وقال الرفيق سلام توجه رفيق لتعليق اللافته وأنا آخذ زمام الحماية ومراقبة المنطقة .  وفي اللحظات التي كنت أعلق فيها اللافته مقابل المركز كنت أشاهد رأس الحرس وحركته ذهاباَ وإياباَ على سطح المركز ولكن الموقع  الذي كمن فيه الرفيق سلام وشجاعته يعطي الأطمئنان لتعليق اللافته بهدوء وتأني , وقد إنجزت المجاميع التي كانت في ناحية باعذرا مهامها بنجاح وتم الأنسحاب بسلام وفي صباح اليوم التالي 27-3-1987 كان لقاء المجاميع الأنصارية على جبل القوش وعادت كل المجاميع بسلام . وبعد ساعات من الأستراحة تم تناول الشاي والخبز والسيكارا وبدأت تتحدث المجاميع عن ما صادفها من مفارقات أثناء تنفيذ المهام من المعروف أن هذه المنطقة لخطورتها لايسمح الظرف فيها لتجميع جماهير القرى للأحتفال بالمناسبة لأنها منطقة دشت مكشوفة وسهلة الهدف للطيران . كان لتلك النشاطات صدى واسع وصل إلى كل المدن بما فيها الموصل ورفع من معنويات الجماهير وساهمت هذه النشاطات وغيرها من نشاطات متميزه في تنامي تنظيمات الحزب في المنطقة . كان آخر إحتفال لنا في هذه الذكرى في الجبل هو في آذار/1988 حيث وضعت السرية برنامج إحتفالات لها في المناسبة وتم توزيع الأنصار إلى مجاميع صغيرة كانت مجموعتنا تتكون من 6 رفاق مهمتها دخول القوش وتوزيع بيانات ونصب لافتات كبيرة وقد دخلنا القوش في هذه المرة في 28-3-1988 من جهة الدشت وليس من جهة الجبل وكان علينا أن نسير لمسافة طويلة من أسفل قرية خورزان بمحاذات الشارع العام الذي يربط القوش في قضاء الشيخان في عمق الدشت وكانت في حينها الأمطار غزيرة ومتواصلة بلا توقف وكانت الأرض زراعية فتباطئ سيرنا وثقلة ملابسنا من المطر فتضاعف الوقت وكان المهم هو أن نتجاوز قرية بوزان من الأسفل والتي هي محاذية للقوش وإستغرق السير أكثر من ثلاث ساعات ونصق متواصلة , فوصلنا إلى القوش ودخلناها من مدخل المدينة وكانت المجموعة بقيادة الرفيق ماجد الذي يعرف مداخل ومخارج المدينة جيداَ لأنه إبن القوش ويمتاز بالجرأة والشجاعة وقليل من التهور وقد إلزم بالوجهه مسبقاَ وقد إمتاز بشعور عالي بالمسؤولية وكانت الأمطار قد توقفت وجفت ملابسنا وخف وزننا  وقد نفذت المهمه بنجاح , وقد إنسحبنا من جهة الجبل بأتجاه دشت القايدية لكي نتوجه إلى قرية بيرموس حيث مقر السرية على سفح جبل القرية وقد وصلنا إلى موقعنا صباح اليوم التالي وإلتقت كل المجاميع وتناولنا الفطور الصباحي , وشعر جميع أنصار السرية بغبطة وسعادة المناضل إنهم إحتفلوا بذكرى تأسيس حزبهم بهذه الطريقة التي لاتخلوا من مجازفة في الحياة من أجل إعلاء شأن حزبهم ونشر سياسته بين أوسع عدد من جماهير المدن بهذه الطريقة النضالية التي تتسم بالجرأة والتحدي . وكانت هذه إحتفالات سرية واحدة وهناك عشرات السرايا للحزب منتشره في مناطق بهدينان وسوران كل منها تحتفل بالمناسبة حسب الظرف التي هي فيها وكان لهذه الأحتفالات صدى واسع وكبير ينتقل من منطقة إلى أخرى وكان ما يؤرق السلطة هو نشاط  الشيوعيين العسكري والسياسي وإحتفالاتهم بذكرى تأسيس حزبهم .

رأي للأعزاء العاملين في المجال الأنصاري :
1- الأسراع في إحياء المشروع الذي بدأه الرفيق أبو سعد إعلام  في عام 1992 . حيث فاتح العديد من الأنصار وأرسل إليهم مجموعة من الأسئلة عن حياة الأنصار والأسئلة بمجموعها تشكل تسجيل لتأريخ الحركة الأنصارية  الحاجة إلى تقديم الجهد والدعم الفني وحتى المالي للتعاون مع الرفيق أبو سعد وتمكينة من إنجاز هذا المشروع الذي يدون تأريخ حركة الأنصار .
2- يدخل ضمن تدوين تأريخ الحركة الأنصارية النضال المتميز الذي قام به العديد من الأنصار والنصيرات للمساهمة في الجهد المتفاني لأعادة بناء تنظيمات الحزب في المدن القريبة من الأنصار وفي عمق الوطن وقد إستشهد عدد من الأنصار والنصيرات ولا يزال العدد الأكبر هم أحياء .توثيق هذا الجهد المتفاني يعد تجربة غنية وتبقى الحاجة لها مستمرة .
3-الأسراع في توثيق شهداء الحركة الأنصارية في كراس خاص  يبين فيه  زمان وماكن إستشهادهم والحدث الذي إستشهدوا فيه أو يكون في جزء أو ملحق خاص في كتاب شهداء الحزب .
18-3-2009 .

 


169
الأنتخابات البرلمانية القادمة والكوتا الأيرانية
فلاح علي
في البدأ لا بد من التأكيد على حقيقة هو إننا كشعب عراقي ودولة بحاجة إلى علاقات طبيعية مع الجاره إيران تقام على أساس المصالح المشتركة للشعبين والتعايش المشترك من أجل التعاون والأنفتاح وتحقيق السلام والأستقرار والتنمية وإقامة علاقات متكافئة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدنا وهذا هو الطبيعي وفق القانون الدولي , ولكن السلوك الأيراني هو بعيد عن هذه الوجهه تماماَ وهذا مارصده كثير من المتابعين السياسيين والمحللين الأستراتيجين وخلصوا بأستنتاج أن هناك تنسيق وتناغم في المواقف الأمريكية والأيرانية  خلال الحرب التي شنتها أمريكا لأسقاط النظام الدكتاتوري البائد. كانت تهدف إيران من ذلك هو إملاء الفراغ السياسي والأمني في العراق بعد السقوط وذلك من خلال أدواتها في العراق ومن خلال جهدها وإمكانياتها كدولة أقليمية كبرى وبعد أن تم إعداد الطبخة بتناغم مشترك أمريكي إيراني وإن كان غير معلن وهو  ( أن الشعب العراقي يتكون من الشيعة والسنة والأكراد ) . وقد تبنت هذه الطبخة القوى الطائفية والقومية ورأت في ذلك إنها فرصتها السانحة لتحقيق أهدافها الأنانية  وبدأت القيادات الساذجة والمنتفعه من هذه القوى بتبني هذه الوجهه بما فيها قيادات بارزه في الحركة القومية الكوردية , وما المحاصصة الطائفية والقومية إلا إنها تأكيد لأحد تجليات هذه الطبخة في الممارسة . ولا بد من الأشاره إلى ملاحظة هامه هو أن إيران قد عملت على ثلاث جبهات في العراق بعد السقوط , الجبهه الأولى هو ممارسة الضغوط على أدواتها في العراق للأصغاء لأملائاتها وتبني توجهاتها مع تقديم الدعم السياسي والمالي لهذه الأدوات لتمكينها من لعب دورها . الجبهه الثانية لقد قدمت كل أشكال الدعم العسكري واللوجستي للعناصر المتطرفه من أدواتها وفتحت حدودها لأدخال المتطرفين وأرسلت المتفجرات والسلاح وتدريب وإيواء المتطرفين بما في ذلك تشير كثير من التقارير إنها قد قدمت دعم لعناصر القاعدة الذين لم يكونوا في يوم من الأيام من أدواتها في العراق لكن إيران قد دعمتهم ووظفتهم لخدمة سياستها في العراق والمنطقة والجبهه الثالثه هو شن حملة إعلامية ودبلوماسية على الصعيد الدولي وممارسة الضغوط بالقدر الذي تستطيع عليها لتهيأة رأي عام إقليمي وعالمي لأخراج القوات الأمريكية من العراق وهي الدولة المؤهله لأملاء الفراغ السياسي والأمني .مع الأشارة إلى ملاحظة هامة أن القيادة الأيرانية الحالية المحافظة تعتبر الأمن القومي الأيراني مرتبط بدورها ونفوذها في العراق وبعض دول المنطقة والملاحظة الثانية أن إيران لن تتخلى بعد من سياسة تصدير الثورة الأسلامية وهذه الوجهه الخطيره تؤشر إلى  السلوك الأيراني المراوغ والغير واضح تجاه العراق . وأن السياسة الأيرانية للتدخل في الشأن العراقي هي تبقى في ظل القيادة الحالية إنها تشكل رؤية استراتيجية . وهذه الرؤية تتوقف على موازين الصراع على السلطة في إيران بين التيار المحافظ والتيار الأصلاحي المعتدل الذي هو يقف ضد نهج التشدد الذي تمارسه القيادة الحالية .

من هي أدوات إيران في العراق :
رغم أن إيران على الصعيد المعلن ولنقل الأعلام قد إنتقلت إلى الدبلوماسية الناعمة في تعاملها مع العراق وتتظاهر بحرصها على أمن العراق وإستقراره وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ولديها إستعداد لتقديم الدعم والمشورة . وهذا النهج الجديد ظهر بعد توقيع الأتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية , لأنها تسعى لتكون أكثر الدول المستفادة من الوضع الجديد وقد نجحت في توقيع إتفاقيات تعاون إقتصادية وتجارية مع العراق , وهي تهيئ لأتفاقات أمنية وسياسية للفتره القادمه , وهذا النهج الجديد هو يشكل جزء من الأستراتيجية الأيرانية في كيفية التعامل مع الملف العراقي لتحقيق مصالحها وأهدافها وإن هي قد فشلت في تدخلاتها بأرسال الأرهابيين والأسلحة وإثارة الفتن الداخلية ولكنها لعبت ولا تزال دوراَ سلبياَ في العراق , فأنها تخطط الآن لتحقيق أهدافها بالطرق السياسية والدبلوماسية . معتمده بذلك على دورها وعلى أدواتها في العراق .
أدوات إيران في العراق كثيره إن كان بعضها معروف في المجتمع حيث لها ركائز قوية في كافة أحزاب الأسلام السياسي وهناك شخصيات في الدولة معروفة ومن هذه الشخصيات التي خدمت المشروع الأيراني في العراق هو السيد الرئيس جلال الطالباني . ليس لأنه أطلق عبارته التأريخية خلال زيارة هاشمي رفسنجاني عندما قال مخاطباَ هاشمي ( زيارتك للعراق هي نعمة من الله ) وليس لأنه قد صرح مرات عده عدم تدخل إيران في الشأن العراقي لوسائل الأعلام ومنها القناة العربية في العام الماضي في برنامج من العراق . وفي الوقت الذي يعلن الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية وقاده عسكريون عن كشف مخازن أسلحة وعبوات ناسفه قد دخلت من إيران , ولجوء إرهابيين إليها وقيامها بتدريب الفرق الخاصه , ولكن تبرأة الرئيس جلال إيران لتدخلها في الشأن العراقي هذا لم يفهمه الشعب وما ذا يبغي الرئيس جلال من دفاعة على تبرأة إيران ؟ رغم أن هذا التناقض في الخطاب العراقي هو ضار جداَ  .  ما هو معروف عن الرئيس جلال إنه يعطي أهمية في إعتماده على قوى خارجية يرتكز عليها لكي يتمكن من توظيفها داخلياَ بما فيها حل أزماته في كوردستان كما حصل في عام 1996 عندما تحالف مع إيران وكذا لحل أزمات داخل حزبه فهو يهمه بالدرجه الأولى رضاء إيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وليذهب الشعب العراقي والكوردي للجحيم , فقد تورط في تبني وترديد وتطبيق الطبخة الأمريكية الأيرانية ( بأن الشعب العراقي يتكون من السنه والشيعه والأكراد ) وبهذا فهو الذي ناضل لعدة عقود من أجل التحررالوطني للشعب الكوردي ومن أجل حقوقه القومية ومن أجل الديمقراطية فقد تحول إلى عراب للمحاصصة الطائفية والقومية وتنكر لحقيقة أن شعبنا العراقي يتكون من عدة قوميات وإستمر يردد العبارة المقيته وهو بهذا الطرح قد تخلى طوعاَ عن صفة النضال التحرري الديمقراطي وتحول إلى حاملاَ للمشروع الأيراني  في العراق . 

إيران تخطط لرسم مستقبل العراق السياسي  :
الدور الأيراني في العراق قوي جداَومؤثر على مسار الأحداث , إضافة إلى موقع إيران الجيوسياسي وقربها من منابع النفط في الخليج وبحر قزوين وسيطرتها على بعض خطوط وأنابيب نقل النفط إلى أوربا  ونشاطها في برنامجها النووي لتخصيب اليورانيوم الخاص بأنتاج السلاح النووي , هذه عوامل قوة بيد إيران تضعها في الأولوية في أي مفاوضات تجريها مع الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على مساومات عليها . وأن تعلق الأمر مابين دور إيراني في العراق والمنطقة وإنهاء البرنامج النووي الأيراني من ضمن سلة المزايا الأقتصادية والسياسية التي ستقدمها الولايات المتحدة الأمريكية لأيران , سوف لاتتردد الولايات المتحدة من المساومة على بعض الأوراق الأيرانية . ولكن لحد هذه اللحظة هناك ضغوط من قبل الأدارة الأمريكية الجديدة برئاسة باراك أوباما هذه الضغوط ذات إتجاهين الأتجاه الأول هو الضغط الدبلوماسي على إيران لعقد إتفاق مع الترويكا الأوربية لتعليق تخصيب اليورانيوم وقد رافق هذه الضغوط قرار الرئيس أوباما قبل يومين بتمديد العقوبات الأقتصادية على إيران لمدة عام والأتجاه الثاني هو الضغط على الحكومة العراقية للقيام بأصلاحات سياسية وإجراء المصالحة الوطنية وتهدف الخطوة الثانية لتمتين الجبهه الداخلية وأن لا يكون هناك فراغ سياسي يملئ من إيران رغم الأختراقات الأيرانية في العراق , ورغم الدور الأمريكي السلبي في تنامي النفوذ الأيراني في العراق .

هل يتبنى الرئيس جلال الطالباني المشروع الوطني الديمقراطي ويتخلى عن المشروع الأيراني  ؟
المحاصصة الطائفية والقومية هي أحد تجليات المشروع الأيراني في العراق كما إنها تشكل نقطة إلتقاء مع المشروع الأمريكي في العراق في هذه القضية بالذات , وفي السياسة لا توجد عداوات دائمة وإنما هناك صراع مصالح وقد تلتقي مصالح دولتين متصارعتين في منطقة ما وصراع بينهما في منطقة أخرى كما هو الحال بين ( الولايات المتحدة والصين حيث توجد بينهما شراكة ضد الأرهاب ومنع إنتشار الأسلحة النووية وشراكة حول الأستثمار والتبادل التجاري .... إلخ ولكن بينهما صراع وتوتر في العلاقة حول جزر تايوان وصراع مصالح في شمال آسيا وفي جنوبها وفي منطقة المحيط الهادئ .... ألخ ) وهذه العلاقة المزدوجة تنطبق أيضاَ على روسيا والولايات المتحدة وإيران والولايات المتحدة . وما يهمنا هو العلاقة بينهما وصراع المصالح على الساحة العراقية .

فمن أجل إضعاف التأثير السلبي للتدخل الخارجي :
- لا بد من المصالحة الوطنية التي هي ضرورية لحاضر ومستقبل العراق . أعتقد أن هناك سببين رئيسيين لتأخير إنجاز المصالحة الوطنية . السبب الأول هو هناك مصالح شخصية وذاتية أنانية لدى القوى السياسية فلهذا كل قوى تنظر للمصالحة من خلال أجندتها ومصالحها وبالمطلق أن هذه القوى غير جادة في عملية المصالحة لهذا فهي تحمل رؤية مزدوجه في الأعلام تتظاهر في المصالحة الوطنية وفي الممارسة تضع العراقيل في طريقها والسبب الثاني أن القوى التي هي خارج العملية السياسية ويشكل بعض منها البعثيون وهؤلاء هم في مأزق فكري وسياسي الآن فهم يجهلون قراءة الواقع العراقي  والتطورات الجديدة التي طرأت عليه  بعد توقيع الأتفاقية الأمنية .  فهم بعضهم متورط مع قوى إرهابية وغير قادر من فك أسره من هذه القوى مع وجود تشدد وتطرف لدى البعض وعدم قدرتهم على تجديد فكرهم والتخلص من عقد ماضيهم والأعتذار للشعب وتبني وجهه عقلانية والأنخراط في العملية السياسية تحت واجهات وطنية مقبولة من الشعب وتبني مشروع وطني .
- ولكن بأمكان الرئيس جلال وهيأة الرئاسة ورئاسة الوزراء أن يبادروا لأتخاذ خطوات عملية تساعد في خلق أجواء حقيقية للمصالحة . فللدولة دور أساسي في تهيأة شروط ومستلزمات المصالحة الوطنية والتخلص من حالات الشك وعدم الثقة الموجودة الآن في الوضع السياسي بشكل عام . فالحاجة هنا لبعض المبادرات السياسية هذا أولاَ وثانياَ وضع برنامج وطني للمصالحة الوطنية الحقة وتخليصها من الشعارات الأعلامية والرغبات الشخصية والجهوية وأن تكون ممارسة سياسية تنطلق من مصلحة الشعب ومستقبل البلاد وتحررها وبنائها ديمقراطياَ لآ طائفياَ . وهذا هو الطريق السليم وبهذا يؤكد السيد الرئيس تحرره من قيود وكوتا وأجندة إيرانية وغيرها وتفويت الفرصة عليها و سحب البساط من تحت أقدامها والتخلص من قبضتها في تقرير مصير مستقبل العراق .
- تشكيل تحالف وطني واسع يدخل الأنتخابات البرلمانية على أساس المشروع الوطني الديمقراطي بالقدر الذي يستطيع أن يحدث إنعطافة في موازين القوى بأتجاه الديمقراطية الحقة . ويقف بوجه المشاريع الطائفية والأقليمية .
- تنشيط دور منظمات المجتمع المدني وفك أسر إتحاد نقابات العمال من تأثير الحكومة السلبي على نشاطاته وماليته , ووضع برنامج لنشاطات جماهيرية في المدن والأرياف والضغط على الحكومة للتسريع في عمليات التنمية والقضاء على البطالة وتوفير الخدمات الأساسية للشعب .
- تشير المعطيات أن إيران ستلعب دوراَ مؤثراَ في الأنتخابات البرلمانية القادمة لأنها يهمها مستقبل العراق السياسي وشكل الحكم فيه ولديها إمكانيات ذاتيه كدولة وأدوات مخلصه لها  قوية  وتمكنت من مسك السلطة السياسية من خلال طبختها المحاصصة الطائفية والقومية  والتي ولدت كل شيئ مشوه بما فيه المفوضية الغير مستقلة للأنتخابات . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو إنه هل تأتي الأنتخابات البرلمانية القادمة برئاسات ثلاث من خلال المحاصصة الطائفية والقومية وبدور إيراني ومباركة أمريكية كما هو عليه الآن ؟ بلا شك هكذا طبخة ستنتج حكومة مشوهه طائفية وستكون نتائجها أكثر خطورة على مستقبل العراق وعلى بناء نظامه الديمقراطي . فالتحالف الوطني الواسع في الأنتخابات البرلمانية القادمة هو الكفيل بأضعاف أدوات إيران ودفن الطبخة المقيته ( المحاصصة الطائفية) ووضع أسس متينة لبناء دولة القانون و المؤسسات الديمقراطية .
14-3-2009 .

170
هل سيكون العراق رهينة لأنهاء البرنامج النووي الأيراني
فلاح علي
لقد تم الكشف علناَ عن البرنامج النووي الأيراني في أواسط عام 2002 وقد قادت الولايات المتحدة الأمريكية  بعد إحتلالها العراق حملة لأقناع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتحويل الملف النووي الأيراني إلى مجلس الأمن وذلك في أيلول 2003. ولتفادي إيران تحويل ملفها إلى مجلس الأمن فقد توصلت بوقت سريع إلى عقد إتفاقية مع دول الترويكا الأوربية وذلك في تشرين أول 2003 تم بموجبها قبول إيران مزيد من عمليات التفتيش الفجائية التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية , وأعلنت تعليق كل أنشطة تخصيب اليورانيوم .وتم حسم إنتهاكات إيران السابقة , تهدف إيران من الأتفاقية غاية واحدة وهي من أجل أن يقف الأوربيون بوجه أمريكا التي تستهدف تحويل ملفها النووي إلى مجلس الأمن  وقد سمعنا جميعاَ كيف أن إيران تمالكتها الجرأة في أوائل عام 2004 على ضوء تقديراتها بتفاقم المأزق الأمريكي في العراق وقامت بنقض الأتفاقية المعقوده في عام 2003 .وجاء نقض الأتفاقية على ضوء الأنتخابات البرلمانية في شباط 2004 والتي عززت نتائجها من هيمنة المحافظين .

إيران تخشى مجلس الأمن :
وكان موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حاسماَ  , فقد أصدروا قرار يهدد إيران بأعادة تعليق العمل ببرنامج تخصيب اليورانيوم تعليقاَ تاماَ وإلا ترفع تقرير إلى مجلس الأمن فقد وافقت إيران على قرار مجلس الوكالة , وقد تم التوصل إلى إتفاق في باريس مع مسؤولين إيرانيين ووفد الترويكا الأوربية في نفس عام 2004 . وقد عاد التصعيد ثانية بعد إنتخابات الرئاسة الأيرانية في عام 2005 وفوز المحافظ أحمدي نجاة .

لماذا تخشى إيران من تحويل ملفها إلى مجلس الأمن ؟
لأنها تخشى من عقوبات إضافية إقتصادية وسياسية ودبلوماسية وهذا مما يعرضها لعزلة دولية وتتحول إلى دولة منبوذه وغير حضارية وإلى عزلة داخلية وقد يعرض نظامها للخطر , أو مواجهة قرارات صارمه من مجلس الأمن وقد ينشأ تحالف دولي لمواجهة إيران  , أو قيام الولايات المتحدة الأمريكية بأسم الشرعية الدولية بضربات صاروخية من قواعد في البحار تبعد مئات الكيلومترات وغيرها من الأحتمالات لهذا تخشى إيران المواجهه مع مجلس الأمن .

خارطة الطريق الأيرانية  لتطبيع العلاقات مع أمريكا:
إيران تسعى جاهده للبحث بشكل مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية حول تسوية برنامجها النووي , كما فعلت كورية الشمالية وحصلت على سلة من المزايا الأقتصادية والسياسية وكان بوساطة الصين , إلا أن إيران لا تستطيع أن تجد دولة تقوم بدور الوسيط مع الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على المزايا الأقتصادية والسياسية والأمنية مقابل إبقاف نشاطاتها النووية , فهي تجري مباحثات مع دول الترويكا التي لاتثق بأيران ووعودها , ولكن طموح إيران هو إشراك الولايات المتحدة الأمريكية في المباحثات لغرض تحميلها مسؤولية ولغرض الحصول على المزايا . بعد أن فشلت سويسرا في إقناع الولايات المتحدة للحوار المباشر مع إيران علماَ أن سويسرا تمثل المصالح الأمريكية في إيران وقد تحركت للوساطة بطلب من إيران . لقد إختارت إيران ثانية دولة أخرى وهي العراق ليقوم بدور الوساطة وعقدت عدت جلسات في بغداد لهذا الغرض بحجة مناقشة الوضع في العراق والمنطقة .إلا أن المباحثات فشلت لأن لكلا الطرفين أهداف ومصالح استراتيجية خارج حدودهما كما أن أمريكا تعتقد إنها تدافع عن الشرعية الدولية حول ( منع إنتشار الأسلحة النووية والبايولوجية والكيمياوية ) . وفق معاهدة منع إنتشار الأسلحة النووية .
أن أهداف ومصالح إيران كثيره ويمكن الأشاره إلى أهمها والتي تدخل ضمن خارطة الطريق التي تعمل لأنجازها وهي :
1- تطمح إيران إلى تنسيق سياسي بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية حول الأوضاع في العراق حاضراَ ومستقبلاَ وكأنها تطمح إلى أن يكون العراق رهينه مقابل حسم موضوع برنامجها النووي , لهذا فهي واحدة من دول المنطقة التي لاتكف عن التدخل في الشأن العراقي ( إرسال أسلحة وإحتضان إرهابيين وتدريبهم وإرسال أموال لمؤيديها من أحزاب الأسلام السياسي وتقوية نفوذهم في المجتمع والدولة .... إلخ) . كما إنها تسعى لمغادرة القوات الأمريكية العراق بأسرع وقت .
2- تريد حسم الصراع الفلسطيني والأسرائيلي حسب رؤيتها الخاصة . وهي بهذا تحتفظ بدعمها لحركة حماس ولكن في النتيجية تعتبرها ورقه رابحة بيدها في المفاوضات .
3- نفس الشيئ بالنسبة لحزب الله . فهي أي إيران إذ تنطلق من استراتيجية تصدير الثورة الأسلامية بنفس الوقت هي تهدف إلى أن يكون لها دور ونفوذ في المنطقة من خلال ما تحتفظ به من أوراق وتوظفها في صراعاتها وترى الحل أن يكون لصالحها  لا لصالح شعوب المنطقة .
4- تطمح إلى أن يكون لها دور في منطقة الخليج العربي وأن يكون هذا الدور بموافقة أمريكية إرتباطاَ بوجود مصادر الطاقة ووجود ممر لها هو مضيق هرمز .
5- ضمن مشروع أمريكا الشرق الأوسط الجديد الذي تعارضة شعوب المنطقة كما تعارضه روسيا والصين لأنه يصل إلى حدودهما . فأن إيران تسعى بأن تكون المركز الأقليمي المهم في الخريطة الجديدة بدلاَ من تركيا لأنها تدرك تماماَ بأن اسرائيل مرفوضه من دول المنطقة بأن تكون مركزاَ إقليمياَ رغم إنها أي إسرائيل قد دخلت في شراكة إقتصادية وتجارية مع مصر والأردن وقطر .
6- تريد إيران ضمانات أمريكية برفع العقوبات الأقتصادية عنها وأخذ تعهد بعدم سعي الولايات المتحدة للتدخل في شؤونها الداخلية والتخلي عن إسقاط نظامها .
7- ترغب في علاقات دبلوماسية مع أمريكا والحصول على مزايا إقتصادية وتجارية وسياسية وأمنية .
8- ربطت إيران الأستمرار في نشاطاتها النووية مقابل إزالة أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ومنها إسرائيل والتي تمتلك سلاح نووي , وهي بهذا يؤيدها أغلب دول المنطقة التي تسعى للسلام وإزالة أسلحة الدمار الشامل بما فيها بلدان عربية . وقد تطرح قضايا أمنية مثلاَ تأسيس منطقة خالية من الأسلحة النووية أي في منطقة الشرق الأوسط ورفع حظر الأسلحة الذي يفرضه الغرب عليها , ومنحها ضمانات أمنية تمنع تعرضها لهجمات نووية ...... إلخ . لأن هكذا مطاليب يساعدها في حشد تأييد دول المنطقة إلى موقفها إضافة لتأييد دولي .
9- وأن أمريكا والمجتمع الدولي يدركان تماماَ أن السماح لأيران بأمتلاك سلاح نووي سوف يشجع دول أخرى في المنطقة على إمتلاك السلاح النووي مثل تركيا ومصر والسعودية وسورية وهذا مما يعرض المنطقة للخطر .
10- أعتقد أن إيران قد وصلت إلى قناعات بأن روسيا سوف لاتتخذ الفيتو عند طرح ملفها النووي على مجلس الأمن رغم أن روسيا هي ضد إتخاذ إجراء عسكري ضد إيران إلا أن روسيا تتجه للقبول بالموقف الأمريكي والأوربي ونفس الشيئ بالنسبة للصين , فأنها سوف لا تتحذ الفيتو إن لم تكن هي أي الصين تشجع إيران بقبول إتفاقية التعليق مع الترويكا الأوربية لكي تتجنب إحالة ملفها إلى مجلس الأمن .
وكل المؤشرات تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية ودول الترويكا الأوربية الثلاث متفقان على وضع نهاية للبرنامج النووي الأيراني للأغراض العسكرية .
11- يشغلها أيضاَ تواجد القوات الأمريكية في افغانستان وبنفس الوقت إنها أي ايران تريد ضمانات برفعها من قائمة الدول الحامية للأرهاب .

التوقعات القادمة :
1- بعد مجيئ رئيس جديد للولايات المتحدة الأمريكية السيد باراك أوباما وإدارة جديدة , يتوقع أن تكون هناك إستراتيجية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية تقوم على ممارسة الضغوط الدبلوماسية لأقناع إيران أولاَ على عقد إتفاقية طويلة الأمد . وقد تقوم إيران بذلك لغرض أن تعطي لها وقت لمتابعة تطورات الأحداث في المنطقة .وإذا لاحظت إنه لا توجد ضغوط عليها وأن الأوضاع في تسير في صالحها فستعود لمزاولة نشاطاتها النووية وتتعامل بأزدراء مع الأعتراضات الدولية .
2- أن الأدارة الأمريكية الجديدة إذا طلب منها تقديم ضمانات لأنهاء إيران لبرنامجها النووي , فأعتقد إنها ستتعامل بمرونه أكثر عن الأدارة السابقة في ظل الرئيس السابق بوش . رغم إنه سيكون خيار صعب بالنسبه لها , فقد تقدم ضمانات وتطمينات وحوافز التي تضمن الأتفاقية مع الترويكا , ولكن لا تعطي لأيران كل ماتريد وما تطمح له من دور أو مركز إقليمي في المنطقة , وقد تلجأ أمريكا لبعض الحوافز منها مثلاَ إلغاء العقوبات الأقتصادية الأمريكية المفروضه على إيران وإعطاء ضمانات أمنية بعدم التدخل في شؤونها الداخلية وعدم تقويض نظامها السياسي , وقد تلجأ إلى التبادل الدبلوماسي مع طهران وإلى التبادل التجاري معها . ولكن هذا يتوقف على تعامل الأدارة الأمريكية الجديدة وعلى الأنتخابات الأيرانية القادمه في حالة فوز الأصلاحيين ستتوفر إمكانيات أكثر للتوصل لأتفاقيات حول إنهاء البرنامج النووي الأيراني وتجنب إيران تحالف دولي ضدها ويمكنها من الحصول على حوافز إقتصادية .

هل يتوقف التدخل الأيراني في الشأن العراقي :
أخيراَ ما يشغلنا هو التدخل الأيراني في الشأن العراقي سواء حل برنامجها النووي وقدمت الولايات المتحدة ضمانات لها أو لم يحل أو إكتفت بتوقيع  إتفاق جديد مع الترويكا الأوربية .هل يتوقف التدخل الأيراني في الشأن العراقي ؟ كل المعطيات تؤكد عكس ذلك وأن إيران سواء توصلت إلى إتفاقية حول برنامجها النووي أو لم تتوصل سوف تستمر في تدخلها في الشأن العراقي ويهمها حاضر العراق ومستقبله بأن يكون لها دور فيه . وهذا هو مصدر القلق على مستقبل العراق وعلى بناء نظامه الديمقراطي التعددي بلا شك أن لأيران دور نافذ ومؤثر في العراق وذلك من خلال أدواتها وركائزها في المجتمع والدولة  . سأتناول في مقاله قادمه هذه الموضوعه وأدعوا كافة الكتاب من مختلف التوجهات وكل المعنيين في الشأن العراقي من كتاب ومحلليين استراتيجيين تسليط الأضواء على التدخل الأيراني في الشأن الداخلي العراقي وخطورته على مستقبل العراق الديمقراطي .
28-2-2009 .



171
كيف فاز في الأنتخابات من فشل في الكشف عن جريمة
إغتيال مثقف عراقي
2-2

فلاح علي
من ضمن ما تم تناوله في الجزء الأول من المقالة هو الظروف الموضوعية السائده في البلد أثناء الحملة الأنتخابية , والتي لا يمكن لأي أكادمي أو سياسي أن يتجاوزها عند تقيمه للنتيجه التي حصل عليها الحزب الشيوعي العراقي وحلفائه في مدنيون , لأن أي دراسة أو تقييم تكون قاصره وغير مبدأيه وغير واقعيه عند التركيز على العوامل الذاتية فقط , وتجاهل الظروف الموضوعيه . التقييم العملي والمفيد هو أخذ كلا العاملين ودراستهما, وهذه هي الأدوات السليمة والمنهج الصحيح الذي يؤخذ بنظر الأعتبار  وهذا هو علم السياسة . فالواقعية والعلمية والمبدأيه في الدراسة تتطلب دراسة العاملين مع بعضهما . للخروج بدروس وإستنتاجات عملية  . وبعد أن أشير لآخر خلل يحسب على الشروط الموضوعية سأتناول بعض من العوامل الذاتية لخسارة الحزب الشيوعي وحلفائه في الأنتخابات.

لقد مورست أساليب لا ديمقراطية في تظليل الناخبين :
أن شرعية الديمقراطية وشرعية إرادة أغلبية الناخبين تبقى معلقه في الهواء . إذا لم يحسم الموقف من الممارسات اللاديمقراطية في الحملة الأنتخابية والخروقات التي تمت والطعون التي قدمت عليها .
 أن الدعاية الأنتخابية في ظل الديمقراطية الحقة تعني ( المساواة التامة بين الأحزاب والجماعات المتنافسة أمام القانون ) .
 لأن القانون ياسادة : يهضم الجميع فليس لديه حزبيون محبوبون ومتميزون يأتمنهم كلياَ ويعبرون عن إرادته وآخرون لا يأتمنهم . هذه هي الأمانه التي خولها لكم القانون لتكونوا الأداة النزيهه العادله لتنفيذ القانون لقد سمحت المفوضية لمجموعات تتنافس بأساليب لا ديمقراطية  وتزيف الديمقراطية وتسرق صوت الناخب وتغير قناعاته, هذا عدا تسخير الأعلام الحكومي لها , هذه تعد من الجرائم في القانون الديمقراطي لأن الديمقراطية الحقة تعطي للقانون الدور الحاكم والحاسم في حماية الناخب من التهديدات والرشاوات والأغراءات التي تجبره على تغيير قناعاته وفرص متساوية في الأعلام . فالطموح هو شرعية لكل حزب في الوصول للسلطة من خلال الأنتخابات التي يضمنها القانون . فهل هذه الممارسات تتفق مع قانون الأنتخابات ؟
أن الديمقراطية الحقة والقانون الديمقراطي لا يسمحان بأستغلال المناصب الحكومية و يقبلان بتسطيح المواطن وتضليله وتحويله إلى إنسان نفعي وجسراَ يمر عليه أصحاب الأهداف الأنانيه مزوري ومفسدي الأخلاق والقوانين .

من أسباب تراجع أصوات الحزب الشيوعي وحلفائه :
إن التوقف عند العوامل الذاتية الداخلية لأحزاب ثلاث الحزب الشيوعي العراقي والوطني الديمقراطي والحركة الأشتراكية العربية . هكذا وقفه فمن الطبيعي إنها تخضع لدراسة داخلية لأعضاء الأحزاب وكوادرها وقياداتها , وأن اللجوء إلى الأستخدام الصحفي والعلنية المفرطة لهكذا دراسة من وجهة نظري تقودنا إلى التشبث بالتجريد واللامبدأيه واللاموضوعية والأبتعاد عن المسؤوليه وقد تؤدي إلى وحدانية الرأي والمزاجية وإنعدام التفاعل والأبتعاد عن الواقع . إني على قناعه بأن الشيوعيين وقيادتهم هم من دعاة التفكير السليم ومع النقد البناء الموضوعي  وتشخيص الخلل ووضع المعالجات العملية ومع الرؤيه الواضحه للواقع على ضوء التقييم لنتائج الأنتخابات .
وإن أشير إلى الأمكانيات بشكل عام بما فيها الأمكانيات الأعلامية والمالية وهذه لا يختلف عليها إثنان بأن الشيوعيين لديهم كفاءات جيده في مجال الأعلام إلا إنهم محرومون من وسائل الأعلام الجماهيرية (التلفاز) الذي يحتاج لأمكانيات مالية كبيره . إن عدم إمتلاك الحزب الشيوعي وقوى اليسار والديمقراطية لهذه الوسيله الجماهيريه الفعاله التي لا بديل عنها في التعبأه الجماهيريه والدعاية ونشر الفكر . قد حرم الحزب من أهم وسيله جماهيريه للوصول فيها لأوسع قطاعات الشعب هذه كانت من أهم أسباب الخلل في الحملة الأنتخابية . فهل يستطيع الحزب الشيوعي وقوى اليسار والديمقراطية من إمتلاك هذه الوسيله الأعلامية الجماهيريه ( قناة تلفزيونية) التي لابديل عنها ؟ لأن الفكر الشيوعي واليساري في ظروف الجهل والفوضى وعدم سيادة سلطة القانون ووجود الميليشيات والأرهاب وهيمنة قوى الأسلام السياسي الطائفي . هو بحاجة لأداة جماهيريه فعاله وواسعة الأنتشار لتوعية الجماهير هذا أولاَ وثانياَ للحزب الشيوعي أعداء آيدلوجيون وبنفس الوقت يوجد ناس بسطاء ومغفلون فبأمتلاك( التلفاز) هو إمتلاك أدات فعاله في التأثير على الوعي الجمعي ومن خلال الوصول  لبيوت الشعب . وثانياَ أن النشاطات الفردية والجماعية المحدودة هي مفيده وضرورية ولكن الدفاع عن الفكر الشيوعي أمام أعدائه بحاجة إلى ممارسة وآلية ووسيلة جماهيرية متطورة وهي ( التلفاز ) وهذا ينطبق على الدعاية الأنتخابية أيضاَ .  ولا يختلف إثنان أن المال والأعلام هما بيد أحزاب الأسلام السياسي والأحزاب القومية .لا أبالغ إذا قلت إنها تحولت إلى أشبه بالأمبراطوريات الأعلامية والمالية هذا أهم سلاح بيدهم رغم إنحطاطهم الثقافي والحزب الشيوعي وقوى اليسار والديمقراطية. رغم أن لديهم قدرات فائقه في مخاطبة الجماهير والمثقفين ولكن تنقصهم هذه الأمكانيات الأعلامية والمالية . وممكن إعادة السؤال ثانية هل يتمكن الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية من تجاوز هذا الخلل ؟ وهل يرى هذا المشروع الهام النور قريباَ ؟ و من خلال تمويل ذاتي مشترك .فهل نتمكن جميعاَ من رفع الصوت اليساري أعلى فأعلى في الحياة الأجتماعية والسياسية ونخرس التشنجات الهستيرية  المعادية للحزب ولقوى اليسار والديمقراطية .

ومن أهم الدروس المستخلصه حسب وجهة نظري:
1- أن الشيوعيين فضلاَ عن كونهم أكثر المناضلين ثباتاَ , فقد أصبحوا اليوم هم المناضلون المبدأيون فعلاَ في سبيل الديمقراطية الحقة ومصالح بلادهم الحقيقية .
2- أن الشيوعيين وحلفائهم قد خسروا معركة إنتخابية ولكنهم لن يخسروا المجابهه التأريخية ولا يزالوا أكثر تجذراَ في المجتمع .ولن يصيبهم اليأس والأحباط والضعف كما يتصور البعض ولم يخسروا المستقبل , أن الشيوعيين ليسو مجموعات مصالح وينفرط عقدها إنهم أصحاب مبادئ وقيم سامية وأهداف نبيله تزداد عزيمتهم في الصعاب وتظهر قدراتهم في الشدائد , وفي معركتهم التأريخية من أجل العدالة الأجتماعية سيكون الشعب معهم .
3- خسارة الشيوعيين وحلفائهم في الأنتخابات هي خساره لكل يساري وديمقراطي وخساره لكل فقراء وكادحي العراق , ولكن ما يلفت النظر في هذه الخسارة المؤقته أن بعض الكتاب من هم محسوبين على قوى اليسار والديمقراطية يلاحظ  أن نفسهم قصير ورؤيتهم محدوده وكأن مهمتهم كيل التهم والتنكيل بالحزب ورفاقه ولا يفهم ما هي المنطلقات من وراء ذلك وبعضهم يدعي إنه لوحده يحمل ( فكر وعقل ماركس) أما الآخرون فأنهم مرتدون عن هذا الفكر , وهم دون أن يدركوا أن بكتاباتهم المتسمه بالجزع واليأس والأحباط والخواء الفكري إنهم بهذا يقدمون خدمة مجانيه لأعداء الفكر الذين هم محسوبين عليه , النقد وتقديم البديل شيئ والتنكيل والتهم شيئ آخر وهذا ليس من سمة المثقف .
4- أكدت  الأنتخابات بأن نبدأ قبل كل شيئ بوحدة العمل والتنسيق المشترك بين الحزب الشيوعي العراقي وكل قوى اليسار والديمقراطية ( أحزاباَ وشخصيات ) بتوسيع تحالف مدنيون . وأجد في مقترح الدكتور العزيز كاظم حبيب إنه مقترح عملي وآني وهام لتجميع أوسع القوى ( عقد إجتماع تحضيري موسع لكل القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية)  ولكن على شرط أن لا تكون وحدة عمل شكلية  أن تمتد عبر النضال اليومي مع جماهير الشعب من أجل تعبأتها وتوحيد نشاطاتها  نحو الدفاع عن حقوقها وبالذات الكادحين وضمان حياة كريمة لها . وأعتقد بوحدة العمل ستبرز قدرات كبيره ومبادرات جماهيرية وأعمال نوعية وتتهيئ إمكانيات في السير المتواصل بهذا الطريق .
5- أعتقد أن الصحف اليومية لقوى اليسار والديمقراطية أن تراعي الظروف والأعباء اليومية الثقيله على المواطن العراقي وإنشغاله بهمومه اليومية , هذا يستدعي أن تكون الصحيفه ( قليلة الصفحات وغنية المحتوى) وأن تكون ناقده وتتناول همومه اليومية وتتصاعد في محتواها مع تصاعد مزاج الجماهير .
4- حل المفوضية المستقلة للأنتخابات لأن تشكيلها مرتبط بالمحاصصه وهذا يعني إنها مخترقه وغير مستقله , وإختيار كفاءات مستقله وفق معايير القضاء العراقي وبدون محاصصات .
5- الضغط من أجل الأسراع بأصدار قانون الأحزاب التي تعرقل إصداره الكتل المهيمنه الطائفية . وتجميع القوى والضغط على أن يكون قانون إنتخابات البرلمان القادم على أساس الدائره الواحدة وهذا من أولى المهام للتهيئ لخوض الأنتخابات البرلمانية  .
6- يستطيع الحزب الشيوعي العراقي وقوى اليسار والديمقراطية أن تطاوع الشروط الموضوعية وتذلل بعض صعوباتها لتحولها لصالحها , إذا تمكنت من حل ثلاث قضايا مترابطة . ( الأفكار والكوادر والأفعال ) .رغم أن الحزب الشيوعي العراقي يدرك ذلك جيداَ وهي من البديهيات في العمل التنظيمي ولكن الأشاره لها يعني توجيه الأنظار إليها . فالأفكار التي لا تتحول يومياَ إلى واقع وفي صالح الناس تظل مجرد كلمات جميلة طائره في الهواء , كما أن الأفعال التي لاتنسق ولا توجه نحو أهم المسائل تكون قليلة الفعالية وغير مؤثره , ومن هم القادرون على الربط بين الأقوال والأفعال وبلا خلاف عليه هم الكوادر المدربين والمتمرسين والمتضامنين المتلاحمين برابطة التنظيم والأنضباط . هم أصحاب الفعل في الحياة اليومية  (الميدانية ) وفي تنفيذ المهام الكبرى . ويتوقف على حل هذه القضايا الثلاث , قضايا النشاط اليومي الأخرى مثل ( التاكتيك والخطاب السياسي والأعلامي) بلا شك هذه تحتاج إلى آليات تنظيمية فعاله تتناسب والظرف الحالي وتحدياته .
7- أن النضال في سبيل تحقيق البرنامج والمهام يتطلب كوادر أشداء ذوي مبادره وعزم وتصميم وذات نضج فكري وقدره عالية على التحريض والعمل بين الجماهير , وبنفس الوقت أن يستمر العمل على سد الطريق أمام المتقلبين والوصوليين والنفعيين والمترددين وعديمي الموهبه .
8- ما تؤكده التجربه أن أحزاب الأسلام السياسي , تدفع بالناس نحو الفقر المدقع لسبب بسيط لأنه تسهل قيادتها سياسياَ , وبالتالي تستخدمها  وتوظفها لأهدافها الأنانية . فمحاربة الفقر هي من أولى المهام للشيوعيين واليساريين والديمقراطيين  في الدفاع عن حاجات الفقراء والكادحين .
9- الأنفتاح على الوجوه الجماهيرية والشعبية والمثقفين والتفاعل المتواصل معهم .
10- إحياء تقاليد التضامن العمالي والتهيئ لنضالات جماهيرية , وأي إنتهاك لحقوق العمال والكادحين أن لا يكون منعزلاَ وشأناَ خاصاَ بهذه المحافظة بل يعتبر شأناَ لعموم البلاد .
11- إن تمكن الأسلام السياسي من سرقة صوت الناخب المغيب المتردد وصاحب الحاجة الأقتصادية , ولكن التجربه تؤكد لن يستطيعوا سرقة ضميره الحي الذي ستتهيئ في الفتره القادمه الأرضيه لأستنهاضه وسيقول كلمته ويقف بوجه من يهمشه ويتاجر بمعاناته وحاجياته . وما تؤكده التجربه أن القيم السامية التي آمن بها الشعب هي مصدر إلهام للمواطن في صراعه مع أحزاب الأسلام السياسي الذي زور الديمقراطية وقيمها وأبتز المواطن وخضع حاجاته في سوق المزايدات التجارية من أجل أهدافهم الأنانية .
بلا شك الشيوعيين قادرين على إستخلاص دروس وعبر كثيره أخرى ولكن ليس مجالها الصحافة .

الأسلام السياسي لا يستطيع تحقيق العدل والمساواة بين الناس :
الضمير الحي للناس لا يشترى من خلال رشوتهم لتغيير قناعاتهم فسياستكم البعيده عن المساواة الأجتماعية ستعطي قناعات حقيقية للناس , أن الأنسان الحقيقي لا يشترى ولا يبيع قيمه بالأساليب والوسائل القذره الشرهه التي تجرده من قيمه الأصيله وأنتم بوسائل الأبتزاز هذه تريدون ناس متعيشين بلا كرامة  ولا مبادئ تريدون إنسان مطيع للقوة وللمنفعة وقد أفرغتموه من نكران الذات , والمواطن العراقي عكس ذلك مع الحقيقه ومع العداله الذي سيكتشف لاحقاَ إن طبيعته غير ذلك وقد شوهه نتيجة حاجاته الأقتصاديه وجهله واستغل من قبل أصحاب السلطه والنفوذ .
أنكم لا تفهمون طبيعة الديمقراطية الحقه لأنكم بهذه الوسائل تحتقرون الناس ولا تساوون بينهم وأن ثقافتكم طائفيه تساوون بين الناس فقط ( مره كل أربعة سنوات ) عندما يكونوا ناخبين يحمل كل واحد منهم بطاقه إنتخابيه وحتى في هذه الحاله لا تساوون بينهم تظللون البعض والبعض الآخر يصعد زوراَ على أكتافهم , أن فوزكم هو استمرار لحالة الفوضى وعدم الأستقرار , وأن اشتريتم صوت الناخب المتقلب , فضمير الناخب مع الخير والعدالة والمساواة والحق سوف لايقف مع هذا التظليل لاحقاَ لأنكم غير قادرين على خلق هذه القيم .

الأسلام السياسي مع الخصخصه ومع افقار الناس :
سياستكم وتوجهاتكم مع خصخصة ملكية الدولة بما في ذلك ثروات في باطن الأرض ومع تحرير الأسعار ومع الأقتصاد المفتوح الخالي من كل إجراءات الحماية للمواطنين وبالذات الفقراء .من أعطاكم صوته لا يعرف إنه ستزيدون إفقاره إفقاراَ ورغم قناعتكم بعدم شرعية ذلك إلا إنكم أصحاب رؤوس أموال , وحالكم حال الليبراليين الجدد إن هددتهم الضرائب يقوموا بتهريب الأموال إلى خارج حدود البلد , أنتم ضد الوظيفه الأجتماعيه للدوله التي يؤمن بها أصحاب الضمائر الحيه , لا يحصل المواطن من ديمقراطيتكم إلا الأفلاس . لأن سياستكم الأقتصادية موجهه لخدمة الأقوياء وتجاهل مصالح الضعفاء الذين لا حمايه قانونيه لهم في ظل سلطتكم .سوى ممارسة الضغوط عليهم لتطويعهم . وهنا سيكتشف غالبية الشعب , إنه لا يمكن التفاعل مع طمع وجشع أصحاب القوة والنفوذ الذين لا يتصفون بالرزانه والفاقدين للشعور بالخجل وبين الضعفاء الذين يطالبون بالكرامة المفقودة في ظل ديمقراطيتكم الخالية من احساسها بالتفاوت الأجتماعي الذي ستخلقه في المجتمع وبالظلم في الحياة الأجتماعية والسياسية . لأنكم تتعاملون مع الناخبين إنهم مادة خام دائماَ لا يرتقي إلى درجه أرقى ويبدل هويته حسب رغباتكم وضغوطاتكم وتعتبرونه كأي بضاعه تخضع لرغبة السوق والتاجر ونسيتم أن المجتمع في حراك إجتماعي وأن الوعي يتغير وهذا مما يدفع الشعب للتمعن والفهم الأكثر لقيم الديمقراطية ومفهومها السيادة للشعب وأنتم تنفون تلك السيادة التي تعملون على أن يكون الشعب كتله صماء لا خيار أمامها سوى الطواعيه والخضوع وقد شوهتم المواطن العراقي وحكمتم عليه في واحده من الخيارين أما البقاء خارج النشاط السياسي أو دخول السياسة وفق مقاساتكم وإعطائه دور الشخصية النفعية الأنتهازية المغيبه الجاهله , الذي لايملك مواقف وقناعات راسخة  لهذا أنتم ترفضون حكم الشعب  وتقرون بحكم النخب ولهذا أنتم تمحون الديمقراطية من معانيها . وبذلك ستخلقون أرضية لأنعدام المسؤولية تجاه المواطنة و تشجعون على  ظهور  غرائز الأستيلاء على أملاك الغير وستقيمون نظام ملاكين من الأقليه وأغلبية منزوعة الأرادة ومهمشه وتسيرونها حسب ما تشاؤون وتعيشونها بلا مبادئ .وقد ساهمتم بأعطاء صورة مشوهه عن شعبنا بأنه سلفي ولا يوجد أمل لأنتشاله من السلفيه والتخلف .

أنتم منتصرون ومهيمنون وتعملون لذاتكم لا لتلبية حاجات وطموحات الشعب :
لسبب بسيط أن فلسفتكم ورصيدكم هو أن المنتصر يأخذ كل شيئ والويل للمهزوم , هذا ما مارستموه في فوزكم الأول عندما حولتوا الدولة ووزاراتها ومؤسساتها ملك لأحزابكم  وحجبتوا الخدمات عن الشعب ولكن نسيتم أن هناك طاقة عملاقه من الغضب الشعبي تلاحقكم , وستكون لها نتائج كبيرة في الأنتخابات البرلمانية القادمة لأنكم عرقلتم آليات التطور الطبيعي للمجتمع فقد إحتظنتم الفاشلون والنفعيون والراكضون وراء المصالح وجهلتم الشعب وجوعتموه وأذليتموه ولم توفروا له الخدمات  وأبعدتم الفاعلون وأصحاب الكفاءات .وهذا هو سر نفوذكم وحولتم الغالبية من الشعب إلى طرف ضعيف  وأنتم الطرف القوي تتصرفون بما تشاؤون .وتخشون الديمقراطية الحقه ودولة العدل والقانون . أخيراَ المقصود بأغتيال مثقف عراقي هو ( الشهيد كامل شياع ) . في الدول الديمقراطية يحرم على المسؤول الأستمرار في منصبه إذا فشل في كشف جريمة عادية ولكن العقوبه تكون أشد إذا فشل في كشف جريمة إغتيال مواطن ومسؤول في الدولة ولا يحق له الترشيح للأنتخابات . أما في ديمقراطيتنا ( المقنعه والمحجبه ) فالحقائق تحجب على الشعب والمسؤول فوق القانون وحق المواطنه مفقود والبقاء للأقوى .
11-2-2009   

172
كيف فاز في الأنتخابات من فشل في الكشف عن جريمة
إغتيال مثقف عراقي
1-2

فلاح علي                                  
المدخل الأول لهذه المقالة أن انتخابات مجالس المحافظات على خلاف التوقعات ولا يختلف إثنان حولها  بأنها إنتخابات شكلية وزائفه ومظلله , رغم أهميتها وليس لها علاقه لا من قريب ولا من بعيد بالديمقراطية الحقه وآلياتها وتجسيداتها العملية .
لسبب بسيط أن البلدان الديمقراطية في إنتخاباتها  , تؤكد تجاربها أن الديمقراطية لا تستحق أن تطلق عليها هذا الأسم إلا حين أن تكون نتائجها غير معروفه سلفاَ  . إنها ممارسة عملية لأكتشاف حقائق لا يمكن إكتشافها مسبقاَ بأي طريقه مبرمجه . فلا يعرف نتائج الأنتخابات سلفاَ إلا مزوروها غير الديمقراطيين الذين يخرقون ويخلون بمبدأ الديمقراطية .

مالذي حصل في إنتخابات مجالس المحافظات :
حال أن إنتهت الأنتخابات فقد أعلنت الكتل فوزها  من خلال ممثليها في العديد من المحافظات وقبل إعلان النتائج الأولية من قبل المفوضيه المستقله للأنتخابات .والتي جاءت نتائجها مخالفه لأستطلاعات الرأي .
ما ذا يعني هذا :
هذا يعني أن المفوضيه المستقله للأنتخابات إنها مخترقه من قبلكم يا أحزاب الأسلام السياسي . وإن كنتم ديمقراطيون حقاَ فكونوا مع الكتل الكثيره التي قدمت طعوناتها و ما أكدته من خروقات حصلت  ضدها و سكوت المفوضيه عنها .
أي ديمقراطية هذه و أنتم تقودون حملاتكم الأنتخابيه من مواقعكم الأولى في الدوله وتقدمون المزايا والوعود لا تحسين الوضع الأقتصادي لأبناء شعبنا وتوفير الخدمات , وإنما لشراء أصوات هذه العشيره أو تلك , وإن تمكنتم من شراء هذه الأصوات الرخيصه فلن تستطيعوا شراء ضمائر شعبنا .
أي ديمقراطيه هذه وطواقم أخرى من أحزاب الأسلام السياسي توزع (البطانيات والموبايلات والدولارات والرشوات والأمتيازات والتهديدات الأخريات ... إلخ) . لغرض شراء الأصوات الرخيصه مع الأستخفاف بكرامة الناس هل نسمي هذه ديمقراطية .
لو كانت لدينا ديمقراطية حقه ودستور ديمقراطي لتم سوقكم أنتم وموفضيتكم الغير مستقله للمحاكم على ممارساتكم المشينه والمهينه بحق الديمقراطية وبحق الناخب العراقي .
إن كنتم ديمقراطيون حقاَ لوقفتم بصف القوى التي لديها طعون على مفوضيتكم ولكنتم أول المطالبين بتغيير المفوضيه وطاقمها وإناطة المهمه للقضاء العراقي والمحكمة الدستورية بأختيار مفوضيه جديده نزيهه كفوئه مستقله حقاَ وغير مخترقه . هل تفعلون ذلك إن كنتم ديمقراطيون حقاَ ؟

كيف توفرون الأمن والأستقرار والخدمات للمواطن :
ولا تزال عصابات القتل والأغتيال طليقه وتمتلك الحرية وتتحرك وفق ما تشاء وحسب أجندات معده مسبقاَ لا يخفى على أحد أنتم تعرفون القتله الحقيقيون للأعلاميين والسياسيين والمثقفين وآخرهم المثقف الوطني التنويري صاحب المشروع الثقافي الوطني الديمقراطي الشهيد ( كامل شياع ) وقد فشلتم أمام الشعب إلى هذه اللحظه في الكشف عن أسماء هؤلاء القتله المطلقي اليد إلى الآن  . لو كنتم حقاَ في نظام ديمقراطي حقيقي كما هو في الدول الديمقراطيه التي تشوهونها في خطبكم وتصفونها بالعلمانية الكافره  لطالبكم القضاء فيها بالأستقاله خلال ساعات إن لم تلقوا القبض على مرتكبي جريمة إغتيال مواطن وهذا حق المواطنة الذي يكفله القانون الديمقراطي.إضافه إلى أن القانون يفرض على الحكومة وأجهزتها الأمنية بأن توفر الشعور بالأمان والأستقرار لمواطنيها . ولكن اللا ديمقراطيون لا يقبلون مظله قانونية فوق رؤوسهم وهم فرديون يريدون تكريس الشخصيه الجاهله في المجتمع ليستمر زيفهم وتظليلهم للشعب  وأن حققتم نجاحات فهي ذات طابع فردي ومحدوده وهشه إرتباطاَ بعوامل معروفه . ولكن إلى الآن قد فشلتم وبأمتياز في توفير الخدمات للشعب وفشلتم في القضاء على البطالة , لا بل وإبتكرتم (سياسة الأسلمه) في التعيين في دوائر الدولة وهي مستنسخه من( سياسة التبعيث) في زمن النظام المقبور وفشلتم في بناء الأقتصاد الوطني وتطوير الصناعه والزراعة وما يؤكد ذلك هو عدم وجود التنمية في الأقتصاد والمجتمع والقضاء على الأمية وفشلتم بأمتياز في وضع الأساس لتوطيد المجتمع المدني وفشلتم في تجنب هجوم الفوضى لا بل ساهمتم في صنعها و لأغراض إنتخابيه . وبهذا ينطبق عليكم يادعاة الأسلام السياسي أنتم ( أفيون الشعب) والدين منكم براء ياطلاب السلطة والمال والهيمنه أنتم حولتم الدين لتجاره سياسية ,  والدين لا يقبل الظلم و الغش والتزوير والرشوه والسكوت عن الجرائم وتغطيتها سيخلع عنكم الشعب عاجلاَ أم أجلاَ . عباءة الدين يا مشوهي ومزيفي القيم الدينية أين أنتم من ( خصال الأمام علي و عدل الخليفة عمر بن الخطاب ) . أن معايير الأخلاق والعدالة الأجتماعية التي تنادي بها الأديان لا تزال حيه في ضمائر شعبنا وأنتم سارقوها  يادعاة المشروع العدمي البعيد عن قيم الشعب ومفهومه . إن تزييفكم لضمير الناخب العراقي وإجباره بوسائلكم الخبيثه لأستسلامه الروحي والقيمي لمشروعكم العدمي وأهدافكم الأنانية إنها جريمه بحق الشعب وإنتهاكاَ لمبادئ الأسلام الحنيف ولكل القيم السماوية . لأنكم بعملكم هذا تهينون الشعب وتحولون غالبيته  إلى كتله صماء وتطمسون المبدأ العظيم ( مبدأ سيادة الشعب في السياسة وفي بناء الدولة والثقافة) . ولكن في نهاية المطاف سترون أن الشعب لايقبل بذلك وسيكتشف حقيقتكم . لأن الشعب قد عرف المكتسبات الحقيقية الأجتماعية والأقتصادية والسياسية منذ فجر ثورة الرابع عشر من تموز  عام 1958 التي تآمرت كل قوى الحقد والظلام على ذبح الثورة وإنتزاع المكاسب من الشعب فهل تستطيعون ياسادة اعادة المكتسبات للشعب ؟ كل المعطيات تقول لا وألف لا .
الذي يعرف مجرماَ طليقاَ وقاتلاَ لمواطن مثقف من هذا الشعب وهو القادر بحكم الصلاحيات التي يمتلكها بالقبض على القاتل ولكن ( لأعتبارات لا أخلاقيه ولا قانونيه ) يغض الطرف . كيف يؤتمن الشعب لهؤلاء المتطفلون على الدين ويثق بهم ويأتمن لهم بأن يبنوا دولة العدل والقانون .
10-2-2009


173
الشعب العراقي بحاجة إلى الشيوعيين وفكرهم
ولحلفائهم الوطنيين الديمقراطيين وبرنامجهم الأنتخابي
فلاح علي
أن الطريق المؤدي إلى تلبية طموحات الشعب وإلى إنقاذ الوطن وحل أزماته السياسية والأقتصادية والأجتماعية المستعصية, لايمر من خلال التصريحات الأعلامية والأدعاءات المنافقة التي إختبرها الشعب , ولا من وصفات قوى المحاصصة الطائفية المقيته وشعاراتها الزائفة أن  الشعب يدرك جيداً ومن خلال تجربته الطويلة  إنه ليس هناك طريق للخروج من الأزمات و تحقيق حياة أفضل وتجسيد قيم العدالة وحق المواطنة غير تطبيق قيم الديمقراطية الحقة  وليس هناك قوة غير الشيوعيين وحلفائهم الوطنيين الديمقراطيين بمقدورهم أن يقودوا الشعب في هذا الطريق وعبر النضال  اليومي المتفاني  .
 وليس غريباً أن تنهض أمام الشيوعيين تلك المهام الأجتماعية و الوطنية والديمقراطية , فهم ليس فقط كونهم محبين وأوفياء لشعبهم ووطنهم وإنما هم القوة المناضلة والأكثر ثباتاَ ومبدأية وتفاني وإخلاص في سبيل مصالح بلادهم الحقيقية . أن الشيوعيين يدركون قبل غيرهم أن الأفكاروالمشاريع التي لاتتجسد في الواقع لصالح الناس تظل مجرد كلمات لا غير, كما أن الأفعال التي تكون غير منظمة ومنسقة ضمن أطر ذات تأثير وفعالية , فأنها تكون غير مؤثره وموجهه نحو حل المشاكل والأزمات وتلبية الحاجات , لهذا فأن المناضلات والمناضلون  المبدأيون والمتضامنون والتي تجمعهم رابطة فكرية وسياسية وتنظيمية كما هو حاصل في إطار الحزب الشيوعي العراقي ومن خلال مشاركة شعبية واسعة لكل القوى الوطنية والديمقراطية فهم  القادرون على إنجاز المهام ذات الأهمية السياسية الوطنية- والديمقراطية والأجتماعية والأقتصادية ..... إلخ .   

مواقع الشيوعيين تتوطد في المجتمع :
لهذا فأن الشيوعيين يولون أهمية كبيرة للمشاركة الشعبية الواسعة في المنافسات الديمقراطية كالأنتخابات كونها آلية من آليات الديمقراطية , وهم إذ يباشرون حملتهم الأنتخابية , فأنهم يدركون تماماً أن وسائل الأعلام الجماهيرية هي الأدات الأكثر فاعلية في هذه الحالات للتأثير وللتعبأة الجماهيرية  الواسعة رغم إنهم في حملتهم هذه تنقصهم بعض هذه الوسائل الدعائية  مثل (التلفزيون) , أن هذه الوسيلة الأعلامية التابعة للدولة يسيطر عليها القوى المهيمنة على السلطة , علماً إنه في الدول الديمقراطية يكون إعلام الدولة محايداً ويعطي فترات دعائية متساوية للأطراف المتنافسة .أما في العراق والبلدان النامية فالأعلام الجماهيري حكراً على القوى المهيمنة الطامحة للأستمرار في السلطة , الكل يدرك تماماً أن تمكن الشيوعيين والديمقراطيين من إستخدام وسائل الدعاية الجماهيرية هذه , هذا يعني إنهم سيعبئون أوسع فئات الشعب في المدن والأرياف إلى جانب مشروعهم السياسي , وبالتالي ستتغير موازين القوى لغير صالح أصحاب المشاريع الطائفية والقوى المهيمنة وستقترب ساعة إفلاسهم عندما يختار الشعب ممثليه الحقيقين في الأنتخابات . إلا أن رغم إفتقار الشيوعيين  لوسائل الأعلام الجماهيرية والدعم المالي , إلا أن مواقعهم تتوطد يوماَ بعد آخر في المجتمع ورصيدهم صلب قاعدته الشعب التي تتسع يوماَ بعد آخر, حيث إختبر نزاهتهم ووطنيتهم الصادقة وصوتهم يرتفع أعلى فأعلى في الحياة الأجتماعية والسياسية في العراق  رغم أن القوى المهيمنة على العملية السياسية , تعمد في إستخدام الأساليب المتاحة لديها لكبح تقدم الحزب الشيوعي العراقي والتقليل من دوره. وتلجأ في المنافسة إلى أساليب غير ديمقراطية , وللتأكيد على ذلك ما حصل من تزوير في الأنتخابات الماضية وتوظيف الدين لأغراض سياسية وشراء ناخبين بالمال ومحاصرة الشيوعيين إعلامياً ..... إلخ .ينظر الشيوعيين إلى ما حصل في الأنتخابات الماضية إنها معركة غير متكافئة , ولكن ما يميز الشيوعيين في حياتهم العملية هو أنهم في ( المعارك الغير متكافئة التي تفرض عليهم يزدادون صلابة ) . ويأخذون دروس منها ويتعلمون كيف ينتصرون . لأنهم يناضلون من أجل قضايا عادلة تجسد طموحات شعبهم وبناء وطنهم الحر ونظامة التعددي التداولي .
لهذا فليس من قبيل المصادفة أن القوى المعادية لمصالح الشعب هي تعاني من عقدة العداء للشيوعيين وتظهرها حسب الظروف الزمانية والمكانية في تشنجات ونباحات هستيرية , وبنفس الوقت وليس مصادفة وفي مثل هكذا ظروف فأن الشعب يتحول إلى حاضنة للشيوعيين , فتتجذر مواقعهم داخل المجتمع وما أكدته تجارب شعبنا من وجهة نظري , أن من يخوض النضال من أجل مصالح الشعب هو الطرف الأقوى وليس الطرف الماسك للسلطة والقرار السياسي والأعلام والمال هذا أولاَ وثانياَ أن الشيوعيين وحلفائهم الوطنيون الديمقراطيون هم أفضل المناضلين من أجل الديمقراطية وهم الأكفأ من يمارسها بمهارة وإخلاص لصالح مصالح الشعب والوطن وبناء دولة العدل والقانون .

ما ذا يريد الشيوعيين :
الشيوعيين في نضالاتهم اليومية وتضحياتهم من أجل مصالح الجماهير والمطالبة بحقوقها وحاجاتها وتقديمهم للمبادرات والمشاريع الديمقراطية العملية لتطوير العملية السياسية , فأنهم يؤكدون بهذا النهج الواقعي والعقلاني إنهم يقدمون البديل الديمقراطي العملي ليخرج البلد من أزماته , وليحل محل تقاسم السلطة والمحاصصات الطائفية المقيته التي مزقت الوحدة الوطنية والتي أبعدت الشعب عن صنع القرار السياسي وصادرت حقوقه وحصل تفاوت في توزيع الثروة لصالح أبطال المحاصصة على حساب الفقراء من أبناء شعبنا .
فأن ما يميز الشيوعيين هو تبنيهم لمطاليب الشعب ومنطلقهم الأساس أن الديمقراطية الحقيقية هي أن تكون السلطة للشعب كله وأن يشارك مشاركة مباشرة في بناء الدولة الديمقراطية وصياغة سياستها وتجسيدها , وإعادة صياغات آليات الديمقراطية التي إنتحلها أصحاب المحاصصات الطائفية والقومية لأنفسهم ولمصالحهم الأنانية الضيقة المقيته المضرة بمصالح الشعب والوطن , فالشيوعيين وحلفائهم الديمقراطيين يريدون للمارسة الديمقراطية أن تعود بالخير والرفاة للشعب والوطن . فالديمقراطية الحقيقية لا يجمعها أي جامع بالمحاصصة الطائفية والقومية وأن الوحدة الوطنية الصادقة لا تتحقق عن طريق المحاصصات الطائفية البغيضة . أن هم الشيوعيين هو بناء وطن حر مستقل بعيداَ عن المحاصصات الطائفية والتدخلات الخارجية والدفاع عن مصالح الناس وضمان حقوقهم وحرياتهم وكرامتهم الأنسانية ورفاههم وتشييد دولة المؤسسات الديمقراطية وقانونها العادل .
الشيوعيون والوطنيون الديمقراطيون يعرفون ويجيدون بشكل ماهر إستخدام الوسائل الوطنية في تحقيق التنمية الأقتصادية والتي تعود ثمارها لصالح المواطنين والمجتمع , وهم القادرون على صياغة وتتنفيذ بأخلاص لسياسة الدولة بأتجاه زيادة الرفاهية للشعب , وليس بأتجاه  مصالح فئة قليلة من أصحاب السلطة والمحاصصات الطائفية التي تعمل لمصالحها وليس لصالح المواطن والمجتمع . لأن التوزيع العادل للثروة وتحقيق العدالة الأجتماعية هي شروط أساسية لبناء وتطور الدولة والمجتمع , هذه هي من مقومات بناء الدولة الديمقراطية , وغير قادر على تطبيقها إلا المناضلون الحقيقيون من أجل مصالح شعبهم ووطنهم .
أن الشيوعيين وهم يخوضون إنتخابات مجالس المحافظات وبتحالف مع الوطنيين الديمقراطيين في بعضها من أجل تحقيق مصالح الشعب والوطن على أساس برنامج سياسي إنتخابي ذات محتوى  (إجتماعي - وطني - د يمقراطي) . وما يتضمنه من أولويات تكتسي أهمية في حياة الشعب ومنها , توسيع نطاق الخدمات الطبية والتعليمية المجانية . والقضاء على الأرهاب وتحقيق الأمن والسلام والحرية وتوفير الخدمات الضرورية مثل الكهرباء والوقود والماء الصالح للشرب ووسائل النقل وخفض أسعار المواد الغذائية وتوفير السكن للمواطنين , وحل مشكلة البطالة في البلد , وتحقيق التنمية وتطوير فروع الأقتصاد الوطني , ورفع المستوى المعيشي للشعب , وزيادة الرواتب بما فيها رواتب المتقاعدين . وتحقيق نظام عادل لتوزيع الثروة  وتحديد الحدالأدنى لمستوى الدخل لضمان حياة كريمة للفقراء وغالبية الشعب والقضاء على الفساد المالي والأداري .وإنهاء المحاصصات الطائفية المقيته . فأنهم بريدون الخير والحياة الكريمة لشعبهم والتقدم والأزدهار لوطنهم , فستكون أوسع فئات الشعب معهم وتحتضن توجهاتهم وتدعمهم .

هل سيحقق الشيوعيين والوطنيين الديمقراطيين نتائج جيدة في الأنتخابات :
أكدت الحياة أن جاذبيةالأفكار التي يناضل من أجلها الشيوعيون والديمقراطيون هي تكتسي بأهمية كبيرة في حياة الشعب , على سبيل المثال العدالة والخير والرفاة والسلام والحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية الصادقة , والأنسانية , وضمان حقوق المواطنة , وضمان حقوق الطفل والمرأة , وسن قانون عادل , وبناء وطن حر بلا إحتلال ومحاصصات طائفية وبلا نعرات قومية تؤجج الكراهية بين الناس وبلا تبعية وإنبطاح للأجنبي أو لدول التمويل المالي , وأن ثروات الوطن هي ملك الشعب , وبناء الدولة المدنية الديمقراطية . أن هذه الأفكارالحية الأنسانية الواعدة  لا تزال الحياة وتجربة العراق المريرة تؤكد جاذبيتها وأهميتها وإعتراف غالبية الشعب بها وحاجته لها, فهي من وجهة نظري أمضى سلاح وأقوى من المال ومن الأذاعات الممولة خارجياً أو المخصصة لتكريس حكم المحاصصات الطائفية , التي تحمل خطابات زائفة وتسوق لبضاعة فاسدة .وإنها الأكثر مصداقية وفاعلية من إستغلال الدولة وسلطتها وتوظيفها في العملية الأنتخابية للترويج للمشاريع المهيمنة على السلطة ولأبتزاز وشراء أصوات الناخبين . هذا ما تؤكده تجارب الشعوب ولكن تبقى العملية الأنتخابية هي معركة قد تكون غير متكافئة في مثل هكذا ظروف من حيث حصول الجميع على مستلزمات خوضها , وهذا ما يدركة الشيوعيين وكل الوطنيين الديمقراطيين فهم يبذلون جهود مضنية مع شعبهم, للتمكن من إمتلاك مستلزمات خوض المعركة الأنتخابية , وتوظيف الوسائل السليمة والمتاحة التي يقتنع بها الشعب لصالحهم وهذه المستلزمات يدركها الشيوعيين وحلفائهم جيداَ ومنها على سبيل المثال :
التعبأة الواسعة من أجل أن تكون مشاركة جماهيرية واسعة في إنتخابات مجالس المحافظات , وتعبأة ومطالبة أوسع القوى المشاركة في العملية الأنتخابية على أن تكون رقابة صارمة على الأنتخابات من قبل الأمم المتحدة والمنظمات المحايدة ,  لضمان أن تكون الأنتخابات بعيدة عن التزوير والتأثير على الناخب بوسائل وأساليب غير ديمقراطية وضمان حيادية أجهزة السلطة في الأنتخابات , والأهم في العملية كلها هو أن المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات , أن تبرهن على إستقلاليتها وحياديتها ومبدأيتها في تطبيق قانون الأنتخابات بكل شفافية وحيادية بعيداً عن خضوعها للتأثيرات والأنحيازات وغض النظر عن التجاوزات مهما كانت صغيرة .
أخيراً أن الشيوعيين والقوى الوطنية الديمقراطية يمتلكون أهم هذه المستلزمات وهي أن لديهم قدرات فائقة وهائلة وهم أقدر من يجيد توظيفها بالشكل الصحيح في إدارة الحملة الأنتخابية , فالقوة الضاربة التي بأيديهم هي أن لديهم طاقات وخبرةهائلة من الأمكانيات البشرية ذوي المواهب و الوعي والمعرفة والخبرة و المبادرة والعزم والتصميم والأرادة العالية والتفاني والعطاء التي بمقدورها أن تصل وتخاطب بشكل مباشر الناخبين في مناطق سكناهم في المدن والأرياف . ولديهم من الأمكانيات الفنية والثقافية الهائله أن هذه الأمكانيات تتكامل وتغتني بالأعداد الواسعة من الشبيبة المفعمة بالحيوية والموهبه والتخصص والأندفاع التي تنضوي تحت صفوفهم وبزداد عددها وإتساعها يوماَ بعد آخر .هي وسائل مجربة لا غنى عنها لتنمية وإمداد الأمكانيات والطاقات من أجل التعبأة الواسعة والأندفاع إلى الأمام نحوالمستقبل الزاهر لشعبهم ووطنهم . وما يمتلكون من رصيد كبير من الوطنية الصادقة والنزاهه ولديهم برنامجهم السياسي الوطني الديمقراطي , فبالمنافسة الديمقراطية النزيهه سيتمكن الشعب من إعطاء صوته بكل حرية للعديد من ممثلي الشيوعين والديمقراطين المرشحين لمجالس المحافظات لأن الشعب يثق بوطنيتهم ونزاهتهم وإخلاصهم وتفانيهم وتضحياتهم من أجل مصالحة ومصالح الوطن .وبهذا ستكون الأنتخابات في صالح الشعب إذا جرت في أجواء تنافسية ديمقراطية بعيداَ عن الأجبار والتهديد والأغراء و بعيداَ عن توظيف السلطة و المال والدين في العملية الأنتخابية .
27-12-2008

174
تنظيمات عراقية في النرويج تطالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة
للكشف عن جريمة اغتيال الشهيد كامل شياع

ساهمت عشرة تنظيمات سياسية عراقية متواجدة في النرويج في كتابة مذكرة موجهه إلى السادة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية تطالبهم بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في جريمة اغتيال وكيل وزير الثقافة الشهيد كامل شياع . وقد شكلت الأحزاب وفد يقوم بزيارة مكتب السفارة في أوسلو لغرض تسليم المذكرة .
 


وفي يوم الأثنين الموافق 17-11-2008 وفي تمام الساعة الحادية عشر صباحاً قام الوفد المكون من ممثل الحركة الديمقراطية الآشورية السيد حكمت منصور وممثل منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني الرفيق دلشاد خضر وممثلي منظمة الحزب الشيوعي العراقي الرفيقين فلاح علي وعلي الصراف , بزيارة مكتب السفارة العراقية في أوسلو وقد إستقبل الوفد بحفاوة من قبل موظفي السفارة .
 
وإجتمع الوفد مع السيد فاضل العزاوي القائم بالأعمال العراقي  وبعد جلسة حوار ودية عن الشأن العراقي فقدتم التطرق أيضاً إلى استقرار الوضع الأمني وتأثيره على حياة الشعب بعدها جرى الحديث عن الأغتيالات السياسية وتم التوقف عند جريمة اغتيال الشهيد الرفيق كامل شياع وقد تم تسليم المذكرة للسيد فاضل العزاوي القائم بالأعمال العراقي ,وقد أكد السيد القائم بالأعمال العراقي على حرص السفارة على إرسال المذكرة بأسرع وقت للمسؤولين في الدولة العراقية وقد ودع الوفد بنفس الحفاوة التي استقبل فيها .



نص المذكرة : 
السيد رئيس جمهورية العراق جلال الطالباني المحترم
السيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المحترم
السيد وزير الداخلية جواد البولاني المحترم         
تحية وتقدير
بأسم أعضاء أحزابنا العراقية وجماهيرها المتواجده في النرويج  نعبر عن عدم ارتياحنا للأهمال الغير مبرر من قبل السلطات المعنية العراقية وأجهزتها الأمنية . في عدم متابعتها لقضية اغتيال الشهيد كامل شياع وكيل وزير الثقافة   أن السكوت على هذه الجريمة النكراء التي أودت بحياة مناضل وانسان ومثقف لامع ومبدع ورمز للثقافة الوطنية العراقية ومسؤول في الدولة. لهو أمر مقلق جداً على مصير مثقفي ومبدعي  العراق وهي بنفس الوقت تعطي إشارة مفادها أن الأجهزة الأمنية غير قادرة على الوقوف بوجه قوى الظلام والتطرف والأرهاب التي تستهدف المثقفين والأعلامين والمفكرين والمبدعين وحملة المشروع الثقافي الوطني الديمقراطي .
نطالبكم بتشكيل لجنة تحقيق رسمية مستقلة للنظر في جريمة اغتيال الشهيد كامل شياع التي قد مضى عليها قرابة ثلاث أشهر والتي تمت في وضح النهار في العاصمة بغداد . وكشف هوية منفذيها ومن يقف ورائهم وعرض نتائج التحقيق وبالسرعة الممكنة على الرأي العام العراقي وإحالة القتلة إلى العدالة لينالوا جزائهم ومتابعة كل جرائم الأغتيالات التي أودت بحياة رموز سياسية وفكرية وثقافية . وبهذا تبين الحكومة الوطنية للشعب العراقي بأنها قادرة على حماية مبدعية ورموزه الفكرية والثقافية الوطنية .
مع التحيات والأحترام والتقدير .
1- محلية الحزب الديمقراطي الكوردستاني في النرويج
2- تنظيم الأتحاد الوطني الكوردستاني في النرويج
3- الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج
4- منظمة الحزب الشيوعي الكوردستاني في النرويج
5-المجلس الأعلى الأسلامي العراقي / النرويج
6- الأتحاد الأسلامي الكوردستاني/  النرويج
7- التيار الصدري / النرويج
8- الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي في النرويج
9- تجمع أحرار العراق في النرويج
10- منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النرويج

10-11-2008



175
النصيرات الشيوعيات العراقيات تأريخ نضالي مجيد ومثالاً حياً
لنضال المرأة ضد الدكتاتورية


فلاح علي
أن تجربة النصيرات الشيوعيات في صفوف قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي إنها ظاهرة نادرة تستحق أكثر من وقفة ليس لغرض التأمل فيها وإنما لدراستها ونشر دلالاتها ودروسها ومعانيها ليتعرف أكثرأبناء شعبنا ورموزه الثقافية والفكرية ومناضلاته ومناضلية من مختلف القوى السياسية والأجيال الجديدة الشابة على هذه التجربة الغنية التي تشكل تأريخاً مجيداً ومشرقاً لنضال المرأة العراقية في صفوف قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي للخلاص من الدكتاتورية ومن أجل الحرية والتحرر والديمقراطية وبناء دولة القانون وإقامة النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي .
في هذه المقالة لاأتحدث عن قضايا نظرية أوإمور يتم تناولها عن بعد وإحياناً يكون التناول بهذه الطريقة قاصر أو مشوه يعتمد على السماع والنقل الغير دقيق . وإنما أتحدث عن معايشة لعدة سنوات في صفوف أنصار قوات الحزب الشيوعي العراقي وكشاهد حي على تلك المآثر النادرة المثال التي خطتها تلكن المناضلات البطلات اللواتي إنخرطن في الكفاح المسلح الذي تبناة الحزب الشيوعي العراقي في أواخر السبعينات من القرن الماضي كأسلوب نضالي فرضته تلك الظروف للخلاص من الدكتاتورية ومن شرورها التي جلبت للشعب والوطن المآسي والدمار والحروب والحصار والأحتلال .

الكفاح المسلح أحد أشكال النضال التي إعتمدها الحزب في عام 1979 ضد الدكتاتورية فهو لم يكن نزهه عابرة أو رغبه أو عاطفة وإنما وعي وممارسة عملية يتجلى فيهاالثبات الفكري وقوة الأرادة وصدق الأنتماء ونكران الذات وتضحية وفداء فهو قناعة بالفكر والخط السياسي الذي إنتهجه الحزب وبهذا فقد أكد الشيوعيون العراقيون أن عضوية الحزب تعمد بالدماء وبالنضال الصعب وتحمل الصعاب والمخاطر . لهذا فقد إنخرط في قوات الأنصار رفيقات ورفاق أشداء وكانوا في عمر الزهور وكثير منهم يحمل الشهادات العلمية العالية ومؤهلات مهنية متنوعة, تركوا وظائفهم وصفوف الدراسة وإلتحقوا مع حزبهم لخوض أصعب أشكال النضال وهوالكفاح المسلح .

لم أكن مبالغاً إذا قلت أن الرفيقات النصيرات الشيوعيات لقد أبدين مقدرة عالية في تحمل الصعاب وما أكثرها من قساوة الطبيعة والمناخ وكثرة الثلوج والسير الطويل في الليل والسهر والجوع والتعب والمواجهات العسكرية وخوض المعارك فكن يتحلين بالشجاعة النادرة والصبر ونكران الذات والتضحية وإستشهدالعديد منهن سواء في مواجهات عسكرية غير متكافئة أو في مهام نضالية حيث إستشهدت الرفيقة أحلام والرفيقة موناليزا كما إستشهدت النصيرات البطلات الرفيقات أم ذكرى وأم لينا حيث كلفهم الحزب بمهام في عمق الوطن . وهناك أسماء من النصيرات تركن أثراً كبيراً في أوساط الجماهير الكوردية وفي المناطق التي عملن فيها ومن هذه الأسماء التي أصبحت مفخرة للشيوعيين العراقيين وأذكر على سبيل المثال الدكتورة أم هندرين التي قدمت من موسكو مع بنتها نداوي الذي لا يتجاوز عمرها آنذاك عن الخمس سنوات وعاشت مع والدتها ووالدها تلك التجربة القاسية لقد عرفت جماهير قرى منطقة زيوة والعمادية الدكتورة أم هندرين وقد أنقذت الكثير من حالات مرضية خطرة أو حالات عسر الولادة وكان يزورها الكثير من بنات وأبناء القرى طلباً للدواء . ولن ينسى أنصار قاطع بهدينان كيف إنها أنقذت ومعها رفيقها الدكتور أبو تضامن حياة النصير دولفان عندما أصيب بطلقات مميته في ساقة عندما كان مشاركاً في العملية العسكرية في ديرالوك وعندما طلبت الرفيقة من الأنصار التبرع بالدم لأنقاذ حياة الرفيق دولفان لقد تزاحم الكثيرللتبرع بالدم لأنقاذ حياة رفيقهم وقد تطابق معه دم الرفيق منذر فكانت أسعد لحظات انسانية عاشها الرفيق منذر عندما تبرع بدمه وأنقذ حياة رفيقة ( بلا شك أن سعادة الشيوعيين تتميز بطابعها النضالي والأنساني ) وفي منطقة بارزان في أربيل كانت تتحدث جماهير القرى عن براعة النصيره الرفيقة الدكتورة ساهره التي أنقذت حياة الكثير وقدمت للجماهير الأدوية والعلاجات في الوقت الذي أغلقت فيه الدكتاتورية المراكز الصحية في المناطق التي يسيطر عليها الأنصار فكانت محط إعتزاز وتقدير جماهير القرى .  وهناك نصيرات قضين قرابة العشر سنوات في الكفاح المسلح من يسمع بأسمائهن ينحني لهن إجلالاً وإحتراماً إنهن مفخرة ورموز نضالية يحتذى بها .  منهن النصيرة الرفيقة أم نصار وكانت مع زوجها الرفيق أبو نصار والرفيقة منى زوجة الرفيق أبو آذار وهي بنت القائد الشيوعي الأنصاري البطل الرفيق توما توماس ووالدتها والرفيقة أم بدر وزوجها الرفيق أبو بدر وسميرة وزوجها  وليلى رش ومعها زوجها وسمروزوجها الرفيق أبو نسرين وشهلة وزوجها الرفيق أبو علي والدكتورة سعاد ومعها شقيقها منار التي عرفت بنشاطها السياسي والتثقيفي للنساء في القرى الكوردستانية المجاورة للقاطع والرفيقة أم علي الذي كان معها ولديها وزوجها والنصيرات البطلات الرفيقات أم أسيل ورفيق دربها الرفيق أبو داود وأم رافد وزوجها الرفيق أبو رياض وبهار وزوجها الرفيق أبو الطيب وأم ثائر في سوران وكان معها ولديها وزوجها والنصيرة فاتن (أم محمود ) في سوران مع زوجها  والمئات من المناضلات.
وفي أول سرية عملت بها كانت معنى نصيرة بطلة إسمها تانيا وزوجها الرفيق ملازم رياض لقد كانت مثالاً للشجاعة والأقدام وقد كلفها مكتب السرية بمهام عسكرية كثيرة وكانت محط تقدير وإعتزاز النسوة في القرى وكن يتحدثن عنها في المناطق التي تتواجد فيها السرية وعن جرأتها وكنا يتمنين حمل السلاح مثلها وهناك بطلات في الفوج هن في ذاكرة الأنصار وقدمن الكثير للحركة الأنصارية بعضهن أصبحن أسماء لامعة في القرى وفي الحركة الجماهيرية النسائية في منطقة عمل الفوج أمثال النصيرة الرفيقةالبطلة أم عصام ومعها زوجها الرفيق أبو نصير الذي إستشهد في عام 1993 والنصيرة الرفيقة أم أمجد ومعها زوجها الرفيق أبو أمجد والنصيرات البطلات الرفيقة بلقيس ومعها زوجها الرفيق سميروالرفيقة زينة ومعها زوجها الرفيق أبو عماد والرفيقة نادية ومعها زوجها الرفيق ملازم آزاد والرفيقة كنار وزوجها الدكتور باسل الذي كان بحق دكتور جوال ويزوره العشرات من أبناء القرى لعيادته طلباً للدواء والعلاج وهناك أسماء في الأنصار أصبحت وجوه جماهيرية أمثال الرفيق الشهيد الدكتور عادل لقد بكت علية جماهير القرى عندما إستشهد هذا الرفيق البطل لقد أنقذ حياة العديد من الأطفال والنساء والرجال .والشهيد أمين الذي عرفته جماهير دشت الموصل بطلاً والشهيد أبو نصير آمر سرية والشهيد أبو نصير آمر الفوج  والشهيد أبو ماجد كانوا وجوه لامعه يفتخر بها كل شيوعي وهي محط إعتزاز وتقدير جماهير القرى والدشت .

فكان الأنصار والنصيرات يحضون بأحترام وتقدير القرى التي يتواجدون فيها فأصبحت العلاقة قوية وطيدة حيث قاتل الأنصار لأيام عدة دفاعاً عن بعض القرى التي تعرضت لهجمات عسكرية وقدموا الشهداء من أجل الحفاظ على أرواح وممتلكات أهل القرى التي تعرضت للهجمات إضافة للدور الأنساني في المجال الصحي الذي قامت به الطبيبات والأطباء الأنصار . فكانت جماهير القرى في تفاعل مع سرايا الحزب الشيوعي العراقي وتشعر بالأمان عندما تتواجد المفارز في مناطقها فتهيأت أرضيه مناسبة للنشاط السياسي بين بنات وأبناء القرى وتكونت الركائز بما فيها الركائز المسلحة في أوساط الجماهير , وقد حققت حركة الأنصار نجاحات كبيرة في إعادة تنظيمات الحزب وبدأت تهيئ مستلزمات تعريق الكفاح المسلح ولمس النظام الدكتاتوري تعاظم نشاط قوات أنصار الحزب الشيوعي العراقي حيث أصبح الدخول إلى بعض المدن والأقضية والقصبات في كوردستان أمراً سهلاً ووصلت إشارات من العديد من العسكرين في بعض المواقع وقادة الجحوش بالتعاون مقابل عدم توجيه هجمات عسكرية عليهم . أن حركة الأنصار الشيوعية قد أعادت الحياة للحزب بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها في عام 1978 ومكنت الحزب من إستعادة نشاطة ودوره السياسي وحضورة الفاعل في الأحداث والتطورات وكان في مقدمة ذلك الحضور إضافة لقيادة الحزب آنذاك ومعها الجمهره الواسعة من النصيرات البطلات التي خصتهن هذه المقالة والتي تم ذكر بعض الأسماء وهناك أسماء كثيرة ليس بصدد ذكرها . ومعهن أولئك الرفاق الشباب الأنصار الشجعان الذين تصل أعدادهم إلى عدة آلاف ومعهم أبطال العمل السري والرفاق الناشطين السياسين في الخارج .
فأنصب حقد النظام الدكتاتوري عليهم ولخوفه من تعاظم نشاط قوات الأنصار فوجه ضربتين كيمياويتين الأولى في حزيران عام 1987 والثانية في آب/ 1988 ولكن لن يتمكن من النيل من إرادة الأنصار ودورهم وتأريخهم وستبقى حركة الأنصار تجربة حية تشكل صفحة مشرقة لنضال الشيوعين العراقيين .

ولا توجد قوى أو شخوص على الأرض تستطيع النيل من هذا التأريخ المشرق الذي سيخلدة الشعب وستكون هذه التجربة في ذاكرة الأجيال القادمة التي خاض غمارها مناضلات ومناضلين أشداء من أعضاء حزب فهد وسلام عادل. أما الذين يحاولون النيل من الأنصار ويشوهوا نضالهم سواء عن قصد أو عن غباء فأنهم ناقصي فكر وسياسة ووعي وتجربة وقد يكون لهم تأريخ مشوه وبلا شك إنهم أقزام مهما طال بهم العمر الزمني لأنهم يتجاهلون دور المرأة في النضال السياسي والأجتماعي وفي بناء الوطن ودورها في قيادة الدولة من خلال المشاركة في مؤسساتها وإنهم يسيئوا لنفسهم ولن يتمكنوا من النيل من الأخت والأم والزوجة والأنسانة المناضلة .
15-11-2008 

176
مزيداً من التضامن مع  عمال العراق ودعم نضالاتهم
لأجل تلبية مطاليبهم

فلاح علي
نظم الأتحاد العام لنقابات العمال في العراق في يوم 19-10-2008 تظاهره في ساحة الفردوس في العاصمة بغداد لمنتسبي شركات ومؤسسات القطاع الصناعي العام التابع لوزارة الصناعة . وطالب العمال بحقوقهم وحددوها في صرف فروقات زيادة الرواتب وإلغاء نظام التمويل الذاتي وضمان حقهم في إقامة التنظيم النقابي في هذا القطاع . وأكدوا على مواصلة نضالهم من أجل نيل حقوقهم المشروعة وتضامن معهم إخوتهم العمال في محافظات ( النجف – الديوانية – البصرة) العاملين في نفس القطاع الصناعي مطالبين بنفس الأهداف .
أن هذه التظاهره لم تكن حدثاً عادياً عابراً إنها رسالة لها معاني عدة وهي أن الطبقة العاملة العراقية التي تعد من القوى الأساسية في المجتمع والحاملة لمشروع التغيير والتي تربط مصلحتها بمصلحة الوطن إنها بدأت تستعيد عافيتها وتستنهض قواها وتؤكد وحدتها من أجل نيل الحقوق والمطاليب لعمال العراق بقيادة إتحادهم العام ومن خلال نضالات مطلبية متصاعدة مذكرات تظاهرات إضرابات لأن الحقوق لا تعطى هبه وإنما يحصل عليها بالنضال .
وهذا ليس غريباً على الطبقة العاملة العراقية ذات التأريخ النضالي المجيد التي خاضت نضالات صعبة منذ ثلاثينات القرن الماضي وتصاعد نضالها وكانت صفحات مشرقة لمعارك وطنيه و تضامن معها أوسع قطاعات الشعب وشكلت تلك الصفحات المجيدة أرثاً نضالياً مجيداً لطبقتنا العاملة وكانت نضالات العمال تقابل بالقوة والقمع والسجون والمعتقلات من قبل الأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق ومن هذه الأضرابات على سبيل المثال إضراب شركة فتاح باشا و إضراب عمال السكك وإضراب  عمال كاورباغي في عام 1946 وإضراب عمال ميناء البصرة في عام 1953 بقيادة الشهيد البطل سلام عادل وإضراب عمال شركة الزيوت في عام 1968 وواجه العمال رصاص الأجهزة الأمنية في هذه التظاهرة  إلى أن وصل حقد النظام المقبور على الطبقة العاملة حداً لامثيل له في التأريخ وهو ليس إنه صادر كل المكاسب التي حققها العمال بنضالهم وتضحياتهم ولكنه بقرار صدر من الدكتاتور بألغاء الطبقة العاملة في العراق وبهذا وصل القوميون المتطرفون إلى مأزق فكري وسياسي وأخلاقي وقانوني ووقفوا بالضد من قوانين الطبيعة وقوانين التطور الأقتصادي والأجتماعي وأدانوا انفسهم وفكرهم وهو أن التشكيلات الأجتماعية لا تحل بقرارات سلطوية أو بيروقراطية بناء على رغبة أحد .

واليوم بعد أن اعيد تشكيل الأتحاد العام لنقابات العمل وتم إعادة تشكيل الأتحادات الفرعية في المدن بعد أن تكونت النقابات في العديد من فروع وقطاعات العمل والأنتاج فهذا أمر طبيعي ومطلوب أن تشهد ساحات العراق من جديد مظاهرات العمال ونشاطاتهم المطلبية هذا ما أقره الدستور أما الغير طبيعي هو الأعتكاف والعزلة عن خوض النضالات المطلبية الجماهيريه . بالنضالات الجماهيرية تتحقق المطالب وتشل أيادي أعداء الطبقة العاملة ويضعف تأثيرها وتتحقق وحدة الطبقة العاملة .ووحدة النضال المشترك لجماهير الشعب .
في ظل الظروف الغير طبيعية والمعقدة من إحتلال وتقاسم البلد بين قوى مهيمنه تكرس نهج المحاصصة الطائفية والقومية وتختزل فيه السلطة وصنع القرار والتحكم بالثروة . إن هؤلاء أبطال المحاصصة الطائفية والقومية يعيشون على بؤس الطبقة العاملة وبؤس الملايين من أبناء شعبنا ويتاجرون بمعاناتهم زوراً وبهتاناً وهم في واقع الحال يصادرون حقوق العمال والكادحين والشغيلة . لا بد من تصاعد نضالات العمال وفق حقها المثبت في الدستور لتأخذ أبعاداً أوسع وتكون تظاهرات لقطاعات عمالية أوسع وفي أكثر من مكان في آن واحد وسينجذب لهذه التظاهرات الكادحون والفقراء في المدن والأرياف وفئات واسعة من المجتمع لأن نضالات العمال الأقتصادية والأجتماعية والسياسية هي تعبر عن حاجات الشعب و شعبنا يثق بطبقته العاملة وبنضالاتها الوطنية البعيدة عن الصراعات الطائفية والقومية والسياسية  إنها تعبر عن مصالح إقتصادية وإجتماعية وسياسية وذات مضمون وطني ديمقراطي , لهذا تحظى الطبقة العاملة العراقية بأحترام وثقة أوسع قطاعات شعبنا وستحتضن تلك القطاعات والشرائح الأجتماعية نضالات الطبقة العاملة  وتظاهراتها وستردد معها :

نريد حل جذري لمشكلة البطالة وتوفير فرص عمل متكافئه  ......  نريد الماء الصحي والكهرباء والوقود وتوفير المواد الضرورية للعيش ........ نريد الضمان الأجتماعي والصحي
نريد حياة أفضل وتوفير السكن اللائق .......  نريد تنمية إقتصادنا الوطني .... نريد تحسين وسائل النقل تليق بالمواطن العراقي ....... نريد تحسين محتويات البطاقة التموينية ... نريد إلغاء كل القرارات المناهضة لحقوق الطبقة العاملة... . نريد ضمان حقوق المواطنة وضمان حقوق المرأة .... نريد السيادة الوطنية ....... نعم للتغيير الديمقراطي . نعم لأنتخابات نزيهه ..... نعم للتداول السلمي للسلطة
لا نريد خصخصة القطاع العام ....... لا نريد الأرتهان لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ... لا نريد الفساد المالي والأداري ..... لا نريد المحاصصة الطائفية والقومية . لا نريد الأحتلال .... لا نريد السياسات النيوليبرالية  ....... لا نريد الفقر والأستغلال ..... أرفعوا الحد الأدنى للأجور .... لا لللأقصاء والتهميش ..... لا لسلطة الميليشيات لا للأرهاب نريد الأمن والأستقرار.
هكذا هي الطبقة العاملة العراقية هي الصوت الأكثر نقاءً وأكثر تعبيراًعن آلام الناس ومعاناتهم وتجسد الصوت الأكثر وضوحاً لأنه فوق أي صراع سياسي أو طائفي أو قومي أو ديني إنه صوت الوطنية الحقة والصوت المعبر عن وحدة الشعب العراقي بكل قومياته إنه صوت الوحدة الوطنية والسلم الأهلي .

مالعمل في الظرف الراهن :
1- تفعيل تقاليد وأمجاد الطبقة العاملة العراقية الأكثر أهمية ومنها تفعيل التضامن العمالي لأنه سلاح مجرب فعال بتضامن العمال في العقود الماضية حققت الطبقة العاملة العراقية نجاحات ومكاسب ومطاليب نقابية وإقتصادية وإجتماعية وسياسة.
2- وحدة الطبقة العاملة العراقية ضرورة هامة لا بد منها لتثبيت حضورها الفاعل في المجتمع ومن أجل التوجه لنضالات عمالية كفاحية ذات محتوى ديمقراطي تتصاعد من حقوق مطلبية إلى حقوق نقابية وحريات وسن قوانين لصالح العمال بشكل خاص وللكادحين وفقراء الشعب في المدن والأرياف بشكل عام. من هنا فأن وحدتها تحظى بأهمية وأن الحقيقة الراسخة في ذاكرة الشعوب وذاكرة شعبنا وهي أن شعارات العمال ومطاليبهم هي لاتعبر عن حاجاتهم الخاصة فقط وإنما تعبر عن حاجات أوسع فئات المجتمع , أما أصحاب السطوة والنفوذ والمستبدون والطائفيون والمتطرفون فهم يتصارعون من أجل السلطة والهيمنة والأستئثار والبحث عن المصالح والأهداف الأنانية الخاصة .
3- ما يميز الطبقة العاملة عن  سائر فئات المجتمع إنها في الوقت التي تناضل من أجل مصالح إقتصادية وإجتماعية فأنها بنفس الوقت  تناضل من أجل المصالح الجذرية وهي إلغاء الأستغلال لهذا أن الطبقة العاملة هي القادرة على التغيير فهي قبل غيرها من الطبقات قد تعرضت للقمع والأضطهاد ومصادرة حقوقها لعدة عقود والآن تتعرض لأجراءات بيروقراطية معادية لحقوقها من هنا يتطلب الأنتباه للطائفيون والقوميون المتطرفون لأنهم يدركون أن إنتصار نضالات العمال هو يعد إنهزاماً للمشروع الطائفي ولكل مشاريعهم القائمة على إقتسام الدولة والثروة لهذا فهم يمارسون التضليل ووضع اسفين لشق وحدة الطبقة العاملة العراقية ومصادرة حقوقها وعرقلة دورها السياسي.
4- فمن أجل أن تنتصر نضالات العمال لا بد من معرفة ما يجب عمله في هذا الوقت وهذا الظرف المعقد.
5- لهذا من وجهة نظري فأن أحد الخطوات الهامة جداً والتي تتطلب العمل الآن هو تهيئة العامل الذاتي الداعم والمتبني والمساند الحقيقي لنضالات العمال وضمان حقوقهم هي ( قوى اليسار والديمقراطية) في هذا الظرف بالذات يتطلب تعبأة القوى من أجل تحقيق وحدة العمل والنشاط لهذه القوى والأتفاق على برنامج الحد الأدنى ذات التوجهات والمضمون الأقتصادي والأجتماعي والسياسي والذي يربط ما هو وطني وديمقراطي وإني أقترح على نقابات العمال وإتحاداتها وعلى الأتحاد العام لعمال العراق وعلى قوى اليسار والديمقراطية وكل منظمات المجتمع المدني أن تطلع على برنامج الحزب الشيوعي العراقي الأكثر واقعية وإنسجاماً وتعبيراً عن حاجات الطبقة العاملة العراقية و كل فئات المجتمع والوطن في هذا الظرف ستجده دليل عمل لنشاطها وستجد فيه ما هو هام لتوحيد نشاطاتها وعملها المشترك ولتلتقي على نقاط تطورها وتتفق عليها .
6- نتيجة فشل قوى الأسلام السياسي في إمتحانات مصيرية وهي الأخفاق في توفير الخدمات وحل مشكلة البطالة والفشل في تلبية حاجات أساسية للشعب و عدم قدرتهم على بناء الأقتصاد الوطني وتنامي الفساد الأداري والمالي لأن هدفهم  كان ولا يزال هو السيطرة على السلطة وإمتلاك الثروة والهيمنة والتفرد في صنع القرار في البلد وممارسة سياسة الأقصاء والتهميش ...... إلخ هذا الفشل في الأمتحان قد خلق مناخ جديد في البلد وهو ( أن الناس بدأت تستعيد ثقتها بكم ياعمال العراق ويا قوى اليسار والديمقراطية ) . ما هو المطلوب منكم لتعزيز هذه الثقة بلا شك بوحدة عملكم ونضالكم المشترك لأنها ضرورة نضالية لا تقبل التأجيل ليس لنضوج عملية التغيير فحسب وإنما لحاجة الشعب والوطن لكم كما إنها سمة المرحلةوأن المناخ العام المحلي والدولي هو ليس مناخ تراجع وإنحسار وإنكساروتردد هو مناخ مشرق جديد تفرضه حاجة الشعوب لهذه القوى أنتم من يحقق العدالة الأجتماعية والديمقراطية الحقة وبناء دولة القانون .
7- العمال والكادحون وكل شغيلة اليد والفكر هم بناة الوطن وهم صانعي حضارته الأنسانية بما بذلوه من جهود جسدية وفكرية فأنتم من يعمل وينتج وغيركم يحصد الجهد والثروة والجاه والسلطة . فثقة الشعب بكم بدأت تتجدد فليس هناك وقت وإعادة نظر إلى الوحدة والتضامن والعمل الميداني المشترك من أجل نضالات جماهيرية يلتف حولها الشعب لأجل تلبية المطالب ونيل الحقوق والمشاركة الفاعلة في عملية التغير وبناء الوطن على أسس ديمقراطية  .
23-10-2008


177
بيان من المؤتمر الأول للكتّاب والمثقفين العراقيين في النرويج
مؤتمر الشهيد ( كامل شياع )


بتأريخ 12-10-2008 انعقد المؤتمرالأول للكِتّاب والمثقفين العراقيين في النرويج بحضور جمهره منهم وذلك في قاعة  Herslebs skole 20 . وقد بدأت أعمال المؤتمر بكلمة اللجنة التحضيرية ألقاها الزميل الفنان صفاء حسن الذي إبتدأها بالترحيب بالحضور ثم عرّج على إستشهاد المفكر العراقي الكبيركامل شياع مستشار وزارة الثقافة فقال فيما قال ( كان كامل شياع رمزا من رموز الثقافة والفكر التنويري العراقي المعاصر وقد اغاض هذا الظلاميون الجهلة فقتلوه بكاتم الصوت في رابعة النهار )
وأضاف (  حسبوا أنهم يستطيعون بإغتيال كامل ، أن يغتالوا الصوت الثقافي الوطني التقدمي المتميز الراسخ في عمق ارض الرافدين ، لكنهم خسأوا فهو الكامل وهم الناقصون ، وهو الحي وهم الموتى )
ودعى إلى أن يكون الإجتماع بإسم الشهيد كامل شياع ، تمجيدا لذكراه الباقية ابد الدهر ، وقد رحب كامل الحضور بذلك .بعدئذ اعلِن عن حل  اللجنة التحضيرية المكونه من 9 من الكتاب والمثقفين ودُعي المجتمعون لأنتخاب هيئة رئاسة من ثلاثة أعضاء لإدارة اعمال الموسع حتى إنتخاب هيئة رئاسة جديدة ، وتم إختيار الزملاء التالية اسمائهم :
فلاح علي وحبيب تومي وستار موزان ، لإدارة الجلسة .
ثم شرع المؤتمرون بمناقشة جدول الأعمال الذي كان :
1- مناقشة التقرير الإنجازي
2- مناقشة مسودة برنامج العمل للمرحلة القادمة
3- مناقشة مسودة النظام الداخلي
4- انتخاب الهيئة الأدارية
وبعد أن قدم التقرير الإنجازي للّجنة التحضيرية ، فُتح باب النقاش حوله وقدمت مجموعة من الملاحظات ثم شرع الزميل الفنان سمير العراقي بإدارة فعالية عرض البرنامج القادم ، حيث قام بعرضها عبر العاكس الكهربائي على شاشة جدارية ، وقام بإيضاح المقترحات بعناية ، ثم بدأت مناقشة مسودة البرنامج فتقدم الزملاء بمقترحاتهم وملاحظاتهم التي نوقشت بروح ديموقراطية وتم لاحقا التصويت عليها ، فأقرّ منها ما اجمعت عليه الأغلبية ، بعدئذ جاء دور وثيقة العمل الثالثة وهي مسودة النظام الداخلي ، وقد شارك في النقاش وتقديم المقترحات اغلب الحاضرين ، وتم إقرار الآتي بعد التصويت  :

1- الأسم : قُدمت خمسة اسماء مقترحة ، فاز واحد منها بالأغلبية وهو
(  المنتدى الثقافي العراقي في النرويج )  .
2- اُجريت تعديلات على المهام والأهداف .
3- اُجريت تعديلات على حقوق العضوية .
4-قُدمت ملاحظات بشأن الفروع والحد الأدنى لعدد الأعضاء في كل فرع .
5- أجمع الحضور على الفروع في المدن ان تتبنى ذات توجهات واهداف المركز ( المنتدى الثقافي ) وما يرد في نظامه الداخلي .
6- قُدمت ملاحظات حول العضوية وحقوق العضو والعضوية الفخرية ( عضوية الشرف )  .
7- قُدمت جملة ملاحظات حول الدعم المادي والإجتماع السنوي والواجبات والمالية وعدد أعضاء الهيئة  الإدارية ومقترحات بضرورة دمج بعض الفقرات لترشيق النظام الداخلي وزيادة شفافيته ، ثم اقرّ النظام الداخلي مع اخذ الملاحظات المقدمة من الأعضاء بعين الإعتبار وتغيير ما اجمع الحضور على تغييره .
وكانت الفعالية الأخيرة للمؤتمرين إنتخاب الهيئة الإدارية الجديدة للمنتدى .
تم ترشيح 7 اعضاء ،لأنتخاب خمسة منهم للهيئة الإدارية وإثنان للإحتياط ، وبعد التصويت وفرز الأصوات ، فاز الزملاء التالية اسمائهم :
1- حبيب تومي
2- كامل السعدون
3- سمير الرسام
4- صفاء حسن
5- فلاح علي

وللإحتياط الزميلين الأستاذين :
1-ستار موزان
2-محمود قيس .

وبمناسبة إنعقاد المؤتمر ، وصلت إلى المؤتمرين رسالة من مجموعة من المثقفين العراقيين القاطنين في مدينة  (بيركن ) ، يبدون فيها دعمهم ورغبتهم بالإنتماء إلى هذا التجمع الثقافي المبارك  وقد قُرِأت الرسالة ولقيت الإستحسان من الحضور والتأكيد على التضامن والدعم للزملاء ، في مهمة تشكيل إطارهم الفرعي لتجمعنا هذا .


                                                                         الهيئة الأدارية
                                                                    للمنتدى الثقافي العراقي
                                                                          في النرويج
                                                                        13-10-2008
 


178
رؤية حول التوجه لبناء قطب يساري ديمقراطي
في العراق
(2-2)

فلاح علي
في البدأ لا بد من إستحضار الحقيقة الماثله للجميع وهي أن قوى اليسار والديمقراطية ليست قضية مفتعله أو طارئه بقدر ماهي حاجة موضوعية وتأريخية فرضتها حاجات الشعب العراقي وتطلعاته . واليوم في ظل المتغيرات الدولية وإختلال الموازين فيها لصالح الرأسمال المتوحش وفي ظل تراكمات وظروف داخلية طارئه وأزمات بعضها مستعصية الحل فأن المجتمع العراقي اليوم أحوج إلى قوى اليسار والديمقراطية . أن هذه الحاجة هي طبيعية لكل مجتمع يتطلع إلى الحرية والتحرر والتقدم والسلم الأهلي والديمقراطية وأن المجتمع يدرك تماماً أن هذه القوى هي الضامنه لوحدة الشعب والوطن وتخليصه من أزماته السياسية والأقتصادية والأجتماعية والحقيقة التي لايختلف عليها إثنان وهي أن المجتمع لكي يتقدم فلا بد من حامل إجتماعي وأن قوى اليسار والديمقراطية هي التي منوط بها تقدم المجتمع لأنها هي الحاملة لمشروع التغييروكونها تعبر عن مصالح طبقات وفئات إجتماعية  التي ترتبط مصلحتها بحركة تطور المجتمع إنها تعبر عن طموحات الشعب وبناء الوطن وإزدهاره .

ماهي المبررات الضرورية التي تؤشر إلى أهمية بناء قطب يساري ديمقراطي في هذا الظرف :
1- الطائفية هي ليست وليدة اليوم كثير من المجتمعات يوجد فيها تعدد طائفي وهي واقع إجتماعي تأريخي لكن المسألة في العراق قد تم إستغلالها سياسيا ولم يجني شعبنا منهاشيئ سوى التمزق ونزيف الدم وبالذات في الفترة منذ عام 2003 إلى 2007  فقد وظفها المتطرفون لأهداف لاتتصف بالبراءة وأيضاً محاولاتهم الخطيره لشرعنتها وفق أطر سياسية . ولقد إنتصر شعبنا على هذا الصراع الطائفي المفتعل والدخيل وفوت الفرصه على أعداء الوحدة الوطنية وهذا النجاح في تجاوز الصراع الطائفي الدموي يسجل للشعب أكثرمما هوللنخب السياسية المهيمنة التي هي في وسائل الأعلام تعلن عن نبذ الطائفية السياسية ولكن في الواقع هي حاملة في وعيها وسلوكها وفي الممارسة لهذه الطائفية . وبهذا الصدد يطرح السؤال التالي الذي يطرحه يومياً كل مواطن عراقي ولم يحصل على جواب من هذه النخب وهو ماهو سر تشريع وقوننة المحاصصة الطائفية والقومية في الدولة ومؤسساتها؟ أن هذا التوظيف السياسي للطائفية وهذه الشرعنة الخطيرة ستبقي الباب مفتوح أمام الصراعات وعدم الأستقرار  كما أنها لا تؤسس لبناء دولة عصرية حديثة ذات نظام ديمقراطي تعددي .وتزداد حطورتها على وحدة الوطن في ظل الأحتلال والصراع على السلطة وشكل بناء الدولة .
أن قوى اليسار والديمقراطية من خلال توجهاتها وفكرها وممارساتها هي القادرة ومعها القوى الوطنية غير الطائفية على إلغاء وإزالة الطائفية السياسية ليس من خلال الأعلام وإنما في الواقع كوعي وسلوك وأن برامج قوى اليسار والديمقراطية تؤكد على تعزيز مفهوم المواطنة ودعم مؤسسات أو منظمات المجتمع المدني وإنها تجسد وحدة الشعب وهي الأكثر وضوح وشفافية وواقعية وهي لا تعمل على هامش المجتمع بل في عمقه وتغوص في أعماقه في التحليل والرؤية والتعبير عن مصالحة وتدخل في بناء مكوناته الأساسية فهي تجسد وحدة الشعب وهي البديل لأنه لا يمكن تجاوز الحقيقة التالية وهي لايمكن الحديث عن السلم الأهلي و عن تقدم إجتماعي وتحرر وطني وبناء نظام ديمقراطي تعددي بدون قوى اليسار والديمقراطية ووحدة قواها وإنخراطها في عملية التغيير الديمقراطي وهي صادقة في توجهاتها .
2- ( الديمقراطية المحجبة) التي أنتجتها القوى الطائفية والقومية . إنها لا تبني الوطن ولا تؤسس لدولة عصرية حديثة ولا تقيم النظام الديمقراطي التعددي . بل زادت أزمات البلد تعقيداً وتداخلاً . فقد وافق الشعب وقواه الوطنيةعلى ( الديمقراطية التوافقية) أي تعني المشاركة من قبل الجميع في بناء الدولة  وهذا يعني إنها تقوم على حل المسائل المستعصية من خلال التوافق السياسي مع ضمان حق المواطنه وحق الأقلية وعدم الأقصاء والألغاء . لكن قوى المحاصصة الطائفية والقومية وصراعهم على السلطة وتوجهاتهم الأنانية الخطيرة دفعتهم في التمادي في إقتسام الوطن والدولة ومؤسساتها فيما بينهم فقد تعمدوا  إلى تشوية الديمقراطية فأنتجوا لنا ديمقراطية مشوهه وهي على حقيقتها ( ديمقراطية محجبة) إني لا أقصد هنا الحجاب الذي ترتديه المرأة ولكن ما أقصده بالديمقراطية المحجبة التي أنتجها المتحجبون فكرياً وسياسياً الذين يرفعون الشعارات ويملئون الدنيا بضجيجهم وبأظهار عضلاتهم  وقوتهم وقدرتهم على حل أزمات الشعب والوطن وتوفير الخدمات وتحقيق الأزدهار وبناء دولة القانون ولكنه في الحقيقة هم يعملون لمصالحهم الأنانية وفرض السيطرة والهيمنه وإهمال متعمد لحاجات الشعب ولحق المواطنة وغياب القانون بسبب أن ديمقراطيتهم هي ديمقراطية المحاصصة الطائفية – القومية وهي شكلية لا تحل الأزمات وإنما تتعايش معها وتحافظ عليها وتمارس التهميش والأقصاء ولا تضمن حقوق الأقليات وهي ديمقراطية منقوصة لأنها تعمل على أساس المحاصصة فهي ديمقراطية مشوهه وغير كاملة . أن دعاة المحاصصة الطائفية والقومية هم ديمقراطيون أمام وسائل الأعلام أما في الواقع فهم المحجبون المتحجرون أصحاب مصالح وسلطة وهم إستبداديون يوظفون الدين والمشاعر القومية لتمرير مشاريعهم إنهم يرتدون أقنعه ذات صلاحيات محدودة . وهم لا يدركون هذه الحقيقة وهي أن الطائفية السياسية  لن تتمكن من الصمود أمام الأنتماء الوطني وأمام تنامي الوعي الديمقراطي والمتطرفون منهم ينتفخون في الظروف غير الطبيعية ويصورون أنفسهم هم عماد المجتمع وإنهم حصنه المتين الدائم ولكن في الحقيقه إنهم حصنٌ من القش سرعان ما تذرية الرياح عندما تفرض سلطة القانون وتمارس الديمقراطية الحقة ويكون الشعب فيها صاحب السلطة والقرار .
4- أن قوى اليسار والديمقراطية هي قوة تحديث إجتماعي على المستوى الوطني وهذه هي أحد عناصر قوة اليسار والديمقراطية فهي تياراً وطنياً ديمقراطياً يربط في نضاله ما بين الوطني والأجتماعي والديمقراطي ويتبنى مشروعاً وطنياً ديمقراطياً يدعم إستقلال الوطن وإنهاء الأحتلال ومناهضة الحروب والعدوان والعنصرية ويدعم حقوق القوميات ولدية توجهات في بناء الأقتصاد الوطني وتحقيق التنمية والحفاظ على البيئة ويدعوا للتوزيع العادل للثروات ومحاربة الفقر والبطالة وتحقيق الضمان الأجتماعي والصحي وضمان حقوق المرأة والطفل وضمان حقوق المواطنة وإستقلال القضاء وإقامة النظام الديمقراطي التعددي التداولي .من خلال تفعيل المؤسسات الديمقراطية وتطويرها والتي يكون تمثيل الشعب فيها حقيقياً بكل مكوناته الأثنية والدينية .
5- واليوم كل المعطيات تؤكد حاجة الشعب والوطن لتجميع القوى وتعبأة الطاقات من أجل بناء قطب يساري ديمقراطي قادر على تجاوز الأنقسام والتشتت وتوحيد القوى والطاقات لتفعيل النشاط والتحرك الميداني والمقصود ببناء القطب اليساري ليس بأندماج أطرافه بعضها بالآخر وإنما الحفاظ( على الأستقلال السياسي والفكري والتنظيمي لأطرافة) وإقامة حركة تنسيق واسعة على مستويات القاعدة والقيادة والأتفاق على برنامج الحد الأدنى وتكون حركة التنسيق هذه منفتحة على كل القوى والشخصيات ذات الأهداف الوطنية والديمقراطية وتأخذ طابعاً جماهيرياً. وتفتح آفاق جديدة أمام العراقيين بأرض الوطن وفي المهجر تمكنهم من لعب دورهم وتعمل على تلبية حاجة البلاد في الظرف الراهن إلى نقلة ديمقراطية في مضمونها السياسي والأقتصادي والأجتماعي . أن بناء القطب اليساري الديمقراطي يكتسي بأهمية إستثنائية في هذه الظروف الصعبة والمعقدة مع تداخل العوامل الخارجية التي تضعف الأستقرار الداخلي خاصة وأن الوطن سيشهد إنتخابات مجالس المحافظات وهي تمرين أولي للأنتخابات البرلمانية القادمة التي هي بحاجة إلى مبادرات وطنية ديمقراطية لأحداث نقلة نوعية في تجميع القوى وفي تغيير موازين القوى داخل المجتمع وفي إستنهاض المشروع الثقافي الوطني الكفيل بتنمية ثقافة وطنية تعتمد حرية التفكيروالأبداع ونشر المعرفة وتحرير الذهنيات من مختلف القيود وتساعد في سحق مشاريع قوى الظلام والتخلف وأن قوى اليسار والديمقراطية هي القادرة على قيادة حركة إجتماعية مطلبية تسعى لأيجاد حلول لمشاكل الشعب وتحقيق مصالح الفئات الأجتماعية المقهوره والمحرومة . إنها ستجمع حولها أوسع قطاعات الشعب لتشكل حركة نهوض تقوم على أساس تبني مطاليب متصاعدة من أجل تحسين شروط الحياة لكل المقهورين والمحرومين وفي نفس الوقت لا تهمل المطالب الوطنية والديمقراطية في صورتها الأكثر جذرية . فأن وحدة قوى اليسار والديمقراطية هي حاجة وطنية ملحة لتلعب دورها الفاعل والمؤثر في بناء الوطن الحروإنهاء الأحتلال والمساهمة في عملية التغيير الديمقراطي وإقامة الدولة المدنية الحديثه ونظامها الديمقراطي التعددي التداولي .
14-10-2008
     

179
رؤية حول التوجه لبناء قطب يساري ديمقراطي فاعل ومبادر
ومؤثرفي عملية التغيير الديمقراطي في العراق

(1-2 )

فلاح علي
في البدأ لا بد من التأكيد على حقيقة أن الهجوم الأعلامي الواسع الذي مارسته  قوى ومنظمات ومؤسسات محلية ودولية عديده معادية للفكر الماركسي . وذلك بعد المتغيرات التي حصلت في العالم في عام 1991 نتيجة إنكسار التجربة الأشتراكية. ودعمت حملتها الشرسه والزائفه بحجج واهيه ومضلله وصور الهجوم الأعلامي هذا الأنكسار بزلزال سقوط الشيوعية وإنتهاء إزدهارها وتلاشئ إشعاعها وفشل التجربه الأشتراكية إلى الأبد. ومع هذا الهجوم الشرس ترافق معه صعود القوى الأصولية المتطرفة التي تحمل مشروعاً مناهضاً لتطلعات التحرر والأستنارة والتحديث والتنوير والحرية والتقدم كما إنها تشيع الأحباط واليأس والجهل والخوف والفقر ولكن الحقيقه أن الماركسية لم تندحر بقت متوهجه في تلك العتمه  . وأن  هدف  الهجوم الأعلامي والآيدلوجي هو لأضعاف مواقع اليسار في العالم من خلال التأثير النفسي على معنويات وقتاعات مناضليه وعلى جماهيره . لكن الحقيقه بسبب التطورات الدولية تلك وحملات القمع المديدةعلى الصعد المحلية لقد حصل تراجع وإنحسار لقوى اليسار وإنسحاب بعض أعضائه وقياداته . وتوهم البعض من خرج من هذه الأحزاب بأن العولمة الرأسمالية حاملة لمشروع الديمقراطية والرفاة الأجتماعي وإنها طرف حاسم في الدفاع عن الديمقراطية . إن هذا الموقف الذي يحمل روح إنهزامية ناتج عن ضياع الرؤية الفكرية المبدئية والبعض الآخر تكيف مع القوى القومية المتطرفه والفكر الشمولي الأستبدادي وكلا الطرفان قد أبتعدى عن الماركسية وتحولا إلى مجاميع تحمل رؤيا عدمية وفاقدي المعرفة الدقيقة بالواقع وممارساتهم مضره باليسار. وهناك جمهره نظيفه من الأعضاء التي خرجت من ساحات النضال بقيت تحتفظ بتأريخها النظيف وتراقب ما يحدث من تطورات لتحسم وضغها لاحقاً وقد عاد الكثير منها وإستعاد شرف العضوية  أماالجمهره الأوسع فواصلت النضال في تلك الظروف الصعبة والمنعطفات الحادة . ففي تلك الفترة المعتمة الدهماء كان لمعان الماركسية واضحاً رغم اليأس والتراجع الذي أصاب البعض بشكل مؤقت . واليوم وبعد 17 عام من التراجع والأنكسار تؤكد الوقائع أن العالم اليوم أحوج من أي وقت مضى للماركسية والماركسيين وللأشتركية . إرتباطاً بالأزمة الأقتصادية الدورية للرأسمالية المتوحشة ولأنتشار التوترات والحروب العسكرية والأمنية والسياسية في مناطق عديدة من العالم وإنعدام الأستقرار الدولي والتدخلات في شؤون الدول وإنتهاك مبدأ السيادة الوطنية للدول والتوسع والأحتلال والسيطرة على الثروات وإنتشار الفقر وإنعدام التنمية في البلدان النامية وتفجر الصراعات العرقية والأثنية والدينية في بلدان العالم الثالث وإتساع ظاهرة الهجرة وإنتشار الأمية والأمراض ......... إلخ كما أكدت التجربة فشل أحزاب الأسلام السياسي التي حكمت في عدد من البلدان من إقامة دولة العدل والقانون وأن هذه القوى المتطرفة لا تعطي للشعب والوطن سوى التخلف والأفقار والتجزأة والتفكك الطائفي والمحاصصة والهيمنة والتسلط والتهميش والأقصاء ومصادرة الحقوق ... إلخ , ورافق ذلك أيضاً فشل المشروع القومي  .
لقد أكدت تجارب الشعوب أن قوى اليسار والديمقراطية هي ضرورة موضوعية وتأريحية لكل مجتمع تفرض نفسها لحاجة كل شعب للحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية ودولة القانون .

وقبل التطرق إلى مبررات و ضرورات بناء قطب يساري ديمقراطي في العراق وتأكيد أهميته في الظرف الراهن لا بد أولاً من تثبيت بعض الملاحظات ومن وجهة نظر نقدية :
1- لا يوجد خطاب سياسي موحد لليسار العراقي . إضافة إلى ذلك هناك قوى وتجمعات يسارية يغلب على خطابها الجمود الفكري والسياسي والتشبث بترديد المقولات النظرية وهذا ما يعرضها للأنعزال عن الجماهير وتتحول إلى قوى هامشية في المجتمع والواقع يؤكد ذلك . لا بد من أن تقف هذه القوى وقفه جاده في إعادة النظر لقراءتها للواقع وتطوراته . ولا بد من التأكيد على حقيقة أن الحزب الشيوعي العراقي يمتاز بخطاب سياسي مرن منطلق من الواقع العراقي مستوعب للمتغيرات الداخلية والعربية والعالمية ويحمل الجديد في المتغيرات فهو خطاباً سياسياً واقعيأ عقلانياً ينطلق من الواقع وعلى معرفة دقيقة به ومتجدد  وهذه هي سمة الماركسيون إنهم مع التجديد دائماً.
2- الخلل في ممارسة النقد وإختيار زمانه ومكانه المناسبين ولا بد من التأكيد أن النظرة النقدية التي تمتاز بها أحزاب اليسار كونها أحزاب ماركسية تساعدها في تشخيص الخلل وتمكنها من التطور ولكن ما يمكن تثبيته هنا  أن بعض التجمعات اليسارية  وبعض الأعزاء من الكتاب المحسوبين على اليساربين لا يجيدون ممارسة النقد , وما يؤكد ذلك بين الحين والآخر تظهر لهم تصريحات أو كتابات ليس لها علاقة بالنقد وإنما التهجم والأفتراءعلى الحزب الشيوعي العراقي ومحاولة تشويه سياسته و مواقفه الوطنية والأسائه إلى قياداته وتسعى للتدخل في شؤونه الداخلية وفرض آرائهم عليه متأثرين دون أن يعلموا بسلبيات العولمة. النقد شيئ والتشويه والأسائه شيئ آخر . ولابد من تأكيد حقيقة إنه لايوجد حزب عراقي يؤمن بالنقد كالحزب الشيوعي العراقي وأحياناً ينتقد نفسه قبل أن ينتقده الآخرون . لكن الأسائه والتشويه والتهجم هي مفاهيم غير سياسية . فكيف يسمح كاتب يساري لنفسه أن يمارس هذه المفاهيم ويبتعد عن ثقافة الحوار هذا أولاً وثانياً كيف يطالب الكاتب أو التجمع اليساري بوحدة قوى اليسار والديمقراطية وهوبنفس الوقت يسهم في الأسائه لقطب يساري له وزنه على الساحة العراقية وله تأريخ وطني مشهود له  وثالثاً أن هذا الكاتب اليساري يسيئ إلى نفسه وإلى تأريخه وإلى مكانته وإلى صدق توجهاته دون أن يعلم وبنفس الوقت يضع نفسه بمستوى  (كتاب العرايض) الذين يستلمون نقداً لكتابة العريضه أن كتاب العرايض توجهاتهم وأهدافهم معروفه وهم يكتبون بدون معرفه بالحزب الشيوعي العراقي مجرد على السمع والأشاعات كما أن بعضهم لم يكون في يوم ما مرشح أو عضو في صفوف الحزب . يبدوا أن البعض قد فقد الذاكره ونسى حقيقة لا يختلف عليها إثنان وهي إنه لا توجد قوة على الأرض قادرة على الأسائه لسياسة هذا الحزب وتأريحه ومواقفه الوطنية وتوهم نفسها من خلال كتاباتها إنها تستطيع أن تضع إسفين بين القاعدة الواسعه التي تسهم في رسم السياسة الحزبية والقيادة المنتخبة ديمقراطياً . فالمطلوب من القوى التي تحسب نفسها على اليسار وكتابها أن يمارسوا النقد بدل من التشويه والأسائه  والنقد البناء يقرب من الحوار الفكري الهادئ.
3- أن وحدة اليسار أو بناء قطب يساري ديمقراطي . لايتم وفق رغبات وتمنيات وطروحات نظرية وإنما من خلال النشاط العملي الميداني الجماهيري , وأن تنسيق المواقف العملية يشجع على الحوارالذي تظهرفيه الرؤى المشتركة والخطوات الضرورية في التقارب ما بين أطراف قوى اليسار والديمقراطية والتي تعزز نضالهم المشترك وتقوي إلتحامهم مع الجماهير وبكل قضايا الشعب وهموم الوطن . فالتجربة العالمية تؤكد أنً تشكيل القطب اليساري الديمقراطي أو تحقيق وحدة اليسار والديمقراطية يكون ميدانياً وليس نظرياً. وأن حركة مدنيون التي تشكلت من الحزب الشيوعي العراقي والحركة الأشتراكية العربية والحزب الوطني الديمقراطي هي مثالاً حياً يعتز ويفتخر بها كل وطني صادق وكل يساري ناشط من أجل وحدة اليسارأن حركة مدنيون تشكل نواة لقطب يساري ديمقراطي وهي بتجربتها تجسد المسار السليم   للتفاعل والتحرك المشترك في النشاط الميداني و يتجلى ذلك بأنهاتتهيئ الآن لأنتخابات مجالس المحافظات والبلديات بقوائم مشتركه في عدد من المحافظات وهذا العمل المشترك هو الخطوه الصائبه بأتجاه تعبأة الجماهير ورفع وعيها السياسي لتختار بشكل حر وديمقراطي من يمثلها  وهي بنفس الوقت تسهم في تغيير موازين القوى في الوضع الجماهيري .
4- الأقرار بوجود إختلافات في الرأي وتنوع في الفكروالممارسه وهذه ظاهره ضروريه لابد من إحترامها والأتفاق على آلية ديمقراطية  تخلق أرضيه للتعايش ما بين هذه القوى وتسساعد على وحدتها في إطار تنسيقي واحد وتقر بأهمية النقد .
5- الأتفاق على برنامج الحد الأدنى الذي يتضمن الترابط الديالكتيكي ما بين القضايا الوطنية والديمقراطية والأجتماعية .
6- اليسار الحقيقي الحامل للمشروع الوطني الديمقراطي هو القادر على تذليل الخلافات والسمو عليها من أجل القضايا الكبرى . رغم أن توحيد اليسار عملية صعبه لكنها غير مستحيله . 
7- اليسار قبل غيره يعي الواقع وحاجاته من هذا تقع مسؤليه وطنيه على أطراف قوى اليسار والديمقراطية بتشخيص مواقع الضعف وتبني مبادرات تساعد في الألتحام مع الجماهير والسعي لبناء جسور الثقه وتواصل الحوار والأبتعاد عن كل ماهو ضار ومفرق  لقوى اليسار والديمقراطية .
8- هناك حقيقه قد لا يلمسها البعض هو أن اليسار العراقي في نهوض وما يمكن تأشيره أن اليسار قد تجاوز إنحسارة بسبب إرهاب الدكتاتورية وقمعها وما يمكن ملاحظته هنا أن الحزب الشيوعي العراقي كقوة يساريه متميزه قد إستعاد العديد من مواقعه التي فقدها أبان النظام الدكتاتوري المقبور على سبيل المثال في الحقل الثقافي وفي صفوف العمال والشباب وله حضور ملموس لدى بعض فئات المجتمع في المدن والأرياف والحاجه لتعبأة كل الطاقات لأستعادة مواقع اليسار في الجامعات وفي صفوف النساء والكادحين .
9- ورغم أن مناضلي الحزب الشيوعي العراقي يشعرون بعدم الرضا على ما تحقق لحد الآن ولكن هذه هي سمة مناضلي اليسارالحقيقي العراقي فأنه بالوعي يحول عدم الرضا إلى عمل ملموس ونتاج متواصل وتطور تنظيمي ونشاط جماهيري وسياسي ويثبت ذلك في إلتزامات برنامجية على مستوى كافة هيئات الحزب في الوطن وفي الخارج .
10- ما يميز اليسار العراقي إصالته وتبنيه لمصالح الشعب والوطن ووضعها فوق أي إعتبار لهذا ليس غريباً على اليسار العراقي في أن يضع سياسته وتوجهاته وتاكتيكاته ويطورها على ضوء المتغيرات التي يوظفها لصالح الشعب والوطن وإسمحوا لي أن أذكر الحزب الشيوعي العراقي مثالآ لقدرته على التجديد وإستشراق المستقبل في أعقد الظروف . ففي فترة المتغيرات الدولية في بداية التسعينات من القرن الماضي وفي تلك الأجواء الملبدة والغامضه والعاصفه لقد تميز الحزب الشيوعي العراقي بالثبات الفكري والسياسي وكان مفخره لكل قوى اليسار الماركسي في المنطقه وفي العالم . ففي أجواء الأنكسار تلك وتحديداً في عام 1993 عقد الحزب مؤتمره الوطني الخامس وتبنى نهجاً جديداً يعتبر تجديداً للفكر الماركسي وسمية ( بنهج الديمقراطية والتجديد في الفكر والسياسة والتنظيم ) والحزب  الآن أحد القوى الرئيسيه في البلاد . وأن البعض ينظر إلى الحزب الشيوعي أن له مقعدين في البرلمان فأنه حزباً صغيراً وغير جماهيري . ولكن الحقيقه هي عكس ذلك إنه متميز بأمتلاك مقومات القوة وذلك أن بنائه التنظيمي قائم على قواعد ومبادئ وعناصر ديمقراطية و يرتكز على هيكلية الخلايا والهيئات  التي تشكل المنظمات الحزبية المنتشره في المدن والأرياف . وأن أعضاء منظماته تعيش في أعمق أعماق الجماهير وتناضل معها من أجل تحقيق مطاليبها وتلبية قضاياها وحاجاتها الأقتصادية والأجتماعية فهو حزباً جماهيرياً وفي الظروف غير الطبيعيه التي مر بها البلد به الأحتلال والتي رافقت العملية الأنتخابية وفي ظل عوامل عديدة داخلية وخارجية ساهمت في التأثير على الناخب وتؤكد تجارب الشعوب إنه في ظل هكذا ظروف وتعقيدات وتدخلات وفي ظل غياب الوعي يضطر الناخب الكادح والفقير والمضطهد أن يصوت لمن لا يمثله أو لمستغله أو لمرتشي أو لجاهل مدعوم مالياً . فجماهيرية كل حزب أو كتله تتغير بتغير الظروف وطالما أن اليسار هو يحمل مشروع المستقبل فأنه القادر على تعبأة الجماهير في برنامجه الوطني الديمقراطي  لتحقيق طموحاتها وتطلعاتها.
4-10-2008 

180
هل الدين الأسلامي بحاجة إلى أحزاب الأسلام السياسي

فلاح علي
 أن طرح هكذا موضوع هو ليس بأمر جديد ولكن تسليط الضوءعلية في هذا الظرف الذي يمر به العراق وشعبه يحظى بأهمية . وقبل الأجابه على السؤال الرئيسي لعنوان المقالة أشير إنه لايحق لي طمس كل شيئ باللون الأسود ولكن في نفس الوقت أن لا ألغي أو أمحي الفرق الجوهري والمبدأي بين ( الدين كقيم ومعتقدات ومبادئ سماوية مقدسه ) وبين ( أحزاب ودعاة الأسلام السياسي ) . والموضوع يحتاج إلى بحث مطول فأختزل الجواب الذي تزكية الحياة وتنوعها وتجارب الشعوب ودروسها وقيم ورسالة الرسل ومبادئها والحقيقة التي لاتقبل الدحض . أن دين الله وتعاليمة القائمة على التقوى والحكمة والمعرفة  والأصلاح وعلى التنوع والتعدد وإحترام الأنسان وضمان كرامته وعلى التسامح والبروالأحسان وعلى مبدأ ( العدل والمساواة ) إنه دين المحبه والوئام والحداثه والتنوير والسلام والحرية . لايجمعه شيئ مع أحزاب الأسلام السياسي وهي في آيدلوجيتها وفي سلوكها وممارساتها وتطبيقاتها بعيده كل البعد عن الدين ( القاعدة وقوى الأسلام السياسي المتطرف مثال حي لبعض هذه القوى) فدين الله السمح ليس بحاجة إلى تشكيلات سياسية لها أهداف ومصالح دنيويه فئوية ضيقة بعيده عن مصالح عامة الشعب .ولا بد هنا من التمييز بين (المرجعيات الدينية وعلماء الدين ) ومكانتهم في المجتمع ودورهم وبين أحزاب الأسلام السياسي بكل تلاوينه وأشكاله . (إنها أحزاب سياسية لها مصالح ولكن ليس لها مبادئ) . إنهم يتاجرون بأسم الدين  لسبب واحد لا يقبل الدحض هو توظيف الشرعية الدينية لكي ينفذوا أهدافهم الأنانية الخطره ويستغلوا طيبة الناس وإيمانهم وحبهم للدين. ولتبرير تسلطهم وتعسفهم وإستبدادهم ويعطون لنفسهم الحق إنهم أولياء الله في الأرض . وهم بهذه النقطة يلتقون مع وجهة الولايات المتحدة الأميركية في القرن الحادي والعشرين حيث إنها تتحرك بأسم الشرعية الدولية لتنفذ إستراتيجيتها لبسط الهيمنه والتوسع وقيادة النظام الدولي الجديد . حتى الشعائر الدينية التي هي أرث لشعبنا بدأوا يوظفونها سياسياَ لصالحم ويحولوها إلى مناسبات إستعراصية ودعائية ويحرفوها عن جوهرها .

أحزاب الأسلام السياسي تقف على أرضية رخوة :
لقد وصلوا إلى السلطة في عدد من البلدان ولكن ماذا عملوا لقد أقاموا أنظمة إستبدادية وصادروا الحقوق والحريات العامة والشخصية, وكانوا سبباً رئيسياً لعدم الأستقرار الداخلي والخارجي .وقد ألحقوا أكبر الأذى بشعوبهم وبلدانهم . إنهم يخشون شعوبهم لأنهم خسروا حرب القضاء على البطالة وإنعدام الخدمات وتخلف قطاع الصحة والتعليم والبناء والأعمار وحل الأزمات الأقتصادية والسياسية لا بل زاد الفساد الأداري والمالي وتعددت أوجهه وإتسع الفقر أفقياً ليشمل أوسع فئات المجتمع وإنتشرت الأمراض والأمية إضافة لفقدان الأمن وتعمق الأزمات والتوترات وإنعدام السلم الأهلي . إن الأسلام السياسي عرض المجتمعات لنزيف الدم الدائم . وعرضوا أوسع قطاعات الشعب وخصوصاً الجماهير الشعبية الفقيرة لمظاهر العنف والخوف والأستغلال والأضطهاد وهيئوا بيئه خليطه من القلق والفوضى والأحباط واليأس والميل نحو الأستسلام لغرض فرض هيمنتهم على الشارع وتنفيذ مخططاتهم . لأنهم أقل مايقال عنهم أصحاب مصالح ليس إلا هذا أولاً وثانياً إنهم ليسوا منتوج طبيعي للشعوب وإنما تم تصنيعهم ( بالتقنيات الحديثه) في نهاية مرحلة الحرب الباردة ولا تزال المصانع من خارج الحدود تنتج هذه الماركات المصنعه  والفارق هنا أن المنتوج الطبيعي هو غير مقصود ويكون مفيد وهو نتاج لحاجه إجتماعية تتوفر فيها عوامل وظروف داخلية وهو ينسجم مع الوسط الأجتماعي وتكون ولادته طبيعية ويترعرع وينمو ويكبر ويتواصل مع الوسط أو المحيط الأجتماعي الذي ولد فيه وكلما يتعرض إلى نكسه يحتضنه ويرعاه الوسط ( الشعب). أما المصنع فيكون مقصود ويلحق أكبر الأذى في الوسط أو المحيط الأجتماعي ( وهذا لايحتاج إلى دليل ما قامت به القاعدة والميليشيات المسلحة ) من أذى للشعب العراقي وشعوب العالم بأسم الأسلام وقيمه هو مثال حي .وإذا واصلت في التمييز بين الطبيعي والمصنع أن الطبيعي لايخادع أو يهدد من أجل أن يحصل على أصوات في ( الأنتخابات ) إنه يطرح برنامج سياسي وإقتصادي وإجتماعي وثقافي ولا يحتاج إلى أموال من خارج الحدود لتغطية حملته الأنتخابيه ويستقطب بها الناخبون النفعيون الذين هم بحاجة إلى الأموال . إنه يعمل بشفافيه وبمبادئه وأهدافه الوطنية ودفاعه عن مصالح الشعب  ويترك للناخب تحكيم ضميره . أما المصنع فهو ليس فقط إنه لا يمتلك برنامج سياسي وإقتصادي وإجتماعي وثقافي وإنما يمارس أساليب ووسائل ليس لها صلة بالديمقراطيه ( مثل التهديد والأغراء والرشوة والتزوير وتوظيف الدين.....إلخ  ) للوصول للسلطة بأسم الديمقراطية بعدها يحولون الدولة إلى ملك خاص لهم ويصادروا حق الشعب ويعطوا لنفسهم الحق بالأدعاء بأنهم أولياء الله في الأرض ويهددوا كل من يخالفهم . هم ينتجون كل شيئ مشوه ليس إنهم قد شوهوا الديمقراطية وزيفونها بل إنهم لا يؤمنون بها وبمبادئها بل يعتبرونها وسيلة للوصول إلى السلطة . حتى الأنسان كمواطن كان حاضراً بكل بهائه وروعته وعطائه فقد شوهوه وغيبوه وأسائوا له وغرسوا فيه حقدهم وأنانيتهم وأمراضهم وزرعوا الكراهية ما بين الناس .
أحزاب الأسلام السياسي تحمل سراً مخفياً هو إنها لاتستطيع أن توحد الناس :

هي ليس كونها أحزاب طائفية فقط أو أن المتطرفة منها قد مارست القتل الجماعي وحولت الأنسان الذي كرمه الخالق إلى سلاح فتاك من خلال الأحزمه الناسفه وقتلت به العشرات من الناس الأبرياء في حين تنص الآية الكريمة ( ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) وهنا المقصود بالحق هو بالقانون ومن خلال العدل في الحكم . أو قوله تعالى ( ولا توزروا وازرتوُ وزرَ أوخرى) . كما أشرت إنها ليس لها  صلة بالأسلام دين الله إلا الأسم فقط . مع التأكيد أن أحزاب الأسلام السياسي المعتدل هي تدين هذه الأعمال وتحاربها كما إنها تضم في صفوفها بعض العناصر الخيره والمخلصه والمؤمنه بالتعدد والتنوع وتدعوا إلى العدل والمساواة ونبذ الطائفية وتبني قيم الديمقراطية لكنها ليس صاحبة قرار . وأيضاً أن بعض أحزاب الأسلام السياسي المعتدل قد ناضلت ضد الظلم والدكتاتورية وقدمت شهداء ومنهم ( الشهيد محمد باقر الصدروأخته الشهيده بنت الهدى) ورجل الدين ( الشهيد محمد صادق الصدر) كما إستشهد عدد من رجال الدين الغير محسوبين على ( الأسلام السياسي ) كونهم وقفوا ضد الظلم ولكن ما يهمنا في هذه المقالة هي أحزاب الأسلام السياسي  يؤخذعليها إنها جميعاً تؤمن بالرأسمال الأقتصادي ( المادي) ولكنها لاتؤمن بالرأسمال ( الروحي) للناس الذي هو يسهم في توحيد الناس إجتماعياً وكما هو معروف أن الرأسمال المادي الأقتصادي هو متفاوت فهو لا يوحد الناس تلقائياً وبالتالي فهو لا يوحد الشعب  وهذا هو السر الذي تحمله آيدلوجية أحزاب الأسلام السياسي . ومن هذا لايمكن توحيد الناس من خلال المصلحة الأقتصادية ولا من خلال الفكر الشمولي والتطرف ولا يمكن توحيدهم قسراً أو بالقوة أو بالموعضة . فمن أجل إتحاداً حقيقياً للشعب فأن الناس تحتاج إلى ملكية روحية ( إجتماعية وفكريةوثقافية وفنية) عامة هي تلك القيم التي توحدهم دون إكراه والتي يدافعون عنها مجتمعين وهي مجموعة قيم روحية وثقافية ومبادئ  وهي التي تحقق للمجتمع التماسك والأنسجام وتضمن السلم الأهلي وتحافظ على حضارات الشعوب وتراثها الأنساني وتزيل العنف من المجتمع وتبني الأوطان إنها تستديم وتتواصل في الديمقراطية وفيها تقام العلاقات الأنسانية وتصان الوحدة الوطنية أو الأتحاد الحقيقي للشعب . ولا بد من الأشارة هنا أن أحزاب الأسلام السياسي جميعها إنها منغلقه ثقافياً وغير منفتحه لاتؤمن بالتعدد والتنوع الثقافي والفكري  (ويمكن القول إنهم يمتازون بالجفاف والعقم الثقافي ) وإن كانت لديهم ثقافة فأنها متحجره ومثقله بفايروسات التسلط والشمولية والقمع الثقافي والفكري والديني . في حين أن مبادئ ورسالة الأسلام تؤمن بالتعدد والتنوع والمساواة وقوله تعالى في سورة الحجرات في القرأن الكريم ( ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى, وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا, ان أكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) . من الآية الكريمة نلاحظ التنوع وهذا يعني تنوع وتعدد في الأعراق وفي الحضارات والثقافات والأفكار التي تنتجها الشعوب وتتفاعل فيما بينها لتكون التراث الحضاري والنتاج الثقافي الفكري الأنساني الذي يوحد البشر والشعوب ويخلق التفاعل والتواصل والعلاقات الأنسانية والمحبة والصداقة والتعاون فيما بينها . أين أحزاب الأسلام السياسي بكل ألوانها وأشكالها من القيم الأسلامية والأنسانية هذه.

الأوطان تبنى وتتطور بالديمقراطية :
إن نضال الشعب العراقي ضد الدكتاتورية المقبوره وتقديمه التضحيات الجسام هو كان بقناعه لحاجته للديمقراطية التي صادرها النظام المقبور وما ترتب عنها من إرهاب الدولة السياسي والفكري والثقافي والهيمنة والأستبداد والتهميش والألغاء ومصادرة الحقوق والحريات وتدمير كل شيئ .... إلخ . لقد إنتصر كل الشعب بسقوط النظام البائد( ولكن مع الأسف كان من خلال الحرب التي عول عليها الكثير وأن عمر الحروب لم تأتي بالديمقراطية للشعوب ) . وحصد الأسلام السياسي تضحيات الشعب الجسام بسبب نتائج الحرب وفي ظروف غير ملائمة داخلياً وخارجياً  حصلت الأنتخابات  وإنتصر فيها وأوصلتهم إلى السلطة . وقد إنطلقوا من مبدأين خطيرين الأول المنتصر يأخذ كل شيئ في الدولة والثاني هو تهيأة الأرضية لبسط الهيمنه والنفوذ من أجل الأحتفاظ الدائم بالسلطة . فلندع الحقائق تتكلم فقد لجؤوا إلى إنكار التنوع الأثني الذي هو المكون الرئيس لشعبنا العراقي وإختزلوا هذا التنوع بطائفتان ومكون واحد وهم (السنه والشيعه والأكراد ) وإتفق معهم الأخرون على هذه التركيبه الجديدة المشوهه ذات النظر القصير والدوافع الأنانية الضيقة . وقسموا الدولة والمراكز السيادية والوطن فيما بينهم تقسيماً طائفياً قومياً مقيتاً معادي للديمقراطية . وهذه كانت صدمة كبيرة لكل المكونات الأساسية لشعبنا وقواه الحيه هذا هو مظهر من مظاهر الأستبداد والهيمنه وإلغاء الآخر هذا هو نتاجهم المشوه. وسموها ( بالديمقراطية التوافقية ) وفي ظروف طارئة يكون من المفيد أن يقبل الشعب بالديمقراطية التوافقية بشكل مؤقت من أجل تجاوز الأزمات التي يمر بها وتجنب الوطن المخاطر المحدقه به والتي تعرض كيانه للخطر . ولكن حتى في الديمقراطية التوافقية للأقلية الأنتخابية حقوق في المساهمة في بناء الدولة ولمكونات الشعب إعتراف بوجودها وللمرأة حقوق وللطفل حقوق وتضمن حقوق الأنسان وتصان حرياته بقانون . أن أحزاب الأسلام السياسي هي أول من شكل الميليشيات وقتلت ودمرت مع وجود دعم وإسناد وتدخل خارجي بعض هذه القوى الأسلامية الحديثة الولادة والتي لايتجاوز عمرها عن خمسة سنوات أصبح لها نفوذ وسطوة في الشارع هذا هو نتاج الحروب وعدم الأستقرار وغياب الأمن والديمقراطية ودولة القانون والتدخلات الخارجية . ( أما معانات الناس فهي قد تعمقت وتفاقمت من نقص الخدمات إلى البطالة والفقر والتهجير وإنعدام شروط الحياة الطبيعية للفئات الفقيرة وعدم النهوض في الأقتصاد والتدمير والأزمات السياسية والأجتماعية ومحاربة الثقافة ........ إلخ القائمة تطول ) . أستطيع القول أن أحزاب الأسلام السياسي قد فقدت كل أوراق قوتها وإن حضورها  في تراجع وأن ناخبيهم في تناقص وباتت تقف الآن على أرض هشه . ولقرب فترة الأنتخابات بدأوا يعلنون ويصرحون أن إنعدام الخدمات هو بسبب الوضع الأمني وقد يلجؤون إلى بعض الأجراءات أوالأطاحة ببعض وزرائهم ويحولوهم إلى كبش فداء من أجل ممارسة سياسة تضليل الناخب ثانية .ويوهمون أنفسهم أن فترة خمسة سنوات من حكمهم هي قصيرة ورافقها الأرهاب . ولكن هذه الفترة من عمر الشعوب والدول الديمقراطية الحديثة هي حقبه زمنية طويله( لأنها تنجز فيها خطط خمسية من البناء والأعمار والتصنيع والتطور الزراعي والصناعي والتجاري والعلمي والصحي والضمان الأجتماعي .... إلخ) أن النجاحات الأمنية التي حققتها الحكومة هي محط إعتزاز وتقدير الشعب وقواة الوطنية ولكن لم يقضى على الأرهاب والعنف ولم تجفف منابعه بشكل نهائي بعد وحتى بقايا الميليشيات تصول وتجول وتغتال وتتحدى سلطة القانون .أن الغالبية من الشعب العراقي قد وصل لحالة النضج وما أقصده هنا بالنضج هو القدره على إستخدام العقل من دون قيادة من حانب شخص أو جهه ما تفرض عليه . وهذا يوفر له الكفاية من التصميم والشجاعه لكي يستخدم عقله ويميز ما بين من يدافع عنه ويضحي من أجله وبين من يخادع ويسلب حقه ويسرق صوته الأنتخابي ويغيبه ويحرمه من الحقوق والحريات . وحتى ذلك (البرجوازي الصغير البخيل بكل شيئ) والذي حصل في نهاية القرن العشرين على لقب محسن هو ( الطبقة الوسطى) والتي غابت عن الحياة السياسية لعدة عوامل وعادت للنمو والتوسع من جديد فهي لايمكن أن تكون كالنعامه تضع رأسها في الرمل أمام المعضلات التي يواجهها البلد ستعلن إنها ستكون خصماً عنيداً لكل ما هو شمولي وإستبدادي وستصوت لكل من يعمل على بناء الدولة المدنية الديمقراطية . أن حقيقة الأوضاع في بلدنا تؤكد نضوج المناخ والظروف لعملية التغيير الديمقراطي في البلد وبتعاون ومشاركة جميع القوى في بناء العراق الحديث وإقامة نظامة الديمقراطي الجذري ذات المضمون الأجتماعي . لأنه في الدولة المدنية الديمقراطية لا يوجد منتصر ومنهزم قوي وضعيف غني وفقير حاكم ومحكوم الكل متساوون ومضمونه حقوقهم وحرياتهم وهكذا بالديمقراطية وبمفهومها الواسع تبنى الأوطان ويتحقق السلم الأهلي والأمن والأستقرار والرخاء والتقدم .
20-9-2008 .
 



181
8-9-2008
11/ سبتمبر 2001 وما بعده
فلاح علي
أن أحداث 11/ سبتمبر 2001 لا يمكن النظر لها كحدث أو مغامره عابره وقعت في ذلك اليوم وراح ضحيتها قرابة 4000 إنسان .إنها تحمل دروس هامه للبشرية جمعاءالضرورة تقتضي إستخلاص نتائجها لتجنب أضرارها المستقبلية على صعيد الشعوب والدول ومن أجل أن يتمكن المجتمع الدولي بوسائل إقتصادية وإجتماعية وسياسية وثقافية وعلمية إضافة للأمنية من معالجة أسبابها . إنها حدث غير عابرويشكل بداية لمرحلة عاصفه في العلاقات سواء كانت بين المجموعات أو الدول وتعميم إستخدام العنف والأرهاب في الحياة السياسية بوسائل غيرسليمة ومدانه دولياً . وقد عمم الأرهابيون هذا الحدث للعديد من دول العالم وبوسائل متنوعه والذي نتج الخراب والتدمير و الموت الجماعي للناس الأبرياء في هذه الدولة أو تلك . كما أن 11/ سبتمبر يعد إنعطافه في توتير الوضع الدولي وعدم إستقراره وإستخدام القوة في العلاقات السياسية والدبلوماسية وترسيخها .
أن المجموعات المتطرفه التي نظمتهم ودربتهم وسلحتهم CIAالوقدمت لهم المساعدات اللوجستيه والدعم المالي وبدعم من بعض الأنظمة العربية . لغرض محاربة التدخل السوفياتي في إفغانستان وإسقاط نظامها بالقوة العسكرية وسمتهم مجاهدون زيفاً وبهتاناً. هم نفسهم الذين قاموا بهذا العمل البشع الذي لايغتفر والمدان عالمياً وإطلق عليهم تسمية إرهابيون ( تنظيم القاعدة) إنهم بحق إرهابيون في الفكر والسلوك والممارسه منذ إنبثاق تنظيمهم إلى اليوم. وإرتباطاً بحدث 11/ سبتمبر حيث في صباح ذلك اليوم قد إختطفوا طائرات مدنية وحولوها لأسلحة فتاكة في قلب نيويورك وواشنطن مستهدفه مركزي التجاره العالمي والبنتاكَون وأنزلوا الرعب بالأرض الأمريكية , وإستفزوا الدولة الأمريكية . وأرغموا دولة الرأسمالية على إتخاذ إحتياطات وأحدثوا هزه في البلد وكان المؤشر هو الفوضى والهلع الذي أعقب الحدث إضافة لدمار المركزين قتل آلاف الناس الأبرياء . إن العمل الأرهابي في 11/ سبتمبر هو يعد إنتهاك لسيادة الدولة الأمريكية . ولم يعد من السهل التسامح مع الأرهاب أو التغاضي عنه من قبل المجتمع الدولي أوحكومات العالم .

القاعدة والمتطرفون من كل الأديان منذ 11/ سبتمبر إلى الآن قدموا خدمات كبيره لليمين المتطرف في الأدارة الأميركية لتنفيذ إستراتيجيته على الصعيد الدولي :
أن أحداث 11/ سبتمبرأعطت مبرراً لأدارة بوش ليس فقط للرد السريع وبعد أسابيع قليله من وقوع الحدث من خلال الماكنة العسكرية والتكنولوجيا المتطورة الذي إبتدأ هجومها بالقصف الجوي لأفغانستان بطائرات بي- 52 وأف-14  في صباح 8-10-2001 وأسقط نظام طالبان وخضعت إفغانستان للأحتلال من منطلق الدفاع عن النفس حسب القانون الدولي . وإنما أن أحداث 11/ أيلول ساعدت الأدارة الأميركية على التفرد في قيادة العالم ومكنت أمريكا من زيادة إنفاقها العسكري بزيادات كبيرة لميزانياتها العسكرية منذ 2002 إلى الآن والزيادة في تصاعد وطورت قوتها وتكنولوجيتها العسكرية حيث أصبحت هي الأقوى في العالم والقادرة على إدارة حربين في آن واحد .وهيأت أحداث 11/ أيلول الأرضية المناسبة للتوسع الأميركي والأطلسي شرقاً وقادة حملة عالمية ( لمحاربة الأرهاب ) . فوصلت إلى حدود إيران وإلى بحر قزوين وإلى منطقة الشرق الأوسط وقادة حملة عسكرية لمحاربة ما يسمى (بدول الشر ) وإحتلت العراق وخضعت منطقة الشرق الأوسط بالكامل لهيمنتها وبسط نفوذها . وخلقت توتراً في الوضع الدولي وأدخلت دبلوماسية القوة في العلاقات الدولية وعززت الأحادية القطبية لتؤكد مقولتها أن القرن الحادي والعشرين أصبح قرناً أميركياً وقامت بأجراءات إحادية فاجئت العالم بها .حيث إتخذت في أوائل كانون أول/ 2001 قرار بالأنسحاب من معاهدة الأنظمة الدفاعية المضادة للصواريخ البالستية وإختبرت أنظمة جديدة للصواريخ النووية الأستراتيجية للحصول على دفاعات صاروخية قوية وشكلت محاكم عسكرية تنعقد سراً لمحاربة إرهابيين مشتبه بهم وأهملت السلام في الشرق الأوسط  وحل الصراع بين الفلسطينين والأسرائلين ..... إلخ .وفي ظل غياب تعريف دولي للأرهاب فأن إرهابيو القاعدة والمتطرفون من كل الألوان قد صادروا حق الشعوب في النضال من أجل نيل الحقوق  في السيادة والأستقلال حسب الميثاق الدولي للأمم المتحدة وعقدوا النضال الوطني الداخلي لبناء الدول الوطنية الديمقراطية.وهم يساهموا في إطالة أمد الأحتلال وإضعاف المقاومة السلمية له وتجربة العراق هي تعطي الدليل القاطع لكل شعوب المنطقة والعالم على صحة ذلك الأستنتاج حيث لجأ إرهابيو القاعدة والمتطرفون الأرهابيون على إبتكار وسائل جماعية لقتل الناس وإستخدموا السيارات المفخخه والأحزمة الناسفة وتفجيرها وسط التجمعات السكانية وذبح المختطفون هل هذه هي مقاومة وطنية إنها في الأدب السياسي يحق لي أن أطلق عليها ليس فقط وصف أصحاب المشروع العدمي الظلامي وإنما إنها بحق (فاشية القرن الحادي والعشرين) . إنهم ليس فقط لا يريدون إستتباب الأمن والأستقرار وتطبيق سلطة القانون بل وإفشال العملية السياسية والأتيان ببديلهم الذي يرفضه الشعب . وإنهم رصيد وإحتياطي قوي لليمين الأميركي المتطرف لمساعدته لفرض إستراتيجيته الجديده على العالم وبسط النفوذ والهيمنة والتوسع والسيطرة على منابع النفط . ماذا يفسر إغتيال المثقفين الوطنيين مثل الشهيد كامل شياع وإغتيال الكفاءات العلمية والشخصيات السياسية ويسعون بالقوة للسيطرة على الشارع وأسر الجماهير وعرقلة نمو البديل الديمقراطي المؤهل لأنقاذ البلد من أزماتها وبناء الدولة المدنية الديمقراطية . إن هؤلاء جميعاً يعطون مبرراً قوياً لبقاء قوات الأحتلال ويشكلون عاملاً مساعداً لدفع الدول الضعيفه لطلب مساعدات أميركية بما فيها أمنيه وعسكرية . والمثال الآخر هو متطرفي حماس حيث شوهوا النضال الوطني الفلسطيني الذي إبتدأ منذ الثلاثينات قبل ظهور فكرهم المتطرف وقدم الشعب الفلسطيني البطل آلاف الشهداء من أجل الخلاص من الأحتلال الأسرائيلي وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ففي الوقت الذي بدأ الشعب الفلسطيني إنتفاضته الثانية السلمية وكسبت أوساط واسعه من الشعب الأسرائيلي للتضامن معها كما كسبت في الوقت نفسه الرأي العام العالمي كشعوب وإعلام ومؤسسات دولية ومنظمات إنسانية . قام متطرفوا حماس بأعمال إرهابيه بعيده عن النضال الجماهيري ومدانه محلياً ودولياً بأستخدام الأحزمه الناسفه للتفجيرات العدمية الأنتحارية في المدن الأسرائيلية . مما أدى إلى رد فعل قوي من قبل الرأي العام الأسرائيلي بدلاً من كسبه لخلق موجه من التعاطف لأيقاف بناء المستعمرات والضغط من أجل سحب القوات من المناطق الفلسطينيه كما خسرت الأنتفاضه تعاطف الرأي العام الدولي معها وتراجعت الأنتفاضه وتحاصرت وأعطى متطرفوا حماس المبرر للولايات المتحدة الأميركية من أجل إعطاء الضوء الأخضر لأسرائيل لقمع الأنتفاضه وبناء الجدار العازل . أن المتطرفون من كل الأديان والألوان هم متحجرون منغلقون ثقافياً متخلفون لا يقرأون واقع بلدانهم بشكل صحيح وهم يكرسون تغييب الوعي الجماهيري وهم من أشد معرقلي النضال الوطني للشعوب وبناء الأوطان وأضعاف الوحدة الوطنية .

ظروف نشأة القاعدة مشابهه لظروف نشأة الفاشية في أوربا في أوائل القرن العشرين :

إن الأزمة الأقتصادية للرأسمالية في عام 1939 والركود الأقتصادي وغياب التنمية وتنامي الفقر والبطالة والجوع  شكلت هذه الظواهر وغيرها أسباب إقتصادية وإجتماعية لتنامي التطرف القومي والفكر الفاشي في أوربا إضافة لعوامل سياسية وثقافية منها كبت الحريات ... إلخ . أما في الشرق الأوسط فأن أواخر السبعينات من القرن الماضي شهدت ركود إقتصادي وتنامي البطالة والفقر والجوع وإهمال لقطاع التعليم وإنتشار الأمية إضافة لحكم بلدان المنطقة من قبل أنظمة عسكرية دكتاتورية إستبدادية وممارسة البطش والملاحقات وكبت الحريات وغياب الديمقراطية إن هذه تشكل بيئة لنمو التطرف إضافة إلى عوامل إقليمية ودولية منها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة ساعدت على ظهور التطرف .
إن تنظيم القاعدة وكل المتطرفون هم ظلاميون إنهم يدعون محاربة السياسات الغربية ولكنهم في الواقع هم يحاربون الحداثة وأهم مبادئهاهو التنوير و التسامح الديني والفكري والتعددية الثقافية و الفكرية والديمقراطية ويكرهون الواقعية والأعتدال والعلمية ويسعون لشرعنة الأرهاب الداخلي والدولي أن تنظيم القاعدة وكل المتطرفون هم ( الفاشيون الجدد في القرن الحادي والعشرين) أن آيدلوجيتهم جميعاً منبعها واحد هو الأنغلاق والتطرف و العنف فهي في تناقض أخلاقي دائم . لهذا فأن آيدلوجيتهم لاتنطبق عليها مقولة أن الأفكار لاتموت . لأنها لم تعد فكراً حياً يرتكز إلى العلم والحداثه والثقافة والواقعيه فهي لم تكن فكراً جذاباً نيراً إنها تشرع الفوضى والأرهاب والتكفير فهي ضد القانون والسلم الأهلي وضد مصالح البشر و تدعوا إلى العنف لقتل الأنسان الذي كرمه الخالق . لهذا فأن فكرها سرعان ما يموت ليس فقط بالضربات العسكرية وإنما بعمليات التنمية والأعمار والقضاء على البطالة والأمية ونشر العلم والمعرفة والثقافة وترسيخ الديمقراطية في المجتمع . إن فكرهم يسهل إجتثاثه من الجذور في كل المجتمعات بما فيها الأسلامية الذي نشأ فيها لعوامل عديدة إنهم منعزلون ومنهزمون محلياً وعالمياً .

المتطرفون يخشون الديمقراطية ودولة القانون :
إنهم يسبحون في مياه راكده آسنه ويسعون لأشاعة الرعب والأنتقام والقتل و يمارسون الأرهاب بأنواعه لأنه سلاح الضعفاء . لذا فهم يخشون الديمقراطية والعلمانيه . لأنها الفكر والممارسه و الأدات والنظام التي تتجنب من خلالها المجتمعات الأستبداد والتطرف والأحادية الثقافية . الديمقراطية هي الضمانه للتنوع الثقافي والفكري والديني وإحترام الأديان وضمان قيمها الجوهرية الروحيه السماوية . وفي نظام الحكم العلماني الديمقراطي تسن قوانين لضمان الحريات وهذه القوانين تنقي الدين من تجار السياسة ذوي المصالح الخاصه والمشاريع السوداء والذين يمارسون كل المحرمات التي حرمها الخالق ( سبحانه وتعالى) من أجل الهيمنه على السلطة وبسط النفوذ وتنفيذ مشروعهم الظلامي العابر للحدود والقارات والمسيئ للدين الأسلامي وكل الأديان السماوية. فالديمقراطية تخلص الدين من هؤلاء الأدعياء الظلاميون الجهله وإن النظام الديمقراطي يقرر أن السلطة للشعب وهو صاحب الحق فيها وليس السلطة بيد حفنه أو نخبه ضئيله أوأفراد يعملون لمصالحهم ويشهرون سلاحهم بوجه الثقافة والعلم ويحكمون بروحية العصور الوسطى المظلمة . لهذا فأنهم يخشون الديمقراطية ويحاربونها في الفكروالسلوك والممارسه .
وأن خلاص الدين من هؤلاء المتطرفون هو ضمانه لحرية الأديان والمعتقدات وحرية العبادة وإعلاء للقيم الدينية ودوام السلم الأهلي في المجتمعات وتحرر الشعوب وتقدم الأوطان. وهذا ما أكدته التجربه الأوربيه التي تعد رصيداً ومناراً للبشريه جمعاء ما خرجت به من تجربه ناجحه . هو فصل الدين عن الكنيسه التي كانت هي الحاكم والتي تدعي حكم الله في الأرض زوراً وبهتاناً . حيث كان رجال الكنيسه يحكمون من أجل ضمان مصالحهم الخاصه ودوام سلطتهم . و كانت الطوائف المسيحية يذبح بعضها بعضاً دون رحمه ( مثال حرب الثلاثون عام في 1640 ) . وأصبح فصل الدين عن الدولة ضرورة لأقامة المجتمع المدني ودوام السلم الأهلي وإقامة سلطة القانون وضمان حقوق الأنسان وتطورالمجتمع وتقدمه . لهذا أقامت أوربا وكل شعوب العالم المتحضر دولها الديمقراطية العلمانية . نتيجة تجاربها الداميه ونزاعاتها الدينية . وأكدت التجارب المريره للشعوب أن السياسة إذا إرتكزت إلى الدين سوف لن يكون هناك سلام وإستقرار في المجتمع .
أن تجارب شعبنا المؤلمه إسوتاً بتجارب شعوب العالم المريره ويضاف لهافشل أنظمة الحكم الأسلامية في تحقيق العداله والمساواة وبناء دولة القانون وضمان حقوق الأنسان . يتطلب منا اليوم أن نقف نفس الوقفه التي وقفتها الشعوب الأوربية خلال حرب الثلاثين عام وخلصت شعوبها من صراعات دينية لا نهاية لها . هو أن يلتقي كل المؤمنون بالديمقراطية ويوحدون قواهم لبناء الدولة المدنية الديمقراطية . التي تحترم وتضمن حرية الأديان والمعتقدات الدينية وتشيع التسامح الديني وتحكم من خلال القانون المستمد من دستور ديمقراطي للبلد. وتقيم المؤسسات الديمقراطية والفصل بين السلطات وتضمن الحريات العامه والشخصيه وتحقق الضمان والعدالة الأجتماعية . الدولة الديمقراطية هي الضمانه للسلم الأهلي ولا مجال فيها للأرهاب والأرهابيين ولا للأحتلال والتدخل الخارجي وهي التي تضمن الوحدة الوطنية والسيادة التامة وإستقرار البلد وتقدمه وإزدهاره .
وما يبعث في الأمل هو ظهورحركات إسلامية معتدله ليبرالية في عدد من البلدان الأسلامية تؤمن بالديمقراطية وإن كانت في دور التأسيس لكنها البداية الصحيحة . وهذا بفضل الديمقراطية والتقدم الذي حققته الدول الديمقراطية العلمانية والمثال تركيا دولة إسلامية أقامت دولتها العلمانية . لأن الحكم الأسلامي لا يستهوي الشعوب وقد فشل وما هو قائم الآن كأيران والسعودية والسودان إلى حد ما فأن هذه الشعوب تعيش تحت ظل دكتاتورية خانقه وتعاني من مشكلات الفقر والركود الأقتصادي وغياب الضمان الصحي والأجتماعي...إلخ . أن البديل الأصلح للشعوب هو بناء الدولة الديمقراطية التي تضمن الأمن والأستقرار والسلم الأهلي والتنوع الديني والثقافي وضمان حقوق القوميات وتطبيق حكم القانون .

الدروس المستخلصة من أحداث11/أيلول :
أدعوا كل الكتاب ودعاة الحرية والتعددية الفكرية والثقافية والمناضلين من أجل الديمقراطية وكل من يريد الخير لوطنه أن يوثقوا آرائهم في هذا الموضوع الهام ( الدروس المستخلصه من أحداث 11/أيلول) لأن كل الشعوب تعاني من الأرهاب وتداعياته الذي ليس له حدود وقد تكون له نتائج وخيمة في المستقبل . صحيح هناك كتاب لامعون كتبوا عن الحدث في حينه ولكن تنامي الأرهاب وإتساعه وتنوعه وأصبح خطر يواجه الشعوب والأوطان فهو بحاجه لأعادة قراءه وتقييم جديدتين إرتباطاً بتطوراته وتداعياته التي تعاني منه شعوب المعموره وبالذات في منطقة الشرق الأوسط :
من وجهة نظري المتواضعه :
- أن الولايات المتحدة الأميركية رغم حملتها العالمية على الأرهاب وردها الماحق السريع في إفغانستان فأنها صحيح قد أسقطت نظام طالبان ووجهت ضربات قوية لتنظيم القاعدة التي كانت له قواعد في إفغانستان فأنها لن تتمكن من القضاء على حركة طالبان وتنظيم القاعده حيث لا يزال الملا عمر حي وكذااسامه إبن لادن وقد إنسحب ما تبقى من مقاتلي الحركتين إلى الحدود الباكستانية الأفغانية حيث هناك مياههم الراكده الآسنه وبيئتهم التي يتحركون من خلالها .
- أن الولايات المتحدة قد همشت المجتمع الدولي والأمم المتحده في قضية محاربة الأرهاب وإنفردت لوحدها وبتحالف نفعي محدود من بعض الدول ومن خلال إجراءات عسكرية وإستخباراتيه فقط  بعضها محلية. وهذه الأجراءات لا تجفف منابع الأرهاب في شمال أفريقيا وغربها وجنوبهاالفقيروفي آسيا ومناطق أخرى من العالم . حيث لا تزال هذه المناطق غارقه في المنازعات والحروب الداخلية والأثنيه والدينية والطائفيه مع تنامي تجار الحروب وتجارة المخدرات ودورالشركات الأمنيه الدولية التي تسلح وتدرب الجماعات من خلال أموال وإنعدام التنمية في هذه البلدان وإنتشار الجهل والأميه والتهميش الأجتماعي ..... إلخ . فأن هذه بمجموعها تشكل بيئه لنمو الأرهاب وأن الأجراءات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية لا تجفف منابع الأرهاب وأن هي قصة بعض السيقان والأغصان والفروع في هذا البلد أو ذاك فأنها لم تتمكن من قلع الجذور الحقيقية للأرهاب .
- الحاجه لأصلاح نظام الأمم المتحدة وتطبيق الميثاق الدولي وزيادة عدد أعضاء مجلس الأمن وتعزيز دور المنظمة الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة وإعطاء دورللدول الأعضاء غالبيتهم من البلدان النامية في المساهمة في الشأن الدولي والسياسة الدولية .
- أكدت تجارب الشعوب أن العالم بحاجة لتعدد الأقطاب حيث يعيد التوازن في الوضع الدولي ويبعد العالم عن هيمنة القطب الواحد وسياسته القائمة على الأبتزاز والتهديد بأستخدام القوة ودبلوماسيته القائمة على القصف الجوي . أن التعددية القطبية هي القادره على تخليص العالم من خطر الأرهاب الدولي والمحلي وهي القادره على حفظ السلم والأمن الدوليين .

أما على الصعيد المحلي :
أنطلق من العراق كنموذج تعرض شعبه لأرهاب الدكتاتورية وحكمها المقيت ولأرهاب القاعده وميليشيات الجماعات المتطرفه الطائفيه من كل شكل ولون وقدم التضحيات الجسام .سأتناول العوامل المشجعه لنمو الأرهاب بأختصار شديد :
- المحاصصه الطائفيه والقومية المقيته هي تشكل بيئه خصبه لعرقلة إقامة دولة القانون الحاجة إلى نضال جماهيري ضاغط على القوى المهيمنه في العملية السياسية للتخلي عن هذه السياسة التي هي تلبي مصالحهم الفئوية الضيقه وتقف بالضد من طموحات الشعب وبناء الوطن على أسس سليمة كما أن نهج المحاصصه هو معادي للديمقراطية ويشكل أرضيه للنفعيه والأحتراب وتنامي العنف .
- إني أخجل عندما أذكر ( ضرورة إنجاز مشروع المصالحة الوطنية) . لأن الكتل المهيمنه أسهمت مع القوى المعادية للعملية السياسية في إضعاف إنجاز هذا (المشروع الوطني) بدوافع مختلفه منها الهيمنه على السلطة وهذا قصر نظر مدان . إن المصالحه بحاجه لوقفه وطنيه مسؤوله من أجل إنجازها بروح الحرص الوطني وإنها مهمه لا تقبل التأجيل .
- الضغط على الحكومة لتنفيذ برنامجها في فرض سلطة القانون والقضاء الكامل على كافة الميليشيات . صحيح أن الدولة قد نجحت في بسط الأمن والأستقرار ولكن لن تتمكن من القضاء بالكامل على الميليشيات التي لا تزال تنشط تحت هذه الواجهه أو تلك وتعمل في الظلام وتمارس الأغتيالات والتهديد إذاًطالما أن هذه المجاميع المسلحة لا تنالها سلطة القانون فأن الوضع الأمني سيبقى غير مستقر واقف على رمال متحركة وهذه هي تساعد على بقاء الأرهاب  لأن الميليشيات المسلحة هي أحد المصادر الأساسية للأرهاب وإنها خارجه عن سلطة القانون .
- رغم النجاح الكبير الذي حققته الحكومه الحالية .إلا إنها أخفقت في إيقاف التدخلات الخارجية وبالذات التدخلات الأيرانية والسعودية وتركيا وغيرهما حيث تتداخل أجندة ومصالح هذه الدول المتغطرسه والمعتديه على أمن العراق مع مصالح بعض قيادات المجموعات المهيمنه على الدولة . وأن التدخلات الخارجية تساهم بعدم إستتباب الأمن والأستقرار للعراق وتعيق بناء نظامه الديمقراطي . وأن وقف التدخل الخارجي هي من مهام  الحكومة وئيس الوزراء ومجلس الرئاسة والبرلمان .
- أن ترعى الحكومة الثقافة والمثقفون وتقدم كل أشكال الدعم لبناء المسارح ودور السينما والبيوتات الثقافيه وأن تحمي المثقفين ونشاطاتهم من الأرهاب وأن تسهم في تنمية الثقافة الوطنية الديمقراطية في المجتمع . لأنه لايمكن فصل بناء الدولة الوطنية وإقامة سلطة القانون عن الثقافة و الديمقراطية ودورهما في المجتمع .
- وضع حد لأنعدام الخدمات ومعانات الناس من عدم توفر المياه الصالحة للشرب وإنقطاع التيار الكهربائي سواء كان في فصل الصيف الحار أو باقي الفصول وتوفير الوقود والمواد الغذائية ...... إلخ . والقضاء على البطالة من خلال تنفيذ برنامج الحكومة بأقامة المشاريع في الريف والمدينة وتوفير فرص العمل وسن قوانين تضمن حقوق المرأة ودورها في المجتمع .
- وضع حد لأحزاب الأسلام السياسي التي تعتبر الدولة ومؤسساتها ملك خاص لها وتمارس نفس نهج حزب البعث في التعينات وملئ الشواغر في دوائر الدولة وفي الدورات والدراسات في خارج البلد .... إلخ إن هذه الأحزاب لا تعين الخريجات والخريجين إلا بعد أن يجلبوا ( كتاب تأييد أو تزكية ) من مكاتب هذه الأحزاب . إنها سياسة سيئة تهدف إلى الأسلمة من خلال ضغط الحاجة للتعيين وهم إستورثوها من سياسة التبعيث . مهمة الحكومة وضع حد لهذه الأحزاب في عملها المشين هذا والأسراع بتأسيس مجلس الخدمة ليأخذ على عاتقه هذه المهمه في التعينات حسب الدرجات والكفائه والأختصاصات وحاجة فروع الأقتصاد الوطني ودوائر الدولة للكوادر وذلك للحد من البطالة والتهميش الأجتماعي .
- بالطبع الأحتلال هو أحد أسباب الأرهاب الرئيسية والحديث عنه يطول .ولكن إطلاع الشعب ومجلس النواب على بنود الأتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة الأمريكية لغرض الأطلاع عليها والمصادقة عليها وتكون بنودها بالأتجاه الذي يخدم المصالح الوطنية وتضمن الأستقلال والسيادة الوطنية للبلد على أرضه ومياهه وأجوائه والخروج من الفصل السابع ووضع جدول زمني لأنسحاب القوات المتعددة الجنسية وبهذا تغلق الأبواب أمام الدعاة والمتربصين بالعملية السياسية .
- النقطة الأخيرة من وجهة نظري تتعلق ببقايا حزب البعث التي لها دور سلبي كبير في تنامي الأرهاب والعنف في البلد من خلال تحالفهم مع القاعدة وبعض الميليشيات و المجاميع الأرهابية . إن كانوا وطنيون حقاً عليهم فك إرتباطهم مع القاعدة وهذه المجاميع الأرهابية . وعليهم الأنخراط في العملية السياسية لمصلحة الوطن وضمان إستقراره وتطوره ويأتي في مقدمة ذلك هو بأصدارهم بيان للشعب يخطأوا سياستهم السابقه ويتحملوا مسؤلية كل مالحق بالشعب والوطن وأن يمتازوا بالشجاعه في تحملهم المسؤلية ونقد فترة حكمهم وتخطأة ممارساتهم . ولكن المشكلة التي تواجه بقايا البعث هو إنهم التنظيم الوحيد الخالي من المفكرين والمثقفين لهذا يصعب عليهم ممارسة هذه العملية . وأن صعود الدكتاتور صدام حسين وزمرته لقيادة حزبهم يعود لهذا السبب لقلة المثقفين والمفكرين في هذا الحزب وزيادة أعداد النفعيون والوصوليون كما إنه كان حزباً بوليسياً. وأن الدكتاتور قام بعملية تصفية لما عندهم من أعضاء مثقفون بارزون وهذا مرض عضال إلى الآن يعاني منه بقايا البعث . لذا فهم في تخبط وتشرذم موزعون ما بين المجاميع الأرهابية وهم فاقدي للرؤيه الواقعية السليمه . وعليهم معالجة هذا التخبط من خلال الأستعانه بما تبقى لهم من مثقفين ومفكرين إن كان موجود معهم لكي يرسموا لهم خطاً سياسياً جديداًو يفكوا إرتباطهم بالقاعدة و الأرهابيين ويعودوا للعملية السياسية ويساهموا في بناء الوطن إن كانوا هم وطنيون حقاً.
7-9-2008 .
 
 
   

182
النخب المهيمنة ما بين تنافر المواقف وسياسة الحمق
فلاح علي
من الظواهر والممارسات الملموسة عبر التأريخ بصرف النظر عن المكان أو الحقبة التأريخية أن كثير من النخب الحاكمة قد إتبعت سياسات أضرت بمصالح شعوبها وأوطانها وأحد أسباب هذه السياسات الخاطئة هو التعنت الذي يورث خداع النفس . أي أنه يدفع إلى تقدير المواقف في ضوء أفكار مسبقة وجامدة . وتجاهل أي أفكار معارضة لها أو رفضهاوالتعنت يعني التصرف حسب الأهواء دون السماح بتغيير السلوك وفقاً للحقائق والمعطيات أو المستجدات . وتوصف السياسة بأنها حمقاء عندما تصر بعناد على إمورأو تصورات أو تقديرات يتضح إنها غير قابلة للتنفيذ , أو معرقلة للجهود المبذولة من أجل تهيأة مستلزمات لحلول عملية لقضايا موضع خلاف أو مستعصية الحل . وإذا كان بالأمكان ضرب أمثله من التأريخ حول السياسة الحمقاء فهي كثيرة . ومن الأمثله على ذلك هي سياسة هتلر وما نتج عنها من حرب عالمية ثانية والخسائر البشرية والمادية للشعوب والأوطان الناجمة عنها إضافة إلى تدمير ألمانيا وإحتلالها وتكبيلها بمعاهدات مذلة للشعب الألماني وفرض شروط الأستسلام عليها . وإن كان من مثال ملموس واضح آخر هو مثال الدكتاتور صدام حسين بسياساته الحمقاء فقد جر البلاد لأتون حربيين مدمرتيين راح ضحيتها أكثر من مليون مواطن إضافة للخسائر المادية مع حصار إقتصادي دام 12 عام كان المتضرر منه الشعب ثم أعطى ذريعة للهجوم الأطلسي على العراق وإحتلالة.

من واقع بلدنا هل النخب السياسية المهيمنة قد إفترقت عن مسيرة الحمق ؟
إن السياسة الحمقاء تعني ( فقدان المعرفة ) والكفائه والحكمة والآهلية لمن يقف ورائها وعادتاً الحمقى لم يأخذوا بالبدائل السياسية المثمرة ويتمسكوا بسلوك التهديد والوعيد ويبتعدوا عن الواقعية ويدعوا القوة والزعامة وهذا سلوك الأدعياء . وفي الأزمات السياسية والمنعطفات الحادة فبدلاً من اللجوء إلى إسلوب الحوار الهادئ النابع من مصالح الشعب والوطن وينطلق من وجود مشتركات مع الآخرين يتطلب تعميقها وتوطيدها بالحكمة والسياسة المرنة نرى الحمقى في هكذا أزمات يلجؤون إلى التصريحات النارية والتشدق بلغة الخطابات النارية التي لاتخلوا من إتهام الآخرين .
وهذا ماشهدته شاشات التلفاز في كثير من الأزمات وآخرها ( الخلاف حول قانون إنتخابات مجالس المحافظات ) . حيث شاهد الشعب الكثير من هذه التصريحات وكل خطيب يظهر بلغة مثالية كأنه صاحب حق والشعب قد عرف هذه النخب جيداً وفهمها إنها تتصارع على السلطة وبسط النفوذ بدلاً من المنافسه فيما بينها على توفير الخدمات  . والأنكى من ذلك إنها قد خالفت الحقيقة السائدة وهي ( أن الأفعال تقف وراء الكلمات ولكن أظهر لنا قادة المحاصصة الطائفية والحزبية بأن الكلمات هي التي تقف وراء الأفعال وتحركها ) .  إنها تخفي شيئاً عن الأنظار وهو مكشوف للشعب هو مصالحهم الضيقة .
وإلا فأن العبارات الرنانة والتشدق بالدفاع عن مصالح الشعب والوطن والتمسك بالديمقراطية يجب أن تساندها أفعال تناظرها في التأثير حفاظاً على مصداقية قائليها . بدلاً من إتخاذ القرارات المتسرعه. وأن الشعب قد أدرك تماماً من خلال التجارب المؤلمة التي مر بها أن هناك فجوة بين اللغة الخطابية وظروف الواقع العراقي . على أقل مانذكره هنا أن هذه القوى قد عجزت عن توفير الخدمات  والقضاء على البطالة وإيجاد فرص عمل للخريجين وإنها قد رسخت المحاصصة الطائفية والحزبية المقيته .

السؤال الذي يطرح هو ماهي أهداف هذه الكتل المهيمنة والمتصارعة والمتنافرة ؟
تعرف أهداف الكتل والأحزاب السياسية وتوجهاتها من خلال برامجها السياسية التي تصيغها وفقاً لظروف البلد وتطرحها على الشعب للتعرف عليها وإتخاذ موقف مؤيد لها لأنها تعبر عن طموحاته . وهذه هي أحد العناصر التي تشكل قوة للحزب السياسي لأنه ليس فقط لدية تنظيم وإنما برنامج سياسي يناضل من أجله . وهذه سمة الأحزاب اليسارية والديمقراطية لأنها تؤمن بالمنافسة الديمقراطية من أجل بناء الوطن وتشييد مؤسساته الديمقراطية وإقامة نظامة الديمقراطي وتحقيق طموحات الشعب . أما دعاة المحاصصة الطائفية والحزبية من هذه الكتل فأن أهدافهم هي أنانية ضيقة هو الصراع على السلطة يتباكون على الديمقراطية في الأعلام ولكن في الممارسة هم من يساهم في إضعافها ويلجؤون لأساليب غير ديمقراطية  . لأنهم عاجزون عن طرح برامج سياسية يتنافسون مع غيرهم من خلالها لكسب الناخب العراقي .

النقد الموضوعي ضرورة لتصحيح الأخطاء وتطوير الممارسات السليمة وترسيخ العمل المشترك لبناء الوطن :
النقد الموضوعي والبناء والذي يقترح البدائل هو السلاح المجرب في الممارسة الديمقراطية من أجل تصحيح الأخطاء وتطوير الممارسة ويخلق فرص للتفاغل الصادق والنزيه من أجل تعزيز الوحدة الوطنية و بناء الوطن والمواطن وإقامة دولة العدل والقانون والوجه الآخر للنقد يحتل أهمية ومصداقية وهو نقد الذات وذلك من أجل تصحيح صورة الذات من أجل الأنطلاق للعمل المتفاني مع المجموع  وهذه هي من سمات حملة مبادئ النضال من أجل الديمقراطية والحرية والتقدم وتحقيق العدالة الأجتماعية. ومن سمات منتقدي الذات أيضاًهم جماهيريون ليس من خلال الموقع أو الوظيفة وإنما من خلال العطاء والنضال وهم مع الشعب في كل الظروف .
أن الواجب الوطني يتطلب من هذه النخب السياسية المهيمنه في صنع القرار أن تتفاعل مع النقد وأن تمارس نقد الذات . من أجل أن تبتعد عن الأنفراد والهيمنه وعليهم أن يؤمنوا بتجارب الحركات والشعوب بأن الهيمنه وممارسة القوة والتهديد هو ضعف وإنعزال . ومهما تكن الكتل كبيرة ومتضخمة فأن أفول القوة وأفول النجم هو وارد وأمامها التفتت والتشرذم والضعف إذا لم تعالج أخطائها وتبتعد عن التفرد وتتحمل النقد وتمارس نقد الذات وأن الشعب سيختار من يمثله عاجلاً أم آجلاً .

أخيراً أن تأجيل مناقشة قانون مجالس المحافظات إلى ما بعد عطلة مجلس النواب هو خطوة صحيحة في الأتجاه الصحيح :
وأن كان تأجيل المناقشة على القانون يؤجل إستحقاق إنتخابي إلا إنه خطوة جيدة في الأتجاه الصحيح لكي تأخذ الكتل المتصارعة فسحة من التأمل وتعيد النظر في مواقفها المتشنجه وتلجأ للحوار والسياسة المرنه وتؤمن بأن الوطن للجميع ويبنى بتظافر كل الجهود وتبتعد عن التفرد والهيمنة والتصريحات الفضفاضة (وكسر العظام ) التي ليس لهذه المفردة موقع في القاموس السياسي وتلجأ بدلاً منها إلى المساومات السياسية التي لابديل عنها وهي سلاح فعال في الأدب السياسي . تم ممارستها في ( صلح الحديبية) وفي ( صلح بريست في آذار 1918 ) وفي كل الأتفاقيات والمعاهدات والتحالفات منذ عصر التأريخ إلى الآن . ينتظر الشعب بأن تتوصل هذه الكتل إلى الأتفاق حول قانون مجالس المحافظات من خلال الحوارالهادئ والمساومات المتبادلة والتوافق السياسي ووضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية والحزبية الضيقة .
12-8-2008 . 

183
قوى اليسار والديمقراطية وإنتخابات مجالس المحافظات
فلاح علي
بعد أن تسوى الخلافات على قانون إنتخابات مجالس المحافظات والذي سيصادق عليه البرلمان من خلال توافق الكتل علية . ستشهد البلاد إستحقاقاَ بالغ الأهمية ويعد تطور سياسي هام وستبدأ الحملات الأنتخابية إستعداداَ لموعد الأنتخابات .  وستتنافس أحزاب وكتل سياسية في هذه الأنتخابات لكسب الناخب العراقي لهذه القائمة أو تلك وما هو معول علية هو المشاركة الشعبية الواسعة في الأنتخابات بعد أن تحسن الوضع الأمني في غالبية مناطق العراق .السؤال الذي يطرح هنا هل أن المفوضية العليا للأنتخابات هي ستكون محايدة حقاَ وقادرة على ضبط الأنتخابات بدون تجاوزات وتزوير وخروقات ؟ و في ظل موازين القوى الحالية يصعب التكهن بنزاهة الأنتخابات ولكن لكي تبرر المفوضية حياديتها ونزاهتها في هذه العملية هو لا بد من أن تشرك المفوضية مراقبين من الأمم المتحدة ومن الجامعة العربية لمتابعة العملية الأنتخابية ورصد التجاوزات وتحديد العقوبات التي تتخذ بحق المتجاوزين . وتبدأعملية متابعة الأنتخابات ورصد التجاوزات  منذ اليوم الأول للحملة الأنتخابية إلى عملية التصويت والفرز وإعلان النتائج . أن طموح غالبية الكتل  على أن تجري الأنتخابات بنزاهه وشفافيه بعيدة عن التزوير والترغيب وتهديد الناخب . بلا شك أن قانون الأنتخابات سيحدد آليات لأجرائها مع تحديد ضوابط وإلتزامات تحددها المفوضية وتبقى المتابعة الميدانية وإشراك مراقبين من الأمم المتحدة وحيادية المفوضيه ونزاهتها هي عوامل لا بد منها لوقف جموح القوى التي إعتادت على ممارسة الضغط والتهديد والتزوير.

ولكن المؤشرات تؤكد أن هناك كتل وقوائم تريد الأستحواذ على مقاعد مجالس المحافظات بوسائل غير ديمقراطية :  إضافة إلى الضغط والأغراء والتهديد فأنها تتشبث أيضاَ بدون وجهة حق وتعطي لنفسها الشرعية برفع صور الرموز الدينية وإستخدام دور العبادة للدعاية الأنتخابية . هذه الكتل هي محسوبة على قوى الأسلام السياسي والتي لاتشاركها الرأي في هذه النقطة كتل أخرى من الأسلام السياسي . إنها بحق لا تؤمن بالديمقراطية وهي تلجأ إلى أساليب غير ديمقراطية  للسيطرة علىالسلطة . إن هذه القوى التي لاتخلوا من التطرف في هذه القضية بممارساتها هذه من خلال توظيف الرموز الدينية ودور العبادة في حملتها الأنتخابية فهي لاتهدف فقط إلى تضليل وعي الناخب العراقي وإنما هي بحق تعيق بناء المؤسسات الديمقراطية وإقامة دولة العدل والقانون . ومن الأمثلة التي تدين هذه القوى أذكر مثاليين المثال الأول : إنها قد إختزلت شعب وادي الرافدين ( الشعب العراقي) بقومياته وأديانه المتعددة وثقافاته وأفكاره وتياراته السياسية وحضاراته المتنوعه وأطلقت على هذا الشعب المتنوع الأثنيات والأديان مفهوم غريب ( لايرتضيه الدين ولا الأعراف والقانون والمواثيق الدولية) وبدأت تسوق مفهومها أن الشعب العراقي مكون من ( السنة والشيعة والأكراد) وإلتقت في هذه النقطة مع نفر من غلات القوميين المتطرفين الذين يدعون الديمقراطية أيضاَ وهم بهذا النهج الغير ديمقراطي قد عبروا عن سلوك غريب إستبدادي  صادرحق التكوين الطبيعي للشعب العراقي .المثال الثاني هو إنها قد قسمت السلطة على أساس المحاصصة الطائفية والحزبية وحولت هذه المحاصصة إلى نهج سياسي في البلد . من هذين المثالين إن هذه القوى رغم إنها وطنية ولكنها تسعى لبناء سلطتها الغير ديمقراطية وفرض هيمنتها وإقامة دكتاتوريتها الأستبدادية وتسن قوانينها المعادية للأنسان وحرياته وحقوقه إذا سنحت لها الفرصه لا سيما إنها فشلت في بلدان أخرى .

أما القوى القومية : لا يختلف إثنان ان هذه القوى تناضل من أجل قضايا عادلة وإنها خليط بين قوى محافظة ومعتدله وديمقراطية وقوى إسلام سياسي وبعضها قوى متطرفه هنا المقصود بالقوى القومية هي قوى كيانات شعبنا المتعدد القوميات . وهي قد ناضلت لعقود طويلة من أجل تحقيق الحقوق القومية العادلة  وناضلت معها القوى الديمقراطية وأن الشعب يدعم ويساند نضال هذه القوى من أجل نيل الحقوق القومية أو تحقيق التوجهات القومية لهذه القوى ومن أجل التحرر والديمقراطية . إلا أن بعض قيادات هذه القوى التي لها قصر نظر ذات السلوك السياسي المزدوج . لقد وقعت في أخطاء أضرت بنفسها و بالقوى الديمقراطية وبالقضية القومية وحصلت إنتكاسات. وهي في الغالب تعتمد على عوامل خارجية إقليمية ودولية ومن هذه الأخطاء ليس فقط تاكتيكية وإنما إستراتيجية وهي . إنها تعطي أولوية لتحقيق المهام القومية على القضية الديمقراطية في العراق . وعلى ضوء هذا الخطأ الأستراتيجي تقوم بأخطاء تاكتيكية ومنها التحالفات . في حين تؤكد التجربة التأريخية لكل شعوب العالم أن القضية القومية تحل في ظل النظام الديمقراطي . إن هذه القوى في الممارسة تقع في نفس الخطأ السابق  كما وإنها قد وقعت في خطأ آخر وهو إنها قد كرست  إسلوب المحاصصة الطائفية والحزبية مع بعض قوى الأسلام السياسي . وربطت كل شيئ بالمحاصصة بما فيها حل القضية القومية وتناست أن الحقوق القومية للشعوب بما فيها (الفيدرالية) لا تأتي من خلال المحاصصة ( وإنما من خلال بناء مؤسسات الدولية المدنية الديمقراطية ولا يوجدغير هذا الطريق تحل فيه المسألة القومية ) . وهذا ماهو قائم الآن في كل دول العالم ذات النظم الفيدرالية . إن القوى القومية بحاجة إلى مراجعة فكرية من أجل إعادة النظر في أخطائها.  أن مفهوم المحاصصة هوعامل معرقل ليس فقط لحل القضية القومية وإنما لتطبيق الديمقراطية وبناء دولة العدل والقانون . كما إنه لايجمعه جامع مع مفاهيم ( العلم المعرفة النظام القانون السياسة النضال البرامج النظام الديمقراطي الفيدرالية وبناء الأوطان ...... إلخ) . وله دور سلبي آخر إنه يحفز نمو قوى نفعية  (براغماتية) في المجتمع والدولة رغم إن البراعماتية مفهوم يشير إلى روح تجارية الربح والخسارة إلا إنه دخل ميدان السياسة بما فيها السياسة الخارجية حيث هناك دول تنتهج دبلوماسية براغماتية من أجل الحصول على المنافع الأقتصادية والتجارية والمساعدات المالية . وهذا نفس الشيئ ينطبق على المنظمات السياسية فالمحاصصة بيئة خصبة لنمو هكذا أمراض سياسية إنها بدعة المتنافسون في الصراع على السلطة والمال . وقد بنيت الدولة على هذا المصطلح السيئ الصيت . لقد رفضته القوى اليسارية والديمقراطية ومعهم جماهير الشعب  ولكن بعد أن ذاق الشعب الويل من إسلوب المحاصصة . أوجد المخلصون لهذا الوطن  مصطلحاََ سياسياَ آخر أكثر جمالية من أجل التخلص من المصطلح القبيح المحاصصة الطائفية والحزبية فأوجدوا مفهوم ( التوافق السياسي) كونه أكثر مقبولية ويتماشى مع الواقع الحالي . وإن كان هذا الأسلوب ( التوافق السياسي ) قد تمكن من حل بعض الأزمات بين القوى السياسية وتمكنوا من خلاله للوصول إلى توافقات كما إنه حقق بعض النجاحات وتم سن عدد من القوانين وسارت العملية السياسية خطوات إلى الأمام . إلا أن هذا الأسلوب رغم أهميته فأنه لا يخلوا من العيوب والسلبيات منها إنه لا يخلق حالة إستقرار دائم إنه عامل تخديروتأجيل للأزمات ولا يحمل حلاَ جذرياَ دائماَ ولا يهيئ مستلزمات بناء الدولة المدنية الديمقراطية كما إنه لا يرتكز لمعايير الكفائة والآهلية في تولي المناصب السيادية والأدارية وغيرها في البلد وتترافق معه دائماَ التجاذبات والصراعات وكسر الأرادات والهيمنة والأستئثار ويخلق بيئة خصبة ليس فقط للفساد المالي والأداري وإنما للفساد السياسي  وعلاوه على ذلك إنه لن يلغي المحاصصة الطائفية والحزبية إلى الأبد.
وعندما يكون القرار السياسي بيد المجموعات المتعصبة والمتطرفة من القوميين . فهذا يضعف دور القوى المعتدلة والديمقراطية المحسوبة على القوى القومية . وتؤكد تجارب الشعوب أن هناك ثقافتان وبمكن القول ( حضارتان ) واحدة تدعوا للتعايش المشترك مع الآخر وهذه الثقافة هي ذات التوجه الجماعي ويحمل لوائها اليساريون و الديمقراطيون من القوميات المكونة لشعبنا والمعتدلون. والأخرى ذاتية فردية فهي لاتقبل التعايش المشترك وتسعى لبلع الثقافات الأخرى فهي لاتستطيع العيش في فضاء روحي مشترك . وهذه ليس فقط سمة القومين المتطرفين وإنما دعاة الأسلام السياسي المتطرفون والمحافظون وحملة الأفكار الأستبدادية . إن هؤلاء كما أشرت أعلاه ذات سلوك سياسي مزدوج ,في الأعلام يوهمون أبناء الشعب بأنهم بناة الوطن وهم حملة رسالة المحبة والسلام وهم ديمقراطيون وقادرون على حل أزمات البلد السياسية وإقامة دولة القانون . ولكنهم في الممارسة هم ذاتيون جشعون ليس لديهم محرمات أمام سرقة السلطة . وهم معادون للديمقراطية ولبناء دولة العدل والقانون وهم حماة الفساد بكل أنواعه وهم البوابة الرئيسية لكل التدخلات الأقليمية في الحياة السياسية الداخلية وهم لا يتوانون من التلاعب بالوطن وثرواته وعرضة في سوق مضاربات البورصة .

الحل هو بتفعيل دور قوى اليسار والديمقراطية والعمل الميداني المشترك فيما بينها :
الحقيقة التي بدأ يدركها جيداَ شعبنا أن المصالح الوطنية العليا للبلد حملتها والمدافعين عنها والذين قدموا كواكب من الشهداء من أجلها هم اليساريون والديمقراطيون من كافة قوميات شعبنا العراقي ومن مختلف الأديان . ويقف معهم غالبية أبناء شعبنا العراقي بمدنه وأريافة وبعماله وفلاحية ونسائه وكسبته وطلابه ومثقفية . هذه القوى حقاَ هي القادرة على بناء دولة العدل والقانون وهم المدافعون عن مصالح الشعب والوطن . يصورهم الأعلام الذي يهيمن علية (بعض قوى الأسلام السياسي والقوميون المتطرفون ) والذين يحملون أفكار العصور الوسطى والمدعومون مالياَ وسياسياَ من دول إقليمية وغيرها إنهم أقلية في المجتمع وأحياناَ يطلقون عليهم مصطلح العلمانيون وهم لازالو في وًهَم عالق في أذهانهم من العصور الغابرة وتناسوا أن شعبنا يعيش في عصر المعلومات والأنترنيت وأصبحت الحقائق في هذا العصر لا تغطى وواضحة وشفافة أمام ملايين الناس . أن الدولة المدنية الديمقراطية التي تضمن حقوق القوميات والأديان و حق المواطن والتي تضمن له العيش الكريم والمساوات في الحقوق وتضمن حق المرأة . إن هذه الدول التي حققت الحرية والديمقراطية و الرفاة الأقتصادي للشعوب والتقدم والأزدهاروضمنت حقوق الأنسان قد بناها العلمانيون . التي يستورد منها بلدنا الآن التكنولوجيا والتجهيزات الطبية والمواد الغذائية وغيرها ويطلب بلدنا منها المساعدات ويدعوهم للمشاركة في عمليات الأستثمار من أجل إعمار وتنمية البلد . أما المحافظون ومنهم بعض دعاة الأسلام السياسي فيوظفون دين الله لمصالحهم السياسية الضيقة والدين منهم براء لأنهم سراق سلطة وأصحاب نفوذ وهيمنه وإستغلال وإستحواذ . وبرنامجهم السياسي هو فقرة واحده لاغير وهي ( إطلاق الأساءات للعلمانين بمناسبة أو دون مناسبة) وهم وليس سواهم مغتصبي حقوق المرأة وحقوق المواطن ومصادري حق الشعب في العيش الكريم من منطلق الأقرباء أولى بالمعروف .

ومن هذا على دعاة الديمقراطية الحقة والوطنية الصادقة :
أفراداَ أو جماعات تنظيمات أو حركات سياسية سواء كانت في داخل الوطن أو في الخارج بأن تضع حداَ لتشتتها وتباعدها لاسيما وأن الظرف مؤاتي لتقاربها لقرب إنتخابات مجالس المحافظات إنها بحق منعطف سياسي تمر به البلاد . يتطلب دوراَ وجهداَ جماعياَ وذات طابع عملي وميداني وعلى كافة الصعد تتظافر به جميع الجهود ويكون مؤثراَ وفاعلاَ في تجميع القوى والتأثير على الناخب العراقي في المشاركة في الأنتخابات من أجل أن تكون النتيجة لصالح قوى اليسار والديمقراطية وكل من يناضل من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية . وعندما تتوحد جهود دعاة الديمقراطية الحقة  سيلتف الشعب حولها لأنها هي التي تحقق طموحاته وتطلعاته . وأن توحيد الجهود وتنسيق عمل قوى اليسار والديمقراطية لايحتاج إلى مختبرات وتجارب وإنتظار نتائج أن الحياة قد زكة هذه القوى والممارسة الحية هي التي تخلق حالة التقارب بين هذه القوى  . لا سيما وإنها تحمل مشروعاَ وطنياَ صادقاَ وهو تحقيق طموحات الشعب و بناء الدولة المدنية الديمقراطية .
فلتبدأ هذه القوى وكل من موقعه في أول خطوة عملية لها هو في توحيد خطابها الأعلامي وهو ضرورة هامة لا تقبل التأجيل في هذا الظرف الأنتخابي بالذات في المعركة الأنتخابية و مما له من تأثيرات إيجابية على الناخب العراقي وتبصيره ودفعه للمشاركة في العملية الأنتخابية وتعبأة الشعب لها وفي فضح التزوير والتلاعب في العملية الأنتخابية . إن توحيد الخطاب الأعلامي هو خطوة هامة في سلم العمل المشترك لقوى اليسار والديمقراطية وهو خطوة عملية لتوحيد كل الروافد في مصب واحد لأحداث إنعطافه في موازين القوى في داخل المجتمع لصالح الفكر والثقافة الديمقراطية . وإنها بحق هي التمرين الأول للأنعطاف السياسي الكبير وهو التهيأة والأستعداد للأنتخابات البرلمانية في العام القادم . ليكون موقع مؤثر في صنع القرار داخل البرلمان لقوى اليسار والديمقراطية . وهي القادرة عملاَ وليس قولاَ من حل أزمات البلد السياسية وتحقيق طموحات الشعب وبناء الوطن والمحافظة على ثرواته , وتحقق له السيادة الكاملة بأنهاء الأحتلال , وتضع الأسس السليمة لأقامة النظام الديمقراطي التعددي التداولي الفيدرالي وتبني الدولة المدنية الديمقراطية . فلنبدأ من الآن بتنسيق الجهود والعمل المشترك على صعيد البلد الواحد في المهجر أو على مستوى المدينة الواحدة في داخل الوطن ولننسق مع حركة مدنيون من أجل تحقيق النجاحات في الأنتخابات.
2-8-2008 .
   

184
المفاوضات العراقية الأميركية
والتوازن المفقود

فلاح علي
المفاوضات الجارية الآن بين العراق والولايات المتحدة الأميركية من أجل عقد معاهدة طويلة الأمد بين البلدين , أثارت تساؤلات ومخاوف ليس فقط من قبل المتابعين السياسيين وإنما من قبل أبناء الشعب وقواه الوطنية. لأنها لم تكن إتفاقية عادية تتناول ( تبادل إقتصادي و تجاري أو ثقافي أو علمي ... إلخ) . إنها قضية وطنية كبرى لأنها متعلقة بمصالح الوطن وسلامة أراضية وأجوائه وثرواته وضمان سيادته وإستقلاله وقراره الوطني المستقل . (فهي تعني كل مواطن عراقي وكل التنظيمات السياسية وفئات المجتمع  وليس هيئه معينه أو فئه أو مجموعه صغيره بعينها ) تنفرد بأتخاذ القرار وتوكل لنفسها حق تمثيل العراقيين جميعاَ .

للتساؤلات والمخاوف مبررات مشروعة :
- الغموض الذي يكتنف المفاوضات وأجواء السرية المفروضه عليها لم تكن مبرره .
- الوفد المفاوض غير معروف ليس فقط للشعب وإنما لبرلمانيين ولقوى وطنية .
- من المتوقع أن يكون الوفد المفاوض قد تم إختياره من الكتل المهيمنه على صنع القرار. إن صح ذلك فهذا مؤشر سلبي كبير يضر بالمصلحة الوطنية .
- كما إنه مؤشرعلى ضعف الوفد المفاوض. لأختزاله بقوى سياسية محدده مهيمنه على صنع القرار وهذ أمر طبيعي أن يفقد الوفد المفاوض بعض المقومات منها إنه لا يمثل الشعب في أهم قضية وطنية مصيريه فهو لايمثل الوحدة الوطنية الحقه كما إنه فاقد للغطاء الجماهيري والأعلامي والسياسي التضامني . وهناك قضية هامه جداَ أن المفاوضات تجري في ظل عدم توازن القوى بين الطرفين وفي ظروف داخلية صعبه و معقدة يسودها مشاكل كثيره مستعصية الحل وغياب المصالحة الوطنية وسيادة المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقه وتغييب المواطن وحرمانه من الحقوق وتغييب الوعي وفي ظروف إقليمية حيث هناك قوى إقليمية تعتبر نفسها لاعب أساسي في القضية العراقية وتدخلاتها المستمره في الشأن العراقي وتحويل العراق ساحة حركه لها إن هذه القوى الأقليمية ( إيران مثلاَ)هي ليس فقط إن لها اليد الطولى في الشأن العراقي الداخلي وإنما تعتبر العراق ورقه بيدها تساوم عليها في مفاوضاتها مع الأميركان وكما إنها تعتبر تطورات الأحداث في العراق تمس أمنها القومي إن لم أقل إنها تعتبر العراق ومستقبله رهينه لديها إضافة لوجود تأثير لهذه الدولة على قوى عراقية مهيمنه على صنع القرار السياسي. ولا يختلف إثنان أن الوضع الدولي الحالي في ظل نظام القطبيه الواحده حيث ميز الولايات المتحدة الأميركية بأن تتزعم هذا النظام الدولي ومكنها من أن تنفرد في صنع القرار الدولي وتستغل الشرعية الدولية لترتيب الأوضاع والعلاقات داخل كل بلد وكل منطقة بما يخدم ويحقق مصالحها القومية (وهذه هي محصله نهائيه لأنتهاء الحرب البارده وإنهيار الأتحاد السوفياتي وتفككه حيث خسرت شعوب العالم نظام القطبيه الثنائية القائم على التوازن الدولي الذي لا بد منه لضمان مصالح الشعوب والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ) . إذاَ في ظل هذا النظام الدولي الذي تتفرد بقيادته الولايات المتحده وتتزعمه . فهي تفرض على الآخرين إرادتها وقرارها بما في ذلك تجمعات إقليمية ودول كبرى مثل الاتحاد الأوربي وروسيا والصين واليابان ....إلخ. إنه نظام قائم على الفرض والأذعان بحكم هيمنتها على حلف الناتو وتوسع نفوذ تواجده في العالم وبحكم قوتها العسكرية وحضورها الديبلوماسي المؤثر وكونها عضو دائم في مجلس الأمن وسيطرتها على المؤسسات الأقتصادية العالمية ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية) ووجود مقراتها على أراضيها وإمتلاكها للتكنولوجيا المتطوره . هذه العوامل وغيرها مكنتها من إدارة وقيادة نظام القطب الواحد . في ظل هذا الظرف الدولي وفي ظل تواجد القوات الأميركية على الأرض العراقية فهذا أمر مؤكد يدلل على غياب التوازن بين الوفدين المتفاوضيين مهما علت تصريحات المسؤولين العراقيين أمام وسائل الأعلام وتمسكهم بالثوابت الوطنية فهذه مجرد تصريحات لذر الرماد في العيون ومن خلال معطيات الواقع الفعلي يؤكد أن الجانب العراقي المفاوض هو الأضعف في هذه الظروف وغير قادر على فرض إرادته على الأرادة الأميركية  ليس فقط مرد ذلك للظروف ووجود القوات الأميركية على الأرض العراقية وإنما أيضاَ لم تتوفر بعد مقومات ومستلزمات عملية التفاوض من الجانب العراقي مما يزيد المفاوض العراقي الضعف والأرباك والتشكي أمام وسائل الأعلام . وهنا يخشى الشعب من حالة إلتفاف تقوم بها الكتل المهيمنه على صنع القرار وتحت ضغط أميركي و أزمات سياسية وحاجات كثيرة من أن تضطر للجوء لعقد صفقه تساومية مع الأميركان ثم يسعون إلى تمريرها في البرلمان بالأغلبية . رفم أن هذا الأحتمال ضعيف ولكن التفرد في صنع القرار يخلق مخاوف كبيره من قبل قطاعات واسعه من أبناء الشعب . 

للولايات المتحدة مصالح في العراق والمنطقة فالمعاهدة الأستراتيجية التي ستعقدها مع العراق هي من مفهومها أن تلبي مصالحها القومية ومصالح حلفائها في المنطقة ومنها :
- ممارسة الضغوط من أجل خصخصة قطاع النفط : وهذا يسمح للشركات الأميركية بقدرتها التنافسية العالية السيطرة على قطاع النفط . ولهذه الشركات سياسة نفطية تهدف إلى تحقيق زيادة في إنتاج النفط العراقي وعرضه في الأسواق العالمية وهذا سيؤدي إلى خفض في أسعار برميل النفط وهذا من أجل التأثير على منظمة الأوبك وإضعافها والضغط عليها أو تعرضها للأنهيار. كما أن هناك ظروف دولية تخدم هذه الوجهه للولايات المتحدة الأميركية منها مثلاَ هناك بعض الدول هي مستهلكه للنفط مثل فرنسا واليابان وألمانيا والصين وغيرهما وسيعد ذلك مكسباَ لهما وستتضرر دول أخرى تعتمد في سياستها على تصدير النفط مثل روسيا ودول الأوبك . وستستفاد من ذلك أيضاَ تركيا التي هي عضو في حلف الناتو حيث قد تسعى الولايات المتحدة إلى بناء المزيد من أنابيب النفط لنقله إلى البحر الأبيض المتوسط وأوربا عبر الأراضي التركية.
- ستفرض الولايات المتحدة الأميركية في المعاهدة البعيدة المدى مع العراق على بند يسمح ببقاء قواعد عسكرية أميركية في العراق ولا يختلف إثنان على مواقع هذه القواعد بالتأكيد ستكون واحده بالقرب من الحدود السورية والأخرى بالقرب من الحدود الإيرانية من الجنوب والثالثه قد تكون بالقرب من الحدود الإيرانية في محافظة السليمانية ضمن مناطق كوردستان – العراق . ولا يعرف الشعب إلى الآن كم هي عدد القواعد التي ستقيمها الولايات المتحدة بعد سحب قواتها من العراق وقد تتضمن الإتفاقية على بند حماية الحدود العراقية والحكومة العراقية .
- حماية أمن إسرائيل وتأمين مصالحها لأنها حليفها الأستراتيجي في المنطقه  : ليس فقط  من خلال قواعدها العسكرية في العراق أو المنطقة ( مع التأكيد لا يمكن أن تنوجد حالة حرب مع العرب وإسرائيل وحتى مع إيران سيأخذ مسار العلاقه مفاوضات سلمية) .  ولكن ستضغط الولايات المتحدة الأميركية بأتجاهين الأول هو الضغط على العراق من أجل إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتسعى لتهيأة ظروف مناسبه لها والثاني هو من خلال إستثمار الشركات الأميركية في العراق سيؤدي إلى خلق فرص للعماله وستطلب عماله عربية  وسيكون باباَ لدخول عماله فلسطينية من البلدان العربية والعمل على توطينهم في العراق وهذا ماتريده إسرائيل بألغاء حق العودة .
- وستخرج العراق من عقوبات البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة . وسيحصل العراق على تحقيق السيادة الكامله . ولكن سيتحول الأقتصاد العراقي إلى تابع إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وإشتراطاتهما كما سيفرض عليه السير في إقتصاد السوق وتأثيرات العولمة الرأسمالية وقد يرشح العراق للإنضمام إلى منظمة التجاره العالمية . وقد تحول العراق إلى دولة حليفه للولايات المتحدة في المنطقة وهنا يكمن الخوف من إستقلالية القرار العراقي الخشية من أن يكون تابع للقرار الأميركي .
- كما إنه من المتوقع أن تفرض الولايات المتحدة في الأتفاقية بند يسمح بسيطرتها على الأجواء العراقية من خلال حرية حركة طيرانها بين القواعد العسكرية أو للأغراض الأستطلاعية وقد تكون هناك حرية لها لتنقل قواتها البرية بين القواعد التي ستقام .

وبدلاَ من الخوض في التوقعات وما سستنتج عن المفاوضات من بنود خاصه بالأتفاقية فما هو مهم قبل الأنتظار لما يظهر عنه من نتائج هو التهيأه الوطنية للمفاوضات وتهيأة مستلزماتها و مقوماتها ومنها :
- أن يكون الوفد المفاوض وفداَ وطنياَ وليس وفداَ نخبوياَ أي أن تمثل فيه كل قوى الشعب الوطنية سواء كانت ممثله في البرلمان أم لا وشخصيات وطنية مستقله وهذا مما يعكس عن متانة الجبهه الداخلية التي تعطي قوة للوفد المفاوض إضافه إلى كفائته وحسن إختياره .
- أن تكون الغالبية من أعضاء الوفد المفاوض لهم إختصاص في القانون الدولي . الخبره القانونية تمكنهم من الخوض في التفاصيل فيما يخص المواثيق الدولية إضافه إلى أن هناك بعض الصياغات والبنود تخضع للتأويلات والتفسيرات المزدوجه .
- أن تخضع المفاوضات للشفافية . وأن يشخص ناطق رسمي بأسم الوفد المفاوض لأن الأتفاقية هي قضية وطنية أكثر مما هي إتفاقية رسمية عادية . فيكون الشعب والبرلمان على علم بالخطوط العامه بالمفاوضات ويفضل أن تكون هناك مؤتمرات صحفية وتصريحات للناطق الرسمي للوفد يوضح الخطوط العامه للبنود التي يتفق عليها قبل التوقيع عليها.
- إشراك الأعلام من أجل تعريف الشعب وذلك من خلال إستضافة خبراء في القانون الدولي لأخذ رأيهم في بنود الأتفاقية وتوضيح مضامينها .
- أن يأخذ البرلمان دوره قبل إنتظار توقيع الأتفاقية لغرض عرضها عليه للمصادقه عليها أن يسعى إلى تشكيل لجنة قانونية لهذا الغرض تتابع المفاوضات وتقدم تقريرها للبرلمان ليكون كل أعضاء البرلمان على علم بالمفاوضات وطبيعتها . ومن حق البرلمان أن يطرح الأتفاقية إذا تم التوقيع عليها إلى إستفتاء شعبي لأنها قضية وطنية تمس مصالح الشعب والوطن ومستقبله .
- يحق للحكومة العراقية طلب ممثلين من الأمم المتحده لحضور المفاوضات كما يحق لها الأستعانه بخبراء دوليين في القانون الدولي لهم خبره طويله في مجال المفاوضات وعقد الأتفاقيات الدولية للأستفاده من كفاءاتهم وخبراتهم.
4-6-2008 .


185
حفل تأبيني مشترك مهيب في أوسلو
للرفيق الراحل سليمان يوسف إسطيفان (أبوعامل)

في يوم الأحد الموافق 4-5-2008 أًقيم حفل تأبيني مشترك للرفيق الراحل سليمان يوسف إسطيفان (أبو عامل)  بالتعاون بين منظمة الحزب الشيوعي العراقي في النرويج و نادي بابل الكلداني  وبعد أن زينت القاعه بصور الرفيق الراحل أبو عامل مع لافته كبيره خط عليها شعار ( مجداَ للرفيق الراحل سليمان يوسف إسطيفان (أبوعامل) .
فقد إبتدأالحفل التأبيني في الساعه الخامسه مساءَ من قبل الرفيق أبو سحر وبعد أن رحب بالحضور قدم كلمة رثاء وتمجيد لرفيقنا الراحل ذاكراَ دوره وصفاته وسماته النضالية  دعا الحضور للوقوف دقيقة حداد على روح الرفيق الراحل وعلى شهداء الحزب والحركة الأنصاريه وشهداء القوىالوطنية العراقية .
ثم بدأت فقرة إلقاء كلمات الأحزاب والمنظمات الحزبية . فقد ألقى الرفيق أبو عمار كلمة منظمة الحزب في النرويج ومما جاء فيها نلتقي وإياكم في هذا اليوم الجليل يوم تأبين إبن مدينة القوش والشخصية الوطنية العراقية المعروفه والقائد الشيوعي الميداني لقوات الأنصار الرفيق سليمان يوسف إسطيفان (أبو عامل) . فأشارت الكلمة إلى الصمود الأسطوري للرفيق الراحل في السجون والمعتقلات والتي لم تنل كل أساليب التعذيب من روحه الشيوعية الوثابه وإيمانه الحقيقي بطريق نضاله وبالحزب وأهدافه وأشارت الكلمة إلى عزيمته التي لاتلين في وجه أعداء الحزب وكان مدافعاَ عنه في كل المحن . كما أشارت الكلمه إلى الخصال والصفات التي تميز بها رفيقنا الراحل (أبو عامل) و ذكرمنها كان يتميز بحبه الكبير للخير والشعب والوطن وحبه للرفاق كما أكدت الكلمه إنه كان صبوراَ ومتواضعاَ وشجاعا َوكان صلباَ في المحن وكان مبدئياَ وملتزماَ وصادقاَ ونقياَ ووفياَ وبهذه الصفات برز قيادياَ شيوعياَ حزبياَ وقائداَ ميدانياَ للأنصار الشجعان . وأشارت الكلمة بالقول سيظل إسم (أبوعامل) منحوتاَ بأحرف مضيئه في تأريخ نضال الحزب الشيوعي العراقي وفي صفحات النضال البطولية والشجاعه لحركة الأنصار الشيوعية . وجاء في ختام الكلمة تقديم التعازي لأسرة الرفيق الراحل ولأقاربه ولرفاقه وأصدقائه ولمعارفه ومحبيه ومجدت الكلمة الفقيد الراحل(أبوعامل) وكل شهداء الحزب وحركة الأنصار وشهداء القوى الوطنية العراقية .
ثم دعا الرفيق أبو سحر نادي بابل الكلداني لألقاء كلمتهم فتقدم الأخ الكاتب حبيب تومي (أبو رياض) وألقى كلمة الهيئه الإدارية لنادي بابل الكلداني وكانت كلمة مؤثره أشادت بالدور النضالي المتميز والكبير للرفيق أبو عامل وقد تطرقت الكلمة إلى الصفات النادره التي تمتع بها الرفيق الراحل (أبوعامل) وخرج الأخ أبو رياض عن النص المكتوب في الكلمة وتحدث عن معايشه عملية مع الرفيق الراحل وإستعرض بعض من أقواله ومآثره ثم إستعرض أبو رياض في كلمته حياة الرفيق أبو عامل في مدينة القوش وعندما كان مدرساَ في أحد مدارسها وأشاد بالمكانه الإجتماعية التي تميز بها ثم أشار بدوره السياسي وكونه شخصيه وطنيه مرموقه ومتميزه على صعيد العراق وتحدث عن دوره في النضال في صفوف قوات الأنصار ضد الدكتاتورية ومكانته القياديه حيث إنه كان قائدأ لقوات الأنصار ومجدت الكلمة الرفيق الراحل .
ثم دعية منظمة الأنصار في النرويج لألقاء كلمه فتقدم الرفيق أبوباسل وألقى كلمة بأسم منظمة الأنصار أشار الرفيق أبو باسل في كلمته إلى الدور الكبير للرفيق الراحل (أبوعامل) في قيادة قوات الأنصار وتحدث عن صفاته وخصاله النضاليه والقيادية مما ميزته بحق كقائداَ ميدانياَ للأنصار وأشارت الكلمه إلى العطاء الكبير الذي قدمه الرفيق الراحل وإلى تضحياته الجسام وحب الرفاق والأنصار له وذكر كثير من صفاته وسماته النضالية ومجدت الكلمة الرفيق الراحل  كما مجدت شهداء الحزب والأنصار .
ثم دعا الرفيق الحزب الديمقراطي الكوردستاني في النرويج لألقاء كلمة فتقدم الأخ آمانج البرزانجي فألقى كلمة بأسم اللجنة المحلية للحزب الديمقراطي الكوردستاني أشاد بالدور النضالي الكبير للرفيق الراحل (أبوعامل) في نضاله السياسي وفي صفوف قوات الأنصار وبروزه قائداَ ميدانياَ لهم كما أشاد بالروابط النضاليه التأريخيه بين الحزبيين وأشاد بنضال الحزب الشيوعي العراقي وعزى الشيوعيين العراقيين بفقدانهم لقائد شيوعي فذ , وتمنى لعائلته ومعارفه ورفاقه الصبر والسلوان .
ثم ألقية كلمة تنظيم الإتحاد الوطني الكوردستاني في النرويج ألقاها الأخ سامان ممثل الإتحاد الوطني الكوردستاني في النرويج تحدث عن الحزب الشيوعي العراقي ودوره في نضال الشعب العراقي وتحدث عن الرفيق الراحل (أبوعامل) و أشاد بمواقفه النضاليه الصلبه وبصفاته ودوره القيادي لقوات الأنصار وقدم التعازي للشيوعيين العراقيين ولعائلة وأقارب وأصدقاء الرفيق الراحل (أبوعامل) .
ثم ألقية كلمة الحركة الديمقراطية الآشورية في النرويج ( حيث طلب وفدهم الذي حضر الحفل التأبيني من الرفيق أبو سحر إلقاء الكلمه نيابه عنهم) . أشادت الكلمة بنضال الحزب الشيوعي العراقي وتضحياته من أجل مصالح الشعب والوطن وأشادت الكلمة بالدور النضالي للرفيق الراحل (أبوعامل) وتضحياته وتحدثت عن صفاته وخصاله النضاليه والقيادية وفي الختام قدمت الكلمة التعازي للشيوعيين العراقيين ولعائلة وأقارب ورفاق وأصدقاء الفقيد الراحل (أبوعامل) .
وبعد فترة إستراحه قصيره أعلن عنها الرفيق أبو سحر لتناول القهوه والشاي .
بدأت الفقره الثانيه من الحفل التأبيني وهي (إستذكاريه) ذكريات عن الرفيق الراحل (أبوعامل) فدعا الرفيق أبو سحر رفاق وأصدقاء ومعارف الرفيق الراحل للحديث عنه .
فتحدث الرفيق صفاء العتابي عن الرفيق الراحل (أبوعامل) من خلال معرفته في بغداد وتحدث عن معايشه يوميه معه في كوردستان (في قوات الأنصار) وأشارإلى إهتمام الرفيق الراحل بالأنصاروعن حرصه الكبير عليهم وحبه لهم كما أشار إلى متابعته لإمور الأنصار وللحياة الأنصاريه وكيف كان يؤكد على الألتزام والأهتمام بالجاهزيه القتاليه في كل الأوقات وإنجاز المهام و تحدث عن تواضع الرفيق وصفاته النادره و عن الدور الكبير للرفيق الراحل (أبو عامل) في قيادة حركة الأنصار وكيف كان صديق للجميع لايميز بين رفيق وآخر وأشار أن الرفيق الراحل حضيه بحب وإحترام جميع الرفاق والأنصار .
ثم تحدث الرفيق دلشاد خضر عن قرب من الرفيق أبو عامل خلال معايشه معه في أربيل وشقلاوه وعينكاوا بعد إنتفاضة آذار/ 1990 . وبعد المؤتمر الوطني الخامس للحزب وأشار إلى دوره و المكانه الكبيره التي له والمهام التي كان يضطلع بها وتحدث عن تواضع الرفيق وعن عصاميته وحرصه على مالية وممتلكات الحزب وعن حب الرفاق له
ثم تحدث الرفيق أبو سحر عن فترة  المعايشه مع الرفيق ( أبو عامل ) في حركة قوات الأنصار وأشار إلى متابعته المستمره لشؤون الأنصار وحياتهم اليوميه وكيف كان معهم في أصعب الظروف  ويهتم بهم وكان ملهم لهم ويحب الجميع ويستمع لهم وحضيه بحب وتقدير الجميع .
ثم تحدث الرفيق أبو ندى عن الرفيق الراحل ( أبوعامل) كونه قائد شيوعي نادر المثاال وشخصيه سياسيه وطنية عراقية معروفه. وأشار لقد إمتحنته الحياة في ظروف غاية في الصعوبه وكان إسطورياَ في صموده ودفاعه عن الحزب فكان الإختبار الأول في سجن رقم واحد بعد إنقلاب عام 1963 فقد صمد صمود الأبطال  ولم تنل من روحه الشيوعيه أساليب التعذيب ثم إبتكر إنقلابيوا شباط طريقه للقضاء على حياته ومعه المئات من كوادر الحزب العسكرية والمدنيه فتم وضعهم في قطارحديدي سمية ( بقطار الموت ) وحددوا له سرعة سير محدده لغرض القضاء عليهم ولكن بصمودهم قد فشلت محاولاتهم وقد إنتشرت حادثة قطار الموت وأبطالها الشيوعيين في كل العراق آنذاك ومنهم الرفيق (أبوعامل) وأشار الرفيق أبو ندى إلى أحد أبطال قطار الموت وهو جالس في القاعه وهو الرفيق فخري بطرس (أبوعمار) .
وكان الإختبار الثاني هو إعتقاله في بغداد في نهاية عام 1978 مع مجموعه كبيره من الرفاق وأشار الرفيق كنى نتابع صمود الرفاق في أقبية التعذيب مع قلقنا الشديد عليهم حيث كنى ننشط في ظروف النضال السري وبدأت في عام 1979 تصل إلينا من الحزب أخبار صمودهم ومنهم الرفيق الراحل أبو عامل إلى أن أطلق سراحه مع مجموعه من الرفيقات والرفاق  في آب 1979 بفضل التضامن الأممي .
ثم تحدث الرفيق عن تنامي حركة الأنصار الشيوعيه في فترة الكفاح المسلح وقائدها الميداني الرفيق (أبوعامل) وعن الصفات القيادية للرفيق الراحل وكيف كان يهتم بكل الرفاق ويسأل عنهم ويتابع وضع الأفواج والسرايا التي في العمق وأشار إلى المكانه التي إحتلها الرفيق الراحل (أبو عامل) في صفوف الحزب والأنصار والحب الكبير الذي منحوه له وتحدث عن صبره المتميز وتفانيه من أجل الحزب والشجاعه النادره ونظرته البعيدة المدى وعن التوجيهات التي كانت تصل من المكتب العسكري المركزي للأنصار للإرتقاء بالعمل الأنصاري .
وفي ختام الحفل التأبيني لقد شكر الرفيق أبو سحر نادي بابل الكلداني على مبادرتهم بأقامة الحفل التأبيني المشترك كما شكر ممثلي الأحزاب وشكر الحضور الكريم وأعلن عن إنتهاء الحفل التأبني وكان بحق حفلاَ تأبينياَ مهيباَ .
أوسلو
5-5-2008 .


186
رؤية حول ملامح التجديد في اليسار العراقي
الحزب الشيوعي نموذجاَ حياَ ومميزاَ


فلاح علي
خلال مرحلة الحرب البارده وفي ظل الثنائية القطبيه حيث كان العالم منقسم إلى معسكرين متصارعين . وقد إتهمت كثير من الاحزاب الشيوعيه بأنها تابعه و تتلقى تعليماتها من موسكو آنذاك لأنها مع المعسكر الإشتراكي . ليس بصدد الحديث عن تلك المرحله التي تضررت فيها كثير من الاحزاب الشيوعيه وحركات التحرر الوطني . بسبب الصراعات على مناطق النفوذ بين المعسكرين رغم تصاعد نضالاتها والنجاحات التي حققتها في مناطق عديده من العالم . إلا أن الولايات المتحدة الاميركيه تدخلت في كثير من مناطق العالم فقامت بأنقلابات عسكرية وأقامت أنظمه دكتاتورية فيها ووجهت ضربات لحركات التحرر الوطني والاحزاب الشيوعيه وعلى سبيل المثال تدخلهم في أمريكا اللاتينيه وأفريقيا الكونغو مثلاَ في عام 1960 وفي أنونيسيا وفي العراق إنقلاب 1963 وفي تشيلي .... إلخ  وهذا كان جزء من سياسة الحرب البارده ضناَ منها بأضعاف النفوذ السوفياتي في هذه المنطقه أو تلك من خلال ضرب هذه الاحزاب وحركات التحرر .
في المرحله الثالثه من الحرب البارده في مرحلة التعايش السلمي بين المعسكرين من خلال ماعرف بسياسة الوفاق وفي عام 1978 لا يخفى على أحد حيث وجهة أشرس حملة قمعيه بوليسيه ضد الحزب الشيوعي وصلت إلى الإباده والتصفيات الجسديه من قبل الحكم الدكتاتوري المقبور ولم تتوقف هذه الحملة الشرسه رغم كل الوسائل والجهود التي بذلت ولكن الدكتاتورية المقبوره إختارت تصفية الحزب الشيوعي العراقي وإقتلاع جذوره من أرض العراق التي نمى وكبر فيها.
فكان رد الحزب الشيوعي العراقي ليس فقط مفاجئاَ للنظام الدكتاتوري وإنما لكل الاحزاب الشيوعيه في المنطقه والعالم بما فيها الإتحاد السوفياتي آنذاك وهو السرعه في تغيير شكل وإسلوب النضال من السلمي إلى الكفاح المسلح . هذه الميزه التي تميز فيها الحزب الشيوعي العراقي لها مدلولات كبيره منها إنه أكد للعالم أجمع إنه يرسم سياسته ويضع برامجه وخططه وتوجهاته إنطلاقاَ من دراسة الواقع العراقي ( السياسي والإقتصادي والإجتماعي والقومي ….. إلخ) . وإنه حزباَ مستقلاَ سياسياَ وفكرياَ وتنظيمياَ ينطلق في رسم سياسته من الدفاع عن مصالح الشعب والوطن ولن يتلقى تعليمات وتوجيهات من أحد .
كما أن المرونه والسرعه في الانتقال من إسلوب للنضال إلى إسلوب آخر أكثر صعوبه قد أكدت إن هذا الحزب هو حزباَ عملياَ حزب قادر على تجاوز المحن والصعاب حزب الفعل والممارسه العمليه إنطلاقاَ من الواقع العراقي وليس من خلال القول والتنظيرفقط إنه حزب النضال والمستقبل والامل . وإستطاع في تلك الفتره أن يعيد ثقة الاصدقاء والجماهير به وبسياسته . إن هذا الحدث الهام في حياة الحزب هو يعد بحد ذاته ( تجديداَ للفكر والممارسه والتنظيم) إنطلاقاَ من واقع البلد وظروفه وظواهره السياسيه. في حين كثير من الاحزاب الشيوعية التقليديه كانت تعتبر النظام الدكتاتوري المقبور هو معادي للامبريالية وإنتقدت نهج الحزب الشيوعي العراقي . وما أن وقعت حرب الخليج الاولى حتى إقتنع بعض من هذه الاحزاب بصحة سياسة الحزب .

أما بعد إنهيار المعسكر الاشتراكي وإنتهاء الحرب البارده :
فقد صعق الزلزال الكبير كثير من الاحزاب الشيوعية وحركات التحرر الوطني ودول وطنية ودخل اليأس والاحباط في نفوس كثير من المناضلين والقاده وتهدد كيان عدد من هذه الاحزاب . بعض هذه الاحزاب بقى محافظاَ راكداَ لا يكترث للتغيرات التي حصلت في العالم ونتائجها على بلده فلم يغير من نهجه وفكره وسياسته التقليديه وبقى مشدوداَ إلى الماضي فعرف عن هذه الاحزاب (بالجمود والتحجر) وتقلصت قاعدتها الجماهيرية والبعض الاخر إنهزم أمام الزلزال وتميز بالعدميه والليبرالية والتخلي من الالتزامات السياسيه والفكرية والتنظيميه وتبنى طروحات إنهزاميه وتخلى عن الماركسيه وخلع ثوبه . أما التيار الثالث فأطلق عليه تيار التجديد التيار الذي إقترب من الواقع وعايشه ورسم سياسته ونهجه على ضوئه لهذا بقى متمسكاَ بالماركسيه الحيه المتحرره من الجمود التي شخصت أزمة الرأسمالية منذ عام 1848  وإنطلق من حقيقه أن الماركسيه لم تهزم أو تنهار الذي إنهار هو نموذج للنظام الاشتراكي والماركسية باقية وحيه والعالم بحاجه لها أكثر من أي وقت مضى بعد تزايد الفقر والمجاعه وإنتهاكات حقوق الانسان وهيمنة العولمة ذات الماركه الرأسمالية الأميركية المتوحشة و طالما لم تتحقق المساواة والعدالة الإجتماعية بعد وطالما أن الرأسمالية تحمل أزماتها معها فأن الماركسيه حيه وباقيه و  سمية هذه الاحزاب بأحزاب التجديد .

فكان الحزب الشيوعي العراقي هو أحد أحزاب التجديد في المنطقه والعالم :
فقد إنطلق الحزب الشيوعي العراقي من القدره الابداعيه للماركسيه وشخصها مرشد عمل وهو الحزب الذي تميز باستلهام التراث الثقافي والحضاري والثوري لشعب وادي الرافدين وقرائته الدقيقه للواقع العراقي . فعقد مؤتمره الخامس في عام 1993 بعد إنهيار التجربه الاشتراكيه بفتره قليله. وقد وضع برنامج عملي إنطلاقاَ من ضرورات ملحه وقد سمية بمؤتمر الديمقراطية والتجديد بحق . لأنه رسم سياسه مرنه تنطلق من الواقع العراقي وجدد فكره إنطلاقاَ من الماركسيه الحيه الخلاقه فتحرر من الجمود الفكري كما تحرر بنفس الوقت من الجمل الثوريه التي لاتنطلق من الواقع العراقي وطبيعته وأشاع الديمقراطيه  في التنظيم وفي بناء الحزب وأرسى الحياة الحزبية الداخلية على إسس سليمه إنطلاقاَ من مبدأ الديمقراطية . كان هذا جواباَ يسارياَ عراقياَ عملياَ رداَ على من إدعى في تلك الفتره عن نهاية الماركسيه . فأعاد ثقة الجماهير والقوى الوطنيه بالحزب الشيوعي وحيويته وديناميكيته ودوره في حياة البلد فأحتل  بجداره مكانته المعهود بها الفاعله المؤثره في الساحه العراقيه و في النضال ضد الدكتاتوريه . ألا يعتبر ذلك تجديداَ في ( السياسة والنظرية والتنظيم ) . كما إنه بنفس الوقت كان من أوائل الاحزاب الشيوعيه في المنطقه والعالم حيث بدأ يتهيئ لوضع تصورات عن أسباب إنهيار التجربه الاشتراكيه في الوقت الذي كان عدد غير قليل من تلك الاحزاب كان يعيش صدمة الانهيار وآثارها أي إنها لازالت في عمق الازمه . لا أزعم بأن الحزب الشيوعي العراقي بأنه قد تجاوز الازمه في حينها لا وإنما من تلك الظلمه المؤقته والسحابه السوداء العابره لم يتراجع بل بدأ يستشرق المستقبل ومسك بالشكل الصحيح بسلاح الماركسيه الخلاقه وبالديالكتيك الدائم التطور . فرسم سياسته من واقع البلد وشخص حاجات الشعب والوطن ورسم برنامجه العملي وخطه السياسي المرن وخطابه السياسي الواقعي الذي أكدت الحياة صحة نهج الحزب وطور تنظيمه على إسس الديمقراطية . إن الحياة أكدت وتؤكد بأن الحزب الشيوعي العراقي كان من الاحزاب الشيوعيه القليله التي حملت في أصعب الظروف وأحلكها وأشدها قساوه ومراره نهجاَ جديداَ هو نهج الديمقراطية والتجديد . وهذه مفخرة لليسار فقد جسد الحزب الشيوعي العراقي من خلال الفعل والممارسه والتضحيات وليس من خلال الاقوال والتنظير إنه حزباَ أصيلاَ حاملاَ لمشروع التغيير وواضع ممهمات وأهداف تنطلق من الواقع العراقي ومشاريع مستقبليه لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وإلغاء الاستغلال بكل أشكاله و إقامة النظام الديمقراطي التعددي الفيدرالي وهو يؤمن بالاشتراكيه كهدف بعيد وسامي .

وبعد سقوط الدكتاتورية تعامل مع الواقع لإحداث إنعطافه لصالح قوى اليسار والديمقراطية وأصبح حزباَ للتغيير والتجديد :
عندما كانت الحرب على الابواب في عام 2003 وقف موقفاَ تأريخياَ مشهوداَ له حيث عارض الحرب ولم يشترك بأي جهد لإسقاط النظام الدكتاتوري من خلال الحرب لهذا هو رفض الإشتراك في بعض المؤتمرات لهذا الغرض منها على سبيل المثال مؤتمر (لندن ) ورفع شعاره المعروف لا للحرب لا للدكتاتورية وإشترك رفاقه في كل المسيرات التي إنطلقت ضد الحرب في مختلف عواصم بلدان العالم .
وبعد سقوط الدكتاتورية دخل في العملية السياسيه . كما دخل الحزب الشيوعي الالماني بعد الحرب العالمية الثانية وكانت على أراضيه قوات ( أميريكية وبريطانية من الغرب وسوفياتية من الشرق ) قبل تقسيم ألمانيا إلى قسمين . كما دخلت قوات أميركية وبريطانية إضافة للروسية إلى بولونيا ودخول قوات غربية إلى إيطاليا واليابان ولا تزال القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا واليابان وإسبانيا واليونان  وتركيا وبلدان أخرى تعاملت قوى اليسار بواقعيه في تلك البلدان منطلقه من ظروف بلدها ووضعت خططها للنضال ولأنجاز المهام ولبناء بلدانها وإنهاء تواجد القوات الاجنبية .
كان الحزب الشيوعي العراقي جريئاَ وواقعياَ عندما سمى القوات التي دخلت العراق بقوات الإحتلال وطالب بوضع جدول زمني لخروج القوات وتحقيق الأستقلال الوطني والسيادة للبلد وربط ماهو وطني بما هو ديمقراطي . ففي الوقت الذي هو يعمل بالطرق الشرعية والسلمية لإنهاء الإحتلال فهو يعمل على بناء الدولة الديمقراطية دولة العدل والقانون كما ربط الإجتماعي بالوطني . وهذا هو الموقف الوطني الذي يتميز به الحزب الشيوعي العراقي وقد جسد اليسار الحقيقي العملي الواقعي يسار التغيير من خلال الفعل والمعايشه مع الواقع وليس من خلال القول والتهرب من المسؤوليه التأريخية . بحجة وجود قوات الإحتلال فكيق يكون حال البلد وجماهير الشعب إذا إنسحب الشيوعيون من الواجهه العلنيه السياسية ومن المساهمه في صنع القرار لصالح الشعب والوطن .

يحق لبعض عناصر أو قوى اليسار الحقيقي أن تبدي ملاحظات على مواقف وتوجهات الحزب الشيوعي العراقي :
ولكن لايحق لها الإساءه لهذا الحزب العظيم وتأريخه المجيد وقيادته النزييه والمنتخبه ديمقراطياَ كما أن الحزب الشيوعي العراقي يؤمن بالرأي والرأي الآخر ويحترم قناعات الآخرين وتوجهاتهم سواء كانوا أفراد أو جماعات ولم يسيئ لهم في يوم ما كما يؤمن بحرية الرأي والمعتقد وحرية الإختيار الطوعي والإستقلالية في رسم السياسة وفق الظرف الملموس لكل بلد وإتخاذ القرار الحر بعد النقاش المستفيض ويؤمن بالنقد فهو ينقد نفسه وأخطائه قبل أن ينقده الآخرون  وهذه هي سمة الأصالة والثورية الواقعية والوطنية الصادقة والممارسة الديمقراطية الحقه التي يتمتع بها الحزب الشيوعي العراقي الذي هو ركن أساسي من أركان اليسار الحقيقي .
فلم يكن الحزب مع الحرب ولا مع الإحتلال ولم يدخل البلد على دبابة أميركية فتنظيماته في البلد وفي ساحة النضال السري قبل سقوط النظام وتم توزيع أول صحيفة علناَ لليسار في ساحة الفردوس بعد سقوط الدكتاتورية مباشره وهي طريق الشعب ونظم أول مسيرة جماهيرية للعمال والشغيله في الأول من آيار عيد العمال العالمي عام 2003 بعد سقوط النظام ب22 يوماَ قبل أن ترتب القوى الأخرى أوضاعها ونزل أول سكرتير حزب إلى الشارع هو سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الرفيق ( أبوداود) وقاد مسيرة الأول من آيار وبحماية جماهير العمال والشعب ورفاقه قبل أن تنتهي بقية قيادات الأحزاب الأخرى جميعاَ من إختيار بعد حماياتهم ووضع قوائم بأسماء الحماية . فالحزب طيلة نضال الدكتاتورية كان مع الشعب ولم يأتي به الإحتلال كما أتى بالآخرين بل وله موقف متميز من الإحتلال وإنهائه من خلال وضع جدول زمني للإنسحاب وتحقيق السيادة والإستقلال للوطن .

لهذا فأن التجديد في الحزب الشيوعي العراقي في ( السياسة والفكروالتنظيم) هو نهجاَ ثابتاَ ومتواصلاَ :
أتحدث عن التجديد في الحزب الشيوعي العراقي ليس من منطلق نظري أو متفرج لا وإنما من خلال المعايشه والمواكبه .
إن المرحله التي يمر بها البلد هي مرحله صعبه ومعقده ومتشابكة المصالح والتدخلات مما يزيدها تعقيداَ ولا تزال الأزمة التي يمر بها الشعب والوطن متواصله . وقد تمكن الحزب من تشخيص أسباب الأزمه ووضع الحلول لها .
1- فبعد أن جدد الحزب آيدلوجيته  وفكره بعيداَ عن التعلق بالماضي  وبعيداَ بنفس الوقت عن الإطروحات المستنسخه أو ذات النزعه الإصلاحيه . وإنما تمكن من الإقتراب إلى الواقع الحقيقي ومن رؤيه ماركسيه حيه و حدد مهماته الفكرية و السياسية والإقتصادية والإجتماعية ( الوطنية والديمقراطية) إنطلاقاَ من الواقع العراقي المعاصر . وبهذا أكد الحزب أن الماركسية المتحرره هي ضرورية أكثر من أي وقت مضى . كما أن الوثيقه الفكرية التي شخصت أسباب إنهيار التجربة الإشتراكية التي صاغها الحزب وطرحت في المؤتمر الثامن هي تشكل إنجازاَ فكرياَ كبيراَ لإستخلاص الدروس من الإنهيار وأسبابه وهذا يعد تجديداَ للفكر والنظرية .
2- فأن عملية التجديد التي خطها الحزب هي ليس فقط محدده بتجديد النظرية والممارسة وإنما من خلال قراءة الواقع الإقتصادي والإجتماعي والثقافي للبلد وإستخلاص الأسباب لتخلفه ووضع المهمات لبنائه وتقدمه .
3- فقد ربط الحزب بين ماهو ديمقراطي ووطني في نضاله . فقد أكد ببراعه كبيره وقدره عاليه في فهم القضيه الوطنية العراقية . لهذا هو منذ البداية قد وقف ضد الحرب وضد الإحتلال وإن هذا النهج الوطني هو سمة الحزب الشيوعي العراقي الذي ينطلق في رسم سياسته من مصالح  الوطن والشعب كما إنه كان على قناعه بأن الحرب تجلب الدمار والخراب للبلد  وعندما وقع الإحتلال فقد شخص المهام النضاليه في الربط بين المهام الديمقراطية والوطنية وإنهاء الإحتلال .
4- إضافه إلى إنه ربط مابين هو إجتماعي ووطني ووضع في أولويات مهماته النضاليه هي توفير الخدمات للشعب والقضاء على البطاله وتحسين ظروف المعيشه للشعب والسكن وبناء البنى التحتيه وتطوير الصناعه والزراعه وإعمار الريف والمدينه ... إلخ
5- بسياسته المرنه وفهمه للواقع العراقي إستطاع أن يكسر الحاجز النفسي بينه وبين  بعض الفئات الإجتماعية مثل (أحزاب الإسلام السياسي والعشائر) . فهو قد تجاوز الأنماط القديمه كما تجاوز التراجع والعجز وأصبح ليس فقط مقبولاَ وإنما له حضوره  .
6- وهذا يعود إلى إقترابه من الواقع وإستلهام التراث العراقي وتوظيفه فهو بلا مغالات أو مزايده هو الآن في موقع ووضع يهيئ لإنضاج مستلزمات القياده الوطنيه للبلد من قبل قوى اليسار والديمقراطية من خلال المنافسه السلميه الديمقراطية وكسب ثقة جماهير الشعب وخلق حركه جماهيريه واسعه فيما إذا سارت العملية السياسية نحو الإصلاح السياسي الحقيقي وتمت المصالحه الوطنيه وصفيةالإرهاب وأصبح السلاح بيد الدولة  وإدخلت التعديلات على الدستور بالإتجاه الديمقراطي .
7- فهو كونه قي العملية السياسية فأنه يمارس سياسة مبدأيه تميزه عن الآخرين فهو في حالة نقد دائمه للأخطاء التي تمارسها الدوله والأجهزه والمؤسسات الإخرى ويظهر نقده في منابره ووسائل إعلامه وبنفس الوقت فهو يدعم التوجهات الصائبه للدوله ويدعو إلى إصلاح العملية السياسية وإنهاء المحاصصه الطائفيه والحزبيه ويدعولمشاركة الجميع في بناء الوطن على أسس سليمه وإختيار المسؤولين على أساس الكفائه والمعايير الوطنية  وإنهاء الفساد في مختلف أنواعه ..... إلخ .
8- وإستطاع أن يكسب ثقة الجماهير مثلما كان في المعارضه لقد كسب الآن بجداره جماهير واسعه وهو مشارك في العملية السياسيه من خلال المصداقية التي عرفت عنه ونزاهته ووطنيته الأصيله ودفاعه عن حقوق فئات المجتمع وإخلاصه للشعب والوطن .
9- كما نشطت منظماته لدعم وتفعيل منظمات المجتمع المدني من أجل أن تأخذ دورها في الحياة السياسية  وسعى مع قوى وطنية وديمقراطيه لنشر الوعي الديمقراطي بأتجاه تغيير الموازين في المجتمع  .
10- التحالفات المبدأيه المرنه التي أقامها مع حفاظه على إستقلاله الفكري والسياسي والتظيمي قد أعطته مرونه كبيره في تحديد أشكال التحالف من أجل مهام معينه أو تحديد أشكال التنسيق مع مرونه في إقامة علاقات مع كافة القوى بشكل ثنائي هذه أعطته الحرية في التحرك و من التخلي عن ربط نفسه بتحالفات مقيده لدوره وفاعليته .
11- وإطلاقه لمشروعه الوطني الديمقراطي الذي وضع توجهات للخروج من الأزمه ووضع رؤيه لبناء الوطن وإنهاء الإحتلال وإقامة النظام الديمقراطي الفيدرالي الموحد .
12- المبادره التي أطلقها بأسم حركة مدنيون مع الحزب الوطني الديمقراطي والحركه الإشتراكية العربيه للتنسيق المشترك وطرح رؤيا مشتركه لبناء الدولة المدنية الديمقراطية وترك الباب مفتوحاَ لكل القوى الديمقراطية واليسارية التي تؤمن بالدولة المدنية الديمقراطية في المشاركه فيها . وإن المشاركة الشعبية الواسعه في التوقيع على نداء الحمله هو جزء من نشاط لدفع الحراك الإجتماعي بالإتجاه الديمقراطي والتهيئ لخوض العملية الإنتخابية القادمه من خلال أرضيه جماهيريه واسعه .
فأن المهمات التي يتبناها الحزب هي مهمات وطنية وبنفس الوقت إنها مهمات يسارية ديمقراطية متطابقه مع إحتياجات البلاد وتلقى الدعم والتأييد الواسعين وهذا مؤشر أن قوى اليسار والديمقراطية مرشحه بأن يكون لها موقع قيادية في الدولة والمؤسسات المنتخبه وطنياَ في حالة توفر ظروف موضوعية أفضل تتناسب وتوجهات الشعب في الأمن والإستقرار والسلام والوحده الوطنية وفي الحرية والديمقراطية وبناء سلطة القانون وضمان حق المواطنه .
إن توجهات الحزب الشيوعي العراقي التي صاغها في مؤتمراته الحزبية الخامس والسادس والسابع والثامن  هي بحق تشكل نهجاَ ديمقراطياَ تجديدياَ في الفكر والسياسة والتنظيم وهذه تجليات عمليه ملموسه بالبراهين إن حزب الشيوعيين العراقيين هو حزباَ تجديدياَ وليس حزباَ تقليدياَ كلاسيكياَ .
فعلى من هو يعتبر نفسه ضمن دائرة قوى اليسار والديمقراطية أن يحترم إرادة الشيوعيين العراقيين ويدعم توجهاتهم وسياستهم وتنسيقهم المشترك مع القوى الديمقراطية ضمن حركة مدنيون وتوسيعها من أجل إنهاء الإحتلال وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وينسق مع منظماته في هذا المسعى المنتشره في كافة دول العالم إضافه إلى قيادته وجذره وعمقه الجماهيري الفاعل في أرض الوطن .
30-4-2008 .



187
قوى اليسار والديمقراطية ودورها المرتقب

فلاح علي

بدءآ لابد من الأشارة إنه لايوجد حجم أو قوام ثابت للحركات والقوى السياسية داخل مجتمع ما وإنما هناك حراك دائم داخل كل مجتمع إن لم يكن ملموسآ أو واضحآ لدى البعض بحكم عوامل عديدة ولكنه في الواقع إنه قائم و موجود وينمو ببطئ كما أن هناك حقيقة تأريخية هو إنه في المنعطفات التي تحصل داخل المجتمع يتضاعف العدد أو الحجم للقوى الحية فيه ويصل حجمها أو عددها عشرات الأضعاف . شرط أن تمتلك وأن تسعى هذه القوى جاهدة لتهيئة مستلزمات الأستعداد  لهذه الأنعطافة للتمكن من إحتضانها و السير سوية مع الجماهير لتحقيق تطلعاتها وطموحها ومن هذه المستلزمات هي وسائل النضال التي تتقنها هذه القوى وتهيئة كادرها وقواعدها للعمل الجماهيري  في المدن والأرياف خاصه وتغير شعاراتها حسب تطور حاجات الشعب شرط أن تكون واقعيه منطلقه من الواقع في الظرف والزمان المعينين وتجديد برامجها السياسيه وتاكتيكاتها وتحالفاتها ومعرفة مزاج الجماهير وحاجاتها بلا شك مواقفها الوطنيه هي مشهود لها وهي عامل مؤثر في تراكم النمو الجماهيري لها .

 

من هي القوى الحية في المجتمع :

إنها بحق قوى اليسار والديمقراطية لأنها تنمو وتزداد إتساعآ وتجذرآ بالظروف الديمقراطية وبتنامي الوعي ولأنها تتبنى كل ماهو جديد في العلم والمعرفه والفكروالأبداع وتوظفه لخدمة مصالح الشعب والوطن , الشعب بحاجه لها فهي بحق  المدافع والمعبر الحقيقي لمصالح  الجماهيرالجذريه . وإن الجماهير بالفطرة وبالوعي السياسي والفكري تزداد قناعتها بشكل قاطع وعملي وملموس لا يقبل الشك إن هذه القوى هي المجسد الحقيقي عن مصالحها الجذرية  لآن الصراع السياسي جذره هو صراع المصالح بين الفئات وطبقات المجتمع . مع الحقيقة التي يعرفها شعبنا وكل شعوب المنطقة أن مصالح الوطن العليا هي سمه ومعلم بارز من نضال قوى اليسار والديمقراطية التي تضع مصالح الشعب والوطن فوق أي إعتبار وهي البعيدة حقآ عن المصالح الذاتية الضيقة . أما على صعيد الحاجات الآنيه للشعب فأن هذه القوى هي الوحيدة في المجتمع في الظرف الحالي كما هو معلوم للجميع وبالذات في المجتمع العراقي هي التي تمتلك برنامجآ سياسيآ . إن هذا البرنامج هو واقعي وحقيقي لأنها هي أصلآ قوى واقعية وحقيقية تعيش في عمق الشعب ومع فئاته الأجتماعية في الريف والمدينه . فهي قبل غيرها قد درست بعمق وبمصداقية وبواقعية الوضع الأجتماعي والسياسي والأقتصادي والقومي والديني للمجتمع العراقي . ووضعت برنامجها وتوجهاتها بناءَ على حاجات المجتمع وتطلعاته ومصالح الوطن لهذا هي الآن في مقدمة القوى العراقية تقف علنآ وفي وضح النهاروتطرح بشكل واقعي حاجات الجماهير وتقف في مقدمة القوى لتبنيها والدفاع عنها كما إنها القوى الوحيدة التي تتبنى مطاليب الطبقة العاملة والفئات المهنية الأخرى في المجتمع وتكرس جل نضالاتها اليومية في طول البلاد وعرضها لتعبأة القوى لتحقيق هذه المطاليب . ليس بصدد الحديث عن البرامج وكمثال برنامج الحزب الشيوعي العراقي الذي يصاغ في مؤتمراته الحزبيه وهو معلن في وسائل الإعلام .

ولكن واقع الشعوب وتجارب نضالاتها وحقائق العلوم والمعارف وتطبيقاتها تؤكد أن القوى التي تمتلك خطط وبرامج هي القوى الحية في المجتمع وهي قوى المستقبل . وهي القادرة قبل غيرها على بناء الأوطان وإقامة دولة العدل والقانون وبناء المؤسسات الديمقراطية الحقة وتحقيق طموحات الشعب والعيش الكريم له وإزدهار البلد وتقدمة .

 

محنة الشعب العراقي وكثرة الشعارات الزائفه :

تدرك جميع القوى إنه في العملية الإنتخابية أن الحاسم الأساسي للفوز في مقاعد البرلمان أو إنتخابات مجالس المحافظات وغيرها هو مشاركة جماهير الشعب في عملية الأقتراع وتصويتها لهذه القوى أو تلك . بلا شك إن كل القوى التي تدخل في العملية الإنتخابية تطرح شعاراتها لتعبر عن توجهاتها ومشاريعها القادمة التي ستقدمها للشعب .  إن الشعارات وحدها غير كافية لكسب الجماهير لهذه القوى أو تلك . العملية تحتاج لوسائل إعلام ضخمة وإلى المال ونشاط جماهيري متنوع . كما أن هناك عوامل أخرى تفعل فعلها داخلية وإقليمية ودولية ومقدار تأثيرها في الأحداث الداخلية للبلد . هذا إذا إفترضنا هناك نزاهه ومنافسه ديمقراطية في العملية الأنتخابية وبدون تزوير وضغوطات متنوعه وتقديم الرشاوي وتهديد وإبتزاز وإغتيال . التي توظفها القوى غير الديمقراطية لصالحها . ومن خلال التجربه العراقية فقد وصلت قوى الأسلام السياسي إلى السلطه . لكن هذه القوى لجأت إلى طرق أخرى وإستطاعت أن توظف  وبمهاره مستغلة بذلك إستغفال جماهير واسعه فتمكنت من سرقة الحق الطبيعي لكل الشعب ووظفته لصالحها ألا وهو(( دين الله السمح))  وظهرت زورآ وبهتانآ إن الدين ملكآ لهاوحدها وهي المدافع الحقيقي عنه وهي التي تمثله وبهذا فهي وضعت شعاراتها من منطلق ديني وفي ظل ظروف فرضت على الشعب .

 

ماذا حققت هذه القوى للشعب والوطن :

قبل كل شيئ لابد من التأكيد على حقيقه إنها أي قوى الأسلام السياسي هي موجودة في المجتمع ولها حضور متميز . ولكن عوامل عديدة كما أشرت سابقآ قد ساعدتها على هذا الظهور وتواجدها وتأثيرها ومكنتها من القفز إلى السلطة . فهي كانت عاجزه حقآ عن خوض المنافسه الإنتخابيه من خلال البرامج السياسية , لأنها لاتملك برنامج سياسي . لهذا فأنها ضعيفه وتنهزم في المنافسه الديمقراطية الحقة وهذا هو أحد نقاط ضعفها وهو الذي سيقوض حضورها .  كما أن هناك عوامل خارجيه كالتغيرات التي تحصل الآن والتي ستحصل لاحقآ في الوضع الأقليمي والدولي ستفعل فعلها في الوضع العراقي وستؤثر على مزاج الجماهير بلا شك إن هذه العوامل هي مساعدة ولكن العامل الحاسم هو تنامي القوى وتطور قدراتها الذاتية  مع تنامي الوعي السياسي للجماهير .

إن قوى الإسلام السياسي قد إستخدمت الدين كسلاح بيدها في المعركة الأنتخابية ورفعت شعاراتها الدينية في العملية الأنتخابية , ولكن بعد أن وصلت للسلطة ماذا حصل الواقع الحالي يجسد الحقائق الناطقه , فها هي الخدمات  متردية ومفقودة وهذا ماتعكسه وسائل الأعلام المباشرة في لقائاتها مع الناس من مختلف مناطق العراق . البطالة وبالذات بين الشباب والخريجين هي في تنامي وإتساع لغياب المعايير السليمة في التعيين والتوظيف فقد غابت الكفائه وحلت محلها الإنتماء لهذا الحزب الإسلامي أو ذاك وكأن الورقة التي يحملها الخريج إلى الدائرة المراد العمل فيها والتي عليه أن يوفرها كتزكية من هذا الحزب الإسلامي أو ذاك , كأنها هي الشرط الأساسي الغير معلن رسميآ للتعيين بغض النظر عن سنوات الدراسة والشهادة الجامعية أو العليا التي حصل عليها بأمتياز المحاصصه الطائفية والحزبية التي أضرت بخيرة أبناء الشعب وأوسع فئات المجتمع , حتى البطاقة التموينية حرم من كثير من مفرداتها أوسع فئات الشعب المتوسطه والفقيره , وحتى الكميات الشحيحه التي تحصل عليها هذه الفئات  من مواد  البطاقه بعضها غير صالح للإستهلاك بسبب الغش والإنتفاع على المال العام . ليس بصدد الأطاله في الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والمالية والإدارية والسياسية التي لاتزال مستفحله في الدولة والمجتمع ويصعب إيجاد الحل السريع لها , ويعود ذلك لتفضيل المصالح الذاتيه على مصالح الشعب والوطن   ووضع الخطوط الحمر وغيرها وباتت العملية مكشوفة ولا يختلف عليها إثنان مهما نفى أصحابها ذلك في وسائل الإعلام  .

وهناك أزمات وأمراض في المجتمع والدولة كثيرة وخطيرة يصعب تناولها بعضها يحتاج إلى معطيات ولكن الحقيقة التي تخشاها وتخاف منها هذه القوى وتحاول جاهدة التستر عليها هو إن الغالبية من جماهير الشعب قد فقدت ثقتها بهذه القوى ((قوىالإسلام السياسي)) .  ومنهم شرائح واسعة في المجتمع قد صوتت لهذه القوى في العملية الإنتخابية الماضية فقد ضللتهم شعاراتها ووعودها الزائفه .فهم ليسوا فقط لم يحققوا الحد الأدنى من هذه الشعارات والوعود وهذا هو المحك العملي للحكم على مصداقية الشعارات . ولكن ليس لأن مشاكل البلد لم تحل لا وإنما الحاجات الأساسية لجماهير الشعب لا تزال مفقوده أو غير كافيه كالخدمات الصحية والتعليمية والطاقه والنقل والسكن وتنامي البطاله ..... إلخ  . 

لهذا منذ بضعة سنوات بدأت تتنامى قوى في المجتمع قد إطلق عليها في الأدب السياسي مصطلح القوى الصامته . حيث هناك كتل جماهيريه واسعه وكبيره منتشره في المدن والأرياف . أخذت موقفآ محايدآ لتنظر ماذا سيحدث ومع الحراك الأجتماعي وإشتداد الصراع وتنامي الوعي , أخذت هذه الكتل تتحرك وبشكل بطيئ تسعى للمساهمه في العمليه السياسيه . وهذه الكتل بكل مكوناتها ترفض نهج المحاصصه الطائفيه وتوظيف الدين في السياسه وهي تدعوا إلى إعتماد المعايير الوطنيه والكفائه والنزاهه في بناء مؤسسات الدوله وأجهزتها الأمنيه والعسكريه وترفض مبدأ الإستحواذ والهيمنه . لهذا إن هذه الكتل الكبيره تلتقي مع قوى اليسار والديمقراطيه الآن وفي نقاط عديده منها ما هو مشترك في برامج قوى اليسار والديمقراطية إن هذه الكتل الجماهيريه الكبيره هي الحاضنه  لقوى اليسار والديمقراطيه إضافه إلى قاعدتها الطبيعيه التأريخية المعروفة في المجتمع . 

 

مستقبل البلد بيد قوى اليسار والديمقراطية :

ليس هذا تفاؤولآ كاذبآ أو رغبه و تمني رغم إنه في مضمونه يحمل مسحات من التفاؤول الصادق الواقعي وهذه من سمات الفكر العلمي التي تتبناه قوى اليسار والديمقراطية لأنها هي قوى المستقبل وهي التي ستتبني الجديد . هذا يعكس بعض من المنطلقات الفكريه ولكن الواقع الحالي الفعلي للمجتمع العراقي اليوم وتفاقم أزماته وصراعات المصالح التي ظهرت على السطح والتحديات الكبيره التي تواجه البلد وعجز هذه القوى عن حلها وتورطها بالعمل لمصالحها الذاتيه ووضعها فوق مصالح الشعب والوطن . هو الذي أعطى القناعه التي لاتقبل التأويل لهذه الكتل الجماهيريه الصامته بالتحرك مع جماهير الشعب لفك أسرها من كابوس قوى الإسلام السياسي المتطرف ولكن من خلال العمل على تجفيف منابع التطرف ونشر الوعي الديمقراطي والمنافسه النزيهه في العمليه الإنتخابيه القادمه لمجالس المحافظات ولمجلس النواب القادم .

الحكم والفصل الحقيقي هو الواقع الفعلي وقوى اليسار والديمقراطية هي قوى تعيش وتنمو مع المجتمع في كل لحظه , ولن تكون في يوم من الأيام بعيده عن المجتمع العراقي لكن قواها العدديه وحجمها يختلف من فتره زمنيه لأخرى تبعآ لحكم الأنظمه الأستبداديه والأرهابيه وغياب الديمقراطيه , لذا فهي الآن مؤثره لا من خلال الخطابات أو الكتابه من خارج الحدود وإنما هي حيه مع المجتمع وتنطلق في سياستها وتوجهاتها ونشاطاتها من الواقع الفعلي الحالي للمجتمع العراقي . وهي قد خطت خطوات عمليه ملموسه ونوعيه وما مبادرة حركة مدنيون إلا واحده من هذه المبادراة الفكريه والسياسيه العمليه الناجحه , وهي ستشكل النواة الحيه يتجمع حولها كل من يتبنى الفكر اليسار ويؤمن بالديمقراطيه ودولة العدل والقانون . وأقول جازمآ ستقف جماهير الشعب مع هذه القوى الحيه التي ستلبي طموحاتها . وسيكون دين الله السمح سلاحآ بيدها وهذا ماتؤكده الحقائق لأنها تؤمن بالعدل والمساواة والوقوف ضد الظلم والأستغلال وتسعى لأحلال الحق والقضاء على الفقر والجهل والتخلف وتوفير نظام الضمان الأجتماعي وتحقيق العيش الكريم للشعب وتحقيق العداله الأجتماعيه وهي صادقه بما تطرحه في برامجها وتوجهاتها , أما قوى الإسلام السياسي المتطرف التي تفهم الديمقراطيه كصناديق إقتراع فقط وإنتفاخ الجيوب وتوسع وتنامي الملكيات والعقارات الخاصه وترك جماهير الشعب بلا خدمات ولا ضمان للفقراء وغيرها . سيفقدون سلاحهم عاجلآ أم آجلآ السلاح الذي وظفوه زورآ وبهتانآ لصالحهم إنه دين الله السمح وبدأ الشعب يتفهم ذلك حيث ممارساتهم في واد ودين الله في وادٍ آخر . وحتى التوظيف السياسي الذي لجؤ إليه للطقوس الدينيه التي هي ملك الشعب منذ قرون من السنين تمارسها جماهير شعبنا لقناعاتها الدينيه وتحولت إلى إرث للشعب قبل ولادة الأسلام السياسي هم يسعون لتوظيفها لصالحهم . ولكن الجماهير الواسعه بدأت تدرك إنها قد ضللت وإن الدين هو قيم سماويه مقدسه للعباده وقضيه خاصه بين الإنسان والخالق فهو لا يوظف في الصراعات السياسيه كورقه يغتصبها طرف في المنافسه على السلطه على حساب طرف آخر . أما على الأرض فالشعب يريد من يوفرله الأمن والسلام والعدل والقانون والمساواة وضمان حقوقه وحرياته حقه في العيش الكريم وفي السكن وفي العمل وفي التعليم والصحة وفي الخدمات وحرية الأديان والمعتقدات .... إلخ  .  أن كل التجارب التأريخيه للشعوب هي شواهد حيه أن قوى الإسلام السياسي المتطرف هي عاجزة حقآعن توفير ذلك لأنها لاتؤمن بالمساواة والحقوق ومنها حقوق المرأة سيجد الشعب أن الحل الأمثل لكل المشاكل المستعصيه هو في سن دستور ديمقراطي , التي ستكون قوى اليسار والديمقراطيه بوحدتها وتنامي دورها هي الصانعه له وهي الرافقعه الحقيقيه لبناء الوطن وتقدمه وإزدهاره .

18-3-2008 .


188
يساريون وديمقراطيون بوصلتهم مصالح الشعب والوطن

فلاح علي

إن المبادرة التي أطلقتها ثلاث أحزاب وطنية عراقية معروفة متجذرة في المجتمع العراقي  وهي الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي والحركة الإشتراكية العربية وذلك من خلال لقائاتهم وإتفاقهم على إصدار نداء في مضمونة منطلقان المنطلق الأول هو مهمات قوى اليسار والديمقراطية في هذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها شعبنا ووطننا وهي تشكل أرضية ومنطلقآ فكريآ وسياسيآ وطنيآ يساعد في أن تلتقي  كل قوى اليسار والديمقراطية حول هذه المهمات وإغنائها من أجل تعاونها وتنسيق جهودها لتمكينها من أن تلعب دورها العملي والمؤثر في العملية السياسية وإخراج البلد من أزمته .

والمنطلق الثاني لما يتضمنه النداء هو برنامج عمل هذه القوى الثلاث الذي يتضمن مفاصل ملموسة ومحددة مصاغة بشكل بارع ومدروسة بشكل جيد ومستفيض وهي مرتكزة على البرامج الذاتية لهذه القوى ولكن إختزالها بهذه الصيغة التي ظهرت في النداء قد عبرت عن براعة ومقدرة كبيرة فكرية وسياسية لهذه القوى وإطلاقها لحملة مدنيون من أجل التوقيع وتبني بما إحتواه النداء من أجل إعطائة طابعآ شعبيآ جماهيريآ وما يساعد على ذلك أن شعبنا قد أدرك أن القوى الطائفية هي عامل أساسي من بين عدة عوامل قد أسهمت في تعقيد الوضع السياسي وهي سبب في كل الأزمات لأنها إلى الآن لاتستطيع التخلص من طائفيتها ولا خيار إلا بالعمل الوطني المشترك الذي يجسد الوحدة الوطنية للشعب وإن قوى اليسار والديمقراطية هي المعبر العملي والحقيقي لنهج الوحدة الوطنية وهي صادقة في مسعاها لأنقاذ الوطن من أزماته وتحقيق السلم والديمقراطية والعدالة الأجتماعية وضمان حقوق المواطنة وحقوق الإنسان وبناء دولة العدل والقانون وهذا ماهو متيقن منه شعبنا لسبب بسيط يميزة شعبنا ويثق به إن هذه القوى هي غير طائفية كما إنها تضع مصالح الشعب والوطن فوق أي إعتبار .

 

النداء مضمونة يعبر عن طموحات الشعب ويشكل حلآ عمليآ لأزمات البلد السياسية المستعصية :

لقد طرح النداء على الشعب وعلى كل القوى الوطنية وقوى التيار الديمقراطي وعلى الشخصيات السياسية ومن يتمعن في محتواة سيقف معه ويتبناة ويدعوا له لأنه صيغ على ضوء دراسة معمقة منطلقة من معرفة شاملة بالواقع العراقي الحالي وقد تناول مسألة الديمقراطية وأهميتها في المجتمع وفي بناء مؤسسات الدولية كما ركز على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية والثقافية لضرورتها في حياة الشعب وبناء الوطن وتقدمة :

1- ركز النداء على الديمقراطية التي بغيابها أكدت تجربة الأربع سنوات الماضية على تعقد الوضع السياسي وتنامي الإحتقان والتوتر وإستمرار الأزمة السياسة بدون حل جذري وعملي وفتحت أبواب العراق على مصراعيها للتدخلات الإقليمية . وكانت وجهة النداء صائبة وسليمة بتبنية المدخل السليم لتحقيق الديمقراطية من خلال الخطوة الصائبة التي تبناها النداء هو إصلاح العملية السياسية وإجراء التعديلات على الدستور بما يضفي علية الطابع المدني الديمقراطي وبتبني هذه الوجهه من قبل الحكومة والقوى صاحبة القرار في البرلمان يعني إيجاد الحلول للمعضلات التي تعيق تطور العملية السياسية وبهذا تحمي الشعب والوطن من أي مخاطر وستصان الوحدة الوطنية . وعندها ستكون المصالحة الوطنية تحصيل حاصل وستتحقق فعلآ على أرض الواقع الحقيقي عندما يتم البدأ أولآ بإصلاح العملية السياسية . كما إن النداء قد شخص أن بغياب الديمقراطية يعني غياب  القانون . لهذا أكد النداء أن الديمقراطية الحقة تبدأ من إصلاح العملية السياسية إلى تعبأة كل الجهود والطاقات لبناء دولة العدل والقانون الدولة المدنية الحديثة . التي تضمن حقوق المواطنة وتعطي للمرأة حقها وتحل الكفاءة والنزاهه محل المحاصصة الطائفية المقيته وهذا يعني إيجاد حلول عملية للفساد الإداري والمالي كما يحل السلم الأهلي محل العنف وتحل قضية المهجرين والمهاجرين .

2- كما تناول النداء المسألة الإقتصادية والإجتماعية التي بقيت إلى الآن بدون حلول جذرية وأرهقت المواطن وزادت من بؤس ومعانات شعبنا وإنتفخت كروش أفراد وفئات متنفذة بالحكم وزادت من ثرواتها وكنوزها المالية على حساب بؤس الشعب ومعاناته . فقد أعطى النداء أهمية كبيرة لتوفير الخدمات لأبناء الشعب بأنواعها ( الكهرباء والوقود والمواد الغذائية والمواصلات والسكن والصحة والتعليم والثقافة ... إلخ ) . كما أكد النداء على معالجة البطالة وإيجاد فرص عمل متساوية للمواطنيين بتحقيق هذه المهام التي هي حق لشعبنا سيتم القضاء على الأرضية الخصبة التي ينموا عليها الإرهاب والتطرف . ويلعب هنا دورآ كبيرآ الحفاظ على الثرواة الوطنية وإصلاح النظام الإقتصادي وبناء وتطوير الإقتصاد الوطني .

3- وتناول النداء المسألة الوطنية من خلال النضال لتحقيق السيادة الكاملة للوطن وهذا يشير إلىأولآ إنجاز المهام أعلاة التي تهيئ المستلزمات السياسية والقانونية والعملية لأنهاء الإحتلال من خلال الوسائل السلمية وبمساعدة المجتمع الدولي ومواثيق الأمم المتحدة سيتمكن شعبنا من نيل الإستقلال التام وبناء وطن حر ذات نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي .

4- وهناك مهمات فكرية ذات طابع ثقافي في النداء وهي جاءت ضمن سياقات محتوى النداء حيث ركز على المواطنة رغم أن ميزة النداء لم تدخل في التفاصيل لكن الحالة العراقية هي تؤشر ذلك حيث بدلآ من أن تقوم الدولة والكتل البرلمانية من تنشيط الوعي الثقافي فهي تكرس جهدها لتنشيط الوعي القبلي والعشائري والطائفي والأصولي فهي بذلك تدفع المواطن بأن يلوذ تحت عباءة العشيرة أو القبيلة أو الطائفة أو حتى القومية . صحيح إن هذا الشكل من أشكال الوعي قد وجد تأريخيآ في المجتمع منذ عقود طويلة ولكن السؤال الذي يطرحة كل مواطن واعي يريد دولة القانون ماهو المغزى من تنشيط هذا الوعي البدائي في هذه المرحلة ؟ ويبقى هذا مرتبط بغياب الديمقراطية وغياب المعنى الحقيقي للمواطنة وغياب مبدأ تساوي الجميع أمام القانون فأن محتوى النداء يشير إلى الدعوة لتعزيز التقدم في الميدان الأمني بتقدم ملموس على الصعد الأخرى ولم يستثني النداء إلى العمل على تنامي دور الوعي وتعزيز وظيفتة في المجتمع مقابل إنحصار وإنهاء مظاهر القوة المنفلته في المجتمع والقضاء على التخلف والجهل والخرافات مقابل إنتشار الوعي السياسي والثقافي  .

5-  أخيرآ كل من إطلع على النداء يجد فية إضافة للمصداقية الوضوح والرؤية الصائبة والواقعية أي ما تناولة النداء لم يتطرق إلى إمور تعجيزية أو مستحيلة التحقيق ولم يدعوا إلى القفز على المراحل وقد وضع حلولآ سليمة لأصلاح العملية السياسية . وبهذه المرونة في الصياغة التي تميز بها النداء ستعطية إلتفافآ شعبيآ واسعآ من هذا ستكون حركة أو حملة مدنيون جماهيرية مليونية لأن النداء قد وضع مصلحة الشعب والوطن فوق أي إعتبار . كما لايستغرب أحد بأن يكون هناك معادون لها أي لحملة مدنيون لأنها تستهدف مصالحهم الأنانية الذاتية وهذا مايتطلب الصبر وبعد النظر والمرونة والتنسيق المشترك والعمل المتفاني وتعبأة الطاقات لأنجاح الحملة لأنها تتضمن عناصر قوة كبيرة إنها تعبر عن مصالح الشعب . وإنها في المقابل تشكل مفخرة ورصيدآ نضاليآ وطنيآ للحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي والحركة الإشتراكية العربية وكل من أيدهاو تبناها و ودعمها ومنهم بعض قوى اليسار والديمقراطية التي إحتضنت المبادرة وأيدتها في الساعات الأولى لولادتها .

 

وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية أصبحت ضرورة لا تقبل التأجيل :

إن النداء قد أطلق مبادرة رغم إنها قد جاءت متأخرة إلا إنها تكتسي أهمية كبيرة في هذه المرحلة فقد شخص النداء مهام قوى اليسار والديمقراطية في الظرف الراهن كما حمل دعوة ضمنية لكل قوى اليسار والديمقراطية للحوار والوصول إلىمبادئ وقواعد عمل مشتركة ضمن إطر( تعاون , تنسيق ,وحدة عمل ونشاط مشترك أوتحالف ... إلخ ) .

1- إن حالة الإنقسام والتباعد بين قوى اليسار والديمقراطية التي إستمرت عقودآ هي من أحد العوامل التي لعبت دورآ كبيرآ في إضعاف التيار الديمقراطي في المجتمع العراقي هذا خلل ذاتي إضافة إلى أن هناك عوامل موضوعية كان لها الدور السلبي في إنحصار المد الجماهيري لقوى اليسار والديمقراطية . لذا فأن الحاضر الذي يمر به الوطن يحث كل القوى اليسارية والديمقراطية والجماعات الصغيرة مهما كان وزنها في المجتمع وحتى الشخصيات البارزة المحسوبة على التيار الديمقراطي للبدأ بحوار عملي مع الأحزاب الثلاث التي أصدرت النداء للوصول إلى مشتركات في وحدة العمل والتنسيق والنشاط المشترك وصولآ إلى صيغ أكثر تطورآ .

2- إن النداء يشكل فرصة جيدة في هذا الظرف تمكن قوى اليسار والديمقراطية من أن تلعب دورها المؤثر في المجتمع لا سيما وإنها تمتلك العلم والفكر والمعرفة وهذا سلاح هام لاغنى عنه ولكنه يبقى ناقص إذا لم توحد هذه القوى جهودها وتطلق طاقاتها لتلعب دورها الفاعل في إخراج البلاد من أزمتها والظرف الحالي يشكل ضرورة حقيقية لقوى اليسار والديمقراطية من أن تتمكن من توحيد جهودها وخططها في عمل مشترك لكي تلعب دورها في التغير وتمكين شعبنامن ممارسة حقه في العمل الديمقراطي الحقيقي .

3- إن شعبنابحاجة إلى قوى اليسار والديمقراطية بأن تتوجه إلية موحدة وتنتشر في التجمعات والأحياء والمنظمات الجماهيرية لتساعدة في فك أسرة من القوى المتطرفة وفكرها المتطرف ومن خلال تبني مطاليب الجماهير الشعبية ستتوفر أرضية كبيرة لقوى اليسار والديمقراطية على النمو الواسع في وسط الجماهير وبهذا ستتوفر لها فرص كبيرة لقيادة نضالاتها الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية . وهذا يساهم في كسر حالة الإحباط واليأس والتخلص من وهم أن وضع المجتمع محسوم لقوى الإسلام السياسي وللقوى المتطرفة .

4- بوحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية تمكنها من أن تلعب دورها ليس فقط المؤثر في العملية السياسية وإنما في تغير موازين القوى في المجتمع لصالح الوعي السياسي والثقافي ومن خلال توحيد خطابها وإعلامها الذي يزخر بالطاقات والإمكانيات الكبيرة وبذلك ستتجذر هذه القوى جماهيريآ في المجتمع مثلما تجذر الحزب الشيوعي العراقي وبذلك سيتغير التوازن في الوعي الإجتماعي لصالح الوعي الديمقراطي بوحدة هذه القوى .

5- إن توسع قاعدة إلتقاء قوى اليسار والديمقراطية ستمكنها من أن تكون أداة فاعلة ومؤثرة في العملية السياسية تدفع الحراك السياسي في البلاد نحو الوحدة الوطنية الحقيقية الراسخة وستكون قوة كبيرة تسهم في إستقرار البلد وتقدمة وإزدهارة كما ستكون نموذجآ يحتذى به فيما يخص نشاط الحركة اليسارية والديمقراطية في البلدان العربية .

3-2-2008 .

189
هل سيتوقف التدخل الإيراني

في الشأن العراقي

 

فلاح علي 

لم يعد التدخل الأيراني خافيآ أو مستورآ في الشأن الداخلي العراقي وقد إتخذ أشكالآ متنوعة وإتجهه

بخطوات متسارعة و متصاعدة . لكي يفرض أمرآ واقعآ ولأيران أهداف عديدة لهذا التدخل أحدها

من  وجهة النظر الإيرانية هو الحفاظ على المصالح القومية للدولة الإيرانية من خلال إعادة

التوازن في المنطقة بما يخدم الإستراتيجية الأيرانية وأحد مرتكزات إعادة التوازن في المنطقة هو

التدخل في شؤون هذا البلد . ولهذا فهي في تدخلها هذا تهدف إلى إرتهان هذاالبلد لأرادتها وتخضعة

كورقة رابحة بيدها لمساومات من خلال مفاوضات دولية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها لتفرض إرادتها في عقد إتفاقيات تضمن لها مصالحها أو السماح لها بتنفيذ بعض مشاريعها

أوخططها الستراتيجية أو لبسط نفوذها وإستمرار دورها في مناطق أخرى كأن يكون لبنان أو

إفغانستان أو منطقة الخليج  أو لتخفيف الضغط والأشتراطات فيما يخص سلاحها النووي ...... إلخ  وهي بهذا تقايض لأيقاف تدخلها في شؤوون بلدنا .

وما جولات المفاوضات الدبلوماسية التي عقدت في بغداد بين وفدي الدولتين إلا هي أحد

تجليات الدور الإيراني كلاعب أساسي في الظرف الحالي لتحديد مستقبل هذا البلد وتطورة .

ولا يخفى على أحد بعد غياب التوازن الدولي وسيادة القطب الواحد في ظل العولمة لقدأصبح

مبدأ التدخل يعد مبدءَ معمول به إرتباطآ بالإختلالات التي حصلت في القانون الدولي . فتلجأ

الدول القوية للتدخل في شؤون الدول الضعيفة والفتية من منطلق الحفاظ على مصالحها القومية والهيمنة وفرض الأرادة والتوسع وهناك شواهد عديدة قامت بها الولايات المتحدة

الأمريكية وغيرها على التدخل  في مناطق وبؤر عديدة في العالم وبالضد من إرادة المجتمع

الدولي والمنظمات الدولية .

فأيران في ظل غياب القانون الدولي تمنح لنفسها الحق  من التدخل الصارخ والمفضوح في

الشأن العراقي لأعتبارات ودوافع عديدة . من هذا فأن التدخل الأيراني سيستمر ويتواصل وسيتخذ أشاكلآ وتجليات عدة .

حسب مقتضيات المصالح القومية الإيرانية لا مصالح الشعب العراقي ومستقبل البلد فهي لا

تترك للشعب العراقي حرية بناء نظامة السياسي وإستقلال الوطن وتطورة السلمي . ولا يوجد مؤشر أو معطيات في الظرف الحالي والمنظور بأن توقف إيران من تدخلها في الشأن العراقي .

 

ماهي أسباب التدخل الإيراني في الشأن العراقي :

إن الدافع الأساس لهذا التدخل هو إختلال في توازن القوى  وهذا ما تراه الحكومة الإيرانية بدأ هذا

الإختلال بعد دخول القوات الأمريكية العراق وإحتلالة. والدافع الثاني هو سقوط النظام الدكتاتوري

من خلال الحرب .أي قد حصل تغيير في النظام السياسي العراقي فالتدخل هو الخشية من البديل ومن القوات الأمريكية  هذا من جانب والجانب الآخر هو لتهيأة حلفائها الداخليين للوصول للسلطة

السياسية الجديدة ولأحداث إختلال في ميزان القوى الداخلي يحسب لصالحها . ومن أجل المساومة

في صفقات مع الأمريكان لا حقآ . وقد إطلق على هذا التدخل بالتدخل(الدفاعي) . وهذا مافعلته

الولايات المتحدة الأمريكية حيث تدخلت في غواتيمالا وكوبا عام 1961 . للدفاع عن النفوذ الأمريكي فيها . ولكن التدخل الدفاعي الإيراني لن يحصل إنعطافه حاسمة لصالحها السبب يعود لثقل التواجد الأمريكي في العراق وقوات أخرى متعددة الجنسية . وهذا ما دفع إيران في ممارسة كل أشكال التدخل لتحدث تراكم لصالحها لتمارس التدخل ( الهجومي ) ومن داخل الإراضي العراقية فقد قدمت الدعم المالي والعسكري واللوجستي والمعلوماتي لكل قوى الإسلام السياسي

وكونت ميليشيات من مختلف فصائل قوى الأسلام السياسي وأسست فرق الموت لأحداث توازن

في الوضع الداخلي لصالحها وربطت إستمرار نشاط هذه الميليشيات بالدعم الذي تقدمه لها . وبهذا

فهي جعلت جميع هذه الميليشيات أدوات تابعة لها تحركها متى ما تشاء لتحكم سيطرتها على الشأن الداخلي العراقي وتوظف تدخلها لخدمة مصالحها الستراتيجية في العراق والمنطقة . ومن أجل أن

تستخدم نفوذها في العراق لمساومة الأمريكان والحصول على( تعويصات ) من خلال المفاوضات

الدبلوماسية مع الأمريكان لتحصل على موطئ قدم في العراق وغيره . وما تصريحات السفير الإيراني في العراق بأن إتفاقية الجزائر باقية كما هي . هذا مؤشر على فشل كل تاكتيكاتهم السابقة

وقد بدؤا تاكتيكآ جديدآ هو اللجوء إلى المفاوضات الدبلوماسية لعقد صفقات مع الأمريكان من خلال

الورقة الرابحة بالنسبة لهم هو إنهم لايزال لهم دور في الشأن العراقي . علمآ إن هذا الدور هو ليس ثابت وإنما متغير تكمن عناصر تغييره . هو كل ماضعفت الميليشيات كلما قل النفوذ الإيراني ولكن

لن ينتهي النفوذ والتدخل الأيراني في العراق بل يضعف بتطبيق القانون وبناء المؤسسات الديمقراطية ومحاربة الطائفية والحفاظ على الوحدة الوطنية والأنهاء التام لكل الميليشيات  .

 

التاكتيكات الإمريكية الجديدة قد أضعفت من النفوذ الإيراني :

إن الأمريكان يفهمون جيدآ مقاصد التدخل الإيراني في الشأن العراقي فبالإضافة إلى إنهم قد إستدعوا في بداية هذا العام  قرابة ال20 ألف عسكري للبدأ بخطة جديدة فأنهم في نفس الوقت قد 

لجؤوا لتاكتيك جديد بأدخال الفريق المنهزم إلى صف اللاعبين الأساسيين فألزمت الحكومة بعودة

ضباط ومراتب الجيش السابق من البعثيين من هم ليسوا بدرجات حزبية عالية ومن لم تكن أياديهم

ملطخة بدماء أبناء شعبنا . كما إنها قد وجهت ضربات قوية لتنظيمات القاعدة في العراق من خلال

تسليح ودعم العشائر في المناطق الساخنه وما سمية ( برجال الصحوة أو الصحوة العشائرية ) .

هذا التاكتيك الجديد قد أربك كل التاكتيكات الإيرانية . كما إن توجيه ضربات لبعض الميليشيات

في بغداد والوسط والجنوب . قد ساعد على زيادة الأرباك الإيراني لأنه بدأ ت تضعف  بعض مواقعهم ومرتكزاتهم  وهذا يعني بالنسبة للإيرانيين إخلال في التوازن الداخلي الذي كان يحسب لهم ويقال هناك خطوط للمفاوضات والوساطة بين بعض المسلحين والأمريكان وهذا بالنسبة للإيرانيين إذا نجحت الوساطات والمفاوضات ضمن جهود إنجاح المصالحة الوطنية فأنها تعد نكسه لها . كما إن الإيرانيون يخشون من مسألة هو نجاح الأمريكان ومن خلال جهود عربية

في العمل على إحداث تحسن في العلاقات السورية الأمريكية وهذا وارد جدآ إرتباطآ بمؤتمر

نابوليس والجهود الدولية الجارية الآن لأنجاح المفاوضات بين الأسرائيلين والفلسطينين لأقامة

الدولة الفلسطينية وحاجة سورية لتحرير الجولان بالمفاوضات السلمية ومن أجل إقامة سلام

عادل في المنطقة وهذا لايتم إلا من خلال دور الأمريكان والمجتمع الدولي . وفي حالة حصول

سورية على ضمانات هذا قد يسرع من فك تحالفات إيران الأقليمية ومنها مع سورية .

 

الإيرانيون هم اليوم أكثر حاجة للمفاوضات الدبلوماسية مع الأمريكان :

إن الطلب الإيراني الأخير من بعض الأطراف العراقية المقربة للأمريكان للعب دور وساطة

بينهم وبين الأمريكان لعقد جلسة ثالثة من المفاوضات الدبلوماسية هي الخوف من التغيرات الغير

متوقعة في المنطقة وفي الشأن العراقي والتي  ستكون حتمآ في غير صالحهم . فأن هذا التعجل للمفاوضات هو الخوف من خسارة مواقع وأوراق أخرى . فأن موقفهم هذا هو لايخلوا من الإرباك

أما الأمريكان فقد أدركوا اللعبة وقد نجحت بعض تاكتيكاتهم لذلك فهم غير متعجلين في

المفاوضات مع الأيرانيين ورغم ضغط ووساطات أطراف عراقيه فأنهم غير راغبيين لعقد الجولة

الثالثة للمفوضات لأن الظروف الآن ليس كما كان علية قبل سنة أو الستة أشهر الأخيره . حيث أن

الوضع الأمني قد تحسن بجهود أبناء الشعب والقوات المسلحة العراقية وبدعم من قوات المتعددة الجنسية كما أن كل الأوراق التي طرحتها الدبلوماسية الأيرانية في سلتها في مفاوضاتها الأولى

والثانية مع الأمريكان بدأت تسقط الواحدة تلو الأخرى وستبقى ورقتان رئيسيتان على طاولة البحث

وهما ( السلاح النووي الإيراني – وتدخلاتها في شؤون البلدان الأخرى من خلال ما يسمى بتصدير الثورة الأسلامية ) وهذه هي تدين الأيرانيين لاسيما الأوراق الأخرى التي ستفقدها الواحدة

تلو الأخرى ستضعف مواقفها في المفاوضات .

وأن الأمريكان وحلفائهم يدركون ذلك جيدآ فالذي سيحدد موعد المفاوضات القادمة هم الأمريكان

وستكون هذه المرة تختلف عن المرات السابقة وسيملون عليهم إملاءات وإشترطات وإلا سيواجهوا

المجتمع الدولي كلة وتستغل بذلك أمريكا الشرعية الدولية كما لأمريكا القدرة في إقامة تحالفات مع عدد من البلدان لعزل إيران ومحاصرتها وإن مبدأ التحالفات هو مبدأ معمول به في العلاقات  الدولية وقد طبقته أمريكا في أكثر من مكان وزمان  .

ولا بد أن نشير ليس إيران لوحدها تتدخل في الشأن العراقي وإنما هناك دول عربية وإقليمية هي

الأخرى تتدخل ولكن التدخل الإيراني هو الأثقل وزنآ والأكثر إضرارآ لأمن وإستقرار البلد وأكثر

خطرآ على الوحدة الوطنية . كما لابد من الإشارة أن كل تدخل خارجي هو ضار .

فأن نجاح العملية السياسية وتحقيق المصالحة الوطنية وإقامة النظام الديمقراطي التعددي وتطبيق

القانون وتحقيق الوحدة الوطنية هي الضمانة لوقف كل تدخل خارجي و للخلاص  من الإحتلال ونيل الأستقلال التام وبناء وطنآ حرآ .

وهذا ليس بأمر يسير بنفس الوقت إنه ليس بمستحيل فنضال شعبنا ووحدة قواة الوطنية 

والديمقراطية على إسس برنامج وطني ديمقراطي هو الكفيل لتحقيق طموحات الشعب وإنهاء كل

الأزمات السياسية ووقف كل المخاطر التي تواجة الوطن .

22-12-2007 .     

190
رؤية نقدية حول المادة الثانية في
   الدستور العراقي (2-2 )


 

فلاح علي

إستكمالآ لما تم طرحه في الحلقة الأولى حول المادة الثانية في الدستور العراقي التي تم فيها

تناول أولآ و(أ) من المادة ففي هذه الحلقه سيتم عرض وتحليل الفقره ثانيآ من الماده ويكون

من المفيد إعادة كتابة الماده (2) حسب ما وردت في الدستور ليتمكن القارئ من التدقيق فيها

وهي وضعت تحت عنوان المبادئ الأساسيه ضمن الباب الأول من الدستور .

المادة (2)

أولآ:- الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس للتشريع .

أ‌-       لايجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام .

ب‌-  لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية .

ج- لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسيه الواردة في هذا الدستور.

ثانيآ:- يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي . كما ويضمن

كامل الحقوق الدينيه لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيدين

والصابئة المندائيين .

إن كل من يتمعن في هذه الفقره سيجد فيها سياقات غير قانونية حالها حال الفقره أولآ و(أ) وهذه بلا

شك قدأًسست لدستور يمكن إختراقه بسهوله لأن الفقرات المعنية قد تم صياغتهما بشكل سياسي

كما هوواضح بعيدة كل البعد عن القانون وقواعدة . وتم فسح المجال للإجتهاد والتفسير والتؤيل الذي

سيحصل لاحقآ من قبل المتطرفين من قوى الإسلام السياسي .

 

إعادة تدقيق مفردة الغالبية :

في القانون لا توجد فوارق في الحقوق والواجبات لهذا تسعى دساتير وقوانين البلدان الديمقراطية إلى إعتماد

قواعد القانون الدولي . (المساواة في الحقوق بين الأفراد في المجتمع الواحد بغض النظر عن الجنس أو اللون

أو الفكر أو الدين أو القومية ) فتنتفي في هذه الدساتير مفردة الأغلبية . لأنه تؤشر مثلبآ صارخآ للدستور كما

إنها تخلق حالة عدم الإطمئنان في حالة إختلال توازن القوى . وبهذا تنقلب إلى أداة لقمع الأديان والأقليات

وتخلق أرضية عدم المساواة بين أبناء الشعب الواحد وبهذا سيكون الدستور أداة للإخلال بالسلم الأهلي وبالوحدة الوطنية ويفرغ الدستور من محتواه القانوني ويحوله من صمام أمان وأداة لضمان المساواة والعدالة بين الأديان

والأفراد إلى أداة للتميز ويصبح وسيلة للهيمنه وإضطهاد الآخرين . وهذا هو الوجه الآخر المخفي لأسلمة

القوانين والتي يسعى البعض لتطبيقها بقياسات متشدده ومتطرفه ثم أسلمة القضاء .

كما إنه في الأديان لاتوجد أقلية وأكثرية لأن الأديان هي قيم ومبادئ مقدسة منزله من الخالق جل جلاله فهي

بهذا المعنى إنها متساوية في الرسالة عند الله ولا تقاس بالعدد كعملية إنتخابية أغلبية وأكثرية وفي الأرض

فأن القوانين الوضعيه والدساتير هي تضمن العدل والمساواة في الحقوق والواجبات بين مواطني البلد الواحد

بغض النظر عن الدين والجنس واللون والفكر والقومية وبهذا فأن هذه القوانين تساوي بين الأديان وبإحترامها

وضمان حق ممارسة طقوسها وشعائرها الدينية . فإن إدراج مفردة الأغلبية في الدستور العراقي مسأله غير

مقنعه وليس لها مبرر لأن حقوق الأديان وحقوق المواطنيين لا تقاس بالأغلبية والأقلية .

 

جوهر هذه القضية ( الأغلبية) في مشاريع الإسلام السياسي :

إنهم يسعون جاهدين للتسابق مع الزمن لتطبيق مقولتهم الشهيره التي قالوها في الجزائر وجسدوها في عدد

من البلدان وهي إنهم ( إذا وصلوا إلى السلطة لم يرحلوا عنها ) لأنهم يريدون من خلال قوة القانون المستمد

قوته من قوة السلطة إلى أسلمة المجتمع . وبهذا يتمكنون من تطبيق هدف ( الأمن والمساواة) وفق وجهتهم

أي الأمن والمساواة للمسلم لأنه يمثل الأغلبيه أما الأقلية من الأديان الأخرى .

فالبر بهم لمن إرتقى بين جناحيه . بإعتبارهم تابعين للمسلم . ( المسيحين والصابئه والأيزيدين والشبك .. إلخ)

هذه الأديان وغيرها تريد المساواة في المواطنه والعدالة ولا يريدون المواطنة تبعآ لنظام يبر بهم أو لايبر .

وبهذا فأن هدفهم للأمن والمساواة لا يحقق العداله في المجتمع لأنه لا يعطي الأمن والمساواة لهذه الأديان

إضافه أيضآ إنه لا يعطي الأمن والمساواة للقوى العلمانيه والديمقراطية الرافضة لمشروعهم السياسي حتى

وإن كان هؤلاء مسلمون . وبهذا سيذهب الأمن والمساواة في المجتمع . وبهذا ستعطي لهم قوانينهم الحرية في

تكفير من يشائوا وهذا معناه سيطبقوا قاعدتهم ( العقوبة في الدنيا وفي الآخره ) فالآخره هي بين الأنسان وبين

الخالق جل جلاله أما الخلاف معهم على الدنيا .

لأنهم يسعون جاهدين وبكل الوسائل بما فيها إستغلال الدين لينصبوا أنفسهم ( وكلاء الله في الأرض) وهم من

يستعين بالنص ( لا حكم إلا لله ) :

لتكفير الناس وإستباحة ( أموالهم ودمهم وعرضهم) .وإستعباد البشر وسبي النساء . والعمل على إستخراج كل

ما هو وحشي في اللاشعور الجماعي وإستخدامه كوسيله لأخضاع الناس وتكبيلهم بقيود الجهل والتخلف وشدهم

للماضي وكسبهم لتنظيمهم وفق مشروعهم السياسي وإستخدام كل الأساليب من الكسب المادي والمنافع إلى

التهديد بالقتل وأيضآ الوعد بالسبي . هذا هو مفهومهم لحكم الله . بأن يكونوا هم وكلاء الله جل جلاله بالأرض

ليحكموا البشر بعقولهم المتحجره وبخرافاتهم البعيده كل البعد عن مبادئ الدين السمح .

 

أما رجالات الإسلام الأوائل فقد فسروا مقولة ( لاحكم إلا لله ):

هو العمل على إحلال المبادئ السمحه للإسلام والعدل والمساواة والحريهة ومحاربة الفقر وتوزيع الثروة

فكان مضمون هذا الفهم هو إنساني تقدمي وما تجلى في نهج العدل والمساواة الذي عرف به حكم الخليفة

العادل عمر بن الخطاب وكذا نهج الإمام علي بن أبي طالب الذي عرف عنه بالعدل والمساواة ومحاربة

الفقر وكذا محاربة الجهل ونشر العلم والمعرفه والدعوه للتسامح والتعايش السلمي بين الأقوام وحرية

العبادة وحرية الأديان وضمان حقوق المرأة وحقوق الطفل والحرية السياسية وكذا نهج الصحابة الأبرار

مثل أبو ذر الغفاري وعمار إبن ياسر وسلمان الفارسي والكثير من رجالات الإسلام السمح و ماهو يقينآ

لا يقبل الشك إن هذا النهج القويم هو المقصود به ( لاحكم إلا لله) . ولا غرابة في أن نجد في تأريخ شعبنا

الحديث الكثير من رجالات الدين وقف إلى جانب قوى اليسار والديمقراطية لقناعتهم إنها تحقق العدالة

الإجتماعية في الأرض وبعضهم قد إنتمى إلى قوى اليسار وهذه هي سمة الأسلاميين المتنوريين الذين

يسعون لتبني الديمقراطية كفكر وممارسة وتحقيق العدالة في الأرض . أما المتطرفون من دعاة الإسلام

السياسي الداعين إلى قطع رقاب البشر وسبي النساء وهتك الأعراض ومحاربة القيم الأنسانية والفكر وكل

ما هو تقدمي وإضطهاد المرأه فأن أفكارهم لاجدل حولها هي بعيده كل البعد عن مبادئ الإسلام السمح .

 

الخوف على الهوية الوطنية من دعاة الإسلام السياسي ومشاريعهم المتطرفه :

بالعودة إلى الفقره ثانيآ الواردة في المادة الثانية من الدستور العراقي نلاحظ تثبيت جملة الحفاظ على

الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي وهنا يكمن الخلل في فرز المسلمين عن بقية أبناء الشعب الواحد

في حين  أن الدستور جوهره يؤكد على حق المواطن وعلى المواطنه بغض النظر عن الدين والقومية

وبعد أن جرى الحديث عن مفردة الغالبية وتخطأة تثبيتها في الدستور لأنها تحدث إخلالآ في مبدأ حق المواطنة

وبما إنه لايوجد خطر على الهوية اللإسلامية لكي يخشى دعاة الإسلام السياسي عليها لسبب بسيط إنها موجودة

ومتأصله في وجدان المجتمع منذ قرون قبل ظهور الإسلام السياسي الذي شوهها وأساء لها .

ومع التأكيد أن الإسلام يشكل مكونآ من مكونات هوية شعبنا العراقي فلا بد من الإشارة إلى أن الهوية ليست ثابتة

بل إنها متغيرة بإستمرار وإنها تركيب من عدة مكونات التي بمجموعها تكون الشعب العراقي فهنا تسقط مفردة

الأغلبية والأقلية أزاء حقيقة التنوع الديني والقومي والفكري الوطني وكذا المكونات الطبقية والإجتماعية.... إلخ

لشعبنا العراقي . وهذه المكونات يخطأ من يتصور أو يتكهن إنها مفصولة بعضها عن بعض بل هي في تفاعل

مستمر ودائم لأنها تشكل النسيج والمكون الأساسي لشعبنا العراقي  وتشكل هويته الوطنية.

ولا بد من تبيان حقيقة أن الجماهير الشعبية في بلدنا بالذات لديها تصور وفهم للدين يختلف عن تصور وفهم

المقاولين السياسيين للدين وهذه مسألة مهمه جدآ حقآ إنهم يفسرون الدين ومبادئة وفقآ لمشاريعهم السياسية .

للإسلام دور في تكوين الهوية كونه أحد الأديان المتواجدة في العراق ولكن عند العودة لتراثنا لتراث وادي

الرافدين الإنساني وننظر له نظرة تأريخية ستؤكد الحقائق إن جوهره متحرك دائمآ وغير ثابت وليس كأنه أمر

ورثناه من أجدادنا وهذا ماينفي التقييمات الغير صحيحة عن طبيعة شعبنا . ويردد هذا الخطأ دعاة الإسلام

السياسي الجدد ويؤيدهم القوميون في ذلك بشعارهم الذي بات ممجوجآ ونشازآ بإن مكونات الشعب هم

( السنة والشيعة والأكراد) . هذا الفهم رغم إنه خاطئ ولكنه مقصود دوافعة مصالح سياسية وصراع على

السلطة ولكنهم بهذه الممارسة يسيئون عن قصد ( للإنسان العراقي وللدين وللوطن ) . وهذه هي أحد تجليات

(الفكر الشمولي ذات النزعة العنصرية ) .

تأريخ شعوب الأرض يؤكد بما لايقبل الدحض أن الهوية ليست قدر محتوم يحددة الماضي وفي هذه الحالة

ليس أمامنا إلا أن نستسلم له .

إن هويتنا حالنا حال الشعوب الأخرى متنوعه ومنفتحه وغير منغلقه إنها تمثل تفاعل حي بين ماضينا وحاضرنا

ومستقبلنا أي بمعنى إننا كمواطنيين نساهم عبر ممارستنا وتفاعلنا ووحدة شعبنا في صنع هويتنا .

لذلك فإن مفهوم الهوية نفسه هو ميدان للصراع بين القوى الإجتماعية ذات المصالح والغايات والأهداف

المتباينة فلا غرابة إذآ أن نرى أن دعاة الإسلام السياسي يحاولون وبكل الطرق في إختزال هوية شعبنا في

الإسلام فقط بالتشديد على كلمة الغالبية وحاولوا جاهدين تثبيتها في الدستور للحفاظ عليها وكأنها في خطر وإن  هذاالتشبث ليس لأنه يسبب إخلالآ في مبدأ حق المواطنه بل إنه يخلق أرضيه للتمييز ويسهم  في إضعاف

دولة المواطنة . بل إنهم أي دعاة الإسلام السياسي يختزلون أيضآ التراث الإسلامي الغني والمتنوع ويختارون

منه ما يغني فكرهم المتزمت .

وأخيرآ فأن الهوية هي الأخرى تخضع إلى صراع إجتماعي من أجل الوصول إلى مشاريع مختلفة وجوهر

هذا الصراع هو حول الحاضر والمستقبل . إننا أمام هذا الصراع لرسم الهوية الحقيقية لشعبنا أما بشكل سلبي

غير إنساني وغير عادل وإما بشكل إيجابي . أي المقصود إما بإتجاه إنساني تقدمي منفتح ديمقراطي يحترم

كل مكونات شعبنا العراقي لا يعطي الغلبة والهيمنة لأحد المكونات والإستحواذ على الآخر أو بإتجاه متعصب

متزمت منغلق على المكونات الأخرى وعلى كل منجزات الشعوب والفكر البشري وهذا النوع يمارس القمع

والإختزال والإستحواذ والتهميش لحد إلغاء المكونات الأخرى أي بالدقة يكون مضطهدآ ومشوهآ لهويتنا الوطنية

المتنوعة والغنية بتراثها .

إنه بحق عندما يقرأ أي إنسان الفقرة ثانيآ من المادة الثانية من الدستور العراقي يجد فيها هيمنه وإستحواذ

بإسم الأغلبيه وهذا هو أحد أوجه الصراع  بين قوى الإسلام السياسي والقوى الوطنية ومعهم الجماهير الشعبية

كما إنه لا بد من التأكيد أن الصراع مستمر ودائم لأبراز وتطويرهويتنا الوطنية وإغنائها والعمل على تنمية

الجوانب المشرقة فيها وفتح الآفاق أمام الممارسة الديمقراطية لكل مكونات شعبنا العراقي التي بمجموعها

تكون هويتنا الوطنية التقدمية . من هذا أن الصراع حول تعديل المادة الثانية من الدستور العراقي هي مهمه

وطنية لكل العراقيين من أجل إزالة النصوص الوارده فيها التي يرتكن لها الإسلام السياسي للتهيئ لتأسيس

دولة دينية في حالة تغير موازين القوى في المجتمع لصالحهم كما إنها تجسد شكل من أشكال التعصب والتحجر

والأنغلاق والأستلاب والأستحواذ والإلغاء والإختزال لمكونات شعبنا العراقي .

6-12-2007

191
رؤية نقدية للمادة الثانيه في

           الدستور العراقي

                                                       (1-2 )

فلاح علي

إن من قرأ هذه المادة وإطلع عليها توصل الكثير إلى رأي إنها تمثل صيغه معتدله ووسطيه ومقبوله

ومتوازنه وتوافقيه وليس هناك إعتراض عليها . ولكن من يتمعن بالقراءه المعمقه سيجد فيهاألغام

كثيره  غير مرأيه ستنفجر في الوقت المناسب لها .

من أجل التبحر في هذه المادة يتطلب أولآ عرضها للقارئ كما مثبته في الدستور ثم البدأ بتحليلها من

منطلق نقدي لكي يتم تلمس نتائجها الخطيره والغير مرأيه الآن .

المادة (2) :

أولآ:- الإسلام دين الدولة الرسمي وهو مصدر أساس للتشريع .

أ‌-       لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام .

ب‌-  لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية .

ج- لا يجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.

ثانيآ:- يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهويه الأسلاميه لغالبية الشعب العراقي كما ويضمن كامل

الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسه الدينية كالمسيحين والأيزيدين والصابئه

المندائيين  .

سنتناول الفقره ( أ) لنرى ما تعنيه بعض مفرداتها . لنأخذ مفهوم ( ثوابت أحكام الإسلام ) الوارده في

الفقره المذكوره إنها تعني وبكل دقه ( بهدى النصوص الشرعية ) وهذا معناه حكم الشريعة كما نلاحظ

ترابطها الوطيد مع الفقره (أولآ) الإسلام دين الدولة الرسمي وهو ( مصدر أساس للتشريع ) إن هذه

الصياغه توحي للقارئ للوهله الأولى إنها تمثل الإعتدال والوسطيه ولكن التطبيق العملي لهما غير ذلك

إن جوهر ومحتوى هاتين الفقرتين بعيدتان كل البعد عن المعنى الظاهري لهما وإنما  توهيئان وتؤسسان

لدولة دينية لأن القراءة التحليلية لهاتين الفقرتين تعنيان ( أسلمة القوانين )  وتتم الأسلمة من خلال التدرج .

وهذا مرتبط بسيطرة وتفرد قوى الإسلام السياسي في السلطه السياسية .

بلا شك إن الماده (2) تحوي على الجزء الثاني من المعادله وهي الفقره (ب وج) اللذان بؤكدان على

الديمقراطية والحريات والمبادئ الأساسية الواردة في هذا الدستور . وهاتين الفقرتين يضمنان التوازن

والإعتدال  كما يبدواهذا صحيح في حالة توازن القوى في المجتمع ومع ثبات العوامل الداخلية والخارجية

التي  تحفظ هذا التوازن وتنشط  حركة الجماهير الشعبية ومع تنمية الثقافة الديمقراطية بالإتجاه الذي

تتراجع فيه القوى المتطرفة في المجتمع وبما يعزز مكانة ودور القوى العلمانية الديمقراطية .

 

الإسلام السياسي يهدف إلى بناء الدولة الدينية كيف وافق على هذه الصياغة إذن ؟

لا يختلف إثنان إن الإسلام السياسي بشقيه المتطرف والمدعي بالإعتدال والوسطية قد وافق على الفقرتين

( ب وج) إرتباطآ للأعتبارات التالية أولآ الخشية من إثارة مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية ليس لأنهم

وصلوا للسلطه من خلال إنتخابات صورية لا وإنهم واثقون تمامآ أن رضا الولايات المتحدة عنهم هو شرط

لازم لتواصلهم في السلطه . رغم إنهم بين الحين والآخر ينتقدون الولايات المتحدة وممارسات قواتها في

العراق هذا مجرد لذر الرماد في العيون لكنهم جميعآ متفقون أن هناك إمور تلزمهم الولايات المتحدة فيها

وليس بإمكانهم أن يقولو لا . وثانيآ إن موافقتهم على الفقرتين هو نوع من البراكماتية ( التقيه) بإدعاء إنهم

لا يفكرون ببناء دولة دينيه ولا يريدون ( أسلمة القوانين ) وبالتالي لا يريدون أسلمة المجتمع والسيطرة

عليه بالقوه  من خلال قدسية أحكام الشريعة . وثالثآ لطمأنة المجتمع العراقي وأحزابه وقواه الوطنية

والديمقراطيةوالمتعدد الإنتماءات الفكرية والدينية والقومية لأن الشعب العراقي يرفض نموذج الدولة الدينية 

التي فشلت في الصومال والسودان وإفغانستان وإيران . أعتقد أن موافقتهم كانت تاكتيكآ لأن المنظمومة الفكرية

للإسلام السياسي تفهم ( ثوابت أحكام الإسلام) من منطلقات متشددة ومتطرفة بالضد من الإسلام كدين . لأنها

ترجع الثوابت للشريعة ولا تأخذ ظروف المجتمع والعصر وتقدمه بنظر الإعتبار فهي إذن تطفي على الثوابت

القدسيه وتعتبرها مفروضه لأنها منزله من الله جل جلاله بغض النظر عن تغير الظروف والزمان .

 

ما ذا تعني ( ثوابت أحكام الإسلام ) من وجهة نظر الإسلام السياسي المتطرف :

إن الأسلام السياسي يطفي على الثوابت صفة القدسيه لأنه يربطها بأحكام الإسلام ويرجعها للشريعة الإسلامية

وإن ثوابت الإسلام السمح تختلف عن ثوابتهم التي يعتبرونها وسيله للوثوب للسلطه ويدعون إنها تشريعات

تشمل كل نواحي المجتمع الإقتصادية والسياسية واللإجتماعية والثقافية والروحية . لهذا أن مشروعهم السياسي

يهدف إلى التعكز على ( ثوابت أحكام الإسلام ) ليساعدهم في الوصول للسلطه وهذا يمكنهم من أسلمة القوانين

بشكل تدريجي حتى ينفذوا إنقلابهم على المجتمع وقولبة المجتمع لبسط سيطرتهم عليه ويصبح متأسلمآ من

خلال قوة جهاز الدولة الذي يعتقدون إنهم سينفردون فيها .

إن مشروع الإسلام السياسي يمثل تطرفآ في المجتمع لأنه يفسر الإسلام السمح على غير ماهو عليه أي

وفق مقاساتهم و لا ينظرون إلى العداله والمساواة والحرية وحقوق الإنسان التي هي من أساسيات الدين

الإسلامي الحنيف من منظار الحرص على الإنسان والمجتمع والتمسك بهذه الثوابت إنما هم يبتدعون

ثوابتهم المتطرفة من أجل تمرير مشروعهم بإسم الدين للسيطره على الدولة والمجتمع .

 

العدل في الإسلام السمح يختلف عما هو عليه في الإسلام السياسي :

العدل بالنسبه للإسلام السياسي ينحصر في الحق في منطلقاتهم الفكرية فالحق بالنسبه لهم هي القوه لأنها

تكسبهم السيطره على الدولة والمجتمع لمنطلقات سياسية وإقتصادية وثقافية وهذه السيطره تعطيهم الحق

في تشريع القوانين التي تبيح القتل وإضطهاد المرأه والتميز بين الناس على أساس العرق والدين والإنتماء

السياسي والفكري . وهذه ليست عداله بل حق القوي في إستغلال الضعيف . ويعطي الإسلام السياسي لنفسه

الحق في سن وتطبيق القوانين على المجتمع التي يراها هو مهما تكون نتائجها الضاره والمدمره للمجتمع

والوطن ومنها التميز بين الناس والأديان وهذا ليس عداله وإنما حق . ففرض الحجاب على المرأه بالقوه

هذا ليس عدل وإنما حق يمنحوه لأنفسهم من خلال منطلقاتهم الفكريه المتحجره والمتطرفه وإجبار الناس

على الصلاة كما حصل في إفغانستان وغيرها من دول الإسلام السياسي هذا حق منحوه هم لأنفسهم وليس   

عدل والتميز بين الأديان هذا حق منحوه لهم  وليس عدل كمبدأ من مبادئ الإسلام السمح ...... إلخ .

أما العدل في الإسلام فهو المساواة بين الناس ليس في صناديق الإقتراع كما يدعون وإنما بل هو المساواة

في الحقوق والحريات والتعليم والمعيشه والصحه والعمل وحرية والأديان والأفكار والديمقراطيه ومحاربة

الفقر ومنع الغني من زيادة ثروته على حساب الإستغلال وجوع الفقراء وإحترام المرأة .

 

الإسلام السياسي هدفه أسلمة القوانين ما ذا يعني ذلك في الجانب التطبيقي :

في الدول العصريه الحديثه ذات الأنظمه العلمانية الديمقراطية توجد قوانين كونها تضمن الحقوق والحريات

وحق المواطنه فهي في الوقت نفسه ملزمه للقاضي إذا لم تكن تتعارض مع الدستور كونه القانون الأساسي

في البلد . في الدولة الدينية لا سلطان على القاضي إلا القانون المستمد من الشريعة والذي لا يتعارض معها

فهو لن يحكم إستنادآ للدستور بل لمبادئ عامه موجوده في الشريعه . وبهذا فأن الإسلام السياسي يكرس

جهده ليكون القضاة والمشرعون لديهم إلمام ودارسين للفقه الإسلامي . وهم بهذا يسعون إلى جعل القاضي

يفرض رأيه الفقهي على الدستور وبهذا فهم يعطلون مجلس النواب في هذا الجانب وهذه تتعارض مع

الديمقراطية والقارئ يدرك جيدآ كيف أن ملالي الجهل والتحجر والتخلف قد حكموا وسيروا القضاء في

إفغانستان وغيرها من التجارب الفاشله التي حكم فيها الإسلام السياسي . وبالنسبه للإسلام السياسي عندما

يستفرد في الحكم إنه يسعى لبناء دوله شموليه فهو يعتبر أن دائرة تطبيق القانون المتأسلم هي متكامله طبقآ

لأحكام الشرع فهي كونها مدنيه وإجتماعيه فإنها تشمل الجوانب الإقتصادية والسياسية والتعليمية والثقافية

أي وفق منظورهم يمكن حل نقابات العمال أو الجمعيات الفلاحية أو المنظمات النسويه أو منظمه للمجتمع

المدني وأي تجمع أو حزب سياسي من وجهة نظرهم لتعارضه مع أحكام الشرع وهو في الواقع غير مخالف

لإحكام الشرع بقدر ما هو مخالف لأحكامهم وحكمهم ورؤيتهم .

وبالتالي فأن كل حديث عن إستقلال القضاء وحقوق المواطن القضائية وحقوق المرأة وحقوق القوى والأحزاب

المتعارضه فكريآ وسياسيآ معهم لا يضمنها القضاء المؤسلم . ويصبح الفقيه القاضي المتشدد والمتطرف هو

الخصم  والحكم طالما المقابل لا يلتزم بأحكام الشريعه من وجهة نظره فهو إذآ معارض للدولة الدينية .

وهذا يتناقض مع أحكام القضاء وأحكامه الدوليه العادله وكذا يتناقض مع المجتمع المدني الذي يفترض أن

يكون فيه القاضي حياديآ بشكل تام عن الأفكار السياسية والعقائد الدينية والعرقية والطائفية وبلا إنحياز في

عمله القضائي ويحكم بالقانون الذي لا يتعارض مع الدستور وبهذا يكون حاكمآ عادلآ لاخصمآ كما هو عليه

في الدولة الدينية التي أكدت كل التجارب الفاشله لهذا النموذج من الحكم أن إستقلال القضاء فيها هو إكذوبه

كبرى وليس كما تدعي هي بأستقلال القضاء وإن القاضي من وجهة نظرهم أن يكون فقيه في الشريعة لكي

يحافظ على أسلمة القوانين وهي بهذا أكدت لشعوب العالم أن الدولة الدينية هي دولة شمولية .

25-11-2007 .

192
العلمانيه الديمقراطيه ومشاريع الأسلام السياسي

فلاح علي

يكتسي التطرق لهذه الموضوعه بشكل عام وللإسلام السياسي بشكل خاص أهميه بالغه في الظرف الحالي الذي يمر به بلدنا العراق إرتباطآ ليس بحساسية الموضوع وإنما لتنامي الأفكار المتطرفه في المجتمع وخطورة مشروعها على وحدة الشعب وبناء الوطن وتقدمه . والخطوره ليس في فكرها المتطرف  الذي لا يصمد أمام النقد في ظل سيادة الحياة الطبيعيه وإنما بسبب الظرف الحالي الذي يمر به البلد وتفاقم أزمته السياسية حيث تشكل الظروف الغير طبيعيه بيئه ملائمه لنمو الفكر المتطرف . فوجود الأحتلال

الذي يسمح ليس فقط بتنامي الفكر المتطرف وإنما يفتح الأبواب على مصراعيها للتدخلات الخارجيه والحقيقه التي لايختلف عنها إثنان أن جميع أنواع الدعم الخارجي المالي والأعلامي والعسكري واللوجستي هي تصل لقوى الأسلام السياسي والقوى الشوفينية فكونت لها ميليشيات لفرض سيطرتها على الشارع من أجل تمرير مشروعها السياسي  لا بد من الإشاره هنا أن كل مشاريع الإسلام السياسي تنمو وتتضخم في ظل تغيب الوعي و التخلف الأقتصادي والأجتماعي والثقافي والعلمي وفي ظل غياب المؤسسات الديمقراطيه وسلطة القانون الذي يضمن حق المواطنه وحماية المواطن وضمان ممارسة حقوقه . كما أن الموضوعه تكتسي إيلائها أهميه كبيره من قبل الكتاب والباحثين إرتباطآ بصراع المصالح الحالي الذي يأخذ أشكال عنفيه أحيانآ وتنتهك فيه حريات وحرمات وجوهر هذا الصراع هو للسيطره على السلطه وبناء شكل الدولة ومحتواها بما يتماشى مع مشاريعهم السياسيه التي لا تلبي حاجات وتطلعات الشعب في الحرية والديمقراطية وبناء دولة العدل والقانون .

 

العلمانية تعرضت للتشويه والتحريف من قبل الإسلام السياسي :

لقد تعرض مفهوم العلمانيه ليس في العراق فحسب وإنما في مناطق عديده من العالم إلى تحريف وتشويه من قبل تيارات الإسلام السياسي قد شوهة العلمانيه كمبدأ وتطبيق ناجح للحكم ويلبي طموحات الشعوب ويضمن حقوق مواطنيها وصورتها بأنها تدعوا إلى طمس الدين ومحاربته كما تصور العلمانيه أيضآ بأنها مشروعآ تآمريآ غربيآ موجهآ ضد الإسلام كما تعرضت سابقآ من قبلهم الديمقراطيه وحقوق الأنسان للتحريف والتشويه والمحاربه أيضآ .

في حين أن مفاهيم العلمانيه والديمقراطيه وحقوق الأنسان هي مفاهيم حضاريه صالحه للبشريه ولحكم كل البلدان بغض النظر عن أديانهم ومللهم .إنها تعني دولة المواطنه والمواطن لا دولة مواطنين بدرجات .

إن العلمانيه تعني فصل السلطتين السياسيه والدينيه مع ضمان إحترام جميع الأديان والمعتقدات الدينيه والهويات الثقافيه والروحيه . وإنها تعني أن الدوله هي دولة قانون واحد يسري على جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم وطائفتهم وقوميتهم .

كما إن العلمانيه الحقيقيه لا يمكن لها تؤسس كنظام للحكم وتستمر وتتواصل إلا بشرط توفر الديمقراطيه بمعناها الواسع  بأقامة المؤسسات الديمقراطيه للبلد وإقامة سلطة القانون وضمان حق المواطنه وحرية الرأي والمعتقد فالدوله العلمانيه الديمقراطيه ليس حلمآ طوباويآ ها هي شعوب أوربا تعيش وتمارس حياتها في ظل هذا النظام المنشود حيث الأمن والأستقرار والسلام ودولة العدل والقانون وضمان حقوق المرأه  والتقدم الأقتصادي والأجتماعي والثقافي والعلمي والفني والرقي والأزدهار وإنعدام البطاله والأميه . وليس هذا فحسب ولكن الأهم أيضآ هو أن في هذه الدول قد إنتهى فيها تمامآ الأضطهاد والتميز الديني كما أن الدوله تحمي الأديان وتحافظ على قدسيتها وتدعم ممارسة الطقوس الدينيه وليس سرآ أو شيئآ مخفي إن كل المراكز الدينيه الإسلامية الجوامع والحسينات في أوربا العلمانيه الديمقراطيه تحصل على دعم قانوني يضمن ممارسة طقوسها بكل حرية كما تحصل علىدعم مالي سنوي  .

في حين لاتوجد دوله واحده في العالم الغير العلماني لا يوجد فيها إضطهاد للأقليات الدينية .

 

العلمانية تضمن حرية الأديان :

إذآ إن مفهوم العلمانية يعني فصل الدين عن الدولة وأيضآ فصل السياسة عن الدين فهي بهذا  تحافظ على

الدين وقدسيته وتضمن حرية الأديان وتبعدها عن الصراعات والمصالح والنزوات . وهي بهذا تبعد النشاط والعمل السياسي كشكل من أشكال الصراع من أجل السلطه والهيمنه وصراع المصالح عن أي قدسية . التي يسعى الأسلام السياسي لها حيث يمارس كل الطرق والأساليب من أجل إرتداء لباس الدين وبأسم الدين يريد كسب الصراع السياسي وفرض سيطرته وهيمنته على السلطة والمجتمع لضمان مصالحه الفئويه . وبهذا فأن تيارات الأسلام السياسي تفتقد للبرامج السياسية وهذا من نقاط ضعفها فهي تسعى لزج الدين في السياسة لتوظيفه لخدمة مشاريعا بعضها مجهول والبعض الآخر ظلامي تدميري.

في حين أن العلمانية الديمقراطية ليس لأنها تحافظ على حرية الأديان وقدسيتها فحسب وإنما إنها تجعل النضال والصراع السياسي أكثر وضوحآ وشفافيه ( صراع البرامج السياسية من أجل تلبية حاجات الشعب وتطورالبلد) .

كما إنها بحفاظها على حرية وقدسية الأديان هذا يعني إنها تضمن الحفاظ على عقائد الناس ومعتقداتهم الدينية وضمان إداء شعائرهم وطقوسهم الدينية .

فالعلمانية بهذا المعنى والمفهوم الديمقراطي لا تعني الكفر والإلحاد ولا تستهدف الدين بقدر ما إنها تستهدف الأستبداد والأستغلال وإستلاب حقوق المرأه  وحرية الرأي والمعتقد وإستلاب حق المواطنه  فهي تلغي كل شكل من أشكال التميز والظلم والفقر  والمرض والبطالة والأمية والتخلف والجهل وتضمن العدل والقانون والسلم والتقدم والأزدهار وتجنب المجتمع  التصادم والتصارع الطائفي فأن العلمانية الديمقراطية تحافظ على وحدة الشعب والوطن وتفتح الأبواب أمام كل سبل التقدم العلمي والفني والأبداعي والثقافي والأقتصادي والأجتماعي وضمان السلم الأهلي و الإستقرار السياسي .

 

 لن تدخل العلمانيه في يوم من الأيام  في صراع ضد الدين :

ما يؤكد ذلك ليس كما أشرت له أعلاه  فقط وإنما هناك تجارب ملموسه وحية تعبر عن نفسها بقوة وهو ماذا يفسر تمسك المسلمون في الهند بالنظام العلماني ودفاعهم المستميت عن العلمانيه وبقائها كشكل للحكم في الهند هذا يعود بكل بساطه أن النظام العلماني قد ضمن لهم حرية الدين وقدسيته وحرية المعتقد وضمن لهم حق ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية بكل حرية . وهناك كثير من رجالات الدين المسلمين دعوا إلى فصل الدين عن الدولة وفصل السياسة عن الدين . كما ذهب البعض مثل رجل الدين والمفكر والعالم المصري  المعروف وهو الشيخ علي عبد الرزاق في كتابه ( الإسلام وإصول الحكم ) مؤكدآ بالأدله التأريخيه أن الخلافة كانت خيارآ بشريآ لا خيارآ آلهيآ . وإن كل رجالات الدين المتنورين يدركون أن الإديان والشعوب تعيش في سلم ووئام في النظم العلمانية الديمقراطية مع ضمان حرية الأديان وقدسيتها  .

 

لماذا الإسلام السياسي قد شوهه العلمانية الديمقراطية وحرفها وحاربها :

لابد من التأكيد على وجود فارق كبير بين الإسلام كدين  وعقيدة وعبادات وأخلاق وإستقامة ورفض ومقاومة الظلم والدعوة إلى العدل والمساواة والعلاقات الإنسانية والتشبع بروح التسامح وعدم تكفير الآخر والدعوه إلى الأنفتاح على الآخر ويدعوا إلى العلم والبحث والمعرفة وهو كدين يلتقي مع العلمانية والديمقراطية . بينما الأسلام السياسي كمشروع سياسي يشيع الخرافات وتقديس الأشخاص وتجهيل وتهميش وتغيب العقل ووعي الجماهير الشعبية وجرها بأستمرار للنظر نحو الماضي من أجل تكبيل طاقات الجماهير الشعبيه وجعلها حبيسة لهذا الفكر المتطرق ولخططه ومشاريعه وكما هو واضح لكل شعوب الأرض أن مشاريع الإسلام السياسي التي تتبنى الفكر الإصولي المتطرف هو أن هذا الفكر ينمو ويتقوى في الأزمات . إنه بحق بلا مغالات إنه فكر التقوقع والخوف من الآخر والتحجر والظلام والهروب ليس فقط من الحوار وإنما الهروب من الحاضر وليس فقط الخوف من المستقبل وإنما تشويه المستقبل الذي تتطلع له الشعوب في تحقيق طموحاتها في الحرية والديمقراطية والعيش الرغيد بأمن وسلام . بينما عرف الإسلام في مراحل إزدهاره في أيام المؤمون وفي الأندلس أيام إزدهارها حيث أنتج تطور فكر عقلاني متنور ومنفتح على الشعوب والثقافات الأخرى كمثال على الفكر اليوناني والحضارات الهندية والفارسية .

أما الإسلام السياسي فهو مشاريع سياسية يمارس السياسة بغطاء ديني وسط الجماهير وهنا تكمن خطورته إنه يزج الدين المقدس بصراع المصالح الفئويه ويلجئ إلى ممارسة العنف الدموي وبطرق وأساليب شتى القتل والذبح والحرق والتعذيب وقطع الأعضاء والتدمير لتحقيق هدف إقامة الدولة الدينية أو دولة الخلافة الإسلامية ونتيجة لأبتعادهم عن الفكر النير والعقل والحكمه لقد تحولوا جميعآ إلى عصابات إرهابية دموية

تقدس الموت في نفوس الشباب المهمش في مجتمعه والضائع . وهي بأفعالها الشنيعه هذه تسيئ للدين ولسمعة

المسلمين في بلدانهم وفي العالم . وهي ناشره لراية الإرهاب والعنف والإبتزاز وبلا ضمير ولا خجل تدعي إنها الناطقة بأسم الله وما عداها إنهم كفار يتطلب محاربتهم . لهذا ليس غريبآ أن حركات الإسلام السياسي بالذات ودون غيرها قد شوهت العلمانيه وحرفتها كما شوهة الديمقراطية من قبل وحرفتها وهي الآن تدعي

إنها تمارس الديمقراطية بينما في واقع الأمر إنها تفهم الديمقراطية فقط إنها صناديق إقتراح وتفرض إرادتها بقوة السلاح من أجل الفوز بصناديق الإقتراح للوثوب للسلطه لتمرير مشروعها الذي هو لا ديمقراطي ولاحضاري ويقف بالضد من طموحات وتطلعات الشعب. لهذا نلاحظ أن كل مشاريع الإسلام السياسي الراميه إلى تجهيل وتغيب وعي الشعب وإقامة دولة دينية قد فشلت سواء في السودان أو إفغانستان أو الصومال أو في إيران حيث تضطهد فيها المرأه وحيث البطاله والتخلف الأقتصادي والأجتماعي والثقافي وإنتهاك حرية الأديان وحقوق القوميات وفقدان الإستقرار وعدم إستشراق المستقبل و لايوجد هناك نموذج يقتدى به لبناء هذا الشكل من الحكم  كل النماذج قد فشلت وخلفت شعوبها وعزلتها عن شعوب العالم وحضاراتها وحطمت بلدانها كما أن أغلب قياداتها لا تتعامل بعقلانية وموضوعية .

 

 

إلإسلام السياسي مع العولمة الرأسمالية المتوحشة :

لا يغيب على بال أحد أن حركات الإسلام السياسي قابلة بالعولمة الرأسمالية وليس غرابه في أن نجد أن

الفكر الإصولي المتطرف قد إستغلته القوى والفئات الإجتماعية المستغلة والمستبدة وكذلك الحكومات الدكتاتورية التي تمثل قاعدتها الإجتماعية هذه الفئات المستغلة والمستبدة والفئات البيروقراطية لديمومة سلطتهاعبر العصور لتحريف وعي الجماهير وإستغلالها  سواء في صفوف الفلاحين خلال فترات حكم الإقطاع أو في المدن حيث كانت تحارب نقابات العمال وتحرمهم من حقهم في التنظيم النقابي والسياسي وتعمل على ديمومة تدني مستوى معيشتهم الإجتماعي بأنخفاض الإجور وتدني الخدمات وتستغلهم أبشع

 إستغلال لهذا ليس غرابة أن نجد أن حركات الإسلام السياسي جميعآ لاتؤمن في قوانين الإصلاح الزراعي

ولا في نقابات العمال وإتحاداتها فإنها تحارب الحركة النقابية كما يحاربها الرإسمالون في الغرب لكن كما هو معروف تإريخيآ أن الطبقة العاملة وحركتها النقابية فرضت وجودها بنضالاتها وتضحياتها منذ قرنين

من الزمان وبفضل تضامنها وما الإحتفال في 1/ آيار إلا دليل على حيوية هذه الطبقة المنتجة للخيرات

المادية وما قرار رقم 8750 الذي أصدره أحد رؤساء الوزراء وهو من دعاة الأسلام السياسي بتجميد أموال إتحاد نقابات العمال ونضالات عمال النفط الإخيرة في البصرة وبغداد ضد قرارات وزير النفط بحق تنظيمهم النقابي إلا دليل قاطع أن حركات الإسلام السياسي هي لا تؤمن بالنقابات وحقوقها ولكن ماحصلت علية الطبقة العاملة العراقية من حقوق خلال هذه الفترة  وتشكيل إتحادهاالعام هو بسبب نضالاتها ودعم القوى الوطنية والديمقراطية وجماهير الشعب لهذه النضالات .

إن حركات الإسلام السياسي هي مع الإستغلال ومع العولمة الرأسمالية المتوحشة – كنظام إقتصادي إجتماعي رإسمالي وإمبريالي . وهذا ليس تعميم حيث توجد شخصيات إسلامية وقد تكون أيضآ بعض التيارات من الحركات الإسلامية المعتدلة ترفض العولمة الرأسمالية المتوحشة من منطلقات ثقافية

وحضارية ودينية وهذه عادتآ تكون متنوره هذه القوى هي التي تقبل بالعلمانية الديمقراطية وتدعوا

إلى فصل الدين عن الدولة والسياسة عن الدين .

 

العلمانيةالديمقراطية كطريقه للحكم تجسد طموحات الشعب وتضمن حقوق وحريات الأديان والأقليات : 

إن إقحام الدين بشؤون الدولة يؤدي إلى قمع حق الشعب في تحديد خياراته وإدارة حياة المجتمع ومصادرة

حقوقه وحرياته كما يؤدي ويشجع على التميز الديني والطائفي والقومي . ويخرس كل الأصوات ويقمع

بالقوة والبطش كل من يطالب بحقوقه وكذا المعارضين لهذا النهج بحجة إنهم مارقين عن الدين .

فأن الخلط بين السلطتين الدينية والسياسية يسيئ لكليهما . لأن المعتقدات الدينية إمور خاصه بالفرد يجب

أن يمارس معتقدة وطقوسه بكامل الحرية وهذا يكفله له القانون في الدولة العلمانية الديمقراطية كما إن

فصل الدين عن الدولة وفصل السياسة عن الدين في الدولة العلمانية  هذا لايعني إلغائآ للدين ولرجال

الدين والمؤسسات الدينية إن الدين يبقى في المجتمع ولا يمكن فصله عن المجتمع . ولكن من أجل الحفاظ

على الدين وقدسيته وتخليصه من المقاولين السياسين وبناء دولة المواطنة لا دولة الطوائف والتميز الديني والمذهبي والعرقي ومصادرة الحقوق   لهذا يفصل الدين عن الدولة في دساتير الدول العلمانية.

وإن الحديث عن العلمانية هنا المقصود بالعلمانية الحقيقية الديمقراطية  لا علمانية لفظآ أو صوريآ

التي إستخدمها الإسلام السياسي للتشوية بالعلمانية الديمقراطية كما صوروا نظام الدكتاتور المقبور صدام حسين بأنه نظام علماني من أجل تشويه صورة العلمانية  أمام جماهير الشعب التي تجد في العلمانية الديمقراطية هدفآ لها لتحقيق كل تطلعاتها وطموحاتها كما يستغل الإسلام السياسي خلل في بعض قوانين

بلدان العلمانية الديمقراطية وتتعكز عليها من أجل تشويه صورتها أمام الشعب . وقد تناسا أصحاب هذا الفكر

الإصولي المتطرف عن قصد إن الأخطاء والإنتهاكات إن وجدت في قوانين النظم العلمانية الديمقراطية

فأن هذه الأخطاء يمكن معالجتها بسهوله وبسرعه . لسبب بسيط لوجود الشفافية والعلنية ودور منظمات المجتمع المدني وحريات الصحافة والنشر والتعبير وحرية الرأي كما أن هذه القوانين هي لخدمة المواطنين في حالة وجود أي خلل أو خطأ يعالج بسرعة .كما أن المواطن لما وصل إليه من وعي  يعرف حقوقه .

ولأخطاء بسيطة إستقالت وحوسبة حكومات أمام برلمانات هذه الدول . كما يوجد إستقلال حقيقي للقضاء وليس إستقلال صوري أو لفظي . كما أن الإسلام السياسي يتدخل في شؤون الثقافة والفن والمسرح

والموسيقى والتعليم وكل مفاصل الحياة الإجتماعية ويعمل على تخلفها وتراجعها وإنحصارها وها هي

الصومال نموذجآ والسودان وإفغانستان حكم فيها ألإسلام السياسي وإيران حيث في جميع هذه الدول التي

حكم فيها الإسلام السياسي اُ نتهكت فيها حقوق المرأة واُضطهدت بكل قسوة لم يعرفها التأريخ من قبل

وقتل الكثير منهن لا لسبب لأنهن يطالبن بحقوقهن وحقهن في العمل كما أن هذه الأنظمه حاربت الثقافة والعلم

واُنتهكت حرية المواطن .

إن الخلط بين السلطتين الدينية والسياسية يشجع الأجواء على توتر العلاقات بين أبناء الدين الواحد بإثارة

الصراع الطائفي كما تميز بين المسلم وغير المسلم وتعرض السلم الأهلي والوحدة الوطنية للخطر .

إن العلمانية الديمقراطية هي الإسلوب الأمثل للحكم لأنها تؤكد على دولة المواطنة والعدل والقانون حيث

تسمح لجميع المواطنين على إختلاف الدين والمذهب والقومية والجنس والإنتماء السياسي بممارسة حقوقهم

كاملة دون تميز وبلا قمع وتهميش وتعسف . كما إنها تحافظ على السلم الأهلي في المجتمع وتحافظ على الوحدةالوطنية وتخلق الفرص الكبيرة للتقدم العلمي والتقني والثقافي والإبداعي للبلد . ومن أهم ميزة لهذا النظام العلماني الديمقراطي هو تمتع المرأة بحقوقها كاملة وإنهاء كل الأفكار التي تسيئ للمرأة وشخصيتها

وكرامتها لأنها أي المرأة هي الضحية الأولى في فكر الأسلام السياسي وبالذات الأصولي المتطرف .

كما أن من خصائص هذا النظام هو بناء الدولة الديمقراطية التداولية التي تقام على أساس وجود المؤسسات الديمقراطية والفصل الحقيقي بين السلطات ووجود دستور أساسي ديمقراطي للبلد . فالديمقراطية الحقيقية

هي من أهم خصائص هذا النظام وهي سمه مميزه له . ومن خلا لها تحل أزمة البلد السياسية وتؤمن بناء

وطنآ مستقلآ حرآ متقدمآ علميآ وإقتصاديآ وإجتماعيآ وثقافيآ مع ضمان حق المواطنة و العيش الكريم للشعب.

 

أوسلو – 12-11-2007

193
القوى اليسارية والديمقراطية العراقية دورها

                                     وتأثيرها الجماهيري والسياسي


فلاح علي

طبيعة الأحداث التي يمر بها البلد ليس كونها معقدة ومتشابكة فحسب وإنما هي متغيرة بأتجاهات غير واضحة الرؤيا وقد تأخذ منحى قد يكون عاصفآ وضارآ إرتباطآ بأزمة البلد

السياسية وطبيعة القوى المتنفذة و بالتدخلات الأقليمية والدور السلبي لقوى الأحتلال . كونها قوات محتلة فأنها  تعقد اللوحة السياسية والأجتماعية والأقتصادية في البلد و تسهم في عرقلة حل أزماته دون وضع حل جذري لها وهي وراء حالة الأنقسام في المجتمع ورعايتها لنهج المحاصصة الطائفية والحزبية الضيقة التي كرستها نهجآ وممارسة قوى الأسلام السياسي والقوى القومية لمنطلقات ذاتية وفئوية بعيدة عن مصالح الشعب والوطن

وتلقت هذه القوىالطائفية المتنفذة دعمآ وتشجيعآ من قوى الأحتلال لهذا النهج التدميري من أجل إستمرار الأزمة السياسية وهذا ما يخدم أجندة الأحتلال القريبة والبعيدة المدى في العراق والمنطقة .

 

الشروط مواتية لتوحد قوى اليسار والديمقراطية على أساس برنامج وطني ديمقراطي :

الوطن ينتظر دور و فعل وحراك هذه القوى داخل المجتمع وإيجاد صيغ للتنسيق فيما بينها

سواء كان ( تحالفات – تقارب – تكتل – تنسيق ) . على أن يتم إزالة مناخ الركود فيما بينها أولآبفتح حوارسياسي جاد بعيدآ عن التحامل والعصبوية التي تسمم الأجواء . إن فتح باب الحوار والنقاش هي ضرورة نابعة من واجب تقدير كافة مناضلي هذه القوى أيا كانت قناعاتهم منطلقين من مصالح الشعب والوطن في هذا الظرف العصيب

وأن الحركةالجماهيرية الشعبية التي تعول عليها هذه القوى في عملية التغيير لا يمكن لها أن تنموا وتتطور وتفك أسر قيودها ما لم تنظم هذه القوى نفسها وتنسق قواها على أساس برنامج وطني ديمقراطي ينقذ البلاد من الأزمة الراهنة .

وأن تأريخ الشعوب القديم والحديث يؤكد بما لايقبل الشك إنه لاتوجد قوى حية في المجتمع تتبنى مصالح الجماهير والحفاظ على الوطن وثرواته وبنائة وتطورة وإزدهارة غير قوى اليسار والديمقراطية .

 

ما هي المهام التي توحد قوى اليسار :

إن اليسار في نهاية المطاف هو الديمقراطية وبناء مؤسسات الدولة على أساسها ومهمة اليسار هو الدفع في الديمقراطية إلى أقصى حدودها أي تجذيرها ولا ديمقراطية حقة دون

شمولها كافة مجالات الدولة والمجتمع وفي المجالات الأجتماعية والأقتصادية والثقافية

وضمان الحريات الأساسية في المجتمع وحق المرأة وضمان حق العمل والعيش الكريم وتطور المجتمع ..... إلخ .

إذآ يناضل اليسار من أجل الحريات والنضال ضد الأستبداد السياسي وضد الأستغلال ومن أجل النظام الديمقراطي والتطور والتقدم وتلك هي الغاية الأساسية لفعل ودور اليسار .

فاليسار هو ليس شعارات وعبارات وجمل ثورية رنانة ترفع وتكرر في مناسبة ودون مناسبة وترديد مقولة المصالح الجذرية للعمال والفلاحين وهم لم يحصلوا بعد على تلبية حاجاتهم الضرورية للعيش كالعمل والضمان والأمن والسلام والحرية وحرية التنظيم النقابي

أي كيف بنا أن ننادي بالمصالح الجذرية قبل تلبية المصالح الآنية وتحقيق برنامج الحد الأدنى وتجذير الديمقراطية . اليسار هو ليس قفزآ على الواقع الذي يعيشة المجتمع وليس العمل من خارج المجتمع .

اليسار هو قبل غيرة هو من يحلل بشكل علمي وضع المجتمع ومعرفة تأريخة وتطورة وتكوينة وطبيعة الصراع وتطلع الناس وسلوكهم وحاجاتهم ومزاجهم .... إلخ وعلى ضوء ذلك يضع برنامجة الديمقراطي وخطة السياسي وأدوات نضالة وبلا شك فهو قادر قبل غيرة من رسم صورة المستقبل أيضآ .

وبهذا يكون اليسار بلا معنى إذا بقى مجرد شعارات وجمل ثورية :

إذا لم يعرف طبيعة الصراع الجاري في البلد و بهذا فهو لايستطيع أن يحدد مهامة إذا لم يعش في أعماق الجماهير ويخوض نضال يومي ملموس معها في المجالات الأقتصادية والأجتماعية والسياسية وفي المجال الوطني . من خلال خط سياسي وبرنامج وإستراتيج وتاكتيك تستهدف بمجموعها تحقيق المهام الوطنية والتقدمية في البلاد .

 

القوى اليسارية وتأثيرها في المجتمع العراقي :

الموضوعية والواقعية والوطنية الحقة تتطلب قول الحقيقة التي لا يختلف عليها إثنان أن الثقل

الجماهيري والسياسي للقوى اليسارية في العراق تأريخيآ وحاضرآ يتمثل في الحزب الشيوعي العراقي كأحد قوى اليسار  حيث تجذر وجودة في المجتمع وكان له دور فاعل في كل نضالات شعبنا وساهم بتضحياته الجسام في صنع تأريخ العراق الحديث . إلا أن الضربات الكبيرة التي وجهة للحزب وللقوى الديمقراطية قد أسهمت في إضعاف مواقع اليسار مع 35 عام من حكم نظام دكتاتوري دفع الحزب وقوى اليسار والديمقراطية للعمل السري مع تشغيل ماكنة الدعاية الأعلامية المعادية وتضليل الناس وتغييبهم وتبنية للحملة الأيمانية الزائفة قد ساهم عمدآ في تجهيلهم وهذا مما قوى مواقع قوى الظلام وتنامي دور الأسلام السياسي بتياراته المتشددة التكفيرية والمعتدلة .

وتيقن هؤلاء أن اليسار سائر في طريق الزوال لأنهم ضنوا أن اليسار عندما يضعف تنظيمة

من خلال القمع سوف ينتهي وتناسوا أن لليسار جماهيرية كبيرة وجذورة عميقة في المجتمع

 

لكن اليسار بقى في الساحة :

يحق لكل قوى اليسار والديمقراطية في داخل العراق والمنطقة أن تفتخر بالحزب الشيوعي

العراقي حيث بعد أن تيقن الحزب أن إسلوب النضال السلمي من أجل الديمقراطية بات مسحيلآ فقد مارس بديلآ عن ذلك هو إسلوب الكفاح الثوري . وهذه هي أحد السمات الجوهرية التي تؤكد بما لا يقبل الشك على حيوية وفاعلية الحزب الشيوعي العراقي في المجتمع العراقي . وقد جسد هذه المقولة النظرية في ذلك الظرف إلى ممارسة عملية فبسرعة فائقة لقد إنتقل من إسلوب نضالي سلمي بعد فشل الجبهه الوطنية إلى إسلوب ثوري

وشكل تنظيماته العسكرية بأسم ( قوات الأنصار ) . وإنخرط فيها رفيقات ورفاق الحزب وغالبيتهم كانوا في عمر الزهور وسجلوا ملامح بطولية نادرة من أجل رفع راية الشيوعية في العراق  التي بقيت مرفوعة دائمآ في أقسى الظروف وفي ظل أعتى الدكتاتوريات والخلاص من الدكتاتورية وبناء العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد وكان نضال الأنصار الشجعان بحق سجل صفحات مشرقة في تأريخ النضال السياسي لا يستطيع تجاوزها أي باحث في تاريخ العراق السياسي الآن أو مستقبلآ .

 

بهذه الممارسة الثورية للحزب الشيوعي العراقي :

قد جسد حقآ إنه يمثل اليسار بكل ماتعنية الكلمة لأنه ليس فقط يردد شعارات وإنما هو جسدها

إلى واقع فالسياسة ترسم على ضوء الظرف الملموس الذي يمر به البلد والمجتمع . وهو الآن كونة أحد قوى اليسار والديمقراطية الفاعلة إستطاع وبظرف زمني قصير أن يكون أحد

القوى الفاعلة سياسيآ على الساحة  له حضور متميز ما يمتاز به الحزب الشيوعي العراقي

كون له جذور قوية في المجتمع فهو قبل غيرة لدية معرفة بطبيعة المجتمع العراقي وبتأريخة

وتكويناته لهذا فهو يضع برنامجة السياسي وخطة السياسي على ضوء هذه الرؤية السليمه فنراه هو يعبر بشكل سليم عن حاجات الناس وتطلعاتهم ورؤيته الصائبة حول بناء الوطن وشكل نظام الحكم وينظر للمستقبل بتفائل وبثقة عالية بالشعب . وما يملكة أيضآ من مرونة وقدرة في تغير نضالة من شكل لآخر حسب الظرف الملموس .

 

الساحة العراقية لا تخلوا من قوى أخرى لليسار وقوى ديمقراطية :

مهما يقال عن حجم هذه القوى كونها بلا جماهير بلا تنظيمات واسعة وقد يقال إنها مجاميع متناثرة في الداخل وأفراد وشخصيات في الخارج . فأن إجماع هذه القوى على برنامج ذو وجهه سياسية وفكرية سليمة ولنذكر على سبيل التحديد المشروع الوطني الديمقراطي الذي طرحة الحزب الشيوعي العراقي الذي يشكل رؤية ومنطلق سليم لأنقاذ الوطن وبناء البلد ويشكل قاسم مشترك يلتقي عليه من لدية حرص على الوطن والشعب ومن يتطلع لبناء عراق جديد ديمقراطي ووطن حر . إن فتح باب الحوار على أرضية هذا المشروع وإغنائة وتطويرة وتحديد الأولويات

لغرض التنسيق للأنطلاق للعمل الموحد إنه بحق سيشكل رافد مهمآ وسيلتقي حولة السخط الشعبي الكبير من جماهير الشعب من أجل إحداث التوازن في مراكز القوى لصالح قوى اليسار والديمقراطية .

 

الظرف الراهن بحاجة لفعل قوى اليسار والديمقراطية :

لا يختلف إثنان إن الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد والمأزق الخطير الذي يمر به الوطن

نتيجة سيناريوهات خارجية يرددها من تضخم وإنتفع وكون له مراكز نفوذ نتيجة دعم هذه

القوى الخارجية له وفي ظل تدهور الوضع الأجتماعي والأقتصادي والصحي لفئات عريضة من القاعدة الشعبية وبهذا فأن قسطآ من السخط الشعبي الذي كان متجهآ صوب تيارات الأسلام السياسي الذي تيقن الآن إنها قد خدعته في شعاراتها الأنتخابية وإنتفعت هي ومن حولها بالسلطة والمال والأمتيازات في حين ظلت هذه القاعدة الشعبية محرومة من أبسط حقوقها في العمل والخدمات . هذا عدا أن الظرف السياسي الحالي يسمح بالنشاط السلمي ويسمح بأيجاد أشكال من التنسيق والنشاط من أجل العمل مع الجماهير وتشكيل ضغط جماهيري كبير لفك أسر الشعب من قوى الظلام والميليشيات والتنسيق بشكل مشترك مع القوى الأخرى للمساهمة في حل الأزمة السياسية وإنقاذ الوطن .

من أجل إنعاش الحركة الجماهيرية وتعزيزها فالتكن قوى بناء البديل الديمقراطي متواجدة

جميعآ معها كما هو حال الحزب الشيوعي العراقي الذي يعيش وإياها في أعمق أعماقها في المدن والأحياء الفقيرة والأرياف . وبهذا تعبر قوى اليسار والديمقراطية عن نفسها بفعل جماهيري ملموس من خلال توحيد وتنسيق جهودها من أجل الدفاع عن مصالح الجماهير وتكون معها وتقود نضالها في كل شكل من أشكال مطالبها .

 

المستقبل مع قوى اليسار والديمقراطية :

ما تملكة هذه القوى من أهداف إنسانية نبيلة ورؤية مستقبلية لعراق الغد وهذا ليس حلم وإنما حقيقة من حق شعبنا أن يعيش في مكان آمن تحت الشمس كما عاشت قبلة شعوب الأرض وإمتلكت ناصية العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية وبنت تجارب وصرح دول متطورة لقد إحتلت مكانتها في العالم وأسعدة شعوبها .

إن هذه القوى مهما يكن حجمها الآن في العراق وقد تظهر بعض قواها بسيطة فأن بتنسيق وتظافر قواها ونشاطها فأن المستقبل معها . لأن المستقبل مع النضال الشعبي وحركة الجماهير المنظمة الواعية في نضالها من أجل تحسين ظروفها الأجتماعية والأقتصادية والصحية وحقها في التنظيم النقابي وحريتها في التعبير وحاجتها لدولة العدل والقانون وبناء الديمقراطية والعدالة الأجتماعية والتقدم والأزدهار . هذه هي من برامج قوى اليسار والديمقراطية وإن الأوهام والتضليل وزيف الشعارات والخوف من الميليشيات وقوى الظلام

بدت تزول من أوساط كبيرة واعية في صفوف الجماهير . فعلى قوى اليسار والديمقراطية أن تبادر في العمل على تنسق جهودها في نشاطات مشتركة وليكن لها فعل ودور وتأثير في إنقاذ الشعب والوطن . ولا توجد قوى سياسية أخرى في العراق تستطيع إنقاذ الوطن وبناء دولة العدل والقانون سوى قوى اليسار والديمقراطية وكل النماذج الأخرى في العراق والمنطقة قد فشلت هي وأدواتها وشعاراتها وأدخلت شعوبها في مطبات مرعبة من البؤس والحرمان والمرض والجهل والتخلف والأستغلال والأضطهاد والفساد والجريمة ونهب الثروات والحروب .

28-10-2007 .   

194
من يرفض المبادرات الأمميه عليه أن يقدم الحلول والبدائل 
                                   العمليه لتجنب شعبنا ووطننا المخاطر
[/color]
    فلاح علي
إن منظمة الأمم المتحده منذ تأسيها لعبت دورآ كبيرآ في صيانة السلم والأمن الدولي وساهمت في حل كثير من
 الصراعات الدوليه والأقليميه والحروب الأهليه أيضآ على صعيد الدوله الواحده وحماية أقليات ومكونات تلك
الدوله من خطر التصفيات العرقيه وغيرها وهي تقدم مختلف أشكال الدعم الأنساني عندما تتعرض الشعوب لكوارث
 وغيرها . ورغم سيطرةالقطب الواحد على العالم منذ مايقارب العقدين على ضوء إنهيارالأتحاد السوفيتي آنذاك
 فحدث إختلال في التوازن الدولي  وإضعاف لدور ووظائف الأمم المتحده ومجلس الأمن فأنفردت الولايات المتحده
الأمريكيه ببسط هيمنها على العالم والتحكم بمصائره ومصائر شعوبه وفقآ لمصالحها وكانت هذه أحد أسباب تنميه العنف
والأرهاب . إلا أنه رغم ذلك نجد أن العالم وشعوبه في هذا اليوم هي بحاجه ماسه إلى منظمة الأمم المتحده وتفعيل دورها
 من هذا برزت الدعوات لأصلاح المنظمه الدوليه .وقد أكدت تجربة العراق منذ عقود سواء في فترة الحصار الأقتصادي
 الذي فرض في ظل النظام الدكتاتوري المقبور إلى الأن وبعد مرور 3 سنوات على سقوطه .  أكدت هذه التجربه على
الدورالفعال للأمم المتحده .
إن شعبنايتطلع وبشكل عاجل لأي دور للمجتمع الدولي ومنظماته الأمميه للمساهمه الفعاله في تجنبه خطر الحرب الأهليه
وضمان أمنه وإستقراره والحفاظ على وحدته الوطنيه ودعم العمليه السياسيه والمساهمه في القضاء على الأرهاب والمباشره
بعمليات التنميه والأعمار والقضاء على البطاله وضمان حقوق الأنسان وتحقيق الأستقلال التام للبلاد . ومن ينكر دور الأمم
المتحده في الوقوف مع شعبنا في محنته وبالذات من يدعون إنهم يمثلون قيادات الشعب . فهم يقفون دون أن يدركوا بالضد
من مصالح الشعب والوطن .
إن مبادرة السيد كوفي أنان / هي جاءت في الوقت المناسب وهي تشكل مسعى حيادي ومخلص لحل العقده العراقيه .
وإن السيد كوفي أنان لم يقل تدويل القضيه العراقيه وإنما قال عقد مؤتمر دولي لحل القضيه العراقيه وبلا شك يكون تحت
إشراف الأمم المتحده وتشارك به الدول الأعضاء في الأمم المتحده الذي يعتبر العراق عضوآ فيها .
فما هو الضير من عقد هكذا مؤتمر لتخليص شعبنا من كوارث لاتحمد عقباها وضمان وحدة الشعب والوطن . وما هو الضير
إذا عقد المؤتمر في القاهره أو في عمان أو في الرياض أو أي عاصمه  عربيه أو حتى في مقر الأمم المتحده . طالما إن
المؤتمر يساهم في حل القضيه العراقيه وتحت إشراف الأمم المتحده فلماذا توضع خطوط حمراء أزاء هكذا مسعى ؟
لنتوقف أمام تصريح السيد عبد العزيز الحكيم في عمان / حيث قال ( نحن نعتقد أن مقترح الأمين العام كوفي أنان غير واقعي
وغير صحيح وغير شرعي وغير قانوني وأضاف هناك عمليه سياسيه أنتجت برلمانآ وحكومه هي أقوى الحكومات في منطقة
الشرق الأوسط .... إلخ ) . مثل هكذا تصريح مستعجل غير مدروس ليس فقط إنه لايملك حجة أو دليل لصحته لا بل ليس
فقط يضعف الموقف السياسي لمن أطلقه وإنما يخلق حاله من الأحباط واليأس لدى أبناء شعبنا . وهنا ليس بصدد تكريس
الجهد لنقد التصريح الذي لايصمد أمام النقد وإنما البحث عن الدوافع من وراء التصريح ؟ لاسيما أن صاحب التصريح
وكل جماهير شعبنا وقواه الوطنيه على يقين تام إننا بحاجه لدعم تضامني خارجي لتجنب شعبنا كوارث قادمه ولصيانة
 وحدة الشعب الوطنيه ولتعيد الأمن والأستقرار للبلاد سواء كان هذا الدعم عربي أو إقليمي أو إممي ومبادرة كوفي أنان
تصب في هذا الأتجاه . وبلا شك أن مبادرة السيد كوفي أنان هو يهدف أيضآ لأعادة الأعتبار لمنظمة الأمم المتحده وتخليصها
 من هيمنة القطب الأمريكي الذي تحكم سياساته ومواقفه ومصالحه الأستراتيجيه في هذه المنطقه أو تلك.
بعيدآ عن التشكيك فأن رفض المبادره هو التأكيد على ربط مصير العراق وشعبه في هذه المرحله بالرؤيه الأمريكيه وما
ترتأيه الولايات المتحده الأمريكيه وليس إتهامآ ولكن ماهو باين أن حج البيت الأبيض والمنافع الضيقه والظهور أمام
 بهرجة وسائل الأعلام هي عربون لرفض المبادره . وإلا ماهي المبررات المقنعه لرفض المبادره .
وللتأكيد هنا أن المبادره لو تم تبنيها بلا شك إنها لاتملك عصا سحريه لحل العقده العراقيه وإنما هو مسعى إممي يمتلك
ضمانات شرعيه وقانونيه وخبره وإمكانيات ضاغطه لتقريب وجهات النظر بين الفئات السياسيه المتنازعه وتساعد في
 إيقاف التدخلات الخارجيه التي تغذي الأرهاب ولتجنب حقن مزيد من الدماء وصولآ لتحقيق السلام والأمن والأستقرار.
صحيح أن الولايات المتحده الأمريكيه هي صاحبة القرار في العراق ولكن بهذا الشكل أو ذاك فأن لمنظمة الأمم
المتحده دور مهم أيضآ لا سيما وأن القرار 1546 قد صدر من قبل مجلس الأمن الذي يكون للأمم المتحده الدور
الضامن في تنفيذه .هنا يطرح سؤال من يمتلك حق النقض الفيتو في العراق ؟
 لنعود لتصريح السيد عبد العزيز الحكيم حيث ذكر.
( هناك عمليه سياسيه أنتجت برلمانآ وحكومه هي أقوى الحكومات في الشرق الأوسط .... إلخ )
طيب إذا توجد عمليه سياسيه وبرلمان يعني هناك عمليه ديمقراطيه . إذن لماذا يصادر حق البرلمان في إبداء
الرأي ألا تقتضي مصلحة الشعب هو أن يمارس أصحاب العمليه السياسيه اللعبه الديمقراطيه ويطلبوا طرح المبادره
علىالبرلمان المؤسسه الديمقراطيه المنتخبه ليقول رأيه فيها ؟ أليس هناك شركاء من القوى الوطنيه في العمليه
السياسيه ألا يحق لهم أن يقولوا رأيهم ؟ أليس هناك مجلس سياسي للأمن الوطني يمتلك صلاحيات وله مهام ومسؤول
عن مصير الشعب والبلاد ليطرح عليه هذه المبادره ليناقشها ويعطي رأيه بها ؟ أليس هناك حكومه منتخبه أقوى
الحكومات في الشرق الأوسط ألا يحق لها أن يفسح لها المجال لدراسة المقترح وإبداء رأيها ؟ لاسيما وإنها حكومه
شرعيه ومنتخبه ؟ السؤال الذي يصعب وجود جواب له هو .
لماذا هذا الأنفراد والأستفراد في تقرير مصير شعب وبلد والأدعاء بأنه يمثل الأغلبيه وهو من حيث الممارسه هناك
أفراد تتحكم في مصير الأغلبيه وتضع خطوط حمراء و تهمش القوى السياسيه والمؤسسات الشرعيه المنتخبه ؟
وهذه التساؤلات تنطبق أيضآ على التصريح الذي أدلى به السيد الحكيم في البيت الأبيض حيث قال إنه
( مع عدم سحب القوات الأمريكيه من العراق)
وبهذا التصريح هو همش كتلة الأتلاف وهمش القوى الأخرى والمؤسسات المنتخبه . ولم تتملكه الجرأه في البيت
الأبيض ليطالب بتحديد جدول زمني لأنسحاب القوات وهذا هو القرار الجماعي الذي تبنته جميع القوى المشاركه
في مؤتمر القاهره ووقع عليه الجميع بما فيها شخصيات من كتلة الأتلاف .
نلاحظ أن السيد رئيس الجمهوريه مام جلال وشخصيات أخرى في الحكومه قد أيدت موقف السيد الحكيم من رفض
مبادرة الأمين العام للأمم المتحده السيد كوفي أنان .دون أن يقدموا المبررات المقنعه للرفض وما هي البدائل للحل
 والقرار الحاسم في الأمور المصيريه في البلدان الديمقراطيه لايعود للأفراد وإنما للمؤسسات الديمقراطيه المنتخبه .
هناأن القاده الذين رفضوا مبادرة الأمين العام للأمم المتحده .عليهم أن يقدموا مبادرات سريعه وعاجله وإلا يتحملوا
المسؤوليه أمام من إنتخبهم فهم برفضهم هذا قد ورطوا أنفسهم ومن يقف ورائهم في الوقوع في مطبات سياسيه
 وتاكتيكيه غير محسوبه تتعارض مع نهجهم السياسي والدافع هي القصور في الروأيه والتعجل والتفرد في القرار
وليس بصدد إتهام أحد بالقول أن المنافع ا لقصيرة الأمد إرتباطآ بالدور الذي تلعبه الولايات المتحده الأمريكيه في العراق
هي وراء ذلك وعليهم أن يقنعوا شعبنا بصحة رأيهم برفض المبادره لاسيما وإنها من منظمه دوليه حياديه .
شعبنا يدفع الثمن دائمآ بسبب أخطاء من إنتخبه ويتطلع إلى من ينقذه من الأزمه . مبادرة المصالحه الوطنيه تم إضعافها
 وتعقيدها بسبب التخبط في تهيأة مستلزماتها .
 وهم يدركون جيدآ إن من يضع مصلحة الشعب والوطن فوق مصالحه الفئويه والحزبيه والطائفيه هو قادر على تجاوز
 الأزمه  بدلآ من الركض والتعويل على الولايات المتحده الأمريكيه .
في فترة النضال ضد الدكتاتوريه توجهة غالبية القوى السياسيه إلى المجتمع الدولي ومنظماته لكسب التضامن والدعم
 والأسناد لشعبنا وقواه الوطنيه في النضال ضد الدكتاتوريه ومن هذه المنظمات هي منظمة الأمم المتحده وتوجهت غالبية
هذه القوى إليها  بالشعارات التاليه وللحقيقه والتأريخ صيغت الشعارات التاليه آنذاك من قبل قيادة وكوادرالحزب الشيوعي
العراقي وجسدتها في الممارسه منظمات الحزب في الخارج . وتبنتها غالبية القوى وإنخرطت في نشاطات مع منظمات
الحزب الشيوعي العراقي من خلال لجان التنسيق الوطنيه .
الشعارات /
1- رفع الحصار عن الشعب العراقي وإبقاء الحصار السياسي والعسكري والدبلوماسي على الدكتاتوريه .
2- محاكمة صدام حسين وأركان نظامه في محكمه دوليه .
3- تنفيذالقرار 688 الخاص بحماية حقوق الأنسان في العراق .
والمطالبه أيضآ بشمول القرار بالماده 7 من ميثاق الأمم المتحده ليكون إلزامي التنفيذ .
وقد إقيمت الأعتصامات في غالبية دول العالم وإستمرت أشهر وتجمعات ومظاهرات ومذكرات إلى السيد كوفي أنان
الأمين العام للأمم المتحده ومجلس الأمن . وساهم في الفعاليات ووقع على المذكرات منظمات وممثلي غالبية القوى
بما فيها من رفض مبادرة السيد كوفي أنان الأخيره . فلماذا نرفض الآن مبادرة الأمم المتحده ودورها الأممي في حل
الصراعات والمنازعات وتقديم الدعم النزيه لتجنب شعبنا ووطننا مخاطر محدقه .
ألا يحق قانونيآ وشرعيآ للأمم المتحده أن تتدخل في حل القضيه العراقيه لصالح شعبنا وليس لصالح طائفه أو أفراد
أو أحزاب لماذا يلجأ دائمآ البعض بالتعويل على الولايات المتحده . دون التعويل على شعبنا وقواه الوطنيه وكذا
المجتمع الدولي و منظماته الدوليه والتي يكون جهدها ومسعاها لصالح شعبنا .لاسيما وأن العمليه السياسيه في العراق
ستكون نهايتها تحقبق الأستقلال التام للبلاد وفق قرار مجلس الأمن 1546 وبرعاية وضمانة الأمم المتحده .
إن غالبية شعوب العالم مرت بمنعطفات حاده وفي مراحل تأريخيه متنوعه كادت أن تعصف بها كوارث يتعرض
وجودها ومصير أوطانها للخطر . إلا أن القاده السياسيين لهذه الشعوب وحركاتها السياسيه لعبت دوآ متميزآ بالحفاظ
على وحدة شعوبهم وسلامة أوطانهم من كوارث وصراعات داخليه وخارجيه وذلك لأنهم فضلوا مصالح شعوبهم
وأوطانهم على مصالحهم ومصالح تنظيماتهم لهذا سميه هؤلاء بالقادة التأريخيين .
إن شعبنا العراقي يزخر بطاقات وكفاءات وإمكانيات كبيره من قاده وكوادر سياسيه وثقافيه وعلميه وفنيه وإداريه نزيهه
ومخلصه ومجربه يعرفهم شعبنا جيدآ . إنهم يضعون مصالح الشعب والوطن فوق أي إعتبار والنفع العام فوق الخاص .
إلا إنهم من سوء حظ شعبنا مهمشين في هذه المرحله الصعبه بسبب الخبطه السيأة الذكر الطارئه على شعبنا وتأريخه
السياسي وهي المحاصصه الطائفيه والقوميه . وهذه هي أحد أسباب مانسمعه من البعض من تصريحات غير نافعه وغير
ناضجه وخطاب سياسي منفعل ومتشنج كما إنها أحد أسباب الأحتقان السياسي وتأزم الوضع في العراق .
                                                                                     
                                                                            النرويج / 4-12-2006   [/b] [/font] [/size]

صفحات: [1]