عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - كابي سارة

صفحات: [1]
1
أدب / رسالة الى أمي
« في: 21:13 21/03/2012  »
رسالة الى أمي

كابي ساره

 

الى أمي التي فقدت جلد قدميها في الحقول
مِن أجلي، وأجل أخوتي،
حين فارقتها أحببتها أكثر.

كل عام وكل امهات العالم بخير.

1

مرحباً يا أمي الحنون
أنا ابنكِ المدلل
الذي نما في ساحة الدار، والقلب
كزنبقة بيضاء، ورحل
الذي انتظرتيه عشرين عاماً
كفلاح ينتظرُ غيومهُ كلّ شتاء
كفلاحٍ راقبَ بذرته
وسقاها دموعَ العين

2
أنا طفلكِ گبرييل
الذي نذرتيه لجميع القديسين
وتركت شعرهُ يطولُ سبع سنين
وأسميتيه بأحد أسماء القديسين
گبرييـــــــل

3
صباحُ الخير يا أمي
أنا طفلكِ گبرييل
الذي كنتِ تمشطين شعرهُ كل صباح
وتتركين ضفيرتين
أنا ابنكِ المشاكس
الذي كان يعودُ الى البيتِ ممزق الثياب
وفي خصلاتِ شعرهِ تراب البساتين

4
مساء الخير يا أمي
أنا شابك الذي تاهَ في الغربة
خمسة أعوام من الغربة
محروماً مِن دفء قلبك ،
حملت الطفولة ، وحبكِ في صدري
أنا فتاك القرويّ يا أمي
نساءُ المدينة ، لا تعرف
أنني أعشق حقلَ اللوزِ ، والعنب
حقلاً فيه مائة كرمة
وعشرة لوزات
محرومٌ من دفءِ قلبكِ يا أمي

5
مرَّت الأعوامُ يا أمي
فلا تسألي عن الجراح
العمرُ أصبحَ ليلاً قليلُ النجوم
وبحثاً عن أرضِ لا تتحركُ تحت الأقدام
مرَّت الأعوامُ يا أمي
لا تسألي ماذا ستجني
مِن الرسمِ ،، والأشعار



6
مرَّت الأعوامُ يا أمي
لا تقولي الليالي أذابت عينيكَ
كان الأفضل بكَ
أن تصير معلماً من زمان
وكان الآن لكَ أطفالٌ ، ولي كنــّة

7
مرَّت الأعوامُ يا أمي
اشتقتُ اليكِ يا أمي ، الى صباحات الكروم
الى الخصام معك قليلاً
اليومَ كنتُ وحيداً ، أمشي في الأزقة
كانت الأشياء تجرحني ، وعبير الغربة يفوح
أينَ أنتِ اليوم ، لتعدّي ليَ عشاءً شهياً ؟
أو كأساً مِن الشاي ؟
تلمسين جبهتي فيهرب يومي الحزين
محروم من دفء قلبكِ ،، يا أمي

مرَّت الأعوامُ يا أمي
فلا تسألي عن الجراح
لا تسألي ماذا ستجني
مِن الرسمِ ،، والأشعار

   

( دمشق 1985 ) كابي ساره
فنان تشكيلي ..ديريك

من ديوان (أصدقاء وذكريات وشوارع)



2
أبونا يوسف سعيد أنشدَ الأشعار
القصيدة التي قدمتها في حفل التأبين


 

1

أبونا يوسف سعيد
طائرٌ حطَّ من السَّماءِ
أنشدَ الأشعارْ
في أيامِنا
واستراحْ.

طائرٌ حطَّ من السَّماءِ
غردَّ الضّحَكات
فوقَ أرواحِنا
واستراحْ

ملاكٌ حطَّ من السَّماءِ
وزَّعَ الورودَ
في المنابرِ
والكنائسِِ
وبين الناسْ
فتركَ في جيوبِنا وقلوبِنا
وأرواحِنا.. وأيامِنا
حديقةَ وردٍ
وملائكةً يُنشدونَ صوراً ... وأشعارْ
وكلاماً طيّباً عن محبَّةِ اللهِ للإنسانْ

لِيُعلِنَ لنا:
وجودَ محبَّةِ اللهِ
في قلبِ الإنسانْ .

2

أبونا يوسف سعيد
رحلَ عَنَّا
في يومٍ شتائِيٍّ قارص
والأشجارُ عاريةٌ مِنَ الحنين

ودّعَ أميرَتَهُ وأولادَهُ
ودّعَ كُتُبَهُ .. أقلامَهُ .. وأوراقَهُ
بإِبتسامَتِهِ الحنونة
كرسمةِ طفلٍ في العاشرة
ودّعَ الأهلَ والأحبّة
الذين يَسرحونَ فوقَ حقولِ قلبِه
كغزلانِ البراري المتحرِّرة
من بنادقِ الصيادينْ

ودّعَ الأصدقاءَ والغرباءْ
كأطفالٍ يشربونَ دِفءَ الشَّمسِ
يفرحونَ ويمرحونَ بهدايا ومأكولات
ليلةِ عيدِ الميلادْ

ليُعلِنَ لنا :
رغمَ برودةِ شتائِنا القارصْ
وأشجارُنا العاريةُ من الحنينْ
دِفءَ محبَّةِ الإنسانِ
لأخيهِ الإنسانْ

3

أبونا يوسف سعيد
عَرَفناكَ منذُ عشرين عامٍ
أو أكثرْ
طفلاً مُدَلَّلاً نسيَ أن يكبر
إنساناً حنوناً
لم تثنِهِ أوجاعَ السنينْ
عن الرَّسمِ بريشةِ الحنينْ
وكتابةِ الأشعارِ بنبضِهِ الأبيضْ
فوقَ قلوبِنا الدَّاميةَ بأشواكِ السِّنينْ

أباًَ حكيماً
يَهدي قلبه كلَّ حينْ
كوردةٍ بَيضاءْ
للمؤمنين
للمقرَّبينْ
والبعيدين

لتُعلنَ لنا
أنَّ المصلوبَ على قامةِ الشِّعرِ
والرَسمِ والدين
طفلاً مُدَلَّلاً نسي أن يكبر
ولكن يُقاتلْ
بمحبَّةِ قدّيس
يقاتل
ولا يُقهَر ... ولا يُقهَرْ

4

أبونا يوسف سعيد
نثرَ عبَقَ الإيمانِ في حياتِنا
نثرَ عبَقَ التاريخِ والأدبِ في دروبِنا
حدّثنا عن حكمةِ ابن العبري
وأشعارِ مار أفرامَ السريانيّ.
عن بطولاتِ رجالاتِ آزخَ
وشهداءِ الرُّها وطورَ عابدين

حدّثنا عن الشعراءِ المنبوذينْ
عن جبران والأفاعي المتدلِّية من سقفِ بيته
عن هُروبِ سركون بولص مشياً على الأقدامِ
من العراق الى بيروتْ.
وعبثيّة جان دمّو في السَّاحات
وآخرينَ شرَّدَهم سياطُ الفقرِِ والجلادين
كأنَّهُم رُهبانَ المغائرِ طيبين و متشرِّدين

حدثنا عن يسوعَ ابنُ الانسانْ
خبزُ الطيبينْ
شمسُ الحزانى
وراحةُ المتعبينْ
وقالَ: لماذا لمْ نفهمْ يسوعَ حتى الآن
رغمَ مرورِ الآفَ السنين؟؟؟
فعرفنا: أنَّكَ علَماً من أعلامِنا
وشهيداً أضاءَ لنا حياةَ الشهداءْ
نوراً وبهاءْ

5

أبونا يوسف سعيد
معاً أنشدنا الأشعارَ في الأُمسياتْ
معا تحدّثنا عن فرحِ الألوانِ
ونسمةَ روحِ الإنسان في اللَّوحات
معاً ضحكنا لنبعدَ الغيوم
غيومَ أوجاعِ السنين

وحينَ كنتَ تقرأ الأشعارَ
تُشرقُ الشمسُ فوقَ كرومِنا
وغربتِنا
وأيامِنا الحزينةِ الماضيةْ
ويركضُ الأملُ . نحوَ أيامِنا القادمةْ
كقدّيسٍ حنون
عزيزُ النَّفسِ، حضرَ بيننا
يُزيحُ بصوتِهِ همومَنَا ... وأحزانَنا
ليُعلنَ لنا:
أنَّ لقاءَ الفنِّ والإنسان
نوراً لجنّتِنا الأرضية القصيرة

6

طوبى لمن أحبَّ الناسَ وأحبُّوهُ
وكانَ قلبهُ بيتَ محبةٍ للمتعبينْ

طوبى لمن كانتْ يداهُ حمامةَ سلامٍ
وعوناَ للصديقِ والآخرينْ

طوبى لمن نثرَ فرحَ الرياحينْ
فوقَ أوجاعِ الطيبينْ

طوبى لمن بقيَ طفلاً صابراً
لم تثنِه أوجاعَ السنينْ
وابتسامته وسادةً للمسافرينْ

طوبى لمن جمعَ في إيمانهِ أزهارَ الجِنانْ
وقدّمها للذاهبينَ والقادمينْ

طوبى لمن رفعَ أعلامَ الصلاحْ
للقريبين والبعيدين

طوبى لمن كانت أشعارُهُ ثمرَ عفافٍ
و روحُهُ مائدةَ عشاءٍ للمغتربينْ ..

طوبى لمن احتضنَ في شخصهِ نورَ العالمِ
فكان نوراً لأقدامِ الآخرينْ ..

طوبى لمن كانت حياتُهُ
شجرةً مغروسةً في بستانِِ القدِّيسينْ
فأصبحَ صورةَ رجاءٍ للحاضرينْ

طوبى لمن عرف أبونا يوسف سعيد
لأنَّ السَّعادةَ لن تفارقَه الى أبدِ الأبدين
الى أبدِ الآبدين...

بقلم
كابي سارة
فنان تشكيلي سوري وشاعر مقيم في ستوكهولم




صفحات: [1]