عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - نبيل قرياقوس

صفحات: [1]
1
تحيّة لهؤلاء رِجال الدِين  -24-

أدناه نص مقال ( تحيّة لهؤلاء رجال الدين ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترمُ جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم :
يُواصل العقل البشري العمل جاهِداً لِفهم أسرار وجود الكون مثلما يُحاول هذا العقل العمل على فهم سِر وجود الحياة والموت سواءاً أكان مصدر كل الكائنات الحية خليّة واحدة أم لمْ يكنْ.
أفضل ما يستطيع الإنسان التصرّف به في حياته اليومية  في عصرنا هذا هو أنْ يُعامل الأخرين بِمثل ما يتمنى أنْ يعاملوه، فالذي يُريد أنْ يعيش بكرامة وأن يكون حراً في معتقده وفكره وحياته الخاصة دون أن يُؤذيه أحد ودون أن يَسرقه أحد ودون أن يَحتال عليه أحد ودون أن يَفرض عليه أحد مُعتقداً دينياً أو فكرياً فذلك هو حق مشروع جداً، لكنّ المُهم أيضاً أنْ يدركَ الإنسان أنّ مثل هذا الحق يَستحقه كل البشر دون إستثناء.   
هناك نسبة قليلة مِن رجال مُختلف أديان العالم باتتْ تتفهم أنّ مُعاملة الآخرين بمثل ما نريد أنْ يُعاملونا به هو الذي يجب أنْ يصبح المحتوى الرئيسي لكل الأديان وذلك إقتداءاً بالدين الجديد الذي أرسله الله حديثاً الى كل البشر، حيث أختار الله هذه المَرّة عقْل الإنسان لإيصال دينه الجديد بصورة مباشرة ودون الحاجة لأي وسيط.
الله في دينه الجديد أختار ( الإنسان ) ليكون وكيلاً لهُ على الأرض، فتصوّروا كمْ سنكون أقرب الى العدْل في تعامُلنا مع الآخرين لو أنّ كل واحد منّا أعتبر الآخر وكيلاً لـ ( الله )!
تحية إحترام وشُكْر وتقدير لكل رجل دينٍ لا يَفرضُ حُكماً على الآخرين بأسم ( الله ).
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ لا يُميّز بين إنسان وآخر بسبب المعتقد الديني أو الفكري.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يُؤمِن بالمساواة بين البشر.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يُؤمِن بحرية الإنسان المطْلقة في حق التفكير والتعبير سلمياً.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يُؤمِن بحقوق الآخرين المساوية لِحقوقه.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ لا يُؤمِن بالعُنف مُطْلقاً.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ لا يؤمِن بعقوبة الإعدام مُطْلقاً.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يُساهم في التفكير مِن أجل نظام تربوي بديلٍ عن نظام السُجون.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دين يؤمن بحرية كل إنسان في الإرتباط بأيّ إنسان آخر بغض النظر عن الإنتماءات الفكرية أو الدينية أو المذهبية لأيّ منهما.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يؤمن بالسلام دائماً.
تحية إحترام وشُكر وتقديرلكل رجل دينٍ يؤمِن بحق كل كائن حي في العيش بكرامة وسلام.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ  يُقَدْس كلّ إنسان.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يُعطي الأمل للإنسان بحتمية وجود حياة أخرى لكل إنسان بعد الموت.
تحية إحترام وشُكر وتقدير لكل رجل دينٍ يُؤمِن بأنّ ( الإنسان هو نبيّ الله ).
أخيراً، أعتقد أنّ جميعنا كـ ( بَشَر) قد نرى في ( المال ) الموجود في حياتنا اليومية  صورة ( شجرةِ تفاحٍ ) وحينها ستتكرر قصتنا كـ ( آدم وحواء ) مع تلك الشجرة وذلك ما قد لا يتمنى أحدٌ تكراره، فهلا حلِمْنا وعمِلنا مِن أجل يومٍ لا نجِد فيه ( مالاً ) في حياتنا !
كل المُعجِزات تبدأ حُلماً !

نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً





2
تكنولوجيا سِريّة جداً  – 23 –
[/color]

أدناه الجزء الثاني من مقال ( تكنولوجيا سرية جداً ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترمُ جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021  بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم :
أعتقدُ أن قضية السيطرة والتحكُم بِملف (الأديان) والموروث الديني في العالم كانت وما تزال هي واحدة مِن القضايا السياسية التي تطوّر مستوى العمل بها الى مستوى متطوّر جداً يُضاهي مستوى التطوّر الكبير جداً الذي حصل في مجالات أخرى كالفيزياء والكيمياء والهندسة وعلوم الفضاء غيرها مِن العلوم، فالتطوّر الهائل الذي حصل في المجالات العلمية كان لابد له أنْ يتعامل مع موضوع حساس ومهم جداً وله صلة مؤثرة في كافة جوانب الحياة البشرية الا وهو موضوع (الدين) والموروث الديني لدى شعوب الأرض، لذا أرى أنّه مِن الصحيح الإعتقاد وبناءاً على دراسة وتحليل لواقع الأحداث المعقدة والخطيرة في العالم طيلة القرون الثلاثة الأخيرة مِن الزمن بأنه كان لابد مِن تَخصيص عقولٍ ذكية سياسية على مستوى العالم للتعامل علناً وسِراً مع مَلَف الدين والموروث الديني والعمل قدْر الإمكان على جعْله يُواكب بإيجابية مُجمل التطوّر الحاصل في حياة الإنسان على سطح الأرض.
أعتقدُ أن نُخبة علماء السياسة الأذكياء القائمين بمهمة السيطرة والتحكم سِرّياً بملف (الدين) والموروث الديني كانوا منذ ثلاثة قرون مضَت وما زالوا لغاية يومنا هذا يدركون جيداً إستحالة قدرة عموم البشر على العيش بحرية وبسلام طالما أنّ هناك نسبة كبيرة مِن سكان الأرض يُميّزون بين إنسان وآخر بسبب الدين أو المذهب الديني الذي يتم توارثوه منذ آلاف السنين، لاسيما وأن هناك نسبة كبيرة ومؤثرة من بعض رجال الدينٍ ممّن يتّجِهون بمهنتم بإتجاه خلْق الكراهية والعداوة بين البشر تحت سِتار تطبيق أوامر وشرائع (الله) المَزّعومة.
أعتقد أن النخبة الذكية السِرّية مِن عُلماء السياسة في العالم والقائمة بمهمة السيطرة والتحكم بملف (الدين) والموروث الديني في مجتمعات الأرض تعمل جنباً الى جنب مع نُخب ذكية سِرّية متعددة آخرى تقوم بمهام السيطرة والتحكّم بملفات الأحزاب والحكومات والتحالفات بين دول العالم وملفات الحرب والسلام وغيرها مِن ملفات السياسة والإقتصاد السياسي، وأنّ عمَل جميع هذه النُخب الذكية السرّية طيلة الثلاثة قرون الماضية ولغاية يومنا هذا كان بمستويات متنامية النوعية والكفاءة بمرور السنين ولغاية يومنا هذا، كما أعتقدُ أنّ عمَل النُخب العالمية السرية الذكية في مجال السياسة والدين هو بالغ الدقة والتعقيد والى الدرجة التي يمكن تشبيه صعوبة فهمه بالصعوبة التي يمكن توقعها عند إنسان لا يعرف عن عِلم الكهرباء والألكترون شيئاً سوى وجود قُطبيّ السالب والموجب بينما هو يحاول فَهْم تفاصيل عمل آلاف الدوائر الكترونية المعقدة لجهاز كومبيوتر حديث وضخم يُعالج مليارات مِن مَلفات البَشَر المُعقدة!
ما نودّ توضيحه هنا أنّ الإعتقاد بوجود نُخَب عالمية ذكية سرية تقود وتتحكم بأوضاع الأديان ومجمل أوضاع السياسة والإقتصاد في العالم منذ ما لا يقل عن ثلاثة قرون ولغاية يومنا هذا لا يعني مثلاً انه لولا هذه النخب لما بقيتْ الأديان لغاية الآن مثلما لا يعني ذلك أنّ وجود هذه النخب هو الذي تَسببَ في نشوب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية وغيرها مِن الحروب والصراعات في مختلف مناطق العالم، وإنما مِن المُعتقد أنّ هذه النُخب عَملت على برمجة كل المتغيرات المتوقعة في شتى نواحي ونشاطات وصرعات البشر وفْق الزمن الذي يكّفل لتلك النخب حُصول أقل الخسائر وأفضل النتائج لجنس البشر حسْب تصوّرها، فمثلاً نقول أنّ الحرب العالمية الأولى أو أيّ حرب أخرى حدثتْ خلال الثلاثة قرون الأخيرة الماضية فهي كانت لِتحدث في كل الأحوال سواءاً بوجود أو عدم وجود تلك النخب السرية الذكية لكنّ ما أتوقعه هو أنّ تلك النخب الذكية قامت ببرمجة توقيت بدء وانتهاء تلك الحروب أضافة الى قيام تلك النخب بتحديد أوضاع الدُول والتحالفات التي شاركتْ في تلك الحروب أضافة الى تحديد النتائج السياسية والإقتصادية الناتجة مِن تلك الحروب، وهذا يعني أنّ تلك النخب السرية الذكية قامت بالسيطرة والتحَكم بحروب كانت ستنشأ في كل الأحوال ولكنْ تحت ظروف وأوقات ونتائج لا تَخضع لسيطرة ذكية سرية ومركزية، وهكذا يمكننا تصوّر عمَل هذه النخب حينما إبتكرت العقول البشرية النظرية الشيوعية أو أيّ نظرية إقتصادية أو سياسية أو فكرية أخرى، فهذه النخب الذكية قامت مثلاً بإدارة الصراع بين المعسكرين الشيوعي والرأسمالي في القرن العشرين وليكون كلا المعسكرين تحت سيطرتها الكاملة وبالشكل الذي أدّتْ به تلك السيطرة الى الوصول الى أفضل النتائج المطلوبة حسب تصوّر هذه النُخب، علماً أنّ ذلك الصراع بين المعسكرين كان سينشأ بكل الأحوال وسواءاً بوجود تلك النخب السرية الذكية أو بعدم وجودها ولكنه كان سينشأ دون سيطرة مركزية نوعية أو زمنية وربما لكان ذلك الصراع أحدَثَ نتائج سلبية على الوجود البشري حاضراً ومستقبلا حسْب تصوّر النخب الذكية أيضاً، وهكذا يمكننا أيضاً تصوّر عمَل هذه النخب الذكية على أصعدة عمَل جميع الأحزاب السياسية والقوى والموؤسسات الدينية في جميع مجتمعات الكرة الأرضية حيث كانت وما تزال هذه النخب السرية الذكية تُسيطر على تأسيس وعمل وإتجاه كل القوى والأحزاب والشخصيات السياسية أو الدينية في العالم دون أيّ إستثناء، فالكل هو تحت سيطرة وإدارة النخب السرية الذكية في العالم، ويمكن القول تشبيهاً بأن النخب الذكية السرية في العالم هي التي تَخْلق وتُوزّع وتُحرك كل القادة الدينيين والقادة السياسيين وكأنهم  أحجار لعبة شطرنج، فمثلاً قد يبدو للجميع في كل أنحاء العالم أنّ القائد السياسي أو الديني (س) هو ضد القائد السياسي أو الديني (ص) بينما أنّ حقيقة الأمر هي أنّ كلا القائديّن وكذا جميع القادة السياسيين ورجال الدين في العالم وبدون إستثناء أيّاً منهم كانوا وما يزالون، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يُنفذون ما تَطلبُه منهم النُخب الذكية السرية في العالم وهذا ما يدلّ على مدى القدرات المُعقّدة للنُخَب الذكية السرية التي تُدير كل تفاصيل النشاط البشري في كل المجالات السياسية والإقتصادية والدينية، وهنا نُعيد التذكير بإعتقادنا بأنّ أغلب القوى والأحزاب والقادة والشخصيات السياسية أو الدينية في العالم كانت لتنشأ في كل الأحوال وسواءاً أكانت النخب السرية الذكية موجودة أمْ لمْ تكن، لكنّ وجود النُخب السرية الذكية المُفْتَرضة أدّى ويؤدّي الى أنْ تكون تلك القوى والأحزاب والقادة والشخصيات السياسية أو الدينية تحت التحَكّم والسيْطرة المركزية الزمنية والنوعية عليها وبما يخدم خط التطوّر الإنساني نحو الأفضل بأقل الخسائر الممكنة بالأرواح أو الأموال أو الزمن حسب تصوّر تلك النُخب الذكية، وهذا يَدلّنُا بالنتيجة الى أنّ جميع السياسيين الدكتاتوريين وكذا جميع رجال الدين المتشددين والذين يُروّجون للأرهاب في العالم هُم دوماً تحت السيطرة الكاملة للنُخب السريّة الذكية بأساليب شتى والتي قد يكون أضعفِها إحتمالاً بالحدوث هو الصِلة أو الإرتباط المُباشر لبعض اولئك القادة بدائرة النُخَب السرية الذكية، بينما يعمل جميع بقية القادة المتشددين دينياً والقادة السياسيين الدكتاتوريين  بصورة غير مباشرة في خدمة النخب السرية الذكية في العالم ودون أنْ يعلموا ذلك بأنفسهم! وكل ذلك لا يعني إنّ الأفكار والأفعال الدينية الإرهابية في العالم ما كانت لِتحصَل لولا تخطيط النخب السرية الذكية بل العكس تماماً حيث أنّ تلك الأفكار والأفعال الدينية الإرهابية كانت لِتحصل في كل الأحوال ولكن بشكل مُدمِّر وغير خاضع للسيطرة حسْب إعتقاد النُخب!
أعتقد وكما يعتقد بذلك العديد مِن المثقفين في العالم أنّ أساليب وقدّرات وكفاءات وتأثيرات النخب الذكية السرية المُفترضة لإدارة كل الأنشطة البشرية المهمة في المجال السياسي والديني تتطوّر بشكل تصاعدي منذ أيام تأسيسها قبل ما يقارب الثلاثة قرون من الزمن ولغاية يومنا هذا.
النخب السرية الذكية المُفترضة والتي تُدير وتسيطر على كل النشاطات البشرية على سطح الأرض تتحكم بموضوع الموروث الديني بين شعوب الأرض بشكل كامل بحيث أنك لا تجد الآن منصباً سياسياً أو إقتصادياً أو دينياً مهماً واحد على سطح الأرض الا وهو يخضع بشكل إرادي أو بشكل غير إرادي الى تَحَكّم وسيطرة  النُخَب السرية الذكية التي تُدير كل أمور وجوانب السياسة والموروث الديني في العالم، وربما سيستمر هذا الوضع الى الموّعد الذي تُقرره هذه النُخب لكشف كل تفاصيل وأوراق لعبة السياسة والأديان والموروث الديني.
في صعيد متصل، فأنّ أغلب مثقفي العالم يدركون جيداً أنّ عدم صحة الأديان لا يعني بالضرورة الإقرار بعدم وجود خالق للكون مثلما لا تُحَتِّم رغبة الإنسان في تمنّي وجود (الله) وُجوب تصديق مَنْ إدّعوا قبل آلاف السنين بأنهم يُمثلون الله وأحكامه وتشريعاته.
نُشير أيضاً الى أنّ أغلب مثقفي العالم يُدركون جيداً أنّ إنتقاداتهم لمهنة (رجل الدين) هي ليست إنتقادات لِشخص مَنْ يعمل في هذه المهنة، ففي كل الأحوال يُدرك اولئك المثقفون أنّ الذي يعمل في مهنة (الدين) هو الإنسان له ظروفه وربما قناعاته التي جعلته يعمل في هذه المهنة، وأنّ كل إنسان مُعرّض للخطأ والصواب عند عمله في أيّ مهنة كانت، لذا فأن أغلب مثقفي العالم لا يُعادون رجل الدين الذي يُمارس مهنته الإنسانية والروحانية في منْح الكثيرين مِمّن يلجأون اليه أملا نفسياً مُريحاً بوجود (الله) ووجود حياة أخرى بعد الموت، الا أنّ مُثقفي العالم ينتقدون (مهنة الدين) التي تُمارس جريمة خلْق التمييز والكراهية بين بشر الأرض وفرْض الأحكام الدينية المُتوارثة منذ آلاف السنين عليهم. 
أغلب مثقفي العالم يدركون جيداً أنّ الشعوب المتخلفة حضارياً ولاسيما شعوب الشرق الأوسط ما تزال لغاية يومنا هذا تدفع ثمناً باهضاً نتيجةً لإستمرار قيامها بمحاصرة حقوق الإنسان البسيط فيها تطبيقاً لثقافة وأحكام دينية موروثة، في حين أنّ الله خلقَ الإنسان ليعيش حُراً ودون أنْ يتجاوز على الحرية المماثلة للآخرين.
يتبع ..
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً



3
تكنولوجيا سِريّة جداً  -22-
[/color][/color]

أعتقدُ أن أغلب مُثقفي العالم سيشاركوني الرأي في أنّ الإنسان لجأ الى أبتكار وسيلة الدِين قبل ما يُقارب الخمسة آلاف سنة نظراً لأنّ الدين كان الوسيلة الوحيدة التي كان مِن المُمكن إبتكارها في ذلك الزَمن لإدارة علاقات ومشاكل أفراد المجتمعات البشرية البدائية بعد ظهور عُنصر (المال) فيها وفي وقت كانت تخلو فيه تلك المجتعات البدائية مِن أيّ شكل مِن أشكال الإدارة والسياسة والقانون، حيث ما كان أمام النشطاء البدائيين مِن البشر حينها قدرة على إبتكار وسيلة للتحكم بمجتمعهم وإدارته سوى إستغلال واقع الرغبة الفِطرية للعقل البشري لوجود (الله) كقوة مُفترضة خفيّة عظيمة خالقة للإنسان، وهنا قام النشطاء البدائيون بِفرض سيطرتهم كـ (سياسيين) على مجتمعاتهم مُدّعين أنهم يطبقون أوامر (الله) بمجموعة قوانين وأحكام دينية كان العقل البشري لاولئك المفكرين حينها قادراً للوصول اليها، وقد إستفاد اولئك النُشطاء السياسيون البدائيون مِن إبتكارهم لوسيلة (الدين) مِن الإمتيازات التي مَنحوها لأنفسهم ضِمن قوانينهم المُشرّعة بتوكيل مِن (الله) حسْب زعمهم، الا أنه ورغم كل ذلك فأنّ اولئك المُفكرين أو النشطاء البدائيين يُحْسب لهم أنهم كانوا أصحاب الفضْل في نشوء أول الأنظمة السياسية والإدارية والقانونية والدستورية في التاريخ البشري والتي نشأتْ جميعها بصفة الـ (دين) وأحكامه، وهكذا توالت الأديان بظهورها في المجتمعات البشرية القديمة تباعاً وحسب التنافس الذي كان يحصل بين فترة وأخرى بين المفكرين البدائيين الذين كانوا يطمعون في إمتيازات السلطة في إدارة مجتمعاتهم، حيث كانوا يَسنّون تشريعات وقوانين جديدة يَنسبونها الى (الله) في حين كان دافعهم الأساسي هو الإستفادة مِن إمتيازات تَرَأسُهم لمجتمعاتهم بشكلِ وغطاءِ الـ (دين)، وتطوّرَ الأمْر بعْد قرون عديدة مِن مستوى أعلان أديانٍ جديدة الى مرحلة التنافس والصراعات على إمتيازاتِ ومغرياتِ السلطة بين أفراد العوائل الثريّة التابعة للدين الواحد وبعدها تطوّر الأمر الى مرحلة ظهور الجماعات أو الأحزاب التي شكلتها العوائل المتصارعة على السلطة في كل مجتمع، الى أنْ تطوّر الأمر مُؤخرا الى مرحلة النُظم الإنتخابية الديموقراطية في زمننا الحالي في حين ما تزال مجتمعات شرقية عديدة ولاسيما في مناطق الشرق الأوسط تعيش مرحلة سيطرة الدينيين أو العوائل المالكة رغم إدّعائهم تطبيق الحرية والديموقراطية.
ما يهمنا تكرار الإشارة اليه مراراً في مقالنا التخصصي هذا، هو أن جميع الأديان أبتدأت ولادتها ونشاطها في أزمنة قديمة كانت تفتقر فيه المجتمعات البشرية لأي شكل مِن أشكال التنظيم والإدارة والقانون، وأن جميع الأديان والمَذاهب والتفرعات الدينية في العالم أنما وُجِدَت لإدارة المجتمعات البدائية المتخلفة علمياً وحضارياً وانّ أهم سببٍ دَفَعَ موؤسسي تلك الأديان والمذاهب الدينية الى إعلان أديانهم أو مذاهبهم الدينية هو الرغبة في الإستفادة مِن مزايا وأمتيازات السلطة الدينية، كما أن العدد الذي لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة مِن موؤسسي الأديان مِمن لم يَعملوا على الحصول على سلطة أو مال أو متعة حسْب ما تدّعى الكتُب الدينية فأن الكهنة المُرتبطين حينها بشكل مباشر باولئك الموؤسسين هم مَنْ إستفادوا مِن مزايا السلطة الدينية أو القوة الدينية وكأنّ الأمر أصبح سيّان، وهذا ما يجعلنا ندرك أنّ عوامل السلطة والمال والمتعة كانت وما تزال غالباً هي الحجر الأساس والمهم في أيّ وجودٍ لمهنة (رجل دين) في التاريخ البشري رغم أنّ جميع الأديان والمذاهب والتفرعات الدينية تَصبغ نفسها بأشكال مختلفة من الطقوس لتُميّز نفسها عن غيرها ولتبرر وجودها كـ (دين) أو مَذهب ديني مُستقل أو جديد، في حين مازال أغلب أفراد مجتمعات الشرق الأوسط ولغاية يومنا هذا يعتقدون وبشكل لا يقبل الشك مطلقاً بأنّ إنتماءهم الديني الموروث لا إرادياً هو إنتماء للديانة أو المذهب الديني الصحيح والوحيد، ولو كان نفس هؤلاء الأفراد وُلِدوا مِن أبوين لهم ديانة أو مذهب ديني آخر لكان نفس هؤلاء الأفراد يظنون وبلا شك أيضاً بأنهم ورِثوا الدين أو المذهب الديني الوحيد الصحيح وربما كانوا سيُبدون إستغرابهم مِن عدم قيام الآخرين مِن ذوي الديانات والمذاهب الأخرى بتغيير ديانتهم أو مذاهبهم الى الديانة أو المذهب الوحيد الصحيح الذي ولِدوا هُم عليه.
أغلب مثقفي العالم باتوا يدركون ومنذ أكثر مِن عشرات العقود أنّ وقت قيام الأديان بفرض أحكامها على أفراد المجتمع يجب أنْ ينتهي، حيث تمكن العقل البشري ومنذ قرون عديدة من إبتكار أنظمة وقوانين حديثة وقابلة دوماً للتطوير بهدف أدارة العلاقات الإقتصادية والحقوقية بين البشر دون التمييز بينهم بسبب الإنتماء الفكري والديني والمذهبي.
أغلب المثقفين في العالم يدركون أنّ الإنسان حر في إختياره العمَل في مهنة (الدين) بأعتبار إنّ هذه المِهنة هي مهنة روحانية مَشروعة قد تُساعد الكثير مِمّن يلجأون اليها في بلوغ حالة مِن الراحة أو الإستقرار النفسي، الا أنّ كل مثقفي العالم يَرون في نفس الوقت أنّ مهنة (الدين) يجب أنْ لا تعمل على فرْض الأحكام والشرائع الدينية على الناس لاسيما أنّ نسبة كبيرة جداً مِن بشر الأرض باتوا يدركون حالياً أنّ كل الأحكام والشرائع الدينية أنما هي مِن إبتكار العقل البشري الشرقي قبل آلاف السنين رغم أنّ عشرات وربما مئات الأديان والمذاهب الدينية في العالم ما تزال تدّعى أنّ شريعتها وأحكامها إنما هي شريعة وأحكام الله، مثلما تدّعي كلٌ مِنْ هذه الأديان والمذاهب أنها الوحيدة الصحيحة بين مثيلاتها، مُنوهين الى أنّ كل ديانات العالم مُنقسمة على نفسها الى عدّة مذاهب وعدة فروع وأنّ كل تلك المذاهب والفروع تدّعي أنها هي الوحيدة الصحيحة، كما نشير الى أنّ ظهور أديان جديدة كان توقَف في مجتمعات الشرق حالَ تمكن العقل البشري مِنْ إدارة نفسه بقوانين وشرائع أكثر تطوراً مِن الأحكام والشرائع الدينية، وقد ساعدتْ أوضاع زيادة الوعي الفكري والعلمي بين البشر في الحد مِن توالي ظهور أديان جديدة ناهيك عن أنّ بعض الأديان حتّمتْ على تابعيها قتْل كل مَنْ يُريد تأسيس دين جديد مُعتبرة نفسها آخر الأديان التي أرسلها الله الى البشر، لكنّ إستمرار الصراعات بين رجال الدين داخل كل ديانة بسبب التنافس على إقتسام مغانم السلطة الدينية أدّى منطقياً الى أستمرار ظهور الأنشقاقات والمذاهب الدينية المتعددة داخل كل ديانة ولغاية أيامنا الحاضرة والى حدٍ قد تكون فيه تلك المذاهب وكأنها ديانات جديدة فعلاً، وكل هذا حصل ويحصل في مجتمعات العالم في حينٍ يرى أغلب مُثقفي العالم ما يلي:
(في الوقت الذي أستطاعت فيه معظم المجتمعات الغربية المتحضرة وقبل عقود عديدة مِن عبور مرحلة الأديان التي تتدخل في شوؤن إدارة المجتمع وحقوق الإنسان فيها ولتصبح قضية (الدين) هي مجرد إعتقاد شخصي بَحْتْ، فأنّ نسبة كبيرة مِن أفراد مجتمعات الشرق الأوسط ما تزال تفْتقد أبسط حقوقها الإنسانية في ظِل إنغلاق تلك المجتمعات على نفسها وعلى الماضي المُتمثل بالثقافة الدينية والمذهبية الموروثة إجتماعياً مِن جيل الى آخر حيث يَعمل رجال الدين في هذه المجتمعات على التمسك بقوة بالموروث الديني وأحكامه حرصاً منهم على بقاء تمتعهم بالمصالح والإمتيازات التي تناقلت لهم مِن الموؤسسين الدينيين والقادة المذهبيين القدامى الذين إدّعوا قبل آلاف السنين أنهم يُمَثلون الله وأحكامه المُرسلة اليهُم سِرّاً بينما كان ما حصل فعلاً هو حصول اولئك الموؤسسين الدينيين والقادة المذهبيين على إمتيازات السلطة والجاه والمال والمتعة على حساب تقييد وإنتقاص حرية وحقوق أفراد مجتمعاتهم البدائية).     
على صعيد آخر، تمكن العقل البشري الغربي خلال الثلاثة قرون الماضية مِن الزمن مِن تحقيق قفزات علمية وحضارية غير مسبوقة بمدى نوعيتها وأهميتها وسرعة حصولها، وما تزال هذه القفزات العلمية والحضارية تُحقق مساراً تصاعدياً في كل يوم يمر مِن حياة البشر الغربي حالياً، حيث التطوّر الهائل في مجالات علوم الفيزياء والكيمياء والرياضيات والهندسة ووسائل الإتصالات والفضاء والطب والإعلام والفنون وعموم التكنولوجيا وكذا مجالات علوم القانون والإقتصاد والإجتماع وجميع المجالات الأخرى المرتبطة بحياة الإنسان، كما نالت علوم (السياسة) نصيبها المماثل مِن قفزات التطوّر المتميزة بنوعيتها وأهميتها وسرعة حصولها أيضاً.
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الاول من مقال ( تكنولوجيا سِريّة جداً ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترمُ جداً هذا الدِين ) والمنشور عام 2021  بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم .

نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً


4
الأديان في أحاديث سرية -21-
[/size][/b][/color]
أدناه الجزء الثالث من مقال ( الأديان في أحاديث سرية) من كتابي الموسوم بـ ( أحترم جداً هذا الدين ) والمنشور في اسواق الكتب بأكثر من تسع لغات واسعة التداول في العالم.
الأول:
لكن رجال الأديان يحاولون دائماً التعتيم على هذه الإختلافات المهمة ولاسيما عند التحدث مع أفراد المجاميع البشرية التي توارثت تلك الأديان أو المذاهب الدينية إجتماعياً، حيث يكتفي رجال الأديان غالباً بالحديث عن الصفات الحسنة العامة في الدين أمام عموم المجاميع المحسوبة عليهم وكأن ذلك هو كل الموضوع!
الثاني:
أرى أنه آن الأوان لكل رجال الأديان والمذاهب الدينية في العالم لإنتهاز الفرصة والتفرغ كلياً للجانب الروحي الأساسي المُفترض في جميع الأديان والمتمثل بأعطاء الأمل لكل بشر الأرض بوجود الله الذي سيُعيد لهم حياتهم الأبدية بعد الموت، إضافة الى قيام رجال الأديان بدعوة كل بشر الأرض لتقبل الآخر والعمل بجهود متكاتفة من أجل المساواة والسلام والعمل لما فيه خير وسعادة الجميع، وهذا ما يقوم به فعلاً العدد القليل المتبقي من رجال الأديان والمذاهب الدينية في المجتعات المتحضرة.
الأول:
نعم، الأنسان بدأ يدرك تماماً أنّ ولادة الأديان والمذاهب والفروع الدينية كان نتيجة حاجة المجتمعات البدائية قبل آلاف السنين لشكل من أشكال تنظيم علاقات المجتمع في وقت كانت تخلو فيه تلك المجتمعات من أي تنظيم إداري أو قانوني أو سياسي، بينما تمكن العقل البشري بمرور الزمن مِن أنْ يضع لنفسه الأحكام والقوانين التي تُناسب أشاعة أقصى حد ممكن مِن العدل بين أفراد المجتمع وما تزال تلك الأحكام والقوانين تتطور وفقاً لمتغيرات الظروف المادية والإقتصادية والتطور العلمي.
الثاني:
كلام صحيح جداً، ولذا فأننا نشاهد أنّ التدهور في الأوضاع الإقتصادية وأوضاع حقوق الإنسان يستمر ويزداد في المجتمعات الشرقية ولاسيما مجتمعات الشرق الأوسط التي ما تزال تحت تأثير الأحكام الدينية والمذهبية المورثة، وتزداد حدّة هذا التدهور في الأوضاع الإقتصادية وأوضاع حقوق الإنسان كلما كانت تلك المجتمعات تتوارث أدياناً ذات أحكام وتفاصيل دينية مُعمّقة في حياة أفرادها، وتميل الأمور الى الإنفراج كلما عملت تلك المجتمعات على تحكيم العقل في صياغة الأحكام التي تنظم العلاقات بين أفرادها بعيداً عن أحكام الموروث الديني الذي ربما كان مناسباً لمجتمعات بدائية قبل آلاف السنين.
الأول:
ما يزال رجال الأديان والمذاهب الدينية في المجتمعات المتخلفة إقتصادياً وحضارياً يخدعون الناس وذلك بالأشارة الى جُمَلٍ دينية تدعو الى الرحمة والرفق بالوالدين وكبار السن والمحتاجين وذلك بهدف إثبات صحة ديانتهم ومذاهبهم الدينية وكأن الإنسان لا يعرف ذلك لولا تلك الجمل الدينية، كما يتناسى رجال الأديان أنّ وجود أو عدم وجود تلك الجمل والأحكام الدينية لا يمنع الإنسان من عدم الإلتزام بأحكامها وأنما وجود قوانين وأنظمة حكومية لرعاية المعوّقين أو كبار السن وتأمين السكن والمعيشة الكريمة لهم هو الشيء الأساسي والذي لابد منه.
الثاني:
نعم، يستند رجال الأديان والمذاهب الدينية على أسس تفيد بأن (خوف) الإنسان من عقاب (الله) هو الذي سيجبر الإنسان على إحترام ورعاية والديه مثلاً، مثلما أنّ ذلك الخوف من عقاب الله هو الذي سيُجبر الإنسان على الصدق أو عدم الإعتداء على حقوق الآخرين!
الأول:
توجيه أو تربية الإنسان للتصرف بشكل إنساني وبصفات وأخلاق حسنة يجب أنْ يكون بوسيلة إقناعه بها وليس بوسيلة إخافته وتهديده، فوسيلة التخويف والتهديد قد تصلح أحياناً لإستخدامها مع بعض الحيوانات (وليس كلها) التي نفتقد للغة التفاهم معها.
جميع الكائنات الحية وفي مقدمتهم الإنسان يبحثون عن مصالحهم الذاتية أولاً، وبأمكاننا الإستفادة من هذه الميزة وإقناع الإنسان بأن مصالحه الذاتية تكمن في أنه يحتاج أنْ يعامله الآخرون بصدق ونزاهة وعطف وتسامح ورحمة وأنْ لا يعتدوا عليه وعلى حقوقه في حرية الفكر والتعبير وحريته في حياته الجنسية الخاصة، وأنْ يساعدوه وقت كِبَره أو مرضه أو فقره أو ضعفه، وهكذا سيدرك الأنسان أنّ كل مصالحه الذاتية هذه لنْ تتحقق ما لمْ يقوم هو بمعاملة الآخرين بمثل ما يريد هو أنْ يعاملوه.
الثاني:
كلامك حكيم جداً، وأضيف القول إنه من الطبيعي تَوَقُع أنْ لا يدرك جميع الناس هذا الطريق الصحيح لتحقيق مصالحهم الذاتية، فقد يقوم البعض من الناس بالتخلي عن الأخلاق الحسنة والتجاوز على حقوق الآخرين ظناً منهم أنهم يفيدون مصلحتهم الذاتية دون أنْ يهتموا بالأضرار التي تلحق بالطرف الأخر ممن قاموا بالتجاوز على حقوقه، وأمثال هؤلاء مِن المعتدين يتم إيقاف تجاوزهم عن طريق موؤسسات القضاء ووفقاً لقوانين يتم وضعها من قبل مختصين بشوؤن العدل.
الذين يتجاوزون على حقوق غيرهم لا يتوقفون عن ممارساتهم بمجرد أنْ يقول لهم رجل الدين بأنّ الله سوف يعاقبهم بعد الموت بسبب تجاوزهم على الآخرين!
الأول:
هذا صحيح، ولهذا نرى أنّ أغلب المجتمعات التي تتميّز بكثرة وجود رجال الدين فيها هي أكثر المجتمعات التي تتميّز بكثرة وجود مَنْ يتجاوزون على حقوق الآخرين فيها، مثلما تكون مثل هذه المجتمعات مِنْ أكثر المجتمعات إنتهاكاً لحقوق الإنسان فيها.
الثاني:
فعلا، الخوف مِن عقاب الله دينياً لا يَمنع مَنْ يريد التجاوز على حقوق الآخرين لاسيما أنّ هناك الكثير من التأويلات التي يستفاد منها الدينيون لكي يقنعوا أنفسهم بأنهم لم ينتقصوا مِن حقوق الآخرين!
الأول:
ما يحصل غالباً لاسيما في بعض المجتمعات الشرقية ذات الموروث الديني المؤثر فيها هو أنّ الإنسان المستقيم أو ذو الأخلاق الحسنة والذي يُعامل الآخرين بمثل ما يتمنى أنْ يعاملوه يعتقد نفسياً أنّ ذلك هو العدْل الذي يُرضي الله، كما أنه يتصور إنه يتصرف بهكذا أخلاق حسنة خوفاً من الله، ولا يدري أنّ الذي جعله يتصرف بتلك الأخلاق الحسنة مع الآخرين هو مجموعة عوامل متداخلة ومتفاعلة مع بعضها البعض إبتداءاً من نوع ومدى قدرة جيناته الوراثية للتفاعل مع الظروف المحيطة به ومروراً بقدراته الذهنية والعقلية وكذا مروراً  بالظروف المالية والإقتصادية والثقافية التي يمر بها وإنتهاءاً بأخلاق وسلوك عائلته والأشخاص المحيطين به والمؤثرين فيه.
عموم أفراد المجتمعات الشرقية ذات الموروث الديني يُطلِقون إجتماعياً وصف (إنسان يخاف الله) على مَنْ يرون فيه صفات العدل وحسن الأخلاق، ولعل المستفيد الوحيد مِن إستخدام المجتمع الشرقي لهذا الوصف هم رجال الدين والمذاهب الدينية حيث يستغلونه للترويج بأن مَنْ يتبع دينهم أو مذهبهم الديني هو فقط الذي سيتصرف بالأخلاق الحسنة وأن الإنسان الذي ورث ديانة أخرى أو مذهب ديني آخر سوف لا يكون قادراً على التصرف بأخلاق حسنة ترضي الله، كما أنّ رجال الدين هؤلاء يستفادون من هذا الوصف الإجتماعي للإنسان ذو الأخلاق الحسنة للترويج بأن الإنسان لا يمكنه إدراك وجود خالق (الله) الا بعد قيام ذلك الإنسان بتصديق فكرة (الدين)، ويتناسى رجال الدين دوماً حقيقة أنّ تصرف الإنسان بالأخلاق الحسنة لا تحدّه أبداً مسألة إنتمائه أو عدم إنتمائه لدين ما مثلما لا تحدّه التهديدات الدينية التي يتبناها رجال الدين! 
الثاني:
في أغلب المجتمعات الغربية المتحضرة يتم وصف الإنسان الذي يعامل الآخرين بمثل ما يتمنى أن يعاملوه بأنه (إنسان شريف) بدلاً ومن وصفه بـ (إنسان يخاف الله)، فـ (شرف) الإنسان وفق المجتمعات التي تحررتْ من قيود رجال الدين هو في مدى صدقه ونزاهته وعمله وفي مدى تسامحه ومساعدته لكل أنسان كبير أو ضعيف أو مريض أباً كان أمْ إنساناً غريباً أو حتى لو كان حيواناً، ناهيك عن إتصاف (الإنسان الشريف) بصفة عدم التمييز أو الإنتقاص مِن أيّ الإنسان بسبب نوع إنتماءه الديني أو المذهبي أو إيمانه بالله أو عدم إيمانه بالله بأعتبار أنّ الإعتقاد الديني أمر شخصي تماماً ولا يحق لأحد التدخل فيه.
الأول:
في مجتمعات الشرق ذات الموروث الديني غالباً ما يتم ربط صفة (شرف الإنسان) بنشاط أعضائه الجنسية، حيث يحرص رجال الدين في هذه المجتمعات على بسط سلطتهم على النشاط الجنسي للإنسان، فهم لا يسمحون بأيّ شكل مِن أشكال النشاط الجنسي الخاص بالإنسان لو لمْ يتم بعد موافقتهم ومباركتهم.
رجال الدين يعتبرون أنفسهم وكلاء الله في الأرض، وأنّ الله كلّفهم بتحديد النشاط الجنسي للإنسان وفق أحكامهم وتفسيراتهم الدينية أو المذهبية! 
الثاني:
أرى أنّ الإنسان الذي يحرص بكل طاقته على أن يعامل الآخرين تماماً بمثل ما يتمنى هو أن يعاملوه سوف ينال رضى (الله) حتى لو كان ذلك الإنسان غير مُنتمٍ الى دين ما، بل حتى لو لم يكن يؤمن بوجود (الله) أصلاً.
الأول:
عين العقل!
لكن أغلب رجال الدين يحرصون على تصوير (الله) بصورة الدكتاتور الذي ينتقم ولا يسامح أي إنسان لا يعترف به قائداً وبغض النظر عن أعمال ذلك الإنسان، تماماً كالدكتاتور الذي لا يتردد في تعذيب وقتل أيّ عالم أو مفكر لا يعترف بسلطته أو لا يطيعه طاعة عمياء، حتى أنّ الكثير مِن مثقفي العالم يعتقدون بأن النظام السياسي الدكتاتوري والنظام السياسي الديني هما وجهان لعملة واحدة.
الثاني:
هكذا كان مستوى تفكير الإنسان قبل ما يقارب الخمسة آلاف عام حينما إبتكر وسيلة الأديان لغرض قيام رجال الدين وبتوكيل مزعوم من (الله) بإدارة المجتعات البشرية البدائية الخالية حينها من شكل من أشكال الإدارة والقانون لتنظيم العلاقات الإقتصادية والإجتماعية في تلك المجتمعات.
إبتكار الإنسان لوسيلة الأديان لأدارة مجتمعات بشرية بدائية قبل ما يقارب الخمسة الاف عاماً بقدر ما يُحسب له كونه أول نظام إداري وقانوني وموؤسساتي في التاريخ البشري الا أنّ السلبيات الناتجة من توالي تعدد ظهور الأديان كمهنة مربحة من ناحية السلطة والمال والمتعة جعل ذلك الإبتكار علامة سوداء في التاريخ البشري لِكُثر المآسي التي خلقتها الأديان في المجتمعات البشرية، تلك المآسي التي ما تزال لغاية يومنا هذا تجتاح أحوال وحقوق أفراد مُعْظم مجتمعات الشرق الأوسط.
الأول:
 تماماً، يظن الكثير مِن المثقفين بأنّ الإنسان البدائي لو لمْ يبتكر الأديان لكان بالإمكان ظهور الكثير من البدائل لوصول ذلك الإنسان الى الطريق الذي يُنشأ فيه وسائلاً لأدارة وتنظيم العلاقات الإقتصادية والإجتماعية بدلاً من وسيلة الإدعاء بإمتلاك توكيل من الله لإقامة تلك الإدارة والأحكام!
الحديث السِرّي الخافت أستمرَّ بين الصحفييّن الا أنني أضطررتُ لترك الإستماع اليهما بعد أنْ إستلمت مكالمة هاتفية مِن أحد الأصدقاء يطلب مني الحضور اليه لمساعدته بسبب ظرف طاريء.
في الطريق الى صديقي، كان حديث الزميليّن الصحفييّن يُعيد نفسه في مخيلتي باحثاً عن آرائي ومواقفي، الا أني خيالي كان منحازاً لضرورة وصول العقل البشري الى إبتكار جديد ليكون بديلاً من وسيلة العملة النقدية (المال) التي إبتكرها الإنسان منذ ما يقارب الخمسة الاف عاماً لإدارة الحياة الإقتصادية بين البشر.
رغم فوائد وسيلة (المال) فأنها كانت هي السبب المباشر لظهور الغني والفقير والمالك والعبْد إضافة الى مشاكل الإرث وغيرها مِن السلبيات التي حتمتْ ولادة الأديان التي وُجِدَتْ أساساً لغرض تنظيم العلاقات المالية والأجتماعية بين أفراد المجتمعات التي إبتدأت بأستخدام العملة المالية.
قد تكون فكرة تنظيم المجتمع وإدارته دون وجودٍ للمال تبدو حالياً ضرباً من ضروب الخيال، لكنْ مَنْ يدري فقد تكون غداً واقعاً تتوصل اليه طفْرة وراثية تَحدثُ في قدرات العقل البشري!
مُجرّد التفكير بالحاجة المُلِحة لإبتكارٍ جديدٍ قد يعني أحياناً قُرب الوصول اليه..
يتبع ..
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً

[/size][/size]

5
[c
olor=red]الأديان في أحاديث سريّة  -20-[/color]
أدناه الجزء الثاني من مقال ( الأديان في أحاديث سريّة ) من كتابي ( أحترم جداً هذا الدين ) والمنشور في اسواق الكتب بأكثر من تسع لغات الأوسع تداولا على مستوى العالم :
الثاني:
كل شيء ممكن، لكن هذا لا يعني عدم وجود رجال دين يمتلكون فعلاً المواصفات المطلوبة في مهنتهم من نزاهة وزهد عن السلطة والمال ومغريات الحياة، رغم أني أعتقد أن نسبتهم قد تكون ضئيلة جداً وتكاد تقرب من الصفر بين عموم أعداد رجال الأديان في العالم، ومثل هؤلاء القلة مِن رجال الأديان أتوقع أنْ يكونوا ذوي أفقٍ كبير من الثقافة والى الدرجة التي تجعلهم يتعايشون بسلام مع كل رجال الأديان والمذاهب الدينية وغير الدينية الأخرى، حيث أتوقع أنهم يستوعبون حقيقة أنّ مُهمتهم بعيدة جداً عن محاربة بقيّة الأفكار والأديان والمذاهب، بل العمل معها بالتوازي ودون فرضٍ للآراء والمعتقدات والأحكام الدينية على الآخرين، حيث تنحصر مهمة أمثال هؤلاء مِن رجال الدين المِثاليين في منْح إنسان الذي يلجأ اليهم ومهما كان إنتماءه الفكري أو الديني أو المذهبي أملاً مُنعِشاً بوجود حياة أخرى بعد الموت، مثلما تتجه مهمتهم أيضاً الى تحفيز كل إنسان لمعاملة الآخرين ومهما إختلفوا عنه بنفس الأخلاق الحسنة التي يتمنى هو أن يُعاملوه بها.
أتوقع انّ هذه القلة المِثالية مِن رجال الأديان تدرك جيداً إنّ مهنتهم الروحانية هي أحد السبل النفسية المهمة لإشاعة ثقافة السلام والمساواة والمحبة بين البشر، مثلما هي أحد السبل النفسية المهمة لإبعاد الحزن والكآبة عن الإنسان وهو يواجه مصيره المجهول في حتمية مرضه وموته، أو حتمية مرض أو موت أحد أعزائه أو أحبته.
الأول:
كلامك منطقي ولا خلاف عليه، ولكني أود الإشارة الى أني أجريّت دراسة ميدانية دقيقة وموسّعة كلفتْني كثيراً مثلما أستغرقت مني وقتاً طويلاً وجهداً مُتعِباً عن نماذج عديدة من رجال دين من مختلف الأديان وفي عدة مدن وأرياف في عدة دول من دول الشرق الأوسط المختلفة، وتوصلت الى نتائج تُفيد أنّ ما أدّى ويؤدي بالغالبية العظمى من رجال الدين (إنْ لمْ يكن جميعهم) لإختيار العمل بمهنتهم هذه هو واحد أو أكثر من الأسباب التالية، رغم ما يدّعونه أو يتظاهرون به من أسباب أخرى ككثرة الإيمان بالله أو عُمْق قناعتهم الفكرية والعلمية بالعقيدة الدينية أو المذهب الديني الموروث إجتماعياً:
أ‌.   الرغبة في تقليد (المِهنة المُربِحة) لأحد الأقارب أو المعارف أو الشخصيات العامة مِن الذين حصِلوا على مكاسب مادية أو إجتماعية مُغرية ومُبهرة جداً بسبب العمل في (مهنة الدين).
ب‌.   التخلف العلمي والحضاري في المجتمع وقلة فُرص العمل فيه بالمجالات الأخرى غير المجال الديني، مما يجعل البعض يتجهه لدراسة (الدين) أملاً في الحصول على مهنة دينية ذات فرصة عمل مُؤكدة في مجتمعات غير متحضرة تعاني دائماً من قلة فرص العمل في المجالات الغير دينية.
ت‌.   التخلص من الخدمة العسكرية ومخاطرها ولاسيما أوقات الحروب في بعض المجتمعات، حيث غالباً ما يُعفى رجل الدين من أداء الخدمة العسكرية، لذا فأن الكثير من الشباب يضطرون لإمتهان مهنة دينية تَخلصاً مِن التحاقهم كمقاتلين في الجيوش.
وهكذا فأننا نرى أنّ أعداد رجال الدين تزداد بوجود الحروب وبأزدياد سوء الإدارة وغياب العدل والمساواة في أي مجتمع، بينما ينفر أغلب أفراد المجتمع من مهنة رجل الدين وتقل أعداد رجال الدين بشكل حاد وواضح جداً حال أنْ يُدار ذلك المجتمع إدارة سياسية وقانونية وإقتصادية تُؤمِن المساواة والحياة الحرة الكريمة للجميع وهذا ما هو حاصل الآن فعلاً في المجتمعات الغربية المتحضرة حيث يقل وبشكل حاد إقبال الأفراد فيها على إمتهان مهنة رجل دين، مثلما باتت أيام الأعياد والمناسبات الدينية في أغلب المجتمعات الغربية مُجرد أيامِ عطلٍ تتم فيها اللقاءات الإجتماعية بحثاً عن الراحة والفرح بعيداً عن إستذكار التفاصيل الدينية لتلك الأعياد والمناسبات الدينية.
الثاني:
نتائج دراستك مُتوقعة وهي منطقية جداً، وبأمكان ملاحظة صحتها من خلال كثرة رجال الأديان والمذاهب الدينية حسراً في المجتمعات المتخلفة والتي تعاني من سوء الحالة المعيشية والحقوقية لأفرادها، فهذه المجتمعات وبحكم نتائج دراستك هي بيئة خصبة لتكاثر رجال الدين والمذاهب الدينية.
الأول:
تماماً، ولذا فأن أغلب رجال الدين والمذاهب الدينية في معظم مجتمعات الشرق الأوسط وعكس ما تُعلِنه تماماً تُحارِب التحضر وتطبيق النظُم والقوانين الإقتصادية والإدارية الحديثة مثلما تَرفض حقوق الإنسان في التفكير والتعبير، لأن التحضر وتَحسّن الحالة الإقتصادية في المجتمع سيؤدي الى قلة أعداد الأفراد الضعفاء الذين يتوجهون الى رجُل الدين والى (الغَيْب) ليُنقذهم مِن مآسيهم وسوء حالتهم المادية والصحية والحقوقية، مشيرين الى أنّ تمتع الإنسان بحقوقه المشروعة في حرية التفكير والتعبير سيلحق ضرراً بالإمتيازات والسلطة الدينية التي غالباً ما تكون دكتاتورية التوجُّه.   
الثاني:
أرى أنّ النظام الديني كان أول نظام سياسي وإداري وقانوني إبتكرته المجتمعات البشرية البدائية قبل ما يقارب الخمسة آلاف عاماً وأن دماغ الإنسان تمكن بعدها من إبتكار أنظمة سياسية وإدارية وقانونية جديدة متناسبة مع التطوّر العلمي والثقافي للإنسان إضافة الى التطوّر في فِهْم المَدَيات الحديثة الواسعة لحقوق الإنسان.
الأول:
تماماً، ولذا وبعد أن تمكن العقل البشري من الوصول الى الأنظمة السياسية والإدارية والقانونية الحديثة فأن الأنظمة والأحكام الدينية لمْ تَعُد مُناسبة مطلقاً لأدارة شوؤن المجتمعات، فهناك الكثير من المفاهيم والأحكام الدينية التي تنتهك حقوق الإنسان وفقاً للفهم الحديث لحقوق الإنسان.
أرى أنّ رجال الأديان أو المذاهب الدينية في زمننا هذا وبدلاً من تمسكهم بفرض الأحكام الدينية على الآخرين، عليهم التفرغ كلياً للجانب الروحاني من مهنتهم والمتمثل بأعطاء الإنسان الذي يلجأ اليهم راحة نفسية أساسها الأمل بحتمية وجود (الله) الخالق، وأن (الله) هو القادر على التحكُم بمجريات الأقدار أثناء حياة الإنسان على الأرض، مثلما هو القادر على منح الإنسان حياة أخرى في المصير المجهول بعد الموت.
الثاني:
اؤيدك تماماً، وأضيف القول أن رجال الأديان والمذاهب الدينية لمْ يَعُد مناسباً لهم أنْ يقوموا بتحشيد الناس ليقوم أحدهم بكره أو معاداة الآخرين لمجرد الإختلاف في الدين أو الطائفة الدينية الموروثة.
كل الأديان هدفها الرئيس منح الثقة للإنسان للمضي قدماً في أمل وجود (الله) الذي سيعيد للإنسان حياة أخرى بعد الموت، وأرى أنّه من حق كل رجال الدين أو المذاهب الدينية التفرغ كلياً للعمل لتحقيق هذا الهدف الوحيد دون أن يفرضوا ذلك أو أي أحكام دينية أخرى على الناس.
الأول:
كلام صحيح، لكن الواقع يشير غالباً الى وضع مغاير تماماً، فالكثير من رجال الدين، ولاسيما في مجتمعات الشرق الأوسط، ما يزالون يسعون الى الإنتقاص من الأديان والمذاهب الدينية الأخرى، وغالباً ما يؤدي هذا الى إشاعة الكراهية والعداوة بين أفراد المجتمع الواحد والتي قد تصل الى درجة الإقتتال الدموي بين أفراد المجتمع الواحد أو بين أفراد مجتمعات مختلفة.
الثاني:
أرى أنّ رجل الدين حينما يسلك طريق إثارة الكراهية والعداوة بين البشر يتحول بمهنته من مهنة روحانية إنسانية الى مهنة إجراميّة ذات أهداف ماديّة وأنْ لمْ يُكن يُعلِن صراحة عن تلك الأهداف.
الأول:
تماماً، إذا كانت الأديان والمذاهب الدينية تثير الكراهية والعداوة بين البشر فأن عدم وجودها هو أفضل بكثير مِن وجودها!
نعم، ولى الزمن الذي يستطيع فيه رجال الدين والمذاهب الدينية خداع الناس بأنه لولا وجود الأديان والمذاهب الدينية فأن الإنسان لا يستطيع الإقتناع بإحتمال وجود (الله) مثلاً، كما ولى الزمن الذي يستطيع فيه رجال الأديان والمذاهب الدينية خداع الناس بأن الإنسان ما كان له أنْ يعرف الصدق والسلام والمحبة والرحمة ومساعدة الآخرين والتعامل برقة مع الوالدين لولا وجود الأديان والمذاهب الدينية، مثلما ولى الزمن الذي يستطيع فيه رجال الأديان والمذاهب الدينية من خداع الناس بأن الأحكام والشريعة الدينية هي أفضل سبل لإدارة المجتمعات، ناهيك عن الإختلافات والتناقضات الواسعة والتي لا بداية ولا نهاية لها بين رجال الأديان والمذاهب الدينية حول تلك الأحكام والشرائع الدينية والمذهبية!
الثاني:
قبل أيام عديدة إطلعْتُ على تفاصيل محادثة خطيّة جرت في وسائل التواصل الإجتماعي بين مجموعة من الشرقيين العرب وهم يتناقشون حول مُطالبة أحدهم بضرورة قيام كل إنسان بإستخدام عقله حين التعامل مع تفاصيل الدين أو المذهب الديني الموروث، حيث أعترض شخص آخر على ذلك مطالباً بضرورة اللجوء دائماً الى رجال الدين دائماً لمعرفة التفاصيل الصحيحة المتعلقة بالدين بأعتبار أنّ رجال الدين هم أهل إختصاص، تماماً مثلما يلجأ الإنسان الى الطبيب مثلا حينما يريد أنْ يحصل على إستشارة صحية، وحين ذاك أجابه شخص ثالث بما يعني أنّ مهنة الطب أو أيّ مهنة علميّة أخرى لا تشبه مهنة رجال الدين لأن الدين هو في الأساس مبني على قضايا ومعتقدات غيبية لا علاقة لها بالعلم، ورغم كل ذلك فأن الإنسان في  عصرنا هذا مِن حقه مثلاً الإطلاع بواسائل عديدة متاحة على التفاصيل الطبية لحالته الصحية كما مِن حقه تغيير الطبيب الذي يُعالجه بطبيب آخر، بينما حينما نطالب الأنسان الشرقي بمعرفة تفاصيل دينه الموروث عن طريق رجل الدين فقط فهذا يعني حرمان الإنسان الشرقي من حقه الإساسي في إستخدام عقله في حين لا يَسمح رجال الدين لأيّ أحدٍ مِن الأفراد الشرقيين بمناقشة أو معارضة تفسيراتهم وآرائهم الدينية كما لا يَسمح رجال الدين الشرقيين لأيّ مِن وارثي الدين أو المذهب الديني في مجتمعاتهم الى اللجوء الى رجال أديان أخرى أو مذاهب دينية أخرى حيث غالباً ما يتعرض الفرد الشرقي للنبْذ والحصار الإجتماعي أو أحياناً للتهديد أو القتل فيما لو أنّ ذلك الفراد إختار اللجوء الى رجل دين آخر ضمن نفْس الديانة أو رجل دين آخر لديانة أخرى.
الأول:
أشعر بالأسف حينما يكون كثير من الشرقيين تحت طائلة مثل هذه الموروث الديني أو الطائفي الذي يمنعهم من إستخدام عقولهم، بينما يعمل رجال الدين الشرقيين على الحفاض على هذا الموروث الديني لأنه يخدم دوام مهنتهم ومصالحها.
الثاني:
لذا فأني أحترم مقولة (أن الدين هو أفيون الشعوب)!
الأول:
نحن لسنا ضد أي إيمان أو معتقد ديني، ولكننا ضد كل مَنْ يحاول أنْ يفرض علينا أحكام معتقده الديني.
الثاني:
مِن حق كل إنسان أنْ يكون حراً في أفكاره ومعتقداته وفي حياته الخاصة الى حدود الحقوق المماثلة للآخرين، بمعنى أنّ كل إنسان حر فيما يعتقده لكن دون أن يفْرِض معتقداته أو أحكامه على الآخرين.
الأول:
كلام منطقي وصحيح جداً، لكن أغلب رجل الدين الشرقيين يرون أنّ حدود حرية الفرد الشرقي في آرائه وأفكاره يجب أنْ تُحاصر بالأحكام الدينية المتوارثة من المجتمعات البدائية قبل آلاف السنين، والتي يملك رجل الدين وحده حق تفسيرها وتأويلها!
الثاني:
تلك هي مشكلة حقيقية فعلاً، فكثير من تفاصيل الموروث الديني قد يعطي الشرعية لما يُعتبر في عصرنا الحاضر أعمالاً أرهابية أو أعمالاً تنتقص من الحقوق الإنسانية الأساسية للأنسان.
الأول:
ولذا تجد إستمرار الإنقسامات المذهبية داخل كل الديانات الشرقية، حيث يسعى بعض رجال الأديان الى الإستقلال بأنفسهم وذلك بتأسيس مذاهب أو فروع دينية عن طريق تأويل وتفسير الموروث الديني أو المذهبي بشكل يتماشى مع بعض العقل ومع بعض متطلبات الفهم الإنساني الجديد لحقوق الأنسان ولكن ذلك يثير حفيظة المتشددين من بقية رجال الدين الذين لا يناسبهم خروج مجموعات من البشر عن نطاق سيطرتهم، وهكذا تَحدُث الصراعات ذات الأسس المادية والمغطاة بستار الإيمان بين رجال الدين أنفسهم ويكون الفرد البسيط بينهم هو مَنْ يدفع في النهاية فاتورة تلك الصراعات التي قد تكون دمويّة أحياناً.   
الثاني:
المشكلة الكبيرة هو أنّ الكثير من رجال الأديان يحاولون أغماض أعينهم عن حقيقة أنّ الأحكام التي كانت تُنظِم المجتمعات البشرية قبل آلاف السنين لم تعُد تناسب أسس العدل في عصرنا الحالي.
الأول:
بل أنّ الأحكام والقوانين في المجتمعات المتحضرة في عصرنا الحالي تتغير وتتطور بين فترة وأخرى وحسب قناعة الأغلبية من أفراد المجتمعات، فلا وجود لمن يعارض ذلك بحجة أنّ الأحكام والقوانين هي شريعة منزلة من الله!
الثاني:
تماماً، وأضيف القول بأن رجال الدين الشرقيين حينما يطالبون بالأحكام والقوانين التي تستند الى الشرائع الدينية فأن ذلك هو مجرد هراء يقصد به خداع الأفراد البسطاء من مجتمعاتهم، فرجال الدين يعرفون جيداً أنهم ومنذ أيام تأسيس أديانهم قبل آلاف السنين لم يتفقوا بينهم على تلك الأحكام والقوانين، ناهيك عن أنّ هناك العديد من الأديان بدلاً من الدين الواحد كما أنّ كل دين فيه العديد من الفروع والمذاهب الدينية، كما أنّ المُفسرين من رجال الدين في الفرع أو المذهب الواحد كثيراً ما يختلفون على العديد من الأحكام والقوانين!
يتبع ..
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً

[/size]

6
الأديان في أحاديث سريّة  -19-

في أمسية أحد أيام عام 2021 وفي جلسة تعارف بين مجموعة من الصحفيين والإعلاميين  الشرقيين والمجتمعين في مدينة بغداد، إستمعت الى تفاصيل حديث مثير جداً جرى بين أثنين من الزملاء الإعلاميين صادف أنْ يكون مقعدي بجوارهما.
الحديث بين الإعلامييّن كان بصوت خافت جداً بحيث كان سيتعذر عليّ سماع تفاصيله لو لم يكن مقعدي ملاصقاً لمقعديهما.
الحديث بين الإعلامييّن كان حول بعض الجوانب الإجتماعية المتعلقة بالأديان في المجتمعات الشرقية ولاسيما مجتمعات الشرق الأوسط التي غالباً ما تعاني من أزمات متواصلة في إدارة نفسها إقتصادياً وسياسياً وحقوقياً.
أدناه نص الحديث الذي جرى بين اولئك الإعلامييّن:
الأول:
يتوارث الشرقيون أديانهم ومذاهبهم الدينية إجتماعياً دون أن يكون لهم دور في إختيار تلك الثقافات، لكنهم وبحكم مصالحهم الذاتية في تفضيل السير مع إتجاه قافلة المجتمع يَظنون أو يُحاولون إقناع أنفسهم بأنهم ورثوا الديانة أو المذهب الديني الأصح بين كل ديانات ومذاهب العالم الدينية.
الثاني:
تماماً، هذه حقيقة يحاول الكثيرون من الشرقيين تحاشيها أو تناسيها، فكل البشر حالياً يتوارثون الإنتساب الى أديان أجدادهم دون أن يكون لهؤلاء البشر حرية الأختيار لكنهم يُوهِمون أنفسهم بقناعتهم الكليّة بالديانة أو المذهب الديني الذي توارثوه وذلك حرصاً منهم على مصالحهم المتمثلة بعدم الخروج عن منهج وأفكار المجتمع الذي يعيشون فيه، ناهيك عن وجود قوانين في مجتمعات شرق أوسطية تُهدّد أيّ فرد بالسجن وربما القتل في حال قام بِنقد الديانة أو المذهب الديني السائد في المجتمع الشرقي.
الأول:
تماماً، بل أن أغلب أفراد المجتمعات الشرقية يحاولون دائماً تصوير رجال دينهم أو مذهبهم الديني وكأنهم ملائكة تنبذ الحصول على السلطة والمتعة والمال، وأن هذه الملائكة تقوم بواجباتها في تمثيل إرادة الله في إقامة الخير والعدل بين الناس.
الثاني:
أغلب الأفراد الشرقيين يرتاحون نفسياً حينما يتصورون أن رجال دينهم ومذهبهم الديني مِثاليون في أداء مهنتهم فذلك يجعلهم يشعرون بصحة الديانة والمذهب الديني الذي يتوارثوه إجتماعياً وبشكل لا إرادي.
الأول:
نعم، الشرقيون يزعجهم جداً سماع أيّ رأيّ يوضح سلبيات تراثهم الديني كما يزعجهم جداً سماع أيّ خبر يُشير الى رداءة أفعال رجال ديانتهم أو مذهبهم الديني، فهم يُحاولون غالباً رفض فكرة وجود سلبيات في تراثهم الديني الموروث كما يحاولون دائماً إيجاد التأويلات والتبريرات لأفكار وأفعال رجال دينهم أو مذهبهم الديني حتى لو لمْ يكونوا في دواخلهم مقتنعين بها فعلاً، بينما ترى نفْس اولئك الشرقيين يتناقلون بقوة وبفرح أيّ رأيّ يُوضح سلبيات ديانة أو مذهب ديني آخر، مثلما يتناقلون بقوة وفرح أيّ خبر يُسيء الى رجال ديانة أو مذهب ديني آخر. 
الثاني:
رجل الدين هو أنسان كباقي البشر ولابد أن يخطأ فليس هناك أنسان كامل الأوصاف.
الأول:
هذا صحيح، ولكني هنا أشير الى إزدواجية الإنسان الشرقي في نظرته للآخرين.
الثاني:
نعم أنها بالتأكيد إزدواجية وهي مشابهة جداً للإزدواجية التجارية للشركات الصناعية والتي تُحاول دائماً التغطية على سلبيات منتوجاتها بينما تُروّج بقوة لسلبيات مصنوعات الشركات الأخرى!
الأول:
صفة الأزدواجية في التعامل قد تكون موجودة بدرجات متفاوتة عند أغلبية البشر، لكن مدى ثقافة الإنسان في إدراك مصالحه الذاتية هو الذي يُحدِّد سعة مجالات حصول الإزدواجية ومدى حِدّتها، ولتوضيح ذلك بمثال من واقع حياتنا الشرقية اليومية أذكر لك بأني عادةً ما أصادف أصدقاءاً خريجي جامعاتٍ وذوي إنتماءات سياسية أو فكرية شيوعية وهم ينتقدون فيما بينهم تراثهم الديني المتوارث إجتماعياً إبتداءاً بتفاصيل الشريعة الدينية ومروراً بموؤسس تلك الشريعة وإنتهاءا برجال نفس الدين في هذا الزمن، الا أنّ أصدقائي هؤلاء يُضايقهم تماماً لو أنّ نفْس الإنتقاد يَصدرُ مِن شخصٍ لا ينتمي الى ديانتهم أو مِن شخص آخر ينتمي الى مذهب ديني آخر غير مذهبهم داخل نفس الديانة!
الثاني:
تماماً، وفي إتجاه آخر يعكس أيضاً مدى التأثير السلبي للموروث الديني في الكثير من مجتمعات الشرق الأوسط، تجد أن الكثير من الأفراد الشرقيين ذوي الإتجاه الفكري أو السياسي الديني يُرجِعون سبب وفاة أحد أفراد مجتمعهم الى عدم إيمانه بالله أو قلة إلتزامه بأحكام الدين أو المذهب الديني السائد في المجتمع، فمثلاً حالَ وفاة أحد أفراد المجتمع الشرقي نتيجة إصابته بمرض خبيث أو نتيجة تعرضه الى حادث من حوادث السير أو الحريق أو الغرق وغيرها، فأن الأفراد الشرقيين ذوي الإتجاه الديني يُعْزون سبب وفاة ذلك الفرد الى إنتقام (الله) مِنه لقلة إيمانه أو إلتزامه الديني أو المذهبي وبغض النظر عن مدى صُدق ونزاهة وإنسانية ذلك الفرد المُتوفي، بينما تجد أنّ نفس الأفراد الشرقيين يقومون بمدح الفرد الملتزم بدينهم أو مذهبهم الديني إذا ما مات نتيجة إصابته بمرض خبيث أو بحادث مميت مفاجيء حتى لو كان ذاك المتوفي معروفاً بسوء أخلاقه وسوء تعامله مع الآخرين، حيث يُرجِعون سبب موته الى رضى الله الكثير عنه لكثرة إلتزامه الديني والى الدرجة التى أدت بالله لأختياره لكي ينتقل الى السماء والى الجنة بأسرع وقت وبأقرب الأحداث الممكنة!
أغلب أفراد مجتمعات الشرق الأوسط يحاولون دينياً أنْ يُصوروا (الله) بأقرب صورة مُؤثرة ومعروفة لديهم جميعاً الا وهي صورة القائد القوي الدكتاتوري الذي غالباً ما يتناوب على حُكم هذه المجتمعات الشرقية، فالدكتاتور ينتقم ويعذّب ويقتل كل فرد يُسيء الى أسمه أو سلطته وبغض النظر عن مدى كوْن ذلك الفرد أنساناً مسالماً وصادقاً ونزيهاً ويساعد ويُضحّي مِن أجل كل البشر دون تمييزٍ بينهم.
(الله) عند أغلب الشرقيين يُعذّب وينتقم بشدة لا مثيل لها في حياة الأرض وبعد الموت كل إنسانٍ لا يؤدي الإلتزامات الدينية والمذهبية التي يفرضها عليه رجال الدين أو المذهب الديني حتى لو كان ذلك الإنسان مسالماً وصادقاً ونزيهاً ويعمل ويساعد كل البشر!
الأول:
يظن الفرد في أغلب المجتمعات الشرقية ذات الموروث الديني السائد بأن ما ورثه من دين أو مذهب ديني هو صحيح، وأن كل بقية الأديان أو المذاهب الدينية هي غير صحيحة، فمصلحة الفرد الذاتية تقتضي أن ينساق مع ما هو سائد وموروث بين أفراد مجتمعه منذ مئات أو آلاف السنين حتى لو أدرك ذلك الفرد أحياناً أن ذلك الموروث الديني لمْ يَعُد يتناسب يتناسب مع العقل ومع العلم ومع حقوق الإنسان.
الثاني:
أعتقد أنّ قمة الغباء في الفرد الشرقي الحامل للموروث الديني أو المذهبي أن يَظنّ بأنه لو كان ورث مِن أهله ديناً أو مذهباً دينياً آخراً فإنه لكان سيُغيّره الى الدين أو المذهب الديني الذي يعتنقه حالياً، دون أن يتفهم ذلك الفرد بأنّ مصالحه الذاتية هي التي تجعله يستمر بظنّه هذا، ودون أنْ يتفهم أنّ كل الأديان والمذاهب الدينيّة لا تستندُ الى أيّ عَلْم أو منطق في وجودها!
الكثير مِن الشرقيين يظنون أنّ ما يتمنونه مِن وجودٍ لـ (الله) يَقتضي وجوب تصديق الخرافات والأكاذيب المحبوكة في مجتمعات بدائية قبل مئات وآلاف السنين.
الكثير من الشرقيين لا يدركون أنّ عدم صحة الأديان لا يَعني بالضرورة عدم وجود (الله)! 
الأول:
الشرقيون ولاسيما أغلب مجتمعات الشرق الأوسط وبِحُكم غياب الأنظمة السياسية والإقتصادية والثقافية الحديثة تعاني بصورة عامة مِن غياب العدل وظروف الحياة الكريمة ولذا تراهم يستثمرون الكثير مِن جهودهم في أداء الطقوس الدينية والمذهبية أملاً في قيام (الله) بتحسين ظروفهم ولذا تراهم لا يتقبلون بسهولة قيام البعض بإنتقاد مباديء ديانتهم أو مذهبهم الديني، لأنهم في حقيقة الأمر يَجدون في ذلك تدميراً لكل ما يملكوه مِن إستثمارٍ في مجال الطقوس الدينية والمذهبية كالصلاة أو الصيام وغيرها وكذا تدميراً لآخر خيوط الأمل في حصولهم على حقوقهم الإنسانية المشروعة.
أغلب أفراد مجتمعات الشرق الأوسط ذات الموروث الديني أو المذهبي  تَراهم حينما يُواجهون ويرفضون بشدة أيّ نقد لدينهم أو مذهبهم الديني الموروث وكأنهم فعلاً يُدافعون عن ذلك الدين أو المذهب الديني حسْب وليس لسبب آخر، حتى أنّ بعض البسطاء مِن الشرقيين مِمّن يُعانون مِن الفقر ومتاعب الحياة قد لا يترددون في قَتْل مَنْ يَظنون إنه يسيء الى دينهم أو مذهبهم الديني، بينما يرى الشرقيون الأغنياء في قيام أحدٍ بإنتقاد دينهم أو مذهبهم الديني تهديداً لغِناهُم الذي يعتقدون أنّ الله مَنَحَهم إياه بسبب إلتزامهم الديني والمذهبي، الا أنّ هؤلاء الأغنياء غالباً لا يضطرون الى ممارسة جرائم قتل مَنْ ينتقد دينهم أو مذهبهم لكنهم غالباً ما يشعرون بالراحة عندما يقوم الفقراء بتلك الجرائم.
الثاني:
أرى أنّ رجال الأديان يتحملون مسوؤلية كبيرة في إشاعة ثقافة قبول الرأيّ الآخر وعدم تبرير كل أعمال التمييز أو العنف لأي سبب كان ولاسيما في مجال الأختلاف الفكري أو الديني أو المذهبي.
الأول:
نعم هذا صحيح، لكن لا تنسى أن رجل الدين هو الآخر إنسان كبقية أفراد مجتمعه.
الثاني:
حينما نتحدث عن موضوع (مِهنة) فمن المنطقي أنْ نستدرك بالقول أنّ لكلِ مهنةٍ مواصفات مهمة مطلوبة، فمهنة الطِب مثلاً تتطلب إضافة الى المعرفة العلمية الطبية أنْ يؤمن الطبيب بأن مهنته هي مهنة إنسانية بأمتياز وتتطلب منه أنْ لا يُعير موضوع الأجور أيّ إعتبارٍ في حالة وجود إنسان بحاجة الى رعاية طبية وهو لا يملك مالاً، مثلما تتطلب هذه المهنة مِن الطبيب أنْ يقوم بواجبه الكامل في علاج أيّ إنسان يحتاج الى علاج حتى لو كان ذلك الإنسان عدواً  يحمل السلاح قبل مرضه، وهكذا فالطبيب الذي لا يحمل هذه المواصفات فإنه لا يستحق أنْ يعمل في مجال هذه المهنة بكل الأحوال، أما الذي يختار العمل في مجال مهنة الدين فأعتقد إنّ من أهم مواصفات هذه المهنة إضافة الى إمتلاك المعارف الدينية التخصصية هو الزهد الكلي عن السلطة والمال وملذّات الحياة إضافة الى إيمانه المطلق بالتسامح والسلام وعدم التمييز بين أنسان وآخر بسبب أي شكل من أشكال الإنتماء، وهكذا فرجل الدين الذي لا يحمل هذه المواصفات ربما يصلح للعمل في مهن أخرى لكنه غير مُؤهل مطلقاً للعمل كرجل دين.
الأول:
كلام لا خلاف عليه.
الثاني:
طبعاً، حينما نتحدث عن ضرورة زُهد رجل الدين عن السلطة والمال وملذات الحياة فأننا لا نقصد أنّ رجل الدين يجب أنْ لا يكون له بيت يسكنه أو طعام يأكله أو زوجة يعيش معها، ولكن ما نقصده هو أنْ لا يعمل رجل الدين لإمتلاك الأرصدة المالية الضخمة والعديد من البيوت والأراضي والمشاريع التجارية والربحية مع كثرة زيجاته وكثرة علاقته العاطفية فحين ذاك قد يصلح كغيره من الناس للعمل في مِهن كثيرة أخرى ولكن ليس في مهنة الدين!
الأول:
في كل مهنة قد يكون هناك أكثر من سبيل للإحتيال، فأحد أقاربي مثلاً هو رجل دين، يسكن بيتاً بسيطاً جداً، وهو لا يملك غيره، مثلما لا يملك فلساً واحداً في بيته أو في البنوك، ولكنّ أبناءه يملكون المليارات من الأموال والمئات من الأملاك والمشاريع التجارية الضخمة، ولا أتوقع أن ذلك هو مجرد صدفة فليس من الطبيعي أبداً أن تقفز ثروة أبناء رجل فقير الحال بسرعة الى هذا المستوى من الضخامة علماً أن أبناء هذا الرجل لا يحملون أي  قدرات أو مؤهلات قد تبرر ثرواتهم الضخمة!
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الأول من مقال ( الأديان في أحاديث سريّة) من كتابي الموسوم بـ ( أحترمُ جداً هذا الدين ) والمنشور في اسواق الكتب بأكثر من تسع لغات واسعة التداول في العالم.
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً
[/size]

7
تسريبات حوار صريح جداً -18-

أدناه الجزء الثاني من مقال ( حوار صريح جداً ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترم جداً هذا الدين ) والمنشور في اسواق الكتب بأكثر من تسع لغات واسعة التداول :

الأول:
أتفق معك تماماً، حتى أنّ نسبة كبيرة من المُثقفين في المجتمعات الشرقية تُفضل الوثوق أو التعامل مع أشخاص لا دينيين أو غير متلزمين دينياً عن التعامل أو الوثوق بأغلب رجال الدين أو الأشخاص الملتزمين دينياً، بينما يحصل كثيراً أنْ يقع البُسطاء من الأفراد الشرقيين في فخ إحتيال الكثير من رجال الدين والأشخاص الملتزمين دينياً.
المشكلة هي أنّ العديد من رجال الدين أو الأشخاص المُلتزمين دينياً يميلون الى إصطِناع كل الحجج والتبريرات اللامتناهية والتي تمُكّنهم مِن التجاوز على حقوق الآخرين عندما يكونون طرفاً في نزاع أو تنافس ما، وهنا قد يقول قائل بأن هذه الصِفة السيئة قد نجدها عند أيّ إنسان آخر فلماذا نؤكد كثرة وجودها أو تكرارها عند رجال الدين أو الأشخاص الملتزمين دينياً؟
فنجيب بالقول:
بغض النظر عن التذكير بالدوافع الحقيقية التي أدتْ الى لجوء أغلب رجال الدين الى إمتهان مهنتهم الدينية تحديداً أو دوافع حرص بعض الأشخاص على إشهار صِفة إلتزامهم الديني بين الناس، فأنّ صفات مهنة الدين والإلتزام الديني تَوهّم الكثير مِنْ البسطاء من أفراد المجتمعات الشرقية بأنّ كل رجل الدين أو كل شخص ملتزم دينياً هو أبعد إنسان عن إحتمال قيامه بالتجاوز على حقوق الآخرين، وهذا ما هو ليس في الغالب صحيحاً، فرجل الدين أو الشخص الملتزم دينياً هو في النهاية إنسان مثل بقية البشر، وغالباً ما تكون طبيعة شخصيته الناتجة من تفاعلات مجموعة عوامل متعددة هي التي تمتلك أمر الحَسم في القضايا التي يكون فيها طرفاً في نزاع أو خلاف ما مع الآخرين!
الثاني:
نسبة قليلة جداً هي نسبة رجال الدين أو الأشخاص الملتزمين دينياً الذين يتصرفون بأخلاق فعلية حسنة في النزاعات أو الإشكالات التي تكون مصالحهم طرفاً فيها، علماً أنّ الأخلاق الحسنة لتلك النسبة القليلة من رجال الدين أو الأشخاص الملتزمين دينياً تأتي في الغالب بسبب جوّدة تركيبة عقولهم وشخصيتهم وليس بسبب تأثيرات مهنتهم الدينية أو إلتزامهم الديني، مثلما أنّ سوء أخلاق بعض رجال الدين أو الأشخاص المتدينين هو غالباً ليس بسبب مباديء دياناتهم أو مذاهبهم الدينية وإنما هو غالباً بسبب تركيبة عقولهم وشخصيتهم حيث أنّ معظمهم أختار مهنة الدين أو صفة الإلتزام الديني للمنافع التي قد تقوده بطريقة لاإرادية وغير مباشرة الى إستغلال أوضاع  الفقراء الذين يعيشون في مجتمع متخلف حضارياً وإقتصادياً وثقافياً وعدْلِياً، اولئك الفقراء الذين لا يجدون فيه سبيلاً لتحسين أوضاعهم سوى اللجوء الى المعابد ورجال الدين لإستجداء ما يمكن مِن المساعدة أو الفتات منهم أو محاولة الشكوى الى الخالق (الله) لينقذهم من أوضاعهم السيئة وكأن الإنسان لا يمكنه التواصل مع خالقه الا عن طريق (وكلاء)!   
الأول:
بالمناسبة هناك الكثير من المهن الأخرى المعروفة بكثرة فساد العاملين فيها لاسيما في المجتمعات الشرقية الغير متحضرة وفي مقدمة تلك المهن مثلاً هي القضاء، وهكذا يمكننا تفهم أنّ أيّ مهنة للإنسان هي مهنة قابلة لسوء التصرف بها لكن سوء التصرف هذا تزداد نسبته وأبعاد تأثيره كلما كانت تلك المهنة مقرونة بإمتلاك (سُلّطة)، حيث يميل الكثير من أصحاب المهن السلطوية ولاسيما في المجتمعات ذات الأنظمة الغير ديموقراطية الى إستغلال سلطتهم لتحقيق أكبر المكاسب الذاتية على حساب حقوق البسطاء والفقراء من أفراد مجتمعاتهم، فكيف بمهنة تستند في قوة سلطتها الى تمثيلها لـ (الله) كما هي مهنة رجال الدين!
الثاني:
كلام صحيح ولا غبار عليه، لكني أودّ الأشارة الى أنّ كلمات (رجل دين) أو (شخص ملتزم دينياً) لا تشمل فقط اولئك الأشخاص الذين نعاصرهم وأنما قد تشمل أيضاً بعض موؤسسي الأديان والمذاهب الدينية، تماماً كما أنّ كلمة (القاضي) مثلاً تشمل كل القاضاة السابقين والحاليين!
الأول:
أتفق مع كلامك تماماً.
الثاني:
كنتُ أتوقع أنْ تَعترِض وتقول لي أن كل الأنبياء أو الرُسل أو موؤسسي الأديان والمذاهب الدينية يُعرَف عنهم الزهد الكامل عن السلطة والمال والمتعة وكذا المثالية في العدل والحكمة ونكران الذات!

الأول:
أدركُ تماماً كما يدرك ذلك الكثير من المثقفين بأنّ ليس كل ما هو مكتوب في كُتُب التراث وكُتب الدين هو صحيح، فغالباً ما يسعى رجال الأديان والمذاهب الدينية المتوارثة نسْب أفضل الصفات المثالية بموؤسسي أديانهم ومذاهبهم الدينية لضمان بقاء وإستمرار مهنة الدين أو المذهب الديني، ويحدث كثيراً أنْ تكون تلك الصفات المثالية نسج من الخيال، ثم حتى لو أفترضنا أن بعض الأنبياء أو الرسُل أو موؤسسي الأديان والمذاهب الدينية كانوا فعلاً أناساً حكماء وعادلين وزاهدين عن السلطة والمال والمتعة فأنّ مِن المؤكّد أنّ أغلب مساعديهم من الكهنة والشيوخ كانوا يستغلون الدين لأغراض السلطة والتجاوز على حقوق الفقراء والمساكين ولكن بأسم الله ومُوؤسِس الدين، مُذكّرين أنّ هناك دائماً وفي كل الأزمان وفي كل المجتمعات البشرية الكثير من الأشخاص العظماء والحُكماء والزاهدين عن السلطة والمال والمتعة والذين يُضحّون بسخاء من أجل الآخرين الا أنهم لمْ ولا يَقومون بالإدّعاء بأنهم أنبياء أو مُرسلين مِن الله أو أنهم يُمثلونه.
الثاني:
يحاول رجال الدين والمذاهب الدينية خداع أنفسهم وخداع الآخرين من أفراد مجتمعاتهم الشرقية المتخلفة حضارياً وذلك بتصوير الأنبياء أو موؤسسي الأديان أو قادة الأديان والمذاهب الدينية وكأنهم أفراد مُقدّسون وأنهم لا مَثيل لهم في مدى حِكمتهم وعدلهم وتضحيتهم وقدراتهم وزهدهم عن السلطة والمال والمتعة ولكي تكتمل صورة الخداع فأن رجال الدين والمذاهب الدينية يحاولون الصاق قصص خيالية تُعبّر عن مدى حكمة وعدل وشجاعة وزهد الأنبياء أو موؤسسي الأديان والمذاهب الدينية إضافة الى القصص الخيالية التي تُوضّح معجزاتهم وإمكانياتهم السِحْرية.
الأول:
رغم ذلك فأني أحترم جداً ما هو منسوب الى بعض قادة أو موؤسسي الأديان مِمّن دعوا كل إنسان الى ضرورة التحلي بالتسامح اللامتناهي مع الآخرين، حيث قرأتُ عن أحد موؤسسي الديانات الآسوية أنه عفى عن قاتل إبنه داعياً كل إنسان أنْ يحاول أنْ يكون بمستوى هذا التسامح مع الآخرين، فمثل هذه الصفات المنسوبة الى موؤسس ذلك الدين الآسيوي تؤشر علامة إيجابية تُحسب لصالح وارثي ذلك الدين بل يمكن أن تقتدي بها الأنسانية جمعاء حتى وأنْ كانت قصةُ العفْو عن قاتل أبن القائد الديني قصة مُفتعلة ولا صحة لها في الواقع التاريخي.
الثاني:
نعم هذا صحيح، بل أنّ هناك أديان وطوائف دينية في آسيا تُقدس حياة كل كائن حي إضافة الى الإنسان، فهذه الأديان لا تُحرّم فقط قتْل الإنسان لأيّ سبب كان ومهما كان الإنتماء الديني أو الفكري لذلك الإنسان، بل إنها تُحرّم قيام الإنسان بذبح وأكل أيّ حيوان نظراً لأنه كائن حي أيضاً، فهذه الأديان تدعو الإنسان الى الإكتفاء بالتغذي على ثمار النباتات.
الأول: 
تماماً، وللعلم هناك في عصرنا الحالي العديد من المجموعات البشرية في أوربا ومناطق عديدة أخرى في العالم إختارت عدم تصديق أيّ من الديانات المتوارثة في العالم ، كما إختارت هذه المجموعات عدم السماح لنفسها بِأكل أيّ حيوان  نظراً لإدراك هذه المجاميع البشرية بأن الحيوان هو كائن حي مثله مثل الإنسان في حرصه على دوام الحياة دون إعتداء الآخرين عليه، وتشير تحقيقات صحفية عديدة الى أنّ أغلب أفراد هذه المجموعات البشرية يتمتعون بأخلاق وأحاسيس أنسانية راقية جداً.
الثاني:
هل تعرف أني ومُذْ كنتُ صغيراً كنت أشارك والدتي في تربية عدد من الدجاج داخل بيتنا، وكنت مولعاً في متابعة تفاصيل الحياة اليومية لهذه الحيوانات، كما كنت غالباً ما أصابُ بالحزن الإكتئاب حال مرض أو موت أيّ منها، بل أود إخبارك بأني ومنذ طفولتي ولغاية يومنا هذا لا أستطيع مطلقاً أكل لحم الدجاج!
الأول:
أنا أشعر أحياناً بألم كبير حين أصادف أو أرى خروفاً وهو يُذبح، بل أني أبقى بعدها أياماً معدودة لا أتقبل أكل لحم أيّ حيوان.
الثاني:
مشاعرك هذه نحو حياة الحيوان تدلّ على مدى أخلاقك الحسنة، فرغبتك  الذاتية المشروعة بمواصلة الحياة دون إعتداء أحد عليك هي التي جعلتك تحترم مشروعية الرغبة المماثلة للآخرين في مواصلة الحياة حتى وإنْ كانوا حيوانات.
أنّ مشاعرك وأخلاقك هذه هي قمة الثقافة والنبل الإنساني.
مدى ثقافة الإنسان لا ينحسر في معلوماته العلمية أو الأدبية حسْب وأنما في مدى قدرة الإنسان على إتخاذ القرار الحيادي الصحيح عندما يكون ذلك الإنسان طرفاً في شراكة أو في نزاع مع الآخرين.
أنت بمشاعرك الإنسانية هذه كنت عادلاً وحيادياً حتى مع الحيوانات التي ليس لها مَنْ يدافع عنها!
فيا لنُبل أخلاقك وسُمو ثقافتك.
الأول:
شكراً لك أخي، المسألة كلها متعلقة بالمصالح الذاتية كما تفضلتَ، فكما أنا أحب الحياة ولا أتمنى أنْ يذبحني أحد فمن العدْل أنْ أتمنى أنْ لا أذبَحَ كائناً حياً وأستمتع بأكل لحمه!
الثاني:
هذا صحيح جداً، يُخطأ مَنْ يظن أنّ كل إنسان لا يتصرف الا وفق مصالحه الذاتية!
الأول:
ولتأكيد صحة كلامك، أقول طالما نشاهد لغاية يومنا هذا مثلاً البسطاء والفقراء في العديد من مجتعمات الشرق الأوسط وهم يبكون ويؤذون أجسادهم حزناً في مناسبات دينية تخص ذكرى وفاة أو معاناة قائد أو موؤسس ديني أو مذهبي، وفي حقيقة الأمر فأن اولئك البسطاء والفقراء إنما يبكون بسبب سوء أحوالهم هُم لكنهم يحاولون أمام بعضهم البعض الآخر تصوير أمْر حزنهم وكأنه مجرد حزْن على قائدهم أو موؤسس دينهم أو مذهبهم الديني، كما أنهم يحاولون إيذاء أجسادهم في محاولة غير معلنة منهم لإيصال رسالة الى قائدهم أو موؤسس دينهم أو مذهبهم الديني والمتوفى قبل آلاف السنين بأنهم مخلصون له وانهم يحتاجون منه أنْ يطلب من (الله) بحكم علاقته القريبة منه لئن يساعدهم وينقذهم من فقرهم وعوزهم دون أن يدركوا أنّ خلاصهم مِن فقرهم وظروفهم اللاإنسانية يكون بقيامهم بالتمرد على قادتهم الحاليين من رجالِ دينٍ أو سياسة وإستبدالهم بقادة أكفاء نزيهين ومختصين بشوؤن الإدارة والإقتصاد.
الثاني:
سبقتي في الإشارة الى هذه الظاهرة، واضيف الى كلامك القول بأن الأغنياء في نفس هذه المجتمعات الشرقية يتظاهرون بالتضامن مع البسطاء والفقراء في الحزن في المناسبات الدينية أو المذهبية الخاصة بذكرى وفاة أو معاناة قائد أو موؤسس ديني أو مذهبي لكن أولئك الأغنياء لا يُؤذون أجسادهم وأنما يكتفون في أفضل الأحوال بتقديم بعض الفتات من الطعام والشراب للفقراء والبسطاء ممن يُحيون تلك المناسبات الدينية الحزينة بالبكاء وأيذاء الأجساد، علماً أنّ الأغنياء حينما يقدمون ذلك الفتات من الطعام أو الشراب فانهم في الواقع لا يقدمونه حباً في القائد أو الموؤسس الديني أو المذهبي المتوفي قبل آلاف السنين ولا حباً أو عطفاً على الفقراء والبسطاء الذين يبكون ويؤذون أجسادهم وإنما حباً في إستمراء بقاء سلطة رجال الدين أو المذهب الديني الذي ينتسبون له، تلك السُلّطة التي تَضمن لأولئك الأغنياء إستمرار غِناهُم وثرائهم على حساب مُصادرة حقوق الفقراء والبسطاء من أفراد مجتمعهم.
الأول:
المشكلة في المجتمعات الشرقية ولاسيما أغلب مجتمعات الشرق الأوسط هو إنغلاقها على توارث ثقافة إجتماعية ودينية أو مذهبية قديمة جداً تحتم عليهم تصديق كل ما يدّعيه رجال الدين أو المذاهب الدينية دون اللجوء الى أستخدام العقول والوسائل العلمية مما يساهم بشكل فاعل في إستمرار بقاء هذه الشعوب في مجالات التخلّف في كل نواحي الحياة بينما يتسيّد رجال الدين والمذاهب الدينية ورجال السياسة المُتعاونون معهم على عموم أفراد تلك المجتمعات حارمين إياهم من حقوقهم الإنسانية في حياة كريمة.
الثاني:
نعم صحيح، كما أن رجال السلطة والسياسة وجنباً الى جنب رجال الدين في هذه المجتمعات الشرقية يحاولون دوماً إيهام أفراد مجتمعاتهم بأن سبب تخلفهم هو أعداء الدين من الأجانب.
الأول:
يعاني الشباب المثقفون في هذه المجتمعات الشرقية من أزمات عديدة أولها أنهم وبحكم توسع مجالات التواصل الفكري والإجتماعي بين مجتمعات العالم بدؤا يدركون حقهم في إستخدام عقولهم وفي إمتلاك حقوقهم كبشر، كما بدؤا بإدراك حقيقة أنّ معظم مَنْ يمتهنون مهنة الدين أنما هم أشخاص وَجَدوا في هذه المهنة أقصر الطرق لتحقيق أمانيهم في التسيّد على الآخرين وفرض واجبات وأحكام وإلتزامات دينية ومذهبية عليهم، مثلما بدأ هؤلاء الشباب بإدراك أنّ كل الأديان والمذاهب الدينية فيها العديد من الأفكار والأحكام التي تُعتبر الآن إنتهاكاً للكثير من حقوق الإنسان، كما أنّ هؤلاء الشباب بدؤا يدركون أنّ وجود (الله) لا يعني بالضرورة حتميّة تصديق الموروث الديني أو المذهبي دون اللجوء الى العقل والمنطق.
أزمة الكثير من الشباب المثقفين الشرقيين تتمثل في أنهم لا يستطيعون بسهولة إجهار قناعاتهم الحديثة وسط مجتمعاتهم الغارقة في الموروث الديني والمذهبي القديم حيث أنهم سيًنبذون أو يُقتَلون على أيدي رجال السلطة والدين الذين يحرصون على قطع الرقاب و كتم الأصوات وخنق حريات التفكير والتعبير متذرعين كذِباً بالدفاع عن الله وعن الدين أو المذهب الديني وكأنّ الإنسان يُحارب الله حينما يُفكر ويُعبر بحرية عن آرائه سلمياً، أو كأن الله يحتاج لِمَن يُدافع عنه، أو كأنّ إستمرار الأوضاع اللاإنسانية هو الذي يُريح الله الذي طالما يُصوّره رجال الدين وكأنه مثل أيّ دكتاتورٍ بشريّ لا يهمه سوى  تمجيد أسمه ووجوده وسلطته مع الخضوع الذليل للجميع أمامه وأمام المنافقين العاملين في خدمته!
حلول وقت تناول الطعام أدى الى توقُف تَواصل حديث الأساتذة الجامعيين الثلاثة حول موضوع الموروث الديني الذي كان وما يزال يشغل مساحة واسعة من واقع الحياة اليومية للعديد من مجتمعات الشرق الأوسط جاعلاً منها مركزاً لمصادرة حقوق أبسط حقوق الإنسان الذي خلقه الله ليعيش حراً.
يتبع ..

نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً


8
تسريبات حوار صريح جداً -17-

في مطلع القرن الحادي والعشرين بعد الميلاد وخلال أحدى اللقاءات الإجتماعية في عاصمة أحدى بلدان الشرق الأوسط إستمعتُ الى تفاصيل حديث مهم جداً حول موضوع الأديان دار بين ثلاثة أساتذة جامعيين ذوي تخصصات علمية وأدبية متعددة، حيث أبتدأ الحديث أحد اولئك الأساتذة حينما توجه بسوأل الى زميليه الجامعيين قائلاً:
ماذا لو تخيلنا إفتراضاً أنّ جميع بشر الأرض في عصرنا الحالي صحوا من نومهم في أحدى الصباحات وقد مُسِحَتْ أو أفرِغَتْ مِنْ أدمغتهم جميع أفكار وثقافات الإنتماء الديني أو المذهبي؟
وهنا أجاب الأستاذيّن الآخريّن تباعاً بعد ثوانٍ من الصمت:
الأول:
أعتقد أن الحياة سوف تسير بشكل طبيعي بين البشر وتتم معالجة كل مشاكل الحياة اليومية وفقاً للقوانين والأصول الإجتماعية السائدة في كل مجتمع.
الثاني:
تماماً، بإستثناء عدد من أفراد كل مجتمع ممن كانوا يمتهنون مهنة رجل دين حيث سيتفاجأون بأنهم لمْ يَختاروا مهنة لهم لكي يعتاشوا منها!
الأول:
نعم، سيضطر اولئك الأفراد الى إيجاد مهنة مناسِبة ليَعملوا بها.
الثاني:
والشيء الثاني الذي سيتغيّر هو إختفاء الكثير من التمييز والكراهيّة الدينية والتي غالباً ما تكون موجودة بين مجاميع البشر التي تتوارث أدياناً أو مذاهباً دينية متعددة داخل  العديد من المجتمعات ولاسيما مجتمعات الشرق الأوسط منها.
الأول:
أمر منطقي.
الثاني:
الإنسان حينها سوف يظل، كما هو الآن، يتسأل عن (سِر) الحياة والموت، و(سِر) الكوّن، وسيعيد إفتراض فكرة وجود (خالق) لكل شيء، فهذا الإفتراض هو أسهل الطرق التي يتمكنها العقل البشري بإمكانيته العضوية الحالية، حيث أن هذا الإفتراض هو أسهل السبل للوصول الى الراحة النفسية إزاء ما قد يُجابهه الإنسان من أزمات الحياة اليومية أو ما قد يواجهه من حوادثٍ أو أمراضٍ إضافة الى مشكلة (الموت) المحتوم.
الأول:
وأنا أشارك الرأي أيضاً، فالتركيبة العضوية للعقل البشري لغاية يومنا تفترض وجود صانِع لكل شيء، ولا تمتلك التركيبة العضوية للعقل البشري الحالي القدرة على إدراك إحتمال آخر يُفسر أو يُبرر وجود شيء دون وجود صانع لذلك الشيء، وهذا ما يجعل الإنسان يفترض لغاية يومنا هذا وجود خالق خفيّ للكون والكائنات الحية، خالق ذي قوة سحرية مجهولة خارقة لكل قوانين الطبيعة.
دماغ الإنسان مازال لغاية يومنا هذا يعجز كلياً عن إدراك سِرّ الوجود وسرّ الحياة والموت، لذا فإن الإنسان يرتاح نفسياً حينما يُنْهي طريق عَجزِه بإفتراض وجود قوة خارقة وخفية مجهولة التفاصيل خالقة للكون والحياة وقد يكون ذلك الإفتراض صحيحاً!
الثاني:
العقل البشري بتركيبته الحالية يجعل الإنسان يتوقع أنّ الخالق المُفتَرَض للحياة والكون قادر على مساعدتِه في مُواجهة المشاكل والمتاعب أثناء الحياة على الأرض، مثلما قد يكون ذلك الخالق المُفترض قادراً على إعادة الحياة للإنسان بعد الموت، وكل ذلك يَمنح الإنسان راحة نفسية كبيرة.
الأول:
مَنْ يدّري! فقد تحصل طفرات وراثية في أدمغة الأجيال البشرية القادمة بحيث يصبح العقل البشري قادراً على معرفة المزيد من أسرار الكون وأسرار الحياة والموت!

أبتسم الأستاذ الجامعي صاحب السؤال الذي كان يستمع لإجابات زميليّه وكأنه كان مؤيداً لبعض أو كل آراءيهما، لكن هذا الأستاذ الجامعي تابع إثارة جوانب مهمة جداً أخرى في موضوع الأديان مع زميليّه سائلاً إياهما بالقول:
لنواصل المضي قدماً في إفتراضنا السابق، ولنفترض أيضاً أن جميع الأنبياء والرسل وقادة وموؤسسي الأديان السابقة أعادوا ظهورهم مرة أخرى بين بشر الأرض عديمي الأديان في العصر الحالي، فما الذي سيحدث؟   
الأستاذيّن الجامعيين أجابا قائليّن على التوالي:
الأول:
لا أحد مِن البشر في عصرنا الحالي سوف يصدّق أياًّ مِن اولئك الأنبياء وقادة وموؤسسي الأديان السابقين لو أعادوا ظهورهم الآن، بل ربما سيتم القاء القبض عليهم بتهمة الكَذِب والنصب والإحتيال!
الثاني:
أتفق معك تماماً، ففي عصرنا هذا لا يستطيع أحداً إدّعاء شيء دون أن يقدم دليلاً علمياً يستند عليه، فلا عاقل سيصدق مثلاً إدّعاء أحدهم بأنه يستطيع بثوان معدودة من الطيران سِرّاً من بلد الى آخر دون إستخدام وسائل علمية، مثلما لنْ يُصدِق عاقل إدّعاء أحدهم في أنّ الله يتحدث معه سِراً ويُمّليه أفضل الكلام والأحكام، وهكذا.
أعاد الأستاذ الجامعي صاحب السؤال إبتسامته وقد بدتْ عليه علامات القبول لإجابتي زميليه، لكنه تابع منهجه في إثارة الأسئلة الغريبة قائلاً:
ما رأيكما في أني شخصياً بإستطاعتي وبكل ثقة تأسيس دين جديد في أيّ وقت أو في أيّ مكان وسواءاً  كانت الأديان السابقة موجودة أو غير موجودة بين البشر!
الأول:
أنك تمزح!
الثاني:
أمر غير معقول!
الأستاذ صاحب السؤال:
لا أمزح مطلقاً!
الأول:
كيف ذلك؟
الثاني:
حقاً كيف؟
الأستاذ صاحب السؤال:
أتمكن من تأسيس دين جديد بمجرد أنْ أمتلك (مالاً) وفيراً أستطيع فيه شراء قناعات الآلاف والملايين من البشر في أنّي إنسان أختاره الله لكي أقوم بنقل رسائله وأحكامه ووصاياه الى البشر!
الأول:
وهل ستتمكن من صنع المعجزات التي تثبت بها بأنك إنسان غير عادي وأن الله هو الذي أختارك للتواصل مع الناس بإسمه؟
الأستاذ صاحب السؤال:
بالتأكيد، فـ (المال) يستطيع أنْ يُقْنِع الكثير مِن البشر بكل شيء يُريد صاحب المال قوله، فلا تستغربان أنْ قلتُ لكما بأني أستطيع جعل الكثيرين يقتنعون مثلاً بأنهم شاهدوني بأنفسهم وأنا أحمل ثلاثة جبال شاهقة على كف يدي اليمنى وأنا أحلّق بجسمي وبهم في السماء لساعات طويلة، مثلما أستطيع جعْل الكثيرين يقتنعون مثلاً بأنهم شاهدوا بأنفسهم نزول شريعة الله الدينية عليّ بشكل أوراق ذهبية تحوي كل أحكام الدين الجديد مكتوبةٍ بسبعة وسبعين لغة من لغات العالم، ومعجزات أخرى لا تعُدّ ولا تحصى لكثرتها!
الثاني:
كيف ستوزع (المال) الذي تشترط إمتلاكِه لتستطيع به تأسيس دينك الجديد؟
الأستاذ صاحب السؤال:
المال يُوزّع بأشكال وسبُل مختلفة، فمرّة يُعطى بشكل نقدي ومباشر، وأحياناً أخرى يُمنَح المال بشكل مَناصب دينية أو مواقع إجتماعية، وأحياناً يُمنح المال بشكل مُتعة جنسية، وفي كل الأحوال هناك الكثير مِن البشر مِمَن يستطيع إقناع نفسه بأي شيء يطلبه منهم مَنْ يُقدّم لهم فلوساً أو سلّطة أو مُتعة جنسية.
الأول:
وهل تعتقد أن قيامك بتأسيس دين جديد هو أمرٌ سهل الى هذه الدرجة؟
الأستاذ صاحب السؤال:
نعم، سهل جداً تأسيس دين جديد طالما توفَرَ الشيء الصعب الا وهو (المال)!
الثاني:
لا أستطيع إدراك كيف سيصدقك الناس وانت تكذب عليهم؟
الأستاذ صاحب السؤال:
(المال) هو صانع المعجزات بين البشر، فهو القادر عموماً على منْح السلطة والفرَح والمتعة الجنسية لمالكه، وما على مَنْ يُريد تأسيس (مشروع) دين جديد سوى الكَرَم في توزيع المال على عدد محدود مِن البشر المحيطين به، وبعدها سيقوم ذلك العدد المحدود مِن البشر بالترويج والمتجارة بالدين الجديد مُحققين أرباحاً وفيرة تمكنهم مِن إعادة ما أستلموه مِن أموالٍ لمؤسس الدين الجديد أضافة الى ما سيَحصلون هُم عليه من أموال وسلطة ومتعة جنسية. 
الأول:
إذا إفترضنا صحة قدرتك على تأسيس دين جديد بعد أمتلاكك مالاً وفيراً، فكيف ستجد مضموناً متميّزاً للدين الجديد؟
الأستاذ صاحب السؤال:
ذلك أمر أبسط بكثير مما تتصور، فعند رغبتك بتأسيس أيّ دين أو مذهب ديني جديد فما عليك سوى أنْ تفعل ما يلي:
أنْ تتصرف كأيّ سياسي يعمل على تأسيس حزب سياسي جديد، فالأحزاب السياسية هي صورة من صور التطور الوراثي والتاريخي لـ (سُلالة) منظومات الأديان والمذاهب الدينية.
نعم، حينما تحصل على مالٍ وفير يكفي لإعلان تأسيس مشروع دين أو مذهب ديني جديد، عليك أن تُؤكد على ما يُريح الناس تماماً كما يفعل مَن يُريد تأسيس حزب سياسي جديد.
ما يريده الناس ويُريحهم نفسياً ودينياً هو أن تؤكد لهم صحة وجود الخالق (الله) الذي يرى ويسمع كل شيء وأنّ ذلك الخالق هو الذي سيعيد الحياة الأبدية للإنسان بعد الموت.
عليك أن تؤكد للناس إنك تتحدث بأسم ذلك الخالق (الله)، مثلما عليك أنْ توضح لكل الناس انّ تصديقهم لك هو طريقهم الوحيد لنيل رضى (الله) عليهم.
نعم، عليك حينما توؤسس لمشروع سياسي وتجاري كمشروع الدين أو المذهب الديني الجديد أنْ تقوم بالتأكيد على كل الصفات والأخلاق الحسنة التي يتمنى الإنسان أنْ يُعامله الآخرون بها، كالصدق والمساواة والعدل والتسامح والرحمة وحسن التعامل مع الأبوين ومساعدة المحتاجين وغيرها من الأخلاق الحسنة المعروفة إجتماعياً، ثم عليك أيضاً أنْ تعِدَ الناس برضا الله عليهم وبالنجاح في حياتهم على الأرض وبحياة جديدة سعيدة بعد الموت فيما لو إتبعوا دينك الجديد.
عليك أيضاً إما أنْ تدعي بأنك جئت لإلغاء الأديان السابقة لكونها غير صحيحة أو تدّعي بأنك جئت لتكملة الأديان السابقة أو لتعديلها بأمر مِن الله، وهنا بإمكانك أنْ تَصْطنِع عدداً مِن الأختلافات حول أساليب وطقوس العبادة لتمييز دينك الجديد عن الأديان السابقة، فالناس سوف تُصدقك وتتبع دينك أو طائفتك الدينية الجديدة طالما أنك تدفع الأموال للبعض منهم، وسيقوم المستفادون منك بتولّي الترويج للدين أو الطائفة الدينية الجديدة مع قيامهم ذاتياً بإختراع الكثير من الأكاذيب لتبرير أو إقناع الناس بالدين أو الطائفة الدينية الجديدة!
الثاني:
سأفترض صحة نظريتك وما تعتقده حول قدرتك على تأسيس دين أو طائفة دينية جديدة ولأتساءل هل إنك فعلاً ستعمل على تحقيق الأخلاق الحسنة التي ذكرتها بين أفراد مجتمعك فيما لو أتيحت لك فرصة تأسيس دين جديد أو طائفة دينية جديدة؟
الأستاذ صاحب السؤال:
عموماً أنّ الدعوة الى الأخلاق الحسنة هو أمر أساسي في مباديء كل الأديان والطوائف الدينية رغم نسبية تفاصيل تلك الأخلاق، لكن العمل الفعلي لتحقيق الأخلاق الحسنة لا يَخدم فعلياً موؤسسي أو رجال أيّ دين أو طائفة دينية قديمة أو حديثة، فوجود نظام إداري وإقتصادي وقانوني حديث يعمل على بناء وإدارة مجتمع متكافل يضمن العيشة الكريمة للجميع سيؤدي الى إفلاس رجال الدين ومعابدهم، وبالمناسبة فأني أتساءل هنا:
هل رأيتما طيلة حياتكُما رجل دينٍ أو إنسان ملتزم دينياً أو مذهبياً وهو يتصرف بِعدلٍ وحُسنِ خُلِقٍ حينما يكون هو طرفاً في تنافس أو نزاع ما؟
الثاني:
دعونا أولاً نتفق على أنّ الأخلاق الحسنة تعني أن يقوم الإنسان بالتعامل مع غيره من البشر بنفس الطريقة التي يتمنى هو أنْ يعاملوه بها، فالإنسان يتمنى مثلاً أنْ لا يحتال الآخرون عليه، لذا فأن هذا الإنسان سيكون ذو أخلاق حسنة لو لا يحتال هو الآخر على غيره من البشر وهكذا.
الأخلاق الحسنة للإنسان تكون حينما لا ينتقص الإنسان من حقوق الآخرين المماثلة لحقوقه، بينما يتمّ وصْف الأخلاق المتميزة لأنسانٍ ما حينما يتنازل ذلك الإنسان عن بعض حقوقه متطوعاً ودون مقابل من أجل مساعدة أو إنقاذ الآخرين، كما يتمّ وصْف الإنسان بالأنانية في حال حاول التجاوز على بعض حقوق الآخرين المماثلة لحقوقه وقد يتضخّم الوصْف الأخير الى مستوى الجريمة في حال حاول الإنسان الإنتقاص أو مصادرة حقوق الآخرين المماثلة الى حقوقه.
التكوين العضوي للإنسان مع مجموعة تأثيرات ما يحيطه به في فترات الطفولة والمراهقة من ظروف إقتصادية وإجتماعية وثقافية هو الذي غالباً ما يحدد درجة جوّدة الأخلاق المُتوقعة لذلك الإنسان حين نُضوجه، لذا غالباً يكون من الخطأ توقُع أنْ يُغيّر إنسان سُوءَ أخلاقه بمجرد التزامه الديني أو عمله في مهنة دينية، مثلما ثبِتَ لي بأنه غالباً يكون مِن الصحيح تَوقُع أنْ لا يتغيّر الإنسان ذو الأخلاق الحسنة الى إنسان سيء الأخلاق لمجرد عدم التزامه دينياً أو عدم عمله في مهنة دينية.
الأول:
طبيعة كل إنسان تُملي عليه تحقيق مصالحه الذاتية دائماً، لكن ما يُميّز درجة الأخلاق الحسنة عند إنسان ما عن غيره، هو أنّ الإنسان ذو الأخلاق الحسنة يُحقق مصالحه الذاتية الى الحدود التي لا يتجاوز فيها على المصالح الذاتية المماثلة للآخرين.
الثاني:
ما توصلتُ اليه مِن تجربة خمسة عقود من العُمْر هو أنّ أسوء مواقف التجاوز المُتوقعة على الحقوق الآخرين في أغلب المجتمعات الشرقية ولاسيما مجتمعات الشرق الأوسط منها هي غالباً تلك التي تحصل حينما يكون بعض رجال الدين أو بعض الأشخاص الذين يدّعون الإلتزام الديني أو المذهبي طرفاً في صراع أو نزاع مع الآخرين، وذلك حينما يلجأ رجل الدين أو الشخص الملتزم دينياً بصورة مقصودة أو غير مقصودة الى شتى سبل اللف والدوران للنيل من حقوق الطرف المُتنازع معهم عكس ما هو مُفتَرض تماماً في أخلاق وسلوك رجل الدين أو الشخص الملتزم دينياً.
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الأول من مقال ( حوار صريح جداً ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترمُ جداً هذا الدين) والمنشور في اسواق الكتب عالميا عام 2021 بأكثر من تسع لغات واسعة التداول.

نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكريا وسياسياً

[/size]

9
هذا الانسان مُثقف فعلاً  -16-

في أحد أيام عام 2020 وفي أحد المَقاهي الشعبية المُكتضة بزبائنها في العاصمة العراقية بغداد، صادف أنْ جلسْتُ قريباً مِن مجموعة تتألف مِن خمسة شباب يرتدون الزيّ الجامعي وكانوا يحتسون الشاي وهم يتناقشون حول مسائل تتعلق بمَديات التشابه والإختلاف بين الأديان والمذاهب الدينية للمجتمعات البشرية.
أهمية الموضوع وجديّة النقاشات والأحاديث الجارية بين اولئك الطلبة أرغمتني على البقاء مُستمِعاً الى معظم تفاصيل نقاشاتهم مع تظاهري بقراءة الصحيفة اليومية التي كنتُ قد إصطحبتها معي.
لاحظتُ أنّ الشاب الجامعي الذي كان يُجاورني يُكثِر الإشارة الى آراء المثقفين حول مواضيع النقاش، وذلك ما حفّزني الى الهمْس في أذنه مستأذناً وراجياً منه إجابتي عن ما يعنيه بـ (المُثقف) نظراً لِسعة وكثرة المعاني التي قد تَعنيها هذه الصفة، لكنّ همسي بأذن ذلك الشاب الجامعي أثار إنتباه كل زملائه المحيطين به مما جعلهم يلتزمون الصمت لمعرفة ما يجري، فألتفتَ حينها ذلك الشاب الى وجهي مبتسماً وبدأ يُجيبني بصوت عالٍ وكأنه يريد أنْ يُعلِم زملاءَه بتفاصيل ما همستُ به اليه، فقال:
(المُثقّف الذي أقصدهُ أو الذي أنقل آراءه ليس هو مَنْ لديه قدرات ومؤهلات أو إطّلاعات واسعة في أحد أو عدد مِن التخصصات الدينية أو الفلسفية أو التراثية أو العلمية أو الإدارية أو القانونية أو الأدبية أو الفنية حسْب، وأنما هو الإنسان القادر على الحُكْم بحيادية على نفسه حينما تعترضه حالة صراع مع الآخرين حول مَصالح مادية أو دينية أو إجتماعية، فأنا أرى أنّ درجة حيادية الإنسان في إتخاذ الرأي أو القرار هي التي تُقرر مدى ثقافته.
قدرة الإنسان على الحُكم على نفسه بحيادية حينما يكون طرفاً في نزاع تتطلب منه معرفة عامة بشتى الجوانب الذهنية منها والعلمية والإنسانية مقرونة بالشجاعة والنزاهة في إتخاذ الموقف الأقرب الى الصحة أو العدل حتى لو بدى ذلك الموقف مُضّراً بمصالحه.
المثقف وبإختصار شديد هو الإنسان الذي تكون آراؤه وأفكاره ناتجة مِن قدرة ذلك الإنسان على تفهم وإدراك حالة وشعور ومصالح الطرف الآخر المتصارع معه أو المختلف عنه سواءاً أكان الطرف الآخر فرداً واحداً أو مجموعة كائنات حية، فالإنسان القادر على فعل ذلك يكون أقرب الى الحيادية والعدل حينما يتخذ أيّ قرار بشأن الطرف الآخر.
قدرة الإنسان على تفهم وإدراك حالة وشعور ومصالح الطرف الآخر المُضاد تعني أنْ يتصور ذلك الإنسان نفسه وكأنه هو الطرف الآخر تماماً، وحينها سيكون رأيّ أو حُكْم الإنسان حيادياً فعلاً، وعندها أستطيع أنْ أصفَ ذلك الإنسان بأنه إنسان مثقف جنباً الى جنب وصفه بأوصاف أخرى كالعدل والشجاعة والتضحية والفِطنة وغيرها مِن صفات المهمة الحَسِنة.
هناك الكثير مِن رجال الدين والعلماء والأطباء والمهندسين والقضاة والإداريين والسياسيين والأدباء والشعراء والفلاسفة والفنانين البارعين في تخصصاتهم لكنهم ما أن يكونوا طرفاً في نقاش أو تنافس أو صراع ما، فأنهم ينحازون الى أنفسهم دون أنْ يُحاولوا البحث في أدمغتهم عن ما سيكون رأيهم أو قرارهم لو أنهم تخيّلوا أنفسهم يعيشون تماماً مشاعر وأوضاع الطرف المُضاد أو المُنافس أو المُصارع لهم.
كثرة المثقفين الذين يتّصِفون بما ذكرناه يؤدي الى حالة إنسانية مِن الإنسجام المجتمعي تقود الى تقدم في شتى مجالات الحياة في ظل سواد العدل والمساواة والحرية).   
الشاب الجامعي إسترسل في الإجابة قائلاً:
(للمثل أقول لك، كثيراً ما تجد في مجتمعاتنا الشرقية ولاسيما العربية منها شخصاً يحمل شهادة الدكتورا في تخصصٍ ما مثلا، وهو ينتقد بقوة وربما بسخرية القصص الخرافية والأحكام اللامنطقية الموجودة في ديانة أخرى أو مذهب ديني آخر غير الذي يعتنقه، لكنه ما أنْ يُواجهه شخص آخر بوجود قصص خرافية وأحكام لامنطقية مماثلة في الديانة أو المذهب الديني الذي يرثه أو يعتنقه ذلك الدكتور حتى يَثور هذا الأخير غاضباً وليستثني ديانته أو مذهبه الديني من هكذا نقدٍ مُعتبراً أنّ ديانته أو مذهبه الديني شيء آخر وأنّ القصص الخرافية والأحكام اللامنطقية الموجودة في ديانته أو مذهبه الديني هي صحيحة ومُرسلة مِن الله!
أرى أنّ مثل هذا الدكتور قد يكون فاهِماً في تخصصه العلمي أو الأدبي لكنه لا يمكن وصفه بأنه إنسان مثقف، فلو كان مثقفاً لكان أدرك بأننا لمْ نختار ديانتنا ومذهبنا الديني بل نحن ورثنا إنتماءنا الديني والمذهبي مِن أهالينا.
مع الأسف الشديد هناك الكثيرون من أمثال هذا الدكتور في مجتمعاتنا الشرقية وفوق كل هذا تَراهم في نقاشات الأديان والمذاهب الدينية يَقولون بأنهم لو كانوا ولِدوا مِن عوائل تعتنق ديانة أو مذهب ديني غير الذي يعتنقونه الآن فأنهم كانوا سيُغيرون ديانتهم أو مذهبهم الديني الى الديانة أو المذهب الديني الذي يعتنقونه الآن فعلاً، وهنا أقول أنّ أمثال هؤلاء الأفراد لا يكفي أنْ أعتبرهم  ليسوا بمثقفين وأنما قد أصِفهم بالغباء أيضاً ومهما كان تحصليهم العلمي أو الأكاديمي، بل أني أعتقد أنّ كثرة وجود أمثال هؤلاء الأفراد في مجتمعاتنا الشرقية هو أحد أهم أسباب بقائنا في مؤخرة الشعوب تحضُراً ومَنْحاً لحقوق الإنسان فيها).
بعد ثوان مِن الصمت والتأمل واصل الشاب الجامعي الإجابة مُستغلا إنّصاتي العميق له:
( أمثال هذا الدكتور الذي نتحدث عنه في مجتمعاتنا الشرقية ذات الموروث الديني المؤثر في سلوك أفرادها يظِنون نفْسيّاً أن ديانتهم أو مذهبهم الديني الموروث من الآباء والأجداد هو فعلاً أفضل  كل الأديان والمذاهب في حين أنّ حقيقة الأمر هو أنهم لاإرادياً يعملون على الدفاع عن مصالحهم المرتبطة بإنتمائهم الديني أو المذهبي في مجتمع متخلف يُميّز بين إنسان وآخر وفقاً لنوع الإنتماء الديني، أو أنّهم يُدافعون عن ما يستثمرونه في ديانتهم أو مذهبهم الديني من جهود الصلاة والصيام ومساهمات مادية أخرى حيث يحرصون أنْ يكون إستثمارهم في المجال الصحيح والذي سيدرّ عليهم بالفوائد التي ستنهال عليهم من الله.
أنا إنسانٌ أدرك واتمنى وجود الله، كما أني أدركُ حرية كل مَنْ يعتقد بأفضلية ما ورثه مِن دين أو مذهب  ديني، لكني أعارض بشدة كل مَنْ يُحاول أنْ يُعطي لنفسه إمتيازات تُفضِلّه على غيره مِن البشر وفقاً للإنتماء الديني أو المذهبي، كما أعارضُ بشدة كل مَنْ يُحاول أنْ يَفرضَ آراء أو أحكام ديانته أو مذهبه الديني على الآخرين).
ثم تابع الشاب الجامعي حديثه قائلا:
( لو كان ذلك الدكتور مثقفاً فعلاً لأدرك بأنه لو كانت كل الأديان أو المذاهب الدينية ظهرتْ في القرن الحادي والعشرين فما كان أحداً ليُصدّقها).
وعن رأيه بما يقوم به البعض مِن تغييرٍ في إنتمائهم الديني والمذهبي قال الشاب الجامعي:
(ما يُؤسف له أنّ الكثير مِن أفراد مجتمعاتنا الشرقية يُصدّقون ما يسمعون أو يقرأون حول قيام شخص ما بتغيير ديانته أو مذهبه الديني الى ديانة أو مذهب ديني آخر لمجرد إطلاعه على جملةٍ أو فعلٍ يخص الديانة الأخرى أو المذهب الديني الآخر، في مشهدٍ هو أقرب للتمثيل عن كونه حقيقة.
تابعتُ وتقصيّتُ المئات مِن حالات مَنْ غيّروا دياناتهم أو مذاهبهم الدينية في عصرنا الحالي فوجدتُ في جميعها ودون إستثاء أسباباً وظروفاً خفيّة يتمّ التعتيم عليها بقصد أو غير قصد، وكما في الأمثلة التالية:
1.   ظرف جنّسي أو عاطفي يَمرّ به شخص يَعشق أو يَودّ الزواج بطرف آخر مِن ديانة أو مذهب ديني آخر فيضطر الى تبديل دينه أو مذهبه تقرباً مِن الطرف الآخر وأحياناً قد يكون غير مسموحاً  له الزواج بذلك الطرف الآخر لو لمْ يُغيّر ديانته أو مذهبه الديني، وهكذا ربما تجِد أنّ هذا الشخص الذي غيّر دينه أو مذهبه يُقنِع نفسه أحياناً بأنه فعلاً وجِدَ الديانة أو المذهب الديني الصحيح، وبعدها ترى الإعلام والناس يتناقلون قصة إيمان ذلك الشخص مع التعتيم على قصة الظروف العاطفية أو المصلحية التي مرّ بها.
2.   ظرف مادي و مصلحي يمُر بالأنسان، فقد يحدث أحياناً أنْ تجد إنساناً فقيراً أو متعَباً وهو يلاقي مَنْ يَعرض عليه مساعدة مالية كبيرة جداً أو فرصة عمل مُغرية لقاء تغيير ديانته أو مذهبه الديني، وهكذا يُغيير ذلك الإنسان ديانته أو مذهبه الديني وتتناقل الناس خبر إعتناقه للدين أو المذهب الديني الجديد وكأنه أعتناق طوعيّ نتيجة الإيمان بالدين أو المذهب الجديد ودون الإشارة أو التلويح الى السبب الحقيقي وراء ذلك التغيير.
3.   كما مِن المُمكن أنْ تجِد أسماء شخصيات عامة معروفة كأن يكون بطلاً رياضياً معروفاً أو ممثلاً أو فناناً أو كاتباً مشهوراً يتظاهر بتغيير ديانته أو مذهبه الديني لمجرد الحصول على المزيد مِن الأموال المُغرية والضخمة بينما يتم تناقل خبر تغيير ديانة أو مذهب ذلك الشخص المعروف أو المشهور في وسائل الإعلام لسنوات أو عقود مع التعتيم على السبب الحقيقي لقيام ذلك الشخص المشهور والمعروف بتغيير ديانته أو مذهبه الديني.
4.   كما يحصل أنْ يدّعي العديد مِن الشباب مِمَن يُهاجرون مِن بلدان الشرق الأوسط بحثاً عن الحرية والحياة الكريمة تغيير ديانتهم لغرض تسهيل عملية حصولهم على اللجوء الإنساني في دُول غربية طالما أنّ مجتمعات الشرق الأوسط معروفة بقيامها بسجن أو نبذ أو تهديد أو قتل الإنسان فيها حال قيامه بنقد أو تغيير مذهبه او ديانته الموروثة إجتماعياً.
5.   واخيراً قد يحصل عند بعض الشباب الشرقيين أنْ يُعانوا مِن الضغوط الدينية والمذهبية القاسية والخانقة لحريتهم الإنسانية والفكرية الى الدرجة التي تجعل اولئك الشباب يهربون مِن ديانتهم أو مذاهبهم الدينية الى أيّ ديانة أخرى تمنحهم مجال حرية أفضل وحقوق إنسانية أوسع).
أنهى الشاب الجامعي الإجابة على تساؤلي وليتجه بعدها لمواصلة نقاشاته حول (الأديان) مع زملائه الآخرين، بينما بقيتُ جالساً أرتشف فنجان قهوتي وأنا مُتمتع بمواصلة الإستماع الى أحاديث الشباب الجامعي حول الأديان، تلك الأحاديث التي قد لا أستطيع بسهولة سماع مثيلاتها نُضجاً في أماكن إجتماعية أخرى مِن مجتمعاتنا الشرقية المعروفة بتقييدها لحرية الفكر والتعبير.
خلاصة ما فهمته مِن ذلك الشاب الجامعي هو أنّ (المثقف) هو كل إنسان يمتلك قدرة فكرية وأخلاقية تجعله ينجح في معاملة الآخرين بمثل ما يتمنى هو أنْ يعاملوه في كل مجالات الحياة المادية منها والإجتماعية وبضمنها الجانب العطفي والجنسي ، فكلما أرتفعت درجة كفاءة الإنسان في معاملة الآخرين بمثل ما يتمنى هو أنْ يعاملوه أزدادت درجة ثقافته، فإذا بلغ الإنسان أقصى درجة عدْل في تعامله مع الآخرين أصبح إنساناً مثالياً في أنسانيته وثقافته، والعكس صحيح فكلما قلّتْ درجة العدْل في تعامله مع الآخرين نسبةً لما يتمنى هو أنْ يعاملوه تراجعتْ درجة إنسانية وثقافة ذلك الإنسان، أما إذا بلغ الإنسان درجة واطئة في معاملة الآخرين عدلاً أصبح ذلك الإنسان أنانياً، وقد يصبح مذنباً أو مجرماً فيما لو وصل درجة واطئة جداً في سوء تَعامله مع الآخرين، بينما قد يصبح الإنسان مُثقفاً ونبيلاً وقائداً متميزاً في إنسانيته وثقافته وعدْله فيما لو فضّل التضحية ببعض حقوقه أو التقصير على نفسه في ميزان العدْل في تعامله مع الآخرين!
يتبع ..
أعلاه هو نص مقال ( مثقفو العالم ) من كتابي الموسوم بـ ( أحترم ُ جداً هذا الدين ) والمنشور في اسواق الكتب العالمية بأكثر من تسع لغات واسعة التداول.
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكريا وسياسياً
 

[/size]

10
أول ديانة في أول دولة -12-

وفقاً لمصادر عديدة، فإن جنْس الإنسان القديم تطوّر وراثياً قبل ما يُقارب المائتي ألف سنة الى النوع الشبيه بإنساننا الحالي، ومنذ حينها أدركَ دماغ الإنسان حتميّة الموت، كما بدأ ذلك الدماغ بالبحث عن طريقٍ يُعيد الحياة للإنسان بعد الموت، الا إنّ قدرات الدماغ البشري كانت وما تزال لغاية يومنا هذا غير قادرة الى الوصول الى سِرّ الحياة والموت، مثلما هي غير قادرة على إيجاد طريق العودة الى الحياة بعد الموت.
تركيبة الدماغ البشري، لم يكن بمقدورها سوى إدراك الخيار الوحيد الماثل أمامها والذي يَفترض حتميّة وجود قوة عظيمة وخارقة وغير مرئية تسمى (الله)، وأن هذه القوة العظيمة هي التي خلقتْ الإنسان والكائنات الحية والأرض والسماء، وأنها القوة الوحيدة القادرة على إعادة الإنسان الى الحياة بعد الموت.
نظراً للحاجة الغريزية لدماغ الإنسان للإتصال بالقوة الخالِقة المُفترضة والمسماة بـ (الله)، فقد قام الإنسان بصُنع أو نحْت تماثيلٍ أو أصنامٍ مِن الخشب أو الطين أو الحَجَر وليتخيّل أنها تُمثل آلهة حقيقية أو أنها قادرة على إيصال أمنياته ورغباته الى (الله)، وليتوسل مِن تلك الآلهة الحماية من متاعب الحياة ومخاطر الطبيعة وكائناتها الحية، أضافة الى تمنّي العوّدة الى الحياة بعد الموت في ممارساتٍ إجمالية يُطْلق عليها كلمة (العِبادة) والتي تعني العلاقة بين الـ (عبْد) الضعيف الذي يتمثل بالإنسان وبين الـ (السيّد) القوي ذو القوة السحّرية الخارقة والقادرة على فعل كل شيء خارج حدود أمكانية البشر والمتمثل بـ (الله)، والى هنا فأنا لا أعتبر أنّ هذه المرحلة مِن قيام الإنسان بصنع الآلهة هي المرحلة الكاملة لظهور الأديان في التاريخ البشري، طالما أنّ إفتراض الإنسان لوجود (الله) وقيامه بعبادته وتمنّي ما يريده منه لمْ يكنْ ذا تأثير واضح ومُلْزِم على بقية الآخرين مِن الأفراد المتعايشين معه، وأنما كان إعتقاد هذا الإنسان بوجود (الله) يُساهم فقط في أستقراره النفسي ذاتياً عند المصاعب التي يمرُ بها خلال حياته، حيث أنّ لجوء الإنسان الى التمنّي والتودد الى التماثيل والأصنام الملموسة كان يُعطيه أملاً نفسياً قوياً بحتميّة وجود قوة سحرية عظيمة تستطيع مساعدته في التخلص من المصاعب التي كانت تُجابهه، ولذا فأني أقول أنّ إفتراض الإنسان لحتمية وجود خالق للبشر وللكائنات الحية وللأرض والسماء والشمس والقمر والنجوم كان بسبب حاجةِ دماغه الى الإعتقاد بكل ما مِن شأنه أنْ يُساعده في مقاومة متاعب الحياة والتفاءل بوجود حياة أخرى جميلة بعد الموت، ومَنْ يدري؟ فقد يكون ذلك الأفتراض صحيحاً!
أرى أنّ مهنة أو منظومات (الأديان) ظهرت في حياة الإنسان بشكلها ومضمونها المُؤثر إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً حالَ تَحوّل عِبادة الإنسان لـ (الله) مِن مُجرد محاولة فردية للإنسان للإتصال بالخالق المُفترض لتمنّي الرحمة والمساعدة والحماية، الى مجموعةِ أعرافٍ وطقوس وأنظمةٍ وقوانينٍ تتحكَم بسلوك وعلاقات جميع أفراد المجتمع بإعتبار أنها أوامر صادرة من الله ويتحتم على الجميع الألتزام بها.
لتوضيح كيفية ظهور أو ولادة أو تأسيس مِهنة أو منظومة الأديان بين بَشَر الأرض نقول بإختصار بالغ ما يلي:
قبل ما يقارب الخمسة آلاف عام فقط من أيامنا هذه، حقق الدماغ البشري طفْرة نوعية ومفصليّة كبيرة جداً في التطوّر حينما تمكن الإنسان من الإستقرار في الأماكن الزراعية والتوجّه نحو تربية الحيوانات والصناعة اليدوية للملابس ومواد البناء مما مهّد لظهور العوائل بشكل واضح وواسع، كما واصل الدماغ البشري تطوّره حينما تمكن مِن إنجاز العديد مِن الإكتشافات والإختراعات العلمية المهمة ومنها مثلاً أختراع أجهزة قياس الزمن والعجلة وإبتكار الكتابة وأساليب الريّ وإكتشاف وأستخراج المعادن وتصنيع العُدد اليدوية المعدنية، وإبتكار وتصنيع العملة النقديّة التي حلّت محَل نظام التعامُل بالمُقايضة.
تزايد عدد أفراد المجتمع ووجود (المال) أدى الى ظهور واضح لأغلبية فقيرة ولأقليّة غنيّة، حتى تمكنَ الأغنياء من بيع وشراء أطفال وشباب ونساء الفقراء كأي بضاعة أخرى بإعتبارهم عبيداً لدى السادة الأغنياء، وأرى أنّ حينها إبتدأ أول صراع طبقي في التاريخ البشري، ولم يكن أمام الأغلبية الفقيرة وسيلة لإنصافِ نفسها وتخليصها من إعتداءات الأقلية الغنيّة سوى زيادة اللجوء الى عبادة التماثيل والأصنام التي صنعوها لأنفسهم وسيلة للتواصل مع (الله) وقت ما كانوا يُعانون مِن متاعب الطبيعة من حر وبرد وجفاف وعواصف وفيضانات وحيوانات مفترسة أضافة الى متاعب الموت المحتوم. 
إزدياد حاجة أغلبية أفراد المجتمع الى اللجوء الى عبادة التماثيل والأصنام التي تُمثّل الآلهة أدى بالبعض من الأفراد الى إمتهان مهنة مربحة جداً وهي مهنة صُنْع تلك التماثيل والأصنام وبيعها بعد الترويج للقوة السحرية الخارقة لتلك التماثيل والأصنام الدينية أضافة الى بناء وإدارة أماكن العبادة التي تحوي تلك التماثيل والأصنام، وهنا أود التنبيه الى أن إستعانة الإنسان بـتماثيل وأصنام (الآلهة) المتعددة وذات التسميات المختلفة والمرتبطة بحاجات الإنسان كإله الشمس وإله القمر وإله العدل وإله المطر وإله الخصوبة وغيرها كان يعني الإستعانة بالقوة العظمى الغير مرئية الخالقة والمتحكمة بالإنسان والأرض والسماء والمعروفة في زمننا الحالي بـ (الله).
بناء وإدارة دُور وأماكن العبادة كانت مهنة مربحة جداً، كما هي الآن تماماً، حيث يزور الفقراء والضعفاء أماكن العبادة تلكْ حاملين معهم هداياهم الى الآلهة أملاً في قيام تلك الآلهة بتمكين اولئك الفقراء والضعفاء من مواصلة البقاء على قيد الحياة، بينما يزور أماكن العبادة تلكْ الأغنياء أيضاً حاملين معهم هدايا غالية الثمن أملاً في قيام الآلهة بزيادة غِناهم أضعافاً مُضاعفة، وإنْ كان ذلك بمصادرة حقوق وكرامة المَزيد مِن الفقراء والضعفاء. 
نعم، قبل ما يقارب الخمسة آلاف عامٍ وبعد إبتكار الإنسان لوسيلة العُمْلة النقدية المعدنية (المال) في حياته التجارية اليومية، قام بعض الرجال الأذكياء من الباحثين عن الكثير مِن (المال) بأقصر الطرق بإستغلال وجود التماثيل والأصنام التي تُمثل الآلهة في مجتمعاتهم البدائية والخالية من أي شكل من أشكال الحُكم والإدارة ولِيُعلنوا بأنّ تلك الآلهة إتصلتْ بهم بشكل سِرّي طالِبةً منهم التَسيّد على أفراد مجتمعاتهم وتطبيق الأحكام والشريعة الإلهية المُرسلة اليهم سريّاً، وهذا ما يُعتبر أول ولادةٍ لمهنة أو منظومة (الدين) في التاريخ البشري، بإعتبار أنّ معنى كلمة (الدين) لا يقتصر أبداً على مُجَرّد الإعتقاد الشخصي بوجود خالق دون وجود أعرافٍ وطقوس وأنظمةٍ وأحكامٍ يلتزم ويتحدد بها الأنسان سواءاً مع نفسه أو مع الآخرين.
أرى أنّ ظهور أول (الأديان) في التاريخ الإنساني على يدّ المُلوك مِن (رجال الدين) في المجتمعات البشرية القديمة كان يُمثّل أيضاً قيام أول أنظمة دولة وسياسة في التاريخ البشري، حيث تمكن اولئك المُلوك مِن سَنّ وتطبيق أول نظام سياسي وأداري ومالي وقانوني للتحكُم بحركة أفراد المجتمع بحُججٍ وسُلّطة دينية.
أول الأديان في التاريخ البشري وُلِدَتْ على أيّدي مُوؤسسين دينيين إرتدوا لباس الملوك في مجتمعات شرقية بدائية، وكان ذلك هو أول إنتقالٍ للإنسان من المرحلة القصيرة في التاريخ البشري والمتّسمة بالنزاعات الفردية والعائلية حول (المال)، الى مرحلة التَحَكُّم المَركزي في النزاعات الإقتصادية والإجتماعية لعموم أفراد المجتمع.
جميع الملوك والقادة الذين وضعوا أوائل النُظم الإدارية والقانونية في تاريخ المجتمعات البشرية قاموا بأنجاز ذلك تحت غطاء الأديان والآلهة، وجميع اولئك الملوك والقادة قاموا بتوسيع وزيادة عدد المعابد الدينية، كما قاموا بتشغيل الكهنة والحراس وأفراد الجيش والخدم والعبيد والجاريات لديهم، كما قام جميع اولئك الملوك والقادة بمنح أنفسهم كل الإمتيازات التي تمكنهم من زيادة سلطتهم وثرائهم وقوتهم ومتعتهم الجنسية، وكان ذلك حافزا قوياً لتوارث مِهن الملوك والقادة عائلياً.
ظهور أي مملكة في مجتمع بشري بدائي غالباً ما كان يُحفّز لظهور ممالك أخرى في المجتمعات المجاورة، ولتنشأ بعدها الصراعات العسكرية بين الملوك من أجل إستيلاء أحدهم على أراضي وأفراد وممتلكات الآخر في طمعٍ متصاعد من أجل الحصول على المزيد من السلطة والأراضي والثروات والعبيد والنساء.
نستنتج من الكلام أعلاه، أن ظهور (المال) في لأول مرة في حياة الإنسان قبل ما يقارب الخمسة آلاف سنة هو الذي أدّى الى ظهور (الدين) لأول مرة في التاريخ البشري مُتمثلِاً بمهنةٍ أو منظومةٍ فيها مجموعة أحكام وقوانين تمّ فرضها على كامل المجتمع مِن قِبَل قادة أو زعماء أو ملوك إدّعوا أنهم يستمدون سلّطتُهم وأحكامَهم مِن (الله) الذي تَرمز له حينها مجموعة أصنام أو تماثيل دينية.
نستنتج من كلامنا أعلاه أيضاً، أنّ نشوء الأديان الأولى في التاريخ البشري حدث حال قيام بعض الأشخاص الباحثين عن المزيد من المال بِمنْح أنفسهم صفة الملوك الذين تَجِب إطاعتهم نظراً لأنهم يشرّعون ويطبّقون أوامر وقوانين إلهية، مثلما منَح اولئك الملوك أنفسهُم حق تَملُك كل ما يَحلو لهم من أموال ونساء وعبيد، وهكذا يمكننا القول أنّ ظهور نظام الدولة وظهور الدين وظهور رجل الدين كان حالة واحدة ذات ثلاثة أبعاد لا يمكن منْح الأسبقية لأيّ بُعدٍ منها على الآخر، وهكذا فأن ولادة ظاهرة أو مهنة الأديان كان أحد النتائج البارزة لإبتكار الإنسان لوسيلة (المال) للتعامل اليومي مع بقية البشر المحيطين به.   
التنقيبات الآثرية في مختلف أنحاء العالم أستطاعتْ العثور على عدد من الآثار التي تدُلّ على نشوء الديانات والممالك الأولى في التاريخ الإنساني، فالآثار التي تمّ العثور عليها في العراق هي أكثر تلك الآثار قِدماً لغاية الآن، فقد تمّ العثور على آثار طينية وحجرية عديدة كُتبتْ فيها قوانين مَمالك نشأت في بلاد النهرين (العراق ومناطق من الدول المحيطة به حالياً)، وتمكن علماء الآثار مِن فَكّ رموز اللغات التي كانت مكتوبة في تلك الآثار، ولاحظ الآثاريون أنّ جميع تلك القوانين كانت تنصّ على رغبة الملوك في تنظيم أمور مجتمعاتهم وفرض (العدْل) فيها، لكن مفهوم ذلك العدل لم يكن مثل مفهوم العدل في زمننا هذا، حيث أنّ العدل في نظر اولئك الملوك أو رجال الدين هو في التمييز بين حقوق وواجبات إنسان وآخر وفقاً لحالته المالية أو الطبقيّة.
يَعتبِر أغلب الآثاريين في العالم إن شريعة (حمورابي) الآثارية، والعائدة الى مملكة بابل التي نشأت وسط العراق في الألف الثاني قبل الميلاد، تحوي أنضج وأقدم مواد قانونية مكتوبة عُثِر عليها بين كل آثار مناطق الأرض المختلفة، وربما كانت تلك الشريعة قد أستفادت من تجارب شرائع ممالك عراقية سابقة، لكنها في النهاية نجحت في أن تكون أفضل أقدم شريعة قانونية ناضجة وشُبه متكاملة في التاريخ البشري نسبة الى زمن ظهورها، فهذه الشريعة تتألف من 282 مادة قانونية تُعالج أمور القضاء، وشوؤن الإحتيال والسرقة، وأمور الجيش، وشوؤن الزراعة، والبيع والشراء، وشوؤن العائلة وحقوق وواجبات الأفراد، وأمور الغرامات والعقوبات، وأجور العمل، وحقوق وواجبات الجواري والعبيد وغيرها من الأمور الضرورية والمناسبة لتغطية التحكُم في تفاصيل الحياة الأجتماعية والإقتصادية والدينية اليومية لمجتمع الزمن الذي سُنّت فيه تلك القوانين.
النسخة الأصلية لشريعة حمورابي معروضة حالياً في متحف اللوفر بباريس، وهي مكتوبة بطريقة الحَفْر على إسطوانة حجرية أثرية متينة يبلغ وزنها أربعة أطنان، ويبلغ طول هذه الإسطوانة الحجرية 225 سنتمتراً وقطرها 60 سنتمتراً، ونُحِتتْ في أعلى الأسطوانة صورة الملك حمورابي وهو يتسلم القوانين من إله العدل أو إله الشمس، وحُفِرت تحت صورة الملك حمورابي مقدّمة تُوضح للقاريء بطريقة أدبيّة أنّ قوانين وأنظمة هذه الشريعة مُسّتمدة مِن الآلهة وأن الجميع مُطالب بالخضوع الى الملك حمورابي وأحكامه، وأسفل تلك المقدمة تظهر المواد القانونية والبالغ عددها 282 وهي محفورة على الحجر الإسطواني، وهنا فإني أعتبر أن تاريخ سَنّ شريعة حمورابي في الرُبع الأخير من الألفية الثانية قبل الميلاد هو تاريخ ظهور أول ديانة في التاريخ وهو نفسه تاريخ ظهور أول رجل دين في التاريخ البشري وهو نفسه تاريخ نشوء أول نظام دولة في التاريخ.
قوانين شريعة أو (دستور)حمورابي تُوضح إن إله العدل في ذلك الزمن كان لا يُساوي في حقوق وواجبات الإنسان، وإنما يتميّز (السيّد) أو (الغنيّ) عن غيره من العامة ومن العبيد، حيث دائماً ما تُخفف العقوبات والإلتزمات على السيّد أو الغنيّ، كما إن قوانين حمورابي كانت تتبنى أسلوب (العين بالعين) و (السن بالسن) و (الكسر بالكسر) في أحكامها، إضافة الى إنها كانت قاسية جداً في محاسبة العبيد حيث إنها، مثلاً، تحكُم بقتل العبْد عندما يُحاول الهروب مِن سيّده!
في ختام هذ المقال، بإمكاننا القول إن ظهور أول نظام دولة وسياسة في التاريخ البشري المُتلازم مع ظهور أول دين وأول رجل دين في التاريخ كان بسبب بدء الصراع الطبقي في المجتمع حال ظهور العملة المعدنية النقدية (المال) في حياة الإنسان.
أول تأسيس لأول مهنة أو منظومة (دِين) في العالم كان أحد النتائج الرئيسية للصراع الطبقي الذي إبتدأ بوضوح في مجتمعات بدائية ظهرتْ فيها العملة النقدية (المال) لأول مرة، وقد مَنَحتْ تلك المهنة أو المنظومة لنفسها وبـ (إسم الله) الشرعية القانونية للتمييز بين الأغنياء والفقراء، فالفقير يُحاسب دائماً بأقصى العقوبات!
بمرور العقود والقرون والألفيات تكاثرتْ مِهْنة أو منظومات الأديان متطوّرةً بأفكارها وأحكامها وتشريعاتها الى الحدود التي تجعل منها أكثر قبولاً بين عامة الناس، وما الأديان والمذاهب الدينية الموجودة في عصرنا هذا الا إمتداد لتلك الأديان أو المنظومات الدينية التي إبتكرها الإنسان قبل ما يقارب الخمسة آلاف عام ولكن تحت أسماءٍ ومبرراتٍ متنوعة.
يرى أغلب مثقفي العالم أنّ الأديان لغاية يومنا هذا ما تزال تتكاثر ولكن بِصور الإنقِسام الى أصولٍ ومذاهب دينية جديدة والتي كانت لتكون ديانات جديدة لولا حالة تطوّر العلوم التي لا تتقبل المَزيد مِن أدّعاءات مِنْ يقول إنه الوكيل الجديد لـ (الله) على الأرض!
يتبع ..
أعلاه هو مقال ( أول ديانة في أول دولة ) من كتابي المعنون ( أحترم جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم.
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكريا وسياسيا



11
الأديان في الجنس والزواج -15-

كانت الإنثى هي المتضرر الأكبر من القيود التي فرضتها كل الأديان والمذاهب الدينية على النشاط العاطفي أو الجنسي الطوعي للإنسان، فتجريم أي نشاط عاطفي أو جنسي طوعي خارج حدود موافقة رجل الدين ساهم في حرمان نسبة كبيرة من الأناث من تلبية ما يحتاجه جسمهنّ وعواطفهن من نشاط جنسي ضروري، علماً أن العديد من نساء أغلب مجتمعات الشرق الأوسط  قد لا يحصلنّ بسهولة على فرصة زواج مُناسبة بسبب أحد أو عدد من العوامل التالية:
أولاً:
حرمان بعضهنّ عائلياً وإجتماعياً من حقوقهنّ الإنسانية في حرية إختيار الشريك المناسب.
ثانياً:
 قيام أهالي بعضهنّ بفرض مَطالب وشروط تعجيزية على الشريك لتزويجهنّ.
ثالثاً:
 فقر بعضهنّ الذي لا يُشجع الرجال على الزواج بهنّ.
رابعاً:
 قد تكون بعضهنّ لسْنّ بالجمال الذي يوفر لهنّ حظوظاً مناسبة للزواج.
خامساً:
ظروف الحروب وما تؤديه الى قلة أعداد الرجال نسبة الى أعداد النساء.
سادساً:
سوء الأحوال الإقتصادية وقلة فرص العمل بشكل لا يساعد الشباب على الإقدام على الزواج أو التكاثر.
سابعاً:
الإضطرابات السياسية والإجتماعية وما تؤديه الى هجرة الشباب من الذكور لبلدانهم.
 ثامناً:
أسباب أخرى مهمة وعديدة خاصة وذاتية عند الأنثى.

مُنوّهين الى أن التركيب العضوي للأنثى غالباً ما يجعلها غير قادرة على الإنجاب أو النشاط الجنسي الفعال عند بلوغها منتصف العقد الرابع من العمر بينما يحتفظ الرجل في نفس هذا السِن بِقدرةِ نشاط جنسي معقولة تؤهله للزواج والإنجاب، ناهيك عن أن فُرصة زواج الإمرأة المُطلّقة هي أقل كثيراً من فُرص الرجل المُطلّق.
أثناء زيارتي هذا العام لأحد البلدان الغربية، حدثني أحد المثقفين الشرقيين من المغتربين عن موضوعيّ (الدين) و (الجنس) في ثقافات المجتمعات البشرية قائلاً:
الرجل في جميع المجتمعات الشرقية الخاضعة للأحكام الدينية والمذهبية كان وما يزال ومهما تظاهر أمام مجتمعه بخضوعه وقبوله لتلك لأحكام الدينية المقيّدة لنشاطه الجنسي فإنه غالباً ما يتمكن من ممارسة بعض من نشاطه الجنسي والعاطفي خارج حدود الأحكام الدينية والمذهبية طالما أن عموم تلك المجتمعات الخاضعة للإتجاهات الدينية تَصطفّ بأحكامها مع إمتيازات (الذكور) عن الإناث، فمثلاً لا توجد أدلة عضوية بارزة لإدانة (الذكَر) الذي يمارس النشاط الجنسي خارج الأحكام الدينية بينما تقوم المجتمعات الدينية بمراقبة غشاء البكارة لدى (الأنثى) بهدف تجريمها وربما قتلها في حال تمزقَ ذلك الجزء من الجهاز التناسلي الأنثوي نتيجة ممارسة الأنثى لنشاطٍ جنسي خارج موافقة رجُل الدين.
ما هو مُؤسف جداً، بل ما يزيد في الطين بلّة هو أن أغلب مجتمعات الشرق الأوسط ذات الإرث والثقافة الدينية ما تزال تربط (شرَف) الأنثى بمدى إلتزامها بقيود رجُل الدين في حياتها الجنسية، في حين أن ثقافة وقوانين المجتمعات المتحضرة لا تُعارض مُطلقاً حرية الفرد في حياته الجنسية الخاصة، حيث يكون الفرد الغربي أنثى كان أم ذكراً حراً في الإلتزام أو عدم الإلتزام بأيّ أحكامٍ دينية أو مذهبية، كما أن عموم أفراد المجتمعات المتحضرة ترى أنّ مدى (شرف) الإنسان ذكراً كان أم أنثى لا علاقة له مطلقاً بموضوع نشاطه العاطفي والجنسي طالما أنه لا يفْرض ذلك على الآخرين، وأنما يرتبط (شرف) الإنسان بمدى صدّقه ومدى حرصه في عمله ومدى تضحيته من أجل حرية وكرامة الآخرين، ولذا فأن تسجيل أو توثيق حالة الزواج في المجتمعات المتحضرة يكون برغبة طوعية بين طرفي الزواج وذلك حينما يرغبان أنْ يَخضعا للضريبة بإعتبارهما طرف حسابيّ واحد أمام القوانين المالية والضريبية في الدولة التي ينتميان اليها. 
إنفتاح مجتمعات العالم في العصر الحالي على بعضها بسهولة عبر وسائل الإتصالات الحالية المتطوّرة أدّى الى أن الكثيرين من ذكور وأناث المجتمعات المنغلقة على الموروث الديني بدؤا بتفهم حقوق الإنسان في ممارسة نشاطه الجنسي الخاص، وهذا ما أدّى ويؤدي الى تواصل ظاهرة إنتحار العديد من النساء الشرقيات اللاتي يُعانينّ من الكبْت والحرمان العاطفي والجنسي واللائي يهربنّ بحياتهنّ يأساً من الظلم الذُكوري في عوائلهنّ ومن القيود والأحكام القاسية المفروضة عليهنّ دينياً وإجتماعياً ناهيك عن النساء اللاتي يتمّ قتلهنّ بسبب ممارستهنّ لنشاطٍ جنسي دون موافقة رجل الدين، مُنوّهين الى أن الجرائم المماثلة في قتل النساء تحصل لحد هذا اليوم بين صفوف بعض العوائل الشرقية اللاجئة في المجتمعات الغربية حيث تبقى آثار الموروث الديني والإجتماعي متأصلة بين ذكور تلك العوائل الشرقية.
رجال الأديان في بعض مجتمعات الشرق الأوسط المتخلفة حضارياً تعمل دائماً على الترويج الى أن منْح الإنسان حقوقه في ممارسة حياته الجنسية دون قيود رجال الدين كما في المجتمعات الغربية المتحضرة سيعني تفكيك الأسرة وستكثر الأطفال التي لا تعرف أباءها وستكثر ممارسات (الزنى) وممارسات الشذوذ الجنسي، وهنا يرى المثقفون الشرقيون أنّ رجال الدين ربما لا يستوعبون أنّ (ورقة) الموافقة التي يزوّدونها للراغبين بالزواج لا تستطيع أنْ تمنع الخيانة الجنسية، مثلما أنّ وجود أو عدم وجود ورقة رجل الدين لا يمنع الراغبين بإدامة حياتهم العائلية، كما يتناسى رجال الدين هؤلاء أنّ كل السيئات التي يُحذورن مِن حتمية حدوثها داخل المجتمع  لو لمْ يتم فرض القيود الدينية هي حاصلة فعلاً بصورة سريّة في مجتمعاتهم وبإعداد ونِسَب تفوق عشرات المرات عن تلك السيئات التي تحدث في المجتمعات الغربية وذلك وفقاً لبحوث ودراسات وأحصائيات متخصصة ومحايدة.
المثقف المغترب واصل حديثه معي بالقول:
نعم يتناسى رجال الأديان أن ما يسمّونه (الزنى) يحصل غالباً في المجتمعات التي يَسود فيها الموروث الديني، حيث تكثر في أغلب هذه المجتمعات النساء الفقيرات اللائي لا يجدنّ في النظام الديني سقفاً يأويهنّ ولا خبزاً يأكلنّه ولا دواءاً يُعالجهنّ، وفوق كل هذا فأنهنّ يُحرَمنّ مِن أيّ عاطفة أو نشاط جنسي، والأتعس من كل هذا هو أنهنّ حينما يتّجهنّ لبيع الجنس من أجل الحصول على المَسكن والغذاء والدواء فأنهنّ تصبحنّ مُحتقرات ومًجرِمات ويتم قتلهنّ، بينما نجد أنّ مَنْ تزني في المجتمع المتحضر فلأنها غالباً ما تريد لنفسها المزيد من المال وربما المزيد من المتعة، ورغم ذلك فلا أحد يحُق له أنْ يُجرّمها أو يَحتقرها طالما أنها تعمل بِعرقها كما يعمل أيّ إنسان في أيّ عمل آخر أو مهنة أخرى طالما أنها لا تسرق ولا تحتال ولا تجبر أحداً على شراء بضاعتها.
في مثال آخر، يتناسى أغلب رجال الدين الشرقيين أن كثرة عدد الأفراد البالغين في الأسرة الشرقية الفقيرة التي تسكن في بيت صغير لا يعني حتماً أو دائماً تماسُك الأسرة وإنما قد يعني ذلك غالباً إستمرار تضخم معاناة مثل هذه الأسرة الفقيرة بسبب عدم توفر ظروف إنسانية للمعيشة ناهيك عن كوْن مثل هذه الأسرة أرضاً غصبة لإحتمالات (زنى المحارم) في ظل الكبت والقيود الدينية والإجتماعية المفروضة على النشاط الجنسي الطبيعي للإنسان، لكن رجال الأديان ورغم كل هذه الوقائع يصرّون على إستمرار التدخُل في الحياة الجنسية الخاصة لأفراد أغلب المجتمعات الشرقية متذرعين بأحكام وأصول دينية عملت بها مجتمعات عاشت قبل آلاف السنين.
المثقفون الشرقيون يرون أنّ إصرار رجال الأديان على فرض القيود والأحكام الإجبارية على الحياة الجنسية الخاصة لأفراد مجتمعاتهم يُمثل محاولة لإستمرار بقاء منافعهم وسلّطة موؤسساتهم الدينية وليس حرصاً على تنفيذ أحكام الأديان، فإستغناء أفراد المجتمع عن إستحصال موافقة رجال الأديان في أمور حياتهم الجنسية والعائلية الخاصة قد يؤدي بعدها الى إستغناء اولئك الأفراد عن رجال الدين والمؤسسات الدينية وما قد يعنيه ذلك من إلحاق أضرار خطيرة بمنافع ومصالح الأغلبية العظمى من رجال الأديان، منُوّهين في صعيد آخر الى أنّ هناك نسبة كبيرة من رجال الأديان مِمّن تَفرِضُ عليهم قياداتهم الدينية أو المذهبية أوضاعاً أو شروطاً لا منطقية تكون سبباً مهماً في إعاقة عملهم بشكل كبير، حيث تقوم بعض القيادات الدينية في مجتمعات شرق الأرض وغربها مثلاً بِمنع الذي يُزاول مهنة دينية لديها سواءاً أكان رجلاً أو إمرأة من ممارسة الجنس طوال العمر، حيث تؤدي مثل هذه الأوضاع أو الشروط القاسية بِمُمتهِن مِهنة الدين الى حالة من المعاناة الإنسانية الصعبة جداً والتي غالباً ما تقوده لا إرادياً الى سوء التصرف مع رعيّته.
في مجتمعات الأنظمة العلمانية الغربية لا يحق لأحد التدخل في الحياة الجنسية الخاصة للإنسان البالغ، ويكون الإنسان حراً فيما لو أختار الحصول أو عدم الحصول على وثيقة زواجه من موؤسسة دينية أو رجل دين، لأن هذه الوثيقة الدينية في كل الأحوال لا تعني شيئاً لموؤسسات الدولة، بينما توفر الدولة وثيقة زواج رسمية لطرفيّ الزواج في حال رغبتهما الطوعية للحصول على تلك الوثيقة الرسمية التي تُوثق زوجهما لأغراض تخص التحاسب المالي والضريبي، وهكذا فأن توثيق الزواج في الدولة العلمانية لا يتعدى من وجهة نظر الدولة أكثر من كونه توثيقاً ورقياً يؤكد شراكة مالية بين طرفين، دون أن يعني ذلك أبداً حرمان طرفي الزواج من حقوقهما ورغبتهما في أن يكون أرتباطهما في الزواج إرتباطاً روحانياً مقدساً فذلك أمر يخصهما ولا يخص أي جهة في العالم.
موؤسسات وأفراد المجتعات الغربية ذات النظام العلماني لا يرون موقع (شَرَف) الإنسان بين أعضائه الجنسية مطلقاً وأنما يرون أنّ شرف الإنسان هو في مدى صدقه وإخلاصه في عمله وفي مدى حُسن تعامله مع الآخرين.
إصرار رجال الأديان على أن موافقتهم الدينية على إرتباط طرفين بعلاقة عاطفية وجنسية هي التي تجعل منها علاقة روحانية مقدسة عند الله هو إدعاء يهدف للتغطية على الرغبة الخفيّة لرجال الأديان في التسلّط على كل أمور أفراد مجتمعاتهم وحتى وأن كانت تلك الأمور تتعلق بالنشاط اليومي للأعضاء التناسلية العائدة لكل فرد!
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الثاني من مقال ( الأديان في الجنس والزواج ) في كتابي المعنون بـ ( أحترمُ جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات واسعة التداول في العالم .
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً


12
الأديان في الجنس والزواج -14-

قد يشاركني العديد مِن المثقفين في العالم الإعتقاد بإن الحديث عن (الدين) سيكون حديثاً ناقصاً تماماً لو لمْ يتم التحدُث خلاله عن (المال)، فالدين ظهر في حياة الجنس البشري بعد إبتكار العقل البشري قبل ما يقارب الخمسة آلاف سنة للعملة المعدنية (المال) لأغراض التبادل التجاري بدلاً من أسلوب المقايضة البدائي، حيث إحتاجت المجتمعات البشرية حينها الى نُظم وأحكام وقوانين لإدارة الأمور والمشاكل الناتجة عن وجود (المال)، ولم يكن هناك مَنْ يستطيع القيام بتلك المهمة سوى الأفراد الذين كانوا يمتهنون مهنة التصنيع والترويج للتماثيل والأصنام التي كانت ترمز الى القوى الخارقة الغير مرئية التي إفترضها العقل البشري وليجد في وجودها الملموس كأجسام مادية أمامه فرصة للتعبد لها لكي تحميه من مخاطر الطبيعة المحيطة به ولتُعيد له الحياة بعد الموت.
قيام العقل البشري قبل عشرات ألوف السنين بصنع التماثيل أو الأصنام التي ترمز للقوى العظيمة المُتحكمة بحياته وبالطبيعة المحيطة به لم يكن يعني وجود (الدين) طالما أنّ لجوء الإنسان الى التوسل والتعبد الى تلك التماثيل أو الأصنام كان بِصوّرٍ فردية ودون وجود قوانين أو أحكام دينية يلتزم بها ويخضع لها عموم أفراد تلك المجتمعات البدائية في تلك الأزمان.
الدين ظهر تماماً بعد قيام الأفراد الذين كانوا يصنعون ويُروّجون للتماثيل أو الأصنام الخشبية والطينية والحجرية بِفرض أحكامٍ وقوانينٍ على جميع أفراد المجتمع لإدارة التفاصيل الواسعة والمُتشعبة لـلتعامل بـ (المال)، فحال تطوّر التركيبة العضوية للعقل البشري الى حالٍ تمكّن فيه الإنسان مِن إبتكار الكتابة وإكتشاف المعادن وإستخراجها وتصنيعها وبعدها تصنيع العملة النقدية المعدنية (المال) لأول مرة في التاريخ الإنساني قبل ما يقارب الخمسة آلاف سنة ظهرت الحاجة المُلحّة لقيام (أفراد أذكياء) بوضع الأحكام والأعراف والأصول والقوانين التي تتحكم بالعلاقات المالية والإجتماعية داخل تلك المجتمعات البشرية البدائية الخالية حينها منْ أيّ نظام إداري أو قانوني.
كان الأفراد الأذكياء الذين يصنعون ويُروّجون لتماثيل وأصنام الآلهة هم المؤهلين للقيام بمهمة إدارة شؤون أفراد المجتمع لقاء حصولهم على فوائد وإمتيازات لا نهاية ولا حدود لها، لذا فقد قاموا بِتسليط أنفسهم كـ (ملوك) يقودون مجتمعاتهم وفقاً للأحكام والقوانين التي إدّعوا أنها مُرسلة اليهم من الآلهة المعروفة حينها عند الجميع، لذا فبإمكاننا القول أنّ التاريخ البشري شهِد حدوث إبتكارين متزامنين حال ظهور (المال) في حياة الإنسان، حيث كان إبتكار العقل البشري لأول (دينٍ)  في التاريخ الإنساني متلازماً بالضرورة مع ظهور أول نظام دولة وقانون في تاريخ البشر.
بإمكاننا القول أيضاً أن ظهور (المال) في حياة المجتمعات البشرية لم يؤدِّ فقط الى إبتكار وسيلة (الدين) بشكل نظام دولة وقانون، وأنما أدى كنتيجة جانبية الى ولادة أولِ أشكالِ القيود على النشاط الجنسي للإنسان، فوجود العملة النقدية (المال) في حياة أفراد المجتمع أدّى الى وضوح صورة إمتلاك وخزن المال ووضوح صورة (الغنيّ والفقير) وبالتالي الى ضرورة توثيق العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة بصفة (زواج) عند (رجل الدين) لأغراض تخُص (الإرث) ولاسيما حينما ينجبان أطفالاً.
يرى أغلب مثقفي العالم أنّ الأساس في قيام الأديان بتقييد وتحديد النشاط الجنسي للإنسان كان وما يزال في حقيقة الأمر لأغراضٍ (مالية) تماماً وأنْ حاولتْ الأديان حديثاً إعطاء صفة (القدسية الإلهية) على وثيقة الزواج الدينية بين طرفين، فالإرتباط العاطفي والجنسي الطوّعي بين طرفين بالِغيْن وفق المنظور الحضاري والإنساني الحديث هو ليس جريمةً كما تراه الأديان بل هو نوع من أنواع أنشطة الإنسان الضرورية والطبيعية والذي تقتضيه التركيبة البايولوجية لجسم الإنسان، كما أنّ ممارسة الإنسان لنشاطه العاطفي أو الجنسي لا صلة له بمسألة وجود (الله) أو عدم وجوده مطلقاً، لذا فإننا نرى إنّ المجتمعات المتحضرة ومنذ عقود عديدة لا تفرض على الفرد فيها وُجوب حصوله على موافقة أي جهة كانت لو أراد ذلك الفرد ممارسة نشاطه العاطفي أو الجنسي بالإتفاق والتراضي مع شريك له.
يُجمع الكثير من القانونيين والإداريين والسياسيين وكذا جميع علماء الآثار في العالم على أن شريعة حمورابي هي أقدم وأنضج شريعة قانونية ودستورية ودينية وموؤسساتية إبتكرها العقل البشري، وهي منسوبة الى الملك العراقي البابلي حمورابي والذي حكَم المجتمعات العراقية في الفترة من عام 1750 لغاية عام 1792 قبل الميلاد، وقد تضمنت شريعة حمورابي 282 بنداً قانونياً تعالج كل شوؤن الحياة الإجتماعية والإقتصادية للمجتمعات البدائية التي ظهرت فيها تلك الشريعة التي نستطيع إعتبارها تُمثل أول ديانة ناضجة في التاريخ البشري مثلما تُمثل أول دستور وأول نظام دولة في التاريخ البشري أيضاً، وورد ضمن البنود القانونية لشريعة حمورابي العديد من الأحكام التي تُعالج وتُنظم القضايا المالية والإجتماعية المتعلقة بأمور ممارسة الجنس والزواج مثل توثيق الزواج بوثيقة دينية يُصدرها كاهن ديني، كما تتضمن شريعة حمورابي تحديد ما يتحمله الرجل من مبالغ مالية عند الزواج وعند الطلاق وأمور أخرى كثيرة ذات صِلة ومنها مسألة (الإرث)، مُنوّهين الى أن الأحكام القانونية  لشريعة حمورابي تتصف بالتمييز الطبقي الصريح بين أفراد المجتمع حيث كان للحاكم وحاشيته والكهنة الدينيين وكذا الأغنياء مثلاً الكثير من الإمتيازات المادية والإجتماعية لاسيما في موضوع الجنس والزواج، مثلما كان الرجل في أحكام شريعة حمورابي يمتاز بالكثير من الإمتيازات والحقوق عن المرأة.
العديد من المختصين بشوؤن حقوق الإنسان في العالم يَرون أنّ شريعة حمورابي لمْ تتطرق الى موضوع (الجنس المِثلي) رغم أنّ عدد مِن علماء الآثار الغربيين عثروا في بلاد الرافدين على مخطوطات أثرية تعود الى نفس أزمنة ظهور شريعة حمورابي تُشير الى وجود النشاط الجنسي المثلي في المجتمعات البدائية بشكل يَقرُب الى العلانية، وقد يكون عدم الإهتمام بإصدار الأحكام الدينية التي تخص هذا النوع من النشاط الجنسي جاء بسبب إنه نشاط لا يؤدّي الى الإنجاب وما يتمخض عنه من متعلقات مالية تخص الإرث في حين كان الهدف الرئيسي من جميع أحكام شريعة حمورابي هو تنظيم الجانب المالي بين أفراد وطبقات المجتمع، ذلك الجانب الذي كان وما يزال هو السبب الكلي والمباشر لولادة كل الأديان والأنظمة القانونية والإدارية في المجتمعات الإنسانية.
عموماً فأن أحكام شريعة حمورابي كانت توثيقاً لما كان سائداً من أصول وأعراف في المجتمعات البدائية التي ظهرت فيها، حيث قامت شريعة حمورابي بتوثيق ما كان سائداً من أصول أجتماعية ومالية بشكل أحكام قانونية مُرسلة من (إله الشمس أو إله العدل) أو ما يسمى فيما بعد بـ (الله) وليضطر جميع أفراد المجتمع للتقييد والإلتزام بتلك الأحكام، بينما أستفاد الملك حمورابي مِن سنّ شريعته تلك بما حصِل عليه من إمتيازات كونه مَلِكاً على جميع أفراد مجتمعه وما يعنيه ذلك مِن حصولِه على المتعة والأموال والأملاك التي لا حدود لها، كما منَحَ حمورابي رجال الدين مِن الكهنة العاملين في معيّته الكثير من الإمتيازات المادية والإجتماعية وفرصة الحصول على واردات وهدايا المعابد الدينية، إضافة الى مواردهم من أعمال منْح الوثائق الدينية الخاصة بالزواج والطلاق والإرث وغيرها.
وهكذا توالت كل الأديان في جميع مجتمعات العالم منذ ظهور أوائلها في العراق قبل ما يقارب الخمسة آلاف سنة ولغاية يومنا هذا في محاصرة وتقييد النشاط الجنسي للإنسان رافضة منْح الإنسان حق ممارسة نشاطه الجنسي دون حصول الموافقات الخطّية من كهنة وشيوخ تلك الأديان أو المذاهب الدينية، بل ما تزال لغاية يومنا هذا الكثير من الأنظمة الحكومية في العديد من المجتمعات الشرقية المتخلفة تُشير في وثائق الزواج الى ديانة وربما المذهب الديني لِطرفيّ الزواج.
لغاية أيامنا هذه ما تزال الكثير من الأنظمة الحكومية الشرقية تُحرّم أي نشاط عاطفي أو جنسي طوعي للإنسان إذا لمْ يحصل ذلك الإنسان على وثيقة زواج دينية أو حكومية، مثلما ما تزال قوانين هذه الحكومات الشرقية تلتزم بالقيود والشروط الدينية والمذهبية عند منحها وثيقة زواج للطرفين الراغبيْن بالحصول على وثيقة الزواج الحكومية، ومن تلك القيود والشروط هو منْع التزاوج بين طرفين من ديانات مختلفة وأحياناً حتى بين المذاهب المختلفة داخل نفس الديانة، أو أن هذه الحكومات الشرقية تُفرّق بين (الرجل) و(المرأة) في منْح حق الزواج بطرف آخر من ديانة أخرى، كما أن هناك حكومات شرقية ما تزال لغاية يومنا هذا تشترط على أحد طرفي الزواج تغيير ديانته من أجل الموافقة على إصدار وثيقة الزواج.
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الأول من مقال ( الأديان في الجنس والزواج ) من كتابي المعنون بـ ( أحترم جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات واسعة التداول في العالم .
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً


13
المنبر الحر / تكاثر الأديان -11-
« في: 13:41 21/01/2023  »
تكاثر الأديان -11-

خلال الثلاثة آلاف سنة الأخيرة قبل الميلاد، حقق العقل البشري في بعض التجمعات البشرية قفزات حضارية وعلمية ذات أهمية مِفصلية كبيرة تطوّرت فيها أوضاع الإنسان في مجالات الزراعة وتربية الحيوانات والري، كما تمكن الإنسان خلال هذه الفترة من أختراع الكتابة والعجلة والساعة الزمنية، وأكتشاف وأستخراج وصنع الأدوات المعدنية، وإبتكار العملة النقدية وغيرها، وكان من نتائج تلك التغييرات المهمة في حياة تلك المجتمعات البشرية أنْ نشأ فيها ولأول مرة في التاريخ شكل من أشكال الصراع الطبقي، وأنتج ذلك الصراع الطبقي ولأول مرة في التاريخ الإنساني العشرات وربما المئات من الأديان والمذاهب والفروع الدينية على التوالي في الألفية الثانية والألفية الأولى قبل الميلاد في عدد من مناطق من العالم بما مثلته تلك الأديان من أصول وأعراف وأنظمة تتحكم بالعلاقات الأجتماعية والأقتصادية لمجتمعاتها عن طريق الملوك ورجال الدين الذين كانوا يَزعُمون أنهم يُديرون شوؤن أفراد مجتمعاتهم بتكليف من الآلهة بعد أن كانت تلك المجتمعات تعاني من فراغ تامٍ في مجال مَنْ يقوم بإدارة شوؤن علاقاتها الإجتماعية والإقتصادية والحقوقية، وتلا ذلك نشوء التنافس والصراعات الكبيرة بين المملكات البشرية المتجاورة والقريبة، حيث كان يطمح مَلِك كل مجموعة بشريّة الى الإستيلاء على أفراد وأراضي وثروات المجتمعات المجاورة الأخرى.
أول الأديان في التاريخ البشري ظهرت في أقدم المجتمعات التي تمّ إبتكار العملة النقدية (المال) داخلها، حينما حدَثَ أنْ قام البعض مِمن كان يمتهن مهنة التعامل بالتماثيل أو الأصنام التي ترمز للآلهة بأعلان تسلّطه على جميع أفراد المجتمع بتوكيل من تلك الآلهة لغرض الحُكم في الخِلافات التي تفاقمتْ بين أفراد المجتمع بعد ظهور (المال) في حياتهم اليومية مقابل حصول المَلِك على كل ما يرغب من أموال وأملاك ومتعة جنسية بلا حدود،  وهكذا بإمكاننا القول أنّ ولادة (الدين) في حياة الإنسان كان نتيجة مباشرة لقيام بعض أفراد المجتمعات البشريّة البدائية بإنشاء نظام سياسي لإدارة القضايا الإقتصادية والأجتماعية في مجتمعات خالية من أيّ جهة تُدير مختلف أمور وقضايا المجتمع، مُنوّهين الى أن مصطلح (الدين) لا يعني أبداً حاجة الإنسان البدائي لتصنيع أحجار ترمز بشكل ملموس لـ (الخالق) المُفترض والغيْر مرئي وذي القوّة الخارقة القادرة على أعادة الحياة للإنسان بعد الموت، وأنما يَعني مصطلح (الدين) مجموعة صفات ومفاهيم خاصة عن (إله) أو (خالق) وعن (الحياة والموت) مقرونة مع أحكام وضوابط وطقوس وأوامر منسوبة لذلك الإله أو الخالق لتنظيم العلاقات بين مجموعة أفراد بشرية تنتمي الى ذلك الدين.
إذن، أول الأديان في التاريخ البشري ولدِتْ أو تأسست في مجتمعات بشرية خالية من أيّ منظومة إدارة أو قانون أو أحكام تُدير شوؤن تلك المجتمعات عدا النشاط العشوائي للأفراد والعوائل والقبائل، وحدثتْ ولادة  أيّ دين من تلك الأديان حال تسلّطِ  شخص على أفراد مجتمعه بصفة (مَلِك) يقوم بتطبيق الأحكام المزعومة للآلهة أو الأله الواحد، وليصبح هذا الملِك وأمثاله في تلك الأزمان أول (رجُل دينٍ) لأول (دينٍ) ولأول (نِظام) دولة في تاريخ البشر، فلمْ يكن أمام الفرد الذي يحلم بإمتلاك أموال كثيرة ونساء كثيرة حِجّة منطقية متناسبة مع أوضاع تلك الأزمنة للتسلط كـ (ملك) أو كـ (قائد) وبتسميات متعددة داخل مجتمعه سوى الإدعاء بأنه سيقوم بتطبيق أحكام وأوامر الآلهة المصنوعة من الطين أو الحجر أو أحكام وأوامر الإله الغير مرئي في السماء لحل الإشكالات وتنظيم العلاقات الإجتماعية والإقتصادية بين جميع أفراد ذلك المجتمع، وهكذا نجح موؤسسو الأديان في أنْ يكونوا هُمْ  المستفيد الأكبر من إنشائهم لنظام (الدولة والدين) كدفعة واحدة، بينما كان المستفيد الثاني من إبتكار تلك الأديان هو عموم المجتمعات البشرية دون إستثناء، حيث أن رجال الدين (الملوك) مكّنوا المجتمعات البشرية حينها من الحصول على أول شكل من أشكال النظام في المجتمع البشري على مدى عُمْر الإنسان السابق على الأرض بغض النظر عن السيئات الكبيرة لذلك النظام الدينيّ حينها حيث كان كثيراً ما يَميل الى جانب الأقوياء والأغنياء ضد الضعفاء والفقراء، فالغنيّ مثلاً، الذي يقتل إنساناً فقيراً كان يُعاقب وفق الأصول الدينية المنسوبة الى الآلهة بغرامة مالية بسيطة، بينما يُعاقب الفقير بالإعدام فيما لو قتل إنساناً غنيّاً، فذلك كان يُمثل (عدل الآلهة) في مستوى تطوّر أداء العقل البشري في تلك الأزمان!
تغيّرتْ وتطوّرتْ أحكام وأفكار الأديان المُتتالية والمتعاقبة بمرور القرون والألفيات من الزمن على مختلف المجتمعات البشرية، وحصلتْ تلك التطوّرات في أحكام وأفكار الأديان الجديدة بسبب رغبة المُستثمرين الجُدد من موُؤسسي الأديان في كسْب أكبر عدد مِن المؤيدين والمُنتمين لتحقيق المزيد من الأرباح، ولا غرابة في ذلك، حيث أن الدافع الوحيد والحاسم لولادة أو تأسيس أيّ دين أو أيّ مذهب ديني في التاريخ الإنساني هو رغبة نخبة من البشر الحصول على السلطة والمال والمتعة من مِهنةٍ لا تتطلب
منهم جهداً أو رأسمالاً سوى مهارة بيع الأماني والأوهام بين البشر الذين يُعانون دوماً من الحاجة الأنانية الفطرية اللامتناهية لمن يُعلن إنّ بإمكانه التواصل مع (الله) القادر على إعادة الحياة للإنسان بعد الموت المحتوم.
يرى الكثير مِن المُثقفين أنّ الأديان الرئيسية المَشْهورة حالياّ والتي تمّ تأسيسها تباعاً في الألف الأول قبل الميلاد وفي الألف الأول بعد الميلاد والمسماة اليهودية، المسيحية، والإسلام، تميّزت بقيام قادة أو موؤسسو تلك الأديان بإختصار الطريق والغاء الحاجة الى التماثيل أو الأصنام التي ترمز للآلهة، حيث قاموا بالإدّعاء بأنّ (الله) الواحد هو الذي أختارهُم سِرّاً بِشكلٍ شخصي ومباشر لإيصال شريعته وأحكامه الى بشر الأرض!
ومعروف إنّ كل ديانة مِن الأديان الثلاثة الأخيرة تَعْتبِر حالياً أنّ مُوؤسسها هو آخر إنسان يُمثّل الله فيما تحدّث به، فهو الوحيد الذي كان الله يُمَلّيه سِراً آخر أحكام الشريعة الإلهية، والمعروف أيضاً أنّ الثلاثة أديان الأخيرة يُطْلق عليها الكثيرون لقَب (الأديان السماوية)، فـ (السماء) كانت عند حدود دماغ الإنسان قبل آلاف السنين وربما لحد اليوم تُمثل الفضاء العالي والبعيد عن البشر والذي يَجلس فيه (الله) الذي يقوم بإرسال أحكامه وأوامره منها وبطريقة سِريّة الى الوكلاء والأنبياء والرُسل على الأرض!
كخلاصة نقول إن الإنسان في العصور التي بدأ فيها بإدراك حاجته الى ضرورة وجود خالق، كان يتصرف في حياته اليومية مع الآخرين مِن أبناء جنسه وفق الأخلاق والأصول النمَطيّة الأجتماعية السائدة حينها دون وجودٍ لأيّ أحكامٍ أو تشريعات دينية، حيث أنّ قيام إنسان تلك المجتمعات بتصنيع تماثيل أو أصنام الآلهة لم يكن يعني وجودَ (دينٍ) في حياته، بقدر ما كانت تلك التماثيل أو الأصنام تعطي الراحة النفسية للأنسان الذي كان يُقابلها كجسم ماديّ ملموسٍ يرمز الى الخالق المُفترض والذي لا يمكن رؤيته.
قد يشاركني العديد من مثقفي العالم الإعتقاد بأنّ ظهور أوائل الأديان في مجتمعات البشر على الأرض حدثَ تحديداً عندما إتّجه بعض من أفراد المجتمعات المستقرة لأبتكار صناعة جديدة رخيصة المواد تدرّ عليهم  أموالاً طائلة، فبعد أن ظهرت العملة النقدية (المال) في حياة الإنسان، وفي أتجاهٍ يهدف الى كسبِ أموالٍ هائلة بجهود بسيطة، قام بعض الأذكياء ممن كانوا يمتهنون تصنيع آلهة الطين والآحجار، بإعلان أنفسهم كـ (وكلاء) لـ (الآلهة) وليَحكُموا كـ (مُلوك) أو (وكلاء آلهة)على جميع أفراد مجتمعهم بحجّة إنهم مُكلّفون بتطبيق وتنفيذ أحكام وقوانين ورغبات الآلهة المصنوعة حينها من الخشب أو الطين أو الأحجار.
موؤسسو مهنة أو صناعة الأديان كانوا أذكياءً جداً عندما إستفادوا من المادة الأساسية الأولية المجانية المتوفرة والمتمثلة بـ (حاجة دماغ الإنسان) الفطرية أو البايولوجية لوجودٍ ملموسٍ لِمَن يُمثّل القوة الخارقة القادرة على إعادة الحياة الى الإنسان بعد الموت!
وهكذا تكاثرت وتوالت عمليات تصنيع أنواع وأشكال (الأديان) و(المذاهب الدينية) في كل مجتمعات العالم ولاسيما الشرقية منها وحتى يومنا الحالي طالما أنّ أسُس إبتكار هذه المنتوجات (الأديان والمذاهب الدينية) تعتمد فقط على إستغلال حاجة الأنسان الفطرية الى وجود خالق، حيث يتم تحويل تلك (الحاجة) الى (نظام ديني) يقوم بفرض أحكام وأخلاق مُعيّنة على جميع أفراد المجتمع مع إلزامهم مَنْح كل الإمتيازات المعنوية والمادية والجنسية لِصانع أو مؤسس الدين أو المذهب الديني الجديد، مُشيرين الى أنّ صناعة (الأديان والمذاهب الدينية) ما تزال لغاية يومنا هذا قائمة وتتطور ولكن بأشكال وسبل جديدة سنتطرق اليها في مقالات مقبلة من هذا الكتاب.
يتبع ..
اعلاه هو مقال ( تكاثر الأديان ) من كتابي المعنون ( أحترمُ جداً هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم .
نبيل قرياقوس
مؤلف عراقي – مستقل فكرياً وسياسياً
[/size]

14
نظريّتي عن ولادة الأديان -10-

خلال عصر المعادن، كان الأفراد الأقوياء أو الحكماء أو الملوك من أفراد المجتمعات البشرية لا يجدون طريقاً أو وسيلة للتسلط على مجتمعاتهم أفضل من طريق أو وسيلة (الدين) أو الآلهة التي كانوا يَفترضون وجودها، فالقادة يحكمون ويتصرفون وكأنهم يملكون كل قدسية الآلهة، حتى أنّ جاريات بعض ملوك مجتمعات بلاد النهرين وبلاد الأقباط وبلاد الهند كنَّ يُقْتَلّنَّ ويُدفنَّ حال وفاة المَلك ليُرافقوه في حياته التالية بعد موته.
شهد عصر المعادن أيضاً تزايداً غير مسبوق في أعمال غزوٍ أو إحتلالٍ يقوم بها مجتمع ضد آخر أو مملكة ضد أخرى، بدلاً من نهج الهجرة من مكان لآخر لغرض البقاء على الحياة والذي كان سائداً في مجتمعات العصور الحجرية والتاريخية السابقة من عمر الإنسان، ففي عصر المعادن كان يسعى كل مَلك لتوسيع مساحة مملكته على حِساب ممالك أخرى طمعاً في المزيد من الأموال والنساء، وغالباً ما يصبح العامة من الناس على دين أو مذهب مَلكِهم الجديد.
أرى أن المجتمعات البشرية تناقلت فيما بين أجيالها كل القصص الخيالية التي كانت تنسجها عقول بعض أفرادها، تلك القصص التي كانت تحمل في طيّاتها الأحتياجات الآنية لِمُخ أو عقل الإنسان في صراعه مع الآخرين للبقاء على الحياة، وأحياناً في صراع الإنسان مع نفسه في البحث عن سر الحياة والموت.
قبل أنْ تتوفى والدتي في مطلع القرن الحادي والعشرين عن عمر قارب قرناً من الزمن، كانت تقصّ عليّ وأخوتي الكثير مِن القصص الخيالية والتي كانت قد إستمعتْ اليها منذ طفولتها في أحدى القرى الزراعية شمال العراق، حيث كان مِن المعتاد أنْ يجتمع شيخ القرية الزراعية الكبير بالسِن مع أغلب أهالي القرية الزراعية بعد إنتهاء ساعات العمل اليومية الطويلة في زراعة الحقول أو تربية الحيوانات أو صناعة منتوجاتها أو العمل في مجال البناء البسيط، وكان شيخ القرية يقصّ على أهالي القرية الزراعية خلال جلسات الراحة والترفيه والثقافة تلكْ حِكماً وقصصاً توارثها هو الآخر مِن آبائه وأجداده.
الراحلة أمي كانت تقول لنا وإستناداً الى إحدى القِصص التي توارثتها مِن أجدادها، بأنّ سبب أرتفاع السماء عن سطح الأرض هو التقصير في إطاعة الإنسان للخالق، فـ (الله) حينما خلق الأرض غطاها بقطعة قماش زرقاء ونظيفة، وكان ذلك الغطاء قريباً جداً الى سطح الأرض حيث كان بإمكان الإنسان حينما يكون واقفاً على رجليه أنْ يتلمس قطعة القماش الزرقاء تلكْ بكف اليد.
أمي الراحلة أفادتنا بأن (الله) كان قد أمرَ الإنسان بعدم تمزيق قماش غطاء الأرض الذي يُمثل السماء، الا أنه صادف في أحد الأيام، أنْ قامت أحدى نساء الأرض بِقطعِ قطعةٍ صغيرة من القماش الأرزق لغرض الإستعانة به في تنظيف تغوّطات طفلها الرضيع، وحينها غضب (الله) من مخالفة أوامره، وقام برفع السماء الزرقاء الى الأعالي بعيداً عن متناول أيدي الإنسان!
ذكرتُ لكم تلك القصة الخرافية التي كنتُ أسمعها من والدتي الراحلة، والتي لم تكن سوى واحدة من قصص كثيرة خرافية أخرى، ومنها أيضاً كامل تفاصيل قصة النبيّ (يوسف) مع أخوته والتي تَوارثت والدتي سماعها أيضاً مِن أجدادها، وكذا قصة آدم وحواء بإعتبارهما أول إنسانين خلقهما (الله) معاقباً إياهما بإنزالهما مِن (الجنة) الى الأرض بعد أنْ خالفا أوامر (الله) بعدم أكل ثمار شجرة التفاح!
يخطأ مَنْ يظن أن ظهور أديان ومذاهب دينية جديدة قد يتوقف في عصرنا الحاضر طالما ما يزال (المال) موجوداً في حياة البشر، فمهنة (الدين) هي مهنة مُربحة مالياً ومعنوياً وتحتاج دوماً الى تجديد نفسها بمرور الزمن من أجل إستمرار بقاءها، لذا فقد تظهر (الأديان) الجديدة بشكل (مذاهب دينية) تابعة الى ديانات قديمة، نظرأ لصعوبة تمرير خرافات غير منطقية لـ (دين جديد) في أزمنة التطور العلمي والحضاري، وهذا ما سأتكلم عنه في مقالات مقبلة.
خلاصة نظريّتي عن ولادة الأديان في التاريخ البشري أقول:
بِغَض النظر عن صحة أو عدم صحة نظرية التطوّر النوعي للعالم البريطاني داروين، فأن السبب الرئيسي الوحيد الذي أدّى الى ولادة (الأديان والمذاهب الدينية) في المجتمعات البشرية البدائية هو ظهور (المال) فيها، دون أنْ يعني كل ذلك إشارة الى عدم وجود خالق للكوّن (الله).
ظهور (المال) في المجتمعات البشرية البدائية الخالية مِن أيّ شكل من أشكال السياسة والإدارة والقانون أدى الى ظهور (الأديان) فيها بشكل أفراد حكماء وأقوياء عمِلوا على إدارة وتنظيم العلاقات الإقتصادية والإجتماعية بين أفراد مجتمعاتهم مُدّعين كونهم يستلمون أفكارهم وقوانينهم من القوة الإلهية والحكيمة الخالقة والغير مرئية.
كان ظهور (الأديان) في حياة المجتمعات البشرية البدائية يُمثل بنفس الوقت ظهور أول الأنظمة السياسية والإدارية والقانونية في التاريخ البشري، وهذا يعني أنّ (الأديان) ولدتْ نتيجة ظهور (المال) في حياة البشر، ولتّكون تلك الأديان بمثابة أول نظام سُلّطة أو (قوة حاكمة) في تاريخ المجتمعات البشرية، وتَمتعَ فيها الحاكمون مِن رجال الدين بإمتيازات مادية كبيرة إضافة الى الإمتيازات الإجتماعية.
تمتعُ رجال الأديان بالسلطة والمال حفّزَ كثيراً في توسّع وتَكاثُر (مهنة) الأديان والمذاهب الدينية على مدى تاريخ المجتمعات البشرية ولغاية يومنا هذا، حيث توالى ظهور وتكاثُر الأديان والمذاهب الدينية ولكن تحت أسماء وعناوين ومضامين حتمتها ظروف التطوّر الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في مجتمعات البشر.
التوصل الى حقيقة أنّ العقل البشري في المجتمعات البشرية البدائية هو الذي إبتكر مهنة (الدين) لا ينفي مطلقاً مسألة وجود (الله)، في حين أنّ الأنسان ليس مُجبراً على تصديق إدّعاءات أفراد عاشوا قبل آلاف السنين مِن أجل أنّ يثبت لنفسه صحة وجود (الله)!
نظريتي عن ولادة الأديان في التاريخ البشري تتلخص أيضاً بالقول بأنه لولا وجود (المال) في الحياة اليومية للإنسان لما وُجِدَت (الأديان والمذاهب الدينية) مُطْلقاً رغْم إدّعاءات أغلب رجال جميع الأديان والمذاهب الدينية بأن الأديان والمذاهب الدينية هي جهات روحانية تَحْمِل أوامرَ وأحكام وقوانين (الله) الى البشر.
إنّ الاعتقاد بعدم صحة الأديان لا ينفي مطلقاً مسألة وجود خالقٍ للكون (الله)!
أعتقاد بعض الناس بعدم صحة الأديان والمذاهب الدينية الموروثة إجتماعياً لا يَنفي أبداً عدم أحقيّة مَنْ يرغب في الإستمرار بالإعتقاد بصحتها ولكن دون أنْ يَفرض ذلك على الآخرين مِن الناس.
أخيراً، أقول مثلما تمكّن العقل البشري من إبتكار وسيلة (المال) لإدارة حياته قبل ما يقارب الخمسة آلاف عام فإنه ربما قد يكون قادراً في طفرة وراثية قادمة مِن التمكّن مِن الإستغناء عن (المال) والإستعاضة عنه بوسيلة أخرى تضمن عيشاً كريماً للإنسان وكل الكائنات الحية على سطح الأرض بعيداً عن تسلط إنسان على آخر تحت مبررات أي سبب كان، رغم أن تحقيق ذلك قد يبدو الآن ضرباً من ضروب الخيال.
أعتقدُ أنّ بَشَر الأرض قد يحتاجون الى توحيد الجهود والتفكير والعمل من أجل حاضر ومستقبل أفضل لاسيما أنّ أمامهم الكثير من أسرار الكون والحياة التي تحتاج الى كشف حقائقها، ومَنْ يدري فقد نكتشف في يوم ما مثلاً أنّ الكثير مِن الجماد المحيط بنا حالياً هو كائنات حية أيضاً لكن بمواصفات أخرى لاسيما أنّ كل شيء حولنا يتكون من ذرات وإلكترونات ذات قدرة على الحركة والتفاعل وربما الإنشطار!
المقالات المُقبلة فيها المزيد من الآراء حول الأديان.
يتبع ..
اعلاه الجزء الثالث من مقال ( نظريتي عن ولادة الأديان ) في كتابي المعنون بـ ( أحترم جدا هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات واسعة التداول عالميا!
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي – مستقل سياسيا وفكريا



15
نظريّتي عن ولادة الأديان -9-

أغلب المجتمعات البشرية في كل قارات العالم كانت خلال الثلاثة آلاف سنة الأخيرة قبل الميلاد تتصف بالإستقرار النسبي في الأماكن الجغرافية التي تَصلح للزراعة وتربية الحيوانات، الا أنهّ مِن المُؤكد أنّ المجتمعات البشرية التي كانت تسكن في (بلاد النهرين) والمتمثلة حالياً  بكامل دولة العراق وأجزاء من دول سوريا وتركيا وإيران في قارة آسيا (وهناك من يضيف اليها مجتمعات أخرى في دول أخرى من مناطق العالم) لمْ تكتفي بالزراعة وتربية الحيوانات حسْب وأنما تمكنتْ خلال هذه الثلاثة آلاف سنة الأخيرة قبل الميلاد مِن الإنتقال بنفسها وبكامل مجتمعات الكرة الأرضية، مِن العصْر الحجري في تاريخ الإنسان الى عصر الكتابة والحضارات والهندسة والذي هو عصْر (السبائك والمعادن) كالنحاس، البرونز، الحديد، الذهب، والفضة.
عَصْر (المعادن) هو عصر حاسم ومهم جداً في التاريخ البشري صنَعته في أغلب الظن مجتمعات ما بلاد النهرين (وربما تزامنت معها مجتمعات أخرى) خلال الثلاثة آلاف سنة الأخيرة قبل الميلاد حينما تمكن دماغ الإنسان من بناء أول وأضخم حضارات التاريخ البشري، حيث تمكنت مجتمعات بلاد النهرين من إبتكار الكتابة وإكتشاف وإستخراج وتصنيع المعادن (الفلزات)، كما تمكنت حضارة بابل الكلدانية وسط العراق من إختراع أول عُملة نقدية في التاريخ البشري والمسماة حينها الـ (شيكل) وهي أول عملة نقدية للتبادل التجاري في التاريخ البشري، ولتكون تلك العملة النقدية المعدنية هي البديل عن أسلوب المُقايضة الذي كان هو الأسلوب الوحيد المستخدم في العصر الحجري، علماً أنّ الـ (شيكل) هو أسم العملة النقدية الرسمية المتداولة في دولة إسرائيل حالياً.
مجتمعات بلاد النهرين تمكنتْ أيضاً خلال عصر المعادن ولأول مرة في التاريخ البشري من تصنيع العدد والادوات المعدنية بدلا من تلك الحجرية التي كانت مستخدمة في العصر الحجري، كما أستطاعت مجتمعات بلاد النهرين في عصر المعادن من تصنيع السفُن وبناء أول المُدن والأبنية الحضارية ذات التصاميم الهندسية والمعمارية الرائعة والمُبهرة على مدى التاريخ البشري والتي ما تزالت آثار بعضها قائمة لحد الآن في العراق وفي المتاحف العالمية، وتمّ أيضاً في بلاد النهرين ولأول مرة في التاريخ البشري خلال عصر المعادن سَنّ الأنظمة والقوانين المكتوبة التي تتحكَم بحياة أفراد تلك المجتمعات.
تُفيد أغلب المصادر التاريخية المتعددة بأن إنسان بلاد النهرين تمكن في عصر المعادن أيضاً ولأول مرة في التاريخ البشري من إختراع (العجلة) وأنظمة قياس الوقت، وأبتكار الكتابة المسمارية، بينما تمكن الفراعنة في مصر فيما بعد من إبتكار الكتابة الهيروغليفية وبناء حضارة فيها الكثير من روائع البناء الهندسي والمعماري.
أرى أن مجتمعات بلاد النهرين شهِدت في عصر المعادن ظهور أول شكلٍ مِن أشكال الـصِراع الطبَقي الواضح والمتكامل الصورة في التاريخ البشري بعد ظهور (المال) في تلك المجتمعات والتي بدأت فيها منظومة العائلة (الأسرة) بالوضوح جنباً الى جنب إزدياد أعداد أفراد تلك المجتمعات بسبب الإستقرار النسبي في الزراعة وتربية الحيوانات والبناء والصناعة والتعليم والطب والتجارة بالفائض من المصنوعات والمحاصيل الزراعية، وما أدّاه ذلك الى وجودِ لِغنيّ وفقير، ولِقويّ وضعيف، ولسيّد وعبْد، حيث كان بأمكان الغنيّ، مثلاً، شراء وبيع الرجال والنساء والأطفال بإعتبارهم عبيداً.
في سياق متصل، إزداد تأثير وأعداد وأصناف وتسميات الآلهة في مجتمعات بلاد النهرين بشكل كبير جداً بعد ظهور الصراع الطبقي فيها، وكطبيعة بشرية لمْ يَكن أمام الأغلبية الضعيفة من أفراد تلك المجتمعات سبيلاً للتخلص مِن ظُلم أو أعتداء الأقليّة ذات القوة أو المال، سوى اللجوء الى الآلهة الملموسة والمصنوعة بأيديهم، والتودد اليها والتمنّي منها لإيصال صوتها الى الخالق (الله)، ليس فقط لغرض الحصول على الحماية من الحيوانات المؤذية والمفترسة ومخاطر الطبيعة كما كان يحدث غالباً في حياة الإنسان أثناء العصر الحجري الطويل والسابق، وأنما أيضاً لتَمنّي الحصول على حقوق المساواة والعيش بعيداً عن ظلم وإستغلال وإعتداء أفراد نفس جنسهم البشري والمتمثل بالأقلية الغنيّة والقويّة المتسلّطة عليهم، وهنا توجّه بعض أفراد مجتمعات عصر المعادن الى إمتهان مهنة (صناعة الآلهة) للمرة الأولى في التاريخ البشري، وذلك حينما إمتهنوا الترويج للآلهة التي يصنعونها من الأحجارأو الطين مانحين لها أسماءاً مختلفة، فهذا هو إله الشمس وذاك هو إله المَطر، وهذا هو إله الخُصوبة وذاك هو إله الجمال، وهذا هو إله القوة وذاك هو إله العدل أو إله النور، وغيرها من التسميات التي كانت تدلّ في معاني أسمائها كل ما يتمناها الإنسان في تلك الأزمنة إبتداءاً مِن تمنّي القُدرة على العيش الكريم على سطح الأرض بعيداً عن إستغلالات وإعتداءات الأقوياء والأغنياء وأنتهاءا بالرغبة في تَجدّد الحياة الأبدية بعد الموت.
صانعي الآلهة الذين كانوا يروّجون لصناعتهم مِن أصنامِ وتماثيل الآلهة في عصر المعادن، توسعوا كثيراً في مهنتهم المربحة هذه والتي كانت لا تتطلب منهم سوى المزيد من الأكاذيب حول قدرة آلهتهم على صنْع المستحيلات، فقاموا ببناء المقرات أو البيوت الخاصة بتلك الآلهة ولتكون تلك البيوت هي الأماكن أو المعابد التي يتوجه اليها المساكين المُستضعَفين حاملين معهم هداياهم الى تلك الآلهة من أجل أن تقوم تلك الآلهة بإيصال أمانيهم الى الخالق (الله).
تمكّن الحُكماء من أفراد مجتمعات بلاد النهرين من أنْ يكونوا أول قادة سياسيين ودينيين في التاريخ الإنساني، وحصل هذا حينما إستغل اولئك الحكماء الحاجة الطبيعية والمُلحّة لدماغ إنسان مجتمعاتهم الى وجودٍ ملموسٍ لِمَنْ يُمثل (الله) على الأرض، وليقوموا بأعلان تَسلطٌهم وسيادتهم المُطْلقة على أفراد مجتمعاتهم بتوكيل من الآلهة السائدة في ذلك الزمن حسْب زعمهِم، كما قام اولئك الحكماء بِسنّ أول شرائع أو قوانين مكتوبة في التاريخ البشري لتنظيم الحقوق والواجبات للإنسان، كما قاموا بتشغيل الجاريات والخدَم والعبيد لديهم إضافة الى الكهنة والقضاة والعسكريين وذوي المهن الهندسية والطبية، موؤسسين لأول أنظمة ممالك واضحة في التاريخ البشري، فالمَلك حمورابي، مثلا، والذي حكم مملكة بابل في وسط العراق لمدة 42 عاماً للفترة من عام 1792  لغاية عام 1750 قبل الميلاد نحتَ حروف وكلمات شريعته القانونية والتي تُنظِم كافة شوؤن حياة المجتمع على الحجر الأسود الذي يبلغ وزنه قرابة الأربعة أطنان والموجود حالياً في متحف اللوفر بباريس، حيث يظهر في أعلى الحجر الأسود شكل الملك البابلي منحوتاً وهو يتسلم القوانين من إله العدل أو إله الشمس، بينما نُقشَت في بقية مساحة هذا الحجر جميع قوانين الشريعة البابلية والمتكونة من 282 مادة قانونية والتي تمكّن الآثاريون مِن فك رموز معضمها، كما عثر علماء الآثار الغربيون على نُسخٍ أصلية أخرى من مَسلّة حمورابي أصغر حجماً في عدة مناطق من بلاد الرافدين والبلدان المجاورة مما يعني أنّ الملك حمورابي كان يُدرك أهمية نشر أحكام وقوانين شريعته في جميع المناطق التابعة الى حُكمه، مُنوّهين الى عثور مجموعة علماء آثاريون ألمان وعراقيون في السنوات الأخيرة للقرن العشرين على أكثر من ألفي لوح طيني في موقع آثاري في منطقة (تل حرمل) الكائن وسط العراق وتضمنت بعض تلك الألواح على 61 مادة قانونية مكتوبة باللغة الآرامية ويعود تاريخها الى ما يقارب 1900 سنة قبل الميلاد، وتضمنت الألواح الأخرى على ما يدل من علوم هندسية وحسابية وبضمنها مباديء اللوغارتمات وجذور الأعداد وغيرها، إضافة الى عقود رسمية وصُكوك تجارية وعقود زواج وأرث وأجور عمال وغيرها من الشوؤن الإدارية لمملكة (إشنونا)، الا أن علماء التاريخ والآثار يرون في كل الأحوال أن شريعة حمورابي العراقية البابلية هي أقدم شريعة قانونية دقيقة وشاملة وناضجة تمّ سَنّها في التاريخ البشري، حيث إن تلك الشريعة إستفادتْ من نمَط ومضامين شرائع عراقية سبقتها بقرون عديدة كشريعة (أشنونا) أو وثيقة (أوركاجينا) أو شريعة (أورنمو) أو شريعة (لبْت عشتار).
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الثاني من مقال ( نظريتي عن ولادة الأديان)  من كتابي المعنون بـ ( أحترم جدا هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية متداولة في العالم !
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي – مستقل سياسياً وفكرياً


16
نظريّتي عن ولادة الأديان -8-

منذ قرون عديدة، يبذل العلماء الغربيون في شتى التخصصات العلمية جهوداً مستمرة لغاية يومنا هذا للتوصل الى أدق التفاصيل الممكنة عن عمْر الإنسان وبقية الكائنات الحيّة على سطح الأرض الذي يُقدر العلماء عُمْرها بما يزيد عن الأربعة مليارات ونصف المليار سنة، في حين ظهرتْ في عام 1859 بعد الميلاد نظرية التطوّر للعالم البريطاني تشارلز داروين والتي تُفيد بأن كل الكائنات الحية على مرّ الزمن تنحدر من أسلاف مشتركة، وقد حققت هذه النظرية الهامة نتائج كبيرة جداً في مجال نجاحها والى الحد الذي باتت فيه حقيقة علمية.
كل علماء ومثقفي العالم رَحّبُوا وأثنوا وما يَزالون، بِعبقرية وجهود العالم البريطاني الراحل تشارلز داروين  وكذا بقدرات وجهود غيره من العلماء الغربيين في محاولاتهم للبحث عن أصول الإنسان والكائنات الحية على سطح الأرض لما لذلك من أهمية بالغة في فهم الإنسان لنفسه وللطبيعة وكذا أهمية ذلك في تطوير علوم الوراثة والطب والتحكُم في أمراض الإنسان وبالتالي عمْر الإنسان وأهداف أخرى قد تبدو في زمننا هذا مستحيلة علمياً، الا أن أغلب رجال الدين في العالم عموماً وفي الشرق خصوصاً، كانوا وما يزالون لا تَسِرّهم أخبار مثل هذه الجهود والنظريات العلمية، فهم عارضوا وما زالوا يُعارضون نظرية التطوّر بأعتبارها نظرية تثبت عدم صحة الكثير من الأسس الدينية لجميع الأديان، وبالتالي فهم يظنون خطأ إنّ مثْل هذه النظريات تدّعو الناس الى إنكار وجود (الله)!
نظرية التطوّر للعالم داروين لمْ يكن لها علمياً وعملياً علاقة بمسألة وجود الله، لكنّ نجاحها في إثبات إنّ كل الكائنات الحية على مَر الزمن تنحدر مِن أسلاف مشتركة عارضَ الكثير مِن الأسس المهمة للإدعاءات والقصص الخرافية الواردة في جميع كتب الأديان والى الدرجة التي قد تجعل نظرية التطور هذه تدّعم بقوة الأفكار والآراء التي ترى أنّ الأديان هي إبتكار بشري في مرحلة مِن مراحل التطور الحضاري للإنسان، ودون أنْ تعني هذه النظرية أيّ مساس بمسألة وجود الله أو عدم وجوده.
أغلب مُثقفي العالم يرون أنّ تَوصّل الإنسان الى عدم صِحّة الأديان التي يتمّ توارثها إجتماعياً منذ آلاف السنين، لا يعني أبداً تَوصّل الإنسان الى عدم وجود (خالق) للكون، وانما قد يَعني توصّل الإنسان الى حقيقة أنّ الأديان هي نظام إداري وإجتماعي وُلِد في ظروف التخلُف الحضاري والإقتصادي والعلمي والإداري والحقوقي في مجتمعات بشرية عاشت قبل آلاف السنين.
أغلب مثقفي العالم يرون أن حقيقة وجود (الله) سواءاً أكان نتيجةً لنظريات علميّة أو نتيجة لرغبة الإنسان الغريزية لِتَمني وجوده، لا يَفرِضُ أبداً على الإنسان وجوب تصديق (الأديان) التي يُثبِتُ العِلمُ دائماً أنها مُجرد وهْم إجتماعيّ متوارث!
جميع العلماء الغربيين في مختلف الإختصاصات، لا يجدون أبداً حرَجاً بين فترة وأخرى حينما يتوصلون الى بعض الدلائل الآثارية التي قد تبدو لأول وهلة وكأنها تتعارض مع نظرية التطوّر لداروين، فالعلماء الغربيون يبذلون الجهود والوقت والمال للوصول الى الحقيقة وليس لمجرد فرْض صحة هذه النظرية أو غيرها، بينما يسعى أغلب رجال الأديان في كل الأحوال الى فرْض ما توارثوه إجتماعياً مِن معتقدات وآراء دينية لا أساس علمي لها.
أغلب رجال الدين، حينما يُعارضون أيّ حقائق أو نظريات علمية تتعارض مع صحة وجود الأديان، فأنهم لا يقومون بمعارضتهم هذه حباً في (الله) أو في (الدين) وأنما سعياً منهم لعدم فقْد مهنتهم أو إمتيازاتهم المُغرية والتي يعتاش أغلبهم منها برخاء كامل في معظم مجتمعات الشرق.
في منحى آخر ذي صلة، لمْ يتوفر لعقول العلماء الغربيين لغاية ساعتنا هذه قدرة تطبيق أو أختبار نظرية (أعادة الزمن الى الوراء) لغرض التعرُف الدقيق على وقت ومكان وشكل ظهور وتطوّر الجنس البشري وبقية الكائنات الحية وراثياً على سطح الأرض، ومَنْ يدري فربما سيتطوّر العقل البشري في يوم ما وليتمكن مِن أعادة الزمن للوراء فعلاً، وقد يتحقق حينها الكثير في كل مجالات الحياة مما قد نعتبره الآن مجرد خيال وأحلام لا يمكن توقُع حدوثها أبداً.
العلماء الغربيين سعوا طيلة قرون ماضية ولحد اليوم من أجل الوصول على كل ما يُمَكنَهم الوصول اليه من الحقائق التاريخية عن المراحل الجينية والوراثية التي مرّت بها الكائنات الحية ومنها الجنس البشري على سطح الأرض، وكذا لمعرفة بقية التفاصيل الأخرى المتعلقة بأساليب تعايش الجنس البشري مع الآخرين من أقرانه، ومع الطبيعة، ومع بقية الكائنات الحية الأخرى، كما أن هؤلاء العلماء، مثلاً، تمكنوا من تحديد أسم وشكل ونوع بعض الكائنات الحية التي أنقرضتْ من سطح الأرض منذ ما يقارب 65 مليون سنة كالديناصورات.
وفقاً لما هو منشور في مصادر عديدة، فإن العلماء الغربيين بشتى تخصصاتهم طيلة القرون الأخيرة، واصَلوا ويُواصلون من جيل الى آخر بلا إنقطاع بحوثهم ودراساتهم عن تاريخ الأرض وتاريخ الكائنات الحية والجنس البشري، كما أنهم يُعاوِدون فحْص ودراسة الآثار القديمة كلما تتوفر لديهم سُبل جديدة أو أجهزة مُختَرعة حديثاً ليكونوا أكثر دِقة في عملهم وبحوثهم، علماً إنّ آخر (فَكٍ بشري) عثر عليه علماء الآثار كان في صحراء أثيوبيا عام 2013 ويرجع عهد ذلك الفك البشري الى قرابة الثلاثة ملايين مِن السنين، وأتضح أنه يعود الى نوع من الجنس البشري المسمى علمياً بجنس الـ ( هومو هابيليس) أو (الإنسان الماهر) وهو يُصنف علمياً ضمن الفصيلة العُليا للقِرَدة.
تُفيد أغلب المصادر العلمية المختصة إنّ العلماء الغربيين يعتقدون أنّ دماغ (الإنسان الماهر) أو ما يسمى علمياً جنس الـ (هومو هابيليس) تطوّر وراثياً في عدة مراحل لاحقة، حتى وصول مرحلة (الإنسان العاقل) أو جنس الـ (الهومو سابينس) وهي مرحلة إنساننا الحالي من التطور الوراثي، والتي يرجّح العلماء ظهور هذه المرحلة الوراثية قبل ما يقارب المائتي ألف سنة.
(الإنسان العاقل) تميّز في بداية تطوره التدريجي خلال المائتي الف سنة الماضية بقدرة دماغه على تطّوير العُدد المصنوعة من الأخشاب والأحجار والعظام التي كان يستخدمها في أعمال صيد الحيوانات، وبعدها تمكن من تعلّم الزراعة بدلاً من الإعتماد كلياً على قطف الثمار، وكذلك قام بتربية الحيونات والإستفادة من منتوجاتها ومن جلودها، كما تمكن فيما بعد من تحسين أماكن معيشته حيث قام ببناء بيوت الطين والحجر والخشب بدلا من الإعتماد كلياً على كهوف ومخابيء الطبيعة، وبعدها توصل الى فكرة صنع الأواني من الطين المفخور، كما أن دماغ هذا الإنسان العاقل بدأت منذ ذلك الحين تفترض وجود مصدّر أو خالق للإنسان وللأرض التي يعيش عليها بكل ما تحويه هذه الأرض من أنهار وجبال وماء وهواء ومطر وعواصف وحر وبرد ونباتات وحيوانات، وكذا للشمس التي يراها نهاراً وللقمر والنجوم التي يراها ليلاً، كما أنّ هذا الإنسان بدأ يدرك بأن نهاية كل إنسان هي الموت حتماً، وربما أبتدأ هذا (الإنسان العاقل) منذ حينها بِنحت الأحجار أو فخْر الأطيان للحصول على تماثيلٍ أو أصنامٍ وليعتبرها تُمثِل وجوداً رمزياً ملموساً لـ (الله) الخالق والموجود في السماء العالية والتي لا يمكن الوصول اليها!
علماء الآثار الغربيين بشكل عام، كانوا وما زالوا يُحاولون الوصول الى الكثير من تفاصيل حضارات عموم مجتمعات التاريخ البشري عن طريق دراسة وتحليل الآثار بأنواعها، إضافة الى طريق فَك رموز الكتابات والرسوم كتلك الموجودة في الآثار العراقية وآثار عدة مناطق ودول من قارة آسيا إضافة الى الآثار الفرعونية في مصر وآثار دول أخرى في قارة أفريقيا والآثار الرومانية والأغريقية في قارة أوربا وآثار كل الدول المطلة على سواحل البحر المتوسط وآثار حضارات قارة أمريكا الجنوبية وآثار عدة مناطق أخرى في دول العالم المختلفة.
يتبع ..
أعلاه هو الجزء الاول من مقال ( نظريتي عن ولادة الأديان ) في كتاب ( أحترم جدا هذا الدين ) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية في العالم !
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي – مستقل سياسيا وفكريا


17
المنبر الحر / أديان متطابقة -7-
« في: 10:06 04/01/2023  »
أديان متطابقة -7-

ترى الغالبية العظمى من بشر الأرض وبضمنهم المؤمنين بالأديان والمذاهب الدينية العديدة إنّ العقل البشري ما زال لحد أيامنا هذه، يجهل تماماً سِرّ وجود الكوّن مثلما يجهل سِرّ الحياة والموت، كما إنّ هذه الأغلبية تدركُ جيداً إنّ العقل البشري بتركيبته وإمكانياته السابقة والحالية عاجز عن معرفة أيّ شيء عن مصدر أو خالق هذا الكوّن والمسمى عادة بـ (الله)، عدا ما يتمناه هذا العقل من وجود صفات نافعة لهذا (الله) من عدل ورحمة وقدرة على أعادة الحياة للإنسان بعد الموت.
كل العقول البشرية ما تزال ترى حتمية علمية ومنطقية لوجود مصدر أو خالق للكون والحياة، الا أنّ أغلب العقول البشرية المثقفة لمْ تعُد تُصدق، سِرّاً أو علانية، ما هو مذكور في كتب وأدبيات جميع الأديان في العالم من قصص ومفاهيم عن هذا المصدر أو هذا الخالق (الله) نظراً لأن تلك القصص والمفاهيم لمْ تعُد لديهم تتعدى مُجَرد كونها مفاهيماً وقصصاً خرافية ظهرت قبل آلاف السنين لتُعبّر في وقتها عن توقُعات وأمنيات خيال الإنسان لِصفات وتفاصيلِ تلك القوة الخارقة والغير مرئيّة التي يَفترضها العقل البشري.
الأغلبية العظمى مِن المثقفين يُجمعون على أنّ جميع الأديان والمذاهب الدينية التي نشأت أو تأسست في مجتمعات بشر الأرض يتمّ الآن تَوارثُ أسمائها ومعتقداتها وأحكامها إجتماعياً وبصورة مَصلحية لا إرادية، وأنّ أيّ تغيير يَحدث في تسمية ديانة هذا أو ذاك من البشر فإنما يكون بفعل عوامل مادية أو عاطفية أو جنسية خفيّة تُوهم الإنسان بأنه إقتنع بتغيير ديانته الى ديانة أخرى صحيحة.
الأغلبية العظمى من مثقفي العالم يُجمعون على أنّ جميع الأديان والمذاهب الدينية التي نشأت أو تأسست داخل مجتمعات بشر الأرض وبلا إستثناء أيّ دينٍ منها، تشترك بصفات وأسس جوهرية رغم أختلاف أسماء تلك الأديان والمذاهب الدينية وإختلاف معتقداتها وأوقات وظروف ولادتها أو تأسيسها على مدى ما يقارب الخمسة آلاف سنة الأخيرة من تاريخ الإنسان على سطح الأرض، حيث أن:
أولاً:
جميع الأديان وفروعها ومذاهبها نشأتْ قديماً بدوافع ومصالح (مادية) لمؤسسين إستغلوا حاجة العقل البشري البدائي لوجودٍ ملموس لِمَن يُمثِل القوة الخارقة الغير مرئية المُفترضة والمسمى عموماً بـ (الله) في أزمان كانت تخلو فيه تلك المجتمعات البشرية البدائية مِن أيّ شكل مِن أشكال الإدارة والقانون، حيث قامت الغالبية العظمى مِن موؤسسي الأديان بالتسلّط على مجتمعاتهم فارضين أحكامَهُم لإدارتها وتنظيمها بعد إدّعائهم بأنهم هُمْ مَنْ يمثلون (الله) وأنّ مِن حقهُم الحصول على إمتيازات السلطة مِن جاهٍ عظيم ومالٍ وفير ومتعٍ جنسية واسعة.
ثانياً:
جميع الأديان ومذاهبها أدّعت بأنّ عقل الإنسان ما كان يُدركُ وُجوب تَحَلي الإنسان بصفات الأخلاق الحسنة كالعدل، الصدق، الرحمة،الإحسان للوالدين، الوفاء، التسامح، ومساعدة الآخرين لولا أنها فرَضتْ عليه الإلتزام بتلك الصفات!
ثالثاً:
جميع الأديان ومذاهبها أدّعت بأن عقل الإنسان ما  كان يدركُ وجوب عدم ممارسة الأفعال المؤذية للآخرين كالقتل، السرقة، الأحتيال، الخيانة، القسوة، إهمال الوالدين، الخيانة، والإنتقام لولا أنها فرضتْ ذلك على الإنسان!
رابعاً:
جميع الأديان ومذاهبها تَعهّدتْ بِعوّدة الحياة الأبدية السعيدة بعد الموت لكل إنسان يلتزم بأحكام موؤسسيها.
خامساً:
جميع الأديان ومذاهبها تعهّدتْ بتعذيب أبديّ لكل إنسان يموت وهو غير ملتزم بأحكام موؤسسيها.
سادساً:
كل دين أو مذهب ديني إدّعى أنّ أحكامه هي تماماً أحكام (الله) الخالق لكل شيء.
سابعاً:
كل دين أو مذهب إدّعى أنه يَعرف كل شيء عن (الله)، وعن الحياة والموت.
ثامناً:
جميع الأديان ومذاهبها لا تتضمن أي تعريفات أو تفاصيل علميّة عن (الله) وعن (أسرار) الحياة والموت سوى ما تمنّاه وتخيّله العقل البشري حول هذه الأمور قبل آلاف السنين!
تاسعاً:
جميع الأديان ومذاهبها تَخْلو مِن أسسٍ علميّة أو إثباتات منطقية محايدة تؤيد صحة علاقتها المباشرة بالخالق المُفترض والغير مرئي (الله).
عاشراً:
جميع الأديان ومذاهبها تتناقض في العديد مِن أسُسها وأحكامها مع ما توصّل اليه العقل البشري حديثاً مِن أحكام حول حقوق الإنسان في المساواة والحرية في التفكير والتعبير وإختيار نمط حياته الجنسية الخاصة.
أخيراً، تبقى مسألة البحث عن أسرار الخالق (الله) تشغِل مساحة واسعة مِن عقل الإنسان لأسباب شتى أهمها رغبة الإنسان المُلحّة في معرفة ما سيحصل له بعد الموت المحتوم، لكنه وفي جميع الأحوال فأن أغلبية عقول البشر تُجمِع على ضرورة أنْ لا يصبح موضوع (الله) عذراً للبعض مِن ذوي الأديان للتمييز بين البشر أو لِفرض المعتقدات والأحكام الدينية وتفاصيل ونمَط الحياة الجنسية الشخصية على الآخرين.
يتبع ..
أعلاه هو مقال من كتابي ( أحترم جدا هذا الدين) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات رئيسية في العالم !
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي – مستقل سياسياً وفكرياً



18
المنبر الحر / مصالح أم أديان -6-
« في: 12:03 28/12/2022  »

كانت وما تزال التركيبة العضوية لـ (دماغ) أو (عقْل) أيّ إنسان تجعله غالباً يفكر ويعمل كل ما يُحقق المصالح الذاتية أولاً، أيّ أنّ عقل كل إنسان في الحالة الطبيعية يبحث ويعمل أولاً كل ما يُحقق مصالحه الذاتية في البقاء على الحياة بأفضل صورة ممكنة دون أنْ ينتقص مِن المصالح الذاتية المماثلة لبقية البشر المحيطين به، أما عقل الإنسان في الحالة الغير طبيعية فأنه يبحث ويعمل أولاً على تحقيق مصالح ذاتية غير مشروعة وذلك بالإعتداء والإنتقاص من المصالح المماثلة لغيره من البشر، كأنْ يَقتِل أو يَسرق أو يحتال أو يحرم الآخرين من حقوقهم المادية ومن حقوقهم في حرية التفكير والإعتقاد وحرية التعبير وحرية أختيار نمط الحياة الجنسية الخاصة، فحين ذاك يكون عقل هذا الإنسان يبحث ويعمل على مصالحه الذاتية بأسلوب غير مشروع مطلقاً.
حالما تمكنَ عقل الإنسان قبل عشرات الألوف من السنين من الإستقرار بشكل عائلات ومجتمعات بدائية تمتهن الزراعة وصيد وتربية الحيوانات حتى قام هذا (العقل) بالبحث عن قوة تسانده ذاتياً في حياته على سطح الأرض، فأفترض وجود قوة عظيمة سحرية غير مرئية قادرة على كل شيء، وأنّ تلك القوة العظيمة هي التي قامت بخلق الإنسان وكل ما يراه حوله مِن أحياءٍ وطبيعةٍ من صحراء وجبال وسهول وبحار وأنهار وسماء وشمس وقمر ونجوم وهزّات أرضية ورياح ومطر وهواء والماء.
كان إفتراض العقل البشري لوجود هذه القوة العظيمة السحرية الخالقة  لكل شيء والقادرة على كل شيء ناتجاً من الرغبة المصلحية الذاتية المشروعة لهذا العقل لوجود مَنْ يستطيع مساعدته في حياته على الأرض ولأعادة الحياة اليه بعد الموت المحتوم، ولذا فقد أهتم الإنسان بإفتراضه العقلي هذا، ولم يتمكن العقل البشري حينها من إيجاد طريقة سهلة للتواصل مع هذه القوة الخارقة العظيمة المفترضة سوى تصنيع العديد من تماثيل الآلهة من الطين والخشب والحجر وبأسماء عديدة كرموز مرئية وملموسة لـ (الله) أمامه، وليتمكن من خلال تلك الآلهة إيصال أمنياته بالعودة الى الحياة بعد الموت، وتوسلاته لحمايته من أخطار الحيوانات المفترسة وأخطار الطبيعة من مرض وجوع وحر برد وهزات أرضية وعواصف وأمطار.
العقل البشري ما يزال لغاية يومنا يحاول بشتى التخصصات العلمية وما يتطلبه ذلك من جهود وأموال وزمن لمعرفة المزيد عن سِرّ الحياة والموت وأسرار ومصدر هذا الكوّن، وقد يستغرق هذا الأمر لأزمان طويلة حتى حصول قفزات وراثية في مستويات وقدرات العقل البشري،  لكن هذا العقل البشري ولحين حصول مستجدات مستقبلية، سيبقى يتمنى وجود خالق (الله) يُعيد الحياة له بعد الموت، مثلما يتمنى الإنسان وجود (الله) أيضاً لمساعدته للعيش بحياة طويلة السنين خالية من العوز والمرض والأحداث المؤلمة، مُذكّرين هنا بأن العقل البشري يدرك حالياً أنّ تمنّي وجود (الله) لا يُلزِم الإنسان تصديق قصص خرافية متعددة تتناقلها كل الأديان دون إستثاء لأيّ دين منها.
عقول أغلب بشر الأرض باتتْ منذ عقود عديدة واثقة منطقياً وعلمياً من إنّ (الدين) هو إبتكار بشري حصِل قبل آلاف السنين  في مجتمعات بشرية  بدائية  لم يتوفر لبعض الأشخاص الأذكياء فيها عُذر للتسلط على أفراد مجتمعاتهم سوى عُذر الإدّعاء بإمتلاكهم توكيلاً سِرّياً أو وسائل إتصال سرّية مباشرة مع القوة العظيمة الغير مرئيّة (الله) يؤهلهم إدارة العلاقات الإجتماعية والإقتصادية داخل مجتمعاتهم البدائية الخالية حينها تماماً منْ أيّ إدارة أو نظام.
المصلحة الذاتية التي كانت وما تزال تتميّز بها تركيبة العقل البشري هي التي جعلتْ الإنسان قبل ما يقارب الخمسة آلاف سنة يبتكر وسيلة (الدين) لأدارة شؤون مجتمعات خالية حينها من الإدارة، وهذه المصلحة الذاتية للعقل البشري هي نفسها التي جعلتْ الإنسان يبتكر حديثاً أنظمة جديدة تتطور بإستمرار لإدارة شؤون المجتمعات بدلاً منْ الأحكام القديمة التي كانت سائدة في إدارة المجتمعات دينياً.
المصلحة الذاتية المشروعة للعقل البشري هي التي جعلت الإنسان يستمر في البحث عن أنظمة إدارية وحقوقية وإقتصادية وسياسية وإجتماعية تضمن له القدرة على العيش بكرامة مع كامل حريته في التفكير والإعتقاد وكامل حريته في أختيار نمط حياته الجنسية الخاصة دون أن ينتقص من الحقوق المماثلة للآخرين، وهكذا تمكن العقل البشري ولاسيما في المجتمعات الغربية تدريجياً من إبتكار أنظمة لا علاقة لها بأيّ فكر أو معتقد ديني، أنظمة لا تميّز بين إنسان وآخر بسبب الإعتقاد أو الإنتماء الديني، أو بسبب الأيمان بوجود (الله) أو عدم وجوده،  حيث أنّ ذلك هو أمرٌ شخصيّ لا علاقة لأحد به، وأنّ كل إنسان حر في ما يعتقد به دون أنْ يَفرضَ ذلك على الآخرين، فللكل حقوق وواجبات متساوية.
أغلب مثقفي العالم يعتقدون أنّ الإنسان الحديث أدرك منذ عقود عديدة أنّ أحكام وقيود كل (دين) أو (مذهب ديني) والتي تُهدد بقيام (الله) بمعاقبة الإنسان الذي يقتل أو يسرق أو يعتدي على حقوق الآخرين وكذلك الإنسان الذي يحتال أو لا يسامح أو لا يعتني بوالديه أو لا يساعد المحتاجين والضعفاء، لمْ تعُد بشكلها العام والمُبسّط هذا كافية لإدارة الشؤون المعقدة للمجتمعات الحديثة لأسباب عديدة أهمها:
أولاً:
كل سكان الأرض يرثون حالياً الأنتماء الإجتماعي الى (الدين) أو (المذهب الديني) من آبائهم دون وجود قناعة حقيقية بذلك الدين نظراً لأن كل الأديان تستند في وجودها على أسس وأحداث خيالية لا يمكن للعقل البشري تصديقها بعد آلاف السنين من التطوّر، وإنما يكون إلتزام الأبناء بـ (الدين) أو (المذهب) الموروث إلتزاماً نمَطياً ومصلحياً يتماشى وعادات الأغلبية.
ثانياً:
وجود أديان عديدة موروثة في المجتمعات البشرية، وكل دين من هذه الأديان يرى في أفكاره وأحكامه الدينية أنها الوحيدة القادرة على إدارة شؤون الحياة وعلى تحقيق رضى (الله) وإشاعة الأخلاق الحسنة في المجتمعات، كما أنّ كل دين من هذه الأديان منقسم على نفسه في عدة فروع أو مذاهب، وكل منها يدّعي أنه الفرع أو المذهب الأصلح الذي يمثل أحكام وإرادة (الله)!
ثالثاً:
كل أديان العالم لمْ تعُد أحكامها قادرة على إدارة الحياة الإقتصادية والسياسية المعقدة لمليارات من البشر، بل أصبح وجود أنظمة (الدين) في أيّ مجتمع قد يُعطي دلالة واضحة على حتمية إنحسار الأموال والسلطة بيد مجموعة دينية صغيرة بينما تعاني الأغلبية من الفقر والحرمان وفقدان حرية الإنسان في التفكير والتعبير أضافة الى فقدان الأغلبية لحقوقهم في حياتهم الجنسية الخاصة بينما يتمتع أفراد السلطة الدينية  سراً أو علناً بكل ما يحتاجونه من السلطة والمال والمتعة الجنسية.
رابعاً:
أدركَ العقل البشري بأن مصلحته تقتضي الإجماع على أعلان أسس جديدة لـ (العدل) ولـ (حقوق الإنسان) وإبتكار أنظمة إدارية جديدة تتحكم بالعلاقات الإقتصادية والإجتماعية بين البشر وفقاً لتلك الأسس والحقوق الجديدة بدلاً من الكثير مِن أحكام وأنظمة الدين التي باتت تُعتبر غير عادلة وغير مُنصفة لحقوق الإنسان في عصرنا الحديث، حيث باتت الكثير من الأسس والنظم الدينية تَعني سيطرة قلة دينية بـ (أسم الله) على أموال وحقوق الأخرين، أضافة الى أنّ أغلب هذه الأسس والنظم الدينية تَمنع حرية التفكير والتعبير للإنسان مثلما تتدخل في تقييد حياته الجنسية الخاصة كما تكرّس هذه الأسس والنظم الدينية التمييز بين إنسان وآخر بسبب الجنس (ذكر أم أنثى) أو بسبب الإنتماء الديني والمذهبي الموروث.
خامساً:
أدركَ العقل البشري أنه قادر على التعرّف والتصرف بـ (الاخلاق) الحسنة دون أنْ يتعلم ذلك من أيّ دينٍ كانْ، نظراً لأن تركيبة العقل البشرية قادرة على التصرف بكل ما يحقق المصلحة الذاتية المشروعة للإنسان، فقيام الإنسان بالتصرف ذاتياً بأخلاق حسنة هو بسبب رغبته في حصول مثيلها أثناء تصرف الآخرين معه، مُنوّهين الى أن جميع الذين إبتكروا الأديان لمْ يكن أمامهم وسيلة أخرى لتسهيل مُهِمة تَسلطهم على أفراد مجتمعاتهم البدائية حينها سوى الإدّعاء بكونهم مُختارين من (الله) لِترأس مجتمعاتهم وفرض أحكام الله المزعومة لإدارة تفاصيل الحياة الإجتماعية والإقتصادية لأفراد تلك المجتمعات.
سادساً:
أدركَ العقل البشري حديثاً أنّ (خوف) الإنسان من أحكام الدين ومن عِقاب الله لمْ يكن أمراً حاسماً يساهم في أنتشار العدل والكرامة والحرية للأنسان في المجتمعات التي يَتَحَكّم فيها الدين ورجال الدين، بل أنّ الوضع معاكس تماماً، فمعروف أنّ الفقر والحرمان وأنتهاك حقوق الإنسان يسود بشكل كبير في أغلب المجتمعات التي تتبنى أحكام وأصول الدين أو المذهب الديني، تماماً مثلما يحصل نفس الفقر والحرمان وأنتهاك حقوق الإنسان في المجتمعات التي يتسلط فيها دكتاتور سياسي، وهذا ما يساعد على القول بأن الأنظمة الدينية والأنظمة الدكتاتورية هما وجهان لعملة واحدة!
 سابعاً:
أدركَ العقل البشري أنّ أغلب رجال الدين في كل الأزمان وكل الأوقات غالباً ما يجِدون الف سبيل وسبيل لإعادة تفسير الدين بالشكل الذي يخدم مصالحهم المادية والسلطوية، حيث أنّ أحكام وأصول (الدين) قد تمّ إبتكارها أصلاً مِن قِبل العقل البشري قبل آلاف السنين ولتكون متناسبة مع مصالح القلّة التي إبتكرتْ (الدين) للتسلط على المجتمع وتنظم العلاقات فيه وفق رؤيتها لـ (العدل) في تلك الأزمان.
ثامناً:
أدركَ العقل البشري حديثاً بأن مصلحته الذاتية المشروعة تتطلب منه إنْ يتعامل مع بقية البشر بنفس الشكل الذي يتمنى أنْ يُعاملوه به، لذا فقد عمِل العقل البشري الغربي على وضع أنظمةٍ وقوانين تُحقق للجميع قدر المُستطاع كل ما يجعل الإنسان يتمتع بمقومات المَعيشة الكريمة وحرية التفكير والتعبير وحرية النشاط الجنسي الشخصي دون أنْ يتجاوز على الحقوق المماثلة للآخرين.
تاسعاً:
العقل البشري أصبح على قناعة واسعة بنظريةٍ تفيد بأنّ كل المجتمعات البشرية الحالية ستخلو نهائياً من وجود كل (رجال الدين) فيها حالما يتمكن هؤلاء الرجال من الحصول على مهنة بديلة تدرّ عليهم أموالاً ومنافع أكثر مِن تلك التي يحصلون عليها من عملهم في مهنة الدين!
أغلب مثقفي العالم يُجمِعون على أنّ العقل البشري المتطوّر إستطاع منذ عقود عديدة في معظم المجتمعات الغربية وكذا في بعض المجتمعات الشرقية مِنْ تخطّي مرحلة (الدين) أو (المذهب الديني) الذي يَفرض أحكامه على المجتمع البشري الى مرحلة إبتكار الأنظمة البديلة التي تُحاول إدارة وتنظيم كافة الأمور المتعلقة بالشؤون الإقتصادية والإجتماعية والحقوقية بين أفراد المجتمع البشري، تاركاً موضوع  الإعتقادد بـ (الله) أو بـ (الدينٍ) أو (المذهبٍ الديني)  ليكون ذلك إختياراً شخصياً خاصاً بكل فرد دون أنْ يكون لأيّ سلطة أو جهة حق التدخل في ذلك الإختيار الشخصي، مُذكّرين بأنّ لغْز الحياة والموت ما يزال يشغل العقل البشري علمياً وفكرياً لاسيما بعد أنْ حَسمت أغلبية العقول البشرية مسألة (الدين) بإعتبارها إبتكاراً عقلياً بدائياً بشرياً لإدارة شؤون مجتمعات بشرية كانت خالية مِن أيّ شكلٍ مِن أشكال الإدارة قبل آلاف السنين.
أعلاه هو مقال ( مصالح أم أديان ) من كتابي المنشور عام 2021 بعدة لغات عالمية رئيسية بعنوان ( أحترمُ جدا هذا الدين ) !
يتبع ..
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي – مستقل سياسيا وفكريا


19

أدناه الجزء الثاني من مقال (الله الشرق الاوسط) من  كتابي ( أحترم جداً هذا الدين) والمنشور عام 2021 بأكثر من تسع لغات .
رابعاً:
الشرق الأوسط كان أرض ظهور الكثير من الأديان المتتالية بسبب قدِم المجتمعات البشرية التي ظهرت فيه، وبالتالي فقد تضخم المورث الديني في مجتمعات هذه المنطقة من العالم بمفاهيم واصول وأحكام هذه الأديان والمتشابهة في كونها تُصوّر (الله) وكأنه قائد دكتاتوري يرحم ويغفر ويُكرِم مَنْ يُكثر المديح له ويُعادي وينتقم مِن مَنْ لا يعترف بقيادته وبالقصص الخيالية الواردة في كتب وشرائع (الأديان) التي ظهرت قبل آلاف السنين، فـ (الله) حسْب جميع الأديان ينتقم ويعذِب كل إنسان يفكر وينتقد الأحكام والقصص الخيالية في (الدين)، ويكون إنتقام الله من الإنسان أما أثناء حياته على الأرض أو بعد موته أو بكلاهما! حتى وإن كان ذلك الإنسان لم يؤذِ أحداً ولم ينتقص مِن حقوق أحدٍ في حياته! 
خامساً:
ساهم (الدين) الموروث في أغلب مجتمعات الشرق الأوسط على إنغلاق تلك المجتمعات على نفسها وعلى التاريخ القديم لـ (الدين) فيها، حيث ترى أغلبية أفراد هذه المجتمعات أنّ أحكام الدين أو المذهب الديني المتوارث فيها هي الأحكام الوحيدة الصحيحة بين كل المذاهب والأديان، وان هذه الأحكام صالحة لكل زمان ومكان، وذلك وفقاً للثقافة الدينية المنغلقة على التاريخ القديم والتي يُموّلها ويستثمرها رجال الدين والمذهب الديني والمؤسسات الدينية ودور العبادة المرتبطة بتلك الثقافة، فأغلب أفراد مجتمعات الشرق الأوسط ورغم إنبهارهم بمديات حقوق الإنسان الواسعة وبالتطورات العلمية والحضارية في مناطق عديدة أخرى من العالم، يرون أنّ النظام الذي يُطبق الأسُس الدينية الموروثة هو الأفضل، ويرون أنّ سبب سواد التخلف في كل مجالات الحياة لمعظم مجتمعاتهم الشرقية يرجع الى سوء تطبيق الأحكام الدينية الموروثة وليس بسبب قصور تلك الأحكام، وغالباً ما يستشهدون بعظمة وأنجازات الدُول والممالك الدينية التي نشأت في الشرق الأوسط قبل عشرات القرون، ويتناسى أولئك الشرقيون أنّ (الدين) ليس قالباً جاهزاً يتم تناقله بين أجيال البشر وأنما هو إبتكار بشري قام به  أشخاص معدودين بهدف إدارة أوضاع مجتمعاتٍ بشرية عاشت قبل آلاف السنين، حين إدّعى اولئك الأشخاص أنهم يتواصلون مباشرة مع الخالق (الله) الذي كلّفهم بِترأس وإدارة مجتمعاتهم البدائية والخالية حينها من أيّ شكل من أشكال الإدارة لاسيما بعد ظهور العملة النقدية المعدنية (المال) في حياة البشر، وما كثرة نشوء الإنقسامات الحادة والمتواصلة والتي تأخذ طابعاً دموياً في أحيان عديدة بين رجال وأقطاب وقادة الدين الواحد سوى تأكيد على أنّ الدين في حقيقة الأمر ليس هو الصورة الخيالية الرافضة للمال ولمغريات الحياة بحثاً عن الزهد ورضى الله وجنَته الموّعودة والمليئة بالذهب والنساء والخمور، تلك الصورة الخيالية التي يحاول دائما رجال الدين رسمها  في رؤوس العامة من الناس لإيهامهم بضرورة تصديق القصص الخيالية والمفاهيم والأصول القديمة المذكورة في الدين، وما يترتب على هذا التصديق من ضرورة  الإنصياع الى إرادات وأحكام رجال الدين ومعاداة ورفض أيّ نُظم حديثة بديلة عن نُظم الدين لإدارة شؤون الحياة، بينما تساوي النُظم الحديثة بين الناس وتعمل على ضمان العيش الكريم لجميعهم تاركة لكل فرد حرية أختيار ما يناسبه مِن فكرٍ أو دينٍ أو مُعتقد دون أنْ يَفرض ذلك على الآخرين.
الذين يتحدثون عن كمال الدُول أو المملكات الدينية القديمة يتناسون أنّ مراجعةً متأنيةً لأوضاع حقوق الإنسان في أزمان تلك المملكات الدينية ستُبين بوضوح لا يقبل الشك مدى الظلم الذي كانت تُعانيه أغلبية الناس في ظل تلك الممالك الدينية وذلك وفقاً للمفاهيم الحديثة لحقوق الإنسان في المساواة وحرية الفكر والتعبير وحقوق الإنسان في إختيار نمط حياته الجنسية الخاصة، ناهيك عن الصراعات الدموية المتواصلة التي كانت تجري بين قادة تلك الممالك الدينية والتي تتقاطع تماماً مع أسس كوْن (الدين) يرمز الى الزُهد عن الدنيا وأموالها والسلطة ومغرياتها.
أخيراً نقول أن هروب الكثير من شباب ومفكري الشرق الأوسط من بلدانهم ولجوءهم في الدول الغربية بحثاً عن الأمان وحرية التفكير والتعبير الممنوعة في معظم بلدانهم ساهم في إضعاف الجبهة الداخلية المضادة للأنظمة والأفكار الدينية التي تَفرض الدين على المجتمع بحجة الإيمان بـ (الله) بينما تقوم هي بسرقة أموال وحريات كل أفراد المجتمع واعِدة إياهُم بحصولهم على تلك الأموال والحريات وبشكل مضاعف ولكنْ بعد الموت!
يُردد العديد من المثقفين الشرقين كلاماً قد يختصر صورة (الدين) في مجتمعاتهم حيث يقولون ما يَعني أنّ بلدانهم تفتقر الى مستشفى واحدة متطوّرة لعلاجهم لكن بلدانهم هذه فيها الألوف من بيوت العبادة الفخمة البناء لتُصلّي عليهم بعد الموت!
الأغلبية العظمى من أفراد مجتمعات الشرق الأوسط وبضمنهم أغلب رجال الدين والمذاهب الدينية يدركون جيداً صحة كل ما تضمّنته سطور هذا المقال عن مجتمعاتهم وعن الدين ورجال الدين فيها، لكنّ هذه الأغلبية العظمى تتحاشى الإجهار بهذا خوفاً على مصالحها، وظنّاً منها بإحتمال جهْل الآخرين لمثل هذا الإدراك!
يرى أغلب مثقفي العالم، إنّ الإنسان ورغم ما توصّل اليه من علوم عظيمة ما يزال لغاية يومنا هذا يحاول علمياً الكشف عن أسرار الكوّن وأسرار الحياة والموت، دون أنْ يكون لمثل هذه المُحاولة حُكْم سابق حول فكرة وجود أو عدم وجود (الله).
يتبع ..
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي – مستقل سياسيا وفكريا

     


20
المنبر الحر / الله
« في: 12:48 19/12/2022  »

الله -1-
[/size]
تُشير الأبحاث والتقارير العلمية  الى أنّ الجنس البشري تطوّر وراثياً منذ ما يُقارب المائتي ألف عام الى الجنس المعروف علمياً بجنس الـ (هومو هابيلس) وهو الأقرب الى شكل الإنسان المعاصر، حيث تدرّج الإنسان منذ ذلك الوقت في تطّوير صناعة الأدوات الخشبية والحجرية لأغراض صيد الحيوانات، وتمكّن أيضاً مِن التوجّه تدريجياً الى الزراعة وتربية الحيوانات بدلاً مِن الإعتماد الكلي السابق على التنقل وقطف الثمار وصيد الحيوانات، كما تدرّج الإنسان في إبتكار وتطوير وسيلة الـ (لغة) للتحدث والتفاهم مع البشر المحيطين به، وهكذ أستمر التطور التدريجي البطيء في قدرات العقل البشري الى أنْ حصلت فيه خلال الخمسة آلاف سنة الأخيرة قفزة نوّعية مفصليّة كبرى في قدراته حيث تمكّن ذلك العقل البشري مِن التفنُن في إبتكار (الرسم والكتابة) وتطوير أدوات وأساليب المعيشة والسكَن والمَلبس، كما تمكّن مِن إكتشاف (المعادن) وإستخراجها والتمييز بين أنواعها وتصنيعها، وبعدها تمكّن مِن إبتكار وتصنيع العُملة النقدية المعدنية (المال) لأغراض التعامل التجاري بدلاً مِن أسلوب المُقايضة البدائي، الأمر الذي حفّز بالضرورة إبتكار نظام (الدين)  ليكون أول نظام (دولة وقانون) في مجتمعات بشرية كانت تخلو حينها تماماً مِن أيّ شكل مِن أشكال القيادة والإدارة والتنظيم، وأستمر الإنسان بعدها في تطوير أنظمة إدارة المجتمعات جنباً الى جنب تطوّره علمياً وحضارياً لغاية يومنا هذا، الا إنّ معرفة مصدر أو أصل الكوّن وكذا أسرار الحياة والموت فما تزال لغاية يومنا هذا غامضة جداً وقد تحتاج الى حصول قفزات وراثية في مستوى قدرات العقل البشري لتجعله قادراً على التعرف على المزيد مِن الحقائق المُبهمة حالياً.
نعم، حالَ تطوّر الجنس البشري منذ ما يقارب المائتي ألف عام بدأ بإدراك حقيقة الموت المحتوم لكل كائن حي، كما إبتدأ عقله وبدافع مصلحته الذاتية بإفتراض حتمية وجود قوة عظيمة صنعَتْ الكوّن وخلقتْ الإنسان والكائنات الحية ليتمكن مِن التوسّل اليها لمساعدته في مقاومة ظروف الحياة، وقام الإنسان منذ ذلك الحين بصنع تماثيل خشبية وحجرية وطينية ليرمز بها الى تلك القوة العظيمة الخالقة لكل الأشياء مِن إنسان وحيوانات ونباتات وأرضٍ وشمس قمر ونجوم وجبال وأنهار وشرّ وخيّر وحياة وموت.
كان تصنيع الإنسان لتلك التماثيل أو الأصنام التي ترمز الى (الله) وبأسماء مختلفة يُمثِل رغبة نفسية أوجدها العقل البشري لضرورة وجودٍ ماديّ ملموس لتلك القوة العظيمة السحرية الخالقة لكل شيء وليتمكن الإنسان مِن خلال هذا الوجود المادي الملموس والمحسوس إيصال توسلاته الى الله لحمايته مِن مخاطر الطبيعة وتمنّي العودة الى حياة أخرى بعد الموت.
كان إفتراض العقل البشري لوجود خالق ذي مواصفات سحرية خارقة لقوانين الطبيعة بسبب مصلحته الذاتية في تمنّي وجود مَن يساعد الإنسان على متاعب الحياة ومَرارة الموت المحتوم، فالإمكانيات العقلية للإنسان كانت وما تزال الى يومنا هي في المستوى الذي يجعلها  ترى إستحالة وجود الحياة والكون بلا وجود (خالق)، فلا وجود لـ (شيء) مِن الـ (لا شيء)، مثلما أنّ الـ (لاشيء) هو إشارة للمقارنة مع وجود (شيء) ما!
العقل البشري ووفقاً لمصلحته الذاتية كان مُضّطراً لإفتراض وجود (الله) كخالق للكوّن مُستغِلاً القناعة المنطقية المُمكنة أمامه في عدم وجود إحتمالية لوجود شيء مِن اللاشيء، فالتركيبة العضوية لهذا العقل البشري كانت وربما ما تزال محدودة الإمكانيات بأتجاه توّقعِ إحتمالات أخرى، ولهذا لم يُعِر العقل البشري أهمية للتفكير في إجابة مًنْ يتساءل عن الجهة التي خَلقتْ (الله) وفق نفس القناعة المنطقية السابقة!
العقل البشري كان، وربما ما يزال لغاية يومنا هذا، بصورة إرادية أو لا إرادية، لا يُعير أهمية كبرى للإهتمام بالتساؤل عن مَن خلق (الله) نظراً لأن الإهتمام بهذا التساؤل سيُدخل الإنسان في متاهات لا تصل به الى نتيجة، كما أنّ مثل هكذا متاهاتٍ لا تخدم المصالح الذاتية للعقل البشري والمتمثلة بتمنّي وترجيح إحتمال وجود قوة عظيمة كقوة (الله) ليَعبِدها ويمدحها مُتوسلاً منها المساعدة وأعادة الحياة له بعد الموت.
العبادة الفردية للتماثيل أو الأصنام التي صنعها الإنسان القديم لتُمثِل القوة الألهية في المجتمعات البدائية لمْ يكن يعني وجوداً لـ (دين) في تلك المجتمعات طالما لمْ تَكن هناك أصول وأحكام دينية مفروضة على جميع أفراد تلك المجتمعات، لكنّ قيام فردٍ مِن أفراد المجتمع البدائي بِتَرأس مجتمعه كـ (مَلِك) وقيامه بتنظيم العلاقات الإقتصادية والإجتماعية فيه وفقاً لأصولٍ وأحكامٍ دينية مزعومة هو الذي كان يعني ولادة (الدين) لأول مرّة في تاريخ البشر، مثلما كان يعني ذلك بنفس الوقت قيام أول نظام دولة وقانون في التاريخ الإنساني.
يتبع ..
اعلاه هو الجزء الاول من المقال الاول من الفصل الاول من كتاب ( أحترمُ جداً هذا الدين ! ).

[/size]

21


في عام 2021 طُرِح كتاب ( أحترمُ جداً هذا الدين!) في اسواق الكتب عالميا.
نشرتْ هذا الكتاب شركة (أومنيسكربتم) الألمانية الدولية المختصة بطباعة ونشر الكتب .
هذا الكتاب من تأليفي ، وقد نُشٍر بعدة لغات كالانكليزية والفرنسية والاسبانية والبرتغالية والروسية والصينية واليابانية والعبرية اضافة الى العربية.
ادرج ادناه مقدمة الكتاب، وساقوم تباعا في مقالات مقبلة بتجزئة ونشر كافة نصوص الكتاب.
مقدمة الكتاب :   
مُصْطلح (الدِين) أو (المذهب الديني) غالباً ما يَعني مُعتقد الإنسان حول قوّة غير مَرئية مُفترضة تتميّز بقدرات سِحرية خارقة على صُنْع الحياة والموت، وما يَتطلبه ذلك المُعتقد مِن واجباتٍ لإرضاء تلك القوّة الغَيبية المُفترضة، سواءاً في مجال مُمارسة الطقوس النَمطية للتواصل معها، أو بتطبيق وصايا وأوامر تلك القوّة الغَيبية في التَعامل مع الآخرين ومع الطبيعة أثناء حياة الإنسان على الأرض.
الأغلبية العظمى مَن بَشَر الأرض قد تُجْمِعُ سِرّاً على قناعات عديدة مُثيرة وغير مُعلنة عنْ ماضي وحاضر ومُستقبل الأديان والمذاهب الدينية في العالم، لكنّ هذه الأغلبية غيْر قادِرة على الإعلان عنْ تِلك القَناعات لأسباب عديدة، منها تَخَوّف البَعض مِن ردودِ أفعالٍ قاسيةٍ مِن مُتطرّفين دينيين، أو عدم قُدّرة البَعض على صِياغة كلمات تلك القَناعات، بينما يَتقَصد البَعض الآخر التَعتيم على تلك القَناعات حِرصاً على إدامة مَصالحه.
أهمية هذا الكتاب تَكمُنُ في إحتوائه على نظريّتي الجديدة عن سبب ولادة (الأديان) في حياة الإنسان، كما تكمن أهمية مقالات هذا الكتاب في مُحاولة رَفْع السِرّية عَن تفاصيل الكثير مِن القناعات المُشتركة والمُثيرة للأغلبية العظمى مِن بَشَر الأرض حول (الدِين) و(المذهب الديني)، دون أنْ يَعني ذلك أنْ أتبنى صِحة أو دِقة بَعض تفاصيل تلك القَناعات.
مقالات هذا الكتاب قد تُثير جدلاً واسعاً حوّل أسباب وكيّفية ووقت ظُهور (الدِين) و (المذاهب الدينية) في حياة الإنسان، وتأثيرات ذلك في الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية لشعوب الأرض، إضافة الى مَحاور مُثيرة أخرى عَنْ إحتمالات ظُهور أدْيان ومذاهب دينية جديدة في حياة البشر!
نبيل قرياقوس
كاتب ومؤلف عراقي مستقل فكريا وسياسيا



22
رسالتي الى منظمة الصحة العالمية
[/size]
مقترح تغيير تسميات
[/color][/size]
رسالتي هذه توضح أحد الامور المهمة ذات التأثير النفسي على صحة وعمر الانسان.
سأحاول تبسيط الفكرة بذكر الامثلة الواقعية المباشرة من اجل تجنب إطالة التحدث بأمور نظرية.
بداية، أحترم جدا كل مجتمعات العالم لانها تسمي الوزارة التي تهتم بصحة الانسان بـ (وزارة الصحة) وليس (وزارة الأمراض)!
لكن ما هو مؤسف فعلا ان كل مجتمعات العالم ما تزال تعتبر شفويا وتحريريا  اي انسان يراجع طبيبا او مستشفى بانه  (مريض) حتى لو كان ذلك الانسان لا يعاني من اي مشكلة صحية ويرغب فقط في الحصول على إستشارة صحية أو اجراء فحص وقائي.
أرى أن منظمة الصحة العالمية معنية بتقديم النصيحة  لوزارات الصحة في كل مجتمعات العالم لغرض التوقف شفويا وتحريريا عن استخدام صفة الـ (مريض) في التعامل اليومي مع كل انسان يراجع مستشفى او مركز طبي حتى لو كان ذلك الانسان يعاني من مشكلة صحية فعلا.
أرى انه من الأفضل دائما اطلاق تسمية (ضيف) على كل انسان يراجع مركزا طبيا سواءا أكان ذلك الانسان يعاني فعلا من مشكلة صحية او انه يرغب في الاستشارة او الفحص الوقائي.
كذلك أرى أن منظمة الصحة العالمية معنية بتقديم النصيحة الى وزارات الصحة في كل مجتمعات العالم لغرض التوقف شفويا وتحريريا عن استخدام كلمتي  (مرض ) و (مريض) في التعاملات الصحية العامة مع الضيوف، والاقتصار على استخدام هاتين الكلمتين في الجامعات ومراكز البحوث والدراسات الطبية حصرا.
فكما يمكن شفويا وتحريريا تسمية الانسان الذي يراجع مركزا طبيا بـ (ضيف)، فانه بالامكان ايضا تسمية اي شيء يتعلق بوصف صحة الانسان  بـ (الحالة الصحية) بدلا من تسمية (الحالة المرضية)، كأن يكتب في التقرير الطبي بأن الحالة الصحية لشخص ما هي : انه لديه قصور في القلب او سرطان في المعدة مثلا.
ان ما يدعوني الى اقتراح التسميات اعلاه هو وجود حالة نفسية طبيعية لدى كل إنسان تخلق لديه الخوف والقلق من وجود الـ (مرض) الذي قد يعني الكثير من المعاناة العضوية والنفسية المؤلمة وربما الموت ناهيك عن الصعوبات الناتجة عن تقييد القدرة على العمل إضافة الى مصاعب كلفة العلاج  في بعض المجتمعات.
ان (المرض) هو حالة وجود عطل في احد اجزاء جسم الانسان لذا فبامكاننا دائما استخدام مصطلح (الحالة الصحية) لتوضيح ذلك العطل بدلا من استخدام كلمة الـ (مرض).
استخدام مصطلح الحالة الصحية يعطي انطباعا نفسيا ايجابيا لكل انسان حتى لو كان ذلك الانسان يعاني من مشكلة صحية.
استخدام مصطلح الحالة الصحية تجعل الانسان يحس نفسيا بانه قريب الى جانب الصحة والتعافي اكثر مما هو قريب الى جانب المرض.
ارى انه من الضروري ان يكون ضمن واجبات كل وزارة الصحة مهمة تأمين التسميات الصحية (الشفوية والتحريرية) المناسبة التي تجعل كل انسان يشعر نفسيا بالأمل في المزيد من ايام البقاء حيا دون معاناة.
وزارة الصحة مسوؤلة عن جعل الانسان يشعر نفسيا بأن الصحة هي الحالة الطبيعية العامة الدائمة له بينما ان اي مشكلة صحية هي حالة طارئة لابد من زوالها.
هكذا يستمر الانسان في حالة أمل حتى لحظة موته، وهذا ما نطمح اليه لأن شعور الانسان بالقلق من وجود المرض قد يساهم في تفاقم ذلك المرض وربما قد يؤدي ذلك الى الوفاة المبكرة للمريض بدلا من الشفاء.
بالمناسبة، لقد اكتشفتُ ان بعض المجتمعات كالالمانية والعبرية واليابانية والهولندية والسويدية وغيرها تطلق تسمية تعني (دار المرضى) على المستشفى، وتسمية تعني (سيارة المرضى) على سيارة الاسعاف، وتسمية تعني (تأمين المرضى) على (التأمين الصحي)!
مثل هذه التسميات للمستشفى وسيارة الاسعاف والتأمين الصحي يعارض فكرة التوجه الى جعل الانسان الذي يعاني من مشكلة صحية يشعر  بانه اقرب الى الصحة منها الى المرض.
مثل هذه التسميات قد تجعل حتى الانسان الكامل الصحة يشعر نفسيا بانه مريض فعلا حتى لو انه ذهب الى المستشفى لاغراض الاستشارة او لغرض الفحص الوقائي.
ايضا، انا لا افضل تغيير تسمية المستشفى الى التسمية التي تعني (دار الشفاء) لان الشفاء يعني وجود مرض فعلا.
أرى أن المستشفى يجب ان تسمى (دار الصحة)، بينما تسمى سيارة الاسعاف بـ (سيارة الصحة)، ويسمى التأمين الخاص بالجانب الصحي للانسان بـ (التأمين الصحي).
من جهة اخرى، أدرك جيدا ان العديد من الاطباء والعاملين في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية قد يعانون من اوضاع نفسية صعبة نتيجة تماسهم اليومي المباشر مع حالات المرض والموت، لذا فأن تغيير التسميات المتعلقة بجوانب صحة الانسان بالشكل الذي اقترحناه في سطورنا اعلاه قد يكون مفيدا ايضا لكل العاملين في المستشفيات والمراكز الطبية.
من الناحية النفسية، قد يكون ذهاب الاطباء والممرضين يوميا الى موقع عملهم في (دار الصحة) لتقديم الفحص او العلاج لـ (الضيوف) هو أفضل من الذهاب اليومي الى (دار المرضى) .
تغيير التسميات بالشكل الذي اقترحناه قد يعني التصدي بأحد الأساليب النفسية البسيطة لعقدة خوف الانسان من (المرض) مثلما قد يعني هذا التغيير في التسميات أحد الاساليب النفسية البسيطة لمساعدة الاطباء في اداء مهمتهم الانسانية مع (المرضى).
هذا التغيير المقترح في التسميات هو تغيير منطقي طالما ان هناك امامنا حرية الاختيار بين التسمية التي تجعل الانسان متفائلا باسترداد صحته وبين التسمية التي لا توحي  بذلك التفاؤل.
هذا التغيير المقترح في التسميات هو تغيير منطقي طالما ان هناك حرية الاختيار بين التسمية التي تريح الاطباء والممرضين وبين تلك التسمية التي قد ترهقهم نفسيا.
أخيرا، ان هذا التغيير المقترح في التسميات لا يحتاج الى الأموال طالما ان استبدال التسميات في الاوراق الرسمية سيكون بعد انتهاء الاوراق القديمة.
دعونا دائما نعيش حياتنا بتفاءل حتى وأن كان أحد اجزاء جسمنا عاطلا !!
نبيل قرياقوس – مؤلف عراقي

ملاحظة :
قمت بإرسال نص هذه الرسالة باللغة الانكليزية الى منظمة الصحة العالمية في شهر نوفمبر 2022



23

أيها المقاتلون الروس والأوكران !

 

بعد دراستي الجدية لحالات وابعاد ونتائج كل الحروب التي حصلت على مدى التاريخ البشري، توصلتُ الى ان كل الحروب التي حدثت طيلة التاريخ البشري لم تكن حروبا بين الشعوب وانما كانت حروبا بين مصالح قادة تلك الشعوب.

الشعوب لا تحارب بعضها الآخر ابدا، لأن الطبيعة البشرية تميل دائما للعيش بسلام، بينما يشذ عن هذه الطبيعة البشرية القليل من الافراد الذين يتميزون بأرادتهم السلطوية التي تسعى للمزيد من التملك على حساب حياة وحقوق الآخرين.

اول الحروب النظامية في التاريخ البشري ابتدأت حال ظهور (المال) في (عصر المعادن) قبل ما يقارب الخمسة الاف عام حينما تمكن العقل البشري من اختراع وتصنيع العملة المالية بعد اكتشاف المعادن.

اول الحروب بين المجتمعات البشرية ابتدأت بين اول الانظمة السياسية في التاريخ الانساني والمتمثلة بالانظمة الدينية في بلاد ما بين النهرين ، وبعدها تطورت تلك الانظمة السياسية وصولا الى الانظمة المختلفة الحالية في العالم.

الـ (إنسان) كان هو الضحية دائما في جميع حروب التاريخ البشري دون استثناء ايّ من تلك الحروب،  بينما كان المستفيد الوحيد من تلك الحروب هو (قادة) المجتمعات المتحاربة، رغم ما قد يتصوره البعض من انتصار شعوب على شعوب اخرى، أو ديانة ضد أخرى ، أو ايدولوجية ضد أخرى أو حضارة ضد أخرى.

 

آن الأوان لجميعنا ان نستذكر أن الانسان يتشابه وراثيا في كثير من الصفات مع بقية الكائنات الحية ولاسيما الحيوانات منها، الا انه يختلف عنها بتملكه دماغا متطورا يستطيع التفاهم به بدقة بالغة مع بقية الافراد من جنسه.

ان توجّه الانسان الى استخدام وسيلة القوة والحرب مع إنسان الآخر هو محاولة بدائية بائسة تحاول الغاء الفارق الكبير جدا بين دماغ  الانسان وادمغة بقية الكائنات الحية.

ان قيام القادة السياسيين بافتعال الحروب بين الشعوب لا يخدم الانسان في تلك الشعوب ابدا بل ان الحروب تستهلك حياة وثروات وكرامة وحرية تلك الشعوب.

آن الأوان لجميعنا أن ندرك ان الحروب لم ولن تكون حلا مناسبا لأي اختلاف، لاسيما ان الاختلاف المؤدي للحروب ينشأ دائما بين القادة السياسيين وليس بين الشعوب.

شعوب الارض تدرك الآن جيدا ان كل مشكلة يمكن حلها بالتفاهم والأختيار الحر.

الانسان بطبيعته البشرية الاعتيادية لا يهتم بأسم وانتماء من يقوده سياسيا بل يريد ان ينعم بالمساواة والسلام مع حرية التفكير والتعبير.

المستفيد الوحيد من كل حروب التاريخ البشري دائما هم القادة السياسيون، سواءا اكانوا دينيين او قوميين أو ذوي ايدولوجيات اخرى بينما تكون الضحية هي (حياة الانسان) وحريته في العيش بسلام وكرامة تحت ظل المساواة وحرية التفكير والتعبير السلمي.

قد يكون هناك قائد سياسي أحمق يحاول بدء حرب مع قائد شعب آخر لكن بمجرد بدء تلك الحرب فعلا فأن كلا القائدين سيصبحان أحمقين ، كما ان كِلا الشعبين سيصبحان ضحية بغض النظر عن انتصار احدهما على الآخر ظاهرياً، فليس هناك مستفيد من الحرب سوى القادة السياسيين.

آن الأوان في عصرنا هذا لئلا تنشأ الحروب بين الشعوب لاسيما بعد توفر وسائل التواصل الاجتماعي بين كل سكان الارض.

آن الأوان لكي يقول الانسان بصوت شجاع بأنه يرفض الحروب وانه يريد السلام مع الآخرين.

حينما يقوم القادة السياسيون بمحاولة بدء حرب بينهم فان جيوشهم مُطالبة بالقاء سلاحها ومد ايادي التصافح والسلام.

آن الأوان لئن تُلغى الجيوش في كل انحاء العالم.

ما يؤسف له فعلا في القرن الحادي والعشرين ان تحصل الان حرب بين نظامين سياسيين في اوربا ولتؤدي هذه الحرب الى موت الالاف من البشر والى خسارة الكثير من المال والوقت مقابل حصول القادة السياسيين على منافع لا يمكن تبريرها بالحروب مطلقا!

نعم، في شهر فبراير 2022 اندلعت حرب مؤسفة في اوكرانيا بين الجيش الروسي والجيش الاوكراني، وما تزال هذه الحرب مستمرة لغاية يومنا هذا ونحن في نهاية شهر اكتوبر 2022.

هذه الحرب المؤسفة هي فعلا جريمة بحق الانسانية نظرا لانها تلغي تماما حقوق الانسان في السلام وحرية الاختيار.

الحرب في اوكرانيا هي تماما مثل جميع الحروب التي حدثت في التاريخ البشري.

ندائي الى كل افراد الجيشين الروسي والاوكراني ان يلقوا باسلحتهم جانبا لكي يتوقفوا عن قتل احدهم الآخر، لكي ينتصر الجميع وتتوقف اطماع القادة السياسيين .

بالسلام  الشجاع سينتصر كلا الشعبين الروسي والاوكراني !

بالسلام ستنتصر جميع شعوب الارض!

نبيل قرياقوس

مؤلف عراقي
17.10.2022

24
 مجلس الوزراء العراقي: صحة صدور بـ (24) ساعة !

بعد موجات التزوير والفساد الاداري التي استفحلت في العراق في السنوات العشر الاخيرة، لجأت الادارات العراقية في مختلف الوزارات الى إتباع أسلوب (صحة صدور) الوثائق!
لست هنا بصدد مناقشة مدى صحة وكفاءة مثل هذا الاسلوب الاداري البدائي بين الاساليب والمعالجات الحديثة الخاصة بمعالجة اخطبوط (التزوير والفساد الاداري)، مثلما لست بصدد التحجج بأن المزور الفاسد قد يكون متمكنا بوسائل عديدة اخرى من تزوير صحة الصدور ايضا، ولكني بصدد مناقشة موضوع ساخن ومهم جدا يهدف لئن لا نجعل من ممارسة (صحة الصدور) لتصبح هي بحد ذاتها عملية فساد يدفع ثمنها المواطن العراقي البسيط سواءا بتأخير انجاز معاملته أو بأجباره على دفع الرشى من أجل عدم تأخير انجاز عملية (صحة الصدور) !
يتداول العراقيون في مجالسهم همومهم في تأخير أنجاز معاملاتهم لاشهر عديدة وربما لأكثر من ذلك لا لشيء سوى لإجراءات (صحة الصدور)، مثلما يتداول العراقيون مديات المبالغ التي يضطرون لدفعها لبعض الموظفين المعتمدين في دوائر الدولة تحت غطاء (أجور التنقل) لأولئك المعتمدين أو تحت غطاء تسريع اجراءات عملية صحة الصدور!
بهذا الصدد أقترح هنا امام مجلس الوزراء العراقي ما يلي لطفا:
اولا :
التعميم على جميع وزارات الدولة بالعمل الجدي للاستغناء قدر الامكان عن اسلوب (صحة الصدور) واحلال اساليب جديدة بشرط ان لا تتضمن تلك الاساليب مطلقا اي شروط او معاملات او اجراءات اضافية بما في ذلك مسألة (الوقت ) يتم تحميل اثقالها وتعقيداتها على المواطن العراقي.
ثانيا:
فيما يخص الوثائق التي لا تتمكن الوزارات حاليا من ايجاد وسيلة اخرى للتأكد من سلامتها سوى الاسلوب البدائي المعروف بـ (صحة الصدور) فيكون الانجاز بالشكل التالي:
أ. يتم البت في صحة صدور اي وثيقة رسمية خلال مدة لا تتجاوز الـ (24) ساعة عدا ساعات ايام العطل الرسمية، وذلك عن طريق ارسالها واستلام الرد حولها بالبريد الالكتروني الحكومي لكل دائرة حكومية عراقية.
ب. يكون (تاريخ) و(ساعة) استلام الوثيقة من المواطن هي ساعة وتاريخ بدء معاملة صحة الصدور.
ج. يخصص مدير كل دائرة حكومية موظفين كفوئين لادارة ارسال واستلام مراسلات صحة الصدور.
د. إصدار التعليمات الخاصة بالعقوبات الادارية والقانونية الفورية الخاصة بتأخير ارسال او استلام اي معاملة (صحة صدور)، مع إجراءات تضمن محاسبة مدير الدائرة المقصرة دون حاجة المواطن المتضرر لتقديم شكوى.
أعتقد أن كل العراقيين ينتظرون الاجابة!
نبيل قرياقوس
كاتب وصحفي عراقي

25
                                     الله يُحبْ الاعدامات !   
كشَفَ تقريرٌ لمنظمة العفو الدولية صَدَر في شهر ابريل 2020 الى إن مُعْظم عَمليات الاعدام التي نُفّذَتْ خلال عام 2019 كانت بالترتيب في البلدان التالية : الصين ، ايران ، المملكة العربية السعودية ، العراق ثم مصر ، حيث إحتلت الصين المرتبة الاولى  بِعَدَد الاعدامات المُعلنة رسميا ، أما اذا إستثنينا الصين ، فان 86 % من مُجْمل الاعدامات التي نُفذَت خلال عام 2019 كانت في أربعة بلدان فقط وهي بالترتيب :
 ايران ، السعودية ، العراق ، مصر  .
وكشَف التقرير أعلاه إنه في نهاية عام 2019  كانت أكثر من ثُلثي دول العالم قد الغَتْ أو إنها لمْ تَعدْ تُطَبِق عُقوبة الاعدام في قوانينها ، كما قامتْ عِدة ولايات امريكيةْ بالغاء عقوبة الاعدام من قوانينها . 
الانسانية بشكل عام وصَلتْ الى قناعة كاملة بأن ( الاعدام ) لم يَعُدْ عقوبة مَشْروعة ضِدَ كل مَن يقوم بأي جريمة مهما كانت بَشِعة أومُؤسفة ، بل ان الانسانية باتتْ ترى في ( الاعدام ) جريمة كبرى يُخَطِطُ لها ويُنَفذها كلٌ مِنْ : الحاكم ورَجُل قانونه .
إحصائيات سابقة لمنظمات مُختصة بمراقبة حقوق الانسان تَوصلتْ الى ان نسبة تتجاوز معدلاتها الـ  97 % من الضحايا المَعْدومين في العالم على مدى عموم التاريخ البشري أعْدِموا بالحقيقة لاسباب ( سياسية وفكرية ) ولكن تحت أغطية وعناوين وادانات جنائية مُزَوّرة أو مُفْتَعَلة  ، كما أن هناك أعدادا  ضمن هذه النسبة من الضحايا المَعدومين كانوا مِمَنْ ثَبُتتْ عليهم فعلا ممارسة جرائم مُحددة  لكنهم اعْدموا استثناءا مِن كثيرين آخرين قاموا بنفس الجرائم .
 إن وجود هذه النسبة الكبيرة من السياسيين والمُفكّرين بين الضحايا المَعْدومين تؤشر لنا عدم صِحة رأي من يَتذرع لبقاء عقوبة الاعدام بأعتبارها رادعاً فعالا لمَن يُهدد أمن الآخرين من أفراد المجتمع ، بل إن هذه النسبة المُرعبة تَدلنا الى العكس تماما ، حيث إن بقاء عقوبة الاعدام مُشرعةً قانونيا ودستوريا يؤدي الى تهديد حقيقي وواسع لأمن وكرامة جميع افراد المجتمع ، فأغلب الحُكام الشرقيين مثلا يُعارضون الغاء عقوبة الاعدام ليس حرصا على الدِين أو على أمن مجتمعاتهم كما يَدّعون وانما ليبقى سَيّف هذه العقوبة بـ ( أيَدِيهِم )  جاهزا لتصفية وقَطْع روؤس المُعارضين من السياسيين او المُفكّرين ، كما نَود الاستدراك فيما يَخُص نسبة الـ 3% الباقية من الضحايا المَعدومين بالقول بأن اعدادا كبيرة جدا منهم تَبَيّنَ فيما بَعْدْ أما براءتهم بسبب كَوْن العَمل الذي قاموا به لم يَكُن ليُعَد جريمةً  اصلاً ، او تَبين انهم لا يَستحقون عقوبة الاعدام نظرا لثبوت عدم  دقة او نزاهة المُحاكمة بأجراءاتها وشهودها وأدلتها .
إن الغاء عقوبة ( الاعدام ) في دساتير وقوانين مجتمعاتنا الشرقية سوف لن يؤدي الى الحَدْ مِن جرائم التصفية الجسدية ( ورُبما المُتبادلة ) بين الحاكم وبعض من مُعارضيه حَسْب وانما سَيَعْني وِلادة ( رادِع ) تَرْبَوي  ضِد أي عَمَل يؤدي لانهاء حياة إنسان مهما كانت المُبرِرات ، وهذا سيؤدي بالنتيجة الى إشاعة ( تقليد مُجتمعي ) يُقَدِسْ ( حياة ) كل انسان بريئا كان أم مُجرما ، فهناك العَديد من أساليب الرَدع والمُحاسبة والعِقاب والتقويم المُناسِب لكل انواع  ومستويات الجرائم ، لكن جميع هذه الأساليب يجب أن لا تتضمن ابدا مُعاقبة الانسان بانهاء حياته  قَتْلا .
إن سَواد الرَفْض المجتعي لعقوبة ( القَتْل ) أو ( الاعدام ) قد يُساعد بصورة فَعّالة جدا في تَمَكّن قادة ومفكرين كَفُوئين ونَزيهين من إدارة بلدهم وتوفير أسس أقتصادية تُؤمن حياة كريمة لجميع أفراد المجتمع وبالنتيجة يتقلص حجم جرائم القتْل الاعتيادية ، ناهيك عن أن إتساع الرفض الانساني لعقوبة ( القَتْل ) أو ( الاعدام ) سيساهم بشكل كبير جدا في توفير مُقَوِمات وأسس صحية لحَلِ النِزاعات والخِلافات بين المجتمعات البشرية بطُرق سِلمية بعيدة عن العنف .
إصرار الحاكِم والمُشَرّع الشرقي على مُواصلة السَيّر في طريق ( الاعدامات ) قد يَعني لنا وكأنه يُريد أن يُمَوّهُنا بأن ( الله ) يُبارك تَصْفية حياة المُعارِضين بـ ( مِطرقة قاضي ) ، وذلك ما لا  يَقْبَله أو يَرْضاه أيّ عاقِل مُؤمناً بـ ( الله ) كان أو غير مُؤمِن !

نبيل قرياقوس
كاتب وصحفي عراقي
22-7-2020
 
 


26
                      أختراق فيسبوك مسوؤل حكومي عراقي !

ثورة الاتساع المُتواصل والمُتنامي لقدرة ومواصفات وسائل التواصل الاجتماعي والتي ابتدأت منذ ما يقارب من عقد ونصف كان وسيكون له في الغالب أثرا ايجابيا لا متناهيا في الحياة  البشرية وفي مجالات وتخصصات لا حدود ولا سقف  لها مطلقا . 
الفيسبوك هو أحد أكثر الوسائل المستخدمة حاليا في التواصل بين البشر ، وقام جميع المسوؤلين الحكوميين وكذا مسوؤلي الكيانات الاجتماعية المختلفة في جميع انحاء العالم بفتح صفحات فيسبوك خاصة بهم سواءا بصفتهم الشخصية الرسمية أو بأسم كياناتهم المعنوعية الحكومية أو الاجتماعية .
في العراق ، ابتدأ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ، بعد سقوط النظام الدكتاتوري عام 2003 على يد القوات الدولية ، وقام المسوؤلون العراقيون بفتح صفحات الفيسبوك الخاصة بهم ، الا ان المؤسف جدا ، هو أن الغالبية العظمى من هؤلاء المسوؤلين لم يفتحوا صفحات التواصل الاجتماعي سوى لجعلها وسيلة دعاية شخصية لهم دون أن يعيرون أي أهمية للتجاوب مع الطرف الآخر في وسيلة التواصل الاجتماعي الا وهو المواطنون العراقيون، حيث التجاهل التام لمَطالب أو آراء أو استفسارات أو مناشدات العراقيين المتفاعلين مع صفحات المسوؤلين العراقيين وكأن المسوؤل العراقي غير مَعْني بكل ما يُطالب به العراقيون سوى أن يقوم المسوؤل العراقي في بعض الاحيان بأجراءات المُقاضاة للبعض من العراقيين مِمَن يضطرون تحت ظروف اليأس والاحباط بالتهجم على المسوؤل الحكومي سواءا بصفته الشخصية او المعنوية الحكومية ، في حين لا يهتم أغلب المسوؤلين الآخرين بكل ما يُكتب على صفحاتهم بشكل تام غير آبهين بشَيْنه أو زَيْنه وكأن الفيسبوك هو مُجرد أجراء شكلي يجب عَمَله حَسْب !!
السبب الرئيسي الكامن وراء سوء استخدام الفيسبوك من قِبل أغلب المسوؤلين العراقيين يكمن اولا وأخيرا في أن هؤلاء المسوؤلين غير كفوئين وغير نزيهين وليس في نيتهم القيام بمهمتم الرسمية سوى الحصول على مَغانم التسلط اللاشرعي على رقاب العراقيين ، ولذا تراهم ينيطون مهمة ادارة صفحات الفيسبوك الخاصة بهم بموظفين بسطاء انتهازيين لا يَملكون مؤهلات  سوى ولاءهم الانتهازي الاعمى للمسوؤل الحكومي في وقت تزداد اعداد المواطنين المتفاعلين والمتابعين لصفحات الفيسبوك للمسوؤل الحكومي بحكم الفساد الاداري الشامل الذي يعيشه العراقيون والذين لا يجدون لهم منفذا لحل متاعبهم سوى ايصال صوتهم الى المسوؤل الحكومي عن طريق وسيلة التواصل الاجتماعي بأعتبار أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت جزءا مهما من المنظومة الاعلامية التي تمثل سلطة قوية ومهمة جدا في كل مجتمعات العالم . 
اذا كان السوؤل العراقي ابتداءا من رئيس الجمهورية وانتهاءا بأصغر مسوؤل مُهتما فعلا بأداء وظيفته الحكومية بشكل صحيح فهو مُلزم بحكم منصبه الحكومي بأجابة جميع المواطنين يوميا ، وهو غير حر مُطْلقا بعدم اجابة أياً منهم لأن المواطنين لا يُتابعون صفحته بصفته الشخصية وانما بصفته يُمَثل الدولة العراقية .
نُتابع دوما معظم صفحات التواصل الحكومية العراقية ، ويؤسفنا أن نقول أن استمرار المسوؤلين العراقيين بتجاهل مطالب أو آراء أو شكاوي أو استفسارات المواطنين العراقيين لا يمكن تفسيره دبلوماسيا سوى بِكَون حسابات او صفحات هؤلاء المسوؤلين العراقيين هي صفحات مُخْترقة من قبل الفاسدين وأعتقد أن الشعب العراقي قادر على اتخاذ موقفه الحازم معهم !
نبيل قرياقوس
كاتب وصحفي عراقي
18-7-2020




27
                                  وِسادة قاضي بغداد !

 الراحلة أمّي عاشتْ قرابة قرن من الزمن ، واذْكر انها كانت كثيرا ما تُحَدثنا في طفولتنا عن حكمة مُلخصها أن معرفة الانسان الحقيقية تكمن في اختباره اثناء مرافقته في رحلة سفر ، فالسفر قبل قرن من الزمن كان للعامة مِن الناس يعني تَحَمل مَخاطر الطريق أمنيا اضافة الى تَوقّع احتمالات شحّة الماء او الطعام او المال وكذا احتمال فقدان المأوى ، فالانسان الذي يُرافقك ويقاسمك بأخلاص وود وسلام في رحلة سفر مثل هذه يستحقُ ان تَثق به كامل الثقة فيما بعد طالما انه نَجحَ في اختبار قاسٍ وصعب ، فمثل هذا الاختبار يُعَدُ فعلا مقياسا ناجحا لمدى مَنْ يَطمعُ في اموال او حقوق او حياة الآخرين .
في ايامنا هذه ، يتحدثُ العقلاء مِن العراقيين عن حكمةٍ مُلخصها أن الموظف أو المسوؤل في الدولة العراقية بعد 2003 والذي لم يَغتني من الرشى او السرقة بأموال العراقيين فهو أنسان يَستحقُ كل الاحترام مثلما يَستحقُ أن يتولى أفضل المناصب في الدولة ، وأمثال هؤلاء الآن قليلون وقد يكون عددهم قرابة الصفر على مستوى المدراء العاميين فما فوق .
أكتب مقالي هذا ، وفي بالي قضيةٌ مهمة جدا لقاضٍ عراقي ، كان من أوائل الطلبة في العراق في دراسته الاعدادية ، ومن أوائل الطلبة في دراسته الجامعية ، بل أنه أستاذ في المعاهد والجامعات العراقية ، ولا غرابة في ذلك فهو كان وما يزال مُؤلفاً للعديد من البحوث والكتب التخصصية النادرة في مجال العدل وحقوق الانسان .
نعم ، هذا الرجل يَدْرك جيدا ما هو ( العَدْل ) في زمنٍ باتَ فيه ( العدل ) و ( حقوق الانسان ) عملة مفقودة لا يَجدُها العراقيون في أغلب مَنْ تَوالوا على حكم العراق بعد ازاحة الدكتاتور صدام عام 2003 سوى بصورة كلمات دون تطبيق  ( في أفضل الأحوال ) .
هذا القاضي تولّى لسنواتٍ مسوؤلية دائرة ( هيئة النزاهة ) الحكومية العراقية عام 2008 ، لكنه ما أن أدركَ بأنهُ سوف يُخْفق في مُطاولة ومصارعة الفساد الاداري والمالي بسبب الظروف السياسية حينها حتى بادرَ عام 2011 مُتطوعا بتركِ مُغريات مَنْصبِه مُستقيلا بدلا من أن يصبح جزءا من  الفساد المستشري في الدولة العراقية ، رغم أن الكثيرين راهنوا حينها على أن  المُغريات ( الدولارية المليارية ) لمنصب هذا الرجل ستكون كافية لأزاحته عن زُهْدهِ وعن فِكرهِ وعدلهِ ونزاهته لاسيما انه من ذوي الدخل المحدود جدا رغم عَمله كقاضي لسنوات طويلة سابقة .
 استقالة هذا القاضي العراقي الزاهد هو ( وسام ) شرف نادر  يُسَجَلَ له مثلما يَتفاخر بهذا الوسام نسبة كبيرة جدا من العراقيين حاليا وربما جميعهم في اجيال قادمة .
لا أزعُم مُطْلقا بأن هذا الرجل ربما لم يُخطأ في هذا الأجراء أو ذاك ، أو مع زيْد أم عَمْر من الناس  ، فالكمال هو لخالق البشر ، سيما وأن هذا الرجل تولّى منصبا رقابيا مُهما وحساسا  في أوج تعقيدات البناء الجديد لموؤسسات دولة منهارة بالكامل بعد احداث ازالة الدكتاتور عام 2003 ، لكن مُجْمل انجازات هذا الرجل في ( هيئة النزاهة ) كانت صحيحة ومبنية على أسس منطقية وعدلية وأدارية متطورة .
هذا القاضي المُستقيل أضطر مُكْرها لتَحمُل خسارة شخصية كبيرة وذلك ببيع ( وسادة نومه ) في بغداد  والمتمثلة ببيته الوحيد الذي يمتلكه ( وعائلته مِن زوجة واطفال ) لتغطية تكاليف ما أجْبِروا عليه من العَيْش مُغْتربين ومُعَذبين خارج وطنهم لمدة زادت عن الثلاث سنوات .
العراقيون جميعا أختبروا القاضي الزاهد والنزيه رحيم العكيلي في سَفْرة شاقة وطويلة امتدت منذ ايام عمله في القضاء بعد تخرجه من الجامعة ولغاية يومنا هذا ، ولذا فأن نسبة كبيرة جدا منهم يَثقون به جدا وربما يَرون أن ( تَهجيره ) ومن ثُم (  أعادته ) الى بلده كان لأوضاعٍ سياسية وأن تَمّ كلا الفعلين تحت أسم القانون .
أعتقد أن أغلبية العراقيين يَرون الآن وُجوبَ أعادة وسادة مناسبة في بغداد  لهذا القاضي الخَمْسيني المَظلوم لأن ذلك  سوف لن يعني اعادةً لجزء من حقوقه المَسلوبة حَسْب ، بل ان ذلك سيعطي الامل بأنصاف الكثير من العراقيين ممن فقدوا وساداتهم وحقوقهم الانسانية في بلدهم ، وتلك هي النتيجة الأعظم .
   
نبيل قرياقوس
كاتب وصحفي عراقي
30-4-2020

28
                                  بَعْدَ كورونا .. لا سُجون للبَشَر ! 
في نهاية عام 2019 اجتاح بشر الارض فايروس قاتل وسريع الانتشار اودى بحياة مئات الالوف من سكان مختلف مناطق الارض دون تمييز ، وما زال هذا الفايروس يحصد أرواح البَشَر يوميا حتى ساعة كتابة هذا المقال .
استطاع هذا الفايروس من شل معظم تفاصيل نشاط الحياة البشرية وذلك حينما اضطر سكان الارض الى سَجْن انفسهم  في بيوتهم لاسابيع وأشهر تفاديا للمخالطة التي تؤدي الى توسع انتشار الداء القاتل لهذا الفايروس .
 الخوف  الهائل والمرعب من تواصل انتشار هذه الجائحة لم يستطع منع بشر الارض من الشعور بالآثار القاسية والمتعبة جدا للسجن المحدود والشبه طوعي الذي تَعَرضوا له في بيوتهم رغم ان الكثير منهم لاسيما سُكان الدول الغربية كانوا لا يعانون من مشكلة الحصول على تكاليف معيشتهم او علاجهم خلال فترة انعزالهم داخل بيوتهم بحُكْم الانظمة الادارية المتطورة في هذه الدول الغربية . 
 احدى ايجابيات هذه الجائحة المؤلمة هي انها تَمكنت مِن مَدّ جسور التأييد لبعض الاصوات المثقفة المحدودة من سكان العالم ممن أقترحوا منذ سنوات قريبة بضرورة الغاء عقوبة ( السجن ) من حياة البشر ، مُطالبين بأيجاد طرق انسانية بديلة للتعامل مع الحالات المُعْتدية من الافراد ، مُنبهين بدراساتهم الميدانية والاحصائية الى حَجْم العذاب والألم والاذى القاسي الذي يتعرض له الانسان نتيجة لـ ( سجنه ) ، ومُشيرين ايضا الى ان تلك الدراسات وصلت الى نتيجة ان ( سَجْن ) الانسان المُجْرم جنائيا لا يَمنعهُ غالبا من مواصلة اجرامه بعد خروجه من السجن ، وبالمقابل فأن نسبة كبيرة من الابرياء ممن سُجِنوا تَحولوا الى مُجْرمين بشكل او  آخر بعد خروجهم من السجن .
سابقا ، كان بَشَر الارض يُعاقِب بعضهم البعض بطرق التهجير او القتل او الاعاقة ، ومثلهم في هذا كمثل الكائنات الحيوانية على سطح الارض ، ثم ما ان ازداد عدد المجتمعات البشرية وبدأت المصالح المادية بالتوسع حتى تَمّ التوجُه الى حَصْر مجموعات من ضعفاء البشر ليكونوا بصفة مساجين مؤقتين في قلاع او سراديب طبيعية وليتم معاقبتهم بعد ذلك  بقتلهم او اعاقتهم او تشغليهم كعبيد او جنود في مناطق قريبة او بعيدة ، وأخيرا وبعد ازدياد الاعداد البشرية وتشابك المصالح المادية البشرية ظهَر بعض القادة او الحكماء مِمَن وضعوا اصولا تَحْكم تفاصيل الحياة بين البشر ، وأضطر بعض اولئك القادة للادعاء بكونهم  قادة اديان سماوية وانهم انبياء او رُسُل وانهم يمثلون خالق الكون ( الله )، ولم تتعدى احكام تلك الاديان اوضاع ومستوى تلك المرحلة  البشرية سواءا  بالامكانيات البنيوية او بمستوى تَفَهُم عموم البشر لحقوق الانسان حيث تَمّ دينيا شَرْعَنة مُصادرة حقوق الانسان في حياته الخاصة ومُعاقبة الانسان بقتله او قطع جزء من جسمه او جلده او ضربه  .
حديثا ، اي في القرن الثامن عشر تَوجّه المجتمع البشري الغربي الى البِدْء ببناء سجون نظامية لتقوم بمهمة اصلاح وتهذيب الانسان المُجرم او ( المُخطأ ) ، اي ان البشرية بدأت التوجه الى عدم اعتبار السجن  اجراءا  لأجل العقوبة او الانتقام وانما لأجل الاصلاح ، الا ان عقوبة القتل او ما يسمى ( الاعدام ) ظلت سارية التنفيذ لحد يومنا في الكثير من المجتمعات ولاسيما الشرقية منها .
اود الاشارة هنا الى نسبة تصل الى خمسة وتسعون بالمائة من البشر المَعْدومين والمَسجونين في المجتمعات الشرقية الآن هم ضحايا ( رأي ) سواء فكريا او سياسيا او دينيا او اجتماعيا ، ويعاني المسجونين منهم شتى صنوف الاهمال والتقصير من قبل السلطات الحكومية ناهيك عن عذاب السجن نفسه ، في حين يتم صَرْف مبالغ حكومية كبيرة جدا بدواعي ادارة هذه السجون ، بينما يتمتع افراد سلطة مجتمعات هؤلاء المساجين  بشتى اوضاع الرفاه رغم كون أغلبهم  مُجْرِمين ومُعْتدين على حقوق مجتمعاتهم قولا وفعلا .
ان جائحة ( كورونا – كوفيد 19 ) التي تُهَدد بقتل كل البشر في ايامنا هذه ، لابد ان تُنَبهنا الى الرجوع الى عقلنا البشري للارتقاء الى مرحلة الوحدة الانسانية في التصدي لمهام كبيرة جدا اولها تَبَني كامل حقوق الانسان في حريته الخاصة ، وفي المساواة وفي السِلْم البشري والتعاضد البشري من اجل دوام الحياة والرفاة لكل البشر دون تمييز ، وكل ذلك في جهود وطريق البحث المُضْني والطويل  في اسرار الحياة والكون ، ودون ان يكون لكل هذا النشاط مَدعاة لفَرْضِ فكرة وجود الخالق من عَدَمِه على الآخرين . 
ان جائحة كورنا تفتح الباب واسعا للبدء فورا باجراءات ايجاد البدائل الانسانية المناسبة للتعامل مع مَنْ يُؤذي غيره مِنْ البشر بدلا من ( السجون ) .
 هذه الجائحة ربما تفتح الباب ايضا لضرورة أنسانية مُعَقدة وصعبة جدا وذات علاقة ، وتتمثل تلك الضرورة الانسانية في بِدْء التفكير والتخطيط والعمل جديا لانهاء التعامل المادي بين البَشَر ، فـ ( المادة ) هي  ( المُحَرك الاساسي ) الظاهر واحيانا الخَفي لكل دواعي تَجْريم الانسان لاخيه الانسان .
ان الاستغناء عن التعامل المادي بين بَشَر الارض قد يبدو الآن ضربا من ضروب الحلم والخيال لكنه ربما قد يصبح واقعا لاسيما اذا ما استذكرنا كيف تحقق قبل حوالي خمس عقود حلم وصول الانسان الى القمر ..
ان بَشَرا بلا سجون هو الخطوة الاولى في الطريق الشاق الطويل لبناء بَشَر بلا تعامل مادي .
نبيل قرياقوس
5-4-2020


 



29
                              أعْمِدة مَشانِقْ !!
قبْل أيام معدودة التقيتُ بوالِد أحد الشهداء الشباب المتظاهرين السلميين ممن تم قتلهم ببندقية قنّاص تابع لميليشيات الحكومة العراقية في بغداد يوم الاول من اكتوبر 2019 ، وشاءت الصدف ان نستمع سَويّة لأحد السياسيين العراقيين المُعارضين وهو يتحدث في احدى المحطات الفضائية عن أوضاع السرقات الهائلة جدا التي يَتعَرض لها العراق والعراقيين طيلة اكثر من عقد ونصف من السنوات الاخيرة وما يَتْبعها في هذه الايام من جرائم تهديد وأغتيال واعتقال وتعذيب  مُمَنهجة من قبل عصابات الحكومة للشباب المُتظاهرين السلميين المُطالبين بتغيير الحكومة لما فيه الاستقلال والحرية والكرامة للشعب العراقي . 
 نعم ، استَعْمنا سوية الى هذا السياسي وهو يتوعّدَ بنَصْب أعمدة المَشانق لأعدام كل مَنْ أعتدى على المتظاهرين او سرق ثروات العراق او تعامل مع الاجنبي والى الدرجة التي رَدّتْ فيها عليه المُذيعة التي تُجري المقابلة التلفازية قائلة :
 رجاء كُفّوا عن موضوع أعمدة المشانق !!
صاحبي ، والد الشاب الشهيد ، قال لي مُقاطعا استِماعنا الى السياسي العراقي :
كنتُ أتمنى ان لا يكون هذا السياسي في موقع استلام مثل هذه النصيحة !
ثم صمِتَ لثوانٍ عديدة مثنّي الرأس ، وليواصل بعدها الكلام حال بَدأت عيناه تقذفان ملايينا من رسائل الألم والحزن والعَتَب مَحمولة على دموع نقية تَغلي مِنْ مَرارة الجَرْح في دواخل والدِ شاب مُسالم ذي تسعة عشر ربيعا قَتَلتْه اطلاقة مجرم جبان :
أدركُ جيدا المُصيبة والحزن الهائل التي تُصيب أب أو أم أو أخ أو أخت مَنْ يُقْتَل أو يُغْتال  أو يُعتَقل أو يُعَذب أو يُعتدى عليه جسديا ظُلما وعُدوانا ، مثلما أدركُ جيدا حُزْن ومَآسي مَنْ يُهَجّر أو يُسْجن أو يُهان أو مَنْ يُحْرم من ماله أو املاكه أو حقوقه الانسانية ، لكني ورغم المُصاب الجَلل أعارضَ مُعاقبة أي مُجْرم بعُقوبة ( الاعدام ) ، وذلك ليس بسبب معرفتي بدُولٍ مَنَعت هذه العقوبة في دساتيرها ، وليس لكوني وُلِدْتُ في بلدٍ نشأتْ فيه أقدم حضارات العالم ، وأنما لأني أرى  بأن قناعتنا بعقوبة ( الاعدام ) سيَضَعنا نحنُ ايضاً في مَوْقع المُجرم القاتل ، فهذا القاتل هو الآخر كان هو الآخر مُقْتنعا بقَتْل أو أعدام ضَحيته .
أن أهم ما يُمَيّز الانسان العادل عن الانسان المجرم هو أن الانسان العادل يؤمن بحق كل أنسان آخر في الحياة حتى لو كان الانسان مُجرما ، حيث تتم المحاسبة  وفق قانون يَفْرض العقوبات المُناسبة لكل خطأ او تقصير او جريمة عدا عقوبة الاعدام أو التعذيب الجسدي أو النفسي .
والد الشهيد واصل الحديث مُصرا  التَكابر على مُصيبته وعلى مشاعرالأسى والالم التي تُحاصر دواخله قائلا :
مُعاقبة المُجرم بنفس الجُرْم الذي أرتَكَبه يَعني أننا نمارس ( نفس الجُرْم ) الذي أرتَكَبه ذلك المُدان ، هذا بأفتراض ان ذلك المُدان قد أرتكَبَ ما تم أدانته به فعلا ، وايضا بأفتراض ان ما تمّ به ادانة ذلك المُدان يُعَدّ ( جريمة ) فعلا مثلما يحصل غالباً في المُدانين في القضايا السياسية وقضايا التعبير عن الرأي او حرية الفكر او المعتقد أو في القضايا المرتبطة بشكل مباشر بالحرية الشخصية .
أن بقاء (عقوبة الاعدام ) نافذة في القانون العراقي يُساعد كثيرا في توفير كُرة سَهْلة المَنال بيد سياسيّ السلطة ومعارضيها وليقوم أحدهم بالانتقام من الآخر مُستخدما تلك العقوبة كوَسيلة ، كما أن  بَقاء مِثل هذه العقوبة يَعْني وضْع سيفٍ قاتل بيَد كل القوى الدينية للنيل من كل ذي رأي مُضاد .
والد الشهيد الشاب واصل القول :
 جرائم القتل العَمْد الشخصية منها أو السياسية لا يقوم بها مُجْرِمون الا وَهُم تحت ضغوط مختلفة كضغوط الدفاع عن المصالح او الانتقام أو لظروف سياسية او مادية او اجتماعية أخرى وكل هذه الضغوط تَصْنع من القائم بجريمة القتل شخصا ناقصا عن ابعاده الانسانية ، ومِثل هذا الشخص يُعاقب بعقوبة قاسية مناسبة ولكنها عقوبة تَحترم بكل الاحوال حقوق بقاء ذلك المجرم على قيد الحياة ، فالأصل في أي عقوبة هو التأديب وليس الانتقام .
الاستاذ الجامعي اختتم حديثه معي قائلا :
 أعمدة المناشنق سهلة التركيب وسريعة التكاثر وهي خَطِرة جدا وسريعة الاشتعال ، وحرائقها قادرة على تدمير مجتمعٍ بأكمله ، لذا فان المجتمعات المتحضرة تُحاول تفكيك كل أعمدة المشانق وازالتها من أراضيها ، ولتُقيم بَدلا عنها أعمدة تُخلّد فيها الحكماء والعلماء والشُجْعان والمُبدعين والنَزيهين ، فهلا اتْعضّنا قبل ان يَحترق حاضرنا ومستقبلنا بـ ( أعمدة مَشانق )  !!
نبيل قرياقوس
29-12-2019


30
لا لـ ( رحيم العكيلي ) رئيساً للوزراء !

ي
شهد العراق ونحن في الايام الاخيرة من سنة 2019 أستمرار التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في معظم مدن العراق للمطالبة بحكومة وبرلمان جديدين خاليين من كل الاحزاب التي قادت العراق طيلة ستة عشر عاما متواصلة بأسوء الصور والى الدرجة التي اوصلت بها الى العراق الى اسوء دول العالم فسادا واحتقارا لكرامة وحياة مُواطنيه .

الغريب والمؤسف جدا  ان هذه الاحزاب الحاكمة ما تزال ويوميا ولحد اللحظة تقاوم هذه الارادات المليونية للشعب العراقي بوسائل التجاهل والتهديد والقتل والاغتيال والاعتقال ، كما ان هذه الاحزاب ما تزال غير مقتنعة بتركها اعمال سرقة المليارات من اموال الشعب العراقي يوميا مثلما انها لا تستوعب ان الشعب العراقي يجب ان يعيش حرا كريما وبلا قيود تفرضها عليه شلة من السراق والقتلة .

هذه العصابات الحاكمة في العراق طيلة ستة عشر عاما ما تزال ترى في نفسها انها ( احزاب  سياسية ) فعلا خلافا للواقع وخلافا لارادة وادراك عشرات الملايين من الثائرين من ابناء الشعب العراقي ورغم أفتضاح امر تلك العصابات لدى كل المجتمعات والمنظمات الانسانية والحقوقية .

اسمع وأقرأ حاليا وبين ساعة وآخرى عن مطالبة الكثير من الناشطين والشخصيات العراقية الوطنية المستقلة لتوّلية القاضي العراقي ( رحيم العكيلي ) مهمة منصب رئيس الوزراء للفترة الانتقالية لحين اجراء انتخابات مبكرة لرئيس وزراء جديد ،  لكني ومع احتراي وتقديري لكل هؤلاء  ارى ان اناطة مهمة رئيس الوزراء للقاضي رحيم العكيلي ليس بمصلحة العراق حاليا ليس لكون هذا الانسان غير جدير للقيام بمهمات هذا المنصب الرفيع في الدولة العراقية الحديثة وانما لان هذا الانسان أرفع وأنبل وأرقى للقيام بمهمات كبيرة اخرى للشعب العراقي نظرا لكون هذا الانسان من القانونيين والحقوقيين النادرين ليس على مستوى العراق حسب وانما هو من الحقوقيين النادرين على مستوى شعوب الشرق المتخلفة حضاريا .

ارى ان رحيم العكيلي يمكن ان تُناط به اعلى المناصب الفعالة في المجال القانوني والحقوقي في الدولة العراقية كونه مَرْجعاً نادرا وطاقة تحمل ذهنية انسانية متميزة في استحداث وصياغة الدستور وكل القوانين والحقوق التي يجب ان تسود في المجتمع العراقي وبالشكل الذي سيضع العراقيين في مصاف كل الشعوب المتحضرة من ناحية الحقوق والواجبات لكل من السلطة والمواطن .

ان اناطة مُهمة رئيس الوزراء الانتقالي الى هذا القاضي النزيه والشريف في هذا الظرف العصيب من تَمَسك عصابات القَتْل والسرقة بالسلطة لا يعني عدم قدرة هذا القاضي على النجاح المتميز في ادارة هذه المهمة مطلقا ولكن ذلك برأي المتواضع سيعني الجَنْي على هذا الانسان من ناحية اشْغاله بمهمةٍ مُؤقتة  كان بالامكان اعفاءه منها وليتفرغ بشكل وافي للمهمة الاصعب والأنبل والاطول مدة الا وهي تَولي اعلى المناصب الفعالة في المجال القانوني والحقوقي في العراق ، ففي ذلك انصاف لحق العراقيين في هذا الانسان وانصاف لحق هذا القاضي في وطنه .  

نبيل قرياقوس

27-12-2019

 


31
                      الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية
                                 ( استبيان آراء بلا حدود )

يوما بعد آخر تحاول الانسانية ان تخطو خطوات واسعة في أفق يلم شمل الانسان في الطريق الشاق والطويل لمواجهة متطلبات الحياة و مقاومة الطبيعة وكشف اسرار الكون ، تلك الاسرار التي ما تزال تتطلب الكثير من عمل الانسان للكشف عنها وتوظيفها من اجل خدمته وسعادنه  .
ان تزايد سبل وسهولة التواصل  بين كل بشر الارض من اجل تبادل العلوم والاراء والافكار في شتى الميادين يعتبر انجازا كبيرا يحسب لصالح الانسانية ، ونحن ندين لجميع العلماء الغربيين الذين ساهموا في هذا الانجاز ، كل في اختصاصه ، بالكثير من الشكر والعرفان ، حيث ان هذا التواصل بين كل سكان الارض يطور واقع البشر في كل النواحي كما انه يُضيّق السبل على اصحاب الافكار السوداء من الذين يحاولون خنق شعوبهم بحبال الانغلاق ورفض الآخر من اجل اخضاع تلك الشعوب ومصادرة مواردها وثرواتها وحقوقها في الحياة الكريمة حارمين اياها من اداء دورها المُعاضد لبقية سكان الارض من اجل حياة أفضل للجميع .
 هذا الاستبيان مطروح امام جميع مثقفي العالم بكافة اختصاصاتهم وانتماءاتهم دون استثناء آملين منهم المشاركة بأبداء آراءهم وافكارهم بالصورة المعهودة من المنطقية والجدلية بعيدا عن اسلوب الاساءة المقصودة لشخص أي انسان في العالم  ، منوهين الى ان عدم الايمان بفكر او معتقد ديني (لا يعني ابدا ومطلقا ) معاداة الانسان الذي يحمل تلك الفكرة او المعتقد الديني لان الانسان حر في اعتناق الفكر او المعتقد الذي يناسبه ، وان كل البشر هم أخوة سواسية بغض النظر عن انتماءاتهم القومية او الدينية او الطائفية او الفكرية .
 ان حرية التفكير والتعبير دون حدود هي حق اساسي لكل انسان ، وان وضع أية حدود لحرية الفكر والتعبير كان وما يزال جرما ، ويعد هذا الجرم من اخطر الامراض التي تحاول ان تشل المسيرة الانسانية نحو واقع ومستقبل أفضل ، مذكرين بان الكثير  من الآراء والافكار الحرة الغير مقيدة بحدود سيكون مصيرها كحال ذرة تراب وسط عاصفة وانها لن تعني شيئا سوى كونها آراء من يطلقها ، ولكنه بنفس الوقت  قد تصبح بعض  تلك الافكار او الآراء واقعا ومنهجا جديدا يتبعه المليارات من البشر فيما لو اقتنعوا بها طوعا .
ان حرية الفكر والتعبير دون حدود هي دلالة رئيسية تقود لطريق الحياة الافضل للانسانية مثلما هي بالنتيجة دلالة رئيسية لطريق محاولة حل رموز واسرار الكون ، حيث ان حرية الفكر والتعبير بلا حدود هي المسرح الكبير الذي تلتقي فيه كل البشرية بتحضر ومحبة وسلام من اجل العلوم والحوار الحر دون الحاجة الى اللجوء الى العنف او اجبار الاخرين . 
اننا نتمنى ان يساهم المثقفون والاعلاميون الذين يتقنون عدة لغات بترجمة هذا الاستبيان الى  لغات أخرى وذلك لزيادة عدد المشاركين فيه ، كما نتمنى من المواقع الثقافية والفكرية والدينية والاجتماعية المساهمة في نشر تفاصيل هذا الاستبيان ، فكلما ازدادت واختلفت وتضاربت وتنوعت الاراء المشاركة ازادت الفائدة المرجوة من هذا الاستبيان .
هذا الاستبيان يتضمن عشرة اسئلة عامة تطرح على فرض وجود واقع جدلي فنتازي ، اساسه ان يتم بين ليلة وضحاها تصور ان جميع سكان الولايات المتحدة الامريكية ( او دول اوربا ) افرغوا من اراضيهم ومن واقعهم وامكانياتهم الاقتصادية والعلمية والعسكرية وحَلَ محلهم في تلك الاراضي  معظم مسلمي العالم وليرثوا كل الامكانيات الاقتصادية والعلمية والعسكرية الامريكية ، بينما حَلَ الامريكيون بقومياتهم واصولهم المختلفة محل المسلمين في ارضي معظم الدول العربية والاسلامية بما فيها اراضي تركيا والباكستان وافغانستان وايران مثلا، حيث تتساءل اسئلة الاستبيان العام كما يلي  :
السؤال الاول :
بعد ان اصبحت الغالبية العظمي من سكان الولايات المتحدة الامريكية هم من المسلمين باختلاف قومياتهم من عرب وفرس وباكستانيين واتراك وصينيين وهنود وماليزيين وغيرهم ، سنة وشيعة باختلاف طوائفهم ومذاهبهم ولكنهم مجتمعين بآصرة الدين الواحد وتجمعهم جميعا ارض الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية والتي هي اقوى  دولة في العالم اقتصادا وعلما وقوة ، فماهي توقعاتك  :
هل سيرجع شعب الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية بدايةً سبب نجاحه وقوته الى :
 أ . العلم والعمل وحرية الانسان ؟ لماذا ؟
 ب. الشريعة الاسلامية ؟ لماذا ؟
 ج . اخرى ؟ ما هي  ولماذا ؟
السؤال الثاني :
هل سيبرر شعب الولايات المتحدة الاسلامية سبب تطوره العلمي وتمكنه من ( النفاذ من الارض ) ووصوله برحلة جديدة الى سطح القمر الى :
 أ . تطورالعلم وحقوق الانسان ؟ لماذا ؟
 ب . ( سلطان ) خاص منحه الله لهم تحديدا ؟ لماذا ؟
 ج . اسباب اخرى ؟ ما هي و لماذا ؟

السؤال الثالث :
ما هو المستوى المتوقع لتطور مدى حقوق الانسان ، وكذا ما مدى تطور نسبة الجريمة في الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية خصوصا بعد بناء مئات الالوف من الجوامع والحسينيات الجديدة داخل الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية اضافة الى تواجد وانتشار جميع معاهد ومدارس ومقرات وموؤسسات المراجع الدينية الاسلامية الرئيسية  :
 أ . هل ستزداد مديات حقوق الانسان بشكل كبير وتنخفض نسبة الجريمة بشكل كبير ؟ لماذا ؟
 ب . هل ستتدنى حقوق الانسان بشكل كبير وتزداد الجريمة ؟ لماذا ؟
 ج . احتمالات اخرى ؟ ما هي ولماذا ؟
السؤال الرابع :
هل ستختار أغلبية شعب الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية الشريعة الاسلامية والسنة النبوية اساسا لدستور بلادهم الجديدة :
 أ . كلا ! لماذا ؟
ب . نعم ستكون الشريعة الاسلامية هي اساس الدستور ! لماذا ؟ 
 ج . احتمالات اخرى ! ماهي ولماذا ؟
السؤال الخامس :
ما هي نسبة تطور السلام والوئام والتعايش الاجتماعي المتوقعة في الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية :
 أ . هل ستزداد نسبة السلام والوئام والتعايش الاجتماعي بين الولايات الامريكية الاسلامية ؟ لماذا ؟
 ب . هل ستنخفض نسبة السلام والوئام والتعايش الاجتماعي بين الولايات الامريكية الاسلامية ؟ لماذا ؟
 ج . احتمالات اخرى ؟ ما هي ولماذا ؟
السؤال السادس :
ما شكل وميزة الاوضاع المقبلة لانتخابات الرئاسة للولايات المتحدة الاسلامية الامريكية :
 أ . افضل اوضاع على صعيد الانتخابات في العالم ؟ لماذا ؟
 ب . أسوء اوضاع على صعيد الانتخابات في العالم ؟ لماذا ؟
 ج . احتمالات اخرى ؟ ما هي ولماذا ؟

السؤال السابع  :
بعد ان ورث  معظم مسلمو الارض المجتمعين في الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية كل الامكانيات والواقع العلمي والاقتصادي والعسكري المتطور ممن سبقوهم ، كيف تتوقع ان يستمر ذلك التطور العلمي والاقتصادي والعسكري لديهم خلال السنوات المقبلة :
  أ . هل سيستمر ذلك التطور ولكن يشكل افضل وبدرجة اسرع ؟ لماذا ؟
 ب . هل سيتدهور التطور بدرجة كبيرة ؟ لماذا ؟
 ج . احتمالات اخرى ؟ ما هي ولماذا ؟
السؤال الثامن :
 كيف سيتصرف معظم رجال الدين الاسلامي في الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية  :
 أ . لا يتدخلون في أمور السياسة او الاقتصاد او العلوم وانما فقط يكتفوف بتوجيه المسلمين نحو الشريعة الاسلامية  ؟ لماذا ؟
 ب . يتدخلون ويفرضون آراءهم ومعتقداتهم في كافة جوانب السياسة والعلوم والاقتصاد ؟ لماذا ؟
 ج . احتمالات اخرى ؟ ماهي ولماذا ؟
السؤال التاسع  :
كيف تتوقع ان تتعامل اقوى دولة في العالم كالولايات المتحدة الاسلامية الامريكية مع بقية دول العالم ذات المجتمعات الملحدة والكافرة والمشركة مثل الصين واليابان ومجتمعات الشرق الاوسط  :
 أ . هل تتوقع ان لا تتدخل الولايات المتحدة الاسلامية بموضوع اديان تلك الدول الكافرة والمشركة وانما تقيم علاقات سلمية ومتكافئة معها ؟  لماذا ؟
 ب . هل تتوقع ان تكتفي الولايات المتحدة الاسلامية بمطالبة تلك الدول سلميا باعتناق الاسلام وترك الشرك والكفر والالحاد ؟ لماذا ؟
 ج . هل تتوقع ان تقوم الولايات المتحدة الاسلامية بغزو تلك الدول وفرض الاسلام عليها بالقوة فيما لو رفضت اعتناق الاسلام سلميا ؟ لماذا ؟
 د . هل تتوقع ان تقوم الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية بغزو تلك البلدان ولكن دون فرض الاسلام ، وانما فقط من اجل احتلال مواردهم وسبي نساءهم لكونهم كفرة ومشركين ؟
 ه .  احتمالات اخرى ، ما هي ولماذا ؟

السؤال العاشر :
بعد ان حل الامريكيون بكل انتماءاتهم القومية والدينية والطائفية المختلفة  في اراضي الدول العربية والاسلامية وورثوا كل الواقع السيء والامكانيات العلمية والاقتصادية والعسكرية الضعيفة ، كيف تتوقع ان يصبح واقع ومستقبل الحياة الاقتصادية والعلمية والاجتماعية وأوضاع الحريات والتعايش المشترك خلال السنين القليلة المقبلة في السعودية وايران والعراق والشام والاردن والخليج ومصر وشمال افريقيا والباكستان وافغانستان ، هل :
 أ .  سيزداد الوضع سوءا بشكل كبير بسبب ترك المسلمين لهذه الاراضي وستبدأ موجة لجوء وهجرة كبيرة من هذه الدول الى الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية ؟ لماذا ؟
  ب . سيتحسن الوضع بشكل كبير وتصبح هذه الدول الشرقية اقوى وافضل دول العالم  في وقت قصير جدا وستبدأ موجات لجوء وهجرة معاكسة من الولايات المتحدة الاسلامية الامريكية الى الشرق ؟ لماذا؟
  ج . احتمالات اخرى ؟ ما هي ولماذا ؟

نبيل قرياقوس
17-5-2016





32
[/size
                          انتحار قاضيان مصريان والهند افضل دولة في العالم !

تداولت مجموعة واسعة من المثقفين العرب ضمن شبكة الانترنيت للتواصل الاجتماعي  قبل ايام معدودة موضوعا تحت عنوان ( انتحار قاضيان مصريان )  انباء مسربة عن حدوث موجة انتحارات جماعية لعدد من القضاة في عدة دول عربية واسلامية خلال شهر نيسان عام 2016 .
فقد تداول المثقفون انباءا غامضة عن انتحار قاضيان مصريان بعد قيام كل منهما على حدة خلال الاشهر الماضية باصدار احكام بسجن عدد من المفكرين والكتّاب المصريين بتهمة قيامهم بالافصاح عن ارائهم في القضايا التي تخص الدين او السياسة ، واوضحت تلك الانباء بان اقدام كل من القاضيين المصريين باعدام نفسيهما بفارق ساعات معدودة جاء بسبب تأنيب ضميرهما واحساسهما بمدى الجرم الذي اقترفاه بحق الضحايا من المثقفين المصريين لاسيما بعد موجة الانتقاد الواسعة التي وجهت للقاضيين من قبل شريحة واسعة من المثقفين الاجانب والعرب باعتبار ان حرية الافصاح السلمي والحضاري عن الفكر اوالرأي أوالمعتقد في كل المجالات  هو حق اساسي من حقوق الانسان وان مجابهة او مخالفة اي فكر او رأي او معتقد لا يكون بمعاقبة او سجن صاحب الفكر وانما محاججته سلميا وحضاريا .
وبينما لم تُجمع احاديث مشتركي شبكات التواصل الاجتماعي على اسمي القاضيين  المنتحرين ، فان الكثيربن اعتقدوا بان احدهما هو القاضي الذي اصدر في العام الماضي حكما بسجن المفكر والاعلامي المصري  ( اسلام بحيري )، في حين تضاربت التوقعات في تحديد القاضي المنتحر الثاني رغم ان البعض توقعه ان يكون هو القاضي الذي اصدر قبل اسابيع محدودة حكما بسجن الكاتبة والشاعرة المصرية المسلمة الديانة ( فاطمة ناعوت )  لمجرد جملة كتبتها في صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك ) انتقدت فيها اسلوب تنفيذ احدى طقوس عيد الاضحى مما أعتبره  القاضي اساءة للدين الاسلامي !
ومعروف ان المفكر والاعلامي المصري ( اسلام بحيري ) يرقد حاليا سجينا في مصر بعد ان انتقد في اكثر من برنامج تلفزيوني تدريس كتب السيرة النبوية في المدارس المصرية باعتبار ان تلك الكتب تسيء للاسلام ولرسول الاسلام ، فهي غيرمنطقية المحتوى وتتعارض كليا مع مفهوم حقوق الانسان ناهيك عن انها تحث ضمنيا على تقديس الارهاب وفق مقاييس العصر الحالي حسب اعتقاده ، مذكرا بان معظم كتب السيرة النبوية ( كمؤلفات البخاري وغيره ) كتبت  بعد مرور اكثر من قرن ونصف من وفاة الرسول اعتمادا على ما تم تناقله بين الاجيال وفقا للظروف والمصالح والثقافة السائدة انذاك  .   
مشتركون آخرون توقعوا ان يكون القاضي الثاني المنتحر هو قاضي سعودي قام بجلد وسجن مفكر سعودي لانتقاده بعض احكام الدين ، بينما شكك مشتركون كثر اخرون في صحة انباء انتحار القضاة متساءلين عن سر هكذا وعي مفاجيء لدى اولئك القضاة العرب .
احد اقطاب مشتركي شبكة التواصل الاجتماعي وهو القانوني الموريتاني ( احمد نجم الدين ) كتب في صفحته الشخصية قائلا :
( الى متى تبقى حرية وفكرالانسان في البلدان العربية والاسلامية سجينة بين قضبان احكام رجال الدين ومن يمثلهم من السياسيين ..
نطالب بالغاء كافة القوانين التي تعاقب الانسان بسبب ارائه المعلنة في الدين باعتبارذلك حرية شخصية ليس لاحد حق التدخل فيها ..
هناك المئات من الاديان والمذاهب في مختلف دول العالم فلماذا لا نسمع عن سجن اناس تُعارض او تنتقد تلك الاديان والمذاهب عدا ما يحصل يوميا في البلدان العربية والاسلامية ، أو ليس  من الغباء ان نقتنع بان الله والانبياء والاولياء بحاجة الى جيش من المؤمنين ليدافعوا عنهم ! ).
مشترك آخر ( سلام بو حميدة ) من الجزائر كتب في صفحته الشخصية قائلا :
( ستبقى بلداننا العربية والاسلامية متخلفة عن حضارة العالم طالما نحن لا نؤمن بحق اساسي من حقوق الانسان الا وهو حرية الفكر وحرية التعبير . ان تفاعل الافكار والاراء المتناقضة هو الذي يقود الى مسارات جديدة تخدم الجميع .
لا حدود للفكر ولا حدود للاراء طالما انها تُعلن بشكل سلمي ..
الفكر يقابل بالفكر والرأي بالرأي . ان من يقابل الفكر بالسجن هو انسان متخلف وضعيف يحاول ان يعرقل مسيرة الانسانية نحو الافضل ).
مشترك آخر من السودان ( آدم محمد بشير ) وهو استاذ جامعي كتب قائلا :
السياسي الذي يدعي الحرص على بلده وشعبه ليقوم بسجن من يعارضه هو كرجل الدين الذي يدعي الحرص على الدين والمجتمع ليقوم بتكميم افواه منتقدي دينه او مذهبه ، فكلاهما يسرق حق الانسان في الفكر والتعبير ، ولكليهما مصالح مادية وسلطوية مخفية وغير مشروعة تُغلف امام الناس بثوب الحرص على الله والوطن والشعب  . لقد ولى الزمن الذي تستطيع به القوة ان تفرض السلطة اوالفكر او المعتقد على الانسان ).
القاضي ( مدحت محمد ) من احدى الدول العربية كتب في صفحته الشخصية :
( درست القانون في فرنسا ، واستقلت من وظيفتي كقاضي في بلدي بعد قضية واجهتني واحسست بها باني ووفقا للقانون سأحكم  بما سيخالف مباديء مهنتي المبنية على اساس الفهم الحديث لحقوق الانسان الاساسية في حرية الفكر والتعبير السلمي ، حيث كنت في وضع يحتم عليّ اصدار حكم بسجن  انسان بسبب افكاره المعارضة لاحكام الدين واصوله  وذلك وفقا لقانون بلدي الذي يستند على اساس الشريعة الاسلامية كما يُظَن ، لكني وجدت نفسي في موقف سأظلم فيه انسانا لم يقم بأي جرم ، انسانا مارس حقه الاساسي في الفكر والتعبير ، فاضطررت لاعلان استقالتي كموقف مني في اضعف الايمان .
القضاء مهمة انسانية سامية توجب على القاضي ان يكون انسانا قبل ان يكون تابعا لاي دين او مذهب او حزب عدا دين واخلاق الانسان المتحضر ، واهم ركن في دين واخلاق الانسان المتحضر هو الايمان بحق كل انسان في التفكير والتعبير كحق اساسي لا مساومة ولا التفاف عليه .
انني ادعو المثقفين والسياسين الى المطالبة بدستور وقانون يستند الى التجربة والعقل الانساني الذي منحه الله لنا لندير به انفسنا بعيدا عن تحديد الشريعة الدينية التي يستند عليها الدستور او القانون لان مجرد ذكر اسم شريعة دين معين سيعنى شل الدستور وقوانينه او على الاقل ادخالها في متاهة لا تنتهي حتى بعد موت المتهم قبل الحكم عليه ، حيث ستستمر المناقشة  لمعرفة حكم  اية آية دون اخرى او اي تفسير دون آخر او اي حديث دون آخر  في هذا المذهب او ذاك ، والى ما لا نهاية ، حتى انك لتجد ان القاضي قد يحكم باعدام متهما ما في نفس القضية التي كان سيحكم بها قاض آخر ببراءة ذلك المتهم ، رغم عدم وجود اي التباس لدى القاضيين بشكل ونوع وتفاصيل قضية المتهم . ان ما يضع كل من القاضيين على سكتي طريق متضادتين  هو الاستناد الى شريعة تحتاج الى ما لا نهاية من الوقت لمناقشة اي من الايات او الاحكام او احاديث السيرة التي يجب الاستناد على تفاسير احكامها ، وكل ذلك في ظل تضاد التفاسير والاجتهادات حتى ضمن المذهب الواحد وليس ضمن الدين الواحد حسب ، ويبقى الانسان المسلم هو الضحية الاولى والاخيرة تحت طائلة هكذا دستور وقانون ، وكان الله في عون من هو غير مسلم وسط هذه المعمعة !!
انا كرجل قانون درست القانون في فرنسا وهي دولة قانون متطورة في معظم نواحي الحياة ، ولكني ادرك باني انسان ايضا وانا معرض للخطأ في اية لحظة ، لكني يصراحة ، ورغم كوني مسلما ، فاني اتمنى ان احاكم في اية دولة لا ينص دستورها على احتكامه على الشريعة الاسلامية  ، فحين ذلك سأكون مطمئنا الى نسبة كبيرة من صحة الحكم الذي سأناله ، لاني سأحاكم على اسس قانون متحضر يتفهم حقوق الانسان وفقا للعقل الذي منحه له الله وليس وفق اصول واسس ذات ما لا نهاية من الاحكام والتأويلات والتفسيرات المكتوبة قبل مئات السنين ).
( رضا حسن ) ايراني يحمل شهادة الماجستير في الفيزياء الذرية ، يتقن اللغتين العربية والفارسية شارك هو الآخر في موضوع انتحار القضاة ، قائلا :
( حكم علي بالسجن لمدة عشرين عاما عام 2006 في ايران بسبب مقالة صحفية كتبتها في احدى الصحف الاسبوعية ، وعبرت فيها عن رأيَ بعدم صحة الجمع بين ( الجمهورية ) و ( الاسلامية ) فالكلمة الاولى ارى فيها انها تعبر عن حكم الجمهور وما يختاره ، بينما ارى في الكلمة الثانية انها تعبر عن حكم اناس محددين من الله سلفا وفي ذلك تناقض واضح بين مدلولي الكلمتين ، وعلى كل حال فذاك كان مجرد فكرة او رأي لا يوجب سجني عشرين عاما بل كان بالامكان الرد عليَ بمقال مضاد قد اقتنع به او لا اقتنع .. هربت من السجن بعد معاناة ثمان سنوات وانا الان لاجيء في احدى الدول الاوربية ، سأحزن جدا على القاضي الذي ظلمني لو عرفتُ بان ضميره استفاق ليجبره على الانتحار ، لاني كأنسان اولا وكمسلم ثانيا  اشفق على من ظلمني رغم كل ما اصابني من عذاب وسجن وغربة ) .
(محمد طاهر سلمان ) طبيب عراقي ، قال على صفحته الاجتماعية في الانترنيت :
( كنت قبل ايام موفدا بدورة تدريب صحية في احدى الدول الاوربية ، وشاءت الصدف ان التقي بطبيب هندي شاركني الدورة ، وفي احدى احاديثنا  قال لي وقد بدا مرتاحا لافكاري وطريقة تعاملي الانساني معه طيلة ايام الدورة  :
دكتور محمد ، انا معجب جدا بافكارك وخلقك ، هل كل المسلمين في بلدك مثلك  ؟
فاجبته بابتسامة : نعم اعتقد ذلك .. لماذا تسأل ؟
فاجاب :  اننا في الهند لدينا عشرات من الاديان والمذاهب الرئيسية  ، ونحن ورغم اختلافاتنا في امور العبادة فنحن متعايشون كهنود لا نفرق بين احدنا الآخر، لكننا جميعا لدينا مشكلة كبيرة مع ابناء جلدتنا من المسلمين ، فرغم اني هندوسي لا اميز بين انسان وآخر في بلدي الا اني اعاني من هذا التمييزمن قبل المسلمين علينا ، ويكفي ان اذكر لك مثلا باني احببت فتاة هندية وهي احبتني جدا واتفقنا على الزواج الا ان اهلها منعونا من الزواج  لكوني لست مسلما فكان ان انتحرت وخسرت نفسها مثلما خسرناها ، وانا حين اذكر لك هذا فقط لتتصور حجم المشاكل التي تواجهها بلدنا في اقرار القوانين والنظم في ظل معارضة اسلامية لا تستند الى ما يتطلبه العصر من قوانين وانظمة وانما فقط على ما يتمسكون به من اصول واحكام لا تناسب العقل والمنطق في هذا العصر.
تأكد دكتور محمد ، ان الهند بتاريخها وامكاناتها وطاقاتها البشرية المتنوعة كانت لتكون افضل دولة في العالم حاليا لو ان ابناءنا الهنود من المسلمين يحاولون التخلي عن الاصرار يوميا
على اعادتنا يوميا خمسة عشر قرنا الى الوراء  ..).
قائمة واحاديث المشتركين في شبكة التواصل الاجتماعي كثيرة ، وكل يعبر عن ما يحمله من افكار وآراء مختلفة ، قديمة كانت ام جديدة ، صحيحة ام خاطئة ، تتنافس في ملعب رياضي  من اجل اهداف سامية لصالح كل البشر ، ترى كم هو عدد الاسماء الحقيقية لاولئك المشاركين ؟ اظن ان الكثير منهم قد يكون خائفا من ان يرتبط اسمه بقائمة القضاة الذين قد ينتحرون بسببه مستقبلا !

نبيل قرياقوس
24-4-2016





 



33
                        أسلمة أطفال  العراق بالاكراه .. ثقافة بدوية متوارثة 
منذ عقود عديدة أضحت المجتمعات البشرية المنتجة عمليا وعلميا تتجه طرديا الى تفهم واقرار المزيد من الحقوق الاساسية للانسان باعتبار ذلك ضرورة لا يمكن تحاشيها من أجل الانسان اولا ومن اجل تحضر أفضل ومن أجل تقدم أكبر في شتى ميادين الحياة ، نظرا لكون الانسان هو القيمة الاعلى في هذا الكون والعنصر الفاعل على الارض ، وان تأمين الحقوق الاساسية المتساوية لكل انسان دون تمييز ديني او عرقي او فكري او مذهبي هو حق ومطلب واقعي ومنطقي ، وان منح الانسان كامل حقوقه الشخصية في الفكر والممارسة دون ايذاء او اجبار الاخرين هو السر الذي يضمن استمرار الحياة البشرية باتجاه الرفاهية والتطور والسلام ، الى ان اقرت تلك المجتمعات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1948  وتحت خيمة الامم المتحدة وثيقة الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي تضمن ثلاثين مادة تخص الحقوق الاساسية لكل انسان على وحه الارض ، وتتضمن المادة 18 من هذا الاعلان حرية الانسان في الفكر والدين أوتغيير الدين او المعتقد ، وتشكل وثيقة الاعلان العالمي لحقوق الانسان مع وثيقتي (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)  ، ووثيقة (العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ) سنة 1966، ما يسمى بـ ( لائحة الحقوق الدولية ) التي ترتقي الى مرتبة القانون الدولي في منظمة الامم المتحدة حاليا .
تشير الوقائع على الارض بان هناك ترابطا منطقيا وثيقا بين مستويات التطور المتلازمة في الجوانب الاقتصادية والفكرية والعلمية في اي مجتمع وبين مدى حصول الانسان في تلك المجتمعات على حقوقه الانسانية الاساسية ، فكلما حصل الانسان على حقوقه الانسانية الاساسية في مجتمعه تطور ذلك مجتمع نحو آفاق تطور اقتصادي ومعيشي لجميع افراده مقرونا بتطور واسع في مجال العلوم والاختراعات في ظل ظروف المساواة وقبول الآخر بين افراده بعيدا عن التسلط او اجبار الآخرين .
 تتوفر في المجتمعات التي يتمتع انسانها بحقوقه الاساسية المذكورة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان عوامل اساسية  للعمل والابداع طالما يحصل الانسان فيها على حاجاته الانسانية الاساسية سواءا على المستوى المعيشي  او على مستوى حريتة  في ممارساته الجسدية او على مستوى حرية الفكر والرأي  والمعتقد ، وكل ذلك دون ايذاء او اجبار الآخرين ، بينما يحصل العكس تماما في المجتمعات التي تقيد فيها حقوق الانسان بدوافع او تبريرات سياسية كانت او دينية بالضد من المباديء المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، حيث التمييز بين انسان وآخر على اسس سياسية كما في الانظمة السياسية الدكتاتورية ، او التمييز على اسس دينية او طائفية في الانظمة ذات التوجه الديني ، مما يشل حال العمل والابداع بسبب اقصاء الآخرين او اجبارهم على اعتناق ما لا يؤمنون به ، مستدركين ان الهدف الرئيسي المشترك لدى اصحاب النظم الدكتاتورية من السياسيين والدينيين هو السلطة وما تدره عليهم من الجاه او المال الذي يقومون بالستحواذ عليه ثراءا وتمييزا كثمن لعزل الاخرين ، وهذا ما يفسر لنا تركز او زيادة اعتناق الفكر الماركسي  وكذا الفكر الالحادي  في افقر مناطق المجتمع الذي يخضع لسيطرة الدكتاتوريات السياسية منها او الدينية .
 الدوافع والتبريرات الدينية هي الاسوء تأثيرا في مجتمعاتها ، وذلك لان الانظمة السياسية الدكتاتورية يمكن اسقاطها بفعل المعارضة ، لكن الدوافع والتبريرات الدينية تستند على ثقافة غيبية متوارثة اجتماعيا في عقول وعادات افراد المجتمع عموما ، ولا يمكن تخطي الكثير من سلبياتها بسهولة ، وتلك هي مشكلة المجتمعات الاسلامية عموما والعربية منها بشكل خاص ، حيث تحتل الدول الاسلامية  مراكز متقدمة في قائمة اسوء دول العالم من ناحية تأمين الحقوق الاساسية للانسان فيها ، مثلما تحتل عموما مراتب متقدمة في تدني مستوياتها الاقتصادية والمعيشية بينما تحتل جميع الدول الاسلامية وبلا استثناء مراكز متقدمة في مجال انعدام التطور العلمي الذاتي على صعيد الاختراع والابتكار الحقيقي .
أحد العوامل الرئيسية في استمرار توارث الكثير من سلبيات الثقافة الدينية دون ايجابياتها في المجتمعات الاسلامية والعربية منها تحديدا هو النقل الجامد للتجربة الدينية التي حدثت في صحراء الجزيرة العربية قبل ما يقارب من اربعة عشر قرنا ، دون مراعاة تطور الفكر الانساني في مجالات علم الاجتماع وتفهم حقوق الانسان وكذا الادارة والاقتصاد والعلوم الانسانية عموما وايضا تطور الاختراعات والعلوم التطبيقية عموما وما انتجه ذلك من قدرة تفهم واسعة ووسائل مادية عديدة تتيح لكل انسان الاطلاع على كامل تفاصيل وافكار ومعتقدات الاخرين ، وبالتالي فلا ذريعة منطقية لاملاء الايمان الديني اوالطائفي قسرا على اي انسان ، مثلما لا يحق لاي انسان ان يدعي انه وكيل ( الله ) ليسلط نفسه على الاخرين ليحاسبهم او ينال منهم او من حقوقهم الاساسية في تبني الديانات او المذاهب او الافكار التي تناسبهم .
 منذ قرون مضت والمجتمعات الاسلامية  مستمرة في اوضاع انتقاص حقوق الانسان فيها في ظل تخلف اقتصادي وحضاري وعلمي اضافة الى استمرار التناقص الحاد في اعداد غير المسلمين فيها الى حد باتت فيه بعض المجتمعات الاسلامية  تخلو نهائيا من افرادها من غير المسلمين كما حصل في جزيرة العرب قبل 1400 عاما ،  وكما يستمر لحد اليوم خلو بقية المجتمعات الاسلامية من مواطنيها من غير المسلمين ، وهنا يتذرع الاسلاميون بسوء تطبيق مباديء وأحكام الدين في جميع تجارب الدول العربية والاسلامية طيلة  القرون والعقود الماضية ولحد يومنا هذا ، دون ان يدرك هؤلاء الاسلاميون حقيقة ان العلم والمنطق يحكم عليهم اعادة  تغيير النظرية في حالة استمرار تكرار فشل تطبيقها ، فان من غير الحكمة الاستمرار قرونا وعقودا على نفس النظرية رغم نتائج تطبيقاتها المتتالية سلبا ، فاستمرار فشل تطبيق نظرية او فكرة ما لمرة او مرتين او مئة مرة خلال سنة وسنتين ومئات السنين يوجب التفكير في عدم صحة النظرية اصلا وليس استمرار الاعتقاد بعدم صحة التطبيق  !!
اغلبية افراد المجتمع العراقي ( حاله كحال جميع المجتمعات الشرقية ) مصابون بداء ازدواج الشخصية حيث ان اغلبية افراده يتطلعون للتمتع بكرامتهم الانسانية وذلك بان ينالوا حقوقهم كبشر من ناحية حرية الفكر والمعتقد والحرية الشخصية وكذا العيش في مجتمع يوفر لهم العمل والسكن المناسب والرعاية الصحية كما في بقية معظم المجتمعات اللاسلامية ، لكنهم بنفس الوقت لا يستطيعون التنازل عن اعتقادهم بصحة كل ما املته عليهم ثقافتهم الموروثة اجتماعيا عن ضرورة استمرار التقييد بالنظم والتعليمات التي توجب عليهم اعدام حقوقهم الانسانية الاساسية واولها حرية اعتناق الدين الذي يريدونه دون اكراه او قيود من اي جهة كانت ، ولعل تنصل اغلب رجال الدين من دورهم في الافتاء بحرية الانسان في اعتناق اي دين او فكر او مذهب هو السبب الرئيس في استمرار توارث هذه الثقافة الاجتماعية على اسس دينية ، ولتوؤل النتيجة الى مجتمع اغلب افراده   مسلوبو الحقوق الاساسية كبشر ، ووفقا لهذا الواقع بالامكان تفهم أحد الاسباب المهمة في استمرار تدهور الاوضاع على مختلف المستويات في المجتمعات الاسلامية .
نهاية شهر اكتوبر 2015 اقرت الحكومة والبرلمان العراقي قانون البطاقة الوطنية الموحدة والذي تضمن اقرار الاسلمة الاجبارية لاطفال العائلة العراقية الغير مسلمة في حال اسلام احد الوالدين ، ولم يستجب البرلمان العراقي لمناشدات المسيحيين العراقيين الذين طالبوا بعدم قيام الدولة  بتغيير ديانة الاطفال المسيحيين بالأكراه  لان ذلك لا يتناسب مع المنطق ومع مباديء حقوق الانسان ومع مضامين الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، كما ان مثل هذا الاجراء يلغي حرية الانسان في اختيار دينه حيث بامكان اولئك الاطفال الغير مسلمين تغيير ديانتهم ( اذا شاءوا ) عند بلوغهم سن النضج حسب القانون النافذ في العراق وجميع الدول الاسلامية ، ومن المفارقات الغريبة على العقل والمنطق ان نفس القانون النافذ لا يسمح  للاطفال المسلمين تغيير ديانتهم الى ديانة اخرى عند بلوغهم سن النضج ( اذا شاءوا ) مما يعني اضطهادا بحق المسلمين انفسهم اضافة الى كون  مثل هذه القانون يمثل تدخلا سافرا في الحقوق الاساسية للانسان ، حيث لا يحق  لاي جهة فرض او اكراه اي انسان على اعتناق دين او مذهب معين ، كما ان تدخل الدولة في فرض مسألة تغيير الدين في الزواج يمثل تمييزا دينيا بين مواطني المجتمع الواحد ، حيث انه من المعروف ان القانون العراقي وقوانين المجتمعات الاسلامية ما تزال تمنع زواج اي انسان غير مسلم بعشيقته المسلمة ما لم يغيير دينه بالاكراه !! وبالامكان تصور مدى التمييز والاستهانة بالديانات الاخرى في مثل هكذا قانون ، ناهيك عن تناقض هذا القانون مع احدى اهم الحقوق الاساسية للانسان والمتمثلة بحق الارتباط بالانسان الذي يبادله نفس الشعور دون قيود اكراهه على اعتناق اي دين او اي مذهب او اي فكرة.
هناك عدد محدود من رجال الدين الاسلامي في العراق وعدد من الدول الاسلامية الاخرى ممن يدعون بشجاعة الى تطبيق كافة بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان في القوانين العراقية وقوانين بقية المجتمعات الاسلامية مستندين على رؤيا حديثة للتجربة الدينية التي حصلت في صحراء بدو جزيرة العرب قبل 1400 عاما ، لكن هؤلاء يعانون من استمرار محاربتهم بقوة من قبل بقية رجالات الدين نظرا للخطورة التي تشكلها تلك الرؤيا الجديدة على مصالح اغلبية رجال الدين ، فمنح الانسان المسلم كامل حقوقه الانسانية والواردة ضمنا في الاعلان العالمي لحقوق الانسان سيعني اطلاق العناق لمسيرة التحضر والمساواة والاخاء والانتاج والرفاهية وذلك ما لا يبتغيه الكثيرون ممن يتمتعون بالجاه والمال والمتعة والسلطة على حساب الاخرين .
بقاء ثقافة مصادرة حقوق الانسان تحت راية ( أوامر الله ) تشل حركة وتحضر اي مجتمع وتمنعه من اقرار حقوق الاخرين ايضا ، ففاقد الشيء لا يعطيه !!

نبيل قرياقوس
29-10-2015
   


34
                          نحن موحدون مذ خلقنا وغزوات بدو الصحراء دمرتنا !!

أوضح الشاعر والصحفي المصري أشرف ضمر ما يعني ان على المصريين ان يعتزوا بمصريتهم التي هي جوهر وجودهم لكونهم ليسوا عربا وانما هم ابناء قومية ذات لغة خاصة وحضارة عريقة في التاريخ البشري وهم يرفضون ثقافة وحياة وافكار البدو التي تهدف في الاصل الى تحقيق اطماع سلطوية ومادية وشهوات جنسية لا متناهية على حساب الآخرين ، تلك الثقافة الوليدة من بطن وواقع الصحراء ، ثقافة ارضاخ وأهانة الآخرين بأساليب العنف والغزو والنهب وسبي النساء وفرض الافكار والمعتقدات بقوة السيف ، ولعله يقصد تلك الثقافة التي غزت مصر قبل ما يقارب اربعة عشر قرنا تحت شعار نشر الايمان بالله .
 وأوضح الصحفي والشاعر المصري أشرف ضمر في مقاله المنشور بتاريخ 6 أكتوبر 2015  على صفحة تواصله الاجتماعي في الفيس بوك ، ما يفيد بان المصريين موحدون ومؤمنون بـ ( الله ) مذ خلقوا ، وان الغزو البدوي الذي احتل مصر قام بالغاء لغة وحضارة الشعب المصري وأحل محلها لغة التخلف والقتل والعنف واهانة المرأة وتقديس الموت ، قائلا ما نصه
:

( نحن المصريون أبناء ثقافة الماء، أبناء حضارة النهر، جيناتنا ترفض ثقافة الرمل وهمجية البدو والصحراء، نحن عشنا على الزراعة بينما عاشوا هم على رعي الحيوانات ونحرها، نحن أقمنا حضارتنا بـ "أنا وأنت" شعارا للبناء والتعاون والسلام، وهم عاشوا حياتهم بـ"أنا أو انت" شعارا للقتل والاحتلال والنهب والغزو، نحن الإنسان الحكيم حينما يتحكم فى غرائزه الحيوانية، وهم الغريزة الشهوانية الكاسحة التى ترتدى ملامح بشرية، أحزاننا لها أسباب غير أسباب أتراحهم، وأفراحنا تختلف عن أفراحهم،ما يضحكنا لا يفهمون له سببا، وما يسعدنا يتعجبون منه، أزياؤنا تصرخ بالبهجة والحب والسعادة وتقديس الحياة وأزياؤهم تقدس العدم والموت وتهين المرأة إيما إهانة.
نحن المصريون مصريون فقط لا عرب، وهذا جوهر وجودنا، نعم.. نحن ثم نحن ثم نحن وهذه حقيقة، فمن مظاهر احتلال بداوتهم لحضارتنا أن محوا لغتنا وأبدلونا بها لغتهم الركيكة القاسية البدوية، وأن نزعوا ثيابنا وأزياءنا وألبسونا جلابيبهم المعممة البيضاء العدمية، وألبسوا نساءنا الحجاب والخمار والنقاب وامتهنوهن واختصروهن فى السبي للمتعة ونعتوهن بأحط الصفات بما يخدم ثقافتهم الشهوانية الحيوانية القائمة على الذكر -لا الرجل- الذكر فقط ) انتهى
.
ودعى الصحفي والشاعر أشرف ضمر صاحب ديوان ( مأوى أخير لكائناتي الحزينة ) في مقاله الذي    تناقلته العديد من المواقع الاعلامية العربية وكذا وسائل التواصل الاجتماعي المصريين الى نبذ ما توارثوه من آثار الغزاة المتمثل بثقافة البداوة والهمجية والقساوة الصحراوية ، مؤكدا ما يعني ان جوهر جميع الاديان القديمة منها وكذا الحديثة منها هو الخير والحب والسلام والاخاء والمساواة بين بني البشر ، قائلا ما نصه :
( لست هنا فى معرض ازدراء الدين الذى ندين به كمصريين منذ فجر التاريخ وقبل نزول الديانات السماوية فى صورتها الإبراهيمية ، فجوهر كل الديانات هو: "افعل البر والخير ولا تقترف الإثم والشر، فهناك يوم للحساب فيه جنة للصالحين وجحيم للمخطئين الذين ماتوا ولم يتوبوا ، وهذا ما تجذر فى جيناتنا المصرية منذ آلاف السنين، ومنذ وطأت قدما أول مصري على تراب كيميت المقدسة وعرف الله واطلق عليه أسماء مقدسة مثل آمون ورع وبتاح وآتون... إلخ .. هى أسماء لله وليست آلهة متعددة، فنحن مسلمون بالفطرة نعبد الله خالق الكون مؤمنين وموحدين بوجوده ، لكننى أتحدث عن ضرورة ازدراء تلك البداوة والهمجية والقسوة الصحراوية بثقافتها وميلها للقتل والعنف وإراقة الدماء واحتلال الآخرين وفرض الرأي او المعتقد بقوة السلاح والعتاد ) . انتهى
وأنهى الصحفي والشاعر أشرف ضمر مقاله بدعوة المصريين بالعودة الى جذورهم الحضارية بالقول :
(عودوا لمصريتكم واحتقروا البداوة وازدروا الهمجية  ). انتهى
ومعروف ان الشارع المصري يشهد اضطرابات واعمال عنف عسكرية ارهابية خلال السنوات الثلاث الاخيرة  تقوم بها الاحزاب الدينية بهدف تولي السلطة بادعاء الرغبة في تطبيق الشريعة الاسلامية على صعيد الدولة والمجتع المصري ، في حين تشير بعض المصادر الى احتمال توجه الحكومة المصرية الحالية الى الغاء تدريس المادة الدينية للاطفال في المدارس الحكومية وتدريس مباديء المواطنة وحقوق الانسان بدلا عنها ، في وقت يتعرض فيه أغلب المصريين من المفكريين والكتاب والصحفيين الناشطين في مجال الحرية وحقوق الانسان الى هجمات من القوى والاحزاب والمنظمات الدينية المصرية تتمثل باغتيالهم او تهديدهم او تقديم الشكاوى القضائية الكيدية ضدهم تحت غطاء ازدراء الدين .
 على صعيد آخر تشير الاحصائيات الدولية الى تناقص حاد ومستمر في اعداد المواطنين الغير مسلمين في جميع الدول العربية والاسلامية حتى ان بعض الدول منها أفرغت تماما من جميع مواطنيها من غير المسلمين حيث اجبروا على الجوء الى دول العالم الاخرى بسبب التمييز بينهم وبين بقية ابناء بلادهم على اساس ديني ، حيث ان المواطنين غير المسلمين في الدول العربية والاسلامية علاوة على  ادراكهم باستحالة  حدوث تطور في مجتمعاتهم تحت ظل المذاهب الدينية الاسلامية يعاملون ( عمليا  في افضل الاحوال ) على انهم مواطنون من الدرجة الثانية بتسميتهم ( أهل الذمة ) بما يعنى فعليا قصرهم وكونهم تحت رعاية قوم افضل منهم ، تلك التسمية التي تنعكس بواقعها على الكثير من مواقع العمل لتكرس التمييز والتفرقة الدينية ضد المواطنين الاصليين في تلك البلدان .
وبهذا الصدد ايضا ، تستمر اعمال العنف والصراع بين القوى والمذاهب والاحزاب الدينية الاسلامية  في معظم  الدول الاسلامية طمعا في غنائم السلطة تحت غطاء المذهب الاصح او الافضل ، كما تستمر اعمال العنف ايضا في الدول الاسلامية ذات المذهب الاسلامي الواحد ( الصومال مثلا ) من اجل الغنيمة الاكبر في السلطة ، تاركين شعوبهم تعاني من تزايد معدلات الحروب والجهل والفقر والمرض والتخلف في مجال حقوق الانسان دون بقية شعوب الارض .

نبيل قرياقوس
14-10-2015


35
                                      الشرقيون يذبحون أنفسهم
في بداية مقالنا هذا نود التنبيه الى أننا لا نتقصد الاساءة أو الانتقاص من أي أنسان صاحب مهنة أو تخصص كأن يكون مفكرا أو سياسيا أو رجل دين مثلا طالما أن ذلك الأنسان يعتقد انه يؤدي دوره بالشكل الذي يراه صحيحا وذاك هو حق من حقوقه الانسانية ولا خلاف في ذلك مطلقا ، لكننا نحصر الحديث عن عادة  الخوف من ( الأنسان ) المتسلط  والتي نعتقد انها متغلغلة في فكر وثقافة وسلوك أغلب أفراد المجتمعات الشرقية الى الحد الذي يمكننا تشخيص هذه العادة المتوارثة اجتماعيا كحالة مرضية تمثل داءا نفسيا خطيرا له تأثيراته السلبية الحاسمة في واقع ومستقل حياة وحضارة  تلك المجتمعات ، فالفرد الشرقي مثلا ومذ طفولته يتربى في البيت بوسائل اخافته من قبل أبوين يخاف أحدهما الآخر ، ويتعلم هذا الطفل في مدرسة يضرب فيها على يد معلمين يخافون من مديرهم ، كما ان هذا الطفل  يثقف دينيا وأجتماعيا لئن يطيع الحكام أو رجال الدين خوفا منهم ، حتى اذا ما شب ذلك الطفل وليجد نفسه فردا في مجتمع تخاف فيه الأغلبية من مجموعة أناس يحملون عناوينا شتى  في المال او السلطة او الدين ، بينما يفتقد هو للكثير من حقوقه المادية مثلما يفتقد لحرية الفكر والتعبير وهو مقيد في كل تفاصيل حياته الشخصية بقوانين دولة او بأحكام  وأصول دينية واجتماعية ، ويكون مصيرذلك الشاب التعذيب والسجن والموت  اذا ما حاول المطالبة بحقوقه المادية أو بحريته الشخصية كأنسان ، أو ان يرضخ للواقع ويساير ركب مجتمعه خاضعا راكعا صامتا وربما قد يطمح ويعمل بشتى الوسائل ليصبح هو أيضا أحد أفراد النخبة التي يخاف منها الآخرون .
في ظل أستمرار معاناة مجتمعات الشرق من سواد ثقافة أو عادة الـ ( خوف ) من الانسان المتسلط فيها لا يمكننا  توقع حدوث تطور حقيقي وملموس في المستوى الانساني والحضاري والاقتصادي والعلمي فيها بل ان هذه المجتمعات تشكل  وبحكم تطور تكنولوجيا الاتصالات عبئا خطيرا على بقية المجتمعات البشرية ممن هي في مرحلة متقدمة من الازدهار والتطور العلمي والحضاري ، فالمجتمعات الشرقية عموما هي  مجتمعات استهلاكية تقودها حكومات فاسدة أو دكتاتورية تقدس ثقافة الـ ( خوف ) منها  بينما هي تمارس السرقة والكذب وتنشر الفقر والمرض والتمييز والاقتتال ولتجعل من هذه المجتمعات محرقة لحقوق انسانها . لا خيار منطقي وعلمي وأنساني بديل عن أن الأنسان خلق لئن لا يخاف من أنسان آخر أيا كان ، فلكل أنسان حريته الشخصية الكاملة طالما أنه لا يتجاوز على حرية الآخرين ، كما له كامل الحرية غير المقيدة في الافصاح عن أفكاره ومعتقداته طالما انه لا يجبر الآخرين على اعتناقها ، وعليه فأن تهديد الانسان الشرقي وأخافته من أجل أن يتخلى عن نيل حقوقه وأشهار أفكاره  مقابل ان يضمن له بقاؤه حيا سيعني تحويله الى انسان مشلول الحقوق والارادة وذلك ما يحول المجتمع الشرقي بالنتيجة الى مجتمع استهلاكي مريض بخلوه من الحرية والتطور والابداع .
ان الـ ( خوف ) من الأنسان الذي يمثل السلطة عند المجتمعات الشرقية ناتج طبيعي لظروف مادية أساسها رغبة نخب مادية أو سياسية او دينية  في التسلط على أغلبية المجتمع لاغتنام وسرقة الأموال والثروات باسلوب القوة والتهديد الذي ترسم ابعاده قوانين ودساتير حكومية أو عن طريق سيف تهديد وقصاص يرفعه رجال دين يتحدثون بأسم  ( الله ) من أجل اخضاع  رقاب المجتمع لأحكام غير قابلة للتغيير حتى وأن كانت غير عادلة وغير منطقية .
يخلو تاريخ كل الدول والامبراطوريات السياسية والدينية في المجتمعات الشرقية طيلة الألفي عام الماضية من اي أنظمة حكم أقرت العدل والمساواة وحقوق الانسان قولا وتطبيقا بالشكل والدرجة التي أستطاع الأنسان فهمها واقرارها  في ايامنا الحاضرة ، وبذا يتبين لنا حجم الضرر الذي تحمله الفرد الشرقي طيلة هذه الفترة التاريخية الطويلة نتيجة ما غرز فيه اجباريا من ثقافة أو عادة الـ ( خوف ) من الانسان المتسلط  بأعتبار ان هذا الخوف هو حقيقة ثابتة وممارسة أجتماعية صحيحة لابد منها بل يجب التقيد بها دوما .
 لقد نجح ( أغلب ) رجال جميع الاديان وبوسائل شتى في جعل معظم أفراد المجتمعات الشرقية يتوارثون عادة وثقافة  مفادها ان الطاعة الكاملة لرجال الدين والتخلي عن الحقوق الانسانية والحريات الشخصية هو أمر الاهي غير قابل للنقاش او للتغيير ، وكأن الله يرتضي منع الانسان من التفكير أو التعبير كما يرتضي حرمان الانسان من حرياته الشخصية سيما تلك التي تتطلبها احتياجاته الجسدية أوالعضوية ، أو ان الله يأمر الانسان أن يقاتل أخاه الانسان  دفاعا عنه !
سجل تاريخ الشرق القديم والحديث وما يزال صراعات دموية للغالبية العظمى من ذوي الأموال والسياسيين ورجال الدين وهم يتنافسون من أجل الظفر بأطول فترة حكم  أو بأكثر عدد من بشر يتم التسلط عليهم ، وكل ذلك تحت حجج أو شعارات الرغبة في تطبيق سنن وتشريعات الله بصورة صحيحة أو تحت شعارات وطنية او قومية أو شعارات الرغبة في تطبيق العدالة وأنصاف المظلومين فكريا أو طبقيا ، لكن الهدف الباطن لأغلب الرأسماليين والسياسيين ورجال الدين كان وما يزال يتمثل في امتلاك مواقع وأدوات القوة والعنف لاخافة أغلبية أفراد المجتمع وليتم سرقة اموالهم وأنتقاص حقوقهم الانسانية في حين تتمتع فيه تلك النخب المالية أوالسياسية او الدينية بكل ما تحتاجه سرا وعلانية في مجال التعبير او ممارسة الافعال التي تحرم على أغلبية أفراد المجتمع ، ونشير الى ان الزعيم الروسي ( ستالين ) مثلا والذي كان يفترض به انه يحكم شعبه وفق نظرية فكرية واقتصادية وسياسية اساسها الحرية والمساواة دون تمييز طبقي أو قومي أو ديني ورغم انه ساهم ببناء امبراطورية استطاعت ان تنتج وترفد الانسانية بالكثير من ابداعاتها في المجالات العلمية والاقتصادية الا انه أختار طريق العنف والقوة لتطبيق نظريته فكان ان أصبح مثالا يسيء الى أفكاره ، ووقع في نفس الخطأ الكثير من أتباع هذه النظرية في شعوب الشرق حين أختاروا طريق الدم والعنف لفرض أفكارهم ، ورغم ذلك فاننا  نعتقد ان عادة خوف الفرد الشرقي من  سلطة الانسان السياسي هي أهون بسلبياتها من عادة تخوف الفرد الشرقي من انسان يدعي سلطة تمثيله لشريعة الله نظرا لأن تأثير رجل السياسة أو رجل الدولة محدود الوقت حيث ينتهي تأثيره سواءا بموته او بانتهاء مدة حكمه او بظهور أنسان جديد يمتلك من المال أو الفكر ما يجعل منه منافسا لتولي الحكم او السلطة تحت اسم سياسي او حزبي آخر ، لكن الانسان الذي يدعي تمثيله لسلطة شريعة دينية فتأثيره طويل الأمد نظرا لأن رجل الدين هذا يستند بقوته على عوامل مادية كبيرة تتمثل بالموارد الضخمة المتنامية والتي تدرها عليه دور العبادة والموؤسسات الدينية بتسمياتها ونشاطاتها المختلفة والتي هي تحت تصرفه وتصرف من يليه ، ناهيك عن ان السياسي قد يستطيع العمل في مجال آخر في حال ترك منصبه الحكومي بينما يتعذر ذلك على رجل الدين حيث لابد له أن يستقتل من أجل دوام بقاء  مهنته التي تجد لها مرتعا خصبا بين أفراد متعبين لا أمل لهم في حماية أنفسهم ونيل حقوقهم  الا عن طريق الايمان بالغيب الذي قد يسعفهم بعد أن يرضى رجل الدين عنهم كما يعتقدون .
المجتمعات الغربية كانت هي الاخرى عانت من ظاهرة وجود أثرياء وحكام ورجال دين عملوا على نشر عادة او ثقافة الـ ( خوف ) منهم بأساليب العنف أوتوارث السلطة أو بأساليب أدعائهم تطبيق شريعة الدين ، الا انه  ومنذ قرابة خمسة قرون بدأت الأغلبية الغربية محاولاتها الأولى للوقوف بالضد من ثقافة تسلط الأنسان على الأنسان وليبدء الغربيون حياتهم الجديدة التي تدرجت صعودا في مستوى اقرار الحقوق المادية وحرية التعبير والحرية الشخصية للانسان بمرور السنين ورافق هذا الصعود حصول طفرة كبيرة غير مسبوقة في التاريخ البشري في القرن العشرين من حيث مستوى التطور العلمي والفكري والحضاري بشكل تناسب طرديا مع مستوى تراجع عدد الافراد الذين يعانون من عادة الـ ( خوف ) من الانسان الذي يمتلك سلطة الحكم او الدين وكذا طرديا مع مستوى تنامي حرية التعبير والحريات الشخصية المكتسبة لافراد تلك الشعوب الغربية ، فكان ان أعتمدت ( الديمقراطية ) التي تنصب حاكما ينتخب لمدة محددة ثم تطور الامر ولتعتمد ( الليبرالية ) التي تقر حقوق الأقلية مهما صغرت تماما كما تقر حقوق الاغلبية ، وليكون الاتجاه نحو مجتمع لا مكان للعنف فيه مطلقا ، مجتمع لا ينتقص من رأي وحرية وحقوق أي فرد فيه ، مجتمع لا يشترط ايمان او اقتناع الكل بأي فكرة او رأي أو معتقد أو تصرف وأنما يعمل الجميع على ان يتقبل ويتعايش كل واحد منهم  مع الآخر سواءا اقتنع به أم لم يقتنع ، وهنا نشير الى اننا لا نعني بكلامنا هذا ان أفراد  المجتمعات الغربية قد وصلوا الآن لمرحلة الكمال في علاقاتهم الانسانية فلربما ما زال الطريق طويلا الى الوصول الى درجة قد تلغى أو تختصر فيها الكثير من موؤسسات الدولة الى أدنى حال مثلا وذلك حينما تصل درجة التحضر الانساني الى الحد الذي لا يحتاج فيه أفراد هذه المجتمعات الى من يحاسبهم أو يراقبهم أو يحكم بينهم ، تلك الدرجة التي فيها يعمل ويبدع طوعيا كل فرد من أفراد المجتمع بصفات الدقة والنزاهة والعدل والعفو والرحمة والسلام بعيدا عن صفات العنف والحقد والكذب والسرقة وايذاء الآخرين برغبة منه ودون خوف من أحد من البشر ، وكذا دون خوف من الله ، ليس لكون ذلك الفرد بالضرورة يؤمن أو لا يؤمن بوجود الله وأنما ادركا منه وأقتناعا بعقله ومشاعره بوجوب التحلي بهذه الصفات والافعال ما دام هو أنسانا ، فالأنسان يستحق صفته الكاملة كأنسان حينما يتبع الخير وينبذ الشر بقناعته وأرادته دون خوف أو تهديد تماما مثلما يتمنى هو أن يتصف بذلك الآخرون .
تشير المؤشرات الاحصائية الى ظاهرة تنامي أعتقاد نسب متزايدة من أفراد المجتمعات الغربية بكون جميع الأديان الموجودة على ساحة الكرة الارضية ما كانت ليصدق بها أحد من البشر لو أنها ظهرت في أيامنا هذه ، على أن هذا الاعتقاد لا علاقة له بمسألة تحديد وجود ( الله ) من عدمه ، حيث أن مسألة وجود خالق  للكون هي مسألة كبيرة أخرى قابلة لأستمرار الاعتقاد بها والبحث المتواصل عن أسرارها ، وأن الاعتقاد بعدم صحة الأديان لا يعني بالضرورة دليلا عقليا على عدم وجود الخالق وأنما قد تشير ظاهرة الأديان الى أسهل الحلول وأقصر الطرق التي أختارها وابتدعها عقل الانسان البسيط  قبل آلاف السنين لكي يثبت بها وجود الخالق ، وعموما فأن أصحاب كل الديانات المعروفة في العالم ، سماوية كانت أم غير سماوية ، يمارسون كامل حرياتهم الدينية داخل  المجتمعات الغربية بأعتبار أن العبادة وممارسة الطقوس الدينية هي من حقوق كل انسان يرغب بممارستها .
 عودة الى المجتمعات الشرقية نقول : هناك الكثيرون ممن لا يعتقدون بأن قلة الثروات الطبيعية لبعض دول الشرق كالباكستان وافغانستان والشيشان وكذا لبعض الدول التي انفصلت عن المعسكر الشيوعي نهاية القرن العشرين هي السبب الاساس في تدهور حقوق الانسان المادية والانسانية فيها والى الدرجة التي اوصلت بعض أفرادها لئن يصبحوا أنتحاريين ينشرون ثقافة الخوف من الآخر ، فالانتحاريون يحاولون تقليد معلميهم وذلك بمحاولة اخافة البشرلاخضاعهم وأركاعهم  حتى وان كان ثمن ذلك الموت وقتل الابرياء ، فهؤلاء الانتحاريون تربوا على الـ ( خوف ) من رجل الدين الذي يدعي لهم انه يخاف أيضا من ( الله ) . الأنتحاريون محرومون بالتهديد والوعيد من حق التفكير أو التعبير وكذا من حقوقهم الشخصية في التمتع بالحياة ، وهم بحاجة ملحة للتعبير بصوت عال عن مدى معاناتهم من هذا الـ ( خوف ) الذي يحملونه في دواخلهم  وعن ما يعانوه من كبت وحرمان فكري وجنسي لكنهم لا يجدون أمامهم منفذا سوى منفذ قتل أنفسهم وقتل وأرهاب أكبر عدد ممكن من البشر لترتاح أنفسهم وهي تلاقي الله الذي سيمنحهم الحرية الكاملة ويحقق ويبارك أحلامهم الجنسية وليمارسوا تلك الأحلام  بلا ( خوف ) منذ اللحظة الأولى لموتهم مع موت أكبر عدد من الناس ، كما يظن الأنتحاريون أن اعمالهم الأرهابية ستمكنهم من نيل شرف المساهمة في تثبيت ثقافة الـ ( خوف ) من رجل الدين الذي يمثل أوامر الله  ، وهنا نضيف القول بأن ملايينا من الشرقيين ممن يقيمون الآن  في دول الغرب المتحضرة ما زالوا غير قادرين على التخلص بسهولة من عادة وتبعات ثقافة الـ ( خوف ) من الآخر التي كانوا اصيبوا بها نتيجة  توارثها اجتماعيا في شعوبهم الشرقية ، فهؤلاء الشرقيون هربوا  من ظلم بلدانهم ليحصلوا على كامل حقوقهم الانسانية في بلدان الغرب المتحضرة الا ان ( أغلبهم ) يحسون دوما بدواخلهم بالفرحة المطلقة حال تعرض أي بلد غربي متحضر لأي نكسة أو عملية أرهابية نظرا لأن عقلهم الباطن يريد أن يثبت لهم أن داء أو عادة الـ ( خوف ) من سلطة رجل الدين أنما هي حالة صحية مطلوبة يريدها الله ويأمر بها ، كما ان شدة وبشاعة اي عملية ارهابية تحصل في اي بلد غربي متحضر تجعل أغلب هؤلاء المقيمين الشرقيين يتناسون فجأة كيف انهم هربوا من ظلم بلدانهم ومجتمعاتهم وكيف ان البلدان الغربية لم تقصر في حمايتهم وأحتضانهم ومنحهم معظم حقوقهم المادية والأنسانية التي حرموا منها في بلدهم الأم . هؤلاء الشرقيين يجدون صعوبة بالغة في التخلص من موروثهم الاجتماعي الكامن سرا في دواخل شخصياتهم والمتمثل بداء او عادة الـ ( خوف ) من رجل السلطة  ، فهم يحسون في بواطن عقولهم وأنفسهم بلحظات أنتعاش ونصر حال تعرض أي بلد الغربي الى حادث ارهاب لأن ذلك يعطيهم أملا  بقرب قدوم اليوم الذي ستخضع فيه كل المجتمعات الغربية مذلولة راكعة لارادة الله الذي يظنون أنه يأمر جميع البشر بالـ ( خوف ) من رجل الدين الذي يمثله على الأرض !
 أثبتت الاحداث  الاخيرة ان متطوعين من الجيل الثالث لمغتربين شرقيين ممن يقيمون في عدة بلدان غربية متحضرة شاركوا في القتال والاعمال الارهابية التي جرت في كل من سوريا والعراق عامي 2014 و 2015  كما ان عددا من هؤلاء المقيمين الشرقيين قاموا بأعمال ارهابية ضد أفراد ومؤسسات نفس المجتمع الغربي المتحضرالذي يعيشون فيه حاليا  .
هناك دول شرقية عديدة ممن تمتلك حاليا موارد ثروات طبيعية هائلة لكنها  تعاني من هدر في الثروات أو من عدم الاستقرار الداخلي أو من التخلف المستمر في اقرار الحقوق الانسانية لمواطنيها اضافة الى انخفاض معدل مستوى الدخل السنوي للفرد فيها قياسا الى امكانياتها ، وذلك بسبب جهل وفساد حكامها الذين يتم انتخابهم بحرية تامة ولعدة مرات من قبل ( أغلبية ) أفراد شعوب هذه الدول ولكن وفق مرامي عادة الـ ( خوف من سلطة رجل الدين ) وذلك ما يحصل الآن في ايران والعراق مثلا ، كما نذكر بدول شرقية أخرى غنية بموارد ثرواتها الطبيعية وتتمتع الان باستقرار نسبي وبارتفاع مستوى دخل الفرد فيها الى مستويات قد تزيد على دخل الكثير من المواطنين في مجتمعات غربية لكن هذه الدول ليست بمنأى مستقبلي عن موضوع حديثنا طالما أن معظم أفرادها يعيشون في شخصية مزدوجة تجعلهم يمارسون ما يمنعون منه من حرياتهم الشخصية سرا أو خارج بلادهم بينما هم يعيشون ويقدسون عادة ( الخوف ) من انسانهم الذي يحكمهم في مناصب الدولة او في مذاهبهم الدينية ، فمثل هذه المجتمعات الغنية الموارد غالبا ما تبقى في فترة استقرار واستهلاك مؤقتة نهايتها ستكون بأنتهاء او توقف موارد ثرواتها الطبيعية حيث ستصاب حينها بنفس اعراض ما تعانيه بقية  المجتمعات الشرقية من نتائج تفشي ثقافة الـ ( خوف ) من انسان السلطة  فيها ، وكذا الامر ينطبق على دول شرقية أخرى مثل تركيا وماليزيا واندونسيا التي يعاني جزء كبير من مواطنيها من تجذر ثقافة الخوف من سلطة الانسان فيها ولكن بشكل كامن وقابل  للظهور أو الانفجار المدمر الفجائي حال ما تسمح له ظروف عديدة .
هناك دول شرقية أخرى مثل وليبيا وتونس واليمن ومصر وسوريا تعاني داخليا الكثير من الاضطرابات والاعمال الارهابية بعد أحداث الربيع العربي والذي سقطت فيه أنظمة سياسية دكتاتورية ، وكان من الطبيعي ( لولا تفشي  داء  الخوف من انسان السلطة بين أغلب أفراد شعوب هذه الدول ) توقع ان يرتب مواطني تلك الدول امورهم بسلام من اجل انتخاب قيادات سياسية وادارية كفوءة ونزيهة لادارة مجتمعاتهم الا ان الذي حدث هو ان هذه الشعوب بدأت تتقاتل مع نفسها في حروبا أهلية  دامية يقودها مرضى استفحل عندهم داء الـ ( خوف ) وليصبحوا يقاتلون أحدهم الآخر من أجل ان يظفروا بسلطة المذهب او الحزب الديني الذي يجب ان يخافه ويركع له الجميع وليوؤل الوضع في هذه الدول الى اعادة تسلط حكام  فاسدين جدد ، حكام يساندون شرعية ثقافة  تقديس الـ ( خوف ) من الآخر داخل مجتمع أغلبيته ترحب بمثل هكذا ثقافة ، مجتمع يسير بنفسه وبارادته نحو الانتحار الحضاري .
ازاء هذه الأوضاع المعقدة والمؤلمة التي تعاني منها معظم المجتمعات الشرقية طيلة أكثر من العشرين قرنا الماضية ولحد اليوم كان من المنطقي ان تعمل المجتمعات الغربية ومنذ بدء قفزات التطور الهائل والغير مسبوق في المجال العلمي والتكنولوجي في القرن الماضي  كل ما تراه مناسبا وفعالا حسب وقته ومرحلته لحماية نفسها والانسانية عموما من مخاطر ما قد ينوبها من اعتداء او ارهاب  ناتج من تنامي تفاعلات وصراعات وآثار تفشي داء الـ ( خوف من انسان السلطة ) عند أغلب أفراد الشرق، الأمر الذي يكلف هذه المجتمعات الغربية الكثيرمن الخسائر والتضحيات  وكذا اضاعة الكثير من الجهد والوقت والاموال والتي كان من الأجدر الاستفادة منها لخدمة البشرية في مجال العلوم والصحة والبحوث لولا وجود داء الشرقيين ، ورغم كل هذا فان معظم سياسي ومتديني الشرق يطلقون على التحوطات الغربية تسمية ( مؤمرات وتدخلات الغرب ) مثلما يقوم معظم الشرقيون بتبرير المآسي الانسانية التي عاشتها وتعيشها شعوبهم متكئين على عذر وجود تلك ( التدخلات والمؤمرات الغربية ) في اشارة  تؤكد عدم قرب موعد الشفاء من داء خطير يصنعونه أهله ليفتك بهم قبل أن يرهب الآخرين . 

نبيل قرياقوس
1-4-2015




36
في عراق 2014  : كل متظاهر ارهابي
قال لي أحد العراقيين والعهدة عليه :
المتتبع لوسائل الاعلام المختلفة والتي تمول او توجه بشكل او آخر من قبل الافراد او الاحزاب او القوى الدينية او السياسية المتنفذة في حكم العراق خلال العامين الماضيين يلاحظ بشكل لا يقبل اللبس توجها لايهام العامة من العراقيين بان أي تظاهرة ناقدة للحكومة تنطلق في الساحة العراقية ( وبالاخص في العاصمة بغداد ) انما هي تظاهرة لافراد ارهابيين سنة او بعثيين ليس الا.
ففي عام 2012 انطلقت في ساحة التحرير في قلب العاصمة العراقية بغداد ومدن عراقية عديدة تظاهرات سلمية كانت تحمل احلام وارادات شباب عراقيين ذوي قلوب وادمغة لم تلوثها امراض الطائفية والتمييز والفساد واعراض البحث عن السلطة وانما كانوا يمثلون نبض الضمير الانساني لشعب ابتلي على مدى تاريخه الطويل بقادة ( في شتى ميادين حياته ) انتقصوا حرية وحقوق الانسان العراقي تحت ذرائع مختلفة ، منها الطائفية الدينية او المذهبية او القومية .
لم أكن احد المشاركين في تلك التظاهرات لكني كمواطن مستقل حزبيا وسياسيا كنت اشعر بان أولئك الشباب باختلاف اديانهم ومذاهبهم وانتماءاتهم الفكرية او السياسية كانوا ينطقون بما في قلبي ، فهم يدعون الى نبذ الطائفية وتنصيب مسوؤلين تكنوقراط غير منحازين في عملهم الوظيفي الا لقانون يساوي بين الجميع وذلك لانهاء مهزلة الحياة اليومية التعيسة والمؤلمة والبائسة التي يعيشها اغلبية افراد احد أغنى دول العالم دون ان تلوح في الافق اي بوادر لانهاء المهزلة ودون وجود اي بوادر لانشاء بنى تحتية مماثلة لما موجود في دول العالم المتحضرة ، بل بلا وجود بوادر ثقافة تنحو بالمجتمع العراقي لضفاف تفهم وتقبل المساواة بين جميع المواطنين في ايام يتواصل فيها حرق واردات وثروات العراق واذكاء الروح الطائفية في اقصى ذروتها.
شكلت هذه التظاهرات السلمية والتي كانت تقام في يوم الجمعة من كل اسبوع مصدر صداع شديد جدا لاجهزة الحكم في العراق لانها تمس صميم الفساد المتفشي بين المنصبين او المنتخبين كمسوؤلين في الحكومة ، وبدلا من الاستماع لمطالب تلك التظاهرات الشبابية الواعية فقد توالت شائعات اجهزة الاحزاب الحاكمة لغرض تشويه هذه التظاهرات بوسائل عديدة شتى ، كان احدها ، مثلا ، اتهام هذه التظاهرات بانها مسيسة ، ولا ادري ما الضرر في ان تكون جهة سياسية تقف وراء تلك التظاهرات ، فالمسألة ليست في كون هذه التظاهرات مسيسة ام غير مسيسة ، بل ان المسألة تكمن في هل ان مطالب تلك التظاهرات مشروعة ام لا ، علما اني لاحظت ان عددا من شباب التظاهرة يبدون وكأنهم يساريون في زمن اصبح كل من يتحدث عن المنطق والديمقراطية وحقوق الانسان ويبعد عن الفكر القومي الشوفيني والفكر الديني السياسي فانه يحسب يساريا او شيوعيا ذا تنظيم حزبي وذلك ليس كامل الحقيقة ، رغم ان العديد من المثقفين العراقيين يتمنون وجود زخم قوي وفعال لليسار العراقي وخاصة في المعارضة .
وجه آخر من اوجه محاربة تلك التظاهرات الشبابية المستقلة تمثل بقيام القوى الدينية السياسية المتنفذة بزج عناصرها الجاهلة ثقافيا وحضاريا ضمن تلك التظاهرات ولتقوم تلك القوى الدينية بعدها بايام بالمطالبة بايقاف تلك التظاهرات بحجة اعطاء فترة شهور كمهلة للحكومة لتعديل مسارها وهكذا تمت المساهمة بفعالية في خنق تلك التظاهرات لابقاء الوضع في العراق على ما هو عليه بل نحو الاسوء .
الضربة الاخرى التي وجهت لتلك التظاهرات الشبابية تمثلت باعدام احد المشاركين السنة فيها بعد القاء القبض عليه وتثبيت تهمة قيامه باعمال ارهابية متمثلة بقتل اعداد من الشيعة ، علما ان ذلك الشخص ( وحسبما اعلن لنا فيما بعد ) كان من العناصر الناشطة مع العديد من الشخصيات السياسية البارزة على الساحة العراقية ، والسؤال هنا : لماذا تمت محاسبة ذلك الشخص تحديدا على افعاله تلك ( بافتراض صحة التهم المنسوبة اليه ) بعد اشتراكه في تلك التظاهرات ! ولتكتب الحكومة بعدها في ساحة التحرير عن طريق عناصر احزابها لافتات مكتوب بها نصا :
يتظاهرون وهم ارهابيون !
ومثل هذه اللاقتات او الشعارات اضافة لما تهدف اليه من اشعال لحرب طائفية فانها تهدف الى تشويه عام وشامل لكل من يشارك بتظاهرة تطالب بالاصلاح في العراق كما انها تحمل رسالة تهديد لكل مواطن بانه اذا تظاهر فانه سيكون تحت مجهر اعتباره ارهابيا .
الضربة النهائية القاتلة لتلك التظاهرات تمثلت باعتقال عدد من المشاركين بها واعدام احد ابرز قادتها من الشباب الشيعة نهاية عام 2012 وذلك تحت عنوان ( اغتيال ) من قبل جان مجهول ، فيما بثت في نفس الساعة العديد من الشائعات التي تسيء لشخص الضحية من قبل كتاب وسياسيين محسوبين على المتنفذين في الحكومة .
الحكومة العراقية صريحة جدا في الاعتراف بتفشي الفساد والطائفية في جميع اركان المجتمع واجهزة الدولة لكنها صريحة ايضا في اعتبار كل متظاهر يطالب بالاصلاح ارهابيا يجب تصفيته .
نبيل قرياقوس
15-06-2014


37
                        وأشياء أخرى في تل أبيب

(( في شهر إيار عام 2014 هبطت طائرتنا التابعة للخطوط الجوية التركية في مطار تل أبيب بعد رحلة ساعات معدودة قادمة بنا كسائحين من عدة دول اوربية لزيارة الاماكن الدينية والتاريخية في عدة مدن إسرائيلية.
كان أغلب من يدير اعمال هذا المطار هم فتيات ، فهن يشكلن أغلبية الموظفين بما فيهم عناصر الأمن والشرطة.
بدت لنا الفتاة المسوؤلة عن فحص وثيقة جواز السفر حال دخولنا مطار تل أبيب وكأنها تتبع المزاجية في السماح لبعض من السياح بالدخول ومغادرة المطار أو إحالة آخرين الى صالة الحجز لأنتظار نتيجة التحقق من شخصياتهم بعد نظرة ثوان على وثيقة جواز سفرهم ، ومثل هذا الانتظار الذي يمتد لساعات طويلة كان مملا ومتعبا ومزعجا جدا سيما لسائحين قادمين برحلة جوية بهدف الترفيه عن انفسهم بما ينفقون من اموالهم الخاصة.
مرافقنا السياحي العامل في مكتب السياحة المنظم لرحلتنا أحتجز معنا أيضا رغم انه كان قدم الى إسرائيل بصحبة عدة مجاميع سياحية سابقا . أحتجزت أنا وزوجتي وابني البالغ من العمر عشر سنوات لأكثر من أربع ساعات في صالة الحجز . إحدى السائحات المحتجزات معنا كان قد سمح لأختها التي ترافقها بمغادرة المطار بينما احتجزت هي وقد بدى عليها الخوف والقلق ، فهي لم تكن تعرف شيئا عن مصير أختها . سائحة محتجزة اخرى لجأت الى الشكوى والتحدث مع أحدى عناصر الامن من المتواجدات داخل صالة الحجز وشاءت الصدف ان تكون تلك الشرطية ذات اصول تونسية أو مغربية تنتمي لنفس اصول السائحة المحتجزة فما كان من الشرطية الا أجرت اتصالا هاتفيا وليتم إثره وخلال دقائق الافراج عن تلك السائحة لتلتحق ببقية افراد عائلتها ممن كان سمح لهم بمغادرة المطار.
الأمر كان بنفس الدرجة من القلق والازعاج بالنسبة للسائحين الذين وافقت موظفة المطار على دخولهم الاراضي الاسرائيلية دون اصطحاب بقية مرافقيهم من افراد عوائلهم .
المثير للتعب والألم كان عدم معرفتنا سبب إحتجازنا من قبل فتيات المطار الجميلات ذوات الملابس القصيرة والاحذية ذات الكعوب العالية ، أولئك الفتيات اللاتي بدين وكأنهن لا يعترفن بـ ( إبتسامة ) يقابلن بها أي سائح ، لكنهن رغم ذاك كن يتجاوبن مع السائحين ذوي الاصول العربية ممن كانوا يترجونهن عدم تأشير وثيقة جواز سفرهم بأي ختم دخول او خروج من اسرائيل تحوطا من أي مشاكل او اعتراضات قد تواجههم عند زيارتهم لبلدانهم العربية.
خلال زيارتنا السياحية هذه رافقنا مرشد سياحي من عرب 1948 حيث تنقل بنا في عدة مدن وأماكن أثرية ذات قيمة دينية وسياحية، لكننا لم يحالفنا الحظ طيلة ايام الزيارة والبالغة أكثر من عشرة أيام بالعثور على أي ابتسامة حتى عند البائعات الاسرائليات اللائي كنا نشتري منهن بعض الاحتياجات ، بينما كنا نقابل بالفاظ بذيئة وبمسبة احيانا في حالة عدم تبضعنا من بعض الاطفال العرب ممن كانوا يجوبون الاسواق السياحية لعرض وبيع ما يحملون من مواد سياحية ، كما تعرض ابني للأذى المؤلم نتيجة ضربه بحجارة قذفت من قبل أحد الاطفال العرب اثناء جولة مجموعتنا السياحية في زيارة إحدى الأماكن الأثرية .
كان عرب 1948 يرحبون بنا ويحسنون ملاقاتنا أينما حللنا كما ان اليهود ذوي الاصول العربية كانوا أيضا يحسنون لقاءنا في محلاتهم التجارية او مطاعمهم او اسواقهم ، رغم اننا فوجئنا مرة بقصاب في أحد اسواق اليهود العرب وهو يقفز من محله مانعا ايانا بعصبية من إلتقاط أية صورة !!
أخيرا ، لم نكن نتوقع أن يتم استجواب كل سائح منا من قبل موظفات مطار تل أبيب أثناء مغادرتنا لأسرائيل ، فالاسئلة كانت كثيرة ومثيرة للازعاج ، ومنها مثلا : اين ذهبت في اليوم الفلاني ، واين لم تذهب ؟ ومن الذي قابلته ، ومن هو من لم تقابله ؟ وممن تلقيت هدية ؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي لا تدلل مطلقا على تعامل مع سائحين يغادرون بلد ، كما تعرض عدد منا الى فحص محتويات هواتفهم وكاميراتهم ناهيك عن الفحص الدقيق لمحتويات جميع حقائبنا بما فيها محتويات تلك الحقائب التي لا تحمل باليد والتي من المفترض ان يكون فحصها كافيا بالاجهزة المعتادة بالمطارات . )) انتهى.
كانت تلك بعض سطور من نص رسالة مطولة وردتني من أحد الأوربيين ذوي الأصول العربية ممن كان في سفرة سياحية لزيارة الاماكن التاريخية والدينية في إسرائيل ، وأنا هنا لا اؤكد او أنفي تفاصيل ما ورد فيها ، لاني أدرك ان نقل صور الوقائع او الاحداث يعتمد بصورة كبيرة على ظروف وواقعية ومهنية وكفاءة وعلمية وحيادية عدسة الانسان الذي عايش تلك الاحداث ميدانيا.
صاحب الرسالة اختتمها بقناعته الخاصة ، مصرحا لنا بما لي والعهدة عليه :
ما زالت البشرية تأن من تفاعلات عوامل مادية قوية تتسلط وتتزين بلباس أفكار وأديان لتسيء الى حاضر ومستقبل الأخوّة و الحب والسلام والرفاه لبني البشر ، فها هي آثار آلت واقعيا لئن تسلب الاطفال حقوقهم وبراءتهم والنساء رقتهم وابتسامتهم وقودا لنيران أوقدت قبل قرون لتحرق شباب وطاقات أجيال من البشر وربما ما تزال !.

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب عراقي
1-6-2014


38
وأشياء أخرى في تل أبيب

(( في شهر إيار عام 2014 هبطت طائرتنا التابعة للخطوط الجوية التركية في مطار تل أبيب بعد رحلة ساعات معدودة قادمة بنا كسائحين من عدة دول اوربية لزيارة الاماكن الدينية والتاريخية في عدة مدن إسرائيلية.
كان أغلب من يدير اعمال هذا المطار هم فتيات ، فهن يشكلن أغلبية الموظفين بما فيهم عناصر الأمن والشرطة.
بدت لنا الفتاة المسوؤلة عن فحص وثيقة جواز السفر حال دخولنا مطار تل أبيب وكأنها تتبع المزاجية في السماح لبعض من السياح بالدخول ومغادرة المطار أو إحالة آخرين الى صالة الحجز لأنتظار نتيجة التحقق من شخصياتهم بعد نظرة ثوان على وثيقة جواز سفرهم ، ومثل هذا الانتظار الذي يمتد لساعات طويلة كان مملا ومتعبا ومزعجا جدا سيما لسائحين قادمين برحلة جوية بهدف الترفيه عن انفسهم بما ينفقون من اموالهم الخاصة.
مرافقنا السياحي العامل في مكتب السياحة المنظم لرحلتنا أحتجز معنا أيضا رغم انه كان قدم الى إسرائيل بصحبة عدة مجاميع سياحية سابقا . أحتجزت أنا وزوجتي وابني البالغ من العمر عشر سنوات لأكثر من أربع ساعات في صالة الحجز . إحدى السائحات المحتجزات معنا كان قد سمح لأختها التي ترافقها بمغادرة المطار بينما احتجزت هي وقد بدى عليها الخوف والقلق ، فهي لم تكن تعرف شيئا عن مصير أختها . سائحة محتجزة اخرى لجأت الى الشكوى والتحدث مع أحدى عناصر الامن من المتواجدات داخل صالة الحجز وشاءت الصدف ان تكون تلك الشرطية ذات اصول تونسية أو مغربية تنتمي لنفس اصول السائحة المحتجزة فما كان من الشرطية الا أجرت اتصالا هاتفيا وليتم إثره وخلال دقائق الافراج عن تلك السائحة لتلتحق ببقية افراد عائلتها ممن كان سمح لهم بمغادرة المطار.
الأمر كان بنفس الدرجة من القلق والازعاج بالنسبة للسائحين الذين وافقت موظفة المطار على دخولهم الاراضي الاسرائيلية دون اصطحاب بقية مرافقيهم من افراد عوائلهم .
المثير للتعب والألم كان عدم معرفتنا سبب إحتجازنا من قبل فتيات المطار الجميلات ذوات الملابس القصيرة والاحذية ذات الكعوب العالية ، أولئك الفتيات اللاتي بدين وكأنهن لا يعترفن بـ ( إبتسامة ) يقابلن بها أي سائح ، لكنهن رغم ذاك كن يتجاوبن مع السائحين ذوي الاصول العربية ممن كانوا يترجونهن عدم تأشير وثيقة جواز سفرهم بأي ختم دخول او خروج من اسرائيل تحوطا من أي مشاكل او اعتراضات قد تواجههم عند زيارتهم لبلدانهم العربية.
خلال زيارتنا السياحية هذه رافقنا مرشد سياحي من عرب 1948 حيث تنقل بنا في عدة مدن وأماكن أثرية ذات قيمة دينية وسياحية، لكننا لم يحالفنا الحظ طيلة ايام الزيارة والبالغة أكثر من عشرة أيام بالعثور على أي ابتسامة حتى عند البائعات الاسرائليات اللائي كنا نشتري منهن بعض الاحتياجات ، بينما كنا نقابل بالفاظ بذيئة وبمسبة احيانا في حالة عدم تبضعنا من بعض الاطفال العرب ممن كانوا يجوبون الاسواق السياحية لعرض وبيع ما يحملون من مواد سياحية ، كما تعرض ابني للأذى المؤلم نتيجة ضربه بحجارة قذفت من قبل أحد الاطفال العرب اثناء جولة مجموعتنا السياحية في زيارة إحدى الأماكن الأثرية .
كان عرب 1948 يرحبون بنا ويحسنون ملاقاتنا أينما حللنا كما ان اليهود ذوي الاصول العربية كانوا أيضا يحسنون لقاءنا في محلاتهم التجارية او مطاعمهم او اسواقهم ، رغم اننا فوجئنا مرة بقصاب في أحد اسواق اليهود العرب وهو يقفز من محله مانعا ايانا بعصبية من إلتقاط أية صورة !!
أخيرا ، لم نكن نتوقع أن يتم استجواب كل سائح منا من قبل موظفات مطار تل أبيب أثناء مغادرتنا لأسرائيل ، فالاسئلة كانت كثيرة ومثيرة للازعاج ، ومنها مثلا : اين ذهبت في اليوم الفلاني ، واين لم تذهب ؟ ومن الذي قابلته ، ومن هو من لم تقابله ؟ وممن تلقيت هدية ؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي لا تدلل مطلقا على تعامل مع سائحين يغادرون بلد ، كما تعرض عدد منا الى فحص محتويات هواتفهم وكاميراتهم ناهيك عن الفحص الدقيق لمحتويات جميع حقائبنا بما فيها محتويات تلك الحقائب التي لا تحمل باليد والتي من المفترض ان يكون فحصها كافيا بالاجهزة المعتادة بالمطارات . )) انتهى.
كانت تلك بعض سطور من نص رسالة مطولة وردتني من أحد الأوربيين ذوي الأصول العربية ممن كان في سفرة سياحية لزيارة الاماكن التاريخية والدينية في إسرائيل ، وأنا هنا لا اؤكد او أنفي تفاصيل ما ورد فيها ، لاني أدرك ان نقل صور الوقائع او الاحداث يعتمد بصورة كبيرة على ظروف وواقعية ومهنية وكفاءة وعلمية وحيادية عدسة الانسان الذي عايش تلك الاحداث ميدانيا.
صاحب الرسالة اختتمها بقناعته الخاصة ، مصرحا لنا بما لي والعهدة عليه :
ما زالت البشرية تأن من تفاعلات عوامل مادية قوية تتسلط وتتزين بلباس أفكار وأديان لتسيء الى حاضر ومستقبل الأخوّة و الحب والسلام والرفاه لبني البشر ، فها هي آثار آلت واقعيا لئن تسلب الاطفال حقوقهم وبراءتهم والنساء رقتهم وابتسامتهم وقودا لنيران أوقدت قبل قرون لتحرق شباب وطاقات أجيال من البشر وربما ما تزال !.
 
نبيل قرياقوس
1-6-2014
 


39
          نص  رسالتي الى الامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية

السيد الامين العام للامم المتحدة
السيد ممثل الامم المتحدة في العراق
السيد مدير منظمة اليونسكو في العراق
السيد ممثل الفريق القطري للامم المتحدة
السادة سفراء السلك الدبلوماسي في العراق
السادة ممثلي المنظمات الحكومية وغير الحكومية في العراق
السادة ممثلي منظمات المجمع المدني في العراق
السيد وزير الثقافة في العراق

الموضوع / مقترح بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية

سادتي :
في هذا اليوم المصادف 21 من شهر ايار عام 2014 يسرني ان اشكركم  لدعودتنا لحضور هذه الاحتفالية الكبيرة التي تقام في العاصمة العراقية بغداد في اليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية  للمناقشة  والحوار حول موضوع : ( احتضان التنوع وتعزيز الحوار الثقافي في العراق ).
 شكرا لكل الذين ساهموا في الاعداد لهذه الاحتفالية التي تؤكد احد اوجه نشاطات الامم المتحدة في العراق ، كما ان مثل هذا اللقاء للمناقشة والحوار المتمدن يؤكد حاجة الانسانية للسلام والتطور والتنمية .
سادتي الافاضل :
أسمحوا لي ان اساهم في هذا اللقاء  بارسال  رأي او مقترح  قد اراه متناسقا مع اسس واهداف هذه المناسبة الانسانية  ، حيث اني ادرك بان اللغة هي احد الوسائل المهمة جدا في حياة الانسان من اجل تواصله مع بقية اخوته من البشر .
لقد اشرتم سيادتكم في تفاصيل الدعوة الموجهة لنا لحضور هذه الاحتفالية الى ان اللغة هي احد اهم وسائل تواصل ثقافات مجتمعات العالم في طريق الحاجة الماسة  للتنوع وتعزيز حوار الثقافات من اجل التنمية والسلام وحياة افضل واسعد لكل انسان على وجه الارض ، وذلك صحيح جدا فاللغة هي وسيلة حية لتبادل الحب والسلام والعلوم وشتى انواع التواصل بين عقول ومشاعر كل البشر.
انا متأكد بان الكثير من المختصين والمشاركين سيغنون احتفالكم هذا بالعديد من الافكار والدراسات التي تخدم حاجة المجتمعات البشرية لاحتضان التنوع وتعزيز الحوار وتبادل الثقافات المتنوعة بشتى الوسائل الكثيرة المذكورة في رسالة  دعوتكم الكريمة .
انني انتهز فرصة انعقاد احتفالكم الاممي هذا في بلدي العراق ولاتطرق باختصار شديد جدا الى مقترحي هذا ، والذي اراه يخص ( البنى التحتية) لاحدى اهم وسائل احتضان التنوع وتعزيز الحوار  وتبادل الثقافات سواءا في العراق او بين مجتمعات العالم.
قد يكون مقترحي هذا ، تم الحديث عنه هنا او هناك  بين مثقفي بعض المجتمعات ، لكني حقيقة لست على اطلاع باي مقترح مماثل  قدم رسميا الى الامم المتحدة  ، لكني هنا اود طرح مقترحي هذا امام حضراتكم  بصورة  رسمية ، املا اهتمامكم بدراسته ومناقشته من اجل مستقبل افضل للانسانية جمعاء ، راجيا من الجهات المنظمة لهذه الاحتفالية ايصال نص رسالتي هذه الى جميع المشاركين في هذه الاحتفالية مع وافر شكري واحترامي ، علما اني ساقوم بنشر نص الرسالة في الصحافة وفي العديد من المواقع الالكترونية المعروفة لدى الاوساط الاجتماعية المثقفة.
سادتي :
مقترحي يستند الى اساس علمي ومنطقي اعتقده قويا وواضحا الا هو ان اي لغة في العالم هي ( وسيلة ) يستخدمها الانسان للتعبير بها لغرض ايصال ما يجول بعقله الى غيره من البشر ، وعليه  ومع تطور الانسان في مجال العلوم والتكنولوجيا بالشكل الذي ادى ويؤدي الى اختراع او تطوير جميع ( الوسائل ) التي يحتاجها البشر في الحياة اليومية ، فان الوقت حال ايضا لتطوير ( وسيلة ) اللغة  او وضع او اختراع لغه جديدة للانسان على وجه الارض .
نعم ، ارى انه حان الوقت لاعداد خطة طويلة الامد ( قد تمتد لقرن من السنوات او اكثر ) من اجل العمل لتصميم وتنفيذ وتسويق ( لغة ) جديدة مستحدثة لتكون مستقبلا هي ( لغة) التحدث والمراسلة بين كل شعوب الارض دون استثناء.
ان اللغة الواحدة تعني فتحا مثاليا لا متناهيا لاحتضان التنوع وتعزيز الحوار لتفاعل الثقافات والحضارات والعقول البشرية . هذه اللغة الواحدة ستكون في خدمة  تقارب وتوحد جهود الانسان من اجل التنمية ومن اجل واقع ومستقبل افضل لبني البشر .
الامر لا يبدو سهلا في البداية  ، لكني اراه ضروريا  طالما ان اللغة هي ( أداة ) او ( وسيلة ) ، فكما ان السيارة او الطائرة مثلا هي وسيلة  لنقل ما يحتاج الانسان لنقله ، ف ( اللغة ) عبارة عن ( وسيلة ) مكونة من مجموعة حروف او اصوات لنقل ما يحتاج الانسان لنقله من عقله الى بقية عقول بقية البشر ، لذا فان تطوير هذه ( الاداة او الوسيلة ) او اختراع جديد لابجدياتها واصولها وقواعدها هو ضرورة يوجبها التطور البشري ، آخذين بنظر الاعتبار ضرورة الادامة المستمرة لكل لغة ، حالها في ذلك كحال اي اداة او وسيلة يستخدمها الانسان .
ان عدم وجود لغة  واحدة يحسن استخدامها جميع سكان الارض يدل على كوننا نعيش الان مرحلة متخلفة في احد الجوانب الاجتماعية المهمة والضرورية لتواصل وتفاعل  الثقافات البشرية المتعددة بشكل افضل وادق  .
ان استمرار وجود اكثر من لغة في العراق وكذا وجود عشرات او اكثر من اللغات الحالية المختلفة لشعوب الارض يضيق الطريق امام حرية الحوار وتعزيز تبادل الثقافات بما تمثله هذه اللغات بقواعدها واصولها المعقدة على مستخدميها اولا وعلى متعلميها من الاجانب ايضا ، اضافة الى ان الترجمة وبغض النظر عما تتطلبه من كلفة ووقت وجهد نوعي فانها ليست في كثير من الاحيان قادرة الى الوصول الكامل او الدقيق  لكل ما يريد العقل البشري  ايصاله الى بقية العقول البشرية. لقد وصل التعقيد في صناعة (وسيلة او اداة اللغة ) في العراق وكذا معظم لغا ت العالم الى درجة ان لغويي نفس اللغة احدهم يخطأ الاخر ، فهنالك مثلا تعقيدات في اصول وقواعد المؤنث والمذكر والمفرد والمثنى والجمع والضمائر واسماء الاشارة الخاصة بها وبمواقعها الاعرابية  ، اضافة الى تعقيدات ازمنة الافعال  ناهيك عن وجود احرف صامتة واصوات لمجموعة احرف وتعقيدات في ادوات التعريف في لغات اخرى، كما تجد ان الكلمة الواحدة لها عدة معاني هذا اضافة الى تعقيدات كثيرة  اخرى في جميع لغات مجتمعات العالم حاليا .
ان الكثير من لغويي العالم يجدون في تعقيد لغتهم مجالا للتفاخر بها ( تحت عناوين مختلفة ) بينما ان الحقيقة تكمن في رغبتهم في البقاء في عمل يختصون به  ليجعلهم الوحيدين القادرين على حل تللك التعقيات ، وقد يتذرع بعض اللغويين  بدواعي الاعتزاز بلغة وثقافة مجتمعهم وقد يظنون ان لغتهم هي الافضل بين لغات العالم من ناحية تلبية حاجة الفرد في مجتمعهم ، في حين ان اعتزازهم بمجتمعهم  يفرض عليهم تطوير وسيلة اللغة لذلك المجتمع لئلا تكون قواعد اللغة واصولها عبئا على افراد نفس المجتمع ناهيك عن الاعباء الثقيلة التي ستشكلها تلك اللغة على متعلميها من الاجانب.
نعتقد ان بدء العمل باتجاه اختراع او وضع  لغة جديدة  موحدة لكل بشر الارض يحتاج اولا وكخطوة اولية الى قيام لغويي كل مجتمع معين بتطوير لغتهم  في نواحي القواعد واسس وتفاصيل الابجدية والقراءة والكتابة وغير ذلك مما يخص اللغة وبالشكل الذي يجعل تلك اللغة سهلة التعلم والاستخدام والنطق من قبل افراد ذلك المجتمع وكذا من قبل الاجانب الذين يرغوبون تعلمها ، ولتحقيق هذا فان الحاجة  تتطلب ضرورة قيام تفاعل وحوار جدي بين  لغويي كل مجتمعات العالم من اجل ان يستفاد كل منهم من الايجابيات والتسهيلات الموجودة في قواعد واصول لغات الآخرين.
 إنتا  حينما نطالب بذلك فلاننا ندرك ان لا لغة في العالم الا وفيها تعقيدات بالامكان الاستغناء عنها تسهيلا لمتعلميها من قبل افراد نفس المجتمع الذي يتحدث بتلك اللغة اضافة للاجانب الذين يرغبون بتعلم تلك اللغة .
من حق كل مجتمع ان يعتز بلغته ، وسوف يزداد اعتزاز ذلك المجتمع بلغته لو قام لغوييه بتطوير تلك اللغة لتصبح سهلة التعلم وبنفس الوقت دقيقة وفعالة  بقدرتها في اداء مهمتها في ايصال ما في اعماق الانسان الى اخيه الانسان الاخر ، وهنا يبرز دور قدرة وذكاء علماء اللغة في تطوير سلعتهم التي يحتاجها  كل فرد من افراد مجتمعهم يوميا ، بل ربما يحتاجها الكثيرون من افراد المجتمعات الاخرى في العالم ممن يتحدثون بلغات اخرى .
ان احدى قمم الكمال في لغة الانسان هي في صناعتها من قبل الانسان نفسه لتكون في وضع يسهل قيادتها من قبل جميع البشر ، حيث يتمكن كل فرد في أي مجتمع تعلم استخدامها بسهولة لايصال ما في دماغه الى ادمغة بقية اخوته البشر ،وساعتها ستتذكر كل المجتمعات بعض تراثها القديم المتمثل باللغات الصعبة والمعقدة  العديدة  المستخدمة حاليا  ، كما ستتذكر هذه المجتمعات البشرية الجهود والاموال والوقت التي كانت تصرفها الانسانية في  تعلم اللغات الاخرى اضافة الى جهود واموال الترجمة ناهيك عن مدى الدقة او الصحة في تلك الترجمة.
نعم ستتذكر الاجيال القادمة ذلك ، كما نحن نتذكر الان مثلا : كيف كان افراد مجتمعاتنا والمجتمعات الاخرى يتبادلون التجارة بنقل البضائع على أظهر الحيوانات من دولة الى اخرى ، او كيف كانت السفن البحرية قديما تقودها رياح الاجواء بينما تمكن الفكر البشري من اختراع المحركات التي تقود  السفن بالسرعة والكفاءة والقدرة المطلوبة لنقل ما تحتاجه البشرية بحرا ، وكذا تطور الانسان في وسائل النقل البري بل وابتكر العقل البشري وسيلة النقل الجوي وهو يعمل حاليا لابتكار وسائل اخرى للنقل وربما عن طريق الذرة .
ما اقترحه الان هو قيام لجنة من العلماء المتمكنين بامور اللغات في العالم بوضع جدول زمني طويل المدى ابتداءا بتطوير لغات العالم الحالية ومرورا باختراع لغة جديدة ذات احرف جديدة تدرس جنبا الى جنب اللغة الام في كل مجتمع ، وصولا الى مرحلة بعيدة المدى يختار الانسان فيها التحدث بلغة واحدة سهلة اينما كان على الكرة الارضية .
لغة العالم الجديدة والتي يقوم المختصيين اللغويين من كل ارجاء العالم باختراعها ستكون :
سهلة التعلم من قبل الجميع لانها ستجمع او ستستفاد من كل الاسس والجوانب السهلة لجميع اللغات الموجودة في العالم حاليا مضافا اليها اختراعات جديدة  ، وربما ستكون كل جملة في اللغة الجديدة  مفهومة تماما بمجرد ترجمة كل كلمة في الجملة على حدة دون وجود اي عراقيل او اشكالات، وربما سيفاجأنا علماء اللغة بتصاميم مخترعة لهذه الأداة او الوسيلة التي تسمى ( اللغة ) تماما كما فاجأنا المهندسون باختراع وسائل النقل الجوي !
الامم المتحدة ومنظماتها المختصة قد تكون الاكثر حظا في قدرتها لاطلاق العنان لعملية بناء تحتاني قوية من اجل المساهمة الفاعلة والجدية في احتضان التنوع وتعزيز حوار الثقافات من اجل التنمية سواءا في العراق او في كل مجتمعات العالم.
شكرا لكم

نبيل قرياقوس
كاتب وصحفي عراقي  
21- 5 - 2014

40
المنبر الحر / صحافتنا ليست حرة
« في: 20:57 04/05/2014  »
font=Verdana]           صحافتنا ليست حرة
[/font]
تضمنت المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 حق كل انسان في التعبير واعتناق الافكار واستقاء الاخبار واذاعتها بشتى الوسائل دون التقيد بالحدود الجغرافية ، بينما أقرت الامم المتحدة عام  1993 تاريخ 3 أيار ليكون يوما عالميا للتذكير والتأكيد سنويا على اهمية العمل على الوصول الى صحافة حرة باعتبارها حقا اساسيا من حقوق الانسان ، لذا فان المنظمات الدولية المختصة بشوؤن حرية الصحافة تحتفل سنويا بهذه المناسبة وذلك باعلان نتائج رصد اوضاع حرية الفكر و التعبير والعمل الصحفي اضافة الى بيان احصائيات لاعداد الصحفيين والاعلاميين الذين يتعرضون  للتهديد والقتل او الاعتقال والتعذيب في شتى ارجاء العالم ، يساعدها في ذلك توسع وتطور الصحافة الالكترونية اضافة الى تطور وسائل الاتصالات .   
 منظمة ( مراسلون بلا حدود ) ومقرها الرئيس في فرنسا اعلنت بتاريخ 3 ايار عام 2014  إن ثلث سكان العالم يفتقدون لحرية العمل الصحفي ، بينما اعلنت في الوقت نفسه منظمة فريدم هاوس ( ومقرها فرنسا ايضا )  إن 14 بالمائة فقط من سكان الارض يتمتعون بصحافة حرة ، كما اشارت هاتان المنظمتان اضافة الى منظمات اخرى  الى ان العراق وسوريا والباكستان يتقدمان دول العالم في الاوضاع الدموية للعمل الصحفي والاعلامي فيها، هذا اضافة الى الدول العربية التي شملها ما يسمى ب ( الربيع العربي ) .
 ان البشرية ممثلة ( حصرا ) بمعظم شعوب اوربا وبعدها شعوب امريكا واستراليا انجزت  خلال المائتي عاما الماضية من التاريخ البشري والممتد لملايين من الاعوام  انجازات حضارية وعلمية تعد طفرة نوعية عظمى في التاريخ الانساني ، وكان الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكذا اليوم العالمي لحرية الصحافة  هو احد نتاجات الفكر البشري المتحضر .
 لقد دفعت شعوب اوربا اثمانا باهضة من الفكر والجهد والضحايا البشرية من اجل ايقاف مد التسلط السياسي للكنائس والقوى المادية وصولا الى تهذيبها بالشكل الذي اجبرها لئن تعمل ضمن نطاق خدمة المجتمع وتطويره حصرا ، وبالتالي حدث ان قدمت هذه الشعوب نهضة علمية وتكنولوجية هائلة لصالح الانسانية جمعاء وما تزال .
ان المصالح المادية السلطوية والضخمة لفئات محدودة من افراد كل مجتمع بشري هي السبب الاساس في انتقاص حقوق انسان تلك المجتعات ، وما تقييد حرية الوصول الى المعلومة ونشرها بحرية الا وجه مهم من اوجه انتقاص حقوق انسان هذه المجتمعات ، علما ان تلك المصالح المادية الضخمة كانت وما تزال تارة مكشوفة ومتمثلة بمالكي روؤس الاموال  ممن يخوضون مجال السلطة والعمل الحزبي والسياسي ، وتارة  اخرى كانت وما تزال تلك  المصالح السلطوية تتغطى بالوان اخرى أهمها الغطاء الديني الذي يمثل مصالح ذات مردودات سلطوية ومادية ضخمة للقائمين به .
نغالي الان ان قلنا بوجود صحافة مثالية حرة ونزيهة وكاملة المواصفات  في جميع المجتمعات الغربية  لاسيما اذا ما استذكرنا ما تشكله التباسات الظروف الامنية  الناجمة من التخلف الثقافي والحضاري للشرق وخطر إرهاب المتطرفين الدينيين فيه ، اضافة الى استمرار بعض من انواع صراعات القوى الاقتصادية والسياسية  لتلك المجتمعات الغربية فيما بينها ، الا ان حرية الصحافة في هذه المجتمعات  تبقى في وضع متحضر ومتقدم جدا نسبة الى وضع حرية الصحافة في المجتمعات الشرقية ، الاسلامية منها تحديدا ، والتي تعاني الغالبية العظمى من افرادها من تفشي تخلف ثقافي وحضاري يمنعها ( بصورة لا إرادية )  من تقبل حقوقها الانسانية في ظل غرقها بضغوطات وتهديدات وافكار وارهاب القوى الدينية والعشائرية ونتاجاتها السياسية المتسلطة على عجلة الحياة في تلك المجتمعات .
ليست احداث ( الربيع العربي ) التي اجتاحت بعض الدول العربية منذ العام 2011 ولحد اليوم هي السبب في تردي اوضاع الحريات الصحفية في مجتمعات تلك الدول ، فليس حال حرية الصحافة في الدول الشرق ممن لم يحن وقت ( الربيع ) فيها بافضل ، بل ان الربيع كان السبب وراء كشف الغبار عن الصورة الحقيقية للتخلف الحضاري لاغلبية افراد تلك المجتمعات.
الاختراعات والتطور العلمي والتكنولوجي في اي مجتمع هو ( أحد ) دلائل وجود صحافة يميل واقعها للحرية ، فالصحافة الحرة هي عامل مؤثر في التنمية الاقتصادية وفي التطور الفكري والحضاري والعلمي ، الصحافة الحرة تساهم بالنتيجة في خلق ظروف انسان حر معافى يطلق العنان لطاقاته ومواهبه للمزيد من التطور للمجتمع عموما في ظل ما يتمتع به من رعاية وحقوق ومساواة  امام القانون.
في جانب آخر ، نرى ان الانتماء او التحزب السياسي والمصلحي للعاملين في اعلام وصحافة مجتمعات الشرق ( بحكم الحاجة للمعيشة  ) يساهم في اضعاف الأمل المعقود على استقلالية وأهداف الصحافة وحريتها ، فلا صحافة حرة متوقعة من صحفي منحاز او منتم سياسيا الى حزب او قومية او دين او طائفة.
اختيار الصحافة مسوؤلية تلزم صاحبها الاستقلالية ابتداءا بالنفس.
من حق كل الصحفيين المستقلين وكذا كل اصحاب الفكر والعقل المطالبة بحرية الصحافة  في كل ارجاء المعمورة  من اجل ان تقوم بواجبها الانساني المتمثل في نقل الصورة والخبر والمعلومة من والى كل انحاء العالم .
أساس الصحافة الحرة انها تعمل بحيادية من اجل كل انسان ، لانها  تؤمن بانه لا انسانية معافاة  بغياب  حقوق الانسان بالعدل والمساواة وكذا بالحرية الفردية الغير مقيدة باي حدود لكل انسان  أينما كان على وجه الارض .

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب عراقي
4-5-2014

41
C
                                 صايرة ودايرة بالعراق

كنت في عام  2009 أحرص على متابعة مقالات قصيرة شبه يومية لكاتب عراقي مبدع  في احدى صحفنا المحلية، لاني كنت اجد فيها قدرة ذهن متفتح وحرف متمكن من رسم ومعالجة صور من زوايا الحياة اليومية بشكل ومضمون علمي وعقلاني يجذب كل من يمر من امامها ، انها مقالات أغبط انامل ودماغ صاحبها .
مقالات كاتبنا هذا تنسج من الحدث اليومي لحياة العراقيين مفتاحا لفكرة او هدف يسعى الكاتب لارساله بخفة بيد ساع ذي فكر متحضر يتسع لمحبة وخير العراقيين والانسانية جمعاء .
حاولت مرة الالتقاء بذلك الكاتب شخصيا ، مستغلا تواجدي في بغداد قرب مبنى اصدار الصحيفة التي ينشر مقالاته بها ، لكني فشلت ، فقد علمت ان الكاتب يراسل الصحيفة من خارج الوطن ، واستدركت لحظتها احد اسرار قوته في اقتحام اركان معينة ومهمة من حياتنا الاجتماعية والسياسية والفكرية في حين يتجنبها الكثيرون من ابناء الداخل نظرا لانعدام  حرية الكلمة في العراق في ظل هيمنة سلاح وثقافات  قوى إقتصادية لأقطاب دينية وعشائرية ناهبة ومدمرة للانسان وثروات العراق وازمانه ، تلك الاوضاع والثقافات التي توارثها المجتمع العراقي منذ اكثر من اربعة عشر قرنا ولتبقى ملاصقة للحياة اليومية لاغلب أفراده  ولأمد قد لا يبدو قصيرا، جاعلة اياهم وكأنهم يختارون  بايديهم استمرار معاناتهم وتخلفهم عن نيل حقوقهم الانسانية ، وحال العراقيين في هذا كحال كل المجتمعات العربية .
 قبل ايام كتب هذا الكاتب مقالا بعنوان ( لنسابق الزمن ) تطرق فيه الى بعض التفاصيل الانسانية المؤلمة لآثار تفجير ارهابي حدث في شارع قرب منطقتهم السكنية ببغداد حيث اصيب احد اقاربه من الشباب بجروح خطيرة ، وخضع لثلاث عمليات جراحية معقدة لمعالجة كسور قدميه ويديه بينما هو مبتلى بداء السكري ، وقد كلفته تلك العمليات مبلغا لا يقل عن سبعة ملايين دينار وذلك ما أجهد جدا اهله الذين هم  من ذوي الدخل المحدود .
كان أبرز الاهداف الرئيسية للمقال المنسوج في خيال الكاتب من واقع المعايشة الوجدانية وربما الواقعية لابناء وطنه  يتمحور حول ضرورة الاسراع في اقرارالقوانين والنظم التي تكفل قيام الدولة برعاية كل عراقي صحيا منذ لحظة ولادته حتى وفاته وفق النظم المتبعة في المجتمعات المتحضرة ، فما بالكم بالفقراء من مصابي التفجيرات واعمال العنف الارهابية !
يقول كاتبنا في مطلع مقاله هذا واصفا حالته وهو يتوجه فزعا لانقاذ الشاب الجريح لحظة وقوع الانفجار :
(( طرت بين الطرقات والبيوت والمحلات والعجلات لأصل ( كريم ) ولاحمله بدمائه على اجنحة تسابق سرعة الضوء ولأحط به في اقرب مستشفى حكومي ، حتى اني نسيت دفع اجور سائق سيارة الاجرة بينما لم يطالبني هو بها)) - إنتهى- .
المضحك  حد البكاء ان أحد الكتاب العراقيين من ( الاذكياء) ومن الذين يحرصون على اداء ركعة صلاة كل ربع ساعة حمدا وشكرا لله ، كتب في صحيفة ( نجوم الظهر) المحلية  مقالا ( قويا ) تناول فيه نقد مقال ( لنسابق الزمن ) متهما صاحبه بارتكاب جرائم ضد العراق والانسانية حيث لم يجد في المقال سوى قول ما نصه :
(( أعترف الكاتب بلسانه انه ( طار ) بين البيوت والطرقات والمحلات والعجلات ، و ( حط ) في مستشفى وهو يسابق سرعة الضوء ، وهذا يدل ان الاضرار الكبيرة التي شهدتها تلك المنطقة السكنية بعد الانفجار الارهابي قد تكون بسبب الطائرة التي استقلها الكاتب المتهور بين البيوت  دون رحمة وانسانية ، فهو قتل وجرح العشرات من العراقيين  ودمر العشرات من البيوت والابنية  بكل انانية من اجل جريح واحد ، علما انه ولغرض التمويه على جريمته  إدعى انه نسي دفع اجور سائق سيارة الاجرة !! وقد فاته انه اعترف في نفس المقال المعنون صراحة ( لنسابق الزمن ) بنقله الجريح على اجنحة طائرة حديثة سريعة  ، علما انه ما كان يعترف بجرمه الكبير هذا لولا انه اراد افهامنا انه بطل زمانه في قيادة الطائرات الحديثة ، وان شهامته أجبرته على المخاطرة بسلامته وسلامة طائرته وان كان ذلك سيؤدي الى مصرع وجرح العشرات من الابرياء إضافة الى تدمير ابنية يغداد.))
وأكمل هذا الناقد الذكي قائلا ما نصه :
((اننا ندعو دوائر وزارة العدل لاتخاذ ما يلزم بحق ما اقترفه واعترف به كاتب مقال ( لنسابق الزمن ) من جرائم ضد العراقيين ، في حين ندعو وزارة البيئة للتحقيق لمعرفة اسباب العواصف الترابية التي يشهدها العراق مؤخرا ، فقد تكون الطائرة التي انتقلت بسرعة الضوء داخل البلد هي التي سببت تلك العواصف ، كما اننا على استعداد للتعاون مع الرئيس الامريكي اوباما وكافة اجهزة المخابرات في دول العالم لاعادة التحقيق في ملابسات تفجيرات الابراج الامريكية التي دمرت وقتلت الالاف من الابرياء ، فقد يكون لهذا الكاتب العراقي ضلعا فيها لكونه يستخدم طائرة غير موجودة في كل انحاء العالم عداه ، ومن يدري فقد نجد صلة بين هذا الكاتب  وشاعر اصولي هندي ، إسمه يدعى ( كاتلة الهبري) ، يسكن في ثلاث اماكن في اليوم الواحد ، فهو  ليلا في الكونغو برازافيل بينما يعمل ظهرا في محل لبيع الطرشي  في الموزنبيق ، ويطير طائرات اطفال علامة ( فيالة ) المشهورة في الغينيا بيساو  صباحا وذلك حسب معلومات مؤكدة .)) - إنتهى-
اخيرا ، سمعت ان أحد اقارب الشاب المصاب اثر الانفجار ، وهو معلم عراقي متقاعد طاعن في السن ، لا يصلي ولا يصوم ، خاطب كاتبنا المغترب بعد ان  اطلع على أمرالمقالين اعلاه قائلا والعهدة عليه :
يشتعل ابوك بقبرة الف مرة لو فكرت فد يوم ترجع للعراق !.

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب عراقي
24 - 4 - 2014

42

                المالكي يوافق والعيساوي يرفض

لسوء حظ العراقيين ، ان ليس لديهم منفذ لبيان شكواهم سوى الاعلام ، بينما معروف للبعض وجود ( دائرة شوؤن المواطنين ) المرتبطة بالامانة العامة لمجلس الوزراء والتي هي اعلى سلطة تنفذية في العراق ،  الا العديد من المواطنين ( ممن لا يملكون وساطة او معارف ) ابدوا لنا مرارا استياءهم من عمل هذه الدائرة نظرا لروتينها المتمثل باحالة شكوى المواطن الى الوزارة صاحبة الشأن وبالتالي قيام دائرة شوؤن المواطنين بتبليغ المواطن بفحوى اجابة تلك الوزارة حسب ، مذكرين بمدى قدرة الكادر المتحكم في كل وزارة في الابداع السلبي في اجابة معظم ما يحال اليهم من شكاوى والى حدود ابتداع الكذب.
ولغرض اثبات هذا فاننا نعرض حالة واحدة كونها واضحة لا غبار عليها ، ففي عام 2008 قدم مواطن موظف  في احدى الوزارات طلبا للنقل الى وزارة اخرى ، وفي صدفة نادرة بعدم التوسط وافقت تلك الوزارة على قبول نقله اليها نظرا لكفاءته المتميزة بتخصصه بعداختباره على ايد مختصين وبعد الاطلاع على سيرته الوظيفية النزيهة والمشرفة ، وتم تزويده بكتاب استفسار وعدم ممانعة الى الوزارة التي يعمل فيها ، الا ان الذي حصل ان وزارة هذا الموظف رفضت حتى مجرد الاجابة على كتاب الوزارة الاخرى عندا بذلك الموظف رغم ان وزارته تعاني من زيادة عدد الموظفين فيها عن العدد المقرر ورغم ان ذلك الموظف لا يعمل بتخصصه فيها . توجه ذلك الموظف بشكواه الى دائرة شوؤن المواطنين بديوان مجلس الوزراء ، واستمر لاشهر بالذهاب والاياب ( ولكن دون وساطة )  وما زال لليوم يعمل موظفا عاديا في وزارته الاولى ، علما اننا نتحفظ على اسم ووزارة هذا المواطن بناء على طلبه ، وانه ابرز لنا كل الوثائق التي تؤيد كلامه ، وبامكان دائرة شوؤن المواطنين الرجوع الى اوليات شكاوى 2008 للتأكد من ادعائه. 
عموما ، نقول اليوم بان مجلس الوزراء العراقي اصدر تعميما اداريا قبل حوالي ثلاث سنوات الى كل وزارات الدولة قضى فيه عدم جواز استقطاع فروقات الرواتب من الموظف الذي يتم احتساب درجته الوظيفية خطأ من قبل وزارته ، وجاء ذلك بعد  عرض الموضوع من قبل احد الوزراء في اجتماع لمجلس الوزراء.
الذي حصل انه وبعد حوث اعمال تزوير في وثائق ومعاملات الموظفين المعادين للخدمة بصفة ( مفصولين سياسيين ) وتشكيل ( لجنة تحقق) في الامانة العامة لمجلس الوزراء ، فان العديد من الموظفين المعادين لم توافق  لجنة التحقق على اعتبارهم ( مفصولين سياسيين ) رغم انهم لم يزوروا اي من ادلتهم او وثائقهم او اولياتهم ورغم صدور اوامر وزارية بقبول اعداتهم للوظيفة بصفة ( مفصولين سياسيين ) ، وبذا تم تنزيل رواتبهم ودرجاتهم الوظيفية بعد سنوات من عملهم وتحملهم لمسوؤليات تلك الدرجات الوظيفية ، ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة مدى صحة قرارات لجنة ( التحقق ) هذه ،  خاصة ان الموظف الذي لا وساطة لديه لم يكن بامكانه الوصول اليها او مراستلها لبيان تفاصيل او ملابسات  وضعه ، رغم ان عمل تلك اللجنة كان يمس مصير عوائل كبيرة غالبا ما يكون لهم معيل واحد وهو موظف بعمر متقدم ، فهذه اللجنة كانت تفتي بقبول او رفض عشرات من سنين الموظف الذي ترك وظيفته لظروف قاهرة وليستمر غالبا بعدها في معاناة شظف العيش وقت الحصار او الحروب.
نعم ، رفضت ( لجنة التحقق ) هذه قبول احتساب سنوات انقطاع مئات وربما اكثر من الموظفين المعادين بصفة ( مفصولين سياسيين ) رغم صدور اوامر وزارية سابقة باحتساب سنوات انقطاعهم عن الخدمة لاغراض الدرجة الوظيفة والتقاعد ، ورغم تحمل اولئك الموظفين لمسوؤلية عملهم في تلك الدرجات الرظيفية لسنوات ، وبذا الغيت الاوامر الوزارية السابقة وتم تنزيل درجاتهم الوظيفية ورواتبهم ،
ما زاد بالطين  بلة ، قيام وزارة المالية ( وقت ادارتها من قبل الوزير السيد العيساوي ) بتعميم كتاب الى الوزارات كافة يقضي بتحميل الموظف المعاد الى الخدمة والذي لم توافق لجنة ( التحقق) على قبوله ضمن المفصولين السياسيين كافة فروقات الرواتب ، وبذا صار على ذلك الموظف المتقدم بالعمر استلام راتب قليل لا يتناسب مع عمره اضافة الى تغريمه عشرات الملايين من الدنانيركفروقات للدرجة  الوظيفية التي عمل بها وتحمل مسوؤليتها لسنوات رغم انه رفع اليها من قبل لجنة مختصة و بامر وزاري وانه لم يقدم اي وثيقة مزورة .
تغريم الموظف فروقات رواتب درجة وظيفية احتسبت له بامر وزاري جاء مناقضا تماما للمنطق وللتعميم الاداري الصادر سابقا من مجلس الوزراء والذي لا يجيز تحميل الموظف فروقات رواتب لا دخل له بخطأ احتسابها ، مفترضين هذا صحة قررات لجنة ( التحقق ).
بين موافقة السيد المالكي ورفض السيد العيساوي ، تبقى الضحية عوائل تبحث عن لقمة عيش تحصل عليها بشرف بعيد عن طريق السرقة والارتشاء ، ذلك الطريق الذي قد يبدو قريبا جدا من بعض الموظفين الذين تجبرهم تعميمات خاطئة على سلوكه .
نرى ان الامر بحاجة الى تأكيد اداري من مجلس الوزراء.

نبيل قرياقوس
صحفى وكاتب اجتماعي
24-3-2014

43
                  خلل فني في وزارة الخارجية العراقية

نشرنا اعلاميا من خلال موقع ( عين كاوة ) قبل ستة اسابيع مقالا تضمن استفسارا موجها الى وزارة الخارجية العراقية بشأن اجراء اداري إستجد في معاملات الوف من العراقيين المقيمين خارج العراق وكان استفسارنا تحت عنوان ( الخارجية العراقية : هل هذا صحيح ؟ ) .
كان عهدنا باجابة سريعة من الدائرة الاعلامية التابعة للخارجية العراقية ، الا انه لم تردنا للان اية اجابة .
كبادرة حسن نية ، نتوقع ان يكون عطل شبكة الاتصالات الالكترونية ( الانترنيت ) الخاصة بالمكتب الاعلامي لوزارة الخارجية هو السبب وراء تأخر اجابة الخارجية العراقية عن تساؤل المواطنين العراقيين.
ادناه نص مقالنا السابق ، املين ان يتمكن المكتب الاعلامي لوزارة الخارجية العراقية من الاطلاع عليه والتفضل باجابتنا بعد اصلاح الخلل الفني المتوقع في منظومة الانترنيت لطفا :


       الخارجية العراقية : هل هذا صحيح ؟
للامانة نقول في بداية مقالنا القصير هذا ان دوائر وزارة الخارجية العراقية ولاسيما تللك التي تتعامل مع العراقيين في داخل العراق وخارجه مؤشر عليها وبحكم تعامل العراقيين معها بانها قد تكون افضل من العديد من دوائر الدولة العراقية ، وهذا ما جعلنا نكتب مقالنا هذا بعد ان اتصلت بنا موظفة عراقية متقاعدة تقيم في احدى الدول الغربية مخبرة ايانا بانه راجعت السفارة العراقية لغرض تثبيت حالة كونها على قيد الحياة وتغيير وكيلتها السابقة وهي ابنتها بسبب مغادرة الاخيرة العراق ايضا. وذلك لغرض استلام الراتب التقاعدي ، لكنها فوجئت بالسفارة وهي تخبرها بوجود تعليمات ادارية جديدة تقضي بوجوب حضور الوكيلة السابقة امام كاتب العدل في العراق او امام قنصل السفارة لغرض تبليغها ب ( انذار عزل ) !!
منطقيا من حق كل انسان ان يعزل او يغيير وكيله ، فما الحكمة من زيادة تعقيد حصول المغترب العراقي على حقوقه وخصوصا الراتب التقاعدي ؟!
نرجو ان يطلع السيد وزير الخارجية على هذه التعليمات والتي لا يمكن تبريرها منطقيا ، هذا ان صح وجودها ، ونحن بالانتظار. 

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب اجتماعي
21-2-2014

44
          العراق يقر رسميا قانون اضطهاد المسيحيين

وافقت الحكومة العراقية رسميا مطلع عام 2014 على مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفري ، وتمت احالة مشروع القانون للبرلمان العراقي لغرض المضي قدما في اجراءات اقراره وتنفيذه.
يرى الكثير من المثقفين العراقيين اضافة الى العديد من منظمات المجتمع المدني ومنظمات دولية وعالمية مختصة باوضاع حقوق الانسان وحقوق المرأة تحديدا بان هذا القانون يسيء الى حقوق المرأة العراقية بشكل مؤسف و خطير لا يتناسب وما تتضمنه القوانين الرديفة في مجتمعات العالم المتحضرة.
على الصعيد نفسه ، يرى البعض الاخر ان مشروع هذا القانون يمثل شرعنة رسمية للاستمرار في  محاربة واضطهاد العراقيين من غير المسلمين ، حيث ان القانون يعكس الحال الحقيقي لمعاناة يهود العراق سابقا وما تبقى من مسيحيي وصابئة وايزيديي العراق حاليا .
 وردتني رسائل عديدة من افراد ركزوا فيها بملاحظاتهم وارائهم على وسائل التمييز والاضطهاد الديني التي تضمنها مشروع هذا القانون للتعامل مع كافة ما تبقى من سكان العراق الاصليين من المسيحيين  والصابئة والايزيديين.
ادرج ادناه بعض من نصوص الملاحظات الواردة الينا والعهدة على اصحابها :
- كنا نأمل صدور قانون موحد للاحوال الشخصية يكرس ما وقع عليه العراق من اتفاقيات والتزامات دولية توجب عليه الاعتراف بحقوق الانسان في اختيار الدين الذي يناسبه ، بمعنى ان المسلم او غير المسلم له كامل الحق في اختيار الدين او المذهب او المعتقد الذي يخصه ، وان لا قانون يمنع المسلم او غير المسلم في هذا الاختيار ، كما كنا نأمل صدور قانون الزواج المدني الذي لا تتدخل فيه الدولة بدين او مذهب او معتقد او فكر اي من الراغبين بحالة بزواج ، لكي يكون الجميع متساوين في حقوق اختيار شركائهم وفي امور الارث وغيرها دون تمييز او تفضيل لاحد على آخر بسبب دينه او فكره او معتقده.
الا ان الذي حصل هو ان وزارة ما يسمى ( العدل ) العراقي اضافت للطين بلة بمشروع قانون جديد للاحوال الشخصية في العراق ، فقد تضمن مشروع القانون الجديد وسائل تمييز واضطهاد ديني لكافة ما تبقى من سكان العراق الاصليين.
فالمادة ( 177) من مشروع هذا القانون تمنع غير المسلم من ارث المسلم ، بمعنى لو كان هناك شقيقين احدهما مسلم والاخر مسيحي فان الشقيق المسيحي لا يرث شقيقه المسلم ، كما نصت المادة ( 178 ) على ان : لا يرث غير المسلم مطلقا من المسلم حتى وان كان هو الاقرب للميت ، فلو اسلم مسيحي ( لظرف ما ) ثم مات فلا يرثه ابواه المسيحيان.
بينما تحدد المادة ( 179) بان المسلم يرث من غير المسلمين .
هذا القانون لم يكتف بهذا القدر من التمييز الديني  بمنع غير المسلمين من ارث المسلمين بل تجاوز كل ذلك وليحجب غير المسلمين بالمسلم ، حيث نصت المادة ( 179 ) :
ويمنع غير المسلم من إرث غير المسلم من المسلم !
أي انه اذا مات مسيحي مثلا ، وكان من بين ورثته ابن مسلم فان هذا الابن يمنع كل اشقائه المسيحيين من إرث ابيهم ، اي ان الابن المسلم يأخذ كل الارث لوحده ويحرم اشقائه من نصيبهم في ذلك الارث بسبب كونه مسلما، وخلاصة ما ورد في القانون ان المسلمين يرثون كل من هو غير مسلم بينما لا يرث الكل من المسلمين.
- ان اجبار الانسان على اعتناق اي دين هو جريمة بحق ذلك الانسان  في حين ان المادة ( 180) من القانون الجديد تعتبر كل طفل مسلما بمجرد اسلام أحد ابويه ، بينما  يتيح القانون النافذ حاليا الفرصه لذلك الطفل ( لفترة محدودة ) لتغيير دينه عند بلوغه سن ( 18 ) عاما.
- تضمنت المادة ( 121 ) منع المسيحي من حضانة ابنه المسلم ، فمثلا لو كان هناك رجل مسيحي ترك زوجته نظرا لاسلامه فان زوجته المسيحية يسقط حقها في حضانة ابنها !
كما منعت المادة ( 63 ) من مشروع هذا القانون سيء الصيت من زواج المسلم بغير المسلمات كما منعت هذه المادة المسلم من الزواج باي مسلمة ارتدت عن دينها ( اي اعتقدت بدين آخر ) كما منعت هذه المادة زواج المسلم باي كتابية ( مسيحية او يهودية او صابئية ) الا بزواج متعة ( مؤقت ) ، كما منعت هذه المادة زواج المسلم باي إمرأة ايزيدية باي شكل من الاشكال.
- في تمييز واضطهاد ديني واضح نصت المادة ( 50 ) من هذا القانون :
لا ولاية لغير المسلم على المسلم.
كما منعت المادة ( 33 ) غير المسلم من ان يوصي وصية عهدية لغير المسلم.
- في انتقاص سافر للعدل وحقوق الانسان بالمساواة تضمن القانون رفضا لشهادة غير المسلم بصورة مطلقة ، وتقبل استثناءا شهادة ( الذمي ) في حالة عدم وجود شهود مسلمين ، ولا قيمة لشهادة غير المسلمين في مواجهة شهادات الشهود المسلمين ، بل وتسقط شهادة غير المسلم اذا ما حلف ( المدعى عليه ) المسلم لنفيها ! أي ان يمين ( المدعى عليه ) المسلم يعتبر أقوى من شهادة غير المسلم .
أما النساء غير المسلمات فلا تقبل شهادتهم نهائيا  الا في حالات محدودة جدا.
- لوزارة ما يسمى ( العدل) العراقي نقول :
ان كنتم ترون في هذا التمييز والانتقاص من حقوق الاخرين واضطهادهم عدلا الاهيا ، فما حكمكم في إخاء ومساواة بين اولاد ادم وحواء !!
سكان العراق الذين بنوا واحدة من اعرق حضارات العالم عانوا من هذا الاضطهاد منذ ما يقارب 1400 عاما ولحد اللحظة ، اولا يكفي ذاك !
- نقول ل ( العدل ) العراقي :
واحد زائدا واحد  لا يساوي ولن يساوي 1400 او اكثر منها.
واحد زائدا واحد يساوي اثنين ، وذلك علم ، تماما كما هي حقوق الانسان ، فهي علم لا يتعدى عليه اي كان وباسم اي دين كان. 

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب عراقي
20-3-2014

45
اشكروا وزير النقل العراقي
كشفت جريمة منع طائرة مدنية لبنانية من الهبوط في مطار بغداد مطلع شهر اذار عام 2014 للعالم اجمع وبتجربة حية واضحة لا تقبل المراوغة او الالتفاف حجم الدمار الذي حل ويحل بالعراقيين منذ ازمنة طويلة ولحد اللحظة والى الحد الذي طفح ليصبح العراقيون فيه مصدر اذى على غيرهم من الشعوب المتطلعة للعلم والعمل والتقدم لخير مواطنيها والانسانية.
فقد تناقلت وكالات الانباء العالمية انباء جريمة منع هبوط طائرة لبنانية في مطار بغداد دون اي سبب باستهجان واستغراب وتعجب وبتحليلات لاذعة وساخرة.
المثقفون العراقيون المستقلون والممنوعون منعا باتا من الهبوط في اي مجال في العراق كان ملعبهم الوحيد في خيال شبكات التواصل الاجتماعي ، حيث توالت وما تزال تعليقاتهم الساخرة على تلك الجريمة باعتبارها القشة التي قصمت ظهر البعير وباعتبارها جريمة مستهم جميعا كونها نفذت باسمهم كعراقيين .
ادرج ادناه القليل من تلك التعليقات دون اضافة او تحرير والعهدة على قائليها ، معتذرا عن عدم ادراج البعض القليل منها كونها تحمل عبارات قد تكون انفعالية حرصا منا عليها من سوء الفهم.
- لا تلوموا وزير النقل ، لا تطالبوا باستقالته بل اشكروه شكرا جزيلا لانه استطاع ان يوصل وضع العراقيين للعالم اجمع ، العلة ليست فيه ، العلة فينا ، نحن شعب متخلف وجاهل يرتضي لنفسه ان تكون وزراؤه اشخاص اقل ما يقال عنهم انهم افراد لا يحملون اي كفاءة علمية او ادارية او اي تحصيل علمي وتخصصي يؤهلهم ليصبحوا وزراء.
- العلة في شعب يرتضي بقادة جلهم سراق من الدرجة الممتازة.
- للضحك على ذقوق البسطاء ، رئيس الحكومة عاقب الموظفين الذين نفذوا امر منع هبوط الطائرة المدنية اللبنانية ولم يحاسب المسوؤل الكبير الذي افتى بأمر المنع !!
- الامر ليس غريبا ابدا فجميع وزرائنا وبرلمانيينا ، فردا فردا  وبدون استثناء هم ( وزير نقل ) ، لانهم ينقلون من اموال الشعب الى انفسهم وذويهم دون اي نصيب لحاضر البلد واهله عكس ما يعلنون تماما .
- مشكلتنا اننا شعب فقير على ارض وتاريخ غني لكننا ومنذ مئات من السنن وقعنا تحت تأثير تخدير قوي اصحابه يدعون العدل والدين لكنهم واقعا وفعلا يبعدوننا عن العدل والتقدم والخير وليتمكنون هم من ادامة ترسانة مملكتهم الخاصة والغنية بمصالحها المادية والسلطوية معاهدين ايانا بدخولنا جنة فيها انهار من الخمور وحور عين وغلمان.
- الملايين من سكان العراق الاصليين بناة اقدم حضارات التاريخ هجرت العراق وعشرات الوف من الكفاءات هجرت العراق في ( حلبجة ) تمييز كبرى ، ملايين من اهل البصرة والنجف وكربلاء والناصرية وبغداد وديالى وغيرها يذبحون بسكاكين الفقر والجوع والمرض في ( حلبجة ) سرقة كبرى ، وملايين في الموصل والرمادى يذبحون في ( حلبجة ) ارهاب كبرى ، وما زلنا نصفق لمن يخدرنا بلباس اسود وماعون ( شوربة ) بالمناسبات ! العلة فينا وليست في وزير النقل. .
- اشكروا وزير النقل ولا تطالبوا باستقالته ، لانه سمح لنا بان نعرف انفسنا باننا نحن من جعلنا العراق وشعبه ( مهزلة ) تسخر منها الامم !

نبيل قرياقوس
كاتب وصحفي عراقي
6-3-2014

46
                             رقص شرقي في اليابان
لم تكن الاسابيع المعدودة التي قضيتها في اوساكا عام 1986 كافية لتعرفني ميدانيا على طبيعة الحياة الاجتماعية اليابانية خاصة اني كنت في مهمة تدريبية علمية تستنفذ معظم نهاراتي ولا تبقي لي سوى الاماسي ، كما أعاقني جدا عدم قدرة الشارع الياباني التحدث بلغة اخرى غير لغته ، حتى اني في صيدلياتهم كنت اضطر لاستخدام الاشارة او ذكر الاسم العلمي للدواء الذي احتاج شراءه ، فقليل منهم يتحدث الانكليزية وحتى الكلمات البسيطة منها.

كنت اود لو اني أعثر على عراقي او عربي من المقيمين لفترة طويلة هناك ليفيدني معرفة فلم افلح عدا اني في احد الايام وفي شارع مزدحم بمئات المارة وقعت عيناي على شاب بعمري حينها ، ليس ياباني الشكل ، احسست بانه لن يكون الا عراقيا ، تقابلنا وكان هو الاخر منتبها علي ، بادرته بالسلام بلكنتي العراقية الواضحة ، اجابني : ( وعليكم السلام .. هلة عيني ) ، عراقيا كان ابن عراقي ، عرفته بنفسي ، عرفني بنفسه حتى عرفت احد اقاربه في بغداد ، مغترب هو في اوساكا ، هجر بلده هربا من نار حرب بين اسياد تدفع ثمنها شعوب جاهلة ومقهورة ، ولكونه انسانا مثقفا ومبدعا يحب الحياة والسلام استطاع ان يستقر في بلاد العمل والابداع ، بلاد الـ ( لا ) سلاح سوى الحب والعمل والسلام ، بلاد اليابان ، ومكنه الله ان ينال لقمة عيشه بشرف حاصلا عليها من فم الاسد ، أشر بيده الى مكتبه القريب والمختص بتصنيع الاعلانات واستأذن لانشغاله بعمله . لقاء دقائق قصير انتهى لكنه كان اطول بكثير من لقائي الاخر بعراقي صادفته مساء احد الايام وانا عابر على خطوط المشاة في احد الشوارع ، راّني وحاول الفرار بنظره عني ، لا ادري لماذا كنت واثقا ان الاخ عراقي ، بادرته بالسلام ، اجابني وقد بدى عليه الخوف والتردد : ( هلة يابة ) وما ان نطق الحرف الاخير من ( يابة ) حتى غير اتجاه سيره عائدا الى الضفة الاولى من الشارع فارا مني بسرعة فائقة اخفته عن انظاري كعصفور فر من حجر ، لا ادري ما ظن بي او ما كانت مشكلته ! كم اتمنى ان يكون من القارئين لقصتي هذه بعد مرور ثلاثين عاما .

في محور اخر ، كانت اوقات تناولي العشاء في مطاعم المدينة الاكثر مناسبة للتحدث او التعرف على الفتيات اليابانيات ، فالمطاعم مليئة ليلا ونهارا بزبائن من مختلف الاعمار ، ذكورا واناثا ، ولمعظم تلك المطاعم كراجات خاصة لدراجات روادها تسع كل منها لمئات الدراجات الهوائية . احدى الامسيات وبينما جلسن مجموعة من الشابات اليابانيات الانيقات والجميلات على طاولة طعام مجاورة لطاولتي ، ضحكت احداهن بوجهي ورفعت سبابة يدها اليمنى واضعة اياها اسفل انفها سائلة اياي :
 ( ما هذه ؟ لم تضعونها ؟ ) وتقصد الشوارب ، ابتسمت دون اجابتها ، زميلتها الاخرى سألتني بلغة انكليزية ركيكة جدا : ( من اين انت ؟ ) ،
اجبتها : ( عراق ) ، استغربت للاسم وكأنها لم تسمع به او بحربه المستمرة حينها مع ايران لاكثر من ستة اعوام ، استدركت اجابتي مكملا : ( عرب ) ، ردت الشابة اليابانية علي مبتسمة ثم ضاحكة رافعة يديها مرفرفة بهما حول صدر مهتز بتليه الجميلين الحاملين لبركاني عسل مكبلين بخيمتي حرير وكأنها ترقص رقصا شرقيا : ( ها .. عرب .. رقص ) ، صدقوني لم افهم ما عنته بتلك الكلمتين ، هل كانت تعني انها معجبة بالرقص الشرقي  ؟ ام انها كانت تعني ان الرقص هو الشيء الوحيد الذي تعرفه عن العرب ؟
ما استبعده هو ان تكون قصدت الاستهزاء بشعوب شرقية وعربية ترقص  جهلا او نفاقا  للحصول على رغيف خبز من حكام اثرياء بارعين في الشعوذة بأسم الدين لخنق الرقاب وقص الالسن .
نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب عراقي

47


            قانون اجتثاث الاحزاب الدينية العراقية 
( أقر البرلمان العراقي في جلسته المنعقدة في شهر اذار عام 2014 بالاجماع مشروع قانون اجتثاث قادة الاحزاب الدينية العاملة في العراق. 
وجاء في الاسباب الموجبة لتشريع القانون :
ان ما شهده العراق في الفترة من تاريخ سقوط الدكتاتور عام 2003 ولغاية عام 2014 يؤكد حقيقة مسوؤلية الاحزاب العراقية ذات الاسس والمنهاج الديني في ما عاناه ويعانيه العراقيون من مآس وحروب اهلية وهجرة وتهجير وتمييز طائفي ومذهبي وديني  اضافة الى استمرار معاناة نسبة عالية من العراقيين من ظروف التخلف والفقر والبطالة وفقدان حقوقهم الانسانية في العدل والامن والامان والرعاية والتأمين الصحي اضافة الى فقدانهم السكن والموارد المالية المناسبة التي تؤمن لهم عيشا معقولا بسبب وزراء وبرلمانيين ومسوؤلين جهله في عملهم منصبين من قبل تلك الاحزاب السياسية الدينية ناهيك عن نزاهة وعدل اغلبيتهم. 
وجاء في الاسباب الموجبة ايضا :
ان ادارة المجتمع والدولة العراقية  بذهنية وعقلية عشرات قرون ماضية ادى الى استمرار ظروف الانحدار الخطير في الاوضاع الانسانية والديمقراطية واستمرار اساليب كبت الحريات لاغلبية افراد المجتمع العراقي رغم مرور اكثر من عشرة اعوام على ازاحة النظام الفردي الدكتاتوري ودون وجود اي دلائل لاحتمال فسح المجال للشخصيات والكفاءات والقوى الوطنية النزيهة  ذات التوجه اللامذهبي او اللا طائفي مما حتم علينا اتخاذ قرار جريء بحضر عمل جميع الاحزاب السياسية الدينية واجتثاث قادة تلك الاحزاب من موؤسسات الدولة العراقية ومساءلتهم عن مصدر اموالهم الضخمة مع ضمان منحهم الراتب التقاعدي الذي يتيح لهم العيش بالشكل الانساني الكريم.   
كما نص هذا القانون على الضمان الكامل لحرية الفرد العراقي في اعتناقه الديني والمذهبي وممارسة طقوسه الدينية دون ان يؤثر على الاخرين.)
نص الرسالة اعلاه ، دون اضافة او تحرير ،  وردني من شخص يدعي انه عراقي ، حيث ترجى نشرها في وسائل الاعلام كاحلام يتمناها العراقيون ، كما ادعى صاحب الرسالة بانه عراقي معوق نتيجة بتر يده اليمنى في منطقة بغداد الجديدة داخل أحد مراكز الاستفتاء حول منصب الرئاسة العراقية بتسعينيات القرن الماضي بعد ان رصد من قبل الحزبيين البعثيين  وهو يكتب في ورقة الاستفتاء جملة (لا نريد صدام ) . 

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب عراقي
16-2-2014

48
الخارجية العراقية : هل هذا صحيح ؟

للامانة نقول في بداية مقالنا القصير هذا ان دوائر وزارة الخارجية العراقية ولاسيما تللك التي تتعامل مع العراقيين في داخل العراق وخارجه مؤشر عليها وبحكم تعامل العراقيين معها بانها قد تكون افضل من العديد من دوائر الدولة العراقية ، وهذا ما جعلنا نكتب مقالنا هذا بعد ان اتصلت بنا موظفة عراقية متقاعدة تقيم في احدى الدول الغربية مخبرة ايانا بانه راجعت السفارة العراقية لغرض تثبيت حالة كونها على قيد الحياة وتغيير وكيلتها السابقة وهي ابنتها بسبب مغادرة الاخيرة العراق ايضا. وذلك لغرض استلام الراتب التقاعدي ، لكنها فوجئت بالسفارة وهي تخبرها بوجود تعليمات ادارية جديدة تقضي بوجوب حضور الوكيلة السابقة امام كاتب العدل في العراق او امام قنصل السفارة لغرض تبليغها ب ( انذار عزل ) !!
منطقيا من حق كل انسان ان يعزل او يغيير وكيله ، فما الحكمة من زيادة تعقيد حصول المغترب العراقي على حقوقه ؟!
نرجو ان يطلع السيد وزير الخارجية على هذه التعليمات والتي لا يمكن تبريرها منطقيا ، هذا ان صح وجودها ، ونحن بالانتظار. 

نبيل قرياقوس
صحفي وكاتب اجتماعي



49
لا نريد دستور اسلامي

حدثني احد العراقيين وهو رجل مثقف مسلم الديانة خمسيني العمر ، راجيا عدم كشف اسمه ، قائلا والعهدة عليه :
منذ عقود عديدة اصبحت اغلب المجتمعات البشرية وخصوصا المتحضرة منها تدرك ان القوانين التي تحكم وتنظم العلاقات بين افرادها انما هي احد اهم العلوم ذات الجوانب الادارية والانسانية والتي تخص كل انسان في الكون ، لذا فان اي تطور او تغيير فيها وفي اي مجتمع كان انما ينعكس وليحدث اثاره الايجابية في تغيير قوانين المجتمعات الاخرى.

المجتمعات المتحضرة تدرك ان القوانين المسنة فيها لها قبلة مقدسة  واحدة هي الانسان ، وهذا الانسان لا يميز بدين او لون . القوانين المسنة حاليا في هذه المجتمعات هي حصيلة الفكر البشري اضافة لكونها ثمرة عمل ونضال وتضحيات العديد من الناشطين في المجال الانساني وحقوق الانسان.
لا تجد في دستور اي مجتمع متحضر اشارة الى ان القوانين يجب ان تسن وفق الدين الفلاني او الشريعة الفلانية مع ان حق التدين باي ديانة مكفول ضمنا ، فدين اومذهب او معتقد اي انسان أمر خاص به ولكل انسان مطلق الحرية  فيها الى الحد الذي لا ينتقص فيه من حرية الاخرين. 
في المجتمعات المتحضرة يتم تغييرالقوانين المنظمة لعلاقة الفرد بالدولة أو بقية الافراد بين فترة وأخرى وفق التطور الذي يتزايد طرديا بازدياد الفهم البشري لحقوق الانسان ، فحكم الأغلبية لم يعد مجديا فيما يخص الكثير من حقوق الانسان في مجال حياته  الشخصية كما في مسألة ايمانه بالله او في شكل ونوع حياته الجنسية مثلا ، فالانسان حر في كل شيء طالما انه لا يؤذي غيره. ان حصول الانسان على كامل حقوقه الانسانية بما فيها حقوق العدل والمساواة والعمل والتأمين المعيشي والصحي يساهم مساهمة لا متناهية في اطلاق العنان لمزيد من الابداع والتطور العلمي من اجل حياة افضل لكل انسان في الكون.
المجتمعات الشرقية عموما والعربية منها تحديدا ما تزال  تشكل عبئا على انفسها اضافة الى عبئها على المجتمعات المتحضرة ، فافراد المجتمعات العربية ذات الغالبية المسلمة يعانون من ازدواج كبير في شخصيتهم الاجتماعية ،  فهم مثلا يقرون بان حقوق الانسان في اي مجتمع غربي هي افضل من حقوق العربي في بلده ، كما ان العربي يتمتع باغلب الحقوق الدينية والانسانية حينما يقيم في بلد غربي ، بينما يكون فاقدا لتلك الحقوق في بلده ذي القوانين والانظمة الاسلامية ، ورغم كل ذلك ترى ان اغلبية افراد المجتمع العربي  تستفتي لصالح دستور اسلامي ! بل  وما يزيد الطين بله هو ان الغالبية المطلقة من هؤلاء العرب يمارسون سرا او علنا الكثير مما يعاقبون عليه وفق الشريعة الدينية بينما قد تكون اعمالهم تلك هي حق من حقوقهم الانسانية في شرائع وقوانين المجتمعات المتحضرة.
ان سبب هذه الازدواجية يرجع الى سيطرة بعض القوى الدينية على منابع ثروة مادية ومعنوية ضخمة تتمثل بالاماكن الدينية في مجتمعات متخلفة حضاريا واقتصاديا بحيث يضطر الفرد فيها الى التمسك بقوة الغيب لتنتشله من واقع الضعف والعوز وفقدان العدل والامان ، كما ان هذه الازدواجية مستفحلة في المجتمعات العربية اكثر من اي مجتمعات اخرى ذات غالبية مسلمة بسبب كون اللغة العربية هي لغة الدين  مما يوفر ويجعل الطريق سهلا لبعض القوى السياسية والدينية  للف والدوران لاقفال عقل العربي بحجة اوامر الله ومن ثم تهديد ذلك الفرد بالجهنم الموعد فيما لم يضحي بحقوقه الانسانية بينما تتمتع تلك القوى بتلك الحقوق سرا.
تقر قلة من المثقفين العراقيين سرا بان بعض القوى الدينية كانت صاحبة الحظ الاوفر في ان يفقدالعراق فرصتين ذهبيتين في تاريخه الحديث لمحاولة الالتحاق بركب الحضارة وتوفير حياة كريمة لمواطنيه وتتمثل الاولى بالاحتلال البريطاني والثانية بالاحتلال الامريكي ، فبدلا من التحضر اوالتعقل والاستفادة من حضارة متقدمة  كما حصل لشعوب اخرى مرت بنفس ظروف الاحتلال ، حصل اننا جابهنا تلك الجهتين بطريقة ما دون ان نحصل على اي فائدة سوى المزيد من اضاعة الحقوق الانسانية لمواطنينا ، مذكرين باقرارنا المنطقي بوجود اهداف خاصة لاي محتل. 
عيبا ، فقد العراق مواطنيه اليهود والصابئة والمسيحيين والايزيديين ، وعيبا يفقد كل العراقيين حقوقهم الانسانية يوم بعد آخر ، ،فالى متى يستطيع العراقيون اقرار دستور لا يميز بينهم كبشر !

نبيل قرياقوس
24-1-2014
 


50
المنبر الحر / كل متظاهر ارهابي
« في: 12:21 02/01/2014  »
كل متظاهر ارهابي 

قال لي أحد العراقيين والعهدة عليه :

المتتبع لوسائل الاعلام المختلفة والتي تمول او توجه بشكل او آخر من قبل  الافراد او الاحزاب او القوى الدينية او السياسية المتنفذة في حكم العراق خلال العامين الماضيين يلاحظ بشكل لا يقبل اللبس توجها لايهام العامة من العراقيين بان أي تظاهرة ناقدة للحكومة تنطلق في الساحة العراقية ( وبالاخص في العاصمة بغداد ) انما هي تظاهرة لافراد ارهابيين ليس الا.

ففي عام 2012 انطلقت في ساحة التحرير في قلب العاصمة العراقية بغداد ومدن عراقية عديدة تظاهرات سلمية كانت تحمل احلام وارادات شباب عراقيين ذوي قلوب وادمغة لم تلوثها امراض الطائفية والتمييز والفساد واعراض البحث عن السلطة وانما كانوا يمثلون نبض الضمير الانساني لشعب  ابتلي على مدى تاريخه الطويل بقادة ( في شتى ميادين حياته ) انتقصوا حرية وحقوق الانسان العراقي  تحت ذرائع مختلفة ، منها الدينية او المذهبية او القومية .

لم أكن احد المشاركين في تلك التظاهرات لكني كمواطن مستقل حزبيا وسياسيا كنت اشعر بان أولئك الشباب باختلاف اديانهم ومذاهبهم وانتماءاتهم الفكرية او السياسية كانوا ينطقون بما في قلبي ، فهم يدعون الى نبذ الطائفية وتنصيب مسوؤلين تكنوقراط غير منحازين في عملهم الوظيفي الا لقانون  يساوي بين الجميع وذلك لانهاء مهزلة الحياة اليومية التعيسة والمؤلمة والبائسة التي يعيشها اغلبية افراد احد أغنى دول العالم دون ان تلوح في الافق اي بوادر لانهاء المهزلة ودون وجود اي بوادر لانشاء بنى تحتية مماثلة لما موجود في دول العالم المتحضرة ، بل بلا وجود بوادر ثقافة تنحو بالمجتمع العراقي لضفاف تفهم وتقبل المساواة بين جميع المواطنين في ايام  يتواصل فيها حرق واردات وثروات العراق واذكاء الروح الطائفية في اقصى ذروتها.

شكلت هذه التظاهرات السلمية  والتي كانت تقام في يوم الجمعة من كل اسبوع مصدر صداع شديد جدا لاجهزة الحكم في العراق  لانها تمس صميم الفساد المتفشي بين المنصبين او المنتخبين كمسوؤلين في الحكومة ، وبدلا من الاستماع لمطالب تلك التظاهرات الشبابية الواعية فقد توالت شائعات اجهزة الاحزاب الحاكمة لغرض تشويه هذه التظاهرات بوسائل عديدة شتى ، كان احدها ، مثلا ، اتهام هذه التظاهرات بانها مسيسة ، ولا ادري ما الضرر في ان تكون جهة سياسية تقف وراء تلك التظاهرات ، فالمسألة ليست في كون هذه التظاهرات مسيسة ام غير مسيسة ، بل ان المسألة تكمن في هل ان مطالب تلك التظاهرات مشروعة ام لا ، علما اني لاحظت ان  عددا من شباب التظاهرة يبدون وكأنهم  يساريون في زمن اصبح كل من يتحدث عن المنطق والديمقراطية وحقوق الانسان ويبعد عن الفكر القومي الشوفيني والفكر الديني السياسي فانه يحسب يساريا او شيوعيا ذا تنظيم حزبي  وذلك ليس كامل الحقيقة ، رغم ان العديد من المثقفين العراقيين يتمنون وجود زخم قوي وفعال لليسار العراقي  وخاصة في المعارضة  .

وجه آخر من اوجه محاربة تلك التظاهرات الشبابية المستقلة تمثل بقيام القوى الدينية السياسية المتنفذة بزج عناصرها الجاهلة ثقافيا وحضاريا ضمن تلك التظاهرات ولتقوم  تلك القوى الدينية بعدها بايام بالمطالبة بايقاف تلك التظاهرات بحجة اعطاء فترة شهور كمهلة للحكومة لتعديل مسارها وهكذا تمت المساهمة بفعالية في خنق تلك التظاهرات لابقاء الوضع في العراق على ما هو عليه بل نحو الاسوء .
الضربة الاخرى التي وجهت لتلك التظاهرات الشبابية تمثلت باعدام احد المشاركين السنة فيها بعد القاء القبض عليه وتثبيت تهمة قيامه باعمال ارهابية متمثلة بقتل اعداد من الشيعة ، علما ان ذلك الشخص ( وحسبما اعلن لنا فيما بعد ) كان من العناصر الناشطة  مع العديد من الشخصيات السياسية البارزة على الساحة العراقية ، والسؤال هنا : لماذا تمت محاسبة ذلك الشخص تحديدا على افعاله تلك ( بافتراض صحة التهم المنسوبة اليه ) بعد اشتراكه في تلك التظاهرات ! ولتكتب الحكومة بعدها في ساحة التحرير عن طريق عناصر احزابها لافتات مكتوب بها نصا :
يتظاهرون وهم ارهابيون !

 ومثل هذه اللاقتات او الشعارات اضافة لما تهدف اليه من اشعال  لحرب طائفية فانها تهدف الى تشويه عام وشامل لكل من يشارك بتظاهرة تطالب بالاصلاح في العراق كما انها تحمل رسالة تهديد لكل مواطن بانه اذا تظاهر فانه سيكون تحت مجهر اعتباره ارهابيا .
الضربة النهائية القاتلة لتلك التظاهرات تمثلت باعتقال عدد من المشاركين بها واعدام احد ابرز قادتها من الشباب الشيعة نهاية عام 2012 وذلك تحت عنوان ( اغتيال ) من قبل جان مجهول ، فيما بثت في نفس الساعة العديد من الشائعات التي تسيء لشخص الضحية من قبل كتاب وسياسيين محسوبين على المتنفذين في الحكومة .

الحكومة العراقية صريحة جدا في الاعتراف بتفشي الفساد والطائفية  في جميع اركان المجتمع واجهزة الدولة  لكنها صريحة ايضا في اعتبار كل متظاهر يطالب بالاصلاح ارهابيا يجب تصفيته .

نبيل قرياقوس
 

51
تحريم التظاهر في بغداد

افشاني احدهم بالشروط السرية الحقيقية للتظاهر في بغداد ، أنشرها والعهدة عليه :
لكل مواطن عراقي حق تنظيم تظاهرة بكل سهولة بشرط ان تكون تظاهرته مؤيدة للحكومة بشكل مباشر او مبطن ، وبعكسه سوف يلاقي الامرين في استحصال الموافقة الرسمية لاقامة التظاهرة وفي حال اصراره على تنظيم التظاهرة فان قوى الامن ستتخفى بين المتظاهرين للقيام بالمهام التالية :
اولا : كشف القادة الرئيسيين للتظاهرة للتعامل معهم وتصفيتهم بوليسيا فيما بعد. 
ثانيا : إحباط معنويات من يمكن إحباط معنوياته من المتظاهرين.
ثالثا : إخافة من يمكن إخافته وذلك باسلوب اجبار المتظاهر على تثبيت عنوانه وعنوان عمله.
رابعا : منع سيارات الاسعاف من انقاذ اي مصاب من المتظاهرين .
أما القوى الامنية العلنية من جيش وشرطة والتي ستحيط المتظاهرين فستكون مهمتها الحقيقية ، وتحت عنوان تأمين سلامة المتظاهرين ، تكمن في حضور أقل عدد من المتظاهرين وذلك بسد الطرق المؤدية الى موقع التظاهر وأهانة وضرب  وإعاقة الراغبين بالتظاهر ، كما ان مهمة تلك القوات هي إعتقال او الاعتداء على أي صحفي او إعلامي يحاول تغطية تلك التظاهرة ، وهذا كله إضافة الى واجب تلك القوات في التعامل بقوة لانهاء تلك التظاهرة في أي لحظة تشاءهاالحكومة.
وعند إستفساري من هذا المخبر عن ما يعنيه بالتظاهرات المؤيدة للحكومة بشكل مبطن أوضح لي صاحبنا ما يلي :
بين حين وآخر تنظم  تظاهرات شبه مصطنعة في بغداد يقوم بها اتباع طائفة معينة يطالبون وبشعارات براقة بايقاف الفساد علما ان ممثلي أولئك المتظاهرين  في البرلمان او في وزارات الحكومة  هم من الذين يشار اليهم بالبنان كونهم ضمن مقدمة قافلة الفاسدين ، وبذا تكون مثل هذه التظاهرة  تمويها يهدف كذبا الى تصوير وجود حرية للتظاهر والتعبير في العراق ، بينما تكون مثل هذه التظاهرات  تخديرا بالافيون لاغلبية من الشعب جاهلة بحقوقها ووضعها  ، وليستمر بهذا الحال  مسلسل التخلف والفساد ومصادرة حقوق وثروات وحريات الانسان لأجل غير مسمى. 
وأختتم صاحبنا حديثه بالقول :
كلمة القلة المستقلة المثقفة النزيهة الواعية والغير منحازة دينيا وطائفيا  مغيبة ومحكوم عليها بالاعدام فيما لو سلمت نفسها لمسرح العلانية.
 قبل  عام ٢٠٠٣ كانت حرية التعبير محرمة فعلا وعلنا بأسم ( القائد الضرورة ) ، اما بعد عام  ٢٠٠٣ فحرية التعبير محرمة فعلا ومسموح بها كذبا  ولكن بأسم ( الله ).

نبيل قرياقوس


52
حصانة قاتلي صحفيي الشرق

زرته في بيته القديم الصغير المؤجر وسط العاصمة العراقية بغداد وإذا بوجه زميلي الصحفي العراقي شاحب مغمور بين ضفتي شعرات بيض معدودات تقاوم البقاء على رأسه ولحية كيئبة لم تحصد منذ ايام.
كانت سكارته رفيقنا الثالث طيلة ساعتي الزيارة ، قابلني بفرح وكأنه وجد ضالته في من يستمع اليه وهو يتحدث بحرية وصراحة ( السكران ) بعيدا عن الرصاصات التي تغتال الكلمة ، تلك الكلمة التي يراها هو  تسجد لكل انسان إلاها تخدمه وتقدسه ، تلك الكلمة التي تعادي العنف وقتل الانسان لأي سبب كان ، تلك الكلمة التي تنشر صور نزيهة حية عن آفاق حرية البشر وحقوقه وكرامته بعيدا عن تهديدات وضغوطات المحتالين وسارقي قوت وحرية البشر.
لم يكن صاحبي متزنا في مشيته بعد أن اثقلته كوؤس الخمر ، وهو الذي يسكن وحيدا في بيت متعب تغطي اثاثه القديم أتربة أجواء العراق وما جاوره من دول الشرق في مطلع القرن الحادي والعشرين.
قال لي : هل سمعت آخر الأخبار ؟
أجبته : كثيرة هي الأخبار ، ايهم تقصد !
قال : أتفق صحفيو العراق على الاعتصام والاضراب عن العمل لمدة يوم كامل إحتجاجا على قتل إثنين من الصحفيين العراقيين خلال أقل من اسبوع !
ثم أطلق صاحبي ضحكة إستهزاء عالية وطويلة النفس ولتنطلق على انغامها مسيرة من المياه الصافية اللون من يناييع عينيه الساخنة وليواصل القول :
السياسيون هم الذين يفخخون الاسواق والشوارع ويقتلون مئات العراقيين يوميا ، السياسيون هم الذين يغتالون اصحاب القلم ، السياسيون هم من يكرهون الحضارة و السلام ، السياسيون هم من يخدرون الناس لسرقة ثرواتهم وكرامتهم ، القلم والكامرات تكسر ، و( هادي المهدي ) يعدم ، وصحيفة ( الشعب ) تحرق كل يوم بساحة التحرير في قلب العراق ، أما من يسمون ب ( الصحفيين) فأغلبهم يقتاتون على وظائفهم في صحف ووسائل إعلام الاحزاب السياسية. 
أثناء مغادرتي بيت زميلي اوقفني وليخطب أمامي كلاماته الأخيرة التي ربما أراد بها إختصار ما في دواخله قائلا:
الطفل الرضيع حينما يبكي من جوع او من ألم فذلك هو عمل إعلامي صادق ونزيه ينقل صورة صحيحة لواقعه ، أما أغلب صحفيينا وإعلاميينا فهم أناس يبحثون عن لقمة عيش في أي صحيفة او وسيلة إعلام تأويهم كما ينتظرون بشوق مكافأة ( الحكومة ) وايفاداتها ومآدبها وهداياها وأراضيها أما الملايين المغفلة من الناس فلهم مناسكهم وصلواتهم لرب على حالهم يبقيهم ، ولأهل ( الكلمة ) العفيفة الناطقة بصور الواقع إطلاقات نارية تعدمهم وتفنيهم ، ولقاتلي صحفيي العراق قانون يحصنهم ويحميهم.
نبيل قرياقوس
١-١٢-٢٠١٣


53
خمسة ملايين أوربي في بغداد

أعلنت الحكومة العراقية حاجتها لاستقبال خمسة ملايين مهاجر من دول أوربا الغربية والصين خلال العامين المقبلين ، جاء ذلك في بيان للحكومة العراقية نقلت تفاصيله احدى القنوات الفضائية العراقية صباح هذا اليوم واوضح البيان استعداد الحكومة العراقية لاستقبال خمسة ملايين مهاجر من اوربا الغربية والصين وذلك ضمن خطة جذرية للحد من تفشي الفساد في معظم تفاصيل الحياة اليومية للعراقيين ، ونقلت القناة الفضائية العراقية تصريحا منسوبا الى الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية السيد ( لابس خمسة خواتم باليد اليمنى واربعة باليد اليسرى )  قوله ان العراق اغنى دولة بالعالم بينما شعبه يعاني من سوء الخدمات المعيشية اضافة الى فقدان الامن وانعدام  المساواة والحياة الديمقراطية ، وان الحاجة ملحة لقبول هجرة خمسة ملايين انسان اغلبهم من دول اوربا الغربية بمساعدة  المنظمات المختصة في منظمة الهجرة العالمية ليتسنى للعراق توكيل مهمة ادارة الوزارات العراقية وكل المناصب الاخرى لغاية درجة مدير عام الى الطاقات المتميزة من المهاجرين  ، وليحاول العراق بهذه الخطوة الجبارة اللحاق بركب التطور الحضاري والانساني ، كما ان الايدي العاملة الصينية ستلعب دورا مهما في الحياة الاقتصادية العراقية ناهيك عن نية الحكومة العراقية إستبدال جميع القضاة والشرطة ومنتسبي وزارات العدل والداخلية والصحية والمالية بمهاجري اوربا الغربية .
انباء القرار المفاجيء للحكومة العراقية اثار موجة من ردود الفعل السريعة على الصعيدين  المحلي والدولي ، فقد رحب عدد من المثقفين  العراقيين من المستقلين بقرار الحكومة هذا وعدوه انجازا تاريخيا رائدا ينتشل العراق من بركة الطائفية والتخلف والفساد والاقتتال وليصبح العراق الجديد نموذجا تقتدي به كل الدول والمجتمعات الشرقية العربية والاسلامية منها تحديدا ، وقال باحث عراقي ناشط في مجال حقوق الانسان بان مساحة العراق اكبر من مساحة عدة دول اوربية ، فالعراق مثلا اكبر مساحة من المانيا بينما نفوس العراق هي ثلث نفوس المانيا حاليا.
من جهتها حذرت العديد من المنظمات الانسانية الحكومة العراقية بضرورة التزام العراق بما اعلنه من توفير الظروف المعيشية والانسانية اللائقة للمهاجرين الاجانب في العراق ومنحهم الجنسية العراقية خلال مدة لا تتجاوز عشرين يوما ، واوضح مسوؤل في الامم المتحدة بانه يأمل بان يكون الدستور العراقي الجديد رديفا للدساتير النافذة في دول العالم المتحضرة والتي يعيش بظلها المسلمون بكامل حقوقهم الانسانية ، واعرب المسوؤل الاممي عن قناعته بان دستور اي دولة في العالم يجب ان لا يستند الى أية شريعة دينية.
 وفي تطور لاحق اوردت نفس القناة الفضائية العراقية نبأ افادت به مباشرة اربعة شركات المانية ويابانية عملاقة ببناء مجمعات سكنية راقية في جميع المحافظات العراقية لاستيعاب عشرة ملايين مواطن عراقي بضمنهم خمسة ملايين مهاجر من دول اوربا الغربية والصين على ان يتم انجاز هذه المجمعات في مدة اقصاها اربعة اشهر.
مصادر مطلعة بالشأن العراقي توقعت بدء موجة هائلة من اعمال تهريب الاموال الضخمة والتي تقدر بمليارات الدولارات عائدة لكبار وصغار الشخصيات والمسوؤلين السياسين والرسميين العراقيين وبضمنهم عدد كبير من المتدينين بعد ورود انباء موثقة عن قرب موعد مساءلتهم عن مصدر اموالهم عند تطبيق القانون والعدالة بينما اعرب صحفيون عراقيون مستقلون ممتنعون عن العمل الصحفي داخل العراق عن املهم بانتهاء أوضاع غياب الامن والقانون  ليتسنى لهم ممارسة عملهم الصحفي بحرية ونزاهة تحت ظل حماية القانون بعيدا عن ارهاب القوى السياسية والدينية المتنفذة.
على صعيد متصل أعلنت منظمتا الهجرة العالمية  
ومراسلون بلا حدود شكوكهما بقدرة العراق في تنفيذ مثل هذا القرار في ظل تفاقم الفساد والبيروقراطية والارهاب في جميع مفاصل النظم العراقية.
العديد من المنظمات الانسانية العراقية العاملة في الولايات المتحدة وكندا واوربا اوضحت من جانبها ان تنفيذ قرار الحكومة العراقية سيمكن اكثر من اربعة ملايين لاجيء عراقي من العودة الى بلدهم الام علما ان عدد العراقيين اللاجئين خارج بلدهم يقدر حاليا باكثر من عدد اللاجئين الفلسطنيين في كل انحاء العالم.
هذا ولم يتسنى لمصادر اخبارية مستقلة معرفة صحة الانباء التي اوردتها القناة الفضائية العراقية بينما تتوارد انباء عاجلة من مصادر يعتقد انها مقربة من شخصيات متنفذة في الحكومة العراقية تفند كل ما ورد في القناة الفضائية العراقية.
نبيل قرياقوس


54
المنبر الحر / أنا الله
« في: 00:58 05/11/2013  »
أنا الله

حدثني رجل خمسيني العمر ، رجاني عدم كشف إسمه ، قائلا والعهدة عليه :
منذ الاف السنين وجد الانسان نفسه على الارض ضعيفا تحت شمس وقمر ونجوم معلقة في سماء مخيفة بابعادها واسرارها.
الارض التي ولد عليها الانسان تحوي الانهار والبحار والجبال والتلال والسهول وفيها البراكين والزلازل والحر والبرد والاعاصير والمطر والليل والنهار والخسوف والكسوف والنيازك وكائنات حية مختلفة كثيرة العدد من حيوانات ونباتات.
الانسان وبحكم ال ( أنا ) التي تقوده كان وما يزال  يظن ويتمنى ويحلم بوجود قوة عظيمة خارقة تتحكم بالكون والارض والانسان كي يتمكن من التقرب والتودد والتوسل اليها كي تساعده في الحصول على حياة اطول على الارض، حياة يتمتع فيها بالمزيد من الامان والراحة النفسية والمتعة الجسدية ، حياة تكون بعيدة عن المرض والعوز والحوادث او الكوارث الموءسفة.
الانسان كان وما يزال يحلم بوجود ( الله ) كقوة صنعت او خلقت الكون والارض وما عليها من ظواهر وكائنات ، الانسان يحلم بقوة  يلجأ اليها ويستعين بها ليحمي نفسه من شر او اعتداءات بقية زملائه من البشر .
الانسان عموما يخاف جدا من مصيره المجهول في ( الموت ) ويتمنى ويحلم ان يقوم ( الله ) باعادة الحياة اليه بعد الموت.
نحن الان في مطلع القرن الحادي والعشرين وما زال الانسان لا يملك نظرية اخرى سوى نظرية وجود صانع او خالق لأي شيء موجود ، لذا فان العديد من البشر يظنون بوجود خالق ( الله ) للكون لكنهم يقرون بنفس الوقت بأنهم لا يعرفون عن ( الخالق ) شيئا ،سوى انه قوة خيالية مجهولة التفاصيل، كما ان الانسان ما زال يجهل تماما اسباب خلقه ، هذا بافتراض صحة الظن بوجود خالق ، وربما يتمكن العلماء والباحثين من التوصل خلال المئات من السنين القادمة الى معلومات او حقائق علمية في هذا الصدد.
في المقابل لا يملك بعض المفكرين من البشر ممن لا يؤمنون بوجود ( الله ) أي أسس علمية كاملة وواضحة لاثبات صحة معتقدهم.
هذه الاوضاع الواقعية والمنطقية من ناحية جهل حقيقة اصل الكون وحاجة الانسان لفكرة وجود ( خالق ) للكون والحياة كانت هي السبب الرئيسي في إدعاء بعض الاشخاص بانهم ( أنبياء ) أو ( رسل ) أو أناس مقدسين  اختارهم ( الله ) لأيصال الأوامر والشريعة التي تنظم حياة البشر على الارض ولمحاسبة المقصرين أثناء الحياة على الارض او بعدها وكذا مكافأة الملتزمين بشرائع الدين بحياة ابدية سعيدة وربما مليئة بالجنس والخمور . ظهور مثل هؤلاء الشخاص والذين يسمون انفسهم عموما ب ( رجال الدين ) كان وما يزال علامة سوداء في مسيرة حصول الانسان على كامل حقوقه الانسانية .
رجال الدين ( في عشرات او مئات الاديان والمذاهب على الارض) يوهمون انفسهم وتابعيهم بانهم يعرفون الكثير عن ( الله ) ويستغربون من عدم قدرة بقية البشر على ذلك ، كما ان كل رجل دين او مذهب يظن نفسه هو الأصح او الافضل كما يظن كل صاحب دين او مذهب بأنه يمتلك كامل اثباتات الدعم لشرعية وأفضلية دينه أو مذهبه.
رجال الدين في عموم الارض إمتلكوا وسائل الخدعة المناسبة ، كل في وقتها ومكانها وظرفها، للادعاء بانهم يمثلون ( الله ) بدين او عقيدة او مذهب او فكر معين ، وليفرضوا الشرائع والالتزامات على المجتمعات البشرية عن طريق السلطة الدينية ، بينما كانت وما تزال المهمة الواقعية لتلك السلطات الدينية هي : تقييد وانتقاص حقوق الانسان وجعل الانسان يكره وربما يحارب او يقتل  اخاه الانسان المنتسب لدين او مذهب آخر مقابل ان يحصل رجال الدين ( سرا أو علنا ) على امتيازاتهم السلطوية وفي مقدمتها المال والمتعة الجسدية اضافة للامتيازات المعنوية ، رغم ان هناك البعض القليل جدا من رجال الدين من هم بدرجة عالية من روح المحبة والتسامح وتفهم الآخرين لكن ذلك لا يبعدهم ( شاؤا ام أبوا ) عن خط خدمة المسيرة العامة للسلطة الدينية ، كما ان البعض من رجال الدين فقد حياته سجنا او تعذيبا او قتلا في صراع مع اديان او مذاهب أخرى او خلال الصراع مع سلطات الحكم في مجتمع معين.
العقل البشري نجح في ادراك ان حقوق الانسان لا حدود لها طالما ان الانسان لا يؤذي أخاه الانسان وهكذا تتسع الهوة يوما بعد يوم بين العقل الانساني والعقل السلطوي الديني الذي يدعي انه يمتلك تشريعات وحدود الله في حقوق الانسان.
رجال الدين عموما كانوا وما زالوا الان  عقبة اساسية تستنزف حقوق وحريات وموارد وثروات وزمن العديد من المجتمعات الشرقية اضافة الى تأثر بقية انحاء العالم بهذه الاوضاع السلبية ، كما ان الحركات السياسية او الدينية التي تؤمن بالعنف تمثل الان السرطان الخبيث الذي ينهش بالجسم والحضارة البشرية بلا رحمة.
قاطعت حديث الرجل ولأسأله عن كيفية تمكن رجال الدين من نشر دينهم او مذهبهم او معتقدهم وكيفية توارث تلك المعتقدات من جيل لآخر فأجابني بالقول :
سأجيبك باختصار شديد وبمثال حي وعليك إستنتاج الاجابة الكاملة ، فرغم وجود العشرات وربما المئات من الديانات والمذاهب في المجتمعات البشرية حاليا ، الا انني أستطيع الآن تأسيس دين جديد يتبعني فيه ملايين وربما مليارات من البشر ، وبامكاني جعل الآلاف من الشيوخ والكهنة و رجال الدين والمفكرين والفلاسفة والعلماء يؤمنون بي ويدعون الى ديني الجديد ، لا بل سأجعلهم يشهدون للعالم أجمع باني ولدت امامهم من بطن ( ديك أسود ) الساعة الخامسة عصرا واني كبرت امامهم ولاصبح رجلا كاملا في ستة ايام واني رحلت عن الارض الى السماء السابعة بعد ان أبلغت رسالتي السماوية الي البشرية.
 نعم انا قادر على جعل الاجيال الحاضرة والمقبلة تؤمن بي وبديني ًوستتناقل الاجيال قصص معجزاتي وآياتي النادرة التي أدعو فيها كل المؤمنين بي الي نبذ العنف نهائيا ومهما كانت مبرراته ،  كما أدعو الى ترك الصيام والصلاة وكل المناسك الدينية من اجلي واحلال بديلها من الحب والمساواة مع كل انسان لا يؤمن بي أو بديني الجديد.
قبل أن أغادر ذلك الرجل سألت إياه سؤالا أخيرا عن  كيفية قدرته على تأسيس دين جديد كالذي يدعيه ونحن في القرن الحادي والعشرين وما يحمله من تطور عالمي في مجالات شتى ، فأجابني ذلك الرجل بسرعة وثقة عالية :
أعطني مالا وفيرا ونساءا وغلمانا وسأجعلك تستمع لمجتمع واسع من البشر وهو يشهد أني ( أنا الله) !.

نبيل قرياقوس
٤-١١-٢٠١٣



55

                                صخب وكباب في طبعة كتاب
                                         ( كاريكاتير )

أهداني احد الزملاء نسخة من طبعة ثالثة لكتاب ألفه أحد الكتاب العراقيين عام 2011 وقد طبع ونشر هذا الكتاب في احدى المحافظات العراقية ..
حاولت قراءة الكتاب بصفحاته التي تجاوزت مئات الصفحات  الا اني كنت أجابه في كل مرة بعوامل قاسية تجبرني على تأجيل تكملة القرأءة ، وهكذا دواليك الى ان استطاعت عيوني بمرافقة دماغي المستنفر اجباريا من تغطية معظم كلمات وحروف الكتاب .
ولكي لا يعاني من لم يقرأ ذلك الكتاب ما عانيت ، فاني اتبرع للجميع بتلخيص ما ورد فيه انطلاقا من عدة جوانب مهمة تناولها الكاتب ، فقد بين الكاتب  :
في مسعى بعد الجبال والكواكب ومحطات القطارات التي لم تستق اطوالها فقد تكون انواع الاقمشة المرسومة في غير قطع الخشب التي لا تربط بالمسامير في حين تكون الاعمال الراديكالية وفق المعايير الانسانية التي لا تتحمل وضع انواع البصل او الثوم في مرق المرضى الذين قد تكون اندفاعات المحركات ذات الدفع الرباعي قياسا الى بعد كوكبنا الى ما ذلك من احترام القيم والموروث الحضاري ، اما المحال التي تم نصبها ففي اثارنا الكثير مما يكون عاملا مهما في انواع التخلص من الانهاروالمحيطات  او الوزن الزائد اما عند النساء فتلك ازمة تصب بالجانب النفسي الذي يقر انواع استخراج المعادن الثقيلة خصوصا النوايا في اداء الاعمال .
ويلخص المؤلف الجوانب أعلاه بقول ما نصه :
( تبقى انواع الحضارات والاثار او الموسيقى التصويرية الصاخبة ذات علاقة وطيدة في تحديد أطر الافكار او الاحزاب او الدورة الدموية الصغرى التي تفتح ما قيمته اربع قطع من الكباب المشوي والمستخرج من مناجم ذات تاريخ موحد فيما يخص انواع الحلي التي تلبسها النساء ، فيما ترتبط الاثار الجانبية  لتغير الاجواء في فصول الجامعات  او المناقشات او النظريات ذات البعد الالحادي او الاشتراكي في اوربا او شرق الهند  كما ان انواع تسريحات الشعر في الحفلات عدا  ناطحات السحاب التي هي بحاجة الطفل الى رعاية حين جلوسة الساعة السادسة صباحا لغرض الذهاب الى المدرسة ..) .
شكرا لمؤلف الكتاب وشكرا للجان الاشراف والتعضيد ..
شكرا لزميلي الذي جعلني أطلع على كتاب قد يعكس بعض من صور حياة العراقيين  في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ..

نبيل قرياقوس


56
                                                 جرائم ادارية مؤسفة 
 
كنت اشرت في بحوث ومقالات سابقة الى انحسار لغة المنطق في كثير من المفاصل والتعليمات والقوانين الادارية النافذة في الدولة العراقية الى درجة لا تفشي الفساد الاداري حسب وانما تنحدر  بالادارة الى درجة الجرم بحق الانسان العراقي ، واوعزت ذلك الى جملة عوامل منها عدم تواصلنا تقنيا مع العالم المتحضر في المجال الاداري وفي مجال تفهم حقوق الانسان ، وعدم كفاءة الغالبية العظمى من اداريينا الذين انهوا دراستهم الجامعية في كليات تستقبل الطلبة ذوي المعدلات الواطئة والذين لا تستقبلهم الكليات الاخرى التي تشترط مستوا معينا من المعدلات العالية يؤشر جانبا من  قدرتهم على تفهم العلوم والمنطق ، والكلام هنا يخص نظامنا التعليمي المتخلف عن النظم العالمية اصلا .
قبل ايام سمعت في جلسة عامة ان عالما عراقيا ( دكتورا ) غادر العراق في اجازة رسمية وعندما وجد فرصته في الاقامة في بلد اجنبي ارسل بطلب الى دائرته في بغداد يرجو احالته على التقاعد ، لكن الذي حصل ان ( العبقري ) المدير العام الاداري ،  انهى خدمات العالم العراقي رافضا طلب الاحالة على التقاعد لسبب لا يمكننا تسميته الا كونه ( سخيفا ) ، وبذا حرم الانسان العراقي من حقوقه الانسانية في حصوله على التقاعد بعد سنين تجاوزت الخمس وعشرين عاما رغم انه من المفترض انسانيا ان المواطن يستحق التقاعد حتى لو لم يكن يعمل في الدولة !! نعم انهيت خدمات  العالم العراقي الذي لا اعرف اسمه اصلا ،  على منطق : لو ( صدام ) لو ( ماكو ) عراق ، ولو ( تحضر ) لو ( انهي ) كل ما تبقى من حقوقك ومستقبلك !! والمؤسف ان المدير العام الاداري هو من احد الاحزاب التي تتبنى حقوق العمال  ( كما سمعت ) والله اعلم !!
بفرح بالغ سمعت اليوم  ان الحكومة العراقية اصدرت مشكورة تعليمات ادارية بقبول طلب الاحالة على التقاعد من العراقي المؤهل للتقديم للتقاعد حتى لو كان مقيما في دولة اخرى ، واتمنى ان يكون الخبر صحيحا ، في حين ما زالت ( وزارة التربية ) تمتنع باصرار من تزويد وثيقة تخرج الاعدادية الا بعد ترقين قيد الطالب من جامعته بدعوى الحرص على عدم قيام الطالب بالتقديم لجامعة اخرى ، ولا ادري هل من الصعوبة ( اختراع ) جملة تكتب على الوثيقة الثانية تؤكد : لا يمكن استخدام هذه الوثيقة لاغراض التقديم لجامعة عراقية !! فهناك من الطلبة من يحاول التقديم في جامعات اوربية رغم كونه حاليا في جامعة عراقية . واشير هنا الى تعليمات صدررت هذا العام قرأتها بأم عيني تؤكد على ان الطالب الذي يطلب وثيقة التخرح عليه ان يقدم نفس الصورة التي في ( باج ) امتحان البكلوريا  ( لغرض ضبط الامور جديا ) والمفروض ان تستكمل تلك التعليمات باجبار الطالب بلبس نوع ماركة القميص وحجم معين من اللباس والجواريب رغم انها لن تظهر في الصورة !! واستحلفكم بالله ما الغرض من طلب نفس الصورة فالذي يزور الباج هو لديه الصورة الموجودة في الباج اصلا ام ان في ذلك عبقرية لا ندركها !!
في الوقت نفسه ما زالت وزارة التعليم العالي ترفض وباصرار  تزويد الطالب الجامعي بوثيقة درجاته بناء على طلبه الا بعد تخرجه او ترقين قيده ، ولا ادري ما هو المنطق في ذلك فمن المحتمل ان يرغب الطالب التقدم في جامعة اوربية والانتقال اليها وهو لا يستطيع  اثبات مرحلته الا بعد تقديم درجاته الى تلك الجامعة الاجنبية ، وان حرمان الطالب من حقه هو ممارسة  فارغة من اي منطق وتسئ للحقوق الانسانية للطالب .
اعلاه هي نماذج لمئات من التفاصيل والتعليمات الادارية التي تمس بحقوق الانسان العراقي والتي تشجع على الفساد والطرق الملتوية ، وهنا نعاتب اداريينا من العاملين في المفاصل الوسطى والعليا في الدولة فهم بحاجة الى استيعاب مضامين المنطق وحقوق الانسان بعيدا عن دكتاتورية المكتب مع وافر احترامنا واعتزازنا بالاداريين الذين كانوا طرفا اساسيا في ايصال صوت المواطن الى مقررات الحكومة .
 
 
نبيل قرياقوس 
 


57


الفصل في لجنة التحقق                                   
ضمن التركة الثقيلة التي برزت بعد سقوط النظام عام 2003 كانت مشكلة الاعداد الضخمة من موظفي الدولة الذين اجبروا على ترك العمل بسبب الوضع السياسي في البلد انذاك ، فمن اؤلئك ما فصل او استقال اواحيل على التقاعد او ترك العمل بصورة او اخرى بسبب انتمائه السياسي او الفكري او القومي او بسبب قرابته بمفكرين معارضين او بسياسيين كالشيوعيين او متدينين معارضين ومستقلين وطنيين وغيرهم كثير ، ومنهم ما ترك العمل بعد ان اجبرته سياسة النظام في ادارة امور الدولة الى وضع اصبح فيه الموظف لا يستطيع الاستمرار بالخدمة الا في حالة توفر احد او كلا شرطين :
الاول : ان يخون الموظف شرف امانته الوظيفية وان يمد يده على المال العام او يبتز اخوته المواطنين لكي يتمكن من العيش في ظل راتب لا يكفي اطعامه ليوم واحد في الشهر ( والكل يتذكر كيف وصل الوضع بالمعلم ، مثلا ، ليستجدي خبزته من طلبته ) .
 والثاني : ان يمارس الموظف عملا اخر مع وظيفته او خلالها ، وامثال هذا قلة بسبب عدم توفر فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة اصلا .
اصدرت الدولة الحديثة عام 2005 قانونا خاصا بهؤلاء الشريحة الكبيرة من ابناء البلد ، وكانت تلك خطوة ايجابية ضرورية جدا في ظل استمرار ظروف ارتفاع نسبة البطالة وعدم وجود قانون يضمن للعراقي راتبا يكفيه المعيشة وعائلته خلال فترة عدم حصوله على عمل يناسبه ، اضافة الى ان هذا القانون اعاد حقوق هؤلاء الموظفين الذين عانوا ( اغلبيتهم ) من ظروف قاسية خلال تركهم للعمل الوظيفي ، الا ان هذا القانون جوبه بمعوقات تطبيق في بعض الدوائر والوزارات ، ندرج اهمها ادناه ، املين من الجهات الادارية المختصة في الدولة بما فيها لجنة التحقق معالجتها بالشكل الذي يخدم القانون وفحوى ما سنشرحه بصراحة ومنطق اصولي بعيدا عن المزايدات واللامنطقية :
1 . اجتهاد بعض مسؤولي الدوائر والوزارات بابعاد قبول عودة الموظفين الذين تركوا العمل بسبب واقع الدولة السياسي الذي خلق ( وبشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق الحديث ) الظروف الاقتصادية القاسية والمهينة لتجبر الموظف الشريف على ترك العمل تخلصا من راتب شهري لا يسد رمقه ليوم واحد ، وتبين لنا ان اغلب اؤلئك المجتهدين الذين يقومون بعرقلة  طلبات المتضررين السابقين هم من الموظفين المستمرين بالخدمة طيلة عهد النظام السابق ، ومن الذين لا يخلو التاريخ الوظيفي لكثير منهم مما يسيء الى نزاهتهم . بينما قامت وزارات اخرى بقبول اعادة امثال هؤلاء المتضررين حارمين اياهم من امتيازات القانون وذلك بعدم احتساب سنين ترك الوظيفة لاغراض الخدمة والترفيع والتقاعد .
ان امثال هذه الاجتهادات الغير صحيحة والتي اجبرت الكثير من ( المفصولين ) لئن يتحايلوا بالتوسط اوافتعال ظروف واحداث سياسية مباشرة لكي يحصلوا على حقهم الشرعي في العودة الى وظائفهم وحصولهم على كامل حقوقهم في مساواتهم مع زملائهم المستمرين في الخدمة كأقل تقدير وذلك بالادعاء مثلا انهم فصلوا لاعدام فلان من اقاربهم  ، ومنهم من لم يستطع ذلك  لحد الان !
2 . اضطر قسم من الموظفين ، وبسبب عدم قبول عودهم الى دوائرهم ، الى التوسط والتوظف في وزارات اخرى ( سواء قبل صدور قانون المفصولين عام 2005 او بعده ) وحرموا من حقوق احتساب سنين الترك الوظيفي واصبح الان راتبهم الشهري لا يتناسب مع اعمارهم وحجم عوائلهم .
3  . يجابه الموظفون المعادون ما اقره القانون اعلاه ظلما باستقطاع مبالغ ضريبية عن رواتب مفترضة في الفترة التي احتسبت لاغراض الخدمة والتقاعد عند احالة المفصول السياسي على التقاعد ، بينما يقضي المنطق احقية استقطاع تلك القطوعات التقاعدية في حال تعويض المفصول السياسي ماديا بكافة مبالغ رواتب الفترة التي حرم فيها من العمل  .
4 .  بعض الوزرات والهيئات التي اعادت موظفيها الى الخدمة ومنحتهم حقوقهم ، لازالت للان لم تصرف لهم فروقات رواتبهم بعد احتساب الرواتب الجديدة نسبة لسنين خدمتهم .
5 . يعاني الكثير من المعادين الى الخدمة من وجود فروقات بين رواتبهم ورواتب زملائهم المستمرين بالخدمة من اقرانهم بسبب ان الموظفين المعادين تركوا الخدمة بدرجات وظيفية لم تكن معدلة لهم اداريا حسب استحقاقهم الفعلي ، الامر الذي لا دخل لهم فيه ، وعليه يكون من الصحيح اصدار تعليمات باحتساب رواتب هؤلاء المعادين حسب سنين الخدمة والشهادة ليتوازى جميع الاقران .
6 .  نود اعادة التذكير باهمية هذا القانون لشموله لالاف العوائل العراقية ، ومن الطبيعي ان تظهر بعض المعيقات في تطبيقه ، لكن الاهم ان نسعى لمعالجة هذه المعيقات ليستفاد منه جميع من كان موظفا واضطر لترك العمل لسبب او اخر بسبب اوضاع نظام حكم سياسي ساد البلد ، بينما لا ننكر تسلل البعض القليل جدا من الموظفين ، خلال هذا القانون ، من الذين فصلوا بسبب اساءتهم بشكل لا لبس فيه لامانة وظيفتهم ، وقد يكونون انفارا معدودين في كل وزارة وغالبا ما يكونون معروفين لزملائهم .



نبيل قرياقوس

58
وزير السياحة والآثار
كثيرا ما نطلع في شبكة الانترنت على تفاصيل اعضاء حكومات دول متطورة ونجد فيها صور واسماء معظم الوزراء او المسؤولين الحكوميين وغير الحكوميين مع تفاصيل حياتهم وعناوين بريدهم العادي وبريد الفاكس والبريد الالكتروني وهواتفهم المباشرة ، وكل ذلك منشور وبلغتين في الاقل ليطلع عليه من يحتاجه من ابناء البلد او من البشر في عموم الدنيا ، وهم يرون في ذلك حق من حقوق الانسان على حاكمه .

اتوقع ان المسؤول او الوزير في معظم تلك الدول لا يتلقى يوميا كما هائلا من رسائل التظلم والتشكي من موظفيه او مواطنيه بسبب كون ماكنة النظم الدستورية والسياسية والادارية والمالية هي بالعلمية والعملية التي تسمح باقل مجال لنشوء تلك التظلمات اساسا عدا استثناءات تخضع هي الاخرى لمعالجة دائمة وباستمرار تطور الشعوب في مناحي الحياة نحو الافضل يوما بعد آخر .
يتمنى المثقفون العراقيون الان ( لحين اكتمال انشاء منظومة الحكومة الالكترونية ) ان يجدوا على مواقع الحكومة العراقية عناوين الاتصال المباشر بكل مسؤولي الدولة ، ويرون بانه لا يكفي ابدا ما نجده الان من عناوين مراسلة المواقع الالكترونية التابعة لبعض دوائر الدولة وهيئاتها ووزاراتها ، فهناك شك مشروع ببعض القائمين على تشغيل تلك المواقع من ناحية الكفاءة اوالمهنية او النزاهة او القدرة على تقبل  الرأي الآخر ، هذا بافتراض حسن الظن المبدئي بامانة ونزاهة وكفاءة المسؤولين او الوزراء انفسهم ، وقد سبقني زملاء كثر في الكتابة بصحفنا المحلية عن عدم اكتراث بعض المواقع الالكترونية الرسمية للدولة باجابة المواطنين عموما ، وشاهدي القريب هو قيامي قبل ايام معدودة بمراسلة السيد وزير التربية على عنوان الايميل المحدد في الموقع الرسمي لوزارة التربية لمتابعة  مقترح لي نشر في جريدة الزمان بعنوان ( اداريات وقوانين مؤسفة ) ولم تتم اجابتي لحد الان رغم اعادة ارسال الرسالة لاكثر من مرتين ، نرجو ان يكون المانع خيرا فقد يكون خللا في منظومة الشبكة الالكترونية  التابعة لوزارة التربية ، والله اعلم !
عموما ، يرى البعض ان الاتصال اليومي المباشر للمسؤول الحكومي بموظفيه ومواطنيه وربما باناس مهنيين أخر من خارج الحدود هو أحد منافذ النور الرئيسة للحد من داء البيروقراطية والمساهمة في انارة الطريق لعمل المسؤول ومساعدته في تفهم  واقع ادارته وعمله والاسترشاد بآراء شرائح واسعة من الناس ، ويرى هذا البعض ايضا ان قاطع ذلك النور هو جاهل او متجاهل لسلامة وكفاءة ونزاهة اداء العمل .
في سابقة لم نألفها ، عمم السيد وزير السياحة والاثار ايميله الى جميع دوائره وموظفيه ، وافاد لي شهود عيان قيامهم بمخاطبة الوزير وتبادل الافكار والآراء المهنية معه حيث يقوم بالرد عليهم شخصيا في نفس اليوم وكذا في ايام العطل الرسمية .
نأمل من الحكومة ان تعمم هذه الظاهرة الحضارية الصحية ولتشمل اشهار العناوين المباشرة لكل المسؤولين في المواقع الالكترونية التي تخص دوائرهم اضافة الى عناوين المواقع نفسها فذلك ما يصب في صالح العمل الصحيح والقريب من الناس وكذا في صالح المسؤول نفسه حيث ان الانفتاح المباشر على الشعب هو بمثابة جهاز اعلام مجاني واسع محايد يساهم برفد المسؤول بتفاصيل قد تكون مهمة في اكتشاف احد اسباب اعاقة العمل او الحصول على مقترحات منطقية للتطوير في الخدمة العامة .
 تمهيد الطريق للتواصل الجدي المباشر بين اولي الامر وابناء العراق يعني بدء مرحلة جدية جديدة قد لا تكون سهلة ابدا لانها ستوثق دور المواطن في تحديد أطر حقوقه وواجباته مثلما ستوثق مدى وكفاءة وجدية ونزاهة تعامل المسؤول مع الحدث .
 ختاما  ، افادني احدهم بالقول : ان تبليط هذا الطريق هو احد الاهداف المبتغاة لاية ساحة تحرير تقع بين البصرة وزاخو .

نبيل قرياقوس 



59
  اداريات وقوانين مؤسفة

                 
 

في كل دولة وفي اي مجتمع يحتاج  الفرد الى كتب تأييد تخص بيان  حالته الدراسية او الاجتماعية او المادية او الثقافية وما الى ذلك مما يحتاج اليه لتوضيح واقع حال نفسه امام المجتمع او دوائر الدولة الاخرى  او امام  دوائر دول او مجتمعات اخرى ..

( الى من يهمه الامر ) هو عنوان الجهة التي ترسل اليها تلك التأييدات ، وهو عنوان درج على العمل به في كل دول المعمورة  ومجتمعاتها ، كما كان مستخدما في العراق لغاية منتصف تسعينات القرن الماضي حيث اوقف العمل به بتعميم اداري وكان ذلك الاجراء متناسبا مع استفحال  الفساد الاداري والمالي و اساليب قمع الحقوق و الحريات الشخصية للانسان هادفين بذلك  الى مراقبة  العراقي في طلب التأييد الذي يحتاجه لمعرفة الجهة التي سيستفاد منها لغرض اجهاض ذلك حينما يريده النظام ..

توقعت ، بعد 2003 ، ان ترتفع صيحات الاداريين في بلدنا مطالبة باعادة العمل في تسهيل مهمة المواطن في حصوله على تأييد يخص وضع من اوضاعه الخاصة وليستخدمه اينما يريد  طالما كانت المعلومات الواردة فيه صحيحة ، هذا الامر الذي لم  نجده لحد اليوم مع كل الاسف .

ارى ان تقوم الجهات المسؤولة في الدولة باصدار  تعميم الى الوزارات والدوائر الحكومية يوجب عليها منح اي تأييد يخص وضع  او واقع  اي مواطن يقدم طلبا للحصول عليه  وان لا تمانع في ان يعنون التأييد الى اي جهة   حتى وان كان ( الى من يهمه الامر ) ، كما نرجو ان يلزم هذا التعميم  بقية الوزارات والدوائر الحكومية  الاخذ بذلك التأييد  طالما انه صادر من جهة  حكومية اخرى .

ان اعادة العمل بهذا الاسلوب  الاداري  المستخدم عالميا لا يحافظ على حقوق الانسان  في الحصول  على واقع وضعه في دولته  حسب  وانما يقضي على الكثير من اساليب الفساد والروتين الاداري المتمثل بوجود خطأ في عناوين الجهة المرسل اليها اضافة الى تعقيدات بعض الادارات التي تمتنع عن اعطاء المواطن تأييدا الا برغبتها بعنونته للجهة الفلانية فقط ولا ندري ما العلة العبقرية في ذلك !! وفي هذا الصدد اذكر ان وزارة التربية مثلا ما زالت  تفصل الطالب الجامعي  من جامعته العراقية اذا قدم طلبا لحصوله على تأييد  صحيح غير مزور  معنون الى اي جهة اخرى !! وتمتنع  منعا باتا   عن منح هذا التأييد  معنونا الى من يهمه الامر !!

في جانب آخر ، نص قانون المفصولين السياسيين  الصادر عام 2005 على استقطاع التوقيفات التقاعدية لسنوات  الانقطاع عن العمل  من المفصول السياسي الذي تمت اعادته للعمل بموجب هذا القانون ، والسؤال المنطقي هو : كيف يتم تغريم هذا المتضرر بالزامه دفع توقيفات تقاعدية  لرواتب لم يستلمها ؟! حيث كان بالامكان قبول هذا الحكم  لو ان القانون كان يتضمن  تزويد المفصول المعاد بكافة الرواتب التي كان من المفترض ان يتقاضها لو انه لم يفصل من وظيفته ، اليس كذلك ؟!

نأمل الغاء  فقرة تغريم المفصول المعاد للخدمة لمبالغ توقيفات تقاعدية لرواتب غير مستلمة اصلا .

 

نبيل قرياقوس

 

60
المنبر الحر / رئيس العالم
« في: 12:28 17/03/2011  »
رئيس العالم

من منا فكر يوما باحتمال وجود رئيس واحد لكل العالم ؟!
هل فكر احدنا بالانتخابات التي ستولي رئيسا على كل الارض ؟
هل فكر احدنا بابعاد انسانية وعدل رئيس العالم ؟
هل فكر احدنا كيف سيضمن رئيس العالم المساواة والعيش والحياة الكريمة وحرية الكلمة والفكر والمعتقد لكل انسان على الارض ؟
هل فكر احدنا كيف سيعمل رئيس العالم على تأمين العمل والسكن والرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية بالحدود المعقولة اللائقة لكل انسان ثم التمييز على اساس افضلية العمل والابداع ومدى خدمة بقية البشر ؟
هل فكر احدنا بمدى شجاعة وتضحيات رئيس العالم ليكون قادرا على انهاء كل عنف وكل فرض للمعتقدات والافكار على الانسان تحت اي حجج كانت حتى لو ادعى البعض انها سماوية ؟
هل فكر احدنا بمدى سعة افق رئيس العالم ليعمل ويقنع البشر بان غريزتهم في التملك والسلطة يجب ان تكون وسيلة لمزيد من الخير والسعادة للاخرين وليس العكس ؟
هل فكر احدنا بسعة افق رئيس العالم في اقناع سكان الارض بالغاء عقوبة الاعدام ؟
هل فكر احدنا بمدى حكمة رئيس العالم ليضمن الرحمة على كل مخلوق على الارض ؟

ان كان هناك بيننا من يفكر او يحلم بذلك فهو يستحق ان يرشح نفسه ليكون رئيسا للعالم شرط ان يوضح قبل الانتخاب كيف سيكون قادرا على تحقيق افكاره واحلامه بنجاح ونزاهة ..
حين ذاك قد يكون هناك امل لئن ينتخب رئيسا للعالم ..
وحينما يفلح في فترة حكمه كرئيس للعالم فانه سيقترب من امل تسميته صحفيا ناجحا ..

نبيل قرياقوس

61
                                              نفي انباء ملفقة عن وزير عراقي   

 
   

نفى مصدر مسؤول في احدى الوزارات العراقية انباء صحفية تسربت من بعض موظفي الوزارة ذاتها تفيد ان السيد الوزير اقدم على سابقة تعد الاولى في مستواها ونوعيتها على صعيد منطقة الشرق الاوسط في مجال محاربة الفساد الاداري ، وقال مدير مكتب السيد الوزير في تصريح له لوكالات الانباء ومندوبي عدد كبير من الصحف المحلية والقنوات الفضائية :
( ان تلفيق هذه الانباء المفبركة ما هو الا للنيل من الاداء الكفؤ للوزارة والذي يشهد عليه الكثيرون من الاصدقاء والاقارب) واسترسل مضيفا :
(ان ما اشيع عن قيام السيد الوزير بمبادرة التواجد في كل من مؤسسات وهيئات ومديريات واقسام الوزارة وعلى مدى الثلاثة اشهر الماضية لاستطلاع اراء الموظفين خطيا في استمارات معدة لهذا الغرض وزعت عليهم ( دون درج الاسماء ) لغرض الاستئناس السري المباشر برأي كل موظف في مدى صلاحية مديره من عدمه باستخدام كلمة نعم او كلا ، يعتبر اشاعة خطيرة هدفها التأثير على العناصر الكفؤة المرشحة من الاحزاب والكتل السياسية لقيادة مفاصل عمل الوزارة .
بينما كانت انباء صحفية اكدت ونقلا عن شهود عيان قيام هكذا ممارسة في الوزارة فعلا ، وافادت تلك الانباء ان السيد الوزير وعد باعادة الممارسة مطلع كل عام ، فيما اشرف بنفسه على عمليات فرز الاراء في كل مؤسسة وهيئة ومديرية وقسم على حدة وان سيادته اصدر اثر تلك العمليات اوامر باعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم ، واضافت تلك الانباء المـسربة من داخل الوزارة ان مسؤولين رفيعي المستوى وممن يعدون مقربين جدا للسيد الوزير تصدروا قائمة المزاحين عن مناصبهم ، وتحدث موظفون من الوزارة عن اجواء الفرح التي غمرتهم وهم يرون مسؤولا بمستوى وزير يتمتع بهذه الروح العالية من العمل والثقة بالجميع انطلاقا من كونه عراقيا ، وان ذلك حفزهم لبيان رأيهم بجدية ونزاهة مهنية بعيدا عن اي اجواء اخرى ،عادين هذا الحدث انقلابا ديموقراطيا سلميا على صعيد الدولة العراقية لا يقوم به الا الشجعان المؤمنون بان لا ادارة ناجحة دون رضى وقناعة الاغلبية من كوادرها وان الصالح يفرض نفسه سلميا .
من جهته ، حث المصدر المسؤول في الوزارة الصحفيين والاعلاميين العراقيين توخي الدقة وعدم التسرع والانجرار وراء اراء الشارع العراقي الدائم التشكي من الوزارة وادائها مذكرا ان العراقي يجب ان يتعلم كيف يدفع كي يأخذ ، واختتم المصدر المسؤول تصريحه معاتبا الصحافة في اشارة غير مباشرة بالقول:
( ان بث مثل هذة الاشاعات من شأنه عرقلة مسيرة الوزارة الحافلة بالعمل والابداع والنزاهة ) .
قرب وسادتي ، الساعة السادسة صباحا ،غردت البلبلة فيروز لتوقضني من حلم ازعج ما فيه كيف سأستطيع اقناع دوائر اعلام وزارتنا اطلاع السادة الوزراء على حلم قد يخصهم جميعا

نبيل قرياقوس
.

62
المنبر الحر / كتاب وشعراء للبيع
« في: 15:36 23/11/2010  »
                        كتاب وشعراء للبيع

التقيت قبل سنوات برجل كبير له قدرة عالية على ترتيب كلمات لغة عربية فصحى بثوان وليصنع منها قصيدة موزونة ومقفاة ، وتلك موهبة انسانية رائعة لولا انها تصنع على يد  هذا الرجل حال طلبها منه مقابل ثمن ما !! وانا اراه هنا اقرب الى كونه طباخا للاحرف عن كونه شاعرا..
قرأت لكتاب ومفكرين وصحفيين ما هو روعة في الاسلوب لولا ان احرفهم تميل بين يوم وآخر مع هوى من يفيدهم شخصيا دون المبالاة ببقية البشر ، فبعضهم يتقلب نفاقا باحرفه يوميا وربما بالساعات شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا !!
مهنة صناعة الكلمات النظيفة صعبة جدا على مقتدرها ومحبها حيث تحتم عليه وعيا وثقافة وربما عوامل بيئية واخرى وراثية في دماغه وبقية اعضاء جسمه تؤمن له قدرة الانطلاق من اقل نسبة انحياز للـ ( أنا ) الذاتية ومحاولة معايشة ( أنا ) الآخرين وليؤلف بعدها البحث او الدراسة او العامود الصحفي او المقال او القصة او الشعر ، والـ ( أنا ) المقصودة هنا هي تلك التي تجسد بعدي الحاجة الى المال والسلطة والحاجة الجسدية للانسان ..
البعض من صانعي الكلمة متخلف ثقافيا وحضاريا وحاله هنا كحال اي انسان جاهل لا يعرف اهمية النظافة مثلا ، فهو لا يحس بانحيازه لـ ( أناه ) تساعده في ذلك اوضاع مصالحه ومضامين بعض القيم والاصول التي تربى عليها وورثها اجتماعيا ، والبعض الآخر من صانعي الكلمة يدرك ما هو صحيح لكنه مدمن على النفاق والانتهازية وحاله هنا كحال المدمن على مأكل او مشرب رغم معرفته بضرر ذلك المأكل او المشرب ، اما البعض الآخر فهو مزدوج الشخصية كأن يتمنى ويمارس سرا او علانية ( حينما يتمكن ) ما ينتقده عند الغير !! او ان يتمنى المساواة بينه وبين غيره او بين عشيرته وغيرها او بين قوميته او ملته وغيرها ، الا انه في مواقف اخرى يفترض تميزا لشخصه او عشيرته او قوميته على غيرها وبمبررات شتى !!
من يصنع الكلمة او الحرف الانساني النظيف صناعة متقنة يكون اقرب الى العدل النسبي في بيان رأيه في المواضيع المختلفة مما يتعامل به ، ويكون اقرب الى الحب الفاضل مع بقية البشر وبضمنهم احبائه ..
التاريخ الانساني يحمل اسماء كثر لم تكن صناعة احرفهم نظيفة ..
وايامنا الحاضرة في مجتماعاتنا الشرقية تصفق لكثر ممن ليست صناعة احرفهم نظيفة ..
ذوو صناعة الاحرف النظيفة كثر ومنهم من عانى ومات فقيرا لانه ما فكر الا ان يهدي صناعته لبني الانسان دون ان يبيعها ..
ما زالت سوق مبيعات صناعة الاحرف او الكلمة في مجتماعاتنا تسجل اسعارا لكتاب وصحفيين وشعراء وربما مفكرين لا يستحقون هذه التسميات ..
صناع الحرف والكلمة المبدعون لم ولن تدخل اسماؤهم في اي سوق للمبيعات ..
الكلمة ارقى ما في الانسان ..
الكلمة اسمى من ان تدخل سوقا  للمبيعات ..
الكلمة مساواة وحب بين كل البشر ..
الكلمة اقدس من ان يكون لها ثمن ..

نبيل قرياقوس   

63
المنبر الحر / البخلاء اجتماعيا
« في: 17:28 17/11/2010  »


البخلاء اجتماعيا

نبيل قرياقوس


لا تتوفر لديّ معلومات تفصيلية وأكيدة عن صلة صفة (البخل) بعلم الوراثة ، الا اني لا اتوقع أن تكون هذه الصفة مكتسبة من المجتمع المحيط بالفرد بشكل كلي ، و أري ان الظروف المحيطة بالانسان هي عوامل مساعدة لتفعيل صفة (البخل) أو (الكرم) المتوارثة لدي الفرد .
دعوني أعرض علي حضراتكم نماذج من صور بخلاء حقيقية ، حصلت عليها من مواقع مختلفة من ثنايا مجتمعنا خلال خمس عقود عمر:
عسكري مطوع ذو راتب شهري عال عام 1980 كان يوميا يقطع مشيا مسافة لا تقل عن عشرين كيلو مترا ذهابا ومثلها ايابا من بيته الي وحدته العسكرية في مدينة البصرة ايام تموز وآب لئلا يدفع اجرة نقل قدرها (25) فلسا لكل مرة . تزوج وطلق زوجته بعد أقل من عام وشكي حينها لنا من ثقل ما يتحمله الانسان عندما يتكفل بمعيشة انسان آخر!!
 صورة اخري لرجل تعرفت عليه مطلع التسعينات موظفا متقاعدا حالته المادية ممتازة ، له بيت واسع وقطعة أرض سكنية وآخري زراعية وذهب وأموال ، وهو يصر علي مليء معدته حد التخمة المفرطة عندما يدعي لأية مأدبة طعام ، بل لا تتواني زوجته عن ملء حقيبتها اليدوية الواسعة ببقايا طعام تلك المأدبة كي ترحلها للبيت لتكون ذخيرة لليوم التالي!

صورة ملونة لامرأة في عقد عمرها الخامس ، غير متزوجة ، تملك بيتا ورصيد مال ومورد عمل شهري ، لازالت للحظة ترتدي ملابس كانت تلبسها منذ ان كانت طالبة جامعية قبل نحو ثلاثين عاما ! من طرائفها انها تتألم وتعيد كثيراً من حساباتها عندما تنفذ قنينة غاز الطبخ لديها قبل مدة اربعة أشهر ! وعندما تأتي الايام التي يرتفع فيها سعر الغاز فانها تصطاد ساعات الليل المتأخرة لتنهض كي تغلي ماء لصنع الشاي علي المخسن الكهربائي ، ثم تقوم بعزل (القوري) بالاقمشة ليحافظ علي درجة حرارته حتي الصباح حيث تنهض لتفطر وتشرب الشاي الدافيء دون الاستعانة بالغاز!!
صورة آخري لرجل في عقده الخامس ، له أملاك كثيرة تجارية ، لكنه يثير الشجار يوميا مع زوجته (ربة بيت) كما كان يخبرنا ، فهو دائم العتاب عليها ، فهي تسبح مرتين في اليوم صيفا ، وذاك ما يعده تبذيرا وصرفا غير معقول لـ (الصابون).
لم أرصد في حياتي حالة بخل لدي شخص فقير الحالة ماديا ، وارجع سبب ذلك الي عدم كفاية الاضواء التي تكشف لنا حقيقة بخل الشخص من ضعف قدرته المالية فعلا ، ويمكن ان نتصور ان اعدادا من الفقراء هم بخلاء فعلا اذا ما اتجهت الظروف لامتلاكهم ثروة.
لما كان البخل يشمل فلسفة التصرف والانفاق في التعاملات المادية للمجالات التي لا تحكمها او تحددها الانظمة والقوانين ، كمدي الصرف علي الذات او العائلة ومدي مساعدة الاشخاص المحتاجين المتروك لتقدير الانسان وطبيعة سلوكه ، لذا فان البخلاء تجمعهم عوامل اجتماعية مشتركة اهمها: انهم يشعرون بدواخلهم بمتعة الكسب و (الشطارة) حينما يمارسون البخل يوميا لغرض المزيد من ادخار المال ، بينما هم يكرهون علنا صفة (البخل) وينتقدون اي بخيل يصادفهم ، فالبخيل لا يحب التعامل مع بخيل آخر لانه يدرك في دواخله صعوبة الحصول علي ما يبتغيه من الطرف الآخر. البخيل عموما يحاول ملاصقة من هو أفضل منه ماديا طمعا في الوصول الي اسباب وسبل الرقي الي مستوي مالي أعلي باقصر الطرق وان كان البخل احدها.! يتقرب البخيل الي شخص فقير اذا طمع في حاجة لديه او جهد له وليحاول الحصول علي مراده بازهد وابخس الاثمان استغلالا لظرف من هو في عوز ..
رحم الله عالمنا المبدع علي الوردي، الباقي معنا دوما، فهو كريم علينا ليعيرنا ريشته كي نتمكن مواصلة رسم صورة البخل والبخلاء .



64
قصة مسؤول عراقي بعد 2003

في نيسان /2003 ( هو ) مع ابناء الشعب الغاضب في ساحة الفردوس ..
بعد اشهر ، ( هو ) على كرسي وزير ابوابه مشرعة دون سكرتير ..
بعد اشهر ، تقابله بعد افهام السكرتير ذو الاخلاق الرفيعة المستوى ..
بعد اشهر ، سكرتير جديد لا يرحب الا بـ ( العرف) ..
بعد اشهر ، مقابلات الوزير اسبوعية ..
بعد اشهر ، مقابلات الوزير شهرية ..
بعد اشهر ، يمنع دخول طابق الوزير ..
بعد اشهر ، يمنع دخول الوزارة ..
بعد اشهر ، يمنع دخول شارع بناية الوزارة ..
بعد اشهر : اهجر بلدك يا عراقي او طخ رأسك بالحائط  !


نبيل قرياقوس

65
المنبر الحر / رئيس العالم
« في: 18:50 31/10/2010  »
                                  رئيس العالم

من منا فكر يوما باحتمال وجود رئيس واحد لكل العالم ؟!
هل فكر احدنا بالانتخابات التي  ستولي رئيسا على كل الارض ؟
هل فكر احدنا بابعاد انسانية وعدل رئيس العالم ؟
هل فكر احدنا كيف سيضمن رئيس العالم المساواة والعيش والحياة الكريمة وحرية الكلمة والفكر والمعتقد لكل انسان على الارض ؟
هل فكر احدنا كيف سيعمل رئيس العالم على تأمين العمل والسكن والرعاية الاجتماعية والصحية والنفسية بالحدود المعقولة اللائقة لكل انسان ثم التمييز على اساس افضلية العمل والابداع ومدى خدمة بقية البشر ؟
هل فكر احدنا بمدى شجاعة وتضحيات رئيس العالم ليكون قادرا على انهاء كل عنف وكل فرض للمعتقدات والافكار على الانسان تحت اي حجج كانت حتى لو ادعى البعض انها سماوية ؟
هل فكر احدنا بمدى سعة افق رئيس العالم ليعمل ويقنع البشر بان غريزتهم في التملك والسلطة يجب ان تكون وسيلة لمزيد من الخير والسعادة للاخرين وليس العكس ؟
هل فكر احدنا بسعة افق رئيس العالم في اقناع سكان الارض بالغاء عقوبة الاعدام ؟
هل فكر احدنا بمدى السمو الانساني لرئيس العالم ليكون مؤهلا لنشر مباديء العفو والتسامح والحب وقبول الآخر بين البشر والامم ؟
هل فكر احدنا بمدى حكمة رئيس العالم ليضمن الرحمة على كل مخلوق على الارض ؟
ان كان هناك بيننا من يفكر او يحلم بذلك فهو يستحق ان يرشح نفسه ليكون رئيسا للعالم شرط ان يوضح قبل الانتخاب كيف سيكون قادرا على تحقيق افكاره واحلامه بنجاح ونزاهة ..
حين ذاك قد يكون هناك امل لئن ينتخب رئيسا للعالم ..
وحينما يفلح في فترة حكمه كرئيس للعالم فانه سيقترب من امل تسميته صحفيا ناجحا ..

نبيل قرياقوس





66
المنبر الحر / تي تي .. تي تي
« في: 18:41 26/10/2010  »

 

تي تي .. تي تي

سمعت احدهم قال عن آخر حدثه عن تفاصيل حوار جري بينه وبين رئيس تحرير صحيفة يكتب فيها :
- أكتب في صحيفتي وفق الاصول والمسؤولية الصحفية بكل المواضيع التي تشوفها مناسبة، كن حرا فيما تري من أجل المصلحة العامة .
- تمام .. شكرا .
- ملاحظة صغيرة فقط : تجنب هذه الايام الكتابة عن ما يخص المسؤول الفلاني والمسؤول الفلاني .
- ماشي .
- اكتب براحتك ومثل ما تريد لأننا في زمن الديموقراطية ، لكن تحاشي الان الكتابة عن الحزب والكتلة الفلانية .
- !!
- فكر واكتب من اجل المصلحة العامة وبنظرة غير ضيقة ، نظرة منفتحة مستوعبة لكامل وضع الساحة العراقية ، لكن رجاء حاول عدم التحرش بالوزارة الفلانية او مؤسساتها .
- نعم !!
- لا تتقيد بأي معوقات تراها تضر بصميم عمل الصحفي ، امتلك كل الحرية لكن رجاء انتبه ان الشركة الفلانية هي صاحبة اكبر عدد اعلانات عندنا .
- ها .. ها .
- أكتب براحتك وبحرية تامة ، وحاول أن تبتعد هذه الايام عن الاوضاع الفلانية في المحافظة الفلانية او الدولة الفلانية .
- نعم .. مفهوم !!
- أكتب بكامل حريتك .
- نعم سأكتب بحرية عن مضار التدخين والتأثيرات الفكرية والسياسية والاقتصادية المستقبلية للسياحة علي سطح المريخ ! أم أن هذا ممنوع ايضا ؟!
- كلا ابدا .. أكتب براحتك .. أنت حر بس لا تربط الموضوع باحداث الساعة !!
- شكرا جزيلا ..
نبيل قرياقوس



67
المنبر الحر / قصة شرقية
« في: 21:21 14/10/2010  »
 
           مقال : قصة شرقية
 تلقيت اليوم في بريدي الالكتروني رسالة من صديق دائم التواصل معي تحمل مقالا نسب الى ( فيصل الياسري )  وقد يقصد به النجم الاعلامي الاستاذ فيصل الياسري ، وبدوري اطلع  القراء الكرام  على نص المقال الذي ارى فيه قصة شرقية قد يكون نمطها متداولا في حياة معظم الشرقيين وعلى اصعدة شتى :
 
كان لي صاحب ، شاعر ، واستاذ جامعي ، افكاره عصرية ، متحضر هو وعائلته ، زوجته وابنه وابنته يحملون شهادات جامعية ، لا احد فيهم متزمت دينيا ، كانوا في بيتهم ببغداد يقيمون بين حين وآخر سهرات اسرية لبعض الاصدقاء ، عامرة بالطعام والشراب والطرب !!
صاحبي هذا ترك العراق عام 2004 لانه لا يطيق رؤية الامريكان ، ولا يحتمل وجودهم ، هاجر مع اسرته – التي تشاطره المشاعر السياسية - الى اول محطة متاحة لهم : عمان ... حيث استقر استقرارا مريحا ، منزل مناسب ووظيفة في احدى الجامعات الاردنية ، وعمل استشاري لزوجته ، ووظيفة لابنه في مؤسسة تجارية ووظيفة لابنته في مركز للكمبيوتر ، بل ان هذه الابنة حصلت على زوج مناسب جدا ومهذب ...
كنت ازور صاحبي هذا بين حين واخر ، في منزله في عمان ، ونجلس في الصالون ، تضللنا صور كبيرة معلقة لصدام حسين ، خمسة من تلك الصور معلقة جنب بعضها البعض ، كل منها في زي مختلف وموقف مختلف ، وعلى شاشة كمبيوترهم صورة  " للريس " يتحدث بالتلفون ، وعلى باب الثلاجة ملصقة ثلاث صور صغيره " للريس " واولاده " المرحومين " ...
وكان يتخلل جلستنا بين حين وآخر ان تأتينا من الحجرة المجاورة اغنية "منصورة يا بغداد .."  او " .. يا كاع .." ... المهم كان المكان مفعما بجو من "الوطنية الخاصة جدا " .. والاخلاص لما مضى ، والادانة لكل ما هو قائم تحت شعار " الاحتلال باطل وكل ما بني على باطل فهو باطل .. ! " وكان يرافق كل ذلك اجترار لجمل جاهزة ، لا يملون من تكرارها برفض العدو الغازي ، ولن يهدأ بالهم الا بتحرير الوطن من العدو " القبيح " .. حيث كانت الزوجة بالذات تصر بمناسبة وغير مناسبة على استعمال هذا الوصف : القبيح !!
عظيم ، هذه قناعاتهم ، ومن حقهم جدا ، وليأخذوا راحتهم ، فنحن في بيتهم ، ولكننا بصراحة مللنا من هذه " الاسطوانة " وكلما حاولنا تغيرها في احاديث عامة وطريفة ، وذكريات عن بغداد والعراق ، كانوا يعودون الى موضوعهم المفضل ، التحسر على الماضي الجميل والادانة والرفض المطلق للعدو القبيح ... الذي لا يستطيعون رؤوته .. ولا يطيقون سماع صوته ... ولا يريدون سماع اخباره .. ولا مشاهدة افلامه .. ومسلسلاته ... ويتفاخرون بهذا الموقف ... عظيم ... موقف صلب .. وصامد ...!!
وهكذا اصبحت زيارتنا لهم مملة ، فتباعد الزمن بين زيارة واخرى , الى ان جاء عيد رمضان ، فوجدنا من الواجب الاجتماعي ان نزورهم ، فاخذنا علبة حلويات وتوجهنا الى منزلهم القريب منا ... قرعنا الجرس ، فلم يجب احد ، ثانية .. وثالثة ... لا احد .! وفتح باب الجيران واطل شخص ليخبرنا ان الجماعة تركوا هذه الشقة منذ ثلاثة اشهر وليست لديه معلومات الى اين ، ولكن يعتقد انهم هاجروا .. جميعا ؟ ... جميعا !
في السيارة ، اقترحت علي زوجتي ان نتصل بصديق مشترك ربما يعرف عن الجماعة شيئا ، وهذا ما حدث ... فما ان سألته عنهم ، حتى استغرب اننا لا نعرف شيئا ، ونجهل انهم منذ سنة يسعون الى الهجرة ، الى اين ؟ الى بلاد العدو بالذات ..امريكا العدو القبيح الذي يكرهونه ... وهم الان في نبراسكا بالذات !! في احضان العدو .. يعيشون حياته ، ويسمعون اخباره ، ويشاهدون افلامه ومسلسلاته ، ويسعون لاتقان لغته ، ويطيعون قوانينه وتحذيراته ، ويستمعون الى توجيهات بوليسه ، ويراجعون دوائره للحصول على اوراقهم الثبوتية واقامتهم ، وينتظرون معونته المالية ، ويقفون بالطوابير للحصول على فرصة عمل ، وسيدفعون الضرائب ‘ فيساهمون في تمويل العدو القبيح الذي هربوا منه في بغداد ... وربما سيصبح يوما ما احد ابنائهم اواحفادهم عسكريا "  قبيحا " يؤسس "الديمقراطية" في بلد ما !! .
نبيل قرياقوس
 



68
المنبر الحر / لم تعلن حالة الحب
« في: 20:44 13/09/2010  »
                           لم تعلن حالة الحب
 
سمعت احدهم في مكان عام يتحدث عن مسلسل ( اعلان حالة حب ) وهو عمل فني عراقي ضخم  بذلت به جهود جبارة واشترك في تمثيله ممثلون عراقيون رائعون ، انتج عام 2010 وهو من كتابة وسيناريو الكاتب الرائع احمد هاتف الذي اكن له شخصيا افضل التقدير والاحترام ، انقل ما قاله ذاك المتحدث ( المشاهد ) رغم اني قد اتطابق مع بعض مما قاله واختلف معه في نواح اخرى ..قال والعهدة عليه :
كنت قد قطعت عهدا على نفسي ان لا اشاهد اي عمل فني عراقي لاسباب عدة اهمها توقعي الدائم لضعف بعض عناصر خلق المسلسل او العمل الفني من فكرة او قصة او سيناريو او تمثيل او اخراج وكذا ما يلم ذلك من امور ادارية او مالية او تسويقية او دعائية ، وفي افضل الاحوال فان الفقر الشديد في احد هذه العناصر يهوي بالعمل الفني كاملا الى ما يتناسب وذاك الفقر ..
ولكي لا اطيل الحديث اقول حاولت متابعة المسلسل العراقي ( اعلان حالة حب ) على شاشة الفضائية الشرقية وقد اغراني هذا العنوان الكبير الذي تمنيت وحلمت بمحتوى من المضمون على قدره ، فوجدت نفسي نادما على نقض عهدي مبينا ما يلي :
1 . ابتدأ المسلسل وانتهى ولم اجد فيه اي اعلان لحالة  حب جديدة واضحة بكبرها عدا عشق بين شابة وشاب عاندا اهليهما لغرض ارتباطهما بزواج الى ان قتل كلاهما بينما كان بالامكان صياغة السناريو والقصة بشكل يوضح جليا وعلى لسان وتصرفات العاشقين واقاربهما حالة الحب الجديد المطلوب في شعب يعيش اوضاع تقاليد اجتماعية غير متحضرة تتنافى مع حقوق الانسان ، وهنا ارجو ان لا يفهم كلامي  اني اريد اقحام مباديء او مواقف او جمل في العمل الفني الذي ينقل واقع مجتمعنا بقدر ما اطالب بتثبيت وجود حالات من يريد فعلا ارساء حالات حب واسس اجتماعية انسانية جديدة متحضرة في مجتمعنا ..
2 . ابتدأ المسلسل وانتهى وارى ان الآثار النفسية التي تركها هي استمرار قبول الخضوع للمسلمة الشرقية القاضية بكون جسد المرأة ، حسب ، هو شرفها وشرف عائلتها ، فوالد الشابة العاشقة في المسلسل يحكي عن ابنته بانها ( شرفه ) الذي انتهك ، بينما والد الشاب يلوم ابنه على العصيان فقط !!
كان المجال فسيحا لصاحب العمل الفني ان يرسل احدى رسائل اعلان الحب لتقول بشكل واضح ان شرف الانسان هو في مدى عمله واخلاصه فيه وفي مدى خدمته لمجتمعه والانسانية ، تلك الرسالة التي يعمل من اجلها خيرة افراد مجتمعنا ، وارى ان المسلسل لم يبرز هذه الرسالة بشكل يتناسب واهميتها لمجتمعنا بحيث بات مكان الرسالة واسعا خاليا في المسلسل ، ومن ناحية اخرى انتهى المسلسل بمقتل كل امل في استمرار اي حب، هذا اذا كان حب الشابين  وتحدياته هو المقصود في الاعلان عنه  ، حيث قتلت ( الانثى ) بيد ابيها وكأن المسلسل يؤكد استمرار اقرار ان ذلك هو الوضع الطبيعي لـ ( انثى ) تطالب بحقها الانساني في اختيار شريك حياتها ، وارى انه كان بالامكان صياغة نهاية تساهم في اعلان وزرع وارساء  قيم حب جديدة تربي الناس على تحاشي احتمالات القتل ، وذلك بجعل والد الشابة يتراجع عن ( الانتقام )  من ابنته ، وكذا والد الشاب ، ولتكون هذه هي الرسالة المهمة الثانية التي يرسلها العمل الفني للاعلان عن حالة حب ..
3 . اثني على طاقات فنية منفردة ممتازة اشتركت في تمثيل هذا العمل الفني ، الا اني استدرك القول ولاعلن انه لو اشرك ممثل مصري متميز ( مثل نور الشريف او يحيى الفخراني ) لاداء دور في هذا العمل الفني فاني اتوقع انه كان سيفرض الكثير مما المحت اليه في النقاط اعلاه  على كاتب القصة والسيناريو وبممرات واسعة من المعالجة في افق التأليف والسيناريو لاعلان حالات الحب بشكل واضح حتى لو اصر الكاتب على انهاء القصة بمقتل الشابين ، ويمكن ملاحظة ذلك في كثير من الاعمال الفنية لهذين الممثلين الجليلين فرغم صورة الواقع الاجتماعي المتخلف لشرائح واسعة من المجتمع المصري والتي يقوم  هذين الممثلين بنقلها الا انهما يقومان وبطريقة فنية رائعة ومبررة ومقنعة ، وبعيدا عن وضع الاقحام بالاعلان عن حالة صورة جديدة من العلاقات والحب لتكون بديلة صورة التخلف الاجتماعي الانساني ..
4 . الطفل اليتيم ، فاقد الاب والام ، وليد الحب  بين الشابين يبقى في نهاية المسلسل مشردا تحت رحمة الاطلاقات النارية والضحايا المحبة التي تتساقط صريعة من حوله ، فهل ذاك هو الاعلان عن حالة الحب ..
أرى وكأن المسلسل بشكل عام اعلن بصورة غير مقصودة ، شاء المؤلف ام ابى ، عن حالة موت حتى وان كان ضمنها جيفارا او كل الاخيار المتطلعين للديمقراطية ولحرية الانسان ..
معذرة ..سادتي فذاك هو رأي وانا لست الا بمشاهد بسيط وحسب ، وبالتأكيد هناك الكثير ممن لديهم اراء معاكسة ..
نبيل قرياقوس
 



69
                        مقال:    اعتداءات هواتف نقالة

تقدم مواطن عراقي باول شكوى قضائية في المحاكم العراقية ضد احدى شركات الهواتف النقالة العاملة في العراق ، وتضمنت شكواه المطالبة بتعويضات مالية قدرها خمسين مليون دولار عن المضايقات التي تعرض لها نتيجة قيام الشركة بالاعتداء والتجاوز على خطه الهاتفي وذلك بارسال رسائل دعائية اجبارية واخرى وهمية وفي اوقات مختلفة من كل يوم .
واوضح المواطن انه اتصل بالشركة لمرات عديدة منبها اياها بضرورة ايقاف اعتداءات المضايقات والتجاوز على خطه الهاتفي وطالب بالكف عن ارسال الرسائل الاجبارية اليه ، وقدم المواطن للقضاء العراقي تسجيلات صوتية للمكالمات الهاتفية التي جرت بينه وبين موظفي الشركة مطالبا اياهم بايقاف مضايقاتهم له والتوقف عن التجاوز على حرمة خطه الهاتفي بالرسائل الدعائية التي تخدم الشركة او عملها او جهات اخرى وكذا رسائل الاحتيال والنصب لاغراض سرقة رصيد المشترك ، وتبين من المكالمات الهاتفية  قيام المواطن بتنبيه الشركة بانه واعتبارا من تاريخ محدد سيقوم بالمطالبة بتعويضات مالية قدرها مليون دولار عن كل رسالة مضايقة  يتم ارسالها اجباريا على خطه الهاتفي .
تأتي مطالبة المواطن بتعويضات مالية  قدرها خمسين مليون دولار عن خمسين رسالة اجبارية قامت الشركة باقحامها في  خط هاتفه الخاص  خلال شهر واحد رغم عدم رغبة المواطن بذلك ، متحدية الحقوق الانسانية ، وضاربة عرض الحائط  كل اصول العمل المعروفة لدى شركات الهواتف النقالة عالميا .
على الصعيد نفسه اثار تقديم المواطن لهذه الدعوى القضائية ردود افعال كثيرة حيث يرغب الان الالاف من العراقيين تقديم دعاوى مرادفة  لدى القضاء العراقي لمطالبة بتعويضات مماثلة ، بينما طالب الاف اخرون بضرورة قيام الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني و هيئة النزاهة بالتحقق في مصير ملايين الدولارات التي تمت سرقتها من العراقيين المشتركين في خدمات شركة الهواتف النقالة عن طريق رسائل احتيال وهمية ارسلت من الشركة الى مشتركيها .
مصدر مخول في الحكومة العراقية اعرب عن امله في قيام القضاء العراقي باداء دوره العادل في الدعوى القضائية المقامة من قبل المواطن على شركة الهاتف النقال فيما دعا بقية المواطنين المتضررين الى تقديم شكاوى مماثلة مدعمة بادلة مادية تثبت تجاوز الشركة على حقوق المشترك .
 هذا واعتبر المسؤول الحكومي هذه الدعوى القضائية الاولى من نوعها على صعيد القضاء والدولة العراقية .
سادتي : الخبر اعلاه سمعته من احد المواطنين وانا اتناول قدح شاي في مقهى شعبي في احدى المدن العراقية  ، ولا ادري مدى صحة الخبر !!

نبيل قرياقوس
ملاحظة : نشر المقال اعلاه في جريدة الزمان بنسختيها المحلية والدولية يوم 4/9/2010




70
  اعتداءات هواتف نقالة
 
تقدم مواطن عراقي باول شكوى قضائية في المحاكم العراقية ضد احدى شركات الهواتف النقالة العاملة في العراق ، وتضمنت شكواه المطالبة بتعويضات مالية قدرها خمسين مليون دولار عن المضايقات التي تعرض لها نتيجة قيام الشركة بالاعتداء والتجاوز على خطه الهاتفي وذلك بارسال رسائل دعائية اجبارية واخرى وهمية وفي اوقات مختلفة من كل يوم .
واوضح المواطن انه اتصل بالشركة لمرات عديدة منبها اياها بضرورة ايقاف اعتداءات المضايقات والتجاوز على خطه الهاتفي وطالب بالكف عن ارسال الرسائل الاجبارية اليه ، وقدم المواطن للقضاء العراقي تسجيلات صوتية للمكالمات الهاتفية التي جرت بينه وبين موظفي الشركة مطالبا اياهم بايقاف مضايقاتهم له والتوقف عن التجاوز على حرمة خطه الهاتفي بالرسائل الدعائية التي تخدم الشركة او عملها او جهات اخرى وكذا رسائل الاحتيال والنصب لاغراض سرقة رصيد المشترك ، وتبين من المكالمات الهاتفية  قيام المواطن بتنبيه الشركة بانه واعتبارا من تاريخ محدد سيقوم بالمطالبة بتعويضات مالية قدرها مليون دولار عن كل رسالة مضايقة  يتم ارسالها اجباريا على خطه الهاتفي .
تأتي مطالبة المواطن بتعويضات مالية  قدرها خمسين مليون دولار عن خمسين رسالة اجبارية قامت الشركة باقحامها في  خط هاتفه الخاص  خلال شهر واحد رغم عدم رغبة المواطن بذلك ، متحدية الحقوق الانسانية ، وضاربة عرض الحائط  كل اصول العمل المعروفة لدى شركات الهواتف النقالة عالميا .
على الصعيد نفسه اثار تقديم المواطن لهذه الدعوى القضائية ردود افعال كثيرة حيث يرغب الان الالاف من العراقيين تقديم دعاوى مرادفة  لدى القضاء العراقي لمطالبة بتعويضات مماثلة ، بينما طالب الاف اخرون بضرورة قيام الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني و هيئة النزاهة بالتحقق في مصير ملايين الدولارات التي تمت سرقتها من العراقيين المشتركين في خدمات شركة الهواتف النقالة عن طريق رسائل احتيال وهمية ارسلت من الشركة الى مشتركيها .
مصدر مخول في الحكومة العراقية اعرب عن امله في قيام القضاء العراقي باداء دوره العادل في الدعوى القضائية المقامة من قبل المواطن على شركة الهاتف النقال فيما دعا بقية المواطنين المتضررين الى تقديم شكاوى مماثلة مدعمة بادلة مادية تثبت تجاوز الشركة على حقوق المشترك .
 هذا واعتبر المسؤول الحكومي هذه الدعوى القضائية الاولى من نوعها على صعيد القضاء والدولة العراقية .
سادتي : الخبر اعلاه سمعته من احد المواطنين وانا اتناول قدح شاي في مقهى شعبي في احدى المدن العراقية، ولا ادري مدى صحة الخبر !!
 
نبيل قرياقوس

71
المنبر الحر / طاح حظه
« في: 13:54 31/08/2010  »
                                   طاح حظه

قال من لا اعرفه في مكان عام والعهدة عليه :

قبل عام 2003 شاهدت اول برنامج عراقي يحاول افتعال مواقف نادرة وغريبة مع افراد من عامة الناس ، لغرض تسجيلها بعدسة كاميرة خفية لتبث في التلفاز كمادة درامية لتسلية المشاهدين بمواقف وردود اولئك الناس الذين يتم اصطياهم من الاماكن العامة ، وذلك تقليدا لبرامج اجنبية وعربية مماثلة لكن دون ان تؤثر بشكل سلبي كبير على وضع او نفسية الفرد الذي يقع فريسة عدسة الكاميرا الخفية بل ان اغلب المواقف المفتعلة هي مواقف تثير اندهاش وربما فرح الفرد المصطاد ، بينما اتذكر ان لعبة البرنامج العراقي اعتمدت على فكرة مباغتة عريس وعروسته  لحظة دخولهما فندق سياحي لقضاء ليلة ليست كباقي ليالي العمر حيث انها ليلة دخول البعل ببعلته لاول مرة  ، ويقوم احد افراد  الكاميرا الخفية بالترحاب الحار بالزوجة مناديا اياها باسم ( تدليع ) معاتبا اياها على زواجها من غيره بينما يدعي انها كانت حتى ليلة الامس قد التقت به في لقاء غرامي حميم ، ويقوم  هذا الممثل الشاطر ايضا بمخاطبة الزوج وبقية الناس المتجمعة لحظتها قائلا : ان هذه العروسة هي حبيبتي التي لا يمكنني الاستغناء عنها !!
تطورنا الى الامام عام 2010 وجاء برنامج عراقي مماثل بث في احدى القنوات الفضائية العراقية حاملا فكرة مباغتة شخصيات فنية وذلك بالقاء القبض عليهم وتوجيه تهمة الارهاب اليهم  من قبل رجال امن  متعاونين مع معدي برنامج الكاميرا الخفية بعد تمرير لعبة العثور على ( عبوة بارود ناسفة ) في العجلة التي تقل تلك الشخصيات الفنية  !!
ارى في العام 2011 ومن اجل برامج مماثلة أكثر تشويقا تنفيذ فكرة الالتقاء بشخصيات عامة او شخصيات معروفة ومباغتتها بخبر استشهاد جميع افراد عوائلهم بسبب انفجار سيارة مفخخة  لغرض اغناء الكاميرا الخفية بمواقف وردود افعال مسلية فعلا لمشاهدينا الاعزاء !!
اما في  العام 2012 فسيكون المشاهدون قد ملوا هذه الافكار الروتينية لذا اهيب بمعدي برامج الكاميرا العراقية الخفية ان ينفذوا فكرة قتل طفل برصاصة مسدس حقيقي يحمله احد ممثلي الكاميرا الخفية وليصر هذا الممثل امام والدة الطفل على ان مسدسه هو مسدس العاب رغم الدم الذي يسيل من ابنها .. موقف غريب ويستحق تصوير ردود افعال الام عليه حتى لو فقد الطفل الحياة فالمهم تسلية غريبة للمشاهد .. وطاح حظ الطفل الف مرة !!


نبيل قرياقوس



72
المنبر الحر / بيض فاسد ونعل
« في: 19:41 22/07/2010  »
بيض فاسد ونعل
 
 


اكتب كلماتي هذه وانا طريح الفراش بعد ان سقطت قبل دقائق على ظهري متزحلقا بسبب  ( نعال ابو الاصبع ) ارتديه في البيت ، فرغم كونه نعالا جميل المظهر زاهي الالوان الا انه مجرم الى درجة انه يستحرم ان لا يزحلق لابسه ودون رحمة  كما تزحلق السياسة اغلب ركابها ..

كتبت قبل عامين مقالا  بعنوان ( تجارة نعل ) شرحت فيه مطولا اهمية النعل والقنادر كملبوسات في حياة الانسان اليومية ، حيث لا يمكن الاستغناء عنها لانها تقي القدمين من شر طمع الارض بجلد الانسان ، ورجوت اجهزة الدولة المختصة فرض شروط  ورقابة على نوعية ومواصفات النعل والقنادر المستوردة مذكرا حينها انه لو كان لوزارة الصحة احصائيات بعدد اصابات الكسور بسبب زحلقات النعل والقنادر فلربما كان العراق صاحب مركز متقدم في ذلك على صعيد دول العالم كما هو في مجال سوء الادارة الان .

النعل والقنادر المزحلقة هذه ابتدأ استيرادها في مطلع التسعينيات ضمن حصار العالم على العراقيين والظاهر ان المتاجرين بها استهواهم ما تفعله تلك الملبوسات بالعراقيين فاستمروا على نمط استيراد تلك النعل والقنادر المزحلقة !!

ما زاد من الام ظهري بعد تزحلقي هو ( لعبان النفس ) والرغبة في التقيوء بسبب بيضة حاولت تناولها صباحا لكنني فشلت بسبب كونها منتهية الصلاحية كما يبدو من رائحتها الكريهة وطعمها الزنخ ، ولا اخفي عليكم سادتي وتاج رأسي ، اني وخلال عام كامل ، صيفا وشتاءا ، لم افلح في التمتع بطعم بيضة طازجة الا مرة واحدة قبل اشهر ، رغم اني حاولت شراء البيض من كل مناطق بغداد واسواقها ، ورغم اني جربت شراء البيض الابيض والاسمر ، الاصفر والاحمر ، الاسود والازرق .

 نعم جربت شراء بيض ايراني وسوري ومدغشقري وفلبيني وسعودي وفرنسي وتركي  وغيره ، جربت شراء بيض محتشم او غير محتشم  ، لابس بنطلون او تنورة  ، منيجوب او طويلة ، بيض يستحي اوما يستحي ، بيض عنده جواز او ما عنده جواز ،  الا اني وجدته دائما  بيضا فاسدا !!

مشكلة البيض الفاسد ، والنعل والقنادر المزحلقة التي تدخل العراق بعملته الصعبة  بحاجة الى معالجة جادة لئلا تؤذي العراقيين .

 اليس كذلك ، ام ان ذلك هو المطلوب !!

 

نبيل قرياقوس
 

73
المنبر الحر / العلة بك وبوزيرك
« في: 23:44 13/07/2010  »
                         العلة بك وبوزيرك
في تحقيق صحفي نشرته احدى الصحف العراقية قبل ايام ، تحدث احد المدراء العامين العراقيين عن اسباب وجود زحامات وقصور في اداء الدوائر التابعة له قائلا بما يعني ان مديريته حققت ايراداتا قدرها كذا مليار دينار للدولة خلال عام واحد وان هذه المبالغ سددت ايرادا بالكامل لدى وزارة المالية ، رغم الحاجة الى مبالغ كثيرة لادامة وتحسين نمط عمل وانتاجية تلك الدوائر،  وكأن هذا المدير العام  يعني بل يتذرع بانه لم يستطع صرف ما يحتاج من اموال لاغراض تحسين اداء دائرته سواءا بشراء او بناء ابنية جديدة او اجهزة ومعدات او اجراء اعمال الصيانة والادامة او زيادة عدد موظفي الدائرة ، او تطوير انظمتها .
ما استغربه من هكذا اجابة ان هذا المدير العام اما انه يتقصد الضحك على نفسه بالتمويه عن قصور مقصود في اداء عمله او انه لا يعرف فعلا مباديء واوليات العمل في دولة غنية بمواردها وتلك مصيبة اعظم !!
سيدي المدير العام  وامثالك كثيرون :
الكل يعلم ان الايرادات تؤخذ وتسدد للدولة ممثلة بوزارة المالية ، لكنه من الواجب خلال اعداد الخطة السنوية لاي دائرة في اي وزارة المطالبة بتخصيصات مالية لاغراض التوسع او الشراء او نصب الاجهزة او التطوير الفني والاداري وليتم الموافقة على تلك التخصيصات في مجلس الوزراء او وزارة المالية وحسب الحالة ، ترى هل طالبتم يا سيدي بتلك التخصيصات ام انكم ما زلتم تعتمدون  اعتمادا كاملا على احتمال صدور ( مكرمة من السيد الرئيس القائد و القيادة الحكيمة ) لتحسين اداء مديريتكم كما كان يحصل قبل 2003 !!
كنا قد سنتقبل اجابتك ببعض التفهم لو انك اجبت واوضحت بصوت عال بان مجلس الوزراء او وزارة المالية لم يوافقا على مطاليبكم وخططكم  الخاصة بكذا وكذا من متطلبات تحسين عملكم ، رغم اننا كنا سنحترمك اكثر لو انك تنحيت عن منصبك عند عدم اقرار ما تحتاجه لخدمة الناس بصورة مشرفة  !

نبيل قرياقوس





74

                       أغبى الادارات العراقية

يعتبر عدم ادخال المكننة المعلوماتية أحد الاسباب الرئيسة في تفشي الفساد الاداري الذي يلقي بثقله على المواطن البسيط ، وافترض ان العراق حاليا هو في مرحلة التوجه الى ادخال المكننة المعلوماتية في الدوائر الحكومية وخصوصا تلك الدوائر التي هي في تماس مباشر بمتطلبات المواطن من مستندات او اوراق ثبوتية حيث سيتمكن المواطن مستقبلا من ارسال معاملته بالبريد او الانترنيت وليحصل عليها منجزة عن طريق البريد كما هو الحال في دول العالم المتحضرة منذ عقود.
 أسلط الضوء الان على نموذج من الغباء الاداري اللامع في بعض دوائرنا الرسمية والذي يصطنع ، في محاولة فاشلة للتمويه او التستر على قصور او تخلف  او فساد اداري ، يموله في ذاك سرا وخبرة بعض من الموظفين المخضرمين ، حيث يحصل حاليا عندما يراجع المواطن العراقي دائرة رسمية  ان يسأل وهو في مدخل الدائرة بالسؤال التالي :
هل هذه المعاملة تخصك شخصيا ؟
فان اجاب المواطن بكلمة ( لا ) منع من دخول الدائرة الرسمية لانجاز المعاملة !!
العذر المعلن لهذا ( الابداع الاداري ) و( العبقرية الادارية ) هو منع الزحامات التي يحدثها المعقبون الذين يمتهنون انجاز معاملات المواطنين ، وهذا الابداع الاداري يتغاضى بغباء عن الحقائق التالية :
ليس واقعا ان يكون كل المواطنين معقبين ممتهنين ، وان عدم رغبة المواطن متابعة معاملته بنفسه في الدوائر الحكومية يكون لاحد السببين التاليين :
الاول ان المواطن قد يكون غير متفرغ او يكون غير قادر على ذلك لسبب صحي او نفسي او لظرف طارىء ، وذاك حق انساني مشروع ولا يتطلب اي توكيل رسمي طالما ان المعاملة لا تقتضي حضور صاحب العلاقة  لاخذ  بصمته او توقيعه ..
الثاني وهو ما يرجح بنسبة عالية ، هو ان المواطن العراقي بصورة عامة يتحاشى التماس مع موظفي الدولة ، ليس لكونه يريد التقصير في واجباته وانما ليتحاشى استفزاز الموظفين ومطاليبهم التعجيزية اللامنطقية او الزحامات الكثيفة التي تصطنع (والتي لا يتم معالجتها بصورة مقصودة  ) لتجبر المواطن على دفع الرشا بشكل او اخر لانجاز معاملته ، بينما يكون المعقبون قادرين على مليء افواه المفسدين المرتشين بشكل يظنون فيه انهم غير مكشوفين وهكذا يتخلص المواطن من حقارة الموقف المباشر للرشا ، حتى لو تطلب منه الامر التضحية بلقمة اولاده لتسديد مبالغ الرشا عن طريق المعقبين اضافة الى تسديد الاجور الاعتيادية للمعقبين انفسهم ، واحيانا كثيرة تدفع مبالغ الرشا من يد الموطن المراجع نفسه وبصورة مباشرة بعد ان تطلب منه بصلافة علنية من الموظفة او الموظف المرتشي بصيغة الاكرامية .
كان بالامكان ، مؤقتا ، قبول فكرة هذا ( الابداع الاداري ) لو ان تلك الدوائر تمنع المراجع او المعقب الذي يحمل اكثر من معاملة شخص او عائلة واحدة ، ولتكون فكرة قبول هذا المقترح هو تحاشي الزخم على كادر موظفي الدولة لحين تهيئة العدد اللازم من الموظفين بالسرعة الممكنة ، الا ان  الذي يحصل الان بتطبيق هذا الابداع الاداري هو اعلان واقع واضح وصريح على اقرار زيادة عمولة الرشا على المواطن الذي قد لا يكون ( معقبا ) اصلا وانما هو من اقارب او اصدقاء صاحب المعاملة ،  وفعلا  ازداد مبلغ انجاز بعض المعاملات البسيطة ، مثلا  ، في دائرة معروفة  وسط بغداد ( منذ ان بدأت فكرة منع المعقبين ) من عشرة الاف دينارا الى خمسين الف دينارا واحيانا مائة الف دينارا !! وكل هذا مقابل مردود عكسي تمثل بازدياد الزحامات في تلك الدائرة ، لا بل اصبحت المعاملة التي كانت تنجز بساعة واحدة تنجز بثمان ساعات ، والمعاملة التي كانت تنجز باسبوع أصبحت تنجز بشهر !!
أود التنبيه اني سـألت مرة في مدخل دائرة حكومية اثناء مراجعتي لها عما اذا كنت الصاحب الشخصي للمعاملة بينما لم يكن في الدائرة بعد دخولي اليها أكثر من مراجعين أثنين فقط !!
انها دعوة مخلصة للادارات العراقية لتكون بتماس واقعي مع ابناء الشارع العراقي ، مثلما انها دعوة مخلصة للسادة الوزراء لتعميم نص او خلاصة مضمون مقالنا هذا على المديريات والدوائر التابعة لوزاراتهم  وليرحموا العراقي من ( ابداعات غبية ) كان بعض الاداريين يستخدمونها قبل 2003  بناء على توجيهات خاصة لمراقبة وتضييق الخناق على معارضي النظام  ، بينما قام نفس الاداريون بتعميم نفس ( الابداع ) وليشمل الان كل العراقيين ، وليدفعوا !!
ملاحظة : سنكون شاكرين لاي معالي وزير يفرحنا  بخلو وزارته من هكذا ابداع اداري بينما سيشير السكوت الى علامة الرضى !!

نبيل قرياقوس

75
              
                  العدل تنفي حظر تبول المواطنين

نفت بشدة وزارة العدل في دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية انباء صحفية اوردتها احدى وكالات الانباء والتي افادت فيها بحظر تبول المواطنين في الدوائر الرسمية التابعة لوزارة العدل في دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية ، حيث صرح الناطق الرسمي باسم الدائرة الاعلامية بوزارة العدل قائلا :
ما تناقلته وكالة انباء ( صريحون ) عار عن الصحة وفيه الكثير من المغالاة ، فليس من المعقول ان تقوم وزارة العدل بتشغيل احدى دوائرها العريقة والمهمة جدا والتي تتضمن بنايتها اكثر من اربعة طوابق واسعة جدا وبسلالم عديدة متعبة  دون تشغيل المصاعد العاطلة ودون وجود المرافق الصحية لتبول المواطنين على الاقل حيث يمضون ساعات طويلة لانجاز معاملاتهم في ظل تزايد الروتين المتعب جدا بحجة مكافحة حالات التزوير في معاملات الاملاك  ..
هذا وكانت وكالة ( صريحون ) الاخبارية الواسعة الانتشار عالميا والتي تهتم بغرائب الانباء التي تمس حقوق الانسان ، قد افادت عن شهود عيان من قلب عاصمة دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية قولهم ان وزارة العدل  حظرت عليهم التبول في دوائرها الرسمية  اثناء مراجعاتهم لساعات طويلة فيها ، وفي مقدمة تلك الدوائر دائرة التسجيل العقاري في العاصمة ، حيث افاد احد المواطنين :
رغم ان دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية فقيرة بمواردها فان وزارة العدل بامكانها الصرف على اجور كادر عمال تشغيل وصيانة المرافق الصحية في طوابق دائرة التسجيل العقاري باضافة مبلغ بسيط على مبالغ الملايين التي تجبى من المواطنين كضريبة بيع وشراء العقارات ، وبامكان الوزارة تشغيل ملاك كبير من العمال لاغراض تنظيف وتشغيل وصيانة هذه المرافق الصحية التي تعتبر ركنا مهما في اية بناية حضارية فما بالك لو كانت هذه البناية تدر الملايين يوميا للدولة وهي تعج بالمراجعين الذين معظمهم باعمار مسنة اضافة الى الحوامل والاطفال علما ان الانتظار في طوابير الزحامات والتنقل بين الموظفين في طوابق البناية يتطلب ساعات ..
من جانبه افاد احد موظفي  دائرة التسجيل العقاري التابعة الى وزارة العدل في دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية والذي رجى عدم الكشف عن اسمه بانه يستغرب من عدم اهتمام اي مسؤول في وزارة العدل او اي مسؤول اخر في دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية بالاوضاع الانسانية للمواطنين الذين يراجعون هذه الدائرة المهمة فيما قال  مواطن اخر :
طبعا لا احد من المسؤولين يهتم بهذه الناحية الانسانية لان المسؤولين ومقربيهم تنجز معاملاتهم بسرعة ودون ان يقضوا وقتا طويلا في الدائرة ، هذا اذا لم تنجز معاملاتهم في بيوتهم !!
على الصعيد نفسه اعلن مدير مكتب معالي وزير العدل في دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية بانه سيتأكد بنفسه شخصيا من صحة الانباء التي اوردتها وكالة انباء ( صريحون ) ، وشدد على ان الوزارة ستهتم في ايجاد حلول سريعة جدا لو صحت تلك الانباء وستقوم ايضا بمحاسبة الاداريين والمهندسين المسؤولين عن تلك الاوضاع ، واستدرك السيد مدير مكتب معالي الوزير قائلا :
( اننا نستبعد صحة تلك الانباء حيث كان بالامكان توقع صحتها في اية وزارة اخرى عدا وزارة العدل ) .
سادتي .. سنوافي حضراتكم في نشراتنا القادمة بتداعيات الخبر واخر مستجداته وسنوافيكم بتحقيق صحفي نشرته للتو وكالة ( صريحون ) الاخبارية عن اسباب الزحامات الحالية في دائرة التسجيل العقاري في قلب عاصمة دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية .. كونوا معنا .

نبيل قرياقوس

ملاحظة : نشر الكاريكتير اعلاه في الزمان بنسختيها المحلية والدولية يوم 26/6/2010


76
                       امنعوا التظاهرات بقوة

حينما يبلغ العراقي ابن البلد الاغنى في العالم عقد عمره الثالث او الرابع وهو لا يستطيع الزواج لانه لا يملك بيتا او عملا ..
او حينما لا يجد هذا العراقي اية دائرة حكومية يراجعها دون ان تطلب منه الرشى ..
او حينما لا يستطيع العراقي العيش بسبب عدم وجود كهرباء لاكثر من عقدي زمن ..
او حينما لا يملك العراقي تكاليف دواء سرطان حل بجسمه ..
او حينما لا يستطيع العراقي سماع كلمة حق من مسؤول في الدولة ..
او حينما يبقى العراقي يفضل الغربة عن العودة لوطنه ..
عند ذاك امنعوا تظاهر العراقي .. امنعوه بالقوة.. لانه  اصبح كائنا ميتا ..فليس من حق الميت التظاهر  ..
اجل امنعوه بالقوة من التظاهر شرط ان توقفوا المهزلة !!

نبيل قرياقوس


77
المنبر الحر / نكسر أكبر راس
« في: 06:59 21/06/2010  »

                              نكسر أكبر راس

تحت شعار ( نكسر أكبر راس ) عقدت شركتا ( شين ) و ( القطب الشمالي ) لاتصالات الهواتف النقالة مؤتمرها الاعلامي الاول والاخير  على قاعة ( فالتون للمؤتمرات الاستهتارية ) في  عاصمة دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية  ، واعلن الناطق المشترك لكلا الشركتين تحقيق أعلى نسبة ارباح بين جميع شركات الاتصالات العالمية معزيا ذلك الى قوة الشركتين في املاء واقعيهما على حكومة دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية اضافة الى الاستهانة اللامتناهية براحة وحقوق جميع ابناء هذه الدولة وذلك باتباع اساليب مختلفة للالتفاف على ارصدة المشتركين ، وردا على سؤال مراسلنا عن نوع تلك الاساليب اوضح المسؤول الفني المشترك قائلا :
نفتخر ونقول لدينا اساليب عديدة للالتفاف على ارصدة المشتركين ، ومنها مثلا ، الاكثار من ارسال رسائل ازعاج اجبارية يومية على خطوط هواتف المشتركين لغرض اقناعهم او حثهم للاشتراك بعروض او خدمات او مسابقات وهمية مغرية ولنقوم بعدها بسحب نسبة عالية من ارصدة ( الغشمة ) او ( الزواج ) الذين تغريهم عروض رسائلنا ، وعندما يعترض اي مشترك هاتفيا ( لا سمح الله ) فاننا نبلغه بكل امانة ان تلك الرسائل ليست مرسلة من قبلنا وانما هي من اختراقات الانترنيت ..
من جانبه أكد أحد المواطنين الذين منعوا من دخول قاعة ( فالتون للمؤتمرات الاستهتارية ) انه يستلم يوميا وبأوقات مختلفة رسائل ازعاج اعلانية كانت ام لغرض الحث على الاشتراك بخدمات او مسابقات وهمية ، واضاف ان ابنته خسرت أكثر من خمسين دولارا خلال دقائق بعد استلامها رسالة من الشركة على خط هاتفها النقال تطالبها بارسال الاسم والعنوان نظرا لفوزها بنصف مليون دولار ابو النعلجة !!
مواطن آخر منع من دخول قاعة المؤتمر أعرب عن استيائه وغضبه لعدم قدرة وزارات وهيئات ومؤوسسات ومنظمات واجهزة حكومة وشعب دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية من ايقاف اعتداءات وتجاوزات شركتي الهواتف النقالة على المشتركين من مواطني الدولة حيث الاختراق اليومي لخطوط هواتف المشتركين وبث الرسائل الاعلانية الاجبارية او رسائل النصب لغرض الالتفاف على  ارصدة المشتركين وبشكل يبدو وكانه اصولي .
من ناحية اخرى اكد مسؤول صحافي نقابي ان هواتف شكاوى الشركتين تمتنع عن السماح له للتحدث مع اي من مسؤولي الشركتين !!
وعلى الصعيد نفسه حضر المؤتمر جمع غفير من الحرامية الذين ابدوا تأيدهم وفرحهم بعمل الشركتين وانتهاكهما المستمر لحقوق الانسان في دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية وذلك لـ ( الصلافة ) المتميزة في اختراق الخطوط الهاتفية للمشتركين وبث الرسائل الاجبارية اليومية وبالاوقات التي تعجبهما، فيما أكد لنا مسؤول في جمعية الحرامية المتحدة القول : مشتركي دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية ما يفيد بهم الا هذا التعامل والا لخسرت الشركتين !! واضاف موضحا على حد قوله :
اتوقع والعلم عند الله الواحد الأحد العلي القهار ، والذي لا شريك له ، ان الشركتين لا تكونان قادرتين على التمادي بهذه الاعتداءات والتجاوزات لولا وجود مساندة من جهات ذات تأثير في حكومة دولة الشعب المسكين الحرة الديمقراطية مقابل التزامات معينة !!
استغرق المؤتمر ثلاثة دقائق وربع واختتم ببيان يؤكد اصرار الشركتين على عدم المبالاة بخصوصية وحرمة خطوط هواتف مشتركيها ، والاصرار على المضي قدما وباقصى درجات الكفاءة في ارسال رسائل الازعاج اليومية الاجبارية على خطوط هواتف المشتركين ، والما يعجبه يبطل ويطبه عشرة آلاف طوب عدا ونقدا  ، والشكوى لغير الله مذلة !!

نبيل قرياقوس

ملاحظة : نشر الكاريكتير اعلاه في جريدة الزمان بتاريخ 21/6/2010 وبنسختيها المحلية والدولية ..

78

فقد العراق يوم الجمعة 11/6/2010 أحدى ورود كلمة السلام والمحبة ، فقد  وافى الاجل الاعلامي والقاص والكاتب والمهندس عامر رمزي على غفلة لم تكن على بال أحد ..
( عامر رمزي الشماس ) عراقي كلداني من مواليد البصرة الفيحاء عام 1963 متزوج واب للاطفال: مريم وفادي ونور التي تبلغ من العمر بضعة اشهر ، وقد تعرفت عليه عام 2008 في احدى اللقاءات الاعلامية ببغداد ، وعمل بعدها معي محررا في احدى صحفنا المحلية ، وهو معروف باستخدامه كلمة ( حبيبو ) للترحيب باي انسان يتعرف عليه وهو يرمز بذلك الى ان كل الناس هم احبته واصدقائه ..
عامر رمزي انسان ذو شخصية اجتماعية تجمع بين الجد والعلمية والفكاهة والصدق والحرص واحترام آراء الاخرين ، شخصية متميزة جدا لها سمو جذب كل الناس المتعاملة معه ، فرغم حداثة عمل عامر رمزي في المجال الاعلامي الا انه استطاع بحضوره وشخصه وقدراته ان يكسب معرفة وود وصداقة ومحبة واحترام عدد كبير جدا من الاخوة الاعلاميين العراقيين والعرب .
عمل الزميل الراحل في مجال الاعلام بعد 2003 كمحرر  في عدة صحف محلية ، وكتب العديد من القصص والقصائد والمقالات والاعمدة في الصحف ومنها جريدة ( الزمان ) والمواقع الالكترونية ، وكان لحد يوم رحيله يدير مكتب موقع النور الالكتروني في بغداد .
كان الراحل ناشطا في مجال حرية الصحافة والاعلام وعمل من اجل يوم ينال فيه اصحاب الكلمة المسالمة كامل حريتهم في العراق اسوة بزملائهم في دول العالم المتحضرة .
عامر رمزي رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها العراق لم يقرر يوما هجر وطنه  وما ادراه ان القدر سيجبره على ذلك وليرحل مبكرا ، مجبرا ، عن حبيبته  بغداد ، عن والدته ، عن اخوته واخواته ، عن زوجته ، عن اطفاله الذين اضحوا يتامى يعيشون في بلد اجدادهم ، هذا البلد الذي أصر ابوهم بود ومحبة ان يحلم به جنة للارض ..
وداعا  ( حبيبو ) ، وداعا ايها الانسان الشاب ، وعذرنا في تأخر توديعنا لك اننا لا نعلم بمواعيد القدر ..
بكيت عليك في سري وفي علني .. فرحيلك المفاجيء اوجعنا يا سيدي ..
نبيل قرياقوس
 

79
المنبر الحر / رئيس وزرائنا يساري
« في: 04:43 08/06/2010  »

 

 

                            رئيس وزرائنا  يساري

 

أفادت الانباء الوادرة من عاصمة دولة جزيرة الطاك طاك ان البلاد تشهد احتفالات شعبية واسعة لليوم الحادي والعشرين على التوالي بمناسبة انتهاء الانتخابات العامة في البلاد واختيار رئيس الوزراء الجديد .

هذا وتعم مدن وقرى الجزيرة رقصات شعبية واعراس لم تتوقف طيلة الليل والنهار رغم الامطار الغزيرة وموجات البرد فيما يقوم البعض من المواطنين بتوزيع الاطعمة من لحوم وسمك وفواكه وخضروات وبضمنها باقات الكرفس والرشاد اضافة الى المشروبات الغازية والكحولية والمكسرات من فستق عبيد وجوز وسسي وحب ابيض وحب احمر ولوز بنوعيه الماسخ والمالح على ابناء الشعب الذين خلت بيوتهم منهم للاسبوع الثالث على التوالي حيث يفترشون الارصفة للخلود الى النوم وليتابعوا الاحتفال بعد هوينة راحة ، بينما لم تعلن الشرطة المحلية عن اي حادث سطو او سرقة بسبب خلو المساكن والمحلات من اصحابها عدا عن حادث واحد شمل ضرب جيب احد المواطنين حيث كان به محفظة تحوي ما يعادل 300 دولار وتوعدت الشرطة بالعثور على السارق .

ويقول مراسلنا من عاصمة الجزيرة ان آلافا من مندوبي وكالات الانباء والقنوات الفضائية يقومون بتغطية هذه الاحتفالات التي يرى فيها البعض انها ستدخل موسوعة كنز للارقام القياسية كاطول احتفالات جرت على وجه المعمورة منذ خلق البشرية ولحد اليوم .

مصادر اخرى من داخل العاصمة افادت بانقطاع الكهرباء والماء وتوقف الخدمات الضرورية الاخرى بسبب ترك جميع عمال الدولة لعملهم لاغراض المشاركة في الاحتفالات مما اثار قلق العديد من مظمات الصحة والاغاثة الانسانية في العالم ورؤا في ذلك تهديدا خطيرا لسلامة سكان الجزيرة اذا ما استمرت الاحتفالات لفترة 48 ساعة اخرى .

من ناحيته اعلن الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء المنتخب ان ما حققه الاخير من اصوات انتخابية اكتسحت صناديق الاقتراع على الاحزاب ذات الطابع الديني او العلماني يعد نصرا لليسار الذي يمثله المسؤول المنتخب .

على الصعيد نفسه يرى المراقبون السياسيون ان النجاح الذي حققه المسؤول الجديد جاء بسبب السياسة التي اتبعها اثناء توليه مسؤولية احدى الوزارات في الحكومة المنتهية ولايتها ، حيث اعتمد اسلوب اجراء انتخابات مبسطة وهادفة سنويا داخل وزارته لتسمية المسؤولين فيها ابتداء من وكيل الوزير ونزولا الى درجة مدير القسم ، متحملا بذلك لوم وعتاب وعدم رضى العديد من الاحزاب التى كانت  تلتزم بعض الشخصيات الوظيفية داخل وزارته ، الامر الذي حقق للوزير واقعا وسمعة طيبة انتشرت في كل البلاد ، كما حققت وزارته عملا نوعيا شهدت له كل الوزارات الاخرى ، اضافة الى تميز ذلك الوزير في العرض الاسبوعي لمجوعة مطالب لتعديل الانظمة والقوانين الخاصة بالخدمة في وزارته واستمراره اليومي في  مطالبة مجلس الوزراء والبرلمان باقرار النظم الجديدة التي اقترحها من اجل  حقوق الانسان العامل والموظف في دولة الجزيرة اسوة بدول العالم المتحضرة ، وكان من آثار ذلك سن العديد من القوانين والانظمة التي حسب اقرارها لصالح جهوده ، كما انه كان يحرص يوميا على تناول كوب شاي او سندويج غداء بين منتسبي احد اقسام وزارته وهو الوزير الوحيد ممن دأب يوميا على استقبال اي موظف يحتاج مقابلته بعد الدوام الرسمي دون اي شروط ، كما كان حريصا على متابعة كل وسائل الاعلام المحلي والتعاون الجاد معها ، ما ادى الى حصول كتلة الوزير على اعلى نسبة اصوات في الانتخابات العامة الاخيرة .

من جانبها اعلنت مصادر سياسية مطلعة ومنظمات لحقوق الانسان في الجزيرة عن املها في استمرار المسؤول الجديد على نهجه الذي اهله للنجاح في الانتخابات بينما شكك قادة احزاب المعارضة في ذلك .

كونوا معنا في نشرات اخبارية قادمة لتغطية مراسيم تولي رئيس الوزراء الجديد لمسؤولياته  ..

 

                                                                      نبيل قرياقوس

نشر الكاريكتير اعلاه في جريدة الزمان يوم 9/6/2010

 

80
المنبر الحر / هبة هاني عشق عراقي
« في: 19:13 06/06/2010  »
هبة هاني عشق عراقي



بالامس وجهت دعوة بالبريد الالكتروني الي الشاعرة الشابة العراقية المبدعة هبة هاني لحضور أمسية ادبية وفكرية في بغداد تجمع عدداً من صانعي المحبة والخير والعدل والسلام من احرف لا تصدأ ومشاعر لا تكذب ، وجاءني الرد اليوم لتعتذر فيه هبة هاني لـ (بغداد) لكونها غادرتها منذ اكثر من ثلاثة اعوام .
كنت لا اعرف هبة هاني ولا علي السوداني ولا حسن النواب ، معرفة شخصية فقد كنت منشغلا بدراسة علوم الهندسة التي وأدت أحلي كلماتي ، وحروب ايران والكويت والحصار التي قبرت شبابي ، لكني أعرف الان جيدا هبة هاني وعلي السوداني وحسن النواب ، وغيرهم كثيرون ، من مكاتيبهم ورسائلهم ومن عشقهم العراقي الذي لا بداية له ولا نهاية ..
( حتي انت يا هبة ؟) اجبتها ، مكملا القول :
والله ما عاد في المآقي ما يكفي من الدموع لنودع به المزيد من ورود العراق ، وما باليد حيلة ، ساعدنا الله وساعدكم !
نعم ، ان كانت مآقي بن زيدون تكفي لئلا تجف وهو ينأي عن حبيبته ولادة ، فلا عجب ان تجف مآقينا حزنا وبغداد تودع باليوم الف وردة ولادة !

                                                                           
 نبيل قرياقوس

81
المنبر الحر / بلاع الموس
« في: 18:40 31/05/2010  »
                                   بلاع الموس

اثار مقالنا المنشور في جريدة الزمان الغراء بتاريخ 25 / 5/ 2010  والمعنون بـ ( اعلام الوزارات والهيئات ) موجة من ردو الفعل لدى عدد من المواقع الالكترونية المعروفة والتي قامت بعضها بنشره كمقال افتتاحي لها ، اضافة الى ردود عديدة من اعلاميين اجهل اسماءهم واماكن عملهم ، حيث قال لي احدهم :
يا اخي انت لو كنت مكاني فما كنت ستفعل ؟
انا اعمل موظفا في قسم الاعلام بوزارة او هيئة حكومية ، واعرف جيدا ، بل انا اول المشتكين من اوضاع دائرتي ، وارى ان هناك الكثير من الحلول التي قد تساهم في تحسين ادائها ، لكني على يقين ان افصاحي ذلك سيعني اولا محاربتي بشتى الوسائل الوسخة وثانيا عدم الاخذ بكل ما ساقول ..
بينما اوضح اعلامي آخر :
انا موظف ودائرتي معروف عنها لدى كل عراقي دون استثناء انها دائرة رشى او دائرة زحامات منذ وقت صدام ولحد اللحظة ، والوزير والمدير يعرف هذا جيدا ، بل ويعرفان كل سبل انهاء هذه الاوضاع المريبة لكنهم لا يريدون لان هكذا اوضاع هي مصدر غناهم !! فتصور ما سيحصل لي لو نشرت انا شكوى او بينت ما اراه للصالح العام !!
صحفي ثالث حمل الوزير او رئيس الهيئة مسؤولية عدم المطالبة او احقاق سكن مناسب وراتب او مخصصات اضافية مناسبة وتعليم وتأمين صحي مجاني فعلي لمنتسبي وزارته او هيئته ، حيث ان هذه المستحقات هي الاساس المادي لتمكين المسؤول من بناء موؤسسة تنجو الى برد النزاهة قدر الامكان ..
مضيفا القول :
عمي انت شتحجي ، وزيرنا ملتهي بشغله وايفاداته ، هو يوم بالوزارة وعشرة بالخارج ، اما المواطن والدائرة فلهم رب يحميهم !!
اعلامي آخر ،عامل في احدى دوائرالاعلام الرسمي  ، رفض الكشف عنها ، اعلمني ان لا احد في دائرته اطلع على مضمون مقال ( اعلام الوزارات والهيئات ) كما هو الحال الذي يحصل مع عشرات  الكتابات الهادفة التي تنشر في الاعلام المحلي يوميا !!
احد الاعلاميين اخبرني انه نقل نفسه من قسم الاعلام الحكومي وليعمل موظفا اداريا عاديا في وزارته او هيئته لينفذ بجلده وشرف مهنته من الخضوع لمدلولات المثل الشعبي العراقي ( بلاع الموس ) ، وهو الان يكتب في الصحف المحلية والمواقع الالكترونية باسماء مستعارة !!
ومعروف ان ( الموس ) كلمة محلية يستخدمها العراقيون للاشارة الى قطعة معدنية رقيقة حادة تستخدم كشفرة لحلاقة الشعر ، اما المثل الشعبي ( بلاع الموس ) فيطلق على اوضاع الانسان الذي يحتار مجبرا بين نطق ما يراه صحيحا او السكوت عنه ، حيث يرمز الموس للسر او للحقيقة المرة التي تدين اوضاعا غير صحيحة ، ويصبح عارفها محتارا بين الكشف عن تلك الحقيقة وتعريض نفسه للأذى ، او بلع تلك الحقيقة في كواتم اسرارالجوف معرضا  نفسة لجروح وآلام  قد لا يتحملها كل ذو قيم يحترم قدسية مهنته وانسانيته .
المتحدث الاخير اخبرني ، والعهدة عليه ، انه يعرف من الاعلاميين سواء من العاملين في القطاع الرسمي او القطاع الحر ، من يستطيع بل يتمنى بلع آلاف ( الامواس ) وكأنها ( حلاوة ) اذا ما غمست بزيوت المناصب و الدنانير !!
وللموضوع بقية ..

نبيل قرياقوس
نشر المقال اعلاه في جريدة الزمان بنسختيها المحلية والدولية يوم 31/5/2010


82
                                                 

   

اعلام الوزارات والهيئات العراقية

ليست مديريات او مكاتب أو اقسام الاعلام في الوزارات والهيئات الحكومية العراقية بمنأى عن الفساد الاداري الذي يشل الان عمل اغلب دوائر الدولة ، فمن النادر ان ينسب المسؤول الغير كفوء او الفاسد اداريا شخصا نزهيا ، مقتدرا مهنيا لادارة مرفق مهم كمديرية او قسم او مكتب اعلام في المؤوسسة الحكومية  التي يتولى حكمها ، وبذا يمكن توقع  تدني درجات النزاهة ومستوى مؤهلات وتخصصات الرؤوس المدبرة  ، الظاهرة والخفية ، في اقسام او مكاتب الاعلام في كثير من  دوائر الدولة ، أما الاعلامي او الصحفي الذي  يعمل في تلك المكاتب فانه يكون في وضع لا يحسد عليه بسبب الضغوط التي تمنعه من ان يمارس مهنته بشرف ونزاهة ، فهو مرغم دائما على تبني ما يريده المسؤول من دعاية او اعلام  رغم عدم صحته ،  حيث يعيش الاعلامي وسط فساد واضح ومشخص لدى الموظفين الاشراف ولدى عامة العراقيين نتيجة معاناتهم اليومية مع تلك الدائرة مثلا  ، بينما يطبل هو في الاعلام لحسن اداء وزارته او هيئته وبذا يغدو هذا الاعلامي وكأنه احد عجلات عربة الفساد التي تجر تلك الوزارة او الهيئة .
هناك في بعض اقسام الاعلام  من يتقصد اهمال ما يكتب في الصحافة المحلية او ما يعلن في القنوات الفضائية او المواقع الالكترونية ، ومن اولئك  الاعلاميين ما يقوم بالرد باجابات لا تستند الى الصحة والواقعية ليوهم الناس وربما المسؤول ايضا ، هذا اذا افترضنا حسن نوايا المسؤول وعدم رغبته في هكذا اجابة كاذبة .
هناك اقسام اعلام ليست لها علاقة ابدا بمعظم ما يكتب عن وزاراتها او هيئاتها سلبا او ايجابا ، وربما هم من حاملي شعار : لا ارى ولا اسمع ولا اتكلم ، والظاهر انهم مشغولون باشياء يرونها اهم كثيرا من الكلام في الاعلام رغم كون هذا هو  كل واجبهم ، وسنتناول امثال هؤلاء ودوائرهم  في مقال خاص .
ما رأيت ، ما سمعت ، ما قرأت  يوما تصريحا او توجيها لوزير او رئيس هيئة يلوم او يعاتب فيه موظفي مكتبه الاعلامي على تقصيرهم في متابعة الاعلام المحلي ، او يدعوهم الى ممارسة دورهم الاعلامي في رصد عمل مؤوسسته الحكومية دون التقييد او التخوف كونهم يعملون بصفة موظفي دولة في نفس الموسسة ، بل قرأت لبعض اقلام صحفية ( ومنه ما قرأته في الزمان نفسها ) تمتدح عمل ومدير دائرة خدمية  ما وتصفها بشكل  يعني انها دائرة بلا زحام ولا رشى  طالما قام موظف من قسم اعلام تلك الدائرة بتسهيل امر صاحب ذاك القلم الصحفي (النزيه فعلا !! ) وليستمر بقية الناس مخنوقين في ظل زحام وفساد مصطنع من قبل الدائرة الحكومية نفسها .
سادتي : ننحني احتراما لقلة من اقسام الاعلام في بعض دوائرنا ممن يستحقون ذلك فعلا ، فهم يأدون دورهم بشكل مشرف وصحيح قدر الامكان ، لكن المعضلة الكبرى تكمن في توقعنا ان  جميع من سيقرأ هذا المقال سيظن انه هو من يستحق الانحناء له ، وهذا غير صحيح ابدا !.
وللموضوع بقية ..
نبيل قرياقوس
ملاحظة : نشر المقال في جريدة الزمان بنسختيها المحلية والدولية

83
المنبر الحر / تحـ........قيق
« في: 18:54 23/05/2010  »
     

                              تحـ....قيق 

التحقيقات الصحفية مادة اعلامية لها اساليبها الخاصة بالعمل اضافة الى نوعية ومؤهلات الصحفي القائم بها ، فهي ذات نكهة متميزة كونها لقاءات مباشرة مع اناس لهم علاقة بامر ميدان او قضية تخص المجتمع .
المفترض بالمحقق الصحفي قيامه بتزويد القاريء بما لا يبخل به من وجهات النظر والآراء من واقع الميدان او القضية التي يخوض  ساحتها الى الدرجة التي يشهر فيها انباء جديدة او اسرار او خفايا او نتائج يتوقف على علميتها او جديتها وتماسها مع حياة الناس  تحديد درجة نجاح وكفاءة هذه المادة الصحفية كونها ( تحقيقا ) .
يترتب على الاعلامي القائم بمهمة التحقيق الصحفي ان يكون ذا قدرة ذهنية وثقافية لاستيعاب موضوع او قضية التحقيق تؤهله لانجاز مادة اعلامية تفيد الجمهور بنتائجها .
غالبية التحقيقات الصحفية ، مع مسؤولي الدولة تحديدا ، كأن تكون مع وزير او رئيس هيئة او مفتش عام ، والتي تنشر في صحفنا المحلية ، يقوم بها صحفيون ليست لهم دراية كافية بتفاصيل المفاصل المهمة التي يتمنى الجمهور معرفتها او الاشهار عن خفاياها مما يتعلق بمهام عمل المسوؤل الذي يتم التحقيق معه ، ومثل هؤلاء الصحفيون سيكونون عاجزين عن استخراج بواطن الامور من لسان وعقل المسؤول الحكومي ، ويصبح التحقيق المنجز اقرب الى صفة الخبر المعروف والمعاد التصريح به من قبل مسؤول الدولة دون وجود اي دور فاعل لـ ( المحقق ) ، الامر الذي سوف لن يعني شيئا للقاريء سوى وجود مساحة فارغة في الصحيفة التي يقرأها ، وربما سيكون وجود صورة جميلة لمنظر طبيعي او لممثلة او ممثل افضل من وجود مادة التحقيق تلك ،  فهكذا تحقيق مثل تأثيره كمثل تأثير ( قيق ) دجاجة في سوق الصفافير !!.

نبيل قرياقوس

84
                       العمال في وزارة العلوم والتكنولوجيا

سمعت اليوم صدفة حوارا بين اثنين لا اعرفهما ، قالا  فيه والعهدة عليهما :
-   اصدر مجلس الوزراء قبل حوالي الشهرين أمرا الى كافة الوزارات العراقية يوجب بمضمونه على الجميع التوقف عن استقطاع مبالغ الفروقات في رواتب اي موظف او عامل عن الفترة التي اوكلت اليه درجة وظيفية اعلى مما يستحقه فعلا .
-   الامر منطقي جدا وصحيح لسببين الاول هو ان الموظف او العامل لا يتحمل خطأ الادارة التي تقتنع باستحقاق الموظف للدرجة التي يرفع اليها ، والثاني هو ان الموظف شغل الدرجة الوظيفية التي رفع اليها وليس من العدل اعادة استقطاع اجور منصب او درجة  قام صاحبها بشغلها وتحمل مسؤوليتها فعلا .
-   ورغم هذا ما زالت وزارة العلوم والتكنولوجيا لحد اليوم تستقطع مبالغ فروقات الدرجة الوظيفية لعدد من المفصولين السياسيين من الذين احتسبت لهم درجة وظيفية جديدة بعد احتساب مدة الفصل السياسي ومن الذين اعادت لجنة التحقق في مجلس الوزراء معاملاتهم موخرا لاكمال نواقصها .
-   نشر قبل ايام تعميما جديدا لمجلس الوزراء يقضي بتمديد الفترة المفسوحة للموظفين العائدين للخدمة كمفصولين سياسيين لاكمال نواقص معاملاتهم .
-   هذا يعني التأني في تقليل درجة او راتب المفصول السياسي الذي تعيد لجنة التحقق معاملاته لغرض اكمال نواقصها .
-   بالضبط ..
-   تعرف يا صديقي انا لا اصدق ما اسمعه عن اوضاع العاملين في وزارة العلوم والتكنولوجيا ، فانا اتوقع ان تكون هذه الوزارة سباقة في اقرار حقوق منتسبيها من العاملين وحسب الاوامر الادارية والمنطق!!
-   وانا مثلك يا اخي ، ولكن ما نتحدث به هو الواقع فعلا ، وليس شعارات !

صحفيا أقول : لو كان ادعاء هذين المتحدثين صحيحا فذلك قد يسعف المحللين السياسيين باحد الاقطاب المهمة التي تستحق ان تكون مؤثرة في دراسة وفهم عموم نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة ..
نتمنى ان يكون ادعاء الرجلين غير صحيح ، بينما سنواصل سماع احاديث جديدة عن وزارات وهيئات عراقية اخرى في مقالات مقبلة ..

نبيل قرياقوس
نشر العامود اعلاه في جريدة الزمان بتاريخ 4/5/2010 

85
افتتاح المهرجان العلمي السنوي لثانوية المتميزين ببغداد ..
ومسؤول في التربية يفضل فصل الطلبة عن الطالبات منذ الابتدائية

بغداد – نبيل قرياقوس

افتتح يوم الاثنين 26/4/2010 المهرجان العلمي السنوي الثاني لثانوية المتميزين الرصافة الثانية – بغداد بحضور عدد من مسؤولي وزارة التربية ونقابة المعلمين وحشد من الاختصاصيين والاعلاميين ، وأكد نعمان الحسن مدير الثانوية حرص ادارته على اقامة هذا المهرجان سنويا نظرا لاهميته في عكس نشاطات المدرسة وطلبتها .
مسؤول نقابة المعلمين / الرصافة مهدي علي الموسوي أكد اهتمام النقابة بمثل هذه الانشطة المدرسية مؤكدا دعم النقابة لها ، فيما أكد فاروق بابان عضو الهيئة الادارية لنقابة المعلمين عضو لجنة الاعلام على دور نقابة المعلمين في دعم النشاطات المدرسية مشيدا بدور النقابة في المطالبة بحقوق منتسبيها وموظفي الدولة عموما .
من جانبه أوضح سمير محمد علي معاون مدير عام تربية الرصافة الثانية قيام اغلبية المدارس بمهرجانات سنوية اضافة الى مهرجانات تخصصية كالتي يقيمها قسم الحاسوب في التربية او مهرجان اسبوع المكتبات وغيرها ، نديم خليل مدير الشؤون الفنية في تربية الرصافة ذكرنا ببعض تلك المهرجانات ومنها مهرجان ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تقيمه التربية سنويا .
معاونة مدير الثانوية  تورس منو زيا ومدرس اللغة الانكليزية مهدي جابر ومدرس اللغة العربية بشار جرجيس ومدرسا الرياضيات كليان كوركيس وغسان البياتي  وجدوا في مثل هذا المهرجان متنفسا للطلبة خارج مناهجهم التقليدية في ظل اوضاع امنية حرمت الطلبة من السفرات الترفيهية ونشاطات اجتماعية اخرى متفرقة اضافة الى الفائدة العلمية المتوخاة من المهرجان والتي تعكس التفاعل بين الطلبة والهيئة التدريسية في الثانوية .
رعد محمد حسين الموسوي أحد مدرسي مادة الفيزياء في الثانوية اشاد بانجاز طلبته النوعية في المشاركات العلمية المتميزة في جناح الفيزياء والذي اقيم تحت عنوان ( جمهورية الفيزياء الديمقراطية ) اما مدرس الفيزياء هادي نصير فقد عرض لنا بفخر جهازا ابتكره الطلبة يقوم باصدار اصوات تنبيه والتقاط صورة فوتوغرافية فور تعرضه للسرقة .
جميع مدرسي مواد الفيزياء والكيمياء والرياضايات في ثانوية المتميزيين دعوا الى تبني مناهج واساليب تعليم جديدة تواكب التطور الحاصل في هذا المضمار في دول العالم المتطورة .
أسعد شوال عيسى المشرف الاختصاصي في مديرية تربية الرصافة الثانية عرض علينا نشر مقترحه لاعادة العمل بنظام ترحيل المادة التي يرسب بها طالب المرحلة المنتهية في الدراسة الثانوية ولتكون هي المادة الوحيدة التي يمتحن بها الطالب في العام التالي دون ان يعيد الامتحان في بقية المواد التي نجح بها ، ولتكون تلك فرصة للطالب ليركز على المادة التي اخفق في النجاح بها ، علما ان مثل هذا النظام معمول به في عدة دول مجاورة ومنها الاردن مثلا .
مدرسو مادة الاحياء : ماجدة حسن كاظم وحميد شهاب وليث نايف ومرتضى جميل قاموا بتحويل مناهج مادة الاحياء للمرحلة الدراسية الثانية والثالثة والرابعة والخامسة الى برامج تعليمية سلسة الفهم على اقراص مدمجة لغرض عرضها في مختبرات دراسة علوم الاحياء في ثانوية المتميزين وتم تزويد مديرية الشؤون الفنية في التربية بنسخة من هذه الاقراص المدمجة لغرض تعميم الفائدة .
مدرسا الكيمياء كامل التميمي وقتيبة فليح أكدا ان مثل هذه المهرجانات تنمي قدرات الطلبة في جميع الاختصاصات العلمية منها والادبية مضيفي القول : ان مهرجان هذا العام افضل من سابقه بسبب تراكم الخبرة والتجربة .
مسؤول في التربية : لكل جنس خصوصية ولا داعي للاختلاط في الابتدائية
هذا وقد افتتح المهرجان من قبل  وكيل وزير التربية علي مسعد الابراهيمي الذي أكد حرص الوزارة على رعاية مثل هذه المهرجانات العلمية في جميع المدارس العراقية اضافة الى تواصل التعايش الفعلي والقريب مع ادارات المدارس جميعا ، فيما أوضح لنا رأيه في مسألة الفصل بين الذكور والاناث في المدارس الابتدائية مشيرا الى ان الامر متروك لمديريات التربية لتقدير ذلك ، بينما رأى علي حسين ناهي معاون مدير عام تربية الرصافة الاولى والذي حضر المهرجان ايضا ، ان لا داعي للمدارس الابتدائية المختلطة في حال وجود ابنية كافية لعزل الذكور عن الاناث مضيفا القول : لكل جنس خصوصية معينة ، وحتى لو اختلط الجنسان في الابتدائية فانهما سيفترقان في المتوسطة والثانوية !
أحد الحاضرين افادنا بوجود متوسطة وثانوية مختلطة في بغداد في ستينيات القرن الماضي وكانت تدار من قبل جهات اهلية ..
وكان سمير محمد علي معاون مدير عام تربية الرصافة الثانية اوضح لنا بوجود توجه لبقاء الاختلاط  بين اطفال المرحلة الابتدائية لغاية الصف الرابع في حين يستمر الاختلاط  لغاية السادس الابتدائي في حال عدم توفر الابنية الكافية لعزل الذكور عن الاناث .
نقابة المعلمين : فصل الذكور عن الاناث قرار يرجع بالعملية التربوية قرونا الى الوراء
من جهته عد مسؤول نقابة المعلمين / الرصافة مهدي علي الموسوي قرار فصل الذكور عن الاناث عملا غير متحضر يرجع بالعملية التربوية قرونا الى الوراء ، وعن رأيه بضرورة تغيير المناهج في جميع المراحل الدراسية بالشكل الذي يواكب التطور العلمي الحاصل في العالم قال الموسوي : نتمنى ان يكون الاشخاص الذين يوفدون من قبل الدولة الى دول العالم المتحضرة من ذوي الاختصاص والقدرة على استيعاب الواقع الجديد بدل كونهم موفدين لاسباب محاباة خاصة !
حضر المهرجان جمع من الاختصاصيين التربويين واسعدتنا ابيات شعر مقدم الحفل ، مدرس العربية ابراهيم حسن علوان ، ولم يسعفنا الوقت  في اجراء لقاءات مع  جميع طلبة ومدرسي الثانوية ومعاونيها وكذا مع كثير من الحاضرين الذين  شاركوا ادارة ومدرسي وطلبة ثانوية المتميزين في حسن بناء مملكة نيوتن وجمهورية الفيزياء الديمقراطية رغم كل ظروف العراق الصعبة وليبقى الصراع محتدما بينهم وبين من يصر على ان يفصل الذكور عن الاناث مذ طفولتهم ونحن في القرن الواحد والعشرين !






86
                                         لا أكتب ما يتمكنه آخرون


الندوة الموسعة التي اقيمت في بغداد بتاريخ 25/3/2010 لباقة من كتاب جريدة الزمان الغراء ، كانت بادرة رائعة يشار اليها بالبنان بين الصحف الصادرة في العراق وكل دول المنطقة ،  وتحسب تلك البادرة لصالح اولئك الكتاب ولادارة الزمان المتمثلة بالدكتور أحمد عبد المجيد الذي ارى فيه طاقة تصلح ان تكون بما لا يقل عن رئاسة تحرير جريدة كـ ( الزمان ) لصفات عدة لست بصددها .
كم كنت اتمنى حضور كتاب كثر آخرين شاءت الظروف ان تعيق حضورهم ، فقد كانت الندوة مجالا رحبا لتعارف الحاضرين وتبادل الآراء بينهم ، فيما طرح البعض افكارا يجدر مناقشتها سمت بالندوة الى آفاق العلمية والجدية والواقعية .
باقة الورود من الكتاب الحاضرين ضمت اشكالا والوانا واتجاهات مختلفة متفقة ومتعارضة يجمعها عبق شرف الكلمة الصادقة المسالمة التي تبتغي خدمة الانسان .
الاكاديمي كاظم المقدادي اشار في مداخلته الى ظهور انماط جديدة من العامود الصحفي من خلال الزمان ، حيث ظهر ما أسماه بـ ( المقال الافتتاحي العامود ) حسب رأيه ، فيما عقب الدكتور احمد عبد المجيد بالقول ان تسمية انماط واساليب العامود الصحفي جاءت بعد ابداع الكتاب في اثبات وجود وجدارة نمطهم في كتابة العامود الصحفي ، وكنت اتمنى لو ان الدكتور كاظم المقدادي امتلك الوقت للاستدراك في الحديث وليشير الى ( الكاريكتير العامود ) الذي بناه نبيل قرياقوس في ( الزمان ) باسس تستحق الاستناد عليها كنمط متخصص .
في احدى مداخلاتي ضمن نقاشات الندوة اوضحت اني لا أميل للكتابة باعتبارها هدفا بل باعتبارها وسيلة لايصال ما اريد الافصاح عنه ، أوضحت اني قليل الكتابة لسببين ، احدهما تأجيلي الكتابة عن مواضيع لا يشجع الوضع الامني في البلد الولوج فيها ، والثاني هو عدم رغبتي كتابة ما يتمكن غيري من كتابته وهو كثير .
اما اذا سألت عن كيفية معرفتي بما سيتمكن غيري من كتابته ، فذلك قد تجيب عليه اعمدتي الصحفية التي كتبتها في جريدة ( المزمار ) مطلع سبعينيات القرن الماضي حينما كنت احمل عمر خمسة عشر ربيعا .

نبيل قرياقوس
ملاحظة : نشر المقال اعلاه بجريدة الزمان يوم 10/4/2010
 

87
المنبر الحر / لا للمعارضة
« في: 00:35 05/04/2010  »
                                                لا للمعارضة

لست مختصا في دراسة تاريخ المصطلحات المستخدمة في حقل السياسة ، لكنني ارجوكم السماح لي بالوقوف امام مصطلح ( المعارضة ) المستخدم عالميا في حالة مجموعة الاشخاص الذين يكونون اعضاء في برلمان ما ، وهم ممن لم يحالفهم الحظ في كسب اغلبية الاصوات في انتخابات حرة ديموقراطية ، وافهم دور هؤلاء في المساهمة الجادة في العملية التشريعية والسياسية في البلد الديمقراطي وذلك بابداء الرأي والموقف ( ضد ) او( مع )  أي خطوة او اتجاه او قرار يخص البرلمان او الحكومة ، ولذلك فان دور هذه ( المعارضة ) يعتبر مهما جدا ولا يمكن الاستغناء عنه لضمان حسن سير العملية التشريعية والسياسية .
استخدام مصطلح ( المعارضة ) أو (  ( opposition قد يعني الوقوف بالضد دائما وهذا ما ليس صحيحا وليس واقعيا ، فمن الممكن ان يؤيد ( المعارضون ) ويصوتوا لصالح خطوة ما تتخذها الاغلبية في البرلمان بسبب تطابق اراء الطرفين عليها ، لذا فاني اقترح استخدام مصطلح ( المساندة ) او ( ( supporter يدلا من مصطلح ( المعارضة ) ، وبذلك نعطي التفسير الصحيح لعمل ما يسمى ( المعارضة ) حاليا حيث ان مصطلح ( المساندة ) يوجب على الطرف المساند ( معارضة ) ما يراه خطأ و ( تأييد ) ما يراه  صحيحا .
مصطلح ( المساندة ) يوحى نفسيا باجواء التكاتف والانسجام والعمل المشترك بين كل الاطراف للوصول الى الافضل .
اتوقع قرأة آراء اخرى ( تؤيد ) او ( تخالف ) مقترحي  مساندة لاقرار المصطلح الاقرب الى الواقعية .

نبيل قرياقوس


88

                                              أزمة العراق مع المريخ

أفادت الانباء الواردة من العاصمة العراقية بغداد باستفحال الازمة الدبلوماسية الناشبة بين الحكومتين العراقية والمريخية اثر اعلان سفارة دولة المريخ في بغداد عن وجود وظيفة شاغرة ذات مواصفات خبيثة وغريبة جدا في احدى الوزارات المريخية ، فقد سخر اليوم الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية من المؤهلات المطلوبة في الوظيفة الشاغرة وتسأل عن سبب تخصيص احد الموظفين العراقيين لغرض ملئها فيما نفى بشدة وجود هكذا شخصيات وظيفية في مؤسسات الدولة العراقية حاليا ، وجاء تصريح الناطق العراقي بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده سفير دولة المريخ في بغداد السيد ( طالعة روحة من البشرية ) المنسوب الى عشيرة ( لغف ) المريخية ، والذي أكد فيه وجود معلومات أكيدة بتوفر مؤهلات الوظيفة المطلوبة في بعض مؤسسات الدولة العراقية الجارة في الكون الشمسي ، واضح السفير المريخي ان الحكومة المريخية ستسهل الامر على المتقدم لشغل هذه الوظيفة وذلك بجعله يعمل مع الوزير المناسب اضافة الى اغراءات راتب شهري ضخم وتأمين سكن مناسب .
وكانت وكالات الانباء العالمية تناقلت تفاصيل اعلان سفارة دولة المريخ في بغداد عن وجود وظيفة شاغرة في احدى الوزارات المريخية مؤكدة عجز المريخيين عن تأمينها الا عن طريق احدى الكفاءات العراقية ، وفيما يلي تفاصيل المؤهلات المطلوبة في بيان السفارة :
1. ان يكون المتقدم روحا بجسد يتكون من صدر وبطن وقدمين ويدين ورأس يحوي عينين واذنين وانف وفم .
2. ذو قدرة فائقة على شل وتدمير الوزارة التي يعمل بها مهنيا .
3. ذو قدرة متميزة في الايحاء بكونه اداريا ناجحا ومخضرما .
4. ماهر في الخداع والمراوغة بحيث يقنع الوزير بالموافقة على كل شيء.
5. دائما يختار الحل الذي يؤذي العمل والناس حتى لو  كان ذاك الحل هو واحد من الف حل ايجابي ومناسب في صالح العمل والناس .
6. ذو امكانية رهيبة وماكرة في تصغير الامور وتكبيرها حسب مصالحه الذاتية لتمرير ما يريد اقراره باسم الوزير .
7. حاقد على كل ما هو نقي وجميل في الحياة .
على الصعيد ذاته وفي تطور مفاجيء كشفت حكومة دولة كوكب البلوتو الديمقراطية عن عدم تأييدها لقيام الحكومة العراقية بالموافقة على اقرار عمل الموظف العراقي المطلوب لدى حكومة دولة المريخ مشيرة الى ان ذلك سيؤدي الى تزايد هجرة المريخيين لبلدهم وليلجؤا الى كوكب البلوتو تماما كما يحصل الان في هجرة العراقيين لبلدهم .
مصادر مطلعة في الامم المتحدة توقعت تدخل الامين العام للامم المتحدة في مسعى لتخفيف حدة التوتر بين الحكومتين العراقية والمريخية حيث سيقوم ممثله بجولة مكوكية بين عاصمتيهما مطلع الشهر القادم لبحث الازمة المحتدة بينهما .
المصادر ذاتها افادت باعتراف عراقيين باراء ومزاعم الحكومة المريخية ، حيث اقر بعض المثقفين العراقيين من المستقلين والتكنوقراط  بوجود مؤهلات الوظيفة المطلوبة في مؤسسات الدولة العراقية الحالية وخصوصا في الكوادر المعينة من بعض الوزراء والمسؤولين المنصبين قسرا على رؤوس الشعب بنظام المحاصصة الطائفي .

نبيل قرياقوس

89
                                     العام 7310 لسكان العراق الاصليين

  

تحل في مطلع نيسان اعياد ( أكيتو ) لتحيي الذكرى 7310 لرأس السنة البابلية الكلدانية  فيما يتشتت اغلبية ما تبقى من الشعب البابلي من كلدان وسريان وآشوريون في مشارق الارض ومغاربها بعيدا عن وطنهم الاصلي العراق والذي خلقوا فيه وشيدوا عليه احدى ارقى حضارات العالم قياسا لزمنها .

بنى الكلدانيون والسريان والآشوريون ارضهم العراقية بيوتا وسكنوها من شمالها الى جنوبها ومن شرقها الى غربها وتعرضوا خلال جميع الالفيات والقرون الماضية الى اعتداءات مستمرة من قبل القوميات المجاورة للعراق ناهيك عن موجات نزوح بعض القوميات المجاورة واستيطانها في الارض العراقية .

كان من نتائج تلك الهجمات والاستيطانات تعرض سكان العراق الاصليين الى نكبات اكراه او تهجير اوابادة جماعية  لقوميتهم العرقية العراقية ، وانتقلت فيما بعد نوعية تلك الاعتداءات الى اسلوب الاضطهادالحضاري بصوره المختلفة ليكون الاداة الجديدة لتمرير اعمال الاكراه والتهجير والابادة الجماعية لتلك القومية العراقية الاصيلة ، ولعل ما اقره البرلمان السويدي يوم 11/3/2010 باعتبار الاعتداءات التي حصلت على سكان العراق الاصليين المسالمين من كلدانيين وسريان وآشوريين اضافة الى الارمن البونتينيين ( اليونان ) عام 1915 م  من قبل الدولة العثمانية جرائم ابادة جماعية ، حسب ما اورده موقع عينكاوة في الانترنيت ، لهو احد الادلة القريبة العهد بين الوف الادلة التاريخية التي تثبت ذلك والتي تفسر سبب استمرار خلو العراق من سكانه الاصليين الفية بعد اخرى وقرن بعد آخر وعقد بعد آخر ، خلافا للمنطق ، حيث ان  العراق ارض خير وبركة تتمناها كل شعوب الارض .

اننا الان كعراقيين من جميع القوميات ، عرب وكرد وتركمان وغيرها اضافة الى السكان الاصليين من مختلف القوميات والاديان مطالبون قبل البرلمان السويدي وقبل البرلمانات العالمية الاخرى باقرار حدوث جرائم التهجير والاكراه والابادة الجماعية لسكان العراق الاصليين خلال العصور الماضية وان اختلفت حدة واشكال واساليب وطرق وحجج تنفيذ اساليب تلك الاعتداءات ، تمهيدا لاقرار كل القوانين الجديدة التي تكفل الحماية والمساواة بين كل ابناء العراق دون التمييز بينهم لاسباب قومية او دينية او عقائدية وتكافلا مع القوانين المقرة عالميا لضمان حقوق الانسان .

اننا اذ نهنأ كل العراقيين بعيدهم الذي يفتخر به كل انسان على وجه المعمورة ، نتمنى ان يكون العام الجديد عام خير وتقدم ومحبة ، في حال ما زالت قوانين العراق ودساتيره للحظة متخلفة عن اقرار حقوق الانسان في كثير من مفاصلها المهمة ، فما زال العراقي من سكان البلد الاصليين للحظة - للمثل حسب - محضور عليه ممارسة وظيفة القاضي في المحاكم الحكومية فيما تمنع جميع النساء العراقيات من ممارسة القضاء ايضا ، بينما معروف ان اقامة العدل في مؤوسسات العدل الحكومية هو البداية الصحيحة في اقرار بناء العدل في كل البلاد .

 
 

نبيل قرياقوس

90
أدب / شيء اكبر من الحب
« في: 12:59 02/03/2010  »
                      شيء أكبر من الحب
لقاء صدفة كان معك ..
لقاء اقره القدر ..
لم أكن اعرف ابدا
ما به من آت ..
وجدتك فتاة
شجاعة ..
طيبة ..
ذكية ..
وفية ..
صادقة ..
امينة ..
تحب كل الناس ..
اصطدتيني ..
بحبك ..
أو هكذا ادعيت ..
لما أكتب من كلمات ..

مضت الايام بسرعة ..
وتكررت اللقاءات ..
اصبحت انت اول من اقابل ..
اول من اصافح ..
اول من اهديه كل حروفي المستجدات ..
اصبحت انت قدري .
شعاع ..
نادر ..
غريب  ..
هل علي من سماء ..
حاملا ..
احلى ..
أمر ..
المفاجآت ..

اعترف انك فزت بي ..
اسقطتيني أرضا ..
راكعا
متوسلا
راجيا ودك
حاملا
قربانا مقدسا ..
كلفني كثيرا ..
اجهدني جدا ..
صنعته وصنعني
من ..
وجداني
امانتي
صدقي
شجاعتي
سنيني
انسانيتي
عدلي
وفائي
ثقافتي
تضحيتي
ابتسامتي وفرحي
دموعي وآلامي
قربانا ..
خلقني من والى الازل ..
طفلا رضيعا ..
يود امه كل لحظة ..
او ..
يضيع ..
يجهش بالبكاء ..
قربانا ..
اراده الله لي ..
احلى ..
ارقى ..
اعظم ..
من الحب ..

أقر واعترف لك ..
اتفاخر واعلن للدنيا ..
ان لا احد هزم مثلي ..
ان لا احد ظفر مثلي ..
انا من قلائل البشر ..
انا من قلائل تاريخ ..
الماضي والحاضر والمستقبل ..
احمل ..
اعيش ..
اقدس ..
شيئا ..
اكبر من الحب ..
فهلا فهمتيني ..

نبيل قرياقوس



91
            نفي انباء منع الحاسوب في الجامعات
نبيل قرياقوس
     
كاريكتير
فند مسؤول ثخين المستوى في دولة اللوزنبيق الديمقراطية المتطورة جدا الواقعة تحت المحيط الهندي قرب شجرة نبكة بيها خوش نبك الانباء التي سربتها وكالة ( عكس العالم دائما ) الاخبارية من العاصمة اللوزنبيقية والتي تفيد بقيام بعض جامعات العاصمة بمنع اساتذتها وطلبتها من اصطحاب واستخدام حاسباتهم الشخصية المحمولة داخل الجامعة ، واوضح المسؤول الحكومي اللوزنبيقي امام جمع غفير من مراسلي وكالات الانباء المحلية والدولية بعد تناوله وجبة فطور سريعة على الهواء شملت ( 2 ) نفر كباب و ( 2 ) نفر تكة لحم عراقي و ( 2 ) نفر تكة لحم هندي وماعون باجة بالكرشة والكراعين ونصف كيلو قيمر عرب مع المقبلات وقوري شاي على الفحم ، قائلا :
رغم كون وجبة فطوري خفيفة وسريعة الا اني استطيع توضيح ان الانباء التي اوردتها ( عكس العالم دائما ) عارية عن الصحة وذات اهداف انتخابية بحتة ، فليس من المنطقي قيام جامعة علمية بمنع اساتذتها وطلبتها من استخدام حاسباتهم داخل الجامعة ، ولا يمكن منع الاساتذة والطلبة من ادخال حاسباتهم الى الجامعة سيما ان الطلبة والاساتذة في الاقسام العلمية بحاجة يومية لاستخدام الحاسوب .
من جهة اخرى ، اكدت وكالات اخبارية محلية من داخل العاصمة اللوزنبيقية عن شهود عيان صحة الانباء التي اوردتها ( عكس العالم دائما ) فقد نقلت وكالة ( خربطة بخربطة ) عن قيام احدى الجامعات في العاصمة اللوزنبيقية بمنع طلبتها واساتذتها من ادخال حاسباتهم الى الجامعة كما قامت بمنع الطلبة من ادخال اجهزة الهواتف التي تحمل الكاميرا !!
على الصعيد نفسه ، اوضحت صحيفة ( مبدعون بلا اصول ) اليومية اللوزنبيقية في مقالها الافتتاحي بهذا الصدد صباح اليوم ، ان الهدف الاساس في منع استخدام الحاسوب والهاتف المتطور في الجامعة العلمية اللوزنبيقية هو الحصول على سابقة في موسوعة ( كنز ) للارقام القياسية حيث ستحتل الجامعة اللوزنبيقية المركز الاول في العالم بمنع منتسبيها من استخدام الحاسبات واجهزة الهواتف المتطورة داخل الجامعة ، واضافت الصحيفة القول : ان تحقيق هكذا انجاز فعلي واعلامي يعد نصرا للعملية العلمية في اللوزنبيق !!
من جانبه اوضح مسؤول في احدى الجامعات اللوزنبيقية طلب عدم الكشف عن ملابسه بعد تناوله بطل بيبسي حجم عائلي انه يؤيد الغاء استخدام الحاسبات واجهزة الهواتف المحمولة في الجامعات لا بل الغاء استخدامها في اللوزنبيق بشكل كامل لانها السبب في افساد اخلاق الشباب اللوزنبيقي والتي نحرص على بقاءهم اطفالا ابرياء لا يحملون اي من خطايا البني آدم وخصوصا الخطيئة التي ادخلتهم جهنم اللوزنبيق ، واضاف المسؤول الجامعي قائلا :
اؤيد تعميم قرار منع تداول الحاسبات والموبايلات داخل كل الجامعات اللوزنبيقية وابارك قرار منع اختلاط الطلبة الذكور والاناث في المدارس الابتدائية واطالب بقوة بالعزل الفوري بين الطلبة والطالبات في الجامعات ايضا ، ونحن لهم بالمرصاد ، وخلي تفيدهم الحاسبات والموبايلات !!


92
منع الجنس في عيد الحب

 




افادت الانباء الواردة من دولة اللوزنبيق الواقعة شمال جنوب المريخ والتي تستهلك الكثير من الرقي والبطيخ بصدور عدة قرارات جديدة من الوزارات المختصة في تلك الدولة استعدادا للمشاركة  في احتفالات عيد الحب ، فقد صدرت الاوامر بالعزل الفوري بين الذكور والاناث في المدارس الابتدائية ، فيما يتوقع المراقبون صدور  خطوات مماثلة بشأن عزل الطلبة عن الطالبات في الجامعات اللوزنبيقية ، بينما طالبت احدى الصحف المحلية الرائجة في مقال افتتاحي لها صباح هذا اليوم بايجاد دوائر رسمية وشوارع ومدن خاصة بالنساء واخرى للرجال .
على صعيد متصل افادت شبكة ( الى الوراء عكس العالم دائما ) الاخبارية من العاصمة الوزنبيقية ان الشباب والشابات في تلك الدولة محرومون من فرص التمتع باحلى فرص حياتهم الاجتماعية والجنسية لتعذر الزواج عليهم بسبب عدم قدرتهم على تأمين السكن او مورد العيش الذي تتطلبه الاسرة بينما تشكو من البطالة نسبة عالية من اولئك الشباب وتقف الدولة عاجزة عن تأمين اي شيء لهم ،عدا منح الرجل الموظف الذي يعمل على ملاك الدولة اللوزنبيقية مبلغا ماليا مقطوعا قدره ( 8 ) دولار لكل طفل من اولاده  ويعاد قطع المبلغ حال بلوغ الابن عمر ( 18 ) عاما ولم يلتحق بالدراسة الجامعية ، وتفيد المصادر الاقتصادية من العاصمة اللوزنبيقية  ان مبلغ ( 8 ) دولار قد لا  يكفي لسد كلفة وجبة غداء واحدة متوسطة القيمة للشاب او الشابة في اللوزنبيق !!
من جهة اخرى ، افاد مراسل احدى الوكالات الاخبارية الاجنبية العاملة في العاصمة ان الشباب اللوزنبيقي يطارد من قبل شرطة خاصة في العاصمة اللوزنبيقية حالما يضبط متلبسا بجريمة  ممارسة ( القبلة ) مع شابة اخرى في الاماكن السياحية ، وفي اجراءات اخرى متناقضة  يمنع الشباب الذكور من دخول الاماكن السياحية كما تمنع مجاميع النساء من دخولها !!
سادتي الكرام :
بهذا الصدد وردنا توا نبأ عاجل غير مسبوق انسانيا وعالميا ، حيث صرح قبل قليل مسؤول في الحكومة اللوزنبيقية عن استعدادات تجري من قبل الجهات المختصة لغرض عزل الزوج عن زوجته  بعد دقائق من اكمال اجراءات الزواج الرسمية حفاظا على طهارتهما حسبما ذكر المصدر ، وردا على سؤال احد الصحفيين عن كيفية تأمين الانجاب اجاب المسؤول اللوزنبيقي قائلا :
( سنوظف التطور العالمي في مجال الانترنيت وسنمكن الرجل أي الزوج  والمرأة  أي الزوجة  من ارسال  الحيمن والبويضة  كل على حدة الى مراكز خاصة تأمنها الدولة اللوزنبيقية مجانا لغرض  التخصيب ، وستتولى الدولة بمستشفياتها المتطورة زرع البيضة المخصبة في رحم الام بجدارة علمية  ) .
 وبرر المسؤول اللوزنبيقي سبب هذه الاجراءات بالقول :
( وردتنا معلومات عن اوضاع   جماع جنسية  غير اوصولية وربما غير صحية بين بعض الازواج ، وحفاظا على ادامة علاقة الحب بابهى صورها الروحية بين الزوج والزوجة قرررنا التدخل لحل هذا الاشكال بالشكل الذي يخدم الزوجين وذكرى عيد الحب المثالي ) .
وفي اجابة على سؤال احد الصحفيين الذي تساءل عن الاستثناءات المتوقعة في تنفيذ هذه الاجراءات قال المسؤول اللوزنبيقي :
( المسؤولون جميعا مستثنون من اجراءات عزل الزوج عن الزوجة نظرا لان كثير منهم قد يكون متزوجا باكثر من زوجة واحدة الامر الذي لم يبرمج بحاسبة التخصيب الالكترونية ، كما ان اولاد المسؤولين من ذكور واناث يستطيعون الزواج بعمر ( 15 ) سنة لكونهم متمكنين ماديا ، علما ان ابواب الاماكن السياحية في ارقى دول العالم مفتوحة لهم في اي لحظة وهم ليسوا بحاجة لاستخدام الاماكن السياحية اللوزنبيقية ) .
واختتم المسؤول اللوزنبيقي حديثه بتوجيه التهنئة الى الشعب اللوزنبيقي بمناسبة الانجازات التي تحققها حكومته في مناسبة عيد الحب قائلا :
( انتهز الفرصة  لاقول للشعب والشباب والشابات  اللوزنبيقيين :  عيد حب سعيد يا اهل اللوزنبيق . ) !!
 
نبيل قرياقوس


93
المنبر الحر / يبيعون عوراتهم
« في: 15:49 19/01/2010  »
                         يبيعون عوراتهم

في مقهى شعبي تسلل الى مسامعي حوار جرى بين اثنين :
   من هو بحالتي لا يستطيع تغطية عورته او الحفاظ عليها .. -
-   كيف ؟ 
-   اضطر لبيعها ..  -
 لم ؟ -
   قد يكون لدي مريض لا أملك تكاليف علاجه ..
-   هذا حسب ؟ -
أو قد لا املك تكاليف ايجار بيت اسكنه ..
   وبعد .. -
 وهل امثالي قليلون ؟
  حدثني عن حالك وانت تبيع عورتك ..
احس بالألم وأنا افقد شرفي ..
في أي لحظة تحديدا ؟
-   لحظة أحتال او أسرق او ارتشي لأحصل على تكاليف علاجي او ايجار سكني !
-   ما رأيك باناس يبيعون عوراتهم وهم يملكون سكنا وليسوا بحاجة الى تكاليف علاج ؟
-   فرق فعلهم عن فعلي كالفرق بين حادث قتل غير مقصود بين جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد ..
-   تعني انك تبيع شرفك وكأن ذاك حادث قتل غير مقصود ؟
   نعم ، ولو كنت مكاني لاضطررت لذلك !
 من المسؤول عن توريطك ؟
  الدولة ..
 ومن المسؤول عن توريط الاناس غير المحتاجين ؟
 انفسهم ، وعوامل مساعدة من النظم الاجتماعية السائدة ..

وجهة نظر قابلة للمناقشة ..

لم استطع اكمال سماع بقية الحوار بينما طرت في مخيلتي اراقب اناسا يبحثون عن لقمة عيشهم صباح كل يوم في اكوام الازبال مصرين على رفضهم بيع شرفهم الذي يعتزون به أول وآخر وأغلى جوهرة يملكونها ..

نبيل قرياقوس


94
المنبر السياسي / يبيعون عوراتهم
« في: 15:46 19/01/2010  »
                         يبيعون عوراتهم

في مقهى شعبي تسلل الى مسامعي حوار جرى بين اثنين :
   من هو بحالتي لا يستطيع تغطية عورته او الحفاظ عليها .. -
-   كيف ؟ 
-   اضطر لبيعها ..  -
 لم ؟ -
   قد يكون لدي مريض لا أملك تكاليف علاجه ..
-   هذا حسب ؟ -
أو قد لا املك تكاليف ايجار بيت اسكنه ..
   وبعد .. -
 وهل امثالي قليلون ؟
  حدثني عن حالك وانت تبيع عورتك ..
احس بالألم وأنا افقد شرفي ..
في أي لحظة تحديدا ؟
-   لحظة أحتال او أسرق او ارتشي لأحصل على تكاليف علاجي او ايجار سكني !
-   ما رأيك باناس يبيعون عوراتهم وهم يملكون سكنا وليسوا بحاجة الى تكاليف علاج ؟
-   فرق فعلهم عن فعلي كالفرق بين حادث قتل غير مقصود بين جريمة قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد ..
-   تعني انك تبيع شرفك وكأن ذاك حادث قتل غير مقصود ؟
   نعم ، ولو كنت مكاني لاضطررت لذلك !
 من المسؤول عن توريطك ؟
  الدولة ..
 ومن المسؤول عن توريط الاناس غير المحتاجين ؟
 انفسهم ، وعوامل مساعدة من النظم الاجتماعية السائدة ..

وجهة نظر قابلة للمناقشة ..

لم استطع اكمال سماع بقية الحوار بينما طرت في مخيلتي اراقب اناسا يبحثون عن لقمة عيشهم صباح كل يوم في اكوام الازبال مصرين على رفضهم بيع شرفهم الذي يعتزون به أول وآخر وأغلى جوهرة يملكونها ..

نبيل قرياقوس


95
المنبر الحر / علم العراق
« في: 22:50 17/11/2009  »
                             علم العراق

مهندس عراقي أمين مخلص نبيل ، بدا وكأنه في بداية خريف عمره ، جالس مجموعة مهندسين باعمار مختلفة ينوون البدء بتنفيذ مشاريع لاحدى دوائر الدولة ، خاطبهم امامي ، دون ان يعرف بتواجدي ، قائلا:
عملنا هذا هو المحك النهائي لما نتحدث به من شعارات ، لنبدأ من جديد ، واهم ما نعتمده هو محاولة التقرب من الدقة في عملنا ، والامانة في صرف المبالغ .
حان الوقت لئلا ندع احدا يتهم موظف الدولة بعدم الحرص على المال العام ، لا نريد منكم ان تصرفوا فلسا واحدا من جيوبكم على الدولة ، في وقت ليس من حقكم اخذ فلس من المال العام .
 اجمعوا مصاريف مكالماتكم الهاتفية التي تجرونها بهواتفكم الخاصة واجمعوا كل مصاريف تنقلاتكم او حتى مصاريف جانبية اخرى تتطلبها ظروف العمل ولنجد لها مخرجا نظاميا لغرض صرفها لكم ، ولنكن حرصين على صرف كل دينار في مكانه الصحيح .
ستجدون الكثير ممن سيعق عملكم بهذا الاتجاه وقد يبدو ظاهريا من الاناس الذين لا يحيا العراق دونه ، بينما سيضايقكم لاهداف ومصالح  دفينة غير مشروعة .
 اعلموا ان البناء هو اصعب مهمة توكل للعراقي الان ، والذي لا يخطأ هو الذي لا يعمل ، وذاك هو كل الانحدار بعينه ، لنبدء بالعمل وبنية امينة مخلصة ، لنحاول تنفيذ افضل ما نتمكنه هندسيا وعلميا ، لنحاول جهدنا تقليل مساحات الخطأ .
حان الوقت لاداري الدولة ومسؤوليها ليفسحوا المجال امام الذين يستطيعون العمل والانتاج ، حان الوقت لتعلن الدولة بصوت عال ومسموع انتهاء عصر زرع  ( عبوات  ) التشكيك بوطنية العاملين او اتهامهم بشتى انواع التهم حال ظهور اي خلل او فشل غير مقصود سواءا في جانبي التصميم او التنفيذ الهندسي وكذا في امور الادارة .
حان الوقت للدوائر الرقابية ودوائر النزاهة العراقية كي تثقف كوادرها وموظفي الدولة عموما بمسانتدها الكلية لجهود البناء دون محاربة الموظف في حال خطئه او فشله لظروف خارج نطاق رغبته او ارادته ، ولتتم الاستفادة من الاخطاء في الاعمال المقبلة .
آن الاوان للقضاء على ظاهرة خوف الكثير من العناصر الكفوءة والامينة  من خدمة الدولة بشكل صحيح تحاشيا من التصادم مع العناصر السيئة المسيطرة على زمام الاعمال والادارة في معظم  دوائر الدولة .
حان الوقت للعمل والتلاحم مع الخبرات الاجنبية في كل المجالات لبناء العراق بشكل علمي حديث .
بدا الارتياح على الحاضرين عدا نفرين منهم ، تبين لي فيما بعد ، انهما ممن يتشوقون للجنة تنفيذ اي مشروع معتبرين اياها ( باب رزق ) لمورد دسم يسندون به امورهم المادية الخاصة .
انهى المهندس النبيل حديثه وقبل ان يلتفت لملاقاتي ، تمنيت لو اني استطعت حمله ووضعه على رأسي اكراما وليكون العلم الذي يطعمنا انسانية وخبزا ، ليكون علم العراق الجديد  الذي سوف لن يختلف عليه العراقيون ، فهو رمز تنحني تحت قديمه كل اشكال والوان الاعلام .

نبيل قرياقوس

96
كاركتير
 
                                            وزارتي التعليم العالي والناصي
 
في نبأ عاجل ،اعلنت قبل قليل وزارة التعليم العالي في جمهورية الخس نبيق الديموقراطية الشعبية الشمولية الجماهيرية الطبيعية التقدمية الطليعية العلمية العملية الاتحادية المتحدة عن قيامها بتعميم كتاب رسمي الى كافة الوزارات الخس نبيقية يعلم بوجود مواقع على شبكة الانترنيت لكافة الجامعات والمعاهد المحلية الخس نبيقية يحوي اسماء  جميع خريجي تلك الجامعات والمعاهد على امتداد تاريخها ، ورجى التعميم الصادر من وزارة التعليم العالي من بقية دوائر الدولة الخس نبيقية مخاطبة تلك المواقع الالكترونية وذلك حين الرغبة في التأكد من صحة تخرج اي موظف حكومي من تلك المعاهد والجامعات .
الناطق الاعلامي الرسمي باسم وزارة التعليم العالي الخس نبيقية برر هذا الاجراء في تصريح خص به وكالة ( أكو . شي . اسمه . نت . جا . اشمالكم . ) الاخبارية اليابانية ، كونه يحد من زخم المكاتبات الخاصة بطلبات صحة صدور شهادات الموظفين المعينين على ملاك الدولة الخس نبيقية اضافة الى كونه اسلوبا متطورا يوفر الجهد والوقت والمال االى جانب الدقة .
على الصعيد نفسه ، وفي تطورات سريعة متلاحقة ، اعلنت وزارة التربية والتعليم الخس نبيقية قبل دقائق عن نيتها هي الاخرى توفير مثل هذه الخدمة لدوائر الدولة الخس نبيقية فيما يخص شهادات خريجيها من الدراسات الثانوية والمتوسطة والابتدائية .
جدير بالذكر ان وزارة التعليم العالي الخس نبيقية كانت قد اعلنت قبل اكثر من شهرين عن بدء العمل بخدمة تزويد الخس نبيقيين المقمين خارج بلدهم  بنسخ من شهادات تخرجهم من الجامعات الخس نبيقية عن طريق شبكة النت كما تم التنسيق مع وزارة الخارجية الخس نبيقية لتزويد الجهات الاجنبية في كل دول العالم بنسخ من شهادات تخرج المواطنين الخس نبيقيين في حالة طلبها لغرض تشغيل الموطن الخس بيقي المقيم في تلك الدول .
مصادر مطلعة من داخل ( خس بيساو ) العاصمة الخس نبيقية أكدت ان هذه الاجراءات الجديدة لا تلغي امكانية مكاتبات طلبات صحة صدور شهادة اي خريج  في حال وجود مبررات التباس او شك ، معتبرا ذلك امرا يخص قناعات الجهة المستفيدة .
 
                                                                                            نبيل قرياقوس


97
المنبر الحر / سودة مسخمة
« في: 23:25 03/11/2009  »
                               سودة مسخمة

قال احدهم والعهدة عليه :
 حينما تجد في بلد شرقي ، وزيرا لا يعيش في بناية وزارته اكثر مما يعيش خارج بلده ، أو موطنا واحدا ،  الواحد هنا للتنويه العكسي ،  لا يملك تكاليف علاج صحي ، أو شرطيا واحدا يعمل حراميا ، أو موظفا او متقاعدا واحدا مصاريفه الدنيا اكثر من راتبه بثلاث مرات ، أو كاسبا واحدا لا مورد ولا عمل له ، أو موطنا واحدا لا سكن له ، أو اغبياء كثر متنفذين يفسرون التعليمات والقوانين دون حساب ، أو اناسا متنفذين يفرقون بين المواطنين لاسباب قومية او عقائدية ، او اناسا تتكلم ولا تسمح للاخرين بالكلام ، أو اقلاما كثر تحركها انامل الدنانير ، فاعرف ان لا احد سيقرأ حروف شعرك في ذاك البلد ، ولا تستغرب ان ينتهي كل حب فيه بدمعة ..
لا تستغرب ان يظل كل مغتربو ذاك البلد متمسكين  بكماشة غربتهم ..
لا تستغرب ان يتمنى الكثيرون الغربة ..
لا تستغرب ان توصف الحياة في ذاك البلد  بانها ما زالت : سودة مسخمة !


                                                                                 نبيل قرياقوس

98
كاريكتير ما يضحك

                            شاف الكرسي واخترع

قال احدهم والعهدة عليه ، عن واحد ما يعرفه ، قال عن شخص بصري فقير الحال ما يملك بيتا يسكن به وعنده اربعة اولاد وما عنده شغل ، قال عن شاب من الانبار عمره ثلاثين سنة ، ما متزوج ، ما يملك مالا ولا دارا ، والشبعانين من كل شيء يأمرونه بالصبر على حياته الاجتماعية والجنسية ، قال عن شخص من بغداد لا يملك تكاليف عمليات جراحية يحتاجها جسمه بعد اصابته بانفجار سواه واحد ( كلش خوش آدمي ) ، نقل عن رجل من كركوك يخاف يفتح حلقه لئلا يقتل ، قال عن مواطن من السليمانية ما عنده تكاليف دراسة ابنه بالجامعة الحكومية ، نقل عن لاجيء عراقي يشكو الغربة والفقر وقد ضاع اولاده السبعة في سبع دول رافعين شعار سبع حصوات بعين الحسود ، قال عن فاهم من اهل العراق ، صرح قبل نصف ساعة على شاشة قناة ( جذب في جذب )  الفضائية ما نصه :
ونحن نمر بمخاضات عالم الديموقراطية ، وفي ضوء التحسن الامني النسبي ، فقد نشط  بعض المسؤولين والوزراء ، وخصوصا ممن يعرفون شغلهم و يفتهمون كل شيء ، مؤخرا في ابتداع ( فيكات بيروقراطية ) تدربوا عليها على يد خبراء ذوي نوايا حسنة وخدمة سابقة تزيد عى الثلاثين عاما الاخيرة من عمر الدولة العراقية ، ومن تلك الفيكات ، انهم يضعون العلم العراقي على ميزهم ( كشخة ) ويزيلون الكرسي المعد لجلوس الضيف عند مقابلتهم للمواطن او الموظف الذي لا يعرفونه بصورة شخصية في يوم المقابلات ليضطر المواطن على الوقوف متوتر الاعصاب قدام معاليهم ، ولكي يشعر المسؤول بهيبته وبنكهة السلطة المطعمة بالموز والخيار والطماطة والأنا ( بلا ) ناس ، وهواية راح يفتي هذا المسؤول بالعدل !!
ملعون هو الكرسي الاعوج ، وملعون ابو الذي صنعه ..
وهنا نقصد كرسي المسؤول الشاطر المبدع وليس كرسي المواطن  والخطأ أوالسهو مرجوع للطرفين !

                                                                   نبيل قرياقوس




99
كاريكتير ..                       

                     يا موظفات العالم  لا تتزوجوا

كان يا ما كان .. في بلد يقع شمال امريكا الجنوبية جنوب اليابان على الشرق من استراليا ، بعد القطب الشمالي  غرب اوز باكستان ، بالقرب من علاوي الحلة تحديدا ، يدعى الموزنبيق ، طفلان ولدا في يوم واحد ، كل من ابوين وامين موزنبيقيين  ، برجهما الميزان ، يلبسان نعال قياس 40 ، الاول منهما  كان بنتا ذكية جدا نشأت وترعرعت في أسرة حرصت على الانفاق عليها لتكمل دراستها الابتدائية والمتوسطة بتفوق ، وبعدها لتبذل البنت جهودا متميزة في استغلال ذكائها بالجد والتعب وسهر اليالي ولتحصل على معدل في الثانوية العامة يؤهلها لدراسة الهندسة ، ولتبدأ مشوارا اصعب من كل المشاوير السابقة في تشغيل الذهن والخوض في أعقد علوم العالم ولتكمل مسيرة الجد وسهر الليالي بمسؤولية أكبر اضافة لما تطلبه الدراسة الهندسية الجامعية من انفاقات مالية شهرية تعادل راتب موظف كامل!
بالمقابل نشأ الموزنبيقي الثاني ، وكان ولدا ذو قدرة ذهنية محدودة ، في عائلة لم تأبه بعدم حرصه على بذل الجهود الكبيرة في الدراستين الابتدائية والمتوسطة ، وكذا في الدراسة الثانوية ، وليحصل على معدل متواضع لا يؤهله الا دراسة احدى الكليات التي يدخلها خريجوا الفرعين الادبي والعلمي على السواء كالادارة او القانون ..
مرت السنون ، توظف كل من الشابين بوظيفتين حكوميتين ، وتزوج كل  منهما ، حيث اقترنت الشابة بزوج محدود الحالة ماديا ولا يعمل موظفا في الحكومة ، بينما اقترن الشاب بربة بيت ايضا ..
الحكومة الموزنبيقية اصدرت مؤخرا تعليمات توقف فيها صرف مخصصات الزوجية والاطفال الى الشابة المتزوجة في كل الاحوال  سواءا اكان زوجها موظفا او غير موظف !!
الشاب المتزوج اعرب عن سعادته لقرار الحكومة العادل ضد زميلته الشابة، مضيفا القول : هذا التفسير هو من صميم ما درسناه في دراستنا الادارية والقانونية  العميقة جدا بالجامعة ، فزميلتي لا تستحق اي مخصصات زوجية او مخصصات اطفال ، ولابد من التمييز بين المرأة والرجل حتى لو كان قياس نعال كليهما 40 ! بينما دعى موظفات العالم الى الراحة وعدم الزواج !!
أنتهت الحتوتة !

                                                                   نبيل قرياقوس







100
المنبر الحر / اسس اسناد النزاهة
« في: 18:34 10/10/2009  »
                          أسس اسناد  النزاهة

قبل ايام من موعد لقائي مع رئيس هيئة النزاهة لصالح جريدة الزمان ، استشرت جاري عن شخص رئيسها القاضي رحيم العكيلي ، حيث ان جاري قاض طويل الخدمة في وزارة العدل ومحاكمها وهو انسان أثق به واحترم اراءه اضافة لكونه لا يمت باي صلة قربى الى العكيلي عدا كونه عراقيا ، قال جاري نصا باللهجة العراقية:
-   زين كلش ، وخوش ولد ، راح تشوفه ، انا اكول لك هو خوش ولد .
كان لتزكية جاري تلك وقعا ايجابيا اضافيا في نفسي للتحضير بالمزيد من الجدية والواقعية للقاء صحفي حرصت فيه بتميز وكفاءة واضحة على جعله وكأنه حوار متبادل بين شخصيتين عراقيتين يحمل اراء الطرفين أكثر من كونه اسئلة واجوبة ، فاسحا المجال للشخص الذي اقابله بيان ما يريد ايضاحه واعلامه للناس ، في وقت احصل فيه على اجوبة كل ما يجول بخاطري من اسئلة مقابل ايصال وجهة نظري ايضا ..
حققت اللقاء الصحفي مع رئيس النزاهة في مكتبه الذي جمعنا بجو عمل ، وكرم خلق ، وحسن ضيافة  زهاء ساعتين ، ونشرت معظم تفاصيل اللقاء في جريدة الزمان الصادرة بتاريخ 25/11/2008 ، وما لم انشره بسبب طول اللقاء هو نقاط كثيرة ومهمة تحاورنا حولها ، منها دور الظروف الاقتصادية والاجتماعية العامة للبلد في التهيئة لعملية بناء أسس النزاهة في المجتمع ، فتأمين السكن والعمل والمعيشة الكريمة للمواطن اضافة الى التأمين الصحي والتعليم المجاني الفعلي بكل تفاصيله وحلقاته مع وجود انظمة دولة تحمي المواطن من تجاوز الاخرين عليه ، يساهم بشكل منقطع النظير في ارساء أسس اسناد عملية نزاهة التعامل بين الافراد على صعيدي القطاع الخاص والعام وما بينهما ، واظن ان وجهات نظرنا تطابقت في ذلك .
يتبين لنا من هذا ، صعوبة وتعقد عمل هيئة النزاهة في هذا الوقت من حياة مجتمعنا ، حيث ما زالت موارد الدولة لم تستغل بعد في تأمين أسس اسناد عملية النزاهة ، فهناك نسبة عالية من افراد مجتمعنا من العاملين في القطاع العام وكذا بقية افراد المجتمع وهم دون سكن مناسب مع نسبة عالية من العاطلين عن العمل ، وما زال قطاع الصحة يعمل وكأنه يخنق من يبليه الدهر بمصيبة المرض وما زالت قوى اجتماعية وعشائرية وطائفية تحكم زمام التدخل والحكم بين الافراد بشكل او آخر .
عمل هيئة النزاهة العراقية فيه من الآليات والاحداثيات الشائكة حاليا ما يفوق باهميته وصعوبته وخطورته عمل اي هيئة او وزارة في الدولة العراقية الحديثة ، الامر الذي يتطلب تفهم ومؤازرة كل اركان الدولة لهذه الهيئة الفتية ، وكذا تفهم ومؤازرة كل العقول والقوى والشخصيات الوطنية .
على صعيد آخر ، اتوقع شخصيا ، ان يسحق الان بعجلة النزاهة الناهضة بالتقدم بعض من موظفي القطاع العام ممن يميلون عن خط  نزاهتهم ( خصوصا من هم بدرجات وظيفية دنيا ) ، وقد يدفع اولئك ثمنا ، بحكم القانون ، هو اقسى مما يستحقونه فعلا اذا ما وضعنا في الاعتبار العوامل الظرفية والاسس الموضوعية التي تحدثنا عنها في مطلع مقالنا ، وهنا نقول: لنا ثقة كاملة في ان حكمة وعدل وذكاء القاضي الفاضل رحيم العكيلي قادرة على التصرف مع هذه الحالات بشكل يساهم في تقوية وترصين عجلة النزاهة في وقت يعامل اولئك المائلون بيد ضاربة لكنها يد مربية ورحيمة ،الامر ليس سهلا ولكنه كذلك لدى القاضي والانسان رحيم العكيلي .
لنا عودة للحديث في  محاور اخرى ..

                                                                      نبيل قرياقوس
 

101
المنبر الحر / هبة هاني عشق عراقي
« في: 15:30 08/10/2009  »
                          هبة هاني عشق عراقي

بالامس وجهت دعوة بالبريد الالكتروني الى هبة هاني  لحضور أمسية ادبية وفكرية في بغداد تجمع عدد من صانعي المحبة والخير والعدل والسلام من احرف لا تصدأ ومشاعر لا تكذب ، وجاءني الرد اليوم لتعتذر فيه هبة هاني لـ ( بغداد ) لكونها غادرتها منذ اكثر من ثلاثة اعوام .
كنت لا اعرف هبة هاني ولا علي السوداني ولا حسن النواب ، معرفة شخصية فقد كنت منشغلا بدراسة علوم الهندسة التي وأدت أحلى كلماتي ، وحروب ايران والكويت والحصار التي قبرت شبابي ، لكني أعرف الان جيدا هبة هاني وعلي السوداني وحسن النواب ، وغيرهم كثيرون ، من مكاتيبهم ورسائلهم ومن عشقهم العراقي الذي لا بداية له ولا نهاية ..
( حتي انت يا هبة ؟) اجبتها ، مكملا القول :
والله ما عاد في المآقي ما يكفي من الدموع لنودع به المزيد من ورود العراق ، وما باليد حيلة ، ساعدنا الله وساعدكم !
نعم ، ان كانت مآقي ابن زيدون تكفي لئلا تجف وهو ينأى عن حبيبته ولادة ، فلا عجب ان تجف مآقينا حزنا وبغداد تودع باليوم الف وردة ولادة !

                                                                                نبيل قرياقوس

                                                                     

102
                                 قولي أحبك

سياسيين كانا ام مثقفين ، لا ادري ، لكني شددت لحديثهما الطويل الذي تبادلاه بالامس امامي في سيارة اجرة في احد شوارع بغداد ، ادرج لكم بعضه والعهدة عليهما:

-          عراقيون كثر خارج بلدهم .

-         وكثرعراقيون يتمنون هجرة بلدهم .

-         صراع ، مرير ، من اجل البقاء .

-         في العراق ، كما في كل دول الشرق ، تخلف حضاري وفكري واجتماعي ، يقود الى تهميش حرية جزء كبير من البشر والى دمار حياتهم الاقتصادية والمعيشية ، فيحاصر الانسان فيها وليجد في عالم الغرب ملجأه .

-         كثيرون يدعون بالثقافة ويصرون على دساتير تميز بين العراقيين .

-         بل كثيرون يدعون الثقافة وينتقدون تصرف شخص في الغرب ولا ينتقدون قوانين رسمية ودساتير نافذة  في بلدهم ، وكذا اعرافا اساسية مطبقة على طول مجتمعهم وعرضه تسيء لحقوق البشر وتميز بينهم .

-         ما زلنا متخلفين جدا .

-         نحن نميز حتى بين الذكر والانثى في كل شيء !

-         حتى في الحب نمييز ، بين هذا وذاك !!

-         مثقفونا الحقيقيون بحاجة الى ان يقيموا مدارس يعلمون فيها المساواة بين البشر .

-         نريد مدارس تضع قوانينا وسننا تعدل بين البشر .

-         مدارس تعلمنا الامانة وتقدس العمل فعلا لا قولا .

-         مدارسا تتواصل مع ما انجزه العقل الانساني المتحضر من قوانين.

-         مدارس تعلمنا اصول الاحترام والتودد والحب دون تمييز بين البشر .

-         مدارس تقدس حرية الانسان وتنهى عن التدخل في اموره الشخصية .

-         مدارس تبريء الاديان من انتهاكات ترتكب باسمها .

-         مدارس تثبت اهم قيم السماء في المساواة بين البشر.

-         مدارس تتسع لحرية الانسان الى الحد الذي تبتدأ به حرية الآخر دون تمييز ودون تفضيل أحد على آخر تحت أي مسمى .

-         لا نحتاج الى كلام كثير ، لا نحتاج الى تعصب وتكبر .

-         كفى لازدواج الشخصية ودعونا ننظر الى الامور دون تصنع .

-         نحتاج الى احساس وصدق بالانسانية دون شروط .

-          ( قولي أحبك .. كي تزيد وسامتي  ) خمس كلمات من معلقة الراحل ، شاعر الحب  نزار قباني ، لكنها تزن في قيمتها الانسانية ومعانيها واحاسيسها آلاف قصائد قيلت في الحب !

-         اراك تريد تغيير الموضوع !!

-  بل ان هذا هو  كل الموضوع ، انه ليس أكثر من ان نخلق الحب بيننا !!

                                                      نبيل قرياقوس   

103
                                     عراقهم
 
نشرت في موقع عين كاوة قبل ايام معدودة كاريكتيرا مرسوما بالاحرف معنونا بـ ( نداء عاجل الى الحكومة العراقية ) وكان يتضمن دعوة صريحة الى ذوي الشأن في الدولة العراقية للتدخل العاجل لايقاف ما تمارسه شركات الهواتف النقالة من اعتداءات مزعجة مستمرة ضد مشتركيها من المواطنين عن طريق اختراق خطوطهم الخاصة يوميا لبث رسائل عديدة يوميا صباحا ومساء وليلا ، داعية اياهم الى الاشتراك بمسابقات وهمية او اخبار المشتركين بفوزهم بآلاف الدولارات الزائدة عن الحاجة لقاء قيامهم بارسال رسالة جوابية يفقدون بها نسبة كبيرة من ارصدتهم حسبما اورد الينا البعض ، علما ان كثير  من المواطنين حاولوا الاتصال بهواتف شكاوى تلك الشركات لايقاف موجة رسائل الازعاج والاحتيال دون جدوى ، بينما  تمت اجابة بعضهم باصرار شركة الهاتف النقال بالمضي قدما في ارسال تلك الرسائل دون هوادة !!
 قبل ايام  وامام انظاري اضطر أحد الزملاء الصحفيين لقذف هاتفه بقوة على الارض مهشما اياه ، في لحظات كان ينتظر فيها اخبارا سيئة متوقعة عن حالة ابيه المريض المسن بينما وردت اليه للمرة الثالثة رسالة تطلب منه بلا خجل الاشتراك في مسابقة الحصول على مليون دولار فائضة لدى شركة الهاتف النقال !!
توفى  والد الصحفي ، ولاحقته رسائل شركة الهاتف النقال ساعة دفن ابيه وكذا في ايام الفاتحة لمرات عديدة ولتدعوه الى كتابة رسالة اليها لكونه ( فاز) بسيارة حديثة جدا لا تحتاجها الشركة !!
انتهت الفاتحة ، واستطاع زميلنا وبعد جهد ووقت طويل من الاتصال بهاتف شكاوى شركة الهاتف النقال ، وبين لهم حقه في عدم تقبل اي رسال احتيال او مسابقات مزعجة تخترق هاتفه يوميا دون استحياء ، بينما استمر خاضعا لحد لحظة كتابة احرفي هذه  في تلقي ضربات الازعاج من شركة الهاتف النقال على خط هاتفه الخاص !
ترى من هي الجهة المسؤولة في الدولة العراقية والقادرة على ايقاف استفزازات شركات الهواتف النقالة ضد الموطنين ؟
نأمل ان يحل الموضوع سريعا وبالشكل الذي يحترم ابسط حقوق الانسان العراقي بدل ان تكون رسالتنا القادمة ، جماعية ، مكتوبة باللغة الانكليزية ، معونة الى جهات عالمية مختصة بحقوق الانسان ، اضافة الى اروقة  وعناوين ومواقع خاصة تابعة للامم المتحدة .
                                                                                   
                                                                                      نبيل قرياقوس

104
الاخت دينا سركيس المحترمة
تحية عراقية لا اطيب منها في الدنيا
تأبى العيون الا وان تمتليء دمعا وهي تبعث التحيات العراقية بين العراقيين  ، مثلما تهتز المشاعر في نفوسنا ، دم محبة يجري في عروقنا ونحن نسمع كلمة عراق اينما كنا في الدنيا ..
لم اكن اود المشاركة في الخطابات التي جرت بين اخوة عراقيين حول نقطة ما ، الا ان جمال وبراعة وقدسية كلماتك التي غزت المكاتبات شجعتني لأن استسمح الجميع ولاقول لك ولهم :
عاشت كلماتك الانسانية الرائعة يا سيدتي .. انا لست مع فلان ضد فلان صدقيني ، لكني مع الكلمة التي تزرع المودة والخير .. وكذا كانت ورودك التي زرعتيها في رسالتك ..
عاش الانسان حرا ..
عاشت الحرية
عاش العراق ..
وعلى الارض المسرة والسلام .
نبيل قرياقوس
كاتب ومفكر عراقي  - مواليد 1956- بغداد

105
تصدى الأستاذ لؤي فرنسيس لإلقاء كلمة ائتلاف العمل والإنقاذ الوطني في مؤتمره التأسيسي الذي انعقد في بغداد صباح السبت الخامس من شهر أيلول لعام 2009 للميلاد إليكم نصها :

بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبناء شعبنا العراقي الأبي
رجالا ونساءا .....
كهولا وشبابا .....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يواجه أبناء العراق في هذه الحقبة الحاسمة من تأريخ البلاد امتحانا صعبا يتوقف عليه تحديد هويتهم الوطنية ورسم مستقبلهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي . بل أصبحت أحد أبرز العوامل التي تهدد اندماج المجموعات الوطنية المختلفة وتضع نهاية للكيان الوطني العراقي ولهويته .
لقد خلق أعداء العراق أجواء من الفتن والاضطرابات أدت إلى نمو بيئة اجتماعية مضطربة نفذ من خلالها أصحاب المصالح الضيقة فراحوا يطرحون المشاريع والبرامج التي لا تخدم سوى مصالحهم السياسية مستغلين معاناة الناس وآلامهم الناتجة بفعل سياساتهم ،و برامج مختلفة توحدها الرغبة في الهيمنة والتسلط على مقدرات العراق وثرواته تحت شعارات و مسميات زائفة ستفتح المجال في حال استحكامها أمام تشرذم العراق وانقسامه مادامت المبررات المطروحة قابلة للانطباق على مختلف المجموعات القومية والمذهبية والمناطقية.
لقد مرت السنوات الست الماضية على أبناء شعبنا محملة بالويلات والمأسي , سنوات عجاف فقدنا فيها الكثير من الاحبة , وانتهكت فيها حرمات ومقدسات , وكل تلك المأسي والويلات انما كان من اسبابها البارزة التناحرات السياسية بين بعض الجهات والاحزاب في الساحة العراقية. في كل عام نسمع عن وجود ميزانية انفجارية يقرها مجلس النواب العراقي ,, وبالفعل فان مجلس النواب يقر كل سنة عشرات مليارات الدولارات , حتى وصل الامر فا صبحت ميزانية العراق تعادل ميزانية خمس دول مجتمعة , ولكن اين هذه الميزانية على ارض الواقع ؟ فالواقع الخدمي اصبح في حالة يرثى لها والواقع الصحي ليس بافضل منه وكذلك بقية الجوانب الاخرى كالتعمير والبناء والزراعة والصناعة , لذلك فان التساؤلات من الشعب حول الخلل واسبابه مشروعة, ومن حقه ان يسال وعلى المسؤول ان يجيب .
اخوتي الحضور
من خلال ما ذكرته لكم فان بلدنا اصبح وضعه في خضم هذه المأسي اشبه ما يكون بالغريق الذي يحتاج الى انقاذ وعلى هذا الاساس انبثق من رحم هذه المعاناة ( ائتلاف العمل والانقاذ الوطني ) الذي يضم مجموعة المستقلين والاكادميين والاطباء والمهندسين واساتذة جامعيين واعلاميين وتجمع عراقيات النسوي سعيا في انقاذ ما يمكن انقاذه واعادة البسمة الى شفاه اليتامى والارامل .
أيها العراقيون الشرفاء في كل مدن العراق ...
لقد شرع إخوانكم وأبناؤكم في (إئتلاف العمل والانقاذ الوطني) بإعداد الخطط والبرامج اللازمة للنهوض بواقع العراق وفي مختلف المجالات اخذين بنظر الاعتبار تغيير الواقع العام في العراق ولكل جوانبه ( السياسية – والاقتصادية – والخدمية – والصحية – والتعليمية – وغيرها )وجعلها أساسا في تحقيق الاصلاح المنشود في بلدنا الحبيب .
ايها الاخوة ...
اننا نسعى الى خلاص وبناء وانقاذ العراق,,, باذلين الجهد من اجل ان يتعافى بلدنا السقيم وان يأخذ مكانه الطبيعي بين دول العالم ... نريده ان يكون في المقدمة لانه يمتلك جميع المقومات التي تجعله في مصاف الدول المتقدمة .. نريد ان نبني عراقا واحدا موحدا من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ,, بلدا واحدا وشعبا واحدا يدين بدين الوطنية بعيدا كل البعد عن الاثنية والطائفية .
عاش العراق وأبناء العراق
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


المؤتمر التاسيسي لتشكيل ائتلاف العمل والانقاذ الوطني

05/09/2009 م
المؤتمر التاسيسي لتشكيل ائتلاف العمل والانقاذ الوطني تحت شعار ارادة وطنية من اجل العمل والصلاح والانقاذ انعقد المؤتمر التاسيسي لائتلاف العمل والانقاذ الوطني وبحضور العشرات من النخب والعناصر الوطنية والنساء الوطنيات للاعلان عن تشكيل ائتلاف العمل والانقاذ الوطني إبتدأ المؤتمر بقراءة سورة الفاتحة وقوفا على ارواح شهداء العراق عموما وبالخصوص شهداء الاربعاء الدامية بعد ذلك كانت كلمة ائتلاف العمل والانقاذ الوطني تلاها على مسامع الحاضرين الاستاذ لؤي فرنسيس .....تلتها كلمة لمستقلو ائتلاف العمل والانقاذ الوطني ألقاها الاستاذ فريد الحسني بعد ذلك كانت كلمة لتجمع عراقيات النسوي القتها على مسامع الحاضرين الاستاذة فاطمة محمد بعد ذلك كانت كلمات وطنية معبرة قرئها على مسامع الحاضرين عريف الحفل فاثارت شجونهم ووقفوا وقد تشابكت اياديهم بالدعاء لعراقنا الحر الأبي الصابر مرددين باعلى اصواتهم لبيك لبيك ياعراق لبيك لبيك يا عراق نعم نعم للوحدة نعم نعم للوحدة تلا ذلك أهزوجة شعرية ألقاها احد الحاضرين خل تسمع الإرهاب أحنا لا سنة ولا شيعة عراقين احنا وهذا الوطن ما نبيعه عراق يضل العالي هو التاج على البلدان بعد ذلك ألقى الأستاذ قاسم الزاملي البيان التأسيسي على مسامع الحاضرين
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان تأسيسي
لقد آمنت الشخصيات الوطنية العراقية بضرورة وأهمية العمل المشترك بشكل جاد ودؤوب من أجل نشر قيم العدالة والمساواة بين ابناء الشعب العراقي من خلال المساهمة بشكل فاعل فيما بينها , لتشكيل أئتلاف عراقي التأسيس والهوية , لما تحمله هذه الشخصيات من توجهات ورؤى كفيلة بالنهوض والأرتقاء بواقع الأنسان العراقي عبرت ومعبرة عن طموحات ابناء الشعب من خلال برامجها ... تلك البرامج التي تمتلك القدرة على أثراء المفاهيم الداعمة للوحدة الوطنية والانتماء الاصيل للعراق الحبيب و تسهم في خلق مناخات طبيعة تحقق الوحدة وتثري مفهوم الانتماء الوطني وتصلب العلاقة بين ابناء الشعب ..... لقد شكلت هذه المحاور المرتكزات الاساسية التي تمحورت حولها أنشطة تلك الشخصيات العراقية الساعية للتأسيس لوقائع أجتماعية وسياسية وثقافية وأقتصادية جديدة تكفل أيجاد بيئة صالحة قادرة على تغيير ملامح المرحلة السابقة تغييرا جوهريا , وتصحيح عملية البناء السياسي والاجتماعي الذي أكنفه الكثير من التردي والانحدار نتيجة لعبث الكثيرين ممن يحاولون أعادة انتاج انفسهم بعناوين ومسميات وشعارات جديدة .... أن هذه الشخصيات الوطنية أذ يدفعها هاجس ألأنقاذ والعمل من أجل العراق الحبيب ,تجد نفسها أمام مسؤولية كبيرة وهي تلغي كل الاعتبارات الجانبية المنبثقة عن أنتمائاتها الفكرية و الثقافية المتعددة لتندك في ممارسة التكليف الوطني ولترتبط مع ابناء الشعب بروابط مقدسة تأخذ مكانتها وقدسيتها من طبيعة العقد الوطني والمضامين السياسية والثقافية و التأريخية التي يتضمنها ويحتضنها .... كل ذلك من أجل تحقيق الاصلاح وتقويم عملية البناء ودحر الفساد والمفسدين في عملية يشترك فيها جميع الشرفاء من أبناء العراق ومن هذا كله جاء تاسيس ( ائتلاف العمل والانقاذ الوطني ) من اجل بناء البلد على اسس سليمة اساسها المواطنة بعيدا عن التخندق الطائفي او القومي . ان ائتلافنا يضم اعضاء من مختلف الطوائف الدينية والقومية وان .. اساس الانضمام في صفوف هذا الائتلاف هو الاساس الوطني الذي يهدف الى توحيد الشعب العراقي بعيدا عن المحاصصات المقيته .


ائتلاف العمل والانقاذ الوطني
5 9 2009

106
كاريكتير هواتف نقالة

 

                           نداء عاجل الى الحكومة العراقية

 

في بادرة تعد الاولى من نوعها على الصعيد العالمي ، وجه جمع من موظفي احدى شركات الهواتف النقالة العاملة في العراق نداء استغاثة الى الحكومة العراقية عبر وسائل الاعلام مطالبين بكل سبل الاسعاف الممكنة لغرض انقاذ العراقيين من عمليات الاعتداء التي تقوم بها شركتهم على المشتركين العراقيين حيث الارسال اليومي الكثيف والمتواصل لرسائل تخترق اجهزة هواتف المشتركين يوميا ، مساء ونهارا ، ولمرات عديدة تقلق المشتركين بشكل جدي ، داعية اياهم الى الفوز بآلاف الدولارات  والجوائز المغرية الاخرى شرط  ارسال رسائل من جانبهم ، ووصف اولئك الموظفون ممارسات شركتهم بانها منافية لكل اشكال الذوق ، بينما وصفوا الاتصال المتكرر يوميا ، مساء ونهارا ، بهواتف المشتركين بانه شكل من اشكال الازعاج والاعتداء على الممتلكات الخاصة للمواطنين العراقيين ، وابدى الموظفون استغرابهم لصمت العراقيين والحكومة العراقية المتمثلة بالوزارات المختصة والجهات المسؤولة عن اداء شركات الهواتف النقالة اضافة الى بقية المنظمات الشعبية والمدنية في العراق .

على الصعيد نفسه ، ابدى عديد من المواطنين اشمئزازهم من استخفاف شركات الهواتف النقالة بالمواطن العراقي الى درجة وصلت ببعضها الى ممارسة ازعاج يومي  منظم ومكثف ضد مشتركيها من العراقيين وذلك بارسال رسائل عديدة مزعجة ليلا ونهارا لغرض حث المشتركين للاشتراك بمسابقات او مسميات مختلفة يعتقد فيها الكثير من المواطنين  بانها نوع من انواع الاحتيال لاغراض امتصاص الرصيد المالي للمشترك بشكل غير اصولي ، بينما ادعى بعض المواطنين وجود حالات سرقة كاملة لرصيد الشخص المشترك حال اتصاله باي من الارقام التي ترده في رسائل شركة الهاتف النقال ، ولم يتسنى لمراسلنا التأكد بصورة موثقة من الادعاءات هذه ، حيث تعذر عليه الاتصال بهاتف الشكاوي لشركة الهاتف النقال ، فيما افاد مواطنون اخرون توقف عمل هواتف الشكاوي لجميع الشركات التي يتعاملون معها .

ووفقا لما اعلنته وكالة ( تايهة ) الاخبارية ، فقد دعت منظمة ( بعد وكت ) وهي احدى المنظمات الناشطة في مجال المجتمع المدني وحقوق الانسان الى تظاهرة للعراقيين يوم غد الساعة العاشرة صباحا امام  مبنى الحكومة العراقية للمطالبة باجراءات فورية وصارمة لوضع حد لاعتداءات شركات الهواتف النقالة على المواطنين العراقيين ، فيما دعت مراسلي جميع وكالات الانباء والقنوات الفضائية المتواجدين في العراق لتغطية وقائع التظاهرة .

                                                                                   نبيل قرياقوس

107
المنبر الحر / انقلاب ضريبي
« في: 18:58 27/08/2009  »
   
انقلاب ضريبي
[/color][/size] [/size]

 

أوضحنا في مقالين سابقين تحمل الدولة ممثلة بدوائرها الضريبية وموظفيها وقوانينها وضوابطها لمسؤولية معظم حالات التنافر الموجودة بين المواطن والواجب الضريبي قبل العام 2003 مضيفين اليوم مثالا مبسطا آخرا :

المحال الموجودة في شارع أومنطقة التجارية ، القديم منها تحديدا ، قام مؤجروها بتصديق عقود ايجاراتهم لدى الكاتب العدل ومن خلاله اجبروا على تسجيل اسمائهم في دائرة الضريبة ، وحددت عليهم مبالغ ضريبية سنوية قدرت على اساس كون محالهم في منطقة تجارية ، اضافة الى مبالغ الضريبة التي ستفرض عليهم بعد كل ( قائمة ) بيع لدائرة رسمية وحسب مبلغ القائمة ، ومن محال هذه المطقة التجارية ما يقع في  أفرع ميتة من ناحية الحركة التجارية ، ومنها ما يكون ضمن عمارة او قيصرية ، والذي يحصل ان بعض مخمني الضرائب يساومون المواطن بتهديد فرض اعلى قيم الضرائب على جميع المحال دون تمييز لغرض اجبار الموطن على نيل حقه المنطقي بطريقة الرشا ، هذا من جهة ، من جهة اخرى نتساءل ترى لم يستوفى مبلغ سنوي من كل صاحب محل بينما يستمر فرض الضرائب الاضافية على كل مادة يقوم ببيعها وخاصة للدوائر الحكومية ؟

هناك الكثير الكثير من الامثلة الاخرى ، فمنها ما  يتعلق بالمكاتب والمعامل والشركات التجارية والهندسية والعيادات الطبية والمستشفيات والصيدليات وغيرها من المهن ، والتي تحمل اراء المواطنين المكلفين بدفع الضرائب ولكل منهم همومهم الموضوعية .

القوانين والنظم الضريبية لها اصولها واركانها العلمية والعملية عالميا وانسانيا وهي في تطور مستمر وهدفها النهائي هو انعاش الاقتصاد ورعاية الانسان بشكل افضل ،   فهي تصاغ بشكل يغري المواطن على المساهمة فيها ، فمرورا بتأمين قيم العدالة والنزاهة والحفاظ على المواطن ومساعدته من خلال انظمة خاصة عند خسارته او توقف عمله لسبب او آخر ، الى تقليل الضريبة في حالة تشغيل اكبر عمالة ممكنة ، الى تقليل الضريبة في حالة تصدير المنتج او زيادته لتغطية الحاجة المحلية ، الى ايقاف استيفاء الضريبة في حالة توقف المواطن عن العمل وانتهاء بما تؤمنه المؤسسات الاخرى في المجتمع ممن توفر مسكنا مناسبا لكل فرد في المجتمع اضافة الى تأمين العلاج الصحي له مع متطلبات الدراسة المجانية فعلا وليس تظاهرا ، فاين نحن من تلك القوانين والنظم ؟ اليس من الاصول ان كان يتم في الاعوام قبل 2003 الاستعانة بعلوم القوانين الضريبية في العالم المتطور ، لنستفاد منها في اعتماد انقلاب ضريبي قد كان سيبدأ التطبيق والوعي الضريبي الحقيقي في بلدنا .

ما تحقق بعد 2003 سنتعرف عليه من  دوائرنا الضريبية الجديدة  ، ونحن نعول عليها بالكثير، وبالقدر الذي نعول على آراء اغلبية العراقيين  .

نحن بالانتظار .


 

                                                                         نبيل قرياقوس

108
;)ضربات مالية حتى الموت
  

تحدثنا في مقالنا السابق الموسوم ( ليس الوعي الضريبي حسب ) عن دور تخلف القوانين والضوابط والتعليمات الضريبية في اجبار العراقي ، بصورة مباشرة وغير مباشرة ، على نفوره من الضريبة وموظيفها حتى عام 2003 .

نود في مقال اليوم عرض صور صغيرة عايشناها عقد التسعينيات لعراقيين تعاملوا مع دائرة الضرائب العراقية : أولها لانسان عراقي شريف ترك وظيفته الحكومية بعد ان بلغ الفساد فيها أوجه وبشكل أصبح فيه هذا المواطن امام خيارين لا ثالث لهما ، فاما انخراطه في موجة الفساد والسرقة والرشا او التضحية بوظيفته وخدمته وليضحى تحت سيف البطالة في اعوام البؤس والحصار ، وفضل صاحبنا الخيار الثاني ، وحصل ما حصل ومرت الايام والاشهر واستنفذ كل ماله ، ما تقدم منه وما تأخر ، الى ان استطاع تأجير محل صغير ( دون سرقفلية ) ليبتدأ فيه مهنة خدمية بسيطة أصر ان لا يباشرها ما لم يسجل اسمه في دائرة الضريبة العراقية تماشيا مع الوعي الضريبي المثالى والعالي المستوى الذي تبتغيه دائرة الضرائب العراقية ، وفوجيء صاحبنا بمطالبته التسديد المقدم  لمبلغ الضريبة السنوي المقر على مهنته ! هل هذا منطقي ؟ وعموما دفع صاحبنا ما طلب منه على خلاف المنطق ، ومرت أشهر لم يفلح خلالها صاحبنا في كسب رزقه في محله البسيط الواقع في مكان لا يشجع على حركة العمل ، فما كاد يحصل ما يكفيه تسديد كلفة ايجاره ، فاضطر الى اخلاء المحل ، واللجوء الى العمل كعامل ساحة ، حيث يوم عمل مقابل عشرة بطالة .

لم يخبر صاحبنا دائرة الضريبة بأمر تركه المحل ، وبعد اكثر من خمسة اعوام ، سمع صاحبنا من اناس آخرين ان عليه اخبار الضرائب بتركه المحل والا فان الضرائب ستستمر بالتراكم عليه ، وسؤالنا هنا : الم يكن الاجدر بدائرة الضرائب ان تقدم لصاحبنا الذي دخل متطوعا لتسجيل اسمه في قائمة المكلفين بالضريبة كراسا يوضح له ما له وما عليه مع دائرة الضرائب ، او ان تضع هذه الملاحظة المهمة على قائمة تسديد الضريبة التي استحصلت مقدما من العراقي صاحب ( اللاعمل ساعتها ) ، وكل هذا بعد استضافته بمشروب ضيافة مناسب مثلا !

راجع صاحبنا دائرة الضرائب مخبرا قصته بامانة ، لكن من سيصدق دعواه ، وابتدأت مسيرة روح وتعال ، أجلب تأييد هذه الجهة وتلك الهيئة ، هذه المديرية وتلك النقابة ، مع مستلزمات ( الدفع ) فيها ، الى ان وصل الى مرحلة ( لجنة الكشف ) المشكلة في دائرة الضريبة للتأكد من ادعاء ابن الخايبة ، و لان دائرة الضرائب فقيرة ولا وسائط نقل لديها ، فقد كان عليه ايجاد او استئجار واسطة لنقل هذه اللجنة الى ( محل ) عمله المشؤوم ، كي يتم الاطلاع عليه موقعيا ولغرض الاستفسار من الجيران حول صحة ادعاء صاحبنا الذي قام بنقل اللجنة بينما أستلم خلال الطريق رسالة تفيد بان عليه في كل الاحوال ( الدفع ) للجنة لتقوم بمهامها بالشكل المرضي له ! وتم كل شيء كما اراد وارادوا ! لكن المسألة لم تنتهي الى هنا ، فبعد ان كان صاحبنا الخائب يتوقع وفق افقه ووعيه الضريبي المثالي ان تقوم دائرة الضرائب بتزويده بكتاب ما معنون الى دائرة اخرى مختصة تتولى صرف راتب مجز له لحين حصوله على عمل جديد ، فوجيء بابلاغه باستمرار بقاء التحاسب الضريبي عليه سنويا على اساس اعتباره ( عامل ساحة ) او ( كاسب ) ما حيا !! وان لا أحد يستطيع قلع اسمه من المحاسبة الضريبية سنويا سوى شهادة وفاته !!

قال لي صاحبنا حينها : دفعت ضرائب السنين التي كنت لا احصل فيها على ما يسد رمقي ، وبقيت كل عام اراجع الضريبة لادفع ضريبة ( الكاسب ) التي يبحث عن لقمته بين ازبال المهن والامر من ذلك ان الموظفين  كانوا لا يسهلون عملية دفعي للضريبة الا بعد ان يحصلوا مني على ( رشا ) اضافية تحت ذرائع شتى ابتداء من اخراج اضبارتي مرورا بالمخن وانتهاءا بالمحاسب !!

احلف كل ذي منطق في الدنيا ، أوبعد هذه القوالنين والنظم والتصرفات  من الضريبة يلام عراقي على نفوره من دائرة الضرائب العراقية ؟

الصورة الاخرى هي لمجموعة عراقيين اشتروا او باعوا املاكهم ، فقد نقل لي احدهم القول : ما سمعت وما رأيت لجنة لتخمين كلفة العقار ( ذكورا كانوا او اناثا ) الا وتأخذ ( حصتها ) الحلال المزكى من قبلها !

ترى لم لا يتم الغاء هذه الجان والاعتماد في احتساب النسبة الضريبية على ثمن العقار المتفق عليه بين البائع والمشتري حتى لو توقعنا انهما سيسجلان ثمنا اقل من الثمن الحقيقي المتداول بينهما ؟  فبذلك نكسب ثقة المكلف بالضريبة الى ان نصل به بعد حين الى مرحلة تثبيت السعر الحقيقي للعقار المتداول ،  لان في ذلك ضمانا لحقوق جميع الاطراف دون استثناء .

سنواصل الكتابة في مقالنا القادم عن عينات صغيرة من واقع الضريبة في العراق حتى 2003 كاشفين بها عن عورات كبيرة ، آملين ان تكون الاوضاع قد اصبحت في شكل آخر بعد ذاك .

نتوقع متابعاتكم ومشاركاتكم بعد قراءة مقالنا المقبل رجاء .

  

                                                                        نبيل قرياقوس

109
                   ليس الوعي الضريبي حسب
ملاحظة : نشر المقال في جريدة الزمان الصحفة 3 مقالا رئيسيا يوم 19/8/2009

قرأت في  الصحف والمواقع الالكنرونية تصريحا لمسؤول في الدوائر الضريبية يؤكد فيه على ضرورة بث الوعي الضريبي بين المواطنين العراقيين كي يتفهموا ان ما يدفعه المواطن تستخدمه الدولة في رفد رواتب الرعاية الاجتماعية وغيرها من الخدمات المهمة .
اجتماعيا ، العراقي كائن معروف عنه ، مذ نشأة الدولة العراقية مطلع القرن العشرين ولحد اللحظة  ، كونه يتجنب عموما التهرب من المستحقات المالية المترتبة عليه من الدولة لجملة عوامل لسنا بصددها الآن ، بغض النظر عما اذا كانت الدولة ستضع تلك المستحقات في جيوب الحاكمين او تصرفها في تأجيج الحروب او تستخدمها فعلا من أجل ابناء الشعب .
كان ( العراقي ) وطيلة تاريخ الدولة العراقية ، غير راض عن دولته وعن حكامها ، لكنه لا يرفض دفع أي مستحقات تثبت عليه بشكل واضح ، غير مراوغ فيه ، كأن تكون أجور ماء أو كهرباء او هاتف أو رسوم اخرى عديدة تفرض عند انجاز معاملات كثيرة في الدولة .
أما ( ضريبة ) المهنة او العقار وغيرها من الضرائب والرسوم المختلفة ،  داخل العراق او عند حدوده ، فلها خصوصية بين المستحقات التي تقرها الدولة على المواطن ، فهي اولا لا تستوفى عن خدمة مادية واضحة ومنظورة تحت المراقبة ، بل عن ما يفترض انه يساعد بقية العراقيين ممن ليس لديهم مورد عيش او رعاية ، وثانيا وهو الاهم ان طرق ومعادلات اخضاع العراقي للضريبة فيها مجالات واسعة للمرونة وضعت اساسا لتمرير العملية ولسهولة حصول ما يمكن حصوله من العراقي من مبالغ ضريبية دون ان يكون لذلك اضرارا تذكر عليه .
 الذي حصل في العراق حتى عام 2003 ، وكذا ما نتوقعه يحصل في كل الدول المتخلفة في نظمها الاجتماعية والادارية والحضارية ، ان استخدمت هذه المرونة في النظم الضريبية بشكل معاكس لهدف وضعها  ، فكان ان شدد الخناق على حركة العمل والتطور في البلاد ، مما ساهم مع مجموعة عوامل رئيسية اخرى في  نفور اصحاب المال من بلدهم بحثا عن بلد يستثمرون فيه رأسمالهم مقابل دفع ضريبة محددة باساليب منطقية ، بينما شدد الخناق على من تبقى في الساحة من ذوي الدخل المحدود ، وانفلت بجلده من الضريبة بطريقة او اخرى بعض ممن باستطاعتهم مساعدة الدولة لتوفير رعاية لبقية اخوتهم من المواطنين ، وكل ذلك بسبب سوء استخدام التعليمات الضريبة من قبل موظفي الضرائب واحيانا كثيرة بسبب خطأ تلك التعليمات وقوانينها اصلا .
وكمثل مبسط جدا عن سوء استخدام التعليمات الضريبية في العراق ، نقول ان موظفي الضرائب يتعاملون مع اي مكلف بالضريبة بطريقة ( صدمه ) اولا بارقام مبالغ عالية غير صحيحة  يجب ان يدفعها معتمدين على اقرار أعلى المديات المقرة لحالاته  ، والتي قد لا يكون خاضعا لها اصلا ، ثم يبدي اولئك الموظفين استعدادهم لتقليل تلك الضريبة الى الربع او العشر لكن مقابل ( رشوة ) يساومون المواطن عليها مباشرة او عن طريق وسيط ، بينما يكون موقف اولئك الموظفين بمنأى عن احتمالات المسألة في دائرتهم كونهم يفرضون على المواطن ضريبة قد تكون اكثر من المبلغ المقر رسميا حتى بعد تخفيضها من قبلهم .
الشخصية العراقية تتشابهه مع كل شخصيات بني المعمورة في ناحية نفورها من التعامل مع اي  جهة ، اهلية كانت او حكومية ،  تنتهج اسلوب المراوغة والابتزاز ، ولتقريب الصورة عراقيا نقول : ان وجد امام العراقي متجرين أولهما يعرض سلعه دون تسعيرة محاولا تمرير اسعار عالية بينما يخفضها حين مجادلته من قبل الزبون ، والثاني يعرض سلعه مسعرة باسعار معقولة لا مجال في التفوض عليها ، فالاستبيانات بينت لنا ميل العراقي للتعامل مع المتجر الثاني لوضوحه في التعامل دون مراوغة ، وهكذا نصل الى واقع مفاده ان نفور العراقي من الضريبة تتحمل جزء كبيرا منه دائرة الضرائب نفسها بقوانينها وتعليماتها واداراتها واساليب تعامل موظفيها وليصبح العراقي في موقف الخلاف مع طبيعته المائلة نحو الالتزام بمستحقات الدولة كما اوضحنا في مقدمة حديثنا .
سنواصل في مقالين مقبلين تسليط الضوء على زوايا من  واقع الضريبة في العراق حتى 2003 وسنرحب بعدها  بكل ما سيوضح لنا واقع ومستجدات الضريبة في العراق بعد ذلك ، ولنعمل سوية من أجل وعي ضريبي لدى الجميع .

                                                                                     نبيل قرياقوس

                                                                

110
المنبر الحر / لا للتكييف المركزي
« في: 13:56 06/08/2009  »
                    لا للتكييف المركزي
العراق بلد ذو جو حار على مدار معظم اشهر السنة ، وتكييف الابنية فيه ، سكنية كانت ام سياحية ، مستشفيات ام دوائر حكومية ، موضوع هام جدا ويحتاج الى وقفة علمية وعملية .
مصطلح ( التكييف المركزي ) طغى استعماله عند تكييف بناية باجهزة رئيسية كبيرة تدعى ( جلرات ) تكون ذات طاقة تبريد مساوية لحاجة البناية كاملة ، وهذه الاجهزة تعمل بمنظومات داخلية بانواع غازات تبريد خاصة ، وتنتقل البرودة الى اجزاء البناية بواسطة الماء المبرد الذي تنتجه هذه الجلرات علما ان الاجهزة تبرد نفسها بماء آخر يأتيها من ابراج تبريد خاصة .
لقد اثبتت العقود الثلاثة الماضية فشل استخدام هذه الاجهزة في العراق حيث انها ذات كلفة اولية عالية اضافة الى ارتفاع تكاليف النصب والتشغيل والصيانة والتصليح وكذا استهلاكا للطاقة الكهربائية ، ناهيك عن الاوقات الطويلة التي تتطلبها اعمال النصب والتصليح ، كما ان الاشغال النسبي للبناية لا يقلل من قدر استهلاك التيار الكهربائي الخاص بالتشغيل الاولي لتلك الاجهزة .
لا توجد بناية في العراق فيها ( تكييف مركزي ) الا عانت وتعاني من مشاكله المستعصية ، وتم في كثير منها الاستعاضة عنه بمنظومات متعددة صغيرة موزعة على اجزاء البناية ، ولا تحتاج هذه المنظمات الى الماء في عملها ، كما ان عطل اي منها لا يوقف عمل بقية المنظومات ، وصيانة هذه المنظمات هي بسهولة صيانه اي ثلاجة منزلية ، وحصل ان تمت الاستعانة في بعض الاماكن من الابنية بـ ( جلرات ) مبردة بوسيلة الهواء وهي ذات طاقة لا تتدعى ( 100 ) طن تبريد ، ولا بأس بذلك .
الغاء التوجه لتصميم ابنية يتم تكييفها باجهزة تكييف مركزي رئيسية ، ضرورة ملحة تفاديا لما اوقعتنا به شركات البناء والمعمار المحلية والاجنبية سابقا ، وهو أمر  يتطلب توعية القطاعين الخاص والعام  به .

المهندس نبيل قرياقوس

111
المنبر الحر / خيمتــي
« في: 09:10 31/07/2009  »
                                     خيمتي 

ــ .. لسنا نتوقع ان يكون ( نبيل قرياقوس) وهذا هو اسمه ، سيكون تشيخوف آخر او سمرست موم آخر ، ولكن من يدري لعله يكون يوسف ادريس او عبد السلام العجيلي ، لو لم نتصرف في ما يكتب ولو ننشره له بأسمه لا بأسم الانسة فلانة !..
( من رسالة مطولة للدكتور قصي سالم علوان ، مدرس العربية في ثانوية العشار عام 1972 ورئيس قسم اللغة العربية في جامعة بغداد فيما بعد ، الى محرري احدى الصحف العراقية ببغداد- نشرت في جريدة الثغر البصرية العدد 9145 في 21/12/1972 ).
اجابة :  سيدي واستاذي الدكتور قصي سالم علوان ، فرحت كثيراً لانك اقتنعت ان ما كنت اكتبه في دفتر ( الانشاء) حينما كنت طالب بعمر الخمسة عشر ربيعاً كان من صناعتي ، واشكرك جداً لانك حينها كلفت نفسك مخاطباً  محرر صحيفة صادرة في بغداد تنبهه الى ذنب نشر ونسب احدى قصصي القصيرة الىاسم فتاة .
خجل جداً ان اقف امامك بسطوري المتواضعة هذه بعد اكثر من ثلاثة عقود ونصف وانا ما بنيت شيئا من شواهق انطوان تشيخوف او يوسف ادريس او غيرهم من الادباء العالميين  ، فمازال نبيل  قرياقوس حاملا خيمته  راحلاً بها بين افراح وآهات الانسان . سيدي الكريم : شردتني عن الأدب سنوات دراسة الهندسة وبعدها حروب حمراء استمرت لاكثر من عقدي زمن ،  بينما سرقت مني سني جني لقمة العيش المر أحلى ساعاتي ، وأجلت عقود الكبت اعلان كل افكاري ، افراحي واحزاني  ، لكني وكما عهدتني بقيت احمل كلمة النضج والمنطق والعدل والطموح لكل ما يكفل قدسية الانسان ، ومن يدري سيدي ، فلربما كان ذلك وراء عدم تمكني الا من هذه الخيمة التي هي كل ما املك لصد الرياح والامطار والشمس الحارقة عن كل بشر على ارض وطننا ، خيمةً حرصت ان أزينها ما حييت بقطع بيضاء تحمل عناوين محطاتي ، معلقات اتشرف بها في حياتي وبعد مماتي ، فعذرا لفقري يا سيدي  ، وعزائي عفوك ، ودموع تتساقط  ممتزجة  باحرف اخاطبك بها  مذنبا ، خجلا .  كل الاجلال  لك يا معلمي .
                                        **********
ــ حكم ( اللوتو) لصالحكم اليوم في الصفحة الثانية من جريدة الزمان الصادرة اليوم 29/7/2009 حيث مقالكم ( صايرة ودايرة) ، أعلى الله مقامكم يا ( نبيل ) .
(رسالة بالهاتف الجوال من الكاتب والطبيب صباح الخزرجي يوم 29/7/2009 الساعة الثامنة صباحاً ).
اجابة : أعلاكم بخلقكم واخلاقكم  وطيبتكم ، بارك الله بك اخاً وكاتباً وطبيباً.
                                      **********
ــ عاش قلمك على هذا المقال الظريف( صايرة ودايرة )  الذي يذكرني بكاتب مصري كبير اسمه محمود السعدني وهو مشهور جداً اكثر من اخيه الفنان صلاح السعدني ، مع اعتزازي .
 (رسالة بالهاتف الجوال من الكاتب والسياحي مؤيد الصالحي يوم 29/7/2009 الساعة الثامنة وعشر دقائق صباحاً ) .
اجابة :  ادام الله قلمكم لخدمة الانسان  ، بارك الله بك اخاً وكاتباً وسياحياً .
                                 **********
ـــ  الاخ الاستاذ نبيل قرياقوس
شكرا على عواطفك النبيلة تجاه  احزان غربتي عن عراقنا الحافل بحلوه و مره . ان في اعماقك شوقا انسانيا يجعلنا نتواء م ونتشارك في المشاعر المضطربة الابعاد في المنفى والالتقاء في حب الوطن . حفظك الله اديبا ومثقفا واكتب في الزمان لكي اقرأ لك دوما ، الى القاء .
فؤاد يوسف قزانجي – المانيا في 27/7/2009
( رسالة على البريد الالكتروني  بتاريخ 27/7/2009 )
اجابة : العالم الجليل فؤاد يوسف قزانجي ، شكرا لكم سيدي ، ما كتبته عنكم كان اقل ما يجب قوله ، امدكم الله بالصحة والعافية .
                                   **********
ــ .. ولشد ما حزنت ومن فرطه بكيت من مرثية صديقنا (نبيل قرياقوس) لوطن تركه محبوه وابناؤه البررة نهبأ للخوف والفجيعة وهو يقدح ذاكرتنا ببعض من اوجاع راح يقتطعها من وجدان مؤرخنا الاستاذ فؤاد يوسف قزانجي ..
( صوت من الاغلبية الصامتة لجريدة الزمان الصادرة بتاريخ 1/6/2009 بقلم الاستاذ منذر المفرجي )
اجابة : شكرا لك يا ابا سيف ، فقد كشفت عن خلق سام بمشاعرك الانسانية النبيلة .

                                                                                        نبيل قرياقوس


112
كاريكتير ما يضحك
 
                          صايرة ودايرة
 
مقالات قصيرة يومية لكاتب عراقي مبدع اتابعها في احدى صحفنا المحلية، اجد فيها قدرة ذهن وحرف على رسم ومعالجة صورة من زوايا حياتنا اليومية بشكل ومضمون يجذب كل من يمر من امامها ، ليضطر لمعرفة تفاصيلها ، انها مقالات أغبط انامل ودماغ صاحبها .
مقالات كاتبنا تنسج من الحدث اليومي لحياة العراقيين مفتاحا لفكرة او هدف يسعى الكاتب ارساله بخفة وزن وظل ، بيد ساع ذي فكر ذكي ، مستقل حزبيا ، يتسع لآراء ومحبة العراقيين جميعا .
حاولت مرة التشرف بلقاء الكاتب شخصيا ، مستغلا تواجدي قرب مبنى اصدار الصحيفة ، لكني فشلت ، فقد اعلمت ان الكاتب يراسل الصحيفة من خارج الوطن ، واستدركت لحظتها احد اسرار شجاعته في اقتحام اركان معينة ومهمة من حياتنا الاجتماعية والسياسية والفكرية في حين يتجنبها الكثيرون من ابناء الداخل تخوفا من ظروف البلد الامنية  التي  تؤدي دورا في خنق حرية الكلمة والتعبير ، رغم اني لا اخفي سرا اذا قلت اني اقرأ احيانا لكتاب يرسلون ما يريدون ارساله بثنايا خفية بين سطور مقالاتهم .
قبل ايام كتب هذا الكاتب مقالا بعنوان ( لنسابق الزمن ) تطرق فيه الى تفاصيل تفجير ارهابي حدث في شارع قرب منطقتهم السكنية ببغداد واصيب فيه شاب ضعيف الحالة ماديا يعرفه الكاتب ،  وخضع لحد الان لثلاث عمليات جراحية معقدة  لمعالجة كسور قدمه بينما هو من المصابين ببلايا داء السكري ، وقد كلفته تلك العمليات للان مبلغا لا يقل عن سبعة ملايين دينار ، وهو يتحضر هذه الايام للخضوع لعملية اخرى بينما اهله اناس من ذوي الدخل المحدود جدا .  الهدف الرئيسي للمقال المنسوج في خيال الكاتب من واقع المعايشة الوجدانية وربما الواقعية مع ابناء وطنه  تمحور حول ضرورة الاسراع في اقرارالقوانين والنظم التي تكفل قيام الدولة برعاية صحة كل عراقي منذ لحظة ولادته حتى وفاته  وفق النظم المتبعة في المجتمعات المتحضرة ، فكيف الحال بالفقراء من مصابي التفجيرات واعمال العنف الارهابية ؟
قال الكاتب في مطلع مقاله يصف حالته وهو يتوجه فزعا لانقاذ الشاب الجريح لحظة وقوع الانفجار : طرت بين البيوت والطرقات والمحلات والعجلات  لأصل ( صهيبا ) ولاحمله بدمائه على اجنحة تسابق الضوء ولأحط به في اقرب مستشفى حكومي  ، حتى اني نسيت دفع اجور سائق سيارة الاجرة بينما لم يطالبني هو بها  .
أحد الشباب من العاملين في صحيفة ( النجوم  السبعة ) ، كتب مقالا ( قويا )  في صحيفته تناول فيه نقد مقال ( لنسابق الزمن ) لصاحبنا الكاتب ، حيث لم يجد فيه الا قول ما نصه :
 (( أعترف الكاتب بلسانه انه ( طار ) بين البيوت والطرقات والمحلات والعجلات ، و ( حط ) في مستشفى وهو يسابق الزمن ،  وهذا يدل ان الاضرار الكبيرة التي شهدتها تلك المنطقة قد تكون بسبب الطائرة التي استقلها الكاتب المتهور دون رحمة وانسانية ، فهو قتل وجرح ودمر بكل انانية من اجل صاحبه ، الفرد ، حسب ، وبعد ذلك ولغرض التمويه يدعي الكاتب ،  انه  نسي دفع اجور سائق سيارة الاجرة !! وقد فاته انه اعترف في نفس المقال بنقله الجريح على اجنحة طائرة حديثة سريعة ، وأدرج لكم نص ما قاله هذا الكاتب النكرة : ( ولأحمله بدمائه على اجنحة تسابق الضوء ولاحط به في اقرب مستشفى...) ، علما انه ما كان يعترف بجرمه لولا انه اراد افهامنا انه بطل زمانه في قيادة الطائرات الحديثة ، وان شهامته جرته الى المخاطرة بسلامته وسلامة طائرته مقابل ان يصرع ويجرح العشرات من الابرياء ويدمر ما يدمر من ابنية يغداد.
اننا ندعو الوزارات المختصة لاتخاذ ما يلزم بحق ما اقترفه واعترف به هذا الكاتب ، في حين ندعو وزارة البيئة للتحقيق لمعرفة اسباب العواصف الترابية التي شهدها العراق مؤخرا ، فقد تكون الطائرة التي انتقلت بسرعة الضوء داخل البلد هي التي سببت تلك العواصف ، كما اننا على استعداد للتعاون مع الرئيس الامريكي اوباما وكافة اجهزة المخابرات في دول العالم لاعادة التحقيق في ملابسات  تفجيرات الابراج في ايلول التي دمرت وقتلت الالاف من الامريكان الابرياء ،  فقد يكون لهذا الكاتب العراقي ضلعا فيها لكونه يستخدم طائرة غير موجودة في كل انحاء العالم عداه ، ومن يدري فقد نجد صلة بين هذا الكاتب وشاعر اصولي هندي ، يدعى كاتلة الهبري ، يسكن ليلا الكونغو برازافيل بينما يعمل صباحا في محل لبيع طرشي الركي والبطيخ في الموزنبيق ، ويطير طائرات اطفال علامة ( فيالة ) المشهورة في الغينيا بيساو مساء .))
يقال ان معلما عراقيا متقاعدا طاعنا في السن اطلع على أمرالمقالين اعلاه ، فنادى كاتبنا العراقي المغترب بالقول ، والعهدة على نقالي الخبر :
يشتعل ابوك  بقبرة الف مرة لو فكرت فد يوم ترجع للعراق !.
 
                                                   نبيل قرياقوس
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 


113
المنبر الحر / صحيح هكذا يا نزاهة
« في: 10:20 16/07/2009  »
صحيح هكذا يا نزاهة
   
نبيل قرياقوس 
 
قابلت بالامس  صدفة ، في لقاء اجتماعي ، شخص ادعى انه اشترك في منافسة التقديم لغرض شغل منصب ( مفتش عام ) في الوزارات العراقية وقد فهمت منه ، على حد ما ادعى ، انه نجح في امتحان فحص الكذب الذي اجري له بداية على ثلاث مراحل وجرى تشغيل الجهاز الفاحص بوجود خبير أجنبي مختص ، الى جانب الخبراء العراقيين ، وادعى ذلك الشخص انه خضع لاختبار المقابلة المباشرة مع السيد رئيس هيئة النزاهة القاضي الفاضل رحيم العكيلي .
قال صاحبي انه سئل السوءال التالي :
ـ لوكنت مسؤولا كبيرا فهل سترفع طاقة وظيفية تجد فيها تميزا مهنيا وحرصا ونزاهة بدرجة ممتازة ؟
. - كلا لن ارفعها ، فالقانون قانون
   - نحن نسألك عن التعامل مع حالات محددة وخاصة ذات تميز منفرد في مؤهلاتها الفكرية والمهنية اضافة الى نزاهتها البيضاء .
   - اهتم بتطبيق القانون فقط .   
    - الا يمكن ايجاد طريقة للتعامل مع مثل الحالة التي نحن بصددها ؟ 
    - كلا
     - شكرا   
ادعى صاحبي ان نتيجة المقابلة له ، كانت رفض قبوله ، وكعادة معظم افراد مجتمعنا راح هذا الشخص يتصور مبررات من مخيلته ليسند اليها نتيجة فشله ، وربما فهمت ان من تلك المبررات انه شخص مستقل غير مسند من جهة او حزب سياسي .
لم اتمالك نفسي الا وخرجت عن طوق المجاملة ولاقول له :
ابو فلان ، صدقني لو كان  قاضي النزاهة انجحك لكنت انا اول من يندب حظ النزاهة في العراق . قد تكون انت موظفا عادلا ونزهيا لكنك لا تصلح لموقع أعلى مما انت فيه ، لقد كان سؤال القاضي ذكيا ورائعا اراد فيه معرفة قدرتك في معايشة موقع الشخص المسؤول في الدولة من ممبر ( النزاهة ) وبأداة ( التفتيش ) التي من اول مهامها البحث عن الطاقات المحدودة المبدعة  المغمورة  في اتربة الفساد الاداري  قبل ان تكون أداة لرصد وايقاف الحالة السلبية الكثيرة والرائجة .
فكيف نتصور اننا سنطور نظمنا الادارية ومؤسساتنا الحكومية اذا بقي القادة الفاشلون في محالهم ؟
نعم علينا جميعا احترام القانون ، لكن المسؤول الذي يتبؤ منصب ( المفتش العام ) يتوجب فيه ان يمتلك المؤهلات التي ترشحه لحسن التعامل مع
الحالات المبدعة والشريفة وليجد لها مخرجا منطقيا واداريا واصوليا ليضعها في الموقع المناسب حتى لو تطلب ذلك مفاتحة الحكومة والبرلمان .
ان صح ما فهمت من صاحبي ، فاني اتوقع انه كان سيواجه السؤال الثاني التالي من قاضي النزاهة ، لو انه كان اجاب اجابة معقولة على السؤال الاول :
ما هي المعايير التي تستند عليها في اقرار ورصد الحالات المتميزة اداريا ومهنيا  اضافة الى النزاهة ؟
لكن السيد رئيس النزاهة كان أذكى من ان يضيع وقته مع انسان لا يهمه التعامل مع نماذج قد نكون الان احوج اليها من ثروة النفط !
شكرا  لرئيس وقاضي النزاهة فقد عمل ما يطمح اليه كل عراقي يطمح لغد افضل   وذاك املنا بالجميع .


114
المنبر الحر / البخلاء اجتماعيا
« في: 12:51 09/07/2009  »
البخلاء اجتماعيا
 
لا تتوفر لديّ معلومات تفصيلية وأكيدة عن صلة صفة (  البخل ) بعلم الوراثة ، الا اني لا اتوقع أن تكون هذه الصفة مكتسبة من المجتمع المحيط بالفرد بشكل كلي ، و أرى ان الظروف المحيطة بالانسان هي عوامل مساعدة لتفعيل صفة ( البخل ) أو( الكرم ) المتوارثة  لدى الفرد .
دعوني أعرض على حضراتكم نماذج من صور بخلاء حقيقية ، حصلت عليها من مواقع مختلفة من ثنايا مجتمعنا خلال خمس عقود عمر :
عسكري مطوع ذو راتب شهري عال عام 1980 ، كان يوميا يقطع مشيا مسافة  لا تقل عن عشرين كيلو مترا ذهابا ومثلها ايابا من بيته الى وحدته العسكرية في مدينة البصرة ايام تموز وآب لئلا يدفع اجرة نقل قدرها ( 25 ) فلسا لكل مرة . تزوج وطلق زوجته بعد أقل من عام وشكى حينها لنا من ثقل ما يتحمله الانسان عندما يتكفل بمعيشة انسان آخر !!
صورة اخرى لرجل تعرفت عليه مطلع التسعينات موظفا متقاعدا حالته المادية ممتازة ، له بيت واسع وقطعة أرض سكنية وآخرى زراعية وذهب وأموال ، وهو  يصر على مليء معدته حد التخمة المفرطة عندما يدعى لأية مأدبة طعام  ، بل لا تتوانى زوجته عن مليء حقيبتها اليدوية الواسعة ببقايا طعام تلك المأدبة كي ترحلها للبيت لتكون ذخيرة لليوم التالي !
صورة ملونة لامرأة في عقد عمرها الخامس ، غير متزوجة ، تملك بيتا ورصيد مال ومورد عمل شهري ، لازالت للحظة ترتدي ملابس كانت تلبسها منذ ان كانت طالبة جامعية قبل حواي ثلاثين عاما ! من طرائفها انها تتألم وتعيد كثير من حساباتها عندما تنفذ قنينة غاز الطبخ لديها قبل مدة اربعة أشهر ! وعندما تأتي الايام التي يرتفع فيها سعر الغاز فانها تصطاد ساعات الليل المتأخرة لتنهض كي تغلي ماء لصنع الشاي على المخسن الكهربائي ، ثم تقوم بعزل ( القوري ) بالاقمشة ليحافظ على درجة  حرارته  حتى الصباح حيث تنهض لتفطر وتشرب الشاي الدافيء دون الاستعانة بالغاز!!
صورة آخرى لرجل في عقده الخامس ، له أملاك كثيرة ومحلات تجارية ، لكنه يثير الشجار يوميا مع زوجته ( ربة بيت )  كما كان يخبرنا ، فهو دائم العتاب عليها ، فهي تسبح مرتين في اليوم صيفا ، وذاك ما يعده تبذيرا وصرفا غير معقول لـ ( الصابون )  .   
لم أرصد في حياتي حالة بخل لدي شخص فقير الحالة ماديا ، وارجع سبب ذلك الى عدم كفاية الاضواء التي تكشف لنا حقيقة بخل الشخص من ضعف قدرته المالية فعلا  ، ويمكن ان نتصور ان اعدادا من الفقراء هم بخلاء فعلا اذا ما اتجهت الظروف لامتلاكهم اي ثروة .
 لما كان البخل يشمل فلسفة التصرف والانفاق في التعاملات المادية للمجالات التي لا تحكمها او تحددها الانظمة والقوانين ، كمدى الصرف على الذات او العائلة ومدى مساعدة الاشخاص المحتاجين المتروك لتقدير الانسان وطبيعة سلوكه ، لذا فان البخلاء تجمعهم عوامل اجتماعية مشتركة اهمها :
انهم يشعرون بدواخلهم بمتعة الكسب و ( الشطارة ) حينما يمارسون البخل يوميا لغرض المزيد من ادخار المال ، بينما هم يكرهون علنا صفة ( البخل ) وينتقدون اي بخيل يصادفهم ، فالبخيل لا يحب التعامل مع بخيل آخر لانه يدرك في دواخله صعوبة الحصول على ما يبتغيه من الطرف الآخر.
البخيل ، عموما ، يحاول ملاصقة من هو أفضل منه ماديا ، طمعا في الوصول الى اسباب وسبل الرقي الى مستوى مالي أعلى باقصر الطرق وان كان البخل احدها .!
يتقرب البخيل الى شخص فقير اذا طمع في حاجة لديه او جهد له وليحاول الحصول على مراده بازهد وابخس الاثمان استغلالا لظرف من هو في عوز .
رحم الله عالمنا المبدع علي الوردي ، الباقي معنا دوما ، فهو كريم علينا ليعيرنا ريشته كي نتمكن مواصلة رسم صورة البخل والبخلاء .
 
                                                                  نبيل قرياقوس
 


115
المنبر الحر / البخيل
« في: 11:48 04/07/2009  »

                                    البخيل        
  
(البخل) صفة اجتماعية تطلق على افراد او جماعات، تعبر عن انخفاض مدى صرف اولئك الافراد او الجماعات لامكانيات مادية متاحة في مجالات معينة الى حد يبدو غير مألوف.
قد يكون لقسوة ظروف البيئة من جهة او لوضع الاحوال الاقتصادية وتنظيماتها في مجتمع ما السبب في تحديد مديات واشكال التعامل المادي بين افراد المتجمع في ما يخص ظاهرتي الكرم او البخل، وقد يبدو لنا ، كعراقيين ، وكأن ( البخل) يطغي في مجتمع ما  ، في حين تكون الحقيقة ان تلك التعاملات المادية بين افراد ذلك المجتمع متوازنة ومألوفة في اطار التنظيم الخاص به .
دعونا مثلا نتحدث عن ظاهرة التظاهر بـ (الكرم أوأداء الواجب ) الذي يسود في مجتمعنا العراقي ، اذ انه ما أجتمع عراقيان يعرف احدها الاخر في سيارة أجرة الا وتباريا  في سباق دفع اجور نقل أحدهما الآخر  ، وكذا يحصل اذا التقيا في مقهى او مطعم ، في حين لاترصد هذه  الظاهرة في مجتمعات متطورة حضاريا .
تحليل هذه الظاهرة ، تحديدا ، لا يعكس بدقة (كرم) فرد مجتمعنا او( بخله ) في حين لا يعني انتفاء وجود هذه الظاهرة في المجتمعات المتحضرة عدم كرم أو بخل الفرد فيها . قد يدفع عنك صديق عراقي كلفة قدح شاي او وجبة طعام او أجرة نقل مستجيبا بأكراه للتقاليد الاجتماعية في حين يكون هو من نمط (البخلاء) ممن ينصبون مآتم البكاء على رغيف خبز تناوله في بطنه لادراكه ان ذلك الرغيف سيتحول الى مواد اخرى تخرج من جسمه الى المرافق الصحية حتى يقال عنه شعبيا : انه لا يفرغ كي لا يأكل ! و قد يكون ضمن من لا يبخل على نفسه بل على أهله واولاده ، او يكون لا يبخل على أهله و أولاده لكنه يبخل ويبخس حق الناس عليه، وهناك من يبخل على أهله لكنه يبذخ بدواع غير معقولة على رفاق محدودين لغرض الحصول على منافع شخصية او مادية بينما يبذخ البعض من هذا النموذج على رفاق متعه الجسدية او العاطفية ، وكل هذه الصور من تصرفات الانسان في البخل ، أوتصنع الكرم في نواحي اخرى ، تجعله اكثر قربا من صورة شكل الحيوانات وغرائزها .
تنتفي مثل هذه الظاهرة في المجتمعات التي نظمت الحياة المعيشية لافرادها بشكل يؤمن للجميع موارد او مجالات عمل ، مما يحد او يلغي  استبداد فئة أو فرد على الآخرين ، فعندهم التظاهر بـ ( الكرم) المصطنع لا وجود له ، والافراد ليسوا بحاجة لاقامة علاقات ( ود) مصطنعة ، هدف القائمين بها هو التوسط  أو الاستناد عليها في ظرف تغيب فيه النظم والقوانين التي تؤمن العدل .
ان علاقات المودة وتبادل الضيافة بين الافراد او العوائل أو المجاميع سواء في مجتمعنا العراقي او في مجتمعات اخرى لا تندرج جميعها تحت عنوان ما تحدثنا به من ظاهرة ، حيث ان كثير منها يلبي حاجة الانسان الاجتماعية في التعايش والحياة والتواصل مع بقية ابناء جلدته خاصة في ساعات الراحة وأيام العطل والمناسبات المختلفة.
سأتشرف بأستدانة ريشة عالمنا الوردي لأكمل في مقالات مقبلة رسم صورة ( البخيل) عارضا بعض لمحات البخل المضحكة او المؤلمة ، لدى بعض افراد مجتمعنا .
  
  
                                          نبيل قرياقوس
 


116
 كاريكاتير                               

                         تي تي .. تي تي

سمعت احدهم قال عن آخر حدثه عن تفاصيل حوار جرى بينه وبين رئيس تحرير صحيفة يكتب فيها :
-   أكتب في صحيفتي وفق الاصول والمسؤولية الصحفية بكل المواضيع التي تشوفها مناسبة، كن حرا فيما ترى من أجل المصلحة العامة .
-   تمام .. شكرا .
-   ملاحظة صغيرة فقط : تجنب هذه الايام الكتابة عن ما يخص المسؤول الفلاني والمسؤول الفلاني .
-   ماشي .
-   اكتب براحتك ومثل ما تريد لأننا في زمن الديموقراطية ، لكن تحاشى الان الكتابة عن الحزب والكتلة الفلانية .
-   !!
-   فكر واكتب من اجل المصلحة العامة وبنظرة غير ضيقة ، نظرة منفتحة مستوعبة لكامل وضع الساحة العراقية ، لكن رجاء حاول عدم التحرش بالوزارة الفلانية او مؤسساتها .
-   نعم !!
-   لا تتقيد بأي معوقات ترها تضر بصميم عمل الصحفي ، امتلك كل الحرية لكن رجاء انتبه ان الشركة الفلانية هي صاحبة اكبر عدد اعلانات عندنا .
-   ها .. ها .
-   أكتب براحتك وبحرية تامة ، وحاول تبتعد هذه الايام عن الاوضاع الفلانية في المحافظة الفلانية او الدولة الفلانية .
-   نعم ..  مفهوم !!
-   أكتب بكامل حريتك .
-   نعم سأكتب بحرية عن مضار التدخين والتأثيرات الفكرية والسياسية والاقتصادية المستقبلية للسياحة على سطح المريخ ! أم أن هذا ممنوع ايضا ؟!
-   كلا ابدا .. أكتب براحتك .. أنت حر  بس لا تربط الموضوع باحداث الساعة !!
-   شكرا جزيلا..
                                                             نبيل قرياقوس


117
                      من بلايا جواز السفر

يعاني العراقيون من مشكلة كتابة اسمائهم واسماء ابائهم وامهاتهم  والقابهم باللغة الانكليزية في وثيقة جواز السفر بحروف قد تؤدي بالعربية الى نفس اللفظ لكنها تبدو مختلفة بحروفها الانكليزية ، فترى ، مثلا ، الأبن يحمل اسم أبيه باللغة الانكليزية باحرف تختلف عن تلك التي ثبتت في جواز سفر أبيه.
مثل هذا الوضع خلق ويخلق مشاكل كبيرة جدا بل و(عويصة) للعوائل العراقية التي سافرت او لجأت الى دول العالم ، فاختلاف حروف الاسم بالانكليزية يلغي صلة القربى التي قد يدعيها اي عراقيين امام سفارة او جهة اجنبية ، في حين  ان المواطن اذا اكتشف هذا الخطأ وهو مايزال في العراق فذلك سيعني اعادة معاملة الجواز للحصول على جواز جديد على أمل ان تكتب فيه الاسماء بالانكليزية بشكل يتطابق مع بقية أسماء افراد العائلة الواحدة ، وهذا يؤدي الى زخم يضاف على دوائر الجوازات اضافة الى العبء والكلفة والوقت الذي سيتحمله المواطن .
لذا نرى ضرورة بل اهمية فسح المجال للمواطنين الراغبين بكتابة اسمائهم بالانكليزية بشكل الحروف التي يرونها مناسبة ، تماما كما فعلت مديرية الجوازات العامة مشكورة مع الصحفيين حيث منحتهم فرصة كتابة حروف اسمائهم باللغة الانكليزية .
ميدانيا ، وجدنا مواطنين حصلت اخطاء في اسمائهم المثبتة باللغة العربية في جوازات سفرهم ، ونرى في هذه الحالة ان تستبدل جوازاتهم دون اي معرقلات ادارية او مالية وخلال فترة ساعات مناسبة .
الملاحظتان المهمتان اعلاه نضعها امام السادة المسؤولين في وزارة الداخلية ومديرية الجوازات آملين اهتمامهم بمعالجتها واعلان ذلك على الملىء في اعلامنا الوطني .

                                                                  نبيل قرياقوس


118
                           هوية الاحوال المدنية 
 
قال احدهم في سيارة ( كيا) سائرة بأحد شوارع بغداد  مخاطبا الركاب والعهدة عليه :
-         اردت استبدال هوية الاحوال المدنية الخاصة بابني والصادرة من دائرة نفوس البصرة ، سافرت اليها ، ولأقيم في فندق ريثما انهي معاملتي . أخبرت في دائرة نفوس البصرة بان تسلسل هوية ولدي يقع ضمن تسلسل السجلات التالفة منذ سنوات وعليه زودت بكتاب الى مديرية الجنسية والاحوال المدنية في بغداد لغرض تزويد دائرة نفوس البصرة بصورة من صورة قيد نفوس ابني ، وهكذا عدت الى بغداد لأراجع مديرية النفوس التي اجرت اللازم حيث زودتني بكتاب معنون الى نفوس البصرة فيه تفاصيل المراد . رجعت بعدها الى البصرة ولانزل في الفندق ثانية لاكمال معاملة نفوس ابني ، وها أنا اليوم اراجع الاطباء من آثار تعب الذهاب الى البصرة والاياب منها برا ولعدة مرات ، ولا أدري لماذا لم تتم تكملة السجلات التالفة في نفوس البصرة طيلة سنوات طويلة !!
أجاب راكب آخر :
-         انا كنت اعرف بهذه التفاصيل ، لذلك ( صرت شاطر ) وراجعت مديرية الجنسية والنفوس بشارع الرشيد ولاختصر الطريق على معاملة تبديل هوية والدتي الصادرة من نفوس البصرة مطالبا بكتاب معنون الى دائرة نفوس البصرة يدون فيه تفاصيل ما يخص هوية نفوس والدتي ، الا ان موظف الاستعلامات اخبرني بان لا طريق لتلافي الاصول والنظام  ، فعلي دفع ضريبة السفر الى البصرة وجلب كتاب الى بغداد لكي تقوم بغداد باجابة البصرة ، الاصول اصول !!
راكب فضولي آخر دخل على خط الحديث قائلا ما نصه :
-         اتظل كلوبنة مشلوعة  ، اتعجب شلون صار سنين ما يكملون نواقص سجلات نفوس البصرة !!
جا ندري انترنيت ماكو .. كومبيوتر ماكو .. سيارات ماكو .. بس المشحوف يكدر يوصلها من بغداد للبصرة !
 
                                                          نبيل قرياقوس

119
[b]اؤيد زيادة رواتب البرلمان والحكومة بشرط [/b] [/color]
كارثة هجرة العراقيين لبلدهم وأستمرار رغبة نسبة مخيفة من المواطنين  لهجرة العراق ، كما هي الحال في معظم الدول الشرقية التي عانت من الدكتاتوريات أو النظم الشمولية التي تسير وفق خطوط المعادلة التي مؤداها سحق حقوق أغلبية المواطنين تحت ذرائع شتى حسب ظروف وأوان كل بلد ، موضوع يستحق لأن يحتل مرتبة الاولوية في ورقات عمل البرلمان والحكومة العراقية  ، فبعد سقوط  نظام دكتاتوري شامل امتد في عروق كل مفاصل الحياة العراقية وتفاصيلها   ، برزت مهام بناء دولة حديثة من خطوط  تحت الصفر ، وما زاد من صعوبة المهمة وجود اذناب مؤثرة وعلى اختصاصات ومستويات وتسميات مختلفة ممن ضربت مصالحهم الكبيرة ، اضافة الى واقع السمات الخاصة لمجتمع شرقي معروف  بازدواج شخصية اغلبية مواطنيه  وما يؤدي ذلك الى استفحال طفيلي للبعض ممن يستفاد من هذه الازدواجية محاولا خلق ظروف جديدة لا تختلف في كثير من نتائجها عن نتائج الدكتاتورية .
هجرة العراقيين لبلدهم بحاجة الى ورقة عمل تناقش وتنفذ خلال أمد زمني لا يتجاوز 3 – 5 سنوات بمعية الخبرات والتكنولوجيا الغربية وفق الخطوط الرئيسية التالية ، مع مراعاة تأمين حرية المعتقد والفكر والكلمة لكل مواطن دون قيد أو شرط :
1.    اقرار راتب مجز لكل عراقي منذ لحظة حمله في بطن أمه لغاية لحظة تأمين العمل الخياري له ولحد عمر الستين عاما ، فيما يتم تأمين راتب تقاعدي مشرف وكاف لبقية سنين عمره .
2.    تأمين سكن مناسب ومؤثث لكل عراقي يرغب بالزواج وقد تجاوز عمر 18 عاما.
3.    تأمين أفضل الرعاية والعلاج الصحي لكل عراقي مجانا منذ لحظة حمله في بطن امه الى لحظة وفاته حسب النظم المعمول بها في الدول المتطورة مع مراعاة  استقدام أفضل المستشفيات والاطباء والكوادر الصحية من الاجانب لتغطية كامل الساحة العراقية الى حين .
4.    تأمين الدراسة المجانية لكل المراحل الدراسية مع تأمين النفقات الخاصة الاضافية للطالب .
ان هذه المتطلبات ليست مستحيلة التنفيذ ، بل على العكس ، فعدم اقرارها و تنفيذها يعد سببا رئيسا لاستمرار رغبة العراقيين هجرة بلدهم ، كما ان اقرارها وتنفيذها يؤشر انتقالنا لمستوى النظم الديموقراطية من عدمه .
أويد بشدة الرواتب الشهرية الحالية لاعضاء البرلمان والحكومة العراقية لا بل  زيادتها بشرط أن يتم أقرار وتنفيذ متطلبات الشعب العراقي أعلاه فورا.
 
                      نبيل قرياقوس


120
                                     سفرات ترفيهية للطلبة
اصدرت وزارة التربية والتعليم الجدول الزمني للسفرات الترفيهية الصيفية لطلبة وطالبات المدارس الابتدائية المتفوقين متضمنا توقيتات زيارة مدن الالعاب والمسارح والمتاحف والمراقص والاماكن السياحية في ثلاثة دول اوربية , وتتحمل الدولة كلف جميع هذه السفرات من اجور النقل الجوي و كلفة الاقامة  وغيرها , وقالت مديرة احدى المدارس في حديث خاص مع ولي أمر احدى الطالبات العراقيات ان الدرسة أمنت للطلبة مشرفين تربويين لمرافقتهم , عادة هذه السفرات بالمهمة جدا ضمن العملية التربوية والعلمية لطلبة متميزين عانوا من جهد خلال العام الدراسي رغم انه لم يخلو من السفرات الترفيهية القصيرة داخل البلد وخارجه لجميع الطلبة دون استثناء اضافة الى المشاركات والنشاطات الفكرية والعلمية والرياضية والفنية مع محفزاتها المادية والمعنوية .
المديرة اضافت القول : هناك طبيب يرافق الوفود المدرسية لتأمين الصحة النفسية للطلبة .
وفيما يخص النفقات اليومية للمتطلبات الخاصة بكل طفل قالت المديرة : تصرف لكل طالب  مصاريف يومية كافية لتلبية الحاجات والرغبات الخاصة , علما انه غير ملزم بانفاقها . المديرة اكدت ان هؤلاء الطلبة هم علماء المستقبل , ومثلما اخترع سابقيهم الكهرباء مثلا, وكذا النظم والقوانين التي اوصلتنا الى ما نحن فيه من تطور , فانها تأمل من الجيل الجديد اختراعات اخرى من اجل الانسان , وقد تكون ضمنها ايجاد سبل لسفرات سياحية الى الكواكب البعيدة في الكون ..
الخبر اعلاه افادني به عراقي يقيم لاجئا في ( المانيا ) وابنتاه ضمن اؤلئك الطلبة المتفوقين المشمولين بالسفرة المدرسية الترفيهية .
أجنبي أسر صديقنا العراقي برغبته طلب الجوء في العراق ( الدولة الاولى في نفط العالم ) توقعا منه بحصول ابنه الطفل على امتيازات وسفرات ترفيهية أكثر !
يا لغبائه !!

                                                                                     نبيل قرياقوس


ملاحظة : نشر الموضوع على صحيفة الزمان بنسختيها المحلية والدولية


121
المنبر الحر / والله عيب
« في: 11:44 07/06/2009  »
ولله عيب                           

لم يحالفي الحظ  يوما في الاطلاع على شكوى قام بها مسؤول في دولة متطورة على أحد موطنيه من الكتاب او الصحفيين  رغم ما نسمعه بين الحين والآخر عن مقالات تشهير او اساءة شخصية من بعض المواطنين على مسؤولين على مستويات مختلفة في بلدانهم .
الكتابات التي تنتقد السياسة او الادارة في تلك الدول تأخذ حصتها في الاجابة في التكذيب او التصديق والتوضيح او التبرير و الاصلاح او التعديل ، اما الكتابات التي تسيء الى الجانب الخاص من حياة المسؤول فانها اما تهمل او تقود صاحبها المسؤول الى الاستقالة حينما يحس ان تصرفه الشخصي ذاك سيعيب استمراره في العمل .
ما اعتقده ان المسؤولين في تلك الدول هم في مرحلة من الثقافة تضعهم في مستوى أكبر من مجرد التفكير في لجم كاتب او صحفي عن ما يريد قوله حتى لو كان كذبا أو هذيانا ، أنهم يطمعون بايجابيات ما قد تتمخض عنه حرية الكتابة غير المقيدة بالشروط  ، هم على يقين أن افعالهم  هي التي تزكيهم وليس ما قد يكتب عنهم .
رغم كل ذلك فاني أرى الافعال التي نشاهدها احيانا في شاشات الفضائيات من تجاوز المواطنين على مسؤوليهم من القادة برجمهم بالبيض او الطماطة او غيرها اضافة الى التجاوز والتشهير بالحياة الشخصية الخاصة لأولئك المسؤولين عيبا لا اتقبله .. يا جماعة والله عيب .

                                                                                     نبيل قرياقوس


122
مقترح مهم للتسمية القومية
اساتذتي الافاضل واخوتي الاعزاء
ذكرت في احدى مقالاتي المنشورة في عدة صحف ومواقع بعنوان ( بريشة العالم الوردي : لوحة حادثة ) ما يفيد انه رغم تطور الثقافة والاعلام والاتصالات بين البشر في هذه الايام فانك لو اصطنعت حادثة امام عشرة عراقيين فان كل واحد منهم سيعطيك قصة ما رآه في تلك الحادثة بشكل قد يختلف تماما عما يراه الاخرون ، وارجعت ذلك الى مجموعة عوامل اجتماعية وتاريخية تتميز بها الشعوب الشرقية ، فما بالنا اذا كنا نتناقش حول حوادث واصول تاريخية تخص قوميات ومجموعات بشرية تواجدت او زحفت في اماكن من العراق وبكل  تعقيدات وظروف نشوء الدول وظروف ظهور الاديان قبل الاف السنين !! ترى ماهي الحقيقة وكيف تم انتقالها من جيل لاخر ، اذا كنا نحن نغير تفاصيل الحادثة بعد دقائق ونحن في زمن علوم الدقة والذرة !!.
لست مؤرخاً ، لكني قرأت الكثير من كتابات الاساتذة واستمعت الى اراء مختصي تاريخ ، وطبيعي ان لا اجد تطابقاً في الاراء فيما يخص التسميات القومية للبشر الذي سكن ارض ما بين النهرين كحال اي ارض اخرى في الكون ، لكني وجدت بصورة واضحة ان كل طرف ( نتيجة ظروف لست بصددها ) في وضع يؤمن فيه بأن كل ما يملكه من معلومات او تسميات هو الشيء الصحيح والذي لا يمكن التنازل عنه ، وان من يخالفه هو من يريد تغيير حقائق التاريخ .
بألم شديد اراقب خلافات اهل العراق الاصليين وهم يتشاددون حول تسميتهم القومية تاركين دمهم ينزف بكثافة سيولاً يقلع  كل ابنائنا من الوطن قاذفاً بهم على ارصفة دول العالم .
سادتي الاعزاء :
شعبنا على وشك الانقراض ونحن نتصارع على اسمنا القومي ، أورأيتم 
انساناً يعاني ذبحة قلبية وهو بحاجة الى الاوكسجين بينما يتنازع اهله على لون القميص الذي يجب ان يلبسه تاركين اياه يختنق ضيقاً وقرباً من الموت!
اورأيتم ثلاثة ابناء يتشاجرون فيما بينهم حول ابيهم ، حيث ان كل منهم يفرض اسماً لابيه وليكون له حسب ؟! وليتركوا اخيراً دارهم وابيهم وليتسكعوا يتامى في الشوارع !
سادتي وتاج رأسي جميعاً :
القومية بلا وطن جسد بلا روح ، تحت التراب مكانه .
نحن في محنه تاريخيه فيها مصير وجودنا من عدمه ، دعونا نتخذ قراراً شجاعاً ذكياً جريئاً ، قراراً ستذكره الاجيال الى ما شاء الله ، قراراً نتفق فيه على ان يكون اسم قوميتنا اسماً لا تحمله اي قومية اخرى تعيش على ارض بلاد الرافدين ، اسماً يبين للعالم اننا اهل العراق الاصليين ، اسماً يوحدنا باقة وردٍ تزهو بالوانها ، الا وهو اسم (قومية عراقيون ) ، ولتضم هذه القومية السريان والاشوريين والكلدان محتفظين باسمائهم ورموزهم وتاريخهم وخصوصياتهم كما هناك في العرب من هم من عشائر العمارة او الرمادي او كركوك .
ليعلم العالم كله منذ الان ان (قومية عراقيون ) هم اهل العراق الاصليون  وان اهل هذه القومية بنوا اقدم حضارات العالم ، وليتفاخر السريان والكلدان والاشوريون بأسمائهم حاملين علم قوميتهم (عراقيون ) ببيان يبرز خطي دجلة والفرات وبينهما عبارة ( احبوا اصدقاءكم واعداءكم ) لتشير الى اعتناق اهل العراق الاصليين لاصول المحبة والسلام والحضارة .
سادتي :-
امامنا مسؤولية انتشال شعبنا من غرق في الوحل بات وشيكاً ، امامنا مسؤولية العمل بقوة من اجل حقوق قوميتنا في العمل والعيش والسكن في وطنها وفق حقوق الانسان الكاملة والمقرة في النظم الدولية ، فهلا بدأنا بذلك منذ اللحظة ؟!

                                                نبيل قرياقوس - بغداد
                                           
                     

123
                         ثكلناك حيا يا ( فؤاد )

قرأت في ( الزمان ) الصادرة بتاريخ 23/5/2009 رسالة الاستاذ فؤاد يوسف قزانجي , وكأني وجدت فيها رسالة وداع للعراق وأهل العراق , رسالة كتبت في لحظات توهجت فيها نيران الغربة الحارقة في قلب ابن العراق , وليبكي بحرقة شاكيا همه , نادبا مصيره بالقول : أهلا بالغربة .. مرحبا بالاحزان !
( فؤاد يوسف قزانجي ) هذا العالم العراقي ابتدأ دراسته متخصصا بعلوم ( المكتبات ) وسرعان ما جذبته كتبها وليصادقها ويعشقها وليسبح في مجاريها متمكنا , باحثا عن تاريخ أفضل حضارات الكون : الارامية , السومرية , الاكدية , البابلية , الاشورية , ليصبح فؤاد يوسف موسوعة يضمها , ولتضحى تفاصيل هذه الحضارات الحانا ذات نكهات خاصة  يشدوها القزانجي وليطرب بها كل ذي ذوق وانسانية حتى وان كان يكره علوم التاريخ !
لم يستطع القزانجي ان ينسى الحانه حتى في رسالة الوداع , وكيف ينساها وقد اصبحت تلك الالحان حروفا أبجدية للسان ذي قراءة خاصة ورؤية مميزة لتاريخ العراق !
فؤاد يوسف هذا الرجل الستيني البسيط , السهل المعشر , يكفيك لأن تستفسر منه عن تفاصيل اي مرحلة  في تاريخ العراق لتغدو صديقا له !  فؤاد يوسف الذي يؤمن بـ ( العين بالعفو والسن بالمغفرة والاخاء والسلام ) يقول في رسالته الاخيرة :
هل يمكن للعندليب المغرد ان يهجر عشه الدافيء الامين لولا رياح البغضاء السود التي عصفت بعشه وفرقت صغاره !
هنيئا لرياح البغضاء وغربانها , هنيئا لسارقي لقمة وصحة وحرية وأمن العراقيين متنكرين بازياء العفة والمثالية , برحيل العالم الجليل فؤاد يوسف قزانجي عن ارض العراق , والعزاء كل العزاء للعندليب الاب , العراق , لرحيل ابنه البار ..
ليت القدر ضمد جرح عزيز قوم ليجعل كل دمعة تذرفها عين القزانجي في غربته المرة بخارا تعود به رياح الدنيا ولتقطرها مطرا , شهدا , في دجلة والفرات , ليرتوي بها من بقي من طيور حب العراق ..
 
نبيل قرياقوس
ملاحظة : نشر المقال في جريدة الزمان يوم 26/5/2009 وبنسختيها المحلية والدولية


124
المنبر الحر / زحامات بأمر الوزير
« في: 19:46 20/05/2009  »
                                     زحامات بأمر الوزير

دعيت يوم أمس لحضور مناقشة رسالة ماجستير في الليزر وعلوم الحياة لأحد الشباب من معارفي , حملت باقة ورود زاهية بالوانها ولأحط بها في معهد الليزر بجامعة بغداد ولأرى أمامي مشهدا رائعا أقل ما يقال فيه انه يسمو بالانسان مراتب لا تحصى عن غيره من الكائنات , فالاساتذة لامعون بجلباباتهم المشرفة يقابلهم الطالب مدافعا عن رسالته العلمية , متعلما منهم المزيد مما يجب ان يضمنها .
قبلت الرسالة , وتعالت أصوات الفرح تصفيقا وزغاريدا , أنعشتها دموع الوالدين وهما يريان ابنها ( سيف الدين ) يعتلي منصة علم يخدم الانسان .
أما أنا فلم استطع مغادرة المكان الا وقد أرويت بعض عطشي مما رأيت , لحقت الدكتور المشرف ولجنة الاساتذة وهم في طريق خروجهم ولأستوقفهم معرفا اياهم بنفسي , وليرحبوا بي ( مشكورين )  أجمل ترحيب , عرفت ان اثنين منهم استاذان في كلية الطب بجامعة بغداد , حاورتهم خلال دقائق قليلة بينما التمت كاميرات التصوير علينا دون ان اعرف كيف ومتى حضرت ولتصور دائرة محيطها علماء اجلاء اتوسط مركزها ! كنت اقفز على الثواني لألحق بافكاري وانا احادثهم , وبصراحة شعرت وللحظة بنشوة الفخر عندما وجدت حرصا وأهتماما من أولئك العلماء على سماع كل ما أقول بدقة بينما كنت متمكنا من التعامل بسهولة مع ما يردني من اجابات او اسئلة , ولم لا ؟ وأنا رجل أرقام وحروف تحملها خمسة عقود زمن !.
ضمن محاور شتى , أفادني رئيس اللجنة , الاستاذ في كلية الطب والحاصل على شهادتي الماجستير والدكتورا  من لندن عام 1986 قائلا :
تقدم رسائل الماجستير والدكتورا في جامعات لندن بناء على حاجات المؤسسات المختلفة وبضمنها الشركات الخاصة , وذلك بهدف معالجة معضلة او رغبة في تطوير جانب من جوانب العمل الصحي او الصناعي او الاداري او العلمي وغيرها من المجالات المختلفة , وتقوم تلك المؤسسات او الشركات بتأمين احتياجات الطالب ماديا لحين انجاز رسالته , أما في العراق فقد تم تطبيق هذا النهج لحوالي العامين نهاية القرن الماضي , لكننا صدمنا بتراجع المؤسسات الحكومية عن التزاماتها تجاه الطالب الذي يعد رسالته في الموضوع او الاختصاص الذي يخصها , ولذلك سرعان ما تم التوقف عن تطبيق هذا النهج مذ حينها ولحد اللحظة .
استاذ آخر أكد على أهمية هذا المحور لانه يخص المعادلة الرابطة بين الواقع العملي والاصول الاكاديمية .
اليوم , نبذت فكرة قيام الوزارات التي تعاني من زحامات في دوائرها بتأمين احتياجات رسائل طلبة دكتورا في علوم الادارة لغرض أنهاء تلك الزحامات  , لئلا ينشغل الطلبة بأدارة املاكهم الجديدة  بعدما يستثرون في موقع مشروعهم ! حيث وجدت ان كثير من العراقيين  يرى ان (  لا ) زحامات  حقيقية في اي دائرة في العراق , ولجميع الزحامات موافقة ضمنية مغلفة بأعذار ( وهمية ومفتعلة ) من رؤوس متنفذة في الوزارة , ويرى بعض العراقيين ممن استطلعت آراءهم صباح اليوم  :
ان الزحامات ( لا ) تحتاج الى رسائل ( دكتورا ) لأنهائها وانما الى ( موافقة ) قلبية من السيد الوزير أو حاشيته المقربة !
أحد المستطرقين شارك الاستطلاع قائلا : سيدفع كل مسؤول على طاولة الصحافة قبل البرلمان ثمن استمرار الزحامات في دوائره , فان ادعى جهله بها  فتلك مصيبة أعظم !
موطن آخر وعد بأن ينشر في ( عين كاوة ) اسماء الدوائر التي ما زالت تصر على التمسك بزحاماتها بأعذار ما يقبلها حتى الاعمى !

                                                                  نبيل قرياقوس

125
كاريكتير : أبرة بالـ

( أبو فاهم ) جار أمي مسن يعيش في منطقة سكنية , تعقد منذ طفولته من زرقة أبرة في ( لية ) مؤخرته حيث ورم وأزرق مكان زرقها , ومنذ ذلك الحين امتنع من زرق اي ابرة في مؤخرته , بل وأخذ يتندر على زارقي الابر الحديثي المهنة , ويظن ابو فاهم أن ( الدكتور ) وحده هو الذي يعرف زرق الأبر دون خطأ ! رغم ما يقال له من أن مهنيّ الصحة المتمرسين أفضل خبرة من الاطباء في ( خفة ) زرق الأبرة , وعلى كل حال فأمر المفاضلة لم يعد يخصه طالما أنه لم يعد يقبل ان يزرق بابرة في ( ليته ) .
أثرت ( زرقة الأبرة ) في أحاديث ابي فاهم ايضا , فهو كلما يقال له أن فلان ( دكتور ) فانه يبادر بالسؤال قائلا : يعرف يضرب أبرة بـ ( اللية ) ؟ فاذا قيل له : كلا أنه دكتورا في السياسة أو الادارة أو اللغة أو التاريخ أو الفلسفة وغيرها من العلوم , يجيب بمزحة : ما يفيد !
ابو فاهم ( الأمي ) يتندر على كثير من حاملي لقب ( دكتور ) من غير الاطباء ويصر على القول والعهدة عليه : كلهم درسوا اختصاصهم بلا رغبة حقيقية , ولذلك أغلبهم فاشلون , ولو كانوا بغير شكل لكان بلدنا بوضع آخر !
اليوم التقيت ابا فاهم وقد بدى عليه التعب وربما المرض وبادرني بالسؤال : تعرف دكتور باطنية وقلبية ( بي خير ) بمنطقتنا ؟ أجبته بصراحة : كلا , فلقد كان في منطقتنا ثلاثة اطباء , اثنان منهم هجرا البلد والثالث هجر الدنيا !
وجدت ابا فاهم في وضع تعب وقد راجع عدة اطباء اختلفوا في تشخيص علته , لا بل انه افادني بان حفيدته البالغة من العمر ستة أشهر مريضة جدا وقد تناقلها بين ستة أطباء ولحد الان لم يتفق طبيبان منهم على حالتها المرضية او دواء علاجها !
أبو فاهم صرح لي اليوم تصريحا خطيرا , قال : صدقني حتى الاطباء صاروا يدرسون الطب لغرض الفلوس فقط دون رغبة حقيقية .
ابو فاهم ( الأمي ) اليوم وفي حالة يأس تعدى متندرا على بعض الاطباء قائلا : كثير منهم يحتاج لأن يضرب أبرة بـ ( اللية ) !
نبيل قرياقوس
ملاحظة : نشر المقال في جريدة الزمان الصادرة بتاريخ 13/5/2009

126
                          دستورنا وحقوق الانسان
 
في ندوة ثقافية عرضتها ( الحرة ) الفضائية قبل ايام معدودة ، جذب اهتمامي ما فهمته من أحد متحدثيها وهو خبير قضاء عراقي ، من ان الدستور العراقي القديم والحديث ، وكذا جميع القوانين العراقية خالية من وجود أي مادة تخص حقوق الانسان المعدوم الذي يثبت فيما بعد براءته من التهمة التي أعدم بسببها أو أثبت الزمن فيما بعد عدم استحقاق الفعل الذي اعدم بسببه لعقوبة كالاعدام ، وان صح ما فهمته ، فان ذلك يشكل ثلمة كبيرة تعيب العدل العراقي ، بل يؤشر نقصا خطيرا في الابعاد الذهنية والمهنية لجميع الذين شاركوا في صياغة القوانين والدساتير العراقية ، ويقودنا الى ضرورة مراجعة كل القوانين الاخرى بعقلية وذهنية اخرى تعتمد منطق الجدل العلمي بمرونة الواقع واحتمالاته دون اي انحياز الى ( المكتبية ) او اي جهة اخرى سوى الحفاظ على القيم العليا المتمثلة بالعدالة وصيانة حقوق الانسان التي لا يعلو عليها شيء آخر .
يرى الكثير من المثقفين ان حركة افراد اي مجتمع على وجه المعمورة لها من العوامل العظمى المشتركة بحيث تجعلنا ملزمين ( منطقيا ) للاستفادة من مجموعة القوانين والنظم المسنة والمطبقة في الامم المتطورة حضاريا والتي نشهد فيها بأم اعيننا حدودا شبه متكاملة لمساحة الحقوق والحرية التي منحت للانسان فيها ليتمتع بأنسانيته دون انتقاص ، فلقد توصلت الامم الى تلك القوانين والنظم بعد قرون وعقود من المعاناة والضحايا ، ومن البحث والتعديل والتطبيق ، وأصبح لهذه النظم والقوانين خبراؤها وعلماؤها ، فهي علوم لها اصولها ونظرياتها ومعادلاتها الصعبة كحال نظريات علوم الفيزياء والكيمياء والطب والهندسة والفلك ، ولازالت هذه النظم والقوانين في تطور مستمر وبتناسب طردي مع انحسار ضغط الانظمة السياسية والاقتصادية وخلفياتها المختلفة المكبلة لحقوق الانسان وفكره ، وربما يفسر لنا ذلك ، الاختلاف النسبي والبسيط بين قوانين ودساتير نفس الامم المتطورة ، رغم ان نسبة العوامل المشتركة بين تلك القوانين يكاد يلغي ذلك الاختلاف البسيط ، وعلى كل حال فان نجاح تلك القوانين يجعلنا ، انسانيا ، ننحني احتراما وتقديرا لها ولجهود العلماء الذين اقروها ، في حين يجد مثقفونا من بينهم ( كحال كل المجتمعات الشرقية ) من تراه تمنى ويحلم ان يعيش تحت خيمة قوانين ونظم الامم المتطورة لكنه يمتنع عن قبول تأمين تلك النظم والقوانين في بلده بدعوى تعارضها مع معتقداته (حسبما يظن ) ، وتلك ازدواجية صعبة العلاج حقا !
دستورنا وقوانينا بحاجة الى اعادة نظر بمستوى من المعالجة والادراك يضع احتمالا لأن يكون  حكم اعدام اي انسان ليس هو نهاية مطاف الحقيقة ! فقد تظهر مستقبلا دلائل اخرى غير متوقعة تقلب مجرى الاحداث رأسا على عقب ، هذا من جهة ، بينما قد يقر النظام المجتمعي او النظام السياسي الغاء العقوبة نهائيا على عمل او تصرف ما يقوم به شخص او مجموعة اشخاص بينما كان نفس العمل او  التصرف يعد سابقا عملا يستحق الاعدام قانونيا ! ودليلنا ما كان يحدث بالامس القريب حتى 2003 حيث كان تشكيل اي حزب او الايمان باي فكر او معتقد او مجرد تأييد اي تصرف يعارض الحكومة وبالاحرى ( شخص ) واحد يخضع بشكل او آخر لعقوبة الاعدام رسميا! وهكذا يمكن الان القياس على صعد اخرى مختلفة بضمنها ما يخص الحرية الشخصية في التصرف او المعتقد .
الآن ، اظن ان كثيرين قد لا يرون الوقت مناسبا لالغاء عقوبة الاعدام عن جرائم القتل العمد تحديدا ، لكنهم يؤيدون الغاءها عن الجرائم الباقية مع ضرورة سن التشريعات الضرورية التي تعيد الحقوق المادية والاعتبارية لجميع المدانين الذين يثبت الواقع او الزمن عدم احقية ادانتهم ، وانا متأكد من ان للمختصين آراء اقرب الى الصحة !.
                                                               نبيل قرياقوس
 


127

كاريكتير :( 25 ) كيلو مشمش وهاتف أرضي
 
كشف مسؤول في نقابة بقالي علوة الفواكه والخضار  في بغداد والمحافظات عن صفقة تجارية كبيرة لتزويد دائرة الهواتف الارضية التابعة لوزارة الاتصالات بصناديق ( مشمش ) ذات وزن ( 25 ) كيلوغرام لكل منها وباعداد تساوي عدد مشتركي الهواتف الارضية في العراق ، فيما أكد الخبر مسؤول في دائرة الهواتف التابعة لوزارة الاتصالات معلنا لعدد من وكالات الانباء المحلية عن عزم دائرته تقديم ( هدية ) لكل  مشتركي الهواتف الارضية متمثلة بـ ( 25 ) كيلو مشمش موزنبيقي المنشأ ذو نواتين مع  جهاز هاتف أرضي حديث   يعمل باللمس اضافة الى راس خس و( 3 ) خيارات و ( 7 ) باذنجانات وباقة كرفس  للمشتركين المقيمين خارج العراق حاليا ، اعتذارا عن توقف خدمات الهواتف الارضية لفترات تجاوزت اعواما في بعض المناطق ، في حين ماتزال مناطق عديدة من العاصمة تشكو من عطل خدمات الهواتف الارضية رغم استمرار جباية الوزارة لاجور الاشتراك السنوي ، ونبه المسؤول الحكومي المشتركين على ضرورة التأكد من سلامة وزن صندوق المشمش حال استلامهم اياه ، قائلا :  في حال حصول اي نقص في وزن المشمش فان موظفي البدالات غير مسؤولين عن ذلك ومن حق المواطن تقديم شكوى رسمية لوزارة الاتصالات كي تقوم بدورها باحالتها الى الجهات الامنية في الدولة لمحاسبة ومقاضاة صاحب علوة الفواكه وحسب الاصول ، حيث ان موازين البقالين قد لا تكون مضبوطة كالحاسبات الالكترونية التابعة لوزارة الاتصالات والتي ابدعت في كشف اعطال الخطوط الهاتفية للمشتركين طوعيا ومعالجتها خلال  5 دقائق  ومعالجة اعطال الكيبلات المدفونة في وقت لا يتجاوز 24 ساعة  مضيفا القول :
ستوزع هدية الاعتذار في خطة منسقة يتم تنفيذها خلال سبعة ايام فقط وفي كل انحاء العراق وسيساهم في تنفيذها جميع منتسبي الوزارة ابتداء من السيد الوزير الى ادنى المستويات الوظيفية في الوزارة ، حيث سيتم زيارة كل مشترك حسب عنوانه لتهنئته بعودة عمل هاتفه الارضي وتقديم هدية الاعتذار له .
 وحول الاعطال المستقبلية لخطوط الهواتف الارضية صرح المسؤول قائلا : تم اقرار خطة لاستقطاع نسبة من مخصصات موظفي  الوزارة والبدالات عن عطل اي هاتف ارضي لاكثر من مرة واحدة خلال العام الواحد ، بينما نبحث الان في كيفية تعويض المشترك عن ( العطل الواحد ) والذي لا نتمنى حصوله بأذن الله !
واجابة لسؤال أحد الصحفيين عن كيفية التعامل مع المشتركين ممن قد لا يكونون متواجدين في بيوتهم او محلاتهم وقت توزيع ( الهدية ) قال المسؤول : نخطط لكل شيء بدقة متناهية ، وربما يكون ذلك هو احد اسباب تأخرنا في انجاز تصليح الخطوط الهاتفية ، فنحن نجري اتصالات مدروسة مع وزارة الهجرة والمهجرين والمجالس البلدية ومراكز الشرطة ومجالس المحافظات والامين العام للامم المتحدة لغرض معرفة الاماكن الحالية لتواجد المشتركين لغرض ايصال ( المشمش ) اليهم وهو طري بنكهته مع بشرى عودة الحياة لخطوط هواتفهم الارضية ، كما ان الوزارة وبالتعاون مع وزارة الخارجية ستتكفل بارسال ( الهدية ) وملحقاتها الاضافية من الخضار الى المشتركين المقيمين خارج العراق والذين ( طكت روحهم  وهجروا بلدهم من ورة التلفونات وامثالها من الخدمات ) ، حسب قوله .
المسؤول ( الاتصالاتي ) استخف بتوقعات بعض المواطنين ( السذّج ) حسب وصفه، ممن يسيئون الظن في توسع نشاط خطوط الهواتف النقالة مقابل استمرار عطل خطوط الهواتف الارضية الحكومية !
وأجابة  عن سؤال مراسلنا حول التاريخ المحدد لبدء توزيع ( هدية الاعتذار ) اجاب المسؤول متضايقا :
-  بالمشمش !
 
                                                                       نبيل قرياقوس


128
كاريكتير ما يضحّك ..

                         استعلامات حزب

في خبر عاجل بثته قناة ( احلام ) الاخبارية الفضائية قبل قليل  ، أصدر حزب عراقي بيانا مقتضبا موجها للعراقيين اعلن فيه تنازل أحد المسؤولين المحسوبين عليه من مسؤولياته فاسحا المجال لغيره لأداء المهمة ، ولم تتضح للحظة الدوافع الحقيقية لهذا الاجراء ، بينما اوعز البيان تنازل المسؤول عن منصبه لعدم تلبية مطالبه في تشريعات وقوانين وصلاحيات عجزت الحكومة والبرلمان عن تأمينها له ، وكالة ( سراب ) الاخبارية اعادت هي الاخرى بث الخبر بعد دقائق قليلة ، معتبرة الحدث اعترافا ضمنيا من الحزب المذكور بفشل مرشحه في اداء مهامه ، لكن الوكالة الاخبارية رحبت بهذه المبادرة الغير مسبوقة والتي ( تدل على انقلاب جديد على مستوى ممارسات الحزب تماشيا مع متطلبات الارادة الرسمية والشعبية للبدء بشجاعة في عمليات الاصلاح الاداري في العراق ) ، حسبما اوردت  ، وتمنت ( سراب ) من بقية الاحزاب العراقية مراجعة اوضاع الدوائر الحكومية التي يتولى ممثليهم مناصبها وليحتذوا بمبادرة الحزب المذكور وبالشكل الذي تتطلبه الامانة السياسية والتاريخية تجاه الشعب العراقي . وكانت  ( احلام ) قد كشفت في بيانها المفاجيء عن طلب عاجل تقدم به المسؤول المتنحي لقبول عمله كموظف استعلامات اعتيادي .
على الصعيد نفسة وفي تطورات متلاحقة ، اعلنت ( جمعية الدفاع عن حقوق موظفي الاستعلامات ) وبسرعة غير متوقعة رفضها قبول انضمام ( المسؤول المتنحي ) للعمل كموظف استعلامات نظرا لكون الجمعية مثقلة بالطاقات البيروقراطية اضافة الى معاناتها من جهل التصرف مع المواطنين ، واوضحت الجمعية : لا يمكننا قبول من يزيد الزحامات والفساد الاداري والوظيفي في مداخل دوائرنا !.
الناطق الرسمي باسم ( رابطة بعض المكاتب الاعلامية الرسمية ) من جهته ، استهجن خبر ( احلام ) و ( سراب ) داعيا الحزب المذكور  الى التريث والغاء البيان ، في وقت عاتب فيه دائرة أعلام المسؤول المتنحي لاخفاقها في اخفاء اراء الشارع العراقي عنه !
وفي انباء متضاربة ومستجدة وردنا للتو تصريح لأحد كوادر الحزب المتنفذة بثته وكالات ( باقون ) الواسعة الصيت والتي تحمل شعار ( لا للانتخابات ، لا للكفاءات ، نعم للمحاصصة ، باقون للابد ) ، كذب فبه انباء ( احلام ) الفضائية ، مضيفا القول : ان المسؤول المذكور افضل من مسؤولين  اخرين مرشحين من احزاب اخرى ! بينما صرح  قيادي آخر في الحزب نفسة لوكالة ( دعايات ) الاخبارية بان اخبار تنحي المسؤول الطوعية صحيحة ولا رجعة عنها !
على الصعيد الشعبي ،  استقبلت منظمات مدنية عديدة واخرى مهتمة بحقوق الانسان ، اضافة الى منظمتي ( نزاهة ) و ( تقدم ) انباء تنحي المسؤول المذكور بترحيب كبير مشيدة بمبادرة المسؤول المتنحي وحزبه داعية الجميع للأقتداء بها خدمة لكل العراقيين .
مراسلونا في بغداد والمحافظات العراقية من زاخو الى البصرة افادونا للتو بانطلاق مسيرات طوعية جماهيرية تأيدا وفرحا بالأجراءات الشجاعة للحزب المذكور باعتبارها بوادر بدء الاصلاح الاداري الحقيقي في العراق ، ومن ابرز الشعارات التي ترفع الان في تلك المسيرات : ( النا الله ) !.

                                                                    نبيل قرياقوس

129
                    مسؤول  حريص على ( المودة )
ملاحظة : نشر هذا المقال في جريدة ( الزمان ) بنسختيها المحلية والدولية بتاريخ 20/4/2009
 
طيلة الخمسة عقود من عمري لم اغادر العراق سوى مرة واحدة كانت قبل اكثر من عشرين عاما ، حيث حالفني الحظ بزيارة مملكة تقديس الوقت والعمل ، اليابان ، ولازلت للحظة اتذكر قطارات الانفاق المتغلغلة بين الجبال وتحت البحار لتوصل مئات الوف اليابانيين الى  اماكنهم بالدقائق والثواني المحددة مسبقا ، ولا ادري هل اصبحت لتلك القطارات الان منافذ للمرور في مدن القمر  او احياء الكواكب ام ان المشروع لازال تحت التنفيذ ، لكني اتذكر جيدا ان تلك القطارات لا تحوي الا اعدادا قليلة من المقاعد مخصصة للحوامل وكبار السن والمعوقين بينما ينتصب الالوف الباقين على ارض عربة القطار وبينهم من يقرأ  كتابا صغيرا يحمله بيد بينما يسند قامته باليد الاخرى ، لم ارى او أسمع يابانيا يتحدث مع آخر في هذه القطارات السريعة ، بينما تجد في مجتمعنا وربما في كل المجتمعات الشرقية ظاهرة انطلاق الحوارات والمناقشات بين راكبي وسائط النقل الشعبية ، وحتى الخرسان منهم تراهم ينشغلون بالتحدث باشارتهم طالما تواجدوا ، وكم كنت اتمنى لو ان القدر اسعفني لأتبادل الآراء حول هذه الظاهرة الاجتماعية مع الراحل العالم علي الوردي ، اذ قد تكون هذه الظاهرة انعكاسا لوضع عدم قدرة ابناء الشعوب الشرقية ايصال اصواتهم الى اداراتهم الحكومية ما يضطرهم الى اطلاق العنان لهمومهم لتعلو كلماتا وجملا وآراء تناطح احدها الآخرى في تجمع لا احد فيه يعرف  الآخر ولتصبح بعد لحظات هباء منثورا ، او قد تكون هذه الظاهرة انعكاسا ينبأ بالشعوب التي تتكلم اكثر مما تعمل ، وربما لاسباب اخرى  ، لا أدري !
 بالأمس ، تحدث احدهم في سيارة ( كيا ) قائلا ، والعهدة عليه :
( انقضى اليوم علي دون ان احصل على شي ، صباحا تواجدت وجموعة مواطنين وموظفين في مبنى وزارة ........  حيث موعد مقابلة مسؤول رفيع المستوى ، وكانت مشكلتي بخصوص اخطاء في احتساب درجتي الوظيفية ، وبعد انتظار دام أكثر من ساعتين ، تم اخبارنا بان المسؤول لديه اجتماع في دائرة اخرى تابعة للوزارة في  بغداد ، وأنه يتوجب علينا الذهاب الى تلك الدائرة حيث سيقابلنا ، وهكذا توجه الجميع بسياراتهم الخاصة او بسيارات ( التاكسي ) الى الدائرة الاخرى لمقابلة السيد المسؤول ( حلال المشاكل ) ، وصلنا وانتظرنا فترة اخرى حيث اخبرنا احد الموظفين هناك بان السيد المسؤول لديه ( بريد ) ، ومعروف للجميع سرعة البريد الرسمي في العراق ، لذا فان المسؤول اختار تمشية البريد قبل المقابلات المتأخرة حرصا على دقة مواعيد البريد !
بعدها شاهدنا السيد المسؤول يخرج من مكتبه داخل الدائرة برفقة الحماية وظننا انه سيتوجه الينا باعتذار عن تأخره ، لكنه توجه برفقة ( الحماية ) الى المرافق الصحية ، حيث عرفنا فيما بعد ان السيد المسؤول يستعد  لأداء الصلاة ، وبعدها بدأت اشكال ( صواني ) المأكولات تدخل مكتب السيد المسؤول ، وكل هذا ونحن ننتظر ، وبتنا في شك فيما اذا كان المتبقي من وقت الدوام الرسمي سيكفي لمقابلتنا ، لكن احد موظفي الدائرة طمأننا بالقول : لا ديرون بال ، كلكم يقابلكم وينفضكم بربع ساعة ! )
لا اطيل عليكم سادتي القراء ، فحديث هذا المواطن طويل وتعليقات بقية الراكبين اطول ، لكني اختصر كلام المتحدث بجملته الاخيرة التي قال فيها  :  ( طلع هذا المسؤول كلشي ما يفتهم ! ) والتي اجابه عليها راكب آخر بالقول : من هالمال حمل جبال !
ونحن نقول الله اعلم !.
                                                                                      نبيل قرياقوس - بغداد


130
كاريكتير :   قصة مسؤول بعد 2003

في نيسان /2003 ( هو ) مع ابناء الشعب الغاضب في ساحة الفردوس ..
بعد اشهر ، ( هو ) على كرسي وزير ابوابه مشرعة دون سكرتير ..
بعد اشهر ،  تقابله بعد افهام السكرتير ذو الاخلاق الرفيعة المستوى ..
بعد اشهر ، سكرتير جديد لا يرحب الا بـ ( العرف ) ..
بعد اشهر ، مقابلات الوزير اسبوعية ..
بعد اشهر ، مقابلات  الوزير شهرية ..
بعد اشهر ، يمنع دخول طابق الوزير ..
بعد اشهر ، يمنع دخول الوزارة ..
بعد اشهر ، يمنع دخول شارع بناية الوزارة ..
بعد اشهر : اهجر بلدك يا عراقي او طخ رأسك بالحائط !

                                                         
                                                            نبيل قرياقوس

131
غليان اداري في العراق




بعيدا عن السياسة ، يرى المراقب الاجتماعي في وضع الدوائر الحكومية العراقية عند الساعات الاولى لانهيار النظام عام 2003 حالات من الانتفاضة الطوعية الواعية ، الواسعة ضد مسؤولين اداريين طغى الكثير منهم في واحدة او اكثر من الممارسات السلبية المتمثلة في عدة اوجه اهمها :
1.الاساءة للمال العام ، والعمل بالمحسوبية والمنسوبية .
2.البيروقراطية وضعف الكفاءة الادارية او المهنية او كلاهما .
3.اقحام الحزب السياسي في العمل الاداري .
4.الغلو في محاربة ابسط الحريات من قبل الاجهزة الامنية والعسكرية .
ففي ساعة الصفر ، انهزم من انهزم ، وتنازل من تنازل ، تاركا المسؤولية ، في حين اجمع منتسبو بعض الدوائر على اختيار مسؤوليهم الجدد في شبه انتخابات غير منظمة ، سادتها المصداقية والعفوية والتطلع الى اختيار العراقي الكفوء والنزيه بعيدا عن اي نظرة قاصرة ، الا ان الرياح السياسية سرعان ما اقتادت السفينة الادارية الى بحر من الاوحال افرز تنصيب ( بعض ) من المسؤولين الاداريين ممن لا يفرقون في تصرفاهم عن سابقيهم ، فمنهم من قلد او استند على ذات النماذج السابقة من المتمرسين في الفساد في عهد مضى ، فاصبح العراقي عموما ، والموظف الحكومي النزيه او الكفوء خصوصا في حيرة من أمره في كيفية ايصال صوته الى من يستطيع التعامل مع الوجوه الجديدة لما يسمى بـ ( الفساد الاداري ) ، في وقت غابت فيه سلطة ( الحاكم ) الفرد .
وهكذا مرت أكثر من خمس سنوات من المخاض المتعب والدامي ، الذي قد يراه البعض طبيعيا لشعب شرقي بعيد عن الحياة الديمقراطية بدرجات متفاوتة طيلة قرون حسب النظم السياسية التي توالت عليه ، اضافة الى انه محاط بشعوب اغلبها ما زالت تقبع تحت ظلال نظم بعيدة عن الاتجاه الديمقراطي ، وما يفرز ذلك من تأثيرات .
أما الان ، وفي وضع شبه مستقر عام 2009 ، يرى المراقب الاجتماعي عودة علو وتزايد الاصوات الداعية الى البناء والى عدم التمييز بين اي عراقي وآخر سوى على اسس الكفاءة والنزاهة كما جرى في الساعات الاولى لسقوط النظام ، ويمكن تلمس ذلك بوضوح في ما يقرأ ويكتب في اجهزة الاعلام وفي نبضات الشارع ، فالعراقي بات يتمنى ويحلم في دوائر دولة مثالية تخدمه وتخدم الجميع حسب .
نسمع ونقرأ هذه الايام ، في اجهزة الاعلام والصحف والمواقع الالكترونية اصواتا وشكاوي موظفين في أشبه ما يكون باصوات غليان صحوة أدارية ، وقد لا تكون كل الشكاوي والأدعاءات صحيحة ، لكن الوضع الحالي من الفساد الاداري ، المشخص وجوده رسميا وشعبيا ، يرشح لئن تكون نسبة لا يستهان بها من تلك الشكاوي صحيحة .
الجميع يعرف ، ان موظفي بعض الدوائر الان في وضع لا يستطيعون فيه البوح بأسمائهم في شكاويهم ( رغم ان بعضها لا يشكي من حالات خاصة بقدر ما يطمح لاوضاع افضل للدائرة الحكومية ) ، فهم يفضلون الاسماء المستعارة او الرسائل الجماعية التي لا تحمل اسما محددا ، وان البعض الآخر يلجأ الى اساليب وممارسات اخرى لأثارة الرأي العام والتعريف بالاوضاع السلبية التي تعيشها دوائرهم ، وكل ذلك ليكونوا بعيدا عن انتقام مسؤوليهم الاداريين الذين اصبح البعض منهم في وضع يضحي فيه بكل قيم شرف العمل لقاء بقائه في منصبه!.
نقول : أما آن الأوان لتفعيل دور النقابات في العراق ؟
أما آن الأوان لأقرار صيغة لأنتخابات في الدوائر العراقية ؟
وبعد ، هلا بادر مسؤول اداري بدرجة مدير عام فما فوق بأقامة انتخابات في دائرته امام انظار السلطة الرابعة ليكون قدوة للجميع !
العراقيون بالانتظار .

نبيل قرياقوس


132
ادناه نص لقائنا مع السيد وزير الدولة لشؤون السياحة والآثار العراقي لصالح جريدة الزمان في  3 / 2009 .
                                                                      نبيل قرياقوس                         



                         العراق يعني سياحة
           

              حوار مع السيد وزير الدولة لشؤون السياحة والآثار
 
 
يرى الكثير من العراقيين ان (السياحة ) في العراق لها القدرة على ان تصبح احدى الاركان الرئيسية للاقتصاد العراقي حالها كثروة النفط ، طالما ان العراق يمتلك الاماكن السياحية المتمثلة بالمواقع التاريخية الاثرية والعتبات المقدسة اضافة الى الاماكن السياحية ذات الطبيعة الفريدة بسحرها وجمالها ، الا ان تلك الاماكن يبقى حالها كحال ( النفط الخام ) المدفون تحت سطح الارض لولا توافر الخبرة ورأسمال لتصنيع (سياحة ) منها ، والخبرة تشمل الاصول العلمية للتخطيط والتنفيذ والادارة بما تتطلبه من تواصل مع التطور العالمي في مجالاتها ، بينما يشهد واقع السياحة الحالي تدن واضح ومستمر في مستوى الخبرة  بشتى انواعها بسبب الظروف العامة التي مرت بالبلد وهجرة العديد من العقول السياحية . وانكماش حركة السياحة في القطاع الخاص ابتداء من سنين الحصار الدولي على العراق وانتهاء بالظروف الامنية بعد عام 2003، وما تبع ذلك من هجرة اصحاب رؤوس الاموال العراقيين ، اضافة الى توقف تواصل كوادر السياحة العاملة في العراق مع تطورات السياحة في العالم مذكرين بعملية ( وأد ) السياحة التي حصلت عام 1989 والتي تم بموجبها تسريح العشرات من رؤوس الكفاءات المتميزة من العمل بينما غادرت البقية الباقية منهم العمل لاسباب منطقية منها ما تمثل بعدم القدرة على مواصلة العمل مع رؤوس سياحة غير كفوءين ناهيك عن ظروف سياسية واقتصادية كان اخرها الظرف الامني في البلد ، اضافة الى غياب تشريعات قانوية وادارية  تؤمن استمرار الحماية لعملية السياحة في العراق .
ازاء هذه الاوضاع تصبح الان مهمة ادارة دفة السياحة العراقية في اعقد واصعب مراحلها لما تستوجبه من معالجات خاصة ، بينما اقرت الدولة حديثا وبحكم المرحلة المؤقتة ( وزارة الدولة لشؤون السياحة والآثار ) وهي وزارة لا ميزانية لها  ، لتدير كل من ( هيئة السياحة ) و ( هيئة الآثار ) بنظام التمويل الذاتي ، بينما تتولى وزارة الثقافة الاحتياجات المالية للهيئتين .
لمناقشة هذا كله ، ولأهميته القصوى ، التقينا معالي وزير الدولة لشؤون السياحة والآثار الذي استقبلنا بترحاب جدير بنا شكره عليه ، وللأمانة الصحفية ، اننا بدء ، رجونا معاليه فسح المجال لنا للتحاور معه عن هموم وآمال السياحة في العراق بعيدا عن كونه ( وزيرا ) او كوننا ( صحفيا ) ، ليكون حورا بين مثقفين يحرصان للوصول بالسياحة العراقية الى المدى الذي يتمناه كل عراقي غيور ، ولم نكن نتوقع الا ان يقبل معاليه ذلك وهو الانسان الحليم خلقا ، الانسان العالم في مجال الطبيعة والفيزياء وما تحتمه من علم بان المجهول في المعادلة الصعبة للنجاح الحقيقي يكمن في التواصل عن قرب مع كل الناس ، وفعلا تبادلنا حديثا لدقائق طويلة باحترام متبادل ، ووالله لولا اثاث المكتب الرسمي لما احس احدا بأن الحوار يجري بين وزير وصحفي بقدر ما يحسن بوجود هدف كبير مشترك بين عراقيين يتحدثان بصدق وشفافية عن (  حرص ) و ( تطلع وجدان ) و ( منطق ) لأحياء وبناء ( سياحة ) حقيقية فعالة في العراق .
( الزمان ) التقت السيد وزير الدولة لشؤون السياحة والآثار الدكتور قحطان عباس الجبوري ، الحاصل على شهادة البكلوريوس في الفيزياء من جامعة بغداد وشهادة الماجستير من جامعة بابل وشهادة الدكتوراه من الجامعة المستنصرية ، له اكثر من ( 25 ) بحثا علميا منشورا ، وهو استاذ مساعد في جامعة بابل ومحاضر في جامعة الكوفة ، مشترك بعدة مؤتمرات تخصصية واخرى عامة ، ولتحاوره حول موضوع السياحة في العراق :
-         معالي الوزير ، لماذا ( وزارة دولة )  وليس ( وزارة سياحة ) ؟   
-         حاليا هيكل وزارتنا يتمثل في وجود هيئتين هما هيئة السياحة باربع مديريات عامة  وهيئة الآثار بسبع مديريات عامة ، ولنا موظفون لهاتين الهيئتين في كل المحافظات العراقية ، نعمل الان باتجاه التطلع لتصبح وزارة سياحة وآثار  ، حيث انجزت الحكومة ( قانون وزارة السياحة ) وأحيل الى البرلمان العراقي وتمت القراءة الاولى للقانون ونحن بانتظار القراءة الثانية له واجراء التعديلات عليه التي يراها  اعضاء البرلمان ، وليقر القانون ولتصبح وزارتنا مسؤولة بالكامل عن قطاعي السياحة والآثار ، هذين القطاعين المتلازمين والمهمين جدا باعتبارهما ثروة وطنية ، تعتمدهما  بعض الدول عنصرين اساسيين في اقتصادها ، اضافة الى ان اداء السياحة في اي بلد يعد مؤشرا واضحا لاداء كل المكونات الاخرى فيه ، فالسياحة تؤشر مدى تطور اي بلد . اننا ننتهز الفرصة لدعوة الاخوة في البرلمان العراقي لسرعة النظر في تبني قانون السياحة .
-         العراق يعني سياحة ، ما رأيكم ؟
-         العراق بلد التاريخ ، بلد الآثار والمدن التاريخية ، بلد الاماكن والعتبات المقدسة لكل الاديان السماوية ، بلد اعرق حضارات العالم ، فيه ما يقارب من ( 21 ) الف موقع اثري لم يكتشف منها لحد الان سوى ( 12 ) الف موقع ، اضافة الى ما يتمتع به العراق من مواقع سياحية ترفيهية ذات جمال طبيعة خلابة.
حاليا ، السياحة الدينية هي العمود الفقري للسياحة العراقية ، ونسعى جادين وبخطط وتوجهات مدروسة لتوسيع وتطوير هذه السياحة لتشمل زيارة الاماكن الآثرية والترفيهية ، اننا نسعى لمواكبة الاصول العالمية في هذا المجال وواحدة من السبل هي الانفتاح على دول العالم بمنافذ التبادل السياحي بعد عقود من الانغلاق والانطواء .
-         السياحة علم متسارع التطور ، اين كوادرنا الوطنية من التواصل مع متطلبات التطور السياحي ؟
-         مستوى الادارة السياحية الحالي متواضع بسبب ما اوضحته لكم من ظروف عزلة العراق لفترة طويلة عن العالم ، لكننا في عمل دؤوب لاحياء وخلق طاقات سياحية وطنية تتولى اعمال التخطيط  والبناء والادارة للسياحة الجديدة ، وبدءنا فعلا بايفاد مجاميع من كوادرنا لعدة دول في العالم للاطلاع والاحتكاك بما يجري في مجال السياحة عالميا ، لكني لا اخفيك ان كل هذه الايفادات والدورات نحصل عليها الان بمنح ومعونات واستضافات مجانية على حساب الدول التي تقام فيها تلك الدورات بسبب عدم وجود ميزانية لوزارتنا .
التواصل مع العالم سياحيا يتطلب منا ايفادات مبرمجة ومدروسة لاغراض الدراسة والتطوير في المعاهد العالمية المتخصصة بالسياحة اضافة الى الحضور الموسع عالميا في كل مجالات التبادل المعلوماتي للسياحة وما يتطلبه ذلك من عمل داخل العراق وخارجه .
-         تحدثتم عن ( سياحة الآثار ) وهي سياحة هامة جدا ، لم يجري الاهتمام بها سابقا ..
-         الآثار والمدن التاريخية ذات العمق الحضاري لآلاف السنين قبل الميلاد ، عنصر جذب سياحي لا يتوفر عند اغلب دول العالم ، ويتحتم علينا تنمية وبناء كل المقومات التي تجعل منه اساسا رصينا لقيام سياحة تجذب السائحين من كل ارجاء العالم ، وذلك يتطلب :
ا . تحديد وصيانة وتأهيل وحماية جميع الاماكن التاريخية والآثرية والتراثية .
         ب. تخطيط وبناء وادارة وصيانة المجمعات والمرافق السياحية المناسبة قرب الاماكن التاريخية والتراثية مع ما يتطلبه ذلك من تخطيط وبناء طرق المواصلات السياحية المناسبة ووسائط نقل برية وجوية ومائية مناسبة .
       ج. فتح جسور التعامل والتبادل السياحي والتواصل بكل انواعه مع السياحة في كل دول العالم ،
       د. تطوير المؤوسسات التعلمية المختصة بالسياحة وادامة تواصلها العلمي مع مؤوسسات التعليم السياحي في العالم .
لقد بدأنا بجهود حثيثة للعمل بهذه الاتجاهات ، وكمثل بسيط اقول اننا زرنا ( 14 ) محافظة عراقية ونسقنا عملنا مع مجالس المحافظات  فيما يخص الاماكن الاثرية والتراثية ، وقد ساهمت بعض المحافظات بدعمنا ماليا لمساعدتنا  في انجاز بعض المهام ، حيث خصصت محافظة الديوانية مبلغ ( 500 ) مليون دينار لاغراض صيانة وتأهيل قصر الملك غازي ، بينما ساهمت محافظة الحلة بمبلغ مليار دينار لتمكيننا من استملاك بيوت تراثية فيها ، وكذا الحال في بقية المحافظات العراقية الاخرى كميسان والنجف وكربلاء والسماوة ، كما اولينا جانب احياء عمل المتاحف الموجودة في المحافظات اهتماما خاصا . جهودنا مستمرة في التعاون مع كل الوزارات العراقية الاخرى ذات العلاقة في تمكين وزارتنا من القيام بدورها الفعال والجدي في النهضة السياحية وبطموح ينافس كل نماذج السياحة في العالم ، فهنالك مخاطبات مع كل من وزارة المالية ووزارة البلديات لتخصيص المواقع السياحية التي نحددها لغرض قيامنا ببناء المجمعات السياحية المناسبة فيها وفقا للمواصفات العالمية المتطورة وما تحتاجه تلك المجمعات والمرافق السياحية من طرق المواصلات المناسبة . بينما انجزت وزارتنا اعمال التأهيل للمتحف الوطني العراقي في بغداد ، وخلال مدة لم تتجاوز الثلاثة اشهر وبكلفة لم تتجاوز الثلاثين مليون دينار عراقي ، في حين كان هناك مشروع امريكي لتقديم منحة تقدر بـ ( 14 ) مليون دولار امريكي للغرض نفسه . اما على الصعيد الدولي ، وللمثل فقط ، تم الاتفاق مع ايطاليا على تفعيل التعاون معها في مجال سياحة الآثار بما في ذلك تأهيل مدينتي ( بابل ) و ( أور ) الاثريتين ، اضافة الى مواقع اثرية كثيرة وفقا لمنح بعيدة المدى .
-         يجمع المختصون على ضرورة رسم خارطة كل الاماكن السياحية قبل وضع خطة عمل توسيع السياحة العراقية ، ونحن نعتقد ان الملاكات الحالية في السياحة غير قادرة على انجاز خطة تتماشى ومستوى التخطيط السياحي عالميا ..
-         عملنا ممتع لكنه ليس سهلا ، والمهمة لا تخلو من الصعوبة ، فعندما نريد ان يكون للسياحة دورا مهما يدعم الاقتصاد العراقي بمستوى مردودات النفط فلابد من مستوى دراسة وتخطيط  يرتقى الى ما نبتغيه ، فالدراسة والتخطيط الصحيح يؤمن الطريق العلمي لمسيرة بناء ( صناعة ) السياحة سواء البناء المادي المتمثل بالمجمعات و الفنادق والاماكن الاثرية و السياحية ، أو بناء وتهيئة التخصصات  العراقية المؤهلة لتشغيل وادارة وادامة وتطوير ماكنة السياحة وحتى ( التخطيط ) مستقبلا ، وكل هذا لا يمكننا تحقيقه بصورة جيدة اذا لم نحتك فعلا بذوي الخبرة بعلوم السياحة من الاجانب في العالم ، لذا فاننا عازمون في حال تحولنا الى وزارة سياحة ، على استحداث مكتب استشاري بمقر الوزارة ، يحتضن كل الطاقات والخبرات العراقية المتميزة في جانب التخطيط والادارة سواء من العاملين في القطاع العام او الخاص اضافة الى خبراء اجانب سنختارهم بعناية فائقة واهتمام بالغ .
-         اؤيد كثيرا كلامك معالي الوزير ، بل اني ارى ان تحول منذ الان ( مديرية التفتيش ) في هيئة السياحة الى ( مديرية تخطيط ) ويكون قسم التفتيش ملحقا بها ، كما ارى ضرورة استحداث مديرية للهندسة في السياحة .. لكن ماذا عن الرأسمال ؟
-         من اولويات خطتنا حاليا ، استقطاب وتشجيع الاستثمار الخارجي من كل دول العالم ذات السمعة الممتازة في مجال العمل السياحي لغرض الاستثمار داخل العراق ، وبدأنا بالعمل فعلا وحصلنا على ملفات وعروض ونتوقع تزايدها نظرا لكون قانون الاستثمار المقر حديثا من الهيئة الوطنية  يحوي على الكثير مما يشجع على الاستثمار في بلدنا ، حيث ينص ، مثلا ، على اعفاء المستثمر لمدة عشر سنوات من الضرائب ، وغيرها من البنود التي تتماشى ومعالم الاستثمار في دول العالم الاخرى . كما اننا بصدد توقيع  مذكرات تفاهيم في الجانب السياحي مع عدد من الدول وهذا بدوره سيساهم في احياء السياحة بمختلف انواعها وبالشكل الذي يرفد الموارد لكلا القطاعين الخاص والعام في العراق ، فلدينا مذكرة تفاهم مع ايران اضافة الى ان كل من اذربيجان وتركيا وكوريا وايطاليا والباكستان والبحرين ودول اخرى ابدت استعدادها لتوقيع مذكرات تفاهم معنا ، واتمام ذلك يفتح امامنا آفاق جديدة لتنشيط دخول السائحين والزوار الاجانب ، اضافة الى ان تحول وزارتنا الى ( وزارة سياحة ) سيعني رصد ميزانية خاصة لها لاغراض الاستثمار في مختلف مجالات العمل السياحي .
-         ماذا عن المستثمرين العراقيين ؟
-         نعمل بحرص على استقطاب المستثمرين العراقيين لكونهم اهل العراق اولا ، اضافة الى ان ذلك يشجع الاجانب على الاستثمار في بلدنا ، وزارتنا تتجه للتواصل مع كل انشطة القطاع الخاص في المجال السياحي ، فلا يمكننا انجاز نهضة صناعية حقيقية ما لم نقر التزاوج الدائمي بين نشاطي السياحة في كل من القطاع الخاص والعام ، وتطور اي منهما يعني تطورا للاخر ويحسب في النهاية لصالح السياحة العراقية .
نحن نحرص على التفاعل مع القطاع السياحي الخاص ومساندته بكل السبل المتاحة بما في ذلك قيامنا بالمطالبة باقرار قوانين خاصة تخدم عمله سواء كانت تلك القوانين في المجال السياحي البحت او في المجالات الاخرى كالامور الضريبية تسهيلا لقيام نشاط سياحي استثماري ناجح .
-         معالي الوزير ، يتساءل البعض عن الواردات السنوية لوزارة السياحة حاليا من نشاط السياحة الدينية في البلد ؟
-         قد تستغرب اذا قلت لك ان واردات الوزارة من السياحة الدينية شبه معدومة خصوصا
في العام الاخير بسبب ان الوزارة لا حصة لها في استيفاء اي اجور من الزائر الاجنبي بينما تستفيد الفنادق السياحية التابعة للقطاع الخاص من كلفة اقامة هؤلاء الزوار عدا الزوار الذين يدخلون العراق بصورة انفردية او خلال مذكرة التفاهم ، وقد تشكلت في الاونة الاخيرة لجنة مؤلفة من ممثلي ثلاث وزارات هي السياحة والمالية والنقل لتدارس الموضوع وايجاد حلول منصفة .
-         الكثير من الطاقات السياحية هجرت البلد لظرف او اخر ، وخريجو معاهد وكليات السياحة  عاطلون عن العمل ، كيف تنظرون لذلك ؟
الكل يعلم بظروف العراق الامنية لحد فترة قريبة ، حيث كانت عنصرا مؤثرا في اعاقة حركة السياحة العراقية سواء على الصعيد الداخلي او صعيد السائحين الاجانب ، اما وقد اتجهت الامور الان للاستقرار بجهود حكومة الوحدة الوطنية ورئاسة دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي  ، فذلك يعني لنا البدء الجدي لنهضة شاملة جذرية في الجانب السياحي للبلد ، كما ان بدء عمل  ( وزارة سياحة ) بميزانيتها وصلاحيتها سيعني القدرة على الحركة والاستثمار في السياحة وذلك يعني الحاجة الى الايدي العاملة العراقية ، وستكون لنا القدرة على ايفاد الكوادر الشابة لمواصلة الدراسة والتدريب خارج العراق ،  في الوقت الذي سيشهد القطاع الخاص نشاطا هو الآخر ، ليمتص بدوره نسبة كبيرة من العمالة المحلية ، اما الحديث عن اللحظة التي نحن فيها ، فكن على ثقة اني الان كوزير غير قادر على تلبية متطلبات مكتبي الرسمي ! فهيئتا السياحة والآثار مرتبطتان ماليا بوزارة الثقافة واداريا بوزارة الدولة لشؤون السياحة والآثار وهكذا وضع يشكل ارباكا اداريا لا متناهيا لعمل السياحة ، ويكفي ان اوضح لكم الصورة بالقول اننا في العام الماضي لم نحصل سوى نسبة ضئيلة جدا من المبالغ المخصصة لنا في وزارة الثقافة ، الى درجة نحن محتارون في كيفية صرف فروقات زيادة الرواتب لموظفينا لثلاثة اشهر لم يتم دفعها لهم لحد اليوم !.
-         معالي الوزير ، هناك شرطة حراسات في مدخل كل مرفق سياحي وهناك ( أمن   سياحي  ) داخل كل مرفق ، ومنتسبو هذين الجهازين الساندين غير مرتبطين بالسياحة اداريا وماليا ، الا ترى من الضروري ادخال هؤلاء في دورات قصيرة مركزة لتأهيلهم لكيفية التعامل سياحيا مع الزائر العراقي او الاجنبي ؟
-         كلام صحيح جدا ، وقد وردتنا شكاوي سواء من المواطنين او من كوادرنا الوظيفية توضح لنا جهل بعض منتسبي الجهازين اعلاه بمباديء واسس التعامل السياحي مع من يرتاد الاماكن السياحية ، ونحن نأمل التنسيق مع الوزارات ذات الشأن للاتفاق معها على اشراك منتسبي شرطة الحراسات والامن السياحي  بدورات مركزة أمد كل واحدة عشرة ايام ، يتلقون فيها مباديء عامة عن السياحة وكيفية التعامل مع السائح ايا كان ، باعتبار ان عملهم الامني يكمل صورة السياحة التي نبتغيها للعراق الجديد .
-         الحديث ذو شجون معالي  الوزير ، وعملكم كثير ، شكرا لكم ونتطلع للقاءات اخرى ..
-         شكرا لكم ، وتحياتي لادارة ومنتسبي جريدة الزمان ، اقول اخيرا  ، اننا نطمح لنهضة رائدة في السياحة العراقية ، وكلي امل ان يتواصل الاخوة في الاعلام العراقي بجهودهم في مؤازرتنا ، وابوابنا مفتوحة لكل كلمة بناءة تساعدنا  لئن نعمل سوية لنعكس صورة العراقيين باعتبارهم اصحاب اقدم حضارات العالم ولما يسهم ذلك في تعزيز حركة العمل والتقدم والبناء في مجتمعنا عموما . 
بحر من العمل ، يقع بين واقع تدني السياحة العراقية وبين طموح الارتقاء بها صناعة ذات موارد لا تنضب ، فهلا نجح وزيرنا في تحدي الصعاب بأدوات وعدد جديدة منقذا احلام العراقيين في سياحة تناطح بقدراتها ثروة النفط الزائلة ؟
نحن بالانتظار .
نبيل قرياقوس


133
المنبر الحر / انتخابات جامعية
« في: 10:04 24/03/2009  »
                                 انتخابات جامعية
 
سمعت بعد اشهر من سقوط النظام عام 2003  اخبار عن قيام انتخابات في جامعة عراقية ببغداد لاختيار رئيس لها ، كما سمعت عن قيام ممارسات مماثلة في بعض مدارس بغداد لاختيار مديريها ، وكان وقع تلك الاخبار علينا كوقع كأس ماء زلال بارد في فم عراقي ظهر شهر آب  ، وكم تمنينا ان يمتد فيض تلك الممارسات الى كل دوائرنا ، الا اننا ومنذ تلك الساعات ولحد الحظة لم يسعفنا الحظ  الا بسماع ما يحرق السنتنا صيفا وما يصقع قلوبنا شتاء في وزاراتنا ودوائرها ، حيث نسمع بـتعيين ( المحاصصة ) ، تلك التي لا علاقة بها بأمور الكفاءة والنزاهة بقدر ما تشفي غليل من يحسبون انفسهم ( كبارا ) ، وليصبح العراقي الضحية الاولى والاخيرة فدا لهم !
بالامس قرأت مقالا للزميل الاستاذ مؤيد الصالحي نشر في ( الزمان ) الغراء ، وهو يحاول فيه الدعوة الى مناخ الانتخابات الديموقراطية في الدوائر الحكومية العراقية ، واذ اضم صوتي الى صوته راجيا الاخوة الكتاب مساندة الاهداف العامة لتلك الدعوة ، اود الافادة باني قرأت في احد المواقع الالكترونية والخاص بجامعات العالم ، ان الجامعات الالمانية تستأنس بآراء جيع الطلبة سنويا بأسفتاء سري يخص رأي الطالب برئيس الجامعة وبكل استاذ يدرسه ، واذا افرز الاستفتاء آراء لا  تستميل  بالاغلبية استاذا ما ، تقوم الجامعة بالاستغناء عن خدماته فورا  !
عام 1985 كنت مدير قسم يضم قرابة 30 منتسب في احدى مؤوسسات الدولة ، واستطعت منذ ذلك الوقت ولحد اليوم اقرار فقرة في محضر كل اجتماع شهري ، تحتم علي خلال الدقائق العشر الأخيرة من الاجتماع اجراء ممارسة اقتراع خطي سري لأفضل منتج في القسم خلال الشهر على ان اكون الوحيد الذي لا يحق له التصويت ، وحرصت على  ان اصمم وثيقة تؤيد الحدث يرفق بها صورة المنتج الفائز ولتعلق الوثيقة في لوحة اعلانات الدائرة مع تحديد مكافأة رمزية حصلت على موافقة صرفها من مرجعي الاداري ، واني اذ اذكر هذه الممارسة بمناسبة موضوع مقالنا ، فلأني  لم اسمع  بشبيهتها .
الانتخاباب ، قوة ، شجاعة ، اخلاق ، سلاح كل قوي ، الانتخابات دواء ساحر ، دواء يهذب النفس ، دواء ضد الفساد والتخلف ، دواء يقينا من امراض اغراءات المسؤولية ، دواء يحفز قيم حب العمل والاخلاص فيه ، دواء يحفز قيم النزاهة والتعاون مع العاملين ، دواء يحفز خدمة الجميع ، فهلا سمعنا بمسؤول بدرجة مدير عام او رئيس جامعة فما فوق ينبؤنا بعزمه اجراء استفتاء سنوي في دائرته بحضور وسائل الاعلام ليؤكد ان اغلبية زملائه يجدون فيه أو في أحد غيره من يستحق ان يتحمل ثقل المسؤولية !
دعونا نتفاءل ونقول : نعم هناك الكثير ونحن بالانتظار .
 
                                                                            نبيل قرياقوس
 

134
نداء هام من مغترب عراقي الى دولة رئيس الوزراء  : دستور أوربي ووزراء أجانب

 
قبل ايام معدودة لفت انتباهي حوار بثته احدى القنوات الفضائية لمجموعة مغتربين وطالبي لجؤ عراقيين ، وهم يناقشون اسباب  استمرار رغبة العراقيين هجرة بلدهم ، حالهم كحال كثير من دول المنطقة ،  اضافة الى مناقشة سبل عودة المغتربين العراقيين الى بلدهم ، حيث وجه احدهم نداء هاما عاجلا الى دولة رئيس الوزراء العراقي والمسؤولين في الامم المتحدة يحمل فيه مقترحا يعد الاول من نوعه في العالم على مستوى ادارة الدول ( على ما اظن ) ، ورجى المغترب دولة رئيس الوزراء ، بعد التهنئة بفوز قائمته في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة ،  دراسة المقترح جديا وعرضه على الاستفتاء الشعبي لاقراره باسرع وقت ممكن ،  داعيا الامم المتحدة لاخذ دورها في تسهيل مهمة العراقيين لتطبيق المقترح .
مقترح المغترب العراقي يتضمن شطرين اساسيين اولهما استبدال الدستور العراقي الحالي بدستور احدى الدول الاوربية دون اي اضافة او تحوير او انتقاص ، اما الشطر الثاني فيخص موافقة العراقيين على مشروع اشغال بعض المناصب الوظيفية في الدولة العراقية ، ولمدة عشرين عاما ، من قبل مهنيين اجانب من عدة دول متقدمة حصرا ، يعينون بعقود لمدة اربع سنوات قابلة للتجديد ، وقابلة  للانهاء باسباب منطقية موجبة في اي وقت يقره البرلمان العراقي او دولة رئيس الوزراء ،على ان يكون اولئك الاجانب من الذين تقلدوا مناصب مماثلة بشكل متميز في بلدانهم .
المناصب الثلاثة المقترح تشغيل المختصين الاجانب فيها هي : وزير ، رئيس هيئة ، مدير عام  ، في كل الوزارات العراقية عدا وزارة الخارجية التى ستكون هي الجهة العراقية التى ستتولى اعمال اختيار وابرار العقود مع اولئك العاملين . المغترب العراقي اوضح ان العراق ، بعد رسو نهج الانتخابات الديموقراطية فيه ، يحمل كل المقومات الاساسية التي تسهل ولادة دولة يتمتع فيها المواطن بكل حقوقه المادية والمعنوية  كانسان ، الا ان العراقيين تنقصهم الخبرة الادارية والتنظيمية لتحقيق ذلك  ، فالادارة علم صعب ، معقد الابعاد ، متسارع التطور كحال علوم الذرة والطب ، فان لم يتم  الاستعانة باهلها فسيبقى العراقيون لقرن او قرنين اخرين يحاولون الارتقاء الى الحياة التي يعيشها الان مغتربوهم في الدول الغربية . صاحب المقترح تمنى ان تقوم  الاحزاب والمنظمات العراقية بدورها في تبني المقترح والقيام بحملة توعية تؤكد حلول الساعة التي تحتم على العراقيين نزع ثوب التناقض في الشخصية ، فالبعض تراه سرا او علنا يحلم في العيش والتنعم في ظل البلد الاوربي ودستوره الا انه يدعي التردد في قبول تطبيق ذاك الدستور في بلده ، ذلك الدستور الذي هو نتاج مخاض الفكر الانساني في مجال تنظيم الحياة ليحصل الجميع على حريتهم ، وحقهم في حياة كريمة . المغترب العراقي استرسل قائلا : ( ان تشغيل الاجانب في هذه المناصب سيعني منذ اللحظة الاولى بدء ارتقاء العراق الى مرتبة الدول المتقدمة عن طريق الادارة والنظم والقوانين التي سيضعها مهنيون ميدانيون - كل في وزارته - وفق مباديء الدستور المتطور الجديد ، ولتقر تلك النظم والقوانين فيما بعد في البرلمان العراقي ، ولتصبح العشرون سنة القادمة مرحلة البناء الحقيقي للعراق مع تأهيل الكوادر العراقية لتولي زمام الامور مستقبلا بتوفر قاعدة اساسية من النظم والقوانين والخبرة الادارية والاقتصادية لمواكبة التطور المستمر في النظم العالمية لادارة الدولة ) ،  واضاف : ( تطبيق وتنفيذ هذا المقترح لن يعني ولادة عراق جديد بامكانات جبارة حسب ، ولن يعني فقط عودة كل اللاجئين والمغتربين العراقيين ، انما سيعني ولادة بلد سيحلم الكثير من ابناء العمورة بالجؤ اليه !.
في اليوم التالي لمشاهدتي الحوار ، اثرت مقترح المغترب العراقي  بين عدد من الزملاء المثقفين ، فابدى الجميع ترحيبهم بالمقترح ، احدهم قال : اؤيد المقترح لكونه افضل واقصر الطرق لتقدمنا ، واذا كنا نحلم بقفزة تجعلنا نحيا ونعيش  كحال بقية البشر المتمدنين علينا ان نقفز بمستوى تفكيرنا  اولا ، لكنه شكك بقبول المقترح من قبل كثير من ( الحرامية ) !
لم احظى بعراقي خالف المقترح ، الا ان احدهم خاطبني معبرا عن يأسه بسبب استفحال ظاهرة ازدواج الشخصية في المجتمعات الشرقية عموما  ، قال : ( اذا نشرت موضوعا حول المقترح ، فسينعتك البعض بـالمجنون  ، اترك الموضوع فالعراقيون خلقوا ليبقوا متخلفين ! ) .
كل الاقلام العراقية مدعوة لاسناد نداء ومقترح اخينا المغترب ، فقد بات من المستحيل علينا قبول تحميل دولة السيد رئيس الوزراء ما لا ذنب له فيه ، فتلك هي طاقاتنا الوزارية والمهنية وعلينا ايجاد البديل المنطقي الذي ينقذ العراقيين من وضع تمني هجرة اغنى واعز بلد في العالم ، نعم بات من المستحيل علينا تكرار الخضوع لافكار تدعي المثالية ، تمنع علينا علوم الادارة الحديثة لتصر على بقائنا نحبوا ببطء النملة  في مجال الحياة الحضارية لانساننا في عصر يتمتع فيه انسان بقية الشعوب بنعم التقدم بسرعة الضوء ، انها دعوة لتشغيل افضل خبرات العالم خدما لكل عراقي في سبيل اوضاع وحياة لنا تضاهي اوضاع اكثر دول العالم تقدما ، فان كان في ذلك جنونا ، فانا اتشرف ان اكون  اول مجانين العراق ! 


135
المنبر الحر / سياحة مغيبة
« في: 13:48 06/03/2009  »
                                    سياحة مغيبة

كان ذلك في منتصف آذار عام 1991 ، حيث كان الشارع العراقي ، من شماله الى جنوبه ، يغلي من شدة طغيان وكبت سنين سيف قطع الالسن والحروب والدمار والخسارة والانفراد الأعمى ، الاهوج بمقدرات شعب بكامله ، حينما اقدمت ( مندفعا بظروف ذاك الغليان ) على مطالبة رئيس الشركة السياحية المختلطة التي كنت عضوا في مجلس ادارتها ممثلا للعاملين فيها ، بطرد العناصر الامنية والمخابراتية خارج الشركة السياحية ، الامر الذي افقد رئيس الشركة رشده ، لكون تلك العناصر معينة وملتزمة من قبله شخصيا ، ولتشتد الازمة خلال دقائق من النقاش الحاد ولتنتهي بشتائم متبادلة ابتدأها رئيس الشركة المتنفذ ، ولأخرج مستقيلا من مقعد اول عضو مجلس ادارة شركة سياحية مختلطة منتخب في تاريخ السياحة العراقية ، بعد ان رشحني وانتخبني حوالي مائتي زميل سياحي من بين خمسة مرشحين تمت المنافسة بيننا امام قاض بأقتراع سري مباشر . استقلت فاقدا خدمة ومنصبا مرموقا وراتبا ومخصصات عالية جدا كانت هي موردي الوحيد ، ولأضيع عاطلا خارج الدولة في ظرف قاس ، سمي حينها بـ ( الغوغاء ) حيث الانتفاضة الشعبية ، وظرف خسارة الحرب وشلل العمل تماما ، ناهيك عن اوضاع المسآلة المتوقعة عن دواعي الاستقالة في تلك الساعة .
مرت الايام والسنون المؤلمة بذكرياتها وانا امارس اعمال عامل بسيط يخفي شهادته ، من اجل كسب لقمة عيش عائلتي التي اخفيت عنها خبر استقالتي لأشهر عدة لئلا افجعها ، خاصة اني كنت عوقبت من ديوان الرئاسة عام 1989 بغرامة ، غبية دنيئة سافلة ، قدرها ( 2245 ) دينار ، عن مجموع المكافآت التي صرفتها للعمال الذين عملوا معي ببسالة وحرص متناه ( طيلة خمسة اشهر وبمعدل  16  ساعة يوميا لكل منهم )  في  تنفيذ أول مشروع ناجح في تاريخ الدولة العراقية ، اعتذر عن تنفيذه رسميا كل المقاولين العراقيين حينها وكذا المديريات والدوائر الهندسية في مؤسسة السياحة العراقية ، واضطررت حينها لبيع خاتمي زواجي واثاث بيتي المؤجر واستدانة بقية المبلغ لتسديد الغرامة . في وقت كنت ادرجت  في محاضر التحقيق المطالبة بتكريمي وطاقم العاملين معي ، ولا ادري كيف جازفت اصابعي ولتكتب بشجاعة نادرة النص التالي امام محققي الرئاسة حينها : ( ان التقصير في تقدير عملنا او معاقبة اي منا سيعني اعلانا واضحا من الدولة بمحاربة كل الطاقات الكفؤة والنزيهة والمبدعة) .
مرت السنون ، وانقلب من انقلب ، وعدت مرفوع الرأس الى سياحتي عام 2005 متأخرا لكوني لست منظويا تحت لواء حزب سوى حزب السياحة والشجاعة والتضحية ، عدت وادمعت عيناي حين وجدت صورتي ملصقة طيلة  14  عاما  على دواليب العاملين الذين رافقوني في مسيرتي السابقة ، اعتزازا منهم بشخصي ، وما كنت اتوقع منهم محبة وتقديرا لتلك الدرجة ، انضويت يومها في احد اركان المشروع الذي نفذته ، ولاطلق العنان لشهقات البكاء لتتطاير من صدر افرحه استمرار عمل المشروع لحد اليوم .
يحق لي ان اتفاخر بالقول اني سياحي ذو دماغ يعمل ، حققت اثناء عملي عضوا فعالا في ادارة احد المرافق السياحية الكبرى عامي 1986 و 1987 ارباحا فاقت ارباح ( 5 ) شركات سياحية اجنبية عاملة حينها في بغداد بعد ان تعلمت منهم  ، كما اني بنيت ما عجز غيري عن بنائه عام 1987 ، واني قدست مهنتي ، فما بخلت بطاقتي يوما وما خنت امانتي ، احببت كل زملائي اخوة وابناء وما عاقبت احدهم يوما وما ميزت بينهم الا لتحفيز المزيد من الحب والابداع في العمل ، فكسبتهم جميعا وكسبت نتاجهم ، فرشحوني وانتخبوني سرا امام القاضي لاكون وليهم سياحيا ، فاحسنت اداء المسؤولية ، وضحيت بحاضري ومستقبلي ولقمة عيش اولادي في اصعب الظروف حينما وجدت نفسي غير قادر على تهيئة ظروف عمل صحيحة لهم  ، يحق  لي ان اتفاخر اني كاتب وصحفي مبدع لسياحتي اكتب في ( الزمان ) .
يحق لسياحتنا ان تفوق من سباتها ولتتقوى بنا !
                                                                                         
                                                                                                                        نبيل قرياقوس
بغداد


 

136
المنبر الحر / اصداء ( باعة جنس )
« في: 00:05 01/03/2009  »
                                      اصداء ( باعة جنس )

في اليوم التالي لنشر مقال ( باعة جنس ) في الصفحة الثانية من جريدة الزمان الغراء –  طبعة العراق الصادرة بتاريخ 17/1/2009  وفي موقع عين كاوة، توالت على ايملي الالكتروني وهاتفي الجوال وما تزال ، رسائل عديدة من زملاء واصدقاء مثقفين لم تثنهم ظروف العراقي الحالية وظروف مضايقة الكهرباء لتشغيل الانترنيت او كلفة الرسائل الهاتفية ، عن مراسلتي للاثناء على المقال اسلوبا ومضمونا وهدفا ، باعتباره يتعرض بواقعية ووشجاعة غير مسبوقة لأحد أهم مكامن ازدواج شخصية في المجتمعات الشرقية المعروفة بتبنيها الفعلي لاعمال مخالفة تماما للشعارات  والمباديء المعلنة .
بعد ( الزمان ) ، مواقع الكترونية عراقية نشرت المقال بعد مراسلتي لها ، بينما نشرت المقال مواقع الكترونية عربية ودولية اخرى دون مراسلتها ، وما كنت لاعرف ذلك لولا اني اجريت ( بحثا ) في انتريت موقع الياهو والكوكل .
مدير تحرير احدى صحفنا المحلية ، أتصل بي مهنئا ، مثنيا على ( الزمان ) لنشرها المقال ، مسؤول صحفي في جريدة عراقية اخرى، ذات ميول يسارية ، قال لي : مقالك رائع جدا ، لكني ما كنت لأتجرأ  على نشره في صحيفتي ! .
كاتب ، طبيب ، قال لي في رسالة هاتفية : أراك يا نبيل تنتقل في كتاباتك بين القمم ، ومسكها ( باعة جنس ) .
مثقف اّخر قال ( والعهدة عليه ) : اتوقع ان المقال كان الاكثر قراءة في الزمان الصادرة بتاريخ 17 /1 ، بسبب عنوان المقال الذي نجح في اصطياد القراء وليصل بهم الى مضمون ( وربما معالجة ) قضية اوفت العنوان حقه .
زميل اخر قال :
 ليس في العراق ، ولا في اي بلد ينطق ( العربية ) جريدة كـ ( الزمان ) مستقلة تؤمن بحرية الرأي وتطبق فعلا  نشر الاراء المختلفة دون قيود فكرية .
مجموعة مثقفين جالستهم اثر المقال ، توصلوا الى :
 ان ( الزمان ) نجحت بجدارة لئلا  تكون جريدة الاعلاميين المبدعين سعد البزاز او احمد عبد المجيد او فاتح عبد السلام حسب ، وانما لتكون مسرح الكلمة المسالمة لكل انسان .
ما لم نستغربه جميعا ، ان يمتنع البعض عن قراءة المقال لتشبعهم بما يجنون يوميا من السحت الحرام بافعال يشمئز منها ( باعة الجنس ) .

                                                                        نبيل قرياقوس



137
  مهزلة كوليرا ادارية

 

سرحان ، عراقي ضعيف الحالة ماديا ، في عقد عمره الثالث ، عامل حكومي ضمن الذين اعادتهم الدولة مشكورة الى الخدمة بعد ان ترك وظيفته التي استحقر فيها براتب شهري قدره دولار واحد شهريا ، ولازالت اجراءات احتساب خدمته غير كاملة لدى الجهات المختصة كي تتبين استحقاقاته ضمن المفصولين السياسيين ، بينما ارى سرحان ، ولعمري ، هو السياسة بعينها ، بل هو  السياسي الوحيد في العراق الذي لا اشك يوما في صدق وانسانية وواقعية  شعاراته ، فقد طبقها على نفسه اولا ، ولو كان لسرحان حزب سياسي لكنت اول من ينتمي اليه ، لكن امثال سرحان لم ولن يستطيعوا ان يشكلوا احزابا .

لاحظت سرحان خلال الشهرين الماضيين يعيد ديونأ الى عدة زملاء في مقر عمله حال استلام راتبه الشهري ، لم يكن في الموضوع ما يثير اهتمامي كثيرا الى ان قادني الحديث معه ( ونحن حاملين لراتبينا الشهريين في طريق خروجنا من دائرتنا ) الى وضع ازدياد عدد المحتالين والنشالة في شوارعنا هذه الايام بعد ان ضاقت عليهم ارزاق الاعمال الارهابية ، فاخبرني سرحان ان ما تبقى من راتبه ما عاد يستحق مجازفة النشال لسرقته ، بعد ان سدد مبلغ 150 الف دينار لزملائه الموظفين . علمت من سرحان انه ما زال مطلوبا مبلغ 400 الف دينار من مجموع ( مليون ) دينار كان استدانه قبل حوالي العام لصرفه كأكراميات اجبارية دفعها بمعدل 40 الف دينار يوميا لعمال مستشفى مدينة الطب الحكومي والذين اصطدوا ومرض الكوليرا ابنه الطفل ( علي ) لمدة شهر ، بينما انفق بقية المبلغ في شراء حبوب الفيتامينات والادوية الاخرى من الصيدليات الاهلية لعدم توفرها في المستشفى الحكومي ، قال لي سرحان : كنت اعطي الممرضة التي تزرق الابرة لابني مبلغ الفي دينار فترفض استلامها لقلتها ، كنت اترجاها استلام المبلغ لحين ما استدين مبلغا اخر في اليوم التالي !

اقول ، اما اّن الاوان لاتخاذ اجراءات ادارية ومالية تقر من اناس يعرفون معنى علم الادارة ، هذا العلم الذي اوصل الانسان على تراب القمر قبل اكثر من نصف قرن ، كي يتم وضع حد لظاهرة تقزز حتى الذي لا ضمير له ، فالحل ليس بالامر المستحيل اذا ما عولج بادمغة ادارية ذات خبرة وقدرة على استخدام كل العدد التنظيمية والمالية وبشكل لا يزيد الطين بلة ، في مقابل ان تبذل جهود مماثلة في دوائر الوزارات الاخرى ذات التماس اليومي مع حياة المواطنين والتي يمارس موظفوها اعمال ابتزاز  المواطن في وضح النهار سواء بافتعال ازمات الزحامات او بدعوى الالتفاف على القوانين وتسهيل امر المواطن في حين يكون ذلك عكس الواقع تماما .

 معالجة هذه الظاهرة جذريا  يتطلب تعاملا مناظرا لاوضاع كل دوائر الدولة الاخرى .

شجاعة هي ، مسؤولية هي ، ان يفتي اداريونا صراحة بعدم معرفتهم اصول الادارة الحديثة ، وعليهم طلب شراء علم وعدة وخبرة اجنبية تعلمنا كيف لا يسرق احدنا الاخر ، ودون تلك الشجاعة سيكون اداريونا هم من يصدر الكوليرا الى مستشفياتنا !.

 

                                                                                                      نبيل قرياقوس

 

138
المنبر الحر / وزراء احزابنا
« في: 14:48 16/02/2009  »
                                      وزراء أحزابنا

ظاهرة صحية ان تتعدد الاحزاب في اي مجتمع ، وصحية ظاهرة تباريها لغرض الاستيلاء على المناصب الوزارية والمواقع المهمة في هيكل الدولة الاداري ، لكن ذلك يتحول الى مرض سرطاني حقير عندما ينتهي الى جعل تولي المناصب غاية في حد ذاتها وليس وسيلة لممارسة برنامج معين اقل ما فيه ، بالنسبة لظرف مجتمعنا العراقي ، تبني وتنفيذ اجراءات انية ومستقبلية للحد من قيود الروتين والتخلف الاداري وما ينتجه من فساد يضر مواطننا المغلوب على امره ، ويدخل في اولويات تلك الاجراءات تنسيب الكوادر القيادية والوسطى التي يؤمل منها الوقوف بحزم ضد اخطبوط  شبكات الابتزاز والفساد الاداري وذلك باتباع انماط ادارة حديثة كفيلة بتأمين وسائط تفكيك هذه الشبكات ورجالها.
العراقي دفع الكثير من ارواحه ودمائه وامواله عقودا لقاء حريته في كلمة و لقمة عيش وسكن امن ودوائر حكومية تخدمه دون ان تبتز كرامته او جيبه او جهده ، لذا فالعراقي يقيس الان واكثر من اي وقت مضى ، وبتحسس عال ، مدى جدية برنامج اي حزب في اشخاصه المسؤولين ممن يتولون فعلا تنفيذ ما يريده الشارع العراقي  في مجال محاربة الفساد الاداري وتطوير عمل دوائر الدولة عموما  ، فالذي يجب ان يعرفه الجميع ان الشارع هو المرجع الصحيح والوحيد الذي يقرر مدى صحة ما تعلنه الاحزاب .
المؤسف اننا لم يحالفنا الحظ في العثور او الاطلاع على بيان لاحد الاحزاب العراقية يضع اليد على الملموس من معاناة ابناء شعبنا ، بيان يتم فيه تناول واقع الوزرات والمؤوسسات العراقية واحدة فواحدة وليؤشر بشجاعة ونزاهة مواطن القوة والضعف فيها ، طارحا كل السبل التفصلية المقترحة لمعالجتها ، مبرهنا على سلامة النية بالاستدلال بنمط ما ينفذه ويطوره فعلا الوزير او المسؤول الفلاني المنتظم تحت لواء الحزب صاحب البيان .
نشرنا في جريدة الزمان الغراء بعدديها الصادرين في العام الماضي بتاريخي 21/2 و 27/3 على التوالي رسالتين موجهتين الى السادة الوزراء العراقيين حصرا ، ولا نريد ان نكرر ما تطرقنا اليه فيهما من تفهمنا الموضوعي لصعوبة وثقل المسؤولية في الظرف الراهن من تاريخ مجتمعنا ، لكننا نعيد التذكير اننا كتبنا ان : ( الحكومة هيئأت كل مستلزمات العمل للسادة الوزراء ابتداء من الحماية الامنية الكافية التي تؤمن حرية الرأي والقرار وانتهاء بالامتيازات والصلاحيات والقدرات المالية والايدي العاملة ..) واضفنا القول : ( اليوم وليس غدا لم يعد اي وجود لمبررات عدم القدرة على انهاء اي زحام او اختناق او منافذ رشا في اي من مرافق الدولة ذات الصلة بحياة الانسان العراقي ..) .
بعد مضي حوالي العام على رسالتينا اعلاه ، وما زالت معظم تلك الدوائر ، المعروفة للعراقيين بممارستها ابتزاز المواطن بشتى الطرق ، وهي على نفس وضعها ، وكأن مسؤوليها وموظفيها في وضع يوحون لنا فيه احد احتمالين كلاهما اسوء من الاخر : اما ان الوزير راض عن ما يجري ، او انه لا يعلم ما يجري في مديريات ومؤوسسات وزارته !.
الاحزاب العراقية مطالبة الان ، بكشف اوراق خدمتها للعراقيين ، مطالبة ان تعلن بشجاعة وجرأة  كفاءة او عدم كفاءة كل وزير او مسؤول عراقي ، وبالاخص من رشحته ليكون مسؤولا اداريا في الدولة معللة ذلك بالتفاصيل التي تهم الانسان العراقي ، هذا الانسان الذي ما عاد يتحمل المزيد من الضحك على ذقونه .
للحديث بقية ..
                                                                            نبيل قرياقوس                                                                                     

139
المنبر الحر / اطلقوا سراح الحب
« في: 00:00 13/02/2009  »
    اطلقوا سراح الحب

 

في عيد الحب ..

من نهاية الكون .. خلف البحار

بعيدا عن ارض الجنة .. ارض العراق

ارسل لك .. حبيبتي

احلى اشعار

 

-         - - -

اليوم ..

ثار قلبي محاولا  كسر اضلعي ..

فاتحا كل الاسوار ..

يخاطبك .. يناجيك ..

مهنئا .. صارخا :

لازلت احبك اقوى من اي زمان

حبي لك .. نشوة انتصار

 

-         - - - -

 

بالامس ..

حرموا علينا اللقاء ..

فرقونا ..

حكموا على قلبينا بالسجن مدى الحياة ..

ابعدونا في شرق وغرب ..

وعذرهم :

خلافات انبياء !

تغابوا او كذبوا

فما محبة اكبر من وصايا السماء

فما اوصت يوما بقتل الحب

وما وضعت شروطا توجب للطاهرين جفاء ..

 

-         - - - - -

 

بالامس ..

ابعدونا وما ادراهم ..

انا سنبقى دوما نقاوم النوى

نعشق حياة التداني والصفاء ..

ابعدونا وما ادركوا ..

ان حبنا لا يميز بين كل الانبياء ..

بين كل الحكماء ..

فهم لنا جميعا عنوان ايمان ونقاء ..

حبنا اكبر من ان يتوه في تفاضل اسماء ..

حبنا فعل عشق .. صدق ..

فعل اخلاص ..

فعل عمل وبناء ..

-         - - - - -

 

 

خسر الحكام وان كبلوا قلوبنا مدى الحياة ..

فلازال حبنا  يكبر طاهرا ..

لازال يصنع اروع وانبل لقاء ..

 

 

 

                                                                              نبيل قرياقوس

140
المنبر الحر / عيد حب الماني
« في: 13:25 08/02/2009  »
                                     عيد حب الماني

حادثة حقيقية تلك التي سأرويها لكم في سطوري هذه ، حدثت في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، فـ ( ابو وسن ) رجل كان في نهاية عقد عمره الرابع حينها ، وهو عراقي من اهل ديالى ، سكن بغداد وتزوج فيها من عراقية وانجب منا ثلاثة ابناء وبنتين .
ابو وسن كان قد اوفد الى المانيا في السبعينيات بدورة تدريب فنية عندما كان موظفا فنيا على ملاك السياحة العراقية ، وكان تعرف خلال فترة ايفاده على شابة المانية ، وتبادلا الحب طيلة عام كامل هو مدة الدورة .
فقد ابو وسن زوجته اثر وفاتها صريعة مرض عضال عام 1998 ، الامر الذي زاد في تعاسة ابي وسن الذي كان يعيش حياة حصار قاسية كبقية العراقيين الذي دفعوا غاليا اجور لعبة بين دكتاتور واطراف دولية لم يحسبا لبشر العراق حسابا سوى اعتبار انهم ليسوا بشرا .
ابو وسن ، في محنته تلك اتجه باحاسيسه وانظاره الى حبيبته الاولى ، الحبيبة الالمانية ، وليقامر بمراسلتها على عنوانها المثبت لديه قبل حوالي عشرين عاما ، وشاءت الصدف ان تجيبه حبيبته بانها هي الاخرى فقدت نصفها الاخر ، باعثة اياه صورتها الجديدة ، كاشفة له بصراحة منظر جمالها الجديد بعد عقدي زمن .
اجابها ابو وسن بانه ما زال يحبها ، وانه مستعد للاقتران بها كزوجة شرط ان تنتشله من العراق .
ما هي الا اشهر واذا برسالة عاجلة من الحبيبة الالمانية تطالب حبيبها العراقي بالسفر الى ليبيا لمقابلة السفير الالماني هناك لغرض منحه وثيقة الدخول الى المانيا .
وصل ابو وسن سماء المانيا واستقبل على ارضها في المطار استقبالا لا يحصل الا في الافلام الهندية ، فقد كان في استقباله كادر بهي كبير من قناة تلفاز المانية مختصة ببث الحوادث النادرة بثا مباشرا ، رتبت القناة لقاءا مع ابي وسن وهوعلى مدرجات النزول من الطائرة للتعرف على المزيد من روابط الحب بينه وبين حبيبته الالمانية ، الامر الذي اثار استغراب ابي وسن بينما  تصور نفسه في لحظات اخرى انه اصبح شخصا مهما يستحق كل ذلك الاهتمام .
فريق اخر من نفس القناة التلفازية كان يرافق الحبيبة الالمانية في بيتها ليصور ردود أفعالها وهي تتفاجأ بظهور حبيبها العراقي على شاشة التلفاز ، حيث اخفي على الحبيبة موعد وصول ابي وسن الى المانيا ، برنامج القناة كان تحت عنوان ( حب يتجدد بعد عشرين عاما ) .
القناة اقامت حفل زفاف الحبيبين على حسابها الخاص لتنقله نقلا مباشرا ايضا ، بعد ان عمدت الى تدريب ابا وسن على ( اتيكات ) الرقص والاحتفال .
عاش ابو وسن  ( الاجنبي ) في المانيا ولم يحتار في ايجاد بيت يأويه ، او في ثقافة يريد تعلمها او في معيشة يقتات منها او في علاج طبي يحتاج اليه ، اختار ابو وسن حبيبته وتزوجها دون ان يجد واياها  أحدا يسألهما عن دينهما وملتهما ، فلم يعد اعتناق الدين سوى امرا شخصيا لا اكراه فيه على الزوج او الزوجة ، لاي سبب كان ، في عالم فتحت امام الانسان كل سبل التعرف والاطلاع .
انها قصة حب عراقية المانية رائعة حدثت في المانيا ، ترى متى سيعيش العراقيون قصص حب في بغداد ، قصصا لا تعيقها هموم السكن والصحة والمعيشة ، قصصا لا يفسدها اكراه انسان على رأي او دين او معتقد ؟
يليق بالالمان الاحتفال بعيد الحب كل يوم ..
يحق للالمان ان يفخروا انهم بشر ..
يحلم العراقي بيوم يعامل فيه مثل البشر .

                                                                                    نبيل قرياقوس

 

141
المنبر الحر / شهادتي مزورة
« في: 14:41 25/01/2009  »

                                   شهادتي مزورة

أحد زملائي في العمل ترجى مساعدتي اياه في الحصول على شهادة ماجستير في التاريخ العربي ، وهو يعرف اني رجل اعلام وهندسة ، لكنه يعرف جيدا ان قلمي يملك قدرة متميزة في التعامل مع الاحداث ليفصلها نماذج حية تحكي صورة الواقع بمشاهد تختصر كل الحكايات ولتبرز اقرب حقيقة اراها .
لا ادري ما الذي دعاني للموافقة ، وانا ادرك جيدا ان التاريخ الذي قرأته ولازال اولادنا يقرأونه في مختلف مراحلهم الدراسية ، قد كتب برؤى وتحليلات اناس منحازين ، في حين تشترط كتابة التاريخ وقفة على منصة لا تسندها سوى مباديء انسانية معتدلة ، واقصد بها تلك التي تقرها اغلبية البشر بمختلف قومياتها واتجاهاتها في عصر ما ، هذه المباديء التي يتطور فهم البشر لها قرن بعد قرن بل عام بعد عام ، فهنالك من الاحداث التاريخية ما كانت تعتبر في فترة ما عملا بطوليا ، فهمت بعد سنين من التحضر الانساني ، عملا جبانا متخلفا يسيء للانسان والانسانية .
كتابة التاريخ وتحليل احداثه ، ليست مهمة سردية حسب ، بقدر ما تتطلبه من رقي في عقلية المؤرخ ليكون مستقلا بانسانيته غير منحاز الا  لها ، ليقوم بنقل الوقائع المتوفرة لديه بأمانة ، وليفسرها ويضعها في محلها الصحيح في صنيع تاريخ الانسانية ومبادئها ، لتكون ارثا يحكي تاريخ الاجداد سلبا او ايجابا ، وليتعض بها الابناء .
وافقت على مساعدة زميلي ، في لحظة كابرت فيها بقدراتي على دراسة وفهم العلوم الانسانية ، وافقت ، وما كنت ادري ان زميلي سيجلب لي ثلاثة مصادر تاريخية لا يقل عدد صفحات كل منها عن 500 صفحة ، واربعة رسائل لطلبة سابقين نالوا شهادة الماجستير ، وليطلب مني دراسة كل تلك ، وكتابة رسالة جديدة كاملة تحمل عنوانا يتوسط مضامين عدة رسائل سابقة ، لنيل شهادة الماجستير .
ادركت ، وقد اكون خاطأ ، ان تراجعي عن قبول المساعدة كان سيعني عدم قدرتي على انجاز العمل ، الامر الذي وجدته معيبا ، لذا فقد طلبت منحي مدة اسبوعين للانجاز .
بدأت العمل ، وسهرت اليالي ، وانجزت رسالتي لتقدم للدكتور المشرف وليغذيها بملاحظاته ، ولتطبع وتقدم باسم زميلي للجنة المناقشة ، وليمنح شهدة الماجستير في التاريخ بتقدير ( جيد جدا ) ولو كنت حضرت محله لحصلت على تقدير الامتياز .
أقر وأعترف اني شهدت زورا في فهم وتحليل احداث التاريخ  ، حالي  كحال معظم المؤرخين والمحللين المعروفين جدا ، اقر واعترف اني كتبت ووثققت ما لست مقتنعا به ، بل تفننت في تعظيم وتمجيد ما انا واثق انه يسيء للانسان والانسانية ، ابدعت في تصغير ما اعرفه حقا انه من حقوق الانسان الاساسية ، وعذري في ذلك اني لست مؤرخا ممتهنا ، واني لو أكتب ما اراه صحيحا فأن زميلي سيحرم من شهادة ( ماجستير) في التاريخ العربي ، من قبل اساتذة قد  يعرف البعض منهم  في سره ما اعرفه ، لكنهم ما ان يصل الامر الى التوثيق فان ازدواجيتهم تفوق قدرتهم على نطق ما بدواخلهم ، انهم فاقدو شجاعة التخلص من قول شيء وعمل شيء اخر مخالف للقول تماما ، انهم فاقدو شجاعة ذم عمل سيء يقومون به بينما يرون فيه كل السوء حينما يقوم به اخرون ، انهم يصرون بغباء ان تبقى شهاداتهم مزورة .


                                                                                     نبيل قرياقوس

142
المنبر الحر / صابونة
« في: 14:24 21/01/2009  »
كاريكتير

                                صابونة

عقد اليوم في مقر احدى الوزارات العراقية مؤتمر علمي موسع ،  نادر في تخصصه واهدافه ، اثر انقطاع توزيع الصابون ضمن الحصة التموينة للفرد العراقي لاشهر معدودة .
 حضر المؤتمر عدد كبير من اساتذة اللغات والعلوم والطب والعلوم الانسانية اضافة الى عدد من الشخصيات الرسمية والشعبية ، بغية الوصول الى فهم مشترك لمدلولات الـ ( الصابونة ) في النواحي الانسانية والعلمية واللغوية .
افتتح المؤتمر الذي حضره جمع غفير من العراقيين المعوقين والعاطلين عن العمل بمعية عوائلهم ، بكلمة القاها السيد رئيس المؤتمر اكد فيها عزمه على متابعة كل البحوث والدراسات المتعلقة بـ ( الصابونة ) للخروج بمحصلة فهم مشترك تساعد الحكومة العراقية على تبيان مسار واضح تجاهها .
القى بعهدها عدد من اساتذة اللغات دراساتهم عن ماهية الـ ( الصابونة ) وظهر تباين واختلاف واضح في دراساتهم حيث اعتبر احدهم مصطلح الـ ( الصابونة ) دخيل على اللغة العربية وطالب بالتوقف عن استخدامه فورا ، بينما أوضح عدد من اساتذة الطب عدم صحة هذا الالغاء كون الـ ( الصابونة )  جزء مهم من جسم الانسان يقع بين عظمي الساق والفخذ ، وتطرق استاذة طب العلاج الرياضي الى اساليب علاج امراض الـ ( الصابونة ) خاصة عند النساء اللاتي يعانين من متاعب غسل الملابس بالايدي بسبب عدم توفر الكهرباء لتشغيل الغسالات .
وافاد استاذ في العلوم الاجتماعية بان مصطلح الـ ( الصابونة ) يستخدم اجتماعيا من قبل مسؤولين في الدولة في مجالات ( زحلقة ) شكاوي المواطنين والاعلاميين ، بينما اثار برلماني حضر المؤتمر رغبته الجامحة لمطالبة رئاسة البرلمان العراقي تخصيص طن واحد من ( الصابون ) لكل عضو برلمان شهريا في حال اثبت المؤتمر ان الـ ( الصابونة ) حاجة مهمة للانسان .
مجموعة من اصحاب المطاعم السياحية انتهزوا الفرصة لطرح مطاليبهم على وزارة الداخلية لحملها على متابعة عصابات سرقة الصابون الذي يضعونه في دورات مياه مطاعمهم .
في نهاية الجلسة الاولى للمؤتمر اعلن مسؤول في دائرة تجهيز العراقيين بمواد البطاقة التموينية دعوته للمواطنين الى انتظار رد الوزارة في أول جمعة من اول سنة كبيسة قادمة ، الساعة الثامنة الا اربع دقائق مساء ، نظرا لاحتمال اقرار توزيع  ( صابونة ) واحدة لكل عائلة شهريا في حال اتفاق المؤتمر على كون الـ ( الصابونة ) ضرورية للانسان العراقي .
هذا ، وقد اثار المؤتمر ردود فعل عالمية واسعة ، فقد اعلن ناطق باسم الامين العام للامم المتحدة بان المنظمة الدولية على تواصل مع اعمال وبحوث هذا المؤتمر وانه سيطالب بتخصيص ميزانية ( باجت ) بمقدار ثلاثين مليار دولار امريكي من وردات النفط العراقي تحول لحساب منظمة ( ما يستحون بلا حدود ) الانسانية  لغرض عقد مؤتمرات وبحوث مماثلة خارج العراق على مدى عامين ، يحضرها موفدون من مختلف الوزارات العراقية للاطلاع على اخر المستجدات على مصطلح الـ ( الصابونة ) ، في حين اثار هذا التصريح تحفظ الناطق الرسمي باسم صندوق النقد الدولي ، حيث ابدى عدم ممانعته تخصيص هذه الميزانية بشرط ان لا يعقبها استيراد لاي ( صابونة ) للعراق نظرا لكونه دولة مديونة ماليا ، مضيفا بانه شخصيا يطلب العراق مبلغ ملياري دولار عن اجور محاضرتين القاهما في ورش عمل في بغداد العام الماضي وكانتا بعنوان ( اهمية الصابونة في حياة الانسان ) و ( احذروا صابونة ازالة القشرة ) على التوالي ، مضيفا القول : على العراقيين مراعاة ان صناعة الصابون تشكل احد مصادر التأثير على البيئة وعليهم المساهمة في تحسينها .
الناطق بأسم البيت الابيض الامريكي اعتبر ان الـ ( الصابونة ) شأن داخلي يخص العراقيين ، وان الرئيس الامريكي الجديد لا ينوي وضع هذا الحدث ضمن استراتيجيات اعماله للعام 2009 .

                                                                نبيل قرياقوس



143
المنبر الحر / باعة جنس
« في: 10:18 14/01/2009  »

                                     باعة جنس

حدثني عراقي مغترب عاد الى الوطن لانجاز معاملات رسمية تخصه ، عن موظفة راجعها في احدى الدوائر العراقية ، قال :
وجدت مكتبها كاملاً عداها ، فهي قليلة التواجد ، وعليك انتظارها اكثر من ساعة ، وما ان تحضر بملبسها المحتشم باقصى درجات الاحتشام وتجلس على مقعدها حتى تغادره بعد ثوان غير ابهة بمن يراجعها ، ولتنتظرها ساعة اخرى وربما ايام اخر ، ولتجيبك اخيراً بالقول : حاسبتي عاطلة ..تعال بعد شهر!
بيت القصيد في هذه الرحلة ، هو ان تجد طريقاً لتلك الموظفة الشابة لتعبر فيها عن ركوعك لها على بساط اخضر من فئة عشرة الاف ديناراً لتمنحها لها بعد انتهاء ركوعك ، ولتبدأ هي بانجاز معاملتك .
هناك من قال لي ان ثمن هذا البساط قليل نسبياً عن اثمان بساطات اخرى يشترطها موظفون وموظفات ومسؤولين في دوائر اخرى ، لكني اوضحت ان معاملتي لدى تلك الموظفة بسيطة جداً والا ما كانت بخلت بطلب بساطات كثيرة حمراء اللون وربما بساطات دولارية .
علمت ان راتب تلك الموظفة هو ضعف راتب مثيلاتها في معظم دوائر الدولة الاخرى كما ان راتبها يزيد باربعمائة مره عن الراتب الذي كانت تتقاضاه قبل 2003 ، ومع ذلك فهي تصر على فرش البساط الاخضر امام قدميها قبل ان تقدم أي خدمة هي من صميم واجبها .
طال الحديث مع هذا المغترب حول مسؤولية مدراء الدوائر والمسؤولين عن تلك الاوضاع ، الى ان قال :
في المجتمعات الغربية ، تجد مكاتب وشركات لبيع الجنس بشتى اشكاله والوانه للنساء والرجال ، وتسعى تلك ،  الى المنافسة وتقديم افضل الخدمات ، وسبق لي ان تبضعت منهم ، فوجدت اني حصلت على الخدمة التي اريدها من اناس يحترمون اصول مهنتهم رغم قساوتها ، حتى عرفت من احداهن يوما انها كانت في ضائقة مالية اجبرتها على العمل في هذا المجال لمردوده الاعلى عن مهنتها الوظيفية السابقة والتي كانت ستدر موارد اعلى لو انها فكرت في سؤ استخدامها .
الفرق الواسع ، الشاسع ، الكبير ، الذي وجدته بين (قوادين ) وباعة جنس وبين موظفين و (مسؤولين ) يبتزون الناس والمال العام ، ان الأوائل يعتبرون ان شرفهم هو في مدى اخلاصهم والتزامهم باصول مهنة الخدمة الانسانية التي يقدمونها مهما كان نوعها ، بينما اجد الاخرين فاقدين لهذا الشرف ، الذي يرى الكثيرون انه شرف قلما ينافسه شرف أخر .

 نبيل قرياقوس

144
رسالة  حب عراقي الى الرعيل الاول من الكتاب والمثقفين والسياسيين من الكلدان .
                                                                                                   
 في جلسة بسيطة جمعتني مع عدد من الاساتذة والمربين من الرواد  الذين عاشوا  فترة الحكم الملكي والحكومات الجمهورية التي تعاقبت على حكم العراق ، شدني اليهم الشوق لكلامهم الذي ماانفك الا وكان به قصيدة شعرية  او استذكار لحادثة ادبية او فنية وهم كانوا في الدراسة الابتدائية او الثانوية كما شدني الحب اليهم   في تصرفاتهم وكيفية تخاطبهم واستذكارهم لعلماء ومفكري العراق منهم على سبيل المثال ( الدكتور مصطفى جواد والعلامة كوركيس عواد والسياسي روفائيل بطي ، ومن اللحظات الرائعة التي عشتها تلك  التي كنت جالسا معهم عندما انشدوا بحب العراق انشودة كانوا يرددونها اثناء مراسيم رفع العلم انذاك كما شدتني الترنيمة وطريقة الالقاء ، في الحقيقة حسدتهم على وقتهم وكيف كانوا يعيشون انذاك ، كان احد الرواد والذي يبلغ من العمر الثمانين عاما وكان معافى في طروحاته وافكاره النيرة اضافة الى انه متحمس لعراقيته وكلدانيته حتى انه اراد ان يبكي على ماآلت اليه الاوضاع الحالية من تغير نحو الادنى ، فبدأت اسالهم عن شخصيات مثل (عبدالرحمن النقيب وساره خاتون وكوركيس عواد ويوسف يعقوب مسكوني والشاعر حافظ جميل ومحمد حديد وشخصيات اخرى ) وكيف كانت تصرفات الحكام في المتصرفيات  ( اللواء ) الان تسمى بالمحافظات ، وخلال مشاركتي معهم في الحديث تغنى احد الرواد بأبيات شعرية عامية ( الدارمي ) والذي لم ينظمه أي عراقي من الاخوة المسيحييين وهذا ان دل على شيء فانما يدل على حبهم لعراقيتهم ولوطنهم حتى اننا صفقنا له لابداعه ، من هنا شعرت انني مازلت اعيش وسط اناس يريدون الخير ويعشقون العراق ويتمنون الحب والسلام لابنائه وكنت اقول قبل الجلسة أن العراق فرغ من احبائه ، ولكن غيرت رأيي وقلت اننا نعيش على دعوات وحب هؤلاء الخيرين وهم في هذا الوقت بدأوا يظهرون على الساحة العراقية سواء كانوا في داخل الاسرة او المحلة او المدينة او العشيرة .
هنا اقول هنيئا لك ياعراق الحب الذي انجبت هؤلاء الرجال الذين هم اصبحوا مثلنا  الاعلى في كل شيء يخدم العراقي المحروم والذي اضطهد سابقا وحاليا .. هنيئا لنا لحبهم لشعبهم وعلمهم وثقافتهم وهم يمدون يد العون والانقاذ ، لنكن نحن جميعا على شاكلة هؤلاء الرواد ننشد القصائد ونكتب كما كتبوا نضالهم المرير ولنتعلم منهم اخلاق النقاش والهدوء والسكينة والاحترام بكل صغيرة وكبيرة انا لااريد ان اكون ثقيلا في موضوعي هذا وانما هي دعوة حب عراقي الى الاخوة من العراقيين الذين هم ابناء نبوخذ نصر وحمورابي ، هنيئآ لك يانبوخذنصر ويامن سميت بأسمه مسلة (حمورابي ) على احفادك مثل الذين جلست معهم .
كما وادعوا الاخوة في الحزب الديمقراطي الكلداني الى ان يستفيدوا من خبرات وطاقات هؤلاء الرواد بتشكيل اتحاد الادباء والكتاب وامنيتي  ان ارى هذا وانا على قيد الحياة .. بكل الحب ياابناء العراق لكم ولماضيكم العريق والمشرف .. لكم مني ان اكون خادما صغيرا لما قدمتوه لنا ياابائي في ثقافتكم وعطائكم لي وللاخوة الحضور عهدا مني ان اسير على حبكم ورسالتكم النجيبة كما يقول المثل ( الذي خلف ما مات ).


                                                                                الاعلامي فائــق ناظــــم الطائـــي







 


145
اداريات ..

                  الى الوراء در .. كبول البعير
.
في معظم دوائرنا الخدمية تتفنن كوادر منظومات الفساد والارتشاء في ايصال صوتها مغلفا بعبير الحرص على عمل دوائر الدولة ، مولدة تعليمات بعيدة عن كل اوجه المنطق لتصفق وجه المواطن ، ولتضطره للاستسلام لجبروت الفساد والروتين وليصبح ذاك المواطن ( ممنونا ) لشغل طرف في معادلة الراشي والمرتشي .
قبل اكثر من عقد من الزمن كان المواطن الذي يشكو من عطل هاتفه الارضي ، يراجع دائرة الهواتف ويصدم بتعليمات ( عبقرية ) يمتنع فيها شباك الشكاوي في دائرة الهواتف من استلام الشكوى حيث يقال للمواطن: ( ارجع وخابرنا من جيرانك على هاتف الشكاوى ) ، وهكذا يبقى المواطن يوما ويومين وشهرا وشهرين يتصل بالشكاوى ، وبعد ان يمل منه اقاربه او جيرانه او اصدقاؤه الذين يستخدم هاتفهم الارضي للاتصال بالشكاوى ، يضطر لكشف طريقة للتعارف بأحد ( الخيرين ) من العاملين في دائرة الهواتف او ربما شرطي حراسة الدائرة ، ليتفق معه على مبلغ تصليح الهاتف الارضي العاطل دون شكوى ودون اتصال ودون اي شيء غير الرشوة !
تطورت الامور الادارية والفنية بعد فترة ، حيث وافق شباك دائرة الهواتف على استلام شكاوى المواطنين ذوي الهواتف العاطلة ، فحصل ازدياد عدد المراجعين مع كثرة الاعطال بسبب رداءة انجاز التصليحات وخاصة في امور التوصيلات تحت الارض التي تعطل بعد كل عطسة رطوبة من السماء مثلا ، وازاء تلك الزحامات ابتدعت ( العبقريات ) العاملة في الدائرة سبلا عديدة لاشغال واعاقة وصول الموطن الى شباك الشكوى دون منافذ التوسط والرشى ، ومن امثلة تلك السبل اعادة المواطن الى بيته وعدم استلام شكواه الا بعد ان يجلب اّخر قائمة استيفاء اجور هاتف !
بربكم ، ما دخل هذه القائمة في امور تصليحه ؟ فان كان يقصد بها معرفة اذا كان الهاتف قد اوقف عن الخدمة بسبب عدم تسديد ديونه فذلك سيتبين باول لحظة فحص حالة خط الهاتف على الحاسوب ، وان كان يقصد معرفة عائدية الهاتف فهنالك الف طريقة بديلة ، وهكذا كان المواطن يعود ادراجه الى البيت ولـ ( يتمالخ ) مع زوجته باحثا عن قائمة الهاتف المسددة قبل اشهر او ربما  سنة ، لكنه ما ان يهدأ حتى يقرر الاستعانة بصديق من ( الخيرين ) ، لثقته ، ومن تجارب سابقة ، بان هاتفه سوف لن يصلح حتى لو اصطحب معه ( 100) قائمة هاتف لشباك الشكاوى في دائرة الهواتف !!
في الهواتف النقالة بعد 2003 وجد العراقيون ضالتهم المنشودة للهروب من معاناة تفاقم سؤ خدمات الهواتف الارضية  يوما بعد اّخر ، وهكذا سبت الهواتف الارضية لفترات طويلة  في معظم المناطق ، بل ورفعت اجهزة الهواتف الارضية في كثير من البيوت ، بينما اجور الاشتراك في الخدمة ما زالت تحسب على المواطن .
هذه الايام ، سمعت بوجود حملة لاعادة تشغيل الهواتف الارضية المتوقفة ، فحلمت ان افاجأ بصوت الهاتف يرن بعد ان اعيد ربط اسلاكه التي فارقها سنين ، خاب رجائي ، ومع ذلك فلم اتعظ ، اذ حلمت بعدها بطرقة باب مقبلة مع عامل دائرة هواتف يستفسر عن حالة هاتفي ، تكررت خيبتي ، وما اتعظت ! اذ حاولت الاتصال بهاتف الشكاوى، فتثلثت خيبتي ، وما اتعظت ايضا ! حيث تركت عملي متجها الى دائرة الهواتف الارضية حالما بقباحة الذي لا يتعظ ابدا ، ان اجد اعتذارا من الدائرة وموظفيها للمشتركين عن التقصير في اداء الخدمة للظروف المعينة ، لكني اول ما وصلت ، انصت الى تفاصيل مشادة بين احد المواطنين المشتركين وموظف شباك الشكاوى ، فقد اشتكى المواطن من عطل هاتفه بعد ساعة من اعادة عمله بعد سنتي انقطاع ، المواطن اجهر امامنا انه منح ( الاكرامية ) الاجبارية لعامل الهواتف ، والظاهر انها لم تكن ضمن مستويات التسعيرة ، ما ادى الى انقطاع عمل الخط الهاتفي مرة اخرى حسب زعمه .
جاء دوري للتحدث مع موظف الشكاوى ، اخبرته بعطل هاتفي منذ اكثر من عامين ، اجابني : ارجع ، اجلب اّخر قائمة تسديد اجور الهاتف !! واضاف : هذه توجيهات ادارة عليا !!
قبل اربعين عاما كنت طالب دراسة متوسطة ، كان معي زميل لا يجيد فهم موضوع الصوت والهواتف في درس الفيزياء ، وكلما كان مدرس المادة يمنحه فرصة للنجاح باعادة الامتحان ، كان زميلنا يحصل على درجة ادنى ، الى ان قال له المدرس مقولته التي لازلت اتذكرها للان : انت درجاتك مثل بول البعير !
مرت الايام والسنون ، سمعت بعدها ان زميلي عين موظفا محترما في دائرة الهواتف !!
من يدري ، قد يكون صاحبي هو السبب في استمرار عمل بعض الدوائر بشكل يتناسب مع الدرجات التي كان يحصل عليها في موضوع فيزياء الصوت والهواتف الارضية .
اخيرا ، اود المساهمة باقتراح وسيلة لتسهيل قبول شكوى الهواتف العاطلة ، فهناك احتمال ان يكون المواطن قد عثر على قائمة هاتف ، عليه يجب مطالبته جلب الوثائق التالية معه ايضا حين تقديم الشكوى :
1.   تعهد امام كاتب عدل يقر فيه بعطل الهاتف .
2.   تأييد موقع من سبعة اشخاص ( خمسة نساء ورجلين ) يؤيدون فيه عطل الهاتف مع رفق النسخ الاصلية من شهادة الجنسية العراقية للتأكد من كونهم بالغين .
3.   كتاب من المجلس البلدي يؤيد فيه انتهاء خضوع العراق لوصاية البند السابع من قرارات الامم المتحدة .
4.   نسخة من شهادة جنسية القابلة المأذونة التي ولدت صاحب الشكوى يدرج عليها وبخط اليد دعواه لها بعدم التوفيق لتوليده اياه في دولة شرق اوسطية .


                                                              نبيل قرياقوس

146
السياحة في العراق حتى 2003

تطرقنا في مقالنا المنشور سابقا بعنوان (بريشة الوردي ..السياحة في العراق ) الى الاوضاع الاجتماعية وبداية ظهور السياحة كـ ( مهنة ) في القطاع العام العراقي، ونضيف القول ان هيكل الدولة الاداري المختص بمهنة السياحة ظهر في العهد الملكي حيث عين ( احمد شوقي الحسيني ) اول عراقي يدير دائرة سياحة عراقية وتبعه لغاية 2003 قرابة اربعة عشر مسؤولا .
العامل المشترك بين كل اولئك المسؤولين الذين ولوا على السياحة كان عدم حمل اي منهم لتخصص اكاديمي في علوم السياحة ومبادئها ، وجميعهم عينوا بتكليف لكونهم مقربين من السلطة الحاكمة ، فمنهم من كان قانونيا او عسكريا او مهندسا . كانت الفترة من 1958 لغاية 1978 حافلة بالمتغيرات السياسية المتلاحقة في العراق وذلك ادى الى عدم نمو نشاط للدولة في المجال السياحي الذي اقتصر معظمه على تقديم الخدمة البسيطة للعراقيين الذين يصطافون في مدن شمال العراق من دور سكن ومطاعم صغيرة شيدت هناك ، اضافة الى خدمة المأكولات والمشروبات في القطارات السائرة بين بغداد وكل من البصرة والموصل .
كانت امكانيات الدولة المادية في تلك الفترة في وضع لا يشجع على الاستثمار في السياحة مع ظروف انكماش العراق على نفسه بسبب ازمات السياسة الداخلية والمشاكل المستمرة مع معظم دول المنطقة ، ورغم كل ذلك فاننا نعتبر تلك الفترة ، من ناحية الاهداف ، هي فترة السياحة الحقيقية الوحيدة التي ظهرت في تاريخ العراق حتى العام 2003 لانها كانت سياحة تهدف بالدرجة الاساس خدمة جميع العراقيين الفارين من ( حر ) وسط وجنوب العراق الى شماله صيفا ، بينما كانت البصرة هي الوحيدة تنعم بخدمة فندق مطار البصرة بكوادر خدمية تتلمذت عمليا على ايدي الاجانب .
بدء تخرج السياحيين من معهد بغداد للسياحة والجامعة المستنصرية مطلع السبعينات لم يسعف السياحة العراقية بعناصر مهنية لها قدرة استيعاب واقعنا السياحي والانطلاق به نحو افق التطور على نحو جدي ، فافضلهم وافضل من تولى مسؤولية السياحة في العراق هو من اكمل سنين عمله باقل صدامات مع بقية الكوادر الوظيفية بسبب مهنة جديدة وسط عراقيين لهم ازدواج شخصية في حياتهم الاجتماعية عموما ( كبقية الشعوب الشرقية ) فكيف في مهنة اكثر ما تحويه هو المتعة والطعام والجنس بحكم وجود اماكن المنام ؟
هكذا بقيت اّبار السياحة العراقية مدفونة تحت الارض بخزائنها الطبيعية والاثرية والدينية لاسباب اهمها :
 أ . عدم تولي شخص مهني ،غير مسيس ، ادارة دفة السياحة في العراق .
ب .معظم الطلبة المقبولين في معهد السياحة والجامعة المستنصرية هم من الذين لم يستطيعوا الحصول على معدل جيد في الاعدادية لضعف قدراتهم الدراسية وربما الذهنية ، اضافة لكونهم لم يختاروا هذا النوع من التخصص بناءا على رغبة مهنية .
ج . العناصر المعدودة على الاصابع من التي اظهرت تميزا في ادائها السياحي من
خريجي المعهد والجامعة اعلاه ، لجموا من قبل مسؤولين رفيعي المستوى في السياحة وفي الدولة ، وظهر ذلك بشكل واضح وخطير اواخر السبعينات حينما اصبح الهدف الاساسي والمعلن لدائرة السياحة في العراق هو انشاء الاماكن السياحية التي تأوي وتقدم الخدمة للوفود الرسمية والسياسية ومسؤولي الدولة وعوائلهم حسب ، وليكون العراقيون المستفيدون العرضيون من تلك الاماكن السياحية ، فلم يكن هدف استقطاب السواح العراقيين والاجانب وخلق المردود الاقتصادي من ذلك يشغل جانبا مهما في تخطيط القائمين على السياحة العراقية  حينها ، وهكذا جاء بناء كل من ( جزيرة الاعراس ) في بغداد و ( مجمع الحبانية ) في الانبار من قبل شركات اجنبية ، اضافة الى بعض المصايف والفنادق الصغيرة في شمال العراق تلبية لحاجة افراد الحكم السياسي بالدرجة الاولى ، بينما وضعت الدولة عام 1978 على محك عدم امتلاك امكانية ايواء الرؤوساء العرب ومرافقيهم المشاركين في مؤتمر القمة العربي المنعقد في بغداد ، قامت الحكومة على اثره  باستملاك فندق بغداد من مالكيه اجباريا مقابل مبلغ غير مرض حدد من قبلها فقط ، وتم ربط ادارة الفندق جوهريا بدائرة المخابرات العراقية ، كما قامت دائرة السياحة باستئجار بيوت الاهالي في منطقة المنصور – شارع الاميرات واعادة تأثيثها استعدادا لمؤتمر القمة العربية ، في وقت كان فندق المنصور في جانب الكرخ قيد الانشاء ، كما ان اّمال انعقاد قمة دول عدم الانحياز في مطلع الثمانينات ببغداد جعل الدولة تتجه لأقامة ( 5 ) فنادق رئيسية كبيرة في بغداد وفندقين في كل من البصرة والموصل عن طريق شركات اجنبية ، بينما ظلت كل مدن العراق الاخرى وخاصة تلك التي تحوي اماكن اماكن أثرية او دينية مهمة ومشهورة ، بفنادقها القديمة والمحدودة العدد والسعة .
اكتمل بناء الفنادق الحديثة منتصف الثمانينات وهي منتصف فترة الحرب مع ايران ، وزجت الدولة عناصرها الأمنية والمخابراتية بشكل واسع في اماكن العمل السياحي عموما كما عمدت الى نقل او تعيين عناصرها الحزبية في دائرة السياحة لمساندة عمل العناصر الأمنية .
الذي حصل حينها وعند افتتاح فندق الرشيد وقصر المؤتمرات ، ان مقربين من رأس الحكومة حينها نقلوا صورة سوء الادارة والخدمة في ذلك الفندق المتطور والحديث ، وذاك ما حدا الى احالة ادارة جميع الفنادق المبنية حديثا الى شركات سياحية اجنبية معروفة ، كما قامت السياحة بأيفاد موظفيها من خريجي معهد السياحة والجامعة بدورات تدريبية سياحية في عدة دول اوربية ، وكان لتلك الخطوتين اثرهما في نقلة نوعية كبيرة جدا في تاريخ السياحة العراقية حيث برزت عناصر سياحية عراقية ذات مستوا لا بأس به في مجال العمل السياحي بعد ان تفهمت بعض الاصول السياحية في خارج العراق ، الا ان تلك العناصر لم ترتقي الى درجة القدرة على ادارة دفة حركة السياحة في العراق طموحا او تخطيطا .
كان تأثير كوادر الشركات الاجنبية التي ادارت عمل الفنادق الرئيسية في العراق كبيرا على الكوادر السياحية الدنيا والوسطى من العراقيين العاملين معهم ، لكن الادارة والتخطيط في مقر دائرة السياحة بقيتا بعيدتين عن كل تقدم بل كانتا عناصري اعاقة لعمل الشركات الاجنبية العاملة في مواقع الفنادق .
د . عدم تقبل العراقيين لأمر ( خدمة الزبون ) نتيجة اوضاع شخصيتهم الاجتماعية التي تطرقنا اليها في مطلع مقالنا المنشور سابقا ، فالخادم العراقي في مجال السياحة يتقبل العمل على مضض وليتصرف وكأنه صاحب الفضل على الزبون ، بينما يتنافى ذلك مع ابسط المباديء السياحية التي تفترض في الزبون كل الفضل الى درجة يقال فيها : الزبون على حق دائما وأن كان على خطأ .
في هذا المجال ، اضطر حينها كثير من العراقيين للتأقلم مع نمط سلوك الاجانب العاملين معهم في الخدمة السياحية ، لانهم كانوا مهددين باعادة الحاقهم بجبهات الحرب مع ايران في حالة عدم رضى المسؤول السياحي الاجنبي عنهم ، ثم ما لبث ان عاد معظمهم الى السلوك القديم بعد انتهاء الحرب مع ايران عام 1988 ، وخروج الشركات السياحية الاجنبية مطلع التسعينات من العراق .
هـ . عدم وجود قدرة رأسمالية للقطاع الخاص للنهوض بحركة سياحية متميزة في العراق اضافة الى انتفاء الخبرة ، عدا ما بني من فنادق ومطاعم مقبولة المستوى في العاصمة وبعض المدن العراقية في السبعينات والثمانينات  ، كما ان البعض من القادرين على انشاء مرافق سياحة خاصة ( على نمط فندق بغداد ) لم يقتحم هذا المجال تخلصا من مشاكل الجهات الامنية للدولة التي كانت تتغلغل في كل نمط سياحة ليكون لها رافدا اساسيا للمعلوماتية ، وكذا تخلصا من الجهات الضريبية والسياحية في الدولة والمعروفتين حينها بتخبط قراراتهما وبالاتجاه الذي يضر السياحة وطموحها .
في العام 1989 اتخذت الدولة العراقية قرارا بـ ( وأد ) السياحة في العراق ، فبدلا من توسيع دائرة السياحة وتطويرها الى وزارة فعالة بعد توقف الحرب مع ايران ، بيعت الفنادق الكبرى ( عدا فندق الرشيد  الذي ربط بأمانة العاصمة ! ) وتم تحويلها الى شركات مختلطة بقانون خاص ثبتت فيه فقرة تؤكد عدم تدخل الدولة في شؤون اداراتها ، وقامت السياحة اثرها بتسريح المئات من موظفيها ونقل البعض الاخر منهم الى دوائر وزارات اخرى ، وتم تقليص هيئة السياحة الى ( مديرية ) حيث ابقي فيها القليل من الكوادر الوسطى التي كانت تضم عدد محدود جدا من العناصر الجيدة وبوضع لا حول لها ولا قوة ، بينما كانت الاغلبية الباقية مزكاة باستسلامها باندفاع لكل قرارات واجراءات رأس الدولة ومن يمثله على رأس دائرة السياحة ، وكأنها فرمان الهي ، اضافة الى عناصر اخرى معروفة بابداعها في اتقان فنون ( الروتين ) ، اما الموظفين الذين تم تسريحهم ، فمنهم من امتهن مهنة اخرى ومنهم من التحق بالعمل مع الشركات المختلطة في الفنادق الكبرى حينها .
بعد حرب الخليج العام 1991 انفصلت سياحة كردستان عن ادارة الدولة المركزية ( سنأتي بتفاصيلها في مقال لاحق ) ، فيما انتكس عمل الشركات السياحية المختلطة في بغداد والبصرة والموصل وهجر معظم الكوادر التي سرحوا من السياحة عملهم في تلك الشركات ايضا بعد تدني اجورهم وسوء تعامل ادارات تلك الشركات معهم في ظل ظروف الحصار التي خنقت معظم شروط  ومتطلبات السياحة ، اضافة الى اسباب اخرى منها :
1 . عدم وجود خطوط واضحة تفصل بين صلاحيات ومسؤوليات كل من المساهمين كطرف وادارة السياحة كطرف اخر ، ففي حين اعلنت الدولة في قانونها انها لن تتدخل في ادارات تلك الشركات فانها سارعت بعد مرور اقل من عامين الى تعيين موظف عضوا في مجلس ادارة كل شركة مختلطة بل واحيانا ينسب ذلك الموظف رئيسا لمجلس ادارة تلك الشركة !! وحال كذا اقرب تشبيهه بمن يدل على اذنه اليسرى  بيده اليمنى الملفوفة خلف رأسه !
2 . ضعف اداء دائرة السياحة في موقعها كطرف مساهم رئيسي مفترض به ان يكون صاحب قدرة وخبرة ، في وقت كانت السياحة قد فرغت من معظم كوادرها النشطة نسبيا ، وبذا صارت السياحة عبئا ثقيلا على الشركات المختلطة .
3 . الرؤوس الكبيرة في مجالس ادارة الشركات المختلطة من المساهمين معظمهم اناس غير سياحيين ، واغلبهم ( تجار شورجة ) اتصل بالكثير منهم شخصيا ( عبد التواب الملا حويش ) مهندس التصنيع العسكري الذي تولى تصفية مديرية السياحة عام 1989 عارضا عليهم الاشتراك بصفقة تجارية الا وهي شركات السياحة المختلطة .
4 . الاوضاع الهندسية :
أ . اهمال ادارة السياحة وكذا الشركات المختلطة للعمر الافتراضي لاجهزة التبريد تحديدا والتكييف عموما ، فالجميع يريد وضع اجهزة تبريد مركزي ليراها تعمل الى الابد ، بينما تستدعي الضرورة السياحية والهندسية تبديلها بعد انتهاء عمرها التشغيلي حتى وان كانت تعمل بصورة جيدة ، وذلك تحاشيا لاعطال توقفها ، فالتبريد هو اهم ما يحتاجة السائح في المنطقتين الوسطى والجنوبية من العراق في معظم اشهر السنة ، اي باختصار لا سياحة بلا تبريد ، وكذا الحديث عن اجهزة المصاعد وغيرها من المنظومات .
ب . اجهزة التكييف المركزي اثبتت فشلها في العراق الذي يعاني من ( 7 ) اشهر حر ، فالخبرة المحلية في تصليح هذه الاجهزة تكاد تكون معدومة وكلفة المواد الاحتياطية عالية جدا اضافة الى عدم توفرها في العراق ، والفترة الطويلة المطلوبة لاستيراد هذه المواد وتركيبها ، كما ان عسرة الماء في العراق عامل رئيسي اخر يؤكد فشل هذه الاجهزة التي تعمل على مبدئي التبادل الحراري بين غاز الفريون والماء ، وهكذا ترى ان المبنى او الفندق الحديث الفلاني يكون مكيفا بشكل جيد لاول اربع او خمس سنوات ، لكنه يبقى متعلعلا بعدها لمدد تزيد على عشر سنوات لحين يتم استبدال الاجهزة ومنظومات وانابيب تدوير الماء فيها .
ج . نظام التأسيسات الكهربائية والصحية ( المدفونة ) سبب مهم ايضا ادى الى سوء  تقديم الخدمة لصعوبة اجراء الصيانة وتكاليفها العالية .
د . سوء تفهم ادارة السياحة والشركات المختلطة للطبقة الوحيدة العاملة في السياحة والتي تقدم كلا الجهدين العضلي والفكري في اّن واحد في عملها ، وتتمثل بعمال ومنتسبي اقسام الصيانة ومهندسيها ، فعمل هؤلاء البشر يحوي كل المخاطر التي يتضمنها الجهد العضلي والفني ، بنفس الوقت الذي يبذلون فيه الجهد العلمي والفكري وهم ليسوا بمحك مع الزبون او السائح في الاجواء البهيجة للصالات والمطاعم والحفلات واكرامياتها لأنهم يعملون في السراديب وخلف الكواليس ، في الكهرباء والدهون والمحركات  ورواتبهم مماثلة او ربما اقل من بقية المنتسبين الذين يمارسون اعمالا كتابية فقط او خدمية حسب .
ختاما نقول ، مهنة السياحة في العراق ظهرت متأخرة قياسا الى المجتمعات المتقدمة الاخرى ، وعانت السياحة حتى  عام 2003 من تقييد الحكومات العراقية التي لم يكن فيها من يفهم اهمية الثروة السياحية واقعا ، هذه الثروة الموجودة في اساسها بالامكانيات المادية من مواقع اثرية ودينية وطبيعية ، وبالامكانيات الرأسمالية المتمثلة بالنفط  وهي تحتاج فقط الى ادارة قادرة على الاستثمار  بشتى طرقه بافق يمتلك الاسس العلمية لكامل العملية السياحية ، وهذا ما كان مفقودا ، ويكفي ان نذكر بان دائرة السياحة في العراق بمختلف تسمياتها الرسمية على مدى الخمسة عقود من التي مضت ، ربطت مرة بوزارة المواصلات ، ومرة بمجلس الوزراء ، ومرة اخرى بوزارة الثقافة ، واخرى بالمالية ، ومرة اخرى بامانة العاصمة ، واخرى جعلت مستقلة ، ثم اعيد ربطها بالثقافة وهكذا .. ترى كم يدل ذلك على ضعف او انتفاء العلم بـ ( السياحة ) التي يتفق الجميع بالقول ( ليس الا ) انها ثروة تعادل ثروة النفط !
بريشة استاذي العالم الوردي ، ساتطرق الى تفاصيل دقيقة تثبت حقائق الامور التي تحدثت عنها ، ولكن ليس قبل ان أتناول واقع السياحة العراقي بعد 2003 ولغاية ساعتنا هذه في مقالي المقبل ..

                                                                   نبيل قرياقوس
 
 

147
الى المثقفين والحكومة العراقية
 
                     جامعة الوردي للعلوم الانسانية

حان الوقت متأخرا  لنقترح على الحكومة العراقية متمثلة بوزارتها ومؤوسساتها المختصة  وكل المثقفين والاكاديمين العراقيين داخل الوطن وخارجه ، اتخاذ ما يرونه مناسبا لاعلان تأسيس ( جامعة الوردي للعلوم الانسانية ) وبالابعاد التالية :
1 . تكون مركزا عالميا لاستيعاب الطلبة والاساتذة والباحثين العراقيين وغير العراقيين المهتمين  بدراسة وبحث وتطوير وتحليل النظريات الخاصة بعلم الاجتماع وعلم النفس  وعلوم التربية والتعليم والتاريخ واللغة والسياسة والقانون والاعلام وما الى ذلك من العلوم المرتبطة بالسلوك والحضارة الانسانية .
2 . رسم منهج متفق عليه لتصبح هذه الجامعة ضمن اكبر وأكفأ مقر ومرجع عالمي للثقافة والنظريات المتميزة في مجالات العلوم الانسانية  وتطبيقاتها ، ومحاولة الجامعة ايجاد لغة مشتركة بين حضارات بني البشر سلوكا ومنطقا وربما كتابة ولفظا .
3 . حجر اساس هذه الجامعة هو افكار ونظريات ومنطق واساليب تفكير العالم العراقي الراحل ( علي الوردي ) ، حيث تدرس مناهجه ومؤلفاته على مدى سنوات الدراسة الجامعية لمختلف الاختصاصات الانسانية للجامعة ، ويتم التعمق فيها لاستنباط المزيد من ثروات فكر الوردي المتحرر من معظم القيود التي فرضتها وتفرضها القوى التي تتسلط على الكثير من شعوب العالم بعناوين شتى لاخفاء الدوافع الحقيقية لكل انماط السلوك البشري لغرض الانتقاص من حقوق الانسان المشروعة .
4 . تبدأ الجامعة العمل بكلية واحدة هي كلية علم الاجتماع ولتتوسع تباعا بعد تراكم الخبرة في كيفية الاستعداد بالمناهج اللازمة والمختبرات والاساتذة المتخصصين من عراقيين واجانب وذلك بالتواصل مع المراكز والجامعات العالمية والمنظمات الانسانية ذات المكانة والخبرة في اعمال الادارة الجامعية واساليبها المتطورة .
5 . تبدأ الجامعة بقبول الطلبة العراقيين فقط  ولحين تبلور شخصية متميزة ومعروفة للجامعة كي تتمكن بعدها من قبول الطلبة الاجانب وفق ضوابط القبول في جامعات عالمية مماثلة .
6 . يشترط  في الطلبة العراقيين المتقدمين للدراسة في الجامعة حصولهم على معدل ادنى هو 80 بالمائة من خريجي الفرع العلمي للدراسة الاعدادية و 85 بالمائة لخريجي الفرع الادبي ، وتتعهد الدولة تعيين الخريجين في المواقع الاستشارية والتربوية في كل مفاصل الدولة .
7 . تمنح الجامعة شهادات البكلوريوس والماجستير والدكتوراه .
8 . يعد المختصون في الدولة ورقة عمل لمشروع وتفاصيل انشاء هذه الجامعة وبصلاحيات خاصة ولتعرض على عموم الاكاديمين والمثقفين العراقيين ومنظماتهم لغرض مناقشتها وتقديم التوصيات بصددها .
اذ نعرض اقتراحنا هذا ، نأمل ان تساندنا الاقلام العراقية في كل انحاء العالم برفع راية المساندة والتأييد بالاراء البناءة  ، كما نامل هذا من وسائل اعلامنا جميعا وفي المقدمة صحفنا المحلية والقنوات الفضائية لجني افضل المقترحات ذات الصلة ، في نفس الوقت الذي نأمل فيه تفهم وتبني الحكومة لاقترحنا .


                                                                                نبيل قرياقوس بولص 

148
نظرية ( نبيل ) في النزاهة
2008/11/11
 

 



منذ مدة قريبة حضرت صدفة ندوة عن (النزاهة) قام بها مشكورا كادر اعلامي متقدم في هيئة النزاهة في مقر الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين ، استمعت فيه لرأي السادة المحاضرين وكذا اراء بعض السادة الحضور من الادباء والكتاب ، لم اجد شيئا جديدا عن ما يقرأ او يكتب عن النزاهة ، فالكل يبحث عن الفساد وهو كثير ولا احد يبحث عن النزاهة ونحن نفتقدها واهلها قلة وعلي ايدي هذه القلة يمكن محاربة الفساد اذا ساندناها.
في ختام الندوة ومن اخر كرسي في القاعة امتدت يدي اليمني مرفوعة طالبة المشاركة، رجوت من مدير الندوة السماح لي بابداء رأي من مكاني بين الحضور دون ان اتربع علي (كرسي) قرب المايكرفون في صدر القاعة لئلا اصاب بما ينسني ما اريد قوله ، الامر الذي لفت انتباه الحاضرين والزمهم صمتا تاما اخافني لاول وهلة، بينما انشغلت في دواخلي ، لاجزاء لحظة، باحثا عن اقصر الكلمات لاعبر عن ما يجول في فكري ولتكون باعلي صوت، صوت يصل الجميع وينال رضاهم... بدءاً تمنيت امام الحاضرين لو كان المفكر الواقعي، المبدع الراحل علي الوردي بيننا ليشاركنا بحكمته البحث في موضوع له كامل الصلة بعلم الاجتماع ، فارتفعت اصوات التمني والترحيب من بعض الحضور مهشمة صمتا اسودا، وذاك ما اعاد الثقة لي بنفسي لاتكلم بصراحة وجرأة استاذي ومعلمي الوردي. استندت في حديثي القصير جدا علي تجربة مادية علمية ، تتلخص في اننا لو كان لدينا عشر كرات ذهب مفقودة وسط تسعين كرة حجر، فايهما افضل واقصر طريقة للحصول علي الذهب، التقاط كرات الذهب العشر اولا ام التقاط التسعين حجرا؟ ولاقرب الصورة، قلت للحاضرين، ماذا لو كان لدينا مجتمع في مكان ما عدد افراده مئة وقد انتشر بينهم وباء معد اسقط تسعين منهم ارضا (لعلي هنا اعني وباء الفساد)، أوليس الاجدر اولا وقبل كل شيء اخلاء العشرة غير المصابين والواقفين علي ارجلهم قبل بدء معالجة المرضي؟ ازاء وضع الفساد الاداري والوظيفي الذي استفحل تضخما منذ ايام الحصار الدولي علي العراق وانتشر بهمجية وكالسرطان بعد 2003 (بسبب ظروف وعوامل عديدة قد نتطرق لها في مقالات مقبلة) يهيأ لي ان هيئة النزاهة العراقية مطالبة باستراتيجية عمل جديدة تستند علي محورين، اولهما واهمهما واكبرهما صعوبة هو كشف الطاقات المتميزة النزيهة واعلاء علمها، لأن هذه الطاقات هي العملة النادرة التي نبحث عنها لاستثمارها في خلق وتنمية نظم ادارية وجيل اداري ووظيفي معافي قدر الامكان من الافات المفسدة . اما المحور الروتيني الثاني والذي اراه مهما ايضا لكنه لا يقارن بنسبة اهمية المحور الاول فهو كشف حالات الفساد، وتلك ما اكثرها فهي كحال التسعين حجرا. نري ان هيئة النزاهة مطالبة حاليا بالبدء بالعمل والتركيز علي المحور الاهم والاصعب والمتمثل في رصد وحماية ورعاية واعلاء شأن الحالات المتميزة النزيهة والتي يسعي طاغوت الفساد لحصرها واخفائها او خنقها او هزمها بوسائل خبيثة شتي. ان استمرار حالة اعلان رصد مئات (حالات فساد) من قبل هيئة النزاهة اصبح لا يعني للشارع العراقي شيئا جديدا، فهو علي يقين ان سرطان الفساد في توسع لا تؤثر فيه كشف هذه الحالة او تلك ما لم يتم الكشف اولا عن حالات التميز القليلة، وتبنيها وفق صلاحيات وافاق مقرة ومدروسة وبنفس العلانية التي تتم في حالات الفساد ، ليتم بذلك تحفيز الجميع بوجود من يتبني ويسند ويرعي ويحمي وينمي الحالات النزيهة الشريفة قبل ان تقتل او تخنق او تنحرف هي الاخري باصابتها بوباء مغر شبيه بالادمان علي المخدرات ، وحين ذاك سيتحمل الجميع دون استثناء مسؤولية استمرار تفشي هذا المرض. اخيرا ، نقول ، مع ادراكنا الكامل لصعوبة مهمة البدء بتبني ستراتيجية عمل جديدة ، الا اننا نأمل ان تحظي اراؤنا المستنبطة من معايشة واقع وظيفي وبملامح فكر عالمنا الوردي بالاهتمام المناسب فعلا.
انتظروني في متابعات مقبلة رجاء .
نبيل قرياقوس



149
                         عراقي في مربع نزاهة
                       ( حوار مع رئيس هيئة النزاهة )
   -اجراءات استلام مزاعم الفساد في الهيئة لم يوضع لها اي اّلية الا من قبلي

-   كان هناك جفاء بل قطيعة بين هيئتنا وديوان الرقابة المالية قبل فترة تولي      مسؤولية الهيئة وكذا لحال بالنسبة لدوائر المفتشين العامين .
-   المجلس المشترك لمكافحة الفساد الاداري ليست له اي صلاحيات تنفيذية
-   صادفتنا بلاغات عن حالات فساد تبدو ضخمة ، وعند التحقيق بها ظهر عدم وجود ما يدل على اي فساد
-   لدينا الان كوادر تنتحل صفة المواطن المراجع العادي لغرض ضبط الموظف المرتشي متلبسا
-   قانون مكافحة الفساد مشروع نستجيب به الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لغرض ترجمة ذلك الى القانون العراقي
-   الاعلام مطالب بمساعدتنا باشاعة وبث روح النزاهة والعمل مع استمرار دعوتنا للدولة بتأمين اجور مجزية لادنى موظف ليتمكن من العيش بدرجة مقبولة مع تأمين الظروف المعيشية الاخرى كمستلزمات السكن والتأمين الصحي ، جنبا الى جنب مقومات الردع
-   هناك جرائم كثيرة لم يرد ذكرها في القانون العراقي الحالي مثل جريمة المتجارة بالنفوذ ( قد يخص ذاك تدخل الاحزاب في امور الدولة )
-   اتمنى من الاعلام استمرار التوضيح والتثقيف بأن ليس كل تحقيق او اتهام يعني اساءة للمواطن الموظف ، فاي موظف خدمة عام معرض في اي لحظة لاحتمال الاتهام او التحقيق وهو بريء حتى تثبت ادانته
-    انا واحد من الناس هناك من لفق طاعنا بشهادتي !! الامر مؤسف حقا ، لكني اجابهه بشجاعة واثبت العكس


نبيل قرياقوس بولص
 
رن هاتفي برقم غير معروف لدي ، كان ذاك السيد مدير عام العلاقات والاعلام في هيئة النزاهة ، عرفني بنفسه ليخبرني باطلاع السيد رئيس الهيئة على مقالي المنشور في جريدة الزمان الغراء بنفس اليوم 12/11/2008 ، نقل لي ارتياح السيد رئيس هيئة النزاهة لعلمية التوجه في المقال وان ذلك يتطابق كثيرا مع توجهات سيادته  ، وانطلاقا من اهمية الاهتمام بالاعلام والكتاب الذين يبدون حرصا حقيقا على المصلحة العامة فقد نقل السيد مدير علاقات واعلام  الهيئة رغبة السيد رئيس الهيئة لقائي فيما لو وددت ، ابديت ترحيبا ، وتم الاتفاق على تحديد موعد اللقاء ليكون الساعة العاشرة صباح يوم الخميس 20/11/2008 .
شددت رحالي باحثا عن كل ما يخص هيئة النزاهة في العراق ولاحملها على ظهرى وانا اخطو ساعاتي للقاء النزاهة في وكرها ، فهنالك قاض ولي عليها ، قاض يتحمل الان ما لا يحسد عليه من مسؤولية ثقيلة في ظروف صعبة نادرة في تاريخ بلدنا ، انها ظروف بدء تحول شعب كامل الى حياة الديموقراطية ، شعب يحمل كل الامراض الاجتماعية التي خلقتها البيئة فيه مع عوامل الدكتاتوريات التي لبست اثوابا مختلفة على مدى قرون كانت نهايتها ثلاثة عقود لعينة في الدكتاتورية ، ما جعل كثيرا من العراقيين يفقدون توازنهم لينقلبون رأسا على عقب من هول بدء العمل حقا باهداف كانوا يتمنونها في الاحلام وكانوا يغبطون الشعوب المتطورة عليها ، وهكذا بدء المخاض القاسي فاجيال عراق اليوم تدفع ضريبة هذا التحول فسادا ودماءا تضخمت وازدادت بسبب شمولها لتكاليف ضرائب تغيرات مستقبلية مماثلة لشعوب كل المنطقة حسبما ارى واتوقع ، فقدرنا ان يكون أزدهار العراق هو ساعة الصفر لانهيار جبال ثلج سود تحيط بالعراق تحكم الان تجميد شعوبها عن الحياة الحرة  وتحاول تجميد حياة انساننا العراقي ايضا بنفوذ ما تبقى من اثواب الدكتاتوريات .
لم احمل معي كاميرتي ولا جهاز تسجيلي ، فما عدت اتحمل المزيد ثقلا وقد حملت اراء وهموم عراقيين ، موظفين وغير موظفين ، وهم يشتكون من بعض موظفين صغار ومن مسؤولين ومدراء ورؤوساء هيئات ومن بعض وزراء ليسوا بالكفاءة الدنيا لابسط موظف استعلامات ، وهموما تشكو من ندرة وجود مكتب مفتش عام في وزارة عراقية ادى دوره الواضح في سلامة الاداء الوظيفي ومحاسبة المسيئين ومكافأة المتميزن حرصا ، في وقت رفعت كل صناديق الاقتراحات والشكاوي من معظم الدوائر ان لم يكن في جميعها !
حملت معي اراء ناس تملأ شكاويهم واراؤهم الصحف المحلية وكأنه لا منصف يتولاها دون وخزة الاعلام ( هذا اذا قبلت تلك الصحف نشر اراءهم او شكواهم ) ، حملت معي اراء ناس يحبون الخير للكل ويريدون ابداء رأيهم في كشف الزين والشين وهم لا يعرفون كيف واين ومتى وعند من يدلون بدلوهم بمأمن واغلبهم ليس مستعدا لكشف اسمه ورقم هاتفه في هاتف شكاوى معلن لبعض الدوائر ( هذا اذا كانت هواتف الشكاوي تعمل فعلا ! ) لئلا يتحولوا الى مذنبين من قبل مسؤولين قد يكونون هم رأس الفساد .
حملت كل ذاك بجواز سفري وقد كبر اتساعا بعد ان وقع عليه رئيس الحكومة المنتخب مؤيدا اياي بالمطالبة ببدء العمل للقضاء على هذه  الظواهر والانتقال بواقعنا الى سفر جيد يليق بالحياة الحرة الكريمة لكل عراقي .
بدأت السير الى لقاء لا اعرف كيف سيكون ، استعنت بكراس الامر ( 55 )  الخاص بتشكيل هيئة النزاهة في العراق والصادر عام 2004 ، كما قرأت كراسا اخرا صادر من دائرة العلاقات والاعلام في الهيئة ، ففهمت ان هيئة النزاهة هي اهم مرتكز في المثلث السؤول عن ادامة وتطوير المجرى الرقابي لمنظومة الدولة العراقية ، المثلث هذا يشمل اضافة الى هيئة النزاهة كل من ديوان الرقابة المالية ودوائر المفتشين العامين في الوزارات العراقية .
اطلعت على حوار منشور عن موقع ايلاف في احدى الصحف العراقية يوم 17/11/2008 مع السيد رئيس هيئة النزاهة  وعرفت بوجود ( المجلس المشترك لمكافحة الفساد ) و( هيئة نزاهة  في البرلمان العراقي ) .
حان وقت اللقاء ، حللت اهلا ونزلت سهلا في ضيافة رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي ، وصدقوا من اخبروني باني ساقابل انسانا بسيطا ، عاقلا ، ذكيا ، كبيرا بخلقه وحسن ضيافته .
رحيم العكيلي ، حسبما عرفت ، قاض خريج كلية القانون بعد ان حصل على ترتيب الناجح الثالث على العراق بالدراسة الثانوية القسم الادبي وترتيب الثاني على بغداد ، وحصل على المرتبة الاولى في دورته في المعهد القضائي وبتفوق 57 درجة على المجموع عن المرتبة الثانية ، وهو حاليا استاذ في المعهد القضائي وعضو شرف في بيت الحكمة وعضو اللجنة القانونية فيه ، له خمسة مؤلفات في القانون .
ابتدأ القاضي حديثه معي بالترحيب الواسع برسالة الاعلام كونها ذات اهمية متميزة في مجال عمل هيئة النزاهة ، وتمنى ان يساهم الاعلام بكافة وسائله بمهام الكشف والتوعية والتثقيف والتطوير في مجال النزاهة ومحاربة الفساد الاداري والمالي .
على مدى دقيقتين عرفت نفسي للسيد القاضي ، شاكرا اياه اهتمامه بما يكتب في صحيفة ( الزمان ) المستقلة ، ثم استرسلت واياه حورا دام اكثر من ساعة ونصف ، غلبت عليه الموضوعية والرغبة للوصول الى اقرب صور الحقيقة ، اوضحت للسيد القاضي انني من الذين يؤيدون ضرورة دعم الاعلاميين لكل عراقي يتولى مسؤولية في القطاع العام لمساعدته في اداء واجباته اولا ، ومن ثم يتم متابعة عمله وعلى ضوء ذلك يتم التعامل معه فيما بعد ، وفي ما يلي تفاصيل حوارنا :
س : ورد في القسم ( 4 ) الخاص بصلاحيات وواجبات هيئة النزاهة في الامر ( 55 ) ما نصه في الفقرة ( 3 ) :
 ( تضع مفوضية النزاهة اجراءات لاستلام مزاعم الفساد بما فيها المزاعم المغفلة ) .
كما ورد في تعريف ( الشفافية ) في كراس رئيسي صادر من هيئتكم الموقرة :
( تعني وجود قنوات مفتوحة بين اصحاب المصلحة من المواطنين والمسؤولين في الدولة ) .
ترى كيف تنفذ هذه الفقرات الهامة ، في وقت اختفت فيه حتى صناديق الاقتراحات والشكاوي من دوائر الدولة ، او اني لا اراها ، واصبح العراقي موظفا كان ام غير موظف في حيرة من امره في كيفية ايصال اقتراحه او شكواه ؟
ج : اجراءات استلام مزاعم الفساد في الهيئة لم يوضع لها اي اّلية الا من قبلي وكان ذاك قبل ثلاثة اشهر وبدءنا العمل بها اعتبارا من 1/10/2008 في كل انحاء العراق ، واهم ما في تلك الاّلية هو اعتبار شتى وسائل الاعلام من صحافة واذاعة وتلفزيون ومواقع انترنيت وغيرها ذات اهمية خاصة كمصدر لمزاعم الفساد اضافة الى عمل المفتشين العامين كرقيب في الوزارات ، واضافة الى المخبرين واساليب الرصد ، اتمنى ان تزداد خبرتنا بحكم ممارسة العمل للوصول الى افضل الوسائل لتسهيل وصول المعلومة الصحيحة الينا ، في وقت لا تخفى عليكم حداثة عمل هكذا نمط من الدوائر في الدولة العراقية .
        س : سيادة القاضي ، حاولت الاتصال بالنزاهة على الايميل فلم افلح ،                                     كحال مواقع وايميلات عدد من وزارات وهيئات الدولة العراقية ممن اراها لا تبدي اهتماما بذلك.
       ج : ربما دخلت على الموقع القديم اما الان فلدينا موقع جديد ، وانا اتابع شخصيا اجراءات اتمام عمله بشكل ممتاز ، يسهل ويشجع الجميع على التواصل مع هيئة النزاهة .
س : سيادة القاضي ، هلا اطلعتنا على اّلية العمل بين هيئتكم ودوائر المفتشين العامين وديوان الرقابة المالية ؟
ج : هناك تعامل وتعاون بيننا ،علما كان هناك جفاء بل قطيعة بين هيئتنا وديوان الرقابة المالية قبل فترة تولي لمسؤولية الهيئة وكذا لحال بالنسبة لدوائر المفتشين العامين .
س : ماهي ابرز البنود القانونية التي تنظم هذا التعامل والتعاون ؟
ج : لا توجد تفاصيل قانونية حاليا ، لكن التعامل والتعاون موجود واحيان كثيرة ترانا ننسق هاتفيا انا والدكتور عبد الباسط تركي رئيس ديوان الرقابة المالية حول امور شتى تخص عملنا وهو متعاون معنا الى ابعد الحدود وكذلك هم المفتشون العامون .
س : ورد في الحوار المنشور لسيادتكم بتاريخ 17/11/2008 في احدى صحفنا المحلية عن موقع ايلاف الالكتروني  ذكر ( المجلس المشترك لمكافحة الفساد ) و( هيئة النزاهة في البرلمان ) ، ماهو عمل كل منهما ؟
ج : المجلس المشترك لمكافحة الفساد الاداري ، مجلس ليست له اي صلاحيات تنفيذية لمكافحة الفساد يرأسه الامين العام لمجلس الوزراء ويضم في عضويته كل من رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية وممثل عن القضاء ، مهمة المجلس التنسيق بين عمل اعضائه ، ويعكف هذا المجلس حاليا على اتمام ستراتيجية لمكافحة الفساد الاداري للفترة من 2009 لغاية 2011 ، ومن المؤمل ان ينجز المجلس هذه المهمة كاملة بداية العام المقبل نظرا لعدم وجود ستراتيجية عمل موثقة حاليا حول اساليب مكافحة الفساد الاداري والمالي وفق فترة مدروسة ومحددة .
س : هل هناك حالات ابلاغ تم التحقيق بها وثبت بطلان مزاعمها؟
ج : نعم ، كثيرة هي تلك الحالات ، فقد صادفتنا بلاغات عن حالات فساد تبدو ضخمة ، وعند التحقيق بها ظهر عدم وجود ما يدل على اي فساد ، وللمثل اذكر لكم ما حصل فعلا مع مسؤول سابق معروف ، حاليا هو خارج العراق  حيث اتهم باختلاس 23 مليون دولار ، وبعد التحقيق الدقيق بالتعاون مع ديوان الرقابة المالية ذو الخبرة الطويلة في هذا المجال ثبت عدم صحة البلاغ رغم انه ورد الينا من جهة مالية حكومية !
س : ماهي مصادر او طرق حصولكم على المعلومات والمزاعم ؟
ج : مصادرنا هي المواطنون والصحافة ووسائل الاعلام عموما ، وديوان الرقابة المالية والمفتشون العامون اضافة الى كوادرنا المخبرة والراصدة لظواهر الفساد الاداري والمالي ، فمثلا لدينا الان كوادر تنتحل صفة المواطن المراجع العادي لغرض ضبط الموظف المرتشي متلبسا بالجرم  بوسائل مادية عديدة بضمنها كاميرات التصوير .
    س : وماذا عن نشاطاتكم الوقائية من اجل منع وقوع حالات الفساد ؟
ج : ما يخص حالات الفساد الصغيرة المتعلقة بسلوك موظفين من هم بدرجات عادية فالاعلام مطالب بمساعدتنا باشاعة وبث روح النزاهة والعمل مع استمرار دعوتنا للدولة بتأمين اجور مجزية لادنى موظف ليتمكن من العيش بدرجة مقبولة مع تأمين الظروف المعيشية الاخرى كمستلزمات السكن والتأمين الصحي جنبا الى جنب مقومات الردع .
هناك وسائل غير تقليدية اتبعتها بعض الدول ، كاليابان مثلا ، حيث ابتدعت صيغا ادارية لمنع احتكاك الموظف بالمواطن اضافة الى استخدام كاميرات المراقبة المنتشرة في كل زوايا الدوائر لغرض متابعة العمل ونوعيته .
س : هناك قانون يعد لهيئة النزاهة ، ما الجديد فيه ؟
ج : قانون مكافحة الفساد مشروع نستجيب به الى الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد لغرض ترجمة ذلك الى القانون العراقي ، حيث ان هناك جرائم كثيرة لم يرد ذكرها في القانون العراقي الحالي مثل جريمة المتجارة بالنفوذ ( قد يخص ذاك تدخل الاحزاب في امور الدولة ) ، وكذا جريمة اختلاس الاموال في القطاع الخاص ، كما نعكف على اضافة بنود قانونية تخفف الحكم بشكل كبير جدا على المجرمين الذين يعودون لرشدهم قبل اتهامهم حيث يبدون تعاونهم مع هيئة النزاهة بالابلاغ والكشف عن حالات فساد كانوا ضمن المساهمين فيها .
 س : ورد في الامر ( 55 ) ان من واجب هيئة النزاهة : ( اتخاذ اجراءات         اخرى حسب الظروف والحاجة الى اجتثاث الفساد ) الا يبرر  هذا التشريع صلاحية المساهمة بتبني واقتراح اسماء الكوادر الوظيفية المتميزة بعملها ونزاهتها وكفاءتها لتولي مسؤولية في دوائرهم ؟
ج : اظن ان الحل يكمن في ما سيعالجه مجلس الخدمة العام والذي مهمته تطوير الوظيفة العامة وهو غير منشأ حاليا وكان ورد ذكره في المادة 107 من الدستور القديم والغيت تلك المادة عام 1979 من قبل رئيس النظام السابق ليسهل عليه التلاعب في تنسيب مسؤولين في الدولة على اساس القرابة والموالاة .
س : والى ان ينشأ هذا المجلس ، هذا ان انشأ فعلا ، الا يمكن المساهمة والتفكير بطريقة لتبني المتميزين ممن هم في الخدمة العامة ولتدمج هذه الطريقة مع مهمة رصد الفساد التي تقومون بها  ما دام طريق العمل واحدا ؟
ج : وكيف لي ان اعرف صحة ما يقال عن جودة وتميز فلان في دائرة ما ؟
س : بنفس الطريقة التي ستتأكد من فساد فلان في نفس الدائرة ، اضافة الى انكم سوف لن تستندون على مجرد رأي او تزكية واحدة .
ج : احكي لك قصة عن الاعلام حدثت في فترة قريبة ، فقد نشرت احدى صحفنا المحلية تلفيقا يفيد ان رئيس الحكومة نحى عدد من المفتشين العامين من مناصبهم بسبب توجههم لمحاربة الفساد !! بينما الصحيح ان المفتش العام لا ينصب او ينحى الا من خلال لجنة وزارية اعضاؤها رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية ورئيس المجلس المشترك لمكافحة الفساد ، مهمة هذه اللجنة تقديم مقترح رسمي بذلك الى هيئة النزاهة التي بدورها تقترح المناسب على دولة رئيس الوزراء وليصدر الامر بذلك ، علما ان معظم الذين تمت تنحيتهم هم من الذين بلغوا السن القانوني للخدمة .
س :  بصراحة ، سيادة القاضي ، انقل لك انطباعا مقتبسا من تماسي اليومي مع موظفي الدوائر المختلفة ، ومع وافر احترامي وتقديري للمفتشين العامين القائمين بواجبهم بشكل جيد والذين لم اسمع عنهم بكل اسف ، فانا لم اصادف من يفرحني بوجود مفتش عام في دائرة ما له دور متميز في ضمان سير الوظيفة العامة من حيث نزاهتها ،  وليكون الملاذ الامن للمتضررين من المواطنين او الموظفين لتسلم شكاويهم والتعامل معها بجدية ، بينما صادفني سماع اخبار تصارع بين المفتش العام والوزير في كذا وزارة ويتبين لي فيما بعد ان سبب الصراع يرجع لتضارب المذاهب الطائفية او الحزبية والتي تخفي تحتها مصالح اخرى طبعا !هذا ما نسمعه ونكاد نصدقه لعدم وجود اي بديل يفرض وجوده ، بينما الصراع الصحيح ( هذا ان صح لنا استخدام هذا المصطلح والذي استخدمه نظريا العالم الراحل المبدع علي الوردي ) يجب ان يكون في مجال عرض ومناقشة الاراء المختلفة والمتضاربة للوصول الى الهدف اوالحل الصحيح والذي تتفق عليه الاغلبية لضمان سلامة سير الوظيفة العامة وكوادرها .
ج : ....
س : سيادة القاضي ، عقدتم قبل ايام مؤتمرا صحفيا في قصر المؤتمرات عرضتم فيه حالات اثبات مادي لعمليات فساد في دائرة الجوازات ، الا ترون ان هذا الكشف جاء متأخرا جدا .
ج : عملنا في تطور مستمر ، وارجع لاذكر باهمية الاعلام في مساعدتنا بالكلمة الواعية والثقافة الواقية من الفساد ، واعيد القول ان من ضمن الية عملنا الجديد هو دس عناصر صديقة لكبس الموظفين الذين تسول لهم نفسهم الحياد عن امانتهم الوظيفية او ابتزاز المواطنين .
س :  في مجال الاعلام ، العراقي عموما ،  في ظرفنا هذا لا يميل الى قراءة الكراريس والكتب الثقافية ، لكن هناك وسيلة اعلام فعالة تذهب للعراقي دون ان يأتي اليها ، انها التلفزيون ، فماذا لو قمتم بانتاج اعلانات (ممثلة ) امدها ثوان على غرار اعلانات مكافحة الارهاب للتثقيف بـ ( عار ) الرشى والتلكوء في انجاز الوظيفة العامة ؟ اعتقد ان لمثل هذا الاعلام ذو الدور الاجتماعي والنفسي ، القدرة على المساهمة في عدول الكثير من الموظفين عن تقاعسهم او الانحراف عن نزاهتهم .
البارحة كنت اراجع احد مكاتب التسجيل  في احدى الجامعات العراقية ببغداد للحصول على وثيقة تخرج احد اقاربي  . موظفة شابة لها راتب شهري يفوق الضعف راتب مثيلاتها في الوزارات الاخرى ، اشتكى منها كل الحاضرين لانها الوحيدة التي تماطل في انجاز معاملة المراجعين ، فتارة تدعي عطل الحاسبة وتارة لا تجدها في محلها لساعات وتارة اخرى تعطي مواعيدا بالاشهر لانجاز المعاملة ، ويفهم الجميع القصد من هذه الافعال  ، وامثال هؤلاء الموظفات كثير قد تجدهن في دوائر كالضريبة او الصحة او التربية وفي كل مفاصل الدولة التي فيها مجال خدمة او تعامل مباشر مع المواطن ، فامثال هؤلاء قد يؤثر فيهن اعلان يتكرر يمثل الحالة ويعلن ان ( شرف ) هذه الموظفة هو سلامة انجاز عملها . كل هذا نموذج سيادة القاضي ، وبالتأكيد هناك مختصون بعلم الاجتماع وعلم النفس ستستعينون بهم لانجاز مثل هذا النمط من الاعلانات ، ارى ان الانجاز المتوالي لهذه الاعلانات وغيرها بطرق علمية ومدروسة والاستمرار بها هو استثمار مربح جدا على صعيد بناء ثقافة النزاهة ومحاربة الفساد ، واقصد هنا الفساد من النوع المسمى في كراساتكم بـ ( الفساد الادنى ) وهو ذو تأثير يومي مباشر على حياة العراقي .
ج : اركز على الاعلام دائما وادعو الى مساعدتنا في بث الثقافة الوقائية من الفساد ، كما اتمنى من الاعلام استمرار التوضيح والتثقيف بأن ليس كل تحقيق او اتهام يعني اساءة للمواطن الموظف ، فاي موظف خدمة عام معرض في اي لحظة لاحتمال الاتهام او التحقيق وهو بريء حتى تثبت ادانته ، ونحن لا نشهر بالمتهم ابدا حفاظا على حقوقه الانسانية والتزاما بالقانون المحلي والمواثيق الدولية في هذا المجال ، انا واحد من الناس هناك من لفق طاعنا بشهادتي !! الامر مؤسف حقا ، لكني اجابهه بشجاعة واثبت العكس بتصديق شهادتي .
س :  عودة لموضوع ندوة الامس والتي عرضتم فيها تسجيلا مصورا لحالة رشى في دائرة الجوازات ، ذكرتم ان ضمن حالتها انجاز جواز سفر مزور لقاء مبلغ 1000 دولار اضافة الى حالات بيع استمارات التقديم للحصول على معاملة الجواز ، البعض تساءل عن فائدة الجواز المزور .
ج : الجواز وثيقة مهمة جدا وهي تمثل صاحبها رسميا داخل البلد وخارجه ، بامكان اي ارهابي وقد يكون غير عراقي ، وضع صورته والاسم الذي يريده وليكون مصدر حقيقي على امن البلد باعتبار انه حصل على جواز فيه صحة صدور ، هذا من ناحية ، كما يمكن ان يسهل هذا الجواز عملية الاحتيال والتجاوز على املاك الغير في دوائر الطابو .
س : هناك شكل من اشكال الفساد اراه في كوادر دولة غير قادرة على التحرك والصرف على متطلبات تحتاجها مرافق الدولة المختلفة في معظم وزاراتها ، فاجهزة مستهلكة بحاجة الى استبدال مثلا ، او نقص في الاجهزة او المعدات او نقص في عدد واجهزة ومواد طبية وغيرها الكثير الكثير ، هناك ( نفس ) للتعامل مع هذه الاحتياجات وكأننا في زمن الحصار حيث كان الحديث دائما عن عدم وجود العملة الصعبة ووجود منع دولي علينا من ان نعيش كباقي مواطني الدول النفطية ، انا وجدت بالمعايشة ان موظفين بدرجات عادية كأن يكون مهندسا  او ربما مدير عام لا يفاتح الوزير  بضرورة  وجود الحاجة لاستيراد الجهاز الفلاني او المادة الفلانية رغم الحاجة اليها وكلفتها مقرة ضمن الميزانية المقرة لتلك الدائرة ، هناك ( نفس ) للابقاء على حالات ( الترقيع ) في دوائرنا بحجة الحفاظ على اموال الدولة ، وبذلك سنجني العكس . انا اتطلع لأن نصبح كدول الخليج بل وافضل في تقديم الخدمات لمواطننا وذلك لا يأتي باجهزة ومنظومات قديمة مستهلكة بل باجهزة ومنظمات جديدة تستبدل فور انتهاء عمرها التصنيعي حتى وان كانت تبدو عاملة ولتباع للقطاع الخاص ، احد هؤلاء الموظفين قال لى انا احتاج لقرار من الدولة لهذا التوجه ، وارى السبب في ذلك ان ذلك الموظف هو من المستمرين بالخمة طيلة 30 عاما وفي ظل نظام كانت الدولة فيه عبارة عن شخص ، فاعتيادي ان لايعرف هذا الموظف كيف يتصرف طالما كان مقادا بالعصا في ظل ظروف الحروب والحصار .
ج : اطلعك على حدثت معي في هيئة النزاهة ، حيث قررنا شراء ( 4 ) اجهزة للكشف عن الكذب ، فاتحنا ثلاث شركات اجنبية غربية منتجة وكان العرض الكندي انسبها سعرا حيث بلغ تقريبا 20 الف دولار للجهاز الواحد ، الشركة طالبت بمبالغ الاجهزة قبل ارسالها وهي حالة تخوفت منها لئلا افسح المجال لأي تلفيق باطل ، وبعد عدة مخاطبات توصلنا الى اتفاق يضع شركة عراقية كطرف ثالث لتضمن لنا امكانية استعادة اموالنا في حالة عدم مطابقة الاجهزة للمواصفات المتفق عليها ، ولو كان الوضع يسمح لما ترددت في دفع تكاليف الاجهزة من جيبي الخاص لحين التأكد من سلامة الاجهزة ، فنحن مرتبطون بموعد مع خبير اجنبي يتولى تدريب كوادرنا على الاجهزة .
س :  وسيضاف للطرف الثالث اجور ايضا  ؟
ج : نعم اربعة الاف دولار .
س :  انا اميل للتعامل المباشر بين دوائر الدولة ممثلة بلجان من الدوائر التجارية والهندسية من جهة  والشركات الغربية المعروفة حصرا من جهة اخرى دون اللجؤ الى المقاولين العراقيين في امور الاستيراد الخاصة بمتطلبات الدولة حيث  كانت مثل هذه الممارسة ناجحة جدا في السبعينات  ، وارى ان يتم توجيه وزاراتنا على هذا النمط من التعامل واعادة الثوابت التي تساعد على اعادة العمل به بشكل واسع . سيادة القاضي ، هل من كلمات اخيرة ننهي بها لقاءنا ؟
ج : جادون نحن في تطوير فعالية عملنا بامانة وتميز بالشكل الذي يخدم نظام دولة العراقيين ويجعل ( النزاهة ) صديقة لكل مواطن غيور ، فنحن نظام جديد ودائرة مستحدثة وجهود الجميع مطلوبة لتعضيد عملنا ، ودائرتنا كغيرها من الدوائر العراقية ، قد يحصل فيها نوع من اشكال الفساد الاداري .
لقد رصدنا حالات تلاعب بالدرجات الوظيفية لبعض موظفي الهيئة وكذا شهادات مزورة ، اضافة الى ممارسات خاطئة لمسؤولين سابقين لكننا لا نشهر بالغير ، وندرك ان من لا يخطأ هو الذي لا يعمل ، ولكل حالة حدودها التي يمكن فهمها بمسؤولية ووعي رقابي مهني متقدم .
س : سيادة القاضي ، انا لم اسجل الحوار متقصدا لاطغي اجواء غير رسمية على لقاءنا ، وقلمي ثبت نقاط مختصرة من الحوار الذي سأعتمد على ذاكرتي في كتابته ، اتودون الاطلاع على محتوى اجاباتكم قبل نشرها ؟
ج : كلا ، لك الحق في كتابة ما فهمت مني .
شكرا جزيلا للقاضي رحيم العكيلي ، رئيس هيئة النزاهة في العراق   لوسع صدره وكرم خلقه  .
اخيرا ، غادرت مكتبا مربع الابعاد ، يشغله رئيس دائرة نزاهة ، بعد اجراء حوار جاد صريح شمل لمحات عن مثلث رقابة ، ولا ادري ما الذي جعلني ارتاح في دواخلي وقد انتابني فجأة احساس  بان هناك بشرا غير عراقيين في العالم يملكون اشكالا ومساحات اكبر من الحضارة ، يساعدوننا الان في ارساء علوم قانون وادارة ورقابة في دولتنا ، تسألت في دواخلي : ترى هل سنتعلم الدروس ونجيد التطبيق ؟ اجبت : لن يحصل هذا الا عندما يسقط السيف من علمنا وليغدو ابيضا يقدس الحوار والسلام والانسان ، كل انسان .. وذاك هو امل بدء نزاهتنا .. 
                                                          نبيل قرياقوس بولص
                                               
















150
بريشة الوردي ..
                                      السياحة في العراق

ترك لنا العالم المبدع ، الراحل عن الارض والحاضر ابدا بيننا ، الفيلسوف ( علي الوردي ) ثروة هائلة من مفاتيح الثقافة وطرق التفكير التي يستطيع مفكرونا استخدامها في حل رموز كثير من المعاضل التي تجابههم في اختصاصاتهم وبالاخص منها ما يدخل في حقل التنظير الذي يبتغى منه الادارة فالتطبيق .
كان نمط كتابات الفيلسوف الوردي واقعيا  يسلط اشعة اختبارية على العصب الاجتماعي في حياتنا وليرى فيه بوضوح وشجاعة صورة احداث الماضي والحاضر والمستقبل بلا رتوش او تزوير، وكما قلنا في كتابات سابقة فان شجاعة وقدرات الوردي في طرح معظم افكاره ونظرياته المنطقية والواقعية ( والتي لم يسبقه بها أي من المفكرين العرب كما لم يليه احد لحد الان) اجهضت محاولات بعض ممن قد اسميهم بـ ( غير المفكرين ) الذين هزتهم علمية نظريات واّراء الوردي حيث قاموا ( فاشلين ) بالتصدي لها ، فكان ان خدموا الوردي بالقدر الذي خدم ثقافتنا حيث امتدت وانتشرت اراء الوردي ونظرياته لتدرس ولحد اللحظة في ارقى الجامعات العالمية وبأكثر من عشرين لغة حية .
ارى الوردي وكأنه اشترط  ضمنا على مفكرينا الذكاء وسعة الافق والواقعية في دراسة الظاهرة الاجتماعية اينما كانت سواءا في حياتنا الشخصية او المنزلية او في العمل بشتى انماطه واختصاصاته ومستوياته ، وكذا الشجاعة في تحليل الظاهرة الاجتماعية وتبيان اسسها المادية او الجنسية من ظاهر ما تتلون به تلك الظاهرة وكأنها تتحرك وفق افكار خيالية مثالية او روحية مستقلة .
كم كنت اتمنى ان يتهافت مفكرونا في كل الاختصاصات للاستفادة من طريق شقه العالم الوردي ليكون للكل بداية صحيحة للوصول بأقصر الطرق الى قمم وصلتها امم اخرى ، قمم تصب في مجرى حياة حرة كريمة وسعيدة لبني الانسان .
سأحاول في سلسلة مقالات مختصة ان ارسم صورة للسياحة في العراق بريشة العالم الوردي ، وابتدأ التذكير بما تحدث به الوردي تاريخيا عن واقع مجتمعنا العراقي وقد مر بمراحل البداوة والريف والمدينة وما تولد من انماط سلوك واحداث في كل مرحلة او خلال فترات تداخل التحول من مرحلة الى اخرى ، مستدركين ايضا ان اثار هذه التداخلات لازالت قائمة اجتماعيا لحد الان .
كان مفهوم العمل في حياة عموم البدو يعتمد بصورة رئيسية على قدرة افراد الجماعة او القبيلة على الكسب من الغير بأعمال الغزو والسطو ، في حين كانوا يكرمون الضيف او المستجير بهم باقصى درجات الكرم ، فهم ( النهاب الوهاب ) ، وقد تكون تلك الضيافة هي اولى صور السياحة في تاريخ مجتمعنا وتتميز بأنها كانت تؤدى بلا مقابل مادي مباشر .
نشؤ القرى والمدن اوجب ظهور بيوت وفنادق ومطاعم بسيطة لاستضافة رواد الريف او المتنقلين بين المدن ، وخصوصا العاصمة بغداد والمحافظات التي يزورها العراقيون لاداء المناسك الدينية ، فلم يكن هناك مجال للغالبية العظمى من العراقيين للانتقال لاغراض السياحة فعلا ، فالفقر والعوز والحروب وتوالي دكتاتوريات الحكم كان يكبح أي تطلع للراحة والسياحة ، بعدها نشأت مصايف في المطقة الشمالية للعراق نشطت خلال توقف فترات الحروب ، ومنها حروب الحكومات مع الاخوة الاكراد .
كان العاملون في اماكن الاستضافة اعلاه لا يحملون اي صفة تليق بالعمل السياحي من تنظيم وجودة خدمة وادارة ، بينما لم تنشأ في العراق اي مدرسة  لتعليم علوم السياحة الا في نهاية الستينات حيث انشأ معهد للسياحة في الجامعة المستنصرية بناء على مقترح موظف كلداني عراقي كان يعمل في تلك الجامعة  .
كان اغلب العراقيين يستثقلون اداء الخدمة بشتى انواعها وخصوصا الخدمة السياحية ، فهم يعتبرون الخدمة امرا مشينا ، ولا نستغرب ذلك حينما نتذكر ان كثير من ابناء الريف ( حين انتقلوا للمدينة ) فضلوا الجلوس في المقاهي وارسال نساءهم للعمل على اعتبار ان العمل شيء مهين لا يليق الا بالانثى ! فما بالكم ان يقوم ابن الريف هذا بخدمة من هب ودب بتقديم الطعام له وغسل ملابسه !.
بمضي الوقت وبسبب الحياة الاقتصادية الصعبة تأقلم الرجل على الخدمة في المدينة ، لا بل انقلبت الاية فأخذ الرجل يمنع زوجته من العمل خوفا عليها من بقية الرجال الذين قد تعمل معهم ، فيما ظل هو يحمل عقدته الخاصة بـ ( الخدمة ) فاصبح مستوى اداء كل العاملين العراقيين دون المستوى وساعد في ذلك النظم الادارية المتخلفة التي تسمح بفساد العامل ، فيما  تبخس تلك النظم حقوق العاملين .
بعد فندق ( شط العرب ) الذي بناه الانكليز في مطار البصرة كأول فندق سياحي حكومي عام متطور في العراق يدار من قبل وزارة المواصلات على حد ظني ، ظهر  ( فندق بغداد )  الاهلي كأول مرفق سياحي في تاريخ العراق الحديث يبنيه ويديره الاهالي العراقيون ويحمل مواصفات تتماشى مع مستوى السياحة في العالم حينها ، حيث افتتح في 1958 بعد ان صمم وبني على ايد امهر المهندسين الكلدان من العراقيين ، ولقي نجاحا محليا وعالميا بسبب مالكيه ومديريه وعامليه من السياحيين الكلدان والاشوريين العراقيين الذين لم يمروا بحياة البداوة في المنطقة الشمالية من العراق حيث كانوا يعيشون حياة ريف مستقرة نوعا ما ويقدسون كل انواع العمل ، كما يحملون نظرة المساواة بين الرجل والمرأة في مجال الحقوق والعمل مثلما يحمل المثقفون منهم نظرة الرقيب على مستوى التطور الانساني في شعوب العالم الاخرى ويسعون دون اي معوقات فكرية او عقائدية اللحاق بالمتميز من حضارة العالم بقفزات تتواصل وما بلغت اليه تلك الحضارات بشتى انتماءاتها .
بعد مؤتمر القمة العربية عام 1979 وفي ثمانينات القرن الماضي انشأت الدولة ( وبدوافع سنشرحها في مقالات لاحقة ) مرافق سياحية حديثة محدودة العدد معظمها في بغداد والمنطقة الشمالية على ايدي شركات اجنبية بناء وادارة بينما كانت معاهد السياحة ومدارسها تخرج شبابا احتكوا بالخبرة الاجنبية عن طريق الايفادات او العمل فكان ذلك اول ظهور لبريق سياحة حقيقية في العراق ما برح  يتوهج لسنوات معدودة على الاصابع حتى انطفأ بنيران الحروب الطويلة والحصار الذي دام لغاية 2003 .
في مقالنا القادم سنتعمق وبريشة عالمنا الوردي بشجاعة وتخصص علمي في تفاصيل واقع السياحة العراقية  قبل 2003 وبشكل لم يسبق طرحه من اي سياحي او مهتم في السياحة العراقية وصولا لفترة ما بعد  ذلك في مقالات لاحقة .
كونوا معي لطفا .


                                                                                   نبيل قرياقوس بولص






 


 


151
يوميات عراقي
                                 نفي انباء ملفقة عن وزير

نفى مصدر مسؤول في احدى الوزارات العراقية انباء صحفية تسربت من بعض موظفي الوزارة ذاتها تفيد ان السيد الوزير اقدم على سابقة تعد الاولى في مستواها ونوعيتها على صعيد منطقة الشرق الاوسط في مجال محاربة الفساد الاداري ، وقال مدير مكتب السيد الوزير في تصريح له لوكالات الانباء ومندوبي عدد كبير من الصحف المحلية والقنوات الفضائية :
( ان تلفيق هذه الانباء المفبركة ما هو الا للنيل من الاداء الكفؤ للوزارة والذي يشهد عليه الكثيرون من الاصدقاء والاقارب) واسترسل مضيفا :
(ان ما اشيع عن قيام السيد الوزير بمبادرة التواجد في كل من مؤسسات وهيئات ومديريات واقسام الوزارة وعلى مدى الثلاثة اشهر الماضية لاستطلاع اراء الموظفين خطيا في استمارات معدة لهذا الغرض وزعت عليهم ( دون درج الاسماء ) لغرض الاستئناس السري المباشر برأي كل موظف في مدى صلاحية مديره من عدمه باستخدام كلمة نعم او كلا ، يعتبر اشاعة خطيرة هدفها التأثير على العناصر الكفؤة المرشحة من الاحزاب والكتل السياسية لقيادة مفاصل عمل الوزارة .
بينما كانت انباء صحفية اكدت ونقلا عن شهود عيان قيام هكذا ممارسة في الوزارة فعلا ، وافادت تلك الانباء ان السيد الوزير وعد باعادة الممارسة مطلع كل عام ، فيما اشرف بنفسه على عمليات فرز الاراء في كل مؤسسة وهيئة ومديرية وقسم على حدة وان سيادته اصدر اثر تلك العمليات اوامر باعفاء عدد من المسؤولين من مناصبهم ، واضافت تلك الانباء المـسربة من داخل الوزارة ان مسؤولين رفيعي المستوى وممن يعدون مقربين جدا للسيد الوزير تصدروا قائمة المزاحين عن مناصبهم ، وتحدث موظفون من الوزارة عن اجواء الفرح التي غمرتهم وهم يرون مسؤولا بمستوى وزير يتمتع بهذه الروح العالية من العمل والثقة بالجميع انطلاقا من كونه عراقيا ، وان ذلك حفزهم لبيان رأيهم بجدية ونزاهة مهنية بعيدا عن اي اجواء اخرى ،عادين هذا الحدث انقلابا ديموقراطيا سلميا على صعيد الدولة العراقية لا يقوم به الا الشجعان المؤمنون بان لا ادارة ناجحة دون رضى وقناعة الاغلبية من كوادرها وان الصالح يفرض نفسه سلميا .
من جهته ، حث المصدر المسؤول في الوزارة الصحفيين والاعلاميين العراقيين توخي الدقة وعدم التسرع والانجرار وراء اراء الشارع العراقي الدائم التشكي من الوزارة وادائها مذكرا ان العراقي يجب ان يتعلم كيف يدفع كي يأخذ ، واختتم المصدر المسؤول تصريحه معاتبا الصحافة في اشارة غير مباشرة بالقول:
( ان بث مثل هذة الاشاعات من شأنه عرقلة مسيرة الوزارة الحافلة بالعمل والابداع والنزاهة ) .
قرب وسادتي ، الساعة السادسة صباحا ،غردت البلبلة فيروز لتوقضني من حلم ازعج ما فيه كيف سأستطيع  اقناع دوائر اعلام وزارتنا اطلاع السادة الوزراء على حلم قد يخصهم .


                                                                                  نبيل قرياقوس بولص
 
                                                     

152
المنبر الحر / قطرة نفط دنماركية
« في: 09:59 03/11/2008  »

                              قطرة نفط  دنماركية 

وزير الشباب المصري ، عادل امام ، ابلى بلاء ممتازا في عرض صورة وزراء الدول التعبانة في فلمه المشهور ( التجربة الدنماركية ) ، وربما كان عادل امام الافضل بين زملائه الوزراء حيث كان يؤنب اقاربه وابناءه الشباب لاستهتارهم واعتدائهم على الغير ، فيما سيطر بقوة نادرة على ملذاته الجسدية حينما تعرت امامه انفرادا وتحت سقف واحد حسناء غراء فرعاء دنماركية ولتوضح له بالقلم العريض وبفطنة حواء ان الانسان خلق عريانا بلا ذنوب وان الثوب حاجة مصطنعة يرتديها حسب ذوقه وحاجته ورغبته ، فقد يرتدي انسان مفكر او عالم او داعية او مسؤول ثوب عفة ليستر اسمه ، حتى الممات ، من التلوث بعورات الكذب او السرقة او الانتقاص من الاخرين ، بينما قد يرتدي انسان اخر ثوب اولئك ليغطي باطن همه في امتلاك الدنيا على ابراج عذابات الناس ومصادرة حقوقهم .
سادتي ، ارتدت بطاقات الحصول على النفط ، والتي وزعت على المواطنين مع البطاقة التموينية مطلع هذا العام ثوبا بهيا بهيجا اغرى العراقيين بل وجعلهم يقترفون اثما بالظن ان مشاكل حصولهم على النفط ستحل وانهم سوف لن يعانون هما في وقاية انفسهم من برد الشتاء وامراضه ، فدقة الترتيب على اسماء العراقيين وارقام بطاقاتهم وعناوين سكنهم بالمدينة والمحلة والزقاق والدار وعدد افراد الاسرة واسمائهم ومواليدهم مع دقة التصميم والطبع بالالوان البراقة الغير قابلة للتزوير ، وبالتكاليف الباهضة ( طبعا ) ، اوهمت الكثير من العراقيين ( وانا في مقدمتهم ) ، فما كانوا ليتصورا انهم سيعانون ما لا يتحمله الكثير منهم للحصول على قطرات نفط او انهم سيبيعون البطاقة بالف دينار او يلقونها في الزبالة بعد ان لم يعد الثوب الثمين لتلك البطاقات قادرا على اخفاء عورتها السوداء في حرمان العراقي من نفط  وفير بريء من ما يلبس من اثواب .




                                                                               نبيل قرياقوس بولص 

153

                        شكرا .. هوشيار زيباري

في مقالات لي منشورة قبل اشهر في مواقع الالكترونية وصحف امتدحت وشكرت مستوى ونوعية ومجهود احدى دوائر وزارة عراقية دون الافصاح عن اسمها ، للتنظيم الجديد والرائع فيها متمنيا ان تحذو بقية دوائر الدولة حذوها ، وكنت اعني حينها الدائرة القنصلية – التصديقات في وزارة الخارجية العراقية ، ولا يمكنني الان وصفها بأكثر مما وصفتها في مقالي السابق خوفا من ان لا يصدقني عراقي لم يرجع هذه الدائرة مؤخرا ، فهي دائرة متطورة في خدمتها للمراجعين لدرجة تؤهلها لان تكون مثالا لدعوة السيد رئيس الوزراء لجعل عام 2008 عاما لمحاربة الفساد الاداري .
بالامس ، كلفتني جارة متقاعدة كبيرة في السن ، مساعدتها بتصديق وثيقتها الصادرة مؤخرا من هئية التقاعد الوطنية لدى الدئرة القنصلية – التصديقات في وزارة الخارجية العراقية ، فرحت لتقديم المساعدة لأمراة متعبة في هذا الظرف الصعب الذي نعيشه هذه الايام ، في وقت وددت فيه كصحفي تجديد الاطلاع على عمل تلك الدائرة بعد مرور اشهر على تطبيق نظام الادارة الجديد فيها ، فكان ان اندهشت لاستمرار تطور النظام الاداري بتلك الدائرة عن فترة الأشهر القليلة السابقة ، الامر الذي يسر كل عراقي فعلا ، فنظم الالكترونية ادارية طبقت لتسهيل العمل وضمان دقته ، اضافة الى احتواء الزخم الكبير لعدد المراجعين ،ولتنجز المعاملة خلال ثلاثين دقيقة بدلا من ستين دقيقة كما كان يحصل قبل اشهر ، فيا للروعة ! وبارك الله بجهود مدير وكل منتسبي هذه الدائرة .
ملاحظتان صغيرتان اذكرهما دون ان انال من مستوى اداء هذه الدائرة النموذج :
الاولى : اعتذر موظف التصديقات عن تصديق الكتاب الذي احمله بسبب انه موقع من دائرة لا وجود لاسم مديرها وتوقيعه ( كمخول ) في اوليات دائرة التصديقات ، وطالبني الموظف بالعودة الى هيئة التقاعد الوطنية .
عدت الى هيئة التقاعد – مكتب  رئيس الهيئة ، فاخبرني موظف هناك بعد دخوله بالكتاب الى السيد رئيس الهيئة بضرورة مراجعتي لوزارة المالية ! وهكذا ابحرت في شوارع بغداد لاصل وزارة المالية وهناك صدق السيد مدير الدائرة الادارية مشكورا توقيع السيد رئيس هيئة التقاعد الوطنية ولاعود الى الخارجية وتنجز معاملتي خلال اقل من ثلاثين دقيقة في نهاية دوام يوم الخميس .
اقول اتمنى ان تطور الية انسياب وجود اسماء المخولين من مسؤولي الدوائر الرسمية في اوليات الدائرة القنصلية بوزارة الخارجية بشكل يسهل على المواطن اعمال تصديق وثائقه .
ثانيا : حين راجعت دائرة التصديقات في اذار من هذا العام لم يسألني احد من موظفي الاستقبال في الخارجية عن كون الكتاب الذي ساصدقه هو كتاب عائد لي شخصيا ام لا ، بينما وجدت ذلك الان مع ملاحظتي لاعلانات ملصقة في عدة اماكن مؤدية الى الدائرة تمنع المواطن من تصديق اي كتاب لا يخصه شخصيا !
منطق هذه الاعلانات غير متجانس مع مستوى الدقة والتنظيم الاداري العالي الذي تنعم به هذه الدائرة ، فقد يكون صاحب الكتاب مقعدا او مريضا او مسافرا او مقيما في دولة اخرى ، ثم ماا ضرورة حضوره اصلا ؟!  وما المانع في قيام شخص اخر بتصديق الوثيقة ؟!
اعيد التذكير ان الملاحظتين اعلاه لا تمسان شيئا من اداء دائرة نحن فعلا فخورون بها كدائرة تمثل العراق الجديد بالقدر الذي نعتقد انها تهدف الى كمال العمل .
لا يسعنا اخيرا الا ان نشكرالسيد رئيس الدائرة القنصلية – التصديقات الذي ( صراحة ) نجهل اسمه شخصيا ، ونشكر سيادة وزير الخارجية الاستاذ هوشيار زيباري على وجود هكذا ادارة في وزارته داعين في الوقت نفسه مدراء دوائر في وزارات اخرى من التي ما زالت للان تعاني من زحامات مقرفة للمواطنين  المراجعين ( بسبب انظمة ادارية متخلفة مطبقة منذ اكثر من ثلاث عقود تسهل على ضعاف النفوس خلق تلك الزحامات بصورة مصطنعة ) لزيارة دائرة التصديقات بوزارة الخارجية والاطلاع على كثافة المراجعين مقابل سرعة ودقة انجاز معاملات المواطنين الجالسين في مقاعد الاستقبال كالملوك !
انها دعوة للاستفادة من الخبرة الادارية العالية للسادة المسؤولين في دائرة وزارة عراقية عريقة تستحق ان نثني على القائم بها .

                                                                                               نبيل قرياقوس بولص




154
بريشة الوردي ..
                                      السياحة في العراق

ترك لنا العالم المبدع ، الراحل عن الارض والحاضر ابدا بيننا ، الفيلسوف ( علي الوردي ) ثروة هائلة من مفاتيح الثقافة وطرق التفكير التي يستطيع مفكرونا استخدامها في حل رموز كثير من المعاضل التي تجابههم في اختصاصاتهم وبالاخص منها ما يدخل في حقل التنظير الذي يبتغى منه الادارة فالتطبيق .
كان نمط كتابات الفيلسوف الوردي واقعيا  يسلط اشعة اختبارية على العصب الاجتماعي في حياتنا وليرى فيه بوضوح وشجاعة صورة احداث الماضي والحاضر والمستقبل بلا رتوش او تزوير، وكما قلنا في كتابات سابقة فان شجاعة وقدرات الوردي في طرح معظم افكاره ونظرياته المنطقية والواقعية ( والتي لم يسبقه بها أي من المفكرين العرب كما لم يليه احد لحد الان) اجهضت محاولات بعض ممن قد اسميهم بـ ( غير المفكرين ) الذين هزتهم علمية نظريات واّراء الوردي حيث قاموا ( فاشلين ) بالتصدي لها ، فكان ان خدموا الوردي بالقدر الذي خدم ثقافتنا حيث امتدت وانتشرت اراء الوردي ونظرياته لتدرس ولحد اللحظة في ارقى الجامعات العالمية وبأكثر من عشرين لغة حية .
ارى الوردي وكأنه اشترط  ضمنا على مفكرينا الذكاء وسعة الافق والواقعية في دراسة الظاهرة الاجتماعية اينما كانت سواءا في حياتنا الشخصية او المنزلية او في العمل بشتى انماطه واختصاصاته ومستوياته ، وكذا الشجاعة في تحليل الظاهرة الاجتماعية وتبيان اسسها المادية او الجنسية من ظاهر ما تتلون به تلك الظاهرة وكأنها تتحرك وفق افكار خيالية مثالية او روحية مستقلة .
كم كنت اتمنى ان يتهافت مفكرونا في كل الاختصاصات للاستفادة من طريق شقه العالم الوردي ليكون للكل بداية صحيحة للوصول بأقصر الطرق الى قمم وصلتها امم اخرى ، قمم تصب في مجرى حياة حرة كريمة وسعيدة لبني الانسان .
سأحاول في سلسلة مقالات مختصة ان ارسم صورة للسياحة في العراق بريشة العالم الوردي ، وابتدأ التذكير بما تحدث به الوردي تاريخيا عن واقع مجتمعنا العراقي وقد مر بمراحل البداوة والريف والمدينة وما تولد من انماط سلوك واحداث في كل مرحلة او خلال فترات تداخل التحول من مرحلة الى اخرى ، مستدركين ايضا ان اثار هذه التداخلات لازالت قائمة اجتماعيا لحد الان .
كان مفهوم العمل في حياة عموم البدو يعتمد بصورة رئيسية على قدرة افراد الجماعة او القبيلة على الكسب من الغير بأعمال الغزو والسطو ، في حين كانوا يكرمون الضيف او المستجير بهم باقصى درجات الكرم ، فهم ( النهاب الوهاب ) ، وقد تكون تلك الضيافة هي اولى صور السياحة في تاريخ مجتمعنا وتتميز بأنها كانت تؤدى بلا مقابل مادي مباشر .
نشؤ القرى والمدن اوجب ظهور بيوت وفنادق ومطاعم بسيطة لاستضافة رواد الريف او المتنقلين بين المدن ، وخصوصا العاصمة بغداد والمحافظات التي يزورها العراقيون لاداء المناسك الدينية ، فلم يكن هناك مجال للغالبية العظمى من العراقيين للانتقال لاغراض السياحة فعلا ، فالفقر والعوز والحروب وتوالي دكتاتوريات الحكم كان يكبح أي تطلع للراحة والسياحة ، بعدها نشأت مصايف في المطقة الشمالية للعراق نشطت خلال توقف فترات الحروب ، ومنها حروب الحكومات مع الاخوة الاكراد .
كان العاملون في اماكن الاستضافة اعلاه لا يحملون اي صفة تليق بالعمل السياحي من تنظيم وجودة خدمة وادارة ، بينما لم تنشأ في العراق اي مدرسة  لتعليم علوم السياحة الا في نهاية الستينات حيث انشأ معهد للسياحة في الجامعة المستنصرية بناء على مقترح موظف كلداني عراقي كان يعمل في تلك الجامعة  .
كان اغلب العراقيين يستثقلون اداء الخدمة بشتى انواعها وخصوصا الخدمة السياحية ، فهم يعتبرون الخدمة امرا مشينا ، ولا نستغرب ذلك حينما نتذكر ان كثير من ابناء الريف ( حين انتقلوا للمدينة ) فضلوا الجلوس في المقاهي وارسال نساءهم للعمل على اعتبار ان العمل شيء مهين لا يليق الا بالانثى ! فما بالكم ان يقوم ابن الريف هذا بخدمة من هب ودب بتقديم الطعام له وغسل ملابسه !.
بمضي الوقت وبسبب الحياة الاقتصادية الصعبة تأقلم الرجل على الخدمة في المدينة ، لا بل انقلبت الاية فأخذ الرجل يمنع زوجته من العمل خوفا عليها من بقية الرجال الذين قد تعمل معهم ، فيما ظل هو يحمل عقدته الخاصة بـ ( الخدمة ) فاصبح مستوى اداء كل العاملين العراقيين دون المستوى وساعد في ذلك النظم الادارية المتخلفة التي تسمح بفساد العامل ، فيما  تبخس تلك النظم حقوق العاملين .
بعد فندق ( شط العرب ) الذي بناه الانكليز في مطار البصرة كأول فندق سياحي حكومي عام متطور في العراق يدار من قبل وزارة المواصلات على حد ظني ، ظهر  ( فندق بغداد )  الاهلي كأول مرفق سياحي في تاريخ العراق الحديث يبنيه ويديره الاهالي العراقيون ويحمل مواصفات تتماشى مع مستوى السياحة في العالم حينها ، حيث افتتح في 1958 بعد ان صمم وبني على ايد امهر المهندسين الكلدان من العراقيين ، ولقي نجاحا محليا وعالميا بسبب مالكيه ومديريه وعامليه من السياحيين الكلدان والاشوريين العراقيين الذين لم يمروا بحياة البداوة في المنطقة الشمالية من العراق حيث كانوا يعيشون حياة ريف مستقرة نوعا ما ويقدسون كل انواع العمل ، كما يحملون نظرة المساواة بين الرجل والمرأة في مجال الحقوق والعمل مثلما يحمل المثقفون منهم نظرة الرقيب على مستوى التطور الانساني في شعوب العالم الاخرى ويسعون دون اي معوقات فكرية او عقائدية اللحاق بالمتميز من حضارة العالم بقفزات تتواصل وما بلغت اليه تلك الحضارات بشتى انتماءاتها .
بعد مؤتمر القمة العربية عام 1979 وفي ثمانينات القرن الماضي انشأت الدولة ( وبدوافع سنشرحها في مقالات لاحقة ) مرافق سياحية حديثة محدودة العدد معظمها في بغداد والمنطقة الشمالية على ايدي شركات اجنبية بناء وادارة بينما كانت معاهد السياحة ومدارسها تخرج شبابا احتكوا بالخبرة الاجنبية عن طريق الايفادات او العمل فكان ذلك اول ظهور لبريق سياحة حقيقية في العراق ما برح  يتوهج لسنوات معدودة على الاصابع حتى انطفأ بنيران الحروب الطويلة والحصار الذي دام لغاية 2003 .
في مقالنا القادم سنتعمق وبريشة عالمنا الوردي بشجاعة وتخصص علمي في تفاصيل واقع السياحة العراقية  قبل 2003 وبشكل لم يسبق طرحه من اي سياحي او مهتم في السياحة العراقية وصولا لفترة ما بعد  ذلك في مقالات لاحقة .
كونوا معي لطفا .


                                                                                   نبيل قرياقوس بولص






 


 


155
امام الجهات المسؤولة

 قانون المفصولين السياسيين .. بصراحة منطقية

ضمن التركة الثقيلة التي برزت بعد سقوط النظام عام 2003 كانت مشكلة الاعداد الضخمة من موظفي الدولة الذين اجبروا على ترك العمل بسبب الوضع السياسي في البلد انذاك ، فمن اؤلئك ما فصل او استقال اواحيل على التقاعد او ترك العمل بصورة او اخرى بسبب انتمائه السياسي او الفكري او القومي او بسبب قرابته بمفكرين معارضين او بسياسيين كالشيوعيين او متدينين معارضين وغيرهم  كثير ، ومنهم ما ترك العمل بعد ان اجبرته سياسة النظام في ادارة امور الدولة الى وضع اصبح فيه الموظف لا يستطيع الاستمرار بالخدمة الا في حالة توفر احد او كلا شرطين :
الاول : ان يخون الموظف شرف امانته الوظيفية وان يمد يده على المال العام او يبتز اخوته المواطنين لكي يتمكن من العيش في ظل راتب لا يكفي اطعامه ليوم واحد في الشهر ( والكل يتذكر كيف وصل الوضع بالمعلم ، مثلا ، ليستجدي خبزته من طلبته ) ، والثاني : ان يمارس الموظف عملا اخر مع وظيفته او خلالها ، وامثال هذا قلة بسبب عدم توفر فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة اصلا .
اصدرت الدولة الحديثة بعد انتهاء عهد الدكتاتورية قانونا عام 2005 خاصا بهؤلاء الشريحة الكبيرة من ابناء البلد ، وكانت تلك خطوة ايجابية ضرورية جدا في ظل استمرار ظروف ارتفاع نسبة البطالة وعدم وجود قانون يضمن للعراقي راتبا يكفيه المعيشة وعائلته خلال فترة عدم حصوله على عمل يناسبه ، اضافة الى ان هذا القانون اعاد حقوق هؤلاء الموظفين الذين عانوا ( اغلبيتهم ) من ظروف قاسية خلال تركهم للعمل الوظيفي ، الا ان هذا القانون جوبه بمعوقات تطبيق في بعض الدوائر والوزارات ، ندرج اهمها ادناه ، املين من الجهات الادارية المختصة في الدولة معالجتها بالشكل الذي يخدم القانون وفحوى ما سنشرحه بصراحة ومنطق اصولي بعيدا عن المزايدات واللامنطقية :
1 0 اجتهاد بعض مسؤولي الدوائر والوزارات بابعاد قبول عودة الموظفين الذين تركوا العمل بسبب واقع الدولة السياسي الذي خلق ( وبشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق الحديث ) الظروف الاقتصادية القاسية والمهينة لتجبر الموظف الشريف على ترك العمل تخلصا من راتب شهري  لا يسد رمقه ليوم واحد ، وتبين لنا ان اغلب اؤلئك  المجتهدين هم من  الموظفين المستمرين بالخدمة طيلة عهد النظام السابق ، ومن الذين لا يخلو التاريخ الوظيفي للكثير منهم مما يسيء الى نزاهتهم . بينما قامت وزارات اخرىبقبول اعادة امثال هؤلاء الموظفين حارمين اياهم من امتيازات القانون وذلك بعدم احتساب سنين ترك الوظيفة لاغراض الخدمة والترفيع والتقاعد .
ان امثال هذه الاجتهادات الغير صحيحة  والتي اجبرت الكثير من ( المفصولين ) لئن يتحايلوا بالتوسط اوافتعال ظروف واحداث سياسية مباشرة لكي يحصلوا على حقهم الشرعي في العودة الى وظائفهم وحصولهم على كامل حقوقهم في مساواتهم مع زملائهم المستمرين في الخدمة كأقل تقدير ، ومنهم من لم يستطع لحد الان !
2 0 اضطر قسم من الموظفين ، وبسبب عدم قبول عودهم الى دوائرهم ، الى التوسط والتوظف في وزارات اخرى ( سواء قبل صدور قانون المفصولين عام 2005 او بعده ) وحرموا من حقوق احتساب سنين الترك الوظيفي واصبح الان راتبهم الشهري لا يتناسب مع اعمارهم وحجم عوائلهم .
3 يجابه البعض من الموظفين المعادين ما اشيع بان ضرائب ستستقطع منهم  من دائرة التقاعد العامة عند ما سيحالون على التقاعد ، وذلك عن رواتب مفترضة خلال فترة سنين تركهم الخدمة ! الامر الذي لا يبدو منطقيا .
4 0 بعض الوزرات والهيئات التي اعادت موظفيها الى الخدمة ومنحتهم حقوقهم ، لازالت للان لم تصرف لهم فروقات رواتبهم بعد احتساب الرواتب الجديدة نسبة لسنين خدمتهم .
5 0يعاني الكثير من المعادين الى الخدمة من وجود فروقات بين رواتبهم ورواتب زملائهم المستمرين بالخدمة من اقرانهم بسبب ان الموظفين المعادين تركوا الخدمة بدرجات وظيفية لم تكن معدلة لهم اداريا حسب استحقاقهم الفعلي ، الامر الذي لا دخل لهم فيه ، وعليه يكون من الصحيح اصدار تعليمات باحتساب رواتب هؤلاء المعادين حسب سنين الخدمة والشهادة ليتوازى جميع الاقران .
6 0 نود اعادة التذكير باهمية هذا القانون  لشموله لالاف العوائل العراقية ، ومن الطبيعي ان تظهر بعض المعيقات في تطبيقه ، لكن الاهم ان نسعى لمعالجة هذه المعيقات ليستفاد منه جميع من كان موظفا واضطر لترك العمل لسبب او اخر بسبب اوضاع نظام حكم سياسي ساد البلد ، بينما لا ننكر تسلل البعض القليل جدا من الموظفين ، خلال هذا القانون ،  من  الذين فصلوا بسبب اساءتهم بشكل لا لبس فيه لامانة وظيفتهم  ، وقد يكونون انفار معدودين في كل وزارة وغالبا ما يكونون معروفين لزملائهم .
اخيرا نقول ان ظروف الفصل السياسي اصبحت منذ الان ومستقبلا شيئا من الماضي الذي لن يتكرر باذن الله  .

                                                                            نبيل قرياقوس بولص
                                                                               


156

                      بين تربيتي السليمانية والرصافة       
                           شر الادارة ما يضحك

نمط الادارة في العراق ينحط الى وضع ( المصيبة ) في حياة العراقيين احيانا ، وكثيرة هي النماذج التي تجدها في معظم دوائر الدولة ، ولسنا الان بصدد القوانين الرئيسية التي تصدر من الدولة ، وانما التعليمات الادارية في سبيل التنفيذ ، فهي تعليمات متخلفة عن لغة المنطق ، يعرف القائمون بها عدم صحتها لكنهم ( مسؤولين او موظفين صغار ) يستمرون بالتقيد بها لأحد سببين او كلاهما :
1 0 كي يتركوا مجالا للتوسط لديهم ليخلصوا الموطن من عقد مفتعلة باسم القانون ليبتزوا منه ما يستطيعون ، بينما هم في مأمن لأنهم لم يتجاوزا صلب القانون الخاص بمجال اختصاصهم .
2 0 خوف المسؤول الرئيسي المعين على منصبه ، يضطره لمجاراة الموظفين الادنى فاسحا المجال لهم للاستمرار في نصب ( عقدهم ) الادارية كي يستفادوا ماديا على حساب المواطن .
قبل ايام كنت في احدى مدارس بغداد الثانوية ، حصل ان شاهدت امامي مدير المدرسة يرفض طلبا لاحد اولياء الطلبة بمنحه وثيقة قبول ابنه في المدرسة ما لم يجلب وثيقة من المدرسة التي كان فيها ابنه . مرت الحادثة امامي دون ان اولي الموضوع اهتماما يذكر لتصوري ان هناك ما لا ادركه في الموضوع .
اليوم ، صدفة ، حدثني من لا اعرفه ، عن جاره الطبيب الذي عاد الى بغداد لتحسن الوضع الامني بعد ان ولى الى السليمانية قبل حوالي عامين ، كان يتوجب على الطبيب نقل ابنه من مدرسة في تربية السليمانية الى مدرسة في تربية الرصافة ، الذي حصل ان تربية السليمانية امتنعت عن منح التلميذ وثيقة كونه طالبا في الصف الفلاني مع الدرجات ما لم يجلب تأييدا بالقبول من مدرسة بغداد ، وفي نفس الوقت امتنعت تربية الرصافة عن منح وثيقة قبول ما لم يجلب تأييدا بكونه في الصف الفلاني من تربية السليمانية !! ( وسبع اللي يعرف منو قبل الدجاجة لو البيضة ؟ ) .
بالله عليكم سادتي القراء ، سيدي وزير التربية في بغداد ووزير التربية في كردستان هل فتاوي الموظفين هذه فيها بريق منطق ؟ فما هو الضرر  الجنائي والمخالف للقانون المتوقع حدوثه لو منحت تربية السليمانية تأيبيدا لأي كان ومعنونا الى ( من يهمه الأمر ) برقم وتاريخ صادر يذكر بان الطالب الفلاني لديهم وفي الصف الفلاني ؟ وما الضرر الجنائي والمخالف للقانون المتوقع حدوثه لو منحت تربية بغداد تأييدا معنونا الى من ( يهمه الامر ) برقم وتاريخ صادر  بقبول الطالب الفلاني في مدرستها لحين وصول وثيقة درجاته من مدرسة اخرى ؟
لا اطيل عليكم سادتي ، فحسبما نقل لي ، قام الطبيب والد الطفل بترك دوامه وعيادته ومرضاه والذهاب الى تربية الرصافة ، ودخل على الموظفات المسؤولات عن هذه ( الفتاوي ) المتطورة في الادارة واستطاع بالاسلوب الدبلوماسي والفحص الطبي لهم والأجابة على أستفساراتهم الصحية ، ان يحصل على وثيقة القبول في احدى مدارس بغداد دون ( شرط ) وصول وثيقة السليمانية اولا ، حسبما يملي المنطق .
سؤالي ماذا لو كان والد الطالب عاملا او عاطلا عن العمل ؟ أوليس الطريق الوحيد له ان يدع ابنه يترك الدراسة من جراء جهل مقصود لموظفي ( تربية ) !!
نتوقع من المسؤولين تعميما يخص الموضوع .
                                                   

                                                                             نبيل قرياقوس بولص



157

                           اتصالنا والانترنيت

لم يعد جديدا ان نذكر ما لشبكة الانترنيت من اهمية في حياتنا ، فقد احتلت موقعا متقدما في مجال الاتصال العالمي بين كل افراد الكرة الارضية حرفا وصورة وصوتا ، الامر الذي رقاها حدا لا يعلوه حاليا من امنيات في الدماغ البشري سوى اختراع طريقة لتطبيق نظرية الطاقة والانتقال بالجسد البشرى ( كالالكترون ) بسرعة الضوء بين مكان واخر بدلا من الطائرة ، حيث سيكون بمقدورنا الانتقال من العراق الى اي بلد في العالم مثلا خلال ثوان معدودة ربما هي اسرع من وقت فتح موقع تلك الدولة على الانترنيت .
تعمل حاليا في بغداد عدة شركات خاصة بالاتصالات ، ومع الاسف الشديد ، لا شركة تحظى بقبول وارتياح المتعاملين معها ، ومنها شركات عرضت خدمة الانترنيت المفتوح خلال الشهر مقابل اجور منطقية وشراء المواطن للجهاز الخاص بتلك الشركة ، ورغم الخدمة الرديئة ( البث والسرعة ) ، وجدنا هذه الشركات وبعد اقتناء المواطن لجهازها تبدل اسعارها وطريقة تعاملها ، حيث فرضت اسعار عالية لخدمة الانترنيت وعلى عدد الساعات ( هذا ما حصل مؤخرا وشركة اتصالنا ) ، ولو علم المواطن بالاسعار وطريقة التعامل الجديدة لما تعامل مع هذه الشركة وامثالها اصلا .
ترى من هي الجهة الحكومية الرقابية المسؤولة عن طريقة تصرف امثال هذه الشركات ؟
هل من الصحيح ان تتبع هذه الشركات مثل هكذا اساليب في ابتزاز المواطن وذلك بتغيير التسعيرة بشكل مخالف للعرض الذي بموجبه اقنع بالتعامل مع الشركة ؟
أوليس من المنطقي فرض شروط على الشركة لاحترام عروضها او اتاحة المجال للمواطن لاعادة جهاز الشركة واسترداد ثمنه في الاقل ؟
جملة الاسئلة اعلاه نتنمنى اجابتها من الدائرة الحكومية المسؤولة عن عمل شركات الاتصال الخاصة ، وكذا من الدائرة المختصة بحماية حقوق المستهلك العراقي .

                                                                                  نبيل قرياقوس بولص

158
المنبر الحر / اطباؤنا اجتماعيا
« في: 14:32 21/09/2008  »


اطباؤنا اجتماعيا

حدثني هذه الايام ، زميل مهندس اكمل دراسة البكلوريوس والماجستير على حسابه الخاص في انكلترا في منتصف سبعينات القرن الماضي ، عن ابيه المدخن والمسن الذي عانى من سرطان الرئة ، ورقد في احدى مستشفيات لندن المشهورة ، قال :
كنت طالب ماجستير حينما رافقت والدي في مستشفى بلندن ، اندهشت لبساطة شخصية الطبيب فيها ، ففي احدى الامسيات ، مثلا ، حضرت لجنة اطباء لمعاينة حالة والدي ، وتبين لي فيما بعد ، ان احد اعضاء تلك اللجنة كان مدير المستشفى نفسه ، بينما لم استشف خلال تواجدي معهم وسماعي وفهمي لمعظم كلامهم ما يوحي بوجود طبيب بمركز اداري ، وربما هو ضمن مالكي المستشفى ايضا .
كانت حالة والدي مستفحلة مرضيا ، لذا نصحني اطباء المستشفى اعادته الى العراق وتلبية كل رغباته ، سألت : حتى لو اراد الاستمرار بالتدخين ؟ اجابني الاطباء : نعم ، فلم يعد هناك ما يقدمه او يؤخره الدخان .
عدت بوالدي الى العراق ، وتعلقا باي امل ، اعدت عرضه على طبيب مختص في بغداد ، كانت اولى نصائحه لنا ان يترك والدي التدخين فورا ، نقلت له ما قاله اطباء لندن ، فتضايق الطبيب العراقي من كلامي واجابني بجملة دلت على غضبه : شكو جايلي ؟ ارجع للندن ..
يستمر زميلي بالحديث قائلا :
( قرأت في الصحف اللندنية انذاك ، احصائية لأعلى نسبة انتحار بين اصحاب المهن في المجتمع الانكليزي ، فتبين انها تحدث بين الاطباء ! ربما لكون معظمهم يتعامل انسانيا مع حالات مرضاهم الى درجة توصل البعض الى قمة كابة حينما يرون ويتعايشون يوميا مع حالات والام مرضية للانسان مع درايتهم يالنهاية المتمثلة بحتمية الموت ) .
اطباؤنا العراقيون عموما وبسبب قلة عددهم نسبة الى عدد افراد المجتمع ، يعيشون في حالة عمل متعبة تتواصل منذ ساعات الصبح الاولى الى ساعات متأخرة من مساء كل يوم ، واغلبية افراد مجتمعنا يكنون الاحترام التقدير المتميزلكل طبيب ، لا من منظار كونه انسانا حصل على ارقى المعدلات التي تؤهله دراسة الطب ، وهي دراسة صعبة ومتعبة واحدى صعوباتها اللغة الاجنبية بمصطلحاتها العلمية الطويلة والمعقدة اضافة الى متطلبات الذكاء لغرض القدرة على تقبل محتوى المواد الدراسية التى تتعامل بحياة الانسان ، وانما لأن كل فرد في المجتمع يدرك بأنه سيحتاج الى الطبيب لا محالة ، وما التقرب والتودد لأي طبيب الا لهدف الاطمئنان من ان الطبيب سيولي الاهتمام العلمي الصحيح  والكافي  للتعامل مع الحالة المرضية للفرد في زمن نسى كثير من الاطباء العراقيين ، احدى الثوابت التي درست لهم في قدسية مهنة الطب ، حيث يعتبر مرض اي انسان ضمن اسراره الشخصية ، فأخذوا يستقبلون المرضى داخل غرف عياداتهم  مثنا وثلاث ورباع او ما ملكت مساحات غرفهم ! لغرض سرعة فحص ومعالجة الاعداد الكثيرة من المراجعين المرضى .
بحكم هذه الاوضاع والظروف الاجتماعية اصبح الاطباء في العراق ، والمتميزون منهم تحديدا ، يوصفون بـ ( طيور الحب ) ، فلا يفيد معهم التقدير والتودد ، وحالهم كحال طير الحب الذى ما ان يجد منفذا للهروب فانه يولي طائرا هاربا دون ان يلتفت الى الوراء ناسيا جهود وتعب من اطعمه ومن اّواه مطمئنا من عدم حاجته اليه مستقبلا  واثقا بحاجة كل الناس اليه !!
الحديث عن اطبائنا اجتماعيا شيق وذو شجون وللان لم نتناول اوضاع اطبائنا بعد 2003 .
كوني معي في مقال قادم رجاء .

                                                               نبيل قرياقوس بولص
 

159
المنبر الحر / ثلاثة ما يستحون
« في: 18:47 14/09/2008  »
يوميات عراقي

                                  ثلاثة لا يستحون

حدثني احدهم ، اليوم ، عن ثلاثة لا يستحون ،  قال :
لا استطيع ، اولا ، ان ابوب تصرفات احد جيراني تحت عنوان ( ازدواج شخصية ) ولا تحت عنوان ( نفاق ) ، بل هي اقرب الى مرض اجتماعي قد يسعى غيري لتسميته .
( ابو سامي ) رجل في نهاية عقد عمره الخامس ، مهمته في منطقة سكنه السلام والترحيب باحلى واجمل  الكلمات والدعوات  بكل شخص في المنطقة يمر به ، لكنه ما ان يغادره حتى يتلفظ ( ابو سامي ) بجمل قذرة ارحمها : ( روح كلب ابن .....) !، ثم يبدأ بسرد نواقص وسلبيات هذا المار على أي من اهل المنطقة من الواقفين قربه !
لا يسلم اي من اهل المنطقة من تشهيرات ( ابو سامي ) الصحيحة او الملفقة ، حتى اخوه الاكبر منه سنا والساكن في نفس المنطقة .
ثانيا ، جارة اخرى في نفس المنطقة مصابة بداء ( الفضول المستفحل ) ، فـ ( ام سامي ) تصاب بالهوس والانزعاج اذا لم تعرف يوميا بالساعة والدقيقة تحركات اي من افراد بيوت زقاقها ، انها لا تستطيع النوم الا اذا عرفت كل صغيرة وكبيرة في جميع بيوت زقاقها ، انها مستعدة لدق الابواب والاستفسار بوقاحة عن كل ما لا يخصها ، علما انها حريصة على كتمان اي من تفاصيل حياتها حتى الاعتيادي منها !
ثالثا ، وهو اقبح الذين لا يستحون ، مسؤول عراقي دائرته معروفة بالرشا وتأخير انجاز متطلبات المواطنين ، وسيادته يعرف جيدا ما يعرفه كل الناس ، ويصر على البقاء في منصبه ، ليغتني بعرق جبينه !.

                                                                                         نبيل قرياقوس بولص 

160
يوميات عراقي
الحرية بين ارصفة بغداد والقاهرة

مبدعون هم المصريون في فن التمثيل، واحدى قمم ابداعاتهم نتلمسها في نتاجاتهم لشهر رمضان المبارك كل عام.
مسلسلات لقصص تمثل جانبا من واقع مجتمع شرقي بمساحات وابعاد تحددها ظلال (صور) مسؤولين تفرض ظهورها في بعض تلك المسلسلات.
الشعوب الشرقية جميعها بعيدة عن ممارسة الديمقراطية، فالكلمة في مجتمعاتها محاصرة بقضبان (الصور)، فهي كلمة مخنوقة قريبة للموت بعيدة عن الحياة مهما بدى عليها مرونة في عرض الحقائق بشكل يحمل ملامح ديمقراطية التعبير والرأي.
في (كلمة حق) وهو عنوان احدى المسلسلات المصرية التي تعرض حاليا في القنوات الفضائية، يظهر فيها (ضابط نيابة) نزيه يحقق تحت راية (صورة) في مكتبه الرسمي في جريمة قتل بينما يشطت هذا الضابط في موقع اخر من نفس المسلسل في محاسبة مواطن مصري اعترض على قيام الشرطة بمصادرة بضائع باعة شارع، مقترحا على الضابط تهيئة اماكن ومحلات اصولية للباعة بدلا من هذه المعالجة القاسية، امر (الضابط) القاء القبض على المواطن المصري لمجرد انه ابدى رأيا بكلمات! وهذا ما اراه متنفسا خفيا عميقا لكاتب المسلسل ليعبر فيه بشكل غير مباشر عن الواقع (الاسود) لحقوق الانسان البسيط في المجتمعات الشرقية تحت ظلال (الصور).
في بغداد، اتذكر يوميا كلما مررت برصيف يعاد استبدال احجاره، لقاءا قصيرا شاهدته قبل سنوات للفنان المصري المبدع والانسان النبيل نور الشريف والذي انتقد فيه استبدال احجار احد ارصفة القاهرة لثالث مرة خلال العام الواحد داعيا الى صرف مبالغ الدولة بشكل عقلاني في مجالات انتاجية وخدمية اكثر منطقية.
ازاحت بغداد عنها (الصور) بدماء وتضحيات باهضة وجليلة، لكنها لازالت تعاني من كثيرين غير قادرين على استيعاب الواقع الجديد، فمنهم من فقد توازنه بعد ان رفعت عنه قضبان وسلاسل كانت تسيره كالحيوان فاصبح يحلم ويتصرف ليستملك كل ما يقدّره الشيطان، ومنهم من لا يستوعب عقله التصرف بمبالغ ضخمة لتنفيذ مشاريع اساسية للبلد لكونه تقولب على (التقتير) الذي تعود عليه في ازمات حروب مستمرة عاشها العراق لعقود، ومنهم من بات يقلد الدكتاتورية بصور اخرى و بتعظيم (الأنا) وانتقاص حقوق الاخرين، وضحية كل هؤلاء هم الاغلبية الساحقة من افراد المجتمع ومن الفقراء تحديدا، هؤلاء الذين لهم ثقة بان فجر الحرية لا محالة ناضج بعد سقوط (الصور)، لكنهم يعون بألم ان هناك فرقا بين ان تنضج الحرية بعد اشهر اوسنوات معدودة او ان تنضج بعد عقود، وتلك مشكلة حقا!.
نبيل قرياقوس بولص

161
قضية امام الرأي العام

اغرب مقترح في عالم السيارات العراقي

لا تتوفر لدي في هذه اللحظة الاحصائية الرقمية عن عدد الضحايا السنوي لحوادث سير السيارات ( المركبات ) في العراق ، لكني اتذكر صور ارقام مخيفة كنت اسمعها من وسائل الاعلام المحلية قبل اكثر من عقدي زمن ، كانت تحليلات المختصين دائما تؤشر ( السرعة ) عاملا مشتركا في جميع مسببات حوادث السير تلك والتي اؤدت بحياة اعداد ضخمة من العراقيين ، فبين  الظروف الطبيعية من امطار وعدم وضوح الرؤيا بسبب الضباب ، وبين رداءة الطرق ووجود سواق لا يعيرون اهمية لضوابط السير بالمركبات اضافة الى تعب البعض منهم او تناوله للمسكرات ، تأتي السرعة لتكون العام الحاسم لحتمية وقوع حوادث السير المؤسفة ، مذكرين باهمال السابلة ايضا لضوابط عبور الشارع .
قبل ايام اقترح علي شاب ، صاحب سيارة تكسي ، اقتراحا ترجاني ان انشره في  ( الزمان )  كقضية تطرح اولا للمناقشة امام الرأي العام ، وعسى ان تقوم الجهات ذات العلاقة في وزارة الداخلية والجهات التشريعية في العراق بدراسته ايضا ومن ثم اقراره قانونا يحدد تصميم السيارات المستوردة للعمل داخل المدن العراقية لتكون بقدرة سرعة قصوى  قدرها 60 كم / ساعة ، و 100 كم /ساعة بالنسبة لسيارات الحمل وسيارات تنقل الافراد بين المحافظات من التي يزيد عدد ركابها عن 25 راكبا  .
اذ يبدو هذا المقترح غريبا معاكسا لتوجهات اصحاب معامل السيارات في العالم والذين ما برحوا يتسابقون لانتاج اسرع السيارات ، مثلما هو غريب ان يصدر من شاب يتوقع له ان يكون اول المولعين بالسرعة بحكم عمره ، الا ان هذا الشاب يبرر مقترحه بعوامل موضوعية اهمها :
1.ان شوارع المدن مزدحمة بالسيارات اصلا ، وبالتالي فأن السرعة الاعلى من 60 كم / ساعة ستكون محدودة الاستخدام ، بينما تستثني سيارات الاسعاف وخدمات الامن من شروط السرعة المقترحة .
2. توقع انخفاض معدلات حوادث السير بالسرعة المقترحة الى ادنى نسبة ، اضافة الى انخفاض معدلات الجريمة .
3. السيارات الصممة بهذه السرعة ستكون ذات كلفة اقل ، وعمر تشغيلي اطول .
4. بامكان خدمات ( المترو ) المزمع انشاؤها في العاصمة والمدن العراقية الاخرى ان تؤدي اغراض بعض السرع المطلوبة للمواطنين داخل المدن .
المقترح على غرابته ، يحمل مقومات منطقية تؤهله ليكون قضية يهتم بها الرأي العام العراقي المثقف اضافة الى المختصين ، ومن يدري فقد يكون اقرار هذا المقترح في العراق بداية لاقراره في دول اخرى وسط اجواء تزايد حوادث المرور في كل انحاء العالم !



نبيل قرياقوس بولص

ملاحظة لطفا / نشر المقترح اعلاه في جريدة الزمان قبل ايام معدودة .


162
يوميات عراقي
 ازمة سكران مع صندوق النقد الدولي

صدفة غريبة ان تتعدد لقاءاتي برجل يبدو في مطلع العقد الخامس من عمره ، نحيف ، رث الملابس ، يحمل بيده دائما علاقة نايلون صغيرة ، وذلك بعد الظهر على خط تنقل ( الكيات ) بين الكرادة وبغداد الجديدة .
يكون في البدء صامتا كبقية ركاب الكيا ، لكنه لا يستطيع التحمل الا ثوان ، وليبدأ ( كأنه يخطب في الحاضرين ) بالكلام بصوت عال ، وليكشف عن رائحة ( عرق ) تناوله ، تفوح بقيح قاتم يثقل دواخله ، فقبل ايام ، حدثنا عن معاناته في الحر مع مولدته الكهربائية التجارية الصينية الصنع  التي تعطل يوميا ، وحدثنا في يوم اخر عن معاناته في الحصول على جواز السفر حيث وطوال عام كامل كلما يذهب للدائرة يقولون له : تعال بعد شهر  ، خلصت الاستمارات  بينما يكون عدد المراجعين معدودا والازدحام وهميا !!.
اليوم بدأ حديثه بكلمات ( صندوق النقد الدولي ) ، وظل يكررها لعدة مرات ، مثيرا انتباه وضحكات النساء والرجال الذين لا يعرفونه ، ثم اردف قائلا بجمل متقطعة :
كهرباء ماكو ...صندوق النقد الدولي يقبل !
نفط ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
سفر وراحة ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
رشاوي اكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
سكن ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
شغل ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
تأمين صحي ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
فلس للعراقي .. صندوق النقد الدولي ( ما )  يقبل !!
بين همسات الحاضرين ، اكمل السكران خطبته بجملة الزمتهم الصمت ، وكأنه استطاع ان يقنعهم بها ، رغم كونه ثملا ، ربما لانه افصح بصراحة وعن قرب ،  عن معانات قد يكون الجميع يعيشها ، قال :
اريد اعرف شنو يطلبنا صندوق النقد الدولي ؟!.

                                                                              نبيل قرياقوس بولص



163
 

                       انا من قومية المريخ

 

حضرت اليوم زيارة قام السيد نقيب الصحفيين العراقيين لكادر تحرير احدى الصحف العراقية الناطقة بلسان احدى القوميات العراقية .

اجواء حلوة انتعشت بها وانا اتوسط  اناس يفترض بهم يقدسون الكلمة وسيلة لسعادة بني البشر ، عادت بي نشوة تلك الاجواء ثلاثين عاما الى الوراء حيث كنت في التاسعة عشر من عمري ، طالبا في كلية هندسة البصرة ، وبينما كان زملائي منشغلين دائما بالمحاضرات والزيارات العلمية كنت انا استثناءا لا افوت ندوة فكرية او علمية او اجتماعية تقام في مبنى قاعة التربية او بهو الادارة المحلية ، كنت ابدو اصغر الحاضرين في تلك الندوات لكني كنت اشعر اني اكثرهم جدية في الاهتمام بما كان يقال فيها ، كنت احيانا اشارك بتعليق او رأي غالبا ما كان يثير غضب ادارات تلك الندوات ، فلا لقاء ايجابي متوقع بين خطب واحاديث لا واقعية وبين نظرة شابة متميزة نقية بعيدة عن سموم اطماع الحزبية والسلطة والمال .

اليوم ، وبين احاديث شتى ، اكد نقيب الصحفيين العراقيين بذله كامل الجهود للاسراع بسن قانون حماية اصحاب الكلمة المسالمة في العراق ، بينما دارت نقاشات جانبية بين زميلين حول القوميات العراقية ، اضطررت بعد دقائق من سماعي اياها ان اخبرهم اني  ومع كامل ووافر احترامي وتقديري لاهالي وطيبة كل القوميات العراقية ، افضل القومية التي لغتها ترعاني وتعلمني بعد ولادتي ، وارضها تشغلني وتسكنني اذا ما شبت واشتد ساعدي ، وحضارتها تداويني وتطعمني اذا مرضت ، قومية علمها المساواة فعلا بين كل افرادها ، فاذا كانت هذه القومية موجودة في المريخ فانا اعلن لكل الدنيا اني لست كلدانيا ولا اشوريا ولا سريانيا ولا عربيا ولا كرديا ولا تركمانيا ، انا اتشرف ان اكون مريخيا !!

 

 

                                                 نبيل قرياقوس بولص

164
المنبر الحر / سكارى الحب
« في: 14:59 26/07/2008  »
                            سكارى الحب
 
في المجتمعات الانسانية عموما ، ومجتمعاتنا الشرقية خصوصا ، يسهل كثيرا التحدث عن عيوب الاخرين وانتقادهم ، الامر الذي يبدو طبيعيا في اطار نظرة منطقية عامة تفترض وجود مثل هذه الحالة لا اراديا ، رافدا لمسيرة الرقي بالتصرف الانساني والاجتماعي للافضل ، وهذا هو جزء اساس مما يطلق عليه العالم المبدع علي الوردي بنظرية ( التصارع ) والتي يعتبرها احدى مقومات التطور الاجتماعي والانساني .
ما يؤخذ على مجتمعاتنا الشرقية انتشار اصابات داء ازدواج الشخصية وبدرجات متفاوتة الشدة ، فالغالب ان موظفا او مواطنا ما ينتقد وزيرا او مسؤولا او اي شخص اخر ، في حين انه لو ولي محلهم لا ّتى بنفس ما ينتقدهم عليه في افضل الاحوال !
احاول دائما في صراع مثقف، متواصل مع النفس ، ان احدّ من رغبات التسلط فيها او امنيات المادة وشهوات الجسد لها ، لانصف الاخرين ، مقاوما  قدر المستطاع داء الازدواجية الخبيث ذي القدرة السحرية الفائقة للنفاذ الى حياتنا الاجتماعية ، وقد اصل احيانا الى درجة اظلم فيها نفسي حين اميل عن عدلها ، متحملا ذنبها لئلا اجازف في تحمل ذنب نفس انسان اخر ، فبالامس واليوم اعدت قراءة مقالي المنشور في جريدة الزمان الغراء بتاريخ 20/7/2008 عن ام كلثوم وهي تشدو لعشاق بغداد ، حاولت ان اتأكد اني لم انطق كلمة مصابة بجرثومة الازدواجية محلقا في اجواء خيال صعبة الوصف تضعني مكان اناس قصدتهم في حديثي مفترضا وجود عناصر مؤثرة لا يمكنني تخيلها ، لا تتوافر الا في الظروف الحقيقية للحدث ، بينما حفزني لذلك لقائي باحد اهل الحب ، مسؤول في احدى الوزارات العراقية ، حيث وجدت فيه سماحة نفس وسمو خلق وحكمة ادب وذكاء علم وقرار عدل ، وجدت ذلك على لسان وعواطف اغلب موظفيه قبل ان اجده فيه ، وجدت في شخصه من هو اكبر من منصبه ، فهو انسان يحب كل الناس دون تمييز ، ينصف بينهم ويخاف عليهم ويحميهم من ظلم هفوات قوانين وانظمة لم تبدل بعد ، وجدته عراقيا لا يقل عن مستوى اناس غربيين نمتدحهم لاخلاصهم وحبهم لعملهم ، وهكذا بت احمل هم ما سيلاقيه هذا الرجل من مصاعب بين الكثير من الفاشلين الصغار على كراسيهم في وزارات اخرى ..
مخاض انساني متعب من التفكير ، قد يوصل مثله البعض من عديمي ازدواج الشخصية ، محبي الانسان ، الى كأس فحواه اهات العراقي وامانيه بالفرح  ، يلجأون اليه بعد ان تثقل عليهم  الاّم وضغوطات ولادة عراق جديد ، ليسكروا وهم يرددون بفخر يؤكد تمسكهم بالحب ومعاناته  كلمات أم كلثوم (هل رأى الحب سكارى مثلنا ) !.
                                                               نبيل قرياقوس بولص


165
 

                         ام كلثوم تشدو لعشاق بغداد

 

لاعجاز اظنه في كلمات والحان وصوت واداء كوكب الشرق ( ام كلثوم )  احس الان ، وانا في العقد الخامس من عمري ، اثناء استماعي لاغانيها بلحظات تمتزج فيها ، بديناميكية انسانية غريبة ، ذكريات عواطف العشق والعتاب في ايام المراهقة والشباب مع مشاعر واحلام احداث جسام نعيشها الان .

فبعد ان تقدم العمر وكبر القلب وتوسعت العينان ونضج العقل اصبحت ارى ( الحب ) الذي تقول عنه ام كلثوم ( يا عيني عليه ) في احلام كبيرة تجسد المساواة بيننا ، وسلام يجمعنا ، وحرية فكر تسودنا ، احلام تحقق العمل لكل عراقي وتؤمن الكرامة والصحة والرعاية  له ، وعندما تقول كوكب الشرق لظالمي الحب والفاشلين فيه ( العيب فيكم ) او في ( حبايبكم ) فارى العيب في بعض ( مسؤولين ) عراقيين جهلة غير صالحين  حتى وان ملكوا شهادات الكون ما داموا فاقدين للمنطق واحاسيس الانسانية ، جيوبهم لا تشبع وشهواتهم لا حدود لها ، نصبتهم طائفة او احزاب ، فصدقوا ( وهم ) كفاءتهم ، فخربوا بدل ان يعمروا ، بل وطغوا في بيروقراطية تقلد ايام الطغاة ، او قد ارى العيب في ( حبايب ) اولئك المسؤولين من الوعاض المنافقين المتلونين ومن عشاق ( الزيتوني ) الذين خدموا الدكتاتورية حتى اخر انفاسها ، فهم حاقدون على انفسهم وعلى الحياة ، مشتاقون للصرعات والحروب والتمييز بين انسان واخر ، اعداء هم لحرية الكلمة والتقدم والحب .

اعترف بصراحة من يقدس الكلمة ويعشق العدل  ان احلامي ورؤياي هذه عن ( الحب ) وعن ظالميه ، قادرة تحت ظلال انغام وانوار كوكب الشرق ان تجتمع بسرعة البرق لتطربني حد السكر ، ولتمطر على احداق عيني دمعة  طاقتها شلال طاهر نظيف يغسل الغبار عن ذكريات حب المراهقة والشباب ، مواسية اياي وكل اخوتي العراقيين في الوطن وفي بلاد الغربة عن  الالام العسيرة  لولادة  عراقنا الجديد ، بينما يشاهدونني اهل العيوب مستخفين بي ( مسكينا ) وما هم في هذا الا صادقون فـ ( اهل الحب صحيح مساكين ) ! .

 

                                                                                       نبيل قرياقوس بولص   

نشر في جريدة الزمان بتارخ 20/7/2008 ص 2 المقال الرئيسي فيها   

166
المنبر الحر / غير صالح للنشر
« في: 14:27 14/07/2008  »

يوميات عراقي                                                                                                     
                             غير صالح للنشر
       
من منا لا يحب ان يكتب ان استطاع ؟
من منا لايحب ان يبوح بما يظنه لاكبر عدد من الناس ؟
من منا لايتمنى في داخله ان يعرفه الناس كاتبا مبدعا ؟
الكتابة ضرورة ووسيلة انسانية حضارية مشروعة ، لكن فاعلها انسان كباقي البشر تصنع افكاره واتجاهاته معادلة تفاعل معقدة بين عاملين واسعين هما:
1.محيط الكاتب المادي والفكري والاجتماعي والسياسي .
2.الصفات الوراثية لجينات خلايا دماغه.
من هنا ، قد تجد كاتبا واقعيا يمتلك في كلماته رؤية واسعة ناضجة ذات هدف انساني نبيل ، يريد به مصلحة الكل دون ان يقل من حرية الفرد ، ويكون امثال هذا الكاتب مبدعين في كتاباتهم ، ذوي ادوات لغة صريحة وسهلة ، يعتبرون المردود المالي ناتجا عرضيا لاعمالهم وليس هدفا مبتغا .. بينما قد تجد كاتبا متقلبا ، يبيع كتاباته بثمن عذابات الناس او اخر يبدع في نقد صفات وافعال واخلاق هو اعتى من يتصف بها او قد يكون من الذين لا يتمكن احد ان يفهم مصطلحاته وجمله المركبة ، فهو يكتب لاجل ان يبيع!
شتان بين جبل ووادي ، بين قمة ومنحدر.
صباح اليوم ، واثناء تناولي لـ ( بيضة ) افطاري ، قرأت مقالين لكاتبين في صحيفتين مختلفتين ، وجدت الاول مقالا رائعا ، مغذيا للفكر والروح ، مقدسا للحرية والانسان ، مثله كمثل بيضة دجاجة تغذي الجسم وتقويه ، اما الثاني ، وجدت مثله في ما تعطيه دجاجة غير بيوض عندما تجبر نفسها على العطاء ، فما تخرج اكثر من اوساخ معروفة بالتصاقها بقشور البيض احيانا.!!
 
                                                   نبيل قرياقوس بولص     


167
              بريشة العالم الوردي .. لوحة اطبائنا في المستشفيات

متابعة لرسم لوحتنا السابقة حول عيادات اطبائنا ، حدثني صديق ، قبل حوالي عقد من الزمن ، عن طبيب افتتح عيادته الخاصة بتفكير تجاري انساني ، حيث اجتهد عدم جبي اي اجور اجبارية محددة من مرضاه ، فاسحا المجال لهم لاعطاء ما يتمكنونه في صندوق خاص ( يشبه صندوق التبرعات ) مثبت على احد جدران العيادة قبل مخرجها ، كان طبيبنا يتوقع ان يسد الميسورون العجز في مدفوعات المرضى الفقراء مع ربح مضاف له ، الذي حصل ان الطبيب اكتشف بعد فترة ان استمرار العمل بهذا الاسلوب سوف لن يؤمن له كلفة الايجار الشهري لعيادته !
في حادثة اخرى ، زميل اخر لي ، ميسور الحال جدا ، يملك عمارات في ( الشيخ عمر ) ، رغم انه يشكو دائما فقر الحال وقلة العمل امام الذي لا يعرفه  ، اراد قبل سنين ان يجري عملية جراحية لاذن والدته ،  كانت ستكلفه ( كذا ) مبلغ  اضافة الى خطورتها  لكون والدته امرأة طاعنة في السن ، نصحته ان يعرضها على طبيب اعرفه جراحا ذكيا ومختصا بامور الاذن ، عمل هذا الزميل بنصيحتي وراجع ذاك الطبيب الذي ابلى بلاء طبيا ممتازا مع المريضة ، حيث عالجها في الحال بعدد طبية وادوية خاصة جدا يملكها في عيادته بحيث خمدت الامها في الحال  ، واكد الطبيب المبدع  عدم حاجة المريضة الى اي عملية جراحية ، وفي النهاية طلب اجرة قدرها عشرة الاف دينارا بدلا من خمسة الاف دينار مضمنا اياها كلفة الدواء والعلاج . زميلي ( الكريم ) عاتب الطبيب عتابا مرا على اجوره العالية وجائني يشكو من طمع الاطباء !!
دونت الحادثتين اعلاه لاكون منصفا في استكمال رسم لوحة عيادات اطبائنا ، ولاوضح ان لبعض مراجعينا قصورا في جوانب تخص عيادات قسم من الاطباء .
كان الاطباء العاملون في المستشفيات الحكومية حتى منتصف القرن الماضي يؤدون عملهم بشكل مقبول حتى لو كان للاستشاري منهم عيادة خاصة يعمل بها بعد الدوام الرسمي  ، فمعضم العراقيين يجرون العمليات الجراحية التي يضطرون اليها في المستشفيات الحكومية دون تفكير فى مستشفيات خاصة  لجودة الاطباء وخبرتهم وحرصهم ، ولقلة المستشفيات الخاصة اصلا واجورها العالية جدا .
الا ان عاما بعد اخر ، وبسبب تطور الحالة الاقتصادية تارة كما حصل في السبعينات ، او بدء حروب  القتال والحصار ومصائبهما تارة اخرى في عقدي الثمانينات والتسيعينات ، تنامت ظواهر الاهمال والتقاعس لدى اغلب اطبائنا في وظائفهم الحكومية مع ازدياد الحاجة والطلب عليهم ، حيث تفاقمت وقائع اهمال فحص المرضى ومعالجتهم في المؤسسات الطبية الحكومية بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ العراق الحديث ، وليجبر المرضى على مراجعة العيادات والمستشفيات الخاصة ، بينما اثرت هذه الاجواء على الكوادر الطبية الاخرى والدنيا خصوصا وليعبثوا وليفقدوا مهنتم اغلى قيمها الانسانية ، لا بل انحدرت  تعاملاتهم حد الجريمة بحق الانسانية ، فمريض او جريح لا يسعف وسط المستشفى لولا وجود من يدفع عنه ما يسمى بـ ( الاكرامية ) وفي كل خطوة من الخطوات داخل المؤسسة الصحية الحكومية !
كان للوضع السياسي والاقتصادي للبلد عامة ، ولاسلوب الادارة في تلك المؤسسات الطبية الحكومية الاثر  الواضح في الانحراف الخطير الذي دب في شرف مهنة  الطب وذوي المهن الصحية ، فرواتب هزيلة مقابل جهود مضنية مطلوبة ، في ظل تسلط شخصيات حزبية لا تجيد التعامل مع الكوادر الطبية والصحية لضمان استمرار عملها المقدس بالمسار الانساني المعقول ، مذكرين بسواد ظروف امن دكتاتورية اصبح في ظلها بامكان اي موظف امن الصاق التهم الكيدية باي رجل طب اوعلم اوفكر لمجرد كلمة ينطقها  مخالفة لمسار الحكومة ، ليبتز منه ما يجعله غنيا  في ساعات ، وما كان على الاطباء ( المشهورين منهم خصوصا ) الا الاستعداد لحماية انفسهم بجني المزيد من المال ليكون خزينا يساعدهم في محنهم المتوقعة  او مغادرة البلد .

ازاء هذه الاوضاع ، ظهرت حالات اجتماعية تنتقد الاطباء في العراق عموما ، كما تتهم بمرارة الكوادر الدنيا في المؤسسات الطبية الحكومية ، لتقصيرها في اداء مهنتها الانسانية التي يفترض بها المواطن العادي ان لا تكون لهاعلاقة بـ ( الفلوس ) ، العراقيون باتوا دون استثناء يعرفون ان الطبيب او الممرض الفلاني يقابل مراجعيه في المستشفى بحدة وغضب دون ان يؤدي واجبه صحيحا تجاههم ، بينما يقابل نفس المرضى في عيادته او مشفاه الخاص بترحاب وصبر مقابل كثير من المال .
هذه الاوضاع ازدادت وضوحا وطرديا باشتداد ازمة الحروب والحصار الدولي على العراق ، اي بازدياد فقر وحاجة  سواد العراقيين ، وذاك ما ادى الى تولد انطباع مؤلم جدا لديهم عن الاطباء وكوادرهم الصحية عمقه يتناسب والمكانة الخاصة العالية التي يتمتع بها الاطباء في مجتمعنا ( كما اوردناها في مقالنا الاول الذي ابتدأنا فبه رسم لوحة اطبائنا ) .
لازلنا نحاول اكمال اللوحة بمزيد من الخطوط التي تملء فراغات واسعة ، فقبل ان ندخل  عام 2003  لابد ان نوضح صورة ( شرح طبيبنا لمرض مراجعه ) ، وهل يوضح له ماهية ادويته ؟
امامنا الكثير من العمل ..
ساعدوني بمتابعتكم مقالي المقبل .


                                                                       نبيل قرياقوس





168
بريشة العالم الوردي .. لوحة اطبائنا ومرضاهم

من المنطقي القول بان دراسة تخصص كمهنة الطب تشترط  توفر طالب متمكن بذكائه في الدروس العلمية اضافة الى قدرته ورغبته في ممارستها .
في العراق يقبل في الكلية الطبية من يحرز اعلى معدل في دراسته الاعدادية ، والمعدل هذا يشمل جميع الدروس العلمية وغير العلمية ، وهذا يعني ان الطالب الذكي الذي يهوى فعلا دراسة الطب والذي قد لا يكون قادرا على الحصول على درجة عالية جدا  في ( قواعد اللغة العربية ) او ( الدين ) ستفوته فرصة دراسة ما يستحقه ، وما كان سيبدع به ، بينما يحتل مكانه طالب ذو قدرة اقل للتعامل مع المناهج الطبية ، فيما هناك من الطلبة الاذكياء من الذين يحصلون على معدل عال جدا ولا يرغبوب دراسة الطب لكنهم يضطرون بحكم الظروف الاجتماعية السائدة للتقديم لدراسته ،وتكون النتيجة فشل وتخرج طبيب عادي غير مبدع في مهنته او شبه طبيب ، وما اكثر امثال هؤلاء بين اطبائنا .
سمعت اناس يتحدثون عن حالات مدهشة ( بقدر ما هي مؤلمة ) لبعض اشباه الاطباء ممن قد تجد عياداتهم فارغة من المراجعين رغم قدمهم ، وهم يحاولون بشتى الطرق ، بما فيها الحيلة والكذب ، اللحاق بما يكسبه زملاؤهم الناجحون في المهنة ، فهم يحاولون ابتزاز الذي يقع فريسة عيادتهم من الاناس الذين لا يعرفون تدني قدراتهم ، وربما تكون الحالات المؤلمة المستعجلة للمرضى الذين لا يستطيعون تحمل الزحامات هي التي تقودهم الى فخ عيادات اشباه الاطباء . من صور الحيلة والابتزاز ( الذي قد يحسب على مستوى جريمة ) ان بعض اولئك الاطباء يقوم بفحص المريض وزرقه بـ ( ابرة علاج ) في العيادة ، وربما تكون ( ماء مقطر ) او ( امبسلين ) مثلا ، وبعد الانتهاء من الكشف يطلب الطبيب من مريضه اجرة كشف كأن تكون خمسة الاف دينارا مضافا اليها مبلغ خمسة وعشرين الف دينار كلفة ( الابرة ) اي ما يعادل خمسة اضعاف اجور الكشف !
نهاية القرن الماضي ، التقيت صدفة ، في صالة انتظارعيادة خاصة ببغداد ، باحد الذين وقعوا في فخ احتيال  احد هؤلاء الاطباء ، قال : لا ادري ما الذي جعلني اشك في تصرفات الطبيب ، دفعت له ما اراد ، لكني طالبته بالزجاجة الفارغة لـ ( الابرة ) لاراها واعرف ماهي ، تملص الطبيب بطرق ملتوية ولم يعطني اياها !!
لا املك في هذه الحظة النسبة المعقولة المفترضة بين عدد الاطباء الى مجموع سكان أي مجتمع ، لكننا نعرف ان هذه النسبة منخفضة ليس في العراق وحده وانما في جميع المجتمعات المتخلفة عن ركب الحضارة الانسانية ، لذا فالزحامات على الاطباء امر طبيعي متوقع ، ولعلها العذر الذي يستند عليه بعض اطبائنا حين يلامون عن تقصيرهم في اداء واجباتهم الانسانية بالشكل المنطقي المقبول في المستشفيات الحكومية خصوصا ،  بينما يتحمل اولئك الاطباء ساعات عمل طويلة في عياداتهم الخاصة ، حتى ان بعضهم من الاختصاصيين كانوا لقبل سنوات معدودة يستمرون في عملهم بعياداتهم لما بعد منتصف الليل يوميا .
الغالبية من اطبائنا لا يميلون الى توضيح مرض مراجعيهم بصورة مبسطة ، ولا يميلون الى توضيح عمل الادوية التي يصفونها لمرضاهم ، مفترضين جهل المريض ( من يكون ) بشكل تام ، في حين هناك الكثير من المرضى من هم على استعداد لمعرفة ماهية مرضهم ليتعاملوا معه بشكل افضل ، فالمريض المثقف يدرك جيدا ان لا طبيب لا يخطأ ، لذا فهو يريد ان يعرف تفاصيل أي دواء يتناوله بالشكل المبسط دون ان يكون هو بديلا عن الطبيب ، ومن هنا تجد ان كل صانعي الادوية يحرصون على كتابة التفاصيل التي توضح للمستهلك تركيبة الدواء ومحاذيره واستخداماته اضافة الى توضيح ما يخص الطبيب .
اطباؤنا عموما يتضايقون حين يسألهم المراجع عن عمل الادوية التي وصفت له وكأنهم يعتبرون ذلك تدخلا في شؤون عملهم دون ان يستدركوا ان المريض هو من يستناول تلك الادوية ومن حقه الانساني ان يعرف بشكل مبسط ما ستفعل به !
من الظواهر التي تخص الجانب الطبي والتي بامكاننا تصنيفها ظاهرة اجتماعية لدى اغلبية اطباء العراق ، تلك التي يمكن ايجازها بالشكل التالي :
حاول عندما تشكو من حالة مرضية طارئة ، مهما كانت بسيطة ان تراجع طبيبين في نفس اليوم ، الطبيب الثاني سوف لن ولن يقر الادوية التي يحددها الطبيب الاول ! حيث معروف في بلدنا انك اذا حملت كيس ادويتك وذهبت لطبيب جديد للمراجعة فأول ما سيقوله لك : ارمي ادويتك الاولى في حاوية ازبال !!
هناك طبع اجتماعي لدى اغلب اطبائنا لاظهار انفسهم وكأنهم يتميزون عن غيرهم حتى لو انهم غيروا الدواء بنفس الدواء لمجرد انه منتج من قبل شركة اخرى ، فالمهم ان يغيروا ما وصفه الطبيب الاخر !! بينما قد تؤشر هذه الظاهرة في امراض صعبة مدى الاخطاء التي يقع فيها اطبائنا في التشخيص والمعالجة في ظل نقص للاجهزة والمعدات الطبية الحديثة ، وتخلف عن مواكبة علوم الطب المستجدة ، وقلة في الاطباء الاذكياء المبدعين في اختصاصهم .
اقتربنا كثيرا من عام 2003 ، ولوحة اطبائنا لم تكتمل ..
سنحاول سوية اكمال رسم ما نستطيع في الايام المقبلة . .

                                                                 نبيل قرياقوس





169
             بريشة العالم الوردي ..لوحة عيادات اطبائنا


في مجتمع متخلف اقتصاديا كمجتمعنا ، تكون صورة القوى العاملة فيه بوضع لا تحسد عليه من انخفاض بالاجورمقابل تكاليف عالية للمعيشة والحياة ، الوظائف الحكومية هي الاخرى تكون باجور لا تكاد تسد رمق شاغيليها .
خلال القرن الماضي ، كانت اجرة فحص المريض في عيادة طبيب خاصة لا تقل عن اجرة عمل يوم كامل لعامل ما ، يضيف اليها المريض كلفة التحاليل والادوية او العلاج ، وكل هذا في الحالات المرضية البسيطة التي لا تحتاج الى عملية جراحية او اجور انتقال من مدينة الى اخرى بحثا عن طبيب متمكن .
الطبيب ليس له ذنب مباشر في هذه الاوضاع ، فالخلل يكمن في نظام الدولة الذي لا يعالج اقتصاديا اجور العمالة فيه وفق متطلبات معادلة صعبة قد يدركها الاقتصاديون .
ما يؤخذ على اغلب اطبائنا ، هو كونهم يميلون الى ممارسة ( البخل المكتسب ) في توفير ابسط الظروف لمراجعيهم من المرضى ، فصالات انتظار المرضى صغيرة ، ذات كراسي مستهلكة تماما ذات عمر اطول من عمر الطبيب بكثير ، والمروحة السقفية افضلها منتج قبل نصف قرن ، هواؤها لا يستطيع الوقوف امام حر لاهب تحاول بصعوبة افضل اجهزة التكييف الحديثة  التخفيف من وطأته . نقول  بات وطيلة عقود مضت ولا يزال ، دخول عراقي الى عيادة طبيب فيها كراسي مقبولة للجلوس والانتظار  ، و مبردة او جهاز تكييف ، امرا مستغربا غير معتاد  .
لا اريد التحدث عن موقع العيادة  في طوابق بناية عمارة  ، رغم ان العيادة قد تكون لمرضى العظام والكسور او القلب والشلل ، لان البعض سيستعجل القول بغلاء السرقفلية للمحلات الارضية ، وكأن ( المطعم ) ذو مردود ربحي اكثر من عيادة طبيب عدد مراجعيها لا يقل عن ثلاثين مريضا في اليوم كحد ادنى .
في جانب اخر ، كان الاطباء العراقيون حتى فترة قريبة لا يطالبون باي اجور فحص اضافية من المريض بعد ان يعاودهم بعد ايام قليلة بسبب استمرار سؤ صحته ، كان الاطباء ينحرجون لكونهم لم يستطيعوا تشخيص ومعالجة حالة مريضهم ، اما الان فلربما صار الاحراج على الكثير من الاطباء ان يمتنعوا عن المطالبة باجور اخرى جزاءا عن عدم قدرتهم على معالجة حالة المريض ! فالاجور تجبى قبل الدخول الى غرفة الطبيب .
من اجل ان نكون قريبين الى الدقة اكثر ، دعونا نقول ، اننا لا ننفي وجود تصرفات كرم انسانية فيما يخص الجانب المادي للتعامل بين بعض اطباء العيادات الخاصة وبين المحتاجين من المرضى المراجعين الغير قادرين على توفير كلف الفحص والعلاج ، الا ان ذلك يبقى ظاهرة محدودة قلما نسمع بها ، وقد يكون الشك في ادعاء بعض المراجعين الفقر هو احد اسباب عدم اتساع ظاهرة المساعدة ، في مجتمع معروف فيه بشكل عام ان المتعففين يمتنعون عن اعلان حاجتهم في ظروف قاسية جدا .     
لتلطيف الحديث ، اذكر لحضرتكم واقعة جرت عام 2000 م حسبما اتذكر ، حدثني اياها صديق مهندس حي يرزق حتى الساعة ، حيث اضطر الى استقدام احد الاطباء حينها الى الدار للكشف على صحة احد اقاربه المرضى ، وبينما وصلا البيت كان المريض قد فارق الحياة ، قرأ الطبيب ( الفاتحة ) ، بعدها طالب صديقي باجور ( الكشف ) كونه قدم لموقع ( الرزق ) !.
في حادثة اخرى معاكسة تماما ، رواها لي صديق مهندس اخر ، كان في رحلة ايفاد رسمي خارج العراق وزميله المهندس الاخر نهاية عقد الثمانينات ، وبينما تزحلق زميله ساقطا على رأسه بسبب الثلوج في احدى المدن الاوربية ، استدارت سيارة تحمل عائلة بضمنها اطفال ، مسرعة اليهما ، ترجل سائق السيارة تاركا عائلته مهرولا  نحو العراقي الساقط ارضا وقام بفحصه واجراء اعمال الاسعاف الفوري له ، ثم توجه الى سيارته واتصل بسيارة اسعاف ولم يغادر الموقع الا بعد ان كتب تقريرا لسيارة الاسعاف التي نقلت العراقي الى المستشفى ، الرائع في الموقف هذا ، ان ذاك السائق طبيب مواطن دولة اوربية رأسمالية !.
عفوا ، نسيت ان اذكر بان الطبيب لم يطالب باي مبلغ عن ما قدمه من خدمة ، باعتبار ان ما قدمه في تلك اللحظات الحرجة كان حالة انسانية تقدم لكل كائن حي ، لا يطول اجرها اي ثمن ، وهذا ما يجعلنا نقدر صاحب مهنة الطب تقديرا يليق بملاك الرحمة .
كتابتي القادمة ، سادتي ، ستحمل المزيد من اللمحات الاجتماعية لاطبائنا العاملين في المستشفيات الحكومية  والخاصة  ، واسلوب تعاملهم مع الناس وتعامل الناس معهم  ،وبعدها ظروف اطبائنا بعد 2003 ،  فلوحة الاطباء لم تكتمل بعد وما زالت بحاجة الى اركان والوان متعددة وواسعة .. كونوا معي رجاء .



                                                                          نبيل قرياقوس بولص



170
بريشة العالم الوردي .. لوحة زوجاتنا وازواجنا
نبيل قرياقوس بولص
you_nabil90@yahoo.com


الزواج شركة بين اثنين لبناء حياة اسرية ، وكحال اية ( شركة ) فان نظما واسسا يجب ان يتم الاتفاق عليها بين الرجل والمرأة قبل الزواج ، واحدى تلك الاسس هي الاتفاق المبدئي على تحديد صاحب القرار النهائي في حال تم الاختلاف على اي قضية اساسية تخص اسرتهما ، فعدد منتسبي هذه الشركة ( اثنين ) وبالتالي يصبح من الضروري تحديد احدهما ليكون صاحب الكلمة الاخيرة والقرار الفصل فيها .
قد يكون سائدا ومعروفا في مجتمعنا ، الافتراض ان الرجل هو صاحب قرار الحسم ، وهذا ما قد يثير احيانا اقوال عدم المساواة بين الجنسين ، وينسى اصحاب هذه الاقوال ان وضع المرأة ، جدلا ، لئن تكون هي صاحبة القرار ، سيعني عدم المساواة ايضا . اذا لندع تحديد ذلك للطرفين بشرط ان يتم قبل ارتباطهما بعقد الزواج ، على ان يفسح القانون المجال لطرفي العقد بفسخه بـ ( الطلاق ) في حال عدم قدرة اي طرف مواصلة التعايش مع الطرف الاخر .
بامكاننا علميا وبحجج منطقية ( لسنا بصددها الان ) اثبات ان الازواج في مجتمعنا العراقي هم :
1. اغلبية ساحقة من رجال يظنون انهم اصحاب الكلمة والقرار في اسرتهم ، بينما هم في الواقع ، يخضعون باسلوب او اخر لكل ما تخططه وتبتغيه زوجاتهم حرفيا ، ويكون هؤلاء الرجال بوضع نفسي يوحي لهم انهم اتخذوا قرارهم بانفسهم دون ان يعلموا انهم اقنعوا انفسهم بعقلهم الباطن لتبني جميع ارادات وقرارات زوجاتهم صحيحة كانت ام خاطئة !! الزوجات يكن على يقين بانهن صاحبات القرار في كل امور الاسرة ، بينما يعلن للمجتمع بان ازواجهن هم اصحاب القرار وما هن الا المسكينات ، المطيعات !.
2. رجال ، يدركون ويعون جيدا ان امرهم ( كبيره او صغيره ) بيد زوجاتهم ، لكنهم ينكرون ذلك بشدة امام المجتمع ، بل يستهزؤن بكل رجل يعرف عنه بانه يتساهل في امور قرارات بيته !! اما زوجاتهم فهن يدركن ، ويعلن بفخر انهن يمتلكن زمام الامور في البيت على حساب الرجل الى درجة انهن يحدد عدد كلمات سلام ازواجهن على اهلهم واقاربهم وجيرانهم !
3. قلة جدا من الرجال ، من هم فعلا يفرضون رأيهم في كل امور الاسرة بدكتاتورية واسعة ، وهؤلاء تراهم اما من الجهلة المتواصلين مع الاعراف المتوارثة والتي تحكم بضرورة ان يكون الرجل هو الامر الناهي في كل الامور دون اي نقاش او اعتراض ، او قد يكونون من اثقف الرجال اكاديميا لكنهم يعانون من ازدواج شخصياتهم في البيت وليكونوا عبيدا لاهلهم ( غالبا امهاتهم او اخواتهم ) بفرض اراء قسرية على الزوجات ، وغالبا ما تتعرض زوجات هؤلاء الرجال الى ظروف كبت وتعامل لا انساني من تجاهل واذلال ومهانة .
4. قلة تقرب قيمة نسبتها من الصفر ، رجال مثقفون ، يعون جيدا حدود حقوقهم وحريتهم ويقرون بحدود مثيلة لحقوق وحرية زوجاتهم دون ان يفقدوا دورهم في الحسم في الامور التي تستوجب قرار رأي حاسم . يتعرض امثال هؤلاء الرجال لضغوط متعبة ، وربما لمحاولات ابتزاز في حال كون شريكاتهم لسن بمستوى الوعي الذي يدركن فيه حدودهن مقابل هكذا ازواج .
تلك هي لوحتنا اليوم ، نتشرف ان يسمح لنا عالمنا المبدع الراحل علي الوردي لنضعها جنب لوحاته الزاهية التي رسمها بمنطق علمي شجاع ، وواقعية بعيدة عن مثاليات الخطب الرنانة ..
اننا نرى في لوحتنا هذه ، ولوحة ازدواج شخصية الفرد عاملا مشتركا بين افراد مجتمعنا العراقي وافراد معظم المجتمعات الشرقية ، التي لا ادري لماذا لم يتطرق العالم الوردي الى تطابق كثير من الصفات بينهما خاصة اذا ما ادركنا ان تلك المجتمعات عانت ايضا من ظروف البداوة والتحول الى الزراعة والتمدن ، اضافة الى مجموعة عوامل مهمة متشابهة .
نقول ، ربما كان منحى العالم الراحل هو التركيز الدقيق على الشخصية العراقية ، او ربما كان عالمنا المبدع يتقصد عدم الخوض في تفاصيل مجتمعات غير عراقية لتجنب الوقوع في هفوات عدم التشريح الكامل لتلك المجتمعات وخصائصها التي تتفاعل وتنعكس على شخصية افرادها .
في طريقي اليكم بمزيد من اللوحات الجديدة .. انتظروني لطفا .

نبيل قرياقوس بولص

171
             بريشة العالم الوردي .. لوحة اطبائنا

الطب مهنة من ارقى وانبل المهن الانسانية ، ترتقي لمرتبة شبه مقدسة بين المهن طالما تهتم باغلى ما يمتلكه بني الانسان الا وهو الصحة والحياة .
من الواقعي تفهم ان امتهان مهنة الطب لا يلغي او يقل من رغبة صاحبها في جني افضل الاجور لتحسين حياته المعيشية مقابل خدمات مهنته التي لم يكن ليمارسها لولا رغبته بها ، ولولا مؤهلات عالية من القدرة الذهنية والجهود الدراسية المضنية التي تمتد من الطفولة حتى انتهاء الدراسة الاكاديمية ، وذلك ما لا يبذله خريج اي كلية اخرى في جميع الاختصاصات العلمية وغير العلمية ، ناهيك عن ان ممارسة هذه المهنة له متاعب خطيرة تفوق متاعب مهن كثيرة اخرى ، فيكفي فيها ان تتعرض حياة انسان بصورة مباشرة الى الموت في غير حينه اذا ارتكب الطبيب اي خطأ جسيم في العلاج .
حدثني صديق حصل على شهادة عليا في الهندسة من جامعة بريطانية بلندن في السبعينيات ، ان كل اختصاص علمي يمكن دراسته في جامعات لندن مقابل ثمن عدا  ( الطب ) فلا يقبل فيه الا من يختبر ويثبت ان لديه قدرات ذهنية عالية تؤهله لدراسة الطب ، هذا اضافة الى الحالة النفسية للطالب ومواصفات مهمة اخرى .
منذ مطلع القرن الماضي ، تمتع الاطباء خصوصا وذوي المهن الصحية عموما في العراق باهتمام ورعاية وتقدير جميع افراد المجتمع ، لقلة عدد الاطباء اولا ، ولحاجة كل انسان اليهم ، مهما كانت امكاناته او سلطته .
بدأ ذلك الاهتمام بالاطباء يقل تدريجيا منذ بداية خروج الاجانب من العراق وبدء مرحلة  ما يسمى بـ ( الاستقلال ) ، حيث توالت انظمة حكم الانقلابات ، وطغى حكم الساسة ( اغلبهم سلطويين جهلة او محتالين ) على مجرى الحياة الاجتماعية للفرد العراقي ، فصار الطبيب وكل حملة الشهادات العليا تحت مطرقة تسحق منهم كل من لا يخضع بذل لرجال الانظمة وخدمهم ، حتى اصبح بامكان رجل امن ( شرطي ) العبث بشخص اي طبيب او صاحب فكر او كلمة ،  دون اي سبب او سند قانوني ،  طالما يحمل ذلك الشرطي عصا سلطة حزبية او دكتاتورية ، وتفاقمت هذه الظاهرة تزايدا في العقود الاخيرة نهاية القرن الماضي حتى مطلع القرن الواحد والعشرين ، حيث بدأ في عام 2003 عهد جديد ، ومخاض دام عسير، متمثلا بولادة قيصرية لمشروع نظام دولة ديمقراطي يضمن حقوق جميع افراد المجتمع ، ولازال هذا النظام في خطواته البدائية الاولى في طريقه الطويل للحاق بركاب التطور الانساني في مجال حقوق الانسان ، اضافة الى التطور الاقتصادي والحضاري .
في مجتمعنا ، هناك رأي اجتماعي سائد حاليا يرى في كثير من اطبائنا جشع مادي لا يستساغ مع مهنتهم النبيلة ، ويسود الرأي نفسه في كل المجتمعات المماثلة لنا في تخلفنا الاقتصادي والحضاري ، ومرد ذلك عوامل عدة ، بعضها هي ناتج حتمي لحالة  اقتصادية وحضارية لا ذنب للاطباء فيها ، بينما هم يتحملون فعلا بعضها الاخر .
في مقالنا المقبل سنقترب اكثر الى الواقع الاجتماعي للاطباء ولندرس مدى صحة هذا الرأي السائد وغيره من الاراء ، فلوحة اطبائنا  اكبر من ان ترسم بمقال واحد .. كونوا معي وشاركوني الرأي رجاء .

                                                                  نبيل قرياقوس بولص


172
 
 
بريشة العالم الوردي.. لوحة حادثة

لو استفسرت من مجموعة عراقيين شاهدوا قبل دقائق باعينهم، حادثة بسيطة او غير بسيطة، في شارع ما في مدينتك او محلتك، لهلت عليك اجابات عدة، واحدة قد لا تشبه الاخري، وكأن كل واحد منهم شاهد حادثة غير التي شاهدها الاخر.
منهم من سيخبرك انه شاهد شجار شخص مع لص حاول سرقته، اخر سيقول ان شجارا حصل بين صاحب محل تجاري واحد الزبائن، بينما ينبئك ثالث بقصة لا علاقة لها بالقصتين السابقتين،حيث يقول ان امرأة عانت من ازمة قلبية سقطت في الشارع فتسارع الناس لمساعدتها، يخبرك اّّخر بانه شاهد جمهرة من الناس وقد احاطت طفلا تائها، وهكذا.. في حين تكون الحادثة الحقيقية هي نزاع بين سائقي سيارتين عن اسبقية مرورهما في الشارع، وهذا ما لم يذكره احد من الشهود!!
الكل يري الحادثة وفق ظروف ومعايير تحكمه، ربما كانت بعض تلك الشواهد قد حصلت فعلا بعد حصول النزاع بين سائقي السيارتين، ربما تكون بقية الشواهد الاخري ( ظنا) للبعض بسبب ما تهيأ لهم من صور او احاديث لم يفهموها جيدا، فتشكلت في ذهنهم وفق اقرب اجواء ومستويات تفكير يعيشونه، فالذي اخبر عن عن شجار اللص، قد يكون تعرض ( هو او احد اقاربه) لحادثة سرقة في تلك الايام مثلا، وصاحب قصة شجار صاحب المحل قد يكون احد المتأثرين بسؤ تصرفات بعض اصحاب المحال او روادهم، وصاحب رواية الطفل التائه قد يكون من الذين يخافون علي اولادهم بسبب ظرف ما، ودواليك.
لا ننسي ان شهودا قد يصرحون بانهم رأوا، وما هم رأوا شيئا، لكونهم تأخروا لحظات عن الحادثة، فاعتمدوا علي ما سمعوه وعدوا انفسهم وكأنهم شاهدوا الحادثة !
الخلاصة، سادتي، لم اجد يوما تطابقا بين حكايتي شاهدين لحادثة بسيطة حصلت امامهما قبل دقائق ونحن في عصر الذرة ، فكيف ساصدق ما قيل او كتب عن اناس قبل عقود او قرون ؟
هذه الظاهرة او السلوك الاجتماعي ليس مقتصرا علي مجتمع دون اخر، وان اتساعه او تقلصه مرهون بالحالة الثقافية والعلمية لافراد المجتمع، الدقة في نقل الحقيقة النسبية تزداد عند الانسان الذي تصقل ابصاره لغة العلوم والمنطق، لذا فاننا نثبت تفاقم تلك الظاهرة الاجتماعية طرديا مع قدم الزمان.
يهيأ لي، ان احد اسرار عبقرية وشجاعة الراحل علي الوردي يكمن في تفهمه ضمنا لهذه الظاهرة من السلوك الاجتماعي الانساني، بل انه استطاع برغم وجود صفات خاصة بالمجتمع العراقي ثبتها بنظريات لم يستطع احد للان مناقضتها، ان يتابع الاحداث التأريخية العراقية وان يقع ( في اغلب الاحيان) علي حادثة النزاع الذي وقع بين سائقي السيارتين، هذا لو اردنا تسهيل الحديث بمشابهة مستوي الاحداث التاريخية التي تعاطاها الوردي مع الحادثة التي رويناها في بداية كلامنا.
اسلوب المبدع الوردي متميز باعتماد العلمية والمنطق في الحجة، مع حشد (صورة واقعية حية) من حياتنا الاجتماعية اليومية خلال بحوثه ونظرياته، ليستشهد بها قوة لصحة حججه. كم كنت اتمني من الخالق تعالي ان يطيل عمر الراحل الوردي، لاقابله وارجوه ان يرسم لوحة حادثتنا، وليضعها مع مئات اللوحات التي رسمها عن العقل البشري والمجتمع العراقي بفكره الشجاع الخلاق، ولتصبح فيما بعد اوضح صورة رسمت بفرشاة عبقري عراقي ابهرت ملامحها والوانها علماء العالم جميعا. في مقالاتنا المقبلة المزيد من اللوحات..
نبيل قرياقوس بولص

173
بريشة العالم الوردي..

                                     لوحة حادثة

لو استفسرت من مجموعة عراقيين شاهدوا قبل دقائق باعينهم ، حادثة بسيطة او غير بسيطة ، في شارع ما في مدينتك او محلتك ، تهل عليك اجابات عديدة ، واحدة قد لا تشبه الاخرى ، وكأن كل واحد منهم شاهد حادثة غير التي شاهدها الاخر .
منهم من سيخبرك انه شاهد شجار شخص مع لص حاول سرقته ، اخر سيقول ان شجارا حصل بين صاحب محل تجاري واحد الزبائن ، بينما ينبأك ثالث بقصة لا علاقة لها بالقصتين السابقتين ،حيث يقول ان امرأة عانت من ازمة قلبية سقطت في الشارع فتسارع الناس لمساعدتها ، يخبرك اّّخر بانه شاهد جمهرة من الناس وقد احاطت طفلا تائها ، وهكذا .. في حين تكون الحادثة الحقيقية هي نزاع  بين سائقي سيارتين حول اسبقية مرورهما في الشارع ، وهذا ما لم يذكره احد من الشهود !!
الكل يرى الحادثة وفق ظروف ومعايير تحكمه ، ربما كانت بعض تلك الشواهد قد حصلت فعلا بعد حصول النزاع بين سائقي السيارتين ، ربما تكون بقية الشواهد الاخرى ( ظنا ) للبعض بسبب ما تهيأ لهم من صور او احاديث لم يفهموها جيدا ، فتشكلت في ذهنهم وفق اقرب اجواء ومستويات تفكير يعيشونه ، فالذي اخبر عن عن شجار اللص ، قد يكون تعرض ( هو او احد اقاربه ) لحادثة سرقة في تلك الايام مثلا ، وصاحب قصة شجار صاحب المحل قد يكون احد المتأثرين بسؤ تصرفات بعض اصحاب المحلات او روادهم ، وصاحب رواية الطفل التائه قد يكون من الذين يخافون على اولادهم بسبب ظرف ما ، ودواليك .
لا ننسى ان شهودا قد يصرحون بانهم رأوا ، وما هم رأوا شيئا ، لكونهم تأخروا لحظات عن الحادثة ، فاعتمدوا على ما سمعوه وليعتبروا انفسهم وكأنهم شاهدوا الحادثة !
الخلاصة ، سادتي ، لم اجد يوما تطابقا بين حكايتي شاهدين لحادثة بسيطة حصلت امامهما قبل دقائق ونحن في عصر الذرة  ، فكيف ساصدق ما قيل او كتب عن اناس قبل عقود او قرون ؟
هذه الظاهرة او السلوك الاجتماعي ليس مقتصرا على مجتمع دون اخر ، وان اتساعه او تقلصه مرهون بالحالة الثقافية والعلمية لافراد المجتمع ، الدقة في نقل الحقيقة النسبية تزداد عند الانسان الذي تصقل ابصاره لغة العلوم والمنطق ، لذا فاننا نثبت تفاقم تلك الظاهرة الاجتماعية طرديا مع قدم الزمان .
يهيأ لي ، ان احد اسرار  عبقرية وشجاعة الراحل علي الوردي يكمن في تفهمه ضمنا لهذه الظاهرة من السلوك الاجتماعي الانساني ، بل انه استطاع رغم وجود صفات خاصة بالمجتمع العراقي ثبتها بنظريات  لم يستطع احد للان مناقضتها ، ان يتابع الاحداث التأريخية العراقية وان يقع ( في اغلب الاحيان ) على حادثة النزاع الذي وقع بين سائقي السيارتين ، هذا لو اردنا تسهيل الحديث بمشابهة مستوى الاحداث التاريخية التي تعاطاها الوردي مع الحادثة التي رويناها في بداية كلامنا . 
اسلوب المبدع الوردي متميز باعتماد العلمية والمنطق في الحجة ، مع حشد ( صورة واقعية حية ) من حياتنا الاجتماعية اليومية  خلال بحوثه ونظرياته ، ليستشهد بها قوة لصحة حججه .
كم كنت اتمنى من الخالق تعالى ان يطيل عمر الراحل الوردي ، لاقابله وارجوه ان يرسم لوحة حادثتنا ، وليضعها مع مئات اللوحات التي رسمها عن العقل البشري والمجتمع العراقي بفكره الشجاع الخلاق ، ولتصبح فيما بعد اوضح صور رسمت بفرشة عبقري عراقي ابهرت ملامحها والوانها علماء العالم جميعا .
في مقالاتنا القادمة المزيد من اللوحات ..

                                                           نبيل قرياقوس بولص

174
المنبر الحر / ذاك هو الشجاع
« في: 14:30 20/05/2008  »
ذاك هو الشجاع


يسألونك عن الشجاع .. قل أنهُ مَن :
يُستشهدَ ضَحية ..
يُجاهدُ بسلام كلمة وحوار ..
لايؤمن بعنف أو اكراه .. يسامح ..
ينصح بدين او مذهب ولا يجبر احداً عليه ..
يقضي بعدلٍ أو يترك كرسيه..
يحب المال لئلا يجوع اليوم ..
يكره كنزَ مالٍ لغد أتٍ ..
يري امانته كعِرضهِ ..
يحب منصباً يخدم به كل انسان بلا تمييز ..
يرفضُ منصباً يعَضدَهُ ومقربيه دون اخرين ..
ينصف قضية حق لمن لايعرفه دون خوف علي حال ..
يسهر لتنام الناس بأمان ..
يرحم الخاطئ المسجون ..
يري العمل عبادة ..
يبني طرقاً وجسوراً .. مدارسَ وبيوتا ..
يبني مستشفيات ودوراً للمسنين ...
يزرع الارض حنطة وياسمين ..
يروي الارض والانسان ..
يصنع معامل..
ينشئ ملاعب ومنتزهات ..
ينشر صحفاً .. كتباً .. اقلاماً .. شموسا ..
يبحر في علوم الكون ..
يري نفسه مكان مرؤوسيه
لينصفهم ,
مراجعيه ليسهل امرهم,
مرضاه ليخفف عنهم ,
أبويه ليخفض لهما
جناح الذل من الرحمة,
طلبته ليظلهم ابوةً وحنانا ,
معلمه ليبجله وقد
كاد يكون رسولا..
يفرح للجمال..
يغني للحياة والسلام ..
يرسم الواناً للمحبة بين البشر ..
يكتب هذه المعاني ..
ولكي تفوز بمليون
رحمة في الدنيا والاخرة
عن اجابة صحيحة
فأنك هنا لا تحتاج
الي رأي جمهورٍ
أو حذف اجابتين
أو اتصال
بصديق ,
أجب بصوت عالٍ
:ذاك هو الشجاع
.. جواب نهائي .
نبيل قرياقوس بولص

175
المنبر الحر / صباح الخير سوسن
« في: 09:30 09/05/2008  »
يوميات عراقي

                          صباح الخير سوسن

دخلت مكتبك ايتها الموظفة ، رأيتك مشغولة بمعاملة نفر من المراجعين وكأنك بينهم اخت وابنة ، توقعت انهم اصدقاؤك او اقرباؤك لما كنت فيه من حرص وصبر وصدق قلما وجدته عند موظف .
جاء دوري فبقيت كما انت ، فـ ( سوسن ) هي دائما هكذا !
ليتك لم تكوني حسناء كي لا اظن اني اكتب عن شابة حلوة انيقة هي بعمر ابنتي ، وليتني املك بنتا مثلها ..
انهيت معاملتي وما مللت ترشديني متنقلة معي من مكتب الى اخر ، كنت انت مشغولة في توضيح تفاصيل معاملتي بينما غبت عنك لحظات حاملا عنك همك متخيلا اياك تراجعين واحدة من دوائرنا الكثر من التي قد تجدين فيها موظفين قد يكونون بدرجة من الدناءة ليبتزوا منك فلسا كي ينجزوا معاملتك ، بسرعة البرق في مخيلتي عاتبت اؤلئك الموظفين وعاتبت مديرهم الذي يدعي كذبا انه لا يعلم ما يجري في دائرته ، عاتبت كل من يتقاعس او يهمل في عمله تجاهك مقابل دعواه انه لا يرتشي .
عدت من رحلة الثواني ولتقع عيناي على تاج شعرك الاسود الجميل وتسريحته الاجمل ، تاج عفاف عملك ونبل اخلاقك ، ذو البريق الذي يبعد كل معاصي اذية المراجعين ، وكم كانت ابتسامتك اروع من البريق وهي لا تتعب من خدمة الناس واسعافهم .
شتان بينك يا سوسن وبين من يوحي مظهرهم اقصى الوقار والالتزام وما هم الا كسالى او مفسدين لا هم لهم الا ازاحة مراجعيهم حتى وان قلبوهم على وجوههم وكسروا عظامهم ، شتان بينك بنيتي وبين من لا ينجز عمله الا بعد ان يعظ لحمة من السحت الحرام ، شتان بينك وبين اناس كبار يعتلون مناصب المسؤولية وما هم الا عن واجبهم ساهون يبحثون عن الملذات والدينار ، شتان بينك يا سوسن وبين كثيرين ، فلا اخفيك سرا بنيتي ، قليلون مثلك اصادفهم .
الحلم ان يصبح في عراقنا الكثير منك ، وحينها اسمحي لي ان ازورك ، حتى لو لم تكن لي معاملة لتنجز ، لاشكرك الف شكر دون ان امل ، على احلى صباح رأيتك فيه ، صباح كنت فيه فيروزا تصدح وتقول :
يا بشر .. يا عراقيون ، العفة في العمل هي شرفكم ، هي عراقيتكم ، هي انسانيتكم ، وكل ما عداها هراء في هراء ..
ضياء صباحك ، بنيتي ، ملأني املا بحاضر ومستقبل ..
انه صباح الخير يا سوسن .


                                                                                 نبيل قرياقوس بولص

176
يوميات عراقي
         ( عنبر ) الحصة يطلق عراقية من زوجها !
 
جميلة وممتعة دردشات العراقيين أثناء تنقلاتهم بالوسائط شتى بين أحياء بغداد ، وإذا كنت تريد أن تسمع الجديد أو المزيد عن موضوع يشغل بالك فما عليك إلا أن تبدأ الحديث به وأنت في سيارة ( كيا ) مثلا وسيتولى بقية الركاب مهمة التوضيح والتصريح بأخر المستجدات والتطورات ، كل يطرح وجهة نظره وما في جعبته بوضع جديد أصبح فيه العراقي حرا في البوح بآرائه في السيارة دون خوف من أجهزة تسجيل أو مراقبة حكومية كتلك التي كانت تطبق الخناق حتى على الهمس بين الزوج وزوجته في فراش النوم والتي عهدها العراقيون طيلة أكثر من عقدي زمن ولى .
اليوم ، أثار احد ركاب سيارة ( كيا ) موضوعا اضحك جميع ركابها الذين كنت احدهم ، فقد شكى همّ أخته التي طلقت من زوجها بسبب رز ( العنبر ) الذي وزع في آخر حصة تموينية  ببغداد .
قال المتحدث : زوج أختي ( نحس ) جدا في أمور الطعام ، وقد كانت آخر طبخة رز عنبر تناولها في بيته هي السبب في اندلاع مشاجرة عنيفة بينه وبين أختي حيث اتهمها بالتقصير في تنظيف الرز من الشوائب ، خاصة بعد ان انكسر له سن بحبة شائبة تدى ( البنان ) ، لم تجد أعذار أختي التي أوضحت له أنها أمضت أكثر من نصف ساعة في تنقية ما زنته ربع كيلو غرام من الرز ، ساهمت أخوات الرجل العانسات في تضخيم وتوسيع الشجار الى حد صار فيه ( نتف ) الشعر بـ ( فلس ) بينهن وبين أختي ، أما الزوج فقد اختار الطلاق في المحاكم !
تضاربت أراء الركاب حول الموضوع ، فالبعض أفاد بأنه استلم ( عنبرا ) نظيفا بينما قال آخر انه استلم رزا ذكّره برز أيام الحصار الأسود ..
احدهم أراد ان يلطف الجو ، فخاطب المتحدث سائلا اياه :
-- الم تشتكي أختك عند وزارة التجارة ؟
أجاب المتحدث مازحا : بلى ، وطمأنتها الوزارة بان لا تكترث للزوج المفقود حيث ستجهزها بـ ( زوج ) جديد مستورد من أفضل المناشيء العالمية مع هدية تقديرية تعويضية هي قطع غيار احتياطية لـ ( الزوج ) الجديد من يد ورجل وقلب وأجزاء أخرى جسمية ضرورية وحساسة ، من النوع الأصلي الذي لا يخرب بسرعة !
لا أخفيكم سرا ، ما كنت لاصدق رواية ذلك المتحدث لولا إني عاتبت بالأمس زوجتي حينما علمت انها باعت حصة ( العنبر ) الحكومي بسعر زهيد واشترت بدله عنبرا تجاريا صارفة المبلغ الشهري المرصود كأجر لمولدة الشارع الكهربائية ، وتراجعت عن عتابي معتذرا حينما أرتني زوجتي عينة من ( العنبر ) الموزع بالحصة وقد كتب عليه اعتباريا : عنبر ماركة زبالة !!
 
 
                                                                                        نبيل قرياقوس بولص

177
امام المشرعين

                            نعم لقانون يحمي المغفلين وغير المغفلين

درج في مجتمعنا العراقي وجميع المجتمعات المتخلفة عن ركب الحضارة الانسانية على تداول مقولة ( القانون لا يحمي المغفلين ) حيث تسن التشريعات والانظمة والقوانين بصورة لا تكفل سلامة حقوق وواجبات الجميع .
طالما كنت اسمع هذه المقولة ، احس بان هناك ما يدفعني للاعتراض عليها ، هذه المقولة التي يتداولها الناس وكأنها حكمة ! وها قد جاءت اللحظة المناسبة ولاقول :
1.   القانون في مجتمع ما ، يفترض به ان يحمي الجميع ، والحماية يقصد بها السماح لاي انسان ان يأخذ ما له وان يدفع ما عليه ، لذا فان استثناء اي انسان من حماية القانون ، مغفلا كان ام محتالا ، ذكيا ام غبيا يعد امرا مريبا .
2.   اغلب الظن ان هذه المقولة تطلق حينما تكون الدولة طرفا في قضية ما مع مواطن كأن يحمل غرامات او تبعات مالية او حتى عقوبة سجن بسبب وضع او عمل ارتكبه مع عدم علمه بوجود انظمة او تشريعات تفرض تلك العقوبات ، وربما العكس فقد تكون القضية هي خسارة المواطن لحقوق له على الدولة مادية كانت او اعتبارية لعدم علمه بوجودها او عدم درايته بوقت او كيفية حصوله عليها ، وفي كلتا الحالتين يكون المواطن مغبوناا بتشريعات لا يفسر وضعها الا بكونها مقرة من قبل مشرعين منحازين لاجهزة الدولة على حساب المواطن كي يضمنوا ان يكون طرف الدولة هو الرابح دائما ، وهذا منطق لا يتماشى ومبدأ العدالة الذي لا انحياز فيه لاي طرف .
3.   ( الغفلة ) وتبعاتها تصلح منطقيا في حالات معروفة من المنافسة والصراعات بين طرفين او اكثر ، كأن تكون في الالعاب الرياضية او المنافسات الاجتماعية والسياسية او الحروب حيث لابد من وجود طرف رابح وطرف خاسر ، وهذا هو الشيء الغير مطلوب في ( القانون ) الذي يسن لينظم واجبات وحقوق الجميع دون رابح وخاسر فالكل لا يدفع ولا يأخذ اكثر من حقه .
4.   اذا كان هناك من يظن ان هذه المقولة قيلت لحالات تحصل بين المواطنين ، فانظمة الدولة وقوانينها يجب ان تكون بحبكة ودقة تنصف اي مواطن يقع في شرك المحتالين .
5.   انها دعوة لكل مشريعينا الاكفاء للاستفادة من النظم العالمية المتطورة لاعادة تشريع نظم وقوانين في بلدنا ، بمنطق وشجاعة تظمن وجوب معرفة المواطن المسبقة لاي تبعات عليه ( شخصيا ) قبل وقوع الحدث والا فهو معفا من اي منها ، وكذا قوانين تضمن وجوب اجبار مؤوسسات الدولة على ملاحقة المواطن ودعوته شخصيا لتخييره بأخذ حقه وتسهيل مهمته والا فالدولة تتحمل عقوبات وتبعات يجب تحديدها بوضوح .
نحن بانتظار اقلام القانونيين لنستنير بحلولهم ، مثلما نحن سنرصد اهتمام الدوائر المختصة في وزارة العدل وكذا الدوائر القانونية في جيع وزارات ومرافق الدولة ، فما نطرحه هو اكبر بكثير عما يسمى بـ ( مقولة ) ، ما نطرحه هو المدخل القانوني لبدء الاصلاح الاداري ومكافحة احد اوجه ارهاب الفساد الوظيفي .
                                                                               
                                                                                             نبيل قرياقوس 

178
المنبر الحر / عاصفة حب وورود
« في: 12:23 18/04/2008  »


                             عاصفة حب وورود

في حوارممتع مع شخصيات عراقية عرضته قناة ( الحرة) الفضائية نهاية شهر اذار /2008  اشار احد المتحدثين المثقفين ممن يترأسون الان تحرير واحدة من اكثر  الصحف العراقية رواجا ، الى عدم قدرته البوح بكل حقائق وتفاصيل الامور على الساحة العراقية معترفا بوجود سقف معين يحدده ، موعزا ذلك ( حسبما فهمت ) الى الظروف الامنية في البلد .
يتفهم العراقيون  صحة قول رئيس التحرير هذا، فلازال القلم في العراق مقيدا بسيوف اناس يرتدون البسة مختلفة الاشكال والالوان والاحجام من ( قوط ) و ( دشاديش ) و ( ازياء ) يحاولون التعتيم بها على دستور الحياة القاضي بحرية الكلمة للانسان ، هذه الحرية التي تضمن للجميع حق التعبير عن الرأي مثلما تضمن حق الرد على الرأي الاخر .
مصالح مادية جشعة ، دفينة دنيئة ، سلطوية قذرة ، تقف وراء كل اولئك الذين لا يقبلون بحرية الكلمة ، بينما تجد ان الحجة المعلنة على رؤوسهم هي صحة وافضلية افكارهم وارائهم ( او هكذا هم مقتنعون ) ، وعلى الجميع الرضوخ بالقوة لهم ، وهيهات من يمس مصالحهم !
مئات الالوف من العراقيين ، ان لم يكونوا ملايينا ، اغلبهم زهور وورود ملونة عبيرها حب السلام والعمل والحياة والانسانية والحضارة ، لم يكونوا يطمحون يوما لئن يصبحوا حكاما او مسؤولين او مالكي انابيب نفط او ( حرامية ) ، بل كان املهم الوحيد ان يعيشوا ويعملوا احرارا يستطيعون النطق وقت احساسهم بالغبن ، كلهم هجروا بلدهم ولقمة عيشهم ، ارضهم وذكرياتهم ، احبتهم واقاربهم ، تركوا قبور ابائهم واجدادهم واضحوا عبيدا للغربة الكافرة بسبب جشع وطغيان اولئك الذين لا يؤمنون الا بـ ( قوة ) الحيوان وما يحمله رأسهم من ابواب متحجرة موصدة لا تسمح بطرقة اي ضيف مسالم يظنون انه سيضر بمدخرات كنوزهم ذات السحت الحرام .
كثيرا ما نغبط بعض كتاب الصحف العراقية ، ذوي الاتجاهات الفكرية والثقافية المتنوعة ممن يعتلون منبر الغربة ليكتبوا لنا فيها بصوت واضح غير خافت كلمات قد نلتقي معها او لا نلتقي ، نتعاطف معها او نتصادم ، متمنين لو نمتلك منبرا كمنبرهم يعلو فيه صوتنا شاهدا شاف ويشوف كل حاجة داخل العراق !
اذا كان الفقر في الوطن( غربة )، فاحقر الفقر ما كان في قلم تقيده سلاسل وكلمات يحاصرها خوف ، ترى هل يتسع العمر لبقية زهور وورود العراق لتصل الى بر حرية الكلمة ام عليها ان تستجدي احدا بمذلة ليقطفها من جذورها ويرميها خارج حدود بلدها انقاذا لها  من طغيان انذل ، اجبن غربة !
                                                                    نبيل قرياقوس




179
المنبر الحر / موظفو حصار محترمون
« في: 12:48 03/04/2008  »
يوميات عراقي

                                  موظفو حصار محترمون

خلقت العقود الثلاثة الاخيرة من الحصار والحروب اللعينة جيلا من الموظفين ، اداريين واختصاصيين ، جبلوا على تمشية اوضاع دوائرهم ومؤسساتهم ووزاراتهم باي شكل من الاشكال على حساب المواطن العراقي بذريعة الحروب والحصار ، حيث كانت عملتنا الصعبة تلقى حينها وقودا لشواء دماء ولحوم العراقيين في جبهات القتال ، وكانت حياة العراقيين كبشر تلقى في تنور الاطماع والنزوات الفردية ليخيم على البلد  حصار خانق قلما شهد له التاريخ مثيلا ، قسوة واجراما .
تعود بعض افراد هذا الجيل من الموظفين على ( الترقيع ) في كل المجالات المدنية التي تخص عامة العراقيين ،في حين كان موظفو الدول النفطية الاخرى يقفزون قفزات عريضة لمحاولة اللحاق ببعض الوسائل التي تنجز حياة افضل لابناء بيتهم تتناسب ومتطلبات العصر في عالم بات اقرب لئن يكون قرية متعددة البيوت .
الان وبعد مضي خمس سنوات على نهاية الحصار ، لازال بعض موظفينا يؤدون مهامهم وكأنهم في زمن ( الحصار ) الى درجة اصبحوا فيها اخطبوطا تمتد مفاصله الخانقة الى كثير من اركان وزارات الدولة ومرافقها ، وقد استطاع بعض افراد هذا الاخطبوط من احتلال مناصب متقدمة في بعض الوزارات بعد ان غير صبغته الانتمائية لابسا اقنعة جميلة مغرية .
مهمة هذا الاخطبوط هو ضمان استمرار مراوحتنا في ظروفنا المتخلفة وذلك بمقاومة او تفتيت اي صوت وظيفي امين يعلو مطالبا بشق قيود الحصار عن العراقيين فعلا وليس قولا ، وتصاغ تلك المقاومة بذريعة الحرص على واردات الدولة واموالها .
بعض منتسبو هذا الاخطبوط انتظم جهلا او تأثرا بقوالب املتها عليه وظيفة عقدين او كثر ، بينما انتظم الاخر حرصا لافشال اي حركة للامام لاقتناعه ( وفق شخصية مزدوجة ) بضرورة اعادة الماضي ليكون الاسود هو كل ما يستحقه العراقيون .
اّن الاوان ليتحرك كل الاداريين والاختصاصيين والمهندسين لبدء الخطى الشجاعة النزيهة لبناء القاعدة التحتية بعملة النفط المتكدسة دون ان يترددوا في الاستيراد المباشر ( من مناشيء غربية معروفة فقط ) لكل ما من شأنه الترفيه عن العراقيين وتسهيل حياتهم اليومية بكل تفاصيلها الدقيقة دون استثناء ، فلم يعد هناك ، مثلا ، داع لابقاء  اي جهاز غير متطور في كل اركان الدولة العراقية ، وكذا اي جهاز او ماكنة انتهت ساعات تشغيلها الافتراضية  ، كلها تباع للاسواق المحلية لتتعامل معها بالاسلوب اللاروتيني لاحباءها والاستفادة منها ، ولتمتلك الدولة ما هو جديد ومتطور  يعمل دون معرقلات ، ونقول وللمثل ايضا ، انه لم يعد هناك داع لعدم امتلاك كل عراقي دارا سكنية ( اذا رغب ) عند بلوغه سن الرشد .. وغيرها من الامثلة .
تهيئة ظروف مشرفة للانسان العراقي لا يعني الـ ( البذخ ) بقدر ما يعني تحقيق احدى الاسس الضرورية لبدء الشروع الصحيح لبناء بنية تحتية حقيقية ، انها تعني بدء اطلاق عنان الابداع في الانسان العراقي .
الموضوع مهم جدا وحساس لانه يخص جرح شعب لازال ينزف دما بينما لا يستوعب بعض موظفي الدولة شروط وقف النزف ، فالمعالجون مرضى بوهم الحصار !.   
                                                                                                   نبيل قرياقوس بولص


                   

180
يوميات عراقي ..


                           لبن كتل سياسية عراقية

المتابع للتصريحات والبيانات والمؤتمرات المتكررة لمعظم رؤساء وممثلي الكتل والاحزاب السياسية العراقية ينبهر بمثالية القيم والمباديء التي تطرحها هذه الكتل لدرجة قد يعيش المتلقي لحظات يتمنى لو يصبح كل وزراء الحكومة من تلك الكتلة المتحدثة التي لا هدف معلن لها سوى اداء المهمة الوزارية بروح وظيفية عراقية مسؤولة وبقدرة وكفاءة كافية لاشغال تلك الوظيفة بما يؤمن للشعب العراقي العدالة والامانة والانصاف لحياة افضل تزيح عنه عقود سنين عجاف مضت ..
يصدم المرء بعد لحظات استدراكه ان الوزير الحالي الفلاني والمحسوب على تلك الكتلة او الحزب هو اول الوزراء المعروف عنهم بعدم كفاءته حتى لاشغال كرسي موظف استعلامات وليس كرسي وزارة !!
ضاع العراقي تائها بين اقوال كتل واحزاب سياسية تسمو به في السماء وافعال لها تحط به تحت الارض ..
الشارع العراقي اغلبه بعيد عن تلك الكتل والاحزاب ، لقمة العيش الصعبة المنال اصبحت مدعاة لبعض مساكين هذا الشارع لينتظموا مصفقين لاناس سياسة يعرفون جيدا في قرارة انفسهم انهم يقولون ما لا يفعلون وينوون ما لا يجهرون ..
صادفت عراقيين كثيرين يتمنون الان لو يكون الوزير في العراق موظفا اجنبيا يعين براتب شهري ويؤدي واجبه مخلصا مساويا بين جميع العراقيين !!
مشكلة السياسيين ان لا احد فيهم يقول ان لبني حامض ، ونحن كابناء الشارع العراقي نسايسهم ونقول لهم :
نحن من لبننا حامض بل علقم ، اما لبنكم فاطيب من العسل ، كلوه كله او بيعوه ، لكن كفاكم كذبا وتأكدوا انكم بالنسبة لنا كمن يغمض عينيه ظانا ان لا احد يراه !!




                                                                                   نبيل قرياقوس

181
          للسادة الوزراء حصرا
                                        - 2 -
                     الذي يجري لا يرضي معاليكــــــم
 
في رسالتنا المشورة بجريدة الزمان الغراء الصادرة بتاريخ 21/2/2008 الصفحة الثانية ، والمعنونة الى ( السادة الوزراء حصرا ) تحدثنا بما قل ودل عن ثقل وصعوبة المهمة التي يتحملها السادة الوزراء في بلدنا وبشكل خاص في ظرفنا الانتقالي الراهن ، وبالمقابل طرحنا مسألة وجود الازدحامات في بعض دوائر الدولة باعتبارها اوضح دلالات تفشي الفساد الإداري على مستو معين ، وسواءا اكان ذلك الازدحام مرده تقصير او عدم كفاءة مديري تلك الدوائر او تقصير الوزارات في تهيئة المستلزمات الادارية المنطقية اللازمة لتمكين تلك الدوائر من انهاء ازمة الازدحامات فان السادة الوزراء يكونون في محط المسؤول الأول عن تلك الازدحامات وذلك استنادا لمبررات قمنا بشرحها وتوضيحها .
للآسف الشديد ، وزارة  واحدة فقط من عدة وزارات تعاني بعض دوائرها من ازدحامات خانقة استجابت لدعوتنا لانهاء تلك الازدحام ، وهنا لا يسعنا الا ان نخمن عدم قيام مسؤولي الدوائر الإعلامية في تلك الوزارات بايصال رسالتنا بامانة الى السادة الوزراء الذين نفترض بهم حرصهم على تنفيذ اوامر دولة  رئيس الوزراء بجعل عام 2008 عاما لمحاربة الفساد الإداري .
نرجو ونتمنى ان يستدرك السادة رؤساء  الدوائر الاعلامية في الوزارات كافة ايصال رسالتنا الاولى بأمانة للسادة الوزراء ملحقة بها صورة توضيحية نرسمها بكلمات ملونة كما يلي :
في العاصمة ( بغداد ) ، هناك دوائر تابعة لوزاراتكم لها تماس مباشر بشرائح واسعة جدا من المواطنين ، الازدحامات فيها تزداد ولا تقل وعلى مدار السنة ،شبابيك المراجعة في هذه الدوائر اقرب لئن تكون ( خرم ابرة) على عشرات المواطنين ، نساءا ورجالا ، اغلبهم من كبار السن محتشدين قدمي احدهم فوق رأس الاخر ، صورة سوداء قاتمة لسوء ادارة وتنظيم تؤشر فسادا ملعونا ، وبطأ في العمل ، ورداءة في الانجاز ، وتعذيبا قاسيا للمواطن المراجع من تبعاته ان تمل مما تسمعه خلال تلك الازدحامات من كلمات السب والشتائم التي يلقيها المواطنون المراجعون ( بما فيهم المثقفين ) على انفسهم يأسا بسبب ما يلاقيهم من اوضاع سيئة في هذه الدوائر .
ننحني شكرا واحتراما وتقديرا لوزارة ا لـ ...التي استجابت لرسالتنا بسرعة لم نكن نتوقعها ، حيث استطاعت وخلال اقل من عشرين يوما  قلب  دائرة الازدحامات فيها الى دائرة مثالية لا نتخيلها في الاحلام ،انها بصراحة تضاهي الان تنظيم أي دائرة في دولة غربية متطورة ، فالمواطن اصبح يدخل في قاعة مخصصة مهيئة فيها احدث وسائل الاستقبال (بما فيها المرافق الصحية )، ويستريح معززا مكرما الى ان يتم استدعاءه باحترام عن طريق مايكرفون خاص لأستلام معاملته المنجزة بدقة فائقة خلال (ساعة ) واحدة فقط ، الموظفون يعملون بدأب على مناضد امام مرأى المواطن المراجع المتربع على كرسي يريح المتعب ، الساعات الجدارية ملأت جدران القاعة ليستطيع المراجع معرفة وقت انجاز معاملته بالثواني موظفو استلام  المعملات وقطع الوصولات تضاعف عددهم بحيث لاترى زحام على أي منهم  لأكثر من دقيقة واحدة .
بارك الله بالسيد وزير الـ ... ،  تاج رأسي ، بارك الله بكل موظفيه وفي مقدمتهم منتسبي الدائرة الاعلامية التي نتوقع انها نقلت لمعالي الوزير رسالتنا بامانة ، وننتهز الفرصة لنشكر المسؤول المباشر لتلك الدائرة التي كانت تعاني زحاما اقرب الى المهزلة قبل ايام ونقول له :
رائعة جدا لوحة الكلمات الالكترونية المتحركة الحروف الجديدة والمعلقة على احد الجدران الداخلية لقاعة استقبال المراجعين والتي تكتب لنا ( وزارة الـ..، دائرة الـ..، قسم الـ..) ونرجو منك ان تسمح لهذه اللوحة اكمال حديثها لنا بكتابة ( ترحب بشكاوي ومقترحات المواطنين على العنوان او الهاتف الفلاني مع التقدير ..)، والا فما فائدة وجود هذه اللوحة داخل قاعة المراجعين وليس خارجها سيدي الكريم ادامكم الله .
سنواصل رسائلنا اليكم معالي السادة الوزراء وثقتنا بكم ان لا تملوا ، فما نبتغي سوى عونكم في حملكم الثقيل ، فاعذرونا .
املنا ان تصبح رسالتي الثالثة رسالة شكر واحترام وتقدير للوزارات التي ستتعاون معنا في انهاء الزحام في دوائرها ( ثقوا سادتي ان اغلبه مصطنع بسبب غياب التنظيم الاداري النزيه ) خدمة للعراقي الذي لا يستحق اقل مما عملته وزارة الـ ...  .
نحن في برج الانتظار ، اعانكم الله ووفقكم .
 
                                                            نبيل قرياقوس بغداد في اذار 2008

182
المنبر الحر / تجارة نعــــــل
« في: 16:10 09/03/2008  »
يوميات عراقي                       
                         تجارة نعــل   

النعال لباس اخترعه الانسان للحفاظ على قدميه من تأثيرات الارض التي يمشي عليها ، وتفننت اجيال بني البشر في صنع انواع النعل باشكالها والوانها ومواد صنعها ومناسباتها ، ولعل احدث انواع النعل التي وصلتنا كانت تلك التي تواجدت وقت حصار العالم علينا لمدة ثلاثة عشر عاما ، كانت نعلا جذابة المنظر ، براقة الالوان ، ذات امتياز هائل في زحلقة لابسها ( من يكون ) ، لحد يجعله يلعن من صنع تلك النعل ومن تاجر بها .
حينها مات من مات وتعوق من تعوق من العراقيين بفعل ( نعل ) رخيصة استهلكت العراقيين ولم يستهلكوها ، جنبا الى جنب مواد غذائية لم تطقها الحيوانات وزعت لشعب اريدت منه جيوش جرارة لتحرير الكويت والسعودية والقدس والاكوادور ، ومن يدري بعدها ، واشنطن وموزنبيق .
الغريب سادتي ، اننا الان في عام 2008 وما برحت نفس انواع تلك النعل تملأ اسواقنا المحلية وكأنها لا تعرف ان الحصار والعقوبات رفعت عن شعب العراق ، اما يكفي ما جنيناه منها ؟ فلو كانت لدينا مواقف احصاء طبية دقيقة تسجل حوادث الكسور والوفيات بسبب رداءة النعل المستوردة لدخل العراقيون سجل ( كينز ) العالمي للارقام القياسية في مجال كثرة الاصابات .
لكل مادة تصنع للاستخدام البشري مواصفات قياسية معتمدة عالميا او محليا ، وهكذا فللنعل مواصفات عديدة ، ربما اهمها مقاومتها للتزحلق ، مثلما لبقية الملبوسات كالملابس الداخلية والخارجية للانسان من مواصفات من ناحية نسبة النايلون ( بوليستر ) والقطن فيها وما يلائم اجواءنا .
ترى من هي الجهة الرسمية في العراق المسؤولة عن اعطاء موافقات الاستيراد بموجب المواصفات المعتمدة محليا او عالميا ؟ وهل يخضع القطاع الخاص لتلك الموافقات ؟ وهل هناك مواصفات قياسية مثبتة فعلا للنعل المستوردة ؟ ترى هل يوجد في بلدنا جهة او جمعية لحماية المستهلك العراقي ؟
احد  زملائي في العمل  ممن خسر للان ( بسبب عدم وجود تأمين صحي ) اكثر من مليون ونصف دينار عراقي لعلاج  كسر ذراع ابنه المتزحلق باحدى النعل التجارية ترجاني ان لا اكتب مقالتي هذه مخاطبا اياي بالقول :
كتبت في ( الزمان ) عن شاي الحصة الحكومي فانقطع وقطع معه زيت الطعام ، اخاف ان تكتب عن النعل فيقطعها عنا القطاع الخاص ومعها الملابس الداخلية ، وتصور حياتنا يا اخي ونحن بلا ملابس داخلية وبلا نعل !.


                                                                            نبيل قرياقوس
نشر في الزمان بتارخ 9/3/2008

183
مذكرات عراقي

                                     رسالة بابل الى الحكيم بوذا
                                     
 
انتهت ايام دورتي العلمية المقررة في لحظات كانت اليابان ( ذات الاغلبية البوذية ) تزينها اشجار اعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية قبل شهر من حلولها ، كان بامكاني تمديد بقائي في اليابان اسبوعين اخرين لولا ان احسست باعمال تنتظرني لانجازها في وظيفتي ببغداد ، واصل زملائي الدورة الممدة بينما اعددت حقائبي للرحيل .
باللغة الانكليزية وجهت رسالة الى ادارة الشركة اليابانية التي استضافتني ، شكرت فيها كل العاملين في الشركة للخدمة التي قدموها لي ، شكرت مهندسيها على كل ( حرف ) علموني اياه ، كعراقي شكرت ارض اليابان وشعبها الطيب المسالم  المسامح الخلوق . تركت رسالتي عند اليابانيين اثرا طيبا جدا  قد يصل درجة المفاجأة ، ربما لانها كانت طوعية من انسان محسوب على دولة نفط شرقية حسب ، او انهم لم يتوقعوا ان اولي اهمية لاداء كلمة شكر وعرفان بعد ان انتهت حاجتي خاصة اني كنت تجادلت لاكثر من مرة مع مندوبهم الاداري حول بعض النواقص في موقع اقامتنا ، ومن يدري قد اكون من القلائل الذين ادوا هذه الاصول  بين عشرات المتدربين الذين تستقبلهم الشركة سنويا من كل انحاء العالم . علمت ان مسؤول الشركة ترجم الرسالة وحفظها في الارشيف ونشر نسختها بارتياح وفخر على جميع منتسبيه .
ليلة رحيلي جوا من مطار اوساكا الى طوكيو ، اشارت اجهزة فحص الحقائب الى وجود ( ممنوعات ) في احدى حقائبي ، استغربت وممثل الشركة المرافق لي ، كنت قد وضعت في تلك الحقيبة كراسات وكتلوكات كثيرة حصلت عليها من الشركة المستضيفة ، كما وضعت فيها تمثالا مصنوعا من الجبس طوله حوالي ( 40 ) سم يمثل امرأة يابانية ترتدي الزي الشعبي الياباني كانت الشركة اهدته للمشتركين بالدورة ، وضمت الحقيبة حاجات صغيرة اخرى كمداليات و علب كبريت دفترية تحمل اسماء مطاعم تناولت فيها طعاما جمعتها للذكرى ، بعد فتح حقيبتي امام رجال امن المطار تبين ان الممنوعات التي اثارت اصوات اجهزة الانذار هي مجموعة ( علب كبريت ) كنت قد وضعتها في كيس صغير ، صودرت هذه العلب مني لكني لحظتها  مددت يدي على الكيس الذي صار بيد رجل الامن واخرجت ثلاث او اربع علب كبريت منه عائدا بها الى حقيبتي قائلا لرجل الامن :    (احتاج منها للذكرى ) ، طلب مني التوقيع في سجل لديهم ، ولا ادري لم وقعت وعلى ما ذا وقعت ! ترى الم يكن من الانسب ان يسلم لي ( وصل ) بالمواد المصادرة بدلا من توقيعي لديهم ؟!
وصلت طوكيو وبت فيها لاعتلي صباح اليوم التالي طائرة الخطوط العراقية عودة الى بغداد ، كانت الطائرة شبه فارغة لذا فان ممثل الخطوط الجوية العراقية تساهل مشكورا بعدم احتساب ضريبة على الوزن الاضافي لحقائبي خاصة ان الكتلوكات كانت سبب معظم ذلك الوزن .
في الطائرة كانت مجموعة شباب عراقيين موفدين من وزارات اخرى ، فهمت من اصواتهم العالية في الحديث ان احدهم صودرت من حقيبته مجموعة سكاكين كان اشتراها من طوكيو لوالدته حسب طلبها ، عرفت من حديثهم ايضا انهم كانوا يصرفون الدولار خارج البنوك باسعار تعادل سبعة اضعاف سعر التصريف الرسمي للدولار الى الين الياباني !
حطت طائرتي ارض بغداد ، ورغم الفرحة بعودتي الى وطني واهلي ، انتابتني موجة حزن والم لما ابصرته من فرق بين بنائي طوكيو وبغداد ، اشبهه كالفرق بين حالي مدينة وصحراء !
وصل معي التمثال الجبسي  للزي الشعبي النسائي الياباني  الى بغداد سالما  ، لكني فقدته عام 1989 اي بعد ثلاث سنوات بسبب عبث طفل احد اقاربي  الزائرين ، اسفت  جدا لفقده متمنيا لو كان مصنوعا من اي مادة زهيدة اخرى عدا الجبس !   
اقول اخيرا ، شكرا لليابان ووداعا ..

                                                                                    نبيل قرياقوس














 


184
مذكرات عراقي


                                 صناعة تايوان

انتقدني اليوم ولداي الشابان الذكيان يوسف ووائل لكتابة مذكرات رحلتي الوحيدة خارج العراق مازحين معي ( تؤيدهما امهما ) بالقول : ( الذي يراك تكتب هذه المذكرات يتصور انك عشت سنين في اليابان ، بينما انت لم تقم فيها سوى ايام لا يتجاوز عددها ايام شهر شباط في سنة كبيسة ! ) ، يأتي انتقادهما لي لاني ازاحمها على طاولات الكتابة في بيتنا الصغير الذي هو أكبر بكثير عن اغلب البيوت اليابانية التي رأيتها ، ازاحمهما في استخدام  مسودات الورق الابيض بينما هما منشغلان في التحضير لامتحانات مدرستيهما الثانويتين ، هما يعلمان ان اباهما يحتاج لكتابة موضوع قصير كهذا لاوراق نظيفة عديدة ولساعات عديدة ينقطع فيها ارساله وتجاوبه مع كل المحيطين به في البيت ، يعيد كتابة الموضوع وتحريره ما ملكت ايمانه حتى لحظات التنضيد على الحاسوب ، وبعد استنساخ المادة على القرص الليزي يتنفس الصعداء ويبتسم معيدا اتصاله بهما منتصرا وكأنه صنع جهازا ياباني الملامح !.
ربما سيزيد انتقاد ولداي مزحا بعد ان يقرءا سطوري هذه ويعلما ان اباهما وقبل عشرين عاما لم يغادر بغداد الا وكتب رسالة توديع رقيقة لكل مدراء اقسام الدائرة التي كان يعمل فيها ، ورسالة توديع خاصة لموظفي القسم الذي كان يديره ، ربما سيستغرب ولداي حينما سيعلمان ولاول مرة باني جلبت هدايا لجميع موظفي قسمي عند عودتي الى بغداد ، هدايا كانت كبيرة بمعناها رغم ان كلفتها المادية كانت باعلى قيمة يتحملها جيبي الذي لم يدخل به يوما اي فلس غير الراتب المتواضع ، قيمة كل هدية لم يتجاوز خمسة دولارات وعدد الموظفين كان ( 24 ) موظفا وموظفة ، بخلت على معدتي اياما عدة كي استطيع توفير ثمن هذه الهدايا ، فرح الجميع بهداياي المتواضعة ( نظارة شمسية ، قداحة ، عطر ، حلي ) ، كان اهم اسباب فرحهم ، علم جميعهم ( دون استثناء ) انهم في حال مادي افضل من مديرهم الذي يغتبطوه لثراء امانته وصدقه وقناعته واخلاصه وشجاعته في عمله ، ومودته معهم ابا واخا ، ذلك الثراء الصعب المنال ، الثراء الذي قد يفتقده اغنى اغنياء البشر ، الثراء الوحيد الذي يتمناه كل بشر قبل لحظة لقاء خالقه ، او هكذا اظن .
لم يبق لي ما يساعدني في شراء هدية لوالدي حينها ، اشتريت لهم ساعتين من اسواق بغداد بعد عودتي مدعيا للمسكينين ان هديتهما من اليابان ، بينما لم اهد اخوتي سوى احلى التحايا .
كتابتي القادمة ستكون الاخيرة عن رحلتي وسأكشف فيها عن مضامين رسالة عراقية وجهتها الى اليابانيين قبل رحيلي عنهم ، كما سأروي قصة متاعب الممنوعات التي ضبطت في حقيبة سفري في مطار اوساكا  .                     
قبل ان انهي كلماتي ، سادتي ، اقر وأعترف باني اكتشفت في بغداد ان كل الهدايا التي جلبتها لزملائي من اليابان كان قد كتب عليها ( صنع في تايوان ) !!


                                                                             نبيل قرياقوس

185
المنبر الحر / رقص شرقي
« في: 14:37 04/02/2008  »
قصة قصيرة
                                        رقص شرقـي 

لم تكن الاسابيع المعدودة التي قضيتها في اوساكا عام 1986 كافية لتعرفني ميدانيا على طبيعة الحياة الاجتماعية اليابانية خاصة اني كنت في مهمة تدريبية علمية تستنفذ معظم نهاراتي ولا تبقي لي سوى الاماسي ، كما أعاقني جدا عدم قدرة الشارع الياباني التحدث بلغة اخرى غير لغته ، حتى اني في صيدلياتهم كنت اضطر لاستخدام الاشارة او ذكر الاسم العلمي للدواء الذي احتاج شراءه ، فقليل منهم يتحدث الانكليزية وحتى الكلمات البسيطة منها .
كنت اود لو اني أعثر على عراقي او عربي من المقيمين لفترة طويلة هناك ليفيدني معرفة فلم افلح عدا اني في احد الايام وفي شارع مزدحم بمئات المارة وقعت عيناي على شاب بعمري حينها ، ليس ياباني الشكل ، احسست بانه لن يكون الا عراقيا ، تقابلنا وكان هو الاخر منتبها علي ، بادرته بالسلام بلكنتي العراقية الواضحة ، اجابني : ( وعليكم السلام .. هلة عيني ) ، عراقيا كان ابن عراقي ، عرفته بنفسي ، عرفني بنفسه حتى عرفت احد اقاربه في بغداد ، مغترب هو في اوساكا ، هجر بلده هربا من نار حرب بين اسياد تدفع ثمنها شعوب مقهورة وربما جاهلة ، ولكونه انسانا مثقفا ومبدعا يحب الحياة والسلام استطاع ان يستقر في بلاد العمل والابداع ، بلاد الـ (  لا ) سلاح سوى العمل والسلام ، بلاد اليابان ، ومكنه الله ان ينال لقمة عيشه بشرف حاصلا عليها من فم الاسد ، أشر بيده الى مكتبه القريب والمختص بتصنيع الاعلانات واستأذن لانشغاله بعمله . لقاء دقائق قصير انتهى لكنه كان اطول بكثير من لقائي الاخر بعراقي صادفته مساء احد الايام وانا عابر على خطوط المشاة في احد الشوارع ، راّني وحاول الفرار بنظره عني ، لا ادري لماذا كنت واثقا ان الاخ عراقي ، بادرته بالسلام ، اجابني وقد بدى عليه الخوف والتردد : ( هلة يابة ) وما ان نطق الحرف الاخير من ( يابة ) حتى غير اتجاه سيره عائدا الى الضفة الاولى من الشارع فارا مني بسرعة فائقة اخفته عن انظاري كعصفور فر من حجر ، لا ادري ما ظن بي  او ما كانت مشكلته !  كم اتمنى ان يكون من القارئين لقصتي هذه بعد مرور عشرين عاما .
في محور اخر ، كانت اوقات تناولي العشاء في مطاعم المدينة الاكثر مناسبة للتحدث او التعرف على الفتيات اليابانيات ، فالمطاعم مليئة ليلا ونهارا بزبائن من مختلف الاعمار ، ذكورا واناثا ، ولمعظم تلك المطاعم كراجات خاصة لدراجات روادها تسع كل منها لمئات الدراجات الهوائية . احدى الامسيات وبينما جلسن مجموعة من الشابات اليابانيات الانيقات والجميلات على طاولة طعام مجاورة لطاولتي ، ضحكت احداهن بوجهي ورفعت سبابة يدها اليمنى واضعة اياها اسفل انفها سائلة اياي : ( ما هذه ؟ لم تضعونها ؟ ) وتقصد الشوارب ، ابتسمت دون اجابتها ، زميلتها الاخرى سألتني بلغة انكليزية ركيكة جدا : ( من اين انت ؟ ) ، اجبتها : ( عراق ) ، استغربت للاسم وكأنها لم تسمع به او بحربه المستمرة حينها مع ايران لاكثر من ستة اعوام ، استدركت اجابتي مكملا : ( عرب ) ، ردت الشابة اليابانية علي مبتسمة ثم ضاحكة رافعة يديها مرفرفة بهما حول صدر مهتز بتليه الجميلين الحاملين لبركاني عسل مكبلين بخيمتي حرير وكأنها ترقص رقصا شرقيا : ( ها .. عرب .. رقص  ) ، صدقوني لم افهم ما عنته بتلك الكلمتين ، هل كانت تعني انها معجبة بالرقص الشرقي العربي ؟ ام انها كانت تعني ان الرقص هو الشيء الوحيد الذي تعرفه عن العرب ؟ ما استبعده هو ان تكون قصدت الاستهزاء بشعوب شرقية وعربية ترقص ، جهلا او نفاقا ، للحصول على قطرات رغيف خبز من حكام اثرياء بارعين في الشعوذة وخنق الرقاب وقص الالسن .   
                                                                                   نبيل قرياقوس 
                                                                             

  ملاحظة : نشر هذا الموضوع في الزمان الدولية بتاريخ 2/2/2008                                                       


186
أدب / رقص شرقي ..قصة قصيرة
« في: 11:32 01/02/2008  »
قصة قصيرة
                                        رقص شرقـي 

لم تكن الاسابيع المعدودة التي قضيتها في اوساكا عام 1986 كافية لتعرفني ميدانيا على طبيعة الحياة الاجتماعية اليابانية خاصة اني كنت في مهمة تدريبية علمية تستنفذ معظم نهاراتي ولا تبقي لي سوى الاماسي ، كما أعاقني جدا عدم قدرة الشارع الياباني التحدث بلغة اخرى غير لغته ، حتى اني في صيدلياتهم كنت اضطر لاستخدام الاشارة او ذكر الاسم العلمي للدواء الذي احتاج شراءه ، فقليل منهم يتحدث الانكليزية وحتى الكلمات البسيطة منها .
كنت اود لو اني أعثر على عراقي او عربي من المقيمين لفترة طويلة هناك ليفيدني معرفة فلم افلح عدا اني في احد الايام وفي شارع مزدحم بمئات المارة وقعت عيناي على شاب بعمري حينها ، ليس ياباني الشكل ، احسست بانه لن يكون الا عراقيا ، تقابلنا وكان هو الاخر منتبها علي ، بادرته بالسلام بلكنتي العراقية الواضحة ، اجابني : ( وعليكم السلام .. هلة عيني ) ، عراقيا كان ابن عراقي ، عرفته بنفسي ، عرفني بنفسه حتى عرفت احد اقاربه في بغداد ، مغترب هو في اوساكا ، هجر بلده هربا من نار حرب بين اسياد تدفع ثمنها شعوب مقهورة وربما جاهلة ، ولكونه انسانا مثقفا ومبدعا يحب الحياة والسلام استطاع ان يستقر في بلاد العمل والابداع ، بلاد الـ (  لا ) سلاح سوى العمل والسلام ، بلاد اليابان ، ومكنه الله ان ينال لقمة عيشه بشرف حاصلا عليها من فم الاسد ، أشر بيده الى مكتبه القريب والمختص بتصنيع الاعلانات واستأذن لانشغاله بعمله . لقاء دقائق قصير انتهى لكنه كان اطول بكثير من لقائي الاخر بعراقي صادفته مساء احد الايام وانا عابر على خطوط المشاة في احد الشوارع ، راّني وحاول الفرار بنظره عني ، لا ادري لماذا كنت واثقا ان الاخ عراقي ، بادرته بالسلام ، اجابني وقد بدى عليه الخوف والتردد : ( هلة يابة ) وما ان نطق الحرف الاخير من ( يابة ) حتى غير اتجاه سيره عائدا الى الضفة الاولى من الشارع فارا مني بسرعة فائقة اخفته عن انظاري كعصفور فر من حجر ، لا ادري ما ظن بي  او ما كانت مشكلته !  كم اتمنى ان يكون من القارئين لقصتي هذه بعد مرور عشرين عاما .
في محور اخر ، كانت اوقات تناولي العشاء في مطاعم المدينة الاكثر مناسبة للتحدث او التعرف على الفتيات اليابانيات ، فالمطاعم مليئة ليلا ونهارا بزبائن من مختلف الاعمار ، ذكورا واناثا ، ولمعظم تلك المطاعم كراجات خاصة لدراجات روادها تسع كل منها لمئات الدراجات الهوائية . احدى الامسيات وبينما جلسن مجموعة من الشابات اليابانيات الانيقات والجميلات على طاولة طعام مجاورة لطاولتي ، ضحكت احداهن بوجهي ورفعت سبابة يدها اليمنى واضعة اياها اسفل انفها سائلة اياي : ( ما هذه ؟ لم تضعونها ؟ ) وتقصد الشوارب ، ابتسمت دون اجابتها ، زميلتها الاخرى سألتني بلغة انكليزية ركيكة جدا : ( من اين انت ؟ ) ، اجبتها : ( عراق ) ، استغربت للاسم وكأنها لم تسمع به او بحربه المستمرة حينها مع ايران لاكثر من ستة اعوام ، استدركت اجابتي مكملا : ( عرب ) ، ردت الشابة اليابانية علي مبتسمة ثم ضاحكة رافعة يديها مرفرفة بهما حول صدر مهتز بتليه الجميلين الحاملين لبركاني عسل مكبلين بخيمتي حرير وكأنها ترقص رقصا شرقيا : ( ها .. عرب .. رقص  ) ، صدقوني لم افهم ما عنته بتلك الكلمتين ، هل كانت تعني انها معجبة بالرقص الشرقي العربي ؟ ام انها كانت تعني ان الرقص هو الشيء الوحيد الذي تعرفه عن العرب ؟ ما استبعده هو ان تكون قصدت الاستهزاء بشعوب شرقية وعربية ترقص ، جهلا او نفاقا ، للحصول على قطرات رغيف خبز من حكام اثرياء بارعين في الشعوذة وخنق الرقاب وقص الالسن .   
                                                                                   نبيل قرياقوس 
                                                                             

                                                         


187
المنبر الحر / ازمة ماكنة حلاقة
« في: 13:14 31/01/2008  »

ازمة ماكنة حلاقة
السبت والاحد هما يوما العطلة الاسبوعية في اوساكا، يتمتع بها العاملون بعد خمسة ايام عمل دؤوب. زرت في هذه المدينة اليابانية معامل انتاج مختلفة وفي جميعها اقسام رئيسية للبحث والتطوير تضم خيرة العقول العلمية ، اضافة الى اقسام تدريب الشباب الجدد فنيا. العاملون جميعا لهم زيهم الخاص كل حسب شركته او معمله ولديهم ساعة استراحة خلال العمل يتناولون فيها وجبة  طعامهم، المرافق الصحية العامة في تلك المعامل لايمكن لمستخدمها الدخول اليها دون خلع حذائه وارتداء (نعال) خاص موجود في مدخل تلك المرافق.
نضمت لنا الشركة المستضيفة زيارات سياحية تمتعنا بها كثيرا ايام العطل، اذكر منها زيارتنا لقلعة اوساكا التاريخية المبنية كلها من خشب وبعدة طوابق بطريقة معمارية جذابة وقد ركب اليابانيون فيها مصعدا كهربائيا، رأينا ساحات جميلة لاتغادرها الطيور التي تسير مطمئنة بين اقدام (البشر)، اما القطط فهن محترمات ومقدرات بشكل يفوق ماتتصوره اي قطة عراقية، فهن نظيفات وموضوعات في اقفاص للبيع كما هي حال بعض الكلاب النادرة التي تباع في سوق الغزل ببغداد، كنت اصفن على تلك القطط واتذكر حال القطة المسكينة في العراق وهي تتصيد لقمتها في بقايا الازبال، اسمحوا لي ان اخرج عن نطاق الموضوع واذكر لكم حديثا طريفا (ذا صلة) لأحد زملائي البصريين الذي قدم الى بغداد في اعوام التسعينيات وقت كان العالم كله يحاصر شعب العراق المغلوب على امره، قال لي: (اعتقد ان الامور في بغداد غير متأثرة جدا بالحصار، لأني رأيت قططكم تمشي في الشوارع وهي بحال ليس كحال القطط البصرية التي باتت وكأنها شبح هيكل عظمي متحرك!).
ارجع الى اوساكا ولانتقل سياحة بقطارات المترو بعد قطع تذكرة من ماكنة ذكية بلمس اسم المنطقة التي انوي السفر اليها وتقوم هذه الماكنة بارجاع المبلغ المتبقي لي بذمتها من المبلغ المدفوع. عربة القطار فيها كراسي قليلة وهي للمعوقين وكبار السن، اما الكل المتبقي فهم واقفون ومنظرهم كمنظر مسيرة تظاهرة، تجد العديد منهم بيدهم كتاب صغير يتابعون قراءته ماسكين باليد الاخرى مسندا مربوطا بسقف العربة.
من المفارقات السياحية التي صادفتها تلك التي حدثت لي مساء احد الايام بفندق اقامتي باوساكا حيث وددت استعمال ماكنة حلاقة الوجه الكهربائية التي اصطحبتها معي من بغداد، وجدت ان رأس السلك الكهربائي للماكنة لايمكنني تلبيسه بمأخذ كهرباء الغرفة، اتصلت بأحد منتسبي الفندق دون ان يسعفني بوسيلة، اضطررت للحلاقة بشفرة اعتيادية وانتهى الموضوع بالنسبة لي.
صباح اليو م التالي وبينما كنت اتدرب في مقر الشركة لمحت مسؤولا من الفندق الذي اقيم فيه وهو يتنقل بين مكاتب ادارة الشركة، والى هنا اعتقدت ان الموضوع لايخصني، الغريب في الأمر ان (تاجيما سان) الخبير المدرب لنا اخبرني ظهر نفس اليوم بأن مسؤول الفندق جاء ليخبر ادارة الشركة أن احد ضيوفها (يقصدني) أراد استخدام ماكنة حلاقة كهربائية مشغلا إياها على كهرباء الفندق! استغربت أيما استغراب لما سمعته واندهشت لدرجة أفقدتني صوابي فصمتّ بدل ان اسأله عن نوع العلة في ذلك، وها قد مر اكثر من عشرين عاما ولازلت للآن غير عاثر على موجبات منطقية لذلك الحدث العجيب، فهل من مفسر؟ وهل من مصدق!؟.
مفارقات نادرة اخرى عشتها في رحلتي، سأدونها.


نبيل قرياقوس   

188
مذكرات عراقي

                                اعتذارلحقيبة دبلوماسية         

حدثني احد اليابانيين عام 1986 في مدينة اوساكا موضحا لي ان بلاده تفتقد لاهم ثلاثة شروط لاسس قيام صناعة متطورة  ناجحة مربحة الا وهي : المواد الاولية والطاقة والقرب من مراكز التسويق ، فلا حديد ولا نفط في اليابان المعزولة في بحر كبير ، ورغم ذلك فان الدماغ الياباني استطاع ان يحجم تأثير تلك الشروط بتفعيل طاقة تفكير وتخطيط اداري وعلمي لم تجعل اليابان بلدا صناعيا حسب انما جعلتها من كبريات الدول المصدرة ومصنوعاتها مفضلة في كل دول العالم . اوساكا هي ثاني المدن اهمية بعد طوكيو العاصمة ، نفوسها كانت حينها قرابة الخمسة ملايين نسمة يعتنق اغلبيتهم ( كحال بقية اليابانيين ) الديانة البوذية وهي  الاكثر نسبة بين سكان الارض . اوساكا هي العاصمة الصناعية لليابان لكثرة المعامل والشركات الصناعية فيها ، اما بناؤها ومعمارها فلا يقل كثيرا عن جمال وروعة بناء طوكيو ، يكفي ان اتذكر عشرات أسواق كبيرة كنت انزل اليها وهي في الطابق الثاني تحت الارض ، هذه الارض التي هي جزيرة تحيطها المياه من كل الجهات وتزورها الزلازل المجهولة الاتجاهات والاوقات .
رجعت وزملائي من حفلة الاستقبال الساهرة التي اقامتها لنا الشركة المضيفة ونزلنا من سيارة الاجرة (  التكسي ) في شارع قريب على فندقنا لكي نمتع انظارنا باشكال الزينة والانارة التي تتحلى بها الشوارع والمحلات والاسواق ليلا ، وبينما واصل زملائي السير توقفت عند حفارة كانت تعمل في احد الشوارع الفرعية يحيط بها اربعة من العمال اليابانيين ، وددت فضولا معرفة ما يقومون به ، وكعادتي السيئة دائما اخرجت علبة سكائري ناويا التدخين ، منعني احد العمال الواقفين ناطقا كلمات لغة بدت لي يابانية ولم افهم منها الا كلمة ( غاز ) ، عرفت ان الغاز السائل لا يوزع في اوساكا بالقناني المعدنية وانما بانابيب تحت سطح الارض ( رغم الهزات الارضية ) ليصل لكل المستهلكين ، وقد اختارت الشركة ذات العلاقة اجراء صيانة احد انابيب الغاز وقت منتصف الليل لتخفيف التأثير على حركة الشارع اضافة لضرورات الامان .
وصلت فندقي ، وجدت أحد زملائي وهو يندب حظه الذي جعله ينسى حقيبته الدبلوماسية في سيارة الاجرة التي اوصلتنا قرب الفندق . وثيقة جواز السفر ، نقوده التي تقارب الف وخمسمائة دولار ، كتلوكات الشركة اليابانية هي كل محتويات حقيبته المفقودة .
لم ينم صاحبنا ليلتها متنقلا بين غرفنا شكيا لنا همه بينما كنا نحن نتابع اخر اخبار التلفاز عن الهزة الارضية التي طالت احدى مدن اليابان ذلك اليوم .
حل الصباح ، توجهنا الى مقر الشركة بعد ان لم نجد اي أثر للحفرة التي حفرت ليلا لصيانة انابيب الغازعدا وجود اختلاف طفيف بين لوني مادة التبليط الجديدة عن القديمة .
استقبلنا المسؤول الاداري بابتسامة لم نعهدها عليه ،سائلا زميلنا صاحب الحقيبة المفقودة :
ــ سيد ( خميس ) هل فقدت حقيبتك أمس ؟
ــ نعم ، كيف علمت ؟
ــ تعتذر الشركة الخاصة بالنقل والتي ينتسب اليها سائق السيارة التي استأجرتها أمس لكونها           
أضطرت مجبرة لفتح الحقيبة الدبلوماسية لكي تسهل عملية الوصول الى صاحبها لاعادتها  له ، وقد اتصلت شركة النقل بنا وقامت بارسال حقيبتك الينا بعد ان تأكدت من وجودك في ضيافتنا .
في حال حالم مندهش استعاد ( خميس ) حقيبته الدبلوماسية بمحتوياتها الكاملة دون نقص .
لامتداد الرحلة في اليابان نوادر طريفة قد لا تصدق ساحكيها ..

                                                                       نبيل قرياقوس
 
ملاحظة للقراء الكرام : نشر المقال السابق (كباب بغداد في اوساكا ) في جريدة الزمان الدولية ، شكرا للجميع .

189
  مذكرات عراقي                           

                                  كباب بغداد في اوساكا
اربع ساعات طيران في الجو هو وقت نقلي من طوكيو الى اوساكا ( نهاية عام 1986 ) حيث استضافتني الشركة صاحبة الدعوة ، ولأبدأ وزملاء مهندسين عرب التقيتهم هناك دورة تدريبية فنية على ايدي مهندسين يابانيين اعجز عن وصف خلقهم وأدبهم وصبرهم وحرصهم على ايصال المعلومة الفنية لنا .
كلمة ( سان ) تعني في اليابانية ( أخ ) وتلحق بعد الاسم عند النداء دلالة للاحترام ، ( تاجيما سان ) كان ابرز اولئك الخبراء اليابانيين الذين درسونا ، وهو الاخر كان متلهفا لمعرفة اي جديد عن مجتمعاتنا مستغلا اوقات الاستراحة بين المحاضرات للدردشة معنا في احاديث عامة ، مرة اتذكر انه ترجاني ان اسمعه مقطعا صغيرا من اي اغنية عراقية ليتخيل شكل الالحان والانغام العراقية .
( الاداري )الذي يتابع احتياجاتنا كان شخصا مقبولا لكنه لم يبدو لي وديا كمهندسي الشركة ، ولطالما كان ( تاجيما سان ) يتوقف عن احاديثه الاجتماعية معنا حال مرور ( الاداري ) ، سألني الاخير ذات مرة عن المنتصر في الحرب التي كانت مشتعلة ساعتها بيننا وبين ايران ...، مرة اخرى اشتكى في حديثه معنا قائلا : ( اليابان لديها مشكلة مستمرة في الحصول على العملة الصعبة ..) ، تصوروا ان اليابان لديها مشكلة في العملة الصعبة وهي ثاني او ثالث دولة في العالم دخلا ، ولم لا ؟ ما دام هناك طرف في العالم لايزال متقدما عليها !
خلال الساعات الثمان للمحاضرات النظرية والعملية كانت جعب القهوة والنسكافيه والشاي مملوءة امامنا لنشرب منها قدر ما نرغب ولحظة ما نشاء اضافة الى وجبة غداء ، وعندما ينتهي النهار نستقل سيارة اجرة ( تكسي ) لتنقلنا الى الفندق الذي نقيم فيه كل في غرفة منفصلة ، جميع سيارات الاجرة تجد فيها اجهزة اتصال لاسلكية مرتبطة بمركز سيطرة الشركة المشغلة لاسطول العجلات ، بامكانك الاتصال من اي هاتف عمومي ، وما اكثرها في الشوارع ، لطلب سيارة اجرة ولتكون امامك خلال ثوان ، سائق التكسي له زيه الخاص وقبعة على الرأس وكفوف بيضاء ، اذا صعدت في سيارته لن يتحرك قبل ان تربط حزام الامان على جسمك كما هو فاعل ، واذا نزلت فانك ستدفع له مبلغ القائمة التي تبرزها ماكنة العداد في السيارة ، وكل ذلك كان قبل عشرين عاما .
في احدى امسيات جولاتي باسواق اوساكا انتبهت الى صوت نغمات بيانو جميلة اثناء عبوري على خطوط المشاة في احد الشوارع المكتظة وعند استفساري عن مصدر الصوت عرفت ان الشركة التي ( انتخبت ) لادامة وتشغيل شوارع تلك البلدة ربطت كهربائيا نظاما موسيقيا يعمل اثناء ايقاف حركة مرور العجلات ليتسنى لـ ( الاعمى ) معرفة وقت عبور المشاة !
بعد مضي اسبوع ، اقامت الشركة المضيفة حفل ترحيب واستقبال لنا ولمدرس اللغة الانكليزية
الامريكي الجنسية الذي استقدمته  لتعليم كادرها اللغة الانكليزية ، كان يطغي على الطعام المقدم لنا انواع الاسماك والحيوانات البحرية حتى ان كثير منها كان غير مطهي حيث يأكلونه بعد غمسه سريعا في قليل من ( الخل ) .
احد مسؤولي الشركة كان حاضرا ، اخبرني بانه كان ممثل الشركة في بغداد قبل سنوات ، اخبرني انه مشتاق للعودة الى بغداد ..
سألته : لم ؟
اجاب : فقط لآكل ( كباب بغــداد )  ما اطيب ( كباب بغــداد ) !
الرحلة في اوساكا ممتعة باحداثها النادرة القادمة .

                                                                         نبيل قرياقوس
ملاحظة: نشرت اجزاء الرحلة الى اليابان والمنشورة على الموقع في جريدة الزمان، شكرا لكل القراء

190
المنبر الحر / موشي موشي بغداد
« في: 11:58 06/01/2008  »
      مذكرات عراقي
                                            موشي موشي ..  بغــــداد

في احد ايام تشرين الثاني /1986 الساعة العاشرة والنصف صباحا وصلت الى الفندق الذي حجزت فيه غرفتي وسط طوكيو ، اضطررت الى الانتظار في صالته الرئيسية نصف ساعة لحين خلو غرفة من نزيلها ، الفندق كان في حالة غليان لم اشهدها في حياتي بفنادقنا السياحية ، عشرات يغادرون وامثالهم يسكنون ، دخلت غرفتي متصلا بالشركة المضيفة واعلمت بضرورة ان اطير غدا الى اوساكا حيث مقر الشركة ،  عرفت ان اليابانيين ينطقون مصطلح ( موشي موشي ) حال رفعهم سماعة الهاتف بدلا من مصطلح ( ألو ) الدارج عالميا . ارتحت لساعة ونزلت الى شوارع طوكيو أملي منها نظري ، انها فرصتي الوحيدة في العمر ، فمن ذا الذي سيعيد ني الى اليابان مرة اخرى، حلم هو هذا الذي اعيشه ، مشيت مندهشا أنظر أولئك البشر ، اتفحصهم من قمة اعلى شعرة في رأسهم الى كعب حذائهم ، وددت ان اعرف ولو واحدا من الاسرار التي جعلتهم يهزون العالم بلا سلاح بينما تهزهم الزلازل ، لحظات لا تنسى وسأموت دون ان تتكرر عليّ ، نفوس طوكيو وحدها كان اكثر من ( 20 ) مليون نسمة ، وتقع طوكيو في جزيرة كبيرة هي واحدة من  (3000 ) جزيرة تكون اليابان ، طوكيو خيال من عمارة وجسور معلقة وضخمة ،  خيال من انفاق رهيبة تجري بها قطارات تنقل الملايين بتناغم ثوان ، شوارع طوكيو لا نهاية لها ، ارصفتها تنقل المشاة وراكبي الدراجات الهوائية ، ولا تخلو زاوية في المدينة من كراج هذه الدراجات ، الغني والفقير، الكبير والصغير ، الرجل والمرأة ، الاغلبية تنتقل بالدراجة الهوائية ، اجواء طوكيو كأجواء بغداد ايام الربيع بينما تمتد في سما ئها، شامخة في كل الفصول، ابنية لم يطل نظري نهايتها ، طوكيو مالا نهاية من اسواق ومحلات تلمع بزينتها وانارتها ليلا ونهارا ، الالاف تتدفق في اسواق مزدحمة ، فرادا وجماعات ، لا احد له علاقة بالاخر ، لا احد يراقب الاخر ، ولا احد يصدم كتفك فان حدث هذا تأكد ان الذي صدمك ليس يابانيا . الاشجار والخضرة تراها اينما تلفت ، واتحدى ان تجد شجرة مائلة في اليابان ، فالشجرة تراعى وتقوم ميكانيكيا لتكون منتصبة دائما ..
مطاعم طوكيو جمعت ثروة البحر كلها ، احيانا افكر واقول ربما يكون تناول اليابانيين لهذه الحيواتات البحرية هو احد اسباب تميزهم في العالم ، لكني اتراجع عن هذا الاحتمال عندما استدرك بلدانا كثيرة يتعاطى سكانها نفس الثروة الغذائية لكنهم ليسوا كاليابانيين !!
اخترت مطعما للـ ( كنتاكي ) وكانت مشكلتي فيه انه لا يقدم خبزا او صمونا ، وكيف لي ان اشبع او اتلذذ بالاكل دونهما ؟! علما ان الاسعار عالية جدا ، ومعروف ان اليابان في مقدمة اغلى دول العالم معيشة ويكفي ان اذكر لكم
اني حينها وجدت ان سعر الصمونة الصغيرة يعادل نصف دينار بالعملة العراقية بينما كان سعر الصمونة في بغداد ( 10 ) فلوس . 
رجعت ليلا الى غرفتي ، شغلت مذياع سريري وبقيت ادير مؤشره عسى ان احظى بصوت ينطق كلمة بغداد المظلومة ، بنت بابل عاصمة بناء الدنيا ، بغداد الغارقة في ظلمات الحروب ، فشلت مثلما فشلت طيلة النهار والليل في سمع صوت  منبه سيارة ( هورن ) في مدينة ( 20)  مليون انسان .                                                                   
 نمت لاستيقظ من حلمي .
الباقي من الرحلة امتع .

                                                                                                              نبيل قرياقوس

191
المنبر الحر / صباح الخير طوكيو
« في: 10:40 30/12/2007  »
مذكرات عراقي
                         صباح الخير طوكيو..


بعد ان حصلت موافقة الشركة اليابانية على ايفادي على نفقتها للتدرب على معداتها في
اليابان عام 1986 جاء رفض دائرتي قبول الايفاد لصدور تعليمات جديدة تمنع ايفـــــــاد
العراقيين على نفقة الشركات ، راجعت ومديري الرأس المسؤول في دائرتي وافهمناه ان
الشركة اليابانية انهت تجهيز المواد قبل سنوات وان المتبقى بذمتها هو ايفاد عراقــــــي
للتدرب على نفقتها ، وضحت للسيد المسؤول عدم ممانعتي ايفاد اي شخص غيري لئلا
نضيع فرصة من حق الجانب العراقي ، وافق المسؤول المتنفذ الذي كان بدرجة وزيــــر
على ايفادي ، والطريف انه كلفني ارسال رسالته من بريد طوكيو الى زوجته المقيمـــة         في لندن ، فهمت انه يخشى فتح رسائله الخاصة من قبل اجهزة النظام حينها .
قبل ان اقل طائرتي العراقية الى طوكيو بايام اتصل بي على هاتف الدائرة شخـــــص لا اعرفــــه  مخبرا أياي انه ينوي لقائي لاعطائي بعض التوجيهات قبل سفري ، الظاهر ان الاســتاذ كان من المخابرات العراقية وانه نساني حيث لم التقيه قط ، وليته لم يتصل بي فقــــــــد اشعرني بشعور غريب وكأني مراقب من اجهزة دولة معروف عنها انها لا ترحم العراقي قبل اي انسان اّخر .
كانت اول مرة في عمري المس جدران طائرة ، اركب فيها ، كانت كبيرة جدا بمقاعدهــا
الكثيرة الفارغة عدى من نفر من الاجانب ومجموعة شباب عراقيين مفتولي عضــــلات ،
فاقدي براءة يجعلونك بنظراتهم وتصرفاتهم تشعر انك اقل منهم بكثير مهما كنت ، تشعر
انك مطلوب للعدالة حتى لوكنت ملاكا !
هبطنا بمطار بانكوك عاصمة تايلند بعد ثمان ساعات ابحار في الجو ، اخبرنا بعطـــــــل
طائرتنا العراقية ، انزلت حقائبنا وفقدت منها ( 4 ) كلوص سكائر سومر ، حولني مندوب
الخطوط الجوية العراقية الى طائرة يابانية منطلقة الى طوكيو فكانت فرصتي الاولى للقاء
الرقة الانثوية اليابانية عند المضيفات التي ينقصهن اتقان التحدث باللغة الانكليزيــــــــة
معوضين عنها بابتسامة خدمة وانحناءة رأس مطيعة تنسيك اي قصور فيهن ..
جلبت لي المضيفة صحن طعام لا اعرف ما فيه وحوله مجموعة من الاكياس الصغيــرة
فيها دقيق مواد لا اعرف ما هي ايضا فالكتابة عليها يابانية الاحرف ، افرغت محتوياتها
جميعا على المادة الموجودة في الصحن فكان ان تفاعل السكر مع الملح مع الفلفل مـــع
اشياء كثيرة اخرى اجهلها ونتج منها طبخة عرفت جيدا انها تدعى ( ما لا يؤكل ) ولا
ادري لم فعلت ذلك ، هل كنت مضطربا ، هل كنت متأثرا بمكالمة الصديق المجهــــــــول
النصوح  ام كان ذلك غباء وجهلا مني او ربما كان الصحيح بعينه ، لا أدري ، عمومـا     خجلت ان اعالج الموضوع مع الانيقــة التي تخدمني  ، صمت  لسبع ساعات حتــى          وطئت قدماي ارض طوكيو صباحا ولاقضي  ليلــــــة في احد فنادقها الحديثة مقابــــــل             دفع ( 100 ) دولار بضمنها وجبة فطور قبل ان اجـــــــد الطريق الى اوساكا العاصمة الصناعية لليابان ، وللحديث بقية ممتعة جدا .


                                                                        نبيل قرياقوس

192
المنبر الحر / رحلة الى اليابان
« في: 11:54 15/12/2007  »

                         رحلة الى اليابان   
 
زيارة بلد بعيد كاليابان زيارة لاتنسى لاسباب عدة ، يكفي انها البلد الذي لا اتصور ان هناك
مخلوقا على ارض البسيطة لم يسمع به وباعاجيبه ، اصدقاء لي زاروا بلدانا كثيرة قالوا لــي
والعهدة عليهم ، ان زيارة اليابان قد تعادل جولاتهم لجميع البلدان الاخرى ، ولا ادري لـــــم
يقولون ذلك وهم لم يروا اليابان !
قرأت في تسعينيات القرن الماضي سلسة مقالات لكاتب عراقي في مجلة ( الف باء ) عــــن
جولته في اليابان ، وبصراحة لم يبق منها في مخيلتي شيء لان ذكريات الايام المعدودة التي
عشتها في اليابان قادرة على التعتيم عن اي كتابات .
رحلتي الى اليابان لم تكن حلما لاني قبل عشرين عاما لم اكن لاحلم بالسفر لاي دولة فــــــي
العالم ، وكيف كان لي ان اجروء ان احلم بذلك وكل الشباب العراقيين ممنوعين من الســـــفر
ليشاركوا جبرا في الحرب العراقية الايرانية ، نعم كنت اتمنى ان احلم بيوم تقف فيه هــــــذه
الحرب المحرقة ، التي لا اعرف للان كيف بدأت وكيف انتهت ، لم صفق قادتها لانطلاقــها
ولم صفقوا انفسهم لانتهائها !
كان الانتداب الي الوظيفة الحكومية طوق النجاة كاضعف الايمان للخلاص من المشاركة في
حرب طاحنة دفع العراقيون بها ثمنا رهيبا ، ارواحا بريئة ، مواردا ، سنينا ، اجزاءا مـــــن
 اجسام يفتقدها بعض الاحياء منهم للساعة .
كان على العراقي حينها  وهو في الوظيفة ان يتختل هربا ممن يجندونه مجبرا بجيش اّخـــر
يسمى ( الشعبي ) للمشاركة في لغز، اسود، دام ، مر صنعته اياد كبيرة .
عام 1986 نقلت وظيفيا الى موقع عمل جديد فيه اجهزة يابانية الصنع ، واثناء دراستـــــــي
لوثائق الموقع المكتوبة بالانكليزية عثرت على رسالة مطولة من الشركة اليابانية المصنعــة
فيها فقرة اخيرة تخبر الجانب العراقي باستعدادها لتدريب مهندس عراقي مجانا في اليابــــان
في حالة شراء العراق لتلك الاجهزة ، الرسالة كانت قديمة مضت عليها اكثر من ثــــــــلاث
سنوات ، عرفت من منتسبي الموقع عدم وجود اي شخص اوفد الى اليابان خلال تلــــــــــك
السنين ، خاطبت الشركة طالبا موافقتها لتحديد موعد ايفاد مهندس عراقي للتدرب في اليابان
مجانا بناءا على عرض الشركة السابق ، استغربت الشركة طلبي المتأخر سنوات واعتذرت
في البداية متذرعة بازدياد كلف نفقات الايفاد بعد مرور هذه الفترة الطويلة ،تحججت فـــــي
رسائل لاحقة بان الاجهزة لم تعمل بعد وهذا هو سبب تأخرنا في طلب ايفاد العراقي .
لا أطيل عليكم  ، لقاءات جرت بيني وبين ممثل الشركة في بغداد فيما بعد اقنعت الجانـــــب
الياباني بالموافقة على استقبال عراقي لثلاثة اسابيع للتدرب في اليابان على حساب الشركة .
فاتح مدير موقعي دائرتنا الرئيسية لاستحصال الموافقة الرسمية العراقية لايفاد العراقــــــي
مقترحا اسمي ، اجابت الدائرة برفض ايفادي الى اليابان لوجود تعليمات جديدة من رئاســــة
الجمهورية انذاك تمنع الايفادات المجانية !
وصلت اخيرا الى اليابان ، ولكن كيف ؟ وماذا وجدت فيها ؟ هذا ما لا استطيع اكماله الان
حيث لــم يعد لي متسع من المجال لمقالي القصيرهذا ، الذكريات ستكون اجمل في مقــــــال
قادم .

                                                                             نبيل قرياقوس   

193
عاجـــل جدا..
                مسيرات حاشدة في الشارع العراقي
 
اعلنت شركة يابانية متطورة مختصة بمكافحة ارهاب الفساد الاداري استعدادها لتجهيــــز الحكومة العراقية بجهاز متطور للكشف عن اماكن تفشي الفساد الاداري ومعالجته ، علما
ان كلفة الجهاز زهيدة جدا قياسا لسهولة عمله والفائدة المبتغاة منه ، الجهاز عبارة عــن
انسان اّلي يربط في مدخل أي دائرة بصورة مفاجئة لمدة يوم واحد ومهمته ان يسأل كـــل
مراجع عند خروجه ستة اسئلة يجيب عليها  بـ ( نعم ) او ( لا ) :
1 . هل انجزت معاملتك او طلبك بسرعة ؟
2 . هل عانيت من ازدحام في الدائرة ؟
3 . هل عوملت باحترام ؟
4 . هل يوجد من يرتشي في الدائرة ؟
5 . هل عمر مدير الدائرة اقل من اربعين عاما ؟
6 . هل تهتم الدائرة بما يكتب عنها في الصحف المحلية ؟
قدرة الجهاز التصميمية هي الاستفسار من عشرة اشخاص فقط في اليوم ، وفي حالـــــة
سلبية الاجابة لاثنين او اكثر من هؤلاء العشرة فان الجهاز اللآلي يصدر امرا واجـــــــب
التنفيذ يقضي باحالة رئيس او مدير الدائرة التي تم فيها الكشف على التحقيق وثم التقاعد
الفوري بدرجة ادنى ، كما يصدر الجهاز امرا مرادفا بتوجيه الانذار الى الوزير الـــــــذي
 تنتمي اليه تلك الدائرة .
تفيد الشركة المصنعة لهذا الجهاز الآلي ان التقنية الحديثة المتطورة في هذا الجهاز تعمل
بنظرية ( رأس السمكة ) العراقية وتؤدي بالجهاز الى اصدار أمر فوري واجب التنفيـــــذ
يقضي باحالة الوزير الذي تتكرر عليه التنبيهات لاكثر من ( 10 ) مرات شهريا الـــــــــى
التحقيق امام البرلمان العراقي بعدها يحال على التقاعد دون اجراءات قضائية في حالــــة
ثبوت حسن النية .
اما عن اجور الصيانة والتشغيل لهذا الجهاز فهي بسيطة تطالب بتوفير ثلاث وجبات طعام
فيها فلفل حار اذ ان المواد المكونة للجهاز الآلي هندية الصنع ،وتحتاج ايضا الى راتــــب شهــــري قدره ( 200 ) دولار فقط مع توفير غرفة مناسبة للاقامة .
الجدير بالذكر ان عرض الشركة يدرس حاليا لدى الحكومة العراقية لاهميته المطلقة ،لكنه
يواجه بمعوقات عدة اهمها مخالفته لقانون التقاعد العام الذي اقر مؤخرا فلا وجود لفقرة
تسمح بالاحالة على التقاعد بدرجة ادنى ، وعلى كل حال افاد مصدر مخول بهذا الصـــدد
ان الحكومة العراقية جادة في ازالة كل العقبات خلال الـ ( 48 ) ساعة القادمة لغرض ابرام
عقد مع الشركة اليابانية لتجهيز العراق بالف جهاز بالسرعة الممكنة ، بينما وردنا قبـــل
قليل خبر من داخل اروقة البرلمان العراقي الذي يعقد جلسة استثنائية لمناقشة عرض الشركة
اليابانية يفيد ان نوابا طالبوا بتصنيع هذا الجهاز محليا  ، ولازالت النقاشات محتدة هناك ،
وسنوافيكم بما سيردنا  لاحقا  من قاعة الجلسة ، كما نعلكم ، سادتي ، بورود اخبار غير
مؤكدة عن طلبات استقالة كثيرة تقدم بها العديد من مسؤولي دوائر خدمية وغير خدمية
لها صلة بحياة المواطنين اليومية حال سماعهم بقرب نصب وتشغيل هذه الاجهزة مما
اثار ذلك فرحة غامرة بين صفوف ابناء شعبنا  الذين جددوا ثقتهم بالحكومة المنتخبــــة
وطالبوا في مسيرات حاشدة انطلقت في كل شوارع العراق بالاستمرار قدما في تنفيـــــذ
هذا المشروع الاستراتيجي  ، وكالات الانباء العالمية تواصل تغطيتها الحية لهذا الحدث
الهام من عاصمة الدنيا بغداد الحبيبة ، كونوا معنا .
                                                                              نبيل قرياقوس

194
المنبر الحر / وليمة شاي حكومي
« في: 12:20 23/11/2007  »
وليمة ( شاي حكومي)
2007/10/21
 
 
 
وليمة ( شاي حكومي)

كان ولايزال شراب الشاي هو الاكثر شيوعا بين كافة انواع الاشربة لدي العائلة العراقية ،فلا فطور للعراقي بلا شرب شاي ، ولا شراب محبب اكثر من الشاي بعد وجبة غداء دسمة ،ولا شراب يجمع العائلة العراقية مساء " سوي الشاي ، استراحة العراقي في اي مدة من النهار تكتمل بشرب الشاي . الشاي مشروب الضيافة لدي كل العوائل العراقية صيفا وشتاء" .
الشاي الاسود هو النوع الاكثر استهلاكا لدي العراقيين بين بقية الانواع الاخري كشاي الكوجرات والشاي الاخضر .
ورد بتقارير صحية قرأناها في سنين سابقة ما يفيد ان الشاي يساعد في صحة عمل الياف القلب ومنها ما ينصح بعدم شرب الشاي مباشرة بعد وجبة الطعام لئلا يمنع الشاي امتصاص عنصر الحديد من الغذاء المهضوم داخل جسم الانسان ، ولا ندري هل ما زالت هذه المعلومات الطبية ثابتة علي هذا الرأي حتي يومنا هذا حيث قلّت متابعتنا للتقارير الصحية العامة في السنوات الاخيرة لانشغالنا بما هو اهم وأخطر من ظروف بلدنا تاركين الصحة علي (الله) جل جلاله .
الملفت للنظر ، سادتي ، انه ومنذ حصار عام 1991 ولحد الان نادرا ما تذوق العراقي شايا طيب الطعم والنكهة بالذي وزع او يوزع عليه في الحصة التموينية الشهرية الحكومية ، فتراه تارة شايا ذا شراب باهت اللون بلا رائحة وبلا طعم مهما زيدت مقاديره المضافة في الماء وهذا عكس ما متوقع منطقيا ! وتارة تراه ذا شراب اسود ولكن بلا طعم او رائحة ، وتارة برائحة دون طعم ! .
هناك انواع تستطيع شربها علي مضض لكنك لن تستطيع شربها بعد دقائق معدودة حيث يتغير لون شراب الشاي الي الوان غريبة ويتغير معها طعم الشراب الي طعم لا علاقة له بما نعرفه عن طعم الشاي ! .
معظم العوائل العراقية ذات الدخل فوق المتوسط تركت شرب شاي ( الحكومة ) وألتجأت الي الشاي التجاري ، وما ان تستهلك نوعا ( ماركة ) تعرف بالجودة حتي تتفاجأ بعد مضي مدة بتدني نوعية ذلك الشاي التجاري ايضا ، أمر غريب حقا" .
العوائل التي دخلها تحت المتوسط التجأت الي خلط الشاي التجاري بشاي الحصة علّ احدهما يصلح أمر الاخر وليكونا كمية اكبر من الشاي القابل للشرب لكن العملية غالبا ما تفشل بسبب اختلاف درجات السوء في كلا النوعين بين وجبة واخري فتكون النتيجة شايا رديء اقل مــــا يقال عنه انه لا يشجع علي شرب الشاي .
تري هل هناك خطة سرية للعمل بتوجهات صحية تؤدي بالعراقيين الي الاقلاع عن شرب الشاي حرصا علي صحتهم ؟! ان كان هذا الافتراض صحيحا فما المانع من توضيحه علنا ؟
اسئلة نطرحها علي السادة المسؤولين ليتفضلوا باجابتنا عليها رجاء" بعد ان نستضيفهم معززين مكرمين لوليمة شاي ( حكومي ) ، ثقتنا كبيرة بان سيادتهم سيلبون الدعوة طالما سنتعهد لهـــم ان شرب ذلك الشاي لن يكون اجباريا !! .
نبيل قرياقوس
 
 نشر بجريدة الزمان الصادرة بلندن في 21/10

195
  
              مسؤول صاعد .. مسؤول نازل

عانت اغلب وزارات الدولة العراقية واداراتها العامة بعد نيسان /2003 جملة سلبيات
اهمها تولي مسؤولياتها اشخاص اقل ما يقال عنهم انهم غير جديرين بتلك المسؤوليات
بسبب عدم امتلاك بعضهم للمؤهلات العلمية او التخصصية او عدم درايتهم بابجديات
ومبادىء علم الادارة ، بينما قام البعض الاخر المثقف منهم باتباع منهج استشـــــــارة
موظفين متنفذين مستمرين بالخدمة قبل نيسان/2003 وخاصة بالامور التنظيمية
والرئيسية وفاتهم ان اغلب اولئك الموظفين المتنفذين كانوا اركانا في دولة اثقلتها
حروب مستمرة وحصار قاتل خلق فسادا اداريا منضبطا بقوة قاسية في تأليه ( فرد )
وتلبية كل اوامره بل وسابع جار من اوامره غير اّبه لاهمية جوانب واسعة اخرى ،
والمنطقي لهكذا متنفذين سابقين ان يفقدوا توازنهم الى درجة خطيرة بعد انفراط عقدة
حلقات السلسلة الحديدية التي كانت تجرهم من رقابهم مربوطين كالقطيع ، راضين
بحالهم من اجل مصالحهم الشخصية . البعض الاخر اختار مستشارين موالين له طائفيا
او حزبيا من الموظفين المستمرين بالخدمة او المعينين الجدد ، فوقع هذا الاخر في
حفرة مياه اّسنة حيث استمر بتجميد القدرات الوظيفية الشريفة التي كانت مجمدة في
النظام السابق اضافة الى الاستهانة ببعض الطاقات المتميزة والعفيفة من الموظفين
المتضررين المعادين للخدمة .
النتيجة المتوقعة لادارة مثل هؤلاء الوزراء ومدرائهم العامين هي التذبذب صعودا
ونزولا في نقطة واحدة دون احراز تقدم يذكر في افضل الاحوال ناهيك عن ان استمرار
هذا التذبذب يزيد المتاعب بالوزارات في الناحيتين الانتاجية والادارية كما هو كذلك
في الناحية النفسية لعموم منتسبيها من الموظفين . من الظواهر الاخرى لهذا التذبذب
كثرة الاستبدالات بين مسؤوليات الموظفين ، فيوما ترى فلانا مديرا عاما وما هي الا
اسابيع او اشهر معدودة واذا به ينزل موظفا عاديا في نفس مديريته ، ولا ادري كيف
يجهل الوزير مسؤوليته في سوء اختيار ذلك المدير العام بافتراض كونه سيء فعلا .
ان استمرار الاخفاق في اختيار المسؤولين والمدراء العامين في وزارة وعدم استقرار
الكادر المتقدم فيها امر يحسب على وزيرها قبل اى مسؤول اخر .
في نقيض اخر ، يتغاضى وزراء عن معالجة مرؤوسيهم ( خصوصا ممن يتولون ادارة
دوائر خدمية لها صلة مباشرة بالحياة والمتطلبات اليومية للمواطن العراقي ) ممن تكثر
الشكاوي على دوائرهم وبشكل واسع وواضح للعيان .
ما رأيت او سمعت عن وزير عراقي عين مرؤوسين بنظام انتخاب او استفتاء مبسط بين
 جموع الموظفين سوى حالات محددة بعد سقوط النظام حصلت في اختيار مدراء المدارس
ورؤوساء الجامعات .
المسؤولية الوزارية او الادارية مهمة تاريخية صعبة وشاقة لانها تخص الان حياة ومصير
العراقيين ، ساعد الله كل مسؤول كفؤ وامين ومخلص لشرف واجبه .
نقول الاجدر بمن تعرض عليه المسؤولية اما قبولها وقبول كل امتيازاتها المعنوية مقابل
ثقته بنفسه كونه اهلا لها متجردا من كل النزوات المادية والجسدية ونزوات الميل للطائفية
او الحزبية وليكون العامل الشريف الذي يبني بالحجر الصحيح والعدة المناسبة تحت سقف
شمس العراق الحارقة بيتا لا يعود لاحد سوى لكل العراقيين، او ان يعتذر عنها بشرف حينما
يدرك ان بناء الحجر ليس تخصصه او انه لا يتحمل قساوة الشمس او مقاومة العطش اللامتناهي للمادة او الجسد ، ورحم الله امريء عرف قدر نفسه .
                                                                                    نبيل قرياقوس

196
                               منطق دوائر خدمية /نشر في الزمان الدولية
 
في صباح أحد ايام عام 1986حيث نقلت وظيفيا لادير أحد الاقسام الهندسية في احدى دوائر
الدولة وانا في مطلع العقد الثالث من عمري بعد ان طالب بي كادر ومنتسبوا الموقع ، تلقيت   
في بريدي كتابا رسميا من احدى دوائر التقاعد العامة حوّله لي مدير الدائرة الاداري لبيان الرأي بصدده ،
الكتاب يخص أحد الكهربائيين العرب الذي كان موظفا في تلك الدائرة ووافاه الاجل نتيجة صعقة
كهربائية عام 1982.
الكتاب فيه غرابة تثير السخرية ، وسؤال يدعو للضحكة ، و ( أبداع اداري ) ينطق الصخر لسخافةمخترعه ، ودلائل تجعلك ترأف حزنا على حال مراجعي دائرة فيها هكذا مسوؤلين.
الظاهر ، ان ذوي المفقود حاولوا طيلة السنوات الاربع الماضية انجاز معاملة تقاعد فقيدهم ،
ولما انهوا كل الاجراءات بصبر ايوب ، انحسر مسوؤلو دائرة التقاعد فاعادوا الكرة الى ملعب دائرة الفقيد علّهم يستطيعون الحصول على اجابة تكون ذريعة لتأخير انجاز المعاملة لاربع سنوات اخرى، فكان ان حرروا كتابهم المعنون الينا وليسألوا : هل ان المومأ اليه كان مفترضا به لبس كفوف تمنع الصعقة الكهربائية ؟!
حررت اجابة تلجم حيلة ( مبدع وحامي حمى ) دائرة التقاعد وارسلت اجابتنا .. والان وبعد مضي احدى وعشرين عاما أجزم ان ذوي الفقيد لم ينالوا تقاعدا بافتراض انهم لازالوا على قيد الحياة بعد صعقات دائرة التقاعد العراقية لهم .
ما يهمنا الان الخوف من ان يكون الموظفون الذين حرروا الكتاب اعلاه هم الذين يديرون بشكل أو اخر كل الدوائر الخدمية التي تعاني من اختناقات مفتعلة في وزارات ولّت بعض موظفيها المستمرين بالخدمة حتى نيسان / 2003 مسوؤليات للاستفادة من خبراتهم وحلولهم ومطالبيهم المنطقية !!
رفقا ورحمة بالعراقي يا سادة يا وزراء . .


                                                                      المهندس  نبيل قرياقوس عم بولص

197
أوامر وزارية بالبحث عن مطلوبين

عثرت خلال هذه الايام علي صورتين ملونتين جميلتين اعرضهما امامكم علكم تساعدونني في العثور علي اصحابهما لنعيدهما لهم مغلفتين باحلي ورق هدايا مكتوب عليه ارق كلمات شكر وعرفان وتقدير.
هاتان الصورتان نادرتان في ظرفنا هذا، وهما كشعاع شمس نحلم بها، شمس تعكس بريق انسانية عراقي اصيل.
الصورة الاولي : مدح مواطن بسيط امامي رئيس دائرة حكومية يراجعها لانجاز معاملة اصولية تخصه، ومن مراجعة لاخري استطاع التعرف علي سكرتير رئيس تلك الدائرة، شاب في عشرينيات عمره، وبالهاتف النقال ارسل المواطن رسالة قصيرة هاديا الموظف الشاب رصيد اتصال بسيطا مبررا ذلك بتعويضه عن كلفة مكالمات اجراها سابقا لاستدعائه ومكالمات اخري قد يجريها مستقبلا لاكمال اجراءات المعاملة، رفض الموظف الشاب بكل ادب استقبال الرصيد مؤكدا انه يقوم بواجبه وان كلفة الاتصالات الهاتفية تتحملها الدائرة ممثلة برئيسها كما اكد باصرار انه لن يقصر في تادية واجبه بامانة وحرص للجميع دون استثناء.. تلك هي الوان رائعة لموظف وصورة اروع لرئيس، رشيد، هكذا هي دائرته وهكذا هم موظفوه.
الصورة الثانية : ( عملت بينكم مديرا، ابا واخا، شاركتكم المشاعر في افراحكم واحزانكم فكنتم لي خير عون باخلاصكم في العمل وبامانتكم، حاولت ان اكون اكثركم جهدا ومسؤولية والتزاما وحرصا علي اموال الدولة، ساويت بالعدل بينكم، لم اطلب من اي منكم اي حاجة شخصية لي حتي عود الثقاب لئلا اميل دون ان ادري الي احدكم علي حساب آخر، اجريت بينكم في اجتماعاتنا الشهرية ممارسة انتخاب افضل منتج خلال الشهر باسلوب الاقتراع السري المباشر، دون تدخلي ، هذه الممارسة التي كانت لاتستغرق اكثر من دقائق معدودة كبيرة بمعانيها الادارية، فانتم كنتم تقرون من هو افضلكم انتاجا، وليعلق اسم الفائز وصورته في شهادة تقديرية في جميع مرافق الدائرة مع هدية رمزية له، وهكذا جعلتكم تتعاضدون من اجل العمل الافضل متنافسين باهداف شريفة فاصبحتم قدوة لكل اقسام الوزارة، في وقت لم اقصر بمطالبة المسؤولين بكل حقوقكم....)
تلك كانت سطور رسالة معلقة في احد اقسام وزارة ما، قرأتها بعيني مكتوبة بخط مدير قسم منقول، يودع فيها منتسبيه، ثمانية وعشرين موظفا وموظفة ادرج اسماءهم جميعا ذاكرا اطيب صفة في كل منهم مقابل اسمهم فذلك (فلان الذكي) وتلك (فلانة الانيقة) والاخر(فلان الحريص) وهلم جرا.
سادتي مديري المكاتب الاعلامية في وزاراتنا الموقرة، هلا اطلعتم السادة الوزراء علي هاتين الصورتين علهم يامرون بالبحث والعثور علي ما يشابههما بين منتسبيهم وليضعوا صورهم في مداخل وزارتهم تكريما، رغم اني اعتقد ان امر البحث صعب في اغلب دوائر الدولة بصعوبة البحث عن جوهرة في تل حجر.


نبيل قرياقوس

نشر في الزمان الدولية 28/9/2007

198




مطلب الشارع العراقــــــي

هيئة الرئاسة العراقية لطفا :
                      العراق بلا طبيبــــــــــة

بعد ان تأسست الكلية الطبية العراقية عام 1927 لم يتقدم للانضمام اليها طيلة سنوات من عمرها اي عنصرنسوي حتى عام 1932 حيث تقدمت للدراسة فيها العراقية مـَلَك رزوق ابراهيم غنام بعد ان انهت دراستها الثانوية ، حصل ان رفضت اللجنة المشرفة على القبول انتماء مَلك للكلية الطبية لكونها ( انثى )  ، فما كان من والدها الا اصطحابها الى القصر الملكي لمقابلة الملك فيصل ، ولما مثل امامه قال : ياصاحب الجلالة لو ان احدى سيدات القصر ، لاسمح الله ، استدعت حالتها معاينة طبيب فأيهما يفضل جلالتكم ان يكشف عليها طبيب ام طبيبة ؟
وهكذا اقتنع ملك العراق بقبول أول ( أنثى ) في الكلية الطبية العراقية بعد ان كانت مستوفية لكل الشروط الاخرى وأمر بقبولها فورا حيث تخرجت عام 1938 أول طبيبة في العراق .وهي بنت أحد اعلام الصحافة العراقية وصاحب جريدة العراق حينها ، هذة الجريدة التي قال عنها أحد محرريها ، الراحل روفائيل بطي :
(هي اقدم جريدة أهلية بعد الحرب الاولى ، عاشت سنتين وأشغلت حيزا في تاريخ الصحافة ،ومع انها كانت تؤيد السياسة البريطانية بوجه عام فلم تهمل واجبها كجريدة تفرز النزعة الوطنية بطريقة ايجابية معتدلة ) .
رحم الله والد مَلك ورحم الله الملك فيصل فلولاهما لكان العراقيون بلا طبيبة للان كما كان اصحاب العقول المتخلفة والمتحجرة يتمنون !
نتسأل : هل ما زال أحفاد تلك الادمغة يتبعون سيرة وأجتهادات اّبائهم ؟
نجيب  : ربما ، ولكن في مجالات كثيرة اخرى من تفاصيل حياتنا ومنهم من تطور وراثيا ولينصب وزيرا او مديرا عاما ممثلا لهذا الحزب او ذاك وهو لا يفقه في امور عمله شيئا ولا استعداد له للتعلم او التطور ما دام يفكر في ملئ جيوبه وتقريب كل شلته على حساب المصلحة العامة .
نناشد هيئة الرئاسة الموقرة  باصدار الاوامر والتعليمات لبدء انتخابات سنوية بطريقة سلسة لانتخاب المسوؤلين الاداريين ابتداء من القاعدة حتى الوزير ، علما ان هذه الانتخابات اجريت فعلا بعد سقوط النظام عام 2003 كما حصل في ادارات الجامعات والمدارس ومفاصل كثيرة في الدولة وسرعان ما التفت الاحزاب على تلك الانتخابات مانعة بشدة الكفاءات ( الانثى ) من اخذ مجالها المطلوب في الحياة العراقية .
ان المسألة ملحة لانها تمس صميم حياة شعب تصر الادمغة المتحجرة ذات المصالح الانانية غير المشروعة على استمرار نزيف دمه .
هل من مَلك يتخذ القرار الجرئ ؟
انها دعوة ملحة من شعب الى هيئة رئاستة .. انها الخطوة الاولى في طريق الالف ميل لبدء الاصلاح الاداري .                                         نبيـــــــ ل قرياقوس
       
               
نشر في جريدة الزمان في العدد الصادر في 3/9/2007

199
العراقيون يبحثون عن سلطان يخافون عليه لا منه !
لو كان المبدع العالم الراحل علي الوردي حياً ، لما فاته ان يدرس ويحلل ويستنتج الحكمة والعبر من قصة فوز العراقيين الجرحى بكأس أمم آسيا ، واظن انه كان سيحدد أحد أهم عوامل فوزهم بانعدام الخوف من السلطان وحب اللاعبين لمهنتهم بدوافع شخصية مشروعة اولاً وبدوافع انتمائهم لشعب يريدون له الفرحة والنصر ثانياً وذلك خلق انساني لاخلاف عليه.
لم يكون الخوف ابداً سبباً لانجاز أي عمل او نشاط انساني مبدع ، والذي يُنجزَ خوفاً فارغٌ من المعاني الانسانية وهدمه قد لايستغرق لحظات...
اتجه الغربيون منذ عقود الى تحريم تخويف الانسان بل حتى الطفل لأن تربيته بالاخافة تنشأه انساناً يعاني خللاً خطيراً ما في احد جوانب حياته الرئيسية.
حبذا لو انتبه كل الاداريين والمسؤولين في الدولة العراقية دون استثناء لهذا الدرس وليراجعوا أنفسهم وهو يصدون ثلاث ركلات جزاء يضطر العراقيون لاختبارهم بها ، الركلة الاولى هي قدرة المسؤول على صد نزواته غير المشروعة تجاه حقوق المواطنين والمال العام عموماً ، والركلة الثانية قدرته على صد نزواته الجسدية وعلاقاته الطائفية وعلاقات النسب والقرابة بموظفيه أو مراجعيه والركلة الثالثة قدرته على ترك منصبه أو وظيفته حينما يعرف بأنه يُسَير خطأ من مسؤوله أو أنه غير قادر على تحقيق المصالح المشروعة للعراقيين، ومسؤولاً يثبت جدارته في صد الركلات اعلاه هو من يبحث عنه العراقيون لانه لا يخيفهم بل بالعكس سيخافون عليه لأنه يمثلهم فعلاً.
ان مراجعة المسؤول لنفسه صعبة وشاقة طالما وجد من ( وعاظ سلاطين ) يحيطون به غاسلين له دماغه موهمين اياه يومياً بانه خير من يصد الركلات...
ان قراراً جريئاً من الدولة بادخال اسلوب الانتخابات السنوية على مستوى دوائر الدولة بدءا باختيار الوزير وانتهاء باصغر مسؤول امر قد يشل يد الوعاظ ويمنح شعبنا امل الفوز بكأس لن نرى النور بدونه الا وهو كأس بدء الاصلاح الاداري !

                                                          المهندس نبيل قرياقوس عم بولص 
                                                                17/8/2007


200
شذرات وردية...
مناهجنا التعليمية ..
والبعد الثالث في صورة حركة المجتمع العراقي
اكثر من خمس عقود مضت، ولما تزال معظم نظريات وتحليلات العالم العراقي الراحل علي الوردي (1913 – 1995 م ) في علم الاجتماع رائدة بلا منافس لاسباب عدة اختصر ذكر اهمها:
1.   القدرة المتميزة للعالم الوردي على دراسة واستيعاب النظريات الفلسفية الخاصة بعلوم تصرفات الانسان والمجتمع لكبار مفكري العالم دراسة مختبرية وبالتالي الوصول الى النظرية الانسب والتحليل الاصح ، وليس صحيحاً ان نحلل او نوعز ما وصل اليه عالمنا كونه اقتباساً لشيء من هذه النظرية وشيئاً آخر من تلك النظرية فالنظرية والاراء العلمية تتطور جيلاً بعد جيل تواصلاً جدلياً ولو كانت اقتباساً لولدت ميتة.
هذه القدرة لعالمنا الراحل جعلته في مصاف ابرز خلفاء علماء الاجتماع في العالم فلا استغراب ان تترجم مؤلفاته الى اكثر من عشرين لغة حية في العالم ولايزال علماء الاجتماع والمثقفين في العالم يتدارسون مؤلفاته بينما الاستغراب في أن لا نجد في مناهج طلبتنا أي من حروف عالِمنا.
2.   قدرة العالم الراحل على تحليل حركة الفرد والمجتمع العراقي وفقاً لافتراضات ونظريات علمية وواقعية مكتشفة ومقنعة ، وتدرك ذلك حيث ترى ان العراقيين يتداولون فحواها تفصيلياً ، دون قصد ، عند حدوث حادثة معينة تكون واضحة بابعادها الدقيقة عليهم ، ولم يفلح جميع المختصين الاجتماعيين ( عدا العالم الوردي ) في اكتشاف تلك المضامين ليحددونها عناصراً عامة مشتركة ضمن دراستهم لحركة الفرد والمجتمع العراقي.
3.   سعة أفق دماغ العالم الراحل وتمتعه بشخصية فريدة مكنته ان يفك بجرأة نادرة قيوداً ثقيلة معقدة تربطه بمجتمع كالمجتمع العراقي ذي العادات المكتسبة القاسية التي تمنع ذكر الحقيقة ما دام فيها ما يعتبر عيباً أو انتقاصاً من قيمٍ خيالية ، ومنها مثلاً وليس تحديداً واقع ما هو مفترض من أن على كُتاّبنا ان يمثلوا ويخرجوا كل مجريات الواقع الاجتماعي او التاريخي للعراقيين وكأنها المثاليات المجردة بعينها، ففلان يُصنف بطل أو خائن ، وتلك انتصارٌ أو خسارة ، وذاك بناء أو هدم ... وغيرها، لقد تمكن الراحل من دراسة وتحليل الكثير من تحركاتنا الاجتماعية فرداً وجماعة وتوصل الى ايضاحات ونظريات قد يعتبرها البعض أساءة لتاريخنا وللشخصية المثالية التي نحلم ان تكون لماضينا أو حاضرنا حتى لو كنا في اعماقنا ندرك انها ليست كذلك . أفلح العالم الراحل في وضع الحقيقة في اقرب موقع يراه وكانت كل عدته وادواته هي الذكاء والجرأة والواقعية ، وهكذا كشف بشكل لم يسبقه فيها أحد من كُتابنا الاجتماعيين أو التاريخيين البعد الثالث لصورة الاحداث أو التصرفات الاجتماعية والتاريخية العراقية ، هذا البعد الذي يتضمن الاسباب الكامنة أو الخفية وغير المعلنة لكثير من تلك الحوادث او التصرفات ، فبعدٌ ثالثٌ مع بُعدي الفاعل والزمن قد يقلب الموازين وليكون الاسود ابيضاً والابيض اسوداً حينما تتكامل الصورة.
4.   تعرضت مؤلفات العالم الراحل الى النقد أو الانتقاص من البعض ، وبسبب ضعف الحجة حدث العكس ، شاعت مؤلفات العالم الراحل وازداد عدد المهتمين بها ولايزال .
نحن بحاجة الى اعادة دراسة مؤلفات عالمنا في علم الاجتماع ولا اقول تقييمها لان تقييمها قد يجعلنا بحاجة الى علماء اجتماع يفوقون بقدراتهم امكانيات عالمنا الراحل واظن إنّا نفتقدهم.
آن الاوان لمناهج دراسية في الاجتماعيات تحكي وترسم تاريخنا وحاضرنا واضحاً بصورة كاملة المعاني ثلاثية الابعاد .
المهندس نبيل قرياقوس

201
شذرات وردية

                عراقي انت ....ابن خير

كان ذلك ظهراحد ايام تموز عام 2007 ، حيث لهيبُ شمسٍ حارقٍ، حملتني سيارة (كيا) لتسير بي في احد شوارع  بغداد عودةً الى بيتي ،
توقفت الـ ( كيا ) في اشارة المرور ، كنتَ انت العراقي في منتصف العمر ،مقيماً هناك تحت مظلة الشمس تحمل مزامير اطفال لتبيعها لراكبي السيارات المتوقفة عند اشارة المرور تلك ، كاد وجهك يغرق بسيول  العرق لولا تدحرجها وتساقطها على قدميك المشويتين على صفيح حذائك المتهريء ، اشترى منك احد ركاب الـ ( كيا ) مزمارا بخمسمائة دينار ، اعطاك الفا ، وقال : خذ الباقي لك ، بسرعة اخرجت من جيبك خمسمائة دينار لتعيدها للمشتري الكريم قائلا له : خذ حقك..مستورة والحمد لله .
تحركت الـ ( كيا ) ، واختفيت انت عن الانظار ، وبقيّ ظلك تحت جفون عينيّ يمنع بكبريائه كل دمعة فرح لك او حزن عليك ، وليته لم يفعل ذلك فقد كاد يخنقني فرحا وحسرة .

يا صاح ، يقول عامتنا : فلان ابن خير ، حينما يجدون غنيا ابن غني
وليستبعدوا عنه كل زلة او ذنب غير مهتمين لمصدر غنى اباء ابن الخير
ذاك ، فمصادر الغنى معروفة في كل الشرائع والاديان ، اما انا اقول انك
انت ابن خير حتى لو لم يكن في بيتك كهرباء او ماء او نفط او غاز ، انت ابن خير حتى لو انك لا تتمكن من الزواج بسبب عدم امتلاكك المال، انت ابن خير حتى لولا تملك بيت تسكنه، اولا تملك ملايين الدنانير للمعالجة الصحية لك او لاهلك ، انت ابن خير حتى لو لم تتمكن من انجاز معاملاتك في دوائر الدولة دون ( رشوة ) او ( شلعان قلب ) ..
انت .. انت ابن خير طالما لا تأخذ او تفكر في اخذ حقوق الاخرين حتى
لو كانت موهبة لك ، رغم كل ظروفك الصعبة .
ارجوك يا صاح ، تقبل كلامي وكفاك كبرياء ، اما البعض الذي يعتبر  كلامي هذا هراء ، فاقول له ، ان الهراء يكون في حساب ( الخير ) عند
التجاوز على حقوق العامة بالتحايل والسرقة والارتشاء تحت حجج ومسميات مختلقة من قبل اناس يخدعون انفسهم والاخرين .
أن الاوان  لان نقول جميعا لصاحب المزمار : انك انت ابن خير والخير كل الخير في عفتك ، وان نقول لكل من يتجاوز على حقوق واموال صاحب المزمار في بلدنا الغني : انك ارذل الناس حتى لو ملكت اموال الدنيا.
مشكلتي الكبرى يا صاحبي ، ان كثيرا ممن سيقرأ كلماتي هذه سيؤيدني
وما يدري اني اخصـه !!


                                            المهندس نبيـل قرياقوس
                                                    تموز 2007
 

























 

202
شذرات وردية
الوطن في مذكرات شخصيات مهمة!

(( وجودي هو الآخر ... الآخر هو الكتابة،
أشعر بوجودي ، فقط عندما اشرع بالكتابة ))
الدكتورة باخمان – فيلسوفة وشاعرة نمساوية ( 1926 – 1973م )

ما ان تنتابني فكرة تفرض عليّ تدوينها في سبيل نشرها، تكون زوجتي هي الوحيدة التي تكتشف حالتي بعد ان تراني شارد الذهن وهي تتحدث معي في امور البيت العائلية، او امور الحر والكهرباء أو النفط والغاز أو اخر فنون التفجيرات وضحاياها من الابرياء، تحس بي حتى لو كنت اتظاهر بمشاهدة التلفاز، ولتقول لي : ها...جاء في بالك موضوع جديد؟!
تعيد عليّ زوجتي ملامتها المتكررة حول سبب عدم قدرتي كتابة المواضيع الانشائية لأبني ليأخذها في اليوم التالي لمدرسه في مادة اللغة العربية، فاكرر عليها اجابتي باني لا امتلك قدرة التصنع في موضوع يحدد لي مسبقاً، ناهيك عن اني يجب ان اكتبه باسلوب ومنطق يتناسب وعمر ابني، وهكذا تراني اجلس ساعة احاول كتابة موضوع انشائي لأبني عن ( الوطن ) مثلاً وخلال تلك الساعة لا اكتب سوى جمل معدودات يقراءها ( وائل ) فيردها عليّ قائلاً: بابا...خلي هذا الانشاء لك، ساكتب انا غيره، لا اعرف كيف تكتب انت في الجرائد!
بالمناسبة هناك مدرسو لغة عربية لهم اساليب ممتعة ومفيدة لتقوية الانشاء لدى الطلبة، فمنهم من يقرأ على طلبته قصة مشوقة عارضاً عليهم الصور الملونة الموجودة داخل فصولها، ومنهم من يلقن طلبته جملاً ادبية مختلفة تصلح لاختيار عدد منها في موضوع معين، اما اغلب مدرسي وقتنا هذا فهم لا يبذلون أي جهد سوى تكليف الطلبة بالكتابة في البيت.
اليوم، لا أدري ما الذي جعلني اتذكر دور الراقصة الذي أدته الفنانة الرائعة الاداء والمظهر نبيلة عبيد في الفلم العربي ( الراقصة والسياسي )، هذه الراقصة التي نوت كتابة ونشر مذكرات حياتها الجنسية والتي تتضمن اسماء شخصيات سياسية رفيعة، فكان ان هزتهم نيتها تلك لكونهم لا يريدون كشف جانب من حياتهم الشخصية لمجتمعٍ شرقي يَفترضُ ان يكون قائده السياسي ملاكاً مثالياً منزلاً من السماء، وهذا ليس الواقع.
ينتهي الفلم، وما أجد فيه ما يقودني الى الحكم بان الفلم يتحدث عن محور ازدواج الشخصية لدى البعض، فازدواج شخصية الفرد وصفه العالم في علم الاجتماع الدكتور الراحل علي الوردي بانه اخلاق وتصرفات مثالية معلنة لأناس ينحرفون عنها سراً في واقع حياتهم الفعلية، واني لأرى ان ازدواج الشخصية هذا لايقتصر على شخصية الفرد العراقي حسب وانما يشمل معظم افراد المجتمعات الشرقية حيث تعاني من ظروف الكبت الفكري والسياسي تلك الظروف التي تساعد على نمو واستفحال ظاهرة ازدواج الشخصية، وعموماً اصنف أزدواجية شخصية الفرد بثلاثة اوضاع رئيسية هي:
1.   ازدواج شخصية الفرد عند تعامله بالمال عموماً وبالمال العام خصوصاً، حيث التظاهر بالمثل العليا والنزاهة مقابل الاساءة المقصودة للنيل من ذلك المال بغير حق.
2.   ازدواج شخصية الفرد في العلاقات الشخصية وتشعباتها، حيث الالتزام شكلياً بتوصيات قادة اجتماعيين على مختلف تسمياتهم مقابل تصرف فعلي مناقض تماماً لتلك التوصيات، ويرى بعض المثقفين القائمين بتلك المناقضات ان ذلك هو جزء من حقوقهم كبشر وليس به أي تجاوز على حقوق الاخرين، ولكنهم لا يستطيعون البوح بذلك خوفاً على انفسهم أو مصالحهم .
3.   ازدواج شخصية الفرد في جانب الحياة العامة اليومية، حيث ترى البعض ينتقد الوساطة بينما يتمناها لنفسه، وتراه ينتقد الكذب وهو يكذب، ينتقد قلة التضحية وهو اناني، ينتقد قلة الكرم والضيافة وهو بخيل حد النخاع ، ينتقد النفاق وهو خير القائمين به... وغيرها.
اقول، دعونا ننسى موضوع الراقصة ( نبيلة )، ولنفكر في لعبة اختيار نماذج شخصيات مختلفة وربما متناقضة من مجتمعنا العراقي ولندع لها فرصة كتابة مذكراتها بجرأة وحرية مطلقة ولتبوح كل منها بمكامن واسرار ازدواج شخصية من ترصده، دعونا مثلاً نختار اول شخصية ولتكن الموظفة الشابة الجميلة الوديعة التي تُقرر مصير أي موظف في دائرتها بحكم علاقتها بمدير الدائرة الذي لايمل عن الحديث عن العدل وتكافأ الفرص امام جميع المنتسبين، ولتكن الشخصية الثانية مراجع بسيط لاحدى دوائر الدولة الخدمية يساومه الموظفون مقابل انجاز معاملته، اما الثالثة فلتكن شخصية المقاول الذي يتقاسم ربحه الموظفون قبل ان يبدأ عمله، اما الرابعة فلنختار فيها أي عراقي يطالب بحقه في الامان والعمل والسكن والتأمين الصحي في واحد من اغنى دول العالم، أما الشخصية الخامسة فلتكن بهيئة وظيفة أو واجب يتقاعس أحد عن تأديته، ولتكن السادسة بهيئة خزنة مال عام تشكو من اياد تمتد اليها.
من يدري، فقد يأتي يوم تنشر فيه شخصيات هذه اللعبة مذكراتها علناً، وسيعرف الكل منا ما كان له وما كان عليه، وستتبين حسنات ومساوئ الجميع.
ما انا واثق منه ان اكثرنا حسناتٍ وأقلنا ازدواجاً بالشخصية هو من سيستحق ان نسميه ( الوطن ).
                                                       نبيل قرياقوس
                                                  بغداد في 15/5/2007



صفحات: [1]