عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - خدر شنكالى

صفحات: [1]
1


مدى إمكانية محاكمة عصابات داعش امام المحاكم الجنائية الوطنية

تعرض العراق بصورة عامة إلى أبشع الجرائم من قبل عصابات داعش الارهابية وخاصة الجرائم التي ارتكبت بحق الاقليات الدينية في العراق كالايزديين ، من قتل وخطف واغتصاب واستبعاد جنسي وبيع النساء في اسواق النخاسة واجبارهم على اعتناق الإسلام وتجنيد الاطفال ، وغيرها من الأعمال اللاإنسانية والوحشية المخالفة لجميع الشرائع السماوية بالاضافة الى مخالفتها لقواعد القانون الدولي باعتبارها جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وكذلك  مخالفتها للقانون الداخلي أو الوطني ايضا.
ومصطلح الابادة الجماعية هو حديث العهد ، ولم يكن موجودا قبل عام ١٩٤٤ ، وله مدلول خاص حيث انه يشير إلى جرائم القتل الجماعي المرتكبة بحق مجموعات معينة من البشر بقصد تدمير وجودهم كليا أو جزئيا ، وهذا مركب في الحقيقة من كلمتين ، الأولى ( Geno ) اليونانية والتي تعني الجنس أو العرق ، والثانية ( Cide ) اللاتينية والتي تعني القتل ، ويعود الفضل بإطلاق هذا المصطلح لأول مرة إلى المحامي اليهودي البولندي ( رافائيل ليمكين ) في كتابه الشهير ( حكم المحور في اوروبا المحتلة ) .
ونظرا للجهود المتواصلة التي قام بها ليمكين بنفسه في أعقاب الهولوكوست ( Holocaust ) وعلى نطاق واسع ، اقرت الأمم المتحدة اتفاقية تقضي بمنع جرائم الابادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها في ٩ كانون الأول /ديسمبر ١٩٤٨ واعتبرت هذه الاتفاقية الابادة الجماعية بمثابة جريمة دولية تتعهد الدول الموقعة عليها بمنعها والمعاقبة عليها .
وقد جاءت في المادة الثانية من هذه الاتفاقية ، بأن جريمة الابادة الجماعية تعني : ايا من الافعال التالية المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه ;
١- قتل أعضاء الجماعة
٢- الحاق اذى جسدي أو روحي خطير باعضاء من الجماعة .
إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا.
٣- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون انجاب الاطفال داخل الجماعة .
٤- نقل أطفال عنوة من جماعة إلى أخرى.

وجريمة الابادة الجماعية يتداخل مع مفهوم الجرائم ضد الإنسانية في الكثير من الحالات إلى الحد الذي وصل هذا التدخل بأن جريمة الابادة الجماعية تدخل ضمن الافعال المكونة للجرائم ضد الإنسانية وهذا مانصت عليه لائحة نورمبورغ سنة ١٩٤٥ لمحاكمة قادة الحكومة الالمانية النازية على أثر قيامهم بجرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية أثناء الحرب العالمية الثانية ، وهذا التداخل والتشابه تكمن في الأعمال المكونة لكل منهما خاصة في خطورة وفظاعة الآثار التي تخلفها كل منهما .
ولكننا نستطيع أن نميز بينهما من خلال معرفة الفئات البشرية المستهدفة ، فجرائم الابادة الجماعية ( وكما ذكر اعلاه ) ترتكب ضد مجموعة من الناس ذات صفة معينة لاسباب عرقية أو دينية أو جنسية ، بينما الجرائم ضد الإنسانية،  فانها ترتكب ضد المدنيين عموما بغض النظر عن جنسياتهم أو انتماءاتهم السياسية ، وقد عرفت المادة ( ٧ ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام ١٩٩٨ بقولها ، لغرض هذا النظام الاساسي ، يشكل اي فعل من الافعال التالية جريمة ضد الإنسانية متى ما ارتكبت في اطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد اية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم ;
١- القتل العمد
٢- الابادة
٣- الاسترقاق
٤- إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان.
٥- السجن أو الحرمان الشديد على اي نحو آخر من الجريمة البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي  .
٦- التعذيب
٧- الاغتصاب أو الاستبعاد الجنسي أو الإكراه على البقاء أو الحمل القسري أو التعقيم القسري أو اي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة .
٨- اضطهاد اية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لاسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو اثنية أو ثقافية أو دينية أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة (٣) أو لاسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لايجيزها،  وذلك فيما يتصل باي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة  .
٩- الاختفاء القسري للاشخاص  .
١٠- جريمة الفصل العنصري .
١١- الافعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في اذى خطير يلحق بالجسم أو الصحة العقلية أو البدنية .
وبالعودة إلى جرائم داعش ومدى قيامها بالأعمال اللاإنسانية والوحشية التي ارتكبت بحق الاقليات الدينية ومنها الايزدية في العراق ، نرى بأن هذه الأعمال تتحقق في الكثير من الجرائم اهمها جريمة الابادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية،  وقد جاء هذا التوصيف القانوني من قبل مجلس الأمن الدولي الذي أكد على قيام تنظيم داعش بارتكاب شتى انواع الجرائم ، أهمها جريمة الابادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية،  وتتمثل هذه الجرائم بأعمال القتل والاضطهاد الديني والعرقي والاختطاف وتشريد الاقليات والاغتصاب والاحتجاز والاستبعاد والاتجار بالنساء والتجنيد الاجباري وغيرها .
وبما أن هذه الجرائم هي جرائم دولية لذا فانها تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ، وبما أن العراق هي ليست عضو في نظام هذه المحكمة لذا لا تستطيع المحكمة القيام باجراءاتها لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم وفق قواعد القانون الدولي ، ولكن على الرغم من ذلك فإن هناك طرق عديدة تمكن المحكمة أو تعطي لها الإمكانية والصلاحية القانونية لممارسة إجراءاتها القانونية وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وهي مانصت عليها المادة ١٢ و ١٣ من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية  الدولية وهي إذا كانت الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة احد رعاياها طرفا في النظام الاساسي أو قبلت باختصاص المحكمة وبهذا بالامكان محاكمة الآلاف من المقاتلين الأجانب في صفوف هذا التنظيم الارهابي الذين هم مواطنون في دول موقعة على الميثاق ، او إذا أحالت دولة طرف الى المدعي العام حالة يبدوا فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد وقعت ، أو إذا كان المدعي العام من تلقاء نفسه قد بدأ في مباشرة التحقيق في جريمة من هذه الجرائم وهذا ما قدم به المدعي العام الفرنسي بتقديم شكوى ضد تنظيم داعش الى المحكمة الجنائية الدولية باعتبار ما حصل للايزديين عام ٢٠١٤ إبادة جماعية ، أو إذا أحال مجلس الأمن بموجب الفصل السابع حالة إلى المدعي العام بأن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد وقعت ، بالإضافة إذا كانت الدولة التي وقعت السلوك الإجرامي على اقليمها ولم تكن طرفا في النظام الاساسي،  بإمكانها ان يودع إعلان لدى مسجل المحكمة تتضمن قبول الدولة لممارسة المحكمة لاجراءاتها فيما يتعلق بالجريمة المرتكبة ، وهذا ما تستطيع الحكومة العراقية اللجوء إليها دون أن تكون طرفا في النظام ، اي في هذه الحالات جميعا باستطاعة المحكمة ممارسة اختصاصها بالتحقيق ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم حتى وان كانت الدولة التي ارتكبت الجرائم على اراضيها ليست عضوا في النظام الاساسي للمحكمة .
ولكن يبدوا ان الواقع يقرأ شيئا آخر وهي صعوبة أو استحالة احالة تنظيم داعش الى المحكمة الجنائية الدولية  ليست لعدم اختصاصها أو عدم وجود الأدلة التي تثبت ذلك وانما لما يترتب على احالة هذه القضية من تداعيات كبيرة وخطيرة على المجتمع الدولي وعلى قادة بعض الدول التي دعمت هذا التنظيم والشركات المصنعة للأسلحة وغيرها من الأمور التي تشكل عائقا أمام احالة ملف داعش الى المحكمة الجنائية الدولية.
لذلك لجأت العديد من الدول إلى تفعيل وتنشيط المحاكم الجنائية الوطنية لمحاكمة أفراد هذه العصابات الارهابية ، وفي هذا الصدد صوت مجلس النواب العراقي في جلسته الثلاثين على احالة ملف داعش الى المحكمة الجنائية العراقية العليا بعد تعديل قانونها كون الجرائم التي ارتكبها داعش الارهابي هي من الجرائم المحددة في قانون المحكمة المذكورة رقم 10 لسنة 2005 وهي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الواردة في المادة (1 /ثانيا) من القانون ، واستنادا إلى مبدأ إقليمية القانون الجنائي الذي أخذ به قانون العقوبات العراقي في المادة ٦ منه وكالآتي( تسري أحكام هذا القانون على جميع الجرائم التي ترتكب في العراق ، وتعتبر الجريمة مرتكبة في العراق إذا وقع فيه فعل من الافعال لها أو إذا تحققت فيه نتيجتها أو كان يراد أن تتحقق فيها ) . وفي هذا الإطار، قال المتحدث باسم مجلس القضاء العراقي الأعلى ، إن الأحكام القضائية التي تصدر بحق الأجانب المتورطين بأعمال إرهابية في العراق تمثل "جزءا من سيادة الدولة (العراقية)".
وأضاف أن هذه الأحكام "تصدر وفق ما ينص عليه القانون العراقي من عقوبات ضد مرتكبي الجرائم المرتبطة بالإرهاب".
وأكد أيضاً أنها "تصدر وفقاً لمعايير المحاكمات العادلة المنصوص عليها في جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان"، والتي تشمل حق المتهمين في توكيل محام للدفاع عنهم ومناقشة الشهود وأدلة الاتهام واستئناف الأحكام.
ومن الدول الاخرى التي أخذت بمبدأ إقليمية أو عالمية  القانون الجنائي ، هي بلجيكا ، فقد قرر المشرع البلجيكي في المادة السابعة من القانون الجنائي الصادر عام 1993 أنه للقاضي الجنائي البلجيكي أن يحاكم مرتكب إحدى جرائم الحرب أيا كانت جنسيته، وأيا كانت جنسية المجني عليه أو المجني عليهم وأيا كان مكان ارتكاب الجريمة، وسواء كان شخص الجاني مدنيا أم عسكريا، ويطبق مبدأ الاختصاص العالمي على هذه الجرائم حتى لو لم تكن بلجيكا طرفا في النزاع الذي ارتكبت خلاله الجريمة، ثم وسع القانون البلجيكي الصادر عام 1999 نطاق هذا الاختصاص ليشمل أيضا الجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية .
وقد أخذ به أيضا المشرع الليبي بنصه في المادة الرابعة من قانون العقوبات الليبي على أنه: "تسري أحكام هذا القانون على كل ليبي أو أجنبي يرتكب في الأراضي الليبية جريمة من الجرائم المنصوص عليه فيه . . . . " ومن ثم فإنه باعتبار أن الجريمة سالفة الذكر قد وقعت على الأراضي الليبية، يكون الاختصاص بمحاكمة مجرمي جماعة داعش عند القبض عليهم ثابتا للقضاء الجنائي الليبي دون أدنى ثمة شك في ذلك. وكذلك اخذ بهذا المبدأ المشرع المصري والسوري .
لذا على هذه الدول وغيرها التي تمارس هذا التنظيم نشاطاته الارهابية على اراضيها أن تعمل من أجل تفعيل هذه المحاكمات الوطنية لملاحقة ومحاكمة أفراد هذه العصابات الارهابية التي أدت إلى تدمير البلد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بل وادت هذه الأعمال اللاإنسانية والوحشية إلى حدوث شرخ وتمزيق  في النسيج الاجتماعي الذي كان يجمع جميع المكونات القومية والدينية في البلد ، بل وعلى هذه الدول أن تعمل على تنشيط سياستها الخارجية وعقد اتفاقيات دولية أو ثنائية لملاحقة وتسليم هؤلاء المجرمين وعدم افلاتهم من العقاب .

الحقوقي
خدر شنكالى
                             Khidirshingaly@yahoo.com




2
تجديد الفكر الديني بين العقل والنقل

أن موضوع تجديد الفكر الديني أصبح اليوم من المواضيع والمسائل المهمة والمتداولة بشكل كبير في المجتمعات وخاصة المجتمعات التي لاتزال تعاني من تراكمات وترسبات الماضي والتي أصبحت لاتنسجم ولا تلائم مع واقعنا اليوم وما وصل إليه التقدم والتطور في الفكر البشري ، وأصبح هذا الموضوع يستقطب الكثير من المثقفين والمتنورين الذين يرون التجديد ضرورة حتمية ومطلبا اجتماعيا بالشكل الذي يلائم ويواكب مستجدات الواقع وتطورات العصر .
قبل أن نغوص في اعماق الموضوع ، علينا أن نعرف ماهو التجديد ، فالبعض يعني بالتجديد استحداث أدوات جديدة لقراءة النص الديني، والاستفادة من النظريات الجديدة في حقل علم المعرفة، وهو ما قد يقود إلى نتاج جديد على صعيد الرؤى والفتيا. والبعض يعني به إحداث تغيير في الخطاب الديني ليكون أقرب إلى حاجات الناس وأفهامهم. بينما يرى بعض آخر أن التجديد هو تبديل بعض القوانين والأحكام الشرعية التي لا تتوافق من وجهة نظرهم مع العصر بأخرى أكثر ملاءمة نتيجة لتعارضها مع بعض مقررات حقوق الإنسان ذات المرجعية الغربية، والمعترف بها عالميا، أو عدم صلاحيتها باعتبارها أحكاما تاريخية كانت تخاطب مجتمعا وحاجات مختلفة  ويرى البعض الآخر بأن التجديد مساوق لمخالفة السائد، فكل نتاج يتوفر على عنصر المخالفة يعتبر تجديدا بغض النظر عن مدى وجاهة المخالفة وعلميتها.
فالتجديد يمكن فهمه بثلاث كلمات مفتاحية : إحياء وتخليص ومواكبة ، فالاحياء يكون بتفعيل واحياء أمور جوهرية في الدين اهملها الناس أو اندرست لقلة التداول والممارسة،  أما التخليص فيكون بتخليص الدين مما علق به من شوائب وانحرافات في افهام المجتمع، والمواكبة تكون بانزال الدين وتطبيقه في الحياة .
 ان الحاجة إلى تجديد الفكر الديني قد اصبحت ضرورة تاريخية واجتماعية ملحة ومهمة ليكون أقرب إلى فهم الناس وواقعهم من ناحية واقرب إلى لغة العصر من ناحية أخرى وفي هذا الصدد يقول الفيلسوف الهندي الكبير اوشو : لقد توفيت آلهة الماضي ولايمكن اعادة احيائها، فقد اصبحت منفصلة عن وعي الانسان كونها قد خلقت بواسطة عقل غير ناضج، لقد هرم الانسان وأصبح محتاجا لرؤية جديدة عن الآلهة ، محتاجا إلى نوع جديد من الدين والى التحرر من ماضيه،  لأنه عندئذ فقط يصبح الغد ممكنا ، وعلى القديم أن يموت من أجل أن يتواجد الجديد .
 ان التقدم الحضاري المتمثل في الحضارة الغربية الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأسسها الفلسفية ، هذه الحضارة التي نتفاعل مع منتجاتها طوعا أو كرها تتدخل في تفاصيل حياتنا، وتعيد صياغة عقولنا وترتيب أولوياتنا وتُطعمنا الكثير من المفاهيم، وتسقينا ما تشاء من القيم ، وحتى نحد من الاستلاب الحضاري ينبغي علينا القيام بعملية تجديد في الفكر الديني في مختلف الحقول وإنتاج نظريات مستنبطة من الأدلة الدينية تقدم البديل الموازي، سواء في حقل الفكر أو التربية أو الاجتماع أو السياسة أو الاقتصاد أو غيرها.
أن هذا التقدم والتطور الحضاري تمثل التحدي الأكبر للدين ، فمثلا الدين في مجتمعاتنا تقوم أو مبني على عالمين هما : عالم الشهادة وعالم الغيب ، في حين أن الحضارة الغربية تعترف بعالم الشهادة فقط ولاتعترف بعالم الغيب وما فيه من جنة ونار وووو الخ وتعتبر ذلك من باب الخرافات والأوهام.
ان مجتمعاتنا تقوم على النقل من النصوص التشريعية باعتبار هذه النصوص قد أتت عن طريق الوحي من الله أو الملائكة أو الصحابة ويقوم على عقل يتعامل مع هذا النقل كما يتعامل مع الكون المحيط به ، في حين أن الحضارة الغربية تقوم على عقل يتعامل مع الكون المادي المحيط به فقط ولاتعترف باي نقل ، وأن ما جرى في اوروبا يتمثل في أن النظام الديني لم يستطع بعد لحظة الحداثة والتحديث احتواء النظام الاجتماعي بتطوراته المتلاحقة وتحولاته المتسارعة والسيطرة عليه ، فوقع الصدام المعروف بينهما ، وأن طبيعة العلاقة في مجتمعاتنا بين النظامين الديني والاجتماعي يمكن وصفها بالحالة المتوترة المرشحة لوقوع الصدام على غرار ما حدث في اوروبا .
فالدين بمفهومه القديم كان قد وجد لحاجات في نفسه ، كالحاجة النفسية المتمثل بالخوف ، حيث كان الانسان قديما يخاف من مظاهر الطبيعة التي كانت تشكل في الكثير من الأحيان خطرا على حياة الإنسان وعلى رزقه ومصدر معيشته،  كالرعد والبرق والماء والنار والشمس والقمر والهواء وغيرها ، ونتيجة لهذا الخوف فقد صنع الانسان لنفسه آلهة يحمي بها للتخلص من هذا الخوف ، ولذلك فقد كانت هناك آلهة للنور أو الماء أو البرق أو الرعد وهكذا ، وكل ماكان يشعر بالخوف يلجأ إلى هذه الآلهة لطلب النجدة والحماية ، والحاجة الاجتماعية المتمثلة بتقوية الروابط الاجتماعية ، إلا أن الآن قد استبدل هذه الحاجة بمفاهيم جديدة أكثر قوة من الدين إلا وهو مبدأ المواطنة، ومن هذا المنظور يصبح الدين أكثر الايديولوجيات بدائية وتخلفا لأنه أقل الانظمة الفكرية انسجاما مع ذاتها و تشكل الخرافة أحد مرتكزاته الأساسية .
الذي أقصده هنا أن هذا الفكر الديني قد ولد من رحم واقع يسوده الجهل والتخلف وليس من واقع العلم والمعرفة والتطور ، لذلك اصبح هذا المفهوم لاينسجم ولا يلائم الحالة الاجتماعية اليوم ولايستجيب لمتطلبات الواقع ، وهذا ما احس به مفكروا النهضة الاجتماعية الأوروبية بعد قرون طويلة من الاستعباد الديني واستغلاله من أجل السيطرة على عقول الناس .
ويقول العلامة احمد القبانجي : وعندما كان الانسان في بدايته لم تكن هناك شكوك حول الدين ، ولكن بعد الاكتشاف العلمي تبين بأن هناك تناقض في عدة مسائل وتعددت طرق اكتشاف الحقيقة بعد أن كانت واحدة ، فمثلا كان هناك دين واحد أو مذهب واحد يأخذك إلى الجنة ، الآن بدأ الناس يتساءل اين الدين الحق واي الطرق التي تؤدي إلى الدين الحق ؟ الآن الانسان له الحرية في اختيار نحو الدين الحق وهذه هي الحرية الإنسانية،  فلا قيمة للدين أو التدين إذا كان مفروضا على الانسان ، مثال على ذلك عندما يلبس الطفل ثوبا في الصغر وهذا الطفل عندما يكبر لا يلائمه هذا الثوب لانه تكامل عقله والثوب هو نفسه ، ويضيف أن الدين هو الصدف اي الصدف الذي وضع فيه الدين الحقيقي أو جوهر الدين ، إذن يجب كسر هذا الصدف للوصول إلى الدين الحقيقي  .
لا يمكن لأي فكر بشري أن يكون قادرا على البقاء أو الثبات ، هذا إذا اعتبرنا أن النصوص الدينية أو الشرعية من صنع البشر ، لأن لكل زمان له احتياجاته ومتطلباته ، فقبل ٣٠ سنة إذا كان الانسان لم يمتلك أو يحمل معه جهاز تلفون ( الموبايل ) ماكان يشعر بفقدانه لشيء أو حاجته إليه ومع ذلك كان الحياة تسير بشكل طبيعي ، أما اليوم إذا خرجت ولم يكن معك هذا الجهاز فسوف تشعر بأنك منعزل عن العالم ، وكذلك الحال بالنسبة للكهرباء ،فقديما ماكان هناك كهرباء اصلا بينما كانت الحياة تسير بشكل طبيعي اما اليوم فإذا الكهرباء تنقطع ساعة واحدة فقط وخاصة في الدول المتقدمة فان الحياة تتوقف وتتوقف البشرية عن كل شيء لأن كل شي اليوم اصبح مرتبط بالكهرباء ، إذا احتياجات الانسان ومتطلباته في كل زمان ليست واحدة وانما قابلة للتغيير والتطور وعليه يجب أن يتطور معها الفكر البشري لكي يكون قادرا على الاستجابة لكل هذه المتطلبات والمتغيرات ، وبحسب هذه الاحتياجات والمتطلبات سوف تتولد لدى الانسان أسئلة كثير ومتغيرة ويجب على النصوص الدينية أو الشرعية أن تجاوب على كل هذه الأسئلة وبشكل منطقي واقعي يلائم روح العصر لأن الدين قد وجد اصلا لخدمة الانسان وليس العكس .
فالتجديد قدر الحياة وسنتها، والماء الذي لا يتجدد يأسن ويفسد، ولا يعود صالحاً للاستعمال الإنساني. ومن المؤسف أن المشكلة التي نعيشها منذ زمن هي نفسها لا تزال تدور في حلقة مفرغة لا فكاك منها ، فالتجديد كقضية مبدئية يمثل المشكلة والحل معا ، انه مشكلة لانه ليس هناك من يريد البدء به ، وحل لانه ليس هناك بديل للتجديد للخروج من نفق الوهم والتخلف الفكري ، ومما يؤسف له أن رجل الدين واشباهه هم الذين يصرون على رفض التجدد لعلمهم المتيقن أن حدوث مثل هذا التجديد سيقطع رزقهم ، فهو لا يريد أن يستخدم عقله في عالم لا يقبل سوى سلطة العقل ، ولم يكتف رجل الدين بذلك بل امتد سلطانه إلى كل شيء في الحياة، ما من موضوع إلا وتجد له فيه رأيا .
ولايخفى أن عملية التجديد ليس سهلا وانما هي عملية معقدة ولا تخلو من صعوبة بسبب تصادم الديني مع الدنيوي ، الديني بجموده وخموده ، والدنيوي بحيويته وديناميكيته ، في مقابل حقيقة أن الفكر الديني ذاته ينحاز إلى الماضي ، في حين يسعى الجديد إلى نقله إلى الحاضر على مستوى التفاعل الايجابي كمرجعية فكرية قابلة للتعامل الإنساني .
ولكن على الانسان ان يكافح ويناضل من اجل التحرر من كافة صنوف القهر والتسلط لاطلاق طاقاته وابداعاته الخلاقة وتحرير العقول من الجمود والتقليد والعيش في الماضي والموروث الديني كمقدمة لخلق حالة من التوافق والتفاعل مع الحضارة العالمية بمنجزاتها المادية والفكرية ، فالدين أصبح اليوم أداة للقتل والإرهاب وقطع الرؤوس بل ومصدرا لاشاعة روح الكراهية والطائفية بين أبناء البشر بدلا من الرحمة والانسانية التي جاء من أجلها .
لذا فان مجتمعاتنا احوج ماتكون اليوم إلى نهضة اجتماعية وفكرية قبل كل شي ثم يأتي النهوض في الجوانب الأخرى تلقائيا ، وان مهمة ذلك تقع على عاتق المفكرين والمثقفين والمتنورين كالنهضة الاجتماعية والدينية التي حصلت في اوروبا والذي يقطف ثمارها اليوم ، وان من قاموا بذلك ليسوا قادة أو امراء أو رؤساء العشائر أو مسؤولين في الدولة أو الحزب وانما كل ما كانوا يمتلكونه هو الفكر ثم الارادة والجرأة والتضحية .
فالتجديد لا يأتي بقرار حكومي أو مرسوم أميري أو فتوى دينية بل هو حصيلة وعي الطبقة المثقفة في المجتمع وانتباهها للمشاكل التي تواجهها ووضع الحلول المناسبة لها من خلال وعي حقائق الدين ومن خلال فهم الواقع وابداع قواعد التجديد واحكامه ، فالمثقف أو المفكر هو المصلح الاجتماعي الحقيقي الذي يحتاجه اي مجتمع لأنه يتعاطى مع الواقع بالفكر والتفكير وليس بالتوجيه أو الأحكام أو القوالب الجاهزة كما يفعل غيره من المؤثرين في المجتمع.

خدر شنكالى
Khidirshingaly@yahoo.com


المصادر الذي تم الاستفادة منها في كتابة المقال :
١- بدر شبيب الشبيب ، تجديد الفكر الديني
٢- الفيلسوف الهندي اوشو ، لعبة العقائد
٣- أكرم النبي ، جدل وجهي الاصلاح السياسي والديني
٤- احمد القبانجي ، هل نحن بحاجة الى الدين ؟
٥- احمد القبانجي ، حسنات الدين وسيئاته
٦- السيد كمال الحيدري ، مطارحات في تجديد الفكر الديني .



3
اعتماد نظام الكوتا دليل على وجود خلل في النظام الاجتماعي والسياسي


الكوتا كما هو معلوم هو نظام من خلاله تتمكن فئة معينة أو أقلية دينية معينة من الوصول إلى المجلس التشريعي( البرلمان ) او مجالس محلية أخرى، الهدف منه مشاركة هذه الفئات أو الاقليات في أداء دورها الفاعل في المجتمع وفي العملية السياسية وصناعة القرار ، والدول التي تلجأ إلى هذا النظام هي غالبا دول تعاني من مشاكل اجتماعية كعدم المساواة بين ابناء المجتمع الواحد او البلد الواحد وعدم إتاحة او إعطاء الفرصة للجميع وبشكل متساوي للقيام بدورهم البناء في العملية السياسية   والتفرقة بينهم على اساس الدين أو الجنس او العرق أو المذهب وغيرها ، ولذلك تلجأ هذه الدول إلى هذا النظام محاولة منها لمعالجة هذه المشكلة والتغطية عليها بأسلوب نستطيع أن نسميها بالحيلة الديمقراطية .
  وتعني  quota والكوتا هو في الأصل مصطلح انكليزي حصة او نصيب ، وأول من أطلق هذا النظام هو الرئيس  الأمريكي كنيدي وذلك لغرض معالجة مشكلة العنصرية التى كانت سائدة هناك.
 أن اعتماد هذا النظام هو دليل وتأكيد على وجود خلل في النظام السياسي والاجتماعي الموجود في البلد والذي لايمكن معالجته بتاتا برأي باللجوء إلى هذا النظام او الأسلوب الذي يتنافى مع مبدأ المساواة وتكافوء الفرص بقدر مايمكن معالجته بطرق اخرى اكثر تأثيرا واكثر فعالية وبصورة جذرية  بالاعتماد على وسائل علمية وعملية ووضع برامج وخطط تهدف إلى خلق انسان واعي ومجتمع متحضر تؤمن بالعدالة والمساواة بين أبناء البشر وقبول الاخر بغض النظر عن اللون او الجنس او العرق أو الدين أو المذهب او غيرها .
وذلك لغرض تمكين الجميع وبصورة متساوية من الدخول والمساهمة في كافة مجالات الحياة .
الديمقراطية الحقيقية تعني أن تتمكن كافة أفراد او فئات الشعب وبمختلف تنوعاتهم وتوجهاتهم وخلفياتهم  من ممارسة حقوقهم والمشاركة في العملية السياسية والتنموية في المجتمع ، فالمشاركة السياسية هي الركيزة الأساسية للنظام الديمقراطي الذي يعني ممارسة الفرد لحقه في حكم نفسه بنفسه وترجمة ذلك من خلال قيامه بدور بناء وفاعل في عملية صنع القرارات السياسية ، وهذا هو المبدأ الاساسي الذي نصت عليه جميع المعاهدات والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان منها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام ١٩٦٦ وعلى جميع الحكومات والدول ان تمكن وتضمن للمرأة والرجل وعلى قدم المساواة بالتمتع بجميع الحقوق وكذلك بالنسبة لجميع الاقليات والمكونات  الموجودين في اقليمها والخاضعين لسلطاتها وولايتها  .
 وعلى الرغم من الحجج المؤيدة لهذا النظام كونه يحقق العدالة والمساواة بين الرجل والمرأة وتمكينها من المشاركة في العملية السياسية ويحقق مبدأ المساواة بين جميع المكونات وضمان مشاركتهم في صنع القرار السياسى ، إلا
انني اتفق مع من ينتقد هذا النظام لكونه لايخدم المساواة والعدالة بل يؤدي إلى تكريس الطائفية والمحاصصة وسلب حرية المواطن في اختيار من يمثله وعلى اساس الكفاءة والنزاهة وليس على اساس الترضية ، فقد لايفوز شخص او مرشح ما حتى وان حصل على ١٠ آلاف صوت  في نفس الوقت الذي يفوز فيه مرشح الكوتا بمجرد حصوله على ٣ آلاف صوت مثلا ، وبذلك يكون الاختيار او الفوز على اساس الجنس او الدين أو القومية وليس على اساس الكفاءة اوالقدرة او النزاهة وهذا يتنافى مع روح الديمقراطية ومبدأ تكافؤ الفرص ، لذا ارى بأن العدالة والمساواة لا تتحقق بتطبيق نظام الكوتا بقدر ما انها تتحقق بضرورة إتاحة الفرصة أمام الجميع وبصورة متساوية وبدون تمييز لتولي المناصب القيادية وفي كافة مجالات الحياة بما فيها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وطبقا للقانون والدستور .

خدر شنكالى

4
وكلاء الله ٠٠٠ و وكلاء الشعب


وكلاء الله ، هم من يخولون انفسهم بالتصرف نيابة عن الله او الذين يمنحون انفسهم الحق بالتحدث باسم الله  وإصدار الأوامر والتعليمات نيابة عنه ، لذلك نراهم يصدرون الأوامر بالقتل والذبح والتعذيب والتكفير او دفع الجزية احيانا او الغفران عن الذنوب التي ارتكبوها أحيانا اخرى ، ويغطون عادة اعمالهم وتصرفاتهم هذه بنصوص من الكتب الشرعية على اعتبارهم وكلاء الله في الأرض وينفذون مشيئته ويفعلون مايشاءوا بالعبد المسكين وكأنها اوامر الهية صدرت من الله نفسه !!
فهؤلاء ليسوا بحاجة إلى محاكمات يحضر فيها محاموا الدفاع كالعادة او حتى أن يحضر المتهم نفسه وليس من حق أحد أن يسالهم أو يعارضهم باعتبار قد صدرت هذه الأوامر من الله ، طبعا ولا اعتراض على أمر الله !؟
كما التجأت اليها الكنيسة الكاثوليكية سابقا عند اصدارها لصكوك الغفران والتي كانت إحدى الأسباب الرئيسية لقيام الثورة الاصلاحية بقيادة مارتن لوثر في اوروبا الذي يقطف ثمارها اليوم .
وكما حصل ويحصل اليوم من الممارسات الوحشية والإجرامية لداعش من الذبح والقتل وغيرها وباسم الله .

وهناك نوع آخر من وكلاء الله في مجتمعاتنا يعيشون معنا حيث لا يقل تأثيرهم عن اللذين يأمرون بالقتل والذبح وان كانت بصورة اخرى ، فهؤلاء يحللون ويحرمون كل يوم من يشاءوا وكيفما يشاءوا وحسب مزاجهم ورغبتهم ويستخدمون اساليب الترهيب والتخويف من نار جهنم، ومن حقهم فقط ان يدعون الله بالنيابة عنهم ليباركهم في اولادهم وارزاقهم واعمالهم وسلامة حياتهم وحياة اطفالهم والتصرف باموالهم ، وما اكثرهم في مجتمعاتنا وبمختلف اديانهم ، وقد راحت ضحية هذه الأفعال والتصرفات الكثير من الابرياء ، وخاصة من الفئة الشابة بل ودفعهم إلى اللجوء إلى مسلك او طريق آخر للتهرب من تصرفات وكلاء الله اما خوفا على حياتهم او للحفاظ على سمعتهم.
وحياتنا مليئة بالامثلة على هذه التصرفات يعرفها الجميع ولا داعي لذكرها هنا .
اما وكلاء الشعب ، فإنهم وكما هو معروف مخولون من الشعب بعكس وكلاء الله المخولون من الله نفسه ، وهؤلاء اصبحوا ممثلين من الشعب بمجرد اختيارهم من قبل الاخير وبناءا على هذا التوكيل او التخويل يصبحون أحرارا في التصرف باموالهم وكل مايتعلق بحياتهم السياسية والإجتماعية والدينية وغيرها ودون اعتراض او محاسبة من احد على اعتبار أن المحاسبة او الاعتراض قد انتهت بمجرد التوكيل فليس امام الشعب الا الطاعة والقبول كما هو الحال عند وكلاء الله !!
لذلك نراهم يلعبون ويسرقون وينهبون اموال الشعب (موكلهم ) وباسم الاخير وحسب رغباتهم ومصالحهم الشخصية اولا باعتبارهم الادرى بمصلحة الشعب والوطن، وأول ما يلجأون إليه هو مناقشة امتيازاتهم ومخصصاتهم ومكافآتهم الشخصية ، وعلى لسان احدهم حيث يكلف كل نائب ميزانية الدولة خلال أربعة سنوات فقط مليار واربعمائة مليون دينار عراقي .
الا انه في هذه السنة ظهرت لنا نماذج جديدة من الوكلاء  جمعت بين الاثنين ( الله و الشعب ) اي انهم ترشحوا باوامر الهية او رسلية او نبوية وما على الشعب الا اطاعة الله ورسله لاختيارهم ليكونوا وكيلا لهم في الدنيا والآخرة اي وكيلا من الله ومن الشعب في الوقت نفسه .
فإذا كان النواب يتاجرون بالشعب عادة فهؤلاء اصبحوا يتاجرون بالله والدين والشعب في آن واحد .


5
نعم يحق لاقليم كوردستان اعلان استقلاله

    ان الدولة ( اية دولة ) تتكون عندما تتوافر عناصرها من ، الشعب ، الاقليم ، والسلطة اي ان الدولة تتكون وتنشأ بمجرد توفير هذه العناصر او الاركان الثلاثة معا ، شعب مستقر في اقليم معين وسلطة سياسية تفرض سلطاتها وسيادتها على ذلك الاقليم ولايهم نوع هذه السلطة او نوع النظام السياسي سواء كان ديمقراطي او فردي او غيره ، ولكن هذا التكوين الطبيعي او المادي للدولة يتم في اغلب الاحوال عن طريق اما انهيار امبراطوريات كبيرة كما حصل في السابق بعد انهيار الامبراطورية العثمانية وتكوين عدة دول منها العراق ، او انفكاك دولة كبيرة مثل الاتحاد السوفيتي السابق وتكوين عدة دول مثل روسيا واوكرانيا وبيلاروسيا واستونيا ولاتيفيا وغيرها من الدول وتفكيك تشيكوسلوفاكيا الى دولتين ، التشيك وسلوفاكيا ، وتفكيك جمهورية يوغسلافيا الاتحادية السابقة وتكوين الدول كل من صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك وغيرهم او بانفصال اقليم عن دولة معينة كما حصل حديثا مع انفصال اقليم جنوب السودان عن دولة السودان عام 2011 .
   واقليم كوردستان العراق يمتلك اليوم كافة العناصر القانونية لاعلان استقلاله  وبموجب قواعد القانون الدولي ، شعب كوردستاني يختلف عن بقية شعب العراق لغة وثقافة وتاريخا وارض يستقر عليه هذا الشعب منذ الاف السنين وهو الاقليم وسلطة سياسية تحكم الاقليم لما يقارب الربع قرن من الزمان وتمارس سلطاتها وسيادتها على كافة مناطق الاقليم وتحقق مصالح الشعب الكوردستاني وبكافة اطيافه ومكوناته ، فنحن هنا امام حالة طبيعية قانونية تعطي الحق للاقليم لاعلان استقلاله في اي وقت يشاء ، يضاف الى ذلك الظروف التي شهدها العراق اخيرا والتي ادت الى تفكك كامل في اجهزتها الامنية والادارية وفي مناطق شاسعة من الدولة العراقية ، مما يعطي الفرصة المناسبة والحق القانوني للاعلان عن هذا الاستقلال كما حصل مع الامثلة السابقة ونشوء العديد من الدول على اثر تفكك الدولة الاصلية ، ولا يعتبر هذا استغلالا للوضع الذي يمر به العراق ، بل انتهازا للفرصة والحق القانوني الذي يمتلكه اصلا الشعب الكوردي ، الشعب الوحيد في العالم والذي يصل تعداده الى الاربعين مليون نسمة بدون دولة لحد اليوم !! فالدولة العراقية قد فقدت جميع عناصرها القانونية ولم تعد هناك دولة ذات سلطة سياسية تحكم الشعب او شعب متماسك تابع او خاضع لهذه السلطة او اقليم موحد تمارس عليه هذه السلطة وانما اصبح العراق اليوم بلدا مفككا تحكمه الميليشيات والجماعات المسلحة وان الحكومة فقدت سيطرتها على اغلب مناطق العراق .
   اما مسألة الاعتراف بالدولة فقد اختلف فقهاء القانون الدولي بشأن ذلك فمنهم من ذهب الى ان الاعتراف يعتبر من العناصر الاساسية لانشاء الدولة اي ان الاعتراف يعتبر منشاً للدولة وبدونه لايمكن ان نكون امام دولة ، ومنهم من ذهب الى ان الاعتراف يعتبر امرا كاشفا للدولة وليس منشاً اي ان الدولة موجودة اصلا قبل نشوء الاعتراف ولايعتبر من العناصر الاساسية لانشاء الدولة ، وهذا الرأي الاخير هو الاقرب الى الصواب والى الواقع العملي والسياسي وذلك لقيام الكثير من الدول في ظل عدم حصولها على اعتراف الكثير من الدول منها الدول العظمى كامريكا وروسيا كاقليم كوسوفو الذي حصل على استقلاله عام 2008 بشكل كامل واعترفت به الكثير من الدول منها الولايات المتحدة الامريكية الا ان روسيا لم تعترف به لحد الآن ، وكذلك جمهورية شمال قبرص التي اعترفت بها تركيا فقط اضافة الى مؤتمر العالم الاسلامي وكذلك الحال بالنسبة لاسرائيل وفلسطين . والاعتراف برأي هي مسألة سياسية اكثر ماهي قانونية وان المصالح السياسية والدولية لها الدور الاكبر في الحصول على هذا الاعتراف ، وفي اعتقادي ان حكومة الاقليم او السياسة الخارجية للاقليم لعبت دورا جيدا في هذا المجال خلال السنوات الماضية واستطاعت الى حد كبير من بناء الثقة المتبادلة بينها وبين العديد من الدول وتكوين علاقات متوازنة مبنية على اساس التفاهم والاحترام والمصالح المشتركة .
     ولو نرجع الى الدستور العراقي ، نرى انه وقد جاء في السطر الاخير من ديباجته ( ان الالتزام بهذا الدستور يحفظ للعراق اتحاده الحر شعبا وارضا وسيادة ) ، وكذلك جاء في المادة الاولى من الدستور وتحت عنوان المباديء الاساسية ( ... وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق ) ،  يفهم من هذين النصين انه سوف تبقى دولة العراق موحدة كشعب وارض وسيادة طالما هناك التزام بالدستور ، ولكن ومن  مفهوم المخالفة لهذين النصين ايضا يمكننا القول بانه في حالة عدم الالتزام بهذا الدستور وعدم تطبيقه لانكون امام دولة موحدة ، اذن وبناءا على ذلك ونتيجة لعدم التزام الحكومة المركزية بالدستور بل وتعمدها الواضح والصريح لعدم تطبيقه ،  وهذا ماجاء على لسان النائب حنان الفتلاوي العضو في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي رئيس الحكومة ، يحق للاقليم الانسحاب من هذا الاتحاد الفيدرالي والاعلان عن استقلاله من العراق ، ولايشترط ان يكون هناك نص اخر في الدستور يشير الى امكانية الاستقلال او اجراء الاستفناء او غيره كما اشار اليه السيد رئيس الوزراء ، فان الانتهاك الصارخ للدستور الذي يعتبر اعلى واسمى قانون في الدولة وعدم تطبيقه طيلة العشر سنوات الماضية ادى الى ما وصل اليه العراق اليوم ، بل ويعتبر دليلا قانونيا كافيا لفشل النظام الفيدرالي في العراق مما يضع القيادة السياسية في الاقليم امام مسؤولية تاريخية وقانونية واخلاقية تجاه شعب كوردستان وتقرير مصيره وفق ما تتطلبه مصلحة وآمال وطموحات هذا الشعب واتخاذ الخطوة التي تراها مناسبة لتحقيق ذلك .
 
                                                       الحقوقي
                                                      خدر شنكالى
                                         khidirshingaly@yahoo.com
   
 


6
ما يحدث في العراق هو صناعة عراقية صرفة

   كلنا نتذكر العم ( ابو تحسين ) المواطن العراقي الذي انهال بالضرب على صورة الرئيس السابق بنعاله للتعبير عن فرحته بسقوط الطاغية ، تلك الفرحة التي كانت  تعبرعن انتهاء فصول طويلة من القهر والحرمان والابادة الجماعية على امل العيش في جو من الحرية والسلام والامان والطمأنينة كغيره من شعوب العالم ونسيان الماضي بما كتبت ودونت عليه من ذكريات مؤلمة وصفحات سوداء والنظر الى غد افضل ومستقبل مشرق تسوده روح المحبة والتسامح والعمل معا من اجل بناء الدولة العراقية الحديثة .
  ولكن للاسف الشديد يبدوا ان الرياح لاتأتي دائما كما تشتهي السفن ، فقد خيبت آمال الشعب العراقي واصبحت الرياح الطائفية والعنصرية وغياب الارادة الحقيقية  تعصف بسفينة الشعب العراقي وتهددها لخطر الانقلاب والانهيار التام بين امواج الخلافات المذهبية والمصالح الشخصية الضيقة بعيدا عن الانتماء والولاء الحقيقي للوطن .
   وقد نبه الملك فيصل الاول عام 1932 لخطورة الظاهرة الطائفية في العراق وتأثيرها على مستقبله وتماسكه ووحدته في كلمته او عبارته المشهورة ( انه في اعتقادي لايوجد في العراق شعب عراقي بل توجد تكتلات بشرية خيالية ، خالية من اية فكرة وطنية ومتشعبة بتقاليد واباطيل دينية لاتجمع بينهم جامعة سماعون للسوء وميالون للفوضى ... ) .
   ويبدوا ان الطائفية وفقدان ولاء الشعب للوطن من الظواهر الطبيعية الموجودة اصلا في الشعب العراقي ، او بالاحرى ان الدولة العراقية قد تأسست اصلا على اساس طائفي بحيث تظهر هذه النزعة في اي وقت متى ما سنحت لها الفرصة ، وان الذي حدث ويحدث اليوم في العراق الجديد هو خير دليل على ذلك .
   ان الدين واختلاطه بالامور السياسية واتخاذه غطاء وذريعة لتبرير الكثير من الاعمال والافعال التي دمرت هذا البلد ، وخاصة ان الاخير اصبح يدار من قبل مرجعيات دينية ( سنية او شيعية ) تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتحلل وتحرم حسب رغبتها ومشيئتها لتحقيق مصالحها وغاياتها الشخصية ، وهنا وفي ذكر مسألة الشيعة والسنة اتذكر العائلة المسلمة التي تسكن قريتنا منذ عشرات السنين ولم نكن نعرف هل انها عائلة سنية ام شيعية ؟ اي بمعنى ان هذه الافكار الطائفية المقيته لم تكن تخطر في بال احد الا بعد عام 2003 ، ناهيك عن الفساد الاداري والمالي الذي اصبح مستشريا في جميع مؤسسات الدولة العراقية حتى اصبح العراق في ذيل قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم !
  هذه العوامل وغيرها كثيرة ادت الى تفكك الدولة العراقية بمعناها الحقيقي وولادة دولة ضعيفة غير قادرة على النمو والتطور وغير قادرة على حماية نفسها وحدودها  مما اصبح العراق دولة مفتوحة على مصراعيها امام التدخلات الخارجية .
   نتيجة لهذا الوضع المأساوي ، فكان من الطبيعي ان تظهر ميليشيات وجماعات  مسلحة هنا وهناك مستغلة الوضع الذي يمر به البلد وبدعم اقليميي ودولي حتى تحولت البعض من هذه المجموعات المسلحة الى تنظيمات متدربة على مختلف انواع الاسلحة وقادرة على مختلف انواع المعارك القتالية كتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الذي تاسس في البداية في العراق عام 2006 وباسم الدولة الاسلامية في العراق ، واستطاعت هذه الجماعات الحصول على الكثير من الاموال والسلاح من الدول التي تدير حربا بالوكالة في العراق وخاصة ايران والسعودية .
    لذا باعتقادي فان ما يحدث في العراق اليوم من بروز ظاهرة الجماعات المسلحة والتي ظهرت بقوة في الآونة الاخيرة واستطاعت في غضون ايام قليلة السيطرة على مايقارب الثلث من مساحة العراق وعلى ثلاث مدن عراقية اهمها مدينة الموصل وهي ثاني اكبر مدن العراق ، ليست بصناعة امريكية او اسرائيلية او ايرانية او سعودية او تركية او غيرها كما يقول البعض ، بقدر ماهي صناعة عراقية صرفة او ناتج للسياسة العراقية الخاطئة التي هيأت الارضية الخصبة لبروز وظهور هذه الجماعات ومن ثم استغلالها من قبل بعض الدول والاشخاص التي تحاول بشكل اوبآخر النيل من استقرار وسيادة هذا البلد وتقدمه وتطوره ، بل ما حدث هو حصاد لما زرعه الساسة العراقيين الجدد باختلافاتهم ومشاكلهم  الشخصية وسياستهم العنصرية والطائفية ، فلو كان العراق دولة متماسكة وقوية لما استطاعت هذه الجماعات وغيرها من السيطرة على شبر واحد من ارض العراق حتى ولو دعمها جميع دول العالم ، كما حدث في مصر التي استطاعت بفعل تماسك شعبها وقوة ساستها ووحدتهم وعلى رأسهم القائد البطل السيسي ، السيطرة على اوضاعها وانهاء نشاط الجماعات المسلحة الذي كان لايقل قوة وخطورة عن ماموجود في العراق .
   وبعد فوات الأوان اي بعدما وقع الفاس بالراس كما يقال بالعامية واصبح العراق فريسة سهلة تؤكل من كل جانب ، فنجد الكل يتهم الكل بالخيانة والتآمر والارهاب والكل يضع اللوم على الكل والكل يكفًر الكل وبين حانا ومانا ضاع مستقبل الشعب العراقي وضاع وطن اسمه العراااااق ...
 
                                                               خدر شنكالى
                                                            khidirshingaly@yahoo.com                 
   
   

7
البرلمان العراقي سلطة فاقدة للشرعية الدستورية

    انتفض الشعب العراقي مرة ثانية في يوم 15 / شباط على اثر اصرار المجلس التشريعي العراقي ( البرلمان ) على منح النواب والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة رواتب تقاعدية كبيرة لاتتناسب وسنوات الخدمة التي قضاها او سوف يقضيها في اروقة البرلمان ، وانها اي هذه الرواتب التقاعدية سوف تثقل من كاهل ميزانية الدولة مستقبلا كما اعتبروا هذه الرواتب نهب وسلب منظم لخيرات البلد من قبل اشخاص محددين في السلطة ، في نفس الوقت الذي يستلم الملايين من المواطنين رواتب وظيفية لا تزيد على 3000 ثلاثمائة الف دينار فقط او رواتب تقاعدية لا تزيد على 400 اربعمائة الف دينار من الذين خدموا هذا البلد اكثر من ثلاثين او اربعين سنة خدمة وظيفية وفي مختلف مجالات الحياة  .
   وكانت المحكمة الاتحادية قد الغت الرواتب التقاعدية للنواب وقضت ببطلان المادة (3) و (4) من قانون مجلس النواب رقم 50 لسنة 2007 لمخالفتهما للدستور على اثر التظاهرات التي عمت البلاد احتجاجا على هذه الحقوق والامتيازات التقاعدية الكبيرة .
     الا ان الغريب في الامر فقد قام مجلس النواب وعن سابق اصرار وترصد بادخال هذه الحقوق الباطلة مرة اخرى ضمن المادة 38 من قانون التقاعد الموحد لسنة 2014 ، وبذلك يكون مجلس النواب ( في هذه الحالة )قد خالف الدستور مرتين ، المرة الاولى في قانون مجلس النواب والمرة الثانية في قانون التقاعد الموحد ، اضافة حنثه باليمين او القسم الوارد في المادة (50 ) من الدستور العراقي والتي تنص على ( يؤدي عضو مجلس النواب اليمين الدستورية امام المجلس قبل ان يباشر عمله بالصيغة التالية : اقسم بالله العلي العظيم ان اؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان واخلاص وان احافظ على استقلال العراق وسيادته ، وارعى مصالح شعبه واسهر على سلامة ارضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان اعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء والتزم نتطبيق التشريعات بامانه وحياد ، والله على ما اقول شهيد ) .
   لو نتمعن في صياغة القسم جيدا ونسأل السادة النواب اين انتم من مراعاة مصالح هذا الشعب الذي يتظاهر يوميا ويطالبكم بالغاء الرواتب التقاعدية والكف عن نهب وسلب ثرواته !؟ واين انتم من التزامكم بتطبيق القوانين بامانه وحياد في معرض الالتزام بتطبيق قانون المحكمة الاتحادية !؟ فاذا كانت السلطة التشريعية وهي الجهة التي تشرع القوانين في اية دولة ، هي اول ما تخالف الدستور والقوانين ، فاقرأ على هذا البلد الف سلام وسلام .
     ان السلطة التشريعية هي المؤسسة الوحيدة التي يتم اختيار اعضائها من قبل الشعب مباشرة وهي من مظاهر الدولة الديمقراطية الحديثة ، اي سلطة مفوضة من قبل الشعب وتصدر قوانينها واحكامها باسمه وباستطاعة الاخير سحب هذا التفويض في اي وقت يشاء وبالطرق القانونية والديمقراطية المختلفة منها القيام بمظاهرات واحتجاجات سلمية وهذا ما يحصل في العراق اليوم ، وكان على هذه السلطة الدفاع عن حقوق هذا الشعب والحفاظ على ثرواته ومراعاة مصالحه ( كما جاء في القسم ) بدلا من نهبه وسلبه والتحايل عليه بالطرق الغير القانونية والغير دستورية .
    كما ان اعضاء البرلمان هم ليسوا بموظفين ولايسري عليهم قانون الخدمة المدنية او قانون التقاعد الموحد ولايجوز قانونا حصر امتيازاتهم وحقوقهم ضمن هذا القانون الاخير ، فهم مواطنين مكلفين بخدمة عامة في البرلمان ولمدة محدودة حالهم حال اعضاء المجالس البلدية ويتقاضون مكافآت معينة جراء هذه الخدمة طيلة تواجدهم في هذه المؤسسة وليست رواتب وظيفية وتنتهي هذه المكافآت وكافة حقوقهم الاخرى بانتهاء هذه الخدمة سواء بنهاية الدورة وهي اربعة سنوات او لاي سبب اخر . كما ان هذه الحقوق والامتيازات الممنوحة لهم طيلة الدورة البرلمانية كان من المفروض ان يصدر بها قانون خاص كما جاء في المادة ( 63 ) من الدستور ( تحدد حقوق وامتيازات رئيس المجلس ونائبيه واعضاء المجلس بقانون ) الا ان هذا القانون لم يصدر حتى الان .
    لذا فان البرلمان العراقي او ما يسمى بالسلطة التشريعية في العراق ، هي سلطة فاقدة للشرعية القانونية والدستورية وذلك لمخالفاتها المتكررة والواضحة وعن سابق اصرار وترصد للقانون والدستور بالاضافة الى حنثها باليمين مما يترتب على ذلك مسؤولية قانونية ودستورية ، وبالتالي يضع رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية او نائبه في حالة غيابه امام مسؤولية اخلاقية قبل ان تكون قانونية ودستورية وذلك بحل البرلمان استنادا الى المادة ( 64 ) من الدستور  ليكون درسا للدورات البرلمانية القادمة  ومن اجل الحفاظ على مصالح وخيرات وثروات هذا الشعب وانقاذ البلد من الفوضى القانونية والدستورية التي يمر بها .
 
 
 
   خدر شنكالى         


8
تشرشل والقضاء وكوتا الايزيدية

   من المتعارف عليه والمعمول به في اغلب الانظمة السياسية المعاصرة ، ان هناك سلطات ثلاثة ( تشريعية ، تنفيذية وقضائية ) تقوم بمهام ادارة الدولة كل حسب اختصاصاتها التي يحددها الدستور باعتبار الاخير هو اعلى واسمى قانون في الدولة ، فالسلطة التشريعية تقوم بتشريع القوانين عن طريق ممثلي الشعب الموجودين في البرلمان وباعتبار ان الشعب هو المصدر الرئيسي للتشريع ، بالاضافة الى مهامها في مراقبة وعمل السلطة التنفيذية ، والسلطة التنفيذية تقوم بتنفيذ القوانين التي تصدرها او تشرعها السلطة التشريعية اضافة الى مهامها الاخرى كتشغيل وادارة المرافق العامة ووضع السياسة العامة للدولة ، اما السلطة القضائية  فهي سلطة مستقلة عن السلطات الاخرى ومهامها تطبيق القوانين والقرارات التي تصدر من السلطتين التشريعية والتنفيذية ، بل ان اهم واجب مقدس يقع على عاتق هذه السلطة هو مراقبة القوانين والقرارات التي تصدرها السلطتين التنفيذية والتشريعية ومدى تطابقها مع الدستور ، ولكي نكون امام دولة قانونية يجب ان تتمتع السلطة القضائية باستقلال تام عن السلطات الاخرى ولايجوز التدخل في شؤونها باي شكل من الاشكال ، وان درجة التقدم والتطور لاي دولة ومدى تمتع شعوبها بحقوقها تقاس بمدى التزامها بسيادة القانون ، وهنا نتذكر القول الشهير لرئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل اثناء الحرب العالمية الثانية وعندما كانت الطائرات الالمانية تقصف العاصمة البريطانية لندن بشكل عنيف ، فسأل عن وضع بلاده فاجاب ( طالما القضاء بخير فان البلد بخير ) ، وفي موقف آخر له ، وعندما امرت المحكمة بنقل احدى المطارات العسكرية لانها كانت قريبة من المناطق السكنية مما يشكل خطرا على حياة السكان ، فعندما سأل تشرشل عن المدة المتبقية من تنفيذ الحكم فاجابوه ( 48 ) ساعة فقط ، فقد امر تشرشل بنقل المطار فورا وقال جملته المشهورة ( خير لبريطانيا ان تخسر الحرب لا ان تتوقف عن تنفيذ حكم قضائي ويخسر القضاء البريطاني هيبته ) .
    هكذا كان العظماء ينظرون الى القانون علما ان بريطانيا العظمى لحد اليوم لاتمتلك دستورا مكتوبا وانما مجموعة من الاعراف والتقاليد التي استمر العمل بها لسنوات طويلة حتى اصبحت قواعد عرفية ملزمة او ما يسمى بالدستور العرفي .
    فما بالك بالعراق الجديد ، العراق  الجمهوري النيابي ( البرلماني ) الديمقراطي الاتحادي الموحد (( هكذا جاء في الدستور )) الذي يمتلك دستورا طويلا وميزانية ضخمة ومؤسسات وهيئات لاتعد ولاتحصى ومسؤولين بحقوق وامتيازات هي الاكثر في جميع دول العالم المتحضرة ، ولكن نتيجة لغياب القانون وعدم احترام هذه المؤسسات والهيئات ( بما فيها السلطتين التشريعية والتنفيذية ) للقانون والدستور ، فان الدولة العراقية ستبقى في حالة من الفوضى السياسية والاجتماعية وعدم الاستقرار ومزيد من الانفلات الامني وبالتالي انهيار البلد ، وان الاقليات هم الشريحة الاكثر تضررا في هذه الحالة لان القانون هو الملجأ الوحيد لهم عند تعرضهم للغبن والظلم ومصادرة حقوقهم المشروعة .
     ان الاجحاف والغبن المستمر بحق الايزيدية ، احدى المكونات الاساسية  للشعب العراقي والكوردستاني بصورة خاصة وحرمانها من حقوقها الدستورية والقانونية المشروعة لخير مثال على غياب دور القانون في المنظومة السياسية العراقية باكملها ، وان التجاهل المتعمد من قبل السلطة التشريعية العراقية في منح المكون الايزيدي مقاعد برلمانية ( كوتا ) وبما يتناسب مع كثافتهم السكانية يعتبر تجاوزا كبيرا على القانون والدستور بل وسابقة خطيرة في هضم حقوق الاقليات وتهدد العملية الديمقراطية في العراق ، مما يستوجب على المحكمة الاتحادية التي تمثل السلطة القضائية في العراق التدخل والقيام بواجبها المقدس في مراقبة عمل البرلمان والتأكيد على قرارها المرقم 11 لسنة 2010 والزام البرلمان بضرورة صياغة النص القانوني وبما يتفق مع قرار المحكمة الاتحادية العليا بوجوب منح المكون الايزيدي المقاعد البرلمانية التي يستحقه وحسب الاليات المعتمدة ، وان المحكمة الاتحادية العليا هي الجهة المختصة بالرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وان قراراتها باته اي قطعية وملزمة لكافة السلطات منها السلطة التشريعية ، وان اي اتفاق او مساومة من قبل الكتل السياسية على حساب قرار المحكمة وبما يخالفه او ينقص من قيمته يعتبر باطلة اساسا استنادا الى المادة ( 49 ) من الدستور وبدلالة المواد ( 13 و 93 و 94 و 88 ) منه ، كما ان مسألة زيادة المقاعد البرلمانية حسب الزيادة السكانية ليست لها اية علاقة بزيادة عدد مقاعد كوتا الايزيدية ، لان المسألة الاخيرة محسومة بقرار قضائي قطعي صادر من اعلى جهة قضائية ورقابية في العراق وهي المحكمة الاتحادية العليا ، ولايحق لاي شخص او اية جهة المساومة او التنازل عن الحقوق المكتسبة  للمكون الايزيدي بموجب هذه القرار او نيابة عنهم .
   وفي الختام نقول ، قد لاتعطي عمالقة وفحول السياسة في العراق اي اهمية لهذه الكتابات البسيطة التي تنشر على صفحات النت وغيرها من وسائل الاعلام المختلفة ، لان هذا ليس بالشيء الغريب في دولة لاتحترم القانون والقضاء ، ولكن تبقى للكلمة قيمتها وللاعلام دوره الفاعل في تغيير الانظمة والمجتمعات ويبقى القانون ( كما قال تشرشل ) هو الضامن لتماسك واستقرار اي بلد وميزان تقدمه وهيبته وسلامة ونجاح نظامه الديمقراطي . 
 
                                                                                       الحقوقي
                                                                                     خدر شنكالى
   
   
 
   
 


9
العراق دولة بدون سيادة

   مفهوم السيادة وفق القانون الدولي العام ، هو قدرة الدولة على ممارسة سلطاتها الداخلية والخارجية بشكل كامل ودون تدخل من احد ، اي ان للسيادة جانبان او مظهران ، مظهر داخلي ومظهر خارجي ، فالسيادة في مظهرها الداخلي ، تعني قدرة وامكانية الدولة في فرض سيطرتها وسلطاتها على كافة مواطنيها ضمن حدودها الجغرافية المعروفة وبما تمتلك من حقها في تشريع القوانين وتطبيقها وتنفيذها على الجميع وبصورة متساوية عن طريق اجهزتها او مؤسساتها الدستورية ، ونظرا لاهمية السيادة في اكتمال اهلية الدولة وشخصيتها القانونية ، فقد اعتبرها فقهاء القانون الدولي من اهم خصائص واركان قيام الدولة ، فلا نكون امام دولة مستقلة وكاملة الاهلية دون تمتعها بالسيادة الكاملة على اراضيها ومواطنيها .
   اما السيادة في مظهرها الخارجي ، فهي قدرتها على اقامة افضل العلاقات مع الدول الاخرى وبما تخدم مصالح ومستقبل شعبها وعلى اساس الاحترام المتبادل ووفق الاعراف الدبلوماسية المعترف بها واحترام السيادة والاستقلال السياسي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعقد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتوفير الحماية الكاملة لمواطنيها في خارج حدودها وفق الاعراف والمعاهدات الدولية .
   والسيادة نوعان ، سيادة كاملة وهي ان تكون الدولة لها الحرية والارادة الكاملة في تصريف شؤونها الداخلية والخارجية دون اكراه او تدخل خارجي ومهما كانت نوعية هذا التدخل ، وسيادة ناقصة وهي عندما تكون الدولة غير قادرة فعليا على ممارسة سلطاتها وصلاحياتها الداخلية والخارجية ايضا اي دولة ضعيفة او ما تسمى بالدولة ناقصة الاهلية ، كما هو الحال في العراق اليوم .
   فالدولة العراقية ونتيجة لاخطاء انظمتها السياسية المتكررة ، فقد عانت ولاتزال تعاني من مشكلة مزمنة في ممارستها لسيادتها الداخلية والخارجية ، وخاصة في العقد الاخير من القرن العشرين وعندما قام النظام العراقي السابق باحتلال جارتها الكويت وثم قيام التحالف الثلاثيني بقيادة الولايات المتحدة الامريكية باخراج القوات العراقية من الكويت وما تلا ذلك من آثار مأساوية كبيرة بحق الشعب العراقي ، فقد اصدر مجلس الامن الدولي اكثر من 70 سبعون قرارا بحق العراق اهمها ، نزع اسلحة العراق ، ومنعه من التصرف بوارداته النفطية وتشكيل ما يسمى بصندوق تنمية العراق ، والزامه بتعويض الكويت والدول الاخرى وكذلك الشركات الاجنبية عن جميع مالحق بهم من اضرار ، وترسيم الحدود وغيرها من القرارات الدولية التي افقدت العراق سيادته واستقلاله واصبح دولة خاضعة لأوامر خارجية وتابعة للارادة السياسية لهذه الدولة او ذاك وخاصة امريكا وايران التي سنحت لهما الفرصة لتنفيذ سياساتهما واجنداتهما في العراق والمنطقة بصورة عامة ، وقد اصاب الشلل جميع قطاعات الدولة العراقية مما ادى ذلك الى عجزها التام في ممارسة سلطاتها وسيادتها الداخلية تجاه مواطنيها .
   وبعد سقوط النظام العراقي في 2003 ، تنفس الشعب العراقي الصعداء على امل انتهاء هذا الفصل المأساوي من تاريخ العراق ، ولكن الامر ازداد سوءا لاسيما وان الولايات المتحدة الامريكية قد اعلنت صراحة وبموجب قرار دولي رقم 1487 / 2003 احتلالها لدولة العراق مما افقدت العراق سيادتها الكاملة وبصورة رسمية وفق قواعد القانون الدولي ، وكان بول بريمر هو الحاكم الفعلي للعراق وباستطاعة الجندي الامريكي البسيط من اعتقال اكبر مسؤول في الدولة العراقية والتصرف باموالها وثرواتها بل والتدخل في جميع امور الدولة ومؤسساتها حتى القضائية منها ، وما ان خرجت القوات الامريكية من العراق وانهاء الاحتلال واستلام العراقيين لدفة الحكم في البلاد حتى دخل العراق في مرحلة جديدة من التدخلات الخارجية في شؤونها لاتقل تأثيرا عن الاحتلال الامريكي ، فاصبح العراق ساحة مستباحة للتدخلات الخارجية ومرتعا لتصفية حساباتها وتنفيذ اجنداتها في داخل العراق ، ففي كل مناسبة او حتى بدونها نرى ان الكونترول الدولي او الخارجي يسارع في توجيه قيادات العراق الى فعل وتنفيذ ما يستوجب عليهم فعله وحسب رغبات هذه الدول وبما يحقق مصالحهم ضاربين مصالح العراق وشعبه عرض الحائط ، اي ان العراق اصبح دولة مفعولا بها ورسم خارطتها السياسية ومستقبلها مرهون بمدى تحقيق مصالح هذه الدول .
   فالولايات المتحدة الامريكية وان كانت قد خرجت من العراق بصورة شكلية ، الا انها لازالت صاحبة النفوذ الاقوى في اتخاذ القرار السياسي العراقي ورسم مستقبل العراق ، وأيران التي تعتبر نفسها وريثة عن الاحتلال الامريكي في العراق فان تدخلها في شؤون العراق معروفة ومكشوفة  للجميع حتى وصل الامر بها اخيرا الى التدخل في اختيار رئيس دولة العراق ! وكأن الاخيرة هي مدينة تابعة لولاية الفقيه في ايران ، وتدخل تركيا المستمر في العراق وخاصة مسألة كركوك الغنية بالنفط وذات الاغلبية التركمانية بعد الكورد يضاف الى ذلك سياستها التوسعية في ولاية الموصل وكأن هاتين المدينتين ايضا هما ولايتين تابعتين للسلطان العثماني ، اما دول الخليج ( البعض وليس الكل ) فان ماكيناتها مستمرة في تدمير العراق من خلال دعمهم للجماعات الارهابية ، فهل من المعقول ان يتم في يوم واحد تفجير اكثر من 10 عشر سيارات في العراق !؟ من اين هذه الاموال والامكانيات الكبيرة اذا لم تكن وراءها دول لها مصلحة في تدمير العراق ؟ ثم هل من المعقول ان لاتعلم الحكومة العراقية او بالاحرى المؤسسة المخابراتية العراقية بالدول التي تقف وراء هذه التفجيرات !؟ ولماذا لم تتخذ الحكومة العراقية موقفا حازما امام هذه الدول وتدخلهم السافر في شؤون العراق ؟
    ان صمت الدولة العراقية او بالاحرى ما يسمى ( بالدولة العراقية )  امام هذه التدخلات المستمرة في شؤونها لايعطي الا تفسيرا واحدا وهي ، انشغال قادة العراق الجديد بالطائفية المقيتة وولائهم لمرجعياتهم الدينية والحزبية الضيقة مع غياب دور الدولة المتمثلة بالقانون ، مما ادى هذا الى انشغال كل منهم بمصالحه الخاصة وانتهاز الفرصة بكسب المزيد من المال دون النظر الى المصالحة العامة العليا لهذا البلد وهذا الشعب الذي ضاق الامرين على مدى اكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، والنتيجة بقاء الدولة ضعيفة وغير قادرة على اتخاذ مواقف تجاه الدول التي تتدخل في شؤونها وبالتالي فقدانها لسيادتها وهيبتها ودورها في المجتمع الدولي .
 
                                                                             خدر شنكالى
 
 
   
 
 
 


10
لايكتسب البرلمان الكوردستاني الشرعية الدستورية دون مشاركة جميع المكونات
 
       عندما قام التحالف الثلاثيني بضرب العراق عام 1991 على اثر مجازفة الاخيرة بغزو دولة الكويت ، أتاحت الفرصة امام الشعب الكوردستاني للقيام بانتفاضته المجيدة ضد النظام العراقي ، مما اضطر الاخير الى سحب كافة قواته وادارته من المناطق الكوردستانية واستغل الشعب الكوردستاني هذه الفرصة التاريخية بادارة هذه المناطق واقامة المؤسسات الدستورية فيها الى حين سقوط النظام العراقي في عام 2003 ، واختيار القيادة الكوردستانية الاتحاد مع الجزء العربي من الدولة العراقية وضمن عراق فيدرالي ديمقراطي موحد وبالحدود الادارية  التي هي اليوم تحت ادارة اقليم كوردستان- العراق .
    لاشك ان هذه التجربة الديمقراطية التي يعيشها الشعب الكوردستاني اليوم ، كانت ثمرة نضال جميع فئات ومكونات الشعب الكوردستاني من مسلمين ومسيحيين وايزديين وغيرهم الذين ناضلوا جنبا الى جنب وفي خندق واحد واختلطت دمائهم الزكية وروت كل بقعة من ارض كوردستان الطيبة ، وفي ربيع عام 1991 وامام جموع غفيرة من الشعب الكوردستاني دعا الرئيس مسعود البارزاني الى اجراء الانتخابات التي تعتبر من اهم اركان النظام الديمقراطي .
    الا انه يبدوا ، وبخلاف القاعدة العامة ، انه كلما تطور النظام الديمقراطي في الاقليم كلما ادى ذلك الى حرمان الايزديين من حقوقهم بالعكس من جميع مكونات الشعب الكوردستاني !!! ففي سابقة هي الاولى من نوعها وبعد مرور اكثر من عقدين من الزمن على التجربة الديمقراطية في الاقليم يحرم الكورد الايزديين من مقعدهم ( اليتيم ) في الحكومة والبرلمان الكوردستاني ، مما يولد لديهم الكثير من الشكوك حول مصيرهم ومستقبلهم في كوردستانهم !!؟
   اما لو نقرأ المشهد من الناحية الشرعية والقانونية ، فان ما جرى من اجحاف بحق المكون الايزدي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يوم 21 ايلول ، يعتبر مخالفة واضحة لما اتفق عليه الشعب الكوردستاني ( من خلال ممثليهم في البرلمان ) في مشروع دستور اقليم كوردستان باعتبار الاخير المرجع لبناء وتشكيل مؤسسات الاقليم ومن ضمنها البرلمان اي السلطة التشريعية ، فقد ورد في في الباب الاول منه وتحت عنوان ( المباديء الاساسية ) وفي نص المادة ( 5 ) منه بان شعب كوردستان يتكون من الكورد ، التركمان ، العرب ، الكلدان ، السريان الاشوريين ، الارمن ، وغيرهم ممن هم من مواطني اقليم كوردستان .
   من الواضح بان هذه المادة قد ركزت بالذكر هنا على المكونات القومية فقط دون التطرق الى المكونات الدينية ، وبالتأكيد ان الايزدية لاتقع ضمن خانة ( وغيرهم اعلاه ) باعتبار ان الايزديين هم الجزء الاساسي من الشعب الكوردي ، وبذلك لهم الحقوق وعليهم الالتزامات كباقي ابناء الشعب الكوردي في اقليم كوردستان من تولي المناصب العامة والسيادية والدخول الى البرلمان وغيرها ودون اي تمييز ، وكل ما يعكس ذلك يعتبر مخالفة صريحة وواضحة للدستور .
    اما المادة ( 6 ) من الدستور فتنص على ( يقر ويحترم هذا الدستور الهوية الاسلامية لغالبية شعب كوردستان – العراق ، ويقر ويحترم كامل الحقوق الدينية للمسيحيين والايزديين وغيرهم ..... ) .
   هذه المادة تؤكد مرة ثانية وبصورة صريحة على اقرار واحترام كامل الحقوق الدينية للايزديين ( كمكون ديني ) في اقليم كوردستان اسوة بغيرهم من الاديان الاخرى ، اي يحق لهم ما لغيرهم من الاديان ايضا في تولي كافة المناصب الادارية والسياسية في الاقليم سواء عن طريق التعيين او عن طريق الانتخابات او الكوتا ، وبناءا على ذلك فان ادارة الاقليم وبكافة مؤسساتها ملزم دستوريا باشراك كافة المكونات الدينية ومنهم الايزديين في جميع مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية .
   وفي الباب الثالث – الفصل الاول وتحت عنوان ( برلمان اقليم كوردستان-العراق ) باعتباره احدى سلطات اقليم كوردستان ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة ( 41 ) على  الآتي ( يؤخذ بعين الاعتبار في نظام انتخاب الاعضاء التمثيل العادل لمكونات شعب كوردستان-العراق .... ) .
    ان هذه المادة وكما هو مبين اعلاه تؤكد على ضرورة مشاركة كافة مكونات شعب كوردستان في البرلمان وبغض النظر عن عددهم او نسبتهم السكانية في الاقليم استنادا الى مشاركة الجميع في اتخاذ القرار الكوردستاني وباعتبار ان الشعب هو مصدر السلطات واساس شرعيتها ، ولم ينص الدستور على كيفية او طريقة المشاركة في البرلمان كونها امور قانونية يجب تنظيمها بقانون .
وفي موضوع الالزام :
    فان المادة ( 18 ) من الدستور تلزم سلطات اقليم كوردستان بالحقوق الاساسية الواردة في هذا الدستور باعتبارها تشريعا اساسيا واجب التطبيق والتنفيذ كونها حقوقا اساسية لمواطني الاقليم .
   كما تلزم الفقرة الثالثة من المادة ( 20 ) حكومة الاقليم بضرورة تمتع الجميع بالحقوق المنصوص عليها في هذا الدستور .
   ولايجوز وضع اي قيد على ممارسة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وحقوق المكونات الدينية والقومية المعترف بها في هذا الدستور ، الا بقانون وعلى ان لايمس هذا القانون جوهر تلك الحقوق وبالقدر الضروري والمقبول في مجتمع ديمقراطي مسالم مبني على التعددية والكرامة والمساواة والحرية ، ويعد باطلا كل قيد يفرض خلاف ذلك .
   ويحق لكل شخص ذو مصلحة مباشرة الطعن في القانون او الاجراء المقيد للحق خلافا لما ذكر اعلاه وذلك امام المحكمة الدستورية للاقليم .
    والمادة ( 21 ) ايضا تلزم سلطات الاقليم بضمان تحقيق مبدأ المساواة الفعالة والعمل على تحقيقها بين الاشخاص المنتمين الى المكونات القومية اوالدينية وتهيئة الظروف الكفيلة بالحفاظ على هويتهم واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيزها .
 
     اذن فان اي برلمان كوردستاني لاتمثل فيه جميع المكونات القومية والدينة في الاقليم لا يكتسب الصفة الشرعية والقانونية لتشكيله بصورة مخالفة لاحكام الدستور الذي يعتبر اعلى واسمى قانون في الاقليم .
 
                                                           الحقوقي
                                                        خدر شنكالى     
                                            khidirshingaly@yahoo.com
 


11
ماهي القيمة القانونية لوثيقة الشرف والسلم الاجتماعي !؟

    قبل ايام تم التوقيع في بغداد على وثيقة سميت ( بوثيقة الشرف والسلم الاجتماعي ) من قبل اغلب رؤساء الكتل السياسية والقادة السياسيين في العراق  ، في مبادرة جديدة وغريبة طرحها السيد نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي الذي يحاول ان يستغل الفراغ الذي تركه السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني باعتبار الاخير رمز وحدة العراق دستوريا وصمام العملية السياسية سياسيا ولكون الاول هو نائب لرئيس الجمهورية ! وذلك بعد مرور اكثر من عشر سنوات على مسلسل القتل اليومي والطائفي الذي يشهده العراقيون ، وفي قراءة سريعة لهذه الوثيقة نرى بانها لم تأتي بشيء جديد ومفيد على الساحة السياسية العراقية او من الممكن ان تجد بعض الحلول للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي باتت تغرق سفينة هذا البلد بل واصبح من المستحيل ان يجد هؤلاء الساسة حلولا لانقاذها طالما يفقدون الى الارادة والنية الصادقة ! فانها نرى  قد اكدت على تحقيق السلم الاجتماعي واعتماد مبدأ الحوار وتعزيز الثقة ومواجهة الارهاب وغيرها من الامور والمواضيع التي تعتبر من العيب جدا على ساسة العراق التطرق اليها اصلا ، لانها امور ومواضيع بديهية وطبيعية تفرض نفسها على كل انسان عراقي غيور على بلده ، فكيف اذا كان هؤلاء الناس هم قادة العراق وصانعي قراره ومستقبله !؟
     كما انها تضمنت امور او مسائل هي اصلا موجودة في الدستور والقوانين العراقية ، كالتأكيد على وحدة العراق والحفاظ على النسيج الاجتماعي ومحاربة الارهاب وحظر حزب البعث وكيفية التعامل مع الاجندات الخارجية ونبذ العنف والطائفية والفصل بين السلطات الثلاثة وغيرها من المواضيع التي نص عليها  الدستور والذي يعتبر ايضا بمثابة عقد اجتماعي على الجميع الالتزام به حكاما ومحكومين ، فاذا لم يلتزم الساسة والقادة العراقيون بالدستور المتفق عليه من قبل جميع ابناء الشعب ، فكيف نضمن ونصدق التزامهم بهذه الوثيقة ؟ ثم ماهي القيمة القانونية لهذه الوثيقة امام اسمى وثيقة واعلى قانون في الدولة العراقية وهو الدستور ؟ وماهي القيمة الاجتماعية والادبية والاخلاقية لهذه الوثيقة امام اليمين الذي اقسمه هؤلاء الساسة والقادة الموقعين على هذه الوثيقة على ان يؤدون واجبهم بتفان واخلاص وان يحافظوا على استقرار البلد ويرعون مصالح الشعب كما جاء في صيغة اليمين التالية ( أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهامي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وان أحافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد... والله على ما أقول شهيد). ثم اين كنتم يا سادة يا كرام طيلة الفترة الماضية من مسألة الحفاظ على الشرف والسلم الاجتماعي العراقي ؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات ؟ وهل حان موسم حصاد اصوات العراقيين الابرياء للضحك على ذقونهم مرة اخرى والتظاهر على انكم خير اجناد الارض ؟ ام ضاقت بكم السبل وتفرقت بكم الحيل واضاعت بكم كل الطرق لمعالجة المشاكل والازمات التي يعاني منها هذا البلد والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم ؟
   سادتي الافاضل ، وانتم تعلمون جيدا ، بان الدول اليوم لا يتم بناءها بالتوقيع على هكذا وثائق لا قيمة لها ، وانما بالالتزام بالدستور والقانون والعمل الجاد والنية والارادة الصادقة والتنافس على تقديم افضل الخدمات للشعب وليس الجري والاستماتة وراء المكاسب والمصالح الشخصية الضيقة التي طالما كانت الدافع الاقوى لأي تقارب او اتفاق سياسي بين الاطراف المتخاصمة والمتصارعة على السلطة في العراق الديمقراطي الجديد !؟
 
                                                           خدر شنكالى
                                                     
 
 


12
سقوط الاخوان في مصر .. بداية لسقوط الاسلام السياسي في المنطقة

    عندما قامت ثورات الربيع العربي في بعض الدول العربية ، لم يستثني حكم الرئيس حسني مبارك من شرارة وغضب هذه الثورات التي بدأت في تونس على اثر قيام المواطن التونسي ( محمد البوعزيزي ) باشعال النار في نفسه بسبب قيام البلدية بمصادرة عربته التي كان يترزق منها ، وعلى الرغم من الاسباب التي ادت الى قيام هذه الثورات ، فانها قد اطاحت ولحد الآن بالعديد من الانظمة الدكتاتورية التي كانت تحتكر كرسي السلطة طيلة سنوات عديدة دون رقيب او حسيب .
     وقد سميت هذه الثورات بالربيع العربي ( مجازا ) على امل ان يشهد الشعب العربي ربيعا جميلا مشرقا مليئا بالنمو والعمران والتقدم وتحقيق الرفاهية ، ولكن يبدوا ان الرياح لاتجري احيانا كما تشتهي السفن ، فبعد سقوط نظام الرئيس مبارك قبل اكثر من سنة من الان تحت ضغط المطالبة الشعبية او ما سمي بثورة 25 يناير 2011 ، ومجيء الاخوان المسلمين الى سدة الحكم عن طريق انتخابات رئاسية جرت في البلاد عام 2012 ، حينئذ كتبت مقالة تحت عنوان ( الاسلاميون .. والاختيار الصعب ) منوها الى ان الاسلاميين الذين طالما كان يراودهم حلم الوصول الى كرسي السلطة ، وعلى مختلف تسمياتهم واحزابهم سواء كان حزب النهضة في تونس او حزب العدالة والتنمية في المغرب او الاخوان المسلمين في مصر وغيرهم في ليبيا ، سوف يمرون باختبار وتجربة صعبة ، وان بقاءهم في الساحة السياسية من عدمها مرهون بمدى نجاحهم في هذا الاختبار .
   بعد مرور سنة على صعود الاخوان المسلمين الى دفة الحكم في جمهورية مصر العربية وادارتهم لمؤسسات ومفاصل هذه الدولة ، الفقيرة الى حد ما بثرواتها الطبيعية قياسا الى عدد سكانها والغنية بامكانياتها البشرية وبحضارتها وثقافتها وفنها ، فقد اثبتوا فشلهم في ادارة الدولة وزيف شعاراتهم وادعاءاتهم المغرضة في اقناع الناس والتلاعب بعقولهم وعواطفهم وانهم وكلاء الله في الارض وان الاسلام هو الحل ولديهم العصا السحرية في معالجة كافة مشاكلهم وغيرها من الامور التي اكل الدهر عليها وشرب ، ناسين بان اليوم هو عصر التقدم والتكنولوجيا والعولمة وان معالجة المشاكل لايتم بالارشاد ووعاظ السلاطين وان مكان هذه الامور هو في المسجد وغيرها من الاماكن الدينية المقدسة التي لها حرمتها بعيدا عن سراديب السياسة ومايدور فيها .
     لقد اثبت الاسلاميون فشلهم في جميع قطاعات الدولة ، ففي القطاع الاقتصادي مثلا الذي هو يعتبر العمود الفقري لبناء وتنمية الدولة وتقدمها فقد شهد هذا القطاع تدهورا كبيرا اثناء حكم الرئيس محمد مرسي ، فالبورصة المصرية كانت تخسر يوما بعد يوم نتيجة لسياسات حكم الاخوان وفقدان الثقة بالوضع السياسي والمالي والاداري السائد وتراجع السياحة الذي يعتبر مصدر او مورد كبير للدخل القومي المصري ، وبمجرد سقوط النظام الاخواني فقد ربحت البورصة المصرية ملياري دولار وارتفاع مؤشر السوق بنسبة 6,3% وذلك في يوم واحد فقط ، وتراجع الاستثمارات الى حد كبير مع ارتفاع نسبة البطالة وتضييق الخناق على الحريات الشخصية وخاصة في المجال الفني ، هذه الامور وغيرها كثيرة قد ولَد مخاوف لدى الشعب المصري ، المتميز بفنه وابداعاته وتحرره ، من ولادة دكتاتورية اسلامية في مصر مستغلا عامل الدين للوصول الى اهدافهم ، وسرعان ما ادرك الشعب المصري العظيم خطورة هذا الوضع المأساوي على مستقبل مصر مما ادى الى قيامه بانتفاضته او ثورته الشعبية الثانية في 30 يونيو 2013 بعد حملة توقيع من مايقارب ( 20 ) مليون شخص ووأد التجربة الاخوانية واسقاطها دون رجعة .
     لاشك ان سقوط الاخوان المسلمين في مصر قد اثبت عدم اهلية او صلاحية الحركات او التيارات الاسلامية للحكم ، وقد تكون هذه بداية لسقوط الاسلام السياسي في كافة الدول العربية ، وخاصة في الدول التي شهدت الربيع العربي مثل تونس والمغرب وليبيا ، والتي بدت ظواهر الفرح والبهجة على شعوبها حال سقوط الاخوان في مصر ، وان تختلف الحالة في سوريا الى حد ما  ، فقد جاء هذا السقوط السريع لحكم الاخوان لصالح النظام في سوريا وقد يؤدي ذلك الى تغيير جميع قواعد اللعبة السياسية في سوريا والمنطقة وهذا ما قد نلاحظه في الافق القريب من بلورة وايجاد حل سياسي للازمة السورية . 
      ان تداعيات سقوط الاخوان في مصر ، قد لاتقف عند حدود الدول العربية فقط ، وانما قد يتعدى الى الدول الاقليمية ايضا ، وخاصة تركيا التي ارادت وخططت لقيادة هلال اخواني سني ابتداءا من المغرب وانتهاءا بتركيا التي طالما تحلم باعادة مجد الامبراطورية التركية الغابرة ، ولكن هذا الحلم قد تبدد بسقوط اول تجربة اخوانية في مصر ، كما ان المظاهرات التي قامت وتقوم بها التيارات العلمانية والليبرالية وغيرها في تركيا ينعكس ايضا على مدى رفض الشارع التركي لاسلمة تركيا العلمانية ولسياسات حزب العدالة والتنمية ، وكذلك الهلال الشيعي بقيادة ايران والتي يبدوا الى حدما غير مهتما اوغير متأثر كثيرا بما يجري من انهيار للمعقل الاخواني في مصر ، الا ان فوز الاصلاحي حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية في ايران وما عبَر عن ذلك من مظاهر الفرح التي عمت الشارع الايراني ونزع النساء للحجاب والرقص في الشارع العام يبعث برسالة واضحة الى المحافظين والمتشددين الى ان التغيير قادم في ايران ايضا وان كان بطيئا .
   ان ما حدث في مصر يشكل ضربة قوية لجميع الحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي ايضا ويدعوها الى ضرورة مراجعة سياساتها وايدولوجياتها ومواقفها المتزمتة والمتشددة ازاء الكثير من القضايا ، بل ويمكن نعته بسقوط الحجر الاول لدومينو الاسلام السياسي الذي طالما اتخذ من الدين وسيلة للوصول الى اهدافه ، وحان الوقت لان يحذوا جميع الشعوب العربية والاسلامية حذو الشعب المصري العظيم وانهاء هذه الازدواجية الفكرية التي لاتجلب سوى الدمار والتخلف والجهل والعنصرية .
    فالف تحية للشعب المصري العظيم الذي اثبت بان مصر الحضارة ومصر الفن والفنانين ومصر التي انجبت ام كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الاطرش واسمهان وغيرهم كثيرون ، لن تقبل بغير الحرية والابداع ولن تقبل بالعودة الى الوراء ابدا ، والف تحية للجيش المصري العظيم الذي ساند الشعب في ثورته السلمية واكد بان مصلحة وارادة الشعب فوق كل اعتبار اخر .
                                                                   
                                                                  خدر شنكالى
                                                              كوردستان – العراق   
 
 
 
 


13
خروج العراق من الفصل السابع .. وتحديات كبيرة 
           
 
   اخيرا وبعد اكثر من عشرين سنة مضت على ادخال العراق ضمن احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة نتيجة غزوه لدولة الكويت في عام 1990 ، وما فرض عليه من سلسلة من الاجراءات والعقوبات الدولية الصارمة ، عاد العراق ليحتل مكانته الطبيعية في الاسرة الدولية كدولة ذات سيادة كاملة لها كافة الحقوق وعليها ايضا كامل الالتزامات الدولية كاي شخص من اشخاص القانون الدولي العام ، يترتب على ذلك عدم جواز التدخل في شؤونه الداخلية او الاعتداء عليه او على سيادته دون الرجوع الى احكام القانون الدولي العام او المنظمة الدولية المتمثلة بهيئة الامم المتحدة ، على عكس ما كان يمكن ذلك سابقا من امكانية التدخل في شؤونه الداخلية في اي وقت دون الرجوع الى القانون الدولي  اي دون الحاجة الى اصدار قرار جديد من مجلس الامن الدولي ، وذلك لان العراق كان ضمن احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وباعتبار انه كان لايزال يشكل خطرا على الامن والسلم الدوليين . وبموجب هذا الفصل يحق لمجلس الامن الدولي اتخاذ كافة التدابير والاجراءات الضرورية بما فيها استخدام القوة العسكرية في حالة عدم امتثال الدولة المعنية لمطالب المجلس او لاعادة السلم والامن الدوليين الى نصابه ( المواد من 39-51 ) من ميثاق الامم المتحدة .
     لاشك ان هذا الحدث يعتبر ايضا خطوة نوعية مهمة في مجال العلاقات الدولية بالنسبة للعراق ، حيث تحرر العراق من الكثير من القيود السياسية والمالية والاقتصادية التي كان مكبلا به  واصبح  مستقلا في قراره السياسي والاقتصادي والتصرف بامواله ووارداته كأية دولة مستقلة ذات سيادة كاملة على ارضه وامواله واجوائه ، وهذا بالتأكيد سوف يكون دافعا ومحفزا لاقامة افضل العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بينه وبين الدول الاخرى وحسب ما يتطلب الحفاظ على مصالح الدولة العراقية وما يعزز تقدمها ونموها في كافة المجالات الاقتصادية والحياتية الاخرى ، حيث لم تعد واردات العراق من النفط وغيرها تذهب الى صندوق تنمية العراق التابع للامم المتحدة كما كان في السابق وتستقطع منها نسبة 5% كتعويضات لدولة الكويت ، بل اصبح هذا الموضوع وغيرها من المواضيع كملف الاسرى والمفقودين والارشيف الوطني الكويتي وترسيم الحدود خاضعة للحوار والنقاشات وبموجب احكام الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة الذي يدعو الى حل المنازعات والخلافات بين الدول عن طريق الحوار ، وان القرارات التي تصدر بناءا على هذا الفصل هي مجرد توصيات لاتتمتع بالصفة الالزامية كما هي في الفصل السابع ( المادة 33-38 ) من ميثاق الامم المتحدة .
   صحيح ان العقوبات الدولية التي فرضت على العراق بموجب الفصل المذكور قد تركت آثارها السلبية والسيئة على الشعب العراقي وفي جميع المجالات ، الا انها لم تكن ايضا وخاصة بعد سقوط النظام العراقي السابق في عام 2013 ، السبب في ابقاء العراق في دائرة التخلف والجهل والتشردم والانقسام والاقتتال الطائفي وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي حتى الان !! ، كما انه في نفس الوقت فان خروج العراق من تحت طائلة هذه العقوبات لايعني ايضا بانه اصبح بيده العصا السحرية لمعالجة جميع مشاكله ، بل اصبح العراق اليوم امام تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي :
    فعلى المستوى الخارجي ، على العراق بذل المزيد من الجهد لاعادة بناء جسور الثقة بينه وبين الدول الاخرى في المجتمع الدولي ، ولاسيما دولة الكويت ، واقامة علاقات مبنية على اساس التفاهم والمصالح المشتركة وبما يخدم شعوب هذه الدول وتحقيق الامن والسلام والرفاهية في المنطقة ، واثبات حسن نيتها في كونها لم تعد تكون مصدر خطر على الدول الاخرى وخاصة المجاورة حتى بعد استعادتها لعافيتها وبناء مؤسستها العسكرية ، وتوظيف هذه العلاقات في بناء الدولة وتنميتها ، كما ان العراق بعد خروجه من الفصل السابع ، اصبح ذات ارادة سياسية حرة ولم يعد بحاجة الى التبعية السياسية لهذه الدولة او ذاك ، تلك السياسة التي دفع العراق ثمنها باهضا ، فعليه ان يكون مستقلا في قراره السياسي والاقتصادي والابتعاد عن التأثيرات الخارجية والنفوذ الخارجي والانطلاق فقط من مبدأ المصلحة الوطنية في التعامل مع القضايا الدولية وبما يحقق استقراره وتقدمه وضمان عودته الى مكانته الدولية المرموقة .
     ان التحدي الاكبر الذي يقع على عاتق الحكومة العراقية بعد استعادته لسيادته الكاملة هو الحفاظ على امواله الموجودة في الخارج بعد رفع الحصانة او الحماية  الامريكية عليها ، فيقع على عاتق العراق بعد خروجه من الفصل السابع المسؤولية القانونية للحفاظ على امواله والدفاع عن حقوقه ضد الدعاوي او الشكاوي التي قد ترفع على العراق من قبل الدول او الشركات او حتى الاشخاص الذين تضرروا من جراء غزو العراق للكويت او الدائنين للنظام العراقي السابق ، واغلب هذه الاموال هي عائدة الى صندوق تنمية العراق الذي اسس بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 1483 لسنة 2003 وهي مبالغ من واردات النفط العراقي تستخدم من قبل سلطة الائتلاف الموقتة بقيادة امريكا لاعادة بناء العراق وليحل محل برنامج النفط مقابل الغذاء الذي هو الاخر تم انشاءه  بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 986 لسنة 1995 باشراف منظمة الامم المتحدة ، اذن فالعراق اصبح اليوم بحاجة الى قوة قانونية ودبلوماسية كبيرة للحفاظ على امواله وثرواته وسيادته .
    اما على الصعيد الداخلي ، فلا شك ان خروج العراق من تحت طائلة الفصل السابع سوف يكون حافزا قويا لجذب الشركات الاجنبية الى العراق والاستثمار فيه ، لان العراق اصبح له كامل الحق في التصرف بكامل ثرواته وامواله دون تدخل او وصاية اجنبية باعتبارها دولة ذات سيادة ، الا ان هذا التحدي قد يقابله تحدي اخر وهو الاستقرار الامني والسياسي اللذان يشكلان العامل الاساسي في تنمية وتقدم اي مجتمع . بالاضافة الى محاربة الفساد الاداري والمالي ونبذ الطائفية المقيتة والابتعاد عن المحسوبية والمنسوبية وجعل مبدا المواطنة والقدرة والكفاءة هو الاساس في بناء مفاصل الدولة العراقية الحديثة والعمل الجاد من اجل تحريك العجلة الاقتصادية العراقية التي توقفت طيلة سنوات عديدة نتيجة للحروب المتكررة ونتيجة لاخطاء الانظمة السياسية المتعاقبة على الحكم في العراق .
     لذا فان انهاء هذا الفصل العقابي في تاريخ العراق ، يشكل قبل كل شيء دافعا معنويا كبيرا للنهوض بالبلد في شتى الميادين المختلفة وله معاني ودلالات كبيرة اذا تم ترجمتها الى ارض الواقع وفي خدمة استقرار وتطور البلد ، فعلى الساسة العراقيين الاستفادة من التجارب والاخطاء السابقة وعدم تكرارها في المستقبل والتوجه نحو العمل الجاد في بناء ورسم مستقبل العراق .
 
                                       
                                                                      خدر شنكالى
   
 

14
قضية سيمون بين الشريعة والقانون

     لاشك ان القاصر يتمتع بحماية في ظل جميع القوانين الداخلية والدولية على حد سواء ، وذلك لانه يعتبر فاقد الاهلية والادراك لعدم نضوجه العقلي والذهني وبالتالي لايعي مسؤولية تصرفاته ، والنتيجة ان جميع تصرفاته تعتبر باطلة والمبني على باطل يعتبر باطل ايضا ، وان تحديد سن البلوغ ب ( 18 ) سنة لم يأتي اعتباطا وانما قد ثبت ذلك بطرق علمية وطبية باعتبار ان الشخص قبل بلوغه هذا السن ليس بامكانه القيام بتصرفات قانونية صحيحة ، وقد حدد القانون المدني ثلاثة انواع من التصرفات قد يلجأ القاصر الى القيام بها ابتداءا من سن السابعة من العمر وهو سن التمييز وحتى بلوغه السن القانوني ( اي من 7 – 18 )، وهذه التصرفات اما ان يكون نافعة نفعا محضا كالهبة مثلا وبذلك يعتبر القاصر بشأن هذه التصرفات كامل الاهلية وتصرفاته تكون صحيحة ، أما اذا كانت تصرفاته ضارة ضررا محضا ، فيعتبر القاصر ناقص الاهلية وبالتالي تصرفاته تكون باطلة ايضا ، أما اذا كانت تصرفاته دائرة بين النفع والضرر ، فعندئذ تكون تلك التصرفات ايضا باطلة ولكن لمصلحة القاصر .
     اذن في موضوع الفتاة الايزدية القاصرة والمخطوفة من قبل رجل مسلم ، فانها حتى وان اشهرت اسلامها فان تصرفها يعتبر باطل اساسا وذلك لان هذا التصرف يعتبر من التصرفات الضارة ضررا محضا بالنسبة لها استنادا الى جميع المباديء والقيم الانسانية نظرا لفقدانها ابويها وعائلتها وهي لازالت صغيرة السن ، وبالتأكيد ان مصلحة القاصر تقضي ببقائها في داخل اسرتها والتمتع بحمايتها وعطفها .
    الا انه نرى ان الفقه الاسلامي يعتبر اعتناق القاصر للاسلام من التصرفات النافعة نفعا محضا بالنسبة له وعلى هذا الاساس يعتبر تصرفاته صحيحة شرعا وباعتبار ان الشريعة الاسلامية هي من المصادر الرئيسية للقانون العراقي وهذا ما نص عليه قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1950 ايضا بصريح النص ( اذا لم يوجد نص تشريعي فيحكم بمباديء الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذا القانون ) .
     لقد اجري الكثير من التعديلات على قانون الاحوال الشخصية العراقي من قبل برلمان اقليم كوردستان منها ، مساواة المرأة بالرجل في موضوع الشهادة ( المادة 3 من قانون تعديل قانون الاحوال الشخصية في الاقليم ) وبهذا التعديل انتهى العمل بالشريعة الاسلامية التي لاتساوي بين المرأة والرجل في موضوع الشهادة ، واستبدال الفقرة ( 1) من المادة السابعة بالنص التالي ( يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشرة من العمر ) . كما تم زيادة عمر الطالب للزواج الى اكمال السادسة عشرة من العمر بعد ان كان من بلغ الخامسة عشرة بعد موافقة الولي الشرعي واثبات الاهلية والقابلية البدنية ، وغيرها من التعديلات المهمة .
    وبما ان الشريعة الاسلامية تعتبر من المصادر الرئيسية للقانون وكما كرناه سابقا ، لذا فان المحاكم تلجأ عادة الى تطبيق الشريعة الاسلامية بحجة عدم وجود نص يمكن تطبيقه ، وبناءا على ذلك فان الفقه الاسلامي يجيز زواج القاصرات البالغات من العمر 9 سنوات فقط بعد ان تشهر اسلامها وانتقال الولاية من الوالد الحقيقي الى رجل اخر او القاضي الشرعي وسندهم في ذلك  الاية القرآنية (وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) مع ملاحظة ( اللائي لم يحضن ) ، وكذلك الاية القرآنية ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ) . وبناءا على ذلك ايضا تزوج الرسول من عائشة وعمرها 9 سنوات فقط لان في زواجها تحقيق مصلحة لها وهي زواجها من رسول الله !؟
    ولم يغفل قانون العقوبات العراقي بالنص على هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها فقد
نص في المادة 421 منه والمعدل بعد اعادة العمل بتطبيق عقوبة الاعدام في العراق عام 2004 (يعاقب بالاعدام من قبض على شخص او حجزه او حرمه من حريته باية وسيلة كانت بدون امر من سلطة مختصة في غير الاحوال التي تصرح فيها القوانين والانظمة بذلك ) .
ونص في المادة 422 منه ايضا (من خطف بنفسه أو بواسطة غيره بغير اكراه أو حيلة حدثا لم يتم الثامنة عشرة من العمر يعاقب بالسجن مدة (15) خمس عشرة سنة اذا كان المخطوف انثى أو بالسجن مدة (10) عشر سنين اذا كان ذكرا.
 واذا وقع الخطف بطريق الاكراه أو الحيلة أو توافرت فيه أحد ظروف التشديد المنصوص عليها في المادة (421) تكون العقوبة السجن المؤبد.
 واذا صحب الخطف وقاع المجنى عليها أو الشروع فيه تكون العقوبة الاعدام ) .
    ان النصوص اعلاه واضحة وصريحة ولاتحتاج الى تأويل كما انه نص مطلق والمطلق يجري على اطلاقه في القانون ، واعتبرت الخطف جناية قد تصل عقوبتها الى الاعدام اذا توافرت فيها ظروف مشددة ، بالاضافة الى ان الجريمة قد ارتكبت مع سبق الاصرار والترصد باعتبار ان المجرم الخاطف لم يرتكب جريمته بمجرد الصدفة وانما قد سبق وان دبّر وخطّط لها مسبقا وبذلك يعتبر ظرفا مشددا يستدعي تشديد العقوبة على الجاني .
      وفي مشروع دستور اقليم كوردستان الذي يعتبر القانون الاعلى والاسمى في الاقليم ( على الرغم من عدم اقراره وتنفيذه لحد الآن !؟ )، نرى بانه سبق وان راعى الاحكام والخصوصيات الدينية لغير المسلمين في الاقليم وذلك  بالنص عليه في المادة ( 124 ) منه على مايلي ( لايجوز فرض الاحكام الشخصية لديانة على اخرى ) ، واستنادا الى هذه المادة لايجوز لمحاكم الاقليم تطبيق الشريعة الاسلامية على غير المسلمين كالايزديين والمسيحيين وغيرهم وبالتالي لاتستطيع هذه الفتاة من اشهار اسلامها امام محاكم الاقليم ومن ثم الزواج من رجل مسلم ، ولذلك قد يلجأ الخاطف الى محاكم اخرى في العراق خارج الاقليم لاشهار اسلامها والزواج منها كما حصل سابقا في احدى المحاكم في جنوب العراق في قضية مماثلة . وكما يحصل اليوم ايضا في لجوء الكثير من مواطني الاقليم الى اجراء عقود زواجهم في المحاكم الاتحادية خارج الاقليم وخاصة في موضوع عقد الزواج من زوجة ثانية كحيلة قانونية ولان محاكم الاقليم لاتزال تأخذ وفي الكثير من الاحوال بالحجج الشرعية والقانونية الصادرة من المحاكم الاتحادية وخاصة في المناطق المتنازعة عليها ، مما يستوجب على السلطات الثلاثة في الاقليم النظر في هذه المسألة التي تخلق وستخلق الكثير من المشاكل مستقبلا .
    اضافة الى القانون الداخلي ، فان هناك الكثير من المواثيق والعهود الدولية التي تنص على حماية القاصر وضرورة تمتعه بكافة حقوقه وشعوره بالامان والانتماء الى اسرة وعدم الاعتداء عليه او اكراهه على فعل ما وباية وسيلة كانت ومن هذه المواثيق الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي تنص في المادة ( 12 ) على (لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات) . وكذلك نص المادة 16 منه  ( 1- للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله .
( 2 ) لا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضى كاملاً لا إكراه فيه) .
      وكذلك تنص المادة ( 18 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على ( لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره) . وكذلك المادة ( 23 ) منه على (  1. الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
2. يكون للرجل والمرأة، ابتداء من بلوغ سن الزواج، حق معترف به في التزوج وتأسيس أسرة.
3. لا ينعقد أي زواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.
     وتنص المادة ( 10 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ( وجوب منح الأسرة، التي تشكل الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، أكبر قدر ممكن من الحماية والمساعدة، وخصوصا لتكوين هذه الأسرة وطوال نهوضها بمسؤولية تعهد وتربية الأولاد الذين تعيلهم. ويجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه.
   نرى ان جميع هذه المواثيق والاتفاقيات تؤكد على ضرورة توفر الحماية اللازمة للانسان الذي هو محور جميع هذه المواثيق الدولية وان هذه الحماية هي الهدف او الغاية التي تسعى البشرية اليوم الى تحقيقها من خلال هذه الاتفاقيات والقوانين ، وان جميعها تتفق على عدم جواز اكراه اي شخص على فعل ما او حرمانه من حريته او اكراهه على الزواج او اعتناق دين اخر وضرورة ان يكون الزواج برضى الطرفين وبدون اي اكراه وبعد بلوغهما السن القانوني وهو الثامنة عشرة من العمر ، لذا فتعتبر جريمة خطف البنت القاصرة ( سيمون ) والزواج بها مخالفة لكل هذه المواثيق والاتفاقيات الدولية ناهيك عن مخالفتها لجميع القوانين الداخلية ، لاسيما ان دستور اقليم كوردستان قد اعتبر بان اتفاقيات حقوق الانسان هي مكملة لهذا الدستور ، كما وان العراق يعتبر من الدول التي صادقت على هذه المواثيق الدولية وان الاقليم لايزال جزء من العراق الفيدرالي ومتمسك بالدستور الاتحادي .
 
                                                          الحقوقي
                                                       خدر شنكالى 
                   


15
خطف سيمان ، جريمة مجتمع بأكمله لاجريمة مكون بذاته   

 
      بداية يمكننا تعريف القانون بانه مجموعة من القواعد التي تنظم حياة وسلوك الافراد داخل مجتمع معين ، لانه وبطبيعة الحال ان الحياة الاجتماعية تتطلب تنظيمها وجود قواعد قانونية تخضع اليها الافراد من اجل تنظيم سلوك الانسان وعلاقته بغيره من بني البشر وعلى اساس الاحترام المتبادل وبيان حقوقه وواجباته وعدم التجاوز على هذه الحقوق من قبل طرف على الطرف الاخر ، لان الاصل في القواعد القانونية هو الاخلاق وان كان هناك اختلاف بينهم في مدى او نطاق تطبيقه ،  الا ان الاخلاق يعتبر المصدر الرئيسي للقاعدة القانونية ، وبذلك يمكن اعتبار القواعد القانونية هي قواعد اخلاقية او اجتماعية نابعة من صميم المجتمع  وتعبر عن تطلعاته وتحترم قيمه وعاداته وتقاليده ومعتقداته وبالتالي الهدف من ذلك كله هو تنظيم حياة الفرد على اسس سليمة وخلق مجتمع راقي يسوده المحبة والتعايش والمصالح المشتركة ، وان اي خلاف او تجاوز على هذه القواعد من الواجب ان يتعرض المخالف الى العقوبة المحددة له بموجب القانون الذي يخالفه . فالقانون يتداخل الى حد كبير مع موضوع الاخلاق والقيم الاجتماعية ويرتبط فيما بينهم علاقة مباشرة ، يضاف الى ذلك المباديء الدينية السمحاء التي من المفترض ان تكون في مرتبة عالية من السمو وتحقق الطمأنينة والامان في نفوس الناس  تعتبر المصدر الرئيسي للكثير من القوانين وخاصة قانون الاحوال الشخصية وقانون العقوبات وهذا ما موجود في الكثير من الدول العربية والاسلامية ومن ضمنها اقليم كوردستان العراق ، الا ان الاخير  وفي السنوات الاخيرة الماضية  قد استطاع من تجاوز الكثير من القوانين التي لاتنسجم او لاتتماشى مع تطورات العصر الحديث منها رفع سن الزواج من 15 الى 16 بناءا على طلب احد الزوجين وبشرط الاهلية والقابلية البدنية وبعد موافقة الولي الشرعي ، ومساواة الرجل مع المرأة في مسألة الشهادة ، والتشدد في موضوع اذن الزواج من زوجة ثانية بعد محاولات جادة لمنعها بشكل نهائي في الاقليم ، ورفع عقوبة الزواج بالاكراه الى حد قد تصل الى 10 سنوات ، وايضا عدم اعفاء القاتل المجرم من جريمة قتل المرأة بحجة الدافع الشريف في قانون العقوبات وغيرها من التعديلات التي يثنى عليها برلمان الاقليم لانها تعتبر قرارات صائبة وخطوات جريئة في ظل التعصب والتطرف الاسلامي الذي لايزال يعشعش في جسد كوردستان !! نتمنى ان تلاحقها خطوات اخرى في سبيل تحقيق المجتمع المدني الذي يشعر فيه الجميع بالامان والمساواة والعدالة الاجتماعية .
     بناءا على ماذكر  فان الجريمة التي ارتكبها شخص كوردي مسلم معروف السكن والهوية بحق  البنت الايزدية القاصرة ( سيمان ) والتي تم خطفها من قبله تعتبر جريمة مخلة بالاخلاق ومخالفة لكل القيم والمباديء الدينية  والعادات والتقاليد الاجتماعية الكوردية قبل ان تكون جريمة مخالفة للقانون ، لذا يجب على المجتمع الكوردي ، المسلمين قبل الايزديين ،ان يقوموا بواجبهم الاخلاقي والاجتماعي وما يفرض عليهم من قيم ومباديء انسانية ومعالجة هذه المشكلة وعدم فسح المجال امام هؤلاء العابثين والمخربين  للعلاقة التاريخية الاخوية بين المسلمين والايزديين والتأثير على النسيج الكوردي المختلف والمتعدد باطيافه واديانه وقومياته كما انها ،
 - تعتبر جريمة بحق التسامح والتعايش الاخوي في كوردستان ،
  - جريمة قامت بها ارادة التخلف والجهل والتطرف والعنصرية ضد ارادة التمدن والتحضر والسلام والمساواة ،
 - انها جريمة مجتمع بأكمله قبل ان تكون جريمة مكون بعينه ،
 - جريمة ضد جميع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في كوردستان ،  - جريمة تحدى فيها الفاعلون جميع مؤسسات الدولة التنفيذية والقضائية ، -- جريمة بحق النضال الكوردي الذي شارك فيه الجميع وبكل مكوناته وفي خندق واحد ضد الانظمة الدكتاتورية المسلمة واكرر هنا المسلمة التي كانت تضرب الكورد بالحديد والنار والكيمياوي ولاتزال تريد النيل منه اذا سنحت لها الفرصة ،
- انها جريمة بحق الكلمة التي قالها ويقولها دوما السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان ( ان الاعتداء على الايزديين هو اعتداء على الامن القومي الكوردي )  .
       وان الذين ارتكبوا هذه الجريمة هم  انفسهم الذين قاموا بضرب التسامح والتعايش السلمي الاخوي في قضاء الشيخان قبل سنوات ، وهم انفسهم المتطرفين الذين قاموا بالاعتداء على محلات المشروبات العائدة الى المسيحيين والايزديين في دهوك وزاخو ، واليوم هم انفسهم الذين يتعاملون مع اجندات اجنبية ومحلية وتحت غطاء الدين لضرب تجربة الاقليم مرة اخرى ، فعلى القيادة الكوردستانية ان تعي لهذا المخطط الخطير وان تحاسب هؤلاء ومن لف لفهم واتخاذ اقسى التدابير والاجراءات القانونية بحقهم  وان تجربة الاقليم لاتزال امام اختبار صعب وتحتاج الى دعم وجهود دولية كبيرة وكما هو معروف ان مستوى تقدم اي شعب اصبح يقاس بمدى اهتمامه واحترامه لمباديء حقوق الانسان وحماية الاقليات والحرية والعدالة. كما على مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في كوردستان ان تقوم بدورها الفاعل في الضغط على المؤسسة التشريعية في كوردستان من اجل اصدار قوانين صارمة تحد وتمنع تكرار مثل هذه الجرائم مستقبلا ، لانه اذا مرت هذه الجريمة بسلام سوف تشجع جماعات اخرى لارتكاب جرائم اكثر بشاعة وخطورة وبالتالي تؤدي الى نتائج خطيرة ايضا لايحمد عقباها . فلا يزال هناك الكثير من الاسلاميين المتطرفين والمتشددين في كوردستان ممن يؤمنون بتلك العقلية الرجعية ويفسرون نصوص القرآن والشريعة الاسلامية حسب هواهم ومصالحهم الشخصية وخاصة في مسألة زواج البنت القاصرة اذا بلغت التاسعة من العمر استنادا الى بعض نصوص القرآن الكريم وبحجة ان عائشة وهي احدى زوجات الرسول كانت عمرها تسعة سنوات عند زواجها منه .
     وعلى الجانب الآخر  ايضا ، اي على الايزديين انفسهم ان يتصرفوا بصورة حضارية وعقلانية مع الاخذ بنظر الاعتبار ان لايتم معالجة الخطأ بالخطأ وخاصة اذا تم استرجاع البنت القاصرة لانها بالتالي فاقدة الاهلية ولاتعي ما تفعل ولاتدرك مسؤولية تصرفاتها ، وفي الختام اقول طالما هناك مجتمع هناك جريمة وان المجتمع الافضل هو المجتمع الذي يستطيع الحفاظ على تماسكه ونسيجه الاجتماعي في كل زمان ومكان .
 
                                                                              خدر شنكالى
 

16
كرامة الانسان مابين الغرب الاوربي والشرق العربي
 
   كثيرا ما نسمع من خلال الاعلام او نقرأ في كتب التاريخ والاجتماع ، بان الدول العربية والاسلامية هي مهد الحضارات ومهبط الانبياء والرسل ومنارة العلم والمعرفة ، وهم اول من ابتكروا الابجدية ، وان حضارتهم قد ازدهرت من الصين وانتقلت الى جميع بقاع الارض وانها حضارة العدل والمساواة وان التاريخ قد بدأ من بلدانهم ، وانهم انقذوا الانسانية من الظلمات الى النور وانهم هم الذين يعلّمون الغير الانسانية ويصدرون الزائد منها الى الدول الغربية ليستفيدوا من تجربتهم الحية في هذا المجال والصالحة لكل زمان ومكان ؟؟ ، وبالمقابل يتهمون الدول الغربية بالالحاد والكفر والفساد الاخلاقي والانساني وعدم مراعاة حقوق الانسان وان حضارتهم وانسانيتهم هي من حضارة الدول العربية والاسلامية وان الاخيرة هي من علّمتهم القراءة والكتابة والانسانية وغيرها من الاقاويل والادعاءات التي اكل الدهر عليها وشرب والتي اثبت التاريخ عدم صلاحيتها وفشلها فشلا ذريعا ، فاين تطبيق هذه الدول والمجتمعات للآية القرآنية ( كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )  صورة ال عمران (110) !؟؟؟ وكذلك الآية (ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقناه تفضيلا ) الآية 70 من سورة الاسراء ، ثم الا يعتبر النص القرآني او القرآن الكريم هو القانون الاسمى والاعلى في هذه الدول والمجتمعات !؟؟ .
     ان الذي دفعني الى كتابة هذا الموضوع هو ما شاهدته قبل ايام في تقرير على قناة الشرقية الفضائية بخصوص التعذيب الذي تعرض له المعاقين في احدى دور الرعاية في حي اليرموك في بغداد عاصمة العراق الديمقراطي الجديد ؟؟ من خلال ربطهم بالاسلاك وهم عراة وضربهم وتعذيبهم بشتى الوسائل اللاانسانية بخلاف الارادة الربانية التي جعلتهم على هذا الحال وليختبر بهم الانسان العاقل من خلال تعاملهم مع هؤلاء ، ولاذنب لهم سوى ان الله عز وجل قد اوجدهم على ارض هذه الحضارة التي فاقت كل التصورات في سوء تعامل الانسان مع اخيه الانسان ؟؟ وهذه ليست الاولى ولن تكون الاخيرة من مسلسل الفضائح اللاانسانية التي يتعرض لها الانساني العربي والاسلامي عامة والعراقي على وجه الخصوص ، ناهيك عن المعاملة اللاانسانية التي يتعرض لها السجناء في سجون هذه الدول وجيوش المتسولين في الشوارع وغيرهم من المعوقين كفاقدي البصر او احد اعضاء الجسم والحرقى والمرضى الذين اكتسحوا شوارع عواصم هذه الدول الغنية بالنفط والثروات الطبيعية مثل العراق . وبدلا من اللجوء الى مساعدة هؤلاء وتقديم افضل الخدمات لهم ومساعدتهم وتهيئتهم نفسيا وذهنيا وتعليمهم بعض الاشياء او الرسومات او الحرف وغيرها ومحاولة تمكنهم من العيش كأي انسان طبيعي اخر واحساسهم بذلك ، تلجأ الحكومات الرشيدة لهذه الدول الى اهمالهم وتركهم بين ايادي اناس لارحمة لهم ودون مراقبة او متابعة او اشراف ؟؟ فهل سمعنا يوما بان مسؤولا او وزيرا في احدى الدول العربية والاسلامية قد قدم استقالته نتيجة لمثل هذه الجرائم اللاانسانية او غيرها من الانتهاكات القانونية ؟؟ كما يحصل في الدول الاوروبية والمتقدمة مثل استقالة وزير الدفاع الالماني بسبب اقتباسه لبعض المعلومات في اطروحة التخرج دون الاشارة للمصدر او استقالة وزير دولة هولندية بسبب علاقة غرامية تربطه بسكرتيرته او استقالة وزير الطاقة والبيئة البريطاني بسبب استخدامه لاسم زوجته في مخالفة مرورية (سرعة القيادة ) خوفا من تعرضه لعقوبة حظر السياقة او استقالة وزير التجارة الامريكي نتيجة تسببه بحادث مروري وغيرها من عشرات الاستقالات التي قدمت من قبل المسؤولين في هذه الدول نتيجة لابسط المخالفات القانونية او مجرد شعورهم بالتقصير تجاه واجبهم وشعوبهم ، اذن ايهما يستحق العقوبة اكثر؟ تعذيب الابرياء عمدا ومع سبق الاصرار والترصد كما حدث ويحدث يوميا بالعراق على سبيل المثال لا الحصر ؟ ام العلاقة الغرامية او المخالفة المرورية مثلا !؟؟ ولو حدثت مثل هذه الجرائم في الدول الديمقراطية كالدول الاوروبية الم تقم القيامة ولم تقعد الا بعد معاقبة المسؤولين عن ذلك ناهيك عن الاستقالة وغيرها من الاجراءات القانونية ؟ واشير هنا الى حالة بسيطة ( حسب وجهة نظرنا طبعا ! ) وان كانت مختلفة ولكنها تستحق كل التقدير والاحترام ، حدثت في دولة المانيا الاتحادية وهي قيام رئيس هذه الدولة كريستيان فولف بالمكوث اي السكن في منزل صديقه لمدة اسبوع اثناء اجازته بدون مقابل اي دون ان يدفع من جيبه او ماله الخاص شيئا ، وقد عرفت الصحافة ذلك وتم نشر الخبر في الصحف المحلية و سبب ذلك فضيحة بالنسبة للرئيس مما اضطر الى تقديم استقالته على اثر ذلك . اليست هذه قمة الانسانية والحرية والعدالة ؟؟؟
    ولو نأتي ونقارن ما يحصل في هذه الدول المتخلفة من ظلم واضطهاد وتعذيب وعدم مراعاة حقوق الانسان مع ما هو موجود في الدول الاوروبية والمتقدمة ومدى التعامل الانساني فيها وخاصة مع الانسان الذي يعاني من عاهة عقلية او جسدية اي الذين هم بحاجة الى رعاية خاصة ، فعلى سبيل المثال ، ففي دولة المانيا الاتحادية حيث يتمتع المعاقين فيها وبغظ النظر عن جنسيتهم واصلهم وفصلهم ودينهم ومذهبهم برعاية انسانية خاصة حيث هناك اماكن خاصة بهم وتتوفر فيها جميع المتطلبات الانسانية والاحتياجات الخاصة وتعيين مربيات خاصة لهم وتعليمهم واخذهم الى سفرات خارج اماكنهم للترفيه عن انفسهم والتمتع باعلى درجات التعامل الانساني الذي يحفظ كرامته وادميته ، اما بالنسبة للشخص المعاق والذي يعيش مع عائلته ، فان الدولة قد خصصت له راتب خاص يكفي لمعيشته ومعيشة عائلته ايضا مع منحه بطاقة السفر مجانا ومعه احد الاشخاص الذين يرافقونه وبالوسائل المتاحة كالقطار او الباص مثلا ، اضافة الى توفير كافة الخدمات الطبية له مجانا مع زيارته من قبل المسؤولين في دور الرعاية الاجتماعية بين كل فترة واخرى للوقوف على احتياجاته ومتطلباته والاطلاع على وضعه الصحي والاجتماعي بين افراد عائلته ومدى اهتمام العائلة به ، وخلال كتابتي لهذا الموضوع واثناء تجوالي بالباص  في احدى المدن الالمانية التي اقيم فيها شاهدت كيف يقوم او بالاحرى تقوم سائقة الباص بالنزول من الباص ومساعدة المعوق الذي كان راكبا على كرسيه المتحرك بالصعود الى الباص عن طريق الجسر المتحرك المخصص لمثل هؤلاء الاشخاص وكيف ساعدته بالنزول ايضا علما ان الابتسامة لن تفارق وجهها مع ذلك الشخص الى ان غادر وعلما انها اي سائقة الباص امرأة مسنة تبلغ من العمر اكثر من ( 50 ) عاما حسب تقديري ، وهذا غيض من فيض من الاهتمام والتعامل الانساني  في المجتمعات الغربية .
     اذن هذه هي قيمة الانسان في الدول الغربية وهذه هي انسانيتهم وتعاملهم وديمقراطيتهم وتقدمهم وحضارتهم ، وبالمقابل هذه هي قيمة الانسان في الدول العربية والاسلامية وهذه هي ادعاءاتهم بالتقدم والتمدن والديمقراطية ، فاين كرامة الانسان واين يحتفظ الانسان بكرامته وآدميته ؟؟؟
 
                                                    خدر شنكالى
 

17
أدب / كيف السبيل الى لقياك
« في: 19:50 07/06/2012  »
كيف السبيل الى لقياك
 
 
ماذا اكتب عنــك ياحبيبتي      ****      وقلبي للكلمات عنـك يرغبُ             
أاكتب عنـك شــعرا ام نثرا     ****       ونار حبـــك في قلبي يلهبُ               
حبك اوغل في نفسي عشقا    ****    كالسهام في عروقي والشهبُ
عينــاك حــور ووجهك بدر     ****    وثغرك ياقوت ونهدك مزغبُ           
قدك كنخيل العراق باسقة       ****     ونورك نـــورالشمس يحجبُ
يابدر ليلي واميرة عشقها      ****     عيناك مرفأي وذكراك مطلبُ
يازهرة تخبيء بين ظفائرها   ****    مأوى العصــــافير والشـــعبُ
ياصــــورة رسمها عاشق      ****   شعرها شلال وصدغها عقربُ
انت صــدايا ان غدا الفجر      ****    ومنايــــــــــا ان غـدا المقربُ
انت شمالي  انت جنوبي        ****     انت  شــــرقي والمـــــــغربُ
كيف الـــسبيل الى لقياك        ****    والحياة من دونــــــك يصـعبُ
لنجعل من خيوط الشمس       ****      قبلة في جبين الحـــب يكتبُ
فالحب وصــــل بين قلبين      ****     كأنما روح في جسدين معلبُ
والحب ليس خطيئة وانما      ****  الخطيئة من يقتل الحب ويسلبُ
ونعمة من الله جل وعلا        ****    واسمى من كـل عرف ومذهبُ
والزمان الخلب يدور فينا      ****    مرة يعلـــــــو واخــرى يقلــبُ 
بيني وبين المنايا خطـوة      ****    وبينـي وبينـــك بحــور ومندبُ
قيود وسلاسل جمــــــــة      ****     كأني في ساحات الوغى مكلّبُ
يكفينا زيــفا وتشدقــــــا     ****    في النهارنصحٌ وفي الخفاء لَعبُ
وما البلادة الا  لوعـــــة     ****   غير الخــــــراب لاهلـها لاتجلــبُ
انا انســــــــان يراني الله     ****   رب الســــما في العلا يحســـــبُ
 
 
                                                                خدر شنكالى
                                      Khidirshingaly@yahoo.com
 
 
 

18
أدب / قصائد حب قصيرة
« في: 16:20 15/05/2012  »


قصائد حب قصيرة  

خدر شنكالى


( 1 )
 
حلم
 
طيفك يتسلل عبر نافذتي
خفية
وفي تسابيح الظلام
يبدر وجهك امامي
 وفي عينيك
 امارس طقوس الحب والحنينْ
عشقت الليل والسهر
وهجرت ايامي
لعله يسترجع لي
بعضا من ماضي السنينْ
 
( 2 )
 
حب  
              
 لا تذهبي بعيدا
فقلبي لايتحمّل
المزيد من الغياب والسفرْ
 تعالي
 واسمعي الى همساتي
الى اول لغة ينطق بها قلبي
 لايفهمها الا انت
 فقد حان الوقت
 لنجمع اوراقنا
 واشواقنا
  لانك انت التي احبها قلبي
من دون البشرْ
 
( 3 )
 
 رغبة
 
بين صيفي الدافيء
وربيع نهدك
قصيدة شعرية
بين شطريها
نهر من الخمر
فاسمحي لي
يا سيدتي
ان اشرب منه
  حتى الثمالة
 
 ( 4 )
 
 
خذي قلبي
 
خذي قلبي
الى حيث تشاءين
الى حيث ترغبين ان تكونْ
فانت اميرته
 وانت سلطانته
فكن ياقلبي
ذلك المطيع .. الحنونْ
 
( 5 )
 
غيرة
 
دعني ان استملك قلبك
وكل شيء فيك
حبيبتي
فانا لست انانيا
وانما اغار عليك
عندما تتساقط على جسمك
زخات المطرْ
واغار عليك
من نسمات الهوا
عندما تداعب شعرك
ومن اشعة الشمس
لان فيها بعض صفات الذكرْ
حبيبتي
فوجهك والبدر مترادفان
فلا اخشى عليك
من ضوء القمرْ
 
( 6 )
 
قسوة
 
انتِ
ياقاسية العينينْ
كفاك
ان ترمي بسهامكِ
نحوي
ارحميني
فان قلبي
 لايتحمّل القتلَ
مرّتينْ
 
( 7 )
اعذريني
 
اعذريني
 وكفى احاول مرة اخرى
هذا امر محال
فاني لا استطيع ان احبك
ففي حبك
تموت كل الكلمات
حينما تقال
 
 
                                                

 
 
                                                      


19
أدب / نوروز
« في: 11:44 21/03/2012  »
نوروز
 
 
نوروز يطل علينا كل عام     ****    وبالفرحة والبهجة واعـــــــــدُ
بك تغدو الالوان زاهية         ****    والعيون في لقياك راصـــــــدُ
افنيتَ الظلم ولم يعد باق       ****     والف كاوة من بعدك صــــامدُ
الشمس لولاك لم تشرقُ        ****    والتاريخ على ذلك شـــــــــاهدُ
رفعتَ راية الحرية عالية      ****    تعانق السماء وللمجد قاصــــدُ
تهفوا القلوب اليك مسرعا     ****     ولاعلى قمم الجبال صـاعــــدُ
نحن شعب تعلمنا الحرية      ****     في مدرسة البارزاني الخالـــدُ
نحن شعب لايأبه الموت       ****     من شر عدو حاقد وفاســـــــدُ   
ها هوكوردستان يزهوبك     ****     ياعيد صابرا شاكرا وحامــــدُ
يسيرالخير في كل ارجائه     ****     وعامر في كل حقل ورافـــــدُ
كليات ومعاهد ومدارس       ****     كنائس وجوامع ومعابــــــــــدُ
يامنبع العلم والفكر والقلم      ****     والعدل في كل شي سائــــــــدُ
هولير وقامشلو ومهاباد وئامدُ ****    وطني كوردستان ارضا واحدُ
 
 
 
                                                             خدر شنكالى
                                                         21 نوروز 2012
 

20
سوريا بين اللعبة الدولية ومنطق العقل
 
    من المعلوم ان هيئة الامم المتحدة قد تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية وعلى اثر الدمار والخراب التي خلفتها ولانقاذ الانسانية من ويلات الحروب وعدم تكرارها في المستقبل ولاجل العيش في حياة حرة كريمة ومستقرة ، ومن اهم اهدافها هي الحفاظ على السلم والامن الدوليين كما نصت عليها المادة الاولى من الميثاق ، وتمتلك هيئة الامم المتحدة عدة وسائل لتحقيق اهدافها من اهمها مجلس الامن الدولي الذي يعتبر الجهاز التنفيذي او الاداة التنفيذية لها من اجل القيام بمهامها وبما تخدم الامن والسلم والدوليين .
     ويتصرف مجلس الامن الدولي بموجب والوقائع والدلائل التي يحصل عليها عن طريق اللجان المختصة او الوكالات الدولية المرتبطة بهيئة الامم المتحدة مثل لجنة حقوق الانسان بخصوص فيما اذا كانت هناك انتهاكات لحقوق الانسان من شأنها ان تعرض الامن والسلم الدوليين للخطر او أية حالة  من شأنها ان تؤدي الى المساس بالامن والسلم الدوليين ، وبناءا على هذه الوقائع وبعد دراستها من قبل المجلس فان الاخير يقرر فيما اذا كانت تلك الحالة او تلك الانتهاكات من شانها ان تعرض السلم والامن الدوليين للخطر ( المادة 34 من الميثاق ) وعند ذلك يحق لمجلس الامن الدولي التدخل لوقف تلك الانتهاكات وبجميع الوسائل القانونية التي نص عليها ميثاق الامم المتحدة حتى ولو تطلب الامر التدخل في الشؤون الداخلية للدول  ، أي بمعنى لايحق لمجلس الامن الدولي التدخل الا في حالة وجود انتهاكات لحقوق الانسان او حالة معينة من شأنها ان تعرض الامن والسلم الدوليين للخطر  ، وبخلاف ذلك فان أي تدخل من قبل مجلس الامن يعتبر تعديا على سيادة الدولة المتدخلة في شؤونها ، ولمجلس الامن الدولي تقدير الحالة الموجودة والتصرف على اساسها واتخاذ الاجراءات المناسبة كالعقوبات الاقتصادية او التجارية او التدخل العسكري او غيرها من الاجراءات التي يراها ضرورية ومناسبة مع الحالة الموجودة ( طبقا للفصل السابع من الميثاق ) ، وتصدر القرارات من مجلس الامن في المسائل الاجرائية بموافقة تسعة من اعضائه اما في المسائل الاخرى كافة فيجب الحصول على موافقة تسعة من الاعضاء بشرط ان تكون من بينها اصوات الدول الدائمة العضوية في المجلس وهم ( الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والصين والمملكة المتحدة وفرنسا ) والتي لها حق النقض أي الفيتو ( المادة 27 من الميثاق ) . وعلى الاغلب يتم التدخل في حالتين اما وجود حالة حرب بين دولتين ذات سيادة او حالة وجود انتهاكات لحقوق الانسان في دولة معينة .
     ولكن السؤال هنا هو مدى جسامة هذه الانتهاكات لكي نكون امام حالة من شأنها ان تعرض الامن والسلم الدوليين للخطر ؟
       لقد تطور الاهتمام الدولي بحقوق الانسان  بتطور العلاقات الدولية والمصالح المشتركة بين الدول وتعاونها فيما بينها من خلال عقد اتفاقيات او معاهدات ثنائية او جماعية لرعاية هذه المصالح المتبادلة مما قد تتأثر هذه المصالح الدولية عند حصول انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان او قد تؤدي الى التأثير او المساس بالسلم والامن العالمي ، كما ان صدور العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تخص مسائل حقوق الانسان مثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقيات عدم التمييز العنصري وغيرها  وانشاء المحاكم الجنائية الدولية او المحاكم الوطنية المختصة التي تعاقب على الجرائم التي ترتكب ضد الانسانية او جرائم الابادة الجماعية  ، كلها تدل على مدى الاهتمام الدولي بحقوق الانسان بحيث قد تعدى هذه الحقوق مسألة الاختصاص الداخلي للدولة واصبحت قواعد قانونية آمرة وملزمة في القانون الدولي العام .
        اذن وعلى ضوء ما ذكر اعلاه فان ما يحدث في سوري اليوم يعتبر انتهاكا جسيما وفاضحا لحقوق الانسان بل ويرتقي الى مرتبة الجرائم ضد الانسانية او جرائم الابادة الجماعية وحسب قواعد القانون الدولي العام مما يتطلب بل ويتحتم على المجتمع الدولي التدخل لوقف تلك الانتهاكات ، وهذا ما بادرت به جامعة الدول العربية وارسال المراقبين الدوليين الى سوريا للاطلاع على الاوضاع هناك ومدى جسامة الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الانسان في سوريا وكذلك مطالبتها للنظام السوري بوقف كل اعمال العنف والقتل ضد ابناء شعبه ، الا انه وامام تعنت النظام السوري وانتهاكاته المستمرة لحقوق الانسان وقتله لابناء شعيه وقيام اغلب الدول العربية بسحب مراقبيها على اثر ذلك فقد اضطرت جامعة الدول العربية الى رفع او تحويل القضية الى مجلس الامن الدولي لاتخاذ الاجراء او القرار المناسب من اجل وقف نزيف الدم في سوريا على مدى ما يقارب من سنة كاملة  ، الا ان الارادة الروسية والصينية كانت بالمرصاد في وجه اول محاولة دولية لوقف هذه الانتهاكات على حساب مصالحها الشخصية ، ومن يتابع الوضع السياسي الدولي او الحراك السياسي بين الدول وخاصة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاوروبيون من جهة ورورسيا والصين ومن معهم من جهة اخرى ، كان واضحا بان أي قرار تتبناه جامعة الدول العربية وبتحريك ودور فاعل من قبل الولايات المتحدة سوف تجابه بحق النقض ( الفيتو ) من قبل الدول المعارضة لاي تدخل دولي في سوريا ومنذ بدأ الثورة السورية وهي روسيا والصين وذلك لعدة عوامل من اهمها ، لقد جاءت معارضتهم للقرار بذريعة ان ذلك يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لسوريا اضافة الى ان الحالة لاتشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين وضرورة ايجاد حل لها داخليا وعن طريق الحوار بعيدا عن التدخل الدولي واضعة على طاولتها التجربة الليبية وتدخل الناتو لسقوط نظام القذافي ، الا انه في الواقع ان هذه الدول وخاصة روسيا تريد ان تبين للعالم بانه لم يعد بالامكان قبول فكرة القطبية الواحدة وتفرد الولايات المتحدة الامريكية بقيادة العالم ضمن مايسمى بالنظام العالم الجديد الذي بدأ بانهيار المعسكر الاشتراكي في اوروبا الشرقية بتفكك الاتحاد السوفياتي السابق وانهاء حلف وارسو  في مطلع التسعينات من القرن الماضي وانها لاتزال تحافظ على هيبتها وقوتها الاقتصادية والسياسية وقدرتها على التأثير على التوازنات والمعادلات السياسية  في العالم ، كما انها تريد ان تبين وتؤكد بانها ليست من السهولة التخلي عن اصدقائها ومصالحها في المنطقة ( كما فعلت الولايات المتحدة الامريكية عند تخليها عن نظام حسني مبارك في مصر ) وانها سبق وان اكدت برفضها لأي تدخل خارجي من جانب واحد في سوريا بل وانها مستعدة للدفاع عن مصالحها في هذه المنطقة .
     وفي المقابل فان الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الاوروبيون واصدقائهم من العرب يعملون وبكل قوتهم وبأقل الخسائر (بالنسبة لهم ) على اسقاط نظام الاسد في سوريا واقامة نظام ديمقراطي بديل في هذه المنطقة الحيوية والحساسة والتي تلتقي وتتعارض فيها مصالح الكثير من الدول مثل امريكا واسرائيل من جهة وروسيا وايران  المرشحة لسقوط نظامها الديني  بعد سوريا من جهة اخرى ، مما قد تلجأ الولايات المتحدة والدول الاوروربية الى فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والتجارية على الشعب السوري اضافة الى مقاطعته  سياسيا وهذا ما بادر اليه ايضا مجلس وزراء الخارجية العرب بمقاطعة النظام السوري دبلوماسيا مما قد يؤدي بالتالي الى محاصرته في زاوية ضيقة  يستحيل عليه الخروج منها سالما متعافى .
      في هذه اللعبة السياسية والتي ادت الى فشل القانون الدولي في ايجاد حل للازمة في سوريا ، فان الخاسر الاكبر فيها هو الشعب السوري المغلوب على امره والذي يدفع ثمن هذه اللعبة يوميا بالقتل والابادة الجماعية لمختلف شرائح المجتمع السوري  ، مما يفرض على النظام السوري قبل الشعب ان يلجأ الى منطق العقل والحكمة والتصرف بما يتطلبه مصلحة الشعب السوري وعليه الاستفادة من التجارب المماثلة كما حصل في العراق سابقا بسقوط نظام صدام حسين والنهاية الغير سعيدة للنظام الليبي وفرار الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وتنحي الرئيس المصري حسني مبارك على اثر العاصفة الربيعية التي اجتاحت الانظمة الدكتاتورية العربية والتي قد لاتقف ايضا بسقوط النظام في سوريا ، وعلى الشعب السوري ايضا الموالين للنظام قبل المعارضين وخاصة قادة الجيش ان يضعوا مصلحة سوريا ( كدولة وشعب ) في كفة ومصلحة النظام في كفة اخرى والتصرف على اساس المصلحة العليا التي تخدم سوريا وشعبها وانقاذها من الازمة التي تمر بها على غرار ما قام به الجيش المصري ودوره المشرف في معالجة الموقف  وانقاذ مصر وشعبها من مزيد من القتل والدمار ، كما حان الوقت  للموالين للنظام من أن يقولوا كلمتهم الفصل والوقوف الى جانب اغلبية الشعب المعارضين للنظام الدكتاتوري الذي يحكم سوريا على مدى اكثر من اربعة عقود من اجل انهاء دوامة القتل والعنف ونزيف الدم في سوريا على مدى ما يقارب من سنة كاملة .
 
 
                                                                                 خدر شنكالى
           
   

21
المنبر الحر / العراق بين خيارين
« في: 21:48 25/01/2012  »
العراق بين خيارين
                                                                                           
     لو نتتبع تاريخ العراق السياسي والاجتماعي نرى بان هذه الدولة ومنذ تاسيسها عام 1921 قد تشكلت على اسس مذهبية وطائفية ، ولاشك ان للعامل الاقليمي الدور الاكبر في تعزيز وترسيخ هذا الواقع في المجتمع العراقي ، ابتداءا بالعهد الملكي الذي تميز بولائه لبريطانيا التي كانت تحتل العراق  واخضاعه لها في الكثير من قراراته ، ومرورا بحكم الاخوين عارف وصعود نجم حزب البعث على دفة الحكم في العراق بقيادة النظام الدكتاتوري لصدام حسين  وانتهاءا بما يسمى بالنظام الديمقراطي الذي يحكم العراق اليوم ، وان هذا التقاسم الطائفي والمذهبي قد ادى وبشكل مباشر الى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق حيث شهد العراق في ايام الحكم الملكي فقط  46 وزارة أي بمعدل وزارة واحدة لاقل من سنة تقريبا ، ثم بدأ فترة الانقلابات العسكرية وتصفية الخصوم في ايام حكم الجمهورية الاولى والثانية الى ان خضع العراق لنظام دكتاتوري حكم الشعب بالحديد والنار على مدى ما يقارب من اربعة عقود من الزمن شهد العراق خلاله نوعا من الاستقرار السياسي والاجتماعي على حساب قتل الشعب وابادته وخاصة المكونين ( العرب الشيعة والكورد ) ودفع الشعب العراقي الى حروب متتالية  لا ناقة له فيها ولا جمل ، وطيلة هذه الفترة الطويلة من تاريخ العراق كان يستحوذ على الحكم في العراق مكون عراقي واحد وهو العرب السنة دون بقية المكونات الاخرى ، بل اضافة الى ذلك اتجهت هذه الحكومات والانظمة الى اتباع سياسة التهجير والترحيل والتعريب والتغيير الديموغرافي وخاصة للمناطق الكوردية  وزرع روح التميز والتفرقة والعداء بين جميع مكونات الشعب العراقي  .
      وبعد سقوط النظام الدكتاتوري في عام 2003  تنفس الشعب العراقي الصعداء ولاول مرة بعد تاريخ طويل وحافل بالمعاناة والتمييز والتفرقة العنصرية والطائفية وتأمل باشراقة شمس جديد يشع نوره على الجميع والعيش بكرامة وحرية ومساواة في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يتمتع فيه الجميع بكامل حقوقه وواجباته ودون تفرقة  بين انسان و آخر او مكون و آخر  ، الا انه قد اصطدم بواقع تحكمه المصالح السياسية الضيقة ودخل في مرحلة جديدة وعهد جديد من الطائفية المقيتة وقد تم ادخالها في جميع مفاصل الحياة واستغلالها لاغراض سياسية وتصفية الخصم الآخر واعادة الحسابات السابقة واصبح الشعب العراقي يدفع فاتورة الساسة والقادة العراقيين بالقتل والدمار  اليومي وسوء الخدمات وعلى مدى اكثر من ثماني سنوات ، فالشيعة العرب او بالاحرى زعماء الشيعة يروون بان السنة قد انتهى حكمهم الى الابد مستندين في ذلك على احقيتهم في الحكم لكونهم يمثلون اغلبية الشعب العراقي اضافة الى انهم قد حرموا من هذا الحق منذ تأسيس الدولة العراقية ولحين سقوط اخر نظام سني بنهاية صدام حسين ، بالمقابل من الصعب على السنّة استيعاب و تقبل او التألقم مع هذا الوضع الجديد والرضوخ او اطاعة الحكم الشيعي بعد عقود طويلة من تفردهم واستئثارهم بالحكم في العراق ، ويبدوا هنا ايضا دور العامل الاقليمي بارزا وواضحا في دعم ايران للجماعات او الاحزاب الشيعية على حساب المكون السني المدعوم من قبل السعودية و تركيا وسوريا سابقا ، بل واصبحت هذه الدول تقوم بتصفية حساباتها فيما بينها من جهة وتحقيق مصالحها من جهة اخرى في داخل العراق وعلى حساب الشعب العراقي .
     ان هذه الثقافة الجديدة قد دفع بالبلاد الى مزيد من القتل والدمار  والخراب والحرب الاهلية وكل طرف يلقى باللوم على غيره حتى وصل الامر الى مهاجمة وتفجير المراقد والمزارات الدينية ، واخذت هذه الانتقامات صورا واشكالا مختلفة وتحت مسميات وذرائع مختلفة كمقاومة الاحتلال او القاعدة او الدولة الاسلامية او غيرها من المبررات  مما ادى الى خلق الكراهية والحقد والعداء فيما بينهم وادخال العراق في مستنقع كبير يصعب او يستحيل الخروج منه . ( ونخرج من هذا المربع الطائفي في العراق ، الشعب الكوردي في اقليم كوردستان لان القضية الكوردية هي ليست قضية طائفية وانما قضية قومية على مر التاريخ وان الاراضي الكوردستانية هي بالاساس مستقطعة من دولة كوردستان الكبرى وقد انضمت الى دولة العراق في حينه لاسباب تاريخية وسياسية واجتماعية لامجال لذكرها هنا ) .
     فامام هذه المعادلة الصعبة والنظام الديمقراطي التوافقي الذي اثبت فشله بل واستحالة تطبيقه في العراق بعد تسع سنوات من التجربة المريرة ليس امام الشعب العراقي سوى اللجوء الى احدى الخيارين ، اما العودة الى النظام المركزي  الشمولي ، وهذا من الصعب القبول به وذلك لعدة عوامل منها ان الشعب العراقي قد عانى كثيرا من النظام الدكتاتوري السابق فمن غير الممكن القبول بولادة نظام دكتاتوري جديد في العراق كما ان الشعب العراقي متعدد القوميات والاطياف بحيث يجعل من النظام المركزي امرا مستحيلا يضاف الى ذلك العامل الاقليمي او الدولي وما يحدث اليوم من ثورات شعبية في الكثير من البلدان العربية للاطاحة بانظمتها الدكتاتورية ، او اللجوء الى الخيار الثاني وهو التقسيم ولا اقصد هنا تقسيم العراق الى دويلات صغيرة وانما التقسيم الى اقاليم وضمن اطار فيدرالي موحد ولايشترط ان تكون الفدراليات على اساس الطائفية وانما قد تكون على اساس الوحدات الادارية أي المحافظات وهذ ما اقر به الدستور العراقي صراحة ، وهذا برأينا سوف ينقذ الشعب العراقي من الطائفية المميتة ومن المآسي والمعاناة وسوف يكون جسرا للعبور به الى شاطيء السلام والعيش بامان واستقرار ، والاّ فان واقعا اخر وحتمي سوف يفرض نفسه وبقوة على الساحة العراقية ليس من السهل الوقوف بوجهه ، الا وهو تقسيم العراق الى دويلات صغيرة وطائفية تساعده العوامل التاريخية والجغرافية لايمكن لنا التكهن بمصيرها ومستقبلها .
 
                                                                                                                خدر شنكالى
                                                                                             .com khidirshingaly@yahoo                     

22
خطوات من اجل التعايش والتسامح
 في اقليم كوردستان

     
       ان رابطة التعايش والتسامح والتآخي الموجودة في كوردستان ليست جديدة اليوم ، وانما ترجع جذورها الى بداية تكوين المجتمع الكوردي واستقراره في هذه الارض الخضراء ، وتبدو ملامح هذا التعايش واضحا من خلال المعالم والآثار التي تدل على تواجد هذه الاديان ( الايزديين والمسيحيين ) الى جانب اخوانهم المسلمين في هذه البقعة من الارض ( كوردستان ) منذ القدم وحتى قبل مجيء الاسلام ، أي ان المجتمع الكوردي مجتمع قائم اساسا على التعدد الديني ، وان الله عز وجل قد قدّر لهذه الاديان الثلاثة ان تجتمع وتعيش مع بعضها في هذه الارض الخصبة لتكون نموذجا للتآخي والتسامح في المنطقة ، ثم ان الجميع قد دافعوا عن هذه الارض الطيبة وفي خندق واحد واختلطت دمائهم باروائها لكل شبر من هذه الارض ، وما التجربة الديمقراطية التي يتمتع بها الاقليم اليوم الا نتيجة لذلك الدفاع والتلاحم والتكاثف المشترك جنبا الى جنب ، بحيث اصبحت هذه التجربة اليوم امانة في اعناق الجميع وعلى الكل العمل بجدية واتخاذ الخطوات اللازمة من اجل اغناءها  واظهارها  بالصورة الاجمل والاروع ومعالجة السلبيات او نقاط الخلل او الضعف التي لاتزال تعرقل سبيل هذه التجربة وتقدمها الى الامام والتي تتطلب معالجتها بطرق علمية وحضارية وواقعية بعيدة عن الامور العاطفية وبما تلائم وتنسجم مع واقع المجتمع الكوردي وبكل اطيافه  . ومن الخطوات التي نراها ضرورية في سبيل تحقيق مسألة التعايش والتآخي والتسامح في كوردستان هي :
اولا : التعليم ، لاشك ان حكومة الاقليم قد قامت بخطوات كبيرة في مجال اصلاح النظام التعليمي او الدراسي في اقليم كوردستان وبالاستفادة من تجارب وخبرات الدول المتقدمة في هذا المجال وخاصة في المواد العلمية ، الا ان الذي يهمنا هنا ويتعلق بموضوعنا هو  اصلاح النظام الاجتماعي في المدارس وابتداءا من مدارس رياض الاطفال ، لان المدرسة هي المؤسسة الاولى والاهم بعد الاسرة يتلقى فيها الطفل اولى افكاره وتعاليمه وان هذه الافكار  في هذه المرحلة المتقدمة من العمر سوف تكون راسخة في ذهنه كما اثبت ذلك علم النفس التربوي ، اذا فتقع على عاتق المدرسة مسؤولية تربية وتنشأة الطفل على اسس اجتماعية سليمة وممارسة الانشطة والفعاليات المدرسية التي تعلم الاطفال على حب الناس وعدم التفرقة بينهم وزرع روح المحبة والتآخي فيما بينهم وابتعادهم عن المسائل الدينية في المراحل الاولى من عمرهم ،  ويجب ان تستمر هذه التربية المدرسية الاجتماعية في المراحل الاخرى وذلك من خلال اجراء التغيرات على الكتب التي تخص الجانب الاجتماعي كالتاريخ او الاجتماع مثلا وبما تلائم وافكارهم التي اكتسبوها ومن اجل خلق جيل قادر على فهم واقعه وبما يخدم المجتمع الكوردي بكل مكوناته  .
    ثانيا : الدراسة الدينية : لاشك ان الدين يعتير جزءا لايتجزأ من حياتنا الاجتماعية بل ويشغل المساحة الاكبر منها ، الا اننا هنا يجب ان لانخلط بين الدين وبين المسائل العلمية والاجتماعية الاخرى لان الدين هو شيء مقدس  وثابت  أي غير قابل للتغير بمفهومنا بينما العلم والمسائل الاجتماعية هي قابلة للتغير في أي زمان ومكان ، ولكي نفهم الدين بالشكل الصحيح يجب ان لانضع انفسنا في خدمة الدين وانما جميع الاديان وجدت لتخدم البشرية وجميعها تتفق على مباديء وقواعد ثابتة وموحدة من اجل خدمة الانسانية دون تميز  ولايستوجب ذكر الامثلة هنا لانها معروفة للجميع .
      اذا ومن هذا المنطلق ولكي نضع الدين في مكانه اللائق وبما يلائم مع قدسيته وخصوصياته ومنحه المزيد من الاحترام والتقدير يجب ان نبعده عن قاعات المدارس وساحات الاطفال وفتح مدارس دينية خاصة للذين يرغبون في دراسة العلوم الدينية ولجميع المراحل ، واقصد هنا جميع الاديان الموجودة في كوردستان ، حيث نلاحظ ونتيجة للتجربة الديمقراطية التي يتمتع بها اقليم كوردستان واتاحة الفرصة امام جميع المكونات الدينية كالاسلام والمسيحية والايزدية لدراسة علوم اديانهم في المدارس ، انها تسابقت على زج المدارس بالمواد الدينية دون دراسة علمية او مستقبلية او ما سيتولد عنها مستقبلا ، فلو فرضنا في مدرسة فيها طلاب ايزديين ومسيحيين ومسلمين كما هي الحالة  في منطقة الشيخان مثلا والتي تعتبر  نموذجا للتعايش الديني  فعندما يأتي درس الدين لاي منهم سوف يقوم الاخرون بالخروج من الصف وهذه بالتالي سوف تزيد من التفرقة والتمييز فيما بينهم نتيجة تفرقهم الى مجموعات مختلفة مما يؤثر ذلك على نفسية الطالب وبالتالي عدم فهمهم وتقبلهم للآخر ، وهنا لا اقصد الغاء دور الدين والانتقاص من قيمته ، وانما ادراك خطورته في حالة عدم فهمه واختلاطه بالامور الاخرى كالتعليم والثقافة والسياسة وغيرها ، وهنا تقع المسؤولية على عاتق وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الاوقاف والجهات ذات العلاقة وبعد دراستها جيدا ومن كافة الجوانب  باتخاذ قرار جريء برفع مادة الدين من المدارس وتعويضها بمادة ( التربية الدينية ) او ( التربية الاخلاقية ) او غيرها على ان تتضمن المباديء والقيم الانسانية العليا التي تتفق عليها الاديان جميعا مثل التوحيد والمساواة والحقوق والواجبات وغيرها .
     ثالثا : منظمات المجتمع المدني ، لمنظمات المجتمع المدني في اقليم كوردستان الدور الكبير في زيادة الوعي الثقافي بشكل عام لدى الافراد في المجتمع ، فمن واجبها ان تقوم بدورها الفاعل في توعية المجتمع الكوردي وخاصة في مجال حقوق الانسان واشاعة روح الاخاء والتسامح والمحبة فيما بينهم ، وليس من خلال اقامة الندوات والسيمينارات فقط وانما العمل على اقامة فعاليات ونشاطات مشتركة بين كافة المكونات الموجودة في الاقليم  مثل تبادل الزيارات المشتركة بينهم للتعرف على بعضهم البعض بصورة اكثر وتنظيم سفرات مشتركة الى اماكن العبادة الخاصة بكل منهم او اقامة ورشات عمل مشتركة وخاصة للشباب من اجل تقوية روابط الصلة والتاخي والتسامح فيما بينهم .
    رابعا : من واجب حكومة الاقليم ايضا ان تقوم بدعم كافة الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها المدارس وكذلك منظمات المجتمع المدني ماديا ومعنويا والانتباه الى هذه المسألة المهمة جدا والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال ، وعند كتابة هذه المقالة تم في اربيل عاصمة اقليم كوردستان  الاعلان عن خطة العمل الاقليمي لحقوق الانسان في الاقليم بحضور ممثل الامين العام للامم المتحدة في كوردستان وهذه تعتبر خطوة كبيرة في مجال حماية حقوق الانسان في الاقليم وخلق مجتمع ديمقراطي يعيش فيه الجميع بحرية وعدالة ومساواة ، وبالتأكيد فان هذه الخطوة سوف تكون دافعا كبيرا في سبيل تحقيق التآخي والتسامح والتعايش في الاقليم .
     خامسا : اجراء بحوث ودراسات ميدانية حول مسألة التسامح والتآخي في الاقليم من قبل الباحثين والمختصين في هذا الشأن  واجراء لقاءات مع الطلبة والمدرسين ومختلف فئات المجتمع من اجل التعرف على المشاكل والمعوقات التي تقف عائقا في سبيل تحقيق هذا الهدف ومحاولة ايجاد الحلول اللازمة لها .
     ومن اجل تحقيق هذا الهدف ايضا وسهولة تعرف المكونات على بعضها البعض وبصورة صحيحة وواقعية يجب على الايزديين انفسهم ايضا ان يقوموا وباسرع وقت ممكن على اتخاذ الخطوات التالية :
      اولا : العمل وخلال هذه السنة على ابعد تقدير على تصديق قانون الاحوال الشخصية للايزديين والذي مضى عليه فترة اكثر من عشر سنوات منذ بداية الخطوة الاولى لانجاز هذا المشروع التاريخي المهم ، وللتاريخ اقول ان كاتب هذه السطور ومع مجموعة من الاخوة الحقوقيين وهم كل من ( الاستاذ هاشم وهو حاليا نائب المدعي العام في محكمة دهوك والمحامي بركات شيخ عمر والحقوقي ديندار شيخاني ) بادرنا معا بفكرة انجاز هذا المشروع في عام 2000 وفعلا فقد تم اكمال المشروع بعد شهرين من العمل المتواصل وبدعم كامل من مركز لالش الثقافي والاجتماعي في دهوك وتم تقديم المشروع الى المركز المذكور في حينه ولاسباب خارجة عن ارادة المركز تم تأخيره لحد الآن ، على كل حال نتمنى ان يتم اكمال المشروع سواء كان هذا المشروع او غيره على ايدي الخيرين من المثقفين والحقوقيين الايزديين ومصادقته من قبل البرلمان الكوردستاني ، لانه بحق يعتبر انجاز عظيم للايزدية بل ويعبّر هذا المشروع الى حد كبير  عن الهوية الاجتماعية للايزديين .
    ثانيا : بالنظر لعدم تدوين نصوص الديانة الايزدية وجمعها في كتاب خاص لحد الآن لاسباب تاريخية واجتماعية كثيرة لامجال لذكرها هنا ، بحيث اصبح كل يفسر الايزدياتي حسب وجهة نظره الشخصية مما ادى ذلك الى خلق الكثير من الشكوك والغموض حول حقيقة الديانة الايزدية وصعوبة التعرف عليها وعلى حقيقتها من قبل الغير ، لذا اصبح من الواجب والضروري الاسراع في جمع النصوص الدينية الايزدية في كتاب خاص ليكون مصدرا يتم من خلالها التعرف على الديانة الايزدية بيسر وسهولة وتوضيح كل ماهو مبهم وابتعاد كل ماهو غير صحيح عن هذه الديانة التي تعرضت الى الكثير من الاضطهاد والغبن على مدى تاريخها الطويل ، وهذه المسؤولية تقع على عاتق المجلس الروحاني الايزدي وبالتعاون مع المثقفين ورجال الدين سواء كانوا داخل الوطن او المهجر  .
     ثالثا :  الانتباه هنا الى مسألة مهمة وحساسة جدا وهي تاليف واصدار الكتب الخاصة بالديانة الايزدية و أؤكد هنا ( الكتب الخاصة بالديانة الايزدية حصرا ) سواء كان من قبل الكتاب الايزديين انفسهم او غير الايزديين و عدم طبعها اوتداولها مستقبلا الا بعد الموافقة عليها من قبل لجنة خاصة يتم تشكيلها بقرار اميري لهذا الغرض من الباحثين والمختصين والمهتمين بالشأن الايزدي من الايزديين انفسهم ، وكذلك العمل على توحيد الخطاب الديني الايزدي ، وذلك تلافيا لبعض الاشكالات او الملابسات او التناقضات التي لاتخدم المجتمع الايزدي والكوردي بشكل عام .
 
                                                                                 خدر شنكالى
 
                                                                                     



23
أدب / البحث عن وطن
« في: 14:55 07/01/2012  »


البحث عن وطن




خدر شنكالى

منذ ولادتي
ابحثُ عن وطنٍ
احلمُ فيه
اعشقُ فيه
وارسمُ صورته
على حبات المطرْ
ابحثُ عن وطنٍ
اعبدُ فيه بحريتي
اسكرُ فيه بحريتي
واجمعُ كلماتي بحريتي
واكتبُ قصيدتي
على ضوء القمر ْ
ابحثُ عن وطنٍ
  بين ثنايا حروفه
 احفظُ ذكرياتي
 وبين دفء جناحيه
 ارسم طفولتي
 وفي سراديب حبه
 انقش كلماتي
 وطنٌ اكتب اسمه في وجه الصخرْ
 ابحث عن وطنٍ
بين ذراعيه
 اشعر بالدفء والحنانْ
 وفي صفحات قلبه
 اكتب اسمي
 وفي وجهه النرجسي
  اجد السلام والامانْ
 و بيداءه تزهو بالماء والشجرْ
 ابحث عن وطنٍ
اعيشُ فيه كما اشاء
واعبدُ من اشاء
واسافرُ اينما اشاء
واسكنُ كما اشاء
وأكلُ واشربُ
وانامُ .. دون خوفٍ او ضجرْ
ابحثُ عن وطنٍ
اكره فيه كما اشاء
وارسمُ كما اشاء
واغني كما اشاء
واحبّ فيه كما اشاء
ان من قتل الحبّ .. قد كفرْ
ابحثُ عن وطنٍ
اكونُ فيه رئيساً
اكونُ فيه وزيراً
اكونُ فيه برلمانياً
اكونُ فيه حاكماً
اكونُ فيه جنديا وشرطياً
 فلاّحا وكنّاساً
وصاحبُ دكان او مطعم اوخميرة
وصاحبُ ملهى ومقهى
دون اعتبارات
الدين والجنس والعشيرة
او الشكل والنّظرْ
ابحثُ عن وطنٍ
لايميز بين الاسماء
ولايفرّقُ بينَ
خديدا او يوسف
او محمد او عُمرْ
 ابحثُ عن وطنٍ
يحميني من حرّ الصيف
ومن برد الشتاءْ
ولاتقتل فيه البسمةَ
والاطفال والنساءْ
ولا تصلبُ فيه الانثى
امام اله الذكرْ
 ابحثُ عن وطنٍ
 لاتفجّرُ فيه الجوامع والمعابدْ
 ولا يصلبُ فيه المسيح
و تغتالُ الاشعارَ والقصائدْ
وطنٌ لايرى النهودَ كالحجرْ
 ابحثُ عن وطنٍ
لا عن امارة خضراءْ
سكانها ثابتٌ
سرّاقها ثابتٌ
واسوارها ثابتٌ
وصراخ الشعب قد وصل الى السماءْ
ومكتوبٌ على كل بوابةٍ
من بواباتها الاربعة
قفففففْ يامواطن .. فحياتك في خطرْ !
ابحثُ عن وطنٍ
اعيش فيه بحريتي
واحفظُ كرامتي وانسانيتي
ولاتقطعُ فيه السنابلْ
ولاتسرقُ فيه الاموالَ
والاعراضَ
 وطنٌ لايساوي بين الحدائق والمزابلْ 
    ابحثُ عن وطنٍ
لا تتكرر فيه حلبجة وكرعزير وسامراءْ
ويرفع علمه
ويقرأ نشيده الوطني
تحت عزف العويل والبكاءْ
وتمطر فيه السماء دماً
وتنزف القلوب دماً
وتدمع العيون دماً
وطنٌ لا تشحذ فيه الاراملْ
ابحثُ عن وطنٍ
احلمُ به ويحلم بي
اشكو اليه ويشكو لي
وتضحك فيه الاطفالَ
وتغرد البلابلْ
وتمطر السماء ياقوتاً
وتغمر القلوب فرحاً
وتزرع الارض سنابلْ
وطنٌ يزرع فيه الحبّ
بدلاً عن القنابلْ
وطنٌ .. يزرع فيه الحبّ
بدلاً عن القنابلْ
 
 
   khidirshingaly@yahoo.com
 

24
العراق .. وحلقة جديدة من مسلسل الصراع الطائفي
     
        ان ما يحدث في العراق اليوم ماهي الا حلقة جديدة من مسلسل ( الصراع الطائفي ) الذي يقوده القادة العراقيون الجدد وابدعوا فيه خير ابداع لمعالجة مشاكلهم الداخلية ، بل وانه قد يكون بداية الجزء الثاني من هذا المسلسل بعد رحيل القوات الامريكية ( المحتلة ) من العراق وافراغ الساحة العراقية امام قادة المستقبل لممارسة ادوارهم بشكل اكثر  قوة وابداعا !!
       لقد تنفس الشعب العراقي الصعداء بخروج القوات الامريكية من العراق بعد ثماني سنوات من الاحتلال آملين العيش في ظل عراق ديمقراطي وحكومة وحدة وطنية قادرة على توفير الخدمات والحفاظ على سيادة البلد وامنه واستقراره ، الا  انه يبدوا ان خروج هذه القوات  قد فتحت او تفتح الكثير من الابواب التي كانت مغلقة والتي تسترت من ورائها الصراعات الطائفية والمصالح الشخصية والمراهنات والمزايدات السياسية التي تدفع ثمنها الشعب العراقي المغلوب على امره ، ومع ان هذه القوات كانت محتلة ، الا انه في الواقع كانت السد المنيع لانهيار العملية السياسية في العراق في الكثير من الاحيان او على الاقل لاحتفاظ العراق بلحمته الى حين  خروجهم  فرحين بالعملية الديمقراطية التي اصبحت نقمة على العراقيين ، والتي من اهم افرازاتها هي الفساد الاداري والمالي والقتل والدمار وعدم وجود الكهرباء والماء الخ ، بحيث اصبح العراق في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم . واصبحت الفرصة سانحة اما القادة لمراجعة اوراقهم القديمة وتصفية حساباتهم وكل بيديه الورقة الرابحة ( الجوكر ) وينتظر الفرصة المناسبة لاستخدامها ضد خصومه ، وهذا ما حدث في الايام الاخيرة عند دعوة المحافظات ذات الاغلبية السنية باقامة اقاليم فدرالية ( وبدعم وتأييد من القائمة العراقية ) وحسب ما نص عليها الدستور العراقي وبحجة جمع كافة الصلاحيات بيد المركز اضافة الى مساهمتها في تحسين مستوى الخدمات وغيرها من الاسباب الظاهرية ! الا ان الاسباب الحقيقية تكمن فى شعورهم باليأس والاحباط من الواقع السياسي الموجود وصعوبة قبولهم بسيطرة الاحزاب الشيعية ( المتمثلة بدولة القانون ) على السلطة في المركز بعد ان حكموا البلاد  منذ تأسيسه ولحد سقوط النظام السابق في عام 2003 ، اضافة الى ان اقامة الاقاليم سوف توفر الفرصة امامهم للتمتع بنوع من الاستقلال الاداري والمالي والقضائي بعيدا عن المركز  ،  مما ادرك السيد المالكي خطورة ذلك على قوة ونفوذ المركز  واستخدم اخر واقوى ورقة لديه بعد ان استنفذ جميع محاولاته لعدول السنة  عن مطلبهم ، وذلك باتهام السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية  بارتكاب جرائم ارهابية بحق الشعب العراقي  ، اضافة الى محاولة سحب الثقة من نائبه السيد صالح المطلك على اثر قيام الاخير بوصف السيد رئيس الوزراء بانه ( دكتاتور لايبني  ) ، وهذه الورقة قد تكون بمثابة القشة التي تكسر ظهر القائمة العراقية ، مما قد يؤدي بهم الى تقديم الكثير من التنازلات لصالح خصومهم المتمثل بدولة القانون بقيادة السيد نوري المالكي منها ، التنازل عن الدعوة الى اقامة فيدراليات في المحافظات السنية لان الحكومات المحلية في هذه المحافظات اغلبها تنتمي الى القائمة العراقية ، وقد صرح السيد صالح المطلك مسبقا بانه مستعد لتقديم اية تنازلات تنقذ العملية السياسية . والطريف بالامر هو لجوء قادة العراقية المعروفين بعدائهم لحقوق ومكتسبات الشعب الكوردي الى اقليم كوردستان لاستنجادهم وانقاذهم من محنتهم !!
     بالتأكيد ان الخاسر الاكبر من كل هذه المهاترات السياسية والحروب الطائفية هو الشعب العراقي الذي يدفع يوميا ثمن فاتورة هذه الصراعات من القتل والدمار والتهجير وغيرها ، وليس هذا فقط بل اصبح يدفع ثمن فاتورة الدول الاقليمية كأيران والسعودية وتركيا وسوريا وتصفية حساباتها في داخل العراق ، فهذا ايران الاسلامية  من الشرق التي تحاول وبكل قوتها من بسط نفوذها على العراق ليتمكن من خلالها توسع سيطرتها ونفوذها في المنطقة والخليج بصورة خاصة ، وخاصة بعد انسحاب القوات الامريكية ومحاولتها لان تحل محلها بشكل او بآخر  وهذا ماكانت تسعى اليه من خلال تأثيرها وضغوطاتها المستمرة على الحكومة العراقية لرحيل هذه القوات ، ثم تركيا العلمانية من الشمال التي تقف وعلى طول الخط مع الحكومة العراقية عند الحديث عن المناطق المستقطعة من كوردستان وخاصة كركوك وتدخلها من اجل ضمان عدم عودة هذه المناطق على الرغم من وضع خارطة طريق لمعالجة هذه المسألة في الدستور العراقي النافذ ، ومن الجنوب السعودية العربية ( السنية المذهب ونقيضة ايران الشيعية ) والتي تحاول وبكل قوتها من تقليل النفوذ الايراني في العراق ودعم توجهاتها وسياستها واهدافها في العراق بامكانياتها المادية الكبيرة  ، ومن الغرب سوريا العربية ( البعثية ) الحليفة لايران والمتخاصمة مع تركيا اليوم نتيجة دعم الاخيرة للثورة الشعبية في سوريا ، فهذه الدولة الجارة لم تتمتع بعلاقات طيبة مع الدولة العراقية على مدى اكثر من ثلاثة عقود وحتى بعد سقوط النظام البائد احتضنت هذه الدولة فلول او بقايا النظام السابق الذين هربو من العراق وقاموا بتنفيذ مخططاتهم وجرائمهم من اراضيها ، واخيرا استلطفت النظام السوري بعد ثماني سنوات من القتل والدمار  وشعر بمعاناة الشعب العراقي واراد مكافأة الحكومة العراقية بتسليمهم عزت الدوري المتهم بارتكاب الكثير من الجرائم الارهابية في العراق ( وحسب صحيفة الراي الكويتية ) مقابل وقوف الاخيرة الى جانبه في معركته الداخلية ضد ابناء شعبه .
      فامام هذا الصراع الطائفي والتدخلات الاقليمية والصراع على السلطة ، من الصعب التكهن بمستقبل العراق ولايوجد في الافق حلا للازمة السياسية في العراق سوى اللجوء الى مبدأ الحكمة والعقل والمنطق ولغة الحوار والمناقشة على طاولة واحدة وتوفر حسن النية وبما يخدم الشعب العراقي وانقاذه من المعاناة والمأساة التي يتعرض اليها يوميا ، ووضع مسألة تصفية الحسابات ومبدأ الانتقامات والمصالح الشخصية جانبا ، وعدم فسح المجال امام الدول الاقليمية لتصفية حساباتها في داخل العراق  والتدخل في شؤونها الداخلية .
          وهذه الصراعات المستمرة  ( المتجذرة ) على الحكم في العراق والتي تبدوا بانها لاتنتهي في يوم ما ، تعيد الى اذهاننا مقولة الملك فيصل الاول ، اول ملك على العراق  ( 1921 – 1933 ) او بالاحرى مذكرته المشهورة عن الشعب العراقي ( ….  اقول وقلبي يملأه الاسى انه في اعتقادي لايوجد في العراق شعب عراقي بعد ، بل توجد كتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية ، متشعبة بتقاليد واباطيل دينية لاتجمع بينهم جامعة سمّاعون للسوء ميالون للفوضى مستعدون دائما للانتفاض على اية حكومة كانت ، هذا هو الشعب الذي اخذت مهمة تكوينه على عاتقي ) .وهنا اسأل وقلبي يملأه الاسى ايضا ، هل هذا هو قدر العراق والعراقيين !؟
                                                                                   خدر شنكالى
 

25
الاسلاميون .. والاختبار الصعب

ان ماحصل في الشارع العربي من تطورات سياسية على اثر قيام الثورات العربية او مايسمى بالربيع العربي ( مجازا ) والتي افرزت الى فوز الاسلاميين او الاحزاب الاسلامية ووصولهم الى دفة الحكم ، ما هي الا نتيجة طبيعية لفشل الانظمة العربية وسياستها الفاشلة تجاه شعوبها وعدم اهتمامها بمطالبها ومعاناتها وانشغالها بالفساد والبذخ والترف وصرف خيرات وثروات البلاد في بناء فراديسهم الفاسدة التي لم يصدقوا يوما بانها سوف تنهار امام ارادة الشعوب المغلوبة على امرها .
      فقد كان جل اهتمامهم وتفكيرهم تصب في دائرة الحفاظ على كرسي السلطة والبقاء في عروشهم الى ابد الآبدين .
     ان سلوكيات الانظمة العربية قد انعكست بشكل سلبي على نفسية المواطن العربي وخلق لديه نوع من الاستياء تجاه حكامه نتيجة لتلك التصرفات سرعان ما انفجر في اقرب فرصة ممكنة .
     على اية حال ، ان المستفاد الاول من هذه الثورات العربية وعلى ارض الواقع هي الاحزاب الاسلامية التي استغلت هذا السخط والبركان الجماهيري ضد حكامها في صالحها واستطاعت الوصول الى الحكم عبر صناديق الاقتراع ولحد الآن في ثلاثة دول عربية ( تونس والمغرب ومصر ) ولاول مرة في تاريخها ، ولكن السؤال هنا هل يستطيع الاسلاميون الوقوف امام التحديات الكبيرة التي سوف تواجههم وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي ؟
       فعلى الصعيد الداخلي ، لاشك  ان حجم هذه التحديات قد يختلف من مكان الى اخر ، ففي ليبيا مثلا الخالية من الاحزاب الاسلامية ايام حكم العقيد معمر القذافي وفي حالة هي قد تكون الفريدة من نوعها في المنطقة العربية ان لم يكن في العالم ، وان الشعب الليبي وكما هو معروف متشبع بالافكار القبلية والعشائرية وان الدين له التأثير الاكبر في حياتهم ،  فان الاحزاب الاسلامية التي سوف تتولد من رحم هذه البيئة ، بالتأكيد سوف تلقى استجابة جماهيرية واسعة وبالتالي سوف تكون في مأمن من التيارات والاحزاب العلمانية او الليبرالية او اليسارية او القومية او ما شابه ذلك  والتي قد يتأخر تشكيلها في الوقت الحاضر على الاقل ، مما قد يمهد الطريق الى اقامة دولة اسلامية في ليبيا وهذا ما اكد عليه رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل من ان الشريعة الاسلامية سوف تكون المصدر الرئيسي للتشريع في ليبيا في المرحلة القادمة ما بعد القذافي .
        على خلاف الدول العربية الاخرى ، مثل تونس والمغرب ومصر ، والتي توجد فيها الكثير من الاحزاب او التيارات الاسلامية التي تسعى للوصول الى الحكم  وعلى طول الخط لكون الاسلام هي دين ودولة ( حسب رأيهم ) ، وان شعوب هذه الدول متشبعة بالافكار والثقافات الغربية ولاتزال هذه الثقافة تأخذ حيزا كبيرا من حياتهم وتؤثر فيها بشكل او بآخر  ، وان كان في مصر اقل الى حد ما ، لذا فان الاحزاب الاسلامية الوليدة بتجربتها في الحكم قد تجابه صعوبة في تنفيذ برنامجها ( الديمقراطية والحكم الرشيد ) كما ينادي بها حزب العدالة والتنمية في المغرب ، وان كان قد صرح رئيسها بن كيران بان حزبه سوف لن يتدخل في الحياة الخاصة للمغاربة ! وكما يبدوا لنا فان الديمقراطية هي مصطلح سياسي علماني اما الحكم الرشيد فهو مصطلح اسلامي صرف ، أي هما وجهين لعملتين مختلفتين ! اذن فكيف يتم التوفيق بينهما في عالم السياسة والمصالح ورأس المال !؟
        وكذلك في تونس الذي حوكم بنظام علماني على مدى عقود طويلة والذي  تجذر والى حد كبير  في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية للشعب التونسي وترك ملامحه الواضحة في حياتهم ، من اهمها منع نظام تعدد الزوجات في تونس والذي يعتبر مخالفة صريحة وواضحة للشريعة الاسلامية وهي الدولة العربية والاسلامية الوحيدة التي تجرأت ونجحت في ذلك ، وتسهيل حصول المرأة على الطلاق من خلال المحاكم بالاضافة الى منع النقاب في الجامعات وغيرها من الامور التي تؤكد على السير نحو الحياة المدنية  في  تونس  ، وبالتأكيد
 فان حزب النهضة الاسلامية الذي استطاع الوصول الى الحكم في اول انتخابات جرت بعد حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ، سوف يكون له رؤية مختلفة نابعة من منطلقات  اسلامية وبالتالي فان هذه المكاسب التي حققته شعب تونس سوف تكون في خطر  ، وقد ظهرت هذه الحقيقة وابتداءا من الايام الاولى لفوز حزب النهضة من خلال المظاهرات التي قامت وتقوم بها الاسلاميون مطالبين بفرض الحجاب والتنديد بالعلمانية بالاضافة الى مهاجمة بعض السلفيين لدور العرض والسماح للمنقبات بدخول الجامعات وغيرها من الامور  التي تعتبر قيودا في نظرهم على الممارسات الدينية ايام النظام السابق .
       اما الاسلاميون في مصر فانهم الاكثر تشددا من المغرب وتونس ، وخاصة التيار السلفي الذي عبر عن ذلك في اكثر من مناسبة ، كما يبدوا ان الاسلاميون في مصر وبجميع احزابهم وتياراتهم لهم قاعدة شعبية واسعة وقد برز ذلك من خلال فوزهم الكبير في الانتخابات البرلمانية وهذا مما يولّد الكثير من المخاوف لدى امريكا واوروبا وخاصة اذا علمنا بان مصر لها ثقلها السياسي والستراتيجي الكبير في المنطقة وخاصة بالنسبة لاسرائيل وبامكانها التأثير على موازنة النظام السياسي في المنطقة سلبا او ايجابا ، حتى قال احدى الصحف الامريكية بان فوز الاخوان المسلمين في مصر سيكون له العامل الاكبر في اعادة تشكيل نظام الشرق الاوسط بأكمله ! 
اما على الصعيد الخارجي ، وبما ان السياسة  والاقتصاد امران لايمكن الفصل بينهما ، حيث كلا منهما يؤثران ويتأثران بالآخر سلبا وايجابا  ، فكلما كانت الدولة متحررة اقتصاديا كلما ساعدت ذلك على استقرار نظامها السياسي وبالتالي انعكاسها  على الوضع الاجتماعي للافراد مما يؤدي بالنتيجة الى تحسين المستوى المعاشي للافراد وتحقيق العدالة الاجتماعية ، بعكس الحالة الموجودة في دول الربيع العربي والتي تعاني من نظام اقتصادي ضعيف وعدم وجود المؤسسات الاقتصادية القادرة على مواجهة المشاكل التي تواجهها هذه الدول اضافة الى افتقارها الى رؤية متكاملة وواضحة للاوضاعها المتفاقمة بالمشاكل الاجتماعية كالبطالة وسوء المعيشة والفساد الاداري والمالي مع الزيادة الكبيرة في عدد السكان وعدم وجود خطط اقتصادية واجتماعية لغرض استيعاب هذا الكم من البشر وتوفير فرص العمل لهم وغيرها من المشاكل التي كانت السبب المباشر للقيام بالثورات العربية .
         فان هذه الدول تتميز بضعف انتاجها المحلي عدا ليبيا التي تعتمد على الثروة النفطية كمصدر وحيد دون غيره ، لذا فانها تعتمد في الكثير من وارداتها واستثماراتها في الداخل على التمويل الخارجي او الديون الخارجية مما قد تقع هذه الدول تحت طائلة السياسات المالية لهذه الدول كما حصل في المغرب عام 1983 من فرض سياسة التقويم الهيكلي والتي ادت الى مشاكل اجتماعية في البلاد مازالت تعاني منها لحد الآن ، وكما حدث مع مصر ايضا ايام حكم جمال عبد الناصر في مسألة بناء السد العالي . في نفس الوقت التي تعاني الدول الاوروبية من ازمة مالية شديدة قد تعرقل او تخفض المساعدات او المعونات الاوروبية لهذه الدول في الوقت الراهن على الاقل  . يضاف الى ذلك مسألة العولمة وتأثيراتها الكبيرة على شعوب ومجتمعات هذه الدول   الى حد لايمكن التوقف عنده او الاستغناء عنها ، بحيث اصبح هذا العالم الكبير الواسع والمتنوع بثقافاته وافكاره والمتعدد باديانه واتجاهاته مجرد قرية صغيرة وازالة الحدود الجغرافية التقليدية بين الدول بفضل وسائل الاعلام المختلفة كالانترنيت والستلايت والنقال وتأثيرها على توجيه الرأي العام وامكانية تحريكها وتهيجها في اية لحظة .
        هذه التحديات وغيرها الكثير تضع الاحزاب الاسلامية امام خيارين لاثالث لهما ، وهو اما اعتماد اسلوب الانفتاح والفصل بين الدين والدولة بالاستفادة من التجربة التركية العلمانية وهذا ما قد يتعارض مع توجه الاسلاميين ومرجعيتهم في هذه الدول ، ثم من الصعب القبول بنجاح النموذج التركي في هذه الدول وذلك لوجود اختلاف كبير في الظروف والخصوصيات بين المجتمع التركي والعربي ، او العمل بالحكم الرشيد والمستنبط من الشريعة الاسلامية والحكم بادوات اسلامية دون الاستفادة من التجارب الاسلامية الفاشلة في الحكم ، فان الاسلاميون او ما يسمى بالاسلام السياسي والذين يضعون انفسهم في موقع البديل او المنقذ للشعوب العربية والاسلامية امام اختبار صعب ، وان النهاية الحقيقية لعملهم السياسي على اقل تقدير سوف تكون مرهونة بمدى نجاحهم او فشلهم في هذا الاختبار .
 
 
                                                                                                خدر شنكالى
                                                                                     
 

26
التطرف في كوردستان .. وخطوة الى الوراء

        ان ماحصل في اقليم كوردستان من قيام بعض الاشخاص المتطرفين بحرق محلات ونوادي لبيع وشرب الخمور في محافظة دهوك والاقضية التابعة لها ، يدل دلالة واضحة على محاولة هؤلاء لاسلمة المجتمع الكوردستاني المتعدد باطيافه القومية والدينية والتي تشكل معا نسيجا  ومثالا للتسامح الديني والقومي في المنطقة منذ الازل  ، وان كان قد حصلت بعض المشاكل هنا وهناك والتي لم تؤثر على هذا التلاحم والتعايش الاخوي بينهم .
       ان ما حدث يعتبر حالة غريبة وطارئة وبعيدة كل البعد عن تاريخ وحضارة المجتمع الكوردي وعن عاداتهم وتقاليدهم وقيمهم ونمط واسلوب حياتهم مما يولّد ذلك الكثير من المخاوف والقلق لدى الاقليات غير المسلمة في كوردستان وعلى مستقبلهم ومستقبل اولادهم في ظل التطرف الاسلامي الذي يشهده الاقليم في السنوات الاخيرة .
       ان ماحدث ليس مجرد حالة آنية او  نتيجة قيام احد الملالي بتهيج العواطف لدى السامعين الى ادعاءاته واكاذيبه وتشجيعهم وتحريضهم على هذه الافعال المخالفة للشرع والقانون والتي لاتخدم المسيرة الانسانية والعملية الديمقراطية في الاقليم ، وانما هي تعبير عن حالة او واقع موجود في المجتمع الكوردي وهي تزايد التطرف والمد الاسلامي في الاقليم وخاصة في السنوات الاخيرة ، وعلى القيادة السياسية الكوردية ان يعترف بها  واستدراك خطورتها ومعالجتها قبل فوات الاوان .                                                           
       كما وانها ليست موجهة ضد اقلية معينة او حزب او جهة سياسية معينة بقدر ماهي موجهة ضد التمدن والتحضر  والعملية الديمقراطية   في اقليم كوردستان ، انها معركة بين التخلف والتطور  ، بين التقدم والرجعية ، بين التآخي والتعايش من جهة والتطرف الاسلامي من جهة اخرى  ، بدليل ان ماقاموا برد الفعل والهجوم على المقرات الاسلامية هم من الاخوة المسلمين وفي لحظة غضب ودون سابق اصرار  نتيجة لتلك الافعال الاجرامية ، ودون ان يكون بينهما احد من الاقليات الاخرى كالايزديين والمسيحيين .
       اذن على القيادة الكوردستانية ان تتخذ خطوات جريئة وملموسة من اجل انقاذ المجتمع الكوردي من خطورة هذه الظاهرة التي قد لاتكون بعيدا عما يحدث اليوم في المجتمعات الاسلامية وخاصة بعد الثورات التي حصلت في الكثير من البلدان  العربية بقيادة الاسلاميين ووصولهم الى دفة الحكم ودعوات البعض منهم بالعودة الى ايام الخلافة الاسلامية ! وانها بالتأكيد سوف تزداد سوءا وتتسع دائرتها  ان لم يتم معالجتها وبطرق عملية وعلمية ، وليس بعيدا ان يقوموا هؤلاء غدا باعمال اخرى اكثر انتقاما  او يدعون الى امور اخرى بحجة انها مخالفة لشريعتهم ! وعلى منظمات المجتمع المدني والمراكز الثقافية ان تقوم بدورها الفاعل في توعية الجماهير  الكوردستانية  وتعميق روح المحبة والتعاون والتعايش السلمي بينهم مدركا مدى خطورة الافكار المتطرفة التي تدعوا اليها بعض الجهات والتي توظف الدين من اجل تحقيق مآربهم واهدافهم وضرب التجربة الديمقراطية في الاقليم والتي  ماهي الا ثمرة ونضال جميع ابناء الشعب الكوردستاني مسلمين وايزديين ومسيحيين  من اجل الوصول الى هذا اليوم الذي يجب ان يتمتع فيه الجميع بكافة حرياته وحقوقه وفي ظل مجتمع مدني متحضر ودستور علماني يضمن حقوق الجميع .
        ان تداعيات وخطورة وآثار هذه الافعال قد لاتقف عند حدود الاقليم وانما تتعدى الى ابعد من ذلك من خلال تداولها في وسائل الاعلام الدولية المختلفة ومدى تاثيرها على التجربة الديمقراطية والامن والاستقرار  السائد في الاقليم ولاسيما ان الشعب الكوردستاني يمر اليوم في مرحلة تاريخية ومصيرية مهمة جدا الا وهي ظهور بوادر اقامة الدولة الكوردية  وهناك خطوات كبيرة قد تحققت في هذا الاتجاه ، الا ان مثل هذه الافعال سوف تؤثر بشكل او بآخر على تقييم هذه التجربة الفتية بل وانها قد تعتبر خطوة الى الوراء في سبيل تحقيق هذا الهدف  وهذا ما يتربص له اعداء الشعب الكوردستاني ، فعلى المجتمع الكوردي ان يكون واعيا لمدى خطورة ذلك على مستقبل كوردستان ومدركا بان كوردستان سوف لن يتحرر ولن يبنى بالتطرف والتشدد وانما بالتسامح والتآخي وتقبل الآخر  .
 
                                                                                            خدر شنكالى
                                                                                       في 4 / 12 / 2011
                                                                                 khidirshingaly@yahoo.com         




27
المنبر الحر / الورقة الرابعة
« في: 13:30 26/11/2011  »
الورقة الرابعة

      ان العاصفة الربيعية التي عمت العالم العربي والتي انطلقت شرارتها من تونس الخضراء على اثر قيام المواطن التونسي محمد بوعزري باشعال النار في نفسه نتيجة للاوضاع الاقتصادية الصعبة ، ادت الى سقوط الورقة تلو الاخرى من خريف الزعماء العرب  اصحاب الدكتاتوريات او بالاحرى الامبراطوريات التي كانت لاتغيب عنها الشمس  والتي حكمت شعوبها بالحديد والنار على مدى مايقارب من نصف قرن من الزمان ، تلك العروش التي لم يتيقن اصحابها يوما ما بانها سوف تهتز ، وتلك الاصنام ( الفولاذية ) التي اصبحت اليوم مجرد دمية بيد الاطفال ، بعدما كانت  تلك الانظمة تقود اللعبة الكبرى والخاسر فيها دوما الشعب المغلوب على امره .
     فقد اخترق الشعوب العربية حاجز الخوف الذي كان يرافقهم في كل شيء ، وبالمقابل اصبح هاجس الخوف والموت يصاحب بل ويداهم الزعماء العرب في كل لحظة ، وبدأت تلك الانظمة الشمولية تتهاوى وتتساقط واحدة تلو الاخرى امام تلك العاصفة التي قد لاتقف في زمان او مكان معينين الى ان تسقط آخر وريقات تلك الشجرة بعد ان كانت جذورها ثابتة وفروعها في السماء !
     ان مايحدث في المنطقة العربية من ثورات شعبية عارمة ماهي الا نتيجة لتخرصات وتكلسات الانظمة العربية والظلم والقهر والحرمان والوضع المزري الذي كانت تعيشه الشعوب العربية  ومصادرة حقوقها وحرياتها وقمعها من خلال منظوماتها البوليسية واستباحة دمائها واستغلال ونهب خيرات وثروات بلادها ، وتعبيرا عن رفض تلك الحالة المأساوية والخروج من عنق زجاجة الوضع السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي ، لان هذه الانظمة حاولت بل وقامت بتغيير الهوية الثقافية والاجتماعية لشعوبها حتى وصل الغرور ببعضهم الى انكار وجودهم اصلا .
     ( الشعب يريد اسقاط النظام ) هذا الشعار الذي هدم جدار الخوف لدى الشعوب الثائرة على طغاتها ، بعد ان كان الشعار ( اذا قال القائد قال الشعب ) او نعت الحكام بصفات ( القائد الضرورة ) او ( القائد الاوحد ) او ( رمز الامة وباني مجدها ) او ( نموت ويحيا القائد ) وغيرها من الشعارات والصفات الزائفة التي اظهرت على حقيقتها  بعد ان كشفت زيف وحقيقة هذه الانظمة المتسلطة على رقاب شعوبها ، واستطاع هذا الشعار في غضون عام تقريبا من الاطاحة بثلاثة انظمة دكتاتورية شمولية  في المنطقة العربية  ، اولها كانت في تونس  بعد فرار ( زين العابدين بن علي )  الى خارج البلاد على اثر التظاهرات التي عمت تونس في 18 ديسمبر عام 2010 والتي سميت ( بثورة الياسمين ) نتيجة للوضع الاقتصادي والفساد الاداري والمالي  وفقدان العدالة الاجتماعية ، وقد حكم تونس مايقارب 25 سنة وهو الرئيس الثاني منذ استقلالها عام 1956 ، وسقطت بذلك اول ورقة من خريف الانظمة الدكتاتورية في العالم العربي ، اما الورقة الثانية ، فقد كانت الثورة الشعبية في مصر كفيلة بسقوطها  وانهت نظام حسني مبارك الذي حكم البلاد طيلة 30 سنة ، بسبب سوء الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية  في البلاد والبطالة المتفاقمة ، وكان لتعذيب وقتل الشاب ( خالد ) امام اعين الناس وعلى ايدي قوات الامن الاثر الاكبر في تصاعد وغليان الشارع المصري الذي تمكن من الاطاحة بالنظام الدكتاتوري في مصر  والى الابد .
      وكانت الجماهير الليبية ليست غائبة عما يحدث حولها من تطورات وثورات شعبية ضد الانظمة الفاسدة التي تحكم شعوبها ومنها نظام معمر القذافي ( الفريد من نوعه في العالم ) الذي جاء الى الحكم منذ عام 1969 على اثر انقلاب عسكري ، وقد حكم البلاد بنظام راديكالي متصلب ومتعصب كان له الاثر  في ابقاء شعبه في ظلمة التخلف والجهل والقبلية ، وكان قد اطلق على نفسه الكثير من التسميات الغريبة منها ( ملك ملوك افريقيا ) و ( عميد الحكام العرب ) و ( امام المسلمين ) وغيرها  ، وقد استطاع الزعيم الاوحد ( والى حد ما )  وحتى في ايامه الاخيرة من تحويل مسار الثورة الشعبية في ليبيا الى حرب اهلية ، الا ان الشعب الليبي سرعان ماادرك ذلك واستطاع الاطاحة بنجم كوميديا الحكام العرب وسقوط الورقة الثالثة بالقضاء على اطول فترة حكم دكتاتوري في التاريخ .
        ويبدوا ان هذه العاصفة التي هبت على المنطقة العربية لم تتوقف عند هذا الحد ، بل سوف تجرف انظمة اخرى وتسقط معها اشباحها وتماثيلها والايام القادمة سوف تبين لنا الصنم الذي سوف تطيح به الورقة الرابعة .
 
                                                                                         خدر شنكالى
                                                                               في 24 / 11 /2011
                                                        khidirshingaly@yahoo.com 



28
العلم الكوردستاني والمناطق المستقطعة   
                                 
 
 
     كنت اتمنى ان لايذكّرني  القرار الصادر بانزال العلم الكوردستاني في قضاء خانقين بالافعال اللاقانونية التي كان النظام السابق يرتكبها ضد ابناء شعبه بشكل عام والشعب الكوردي بشكل خاص ، وبالتأكيد ان تلك الافعال معروفة للجميع ولايستوجب تكرارها هنا .                           
      قد لايكون ذلك القرار مخطط له مسبقا ، الا انه بالتأكيد يعبر عن مدى الكراهية والاستخفاف بحق الشعب الكوردي والانتقاص منه والذي اصبح حديثا يوميا للعرب الشوفينيين وكأنه هذا الحق هو منحة من قبلهم لهذا الشعب يسحبونها اويمنحونها كيف ومتى مايشاءون  ! متناسين بان الحقوق لاتوهب ولاتمنح وانما تنتزع عند اغتصابها من قبل الغير ، وما بعضا من حقوقه التي يتمتع بها  اليوم في ظل العراق الفيدرالي الا نتيجة لنضاله الطويل ضد الانظمة التي احتكرت او اغتصبت حقوقه على مر التاريخ ، وان هذه الحقوق اليوم قد صيغت واصبحت مواد دستورية يجب على الجميع ( الحكام قبل المحكومين ) الالتزام بها باعتبار ان الدستور هو القانون الاسمى والاعلى في الدولة ، وان اي تصرف تصدر من قبل اي مسؤول في الدولة يجب ان يكون ضمن اطار هذا الدستور وان الالتزام به هو ضمان لوحدة العراق شعبا وارضا وسيادة كما جاء في ديباجته .                                                                                                           
      ان منطقة خانقين وغيرها من المناطق التي نصت عليها المادة ( 140 ) من الدستور العراقي النافذ هي مناطق في الاصل مستقطعة من كوردستان وان تسميتها بالمناطق المتنازع عليها كان خطأ في اعتقادي  لان هذه المناطق هي جزء لاتتجزأ من ارض كوردستان كمناطق اربيل والسليمانية ودهوك وغيرها ولم تكون محل نزاع بين الكورد والعرب في يوم ما لنسميها بالمناطق المتنازعة وانما هي اراضي كوردستانية على مر التاريخ ارضا وشعبا ، وان سياسة التعريب والترحيل والتهجير التي قامت بها الانظمة السياسية المتعاقبة على الحكم في العراق لتغيير ديموغرافية هذه المناطق هي اكبر دليل على ذلك .                                                                               
     لذا فان المادة ( 140 ) الدستورية هي مادة كاشفة لواقعة او حالة موجود اصلا وليست منشأة لها ، كما وان التأخير في تنفيذها او حتى عدم تنفيذها ! لايغير من الواقع شيئا ، فان هذه المناطق تبقى كوردستانية ارضا وشعبا ولغة وتاريخا وثقافة وانتماءا لان هذه العناصر والثوابت هي اكبر من اية مادة دستورية . كما ان بامكان حكومة الاقليم رفع دعوى لدى المحكمة الاتحادية على الحكومة المركزية وذلك لعدم قيام الاخيرة بتنفيذ المادة ( 140 ) من الدستور وفي الفترة المحددة لها ، بالاضافة الى انه يحق للسيد رئيس الجمهورية ايضا الطلب الى الحكومة الاتحادية  بتنفيذ المادة الدستورية المذكورة استنادا الى المادة ( 64 ) من الدستور وباعتباره يمثل سيادة العراق ويسهر على ضمان تنفيذ الدستور والمحافظة على استقلال العراق ووحدته .                                                                                                                                             
      ان بقاء هذه المناطق خارج اقليم كوردستان بالتأكيد سوف تزيد من المشاكل بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم وبين كل فترة واخرى تظهر مشكلة جديدة آخرها القرار الصادر بانزال العلم الكوردستاني من على المباني الحكومية في قضاء خانقين مما ادى الى ردود افعال كثيرة في الشارع الكوردي ، متجاهلا بهذا القرار بان للشعب الكوردي كامل الحقوق في هذه المناطق قبل غيره استنادا الى الثوابت السابقة الذكر من جهة ، ومن جهة اخرى وحتى استنادا الى المادة ( 140 ) من الدستور فان للشعب الكوردي كامل الحق ايضا في ادارة هذه المناطق وحمايتها بما فيها رفع علم كوردستان وغيرها من التصرفات القانونية لخدمة هذه المناطق وبكافة مكوناتها الى ان يتم تحديد مصيرها بموجب الدستور او اعادتها الى احضان كوردستان .                                                                                                                                       
     اذن فان القرار الصادر بانزال العلم الكوردستاني وبغض النظر عن الجهة الصادرة للقرار يعتبر قرار خاطيء من الناحية القانونية والواقعية ايضا ولايستند الى اي اساس قانوني ، وخاصة انه جاء في وقت كان يأمل الشعب الكوردي والقيادة الكوردية بقيام الحكومة الاتحادية باتخاذ خطوات ايجابية نحو حلحلة المشاكل العالقة بينهم ومنها مسألة المناطق المستقطعة من كوردستان بدلا من تصعيدها .                                                                                                         
 
خدر شنكالى   

29
تركيا والدولة الكوردية المستقلة 
                 
 
      لاشك ان جميع الكتاب والباحثين والمتابعين للشأن الكوردي يدركون جيدا مدى الغبن والظلم والاضطهاد الذي لحق بالشعب الكوردي على ايدي الدولة العثمانية على مر التاريخ وحتى يومنا هذا من احتلال للوطن الكوردي ومحاولة انكار وجودهم اصلا وتسميتهم ب ( اتراك الجبال ) وثم قتلهم وابادتهم .                                                 
         ولو نعود بالتاريخ قليلا ، لنرى من هم اصحاب الارض والوطن ومن هم المغتصبين لهذه الارض ، فالكورد وباتفاق جميع الباحثين والمؤرخين هم من الشعوب القديمة والاصيلة في المنطقة وقد سكنوا فيها منذ فجر التاريخ ، ويقول الدكتور امين زكي ، ان الشعب الكوردي يتكون من طبقتين الاولى ، هم من قبائل هوري ، ميتان ، خالدي ، كاساي ، جوتي ، كوتي ، وكوركي وهذه الطبقات تعتبر الاصل القديم للشعب الكوردي وقد سكنوا المنطقة منذ فجر التاريخ ، اما الطبقة الثانية ، وهي طبقة الشعوب الهند الاوروبية ، حيث استوطنت كوردستان في القرن العاشر قبل الميلاد وسكنت مع شعوبها الاصلية السابقة الذكر وامتزجت معها لتشكل معا الامة الكوردية ، وهذه الشعوب هم الكاردوخيين والميديين .                                                                                             
        اما الاتراك ، فهم من القبائل الرحل التي كانت تسكن  في منطقة اسيا  الوسطى وثم هاجرت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي من موطنها الاصلي الى اسيا الصغرى أي في بلاد الرافدين واستقروا فيها نظرا لخيرات هذه المنطقة وطبيعتها الخلابة ، وبعد ان دخل الاتراك الاسلام ، حاولت وبحجة الفتوحات الاسلامية الاعتداء على اقاليم ودول المنطقة واول الدول التي اعتدت عليها واحتلتها هي كوردستان موطن الكورد ، واولى الخطوات التي قاموا بها الاتراك هي محاولاتهم لصهر القومية الكوردية في بوتقة القومية التركية ومحو ثقافتهم وتراثهم ولغتهم ، ونستطيع القول انهم والى حد ما قد نجحوا في ذلك سابقا حتى وصل الامر بهم الى انكار وجود الكورد اصلا في موطنهم الاصلي كوردستان . ونحن هنا لسنا بصدد التعمق في الامور التاريخية سوى ما يستوجب الذكر في موضوعنا هذا ، فان الشعب الكوردي اليوم وعلى الرغم من ماعاناه في الحقبة السابقة فانه على استعداد ان يقول للدولة التركية والشعب التركي ( عفا الله عمّا سلف ) وتعالوا لنبدأ صفحة جديدة مبنية على اساس التعاون والاحترام المتبادل وحسن الجوار ومبدأ تقبل الآخر وقد اثبت التاريخ بان العنف لايولّد الا العنف وان المشاكل لايتم حلها الا عن طريق الحوار والتفاهم ولاشك عندما يعم السلام والاستقرار في أي بلد سوف يعود بالخير والفائدة على دول الجوار .                                                                                                                                                                                                                                 
        ان مايجري في تركيا من قتال مستمر بين الشعبين الكوردي والتركي وعلى مدى قرون طويلة نتيجة لعدم اعتراف تركيا بالحقوق القومية والشرعية للشعب الكوردي ، ونحن كشعب كوردي ومع انه نعتبر ان القضية الكوردية هي قضية واحدة لاتتجزأ سواء كان في تركيا او العراق او ايران او سوريا أي الدول التي جزّأت دولة كوردستان الكبرى واحتلتها لحد اليوم ، الا انه ومع ذلك نعتبر ( ومن الناحية الواقعية على الاقل  ) بانه يعتبر شأنا داخليا لهذه الدول لايجوز التدخل فيه استنادا الى مبدأ السيادة ومبدأ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واللذان يعتبران من اهم مباديء القانون الدولي العام ، الا مايتعلق بانتهاكات حقوق الانسان وعند ذلك يحق للمجتمع الدولي التحرك والتصرف ازاء ذلك  وبالمقابل ايضا واستنادا لهذه المباديء فانه لايجوز ايضا لهذه الدول التدخل في الشؤون الداخلية لدولة العراق وخاصة في اقليم كوردستان الذي يشارك هذه   الدول في معظم حدوده.                                                                                           
       اذن وبناءا على ذلك وعلى الرغم من التداعيات السياسية التي قد تظهر هنا وهناك ، فان الشعب الكوردي في اقليم كوردستان العراق له كامل الحق والمشروعية في اعلان دولتهم المستقلة بناءا على مبدأ حق تقرير المصير  الذي اقره القانون الدولي
 
العام والذي على اساسه تمتعت  الكثير من الشعوب بحقها في تقرير المصير واعلان دولهم المستقلة كما حصل اخيرا في دولة جنوب السودان، وان اعلان هذه الدولة واستقلالها سوف يكون في مصلحة الدول المجاورة وبالاخص تركيا وايران لان الدولة الكوردية وبمجرد استقلالها سوف تمتلك كامل الحق في التصرف وبما يؤمن استقلالها وسيادتها وفي نفس الوقت عليها واجب احترام سيادة الدول الاخرى وعدم التدخل في شؤونها وذلك بالحفاظ والسيطرة على كامل حدوها مع الدول المجاورة وعدم جعلها مصدر قلق لجيرانها وان الدولة الكوردية كلما كانت قوية كلما ادت ذلك الى الحفاظ على استقلالها وسيادتها وحدودها ، كما انها سوف تكون دولة غنية بخيراتها وثرواتها وبخاصة النفط ولاسيما انها تتمتع بموقع ستراتيجي كبير في المنطقة وكل ذلك سوف تؤدي بالتأكيد الى ضرورة اقامة علاقات طيبة وتبادل للمصالح المشتركة بينها وبين الدول المجاورة وبالاخص تركيا لانها اصبحت تفقد الثقة بانضمامها الى الاتحاد الاوروبي بل اصبحت علاقاتها مع الاخير مهددة بمجرد ترأس قبرص لرئاسة الاتحاد الاوروبي في العام المقبل ناهيك عن علاقاتها التي اصبحت متوترة جدا مع اسرائيل بعد ان كانت حليفة لها على مدى سنين طويلة كما ان علاقاتها مع ايران ايضا مرشحة للتوتر بسبب سماحها لدول الناتو باقامة نظام رادار للانذار المبكر  على اراضيها ، ومن الجانب الآخر فان تركيا تحاول
الآن فتح او مد جسر بينها وبين الدول العربية والانفتاح نحوها بشكل اكثر لخلق نوع من التوازن كما حصل اخيرا بزيارة اردوغان لبعض الدول العربية وحديثه عن الديمقراطية وحقوق الانسان وضرورة احترام رأي الشعوب وتأييده للثورات العربية مما قد يثير ذلك حفيظة بعض الدول وخاصة ايران ، لهذه الاسباب وامام  هذه التغيرات والتطورات وما يمكن التنبؤ به مستقبلا من تطورات سياسية في المنطقة نستطيع القول بان من مصلحة الدول المجاورة ان تكون هناك دولة كوردية في جنوب كوردستان ومن مصلحتها ايضا ان تدعم هذه الدولة بالبناء والاستقرار السياسي والاقتصادي لانها بالتأكيد سوف تكون عامل استقرار سياسي واقتصادي في المنطقة ايضا ، كما وان مسألة اقامة دولة كوردستان الكبرى ليس بالامر المنطقي والواقعي في الوقت الراهن ان لم يكن على المدى البعيد ايضا ، لاننا نرى الكثير من الشعوب ذات القومية الواحدة واللغة الواحدة والدين الواحد وغيرها من الصفات والعوامل المشتركة ورغم ذلك فانها تتوزع بين عدة دول كالدول العربية والعديد من الدول الاوروبية ، اذن فقد آن الاوان ليعبر الشعب الكوردي في جنوب كوردستان عن تقرير مصيره واعلان دولته المستقلة وانهاء حقبة طويلة من التوتر والصراعات والمشاكل في المنطقة  والتي لم تجلب على شعوبها سوى القتل والدمار والخراب.                                                                                                 
                 خدر شنكالى       
 في 20 / 9 / 2011
                                                                                               
   

30
سوريا وضرورة التدخل الانساني   
               
 
     يبدوا ان النظام السوري ( الاسدي ) قد تمرن على قتل شعبه وابادتهم وذلك من خلال سجله الحافل بانتهاكات حقوق الانسان ابتداء من مجزرة حماه عام 1982 ومرورا بالاعتقالات والتعذيب المستمر لاصحاب الرأي من الكتاب والصحفيين والحقوقيين والمدافعين عن حقوق الانسان وعائلاتهم وزجهم في سجون النظام السرية التي لايعرف مكانها غير ازلامه ، والى انتهكات حقوق الانسان التي يمارسها النظام اليوم ، فاذا كانت الانتهاكات السابقة ترتكب بصورة سرية او تعتبر شأنا من الشؤون الداخلية للدولة ، فانه اليوم يقوم بارتكاب ابشع الجرائم امام انظار المجتمع الدولي باسره ولاتزال بعض الانظمة تدافع عنه معتبرا ذلك شأنا داخليا وضرورة اعطاء النظام المزيد من الوقت لابداء الاصلاحات !؟ وكما تقول روسيا صاحبة النظرية الاشتراكية والتي كانت الاولى والاجدر بها قبل غيرها من الدول ان تدافع عن حقوق الانسان ، وكذلك الصين صاحبة النظرية الشيوعية التي من اهم اهدافها هي الدفاع عن الطبقة الفقيرة وذلك من خلال توزيع الثروة على جميع افراد المجتمع بالتساوي .                                                                       
      اذن بماذا تفكر هذه الدول التي تطالب بتأجبل التدخل الانساني في سوريا ؟ هل تريد مزيدا من القتل والدمار لكي تبرر التدخل الانساني ؟ هل ان الشعوب اصبحت ملكا خاصا لهذه الانظمة تتصرف بها كيف ومتى ماتشاء ومع ذلك تعتبر شأنا داخليا ؟ وهل ان العدد ( 2600 ) شخص قتلوا اثناء التظاهرات فقط منذ اندلاعها وحتى الان لايبرر التدخل الانساني ، هذا ماقالته ( نافي بيلاي ) مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان ؟ ناهيك عن عدد الاشخاص الذين لم يتم الكشف عن اسماءهم او اللذين تم اعتقالهم ؟ وقد وصفت المفوضية العليا لحقوق الانسان الانتهاكات التي تجري في سوريا على ايدي قوات الامن السورية بانها ( وضع رهيب لحقوق الانسان ) بالاضافة الى سوء وضع الغذاء والرعاية الصحية وتعرض المعتقلين الى معاملة غير انسانية !                                                                                     
      ثم اين الاعراف والمواثيق الدولية والتي تنص جميعها على احترام حقوق الانسان وحرياته ؟ ( ومعروف ان روسيا والصين هما من الدول المؤسسة للامم المتحدة وعضوين دائميين في مجل الامن الدولي !؟ ) منها المادة (2) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص ( لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان دون أي تمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او أي راي اخر ......) . وكذلك ماجاء في ديباجة ميثاق منظمة الامم المتحدة (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا :                                                         
 -  أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف.                                                                                   
 -   وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق     متساوية.                                                                           
 -  وأن نبيّن الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي.                                                         
 -  وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح .                                                                          .
     وكذلك المادة الثانية من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ( لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان دون تمييز بسبب ........ او الراي السياسي او أي راي اخر ....) والمادة الخامسة منه ايضا ( لايعرض أي انسان للتعذيب ولا للعقوبات او المعاملات القاسية او الوحشية او الحاطة بالكرامة ) والمادة التاسعة ( لايجوز القبض على أي انسان او حجزه او نفيه تعسفا ) وغيرها من المواد . والمادة الاولى والثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وذلك نفس المواد من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الصادرين عام 1966 .وغيرها من الاتفاقيات الدولية منها اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الانسانية لعام 1970 واتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها عام 1948 ، والنظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 .                                                                                 
      فرغم كل هذه المواثيق والاتفاقيات الدولية لايزال النظام السوري يقوم بارتكاب ابشع الجرائم بحق ابناء شعبه مع العلم ان سوريا هي من الدول الاعضاء الاصليين في الامم المتحدة وقد اصبحت عضوا فيها عام 1945 كما انها عضوة في مجلس الامن الدولي للاعوام ( 1947 – 1947 و 1970 – 1971 و 2002 – 2003 ) كما صادقت على اغلب او جميع هذه الاتفاقيات الدولية . كما ان قواعد حقوق الانسان تعتبر من القواعد القانونية الآمرة في القانون الدولي وهي ملزمة للجميع حتى الدول التي لم تكن طرفا فيها .                                                                                                                 
      اما الشيء المخجل والمعيب هنا هو الميثاق العربي لحقوق الانسان والذي اعتمد من قبل القمة العربية السادسة عشرة في تونس عام 2004 حيث تنص الديباجة على مايلي :     
( انطلاقاً من إيمان الأمة العربية بكرامة الإنسان الذي اعزه الله منذ بدء الخليقة وبأن الوطن العربي مهد الديانات وموطن الحضارات ذات القيم الإنسانية السامية التي أكدت حقه في حياة كريمة على أسس من الحرية والعدل والمساواة. وتحقيقا للمبادئ الخالدة للدين الإسلامي الحنيف والديانات السماوية الأخرى في الأخوة والمساواة والتسامح بين البشر. واعتزازاً منها بما أرسته عبر تاريخها الطويل من قيم ومبادئ إنسانية كان لها الدور الكبير في نشر مراكز العمل بين الشرق والغرب ما جعلها مقصداً لأهل الأرض والباحثين عن المعرفة والحكمة               .
وإيماناً منها بوحدة الوطن العربي مناضلاً دون حريته، مدافعاً عن حق الأمم في تقرير مصيرها والمحافظة على ثرواتها وتنميتها، وإيمانا بسيادة القانون ودوره في حماية حقوق الإنسان في مفهومها الشامل والمتكامل، وإيماناً بأن تمتع الإنسان بالحرية والعدالة وتكافؤ الفرص هو معيار أصالة أي مجتمع. ورفضاً لأشكال العنصرية والصهيونية كافة التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان وتهديداً للسلم والأمن العالميين، وإقراراً بالارتباط الوثيق بين حقوق الإنسان والسلم والأمن العالميين، وتأكيداً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأحكام العهدين الدوليين للأمم المتحدة بشأن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومع الأخذ في الاعتبار إعلان القاهرة بشأن حقوق الإنسان في الإسلام).                                                                                                                                 
وبناء على ما تقدم اتفقت الأطراف في هذا الميثاق على الآتي: (راجع النص الكامل للميثاق ) وقد دخل الميثاق حيز التنفيذ عام 2008 .                                                                                                 
      فاذا كانت الانظمة العربية ( واقول هنا الانظمة العربية عملا بمقولة لويس السادس عشر الذي قال كلمته المشهورة الدولة انا ) تؤمن بكرامة الانسان الذي اعزه الله منذ بدء الخليقة واذا كان الوطن العربي مهد الديانات وموطن الحضارات ذات القيم الانسانية واذا كانت تؤمن بحق تقرير المصير وحماية حقوق الانسان والسلم والامن العالمي وغيرها من المصطلحات التي لامعنى لها على ارض الواقع ، فاين هي هذه المباديء واين هي هذه الحقوق وهذه الحضارة امام كل هذا القتل والدمار وانتهاك لحقوق الانسان ليس في سوريا فحسب وانما في اغلب الدول العربية ذات الانظمة المتسلطة على رقاب شعوبها وتنهب خيراتها وثرواتها ؟ والطريف بالامر هو ان الدول التي صادقت على الميثاق لحد الآن هي عشرة دول فقط وهم ( الاردن والجزائر والبحرين والامارات وسوريا وفلسطين وليبيا والسعودية وقطر واليمن ) من مجموع 22 دولة ، بعد ان كان ( العراق ) فقط  قد صادق عليه عندما تم صياغته عام 1994 . فيا للمفارقة ! ان الدول التي بادرت بالمصادقة على الميثاق هي الدول التي تنتهك حقوق الانسان اليوم مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن !                                                                 
       فنظرا لهذا التسلط والقمع والقتل للانظمة العربية بحق شعوبها ، وهذا اليأس والصمت والاحباط العربي الذي اصبح همه وشغله الشاغل الحفاظ على كرسي السلطة الذي اصبح اليوم يهتز بفعل ثورات الشعوب العربية الثائرة على هذه الانظمة الدكتاتورية والى الابد ، وان النظام في سوريا يبدوا انه لم يستفيق من نومه الطويل ولم يستفيد من ( او لم يسمع بالاحرى ! ) بما حصل ويحصل الآن في ليبيا ومصر وتونس واليمن ( والحبل على الجرار ) ويبدوا انه على قناعة تامة من السيطرة على زمام الامور كما سيطر غيرها من الانظمة على ثورات الشعوب مثل مصر وتونس وليبيا واليمن !؟ متناسيا بان هذه الثورة وغيرها من الثورات العربية سوف تستمر وتزداد ، واني على قناعة تامة بان جرائم هذا النظام سوف تزداد ايضا ودون رحمة ، مما يجعل المجتمع الدولي امام مسؤولية اخلاقية وانسانية ومن الواجب عليه التدخل لغرض انقاذ هذه الشعوب من المزيد من الكوارث والمآسي والقتل والدمار وانهاء هذه الانظمة الدكتاتورية دون رجعة .                                                                       
                                       
 
 
 
 
 
خدر شنكالى     
في 14 / 9 / 2011



31
هل يحق لمجلس الامن الدولي التدخل في ليبيا ؟ 
                                     
 
     يبدو ان ماحصل ويحصل الآن في ليبيا ليس مجرد القيام بتظاهرات سلمية للمطالبة ببعض الحقوق التي يجب ان يتمتع بها الشعب الليبي كغيره من شعوب العالم ، وان ما تقوم به السلطات الليبية من قمع وقتل وابادة جماعية بحق الشعب الليبي لاتعتبر مجرد محاولة منها لغرض اسكات الاصوات المطالبة بالحقوق والمنادية بالاصلاح ، وانما ماتقوم به هذه الجماهير الغاضبة هي نتيجة لتراكمات سابقة من حرمان وفقدان لابسط الحقوق المدنية والثقافية والسياسية  على الرغم من ان ليبيا تعتبر دولة غنية بالنفط بالاضافة الى موقعها الجغرافي الذي يساعد على ان تكون دولة اقتصادية ونفطية مهمة ومؤثرة في المنطقة .                                                                                 
    والشعب الليبي ومنذ عام 1969 لم يرى سوى نظاما واحدا يتمثل في الفرد الواحد او القبيلة الواحدة التي تتحكم في كل شيء حيث تفعل ماتشاء مستندا في سلطاتها على بعض الاعراف القبلية والعشائرية التي اكل الدهر عليها وشرب ودون وجود دستور ينظم العلاقة بين السلطة والشعب ومدى ما يتمتع بها كل منهم من حقوق والتزامات وحتى دون وجود سلطة رقابية او تشريعية تراقب عمل الحكومة او السلطة ، حيث رأينا وبمجرد قيام الجماهير الليبية بتظاهرات سلمية للمطالبة ببعض حقوقها ، مدى قمعية هذا النظام وتفردها واستأثارها بالسلطة مع اللجوء الى استخدام كافة الاساليب الوحشية والاانسانية ضد ابناء شعبه .                                                                             
    صحيح ان ليبيا هي دولة مستقلة وذات سيادة وعضو في هيئة الامم المتحدة والجامعة العريبة كما انها وافقت او انضمت الى اغلب الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان ومنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948، وان لها كامل الحرية والتصرف بما تمتلك من ثروات وخيرات ولها ان تقوم بصياغة النظام السياسي الذي ينسجم مع واقعها ووضع القوانين والانظمة التي تنظم حياة افرادها باعتبار ان ذلك بعتبر شأنا داخليا لها ، ولكن يجب ان تكون هذه القوانين والانظمة منسجمة ايضا مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية وخاصة المتعلقة منها بحقوق الانسان ، أي يجب ان توضع هذه الاتفاقيات بنظر الاعتبار عند قيامها بسن او وضع القوانين والانظمة الداخلية بحيث تؤدي او تعمل تلك القوانين والانظمة الى حفظ كرامة الانسان وآدميته والتمتع بكامل حقوقه .                           
      لذا فان مسألة حقوق الانسان لم تعد تعتبر من المسائل التي تدخل في الاختصاص الداخلي للدولة وخاصة بعد انشاء منظمة الامم المتحدة عام 1945 والتي تعتبر من اهم اهدافها هو الحفاظ على الامن والسلم الدوليين ، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تقوم المنظمة بممارسة وظائفها وفقا لمبادئها المبينة في الميثاق وتعمل على تحقيق هذه الغاية بعدة طرق قد يصل ذلك احيانا الى حد التدخل في شؤون الدول وهذا التدخل عندئذ يعتبر تدخلا مشروعا استنادا الى احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وبموجب ذلك يحق للامم المتحدة ان تتدخل في شؤون الدول في اية حالة اذا كانت من شأنها ان تؤدي الى الاخلال او المساس بالامن والسلم الدوليين .                                             
    وبما ان انتهاكات حقوق الانسان قد يعتبر تهديدا للسلم والامن الدوليين وهذا ما ذهبت اليه منظمة الامم المتحدة واغلب الفقه الدولي , وذلك باعتبار ان العلاقة السببية بين حقوق الانسان وما يؤدي ذلك الى المساس بالامن والسلم الدوليين هي علاقة احتمالية وليست قائمة دائما وانما يتوقف على طبيعة تلك الحالة او تلك الانتهاكات ومدى جسامتها واختلاف ظروفها ، كما ان قواعد حقوق الانسان قد اصبحت من القواعد الآمرة في القانون الدولي فلايجوز الاتفاق على مايخالفها .                       
   اذن يجوز للامم المتحدة ان تتدخل عند وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان  وان صورة التدخل يتوقف على مدى جسامة تلك الانتهاكات كما وان الجهاز المناط به التدخل لوقف تلك الانتهاكات هو مجلس الامن الدولي الذي عهد اليه مسألة الحفاظ على الامن والسلم الدوليين وفقا لمقاصد الامم المتحدة ومبادئها .                                                                                                   
     وعلى ضوء ماذكر فان مايجري في ليبيا يعتبر انتهاكا صارخا لحقوق الانسان ومخالفة صريحة وواضحة لقواعد القانون الدولي ، وان تلك الانتهاكات وماينجم عنها يعتبر تهديدا للسلم والامن الدوليين وذلك نظرا لحجم المأساة الكبيرة التي يتعرض لها الشعب الليبي وخوفا من حصول هجرة جماعية الى الدول المجاورة بالاضافة الى دخول اعداد كبيرة من المرتزقة من الدول المجاورة الى ليبيا من اجل القتال الى جانب النظام الليبي بالاضافة الى ان هناك الملايين من الاجانب المقيمين في ليبيا منها مايقارب المليون ونصف مصري فقط مقيم في ليبيا وغيرها من الاثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتي بمجملها سوف يشكل بشكل او بآخر تهديدا للسلم والامن الدوليين ، بالاضافة الى ماجاء على لسان الرئيس الليبي معمر القذافي بانه سوف يحرق كل شيء اذا لزم الامر.
وعليه فانه يحق لمجلس الامن الدولي التدخل لوقف هذه الانتهاكات وحماية حقوق الانسان في ليبيا وذلك بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ( المواد 39 – 42 ) حيث يجوز لمجلس الامن الدولي في البداية ان يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لاتتطلب استخدام القوة العسكرية لتنفيذ قراراته وله ان يطلب الى اعضاء الامم المتحدة تطبيق هذه التدابير ويجوز ان يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية واللاسلكية  وغيرها من وسائل الاتصالات وقفا جزئيا او كليا مع قطع العلاقات الدبلوماسية ( م 41 ) من الميثاق وهذا ما بادرت ولجأت اليه فرنسا بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع ليبيا على اثر هذه الانتهاكات وطالبت ايضا باقامة منطقة حظر جوي في المجال الليبي لمنع لجوء النظام الليبي الى استخدام الطيران ضد ابناء شعبه وكاشارة تحذير الى الاسرة الدولية حول مدى خطورة الوضع في ليبيا ، كما قامت جامعة الدول العربية ايضا بتعليق مشاركة الوفود الليبية في اجتماعات الجامعة وكافة المنظمات والوكالات التابعة لها بالاضافة الى مطالبة العديد من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية للامم المتحدة بالتدخل الانساني لوقف هذه الانتهاكات والمجازر التي تحدث في ليبيا وهذا مادعى بمجلس الامن الدولي الى عقد اجتماع طاريء حول الاحداث في ليبيا ،كما طالبت الكثير من المنظمات الحقوقية مجلس الامن الدولي بالتدخل الانساني في ليبيا واصفا ما يحدث هناك بالجرائم ضد الانسانية.                                                                                                               
      واذا رأى مجلس الامن الدولي ان التدابير المنصوص عليها في المادة ( 41 ) لاتفي بالغرض المطلوب جاز له ان يلجأ الى استخدام القوة العسكرية عن طريق القوات البرية او البحرية او الجوية وذلك من اجل الحفاظ على الامن والسلم الدوليين او اعادته الى نصابه ( م 42 ) . وهذا طبعا لايتعارض مع مبدأ السيادة الذي يتمتع بها ليبيا باعتبارها دولة مستقلة ذات سيادة والذي يعتبر ايضا من المباديء المهمة في القانون الدولي ، وذلك لان انتهاكات حقوق الانسان يعتبر مخالفة لقواعد القانون الدولي وخاصة ان ليبيا تعتبر من الدول الموقعة على ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان وبمجرد توقيعها فانها تكون قد تنازلت وبمحض ارادتها عن هذه السيادة في حالة انتهاكها لحقوق الانسان .                                                                                           
    ولم تقف مهمة مجلس الامن الدولي عند هذا الحد بل له الحق ايضا في احالة مرتكبي هذه الجرائم الى المحكمة الجنائية الدولية لينالوا جزائهم العادل وعلى رأسهم النظام الليبي وكل المتورطين معه باعتبار ان ماقاموا به تعتبر جريمة ضد الانسانية ، ويحق لمجلس الامن الدولي تشكيل محكمة خاصة بذلك او احالتهم الى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .                                                         
     ويجب الاشارة هنا الى ان لمنظمة الامم المتحدة والتي تمثل الشرعية الدولية سوابق عديدة في هذا المجال من اهمها التدخل الانساني في كوردستان العراق عام 1991 وبموجب القرار 688 المعروف بقرار الكورد والذي بموجبه تم توفير الحماية الدولية لكوردستان العراق على اثر قيام النظام العراقي البائد بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ضد الشعب الكوردي ، وكذلك القرار 814 لسنة 1993 بشأن ماحدث في الصومال واعتبار ذلك يشكل تهديدا للامن والسلم الدوليين ، وكذلك التدخل الانساني في هاييتي عام 1994 وفي كوسوفو عام 1999 .                                                   
 
 
 
 

خدر شنكالي                 
 ماجستير قانون دولي عام                       
في 24 /شباط / 2011       
   
         

صفحات: [1]