عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - Al Berwary

صفحات: [1]
1
ما اشبه اليوم بالبارحة عندما نحتفل بعيد الشعانين!
بقلم نافع البرواري
"لا تخافي يا بنتَ صهيون : ها هو ملِكُكِ قادمٌ أليكِ ، راكبا على جحشِ أبن أتان"زكريا 9:9
عندما  دخل الرب يسوع المسيح أورشليم منتصرا في أحد الشعانين تحت مظلة أقواس النصر من سعف النخيل والجموع تهتف له من حوله وتحيّيه ملكا لها ، بينما كان هو راكبا على جحش أبن اتّان ، لقد اصطفَّ الجموع على جانبي الطريق الرئيسي وكان الكثيرين من الناس يبسطون ثيابهم على الطريق ، وكان الآخرون يقطعون أغصان الشجر ويفرشون بها الطريق بطوله وكانت الجموع التي تتقدم يسوع والتي تتبعه تهتف: 
"المجدُ لابن داود ، تبارك الآتي باسم الربِّ !المجدُ في العلى"( الكلمة المجد هي في الأصل: أوصنا وهي كلمة عبرية معناها : خلّصنا ثم استعملت للتحية والهتاف).
كان الناس يصرخون فرحين لانّهم يعلمون أنّ يسوع المسيح يتمّم نبوءة زكرياالقائل:"قولوا لأبنة صهيون : ها هو مَلِكُكِ قادم اليكِ وديعا راكبا على أتانٍ وجحشِ أبن أتان"(زكريا 9:9 ).
كان الناس متوهّمين وكذلك التلاميذ أيضا ، فقد كانوا واثقين من أنّ يسوع المسيح هو المسيح بالحقيقة ، ولكن فكرتهم عن يسوع المسيح كانت خاطئة . فقد كانوا واثقين من أنّه سيكون قائدا قوميّا يعيد الى أُمّتهم سابق مجدها ، ومن ثمَّ فقد أغلقوا اذانهم عن أقوال أنبيائهم وأعموا عيونهم عن رسالة الرب يسوع الحقيقية.
وعندما صار واضحا جليّا أن يسوع لن يحقّق امالهم القومية تحّول كثيرون ضدّه  .
اليوم الكثيرون منّا نحن الذين ندعي كوننا مسيحيين ننظر بنفس نظرة اليهود قبل الفي سنة فنحن ننظر الى الأمجاد الفانية والى القومية (الكلدانية أو الآشورية) ونريد احيائها بينما نترك رب المجد يسوع المسيح لأنّه لم يحقق أُمنياتنا وطموحاتنا وشهواتنا الى السلطة والأمجاد الفانية ، يسوع المسيح جاء ليقول لنا ان المجد الحقيقي هو في تتويجه ملكا على قلوبنا وأن نتبعه لأنّه هو الملك الحقيقي الباقي الى الأبد بينما الملوك والأمبراطوريات السابقة واللاحقة زالت وسوف تزول ، ان الشعب اليهودي الذي كان يمجّد الله ، لأنّهم أعطاهم ملكا ، تكوّنت لديه فكرة خاطئة عن الرب يسوع المسيح، فقد كانوا واثقين من أنّهُ قائد قومي سيعيدُ الى أُمتهم مجدها الأسبق ، ومن ثمَّ صمّوا اذانهم عن سماع كلام حتى أنبيائهم ، فاغمظوا عيونهم وصمّوا اذانهم عن سماع كلام أنبيائهم ، اليست حالة شعبنا المسيحي اليوم في العراق هي نفس حالة اليهود قبل الفي سنة؟
لماذا لا نقرأ احداث الكتاب المقدس لنتعلّم دروسا وعبر عن هذا الكتاب العظيم ؟
هل سيعيد الكثيرين من المسيحيين نفس أخطاء اليهود بسعيهم المستميت في البحث عن القومية الوهمية عبر الرجوع الى الوثنية ماقبل القي سنة؟
هل نقبل أن يبكي المسيح على نينوى كما بكى على أورشليم بعد أحد الشعانين عندما صعد على جبل الزيتون وهو حزين على شعبه ؟
"ولمّا أقترب من أورشليم نظر الى المدينة وبكى ، وقال"ليتُكِ عرفتِ طريق السلام !"لوقا 19:41,42 .
هل نحن لا زلنا لم نكتشف رسالة يسوع المسيح وهي أن نبشّر العالم كلّه ببشرى الخلاص ، وأين أصحاب بدع القومية من هذه الأرسالية؟ هل اولياتنا أصبحت السعي الى المراكز والسلطات والأمجاد والقوميات فأصبحنا كالسلفيين نريد أن نُرجع عجلة التاريخ الى الوراء
ونتوهّم ونعيش في ماضي سحيق لنجتر منه فلا نتطلّع الى غدٍ مُشرقٍ يصنعه الخيّرون من أبنائنا بينما الماضي لم نصنعه نحنُ؟
هل نقبل الحضارة التي صنعها ابائنا في الأيمان ولا زالت حيّة ، وان فترت في مرحلة من مراحل التاريخ وما علينا الآ أحيائها ، أم نتشبّث بحضارات وثنية وآلهة وثنية وملوك وثنيين كانوا يضطهدون أنبيائنا و ابائنا في الأيمان ؟
هذه الأسئلة وغيرها يجب أن نتوقف عندها ونتأمل بها لنختار ما هو سلام لنا كما يقول الرب يسوع المسيح ، فاما أن نختار طريق الموت أو نختار طريق الحياة كما قال الرب لموسى .
وأكيد العاقل منا سيختار من يقول لنا "أنا الطريق والحق والحياة".
شكرا والى اللقاء

2
احصائيّات وارقام ومعلومات عن الدول العربية والأسلامية
بقلم نافع البرواري
في الحقيقة انشر هذه الأحصائيات والأرقام والمعلومات التي رصدتها عبر سنين لمتابعتي للشؤون العربية لأضع أمام العالم وأمام الأنسان العربي(المسلم) حجم الكارثة التي تعيشها المجتمعات العربية وهي قد لا تكون واعية لها ، وغايتي هي نشر الحقيقة بقدر المستطاع لكل انسان يعيش في هذه البلدان وفي كل بلدان العالم ليعرف بنفسه المأسات الأنسانية والأخلاقية التي تعاني منها المجتمعات العربية بشكل خاص والمجتمعات الأسلامية بشكل عام وهدفي هو تشخيص المرض وليس معالجته لانّ العلاج كما قال أحد المفكرين يحتاج الى جهود جبارة بل الى معجزة لتغيير المعايير الأخلاقية الخاطئة لدى غالبية الدول العربية والأسلامية ، يقول أحد الكتاب (على سبيل المثال وليس الحصر):
 ان ما فعله العرب والاسلاميون في العراق طيلة الستة اعوام الماضية ، لم يفعله اكبر مجرموا التاريخ الذين عرفتهم البشريه ! كامثال جنكيز خان وهولاكو والتتر والمغول والخلافة العثمانية وستالين وهتلر واي استعمار اخر على وجه الكره الارضيه ، هؤلاء الذين ذكرناهم ومعهم اسرائيل هم اشرف ملايين المرات من الذين قتلوا واغتصبوا ونهبوا ونحروا ودمروا وهتكوا الاعراض من الارهابيين والقتله والمجرمين الذين جاءوا الى العراق ، لاتعليق لديّ فالكاتب عربي مسلم ويقول المثل "وشهد شاهد من اهله".
انّ الأرقام والمعلومات والأحصائيات المدرجة أدناه هي ليست شاملة لجميع فروع الحياة في هذه المجتمعات بل جزء منها وقد نحتاج الى جهود الكثيرين لنزع القناع عن هذه المجتمعات لكشف ما هو مستور ومخبّئ فالأعلام الحالي مسيّر والأنظمة هي دكتاتورية وتحاول بكل الطرق التستر على الكثير من الجرائم والممارسات الغير الأخلاقية هذا بالأضافة الى عدم وجود تقارير عربية عن حجم المشاكل الأخلاقية في هذه الدول ، كلِّ ذلك يشكّل عائقا لعدم وجود ارقام واحصائيات دقيقة للكثير من الأمور الأخلاقية التي لا يتم الكشف عنها في هذه البلدان .
 احصائيات عبر القناة الفضائية العربية:
27 ترليون دولار بيد 7 ملايين انسان في العالم فقط والنسبة الكبيرة من هؤلاء هم من الدول العربية الأسلامية حيث هناك 300 الف شخص عربي يملك كل واحد منهم أكثر من واحد(1) ترليون دولار أي الف مليون دولار لكل واحد (حسن بن طلال على أحد القنواة الفضائية ).
في تقرير للقناة الفضائية العربية :
مليارات من الدولارات تنفق على مراسيم الأعراس في الدول العربية وخاصة الدول البترولية منها(عن منظمة النشاطات بلا حدود).
80% من السعوديين ودول الخليج ضحايا الكسل وتنتشر الأمراض العصرية  فيهم مثل السكري وضغط الدم والأمراض القلبية بسبب السمنة(القناة العربية في 16-2-2007 ).
ويتم صرف 6 مليار دولار لشراء الأدوية والعلاج ونسبة الأمراض السكرية في هذه الدول اعلى من دول العالم.
25000 حادثة اعتداء جنسي في مصر فقط لسنة 2006- 2700 منها الأعتداء باللمس والفاض بذيئة.
5000 أمرأة تُقتل في باكستان فقط بسبب الشرف (كما يقولون)ولا توجد أحصائيات في الدول العربية لأن هذه الدول دائما تعتّم على الحقائق.
50% نسبة الأحباط الجنسي في الدول العربية(قناة ام بي سي العربية).
4 حالات طلاق للدقيقة الواحدة في مصر فقط .
تقرير لمنظمة أمريكية تضع 4 دول خليجية في لائحة الدول السوداء لأنّ هذه الدول تتاجر بالرقيق(اين تحرير العبيد في الأسلام؟) حيث تستغل الأطفال والنساء والعمال لاستغلالهم في البيع والشراء.
الدول العربية تلقت 4200 شكوى من قبل منظمة حقوق الأنسان خلال ثلاثة سنوات فقط  حيث لازالت هذه الدول على راس الدول التي تنتهك حقوق الأنسان وتصف المنظمة هذه الدول بالتقاعس عن محاسبة مرتكبي الأنتهاكات(علما أنّ أغلب الدول العربية قد صادقت على وثيقة حقوق الأنسان مع التحفظ في بعض مواد الوثيقة خاصة بخصوص المرأة ).
في تقرير بريطاني حول المدارس الأسلامية في بريطانية يقول التقرير:
32 الف طفل معرّضون للأسائة الجسدية للأطفال المسلمين ربع منهم اسائة جنسية و700حالة اعتداء كل أسبوع و500 شكوى تُبلغ الى الرعاية الأجتماعية.
نسبة حوادث المرور في الوطن العربي 40000 حالة وفاة و60% منهم شباب.
71% من العرب ايّدوا انتخاب أحمد محمد نجادي كرئيس للجمهورية الأسلامية الأيرانية(بينما شعبه يرفضه)!!!
وفي استفتاء لقناة الجزيرة العربية  85% من العرب  أيدوا ما يقوم به بن لادن والزرقاوي من الأعمال الأرهابية كما أن قسما كبيرا منهم أعتبر الزرقاوي شهيدا(لاتعليق!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!)
في برنامج على نفس القناة اعلاه (الأتجاه المعاكس) تم الأستفتاء على رأي العرب المسلمين على حذف آيات قرانية من المناهج الدراسية في هذه الدول(والتي تحرّض على الأرهاب والعنف) وكانت النتيجة مرعبة.
68% لا يؤيّدون بينما فقط32 % يؤيدون رفع هذه الآيات .
السؤال اليس هذا دليلا قاطعا على ان ادعاء العرب عدم علاقتهم بالأرهاب هو كذب ونفاق؟
ويقول السيد القمني المفكر العربي المتنور والذي هُدد بفتاوى الشيوخ "انّ 96% من المسلمين يؤيّدون المجازر في العراق"طبعا هذا كان في سنة 2004 .
60%من نساء الخليج العربي يمارسمن الشعوذة والسحر والحجاب وهناك مليون عرّاف وساحر ومشعوذ في الدول العربية ويتم صرف 5 مليار دولار لهذه الشعوذات في كل سنة .
40%من نساء دول الخليج يمارسن اللواط والسحاق(دكتورة عالية شعيب)استاذة فلسفة الأخلاق في احدى الدول العربية(برنامج اضاءات القناة العربيةفي 1-10-2004 ).
80% من زواج المسيار في السعودية فقط ينتهي بالفشل(هو ليس زواجا بل زنا مشرّع ومقنّع) هذا عدا انتشار رهيب للتخلص من الجنين وهو في بطن امه بسبب الزيجات الغير الشرعية والتي شرّعها شيوخ الفتاوى في الأسلام.
50 مليون مسلم شاذ جنسيا (من موقع اسلامي عبر الأنترنت في برنامج النواعم على القناة الفضائية .MBC
نسبة العزوبية في الدول العربية يتجاوز 35% (القناة العربية ).
20 الف يمني يموت بسرطان القاة في اليمن وهناك احصائية تقول انّ نسبة المدمنين على القاة حوالي 60-70% وحوّل اليمنيون الأراضي المزروعة بالفواكه الى زراعة القاة  .
دراسة لمنظمة دولية أثبتت أنّ الفرد العربي أقلُّ قراءة من بين دول العالم فهو يقرأ ربع الصفحة في السنة ، بينما الفرد الأمريكي يقرأ 11 كتاب في السنة !!!!!!!!!!!!!"وكمايقول الكاتب الكويتي الدكتور أحمد البغدادي :الأمة  الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة"أقرأ ",ومع ذلك تعد من أقل أُمم الأرض قراءة للكتب .أو بالأصح لا تقرأ"
أي أن الفرد العربي يخصّص 6 دقائق للقراءة في السنة بينما الفرد الأمريكي 36 ساعة في السنة ، هذه الأرقام تُظهر حجم الجهل والأزمة الفكرية والفجوة الثقافية بين الدول العربية والعالم . وفي تقرير البنك الدولي لسنة 2008 (المصدر قناة الجزيرة) تراجع في عدد الداخلين الى التعليم في المدارس الحكومية
وحوالي نصف خريجي الكليات والمعاهد ليس لهم فرصة للعمل  .
تقرير التنمية الأنسانية مستمد من دراسة لحوالي 80 عالم عربي في الدول العربية يؤكّد عدم استقلال القضاء في الدول العربية وهناك تدجين للقضاء والهيمنة عليه من قبل الأنظمة الحاكمة بينما القضاء في جميع دول العالم هو سلطة مستقلة تراقب السلطة التشريعية والتنفيذية في العالم المتحضر.
تقرير من الأمم المتحدة عن اموال طائلة مجهولة يتم صرفها على ترسانة الأسلحة وعلى الأمن والجيش  بما لا يقاس بما تصرفه هذه الدول في مجال التنمية والتعليم وهناك أحصائيات مثلا في دول الخليخ 25% من الميزانية تصرف لشراء الأسلحة وفي بعض الدول 50% .
نهب وحرق 108 بيت عبادة وكنائس فقط في عام 2007 في أندنوسيا ولا توجد احصائيات لحرق الكنائس في العالم العربي والأسلامي .
هذه أحصائية لمجمع الكنائس العالمية (قناة النور). استطلاع  للرأي اجرتة في 19 دولة أوربية ظهر أنّ الغالبية من الأوربيين لا يرغبون في قبول المسلمين في مجتمعاتتهم (ابحثوا عن السبب).
عن الشيخ أحمد القطعاني في مقابلة على الجزيرة يوم 12-12-2002
انّ أعداد المتنصرين من المسلمين في أفريقيا فقط بلغت 6 مليون متنصر سنويا أي بمعدل 16 ألف متنصر في اليوم ويضيف قائلا انّ حملة التنصير أضخم من أن تستطيع الدول العربية الوقوف أمامها ، اما عدد الجزائريين فهو 10 ألف نسمة في السنة هذا بالأضافة الى الغير معلن عنهم .
التقارير السنوية للأمم المتحدة تضع الدول العربية من اوائل الدول التي ينتشر فيها الأرهاب وهي مركز ألأرهاب في العالم وتضع تلك التقارير ايران وكوريا والسودان وسوريا كممر للأرهاب الى العراق .
وجود اكثر من 1225 منظمة ارهابية اسلامية في العالم عدا الأرهاب على مستوى الأفراد والخلاية النائمة (القناة العربية برنامج صناعة الموت) ، وحتى بين المسلمين المقيمين في الخارج هناك نسبة لابأس بها (حوالي 8% يؤيّدون العمليات الأرهابية فقط في أمريكا لوحدها من مجموع 2,5 مليون مسلم  أي حوالي 184ألف شخص يؤيّدون الأرهاب وهم يعتبرون خلاية ارهابية نائمة (عن معهد بيو للأبحاث )المصدر القناة العربية ليوم 23-5-2007 .
8% من المسلمين يبرّرون العمليات الأنتحارية (أي التي تقتل حتى الأبرياء المدنيين)(عن معهد كيول للأبحاث ).
80% من الشباب العربي يرغبون اللجوء الى الدول الغربية لأسباب كثيرة .
وهناك 35 مليون شاب عربي مهاجر في الغرب(القناة العربية 29-4-2008 ويشكلون 12% من السكان (ولا ننسى انها عقول تستنزف هذه الدول).
و70الف خريجي الجامعات يذهبوا الى الغرب لاكمال الدراسة وغالبيتهم يستمرون في البقاء في تلك الدول والأسباب كثيرة منها:
الأضطهاد السياسي والفقر وعدم الحصول على الحرية والديمقراطية وغياب حقوق الأنسان في هذه الدول(قناة الجزيرة).
65 مليون أمي في الدول العربية وتشكل النساء اكثر من 70%  وفي العراق وحده هناك حوالي 6 مليون أُمّي(القناة الفضائية الشرقية نقلا عن منظمات دولية).
2 مليون طفل شارع فقط في مصر و250 ألف منهم في القاهرة(احصائية سنة1999).
الدول العربية من بين أكثر الدول فسادا وعلى راس هذه الدول العراق والسودان (لاننسى ان هاتين الدولتين تحكمهما الأحزاب الأسلامية) (تقرير صادر عن منظمة الشفافية العالمية المصدر قناة الجزيرة في 7-11-2006).
اما مبالغ الفساد فتبلغ ترليون دولار بينما الجوع والفقر والألم فهي آفات دائمية في هذه الدول ويضيف التقرير انّ 40 مليار دولار تنفق على الفساد سنويا .
اما البطالة فقد بلغت 15-20% من نسبة السكان.
21% من أطفال السعوديين يتعرضون للأيذاء الجسدي والنفسي(قناة العربية في 3-11- 2008 ).
نسبة الطلاق في الدول الأسلامية تتراوح بين 25-40%(قناة الحياة في 10-3-2010 ).
63% من الأردنيين (على سبيل المثال لا الحصر) يؤيّدون تعدد الزيجات كما تؤكد احدى الدراسات الحديثة. وكأنّ المرأة سلعة تباع وتشترى
في اليمن سوق التجارة بالسلاح مفتوح وهناك 60 مليون قطعة سلاح متداولة في السوق وقد وصلت حوادث القتل والثار في هذا البلد الى 23 الف قتيل وجريح بسبب الخلافات العشائرية ، اليمنيين قضوا على الفواكه (البرتقال والحامض) وزرعوا أكثر من 75% من الأراضي الزراعية بالقاة(القناة العربية).
ثلاثة ملايين فتاة عراقية بين 18 -50 سنة بدون زواج(القناة العربية في 13-6- 2009 ).
 هناك اكثر من مليون ونصف أرملة في العراق بسبب الحروب العربية الأيرانية والحروب العربية العربية والحروب الطائفية الداخلية ومئات الآلاف من اطفال الشوارع.
1,5 مليون مسيحي قتلوا في جنوب السودان فقط خلال سنوات حرب الأبادة التي شنّها النظام الأسلامي في السودان ضد شعب الجنوب السوداني المسيحي  .
استفتاء على قناة الجزيرة ليوم  21-9-2004  حول :هل يجوز اختطاف الرهائن في العراق ؟ وكانت نسبة الذين قالوا نعم 94% !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
اليس من حقنا نحن العراقيين أن نطالب الدول العربية بدم شهدائنا الأبرار الذين اختطفوا وقتلوا دون ذنب اقترفوه؟سؤال موجه لكل من له ضمير من العرب .
14 مليون ايراني تحت خط  الفقر في ايران بلد الثورة الأسلامية والتي تعتبر ثاني دولة بعد السعودية في انتاج النفط . بلغ نسبة البطالة 15% فيما مليارات الدولارات مهدورة لتصدير الثورة الأيرانية الأسلامية(القناة العربية في 9-2-2009 ).
احصائات عربية تؤكد انهيار آلاف المنازل والأبنية على رؤوس الناس بسبب الغش في المواد الأنشائية والفساد المالي والأداري وغالبية هذه الحوادث تحدث في مصر والسعودية (علما أنّ السعودية قبلة الدول الأسلامية يبلغ دخلها اليومي على مايزيد عن 500 مليون دولار) .
90 ألف اصابة بالأيدز فقط لسنة 2006 في الدول العربية اي كل 10 دقائق يصاب شخص بالأيدز ،  (قناة الجزيرة مقابلة مع الدكتورة غنوة  دقدوقي في 4-3-  2000 ).
علما أنّ هذه الدول تتستر على جرائم الشرف ومرض الأيدز والذين لهم عوق نفسي وجسدي .
(أي ذوي الأحتياجات الخاصة) وكذلك يتستّرون على جرائم الثار والقتل وخاصة بين العشائر وهذه المجتمعات لا تزال الكثير منها تحكمها العادات والتقاليد العشائرية.
أكثر الدول التي يبحث شبابها عن الجنس هي في الدول الأسلامية  بسبب قلة الثقافة الجنسية والكبت الجنسي  70% من الشباب في هذه الدول يشاهدون المواقع الجنسية عبر الأنترنت)  .
الفضائية قالت ما يلي:MBC قناة
أكثر عشرة دول في العالم فسادا هي الدول الأسلامية.
أكثر عشرة دول في العالم فقرا هي الدول الأسلامية.
أكثر عشرة دول في العالم جهلا هي الدول الأسلامية .
في استفتاء على قناة الجزيرة 76% يفضلون  الفتاوى على تطبيق قوانين الدولة أي يفضّلون المرجعيات الدينية على القوانين الوضعية لبلدانهم!!!!!!!!!!!!!!!
85% من العرب لم يؤيدوا محاكمة صدام حسين بسبب جرائمه بحق الشعب العراقي(قناة الجزيرةالفضائية).
45% من الطلاب الجزائريين مدمنون على المخدرات هذه الأحصائية هي نموذج ، ونحن نعلم انتشار المخدرات في مصر والعديد من الدول العربية  .
القنب ثاني مورد للدخل في المغرب العربي ويتم زراعة الحشيش بنطاق واسع في هذا البلد وفي عام 2008 تم ضبط حوالي مئة طن من الحشيش كان يتم تصديره الى الخارج وتم القاء القبض على آلاف الفلاحين والأشخاص المتورطين بذلك .
هذا علما أنّ المصدر الرئيسي للحشيس في العالم اليوم يصدّر من الدول الأسلامية وتاتي بالمقدمة افغانستان وباكستان وايران ولبنان والمغرب العربي اضافة الى القاة الذي ينخر المجتمع اليمني ، والغريب ان هذه الدول الأسلامية تعتبر تصدير هذا الأفيون القاتل حلال طالما يباع الى الدول الغربية (المسيحية الكافرة!!!!!!!).
20 مليون مدمن مخدرات في "الدولة الأسلامية في ايران" فقط مع انتشار ظاهرة البغاء والتجارة بالرقيق الى يومنا هذا.
 أصبح في السعودية أكثر من مليون عانس ، وأكثر من50 % من النساء عاطلات عن العمل، وتبلغ البطالة في صفوف الشبان السعوديين أكثر من26%  .

تقرير منظمة العفو الدولية عن وضع حقوق الانسان في العالم عام 2009
تقرير الأمم المتحدة: المرأة في العالم العربي ضحية العنف والتطرف .
يقدم تقرير البرنامج الانمائي للأمم المتحدة حول اوضاع المرأة العربية ، ويصف مشاركتها السياسية بالـ «تجميلية» لتحسين صورة الأنظمة.
ويرى التقرير ان صعود الحركات الاسلامية في العالم العربي ساهم في كبح نهوض المرأة في العالم العربي ، أكثر من 93% من السعوديين لايوافقون على قيادة المرأة للسيارة وهذا كان ردا لتقرير من الأمم المتحدة يطالب السعودية بالغاء الحضر المفروض على قيادة النساء للسيارات.(عن صحيفة السبق السعودية) ،
 المنظمات الدولية الأنسانية تضع الدول العربية في طلائع الدول التي تشكل خطرا أثميا ضد الأقليات وخاصة المسيحية .
العراق هو في صدارة هذه الدول التي يمارس القتل والأبادة الجماعية والقمع وتاتي السودان والصومال واليمن (عن القناة العربية في 2-7-2009 ).
هذا وسوف نتكلم في مقالاتنا اللاحقة (انشاء الله) عن الأرهاب والفكر الديني المتطرف وفتاوى التحريض على الأرهاب والأضطهادات للأقليات والقتل الجماعي لهذه الأقليات وازمة العقل العربي وغسيل المخ والفساد .....الخ
شكرا والى اللقاء

3
دراسات في الكتاب المقدس
الجزء الثالث
الفداء
الفداء في الكتاب المقدس، يعني التحرّر من عبوديتنا  للخطيئة، فجميعنا قد أخطأنا وسنخطئ أيضا مما يجعلنا عبيدا للخطية، ولا نستطيع ان نُخلّص انفسنا من عواقبها.
وهنا يأتي الفداء الذي يتكوّن من جزئين:
أولا : الفدية، أي الثمن الذي يدفع عقابا عن الخطيئة.
ثانيا : البديل الذي يدفع العقوبة عنّا.
فنحن نسمع ونقرا عبر التاريخ أنّ الأسرى في الحروب كانوا يتحررون (يطلق سراحهم) امّا بفدية مالية(ثمن يدفع) أو بفدية نفس عن نفس ، وكما يقال فدَيته بمالي أو فديته بنفسي.
الفداء هو أن يحمل اخر آلامك واحزانك وخطاياك ويفدي نفسه من أجلك ، والسبب لأنّه يحبك حتى أنّه يُفديك بدمه ، ويسوع المسيح احبنا ومات من أجلنا على الصليب الذي يرمز الى هذه المحبة. فالمحبّة الغير المشروطة تجعل لذبيحة المسيح قيمتها الفدائية والتكفيرية فوجود شخص الأبن الألهي في المسيح ، ذلك الشخص الذي يفوق البشر وفي الوقت نفسه يشمل جميع اشخاص البشر. والصليب عند الهالكين جهالة امّا عندنا فهو عربون الحياة الجديدة في العهد الجديد حيث تمم يسوع عمل الفداء نهائيا بتقديم حياته ذبيحة على الصليب لأجل خطايانا، بعد أن حررنا يسوع المسيح ودفع ثمن الخطيئة وهو الموت بموته على الصليب وقيامته  فالخلاص والمصالحة مع الله  لم يكن ليتم لولا ثمن باهض وفادي عظيم . الصليب هو الذبيحة الوحيدة للمسيح الوسيط الوحيد بين الله والبشر.
والرسول بولس يقول:"والله اشتراكم ودفع الثمن، فلا تصيروا عبيدا للناس"1كورنثوس7:23
كان الرق(العبيد) أمرا شائعا في الأمبراطورية الرومانية، وكان بعض المسيحيين في كورونثوس من العبيد، ويقول الرسول بولس انّهم وأن كانوا عبيدا للناس، الآ أنّهم أحراراً من سلطان الخطيئة على حياتهم. وهذا يعني انّ الناس يبقون عبيدا للخطيئة الى أن يسلّموا حياتهم للمسيح الذي يستطيع وحده أن يقهر قوّة الخطية، فلا يعود لها سلطان على الذين اشتراهم المسيح وحررهم من العبودية للخطيئة لانّه حرر المؤمنين به . انّ كل من يعمل الخطيئة يكون عبدا للخطيئة " وماذا ينفع الأنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ وبماذا  يفدي الأنسان نفسه؟"متي 16:26 .

لقد ظنّ تلاميذ المسيح انّ حياة يسوع وقوته(معجزاته) ستخلّصهُم من سلطان روما، ولكن يسوع قال انّ موته هو الذي يخلّصهم من الخطيئة، وهي عبودية أقسى من عبودية روما 
الفداء هو الموضوع المحوري في الكتاب المقدس ففي العهد القديم، كان تقديم الحيوانات ذبائح، هو الوسيلة التي رسمها الله لغفران خطية الأنسان، فكان كل فرد يقدم حيوانا ثمينا ذبيحة، ليبيّن أنه لابد من دفع عقوبة الخطيئة. وفي العهد الجديد، تمم يسوع المسيح عمل الفداء على الصليب لأجل خطايانا، وهكذا لم تعد للذبائح الحيوانية ضرورة، فقد كان هو البديل. وكان دمه هو الدم الثمين الذي دفع عقابا عن خطايانا"عارفين أنّه افتداكم من سيرتكم الباطلة التي ورثتموها من ابائكم، لا بالفاني من الفضة أو الذهب ، بل بدم كريم دم الحمل الذي لاعيب فيه ولا دنس، دم المسيح"1بطرس1:18,19
فنحن لم نقدر أن نتخلّص من الخطيئة بذواتنا بل أنّ حياة ابن الله تحرّرنا "كُلُّنا كغنم شردنا وتهنا كل واحد الى سبيله ، فاثقل الربُّ كاهله بأثم جميعنا"اشعيا 53:6 .
.يقول الرب يسوع المسيح"لآنّ ابن الأنسان جاء لا ليخدِمَهُ الناس، بل ليَخدِمَهُم ويفدي بحياته كثيرا منهم"مرقس 10:45 .
الفداء هو غرض موت المسيح وهو الذي دفع الثمن(ثمن التحرير من الخطية والموت)وبدمه الطاهر جعل الذين قدّسهم كاملين الى الأبد"عبرانيين 9:15 .
 وليس هناك التحرر من الموت والخطيئة الآ بالأيمان بالتبرير المجاني  بنعمة المسيح يسوع  الذي افتدانا وصار دمه كفارة لكل من يؤمن به "روميا 3:24,25 .
السؤال الذي يُطرح دائما: لماذا يسوع المسيح وحده فادي البشرية؟
لماذا لا يمكن أن يفدي انسان أخيه الأنسان للخلاص الأبدي؟
لو فرضنا ان انسان مُذنب وقف امام القاضي وهو مستحق الموت بسبب جريمة قام بها فهل يمكن أن يطلب من القاضي ان يدفع المال او شخص بديل عنه مقابل اطلاق سراحه؟ الأجابة طبعا لا يقبل هذا الفداء من القاضي. فما بالنا ونحن البشر وكلُّنا مذنبين نقف امام عرش الله في يوم الدينونة؟
فكلنا مذنبون ومستحقون الموت امام محكمة الله .
يقول كاتب المزمور"الأنسان لا يَفتدي نفسَهُ ولا يُكفِّر لله عنها. فدية النفس باهضة (غير محدودة ) ولا تكون ابدا كافية"مزمور49:8,9 .
كل البشر خاطئين لا يستطيعون فداء انفسهم لانّهم اسرى عبودية الخطيئة .
نعم فدية النفوس باهضة وغير محدودة ولا يمكن دفعُها مدى الحياة فقط يسوع المسيح هو الشخص الوحيد والفريد والعجيب الذي تنطبق عليه شروط الفدية وهو الشخص الوحيد القادر على خلاص البشرية من حكم الموت بسبب الخطيئة اللامحدودة ضد الله .
1- فدم المسيح الطاهر يستطيع ان يُطهّرنا من الخطيئة فهو كانسان كامل لم يحمل خطيئة و لم يستطع حتى اعدائه أن يبكّتوه على خطيئة "من منكم يبكّتني على خطيئة"
ويقول الرسول بطرس"فالمسيح تألّم من أجلكم ...ما ارتكب خطيئة ولا عرف فمه المكر....وهو الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة حتى نموت عن الخطيئة فنحيا للحق"1بطرس2" .
اما اشعيا النبي فيقول عن المسيح:"ظُلم واُذلَّ، ولكنه لم يفتح فاه، بل كشاة سيق الى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها "اشعيا 53:7 .
2- هو الوحيد الفريد الذي عاش حسب شريعة الله وحسب مطاليب الله واطاعة الله حتى الموت، موته على الصليب فهو وحده الذي له الحق في أن يُطلقنا "يحررنا" من" الحكم " لأنّه وحده الذي عاش حياة كاملة من كل وجه(عبرانيين7:26,27 ) .
"وكما أنّه بمعصية انسان واحد صار البشر خاطئين ، فكذلك بطاعة انسان(يسوع المسيح)واحد يصير البشر ابرارا"روما 5:19 .
ولكي يحرّرنا من عواقب الخطيئة (الموت) فلا بدَّ من دفع ثمن باهظ بدل عنا وهذا مافعله المسيح على الصليب لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل لتكون له الحياة الأبدية.
" أنت الذي يحقُّ له أن يأخذ الكتاب ويفضّ ختومه، لأنّك ذُبحت وافتديت أُناسا لله بدمك من كلّ قبيلة ولسان وشعب وامّة"رؤيا5"9 .
 3- الخطيئة غير محدودة وعقوبتها غير محدودة " والخطيئة دخلت العالم بانسان واحد ، وبالخطية دخل الموت. وسرى الموت الى جميع البشر لأنّهم كُلّهم خطئوا" روما:5:12 .
ولهذا يجب أن يكون الفادي غير محدود ولا تنطبق هذه الصفات الا على شخص يسوع المسيح الآله الغير المحدود وفي نفس الوقت هو انسان كامل يستطيع أن يمثل الأنسان كوسيط بين الله والأنسان ( انسان واله) و شفيعا لدى الله لكونه ابن الله ، لأنّ الوسيط يجب ان يحمل صفات بشرية وصفات الهية للتصالح بين الله وبين البشر(ونستطيع ان نقول يجب أن يكون الوسيط مترجم بين لغة الله ولغة البشر للتفاهم على العهد الجديد عهد المصالحة بين السماء والأرض "...فاذا كان الموت بخطية انسان واحد ساد البشر ...فبالأولى أن تسود الحياة بواحد هو يسوع المسيح أولئك الذين ينالون فيض النعمة وهبة البرِّ"روما 5:17 .
وها هو يوحنا المعمذان يعترف بيسوع المسيح حامل خطايا العالم فيقول:
"ها هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم"يوحنا 1:29 .
نعم كان دفع عقوبة الخطية يتم بتقديم ذبيحة وقد اختار الله أن يقدم الذبيحة بنفسه.
4- يجب ان لا يحمل الفادي الطبيعة البشرية الفاسدة (أي الولادة الجسدية نتيجة العلاقة بين الرجل والمراة) لأنّ الكتاب يقول عن نسل ابوينا ادم وحواء انّهم أخطئوا واعوزهم مجد الله وليس هناك انسان بار أو صالح ولا احد الجميع زاغوا وفسدوا"روما 3:9,10,11,12 .
اما يسوع المسيح فولادته معجزيّة من ام عذراء محبولة( بلا دنس )من الروح القدس. فهو لا يحمل الطبيعة الساقطة كما نحملها نحن المولودين بالطبيعة الجسدية نتيجة الخطية التي شوهت صورة الأنسان فجاء المسيح ليعيد بهاء هذه الصورة ويعيد علاقتنا مع الله .
وحده يسوع البار يستطيع تبريرنا فهو القاضي في المحكمة الذي يستطيع ان يقول للمتهم"غير مذنب" هكذا عندما يمحوا الله ذنوبنا وتصبح صفحتنا بيضاء ناصعة.
5- لا تستطيع حتى الملائكة أن تفدي البشرية لأنّها هي ايضا مُلكها لله فكيف تعطي للبشرية ما ليس لها وهكذا الأنسان لا يستطيع ان يفدي انسان اخر لأنّ حياته ليست ملكه ولأنّ الكتاب المقدس يقول "وقلّما يموت احدً من أجل انسان بار"روميا 5:7  فما بالنا من انسان بار يموت من أجل خاطيء. وحده الرب يسوع المسيح قال عن نفسه "لي سلطان أن أخذها ولي السلطان أن استردها."الأنسان لا يَفتدي نفسَهُ ولا يُكفِّر لله عنها. فدية النفس باهضة ولا تكون ابدا كافية"مزمور49:8,9 .
هكذا يسوع المسيح قدّم نفسه لله بروح ازلي ذبيحة لا عيب فيها يُطّهر ضمائرنا من ألأعمال الميّتة لنعبد الله الحي .
فموته يشير الى الفداء والغفران ، فبالفداء دفع ثمن تحريرنا من موت الخطية وبسفك دمه على الصليب غفر خطايانا ومسحها فكان الذبيحة الكاملة والنهائية.
السؤال المطروح
"وسمعت كلّ خليقة في السماء والأرض وتحت الأرض وفي البحر والكون كلُّه تقول:"للجالس على العرش وللحمل الحمد والأكرام والمجد والجبروت الى أبد الدهور"رؤيا 5:13 .
"هنيئا للمدعوِّين الى وليمة عُرس الحمل!"رؤيا

4
وحدة المؤمنين وفرحهم وسط الآلام والأضطهادات
الجزء الأول
نافع البرواري
ونحن اذ نتأمّل في هذه الأيام المباركة بآلام الرب يسوع المسيح وهو في طريقه الى الجلجلة حاملا أحزاننا وأوجاعنا مصلوبا من اجل خلاصنا ومجروحا من أجل آثامنا ومسحوقا من أجل معاصينا ،......مع أنّه لم يرتكب جوراً ولم يكن في فمهِ غشُّ  "اشعيا 53 .
لقد واجه المسيحيين في الماضي كما يواجهون اليوم اضطهادا عنيفا في مناطق مختلفة من العالم وعبر التاريخ من أجل أيمانهم  (كما يحدث للمؤمنين المسيحيين في العراق كنموذج لهذا الأضطهاد) ويسوع المسيح عرف ذلك وقال لنا:" ...وفي ذلك الوقت يُسلِّمونكم الى العذاب ويقتلونكم. وتبغِضكم جميع الأمم من أجل أسمي"متى 24:9 .
قد يتسائل المؤمنون أحيانا كثيرة لماذا هذه الآلآم والأضطهادات ؟ ولكن الكتاب المقدس يجيب على تسائلاتنا بالقول، لو انّ الله يجيب على كل اسئلتنا ، فلن يتحقق الغرض من امتحاننا  (راجع سفر ايوب) .
فنحن لا نرى كلِّ ما يراه الله ونحن لن نستطيع الأجابة على اسئلة الوجود في هذه الحياة ، ولكن الأهم من هذهِ الأسئلة هو أن يكون لنا ثقة والأيمان في قيادة الله لنا .
1- لأنّه وعد أن يبيد الشر يوما ما "رؤيا  20
وسيمسحُ كُلّ دمعة من عيون المؤمنين"رؤيا21:4
2- وفي نفس الوقت نعلم انّه يُعيننا على استخدام الامنا بطريقة تُقَوّينا وتُمجّده .
فاالألم هو جزء من عملية التنقية التي تحرق كلّ الشوائب ، وتوصلنا للقاء المسيح. كما تُعلّمنا التجارب الصبر ، وتُعيننا على النمو حتى نصبح كما يريدنا الله أن نكون.
"...به (بالله) تبتهجون ، مع انّكم لا بدّ أن تحزنوا حيناً بما يُصيبكم الآن من أنواع المحن التي تَمتَحِن ايمانكم كما تَمتَحن النار الذهب الفاني"1بطرس 1:7 .
من خلال الآلام التي نتعرض لها في حياتنا تتّضح معادننا تماما وتبدو ملذُات الخطية أقل اهمية لنا
 في الآلام يجب أن يتّحدُ جميع المؤمنين ويُصلّون مع بعظهم لأنّهم أعضاء في جسد واحد ، وعندما يتألّم عضو، يتألّم معه كُلّ الجسد ، وعندما تتّحد كُلّ الأعضاء لتخفيف الألم تعود الفائدة على الجسد كُلّهُ .
نعم الكثيرون من الناس يفعلون أي شيئ ليتجنبوا الألم، ولكننا كمؤمنين بالمسيح ينبغي علينا أن نكون مستعدين أن نصنع مشيئة الله وأن نتألّم في سبيل ذلك اذا لزم الأمر ، مقتدين بما عاناه ربنا ومخلّصنا يسوع المسيح من الآلام التي لا تقاس بالامنا ، فحين تتألّم أجسادنا أو تتعرّض حياتنا للخطر ، تتضح معادننا تماما ، وتبدو ملذات الخطيئة أقل أهمية لنا ، في الألم يتّحد المؤمنين معا "أفرحوا كُلِّ الفرح ، ياأخوتي ، حينما تقعون في مُختلف أنواع المحن، فأنتم تعرفون انَّ أمتحان ايمانكم فيه يلِدُ صبرا "يعقوب2:2,3 .
يطلب الرسول يعقوب من المؤمنين ان يحوّلوا المصاعب والمحن الى ازمنة تعَلُّم فالأيّام العصيبة تُعلّمنا الصبر والمثابرة والثبات ، فلا يُمكن للأنسان أن يتعرّف على أعماق شخصيَّته وشخصية الآخرين حتّى يرى كيف يتصرَّف الا وهو تحت ضغوطات الحياة والامها . من السهل على الأنسان أن يكون رحيما عندما تسير الأمور على مايرام ، ولكن السؤال هو هل يستمر رحيما حينما يُعامله الناس بالظُلم ؟ والدرس الأهم الذي نتعلّمه من قول الرسول هو الفرح وسط الآلام والمحن هنا يُختبر المؤمن فيما اذا يبقى ثابتا في ايمانه وينمو هذا الأيمان ليعطيه القدرة على تحمّل الالام والمحن بفرح .
انّ الأيمان المشترك بين المؤمنين المسيحيين يوحّدهم ويقودهم الى المشاركة في الآلام والأفراح ، والروح  القدس يعزّيهم ويشجّعهم على تحمل هذه الآلام بفرح ، فالروح القدس لايهب قوّة غير عادية للمؤمن لكنه يعطيه الشجاعة والجرأة والثقة والبصيرة والقدرات والسلطان طالما يركزّوا أنظارهم على يسوع المسيح المصلوب من اجلهم على خشبة الصليب. انّ الله يُخرج حتّى من الامنا ما هو خير لنا .
يقول الرب يسوع المسيح عن الأيّام التي فيها نعاني من الألام:"....واذ بدأت تتم هذه الحوادث(حوادث الأضطهادات للمؤمنين) ، قفوا وأرفعوا رؤوسكم لأنَّ الخلاص قريب"لوقا 21:28 .
نعم  لنترك القلق من الألم  نحن الأخوة المؤمنون ونتطلّع الى الفرح الآتي ، فرح القيامة والخلاص والسلام ، فالألم قد يأتي من الشيطان وعلى المؤمن أن يقاوم رثاء الذات ، لأنّ المؤمن له وعد من الرب يسوع المسيح .
فعلينا مواجهة الحياة دون أن نفهمم الأجوبة للكثير من الأسئلة والتفسيرات التي يطلقها الغير المؤمنون (الملحدون) فيعتمدون على قوّتهم لتحدي مشيئة الله ومخططه .
انّ التجارب والأحزان ، سواء وقتية أو دائمية ، لايمكن أن تقضي على الهدف الحقيقي للحياة "جامعة 3"11"فليس هدف الأنسان  هذه الحياة القصيرة ، بل على كلّ انسان أن ينظُر الى أبعد من ذلك الى الحياة الأبدية التي تنتظره  .
 ومع الأسف الكثيرون يسقطون في الأمتحان عندما يجتازوا التجارب والمحن والآلام فالصليب عند البعض هو ينتهي على الجلجلة وينسوا انّ ايماننا لا ينتهي بموت المسيح مصلوبا بل ايماننا هو بالقيامة والحياة الأبدية مع يسوع المسيح  .
الذي هو اساس ايماننا وفرحنا وسعادتنا بما لايقاس بألامنا ومعاناتنا في هذا العالم فقد تأتي الأعاصير والزلازل في حياتنا ، قد نتعرّض الى التجريح والأهانات ، قد تأتي الأضطهادات ، قد نُهاجر أوطاننا ، ونفترق عن أحبائنا واصدقائنا وعن اعز الناس لنا (كما حدث للكثيرين من مسيحيي العراق). ولكن علينا أن نتمسك بايماننا بالرب يسوع المسيح كصخرة وكأساس نعيد البناء فوق ما دُمّرَ .
فالألم هو التطهير للنفس ومن خلاله نصل الى علاقة امتن واقوى مع الله .
نعم قد نعاتب ، أحيانا، الله ، ولكن علينا أن لا نعتبر الألم هو عقوبة من الله ، فالله لا يعاقب الناس بالألم (لانّ الهنا اله المحبة وليس الها ساديا) فالألم ليس شرّا .
يسوع المسيح هو زعيم المتألمين فان كنا نتألم معه فانّنا نمجّد معه "ونحن نعلم أنّ الله يعملُ سويّة مع الذين يحبّونه لخيرهم في كُلِّ شيء"روميا8:28 .
والى اللقاء في الجزء الثاني

5
الأرهاب والسقوط الأخلاقي للمجتمعات العربية
نافع البرواري
انّ الذي يتابع الأحداث في الدول العربية منذ هزيمة العرب (سنة 1967) مع اسرائيل والتي سُمّيت نكسة حزيران الى يومنا هذا سوف يتاكد انّ العرب فعلا انتكسوا ولازالوا منتكسين لا بل يزدادون انتكاسا . فمنذ تلك الحرب التي خاضوها مع اسرائيل دخل العرب في نفق مظلم ودوامة الأزمات وهزيمة تلو الهزيمة وتقوقعوا على انفسهم واصبحوا يعيشون في عالم الخيال والاساطير والارتداد الى الدين والتباكي على اطلال الحضارة العربية الغابرة مع بروز ظاهرة قديمة ومستجدّة وهي ظاهرة الأرهاب.
العرب أصبحوا يشكّون في كل شيء حتى بانفسهم فاخترعوا نظرية المُآمرة حيث يعتقدون انّ العالم كلّه عدوُّ لهم وعليهم محاربته بكل الطرق ، خلقوا لانفسهم وهُمْ في ذروة الهزيمة اعداء في مخيّلاتهم المريضة نتيجة صدمة الهزيمة وبدل النهوض والتغيير والتحرر والبحث عن السبب وجذوره للأستفادة من دروس الماضي ومعالجة الواقع ، بدل هذا اصبحوا يعيشون ويتخبطون في ازمة اخلاقية وازمة فكرية وازمة نفسية وازمة ثقافية ايدولوجية وازمة ديمقراطية وازمة رؤيوية وازمة تربويّة سياسية وازمة اقتصادية وازمة مالية وازمة تاريخية وازمة جغرافية وازمة هوية والاخطر من كل هذه الأزمات هي الأزمة الدينية (العقائدية) نتيجة كل الأزمات والأحباطات التي ذكرناها أدت بالمجتمعات العربية الى الأرتداد للدين كمتنفس و كمُنقذ لهم من جميع ازماتهم واحباطاتهم وامراضهم النفسية التي ذكرناها اعلاه فدخلوا في صراعات مذهبية وعقائدية وفقهية ، فتعددت المراجع وتشعبت المفاهيم الدينية والتفسيرية وزادت الفرق المذهبية وتفننوا شيوخ الدين في الفتاوي ووضعوا شرائع وقوانين مُمّلة ومستحيلة التطبيق حتى مسّت هذه الشرائع والفتاوي التفاصيل الدقيقة لحياة الأنسان العربي المسلم ليضيفوا هؤلاء الشيوخ احمالا ثقيلة الى الاحمال القديمة التي كان الأنسان العربي المسلم يأنُّ من ثقلها. فبدأ الأنسان العربي يترنح كالسكران من ثقل تلك الأحمال (الهموم والآزمات) واصبح يفقد السيطرة حتى من انسانيّته وبدا الكثيرون يتصرفون كمرضى عقليا بل اصبحوا وقود ومفخّخات قابلة للأتفجار في كل لحضة .
انّ ما نقوله ليس من محض الخيال بل الوقائع على الأرض تؤكّد وتشهد على ذلك منها :
انتشار ظاهرة العنف والأرهاب في معظم الدول العربية والأسلامية ، فبماذا يبرّرها المسلمون؟ وتصدير افكار الارهاب الى العالم والقيام بالعمليات الأرهابية التي اصبحت الشغل الشاغل في الوسائل الأعلامية في العالم أجمع فبماذا يغطّوها؟
 يقول احد المتخصّصين الألمان بشؤون الأرهاب الأسلامي (المسلمين يختلفون في كلّ شي ولكنهم يلتقون في الأيدلوجية الأسلامية ) ، والسؤال الأخطر الذي طرحناه مراة عديدة ولكن لم نحصل على الأجابة عليه ، ونريد أن نجدد طرحه هو "لماذا
هذا السكوت المطبق والمخيف وهو سكوت مُعظم الحكّام والمسؤولين ورجال الدين والمؤرخين العرب والمسلمين عمّا جرى خلال 1400سنة (ومنذ الغزوات العربية ) وما يجري حتى الآن من مجازر وتشريد وابادة معظم المسيحيين ابناء الأرض الأصلاء لهذا الشرق ؟
وها هو هذا السؤال الذي يطرحه غبطة المطران جورج صليبا ، مطران السريان الأرثودكس ، بطريقة أوضح عندما يقول وعلى منبر احدى القنوات الفضائية المسيحية :
لماذا(ايّها المسلمون) تقتلون المسيحيين المسالمين في الدول العربية والأسلامية؟
لماذا هذا السكوت المطبق من قبل الحكام ورجال الدين المسلمين لكل مايجري من الأرهاب ضدّ مسيحيي العراق ومصر وفي كل العالم الأسلامي؟
اليس من حقنا الحصول على الأجابة الواضحة بشكل فتوى دينية من هذه الدول تستنكر ما يجري بحق المسيحيين في اوطانهم وارضهم ومقدساتهم؟
اليس من حقنا أن نعرف مواقف الحكام العرب والمسلمين مما جرى ويجري من القتل والتشريد والتهجير القسري للمسيحيين دون محاسبة المجرمين الفعلة؟
اليس من حقنا في حالة عدم الأجابة على اسئلتنا أن نشك في وجود مخطط رهيب من قبل هذه الدول العربية والأسلامية لتفريغ هذه الدول من المسيحيين؟
اليس من حقنا أن نعرف ما هو الذنب الذي يقترفه المسيحيين ليحصدوا هذا الأرهاب والموت والخراب؟
اليس من حقنا أن نعرف مصيرنا ومصير مقدساتنا ؟
لماذا هذا النفاق في العالم العربي والأسلامي ، عندما يقولون للمسيحيين شيء ولكنهم في الواقع يفعلون عكس ما يقولونه؟
انهم يتّهمون العالم بالأزدواجية في تطبيق المعايير الأخلاقية بخصوص اسرائيل ولكنهم يفعلون ما هو افضع من الدولة الأسرائيلية المحتلة بما لايقاس عندما لايراعون حقوق مواطنيهم المسيحيين الأصلاء في ارضهم بينما هم أي (العرب )جاءوا محررين!!!!!!!!!!!!
ان من يقرأ دساتير الدول العربية سيقول ان المجتمعات العربية تعيش في المدن الفاظلة ولكن الواقع هو عكس ذلك تماما فهذه الدول لا تطبق دساتيرها ولا القوانين المشرّعة ولا تحترم ابسط حقوق الأنسان بل احيانا ياتي الأنسان في المرتبة الثانية او الثالثة بعد الحيوان .
التعامل السيء في وسائل الأعلام وانتشار افكار ارهابية وتراشق في الفتاوي التي تدعو الى الأرهاب والجهاد في سبيل الله وتحليل الحرام وتحريم الحلال والتلاعب بمشاعر الناس وشحن عقولهم بنيران الغضب والأنتقام ومسخ ومسح عقول الشباب بزرع الأفكار الجهنمية في عقولهم بينما شيوخ المسلمين المتنفذين هم في الحقيقة وعلى الغالب هم بوق السلاطين في الماضي والحاضر يتقاضون اجورهم من حكامهم ليزرعوا افيون الدين الأرهابي في عقول هؤلاء الضحايا من الشباب ،
لابل شعوب الدول العربية تساهم من خلال تقديس رجل الدين وتعبّد الحاكم ليصبح الحاكم في هذه الدول الها والأنسان البسيط عبدا مذلولا. لان التربية الدكتاتورية تبدا في هذه المجتمعات ابتداء من العائلة والمدرسة والجيش وصولا الى اعلى سلطة.
ان فقدان حضارة القيم الأخلاقية في المجتمعات العربية هي تحصيل حاصل لكل ما ذكرناه أعلاه من السقوط الأخلاقي في كافة مجالات الحياة فكيف يا ترى نستطيع أن نعيش في مجتمعات فيها الشر اصبح خيرا والخير شر والحلال حرام والحرام حلالا والأسود اصبح ابيض والأبيض اسود.
كيف كيف كيف ؟..لا أعرف فهل هناك من يعرف ؟
والى حين الأجابة على هذه الأسئلة  نودعكم بسلام.

6
الأرهاب والسقوط الأخلاقي للمجتمعات العربية
نافع البرواري
انّ الذي يتابع الأحداث في الدول العربية منذ هزيمة العرب (سنة 1967) مع اسرائيل والتي سُمّيت نكسة حزيران الى يومنا هذا سوف يتاكد انّ العرب فعلا انتكسوا ولازالوا منتكسين لا بل يزدادون انتكاسا . فمنذ تلك الحرب التي خاضوها مع اسرائيل دخل العرب في نفق مظلم ودوامة الأزمات وهزيمة تلو الهزيمة وتقوقعوا على انفسهم واصبحوا يعيشون في عالم الخيال والاساطير والارتداد الى الدين والتباكي على اطلال الحضارة العربية الغابرة مع بروز ظاهرة قديمة ومستجدّة وهي ظاهرة الأرهاب.
العرب أصبحوا يشكّون في كل شيء حتى بانفسهم فاخترعوا نظرية المُآمرة حيث يعتقدون انّ العالم كلّه عدوُّ لهم وعليهم محاربته بكل الطرق ، خلقوا لانفسهم وهُمْ في ذروة الهزيمة اعداء في مخيّلاتهم المريضة نتيجة صدمة الهزيمة وبدل النهوض والتغيير والتحرر والبحث عن السبب وجذوره للأستفادة من دروس الماضي ومعالجة الواقع ، بدل هذا اصبحوا يعيشون ويتخبطون في ازمة اخلاقية وازمة فكرية وازمة نفسية وازمة ثقافية ايدولوجية وازمة ديمقراطية وازمة رؤيوية وازمة تربويّة سياسية وازمة اقتصادية وازمة مالية وازمة تاريخية وازمة جغرافية وازمة هوية والاخطر من كل هذه الأزمات هي الأزمة الدينية (العقائدية) نتيجة كل الأزمات والأحباطات التي ذكرناها أدت بالمجتمعات العربية الى الأرتداد للدين كمتنفس و كمُنقذ لهم من جميع ازماتهم واحباطاتهم وامراضهم النفسية التي ذكرناها اعلاه فدخلوا في صراعات مذهبية وعقائدية وفقهية ، فتعددت المراجع وتشعبت المفاهيم الدينية والتفسيرية وزادت الفرق المذهبية وتفننوا شيوخ الدين في الفتاوي ووضعوا شرائع وقوانين مُمّلة ومستحيلة التطبيق حتى مسّت هذه الشرائع والفتاوي التفاصيل الدقيقة لحياة الأنسان العربي المسلم ليضيفوا هؤلاء الشيوخ احمالا ثقيلة الى الاحمال القديمة التي كان الأنسان العربي المسلم يأنُّ من ثقلها. فبدأ الأنسان العربي يترنح كالسكران من ثقل تلك الأحمال (الهموم والآزمات) واصبح يفقد السيطرة حتى من انسانيّته وبدا الكثيرون يتصرفون كمرضى عقليا بل اصبحوا وقود ومفخّخات قابلة للأتفجار في كل لحضة .
انّ ما نقوله ليس من محض الخيال بل الوقائع على الأرض تؤكّد وتشهد على ذلك منها :
انتشار ظاهرة العنف والأرهاب في معظم الدول العربية والأسلامية ، فبماذا يبرّرها المسلمون؟ وتصدير افكار الارهاب الى العالم والقيام بالعمليات الأرهابية التي اصبحت الشغل الشاغل في الوسائل الأعلامية في العالم أجمع فبماذا يغطّوها؟
 يقول احد المتخصّصين الألمان بشؤون الأرهاب الأسلامي (المسلمين يختلفون في كلّ شي ولكنهم يلتقون في الأيدلوجية الأسلامية ) ، والسؤال الأخطر الذي طرحناه مراة عديدة ولكن لم نحصل على الأجابة عليه ، ونريد أن نجدد طرحه هو "لماذا
هذا السكوت المطبق والمخيف وهو سكوت مُعظم الحكّام والمسؤولين ورجال الدين والمؤرخين العرب والمسلمين عمّا جرى خلال 1400سنة (ومنذ الغزوات العربية ) وما يجري حتى الآن من مجازر وتشريد وابادة معظم المسيحيين ابناء الأرض الأصلاء لهذا الشرق ؟
وها هو هذا السؤال الذي يطرحه غبطة المطران جورج صليبا ، مطران السريان الأرثودكس ، بطريقة أوضح عندما يقول وعلى منبر احدى القنوات الفضائية المسيحية :
لماذا(ايّها المسلمون) تقتلون المسيحيين المسالمين في الدول العربية والأسلامية؟
لماذا هذا السكوت المطبق من قبل الحكام ورجال الدين المسلمين لكل مايجري من الأرهاب ضدّ مسيحيي العراق ومصر وفي كل العالم الأسلامي؟
اليس من حقنا الحصول على الأجابة الواضحة بشكل فتوى دينية من هذه الدول تستنكر ما يجري بحق المسيحيين في اوطانهم وارضهم ومقدساتهم؟
اليس من حقنا أن نعرف مواقف الحكام العرب والمسلمين مما جرى ويجري من القتل والتشريد والتهجير القسري للمسيحيين دون محاسبة المجرمين الفعلة؟
اليس من حقنا في حالة عدم الأجابة على اسئلتنا أن نشك في وجود مخطط رهيب من قبل هذه الدول العربية والأسلامية لتفريغ هذه الدول من المسيحيين؟
اليس من حقنا أن نعرف ما هو الذنب الذي يقترفه المسيحيين ليحصدوا هذا الأرهاب والموت والخراب؟
اليس من حقنا أن نعرف مصيرنا ومصير مقدساتنا ؟
لماذا هذا النفاق في العالم العربي والأسلامي ، عندما يقولون للمسيحيين شيء ولكنهم في الواقع يفعلون عكس ما يقولونه؟
انهم يتّهمون العالم بالأزدواجية في تطبيق المعايير الأخلاقية بخصوص اسرائيل ولكنهم يفعلون ما هو افضع من الدولة الأسرائيلية المحتلة بما لايقاس عندما لايراعون حقوق مواطنيهم المسيحيين الأصلاء في ارضهم بينما هم أي (العرب )جاءوا محررين!!!!!!!!!!!!
ان من يقرأ دساتير الدول العربية سيقول ان المجتمعات العربية تعيش في المدن الفاظلة ولكن الواقع هو عكس ذلك تماما فهذه الدول لا تطبق دساتيرها ولا القوانين المشرّعة ولا تحترم ابسط حقوق الأنسان بل احيانا ياتي الأنسان في المرتبة الثانية او الثالثة بعد الحيوان .
التعامل السيء في وسائل الأعلام وانتشار افكار ارهابية وتراشق في الفتاوي التي تدعو الى الأرهاب والجهاد في سبيل الله وتحليل الحرام وتحريم الحلال والتلاعب بمشاعر الناس وشحن عقولهم بنيران الغضب والأنتقام ومسخ ومسح عقول الشباب بزرع الأفكار الجهنمية في عقولهم بينما شيوخ المسلمين المتنفذين هم في الحقيقة وعلى الغالب هم بوق السلاطين في الماضي والحاضر يتقاضون اجورهم من حكامهم ليزرعوا افيون الدين الأرهابي في عقول هؤلاء الضحايا من الشباب ،
لابل شعوب الدول العربية تساهم من خلال تقديس رجل الدين وتعبّد الحاكم ليصبح الحاكم في هذه الدول الها والأنسان البسيط عبدا مذلولا. لان التربية الدكتاتورية تبدا في هذه المجتمعات ابتداء من العائلة والمدرسة والجيش وصولا الى اعلى سلطة.
ان فقدان حضارة القيم الأخلاقية في المجتمعات العربية هي تحصيل حاصل لكل ما ذكرناه أعلاه من السقوط الأخلاقي في كافة مجالات الحياة فكيف يا ترى نستطيع أن نعيش في مجتمعات فيها الشر اصبح خيرا والخير شر والحلال حرام والحرام حلالا والأسود اصبح ابيض والأبيض اسود.
كيف كيف كيف ؟..لا أعرف فهل هناك من يعرف ؟
والى حين الأجابة على هذه الأسئلة  نودعكم بسلام.

7

الى جميع كنائسنا في داخل الوطن والمهجر أوقفوا الدعايات الأنتخابية للأحزاب
 
نافع شابو البرواري
قرأنا وسمعنا في الآونة الأخيرة وقبل الأنتخابات المقررة يوم7/3/2010 بأن قامت بعض الأحزاب والتجمعات المسيحية (الكلدانية السريانية الآشورية) في المهجر باستغلال أبنية وقاعات الكنائس للدعايات الأنتخابية, وهذا من وجهة نظر الكثيرين من أخوتي الحرّيصين على عدم ادخال الكنائس في معمة (السياسة) أمراً غير صحيحاً ,ان هذا العمل له محاذير غير لائقة بنا وهي سابقة خطيرة في استقطاب الكنائس وأستغلال منابرها الدينية في الدعاية لهذا الحزب أو ذاك أو لهذه القائمة أو تلك وكأننا لم نتعلم من تاريخ الكنيسة والأنشقاقات التي حدثت فيها بسبب تدخل الدين بالسياسة او تسييس الدين وهذا كان منذ مئات السنين وقد وقع في نفس الفخ الأخوة المسلمين عندما برزت أحزاب دينية (شيعية وسنية) أدت الى نشوء الخلافات الطائفية حتى وصل الأمر (في العراق ) الى القتل على الهوية وقد اثبتت الوقائع فشل الأحزاب الأسلامية وقلّ رصيدها من المؤيدين في السنوات الستة الماضية نتيجة فشلها الذريع في التعامل مع الحقائق على الأرض ، لأنّ السياسة تُبنى على أفكار وايديولوجيات ونظريات قد ينجذب اليها الناس لزمنٍ معين ومكان معين علماً بأن السياسة متغيرة وغير مستقرة ، أما الأيمان والعقيدة فهي راسخة وثابتة وهي العلاقة بين الأنسان وبين خالقه, هو أختيار شخصي بارادة حُرّة .
 فلا يمكن أن يكون هناك تداخل بين الدين والسياسة ولهذا وضع الرب يسوع المسيح حدا  بين السياسة والدين عندما قال قوله المشهور(اعطو ما لقيصر لقيصر وما لله لله) . أن المسيحية تؤمن أن للدولة السلطة في مجالات معينة وللكنيسة مجالات اخرى ويمكن للمسيحيين أن يخضعوا لكليهما وأن يجمعهما كليهما ، ولكن يجب عدم الخلط بينهما.
فللكنيسة(الكهنة والمؤمنين) دوراً روحياً وللدولة(النظام السياسي) دوراً طبيعياً فهما يكمل أحداهما الأخر ولكن لا خلط بينهما (اي لاخلط بين السياسة والدين) .
اننا عندما نتّهم الأحزاب الدينية الأسلامية في العراق, في استغلال منابر الجوامع وبيوت الصلاة في الدعايات الأنتخابية, فاننا في هذه الحالة نكيل بمكيالين وهي الأزدواجية التي تتناقض مع شعار عدم تسييس الدين . ونحن أذ نقرأ ونسمع ما تقوم به بعض الأحزاب المسيحية من الأخوة (الكدان السريان الآشوريين) فهو عمل مشين يجب أن يرفضه كل الخيرين الذين لا يريدون المزيد من الأنقسامات لتصل تلك الأنقسامات في  جسد الكنيسة فتصبح كنائسنا فرق واحزاب تابعة لهذا الحزب أو ذاك. قد يكون عمل هذه الأحزاب في استغلال منابر الكنائس للدعاية لها عمل غير مقصود ولكن علينا أن نعرف أن هذا العمل قد يدخلنا في اشكاليات لن نستطيع بسهولة الخروج منها الآ بثمن باهض .
لذا نناشد جميع رعاة كنائسنا في الوطن وفي المهجر عدم قبول طلبات ألأحزاب للقيام بالدعاية الأنتخابية في بنايات الكنائس فهناك قاعات ونوادي خاصة يمكن استغلالها للدعايات الأنتخابية ودعوة الناخبين للحضور اليها ، ان الرعاة الذين يقبلون الدعايات الأنتخابية في كنائسهم قد يصبحون حجر عثرة للمؤمنين الذين لايؤيّدون بالحزب الذي يقوم بالدعاية لنفسه في تلك الكنيسة وقد يؤدي ذلك الى انشقاقات حتى في داخل الخورنة الواحدة بين المؤمنين .
و نرجو من كل القوائم المسيحية المترشحة للأنتخابات تجنب استغلال منابر الكنائس للدعاية الأنتخابية وذلك حفظا لقدسية بيوت الله وعدم جعلها بيوت للتجارة بالسياسة أو التجارة بالمال كما كان يفعل اليهود في عهد الرب يسوع المسيح فعندما دخل الرب الى الهيكل وراى موائد التجار وصيارفة المال قلب موائدهم وقال قولهُ  المشهور(بيتي بيت الصلاة , وانتم جعلتموه بيت مغارة لصوص)(متى21.13 ) .
علماً بأن تعليمات المفوضية المسقلّة للأنتخابات تنص صراحة بعدم استخدام بيوت الله في الدعايات الأنتخابية وحسب ما هو موضّح في التصريح الذي نشرته الصحف وقناة الفيحاء الفضائية عندما اجتمع المسؤول الخاص بالمفوضية مع الوقفين الشيعي والسني وممثل الديانات الأخرى في بغداد وابلغهم بذلك ، بحسب الرابط التالي من صحيفة عراق الغد:
http://www.iraqoftomorrow.org/index/78541.html



 


8
الراعي الصالح والراعي المأجور
نافع البرواري

لقد وصف  داود الرب كالراعي ,من أختباره الشخصي ,لانّ داود نفسه كان راعي   
الغنم قبل ان يصبح ملكا على الشعب اليهودي (اصموئيل 16:10,11).
فالغنم تعتمد اعتمادا كليّا على الراعي ليقوم باطعامها وارشادها وحمايتها ،
فهو يخرج فجرا ماسكا بيده اليسرى عكازا يستخدمها كمسند له عند المشي أو يمسك بها الشاة  لأنّ راس العكازة تكون مقوّسة ويحمل بيده اليمنى عصا ليسوق غنمه الى مكان وجود المرعى واحيانا يستعملها لطرد الذئاب المفترسة او قتل الحيايا ...الخ) وفي الظهيرة يقودها الى مكان يتواجد فيه الماء لتشرب. أمّا في المساء فهو يجمع الخراف الى داخل الحضيرة لحمايتها من اللصوص ومن البرد وعوامل الطقس ومن الحيوانات المفترسة. والحضيرة اما كهف أومغارة اوسقيفة أو مكان مفتوح تحوطه اسوار من الحجارة او سياج  مشبك باغصان الشجر. وكثيرا ما كان الراعي ينام في الحظيرة لرعاية خرافه وحمايتها.
 يعيش الراعي حياة قاسية, وخاصة في الشرق الأوسط , لأنّه يعاني من حرارة الصيف القاسية حيث في بعض الأحيان تصل درجة الحرارة 50 مئوية بينما في الشتاء يكون الجو باردا وقد تصل درجة الحرارة تحت الصفر هذا بالأضافة الى ذلك فالراعي يجب ان يكون متيقضا ، ويسهرالرعاة ليلا على شكل مجاميع خوفا من الذئاب المفترسة التي تهاجم قطيع الغنم او من اللصوص الذين يأتون ليسرقوا الغنم عندما يروا الرعاة نائمين. ويخبرنا الكتاب المقدس في ليلة الميلاد أن الملاك ظهر للرعاة ليلا وكانوا سهرانين على غنمهم (وكان في تلك الناحية رعاة يبيتون في البرية يتناوبون في الليل على رعيّتهم ,فظهر ملاك الرب لهم..)"لوقا 2:8 ".
ان الرعاة في الشرق محسوبين من افقر الطبقات الأجتماعية في المجتمع وكان عملهم يعتبر من احقر الأعمال في ايام داود وفي ايام المسيح وحتى في ايامنا هذه
, والمعروف أنّ الراعي يعرف اسماء أغنامه ويدعوها باسمائها وهي تعرف صوت الراعي الذي يقودها فعندما تسمع صوته تطمئن فترعى بأمان وتنام بأمان طالما الراعي يحرسها ويسهر عليها وأحيانا قد تخرج نعجة من القطيع وتتيه في البراري فالراعي الحقيقي الحريص على غنمه يترك القطيع ويبحث عن النعجة الظالة ليعيدها الى القطيع وكان يفرح بايجادها ولهذا عندما كان الرب يسوع المسيح يتكلم في انجيل يوحنا البشير فهو كان يتحدث مع رعاة يفهمون كل كلمة يقولها لانّ الرب كان ياتي بأمثلة وقصص عن واقع الحياة اليومية ومن الطبيعة ، فكان كلامه بسيطا ولكنه يحمل رموزا واسراراً روحية عميقة المغزى هكذا عن الخروف الظال وكيف كان الرب يرمز بها الى الناس الذين ظلّوا طريقهم الأبدي ولكن الرب (الراعي الصالح) يفتش عنهم الى ان يجدهم ويحملهم على أكتافه وهو في غاية الفرح .
وكما يهتم الراعي بخرافه ويرعاها هكذا يهتم الرب يسوع ,الراعي الصالح بقطيعه (وقطيعه يتبعونه).
وفي العهد القديم كان الرب يدعو القادةالذين يقودون شعبه بالرعاة (الملوك والرؤساء) ولا زال هذا اللقب يطلق على القادة الروحيين في الكنيسة في العهد الجديد وحتى يُطلق على قادة الشعوب ، ها هو الرب على لسان النبي حزقيال يقول لرعاة اسرائيل بانهم لايرعون الشعب بل يرعون انفسهم وتسلطوا على شعبهم بقسوة وعنف, عليه سيتحملون مسؤولية ما حدث للناس الذين كان من المفترض ان يرعوهم ويتفقدوهم ويعيدوا الظالين والمطرودين والمتشردين منهم ويبحثوا عن المفقودين ليعيدوهم  فيقول الرب:
"تاهت غنمي في جميع الجبال وعلى كل تلة عالية, وتشتّتت على وجه الأرض ولا من يسأل ولا من يبحث"(حزقيال 34) ".
ويقول الرب على لسان النبي ارميا:
"لذلك هذا ما يقوله الربُّ اله اسرائيل عن الرعاة الذين يرعون شعبي "أنتم بدّدتم غنمي وطردتموها وما تفقدّتموها. فسأُعاقبُكم على شر أعمالكم"(ارميا23:2 ) .
المسؤولون عن قيادة بني اسرائيل في طريق الله, كانوا هم أنفسهم المسؤولين عن المأزق الذي عاش فيه شعبهم, ولذلك أصدر الله عليهم حكما قاسيا, فالقادة مسؤولون عمّن أوكلت اليهم رعايتهم ، وماذا يكون قصاص هؤلاء الرعاة؟ يقول الرب على لسان النبي ارميا : " ويل للرعاة الذين يَبيدون ويبدّدون غنم رعيّتي يقول الربّ"(ارميا 23:1 ) .
ويقول على لسان النبي حزقيال : "حيُّ أنا, يقول الرب, بما انّ غنمي صارت نهبا ومأكلا لكل وحوش البرية . وبما انها من غير راعِ ولا يسال رعاتي عن غنمي ...لذلك ايّها الرعاة اسمعوا كلمة الرب ،أنا أقوم ضد الرعاة فاسترد غنمي من ايديهم وأمنعهم من أن يرعوا الغنم, فلا يرعوا الرعاة أنفسهم من بعد, وأنقذ غنمي من أفواههم فلا تكون لهم مأكلا"حزقيال 34 ".
نعم تنبأ حزقيال النبي عن مجيء المسيح و يدعوه راعيا " "واقيم عليها راعيا واحدا ليرعاها كعبدي داود, فهو يرعاها ويكون راعيا صالحا وأنا الرب أكون لغنمي الها ويكون الراعي الذي كعبدي داود لها رئيسا ........ أنا أرعى غنمي. وأنا أعيدها الى حظيرتها, فأبحث عن المفقودة وأردُّ الشاردة وأجبر المكسورة واقوي الضعيفة ( حزقيال 34:23 ).
وقد دان النبي ميخا بشدّة القادة الدينيين الذين كانوا يخدمون فقط عندما ينالون الأجر
"فرؤساؤها يحكمون بالرشوة وكهنتها يعملون بالأجرة "(ميخا 3:11 ).
لقد كان هذا الفساد في العهد القديم سببا رئيسيا لسقوط ونهاية مملكة يهوذا بسبب سلوك قادتها الدينيين ، وما اشبه اليوم بالبارحة (علما بأننا في العهد الجديد) عندما يقبل الكثيرون الرشوة  فتسقط كل القيم الروحية والأخلاقية ويسكت الراعي عن قول الحق عندما يجب أن يتكلم بما هو حق, وللأسف هناك من المسيحيين من يستخدم ماله للتأثير على خدام الله وهذه هي الرشوة التي تفسد الرعاة والمؤمنين على حد سواء. نعم في مقابل رعاة شعب الله الأشرار سيرسل الله راعيا كاملا، فقد جاء الرب يسوع المسيح ليخدُم لا لكي يؤسس مشروعا تجاريا بالأنجيل , فعندما نخدم الناس بقصد المكاسب الشخصية , تفقد الخدمة قيمتها وتصبح خاوية لا عطاء فيها ،
فالرب يسوع المسيح اتخذ الصورة النبوية في العهد القديم (المسيح)الذي هو الراعي الصالح وهذا الأسم يدل على الوهيته لانه ليس هناك انسان صالح الآ الرب يسوع المسيح كما يقول الرسول بولس:"لان الجميع زاغو وفسدوا ليس هناك من يعمل الصلاح ولا احد".
ويتكلم يعقوب عن الله  كمن "رعاه"كل ايام حياته, فصوّر نفسه كشاة في حاجة الى حكمة الراعي وارشاده ليقوده في أفضل الطرق"الله الذي رعاني طول حياتي الى اليوم"تكوين5:4   ".
وقد وصف داود الرب كالراعي, من اختباره الشخصي (كما قلنا) في أروع واشهر مزمورمن مزاميره فيقول:
"الربُّ راعيًّ فلا يعوزني شيء.
في مراعي خضر يريحني,
ومياها هادئة يوردني
ينعش نفسي, يهديني سبل الحق من أجل اسمه
لو سرت في وادي ظل الموت
لاأخاف شرّا, لانّك معي
عصاك وعكازك هما يعزّيانني"مزمو 23 ".
وكما أنّ الرب يسوع هوالراعي الصالح فنحن ايضا غنمه ولكن لسنا كحيوانات صماء  بل أتباعا مطيعين , لنا من الحكمة أن نعرف من نتبع لأنّ الروح القدس يوهبنا روح التمييز لكي نعرف ونُميّز الراعي الصالح من الراعي المأجور ،
 الرب يسوع المسيح نعرف صوته وهو يعرف صوتنا فيقودنا الى الأماكن الصالحة"المراعي الخضراء" وفي الطرق القويمة المؤدية الى نبع الحياة "ومياها هادئة يوردني"هذه المياه الحيّة تنعشنا وتروي عطشنا الروحي  كما قال للمرأة السامرية "أما من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا  فلن يعطش أبدا. فالماء الذي أعطيه يصير فيه نبعا يفيض بالحياة الأبدية"يوحنا 4:14 ".
ولكن للأسف هناك اليوم من أختار و فضّل (مثل بني اسرائيل في العهد القديم) ان يبحث عن المياه في الابار المتشققة التي فيها المياه الاسنة التي لا تروي عطش الأنسان بل تقوده الى الموت والهلاك , فكما قال للمرأة السامرية "كل من يشرب من
هذا الماء(ماء البئر الذي يرمز الى من يريد التشبث بالحياة الزائلة ومغريات هذا العالم) يعطش ثانية(يوحنا 4: 13 ) .
و هناك رعاة يعكرون صفاء المياه للآخرين سواء باثارة شكوك لا داعي لها أو تعليم أفكار باطلة أو السلوك الخاطئ الذي يقود الى تسميم غذاء رعيّتهم الروحي
فالرعاة الفاسدين لايكونون انانيين فقط بل يعاملون رعيتهم بخشونة وقسوة ويهملون ويشتتون القطيع "حزقيال34:18,19,20. 
 لكن راعينا الصالح يسوع المسيح يعرف أنّ في العالم انبياء كذبة ورعاة مأجورين لا يهمّها رعيّتها لأنهم يرعون الخراف من أجل المال ويقودون القطيع(الناس )الى الموت والهلاك "وما الأجير مثل الراعي , لان الخراف لاتخصه فاذا راى الذئب هاجماً ترك الخراف وهرب فيخطف الذب الخراف ويبدّدها "يوحنا 10:12 ".
 أما الراعي الصالح فيرعاها من أجل محبته والتزامه بها حتى يضع ذاته وحياته من اجلها والراعي الصالح يرعى ليس افرادا معينين فقط بل هو يرعى كل المؤمنين الذيين قبلوا وسلّمواحياتهم لقيادته كراعي ليقودهم في طريق الحق والحياة الأبدية
ويصف حتى العهد القديم هذا الراعي الصالح فيقول على لسان النبي اشعيا
"يرعى قطعانه كالراعي ويجمع صغارها بذراعه , يحملها حملا في حضنه ويقود مرضعاتها على مهل"اشعيا40:11 ".
أما في العهد الجديد نقرأ بأنّ الرب يسوع جاء لتحقيق النبوات ليكون الراعي الصالح  وها هو نفسه  يقول "أنا الراعي الصالح , أعرف خرافي وخرافي تعرفني "(يوحنا 10:11 )".
"أنا الراعي الصالح ,والراعي الصالح يضحّي بحياته في سبيل الخراف . "(يوحنا 10:11 )".
وأنه راعي الخراف العظيم (عبرانيين,21 13:20 ).
ورئيس الرعاة"ومتى ظهر راعي الرعاة تنالون اكليلا من المجد لا يذبل" (1بطرس48:15 ).
   وعن واجبات ومسؤوولية الرعاة(رعاة الكنائس) الصالحون يقول بولس الرسول:
"....فأسهروا على أنفسكم وعلى الرعيّة التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي أكتسبها بدمه(دم المسيح)"(أعمال 20:28 )".
فواجب الرعاة (الصالحون) هو أن يكونوا قدوة يقتدون براعيهم الصالح يسوع المسيح الذي هو المثل الأعلى لهم لمحبته التي تتوّجت ببذل نفسه من أجل شعبه  فكما الرب يرعي شعبه هكذا الرعاة عليهم أن يرعوا المؤمنين ويسهروا عليهم
(ما اصدق القول انّ من يرغب في الرعاية فانما يتوق الى عمل صالح)(تيموثاوس 3:1
، وايضا من واجبات الرعاة هو أن يُغذّوا المؤمنين من كلمة الله  وبالحق الألهي وأن يُجسدوا هذا الحق في حياتهم ويعيشوه ، فالراعي يجب أيضا أن لا يهمل خدمة الكلمة بسبب الأعباء الأداريّة. وينبغي الآ يحاول أن يقوم بكل شئ بنفسه فلا بد أن يوزع أعباء الكنيسة على أعضائها.

ومن يريد معرفة المزيد عن الرعاة الصالحين وعن كيفية محاسبة الكنيسة الراعي وتكريمه    (  راجع تيموثاوس  5:19,20
,وعن صفات الرعاة ومؤهلاتهم (عليه أن يراجع رسالة الرسول بولس الأولى الى تيموثاوسا(راجع 1تيموثاوس3
 وكذلك( سفر الرؤية الفصل الثاني  الرسائل الى الكنئائس السبعة)
شكرا والى اللقاء في مقالة اخرى.
 







9
السريانية (الاراميّة) لغة وثقافة وحضارة
الجزء الثاني

 نافع شابو البرواري
شدّد الدارسون في السنوات الأخيرة,على التقليد السريانيّ وعلى آدابه وروحانيّاته
ففي مؤتمر عالمي عقده العالم (الغربي) سيباستيان بروك في المجمع الشرقي في الفاتيكان، روما تكلّم عن (الرئة الثالثة ) للكنيسة, كان يقصد بذلك ألأعمال السريانيّة الى جانب الأعمال الغربيّة اللاتينيّة والأعمال الشرقيّة اليونانية (راجع ينابيع سريانيّة ص 16 ) ، يقول هذا العالم المتخصص باللغات الشرقية( ص 25 من نفس الكتاب :
حلّت اللغة الاراميّة (السريانيّة) محل اللغات القديمة(السومريّة الأكديّة) بأعتبارها لغة التواصل في الشرق الأوسط!!!.وظلّت لغة الثقافة السائدة في المنطقة حتى القرن السابع ميلادي حين أخذت تسلّم الزمام للعربيّة. ولكن لا زالت اقليات تتكلم بهذه اللغة
 وقد قال علماء فرنسيين : "من الواجب قراءة التراث السرياني لأنّه تراثنا" وفي الحقيقة هو تراث البشريّة عامة, ولازال العلماء الغربيين ينقّبون عن هذا التراث منذ عشرات السنين . اليوم يوجد عشرين عالماً يقومون بدراسة التراث السرياني المطمور كنوزه في عدّة مكتبات عالمية, وهناك مائة وثمانون عالم أجنبي (مستشرقين) مهتمين للحفاظ على المخطوطات السريانيّة .
يقول العالم بولس فغالي:
انّ المخطوطات السريانيّة, التي يفوق عددها مخطوطات اية لغة اخرى قديمة, تتطلب جهدا مضاعفا  فالنصوص التي لم تنشر بعد عديدة جدا وما نشر يدل على غنى كبير. اما جزئه الأكبر لم ينشر. نعم السريان فقدوا ارضا ولكنهم سكنوا قلوب العالم أجمع.
 يقول البطريرك أغناطيوس زكّا الأول عيواص كل تسمية لأيّ لغة لها أمتداد جغرافي وتاريخي ولهذا قد تختلف اللهجات للغة الأصليّة , كما العربيّة, والأرمنيّة, فبتطوّر اللغة وأختلاف اللهجات وأختلاف البيئة والجغرافية والتاريخ وكذلك بتأثير اللغات الأخرى تنتشر عدّة لهجات محكيّة للغة الأصليّة وهكذا ينطبق الحال على اللغة السريانيّة (التي تسمّى أحيانا الأراميّة الحديثة) فهي اليوم فيها لهجات كثيرة
اختلطت لفظ السريانيّين(سورايي) بالمسيحيّة والحقيقة ليس كذلك مع أنّ المفهوم هو قوميّة, الآ أنّ التسميّة( السريان أو سورايا أو سوريويو) هي تُطلق أيضا على المسيحيّين في بلاد وادي الرافدين وسوريا. ولفظ السورايا أُطلقت قبل الميلاد ب 300سنة وكلّها تسميات لمعنى واحد ولكن اطلقت لأختلاف اللهجات, فالكلدان والآشوريين يطلقون على أنفسهم( سورايي) وقوميتهم هي( الكلدانية والأشورية), والسريان(الارامييين) الساكنين ديار بكر وطور عابدين ومقاطعة جنوب شرق تركيا , يطلقون على أنفسهم( سوريويو) وقوميّتهم ( السريانيّة) وهكذا المارونيين (كقوميّة) ولكن هم من ثقافة وخلفيّة سريانيّة ولا زالوا يستعملون في لغة الكنيسة هذه اللغة الجميلة (لغة الأم) ، اذن السريانيّة لا تعني المسيحيّة( كما يفسّرها البعض من أخوتنا على اننا عندما نقترح التسمية سواريي يقولون انكم تريدون دمج الدين بالسياسة وهذا ليس صحيحا  لأنّ التسمية الدينية المتداولة منذ زمن الرسل هي مشيحايي) بل هي تُطلق على جميع الشعوب المتكلمين باللغة السريانية فهي هويّة كتابيّة.
السريانية تكلم بها من لم يكونوا مسيحيين كالفرس وشعوب الشرق الأوسط في زمن كانت اللغة السريانيّة هي المتداولة في المنطقة ثم تراجعت هذه الشعوب وتكلمت لغاتها المحلية, ولكننا نحن (الكلدان السريان الآشوريين) لازلنا نتكّلم بهذه اللغة وهي هويّتنا في المنطقة والعالم  فلماذا ننكر هويتنا ؟
فقد نستطيع أن ندّعي اننا كلدان كقوميّة واشوريين كقوميّة وسريان(اراميين) كقوميّة ولكننا لا نستطيع ان نبرهن للعالم عن حقيقة هذا الأنتماء لان هذه القوميات (كما قلنا في الجزء الأول من مقالتنا ) قد انصهروا في بودقة واحدة هي السريانية(الارامية) ، علينا ان نتفق على هويتنا السريانيّة (سورايي) لأنّها تجمعنا وتوحدّنا تاريخيا وحضاريا وثقافيا واجتماعيا وتراثيا وحتّى دينيّا (للذين اصبحوا مسيحيين )لأنّنا عندما نقول (سورايي) يخطر على بالنا اننا مسيحيين(مشيحايي) ونتكلّم (سورث) ، نعم نعتز كل واحد منا  بقوميته التي يتصور انه ينتمي اليها ولكن علينا ان نتفق على التسميّة(سورايي) ، ولناتي بمثال على ذلك:
لايستطيع أي مسيحي, من يتكلم العربية ولا يعرف التكلم باللغة السريانية, ان يقول انا( كلداني او سرياني او اشوري ) اذا كان اجداده يتكلمون اللغة العربية فقوميته ستظل عربية هكذا لانستطيع نحن أن نُثبت للأخرين بانتمائنا الى القوميّة الكلدانيّة أو السريانيّة أو الآشوريّة ونحن نتكلم اللغة السريانيّة (سورث) ، ولورجعنا الى مفهوم القومية سنرى ان ما نقوله يطابق  ذلك فا لقوميّة : ( من خلال موسوعة ويكيبيديا و الموسوعة الحرّة ) "هي أيدولوجيّة وحركة اجتماعيّة سياسيّة نشأت مع مفهوم الأمّة في عصر الثورات (الثورة الصناعيّة, الثورة البرجوازيّة والثورة الليبراليّة ) في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر، العناصر الأساسيّة في تكوين القوميّة هي:
1- وحدة اللغة .
2- وحدة التاريخ.
3- وما ينتج من ذلك من مشاركة في المشاعر والمنازع والآلام والآمال.
وهناك تعريفات ونظريات عدّة لمفهوم القوميّة أبرزها ثلاث نظريّات :
أولا :القوميّة على أساس وحدة اللغة, وتسمّى النظريّة الألمانيّة, بسبب المفكرين الألمان الذين كانوا أول من أشار اليها. ويستند أنصار الوحدة اللغويّة الى مثل الوحدة الألمانيّة والأيطاليّة واستقلال بولونيا.
هنا نستطيع أن نقول نحن (الكلدان الآشوريين السريان ) ولكون  لغتنا واحدة (نحن الناطقين بالسريانيّة)فقوميّتنا واحدة بموجب هذا المفهوم للقوميّة وهي (سورايي)اي الناطقين بلغة (سورث) وهناك ادلّة تاريخيّة عن أنّ اللغة هي الأساس الذي تبنى عليه القوميّة ومثال على ذلك الدولة العثمانيّة, فقد قامت اللغة بدور أساس في انهيار الدولة العثمانيّة والأمبراطوريّة النمساويّة, فأنفصلت عن الأولى كل الشعوب التي لا تتكلّم التركيّة ومنهم البلدان العربيّة ودول البلقان. وفي الثانيّة كل الشعوب التي لاتتكلّم الألمانيّة انفصلت عن النمسا.
ثانيا:القوميّة على أساس الأرادة:
أول من دعا أليها أرنست رينان في محاضرته الشهيرة في السوربون سنة 1882 بعنوان "ماهي الأمّة؟" تقول النظريّة"انَّ الأساس في تكوين الأمة هو رغبة ومشيئة الشعوب في العيش المشترك, بجانب التراث والتاريخ وهنا أيضا تنطبق علينا نحن (الكلدان الآشوريين السريان) هذه الشروط المطلوبة, فنحن لنا امال ومشاعر واهداف واحدة ولنا رغبة مشتركة لتوحيد القوميّة وفي العيش المشترك ولنا تراث واحد, بالأضافة الى هذه كلّها لنا ارض (وطن) عاش فيها اجدادنا عبر التاريخ لمختلف هذه الأطياف. ولا ننسى عامل أخر أهم يجمعنا وهو وحدة الأيمان وهو بحسب رأيي هو من أقوى العوامل القوميّة التي تربطنا كأعظاء في جسد الكنيسة وأخوة( في الجسد والروح) ، لاننا تعمّذنا بالماء والروح القدس ولنا شهادة ايمانيّة واحدة فالنزعة القوميّة هي انتماء جماعة بشريّة واحدة لوطن واحد شريطة أن يجمعها تاريخ مشترك ولغة مشتركة واحدة في أرض هذا الوطن, وهكذا نستطيع أن نسمي الشعوب التي تشترك بهذه العوامل "الأمّة الواحدة"أي الآمة السريانيّة(سورايي) (الكلدان السريان الآشوريين) أي الناطقين باللغة السريانيّة وفي لغتنا العاميّة تسمّى (سورث) وهكذا نعمل على توحيد التسمية لتكون تسمية واحدة لشعب واحد عاش الاف السنين في وطن واحد ولغة واحدة وتاريخ مشترك وحتّى ايمان مشترك وهدف مشترك ، ان الأسباب التي جعلتنا أن نقترح هذه التسمية هي:
1- لانّ الكنيسة المشرقية بكافة طوائفها (الكلدانية السريانية الآشورية) تحتفظ بجذورها السريانية(الارامية) في لوتيرجياتها الدينيّة وهكذا حافظت على اللغة السريانيّة(الاراميّة) التي كانت هي لغة هذه (القوميات ان صحّت) ولغة جميع الشعوب في المنطقة.
2- جميع الذين يدعون انهم ينتمون الى القوميات الثلاثة(الكلدانية السريانية الأشورية) ليس لهم أي دليل ملموس يثبت جذورهم التاريخيّة وخاصة وهم يتكلمون عن قوميّات غائرة في القدم بمئات السنين لانَّ هذه القوميّات انتهت بعد سقوط اشور ونينوى وبعد سقوط بابل وسقوط كافة الممالك الآراميّة فذابت هذه القوميّات في بودقة السريانيّة  كقوميّة ودينيّة والبعض ذابوا في القوميات التي حكمت هذه المنطقة الجغرافيّة لاحقا(كالفرس والعرب ) . فلا يستطيع الآشوري أن  ينتمي الى مكان معيّن مثلا كأن يقول انا من اشور لأنّ اشور سكنها قوميات اخرى بعد سقوط مدينة اشور وهكذا الكلداني لا يستطيع أن يقول أنا من بابل لأنّ بابل سقطت على يد الفرس وهكذا السرياني (الآرامي).
فالذين حافظوا على لغتهم السريانيّة هم الجديرين (الآن) لأن يسمّوا بقوميّة اسمها (سورايي) باللغة المتداولة بين هذه الشعوب أو(السريانيّة) بلغة العرب عبر التاريخ (بعد سيطرة العرب على مناطف هذه الشعوب في القرن السابع الميلادي ) ،
أي السريانيّة هي( أُمّة) تجمع القوميات السابقة (الكلدانية السريانية الآشورية)
كما أنّ العرب تجمعهم الأمّة العربيّة.
3- من خلال المفهوم القومي المعاصر (الذي ظهر في القرون الآخيرة والذي لا يرتقي في القدم) فهناك خلاف وحتّى تناقضات كثيرة, بين المستشرقين ودارسي التاريخ والحضارات القديمة, حول المفهوم القومي لكونه لا يرتقي في القدم  لكي يستطيع كلّ منا التشبّث بقوميّته.
4- انّ الأصول الكلدانية والسريانية(الارامية) والآشوريّة هي من جذور واحدة وهي السامية لا بل هناك تداخل جغرافي وتاريخي بين هذه الشعوب  تجعلنا لا نستطيع أن نعرف انتماءآتنا القوميّة القديمة نتيجة هذا التداخل وبسب اللغة المشتركة وهي لغة(السورث ) ، هذه اللغة التي جمعت هذه الشعوب عبر التاريخ وخاصة بعد انتشار المسيحيّة في المناطق الجغرافيّة لهذه الشعوب فاصبحت اللغة السريانيّة(الاراميّة ) هي هوية هذه الشعوب.
ارجو من المهتمين دراسة المقترح وأبداء الرأي لاننا بحاجة الى توحيد التسمية لننطلق الى ماهو أهم من ذلك وهو توحيد شعبنا المسيحي ليكون له صوت واحد وهدف واحد وقيادة واحدة من أجل الحصول على حقوقنا المشروعة والعيش في أرض ابائنا بسلام وأمان.

10
البابا يوحنا بولس الثاني " ملاك الرحمة الذي أرسله الله الى هذا العالم "
بقلم: نافع شابو البرواري
"لا تخف ايّها القطيع الصغير " لأنّ الرب ارسل الينا ملاك الرحمة في عالم كاد رئيس الشر أن يحكمهُ ".
سُمّي"ملاك الرحمة " والعاصفة" ورسول السلام" الثائر" وبابا الشباب" و "الباحث عن النعجة الظالة".
جاء في الوقت المناسب حيث أرسله الرب في أوج المعركة حيث كانت المسيحيّة في خطر والكنيسة مهدّدة بالأنحسار في نهاية القرن العشرين ، وقيل قبل ظهوره أنَّ الأيمان المسيحي سينتهي في القرن الواحد والعشرين ، جاء هذا الرجل ليعطي الصورة الحقيقيّة للكنيسة، التي ُبنيت على صخرة المسيح المخلّص ليزيل كل الشكوك عن الذين ظهر لهم أنّ الكنيسة اهتزَّ اساسها وانّها على وشك السقوط ، لكن هذا الرجل القادم من أرض شيوعيّة مُلحدة قاد بلاده الى حضيرة المسيح بصلاته وحبّه وصبره وايمانه وجرأته . كان أُسقفا صغيرا (38) سنة عندما اشترك في أعمال المجع الفاتيكاني الثاني وعيّن في المجمع الحبري للعائلة ، وكان الرب يعُّده ليصبح على رأس الكنيسة الجامعة سنة 1978 لينطلق بالكنيسة لتصبح  كالنسر في السماء ولينفتح على العالم كُلّه ليسير على الطريق المعبّد الذي فتحه المجمع الفاتيكاني الثاني وفي أوّل خطاب له قال :"لاتخافوا أفتحوا الأبواب ليدخلوا الناس " .
نعم فتح الأبواب والشبابيك ليدخل نور المسيح الى كل زوايا الظلام فتح الأبواب والشبابيك ليتنفّس الأنسان هواءا نقيّا ، هواء التجديد والتغيير والحريّة انطبق عليه قول المسيح "جئت لألقي نارا" كانت روحه كتلة نار فكان يسيطر على قلوب حتى الأشرار فتح الأبواب والشبابيك للشباب المسيحي العلماني لكي يكون لهم دورا كبيرا في ايصال البشارة الى العالم (بعد أن كانوا مهمّشين ولا زالوا في بعض الدول ومنها العراق) وكان يقول للشباب "كُلُّكم أعضاء المسيح وكُلُّكم كهنة ورسل".
جاء ليعزّي المؤمنين وليشد أزرهم ليواجهوا المعركة مع قوات الشر في كل الأتجاهات. جاء ليبث فينا الأمل أنّ العهد لازال قائما ، فقال لنا : حاربوا ولا تخافوا أحبّوا ولا تحقدوا ،  افتحوا الشبابيك والأبواب ، كسّروا قيود التقاليد البالية ، تصالحوا وتفاهموا، وصلّوا وتحاوروا ، اعطوا للشباب دوره الخّلاق المتجدّد ، أطفالكم أمانة في أيديكم ,الكهنة حزام الناس , العلمانيّيون المؤمنون يجب أن يكونوا كهنة وقديسين ,اغفروا حتى للذين صلبوا المسيح , زوروا حتّى أعدائكم الذين شرّدوكم وأقاموا منازلهم ومقدساتهم على أنقاض منازلكم ومقدّساتكم, اغفروا جاهدوا من أجل ارساء السلام .
كان البابا يرقص مع الشباب والشابات ويقول لهم "عندما أكون معكم أشعر بأنّني شاب مثلكم", أحبّ الشباب وأحبّوه وعاشوا معه , كان يحسّ ُ بمشاعرهم وطموحاتهم وأحلامهم واشتياقهم للغذاء الروحي  وفي سنواته الأخيرة كان يلتقي بهم ويقول لهم "أنا أيضا شاب" نعم حتى أخر لحظة من حياته وهو يصارع المرض كان مفعما
بالحيويّة والنشاط ، وكان يحبُ الأطفال ويلعب معهم ,عاش في طفولته الحرمان من الأم وفي شبابه الحرمان من الوطن, ومع ذلك كان يحبُّ روح النكتة والمرح وحبُّ الحياة.
بكى على موته الأطفال بدموع حقيقيّة, ويعلّق أحد الأطفال البولونيين قائلا :"كان بابا ولا أستطيع أن أصدّق أنّه مات ولا أعرف كيف أعيش دون بابا"، كان له القدرة في الدخول في  حوار حار ومرتجل يجذب الاخرين اليه, كان شاعرا وريّاضيّا, ومثّل في المسرح وكتب نصوص مسرحيّة , وهو طبعا كان كاهنا ولاهوتيّا قلّ قلَّ مثله , وهو كان يعرف عشرة لغات (ويقال خمسة عشر لغة), كان يُعلن يسوع المسيح بطريقة ملتهبة في داخله ، كان ايمانه ينفجر مثل نبع ماء صافي ، القاتل ا لذي أراد  قتله زاره في السجن وعفى عنه وتركه في سلام ، كان وجههُ نورا يشعُّ فيتمتّع المشاهد بجمال القدسيّة  فيخرُّ خاشعا  للروح القدس الذي يسكن فيه , فيا له من انسان , هنيئا للذين خدموا معه, هنيئا للذين تكلّموا معه, هنيئا للذين لهم ذكريات معه, هنيئا للذين تمتّعوا بلحظات صامتة في حضرته.
الذين عرفوه من قريب يقولون انّه كان بجاذبيّته النورانيّة يأسرهم وبتواضعه كانت تكمن قوّته, فقوّته من ذلك الناصري الذي كان يجول ويفعل خيرا, ويمنح الحياة للموتى(روحيّا), هكذا وُصف البابا يوحنا بولس الثاني( رجل العاصفة ) فكان مثل الرياح يهبُّ ويشرّع بشرى الأنجيل الى كلِّ مكان, فكانت روحه كالرياح تهُّب حيثما تشاء . يقول الرب على لسان الرسول يوحنا الرائي"أنا يسوع أرسلت اليكم ملاكي
ليشهد بهذه الأمور في الكنائس ...من كان عطشانا فليأتي , ومن شاء فليأخذ ماء الحياة مجانا"رؤيا22:16,17 ".
نعم كان الملاك المرسل الينا في زمن كانت الكنيسة في خمول وسبات وتواجه أعتى قوات الشر في هذا العالم حيث الشيوعيّة انتشرت في اكثر من نصف العالم وهكذا انتشرت الرأسمالية المادية في الغرب المسيحي وأنتشرت مئات البدع والهرطقات لتحارب كنيسة المسيح من الداخل ، وصَدقَ الرب عندما قال لحزقيال النبي تنبّا وقل للروح:" تعال  ايّها الرَّوحُ من الرياح الأربعِ, وهب في هؤلاء الموتى فيحيوا....فدخل فيهم الرّوحُ فعادوا الى الحياة وقاموا على أرجلهم جيشا عظيما جدّا"حزقيال 37:9,10 " .
نعم جاء رسولا لهذا العالم وجلب معه عاصفة الروح القدس وأحيا الكنيسة الخاملة وانعشها بالروح القدس وحارب قوات الشر بسلاح الروح والحق, وقال لا يجب للكنيسة أن تجلس وتنتظر بينما تُنتهك كرامة الأنسان ويستشري الالحاد كالسرطان في العالم, ولهذا قرر أن يُفتّش عن الخراف الظالة ويذهب الى كل مكان ليلتقي بالمؤمنين البسطاء وينفخ فيهم نفخة الروح القدس هكذا ايضا فعل مع الشباب ليكونوا قادة روحيين في المستقبل وبهذا جسّد مفهوم الكنيسة الحقيقية التي تبحث عن رعاياها وتظُمُّهم في أحظانها كما كان المسيح يفعل.
عندما انتخبه الكرادلة سنة 1978قالوا لم ننتخبه نحنُ بل الروح القدس انتخبه ،
خالف البروتوكولات عندما بدّل ملابسه الرسميّة بملابس بسيطة, هذا هو الرجل الذي قلب كلّ شيء ونفض الأنقاض وبنى كنيسة جديدة, كنيسة حيّة متغيّرة, نقيّة خالية من الكبرياء . هذا الرجل الذي جال في البلدان ينشد ويطلب السلام من الرؤساء  ورجال الدين بمختلف الأديان كان رسول السلام والأنفتاح على الديانات ،
أهتم بالفقراء وسيطر على قلوب الأعداء وهزّ عروش الملوك وهو الذي وقف في وجه أعتى الأنظمة, وخاصة الأنظمة الشيوعيّة, بل قيل أنّه كان السبب الرئيسي لسقوط عرش الشيوعيّة في اوروبا الشرقيّة والأتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين
هل تعرفون ماذا كان سلاحه ؟ الجواب باختصار كلمة الله وسلاح الروح القدس
كان صريحا وصارما ومحبّا , حقا كان هذا الجالس على كرسي روما هو رجل الله .
هذا البابا الذي أحبّ العالم  فزار اكثر من 182 بلدا فكانت حياته مفعومة بالحيويّة والنشاط والتجدد ودليل لمحبّته ليسوع المسيح الذين كان يجول ويعمل خيرا, كان يذهب الى الشعوب المتألمة لأنّ شعبه (البولوني ) تألّم في حقبة الشيوعيّة وهو أيضا كان مطاردا من قبل تلك الأنظمة, كان مع العالم الثالث وقف مع الفقراء , والمضطهدين والمسحوقين في كل انحاء العالم ,كان ضد الحروب اينما كانت ولأيّ سبب كان, لأنّه كان يحمل رسالة المسيح القائل"طوبى لصانعي السلام فانّهم أبناء الله يُدعون" فهو تكلّم عن نظام جديد لجميع الشعوب, هو نظام السلام, وقف ضدَّ حرب العراق ولهذا نزل الملايين من الشباب في أوربا احتجاجا وتنديدا بالحرب ضد العراق سنة 2003 .
كان سوطه مدوي يرفض كل الدمار والحصار الذي لحق بالشعب العراقي قال مالم يقله( حتّى رجال الدين المسلمين عن العراق ) في زمن الحصار  :
"انّنا نشعر بعذابات أهل العراق نطلب أن تنعم بالسلام والمعايشة مع جيرانها
 زار حتّى البلدان الغير المسيحيّة, لأنّه كان رجل الحوار ومؤسّس حوار الأديان
وحوار الحضارات, والتقى في اسيزي مع ممثلي جميع الأديان, وحده استطاع أن يجمع الأديان ولمرتين, أحبّهُ حتى رؤساء الديانات الأخرى ، جاهر بقوّة على رفض الحروب والسياسات التي تسحق كرامة الأنسان, ووقف رافضا سياسات كل الدول والحكومات التي تلجأ الى العنف والقتل والتدمير, وقال عن لبنان (وهو يقصد جميع مسيحيّي المشرق العربي) :" لبنان رسالة" أي نحن مسيحيّي المشرق يجب أن نكون جسرا بين الغرب والشرق لنشر حضارة السلام.
أراد أن يزور العراق سنة 1991 ويقوم برحلة ايمانيّة انطللاقا من اور الكلدانيين, المدينة التي انطلق منها ابونا ابراهيم في رحلته الأيمانيّة, ليقول للديانات الثلاثة(المسيحية اليهودية الأسلامية) انه يريد أن يوحّد هذه الأديان ليعم السلام بينها, ولكن للأسف حارب الشيطان مقاصد البابا, لانّ العراق حينه قد ساد فيه الشرّ ولم يتحقٌق حُلمه الجميل, وحلمنا نحن ايضا ابناء ابراهيم الذي كنّا ننتظر قدوم البابا الى أرض أبائنا وأجدادنا ليباركها لتنعم بالسلام.
كانت نظرته انسانيّة ، رفض صراع الحضارات وركّز على التعدّدية في الأديان والأستمرار في الحوار للأنفتاح على الأخرين وليس للتقاتل ، زرع بذور السلام والمحبّة في كل أرض وطئت أقدامه عليها , وعلّمنا أن نتابع ونرعى مازرعه لأن ينمو ويكثر ويعطي الواحد ستين ومائة, كان فلاحا جيدا وجنديا مقاتلا بسلاح الروح ومسابقا لم يمنعه العوق الجسدي من أن يفوز في السباق ليحصل على أكليل الغار ،
هذا البابا الذي تحدّى المعوقات والعراقيل وخاطر بحياته عدّة مرات بل تحدى الموت مرات عديدة, وكانت صحّته وعدم استطاعته الكلام في اخر ايّامه أقوى من كل الخطب الرنانة, فأطلالته على الملايين من الناس تكفي لأن يُمجّد الناس يسوع المسيح بهذا الشخص الذي كانت ابتسامته وهو صامتاً بلسماً تشفي قلوبهم وتأسر الألباب ، كان مغرما في محبّته لمريم العذراء وفي سنة 2003 أعتبرها سنة الوردية المقدّسة اكراما للعذراء مريم هذا الرجل حدثت في عهده المعجزات , وشكرا للرب الذي لا يتركنا ننهار أو نصاب بالأحباط فهو دائما يرسل لنا الملاك المنقذ لينتشلنا من عواصف وزلازل واغراءآت هذا العالم , فهو الذي ارسل لنا البابا يوحنا بولس الثاني رسولا للسلام في الزمن الصعب  ليشجّعنا على مواصلة المسيرة في طريق الحق والحياة بالرغم كل الصعوبات والمخاطر المحدقة بنا وكم نحن المؤمنين محتاجين هذه الأيّام العصيبة الى ملاك منقذ , يُنقذنا من عتمة الظلام الذي نتخّبط فيه ويوحّد كنيستنا المشرقية ويوحّد قلوب المؤمنين جميعا ليكونوا قلبا واحدا وروحا واحدة يحملوا فكر المسيح الذي يقول "كونوا واحدا كما أنا والآب واحد".
شكرا والى اللقاء 



11
المسيحيون العراقيون الى أين أنتم سائرون؟وماذا عليكم فعله؟
بقلم: نافع شابو البرواري
في الحقيقة وضعت هذا السؤال كعنوان لمقالتي بعد اطلاعي على اخر مقالة لسيادة المطران مار لويس ساكو وما تحتويه من مواضيع مُكثفة ومختصرة وعميقة ، وضع لنا فيها سيادته النقاط على الحروف بالخلاصة التالية:
- التحديات لتي نواجهها والواقع الذي نعيشه اليوم.
- مستقبلنا نحن المسيحيّين في العراق وعلى ماذا يعتمد هذا المستقبل .
الذي يتأمل ويدرس واقعنا اليوم يمكن ان يستكشف من مقالتهِ جُملة تحديّات ذكرها سيادته وهي :
1- استمرار وجودنا ، لأن وجودنا في خطر.
2- تأثيرنا في الآخرين.
3- هموم الهجرة.
امّا مستقبلنا في العراق(وكما ذكر سيادته)يعتمد على:
1- العلاقات المسيحيّة المسيحيّة.
2- العلاقة بين الكنائس المتنوعة.
3- الأيمان الطقسي المستشري في كنائسنا(قشور الأيمان).
4- ازمة هوية بسبب الأنتماء المزدوج(كيانات مُتعددة كنسياً ايمانياً وفي الوقت نفسه كيانات طائفية).
وفي الختام يضعنا سيادة المطران أمام تحدّياً كبيراً ، حيث بهِ يعتمد الحفاظ على وجودنا وبقائنا وإلآ فمستقبلنا يكون في خطر عندما يقول "نحن نحتاج نقداً ذاتيّا وأعادة النظر في واقعنا ورسالتنا. الى اين نحن سائرون؟".
من خلال خبرتي المتواضعة في ما جرى ويجري لمسيحيّي العراق خاصة ومسيحيّي الشرق الأوسط عامة ومن واقع الأوضاع الداخلية والأقليميّة والدوليّة التي لايمكن أن نتجاهل تأثيراتها على مستقبلنا، وخاصة بعد نمو التيارات الأسلامية وانتشارها في كافة الدول العربية والأسلاميّة ، هناك قوى ظلاميّة تُحرّك خيوط المؤامرة على ازالة المسيحيّة من الشرق العربي والدليل ما نقرأه من ارقام الهجرة الجماعية منذ عشرات السنين للمسيحيّين من هذا الشرق وما رافقه من ارهاب وحروب ومجازر جماعيّة لا نريد الخوض فيها والتاريخ شاهدٌ على ذلك. والصراع المرير على المناصب والمراكز وتصفية حسابات قديمة ، كل هذه العوامل تعطينا مؤشرات غير مُطمئنّة لا بل أنّ جميع هذه المؤشرات الخارجية والداخليّة تقلقنا بل هي تدقُّ مخاطر قد تهدّد وجودنا وتجعلنا أن نعيش في حالة عدم الأستقرار وفقدان الأمن والأمان ، من هذه المعطيات والعوامل الموثّرة وغيرها الكثير علينا أن نراجع كل ماضينا لنعيد حساباتنا ونوّحد أفكارنا واولويّاتنا وخططنا من أجل أن تتوضّح الصورة لنا بشكل افضل لنستطيع أن نتلمّس الحاضر وما سنتوقعّه مستقبلا لكي نكون مستعدّين له دون أن تكون لنا مفاجئات قد تعيد خلط الأوراق من جديد وعندها سنعيش في دوّامة من المشاكل التي سنتخبّط في ايجاد الحلول لها دون جدوى ، يقول الرب يسوع المسيح : من يبني بيتا عليه أن يحسب الكلفة، فالأختيار الصائب كثيرا ما يستلزم عملا مضنيّا وتكاتف وتكامل ووحدة في تحقيق الهدف المنشود بين كافة الطوائف المسيحيّة (سورايي) مهما كان انتمائهم الحزبي أو القومي أو الديني لأنّ الوضع الحالي لا يتحمّل الأنقسامات والتجاذبات والصراعات والتحزّب لجهة دون أخرى، وعلينا دراسة كافة الأحتمالات السلبيّة والأيجابية وقبلها يجب أن تكون لنا ارادة وتصميم وسعي وجهد واخلاص والأيمان بالقضيّة والهدف المنشود الذي نريد الوصول الى تحقيقه مهما كانت التضحيات، ولتكن لنا خارطة الطريق على ضوئها يمكن أن نسلك الطريق الصحيح للوصول الى القاسم المشترك وهو (وجودنا ومستقبلنا).
اقدّم بعض المقترحات التي اراها مهمّة وجوهريّة اضيفها لما قدمّه لنا سيادة المطران مار لويس ساكو.
الأقتراحات:
- كنيستنا بحاجة الى عنصرة جديدة.
نعم نحن نحتاج الى كهنة ورعاة جُدد وقادة روحيّين ومؤمنين غيورين ، يُغيّرون هذا الواقع المؤلم لكنيستنا التي لا زالت تعيش في غيبوبة وسبات عميق وشيخوخة
وفقر روحي. نحن نحتاج الى ولادة كنيسة جديدة وهذا لن يتم الا بعنصرة جديدة فيها تحصل على قوّة من الروح القدس لتكون شعلة وشعاع نور لجميع المؤمنين وجميع الأمم والشعوب.
وهذا لايتم بالتمنيّات وبالآمال بل نحتاج الى خطوات ملموسة يجب القيام بها كل واحد منا من موقعه، ونقترح بتواضع الخطوات التاليه:
1- تخصيص يوم واحد يتم الأتفاق عليه، يشترك فيه جميع المؤمنين بصلوات وابتهالات الى الرب يسوع المسيح لكي يحقق وحدة الكنائس المختلفة وذلك باقامة قداس خاص بهذه المناسبة في كل كنائسنا في الداخل وفي المهجر ويتم اثناء القداس القاء مواعظ  خاصة عن حاجتنا الى هذه الوحدة.
2- تخصيص يوم لكتابة المقالات يكون موضوعها الدعوة الى الوحدة ألكنيسة المشرقيّة والدعوى لوحدة الشعب المؤمن وتراصفهم ليشكّلوا قوى ضغط لتسريع هذه الوحدة وتجميع تواقيع كل المسيحيين في الخارج والداخل  لتأييد هذه الوحدة .
3- نقترح تأسيس قناة فضائية مشتركة لجميع الأطياف من مكونات شعبنا المسيحي تكون مرآة اعلاميّة  لنشر الثقافة الدينيّة واالفكرية والأنسانيّة وان تكون منبراً للحوار بين الأخوة المسيحيين وايضا منبرا للحوار مع الأخرين من جميع الأطياف السياسية والدينية والاجتماعية وتكون المهّمة الأساسيّة لهذه القناة هي التنسيق والتعاون بين كافة كنائسنا (العراقيّة) في الداخل والخارج وكذلك التنسيق والتعاون بين القنوات الفضائيّة المسيحيّة في الشرق الأوسط وخاصة بين قناة نور سات وسات7 .
4- توحيد مواقف كنائس الشرق الأوسط  تجاه المد الأرهابي والأصولي الأسلامي وذلك بمطالبة الدول العربيّة بوضع حد لهذا الأرهاب ومحاسبة وتطبيق العدالة بحق كل من يقوم بالأعتداء على المسيحيّين المسالمين ، وكذلك المطالبة بتغيير مناهج التربية والتعليم التي فيها تغذي عقول الأجيال بالكراهيّة لكلّ من ليس مسلما والدعوى الى تغيير الخطاب الديني لبعض خطباء يوم الجمعة الذين يدعون الى شحن المسلمين ضدّ المسيحيّين .
5- كذلك تنسيق وتوحيد اصوات الشعوب المسيحيّة في هذه البلدان لمطالبة حكوماتهم بازالة المادة الواردة في دساتير هذه البلدان والتي تنص على أنّ الشريعة الأسلاميّة هي المصدر الرئيسي لقوانين هذه الدول لأنّ ذلك هو مخالف لحقوق المواطنين المسيحيّين ويجعلهم مواطنين درجة ثانيّة وعلينا ايصال مطالبنا هذه ليس الى حكومات هذه الدول فقط ، بل الى جميع منظمات حقوق الأنسان والأمم المتّحدة والى كنائس العالم كافة .
6- عقد مؤتمرات داخل العراق وفي المهجر مرّة واحدة على الأقل في كل سنة يتم فيها التركيز على قضايانا المصيريّة في الدول العربيّة ويفضّل أن تشارك في هذه المؤتمرات نخبة من المثقّفين وذوي المراكز والمناصب في تلك الدول ويشارك كل المسيحييّن( وخاصة من المتمكنين ماديّا) في الخارج والداخل في الدعم المالي والمعنوي لتمويل هذه المؤتمرات، وتنبثق من هذه المؤتمرات لجان مختلفة  تقوم بالأتصال بالكنائس والحكومات (وخاصة بالكونكرس الأمريكي)   لايصال صوت المسيحيّين الى منابر الدول الحرّة وعمل لوبي مسيحي للضغط على كل دول الشرق الأوسط التي تضطهد المسيحيين في بلدانها، فنحن نمتلك قوّة الحق والعدالة، ولنا ايمان لا يتزحزح بقضيتنا العادلة. فقضيّتنا واضحة ولا لبس فيها أبداً.
7- أن نركّز على العمل الجماعي كفرق جماعيّة منظّمة ولها مهمّات (في الداخل وفي المهجر) تقوم بوضع خطط وبرامج واقتراحات تقدّم لهذه المؤتمرات جدول أعمالها حتى نضمن نجاح تلك المؤتمرات السنويّة وتقوم هذه الفرق الجماعيّة في التنسيق على عمل مظاهرات احتجاجيّة كلّما دعت الضرورة في الداخل والمهجر
.وليكن شعب الهنود الحمر وغيرها من الشعوب الأصيلة في الأمريكيتين  نموذجا نقتدي به حيث واجهوا اقوى قوّة مسلحّة في العالم المعاصر بسلاح بدائي وواجهوا غزواً عنصرياً يرى فيهم شعوبا متخلفة بدائيّة ومع ذلك صمدوا وواجهوا اعتى قوّة مسلحة باسلحة ناريّة في زمن لم يكن الهنود يملكون الا اسلحة بدائيّة ولكن بالأرادة والتصميم والصمود وحبّهم لارضهم ومقدساتهم أستطاعوا الصمود والبقاء.
وها هو اليوم نرى الشعوب الأمريكيّة الأصليّة وبالرغم من الأبادات الجماعيّة ، استعادت حقوقها واصبحت مع( المحتلين) مواطنين متساوين في كل شيء كسكان اصليين ولهم تراث وتقاليد وعادات وحضارة لابل رُدَّ الأعتبار لهم وأعتذر الأمريكيّون الجُدد عما فعلوا بهم من المجازر الجماعيّة بحقّهم وفتحوا لهذا الشعب الأصيل متاحف ومراكز تراثيّة تزخر بتراث وعادات وتقاليد هذا الشعب لابل أصبح الأمريكيّون جميعا يفتخرون بحضارات تلك الشعوب المتجذّرة في القدم.
فكم نحن أيضا ك"كلدان سريان آشوريين " لنا الحق في المطالبة بأعادة جميع حقوقنا المسلوبة وذلك بالتصميم على انتزاعها مهما كان الثمن، وخاصة ونحن نمتلك جميع الأوراق التي علينا تقديمها لكافة المحافل الدولية والمحليّة والعالمية
ولدينا هذا التاريخ المليء بكنوز المعرفة والعلم والثقافة التي أغنت العالم في فترات كان العالم يمر في عصور الظلام .


12
الشريعة والأيمان(الأعمال والأيمان)
         الجزء الثاني
بقلم نافع شابو البرواري
قناع التديّن
هناك اليوم مشكلة حقيقيّة في الديانات (وحتى المسيحيّة) وهي انّ الناس تلبس قناع التديّن. لقد شبّه يسوع المسيح العالم اليهودي قبله مثل شجرة التينة الغير المثمرة (لوقا 13) كانت الشجرة الغير المثمرة رمزا الى الشعب الذي يتظاهر من الخارج بالتديّن ولكن لا يعطي ثمرا مثل التينة المورقة التي تبدو للناظر اليها من بعيد شجرة جميلة ولكن عندما يقترب منها الأنسان لايجد فيها ثمراً .
ولكن السؤال هو كيف نعرف هؤلاء المقنّعين ؟ يجاوب الرب ويقول لنا قوله المشهور: "من ثمارهُم تعرفونهم ، أيثمرُ الشّوكُ عنبا ، أم العُلّيقُ تينا؟(متى7:16 )
الله لايطلب منّا قرابين وذبائح دون الأيمان الحقيقي والعبادة الصادقة والأمانة القلبيّة ، وليس ذلك فقط بالعلامات الخارجيّة والتمسُّك الأعمى بالتقاليد التي أصبحت لا معنى لها دون الأيمان القلبي(اشعيا1:12,13) . وبهذا الصدد يقول الرب يسوع "هذا الشعب يُكرمُني بشفتيه وأمّا قلبه فبعيد عنّي. وهو باطلا يعبدُني بتعاليم وضعها البشر"متى15:8,9 ". وهذا ما كان سبب اصطدام يسوع المسيح مع رجال الدين اليهود الذين (مثل اليوم ) كانوا يغشّون الناس البسطاء بالمظاهر الخارجيّة لتطبيق الشريعة(التديّن) ، دون التركيز على روح الشريعة(الدين) ، فوصفهم" كالقبور المبيضّة ، ظاهرها جميلٌ وباطنها ممتليء بعظام الموتى وبكلِّ فساد"متى 23:27 "
ووصفهم بالمرّائين يظهرون للناس غير ماهي عليه حقيقتهم فهم يضلّلون الناس بعيدا عن الله ، يقول الله على لسان النبي ارميا عن هؤلاء الناس "يقول الواحد للآخر سلام! وفي سِّرهِ يكيدُ لهُ "ارميا 9:7 ".
والمصيبة انّ هؤلاء الناس هم في الغالب قادة رجال الدين الذين من المفروض أن يقودوا الشعب الى نور الله(يسوع المسيح نور العالم) ولكن في الحقيقة هم يُدخلونهم في ظلام دامس ولهذا وصف الرب يسوع المسيح هؤلاء رجال الدين بالقادة العميان ، يقودون شعبا أعمى ووصفهم بالمرّائين وأولاد الأفاعي وهي اقسى الكلمات التي قالها يسوع المسيح عن هؤلاء القادة الدينيّن الذين يستغّلون مناصبهم الدينيّة لمصالحهم الخاصة ويتاجرون بالدين . لقد نبّه يسوع المسيح تلاميذه من معلّمي الشريعة اليهوديّة قائلا لهم "ايّاكم ومعلّمي الشريعة ، يرغبون في المشي بالثياب الطويلة ، ويحبّون التحيّة في الساحات ومكان الصدارة في المجامع ومقاعد الشرف في الولائم. يأكلون بيوت الأرامل وهم يُظهرون انّهم يستغرقون وقتاً أطول في الصلاة . هؤلاء ينالهم أشّد العقاب "لوقا 20:45 ".
وما اشبه اليوم بالبارحة فنرى انتشار ظاهرة التديّن (الخارجي) فقسمٌ من رجال الدين يطلقون اللّحى لكي يظهروا للناس بأنهم أتقياء ومتديّنين والنساء تلبسن الحجاب ليظهرنّ من الخارج بأنهنّ متديّنات والبعض يحاول أن تصبح عنده زبيبة في الجبين ليُظر للناس كثرة صلاته والبعظ يصليّ في ضجيج الشوارع وفي المناطق المزدحمة ليُظهر للناس أنّه يصلي ، وهكذا يُظهر للناس انّه صائم ويقوم بأداء الفرائض والشعائر الدينيّة و يفتي بعض رجال الدين بعشرات المحرّمات والمُحلّلات لكي يُظهر للناس أنّه يمتلك السلطة الدينيّة ليحترمه الناس ، والبعض يغسل يديه ورجليه ليبدو نظيفا (من الخارج ).
ليست الديانة( الحقيقيّة) مجرّد الأشتراك في الطقوس والشعائر والممارسات الخارجيّة ، ان الله لا يريدُ حركات استعراضيّة لأيهام الآخرين أو خلق انطباع لديهم بصلاحنا او تقوانا ، لكن الله يريد منا ايمانا بسيطا شفافا والتزاما منا بما يريده هو وليس مجرّد اقناع الآخرين انّنا متديّنين ، الله يريد أعمالنا الصالحة . في الحقيقة التديّن يوضّح ويؤكّد لنا فشلنا في الخلاص ، التديّن هو ابطال عمل المسيح في المصالحة مع البشريّة بنعمة الخلاص أي التديّن هو أّننا نريد أن نُظهر للآخرين أننا نستحق الخلاص بجهودنا دون الأتكال على عمل المسيح الخلاصي على الصليب
يقول الرب عن هؤلاء المُتديّنين "يحزمون أحمالا ثقيلة شاقّة الحمل ويلقونها على أكتاف الناس ولكنّهم لا يُحرّكون اصبعا تُعينهم على حملها"(متى 23:4. )".
الله لاينظر الى الوجوه بل الى النوايا الداخليّة ، الله لايريد أن يقيّدنا بسلسلة طويلة من المحرّمات والمحلّلات والقوانين والنواهي ولا يريد منا ذبائح وقرابين وطقوس واحتفالات في ايّام الأعياد وكل مظاهر التقوى الخارجيّة بل يريد منا قلوبنا ومحبّتنا له ومعرفة شخصيّة به وتكوين علاقة معه ، هذا هو ما يريده الله بينما التديّن هو رياء وكذب وغش ، وهو قناع يختفي تحته كل ما هو نجاسة ونتانة ، كان اليهود لايقومون بالعمل في يوم السبت وكانوا لايعاشرون الخاطئين والفقراء والمرضى وكانوا لايخالطون الشعوب الأخرى الغير اليهوديّة بل يعتبرون الوثنيين كلابا وحتى كانوا يعتبرون المرأة درجة ثانيّة وكان اليهودي يشكر الله لأنّه لم يخلقه امراة ، انّ الله لا يفرح بممارساتنا الخارجيّة ان لم يكن هناك ايمان من الداخل ولكن اليوم الكثيرون  وضعوا ايمانهم في طقوس ديانتهم أكثر مما في الله الذي يعبدونه ، فالعلامات الخارجيّة لا معنى لها دون ألأيمان القلبي وكل انسان فاسد دون قبول النعمة المجّانيّة التي أعطاها الرب يسوع المسيح وهي أنه غسل قلوبنا (خطايانا) بدمهِ على الصليب و أعطانا قلوبا جديدة. الله يريدُ أن نُحبُّه ونقيم علاقة معه بعد ان نتوب ونرجع عن خطايانا وبعد ذلك يسرُّ بذبائحنا من الوقت والمال والخدمة التي نقدّمها له ولأخوتنا البشر .نعم الذبائح التي يطلبها الله ، بل يريد منا التواضع "روحٌ مُنكسرة "(مزمور 16 :51) ".
الله يريد منّا أن نصغي اليه ونستمع الى أقواله (مزمور40:6 ).
الله يريد تطبيق الحق والعدالة والصدق والأمانة (عاموس5:24 ).
الله يريد رحمة لا ذبائح.
الله يهتم بالتوبة الداخليّة والرجوع اليه منكسري القلب ومتواضعين.
ولهذا يقول لنا الرب يسوع المسيح :
"ايّاكم أن تعملوا الخير أمام الناس ليُشاهدونكم...واذا صليتم فلا تكونوا مثل المُرائين يُحبّون الصلاة قائمين في المجامع ومفارق الطرق ليشاهدهم الناس ....  ولا تُردّدوا الكلام تَردادا في صلواتكم مثل الوثنيّين....واذا صمتم  فلا تكونوا عابسين مثل المُرائين يجعلون وجوههم كالحة ليُظهروا للناس أنّهم صائمين ...واذا صمت فاغسل وجهك وأدهن شعرك حتى لا تظهر للناس أنّك صائمٌ" متى 6 ". يسوع المسيح لم يهتم بمظهر القداسة ولم يفتخر بسلطته التي كان فيها يعمل المعجزات ويشفي المرضى ويطعم الجياع ، الأنسان دائما يُظهر علامة خارجيّة ليُظهر تديُّنه ولكن الله يحاسب دواخل الأنسان وليس فقط ما يعمله الأنسان من الخارج(مظاهر التديّن) . ويقول بولس الرسول عن هذه الحقيقة بالقول:
"فما اليهوديُّ هو اليهود يُّ في الظاهر ولا الختان هو ما ظهر في الجسد ، وانّما اليهوديُّ ما ظهر في الباطن ، والختان هو ختان القلب ِبالرُّوح لا بحروف الشريعة هذا هو الأنسان الذي ينالُ المديح من الله لا من البشرِ"روميا 2:28,29 ".
فممارسة الطقوس الدينيّة والذهاب الى الكنيسة وحتى تدريس التعليم المسيحي للأخرين وحتى المعموذيّة والتثبيت ووووو الخ  لا تكفي لكي يكون الأنسان مقبولا لدى الله لانَّ الله ينظر في داخلنا وليس في ظاهر حياتنا  ان الله لايحاسبنا على الأعمال والأقوال فقط بل أيضا على النيّات(وتكون الدينونة يوم يدين الله خفايا الناس)(روما 2:16 ). فلا يكفي أن نقول انَّ الله يوزن الأعمال والأقوال الظاهريّة بل هو الذي يعرف ما وراء هذه الأعمال والأقوال هل هي مظاهر دينيّة لاظهار الذات والكبرياء والشهرة للوصول الى غاية وهدف شخصي لاعلاقة له بالأيمان الحقيقي؟ ، الكثيرون من الناس يظنّون انّ الأعمال الصالحة في الماضي تُخلّصهم لانّهم عملوا أعمالا بما يكفي لتُغطّي على الخطايا التي اقترفوها والتي لايريدون التخلي عنها ، لكن الكتاب المقدّس يقول لنا انّ لا جدوى من محاولاتنا أن نكون صالحين في بعض
النقاط ليتسنّى لنا التصرّف بسوء في النقاط الأخرى(راجع حزقيال 33:12 ) ،
لايوجد (كما يعتقد اصحاب الديانات الأخرى بانَّ الحسنات تأكل السيئات وانَّ الأعمال الصالحة توضع في كف ميزان مقابل الأعمال الطالحة التي توضع في الكفّة الثانيّة للميزان ويكون الخلاص او الدينونة بحسب ثقل كفّة الميزان) . يقول الله على لسان حزقيال النبي"لايستطيع البارُّ أن يحيا ببرّه في يوم اقترافه الخطيّة" أنّ الطاعة من القلب أهم جدا من الأعمال الطقسيّة والفرائض والذبائح  لانّ الله يريد منا أن نقدّم له قلوبنا وذواتنا وان نحبّهُ من كل قلبنا وعقلنا وأن نحب الأخرين كانفسنا هذه هي خلاصة الكتاب المقدّس . الرب يحفظكم وشكراً لمن يقرأ .



13



السريانيّة  لغة وثقافة وحضارة
الجزء الأوّل
بقلم نافع شابو البرواري
ونحن إذ نُسلّط الضوء على الجذور التاريخيّة لشعبنا (الكلدان السريان الاشوريين )
للوصول الى تسميّة قوميّة لهويتنا التاريخيّة علينا أن نبحث في التاريخ للشعوب التي عاشت في منطقة الهلال الخصيب والذين نحن شعب بين النهرين (بيث نهرين) جزء لا يتجزأ من هذه الشعوب التي عاشت آلاف السنين في هذه المناطق الجغرافية (الممتدّة من ارمينيا وآسيا الصغرى شمالا الى قلب الجزيرة العربيّة واليمن والخليج العربي جنوبا وبلاد فارس شرقا ومصر والبحر الأبيض المتوسّط غربا) وكان لها دوراً اساسياً في صنع الحضارات العالميّة ومركز انطلاق الديانات السماويّة الى  ما وراء حدودها الجغرافيّة، لابل الى كل بقاع الأرض المسكونة .
لقد سبق الكثيرون من أخوتي( المختصّين في الدراسات التاريخيّة و البحوث العلميّة والشهادات الآثاريّة) بما أتحفونا من دراسات تاريخيّة مستفيضة في هذا المضمار وسلّطوا الضوء على هذه الحضارات التي خدمت الأنسانيّة( ولا تزال) بالرغم من انزواء هذه الحضارات وأنكفائها وانكماشها وضمورها لا بل هناك اليوم من يريد تهميش دورها والقضاء عليها ومسح ذاكرة الشعوب التي لا تزال تتكلّم بلغة تلك الحضارات المتجذّرة في القدم وهي السريانيّة بفرعيها الغربي والشرقي ، انّني لست مختصّا بالدراسات التاريخيّة ولا مختصاً باللغات الشرقيّة ولكنني كقاريء أُقدّم وبتواضع ما قراته من الكتب والمقالات والدراسات المختصّة في شؤون اللغة السريانيّة وآدابها وثقافاتها وتاريخها وحضارتها عسى ولعل أن أساهم (ولو بقليل) في تسليط الضوء في الجذور( السريانيّة الآراميّة )لكي نساهم جميعنا في التوصّل الى التسميّة القوميّة لهويّتنا نحن (الكلدان السريان الآشوريّين) وغايتي هي أن اساهم ولو بقليل مع اخوتي الذين سبقوني في بحوثهم الرائعة  في هذا المضمار للوصول الى التسميّة المنشودة لولادة جديدة واسم جديد كما جاء ذلك في أحدى المقالات لصديقي وعزيز على قلبي وهو الشماس مسعود النوفلي. وقد سبقني باقتراحه أن يكون الأسم"سورايي مَذنحايي"  وقد كتبت أنا أيضا مقالة بعنوان " أيّها الأخوة  (الكلدان السريان الآشوريّين) ماهي هويّتنا الحقيقيّة؟" اقترحتُ أن يكون التسميّة "سورايي " ولتسليط المزيد من الضوء على هذه التسميّة سنبحث عن الجذور التاريخيّة للتسميّة(سورايي ) لكي تتوضّح الصورة اكثر فأكثر لدى القارئ العزيز .
كان الآراميّيون قديما قبائلا كثيرة العدد منتشرة في كل أنحاء (اراميا التاريخيّة القديمة- أي ما يطلق عليه اليوم الهلال الخصيب) وأول مرة ذكر فيها أسم الاراميّين في المدونات التاريخيّة  كان سنة  2300  ق.م في جنوب العراق . وبعد حوالي 1500 ق.م بدأوا يؤسّسون مئات الدول والممالك والأمارات في أنحاء منطقة الهلال الخصيب , أي( اراميا) , فوحّدوا  هذه المنطقة بعنصرهم الآرامي , ولغتهم الآراميّة السهلة , وبحضارتهم وثقافتهم ...الخ.
اللغة السريانيّة.
 يقول المستشرق سيباستيان بروك( وهو عالم متخصص في اللغات القديمة الشرقية):
"ما ان وافى القرن السابع ق.م .حتى بدأت الآراميّة تحل محل الأكديّة , باعتبارها لغة التواصل الرئيسيّة في الشرق الأوسط .وظلّت لغة الثقافة السائدة في المنطقة حتى القرن السابع الميلادي , حين أخذت تُسلّم الزمام للعربيّة. ولقد شهدت هذه المدّة ,التي امتدّت أكثر من ألف عام , مولد عدد من المجموعات الأدبيّة الكبرى بالآراميّة .ولا يزال العديد من الجماعات الآراميّة على قيد الحياة في مجتمعات باقيّة حتى اليوم... بيد أنّ الألف الأول بعد الميلاد شهد الأزدهار العظيم للآداب الآراميّة . وكانت الآراميّة انذاك قد انقسمت الى عدّة لهجات مختلفة , كان لكثير منها خط (واسم) خاص بها ......وهكذا يمكن اليوم قراءة مصنّفات أربعة متميّزة من الأدب الآرامي: المجموعة اليهوديّة (الاراميّة اليهوديّة).
والمجموعة السامريّة (الآراميّة السامريّة).
والمجموعة المسيحيّة (بالسريانيّة أي اللهجة الآراميّة الخاصة بالرُّها أي أورفا).
والمجموعة المندائيّة(الصابئة).
( ولا أريد أن أخوض في تفاصيل هذه المصنّفات لّلغات الآراميّة) ،
ولا شك أنّ الأدب السرياني هو أوسع هذه الآداب نطاقا بما لا يقاس(أي المجموعة المسيحيّة - السريانيّة) بل وأطولها عمراً لأنّه الوحيد بينها الذي لا يزال يُستخدم بنشاط."
انّ الاراميّة القديمة ظهرت شمال سوريا وتغلغلت في المناطق الأشوريّة ثمّ تبنتها الأمبراطوريّة الآشوريّة (1100ق.م -612 ) . ثبّتت الدولة( الآشورية) اللغة الآراميّة وأصبح المشرفون على الشؤون الأدارية يتقنونها أكثر من الأكديّة وقد انتشرت الآراميّة الرسميّة انتشارا واسعا في العهد الآشوري ,وليس في الأمبراطوريّة الآشورية فحسب (2ملوك : 37- 18:13 ) ، بل في الأقطار الأخرى أيضا من الشمال من اسيا الصغرى الى الجزيرة العربيّة وظلّت الأراميّة تشغل مكانتها المرموقة في العهد البابلي الحديث ( 626 - 538 ق.م) وفي العهد الفارسي(538-330)ق.م ، كما قلنا كان السريان قديما يتسمّون بالاراميين.لكن قبل الميلاد ببضعة قرون بدأوا يتسمّون بالاراميين السريان.وهناك نظريات عن هذه التسميّة يقول الأب لويس ساكو ص 38 من كتاب ينابيع سريانيّة:
السريان  أنفسهم  ورثة الآراميين مباشرة والتسمية الحاليّة (السريان) قد تاتي من سورية موطنهم الأصلي أو من أسوريا "أشور موطن الآراميين "أو من أسروينا , الأسم القديم للرها.غير أنّ هذه التسميّة ليست ذات أهميّة ,فالأهم هو أنّ السريانيّة شملت كلَّ الناطقين بها من كلدان واشوريّين وسريان وموارنة ، وهي لا تقتصر على قبيلة معيّنة أو طائفة أو فرع.
ونحن وبموجب الأبحاث الجديدة والتقارير التي نقرأها من قبل اخوتنا الباحثين  في المواقع المسيحيّة( واخرها مقالة الدكتور اسعد صوما بعنوان "اشور وسوريا وسريان") نرجح التسميّة نسبة الى الاشوريين حيث كانت سوريا خاضعة للأمبراطوريّة الآشوريّة والتسميّة جاءت من اليونانيين ولكن لايعني هذا أبدا أنّ سوريا كان شعبها آشوري بل كان في الغالب من الآراميين الذين تحوّل اسمهم بالتدريج الى السريانيين نسبة للتسميّة الغربيّة ، ومعلوم أنّ الأمبراطوريّة الآشورية كانت تحكم شعوبا أكثر من حجمها بكثير (هذا ما قراته منذ سنين عن المؤرخ ارنولد توينبي في كتابه تاريخ البشريّة الجزء الأول).
كان السريان قديما يتسمّون بالاراميين. لكن قبل الميلاد ببضعة قرون بدأوا يتسمّون بالاراميين السريان .وشاعت تسميّة سريان بينهم بعد اعتناقهم الديانة المسيحيّة ، وتسمية سريان أطلقها اليونانيّون عليهم. وبهذا الصدد يقول المؤرخ اليوناني
 ق.م- 2463(Strabo )
"انّ هؤلاءالذين يطلق عليهم اليونانيون أسم السريان فأنّهم يسمون انفسهم بالآراميين" وهكذا نستنتج أنّ التسميّة السريانيّة بدأت قبل الميلاد الى أن طغت التسميّة السريانيّة على الآراميّة وهذا يعني الكثير بالنسبة لنا فعندما يقول البعض أنّ السريان لم يطلق عليهم هذا الأسم قبل الميلاد ليس صحيحا ، أستمرّت التسميّة الآراميّة والسريانيّة تطلقان على الشعب الارامي بشكل مرادف لغاية القرن الثالث عشر الى أن أنفردت تسميّة سريان واحتجبت تسميّة آراميين عن الأستعمال .
جاء في موسعة- ويكيبيديا الموسوعة الحرّة مايلي:
" اللغة السريانيّة(وتُنطق سوريويو) لغة شرق اراميّة يتحدّثها الناس في الهلال الخصيب. بالمعنى العام ، السريانيّة هي كل اللغات الشرق آراميا التي تتحدّثها جماعات مسيحيّة ، لكن بالمعنى المفصّل السريانيّة هي لغة مدينة الرها الكلاسيكيّة التي صارت اللغة الليتورجيّة للمسيحيّة السريانيّة . تُكتب اللغة السريانيّة بالأبجديّة السريانيّة . وهي أصل الكتابة العربيّة قبل أن تُنقّط . وعدد حروف اللغة السريانيّة أثنان وعشرون حرفا وهي تُجمع في خمس كلمات : أبجد هوّز حطي كلمن سعفص قرشت. أما حروف العلّة الصغيرة والتي تُسمّى بالحركات الأعرابيّة فهي تختلف في
عددها في اللهجات السريانيّة.  وتنتمي السريانيّة والعربيّة والعبريّة الى العائلة اللغويّة الساميّة لكن العربيّة هي الأحدث بين الثلاث. وتشترك السريانيّة والعربيّة بكثير من الأمور فنجد جذور الكثير من المفردات هي نفسها لابل نجد ايضا مفردات سريانيّة في اللغة العربيّة واللغة العبريّة. اللغة السريانيّة كانت لهجة اراميّة في شمال بلاد الرافدين .قبل تغلُّب اللغة العربيّة ، وكانت السريانيّة اللغة الغالبة بين المعاشر المسيحيّة في الشرق الأوسط واسيا الوسطى وجنوب الهند .الآن معاشر صغيرة متفرّقة تتحدّث السريانيّة في سوريا وتركيا والعراق وايران وارمينيا وجورجيا واذربيجان ، وقد تفرّقت معاشر أكثر في جميع أنحاء الشرق الأوسط واوروبا واستراليا والأمريكيتين" ، ولكن لنا ملاحظة عن التسميّة سورويا الوارد في الموسوعة أعلاه وهي:
أنّ السريانيّة(كلغة) تنقسم الى سريانيّة غربيّة وسريانيّة شرقيّة حسب الموقع الجغرافي شرق نهر الفرات وغربها(وهناك من يقول حسب المنطقة الجغرافيّة التابعة للأمبراطوريّة الفارسيّة شرقا والأمبراطوريّة البيزنطينيّة غربا) فالذين غرب
الفرات يسمّون (سوريويو ) وشرقها يسمّون (سورايي)  ويتكلّمون (سورث ) وهم "الكلدان السريان الآشوريّين".
والحقيقة كلمة"سورايي" تتضمّن معنيين لأسم واحد، معنى ديني ومعنى لغوي
فعندما نريد أن نتعرّف على شخص مسيحي من المناطق الشماليّة للعراق وشمال شرق سوريا، من هو؟ فيقول انا سورايا وهذا يعني عندنا أنّه مسيحي (مشيحايا) ويتكّلم (السورث) أي سورايا.
السورث وهي(لهجة)  مشتقّة من السريانيّة الآراميّة الشرقيّة ، تتكلّم بها الجماعات المسيحيّة القاطنين في جبال كُردستان والقرى المسيحيّة الواقعة في شمال العراق (سهل نينوى) وشمال شرق سوريا وعلى الضفاف الشرقيّة من بحيرة أورمية وجبال طور عابدين ، وهي لا تَزال تُحكى في المهجر (أمريكا واوربا واستراليا ..وو) اذ لم يتخلّى عنها أصحابها ، الا أنّه طرأ عليها (السورث )على غرار الآراميّة الغربيّة الباقيّة الى الآن تغيير كبير في اللفظ وتأثّرت بالظروف واللغات المجاورة  كالعربيّة والتركيّة والفارسيّة والكردية .
ويقول الأب لويس ساكو في صدد تصنيف اللهجتين الشرقيّة والغربيّة للسريانيّة فيقول في تقرير منشور في نفس الكتاب أعلاه صفحة 37 :
"لم تكن الآراميّة لغة فحسب بل كانت مجموعة لغويّة غنيّة بلهجاتها المتعدّدة .فهناك لهجة شرقيّة , هي لهجة حرّان والرها ونصيبين والموصل , ولهجة غربيّة وهي لهجة بابل التي بها كُتب التلمود المعروف ب"التلمود البابلي " وغدت لغة اليهود أيّام السبي ولغة الجليل ايّام المسيح(كان يتكلّم بهاالرب يسوع المسيح وقد وردت كلمات كثيرة بهذه اللهجة في العهد الجديد لامجال لذكرها الان).وتَكاد تكون هذه اللهجة تلك التي يتكلّم بها أهل معلولة في سورية."
جاء في كتاب "ينابع سريانيّة" أيضا  صفحة 493 ما يلي:
 لقد بنى الآراميُّون السريانيّة لغة ً آراميّة حديثة وأتقنوا البنيان : فكتبوا بها الروائع ليواجهوا المدّ اليوناني المستعمر وهم يحافظون على هويّتهم ودورهم بعبقرية .
لقد أختلفوا في أمور عدّة فتفرقوا كنائس وتيّارات وأثنيّات أكانوا اشورييّن أو    ارامّيين أو كنعانيين أو كلدانا أو موارنة. وأنتشرت لغتهم في المحيط الواسع فعمّت
بلاد الآراميّين(يقصد الكلدان والآشوريّين والسريان) والفرس والأرمن والعرب ,فنقل هؤلاء روائعها الى لغاتهم  بأمانة واعتزاز.
ويقول العلامة الخوري  بولس فغالي في مقالة له في نفس الكتاب  :
"كلِّ لغة غنى , وقد يصير هذا الغنى فقراَ ان هو انغلق على نفسه .واللغة السريانيّة التي أساسها الآراميّة(التي فرضت نفسها في زمن الفرس من الهند حتّى جنوب مصر )، تعلم من أين جاءها  الغنى بداَ بحكمة احيقار حتى التقاليد اليهودية  التي دوّنت في التلمود  وفي التراجيم .
السريانيّة لغة غنيّة , مرنة,تستطيع أن تأخذ من غيرها وتعطي . ثم أنّها كانت جسرا فرض  نفسه في العبور الى العربيّة , لآداب جاءت من الهند وفارس , وخصوصا من اليونان .هذه اللغة عرفت العالم اليوناني , الوثني منه والمسيحي , منذ هوميروس مرورا بأرسطو والفلاسفة , وصولا الى أباء الكنيسة وهم مؤرخون ولاهوتيّون ومتصوّفون ".
الخلاصة
1-على ضوء ما جاء اعلاه لايمكن أن نعلم بأن هويتنا القوميّة هل هي كلدانيّة او اشوريّة أو سريانيّة الا بالأستناد على (اللغة الواحدة والتاريخ الواحد والتراث الواحد والوطن الواحد والذاكرة الواحدة والهدف الواحد والدين الواحد) وهي اساس يمكن أن نستند اليه( كقوميّة واحدة وهويّة واحدة) وذلك لأنّ هويّة القوميات الكلدانيّة والسريانيّة والآشوريّة قد ذابت في بودقة واحدة  أصبحت اليوم تسمّى (سورايي) ويتكلمون بلغة(السورث).
2-هذه الهويّة الجديدة والقديمة(سورايي) والمشتقّة من اللغة السريانيّة يجب أن نعتز بها كلغة أبائنا واجدادنا  ومن خلالها انتشرت المسيحيّة شرقا الى الصين والهند وغربا الى أوربا وشمالا الى روسيا وجنوبا الى اليمن والجزيرة العربيّة والخليج العربي ومن خلالها يعرفنا العالم حيث كانت لغة الشرق الأوسط الكبير عبر مئات السنين.
 3-عندما نقول اليوم الوطن العربي فنعني به جميع الشعوب التي تتكلّم اللغة العربيّة
فيعني ذلك ان جميع هذه الشعوب هم من قوميّة واحدة هي القوميّة العربيّة لأنّهم يتكلمون باللغة العربيّة, ومنهم الكثيرين من المسيحيّين (العرب والمستعربين) بينما نحن المتكلّمين بلغة (السورث)(سورايي) نستطيع أن نقول نحن لنا هويّة خصوصيّة اذ نحن لنا قوميّة غير العربيّة بالرغم من أننا نعيش في ما يسمّى بالوطن العربي أو نعيش في كردستان (أي بين القوميّة الكرديّة).
4- هذا لا يعني أنّ أي واحدٍ من عندنا نحن الكلدان والاشوريين والسريان لا نعتز بأنفسنا كوننا ننحدر من الكلدانيين أو السريانيين (الآراميين) أو من الآشوريين ولنا   لهجاتنا المختلفة نوعا ما ولنا خصوصيات اخرى وهذا شيئ طبيعي يجب أن نفتخر به ولكن ، المصلحة العليا تتطلب أن يكون لنا تسميّة قوميّة(سورايي) مستندين الى شروط القوميّة الأساسيّة وهي اللغة والدين المشترك والتراث المشترك والهدف المشترك كما هي الحال في معظم دول العالم.













14

عندما تنقسم المملكة على نفسها
بقلم: نافع شابو البرواري
يقول الرب يسوع المسيح: "كلّ مملكةٍ تنقسم تخرب وتنهار ُبيوتها بيتا على بيتٍ ، واذا انقسم الشيطان ُفكيف تثبُتُ مملكته؟ .....................عندما يحرسُ الرجل القويُّ المتسلّح بيته تكونُ أمواله في أمانٍ ، ولكن أن هاجمه رَجُلُ أقوى منه وغلبه ُينتزع منهُ كلَّ سلاحهِ الذي كان يعتمد عليه ويوزّع ُما سلبهُ "متى 12:15,29".
نعم حتّى الشياطين إن أنقسمت على بعظها تخرب مملكتها وهكذا ينطبق مثل المسيح  علينا نحن المؤمنين المسيحيين في كل العصور والأزمنة ، كان الرب يسوع المسيح ولا زال له السلطة المطلقة على الشياطين والقوات الشريرة وعندما كان يُخرج الشياطين من الناس كان اليهود يشكّون في قوة السلطة التي يمتلكها وعن مصدرها فكان البعض يعتقد انّها من بعلزبول رئيس الشياطين وعندما عرف يسوع المسيح أفكارهؤلاء الناس وشكوكهم قال قوله الحكيم الذي به استطاع أن يُسكت جميع المتشككين بقوة سلطانه العظيم ، وأعطانا حكمة عظيمة عن" الوحدة والأنقسام" وكيف أنّ الكنيسة في التاريخ اللاحق ونحن اليوم لم نتعلّم دروسا وعبر عن قول المسيح لليهود قبل الفي سنة. نعم فمنذ بداية سفر أعمال الرسل ظهر الزوان بين الحنطة  وما زال هذا ا لزوان ينمو في كل مرحلة تاريخيّة. فبعد صعود الرب الى السماء و بعد أن زرع بذور المسيحيّة(الحنطة) في هذه الأرض اثناء النهار ولكن ما أن غابت الشمس وانتشر الظلام فإذا بالعدو (الشيطان ) وفي جنح الليل يزرع  بذورالزيوان بين الحنطة (الهرطقات وا لبدع  وكل من حاول و يحاول هدم الكنيسة الواحدة من الداخل وتقسيمها  وتشتيتها ).
 ان تاريخ الكنيسة خير شاهد على الأنقسامات بين الكنيسة الجامعة الى أن وصلنا اليوم الى عشرات بل مئات البدع والهرطقات. وكنيستنا المشرقيّة لم تكن ابدا بعيدة عن هذه الأنقسامات ولا نريد أن ندخل في هذا الموضوع لأنّه يفتح  جرحا جديدا يدمي قلوبنا ، وكأنّ هذه الأنقسامات في الكنيسة الواحدة(  ونحن نعرف أسبابها الرئيسيّة هي الصراع على الكراسي واسباب سياسيّة) غير كافية حتى يظهر جرح جديد في ايّامنا هذه وهو الجرح الناتج من الأنقسامات وعدم الأنسجام في تحقيق الوحدة للكنيسة المشرقيّة والوحدة القوميّة ووحدة الهويّة الواحدة بين  أبناء الكنائس المشرقيّة للمحافظة على وجودهم التاريخي المهدّد بالخطر. عندما ينقسم البيت على نفسه وعندما تنقسم المملكة على نفسها عندها يخرب البيت وتخرب المملكة فالشيطان يفصل الأخ عن أخيه و يفصل الزوج عن زوجته ويحاول التسلّل الى الكنيسة ويفصل جماعة المؤمنين عن الله ويحاول أن ينفرد بالمؤمنين الذين ايمانهم لازال غير راسخ فيعمل على زعزعة ايمانهم ، ان التاريخ يعطينا دروسا وعبر عن أنَّ أمبراطوريات سقطت نتيجة الأنقسام من الداخل أو الخيانة من داخل المملكة وأحيانا بين الأخوة اصحاب السلطة الملوكيّة ومن بيت واحد وايضا تاريخ الكنيسة يخبرنا كيف ظهرت الأنشقاقات في الكنيسة الشرقيّة والغربيّة  وبين الكنيسة الشرقية(الكنيسة المشرقيّة الشرقيّة والكنيسة المشرقيّة الغربيّة) نفسها وبين الكنيسة الغربيّة نفسها وأصبحنا اليوم نسمع عن أسماء عشرات المذاهب والطوائف وحتى البدع المنتشرة في العالم اليوم نحن( الكلدان السريان الآشوريين) في حالة انقسام لم يشهد لها التاريخ الماضي ولم نسمع بهذا الصراع بين الأخوة كما يحدث هذه الأيّام.
ماهي خُطط الشيطان؟
لكي نعرف كيف نواجه الشيطان الماكر الذي هو السبب الرئيسي لما وصلنا اليه اليوم (ولكن لا ننسى أنّنا سمحنا لهذا الشيطان أن يتسلل بيننا ليفرّقنا )علينا أن نعرف الأسلحة التي نُحارب بها هذا الخبيث لكي نواجههُ ونكون جاهزين للدفاع عن  وجودنا وبقائنا في أرض الآباء والأجداد وإلآ سيستطيع هذا العدو الماكر أن يشتّتنا ويفرقنا ويمزّقنا ويجعل منّا الأخوة الأعداء وأخيرا يرمينا في بحر الظلمات حيث     عندها يبتلعنا الوحش الخارج من البحر ، لا سمح الله (رؤيا 13:1) ،
الشك - التضليل - الأحباط - الهزيمة - التأجيل ، هي الخطط التي يضعها الشيطان وعلى ضوئها  يجعل الشيطان من الآخرين فريسة سهلة لأيقاعهم في شركهِ ، الشيطان قد يظهر كملاك نور ، الشيطان يتسلل الى بيوت المؤمنين عندما يظهر بين المؤمنين الأنقسام والخصام والتمزّق والتمسّك بالأمجاد الفانية ، الشيطان يحاول أن يجعلنا نُبعد الله عن الصورة .
الشيطان هو إله هذا الزمان ، هو في حرب دائمة مع جماعة المؤمنين بالمسيح.
الشيطان يحاول التشويش على الهدف والتشويش الفكري والذهني.
الشيطان في زماننا طوّر أسلحته  وزاد من وسائل الأغراءات المختلفة لأجتذاب الكثيرين وهو يُظلّل الناس بأن يقودهم الى الكبرياء ، وهو يتغيّر ويتلوّن حسب العصر. الشيطان هو رئيس قوّات الهواء وهو الروح العامل في أبناء العصيان "أفسّس 2:2,3".
الشيطان  أكبر مخادع فهو يُغرينا بالمغريات ومنها محبّة الشهرة والتمسّك بالماضي حتى لو كان هذا الماضي ملوّث بالصنميّة والأوثان والتعلٌق بأمجاد هذا الماضي لنبقى مستعبدين لهذا الماضي بينما الرب يسوع المسيح يقول لنا لاتنظروا الى الخلف مثل زوجة لوط . وهو في عرس قانا الجليل أعطانا الخمر الجديد (الذي يرمز الى الحياة الجديدة مع الرب يسوع المسيح والحياة الروحيّة الجديدة).
الشيطان مثل المخدر يُشعرنا بالنشوة الوقتيّة كالمخدرات ولكن في النهاية يكون قد نصب لنا فَخاً لن نستطيع الخروج منها أحياء أبداً.
فعندما تزداد الهجمات على المؤمنين فهناك بالتأكيد أصبع الشيطان وراءها ،
عندما نرى المؤمنين منقسمين ويتكلّمون بلغات مختلفة وبلبلة في الألسنة والأنقسام في الرأي عندها يرقص الشيطان طرباً لهذا الأنقسام بين الأخوة المؤمنين ،
الشيطان هو سيّد الكفر والظلام فعمله لايتم إلآ في عتمة الظلام لأنّه لا يستطيع مواجهة نور المسيح ، يحاول الشيطان بالأكاذيب والخُدع لأبعاد الناس عن الحق وتشويه الحقائق الإلهيّة فالشيطان يجعل الأشياء الخاطئة تبدو جذّابة حتّى نشتهيها أكثر من الأشياء ا لصالحة.
الشيطان يجعلنا نشعر بالهزيمة والفشل حتّى نقع في مصيدة اليأس والشعور بالأحباط ونُّصاب بالشلل الفكري والخوف من التحدّيات التي تواجهنا ويحاول أن نؤجل من تحقيق أهدافنا حتى ننسى التركيز على الهدف الحقيقي بأن يخلق لنا أزمات جديدة وهكذا يُدخلنا في دوّامة من الأهداف الجانبيّة الزائلة ، وبذلك لن نستطيع تحقيق الهدف الرئيسي .
والشيطان يحاول التحكّم في خطتنا ، قال المسيح للذين لم يطيقوا سماع كلماته:
"فأنتم أولاد أبيكم ابليس ، وتريدون ان تتبعوا رغبات أبيكم هذا الذي كان من البدء قاتلا ، ما ثبت على الحق لأنّ لا حق فيه وهو يكذب ُ، والكذب في طبيعته ، لأنّهُ  كذاب وأبو الكذب "يوحنا 8:8,9 ".
 قد لانكون واعين أنّنا أصبحنا أتباع الشيطان ولكن عندما نبغض الحق ونكذب ونحقد ونعمل على تفتيت وحدتنا المسيحيّة فنحن عند ذاك وبدون وعي صرنا اتباع الشيطان وأعوانه وأتباعه.
ماهي الأسلحة التي نستطيع استخدامها في حربنا ضدّ الشيطان وأعوانه ؟
انّ المعركة مع الشيطان هي صراع صعب وشاق ومستمر ولن نستطيع الأنتصار على الخطية والتجربة الا عن طريق الأيمان بيسوع المسيح وليس بجهدنا الذاتي"خروج 7:11"
هناك صراع شرس بين قوى روحيّة غير منظورة ، فقوى الشر مثل الرياح العاصفة يمكن أن تكون كاسحة مدمّرة ، ودفاعنا ضدّ قوات الشر الروحيّة (الأبليس وأعوانه لا يكون إلا :
1- بالصلاة والصوم وهكذا علّمنا يسوع المسيح الصلاة الربيّة التي فيها نطلب من الآب أن لا يدخلنا في التجربة.
2- قراءة الكتاب المقدّس بأنتظام ودراسة الكلمة لندرك أسلوب الشيطان وحيّله.
3- الأختلاط بمن يتكلّمون بالحق.
4- الممارسة العمليّة بما تعلمناه من حياتنا الروحيّة فالجهاد الروحي كما يقول الرسول بولس هو:
التسلح بسلاح الله الكامل لنقاوم الشرّ بالثبات في ايماننا متمنطقين بالحق ، لابسين درع الأستقامة ، منتعلين بالحماسة في اعلان بشارة السلام ، حاملين الأيمان ترسا في كل وقت ، لابسين خوذ ةُ الخلاص ، وفي يدنا سيف الروح والحق الذي هو كلام الله "أفسّس 6 ".
وشكرا لكم والى اللقاء

15

عندما تنقسم المملكة على نفسها
بقلم: نافع شابو البرواري
يقول الرب يسوع المسيح: "كلّ مملكةٍ تنقسم تخرب وتنهار ُبيوتها بيتا على بيتٍ ، واذا انقسم الشيطان ُفكيف تثبُتُ مملكته؟ .....................عندما يحرسُ الرجل القويُّ المتسلّح بيته تكونُ أمواله في أمانٍ ، ولكن أن هاجمه رَجُلُ أقوى منه وغلبه ُينتزع منهُ كلَّ سلاحهِ الذي كان يعتمد عليه ويوزّع ُما سلبهُ "متى 12:15,29".
نعم حتّى الشياطين إن أنقسمت على بعظها تخرب مملكتها وهكذا ينطبق مثل المسيح  علينا نحن المؤمنين المسيحيين في كل العصور والأزمنة ، كان الرب يسوع المسيح ولا زال له السلطة المطلقة على الشياطين والقوات الشريرة وعندما كان يُخرج الشياطين من الناس كان اليهود يشكّون في قوة السلطة التي يمتلكها وعن مصدرها فكان البعض يعتقد انّها من بعلزبول رئيس الشياطين وعندما عرف يسوع المسيح أفكارهؤلاء الناس وشكوكهم قال قوله الحكيم الذي به استطاع أن يُسكت جميع المتشككين بقوة سلطانه العظيم ، وأعطانا حكمة عظيمة عن" الوحدة والأنقسام" وكيف أنّ الكنيسة في التاريخ اللاحق ونحن اليوم لم نتعلّم دروسا وعبر عن قول المسيح لليهود قبل الفي سنة. نعم فمنذ بداية سفر أعمال الرسل ظهر الزوان بين الحنطة  وما زال هذا ا لزوان ينمو في كل مرحلة تاريخيّة. فبعد صعود الرب الى السماء و بعد أن زرع بذور المسيحيّة(الحنطة) في هذه الأرض اثناء النهار ولكن ما أن غابت الشمس وانتشر الظلام فإذا بالعدو (الشيطان ) وفي جنح الليل يزرع  بذورالزيوان بين الحنطة (الهرطقات وا لبدع  وكل من حاول و يحاول هدم الكنيسة الواحدة من الداخل وتقسيمها  وتشتيتها ).
 ان تاريخ الكنيسة خير شاهد على الأنقسامات بين الكنيسة الجامعة الى أن وصلنا اليوم الى عشرات بل مئات البدع والهرطقات. وكنيستنا المشرقيّة لم تكن ابدا بعيدة عن هذه الأنقسامات ولا نريد أن ندخل في هذا الموضوع لأنّه يفتح  جرحا جديدا يدمي قلوبنا ، وكأنّ هذه الأنقسامات في الكنيسة الواحدة(  ونحن نعرف أسبابها الرئيسيّة هي الصراع على الكراسي واسباب سياسيّة) غير كافية حتى يظهر جرح جديد في ايّامنا هذه وهو الجرح الناتج من الأنقسامات وعدم الأنسجام في تحقيق الوحدة للكنيسة المشرقيّة والوحدة القوميّة ووحدة الهويّة الواحدة بين  أبناء الكنائس المشرقيّة للمحافظة على وجودهم التاريخي المهدّد بالخطر. عندما ينقسم البيت على نفسه وعندما تنقسم المملكة على نفسها عندها يخرب البيت وتخرب المملكة فالشيطان يفصل الأخ عن أخيه و يفصل الزوج عن زوجته ويحاول التسلّل الى الكنيسة ويفصل جماعة المؤمنين عن الله ويحاول أن ينفرد بالمؤمنين الذين ايمانهم لازال غير راسخ فيعمل على زعزعة ايمانهم ، ان التاريخ يعطينا دروسا وعبر عن أنَّ أمبراطوريات سقطت نتيجة الأنقسام من الداخل أو الخيانة من داخل المملكة وأحيانا بين الأخوة اصحاب السلطة الملوكيّة ومن بيت واحد وايضا تاريخ الكنيسة يخبرنا كيف ظهرت الأنشقاقات في الكنيسة الشرقيّة والغربيّة  وبين الكنيسة الشرقية(الكنيسة المشرقيّة الشرقيّة والكنيسة المشرقيّة الغربيّة) نفسها وبين الكنيسة الغربيّة نفسها وأصبحنا اليوم نسمع عن أسماء عشرات المذاهب والطوائف وحتى البدع المنتشرة في العالم اليوم نحن( الكلدان السريان الآشوريين) في حالة انقسام لم يشهد لها التاريخ الماضي ولم نسمع بهذا الصراع بين الأخوة كما يحدث هذه الأيّام.
ماهي خُطط الشيطان؟
لكي نعرف كيف نواجه الشيطان الماكر الذي هو السبب الرئيسي لما وصلنا اليه اليوم (ولكن لا ننسى أنّنا سمحنا لهذا الشيطان أن يتسلل بيننا ليفرّقنا )علينا أن نعرف الأسلحة التي نُحارب بها هذا الخبيث لكي نواجههُ ونكون جاهزين للدفاع عن  وجودنا وبقائنا في أرض الآباء والأجداد وإلآ سيستطيع هذا العدو الماكر أن يشتّتنا ويفرقنا ويمزّقنا ويجعل منّا الأخوة الأعداء وأخيرا يرمينا في بحر الظلمات حيث     عندها يبتلعنا الوحش الخارج من البحر ، لا سمح الله (رؤيا 13:1) ،
الشك - التضليل - الأحباط - الهزيمة - التأجيل ، هي الخطط التي يضعها الشيطان وعلى ضوئها  يجعل الشيطان من الآخرين فريسة سهلة لأيقاعهم في شركهِ ، الشيطان قد يظهر كملاك نور ، الشيطان يتسلل الى بيوت المؤمنين عندما يظهر بين المؤمنين الأنقسام والخصام والتمزّق والتمسّك بالأمجاد الفانية ، الشيطان يحاول أن يجعلنا نُبعد الله عن الصورة .
الشيطان هو إله هذا الزمان ، هو في حرب دائمة مع جماعة المؤمنين بالمسيح.
الشيطان يحاول التشويش على الهدف والتشويش الفكري والذهني.
الشيطان في زماننا طوّر أسلحته  وزاد من وسائل الأغراءات المختلفة لأجتذاب الكثيرين وهو يُظلّل الناس بأن يقودهم الى الكبرياء ، وهو يتغيّر ويتلوّن حسب العصر. الشيطان هو رئيس قوّات الهواء وهو الروح العامل في أبناء العصيان "أفسّس 2:2,3".
الشيطان  أكبر مخادع فهو يُغرينا بالمغريات ومنها محبّة الشهرة والتمسّك بالماضي حتى لو كان هذا الماضي ملوّث بالصنميّة والأوثان والتعلٌق بأمجاد هذا الماضي لنبقى مستعبدين لهذا الماضي بينما الرب يسوع المسيح يقول لنا لاتنظروا الى الخلف مثل زوجة لوط . وهو في عرس قانا الجليل أعطانا الخمر الجديد (الذي يرمز الى الحياة الجديدة مع الرب يسوع المسيح والحياة الروحيّة الجديدة).
الشيطان مثل المخدر يُشعرنا بالنشوة الوقتيّة كالمخدرات ولكن في النهاية يكون قد نصب لنا فَخاً لن نستطيع الخروج منها أحياء أبداً.
فعندما تزداد الهجمات على المؤمنين فهناك بالتأكيد أصبع الشيطان وراءها ،
عندما نرى المؤمنين منقسمين ويتكلّمون بلغات مختلفة وبلبلة في الألسنة والأنقسام في الرأي عندها يرقص الشيطان طرباً لهذا الأنقسام بين الأخوة المؤمنين ،
الشيطان هو سيّد الكفر والظلام فعمله لايتم إلآ في عتمة الظلام لأنّه لا يستطيع مواجهة نور المسيح ، يحاول الشيطان بالأكاذيب والخُدع لأبعاد الناس عن الحق وتشويه الحقائق الإلهيّة فالشيطان يجعل الأشياء الخاطئة تبدو جذّابة حتّى نشتهيها أكثر من الأشياء ا لصالحة.
الشيطان يجعلنا نشعر بالهزيمة والفشل حتّى نقع في مصيدة اليأس والشعور بالأحباط ونُّصاب بالشلل الفكري والخوف من التحدّيات التي تواجهنا ويحاول أن نؤجل من تحقيق أهدافنا حتى ننسى التركيز على الهدف الحقيقي بأن يخلق لنا أزمات جديدة وهكذا يُدخلنا في دوّامة من الأهداف الجانبيّة الزائلة ، وبذلك لن نستطيع تحقيق الهدف الرئيسي .
والشيطان يحاول التحكّم في خطتنا ، قال المسيح للذين لم يطيقوا سماع كلماته:
"فأنتم أولاد أبيكم ابليس ، وتريدون ان تتبعوا رغبات أبيكم هذا الذي كان من البدء قاتلا ، ما ثبت على الحق لأنّ لا حق فيه وهو يكذب ُ، والكذب في طبيعته ، لأنّهُ  كذاب وأبو الكذب "يوحنا 8:8,9 ".
 قد لانكون واعين أنّنا أصبحنا أتباع الشيطان ولكن عندما نبغض الحق ونكذب ونحقد ونعمل على تفتيت وحدتنا المسيحيّة فنحن عند ذاك وبدون وعي صرنا اتباع الشيطان وأعوانه وأتباعه.
ماهي الأسلحة التي نستطيع استخدامها في حربنا ضدّ الشيطان وأعوانه ؟
انّ المعركة مع الشيطان هي صراع صعب وشاق ومستمر ولن نستطيع الأنتصار على الخطية والتجربة الا عن طريق الأيمان بيسوع المسيح وليس بجهدنا الذاتي"خروج 7:11"
هناك صراع شرس بين قوى روحيّة غير منظورة ، فقوى الشر مثل الرياح العاصفة يمكن أن تكون كاسحة مدمّرة ، ودفاعنا ضدّ قوات الشر الروحيّة (الأبليس وأعوانه لا يكون إلا :
1- بالصلاة والصوم وهكذا علّمنا يسوع المسيح الصلاة الربيّة التي فيها نطلب من الآب أن لا يدخلنا في التجربة.
2- قراءة الكتاب المقدّس بأنتظام ودراسة الكلمة لندرك أسلوب الشيطان وحيّله.
3- الأختلاط بمن يتكلّمون بالحق.
4- الممارسة العمليّة بما تعلمناه من حياتنا الروحيّة فالجهاد الروحي كما يقول الرسول بولس هو:
التسلح بسلاح الله الكامل لنقاوم الشرّ بالثبات في ايماننا متمنطقين بالحق ، لابسين درع الأستقامة ، منتعلين بالحماسة في اعلان بشارة السلام ، حاملين الأيمان ترسا في كل وقت ، لابسين خوذ ةُ الخلاص ، وفي يدنا سيف الروح والحق الذي هو كلام الله "أفسّس 6 ".
وشكرا لكم والى اللقاء

16
لماذا يَضطهدون المسيحيّين؟  ولماذا هذا الصمت الغريب؟ وعلى من تقع مسؤولية هذا الأضطهاد وهذا الصمت؟
الجزء الثاني
بقلم نافع شابو البرواري
كثيرا ما يُطلق على الخير شرّا وعلى الشرّ خيراً، لقد أطلق الفريسيّيون والكتبة اليهود على الرب يسوع المسيح لقب "بعلزبول" أي رئيس الشياطين. فاذا كان يسوع "الكامل" قد دُعي شيطانا فلا بُد أن يتوقَع أتباعه أن توجه اليهم مثل هذه الأتهامات لأن المسيح يقول: "لاتلميذ أعظم من معلّمه ولا خادم أعظم من سيّده ...فاذا قيل الى ربُّ البيت بعلزبول فماذا سيقولون الى أهل بيتهِ؟ "(متى10:24,25)" ، لم يتعرّض للأنتقاد والطعن أيّ كتاب عبر التاريخ كما تعرّض له الكتاب المقدس. لم تُحارب أيّة عقيدة عبر التاريخ كما حُوربت العقيدة المسيحيّة وأستشهد الملايين منهم وروَت دمائهم ا لزكيّة كل ألأرض المسكونة ، هل هيّ صدفة ؟ ولماذا هذا الحشد الهائل لقوّات العالم لمحاربة المسيحيّة؟ هل يحتوي الكتاب المقدّس غير المفاهيم والمبادئ التي ترتقي بالأنسان نحو الحياة الأفضل والحضارة الراقية؟
الا يدعو الكتاب المقّدس على شرعيّة حقوق الأنسان والتركيز على انّ الأنسان هو الهدف كما قال المسيح"السبت للأنسان وليس الأنسان للسبت" ، هل الكتاب المقدّس يحرّض على القتل والأرهاب والكراهيّة حتّى يحارب بهذه الوحشيّة أم يدعو الى السلام والمحبّة والعدالة وخلاص البشريّة من الموت الأبدي الى الحياة الأبديةّ؟
الرب يسوع المسيح كان يعرف أنّ المسيحيّين المؤمنين به سوف يُهجّرون ويُضطهدون ويتألّمون ويُتّهمون باطلا ويُحاكمون ويسخَرون ويستهزأ بهم ويعذبونهم ويجلدونهم ويُقتَلونهم ، لأنّه هو نفسه عانى من هذه التي ذكرناها كُلّها ، فالعالم لم يقبله لأن يولد حتّى في بيت متواضع، ولكن الرب ولد في مغارة بين الحيوانات. والملك هيرودس الكبير حاول قتله وهو طفل صغير خوفا على عرشه لأنّهُ سمع من المجوس الذين جاءوا ليسجدوا للطفل يسوع أنّه ملك لليهود والمسيح هاجر وطنه الى بلد غريب لأنهُّ وهو طفلا اراد هيرودس ملك اليهود قتله فهاجرت عائلته الى مصر، والمسيح كان يطارده الكتبة والفريسيّين لكي يُشاهدوا فيه عُلّة واحدة ليحاكموه، وأخيرا جاءوا بشهود زور واتّهموه زورا وبهتانا بتهم باطلة منها التجديف والفجور وعدم التقوى وانه مسكن للشيطان وأخيرا في المحكمة أتهموه أنّه يدّعي أنّه ملك اليهود(راجع انجيل متى الفصل التاسع وايضا محاكمة المسيح في كل الأناجيل)، وفي المحكمة استُهزأ به وضُرب وعُّذّب وحوكم بأشهر محكمة عرفها التاريخ وهو برئ، وصُلب ومات وهو على الصليب، لهذا قال لتلاميذه قبل صُلبه "تذكّروا ما قُلته لكم: " ما كان خادمٌ أعظمَ من سيّده ،فاذا أضطهدونَني يَضطهدونكم واذا سَمَعوا كلامي يسمَعون كلامكم . هم يفعلون بكم هذا كلُّه من أجل اسمي ، لأنّهم لا يعرفون الذي أرسلني " (يوحنا 15:20 )"، ويبغضكم جميع الناس من أجل اسمي"(مرقس 13:13 )"، وقد تَعتبر السلطات (الدينيّة والسياسيّة) اِنّ المسيحيّين أشرار ويجب محاكمتهم أو حتى قتلهم (متى10:18)، قد يدّعي (المتديّنون )" أنّ المسيحيّين مشركين وكفرة ويستهزأون ويسخرون بهم (متى 10:17 )، "وأنتبهوا لأنّ الناس سيسلمونكم الى المحاكم ويَجلدونكم في المجامع ...من أجل أسمي" ، وقال أيضا:
"سيطردونكم من المجامع ، بل تجيئ ساعةُ يظُن من يَقتلكُم أنّه يؤدّي فريضة لله"يوحنا 16:2"
الحقَّ  الحقَّ أقول لكم : ستبكون وتندُبونَ وأمّا العالم فسيفرَح( "يوحنا 16:20 )، " واذا       أضطهدوكم في مدينة فأهربوا الى غيرها"(متى10:23 )، نعم كل هذه الايات وغيرها التي تؤكّد على أنّ العالم سيحارب المسيحيّة لا لسبب سوى لأنّهم جنود المسيح الذين يحاربون قوات الشر الروحيّة(الأبليس وأعوانه)،  وهم مسلّحون بروح الحق الذي يدافع عنهم ويعزّيهم ويذكّرهم بما يقولون وما يفعلون وهو الذي يشهد للمسيح"(يوحنا 15:26 ) ، السؤال هو لماذا العالم يحارب المسيح والمسيحيّين ؟ وهذا السؤال طرحه الرب يسوع المسيح على شاؤول الطرسوسي القائد العسكري اليهودي الذي كان يضطهد المسيحيّين ( الذي أصبح بعد  لقائه بالمسيح رسول الأمم وسُميّ بولس الرسول ) حيث سأله المسيح قائلا له: "شاؤول شاؤول لماذا تَضطهدني ؟".
العالم يحارب المسيح  لأنّه يشهد على فساده"يوحنا 7:7 " ، والعالم يريد صياغة الله حسب مقاييسه الخاصة وحسب ما يريدونه هُم وليس بحسب مايريده الله، ولهذا نرى أنّ جميع الأنبياء في العهد القديم أُضطهِدوا أو قتلوا وكان أخرهم يوحنا النبي واخيرا أرسل الله ابنه الى العالم ورفض هو ايضا بل أجتمع الأعداء وتصالحوا لكي يحاكموا المسيح ويُصلبوه (وقد اشرنا الى ذلك في الجزء الأول من مقالتنا).
انّ رفض سماع الحق ورفض الحوار ورفض شهادة الأنبياء من قبل اليهود كما سجّلها الكتاب المقدّس لايعني أنّه ينطبق عليهم فقط  بل أنّنا ونحن في القرن الواحد والعشرين هناك الملايين الذين يرفضون الأنبياء برفضهم للمسيح( الذي تنبّا عنه الأنبياء) وذلك برفضهم وأضطهادهم للمسيحيّين لأنّ المسيح عندما قال لشاؤول الطرسوسي لماذا تضطهدني فهو كان يقصد  لماذا تَضطهد المسيحيّين لأنّ المسيح عندما تراءى لشاؤول كان قد قام من بين الأموات وصعد الى السماء ، انّ الذين  يضطهدون المسيحيّين بدون ذنب فهم يشاركون في صلب المسيح من جديد وسيكون عقابهم شديدا ، لا تفسير لهذا الأضطهاد الا لأنّ العالم يخضع لسلطان الشيطان وأعوانه  وهذا ما قاله يسوع المسيح "مملكتي ليست من هذا العالم "فالعالم لن يقبلنا اذا لم يقبلوا المسيح ، لكن لاننسى ايضا أنّ النور والظلمة يُقيمان معا في قلب الأنسان (تكوين 1:3 ) ، أمّا العالم فهو لايعرف المسيح ولايعرف الله الحقيقي فلو عرف العالم من هو يسوع المسيح لما اضطهد( هذا العالم) المسيحيّين، العالم يتبع رئيسّه وهو (الشيطان ) سيّد هذا العالم"(يوحنا  14:3 )"، أمّا المؤمنين (المسيحيّين الحقيقيّين) فهم ليسوا من هذا العالم"لوكُنتم من العالم لأحبّكُم العالم كأهلهِ"(يوحنا 15:19 )، لقد مُنع رؤساء اليهود من الأيمان بيسوع المسيح بالرغم من الكم الهائل من الشهادات على لاهوته وعلى أقواله وعلى أعماله وشهادة حياته الخالية من أيّ عيب أو خطيئة وسبب ذلك لأنّ سلطتهم الدينيّة قد أهتزّت ولأنّ سيادتهم على الشعب قد ضعفت ولأنَّ عقائدهم الشخصيّة تعرضت للتحدّي ولأنَّ دوافعهم الزائفة قد انكشفت.
نعم هذه هي الأسباب الرئيسيّة للحقد والكراهيّة حتّى الموت للرب يسوع المسيح ، فبينما كان الفريسيّيون والكتبة اليهود يتسائلون ويتباحثون عن يسوع المسيح ليجدوا فيه علّة كان الناس يشفون وحياتهم تتغيّر ، وكان حقدهم وغيرتهم من شعبيّة يسوع  حتّى بلغ هذا الحقد حد اتهام المسيح زورا وبهتانا وتم محاكمته حتى بمخالفة الشريعة  اليهوديّة. لقد ملأت الغيرة قلوب قادة اليهود والكهنة والصدوقين وغيرهم لأنّ رسل المسيح لاقوا الأحترام من الناس مالم يقدر على أكتسابه قادة اليهود على الأطلاق (اعمال الرسل 5:17 ) ، وهي نفس الأسباب التي تجعل رجال الدين من غير الديانات أن يحاربوا المسيحيّين ويضطهدونهم ويرهبونهم ويحرّضون الأخرين لقتلهم  من خلال خطابهم الديني المليئ بالحقد والكراهيّة دون سبب معقول ،
قادة اليهود أرادوا أن يكون الأحترام والتقدير والتوقير هو لأنفسهم ، بينما هدف
الرسل(والمسيحيّين المؤمنين) هو تقديم الأحترام والتوقير والتمجيد لله . واليوم ايضا من الصعب على الأنسان( ان لم يتغيّر بقبوله للمسيح) أن يفرح مع من نجحوا فيما هو فشل أو من نال التاييد الذي هو يتوق اليه فالغيرة رد فعل طبيعي ، لكن الأمر يصبح مأساة عندما يحاول الأنسان بدافع مشاعر الغيرة أن يوقف عمل الله ، وقد وصل الأمر برؤساء اليهود أنّهم تعاملوا مع أبناء الشوارع لكي يهاجموا الرسول بولس وسيلا(أعمال 17:5 ) ، وهناك أسباب اخرى يتم أضطهاد المسيحيّين بسببها وهي:
لأنّ المسيحي وطني ينتمي الى الوطن ولايخون، والمسيحي الحقيقي يحب وطنه وأهله ومجتمعه ويحترم القوانين والسلطات فهو أمين صادق في حياته تجاه الآخرين ولا يرتشي أو يغش أو يرهب الناس أو يتعامل على الأنتماء القومي أو العشائري كما عند الآخرين وما اشبه اليوم بالبارحة فالمسيحيّين الحقيقيّين  يحسدهم الكثيرين لأنّ عمل الله يظهر من خلالهم وأحيانا يعملون المعجزات باسم المسيح  وقد  يأتي حتّى المسلمين الى الكنائس والأديرة ويقدمّون طلباتهم الى الرب يسوع ووالدته مريم العذراء لابل تحدث معجزات الشفاء لمرضاهم وهذا مذكور في التاريخ ونشاهده حتّى في ايّامنا هذه.
وهذا يزيد من غيرة وحقد المتطرفين المسلمين فيصبّوا نار غضبهم على الأبرياء المسيحيّين وهذا ما حدث في( نجع حمادي) في صعيد مصر في يوم عيد الميلاد وبعد ظهور مريم العذراء في أحدى الكنائس في مصر وشاهدها الملايين من المسلمين والمسيحيّين ولكن  الغيرة والحقد نار آكلة فصبّ المتشدّدون والمتعصّبون والأرهابيّون نار غضبهم على حشد من المؤمنين في احدى الكنائس في صعيد مصر وفي يوم عيد ميلاد الرب يسوع المسيح، انّ رفض الحق  ورفض الحوار ورفض الاخر ورفض النقاش وعدم قبول النقد البنّاء لازال موجودا في مجتمعاتنا العربية (الأسلاميّة) وللأسف هذه البلدان تكره كل من يعارض أنظمتها أو يعارض الأفكار الخاطئة التي تُنشأ أجيال بعد أجيال وهم يحاربون كل من يختلف عن معتقداتهم وأفكارهم أو ثقافتهم  فيكون المجتمع كلّه ملوّث بالعنصريّة والتمييز ورفض الآخر بل يعتقدون بنضريّة المؤامرة.
يخبرنا سفر استير انّ شخصا واحدا (هامان رئيس وزراء الملك الفارسي) أراد القضاء على شعب كامل وهم اليهود بسبب الغيرة والحسد من اليهود الذين كانوا لا يسجدون الآ لله كسيّد المستحق الأحترام بينما هامان الفارسي  كان يختلف عنهم في عقيدته  وفضلّ نفسه على اليهود واراد منهم أن يسجدوا له وللملك وعندما رفض مردخاي اليهودي السجود للملك  حصل هامان على اذن من الملك ليعلق مردخاي على خشبة ليشنق أمام حشود الناس لابل حصل على اذن(فرمان) لأبادة اليهود نتيجة هذا الكبرياء والجشع الى السلطة والقوّة الشخصيّة  والعنصرية القاتلة (استير 3:5,6) ، ولكنّ الله كان مع استير وهامان وشعبهما اليهودي فبدل أن يتم شنق مردخاي على الخشبة التي أعدها هامان لشنق مردخاي ، بدل ذلك شُنق هامان على الخشبة نفسها لان الله استجاب لصوم وصلات الشعب اليهودي وخلّصهم من الأبادة الجماعيّة.
ووقع  اليهود في نفس الفخ الذي وقع فيه هامان ، فمنذ الفي سنة عندما حاكموا يسوع المسيح الذي كانوا ينتظرونه ولكنّهم لم يعرفوه أنّه هو رب الأرباب وخالق الكون لأنّهم عبدوا الشريعة ونسوا واضع الشريعة ومصدرها يسوع المسيح وأتكلوا على قوّتهم بدل أن يتّكلوا على قوّة الله
اليوم ايضا هناك تيّارات  دينيّة اسلاميّة  يضطهدون حتّى المسلمين الذين يختلفون عنهم أو يعارضونهم  فكيف لا يضطهدون المسيحيّين الذين بنظر هذه التيارات الدينيّة هم كفرة ومشركين يّحلُّ حتى قتلهم ، لقد زادت في أيامنا تفشي هذه التيارات الأصوليّة بسبب الفساد المالي والفساد الأداري والفساد الأخلاقي وقمع الحريّات الفكريّة وانتشار الجهل والأميّة خاصة بين النساء مما خلق المناخ الملائم لهذه التيّارات لان تنشر سموم افكارها في الشعوب المغلوبة على أمرها ليرتد الأنسان العربي المسلم الى العيش في عالم الغيبيات والأساطير والرجوع الى الماضي السحيق هربا من الواقع المؤلم بدلا من تغيّير هذا الواقع، بالأضافة الى كل الأسباب أعلاه هناك سبب اخر لايقل أهميّة وهو نتيجة الأنكفاء الحضاري للدول العربيّة وانكماشها بينما الشعوب الأخرى تتقدم في العلوم والتكنلوجيا والخدمات الأنسانيّة فما كان للحاقدين والحاسدين في الدول العربيّة الآ محاربة هذه الحضارات وأجبار الناس الى الرجوع الى السلفيّة واللاعقلانيّة بالأعتماد على الأساطير والخرافات الغيبيّة ، اليوم تغلغل الفكر السلفي والتيارات الدينيّة المتطرفة في كل فروع الحياة الأجتماعيّة والسياسيّة والتربويّة والثقافيّة وطبعا الدينيّة وأصبح غولا لايمكن السيطرة عليه أن لم تنهض الشعوب نفسها من سباتها وتثور على ذاتها لتتحرّر اولا، اليوم العائلات العربيّة تزرع الحقد والكراهيّة في عقول الأطفال ويرضعونهم وهم أطفال صغار بأنّ المسيحي هو كافر ونجس فيشبُّ الطفل وهو حاقد ومتعصّب على المسيحيّين ، اليوم مناهج المدارس في أغلب الدول العربيّة والأسلاميّة تُسمّم عقول الطلاب والتلاميذ برفض الاخر ويشدّدون على تدريس المواضيع التاريخيّة والدينيّة التي تُهمّش وتطعن بالمعتقدات المسيحيّة واليهوديّة .
اليوم صارت الأفكار الدينيّة المتطرفة هي الثقافة السائدة في هذه المجتمعات وهي ظاهرة خطيرة يلمسها كلّ مسيحي من خلال القنوات الفضائيّة الرسميّة والدينيّة وحتّى  من خلال المنابر لدور العبادة حيث خطابات بعض شيوخ ورجال الدين المسلمين لا تخلوا من التهجّم والطعن في المسيحيّة وحتّى اتهامهم بالكفر والأشراك و بتحريف الكتاب المقدّس دون أدلة أو براهين بل انّ الشباب العربي المسلم يُشحن ويعبئ بافكار أرهابيّة ويصبح الشباب خلايا نائمة قد تصبح قنابل موقوتة قابلة للأنفجار في كل لحظة . نحن (وخاصة مسيحيّي العراق ) أمام نظرة متشائمة عن الواقع الذي نعيشه هذه الأيام  بسبب هذا الأضطهاد  والرفض من الآخرين في مناخ لايعرف التسامح الديني والأختلاف الفكري ، ولكن علينا أن لاننسى كلام المسيح الذي يخبرنا سابقا لهذه الأحداث التي نعيشها اليوم فهو يقول "قلتُ لكم هذا كلّه ليكون لكم سلام ٌ ، ستعانون الشدّة في هذا العالم ، فتشجّعوا ، أنا غلبت العالم (يوحنا33:16 ) ، وقال أيضا " لاتظنُّوا أنّي جئت لأرسي سلاما على الأرض ، ما جئت لأرسي سلاما بل سيفا(يوحنا 10:34 ) ، فالمسيح جاء ليضع سيف الكلمة بين الحق والباطل بين النور والظلام ، جاء حتّى يُقسّم العالم بين من يتبعه ومن يضطهده ويضطهد المؤمنين به ، فهو حجر عثرة للعالم الذي يريد أن يعيش حسب أهوائه ويريد الله حسب مقاييسه "لأنكم لاتقدرون أن تسمعوا قولي أنتم لأنكُم من أب هو الأبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ذاك كان قتّالا للناسك منذُ البدء..."يوحنا :8 ، العالم الذي يعيش في الظلمة لايستطيع تحمّل النور الساطع ويسوع هو نور العالم وأعطى المؤمنين به نورا يشعُّ على الأخرين فالكثيرين لايتحمّلونه لأنّ النور يكشف الظلام الذي هم فيه.
شكرا والى اللقاء.
لمن يريد الأطلاع على الجزء الأول يرجى الذهاب الى المقع أدناه
http://www.ishtartv.com/articles,3280.html

17
لماذا يَضطهدون المسيحيّين؟  ولماذا هذا الصمت الغريب؟ وعلى من تقع مسؤولية هذا الأضطهاد وهذا الصمت؟
الجزء الثاني
بقلم نافع شابو البرواري
كثيرا ما يُطلق على الخير شرّا وعلى الشرّ خيراً، لقد أطلق الفريسيّيون والكتبة اليهود على الرب يسوع المسيح لقب "بعلزبول" أي رئيس الشياطين. فاذا كان يسوع "الكامل" قد دُعي شيطانا فلا بُد أن يتوقَع أتباعه أن توجه اليهم مثل هذه الأتهامات لأن المسيح يقول: "لاتلميذ أعظم من معلّمه ولا خادم أعظم من سيّده ...فاذا قيل الى ربُّ البيت بعلزبول فماذا سيقولون الى أهل بيتهِ؟ "(متى10:24,25)" ، لم يتعرّض للأنتقاد والطعن أيّ كتاب عبر التاريخ كما تعرّض له الكتاب المقدس. لم تُحارب أيّة عقيدة عبر التاريخ كما حُوربت العقيدة المسيحيّة وأستشهد الملايين منهم وروَت دمائهم ا لزكيّة كل ألأرض المسكونة ، هل هيّ صدفة ؟ ولماذا هذا الحشد الهائل لقوّات العالم لمحاربة المسيحيّة؟ هل يحتوي الكتاب المقدّس غير المفاهيم والمبادئ التي ترتقي بالأنسان نحو الحياة الأفضل والحضارة الراقية؟
الا يدعو الكتاب المقّدس على شرعيّة حقوق الأنسان والتركيز على انّ الأنسان هو الهدف كما قال المسيح"السبت للأنسان وليس الأنسان للسبت" ، هل الكتاب المقدّس يحرّض على القتل والأرهاب والكراهيّة حتّى يحارب بهذه الوحشيّة أم يدعو الى السلام والمحبّة والعدالة وخلاص البشريّة من الموت الأبدي الى الحياة الأبديةّ؟
الرب يسوع المسيح كان يعرف أنّ المسيحيّين المؤمنين به سوف يُهجّرون ويُضطهدون ويتألّمون ويُتّهمون باطلا ويُحاكمون ويسخَرون ويستهزأ بهم ويعذبونهم ويجلدونهم ويُقتَلونهم ، لأنّه هو نفسه عانى من هذه التي ذكرناها كُلّها ، فالعالم لم يقبله لأن يولد حتّى في بيت متواضع، ولكن الرب ولد في مغارة بين الحيوانات. والملك هيرودس الكبير حاول قتله وهو طفل صغير خوفا على عرشه لأنّهُ سمع من المجوس الذين جاءوا ليسجدوا للطفل يسوع أنّه ملك لليهود والمسيح هاجر وطنه الى بلد غريب لأنهُّ وهو طفلا اراد هيرودس ملك اليهود قتله فهاجرت عائلته الى مصر، والمسيح كان يطارده الكتبة والفريسيّين لكي يُشاهدوا فيه عُلّة واحدة ليحاكموه، وأخيرا جاءوا بشهود زور واتّهموه زورا وبهتانا بتهم باطلة منها التجديف والفجور وعدم التقوى وانه مسكن للشيطان وأخيرا في المحكمة أتهموه أنّه يدّعي أنّه ملك اليهود(راجع انجيل متى الفصل التاسع وايضا محاكمة المسيح في كل الأناجيل)، وفي المحكمة استُهزأ به وضُرب وعُّذّب وحوكم بأشهر محكمة عرفها التاريخ وهو برئ، وصُلب ومات وهو على الصليب، لهذا قال لتلاميذه قبل صُلبه "تذكّروا ما قُلته لكم: " ما كان خادمٌ أعظمَ من سيّده ،فاذا أضطهدونَني يَضطهدونكم واذا سَمَعوا كلامي يسمَعون كلامكم . هم يفعلون بكم هذا كلُّه من أجل اسمي ، لأنّهم لا يعرفون الذي أرسلني " (يوحنا 15:20 )"، ويبغضكم جميع الناس من أجل اسمي"(مرقس 13:13 )"، وقد تَعتبر السلطات (الدينيّة والسياسيّة) اِنّ المسيحيّين أشرار ويجب محاكمتهم أو حتى قتلهم (متى10:18)، قد يدّعي (المتديّنون )" أنّ المسيحيّين مشركين وكفرة ويستهزأون ويسخرون بهم (متى 10:17 )، "وأنتبهوا لأنّ الناس سيسلمونكم الى المحاكم ويَجلدونكم في المجامع ...من أجل أسمي" ، وقال أيضا:
"سيطردونكم من المجامع ، بل تجيئ ساعةُ يظُن من يَقتلكُم أنّه يؤدّي فريضة لله"يوحنا 16:2"
الحقَّ  الحقَّ أقول لكم : ستبكون وتندُبونَ وأمّا العالم فسيفرَح( "يوحنا 16:20 )، " واذا       أضطهدوكم في مدينة فأهربوا الى غيرها"(متى10:23 )، نعم كل هذه الايات وغيرها التي تؤكّد على أنّ العالم سيحارب المسيحيّة لا لسبب سوى لأنّهم جنود المسيح الذين يحاربون قوات الشر الروحيّة(الأبليس وأعوانه)،  وهم مسلّحون بروح الحق الذي يدافع عنهم ويعزّيهم ويذكّرهم بما يقولون وما يفعلون وهو الذي يشهد للمسيح"(يوحنا 15:26 ) ، السؤال هو لماذا العالم يحارب المسيح والمسيحيّين ؟ وهذا السؤال طرحه الرب يسوع المسيح على شاؤول الطرسوسي القائد العسكري اليهودي الذي كان يضطهد المسيحيّين ( الذي أصبح بعد  لقائه بالمسيح رسول الأمم وسُميّ بولس الرسول ) حيث سأله المسيح قائلا له: "شاؤول شاؤول لماذا تَضطهدني ؟".
العالم يحارب المسيح  لأنّه يشهد على فساده"يوحنا 7:7 " ، والعالم يريد صياغة الله حسب مقاييسه الخاصة وحسب ما يريدونه هُم وليس بحسب مايريده الله، ولهذا نرى أنّ جميع الأنبياء في العهد القديم أُضطهِدوا أو قتلوا وكان أخرهم يوحنا النبي واخيرا أرسل الله ابنه الى العالم ورفض هو ايضا بل أجتمع الأعداء وتصالحوا لكي يحاكموا المسيح ويُصلبوه (وقد اشرنا الى ذلك في الجزء الأول من مقالتنا).
انّ رفض سماع الحق ورفض الحوار ورفض شهادة الأنبياء من قبل اليهود كما سجّلها الكتاب المقدّس لايعني أنّه ينطبق عليهم فقط  بل أنّنا ونحن في القرن الواحد والعشرين هناك الملايين الذين يرفضون الأنبياء برفضهم للمسيح( الذي تنبّا عنه الأنبياء) وذلك برفضهم وأضطهادهم للمسيحيّين لأنّ المسيح عندما قال لشاؤول الطرسوسي لماذا تضطهدني فهو كان يقصد  لماذا تَضطهد المسيحيّين لأنّ المسيح عندما تراءى لشاؤول كان قد قام من بين الأموات وصعد الى السماء ، انّ الذين  يضطهدون المسيحيّين بدون ذنب فهم يشاركون في صلب المسيح من جديد وسيكون عقابهم شديدا ، لا تفسير لهذا الأضطهاد الا لأنّ العالم يخضع لسلطان الشيطان وأعوانه  وهذا ما قاله يسوع المسيح "مملكتي ليست من هذا العالم "فالعالم لن يقبلنا اذا لم يقبلوا المسيح ، لكن لاننسى ايضا أنّ النور والظلمة يُقيمان معا في قلب الأنسان (تكوين 1:3 ) ، أمّا العالم فهو لايعرف المسيح ولايعرف الله الحقيقي فلو عرف العالم من هو يسوع المسيح لما اضطهد( هذا العالم) المسيحيّين، العالم يتبع رئيسّه وهو (الشيطان ) سيّد هذا العالم"(يوحنا  14:3 )"، أمّا المؤمنين (المسيحيّين الحقيقيّين) فهم ليسوا من هذا العالم"لوكُنتم من العالم لأحبّكُم العالم كأهلهِ"(يوحنا 15:19 )، لقد مُنع رؤساء اليهود من الأيمان بيسوع المسيح بالرغم من الكم الهائل من الشهادات على لاهوته وعلى أقواله وعلى أعماله وشهادة حياته الخالية من أيّ عيب أو خطيئة وسبب ذلك لأنّ سلطتهم الدينيّة قد أهتزّت ولأنّ سيادتهم على الشعب قد ضعفت ولأنَّ عقائدهم الشخصيّة تعرضت للتحدّي ولأنَّ دوافعهم الزائفة قد انكشفت.
نعم هذه هي الأسباب الرئيسيّة للحقد والكراهيّة حتّى الموت للرب يسوع المسيح ، فبينما كان الفريسيّيون والكتبة اليهود يتسائلون ويتباحثون عن يسوع المسيح ليجدوا فيه علّة كان الناس يشفون وحياتهم تتغيّر ، وكان حقدهم وغيرتهم من شعبيّة يسوع  حتّى بلغ هذا الحقد حد اتهام المسيح زورا وبهتانا وتم محاكمته حتى بمخالفة الشريعة  اليهوديّة. لقد ملأت الغيرة قلوب قادة اليهود والكهنة والصدوقين وغيرهم لأنّ رسل المسيح لاقوا الأحترام من الناس مالم يقدر على أكتسابه قادة اليهود على الأطلاق (اعمال الرسل 5:17 ) ، وهي نفس الأسباب التي تجعل رجال الدين من غير الديانات أن يحاربوا المسيحيّين ويضطهدونهم ويرهبونهم ويحرّضون الأخرين لقتلهم  من خلال خطابهم الديني المليئ بالحقد والكراهيّة دون سبب معقول ،
قادة اليهود أرادوا أن يكون الأحترام والتقدير والتوقير هو لأنفسهم ، بينما هدف
الرسل(والمسيحيّين المؤمنين) هو تقديم الأحترام والتوقير والتمجيد لله . واليوم ايضا من الصعب على الأنسان( ان لم يتغيّر بقبوله للمسيح) أن يفرح مع من نجحوا فيما هو فشل أو من نال التاييد الذي هو يتوق اليه فالغيرة رد فعل طبيعي ، لكن الأمر يصبح مأساة عندما يحاول الأنسان بدافع مشاعر الغيرة أن يوقف عمل الله ، وقد وصل الأمر برؤساء اليهود أنّهم تعاملوا مع أبناء الشوارع لكي يهاجموا الرسول بولس وسيلا(أعمال 17:5 ) ، وهناك أسباب اخرى يتم أضطهاد المسيحيّين بسببها وهي:
لأنّ المسيحي وطني ينتمي الى الوطن ولايخون، والمسيحي الحقيقي يحب وطنه وأهله ومجتمعه ويحترم القوانين والسلطات فهو أمين صادق في حياته تجاه الآخرين ولا يرتشي أو يغش أو يرهب الناس أو يتعامل على الأنتماء القومي أو العشائري كما عند الآخرين وما اشبه اليوم بالبارحة فالمسيحيّين الحقيقيّين  يحسدهم الكثيرين لأنّ عمل الله يظهر من خلالهم وأحيانا يعملون المعجزات باسم المسيح  وقد  يأتي حتّى المسلمين الى الكنائس والأديرة ويقدمّون طلباتهم الى الرب يسوع ووالدته مريم العذراء لابل تحدث معجزات الشفاء لمرضاهم وهذا مذكور في التاريخ ونشاهده حتّى في ايّامنا هذه.
وهذا يزيد من غيرة وحقد المتطرفين المسلمين فيصبّوا نار غضبهم على الأبرياء المسيحيّين وهذا ما حدث في( نجع حمادي) في صعيد مصر في يوم عيد الميلاد وبعد ظهور مريم العذراء في أحدى الكنائس في مصر وشاهدها الملايين من المسلمين والمسيحيّين ولكن  الغيرة والحقد نار آكلة فصبّ المتشدّدون والمتعصّبون والأرهابيّون نار غضبهم على حشد من المؤمنين في احدى الكنائس في صعيد مصر وفي يوم عيد ميلاد الرب يسوع المسيح، انّ رفض الحق  ورفض الحوار ورفض الاخر ورفض النقاش وعدم قبول النقد البنّاء لازال موجودا في مجتمعاتنا العربية (الأسلاميّة) وللأسف هذه البلدان تكره كل من يعارض أنظمتها أو يعارض الأفكار الخاطئة التي تُنشأ أجيال بعد أجيال وهم يحاربون كل من يختلف عن معتقداتهم وأفكارهم أو ثقافتهم  فيكون المجتمع كلّه ملوّث بالعنصريّة والتمييز ورفض الآخر بل يعتقدون بنضريّة المؤامرة.
يخبرنا سفر استير انّ شخصا واحدا (هامان رئيس وزراء الملك الفارسي) أراد القضاء على شعب كامل وهم اليهود بسبب الغيرة والحسد من اليهود الذين كانوا لا يسجدون الآ لله كسيّد المستحق الأحترام بينما هامان الفارسي  كان يختلف عنهم في عقيدته  وفضلّ نفسه على اليهود واراد منهم أن يسجدوا له وللملك وعندما رفض مردخاي اليهودي السجود للملك  حصل هامان على اذن من الملك ليعلق مردخاي على خشبة ليشنق أمام حشود الناس لابل حصل على اذن(فرمان) لأبادة اليهود نتيجة هذا الكبرياء والجشع الى السلطة والقوّة الشخصيّة  والعنصرية القاتلة (استير 3:5,6) ، ولكنّ الله كان مع استير وهامان وشعبهما اليهودي فبدل أن يتم شنق مردخاي على الخشبة التي أعدها هامان لشنق مردخاي ، بدل ذلك شُنق هامان على الخشبة نفسها لان الله استجاب لصوم وصلات الشعب اليهودي وخلّصهم من الأبادة الجماعيّة.
ووقع  اليهود في نفس الفخ الذي وقع فيه هامان ، فمنذ الفي سنة عندما حاكموا يسوع المسيح الذي كانوا ينتظرونه ولكنّهم لم يعرفوه أنّه هو رب الأرباب وخالق الكون لأنّهم عبدوا الشريعة ونسوا واضع الشريعة ومصدرها يسوع المسيح وأتكلوا على قوّتهم بدل أن يتّكلوا على قوّة الله
اليوم ايضا هناك تيّارات  دينيّة اسلاميّة  يضطهدون حتّى المسلمين الذين يختلفون عنهم أو يعارضونهم  فكيف لا يضطهدون المسيحيّين الذين بنظر هذه التيارات الدينيّة هم كفرة ومشركين يّحلُّ حتى قتلهم ، لقد زادت في أيامنا تفشي هذه التيارات الأصوليّة بسبب الفساد المالي والفساد الأداري والفساد الأخلاقي وقمع الحريّات الفكريّة وانتشار الجهل والأميّة خاصة بين النساء مما خلق المناخ الملائم لهذه التيّارات لان تنشر سموم افكارها في الشعوب المغلوبة على أمرها ليرتد الأنسان العربي المسلم الى العيش في عالم الغيبيات والأساطير والرجوع الى الماضي السحيق هربا من الواقع المؤلم بدلا من تغيّير هذا الواقع، بالأضافة الى كل الأسباب أعلاه هناك سبب اخر لايقل أهميّة وهو نتيجة الأنكفاء الحضاري للدول العربيّة وانكماشها بينما الشعوب الأخرى تتقدم في العلوم والتكنلوجيا والخدمات الأنسانيّة فما كان للحاقدين والحاسدين في الدول العربيّة الآ محاربة هذه الحضارات وأجبار الناس الى الرجوع الى السلفيّة واللاعقلانيّة بالأعتماد على الأساطير والخرافات الغيبيّة ، اليوم تغلغل الفكر السلفي والتيارات الدينيّة المتطرفة في كل فروع الحياة الأجتماعيّة والسياسيّة والتربويّة والثقافيّة وطبعا الدينيّة وأصبح غولا لايمكن السيطرة عليه أن لم تنهض الشعوب نفسها من سباتها وتثور على ذاتها لتتحرّر اولا، اليوم العائلات العربيّة تزرع الحقد والكراهيّة في عقول الأطفال ويرضعونهم وهم أطفال صغار بأنّ المسيحي هو كافر ونجس فيشبُّ الطفل وهو حاقد ومتعصّب على المسيحيّين ، اليوم مناهج المدارس في أغلب الدول العربيّة والأسلاميّة تُسمّم عقول الطلاب والتلاميذ برفض الاخر ويشدّدون على تدريس المواضيع التاريخيّة والدينيّة التي تُهمّش وتطعن بالمعتقدات المسيحيّة واليهوديّة .
اليوم صارت الأفكار الدينيّة المتطرفة هي الثقافة السائدة في هذه المجتمعات وهي ظاهرة خطيرة يلمسها كلّ مسيحي من خلال القنوات الفضائيّة الرسميّة والدينيّة وحتّى  من خلال المنابر لدور العبادة حيث خطابات بعض شيوخ ورجال الدين المسلمين لا تخلوا من التهجّم والطعن في المسيحيّة وحتّى اتهامهم بالكفر والأشراك و بتحريف الكتاب المقدّس دون أدلة أو براهين بل انّ الشباب العربي المسلم يُشحن ويعبئ بافكار أرهابيّة ويصبح الشباب خلايا نائمة قد تصبح قنابل موقوتة قابلة للأنفجار في كل لحظة . نحن (وخاصة مسيحيّي العراق ) أمام نظرة متشائمة عن الواقع الذي نعيشه هذه الأيام  بسبب هذا الأضطهاد  والرفض من الآخرين في مناخ لايعرف التسامح الديني والأختلاف الفكري ، ولكن علينا أن لاننسى كلام المسيح الذي يخبرنا سابقا لهذه الأحداث التي نعيشها اليوم فهو يقول "قلتُ لكم هذا كلّه ليكون لكم سلام ٌ ، ستعانون الشدّة في هذا العالم ، فتشجّعوا ، أنا غلبت العالم (يوحنا33:16 ) ، وقال أيضا " لاتظنُّوا أنّي جئت لأرسي سلاما على الأرض ، ما جئت لأرسي سلاما بل سيفا(يوحنا 10:34 ) ، فالمسيح جاء ليضع سيف الكلمة بين الحق والباطل بين النور والظلام ، جاء حتّى يُقسّم العالم بين من يتبعه ومن يضطهده ويضطهد المؤمنين به ، فهو حجر عثرة للعالم الذي يريد أن يعيش حسب أهوائه ويريد الله حسب مقاييسه "لأنكم لاتقدرون أن تسمعوا قولي أنتم لأنكُم من أب هو الأبليس، وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ذاك كان قتّالا للناسك منذُ البدء..."يوحنا :8 ، العالم الذي يعيش في الظلمة لايستطيع تحمّل النور الساطع ويسوع هو نور العالم وأعطى المؤمنين به نورا يشعُّ على الأخرين فالكثيرين لايتحمّلونه لأنّ النور يكشف الظلام الذي هم فيه.
شكرا والى اللقاء.
لمن يريد الأطلاع على الجزء الأول يرجى الذهاب الى المقع أدناه
http://www.ishtartv.com/articles,3280.html

18
مظاهر التديّن والأيمان الحقيقي(الشريعة والأيمان)
بقلم: نافع شابو البرواري
الجزء الأوّل:
قال أحدهم  كنت أفكّر لو أن الحسنات تمسح السيّئات بحق فأنا أحتاج لعمرفوق عمري لكي أصنع حسنات تزيل وتمسح سيئاتي الكثيرة جدا لذلك فكّرت أنّ لا خلاص لي بالحسنات أو الأعمال الصالحة، فمن يخلصني وينقذني من حياة الذنوب والعبث؟؟؟
وعندما تعرفت على يسوع المسيح الهي ومخلصي تغيّرت حياتي وتحوّل هذا القلب الأسود لقلب أبيض، ومن قلب يكره الى قلب يحب ومن قلب نجس وغير طاهر الى قلب مليئ بالقداسة والطهارة والعفّة وبدأت حياتي تتغيّر فاصبحت لي أهداف واضحة ومعنى واضح لحياتي، هذا ماقاله احد الذين التقوا وتعرّفوا على شخص المسيح بعد أن كان يحاول المستحيل الخلاص بجهده الذاتي وبالأتكال على أعماله وأرادته الذاتيّة.
نعم المسيحيّة هي ولادة جديدة لحياة جديدة يستمتع بها الأنسان بعلاقة مباشرة بشخص اسمه يسوع المسيح .فالمسيحيّة ليست ديانة بل علاقة مباشرة بشخص الله الذي ارسل ابنه الى هذا العالم ليعيش معنا وبعد صعوده ارسل روحه القدوس ليبقى معنا  "عمّانوئيل" أي الله معنا.
أنّ الديانات التي تركّز على الشرائع والقوانين والأعمال الصالحة لايمكنها أن تعطي للأنسان الشبع الروحي ولا الرجاء اليقين بالخلاص لانّ هذه الديانات تسخر من قول الله (بدوني لا تستطيعون أن تعملون شيئا )، بينما تلك الديانات كأنّها تريد التجارة مع الله وهي كمن يقول لله (كما في اللغة العاميّة هات وخُذ).
كان اليهود ومعلموا الشريعة يشدّدون على الأنضباط وكانت الناموسيّة (ولا تزال) تجتذب الكثيرين الآن أيضا، وذلك بحفظ قائمة طويلة من القواعد الدينيّة من الصوم ومظاهر البذخ والتباهي بالصيام والصلاة في الساحات والأماكن العامة والزكاة (أحيانا من مال الحرام) والأعياد التي أصبحت مناسبات للأحتفالات التي اصبحت بعيدة كل البعد عن جوهر العيد الذي هو فرح مع الله  وزيارة العتبات المقدّسة للحصول على لقب معيّن واستغلاله في التجارة وحتى قواعد الأكل والشرب والمعاشرة الزوجيّة وغسل الأيدي وشريعة السبت ومئات الفرائض والفتاوى التي جاوزت المئات بل الآلاف(عند بعض الديانات الغير المسيحيّة) حتى اصبحت هذه التشريعات والفتاوى في بعض الديانات عبئا ثقيلا على الناس وحجر عثرة لهم فاصبح الأنسان مستعبدا لهذا الكم الهائل من التشريعات (باسم الدين) وما هو حلال وما هو حرام  وووووو وجميع المظاهر الخارجيّة التي تعطي انطباع ومظاهر خارجية للتقوى بينما هناك فراغ وخواء في التقوى الداخليّة...   لقد أصبحت هذه الشرائع والنواميس عبئا ثقيلا حتى لواضعيها، سمّى يسوع المسيح هؤلاء رجال الدين المتديّنين الذين يشرّعون ما هو ليس تشريعا الهيا  بالمرّائين ونعتهم بأولاد الأفاعي ليس هذا فقط بل هؤلاء يغلقون أبواب ملكوت الله حتّى لا يدخل الآخرين فيها"الويل لكم يا مُعلّمي الشريعة والفرّيسيُّون  المرُّاؤون ، تُغلقون ملكوت السّماوات في وجوه الناس فلا أنتم تدخلون ولا تَتركون الدّاخلين يَدخلون"(متى23:13 )،
نعم قد يبدو الأنسان على خلق من الخارج وقد يقوم بأعمال خيرية أو يبني كنائس وجوامع ومستشفيات خيرية وقد يساعد الفقراء وتراه يصوم ويصلي ولكن قد تكون هذه المظاهر كُلّها خدّاعة ليُري الناس أنّه متديّن ويعرف الله  بينما قلبه (من الداخل هو غير ما يبدو من الخارج) بعيد كل البعد عن الله وقد لايعرف الله الحقيقي،
اليوم( وحتّى الكثيرين من المسيحيّين ايضا) لازلنا نعيش في زمن الشريعة ولم نتخلّص من الفكر الذي كان سائدا عند اليهود منذ الفي عام  .
للأسف كنيستنا في العراق متأثرة كثيرا بهذا الفكر وبفكر الديانات الأخرى التي تعتمد على الفرائض والطقوس والتقوى الخارجيّة بينما يسوع المسيح يقول لنا "ما من أحد يمكنه أن يرى ملكوت الله الآ اذا ولد ثانيةً"(يوحنا 3:3 )، ويقول الرب أيضا:"لأنَّ مولود الجسد يكونُ جسداً ومولود الروح يكونُ روحاً"(يوحنا 3:6 )، نعم يسوع المسيح أعطانا الحياة الجديدة( بالولادة الثانية الروحية) وخلصنا وحرّرنا من اثقال الناموس بالنعمة المجانيّة لانّه صار لعنة من أجل أن يحمل لعنة الذين كانوا تحت الناموس وذلك عندما صُلب على خشبة الصليب وبعد قيامته قال لتلاميذه أن يذهبوا الى العالم كلّه ويعمذوهم بأسم الآب والأبن والروح القدس ) اي كل من يتوب ويؤمن بالمسيح كمخلّص شخصي يخلص وتتغيّر طبيعة حياته الماضية ليحمل طبيعة جديدة فيه لايستطيع الآ أن يعمل الخير ويحب الله ويحب نفسه ويحب الآخرين، بينما الطبيعة الجسديّة(الطبيعة الخاضعة للناموس)لا تستطيع أن تطبق ما في الناموس
فالناموس يُلخّص كلّه ب"المحبّة" وفاقد الشيء لا يستطيع أن يعطيه، يقال أنّ الرسول يوحنا قال لتلاميذه( حُبّوا وافعلوا ماتشائون )أي انّ الذي يحبُّ لا يستطيع الآ عمل الخير، أنّ الكتاب المقدّس يركّز على حقيقة مهمّة وجوهريّة وهي انّه لاخلاص ولا حريّة ولا معرفة لله عندما نعتمد على ارضاء الله بالأتكال على جهدنا لتطبيق الشريعة والناموس لانّنا لانستطيع ذلك بل هو مستحيل(راجع رسالة الرسول بولس الى أهل روميا )"حتّى انّهُ كما سادت الخطيئة للموت تسود ُ النّعمة التي تُبرّرنا بربّنا يسوع المسيح للحياة الأبديّة"(روميا 5:21 )، فالحل الوحيد هو معرفتنا بالله عن طريق شخص ابنه يسوع المسيح وعندها نكتشف كم نحن خطاة ، فنجد أنّه لاطريق أمامنا سوى الأستناد على أيماننا بشخص" مخلّص" الذي وحده يستطيع أن يخلّصنا لانّه وحده يعطينا الحل لمشكلتنا مع الخطيئة التي تقف حاجزا بيننا وبين الخلاص، فالخلاص بالشريعة(بالأعمال) يشبّهها أحد الآباء القديسين بحالة انسان في هذه الأرض فيرى سُلّما موضوعا بين السماء والأرض فيحاول تسلّق هذا السلم لكنّه كلّما حاول سقط بسبب هذا الهوّه الشاسعة بين السماء والأرض وعدم مقدرته بجهده أن يصل الى السماء اذا لم يقبل اليد الممدودة له من السماء وهي يد المخلّص يسوع المسيح.
كان الرسول بولس غيورا على دينه ومثالا ليهودي تقي، تلقى تعاليمه من أعلى المرجعيات الدينيّة اليهوديّة التي كانت تحفظ الشريعة، وكان حسب فكره ومعرفته انّه يقوم بخدمة عظيمة عندما كان يضطهد المسيحيّين المؤمنين لانّه كان يعتبرهم  هراطقة وبدع خارجين عن الدين اليهودي .
وبعد أن أصبح مسيحيّا ( بعد ان التقى بالمسيح وهو في طريقه الى دمشق لأضطهادهم)أختبر الخلاص فتغيّرت حياته من مضطهد للمسيحيّة الى اقوى مدافع عنها في تاريخ الكنيسة كُلّها واصبحت رسائله بمثابة لاهوت للمسيحيّة ومبشرا بيسوع المسيح المصلوب والفادي للبشريّة بين الأمم فسميّ رسول الأمم، اصبح هو نفسه مُضطهد من قبل اليهود والعالم الروماني، الرسول بولس لم يأخذ رسالته من تلاميذ المسيح والمؤمنين بل أخذها مباشرة من الرب يسوع المسيح(اعمال 9:)(غلاطية1:11 فهو اختبر أنّ الخلاص هو حتّى للخُطاة وللوثنيّين ولكل البشريّة بغض النظر عن كونهم متدييّنين (لهم شريعة أو ناموس) أو غير متديّنين(ليس لهم شريعة وناموس)، انّها بشرى خلاص لكل الأمم جاء بها يسوع المسيح عندما قدّم نفسه فدية لكل البشرية.ولهذا دافع الرسول بولس عن لاهوت الخلاص بالنعمة بالأيمان وليس بالأعمال.
الأعمال :هي كل مايقوم به الأنسان من جانبه من عمل (جهد) كوسيلة لأرضاء الله .
أمّا النعمة :فهي هبة مجّانيّة تعطى للأنسان المؤمن بفداء المسيح له على الصليب وتبرير الأنسان المؤمن من الخطيئة"لأنَّ أجرة الخطيئة هي الموت وامّا هبة (نعمةالله) فهي الحياة الأبديّة في المسيح يسوع"(روميا 6:2 )، والذين يتخذون الشريعة والعمل بها ليرضوا الله بجهدهم الذاتي لايفهمون حقيقة انّ المسيح هو الذي  يخلّصهم وليس الشريعة فحفظ الشريعة ليس هو هدف المسيح(الله) بل المسيح هو هدف الشريعة، فعندما نركّز على المسيح كهدف يقل تركيز انتباهنا على مايجب علينا أن نفعله وما لايجب أن نفعله حيث الأعمال(الصالحة) هي ثمرة (نتيجة) الأيمان بالمسيح،(غلاطية 2:20و21 )، كان الرسول بولس يعتقد انّه يخدم الله ويقدم له اعمالا صالحة لأضطهاده للمسيحيّة ولكنه كم كان جاهلا( قبل ان يتعرف على المسيح نفسه)لانّه كان يضطهد المسيح نفسه(شاول شاول لماذا تضطهدني؟ (أعمال 4: 9 )، هكذا اليوم المسيحييّن مُضطهدين في اغلب بلدان العالم والكثيرين يعتقدون
باضطهادهم  للمسيحيّين أنّهم يخدمون الله ويقدّمون له أعمالا صالحة بل أحيانا يقتلون المسيحيّين( ويصيحون الله أكبر) ويقدمونهم كقرابين لألههم ليرضي عنهم ولكن في الحقيقة هم لايعرفون الله الحقيقي ويسوع المسيح يقول عن هؤلاء الناس الجاهلين بمعرفة الله ( يوحنا4:22) انّهم يعبدون ما لايعرفون لان "الله روح وبالروح والحق يجب على العابدين أن يعبدوه"(يوحنا 4:24 )وايضا الله" محبّة "اي هو مصدر ونبع المحبة فكيف يقول الذين يضطهدون المسيحيين انهم يعرفون الله ؟
وحيث أنّ الذين يتكلون على حرفية الشريعة فهم بعيدون عن معرفة روح الشريعة التي هي المحبة لله والناس فالحرف يَقتل أما الروح تحيي ولايمكننا ان نعرف الله الا بالروح القدس الذي يغيّر الحياة القديمة للأنسان(الحياة الطبيعيّة الجسديّة) ليعيش الحياة الجديدة( الحياة الروحيّة بعد المعموذيّة ) بالمسيح.وهذا يتم بالتوبة والندم والمعموديّة وطلب من الرب يسوع أن يدخل قلب الأنسان ليغيّر الأنسان من الداخل.(لأنّ مولود الجسد يكون جسدا ومولود الرًّوح يكون روحا)(يوحنا 3:6 )،

فالله يحاسب سرائر(دواخل ) الأنسان ولايحكم الله فقط من المظاهر الخارجيّة لأنّ الأنسان بطبيعته يحاول أن يُظهر للناس بعلامات خارجيّة توحي للناس أنّه متديّن وله تقوى ولكن في الغالب هؤلاء الناس هم يحاولون أن يغشّوا الآخرين ويغشّوا الله ، وقد قال الله عنهم:"بسببكُم يستهين الناس باسم الله بين الأُمم"(روميا 2:24 )، ويظنُّ ناسٌ كثيرين أنّ التقوى الخارجيّة والمظاهر الدينيّة هي التي تدلُّ على الألتزام بالدين وتطبيق الشريعة ولكن كثيرا مايخطأ  هؤلاء وياللأسف ، اليوم تنتشر في الدول العربيّة والأسلاميّة هذه المظاهر الخذّاعة (لرجال الدين) وينخدع الملايين من الناس البسطاء عندما ينظرون الى المظهر الخارجي لبعض رجال الدين ولا يعرفون أنّ هؤلاء (رجال الدين) يفعلون بعكس ما يقولون وحياتهم الحقيقيّة غير ما تبدو من الخارج  ويقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء المُتديّنين بقشور الدين(أمثال بعض رجال الدين المسلين في أيّامنا)، " الويل لكم يامعلّمي الشّريعة والفريسيّيون المراؤون ! تقطعون البحر والبرَّ لتكسبوا واحدا الى ديانتكم ، فاذا نجحتُم ،جعلتموه يستحق جهنَّم ضعف ما أنتُم تستحقّون !"(متى 23:15 )، ولكن هل نحن المسيحيّين بعيدين عن مظاهر التديّن وقشورها الخارجيّة؟ هناك احصائية تقول انّ المولودين الذين يحملون الهويّة المسيحيّة هم حوالي مليارين مسيحي ولكن الأحصائية تقول انّ المسيحيّين الحقيقيّين في العالم لا يتجاوزوا 600 ألف نسمة فقط.  انّها كارثة ومصيبة أن يولد الأنسان في عائلة مسيحيّة ولكنه لايعرف المسيح الحقيقي، انّها صدمة لكل انسان مؤمن حقيقي عندما يقرا هذا الخبر المؤلم حيث الملايين يحملون أسم المسيح ولكنّهم لايتمتّعون بالنعمة التي هم فيها لأنّهم مثل الديانات الأخرى يركّزون على الأعمال والمظاهر الخارجيّة دون الحصول على التغيير الحقيقي في حياتهم ولا يستطيعون أن ينموا في الأيمان والغريب المبكي أنّ ذلك منتشر عند مسيحيّي العراق وحتّى البعض من رجال الدين  فالكثير منهم يعيشون في زمن الشريعة اليهوديّة أو هم متأثرين بالديانات الأخرى.
وقد يسأل المعترضين عن هذه الحقيقة بقولهم :اذن لماذا أعطى ا لله الشريعة للعمل بها؟
السؤال نفسه والأجابة عليه نقرأ ه في رسالة الرسول بولس الى أهل روميا :حيث يجيب انّ الشريعة أعطيت لتكشف عن الخطيئة التي فينا(فماذا نقول ؟ أتكون الشريعة خطيئة؟ كلاّ ولكني ما عرفت الخطيئة الاّ بالشريعة  فلولا قولها لي "لاتشتهي " لما عرفتُ الشهوة)(روميا 7:7 )، نعم الخطيئة واقعة على الجنس البشري وهي أمر خطير فمهما غطيناها بأعمالنا لن يجدي نفعا، فالشريعة تكشف لنا هذه الخطيئة ولا تزيلها.أو مثل الأنسان المريض الذي ترتفع درجة حرارة جسمه فهل الكمادات التي نضعها على المريض تعالج المرض أم عليه أن يذهب الى الطبيب ليعالج المرض هكذا يسوع المسيح هو الطبيب الوحيد الذي يشفينا من مرضنا المزمن (الخطيئة)
الخطيئة جرّدتنا عن الله منذ أن سقط أبوينا الأولين (ادم وحواء)(راجع سفر التكوين)
ولكن هذا لايعني أنّ الناس يعيشون أو يشعرون بخير بدون الشريعة.
نعم بالأيمان نتبرّر ولكن لا يعني ذلك ابطال الشريعة بل  تثبيتها" وهل يعني هذا (التبرير بالأيمان) أنّنا نُبطل الشريعة بالأيمان؟كلاّ، بل نثبتُ الشريعة"(روميا 3:31)
لنفرض أنّك ذهبت الى شاطيء البحر في يوم مشمس جميل وما ان غطست في الماء وأحسست بالأنتعاش حتى لاحظت راية ترفرف فوق سارية على الشاطيء "ممنوع السباحة فأسماك القرش تحوم في الماء"، ماذا سيكون موقفك ؟ أكيد ضاع عليك يومك الجميل عندما قرات ما هو مكتوب على االراية (التي ترمز الى الشريعة).
السؤال المطروح هو :هل هي غلطة الراية؟ أم غلطة الذين رفعوها؟
انّها لازمة ويجب أن نكون لها من الشاكرين ولكنها لا تخلصنا من أسماك القرش
 ولهذا يقول الرسول بولس:"كنتُ أحيا من قبل بلا شريعة فلمّا جاءت الوصيّة عاشت الخطيئة ومتُّ أنا، فاذا بالوصيّة التي هي الحياة  قادتني أنا الى الموت لأنّ الخطيئة اتخذت من الوصيّة سبيلا، فخدعتني بها وقتلتني"(روميا 7:9,10 )".
الفرق بين المسيحيّة وبين الديانات الأخرى هو أنّ الديانات تعتمد على أعمال الشريعة للخلاص أي الأعتماد على الأعمال الصالحة دون الأتكال على واضع الشريعة ومصدرها (الله)  وكذلك هذه الديانات تحاول عبثا ارضاء الله بأعمالها (الظاهرية) بينما الله في المسيحيّة يقول لنا "أُريد رحمة لا ذبيحة" هو يريد منا الطاعة والتسليم والأيمان بأبنه الذي نزل الى الأرض ليرفعنا الى السماء في المسيحيّة الله هو الذي يبحث عن الأنسان وليس العكس.
هناك ديانات مثل (الغنوصيّة) أي الذين يؤمنون انّهم بالمعرفة (السريّة ) يستطيعون الخلاص دون الحاجة الى مخلّص وهناك الكثير من البدع التي تعتبر الجسد هو نجس ويجب قمعه لكي تتحرّر الروح وتخلص  وووو...الخ
ولكن تبقى المسيحيّة الوحيدة التي لها يقين وأيمان ورجاء لا يتزحزح بشخص يسوع المسيح الذي فدى الجنس البشري بدمه وأعطانا يقين القيامة من بين الأموات بقيامته وهكذا غلب الموت بالموت وانتصر على الشيطان وغلبهُ وهو الوحيد الذي بدمه الزكي يمسح خطيئتنا ويمنحنا الخلاص بالنعمة (أي ليس بأعمالنا لكي لانفتخر كما يقول الرسول بولس)(بالنعمة انتم مخلّصون بالأيمان وليس بالأعمال لكي لا يفتخر أحد منكم) (راجع روميا 3:27 )، حتّى في العهد القديم كان الأنبياء يركزون على انّ الخلاص هو ليس بالأعمال بل بالأيمان وها هو النبي داود يصرخ الى الله  لانقاذه من  الخطيئة المسيطرة عليه، فبعد سلسلة من السقطات في الخطيئة ( عندما قتل اوريا القائد العسكري المخلص وتزوّج من  امرأته بتشباع ) نراه يصرخ ويقول في أحد أشهر مزاميره وهو( مزمور12 :51 )، "قلبا طاهرا أخلق فيّ يا ألله وروحا جديدا كوّن في داخلي"، نعم نطلب من الرب يسوع المسيح أن يسكب فينا الروح القدس الذي يرشدنا الى معرفة الله ويمكّننا على الخطيئة ويقودنا الى الطريق والحق والحياة ويخلق فينا قلبا نقيّا طاهرا لنتقرّب الى المسيح ونتمتع بمحبتّه ونشعر بالسلام في محظره وعندها فقط نستطيع أن نعكس هذه المحبة وهذا السلام الى الأخرين من أخوتنا في البشريّة لتعم المحبّة والسلام في العالم كلّه آمين.
والى اللقاء في الجزء الثاني من مقالتنا وشكرا


19

لماذا يَضطهدون المسيحيّين؟ ولماذا هذا الصمت الغريب؟وعلى من تقع مسؤولية هذا الأضطهاد وهذا الصمت؟
بقلم  نافع شابو البرواري
الجزء الأوّل
انّ الحقيقة كانت دائما تُحارب من قبل أجناد الشر والشيطان منذُ سقوطه، وهو لم يهدأ ولو لحظة واحدة لمحاربة كُلّ ما هو خير وحق ويسوع المسيح يقول" أنا هو الطريق والحق والحياة" فمن البديهي أن يحارب الشيطان المسيح وأتباعه المؤمنين به.
استطاع الشيطان أن يزرع بذور الشر في الجنس البشري منذ أن أغوى أبوينا ادم وحواء وقصّة قابيل الذي قتل أخوه هابيل لا زالت ماثلة في أذهاننا وهي مع الأسف قصة البشريّة كلّها، جاء المسيح ليعلن الحق وقال"تعرفون الحق والحق يحرّركم"(يوحنا )، ونحن في الألفيّة الثالثة هناك من يرفض سماع الحق ويرفض الحقائق الإلهية ولا يقبل أن يسمع أو يقبل أو يبحث عن الحق لانّ الحق يكشف خفايا الأنسان ويفضح كل مظاهر التديّن الزائف وهو كالسيف القاطع ذو حديّن يفصل الظلام عن النور ويفصل الخير عن الشر ويفضح قوّات الظلام، أن رئيس هذا العالم هو الشيطان ، هذا ما يخبرنا به يسوع المسيح ولمّا جاء رئيس السلام الى هذه الأرض اضطرب الشيطان وهاج وتوعّد بالأنتقام من شعب المسيح(أي الذين حرّرهم المسيح من قيود الشيطان وهم المؤمنون بالمسيح لأنّ الشيطان هو قاتل وابو الكذب وهو لا يريد خلاص الجنس البشري ) وليس من الغريب أنّ أتباع رئيس هذا العالم يُحاربوا المؤمنين بالمسيح . يقول الرب يسوع المسيح ( ان أبغضكم العالم فتذكروا أنّه أبغضني قبل أن يبغضكم...)( يوحنا:15 )، يسوع المسيح كان صريحا عندما قال للمؤمنين "انكم لستم من هذا العالم وقال ايضا "مملكتي ليست من هذا العالم "ولهذا لا يقبله هذا العالم ولا يقبل العالم مملكة المسيح لأنّ هذا العالم يسير وراء من يساير اهوائه وافكاره وأعماله ، أما المسيح فجاء ليخلصنا من كل التعلّقات بهذا العالم الفاني ويخلّصنا من العبوديّة للشهوات والأطماع والمغريات التي تبعدنا عن الحياة الروحيّة"وهذه هي الدينونة انّ النور قد جاء الى العالم  وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شريرة"(يوحنا )، ولكي نثبت للعالم كله سبب اضطهادنا من قبل هذا  العالم علينا أن نوضّح ذلك بالأدلة والبراهين القاطعة. ولكن قبل ذلك علينا أن نطرح ( في الجزء الأول من المقالة) بعض الأسئلة على أخوتنا العرب (المسلمين) فهناك الكثير من التسائلات التي تشغل بالنا وتحتاج  الأجابة عليها من قبل أخوتنا العرب المسلمين(مِن المسؤولين ورجال الدين وحتى المواطنين العاديّين) وبصراحة ودون مواربة وهي:
لماذا هذا الصمت الرهيب أزاء ما يحدث من الأضطهادات بحق أخوتهم وأبناء وطنهم وشركائهم في صنع الحضارة العربيّة من  المسيحيّين؟
لماذا هذا السكوت وعدم المبالاة لما يحدث من التهجير والتقتيل والتهديد لأبناء وطنهم الأصلاء من المواطنين المسيحيّين ؟
كيف نفسّر قتل عشرات بل مئات ( المواطنين ) المسيحيّين في العراق ومصر والسودان وفلسطين ولبنان وتهجير مئات الآلاف منهم ولا نسمع من وسائل الأعلام الا ردود أفعال خجولة وأحيانا كثيرة  يحاولون ستر الجريمة بكبش فداء؟
لماذا أخوتنا العرب (المسلمين ) يقومون ولا يقعدون عندما تقتل فتاة عربيّة( مروة الشربيني، علما كانت حالة فرديّة) في المانيا ويطالبون باقصى العقوبات بحق مرتكب هذه الجريمة الشنيعة لكون الجريمة ارتكبت نتيجة حقد عنصري ولكن بالمقابل هناك العشرات من المسيحيّين يُقتلون في بلدانهم وهم مواطنون اصليّيون وليس من يحتج أو يصدر فتاوى أو حتى يحاكم مرتكبي هذه الجرائم المُخجلة؟
عندما تتّهمون الأخرين بالأزدواجيّة فلماذا لا تحاسبوا الأزدواجية المتأصّلة  فيكم؟ عندما تتّهمون الآخرين بانهم يتعاملون معكم  بمكيالين فلماذا  تكيلون انتم ايضا بمكيالين للاخرين، اليست هذه ازدواجية في الشخصية وازدواجية في تطبيق المعايير  ؟
ما هو ذنب المسيحيّين المُسالمين وهم خاشعين في صلاتهم أيام الأحاد فيتم تفجير الكنائس على روؤسهم ؟
هل هي صدفة ما حدث ويحدث في العراق من محاربة المسيحيّين وعلى مسمع ومرأى المسؤولين من الحكام ورجال الدين المسلمين؟
وهل هي صدفة بما جرى لأخوتنا المسيحيّين في مصر و في ليلة عيد الميلاد (6 كانون الثاني الجاري) وفي اثناء خروج المؤمنين اخوتنا الأقباط من كنيسة في نجع حمادي في صعيد مصر تحصل مجزرة رهيبة ترتكب بحشد هائل من المؤمنين وهم خارجين من الكنيسة بعد القداس الإلهي بمناسبة ولادة يسوع المسيح رئيس السلام فيتم قتل ثمانية مؤمنين أبرياء وعشرات الجرحى ويتحوّل فرحهم بهذه المناسبة الى مأتم وحزن وفاجعة هزّت مشاعر العالم كلّه عدى مشاعر العالم العربي الذي لم يهتز حتّى ضميره؟
أنّها جريمة بشعة تضاف الى سلسلة الجرائم التي تُرتكب بحق المسيحيّين وعلى مسمع وانظار المسؤولين في الأمن والسلطة والدولة ورجال الدين دون أن يحرّكوا ساكنين لشجب هذه الجريمة وغيرها من الجرائم والأعلان عن مرتكبيها(الحقيقيّن)ومحاسبتهم، اليس هذا التحالف الشيطاني بين السلطة السياسيّة والسلطة الدينيّة في هذه البلدان ُيذّكرنا بالتحالف الشيطاني بين  بيلاطس البنطي (ممثل الأمبراطوريّة الرومانيّ)وقيّافة رئيس المجمع اليهودي حينه(ممثل السلطة الدينيّة اليهوديّة حينها)؟
ألم يتم هذا التحالف بين عدوّوين لدودين ليتم محاكمة ملك السلام يسوع المسيح في اكبر محكمة غير عادلة عرفها و شهدها العالم عبر التاريخ فيها تم الحكم على يسوع المسيح رئيس السلام  زورا وبهتانا ؟ وكل ذنبه هو لأنّه كان يجول ويصنع خيرا ويشفي المرضى ويعزّي المساكين والبائسين في هذا العالم؟
اليس التاريخ يعيد نفسه عندما يصطفّ رجال الدين المسلمين (الذين يتّهمون الحكّام بالفساد والظلم وقمع الحريّات) مع الحكام والأنظمة التي يعتبروها فاسدة ورغم ذلك يتم الأتفاق معهم على اضطهاد المسيحيّين أو السكوت لما يجري بحق المسيحيّين ؟ اليس الساكت عن الحق هو شيطان أخرس ؟
نعم اتّفق الأعداء عندما شعروا أنّ يسوع المسيح جاء ليحرّر العالم من قبضة السلاطين ورجال الدين (المتديّنين) الذين كانوا يتاجرون بالدين ؟ هكذا اليوم يتفّق رجال الدين المسلمين(المتاجرين بالدين ) مع اعدائهم السلاطين لأنهّم يشعرون بنفس الخطر الذي يشكّله المسيحيّين عليهم لأنّ المسيحيّة نور تفضح الظلام الذي يعيش فيه كل من يحجب الحق عن الناس ويُبعدون الناس من معرفة الحقيقة.
لماذا يسكت رجال الدين المسلمين عمّا يحصل من الجرائم بحق المسيحيّين في حين عندما يتم  منع بناء الماذن في سويسرا تشجب ذلك الكنيسة الكاثوليكيّة على لسان ممثلها  البابا بيندكتس السادس عشر بابا الفاتيكان ويشجب ما يتعرّض اليه شعب فلسطين من الأضطهاد من قبل الصهاينة ؟
لماذا هذا السكوت المطبق من قبل أغلب وسائل الأعلام التي من المفروض أن تكون سلطة رقابة على تصرفات السلطة التنفيذيّة بينما نرى هذه الوسائل الأعلاميّة بوقا للسلاطين والحكام ورجال الدين وبدل ان يطفئوا النار بالماء بأقلامهم نراهم يسكبون الزيت في النار؟
اليس هذا لأعلام  يتحملّ الجزء الأكبر مما يحصل من الجرائم بحق المواطنين المسيحييّن لانّه  كان يجب على ألأعلاميّين ان لايكتبوا الأ الحقائق ولكنّهم هم أيضا اشتركوا ويشتركون في حجب الحقائق وتلفيقها ويغسلون عقول أجيال من المواطنين بأكاذيب ومعلومات تخدم الحكام ورجال الدين وتوجّه انظار المواطنين الى عدوّ وهمي  وفي الغالب يكون هذا العدو الوهمي هم  المسيحييّن في هذه البلدان ليصبحوا ضحايا هذا الأعلام المُظلل للحقائق ، ا نّ الأعلام في الدول العربيّة يخلط الأوراق بحيث لا يستطيع المواطن العربي المسلم ان يميّز بين المسيحيّة والسياسة الخارجية لبعض البلدان التي لا تمتُّ بصلة الى المبادئ المسيحيّة، وهذا هو اخطر ما يواجهه المسيحيّيون عندما يُخلط بين الدين والسياسة وتسخير الدين واستغلاله في ترسيخ الطائفيّة والمذهبيّة والعنصرية الدينيّة فلا يستطيع الأنسان في هذه الدول أن ينتمي للوطن بل يكون أنتمائه للطائفة أو المذهب الديني على حساب المواطنة فتكون الضحيّة هي الطوائف الضعيفة أو الأقليات الغير المسلمة وهذا هو الفكر السائد في جميع البلدان العربيّة وخير مثال على ذلك العراق فوسائل الأعلام تطبّل وتُعربد وتثور وتهدّد الآخرين عندما يخدش رمز من رموز الأسلام بينما نراهم ساكتين بل أحيانا مشجّعين لما يجري للمسيحيّين في بلدانهم وليس لهؤلاء المسيحيّن أيّة تهمة أو ذنب ارتكبوه  سوى أنّهم يحملون اسم المسيح والسؤال الذي يجب أن نطرحه لكل الشعوب العربيّة الأسلاميّة وهو :
أين دوركم في الوقوف مع أخوة لكم وجيران لكم يعيشون منذ مئات السنين معكم وهناك تقاسم في السراء والضرّاء والحياة المشتركة وتاريخ مشترك ووطن مشترك بينكم وبين أخوتكم المسيحيّين؟ لماذا تقفون مكتوفي اليد في عدم التعبير عن رفضكم لما يجري بحق اخوتكم المسيحيّين؟ هل انتم ايضا فقدتّم شرف الدفاع عن الحق بسكوتكم وصمتكم لا بل استغلالكم من قبل رجال الدين ووسائل الأعلام لتكونوا أداة طيّعة بيد الأشرار لتنفيذ جرائمهم؟
انّ التاريخ لن يرحمكم وسوف يأتي يوما فيه قد تصحوا ضمائركم لتعرفوا حجمم الجريمة التي اشتركتم أنتم بها ايضا.
وختاما،
أليس كل ما ذكرناه وغيرها حافزا لنا  لدراسة هذه  التصرفات الغريبة؟ الا يستحقُّ منا نحن المسيحيّين ان ندرس هذه الظاهرة ونتحمّل (وخاصة رجال الدين) جزأً من هذه المسؤولية بصمتنا نحن أيضا وقبولنا للأمر الواقع  لما يحصل اليوم في البلدان العربيّة والأسلاميّة من اضظهاد وترهيب المسيحيّين؟
اسئلة تشغل بالنا نحن مسيحيّي الشرق في الدول العربية وخاصة ما نسمع ونشاهد ونقرأ في وسائل الأعلام  ما يحصل في كل يوم تقريبا من الأضطهاد والعنف والأرهاب ضد مسيحيّي الشرق في الدول العربيّة الأسلاميّة، ونحن كمسيحيّين و رجال الدين والمسؤولين والمؤمنين كلّنا أيضا نتحمّل جزء من المسؤولية لما يجري للمسيحيّين وذلك بصمتنا وسكوتنا وعدم طرق أبواب الدول والمنظمات العالميّة لحقوق الأنسان وتقصير الكنيسة للقيام بدورها في الدعوة ليس فقط للصلاة والصوم اللذان هما من أقوى الأسلحة التي نحارب بها القوات الروحيّة الشريرة لكن أيضا على الكنيسة دور لايقل اهميّته وهو العمل على ترسيخ وحدة الكنائس لتوحيد اصوات المسيحيّين في كل البلدان العربيّة ليكون صوتا موحّدا صارخا ضد الظلم والأضطهاد ويكون في الأتحاد قوّة لردع كل المُحرضّين للشر ويكون للكنيسة موقف واضح وفاضح للحكام الذين يتحملوّن مسؤولية مركزهم وواجبهم لحفظ أرواح المواطنين ومنهم المسيحيّين بصورة خاصة لانّهم لايحملون سلاحا ولا عندهم قوّة بها يدافعون عن أنفسهم وعلى كل واحد منّا ومن موقعه ومن الوزنات المؤتمن عليها عليه واجب بأن يقوم في كشف الحقائق مهما كان الثمن باهضا وعلينا فضح ما يقوم به الكثيرين من رجال الدين المسلمين الذين يحرّضون في خطبهم وفتاواهم المسلمين البسطاء بهدر دماء المسيحيّين ويحرضون الناس على الكراهية والحقد والموت.
وألى اللقاء في الجزء الثاني من مقالتنا  وشكرا

20

لماذا يَضطهدون المسيحيّين؟ ولماذا هذا الصمت الغريب؟وعلى من تقع مسؤولية هذا الأضطهاد وهذا الصمت؟
بقلم  نافع شابو البرواري
الجزء الأوّل
انّ الحقيقة كانت دائما تُحارب من قبل أجناد الشر والشيطان منذُ سقوطه، وهو لم يهدأ ولو لحظة واحدة لمحاربة كُلّ ما هو خير وحق ويسوع المسيح يقول" أنا هو الطريق والحق والحياة" فمن البديهي أن يحارب الشيطان المسيح وأتباعه المؤمنين به.
استطاع الشيطان أن يزرع بذور الشر في الجنس البشري منذ أن أغوى أبوينا ادم وحواء وقصّة قابيل الذي قتل أخوه هابيل لا زالت ماثلة في أذهاننا وهي مع الأسف قصة البشريّة كلّها، جاء المسيح ليعلن الحق وقال"تعرفون الحق والحق يحرّركم"(يوحنا )، ونحن في الألفيّة الثالثة هناك من يرفض سماع الحق ويرفض الحقائق الإلهية ولا يقبل أن يسمع أو يقبل أو يبحث عن الحق لانّ الحق يكشف خفايا الأنسان ويفضح كل مظاهر التديّن الزائف وهو كالسيف القاطع ذو حديّن يفصل الظلام عن النور ويفصل الخير عن الشر ويفضح قوّات الظلام، أن رئيس هذا العالم هو الشيطان ، هذا ما يخبرنا به يسوع المسيح ولمّا جاء رئيس السلام الى هذه الأرض اضطرب الشيطان وهاج وتوعّد بالأنتقام من شعب المسيح(أي الذين حرّرهم المسيح من قيود الشيطان وهم المؤمنون بالمسيح لأنّ الشيطان هو قاتل وابو الكذب وهو لا يريد خلاص الجنس البشري ) وليس من الغريب أنّ أتباع رئيس هذا العالم يُحاربوا المؤمنين بالمسيح . يقول الرب يسوع المسيح ( ان أبغضكم العالم فتذكروا أنّه أبغضني قبل أن يبغضكم...)( يوحنا:15 )، يسوع المسيح كان صريحا عندما قال للمؤمنين "انكم لستم من هذا العالم وقال ايضا "مملكتي ليست من هذا العالم "ولهذا لا يقبله هذا العالم ولا يقبل العالم مملكة المسيح لأنّ هذا العالم يسير وراء من يساير اهوائه وافكاره وأعماله ، أما المسيح فجاء ليخلصنا من كل التعلّقات بهذا العالم الفاني ويخلّصنا من العبوديّة للشهوات والأطماع والمغريات التي تبعدنا عن الحياة الروحيّة"وهذه هي الدينونة انّ النور قد جاء الى العالم  وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شريرة"(يوحنا )، ولكي نثبت للعالم كله سبب اضطهادنا من قبل هذا  العالم علينا أن نوضّح ذلك بالأدلة والبراهين القاطعة. ولكن قبل ذلك علينا أن نطرح ( في الجزء الأول من المقالة) بعض الأسئلة على أخوتنا العرب (المسلمين) فهناك الكثير من التسائلات التي تشغل بالنا وتحتاج  الأجابة عليها من قبل أخوتنا العرب المسلمين(مِن المسؤولين ورجال الدين وحتى المواطنين العاديّين) وبصراحة ودون مواربة وهي:
لماذا هذا الصمت الرهيب أزاء ما يحدث من الأضطهادات بحق أخوتهم وأبناء وطنهم وشركائهم في صنع الحضارة العربيّة من  المسيحيّين؟
لماذا هذا السكوت وعدم المبالاة لما يحدث من التهجير والتقتيل والتهديد لأبناء وطنهم الأصلاء من المواطنين المسيحيّين ؟
كيف نفسّر قتل عشرات بل مئات ( المواطنين ) المسيحيّين في العراق ومصر والسودان وفلسطين ولبنان وتهجير مئات الآلاف منهم ولا نسمع من وسائل الأعلام الا ردود أفعال خجولة وأحيانا كثيرة  يحاولون ستر الجريمة بكبش فداء؟
لماذا أخوتنا العرب (المسلمين ) يقومون ولا يقعدون عندما تقتل فتاة عربيّة( مروة الشربيني، علما كانت حالة فرديّة) في المانيا ويطالبون باقصى العقوبات بحق مرتكب هذه الجريمة الشنيعة لكون الجريمة ارتكبت نتيجة حقد عنصري ولكن بالمقابل هناك العشرات من المسيحيّين يُقتلون في بلدانهم وهم مواطنون اصليّيون وليس من يحتج أو يصدر فتاوى أو حتى يحاكم مرتكبي هذه الجرائم المُخجلة؟
عندما تتّهمون الأخرين بالأزدواجيّة فلماذا لا تحاسبوا الأزدواجية المتأصّلة  فيكم؟ عندما تتّهمون الآخرين بانهم يتعاملون معكم  بمكيالين فلماذا  تكيلون انتم ايضا بمكيالين للاخرين، اليست هذه ازدواجية في الشخصية وازدواجية في تطبيق المعايير  ؟
ما هو ذنب المسيحيّين المُسالمين وهم خاشعين في صلاتهم أيام الأحاد فيتم تفجير الكنائس على روؤسهم ؟
هل هي صدفة ما حدث ويحدث في العراق من محاربة المسيحيّين وعلى مسمع ومرأى المسؤولين من الحكام ورجال الدين المسلمين؟
وهل هي صدفة بما جرى لأخوتنا المسيحيّين في مصر و في ليلة عيد الميلاد (6 كانون الثاني الجاري) وفي اثناء خروج المؤمنين اخوتنا الأقباط من كنيسة في نجع حمادي في صعيد مصر تحصل مجزرة رهيبة ترتكب بحشد هائل من المؤمنين وهم خارجين من الكنيسة بعد القداس الإلهي بمناسبة ولادة يسوع المسيح رئيس السلام فيتم قتل ثمانية مؤمنين أبرياء وعشرات الجرحى ويتحوّل فرحهم بهذه المناسبة الى مأتم وحزن وفاجعة هزّت مشاعر العالم كلّه عدى مشاعر العالم العربي الذي لم يهتز حتّى ضميره؟
أنّها جريمة بشعة تضاف الى سلسلة الجرائم التي تُرتكب بحق المسيحيّين وعلى مسمع وانظار المسؤولين في الأمن والسلطة والدولة ورجال الدين دون أن يحرّكوا ساكنين لشجب هذه الجريمة وغيرها من الجرائم والأعلان عن مرتكبيها(الحقيقيّن)ومحاسبتهم، اليس هذا التحالف الشيطاني بين السلطة السياسيّة والسلطة الدينيّة في هذه البلدان ُيذّكرنا بالتحالف الشيطاني بين  بيلاطس البنطي (ممثل الأمبراطوريّة الرومانيّ)وقيّافة رئيس المجمع اليهودي حينه(ممثل السلطة الدينيّة اليهوديّة حينها)؟
ألم يتم هذا التحالف بين عدوّوين لدودين ليتم محاكمة ملك السلام يسوع المسيح في اكبر محكمة غير عادلة عرفها و شهدها العالم عبر التاريخ فيها تم الحكم على يسوع المسيح رئيس السلام  زورا وبهتانا ؟ وكل ذنبه هو لأنّه كان يجول ويصنع خيرا ويشفي المرضى ويعزّي المساكين والبائسين في هذا العالم؟
اليس التاريخ يعيد نفسه عندما يصطفّ رجال الدين المسلمين (الذين يتّهمون الحكّام بالفساد والظلم وقمع الحريّات) مع الحكام والأنظمة التي يعتبروها فاسدة ورغم ذلك يتم الأتفاق معهم على اضطهاد المسيحيّين أو السكوت لما يجري بحق المسيحيّين ؟ اليس الساكت عن الحق هو شيطان أخرس ؟
نعم اتّفق الأعداء عندما شعروا أنّ يسوع المسيح جاء ليحرّر العالم من قبضة السلاطين ورجال الدين (المتديّنين) الذين كانوا يتاجرون بالدين ؟ هكذا اليوم يتفّق رجال الدين المسلمين(المتاجرين بالدين ) مع اعدائهم السلاطين لأنهّم يشعرون بنفس الخطر الذي يشكّله المسيحيّين عليهم لأنّ المسيحيّة نور تفضح الظلام الذي يعيش فيه كل من يحجب الحق عن الناس ويُبعدون الناس من معرفة الحقيقة.
لماذا يسكت رجال الدين المسلمين عمّا يحصل من الجرائم بحق المسيحيّين في حين عندما يتم  منع بناء الماذن في سويسرا تشجب ذلك الكنيسة الكاثوليكيّة على لسان ممثلها  البابا بيندكتس السادس عشر بابا الفاتيكان ويشجب ما يتعرّض اليه شعب فلسطين من الأضطهاد من قبل الصهاينة ؟
لماذا هذا السكوت المطبق من قبل أغلب وسائل الأعلام التي من المفروض أن تكون سلطة رقابة على تصرفات السلطة التنفيذيّة بينما نرى هذه الوسائل الأعلاميّة بوقا للسلاطين والحكام ورجال الدين وبدل ان يطفئوا النار بالماء بأقلامهم نراهم يسكبون الزيت في النار؟
اليس هذا لأعلام  يتحملّ الجزء الأكبر مما يحصل من الجرائم بحق المواطنين المسيحييّن لانّه  كان يجب على ألأعلاميّين ان لايكتبوا الأ الحقائق ولكنّهم هم أيضا اشتركوا ويشتركون في حجب الحقائق وتلفيقها ويغسلون عقول أجيال من المواطنين بأكاذيب ومعلومات تخدم الحكام ورجال الدين وتوجّه انظار المواطنين الى عدوّ وهمي  وفي الغالب يكون هذا العدو الوهمي هم  المسيحييّن في هذه البلدان ليصبحوا ضحايا هذا الأعلام المُظلل للحقائق ، ا نّ الأعلام في الدول العربيّة يخلط الأوراق بحيث لا يستطيع المواطن العربي المسلم ان يميّز بين المسيحيّة والسياسة الخارجية لبعض البلدان التي لا تمتُّ بصلة الى المبادئ المسيحيّة، وهذا هو اخطر ما يواجهه المسيحيّيون عندما يُخلط بين الدين والسياسة وتسخير الدين واستغلاله في ترسيخ الطائفيّة والمذهبيّة والعنصرية الدينيّة فلا يستطيع الأنسان في هذه الدول أن ينتمي للوطن بل يكون أنتمائه للطائفة أو المذهب الديني على حساب المواطنة فتكون الضحيّة هي الطوائف الضعيفة أو الأقليات الغير المسلمة وهذا هو الفكر السائد في جميع البلدان العربيّة وخير مثال على ذلك العراق فوسائل الأعلام تطبّل وتُعربد وتثور وتهدّد الآخرين عندما يخدش رمز من رموز الأسلام بينما نراهم ساكتين بل أحيانا مشجّعين لما يجري للمسيحيّين في بلدانهم وليس لهؤلاء المسيحيّن أيّة تهمة أو ذنب ارتكبوه  سوى أنّهم يحملون اسم المسيح والسؤال الذي يجب أن نطرحه لكل الشعوب العربيّة الأسلاميّة وهو :
أين دوركم في الوقوف مع أخوة لكم وجيران لكم يعيشون منذ مئات السنين معكم وهناك تقاسم في السراء والضرّاء والحياة المشتركة وتاريخ مشترك ووطن مشترك بينكم وبين أخوتكم المسيحيّين؟ لماذا تقفون مكتوفي اليد في عدم التعبير عن رفضكم لما يجري بحق اخوتكم المسيحيّين؟ هل انتم ايضا فقدتّم شرف الدفاع عن الحق بسكوتكم وصمتكم لا بل استغلالكم من قبل رجال الدين ووسائل الأعلام لتكونوا أداة طيّعة بيد الأشرار لتنفيذ جرائمهم؟
انّ التاريخ لن يرحمكم وسوف يأتي يوما فيه قد تصحوا ضمائركم لتعرفوا حجمم الجريمة التي اشتركتم أنتم بها ايضا.
وختاما،
أليس كل ما ذكرناه وغيرها حافزا لنا  لدراسة هذه  التصرفات الغريبة؟ الا يستحقُّ منا نحن المسيحيّين ان ندرس هذه الظاهرة ونتحمّل (وخاصة رجال الدين) جزأً من هذه المسؤولية بصمتنا نحن أيضا وقبولنا للأمر الواقع  لما يحصل اليوم في البلدان العربيّة والأسلاميّة من اضظهاد وترهيب المسيحيّين؟
اسئلة تشغل بالنا نحن مسيحيّي الشرق في الدول العربية وخاصة ما نسمع ونشاهد ونقرأ في وسائل الأعلام  ما يحصل في كل يوم تقريبا من الأضطهاد والعنف والأرهاب ضد مسيحيّي الشرق في الدول العربيّة الأسلاميّة، ونحن كمسيحيّين و رجال الدين والمسؤولين والمؤمنين كلّنا أيضا نتحمّل جزء من المسؤولية لما يجري للمسيحيّين وذلك بصمتنا وسكوتنا وعدم طرق أبواب الدول والمنظمات العالميّة لحقوق الأنسان وتقصير الكنيسة للقيام بدورها في الدعوة ليس فقط للصلاة والصوم اللذان هما من أقوى الأسلحة التي نحارب بها القوات الروحيّة الشريرة لكن أيضا على الكنيسة دور لايقل اهميّته وهو العمل على ترسيخ وحدة الكنائس لتوحيد اصوات المسيحيّين في كل البلدان العربيّة ليكون صوتا موحّدا صارخا ضد الظلم والأضطهاد ويكون في الأتحاد قوّة لردع كل المُحرضّين للشر ويكون للكنيسة موقف واضح وفاضح للحكام الذين يتحملوّن مسؤولية مركزهم وواجبهم لحفظ أرواح المواطنين ومنهم المسيحيّين بصورة خاصة لانّهم لايحملون سلاحا ولا عندهم قوّة بها يدافعون عن أنفسهم وعلى كل واحد منّا ومن موقعه ومن الوزنات المؤتمن عليها عليه واجب بأن يقوم في كشف الحقائق مهما كان الثمن باهضا وعلينا فضح ما يقوم به الكثيرين من رجال الدين المسلمين الذين يحرّضون في خطبهم وفتاواهم المسلمين البسطاء بهدر دماء المسيحيّين ويحرضون الناس على الكراهية والحقد والموت.
وألى اللقاء في الجزء الثاني من مقالتنا  وشكرا



21

لماذا يَضطهدون المسيحيّين؟ ولماذا هذا الصمت الغريب؟وعلى من تقع مسؤولية هذا الأضطهاد وهذا الصمت؟
بقلم  نافع شابو البرواري
الجزء الأوّل
انّ الحقيقة كانت دائما تُحارب من قبل أجناد الشر والشيطان منذُ سقوطه، وهو لم يهدأ ولو لحظة واحدة لمحاربة كُلّ ما هو خير وحق ويسوع المسيح يقول" أنا هو الطريق والحق والحياة" فمن البديهي أن يحارب الشيطان المسيح وأتباعه المؤمنين به.
استطاع الشيطان أن يزرع بذور الشر في الجنس البشري منذ أن أغوى أبوينا ادم وحواء وقصّة قابيل الذي قتل أخوه هابيل لا زالت ماثلة في أذهاننا وهي مع الأسف قصة البشريّة كلّها، جاء المسيح ليعلن الحق وقال"تعرفون الحق والحق يحرّركم"(يوحنا )، ونحن في الألفيّة الثالثة هناك من يرفض سماع الحق ويرفض الحقائق الإلهية ولا يقبل أن يسمع أو يقبل أو يبحث عن الحق لانّ الحق يكشف خفايا الأنسان ويفضح كل مظاهر التديّن الزائف وهو كالسيف القاطع ذو حديّن يفصل الظلام عن النور ويفصل الخير عن الشر ويفضح قوّات الظلام، أن رئيس هذا العالم هو الشيطان ، هذا ما يخبرنا به يسوع المسيح ولمّا جاء رئيس السلام الى هذه الأرض اضطرب الشيطان وهاج وتوعّد بالأنتقام من شعب المسيح(أي الذين حرّرهم المسيح من قيود الشيطان وهم المؤمنون بالمسيح لأنّ الشيطان هو قاتل وابو الكذب وهو لا يريد خلاص الجنس البشري ) وليس من الغريب أنّ أتباع رئيس هذا العالم يُحاربوا المؤمنين بالمسيح . يقول الرب يسوع المسيح ( ان أبغضكم العالم فتذكروا أنّه أبغضني قبل أن يبغضكم...)( يوحنا:15 )، يسوع المسيح كان صريحا عندما قال للمؤمنين "انكم لستم من هذا العالم وقال ايضا "مملكتي ليست من هذا العالم "ولهذا لا يقبله هذا العالم ولا يقبل العالم مملكة المسيح لأنّ هذا العالم يسير وراء من يساير اهوائه وافكاره وأعماله ، أما المسيح فجاء ليخلصنا من كل التعلّقات بهذا العالم الفاني ويخلّصنا من العبوديّة للشهوات والأطماع والمغريات التي تبعدنا عن الحياة الروحيّة"وهذه هي الدينونة انّ النور قد جاء الى العالم  وأحبّ الناس الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شريرة"(يوحنا )، ولكي نثبت للعالم كله سبب اضطهادنا من قبل هذا  العالم علينا أن نوضّح ذلك بالأدلة والبراهين القاطعة. ولكن قبل ذلك علينا أن نطرح ( في الجزء الأول من المقالة) بعض الأسئلة على أخوتنا العرب (المسلمين) فهناك الكثير من التسائلات التي تشغل بالنا وتحتاج  الأجابة عليها من قبل أخوتنا العرب المسلمين(مِن المسؤولين ورجال الدين وحتى المواطنين العاديّين) وبصراحة ودون مواربة وهي:
لماذا هذا الصمت الرهيب أزاء ما يحدث من الأضطهادات بحق أخوتهم وأبناء وطنهم وشركائهم في صنع الحضارة العربيّة من  المسيحيّين؟
لماذا هذا السكوت وعدم المبالاة لما يحدث من التهجير والتقتيل والتهديد لأبناء وطنهم الأصلاء من المواطنين المسيحيّين ؟
كيف نفسّر قتل عشرات بل مئات ( المواطنين ) المسيحيّين في العراق ومصر والسودان وفلسطين ولبنان وتهجير مئات الآلاف منهم ولا نسمع من وسائل الأعلام الا ردود أفعال خجولة وأحيانا كثيرة  يحاولون ستر الجريمة بكبش فداء؟
لماذا أخوتنا العرب (المسلمين ) يقومون ولا يقعدون عندما تقتل فتاة عربيّة( مروة الشربيني، علما كانت حالة فرديّة) في المانيا ويطالبون باقصى العقوبات بحق مرتكب هذه الجريمة الشنيعة لكون الجريمة ارتكبت نتيجة حقد عنصري ولكن بالمقابل هناك العشرات من المسيحيّين يُقتلون في بلدانهم وهم مواطنون اصليّيون وليس من يحتج أو يصدر فتاوى أو حتى يحاكم مرتكبي هذه الجرائم المُخجلة؟
عندما تتّهمون الأخرين بالأزدواجيّة فلماذا لا تحاسبوا الأزدواجية المتأصّلة  فيكم؟ عندما تتّهمون الآخرين بانهم يتعاملون معكم  بمكيالين فلماذا  تكيلون انتم ايضا بمكيالين للاخرين، اليست هذه ازدواجية في الشخصية وازدواجية في تطبيق المعايير  ؟
ما هو ذنب المسيحيّين المُسالمين وهم خاشعين في صلاتهم أيام الأحاد فيتم تفجير الكنائس على روؤسهم ؟
هل هي صدفة ما حدث ويحدث في العراق من محاربة المسيحيّين وعلى مسمع ومرأى المسؤولين من الحكام ورجال الدين المسلمين؟
وهل هي صدفة بما جرى لأخوتنا المسيحيّين في مصر و في ليلة عيد الميلاد (6 كانون الثاني الجاري) وفي اثناء خروج المؤمنين اخوتنا الأقباط من كنيسة في نجع حمادي في صعيد مصر تحصل مجزرة رهيبة ترتكب بحشد هائل من المؤمنين وهم خارجين من الكنيسة بعد القداس الإلهي بمناسبة ولادة يسوع المسيح رئيس السلام فيتم قتل ثمانية مؤمنين أبرياء وعشرات الجرحى ويتحوّل فرحهم بهذه المناسبة الى مأتم وحزن وفاجعة هزّت مشاعر العالم كلّه عدى مشاعر العالم العربي الذي لم يهتز حتّى ضميره؟
أنّها جريمة بشعة تضاف الى سلسلة الجرائم التي تُرتكب بحق المسيحيّين وعلى مسمع وانظار المسؤولين في الأمن والسلطة والدولة ورجال الدين دون أن يحرّكوا ساكنين لشجب هذه الجريمة وغيرها من الجرائم والأعلان عن مرتكبيها(الحقيقيّن)ومحاسبتهم، اليس هذا التحالف الشيطاني بين السلطة السياسيّة والسلطة الدينيّة في هذه البلدان ُيذّكرنا بالتحالف الشيطاني بين  بيلاطس البنطي (ممثل الأمبراطوريّة الرومانيّ)وقيّافة رئيس المجمع اليهودي حينه(ممثل السلطة الدينيّة اليهوديّة حينها)؟
ألم يتم هذا التحالف بين عدوّوين لدودين ليتم محاكمة ملك السلام يسوع المسيح في اكبر محكمة غير عادلة عرفها و شهدها العالم عبر التاريخ فيها تم الحكم على يسوع المسيح رئيس السلام  زورا وبهتانا ؟ وكل ذنبه هو لأنّه كان يجول ويصنع خيرا ويشفي المرضى ويعزّي المساكين والبائسين في هذا العالم؟
اليس التاريخ يعيد نفسه عندما يصطفّ رجال الدين المسلمين (الذين يتّهمون الحكّام بالفساد والظلم وقمع الحريّات) مع الحكام والأنظمة التي يعتبروها فاسدة ورغم ذلك يتم الأتفاق معهم على اضطهاد المسيحيّين أو السكوت لما يجري بحق المسيحيّين ؟ اليس الساكت عن الحق هو شيطان أخرس ؟
نعم اتّفق الأعداء عندما شعروا أنّ يسوع المسيح جاء ليحرّر العالم من قبضة السلاطين ورجال الدين (المتديّنين) الذين كانوا يتاجرون بالدين ؟ هكذا اليوم يتفّق رجال الدين المسلمين(المتاجرين بالدين ) مع اعدائهم السلاطين لأنهّم يشعرون بنفس الخطر الذي يشكّله المسيحيّين عليهم لأنّ المسيحيّة نور تفضح الظلام الذي يعيش فيه كل من يحجب الحق عن الناس ويُبعدون الناس من معرفة الحقيقة.
لماذا يسكت رجال الدين المسلمين عمّا يحصل من الجرائم بحق المسيحيّين في حين عندما يتم  منع بناء الماذن في سويسرا تشجب ذلك الكنيسة الكاثوليكيّة على لسان ممثلها  البابا بيندكتس السادس عشر بابا الفاتيكان ويشجب ما يتعرّض اليه شعب فلسطين من الأضطهاد من قبل الصهاينة ؟
لماذا هذا السكوت المطبق من قبل أغلب وسائل الأعلام التي من المفروض أن تكون سلطة رقابة على تصرفات السلطة التنفيذيّة بينما نرى هذه الوسائل الأعلاميّة بوقا للسلاطين والحكام ورجال الدين وبدل ان يطفئوا النار بالماء بأقلامهم نراهم يسكبون الزيت في النار؟
اليس هذا لأعلام  يتحملّ الجزء الأكبر مما يحصل من الجرائم بحق المواطنين المسيحييّن لانّه  كان يجب على ألأعلاميّين ان لايكتبوا الأ الحقائق ولكنّهم هم أيضا اشتركوا ويشتركون في حجب الحقائق وتلفيقها ويغسلون عقول أجيال من المواطنين بأكاذيب ومعلومات تخدم الحكام ورجال الدين وتوجّه انظار المواطنين الى عدوّ وهمي  وفي الغالب يكون هذا العدو الوهمي هم  المسيحييّن في هذه البلدان ليصبحوا ضحايا هذا الأعلام المُظلل للحقائق ، ا نّ الأعلام في الدول العربيّة يخلط الأوراق بحيث لا يستطيع المواطن العربي المسلم ان يميّز بين المسيحيّة والسياسة الخارجية لبعض البلدان التي لا تمتُّ بصلة الى المبادئ المسيحيّة، وهذا هو اخطر ما يواجهه المسيحيّيون عندما يُخلط بين الدين والسياسة وتسخير الدين واستغلاله في ترسيخ الطائفيّة والمذهبيّة والعنصرية الدينيّة فلا يستطيع الأنسان في هذه الدول أن ينتمي للوطن بل يكون أنتمائه للطائفة أو المذهب الديني على حساب المواطنة فتكون الضحيّة هي الطوائف الضعيفة أو الأقليات الغير المسلمة وهذا هو الفكر السائد في جميع البلدان العربيّة وخير مثال على ذلك العراق فوسائل الأعلام تطبّل وتُعربد وتثور وتهدّد الآخرين عندما يخدش رمز من رموز الأسلام بينما نراهم ساكتين بل أحيانا مشجّعين لما يجري للمسيحيّين في بلدانهم وليس لهؤلاء المسيحيّن أيّة تهمة أو ذنب ارتكبوه  سوى أنّهم يحملون اسم المسيح والسؤال الذي يجب أن نطرحه لكل الشعوب العربيّة الأسلاميّة وهو :
أين دوركم في الوقوف مع أخوة لكم وجيران لكم يعيشون منذ مئات السنين معكم وهناك تقاسم في السراء والضرّاء والحياة المشتركة وتاريخ مشترك ووطن مشترك بينكم وبين أخوتكم المسيحيّين؟ لماذا تقفون مكتوفي اليد في عدم التعبير عن رفضكم لما يجري بحق اخوتكم المسيحيّين؟ هل انتم ايضا فقدتّم شرف الدفاع عن الحق بسكوتكم وصمتكم لا بل استغلالكم من قبل رجال الدين ووسائل الأعلام لتكونوا أداة طيّعة بيد الأشرار لتنفيذ جرائمهم؟
انّ التاريخ لن يرحمكم وسوف يأتي يوما فيه قد تصحوا ضمائركم لتعرفوا حجمم الجريمة التي اشتركتم أنتم بها ايضا.
وختاما،
أليس كل ما ذكرناه وغيرها حافزا لنا  لدراسة هذه  التصرفات الغريبة؟ الا يستحقُّ منا نحن المسيحيّين ان ندرس هذه الظاهرة ونتحمّل (وخاصة رجال الدين) جزأً من هذه المسؤولية بصمتنا نحن أيضا وقبولنا للأمر الواقع  لما يحصل اليوم في البلدان العربيّة والأسلاميّة من اضظهاد وترهيب المسيحيّين؟
اسئلة تشغل بالنا نحن مسيحيّي الشرق في الدول العربية وخاصة ما نسمع ونشاهد ونقرأ في وسائل الأعلام  ما يحصل في كل يوم تقريبا من الأضطهاد والعنف والأرهاب ضد مسيحيّي الشرق في الدول العربيّة الأسلاميّة، ونحن كمسيحيّين و رجال الدين والمسؤولين والمؤمنين كلّنا أيضا نتحمّل جزء من المسؤولية لما يجري للمسيحيّين وذلك بصمتنا وسكوتنا وعدم طرق أبواب الدول والمنظمات العالميّة لحقوق الأنسان وتقصير الكنيسة للقيام بدورها في الدعوة ليس فقط للصلاة والصوم اللذان هما من أقوى الأسلحة التي نحارب بها القوات الروحيّة الشريرة لكن أيضا على الكنيسة دور لايقل اهميّته وهو العمل على ترسيخ وحدة الكنائس لتوحيد اصوات المسيحيّين في كل البلدان العربيّة ليكون صوتا موحّدا صارخا ضد الظلم والأضطهاد ويكون في الأتحاد قوّة لردع كل المُحرضّين للشر ويكون للكنيسة موقف واضح وفاضح للحكام الذين يتحملوّن مسؤولية مركزهم وواجبهم لحفظ أرواح المواطنين ومنهم المسيحيّين بصورة خاصة لانّهم لايحملون سلاحا ولا عندهم قوّة بها يدافعون عن أنفسهم وعلى كل واحد منّا ومن موقعه ومن الوزنات المؤتمن عليها عليه واجب بأن يقوم في كشف الحقائق مهما كان الثمن باهضا وعلينا فضح ما يقوم به الكثيرين من رجال الدين المسلمين الذين يحرّضون في خطبهم وفتاواهم المسلمين البسطاء بهدر دماء المسيحيّين ويحرضون الناس على الكراهية والحقد والموت.
وألى اللقاء في الجزء الثاني من مقالتنا  وشكرا



22
 
تأمّلات في زمن الميلاد"المسيح رئيس السلام"
"الجزء الخامس" السّلام مع الآخرين" أو  كيف نصنع السلام؟
بقلم نافع شابو البرواري
قد يظن ا لبعظ أن السلام يتحقق لنا بدون أيّ جهد ولكن الكتاب المقدّس يخبرنا انّ علينا أن نسعى بكل قوانا  للحياة في سلام مع كل انسان لأن السلام يتطلّب عملا شاقا .
يقول داود النبي"تجنّب الشر وأعمل الخير وألتمس السلام وأسع وراءه " (مزمور  34:15 ) ، وقد ردّد الرسول بولس صدى هذا الفكر في العهد الجديد  بقولهِ :
"لا تجازوا أحداً شرّ بشرّ ...لاتنتقموا لأنفسكم ايّها الأحباء بل دعوا هذا لغضب الله ، فالكتاب يقول "لي الأنتقام ، يقول الربّ ، وأنا الذي يجازي "(روميا 12:17,18 )" ، ليس صنع السلام أمرا محبوبا عند الكثيرين لأنّ الأقرب للطببيعة البشريّة أن يحاربوا لأجل الحق ، ومجد المعركة هو أمل كسبها ، لكن لابد من طرف خاسر ، أمّا مجد صنع السلام فأنه قد يجعل الطرفين رابحين في الواقع ، فصنع السلام هو طريق الله ، بينما صنع الحروب والموت هو من صنع الشيطان ، فصانع السلام يقتفي أثر السلام باجتهاد وينشئ العلاقات الطيبة مع الآخرين عارفا أنّ السلام نتيجة للألتزام ، يقول الرب يسوع المسيح في الموعظة على الجبل :
"هنيئا لصانعي السلام لأنّهم أبناء الله يدعون"(متى 5:9 ) ، ما أجمل أقدام المبشّرين بالسلام وكلمة الله
انّ السلام الحقيقي ينشأ من الأيمان بيسوع المسيح لأنّه وحده تتجسّد فيه كل خصائص السلام ، فلكي نجد السلام الحقيقي علينا ان نبحث عن يسوع المسيح نبع السلام ومصدره ونلتقي به ونتعرّف عليه ونقيم معه علاقة حيّة ، عندها نعرف ماهو السلام لانّه متواضع القلب ونيره خفيف وهو الذي يعلّمنا كيف نصنع السلام مع الأخرين وكيف يقودنا الى واحة خضراء ومياه حيّة  ورمز الصليب في بُعده الأفقي حيث نرى المسيح ماداً يديه ليحضن البشريّة من على صليبه وهو يسلّم روحه الى أبيه ، سلّمنا وربطنا معه بعهد السلام لانّه ملك العدل والحق والمحبّة والسلام ، يسوع المسيح بكى على أورشليم(مدينة السلام) وبحسرة قال :
"أورشليم، أورشليم ، ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها ، كم مرّة أردت أن أجمع أبناءك مثلما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فما أردتم" (لوقا 13:34  ) ، يتلهّف الناس على السلام ويتمنّون الأمن والسلامة والأستقرار ، ولكن للأسف الكثيرين منهم لايعرفون أنّ هذا السلام يحتاج الى مهارة وفن وجهد وسهر وغفران وتسامح وتنازلات مؤلمة وتوبة حقيقيّة ومصالحة مع الله ومع النفس ومع الاخرين ، من الأفضل عمليّا أن نسوّي خلافاتنا مع أعدائنا قبل أن يجلب غضبهم علينا متاعب أكثر وقبل أن تستفحل ويستحيل علاجها ، وصانع السلام يتعامل مع المشاكل قبل حدوثها وعندما تثور الصراعات فأنّه يكشفها ويعالجها . كما أنّ صنع السلام عمل أصعب بكثير من اثارة الحروب لكنه لايثمر موتا بل حياة ، انّ الكثيرين من الديانات الأخرى يقولون انّ المسيحيّة ديانة فيها الأنسان يصبح جبانا مذلولاً تهان كرامته وهو ساكت. في الحقيقة العكس هو الصحيح ، فصنّاع الحروب والموت هم الجبناء والمهزومين والفاشلين في الحياة ، لأنّ الطريق الذي يسلكونه سهلٌ وواسعٌ والكثيرون يستطيعون سلوكه لانّه طريق الخراب والدمار وما اسهل أن تُهدم مدنا كاملة وتصبح خرابا في ايّام الحروب بينما يحتاج بنائها سنين ، ما أسهل أن تقوم دولة بحرب ضد دولة أخرى قد يكون السبب زلة لسان التي تحرق اليابس والأخضر ، ما اسهل أن يتم تدمير حضارة بخطأ يرتكبه ملك أوقائد وتزال حضارة بنيت عبر مئات السنين ما أسهل أن تحرق غابة بعود من الكبريت وخلال ساعات بينما يتطلب أعادتها عشرات السنين ، ما اسهل أن تجبر الملايين من الناس أن يطيعوا حكاّمهم ويصبحوا عبيدا للدكتاتورييّن ولكن كم هو ثمن الحريّة والسلام باهضا عندما يريد الأنسان أن يكسر قيود العبودية والأذلال ، يسوع المسيح عرف ان هزيمة الموت هي بالتضحية وبذل الذات من أجل سلامة وحياة البشريّة فواجَهَة الموت بالموت وانتصر عليه بالقيامة واسّس بذلك مملكة السلام ويقول لنا"لأنّ الذي يريد ان يخلّص حياته يخسرها ، ولكن الذي يخسر حياته في سبيلي يجدها "(متى 16:24 ) ، وهكذا يقول لنا الرب يسوع " جئت لأجل ان اعطي الحياة  والحياة الأفضل" ،  أن نصنع السلام مع الآخرين بسرعة حتى لانصل الى النقطة التي فيها من الصعب التراجع عن قرارنا فيفوت الأوان وقد يكلّف ذلك دموعا ودماء"متى ( 5:25و 26 ) ، وايضا يخبرنا  كاتب سفر الأمثال أن لا نتسرّع بتوجيه التهم الى الآخرين بل علينا أن نناقش التهمة مع الخصم أولا "أمثال ( 25:8,9,10  ) ، في زماننا هذا يبدو أن أقوال المسيح والرسول بولس حول موضوع السلام والغفران والمصالحة لاتقرّها حتى المحاكم القضائية التي تطالب بتطبيق الحقوق القانونية .
يقول الرسول بولس :
"لاتجازوا احدا شرّ بشّر ، وأجتهدوا أن تعملوا الخير أمام جميع الناس ، سالموا جميع الناس ان أمكن ، على قدر طاقتكم ،"(روما 12:17,18 ) ، فعندما يؤذينا أحدهم بشّدة فبدلا من معاملته بما يستحق (أي تطبيق مبدأ العين بالعين والسن بالسن)علينا أن نحسن اليه ونجعل منه صديقا لنا ويبرّر الرسول بولس ذلك بالمنطق والعقل( قبل أن يستشهد باقوال الرب يسوع المسيح)للأسباب التالية:
1-لأنّ الغفران قد يؤدي الى كسر حلقة الأنتقام ويؤدّي الى المصالحة المتبادلة ، فعندما نمتص الشر بالخير والتسامح والغفران عندها يستنفذ الأخر حججه و ينطفي نار غضبه .
2-عندما نسالم الاخرين عندها قد يخجلوا من تصرفاتهم و يغيّروا أسلوبهم معنا .
3-انّ مقابلة الشر بالشر ستسبب لنا من الضرر مثلما تسببه لعدوّنا ولكّن الصفح عنه (ولولم يتُبْ هو مطلقا سيحرّرنا من عبء ثقيل من المرارة ) .
ان الثأر والأنتقام والحرب كالزيت الذي يصب على النار فيزيد النار اشتعالاً ،  بينما السلام والغفران والتسامح  هي بمثابة ماء تطفي النيران المشتعلة ، السلام والأنسجام بدل الأنقسام والأنتقام هو الطريق الوحيد لعيش الأنسان مع الاخرين بسعادة وفرح وأمان لأنّ الغضب والأنتقام والحقد والكراهيّة هي مثل النار تحرق صاحبها قبل أن تحرق الآخرين . يقول الرسول بولس :"باركوا مضطهديكم ، باركوا ولا تلعنوا   ......اذا جاع عدوّك فاطعمه واذا عطش فاسقهِ لانك في عملك هذا تجمع على رأسه جمر نار ، لاتدع الشر يغلبك
بل اغلب الشر بالخير"(روميا 12:14,20 ) ، يقول كاتب المزمور"تجنّب الغضب وأبتعد عن الغيظ ، ولا تحسد من يفعل الشرّ"(مزمور 37:8 ) ، ويقول داود النبي "فالأشرار يقطعهم الربُّ ....أما الودعاء فيرثون   الأرض وينعمون في سلام "(مزمور37:10و11 ) ، انّ الذين يصنعون الحروب والموت والدمار باسم الله لايعرفون الله الحقيقي بل يعبدون إلها على مقاييسهم الخاصة ، لأنّ الله هو ملك السلام وواهب الحياة فبأيّ حقّ وبأي سلطة يقتل الأنسان اخوه الأنسان بينما الخالق اعطاه الحيّاة والأنسان له قيمة عظيمة عند الله والخالق هو الوحيد الذي له الحق باسترداد حياة الأنسان والذين يحاربون أخوتهم في البشريّة فهم يحاربون مشيئة الله وسلطانه على الأرض والسماء ويخالفون ارادة الله ومشروع الله الخلاصي للبشريّة ويهينون طبيعة الله المحبّة "الله محبّة" الله رئيس السلام ، الله واهب الحياة ، الله خلقنا لنشاركه ملكوته السماوي ، فكيف نحارب ونسفك دم أخوتنا كما فعل قايين بهابيل ؟
لماذا لا نتعلّم دروسا من الكتاب المقدّس عن غضب الله على الذين يسفكون دماء الناس ؟"فقال الرب له(لقايين) ماذا فعلتَ؟ دمُ أخيك يصرخ اليّ من الأرض ، والآن فملعونٌ أنت من الأرض التي فتحت فمها لتقبل دم أخيك من يدك"(التكوين4:10,11 ) ، عندما استلّ الرسول بطرس سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه(عندما جاءت الجموع لألقاء القبض على يسوع المسيح في بستان الزيتون) قال يسوع له"ردَّ سيفك الى مكانه فمن يأخذ بالسيف بالسيف يهلكُ"(متى 26:52  ) ، نعم ملكوت المسيح لاتتحقّق  بالسيوف بل بالمحبّة والسلام والأيمان والطاعة للرب ، هذه خلاصة وجوهر الحياة المسيحيّة بأن نعيش بمحبّة وسلام مع الاخرين وأن نغفر لهم وبنفس الوقت علينا أن لا ننسى بأن الكتاب المقدس لايبرّر التصرفات والأفعال الرديئة للأعداء.
عندما يسعى الأنسان الى تعزية الناس البائسين بسبب الحروب والموت والأضطهادات ، ويبشّر بالسلام في عالم لا يعرف إلا الأنتقام والثأر والحقد فأن ذلك الأنسان سيخلّده التاريخ وتخلّده الأجيال والأمثلة كثيرة عن هؤلاء الناس أمثال مهاتما غاندي محرّر الهند الذي كان شعاره عدم مواجهة العنف بالعنف بل اختار طريق المسيح للوصول الى الحرية والتحرّر من الأستعمار البريطاني .
ومثلهُ نلسُن مانديلة توصّل الى ان السبيل الأفضل للحرية والسلام لاياتي من خلال فوهة البندقية بل هو جهاد ونضال سلمي يقود في النهاية الى الحريّة والسلام ، وهكذا تحررت جنوب افريقيا من النظام العنصري الذي كان يقوده اقلية عنصرية ، ولا ننسى محرّر الزنوج السود القس مارتن لوثر كنك الذي خاض نضالا طويلا قاد الى تحرير الزنوج وكل ذوي البشرة السوداء في امريكا ولم يكن سلاحه سوى كلام الله من خلال الكتاب المقدس فكان يستشهد بهذا الكتاب عن السلام والمحبة والحريّة التي جاء بها المسيح منذ الفين سنة ، والأمثلة كثيرة عن اشخاص وجماعات قادوا بلدانهم نحو الحريّة والسلام ولم يكن سلاحهم سوى الكلمة والحق والسلام
 "عيشوا في سلام مع جميع الناس"(روميا12:18 ) ، يقول كاتب الرسالة الى العبرانيين ايضا"سالموا جميع الناس وعيشوا حياة القداسة" ويقول كاتب المزمور"هنيئاً لمن لا يسلك في مشورة الأشرار ....فيكون كشجرة مغروسة على مجاري الأنهار...وما هكذا الأشرار لكنّهم كالريشة في مهّب الريح"(مزمور1:1,2,3,4 ) .
ان الله بعدما صالحنا مع نفسه بالمسيح أعطانا رسالة أن نصالح العالم مع الله بالمسيح"....وهذا كلّه من الله الذي صالحنا بالمسيح  وعهد الينا خدمة المصالحة أي أنّ الله صالح العالم مع نفسه في المسيح وما حسبهم     على زلاّتهم  وعهد الينا أن نعلن هذه المصالحة ، فنحن سفراء المسيح"(2كورنتوس 5:18,19,20 ) ،
ما أجمل رسالتنا نحن الذين نحمل اسم المسيح ولكن بالمقابل كم هي المسؤولية الملقاة على كاهلنا شاقة وخطيرة لنكون فعلا سفراء حقيقيّين لنمثّل حقيقة رسالة المسيح لهذا العالم الذي يسوده الحقد والكراهيّة والحروب والماسي والأضطرابات والفقر والجوع (الجسدي والروحي) ، ما أحوجنا نحن مسيحيي العراق الى المحبّة والسلام وخاصة في هذه الضروف التي عشناها ولا زلنا نعيشها اليوم حيث الأنسان الذي هو صورة الله أصبح لاقيمة له وسط ذئاب تفترسه بدون رحمة وفقد الكثيرون انسانيّتهم بسب الأنانيّة وحبّ الذات والسعي وراء المصالح الشخصية والسلام الشخصي دون المبالاة بحياة وسلام الآخرين والتعطّش الى قتل الحياة بكل أشكالها فاصبحنا نعيش تحت حكم شريعة الغابة ، يقول الرب يسوع المسيح : (اذهبوا ها أنا أُرسلكم مثل الخراف بين الذئاب .....وأيّ بيت دخلتم فقولوا أولا السّلام ، فسلامكم يحلُّ به ، والاّ رجع عليكم  "لوقا 10:3,5 " ، نعم الرب قال لنا انّنا سنواجه مقاومة هذا العالم وسنعيش مثل الحملان بين الذئاب ، 
واليوم عندما ننظر حولنا (نحن مسيحيّي العراق) سنجد كم أنّ ربنا يسوع المسيح صادق في أقواله ونبوّاته وكم نحن في حاجة الى التأمّل في هذه الأقوال لنعمل بها ونسلك الطريق الذي سلكه الرب يسوع المسيح  وتلاميذه من بعده ، فنحن لنا رسالة وارساليّة خطيرة وعلينا أن نحترس من الذئاب الخاطفة وأن نواجه أعدائنا بالمحبّة والتضحيّة والعطاء والعمل على ارساء السلام في وطن فيه الناس بحاجة الى السلام والأمان والأستقرار وننقل الى الآخرين كيف أننا نلنا العزاء بالروح القدس وكيف انّ لنا رجاء وثقة بالمسيح رئيس السلام ونشرح لهم طبيعة مملكة السلام التي نتمتع بها نحن المسيحيّين هكذا نعّزيهم في كل شدّة وضيق وهكذا نستطيع أن نساهم في كسر الحلقة المفرغة من العنف والأرهاب والحقد والكراهيّة والغضب والغليان والشعور بالمرارة التي يأنُّ منها الملايين من الناس في هذه الأيّام العصيبة التي جعلت الكثيرين يهاجرون ويعانون من الغربة وفقدان الأحبّة والأصدقاء لابل فقدنا ارواح مئات الألوف من الشباب والأطفال والشيوخ والنساء بسبب الحروب والتعصّب الطائفي والعرقي والأثمي والديني وهكذا  نساهم في استئصال العنف والميل الى الأنتقام لدى الآخرين وذلك في زرع ثقافة السلام والمحبّة وشرح معنى البشارة بالفرح (الأنجيل ) للمتعطشين الى السلام ، لأنّ ذلك من صلب رسالتنا وواجبنا ومسؤوليتنا أمام الله وأمام الناس. يقول الربّ: " اذهبوا الى العالم كلّه وبشروهم ..." والرسول بولس يشدّد على قول الرب يسوع المسيح هذا عندما يقول( الويل لي ان لم ابشّر) ، يقول كاتب كتاب " النجّار الأعظم" ان كلام المسيح فيه رسالة عزاء لمن يتألّمون والرب يكشف لنا عن جروحاتنا حتى نهرب اليه هكذا نتحرّر من كل ازماتنا ومشاكلنا وخوفنا ونأتي بانسحاق حقيقي الى أسفل الصليب وهناك نترك أثقالنا فقد تكون بلايا الحياة هي وسائل الله لازالة الأقذار والنجاسات والخشونة من أخلاقنا ، ويحثّنا بولس الرسول أن نصلي من أجل جميع الناس والملوك والسلاطين ليعيش العالم  في سلام وأمان فيقول:
"فأطلب قبل كل شيئ أن تقيموا الدعاء والصلاة والأبتهال والحمد من اجل جميع الناس ومن أجل الملوك واصحاب السلطة حتّى نحيا حياة مطمئنّة هادئة بكلّ تقوى وكرامة وهذا حسن عند الله مخلّصنا الذي يريدُ أن يخلص جميع الناس ويبلغوا الى معرفة الحق "(1تيموثاوس 2:3,4 ) ، انّ الرسول بولس يطلب من المؤمنين أن يصلوّا من أجل ملوكهم وحكّامهم لكي يقودوا شعوبهم الى السلام والأمان في زمن كان نيرون هو الأمبراطور في ذلك الوقت (م 54-68 ) ، ومن المعروف أنّ هذا الأمبراطور كان بالغ القسوة ، وكان بحاجة الى كبش فداء للتكفيرعن الحريق الذي دمّر معظم روما في عام 64 م ، ولكي يبعد الأننظار عن نفسه وجّه الأتهام الى المسيحيين وكان معروفا بالمذابح الوحشيّة التي أرتكبها بحق المسيحيّين حيث قتل الآلاف منهم ورمى الكثيرين فريسة للوحوش ، وعندما كتب الرسول بولس رسالته هذه الى تلميذه تيموثاوس كان اضطهاد المسيحيّين  يتزايد. وما اشبه اليوم بالبارحة حيث المسيحيّيون مضطهدون في كل العالم بصورة معلنة وغير معلنة ، وقد شمل هذا الأضطهاد مسيحيّي العراق ولا زلنا نعاني من الأرهاب والقتل والتهجير والتهديد ، ولكن رسالتنا واضحة كما يخبر الرسول بولس أعلاه وهي رسالة المحبّة والسلام والوحدة والصلاة من اجل أعدائنا وهي أقوى أسلحة نستطيع أن نواجه بها اسلحة الشر وهذا لا يعني ضعفنا واستسلامنا للقدر ولا نتحرّك ساكنين بل علينا أن نطرق كل ابواب المحاكم الدوليّة ومنظّمات حقوق الأنسان والأمم المتّحدة ونطالب بحقوقنا وأرضنا لنعيش بكرامة وحريّة مهما كان الثمن ، وهذا ما فعله الرسول بولس وتلاميذ المسيح حيث كانوا يدافعون عن قضيّتهم المركزيّة وهي تمسّكهم بايمانهم ورسالتهم ، رسالة المحبّة والسلام والرجاء  وكان سلاحهم هو سيف الكلمة والحق والسلام والحوار للوصول الى الحقيقة حتى مع أعدائهم بينما كان سلاح اعدائهم هو سيف الموت والتهديد والترهيب. وما اشبه اليوم بالبارحة حيث انّنا كمسيحيّي الشرق الأوسط  نمر في نفس الضروف التي مرّ بها الرسل قبل الفي سنة من الآن وما علينا الآ أن نستعمل نفس الأسلحة المطلوبة أعلاه لمحاربة أعدائنا وسيكون النصر لنا مهما طال الزمن لأنّ الحق هو المنتصر دائما حتى لو تأخر ، فبالأيمان  نغلُب أعدائنا  ونبطل قوّة النار والأرهاب وننجوا من الموت بالسيف وبالمسيح ننال القوّة بعد ضعف(عبرانيّين 11:33 ) ، بالأيمان والمحبّة والسلام نطرد الخوف والقلق لأنّ ربنا يسوع المسيح معنا في كلّ حال وفي كل وقت ومكان مهما كانت الضروف حولنا فالهنا كما يقول الكتاب المقدّس" نار ٌ اكلة"(عبرانيينل12:29  ) .
وختاما يقول الرسول بولس في رسالته الى مؤمني كولوسي"لأنّ الله شاء أ ن يحلّ فيه (أي المسيح)الملء (أي ملء اللاهوت) كلُّه وان يصالح به كلُّ شيء في الأرض كما في السماوات ، فبدمه على الصليب حقٌق السّلام"(كولوسي 1:19  ) .
وسلام المسيح مع جميعكم  امين.
(لمن يرغب الأطلاع على الأجزاء السابقة للمقالات نرفق أدناه المواقع التالية)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35085
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236
o   http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35351



23
 


تأملات في زمن الميلاد
 

الجزء الرابع"المسيح رئيس السلام"

بقلم :نافع شابة البرواري

 

تكلّمنا في الجزء الثالث من مقالتنا عن السلام مع الله(المصالحة مع الله) ،وقلنا أن السلام

 (في المفهوم المسيحي )قائم على ثلاثة أركان وهي :

 

أولا :السلام مع الله (بالمصالحة التي تمّت بولادة يسوع المسيح وفدائه للبشريّة)

 

ثانيا :السلام مع النفس(مصالحة الذات والتمتّع بالسلام الداخلي)

 

ثالثا :السلام مع الآخرين( او كيف نصنع السلام مع الآخرين من أخوتنا البشر؟)

 

واليوم سنتأمّل في السلام مع النفس (او مصالحة الذات والتمتّع بالسلام الداخلي)

 

قد نشكر الطبيب الذي يشفينا من مرض الى حين .

 

قد نشكر الأصدقاء عندما يقفون معنا في الشدائد والمحن .

 

قد يحمينا رجل الأمن من الذين يحاولون الأعتداء علينا .

 

قد يهبّ الشعب ويثورعلى أستبداد الحاكم ونتحرر من الظلم والطغيان .

 

قد  نحصل على حقوقنا المسلوبة في هذا العالم .

 

قد نتسلّق مناصب دنيويّة ونحصل على المال والشهرة .

 

قد ننجح في الأمتحان ونحقق أحلامنا وقد نتسلق القمم وننتشي بنشوة النصر ونقطف ثمار الجهود التي بذلناها في مسيرة حياتنا من سهر الليالي والصراع الطويل .

 

قد نحصل على العلوم والمعارف الأنسانية وقد نكتشف نظريات ونخترع اشياء تفيد الأنسانية جمعاء .

 

قد نبدو سعداء في اسرة ويكون لنا بنات وبنين .

 

قد قد....................................الخ  .

 

ولكن يبقى السؤال المطروح وهو ، هل نحن فعلا نعيش في سلامٍ مع الذات ؟

 

أو بعبارى أخرى هل نحن نعيش في سلام داخلي وهل هناك فرح وسعادة حقيقية في داخلنا ؟

 

الحقيقة هذا العالم لايستطيع أن يمحنا هذا السلام (الداخلي) لأنّ هذا العالم لايستطيع الأجابة على الحقائق التالية :

 

الموت والوجود والمصير ، لابل لايستطيع هذا العالم أن يمنحنا السلام والفرح الحقيقي ،

 

السلام (الحقيقي) يبدا بداخل كل انسان (النفس) ، هو التناغم والأنسجام مع الحياة ومع النفس وهو ما يسمّى بالسلام الداخلي أي التخلص من الأضطرابات النفسية والخوف الداخلي بامتلاء الأنسان بسلام يطرّد هذه الأضطرابات والمخاوف ويحتاج الأنسان في هذه الحالة الى تحقيق الذات ، السلام هو أساس المهمّة التي سيسلّمها الرب يسوع المسيح لتلاميذه بعد القيامةّ ولكنّها تعبّر أيضا عن بركات الله وازالة الخوف الذي يسيطر على الأنسان ، والكتاب المقدّس هو الكتاب الوحيد الذي يجيب على اسئلتنا الوجودية ويجيب على سؤالنا كيف نعيش بسلام حقيقي؟ و يخبرنا يسوع المسيح  فيقول "والحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الآله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته"(يوحنا 17:3 )" .

 

انّ هذا السلام لاياتي إلا عندما يُملئ فراغ النفس والروح شخص يسوع المسيح واهب السلام ورئيس السلام فعندما يمتلئ الأنسان بالروح القدس عندها يستطيع الأنسان أن ينقاد بقوة الروح الى كل ما هو خير وسلام  فيصبح الأنسان نفسه اسير السلام فلا يستطيع إلا أن يعيش في سلام ويصنع السلام ويعمل السلام ويدعو الى السلام ويتمتّع بالسلام ، فلا سلام إلا بمحبة النفس والآخر وقبلهُما محبّة الله والسلام والمصالحة معه لأنه هو الخالق ولن يرتاح المخلوق إلا بين راحتيه ، الكثيرون يذهبون الى الكنيسة أو يصنعون السلام خوفا من مصيرهم الأبدي أو خوفا على حياتهم او مصالحهم الأرضية وهو سلام مزيّف يعمل الأنسان فيه هذه الأعمال كفرائض وواجبات خوفا أو من أجل مصلحة شخصية وهم ليس لهم علاقة شخصية بواهب السلام يسوع المسيح ، ولكن في داخلهم يفقدون السلام ، وهنا فاقد الشيئ لايستطيع أن يعطيه.

 

السلام(أي السلام الداخلي) هوالأ ساس لمجتمع صحي  يعيش في سلام عام . فعندما نصنع السلام(الداخلي) ونزرعه في الأنسان منذ طفولته وذلك بالتربية وزرع مفاهيم المحبّة والسلام والصدق والأمان والحق في نفسية الطفل والتلميذ والطالب من خلال البيت حيث الأم هي المدرسة الأولى والكنيسة (بالنسبة لنا كمسيحيين) وصولا الى السُلّم الأعلى في المجتمع من خلال المدرسة والجامعة والعمل ، عندها يكون المجتمع بخير وسلام ، ان البقاء في سلام هو سلاح روحي وحرب بوجه الشيطان والقوّات الشريرة هو يعني أطفاء سهام العدو.

 

كثيرا ما نخسر  السلام بسبب الشك والقلق والخوف من عدم تحقيق مواعيد الله وأقواله ووعوده فنُصاب بالأضطرابات النفسيّة والعصبيّة والكآبة والقلق عندما نفقد ثقتنا وايماننا بيسوع المسيح القائل: ثقوا لقد غلبتُ رئيس هذا العالم .

 

الكثيرون يشتكون من الظلم والآلام والأحزان والمعاناة في الحياة اليوميّة ولكن ننسى غالباً انّ هذه كلّها امتحانات لنا ، بها تُطهّر نفوسنا وتؤدّي بنا الى الأتّكال والتركيزعلى الهدف الأسمى الذي هو ملكوت الله ، المؤمن الحقيقي يجب أن لا يتزحزح ايمانه بمواعيد الله ومشيئته وارادته بالرغم من كل الظروف التي تحيط به (بالمؤمن)لأن طاعة الله تؤدي الى السلام مع النفس ومع الاخرين ، قد نتخلّى عن الكثير من حقوقنا من أجل كسب السلام ، قد نهاجر من مدينة الى مدينة ومن دولة الى دولة من أجل  البقاء في سلام والمحافظة على ايماننا وامتصاص غضب الأخرين ولكّننا يجب أن لا نفقد ايماننا فالأرض واسعة ورحبة لكل المؤمنين ولا بد للمؤمن أن يصل الى ما يريده الله له ، ويسوع المسيح سبق واخبرنا أننا سوف نُضطهد من قبل الآخرين ولكن الأهم أن ّالمؤمن يعيش في سلام داخلي وهذا السلام لا يستطيع الأخرون السطو عليه أو انتزاعه أو سلبه ، لأنّه سلام الله الذي يطرد الخوف والقلق ويرفع الأنسان لكي يعلو عن المشاكل والأحداث الخارجية فيرتقي بالأنسان لكي يصبح فوق هذه الظروف، ويكون الروح القدس هو المعزّي والأخ والخليل(كما كان الرب مع ابينا ابراهيم في غربته عن اهله ووطنه وعشيرته واصدقائه فسميّ خليل الله وعاش ابينا ابراهيم في رحلة دائمية ولم يكن له وطن ثابت لأنّه كان يتطّلع الى الوطن الأبدي مع الله فكان الله معه في رحلته هذه . وكان ابراهيم يشعر بالسلام ويصنع السلام مع الأخرين ) .

 

قد نبني وغيرنا يهدم وقد نعطي من جهدنا وأموالنا وصحتنا من أجل بناء اجيال يستمتعون بالسلام والأمان ، ولكن غيرنا قد يصنع الموت والبغض والكراهية ، لكن من يصمد الى النهاية هو الذي يفوز لأنّ الله دائما مع صانعي الخير والسلام ، يسوع المسيح الذي يقول لنا "ان اراد احد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني" فالسلام ليس بالضرورة معناه الراحة بل استغلال الراحة لنحُصّن انفسنا من هجمات قوات الشر ، والراحة عند المؤمنين هي محطّة لأعادة النظر في حياتهم الماضيّة لتجديد الحياة الروحيّة والتحصّن بأسلحة الروح القدس لمواجهة قوات الشر في المستقبل ، لأنّ حربنا قائمة في هذا العالم ، فالشيطان عدوّه اللدودين هُم المؤمنون بالمسيح وهو يحاول أن يتسلل من خلال حالات الراحة عند المؤمنين فيوقع بهم في مصيدته . فعلى المؤمنين أن يكونوا ساهرين ويقضين ولايناموا كما ينام الأخرون والاّ سياتي الشرير في عتمة الليل ويزرع الزوان بين الحنطة ، السلام يأتي من يقين  استجابة الصلاة ، يقول كاتب المزمور"بصوتي الى الربّ أصرخ فيجيبني من جبله المقدّس .في سلام استلقي وأنام"(مزمور 3:5 )" . فاليقين والثقة من انّ الصلاة مستجابة وهي تجلب السلام لانّ الله مُهيمن على كلّ الظروف التي لانستطيع أن نغيّرها .

 

السلام يجلبه الروح القدس وهو سلام يتحرّك في داخل قلوبنا ويحيا ليحدّ من قوات الشر المعادية( الخطية والخوف والشك والريبة وعدم اليقين.. ..وقوى اخرى كثيرة  تحاربنا من الداخل) ويقدّم العزاء والراحة عوض الصراع  والحرب وقد وعدنا الرب يسوع المسيح ان يعطينا هذا السلام ان كنا مستعدّين لقبوله منه."سلاما أترك لكم وسلامي أعطيكُم ، لا كما يعطيه العالمُ أُعطيكم أنا ، فلا تضطربُ قلوبكم ولا تفزع"(يوحنا 14:27 )" .

 

انّ نتيجة عمل الروح القدس في حياتنا هي السلام العميق الدائم . وعلى عكس سلام العالم  الذي يُعرف عادة بأنّه عدم الصراع ، فأنّ هذا السلام هو ثقة أكيدة في وسط أي ظروف ، وبهذا النوع من السلام لسنا بحاجة لأن نخاف من الحاضر أو المستقبل ،لأنّ الروح القدس يملأ حياة المؤمن فيعيش في سلام ، ويوضّح لنا الرسول بولس هذا السلام بقوله"لا تقلقوا أبدا بل أطلبوا حاجتكم من الله بالصلاة والأبتهال والحمد وسلام الله الذّي يفوق كُلّ ادراك يحفظ قلوبكم وعقولكم في المسيح يسوع"( فيلبي 4:5,6 )" .

 

نستطيع أن نختصر قول الرسول " دع القلق وأبدأ الحياة مع يسوع المسيح" (عنوان كتاب قرأته ) انّه العلاج النفسي والروحي لكلّ أنسان يريد أن يعيش في سلام مع نفسه ومع الآخرين .

 

ويخبرنا الرسول بولس عن انّ أحد ثمار الروح القدس هو السلام"وامّا ثمرة الروح فهي :المحبّة والفرح والسلام ...."(غلاطية 5:22 )" .

 

فالروح القدس ينتج فينا سجايا أدبيّة ، لاتصرفات معيّنة ، ولغرض غرس هذه السجايا الأدبيّة فينا يجب أن تتّحد حياتنا بحياة المسيح"أنا الكرمة وأنتم الأغصان :من ثبت فيّ وأنا فيه يُثمرُ كثيرا ، امّا بدوني فلا تقدرون على شيئ"(يوحنا 15:5 )" .

 

انّ ثمار الروح القدس هي صفات الشخصيّة المسيحيّة ، فالصلاح والفرح والمحبّة وطول البال واللطف والأمانة والوداعة وضبط النفس يستمدّها المؤمن من ثباته بالمسيح  ، فالمؤمن يشعر بالسلام عندما يمتلئ بالروح القدس ، ويقول كاتب الزمور 125"المتوكّلون على الربّ هم كجبل صهيون ،لا يتزعزع بل يثبت الى الأبد" مزمور 125:1  ويقول داود النبي في مزمور 11"بالربّ أحتميتُ فكيف تقول لي اهرب الى الجبال كالعصفور؟" "الى الله ترتاح نفسي ومنه وحده رجائي"(مزمور62:6 )" .

 

السلام الداخلي يؤثّر في قراراتنا ، يقول الرسول بولس"وليملُك في قلوبكم سلام المسيح، فاليه دعاكم الله لتصيروا جسدا واحدا ، كونوا شاكرين"(كولوسي3:15 )" ، انّ قلوبنا(عقولنا)هي مركز الصراع لانّ هناك تتصادم مشاعرنا ورغباتنا ، مخاوفنا وامالنا ، أرتيابنا وثقتنا ،غيرتنا ومحبّتنا ، في وسط هذه الصراعات المستمرّة يجب أن نحيا كما يريد الله وليس كما يشتهي الجسد ، وانّنا يجب أن نكون"حَكما"بين هذه العوامل المتصارعة على أساس السلام ،"فما ملكوت الله طعامٌ وشراب ، بل عدلٌ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس"( رومة 14:17)   ويقول الرسول بولس:"...والأهتمام بالجسد موت وأمّا الأهتمام بالرُّوح فحياة وسلام" (رومة8:6 ) .

 

كلّ أنسان لا يؤمن بكلام الله ومواعيده ولا يسلّم حياته ليقودها الروح القدس فهو يعيش في حالة التخبّط والتعاسة والكآبة والقلق والخوف من المستقبل ، إلا أنّ الذي يسلّم القيادة للروح القدس ويسلّم ذاته لمشيئة الله ،عندها سيحقٌق الله ما يطلبه الأنسان ولكن على طريقة مايريده الله لصالح هذا الأنسان (أُطلبوا تجدوا أقرعوا يُفتح لكم..) .

 

قرات منذ عدة سنوات موضوع عن مسابقة عالمية لفنّاني الرسم  وكانت المسابقة عن أجمل لوحة فنيَة يرسمها الفنّان ليجسّد فيها معنى السلام أو ماذا يعني السلام .

 

وقد رسم بعظهم أجمل مناظر طبيعيّة والبعض الأخر شروق الشمس وشعائها الذهبي المنعكس من قمم الجبال ...الخ ، ولكن واحد من هؤلاء الفنّانين فقط فاز بجائزة المسابقة وكانت اللوحة عبارة عن رسم لبحر هائج حيث امواجه تتلاطم الشطئان مصاحبة لعواصف رعدية ولكن الغريب في هذه اللوحة هو وجود صخرة صغيرة  وسط هذا البحر الهائج تتلاطمه الأمواج من كل الجوانب ومع ذلك كانت هناك حمامة جالسة على عش لها على هذه الصخرة وهي غير عابئة بمايجري حولها بل كانت تنعم بسكينة وهدوء وسلام .

 

هكذا الحمامة في الكتاب المقدّس ترمز الى الروح القدس الذي نزل على شكل حمامة على الرب يسوع المسيح عند عماذه على يد يوحنا النبي ويخبرنا البشير يوحنا عن هذا التجلّي للثالوث فيقول:"رأيت الرُّوح ينزل من السماء مثل حمامة ويستقر عليه (على يسوع)"(يوحنا1:32 ) ،

 

ويقول الرسول بولس عن المؤمنين :"لأنّ الروح الذّي نلتموهُ لايستعبدكم و يردُّكم الى الخوف ، بل يجعلكم أبناء الله..."(روميا 8:15 )" .

 

فالمؤمن الحقيقي لايخاف بل يعيش في سلام لانّ الروح القدس الذي ناله في المعموديّة يحرّره من الخوف ، ويسوع الرب قال عن الروح القدس بأنّه المعزّي أي يشجعنا ويواسينا في الشدائد وهو يمنحنا القوّة لنكون شهودا للمسيح دون خوف ، والروح القدس يشفع فينا بأناة ويمنحنا الفرح والسلام والراحة والأطمئنان ، يقول الرسول بولس عن الحياة الجديدة في المسيح:"..فمن يفصلنا عن محبّة المسيح ؟ أتفصلنا الشدّة أم الضيق أم الأضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟"(رومة 8:35 ) ، نعم المؤمن المتمسّك بالمسيح يعيش بسلام وحريّة لانّه تحررّ  من الداخل ولهذا يقول الرب يسوع المسيح:(لاتخافوا من الذي يستطيع أن يهلك الجسد بل خافوا من الذي يستطيع أن يهلك الروح والجسد) .

 

والى اللقاء في الجزء الخامس من "تأمّلات  في زمن الميلاد"(السلام مع الآخرين)

 

وللذين يريدون الأطلاع على المواضيع  السابقة نرفق أدناه  المواقع  السابقة وشكرا

 

 http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html

 

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html

 

http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236

 

 

 
 

 

24


تأملات في زمن الميلاد "المسيح رئيس السلام"

الجزء الثالث

بقلم نافع شابو البرواري

" وظهر مع الملاك بُغتة جمهور من جُند السماء يُسبِّحون الله ويقولون المجد لله في العُلى وفي ألأرض السّلام للحائزين رضاه"(لوقا 14:2 ) .

انهّا أُنشودة الخلود التي سوف يُردّدها جميع الأجيال منذ ولادة المخلّص"يسوع المسيح"  وسوف تبقى انشودة تلهم الموسيقيين والملحّنين والمنشدين وهي أعظم انشودة فرح وسلام  تسمعها البشرية من الملائكة وسوف تبقى ترنيمة مفضّلة في كل الأوقات ، وقد كانت الأساس الذي بُني عليه العديد من الأعمال الموسيقية وترانيم الميلاد وفرق الترنيم  والألحان الليتورجية القديمة ،  فمنذ سقوط الأنسان في وحل الخطيئة والموت والخروج من الفردوس التي كان فيها ابوينا ادم وحواء يتمتعان بسلام في محضر الرب ظلّ الأنسان يعيش في صراع رهيب مع نفسه ومع أخيه الأنسان وخيّم الظلام على حياة البشرية وعاش الأنسان في ظلام دامس لانّ"نور العالم" لم يكن قد تجلّى بعد ولأنّ الأنسان فقد السلام  والأمان لأبتعادهِ عن الله ، ولأنّ الخطيئة  قطعت هذه الصلة بين الله وبين ابوينا فعاش الأنسان في خوف ورعب وساد الموت والحروب والمآسي ، ولكن الله كان له مشروع خلاصي ، مشروع مصالحة ، مشروع اعادة الصلة المفقودة بينه وبين الأنسان . الله أحب الأنسان لأنه" خلقه على صورته كمثاله"فبرغم من كلّ العصيان والتمرّد والخيانة ونقض العهود من قبل الأنسان الا أن الله ظلّ أمينا على عهده مع ابراهيم والآباء كما يخبرنا الكتاب المقدّس .

تجسّد المسيح:

انه أعظم حدث في التاريخ البشري قد وقع منذ زهاء الفين سنة من الآن ، انهّ تدخّل إلهي ليعيد السلام والمصالحة مع الأنسان ، انّه تجسّد الكلمة ( ابن الله) الذي نزل من السماء ليأخذ صورة بشريتنا و ليعيش بيننا ويصالحنا مع أبيه السماوي ولكن بثمن باهض هو الصلب والموت لفدائنا.

ياله من أعلان عجيب وبشرى سارة لكل الّذين يقبلونه ليولد في قلوبهم فتتغيّر حياتهم الى الأبد.

ياله من خبر سار كان بني اسرائيل ينتظرونه منذ مئات السنين ، وها هو اشعيا النبي يتنبأ عن هذا اليوم العجيب (يوم ولادة المسيح) فيقول :"ولكن السيّد الرب ّ نفسه يعطيكم هذه الآية: ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمّانوئيل(الذي تفسيره الله معنا)"( اشعي14: 7 ) .

"لأنه يولد لنا ولد ويعطى لنا أبناً وتكون الرئاسة على كتفه ويكون مشيرا إلاهاً قديرا وأبا ابديا ورئيس السلام ، سلطانه أبديّا ومملكته في سلام دائم"( اشعيا 9:5,6 ) .

نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال "نور لجميع الأمم" ، وهو ايضا رئيس السلام  لجميع الأمم لانّ مملكته تقوم على السلام وهو سيغير التاريخ كلّه ويقلب كل المعتقدات السابقة القائمة على قوّة السيف وجبروت الجيوش والأمبراطوريات التي كانت تقوم على الحروب والمعارك والغزوات لتبني حضارتها على جماجم البشريّة وسحق الضعفاء وتطبيق شريعة الغابة لكن يسوع المسيح ومنذ ولادته جلب معه السلام بشهادة الملائكة ، "....وفي الأرض السلام" (لوقا 2: 14 ) .

ويخبرنا البشير لوقا كيف أنّ الملاك جبرائيل بشّر العذراء مريم بولادة المخّلص يسوع المسيح وأول كلمة قالها الملاك لمريم لكي لاتخاف هي كلمة السلام "فدخل اليها الملاك وقال لها:السّلام عليك يا من أنعم الله عليها.الربّ معك"(لوقا 1:28 ) .

والعجيب عندما نتأمّل في أنجيل لوقا أنّه عندما سلّمت مريم العذراء على اليصابات نسيبتها تحرّك الجنين في بطن اليصابات وامتلأت من الروح القدس (لوقا 1:41 ) ، وعرفت اليصابات نتيجة هذا السّلام أنّ مريم العذراء تحمل الرب في بطنها فرنمت وانشدت  قائلة:

"مباركةً أنتِ في النساء ومباركُ ثمر بطنك ، من أنا حتّى تجيء اليّ أمّ ربّي ؟ ما أن سمعتُ صوت سلامكِ حتّى تحرّك الجنين من الفرح في بطني" (لوقا 1:42 ) .

فالسلام الذي اتى به رئيس السلام جلب معه الفرح للبشريّة فالفرح والسلام متلازمان في مملكة المسيح الجديدة ، انّها فرحة السماء والأرض بمصالحة الله مع البشريّة ، فما اعظم هذا الفرح الذي لا يستطيع العالم أن يوفره للبشرية الآ رئيس السلام يسوع المسيح الذي جاء ليعيد البهجة والفرح والرجاء في قلوب اليائسين وليمحي الخوف من الموت للذين يسلّمون حياتهم له ويعطي الرجاء لكل الحزانى والمساكين ويوهب الحياة لكل المائتين روحيّا ويخلصّ المنسحقين في  الروح ويعزي المتروكين(مزمور 34:19 ) ، نعم الهنا اله السلام جاء الى هذه الأرض ليؤسس مملكة السلام والمحبة والرجاء فالسلام الذي يمنحه الرب يسوع المسيح هو:

السلام مع الله (بالمصالحة مع الله ) ،

السلام مع النفس ( بالتصالح مع الذات ) ،

والسلام مع الآخرين من أخوتنا( بنزع كل الأحقاد والضغائن والكراهية من القلوب) .       

في هذا الجزء سنتكلّلم عن السلام مع الله على امل ان نتأمل في الجزء القادم عن السلام مع النفس والسلام مع الأخرين من أخوتنا في الأنسانية .

أولا: السلام مع الله .

الله يزيح ستار الزمن ليكشف للأنبياء ما هو مُزمع أن يحدث ، وقد حدثت المعجزة بولادة ملك السلام ومخلّص كل من يأتي اليه ، لقد تطلّع الناس في عهد اشعيا النبي الى الأمام ، ولكننا نحن اليوم ندرك هذه الحادثة العجيبة التي حدثت بولادة المخلّص يسوع المسيح ولكن ويا للأسف الملايين لايستمتعوا بحضور المسيح في حياتهم ، اليهم  ينطبق عليهم قول الرب "تركوني انا نبع الماء الحي وفضّلوا الابار المتشققة" ، نعم الكثيرون يعيشون في الظلام ولا يستمتعون بسلام المسيح الحي الذي يسكبه بالروح القدس على الذين قبلوه في حياتهم والكثيرون وحتّى المسيحييين بالولادة لم يختبروا سلام المسيح لانّهم منغمسين في شهوات هذا العالم الزائل

وأذ نحن مسيحيي العراق نعيش هذه الأيّام ذكرى ولادة الرب يسوع المسيح ، فكم نحن اليوم بحاجة الى مراجعة محطّات حياتنا لنبني ونجدد حياتنا بأن نسمح للمسيح أن يولد في قلوبنا لينور عقولنا ويمنحنا السلام الحقيقي لنعيش السلام مع الرب خالقنا ومع أنفسنا ومع جميع أخوتنا في البشرية يقول الرب في سفر اشعيا النبي" ها أنا أبسط السلام عليها كالنهر وغنى الشعوب كجدول فائض ، فترضعون وتحملون في الأحضان وتدلّلون كالطفل على الركبتين .كمن تعزيه أمه اعزيكم أنا"(اشعيا 66:12 ) .

تنبأ الأنبياء في العهد القديم عن انّ الله سياتي ليعيش مع شعبه (عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا) ويقيم معه عهدا جديدا ليس كالعهد القديم الذي فيه خان الشعب الأسرائيلي عهده مع الله ، وهنا يقول الله على لسان أرميا النبي:

"وستأتي أيّام أعاهد بها بيت أسرائيل وبيت يهوذا عهدا جديدا لا كالعهد الذي عاهدتّه مع ابائهم .....امّا العهد الجديد الذي أعاهد به بيت أسرائيل بعد تلك الأيّام فهو هذا:أجعل شريعتي في ضمائرهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم الهّا وهم يكونون لي شعبا ، فلا يعلّم بعدُ واحدهم الاخر والأخ أخاه ، أن يعرف الرب فجميعهم من صغيرهم الى كبيرهم سيعرفونني لانّي سأغفر ذنوبهم ولن أذكر خطاياهم من بعد"(ارميا 31:31,32,33,34 ) .

انّ الرب يسوع المسيح حقق هذا الوعد في العهد الجديد فكل من يؤمن به سيكون الله معه ، ولم يقتصر عمل المسيح بتحريرنا من الخطيئة فقط بل كان دوره ايضا هو انّه صالحنا مع الله والمصالحة تعني انّ لنا سلام مع الله يختلف عن السلام الذي يعطيه العالم " سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم ،لاكما يعطيه العالم اعطيكم أنا ، فلا تضطرب قلوبكم ولا تفزع "(يوحنا 14:27 ) فالسلام مع الله يعني أننا قد تصالحنا معه فلم تعد ثمّة عداوة بيننا وبينه وليس ثمة خطية تعطّل طريق الأتصال به ولم يعد هناك حاجز (الخطيئة) يفصلنا عن الله  .انّ هذا الصلح هو أثمن هديّة للأنسان التي لم يكن يوما يحلم بها  انّه سلام الأمان والثقة والرجاء واليقين ، انه سلام لا غش فيه ولا نفاق ولا مصلحة .

لم يعد هناك خوف لأن الله يحفظنا من كلّ عدو لنا مهما كانت قوّته وجبروته لأننا بهذا السلام دخلنا ملكوت الله ونحن في الأرض. يقول  الملك داود في مزمور 27" واذا اصطفّ عليّ جيش فلا يخاف قلبي ، وان قامت عليّ حرب فأنا أبقى مطمئنّا"( مزمور 27:3 ) ، وهذه الحقيقة يختبرها المؤمنون الحقيقيّون عندما يواجهوا الحروب والمشاكل والأمراض فنراهم يعيشون في سلام  لأنهم يعرفون أن الله معهم حتى في محنتهم ، وملكوت الله تعني انّه صار هو المسؤول عنا لانّنا خرجنا من مملكة العالم ، ولهذا يقول الرب" ما هُم من العالم ، وما أنا من العالم"(يوحنا 17:16 ) ، فالمؤمنون اصبحوا من عائلة الله لانّنا اصبحنا أبناء الله (أمّا الذين قبلوه ، المؤمنون بأسمه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله " (يوحنا 1:12 ) بتجسّد الكلمة ونزول الله ليعيش معنا وموته على الصليب تمّت المصالحة بين الله والأنسان فالصليب هو بُعد عمودي وبُعد أفقي ويسوع المسيح المصلوب على هذا الصليب هو الوسيط بين الله والآنسان( يرمز اليه البعد العمودي للصليب) ولا يمكن التصالح مع الله الا بشخص يجمع الطبيعة الألهية والطبيعة البشريّة  ولأن يسوع المسيح يحمل الطبيعتين( فهو الله وهو الأنسان) .فالأيمان بشخص يسوع المسيح ( كإله وكأنسان كامل ) يعني انّني تصالحت مع الله عن طريق ابنه الذي بذل نفسه وحمل خطايانا على خشبة الصليب فعمل المسيح لم يقتصر على تحريرنا (من الخطيئة  التي أبعدتنا عنه منذ سقوط أبوينا ادم وحواء) بل تبرّرنا بدمه المقدّس لنتأهل  الرجوع الى الله والمصالحة معه ، وهذه المصالحة تعني أنّنا لنا سلام مع الله وهو سلام يفوق الوصف ،

حيث أختبر النبي داود هذا السلام ووصفه بأروع مزمور يقول فيه:

"الرب نوري وخلاصي فمّمَنْ أخاف؟

الرب حصن حياتي فممّن ارتعب ؟"(مزمور27:1 )

وفي مزمور أخر يقول " لو سرت في وادي ظلّ الموت لا أخاف شرّا ، لأنك أنت معي "(مزمور 23:4 ) ، في يديك أستودع روحي ...أبتهج وأفرح برحمتك"(مزمور 31:6,8 )

يقول النبي اشعيا:"أنت يارب ُّ تحفظ سالما من يثبت ويحتمي بك "(اشعيا ,26:3  .....يا رب أعطيتنا السلام (اشعيا 26"12 ) ،"...لكنّ الروح ُ تفيض من العلاء فتصير البريّة جنائن ....ومع العدل يجيء السلام  وحيث الطمأنيّة والراحة والهنّاء"(اشعيا 32:15,17,18 ) .

ويقول الله على لسان اشعيا النبي:

" اسكن في الموضع المرتفع المقدّس ، كما أسكن مع المنسحق والمتواضع الروح ، فانعش أرواح المتواضعين وقلوب المنسحقين "(أشعيا 57:15 ) .

"ذوقوا تروا ما أطيب الرب ، هنيئا لمن يحتمي به."(مزمور  34:9 ) .

وقال الرب:"رنّمي وأفرحي يا بنت صهيون ، فها أنا آتي واسكن في وسطك "(زكريا 2:10 )

"ابتهجي يا بنت صهيون ، واهتفي يا بنت أورشليم ها ملككِ ياتيكِ عادلا مخلّصا وديعا راكبا على حمار، على جحش أبن اتان"(زكريا  9:9)"في ذلك اليوم لاتحزنين يا أورشليم بما تمرّد ت عليّ "(صفنيا3:11 ) ، وقد تحققت نبوءة زكريا النبي أعلاه عندما دخل الرب يسوع المسيح في أحد الشعانين الى أورشليم راكبا جحش ابن أتان وها هو البشير لوقا يسجّل هذا الحدث العظيم حيث اصبح انشودة تسبيح وتهليل لرب المجد يسوع المسيح ويردده الملايين من المؤمنين حتى في أيامنا." تبارك الملك الأتي باسم الربّ .السّلام في السماء والمجد في العلى " (هوشعنا لأبن داود هوشعنا للأعالي) (لوقا  19:38 ) ، وها هو النبي ميخا يتكلّم مسوقا بالروح القدس عن هوية الشخص القادم في ملأ الزمان ليولد في بيت لحم فيقول:

"لكن يابيت لحم أفراتة ، صغرى مدن يهوذا ، منك يخرج لي سيّد على بني أسرائيل يكون منذ القديم ، منذ أيّام الأزل "(ميخا 5 :2 ) .

أما النبي أشعيا فيلقبه برئيس السلام الذي هو واحد من عدّة القاب لايستحقها إلا الرب يسوع المسيح الذي جاء ليفتح للبشريّة الأساس لتحقيق السلام في هذا العالم المضطرب والذي يعيش في حروب واضطرابات فزرع الرب يسوع المسيح بذور السلام في هذا العالم وأعطانا نحن المؤمنين بعد قيامته من بين الأموات وقبل صعوده الى السماء مسؤولية صنع السلام والبشارة بالخبر المفرح لجميع الأمم في هذا العالم "ثم فتح أذهانهم (اذهان التلاميذ)ليفهموا الكُتب المقّدسة وقال لهم : "هذا ما جاء فيها ، وهو أنّ المسيح يتألّم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث ، وتُعلن باسمه بشارة التوبة لغفران الخطايا الى جميع الشعوب ، أبتداء من أُورشليم ، وأنتم شهود على ذلك "(لوقا 24:54,55,56,57,58 )

لقد نزل الله  المتعالي القدوّس الى مستوانا ليخلصنا ، لأنّه من المستحيل أن نرتفع نحن الى مستواه لنخلص نفوسنا وها هو زكريا الكاهن ينشد نشيد الخلاص كما ورد في أنجيل يوحنا فيقول :"لأنّ الهنا رحيم رؤوف يتفقّدنا مُشرقا من العُلى ليضيئ للقاعدين في الظلام وفي ظلال الموت ويهدي خطانا في السّلام"( يوحنا 1:78,79 " ) .

 لقد فتح المسيح بموته طريقا لجميع الناس للأقتراب الى الله ، فقد محا الخطيئة التي كانت تحول بيننا وبين أن تكون لنا علاقة صحيحة مع خالقنا ، ولا يعني هذا خلاص كل انسان بل يعني أنّ الطريق انفتح أمام ايّ انسان يؤمن بالمسيح لكي يخلص ،فالله يمنح الخلاص لمن يقبلون بالأيمان بموت المسيح من أجلهم. ويقول بولس الرسول عن هذه الحقيقة قائلا:

"لأنّ الله شاء أن يحل في الملءُ كلّه وأن يصالح به كلّ شيء في الأرض كما في السماوات فبدمه على الصليب حقّق السّلام"(كولوسي الأولى 1:19,20 ).

ويتنبأ أشعيا النبي عن مخلص العالم يسوع المسيح الآتي ليصالحنا مع الله فيقول:

"...وهو مجروح من أجل معاصينا ، مسحوق لأجل خطايانا ، سلامُنا أعدَّه لنا ، وبجرحه شُفينا "(اشعيا 53 ) ، ( في مكان اخر يقول الله على لسان أشعيا النبي ايضا:".....ومن شفتيّ تخرج ثمرة السّلام ، السّلام للقريب والبعيد وأشفي شعبي"(أشعيا 57:1953:4 ) ، من مشرق الشمس ومغربها يهلل بقدومك البشر ويباركون أسمك القدوس لانك من فوق اتيت يارب فالجلال والجمال والسناء والبهاء والمجد والكرامة يظلّلانك .

تأملوا هذا الطفل الوديع ايّها المفتخرون بمجد هذا العالم الزائل ، امّا هو فيعطيكم مجدا أبديا فتعيشوا في ملكوته الى الأبد أطلبوه بفرح ياجميع الشعوب واستقبلوه في قلوبكم ياجميع المتعطشين الى الخلاص وهو يجلب لكم الفرح والسلام ويهدي عواصف حياتكم.

أنت ياطفل المذود أحببتنا ، منذ أن خلقتنا والى الأبد هو عهد حبك لنا ونحن ( كما يقول القديس أُوغسطينوس ) نحن الذين خلقتنا من روحك  لن نرتاح في هذه الحياة إلا بين راحتيك  .

لننشد ونُرنَّم ونهتف ونسبّح يسوع المسيح طفل المغارة في هذه الأيّام المباركة حيث

في بيت لحم ولد طفل لنا و مجد الرب أضاء حولنا وأزال الظلام من قلوبنا ، حبّه لنا فوق الأدراك ولا تستوعبه عقولنا جاء ليمسح دموعنا ويشفي اسقامنا ويزيل كل اثامنا ويمنحنا السلام في حياتنا ويزيل كل مخاوفنا ويفتح أذهاننا وعيوننا ويعيش في قلوبنا .

والى اللقاء في الجزء الرابع من تأملاتنا في زمن الميلاد المجيد .

 
 
 
 
 
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.ht   

                                                                                http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,372110.0.html

 

 

 

 

 

 
 

 

25
تأملات في زمن الميلاد

 الجزء الرابع"المسيح رئيس السلام"

 بقلم :المهندس نافع شابو البرواري

تكلّمنا في الجزء الثالث من مقالتنا عن السلام مع الله(المصالحة مع الله) ،

وقلنا أن السلام (في المفهوم المسيحي )قائم على ثلاثة أركان وهي :

أولا :السلام مع الله (بالمصالحة التي تمّت بولادة يسوع المسيح وفدائه للبشريّة)

ثانيا :السلام مع النفس(مصالحة الذات والتمتّع بالسلام الداخلي)

ثالثا :السلام مع الآخرين( او كيف نصنع السلام مع الآخرين من أخوتنا البشر؟)

واليوم سنتأمّل في السلام مع النفس (او مصالحة الذات والتمتّع بالسلام الداخلي)

قد نشكر الطبيب الذي يشفينا من مرض الى حين .

قد نشكر الأصدقاء عندما يقفون معنا في الشدائد والمحن .

قد يحمينا رجل الأمن من الذين يحاولون الأعتداء علينا .

قد يهبّ الشعب ويثورعلى أستبداد الحاكم ونتحرر من الظلم والطغيان .

قد  نحصل على حقوقنا المسلوبة في هذا العالم .

قد نتسلّق مناصب دنيويّة ونحصل على المال والشهرة .

قد ننجح في الأمتحان ونحقق أحلامنا وقد نتسلق القمم وننتشي بنشوة النصر ونقطف ثمار الجهود التي بذلناها في مسيرة حياتنا من سهر الليالي والصراع الطويل .

قد نحصل على العلوم والمعارف الأنسانية وقد نكتشف نظريات ونخترع اشياء تفيد الأنسانية جمعاء .

قد نبدو سعداء في اسرة ويكون لنا بنات وبنين .

قد قد....................................الخ  .

ولكن يبقى السؤال المطروح وهو ، هل نحن فعلا نعيش في سلامٍ مع الذات ؟

أو بعبارى أخرى هل نحن نعيش في سلام داخلي وهل هناك فرح وسعادة حقيقية في داخلنا ؟

الحقيقة هذا العالم لايستطيع أن يمحنا هذا السلام (الداخلي) لأنّ هذا العالم لايستطيع الأجابة على الحقائق التالية :

الموت والوجود والمصير ، لابل لايستطيع هذا العالم أن يمنحنا السلام والفرح الحقيقي ،

السلام (الحقيقي) يبدا بداخل كل انسان (النفس) ، هو التناغم والأنسجام مع الحياة ومع النفس وهو ما يسمّى بالسلام الداخلي أي التخلص من الأضطرابات النفسية والخوف الداخلي بامتلاء الأنسان بسلام يطرّد هذه الأضطرابات والمخاوف ويحتاج الأنسان في هذه الحالة الى تحقيق الذات ، السلام هو أساس المهمّة التي سيسلّمها الرب يسوع المسيح لتلاميذه بعد القيامةّ ولكنّها تعبّر أيضا عن بركات الله وازالة الخوف الذي يسيطر على الأنسان ، والكتاب المقدّس هو الكتاب الوحيد الذي يجيب على اسئلتنا الوجودية ويجيب على سؤالنا كيف نعيش بسلام حقيقي؟ و يخبرنا يسوع المسيح  فيقول "والحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الآله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته"(يوحنا 17:3 )" .

 

 

انّ هذا السلام لاياتي إلا عندما يُملئ فراغ النفس والروح شخص يسوع المسيح واهب السلام ورئيس السلام فعندما يمتلئ الأنسان بالروح القدس عندها يستطيع الأنسان أن ينقاد بقوة الروح الى كل ما هو خير وسلام  فيصبح الأنسان نفسه اسير السلام فلا يستطيع إلا أن يعيش في سلام ويصنع السلام ويعمل السلام ويدعو الى السلام ويتمتّع بالسلام ، فلا سلام إلا بمحبة النفس والآخر وقبلهُما محبّة الله والسلام والمصالحة معه لأنه هو الخالق ولن يرتاح المخلوق إلا بين راحتيه ، الكثيرون يذهبون الى الكنيسة أو يصنعون السلام خوفا من مصيرهم الأبدي أو خوفا على حياتهم او مصالحهم الأرضية وهو سلام مزيّف يعمل الأنسان فيه هذه الأعمال كفرائض وواجبات خوفا أو من أجل مصلحة شخصية وهم ليس لهم علاقة شخصية بواهب السلام يسوع المسيح ، ولكن في داخلهم يفقدون السلام ، وهنا فاقد الشيئ لايستطيع أن يعطيه.

السلام(أي السلام الداخلي) هوالأ ساس لمجتمع صحي  يعيش في سلام عام . فعندما نصنع السلام(الداخلي) ونزرعه في الأنسان منذ طفولته وذلك بالتربية وزرع مفاهيم المحبّة والسلام والصدق والأمان والحق في نفسية الطفل والتلميذ والطالب من خلال البيت حيث الأم هي المدرسة الأولى والكنيسة (بالنسبة لنا كمسيحيين) وصولا الى السُلّم الأعلى في المجتمع من خلال المدرسة والجامعة والعمل ، عندها يكون المجتمع بخير وسلام ، ان البقاء في سلام هو سلاح روحي وحرب بوجه الشيطان والقوّات الشريرة هو يعني أطفاء سهام العدو.

كثيرا ما نخسر  السلام بسبب الشك والقلق والخوف من عدم تحقيق مواعيد الله وأقواله ووعوده فنُصاب بالأضطرابات النفسيّة والعصبيّة والكآبة والقلق عندما نفقد ثقتنا وايماننا بيسوع المسيح القائل: ثقوا لقد غلبتُ رئيس هذا العالم .

الكثيرون يشتكون من الظلم والآلام والأحزان والمعاناة في الحياة اليوميّة ولكن ننسى غالباً انّ هذه كلّها امتحانات لنا ، بها تُطهّر نفوسنا وتؤدّي بنا الى الأتّكال والتركيزعلى الهدف الأسمى الذي هو ملكوت الله ، المؤمن الحقيقي يجب أن لا يتزحزح ايمانه بمواعيد الله ومشيئته وارادته بالرغم من كل الظروف التي تحيط به (بالمؤمن)لأن طاعة الله تؤدي الى السلام مع النفس ومع الاخرين ، قد نتخلّى عن الكثير من حقوقنا من أجل كسب السلام ، قد نهاجر من مدينة الى مدينة ومن دولة الى دولة من أجل  البقاء في سلام والمحافظة على ايماننا وامتصاص غضب الأخرين ولكّننا يجب أن لا نفقد ايماننا فالأرض واسعة ورحبة لكل المؤمنين ولا بد للمؤمن أن يصل الى ما يريده الله له ، ويسوع المسيح سبق واخبرنا أننا سوف نُضطهد من قبل الآخرين ولكن الأهم أن ّالمؤمن يعيش في سلام داخلي وهذا السلام لا يستطيع الأخرون السطو عليه أو انتزاعه أو سلبه ، لأنّه سلام الله الذي يطرد الخوف والقلق ويرفع الأنسان لكي يعلو عن المشاكل والأحداث الخارجية فيرتقي بالأنسان لكي يصبح فوق هذه الظروف، ويكون الروح القدس هو المعزّي والأخ والخليل(كما كان الرب مع ابينا ابراهيم في غربته عن اهله ووطنه وعشيرته واصدقائه فسميّ خليل الله وعاش ابينا ابراهيم في رحلة دائمية ولم يكن له وطن ثابت لأنّه كان يتطّلع الى الوطن الأبدي مع الله فكان الله معه في رحلته هذه . وكان ابراهيم يشعر بالسلام ويصنع السلام مع الأخرين ) .

قد نبني وغيرنا يهدم وقد نعطي من جهدنا وأموالنا وصحتنا من أجل بناء اجيال يستمتعون بالسلام والأمان ، ولكن غيرنا قد يصنع الموت والبغض والكراهية ، لكن من يصمد الى النهاية هو الذي يفوز لأنّ الله دائما مع صانعي الخير والسلام ، يسوع المسيح الذي يقول لنا "ان اراد احد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني" فالسلام ليس بالضرورة معناه الراحة بل استغلال الراحة لنحُصّن انفسنا من هجمات قوات الشر ، والراحة عند المؤمنين هي محطّة لأعادة النظر في حياتهم الماضيّة لتجديد الحياة الروحيّة والتحصّن بأسلحة الروح القدس لمواجهة قوات الشر في المستقبل ، لأنّ حربنا قائمة في هذا العالم ، فالشيطان عدوّه اللدودين هُم المؤمنون بالمسيح وهو يحاول أن يتسلل من خلال حالات الراحة عند المؤمنين فيوقع بهم في مصيدته . فعلى المؤمنين أن يكونوا ساهرين ويقضين ولايناموا كما ينام الأخرون والاّ سياتي الشرير في عتمة الليل ويزرع الزوان بين الحنطة ، السلام يأتي من يقين  استجابة الصلاة ، يقول كاتب المزمور"بصوتي الى الربّ أصرخ فيجيبني من جبله المقدّس .في سلام استلقي وأنام"(مزمور 3:5 )" . فاليقين والثقة من انّ الصلاة مستجابة وهي تجلب السلام لانّ الله مُهيمن على كلّ الظروف التي لانستطيع أن نغيّرها .

السلام يجلبه الروح القدس وهو سلام يتحرّك في داخل قلوبنا ويحيا ليحدّ من قوات الشر المعادية( الخطية والخوف والشك والريبة وعدم اليقين.. ..وقوى اخرى كثيرة  تحاربنا من الداخل) ويقدّم العزاء والراحة عوض الصراع  والحرب وقد وعدنا الرب يسوع المسيح ان يعطينا هذا السلام ان كنا مستعدّين لقبوله منه."سلاما أترك لكم وسلامي أعطيكُم ، لا كما يعطيه العالمُ أُعطيكم أنا ، فلا تضطربُ قلوبكم ولا تفزع"(يوحنا 14:27 )" .

انّ نتيجة عمل الروح القدس في حياتنا هي السلام العميق الدائم . وعلى عكس سلام العالم  الذي يُعرف عادة بأنّه عدم الصراع ، فأنّ هذا السلام هو ثقة أكيدة في وسط أي ظروف ، وبهذا النوع من السلام لسنا بحاجة لأن نخاف من الحاضر أو المستقبل ،لأنّ الروح القدس يملأ حياة المؤمن فيعيش في سلام ، ويوضّح لنا الرسول بولس هذا السلام بقوله"لا تقلقوا أبدا بل أطلبوا حاجتكم من الله بالصلاة والأبتهال والحمد وسلام الله الذّي يفوق كُلّ ادراك يحفظ قلوبكم وعقولكم في المسيح يسوع"( فيلبي 4:5,6 )" .

نستطيع أن نختصر قول الرسول " دع القلق وأبدأ الحياة مع يسوع المسيح" (عنوان كتاب قرأته ) انّه العلاج النفسي والروحي لكلّ أنسان يريد أن يعيش في سلام مع نفسه ومع الآخرين .

ويخبرنا الرسول بولس عن انّ أحد ثمار الروح القدس هو السلام"وامّا ثمرة الروح فهي :المحبّة والفرح والسلام ...."(غلاطية 5:22 )" .

فالروح القدس ينتج فينا سجايا أدبيّة ، لاتصرفات معيّنة ، ولغرض غرس هذه السجايا الأدبيّة فينا يجب أن تتّحد حياتنا بحياة المسيح"أنا الكرمة وأنتم الأغصان :من ثبت فيّ وأنا فيه يُثمرُ كثيرا ، امّا بدوني فلا تقدرون على شيئ"(يوحنا 15:5 )" .

انّ ثمار الروح القدس هي صفات الشخصيّة المسيحيّة ، فالصلاح والفرح والمحبّة وطول البال واللطف والأمانة والوداعة وضبط النفس يستمدّها المؤمن من ثباته بالمسيح  ، فالمؤمن يشعر بالسلام عندما يمتلئ بالروح القدس ، ويقول كاتب الزمور 125"المتوكّلون على الربّ هم كجبل صهيون ،لا يتزعزع بل يثبت الى الأبد" مزمور 125:1  ويقول داود النبي في مزمور 11"بالربّ أحتميتُ فكيف تقول لي اهرب الى الجبال كالعصفور؟" "الى الله ترتاح نفسي ومنه وحده رجائي"(مزمور62:6 )" .

السلام الداخلي يؤثّر في قراراتنا ، يقول الرسول بولس"وليملُك في قلوبكم سلام المسيح، فاليه دعاكم الله لتصيروا جسدا واحدا ، كونوا شاكرين"(كولوسي3:15 )" ، انّ قلوبنا(عقولنا)هي مركز الصراع لانّ هناك تتصادم مشاعرنا ورغباتنا ، مخاوفنا وامالنا ، أرتيابنا وثقتنا ،غيرتنا ومحبّتنا ، في وسط هذه الصراعات المستمرّة يجب أن نحيا كما يريد الله وليس كما يشتهي الجسد ، وانّنا يجب أن نكون"حَكما"بين هذه العوامل المتصارعة على أساس السلام ،

"فما ملكوت الله طعامٌ وشراب ، بل عدلٌ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس"( رومة 14:17)   ويقول الرسول بولس:"...والأهتمام بالجسد موت وأمّا الأهتمام بالرُّوح فحياة وسلام" (رومة8:6 ) .

كلّ أنسان لا يؤمن بكلام الله ومواعيده ولا يسلّم حياته ليقودها الروح القدس فهو يعيش في حالة التخبّط والتعاسة والكآبة والقلق والخوف من المستقبل ، إلا أنّ الذي يسلّم القيادة للروح القدس ويسلّم ذاته لمشيئة الله ،عندها سيحقٌق الله ما يطلبه الأنسان ولكن على طريقة مايريده الله لصالح هذا الأنسان (أُطلبوا تجدوا أقرعوا يُفتح لكم..) .

قرات منذ عدة سنوات موضوع عن مسابقة عالمية لفنّاني الرسم  وكانت المسابقة عن أجمل لوحة فنيَة يرسمها الفنّان ليجسّد فيها معنى السلام أو ماذا يعني السلام .

وقد رسم بعظهم أجمل مناظر طبيعيّة والبعض الأخر شروق الشمس وشعائها الذهبي المنعكس من قمم الجبال ...الخ ، ولكن واحد من هؤلاء الفنّانين فقط فاز بجائزة المسابقة وكانت اللوحة عبارة عن رسم لبحر هائج حيث امواجه تتلاطم الشطئان مصاحبة لعواصف رعدية ولكن الغريب في هذه اللوحة هو وجود صخرة صغيرة  وسط هذا البحر الهائج تتلاطمه الأمواج من كل الجوانب ومع ذلك كانت هناك حمامة جالسة على عش لها على هذه الصخرة وهي غير عابئة بمايجري حولها بل كانت تنعم بسكينة وهدوء وسلام .

هكذا الحمامة في الكتاب المقدّس ترمز الى الروح القدس الذي نزل على شكل حمامة على الرب يسوع المسيح عند عماذه على يد يوحنا النبي ويخبرنا البشير يوحنا عن هذا التجلّي للثالوث فيقول:"رأيت الرُّوح ينزل من السماء مثل حمامة ويستقر عليه (على يسوع)"(يوحنا1:32 ) ،

ويقول الرسول بولس عن المؤمنين :"لأنّ الروح الذّي نلتموهُ لايستعبدكم و يردُّكم الى الخوف ، بل يجعلكم أبناء الله..."(روميا 8:15 )" .

فالمؤمن الحقيقي لايخاف بل يعيش في سلام لانّ الروح القدس الذي ناله في المعموديّة يحرّره من الخوف ، ويسوع الرب قال عن الروح القدس بأنّه المعزّي أي يشجعنا ويواسينا في الشدائد وهو يمنحنا القوّة لنكون شهودا للمسيح دون خوف ، والروح القدس يشفع فينا بأناة ويمنحنا الفرح والسلام والراحة والأطمئنان ، يقول الرسول بولس عن الحياة الجديدة في المسيح:"..فمن يفصلنا عن محبّة المسيح ؟ أتفصلنا الشدّة أم الضيق أم الأضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟"(رومة 8:35 ) ، نعم المؤمن المتمسّك بالمسيح يعيش بسلام وحريّة لانّه تحررّ  من الداخل ولهذا يقول الرب يسوع المسيح:(لاتخافوا من الذي يستطيع أن يهلك الجسد بل خافوا من الذي يستطيع أن يهلك الروح والجسد) .

والى اللقاء في الجزء الخامس من "تأمّلات  في زمن الميلاد"(السلام مع الآخرين)

وللذين يريدون الأطلاع على المواضيع  السابقة نرفق أدناه  المواقع  السابقة وشكرا

 

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.ht ml

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html

http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236



26
 
تأملات في زمن الميلاد "المسيح رئيس السلام"
الجزء الثالث
بقلم نافع شابو البرواري
" وظهر مع الملاك بُغتة جمهور من جُند السماء يُسبِّحون الله ويقولون المجد لله في العُلى وفي ألأرض السّلام للحائزين رضاه"(لوقا 14:2 ) .
انهّا أُنشودة الخلود التي سوف يُردّدها جميع الأجيال منذ ولادة المخلّص"يسوع المسيح"  وسوف تبقى انشودة تلهم الموسيقيين والملحّنين والمنشدين وهي أعظم انشودة فرح وسلام  تسمعها البشرية من الملائكة وسوف تبقى ترنيمة مفضّلة في كل الأوقات ، وقد كانت الأساس الذي بُني عليه العديد من الأعمال الموسيقية وترانيم الميلاد وفرق الترنيم  والألحان الليتورجية القديمة ،  فمنذ سقوط الأنسان في وحل الخطيئة والموت والخروج من الفردوس التي كان فيها ابوينا ادم وحواء يتمتعان بسلام في محضر الرب ظلّ الأنسان يعيش في صراع رهيب مع نفسه ومع أخيه الأنسان وخيّم الظلام على حياة البشرية وعاش الأنسان في ظلام دامس لانّ"نور العالم" لم يكن قد تجلّى بعد ولأنّ الأنسان فقد السلام  والأمان لأبتعادهِ عن الله ، ولأنّ الخطيئة  قطعت هذه الصلة بين الله وبين ابوينا فعاش الأنسان في خوف ورعب وساد الموت والحروب والمآسي ، ولكن الله كان له مشروع خلاصي ، مشروع مصالحة ، مشروع اعادة الصلة المفقودة بينه وبين الأنسان . الله أحب الأنسان لأنه" خلقه على صورته كمثاله"فبرغم من كلّ العصيان والتمرّد والخيانة ونقض العهود من قبل الأنسان الا أن الله ظلّ أمينا على عهده مع ابراهيم والآباء كما يخبرنا الكتاب المقدّس .
تجسّد المسيح:
انه أعظم حدث في التاريخ البشري قد وقع منذ زهاء الفين سنة من الآن ، انهّ تدخّل إلهي ليعيد السلام والمصالحة مع الأنسان ، انّه تجسّد الكلمة ( ابن الله) الذي نزل من السماء ليأخذ صورة بشريتنا و ليعيش بيننا ويصالحنا مع أبيه السماوي ولكن بثمن باهض هو الصلب والموت لفدائنا.
ياله من أعلان عجيب وبشرى سارة لكل الّذين يقبلونه ليولد في قلوبهم فتتغيّر حياتهم الى الأبد.
ياله من خبر سار كان بني اسرائيل ينتظرونه منذ مئات السنين ، وها هو اشعيا النبي يتنبأ عن هذا اليوم العجيب (يوم ولادة المسيح) فيقول :"ولكن السيّد الرب ّ نفسه يعطيكم هذه الآية: ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمّانوئيل(الذي تفسيره الله معنا)"( اشعي14: 7 ) .
"لأنه يولد لنا ولد ويعطى لنا أبناً وتكون الرئاسة على كتفه ويكون مشيرا إلاهاً قديرا وأبا ابديا ورئيس السلام ، سلطانه أبديّا ومملكته في سلام دائم"( اشعيا 9:5,6 ) .
نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال "نور لجميع الأمم" ، وهو ايضا رئيس السلام  لجميع الأمم لانّ مملكته تقوم على السلام وهو سيغير التاريخ كلّه ويقلب كل المعتقدات السابقة القائمة على قوّة السيف وجبروت الجيوش والأمبراطوريات التي كانت تقوم على الحروب والمعارك والغزوات لتبني حضارتها على جماجم البشريّة وسحق الضعفاء وتطبيق شريعة الغابة لكن يسوع المسيح ومنذ ولادته جلب معه السلام بشهادة الملائكة ، "....وفي الأرض السلام" (لوقا 2: 14 ) .
ويخبرنا البشير لوقا كيف أنّ الملاك جبرائيل بشّر العذراء مريم بولادة المخّلص يسوع المسيح وأول كلمة قالها الملاك لمريم لكي لاتخاف هي كلمة السلام "فدخل اليها الملاك وقال لها:السّلام عليك يا من أنعم الله عليها.الربّ معك"(لوقا 1:28 ) .
والعجيب عندما نتأمّل في أنجيل لوقا أنّه عندما سلّمت مريم العذراء على اليصابات نسيبتها تحرّك الجنين في بطن اليصابات وامتلأت من الروح القدس (لوقا 1:41 ) ، وعرفت اليصابات نتيجة هذا السّلام أنّ مريم العذراء تحمل الرب في بطنها فرنمت وانشدت  قائلة:
"مباركةً أنتِ في النساء ومباركُ ثمر بطنك ، من أنا حتّى تجيء اليّ أمّ ربّي ؟ ما أن سمعتُ صوت سلامكِ حتّى تحرّك الجنين من الفرح في بطني" (لوقا 1:42 ) .
فالسلام الذي اتى به رئيس السلام جلب معه الفرح للبشريّة فالفرح والسلام متلازمان في مملكة المسيح الجديدة ، انّها فرحة السماء والأرض بمصالحة الله مع البشريّة ، فما اعظم هذا الفرح الذي لا يستطيع العالم أن يوفره للبشرية الآ رئيس السلام يسوع المسيح الذي جاء ليعيد البهجة والفرح والرجاء في قلوب اليائسين وليمحي الخوف من الموت للذين يسلّمون حياتهم له ويعطي الرجاء لكل الحزانى والمساكين ويوهب الحياة لكل المائتين روحيّا ويخلصّ المنسحقين في  الروح ويعزي المتروكين(مزمور 34:19 ) ، نعم الهنا اله السلام جاء الى هذه الأرض ليؤسس مملكة السلام والمحبة والرجاء فالسلام الذي يمنحه الرب يسوع المسيح هو:
السلام مع الله (بالمصالحة مع الله ) ،
السلام مع النفس ( بالتصالح مع الذات ) ،
والسلام مع الآخرين من أخوتنا( بنزع كل الأحقاد والضغائن والكراهية من القلوب) .       
في هذا الجزء سنتكلّلم عن السلام مع الله على امل ان نتأمل في الجزء القادم عن السلام مع النفس والسلام مع الأخرين من أخوتنا في الأنسانية .
أولا: السلام مع الله .
الله يزيح ستار الزمن ليكشف للأنبياء ما هو مُزمع أن يحدث ، وقد حدثت المعجزة بولادة ملك السلام ومخلّص كل من يأتي اليه ، لقد تطلّع الناس في عهد اشعيا النبي الى الأمام ، ولكننا نحن اليوم ندرك هذه الحادثة العجيبة التي حدثت بولادة المخلّص يسوع المسيح ولكن ويا للأسف الملايين لايستمتعوا بحضور المسيح في حياتهم ، اليهم  ينطبق عليهم قول الرب "تركوني انا نبع الماء الحي وفضّلوا الابار المتشققة" ، نعم الكثيرون يعيشون في الظلام ولا يستمتعون بسلام المسيح الحي الذي يسكبه بالروح القدس على الذين قبلوه في حياتهم والكثيرون وحتّى المسيحييين بالولادة لم يختبروا سلام المسيح لانّهم منغمسين في شهوات هذا العالم الزائل
وأذ نحن مسيحيي العراق نعيش هذه الأيّام ذكرى ولادة الرب يسوع المسيح ، فكم نحن اليوم بحاجة الى مراجعة محطّات حياتنا لنبني ونجدد حياتنا بأن نسمح للمسيح أن يولد في قلوبنا لينور عقولنا ويمنحنا السلام الحقيقي لنعيش السلام مع الرب خالقنا ومع أنفسنا ومع جميع أخوتنا في البشرية يقول الرب في سفر اشعيا النبي" ها أنا أبسط السلام عليها كالنهر وغنى الشعوب كجدول فائض ، فترضعون وتحملون في الأحضان وتدلّلون كالطفل على الركبتين .كمن تعزيه أمه اعزيكم أنا"(اشعيا 66:12 ) .
تنبأ الأنبياء في العهد القديم عن انّ الله سياتي ليعيش مع شعبه (عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا) ويقيم معه عهدا جديدا ليس كالعهد القديم الذي فيه خان الشعب الأسرائيلي عهده مع الله ، وهنا يقول الله على لسان أرميا النبي:
"وستأتي أيّام أعاهد بها بيت أسرائيل وبيت يهوذا عهدا جديدا لا كالعهد الذي عاهدتّه مع ابائهم .....امّا العهد الجديد الذي أعاهد به بيت أسرائيل بعد تلك الأيّام فهو هذا:أجعل شريعتي في ضمائرهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم الهّا وهم يكونون لي شعبا ، فلا يعلّم بعدُ واحدهم الاخر والأخ أخاه ، أن يعرف الرب فجميعهم من صغيرهم الى كبيرهم سيعرفونني لانّي سأغفر ذنوبهم ولن أذكر خطاياهم من بعد"(ارميا 31:31,32,33,34 ) .
انّ الرب يسوع المسيح حقق هذا الوعد في العهد الجديد فكل من يؤمن به سيكون الله معه ، ولم يقتصر عمل المسيح بتحريرنا من الخطيئة فقط بل كان دوره ايضا هو انّه صالحنا مع الله والمصالحة تعني انّ لنا سلام مع الله يختلف عن السلام الذي يعطيه العالم " سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم ،لاكما يعطيه العالم اعطيكم أنا ، فلا تضطرب قلوبكم ولا تفزع "(يوحنا 14:27 ) فالسلام مع الله يعني أننا قد تصالحنا معه فلم تعد ثمّة عداوة بيننا وبينه وليس ثمة خطية تعطّل طريق الأتصال به ولم يعد هناك حاجز (الخطيئة) يفصلنا عن الله  .انّ هذا الصلح هو أثمن هديّة للأنسان التي لم يكن يوما يحلم بها  انّه سلام الأمان والثقة والرجاء واليقين ، انه سلام لا غش فيه ولا نفاق ولا مصلحة .
لم يعد هناك خوف لأن الله يحفظنا من كلّ عدو لنا مهما كانت قوّته وجبروته لأننا بهذا السلام دخلنا ملكوت الله ونحن في الأرض. يقول  الملك داود في مزمور 27" واذا اصطفّ عليّ جيش فلا يخاف قلبي ، وان قامت عليّ حرب فأنا أبقى مطمئنّا"( مزمور 27:3 ) ، وهذه الحقيقة يختبرها المؤمنون الحقيقيّون عندما يواجهوا الحروب والمشاكل والأمراض فنراهم يعيشون في سلام  لأنهم يعرفون أن الله معهم حتى في محنتهم ، وملكوت الله تعني انّه صار هو المسؤول عنا لانّنا خرجنا من مملكة العالم ، ولهذا يقول الرب" ما هُم من العالم ، وما أنا من العالم"(يوحنا 17:16 ) ، فالمؤمنون اصبحوا من عائلة الله لانّنا اصبحنا أبناء الله (أمّا الذين قبلوه ، المؤمنون بأسمه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله " (يوحنا 1:12 ) بتجسّد الكلمة ونزول الله ليعيش معنا وموته على الصليب تمّت المصالحة بين الله والأنسان فالصليب هو بُعد عمودي وبُعد أفقي ويسوع المسيح المصلوب على هذا الصليب هو الوسيط بين الله والآنسان( يرمز اليه البعد العمودي للصليب) ولا يمكن التصالح مع الله الا بشخص يجمع الطبيعة الألهية والطبيعة البشريّة  ولأن يسوع المسيح يحمل الطبيعتين( فهو الله وهو الأنسان) .فالأيمان بشخص يسوع المسيح ( كإله وكأنسان كامل ) يعني انّني تصالحت مع الله عن طريق ابنه الذي بذل نفسه وحمل خطايانا على خشبة الصليب فعمل المسيح لم يقتصر على تحريرنا (من الخطيئة  التي أبعدتنا عنه منذ سقوط أبوينا ادم وحواء) بل تبرّرنا بدمه المقدّس لنتأهل  الرجوع الى الله والمصالحة معه ، وهذه المصالحة تعني أنّنا لنا سلام مع الله وهو سلام يفوق الوصف ،
حيث أختبر النبي داود هذا السلام ووصفه بأروع مزمور يقول فيه:
"الرب نوري وخلاصي فمّمَنْ أخاف؟
الرب حصن حياتي فممّن ارتعب ؟"(مزمور27:1 )
وفي مزمور أخر يقول " لو سرت في وادي ظلّ الموت لا أخاف شرّا ، لأنك أنت معي "(مزمور 23:4 ) ، في يديك أستودع روحي ...أبتهج وأفرح برحمتك"(مزمور 31:6,8 )
يقول النبي اشعيا:"أنت يارب ُّ تحفظ سالما من يثبت ويحتمي بك "(اشعيا ,26:3  .....يا رب أعطيتنا السلام (اشعيا 26"12 ) ،"...لكنّ الروح ُ تفيض من العلاء فتصير البريّة جنائن ....ومع العدل يجيء السلام  وحيث الطمأنيّة والراحة والهنّاء"(اشعيا 32:15,17,18 ) .
ويقول الله على لسان اشعيا النبي:
" اسكن في الموضع المرتفع المقدّس ، كما أسكن مع المنسحق والمتواضع الروح ، فانعش أرواح المتواضعين وقلوب المنسحقين "(أشعيا 57:15 ) .
"ذوقوا تروا ما أطيب الرب ، هنيئا لمن يحتمي به."(مزمور  34:9 ) .
وقال الرب:"رنّمي وأفرحي يا بنت صهيون ، فها أنا آتي واسكن في وسطك "(زكريا 2:10 )
"ابتهجي يا بنت صهيون ، واهتفي يا بنت أورشليم ها ملككِ ياتيكِ عادلا مخلّصا وديعا راكبا على حمار، على جحش أبن اتان"(زكريا  9:9)"في ذلك اليوم لاتحزنين يا أورشليم بما تمرّد ت عليّ "(صفنيا3:11 ) ، وقد تحققت نبوءة زكريا النبي أعلاه عندما دخل الرب يسوع المسيح في أحد الشعانين الى أورشليم راكبا جحش ابن أتان وها هو البشير لوقا يسجّل هذا الحدث العظيم حيث اصبح انشودة تسبيح وتهليل لرب المجد يسوع المسيح ويردده الملايين من المؤمنين حتى في أيامنا." تبارك الملك الأتي باسم الربّ .السّلام في السماء والمجد في العلى " (هوشعنا لأبن داود هوشعنا للأعالي) (لوقا  19:38 ) ، وها هو النبي ميخا يتكلّم مسوقا بالروح القدس عن هوية الشخص القادم في ملأ الزمان ليولد في بيت لحم فيقول:
"لكن يابيت لحم أفراتة ، صغرى مدن يهوذا ، منك يخرج لي سيّد على بني أسرائيل يكون منذ القديم ، منذ أيّام الأزل "(ميخا 5 :2 ) .
أما النبي أشعيا فيلقبه برئيس السلام الذي هو واحد من عدّة القاب لايستحقها إلا الرب يسوع المسيح الذي جاء ليفتح للبشريّة الأساس لتحقيق السلام في هذا العالم المضطرب والذي يعيش في حروب واضطرابات فزرع الرب يسوع المسيح بذور السلام في هذا العالم وأعطانا نحن المؤمنين بعد قيامته من بين الأموات وقبل صعوده الى السماء مسؤولية صنع السلام والبشارة بالخبر المفرح لجميع الأمم في هذا العالم "ثم فتح أذهانهم (اذهان التلاميذ)ليفهموا الكُتب المقّدسة وقال لهم : "هذا ما جاء فيها ، وهو أنّ المسيح يتألّم ويقوم من بين الأموات في اليوم الثالث ، وتُعلن باسمه بشارة التوبة لغفران الخطايا الى جميع الشعوب ، أبتداء من أُورشليم ، وأنتم شهود على ذلك "(لوقا 24:54,55,56,57,58 )
لقد نزل الله  المتعالي القدوّس الى مستوانا ليخلصنا ، لأنّه من المستحيل أن نرتفع نحن الى مستواه لنخلص نفوسنا وها هو زكريا الكاهن ينشد نشيد الخلاص كما ورد في أنجيل يوحنا فيقول :"لأنّ الهنا رحيم رؤوف يتفقّدنا مُشرقا من العُلى ليضيئ للقاعدين في الظلام وفي ظلال الموت ويهدي خطانا في السّلام"( يوحنا 1:78,79 " ) .
 لقد فتح المسيح بموته طريقا لجميع الناس للأقتراب الى الله ، فقد محا الخطيئة التي كانت تحول بيننا وبين أن تكون لنا علاقة صحيحة مع خالقنا ، ولا يعني هذا خلاص كل انسان بل يعني أنّ الطريق انفتح أمام ايّ انسان يؤمن بالمسيح لكي يخلص ،فالله يمنح الخلاص لمن يقبلون بالأيمان بموت المسيح من أجلهم. ويقول بولس الرسول عن هذه الحقيقة قائلا: "لأنّ الله شاء أن يحل في الملءُ كلّه وأن يصالح به كلّ شيء في الأرض كما في السماوات فبدمه على الصليب حقّق السّلام"(كولوسي الأولى 1:19,20 ).
ويتنبأ أشعيا النبي عن مخلص العالم يسوع المسيح الآتي ليصالحنا مع الله فيقول:
"...وهو مجروح من أجل معاصينا ، مسحوق لأجل خطايانا ، سلامُنا أعدَّه لنا ، وبجرحه شُفينا "(اشعيا 53 ) ، ( في مكان اخر يقول الله على لسان أشعيا النبي ايضا:".....ومن شفتيّ تخرج ثمرة السّلام ، السّلام للقريب والبعيد وأشفي شعبي"(أشعيا 57:1953:4 ) ، من مشرق الشمس ومغربها يهلل بقدومك البشر ويباركون أسمك القدوس لانك من فوق اتيت يارب فالجلال والجمال والسناء والبهاء تأملوا هذا الطفل الوديع ايّها المفتخرون بمجد هذا العالم الزائل ، امّا هو فيعطيكم مجدا أبديا فتعيشوا في ملكوته الى الأبد. أطلبوه بفرح ياجميع الشعوب واستقبلوه في قلوبكم ياجميع المتعطشين الى الخلاص وهو يجلب لكم الفرح والسلام ويهدي عواصف حياتكم. والمجد والكرامة يظلّلانك . أنت ياطفل المذود أحببتنا ، منذ أن خلقتنا والى الأبد هو عهد حبك لنا ونحن ( كما يقول القديس أُوغسطينوس ) نحن الذين خلقتنا من روحك  لن نرتاح في هذه الحياة إلا بين راحتيك  . لننشد ونُرنَّم ونهتف ونسبّح يسوع المسيح طفل المغارة في هذه الأيّام المباركة حيث في بيت لحم ولد طفل لنا و مجد الرب أضاء حولنا وأزال الظلام من قلوبنا ، حبّه لنا فوق الأدراك ولا تستوعبه عقولنا جاء ليمسح دموعنا ويشفي اسقامنا ويزيل كل اثامنا ويمنحنا السلام في حياتنا ويزيل كل مخاوفنا ويفتح أذهاننا وعيوننا ويعيش في قلوبنا
. والى اللقاء في الجزء الرابع من تأملاتنا في زمن الميلاد المجيد . (أدناه الجزء الأول والجزء الثاني لمن يريد الأطلاع)وشكرا
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,372110.0.html




                     








 


27
تأمّلات في زمن الميلاد"الجزء الثاني"
"يسوع المسيح نور العالم"
بقلم نافع البرواري
نواصل تامّلنا في هذه الأيام المباركة حيث ننتظر فيها ولادة المسيح في قلوبنا من جديد ليجدد حياتنا  وينوّر عقولنا لمعرفة سر التجسّد الإلهي الذي لا تدركه العقول
البشرية حيث المستحيل عند الأنسان هو مستطاع عند الله.
وسنستمر في التأمل بلقب المسيح "نور العالم" الذي ينّور حياة كل من يقبله في حياته
فيسير في طريق الحق والحياة ويعيش حياته في فرح وسعادة مهما كانت الظروف الخارجية.
في سفر الخروج(13:20 ) ، أعطى الله العبرانيين عمود سحاب (في النهار) ونار (في الليل) ليعلموا أنّ الله معهم نهارا وليلاً في رحلتهم في البرية وهو رمز لتجسد الأبن في ملئ الزمان ليعيش معنا وفينا في العهد الجديد لينوّر حياتنا من الظلام الذي كنا نعيش فيه قبل ان نعرفه ونقبله كونه نور الحياة  التي توصلنا الى الحياة الأبدية "فيه كانت الحياة ، وحياته كانت نور الناس"(يوحنا 1:4) " والحياة الأبديية هي أن يعرفوك انت الاله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17:3)،
كانت خطة الله أن تصير اسرائيل نورا للأمم (اشعيا 49 :6 ) ، "جعلتك نورا للأمم لتحمل الخلاص الى أقاصي الأرض (أعمال 13:47 ) ، ومن أسرائيل جاء الرب يسوع المسيح نورا للأمم (لوقا 2:32 ) ، وهذا النور ينتشر وينير لكل الأمم .
ويقول النبي اشعيا" الشعب السالك في الظلام راى  نورا ساطعا والجالسون في أرض الموت وظلاله اشرق عليهم النّور (اشعيا 9:1 ) ، نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال نور يشرق على كل انسان جالس في ظل الموت ، ويقول الله على لسان النبي هوشع(لنعرف الرب كلّ المعرفة ونتبعه فيكون ضيائه ورجوعه الينا كمطر ربيعي يروي الأرض"(هوشع6:3 ) .
يطرح الكثيرون هذه الأسئلة:
الا يوجد غير المسيح عبر التاريخ مثل أشخاص كانوا ينوّرون الناس الى الحقيقة والحياة والسلوك الأخلاقي وساهموا في صنع الحضارات الأنسانية؟
الم يظهر محررّون ساهموا في تحرير الأنسان من الطغيان والعبودية ؟
الم يظهر ملوك او مُشرّعين شرّعوا للناس قوانين وشرائع رائعة خدمة للأنسانية؟
الم يقدّم العلماء والباحثين والمخترعين خدمات جليلة للأنسانية في الطب والعلوم والتكنولوجية والخدمات الصحيّة واكتشافات علمية غيرت وجه العالم ولا زال العالم
يكتشف في كل يوم لا بل في كل ساعة ما يخدم الأنسانية منذ عصر التنوير؟
الم يصل الأنسان الى عصر الفضاء والأنترنت حتّى أصبح مثل قرية صغيرة؟
ويقولوا اصحاب هذه الأفكار وما أكثرهم أن المسيح يعتبر واحد  من هؤلاء الأشخاص المصلحين أو المنّورين أو واضعي الشرائع أو من الأنبياء الذين دعوا الى التوبة والرجوع الى الله مثل ( النبي اشعيا وايليا ويوحنا المعمذان ...الخ)
الحقيقة كل هذه الأسئلة وغيرها كثيرة  مطروحة هذه الأيّام وعلينا نحن المؤمنين أن نعترف بها وأن نجيب عليها لا بل علينا نحن كلنا المساهمة في الخدمات الأنسانية لأن الرب يسوع جاء ليس بالأقوال فقط بل بالأعمال "فكان يجول ويصنع خيرا"
ولكن المشكلة في المعارف الأنسانية والعلوم والأكتشافات والقوانين الوضعية هي لخدمة الأنسان من الناحية الجسدية والزمنية ولا ترتقي الى مستوى الحياة ما بعد الحياة اي لا تشبع ولا تجيب على جوعنا الأبدي ولا الى عطشنا الروحي الذي لا يمكن ان يشبعه إلا مصدر هذا الروح ومصدر حياتنا ونستطيع أن نمثلّه بالشمس والنباتات، فالنباتات(لابل كل الكائناة الحيّة )لا تستطيع الحياة دون نور الشمس الذي يعطي الحياة لكل الكائنات الحيّة.
هكذا ابائنا في الأيمان كانوا يشبّهون الله (ولو مجازي)( الآب) بقرص الشمس والنور المنبثق من الشمس(الأبن) وا لحرارة المنبعثة من هذا النور(الروح القدس) ولكن المصدر واحد أي الشمس والنور المنبعث من الشمس والحرارة المنبعثة من النور هي من مصدر واحد نسمّيها الشمس ، هكذا الله واحد مصدر الحياة ويسوع الأبن هو نور العالم"انانور العالم ومن يتبعني لا يتخبط في الظلام ".
هنا النور ايضا يهب الحياة "الأب يحب الأبن فجعل كلّ شيئ في يده ، من يؤمن بالأبن  ، فله الحياة الأبدية .ومن لا يؤمن بالأبن فلا يرى الحياة ، بل يحلّ عليه غضب الله"( يوحنا 3:35 ) ، هذه الآيات الواضحة والساطعة كالشمس تخبرنا حقيقة الرب يسوع المسيح انه مصدر النور(الحق) وهو مصدر الحياة  فكيف يكون نور الأنسان اذا لم يستمد نوره من المسيح؟ وكيف تكون حياة الأنسان دون مصدر الحياة ونورها يسوع المسيح؟ ولكن عندما يرفض الأنسان أن يمتلئ  من هذا النور فلا يعكس هذا الشخص النور الى العالم ، فلا الحياة بدون نور ولا رماد بدون نار .
امّا مايميّز المؤمنين بيسوع المسيح عن غير المؤمنين بهِ هي انّ المؤمنين  قد حصلوا منذ الآن على الحياة الأبدية وامتلكوا حياة الله فلا تنطفئ شعلة أو نور حياتهم ، لأنهم خرجوا من الظلام(اي الخطيئة بالنعمة المجانية نعمة الخلاص وانتقلوا من الموت الى الحياة الأبديّة) وانتصروا على الموت(بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات وهو الذي يقول لنا "أنا القيامة والحياة من امنا بي يحيا وان مات ) " ، يوحنا11:25 وانتصروا على الشيطان (رئيس قوات الظلام) لانّهم اصطفّوا مع الرب يسوع المسيح الذي انتصر على الشيطان والقوات الشريرة كما يخبرنا بذلك سفر
الرؤيا(رؤيا15:2 ) . فعندما نتبع يسوع المسيح "النور " يمكننا تجنب السير كالعميان والسقوط في الخطيئة" أنا نور العالم من يتبعني فلا يتخبط في الظلام بل يكون له نور الحياة"(يوحنا 8:12 ) .
كان الأعمى في انجيل لوقا يصرخ ويستنجد بالمسيح  في زحمة الناس وكان ينادي قائلا "يا أبن داود ارحمني"(لوقا 18:39) ،
فقال له يسوع" ماذا تريد أن أعمل لك؟"
فقال له ( الأعمى)"أن أبصر ياسيّد"(18:41 ) .
فقال له يسوع " ابصر ايمانك شفاك"18:42 "
وفي الحال ابصر وتبع الرب يسوع المسيح.
اليوم أيضا المسيح يسأل كل انسان( بغض النظر عن دينه ومعتقده ) أن ياتي اليه ويطلب منه أن ينّوربصيرته وعقله ويفتح ذهنه لكي يعرف حقيقة المسيح وعندها سوف يتمتع بالفرح والسعادة والبهجة ويعيش في سلام مع الله ومع نفسه ومع الآخرين ، وسوف يرى الأمور بنظرة جديدة وحياة جديدة  كالأعمى في أنجيل لوقا  فلم تثنيه سخرية الأخرين به عندما رفع صوته مستنجدا بالرب يسوع المسيح ولم يساوره اليأس بل طلب من الرب أن يفتح عينيه .
أنّ كلمة الله تنوّر طريقنا تجعلنا حكماء ,أحكم من أعدائنا  ,فالحكمة الحقيقية ليست تكديس المعرفة  بل تطبيق المعرفة بطريقة تغيّر الحياة, الحكمة تأتي من السماح لما تعلّمه كلمة الله أن يحدث  تغييرا في حياتنا"سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي   "مزمور 119:105 " ، عندما نسافر الى بلاد مجهولة نحتاج الى خريطة ودليل ( مرشد)وعندما نسير في غابة مظلمة في الليل نحتاج الى نور لكي نتجنّب التعثّر بجذور وجذوع الأشجار الكثيفة وحتى لانقع في الحفر ، هكذا في هذه الحياة نحتاج الى يسوع المسيح ليكون خارطة الطريق لنا ويكون هو نفسه مرشدنا ودليلنا لسلوك الطريق المنير والذي يوصلنا الى الحق والحياة ، لقد  أَعلن لنا نور حق المسيح .فهو ليس محجوبا ,ولكننا قد نكون غير قادرين رؤية كل ذلك الحق أو استخدامه الآن ,فالحق واضح ولكن قدرتنا على أدراكه قاصرة ,وكلمّا أطعنا نور الحق يسوع المسيح كلّما تقوّت رؤيتنا ويزداد فهمنا ، وكلامه هو نور لنا في هذه الحياة لنسير وسط غابة مظلمة من الشر في عالم قد حوّل ظهره لله,فهو يكشف الجذور التي نتعثّر فيها  من القيم الباطلة والفلسفات الكاذبة فما علينا إلا دراسة كلمة الله لنستطيع في هذه الحياة أن نشق طريقنا لنتمّسك بالمسار الصحيح وغالبا ما تقارن كلمة الله الصلاح بالنور,والشر بالظلمة فنور يسوع المسيح الباهر  يهزم الخوف  ويحررنا  وياتي  لنا بالخلاص,هذا ما أختبره داود النبي اذ يقول : "الربُّ نوري وخلاصي فممّن     أخاف؟"(مزمور27:1 ) .
اما الأنسان الغير المؤمن بيسوع المسيح فهو مثل الذي يحاول بجهده الذاتي
الخروج من النفق المظلم دون جدوى .وقد نرى علماء ومخترعين ومصلحين وحتى الأنبياء عندما يبتعدوا عن نور المسيح فانهم يسيرون في ظلمة تقودهم الى الهلاك
فاصحاب العلوم والمعارف والمتنوّرين هم مثل الشمعة الموقدة ولكن سرعان ما تنطفئ عندما ينتهي زيتها ((راجع مثل العذارة الخمسة الجاهلات"متى25 )) ،
أمّا المؤمنون فهم كلّما اقتربوا من مصدر الحياة"نور العالم "يسوع المسيح  كلّما أشرق وسطع عليهم نوره الذي يزيل كل ظلام حياتهم ويتزوّدون بهذا النور لكي
يعرفوا كيف يسلكوا الطريق المؤدي الى الحق والحياة ,وكذلك هم انفسهم يصبحون
نور العالم كمايقول الرب "لأنكم جميعا أبناء النور,وأبناء النهار فما نحن من الليل ولا من الظلام.فلا ننم كسائر الناس ,بل علينا أن نسهر ونصحوا .فانما في الليل ينام النائمون وفي الليل يسكر السكارى.أما نحن  أبناء النهار فلنكن صاحين ,لابسين درع الأيمان والمحبّة والخلاص"(1تسالونيكي 5:من5-"راجع أيضا متى 25 مثل العذارى والخمسة العاقلات" ،
فكل العالم والناس محتاجون الى نور الحكمة( الروح القدس) التي لايحصلون عليها إلا من الرب  يسوع المسيح وبدون الحكمة قد يهلك الأنسان نفسه ويهلك الآخرين وهذا ما نشهده في عالم اليوم فعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي والصحي  لكنّ العالم يتخبط في الشر والحروب والمآسي الأنسانية نتيجة الأبتعاد عن كلمة الله ونور العالم الذي ينوّر حياة الأنسان بشخص يسوع المسيح حيث يقول المزمور "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" ولكن ويا للأسف هناك الملايين الذين يرفضون هذا النور كما رفضه اليهود الذين رفضوا الرب يسوع المسيح وصلبوه فاختاروا السير في الظلام لأنهم كانوا عميان روحيّا وقصيري البصر ولم يعرفوا حقيقة الرب يسوع المسيح نور العالم والذي تنبأ عنه الأنبياء في العهد القديم "بذلك ينبثق كالصُّبح نورك وتزهر عافيتك سريعا"(اشعيا 58:8 ) .
يقول الرب يسوع المسيح "سيبقى النور معكم وقتا قليلا ,فامشوا ما دام لكم النور ,لئلا يباغتكم الظلام .والذي يمشي في الظلام لايعرف أين يتجه .امنوا بالنور مادام لكم النور,فتكونوا أبناء النور"(يوحنا12:35 ) ، ونحن كمسيحيين علينا أن نحمل نور المسيح(لأننا أبناء النور) حتى يشرق نوره في حياتنا ونعكس هذا النور للآخرين فيتلألأ كأنوار مبهرة ,مظهرين للآخرين من هو يسوع المسيح.
فربما غير المؤمنين لا يقدرون على احتمال الحد الكامل المبهر لنوره مباشرة .
ا نّ بولس الرسول لم يعتمد على ذكائه أو علمه الواسع أو مقدرته على الكلام الفصيح  (مع انّه درس على يدغملائيل معلّم الشريعة اليهودية في زمانه) بل اعتمد على الروح القدس الذي فتح بصيرته فعرف من هو الرب يسوع المسيح كان بولس الرسول قبل ذلك يدعى شاؤل ) يظطهد المسيحيين( وبينما أنا أقترب من دمشق سطع فجأة حولي عند الظهر نور باهر من السماء فوقعت الى الأرض وسمعت صوتا يقول لي :  شاؤل شاؤل لماذا تظطهدني)(أعمال 22 : 6 ) ،
نعم بولس (المدعو شاؤل سابقا) أصبح رسول ليفتح عيون الأمم ولكن يسوع المسيح هو مصدر هذا النور .  نور المسيح  يفتح عيوننا لكي نبصر ويدخل في أعماق كياننا ليكشف الظلام الذي يمنعنا من محبة الله ومحبة اخوتنا ومحبة الحياة والتمتع بصحبة خالق حياتنا ونور الحياة ربنا يسوع المسيح.
يسوع المسيح سحق الموت وانار الحياة والخلود بالأنجيل كلمة الحياة "مسكنه نور لايقترب منه ... "تيموثاوس(6:16 ) " .
الرب يسوع المسيح يخبرنا أن سر الكشف الألهي لا يعطى فقط للعلماء او المتبحرين في العلوم بل هذا السر يعطى للمتواضعين والمنسحقي القلب والدليل ان تلاميذه كانوا من الطبقات الدينيا والحرفيين والصيادين ولم يكونوا علماء في الشريعة اليهودية .
"انتم أعطيتم أن تعرفوا أسرار ملكوت السماوات وأما هم فما أعطوا"(متى 13:11 )
وقال الرب لبطرس الرسول:
"هنيئا لك ياسمعان بن يونا ما كشف لك هذه الحقيقة احد من البشر ، بل أبي الذي في السماوات"(متى 16:17) نعم انه سرعظيم لايستطيع اي انسان"من لحم ودم " ان يدركه الاّ بالروح والحق هذا ما قاله الرب لتلميذه بطرس الرسول ، فالكشف عن السر هو"التنوير" متاح لكل انسان بغض النظر عن علمه أومنصبه أو مركزه
هذا السر كشفه لنا يسوع المسيح "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد..
نعم هو سرعظيم لايدركه الأنسان عندما يتواضع الله ويتجسد الكلمة ويولد من امراة بتولة طاهرة ليصبح الله معنا ينوّر عقولنا ويكشف ما هو الحق من الباطل  ويشعل في قلوب الذين احبوّه نار الروح القدس الذي يرشدهم الى الحق ويميّزوا الأرواح فيما اذا هي من الله أم من القوات الشريرة لاتقترنوا بغير المؤمنين في نير واحد أيّ صلة بين الخير والشر ؟ وأيّ علاقة للنور بالظلام؟"(2كورنثوس 6 : 14 ) "
"لاتخافواهم . فما من مستور الآ سينكشف ولا من خفي الا ّسيظهر وما اقوله لكم في الظلام قولوه في النور وما تسمعنوه همسا نادوا به على السطوح "(متى 10 :26 )
وعن علاقة النور بالمحبّة يقول البشير يوحنا :
"من أدّعى  أنّه يحيا في النور ولكنّه يبغض أحد اخوته فهو مازال حتّى الأن في الظلام ، فالذّي يحبّ اخوته ,هو الذّي يحيا في النّور فعلا ولا شئ يسقطه أمّا الذي يبغض اخوته فهو تائه في الظلام يتلمّس طريقه ولا يعرف أين يتّجه لأنّ الظلام قد
أعمى عينيه"( يوحنا 2:10 ) ، واخيرا يقول يوحنا الرائي في سفر(21:22 الرؤيا  )
"وما رأيت هيكلا في المدينة ,لأنّ الرب الآله  القدير والحمل هما هيكلها . والمدينة لا تحتاج الى نور الشمس والقمر ,لأ نّ مجد الله ينيرها  والحمل هو مصباحها ,ستمشي الأمم في نورها ويحمل ملوك الأرض مجدهم اليها ، لا تغلق أبوابها طوال اليوم لأنّه لا ليل فيها " ويسوع المسيح هو كوكب الصبح المنير ونور ا لخلاص للجميع الذي ظهر ليوحنا الرائي في سفر الرؤيا وهوكخالق للجميع موجود وكائن قبل انشاء الكون وهو البداية والنهاية وهو الألف والياء وهو حجر الزاوية وهو خبز الحياة وحمل الله الحامل خطايا العالم وهو ملك الملوك ورب الأرباب وبكر الخليقة  الجديدة  الأتي في نهاية العالم  ليدين الأحياء والأموات "رؤيا 22:  16  "
والى اللقاء الجزء الثالث (تاملات في زمن الميلاد) .

28
تاملات في زمن ميلاد الرب
الجزء الأول
 
بقلم نافع شابو البرواري
يسوع المسيح" نور العالم"
الكتاب المقدس يتكلم عن عدد من الألقاب التي لُقّب بها الرب يسوع المسيح ، ومن احد هذه الألقاب هو "النور" حيث يقول "أنا هو نور العالم ".
االنور في الكتاب المقدّس يعني: الصلاح,الطهارة,القداسة,والحق ,والثقة ويرتبط النور أيضا بالحق في أنّه يكشف عمّا هو كائن ، سواء صالح أم شرير و يخبرنا الكتاب المقدس في سفر العدد (8:1,4 ) ما يلي:
"وكلّم الرب موسى قائلا: "قل لهرون اذا رفعت السّرج السبعة فباتجاه المنارة تضيئها "
كانت المنارة تضيئ للكهنة وهم يؤدون واجباتهم  كما كان النور تعبيرا عن محضر الله . وما زالت المنارة الذهبية أحد الرموز العظمى للأيمان اليهودي. وقد نظر يسوع المسيح الى هذه المنارة التي كانت تظوي هيكل سليمان وقال "أنا نور العالم"(يوحنا 8:12 ) .
فالمنارة في العهد القديم هي رمز ليسوع المسيح نور العالم في العهد الجديد"أنا نور العالم ,من يتبعني لا يمشي في الظلام,بل يكون له نورالحياة"(يوحنا 8:12 ) .
وكانت الشموع في الهيكل عند اليهود رمزا الى عمود النار الذي قاد شعب بني أسرائيل في البريّة "(خروج 13:21 ) .
فنحن المسيحييون نشعل الشموع في المذبح المقدّس اشارة ورمز ليسوع المسيح نور العالم ,وكذلك يوضع القربان المقدس في كأس مطلي بالذهب ,ويحمل المؤمنون شموع  تضيئ اشارة الى أننا ايضا اصبحنا نور العالم"انتم نور العالم.لاتخفى مدينة على جبل ولا يوقد سراج ويوضع  تحت المكيال ولكن على مكان مرتفع حتى يضيء لجميع الذين هم في البيت"(متى 5:14,15 ) .
ان المسيحي الحقيقي يجب أن يعكس نوره على الآخرين فهو يجب :
1-أن لايصمت  عن الشهادة للرب عندما يلزم الكلام .
2-أن لا يساير الأغلبية التي احيانا تتنازل عن الحق في سبيل مصالحهاالخاصة , فعندما يتطلب القرار الشهادة للحق على المؤمن ان يقول الحق .   
3- المسيحي يجب أن لاينكر النور الذي هو فيه والذي يُميّزهُ عن الآخرين لأنه يعكس نورالمسيح في حياته
وانكار ذلك يعني انكاره للرب يسوع المسيح .
4-الخطيئة تجعل نور المسيح فينا يخبو وينطفي  فعلى المؤمنين عدم التسامح مع الخطيئة .
5-على المسيحي أن يشهد للأخرين مصدر نوره  بالبشارة بالخبر السار ويقول الرسول بولس "الويل لي ان لم ابشّر" فعلينا أن نكون منارا للآخرين وللعالم كله.وان نكون نورا من أجل الله .
".....ويضيء العقلاء كضياء الأفلاك في السماء,والذين هدوا كثيرا من الناس الى الحق يضيئون كالكواكب الى الدهر والأبد"(دانيال 12:3 ) .
وقد تنبأ  الأنبياء في العهد القديم بمجيئ المسيح الذي بنوره تنفتح عيون العميان روحيا وجسديا ويقهر الظلام
ظلام الخطيئة والموت وها هو اشعيا النبي يقول:
"   الشعب السالك في الظلام راى نورا ساطعا والجالسون  في ارض الموت وظلاله  اشرق عليهم النور(9:1  اشعيا) . في زمن الظلمة  الحالكة ,وعد الله بأرسال نور  يشرق على كل انسان جالس في ظل الموت وهو"عجيب مشير اله قدير" لقد تحققت نبوءة اشعيا هذه في مولد المسيح واقامة ملكوته الأبدي ، حيث
يقول الرسول بولس" لأنّ الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة ,هوالذي أشرق في قلوبنا,لأنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح"(2كورنتوس 4:6 ) .
ويقول المزمور كذلك : "وبنورك نرى النور"(مز36:9 ) .
أما أشعيا النبي يقول في  نبوآته عن الذي سياتي بأنه مصدر النور الذي سيشرق على كل انسان يقبله فيزيل الظلام من حياته وسوف يعيش في نورالمسيح والذي يعيش في النور لايتعثر في طريقه بينما الذي لا يقبل المسيح في حياته فهو سيعيش في نفق مظلم لا يستطيع لوحده الخروج منه ،
"قومي أستنيري فنورك جاء ,ومجد الرب أشرق عليك .ها هو الظلام يغطي الأرض ,والسواد الكثيف يشمل الأمم .أما عليك فيشرق الرب ّ وفوقك يتراءى مجده .فتسير الأمم في نوركِ والملوك في ضياء اشراقك "(اشعيا60:1,2 ) .
نعم النور هو يدل على الحياة فكلنا يعرف ان النباتات لا تستطيع العيش دون ضوء الشمس ، 
وهكذا النائمون في ظلمة الليل كانهم أموات وعندما تشرق الشمس ينهض النائمون ، 
هكذا الرب يسوع المسيح عندما يشرق نوره علينا نقوم من الموت (موت الخطيئة ) لأن بنوره يطّهر خطيئتنا
وبنوره الذي ينعكس علينا نصبح نحن ايضا نور للعالم كما قال الرب(أنتم نور العالم).
الله نور:
يقول البشير يوحنا :
"وهذه البشرى التي سمعناها منه ونحملها اليكم هي انّ الله نور لا ظلام فيه .فاذا قلنا أننا نشاركه ونحن نسلك في الظلام كنّا كاذبين ولا نعمل الحق,أما اذا سرنا في النور كما  هو في النور,شارك بعضنا بعضا ,ودم ابنه يسوع يطهرنا من كل خطيئة)(1يوحنا1:5,6 ) .
ويقول أيضا  عن الذين لايقبلون نور العالم" يسوع المسيح"انّهم سيدانون ،
"...اما الذي لايؤمن به فقد صدرعليه حكم الدينونة لأنّه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد وهذا هو الحكم :انّ  النور قد جاء الى العالم ولكن الناس احبّوا الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شريرة"(يوحنا 3:36 )
تقول احدى النساء التي تخلّصت من ظلمة الخطيئة:
"كنت كلمّا أقوم بخطوة أدوس في ظلمتي الخاصة(الخطيئة) ظلمة الزنى- المخدرات-الخوف, كانت الشمس ورائي أمّا الآن أدرت وجهي للشمس الى نور المسيح فتغيّرت حياتي"
نعم يسوع المسيح هو نور العالم الذي يفتح عيون العميان الذين يعيشون في الظلمة كما فتح عيون الأعمى كما ورد في انجيل البشير يوحنا(يوحنا9:6 ) .
ويخبرنا اشعيا النبي عن هذه الحقيقة :حقيقة انّ الرب يسوع المسيح يفتح عيون الناس ليبصروا ويعرفوا حقيقته .
فيسوع المسيح هو شمس البرّ وبنوره نصبح كالأقمار نعكس نوره كما يقول الرسول بولس"وأعملوا كلّ شئ من غير تذمّر ولا خصام ,حتى تكونوا أنقياء لا لوم عليكم وأبناء الله بلا عيب في جيل ضال فاسد,تضيئون فيه كالكواكب ,في الكون "فيلبي 12:14
"لأنكم جميعا أبناء النوروأبناء النهار,فما نحن من الليل ولا من الظلام"(تسالونيكي5:5 ) .
"بالأمس كنتم ظلاما ,وانتم اليوم نور في الرب فسيروا سيرة ابناء النور ,فثمر النور يكون في كلّ صلاح وتقوى وحق .فتعلمّوا ما يرضي الربّ ولا تشاركوا في أعمال الظلام الباطلة ,بل الأولى أن تكشفوها.....انهض ايّها النائم وقم من بين الأموات يضيئ لك المسيح"(افسس5 ) .
نعم استفق ايّها الأنسان وانظر وجه يسوع الطفل المستلقي في المذود لينير وجهك ،
قم ايّها المسترخي من مستنقع الموت لتتمتع باشراق نور المسيح ،
لماذا ترى ولا تبصر ؟ لماذا تسمع ولا تفهم ؟ لماذا تقسّي قلبك ليصبح مثل الحجر؟
المسيح يقول لك"من يتبعني لا يمشي في الظلام  بل يكون له نور الحياة ...أنا نور العالم,مادُمت في  العالم)(يوحنا 8:23 ) .
ظهر يوحنا النبي ليعترف ليشهد للنور بقولهِ :   
"الكلمة هو النور الحق ,جاء الى العالم  لينير كل انسان وكان في العالم وبه كان العالم وما عرفه العالم"(يوحنا 1:9 ) .
المسيح هو مصدر الحياة ونور الناس وهو يضيئ في الظلام ,والظلام لايدركه.
"وفي ذلك اليوم يسمع الصمّ اقوال الكتاب ,وتبصر عيون العمي بعد الأنغلاق على السواد"(اشعيا 29:18 ) .
هو الكاشف كل  كنوز الأسرار وقاهر الموت والظلام لأنه نور العالم وخالق الأكوان وملك الملوك ورئيس السلام ورب الأرباب ومصدر الحق و الحياة ومخلص الشعوب وبكر الخليقة الجديدة  وصورة الله الجوهرية.
تنبا زكريا النبي عنه قائلا على لسان الأمم "نذهب معكم ,فنحن سمعنا أنّ الله معكم"(زكريا 8,9 ) .
قم وتب ايّها المتمرّغ في وحل الخطيئة ويسوع المسيح يطهّرك بدمه وينير لك الطريق  "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) ايها الراقدون في القبور استيقظوا  ,لانَ واهب الحياة قادم اليكم ،
ياشعوب المشرق أنظروا الى نجمة المشرق راقبوا قدوم ملك السلام كما فعل الملوك الثلاثة عندما تابعوا نجم المشرق الذي قادهم الى الطفل يسوع المسيح ،
ويا شعوب المغرب تواضعوا وهلّموا خاشعين للسجود لطفل المذود ،
ياجميع الشعوب هلموا تعالوا الي بيت لحم لتروا هناك العجب ،
مبارك الاتي باسم الرب مبارك ثمر بطنك ياعذراء مريم لانك حملت في بطنك من ياتي ليخلصنا من وادي ظل الموت ويقودنا الى ينابيع المياه الصافية فكل العالم يهنئك هذه الأيام وكل الأيام  والى الأبد .
 يقول الرب يسوع في رسائل الأنخطافات  للسيدة ميرنا الصوفانية(السورية) :
"أبنتي ,هي أمي (اشارة الى مريم العذراء)التي ولدت’ منها.من أكرمها أكرمني ,من ذكرها ذكرني . ومن طلب منها نال لأنها أمي ."(الجمعة 14:8:1987 ) .
"أنا الخالق .خلقتها (مريم العذراء)لتخلقني ,افرحوا لفرح السماء,لأن أبنة الآب (مريم)وأم الإله ,وعروس    الروح ولدت .أبتهجوا لأبتهاج الأرض ,لأن خلاصكم قد تحقق"(الأربعاء 7:9:1985 ) .
"أبنائي سلامي اعطيكم ,لكن أنتم أيّ شئ أعطيتموني"(الأحد 14:8:1988 ) .
"أعطيكم قلبي لأمتلك قلبكم"من نظر الّي أرسم صورتي فيه "(الأربعاء 26:11:1986 ) .
"وصيتي الأخيرة لكم :
ارجعوا كل واحد الى بيته ,ولكن أحملوا الشرق في قلوبكم .من هنا انبثق نور من جديد أنتم شعائه ,لعالم أغوته المادة والشهوة والشهرة حتى كاد أن يفقد القيم ،
امّا أنتم :
حافظوا على شرقيتكم ,لا تسمحوا أن تسلب أرادتكم ,حريتكم ,وأيمانكم في هذا الشرق"(سبت النور . 10:4:2004 ) .
 السؤال المطروح الى كلّ مسيحيي الشرق وخاصة العراقيين  هل نحن نحافظ اليوم على ايماننا الذي سلّمه لنا ابائنا كامانة .وهل نحن نمثل نور المسيح في هذا الشرق الذي يعيش في عتمة الليل؟
علينا التأمل في هذه الأيام المباركة لنستقبل يسوع الطفل في قلوبنا لينوّر حياتنا ويجدّدها ،
وشكرا لكم والى اللقاء في الجزء الثاني من تأملاتنا في زمن الميلاد .




29
نظرية المُؤامرة عندما تتحكم في تفكيرنا الى أين تقودنا؟
                                                                           
بقلم المهندس نافع شابو البرواري
عندما نلوم او نتشكى ونضع جميع مشاكلنا ومصائبنا ومعاناتنا وتخلفنا وجهلنا وعقمنا في المساهمة في الحضارات الأنسانية على شماعة الأخرين فهنا في هذه الحالة نحن مرضى بداء الوسواس و ما علينا إلا مراجعة اطباء مختصون لعلاج هذا المرض اللعين الذي ابتلينا به منذ قرون ولا زلنا نعاني منه ، نتذكر النكات التي كان يرددها الناس ايام الأستعمار البريطاني للعراق فكانوا يرددون هذه النكتة" اذا تعاركت سمكتان في البحر فان ابو ناجي( بريطانية) هو السبب " وما أشبه اليوم بالبارحة ، يقول أحد  المشاهير من العرب :
"اننا نحن العرب دائما نلوم الأخرين وخاصة المشهورين قبل أن نتأكد من ذلك , ونكتشف(بعد فوات الأوان )أن هؤلاء الذين اتهمنانهم كانوا الى جانبنا ومعنا قلباً وقالبا" ،
انها لمأسات عندما نخلق لأنفسنا بعبع او عدو يعشعش في مخيلتنا وفكرنا وعقولنا حتى نصاب بالعمى وعدم البصيرة وننطح مثل الثور الهائج كل من حولنا شمالا جنوبا شرقا وغربا .
اذا منعت دولة أجنبية"بسبب قوانينها الأجتماعية" لبس النقاب للمرأة قالوا هذه مؤامرة على الأسلام وسارت مظاهرات لها بداية وليس لها نهاية  في كافة الدول العربية والأسلامية  وحرقوا اعلام تلك الدولة بدون ان يعرف غالبيتهم ما هي الخلفية الحقيقية لمنع النقاب بتلك الدولة وبعد ايام ولنقل اشهر يُصرّح الحاكم او المسؤول لهذه الدولة او تلك ان ماقامت به تلك الدولة من منع النقاب هو شان داخلي ولا اعتراض لنا عليه فيسكت الناس ويُنسى الموضوع وكأن هذا التصريح للحاكم هو الصح ولا أعتراض على ذلك عندما يرسم احدهم في جريدة ا و مجلة( ما يعتقد به) ويسيئ الى مقدسات الأخرين دون التمييز بين الديانات لانه قد يكون مُلحدا فلا نرى البوذييين او المسيحيين بأن يقوموا بحرق السفارات أو التهديد بمعاقبة دولة بسبب أن أحد مواطني تلك الدولة ساء الى دينٍ ما ، بينما نرى الناس في الدول العربية والأسلامية يقوموا ولا يقعدوا يهددوا ويثوروا ويحرقوا الكنائس لمواطني بلدهم ويقتلوا الناس الأبرياء في بلدانهم وكان هؤلاء الناس هم الأعداء الحقيقيون وليس ذلك الكافر الذي اساء الى مقدساتهم انه تخبط وخلط للأوراق  ومرض مزمن يعاني منه شعوب وحكام الدول العربية وتخيل وسوء تقدير للعواقب ، انه فكر متعصب  يضع العصابة على عينه ويستل سيفه فيضرب كل من حوله دون ان يقدّر المردود السلبي لهذا التصرف الخاطئ ، اليوم الشيعي اصبح عدوه هو السني والعكس صحيح  وكذلك الفلسطيني اصبح عدوه أخوه الفلسطيني وهكذا حكومة السودان تحارب شعبها في دارفورد والصوماليين في حرب اهلية منذ عشرات السنين وكذلك في باكستان وافغانستان
ولبنان وايران والعراق ووو... القائمة طويلة فهل كل هذا سببه وجود نظرية المُؤامرة ؟ في الحقيقة نظرية المؤامرة هي في قلب العالم العربي والأسلامي فهم الذين يتآمرون على الأخرين ولكنهم يتهمون الأخرين زورا وبهتانا ، انه فكر لايستطيع مواجهة الأخرين بالفكر ولا يستطيع ان يواجه الحجة بالحجة ولا مواجهة السياسة بالسياسة ولا يستطيع مواجهة الحوار بالحوار ولا يستطيع مواجهة المنطق بالمنطق والراي يالرأي الأخر فيلجأ الى وسائل العنف التي لايعرف غيرها  ويلوّح بالتهديد والترهيب لكل من تسول نفسه مخالفة  فكره ومعتقده ويتهم العالم كله بانه يتامر عليه انه فكر يوجه انظار الناس( الغلابة) الى امور ثانوية ليلهيهم عن المشاكل التي يواجهها المواطنون وشعوب دولهم في كافة امور الحياة من الأضطهادات والأستعباد والتخلف العلمي والثقافي والحضاري نتيجة عدم توفر الحريات والديمقراطيات في بلدان هذه الشعوب 
 انه فكر ديني اصولي مبارك من قبل حكام هذه الدول ليقول للناس ان هناك مؤامرة على الاسلام او مؤامرة على العرب  او هناك اطماع استعمارية في المنطقة او انها نظرية المؤامرة التي لن تنتهي , ويبقى الشعب هو الضحية الحقيقية لهذه النظرية التي تغذيها جميع وسائل الأعلام المقروء ة والمكتوبة والمرئية المدعومة من قبل هؤلاء الحكام والكثير من رجال الدين أصبحوا بوقا لحكامهم لأنهم يرتزقون بهذه الوسيلة الخسيسة ، يقول احد المفكرين العرب" النقاب وانفلونزا الخنازير اصبح مثل اشعاء نووي" نعم فنظرية المؤامرة طالت لقاح انفلونزا لخنازير فمنهم يقول انها مؤامرة دولية على العالم ليبيعوا للعالم العربي والاسلامي لقاحات انتجتها مختبراتهم وهكذا يجنون الأرباح الهائلة واخرون يقولون انهم ابتكروا هذا الفايروس للقضاء على العرب ووو...الخ ، ان نظرية المؤامرة هي الهاجس والخوف المرعب التي تؤدي بحكام هذه الدول ان يتهموا بعضهم البعض بالتآمر والتطاول على التدخل بشؤون دولهم انها تلك النظرية التي قادت في الأونة الأخيرة على نشوء ازمة بين دولتين عربيتين  بسبب فوز فريق كرة قدم لهذه الدولة على الأخرى بينما حدثت خروقات كثيرة نتيجة اخطاء حكام مبارات كرة القدم في دول كثيرة  فلم تنشا ازمة مماثلة في تلك الدول وكان الحوار والتحكيم هو الحل ، البارحة نسمع ان علماء الآزهر هم فقط لهم الصلاحيات في تشريع الفتاوى ولهم فقط المرجعية في التشريعات الأسلامية واليوم نسمع ان شيخ الأزهر هو العوبة بيد سياسة مصر وهو ليس إلا موظف يأتمر بسياسة الحزب الحاكم ، ان كل الأنظمة الدكتاتوريةالشمولية تحسب انّ هناك مؤامرات مستمرة ضدّهم  فهم يعيشون في حالة استنفار ويفرضون قوانين الطوارئ على شعبوبهم خوفا  ويلجأؤون  احيانا كثيرة الى التخلص حتى من أقرب المقربين لهم وحتى من اصدقائم ومستشاريهم ويشككون حتى في أنفسهم.
ولقد انتقل هذا الداء الى الشعوب العربية لتصبح نظرية المؤامرة هي الشغل الشاغل لهذه الشعوب التي اصبحت هي ايضا اسيرة لهذه النظرية نتيجة الأعلام المقروء والمسموع والمرئي وايضا لوجود الخطاب الديني الذي اليوم اصبح بوقا للأنظمة الدكتاتورية .
تقول احدى الكاتبات المشهورات "عندما زحف الشعب السوري ليحرق السفارة الدانماركية بسبب ما عرف بكاريكاتير الهجمة الدانماركية لماذا لم يقم هذا الشعب بالزحف على قصور الحكام الدكتاتوريين المتآمرين على هذا الشعب" عندما المنظمات العالمية تطالب الحكومات العربية باحترام حقوق الأنسان وخاصة حقوق المرأة في هذه الدول يقولون انّ هناك مؤامرة غربية لتصبح المرأة العربية مثل المرأة الغربية التي يصفونها ا بكل الصفات الغير الأخلاقية.
انّ الشعوب العربية اليوم يتاثرون بالفعل ورد الفعل دون أن يلجأؤا الى الحكمة والفطنة والفهم  والتحقق من الخبر  ,بل الأكثرية يلجأؤون الى العواطف والمشاعر الخدّاعة دون ان يتحكموا الى العقل والمنطق وتحليل الخبر.
يقول الشاعر المرحوم محمود درويش"أهزمنا حزيران في ذكراه الأربعين !!!
وان لم نجد من نهزمه هزمنا انفسنا" نعم اليوم العالم العربي مهزوم من الداخل ويائس ومتحطّم وخائف ومنكسر النفس وبدل أن ينهض ويقهر الخوف والهزيمة ويتحرر من قيود الأنظمة المستبدة ويتحرر قبل كل شئ من الداخل سيبقى مهزوما ومشلول الأرادة والفكر ويكون خنوعا وطوع ارادة ما يتلقاه من الأفكار الهدّامة للأنظمة الدكتاتورية والتيارات للأحزاب الأسلامية التي تؤمن بنظرية المؤامرة وتعمل على ضوء هذه النظرية الهدّامة التي جلبت وتجلب الويلات لشعوبها فنرى الجوامع تحولت الى السياسة بدل العبادة والأغرب عند الأنظمة الدكتاتورية والتيارات الأسلامية هي انها تعتبر كل هزيمة لها هي انتصار وكل تخلف وجهل هو تقدم وكل تفجير لقتل المدنيين والأبرياء هو افتخار وكل مشكلة تواجهها الدول العربية بدل ان يقوموا بحلها يتهمون الأخرين بخلقها وهذا الفكر الذي لايؤمن الا"من ليس معي فهو ضدي" ادّى الى تصنيف الدول العربية في القائمة الأخيرة للدول التي تضطهد حقوق الأنسان كما تشير بذلك تقارير المنظمات الأنسانية ومنظمات الأمم المتحدة.
عندما يمنعون الفن والموسيقة والمسرح والأفلام المشهورة في العالم ويمنعون كل ما يجلب الفرح والأبتسامة على شفاه الأطفال بحجّة انّها مستوردة من الغرب الكافر  وهذا العالم الكافر يريد تخريب وازالة الحضارة العربية الأسلامية حسب مفهومهم ,ولكن بالمقابل هم يستعملون اسلحة هذا العالم الكافر لقتل شعوبهم وشعوب العالم ويستعملون طائراتهم لقصف شعوبهم وشعوب الآخرين ويستعملوا شبكات الأتصالات لهذا العالم الكافر لمراقبة اعدائهم وتسخيره لخططهم الجهنمية  ووو...الخ
لماذا ندين الأخرين دائما ولم نسمع يوما من الأيام حاكم عربي او رجل دين يعتذر لشعبه او للشعوب الأخرى ؟
لماذا لا نخرج الخشبة في عيننا بينما نريد ان نزيل القشة في عين الأخرين كما يقول الرب يسوع المسيح؟
يقولون الشيوعية راحت فالغرب يريد أن يخلق عدو وهذا العدو هو الأسلام؟؟؟
هل هذا هو كلام موزون ؟ كيف نتهم الغرب بدون دليل ؟
اذا ضرب الأرهابيون ابراج نيويورك في امريكا قالوا انه عمل أمريكي .
اذا دخلت جيوش دولة عربية اراضي دولة عربية او اسلامية وانتهكت شرفها وارضها  قالوا ورائها أمريكا.
اذا تقاتلت الشيعة والسنة من اجل مكاسب سياسية قالوا أمريكا هي السبب.
أذا سرقت الأثار وحطموا الآثار للحضارات السابقة قالوا ان امريكا وراء ذلك.
اذا اتفق الحكام العرب على أن لا يتفقوا قالوا هي أمريكا التي لا تريد للعرب الأتفاق.
بينما كل الحكام والرؤساء العرب لايريدون الوحدة العربية ان تتحقق لأن ذلك ليس من مصلحتهم. اذا انتشر الفساد ونخر جسم الدول العربية وانتهكت كرامة المواطنين وسرق الحكام اموال الشعب قالوا امريكا هي التي نصبت هؤلاء الحكام.
اذا فجّرالأرهابيون سيارات مفخخة وسط الأسواق والمستشفيات والمساجد والكنائس قالوا انها امريكا التي تصنع الارهابيين ، اذا قامت منظمة حماس الفلسطينية بحرق مكاتب منظمة فتح الفلسطينية واحتفلوا في الشوارع بهذا الأنتصار الكبير قالوا ان اسرائيل هي التي حرّضت الأخوة على بعضهم البعض ، اذا ظهرت في الدول العربية اصوات تنادي بالتغيير والديمقراطية والحرية قال حكام الدول العربية انها امريكا تريد تطبيق الحرية بالمفهوم الأمريكي على دولنا العربية الأسلامية وهي لهاغاية سياسية للسيطرة على موارد بلداننا العربية ، اذا قامت منظمات انسانية مسيحية بمساعدة الشعوب العربية والأسلامية بعد حدوث كوارث طبيعية في هذه البلدان قالوا ان هذه المساعدات هي غطاء للتبشير بالمسيحية "ان شر البلية ما يضحك" فعندما يفقد الأنسان ثقته بقدراته وعقله ويفشل في مواجة الحياة بكل مشاكلها وتحدياتها عندها يصيب الأنسان بالأحباط والخيبة والفشل فيرمي كل هذه الأسقاطات على الآخرين هذا ما يقوله علم النفس ,عندها يرتد الأنسان الى التقوقع على الذات وأحيانا الأنتحار او عمل جريمة للأنتقام من الآخرين ظناً منه انهم هم السبب فيما وصل اليه من الأحباط والفشل وحال معظم الدول العربية حكامها وشعوبها هم مصابين بهذا المرض المزمن ويعيشون كابوس" نظرية المؤامرة"وكل ما نراه في الواقع في هذه الدول يؤكد ذلك حيث نرى انتشار العنف والأرهاب والتخلف العلمي والثقافي والأنساني وعدم تمتع هذه الشعوب بالديمقراطية والحرية ,وانتشار الفساد كالسرطان في هذه البلدان والكراهية للأخرين والأرتداد الى اطلال الماضي السحيق للهروب من الواقع المؤلم.انه عصر السلفية التي تحنُّ الى ايام زمان والبكاء على الأطلال و القبور وتعذيب الذات والتمسك بالخرافات والعيش في عالم الغيبوبة عالم الغير الواقعي هروبا من مواجهة المشاكل بالعقل والمنطق والثورة على هذا الواقع المر للتحرر من عبودية هذه الأفكار التي تهدم بدل أن تبني ، ان الشعوب العربية اليوم تتهم حكامها بالأستبداد والدكتاتورية وخنق الحريات وهذا صحيح ,ولكن الحكام يتهمون المتطرفين من المسلمين بالأرهاب وهذا ايضا صحيح ولكن الأغرب هو عندما تتهم الشعوب العربية الغرب بالتآمر على بلدانهم وينسون الظلم وألاستبداد والجحيم الذي يعيشون فيه تحت ظل حكامهم وتحت ظل الأرهاب وماجلبه من المآسي والموت والتخلف على بلدانهم وصدق المثل العربي " أنا وأخي على ابن عمي وانا واخي  وابن عمي على الغريب" لكن المثل الصحيح يقوله الرب يسوع المسيح عندما يقول "لا تدينوا لئلا تدانوا...لماذا تنظر الى القشة في عين أخيك ولا تبالي بالخشبة التي هي في عينك...يامرائي ّ,أخرج الخشبة من عينك أوّلا ,حتى تبصر جيدا فتخرج القشة من عين أخيك"(7:1متى ).
الخلاصة
ان محنة العقل لشعوب البلدان العربية مُتأصّلة في عمق التاريخ كما يقول علي الوردي
هذا التاريخ الممجد والذي يتغاضى عن ما هو مستور منه وعدم الأمانة في كتابة التاريخ وعدم قبول ما كان سلبيا لأستخلاص العبر والدروس منه ادى الى ما وصلت اليه هذه البلدان والشعوب العربية من الأصطدام بحائط كبير لايستطيعون ازاحته اذا لم يرجعوا ويعيدوا تصحيح  ونقد هذا التاريخ بسلبياته وايجابياته وقبول دور الحضارات السابقة واللاحقة في تشكيل هذا التاريخ لان الحضارات تتكامل مع بعضها البعض وليس هناك حضارة دون جذور تاريخية اما العرب فقد انكروا وينكرون دور الأخرين في المساهمة في حضارتهم وهذا هو احد الأسباب الرئيسية التي ادت الى تقوقع العرب على انفسهم واعتبار كل الحضارات الأخرى هي حضارات تامرية تريد ازالة حضارتهم وكما يقول نصر حامد ابو زيد "ليس من الحكمة أن نعلق الجرس في رقبة"الغرب السياسي"مبرئين من المسؤولية لحكامنا الذين يقهرون الشعوب"
ويضيف قائلا" هل نحتاج الى التعلم؟ سؤال لاينبغي ان نخجل من اثارته,فلو لم يتعلم الغرب ممن سبقوه في مضمار الحضارة ما استطاع ان يكون ما هو عليه الأن....وصلت" نظرية  المؤامرة"الى حد أن صارت  "المفسّرة"التي تحمي الذات من تحمل ايّة مسؤولية بالقاءالتبعة كلها على الآخر,فتم تصوير الغرب باحثا عن عدو استراتيجي بديل عن الشيوعية,فوجد عدوه هذا في الأسلام...أصل الواقعة من صنعنا نحن ,ومن نتاج واقع لا نتأمله تأملا نقديا كافيا."
ان حالة الياس وفقدان الرجاء الطاغي في البلدان العربية سببه ايضا الاسرة والمدرسة ومناهج التعليم والأحباط نتيجة فقدان ابسط الحقوق الأنسانية من الماكل والملبس والسكن والأمان والأستقرار والشعور بالخوف من المستقبل المظلم والأكثرالمآسي التي تواجهها البلدان العربية هي اهمال نصف المجتمع المتمثل بالمرأة التي هي السبب الرئيسي لتقدم وتخلف الشعوب لانها المدرسة الآولى التي يتعلم فيها الطفل .ولكن اكثر من 60% من النساء في هذه البلدان من الأميات فكيف نتوقع ان يكون النشأ لأجيال فيها الأم جاهلة تقول احدى النساء"في تأسّينا الزائف على أنفسنا وصمتنا العالي نتآمرنحن العرب ضد انفسنا.فنحن في أزمة ونجّر بقية العالم معنا" هناك انفصام في الشخصية العربية وهذا واقع يجب ان نعترف به وعلينا البحث عن العلاج وليس هناك علاج الا بالأعتراف اولا باخطائنا وازالة كل ترسبات الماضي السحيق الذي كنا ضحية له حتى نزيح كل احمالنا واثقالنا ونرجع ونفتش عن الحلول بالعقل والمنطق والحوار مع الآخر والتسامح مع الآخر والتعاون مع الاخر والأنفتاح نحو ألآخر لاننا لن نستطيع معرفة انفسنا الا عندما نعرف الاخر المختلف عنا.
والى اللقاء في مقالة اخرى وشكرا

 
 
 
 
 


30

مستقبل العراق بين صناعة الموت وصناعة السلام

بقلم :المهندس نافع شابو البرواري
كل انسان زَرع الله في ضميره معرفة الخير والشر والعالم يعيش بين هاذين المتناقضين منذ ان عرف ابوينا ادم وحواء معرفة الخير والشر اصبح هناك صراع رهيب بين المتناقضين واصبح الانسان مُخيّر بين عدة متناقضات مشتقة من الخير والشر مثل ,النور والظلام , الموت والحياة , العدالة والظلم , الحق والباطل , المحبة والكراهية ...الخ
 (يقول أحد المفكرين "الأنسان ذئب لأخيه الأنسان" ، نعم الأنسان يصبح أحيانا اشرس وأخطر  من الذئاب المفترسة ويسوع المسيح يخبرنا عن هؤلاء بقوله (سيأتوكم بثياب الحملان ولكنهم من الداخل ذئاب مفترسة).
جاء المسيح ليعلمنا كيف نصنع الخير وكان يجول ويصنع خيرا وعلمنا كيف نكون نورا وقال انا نور العالم وعلمنا كيف نصنع الحياة وقال جئت لتكون لكم حياة افضل,وعلمنا كيف ندعو الى الحق وقال قوله المشهور تعرفون الحق والحق يحرركم وقال:(ما جئت لألقي سلاما بل سيفا) أي  يسوع جاء بسيف الحق ليفصل الحق عن الباطل , وعلمنا ان البشرية كلهم سواسية لافرق بين العبد والسيد بين الغني والفقير بين يهودي واممي وبين الرجل والمرأة فكلنا خليقة الله والله يحب الكل حتى الخطاة فالله عادل ولا يفضّل انسان على انسان او قومية على قومية او طائفة على طائفة ولا شعوبا على شعوب ، جاء المسيح ليقول لنا ان الشريعة والناموس تلخص كلها بكلمة واحدة هي المحبة وعلمنا أن المحبة هي العطاء وبذل الذات وقال (هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد من اجل خلاص كل من يومن به ) ، ولكن للأسف هناك مقابل من يعمل بهذه التعاليم  اناس فضلوا ان يصطفوا مع الشيطان فيعملوا عكس هذه التعاليم الإلهية وفضلوا ان يزرعوا الشر بدل الخير وفضلوا أن يعيشوا في الظلمة بدل النور وفضلوا ان يظلموا الناس بدل من تطبيق العدالة ويمارسون الباطل بدل الحق والكراهية بدل المحبة ويصنعوا الموت بدل من صناعة السلام لابل الكثيرين منهم يصنع الشر وهو يعتقد انه يفعل الخير فهم يعيشون في الظلمة ويعتقدون انهم في النور ويقتلون الحياة وهم يعتقدون انهم يفعلون هذا ليرضوا الله فيقدمون قرابين بشرية له ، فضاعت عندهم القيم السماوية والانسانية  ويكرهون الناس ويظلمونهم وكانهم يفعلون هذا مرضاة لإلهَهُم الذي اخترعوه في مخيّلتهم  وعقولهم وضمائرهم المريضة ،
انهم يخدمون الشيطان ولكنهم لا يعرفون فهم مخدوعين ومكبلين بقيود الشيطان دون ان يعرفوا ذلك, انهم احياء ولكنهم في الحقيقة هم اموات يمشون على الأرض ،
يقول الرب يسوع المسيح (هنيئا  لصانعي السلام لأنّهم أبناء الله يدعون)(متى5:9 ) .
بينما هناك من يبدع في صناعة الموت فهم لن يستمتعوا بملكوت الله بل سيلقون في النار الأبدية هذا ما يعلمنا الرب يسوع المسيح ، ان السلام صناعة يحتاج الى جهد ووقت وتضحية ونكران الذات ودموع وتنازلات  وتواضع وانسحاق القلب وتوبة ورجوع الى الله (الحقيقي) ، ان السلام لن يكون إلا بتغيير ياتي من الداخل  انه ثورة على الذات ، هو ولادة جديدة وحياة مع الله وعلاقة تستمر لتنمو وتثمر وتكبر مدى الحياة ، ان السلام(الداخلي) لن ياتي الا من ملك السلام الذي هو وحده يستطيع ان يمنحها للأنسان لانه هو رئيس السلام ومصدرها. يقول النبي اشعيا(لأنه يولد لنا ولد ويعطى لنا ابن يحمل الرئاسة على كتفه,ويدعى اسمه عجيبا ,مشيرا ,الها قديرا,أبا أبديّا ,رئيس السلام)(اشعيا 9:6,7 ) .
نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال نور يشرق على كل انسان ولكن للأسف الكثيرون احبوا البقاء في الظلمة لئّلأ تكشف أعمالهم الشريرة ، جاء المسيح الى هذه الأرض وجلب معه السلام  فعند ولادته  انشدت الملائكة نشيد السلام (المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وللناس المسرة) ، ان السلام لن ياتي الآ للذين اختبروا نعمة السلام وعرفوا قول المسيح (سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم  انا أعطيكم ) .
 
يسوع المسيح كان عندما يشفي المرضى يقول لهم (اذهبي او اذهب بسلام) ، اي ان المسيح كان يشفي المرضى ويمنحهم بركة السلام اي يزيل الأضطرابات الداخلية وكل الأمراض النفسية ويرفع الخوف ويزيل الخطيئة ويستاصلها ليحصل الأنسان على حياة جديدة يملأها السلام والفرح ، ان المحبّة والسلام متلازمتان متداخلتان لايستطيع اي انسان ان يحصل على السلام اذا هو يكره الآخرلان الكراهية تولد مرارة وشقاء وحقد ودمار للذات فهي مثل النار التي  تحرق  صاحبها , أما المحبة فهي تجلب معها السلام والاطمئنان والفرح  والسعادة ،  يقول بولس الرسول (انزعوا كلّ حقد ونقمة وغضب وصخب وسباب وكلّ شر)(افسس:4:31
ان الذي يطلب الحكمة يعيش في سلام من يعرف الله (الحقيقي) لايستطيع إلا ان يعمل السلام (من وجدني وجد الحياة ,ومن أبغضني احبّ الموت)(مزمور8:35 ) ، ان رسالة المسيح التي سلّمها لتلاميذه وبدورهم سلمّوها للمؤمنين هي زرع السلام والرجاء والسعادة والفرح في قلوب البشرية والعالم ، ولكن يا للأسف اجتمع العالم (ممثلا ببيلاطس البنطي ممثل القيصرالذي كان يمثل العالم الوثني مع اليهود ليصلبوا رئيس السلام).فلا سلام إلا بالرجوع الى مصدر السلام ونور العالم يسوع المسيح .السلام لايتم إلا أن يعيش الأنسان بسلام مع الله ومع أخيه الأنسان ومع النفس ومع البيئة التي يعيش فيها ، أن البقاء في سلام هو سلاح روحي وحرب بوجه الشيطان ,فعندما أمتص غضب الأخرين  سأعيش في سلام لانني بهذا اطفئ سهام العدو ،
يقول كاتب المزمور الثالث(في سلام استلقي وأنام ,ثم أفق لأن الرب سندي,لا أخاف من عشرات الألوف ,من هؤلاء الذين يخاصمونني). ان سلام الله يفوق كل عقل ، جاء المسيح ليعالج جذور الغضب والعنف والكراهية
ويقول الرب يسوع المسيح للمؤمنين به (ها أنا معكم  كلّ الأيام والى انتهاء الزمان)(متى 28:20
نعم ليس هناك سلام إلا في راحة المسيح ان اي انسان او ايّ شعب او مجتمع ليس فيه استقرار وامان وسلام فهو يعيش في اضطرابات وفوضى وتمزق وخوف ورعب وارهاب ,ويتخبط في ظلام دامس ويعيش في نفق مظلم لا يستطيع الخروج منه إلا باعادة النظر في حياة هذا الأنسان او هذا الشعب او ذلك المجتمع وذلك بالتغيير الجذري في جميع فروع الحياة الماضية وبداية حياة جديدة مبنية على اسس السلام والمحبة والغفران وازالة كل الأحقاد والاسيكرر نفس الأخطاء التي سقط فيها من سبقوه .ان ثقافة السلام لايمكن ان تتم ونحن نعيش اجيالا في بلد فقد السلام وفقد الفرح والبهجة نتيجة الحروب والحقد والكراهية التي زرعت في عقول أجيال متعاقبة في المجتمع العراقي حتى ان هذه الأجيال لا تعرف ولا تستمتع بنعمة السلام,وتعجبني اية في الكتاب المقدس تقول(مايزرعه الأنسان ايّاه يحصد) ،
نعم ان زرعنا التين سنحصل على ثمر التين وان زرعنا الشوك سنحصد الشوك  هكذا ان زرعنا الموت سنحصد الموت وان زرعنا السلام سنحصل على السلام . هذا ما يقوله لنا الرب يسوع المسيح وهو بهذا يريد ان يقول لنا من اثمارهم تعرفونهم فكيف نجني من الشوك عنبا ومن العليقة تينا؟ نعم كيف نريد من عراق اليوم ان يحصل على السلام والأستقرار ولا زال الكثيرون  يزرعون الموت والحقد والعنصرية الطائفية والقومية والعشائرية والمذهبية؟ نعم  هناك من يزرع الموت ويسفك دماء الأبرياء باسم الله وهذا هو ما لا يقبله كل انسان يفكر بالعقل والمنطق  و له ضمير  لان كل انسان زرع الله فيه الضمير الذي هو عبارة عن جرس انذار لا يقبل ماهو غير منطقي او يخالف العقل  بغض النظر ان كان هذا الأنسان متدينا او حتى ملحدا لان ذلك يخالف ابسط ا لقيم الأنسانية فكيف لا يخالف الطبيعة الإلهية التي توهب الحياة  فلا يحق لايّ كان أن يسلب حياة وهبها الله ، ان الأنسان(كما يخبرنا الكتاب المقدس) بنظر الله فريد وثمين جدا  لان الله خلق الأنسان على صورته كمثاله ولكن ياللأسف  يوجد في العالم من يشوّه صورة الله وصورة الأنسان و من يصنع الموت بدل أن يصنع السلام,فصناعة الموت اصبحت حرفة وصناعة يمارسها الكثيرون وخاصة في عصرنا الحاضر بل ان هذه الصناعة تتطورت حتى اصبح الذين يصنعونها مبدعين في صناعة القتل والدمار والموت بوسائل جهنميّة يندى لها الجبين وفقد الكثيرون انسانيتهم واصبحوا اكثر شراسة حتى من الوحوش الضارية وكل  هذه الممارسات اللاانسانية يصنعونها باسم الله وباسم الشريعة وباسم الدين والكثيرون  مع كل المرارة والأسف يتعاطفون مع هذه النفوس الهالكة ، ان قمة العنف عند البشر هي أن يلقوا على الله صورة عنفهم الشخصي.



يقول اشعيا النبي عن هؤلاء صانعي الموت(أرجلكم تسارع الى الشرّ والى سفك الدماء البريئة,أفكاركم افكار الأثم وفي مسيركم خراب وهدم.طريق السلام لاتعرفونه) ، (ااشعيا59:7  ) نعم هذا هو طريق الذين يسفكون دماء الأبرياء لايعرفون الا الخراب والدمار والطرق المعوّجة لايعرفون غير صناعة  الرعب والأرهاب ولايتمتعون بنعمة السلام ولا يريدون للأخرين ان  يعيشوا بسلام, ان هولاء الناس نستطيع تمييزهم  لأنّ  ملامح وجوههم تشهد عليهم  فسماة البشاعة والأرهاب بادية في وجوههم وامارات الموت بادية في نفوسهم فهم يكرهون الحياة ويكرهون كل من يحب الحياة وهم يعيشون مثل مدمني المخدرات في عالم خيالي غير واقعي  فهم يهربون من الواقع ولا يستطيعون مواجهة هذا الواقع وتغييره فيهربوا الى عالم اخر كما يحدث للمدمنيين على المخدرات وبهذا هم قد ماتوا ولو انّهم أحياء يمشون في هذه الأرض .
كيف نرى مستقبل العراق والعراقيين؟
ان العراقيين اليوم في مفترق الطرق امّا أن يختاروا العيش معا بسلام ومحبة ونبذ كل مازرعه الأشرار في هذا المجتمع المتنوع الأعراق والديانات والقوميّات عبر مئات السنين والأنتفاضة على هذا الواقع المرير
بالتكاتف والتصالح والغفران ونبذ كل ما يفرّقهم ويضعفهم وينال من حضارتهم المتجذرة في عمق التاريخ
وينهضوا من سبات الموت وينتفضوا على الواقع المرير ويعلنوا انهم لايقبلون اي فكر او مذهب او عقيدة تفرقهم وتنال من وحدتهم ووطينتهم وليكون محبة الوطن ومحبة المواطن هو فوق جميع الأفكار الهدّامة وفوق كل  العقائد التي تفرق ولا تجمع وفوق كل المذاهب التي تميّز ولا توّحد وفوق كل السياسيين الذين يبيعون وطنهم بدل ان يبذلوا انفسهم في سبيل وحدته وحريته وكرامة مواطنيه .
أما الطريق الثاني هو أن يخضعوا لمخطط الأشرار الذين حاولوا ولا زالوا يحاولون تمزيق وتهديم واستعباد الأنسان العراقي لكي يبقى مسلوب الأرادة والتصميم ومشلول الفكر ومقيّد الحريّة وخاضعا وخنوعا لاحول له ولا ارادة.
ومستقبل العراقيين والعراق سيتوقف على أي من هذين الطريقين سيختار شعبه  ,فاذا اختار الطريق الأول
فانهم سيبرهنون للعالم كله ان العراق مهما اجتاز من المصائب والمحن يستطيع في كل مرة ان ينهض من جديد ويزيل غبار الدمار والخراب ويبني من جديد حضارته كما يخبرنا التاريخ بذلك وهو يستطيع كما استطاع عبر التاريخ أن يعيش في ظل هذا التنوع العرقي والديني والقومي كما كان في الماضي
وفي حالة الأختيار الثاني( لاسمح الله) فان مصير العراقيين ومصير العراق الموحّد سيكون مجهولا ولن نستطيع أن نعرف أين سيقودنا هؤلاء الأشرار( وما أكثرهم اليوم) فالمستقبل  سيكون مظلما ومرعبا ومحبطا,لان الذين سيقودون العراق هم اخطر من كل الدكتاتوريّات التي حكمت العراق بل سيكون العراق ساحة للصراعات والحروب والموت وساحة لتصفية الحسابات الطائفية والقومية والمذهبية والعشائريّة اكثر مما شاهدناه ونشهده اليوم لأن المثل يقول السفينة تغرق عندما يكثر الملاحين( القادة) وعراق اليوم كثر فيه القادة .
كيف نبني السلام؟
السلام يجب أن يبنى على الحق والعدالة وإلا سيكون الأساس هش ولن يدوم اذا كان هذا الأساس مبني على الظلم والأكراه والتعسف والأستعباد ، ان ثقافة السلام يجب ان تزرع في الأجيال القادمة وهي من أهم وأخطر التحديّات التي ستواجهنا نحن العراقيين في السنوات القادمة ويجب أن تكون من الأولويات لكل السياسات والبرامج والخطط المستقبلية لنبني أجيالا صحيّة حيث يتم زرع ثقافة السلام والمحبة وحب الحياة في ألأسرة والمدرسة والمجتمع وتكون مناهج التربية مناهج تركز على التربية الصحيحة والصحيّة للأجيال القادمة ويتم تغيير كل المناهج التي فيها تمييز ديني أو طائفي او قومي او طبقي  والأهم من ذلك هو تنقيح الدستور الحالي الذي يعتبر التشريع للقوانين مستمدة من الشريعة الأسلامية لأن الشريعة التي مضت عليهااكثر من الف واربعمائة سنة لا ولن توالم القوانين والشرائع العصرية .ولن تتفق مع حقوق الأنسان وحريّة المعتقد وحرية الرأي والعدالة الأجتماعية وحقوق المواطنة نعم عراق اليوم يجب ان يعيد النظرفي الكثير من القوانيين والتشريعات السابقة لبناء الأنسان الجديد على المبادئ السماوية وحقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية والتركيز على الأنتماء الوطني وحب الوطن وحيث الوطن للجميع وبدون استثناء أو تمييز طائفي او عرقي او قومي أو اثمي او ديني  والتساوي بين حقوق الرجل والمرأة لأن المرأة هي نظير الرجل وهي الأم  التي تعطي الحياة وكما يقول الشاعر(الأم اذا اعدتها أعدت شعبا طيب الأعراقي) .
ان الأهتمام بالبنى التحتية للأنسان هو أهم بكثير من بناء البنى التحتية للمشاريع والطرق والجسور وووو الخ
(راجع الموقع ادناه حيث سبق ان كتبت مقالة بعنوان : لنبني الأنسان أولا) .
والدليل ان هناك دول خرجت من انقاض الحروب والخراب(كاليابان والمانيا) الذي طال جميع مرافق الحياة ولكّنها استطاعت النهوض من جديد لانها اعتمدت على بناء الأنسان الجديد  الذي بدوره أعادة ماخربته الحروب وابدع في صناعة الحياة  لاّن هذه االدول اعتمدت على تنشئة أجيال زرعت فيهم حب الحياة والسلام وحب الوطن وتجنب كل الأفكار القومية والعنصرية وثتقيف هذه الأجيال بثقافة السلام وتكامل الحضارات والمحافظة على البيئة والطبيعة وترسيخ الديمقراطية والحريّة وتشجيع المواهب الفردية وتعميق مبادئ حقوق الأنسان التي سنتها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ،
فلماذا نحن ايضا لانقوم بنفس الدور لتلك الدول( التي خرجت من الحرب ولكنها لم تعرف المستحيل فبدات من جديد في بناء ماخربته تلك الحروب) بعد أن ذقنا مرارة الحروب والماسي والموت والدمار التي مرت على عراقنا المجروح واخرها هذا الأرهاب المرعب والمخيف والذي لا زالت اثاره باقية يدمي القلوب
لماذا لا نستفاد من التاريخ ونستفاد من الأخرين الذين مروا بنفس الضروف التي مررنا نحن ايضا بها؟
لماذا لانتعض ونتعلم الدروس من الظلم الذي عانيناه من الأنظمة الدكتاتورية السابقة وبدل ذلك نقوم نحن ايضا بظلم الناس عندما نتصارع على الكراسي والمناصب والطائفية المقيتة لا بل نبدع في ارهاب الناس وقتلهم وتكميم افواه المواطنين البسطاء؟
لماذا هذا التكالب على تقسيم جسد العراق ونهش خيراته وتهجير شعبه وتهديد مصيره ؟
كيف نستطيع أن نبني والكثيرون يهدمون؟
كيف نطبق الديمقراطية والحريّة وغيرنا لا يؤمن إلا بمنهجه وفكره وعقيدته وفرض رأيه؟
كيف نستطيع أن نقنع الكوادر العلمية والمثقفة ان تعيد بناء مادمره الأخرون بينما هذه الكوادر لا دور لها في ارض الواقع وأغلبهم تركوا وطنهم وهاجروا لاسباب امنية وفكرية وعدم فسح المجال لهم لبناء وطنهم؟
كيف يستطيع المسيحي أن يقوم بدوره التاريخي عبر الأجيال عندما كان دائما سبّاقا في النهضة والأبداع الفكري والعلمي والثقافي والأنساني بينما الأخرون يضطهدونه ويرهبونه ويهددون عقيدته؟
كيف يستطيع السني ان يعيش مطمئنا وجاره الشيعي يعيش في رعب وخوف ؟
كيف يستطيع الشيعي ان يحكم ويقود العراق وهو حاقد على اخيه السني؟
كيف نطبق العدالة في ظل الطائفية والقومية والعنصرية؟
كيف نحلم  بمستقبل مشرق وغيرنا يريد أن يغتال هذا الحلم؟
كيف نبرهن للعالم اننا شعبا واحدا لافرق بين مسلم ومسيحي وبين صبي ويزيدي بيما هناك من يعمل على ازالة هذا التنوع الجميل في المجتمع العراقي؟
كيف نتخيل شعبا عريقا يقلع من جذوره الغائرة في عمق التاريخ والكثيرون يصفقون ويحتفلون بهذا الأنجاز الشيطاني؟
ماذا نقول للعالم المتحضر ونحن نهدم ونسرق ونحرق اثار حضارات استمرت الأف السنين في وادي الرافدين؟
الخلاصة.
لقد كان شعار الثورة الفرنسية (الحرية-العدالة- الأخوّة) وقد استمدت من هذا الشعار الكثير من دول العالم ليكون نبراس مناهجهم السياسية والحزبية  ولكن بعد فترة زمنية قصيرة  قتل أصحاب هذه الشعارات   شعوبهم وصفّوا حتى قادتهم وساقوا شعوبهم الى الحروب والموت .
فهل نحن اليوم في الألفية الثالثة نتعض ونتعلم دروسا وعبر من التاريخ  ام نعيد نفس الأخطاء التي وقعنا فيها مرات عديدة ولا نتعلم ان نصنع السلام لنخلص من هذه الدوامة من الحروب والماسي؟
الأجابة على هذا السؤال سيتوقف مصير العراقيين وحتى مصير العراق .
ان العراق  مثل بستان فيه الوان جميلة من الورود والأزهار والخضار فهو يستحق ان يصبح جنة على الأرض اذا تصافت القلوب وتحرّر الناس من قيود هؤلاء الأشرار وأختاروا الحياة الحرة الكريمة
والى اللقاء في مقالة اخرى اترككم بسلام .
 



31

مستقبل العراق بين صناعة الموت وصناعة السلام

بقلم :المهندس نافع شابو البرواري
كل انسان زَرع الله في ضميره معرفة الخير والشر والعالم يعيش بين هاذين المتناقضين منذ ان عرف ابوينا ادم وحواء معرفة الخير والشر اصبح هناك صراع رهيب بين المتناقضين واصبح الانسان مُخيّر بين عدة متناقضات مشتقة من الخير والشر مثل ,النور والظلام , الموت والحياة , العدالة والظلم , الحق والباطل , المحبة والكراهية ...الخ
 (يقول أحد المفكرين "الأنسان ذئب لأخيه الأنسان" ، نعم الأنسان يصبح أحيانا اشرس وأخطر  من الذئاب المفترسة ويسوع المسيح يخبرنا عن هؤلاء بقوله (سيأتوكم بثياب الحملان ولكنهم من الداخل ذئاب مفترسة).
جاء المسيح ليعلمنا كيف نصنع الخير وكان يجول ويصنع خيرا وعلمنا كيف نكون نورا وقال انا نور العالم وعلمنا كيف نصنع الحياة وقال جئت لتكون لكم حياة افضل,وعلمنا كيف ندعو الى الحق وقال قوله المشهور تعرفون الحق والحق يحرركم وقال:(ما جئت لألقي سلاما بل سيفا) أي  يسوع جاء بسيف الحق ليفصل الحق عن الباطل , وعلمنا ان البشرية كلهم سواسية لافرق بين العبد والسيد بين الغني والفقير بين يهودي واممي وبين الرجل والمرأة فكلنا خليقة الله والله يحب الكل حتى الخطاة فالله عادل ولا يفضّل انسان على انسان او قومية على قومية او طائفة على طائفة ولا شعوبا على شعوب ، جاء المسيح ليقول لنا ان الشريعة والناموس تلخص كلها بكلمة واحدة هي المحبة وعلمنا أن المحبة هي العطاء وبذل الذات وقال (هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد من اجل خلاص كل من يومن به ) ، ولكن للأسف هناك مقابل من يعمل بهذه التعاليم  اناس فضلوا ان يصطفوا مع الشيطان فيعملوا عكس هذه التعاليم الإلهية وفضلوا ان يزرعوا الشر بدل الخير وفضلوا أن يعيشوا في الظلمة بدل النور وفضلوا ان يظلموا الناس بدل من تطبيق العدالة ويمارسون الباطل بدل الحق والكراهية بدل المحبة ويصنعوا الموت بدل من صناعة السلام لابل الكثيرين منهم يصنع الشر وهو يعتقد انه يفعل الخير فهم يعيشون في الظلمة ويعتقدون انهم في النور ويقتلون الحياة وهم يعتقدون انهم يفعلون هذا ليرضوا الله فيقدمون قرابين بشرية له ، فضاعت عندهم القيم السماوية والانسانية  ويكرهون الناس ويظلمونهم وكانهم يفعلون هذا مرضاة لإلهَهُم الذي اخترعوه في مخيّلتهم  وعقولهم وضمائرهم المريضة ،
انهم يخدمون الشيطان ولكنهم لا يعرفون فهم مخدوعين ومكبلين بقيود الشيطان دون ان يعرفوا ذلك, انهم احياء ولكنهم في الحقيقة هم اموات يمشون على الأرض ،
يقول الرب يسوع المسيح (هنيئا  لصانعي السلام لأنّهم أبناء الله يدعون)(متى5:9 ) .
بينما هناك من يبدع في صناعة الموت فهم لن يستمتعوا بملكوت الله بل سيلقون في النار الأبدية هذا ما يعلمنا الرب يسوع المسيح ، ان السلام صناعة يحتاج الى جهد ووقت وتضحية ونكران الذات ودموع وتنازلات  وتواضع وانسحاق القلب وتوبة ورجوع الى الله (الحقيقي) ، ان السلام لن يكون إلا بتغيير ياتي من الداخل  انه ثورة على الذات ، هو ولادة جديدة وحياة مع الله وعلاقة تستمر لتنمو وتثمر وتكبر مدى الحياة ، ان السلام(الداخلي) لن ياتي الا من ملك السلام الذي هو وحده يستطيع ان يمنحها للأنسان لانه هو رئيس السلام ومصدرها. يقول النبي اشعيا(لأنه يولد لنا ولد ويعطى لنا ابن يحمل الرئاسة على كتفه,ويدعى اسمه عجيبا ,مشيرا ,الها قديرا,أبا أبديّا ,رئيس السلام)(اشعيا 9:6,7 ) .
نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال نور يشرق على كل انسان ولكن للأسف الكثيرون احبوا البقاء في الظلمة لئّلأ تكشف أعمالهم الشريرة ، جاء المسيح الى هذه الأرض وجلب معه السلام  فعند ولادته  انشدت الملائكة نشيد السلام (المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وللناس المسرة) ، ان السلام لن ياتي الآ للذين اختبروا نعمة السلام وعرفوا قول المسيح (سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم  انا أعطيكم ) .
 
يسوع المسيح كان عندما يشفي المرضى يقول لهم (اذهبي او اذهب بسلام) ، اي ان المسيح كان يشفي المرضى ويمنحهم بركة السلام اي يزيل الأضطرابات الداخلية وكل الأمراض النفسية ويرفع الخوف ويزيل الخطيئة ويستاصلها ليحصل الأنسان على حياة جديدة يملأها السلام والفرح ، ان المحبّة والسلام متلازمتان متداخلتان لايستطيع اي انسان ان يحصل على السلام اذا هو يكره الآخرلان الكراهية تولد مرارة وشقاء وحقد ودمار للذات فهي مثل النار التي  تحرق  صاحبها , أما المحبة فهي تجلب معها السلام والاطمئنان والفرح  والسعادة ،  يقول بولس الرسول (انزعوا كلّ حقد ونقمة وغضب وصخب وسباب وكلّ شر)(افسس:4:31
ان الذي يطلب الحكمة يعيش في سلام من يعرف الله (الحقيقي) لايستطيع إلا ان يعمل السلام (من وجدني وجد الحياة ,ومن أبغضني احبّ الموت)(مزمور8:35 ) ، ان رسالة المسيح التي سلّمها لتلاميذه وبدورهم سلمّوها للمؤمنين هي زرع السلام والرجاء والسعادة والفرح في قلوب البشرية والعالم ، ولكن يا للأسف اجتمع العالم (ممثلا ببيلاطس البنطي ممثل القيصرالذي كان يمثل العالم الوثني مع اليهود ليصلبوا رئيس السلام).فلا سلام إلا بالرجوع الى مصدر السلام ونور العالم يسوع المسيح .السلام لايتم إلا أن يعيش الأنسان بسلام مع الله ومع أخيه الأنسان ومع النفس ومع البيئة التي يعيش فيها ، أن البقاء في سلام هو سلاح روحي وحرب بوجه الشيطان ,فعندما أمتص غضب الأخرين  سأعيش في سلام لانني بهذا اطفئ سهام العدو ،
يقول كاتب المزمور الثالث(في سلام استلقي وأنام ,ثم أفق لأن الرب سندي,لا أخاف من عشرات الألوف ,من هؤلاء الذين يخاصمونني). ان سلام الله يفوق كل عقل ، جاء المسيح ليعالج جذور الغضب والعنف والكراهية
ويقول الرب يسوع المسيح للمؤمنين به (ها أنا معكم  كلّ الأيام والى انتهاء الزمان)(متى 28:20
نعم ليس هناك سلام إلا في راحة المسيح ان اي انسان او ايّ شعب او مجتمع ليس فيه استقرار وامان وسلام فهو يعيش في اضطرابات وفوضى وتمزق وخوف ورعب وارهاب ,ويتخبط في ظلام دامس ويعيش في نفق مظلم لا يستطيع الخروج منه إلا باعادة النظر في حياة هذا الأنسان او هذا الشعب او ذلك المجتمع وذلك بالتغيير الجذري في جميع فروع الحياة الماضية وبداية حياة جديدة مبنية على اسس السلام والمحبة والغفران وازالة كل الأحقاد والاسيكرر نفس الأخطاء التي سقط فيها من سبقوه .ان ثقافة السلام لايمكن ان تتم ونحن نعيش اجيالا في بلد فقد السلام وفقد الفرح والبهجة نتيجة الحروب والحقد والكراهية التي زرعت في عقول أجيال متعاقبة في المجتمع العراقي حتى ان هذه الأجيال لا تعرف ولا تستمتع بنعمة السلام,وتعجبني اية في الكتاب المقدس تقول(مايزرعه الأنسان ايّاه يحصد) ،
نعم ان زرعنا التين سنحصل على ثمر التين وان زرعنا الشوك سنحصد الشوك  هكذا ان زرعنا الموت سنحصد الموت وان زرعنا السلام سنحصل على السلام . هذا ما يقوله لنا الرب يسوع المسيح وهو بهذا يريد ان يقول لنا من اثمارهم تعرفونهم فكيف نجني من الشوك عنبا ومن العليقة تينا؟ نعم كيف نريد من عراق اليوم ان يحصل على السلام والأستقرار ولا زال الكثيرون  يزرعون الموت والحقد والعنصرية الطائفية والقومية والعشائرية والمذهبية؟ نعم  هناك من يزرع الموت ويسفك دماء الأبرياء باسم الله وهذا هو ما لا يقبله كل انسان يفكر بالعقل والمنطق  و له ضمير  لان كل انسان زرع الله فيه الضمير الذي هو عبارة عن جرس انذار لا يقبل ماهو غير منطقي او يخالف العقل  بغض النظر ان كان هذا الأنسان متدينا او حتى ملحدا لان ذلك يخالف ابسط ا لقيم الأنسانية فكيف لا يخالف الطبيعة الإلهية التي توهب الحياة  فلا يحق لايّ كان أن يسلب حياة وهبها الله ، ان الأنسان(كما يخبرنا الكتاب المقدس) بنظر الله فريد وثمين جدا  لان الله خلق الأنسان على صورته كمثاله ولكن ياللأسف  يوجد في العالم من يشوّه صورة الله وصورة الأنسان و من يصنع الموت بدل أن يصنع السلام,فصناعة الموت اصبحت حرفة وصناعة يمارسها الكثيرون وخاصة في عصرنا الحاضر بل ان هذه الصناعة تتطورت حتى اصبح الذين يصنعونها مبدعين في صناعة القتل والدمار والموت بوسائل جهنميّة يندى لها الجبين وفقد الكثيرون انسانيتهم واصبحوا اكثر شراسة حتى من الوحوش الضارية وكل  هذه الممارسات اللاانسانية يصنعونها باسم الله وباسم الشريعة وباسم الدين والكثيرون  مع كل المرارة والأسف يتعاطفون مع هذه النفوس الهالكة ، ان قمة العنف عند البشر هي أن يلقوا على الله صورة عنفهم الشخصي.



يقول اشعيا النبي عن هؤلاء صانعي الموت(أرجلكم تسارع الى الشرّ والى سفك الدماء البريئة,أفكاركم افكار الأثم وفي مسيركم خراب وهدم.طريق السلام لاتعرفونه) ، (ااشعيا59:7  ) نعم هذا هو طريق الذين يسفكون دماء الأبرياء لايعرفون الا الخراب والدمار والطرق المعوّجة لايعرفون غير صناعة  الرعب والأرهاب ولايتمتعون بنعمة السلام ولا يريدون للأخرين ان  يعيشوا بسلام, ان هولاء الناس نستطيع تمييزهم  لأنّ  ملامح وجوههم تشهد عليهم  فسماة البشاعة والأرهاب بادية في وجوههم وامارات الموت بادية في نفوسهم فهم يكرهون الحياة ويكرهون كل من يحب الحياة وهم يعيشون مثل مدمني المخدرات في عالم خيالي غير واقعي  فهم يهربون من الواقع ولا يستطيعون مواجهة هذا الواقع وتغييره فيهربوا الى عالم اخر كما يحدث للمدمنيين على المخدرات وبهذا هم قد ماتوا ولو انّهم أحياء يمشون في هذه الأرض .
كيف نرى مستقبل العراق والعراقيين؟
ان العراقيين اليوم في مفترق الطرق امّا أن يختاروا العيش معا بسلام ومحبة ونبذ كل مازرعه الأشرار في هذا المجتمع المتنوع الأعراق والديانات والقوميّات عبر مئات السنين والأنتفاضة على هذا الواقع المرير
بالتكاتف والتصالح والغفران ونبذ كل ما يفرّقهم ويضعفهم وينال من حضارتهم المتجذرة في عمق التاريخ
وينهضوا من سبات الموت وينتفضوا على الواقع المرير ويعلنوا انهم لايقبلون اي فكر او مذهب او عقيدة تفرقهم وتنال من وحدتهم ووطينتهم وليكون محبة الوطن ومحبة المواطن هو فوق جميع الأفكار الهدّامة وفوق كل  العقائد التي تفرق ولا تجمع وفوق كل المذاهب التي تميّز ولا توّحد وفوق كل السياسيين الذين يبيعون وطنهم بدل ان يبذلوا انفسهم في سبيل وحدته وحريته وكرامة مواطنيه .
أما الطريق الثاني هو أن يخضعوا لمخطط الأشرار الذين حاولوا ولا زالوا يحاولون تمزيق وتهديم واستعباد الأنسان العراقي لكي يبقى مسلوب الأرادة والتصميم ومشلول الفكر ومقيّد الحريّة وخاضعا وخنوعا لاحول له ولا ارادة.
ومستقبل العراقيين والعراق سيتوقف على أي من هذين الطريقين سيختار شعبه  ,فاذا اختار الطريق الأول
فانهم سيبرهنون للعالم كله ان العراق مهما اجتاز من المصائب والمحن يستطيع في كل مرة ان ينهض من جديد ويزيل غبار الدمار والخراب ويبني من جديد حضارته كما يخبرنا التاريخ بذلك وهو يستطيع كما استطاع عبر التاريخ أن يعيش في ظل هذا التنوع العرقي والديني والقومي كما كان في الماضي
وفي حالة الأختيار الثاني( لاسمح الله) فان مصير العراقيين ومصير العراق الموحّد سيكون مجهولا ولن نستطيع أن نعرف أين سيقودنا هؤلاء الأشرار( وما أكثرهم اليوم) فالمستقبل  سيكون مظلما ومرعبا ومحبطا,لان الذين سيقودون العراق هم اخطر من كل الدكتاتوريّات التي حكمت العراق بل سيكون العراق ساحة للصراعات والحروب والموت وساحة لتصفية الحسابات الطائفية والقومية والمذهبية والعشائريّة اكثر مما شاهدناه ونشهده اليوم لأن المثل يقول السفينة تغرق عندما يكثر الملاحين( القادة) وعراق اليوم كثر فيه القادة .
كيف نبني السلام؟
السلام يجب أن يبنى على الحق والعدالة وإلا سيكون الأساس هش ولن يدوم اذا كان هذا الأساس مبني على الظلم والأكراه والتعسف والأستعباد ، ان ثقافة السلام يجب ان تزرع في الأجيال القادمة وهي من أهم وأخطر التحديّات التي ستواجهنا نحن العراقيين في السنوات القادمة ويجب أن تكون من الأولويات لكل السياسات والبرامج والخطط المستقبلية لنبني أجيالا صحيّة حيث يتم زرع ثقافة السلام والمحبة وحب الحياة في ألأسرة والمدرسة والمجتمع وتكون مناهج التربية مناهج تركز على التربية الصحيحة والصحيّة للأجيال القادمة ويتم تغيير كل المناهج التي فيها تمييز ديني أو طائفي او قومي او طبقي  والأهم من ذلك هو تنقيح الدستور الحالي الذي يعتبر التشريع للقوانين مستمدة من الشريعة الأسلامية لأن الشريعة التي مضت عليهااكثر من الف واربعمائة سنة لا ولن توالم القوانين والشرائع العصرية .ولن تتفق مع حقوق الأنسان وحريّة المعتقد وحرية الرأي والعدالة الأجتماعية وحقوق المواطنة نعم عراق اليوم يجب ان يعيد النظرفي الكثير من القوانيين والتشريعات السابقة لبناء الأنسان الجديد على المبادئ السماوية وحقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية والتركيز على الأنتماء الوطني وحب الوطن وحيث الوطن للجميع وبدون استثناء أو تمييز طائفي او عرقي او قومي أو اثمي او ديني  والتساوي بين حقوق الرجل والمرأة لأن المرأة هي نظير الرجل وهي الأم  التي تعطي الحياة وكما يقول الشاعر(الأم اذا اعدتها أعدت شعبا طيب الأعراقي) .
ان الأهتمام بالبنى التحتية للأنسان هو أهم بكثير من بناء البنى التحتية للمشاريع والطرق والجسور وووو الخ
(راجع الموقع ادناه حيث سبق ان كتبت مقالة بعنوان : لنبني الأنسان أولا) .
والدليل ان هناك دول خرجت من انقاض الحروب والخراب(كاليابان والمانيا) الذي طال جميع مرافق الحياة ولكّنها استطاعت النهوض من جديد لانها اعتمدت على بناء الأنسان الجديد  الذي بدوره أعادة ماخربته الحروب وابدع في صناعة الحياة  لاّن هذه االدول اعتمدت على تنشئة أجيال زرعت فيهم حب الحياة والسلام وحب الوطن وتجنب كل الأفكار القومية والعنصرية وثتقيف هذه الأجيال بثقافة السلام وتكامل الحضارات والمحافظة على البيئة والطبيعة وترسيخ الديمقراطية والحريّة وتشجيع المواهب الفردية وتعميق مبادئ حقوق الأنسان التي سنتها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية ،
فلماذا نحن ايضا لانقوم بنفس الدور لتلك الدول( التي خرجت من الحرب ولكنها لم تعرف المستحيل فبدات من جديد في بناء ماخربته تلك الحروب) بعد أن ذقنا مرارة الحروب والماسي والموت والدمار التي مرت على عراقنا المجروح واخرها هذا الأرهاب المرعب والمخيف والذي لا زالت اثاره باقية يدمي القلوب
لماذا لا نستفاد من التاريخ ونستفاد من الأخرين الذين مروا بنفس الضروف التي مررنا نحن ايضا بها؟
لماذا لانتعض ونتعلم الدروس من الظلم الذي عانيناه من الأنظمة الدكتاتورية السابقة وبدل ذلك نقوم نحن ايضا بظلم الناس عندما نتصارع على الكراسي والمناصب والطائفية المقيتة لا بل نبدع في ارهاب الناس وقتلهم وتكميم افواه المواطنين البسطاء؟
لماذا هذا التكالب على تقسيم جسد العراق ونهش خيراته وتهجير شعبه وتهديد مصيره ؟
كيف نستطيع أن نبني والكثيرون يهدمون؟
كيف نطبق الديمقراطية والحريّة وغيرنا لا يؤمن إلا بمنهجه وفكره وعقيدته وفرض رأيه؟
كيف نستطيع أن نقنع الكوادر العلمية والمثقفة ان تعيد بناء مادمره الأخرون بينما هذه الكوادر لا دور لها في ارض الواقع وأغلبهم تركوا وطنهم وهاجروا لاسباب امنية وفكرية وعدم فسح المجال لهم لبناء وطنهم؟
كيف يستطيع المسيحي أن يقوم بدوره التاريخي عبر الأجيال عندما كان دائما سبّاقا في النهضة والأبداع الفكري والعلمي والثقافي والأنساني بينما الأخرون يضطهدونه ويرهبونه ويهددون عقيدته؟
كيف يستطيع السني ان يعيش مطمئنا وجاره الشيعي يعيش في رعب وخوف ؟
كيف يستطيع الشيعي ان يحكم ويقود العراق وهو حاقد على اخيه السني؟
كيف نطبق العدالة في ظل الطائفية والقومية والعنصرية؟
كيف نحلم  بمستقبل مشرق وغيرنا يريد أن يغتال هذا الحلم؟
كيف نبرهن للعالم اننا شعبا واحدا لافرق بين مسلم ومسيحي وبين صبي ويزيدي بيما هناك من يعمل على ازالة هذا التنوع الجميل في المجتمع العراقي؟
كيف نتخيل شعبا عريقا يقلع من جذوره الغائرة في عمق التاريخ والكثيرون يصفقون ويحتفلون بهذا الأنجاز الشيطاني؟
ماذا نقول للعالم المتحضر ونحن نهدم ونسرق ونحرق اثار حضارات استمرت الأف السنين في وادي الرافدين؟
الخلاصة.
لقد كان شعار الثورة الفرنسية (الحرية-العدالة- الأخوّة) وقد استمدت من هذا الشعار الكثير من دول العالم ليكون نبراس مناهجهم السياسية والحزبية  ولكن بعد فترة زمنية قصيرة  قتل أصحاب هذه الشعارات   شعوبهم وصفّوا حتى قادتهم وساقوا شعوبهم الى الحروب والموت .
فهل نحن اليوم في الألفية الثالثة نتعض ونتعلم دروسا وعبر من التاريخ  ام نعيد نفس الأخطاء التي وقعنا فيها مرات عديدة ولا نتعلم ان نصنع السلام لنخلص من هذه الدوامة من الحروب والماسي؟
الأجابة على هذا السؤال سيتوقف مصير العراقيين وحتى مصير العراق .
ان العراق  مثل بستان فيه الوان جميلة من الورود والأزهار والخضار فهو يستحق ان يصبح جنة على الأرض اذا تصافت القلوب وتحرّر الناس من قيود هؤلاء الأشرار وأختاروا الحياة الحرة الكريمة
والى اللقاء في مقالة اخرى اترككم بسلام .
 



32
اضواء على تقرير منظمة (هيومن رايتس ووتش)الحقوقية                                                 

   
بقلم :المهندس نافع شابو البرواري



      ننقل في الموقع أدناه ماجاء في التقرير الخاص لمنظمة" هيومن رايتس ووتش" و الذي يلقي الضوء على
                                       المخاطر التي تواجهها  الأقليات في العراق و الذي نشر في عدّة صحف         http://moheet.com/show_news.aspx?nid=318015&pg=2 عربية وعالمية وتناقلته وكالات الأنباء العالمية
وملخص التقرير هو "ان الأقليات العرقية التي تعيش في الشمال العراقي تواجه كارثة انسانية نتيجة الصراع الدائر بين العرب والأكراد للسيطرة على عدة مناطق مهمة في محافضتي كركوك ونينوى,وان اليزيديين والشبك والمسيحيين يتعرضون لهجمات يشنها عليهم "المتطرفون "ويتعرضون الى "مضايقات" على ايدي القوات الكردية"
في الحقيقة أن هذا التقرير بالرغم من بعض الملاحظات عليه فهو فيه من الحقائق الدامغة التي لايستطيع احد انكارها وهي ما جرى للأقليات وخاصة المسيحيين من الظلم والأضطهاد والأرهاب والقتل والتهجير والتهميش والغبن وصل حد التطهير العرقي والتهديد اما بترك دينهم أو الموت أو ترك ارضهم  او الهجرة الى خارج الوطن كل هذا جرى ويجري بمخطط منظم ومبرمج ومستمر وقد لن يتوقف على المدى القصير   بل هو مخطط رهيب وشيطاني قد لا يحس البعض منا حتى نحن المسيحيين ولا ننتبه الى خطورته لان الكثيرين منا مشغولين في امور اخرى هامشية تبعدهم عن الخطر الحقيقي المحدق بنا كلنا نحن المسيحيين وبدون استثناء(كلدانيين واشوريين وسريان).

ان المراقب والمتابع   للأحداث( يحللها البعض منهم ميكروسكوبيا ومنهم من يحللها تلسكوبيا )  في داخل العراق والدول العربية والعالم سيستخلص نتيجة ورؤية مستقبلية للمسيحيين في العراق  غاية في الأهمية والخطورة    ويجب  ان نتوقف عندها لمعرفة ما يجب علينا ان نعرفه  ونقوم به من الخطوات على ضوء    التقارير الواردة للمنظمات  الدولية والخاصة بانتهاك  حقوق الأنسان في العراق
: لو اضفنا ماجاء في التقري الأخير  قبل ايام( الموقع اعلاه) الصادر من منظمة "هيومن رايتس  ووتش"الى التقرير القديم  للمنظمة الدولية التي تعني يحقوق الأنسان والأقليات العرقية الصادر في يوليو|حزيران  2009
-
والذي جاء فيه   "العراق  يدخل  في قائمة دول كافغانستان وباكستان والصومال  حيث يواجه السكان فيهم خطر مجموعات المعارضة المسلحة والقوات المسلحة الوطنية والدولية في ان واحد ,كما انهم عرضة لصراع على السلطة على اساس اثني وطائفي"
من خلال هذين التقريرين ومن خلال متابعتنا نحن المسيحيين لما يجري في العالم المحيط بنا  من   هبوب رياح التيارات الأصولية الأسلامية والمنطلقة من داخل العراق وخارجه وتنامي الأفكار الطائفية والقومية  علينا أن نكون يقضين ومنتبهين ومتّحدين لما يحيط بنا من المخاطر  وخاصة مخاطر الأرهاب للمنظمات الأرهابية والدول التي تدعمها وتصدّرهاالى العراقيين عامة والمسيحيين خاصة لأننا كمسيحيين نعيش في جزيرة صغيرة وسط بحر كبير من هذه التيارات الأصولية التي تنادي علنا بتصنيفنا وتسميتنا"بالصليبيين الكفرة" ونسمع من بعض المتطرفين من رجال الدين المسلمين في خطبهم في الجوامع بالتحريض على اضطهاد المسيحيين بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهم بهذا يصبون الزيت على النار بدلا من الدعوة الى احترام المسيحيين كاهل الكتاب كما ورد في في كتابهم "القرأن"
ان هذا التيار المتنامي سيكون الخطر  الكبير والحقيقي علينا نحن المسيحيين في المنظور البعيد
ولايجب أن نستهين به والآ نكون سّذجا او جهّالا, أو نعرف الحقيقة ولكنّنا مثل النعامة التي تخفي راسها في الرمل  اعتقادا منها انّ الصياد لن يراها
انّ التاريخ لن يرحم وهو مدرسة لنا  يجب ان يحيي ذاكرتنا والآ سنفقد ذاكرتنا ونمحي هويتنا ونقلع من جذورنا ,علينا  أن نستخلص منه الدروس والعبر ,وهذا التاريخ البعيد والقريب  شاهد على الأضطهادات والمجازر

الجماعية بحق المسيحيين ولا حاجة باستعراض  تلك القصص الماساوية للأفعال الشنيعة التي ارتكب الأخرون بحقنا وعلينا  ان لا ننسى ذلك طالما لا يوجد حولنا من يعترف ويعتذر  عن ماجرى بحقنا نحن مسيحيي وادي الرافدين عبر السنين  لابل لازال البعض يكرر ما فعله أجدادهم بحقنا وهم يسيرون في نفس النهج ونحن في الألفية الثالثة
ان الأحزاب الدينية تعني من اسمها انها تريد أن تخدم دينها بالمنهج الذي ترسمه لنفسها تلك الأحزاب ولن تتسامح مع الأحزاب الأخرى ولن تعترف بها فكيف نتوقع من هذه الأحزاب الدينية أن تحترم الديانات الأخرى ؟
 وبالرغم من انفتاح الحضارات وتكاملها مع بعضها البعض وبالرغم من مئات السنين التي عاشها المسيحيّون مع اخوتهم العرب والأكراد جنبا بجنب واختلط دمهم بعضهم مع البعض  بالرغم من كل ذلك لا زال بين فترة واخرى يظهر هذا التيار الأصولي وينشط نتيجة عوامل كثيرة ونتيجة الثقافة الخاطئة لتنشاة الأجيال المتلاحقة حيث يزرع فيها الحقد والكراهية لكل من هو مختلف عن ثقافة تلك الأجيال مسلمين كانوا او حتى احيانا المسيحيين.
على ضوء هذه الحقائق وعلى ضوء تقارير الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الأنسان التي تؤكد على المخاطر التي تحيط بالأقليات في العراق عامة والمسيحيين خاصة ,واذ نحن اليوم نمر بفترة شبه هدوء  وقلة  حوادث الأرهاب  لكن لا ننسى المثل القائل "الهدوء يسبق العصفة" وعلينا أن نكون حذرين ومتيقضين وساهرين كما يقول الرب يسوع المسيح(كونواساهرين..............
علينا أن لانتوقف عن المطالبة بحقوقنا في أن يكون لنا حكما ذاتيا اسوة بأخوتنا الأكراد وان يكون لنا ارضا نعيش فيها مكرمين معززين والآ لن يكون لنا راحة بال او مستقبل اذا لم نحقق هذا الحلم الجميل الذي كان أبائنا واجدادنا يحلمون به وسوف لن يكون لنا اي أمل في ألأستقرار والعيش الكريم وخاصة في هذه الضروف  التي نمر بها اليوم والتي جائت في تقارير المنظمات العالمية لحقوق الأنسان وعلى المجلس الشعبي والأحزاب المسيحية وكذلك جميع الكنائس  أن ياخذوا بهذا التقرير ويحملوه محمل الجد  وبقوموا باتخاذ  الأجرائات التالية:
1- ان تستغل تقارير الأمم المتحدة لتكون   ورقة ضاغطة على ا  لحكومة المركزية لكي تقوم الأخيرة بواجبها بحماية المسيحيين وتحّملها المسؤولية الرئيسية لكافة النتائج المتربة عن الارهاب والتهجير والأضطهادات على المسيحيين في المستقبل
2- على الحكومة المركزية فتح تحقيق بما جرى للمسيحيين في البصرة وبغداد وكركوك واخيرا في نينوى حيث تم تهجير الاف العوائل وتم الأستيلاء على اموالهم وبيوتهم وان يتم كشف الجناة ومحاسبتهم
3- وفي حالة عدم الأستجابة لطلب المجلس بخصوص الموضوعين أعلاه يتم المطالبة( بالتعاون مع اعضاء البرلمان لممثلي (الكلدان والأشوريين والسريان) لتدويل قضيتنا من خلال الأمم المتحدة لتتحمل هذه المنظمة مسؤوليتها الأنسانية لحماية مسيحيي العراق بعد انسحاب الجيش الأمريكي من العراق والذي هو المسؤول الأول لما جرى للمسيحيين في العراق
3-أمّا بخصوص المسيحيين في سهل نينوى ومن ضمنهم النازحين من المدن المشار اليها اعلاه فاننا نهيب باخوتنا الأكراد أن يقوموا بالتحقيق في ما اشار اليه تقرير المنظمة لحقوق الانسان(هيومن رايتس ووتش)
فيما ذهب اليه من الأنتهاكات والمضايقات على ايدي البعض من القادة لأخوتنا الأكراد بحق الأقليات ومنهم المسيحيين .
ونحن واثقون من انّ الأخوة الأكراد وعلى رأسهم القائد    السيد مسعود البرزاني رئيس حكومة اقليم كردستان
هو من اكثر الزعامات الكردية حكمة ودراية بشان مسيحيي المنطقة الشمالية لان سيادته يعرف ان الأكراد والمسيحيين عاشوا مئات بل ألاف السنين مع بعضهم وهم لهم تاريخ مشترك وارض مشتركة وتقاليد مشتركة
واهدافا مشتركة ونضال مشترك حيث خلط الدم الكردي بالدم المسيحي عبر التاريخ ولا زالت ثورة اخوتنا الأكراد التي انطلقت سنة1961بالتعاون   مع اخوتهم المسيحين ماثلة في الذاكرة ولن يمحيها التاريخ حيث عانى المسيحييون من الحروب التي شنتها الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة كما عانى اخوتهم الأكراد ,حيث كانت قرانا المسيحية تقدم الخدمات من الغذاء والماوى لأخوتهم الأكراد بل شاركوا اخوتهم في النضال والقتال جنبا الى جنب ((وقد سجن والد كاتب هذه المقالة بسبب تضامنه مع البيشمركة وكانت قريتنا (ميزي) من أوائل القرى المسيحية التي اوت قوات البيشمركة وبسبب ذلك سلبت ونهبت  القرية وتم تدميرها مرات عديدة حالها حال المئات من القرى الكرية والمسيحية من قبل الأنظمة المتعاقبة و عملائهم في المنطقة ))
ان الزعيم مسعود البارزاني يعرف تماما ان مصيرنا نحن المسيحيين مرتبط بمصير اخوتهم الأكراد واي اذية للمسيحيين ستنعكس على اخوتهم الأكراد والعكس صحيح لان تفريغ المنطقة الشمالية من المسيحيين سيفقد أخوتنا الأكراد السند الكبير لعدالة قضيتهم وسيضعف موقفهم أمام رأي العالم وسوف يتركون وحدهم في الساحة امام
الدول المحيطة بهم والذين لا يرغبون بان يتمتع الأكراد بحقوقهم المشروعة في الحكم الذاتي
عليه ومن خلال رؤيتنا للأحداث نطالب اخوتنا الأكراد بزعامة الأخ مسعود البرزاني ونطالب زعاماتنا المسيحيين من جميع الأحزاب وخاصة المجلس الشعبي وكذلك رؤساء كنائسنا بان يتم انعقاد مؤتمر مسيحي كردي في الزمان والمكان الذي يتم الأتفاق عليه ليتم عقد تحالف مشترك وازالة كل المتعلقات والأتهامات المتبادلة والتعالمل  بشفافية   لترسيخ عرى الصداقة والتعاون المشترك الذي لابد منه ليكون هذا المؤتمر نقطة الأنطلاق لتشكيل  وحدة متماسكة ضد كل من يحاول النيل من هذا التعايش التاريخي بين الأخوة وليكون هذا المؤتمر نموذجا للمنطقة كلها لنبين للعالم ان الأكراد والمسيحيين هم جسرا لنقل الحضارة بين الشرق والغرب .

4-نقترح تشكيل قوات كردية من قبل حكومة أقليم كردستان بالأشتراك مع قوات مسيحية وقوات جيش من قبل الحكومة المركزية لتكون قوات مشتركة لحفض السلام في الحدود الجغرافية بين مدينة الموصل وسهل نينوى
وبذلك يتم سد الفراغ الأمني لكي لاتصبح هذه المنطقة منطقة ساخنة للصراعات القومية واطائفية في المستقبل وخاصة بعد انسحاب القوات الأمريكية
ارجو ان يتم دراسة هذه المقترحات وشكرا


 



33
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟
الجزء الثاني
بقلم:المهندس نافع شابو البرواري

ان الله منح الجنس البشري سلطانا هائلا,ليكون مسؤولا عن كل الأرض (الحيوانات النباتات  البيئة  المياه  الطبيعة) ولكن السلطان العظيم تلازمه المسؤولية  العظيمة .
نعم  قد تكون لنا أشياء نمتلكها ولنا السلطان أن نعمل بها ما نشاء ولكن  علينا مسؤولية رعايتها والعناية بها فم بالك بالأنسان  الذي من المفروض ان نعتني به في الصحة والمرض وان نتعامل معه بالحكمة والرحمة لأن الله خلقنا مكللين بالمجد والكرامة
ركزنا في مقالتنا الاولى على ثلاثة مبادئ يجب على القائد والمسؤول الحكيم ان يلتزم بها وهي باختصار
الرب يسوع المسيح يجب ان يكون قدوة لقادتنا ومسؤولينا
الكتاب المقدس لكي يكون دستورلهم
والروح القدس يكون مرشدهم
وسوف نتطرق في مقالتنا اليوم الى مميزات وسمات القادة والمسؤولين الناجحين.
لو نرجع الى الكتاب المقدس لقرأنا عن قادة روحيين وقادة مدنيين وانبياء غيروا حياة شعوبهم وكانوا قدوة حسنة ومخلصين وامناء على رسالتهم ومراكزهم  واتخذوا قرارات لازلنا ونحن في القرن الواحد والعشرين نستلهم منهم العبر والدروس الغنية روحيا وانسانيا وحتى سياسيا .ومن امثال هؤلاء القادة الذين يجب ان نقتدي بهم
ابونا ابراهيم ويوسف وموسى و يشوع وداود وسليمان الحكيم و عزرا  ونحميا ومردخاي وأستير  و راحاب ودبورة و جدعون في العهد القديم  والرسولان
بولس وبطرس في العهد الجديد
اما القائد الاعظم وبدون منازع هو الرب يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب


وكل هؤلاء القادة العظام كان لهم نقاط القوّة وأيضا كان لهم نقاط الضعف وسقطوا في اخطاء كثيرة الا الرب يسوع المسيح الذي  لم يستطع حتى أعدائه ان  يلزموا فيه اي عيب او خطيئة وقال لرؤساء اليهود (الكتبة والفريسيين )(فمن منكم يقدر أن يثبت عني خطية)(يوحنا 8:46
من خلال دراسة شخصيات العهد القديم نستطيع ان نلخص بعض الحقائق الجوهرية لصفات   القادة  في الامور الروحية والطبيعية
1-القائد الحكيم يطلب أرشاد من الله ليقوده الى تحقيق رؤيته وأهدافه وأن يطيع الله لا الآخرين عندما يكون هناك حسم لموضوع  يدعو الى التنازل عن المبادئ السماوية والأنسانية والأخلاقية.فالأنسان  الذي يرى الأخطاء فعليه  أن لايسمح لنفسه بأن يتزحزح  عن موقفه في الدفاع عن الحق والتمسك بالصواب مهما كان الثمن.
2-من أعظم التحديّات للقادة  هي تدريب اخرين ليكونوا قادة.والأمثلة كثيرة فيها يخبرنا الكتاب المقدس عن قادة عظام لكنهم فشلوا في تهيئة وتدريب قادة ليستلموا القيادة من بعدهم فلم تتحقق الرؤية ولم يتحقق حلم ذاك القائد(راجع صموئيل الأول كيف فشل في أن يكون قدوة لأبنيه يوئيل وأبّيا فلم يسلكا في طريقه)(صموئيل الأول 8:3).
بينما يخبرنا الكتاب المقدس كيف  أن موسى اختار مساعدين ومستشارين وأمناء ومتفانين في الواجبات والمسئوليات امثال يشوع بن نون الذي اصبح قائدا عضيما من بعده واستطاع أن يدخل بالشعب الى ارض الموعد)
اما في العهد الجديد فنرى الرسول بولس يهيئ تلميذه تيموثاوس ليحمل الأمانة من بعده اي رسالة البشارة وان يكون قدوة للأخرين (راجع الرسالتين الأولى والثانية الى تيموثاوس)
ولا ننسى أن الرب يسوع المسيح  حمّل التلاميذ مسؤولية حمل رسالة الفرح الى العالم كله(                )  وقال للرسول بطرس  أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي (              )

3- القائد الحكيم يجب أن يكون له مستشارين حكماء,فعندما يكونوا مستشاري القائد على دراية وحكمة ومعرفة وفهم وخبرة وأهم من ذلك الأيمان بقضيتهم ونكران الذات والتضحية والصدق والأمانة والأندفاع للعمل وعدم المحاباة عندها يكون المجتمع الذي يحكمه هذا القائد بخير .

4-قد يكون للقائد أو الملك مواهب عديدة وعليه أن يستغلها للبناء وليس للهدم وكثيرين من القادة لهم ذكاء وفطنة وفهم ومعرفة وقد يكون القائد ناجحا في القيادة وحكيما في المعرفة والفهم لكنه قد يسقط ويفشل في الأمور التي تسعد وتخدم شعبه وسليمان الحكيم خير مثال على ذلك 
الله منح الحكمة لسليمان  ومنح امكانيات عظيمة كملك لشعب الله  ولكن ارتبط بتحالفات ومسؤوليات المرفوضة من الله كزواجه بالوثنيات واثقل كاهل شعبه بالضرائب وأعمال التسخير  ,فنجح في الأولى وفشل في الثانية.وعندنا عبر التاريخ الكثيرين امثال النبي سليمان
ان شهادة الحياة للقائد هي التي تؤثر على الأخرين سلبا أو ايجابا  فليس المهم نجاحات القائد بل الأهم هي اطاعة الله وخدمة الأخرين.
ان  العطش والنهم للسلطة أو العجرفة والكبرياء تدّمر القائد وبدوره يدّمر المجتمع  او الدولة التي يحكمها.فتصرفات القائد الشخصية واخلاقه  قد تقود الناس الى الخير  أوتكون هذه التصرفات سببا لتدمير كل ما بناه .ان تباهي القئد بقوته وسلطانه يحمل في داخلهابذرة السقوط والفناء ,فالغرور والكبرياء مرضان قد تؤدي بصاحبه الى الجنون (جنون العظمة)وخير مثال على ذلك في العهد القديم (نبوخذنصر)(راجع سفر دانيال 4:37) فبالرغم من ايمان نبوخذنصر باله دانيال ورفاقه  لكنه عاد وسقط في فخ الشيطان(الكبرياء) لما سمح لمستشاريه السيئين ان يقنعوه بالأنتقام من دانيال ورفاقه
ووصل غروره وداء العظمة فيه الى حد الجنون لمدة سبعة سنوات
وهكذا التاريخ يخبرنا عن نيرون قيصر روما مضطهد المسييحيين عندما قال قوله المشهور(طالما انا اقوم بكل هذه الأفعال الشنيعة ولا احد يحاسبني اذن انا هو الله)
 والتريخ يخبرنا انه وصل الى حالة الجنون

 

5-ان التسلسل الألهي للسلطة يرتكز  على الأيمان وليس على المنصب (1صموئيل 3:8,9)(تكلم يارب فأن عبدك يسمع).
الله لا ينظر الى قدرة الأنسان ولا على عمره ولا على شكله الخارجي ولا على مهنته او حتى خبرته والكتاب المقدس يخبرنا عن ناس بسطاء مثل الرعاة والصيادين والفقراء  لكنهم اصبحوا قادة وملوك ومبشرين وقديسين , فرسالة الله للقيادة تتوقف على ايمان الشخص بالله وبرسالته وليس السلطة والقدرة  فالله يبحث عن أمناء صادقين ومكرسين حياتهم من أجل خدمة الله والناس(راجع شخصيات العهد القديم والعهد الجديد أمثال داود الملك  حيث كان راعيا والكثيرين من الأنبياء كانوا رعاة وحرفيين
اما في العهد الجديد خير مثال كان التلاميذ اغلبهم حرفيين وصيادي سمك ويسوع الرب كان نجارا)
الرب يسوع المسيح كان له سلطة على كل الأرض والسماء لأنه هو نفسه مصدر السلطة الواهبة للأخرين ومع ذلك تواضع وأخلى عن سلطته لحين  باطاعة أبيه السماوي
6-القائد الحقيقي يتحدى الصعوبات ويجتاز المحن بحكمة وفطنة ,ويواجه الأحداث باسلوب يتفق مع ارادة الله وطاعته  خاصة عند الضغوطات  التي يواجهها القائد في المواقف الصعبة فلا يتنازل عن المبادئ السامية ولايساوم أويخضع لشروط الآخرين بل عليه أن يخضع لعمل الله ومخطته ويتبع معايير الله الأدبية وليس معايير البشر  وان يستخدم قدراته الشخصية للخير العام ويستثمر هذه القدرات لمقاصد الله على الدوام .كان النبي موسى خير مثال ونموذج لهكذا قادة  في العهد القديم(اقرا قصة موسى كيف حرر شعبه من العبودية والقهر في مصر باتباعه ارشادات الله .أما في العهد الجديد فان الرسولين بولس وبطرس  خير مثالين على قيادة الكنيسة بالحكمة وتحت الكم الهائل من الضغوطات والأضطهادات)
7-على القائد أن يتعلم من خبرة الحياة ولا يكرر الأخطاء .
فا لقائد الحقيقي قد يخطأ ولكن المهم أن يرجع ويتوب ويعتذر ويتعلم  عبر ودروس من هذه الأخطاء وهكذا فعل داود النبي أعظم ملوك اسرائيل فقد كان مستعدا للأعتراف بأمانة بأخطائه فيعالجها  بعد أن يرجع الى الله ويتكل عليه (راجع مزمور 51
فاهم مميزات القائد هي الصراحة والحسم والعمل والسيطرة وقد تستخدم هذه المهارات للخير العام او للشر العظيم .
8-عدم التعامل مع الناس بالأنحياز والتمييز أو المحابات (يعقوب 2:1) فيسوع المسيح لم يأتي للأغنياء فقط أو الوجهاء أوذوي السلطة بل جاء للجميع الفقراى والمهمشين والمرضى أيضا .فلا انبهار بالمركز والجاه أو الملك او الشهرة .
ان التمييز والتحيّز خطيئة ,لأن الله يعتبر كل الناس سواء(لانكن مخاصمين بل لطفاء يعاملون الجميع بوداعة تامة)(تيطس3:2).
9-على القادة ان يعيشوا في النقاوة والوقار والكلموة الصحيحة التي لا تلام  جاعلين من أنفسهم قدوة للآخرين ولا يكون عملهم واجب أو وظيفة  بل تربية ورعاية حتى يرى الآخرون أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها ,فشهادة الحياة هي اقوى من الكلمات الرنانة التي ينطق بها القائد ولكن لايعيشها.
وعلى القائد أن يقبل النقد البنّاء ليعرف نقاط الضعف عنده ويحاول تجاوزها ولا يصر على اقناع الآخرين  بمجادلات ومماحكات لا طائلة لها وغير نافعة(تيطس 3:9) وللأسف الكثيرين من القادة (وخاصة الشرقيين ) يعتبرون النقد البناء انتقاصا لشخصيتهم او تجريحا لهم)



34
·    
المسيحية في العراق بين مطرقة السياسة وسندان الدين
 
 بقلم : المهندس نافع شابو البرواري
 
 الى أين أوصلنا تسييس الدين؟
ان الدين هو الذي يربط الناس بالله وبعضهم ببعض ، ولكنه مع الأسف صار في الواقع أكبر مُقسّم وحامل قوى الموت وسط الأمم ، قدم المسيح نظرة جديدة الى الدين لاتعني أن جميع الديانات تتساوى بل أن الدين الحقيقي يتعرف الى عمل الله في الأفراد وفي العالم ويدعو الناس الى العمل مع الأخرين.
ان اشكالية تداخل الدين (الشريعة الدينية) مع الدولة(السياسة) ثبت فشله حتى قبل 500سنة من ألآن في الدول الغربية وكلنا يعرف هذا ولا نريد الخوض في تفاصيلها( عندما كانت الكنيسة تتدخل في سياسة الدولة) .
وكلنا يعرف بالمآسي التي حلّت بالبشرية نتيجة تدخل الكنيسة في شؤو ن الدولة في القرون الوسطى وكيف ادى ذلك الى التمرد وانشقاق الكنائس وتهميش لدور الكنيسة وحتى ادى الى فتور الأيمان في هذه الدول واصبحت الكثير من الكنائس متاحف للزوار ولكن كلنا يعرف ايضا ان الكنيسة تراجعت واعترفت باخطائها عبر التاريخ ومنهم البابا الراحل يوحنا بولص الثاني عندما اعتذر باسم الكنيسة عن كل الأخطاء التي ارتكبت عبر التاريخ ، وها أن اليوم الكنيسة ما بعد مجمع الفاتيكاني الثاني أصبحت كلها نشاط وحيوية بفض نفخة الروح القدس فيها وتجديد وتغيير منهجها القديم لتنزل الكنيسة الى الناس بدل ان ياتوا الناس اليها وكان رائد هذا التغيير الراحل يوحنا بولص الثاني .
لكن لو نرجع الى الكتاب المقدس كدستور لنا لعرفنا أن المسيح قد فصل الدين عن الدولة ووضع حدا لهذا التداخل منذ حوالي 2000 سنة ، وقال قوله المشهور (أعطو مالقيصر لقيصر وما لله لله).
ان المسيحية تؤمن أن للدولة السلطة في مجالات معينة وللكنيسة مجالات اخرى ويمكن لمسيحيين أن يخضعوا لكليهما وأن يجمعهما كليهما ، ولكن يجب الأيخلط بينهما .
فللكنيسة(الكهنة والمؤمنين) دور روحي  وللدولة(النظام السياسي)دور طبيعي فهما متكاملان يكمل أحداهما الأخر ولكن لا خلط بينهما (اي لاخلط بين السياسة والدين) ،
ان الشرائع تتطور في كل عصر  وهذا ماقاله الرب يسوع المسيح ((سمعتم أنه قيل لكم :عين بعين وسنّ بسنّ أما أنا أقول لكم.....      ) (متى 38.5 )
وقد جعل الرب يسوع السبت للانسان وليس الأنسان للسبت لأن الأنسان هو اهم من السبت وليس العكس أي بمعنى اخر الشريعة وضعت لصالح الانسان وليس العكس.
هكذا الشريعة تتطورت في العهد الجديد حيث دخلنا في عصر النعمة وشريعة الروح والتي يمكن ان نعتبرها شريعة الضمير الحي بالروح القدس وليس نصوصا جامدة نصبح عبيدين لها فتستعبدنا.
أما الشريعة الأسلامية فلا زال البعض لايريد تطويرها حيث يخلطون بين الشريعة والعقيدة ، العقيدة هي  : علاقة شخصية مع الله الخالق وهي مسالة شخصية يجب أن لا تفرض على الأخرين بينما الشريعة هي : وضع قوانيين وسنن ( وضعية) لتتناسب مع كل زمان ومكان وحالة لمجتع من المجتمعات بحيث تاخذ بنظر الأعتبار جميع الأفراد والشعوب والطوائف والعوامل الداخلية والخارجية ولتتناسب مع واقع اليوم وليس لواقع مضى عليه اكثر من الف واربعمائة سنة .
يقول  الشيخ يوسف القرضاوي( وهو داعية سني ويعتبر عالم الشريعة الأسلامية وهو من العلماء البارزين في العالم الأسلامي السني) ان الدولة الأسلامية فيها السلطة التشريعية بيد الشعب ولكن باطار الشريعة الأسلامية ، ويضيف قائلا :(لايوجد في الأسلام سلطة روحية وسلطة مدنية منفصلة) (راجع سلسلة لقائات الشيخ القرضاوية مع قناة الجزيرة في موضوع الشريعة والحياة) وهكذا وضع الدين هو المحرك الأول والمسيطر على كل الشرائع والقوانيين الأنسانية في الدول العربية والذي يتابع السياسات للتيارات الدينية في الدول العربية والدول المحيطة بالعراق سوف يتوصل الى حقيقة هذه التيارات السائدة في هذه الدول وهي :
* تيارات أصولية سلفية لها أفكار متشددة وتحمل أفكارا عنصرية دينية وطائفية وتعتمد في منهجها قاعدة دستورية وهي..
(القران دستورنا والرسول قدوة لنا والأسلام هو الحل لنا) فهذا الفكر يعيش في الماضي السحيق ولا يعترف بالواقع الجديد بل هو يريد ارجاع عجلة التاريخ الى الماضي  لانه يجتر من هذا الماضي ويعيش في غيبوبة لا يريد الخروج منها وبهذا ينطبق عليهم قول ماركس ( الدين افيون الشعوب)وللأسف فان هذا التيار هو الذي استطاع أن يسيطر على أفكارغالبية شعوب الوطن العربي ولا نقول الأسلامي ، وحتى الحكام يشجعون هذا الفكر لانه يدغدغ عقول الناس ويصور لهم أن ليس هناك الا عدوا واحدا هو في الخارج اما الحكام  في الداخل يسرحون ويمرحون ويتاجرون بعقول هؤلاء الغلابة لأنهم يعيشون في الجهل والتخلف وهم مُسيرون وليسوا مُخيرون ، وهذه العقيدة المُسيسة منتشرة في اغلب الدول الاسلامية السنية حيث تم غسل أدمغة أجيال من الشباب وزرعوا في عقولهم هذا الفكر .
*وهذا ينطبق ايضا على الشيعة وخير مثال الجمهورية الأسلامية الأيرانية حيث سلطة ولاية الفقيه هي السلطة المطلقة في الدولة  بالرغم من الشعارات المرفوعة عن الديمقراطية والحرية  التي تدعي انها تطبق في ايران ، وقد راينا ماذا كانت النتيجة لهذه الديانة المسيسة بعد الأنتخابات الأخيرة في ايران حيث انقسم المجتمع على نفسه بين تيار ديني متشدد اصولي يريد تطبيق شريعة ولاية الفقيه والذي يعتبر سلطته مباشرة من الله ( وهذه السياسة تسمى الثيوقراطية )  فهو لايستطيع ان يعترف بمبدأ الحريات الفردية ولا الجماعية ولا يستطيع هذا النظام أن يقبل بمن يخالفه في المنهج أو الفكر او الرأي فهذا النظام منغلق على الذات ولا يستطيع الأنفتاح على العالم الحر بل هو لايعترف بهذا العالم وفي نهجه يريد تغيير(حتى لو استعمل وسائل القوة والأرهاب) هذا العالم  ليقف معه لان شريعته مستمدة من فوق فهو فوق الكل ، وهذه العقيدة الدينية المسيسة منتشرة في ايران والكثير من الدول العربية في الطائفة الشيعية ومن المؤسف أن يكون العراق هو ساحة صراع التيارين أعلاه
* وهناك اليوم تيار اصلاحي علماني يريد التحرر من كل هذه الافكار المتخلفة ولكن للأسف فان أصواتهم مخنوقة من قبل الذين يهددون ويعربدون من التيارين السابقين ولكن المستقبل سيكون لهذا التيار الذي مهما طال الزمن سيظهر ويسود ولكن يتطلب ذلك تضحيات كبيرة وجهود المثقفين والمفكرين والعالم الحر ، ويحتاج الى ثورة على الذات  وتوعية اعلامية يساهم فيها كل المثقفين والمؤمنين بالحرية والديمقراطية والساعين الى السلام والمحبة والأخاء بين البشرية جمعاء.
اليوم وسائل الأعلام تصل الى كل بيت وقد آن الاوان لتنهض الأجيال الحالية والمقبلة لتغير الصورة المأساوية لهذه الدول والشعوب لتواكب الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافي والأنساني والتحررمن كل قيود العبودية والموت ، اليوم العالم اصبح يعيش في قرية صغيرة ولا يمكن ان يستمر المتقوقعين في شرانقهم بل عليهم الخروج الى الهواء الطلق لتنفس هواء الحرية .
سياسة الخلط بين الدين والدولة اين ستقودنا؟
اليوم نحن نعيش في العراق في ظل  دولة تحكمنا بموجب دستور مستمد من الشريعة الأسلامية اي ( دولة دينية طائفية وليست دولة المواطنة حيث الوطن للجميع والدين لله) ، الدستور الحالي شئنا ام أبينا قد الغى حقوق وحريات الديانات الغير الأسلامية . 
اليست هذه الحكومة هي التي وضعت الدستور (المشؤوم)الحالي والذي يسحق الأقليات ويهمشها بل يفرض عليها شريعة دين واحد والكثيرون بل حتى شريحة كبيرة من العرب لا يريدوها لأنها لاتوالم العصر ولا يمكن تطبيقها في القرن الواحد والعشرون؟
 ان السنوات الأربعة الماضية أكدت لنا بالتطبيق العملي ان هذا الدستور لايمكن تطبيقه حتى على المسلمين فكيف يتم تطبيقه على غير المسلمين وخاصة المسيحيين .
فالحرب الطائفية( حتى بين ابناء الدين الواحد) وانهار من الدم والدموع هو نتيجة تسييس الدين من قبل الاحزاب المتصارعة وجعل الكثيرون يلعبون بورقة الطائفية والمذهبية لأهداف شخصية وسياسية للحصول على المكاسب المالية والمناصب والمراكز والكراسي والتجارة بالدين على حساب حياة الناس البسطاء الذين كانوا على الغالب هم الضحية ومنهم بالطبع المسيحيين  حيث أحيانا كانوا يطلبون منهم اما الأسلام او الفدية أو الموت وعلى مسمع القيادة في الدولة (هذا اذا لم يكونوا هم ايضا مشتركين في الهدف نفسه) ،
 وها هم نفس الأحزاب ونفس الأشخاص يرشحون انفسهم في قوائم الأنتخابات ولكن هذه المرة بثياب الحملان ولكن في الحقيقة هم من الداخل ذئاب مفترسة ، كما يقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء الناس(..يجيئونكم بثياب الحملان وهم في باطنهم ذئاب خاطفة)(متى7.15
علينا نحن العراقيين عامة والمسيحيين خاصة أن نشخص هذه الأحزاب وهؤلاء الأشخاص وكما يقول الرب يسوع المسيح من خلال أثمارهم(الشجرة الجيّدة لاتحمل ثمرا رديئا والشجرة الرديئة لا تحمل ثمرا جيدا.كل شجرة يدل عليها ثمرها.فانت لا تجني من الشوك تينا ولا تقطف من العليق عنبا)(لوقا6  . 43-46 )
والحقيقة أنهم ومن خلال القوائم الجديدة القديمة نراهم لازالوا يلعبون على نفس الوتر الحساس الا وهي الطائفية المقيتة على الرغم من رفعهم للشعارات الجميلة والبراقة والتي اصبحت اسطوانة مشروخة لن تنطلي حتى على السذج من الناس ، فلا نتوقع من القادمين الجدد للحكومة المستقبلية اية مفاجئات او تغيير المنهج لان قادة الاحزاب هم مسيرون وليسوا مخيرون بل يطبقون ما يخدم مصالح طوائفهم للحصول على المنافع والمكاسب المادية والمعنوية  على حساب الاخرين ، وخلاصة القول هو ان اي دمج للدين بالدولة ثبت فشله عبر التاريخ وانه فشل تطبقيه في العراق وخاصة أن العراق هو غني بالقوميات ومتنوع الديانات والطوائف ولايمكن أن ينجح تطبيق الدستور الحالي الا على حساب الديانات والطوائف والقوميات الاخرى .
والأسئلة المطروحة هي أين نحن المسيحيين من كل ذلك؟ 
*وجود دستور لايعترف بغير الشريعة الاسلامية لتكون أساس القوانين والشرائع العراقية.
*المسيحيون في العراق لا يعتمدون على القوة للحصول على حقوقهم المهدورة.
وهم ليس لهم سند لا من الخارج ولا من الداخل .
*المسيحيون لم يكونوا بعيدين عن الصراع القومي والحزبي وحتى الطائفي للأسف
وهذا ادى الى تشتيت اصواتهم وجهودهم للحصول على حقوقهم المشروعة. بالأضافة الى ذلك ونتيجة سيف الأرهاب المسلط عليهم ارتمى البعض منهم في احضان الأحزاب والقوميات الأخرى لحمايتهم امنيا وهذا ادى الى استغلالهم من تلك الجهات لمآربهم ومصالحهم الخاصة.
من السنوات الماضية للحكومة الطائفية المقيتة نستنتج :
*غياب دور الكنيسة( وكما تطرقنا الى ذلك في سلسلة مقالاتنا السابقة) ،
وغياب هذا الدو ر قد اشعر المسيحيين في العراق بالأحباط واليأس والمرارة  فاصبحوا رعية دون رعاة  ومثل الخراف بين الذئاب المفترسة. وهذا ليس تعميم بل علينا ان نقيّم جهود فردية قام بها بعض الآباء وضحّى بعضهم من أجل حماية شعبهم  المؤمن والدفاع عنه حتى الأستشهاد
 *غياب دور الجاليات المسيحية في الغرب للتاثير على الحكومات الأمريكية والأوربية للضغط على السياسة السلبية للحكومة العراقية مع مسيحيي الداخل.
ماذا علينا فعله لمواجهة كل هذه المخاطر؟
ان التيارات الدينية الأصولية التي تكلمنا عنها والغالبة في  الدول العربية والأسلامية  وهي تحيط  بنا كالطوق ولا نستطيع الأفلات منه في المدى القريب الا بمعجزة تاتينا من السماء .ولا زال الأرهاب بشتى أنواعه المباشر وغير المباشر(  الديني و الجسدي والفكري والديموغرافي والنفسي و القمعي و الثقافي والأقصائي والقومي )قائما ويعاني منه المسيحيين مهما أراد البعض التقليل من خطورته ، وعلينا أن لانتهرب من هذا الواقع الأليم بل نواجهه بكل شجاعة وصبر وحكمة ونجاهد الجهاد الروحي باستعمال سلاح الله الكامل كما يقول معلمنا الرسول بولس(تسلحوا بسلاح الله الكامل لتقدروا أن تقاوموا مكايد  ابليس .فنحن لا نحارب أعداءً من لحم ودمٍ  بل أصحاب الرئاسة والسّلطان والسيادة  على هذا العالم ، عالم الظلام والأرواح الشريرة في الأجواء السماويّة).
 واسلحتنا هي: الحق , الأستقامة ، بشارة السلام ، الأيمان ، الخلاص ، وسيف الروح الذي هو كلام الله (أفسس6  . 11-20 )
وبهذه الأسلحة فقط نستطيع هدم حصون الشر ونستطيع بوحدتنا ان نقاوم كل الوسائل الشيطانية التي تحاول ان تثنينا من المطالبة بحقوقنا واحترام عقيدتنا وكرامتنا الأنسانية.
ان حقوقنا لن نستطيع أن ناخذها على طبق من الذهب بل ينتظرنا الكثير من التضحيات والآلام والمصاعب .وهذا هو قدرنا نحن مسيحيي العراق والتاريخ خير شاهد ولكن ما هو مستحيل بنظر الناس فهو مستطاع عند الرب وما علينا الا أن يحمل كل منا صليبه على ظهره ويواصل درب الآلام الذي يوصلنا الى الحرية  والقيامة والسلام هكذا فعل الرب يسوع المسيح الذي علينا ان ننظر اليه وهو مصلوب من أجلنا ليكون قدوة لنا وعندها ستهون ، تحت صليبه كل الآلام.
قد  نفتش عن حل لمشكلتنا التي يجب أن تكون من اولويات مهام المجلس التشريعي القادم لابل أن مصير المسيحيين في خطر وهذا ماتؤكده تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان لابل الواقع الذي عشناه ونعيشه خلال 6 سنوات بل قبلها بزمن طويل يؤكد ذلك بالوثائق الدامغة والتي عاصرناها نحن ابتداءاً من ستينات القرن العشرين حيث تم تدمير اكثر من 300 قرية مسيحية ودمرت المئات من الكنائس في شمال العراق من قبل الحكومات المتعاقبة ولا زالت المخاطر اشد من السابق لأن اساليب الخطط تغيرت لتصبح اساليب استئصالية وقلع المسيحية من جذورها من العراق ومن بقية الدول العربية وهذا ما تؤيده احصائيات كثيرة(راجع مقالة الأخ الشماس مسعود النوفلي الموقع أدناه) بخصوص هجرة المسيحيين وتركهم لاوطانهم بسبب ألأضطهادات واسباب اخرى : 
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=32735
وبالنتيجة ليس امام هذه الديانات الأخرى إلا الخضوع للاذلال وقبول الأمر الواقع وتطبيق الشريعة العمرية عليهم كونهم من اهل الذمة ، او الهجرة وهذا مانلمسه اليوم في ارض الواقع وهذا ماسمعناه من يونادم كنا عضو البرلمان الحالي مُمثلاً للمسيحيين عندما يقول(ان أطرافا داخلية منها الحكومة والأحزاب الحاكمة والميليشيات  وأطرافا خارجية تسعى لتشكيل عوامل طرد للمكونات الدينية والأقليات وعوامل جذب لتحفيزهاعلى الهجرة)(وكالة كردستان للأنباء أكانيوز 30|9|2009     ) .                       
انه قول لمسؤول في البرلمان وهوشاهدعيان ويعيش ويعرف ما يجري خلف الكواليس وليس رجل خارج  الحكومة الحالية لكي لانقول انها مبالغة وكما يقول المثل (وشهد شاهد من أهلها)
على المجلس الشعبي الكلداني الآشوري السرياني أن يضع نصب عينيه هذه الحقائق وان لا ينتظر او يتوقع من الحكومة القادمة اية رجاء أوتغيير في مادة الدستور بخصوص ألأقليات وخاصة بالنسبة  للمسيحيين لان كل المؤشرات تؤكد ان القادمون هم نفس الراحلون ويقول الكتاب المقدس هل يستطيع النمر المرقع أن يغّير من جلده ؟
فلا نُعلق أمل كبير بالحكومات القادمة طالما الفكر والتيار السائد هو التيار الديني نفسه وطالما الوجوه هي نفسها ، ان الفساد قد استشرى في السلطة وحتى في المجتمع وهذا الفساد سنعاني منه سنين ولن يزول الا ببناء الأنسان من جديد .
عندما يصبح الحاكم همه الوحيد التشبث بالكرسي  فاقرأ على الارض السلام ، عندما يصبح الهدف خير الطائفة قبل الخير العام فلا تنتظر الا التخلف والتفكك في المجتمع .
اننا نعرف من خلال خبراتنا ومن التاريخ ان نتائج الحروب هي كوارث اجتماعية واقتصادية ونفسية واخطرها النتائج الأنسانية عندما تنهدم البنية التحتية للمجتمع ويصبح الانسان يعاني من امراض نفسية واخلاقية وحتى الروحية ، هناك علاقة بين السياسة والأخلأق فعندما يفقد الحاكم او القائد او المسؤول الأخلاق فكيف نتوقع من فاقد الشي ان يعطيه؟ الراس الفاسد يفسد الجسد كله ، عندما يكون المال والقوة والمركز هي من اهداف الحاكم او المسؤول أو القائد  فكيف سيفكر بالفقراء والمساكين واليتامى والمظلومين؟ والمسيح يقول لا يستطيع الانسان ان يعبد سيدين اما المال او الله وعندما يعبد الانسان المال فهو لن يخاف الله فكيف يخاف البشر؟ وعندما يصبح الحاكم او القائد فوق القانون فكيف نُصدق ان القانون سيطبق في ذلك المجتمع الذي يحكمه القادة المخالفين للقانون ؟
عندما يتنازل ألأنسان عن المبادئ والقيم الروحية والأدبية والأخلاقية فهو سوف يتنازل عن كل شئ من أجل المحافظة على مركزه ومجده الارضي وسوف يدافع بشراسة الذئب للحفاظ على مكاسبه مهما كان الثمن  فالغاية تبررالوسيلة ،
القيادة مسؤولية والتزام واخلاق ومبادئ ولن تكفي النوايا مهما بدت صادقة اذا سقط الانسان في المساومات والموالات والمحاباة والمحسوبية والتنازل عن الحق لأن ذلك يؤدي الى تزعزع الثقة وتزعزع المبادئ الأساسية للحياة .
نحن نحتاج الى ساسة يلتزمون بالأخلاق والمبادئ الأنسانية ولكن للأسف لايوجد الى الآن هذه القيادة ، لأن القيادة الجيدة هي نتاج أفرازات المجتمع وشكراً لكم .
 




35
                                              هل سقط النظام الدكتاتوري في العراق؟   
                                                             الجزء الأول
بقلم : المهندس نافع شابو البرواري
قد يستغرب الكثيرون عند قرائتهم لعنوان هذه المقالة ، ويتوقعون أنني اكتب العنوان هذا لشد انتباه القراء ، والحقيقة نعم  فبهذه الطريقة اجذب الكثيرين لقراءة الحقائق التي نعيشها اليوم من فقدان الأمن والأستقرار والأرهاب والتكالب على الكراسي بشتى الوسائل على حساب الآخرين وكذلك عدم وضوح الرؤية والمستقبل الغامض الذي ينتظره العراقيون عامة والمسيحيين خاصة.   ومن ناحية أخرى ليست غايتي من هكذا مقالات اتهام جهة معينة اوشخص معين بل هي اتهام للظاهرة التي يمر بها المجتمع العراقي اليوم وهي ظاهرة التخلف والجهل والارتماء في أحضان الطائفية  والعشائرية وفقدان زمام سيطرة الدولة على الحياة السياسية والأقتصادية وأنتشار الفساد والمحسوبية وعدم الأعتماد على الكفاءآ ت العلمية والثقافية بل ان صوت رجال الدين وصوت شيوخ العشائروصوت الذين ارتموا في أحضان الدول الأقليمية  هو المسموع في عراق اليوم. 
موضوع مقالتي هذه ستكون من المواضيع العديدة والجريئة التي طرحتها وسوف اطرحها في المستقبل ان شاء الله وبعونه وبمشيئته وبمآزرته وبتشجيع من الروح القدس الذي يقودني لكتابة مواضيع قد تكون احيانا قاسية للبعض منا وقد تسبب الأحراج للبعض الأخر ولكن الأهم أن يكون ضميري مرتاح وقناعتي باني أديت واجبي وتاجرت بالوزنات التي أعطاها لي ربي ومخلصي يسوع المسيح.
لنرجع الى الموضوع اعلاه ونسأل اسئلة تحتاج الى اجابة وهي:
هل فعلا سقط النظام الدكتاتوري في العراق؟
وهل عراق اليوم هو افضل من عراق الأمس ؟
هل الوضع الأجتماعي والأنساني والأخلاقي للمجتمع العراقي هي افضل من الأمس؟
هل مساحة الحرية والديمقراطية افضل اليوم من الأمس ؟
ماهو الجديد الذي اتت به الأنظمة ما بعد سقوط النظام السابق غير الموت والدمار والمآسي والاحزان والهجرة والتهجير؟
ماهو مصير الشعوب الأصيلة والأصلية التي تسمى(الأقليات) بعد سقوط النظام السابق؟
اين نحن سائرون في ظل هذا الأنقسام في جسد المجتمع العراقي بين الطائفية المقيتة والتي تبيع كل شي من اجل تنفيذ خطط اسيادها في خارج الوطن؟
هل نحن نعيش في زمن التيارات ألأسلامية الراديكالية السلفية والتكفيرية؟
هل نطفئ النار بالنار والشر بالشر كما يقول تولستوي؟
هل نحن بعيدين عن الصراعات الأقليمية والدولية ؟ اليس عراق اليوم ساحة لتصفية الحسابات للدول الكبرى والدول الأقليمية؟ اليس العراقيون يدفعون حياتهم ثمنا لهذه التجاذبات والصراعات باسم الحرية والديمقراطية الزائفة وباسم الدين يذبحون الأبرياء ويُرمّلون النساء ويُيتمون الأطفال؟
الم يسقط رئيس نظام دكتاتوري ليظهر في الساحة اليوم مئات بل آلاف الدكتاتوريين ؟ الم يسقط قائد الأمة لياتي من بعده ائمّة الأمة بعمائم يخبئون تحتها الموت والدمار للشعب البائس المسكين بحجة التديّن وهم في الحقيقة بعيدين 180درجة عن الدين الحقيقي بل هم يستعملون الدين كغطاء سياسي للوصول الى اطماعهم التي اثبتت السنين الستة الماضية صحة استنتاجاتنا؟
اليس الفساد المالي والأداري والفساد التعليمي  والفساد الأخلاقي والفساد الأدبي هي اسوأ من زمن النظام السابق بكثير ؟
هل تعرف الاحزاب الحاكمة أن قطاعا كبيرا من الشعب العراقي يترحمون اليوم على النظام السابق نتيجة اليأس وخيبة الأمل من النظام الحالي؟
هل الشعب العراقي كتب عليه ان يدفع فاتورة خلافات الأنظمة الأقليمية؟
هل نحن المواطنين المسيحيين مسؤولين عن اخطاء يرتكبها الغرب المحسوب على المسيحية والمسيح برئ منهم فندفع ثمن ذلك دم وشهادة وهجرة وتهجير؟
اليس هذا الأرهاب على المسيحيين اليوم هو تحصيل حاصل للفكر الأصولي الألغائي الذي لايقبل غير المنهج الديني الذي يؤمن به هذا الفكر الأقصائي؟
هل من صالح اخوتنا العراقيين ( الأصلاء) ان يهاجر المسيحيين فيفقدون عنصرا بنّاءاً في مجتمعهم؟
اين التعددية والأعتراف بالأخر في النظام الحالي القائم ما بعد النظام البائد الذي اتهم بالعنصرية وعدم المساوات بين الناس؟
هل نست هذه الطوائف معاناتها مع النظام السابق ولكنها لم تتعلم درساً من التاريخ فسقطت في نفس المستنقع النتن الذي سقط فيه النظام السابق؟
أين حقوق المغتربين الذين بلغ عددهم الملايين وتشردوا في انحاء العالم؟ ولماذا يحرمون من حق الأنتخاب علما ان المغتربين يتجاوز عددهم اكثر من اربعة ملايين نسمة خارج العراق وهناك عشرات الآلاف مُهجرين في الداخل؟
هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الأجابة عليها في هذه المقالة والمقالات اللاحقة انشاء الله.
كيف هو عراق اليوم؟
تقارير الأمم المتحدة وتقارير مؤسسات انسانية تخلص الى القول  بان العراق اليوم في حالة تحلل وانفكاك المجتمع وحتى تفكك أخلاقي وفقدان العدالة و النزاهة والأمانة المهنية وانتشار الفساد كالسرطان في المجتمع وفي جميع فروع الحياة   نتيجة التدخل  الأقليمي وليس فقط الطائفي  وتنافس القاعدة وتغذية القوى الأقليمية لجماعتها بتشكيل الميليشيات وعصابات السرقات واصبحت حتى الحكومة طرف من أطراف هذا الصراع   للتنافس على المكاسب المادية والتنافس على المراكز وكسب ود الدول الأقليمية بين الشيعة والسنة و حتى بين الشيعة والشيعة والسنة مع السنة هذا التقرير الصادرعن المعهد الملكي البريطاني منذ اشهر هو ملخص لحالة العراق ما بعد النظام البائد والذي سقط  في شهر نيسان 2003 وهو تقرير يصدر من دولة كانت تستعمر العراق سابقا وهي تعرف الكثير عن العراق أكثر ما يعرفه الكثيرين من الساسة العراقيين.
ان غياب الضمائر اليوم في العراق ظاهرة خطيرة حيث يطرد العدل والحق ليحل محله موت الضمير وموت الأنسانية  ليصبح البعض اكثر شراسة حتى من الحيوانات بل اصبح العراق يا للأسف يحكمه قانون الغابة فالذي يريد البقاء عليه ان يستقوى بقّوة الميليشيات وحكم العشائر وسطوة رجل الدولة ويقّبل يد رجل الدين من هذا الحزب او من تلك الطائفة ،
اليوم اكثر من مليون ارملة ( ويقال مليون ونصف) وآلاف الأطفال المشردون  والمتسولون يملأؤون الشوارع  ومئات الالاف منهم دون تعليم ويشتغلون من اجل لقمة العيش ، في حين رجال الدولة الموقرون  يشترون القصور في بريطانية والمانيا
ويتسابقون في نهب خيرات العراق ويسرقون اموال المساكين في حين تعاني الغالبية الساحقة من العراقيين  من ابسط الحقوق ويعانون من الجوع والمرض ولا يحصلون على ابسط وسائل الحياة وهي الطعام والسكن والصحة.
في زمن النظام الحالي شاهدنا تهجيرا وتقتيلا على الهوية وهجرة الملايين الى المجهول وقد يقول قائل ان ذلك كان بسبب الأحتلال الأمريكي ، وما اسهل عندما نضع جميع اخطائنا على شمّاعة الآخرين وان نعتبر العالم كله يتآمرعلينا فاصبحنا اضحوكة العالم كلّه ، ولكن في الحقيقة  حكامنا وانظمتنا تريد ان توجّه أنظار الناس الى عدو خارجي وهذا هو شأن الأنظمة الأستبدادية عبر التاريخ ، انها  تضحك  وتستهين بعقول شعوبها.
اين الرعاية الصحية اذا كان الأنسان العراقي لايحصل على الماء الصافي للشرب ويموت الفلاح هو وزرعه لان شط العرب لوثه الأيرانيون ورجال الدولة بدل ان يحلوا المشكلة نراهم يتسابقون في كسب ود هذا العدو الذي يرسل لنا المخدرات و
الموت والدمار في كل يوم  ويغيّر مجاري الأنهار التي كانت تصب في شط العرب مخالفا بذلك كل الأتفاقيات الدولية؟
اين نحن( في ظل النظام الحالي  في العراق) من القيم والمبادئ وحقوق الأنسان ؟ 
ان التقارير الدولية وتقارير الأمم المتّحدة تضع  ايران وسوريا على رأس القائمة التي تدعم الأرهاب (وبلا شك ان هذه الدول تصدّر لنا الأرهابيين ونحن نصدّر لهم التحيّات والقبلات الحارة مع باقات ورد ،
 يقول ناطق باسم المنظمة الدولية لحقوق ألأنسان (وهو بالمناسبة عربي من مصر)
(اننا نناظل كمثقفين وعلماء مدنيين في اجتماعاتنا لفك القيود وأطلاق الرهائن )
(يقصد تحرير الشعوب العربية من قبضة الأنظمة العربية ) ،
نعم اليوم الشعوب العربية عامة والشعب العراقي خاصة هو رهين النظام الحالي  بل ان الكثير من ميليشيات الأحزاب الحاكمة كانت تأخذ المواطن المسكين كرهينة الى ان يفدي نفسه بعشرات الآلاف من الدولارات و بالعملة الصعبة.
ان  التقارير الدولية تؤّكد لنا ان التعليم في العراق  في تراجع وكذلك محو الأمية
بينما كان العراق في عهد النظام السابق في مقدمة دول العالم لمكافحة الأمية.
أما الأزمةالانتخابية  التي نمر بها اليوم في العراق تشبه الى حد كبير ازمة الأننتخابات البرلمانية في لبنان والمتابع لشؤون الأوضاع في لبنان سيرى هناك تشابه كبير في الأزمات التي يمر بها كل من العراق ولبنان  حيث اصبح البلدين ساحة لتصفية حسابات اقليمية ودولية ، طائفية ودينية ، واصبح البلدان مرتعاً وأعشاشا للقاعدة والأرهاب والميليشيات للأحزاب المتصارعة على الحكم ولن يكون الحل بيد شعبيهما بل الحل والربط بيد الدول الخارجية.
ان الحكومة القادمة حتى ما بعد الأنتخابات لن تكون كما يشتهي الشعب بل سوف  تكون حكومة الأمر الواقع كما هي الحكومة التي شكلت في لبنان بعد ولادة عسيرة حكومة طائفية تستند على الحصص للمقاعد ، وما الأنتخابات التي ستجرى في العام القادم 2010  إلا لذر الرماد  في العيون ، وكما حدث في لبنان سيحدث ايضا في العراق حيث استمر سعد الحريري اربعة اشهر لم يستطع خلالها تشكيل الحكومة إلا
بعد القمة السعودية السورية عندها اعطيت الأشارة الخضراء للأطراف المتنازعة على المقاعد البرلمانية للاتفاق كما تم طبخها في المؤتمر الرئاسي للدولتين السعودية(السنية) والسورية الأيرانية(الشيعة) .
وها هو لاريجاني رئيس البرلمان الأيراني  يزور العراق لحث ( الميليشيات) آسف الأحزاب الشيعية لتشكيل  ائتلاف قوي واعادة تنظيم الصفوف ولم شمل هذه الاحزاب لتكون جبهة واحدة مقابل التيار السني الذي شكل هو بدوره تكتل للدخول
في الأنتخابات المقبلة ليصبح العراق ساحة صراع بين طائفتين سنة وشيعة ،
ان لبننة العراق وتقسيمه بحسب الطوائف والقوميات وليس على اساس المواطنة     
بل على اساس الأنتماء القومي والطائفي والأنتماء الى ولاية الفقيه من جهة الشيعة والأنتماء السلفي من جهة السنة هو الذي سيئول اليه مصير العراق في ألأنتخابات القادمة وسيكون نظام الحصص للموالات هو المُتبع منذ الأن كما حدث في لبنان اليوم ، هكذا سيظل مصير العراقيين ايضا مرهونا بيد هذه الدول الأقليمية ويعتمد  على تلك السياسات التي لن ترحم مصالح المواطن العراقي وستظل هذه الدول تتجاذب وتتنافس في اشعال نار الفتن الطائفية في وطننا الجريح وسنبقى هكذا نعاني من عدم الأستقرار والخوف من المستقبل لعدم اهلية هذه الأحزاب الطائفية في خدمة العراقيين بقدر انتمائهم لسادتهم في الدول الأقليمية ولن يهمهم إلا خدمة اسيادهم وباعوا وطنهم للأجنبي ؟
ولن يكون المواطن( الذي يريد التخلص من الحكومة الطائفية ) الا ضحّية احتيال من قبل هذه الأحزاب المتصارعة ، اذن لن يكون في المستقبل اي تغيير لا من قريب ولا من بعيد، لأن كل المؤشرات الحالية تدل على ذلك .فالأحزاب الحالية هي نفسها احزاب طائفية وستاتي ايضا لتلتحق بهذه الأحزاب احزاب عشائرية سنرى لها دور آخر في تخلف العراق اذا لم تعتمد تلك الأحزاب على الكفاءآت والكوادر العلمية والثقافية والسياسية وتستند على النوعية  وليس على المنسوبية ، ان الحكومة القادمة  قد تغّير اسمائها واسماء احزابها وقد تلبس ثوب الحملان الوديعة ولكنها في الحقيقة هي نفس الأحزاب(الذئاب) التي تنهش بالعراق المذبوح كما يقول المثل (عندما يخور الثور ويسقط على الأرض تكثر السكاكين) هذه هي في الحقيقة حال عراق اليوم ،    ان العراق سيظل متخلفا علميا وثقافيا وفنيا وحضاريا طالما تكون الأنتخابات مبنية على الحصص وليس على الكفاءآت العلمية والثقافة السياسية اوالتكنوقراطية.واغلب الأحزاب المتنافسة وخاصة الأحزاب الدينية ليس لها رؤية او خطّة  للنهوض بالعراق وأخراجه من المستنقع النتن الذي سقط فيه ، وايضا لن نسمع من هذه الأحزاب وخاصة الدينية إلا التركيز على الحجاب للمراة ومنع الموسيقة والفن  وتهديم كل ما بناه العراقيين عبر الحضارات المتعاقبة ، لأن هذه الأحزاب الدينية  لاتؤمن إلا بافكارها ومنهجها وتدمر مثل البلدوزر كل ما  انشأته الحضارات السابقة وما ابدعها في الهدم فهو اختصاصها الوحيد فهي تكره الحياة وتزرع بذور الموت في الأجيال القادمة  فهي فعلا مختصة بصناعة الموت والقضاء على كل ما هو جميل  وارجاع العراق الى القرون المظلمة ، وهذا ما لمسه كل مواطن عراقي خلال السنوات الماضية بعد سقوط النظام السابق.
ماهو الملطلوب من العراقيين اليوم؟
في الحقيقة هذا السؤال من الصعب الأجابة عليه وقد توقفت كثيرا للتأمل في الجواب  لأنه ليس للمواطن العراقي اليوم هامش للمناورة  او الحرية اللازمة لتغيير هذا الواقع كما كان في عهد النظام السابق . نعم ليس هناك مجالا لتغيير المعادلة الحالية في الأنتخابات والمواطن يواجه قوى متصارعة رهيبة ولا تتوانى عن القمع والبطش واستعمال الطرق الجهنمية في الترغيب والترهيب.والكثيرين من ابناء هذا الشعب المظلوم استسلم لقدره لا بل الكثيرين للأسف جرفهم التيار واصبحوا هم ايضا يمارسون لعبة الموت والتدمير .
ولكن وكما يقول الشاعر (اذا الشعب يوما اراد الحياة     فلا بد  أن يستجيب القدر)
ولابد أن يسود الخير على الشر ولابد أن ينتصر الحق على الباطل ولابد الليل ينجلي
لتشرق شمس الحرية آجلا ام عاجلا.
فاذا اردنا ان نتحرر من هذا الواقع المؤلم لابد من القيام بالأجراءآت التالية:
1- تشكيل حزب ليبرالي (علماني) معارض للنظام القادم يكون له صوت مسموع ورقيب على الأحزاب التي ستستلم السلطة في الأنتخابات القادمة لا محالة(بعد أن تم اقرار القوائم  الأنتخابية في البرلمان الحالي).
2- يضم  الحزب الليبرالي في طياته الكوادر الثقافية والعلمية والمختصين في كافة مجالات المعرفة والخبرات السياسية والانسانية والاجتماعية والاقتصادية   ويضم كافة الطبقات الأجتماعية والطوائف والقوميات والديانات دون استثاء.     
3- تفعيل دورالطلبة والشباب والمؤسسات النقابية والمهنية لتكون جبهة رصينة وقوية لمواجهة كل الأنحرافات في الحكومة القادمة.
4- حشد وتفعيل دور وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية  في الداخل والخارج ليكون السلطة الاولى وليس السلطة الرابعة كما هو معروف .
لان للأعلام اليوم دور كبير في فضح الحكومات المستبدة ومحاسبتها قانونيا
كما حدث ويحدث في ايران حيث الشباب والطلبة قاموا بثورة مخملية وهزوا عرش خليفة الله على الأرض.
(وهناك انباء عن ان الحكومة الحالية تريد بسط يدها على الأعلام وعلينا ان ننتبه جيدا لهذه الخطوة الخطيرة لأنها بداية انهيار مساحات الحريات النسبية في البلد وقد تقود هذه التصرفات العراق الى دوّامة من الأرهاب والفساد المالي لعدم وجود رقابةاعلامية).
 5- التركيز على تفعيل دور السلطة القضائية  لتكون قراراتها ملزمة على الكل دون استثناء بموجب الدستور لتكون مستقلة استقلالا كليا عن السلطة التنفيذية وحتى التشريعية لان السلطة التشريعية الحالية (البرلمان ) هي ممثلة للنظام  الذي فقد شرعيته  بل بالأحرى لم يكن شرعيا منذ البداية وقد طالت يد النظام حتى السلطة القضائية .
6- ان للمسيحيين دور رئيسي لتغيير هذا الواقع المؤلم الذي يعيشه العراقيين اليوم فهم يجب أن يكونوا مثل الخمير في العجين ونورا في عتمة الظلام الحالي وقدوة للمجتمع كما عرفوا عبر التاريخ عندما كان العراقييون يمرون بفترات مظلمة كان المسيحيين هم روادا في النهظة ونقل العراق من الجهل والتخلف الى الازدهار والتقدم والتاريخ يشهد على ذلك  فالمسيحيين لهم رسالة السلام  والمحبة التي هي اقوى من الموت ولهم جذور متاصلة في وادي الرافدين ولا بد لهذه الجذور ان تعطي الحياة مرة أخرى.
7-على العراقيين خارج العراق ان يساهموا في اعادة الحياة الى وطنهم الأم بشتى الوسائل المتاحة علميا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا واعلاميا .
ونظرا لكون الغالبية من العقول قد غادرت الوطن بشتى الأسباب فعليهم واجب مقدس لخدمة وطنهم الأم وبناء ماخرّبه الأشرار
8-  وختاما علينا كلنا واجب مقدس لأعادة تأهيل الأنسان العراقي ليرجع هذا الأنسان الى ما كان عليه من العزة والكرامة والشهامة وما كان يحمل من المبادئ والقيم  العليا وهذا الواجب يجب أن يكون من الأولويات والمهمات الشاقة التي يجب يكون في صميم بناء مجتمع صحي ولنزرع في عقول اطفالنا كل ما هو خير وسلام ومحبة ليكون لهم غدا مشرق .
ما احوجنا نحن اليوم الى الانتفاضة على هذا الواقع الأليم الذي فيه اصبح العراقيين تحت كابوس مُخيف اسوأ بكثير من كابوس الديكتاتورية للنظام البائد انه كابوس الميليشيات والأرهاب والقتل على الهوية والدمار الشامل للبنية التحتية للأنسان العراقي والبنية التحتية للأقتصاد والمؤسسات والصحة والتعليم والتربية والبيئة والدمار الشامل لكل الحياة في زمن هذه الزمر التي جاءت من الخارج وجلبت معها الموت والدمار الذي طال الطفل والشيخ والمرأة وحتى ذوات الأحتياجات الخاصة. .        اليوم أصبحت بغداد( التي كان يتغنى بها الشعراء وعشاق الحياة والتي كانت تسمّى مدينة السلام)  مدينة الموت و الأشباح ،
واصبحت بصرة الفيحاء في زمن هذه الميليشيات مدينة الأحزان والأيتام مدينة ليس فيها ماء للشرب بينما  كان شط العرب من مياه الرافدين يروي المدينة وكان يستطيع كل الخليج العربي ان يرتوي منه ،
اما مدينة أم الربيعين نينوى فقد فقدت ربيعها واحتفظت فقط بخريفها.
هذه المدينة التي كانت يوما تعج بالحياة حيث كان جميع ابنائها (من العرب والكرد والمسيحيين واليزيديين والتركمان ) يعيشون في حديقة تجمع جميع الألوان من الورود والازهار .
والى اللقاء في الجزء الثاني من مقالتنا

 









36
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟

بقلم :المهندس نافع شابو البرواري


الجزء الثاني
ان الله منح الجنس البشري سُلطانا هائلا ليكون مسؤولاً عن كل الأرض (الحيوانات ، النباتات ، البيئة ، المياه ، الطبيعة) ولكن السلطان العظيم الذي أعطاه للأنسان تلازمه المسؤولية العظيمة أيضاً .
نعم  قد تكون لنا أشياء نمتلكها ولنا السلطان أن نعمل بها ما نشاء ولكن علينا مسؤولية رعايتها والعناية بها فما بالك بالأنسان الذي من المفروض ان نعتني به في الصحة والمرض وان نتعامل معه بالحكمة والرحمة !! لأن الله خلقنا على صورتهِ مُكللين بالمجد والكرامة .
ركّزنا في مقالتنا الاولى على ثلاثة مبادئ يجب على القائد والمسؤول الحكيم ان يلتزم بها وكانت باختصار ما يلي :
الرب يسوع المسيح يجب ان يكون قدوة لقادتنا ومسؤولينا ،
الكتاب المقدس يكون دستوراً لهم ومنبعاً ومُلهماً لحكمتهم ،
والروح القدس يكون مرشدهم ومُعينهم في اتخاذ القرارات الصائبة .
سوف نتطرق في مقالتنا اليوم الى مُميزات وسمات القادة والمسؤولين الناجحين.
لو نرجع الى الكتاب المقدس لقرأنا عن قادة روحانيين وقادة مدنيين وانبياء غيّروا حياة شعوبهم وكانوا قدوة حسنة ومُخلصين وامناء على رسالتهم ومراكزهم  واتخذوا قرارات لازلنا ونحن في القرن الواحد والعشرين نستلهم منهم العبر والدروس الغنية روحيا وانسانيا وحتى سياسيا ، ومن امثال هؤلاء القادة الذين يجب ان نقتدي بهم
آبائنا ابراهيم ويوسف وموسى و يشوع وداود وسليمان الحكيم و عزرا ونحميا ومردخاي وأستير و راحاب ودبورة و جدعون في العهد القديم  والرسولان
بولس وبطرس في العهد الجديد .
اما القائد الاعظم وبدون منازع هو الرب يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب
وكل هؤلاء القادة العظام كان لهم نقاط القوّة وأيضا كان لهم نقاط الضعف وسقطوا في اخطاء كثيرة إلا الرب يسوع المسيح الذي  لم يستطع حتى أعدائه ان  يلزموا فيه اي عيب او خطيئة وقال لرؤساء اليهود (الكتبة والفريسيين )(فمن منكم يقدر أن يثبت عني خطية)(يوحنا 8:46 ) .
من خلال دراسة شخصيات العهد القديم نستطيع ان نُلّخص بعض الحقائق الجوهرية لصفات   القادة  في الامور الروحية والطبيعية منها :
1- القائد الحكيم يطلب ألأرشاد من الله ليقوده الى تحقيق رؤيته وأهدافه وأن يطيع الله لا الآخرين عندما يكون هناك حسم لموضوع  يدعو الى التنازل عن المبادئ السماوية والأنسانية والأخلاقية ، فالأنسان  الذي يرى الأخطاء عليه أن لا يسمح لنفسه بأن يتزحزح عن موقفه في الدفاع عن الحق والتمسك بالصواب مهما كان الثمن والتضحيات.
وعلى القائد الحكيم أن يتجنب المنازعات والحروب بكل الوسائل الممكنة وهذا ما فعله ابينا ابراهيم ، فعندما كانت هذه المنازعات محّتمة كان يترك لخصومه أن يضعوا القواعد لتسوية المنازعات ، ان الصراع قائم مع العالم وسلطانه أحيانا يكون حتميّا ولا مفر منه بالنسبة لنا كمسيحيين (يوحنا 15:18) فهناك مواقف لايمكن فيها أن نطيع الله والأنسان معا وهذا ما حدث للرسل(اعمال5:9) ، عندما خُيّروا بالتبشير بالرب يسوع المسيح والسجن أو الموت عندها قال الرسول بولس جملته الرائعة المشهورة (ينبغي أن يُطاع الله لا الناس)(اعمال5:29) .
 هكذا كما فعل اصدقاء  دانيال النبي(شدرخ وميشخ وعبدنغو) عندما خُيّروا بين السجود لتمثال الملك نبوخذنصر أو طرحهم ورميهم في أتون النار  فاختاروا الموت بدل السجود لآلهة الوثنيين اوالملك (دانيال 3:20) .
هكذا اليوم يجب أن نعيش نحن المسيحيّين في سلام مع الدولة طالما الدولة تسمح لنا أن نعيش حسب معتقداتنا الدينية وايماننا فكما نخضع نحن المؤمنون للكنيسة روحيا هكذا علينا الخضوع للسلطات في المجالات الحياتية(الطبيعية) (على كل انسان أن يخضع لأصحاب السلطة ، فلا سلطة إلا من عند الله) ، (روميا 13:1)فالمسيحيّة ليست فوق القانون بل ان نعيش في سلام كمواطنين صالحين ولكن علينا أن لا نتنازل عن حقوقنا مقابل واجباتنا ولا نتنازل عن القيم والأيمان على حساب التنازل للحاكم المستبد.
2- من أعظم التحديّات للقادة هي تدريب اخرين ليكونوا قادة ، والأمثلة كثيرة حيث يخبرنا الكتاب المقدس عن قادة عظام لكنهم فشلوا في تهيئة وتدريب قادة ليستلموا القيادة من بعدهم فلم تتحقق الرؤية ولم يتحقق حلم ذالك القائد (راجع صموئيل الأول كيف فشل في أن يكون قدوة لأبنيه يوئيل وأبّيا فلم يسلكا في طريقه) ، (صموئيل الأول 8:3).
بينما يخبرنا الكتاب المقدس كيف أن موسى اختار مساعدين ومستشارين وأمناء ومتفانين في الواجبات والمسؤوليات امثال يشوع بن نون الذي اصبح قائدا عظيما من بعده واستطاع أن يدخل بالشعب الى ارض الموعد) .
اما في العهد الجديد فنرى الرسول بولس يُهيئ تلميذه تيموثاوس ليحمل الأمانة من بعده اي رسالة البشارة وان يكون قدوة للأخرين (راجع الرسالتين الأولى والثانية الى تيموثاوس) .
ولا ننسى أن الرب يسوع المسيح  حمّل التلاميذ مسؤولية حمل رسالة الفرح الى العالم كله( متى 28:19,20)   وقال للرسول بطرس (ارع خرافي)(يوحنا 21:15)
3- القائد الحكيم يجب أن يكون له مستشارين حكماء ، فعندما يكونوا مستشاري القائد على دراية وحكمة ومعرفة وفهم وخبرة وأهم من ذلك الأيمان بقضيتهم ونكران الذات والتضحية والصدق والأمانة والأندفاع للعمل وعدم المحاباة عندها يكون المجتمع الذي يحكمه هذا القائد بخير ، يقول كاتب سفر الأمثال(بغير هداية يسقط الشعب ومن كثرة الواعظين(المستشارين)يخلص)(امثال11:14) .
4- قد يكون للقائد أو الملك مواهب عديدة وعليه أن يستغلها للبناء وليس للهدم وكثيرين من القادة لهم ذكاء وفطنة وفهم ومعرفة وقد يكون القائد ناجحا في القيادة وحكيما في المعرفة والفهم لكنه قد يسقط ويفشل في الأمور التي تُسعد وتُفرح وتخدم شعبه وسليمان الحكيم خير مثال على ذلك . 
الله منح الحكمة لسليمان ومنح امكانيات عظيمة كملك لشعب الله  ولكنهُ ارتبط بتحالفات ومسؤوليات مرفوضة من الله كزواجه بالوثنيات ، وهكذا عجّل بفساد الأمة روحيا واثقل كاهل شعبه بالضرائب وأعمال التسخير  ، لقد نجح في الأولى وفشل في الثانية. وعندنا عبر من التاريخ الكثيرين من امثال النبي سليمان فالعظمة الشخصية لاتعفي الشخص من الخطأ وعواقبه ، فقال الرب لسليمان :(بما أنّك لا تحفظ عهدي ولا تأمر بفرائضي التي أمرتك بها فساخذ المملكة من يدك وأعطيها لرجل من رجالك)(1ملوك11:11) .
ان شهادة الحياة للقائد هي التي تؤثر على الأخرين سلبا أو ايجابا  فليس المهم نجاحات القائد بل الأهم هي اطاعة الله وخدمة الأخرين.
ان  العطش والنهم للسلطة أو العجرفة والكبرياء تدّمر القائد وبدوره يدّمر المجتمع  او الدولة التي يحكمها. فتصرفات القائد الشخصية واخلاقه  قد تقود الناس الى الخير  أوتكون هذه التصرفات سببا لتدمير كل ما بناه .عندما يتباهي القائد بقوته وسلطانه يحمل في داخل هذه القوّة بذرة السقوط والفناء ، فالغرور والكبرياء مرضان قد تؤدي بصاحبهما الى الجنون (جنون العظمة)وخير مثال على ذلك في العهد القديم (نبوخذنصر)(راجع سفر دانيال 4:37) فبالرغم من ايمان نبوخذنصر باله دانيال ورفاقه  لكنه عاد وسقط في فخ الشيطان(الكبرياء) لما سمح لمستشاريه السيئين ان يقنعوه بالأنتقام من دانيال ورفاقه ،  ووصل غروره وداء العظمة فيه الى حد الجنون لمدة سبعة سنوات .
وهكذا التاريخ يخبرنا عن نيرون قيصر روما مضطهد المسييحيين عندما قال قوله المشهور(طالما انا اقوم بكل هذه الأفعال الشنيعة ولا احد يحاسبني اذن انا هو الله)
 والتاريخ يخبرنا انه وصل الى حالة الجنون .
5- ان التسلسل الألهي للسلطة يرتكز على الأيمان وليس على المنصب (1صموئيل 3:8,9)(تكلم يارب فأن عبدك يسمع) فالكثيرين من القادة المحرّرين عاشوا حياة الراعي البدوي وعاشوا مع هموم الناس وأختبروا الهوان والفقر والجوع  فاصبحوا بعد ذلك قادة خالدون لأنهم عرفوا الناس وعرفوا الحياة المتقشفة فأعدهم الله سواء للقيادة الروحية او قيادة الشعب .
الله لا ينظر الى قدرة الأنسان ولا على عمره ولا على شكله الخارجي ولا على مهنته او حتى خبرته والكتاب المقدس يخبرنا عن ناس بسطاء مثل الرعاة والصيادين والفقراء  لكنهم اصبحوا قادة ايمان  ورسل وملوك ومبشرين وقديسين ، فرسالة الله للقيادة تتوقف على ايمان الشخص بالله وبرسالته وليس بالسلطة والقدرة  فالله يبحث عن أمناء صادقين ومكرّسين حياتهم من أجل خدمة الله والناس(راجع شخصيات العهد القديم  أمثال ابونا ابراهيم عندما كان  مؤمنا وواثقا أن الله  معه حتى وسط الضيقات وان الله يحافظ على مواعيده حتى ان لم يحافظ الانسان على هذه  المواعيد وهكذا داود الملك الذي كان راعي غنم ولكن ايمانه بالله كان عظيما حتى اثناء سقطاته).   
اما في العهد الجديد خير مثال كان التلاميذ اغلبهم حرفيين وصيادي سمك ويسوع الرب كان نجارا ، الرب يسوع المسيح كانت له سلطة على كل الأرض والسماء لأنه هو نفسه مصدر السلطة الواهبة للأخرين ومع ذلك تواضع وأخلى عن سلطته لحين  باطاعة أبيه السماوي .
6- على القائد أن يتعلم من خبرة الحياة ولا يكرر الأخطاء .
فالقائد الحقيقي قد يخطأ ولكن المهم أن يرجع ويتوب ويعتذر ويتعلم عبر ودروس من هذه الأخطاء وهكذا فعل داود النبي أعظم ملوك اسرائيل فقد كان مستعدا للأعتراف بأمانة بأخطائه فيعالجها بعد أن يرجع الى الله ويتوب ويتكل عليه(راجع مزمور 51)
7-  أهم مميزات القائد ايضا هي: الصراحة والحسم والعمل والسيطرة ، وأن يكون القائد شجاعا في دفاعه عن شعبه  وان لايتهرب من المشاكل والثبات في وجه المصاعب ، العزيمة والعمل بمهارة ، محترما عند الآخرين والأهم من كل هذه هو اطاعة الله بدون النظر الى الثمن  و عدم التعامل مع الناس بالأنحياز والتمييز أو المحاباة (يعقوب 2:1) فيسوع المسيح لم يأتي للأغنياء فقط أو الوجهاء أو ذوي السلطة بل جاء للجميع ، الفقراء والمهمشين والمرضى أيضا ، فلا انبهار بالمركز والجاه أو المُلك او الشهرة .
ان التمييز والتحيّز خطيئة ، لأن الله يعتبر كل الناس سواء(لانكن مخاصمين بل لطفاء يعاملون الجميع بوداعة تامة)(تيطس3:2).
8- على القادة ان يعيشوا في النقاوة والوقار والكلمة الصحيحة التي لا تلام  جاعلين من أنفسهم قدوة للآخرين ولا يكون عملهم واجب أو وظيفة  بل طواعية حتى يرى الآخرون أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها ، فشهادة الحياة هي اقوى من الكلمات الرنانة التي ينطق بها القائد ولكن لايعيشها.وقد كان القادة الدينيّون اليهود (الكتبة والفريسين والصدوقيين ) يتمسكون في المظاهر الخارجية للشريعة والناموس وكانوا يحفظون الشريعة امّا أعمالهم وحياتهم الشخصية فكانت بعيدة كل البعد عن الله والناس حتى وصفهم الرب يسوع المسيح باولاد الأفاعي .
اما الرسل الأثني عشر فحياتهم تشهد عليهم فقد وضعوا حياتهم حتى الأستشهاد والتضحية من اجل رسالتهم التبشيرية ولم تقف امامهم كل الصعوبات والأضطهادات وحتى الموت لانّهم كانوا مؤمنين بقائدهم وملكهم ربنا يسوع المسيح.
10- على القائد أن يقبل النقد البنّاء ليعرف نقاط الضعف عنده ويحاول تجاوزها ولا يصر على اقناع الآخرين  بمجادلات ومماحكات لا طائلة لها وغير نافعة(تيطس 3:9) وللأسف الكثيرين من القادة (وخاصة الشرقيين ) يعتبرون النقد البناء انتقاصا لشخصيتهم او تجريحا لهم ، ان الانسان مهما كانت درجته فهو معرّض للأخطاء لان الأنسان محدود الأمكانيات وليس كاملا وهذا يعرضه لأن يسقط في اخطاء .
على القائد أن يستمع للنقد البنّاء ولكن عليه أن لايشغل وقته وطاقته الثمينة في الأنشغال بالذين يعارضونه بل عليه التركيز على الذين هم على استعداد ورغبة في المعاونة.
يجب على المؤمنين احترام مراكز اصحاب السلطة ، سواء في العمل ، أو في الكنيسة ، أو في الحكومة  ونجد في (1تسالونيكي5:12,13) تعليمات باكرام القادة في الكنيسة ، وفي (روميا 13) ، تعليمات فيما يخص بالقادة في الحكومة ،
شُكراً والى مقالة أخرى .


37
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟
 الجزء الأول
 بقلم :المهندس نافع شابو البرواري
يقول احد الفلاسفة ( قل لي من هوالقدوة لك اقول لك من أنت) اننا كلنا ومن موقعنا يجب أن نكون قادة بدءاً من العائلة حيث يجب أن يكون في العائلة رأس يقود العائلة كما يُخبرنا الرسول بولص في رسالته الى  مؤمني أفسس(اف5:23 ) .
ومرورا بالمدرسة والجامعة والوظيفة والوزارة انتهاءاً برأس الهرم (رئيس الدولة او الملك في الحكومة المدنية  والراعي او الأسقف والمطران او البطريرك وصولاً الى البابا في القيادة الروحية) ، نقرأ في الكتاب المقدس وصفحات التاريخ أن الناس الذين يشتهون السلطة يفوق دائما عدد من يستطيعون استعمال السلطة بحكمة ، متى حصلوا عليها ،  وبعبارة اخرى ليس كل الذين يريدون الحصول على السلطة من أجل خدمة الآخرين ومن أجل تحقيق حلم مجتمعاتهم ، فهناك من يحبّون القيادة والمجد والشهرة فهم لن يستطيعوا استعمال السلطة بحكمة متى حصلوا عليها ، بل لا تصبح السلطة في أيديهم بل يصبحون هم أسرى في يد السلطة فتستعبدهم السلطة ويعملون على محاربة وانتهاك حقوق الناس بكل الطرق والوسائل للحفاظ على مركزهم وشهرتهم ومجدهم الزائل  . ينطبق عليهم قول ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة ، والأمثلة كثيرة وكتب التاريخ والكتاب المقدس مملوءة بهولاء القادة الذين كانوا سببا لسقوط حضارات او سقوط الشعوب في الوثنية وعبادة الأصنام وانتشار الجهل والتخلف والفساد والأنحطاط الروحي والخلقي في تلك المجتمعات بسب القيادة السيئة وبسبب الأستبداد بالسلطة وقمع حتى شعوبهم من قبل هذه الفئة من القادة.
ان التاريخ يخبرنا عن قادة ازالوا ودمّروا مُدناً وابادوا شعوبا وقتلوا حتى اخوتهم واقرب الناس لهم بسبب الشهوة الى السلطة ولن يوقف تعطش هؤلاء الى السلطة سوى الموت.
وبالمقابل هناك قادة حكماء متفانين من اجل احقاق العدالة والسلام والأمان والأستقرار لشعبهم وللشعوب الاخرى وهم جاهدوا وضحّوا وكافحوا واستشهدوا من اجل  تحقيق امنياتهم واهدافهم الأنسانيّة والأخلاقية والروحية. فالهدف هو الذي يتحكم في تصرفات القائد ، فان كان الهدف هو التمّسك بالسلطة مهما كان الثمن عندها يفسد القائد ، وهو بدوره يفسد الشعب ايضا في جميع فروع الحياة وان كان الهدف خدمة الله وخدمة الشعب فهو يرتقي بالشعب والمجتمع نحو التقدم والرقي في جميع فروع  الحياة ،  يقول كاتب سفر الجامعة  (رأس الحكمة هو مخافة الله) .
هناك على الأقل ثلاثة اغراءآت تواجه القادة حيث الكثيرين يسقطون في واحدة منها على الأقل وهي :
1- القوّة اي التحرر من سلطان الله والأتكال على القوّة الذاتية
لقد سقط الكثيرين في هذا الشرك حتى الملوك العظام والكتاب المقدس يخبرنا عن ملوك بني اسرائيل ومنهم القضاة أمثال ابيمالك (راجع قضاة9:7-15 ) .
وشاؤول الملك وحتى سليمان الحكيم اتكل على قوّة التحالف مع الشعوب الوثنية دون الأتكال على قوة الله فسقط هو وشعبه في شرك الوثنية وكان ذلك سبباً لأنقسام مملكة الشعب الأسرائيلي الى مملكتين الشمالية (اسرائيل ) والجنوبية (يهوذا) وساد الفساد والأنقسامات وعبادة الأوثان بين المملكتين وهذا ما نقرأه في سفري الملوك الأول والثاني من الكتاب المقدس.
2- الّلذة
 ان الأنغماس في الشهوات الجسدية وحب السلطة والمال وكل الأمجاد  الزائلة سبب   رئيسي لسقوط الكثيرين من القادة وحتى الأنبياء (امثال النبي بلعام ) .
3- المدح والشهرة
 هذه الشهوة تقود الانسان الى الكبرياء والكتاب المقدس يخبرنا ان الكبرياء هي منبع الشر والخطيئة ، والأنسان الذي يحب الشهرة والمدح يصاب بداء الأنانية وحب الذات وقد يقوده ذلك الى تدمير الذات وقتل وسفك الدم حتى لأقرب الناس إليه ويخبرنا الكتاب المقدس(والتاريخ)  حالات قادة ورؤساء دينيين وملوك  وقعوا على الأقل في واحدة من الأغراءآت أعلاه .
وفي انجيل البشير متى الأصحاح الرابع (التجربة في البرية) ، يخبرنا ان الرب يسوع المسيح حاول الشيطان أن يجرّبه في الأغراءآت الثلاثة أعلاه ولكن الرب يسوع المسيح انتصر وهزم الشيطان وكان الرب يستشهد بالكتاب المقدس ليدحظ  كل مغريات الشيطان .
ان الرب يسوع المسيح لم ياتي الى العالم ليكسب جاهاً أوسلطة سياسية ، لكن بالحري جاء ليخدم ويشفي ويتألم مع المتألمين ويبكي دموعا من أجل خرافه الظالة واخيرا يضحي بحياته من اجل البشرية جمعاء وهذا هو الحب الحقيقي لقائد احب شعبه وبرهن هذه المحبة بالتضحية حتى الموت حتى نحيا نحن(هكذا أحب الله العالم  حتى وهب ابنه الأوحد ، فلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يوحنا 3:16  ) .
يسوع المسيح كان شفوقا عادلا وصالحا وخادما وملكا على قلوب الناس قبل ان يكون ملكا على الكون والخليقة كلها يقول الرب على لسان النبي أشعيا( أقود العميان في طريق يجهلونها وفي مسالك لا عهد لهم بها ، واجعل الظلمة نورا أمامهم والطرقات المعّوجة مستقيمة ) ، (اشعيا  42:16 ) .  فهل قادتنا يهتمون  بالسلطة  ام الخضوع لله وتحت قيادة الروح القدس؟
أو هل يهتمون بالسياسة أم الخدمة؟ هل همّهُم العطاء أم الأخذ ؟
هل هم يكتفون بالكلام فقط أم يطبقون القول بالفعل؟
وهل يُركزوا على المسيح ام على ذواتهم؟
 هنا نعرف من هو القائد الصالح  ومن هو القائد الطالح .
هكذا على القادة والمسؤولين عليهم ان يستنجدوا بكلام الله  والروح القدس ليكون لهم سلاحا يستطيعون به محاربة  كل الشهوات والأغراءآت التي قد تقودهم الى السقوط في فخ الشيطان  عندما يكونون قادة ومسؤولين لشعبهم.
فالقائد الصالح المثالي ، عليه أن يستمد حكمته ومعلوماته وقراراته ومنهجه من ثلاثة مصادر رئيسية هي :
1-  الكتاب المقدس ليكون له دستور حياة ومرجع كل القرارات والقوانين فهو مليئ بالعبر والدروس والحكم . يقول كاتب المزمور(سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) .
2- ان يتخذ من الرب يسوع المسيح قدوة وقائد وصديق وملهم له في جميع القرارات الصعبة التي يجب أن يتخذها القائد فيسوع المسيح هو المرجع والمشير والدليل  والراعي الصالح  وهو خارطة الطريق لكل من يريد الأرشاد والتعلم لقيادة الآخرين( أنا الراعي الصالح ، والراعي الصالح يُضحي بحياته في سبيل الخراف) (يوحنا 11: 10 ) .
3- قيادة الروح القدس فهو المحامي والمرشد والمدافع  عن الحق والعدالة والسلام والحرية ( اذا كان الروح يقودكم ، فلستم  أنتم في حكم الشريعة)(غلاطية 5:18 ) . وهو سلاح به يستطيع القائد الدفاع عن الحق والأيمان والعدالة ، فالقائد (المؤمن ) يجب أن يكون ممتلئ بالروح القدس
والأفتقار للقيادة الروحية  يدفع للدمار(1ملوك 22:52,53 ) .
ان الكنائس تنموعندما يديرها أناس يقودهم الروح القدس ، سواء كانوا علمانيين أم رعاة و يخبرنا الكتاب المقدس ( العهد القديم) في سفر الملوك الأول  كيف أنّ مملكة متّحدة تحت حكم داود الملك وهو أكثر الملوك ولاءً لله في تاريخ اسرائيل ، قد انتهت  بمملكة منقسمة  وبموت  اخاب اخر الملوك ، لقد نسي الشعب الأعتراف  بالله قائدهم الأعلى وعيّنوا لهم قادة من البشر لم يعترفوا بقائدهم الأعلى(الله) فتحوّل فعل الشّر كطريق  للحياة  فتحولت مملكة اسرائيل الى خراب كما نقرأ في الكتاب المقدس .
الرب يسوع المسيح يقول لنا ( أنا هو الطريق والحق والحياة)(يوحنا 14:6 ) .
هل نحن مسيحيي العراق سنتبع خارطة طريقنا وهو الرب يسوع المسيح أم نتبع شهواتنا للسلطة والشهرة والقوّة والّلذة  والأنقسامات والتفكك وعدم وضوح الرؤية فنسقط في فخ الشيطان كما سقط بني اسرائيل قبل مئات السنيين؟
ان القادة الروحيين  الذين  يقودون شعبهم الى الهلاك  والضياع والجهل بمعرفة الله سيحاسبهم الرب يسوع المسيح حسابا شديدا لانهم لم يلتزموا بالمسؤولية في قيادتهم فهلكوا وأهلكوا شعبهم معهم. فالكنائس تنمو  عندما يديرها اناس يقودهم الروح القدس  سواء كانوا علمانيين أم رعاة (اعمال 23: 14) .
 فسيادة الروح القدس على حياة القائد او الراعي او المسؤول ينتج أثماراً وهي :المحبة والفرح والسلام وطول البال واللطف والصلاح والأمانة والوداعة وضبط النفس وهذه كلها مطلوبة للقيادة الروحية وحتى القيادة المدنية .
 معلمنا الرسول بولس يركز على ثلاثة صفات  للقائد المسيحي الناجح وهي: 1- الحكمة 2- القوّة 3- المحبّة (2تيموثاوس1:7 ) .
ان هذه السجايا موجودة في الرب يسوع المسيح ، لذلك الوسيلة الوحيدة لغرسها فينا هي أن تتحد حياتنا بحياته.
الكتاب المقدس  يريد من القادة الطاعة ، والطاعة تحتاج الى التضحية ، الله يريد من القادة والمسؤولين خدمته وخدمة اخوتهم  فيصبحون اداة لله ليستخدمهم لخير الناس ، قد يظنّ البعض ان المرحلة التي نمر بها نحن مسيحيي العراق هي مرحلة  قد تبعدنا عن ايماننا وحياتنا المسيحية بسبب الأضطهادات والآلام  ولكن يجب أن نتذكر انّ  الآلام جعلت من الرب يسوح المسيح  أكمل رئيس(قائد)(عبرانيين 2:10 ) .
ان من عرف الألم واختبره يقدر أن يمد يده بوداعة وبدون حساسية الى المتألمين ،
ومن ظلم يستطيع اكثر من غيره أن يدافع عن المظلومين والمسحوقين والمُهمشين ،
ومن اُضطهد يعرف كيف يدافع عن المضطهدين ،
وا لى اللقاء في الجزء الثاني
دمتم تحت حماية الرب
 
 
 
 
 

38
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟
 الجزء الأول
 بقلم :المهندس نافع شابو البرواري
يقول احد الفلاسفة ( قل لي من هوالقدوة لك اقول لك من أنت) اننا كلنا ومن موقعنا يجب أن نكون قادة بدءاً من العائلة حيث يجب أن يكون في العائلة رأس يقود العائلة كما يُخبرنا الرسول بولص في رسالته الى  مؤمني أفسس(اف5:23 ) .
ومرورا بالمدرسة والجامعة والوظيفة والوزارة انتهاءاً برأس الهرم (رئيس الدولة او الملك في الحكومة المدنية  والراعي او الأسقف والمطران او البطريرك وصولاً الى البابا في القيادة الروحية) ، نقرأ في الكتاب المقدس وصفحات التاريخ أن الناس الذين يشتهون السلطة يفوق دائما عدد من يستطيعون استعمال السلطة بحكمة ، متى حصلوا عليها ،  وبعبارة اخرى ليس كل الذين يريدون الحصول على السلطة من أجل خدمة الآخرين ومن أجل تحقيق حلم مجتمعاتهم ، فهناك من يحبّون القيادة والمجد والشهرة فهم لن يستطيعوا استعمال السلطة بحكمة متى حصلوا عليها ، بل لا تصبح السلطة في أيديهم بل يصبحون هم أسرى في يد السلطة فتستعبدهم السلطة ويعملون على محاربة وانتهاك حقوق الناس بكل الطرق والوسائل للحفاظ على مركزهم وشهرتهم ومجدهم الزائل  . ينطبق عليهم قول ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة ، والأمثلة كثيرة وكتب التاريخ والكتاب المقدس مملوءة بهولاء القادة الذين كانوا سببا لسقوط حضارات او سقوط الشعوب في الوثنية وعبادة الأصنام وانتشار الجهل والتخلف والفساد والأنحطاط الروحي والخلقي في تلك المجتمعات بسب القيادة السيئة وبسبب الأستبداد بالسلطة وقمع حتى شعوبهم من قبل هذه الفئة من القادة.
ان التاريخ يخبرنا عن قادة ازالوا ودمّروا مُدناً وابادوا شعوبا وقتلوا حتى اخوتهم واقرب الناس لهم بسبب الشهوة الى السلطة ولن يوقف تعطش هؤلاء الى السلطة سوى الموت.
وبالمقابل هناك قادة حكماء متفانين من اجل احقاق العدالة والسلام والأمان والأستقرار لشعبهم وللشعوب الاخرى وهم جاهدوا وضحّوا وكافحوا واستشهدوا من اجل  تحقيق امنياتهم واهدافهم الأنسانيّة والأخلاقية والروحية. فالهدف هو الذي يتحكم في تصرفات القائد ، فان كان الهدف هو التمّسك بالسلطة مهما كان الثمن عندها يفسد القائد ، وهو بدوره يفسد الشعب ايضا في جميع فروع الحياة وان كان الهدف خدمة الله وخدمة الشعب فهو يرتقي بالشعب والمجتمع نحو التقدم والرقي في جميع فروع  الحياة ،  يقول كاتب سفر الجامعة  (رأس الحكمة هو مخافة الله) .
هناك على الأقل ثلاثة اغراءآت تواجه القادة حيث الكثيرين يسقطون في واحدة منها على الأقل وهي :
1- القوّة اي التحرر من سلطان الله والأتكال على القوّة الذاتية
لقد سقط الكثيرين في هذا الشرك حتى الملوك العظام والكتاب المقدس يخبرنا عن ملوك بني اسرائيل ومنهم القضاة أمثال ابيمالك (راجع قضاة9:7-15 ) .
وشاؤول الملك وحتى سليمان الحكيم اتكل على قوّة التحالف مع الشعوب الوثنية دون الأتكال على قوة الله فسقط هو وشعبه في شرك الوثنية وكان ذلك سبباً لأنقسام مملكة الشعب الأسرائيلي الى مملكتين الشمالية (اسرائيل ) والجنوبية (يهوذا) وساد الفساد والأنقسامات وعبادة الأوثان بين المملكتين وهذا ما نقرأه في سفري الملوك الأول والثاني من الكتاب المقدس.
2- الّلذة
 ان الأنغماس في الشهوات الجسدية وحب السلطة والمال وكل الأمجاد  الزائلة سبب   رئيسي لسقوط الكثيرين من القادة وحتى الأنبياء (امثال النبي بلعام ) .
3- المدح والشهرة
 هذه الشهوة تقود الانسان الى الكبرياء والكتاب المقدس يخبرنا ان الكبرياء هي منبع الشر والخطيئة ، والأنسان الذي يحب الشهرة والمدح يصاب بداء الأنانية وحب الذات وقد يقوده ذلك الى تدمير الذات وقتل وسفك الدم حتى لأقرب الناس إليه ويخبرنا الكتاب المقدس(والتاريخ)  حالات قادة ورؤساء دينيين وملوك  وقعوا على الأقل في واحدة من الأغراءآت أعلاه .
وفي انجيل البشير متى الأصحاح الرابع (التجربة في البرية) ، يخبرنا ان الرب يسوع المسيح حاول الشيطان أن يجرّبه في الأغراءآت الثلاثة أعلاه ولكن الرب يسوع المسيح انتصر وهزم الشيطان وكان الرب يستشهد بالكتاب المقدس ليدحظ  كل مغريات الشيطان .
ان الرب يسوع المسيح لم ياتي الى العالم ليكسب جاهاً أوسلطة سياسية ، لكن بالحري جاء ليخدم ويشفي ويتألم مع المتألمين ويبكي دموعا من أجل خرافه الظالة واخيرا يضحي بحياته من اجل البشرية جمعاء وهذا هو الحب الحقيقي لقائد احب شعبه وبرهن هذه المحبة بالتضحية حتى الموت حتى نحيا نحن(هكذا أحب الله العالم  حتى وهب ابنه الأوحد ، فلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يوحنا 3:16  ) .
يسوع المسيح كان شفوقا عادلا وصالحا وخادما وملكا على قلوب الناس قبل ان يكون ملكا على الكون والخليقة كلها يقول الرب على لسان النبي أشعيا( أقود العميان في طريق يجهلونها وفي مسالك لا عهد لهم بها ، واجعل الظلمة نورا أمامهم والطرقات المعّوجة مستقيمة ) ، (اشعيا  42:16 ) .  فهل قادتنا يهتمون  بالسلطة  ام الخضوع لله وتحت قيادة الروح القدس؟
أو هل يهتمون بالسياسة أم الخدمة؟ هل همّهُم العطاء أم الأخذ ؟
هل هم يكتفون بالكلام فقط أم يطبقون القول بالفعل؟
وهل يُركزوا على المسيح ام على ذواتهم؟
 هنا نعرف من هو القائد الصالح  ومن هو القائد الطالح .
هكذا على القادة والمسؤولين عليهم ان يستنجدوا بكلام الله  والروح القدس ليكون لهم سلاحا يستطيعون به محاربة  كل الشهوات والأغراءآت التي قد تقودهم الى السقوط في فخ الشيطان  عندما يكونون قادة ومسؤولين لشعبهم.
فالقائد الصالح المثالي ، عليه أن يستمد حكمته ومعلوماته وقراراته ومنهجه من ثلاثة مصادر رئيسية هي :
1-  الكتاب المقدس ليكون له دستور حياة ومرجع كل القرارات والقوانين فهو مليئ بالعبر والدروس والحكم . يقول كاتب المزمور(سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) .
2- ان يتخذ من الرب يسوع المسيح قدوة وقائد وصديق وملهم له في جميع القرارات الصعبة التي يجب أن يتخذها القائد فيسوع المسيح هو المرجع والمشير والدليل  والراعي الصالح  وهو خارطة الطريق لكل من يريد الأرشاد والتعلم لقيادة الآخرين( أنا الراعي الصالح ، والراعي الصالح يُضحي بحياته في سبيل الخراف) (يوحنا 11: 10 ) .
3- قيادة الروح القدس فهو المحامي والمرشد والمدافع  عن الحق والعدالة والسلام والحرية ( اذا كان الروح يقودكم ، فلستم  أنتم في حكم الشريعة)(غلاطية 5:18 ) . وهو سلاح به يستطيع القائد الدفاع عن الحق والأيمان والعدالة ، فالقائد (المؤمن ) يجب أن يكون ممتلئ بالروح القدس
والأفتقار للقيادة الروحية  يدفع للدمار(1ملوك 22:52,53 ) .
ان الكنائس تنموعندما يديرها أناس يقودهم الروح القدس ، سواء كانوا علمانيين أم رعاة و يخبرنا الكتاب المقدس ( العهد القديم) في سفر الملوك الأول  كيف أنّ مملكة متّحدة تحت حكم داود الملك وهو أكثر الملوك ولاءً لله في تاريخ اسرائيل ، قد انتهت  بمملكة منقسمة  وبموت  اخاب اخر الملوك ، لقد نسي الشعب الأعتراف  بالله قائدهم الأعلى وعيّنوا لهم قادة من البشر لم يعترفوا بقائدهم الأعلى(الله) فتحوّل فعل الشّر كطريق  للحياة  فتحولت مملكة اسرائيل الى خراب كما نقرأ في الكتاب المقدس .
الرب يسوع المسيح يقول لنا ( أنا هو الطريق والحق والحياة)(يوحنا 14:6 ) .
هل نحن مسيحيي العراق سنتبع خارطة طريقنا وهو الرب يسوع المسيح أم نتبع شهواتنا للسلطة والشهرة والقوّة والّلذة  والأنقسامات والتفكك وعدم وضوح الرؤية فنسقط في فخ الشيطان كما سقط بني اسرائيل قبل مئات السنيين؟
ان القادة الروحيين  الذين  يقودون شعبهم الى الهلاك  والضياع والجهل بمعرفة الله سيحاسبهم الرب يسوع المسيح حسابا شديدا لانهم لم يلتزموا بالمسؤولية في قيادتهم فهلكوا وأهلكوا شعبهم معهم. فالكنائس تنمو  عندما يديرها اناس يقودهم الروح القدس  سواء كانوا علمانيين أم رعاة (اعمال 23: 14) .
 فسيادة الروح القدس على حياة القائد او الراعي او المسؤول ينتج أثماراً وهي :المحبة والفرح والسلام وطول البال واللطف والصلاح والأمانة والوداعة وضبط النفس وهذه كلها مطلوبة للقيادة الروحية وحتى القيادة المدنية .
 معلمنا الرسول بولس يركز على ثلاثة صفات  للقائد المسيحي الناجح وهي: 1- الحكمة 2- القوّة 3- المحبّة (2تيموثاوس1:7 ) .
ان هذه السجايا موجودة في الرب يسوع المسيح ، لذلك الوسيلة الوحيدة لغرسها فينا هي أن تتحد حياتنا بحياته.
الكتاب المقدس  يريد من القادة الطاعة ، والطاعة تحتاج الى التضحية ، الله يريد من القادة والمسؤولين خدمته وخدمة اخوتهم  فيصبحون اداة لله ليستخدمهم لخير الناس ، قد يظنّ البعض ان المرحلة التي نمر بها نحن مسيحيي العراق هي مرحلة  قد تبعدنا عن ايماننا وحياتنا المسيحية بسبب الأضطهادات والآلام  ولكن يجب أن نتذكر انّ  الآلام جعلت من الرب يسوح المسيح  أكمل رئيس(قائد)(عبرانيين 2:10 ) .
ان من عرف الألم واختبره يقدر أن يمد يده بوداعة وبدون حساسية الى المتألمين ،
ومن ظلم يستطيع اكثر من غيره أن يدافع عن المظلومين والمسحوقين والمُهمشين ،
ومن اُضطهد يعرف كيف يدافع عن المضطهدين ،
وا لى اللقاء في الجزء الثاني
دمتم تحت حماية الرب
 
 
 
 
 

39
كيف يجب أن يكون القادة والمسؤولين في المفهوم المسيحي؟
 الجزء الأول
 بقلم :المهندس نافع شابو البرواري
يقول احد الفلاسفة ( قل لي من هوالقدوة لك اقول لك من أنت) اننا كلنا ومن موقعنا يجب أن نكون قادة بدءاً من العائلة حيث يجب أن يكون في العائلة رأس يقود العائلة كما يُخبرنا الرسول بولص في رسالته الى  مؤمني أفسس(اف5:23 ) .
ومرورا بالمدرسة والجامعة والوظيفة والوزارة انتهاءاً برأس الهرم (رئيس الدولة او الملك في الحكومة المدنية  والراعي او الأسقف والمطران او البطريرك وصولاً الى البابا في القيادة الروحية) ، نقرأ في الكتاب المقدس وصفحات التاريخ أن الناس الذين يشتهون السلطة يفوق دائما عدد من يستطيعون استعمال السلطة بحكمة ، متى حصلوا عليها ،  وبعبارة اخرى ليس كل الذين يريدون الحصول على السلطة من أجل خدمة الآخرين ومن أجل تحقيق حلم مجتمعاتهم ، فهناك من يحبّون القيادة والمجد والشهرة فهم لن يستطيعوا استعمال السلطة بحكمة متى حصلوا عليها ، بل لا تصبح السلطة في أيديهم بل يصبحون هم أسرى في يد السلطة فتستعبدهم السلطة ويعملون على محاربة وانتهاك حقوق الناس بكل الطرق والوسائل للحفاظ على مركزهم وشهرتهم ومجدهم الزائل  . ينطبق عليهم قول ميكافيلي الغاية تبرر الوسيلة ، والأمثلة كثيرة وكتب التاريخ والكتاب المقدس مملوءة بهولاء القادة الذين كانوا سببا لسقوط حضارات او سقوط الشعوب في الوثنية وعبادة الأصنام وانتشار الجهل والتخلف والفساد والأنحطاط الروحي والخلقي في تلك المجتمعات بسب القيادة السيئة وبسبب الأستبداد بالسلطة وقمع حتى شعوبهم من قبل هذه الفئة من القادة.
ان التاريخ يخبرنا عن قادة ازالوا ودمّروا مُدناً وابادوا شعوبا وقتلوا حتى اخوتهم واقرب الناس لهم بسبب الشهوة الى السلطة ولن يوقف تعطش هؤلاء الى السلطة سوى الموت.
وبالمقابل هناك قادة حكماء متفانين من اجل احقاق العدالة والسلام والأمان والأستقرار لشعبهم وللشعوب الاخرى وهم جاهدوا وضحّوا وكافحوا واستشهدوا من اجل  تحقيق امنياتهم واهدافهم الأنسانيّة والأخلاقية والروحية. فالهدف هو الذي يتحكم في تصرفات القائد ، فان كان الهدف هو التمّسك بالسلطة مهما كان الثمن عندها يفسد القائد ، وهو بدوره يفسد الشعب ايضا في جميع فروع الحياة وان كان الهدف خدمة الله وخدمة الشعب فهو يرتقي بالشعب والمجتمع نحو التقدم والرقي في جميع فروع  الحياة ،  يقول كاتب سفر الجامعة  (رأس الحكمة هو مخافة الله) .
هناك على الأقل ثلاثة اغراءآت تواجه القادة حيث الكثيرين يسقطون في واحدة منها على الأقل وهي :
1- القوّة اي التحرر من سلطان الله والأتكال على القوّة الذاتية
لقد سقط الكثيرين في هذا الشرك حتى الملوك العظام والكتاب المقدس يخبرنا عن ملوك بني اسرائيل ومنهم القضاة أمثال ابيمالك (راجع قضاة9:7-15 ) .
وشاؤول الملك وحتى سليمان الحكيم اتكل على قوّة التحالف مع الشعوب الوثنية دون الأتكال على قوة الله فسقط هو وشعبه في شرك الوثنية وكان ذلك سبباً لأنقسام مملكة الشعب الأسرائيلي الى مملكتين الشمالية (اسرائيل ) والجنوبية (يهوذا) وساد الفساد والأنقسامات وعبادة الأوثان بين المملكتين وهذا ما نقرأه في سفري الملوك الأول والثاني من الكتاب المقدس.
2- الّلذة
 ان الأنغماس في الشهوات الجسدية وحب السلطة والمال وكل الأمجاد  الزائلة سبب   رئيسي لسقوط الكثيرين من القادة وحتى الأنبياء (امثال النبي بلعام ) .
3- المدح والشهرة
 هذه الشهوة تقود الانسان الى الكبرياء والكتاب المقدس يخبرنا ان الكبرياء هي منبع الشر والخطيئة ، والأنسان الذي يحب الشهرة والمدح يصاب بداء الأنانية وحب الذات وقد يقوده ذلك الى تدمير الذات وقتل وسفك الدم حتى لأقرب الناس إليه ويخبرنا الكتاب المقدس(والتاريخ)  حالات قادة ورؤساء دينيين وملوك  وقعوا على الأقل في واحدة من الأغراءآت أعلاه .
وفي انجيل البشير متى الأصحاح الرابع (التجربة في البرية) ، يخبرنا ان الرب يسوع المسيح حاول الشيطان أن يجرّبه في الأغراءآت الثلاثة أعلاه ولكن الرب يسوع المسيح انتصر وهزم الشيطان وكان الرب يستشهد بالكتاب المقدس ليدحظ  كل مغريات الشيطان .
ان الرب يسوع المسيح لم ياتي الى العالم ليكسب جاهاً أوسلطة سياسية ، لكن بالحري جاء ليخدم ويشفي ويتألم مع المتألمين ويبكي دموعا من أجل خرافه الظالة واخيرا يضحي بحياته من اجل البشرية جمعاء وهذا هو الحب الحقيقي لقائد احب شعبه وبرهن هذه المحبة بالتضحية حتى الموت حتى نحيا نحن(هكذا أحب الله العالم  حتى وهب ابنه الأوحد ، فلا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية) (يوحنا 3:16  ) .
يسوع المسيح كان شفوقا عادلا وصالحا وخادما وملكا على قلوب الناس قبل ان يكون ملكا على الكون والخليقة كلها يقول الرب على لسان النبي أشعيا( أقود العميان في طريق يجهلونها وفي مسالك لا عهد لهم بها ، واجعل الظلمة نورا أمامهم والطرقات المعّوجة مستقيمة ) ، (اشعيا  42:16 ) .  فهل قادتنا يهتمون  بالسلطة  ام الخضوع لله وتحت قيادة الروح القدس؟
أو هل يهتمون بالسياسة أم الخدمة؟ هل همّهُم العطاء أم الأخذ ؟
هل هم يكتفون بالكلام فقط أم يطبقون القول بالفعل؟
وهل يُركزوا على المسيح ام على ذواتهم؟
 هنا نعرف من هو القائد الصالح  ومن هو القائد الطالح .
هكذا على القادة والمسؤولين عليهم ان يستنجدوا بكلام الله  والروح القدس ليكون لهم سلاحا يستطيعون به محاربة  كل الشهوات والأغراءآت التي قد تقودهم الى السقوط في فخ الشيطان  عندما يكونون قادة ومسؤولين لشعبهم.
فالقائد الصالح المثالي ، عليه أن يستمد حكمته ومعلوماته وقراراته ومنهجه من ثلاثة مصادر رئيسية هي :
1-  الكتاب المقدس ليكون له دستور حياة ومرجع كل القرارات والقوانين فهو مليئ بالعبر والدروس والحكم . يقول كاتب المزمور(سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) .
2- ان يتخذ من الرب يسوع المسيح قدوة وقائد وصديق وملهم له في جميع القرارات الصعبة التي يجب أن يتخذها القائد فيسوع المسيح هو المرجع والمشير والدليل  والراعي الصالح  وهو خارطة الطريق لكل من يريد الأرشاد والتعلم لقيادة الآخرين( أنا الراعي الصالح ، والراعي الصالح يُضحي بحياته في سبيل الخراف) (يوحنا 11: 10 ) .
3- قيادة الروح القدس فهو المحامي والمرشد والمدافع  عن الحق والعدالة والسلام والحرية ( اذا كان الروح يقودكم ، فلستم  أنتم في حكم الشريعة)(غلاطية 5:18 ) . وهو سلاح به يستطيع القائد الدفاع عن الحق والأيمان والعدالة ، فالقائد (المؤمن ) يجب أن يكون ممتلئ بالروح القدس
والأفتقار للقيادة الروحية  يدفع للدمار(1ملوك 22:52,53 ) .
ان الكنائس تنموعندما يديرها أناس يقودهم الروح القدس ، سواء كانوا علمانيين أم رعاة و يخبرنا الكتاب المقدس ( العهد القديم) في سفر الملوك الأول  كيف أنّ مملكة متّحدة تحت حكم داود الملك وهو أكثر الملوك ولاءً لله في تاريخ اسرائيل ، قد انتهت  بمملكة منقسمة  وبموت  اخاب اخر الملوك ، لقد نسي الشعب الأعتراف  بالله قائدهم الأعلى وعيّنوا لهم قادة من البشر لم يعترفوا بقائدهم الأعلى(الله) فتحوّل فعل الشّر كطريق  للحياة  فتحولت مملكة اسرائيل الى خراب كما نقرأ في الكتاب المقدس .
الرب يسوع المسيح يقول لنا ( أنا هو الطريق والحق والحياة)(يوحنا 14:6 ) .
هل نحن مسيحيي العراق سنتبع خارطة طريقنا وهو الرب يسوع المسيح أم نتبع شهواتنا للسلطة والشهرة والقوّة والّلذة  والأنقسامات والتفكك وعدم وضوح الرؤية فنسقط في فخ الشيطان كما سقط بني اسرائيل قبل مئات السنيين؟
ان القادة الروحيين  الذين  يقودون شعبهم الى الهلاك  والضياع والجهل بمعرفة الله سيحاسبهم الرب يسوع المسيح حسابا شديدا لانهم لم يلتزموا بالمسؤولية في قيادتهم فهلكوا وأهلكوا شعبهم معهم. فالكنائس تنمو  عندما يديرها اناس يقودهم الروح القدس  سواء كانوا علمانيين أم رعاة (اعمال 23: 14) .
 فسيادة الروح القدس على حياة القائد او الراعي او المسؤول ينتج أثماراً وهي :المحبة والفرح والسلام وطول البال واللطف والصلاح والأمانة والوداعة وضبط النفس وهذه كلها مطلوبة للقيادة الروحية وحتى القيادة المدنية .
 معلمنا الرسول بولس يركز على ثلاثة صفات  للقائد المسيحي الناجح وهي: 1- الحكمة 2- القوّة 3- المحبّة (2تيموثاوس1:7 ) .
ان هذه السجايا موجودة في الرب يسوع المسيح ، لذلك الوسيلة الوحيدة لغرسها فينا هي أن تتحد حياتنا بحياته.
الكتاب المقدس  يريد من القادة الطاعة ، والطاعة تحتاج الى التضحية ، الله يريد من القادة والمسؤولين خدمته وخدمة اخوتهم  فيصبحون اداة لله ليستخدمهم لخير الناس ، قد يظنّ البعض ان المرحلة التي نمر بها نحن مسيحيي العراق هي مرحلة  قد تبعدنا عن ايماننا وحياتنا المسيحية بسبب الأضطهادات والآلام  ولكن يجب أن نتذكر انّ  الآلام جعلت من الرب يسوح المسيح  أكمل رئيس(قائد)(عبرانيين 2:10 ) .
ان من عرف الألم واختبره يقدر أن يمد يده بوداعة وبدون حساسية الى المتألمين ،
ومن ظلم يستطيع اكثر من غيره أن يدافع عن المظلومين والمسحوقين والمُهمشين ،
ومن اُضطهد يعرف كيف يدافع عن المضطهدين ،
وا لى اللقاء في الجزء الثاني
دمتم تحت حماية الرب
 
 
 
 
 

40

هل نعرف هويتنا الحقيقية ؟
يقول مارتن لوثر (القس الزنجي محرر الزنوج في امريكا) : (اذا لم نستطع أن نعيش معا كأخوة فاننا سوف نموت معا كاغبياء) ، هذا القول الحكيم الذي نادى به هذا الكاهن منذ ستينات القرن العشرين
لازال يرن في ضمائرنا الى اليوم ويهز مشاعرنا نحن الذين نعيش في القرن الواحد والعشرين ، كم نحن في امس الحاجة الى  قيادة حكيمة مؤمنة بالرب يسوع المسيح الملك العظيم على امثال مارتن لوثر ليقودنا نحن مسيحيي العراق لكي نتوحد ونستمد قوتنا من الروح القدس كي نكون قلبا واحدا  وروحا واحدا وايمان واحد واله واحد وهدف واحد ومصير واحد ومستقبل واحد واعد بالسلام والأستقرار والعيش المشترك؟
 نعم نحن نحتاج الى قيادة حكيمة وربان سفينة يقودنا الى شاطئ الأمان والا سوف تغرق السفينة في بحر الظلمات  لان العواصف شديدة وامواج البحر عاتية وكادت المياه ان تدخل في سفينتنا فتغرق وتذهب الى الأعماق (متى 8:23  ) ، فكما أن يسوع المسيح يستطيع ان يتحكم بقوى الطبيعة فهو وحده القادر على السيطرة على عواصف حياتنا وخاصة في هذه الايام التي نعاني فيها من الاضطرابات والأنشقاقات والفوضى العارمة وعدم الرؤية وضعف الأيمان والتشتت والتحّزب واللامبالاة للمخاطر التي تحيط بنا من جميع الجهات  كل هذه المخاطر المحدقة بنا لازلنا نحن ( الذين في هذه السفينة المهددة بالغرق في اي لحظة ) نتخاصم ونتقاتل على الحصص والمناصب والقومية والكراسي والتنافس على النسب والشرف والاسماء والأمجاد الفانية ، انه لأمر محزن ان لا نستفيق على الخطر المحدق بنا ولا ننتبه الى ما يدور حولنا حيث وجودنا في خطر والأرهاب  يحيط بنا من كل الجوانب ونحن مشغولين بامور فارغة  وندور في دوامة هذا البحر الهائج دون ان نعرف كيف نصل الى شاطئ الأمان . انها كارثة حقا أن نصل الى هذا المستوى الهابط من قلة الفهم والمعرفة والجهل الذي تفشى فينا والفقر الروحي الذي اصابنا وفتور الأيمان الذي اصبح مثل الماء الفاتر الذي لاطعم له ومثل الملح الذي فقد نكهته وطعمهُ ومثل النور الذي حل مكانه عتمة الظلام .
أين تقودنا يا ترى هذه المركبة التي كثر عدد قبطانها ؟ الجواب وكما يقول المثل (تغرق السفينة لكثرة ملاحيها)  ، يا للأسف يا للعار يا للخزي ان نصل نحن ابناء كنيسة المشرق الاصيلة الى هذا الياس والأحباط وفتور الأيمان  وضحالة الفكر والمعرفة بينما كانت كنيستنا  عبر التاريخ  كالخميرة في العجين  ونورا يسطع شعاعه شرقا وغربا  شمالا وجنوبا وفي كل شبر من ارض وادي الرافدين هناك شهيد  حتى   لقبت كنيستنا  بكنيسة الشهداء وكانت عامرة بمراكز العلم والمعرفة والجامعات والمدارس التي تخّرج منها الكثيرين من العباقرة واللاهوتيين والحكماء والعلماء أمثال مار أفرام السرياني  الملقب بكنارة الروح القدس وكثيرين غيره ،  قد نحتاج الى قائمة طويلة لذكر اسمائهم .
أين اصبح موقعنا نحن ورثة كنيستنا المشرقية؟ هل حافظنا على كنز الايمان الذي سلّمه لنا ابائنا وشهدائنا وقديسينا لنسلمه لابنائنا وبدورهم ليسلموه الى الأجيال القادمة ؟ سؤال يجب ان يطرح اليوم لاننا  واذ نحن في هذه السفينة التي تحملنا  نحو المجهول ، علينا ان نصحو ونستيقظ من هذا النوم القاتل قبل فوات الأوان وقبل ان تنقلب المركبة فتغوص في بحر الظلمات علينا أن نستنجد بالرب يسوع المسيح كما استنجد التلاميذ به وهم كانوا مرعوبين وخائفين ويائسين علما ان خالق الكون الذي له السلطة على الطبيعة كلها كان معهم في السفينة . هكذا هي  حالتنا نحن المسيحيين اليوم فنحن ايضا خائفين مرعوبين هذه الأيام لقلة ايماننا وعدم تسليم حياتنا لقيادة المسيح الذي بيده فقط مصيرنا ومستقبلنا وحياتنا وسر قوتنا ، نحن المسيحيين ليست حياتنا وسر استمراريتها في قوتنا الطبيعية ولا بقوتنا العسكرية ولا بقوتنا المالية ولا بمناصبنا الحكومية ولا بمراكزنا الحزبية ولا بقوميتنا الكلدانية او الآشورية او السريانية سر قوتنا لا تكمن في التفلسف او الافتخار بالنسب والحسب والتباهي بحضارات لم نشارك في صنعها ، سر قوتنا لاتكمن في الجدالات والأتهامات لبعضنا البعض الآخر ولا تُكمن في جهودنا واعمالنا  ولا حتى في نشاطاتنا من اجل تحقيق (حلمنا )بالحكم الذاتي لنا.
اذن أين يكمن سر قوتنا ؟
سر قوتنا يكمن في الصليب الذي يرمز الى التضحية والمحبة والفداء الذي فيه قدم المسيح نفسه قربانا لكي يخلصنا من الموت والخطيئة  وقوات الشر ، نعم بالصليب الذي يقول المعلم بولس الرسول (فالبشارة عند الذين يسلكون طريق الهلاك حماقة . وأما عندنا نحن الذين يسلكون طريق الخلاص  فهو قدرة الله....واذا كان اليهود يطلبون المعجزات ، واليونانيّون يبحثون عن الحكمة ، فنحن ننادي بالمسيح مصلوبا)، ( كورنثوس الأولى 18 : 1 ) .
اننا ان لم نؤمن بان المسيح معنا في هذه الأرض التي نعيش فيها ولا نؤمن بقوله كونوا واحدا كما انا والآب واحد فاننا لسنا مسيحيين حقيقيين بل نحن مسيحيين بالهوية وبالوراثة اذا لم ندرك أن قوتنا الفوق الطبيعية هي تاتي من قوة الروح القدس الذي يسكن في كل واحد  فينا فنحن لا حول لنا ولا قوة . يقول الرب يسوع لمسيح( ولكن الروح القدس يحل عليكم ويهبكم  القوّة وتكونون لي شهودا في أورشليم واليهودية كلها ، والسامرة  حتى أقاصي الأرض )( أعمال 1:8  ) .
ان الخاضعين للقوانيين والشرائع ألأرضية يشعرون بالعجز والفشل والضياع والخوف والخنوع والمساومة والتهرب من قول الحق والتسليم لواقع الحال . اما المسيحيين الحقيقيين هم من يصنعون المعجزات باسم الرب يسوع المسيح وليس عندهم ما هو مستحيل لان الروح القدس يعمل فيهم ولا توجد قوة في الأرض تستطيع ان تقف امامه .هذا ما يخبرنا به سفر اعمال الرسل وسيرة القديسين والشهداء المؤمنين الذين غيروا وجه التاريخ واستطاع  ناس بسطاء ومهمشين ان يقلبوا موازين القوى ويواجهوا الملوك والأمبراطوريات بقوة الكلمة وبالحوار وقول الحق حتى على حساب حياتهم  فمتى ما عرف الأنسان  هدفه الأبدي ، تحرر من الخوف في مواجهة المخاطر . فالحياة المسيحية هي تحدي الصعاب والسير عكس التيار  للوصول الى منابع الايمان الصافي ، اليوم ليس أمامنا الا خيارين لا ثالث لهما وهما
1- نحن في حالة حرب دائمة فاما ان نتبع المسيح ليكون قائداً وقدوة لنا ليقودنا  في موكب النصر  ونرفع رؤوسنا الى السماء مفتخرين ليس بقوتنا  بل بقوة الروح القدس ، به نحارب قوات الشر والأجناد الروحية
2- واما ان نلتحق بمعسكر العدو (الشيطان ) والأرواح الشريرة التي فيه نطأطأ رووسنا خائفين مواجهة قواته الشريرة فنقع اسرى هذا الماكر والمخادع فيسلب ارادتنا وحريتنا ويشل فكرنا ويدمر ما بناه ابائنا واجدادنا.
ان العاقل هو من يمشي في موكب المسيح المنتصر سابقا في هذه الحرب وقبل وقوعها ، اما الغبي فهو الذي يخرج من الموكب ويصطف مع العدو ، ان القادة الدينيين اليهود (وكما الكثيرين من القادة الدينيين المسيحيين )وقادة الحكومات والملوك والامبراطوريات  قد اخذوا فعلا موقف العداء من الرب يسوع المسيح (مرقس 3:2) لأنهم حسدوا يسوع المسيح على شعبيته ومعجزاته وسلطانه في الكلام ، ولأنه فضح اعمالهم الشريرة ، ففقدوا رؤيتهم لهدفهم( كقادة دينيين ) وهو أن يرشدوا الناس الى معرفة الله  ، وعندما كشف الرب مواقفهم الحقيقية صاروا اعداء له.
واليوم كيف نواجه هذا البحر الهائج الذي يحيط بنا من جميع الجهات ونحن لا قادة دينيين حقيقيين ولاقادة دنيويين لنا ؟
كيف نواجه المخاطر والصعوبات والمحن والارهاب والحروب والتهجير والتخويف ونحن الذين ندّعي اننا مسيحيين ولكن ايماننا مبني على اساس رملي هش نسقط في اول تجربة  او محنة نواجهها؟
لماذا نكرر نحن أبناء القديسيين وشهداء المشرق نفس الأخطاء التي وقع فيها الشعب اليهودي منذ الاف السنيين فهم لم يكتفوا بالأبتعاد عن الله في العهد القديم بل ذهبوا ابعد من ذلك فصلبوا ابنه؟
وعندما نقرا الكتاب المقدس عن مصير اليهود  بعد( ان انكروا الله وابنه يسوع  ) فقد تشتتوا في انحاء العالم  نتيجة انجراف القادة الدينيين الى  الامور الدنيوية وبهذا اصبح الشعب اليهودي ينجرف الى عبادة الأصنام وشهوات هذا العالم وانفصلوا عن الله الذي كان يرافقهم في محنهم طالما كانوا متمسكين به.
وما اشبه اليوم بالبارحة ونحن الذين ندعي كوننا مسيحيين إلا ان الحقيقة نحن لا نستحق ان نحمل هذا الاسم بسبب ما وصلنا اليه من التخبط والأنفكاك والتفرقة  والطائفية والقومية العنصرية وحب الشهوات وملذات هذا العالم حتى اصبح الكثيرين  من رعاتنا عبيدين للمال فهم  التهوا بالمجد الزائل وتركوا رعاياهم( الذين اشتراهم المسيح بدمه الزكي) معرضين لاخطار الذئاب الخاطفة بدل ان يجمعوهم ، فهم فرقوهم وبدل ان يقّووا ايمانهم بكلمة الحياة  نراهم  قد ساهموا في فتور الأيمان عند رعيتهم .
هكذا عندما يبتعد القادة الروحيين عن الله ويزيحوه من ايمانهم تصبح حياة هذا الشعب في مهب الريح فيفتر الأيمان وتتشتت الرعية  ..
كان علينا ان نتعلم العبر والدروس من شعب اسرائيل وكيف تشتت في انحاء المعمورة ولكننا لم نتعلم لاننا لا نقرا  الكتاب المقدس الذي هو غني بالعبر والدروس الروحية والانسانية ولم يشجعوا روؤسائنا الديينين ان نقرا هذا الكتاب الذي يعتبر كنزا لا يقدر بثمن ، وبدل ان يرشدوننا لمعرفة الحق تركونا نجهل الكثير من الأمور الروحية لخوفهم على كراسيهم ومناصبهم وشهرتهم .
لقد سمح الله لبابل بان يكون لها قوّة وقتية لغرض تأديب شعبه الأسرائيلي المرتد  ، وعندما قضي الغرض ، انقضت قوة بابل وهكذا فعل مع الآشوريين الذين كانوا عديمي الرحمة كما يخبرنا الكتاب المقدس . ان الذين يشتهون القوة سينالهم خراب شديد كما جرى للأمبراطوريتين الكلدانية والآشورية وكذلك الفارسية واليونانية والرومانية  حيث لم يبقى منها الا الأطلال كما تنبأ  بذلك النبي دانيال وهو في بابل قبل اكثر من 2500 سنة  (ورأيت  أن  حجرا انقطع من الجبل من دون أن تلمسه يد فسحق  الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب )(دانيال 45 :2  ) .
 نعم الحجر هو المسيح الذي سحق  التمثال الذي كان من الحديد والنحاس والخزف والفضة والذهب التي ترمز الى تلك الأمبراطوريات  اعلاه ، الم يقل الرب( الحجر الذي رفضه البناؤن صار راس الزاوية)
الم يقل الرب يسوع المسيح بشخص الرسول بطرس( انت الصخرة وعلى  هذه الصخرة ابني كنيستي وقوات الجحيم لن تزعزعها ) ولكننا نحن المسيحيين في العراق لازلنا نبكي على تلك الأمبراطريات التي قتلت شعب الله وانبيائه وكان الامبراطور ياّله نفسه ويطلب من شعب الله  وانبيائه ان يسجدوا له.
 يا للمصيبة والهوان أن نفتخر بتلك الحضارات الوثنية  التي زالت  وأصبحت  خرائب واطلال بينما لا نفتخر نحن مسيحيي وادي الرافدين بحضارتنا المسيحيية التي بدأت منذ الفين سنة( عندما ظهر نجم المسيح في سمائنا ليقود الملوك الثلاثة الى بيت لحم حيث ولد الرب فكان هولاء الملوك أول المؤمنين بعد امّنا العذراء مريم ويوسف الصديق) ولا زالت مملكة المسيح تشع الى العالم كله ويدخل الى المسيحية حتى قبائل آكلي لحوم البشر ليصبحوا حمائم للسلام ، وها نحن( كما يخبرنا النبي زكريا) نأكل لحم بعضنا البعض  (زكريا11:9 ) .       
 ولا زالت هذه الحضارة تنتشر في العالم كالنار في الهشيم بينما نحن في العراق قد خمد فينا نار الروح القدس واصبحنا فاتري الأيمان وينطبق علينا قول الروح القدس لكنيسة (لاوديكية)( أنا أعرف أعمالك وأعرف انك لا بارد ولا حار  وليتك كنت باردا أو حارا ، سأتقيّئك من فمي لأنك فاتر ، لاحارٌ ولا باردٌ)(رؤيا 3:  15  -16 ) .
انه لجهل عظيم ان لانعرف قيمة الكنز الذي سّلمه ابائنا لنا وبقوا طوا ل مئات السنين يجاهدون بسلاح الروح القدس ليسلموا لنا هذا الكنز الذي لايقدر بثمن ، بينما نحن لانحافظ على هذه الوديعة التي هي أمانة وسنحاسب عليها حسابا شديدا ان نحن لا نحافظ على ايماننا ونسلمه لأبنائنا.
عندما نتصفح  كتب  التاريخ لم نقرأ في صفحاته( في ايام ازدهار الكنيسة المشرقية) اي اسم اشوري أو كلداني أو ارامي (سرياني) ، بل الكل كانوا يسمّون سوريايي أو سورايي أو مشيحايي ونقرأ كثيرا عن السريان في الكتب العربية  الذين سُمّيوا بهذا الأسم بعد ان انتشرت المسيحيية في سورية والعراق وتركية
يقول  معلمنا بولص الرسول لتلميذه تيموثاوس(..لتوصي  بعض الناس ان لا يعلّموا تعاليم تخالف تعاليمنا ، ولا يصغوا الى الخرافات وذكر الأنساب التي لانهاية لها ، فهذا يثير المجادلات ولا يخدم تدبير الله المبنيّ  على الأيمان)(تيموثاوس الأولى1:3,4 ) .
الا ينطبق قول الرسول علينا نحن المدعين اننا مسيحيين ولكننا لا زلنا لسنوات نتجادل ونتصارع على الحسب والنسب والقومية والطائفية ؟
أنظروا ماحل بنا من الشقاء والبلاء والتشتت  بسبب جهلنا لهويتنا المسيحية واصبحنا مثل السكارى نترنح من ثمل الخطيئة ونسير في طريق يقودنا الى الهاوية والزوال . أُنظروا ماحلّ بنا من الشقاء والبلاء والماسي والمصائب والتشرد في العالم ، ومع هذا لانتعلم من هذه المحن دروسا وعبر لكي نتوب ونرجع الى ملكنا يسوع المسيح لنسجد له قائلين على لسان داوود الملك( قلبا طاهرا اخلق فيّ يا الله  وروحا جديداً كوّن في داخلي)( مزمور 51:12 ) .
 اليس التاريخ يعيد نفسه فنرى بدل الشعب الأسرائيلي ها هو شعب المسيح الذي بذل يسوع الأبن نفسه لاجله ومع ذلك لازال هذا الشعب بعيدا كل البعد عن معرفة الله والأتكال على قوته وحمايته  وبعيدين عن الوحدة والأخوة والسلام والمحبة والرجاء والأيمان؟
ان الشيطان هو الذي يفرق بين اعضاء جسد المسيح  وها نحن متفرقين  ومختلفين ومتخاصمين بعضنا البعض ومتشتتين في الرؤئ والطريق الذي نسلكه نحو الهدف ، بينما الرب يقول لنا ( أنا هو الطريق والحق والحياة)(يوحنا 14:6   ) .
اليس هذا ما نلمسه  في قياداتنا الدينية والدنيوية ، اليست كنيستنا (ا المؤمون ) منقسمة على نفسها؟
ان شهادتنا للمسيح دون ان تستمد قوتنا من الروح القدس فهي باطلة ولا ثمر لها كالتينة التي تحمل اوراق خضراء ولكن لا تحمل ثمر والتلاميذ كانوا خائفين مرعوبين  حتى حل عليهم الروح القدس وفي يوم الخمسين (عيد العنصرة) نالوا قوة وبهذه القوة غيروا وجه التاريخ علما انهم كانوا ناس بسطاء وصيادين
وما احوجنا نحن مسيحيي العراق الى قوة الروح القدس ليلهب قلوبنا بنار المحبة ونكران  الذات  من اجل ان نكون واحدا مع المسيح  كما المسيح هو واحدا مع الأب .
اذن الكنيسة فقط هي ملجئنا  وهي الام التي تحمينا من كل الأعداء ولا خلاص لنا الا بالرجوع اليها وان نكون مثل الرسل الاولين اخوة نتقاسم الهموم والمشاكل والخبز وكل شئ كما يخبرنا البشير لوقا في سفر أعمال الرسل ( وكان المؤمنون ، لايدعي احد منهم ملك ما يخصه بل كانوا يشاركون في كل شئ لهم (اعمال  4:32 ) .
السنا نبحث عن من يُخلصنا من محتنتنا ولكننا تعساء جهلاء  لأنه لا يوجد لنا مخلص من محنتنا إلا  الرجوع الى الرب يسوع المسيح القائل (تعالوا الي ياجميع المتعبين وثقيلي الأحمال وانا اريحكم)
الم يقل الرب (ثقوا لقد غلبت رئيس هذا العالم) فالى من نذهب لينقذنا وهو عنده الحياة الأبدية؟
الم يقل لنا ( فانكم بمعزل عني لاتقدرون أن تفعلوا شيئا)؟
الم يقل ( أنا الكرمة وأنتم الأغصان....اثبتوا فيّ وانا فيكم)؟
الم يقل الرب (لا تخافوا من الذي يقتل الجسد ولكنه لايستطيع ان يقتل الروح) .
نعم الأعداء قد يستطيعون ان يفرقوننا ويقتلوننا ولكن ان كان ايماننا قويا فهم لن يستطيعوا قتل الروح التي فينا. الم يقل الرب انه سوف يرسل لنا المعزي(الروح القدس) والذي يعني المعين فهو يعيننا في كل مصائبنا ومشاكلنا وقضايانا المصيرية وهو حتى يتكلم نيابة عنا عندما نحضر في المحاكم (يوحنا 15:25
الم يقل الكتاب المقدس  (ان كان الله معنا فمن علينا)
الم يقل الرب ( انا معكم كل الأيام والى منتهى العالم)
ان الرسل المسيحيين الأولين استمدوا قوتهم من الروح القدس ليفتحوا العالم وبشروا بالأنجيل وذهبوا الى الموت وهم منتصرون  فلا الزوابع ولا السيول ولا هيجان البحر استطاع ان يزحزح ايمانهم ورجائهم
يقول كاتب المزمور( لا صوت المياه الغزيرة ولا هدير امواج البحر  كهدير الرب في علاه)(93:4)
الرب يقول لنا (لو كنتم من هذا العالم ، لأحبكم العالم كأهله ، ولأني أخترتكم من هذا العالم وما أنتم منه)(يوحنا15:19 ) .
 اليوم مااحوجنا الى قبطان ليقود سفينتنا (كنيستنا) وسط امواج هائجة (الشر المحيط بنا)   وليس لنا الا الرب يسوع الذي هو وحده يستطيع ان يهدي البحر والعواصف  لنعيش بسلام وامان واطمئنان .
الم يقل المسيح للتلاميذ يا قليلي الأيمان لماذا تخافوا وخالق الكون معكم عندما كادت مركبتهم أن تغرق؟
اليوم  شعبنا المسيحي في العراق يعيش حالة الأنحطاط الروحي فالكثيرون  يبحثون لسنوات طويلة عن اسم لقوميتنا ويجتهدون ويدرسون ويبحثون في المصادر التريخية والاثار وو ...الخ  ولكنهم يضعون الكتاب المقدس على الرف في مكتباتهم ليغطيه التراب وبهذا هم يجهلون قول المسيح الذي قال للذين شكّوا فيه ( فتشوا الكتب انكم ترون فيها الحياة الأبدية هي  تتحدث عني) .
يقول الرب في العهد القديم (هلك شعبي لعدم المعرفة) ،
ويقول المزمور (سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي) ،
ايضا يقول ( الثور يعرف مقتنيه والحمار معلف  صاحبه أمّا بنوا اسرائيل  فلا يعرفون ، شعبي لايفهم شيئا (اشعيا 1:3 ) .
نتألم كثيرا عندما نسمع صوت صارخ في صحراء حياتنا الروحية ينذرنا  لينهضنا من نومنا العميق وهو يكاد يكون الصوت الوحيد في هذا الزمن السيئ الذي ينادينا للتوبة والرجوع من طريقنا المؤدي الى الهلاك
انه صوت ابينا الأب البير أبونا  الذي يدوّي في اذاننا وهو يذكرنا بصوت يوحنا المعمذان الذي أنذر شعب اسرائيل  بأنهم ان لم يتعمذوا ويتوبوا ويثمروا ويهيئوا قلوبهم لمجئ المسيح فانهم سوف يزولوا وينتهوا
(ها هي الفأس على أصل الشجرة فكل شجرة لا تعطى ثمرا جيدا ، تقطع وترمى في النار)(لوقا 3:9 ) .
لنتذكر كما أبائنا كانوا يحييون ذكرى (باعوثا)   تحذير الله على لسان النبي يونان لمدينتنا نينوى فها هو اليوم ابونا البير ينذرنا بالزلزال القادم ان لم نتُب ونرجع كما فعل شعب نينوى قبل اكثر من 2500 سنة
(وكانت كلمة الرب الى يونان ثانية قال : قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة ونادي بما اقوله لك)(يونا 3:1) ، وكلنا يعرف كيف تاب شعب نينوى وصام ولبس المسوح  ثلاثة ليالي وثلاثة ايام  ورجع الى الله
لماذا نحن اليوم نقع في نفس الأخطاء التي وقعت فيها الشعوب في العهد القديم والعهد الجديد؟ لماذا لا نتعلم العبر والدروس من الكتاب المقدس حتى لانكررها نحن الذين حملنا اسم المسيح؟
الرب يقول (أنا الراعي الصالح ، أعرف خرافي وخرافي تعرفني)( يوحنا 10:14) .
السؤال المطروح هل حقا نحن نعرف المسيح؟
 نحن بحاجة الى  مراجعة أنفسنا ومعرفة هويتنا الحقيقية وهي المسيحية  ورمزها هو الصليب الذي يجب ان نرفعه كعلامة لاتحادنا ووحدتنا وهو فخر لنا نضعه على صدورنا وكنائسنا وفي جميع  مؤسساتنا الدينية والمدنية انه يرمز الى مملكة المحبة والتضحية وبذل الذات ، مملكة التواضع والرجاء والسلام ، مملكة الأخوّة والعيش المشترك وتقاسم الخبز والمشاكل والهموم نعم لنا حضارة اسسها المسيح على حجر ولا تستطيع اي قوّة غاشمة النيل منها  فملكوت الرب هي في قلوبنا وضمائرنا  .
حضارتنتا هي ابدية وتمتد اليوم الى اقاصي الأرض كما تنبأ النبي ميخا قائلاً :
(لأن عظمته ستمتد الى أقاصي الأرض)(ميخا 4 : 5 ) . وشكراً للقارئ الكريم .




41
·   
·   |
·   
·   
·   

لماذا لانطالب نحن مسيحيي العراق بتدويل قضيّتنا ؟
 
بقلم المهندس : نافع شابو البرواري
في تصريح لوزير الخارجية العراقي السيد هوشيار الزيباري يوم 14 |10|2009
لوكالات الأنباء والقنوات الفضائية  والوسائل الأعلامية بان العراق وصل مع سورية الى طريق مسدود بشان الملف الامني والأرهابي فلا الوساطات نجحت لحل هذه الأزمة بين العراق وسورية ولا المفاوضات المباشرة ، وقال ان العراق طالب الأمم المتحدة لتدويل قضية الأرهاب وتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في تفجيرات يوم الأربعاء الدامي علماً أن مؤتمر شرم الشيخ لقمّة وزراء الداخلية للدول المجاورة للعراق كان مُنعقدا في مصر في نفس اليوم الذي صّرح بهِ السيد الوزير هوشيار الزيباري بهذا التصريح لأنه يعرف مُقدما أن هذه الدول لن تستطيع أن تخرج باتفاق عملي لمنع دخول الأرهابيين الى العراق وكان توقعه في محله لأن هذه الدول لم تتوصل الى الهدف الذي من اجله انعقد بل كانت نتائج القمة كالعادة  الشجب والأستنكار للعمليات الأرهابية ودعوة هذه الدول بالتشديد على امن الحدود دون القيام بخطوات عملية حقيقية لمنع المتسللين من الأرهابيين دخول  الأراضي العراقية  والسبب واضح ولا يقبل النقاش وهو ان هذه الدول متورطة وغائصة في وحل الخطيئة لأنها هي كانت تصدّر( ولا زالت) الارهاب والموت الى عراقنا الحبيب لزعزعة الأمن والأستقرار فيه خوفا من وباء الديمقراطية والحرية النسبية التي يتمتع بها عراق اليوم وخوفا على كراسيهم وانظمتهم الأستبدادية وخوفا من أن ينتقل هذا الوباء ، وباء الديمقراطية والحرية الى هذه الدول فينهار صرح نظامهم الأستبدادي والذي بنوه عبر عشرات السنين على صدور شعوبهم التي تأن من هذا الثقل الكبير ، الأسئلة التي علينا طرحها على أنفسنا اليوم  نحن مسيحيي العراق  هي :
لماذا لا نطالب نحن أيضا بتدويل قضيتنا المشروعة وهي التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق كنائسنا ومقدساتنا في الأيام الدامية التي فيها فُجّرت كنائس عديدة  في يوم واحد وقُتل وجُرح العشرات من المسيحيين  وهم يؤدون صلواتهم  وشعائرهم الدينية؟
اليس من حقنا ان نطالب ايضا الامم المتحدة  بوثيقة رسمية للتحقيق في هذه الجرائم التي كل الدلائل تؤكد انها مُنظمة ومرسومة ومُخططة ومقصودة لأرهاب المسيحيين وترك بيوتهم ومقدساتهم ووطنهم والهروب الى المجهول ؟
ولماذا نتردد بالأعتراف وقول الحقيقة أن الحكومة المركزية لم تقم بواجبها للتحقيق في  هذه الجرائم المتكررة لا بل كانت هذه الجرائم ترتكب على مسمع ومشهد من هذه الحكومة  ولا زالت نتائج التحقيقات ضد المسببين لها مجهولة ولم  تعلن الحكومة عن أسماء مرتكبيها ؟
واليوم نسمع اصوات من نواب البرلمان من اخوة عرب يطالبون الحكومة بالكشف عن هذه الملفات بينما مسؤولي أحزابنا ونوابنا لم يتحركوا ساكنين ،
ففي تصريح النائب عباس البياتي عضو البرلمان  عن لجنة  الأمن والدفاع قال لمراسلة  "عنكاوا دوت كوم"الموقع ادناه. http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,353031.0.html
تم تشكيل لجنة لغرض الوقوف على العمليات الأرهابية التي حصلت بحق المسيحيين (لما تعرضوا له من تفجيرات للكنائس وخطف وقتل وتهجير ) من وزارتي الدفاع والداخلية  واضاف قائلا :
نطالب (الحكومة) بضرورة اعلان اسماء الجهات والدول والمجاميع المتورطة في مثل هكذا عمليات ارهابية تخريبية .
ويطالب حسن ديكان عضو البرلمان عن جبهة التوافق الى أن ملف استهداف المسيحيين هو ملف أمني بحت وقال ((كنا في لجنة الأمن والدفاع ننتظر أن تسلمنا الحكومة التنفيذية تقرير  بهذا الخصوص )) ، ويتسائل ديكان أين وصلت التحقيقات بخصوص خطف وقتل وتهجير المسيحيين  وتفجير الكنائس والجهة الحقيقية المنفذة لتلك العمليات اللاانسانية؟         
ويشير ديكان الى أن الحكومة التنفيذية حتى الآن لم تعط لجنة الأمن والدفاع التقارير اللازمة للوقوف على مثل تلك العمليات  كي تتمكن من الوقوف عليها بشكل دقيق ومُفصّل .
ويقول  النائب مطلك الجبوري رئيس التيار العربي والكتلة العربية المستقلة في ممجلس النواب العراقي "ان استهداف الكنائس وتهجير المسيحيين  هي عملية قذرة الغاية منها افراغ العراق من مكون اساسي وهم الأخوة المسيحيين"
ماذا علينا فعله في ضوء ما ارتكب من الجرائم بحق شعبنا المسيحي ؟ والسؤال الأهم هو ماذا علينا عمله في ضوء المستقبل المحاط بالضبابية وعدم الوضوح وخاصة نحن نرى أن كل المؤشرات تشير الى ان المخاطر لازالت تحيط بنا من كل جانب واننا نسيرالآن في فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة وعلينا ونتيجة قرائتنا لهذا الواقع والأحداث ان نقوم بالخطوات التالية :
 *أن تجتمع جميع الآحزاب  وممثليهم في البرلمان والمجلس الشعبي والمنظمات والأعلاميين والكتاب والمثقفين ورؤساء الكنائس المشرقية للتداول بخصوص المواضيع الخطيرة التي تهم شعبنا ومستقبل وجوده في العراق .
*ان يقدم المجتمعون وثيقة رسمية تطالب الحكومة الحالية والقادمة بكشف كافة ملفات الأرهاب بحق المسيحيين منذ سقوط النظام سنة 2003
 في حالة عدم كشف الحكومة لملفات هذه الجرائم  وفي فترة لاتتجاوز ثلاثة اشهر يتم  اجتماع ثانِ ويقدم المجتمعون وثيقة رسمية الى الامم المتحدة ومنظمة حقوق الأنسان وحماية ألاقليات  ونسخة من الوثيقة الى السفارة الأمريكية في بغداد كون أمريكا مسؤولة عن جرائم الحرب التي ترتكب بحق المدنيين في زمن الحرب ، ويتم بموجب هذه الوثيقة تقديم طلب رسمي للمطالبة باجراء تحقيق دولي وكذلك تدويل قضية المسيحيين في العراق باعتبار انهم يتعرضون لاستئصال وتهجير جماعي وحتى ابادة جماعية بعدما يرفق بهذه الوثيقة كافة الادلة
والبراهين التاريخية في الماضي ومنذ الحرب العالمية الاولى  مرورا بمذبحة سميل سنة 1936  وصولا الى أحداث 1961 التي فيها تم تدمير المئات من القرى والكنائس والمقدسات المسيحية في شمال العراق وكيف تم نزوح وهجرة الغالبية منهم الى المدن او مغادرة الوطن الى الغربة . واخيرا وليس اخرا الجرائم التي ارتكبت بحقهم منذ سقوط النظام السابق الى يومنا هذا وكيف ان الهجرة اليوم انعكست من المدن الى القرى وسهل نينوى والمسيحيين في مهب الريح وكما تقول كلمات لأغنية عراقية  قديمة  (نوبا شمال الهاوى نوب هاوا جنوبي)
                                                      *ان تقوم الجاليات العراقية وخاصة المسيحيين بالتعاون مع اباء  الكنائس في دول الأغتراب  بتخصيص يوم صلاة عالمي يدعون
في هذا اليوم العالم كله للتضامن مع مسيحيي العراق  وينظّمون تظاهرات لتحقيق حقوقنا المشروعة في نفس اليوم ، فنحن لا نطالب الا الحق وتحقيق العدالة والحرية والمساواة.
*المطالبة باعادة كل الأراضي والبيوت والاموال المسروقة الى اصحابها الشرعيين  من اقصى شمال العراق الى جنوب ا لبصرة
أو  تعويض الذين لا يستطيعون الرجوع الى أراضيهم لأسباب كثيرة .
                                            *المطالبة بحق جميع الجاليات العراقية ومنهم  المسيحيين الذين  هاجروا بسبب الحروب التي اشرنا اليها اعلاه  بأن يكون لهم حق الأنتخابات حالهم حال المواطنين في الداخل.
* هناك خطر يظهر في الأفق وهو مصير مدينتي نينوى وكركوك فهناك صراع مباشر وغير مباشر وظاهر على السطح مرة وباطن مرة ثانية والكل يترقب  المستقبل الذي  لايبشّر بحلول  قريبة  بين العرب السنة والأكراد لتقسيم هاتين المدينتين وهكذا اصبحت الاقليات ، وبالطبع الغالبية منهم المسيحيين ، في ارض الحرام( بالمصطلح العسكري) وهم بهذا يواجهون وسيواجهون الصراع ويكونون وقودا للنار لاسمح الله خاصة عندما تغادر القوات الأمريكية ارض العراق . ونحمّل الحكومة المركزية الحالية وامريكا كل المسؤولية لحماية المسيحيين خاصة في هذه المناطق الساخنة.
*على الحكومة المركزية وبالتعاون والتنسيق مع حكومة كردستان وضع خطة امنية استثنائية بين المناطق المتنازعة عليها لكونها مناطق ساخنة ونقترح ان  تتواجد قوات دولية في  هذه المناطق قبل انسحاب امريكا من العراق ونقترح بان تبادر الأحزاب المسيحية ورجال الدين المسيحيين بتقديم مذكرة رسمية الى السفارة الأمريكية يطالبون امريكا بظمان حياة الأقليات وخاصة المسيحيين من جرائم حرب قد ترتكب ضدهم  تكون اكثر دموية مما شهدناه في الحقبات التاريخية السابقة في حالة انسحاب القوات الأمريكية من هذه المناطق .
 ان ما ننوه به من المخاطر المحدقة بالمسيحيين هي ليست من نسج الخيال فالمنظمة الدولية وهي التي تعني بحقوق الأنسان والأقليات العرقية هي التي اوردت في تقريرها الصادر  في يوليو حزيران 2009 بأن(العراق يدخل في قائمة دول كأفغانستان وباكستان والصومال  حيث يواجه السكان فيهم خطرمجموعات المعارضة المسلحة والقوات المسلحة الوطنية والدولية في ان واحد ، كما انهم عرضة للصراع على السلطة على اساس اثني وطائفي).



42
·   
·   |
·   
·   
·   

لماذا لانطالب نحن مسيحيي العراق بتدويل قضيّتنا ؟
 
بقلم المهندس : نافع شابو البرواري
في تصريح لوزير الخارجية العراقي السيد هوشيار الزيباري يوم 14 |10|2009
لوكالات الأنباء والقنوات الفضائية  والوسائل الأعلامية بان العراق وصل مع سورية الى طريق مسدود بشان الملف الامني والأرهابي فلا الوساطات نجحت لحل هذه الأزمة بين العراق وسورية ولا المفاوضات المباشرة ، وقال ان العراق طالب الأمم المتحدة لتدويل قضية الأرهاب وتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في تفجيرات يوم الأربعاء الدامي علماً أن مؤتمر شرم الشيخ لقمّة وزراء الداخلية للدول المجاورة للعراق كان مُنعقدا في مصر في نفس اليوم الذي صّرح بهِ السيد الوزير هوشيار الزيباري بهذا التصريح لأنه يعرف مُقدما أن هذه الدول لن تستطيع أن تخرج باتفاق عملي لمنع دخول الأرهابيين الى العراق وكان توقعه في محله لأن هذه الدول لم تتوصل الى الهدف الذي من اجله انعقد بل كانت نتائج القمة كالعادة  الشجب والأستنكار للعمليات الأرهابية ودعوة هذه الدول بالتشديد على امن الحدود دون القيام بخطوات عملية حقيقية لمنع المتسللين من الأرهابيين دخول  الأراضي العراقية  والسبب واضح ولا يقبل النقاش وهو ان هذه الدول متورطة وغائصة في وحل الخطيئة لأنها هي كانت تصدّر( ولا زالت) الارهاب والموت الى عراقنا الحبيب لزعزعة الأمن والأستقرار فيه خوفا من وباء الديمقراطية والحرية النسبية التي يتمتع بها عراق اليوم وخوفا على كراسيهم وانظمتهم الأستبدادية وخوفا من أن ينتقل هذا الوباء ، وباء الديمقراطية والحرية الى هذه الدول فينهار صرح نظامهم الأستبدادي والذي بنوه عبر عشرات السنين على صدور شعوبهم التي تأن من هذا الثقل الكبير ، الأسئلة التي علينا طرحها على أنفسنا اليوم  نحن مسيحيي العراق  هي :
لماذا لا نطالب نحن أيضا بتدويل قضيتنا المشروعة وهي التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق كنائسنا ومقدساتنا في الأيام الدامية التي فيها فُجّرت كنائس عديدة  في يوم واحد وقُتل وجُرح العشرات من المسيحيين  وهم يؤدون صلواتهم  وشعائرهم الدينية؟
اليس من حقنا ان نطالب ايضا الامم المتحدة  بوثيقة رسمية للتحقيق في هذه الجرائم التي كل الدلائل تؤكد انها مُنظمة ومرسومة ومُخططة ومقصودة لأرهاب المسيحيين وترك بيوتهم ومقدساتهم ووطنهم والهروب الى المجهول ؟
ولماذا نتردد بالأعتراف وقول الحقيقة أن الحكومة المركزية لم تقم بواجبها للتحقيق في  هذه الجرائم المتكررة لا بل كانت هذه الجرائم ترتكب على مسمع ومشهد من هذه الحكومة  ولا زالت نتائج التحقيقات ضد المسببين لها مجهولة ولم  تعلن الحكومة عن أسماء مرتكبيها ؟
واليوم نسمع اصوات من نواب البرلمان من اخوة عرب يطالبون الحكومة بالكشف عن هذه الملفات بينما مسؤولي أحزابنا ونوابنا لم يتحركوا ساكنين ،
ففي تصريح النائب عباس البياتي عضو البرلمان  عن لجنة  الأمن والدفاع قال لمراسلة  "عنكاوا دوت كوم"الموقع ادناه. http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,353031.0.html
تم تشكيل لجنة لغرض الوقوف على العمليات الأرهابية التي حصلت بحق المسيحيين (لما تعرضوا له من تفجيرات للكنائس وخطف وقتل وتهجير ) من وزارتي الدفاع والداخلية  واضاف قائلا :
نطالب (الحكومة) بضرورة اعلان اسماء الجهات والدول والمجاميع المتورطة في مثل هكذا عمليات ارهابية تخريبية .
ويطالب حسن ديكان عضو البرلمان عن جبهة التوافق الى أن ملف استهداف المسيحيين هو ملف أمني بحت وقال ((كنا في لجنة الأمن والدفاع ننتظر أن تسلمنا الحكومة التنفيذية تقرير  بهذا الخصوص )) ، ويتسائل ديكان أين وصلت التحقيقات بخصوص خطف وقتل وتهجير المسيحيين  وتفجير الكنائس والجهة الحقيقية المنفذة لتلك العمليات اللاانسانية؟         
ويشير ديكان الى أن الحكومة التنفيذية حتى الآن لم تعط لجنة الأمن والدفاع التقارير اللازمة للوقوف على مثل تلك العمليات  كي تتمكن من الوقوف عليها بشكل دقيق ومُفصّل .
ويقول  النائب مطلك الجبوري رئيس التيار العربي والكتلة العربية المستقلة في ممجلس النواب العراقي "ان استهداف الكنائس وتهجير المسيحيين  هي عملية قذرة الغاية منها افراغ العراق من مكون اساسي وهم الأخوة المسيحيين"
ماذا علينا فعله في ضوء ما ارتكب من الجرائم بحق شعبنا المسيحي ؟ والسؤال الأهم هو ماذا علينا عمله في ضوء المستقبل المحاط بالضبابية وعدم الوضوح وخاصة نحن نرى أن كل المؤشرات تشير الى ان المخاطر لازالت تحيط بنا من كل جانب واننا نسيرالآن في فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة وعلينا ونتيجة قرائتنا لهذا الواقع والأحداث ان نقوم بالخطوات التالية :
 *أن تجتمع جميع الآحزاب  وممثليهم في البرلمان والمجلس الشعبي والمنظمات والأعلاميين والكتاب والمثقفين ورؤساء الكنائس المشرقية للتداول بخصوص المواضيع الخطيرة التي تهم شعبنا ومستقبل وجوده في العراق .
*ان يقدم المجتمعون وثيقة رسمية تطالب الحكومة الحالية والقادمة بكشف كافة ملفات الأرهاب بحق المسيحيين منذ سقوط النظام سنة 2003
 في حالة عدم كشف الحكومة لملفات هذه الجرائم  وفي فترة لاتتجاوز ثلاثة اشهر يتم  اجتماع ثانِ ويقدم المجتمعون وثيقة رسمية الى الامم المتحدة ومنظمة حقوق الأنسان وحماية ألاقليات  ونسخة من الوثيقة الى السفارة الأمريكية في بغداد كون أمريكا مسؤولة عن جرائم الحرب التي ترتكب بحق المدنيين في زمن الحرب ، ويتم بموجب هذه الوثيقة تقديم طلب رسمي للمطالبة باجراء تحقيق دولي وكذلك تدويل قضية المسيحيين في العراق باعتبار انهم يتعرضون لاستئصال وتهجير جماعي وحتى ابادة جماعية بعدما يرفق بهذه الوثيقة كافة الادلة
والبراهين التاريخية في الماضي ومنذ الحرب العالمية الاولى  مرورا بمذبحة سميل سنة 1936  وصولا الى أحداث 1961 التي فيها تم تدمير المئات من القرى والكنائس والمقدسات المسيحية في شمال العراق وكيف تم نزوح وهجرة الغالبية منهم الى المدن او مغادرة الوطن الى الغربة . واخيرا وليس اخرا الجرائم التي ارتكبت بحقهم منذ سقوط النظام السابق الى يومنا هذا وكيف ان الهجرة اليوم انعكست من المدن الى القرى وسهل نينوى والمسيحيين في مهب الريح وكما تقول كلمات لأغنية عراقية  قديمة  (نوبا شمال الهاوى نوب هاوا جنوبي)
                                                      *ان تقوم الجاليات العراقية وخاصة المسيحيين بالتعاون مع اباء  الكنائس في دول الأغتراب  بتخصيص يوم صلاة عالمي يدعون
في هذا اليوم العالم كله للتضامن مع مسيحيي العراق  وينظّمون تظاهرات لتحقيق حقوقنا المشروعة في نفس اليوم ، فنحن لا نطالب الا الحق وتحقيق العدالة والحرية والمساواة.
*المطالبة باعادة كل الأراضي والبيوت والاموال المسروقة الى اصحابها الشرعيين  من اقصى شمال العراق الى جنوب ا لبصرة
أو  تعويض الذين لا يستطيعون الرجوع الى أراضيهم لأسباب كثيرة .
                                            *المطالبة بحق جميع الجاليات العراقية ومنهم  المسيحيين الذين  هاجروا بسبب الحروب التي اشرنا اليها اعلاه  بأن يكون لهم حق الأنتخابات حالهم حال المواطنين في الداخل.
* هناك خطر يظهر في الأفق وهو مصير مدينتي نينوى وكركوك فهناك صراع مباشر وغير مباشر وظاهر على السطح مرة وباطن مرة ثانية والكل يترقب  المستقبل الذي  لايبشّر بحلول  قريبة  بين العرب السنة والأكراد لتقسيم هاتين المدينتين وهكذا اصبحت الاقليات ، وبالطبع الغالبية منهم المسيحيين ، في ارض الحرام( بالمصطلح العسكري) وهم بهذا يواجهون وسيواجهون الصراع ويكونون وقودا للنار لاسمح الله خاصة عندما تغادر القوات الأمريكية ارض العراق . ونحمّل الحكومة المركزية الحالية وامريكا كل المسؤولية لحماية المسيحيين خاصة في هذه المناطق الساخنة.
*على الحكومة المركزية وبالتعاون والتنسيق مع حكومة كردستان وضع خطة امنية استثنائية بين المناطق المتنازعة عليها لكونها مناطق ساخنة ونقترح ان  تتواجد قوات دولية في  هذه المناطق قبل انسحاب امريكا من العراق ونقترح بان تبادر الأحزاب المسيحية ورجال الدين المسيحيين بتقديم مذكرة رسمية الى السفارة الأمريكية يطالبون امريكا بظمان حياة الأقليات وخاصة المسيحيين من جرائم حرب قد ترتكب ضدهم  تكون اكثر دموية مما شهدناه في الحقبات التاريخية السابقة في حالة انسحاب القوات الأمريكية من هذه المناطق .
 ان ما ننوه به من المخاطر المحدقة بالمسيحيين هي ليست من نسج الخيال فالمنظمة الدولية وهي التي تعني بحقوق الأنسان والأقليات العرقية هي التي اوردت في تقريرها الصادر  في يوليو حزيران 2009 بأن(العراق يدخل في قائمة دول كأفغانستان وباكستان والصومال  حيث يواجه السكان فيهم خطرمجموعات المعارضة المسلحة والقوات المسلحة الوطنية والدولية في ان واحد ، كما انهم عرضة للصراع على السلطة على اساس اثني وطائفي).



43
·    
المسيحية في العراق بين مطرقة السياسة وسندان الدين
 
 بقلم : المهندس نافع شابو البرواري
 
 الى أين أوصلنا تسييس الدين؟
ان الدين هو الذي يربط الناس بالله وبعضهم ببعض ، ولكنه مع الأسف صار في الواقع أكبر مُقسّم وحامل قوى الموت وسط الأمم ، قدم المسيح نظرة جديدة الى الدين لاتعني أن جميع الديانات تتساوى بل أن الدين الحقيقي يتعرف الى عمل الله في الأفراد وفي العالم ويدعو الناس الى العمل مع الأخرين.
ان اشكالية تداخل الدين (الشريعة الدينية) مع الدولة(السياسة) ثبت فشله حتى قبل 500سنة من ألآن في الدول الغربية وكلنا يعرف هذا ولا نريد الخوض في تفاصيلها( عندما كانت الكنيسة تتدخل في سياسة الدولة) .
وكلنا يعرف بالمآسي التي حلّت بالبشرية نتيجة تدخل الكنيسة في شؤو ن الدولة في القرون الوسطى وكيف ادى ذلك الى التمرد وانشقاق الكنائس وتهميش لدور الكنيسة وحتى ادى الى فتور الأيمان في هذه الدول واصبحت الكثير من الكنائس متاحف للزوار ولكن كلنا يعرف ايضا ان الكنيسة تراجعت واعترفت باخطائها عبر التاريخ ومنهم البابا الراحل يوحنا بولص الثاني عندما اعتذر باسم الكنيسة عن كل الأخطاء التي ارتكبت عبر التاريخ ، وها أن اليوم الكنيسة ما بعد مجمع الفاتيكاني الثاني أصبحت كلها نشاط وحيوية بفض نفخة الروح القدس فيها وتجديد وتغيير منهجها القديم لتنزل الكنيسة الى الناس بدل ان ياتوا الناس اليها وكان رائد هذا التغيير الراحل يوحنا بولص الثاني .
لكن لو نرجع الى الكتاب المقدس كدستور لنا لعرفنا أن المسيح قد فصل الدين عن الدولة ووضع حدا لهذا التداخل منذ حوالي 2000 سنة ، وقال قوله المشهور (أعطو مالقيصر لقيصر وما لله لله).
ان المسيحية تؤمن أن للدولة السلطة في مجالات معينة وللكنيسة مجالات اخرى ويمكن لمسيحيين أن يخضعوا لكليهما وأن يجمعهما كليهما ، ولكن يجب الأيخلط بينهما .
فللكنيسة(الكهنة والمؤمنين) دور روحي  وللدولة(النظام السياسي)دور طبيعي فهما متكاملان يكمل أحداهما الأخر ولكن لا خلط بينهما (اي لاخلط بين السياسة والدين) ،
ان الشرائع تتطور في كل عصر  وهذا ماقاله الرب يسوع المسيح ((سمعتم أنه قيل لكم :عين بعين وسنّ بسنّ أما أنا أقول لكم.....      ) (متى 38.5 )
وقد جعل الرب يسوع السبت للانسان وليس الأنسان للسبت لأن الأنسان هو اهم من السبت وليس العكس أي بمعنى اخر الشريعة وضعت لصالح الانسان وليس العكس.
هكذا الشريعة تتطورت في العهد الجديد حيث دخلنا في عصر النعمة وشريعة الروح والتي يمكن ان نعتبرها شريعة الضمير الحي بالروح القدس وليس نصوصا جامدة نصبح عبيدين لها فتستعبدنا.
أما الشريعة الأسلامية فلا زال البعض لايريد تطويرها حيث يخلطون بين الشريعة والعقيدة ، العقيدة هي  : علاقة شخصية مع الله الخالق وهي مسالة شخصية يجب أن لا تفرض على الأخرين بينما الشريعة هي : وضع قوانيين وسنن ( وضعية) لتتناسب مع كل زمان ومكان وحالة لمجتع من المجتمعات بحيث تاخذ بنظر الأعتبار جميع الأفراد والشعوب والطوائف والعوامل الداخلية والخارجية ولتتناسب مع واقع اليوم وليس لواقع مضى عليه اكثر من الف واربعمائة سنة .
يقول  الشيخ يوسف القرضاوي( وهو داعية سني ويعتبر عالم الشريعة الأسلامية وهو من العلماء البارزين في العالم الأسلامي السني) ان الدولة الأسلامية فيها السلطة التشريعية بيد الشعب ولكن باطار الشريعة الأسلامية ، ويضيف قائلا :(لايوجد في الأسلام سلطة روحية وسلطة مدنية منفصلة) (راجع سلسلة لقائات الشيخ القرضاوية مع قناة الجزيرة في موضوع الشريعة والحياة) وهكذا وضع الدين هو المحرك الأول والمسيطر على كل الشرائع والقوانيين الأنسانية في الدول العربية والذي يتابع السياسات للتيارات الدينية في الدول العربية والدول المحيطة بالعراق سوف يتوصل الى حقيقة هذه التيارات السائدة في هذه الدول وهي :
* تيارات أصولية سلفية لها أفكار متشددة وتحمل أفكارا عنصرية دينية وطائفية وتعتمد في منهجها قاعدة دستورية وهي..
(القران دستورنا والرسول قدوة لنا والأسلام هو الحل لنا) فهذا الفكر يعيش في الماضي السحيق ولا يعترف بالواقع الجديد بل هو يريد ارجاع عجلة التاريخ الى الماضي  لانه يجتر من هذا الماضي ويعيش في غيبوبة لا يريد الخروج منها وبهذا ينطبق عليهم قول ماركس ( الدين افيون الشعوب)وللأسف فان هذا التيار هو الذي استطاع أن يسيطر على أفكارغالبية شعوب الوطن العربي ولا نقول الأسلامي ، وحتى الحكام يشجعون هذا الفكر لانه يدغدغ عقول الناس ويصور لهم أن ليس هناك الا عدوا واحدا هو في الخارج اما الحكام  في الداخل يسرحون ويمرحون ويتاجرون بعقول هؤلاء الغلابة لأنهم يعيشون في الجهل والتخلف وهم مُسيرون وليسوا مُخيرون ، وهذه العقيدة المُسيسة منتشرة في اغلب الدول الاسلامية السنية حيث تم غسل أدمغة أجيال من الشباب وزرعوا في عقولهم هذا الفكر .
*وهذا ينطبق ايضا على الشيعة وخير مثال الجمهورية الأسلامية الأيرانية حيث سلطة ولاية الفقيه هي السلطة المطلقة في الدولة  بالرغم من الشعارات المرفوعة عن الديمقراطية والحرية  التي تدعي انها تطبق في ايران ، وقد راينا ماذا كانت النتيجة لهذه الديانة المسيسة بعد الأنتخابات الأخيرة في ايران حيث انقسم المجتمع على نفسه بين تيار ديني متشدد اصولي يريد تطبيق شريعة ولاية الفقيه والذي يعتبر سلطته مباشرة من الله ( وهذه السياسة تسمى الثيوقراطية )  فهو لايستطيع ان يعترف بمبدأ الحريات الفردية ولا الجماعية ولا يستطيع هذا النظام أن يقبل بمن يخالفه في المنهج أو الفكر او الرأي فهذا النظام منغلق على الذات ولا يستطيع الأنفتاح على العالم الحر بل هو لايعترف بهذا العالم وفي نهجه يريد تغيير(حتى لو استعمل وسائل القوة والأرهاب) هذا العالم  ليقف معه لان شريعته مستمدة من فوق فهو فوق الكل ، وهذه العقيدة الدينية المسيسة منتشرة في ايران والكثير من الدول العربية في الطائفة الشيعية ومن المؤسف أن يكون العراق هو ساحة صراع التيارين أعلاه
* وهناك اليوم تيار اصلاحي علماني يريد التحرر من كل هذه الافكار المتخلفة ولكن للأسف فان أصواتهم مخنوقة من قبل الذين يهددون ويعربدون من التيارين السابقين ولكن المستقبل سيكون لهذا التيار الذي مهما طال الزمن سيظهر ويسود ولكن يتطلب ذلك تضحيات كبيرة وجهود المثقفين والمفكرين والعالم الحر ، ويحتاج الى ثورة على الذات  وتوعية اعلامية يساهم فيها كل المثقفين والمؤمنين بالحرية والديمقراطية والساعين الى السلام والمحبة والأخاء بين البشرية جمعاء.
اليوم وسائل الأعلام تصل الى كل بيت وقد آن الاوان لتنهض الأجيال الحالية والمقبلة لتغير الصورة المأساوية لهذه الدول والشعوب لتواكب الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافي والأنساني والتحررمن كل قيود العبودية والموت ، اليوم العالم اصبح يعيش في قرية صغيرة ولا يمكن ان يستمر المتقوقعين في شرانقهم بل عليهم الخروج الى الهواء الطلق لتنفس هواء الحرية .
سياسة الخلط بين الدين والدولة اين ستقودنا؟
اليوم نحن نعيش في العراق في ظل  دولة تحكمنا بموجب دستور مستمد من الشريعة الأسلامية اي ( دولة دينية طائفية وليست دولة المواطنة حيث الوطن للجميع والدين لله) ، الدستور الحالي شئنا ام أبينا قد الغى حقوق وحريات الديانات الغير الأسلامية . 
اليست هذه الحكومة هي التي وضعت الدستور (المشؤوم)الحالي والذي يسحق الأقليات ويهمشها بل يفرض عليها شريعة دين واحد والكثيرون بل حتى شريحة كبيرة من العرب لا يريدوها لأنها لاتوالم العصر ولا يمكن تطبيقها في القرن الواحد والعشرون؟
 ان السنوات الأربعة الماضية أكدت لنا بالتطبيق العملي ان هذا الدستور لايمكن تطبيقه حتى على المسلمين فكيف يتم تطبيقه على غير المسلمين وخاصة المسيحيين .
فالحرب الطائفية( حتى بين ابناء الدين الواحد) وانهار من الدم والدموع هو نتيجة تسييس الدين من قبل الاحزاب المتصارعة وجعل الكثيرون يلعبون بورقة الطائفية والمذهبية لأهداف شخصية وسياسية للحصول على المكاسب المالية والمناصب والمراكز والكراسي والتجارة بالدين على حساب حياة الناس البسطاء الذين كانوا على الغالب هم الضحية ومنهم بالطبع المسيحيين  حيث أحيانا كانوا يطلبون منهم اما الأسلام او الفدية أو الموت وعلى مسمع القيادة في الدولة (هذا اذا لم يكونوا هم ايضا مشتركين في الهدف نفسه) ،
 وها هم نفس الأحزاب ونفس الأشخاص يرشحون انفسهم في قوائم الأنتخابات ولكن هذه المرة بثياب الحملان ولكن في الحقيقة هم من الداخل ذئاب مفترسة ، كما يقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء الناس(..يجيئونكم بثياب الحملان وهم في باطنهم ذئاب خاطفة)(متى7.15
علينا نحن العراقيين عامة والمسيحيين خاصة أن نشخص هذه الأحزاب وهؤلاء الأشخاص وكما يقول الرب يسوع المسيح من خلال أثمارهم(الشجرة الجيّدة لاتحمل ثمرا رديئا والشجرة الرديئة لا تحمل ثمرا جيدا.كل شجرة يدل عليها ثمرها.فانت لا تجني من الشوك تينا ولا تقطف من العليق عنبا)(لوقا6  . 43-46 )
والحقيقة أنهم ومن خلال القوائم الجديدة القديمة نراهم لازالوا يلعبون على نفس الوتر الحساس الا وهي الطائفية المقيتة على الرغم من رفعهم للشعارات الجميلة والبراقة والتي اصبحت اسطوانة مشروخة لن تنطلي حتى على السذج من الناس ، فلا نتوقع من القادمين الجدد للحكومة المستقبلية اية مفاجئات او تغيير المنهج لان قادة الاحزاب هم مسيرون وليسوا مخيرون بل يطبقون ما يخدم مصالح طوائفهم للحصول على المنافع والمكاسب المادية والمعنوية  على حساب الاخرين ، وخلاصة القول هو ان اي دمج للدين بالدولة ثبت فشله عبر التاريخ وانه فشل تطبقيه في العراق وخاصة أن العراق هو غني بالقوميات ومتنوع الديانات والطوائف ولايمكن أن ينجح تطبيق الدستور الحالي الا على حساب الديانات والطوائف والقوميات الاخرى .
والأسئلة المطروحة هي أين نحن المسيحيين من كل ذلك؟ 
*وجود دستور لايعترف بغير الشريعة الاسلامية لتكون أساس القوانين والشرائع العراقية.
*المسيحيون في العراق لا يعتمدون على القوة للحصول على حقوقهم المهدورة.
وهم ليس لهم سند لا من الخارج ولا من الداخل .
*المسيحيون لم يكونوا بعيدين عن الصراع القومي والحزبي وحتى الطائفي للأسف
وهذا ادى الى تشتيت اصواتهم وجهودهم للحصول على حقوقهم المشروعة. بالأضافة الى ذلك ونتيجة سيف الأرهاب المسلط عليهم ارتمى البعض منهم في احضان الأحزاب والقوميات الأخرى لحمايتهم امنيا وهذا ادى الى استغلالهم من تلك الجهات لمآربهم ومصالحهم الخاصة.
من السنوات الماضية للحكومة الطائفية المقيتة نستنتج :
*غياب دور الكنيسة( وكما تطرقنا الى ذلك في سلسلة مقالاتنا السابقة) ،
وغياب هذا الدو ر قد اشعر المسيحيين في العراق بالأحباط واليأس والمرارة  فاصبحوا رعية دون رعاة  ومثل الخراف بين الذئاب المفترسة. وهذا ليس تعميم بل علينا ان نقيّم جهود فردية قام بها بعض الآباء وضحّى بعضهم من أجل حماية شعبهم  المؤمن والدفاع عنه حتى الأستشهاد
 *غياب دور الجاليات المسيحية في الغرب للتاثير على الحكومات الأمريكية والأوربية للضغط على السياسة السلبية للحكومة العراقية مع مسيحيي الداخل.
ماذا علينا فعله لمواجهة كل هذه المخاطر؟
ان التيارات الدينية الأصولية التي تكلمنا عنها والغالبة في  الدول العربية والأسلامية  وهي تحيط  بنا كالطوق ولا نستطيع الأفلات منه في المدى القريب الا بمعجزة تاتينا من السماء .ولا زال الأرهاب بشتى أنواعه المباشر وغير المباشر(  الديني و الجسدي والفكري والديموغرافي والنفسي و القمعي و الثقافي والأقصائي والقومي )قائما ويعاني منه المسيحيين مهما أراد البعض التقليل من خطورته ، وعلينا أن لانتهرب من هذا الواقع الأليم بل نواجهه بكل شجاعة وصبر وحكمة ونجاهد الجهاد الروحي باستعمال سلاح الله الكامل كما يقول معلمنا الرسول بولس(تسلحوا بسلاح الله الكامل لتقدروا أن تقاوموا مكايد  ابليس .فنحن لا نحارب أعداءً من لحم ودمٍ  بل أصحاب الرئاسة والسّلطان والسيادة  على هذا العالم ، عالم الظلام والأرواح الشريرة في الأجواء السماويّة).
 واسلحتنا هي: الحق , الأستقامة ، بشارة السلام ، الأيمان ، الخلاص ، وسيف الروح الذي هو كلام الله (أفسس6  . 11-20 )
وبهذه الأسلحة فقط نستطيع هدم حصون الشر ونستطيع بوحدتنا ان نقاوم كل الوسائل الشيطانية التي تحاول ان تثنينا من المطالبة بحقوقنا واحترام عقيدتنا وكرامتنا الأنسانية.
ان حقوقنا لن نستطيع أن ناخذها على طبق من الذهب بل ينتظرنا الكثير من التضحيات والآلام والمصاعب .وهذا هو قدرنا نحن مسيحيي العراق والتاريخ خير شاهد ولكن ما هو مستحيل بنظر الناس فهو مستطاع عند الرب وما علينا الا أن يحمل كل منا صليبه على ظهره ويواصل درب الآلام الذي يوصلنا الى الحرية  والقيامة والسلام هكذا فعل الرب يسوع المسيح الذي علينا ان ننظر اليه وهو مصلوب من أجلنا ليكون قدوة لنا وعندها ستهون ، تحت صليبه كل الآلام.
قد  نفتش عن حل لمشكلتنا التي يجب أن تكون من اولويات مهام المجلس التشريعي القادم لابل أن مصير المسيحيين في خطر وهذا ماتؤكده تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان لابل الواقع الذي عشناه ونعيشه خلال 6 سنوات بل قبلها بزمن طويل يؤكد ذلك بالوثائق الدامغة والتي عاصرناها نحن ابتداءاً من ستينات القرن العشرين حيث تم تدمير اكثر من 300 قرية مسيحية ودمرت المئات من الكنائس في شمال العراق من قبل الحكومات المتعاقبة ولا زالت المخاطر اشد من السابق لأن اساليب الخطط تغيرت لتصبح اساليب استئصالية وقلع المسيحية من جذورها من العراق ومن بقية الدول العربية وهذا ما تؤيده احصائيات كثيرة(راجع مقالة الأخ الشماس مسعود النوفلي الموقع أدناه) بخصوص هجرة المسيحيين وتركهم لاوطانهم بسبب ألأضطهادات واسباب اخرى : 
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=32735
وبالنتيجة ليس امام هذه الديانات الأخرى إلا الخضوع للاذلال وقبول الأمر الواقع وتطبيق الشريعة العمرية عليهم كونهم من اهل الذمة ، او الهجرة وهذا مانلمسه اليوم في ارض الواقع وهذا ماسمعناه من يونادم كنا عضو البرلمان الحالي مُمثلاً للمسيحيين عندما يقول(ان أطرافا داخلية منها الحكومة والأحزاب الحاكمة والميليشيات  وأطرافا خارجية تسعى لتشكيل عوامل طرد للمكونات الدينية والأقليات وعوامل جذب لتحفيزهاعلى الهجرة)(وكالة كردستان للأنباء أكانيوز 30|9|2009     ) .                       
انه قول لمسؤول في البرلمان وهوشاهدعيان ويعيش ويعرف ما يجري خلف الكواليس وليس رجل خارج  الحكومة الحالية لكي لانقول انها مبالغة وكما يقول المثل (وشهد شاهد من أهلها)
على المجلس الشعبي الكلداني الآشوري السرياني أن يضع نصب عينيه هذه الحقائق وان لا ينتظر او يتوقع من الحكومة القادمة اية رجاء أوتغيير في مادة الدستور بخصوص ألأقليات وخاصة بالنسبة  للمسيحيين لان كل المؤشرات تؤكد ان القادمون هم نفس الراحلون ويقول الكتاب المقدس هل يستطيع النمر المرقع أن يغّير من جلده ؟
فلا نُعلق أمل كبير بالحكومات القادمة طالما الفكر والتيار السائد هو التيار الديني نفسه وطالما الوجوه هي نفسها ، ان الفساد قد استشرى في السلطة وحتى في المجتمع وهذا الفساد سنعاني منه سنين ولن يزول الا ببناء الأنسان من جديد .
عندما يصبح الحاكم همه الوحيد التشبث بالكرسي  فاقرأ على الارض السلام ، عندما يصبح الهدف خير الطائفة قبل الخير العام فلا تنتظر الا التخلف والتفكك في المجتمع .
اننا نعرف من خلال خبراتنا ومن التاريخ ان نتائج الحروب هي كوارث اجتماعية واقتصادية ونفسية واخطرها النتائج الأنسانية عندما تنهدم البنية التحتية للمجتمع ويصبح الانسان يعاني من امراض نفسية واخلاقية وحتى الروحية ، هناك علاقة بين السياسة والأخلأق فعندما يفقد الحاكم او القائد او المسؤول الأخلاق فكيف نتوقع من فاقد الشي ان يعطيه؟ الراس الفاسد يفسد الجسد كله ، عندما يكون المال والقوة والمركز هي من اهداف الحاكم او المسؤول أو القائد  فكيف سيفكر بالفقراء والمساكين واليتامى والمظلومين؟ والمسيح يقول لا يستطيع الانسان ان يعبد سيدين اما المال او الله وعندما يعبد الانسان المال فهو لن يخاف الله فكيف يخاف البشر؟ وعندما يصبح الحاكم او القائد فوق القانون فكيف نُصدق ان القانون سيطبق في ذلك المجتمع الذي يحكمه القادة المخالفين للقانون ؟
عندما يتنازل ألأنسان عن المبادئ والقيم الروحية والأدبية والأخلاقية فهو سوف يتنازل عن كل شئ من أجل المحافظة على مركزه ومجده الارضي وسوف يدافع بشراسة الذئب للحفاظ على مكاسبه مهما كان الثمن  فالغاية تبررالوسيلة ،
القيادة مسؤولية والتزام واخلاق ومبادئ ولن تكفي النوايا مهما بدت صادقة اذا سقط الانسان في المساومات والموالات والمحاباة والمحسوبية والتنازل عن الحق لأن ذلك يؤدي الى تزعزع الثقة وتزعزع المبادئ الأساسية للحياة .
نحن نحتاج الى ساسة يلتزمون بالأخلاق والمبادئ الأنسانية ولكن للأسف لايوجد الى الآن هذه القيادة ، لأن القيادة الجيدة هي نتاج أفرازات المجتمع وشكراً لكم .
 




44
·    
المسيحية في العراق بين مطرقة السياسة وسندان الدين
 
 بقلم : المهندس نافع شابو البرواري
 
 الى أين أوصلنا تسييس الدين؟
ان الدين هو الذي يربط الناس بالله وبعضهم ببعض ، ولكنه مع الأسف صار في الواقع أكبر مُقسّم وحامل قوى الموت وسط الأمم ، قدم المسيح نظرة جديدة الى الدين لاتعني أن جميع الديانات تتساوى بل أن الدين الحقيقي يتعرف الى عمل الله في الأفراد وفي العالم ويدعو الناس الى العمل مع الأخرين.
ان اشكالية تداخل الدين (الشريعة الدينية) مع الدولة(السياسة) ثبت فشله حتى قبل 500سنة من ألآن في الدول الغربية وكلنا يعرف هذا ولا نريد الخوض في تفاصيلها( عندما كانت الكنيسة تتدخل في سياسة الدولة) .
وكلنا يعرف بالمآسي التي حلّت بالبشرية نتيجة تدخل الكنيسة في شؤو ن الدولة في القرون الوسطى وكيف ادى ذلك الى التمرد وانشقاق الكنائس وتهميش لدور الكنيسة وحتى ادى الى فتور الأيمان في هذه الدول واصبحت الكثير من الكنائس متاحف للزوار ولكن كلنا يعرف ايضا ان الكنيسة تراجعت واعترفت باخطائها عبر التاريخ ومنهم البابا الراحل يوحنا بولص الثاني عندما اعتذر باسم الكنيسة عن كل الأخطاء التي ارتكبت عبر التاريخ ، وها أن اليوم الكنيسة ما بعد مجمع الفاتيكاني الثاني أصبحت كلها نشاط وحيوية بفض نفخة الروح القدس فيها وتجديد وتغيير منهجها القديم لتنزل الكنيسة الى الناس بدل ان ياتوا الناس اليها وكان رائد هذا التغيير الراحل يوحنا بولص الثاني .
لكن لو نرجع الى الكتاب المقدس كدستور لنا لعرفنا أن المسيح قد فصل الدين عن الدولة ووضع حدا لهذا التداخل منذ حوالي 2000 سنة ، وقال قوله المشهور (أعطو مالقيصر لقيصر وما لله لله).
ان المسيحية تؤمن أن للدولة السلطة في مجالات معينة وللكنيسة مجالات اخرى ويمكن لمسيحيين أن يخضعوا لكليهما وأن يجمعهما كليهما ، ولكن يجب الأيخلط بينهما .
فللكنيسة(الكهنة والمؤمنين) دور روحي  وللدولة(النظام السياسي)دور طبيعي فهما متكاملان يكمل أحداهما الأخر ولكن لا خلط بينهما (اي لاخلط بين السياسة والدين) ،
ان الشرائع تتطور في كل عصر  وهذا ماقاله الرب يسوع المسيح ((سمعتم أنه قيل لكم :عين بعين وسنّ بسنّ أما أنا أقول لكم.....      ) (متى 38.5 )
وقد جعل الرب يسوع السبت للانسان وليس الأنسان للسبت لأن الأنسان هو اهم من السبت وليس العكس أي بمعنى اخر الشريعة وضعت لصالح الانسان وليس العكس.
هكذا الشريعة تتطورت في العهد الجديد حيث دخلنا في عصر النعمة وشريعة الروح والتي يمكن ان نعتبرها شريعة الضمير الحي بالروح القدس وليس نصوصا جامدة نصبح عبيدين لها فتستعبدنا.
أما الشريعة الأسلامية فلا زال البعض لايريد تطويرها حيث يخلطون بين الشريعة والعقيدة ، العقيدة هي  : علاقة شخصية مع الله الخالق وهي مسالة شخصية يجب أن لا تفرض على الأخرين بينما الشريعة هي : وضع قوانيين وسنن ( وضعية) لتتناسب مع كل زمان ومكان وحالة لمجتع من المجتمعات بحيث تاخذ بنظر الأعتبار جميع الأفراد والشعوب والطوائف والعوامل الداخلية والخارجية ولتتناسب مع واقع اليوم وليس لواقع مضى عليه اكثر من الف واربعمائة سنة .
يقول  الشيخ يوسف القرضاوي( وهو داعية سني ويعتبر عالم الشريعة الأسلامية وهو من العلماء البارزين في العالم الأسلامي السني) ان الدولة الأسلامية فيها السلطة التشريعية بيد الشعب ولكن باطار الشريعة الأسلامية ، ويضيف قائلا :(لايوجد في الأسلام سلطة روحية وسلطة مدنية منفصلة) (راجع سلسلة لقائات الشيخ القرضاوية مع قناة الجزيرة في موضوع الشريعة والحياة) وهكذا وضع الدين هو المحرك الأول والمسيطر على كل الشرائع والقوانيين الأنسانية في الدول العربية والذي يتابع السياسات للتيارات الدينية في الدول العربية والدول المحيطة بالعراق سوف يتوصل الى حقيقة هذه التيارات السائدة في هذه الدول وهي :
* تيارات أصولية سلفية لها أفكار متشددة وتحمل أفكارا عنصرية دينية وطائفية وتعتمد في منهجها قاعدة دستورية وهي..
(القران دستورنا والرسول قدوة لنا والأسلام هو الحل لنا) فهذا الفكر يعيش في الماضي السحيق ولا يعترف بالواقع الجديد بل هو يريد ارجاع عجلة التاريخ الى الماضي  لانه يجتر من هذا الماضي ويعيش في غيبوبة لا يريد الخروج منها وبهذا ينطبق عليهم قول ماركس ( الدين افيون الشعوب)وللأسف فان هذا التيار هو الذي استطاع أن يسيطر على أفكارغالبية شعوب الوطن العربي ولا نقول الأسلامي ، وحتى الحكام يشجعون هذا الفكر لانه يدغدغ عقول الناس ويصور لهم أن ليس هناك الا عدوا واحدا هو في الخارج اما الحكام  في الداخل يسرحون ويمرحون ويتاجرون بعقول هؤلاء الغلابة لأنهم يعيشون في الجهل والتخلف وهم مُسيرون وليسوا مُخيرون ، وهذه العقيدة المُسيسة منتشرة في اغلب الدول الاسلامية السنية حيث تم غسل أدمغة أجيال من الشباب وزرعوا في عقولهم هذا الفكر .
*وهذا ينطبق ايضا على الشيعة وخير مثال الجمهورية الأسلامية الأيرانية حيث سلطة ولاية الفقيه هي السلطة المطلقة في الدولة  بالرغم من الشعارات المرفوعة عن الديمقراطية والحرية  التي تدعي انها تطبق في ايران ، وقد راينا ماذا كانت النتيجة لهذه الديانة المسيسة بعد الأنتخابات الأخيرة في ايران حيث انقسم المجتمع على نفسه بين تيار ديني متشدد اصولي يريد تطبيق شريعة ولاية الفقيه والذي يعتبر سلطته مباشرة من الله ( وهذه السياسة تسمى الثيوقراطية )  فهو لايستطيع ان يعترف بمبدأ الحريات الفردية ولا الجماعية ولا يستطيع هذا النظام أن يقبل بمن يخالفه في المنهج أو الفكر او الرأي فهذا النظام منغلق على الذات ولا يستطيع الأنفتاح على العالم الحر بل هو لايعترف بهذا العالم وفي نهجه يريد تغيير(حتى لو استعمل وسائل القوة والأرهاب) هذا العالم  ليقف معه لان شريعته مستمدة من فوق فهو فوق الكل ، وهذه العقيدة الدينية المسيسة منتشرة في ايران والكثير من الدول العربية في الطائفة الشيعية ومن المؤسف أن يكون العراق هو ساحة صراع التيارين أعلاه
* وهناك اليوم تيار اصلاحي علماني يريد التحرر من كل هذه الافكار المتخلفة ولكن للأسف فان أصواتهم مخنوقة من قبل الذين يهددون ويعربدون من التيارين السابقين ولكن المستقبل سيكون لهذا التيار الذي مهما طال الزمن سيظهر ويسود ولكن يتطلب ذلك تضحيات كبيرة وجهود المثقفين والمفكرين والعالم الحر ، ويحتاج الى ثورة على الذات  وتوعية اعلامية يساهم فيها كل المثقفين والمؤمنين بالحرية والديمقراطية والساعين الى السلام والمحبة والأخاء بين البشرية جمعاء.
اليوم وسائل الأعلام تصل الى كل بيت وقد آن الاوان لتنهض الأجيال الحالية والمقبلة لتغير الصورة المأساوية لهذه الدول والشعوب لتواكب الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافي والأنساني والتحررمن كل قيود العبودية والموت ، اليوم العالم اصبح يعيش في قرية صغيرة ولا يمكن ان يستمر المتقوقعين في شرانقهم بل عليهم الخروج الى الهواء الطلق لتنفس هواء الحرية .
سياسة الخلط بين الدين والدولة اين ستقودنا؟
اليوم نحن نعيش في العراق في ظل  دولة تحكمنا بموجب دستور مستمد من الشريعة الأسلامية اي ( دولة دينية طائفية وليست دولة المواطنة حيث الوطن للجميع والدين لله) ، الدستور الحالي شئنا ام أبينا قد الغى حقوق وحريات الديانات الغير الأسلامية . 
اليست هذه الحكومة هي التي وضعت الدستور (المشؤوم)الحالي والذي يسحق الأقليات ويهمشها بل يفرض عليها شريعة دين واحد والكثيرون بل حتى شريحة كبيرة من العرب لا يريدوها لأنها لاتوالم العصر ولا يمكن تطبيقها في القرن الواحد والعشرون؟
 ان السنوات الأربعة الماضية أكدت لنا بالتطبيق العملي ان هذا الدستور لايمكن تطبيقه حتى على المسلمين فكيف يتم تطبيقه على غير المسلمين وخاصة المسيحيين .
فالحرب الطائفية( حتى بين ابناء الدين الواحد) وانهار من الدم والدموع هو نتيجة تسييس الدين من قبل الاحزاب المتصارعة وجعل الكثيرون يلعبون بورقة الطائفية والمذهبية لأهداف شخصية وسياسية للحصول على المكاسب المالية والمناصب والمراكز والكراسي والتجارة بالدين على حساب حياة الناس البسطاء الذين كانوا على الغالب هم الضحية ومنهم بالطبع المسيحيين  حيث أحيانا كانوا يطلبون منهم اما الأسلام او الفدية أو الموت وعلى مسمع القيادة في الدولة (هذا اذا لم يكونوا هم ايضا مشتركين في الهدف نفسه) ،
 وها هم نفس الأحزاب ونفس الأشخاص يرشحون انفسهم في قوائم الأنتخابات ولكن هذه المرة بثياب الحملان ولكن في الحقيقة هم من الداخل ذئاب مفترسة ، كما يقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء الناس(..يجيئونكم بثياب الحملان وهم في باطنهم ذئاب خاطفة)(متى7.15
علينا نحن العراقيين عامة والمسيحيين خاصة أن نشخص هذه الأحزاب وهؤلاء الأشخاص وكما يقول الرب يسوع المسيح من خلال أثمارهم(الشجرة الجيّدة لاتحمل ثمرا رديئا والشجرة الرديئة لا تحمل ثمرا جيدا.كل شجرة يدل عليها ثمرها.فانت لا تجني من الشوك تينا ولا تقطف من العليق عنبا)(لوقا6  . 43-46 )
والحقيقة أنهم ومن خلال القوائم الجديدة القديمة نراهم لازالوا يلعبون على نفس الوتر الحساس الا وهي الطائفية المقيتة على الرغم من رفعهم للشعارات الجميلة والبراقة والتي اصبحت اسطوانة مشروخة لن تنطلي حتى على السذج من الناس ، فلا نتوقع من القادمين الجدد للحكومة المستقبلية اية مفاجئات او تغيير المنهج لان قادة الاحزاب هم مسيرون وليسوا مخيرون بل يطبقون ما يخدم مصالح طوائفهم للحصول على المنافع والمكاسب المادية والمعنوية  على حساب الاخرين ، وخلاصة القول هو ان اي دمج للدين بالدولة ثبت فشله عبر التاريخ وانه فشل تطبقيه في العراق وخاصة أن العراق هو غني بالقوميات ومتنوع الديانات والطوائف ولايمكن أن ينجح تطبيق الدستور الحالي الا على حساب الديانات والطوائف والقوميات الاخرى .
والأسئلة المطروحة هي أين نحن المسيحيين من كل ذلك؟ 
*وجود دستور لايعترف بغير الشريعة الاسلامية لتكون أساس القوانين والشرائع العراقية.
*المسيحيون في العراق لا يعتمدون على القوة للحصول على حقوقهم المهدورة.
وهم ليس لهم سند لا من الخارج ولا من الداخل .
*المسيحيون لم يكونوا بعيدين عن الصراع القومي والحزبي وحتى الطائفي للأسف
وهذا ادى الى تشتيت اصواتهم وجهودهم للحصول على حقوقهم المشروعة. بالأضافة الى ذلك ونتيجة سيف الأرهاب المسلط عليهم ارتمى البعض منهم في احضان الأحزاب والقوميات الأخرى لحمايتهم امنيا وهذا ادى الى استغلالهم من تلك الجهات لمآربهم ومصالحهم الخاصة.
من السنوات الماضية للحكومة الطائفية المقيتة نستنتج :
*غياب دور الكنيسة( وكما تطرقنا الى ذلك في سلسلة مقالاتنا السابقة) ،
وغياب هذا الدو ر قد اشعر المسيحيين في العراق بالأحباط واليأس والمرارة  فاصبحوا رعية دون رعاة  ومثل الخراف بين الذئاب المفترسة. وهذا ليس تعميم بل علينا ان نقيّم جهود فردية قام بها بعض الآباء وضحّى بعضهم من أجل حماية شعبهم  المؤمن والدفاع عنه حتى الأستشهاد
 *غياب دور الجاليات المسيحية في الغرب للتاثير على الحكومات الأمريكية والأوربية للضغط على السياسة السلبية للحكومة العراقية مع مسيحيي الداخل.
ماذا علينا فعله لمواجهة كل هذه المخاطر؟
ان التيارات الدينية الأصولية التي تكلمنا عنها والغالبة في  الدول العربية والأسلامية  وهي تحيط  بنا كالطوق ولا نستطيع الأفلات منه في المدى القريب الا بمعجزة تاتينا من السماء .ولا زال الأرهاب بشتى أنواعه المباشر وغير المباشر(  الديني و الجسدي والفكري والديموغرافي والنفسي و القمعي و الثقافي والأقصائي والقومي )قائما ويعاني منه المسيحيين مهما أراد البعض التقليل من خطورته ، وعلينا أن لانتهرب من هذا الواقع الأليم بل نواجهه بكل شجاعة وصبر وحكمة ونجاهد الجهاد الروحي باستعمال سلاح الله الكامل كما يقول معلمنا الرسول بولس(تسلحوا بسلاح الله الكامل لتقدروا أن تقاوموا مكايد  ابليس .فنحن لا نحارب أعداءً من لحم ودمٍ  بل أصحاب الرئاسة والسّلطان والسيادة  على هذا العالم ، عالم الظلام والأرواح الشريرة في الأجواء السماويّة).
 واسلحتنا هي: الحق , الأستقامة ، بشارة السلام ، الأيمان ، الخلاص ، وسيف الروح الذي هو كلام الله (أفسس6  . 11-20 )
وبهذه الأسلحة فقط نستطيع هدم حصون الشر ونستطيع بوحدتنا ان نقاوم كل الوسائل الشيطانية التي تحاول ان تثنينا من المطالبة بحقوقنا واحترام عقيدتنا وكرامتنا الأنسانية.
ان حقوقنا لن نستطيع أن ناخذها على طبق من الذهب بل ينتظرنا الكثير من التضحيات والآلام والمصاعب .وهذا هو قدرنا نحن مسيحيي العراق والتاريخ خير شاهد ولكن ما هو مستحيل بنظر الناس فهو مستطاع عند الرب وما علينا الا أن يحمل كل منا صليبه على ظهره ويواصل درب الآلام الذي يوصلنا الى الحرية  والقيامة والسلام هكذا فعل الرب يسوع المسيح الذي علينا ان ننظر اليه وهو مصلوب من أجلنا ليكون قدوة لنا وعندها ستهون ، تحت صليبه كل الآلام.
قد  نفتش عن حل لمشكلتنا التي يجب أن تكون من اولويات مهام المجلس التشريعي القادم لابل أن مصير المسيحيين في خطر وهذا ماتؤكده تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان لابل الواقع الذي عشناه ونعيشه خلال 6 سنوات بل قبلها بزمن طويل يؤكد ذلك بالوثائق الدامغة والتي عاصرناها نحن ابتداءاً من ستينات القرن العشرين حيث تم تدمير اكثر من 300 قرية مسيحية ودمرت المئات من الكنائس في شمال العراق من قبل الحكومات المتعاقبة ولا زالت المخاطر اشد من السابق لأن اساليب الخطط تغيرت لتصبح اساليب استئصالية وقلع المسيحية من جذورها من العراق ومن بقية الدول العربية وهذا ما تؤيده احصائيات كثيرة(راجع مقالة الأخ الشماس مسعود النوفلي الموقع أدناه) بخصوص هجرة المسيحيين وتركهم لاوطانهم بسبب ألأضطهادات واسباب اخرى : 
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=32735
وبالنتيجة ليس امام هذه الديانات الأخرى إلا الخضوع للاذلال وقبول الأمر الواقع وتطبيق الشريعة العمرية عليهم كونهم من اهل الذمة ، او الهجرة وهذا مانلمسه اليوم في ارض الواقع وهذا ماسمعناه من يونادم كنا عضو البرلمان الحالي مُمثلاً للمسيحيين عندما يقول(ان أطرافا داخلية منها الحكومة والأحزاب الحاكمة والميليشيات  وأطرافا خارجية تسعى لتشكيل عوامل طرد للمكونات الدينية والأقليات وعوامل جذب لتحفيزهاعلى الهجرة)(وكالة كردستان للأنباء أكانيوز 30|9|2009     ) .                       
انه قول لمسؤول في البرلمان وهوشاهدعيان ويعيش ويعرف ما يجري خلف الكواليس وليس رجل خارج  الحكومة الحالية لكي لانقول انها مبالغة وكما يقول المثل (وشهد شاهد من أهلها)
على المجلس الشعبي الكلداني الآشوري السرياني أن يضع نصب عينيه هذه الحقائق وان لا ينتظر او يتوقع من الحكومة القادمة اية رجاء أوتغيير في مادة الدستور بخصوص ألأقليات وخاصة بالنسبة  للمسيحيين لان كل المؤشرات تؤكد ان القادمون هم نفس الراحلون ويقول الكتاب المقدس هل يستطيع النمر المرقع أن يغّير من جلده ؟
فلا نُعلق أمل كبير بالحكومات القادمة طالما الفكر والتيار السائد هو التيار الديني نفسه وطالما الوجوه هي نفسها ، ان الفساد قد استشرى في السلطة وحتى في المجتمع وهذا الفساد سنعاني منه سنين ولن يزول الا ببناء الأنسان من جديد .
عندما يصبح الحاكم همه الوحيد التشبث بالكرسي  فاقرأ على الارض السلام ، عندما يصبح الهدف خير الطائفة قبل الخير العام فلا تنتظر الا التخلف والتفكك في المجتمع .
اننا نعرف من خلال خبراتنا ومن التاريخ ان نتائج الحروب هي كوارث اجتماعية واقتصادية ونفسية واخطرها النتائج الأنسانية عندما تنهدم البنية التحتية للمجتمع ويصبح الانسان يعاني من امراض نفسية واخلاقية وحتى الروحية ، هناك علاقة بين السياسة والأخلأق فعندما يفقد الحاكم او القائد او المسؤول الأخلاق فكيف نتوقع من فاقد الشي ان يعطيه؟ الراس الفاسد يفسد الجسد كله ، عندما يكون المال والقوة والمركز هي من اهداف الحاكم او المسؤول أو القائد  فكيف سيفكر بالفقراء والمساكين واليتامى والمظلومين؟ والمسيح يقول لا يستطيع الانسان ان يعبد سيدين اما المال او الله وعندما يعبد الانسان المال فهو لن يخاف الله فكيف يخاف البشر؟ وعندما يصبح الحاكم او القائد فوق القانون فكيف نُصدق ان القانون سيطبق في ذلك المجتمع الذي يحكمه القادة المخالفين للقانون ؟
عندما يتنازل ألأنسان عن المبادئ والقيم الروحية والأدبية والأخلاقية فهو سوف يتنازل عن كل شئ من أجل المحافظة على مركزه ومجده الارضي وسوف يدافع بشراسة الذئب للحفاظ على مكاسبه مهما كان الثمن  فالغاية تبررالوسيلة ،
القيادة مسؤولية والتزام واخلاق ومبادئ ولن تكفي النوايا مهما بدت صادقة اذا سقط الانسان في المساومات والموالات والمحاباة والمحسوبية والتنازل عن الحق لأن ذلك يؤدي الى تزعزع الثقة وتزعزع المبادئ الأساسية للحياة .
نحن نحتاج الى ساسة يلتزمون بالأخلاق والمبادئ الأنسانية ولكن للأسف لايوجد الى الآن هذه القيادة ، لأن القيادة الجيدة هي نتاج أفرازات المجتمع وشكراً لكم .
 




45
·    
المسيحية في العراق بين مطرقة السياسة وسندان الدين
 
 بقلم : المهندس نافع شابو البرواري
 
 الى أين أوصلنا تسييس الدين؟
ان الدين هو الذي يربط الناس بالله وبعضهم ببعض ، ولكنه مع الأسف صار في الواقع أكبر مُقسّم وحامل قوى الموت وسط الأمم ، قدم المسيح نظرة جديدة الى الدين لاتعني أن جميع الديانات تتساوى بل أن الدين الحقيقي يتعرف الى عمل الله في الأفراد وفي العالم ويدعو الناس الى العمل مع الأخرين.
ان اشكالية تداخل الدين (الشريعة الدينية) مع الدولة(السياسة) ثبت فشله حتى قبل 500سنة من ألآن في الدول الغربية وكلنا يعرف هذا ولا نريد الخوض في تفاصيلها( عندما كانت الكنيسة تتدخل في سياسة الدولة) .
وكلنا يعرف بالمآسي التي حلّت بالبشرية نتيجة تدخل الكنيسة في شؤو ن الدولة في القرون الوسطى وكيف ادى ذلك الى التمرد وانشقاق الكنائس وتهميش لدور الكنيسة وحتى ادى الى فتور الأيمان في هذه الدول واصبحت الكثير من الكنائس متاحف للزوار ولكن كلنا يعرف ايضا ان الكنيسة تراجعت واعترفت باخطائها عبر التاريخ ومنهم البابا الراحل يوحنا بولص الثاني عندما اعتذر باسم الكنيسة عن كل الأخطاء التي ارتكبت عبر التاريخ ، وها أن اليوم الكنيسة ما بعد مجمع الفاتيكاني الثاني أصبحت كلها نشاط وحيوية بفض نفخة الروح القدس فيها وتجديد وتغيير منهجها القديم لتنزل الكنيسة الى الناس بدل ان ياتوا الناس اليها وكان رائد هذا التغيير الراحل يوحنا بولص الثاني .
لكن لو نرجع الى الكتاب المقدس كدستور لنا لعرفنا أن المسيح قد فصل الدين عن الدولة ووضع حدا لهذا التداخل منذ حوالي 2000 سنة ، وقال قوله المشهور (أعطو مالقيصر لقيصر وما لله لله).
ان المسيحية تؤمن أن للدولة السلطة في مجالات معينة وللكنيسة مجالات اخرى ويمكن لمسيحيين أن يخضعوا لكليهما وأن يجمعهما كليهما ، ولكن يجب الأيخلط بينهما .
فللكنيسة(الكهنة والمؤمنين) دور روحي  وللدولة(النظام السياسي)دور طبيعي فهما متكاملان يكمل أحداهما الأخر ولكن لا خلط بينهما (اي لاخلط بين السياسة والدين) ،
ان الشرائع تتطور في كل عصر  وهذا ماقاله الرب يسوع المسيح ((سمعتم أنه قيل لكم :عين بعين وسنّ بسنّ أما أنا أقول لكم.....      ) (متى 38.5 )
وقد جعل الرب يسوع السبت للانسان وليس الأنسان للسبت لأن الأنسان هو اهم من السبت وليس العكس أي بمعنى اخر الشريعة وضعت لصالح الانسان وليس العكس.
هكذا الشريعة تتطورت في العهد الجديد حيث دخلنا في عصر النعمة وشريعة الروح والتي يمكن ان نعتبرها شريعة الضمير الحي بالروح القدس وليس نصوصا جامدة نصبح عبيدين لها فتستعبدنا.
أما الشريعة الأسلامية فلا زال البعض لايريد تطويرها حيث يخلطون بين الشريعة والعقيدة ، العقيدة هي  : علاقة شخصية مع الله الخالق وهي مسالة شخصية يجب أن لا تفرض على الأخرين بينما الشريعة هي : وضع قوانيين وسنن ( وضعية) لتتناسب مع كل زمان ومكان وحالة لمجتع من المجتمعات بحيث تاخذ بنظر الأعتبار جميع الأفراد والشعوب والطوائف والعوامل الداخلية والخارجية ولتتناسب مع واقع اليوم وليس لواقع مضى عليه اكثر من الف واربعمائة سنة .
يقول  الشيخ يوسف القرضاوي( وهو داعية سني ويعتبر عالم الشريعة الأسلامية وهو من العلماء البارزين في العالم الأسلامي السني) ان الدولة الأسلامية فيها السلطة التشريعية بيد الشعب ولكن باطار الشريعة الأسلامية ، ويضيف قائلا :(لايوجد في الأسلام سلطة روحية وسلطة مدنية منفصلة) (راجع سلسلة لقائات الشيخ القرضاوية مع قناة الجزيرة في موضوع الشريعة والحياة) وهكذا وضع الدين هو المحرك الأول والمسيطر على كل الشرائع والقوانيين الأنسانية في الدول العربية والذي يتابع السياسات للتيارات الدينية في الدول العربية والدول المحيطة بالعراق سوف يتوصل الى حقيقة هذه التيارات السائدة في هذه الدول وهي :
* تيارات أصولية سلفية لها أفكار متشددة وتحمل أفكارا عنصرية دينية وطائفية وتعتمد في منهجها قاعدة دستورية وهي..
(القران دستورنا والرسول قدوة لنا والأسلام هو الحل لنا) فهذا الفكر يعيش في الماضي السحيق ولا يعترف بالواقع الجديد بل هو يريد ارجاع عجلة التاريخ الى الماضي  لانه يجتر من هذا الماضي ويعيش في غيبوبة لا يريد الخروج منها وبهذا ينطبق عليهم قول ماركس ( الدين افيون الشعوب)وللأسف فان هذا التيار هو الذي استطاع أن يسيطر على أفكارغالبية شعوب الوطن العربي ولا نقول الأسلامي ، وحتى الحكام يشجعون هذا الفكر لانه يدغدغ عقول الناس ويصور لهم أن ليس هناك الا عدوا واحدا هو في الخارج اما الحكام  في الداخل يسرحون ويمرحون ويتاجرون بعقول هؤلاء الغلابة لأنهم يعيشون في الجهل والتخلف وهم مُسيرون وليسوا مُخيرون ، وهذه العقيدة المُسيسة منتشرة في اغلب الدول الاسلامية السنية حيث تم غسل أدمغة أجيال من الشباب وزرعوا في عقولهم هذا الفكر .
*وهذا ينطبق ايضا على الشيعة وخير مثال الجمهورية الأسلامية الأيرانية حيث سلطة ولاية الفقيه هي السلطة المطلقة في الدولة  بالرغم من الشعارات المرفوعة عن الديمقراطية والحرية  التي تدعي انها تطبق في ايران ، وقد راينا ماذا كانت النتيجة لهذه الديانة المسيسة بعد الأنتخابات الأخيرة في ايران حيث انقسم المجتمع على نفسه بين تيار ديني متشدد اصولي يريد تطبيق شريعة ولاية الفقيه والذي يعتبر سلطته مباشرة من الله ( وهذه السياسة تسمى الثيوقراطية )  فهو لايستطيع ان يعترف بمبدأ الحريات الفردية ولا الجماعية ولا يستطيع هذا النظام أن يقبل بمن يخالفه في المنهج أو الفكر او الرأي فهذا النظام منغلق على الذات ولا يستطيع الأنفتاح على العالم الحر بل هو لايعترف بهذا العالم وفي نهجه يريد تغيير(حتى لو استعمل وسائل القوة والأرهاب) هذا العالم  ليقف معه لان شريعته مستمدة من فوق فهو فوق الكل ، وهذه العقيدة الدينية المسيسة منتشرة في ايران والكثير من الدول العربية في الطائفة الشيعية ومن المؤسف أن يكون العراق هو ساحة صراع التيارين أعلاه
* وهناك اليوم تيار اصلاحي علماني يريد التحرر من كل هذه الافكار المتخلفة ولكن للأسف فان أصواتهم مخنوقة من قبل الذين يهددون ويعربدون من التيارين السابقين ولكن المستقبل سيكون لهذا التيار الذي مهما طال الزمن سيظهر ويسود ولكن يتطلب ذلك تضحيات كبيرة وجهود المثقفين والمفكرين والعالم الحر ، ويحتاج الى ثورة على الذات  وتوعية اعلامية يساهم فيها كل المثقفين والمؤمنين بالحرية والديمقراطية والساعين الى السلام والمحبة والأخاء بين البشرية جمعاء.
اليوم وسائل الأعلام تصل الى كل بيت وقد آن الاوان لتنهض الأجيال الحالية والمقبلة لتغير الصورة المأساوية لهذه الدول والشعوب لتواكب الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافي والأنساني والتحررمن كل قيود العبودية والموت ، اليوم العالم اصبح يعيش في قرية صغيرة ولا يمكن ان يستمر المتقوقعين في شرانقهم بل عليهم الخروج الى الهواء الطلق لتنفس هواء الحرية .
سياسة الخلط بين الدين والدولة اين ستقودنا؟
اليوم نحن نعيش في العراق في ظل  دولة تحكمنا بموجب دستور مستمد من الشريعة الأسلامية اي ( دولة دينية طائفية وليست دولة المواطنة حيث الوطن للجميع والدين لله) ، الدستور الحالي شئنا ام أبينا قد الغى حقوق وحريات الديانات الغير الأسلامية . 
اليست هذه الحكومة هي التي وضعت الدستور (المشؤوم)الحالي والذي يسحق الأقليات ويهمشها بل يفرض عليها شريعة دين واحد والكثيرون بل حتى شريحة كبيرة من العرب لا يريدوها لأنها لاتوالم العصر ولا يمكن تطبيقها في القرن الواحد والعشرون؟
 ان السنوات الأربعة الماضية أكدت لنا بالتطبيق العملي ان هذا الدستور لايمكن تطبيقه حتى على المسلمين فكيف يتم تطبيقه على غير المسلمين وخاصة المسيحيين .
فالحرب الطائفية( حتى بين ابناء الدين الواحد) وانهار من الدم والدموع هو نتيجة تسييس الدين من قبل الاحزاب المتصارعة وجعل الكثيرون يلعبون بورقة الطائفية والمذهبية لأهداف شخصية وسياسية للحصول على المكاسب المالية والمناصب والمراكز والكراسي والتجارة بالدين على حساب حياة الناس البسطاء الذين كانوا على الغالب هم الضحية ومنهم بالطبع المسيحيين  حيث أحيانا كانوا يطلبون منهم اما الأسلام او الفدية أو الموت وعلى مسمع القيادة في الدولة (هذا اذا لم يكونوا هم ايضا مشتركين في الهدف نفسه) ،
 وها هم نفس الأحزاب ونفس الأشخاص يرشحون انفسهم في قوائم الأنتخابات ولكن هذه المرة بثياب الحملان ولكن في الحقيقة هم من الداخل ذئاب مفترسة ، كما يقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء الناس(..يجيئونكم بثياب الحملان وهم في باطنهم ذئاب خاطفة)(متى7.15
علينا نحن العراقيين عامة والمسيحيين خاصة أن نشخص هذه الأحزاب وهؤلاء الأشخاص وكما يقول الرب يسوع المسيح من خلال أثمارهم(الشجرة الجيّدة لاتحمل ثمرا رديئا والشجرة الرديئة لا تحمل ثمرا جيدا.كل شجرة يدل عليها ثمرها.فانت لا تجني من الشوك تينا ولا تقطف من العليق عنبا)(لوقا6  . 43-46 )
والحقيقة أنهم ومن خلال القوائم الجديدة القديمة نراهم لازالوا يلعبون على نفس الوتر الحساس الا وهي الطائفية المقيتة على الرغم من رفعهم للشعارات الجميلة والبراقة والتي اصبحت اسطوانة مشروخة لن تنطلي حتى على السذج من الناس ، فلا نتوقع من القادمين الجدد للحكومة المستقبلية اية مفاجئات او تغيير المنهج لان قادة الاحزاب هم مسيرون وليسوا مخيرون بل يطبقون ما يخدم مصالح طوائفهم للحصول على المنافع والمكاسب المادية والمعنوية  على حساب الاخرين ، وخلاصة القول هو ان اي دمج للدين بالدولة ثبت فشله عبر التاريخ وانه فشل تطبقيه في العراق وخاصة أن العراق هو غني بالقوميات ومتنوع الديانات والطوائف ولايمكن أن ينجح تطبيق الدستور الحالي الا على حساب الديانات والطوائف والقوميات الاخرى .
والأسئلة المطروحة هي أين نحن المسيحيين من كل ذلك؟ 
*وجود دستور لايعترف بغير الشريعة الاسلامية لتكون أساس القوانين والشرائع العراقية.
*المسيحيون في العراق لا يعتمدون على القوة للحصول على حقوقهم المهدورة.
وهم ليس لهم سند لا من الخارج ولا من الداخل .
*المسيحيون لم يكونوا بعيدين عن الصراع القومي والحزبي وحتى الطائفي للأسف
وهذا ادى الى تشتيت اصواتهم وجهودهم للحصول على حقوقهم المشروعة. بالأضافة الى ذلك ونتيجة سيف الأرهاب المسلط عليهم ارتمى البعض منهم في احضان الأحزاب والقوميات الأخرى لحمايتهم امنيا وهذا ادى الى استغلالهم من تلك الجهات لمآربهم ومصالحهم الخاصة.
من السنوات الماضية للحكومة الطائفية المقيتة نستنتج :
*غياب دور الكنيسة( وكما تطرقنا الى ذلك في سلسلة مقالاتنا السابقة) ،
وغياب هذا الدو ر قد اشعر المسيحيين في العراق بالأحباط واليأس والمرارة  فاصبحوا رعية دون رعاة  ومثل الخراف بين الذئاب المفترسة. وهذا ليس تعميم بل علينا ان نقيّم جهود فردية قام بها بعض الآباء وضحّى بعضهم من أجل حماية شعبهم  المؤمن والدفاع عنه حتى الأستشهاد
 *غياب دور الجاليات المسيحية في الغرب للتاثير على الحكومات الأمريكية والأوربية للضغط على السياسة السلبية للحكومة العراقية مع مسيحيي الداخل.
ماذا علينا فعله لمواجهة كل هذه المخاطر؟
ان التيارات الدينية الأصولية التي تكلمنا عنها والغالبة في  الدول العربية والأسلامية  وهي تحيط  بنا كالطوق ولا نستطيع الأفلات منه في المدى القريب الا بمعجزة تاتينا من السماء .ولا زال الأرهاب بشتى أنواعه المباشر وغير المباشر(  الديني و الجسدي والفكري والديموغرافي والنفسي و القمعي و الثقافي والأقصائي والقومي )قائما ويعاني منه المسيحيين مهما أراد البعض التقليل من خطورته ، وعلينا أن لانتهرب من هذا الواقع الأليم بل نواجهه بكل شجاعة وصبر وحكمة ونجاهد الجهاد الروحي باستعمال سلاح الله الكامل كما يقول معلمنا الرسول بولس(تسلحوا بسلاح الله الكامل لتقدروا أن تقاوموا مكايد  ابليس .فنحن لا نحارب أعداءً من لحم ودمٍ  بل أصحاب الرئاسة والسّلطان والسيادة  على هذا العالم ، عالم الظلام والأرواح الشريرة في الأجواء السماويّة).
 واسلحتنا هي: الحق , الأستقامة ، بشارة السلام ، الأيمان ، الخلاص ، وسيف الروح الذي هو كلام الله (أفسس6  . 11-20 )
وبهذه الأسلحة فقط نستطيع هدم حصون الشر ونستطيع بوحدتنا ان نقاوم كل الوسائل الشيطانية التي تحاول ان تثنينا من المطالبة بحقوقنا واحترام عقيدتنا وكرامتنا الأنسانية.
ان حقوقنا لن نستطيع أن ناخذها على طبق من الذهب بل ينتظرنا الكثير من التضحيات والآلام والمصاعب .وهذا هو قدرنا نحن مسيحيي العراق والتاريخ خير شاهد ولكن ما هو مستحيل بنظر الناس فهو مستطاع عند الرب وما علينا الا أن يحمل كل منا صليبه على ظهره ويواصل درب الآلام الذي يوصلنا الى الحرية  والقيامة والسلام هكذا فعل الرب يسوع المسيح الذي علينا ان ننظر اليه وهو مصلوب من أجلنا ليكون قدوة لنا وعندها ستهون ، تحت صليبه كل الآلام.
قد  نفتش عن حل لمشكلتنا التي يجب أن تكون من اولويات مهام المجلس التشريعي القادم لابل أن مصير المسيحيين في خطر وهذا ماتؤكده تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان لابل الواقع الذي عشناه ونعيشه خلال 6 سنوات بل قبلها بزمن طويل يؤكد ذلك بالوثائق الدامغة والتي عاصرناها نحن ابتداءاً من ستينات القرن العشرين حيث تم تدمير اكثر من 300 قرية مسيحية ودمرت المئات من الكنائس في شمال العراق من قبل الحكومات المتعاقبة ولا زالت المخاطر اشد من السابق لأن اساليب الخطط تغيرت لتصبح اساليب استئصالية وقلع المسيحية من جذورها من العراق ومن بقية الدول العربية وهذا ما تؤيده احصائيات كثيرة(راجع مقالة الأخ الشماس مسعود النوفلي الموقع أدناه) بخصوص هجرة المسيحيين وتركهم لاوطانهم بسبب ألأضطهادات واسباب اخرى : 
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=32735
وبالنتيجة ليس امام هذه الديانات الأخرى إلا الخضوع للاذلال وقبول الأمر الواقع وتطبيق الشريعة العمرية عليهم كونهم من اهل الذمة ، او الهجرة وهذا مانلمسه اليوم في ارض الواقع وهذا ماسمعناه من يونادم كنا عضو البرلمان الحالي مُمثلاً للمسيحيين عندما يقول(ان أطرافا داخلية منها الحكومة والأحزاب الحاكمة والميليشيات  وأطرافا خارجية تسعى لتشكيل عوامل طرد للمكونات الدينية والأقليات وعوامل جذب لتحفيزهاعلى الهجرة)(وكالة كردستان للأنباء أكانيوز 30|9|2009     ) .                       
انه قول لمسؤول في البرلمان وهوشاهدعيان ويعيش ويعرف ما يجري خلف الكواليس وليس رجل خارج  الحكومة الحالية لكي لانقول انها مبالغة وكما يقول المثل (وشهد شاهد من أهلها)
على المجلس الشعبي الكلداني الآشوري السرياني أن يضع نصب عينيه هذه الحقائق وان لا ينتظر او يتوقع من الحكومة القادمة اية رجاء أوتغيير في مادة الدستور بخصوص ألأقليات وخاصة بالنسبة  للمسيحيين لان كل المؤشرات تؤكد ان القادمون هم نفس الراحلون ويقول الكتاب المقدس هل يستطيع النمر المرقع أن يغّير من جلده ؟
فلا نُعلق أمل كبير بالحكومات القادمة طالما الفكر والتيار السائد هو التيار الديني نفسه وطالما الوجوه هي نفسها ، ان الفساد قد استشرى في السلطة وحتى في المجتمع وهذا الفساد سنعاني منه سنين ولن يزول الا ببناء الأنسان من جديد .
عندما يصبح الحاكم همه الوحيد التشبث بالكرسي  فاقرأ على الارض السلام ، عندما يصبح الهدف خير الطائفة قبل الخير العام فلا تنتظر الا التخلف والتفكك في المجتمع .
اننا نعرف من خلال خبراتنا ومن التاريخ ان نتائج الحروب هي كوارث اجتماعية واقتصادية ونفسية واخطرها النتائج الأنسانية عندما تنهدم البنية التحتية للمجتمع ويصبح الانسان يعاني من امراض نفسية واخلاقية وحتى الروحية ، هناك علاقة بين السياسة والأخلأق فعندما يفقد الحاكم او القائد او المسؤول الأخلاق فكيف نتوقع من فاقد الشي ان يعطيه؟ الراس الفاسد يفسد الجسد كله ، عندما يكون المال والقوة والمركز هي من اهداف الحاكم او المسؤول أو القائد  فكيف سيفكر بالفقراء والمساكين واليتامى والمظلومين؟ والمسيح يقول لا يستطيع الانسان ان يعبد سيدين اما المال او الله وعندما يعبد الانسان المال فهو لن يخاف الله فكيف يخاف البشر؟ وعندما يصبح الحاكم او القائد فوق القانون فكيف نُصدق ان القانون سيطبق في ذلك المجتمع الذي يحكمه القادة المخالفين للقانون ؟
عندما يتنازل ألأنسان عن المبادئ والقيم الروحية والأدبية والأخلاقية فهو سوف يتنازل عن كل شئ من أجل المحافظة على مركزه ومجده الارضي وسوف يدافع بشراسة الذئب للحفاظ على مكاسبه مهما كان الثمن  فالغاية تبررالوسيلة ،
القيادة مسؤولية والتزام واخلاق ومبادئ ولن تكفي النوايا مهما بدت صادقة اذا سقط الانسان في المساومات والموالات والمحاباة والمحسوبية والتنازل عن الحق لأن ذلك يؤدي الى تزعزع الثقة وتزعزع المبادئ الأساسية للحياة .
نحن نحتاج الى ساسة يلتزمون بالأخلاق والمبادئ الأنسانية ولكن للأسف لايوجد الى الآن هذه القيادة ، لأن القيادة الجيدة هي نتاج أفرازات المجتمع وشكراً لكم .
 




46
·    
المسيحية في العراق بين مطرقة السياسة وسندان الدين
 
 بقلم : المهندس نافع شابو البرواري
 
 الى أين أوصلنا تسييس الدين؟
ان الدين هو الذي يربط الناس بالله وبعضهم ببعض ، ولكنه مع الأسف صار في الواقع أكبر مُقسّم وحامل قوى الموت وسط الأمم ، قدم المسيح نظرة جديدة الى الدين لاتعني أن جميع الديانات تتساوى بل أن الدين الحقيقي يتعرف الى عمل الله في الأفراد وفي العالم ويدعو الناس الى العمل مع الأخرين.
ان اشكالية تداخل الدين (الشريعة الدينية) مع الدولة(السياسة) ثبت فشله حتى قبل 500سنة من ألآن في الدول الغربية وكلنا يعرف هذا ولا نريد الخوض في تفاصيلها( عندما كانت الكنيسة تتدخل في سياسة الدولة) .
وكلنا يعرف بالمآسي التي حلّت بالبشرية نتيجة تدخل الكنيسة في شؤو ن الدولة في القرون الوسطى وكيف ادى ذلك الى التمرد وانشقاق الكنائس وتهميش لدور الكنيسة وحتى ادى الى فتور الأيمان في هذه الدول واصبحت الكثير من الكنائس متاحف للزوار ولكن كلنا يعرف ايضا ان الكنيسة تراجعت واعترفت باخطائها عبر التاريخ ومنهم البابا الراحل يوحنا بولص الثاني عندما اعتذر باسم الكنيسة عن كل الأخطاء التي ارتكبت عبر التاريخ ، وها أن اليوم الكنيسة ما بعد مجمع الفاتيكاني الثاني أصبحت كلها نشاط وحيوية بفض نفخة الروح القدس فيها وتجديد وتغيير منهجها القديم لتنزل الكنيسة الى الناس بدل ان ياتوا الناس اليها وكان رائد هذا التغيير الراحل يوحنا بولص الثاني .
لكن لو نرجع الى الكتاب المقدس كدستور لنا لعرفنا أن المسيح قد فصل الدين عن الدولة ووضع حدا لهذا التداخل منذ حوالي 2000 سنة ، وقال قوله المشهور (أعطو مالقيصر لقيصر وما لله لله).
ان المسيحية تؤمن أن للدولة السلطة في مجالات معينة وللكنيسة مجالات اخرى ويمكن لمسيحيين أن يخضعوا لكليهما وأن يجمعهما كليهما ، ولكن يجب الأيخلط بينهما .
فللكنيسة(الكهنة والمؤمنين) دور روحي  وللدولة(النظام السياسي)دور طبيعي فهما متكاملان يكمل أحداهما الأخر ولكن لا خلط بينهما (اي لاخلط بين السياسة والدين) ،
ان الشرائع تتطور في كل عصر  وهذا ماقاله الرب يسوع المسيح ((سمعتم أنه قيل لكم :عين بعين وسنّ بسنّ أما أنا أقول لكم.....      ) (متى 38.5 )
وقد جعل الرب يسوع السبت للانسان وليس الأنسان للسبت لأن الأنسان هو اهم من السبت وليس العكس أي بمعنى اخر الشريعة وضعت لصالح الانسان وليس العكس.
هكذا الشريعة تتطورت في العهد الجديد حيث دخلنا في عصر النعمة وشريعة الروح والتي يمكن ان نعتبرها شريعة الضمير الحي بالروح القدس وليس نصوصا جامدة نصبح عبيدين لها فتستعبدنا.
أما الشريعة الأسلامية فلا زال البعض لايريد تطويرها حيث يخلطون بين الشريعة والعقيدة ، العقيدة هي  : علاقة شخصية مع الله الخالق وهي مسالة شخصية يجب أن لا تفرض على الأخرين بينما الشريعة هي : وضع قوانيين وسنن ( وضعية) لتتناسب مع كل زمان ومكان وحالة لمجتع من المجتمعات بحيث تاخذ بنظر الأعتبار جميع الأفراد والشعوب والطوائف والعوامل الداخلية والخارجية ولتتناسب مع واقع اليوم وليس لواقع مضى عليه اكثر من الف واربعمائة سنة .
يقول  الشيخ يوسف القرضاوي( وهو داعية سني ويعتبر عالم الشريعة الأسلامية وهو من العلماء البارزين في العالم الأسلامي السني) ان الدولة الأسلامية فيها السلطة التشريعية بيد الشعب ولكن باطار الشريعة الأسلامية ، ويضيف قائلا :(لايوجد في الأسلام سلطة روحية وسلطة مدنية منفصلة) (راجع سلسلة لقائات الشيخ القرضاوية مع قناة الجزيرة في موضوع الشريعة والحياة) وهكذا وضع الدين هو المحرك الأول والمسيطر على كل الشرائع والقوانيين الأنسانية في الدول العربية والذي يتابع السياسات للتيارات الدينية في الدول العربية والدول المحيطة بالعراق سوف يتوصل الى حقيقة هذه التيارات السائدة في هذه الدول وهي :
* تيارات أصولية سلفية لها أفكار متشددة وتحمل أفكارا عنصرية دينية وطائفية وتعتمد في منهجها قاعدة دستورية وهي..
(القران دستورنا والرسول قدوة لنا والأسلام هو الحل لنا) فهذا الفكر يعيش في الماضي السحيق ولا يعترف بالواقع الجديد بل هو يريد ارجاع عجلة التاريخ الى الماضي  لانه يجتر من هذا الماضي ويعيش في غيبوبة لا يريد الخروج منها وبهذا ينطبق عليهم قول ماركس ( الدين افيون الشعوب)وللأسف فان هذا التيار هو الذي استطاع أن يسيطر على أفكارغالبية شعوب الوطن العربي ولا نقول الأسلامي ، وحتى الحكام يشجعون هذا الفكر لانه يدغدغ عقول الناس ويصور لهم أن ليس هناك الا عدوا واحدا هو في الخارج اما الحكام  في الداخل يسرحون ويمرحون ويتاجرون بعقول هؤلاء الغلابة لأنهم يعيشون في الجهل والتخلف وهم مُسيرون وليسوا مُخيرون ، وهذه العقيدة المُسيسة منتشرة في اغلب الدول الاسلامية السنية حيث تم غسل أدمغة أجيال من الشباب وزرعوا في عقولهم هذا الفكر .
*وهذا ينطبق ايضا على الشيعة وخير مثال الجمهورية الأسلامية الأيرانية حيث سلطة ولاية الفقيه هي السلطة المطلقة في الدولة  بالرغم من الشعارات المرفوعة عن الديمقراطية والحرية  التي تدعي انها تطبق في ايران ، وقد راينا ماذا كانت النتيجة لهذه الديانة المسيسة بعد الأنتخابات الأخيرة في ايران حيث انقسم المجتمع على نفسه بين تيار ديني متشدد اصولي يريد تطبيق شريعة ولاية الفقيه والذي يعتبر سلطته مباشرة من الله ( وهذه السياسة تسمى الثيوقراطية )  فهو لايستطيع ان يعترف بمبدأ الحريات الفردية ولا الجماعية ولا يستطيع هذا النظام أن يقبل بمن يخالفه في المنهج أو الفكر او الرأي فهذا النظام منغلق على الذات ولا يستطيع الأنفتاح على العالم الحر بل هو لايعترف بهذا العالم وفي نهجه يريد تغيير(حتى لو استعمل وسائل القوة والأرهاب) هذا العالم  ليقف معه لان شريعته مستمدة من فوق فهو فوق الكل ، وهذه العقيدة الدينية المسيسة منتشرة في ايران والكثير من الدول العربية في الطائفة الشيعية ومن المؤسف أن يكون العراق هو ساحة صراع التيارين أعلاه
* وهناك اليوم تيار اصلاحي علماني يريد التحرر من كل هذه الافكار المتخلفة ولكن للأسف فان أصواتهم مخنوقة من قبل الذين يهددون ويعربدون من التيارين السابقين ولكن المستقبل سيكون لهذا التيار الذي مهما طال الزمن سيظهر ويسود ولكن يتطلب ذلك تضحيات كبيرة وجهود المثقفين والمفكرين والعالم الحر ، ويحتاج الى ثورة على الذات  وتوعية اعلامية يساهم فيها كل المثقفين والمؤمنين بالحرية والديمقراطية والساعين الى السلام والمحبة والأخاء بين البشرية جمعاء.
اليوم وسائل الأعلام تصل الى كل بيت وقد آن الاوان لتنهض الأجيال الحالية والمقبلة لتغير الصورة المأساوية لهذه الدول والشعوب لتواكب الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجي والثقافي والأنساني والتحررمن كل قيود العبودية والموت ، اليوم العالم اصبح يعيش في قرية صغيرة ولا يمكن ان يستمر المتقوقعين في شرانقهم بل عليهم الخروج الى الهواء الطلق لتنفس هواء الحرية .
سياسة الخلط بين الدين والدولة اين ستقودنا؟
اليوم نحن نعيش في العراق في ظل  دولة تحكمنا بموجب دستور مستمد من الشريعة الأسلامية اي ( دولة دينية طائفية وليست دولة المواطنة حيث الوطن للجميع والدين لله) ، الدستور الحالي شئنا ام أبينا قد الغى حقوق وحريات الديانات الغير الأسلامية . 
اليست هذه الحكومة هي التي وضعت الدستور (المشؤوم)الحالي والذي يسحق الأقليات ويهمشها بل يفرض عليها شريعة دين واحد والكثيرون بل حتى شريحة كبيرة من العرب لا يريدوها لأنها لاتوالم العصر ولا يمكن تطبيقها في القرن الواحد والعشرون؟
 ان السنوات الأربعة الماضية أكدت لنا بالتطبيق العملي ان هذا الدستور لايمكن تطبيقه حتى على المسلمين فكيف يتم تطبيقه على غير المسلمين وخاصة المسيحيين .
فالحرب الطائفية( حتى بين ابناء الدين الواحد) وانهار من الدم والدموع هو نتيجة تسييس الدين من قبل الاحزاب المتصارعة وجعل الكثيرون يلعبون بورقة الطائفية والمذهبية لأهداف شخصية وسياسية للحصول على المكاسب المالية والمناصب والمراكز والكراسي والتجارة بالدين على حساب حياة الناس البسطاء الذين كانوا على الغالب هم الضحية ومنهم بالطبع المسيحيين  حيث أحيانا كانوا يطلبون منهم اما الأسلام او الفدية أو الموت وعلى مسمع القيادة في الدولة (هذا اذا لم يكونوا هم ايضا مشتركين في الهدف نفسه) ،
 وها هم نفس الأحزاب ونفس الأشخاص يرشحون انفسهم في قوائم الأنتخابات ولكن هذه المرة بثياب الحملان ولكن في الحقيقة هم من الداخل ذئاب مفترسة ، كما يقول الرب يسوع المسيح عن هؤلاء الناس(..يجيئونكم بثياب الحملان وهم في باطنهم ذئاب خاطفة)(متى7.15
علينا نحن العراقيين عامة والمسيحيين خاصة أن نشخص هذه الأحزاب وهؤلاء الأشخاص وكما يقول الرب يسوع المسيح من خلال أثمارهم(الشجرة الجيّدة لاتحمل ثمرا رديئا والشجرة الرديئة لا تحمل ثمرا جيدا.كل شجرة يدل عليها ثمرها.فانت لا تجني من الشوك تينا ولا تقطف من العليق عنبا)(لوقا6  . 43-46 )
والحقيقة أنهم ومن خلال القوائم الجديدة القديمة نراهم لازالوا يلعبون على نفس الوتر الحساس الا وهي الطائفية المقيتة على الرغم من رفعهم للشعارات الجميلة والبراقة والتي اصبحت اسطوانة مشروخة لن تنطلي حتى على السذج من الناس ، فلا نتوقع من القادمين الجدد للحكومة المستقبلية اية مفاجئات او تغيير المنهج لان قادة الاحزاب هم مسيرون وليسوا مخيرون بل يطبقون ما يخدم مصالح طوائفهم للحصول على المنافع والمكاسب المادية والمعنوية  على حساب الاخرين ، وخلاصة القول هو ان اي دمج للدين بالدولة ثبت فشله عبر التاريخ وانه فشل تطبقيه في العراق وخاصة أن العراق هو غني بالقوميات ومتنوع الديانات والطوائف ولايمكن أن ينجح تطبيق الدستور الحالي الا على حساب الديانات والطوائف والقوميات الاخرى .
والأسئلة المطروحة هي أين نحن المسيحيين من كل ذلك؟ 
*وجود دستور لايعترف بغير الشريعة الاسلامية لتكون أساس القوانين والشرائع العراقية.
*المسيحيون في العراق لا يعتمدون على القوة للحصول على حقوقهم المهدورة.
وهم ليس لهم سند لا من الخارج ولا من الداخل .
*المسيحيون لم يكونوا بعيدين عن الصراع القومي والحزبي وحتى الطائفي للأسف
وهذا ادى الى تشتيت اصواتهم وجهودهم للحصول على حقوقهم المشروعة. بالأضافة الى ذلك ونتيجة سيف الأرهاب المسلط عليهم ارتمى البعض منهم في احضان الأحزاب والقوميات الأخرى لحمايتهم امنيا وهذا ادى الى استغلالهم من تلك الجهات لمآربهم ومصالحهم الخاصة.
من السنوات الماضية للحكومة الطائفية المقيتة نستنتج :
*غياب دور الكنيسة( وكما تطرقنا الى ذلك في سلسلة مقالاتنا السابقة) ،
وغياب هذا الدو ر قد اشعر المسيحيين في العراق بالأحباط واليأس والمرارة  فاصبحوا رعية دون رعاة  ومثل الخراف بين الذئاب المفترسة. وهذا ليس تعميم بل علينا ان نقيّم جهود فردية قام بها بعض الآباء وضحّى بعضهم من أجل حماية شعبهم  المؤمن والدفاع عنه حتى الأستشهاد
 *غياب دور الجاليات المسيحية في الغرب للتاثير على الحكومات الأمريكية والأوربية للضغط على السياسة السلبية للحكومة العراقية مع مسيحيي الداخل.
ماذا علينا فعله لمواجهة كل هذه المخاطر؟
ان التيارات الدينية الأصولية التي تكلمنا عنها والغالبة في  الدول العربية والأسلامية  وهي تحيط  بنا كالطوق ولا نستطيع الأفلات منه في المدى القريب الا بمعجزة تاتينا من السماء .ولا زال الأرهاب بشتى أنواعه المباشر وغير المباشر(  الديني و الجسدي والفكري والديموغرافي والنفسي و القمعي و الثقافي والأقصائي والقومي )قائما ويعاني منه المسيحيين مهما أراد البعض التقليل من خطورته ، وعلينا أن لانتهرب من هذا الواقع الأليم بل نواجهه بكل شجاعة وصبر وحكمة ونجاهد الجهاد الروحي باستعمال سلاح الله الكامل كما يقول معلمنا الرسول بولس(تسلحوا بسلاح الله الكامل لتقدروا أن تقاوموا مكايد  ابليس .فنحن لا نحارب أعداءً من لحم ودمٍ  بل أصحاب الرئاسة والسّلطان والسيادة  على هذا العالم ، عالم الظلام والأرواح الشريرة في الأجواء السماويّة).
 واسلحتنا هي: الحق , الأستقامة ، بشارة السلام ، الأيمان ، الخلاص ، وسيف الروح الذي هو كلام الله (أفسس6  . 11-20 )
وبهذه الأسلحة فقط نستطيع هدم حصون الشر ونستطيع بوحدتنا ان نقاوم كل الوسائل الشيطانية التي تحاول ان تثنينا من المطالبة بحقوقنا واحترام عقيدتنا وكرامتنا الأنسانية.
ان حقوقنا لن نستطيع أن ناخذها على طبق من الذهب بل ينتظرنا الكثير من التضحيات والآلام والمصاعب .وهذا هو قدرنا نحن مسيحيي العراق والتاريخ خير شاهد ولكن ما هو مستحيل بنظر الناس فهو مستطاع عند الرب وما علينا الا أن يحمل كل منا صليبه على ظهره ويواصل درب الآلام الذي يوصلنا الى الحرية  والقيامة والسلام هكذا فعل الرب يسوع المسيح الذي علينا ان ننظر اليه وهو مصلوب من أجلنا ليكون قدوة لنا وعندها ستهون ، تحت صليبه كل الآلام.
قد  نفتش عن حل لمشكلتنا التي يجب أن تكون من اولويات مهام المجلس التشريعي القادم لابل أن مصير المسيحيين في خطر وهذا ماتؤكده تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان لابل الواقع الذي عشناه ونعيشه خلال 6 سنوات بل قبلها بزمن طويل يؤكد ذلك بالوثائق الدامغة والتي عاصرناها نحن ابتداءاً من ستينات القرن العشرين حيث تم تدمير اكثر من 300 قرية مسيحية ودمرت المئات من الكنائس في شمال العراق من قبل الحكومات المتعاقبة ولا زالت المخاطر اشد من السابق لأن اساليب الخطط تغيرت لتصبح اساليب استئصالية وقلع المسيحية من جذورها من العراق ومن بقية الدول العربية وهذا ما تؤيده احصائيات كثيرة(راجع مقالة الأخ الشماس مسعود النوفلي الموقع أدناه) بخصوص هجرة المسيحيين وتركهم لاوطانهم بسبب ألأضطهادات واسباب اخرى : 
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=32735
وبالنتيجة ليس امام هذه الديانات الأخرى إلا الخضوع للاذلال وقبول الأمر الواقع وتطبيق الشريعة العمرية عليهم كونهم من اهل الذمة ، او الهجرة وهذا مانلمسه اليوم في ارض الواقع وهذا ماسمعناه من يونادم كنا عضو البرلمان الحالي مُمثلاً للمسيحيين عندما يقول(ان أطرافا داخلية منها الحكومة والأحزاب الحاكمة والميليشيات  وأطرافا خارجية تسعى لتشكيل عوامل طرد للمكونات الدينية والأقليات وعوامل جذب لتحفيزهاعلى الهجرة)(وكالة كردستان للأنباء أكانيوز 30|9|2009     ) .                       
انه قول لمسؤول في البرلمان وهوشاهدعيان ويعيش ويعرف ما يجري خلف الكواليس وليس رجل خارج  الحكومة الحالية لكي لانقول انها مبالغة وكما يقول المثل (وشهد شاهد من أهلها)
على المجلس الشعبي الكلداني الآشوري السرياني أن يضع نصب عينيه هذه الحقائق وان لا ينتظر او يتوقع من الحكومة القادمة اية رجاء أوتغيير في مادة الدستور بخصوص ألأقليات وخاصة بالنسبة  للمسيحيين لان كل المؤشرات تؤكد ان القادمون هم نفس الراحلون ويقول الكتاب المقدس هل يستطيع النمر المرقع أن يغّير من جلده ؟
فلا نُعلق أمل كبير بالحكومات القادمة طالما الفكر والتيار السائد هو التيار الديني نفسه وطالما الوجوه هي نفسها ، ان الفساد قد استشرى في السلطة وحتى في المجتمع وهذا الفساد سنعاني منه سنين ولن يزول الا ببناء الأنسان من جديد .
عندما يصبح الحاكم همه الوحيد التشبث بالكرسي  فاقرأ على الارض السلام ، عندما يصبح الهدف خير الطائفة قبل الخير العام فلا تنتظر الا التخلف والتفكك في المجتمع .
اننا نعرف من خلال خبراتنا ومن التاريخ ان نتائج الحروب هي كوارث اجتماعية واقتصادية ونفسية واخطرها النتائج الأنسانية عندما تنهدم البنية التحتية للمجتمع ويصبح الانسان يعاني من امراض نفسية واخلاقية وحتى الروحية ، هناك علاقة بين السياسة والأخلأق فعندما يفقد الحاكم او القائد او المسؤول الأخلاق فكيف نتوقع من فاقد الشي ان يعطيه؟ الراس الفاسد يفسد الجسد كله ، عندما يكون المال والقوة والمركز هي من اهداف الحاكم او المسؤول أو القائد  فكيف سيفكر بالفقراء والمساكين واليتامى والمظلومين؟ والمسيح يقول لا يستطيع الانسان ان يعبد سيدين اما المال او الله وعندما يعبد الانسان المال فهو لن يخاف الله فكيف يخاف البشر؟ وعندما يصبح الحاكم او القائد فوق القانون فكيف نُصدق ان القانون سيطبق في ذلك المجتمع الذي يحكمه القادة المخالفين للقانون ؟
عندما يتنازل ألأنسان عن المبادئ والقيم الروحية والأدبية والأخلاقية فهو سوف يتنازل عن كل شئ من أجل المحافظة على مركزه ومجده الارضي وسوف يدافع بشراسة الذئب للحفاظ على مكاسبه مهما كان الثمن  فالغاية تبررالوسيلة ،
القيادة مسؤولية والتزام واخلاق ومبادئ ولن تكفي النوايا مهما بدت صادقة اذا سقط الانسان في المساومات والموالات والمحاباة والمحسوبية والتنازل عن الحق لأن ذلك يؤدي الى تزعزع الثقة وتزعزع المبادئ الأساسية للحياة .
نحن نحتاج الى ساسة يلتزمون بالأخلاق والمبادئ الأنسانية ولكن للأسف لايوجد الى الآن هذه القيادة ، لأن القيادة الجيدة هي نتاج أفرازات المجتمع وشكراً لكم .
 




47
 
 
حضرة الشماس جيمس ايشا برجم " لا تدينوا لكي لا تدانوا "
 
بقلم المهندس نافع شابو البرواري
 
تعقيبا على مقالتكم المنشورة في عنكاوة دوت كوم والمؤرخة في 9|9|2009
(الموقع أدناه) http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=351472.0
عزيزي الشماس ، كم ترددت بكتابة هذه المقالة قبل ان اقرر في النهاية كتابتها لان ضميري كان يؤنبني كثيراعلى ما وصلنا اليه نحن المسيحيين في التفنن باتهام الأخرين وتجريحهم قبل ان نتاكد حتى من صحة اتهاماتنا للأخرين وخاصة عندما نتهم حتى اخوتنا واعضاء في جسد المسيح ان هذا يصدمنا ويحبطنا ويشتت جهود المخلصين لازالة كافة الترسبات العنصرية والطائفية في الكنيسة المشرقية واكثر ما يؤلمنا هو ان يصدر هذا الأتهام من شماس يدعي انه قارئ الكتاب المقدس وهو شماس قديم في كنيسة قديمة واصيلة هي الكنيسة المشرقية القديمة.
المسيحي الحقيقي لايدين الأخرين لأن الدينونة هي للرب يسوع المسيح وحده(متى    1.7 ) ، أن ادانة الآخرين أو انتقادهم نقدا هدّاما هو يهدُم الآخرين لكي يبني الأنسان نفسه على انقاضهم ، يجب علينا معاونة حتى المخطئون من اخوتنا وليس أدانتهم اواتهامهم (فمن انت حتى تدين الاخرين) يقول الكتاب المقدس ، ويقول معلمنا الرسول بولص(اذن ، لاتحكموا في شئ قبل الأوان ) ، (كورنثوس الأولى 5.4 )الكتاب المقدس يُحذرنا من الأحكام المتعجلة  وأن لاننشر الأشاعات عنهم أو اصدار احكام مُتعجلة و حتى التأديب يجب أن يصدر عن المحبة وليس للتجريح
(المحبة لاتسئ التصرف ، ولاتطلب منفعتها ، ولا تحد ولا تظن السؤء ...المحبة تصفح عن كل شئ....)(كورنثوس 13.4,5 )
بعد هذه المقدمة التي يجب ان يعرفها كل مسيحي (حقيقي) أرجع الى مقالتكم التي فيها تسائلتم سؤالا منطقيا وأنا اشكركم على هذا السؤال وهو(هل من الممكن التلاعب بالكتاب المقدس وتحريف ما يطيب لنا من الأيات؟
ولو كان سؤالك هذا موجها للقارئ الذي سيقرأ مقالتك لكان هذا السؤال شرعيا
أما ان تجيب على هذا السؤال بما يعني نعم فانت قد وقعت في خطا يجب أن تثبته
بأدلة علمية وبحوث تشير اليها في مقالتك وتكتب المصادر(وليس مصدرا واحدا يتيما و أنا أشك فيه بل اعتبره محرفا لترجمة( ألأية 13 من الأصحاح23 لأشعيا النبي)
بل كل من يقرأ مقالك سيشك حتى في قراءتك وفهمك للكتاب المقدس والسبب بسيط وواضح من قولك (السطر 13) بدل قولك ( الأية 13 ) وهذه من المسلمات التي يجب ان يعرفها حتى المسيحي الذي قرأ ولو جزءاً من الكتاب المقدس ولم أسمع ولو مرة واحدة أن الآية  قد تقرأ سطر وقد يظن القارئ أن هذا الخطأ كتب سهوا وهذا الظن مشروع ولكن تكرار الخطأ مرتين لايمكن ان يكون سهوا بل ورد في استشهادكم للأصحاح السابع من اشعيا النبي واشرتُم الى السطرالرابع عشر من هذا الأصحاح  بدل قولكم الأية  14 ، ولكن دعنا أن ندخل في صلب الموضوع وهنا نتسائل لماذا وجهتم مقالتكم لشخص سيادة المطران سرهد جمو؟ فهل سيادته هو وحده الذي ترجم نسخة الكتاب المقدس  الطبعة الأخيرة لسنة 1996 أم لغاية في النفس؟
ولماذا لم تشيروا( كباحث)الى أن الذي قام بترجة الكتاب المقدس هُم لجنة مؤلفة من علماء كتابيين ولاهوتيين ينتمون الى مختلف الكنائس المسيحية من كاثوليكية وأرثوذوكسية وانجيلية  كما ورد في مقدمة هذه النسخة من الكتاب المقدس الذي اعتبرت انه يوجد فيه تحريف؟   
وليكون في علمكم أن أحد هؤلاء المترجمين في اللجنة هو الأب بولص فغالي وهو غني عن التعريف ولا اعرف هل سمعت بهذا الأنسان الذي فاقت اعماله الكتابية أكثر من مائة كتاب الفهُ وهذه الكتب هي دراسات عن الكتاب المقدس وهوحافظ الكتاب المقدس كلهُ آية آية  من البداية الى النهاية ويعتبر من بين العلماء القليلين( في العالم )المختص بدراسة اللغات الشرقية ومنها العبرية وله معجم كبير عن الكتاب المقدس وللأسف لم استطع ان احصل عليه ، وفي نفس المقدمة جاء مايلي :((أن الفريق (المترجم لهذا الكتاب) اعتمد النص الأصلي في اللغتين العبرية واليونانية من الترجمة السبعينية ، فبالنسبة الى النص العبري  استندت اللجنة في ترجمتها ((العهد القديم)) الى توراة شتوتغارت طبعة 1968-1976
أما فيما يختص بالنص اليوناني فان اللجنة استندت في ترجمتها ((العهد القديم)) الى طبعة نسلة-ألاند ، رقم 26 والى الطبعة رقم 3  التي نشرتها جمعيات الكتاب المقدس
وكانت اللجنة تستعين باللغة الآرامية (السريانية) كلما دعت الحاجة ويستطيع القارئ مراجعة مقدمة هذا الكتاب ليتاكد من ما اشرت اليه اعلاه وتحت يدي كتاب التفسير التطبيقي للكتاب المقدس وهو للأخوة الأرثوذكس للكنيسة المصرية وهو من أحدث ماطبع من الكتاب المقدس (طبع 1997 )
وقد جاء في مقدمة الكتاب ايضا مايلي :
اخذ النص من الكتاب المقدس((كتاب الحياة)) الذي تُرجم من اللغات الأصلية بلغة عربية معاصرة  وقد قام باعداد التفسير التطبيقي للكتاب المقدس فريق من الرعاة والمعلمين من مختلف الطوائف المسيحية (وهنا اشدد على مختلف الطوائف المسيحية) وهيئات الخدمات المختلفة  ...وتم مراجعة مادته عدد من اللاهوتيين من مختلف فروع المعرفة الكتابية واللاهوتية.
 ونشير الى الآية التي وردت في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس .
 جاء في (اشعيا  13.23) ، (تأملي في أرض الكلدانيين وانظري الى شعبها، فهم وليس الأشوريين الذين سيجعلون صور مرتعا للوحوش وسينصبون حولها أبراجهم ، ويمسحون قصورها عن وجه الآرض ويحولونها الى خراب.)
وهذا النص قريب جدا  من النسخة الألمانية الأصلية (شتوتغارت )التي أشرنا اليها  سابقا ، وكل من يعرف اللغة الألمانية سوف يتاكد من صحة البحث البسيط الذي قمت به . فقد جاء في النسخة الألمانية عن (اشعيا 13.23 )
 (Denn die Chaldäer waren das Volk- nicht Assur ist es gewesen -, die Sidon zum Aufenthalt der Wüstentiere machen wollten. Sie stellten  ihre Belagerungstürme auf, zerstörten die Paläste und machten sie zu einem Trümmerhaufen.)
ويمكن ترجمة الآية كما يلي.
(الكلدانيين هم كانوا الشعب ، وليس اشور ، الذين ارادوا أن يجعلوا صيدون  مقاما لحيوانات الصحراء، هم نصبوا أبراجهم وحطموا قصورها وجعلوا منها خرابا 
وقد أحيطت الآية بقوسين وكتب في الهامش مايلي.
Text durch spätere Zusätze völlig entstellt.
أي شوهت هذه الآية تماما من اضافات لاحقة .
وقد تكون ياعزيزي الشماس قد اخذت مصدرك من أحد الكتب التي لم يتم ترجمتها بدقة الى اللغة العربية وانت لم تشير الى هذا الكتاب الذي استشهدت بالآية 13  منه
من يتمعن بقراءة النص المترجم  الذي أتيت به سوف لن يستطيع حتى فهم مضمونه لأن فيه أخطاء في ابسط قواعد اللغة العربية  ولن يستطيع القارئ أن يفهم مضمون الآية الا بعضا منها وها انا اضع نص ماورد في مقالتكم بامانة :
(يقول أشعيا النبي في الأصحاح 23  السطر الثالث عشرمنه).( هو ذا أرض الكلدانيين ، هذا الشعب لم يكن.اسّسه آ شور لأهل البرية . قد أقاموا أبراجهم دمّروا قصورها, جعلها ردما.)
السؤال المطروح من هو هذا الشعب الذي لم يكن ؟ القارئ سيفهم من النص اعلاه هم الكلدانيين لأن التاكيد على ذلك ورد في الجملة اللاحقة اذ تقول (أسسه اشور) أي أن اشور هو الذي اسس الشعب الكلداني ، ولماذا اسس اشور الشعب الكلداني ؟ الجواب لاهل البرية ، اما بقية النص فلن يفهم القاري شيئا منه لعدم وضوح المقاصد
فمن هم الذين أقاموا الأبراج؟ الجواب غير معلوم .
ومن هم الذين دمروا القصور؟ الجواب غير معلوم .
ولمن تعود هذه القصور؟ الجواب غير معلوم .
ومن الذي جعلها  ردما؟ الجواب مبهم .
ولنقارن الآية التي استشهدتم بها مع الآية التي جائت في الكتاب المقدس طبعة 1996 المترجمة الى اللغة العربية والتي طعنتم بها وأعتبرتموها محرفة.
 (انظري ! ها أرضها بغير شعب ، صارت مسكنا  لوحوش البرية ، والحصون التي أقيمت دُمرت وجعلت خرابا)(أشعيا23.13 )
وجاء في الهامش( ليشرح الآية ويفسرها ) يعني : أنظري أرض الكلدانيين (أو البابليين) كيف جعلها الآشوريين بغير شعب ، فصارت مسكنا لوحوش البرية
احتل الكلدانيون أرض بابل فاسترجعها الآشوريون سنة 703 قبل الميلاد.
 ومن مضمون هذه الآية وما كتب في الهامش نستنتج مايلي :
يخاطب الله على لسان النبي اشعياء صيدا   وهي مدينة  تابعة للشعب الكنعاني(الفينيقي)لتتعض وتتوب والآ فحالتهما ستكون مثل حالة الكلدانيين (البابليين) عندما جعل الآشوريين ارضها بغير شعب وصارت مسكنا لوحوش البرية والحصون التي أقيمت دمرت وقصورها صارت خرابا .
أرجومن القارئ العزيز أن يحكم بنفسه( بعد هذا الشرح الوافي )على هذا النص الواضح والذي لا لبس فيه لغويا ومضمونا وليقارنه بالنص الذي استشهدتم به ،
* وهنا وبعد أن تتوضح الصورة أمام القارئ اتسائل وسؤالي مشروع من الذي حرف الاية 13 من الأصحاح 23 من اشعيا النبي ؟ ومن الذي تلاعب بها لتخدم أغراضا شخصية  نعرفها تمام المعرفة؟
 *لم نقرأ أبدا في تاريخ وادي الرافدين أن الآشوريين هم الذين بنوا بابل أو أرض الكلدانيين كما يقول حضرتكم بل وكما نعرف من التاريخ أن الكلدانيين ظهروا قبل الآشوريين فعليك  مراجعة التاريخ  والتاكد من ذلك قبل  أن تقول أنّ آشور هو الذي بنا أرض الكلدانيين او بابل
*هل هم اللاهوتيين وعلماء ودارسي الكتاب المقدس( والذين قضوا جزئا كبيرا  من حياتهم ليترجموا لنا هذا الكتاب الذي هو كنز لا يفنى والذي يوزع احيانا كثيرة مجانا)هم الذين حرفوا الآية ؟ ام حضرة الشماس الذي لايعرف ما هي الآية في الكتاب المقدس فيسميها سطراهو الذي حرف الآية وتلاعب بها دون وجه حق ودون أن يستند الى اي مصدر ليستشهد به؟ ان الترجمات في اغلب الأحيان لاتترجم حرفيا لألا تصبح غير مفهومة بلغات الشعوب الغير العبرية  ولكن من المفروض بل من الواجب ان  تحافظ الترجمة على مضمون النص وهو الأهم .
 *هل تعرف أخي العزيز اننا  بهذا الأسلوب الذي نتبعه  وهو اسلوب الهدم لايخدمنا ونحن في اوج الحاجة الى رص الصفوف لمواجة الذئاب المفترسة ، وها نحن نتهم من هم اعضاء في جسد المسيح بانهم ذئاب خاطفة كما ورد في مقالتكم؟.
 *وهل تعرف أخي الشماس ان أحدهم كتب مقالة يمتدح ما كتبتم في مقالتكم ومدحكم وايد ما جاء في مقالتكم وذهب أبعد من ذلك عندما  يقول ( بعد قرائتي للكتاب المقدس طبع1996تبين لي ان فيه تزويرا واضحا ) وهويقول  لقد رميت الكتاب المقدس في سلة المهملات (يقصد الكتاب الذي استشهدتم به) ؟ 
انظر كم اثر مقالتك على افكار الأخرين حتى اعتبروا أن الكتاب المقدس( النسخة التي صورتها ووضعتها في المقالة) كله محرف !!
 *اليست هذه الأتهامات حجر عثرة لمن ايمانهم ضعيف فيسقطون في التجربة؟
انكم قمتم بترجمة احد الآيات من اللغات الأجنبية ولم تكونوا دقيقين في ترجمتكم ،
والدليل أنكم لم تحرصوا على أمانة البحث ولا كنتم صادقين مع أنفسكم ولا مع القراء و الذين قد تفوتهم مثل هذه المقالات ، لأنكم لم تذكروا أسماء الكتب أو المصادر التي أعتمدتم عليها وهذا يعني أنكم بهذا تستهزئون بعقول الأخرين وتقللون من فطنتهم ومعرفتهم بحقائق بديهية للباحث وخاصة اذا كان هذا البحث يخص الكتاب المقدس الذي لايتجرأ حتى الذين  من الديانات الأخرى بالطعن به بصورة علنية.
انكم اخطاتم بحق الكتاب المقدس أولا وأخطئتم باتهامكم سيادة المطران سرهد جمو ثانيا وارجو بكل محبة ان تعتذروا لكل الذين قرأوا مقالتكم لتصححوا الخطا الشنيع الذي وقعتم فيه ، واخشى انكم وقعتم في مصيدة الكبرياء لتاتوا بهذه الترجمة البعيدة كل البعد عن الحقيقة والهدف هو لتؤكدوا للقارئ (أن اشور هي التي اسست بابل في ارض الصحراء)  لتعيشوا في خيال الماضي السحيق وتبكوا على الأطلال (كمايفعل السلفيون) وهذه هي مصيبة كبرى
الكثيرون من ابنائنا لا يريدون مواجهة مشاكلهم الحالية ولايصدقوا بما وصلنا اليه من التخلف والجهل فيهربون الى عالم الخيال وعالم الغيبوبة ليتباهوا بحضاراتهم الغابرة و ينسبون انفسم  انهم ينتمون اليها وبهذا هم يهربون من الواقع بدل ان يغيروا هذا الواقع الأليم بالتحرر والتسلح بالعلم والمعرفة.
ان الكلمة لها قوة احيانا تدمر ما تبنيه الكنيسة مئات السنين فكان بالأحرى بكم ياعزيزي الشماس ان توجهوا رسالة الى سيادة المطران سرهد جمو وتستفسروا منه ليجيب على تسائلاتكم وليس التشهير  بشخصه ومهما كان
 هذا الشخص لاننا هكذا نفهم مايقوله الكتاب المقدس حتى اذا اخطا اخوك بحقك عليك بنصحه أولا ثم بان ترسل اليه احد المؤمنين والا إلجأ الى الكنيسة.
أنا ليست غايتي هنا الدفاع عن سيادة المطران سرهد جمو ولست حتى مُخولا من قبل سيادته وحتى لا أعرفه شخصيا فقط اسمع عنه من خلال معرفتي المتواضعة بشؤون الكنيسة ولكن انا غايتي هي قول الحقيقة ومن طبيعتي ان لا اسكت عن من يتجاوز حدود الحوار والنقد البناء ليطعنوا في المبادئ الأساسية في المسيحية وهي ادانة الأخرين والتشهير دون وجه حق ودون حجج او اثباتات والطعن بالكتاب المقدس الذي انا اؤمن به  ويقرا كل يوم في كنائسنا، والذي يقرا الكتاب المقدس (العهد الجديد) وتاريخ الكنيسة سيعرف مدى ما خلفه هذا الأسلوب من الأتهامات من الأنشقاقات في الكنيسة الواحدة ولا زال الجرح عميقا ، وبدل أن نضمد الجرح نرى ويا للأسف من يعمّق هذا الجرح ويخرب ما بناه المخلصون في سنين طويلة لمحاولة النيل من وحدة الكنائس في عراقنا المجروح  .
ان المجادلات والأتهامات والأدانات والفعل ورد الفعل كلها اوصلتنا الى مانحن عليه اليوم للأسف الشديد وبدل أن نتوحد ونجابه أخطار وجودنا ومصيرنا المجهول  نرى البعض يطعن اخوته من الخلف.
وبدل أن نركز على ماوصلنا اليه اليوم من القهر والتشرذم والتهميش والأضطهادات والهجرة والتهجير  ترانا مشغولين في الصراع القومي والطائفي والحزبي .
انني لست من الذين يؤمنون بالفعل ورد الفعل ولا اكتب لكي أجرح مشاعر الآخرين وكل واحد هو حر بما يكتب أو يؤمن به ولكن للحرية مسؤولية والتزام وعدم عبور الحدود ولكن مع الاسف الشديد هناك من يتاجر بالحرية ومن لا يعرف قيمتها ، نعم يسوع المسيح حررنا من العبودية  ولكن حملنا مسؤولية عظيمة بان لانكون حجر عثرة للآخرين .

 




48

حوار مفتوح مع سيادة المطران مار لويس ساكو  - الجزء الثاني
بقلم المهندس نافع شابو البرواري
الحاقا  بمقالتنا الأولى (الجزء الأول) نستمر في تحليننا لرسالتكم الموسومة (الموقع أدناه).  
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,344381.0.html
سيادة المطران اسمح لي أن أشكر سيادتكم على دعوة كنيستنا للتغيير (الأيجابى) وهذا كان عنوان رسالتكم  ، ولكن الرسالة غنية جدا بالمواضيع المطروحة وكلها تقريبا هي مواضيع الساعة بخصوص ما آلت اليها كنيستنا في هذا الوقت العصيب وما يتعرض له ابناء هذه الكنيسة من اضطهادات ومؤامرات ودسائس لارهاب أبنائها ليتركوا ما بناه ابائنا واجدادنا وضحوا من اجل كنيستهم ووطنهم الغالي والنفيس وصمدوا عبر أجيال بالرغم من شتى انواع الأضطهادات والاوجاع والقهر والظلم .
واليوم عندما نقف ونرجع الى التاريخ لنحلل أحداث الماضي لنصل الى الحاضر علينا أن نتعلم من هذا الماضي الأليم لنُقيّم وندرس ونحلل علميا كل ما عانت منه كنيستنا عبرالتاريخ وتعاني منه الآن لنعيد قرائتنا للمستقبل ولكي نضع كما تفضلتم وقلتُم  (خارطة الطريق ) ليكون دليلنا واطار عملنا  لأنقاذ كنيستنا من المخاطر التي تحيط بها من الخارج والصراعات  من الداخل.
ان ماتحتويه رسالتكم  من المواضيع والمضامين والمقترحات ورؤى وبُعد نظر للمستقبل وتشخيصكم لحالة كنيستنا اليوم وما تضمنت من الحقائق والأفكار البناءة والجُرأة في قول الحقائق  والتفكير في منهج جديد يتم السير على ضوئه وتشجيعكم للتحرر من الخوف والصمت الذي كان يشل تفكيرنا وعقولنا ورفع الموروث الذي كان ولا يزال يخنقنا ويمنعنا من التغيير والتجديد والحاجة الى الأصلاح واللحاق بعالم متغير والتعامل مع هذا الواقع بمفاهيم عصرية لكنيستنا والتي للاسف كانت نائمة لسنوات طويلة وغائبة ومُغيّبة عن ما تجدد من افكار ومعارف واصلاحات وتغييرات في الكنائس الأخرى وخاصة بعد مجمع الفاتيكاني الثاني ، كل هذه المضامين والمقترحات والحقائق  نحتاج الى وقت  قد يطول أشهر لدراستها لأستيعابها وهضمها والتأمل فيها  ليتم مناقشتها وتحليلهامن قبل المؤتمر المقترح من قبل سيادكم آخذين بنظر الأعتبار وجهة نظر واقتراحات الرعاة والأساقفة والمؤمنين الذين لهم خبرة حياتية وروحية وعلمية ومن ثم تطبيقها مستقبلا بعد ان يتم اقرارها في المؤتمر القادم انشاء الله .
ولكن مضى على رساتكم حوالي شهر ولم نسمع برد من الكنيسة لا على المقترحات التي قدمها سيادتكم ولا على مقترحات الأب ألبير أبونا ، نرجو ان قامت رئاسة الكنيسة  بدراستها لكي نطلّع على ردّها  في أقرب وقت ممكن لأن أي تاخير ليس من صالح الكنيسة لما نعيش الآن في فوضى عارمة وعدم الرؤية التي قد تؤدي لاسمح الله بفقدان التوازن وكما قال الأب ألبير أبونا (قبل أن يفلت من يدها زمام القيادة) ،
قبل كل شئ علينا أن نحدد الأخطاء والمشاكل والأسباب والصعوبات ونُشخّص الأمراض المزمنة التي أصابت الكنيسة قبل اجراء أي عملية اصلاح وقبل ان نخطو اي خطوة نحو معالجة  هذه الأمراض وإلا سنتراوح في مكاننا وسنتخبط في سجالات واقتراحات ومماحكات لا طائلة لها ولن تخدم هدفنا الرئيسي وهو الخروج بتوصيات بناءة للنهوض بكنيستنا وأهم الخطوات التي يجب القيام بها قبل المؤتمر المقترح  بحسب وجهة نظري هي :
أولا. على الكنيسة (رعاة واساقفة ومؤمنين) ان تعترف بالأ خطاء التي وقعت  فيها وان تقبل بكل رحابة صدرتصحيح هذه الأخطاء والرجوع الى الكتاب المقدس ليكون هو مصدرها في كل خطوة  تخطوها .      
ثانيا .على الكنيسة ان تقبل بالنقد والنقد الذاتي وبكل رحابة صدر لكي تتجاوز هذه الأخطاء في المستقبل فنحن للأسف لا نعرف ماهو النقد والنقد الذاتي فهو علم بذاته ولن نستطيع أن نتقدم خطوة الى الأمام طالما عندنا مفهوم خاطئ وهو أن كل من ينتقدنا فهو اذن لايريد خيرنا بل أحيانا نعتبره عدونا ولا نستطيع ان نفرق بين النقد البناء والنقد الهدّام وهذا الأخير لا نقبله ويجب أن نشخصه ونرفضه.
ثالثا.على الكنيسة (كرعاة وأساقفة)  تجنب التدخل في الأمور السياسية  بل من الأفضل أن تكون جهة استشارية تقدم مقترحات تخدم الوحدة للمسيحيين وتقوي فيهم روح التضحية والمحبة والأمانة والسلام والتبشير بالخبر السار وتشجع ، بل تدعو للمصالحة بين جميع  المؤمنين  بروح الأخوة والمصير الواحد وحب الوطن وصيانة الكرامة الأنسانية ، الكنيسة يجب أن تكون درع المؤمنين وحاميهم وراعيهم ، ولكن دون المساس بارادتهم الحرة  لأن المسيحية  تفصل السياسة عن الدين لأن الدين في المسيحية هو علاقة شخصية بين الأنسان وخالقه فلا يجب التشويش على هذه العلاقة او التجارة بها .
رابعا. على الكنيسة أن تغير منهجها القديم وأن تعترف بانعزالها وتقوقعها وابتعادها زمنا طويلا عن رعيتها
، وبهذا خلقت هوة بينها وبين شعبها وجعلت شعبها بعيدا عن معرفة الله معرفة حقيقية يقول الرب على لسان النبي هوشع (لحق الدمار بشعبي لأنهم لا يعرفونني ، وبما أنكم رفضتم أن تعرفونني ، فأنا أرفضكم فلا تكونون لي كهنة)(هوشع6.4 ) .
نعم اتهم الرب الكهنة (المُزّيفون) والقادة الدينيين بالأبقاء على الشعب بعيدا عن معرفته ، فالقيادة مسؤولية  والكاهن عليه أن يوجّه شعبه الى معرفة الله وعندما ينحرف الكاهن  فهو سيقود شعبه أيضا الى الأنحراف والى الهلاك ، ولكي تردم هذه الهوة على الكنيسة ان تنزل الى الشعب وان تهدم جميع الجدران التي بنتها عبر سنين طويلة ، ان الكنيسة التي لا تنزل الى الشعب فهي لاتطبق افعال الرب يسوع المسيح عندما تنازل وغسل أرجل التلاميذ وقال قوله المشهور (واذا كنت أنا السيد والمعلم غسلت أرجلكم ، فيجب عليكم أنتم أيضا أن يغسل بعضكم أرجل بعض)(يوحنا 14.13).
خامسا. على الكنيسة تجديد خطابها الديني وذلك بتجديد افكارها القديمة ومراجعة مواقفها ونهجها القديم بخصوص عالم اليوم  وأن تقتدي بالبابا الراحل يوحنا بولص الثاني حيث حياته كانت مفعمة بالحيوية والنشاط بالرغم من (كبر سنه) حيث كان ثائرا على كل ماهو ضد الحياة فكان يقف في وجوه الأنضمة المستبدة  وكان ايمانه يهز عروش الملوك  وسيطر على قلوب الأعداء  ، كانت روحه مثل الرياح تهب حيثما يشاء .
كان يجلس مع كل الناس دون تمييز وكان صديق الأطفال والشباب  ومن أقواله المشهورة(افتحوا الأبواب ليدخل الناس ).
وقف ضد حرب العراق وقال اننا نشعر بعذابات شعب العراق ، كان منفتحا واعطى دورا للعلمانيين المؤمنين في الكنيسة فهو يقول(كلكم أعضاء في جسد المسيح وكلكم كهنة ومرسلين ) فهو كان ثمرة ونتاج مجمع الفاتيكاني الثاني ، وكان ملاكا مرسلا لنا في الزمن الصعب ، هكذا اليوم نحن بحاجة الى ملاك منقذ يخطوا خطوات البابا  لأنقاذ كنيستنا المشرقية  لنحقق حلم البابا بان  تكون كنيستنا( رسالة وجسر بين الغرب والشرق) .
سادسا. على الكنيسة ان تزوّد المؤمنين بكل ما يجري من النشاطات والمؤتمرات والقرارات  التي تتخذها لكي يعرف المؤمنين ماذا يجري في مسائل مهمة ، على سبيل المثال ماذا جرى ويجري بخصوص وحدة الكنائس الشرقية وأين نحن من هذه الوحدة ولماذا تأخرت هذه الوحدة وماهي هذه الأسباب ؟
هذه هي بعض الواجبات الأساسية للكهنة كما نعرفها من خلال الكتاب المقدس اضافة الى اسرارالكنيسة السبعة المؤتمنين عليها .
امابخصوص الهجرة  فهذا الجرح لا زال ينزف ولازالت هجرة المسيحيين من العراق خاصة والعالم العربي عامة هو من اخطر القضايا التي تواجهها كنيستنا اليوم ومن أكثر التحديات ، وهذه القضية لوحدها تحتاج الى مؤتمر خاص لأنها قضية شائكة وخطيرة وتحتاج الى جهود وتعاون الدولة نفسها مع طرح قضية الهجرة والمهاجرون والمغتربون في اروقة الأمم المتحدة لأن وجودنا نحن المسيحيين في العراق وحتى في الدول الجاورة هو في خطر ، فكيف نستطيع أصلاح الكنيسة وهي تنزف دما اذا لم نوقف نزيف الهجرة ونحصل على ضمانات دولية لوقف الأضطهاد على المسيحيين ومحاسبة كل الجهات المسؤولة عن هذا الأضطهاد .
ان موضوع الهجرة يجب أن يتم دراسته علميا وتاريخيا بعيدا عن العواطف الأنية والمتقلبة بل يجب ربطه بالتاريخ الماضي والحاضر لان موضوع الهجرة ليس جديدا بل هو مستمر لمئات السنين ، فعلينا أن نعترف بوجود قوى شريرة تعمل في الخفاء وفي جنح الظلام لطمس ماضينا العريق في البشارة وقطع الجذور التاريخية لحضارتنا ومحو ذاكرتنا وتهميش دور المسيحيين في  كونهم ساهموا في بناء حضارة العرب في الماضي والحاضر القريب وكانوا من الرواد الأوائل في نقل العلوم والمعارف الأنسانية الى العراق والعالم العربي في الماضي والحاضر القريب والتاريخ يشهد بذلك .
يخطا كثيرا من يقول ان العالم العربي سيتحول الى جنة بعد رحيل المسيحيين بل العكس هو الصح لأن المسيحيين هم ملح الأرض والخميرة الحية ولن نتصور كيف تكون هذه الدول دون المسيحيين .
فعلى كل انسان مهما كان اعتقاده او مذهبه أن يقف مع المسيحيين وان يضم صوته وجهوده لوقف هذه الهجرة  وان يساهم في كل الجهود التي تحقق استقرارهم ليساهموا معهم في بناء الوطن ونشر ثقافة السلام  
نحن نتسائل لماذا هذا الأرهاب  على المسيحيين ؟ وماهي جريمة المسيحيين غيركونهم شعبا مُسالما وامينا ومخلصا لوطنه ؟ ولماذا هذا السكوت بل احيانا التغطية لأخبار الأرهاب الحاصل للمسيحيين وعدم مبالات الدولة بهجرة المسيحيين الذين سُميوا اقلية بينما هم الشعوب الاصيلة في وادي الرافدين؟
والسؤال الأهم لماذا هذا ا لصمت الرهيب من الدول العربية ، ولا نقول من الدول الأسلامية  ، عن الأضطهاد المباشر وغير المباشر لمسيحيي العراق؟
اين هم شيوخ الفتاوى( في كل صغيرة وكبيرة ) يقوموا ولا يقعدوا عندما يصيب باذى اي مسلم في الغرب ولا نقول في بلدانهم لان ذلك لايهمهم بل يعرضهم لقطع رزقهم؟
أين وسائل الأعلام في هذه الدول من معانات المسيحيين وتهجيرهم ؟ ولماذا يطبلون ويزمرون ويعيدون مئات المرات مشاهد التعذيب التي مارسها وتمارسها أمريكا واسرائيل بحق العراقيين او الفلسطينيين؟بينما في العراق وحتى في دول عربية اخرى يتم اضطهاد المسيحيين ويفرض عليهم قوانين جائرة ولكن يتم التستر عليها من قبل حكومات وأنضمة هذه الدول  اوحتى من رجال الدين المسلمين ، والسؤال الأهم لماذا الكنيسة خجولة في قول هذه الحقائق للمنضمات الدولية وخاصة الأمم المتحدة  ؟ وماهو دور رئاسة الكنيسة لتوصيل انين المسيحيين الى قداسة البابا الحالي؟
ماهو دور المسيحيين مستقبلا في ضل دستور يستمد شرعيته من الشريعة الأسلامية ويصبح الدين والدولة وجهان لعملة واحدة؟
كيف اتمتع بحقوق المواطنة وتُطبق علي شريعة انا أصلا لست مؤمنا بها؟
أسئلة كثيرة  لا اجوبة لدينا وهذا ما يقلقنا ويؤدي بنا الى أن نتسائل ونطرح  أسئلة اخرى في غاية الأهمية والخطورة وهي:
ماهو مستقبل المسييحيين في هذه الدول عامة والعراق خاصة في ظل هذه الحقائق الملموسة وهي ليست هواجزكما يريد البعض أن يخفوا رؤوسهم في الرمل كالنعامة عسى أن يمر الصياد ولا يراها؟
وما هو رؤية الكنيسة ورأيها من هذه الحقيقة المُرة وهل لها مشروع اوموقف او اجابة او حتى اقتراح لأطمئنانا ؟
وماذا عن الأحزاب المسيحية ولا نقول (الكلدانية الأشورية السريانية )لأن الامر أخطر من النظرة القصيرة لهذه الكتل الهشة فهو يتجاوزحتى هذه الوحدة(ان وجدت) ليقفز الخطر الى مستقبل كل المسيحيين  ؟
وختاما نضيف الى كافة المقترحات التي جائت في رسالتكم الموسومة باقتراح أرجو ان يتم دراسته بامعان وهو تأسيس قناة فضائية اسوة بمسيحي لبنان ومصر لتكون منبرا مرئيا ومسموعا  تختص بالحياة الروحية وكذلك منبرا أعلاميا .
تغطي كل نشاطات الكنيسة  وتطرح كل هموم المؤمنين في الداخل والخارج  وبهذه الوسيلة الفضائية يمكن أن نختصر الوقت والجهود لأعادة الحيوية والنشاط في كنيستنا وايصال صوتها الى العالم كله ليتحمل الكل مسؤولية ما وصلنا اليه نحن مسيحيي الشرق .
يمكن سيادتكم الرجوع الى المواقع ادناه للمزيد من المعلومات عن هذه المواضيع  وغيرها من المواضيع والأقتراحات ليتم دراستها لبلورة الأفكار التي تساعدنا خدمة للكنيسة وشعبها.
مع خالص تحياتي وتمنياتي لسيادتكم وسلام المسيح معكم .
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,339381. 0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,344381.0.htl
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=346679.
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=348208.0
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=31622
 


49
أضواء على مقالة الأب ألبير أبونا-الجزء الثاني

 

بقلم المهندس نافع شابو البرواري

 

الحاقا بمقالتي الاولى(الجزء الأول) والمنشورة في عنكاوة دوت كوم

واستمراراً في تسليط الضوء على مقالة ابينا الفاضل البيرابونا المنشورة في عنكاوة دوت كوم بتاريخ 14 تموز 2009  بعنوان(  كنيستي تفتقر الى رُعاة ).

لو رجعنا الى رسالة الأب ألبير أبونا وركّزنا وسلطنا الضوء على ماورد فيها من مواضيع خطيرة لأصابنا الحزن واليأس والألم والأحباط لما آلت اليه كنيستنا(رعاة وأساقفة ومؤمنين) ،  بهذهِ المقالة المتواضعة سنُصّلت الضوء ونكشف أمورا غريبة عن تصرفات بعض من هؤلاء الرُعاة والأساقفة والمؤمنين وكما يلي :

أولاً : الرعاة

يتسائل أبونا هل وصل الرعاة الى ما وصل الكاهن واللاوي في مثل السامري الصالح؟ (لوقا: 10) .

ياللأسف البعض من رعاتنا تركوا خرافهم (رعيتهم) فريسة للذئاب الخاطفة وهربوا لأنهم كانوا أُجراء لا يهمُهم ماذا يحل بخرافهم  (يوحنا10: 12-13 )

 انهم يلبسون ثوب الكهنوت ولكن هُم في الحقيقة لايعرفون رمزالكهنوت الذي هو الرب يسوع المسيح الكاهن الأعظم (...الذي قدم نفسه الى الله  بالروح الأزلي قربانا لا عيب فيه (عبرانيين: 8-14 )

وماذا نقول عن الرعاة الذين تركوا شعبهم وهاجروا الى الغرب تاركين شعبهم بلا راعي وهو يتعرّض لخطر الذئاب المفترسة ، ألا ينطبق عليهم قول المسيح (وليس الأجير كالراعي ، لأن الخراف ليست ملكه ، فعندما يرى الذئب قادما يترك الخراف لينجوا بنفسه ، فيخطف الذئب الخراف ويبددها انه يهرب لأنه أجير ولا يبالي بالخراف) (يوحنا12:10 )
فبدل أن يكرّسوا حياتهم للمسيح والمسيحيين ويدافعوا عن رعيتهم ويبذلون أنفسهم  من أجلهم  ويكونون رعاة صالحين ، نراهم يساهمون في معاناة شعبهم نفسيا وروحيا  وبدلاً من تشجيع المؤمنين ومُؤازرتهم في اوقات الشدة ، نراهم يتركون رعيتهم بلا أمل وبلا مستقبل  حيث الكثيرين من المؤمنين وصلوا الى حالة اليأس وتركوا كنيستهم الأصيلة   ، ان البعض من  رعاتنا اصبحوا حجر عثرة للآخرين بتركهم كنيستهم تواجه المخاطر الرهيبة وخانوا  الوكاله والأمانة ، (المؤمنون يستطيعون تمييزهم عن الرعاة الغيورين  الذين لازالوا يدافعون عن رعاياهم ويبذلون حتى حياتهم من أجلهم) ، من خلال أثمارهم ، فهي التي تشهد عليهم حتى لو كانوا خارج العراق ، هؤلاء لا يمكن أن نقبلهم بيننا بل علينا كشف أعمالهم البعيدة كل البعد عن درجتهم الكهنوتية وعلى كنيستنا عزل هؤلاء لانهم أصبحواغريبين عنها ولا يمثلونها ان لم يتوبوا ويعترفوا باخطائهم ليرجعوا ويقوّموا سلوكهم.

وهناك رعاة  للأسف  الشديد دخلوا الى سلك الكهنوت بسبب الضروف الاقتصادية للحصول على المكاسب المادية وليس طواعية لخدمة المؤمنين أو تكريس حياتهم من أجل المسيح وذلك بسبب الضائقة المادية التي سببتها الحروب  والحصار الاقتصادي الذي استمر سنوات طويلة ولعدم وجود فرص العمل فدخلوا في سلك الكهنوت ، فكيف يهتمون بالرعية وهم اصلا  لهم هدف أخر وكيف يهتمون بالنشاطات الراعوية والثقافية والاجتماعية وهم بعيدين كل البعد عن المؤمنين وغير نزيهين وغير مؤمنين أصلا  برسالتهم الروحية ؟  أن خبرتنا مع هؤلاء (الرعاة) خبرة مريرة ولا نريد الخوض فيها لكي لا نصبح حجر عثرة لأخوتنا المؤمنين ولبقية الكهنة الغيورين على كنيستهم وشعبهم وارثهم العريق وقدموا ويقدّموا خدمات جليلة لشعبهم المضطهد عبر عشرات  السنين  لابل منهم من قدم حياته من أجل ترسيخ الأيمان في هذا الوطن ولا زال العيش فيه مشروع استشهاد.                                                         

كلنا يعرف حقيقة ماكان يجري ولا زال مستمرا في بعض الكنائس عندما لايقبل الراعي اقتراحات لجان الخورنة واحيانا يتعامل معهم من منطلق الرئاسة والمرؤوسين ، بدل تطبيق  قول ربنا يسوع المسيح القائل (ليكن كبيركُم خادمكم)

فكيف تبني كنيسة وراعيها يتحمل جميع المسؤوليات حتى لوكان هذا الراعي نزيها ومخلصا؟ لا يمكن لوحده حتى( لو كان نزيها) أن يقوم بكل  الأمور الراعوية دون التعاون مع أعضاء الخورنة و كما يقول المثل(يد وحدها لا تُصفّق) .

ثانيا : الأساقفة
لايمكن أن نُبعِد دور الأساقفة ورئاسة الكنيسة في المساهمة في تهميش دور الرعاة والتعامل معهم كخدم (كما يقول الأب البير ابونا) ، بل زادت الهوة بين الأساقفة وبين هؤلاء الرعاة وأدى هذا التعامل الفوقي الى ترك بعض الرعاة كنيستهم والتحقوا بكنائس اخرى فعمت الفوضى في الكنيسة وأصبح الكل يتصرف على هواه ،

هذا اضافة الى العجز في ادارة شؤون الكنيسة والأستبداد الفكري والتزمت في التقاليد والعادات والمناهج المتخلفة لبعض الأساقفة وعدم مواكبة الكنيسة لنهج الأفكار المنفتحة التي اتى بها مجمع الفاتيكاني الثاني ، حيث للأسف الشديد لا زال البعض من أساقفتنا يعيشون بأفكار القرون الوسطى ولا زالوا متشبثين مثل الفريسيين والكتبة بمضاهر الشريعة ولم يستطيعوا الأنفتاح الى روح شريعة النعمة انهم لايواكبون العصر فاصبحت كنيستنا هرمة عاجزة عن التجديد  لعدم اعطاء المجال للمتنوّرين من اساقفتنا ليكون لهم دور في اصلاح الكنيسة وتجديدها بدماء شابة وغيورة ومنفتحة الى العالم المتعطش لأنجيل ربنا يسوع المسيح. ان هؤلاء الأساقفة لايقبلون بدور المؤمنين العلمانيين وكأن الكنيسة هي فقط  للأكليروس من رجال الدين ، يقول الأب ألبير أبونا انهم (اي هؤلاء الأساقفة) أصبحوا للكنيسة علة العلل وداء بلا دواء ، فقد تولى كل منهم عرش أبرشيته وشيّد له صرحا أوبالأحرى بلاطا ، في حين لم يكن ((لأبن الأنسان ))حجر يسند اليه رأسه ، ان استبداد ودكتاتورية بعض الاساقفة وهم بحكم مراكزهم وتشبثهم بالكراسي أصبحوا مثل الانظمة الدكتاتورية فاصبح اعتمادهم على الشلة التي تطيعهم في كل شئ مما ساهم في تخلف الكنيسة في جميع المجالات ولم تعد تلتحق بركب الكنائس الأخرى في الدول الشقيقة التي انتعشت  بسبب رياح  التغيير الفكري واللاهوتي والتعليم المسيحي .

و لم تستوعب كنيستنا  الى الآن قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أحدث ثورة من الاصلاحات والأنفتاح على العلمانية وخاصة الشباب منهم ليكون لهم دور كبير بل أساسي في الكنيسة بكل نشاطاتها الآعلامية والفكرية والاجتماعية والأنسانية     أما ما أشاراليه الأب ألبير أبونا عن المشاكل الصحية التي يعاني منها غبطة البطريرك رأس كنيستا  فهو مغزى ورمز (لمن يقرأ بين السطور ) وذلك ِلما تعاني منه  كنيستنا ومنذ عشرات السنين من العجز والشيخوخة والمرض مما أدى الى تخلف كنيستنا لمواكبة العصر ، وهذا يتطلب  تجديد واصلاح واعادة النظر في طريقة اختيار رئيسها .

ثالثا : المؤمنون

ان المسؤولية المناطة بالرعاة لايمكن فصلها عن مسؤولية المؤمنين وان ماوصلت اليه  كنيستنا يتحمل قسطا كبيرا منها المؤمنين الذين منهم من يتسترعلى تصرفات الرعاة الغير المسؤولة ومنهم كان مع هؤلاء الرعاة بل شاركوهم في الكثير من الاخطاء بصورة مباشرة او غير مباشرة والكثيرين كانوا ولازالوا يشجعونهم ويقفون بجانبهم ، انهم هؤلاء المنافقين وما اكثرهم وبسبب هذا النفاق وعدم قول الحقيقة أمام هؤلاء الرعاة جعل  الرعاة  يتشجعون في المضي في سلوكهم الخاطي وهذا من أهم الأسباب التي  قادتنا الى ماوصلت اليه كنيستنا اليوم من الأنقسام والجمود والفقر الروحي والخمول والتخلف الفكري والثقافي في كافة الأمور الروحية والحياتية .  وهناك نقطة مهمة يجب أن نشخصها وهي أن الكثيرين من المؤمنين هم مسيحيين بالولادة  والوراثة ويا للأسف لايعرفون ولايعون بمسؤولية حمل أسم المسيح الذي ضحى بنفسه من أجلهم وهم لا يريدون أن يتثقفوا بالفكر المسيحي وذلك بقراءة الكتاب المقدس بل هم الذين عاشوا متكلين على مايسمعونه من الرعاة في مواعض أيام الأحاد والأعياد  فهم مُلقنين ولا يبحثوا عن الحق بينما الرب يسوع يقول لنا( فتشوا الكتب ...هي التي تشهد لي)  وهؤلاء المسيحيين بالأسم  لايعون دورهم كمؤمنين في بناء الكنيسة وتطويرها أو تجديدها .         

نعم وضع الأب ألبير أبونا يده على الجرح وكشف لنا حقيقة طالما تهربنا من الأعتراف بها وكنا غير واعين لها لأننا تعودنا خلال عشرات السنين على حكم الأستبداد وخنق الحريات حتى أصبحنا نخضع للأمر الواقع كما هو حال الشعوب التي تحكمها الأنظمة الديكتاتورية ، ولكن آن الأوان الآن لكي نقول الحقائق كماهي طالما لنا مساحة من الحرية وطالما نعيش في زمن الأعلام المقروء والمرئي والمسموع لنوصل آرائنا الى كل مؤمن من أبناء كنيستنا ليعرف الحقائق كما هي ، الدينية والدنيوية وفتح الأبواب للشباب المؤمنين ليؤدوا دورهم المهم والأساسي لخدمة هذه الكنيسة.

اليوم هناك صراع وانقسام في كنيستنا بين تيارين متناقضين  وهما تيار قديم ومحافظ لا يريد بل لايقبل التجديد فهو يخاف من أن تنفح الشبابيك ويدخل هواء نقيا الى الكنيسة فيصابون بالبرد والزكام ومنهم من يتشبث بالكراسي والمناصب والمراكز الدينية ويعتبرها وراثة ، وله مؤيدين مستفيدين  وأمكانيات مادية نعرف مصادرها جيدا ، وهذه الفئة مستميتة في الدفاع عن ارثها وثقافتها وصرحها التي شيدته عبر عشرات السنين ولهم من يؤيدهم خاصة من خارج العراق من الاساقفة ومن المؤمنين مع الاسف وهؤلاء كانوا بعيدين عن معاناة كنيستهم ولم يهتموا يوما من الأيام بما حل بكنيستهم  من التشويه والأضطهاد والمعاناة بل كانوا ولازالوا يعيشون في وادي وشعبهم في وادي اخر.                                 

وهناك فئة ثانية ، من يريد تصحيح مسارالكنيسة الخاطئ واعادة التقييم لها ونفخ روح الحياة فيها وتشخيص امراضها واعادة صورتها الجميلة التي شوهت وجهها الجميل وهم يتالمون مع كنيستهم وينطبق عليهم قول المسيح(غيرة أبي أكلتني) .

وعلينا كلنا أن نقف مع هؤلاء الغيورين ونتكاتف جميعنا لوضع برنامج عمل وخطة مستقبلية لأصلاح وتجديد وتطوير كنيستنا لنعيد اليها دورها الريادي في التبشير ونشر كلمة الحياة الى كل نفس عطشى لماء الحياة وجائعة للخبز الحي .

 نعم كنيستنا كما أشار الى ذلك أبونا  تمتلك ارثا عريقا وأصيلا ولكن ما فائدة هذا الأرث اذا كان من يحمل مسؤوليته من لا يُقدّر قيمة هذا الأرث ولا يبذل جهدا لأعادة اكتشاف هذا الكنز والاستعانة بالمختصين والدارسين  وفتح مكتبات ووضع الكتب والمخطوطات تحت يد الدارسين كما تفعل بعض الكنائس في لبنان ومصر مثلاً ، ولكن قبل كل شئ  علينا كلنا أن نعترف باخطائنا وان نتوحد ونقوم باعادة تصحيح سلوكنا وان نغفر للذين اساءوا لكنيستنا على أن يعودوا الى البيت الواحد لنناقش وبحوار مفتوح كل الأمور التي تخدم كنيستنا لترجع هذه الكنيسة الى عصرها الذهبي لتكون شعاعا لهذا الشرق الذي منه انبثقت المسيحية الى العالم كُلهِ ، نطلب من مُخلّصنا أن يُنير عقولنا لما هو الخير والسلام وشكراً .

50
المنبر الحر / لنبني الأنسان أولا
« في: 23:30 27/09/2009  »
لنبني الأنسان أولاً
 
     في مقالة لأخ عزيزعلى قلبي كان قد كتبها قبل أيام عن موضوع غاية في الأهمية وهو : كيف نستطيع أن نُساعد (المجلس القومي الكلداني الآشوري السرياني) ليقوم بدوره الكبير في بناء مستقبل شعبنا (راجع الموقع أدناه) :
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=349934.0
شجعتني مقالة صديقي أن أكتب اقتراحاتي وخبراتي المتواضعة في هذا المجال      عسى أن أكون بذلك قد قدمت ولو خدمة بسيطة لتضاف الى جهود الخيرين من أبناء وطني ، أكتب هذه المقالة لأضيف الى ما قدّمه صديقي وغيره من الخيرين من الأقتراحات القيّمة والموضوعية والعلمية ، عسى أن تدرس بجدّية من قبل المجلس الموقر وأني على استعداد دائم لتقديم كل مايخدُم وطني من الخبرات الهندسية والأنسانية في هذا الشأن وغايتي هي ان أستطيع مساعدة كل مخلص وامين لبناء الأنسان الجديد في وطننا الجريح .
لنبني الأنسان أولاً :
ان التاريخ وخبرات الماضي والحاضر وتجارب الشعوب والدول تعطينا دروسا وعبر وحقائق في ارض الواقع لايمكن أن نتجنبها بسهولة ودون أن نتعلم منها دروسا وعبر من خبرات الذين عاشوها وتجارب مرّوا بها ومحن تجاوزوها وحروب إكتووا بنيرانها وخراب  في البنى التحتية (المادية والمعنوية)التي احدثتها ويلاتْ هذه الحروب ، ان الكثيرمن الدول والبلدان اكتوت بهذه الحروب وعاشت المآسي عندما فاقت ، فاذا بها ترى نفسها على أطلال الخراب والدمار حيث كل شئ مُدمّر وأصبح في خبر كان ، ولكن التاريخ يخبرنا بأن القليل من الأنظمة و الشعوب والمجتمعات أستفادوا وتعلموا واستوعبوا من هذه الماسي والمصائب دروسا وعبر لأعادة البناء من جديد (لأن ابطال الحروب ليسوا على الأغلب أبطالا في الحياة ) ، ليس فقط البناء المادي بل بناء الأنسان نفسه لأن الغاية والهدف الأخير هو الأنسان أما البناء المادي ليس الا وسيلة لخدمة هذا الأنسان ، وان التاريخ يشهد ان كافة الجهود المادية باءت بالفشل  لأنها لم تبني الأنسان من الداخل قبل ان ينطلقوا لأعادة ماخرّبته تلك الحروب من الخارج ، فالذين يحاربون تعلموا هذه المهنة ولايعرفون غيرها والقليلون يستطيعون التخلص من ماضيهم  ويعودون الى الحياة الطبيعية واحسن مثال لنا هو شعبنا في العراق فلا زال لا يستطيع التخلص من ماضي الحروب والمآسي وكأن الموت أصبح صديقاً والحروب حياةً والجهل والفقر والتخلف قدراً وللبعض أصبح الشر خيراً والخير شرا وشمل هذا الفكر أجيال الذين عاشوا في ظروف الحروب المستمرة منذ عشرات السنين ولا زالت آثارها باقية وسوف تستمر ان لم نُعيد تأهيل هذا الأنسان ليعيش الحياة الطبيعية وزرع افكار المحبة والسلام والعيش المشترك في عقول الأجيال في المستقبل وزرع مفاهيم السلام والعدالة والحق والجمال والمواطنة  والحقوق والواجبات في عقولهم ومفاهيمهم لغد مشرق ومستقبل افضل وحياة كريمة بالعيش المشترك مع كل الأختلافات والتنوعات ليكون العراق حديقة فيها كل الزهور والورود المتنوعة الألوان وهذا لن يتم كما قلنا الا بتسليم قيادة هذاالشعب الى الناس المسالمين الأمناء والمخلصين لأعادة كل مادمرته الحروب وخاصة البنى التحية للأنسان متوازيا مع بناء البنى التحتية المادية التي دمرتها تلك الحروب
 (وأعني بالبناء المادي كل المجالات التي تساعد الأنسان في رفاهيته من بناء المدن والمستشفيات  والمشاريع الخدمية والمصانع والمعامل و.......الخ).
انه لخلل كبير في المجتمعات التي تتكل على التطور العلمي والتكنولوجي والمادي لبناء أوطانها دون ان تعتمد على بناء الأنسان من خلال فسح المجال لكل انسان ليبدع ويبتكر ويفكر حُراً وأن يتوفر له مجالا من الحرية والديمقراطية والرأي الحر لينطلق في المساهمة في بناء وطنهِ (دون أن نستهين بخبرات الدول المتقدمة في هذا الشأن للأستفادة من خبراتهم في بناء الأنسان وبناء الوطن) .
ونحن اذ نقول  هذا نستند الى الأمم المتحدة وغيرها من المنظما ت الأنسانية والتي تؤكد لنا أن الكثير من الدول النامية وقعت في الفخ الذي ذكرناه اعلاه واهتمّت بالبنى التحتية المادية دون الأهتمام بكرامة الأنسان وفشلت وأصبحت هذه الدول استهلاكية تستورد كل شئ (تقريبا ) من الخارج وتقلد كل ما هو من نتاج الأخرين واصبحت هذه الدول دولا متخلفة نتيجة عدم اهتمامها بالأنسان بل احيانا اصبح الأنسان فيها سلعة يُباع ويشترى على حساب كرامتهِ الأنسانية ، واصبح الأنسان في هذه الدول مُكبلاً بقيود العبودية والتخلف والجهل والفقر المادي والروحي واصبحت شعوب هذه الدول مُهمّشة ومقموعة ومسحوقة وخير مثال لنا هو بلدنا العراق حيث في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي شهد العراق طفرة هائلة في الاقتصاد وبناء المشاريع الضخمة وصُرفت مبالغ هائلة لهذه المشاريع  لأن النظام السياسي حينها كان يركز على البنى التحتية المادية دون أن يأخذ بنظر الأعتبار  بناء الأنسان الذي كان يجب أن يكون هو الغاية ، فقد صرفت ملايين الدنانير في مشاريع نائية وفي قرى وأرياف وسُلمت الأموال بأيدي غير نزيهه وكانت هذه المشاريع تنفّذ دون دراسة الجدوى الأقتصادية لها والأهم من كل ذلك ان الناس لم يستوعبوا هذه الطفرة الأقتصادية لأنهم لم يكونوا مُتهيئين لقبولها واستيعابها وكانت الغالبية من الشعب تعيش في الفقر والمرض وزجّهم في حروب لم نستطع الى يومنا هذا ان نَمسح اثارها واتذكر ما بعد الحرب الايرانية العراقية كيف أن النظام بدل أن يمحي اثار الحرب كان بالعكس يُغذي ذاكرتنا بتلك الحرب القذرة حيث كان هناك برنامج اسمه ((لكي لا ننسى ))حيث كانت القناة التلفزيونية تبث صور من المعركة لتعيد الى ذاكرتنا تلك المشاهد البشعة للحرب حيث مناظر لأشلاء الجثث البشرية المتناثرة.
بل الأخطر من ذلك كان النظام يوزع الهدايا للأطفال وهي عبارة عن لعب لبنادق ودبابات وطائرات حربية.
انها لمأسات ان يزرع الأنسان الحقد والكراهية في عقول الأطفال الأبرياء وها نحن نجني ثمارها اليوم بعد هذه السنين الطويلة !!!
هناك مثل حكيم  في الكتاب المقدس قاله الرب يسوع المسيح علينا الرجوع اليه لنبني على ضوئه خطتنا في المستقبل لبناء الأنسان علينا أن نرجع الى مثل الأنسان العاقل الذي بنى بيته على اساس صخري وبين الأنسان الغبي الذي بنى بيته على الرمل(متى  24.7) (وما أكثر الدروس والعبر التي يمكن أن نطبقها في حياتنا العملية وذلك بالرجوع الى كلام الرب الذي على ضوئه نستطيع ان نبني الأنسان  الذي بذل الرب نفسه من أجل خلاصه ، ونعرف قيمة هذا الأنسان الذي هوصورة الله على هذه الأرض(  وان الله  جعل السبت للأنسان ، وماجعل الأنسان للسبت)(مرقس 27.2     ) . يخبرنا سفر التثنية أن بني اسرائيل فشلوا بعد وفاة يشوع بن نون ان يختاروا قادة روحيين لقيادة الأسباط الأثنى عشر، ولأنهم فشلوا في اختيار قضاة حكماء ومدربين أتقياء اصيبت مجتمعاتهم بالتمرد والظلم (تثنية 18.16 ) .
 المسيح جاء ليعطينا الحياة الأفضل وليعطينا الفرح والسعادة والسلام مع الذات وسلام مع اخوتنا ولكن قوات الشر تحاول دائما أن تسلب  الفرح والسلام من الناس وتجعلهم يعيشون في الرعب وعبودية الخوف والحقد والكراهية ونحن اذ نتكلم عن انساننا الجديد في وطننا الحبيب لا بد أن نختم مقالتنا ببعض الأفكار التي من الممكن أن تساعنا في بناء هذا الأنسان لكي نستطيع بناء مجتمعاً صحيا فكريا ونفسيا وروحيا.
*وضع مناهج تربوية جديدة لجميع المراحل الدراسية تتضمن مواضيع ترتكزعلى زرع بذور المحبة والسلام والأحترام لكرامة الأنسان مهما كان لونه وجنسه ومعتقده وانتماءه.
*ازالة كل الترسبات وآثار ما خلفته الحروب والسياسات السابقة من الأحقاد والضغائن والآلام النفسية من ذاكرة الناس وخاصة الأطفال ومحاسبة كل انسان يحاول ان يشعل تلك الأفكار الهدامة في عقول الناس.
*التركيز على الأنسان اولاً واخراً بينما الوسائل هي لخدمة هذا الأنسان فيتم وضع خطط لبناء المشاريع الخدمية قبل التفكير ببناء أي مشروع فلا يمكن ان ينجح أي مشروع يكون الأنسان هو الوسيلة وليس الغاية كما قلنا سابقا.
*انشاء مدارس ومعاهد ومؤسات مختصة لتاهيل الأجيال مستقبلا للخدمات الأنسانية والأجتماعية والنفسية والروحية مع التركيز على رعاية الأطفال وسلامتهم الصحية
وزرع فيهم محبة الطبيعة والجمال والفنون والرياضة وصقل أفكارهم الخلاقة وتطوير مواهبهم العلمية والأبداعية.
المهندس
نافع البرواري

51
بقلم المهندس نافع شابو البرواري
جوابا على مقالتكم الرائعة المنشورة على المنبر الحر في 10سبتمبر
وبعنوان

الكنيسة الكلدانية مدعوة  لتكون  قوّة تغيير ايجابي


أبينا الحبيب وأستاذنا القديرسيادة المطران لويس ساكوا جزيل المحبة والأحترام.
,نطلب من الله أن يحفظكم من كل مكروه لتكونوا صوتا صارخا ينقل معانات كنيستنا الى جميع المحافل الدولية والدينية وتوصيل صوت أنينها الى كل من له ضمير حي لأنقاذ هذه الكنيسة العريقة والأصيلة بعد معانات وأضطهاداد طالت جميع أعضائها دون إستثناء وخاصة في هذا الزمن الذي فيه شهدنا عدة حروب ومأسي الحصار وهجرة مئات الألاف من المسيحيين الى المجهول وتشرد عشرات الألاف وإستشهاد الكثيرين منهم هذا عدى المفقودين الذين لازال مصيرهم مجهول .ونحن إذ نستعرض هذه المقدمة لتكون نقطة إنطلاقنا للحوار الحرالهادئ والبناء لتشخيص حجم الكارثة الأنسانية الذي أصاب شعبنا العراقي عامة والمسيحيين خاصة لأن الاقليات وخاصة المسيحيين كما يعلم سيادكم هم دائما أكثر الشعوب التي يصيبها الضرر في حالات الحروب والمحن والأسباب كثيرة ولن ندخل فيها لأن هذا ليس موضعنا لكن التاريخ خير شاهد على ذلك حيث المسيحيين يزجون في حروب لا ناقة لهم ولا جمل وحيث نزيف الهجرة مستمر منذ مئات السنين ولازال كذلك الى يومنا هذا بل نحن شهود على أخر موجة كبيرة لهذه الهجرات.
أتذكر (ولا أعرف هل يتذكر سيادكم )ففي سنة 1999
التقينا سوية مع مجموعة من المؤمنين في قاعة كنيسة الرسولين في الدورة عندما كنتم رئيس دير شمعون الصفا وأستاذ في كلية اللاهوت والفلسفةوكاهن كنيسة الرسولين ,حيث تم  مناقشة هذ الأمر مع سيادكم حول رؤية مستقبل المسيحيين في العراق على ضوء قراءتنا للأحداث حين ذاك  وتوصلنا الى حقيقة مفادها أن هذا المستقبل يشوبه الغموض والضبابية وان كل المؤشرات كانت تؤكد على حقيقة مفادهاأن بداية القرن الواحد والعشرون ستشهد أحداثا خطيرة .
وها هو اليوم ونحن بعد 10 سنين حيث لازال غبار الزلزال الذي ضربنا  جاثما على صدورنا ولا زلنا نعاني من هول الصدمة والذهول والدمارالذي لحق بنا ولم نستيقض بعد حتى نعرف مدى الخسائر التي أصابتنا حيث خسرنا أبنائنا واحبائنا وأرضنا, وممتلكاتنا وبيوتنا وأعمالنا وحتى هويتنا حيث فقدناها في وسط أطلال الخراب الذي حل بوطننا وبعضهم تزحزح ايمانهم لانه كان ضعيفا ولم يتحملوا هذه المعانات فوقعوا في التجربة.,
نعم أبي وأستاذي العزيز في نفس يوم اللقاء مع سيادكم أتذكر سؤال وجهته لسيادكم ولم تقبلوا أن تعلقوا على سؤالي لأنه كان محرجا لسيادكم .فقد كان سؤالي كيف لايهاجر المسيحيين من وطنهم وكل الضروف التي يمرون بها هي أكبر من ان يتحملوها وخاصة عندما يرون الكثيرين من رعاة كنائسهم يعيشون في وادي وهم يعيشون  في وادي أخر ؟
.نحن نعرف مدى غيرتك ومحبتك لكنيستك في العراق ونعرف حرصك الشديد على وحدتها وجهودك في المحاولات لتجديدها وتطويرها لكي تلتحق ببقية الكنائس الأخرى مثل لبنان  ومصر,حيث كنيستنا الحالية أصبحت هرمة وعاجزة وتعيش بأفكار القرون الوسطى وهية بحاجة الى معجزة للقيامة ,وهناك أسباب كثيرة لايمكن أن ننسبها لجهة معينة  أدت الى ماوصلت اليه كنيستنا الأن. ولكي نكون منصفين لانستطيع أن نضع اللوم كل اللوم على رعاتنا ورؤساء كنيستنا. ونحن المؤمنون أيضا نتحمل الجزء الكبير من المسؤولية لأننا نحن ايضا ساهمنا في تخلف هذه الكنيسة بسكوتنا عن مواجهة أخطاء هؤلاء الرعات والسكوت عنها بل أحيانا كنا شركاء معهم في سلوكهم المخالف للمبادئ المسيحية والبعض منا يقبلون أياديهم وبعد أن يولون ضهورهم كانوا ينعتوهم بشتى انواع النعوت .هذا النفاق والازدواجية الموروثة هي مشكلة المشاكل ومصيبة المصائب التي لا نزال نعاني منها في تعاملاتنا اليومية ولن نتحررمنها الأ بتغيير حقيقي وثورة على الذات.
أنا اعرف صراحتكم وثبات مبادئكم بالرغم من الضغوطات والمحاولات الكثيرة لأثناءكم في التنازل عنها .وكان صوتكم في المنابر والمحافل الدولية والدينية خير من
كان يمثل معانات المسيحيين في العراق وكنا نتابع أغلب نشاطاتكم في هذا المجال وكنتم  صوت صارخ لايقاض ضمير العالم لما يعانيه المسيحيين في العراق واناشاهد على ذلك, فعند أحد زياراتكم لألمانيا عندما اتصلت بسيادكم ان تتشرفوا لزيارتنا فاعتذرتم بسبب كثافة العمل المناط بكم لتوصيل انين المسيحيين الى المسؤولين في كنيسة المانيا ومسؤولي الدولة. وفي نفس السنة وللمفارقة العجيبة أن يحضر احد   الأساقفة من كنائسنا دعوة غداء في السويد  وهوكان في أيطالية فطار من ايطالية الى السويد ليوم واحد ورجع في اليوم التالي علما أن هذا كان في زمن الحصار على شعبنا .
نحن كنا متلهفين لسماع رأيكم في ما الت اليه كنيستنا اليوم  وهاانتم تبوحون عن همومكم واسفكم لما وصلت اليه حالة الكنيسة من التمزق والتشرذم والفوضى العارمة والفقر  الروحي وتبادل التهم والفعل ورد الفعل وما نسمعه من تراشق الأتهامات بين المؤمنين والكل تتهرب من المسؤولية التي الت اليها كنيستنا المجروحة

فكما قلتم وشخصتم الوضع القائم  بقولكم
*(منهم من ينتقد كل شئ  من أجل الأنتقاد ليس الا وهؤلاء لايخدمون ولايبنون  الكنيسة بل يزيدون في انقسامها ومعاناتها وعلينا كلنا نحن المؤمنون  ان نعزلهم وأن لانسمح لهم في هدم الجهود المخلصة البناء..يقول بولس الرسول عن هؤلاء ناصحا تلميذه تيموثاوس قائلا
(....وأبتعد عن المماحكات الغبية الحمقاء,لأنها تثير المشاجرات ,كما تعرف.)(2تيموثاوس23.2
نحن علينا أن نرفض الأساليب الخفية المخجلة لهؤلاء الاشخاص .
وفي الرسالة الى مؤمني كورنثوس يقول الرسول بولس عن هؤلاء أيضا (وأنا أخاف ,اذا جئت اليكم ....أخاف أن يكون بينكم خلاف وحسد وغضب ونزاع وذم ونميمة وكبرياء وبلبلة)2كورنتوس 20.12
ان هؤلاؤ كمايقول الرسول بولس(..أعمتهم الكبرياء والمماحكات  التي يصدر عنها الحسد والشقاق والشتائم والظنون والمنازعات بين قوم فسدت عقولهم وأضاعوا الحق....)(1تيمو4.6
* ومنهم يدافع عن كنيسته كما هي( لأن كنيستنا هي أمنا فمهما حصل لها فهي تبقى أمنا  نحبها كما هي) .ولكن اسمح لي سيادة المطران أن أقول رأي الشخصي عن هؤلاء المؤمنون الطيبون  الغيورين على كنيستهم ان ذلك لايكفي بل عليهم رسالة وواجب ان يحموا كنيستهم من جميع الأمراض وان يحافضوا على صحة ومستقبل كنيستهم لتنتعش وتجدد شبابها كالنسر
فهل تكفي الصلاة لكي يسمع الله استغاثة الكنيسة اذا لم يتحرك المؤمنونون الغيورون على كنيستهم ونكران الذات وتوصيل صوت معانات الكنيسة الى العالم كله
اليست رسالة المسيحي هي تخفيف معانات الناس ومساعدتهم وتشجيعهم لكي يجتازوا
المحن وذلك بكل الوسائل الشرعية الممكنة؟
ألم يقل المسيح أن الايمان دون الأعمال لاقيمة لهذا الأيمان فيقول لهؤلاء الذين لايقترنون الأيمان بالأفعال قائلا لهم.(أبتعدوا عني ياملاعين ,الى النار الأبدية .....لأني جعت فما أطعمتموني وعطشت فما سقيتموني وكنت غريبا فما اويتموني ,وعريانا فماكسوتموني ومريضا وسجينا فما زرتموني )(متى42.25
 يحزننا  أن نسمع أقوال بعض أساقفتنا بقولهم نحن ليس أمامنا الا الصلات ليرفع الله معانات رعيتهم وهم ينتضرون الفرج  دون أن يتحركوا ساكنين .
نعم صلات المؤمنين هي أقوى سلاح يدافع به ضد قوات الشر وهي أمضى من كل سلاح ولكن هذه الصلات تحتاج الى خطوات عملية يقوم بها المؤمنون


* وهناك  رعاة و مؤمنين يرون أن كنيستهم تمر بازمةحادة وعليهم واجب عظيم ان يواجهوا هذه الأزمة بمسؤوولية وأن يشخصوا حالة كنيستهم وما هي الأسباب التي ادت بها الى ما الت اليه اليوم ليتم معالجتها وشفائها لتسترد كنيستهم عافيتها لا بل جمالها لتكون عروسة لائقة ليسوع المسيح مؤسسها وبانيها       
وهؤلاء أمثالكم وأمثال الكثيرين من الرعاة والمؤمنين لايستكينون للقدر ولا يقبلون بالاقوال دون الأفعال فجاهدوا ويجاهدون روحيا وجسديا من أجل التخفيف عن جراحات ومعانات كنيستهم واقترنوا أقوالهم بأفعالهم كما كان الرب يسوع يفعل اذ كان يجول ويصول ليفعل الخير ويشفي المرضى ويتالم مع المتألمين ويحزن مع الحزانى
وهو القائل ( تعالوا الي ياجميع المتعبين وأنا أريحكم)
الكنيسة الحقيقية هي أن يحمل أعضائها الصفات التي ذكرها بولس الرسول وهي.
فرح تشجيع ,اتفاق في الرأي ,  تكامل أعضائها ,والعيش بسلام (2كو11.13
فعندما لاتتوافر هذه الصفات ,فلا بد من وجود مشاكل في الكنيسة تحتاج الى علاج .ولكن هذه الصفات لاتتوفر بالقفز فوق الصعاب والمشاكل والصراعات ,ولا تاتي بالأهمال  أو الانكار أو الأنسحاب أو العيش في المرارة بل هي بعض نتائج العمل الشاق والمضني في حل  هذه المشاكل ونقد الذات نقدا بناء  , ولكن يا لللأسف نحن في الشرق نعتبر أي نقد( حتى لو كان هذا النقد من أجل البناء)هو اتهام  وهذا ما أوقعنا في اشكاليات كثيرة ومطبات يجب أن نتلافاها مستقبلا.ا
وكما كان يجب على الرسول بولس والكورنثيين أن يعالجوا الصعاب لتحقيق السلام ,هكذا علينا نحن اليوم أن نقوم بنفس الدور ,فالمحبة تستلزم أحيانا أن نواجه من نهتم بهم ونبني جسورا بين الرعاة والرعية فهذا هو الأسلوب الأفضل وهو مانفتقده في كنيستنا مع الأسف فالكنيسة التي لاتنزل الى الشعب فهي ستعيش العزلة والغربة .
نحن نقدر دور الكنيسة ((الأيجابي)) في ألأمور السياسية والفكرية والأجتماعية والأنسانية,لأن المسيحية((الكنيسة)) ليست ديانة  بل هي علاقة ثلا ثية بين الأنسان وخالقه وبين الأنسان وأخيه الأنسان  وغايتها هي اعطاء الأنسان قيمته ((الشخصية))
والتركيز على كرامته الأنسانية,ولا نستطيع أن نغيب دور الكنيسة في كونها مصدر الشرائع والأنظمة التي تعيشها الدول المتقدمة في جميع الميادين الأنسانية,ولكن  ليكون هذا الدور فاعلا وأيجابيا ومجددا وبناء  على الكنيسه أن تواكب العصر وتتجدد وتتطور وتنموا فكريا ولاهوتيا مع مايشهده العالم في كل مجالات الحياه اليومية.
وسيادكم قلتم( نحن اصبحنا نعيش في قرية واحدة صغيرة )
السؤال المطروح أين كنيستنا من كل هذا الذي ذكرناه؟وهل كنيستنا(( بوضعها الحالي )) قادرة ومؤهلة للمشاركة البناء والايجابي  لنهضة وقيامة وتجدد الفكر اللاهوتي والأنساني  أم هي تعيش في عقلية القرون الوسطى؟
علينا أن نجيب على هذا السؤال ونتحاور في هذا الموضوع ليكون الحوار مفتوحا وشفافا وبناءا وصريحا  أساسه المحبة والغيرة على هذه الكنيسة.

نختم هذا الجزء من الحوار المفتوح  وسوف نتكلم في الجزئ الثاني من رسالتنا المفتوحة للحوار الهادئ والحر لنناقش فيها ماقدمه سيادتكم من اقتراحات عميقة وبنائة ومشجعة وجريئة وجديدة نابعة من قلب محب وله خبرات حياتية غنية ومكثفة ,لتكون الأطار العام(خارطة الطريق كماذكرتم)  لمناقشة جميع  الآراء والمقترحات المقدمة   من الأساقفة والمؤمنين وكل غيور على كنيستهم العريقة والأصيلة والتي كانت يوما تشع الى العالم أجمع لنعيد اليها أصالتها ومكانتها ودورها الرائد وسنناقش اقتراح سيادكم عقد مؤتمر كنسي لمناقشة جميع مشاكل وهموم كنيستنا والأقتراحات البنائة لتجديد وقيامة وتغيير مسارها نحو مستقبل مشرق انشاء الله                                                                                                                               
مع حبي وتحياتي وأحتراماتي لسيادكم

52
أضواء على رسالة الأب الفاضل ألبير أبونا

  الجزء الأول(مقدمة الرسالة)                        

المهندس نافع شابو البرواري
                                          
وأ نا اقرأ رسالة الأب والعالم الكبير ألبير أبونا المنشورة في عنكاوا دوت كوم بتاريخ 14 تموز والتي  أرسلها لي أحد  أصدقائي الأعزاء على قلبي  قبل أيام قليلة من تاريخ هذه المقالة ، أعادت هذه  الرسالة الى اذهاني ذكريات حلوة ومُرة ايام كُنا في اواخر التسعينات أعضاء في خورنة كنيسة  مار يعقوب النصيبيني في الدورة . ذكريات حلوة لأننا كنا خلية نشيطة في العمل على اعادة الحيوية لهذه الكنيسة  في جميع نشاطات الخورنة من التعليم المسيحي واستدعاء الكثيرين من الأباء والاساتذة لألقاء محاضرات قيمة  ونشاطات اخرى كالتعليم الآرامي الكلداني وترميم الكنيسة وبناء مكتبة للقراء وغير ذلك من النشاطات الراعوية التي قام بها الغيورين من أعضاء الخورنة بمساعدة المؤمنين وراعي الكنيسة فاصبحت كنيستنا نموذجا للكنائس الاخرى بعد أن كانت متروكة ومُهملة بل لم يكن لها راعي ثابت ودائمي ، أما الذكريات المرة فهي كانت كثيرة ومؤلمة ومحبطة لاسباب لا أريد التكلم عنها ويعرفها أخوتي أعضاء الخورنة ومنهم من يكتب مقالات في المنابر المسيحية ومنها عنكاوا دوت كوم وهم يعرفون ما أقصده وهم حملوا معي نفس الشجون والهموم ومرارة الألم الذي ادى بالبعض الى الخروج من عضوية الخورنة ، ولا أعرف ما حل بالبقية بعد أن قررت أنا وعائلتي الهجرة بسبب الضروف التي مرّت بنا جميعاً ، نعم تركت كنيستي لكن   قلبي وروحي معها ومع الوطن وكل الاحباء .
أعود  الى مقالة الأب الفاضل والعالم الجليل ألبير أبونا لألقي الضوء على ماورد فيها من المواضيع المهمة والتي طرحها وكأنها كانت حملا ثقيلا لم يستطع أن يتحمل ثقلها الكبير والمسؤولية الهائلة التي يجب أن لا يتحملها شخصا واحدا مهما كانت غيرته على كنيستهِ التي اصابها هذا الوهن نتيجة المرض المزمن الذي اصابها عبر أجيال كثيرة .
 وغايتي من هذه المقالة والمقالات التالية هي تسليط الضوء على المواضيع المهمة التي طرحها أبونا كما وردت في رسالته وهي كما يلي :
1- المقدمة(أسئلة مطروحة) .
2-  أين هم الرعاة ؟
3- كيف هي كنيستي اليوم ؟
4- وماذا نقول عن أساقفتنا اليوم ؟
5- المقترحات .
هذه المواضيع المهمة ، علينا دراستها بتأني وبحذر شديد لأنها مواضيع غاية في الخطورة والأهمية لأنها تسلط الضوء على ما وصلت اليه كنيستنا (رعاة ومؤمنين) من الحالة التي يُرثى لها كما وصفها أبونا ، ونحن لن نضيف الى ماقاله أبونا من وصف أخر لها لكي لا نكون حجر عثرة للبعض الذين أيمانهم غير مكتمل فنترك كل مايخدش وجه كنيستا ونطلب من الرب يسوع المسيح أن يسامح ويغفر لكل الذين شوّهوا هذا الوجه الجميل بتصرفاتهم وأعمالهم البعيدة كل البعد عن
                                                            
المبادئ المسيحية ورسالة المسيح التي يقول لنا (ماذا ينفع الأنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه) ، في ألمقدمة(أسئلة مطروحة) ، كان الصوت الذي أطلقهُ أبونا صرخة أخرى مدوية في صحراء كنيستنا بمناسبة السنة التي خصصتها الكنيسة للكهنوت وهية صرخة استغاثة لأيقاض كل ضمير حي لما تعانيه كنيستنا اليوم ، هي صرخة تنبع من قلب نابض بالمحبة لكنيستهِ التي تأنْ من شتى أنواع الجروح والأضهادات والاهمال والتخلف في الكثير من الأمور الروحية والجسدية .
انه يناشدنا نحن المؤمنين ويناشد الخيرين من رعاتنا وأساقفتنا .
انها صرخة من انسان يشعر أن كنيسته تعيش في حالة تصحر(فقر روحي)وهو إذ يرى هذه الحالة في كنيستنا  فهو يأنُ من حمل المسؤولية الملقاة عليه وهو يرى كنيسته تعاني من كل هذه الامراض ولا يستطيع  لوحده أن يقوم بعلاج هذا المرض وأصلاح ما تم تشويههُ من وجهها الجميل الآ أن يطلق هذه الصرخة المدوية عسى أن يوقض ضمائرنا ويوقض فينا النخوة ويوقض سبات الموت الذي نحن فيه اليوم للأسف وهو بهذه الصرخة (االمُرّة) يريد منا التعزية والتشجيع واضهار تضامننا معه وأ ن نقول له نعم نحن معك ياأبونا ، ولن نصمت بعد اليوم ، انها صرخة كاهن نذر نفسه لخدمة كنيسته ، أي نحن المؤمنين فهل نخيب ضنه وننكر محبته لكنيسته كما فعل الشعب الأسرائيلي مع أنبيائهم ؟ وهل نقبل أن يبكي علينا كهنتنا لأننا لم نعرف حجم المصيبة التي نحن فيها ؟
لنرجع الى الكتاب المقدس ونقرأ مشاعر ودموع ارميا النبي وهو يبكي شعبه المتمرد على الله فيقول :(ليت رأسي ملؤه ماء
 وعيني ينبوع ماء أبكي نهارا وليلا على قتلى أبناء شعبي.)(ارميا 23.8)
علينا أن نرجع الى الكتاب المقدس لنتعلم دروسا وعبر عن الحالات التي مر بها شعب الله في العهد القديم والرسل والمؤمنين في العهد الجديد ، فعلى ضوء كلمة الله نستطيع أن نهتدي الى طريق الحق والحياة ، يقول بولس الرسول (فاذ كنا في شدة فلأجل عزائكم وخلاصكم ، واذ تعزينا فلأجل عزائكم الذي يمنحنا القدرةعلى احتمال تلك الألام التي نحتملها نحن )(2كورنثوس 6.1)
نعم المشاكل يجب أن تدفعنا الى الله وأن يشجّع بعضنا البعض فلنوّحد جميعنا أصواتنا ولنصرخ مع أبونا صرخة استغاثة لنوصل صوتنا الى العالم كله ونقول للذين يسلكون الطريق الخطأ  ارجعوا وتوبوا قبل فوات الاوان لنكون قلبا واحدا وروحا واحدة نصرخ ضد الظلم والأستبداد ، ضد القهر والعبودية ، ضد كل من يسئ الى كرامة الأنسان ، لن نقبل منذ الأن من اية جهة تحاول تفرقتنا لأننا كلنا أعضاء في جسد المسيح واخوة في الأيمان ولن نتسامح منذ الأن مع تجار الهيكل كما فعل الرب يسوع المسيح ، لن نقبل الاّ بتحقيق العدالة والحق والمساوات ، لن نقبل من يحاول كسر ارادتنا في الوحدة المسيحية لن نقبل من أيّة جهة تحاول محو وازالة حضارتنا وتراثنا وايماننا في العيش المشترك في وطن يجمعنا ، أن تاريخنا يشهد لنا وشهداءنا لازالت دماءِهم لم تنشف .
لن نقبل الخنوع والعبودية وسنحاول كسر حاجز الخوف لأن المسيح حررنا من الخوف والعبودية لأن المحبة تطرد الخوف .
لن نقبل الأستسلام للأمر الواقع بل سوف ننتفض على هذا الواقع مهما كان الثمن غاليا ومهما كانت التضحيات .
لن نقبل من أية قوة تحاول محو وازالة حضارتنا ومسح ذاكرتنا وطمس معالمنا وتحطيم امالنا .        
لن نسمح بعد الأن أن تنهب أوطاننا وأرضنا وتنتهك مقدساتنا وتنهب بيوتنا .
لن نقبل من أية قوة تحاول زعزعة ايماننا وسوف نرفض كل من يحاول تفرقتنا ويحاول كسر ارادتنا واحباط طموحاتنا في تحقيق وحدتنا المسيحية فنحن كلنا (سورايي)تجمعنا كنيسة واحدة ووطن واحد وتاريخ واحد ودم واحد وقومية واحدة مهما اختلفت التسميات .
لن نقبل من الذي يبتزنا أو يرشينا بثلاثين من الفضة لنخون ضميرنا ونتنازل عن مبادئنا وأمانتنا.
لن نقبل منذ الأن من يُهمشنا نحن المؤمنين من الكنيسة من الذين يعتبرون أنفسهم رعاة من دون رعية فهم مرفوضين من الكنيسة لأن الكنيسة ليست بعد الأن مُلكا لأحد بل هي ملك ربنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه من أجلها .
لن نقبل بيننا منذ الأن من يسعى الى العنصرية القومية أو الطائفية أو المذهبية أو الحزبية والمحسوبية لأن هؤلاء يسيؤون الى وحدتنا واهدافنا ويهدمون كل جهود الخيريين والمخلصين والشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل هذه المبادئ .
لا لن نقبل كل من يخون قضيتنا العادلة وحقنا المشروع في العيش الكريم ولن نقبل من أية قوة تحاول سحق كرامتنا الأنسانية .
لا لن نقبل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه شعبنا العراقي عامة والمسيحيين خاصة حيث الأضطهاد والقتل والتهجير والتشرد والأرهاب الذي يلاحقهم اينما ذهبوا بل على كل من له ضمير حي أن يؤدي دوره  وكل من موقعه لأيقاف هذا النزيف الذي استمر عشرات السنين .
لن نقبل بهذه الفوضى العارمة في كل شئ حيث عدم وضوح الرؤية والضبابية في كل الجوانب الفكرية والسياسية وحتى الدينية  وكذلك يكفي هذا الصراع على المناصب والمراكز و الكراسي على أكتاف الأخرين .                
لنفوق من الصدمة المؤلمة ونقوم من السبات الطويل من شدة الصدمة ونزيل الغبار المتراكم علينا .
ولنواصل مسيرتنا في تحقيق كل أمانينا فالحياة مستمرة ومن يقبل التوقف فهو يصبح مثل مياه المستنقع  أما الذي يواصل الطريق فهو مثل المياه الحية  والأبن الظال يقول بعد ما عاش حياة الذل (أقوم وأرجع الى أبي ) ، نعم يسوع المسيح هو مرجعنا الوحيد عندما تنسد كل الطرق أمامنا .
فليكن هو مرشدنا وخارطة الطريق لنا ودليلنا فهوالطريق والحق والحياة        
 والى اللقاء في الجزء الثاني من المقال وهو بعنوان(أين هُمْ الرعاة ؟)

53
بقلم  المهندس . نافع شابو البرواري
--------------------------------

في ضوء المقالة السابقة لي في المنبر الحر ذ كرت  أننا  نحن المؤمنين في المسيح يجب ان يكون المسيح قدوة لنا والكتاب المقدس دستورنا والروح القدس يجمعنا ، وانطلاقا من هذه المبادئ الثلا ثة سنتكلم في هدا المقال عن مفهوم الحرية في المسيحية .       
هناك تعاريف كثيرة للحرية في المفهوم العام للمجتمعات الانسانية وهناك  انواع من الحريات ولا نريد ان نخوض فيها حتى لانخرج من موضوعنا  الأهم وهو( مفهوم الحرية في المسيحية) .
وباختصار نستطيع ان نُعّرف الحرية كما وردت في الموسوعة الانسكلوبيدية كما يلي :
هي حالة التحرر من القيود التي تكبل طاقات الانسان وانتاجه سواء كانت قيودا مادية او معنوية.
وهناك الحرية الخارجية والحرية الداخلية.
الحرية الخارجية ، هي امر اجتماعي عام وهام وله علاقة كبيرة بالضروف الاجتماعية والاحداث التاريخية والسياسية .
اما الحرية الداخلية ، فهي حالة فردية خاصة مرتبطة بامكانيات الشخص (الفرد) الداخلية ولاينالها الشخص من الاخرين ، ولا من الظروف ، ولا من الاحداث . يقول احد الفلاسفة عن الحرية الداخلية ، انها شرارة تنطلق من عمق الضمير. ظهور للشخص  ، تخط العقبات ، تخط للمعطيات ، انتصار على القدر ، نشوة للكائن ، خلق للذات بالذات ، فعل ايمان وشجاعة يتمكن الانسان من انجازه بعيدا عن جميع المضايقات المفروضة عليه.
أما الحرية المسيحية فهي واجب ومسؤولية والتزام ولايحق لنا ان نترك مسؤوليتنا الآنسانية ولا ان نتخلى عن حريتنا حتى وان كان حملها يسحقنا  ، لان الحرية هي قوام عظمتنا وكرامتنا وثباتنا ووحدتنا فالمسيح حررنا وهو النمودج الاصيل لهده الحرية ، فمن استوعب تعاليم يسوع وقد اشبع من روحه يستطيع ان يعرف انشودة الحرية في حياته ، فيسوع المسيح نقلنا من العبودية الى الحرية  لان الحرية مرتبطة بالحق والعدالة والمساوات .
يقول الرب يسوع عن هذه الحقيقة قائلا (تعرفون الحق والحق يحرركم). يسوع المسيح دفع حياته ثمنا لقول الحق كان رمزا للمعارضة  ومات ثائرا على التقاليد والعادات والانظمة الأستبدادية وثائرا على مظاهر التدين  وازالة الاقنعة من الوجوه التي كانت تعيش تحت حكم الشريعة وهدم الحواجز بين البشرية  فساوى بين الرجل والمرآة والسيد والخادم  والاسود والابيض في الكرامة الانسانية ، بل دعانا الى تخطي العقبات وكسر قيود العبودية والمجازفة والمخاطرة حتى بحياتنا ويقول لنا (من اراد ان يحفظ حياته يفقدها ومن فقدها حفظها) . نعم ثمن الحرية باهض ومكلف ويسوع المسيح سفك دمه الزكي قربانا وفاديا ثمنا لتحريرنا من العبودية من شتى اشكالها وهو يريد منا الانخراط في مغامرة الحرية  الكبرى فالحرية لاتعطى على طبق من الذهب  بل تنتزع انتزاعا  ، من هنا فأن يسوع هو مدرسة وقدوة لنا لنسلك نفس الطريق الذي سلكه ونتبعه دون خوف من المواجهة التي لا بد منها وسلاحنا هو سيف الكلمة والحق قوة لنا .           
نعم  ان هذه الدعوى الى المخاطرة هي شرط لتحقيق الذات فالمسيح لم يوعدنا بارض مفروشة بالورود بل قال لنا احملوا صليبكم واتبعوني( ما كان الخادم اعظم من سيده) فهو يدعونا الى تخطي  العقبات والمعارضة والمقاومة والرفض  والاضطهاد وان نواجه مجتمع غارق في التسويات ومبني على الكذب والمساومات والنزاعات على المبادئ والحلول الوسطى  فهل نحن ننخرط في المعركة الكبرى للانسان  وان نقول كلمة حق وعدالة وحرية كما فعل المسيح  ؟ يقول الرسول بولص  لمؤمني غلاطية ( قد اشتريتم بفدية ، فلا تصيروا عبيدا للبشر) (غ 6. 18).
المسيح علمنا ان لا نخاف ولا نقلق ولا نتشكى فهو انتصر على الموت وحررنا من الخوف وعلّمنا بأن لا نكون جُبناء ، وأعطانا روح القوة والمحبة والبصيرة ((تيمو 6   .1  ))  فيسوع المسيح هو القائد المنتصر والمحرر.
اننا عندما نخاف من المخاطرة في المجهول  ، ومن الحرية ، ومن المستقبل  فنحن لا رجاء لنا ولا أمل  وهذا يخالف حريتنا ورجاءنا التي اسست عليها الحياة المسيحية .  ان الدعوى الى المخاطرة هي شرط لتحقيق الذات ، الم يبدا تاريخ الخلاص بالرحيل الى المجهول ؟
(( وقال الرب لابرام .. انطلق من ارضك وعشيرتك وبيت ابيك الى الارض التي أريك))(تك 12-1)) نعم نحن مشلولي الارادة والحرية والفكر  واصابتنا العدوى من الاخرين ونحتاج الى القيامة والانطلاق وتخطي حواجز المشاكل والتحديات ، والسوال المطروح اليوم ( ونحن مسيحيي الشرق عامة ومسيحيي العراق خاصة  يهمنا الاجابة عليه وهو)
هل نحن المسيحيين نتنازل عن حريتنا وانسانيتنا ونخضع للواقع الاليم  ونستسلم للعبودية ؟ عبودية الشهوة للسلطة والمراكز والمال والخوف من المسؤولية وقول الحق  ، ونبكي على اطلال حضارة الماضي ونعيش في ظلمة الحاضر !! أم علينا واجب مقدس لايمكن التنازل عنه وهو التمسك بوحدتنا لأن  جسد المسيح يجمعنا والروح القدس يحررنا والوطن خيمة لنا والتاريخ يشهد لنا اننا أبناء وادي الرافدين الذين قدّموا الحضارات للعالم كله عندما كان أخرون يعيشون في ظلام دامس ، انبزغ من هذا الشرق نور المسيح الى العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا ، فاي طريق  نحن الذين ندعي انتمائنا للمسيح نسلك ؟ سؤال نطرحه اليوم على انفسنا نحن مسيحيي العراق  ونحن نواجه هّذا العالم المليئ بهذا الكم  الهائل من التحديات  والآلام   والصعوبات والمخاطر في زمن صعب ، يُحملنا مسؤولية كبيرة لاننا ندعي كوننا ابناء الله واخوة يسوع المسيح الذي حملنا رسالة التحرير لهذا العالم وقال لنا لا تخافو انا معكم في كل الايام والى انقضاء الدهور. لننهض من النوم العميق ونتكاتف وننسى خلا فاتنا ولنتصافح  ونعانق بعضنا البعض ونطلب سلام المسيح بدون غش.               
نعم لقد عاش ابائنا القديسين والشهداء عبر التاريخ وكانوا أ بطالاً ، لانهم ذهبوا للموت وهم احرارا  لأنهم تحملوا مسؤوليتهم كمؤمنين برسالتهم المسيحية بكامل وعيهم ، ولانهم احبوا الله واحبوا اخوتهم فكان حبهم اقوى من الموت كما يقول سفر نشيد الاناشيد ، وفي العهد الجديد كانت ذبيحة (موت ) المسيح انتصارا على الموت واصبح الذي يقبل المسيح حُرا لاسلطان للموت عليه ، اليوم نحن امام تحدياً قوياً ، فالمسالة ليست كوننا ( سريان او كلدان او اشوريين) المسالة هي وجودنا كله في خطر وامامنا تحديات ومخاطر  تهدد وجودنا وبقائنا في هدا الشرق بل يهدد ايماننا  وفكرنا المسيحي القائم على  صخرة هدا الايمان بيسوع المسيح الذي دعانا الى المحبة والوحدة لاننا جميعا اعضاء في جسده ، يقول الرب يسوع المسيح ( تعرفون أن المعتبرين حكاما على الامم يسودونهم وأن عظمائهم يتسلطون عليهم وأما  انتم فلا يكون  ذ لك بينكم وانما من اراد ان يصير عظيما بينكم فليكن لكم خادما) .
يسوع المسيح قلب مفاهيم هذا العالم في تعريف القوة ، فهو لم ياتي ليتكل على السلطة السياسية  ولا على قوة الاقتصاد ولا على القوة المسلحة ولا حتى على السلطة الدينية ، لقد اتى ليخدم وليضحي من اجل قول الحق والدعوى للسلام والمحبة والحرية والثورة لتغيير الانسان من الداخل . وعندما يتحرر الانسان من الداخل فلا تستطيع  اي قوة غاشمة ان تستعبد الانسان لان المسيح لم يكن هدفه تغيير الاحداث والضروف المحيطة بنا بل جاء ليعطينا قوة من الروح القدس لنكون فوق الاحداث والضروف الصعبة والاضطهادات  لانه حيث يكون الروح هناك الحرية.  يقول احد الفلاسفة( الحرية الحقيقية ليست تلك التي تتشكى وتتذمر وتتهم الاخرين والماضي والضروف ، الحرية الحقيقية هي تخترع وتخلق انطلاقا مما لدينا) ، ففكرة العالم عن القوه ، هي السيطرة على الاخرين لتنفيد المآرب الخاصة ، لكن الرب يسوع المسيح بكل ما يملكه من القوة والسلطان في السماء والارض  اختار ان يخدم الناس وليس ليًخدَم ، غسل ارجل تلاميذه ليعلمنا ان القوة الحقيقية تكمن في التواضع  . نعم العالم كله مدهوش لتعاليم الرب يسوع المسيح ومبادئه السماوية وكل يوم يكتشف هدا العالم كنوزا جديدة من الحقائق المدهشه والعظيمة في تعاليمه ويستمد العالم قوانينه وشرائعهُ من الكتاب المقدس وتكفي الموعظة على الجبل كدستور للعالم كله  ليعيش الانسان مع اخيه الانسان بسلام ومحبة واخاء  . ان الانسان المستسلم للقدر هو مثل السمكه الميته التي يجرفها تيار الماء الى المجهول ، اما الانسان الحر فهو مثل السمكة الحية التي تمشي عكس تيار الماء للوصول الى منابع المياه الصافية فاما ان نبقى في الفكر القديم وهو اننا خائفين ومشلولي الارادة والحرية ونستسلم لفكر القدريين او نتحرر ونجازف ونتمرد على الواقع المولم  .  الحرية  صرخة ضد القدر لان الانسان مدعو لصنع نفسه ومن ينسب افعاله الى وراثته او اهله او معلمه اوالاخرين في المجتمع لايكون حُرا . الحرية ان اقبل ذاتي كما انا لانه صعب فهو رائع ، لانه مستحيل فهو ممكن ، ما من ايمان الا بالثقة بما لايرى  .                                                                                                                                                                             العالم قد تحرر من العبودية والرق ولكن جلب عبودية اخرى اكثر خطورة بل تقود الانسان الى الموت الروحي الا وهي عبودية الشهوات ومحبة الامور الارضية  وبيسوع المسيح فقط يستطيع الانسان ان يتحرر من هذه العبودية لانه وهو ابن الله  تخلى عن مركزه   ليصير فقيرا بيننا ليعلمنا كيف نتحرر من الشهوا ت الجسدية  وهو القائل ( ان حرركم الابن فبالحقيقة تكونون احرارا) ثورة المسيح هي ضد الكبرياء ضد التشامخ  ضد الضغائن ضد الحروب ضد العنصرية ضد الكراهية  ضد الافكار الطبقية ضد الاستغلال بكل اشكاله ، ضد القوانين التي تكبل وتحمل الاثقال للبشرية وهو حارب مظاهر التدين والنفاق في الدين وفصل  الدين عن الدولة . وهذه كلها لن تتم الا بالولادة الروحية التي تغير الانسان من الداخل عندما يسكن الروح القدس قي قلب المومن ليسبح المؤمن قي سماء الله الواسعة بكل حرية  وشكراً لمن يقرأ الموضوع والرب يحفظكم .                                                                                                     

54
م  . نافع شابو البرواري

 

بعد اتصال من صديق عزيزعلى قلبي طلب  مني ان اقرأ المنبر الحر  في صفحة منتديات عنكاوة وطلب أن أكتب أيضا في هذه الصفحة  عن شؤون وشجون اخوتي المسيحيين ، كُنت في الغرب قد توجهت الى منبر اخر  حيث كنت اقدم خبرتي المتواضعة للا خرين وانادي بالبشارة ، وتفرغت الى القراءة والكتابة ومتابعة اﻻحداث عبر الشاشات الفضائية وكنت اسمع واتألم لما جرى ويجري للعراقيين عامة والمسيحيين خاصة .

بعد قراءتي مقالة صديقي العزيز ورفيق دربي ادركت ان هناك امورا تحدث في بلادي  يجب أن أطلع عليها  وعلي

مسئوولية  يجب ان اتحملها كوني واحدا من ابناء حضارة وادي الرافدين قبل ان اكون مسيحيا مؤمنا فتصفحت بعض المقاﻻت في المنبر الحر لموقع عنكاوة وقرأت البعض منها وكانت دهشتي واستغرابي وتألمي لما آلت اليه حالة اخوتي المسيحيين في العراق من التمزق الفكري والثقافي والسياسي والقومي وحتى وصل الى الصراع الديني .

وبرأيي فان الذين يتحملون  المسـ ؤولية الكبيرة هم المثقفين والسياسيين والآحزاب ورجال الدين . فالكثيرين  الذين يعملون في هذه المجاﻻت بقصد ام بدون قصد زادوا الهوة بين ابناء البيت الواحد بدل ان يردموا هذه الهوة فالذين يجادلون طوال سنين عديدة على  اﻻسماء والقوميات والنسب والحسب واﻻصل والفصل ويتراشقوون الكلمات الهدامة وهم بهذا العمل يجعلون أبناء  البيت الواحد والثقافة الواحدة واللغة الواحدة وا لدين الواحد والحضارة الواحدة والتاريخ المشترك واﻻمال واﻻهداف المشتركة في مهب الريح .

ا ننا ويا للأسف  أصابنا عدوى التعصب القومي والطائفي والفكري من اﻻخرين  وارجو ان ﻻ يصل اﻻمر بنا الى ما وصل اليه اﻻخرون ﻻن ذلك ﻻسمح الله سيقضي على كل امالنا واحلامنا ، بل سيهدم مابناه كل المخلصين الذين سهروا وتعبوا واستشهدوا من اجل هذا الهدف ، ان التعصب يعمي البصيرة فيؤدي الى عدم الرؤيا ويصاب اﻻنسان بالشلل الفكري والانغلاق على الذات والغاء اﻻخر ، بل يولد التعصب الكراهية ومحاربة كل من يقف في طريقه او يخالف رأيه أو معتقده .

ان التاريخ ﻻيرحم ومن ﻻيقرا التاريخ بهذا الخصوص فسيقع في نفس المستنقع النتن الذي وقع فيه اﻻخرون عبر التاريخ ، ان الصراع القومي والطائفي والديني والقبلي واﻻثني واﻻيديولوجي يؤدي بالنتيجة الى الحروب والماسي وسفك الدماء والدموع .

لنرجع قليلا الى الوراء ونقرأ اسباب الحرب  العالمية الثانية وكيف ان هتلرصنف الجنس البشري الى درجات ومراتب  وفضل الجنس الجرماني على بقية اﻻجناس البشرية وادى هذا التعصب اﻻعمى الى الحرب العالمية وراح ضحية هذا الفكر اﻻقصائى  الى موت الملايين من  الناس ، ولكن الغرب تعلموا عبر ودروس من هذه الحرب وحاربوا التوجهات القومية في اوربا وسنوا قوانين جديدة في دساتيرهم فيها شددوا على حقوق اﻻنسان وعلى حقوق المواطنة مهما كان لونه أو جنسه او دينه اوقوميته .

ولكن ويا للأسف نهض الغرب وازالوا كل افكار التعصب من دساتيرهم  وسقط العالم العربي في نفس المستنقع الذي وقع فيه الغرب بل زادوا على التعصب القومي واضا فوا اليه التعصب المذهبي والطائفي .

نحن المسيحيين ابناء وادي الرافدين ، رغم قلة عددنا ، لكننا ﻻزلنا طوائف واحزاب ومذاهب وقوميات وتسميات مختلفة بسبب قصر نظرنا وعدم فهمنا لجذورنا واصولنا وعدم معرفة هويتنا فصارت هناك ضبابية وتم الخلط بين اﻻنتماء اﻻيماني والهوية القومية وبينهما فوضوية الخطاب السياسي لتوجهات حزبية مختلفة .

انها لمأسات ان يتراشق اﻻخوة بكلام جارح وصراع على المراكز والمناصب واﻻصل والفصل بينما العدو يحيط بنا من جميع الجهات ويراقب فريسته كاﻻسد الزائر لينقض عليها في الوقت المناسب ، 

أكثر  من خمسمائة الف مسيحي تركوا وطنهم العراق نتيجة الحروب واﻻضطهادات ومعظم المهاجرين مهددون بفقدان هويتهم ولغتهم وتراثهم وتقاليدم وحتى ايمانهم فاليوم العائلة الواحدة تشتت افرادها في المهجر في عدة دول حيث الأخ ﻻيرى أخاه والأم والأب بعيدين عن أبناءهم  كل هذا جرى ويجري بمخطط رهيب ومدروس ومنظم لتفريغ الشرق اﻻوسط من المسيحيين وخلف هذا المخطط ايادي خفية وخبيثة  ومشروع كبير ستكشف اﻻيام من هو وراءه . نعم هناك حرب معلنة تارة ، وتارة غير معلنة والأخطار الداخلية والخارجية  المحدقة بنا  حقيقة واقعة وقد نشهد اخطارا وارهابا أ كثر شراسة ووحشية في الأيام والأشهر او السنين القادمة .

كل هذا يجري ونحن المسيحيين في الشرق عامة والعراق خاصة ﻻزلنا كالنعامة التي تخفي راسها تحت الرمل ضانة بهذا انها تخفي نفسها من الصياد نحن اليوم مهددون بطمس هويتنا ومسح ذاكرتنا وتزوير تاريخنا وتشويه حضارتنا التي كانت تشع الى العالم كله شرقا وغربا .

علينا  واجب مقدس  لنعيد لهذا الشرق دوره الحضاري ودوره الرائد في التبشير  وهذا الكلام ليس من عندي بل رسالةالرب يسوع المسيح للسيدة" ميرنا الآخرس السورية" :

 ففي احد انخطافاتها بتاريخ ٢٠٠٤ في سبت النور ، ظهر لها الرب يسوع المسيح وأوصاها وصية  فيها حملنا نحن مسيحيي كنيسة المشرق مسؤولية كبيرة اذ قال الرب :

))وصيتي اﻻخيرة  لكم . ارجعوا كلّ واحد الى بيته  ، ولكن احملوا الشرق في قلوبكم من هنا انبثق نور من جديد ، انتم شعاعه ، العالم أغوته المادة والشهرة والشهوة ، حتى كاد ان يفقد القيم اما أنتم ، حافضوا على شرقيتكم  . ﻻتسمحوا ان تسلب ارادتكم ، حريتكم ، وايمانكم في هذا الشرق ))

لننهض من سباتنا العميق ولنوحد جهودنا واهدافنا ولنرجع الى جذورنا  ونستقي ايماننا من الكتاب المقدس ليكون دستورنا ، والمسيح معلمنا وقدوة لنا والروح القدس مرشدنا الى الطريق والحق والحياة . ولتكن الارامية لغة تجمعنا ﻻنها لغة اﻻم لكل اللهجات التي ولدت منها فلا تسميات قومية او طائفية او لهجات محلية تستطيع ان تجمعنا اﻻ ان نتفق على اﻻرامية التي كانت لغة الثقافة لشعوب الشرق اﻻوسط منذ حوالي سبعمائة سنة قبل المسيح واستمرت حية الى سبعمائة سنة بعد المسيح  وﻻ ننسى ان الرب يسوع المسيح تكلم بهذه اللغة والعالم المتحضر  ينحني احتراما لهذة اللغة العريقة ويحترم ابنائها فلماذا نحن نحاول طمسها علينا ان نفتخر بها ونحييها ونطورها .

وختاما  ، لنوحد جهودنا وقلوبنا واهدافنا  ولنرفض كل الذين يتاجرون بالسياسة والدين والقومية ولنقتدي بابينا ابراهيم ابن وادي الرافدين الذي تحدى الموروثات الدينية واﻻجتماعية وراى ان هناك خطأ في الموروثات  وثار على الواقع المتخلف ، فاصبح بنظر شعبه  خائنا وهكذا بنظر رجال الدين الوثنيين ولنتطلع الى مواعيد الله كما تطلع ابينا ابراهيم ﻻنه كان له الرغبة واﻻرادة والشجاعة في التغيير وكان جريئا وصاحب فكر نير وروية بعيدة النظر . فهل نحن  ابناء ابينا ابراهيم والذي جاء المسيح من نسله ونحن في اﻻلفية ا لثالثة ؟

ارجو أن نراجع انفسنا  ونزيل  كل خلا فاتنا ونحل جميع مشاكلنا  بان نعترف باخطائنا ونتواضع ونتنازل عن كبريائنا  ولنترك الجدالات التي تبعدنا عن الهدف الرئيسي لشعبنا المسيحي المؤمن وهو ان يعيش بكرامة وسلام وان يكون له وطن وهوية ومستقبل مشرق لنحقق حلم ابائنا واجدادنا الذين عاشوا في هذه الارض  وعانوا واضطهدوا واستشهد الكثيرين منهم ومع ذلك  تمسكوا بارضهم ومقدساتهم وايمانهم ولغتهم وتراثهم وكان جهادهم  الروحي والفكري باستخدام سيف الكلمة والايمان ترسا لهم والحق حزاما يلبسونه ورضا الله درعا يقيهم من شر الاعداء والخلاص خوذة تحمي افكارهم من الشك في عمل الله لاجلهم .

 

 

 

 

صفحات: [1]